سلسلة الحقائق الغائبة - 3
هِدايةُ الِمرتابِ
إلى فضائلِ الآلِ والأصحابِ
فيصل نور
الإهداء
شر الأزمنة أن يتبجّح الجاهل، ويسكت العاقل،
ولكنَّ القبة الجوفاء لا ترجع غير الصدى. .
فإلى القباب غير الجوفاء أهدي هذا الكتاب. . .
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد : لا جدال بين المسلمين في أن الله عز وجل قد ختم بعثة رسله وأنبيائه بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولا شك في أن من خُتمت به رسالات السماء يكون أفضل الأنبياء والرسل عليهم السلام. وأصحابه خبر الأصحاب، وأمته خير الأمم وزمانه خير الأزمنة.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذي يلونهم. وعن الإمام الكاظم عن آبائه رضي الله عنهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((القرون أربعة، أنا في أفضلها قرنا. وفي رواية : إن الله أخرجني في خير قرن من أمتي))(1).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ((إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وآله وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوبَ أصحابهِ خيرَ قلوبِ العبادِ فجعلهم وزراءَ نبيهِ يُقاتِلون على دينه)).
__________
(1) - سيأتي تخريج هذه الرواية.(1/1)
ثم نبتت في الإسلام نابتة، أقدمت على وجوه الصحابة الأخيار، وعيون الأتقياء الأبرار، الذين سبقوا إلى الإسلام، واختصوا بصحبة رسول الأنام، وشاهدوا المعجزات، وقطعت أعذارهم الآيات، وصدقوا بالوحي، وانقادوا إلى الأمر والنهي، وجاهدوا المشركين، ونصروا رسول رب العالمين حين كفر الناس، وصدقوه حين كذبه الناس، وعزروه، ونصروه، وآووه، وواسوه بأموالهم وأنفسهم، وقاتلوا غيرهم على كفرهم حتى أدخلوهم في الإسلام. فأحالت فضائل هؤلاء إلى مثالب، وزعمت أن شرهم كان هو الغالب، وجعلت من خير القرون شر البرية، ومن أفعالهم غاية الرزية. فلم يتركوا وسيلة للحط من أقدارهم إلا وسلكوها، ولا فضيلة ثبتت في الكتاب إلا وردوها، ولا منقبة جاءت في السنة إلا وكذبوها، ولا كرامة وردت في أثر أو عن إمام إلا وأولوها، ولا آية نزلت في المنافقين إلا فيهم جعلوها. فإن لم يجدوا إلى ذلك سبيل، وأعيتهم الحيلة والبديل، وضعوا من الأكاذيب ما وضعوا. وحاكوا فيهم من القصص ما حاكوا، فخلصوا من حيث أرادوا أم لم يريدوا إلى أن جهود خاتم الأنبياء والمرسلين طوال الأعوام الثلاثة والعشرين لم تحقق سوى بضع نفر أقاموا على الدين، وأضحى سائر الأصحاب منافقين ومرتدين، ناصبوا العداء لأهل بيت خير الأنبياء والمرسلين، فخالفوا الرسول وعاندوا أهله، ولم يسلم منهم أحد بعده، واجتمعوا على غصب حق الإمام، وإقامة الفتنة في الأنام، واستأثروا بالخلافة، وسارعوا إلى الترأس على الكافة.(1/2)
فكان من أمر هؤلاء أن لبّسوا الأمر على الأتباع والمريدين وأضاعوا بفعالهم هذا معالم الدين، حتى صار الحق عندهم باطل والباطل يقين، بل وجعلوا لعنهم من أعظم القربات، والتسابق إلى الحط من قدرهم أعظم الطاعات، ومن سبهم طلباً للمغفرات، وتغافلوا عما نزل في تعظيمهم من آيات، وما جاء في منزلتهم من بينات ونسوا أن الله عز وجل لم يلزمنا بسب حتى من إستحق السب ولم يحثنا على لعن حتى من إستحق اللعن،كإبليس، بل لو أن مسلم عاش عمر نوح عليه السلام لم يلعن إبليس، لن يسأله الله عن ذلك، ولن يكون بتركه اللعن هالك. فكيف بأصحاب رسول صلى الله عليه وآله وسلم الله الذين قال فيهم : ((لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي)). وقال فيهم كما يروي الإمام الكاظم عن آبائه رضي الله عنهم : ((أنا أمَنَةٌ لأصحابي، فإذا قبضت دنا من أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمَنَةٌ لأمتي، فإذا قبض أصحابي دنا من أمتي ما يوعدون، ولا يزال هذا الدين ظاهراً على الأديان كلها ما دام فيكم من قد رآني)).(1)
ولعمري لو جعلوا عوض اللعنة أستغفر الله، لكان ذلك خيرا لهم. ولو التمسوا الأعذار لسيئاتهم المغمورة في بحر حسناتهم، لكان هذا أنفع لهم. ولكن : ((وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)) [هود : 34]
__________
(1) - سيأتي تخريج هذه الرواية.(1/3)
ونحن في هذا المختصر(1)، وهو أقرب إلى البحث الروائي، سنبين إن شاء الله تعالى فضائل هذه الأمة العظيمة وعلى رأسها هذا الجيل المثالي، جيل صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسوف نتطرق على وجه الخصوص إلى بيان علاقة المودة والمحبة التي كانت تربط بين آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته رضي الله عنهم أجمعين. ولن نتطرق إلى رد الشبهات التي أثارها هؤلاء فيهم، فليس هذا غايتنا في هذا الكتاب، إذ أننا سنسهب إن شاء الله في بيان ذلك في موسوعتنا شبهات طال حولها الجدل. وسنقتصر في كتابنا هذا على إيراد جميع النصوص والراويات من مصادر الشيعة، دون اعتبار صحة السند أو نقد المتون. فحسبنا في ذلك بيان حقائق غيبها أو عمد إلى تأويلها وصرفها عن ظاهرها بشتى السبل كل من أراد إظهار هذا الجيل العظيم بمظهر لا يتفق وقوله عز وجل : ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ))[آل عمران : 110].
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((وفيتم سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله)).(2)
لنترك القارئ بعدها يتسائل عن علة إخفاء هؤلاء كل هذه النصوص والحقائق وكلها صدرت من معين واحد. والله من وراء القصد.
ونسأل الله أن يوفقنا لما فيه الخبر، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
فيصل نور
2008
www.fnoor.com
فضائل أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم
روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : ((لما خلق الله محمداً قال : أنت صفيي وأنت حبيبي وخير خلقي، أمتك خير أمة أخرجت للناس)).(3)
__________
(1) - وأصله في الباب الرابع من كتابنا الإمامة والنص.
(2) - مجمع البيان ، للطبرسي ، 1/810 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 2/226
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 15/29 ، 54/200(1/4)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((إن الله تعالى بعث جبرئيل إلى النبي أن بشر أمتك بالزين والسناء والرفعة والكرامة والنصر والتمكين في الأرض)).(1)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((يدخل من أمتي سبعون ألفاً الجنة بغير حساب. وفي بعض الروايات : ومع كل واحد سبعون ألفا)).(2)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((أنا أكثر النبيين تبعاً يوم القيامة)).(3)
وروى القوم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ((أهل الجنة عشرون ومائة صف، هذه الأمة ثمانون صفاً. وفي رواية : عشرون ومائة ألف صف، ثمانون ألف صف أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأربعون ألف صف من سائر الأمم)).(4)
__________
(1) - إرشاد القلوب ، 2/217 ، 226 ، إعلام الورى 20 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16/342 ، 347 ، 349 18/122 ، إثبات الهداة ، 1/363 ، تفسير الميزان للطباطبائي ، 15/159 ، الشورى والنص ، مركز الرسالة ، 85 ، خلافة الرسول بين الشورى والنص ، مركز الرسالة ، 85 ، مجلة تراثنا ، مؤسسة آل البيت ، 43/219
(2) - مجمع البيان ، 9/331 ، نور الثقلين ، 3/469 ، 5/220 التفسير الصافي ، للكاشاني ، 3/362
(3) - أمالي الصدوق ، للصدوق ، 179 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 8/22 ، ميزان الحكمة لريشهري ، 1/109 ، موسوعة الإمام علي ، 2/146
(4) - الخصال ، للصدوق ، 150 ، الإحتجاج ، 192 ، الكافي ، للكليني ، 2/596 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 7/130 ، 131 ، نور الثقلين ، 3/469 5/219 ، تفسير الصافي ، 5/125 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 11/3 ، 5 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 1/108 ، 15/10 ، مستدرك سفينة البحار ، 6/297 ، العقائد الإسلامية ، مركز المصطفى ، 3/446(1/5)
وقال رضوان خازن الجنة : ((إن الله قسم الجنة لأمة محمد أثلاثاً، فثلث يدخلون الجنة بغير حساب، وثلث يحاسبون حساباً يسيراً، وثلث تشفع لهم فتشفع فيهم)).(1)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((مثل أمتي كالمطر، يجعل الله تعالى في أوله خيرا، وفي آخره خيرا)).(2)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((أمتي أمة مباركة)).(3)
وكان يقول صلى الله عليه وآله وسلم : ((حبي خالط دماء أمتي، فهم يؤثروني على الآباء وعلى الأمهات وعلى أنفسهم)).(4)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((ما أعطيت أمة من اليقين أفضل مما أعطيت أمتي)).(5)
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((لي فضل على النبيين، فما من نبي إلا دعا على قومه بدعوة وأنا أخرت دعوتي لأمتي لأشفع لهم يوم القيامة)).(6)
والروايات في الباب كثيرة وفيما ذكرناه كفاية.
وقد كان لإظهار الله عز وجل لفضل ومنزلة هذه الأمة سبب في أن يتمنى الأنبياء والرسل عليهم السلام أن يكونوا أمتهم أو أن يكونوا منهم، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ((إن الله تعالى جلَّ ثناؤه أرى إبراهيم صورة محمد وأمته، فقال : يا رب، ما رأيت من أمم الأنبياء أنور ولا أزهر من هذه الأمة فمن هذا؟ فنودي هذا محمد)).(7)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/298 ، الخرائج 183 ، مستدرك سفينة البحار ، 4/387
(2) - ميزان الحكمة لريشهري ، 4/2819 ، معجم أحاديث الإمام المهدي ، 1/514
(3) - ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 1/108
(4) - مستدرك سفينة البحار لعلي النمازي ، 1/187 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، للمجلسي ، 16/342
(5) - ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 1/108
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 9/298 ، 37/36 ، الأمالي للصدوق ، 259
(7) - إرشاد القلوب ، 2/217 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، للمجلسي ، 16/347(1/6)
وهذا موسى عليه السلام يخبره ربه عز وجل : ((إن فضل أمة محمد على جميع الأمم كفضله -وفي بعض المصادر : كفضلي- على جميع خلقي. فقال موسى : ((يا رب، ليتني كنت أراهم، فأوحى الله عز وجل إليه : يا موسى، إنك لن تراهم، فليس هذا أوان ظهورهم، ولكن سوف تراهم في الجنات -جنات عدن والفردوس- بحضرة محمد، في نعيمها يتقلبون، وفي خيراتها يتبحبحون)).(1)
ولما سأله أن يكون منهم أبى الله عز وجل عليه ذلك. فعن الرضا رحمه الله قال : إن موسى عليه السلام سأل ربه عز وجل : ((يا رب، اجعلني من أمة محمد. فأوحى الله تعالى إليه : يا موسى، إنك لا تصل إلى ذلك)).(2)
__________
(1) - علل الشرايع ، 416 ، عيون الأخبار ، 1/220 ، تفسير العسكري ، 31 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، للمجلسي ، 13/341 26/275 92/224 99/185 ، تأويل الآيات ، 1/418 ، البرهان 3/228 ، نور الثقلين ، 4/130 ، منتهى المطلب ، للحلي ، 2/681 ، مدارك الأحكام للعاملي ، 7/272 (الحاشية) ، ذخيرة المعاد للسبزواري ، 1/579 ، الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 15/68 ، من لا يحضره الفقيه ، 2/327 ، المحتضر ، لحسن الحلي ، 247 ، الجواهر السنية ، للعاملي ، 249 ، حامع أحاديث الشيعة ، 11/65 ، بشارة المصطفي ، للطبري الشيعي ، 331 ، قصص الأنبياء للجزائري ، 343 ، البيان في عقائد أهل الإيمان ، للإصفهاني ، 24
(2) - عيون الأخبار 200 ، صحيفة الرضا 29 ، كتاب أبي الجعد 10 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، للمجلسي ، 13/344 ، 16/354 17/32 26/268 ، 43/205 ، تفسير الكاشف 7/88 ، مجمع البيان 5/178 ، الجواهر السنية للعاملي ، 66(1/7)
وفي رواية : ((يا رب، إني أجد في الألواح أمة هي خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فاجعلهم أمتي، قال : تلك أمة أحمد، قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون في الخلق السابقون في دخول الجنة فاجعلهم أمتي. قال : تلك أمة أحمد، قال : رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر ويقاتلون الأعور الكذاب فاجعلهم أمتي. قال : تلك أمة أحمد، قال : رب إني أجد في الألواح أمة إذا همَّ أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة، وإن عملها كتبت له عشر أمثالها، وإن همَّ بسيئة ولم يعملها لم تكتب، وإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة فاجعلهم أمتي. قال : تلك أمة أحمد، قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم السابقون وهم المشفوع لهم فاجعلهم أمتي. قال : تلك أمة أحمد، قال موسى عليه السلام : رب اجعلني من أمة أحمد)).(1)
__________
(1) - إثبات الهداة ، 1/191 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 13/173 ، 57/317 ، تفسير أبوحمزة الثمالي ، 177 ، مستدرك سفينة البحار لعلي النمازي الشاهرودي ، 1/186(1/8)
وفي رواية عن الرضا عليه السلام في حديث مناجاة موسى قال : ((يا رب فإن كان محمد وأصحابه كما وصفت فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك من أمتي ؟ ظللت عليهم الغمام، وأنزلت عليهم المن والسلوى، وفلقت لهم البحر. فقال الله جل جلاله : يا موسى أما علمت أن فضل أمة محمد على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي)).(1)
__________
(1) - منتهى المطلب ، للحلي ، 2/681 ، علل الشرائع ، للصدوق ، 2/417 ، عيون أخبار الرضا ، للصدوق ، 2/256 ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 2/327 ، المحتضر ، لحسن الحلي ، 274 ، الجواهر السنية ، للحر العاملي ، 248 ، الفصول المهمة في أصول الأئمة للحر العاملي ، 1/407 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 13/341 ، 26/275 ، 89/225 ، 247 ، 96/186 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 11/65 ، مستدرك سفينة البحار لعلي النمازي ، 1/186 ، مسند الإمام الرضا (ع) ، لعزيز الله عطاردي ، 1/313 ، موسوعة الإمام الجواد (ع) ، للحسيني القزويني ، 2/645 ، موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع)
665 ، تفسير الإمام العسكري (ع) ، 32 ، التفسير الصافي ، للفيض الكاشاني ، 4/93 ، تفسير كنز الدقائق للميرزا محمد المشهدي ، 1/48 ، بشارة المصطفى لمحمد بن علي الطبري ، 330 ، تأويل الآيات ، لشرف الدين الحسيني ، 1/418 ، قصص الأنبياء للجزائري ، 343 ، الشيعة في أحاديث الفريقين لمرتضى الأبطحي ، 91(1/9)
وهذا عيسى عليه السلام سأل ربه عن عين طوبى في الجنة؟ فقال له : ((حرام يا عيسى على الأمم أن يشربوا منها حتى يشرب منها أمة ذلك النبي. وفي رواية : وتلك الجنة محرمة على الأمم حتى يدخلها أمة ذلك النبي)).(1)
وهذا إلياس عليه السلام كان يدعوا ويقول : ((اللهم اجعلني من الأمة المرحومة المغفورة)).(2)
وعندما يمر الأنبياء على فقراء أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقولون : ((هؤلاء من الملائكة، وتقول الملائكة : هؤلاء من الأنبياء، فيقولون : نحن لا ملائكة ولا أنبياء، بل نفر من فقراء أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فيقولون : بم نلتم هذه الكرامة؟ فيقولون : لم يكن أعمالنا شديداً، ولم نصم الدهر، ولم نقم الليل، ولكن أقمنا الصلوات الخمس، وإذا سمعنا ذكر محمد صلى الله عليه وآله وسلم فاضت دموعنا على خدودنا)).(3)
__________
(1) - أمالي الصدوق 164 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 14/286 ، إثبات الهداة ، 1/171 ، 197 ، وانظر روايات أخرى في تحريم دخول الأمم السابقة الجنة قبل أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 8/5 16/326 26/318 27/129 ، 36/64 ، 39/214 ، 218 ، 45/403 ، تأويل الآيات ، 2/629 ، البرهان 4/262 ، كشف الغمة 1/321 ، المحتضر 97
(2) - مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ، 1/118 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 13/401 ، 17/301 ، مستدرك سفينة البحار لعلي النمازي ، 1/186 ، قصص الأنبياء للجزائري ، 364 ، مكيال المكارم لميرزا محمد تقي الأصفهاني ، 1/177
(3) - جامع الأخبار 129 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 72/48 ، مستدرك الوسائل ، 10/318 ، جامع أحاديث الشيعة ، 122/559 ، معارج اليقين للسبزواري ، 301 ، جامع السعادات للنراقي ، 2/64 ،(1/10)
حتى الأبالسة لم يخف عليهم منزلة هذه الأمة، فهاهم يقولون لإبليس : ((إن هذه أمة مرحومة معصومة، ومالنا ولا لك عليهم سبيل)).(1)
وذلك لقول الله عز وجل بأنهم أمة مرحومة، وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ((إن أمتي أمة مرحومة)).(2)
فلا غرابة إذاً أن نرى الملائكة يوم القيامة يدعون ربهم أن يسلم هذه الأمة وييسر عليهم الحساب، فقد روى القوم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما نعي إليه نفسه قال وسألته الزهراء رضي الله عنها : ((أين ألقاك؟ قال : عند الصراط، جبرئيل عن يميني، وميكائيل عن يساري، والملائكة من خلفي وقدامي ينادون : رب سلم أمة محمد من النار ويسر عليهم الحساب)).(3)
وقد أعطى الله سبحانه وتعالى هذه الأمة مرتبة الخليل، ومرتبة الكليم، ومرتبة الحبيب :
فأما مرتبة الخليل فإن إبراهيم عليه السلام سأل ربه خمس حاجات فأعطاها إياه بسؤاله، وأعطى ذلك هذه الأمة بلا سؤال :
__________
(1) - إثبات الهداة ، 2/21 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/261 ، الإحتجاج ، للطبرسي ، 1/106 ،
(2) - نور الثقلين ، 3/523 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 14/286 ، 16/145 ، 52/181 ، أمالي الصدوق 164 ، كمال الدين 96 ، جوامع الجامع للطبرسي ، 2/574 ، العقائد الإسلامية ، مركز المصطفى ، 2/220
(3) - أمالي الصدوق 507 ، 508 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/509 ، روضة الواعظين ، 74 ، مناقب آل أبي طالب ، 1/202 ، موسوعة أحاديث أهل البيت ، لهادي النجفي ، 9/145 ، 146 ، مجمع النورين للمرندي ، 70 ، موسوعة شهداء المعصومين ، 1/81 ، غاية المرام ، للبحراني ، 2/354 (الحاشية)(1/11)
الأول : سأل الخليل المغفرة بالتعريض، فقال : وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [الشعراء : 82]، وأعطى هذه الأمة بلا سؤال، فقال : قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر : 53].
والثاني : سأل الخليل، فقال : وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ [الشعراء : 87]، وقال لهذه الأمة : يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ [التحريم : 8].
والثالث : سأل الخليل الوراثة، فقال : وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ [الشعراء : 85]، وقال لهذه الأمة : أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون : 10-11].
والرابع : سأل الخليل القبول، فقال : رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا [البقرة : 127]، وقال لهذه الأمة : وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ [الشورى : 25].
والخامس : سأل الخليل الأعقاب، فقال : رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ [الصافات : 100] وقال لهذه الأمة : وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ [الأنعام : 165].
ثم أعطى الخليل ست مراتب بلا سؤال، وأعطى هذه الأمة جميع ذلك بلا سؤال :
الأول : قال للخليل : مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً [آل عمران : 67]، وقال لهذه الأمة : هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ [الحج : 78].
والثاني : قال للخليل : قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء : 69]، وقال لهذه الأمة : وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا [آل عمران : 103].(1/12)
والثالث : قال للخليل : فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ [الصافات : 101]، وقال لهذه الأمة : وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً [الأحزاب : 47].
والرابع : قال للخليل : سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الصافات : 109]، وقال لهذه الأمة : قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى [النمل : 59].
والخامس : قال للخليل : وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ [ص : 45]، وقال لأمة الحبيب : وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ [الفرقان : 63].
والسادس : قال للخليل : شَاكِراً لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ [النحل : 121]، وقال لهذه الأمة : هُوَ اجْتَبَاكُمْ [الحج : 78].
وأما مرتبة الكليم فإن الله تعالى أعطى الكليم عشر مراتب، وأعطى أمة محمد عشر أمثالها :
الأول : قال للكليم : وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ [الشعراء : 65]، وقال لأمة محمد : كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ [يونس : 103].
والثاني : أعطى الكليم النصرة فقال : إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه : 46]، وقال لأمة محمد : إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل : 128].
والثالث : القربة، قال : وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً [مريم : 52]، وقال لهذه الأمة : وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ [الواقعة : 85].
والرابع : المنة، قال تعالى : وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ [الصافات : 114]، وقال لهذه الأمة : بلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ [الحجرات : 17].
والخامس : الأمن والرفعة، فقال : قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى [طه : 68]، وقال لهذه الأمة : وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران : 139].(1/13)
والسادس : المعرفة والشرح في الصدر، قال الكليم : رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي [طه : 25]، فأعطاه ذلك بقوله : قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى [طه : 36]، وقال لأمة محمد : أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ [الزمر : 22].
والسابع : التيسير، قال : وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي [طه : 26]، وقال لهذه الأمة : يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ [البقرة : 185].
والثامن : الإجابة، قال تعالى : قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا [يونس : 89]، وقال لهذه الأمة : وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ [الشورى : 26].
والتاسع : المغفرة، قال الكليم : فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [القصص : 16]، وقال لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم : يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ [إبراهيم : 10].
والعاشر : النجاح، قال : قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى [طه : 36]، وقال لهذه الأمة : وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ [إبراهيم : 34]، وفي ضمنها وما لم تسألوه كقوله : سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ [فصلت : 10] أي : لمن سأل ولمن لم يسأل.
وأما مرتبة الحبيب فإن الله سبحانه أعطى حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم تسع مراتب، وأعطى أمته مثلها تسعاً :
الأول : التوبة، قال للحبيب : لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ [التوبة : 117]. وقال لأمته : وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ [النساء : 27]، وقال : ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا [التوبة : 118].
والثاني : المغفرة، قال تعالى : لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ [الفتح : 2]، وقال لأمته : إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [الزمر : 53].(1/14)
والثالث : النعمة، قال له : وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ [الفتح : 2]، وقال لأمته : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي [المائدة : 3].
والرابع : النصرة، قال تعالى : وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً [الفتح : 3]، وقال لأمته : وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم : 47].
والخامس : الصلوات، قال له : إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب : 56]، وقال لأمته : هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ [الأحزاب : 43].
والسادس : الصفوة، قال للحبيب : اللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنْ النَّاسِ [الحج : 75] يعني : محمداً صلى الله عليه وآله وسلم، وقال لأمته : ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا [فاطر : 32].
والسابع : الهداية، قال للحبيب : وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً [الفتح : 2]، وقال لأمته : وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الحج : 54].
والثامن : السلام، قال للحبيب في ليلة المعراج : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وقال لأمته : وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [الأنعام : 54].
والتاسع : الرضا، قال للحبيب : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [الضحى : 5]، وقال لأمته : لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ [الحج : 59]، يعني : الجنة.(1/15)
وعن الصادق، عن أبيه قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : مما أعطى الله به أمتي وفضلهم به على سائر الأمم ثلاث خصال لم يعطها إلا نبي، وذلك أن الله تبارك وتعالى كان إذا بعث نبياً قال له : اجتهد في دينك ولا حرج عليك، وإن الله تبارك وتعالى أعطى ذلك لأمتي، حيث يقول : وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج : 78]، يقول : من ضيق.
وكان إذا بعث نبياً قال له : إذا أحزنك أمر تكرهه فادعني أستجب لك، وإن الله أعطى أمتي ذلك، حيث يقول : ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر : 60].
وكان إذا بعث نبياً جعله شهيداً على قومه، وإن الله تبارك وتعالى جعل أمتي شهداء على الخلق، حيث يقول : لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ [الحج : 78](1).
ومن رحمة الله سبحانه على هذه الأمة وتخصيصه إياهم دون الأمم ما خص به شريعتهم من التخفيف والتيسير، فقال سبحانه : يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ [النساء : 28]. وقال : مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ [المائدة : 6]. وقال : وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج : 78]. وقال : يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ [البقرة : 185]. وقال : وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ [الأعراف : 157] وغيرها من الآيات.
__________
(1) - قرب الإسناد 56 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/443 23/340 93/290 ، التفسير الصافي ، للكاشاني ، 3/392 ، الأمثل ، لمكارم الشيرازي ، 10/409(1/16)
وكان مما أنعم الله تعالى على هذه الأمة أن الأمم الماضية كانوا إذا أصابهم بول أو غائط أو شيء من النجاسات كان تكليفهم قطعه وإبانته من أجسادهم، وخفف عن هذه الأمة بأن جعل الماء طهوراً لما يصيب أبدانهم وأثوابهم، قال الله تعالى : وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً [الفرقان : 48].
ومنها : أنهم كانوا يعتزلون النساء في حال الحيض، فلم يكونوا يؤاكلونهن ولا يجالسونهن، وما أصاب الحائض من الثياب والفرش والأواني وغير ذلك نجس، حتى لا يجوز الانتفاع به، وأباح لنا جميع ذلك إلا المجامعة.
ومنها : أن صلاتهم كانت خمسين، وصلاتنا خمس، وفيها ثواب الخمسين، وزكاتهم ربع المال، وزكاتنا ربع العشر، وثوابه ربع المال.
ومنها : أنهم كانوا إذا فرغوا من الطعام ليلة صيامهم حرم عليهم الطعام والشراب والجماع إلى مثلها من الغد، وأحل الله لنا التسحر والوطء في ليالي الصوم، فقال : وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ [البقرة : 187] يعني : بياض النهار من سواد الليل، وقال : أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة : 187]، يعني : الجماع.
ومنها : كانت الأمم السالفة تجعل قربانها على أعناقها إلى بيت المقدس، فمن قبل ذلك منه أرسلت عليه نار فأكلته، ومن لم يقبل منه رجع مثبوراً، وقد جعل الله قربان أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم في بطون فقرائها ومساكينها، فمن قبل ذلك منه ضعف له أضعافاً مضاعفة، ومن لم يقبل منه رفعت عنه به من عقوبات الدنيا.(1/17)
ومنها : أن الله تعالى كتب عليهم القصاص في التوراة والدية في القتل والجراح ولم يرخص لهم في العفو وأخذ الدية، ولم يفرق بين الخطأ والعمد في وجوب القصاص، فقال : وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [المائدة : 45]، ثم خفف عنا في ذلك فخير بين القصاص والدية والعفو، وفرق بين الخطأ والعمد، فقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى [البقرة : 178] إلى قوله : فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ [البقرة : 178].
ومن ذلك : تخفيف الله عنهم في أمر التوبة، فقال لبني إسرائيل : وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمْ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ [البقرة : 54]، فكانت توبتهم أن يقتل بعضهم بعضاً، الأب ابنه، والابن أباه، والأخ أخاه، والأم ولدها، ومن فر من القتل أو دفع عن نفسه أو اتقى السيف بيده أو ترحم على ذي رحمة لم تقبل توبته، ثم أمرهم الله بالكف عن القتل بعد أن قتلوا سبعين ألفاً في مكان واحد، فهذه توبتهم.
وجعل توبتنا : الاستغفار باللسان، والندم بالجنان، وترك العود بالأبدان، فقال عز وجل : وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران : 135]، وقال : أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ [المائدة : 74]، وقال : أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ [الحديد : 16].(1/18)
ومن الأمم السالفة من ينظر إلى امرأة بريبة يؤمر بقلع العين لتقبل عنه التوبة، وكفارتنا فيه غض البصر، والتوبة بالقلب، والعزم على ترك العودة إليه.
وكان منهم من يلاقي بدنه امرأة حراماً، فيكون التوبة منه إبانة ذلك العضو من نفسه، وتوبتنا فيه الندم وترك العود إليه.
ومن يرتكب منهم الخطيئة في خفية وخلوة يخرج وخطيئته مصورة على باب داره : ألا إن فلان بن فلان ارتكب البارحة خطيئة كذا وكذا، وكان ينادى عليه من السماء بذلك فيفتضح وينتهك ستره، ومن يرتكب منا الخطيئة ويخفيها عن الأبصار فيطلع عليه ربه، يقول للملائكة : عبدي قد ستر منا الخطيئة ويخفيها عن الأبصار، فيطلع عليه ربه، فيقول للملائكة : عبدي قد ستر ذنبه عن أبناء جنسه لقلة ثقته بهم، والتجأ إلي لعله تتبعه رحمتي، اشهدوا أني قد غفرتها له لثقته برحمتي، فإذا كان يوم القيامة وأوقف للعرض والحساب يقول : عبدي أنا الذي سترتها عليك في الدنيا، وأنا الذي أسترها عليك اليوم.
ومما فضل الله به هذه الأمة أن قيض لهم الأكرمين من الملائكة يستغفرون لهم ويسترحمون لهم من الرحمة، فقال سبحانه : الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا [غافر : 7]، قال صلى الله عليه وآله وسلم : المؤمنون شهداء في الأرض، وما رأوه حسناً فهو عند الله حسن، وما رأوه قبيحاً فهو عند الله قبيح.(1/19)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((يا ليتني قد لقيت إخواني، فقيل : يا رسول الله، أولسنا إخوانك آمنا بك وهاجرنا معك واتبعناك ونصرناك؟ قال : بلى، ولكن إخواني الذين يأتون من بعدكم، يؤمنون بي كإيمانكم، ويحبوني كحبكم، وينصروني كنصركم، ويصدقوني كتصديقكم، يا ليتني قد لقيت إخواني)).(1)
__________
(1) - روضة الواعظين 255 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16/341 ، 22/444 ، 52/132 ، إرشاد القلوب 2/217 ، أمالي المفيد ، 63 ، مكيال المكارم لميرزا الأصفهاني ، 1/347 ، قرة العينين من أحاديث الفريقين ، لمحمد الأنصاري ، 140(1/20)
وعن الإمام موسى بن جعفر رحمهما الله قال : ((حدثني أبي جعفر، عن أبيه، قال : حدثني أبي علي، قال : حدثني أبي الحسين بن علي ابن أبي طالب عليه السلام قال : بينما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جلوس في مسجده بعد وفاته عليه السلام يتذاكرون فضل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ دخل علينا حبر من أحبار يهود أهل الشام قد قرأ التوراة والإنجيل والزبور، وصحف إبراهيم والأنبياء، وعرف دلائلهم، فسلم علينا وجلس - فسألهم عن فضائل أمة محمد - فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : قال تعالى : " لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة : 284] "كانت هذه الآية قد عرضت على سائر الأمم من لدن آدم إلى أن بعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم فأبوا جميعا أن يقبلوها من ثقلها، وقبلها محمد، فلما رأى الله عز وجل منه ومن أمته القبول خفف عنه ثقلها، فقال الله عز وجل : " آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ [البقرة : 285] " ثم إن الله عز وجل تكرم على محمد، وأشفق على أمته من تشديد الآية التي قبلها هو وأمته فأجاب عن نفسه وأمته فقال : " وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ " فقال الله عز وجل : لهم المغفرة والجنة إذا فعلوا ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ " يعني المرجع في الآخرة، فأجابه قد فعلت بتائبي أمتك قد أوجبت لهم المغفرة، ثم قال الله تعالى : أما إذا قبلتها أنت وأمتك وقد كانت عرضت من قبل على الأنبياء والأمم فلم يقبلوها فحق علي أن أرفعها عن أمتك، فقال(1/21)
الله تعالى : " لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ " من خير " وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ " من شر، ثم ألهم الله عز وجل نبيه أن قال : " رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا " فقال الله سبحانه : أعطيتك لكرامتك يا محمد، إن الأمم السالفة كانوا إذا نسوا ما ذكروا فتحت عليهم أبواب عذابي، ورفعت ذلك عن أمتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا " يعني بالآصار الشدائد التي كانت على الأمم ممن كان قبل محمد، فقال عز وجل : لقد رفعت عن أمتك الآصار التي كانت على الأمم السالفة، وذلك أني جعلت على الأمم أن لا أقبل فعلا إلا في بقاع الأرض التي اخترتها لهم وإن بعدت، وقد جعلت الأرض لك ولأمتك طهورا ومسجدا، فهذه من الآصار وقد رفعتها عن أمتك.
وقد كانت الأمم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس، فمن قبلت ذلك منه أرسلت على قربانه نارا تأكله، وإن لم أقبل ذلك منه رجع به مثبورا، وقد جعلت قربان أمتك في بطون فقرائها ومساكينها، فمن قبلت ذلك منه أضاعف له الثواب أضعافا مضاعفة، وإن لم أقبل ذلك منه رفعت عنه به عقوبات الدنيا، وقد رفعت لك عن أمتك وهي من الآصار التي كانت.
وكانت الأمم السالفة مفروضا عليهم صلاتها في كبد الليل وأنصاف النهار، وهي من الشدائد التي كانت، وقد رفعتها عن أمتك، وفرضت عليهم صلاتهم في أطراف الليل والنهار في أوقات نشاطهم.
وكانت الأمم السالفة مفروضا عليهم خمسون صلاة في خمسين وقتا، وهي من الآصار التي كانت عليهم، وقد رفعتها عن أمتك.
وكانت الأمم السالفة حسنتهم بحسنة واحدة، وسيئتهم بسيئة واحدة، وجعلتك لامتك الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بواحدة.(1/22)
وكانت الأمم السالفة إذا نوى أحدهم حسنة لم تكتب لهم، وإذا هم بالسيئة كتبتها عليهم و إن لم يفعلها، وقد رفعت ذلك عن أمتك، فإذا هم أحدهم بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه، وإذا هم أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة.
وكانت الأمم السالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم، وجعلت توبتهم من الذنب أن احرم عليهم بعد التوبة أحب الطعام إليهم.
وكانت الأمم السالفة يتوب أحدهم من الذنب الواحد المائة سنة، و المأتي سنة، ثم لم أقبل توبته دون أن أعاقبه في الدنيا بعقوبة، وقد رفعت ذلك عن أمتك، وإن الرجل من أمتك ليذنب المائة سنة ثم يتوب ويندم طرفة عين فأغفر له ذلك كله و أقبل توبته.
وكانت الأمم السالفة إذا أصابهم إذا نجس قرضوه من أجسادهم، وقد جعلت الماء طهورا لامتك من جميع الأنجاس، والصعيد في الأوقات.
وهذه الآصار التي كانت عليهم رفعتها عن أمتك. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اللهم إذ قد فعلت ذلك بي فزدني، فألهمه الله سبحانه أن قال : " ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به " قال الله عز وجل : قد فعلت ذلك بأمتك، وقد رفعت عنهم عظيم بلايا الأمم، وذلك حكمي في جميع الأمم أن لا أكلف نفسا فوق طاقتها، قال : " واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا " قال : قال الله تعالى : قد فعلت ذلك بتائبي أمتك، ثم قال : " فانصرنا على القوم الكافرين " قال الله عز وجل : قد فعلت ذلك، وجعلت أمتك يا محمد كالشامة البيضاء في الثور الأسود، هم القادرون، وهم القاهرون، يستخدمون ولا يستخدمون لكرامتك، وحق علي أن اظهر دينك على الأديان حتى لا يبقى في شرق الأرض ولا غربها دين إلا دينك، ويؤدون إلى أهل دينك الجزية وهم صاغرون.(1/23)
وأن الله تعالى جل ثناؤه أرى إبراهيم صورة محمد وأمته، فقال : يا رب ما رأيت من أمم الأنبياء أنور ولا أزهر من هذه الأمة، فمن هذا ؟ فنودي هذا محمد حبيبي، لا حبيب لي من خلقي غيره، أجريت ذكره قبل أن أخلق سمائي وأرضي وسميته نبيا وأبوك آدم يومئذ من الطين، وأجريت فيه روحه.
قال اليهودي : فأخبرني عما فضل الله به أمته على سائر الأمم، قال عليه السلام : لقد فضل الله أمته صلى الله عليه وآله وسلم على سائر الأمم بأشياء كثيرة أنا أذكر لك منها قليلا من كثير، من ذلك قول الله عز وجل : " كنتم خير أمة أخرجت للناس " ومن ذلك أنه إذا كان يوم القيامة وجمع الله الخلق في صعيد واحد سأله الله عز وجل النبيين هل بلغتم ؟ فيقولون : نعم، فيسأل الأمم فيقولون : ما جاءنا من بشير ولا نذير، فيقول الله جل ثناؤه وهو أعلم بذلك للنبيين : من شهداءكم اليوم ؟ فيقولون : محمد و أمته، فتشد لهم أمة محمد بالتبليغ، وتصدق شهادتهم، وشهادة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيؤمنون عند ذلك، وذلك قوله تعالى : " لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " يقول : يكون محمد عليكم شهيدا أنكم قد بلغتم الرسالة.
ومنها أنهم أول الناس حسابا، وأسرعهم دخولا إلى الجنة قبل سائر الأمم كلها.
ومنها أيضاً أن الله عز وجل فرض عليهم في الليل والنهار خمس صلوات في خمسة أوقات : اثنتان بالليل، وثلاث بالنهار، ثم جعل هذه الخمس صلوات تعدل خمسين صلاة، وجعلها كفارة خطاياهم، فقال عز وجل : " إن الحسنات يذهبن السيئات " يقول : صلاة الخمس تكفر الذنوب ما اجتنبت الكبائر.
ومنها أيضاً أن الله تعالى جعل لهم الحسنة الواحدة التي يهم بها العبد ولا يعملها حسنة واحدة يكتبها له، فإن عملها كتبت له عشر حسنات وأمثالها إلى سبعمائة ضعف فصاعدا.(1/24)
ومنها أن الله عز وجل يدخل الجنة من أهل هذه الأمة سبعين ألفا بغير حساب، ووجوههم مثل القمر ليلة البدر، والذين يلونهم على أحسن ما يكون الكوكب الدري في أفق السماء، والذين يلونهم على أشد كوكب في السماء إضاءة، ولا اختلاف بينهم ولا تباغض بينهم.
ومنها أن القاتل منهم عمدا إن شاء أولياء المقتول أن يعفوا عنه فعلوا، وإن شاءوا قبلوا الدية، وعلى أهل التوراة وهم أهل دينك يقتل القاتل ولا يعفى عنه، ولا تؤخذ منه دية، قال الله عز وجل : " ذلك تخفيف من ربكم ورحمة ".
ومنها أن الله عز وجل جعل فاتحة الكتاب نصفها لنفسه، ونصفها لعبده، قال الله تعالى : قسمت بيني وبين عبدي هذه السورة، فإذا قال أحدهم : " الحمد لله " فقد حمدني، وإذا قال : " رب العالمين " فقد عرفني، وإذا قال : " الرحمن الرحيم " فقد مدحني، وإذا قال : " مالك يوم الدين " فقد أثني علي، وإذا قال : " إياك نعبد وإياك نستعين " فقد صدق عبدي في عبادتي بعد ما سألني، وبقية هذه السورة له. ومنها أن الله تعالى بعث جبرائيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن بشر أمتك بالزين والسناء والرفعة والكرامة والنصر.
ومنها أن الله سبحانه أباحهم صدقاتهم يأكلونها، ويجعلونها في بطون فقرائهم يأكلون منها ويطعمون، وكانت صدقات من قبلهم من الأمم المؤمنين يحملونها إلى مكان قصي فيحرقونها بالنار.
ومنها أن الله عز وجل جعل الشفاعة لهم خاصة دون الأمم، والله تعالى يتجاوز عن ذنوبهم العظام لشفاعة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم.(1/25)
ومنها أن يقال يوم القيامة : ليتقدم الحامدون، فتقدم أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل الأمم، وهو مكتوب أمة محمد الحامدون، يحمدون الله عز وجل على كل منزلة، ويكبرونه على كل نحد، مناديهم في جوف السماء له دوى كدوي النحل. ومنها أن الله لا يهلكهم بجوع، ولا يجمعهم علي ضلالة، ولا يسلط عليهم عدوا من غيرهم، ولا يساخ ببقيتهم، وجعل لهم الطاعون شهادة. ومنها أن الله جعل لمن صلى على نبيه عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورد الله سبحانه عليه مثل صلاته على النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ومنها أنه جعلهم أزواجا ثلاثة أمما، فمنهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات، والسابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب، والمقتصد يحاسب. حسابا يسيرا، والظالم لنفسه مغفور له إنشاء الله.
ومنها أن الله عز وجل جعل توبتهم الندم والاستغفار والترك للإصرار، وكانت بنو إسرائيل توبتهم قتل النفس.
ومنها قول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم : أمتك هذه مرحومة، عذابها في الدنيا الزلزلة والفقر.
ومنها أن الله عز وجل يكتب للمريض الكبير من الحسنات على حسب ما كان يعمل في شبابه وصحته من أعمال الخير، يقول الله سبحانه للملائكة : استكتبوا لعبدي مثل حسناته قبل ذلك ما دام في وثاقي.
ومنها أن الله عز وجل ألزم أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم كلمة التقوى، وجعل بدء الشفاعة لهم في الآخرة.(1/26)
ومنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى في السماء ليلة عرج به إليها ملائكة قياما وركوعا منذ خلقوا، فقال : يا جبرئيل هذه هي العبادة، فقال جبرئيل : صدقت يا محمد، فاسأل ربك أن يعطي أمتك القنوت والركوع والسجود في صلاتهم، فأعطاهم الله تعالى ذلك، فأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقتدون بالملائكة الذين في السماء، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إن اليهود يحسدونكم على صلاتكم وركوعكم وسجودكم)).(1)
ولا يسعنا هنا حصر كل ما ورد في بيان فضائل أمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ففيما أوردناه كفاية.
فإذا علمت هذا فيقيناً أن الرعيل الأول من هذه الأمة الذين بعث فيهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أفضل هذه الأمة وأعظمها، وقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذا، حيث قال : ((إن الله أخرجني في خير قرن من أمتي)).(2)
وعن الكاظم، عن آبائه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((القرون أربعة، أنا في أفضلها قرناً)).(3)
وهذا أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام يقول لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الإسراء : ((مرحباً بالنبي الصالح، والابن الصالح، والمبعوث الصالح، في الزمان الصالح)).(4)
__________
(1) - حلية الأبرار ، لهاشم البحراني ، 1 /31 ، 244 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10 /28 ، 16 /341 ، 17 /274 ، 108 /127 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 18 /294
(2) - علل الشرايع 45 ، الخصال ، للصدوق ، 2/47 ، معاني الأخبار 19 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16/92 ، ميزان الحكمة لريشهري ، 4/3186
(3) - نوادر الراوندي 16 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 6/315 ، 22/309 ، مستدرك الوسائل ، 14/342 ، مستدرك سفينة البحار للشاهرودي ، 8/509 ،
(4) - سعد السعود 101 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 18/318 ، المستدرك 1/250 ، تأويل الآيات ، 1/ ، مستدرك سفينة البحار ، 6/286 ، 266 ، تفسير القمي 1/397 ، 400 ، 401(1/27)
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((أصحابي الذين سلكوا منهاجي أفضل أصحاب النبيين والمرسلين، وابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين، والطاهرات من أزواجي أمهات المؤمنين. وأمتي خير أمة أخرجت للناس، وأنا أكثر النبيين تبعا يوم القيامة)).(1)
وغيرها من روايات تظهر فضل أناس ذلك الزمان الصالح، والقرن المفضل، وهم جيل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
وقد ذكر القوم عن العسكري رحمه الله أنه قال : (( أن آدم عليه السلام سأل الله عز وجل أن يعرفه بفضل صحابة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، فقال عز وجل : إن رجلاً من خيار أصحاب محمد لو وزن به جميع أصحاب المرسلين لرجح عليهم، يا آدم : لو أحب رجل من الكفار أو جميعهم رجلاً من آل محمد وأصحابه الخيرين لكافأه الله عن ذلك بأن يختم له بالتوبة والإيمان ثم يدخله الله الجنة، إن الله ليفيض على كل واحد من محبي محمد وآل محمد وأصحابه من الرحمة ما لو قسمت على عدد كعدد كل ما خلق الله من أول الدهر إلى آخره وكانوا كفاراً لكفاهم ولأداهم إلى عاقبة محمودة الإيمان بالله حتى يستحقوا به الجنة، ولو أن رجلاً ممن يبغض آل محمد وأصحابه الخيرين أو واحداً منهم لعذبه الله عذاباً لو قسم على مثل عدد ما خلق الله لأهلكهم الله أجمعين)).(2)
__________
(1) - الأمالي للصدوق ، 374 ، التحصين ، لابن طاووس ، 561 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 1/280 ، بشارة المصطفى ، محمد بن علي الطبري ، 65 ، فاطمة والمفضلات من النساء لعبد اللطيف البغدادي ، 175 ، غاية المرام لهاشم البحراني ، 1/85ه، 176 ، 7/40 ، العقائد الإسلامية ، مركز المصطفى ص ، 4/134 ، شرح العينية الحميرية للفاضل الهندي ، 464
(2) - تفسير العسكري 157 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26/331(1/28)
وروى القوم عن الرضا رحمه الله، أن موسى عليه السلام سأل ربه : ((هل في أصحاب الأنبياء أكرم عندك من صحابتي؟ فقال عز وجل : يا موسى، أما علمت أن فضل صحابة محمد على جميع صحابة الأنبياء المرسلين كفضل آل محمد على جميع آل النبيين، وفضل محمد على جميع المرسلين)).(1)
والأفضلية هذه من مستلزماتها الوسطية، أكدَّها الله عز وجل في آيات عدة، كقوله : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ [البقرة : 143].
ولا يخفى أن أول من خوطب بهذه الآية هم الصحابة رضوان الله عليهم، تماماً كما كانوا أول من خاطب الله عز وجل في قوله : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران : 110].
عن الصادق رحمه الله قال : ((يعني الأمة التي وجبت لها دعوة إبراهيم عليه السلام، فهم الأمة التي بعث الله فيها ومنها وإليها، وهم الأمة الوسطى، وهم خير أمة أخرجت للناس)).(2)
ويقول الطبرسي وغيره في تفسير الآية : ((معناه أنتم خير أمة، وإنما قال : كنتم لتقدم البشارة لهم في الكتب الماضية)).(3)
__________
(1) - علل الشرايع 416 ، عيون الأخبار 1/220 ، تفسير العسكري 31 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 13/341 26/275 92/224 99/185 ، تأويل الآيات ، 1/418 ، البرهان 3/228 ، نور الثقلين ، 4/130 ، المحتضر للحلي ، 274ا
(2) - ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 1/112 ، تفسير العياشي ، 1/195 ، تفسير نور الثقلين ، 1/383
(3) - مجمع البيان ، للطبرسي ، 1/810 ، الينابيع الفقهية ، لعلي أصغر مرواريد ، 9 / 134 ، حقائق التأويل ، للشريف الرضي ، 219 ، التبيان ، للطوسي ، 2 /557 ، فقه القرآن ، للقطب الراوندي ، 1 /360(1/29)
وقيل إن المراد : كنتم خير أمة عند الله في اللوح المحفوظ أو مبشر بها في الكتب الماضية.(1)وقد ذكرنا بعضاً من ذلك.
ويقول الطباطبائي في ميزانه : الآية تمدح حال المؤمنين في أول ظهور الإسلام من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار.(2)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((طوبى لمن رآني، وطوبى لمن رأى من رآني، وطوبى لمن رأى من رأى من رآني. وفي رواية : إلى السابع ثم سكت)).(3)
فضائل الصحابة من القرآن والكريم
والقرآن مليء بعشرات النصوص الدالة على إيمان وفضل هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم، كقوله تعالى : وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ [الأنفال : 62-64].
__________
(1) - دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية للمنتظري ، 2/227 ، مجمع البيان ، للطبرسي ، 2/ 362
(2) - تفسير الميزان 3/376
(3) - الأمالي ، للصدوق ، 484 ، الخصال ، للصدوق ، 342 ، كنز الفوائد ، لأبو الفتح الكراجكي ، 265 ، الأمالي ، للطوسي ، 440 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22 /305 ، 313 ، 34 /331 ، 67 /12 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 6 /613 ، درر الأخبار ، لحجازي ، خسرو شاهي ، 192 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 6 /321 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 2 /505 ، النصائح الكافية ، لمحمد بن عقيل ، 169 ، الصحابة في القرآن والسنة والتاريخ ، لمركز الرسالة ، 62(1/30)
وقوله : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنْكُمْ وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الأنفال : 74-75].
وقوله تعالى : وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة : 100].
وهذه الآية من النصوص الصريحة على رضى الله عن الصحابة ومن إتبع منهجهم وسار على هداهم. والطريف أنها تحمل الرقم 100 من سورة التوبة، وكأنها نص صريح 100% على أن الفور العظيم في متابعتهم والإقتداء بهم، ووجوب التوبة على من يظن فيهم السوء. فتأمل.
يقول الطبرسي في تفسيره لهذه الآيات : ((وفي هذه الآية دلالة على فضل السابقين ومزيتهم على غيرهم لما لحقهم من أنواع المشقة في نصرة الدين، فمنها : مفارقة العشائر والأقربين، ومنها : مباينة المألوف من الدين، ومنها : نصرة الإسلام وقلة العدد وكثرة العدو، ومنها : السبق إلى الإيمان والدعاء إليه)).(1)
__________
(1) - مجمع البيان 5/98 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/302 66/59 69/59 ، رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين للشيرازي ، 7/136(1/31)
ويقول الطباطبائي : ((المراد بالسابقين هم الذين أسسوا أساس الدين ورفعوا قواعده قبل أن يشيد بنيانه ويهتز راياته، صنف منهم بالإيمان واللحوق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والصبر على الفتنة والتعذيب، والخروج من ديارهم وأموالهم بالهجرة إلى الحبشة والمدينة، وصنف بالإيمان ونصرة الرسول وإيوائه وإيواء من هاجر إليهم من المؤمنين والدفاع عن الدين قبل وقوع الوقائع)).(1)
ولا شك أن الله عز وجل لا يرضى لعباده إتباع من خالف نهجه ثم يعدهم الجنات والفوز العظيم لولا أنهم تمسكوا بهدية ونالوا رضاه. فبمجموعهم ارتفع عنهم الخطأ والضلالة فكانوا القدوة وأصبحوا بذلك أولى وأول من شملهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((لا تجتمع أمتي على ضلالة أو خطأ)).
وفي رواية : ((إن أمتي لا تجتمع على ضلالة، فإذا رأيتم اختلافا فعليكم بالسواد الأعظم)).
وفي رواية : ((إن الله لا يجمع أمتي - أو قال : أمة محمد - على ضلالة، ويد الله على الجماعة، ومن شذ شذ إلى النار.
وقال : عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة، ولم يجمع الله عز وجل أمتي إلا على هدى)).
وقال : ((لا يجمع الله عز وجل أمر أمتي على ضلالة أبدا)).
وقال : ((لن تجتمع أمتي على ضلالة أبدا)).
وقال : ((إن الله تعالى قد أجار أمتي أن تجتمع على الضلالة وغيرها)).(2)
__________
(1) - تفسير الميزان 9/373
(2) - دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية للمنتظري ، 2/66 ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 1/406(1/32)
وفي هذا قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : ((وما كان الله ليجعلهم أي المهاجرين والأنصار - وفي لفظ : ليجمعهم- على ضلالة ولا يضربهم بالعمى)).(1)
ويقول رضي الله عنه للخوارج وقد خطئوه وضللوه : ((فإن أبيتم إلا أن تزعموا أني أخطأت وضللت فلم تضللون عامة أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بضلالي)).(2)
__________
(1) - شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 3/89 ، 10/285 ، أعيان الشيعة، لمحسن الأمين ، 1/471 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 32/380 ، 33/78 ، مصباح البلاغة مستدرك نهج البلاغة للميرجهاني ، 4/27 ، كتاب الأربعين للقمي ، 164 ، الغدير، للأميني ، 9/157 ، 10/298 ، نهج السعادة للمحمودي ، 4/93
(2) - نهج البلاغة ، 2/7 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33/373 ، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة لأويس كريم محمد ، 30 ، 427 ، 438 ، شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 8/112 ، جواهر التاريخ لعلي الكوراني ، 1/361 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ، 6/364(1/33)
وعن الصادق رحمه الله وقد سأله سائل : ((إن للإيمان درجات ومنازل، يتفاضل المؤمنون فيها عند الله ؟ قال : نعم، قلت : صفه لي رحمك الله حتى أفهمه، قال : إن الله سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرهان، ثم فضلهم على درجاتهم في السبق إليه، فجعل كل امرئ منهم على درجة سبقه، لا ينقصه فيها من حقه ولا يتقدم مسبوق سابقا ولا مفضول فاضلا، تفاضل لذلك أوائل هذه الأمة وأواخرها ولو لم يكن للسابق إلى الإيمان فضل على المسبوق إذا للحق آخر هذه الأمة أولها، نعم ولتقدموهم إذا لم يكن لمن سبق إلى الإيمان الفضل على من أبطأ عنه ولكن بدرجات الإيمان قدم الله السابقين وبالإبطاء عن الإيمان أخر الله المقصرين لأنا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملا من الأولين وأكثرهم صلاة وصوما وحجا وزكاة وجهادا وإنفاقا ولو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضا عند الله لكان الآخرون بكثرة العمل مقدمين على الأولين ولكن أبى الله عز وجل أن يدرك آخر درجات الإيمان أولها، ويقدم فيها من أخر الله أو يؤخر فيها من قدم الله.(1/34)
قلت : أخبرني عما ندب الله عز وجل المؤمنين إليه من الاستباق إلى الإيمان، فقال : قول الله عز وجل : " سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله " وقال : " السابقون السابقون أولئك المقربون " وقال : " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه " فبدأ بالمهاجرين الأولين على درجة سبقهم، ثم ثنى بالأنصار ثم ثلث بالتابعين لهم بإحسان، فوضع كل قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم عنده، ثم ذكر ما فضل الله عز وجل به أولياءه بعضهم على بعض، فقال عز وجل : " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم فوق بعض درجات - إلى آخر الآية - " وقال : " ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض " وقال : " انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا " وقال : " هم درجات عند الله " وقال : " ويؤت كل ذي فضل فضله " وقال : " الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله " وقال : " فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما * درجات منه ومغفرة ورحمة " وقال : " لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا " وقال : " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " وقال : " ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح " وقال : " وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله " وقال : " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " فهذا ذكر درجات الإيمان ومنازله عند الله عز وجل)).(1/35)
(1)
وكذلك لا تكاد تخلو سورة من سور القرآن الكريم المدنية إلا وتحدثت عن جهادهم في سبيل الله عز وجل، اقرأ مثلاً قوله تعالى : الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [التوبة : 20-22].
وقوله : لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة : 88-89].
وقوله : وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [الحديد : 10].
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 2/ 40 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 8/121 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/308 ، 66/28 ، رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين للشيرازي ، 2/88ش ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 1/502 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 2/254 ، 5/208(1/36)
وقوله تعالى : الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [آل عمران : 172-174].
وقوله تعالى : إِذْ يُغَشِّيكُمْ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ [الأنفال : 11].(1/37)
وهذه الآية نزلت في غزوة بدر، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه لما سأله أن يدعه يضرب عنقه، قال : ((وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر فغفر لهم، فقال لهم : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم))(1).
وقال تعالى : أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة : 214].
قال الطبرسي : قيل : نزلت في المهاجرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة إذ تركوا ديارهم وأموالهم ومسهم الضر.(2)
__________
(1) - مجمع البيان 9/270 ، الإرشاد 34 ، إعلام الورى 66 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 21/94 ، 121 ، 125 ، 31/253 ، نور الثقلين ، 5/301 ، تفسير فرات 2/421 ، منتهى المطلب للحلي ، 2/939 ، دراسات في ولاية الفقيه لمنتظري ، 2/741 ، نظام الحكم في الإسلام لمنتظري ، 438 ، كتبا سليم بن قيس بتحقيق الأنصاري ، 246 (الحاشية) ، الإيضاح للفضل بن شاذان ، 507 ، شرح الأخبار للمغربي ، 2/301 ، الإفصاح للمفيد ، 49 ، الأربعين للشيرازي ، 314 ، مواقف الشيعة للميانجي ، 2/255 ، نهج السعادة للمحمودي ، 5/220 ، شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 4/100 ، 13/285 ، 17/267 ، 20/11 ، تفسير الميزان ، 19/236 ، الأمثل لمكارم الشيرازي ، 18/236 ، أعيان الشيعة ، 1/113 ، 116 ، الإستغاثة ، للكوفي 2/10 ، شرح إحقاق الحق للمرعشي ، 18/57 ، العقائد الإسلامية ، مركز المصطفى ، 3/249 ، 251
(2) - تفسير مجمع البيان ، للطبرسي ، 2 /68 ، بحار الأنوارن للمجلسي ، 20 /188 ، موسوعة التاريخ الإسلامي ، لمحمد هادي اليوسفي ، 2 /180(1/38)
وفيهم يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
فجاء بفرقان من الله منزل ... ... مبينة آياته لذوي العقل
فآمن أقوام كرام وأيقنوا ... ... وأمسوا بحمد الله مجتمعي الشمل
وأنكر أقوام فزاغت قلوبهم ... فزادهم الرحمن خبلاً على خبل
وأمكن منهم يوم بدر رسوله ... ... وقوماً غضاباً فعلهم أحسن الفعل
بأيديهم بيض خفاف قواطع ... ... وقد حادثوها بالجلاء وبالصقل(1).
وقد وصف الله تعالى أصحاب نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بالصدق والتقوى، ووعدهم بالفلاح في مواطن كثيرة، منها : قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة : 119].
ذكر بعض المفسرين أنها نزلت في محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم(2).
ولا تخفى منزلة من أمرنا بالاقتداء بهم، وهذا الأمر باقٍ إلى يوم القيامة ولا يحتج هنا بأن هذا إنما كان في حال الصلاح قبل الردة كما يدعي القوم، فإن ذلك مقياس البشر، لا مقياس علام الغيوب الذي لا تخفى عنه خافية في السماء أو الأرض فضلاً عن سرائر النفوس.
وقال آخر : وهم من لا يجوز عليهم الكذب ، والكون معهم والانقياد لهم.(3)
وقال آخر : وقال آخر : وهم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عز وجل عليه من جهاد عدوه ، وبذل أنفسهم في سبيله ، ونصرة رسوله ، وإعزاز دينه حيث يقول : ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ).(4)
__________
(1) - ديوان أمير المؤمنين رضي الله عنه 107 ، مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 1 /75 ، 2 /331 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 19 /321 ، 41 /94
(2) - انظر مثلاً ، مجمع البيان 3/122
(3) - إشارة السبق ، لأبو المجد الحلبي ، 59
(4) - كتاب الغيبة ، للنعماني ، 64(1/39)
وقد جاء في تفسير الآية من طرق القوم ما يناسب نزولها في الصحابة من باب أولى، رغم حملهم إياها على الأئمة. يقول أحدهم : يعني الاقتداء بهم ، إذ الأمر بالكون معهم في المكان لا فائدة فيه ، وذلك يقتضي وجوب الاقتداء بهم في كل شئ ، لأنه سبحانه يخص شيئا من شئ ، ولا يحسن الأمر بالاقتداء على هذا الوجه مع جواز القبيح على المقتدى به ، وإذا ثبت عصمة الصادقين ثبت توجه الخطاب إلى ما ذكرناه لما بيناه من الاعتبار . ولأنه تعالى وصف المأمور باتباعهم بالصدق عنده سبحانه ، وذلك مانع من توجهه إلى من يجوز عليه الكذب.(1)
ويقول : أمر باتباع المذكورين ، ولم يخص جهة الكون بشئ دون شئ ، فيجب اتباعهم في كل شئ ، وذلك يقتضي عصمتهم ، لقبح الأمر بطاعة الفاسق أو من يجوز منه الفسق.(2)
ويقول المفيد : قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " ، وقد ثبت أن المنادى به غير المنادى إليه ، وأن المأمور بالاتباع غير المدعو إلى اتباعه . فدل ذلك على أن المأمورين باتباع الصادقين ليسوا هم الأمة بأجمعها ، وإنما هم طوائف منها ، وأن المأمور باتباعه غير المأمور بالاتباع ، و لا بد من تمييز الفريقين بالنص ، وإلا وقع الالتباس وكان فيه تكليف ما لا يطاق.(3)
ويقول عبدالله الشبر : ليس المراد بالصادقين في الجملة إذ ما من أحد إلا هو صادق في الجملة حتى الكافر والله سبحانه لا يأمر بالكون معه بل المراد بهم الصادقون في أيمانهم وعهودهم وقصودهم وأقوالهم وأخبارهم وأعمالهم وشرائعهم في جميع أحوالهم وأزمانهم.(4)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، لأبو الصلاح الحلبي ، 95
(2) - تقريب المعارف ، لأبو الصلاح الحلبي ، 179
(3) - المسائل العكبرية - الشيخ المفيد 47
(4) - الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة (شرح آل كاشف الغطاء) ، لعبد الله الشبر ، 114(ش)(1/40)
وإذا تركنا كل التأويلات التي ساقها القوم في تفسير الآيه، وكذلك الروايات، وفسرنا القرآن بالقرآن، نجد أن الآية تنطيق بوضوح على قوله عزوجل : لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحشر : 8]. إذن فهؤلاء هم المعنيين بالآية.
ولعل ما يدل على ذلك، الأدعية التي رواها الشيعة من طرقهم عن الأئمة، كقول الصادق رحمه الله : ربا انك أمرتنا بطاعة ولاة أمرك وأمرتنا أن تكون مع الصادقين ، فقلت : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ، وقلت اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ، فسمعنا وأطعنا ربنا فثبت أقدامنا وتوفنا مسلمين مصدقين لأوليائك ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب.(1)
وكذلك ما يذكر عن الإمام زين العابدين رحمه الله أنه كان إذا تلى قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) يقول دعاءا طويلا يشتمل على طلب اللحوق بدرجة الصادقين والدرجات العلية.(2)
فكيف يستقيم هذا إن كانوا هم المقصودين؟!
__________
(1) - تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 3 /147 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 7 /402 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 8 /30 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 1 /320 ، 2 /281 ، تفسير كنز الدقائق ، للمشهدي ، 2 /9 ، غاية المرام ، لهاشم البحراني ، 1 /343 ، كشف المهم في طريق خبر غدير خم ، لهاشم البحراني ، 215
(2) - المراجعات ، لشرف الدين 69 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /40 ، أمان الأمة من الإختلاف ، للطف الله الصافي ، 186 ، مكاتيب الرسول ، للأحمدي الميانجي ، 1 /573 ، مجموعة الرسائل ، للطف الله الصافي ، 2 /74 ، نهج الحق وكشف الصدق ، للحلي ، 227(ه) ، نفحات الأزهار ، لعلي الميلاني ، 2 /60(1/41)
وفيهم يقول عز وجل : مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [الفتح : 29].
ففي هذه الآية مع غيرها من الدلائل دليل على أن الله يغيظ بالصحابة رضوان الله عليهم من ينتقص من حقهم ومنزلتهم التي أنزلهم الله.(1/42)
وروى القوم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ((سأل قوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيمن نزلت هذه الآية : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [الفتح : 29] قال : إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور أبيض، ونادى منادٍ : ليقم سيد المؤمنين ومعه الذين آمنوا فقد بعث محمد، فيقوم علي بن أبي طالب فيعطي الله اللواء من النور الأبيض بيده، تحته جميع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، لا يخالطهم غيرهم حتى يجلس على منبر من نور رب العزة، ويعرض الجميع عليه رجلاً رجلاً فيعطى أجره ونوره، فإذا أتى على آخرهم قيل لهم : قد عرفتم موضعكم ومنازلكم من الجنة، إن ربكم يقول لكم : عندي لكم مغفرة وأجر عظيم -يعني : الجنة- فيقوم علي بن طالب والقوم تحت لوائه معهم حتى يدخل الجنة)).(1)
__________
(1) - أمالي الطوسي 387 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 8/4 23/388 39/213 ، كنز جامع الفوائد 345 ، البرهان 4/202 ، المناقب 3/27 ، نور الثقلين ، 5/79 ، 245 ، التحصين لإبن طاووس ، 556 ، تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبين لإبن كرامه ، 162 ، كشف اليقين ، 418 ، غاية المرام للبحراني ، 4/262 ، 7/45(1/43)
وعلى صلة بالآية السابقة، روى القوم عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه الآية، قال : ((نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى، يقول الله تبارك وتعالى : والذين آتيناهم الكتاب يعرفونه يعني يعرفون رسول الله كما يعرفون أبنائهم لأن الله عز وجل قد أنزل عليهم في التوراة والإنجيل والزبور صفة محمد وصفة أصحابه ومهاجرته، وهو قوله تعالى : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تريهم ركعا سجدا - يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل، وهذه صفة رسول الله في التوراة وصفة أصحابه، فلما بعثه الله عز وجل عرفه أهل الكتاب كما قال جل جلاله : فلما جائهم ما عرفوا كفروا به)).(1)
نعود إلى ما كنا فيه من ذكر فضائل الصحابة من القرآن، يقول الله عز وجل : لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً * وَعَدَكُمْ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً [الفتح : 18-20].
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 69 / 92 ، التفسير الصافي ، للفيض الكاشاني ، 5 / 45 ، 6 / 509 ، تفسير نور الثقلينن للحويزي ، 1 / 99 ، 138 ، 708 ، 2 / 84 ، 5 / 77 ، تفسير كنز الدقائق ، للميرزا محمد المشهدي ، 1 / 369 ، تفسير الميزان ، للطباطبائي ، 1 / 334(1/44)
يقول الطبرسي : يعني بيعة الحديبية، وتسمى بيعة الرضوان لهذه الآية ورضا الله سبحانه عنهم، وإرادته تعظيمهم وإثابتهم، وهذا إخبار منه سبحانه أنه رضي عن المؤمنين إذ بايعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديبية تحت الشجرة المعروفة وهي شجرة السمرة.(1)
وكان عدد الصحابة رضوان الله عليهم يوم بيعة الرضوان ألفاً ومائتين، وقيل : وأربعمائة، وقيل : وخمسائة، وقيل : وثمانمائة.(2)
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أخبرنا الله عز وجل أنه رضي عنهم -عن أصحاب الشجرة- فعلم ما في قلوبهم، هل حدثنا أحد أنه سخط عليهم بعد؟.(3)
وقال فيهم هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ [الحج : 78]
__________
(1) - مجمع البيان 5/176 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 20/326 ،
(2) - مجمع البيان 5/167 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 20/346 ، 365 24/93 36/55 ، 121 ، روضة الكافي ، للكليني ، 322 ، تأويل الآيات ، 2/595 ، البرهان 4/196 ، المناقب 2/22 ، تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبين لإبن كرامة ، 160
(3) - الإرشاد 13 ، روضة الواعظين 75 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 38/243 ، 40/51 ، تفسير فرات 2/421 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 1/81 ، كشف اليقين ، للحلي ، 33(1/45)
قالوا فيه أقوال : أحدها أن المعنى لتشهدوا على الناس بأعمالهم التي خالفوا فيها الحق في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى " وجئ بالنبيين والشهداء " وقال : " ويوم يقوم الاشهاد " وقيل : الاشهاد أربعة : الملائكة والأنبياء وأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم والجوارح، والثاني أن المعنى لتكونوا حجة على الناس فتبينوا لهم الحق والدين، ويكون الرسول شهيدا مؤديا إليكم. والثالث : إنهم يشهدون للأنبياء على أممهم المكذبين لهم بأن قد بلغوا، وجاز ذلك لإعلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياهم بذلك " ويكون الرسول عليكم شهيدا " أي شاهدا عليكم بما يكون من أعمالكم، وقيل : حجة عليكم، وقيل شهيدا لكم بأنكم قد صدقتم يوم القيامة فيما تشهدون به. " كنتم خير أمة " قيل : هل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاصة، وقيل : هو خطاب للصحابة، ولكنه يعم سائر الأمة.(1)
وعلى أي حال، لا يسعنا هنا حصر جميع الآيات الدالة على فضائل الصحابة خشية خروجنا عما التزمنا به من الإيجاز، لذا فإننا نختم هذا بإيراد التالي، ففيما أوردناه آنفاً غنىً لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
__________
(1) - تفسير مجمع البيان ، للطبرسي ، 1 / 418 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/442 ، 23/334 ، التبيان ، للطوسي ، 2 / 7 ، مجلة تراثنا ، لمؤسسة آل البيت ، 11 / 28(1/46)
يقول الله عز وجل : لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر : 8-10].
فضائل الصحابة من السنة وأقوال أئمة أهل البيت رحمهم الله(1/47)
روى القوم أن نفراً من أهل العراق وفدوا على الإمام زين العابدين رحمه الله، فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فلما فرغوا من كلامهم، قال لهم : ((ألا تخبروني : أنتم المهاجرون الأولون الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ [الحشر : 8]؟ قالوا : لا. قال : فأنتم وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر : 9] قالوا : لا، قال : أما أنتم قد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين، وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله فيهم : وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ [الحشر : 10] اخرجوا عني فعل الله بكم)).(1)
__________
(1) - كشف الغمة ، للإربلي ، 2/291 ، الفصول المهمة لإبن الصباغ ، 2/864 ، الصوارم المهرقة ، لنور الله التستري ، 249 ، الشيعة في الميزان ، لمحمد جواد مغنية ، 293 ، الإمامة وأهل البيت ، لمحمد بيومي مهران ، 3 /39(1/48)
ولم يزل وهو يرى نفسه من الفريق الثالث يدعو الله لهم بالمغفرة، يقول في أحد أدعيته : ((اللهم وأصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره وكانفوه وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا له، حيث أسمعهم حجة رسالاته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته، وانتصروا به، ومن كانوا منطوين على محبته يرجون تجارة لن تبور في مودته، والذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك، وأرضهم من رضوانك وبما حاشوا الخلق عليك، وكانوا مع رسولك دعاة لك إليك، واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم، وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه ومن كثرت في إعزاز دينك من مظلومهم، اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون : رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ [الحشر : 10] خير جزائك الذين قصدوا سمتهم، وتحروا وجهتهم في بصيرتهم، ولم يختلجهم شك في قفو آثارهم والائتمام لهم يدينون بدينهم، ويهتدون بهديهم، يتفقون عليهم ولا يتهمونهم فيما أدوا إليهم)).(1)
ولا عجب في أن ينتهج الإمام السجاد رحمه الله نهج جده أمير المؤمنين رضي الله عنه في بيان فضائلهم لأهل العراق.
__________
(1) - الصحيفة السجادية الكاملة - الإمام زين العابدين (ع) 39 ، رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) ، للسدي علي خان المدني الشيرازي ، 2 /94 ، الشيعة في الميزان ، لمحمد جواد مغنية ، 292 ، رسائل ومقالات ، لجعفر السبحاني ، 47 ، 540 ، مجلة تراثنا ، لمؤسسة آل البيت ، 47 /48(1/49)
فعن الباقر رحمه الله قال : صلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالناس الصبح بالعراق، فلما انصرف وعظهم فبكى وأبكاهم من خوف الله تعالى، ثم قال : ((أما والله لقد عهدت أقواماً على عهد خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنهم ليصبحون ويمسون شعثاً غبراً خمصاً بين أعينهم كركب المعزى، يبيتون لربهم سجداً وقياماً، يراوحون بين أقدامهم وجباههم، يناجون ربهم، ويسألونه فكاك رقابهم من النار، والله لقد رأيتهم مع ذلك وهم جميع مشفقون منه خائفون)).(1)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 2 /236 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 9 /166 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 1 /65 ، الإرشاد ، للمفيد ، 1 /237 ، الأمالي ، للطوسي ، 102 ، حلية الأبرار ، لهاشم البحراني ، 2 /182 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22 /306 ، 64 /302 ، 66 /303 ، وقال في بيانه ، جميع ، أي ، مجتمعون على الحق لم يتفرقوا كتفرقكم. ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /408 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 6 /174 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 6 /5 ، 85 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 5 /141 ، منتقى الجمان ، لحسن صاحب المعالم ، 2 /344 ، أعلام الدين في صفات المؤمنين ، للديلمي ، 111 ، جامع السعادات ، لمحمد مهدي النراقي ، 1 /209(1/50)
وعن زين العابدين رحمه الله قال : ((صلى أمير المؤمنين الفجر ثم لم يزل في موضعه حتى صارت الشمس على قيد رمح، وأقبل على الناس بوجهه، فقال : والله لقد أدركت أقواماً يبيتون لربهم سجداً وقياماً، يخالفون بين جباههم وركبهم كأن زفير النار في آذانهم إذا ذكر الله عندهم مادوا كما يميد الشجر)).(1)
وكان رضي الله عنه يقول لمعاوية : ((أما بعد : فإن لله عباداً آمنوا بالتنزيل، وعرفوا التأويل، وفقهوا في الدين، وبيَّن الله فضلهم في القرآن الكريم، وأنتم في ذلك الزمان أعداء للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فكنتم فيمن دخل هذا الدين إما رغبة وإما رهبة، على حين فاز أهل السبق بسبقهم، وفاز المهاجرون والأنصار بفضلهم، ولا ينبغي لمن ليست له مثل سوابقهم في الدين ولا فضائلهم في الإسلام أن ينازعهم الأمر الذي هم أهله وأولى به فيجور ويظلم)).(2).
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 2/236 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 9/166 ، 166 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 1/65 ، 87 ، الإرشاد للمفيد ، 1/237 ، الأمالي للطوسي ، 102 ، حلية الأبرار للبحراني ، 2/182 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/306 ، 64/302 ، 66/303 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 1/408 ، مستدرك سفينة البحار للشاهرودي ، 6/174 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 5 ، 85 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 5/141 ، منتقى الجمان للشيخ حسن صاحب المعالم ، 2/344 ، أعلام الدين في صفات المؤمنين للديلمي ، 111 ، جامع السعادات للنراقي ، 1/209 ، النظرات حول الإعداد الروحي لحسن معن ، 87
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 32/429 ، مصباح البلاغة ، للميرجهاني ، 4/25 ، نهج السعادة ، للمحمودي ، 4/218(1/51)
وقال رضي الله عنه مادحا لهم ومعاتبا أصحابه بعد أن تخاذلوا عنه : ((أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه، وقرأوا القرآن فأحكموه. وهيجوا إلى القتال فولهوا وله اللقاح إلى أولادها، وسلبوا السيوف أغمادها. وأخذوا بأطراف الأرض زحفا زحفا وصفا صفا. بعض هلك وبعض نجا. لا يبشرون بالأحياء، ولا يعزون عن الموتى. مره العيون من البكاء. خمص البطون من الصيام. ذبل الشفاه من الدعاء. صفر الألوان من السهر. على وجوههم غبرة الخاشعين. أولئك إخواني الذاهبون. فحق لنا أن نظمأ إليهم ونعض الأيدي على فراقهم)).(1)
__________
(1) - نهج البلاغة ، 1/234 ، الاختصاص للمفيد ، 156 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33/362 ، 40/112 ، 66/308 ، رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) للشيرازي ، 2/108ش ، فهارس رياض السالكين للمظفر ، 2/213 ، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة لأويس كريم محمد ، 414 ، شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 7
/291 ، جواهر التاريخ لعلي الكوراني ، 1/341 ، سنن الإمام علي (ع) ، لجنة الحديث معهد باقر العلوم (ع) ، 186 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ، 6/229 ، 7/188 ، نفس الرحمن في فضائل سلمان للنوري الطبرسي ، 169(1/52)
وقال رضي الله عنه : ((لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا. ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما ومضيا على اللقم وصبرا على مضض الألم وجدا في جهاد العدو. ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين. يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس المنون. فمرة لنا من عدونا. ومرة لعدونا منا. فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت وأنزل علينا النصر حتى استقر الإسلام ملقيا جرانه. ومتبوئا أوطانه. ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم ما قام للدين عمود. ولا أخضر للإيمان عود. وأيم الله لتحتلبنها دما ولتتبعنها ندماً)).(1)
وقال رضي الله عنه : ((فما سمعت بأحد ولا رأيته هو أنصح لله في طاعة رسوله ولا أطوع لنبيه في طاعة ربه ولا أصبر على اللاواء والضراء وحين البأس ومواطن المكروه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من هؤلاء النفر الذين سميت لك وفي المهاجرين خير كثير تعرفه جزاهم الله خيرا بأحسن أعمالهم)).(2)
__________
(1) - نهج البلاغة ، 1/105 ، مصباح البلاغة مستدرك نهج البلاغة للميرجهاني ، 2/267 ، الغارات لإبراهيم الثقفي ، 2/373ه، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 32/549 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 2/162
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33/112 ، مصباح البلاغة مستدرك نهج البلاغة ، للميرجهاني ، 4/32 ، نهج السعادة للمحمودي ، 4/180 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ للريشهري ، 6/25(1/53)
ولم يكن رضي الله عنه يفرق بين أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم،كما يفعل من يدعي موالاته والسير على نهجه. فعن أبي عمرو الكندي قال : ((كنا ذات يوم عند علي عليه السلام فقالوا : يا أمير المؤمنين حدثنا عن أصحابك، قال : عن أي أصحابي ؟ قالوا عن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم. قال : كل أصحاب محمد أصحابي)).(1)
وقال فيهم الإمام الصادق رحمه الله : ((كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اثني عشر ألفاً. . ثمانية آلاف من المدينة، وألفان من مكة، وألفان من الطلقاء، ولم ير فيهم قدري ولا مرجيء ولا حروري ولا معتزلي ولا صاحب رأي، كانوا يبكون الليل والنهار، ويقولون : اقبض أرواحنا من قبل أن نأكل خبز الخمير)).(2)
__________
(1) - الغارات للثقفي ، 1/177 ، نفس الرحمن في فضائل سلمان للنوري الطبرسي ، 210
(2) - الخصال ، للصدوق ، 640 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/305 ، حدائق الأنس 200 مستدرك سفينة البحار للشاهرودي ، 6/173 ، خاتمة المستدرك للنوري الطبرسي ، 2/212(1/54)
ومن وصايا قال الإمام الصادق رحمه الله : ((لا تدع اليقين بالشك والمكشوف بالخفي ولا تحكم ما لم تره بما تروى قد عظم الله أمر الغيبة وسوء الظن بإخوانك قوله المؤمنين فكيف بالجر أه على اطلاق قول واعتقاد زور وبهتان في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال الله عز وجل : تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم وما دمت تجد إلى تحسين القول والفعل غيبتك وحضرتك سبيلا فلا تتخذ غيره. قال الله وقولوا للناس حسنا واعلم أن الله تعالى اختار لنبيه أصحابه طائفة أكرمهم بأجل الكرامة وحلاهم بحليه التأييد والنصر والاستقامة لصحبته على المحبوب والمكروه وأنطق لسان نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم بفضائلهم ومناقبهم وكراماتهم واعتقد محبتهم واذكر فضلهم واحذر مجالسه أهل البدع فإنها تنبت في القلب كفرا وضلالا مبينا وان اشتبه عليك فضيلة بعضهم فكلهم عالم الغيب وقل اللهم إني محب لمن أحببته ورسولك ومبغض لمن أبغضته أنت ورسولك)).(1)
وعن الباقر رحمه الله قال : (( أن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم سألوه هل يخاف عليهم النفاق. فقال : كلا. . . ولولا أنكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق الله خلقا حتى يذنبوا، ثم يستغفروا الله فيغفر الله لهم)).(2)
__________
(1) - مصباح الشريعة ، 67 ، خاتمة المستدرك ، للنوري الطبرسي ، 1 /209(ه) ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 3 /582
(2) - الكافي ، للكليني ، 2/424 ، تحف العقول لابن شعبة الحراني 38ه، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 10/148 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 6/42 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 67/57 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 9/182 ، ميزان الحكمة لريشهري ، 2/1173 ، تفسير العياشي ، 1/109(1/55)
وإذا قارنت هذه الروايات بقوله سبحانه عن المهاجرين والأنصار : وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة : 100]. علمت أن الله عز وجل لما وعدهم بالجنات والخلود فيها دل ذلك على أنهم يموتون على الإيمان والهدى، ولا ينافي هذا وقوع المعاصي منهم فهم غير معصومين، ووعد الله حقٌ لا خلف فيه، ومن أصدق من الله قيلاً، ومن أصدق من الله حديثاً.
وبناءً على هذا يتضح أن هؤلاء المهاجرين والأنصار لا يمكن أن يكونوا هم المرادون في حديث الحوض؛ لوعد الله عز وجل لهم بالجنات والخلود فيها ووعد الله حق، وكذا لإخباره أنه رضي عنهم كما في نفس الآية.
وأما المراد بحديث الحوض ففيه عدة أقوال، ومنها : أنه من أسلم ولم يحسن إسلامه ممن كان باليمامة مثلاً وشهد حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم اتبع بعد ذلك أحد الذين ادعوا النبوة كطليحة وسجاح أو غيرهما.
وينبغي أن يعلم -أيضاً- أن هؤلاء قليلٌ لا كما يصورهم بعض أصحاب الهوى؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر أنه يعرض عليه زمرٌ من أصحابه. وفي رواية : رجالٌ. وفي رواية : أناسٌ. ثم بيَّن أن من يخلص من بين تلك الزمر مثل همل النعم، ولم يقل : إنَّ الذين يردون عليه جميع أصحابه ولا يخلص منهم إلا مثل همل النعم، فتأمل الفرق!(1/56)
وسنأتي إن شاء الله في بيان هذه الشبهة والرد عليها بإسهاب في كتابنا شبهات طال حولها الجدل. ولكن لا بأس أن أنقل هنا ما ذكره شيخنا الفاضل محمد سالم الخضر في هذا الشأن. قال حفظه الله : ولعل من أبرز ما استدل به الشيعة الإثنا عشرية على ردة الصحابة وانقلابهم على أعقابهم حديث المذادة عن الحوض والذي روي بأكثر من لفظ عند أهل السنة والشيعة الإثني عشرية.
فقد روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ((ليرِدنّ عليّ ناسٌ من أُصيحابي الحوض حتى إذا عرفْتُهُمُ اخْتُلِجوا دوني فأقول : أصحابي، فيقول : لا تَدْري ما أحدثوا بعدك)).
وعن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : ((قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (إني فرطكم على الحوض، من مرّ عليّ شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً، ليردنّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يُحال بيني وبينهم)، قال أبو حازم : فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال : هكذا سمعت من سهل؟ فقلت : نعم، فقال : أشهَدُ على أبي سعيد الخدري لسمعتُهُ وهو يزيد فيها : (فأقول : إنهم مني، فيُقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول : سحقاً سحقاً لمن غيّر بعدي).
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت : ((قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إنّي على الحوض حتى أنظر من يرِد عليّ منكم، وسيؤخذ ناسٌ دوني، فأقول : يا ربّ منّي ومن أُمتي؟ ، فيُقال : هل شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما بَرِحوا يرجعون على أعقابهم.فكان ابن أبي مُليكة يقول : اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نُفتن عن ديننا)).
وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه ((وليُرفَعَنّ رِجال منكم)) وفي أخرى ((يرد عليّ يوم القيامة رهطٌ من أصحابي فيُجلون عن الحوض)) وفي ثالثة ((فإذا زُمرةٌ حتى إذا عرفتهم)).(1/57)
وفي رواية ابن المُسَيّب عن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((يَرِد على الحوض رجال من أصحابي فيُجلون عنه)).
المناقشة :
لقد أغمض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عينيه عن رجال من أصحابه كانوا على الإيمان فزلزل الله عز وجل من في قلبه مرض فارتد عن الإسلام واتبع مسيلمة الكذّاب وطليحة بن خويلد والأسود العنسي وسجاح. يقول المؤرخ الشيعي سعد القمي في "المقالات والفرق" : (وارتد قوم فرجعوا عن الإسلام، ودعت بنو حنيفة إلى نبوة مسيلمة وقد كان ادعى النبوة في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبعث أبو بكر إليهم الخيول عليها خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي فقاتلهم وقُتل من قُتل ورجع من رجع منهم إلى أبي بكر فسمّوا أهل الردة)(1).
ويقول الإمام علي عن إمساكه عن بيعة الخليفة الراشد أبي بكر في بادئ الأمر ثم مبايعته لأبي بكر ومؤازرته له وللصحابة في دحر المرتدين : ((فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل ..))(2).
ويقول : ((فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق، وكانت كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون، فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسّر وسدد وقارب واقتصد، فصحبته مناصحاً وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهداً))(3).
__________
(1) المقالات والفرق ص4
(2) نهج البلاغة – (ومن كتاب له (ع) إلى أهل مصر)- رقم (62).
(3) الغارات للثقفي 1/306-307(1/58)
ولذلك وجد الشيخ محمد كاشف آل الغطاء نفسه مضطراً للاعتراف بهذه الحقيقة فقال عن الإمام علي رضي الله عنه : (وحين رأى أنّ الخليفتين – أعني الخليفة الأول والثاني – بذلا أقصى الجهد في نشر كلمة التوحيد وتجهيز الجنود وتوسيع الفتوح ولم يستأثرا ولم يستبدا، بايع وسالم)(1).
أقول : وحديث الحوض يشير إشارة واضحة إلى هؤلاء النفر (أي بني حنيفة وأمثالهم) الذين مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم على الإيمان فانقلبوا على أعقابهم واستبدلوا الإيمان بالكفر فسلّط الله عليهم جند الإيمان الأذلة على المؤمنين، الأعزة على الكافرين، فمات من هؤلاء المرتدين من مات ليلقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيُذاد به عن الحوض ورجع إلى الإيمان من رجع و(إنّ الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر).
لكن ماذا يريد علماء الشيعة الإثني عشرية من إثارة هذا الحديث أمام البسطاء من الناس؟
لعلك أدركت أيها القارئ أنّ علماء الشيعة الإثني عشرية أرادوا الطعن في كبار صحابة رسول الله (أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وحفصة والزبير وطلحة وغيرهم) والحديث بالنسبة لهم صيد ثمين، إذ يُمكن لهم أن يجعلوا هؤلاء الصحب ممن أحدثوا بعد رسول الله فيستحقون البوار والخسران يوم القيامة، هكذا بكل سهولة!
ولذا تجد أنّ علماء الشيعة الإثني عشرية قد اجتهدوا في عدّ وحصر ما يرونه إحداثاً في دين الله من قبل هؤلاء الصحب وألّفوا في ذلك المصنفات لإقناع الناس بصحة ما يدّعونه في صحابة رسول الله، لكن ماذا يفعل هؤلاء الحماسيون لو أنّ حماسهم ورغبتهم في التشفي من أصحاب رسول الله قابله حماس آخر من أباضي أو ناصبي حاقد على الإمام علي ففعل مع الإمام علي ما يفعله هؤلاء مع باقي الصحابة؟
__________
(1) أصل الشيعة الإثني عشرية وأصولها ص123-124(1/59)
فالظلم والبهتان لا يُعرف له صاحب، ولا يظنن أحدٌ أنّ الظلم يقع على أناس دون آخرين، وأنّ سهامه التي يوجهها لصحابة رسول الله ستصيب قوماً وتستثني آخرين.
فالحديث عام لا يستثني عمار بن ياسر ولا المقداد بن الأسود ولا أبا ذر ولا سلمان الفارسي ممن يجلهم الشيعة الإثنا عشرية بل لا يستثني الحديث علياً نفسه!
وكل من في قلبه غل على صحابي يستطيع وفقاً لميزانه الأعوج أن يجعله ممن انقلبوا على أعقابهم!
نعود إلى ذكر أقوال الأئمة رحمهم الله في مدح الصحاية.
ومن أقوال الإمام الصادق رحمه الله : ((كان بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يضع حصاة في فمه، فإذا أراد أن يتكلم بما علم أنه لله وفي الله ولوجه الله أخرجها، وإن كثيراً من الصحابة كانوا يتنفسون تنفس الغرقى، ويتكلمون شبه المرضى)).(1)
لذا صلح أمرهم، كما قال علي رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ((إن صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين وهلاك آخرها بالشح والأمل)).(2)
__________
(1) - مصباح الشريعة 20 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 68/284 ، 71/284 ، مستدرك الوسائل ، 9/21 ، جامع السعادات للنراقي ، 2/267
(2) - أمالي الصدوق 189 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 67/173 ، 311 ، 70/173 ، 311 73/164 ، 300 ، الخصال ، للصدوق ، 79 ، روضة الواعظين ، للفتال ، 433 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 2/438 ، 16/16 ، 2/651 ، 11/315 ، الزهد للكوفي ، مقدمة التحقيق ، 3 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14/41 ، 141 ، موسوعة أحاديث الشيعة ، لهادي النجفي ، 1/443 ، 5/297 12/332 ، نور الثقلين ، للحويزي ، 3/3(1/60)
وكان من عظمة هذا الجيل المثالي، أن نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من يأتي من بعده أن يذكرهم بسوء أو ينتقصهم، وكأنَّ الله عز وجل أطلعه على الغيب ليرى ما سيؤول إليه الأمر، فقال : ((إذا ذكر أصحابي فأمسكوا)).(1)
وعن الرضا، عن آبائه رضي الله عنهم قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من سب نبيا " قتل، ومن سب أصحابي جلد. وفي رواية عنه أيضاً عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من سب نبيا قتل، ومن سب صاحب نبي جلد)).(2)
__________
(1) - نور الثقلين ، 4/407 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 55/276 ، 58/276 ، خلاصة عقبات الأنوار ، لحامد النقوي ، 3/182 ، نفحات الأزهار ، للميلاني ، 3/170
(2) - صحيفة الرضا (ع) ، مؤسسة الإمام المهدي (ع) 87ش ، 299 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 76/222 ، قاموس الرجال للتستري ، 9/512 ، معارج اليقين في أصول الدين للسبزواري ، 456 ، 456 ، جواهر الكلام للجواهري ، 41/437 ، در المنضود للگلپايگاني ، 2/257 ، فقه الصادق (ع) لمحمد صادق الروحاني ، 25/476ش ، مسند زيد بن علي ، 464 ، 495 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 28/213 ، مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 18/172 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 25/495 ، 26/73 ، حياة الإمام الرضا (ع) لباقر شريف القرشي ، 1/248(1/61)
وعن الصادق، عن آبائه، عن علي رضي الله عنه قال : ((أوصيكم بأصحاب نبيكم، لا تسبوهم وهم الذين لم يحدثوا بعده ولم يؤووا محدثاً، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بهم. وفي رواية : الله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا ولم يؤوا محدثا، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بهم)).(1)
ولا يسعف القوم حمل قوله هذا على من لم يحدث بعده، فإن علياً رضي الله عنه وهو راوي الحديث لم ير ذلك في أهل الشام الذين رأوا الخروج عليه، حيث قال فيهم كما يروي القوم عن جعفر، عن أبيه : أن عليا عليه السلام كان يقول لأهل حربه : ((إنا لم نقاتلهم على التكفير لهم، ولم نقاتلهم على التكفير لنا، ولكنا رأينا أنا على حق، ورأوا أنهم على حق)).(2)
وعن جعفر رحمه الله أيضا، عن أبيه عليه السلام : (( أن عليا عليه السلام لم يكن ينسب أحدا من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق، ولكنه كان يقول : هم إخواننا بغوا علينا)).(3)
__________
(1) أمالي الطوسي 332 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/306 ، مستدرك سفينة البحار للشاهرودي ، 6/174 ، من لا يحضره الفقيه للصدوق ، 4/191 ، تهذيب الأحكام، للطوسي ، 9/177 ، مصباح البلاغة مستدرك نهج البلاغة للميرجهاني ، 3/41 ، كتاب سليم بن قيس ، 446 ، مقاتل الطالبيين، للأصفهانى 24 ، شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ، 6/120 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 5/79 ، أعيان الشيعة، لمحسن الأمين ، 1/533
(2) - قرب الاسناد، للحميري القمي ، 93 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 32/324 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 13/93
(3) - قرب الاسناد، للحميري القمي ، 94 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، للمنتظري ، 2/806 ، نظام الحكم في الإسلام للمنتظري ، 409 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 15/83 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 32/324 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 13/93(1/62)
وعن مروان بن الحكم قال : ((لما هزمنا علي بالبصرة، رد على الناس أموالهم، من أقام بينة أعطاه، ومن لم يقم بينة أحلفه، قال : فقال له قائل : يا أمير المؤمنين، أقسم الفئ بيننا والسبي، قال : فلما أكثروا عليه، قال : أيكم يأخذ أم المؤمنين في سهمه، فكفوا)).(1)
وقال رضي الله عنه : ((إن ربنا واحد، ونبينا واحد، ودعوتنا في الإسلام واحدة، لا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يستزيدونا، الأمر واحدٌ إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء)).(2)
وكيف لا يكون بريء من دم عثمان وهو كما ذكر المسعودي وهو من مؤرخي الشيعة أنه لما بلغه أنهم يريدون قتله - أي عثمان - بعث بابنيه الحسن والحسين مع مواليه بالسلاح إلى بابه لنصرته، وأمرهم أن يمنعوه منهم. . . فصدُوهم عن الدار، واشتبك القوم، وجُرح الحسن، وشُبئَ قنبر،. . ولما بلغه مقتل عثمان دخل عليّ الدار، وهو كالواله الحزين، وقال لابنيه : كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب. ولَطَم الحسن وضرب صدر الحسين.(3)
__________
(1) - السرائر، لابن إدريس الحلي ، 2/17 ، تذكرة الفقهاء، للعلامة الحلي ، 9/425 ، مختلف الشيعة، للعلامة الحلي ، 4/453 ، جواهر الكلام، للجواهري ، 21/336 ، قرب الاسناد، للحميري القمي ، 132 ، علل الشرائع، للصدوق ، 2/603 ، تهذيب الأحكام، للطوسي ، 6/155 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 15/78 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33/441 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 13/102
(2) - نهج البلاغة، 114 ، بحار الأنوار، للمجلسي، 33 /307 ، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة، لأويس كريم محمد، 409 ، شرح نهج البلاغةن لإبن أبي الحديد، 17 /141 ، الانتصار، للعاملي، 9 /142
(3) - مروج الذهب للمسعودي ، 1/441 ، الغدير، للأميني ، 9/237 ، رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ، للطيف القزويني، 107(1/63)
بل وقد حضر هو بنفسه مرارا وطرد الناس عنه.(1)وانعزل عنه بعد أن دافع عنه طويلا بيده ولسانه.(2)بعد أن قال عثمان : اعزم عليكم لما رجعتم فدفعتم أسلحتكم، ولزمتم بيوتكم.
وكان يقول رضي الله عنه : والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن أكون آثما.(3)
وكان أثناء الحصار يبعث إليه بالماء مع ابنه الحسن رضي الله عنهم أجمعين.(4)
ثم أن هذا المسلك هو قول الخوارج في علي حيث حملوا روايات المدح فيه على حاله قبل كفره بزعمهم. فتدبر.
__________
(1) - شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 10/256
(2) - شرح نهج البلاغة لميثم البحراني ، 4/354
(3) - نهج البلاغة ، 2 /233 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 31 /268(ه) ، 473 ، الغدير ، للأميني ، 8 /381 ، 9 /69 ، شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ، 13 /296 وقال في شرحه : ويحتمل أن يريد لقد دفعت عنه حتى كدت أن ألقى نفسي في الهلكة ، وان يقتلني الناس الذين ثاروا به ، فخفت الاثم في تغريري بنفسي وتوريطها في تلك الورطة العظيمة ، ويحتمل أن يريد لقد جاهدت الناس دونه ودفعتهم عنه ، حتى خشيت أن أكون آثما بما نلت منهم من الضرب بالسوط ، والدفع باليد ، والإعانة بالقول ، أي فعلت من ذلك أكثر مما يحب. ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 1 /443 ، جواهر التاريخ ، للكوراني ، 1 /191 ، حياة أمير المؤمنين (ع) عن لسانه ، لمحمد محمديان ، 3 /351 ، 359 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ ، للريشهري ، 3 /261 ، 264 ، موسوعة شهادة المعصومين (ع) ، للجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 1 /323
(4) - دلائل الامامة لإبن جرير الطبري الشيعي ، 168 ، مدينة المعاجز لهاشم البحراني ، 3/235 ، الدر النظيم لإبن حاتم العاملي ، 503 ، موسوعة كلمات الإمام الحسن (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 51(1/64)
نعود إلى موضوعنا، وكان يوصي من سيأتي بعدهم بالتمسك بكتاب الله عز وجل وسنته صلى الله عليه وآله وسلم وهديهم رضي الله عنهم، ويؤكد أن ظهور هذا الدين إنما بمن بقي منهم رضي الله عنهم.
فعن الصادق رحمه الله قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما وجدتم في كتاب الله عز وجل فالعمل به لا عذر لكم في تركه، وما لم يكن في كتاب الله عز وجل وكانت فيه سنة مني فلا عذر لكم في ترك سنتي، وما لم يكن فيه سنة مني فما قال أصحابي فقولوا به، فإنما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم بأيما أخذ اهتدى، وبأي أقاويل أصحابي أخذتم اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة)).(1)
وعن الكاظم عن آبائه رحمهم الله : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا أمَنَةٌ لأصحابي، فإذا قبضت دنا من أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمَنَةٌ لأمتي، فإذا قبض أصحابي دنا من أمتي ما يوعدون، ولا يزال هذا الدين ظاهراً على الأديان كلها ما دام فيكم من قد رآني)).(2)
__________
(1) - معاني الأخبار 50 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/220 ، 22/307 ، الإحتجاج ، للطبرسي ، 2/259
(2) - نوادر الراوندي 23 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/309 ، خلاصة عقبات الأنوار ، 1/80 ، 3/168 ، دراسات في الحديث و المحدثين ، لهاشم معروف ، 78 ، إحقاق الحق للتستري ، 267 ، نفحات الأزهار ، 1/80 ، 3/157 ، 12/68(1/65)
وكذلك كان شأن أئمة آل البيت رضي الله عنهم، فقد كانوا يحثون غيرهم على العمل بسيرتهم. فهذا الحسن رضي الله عنه اشترط في صلحه مع معاوية أن يعمل بسيرة الشيخين حيث قال : بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان : صالحه على أن يسلم إليه ولاية أمر المسلمين، على أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين – وفي رواية الصالحين.(1)
بل وكان رضي الله عنه يرى أن معاوية خير له من شيعته. فعن زيد بن وهب الجهني قال : لما طعن الحسن بن علي عليه السلام بالمدائن أتيته وهو متوجع، فقلت : ((ما ترى يا بن رسول الله فإن الناس متحيرون ؟ فقال : أرى والله أن معاوية خير لي من هؤلاء، يزعمون أنهم لي شيعة، ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي، وأخذوا مالي)).(2)
وفي الرواية فوائد أخرى لا تخفى على المتدبر ليس هذا الكتاب مكانها.
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 44/65 ، الفصول المهمة في معرفة الأئمة ، لابن الصباغ ، 2/729 (الحاشية) ، جواهر التاريخ للكوراني ، 3/55 ، 69 ، 89 ، صلح الحسن لشرف الدين ، 259 ، شرح إحقاق الحق ، 33/532 ، موسوعة كلمات الحسن ، 133 ،
(2) - الإحتجاج ، للطبرسي ، 2/10 ، معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) لعلي الكوراني ، 3/166 ، الخصائص الفاطمية لمحمد باقر الكجوري ، 2/575 ، جواهر التاريخ لعلي الكوراني العاملي ، 3/17 ، 25 ، موسوعة شهادة المعصومين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 1/411 ، موسوعة كلمات الإمام الحسن (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 129(1/66)
وعن علي بن أبي حمزة قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال له أبو بصير : جعلت فداك أقرأ القرآن في شهر رمضان في ليلة ؟ فقال : . . كان أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ أحدهم القرآن في شهر أو أقل.(1)
وروايات حث الأئمة رحمهم الله على إتباع هدي الصحابة رضي الله عنهم كثيرة.
وفي المقابل كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على درجة عالية من الأخلاق في تعاملهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وطاعتهم وحبهم وإخلاصهم له.
فهذا عثمان رضي الله عنه لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة الحديبية إلى أهل مكة، وقال له : انطلق إلى قومك من المؤمنين فبشرهم بما وعدني ربي من فتح مكة فلما انطلق عثمان لقي أبان بن سعيد فتأخر عن السرح فحمل عثمان بين يديه ودخل عثمان فأعلمهم وكانت المناوشة فجلس سهيل بن عمرو عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجلس عثمان في عسكر المشركين وبايع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسلمين وضرب بإحدى يديه على الأخرى لعثمان وقال المسلمون : طوبى لعثمان قد طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وأحل فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما كان ليفعل فلما جاء عثمان قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أطفت بالبيت ؟ فقال : ما كنت لأطوف بالبيت ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يطف به.(2)
__________
(1) - وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 6/215 ، الكافي ، للكليني ، 2/617 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 11/53 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 15/52 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، /4/273 ، 9/113 ، التفسير الصافي ، 1/70
(2) - الكافي ، للكليني ، 8/325 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 12/451 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 20/367 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 5/67(1/67)
فهذا أنس رضي الله عنه يقول : لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا إليه لما يعرفون من كراهيته.(1)
وعن البراء بن عازب قال : لقد كنت أريد أن أسأل رسول الله عن الأمر فأؤخره سنتين من هيبته.(2)
وعن أنس لما نزلت الآية فقد ثابت، فتفقده رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبر بشأنه، فدعاه فسأله فقال : ((يا رسول الله لقد أنزلت هذه الآية وإني جهوري الصوت فأخاف أن يكون عملي قد حبط، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لست هناك انك تعيش بخير وتموت بخير وانك من أهل الجنة)).(3)
وعن جابر رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قبة من أدم، وقد رأيت بلالاً الحبشي وقد خرج من عنده ومعه فضل وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فابتدره الناس، فمن أصاب منه شيئاً تمسح به وجهه، ومن لم يصب منه شيئاً أخذ من يدي صاحبه فمسح وجهه.(4)
__________
(1) - مكارم الأخلاق 16 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16/229 ، 70/207 ، موسوعة أحاديث أهل البيت ، 1/136 ، منية المريد ، للشهيد الثاني ، 209 ، جامع السعادات ، للنراقي ، 1/310
(2) - المصادر السابقة. ، مكاتيب الرسول للمياجي ، 1/422
(3) - التفسير الصافي ، 5/48 ، 6/514 ، 8/48 ، 6/514 ، تفسير نور الثقلين ، 5/80 ، تفسير جوامع الجامع ، 3/399
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/33 ، عيون أخبار الرضا ، 1/74 ، مستدرك الوسائل ، للنوري الطبرسي ، 2/214 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 1/420 ، مسند الإمام الرضا ، 2/495(1/68)
وعن أسامة ابن شريك قال : أتيت النبي وأصحابه حوله كأنما على رؤوسهم الطير.(1)
وعن المغيرة رضي الله عنه : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يقرعون بابه بالأظافير.(2)
وعن عروة بن مسعود حين وجهته قريش عام القضية إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ورأى من تعظيم أصحابه له وأنه لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه وكادوا يقتتلون عليه، ولا يبصق بصاقاً ولا يتنخم نخامةً إلا تلقوها بأكفهم فدلكوا بها وجوههم وأجسادهم، ولا تسقط منه شعرة إلا ابتدروها، وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون النظر إليه تعظيماً له، فلما رجع إلى قريش قال : يا معشر قريش، إني أتيت كسرى في ملكه وقيصر في ملكه، والنجاشي في ملكه، وإني والله ما رأيت مَلِكاً في قومه مثل محمد في أصحابه.(3)
__________
(1) - المحاسن ، للبرقي ، 1/125 (الحاشية) ، عيون أخبار الرضا ، 2/284 ، معاني الأخبار ، للصدوق ، 83 ، مكارم الأخلاق ، للطبرسي ، 15 ، الخرائج والجرائح ، للراوندي ، 2 615 ، الأربعون حديثا ، للشهيد الأول ، 53 ، حلية الأبرار ، للبحراني ، 1/177 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16/153 ، 17/32 ، 36/144 ، 45/75 ، 46/71 ، 47/99 ، 88/208 ، العوالم ، لعبدالله البحراني ، 308 ، سنن النبي ، للطباطبائي ، 105 ن موسوعة أحاديث أهل البيت ، 1/135 ، موسوعة كلمات الحسين ، 687
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/37 ، الرواشح السماوية ، لميرداماد ، 263 ، 318
(3) - شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 12/454 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/32 ، في ضل أصول الإسلام ، للسبحاني ، 196 ،(1/69)
وعن أنس رضي الله عنه قال : ((لقد رأيت رسول الله والحلاق يحلقه وأطاف به أصحابه، فما يريدون أن يقع شعرة إلا في يد رجل)).(1)
ولما أراد المشركون قتل زيد بن الدثنة رضي الله عنه قالوا له : ((أتحب أنك الآن في أهلك وأن محمداً مكانك؟ قال : والله ما أحب أن محمداً يشاك بشوكة وأني جالس في أهلي، فقال أبو سفيان : والله ما رأيت من قوم قط أشد حباً لصاحبهم من أصحاب محمد)).(2)
وكشأن أصحابه رضوان الله عليهم معه كان هو صلى الله عليه وآله وسلم في محبته وتعامله معهم، من ذلك : ما رواه عنه ابن مسعود رضي الله عنه قال : ((لا يبلغني أحد منكم عن أصحابي شيئاً، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر)).(3)
وعن أنس رضي الله عنه قال : ((كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه، فإن كان غائباً دعا له، وإن كان شاهداً زاره، وإن كان مريضاً عاده)).(4)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/32 20/332 ، 343 ، شرح الشفاء 1/67 ، مجمع البيان 9/117 ، المناقب 1/203 ، حلية الأبرار ، 1/317 ، معالم المدرستين ، لمرتضى العسكري ، 1/35 ،
(2) - المنتقى في مولود المصطفى ، فيما كان سنة أربع من الهجرة ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 20/152 ، شخصيات أخرى من الصحابة ، مركز المصطفى ، صفحة صفوة الصفوة ، مستدركات علم رجال الحديث، للنمازي، 3/ 471
(3) - مكارم الأخلاق 21 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16/236 ، سنن النبي للطبطبائي ، 128 ، موسوعة أحاديث أهل البيت ، 1/138 ، الأمثل لمكارم الشيرازي ، 18/537
(4) - مكارم الأخلاق 17 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16/233 ، دراسات في ولاية الفقيه ، 2/792 ، منية المريد ، للشهيد الثاني ، 195 (الحاشية) ، سنن النبي ، للطباطبائي ، 122 ، موسوعة أحاديث أهل البيت ، 1/139 ، ميزان الحكمة ، 1/50 ، 4/3224 ، تفسير الميزان ، 6/314(1/70)
وكان يقول صلى الله عليه وآله وسلم : ((لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم ارحم الأنصار والمهاجرة)).(1)
وكان يقول صلى الله عليه وآله وسلم فيهم : (المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة)).(2)
__________
(1) - المناقب 1/185 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 19/124 ، 20/218 ، 238 22/354 ، نور الثقلين ، 4/244 ، القمي 2/153 ، الخرائج والجرائح ، للراوندي ، 3/1048 ، خلاصة عقبات الأنوار ، 3/52 ، مستدرك سفينة البحار ، للشاهرودي ، 5/447 ، 6/179 ، تفسير تفسير الصافي ، للكاشاني ، 4/171 ، 6/21 ، تفسير الميزان ، 15/6 ، الصحيح من سيرة النبي لجعفر مرتضى ، 4/219 ، 9/108 ، 114 ، 117
(2) - الأمالي للطوسي ، 268 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/311 ، النصائح الكافية لمحمد بن عقيل ، 140 ، جواهر التاريخ لعلي الكوراني ، 2/16 ، 96(1/71)
ولم يقتصر بيانه صلى الله عليه وآله وسلم لفضائلهم في حياته -كما يزعم القوم- من أن ذلك إنما هو في حال صلاحهم، بل كأنه أراد إثبات فساد قولهم هذا، بأن بين فضلهم في حال وفاته، وذلك باستغفاره لما قد يبدر منهم من ذنوب، فعن الباقر رحمه الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إن مقامي بين أظهركم خيرٌ لكم، وإن مفارقتي إياكم خيرٌ لكم، أما مقامي فلقول الله عز وجل : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الأنفال : 33]، أما مفارقتي لأن أعمالكم تعرض علي كل اثنين وخميس، فما كان حسناً حمدت الله تعالى عليه، وما كان سيئاً استغفرت لكم)).(1)
وفي رواية عن الصادق رحمه الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((حياتي خير لكم، ومماتي خير لكم، فأما حياتي فإن الله هداكم بي من الضلالة، وأنقذكم من شفا حفرة من النار، وأما مماتي فإن أعمالكم تعرض علي، فما كان من حسن استزدت الله لكم، وما كان من قبيح استغفرت الله لكم)).(2)
__________
(1) - البصائر ، للصفار ، 131 ، تفسير العياشي ، 2/59 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/149 23/338 ، 349 ، أمالي الطوسي ، 421 ، نور الثقلين ، 2/151 ، 153 ، 264 ، تفسير البرهان ، 2/79 ، تفسير الصافي ، 2/300 ، تفسير القمي ، 1/276 ، معاني الأخبار ، للصدوق ، 113 ، وسائل الشيعة ، 16/111 ، 389 ، ينابيع المعاجز ، للبحراني ، 106 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 13/303 ،
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/550 ، 27/299 ، 108/398 ، درر الأخبار ، لخسروشاهي ، 196(1/72)
وجعل ثبات المؤمنين على الصراط بسبب شدة حبهم لأصحابه رضي الله عنهم، فعن الباقر، عن آبائه رحمهم الله، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((أثبتكم على الصراط أشدكم حباً لأهل بيتي ولأصحابي)).(1)
وعن عبد الله بن أبي أوفى، قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أصحابه أجمع ما كانوا فقال : ((يا أصحاب محمد لقد رأيت الليلة منازلكم في الجنة وقرب منازلكم من منزلي)).(2)
وقد كان الأصحاب من مهاجرين وأنصار وكذا أهل البيت رضي الله عنهم أجمعين يختصمون لا في حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهم فحسب، فإن ذلك من المسلمات، ولكن في أيهم أولى بذلك الحب، وأيهم أحب إليه، فعن كعب بن عجرة، أن المهاجرين والأنصار وبني هاشم اختصموا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أينا أولى به وأحب إليه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((أما أنتم يا معشر الأنصار فإنما أنا أخوكم، فقالوا : الله أكبر! ذهبنا به ورب الكعبة، وأما أنتم يا معشر المهاجرين فإنما أنا منكم، فقالوا : الله أكبر! ذهبنا به ورب الكعبة، وأما أنتم يا بني هاشم فأنتم مني وإلي، فقمنا وكلنا راضٍ مغتبط برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)).(3)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/133 ، الغدير، للأميني ، 2/312 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 24/4217 (الحاشية) ، 26/223 (الحاشية) 33/119
(2) - شرح إحقاق الحق للتستري ، 6/187 ، 223/205 ، المسترشد ، للطبري الشيعي ، 353 (الحاشية) ، أهمية الحديث عند الشيعة ، للعراقي ، 168 ،
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/312 ، مناقب آل أب طالب ، لإبن شهرآشوب 3/112(1/73)
وعلى ذكر الأنصار، روى القوم عن الصادق رحمه الله أنه قال : ((ما سلت السيوف ولا أقيمت الصفوف في صلاة ولا زحوف ولا جهر بأذان ولا أنزل الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ حتى أسلم أبناء القيلة : الأوس والخزرج)).(1)
روايات في فضائل الأنصار رضي الله عنهم
وما دمنا في ذكرهم، فلا بأس في إيراد شيء من فضائلهم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار. يا معشر الأنصار : أما ترضون أن يرجع غيركم بالشاء والنعم وترجعون أنتم وفي سهمكم رسول الله؟ قالوا : بلى رضينا، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينئذٍ : الأنصار كرشي وعيبتي، لو سلك الناس وادياً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار، اللهم اغفر للأنصار)).(2)
وزاد الطبرسي رحمه الله بعد قوله : ((لسلكت شعب الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار)).(3)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/312 ، نفسير نور الثقلين ، 5/80 ، تفسير مجمع البيان ، 9/217 ، تفسير الميزان ، 18/317
(2) - الإرشاد 75 ، إعلام الورى 126 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 21/159 ، 172 ، مستدرك سفينة البحار ، 10/70 ، أعيان الشيعة، لمحسن الأمين ، 1/281 ، كشبف الغمة ، للإربلي ، 1/224 ، الإحتجاج ، للطبرسي ، 1/90 ، 211 ، شجرة طوبى ، للحائري/2/311 ، تفسير كنز الدقاقئق ، للمشهداني ، 2/208 (الحاشية)
(3) - مجمع البيان 5/19 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 21/162 22/137 ، التفسير الكاشف 7/290 ، تفسير الميزان ، للطباطبائي ، 9/233 ، الأعلام من الصحابة والتابعين ، للحاج حسين الشاكري ، 11 /25(1/74)
قال الصادق رحمه الله : ((جاءت فخذ من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسلموا عليه فرد عليهم السلام، فقالوا : يا رسول الله، لنا إليك حاجة. فقال : هاتوا حاجتكم، قالوا : إنها عظيمة، فقال : هاتوها ما هي؟ قالوا : أن تضمن لنا على ربك الجنة. قال : فنكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأسه ثم نكت في الأرض ثم رفع رأسه، فقال : أفعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحداً شيئاً، قال : فكان الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه فيكره أن يقول لإنسان : ناولنيه، فراراً من المسألة، فينزل فيأخذه، ويكون على المائدة فيكون بعض الجلساء أقرب إلى الماء منه، فلا يقول : ناولنيه حتى يقوم فيشرب)).(1)
وقال لامرأة أنصارية وهبت نفسها له صلى الله عليه وآله وسلم : ((رحمك الله ورحمكم يا معشر الأنصار، نصرني رجالكم، ورغبت في نساؤكم)).(2)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 3/127 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/129 ، 142 ، أمالي الطوسي 675 ، منتهى المطلب ، للحلي ، 1/544 ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 2/71 ، وسائل الشيعة ، 9/440 ، 6/307 ، جامع أحاديث الشيعة ، 8/450 ، موسوعة أحاديث أهل البيت ، 8/340
(2) - تفسير القمي 2/169 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/196 ، 211 ، الكافي ، للكليني ، 4/79 ، نور الثقلين ، 4/292 ، 293 ، تفسير الصافي ، 4/196 ، مسالك الأفهام ، للشهيد الثاني ، 7/70 ، جامع أحاديث الشيعة ، 20/130 ، التفسير الصافي ، 4/196 ، 6/56 ، تفسير الميزان ، 16/342(1/75)
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ((إن علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس رضي الله عنهم دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي قبض فيه، فقالوا : يا رسول الله، هذه الأنصار في المسجد تبكي رجالها ونساؤها عليك، فقال : وما يبكيهم؟ قالوا : يخافون أن تموت، فقال : أعطوني أيديكم، فخرج في ملحفة وعصابة حتى جلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال فيما قاله : أوصيكم بهذا الحي من الأنصار، فقد عرفتم بلاءهم عند الله عز وجل وعند رسوله وعند المؤمنين، ألم يوسعوا في الديار، ويشاطروا الثمار، ويؤثروا وبهم الخصاصة؟ فمن ولي منكم أمراً يضر فيه أحداً أو ينفعه فليقبل من محسن الأنصار، وليتجاوز عن مسيئهم، وكان آخر مجلس جلسه حتى لقى الله عز وجل)).(1)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((ألا وإن الأنصار ترسي، فاعفوا عن مسيئهم وأعينوا محسنهم)).(2)
وعن الكاظم رحمه الله قال : ((لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوفاة دعا الأنصار، وقال : يا معشر الأنصار، قد حان الفراق، وقد دعيت وأنا مجيب الداعي، وقد جاورتم فأحسنتم الجوار، ونصرتم فأحسنتم النصرة، وواسيتم في الأموال، ووسعتم في المسلمين، وبذلتم لله مهج النفوس، والله يجزيكم بما فعلتم الجزاء الأوفى)).(3)
__________
(1) - أمالي المفيد 28 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/475 28/177 ، غاية المرام ، 2/366
(2) - أمالي الطوسي 261 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/312 23/146 ، البرهان 1/11 ، جامع أحاديث الشيعة ، 1/190 ، كتاب الولاية لإبن عقدة الكوفي ، 217 ، غاية المرام للبحراني ، 2/336
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/476 ، موسوعة شهداء المعصومين ، 1/67(1/76)
وقال علي رضي الله عنه في مدحهم : ((هم والله ربوا الإسلام كما يربى الفلو مع غنائهم بأيديهم السياط وألسنتهم السلاط)).(1)
وعنه رضي الله عنه قال : ((أما بعد أيها الناس فوالله لأهل مصركم في الأمصار أكثر من الأنصار في العرب وما كانوا يوم أعطوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يمنعوه ومن معه من المهاجرين حتى يبلغ رسالات ربه إلا قبيلتين صغير مولدهما وما هما بأقدم العرب ميلادا ولا بأكثرهم عددا فلما آووا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه ونصروا الله ودينه رمتهم العرب عن قوس واحدة وتحالفت عليهم اليهود وغزتهم اليهود والقبائل قبيلة بعد قبيلة فتجردوا لنصرة دين الله وقطعوا ما بينهم وبين العرب من الحبائل وما بينهم وبين اليهود من العهود، ونصبوا لأهل نجد وتهامة وأهل مكة واليمامة وأهل الحزن والسهل وأقاموا قناة الدين، وتصبروا تحت أحلاس الجلاد حتى دانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العرب ورأى فيهم قرة العين قبل أن يقبضه الله إليه)).(2)
وحصر كل ما جاء في فضائلهم في طول يخرجنا عن خطة الكتاب. وفيما أوردناه كفاية لمن شرح الله صدره، لمعرفة منزلة هذا الجيل العظيم.
__________
(1) - نهج البلاغة 184 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/312 ، شرح نهج البلاغة ، لإبن أبي الحديد ، 20/184
(2) - لغارات للثقفي ، 2/479 ، الأمالي للطوسي ، 173 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 34/148 ، شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 2/89 ، تفسير مجمع البيان للطبرسي ، 7/266 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ، 7/123(1/77)
وأي شيء أعظم من أن يقيهم صلى الله عليه وآله وسلم بقرة عينه وهم أهل بيته رضي الله عنهم، حيث قال أمير المؤمنين رضي الله عنه : وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا احمر البأس وأحجم الناس قدم أهل بيته فوقى بهم أصحابه حر السيوف والأسنة.(1)
وليس بعزيز على الله بعد كل هذا أن يجعلهم أئمة ويجعلهم وارثين وأن يستخلفهم في الأرض، كما قال في محكم كتابه : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ [النور : 55].
فالله عز وجل وعد في هذه الآيات المؤمنين بالاستخلاف وتمكين الدين والأمن العظيم من الأعداء، ولا بد من وقوع ما وعد به ضرورةً، لامتناع الخلف في وعده تعالى، ووقع ذلك في عهد الخلفاء الراشدين الذين كانوا حاضرين وقت نزول هذه الآيات، كما ذكر ذلك بعض المفسرين.
بشارات الرسول التي تحققت في عهد الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم
__________
(1) - نهج البلاغة ، خطب الإمام علي (ع) ، 3/9 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33/115 ، سنن النبي (ص) ، للطباطبائي ، 139 ، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة ، لأويس كريم محمد ، 106 ، 398 ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 4/3230 ، شرح نهج البلاغة ، لإبن أبي الحديد ، 14/47 ، حياة أمير المؤمنين (ع) عن لسانه ، لمحمد محمديان ، 1/114 ، معجم المحاسن والمساوئ ، لأبو طالب التجليل التبريزي ، 195(1/78)
وعلى ذكر هذه الآيات ووقوع ما وعد الله به المؤمنين من الاستخلاف في الأرض، والحاصل في حق الثلاثة رضي الله عنهم، نورد هنا بعضاً من البشارات النبوية على صاحبها وآله أفضل الصلاة وأزكى التسليم، والتي وعد بها أصحابه ووقعت في عهد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم :
منها : ما كان يوم حفر الخندق، عندما اعترضت المسلمين صخرة فاستعصت عليهم، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخذ المعول وضرب به ضربة فلمعت منها برقة كأنها مصباح في جوف ليل مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تكبيرة فتح، فكبر المسلمون، ثم ضرب ضربة أخرى، فلمعت برقة أخرى ثم ضرب به الثالثة فلمعت برقة أخرى، فقال صلى الله عليه وآله وسلم عن الأولى : ((أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأخبرني جبرئيل أن أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت الضربة الثانية فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم، فأخبرني جبرئيل أن أمتي ظاهرة عليها فابشروا، فاستبشر المسلمون، وقالوا : الحمد لله موعد صدق وعدنا النصر بعد الحصر)). فقال المنافقون : ألا تعجبون يمنيكم ويعدكم الباطل ويعلمكم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأنها تفتح لكم وأنتم تحفرون الخندق من الفرق -أي : الخوف- ولا تستطيعون أن تبرزوا؟ فنزل القرآن : وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً [الأحزاب : 12](1).
__________
(1) - مجمع البيان 2/428 4/534 ، الخصال ، للصدوق ، 1/77 ، أمالي الصدوق 188 ، إعلام الورى 100 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/169 ، 171 20/190 ، 219 ، 241 ، وانظر أيضاً ، نور الثقلين ، 4/245 ، إثبات الهداة ، 1/239 ، 284 ، 345 ، أمالي الصدوق 258 ، تفسير القمي 2/154 ، نفس الرحمن في فضائل سلمان ، للنوري الطبرسي ، 148(1/79)
فمتى تحققت هذه البشارات؟ وهل تجد هنا مكاناً لما نسب إليه صلى الله عليه وآله وسلم من قوله : وانصر من نصره، واخذل من خذله؟
ومنها : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إنكم ستفتحون مصر، فإذا فتحتموها فاستوصوا بالقبط خيراً، كان لهم رحم وذمة. يعني : أن أم إبراهيم منهم، أي : مارية القبطية)).(1)
وفي رواية : ((الله الله في القبط، فإنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عدة وأعواناً في سبيل الله)).(2)
ومن البشارات التي تدل على عدالة الصحابة وإيمانهم، قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إن ابني هذا -يعني : الحسن بن علي رضي الله عنهما- سيد، وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين، وكان كما قال صلى الله عليه وآله وسلم)).(3)
ومنها : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((يقتل بهذه الحَرة خيار أمتي بعد أصحابي. قال أنس بن مالك رضي الله عنه : قتل يوم الحرة سبع مائة رجل من حملة القرآن، فيهم ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم)).(4)
__________
(1) - المناقب 1/109 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 18/131 ، | مستدرك سفينة البحار ، 8/391
(2) - أمالي الطوسي 258 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 18/144 ، 97/65 ، جامع أحاديث الشيعة ، 13/225 ، مستدرك سفينة البحار ، 10/564
(3) - إعلام الورى 45 ، المناقب 1/140 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 18/142 43/298 ، 299 ، 305 ، 317 ، شرح إحقاق الحق ، 26/356 ، لوامع الحقائق ، للآشتياني ، 1/104
(4) - إعلام الورى 210 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 18/125 ، إثبات الهداة ، 1/365 ، مستدرك سفينة البحار ، 2/254(1/80)
وبهذا يظهر فساد القول بخلاف الصحابة رضوان الله عليهم لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، واغتصاب الخلفاء الثلاثة لحق علي رضي الله عنهم أجمعين، وتصرفهم في الأرض بغير وجه حق، وقد رأيت أن ظاهر أحوالهم معه وأحواله معهم رضي الله عنهم أجمعين تنبئ بخلاف ذلك، فلم يكن يجمعهم سوى المحبة والاحترام، وإقرار كل واحد منهم لفضيلة الآخر.
إقرار الصحابة بفضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين
ولعل في انتقالنا للحديث عن علاقتهم رضي الله عنهم مع علي رضي الله عنه وذكر نصوص في هذا المقام ما يزيل شبهة اختلافهم المزعوم، فإن ذلك أبلغ في المراد في بيان ما كانوا عليه من ألفة حميمة ومحبة خالصة لا تشوبها تلك الترهات التي أراد من أراد أن يصور بها ذلك المجتمع العظيم، من مجتمع مليء بالأحقاد والضغائن والمؤامرات والاغتيالات والعدواة. . إلى آخر ما ذكروه، وحيث إننا لا يسعنا ذكر موقف كل صحابي على حدة مع الأمير وموقفه معه، فإننا نذكر موقفاً عاماً لهؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم، وحبهم له، وحربهم معه(1). وذلك على كل حال من طرق القوم :
__________
(1) - كان مع علي رضي الله عنه في صفين ثمانون بدريا ، وثمانمائة من الأنصار وتسعمائة من أهل بيعة الرضوان. أنظر الملاحم والفتن ، لابن طاووس ، 226(1/81)
فعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال : ((كان أصحاب محمد إذا أقبل علي قالوا : قد جاء خير البرية)).(1)
وكانوا يعملون على إرضائه والاقتداء بهدية رضي الله عنه، فلما ورد بسبي الفرس إلى المدينة في عهد الفاروق رضي الله عنه أعتق الأمير رضي الله عنه لوجه الله حقه وحق بني هاشم، فقالت المهاجرون والأنصار : ((قد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول الله، فقال : اللهم فاشهد أنهم قد وهبوا وقبلت وأعتقت، ولم يخالفه عمر رضي الله عنه في ذلك، وقال : سبق إليها علي بن أبي طالب ونقض عزمتي في الأعاجم)).(2)
وفي رواية : ((قد وهبت لله ولك يا أبا الحسن ما يخصني وسائر ما لم يوهب لك)).(3)
__________
(1) - أمالي الطوسي 213 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 38/5 ، نور الثقلين ، 5/644 ، تفسير الصافي ، 5/355 ، البرهان 4/491 ، المحتضر للحلي ، 168 ، حلية الأبرار للبحراني ، 2/407 ، 412 ، الغدير ، 2/57 ، 9/390 ، فضائل أمير المؤمنين للكوفي ، 219 ، بشارة المصطفى ، 197 ، 296 ، كشف الغمة ، 1/151 ، 2/24 ، غاية المرام ، 3/299 ، 302 ، 5/6 ، 186 ، 6/56 ، مصباح الهداية للبهبهاني ، 215 ، شرح إحقاق الحق ، 3/288 ، 4/218 ، 251 ، 253 ، 14/259 ، 15/278 30/93 ، مجلة تراثنا ، 61/49 ، مذهب أهل البيت ، للحيدري ، 37 ، مفاهيم القرآن ، للسبحاني ، 10/238
(2) - المناقب 4/48 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 45/330
(3) - دلائل الإمامة 81 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 31/134 ، 46/15 100/56 104/199 ، مستدرك الوسائل ، 11/132 ، 15/484 ، الغارات للثقفي ، 2/82 ، جامع أحاديث الشيعة ، 13/180 ، الدر النظيم للعاملي ، 580 ، العدد القوية للحلي ، 57 ، حياة أمير المؤمنين لمحمديان ، 3/112(1/82)
وكانوا يحفظون له قدره في أدق المسائل، فانظر -مثلاً- ما ذكره القوم عن أبي رافع رضي الله عنه قال : ((إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا جلس ثم أراد أن يقوم لا يأخذ بيده غير علي، وإن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يعرفون ذلك له، فلا يأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غيره)).(1)
ويناسب المقام هنا القول بأن شأنهم هذا مع الثقل الأصغر هو ذات الشأن مع الثقل الأكبر حيث أقر الخوئي بذلك.
يقول : اهتمام الصحابة بذلك - أي حفظ القرآن - في عهد رسول الله صلى الله عليه ولآله وسلم وبعد وفاته يورث القطع بكون القرآن محفوظا عندهم، جمعا أو متفرقا، حفظا في الصدور، أو تدوينا في القراطيس، وقد اهتموا بحفظ أشعار الجاهلية وخطبها، فكيف لا يهتمون بأمر الكتاب العزيز، الذي عرضوا أنفسهم للقتل في دعوته، وإعلان أحكامه، وهجروا في سبيله أوطانهم، وبذلوا أموالهم، وأعرضوا عن نسائهم وأطفالهم، ووقفوا المواقف التي بيضوا بها وجه التاريخ، وهل يحتمل عاقل مع ذلك كله عدم اعتنائهم بالقرآن ؟ حتى يضيع بين الناس.(2)
إقرار أهل البيت بفضائل الصديق والفاروق رضي الله عنهما
ننتقل الآن إلى ذكر موقف علي من الشيخين رضي الله عنهم، وموقفهما معه، دون التطرق إلى ذكر بقية الصحابة رضوان الله عليهم؛ لأسباب لا يجهلها أحد، منها أن النصيب الأكبر من العداء للصحابة إنما هو متوجهة إليهما، ثم قس على هذا اعتقادهم فيمن دونهما.
فنقول : إن تلك المسألة لم تكد تغادر حتى أدق المسائل، مما لها دلالة لا تخفى على المنصف المتجرد من الأهواء المسبقة، في إظهار العلاقة الحميمة التي تربط بعضهم ببعض.
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 38/297 ، المناقب ، 2/59 ، مستدرك سفية بحار الأنوار ، للمجلسي ، 7/241 ، 380 ، أعلام الورى للطبرسي ، 1/369
(2) - البيان في تفسير القرآن للخوئي ، 216(1/83)
فمنها مثلاً : أن علياً رضي الله عنه لم يفته أن يسمي أحد أبنائه بأبي بكر(1)، وآخر بعمر(2)،
__________
(1) - الإرشاد 167 ، 248 ، المناقب 4/107 ، 112 ، مقاتل الطالبيين 91 ، أمالي الصدوق 131 ، إعلام الورى 203 ، 250 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42/74 ، 90 ، 92 ، 45/36 ، 63 ، 44/313 ، الاختصاص 82 ، معجم الخوئي 21/66 ، 22/70 ، الأنوار النعمانية 3/263 ، شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 9/242 ، رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ للقزريني ، 172 ، 177 ، الفصول المهمة لإن الصباغ ، 1/645 ، 2/488 ، الأنوار العلوية لجعفر النقدي ، 434 ، 448 ، أنصار الحسين لمهدي شمس الدين ، 136 ، معالم المدرستين للعسكري ، 3/127 ، مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) للكوفي ، 2/48 ، تاريح الأئمة للبغدادي ، 17 ، شرح الأخبار للقاضي النعمان ، 3/178 (الحاشية) ، تاج المواليد للطبرسي ، 19 ، المستجاد من الإرشاد للحلي ، 139 ، العوالم لعبدالله البحراني ، 280 ، لواعج الأشجان لمحسن الأمين ، 177 ، مستدرك سفينة البحار ، للشاهرودي ، 7/386 ، رجال الطوسي ، 106 ، رجال إبن داود ، 215 ، نقد الرجال للتفرشي ، 5/127 ، جامع الرواة ، 2/370 ، طرائف المقال للبروجردي ، 2/73 ، مستدركات علم الرجال للشاهرودي ، 8/343 ، المفيد من معجم رجال الحديث للجواهري ، 365 ، 686 ، قاموس الرجال للتستري ، 11/236 ، تاريخ اليعقوبي ، 2/213 ، أعيان الشيعة، لمحسن الأمين ، 1/327 ، 608 ، 2/302 ، الدر النظيم للعاملي ، 430 ، كشف الغمة ، 2/67 ، موسوعة شهداء المعصومين ، 1/267 ، 2/252 ، 271 ، أبصار العين في أنصار الحسين للسماوي ، 70 ، شرح إحقاق الخق ، 32/675 ، 681 ، 682 ، 684 ، 33/676 ، مجلة تراثنا ، 2/149
(2) - الإرشاد 167 ، المناقب 4/112 ، مقاتل الطالبيين 89 ، معاني الأخبار 356 ، الكافي ، للكليني ، 1/286 ، 309 ، 411 ، 442 ، إعلام الورى 203 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 1/172 15/23 16/291 19/75 24/213 25/214 ، 253 26/262 27/297 ، 305 36/388 37/102 38/332 ، 42/74 ، 75 ، 89 ، 90 ، 91 ، 92 ، 93 43/159 45/38 ، 62 46/181 ، 48/16 60/200 61/158 ، إثبات الهداة ، 3/156 ، علل الشرايع 183 ، البصائر 50 ، 286 ، أمالي الطوسي 54 ، 426 ، 439 ، 467 ، 475 ، 507 ، 556 ، الاختصاص 128 ، كمال الدين 328 ، نور الثقلين ، 1/65 ، 76 ، الإمامة والتبصرة 171 ، غيبة الطوسي 187 ، غيبة النعماني 102 ، معجم الخوئي 13/45 ، 21/70 ، معالم المدرستين للعسكري ، 3/127 ، مستدرك الوسائل ، 5/70 ، الإحتجاج ، للطبرسي ، 2/277 (الحاشية) ، عمدة الطالب ، 72 (الحاشية) ، 184 ، 361 ، سر السلسلة العلوية ، 7 ، 52 (الحاشية) ، 95 ، الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ، 484 ، الفوائد الرجالية لبحر العلوم ، 1/430 (الحاشية) ، 3/99 (الحاشية) ، مستدركات علم الرجال ، 6/101 ، 112 ، الفائق في رواة وأصحاب الإمام الصادق للشيستري ، 1/122 ، 2/307 ، 414 ، 535 ، 3/133 ، 154 ، 435 ، تهذيب المقال للأبطحي ، 2/157 ، الذريعة لآقا بزرك الطهراني ، 6/191 ، 19/53 ، 20/2 ، المجدي في أنساب الطالبيين لعلي العلوي ، 7 ، 11 ، 31 ، 47 ، 58 ، 102 ، 140 ، 161 ، 170 ، 245 ، 251 ، تاريح الكوفة للبراقي ، 96 ، 478 ، إعيان الشيعة ، 2/453 ، 473 ، 3/58 ، 4/178 ، 5/236 ، 6/163 ، 237 ، 7/34 ، 8/310 ، 380 ، الأنوار العلوية للنقدي ، 444 ، موسوعة المصطفي والعترة للشاكري ، 8/84 ، موسوعة شهداء المعصومين ، 1/269 ، أبصار العين ، 90 ، شرح إحقاق الحق ، 3/466 (الحاشية) ، 3/467 (الحاشية) ، مجلة تراثنا ، 85/137(1/84)
وثالثاً بعثمان(1).
وهؤلاء الثلاثة ولدوا في عهد الخلفاء الثلاثة كما لا يخفى.
__________
(1) - الإرشاد 167 ، المناقب 2/109 4/112 ، مقاتل الطالبيين 89 ، إعلام الورى 203 ، 243 ، 250 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42/74 ، 89 ، 91 43/291 ، 44/313 ، 391 45/37 ، 63 ، 67 ، الأنوار النعمانية 3/263 ، وانظر أيضاً ، أمالي الصدوق 131 ، معجم الخوئي 11/116 ، إعيان الشيعة ، 1/326 ، مناقب الإمام للكوفي ، 2/49 ، الإختصاص ، 82 ، تاج المواليد ، 19 ، المستجاد للحلي ، 139 ، العوالم للبحراني ، 280 ، أنصار الحسين لشمس الدين ، 130 ، معالم المدرستين ، 3/128 ، المجدي في أنساب الطالبيين ، 15 ، كتاب الفتوح للكوفي ، 5/113 ، كشف الغمة ، 2/67 ، العدد القوية للحلي ، 242 ، الفصول المهمة لإبن الصباغ ، 1/643 ، موسوعة الإمام علي للريشهري ، 1/116 ، موسوعة شهداء المعصومين ، 1/268 ، 2/177 ، 253 ، شرح إحقاق الحق ، 32/674 ، 676 ، 681 ، مجلة تراثنا ، 2/150(1/85)
وكذلك كان شأن ابنه الحسن رضي الله عنه حيث سمى أحد أبنائه بأبي بكر(1)، وآخر، بل واثنين آخرين بعمر(2).
وستقف بعد قليل على علة تسميته أسماء أبنائه بعمر مراراً.
ولم يخالفهم في ذلك الحسين رضي الله عنه، فقد سمَّى أحد أبنائه بأبي بكر(3)، وآخر بعمر(4).
__________
(1) - مقاتل الطالبيين 92 ، المناقب 4/112 ، إعلام الورى 212 ، 243 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 44/163 ، 168 ، 169 45/36 ، 63 ، 67 ، معجم الخوئي 21/66 ، الإرشاد 240 ، الأنوار النعمانية 3/263 ، لواعج الأشجان ، لمحسن الأمين ، 176 ، أنصار الحسين ، 131 ، أعيان الشيعة ، 1/610 ، 2/293 ، الفصول المهمة ، 2/845 ، شرح إحقاق الحق ، 33/687 ، مجلة تراثنا ، 2/150 ، معالم المدرستين ، 3/144 ، مستدركات علم رجال الحديث ، 8/343 ، المفيد من معجم رجال الحديث ، 686 ، قاموس الرجال ، 11/232 ، 666 ، أبصار العين ، 71
(2) - المناقب 4/112 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 30/388 ، 44/168 45/63 ، معجم الخوئي 13/25 ، إعلام الورى 212 ، دلائل الإمامة 63 ، أنصار الحسين ، 64 ، 137 ، تقريب المعارف للحلبي ، 252 ، شرح إحقاق الحق ، 28/436 ، تشييد المراحعات للميلاني ، 1/247 ، مجلة تراثنا ، 34/29 ، نفحات الأزهار ، 20/128 ، الفصول المهمة ، 2/1289
(3) - التنبيه والإشراق 263 ، شرح الأخبار للقاضي المغربي ، 3/178 (الحاشية) – تعليق محقق الكتاب لسيد محمد الحسيني الجلالي ، الفصول المهمة ، 2/745 (الحاشية) ، 2/1224 ، مقاتل الطالبيين ، 92
(4) المناقب 4/113 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 45/63 ، معجم الخوئي 13/25 ، الذرية الطاهرة للدولابي ، 111 ، شرح نهج البلاغة ، 15/291 ، مستدركات علم رجال الحديث ، 6/82 ، أعيان الشيعة ، 5/181 ، الهداية الكبرى للخصيبي ، 213 ،(1/86)
وكذلك شأن ابنه زين العابدين رحمه الله، حيث سمَّى أحد أولاده باسم الخليفة الثاني عمر رضي الله عنه(1).
__________
(1) - المناقب 4/176 ، الإرشاد 277 ، 278 ، كفاية الأثر 319 ، الكافي ، للكليني ، 1/358 ، 361 ، إعلام الورى 257 ، 258 ، معجم الخوئي 13/47 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/249 ، 250 36/388 40/68 ، 43/243 44/151 ، 46/122 ، 155 ، 156 ، 157 ، 166 ، 167 ، 230 ، 47/279 ، 283 ، 97/153 ، أمالي الطوسي 2 ، كفاية الأثر 31 ، نور الثقلين ، 2/87 ، إثبات الهداة ، 1/281 ، 600 ، 3/34 ، غيبة النعماني 125 ، منتخب الأثر 248 ، مقاتل الطالبيين 464 ، 490 ، 525 ، الإنتصار الشريف المرتضيى ، 11 ، الناصريات للشريف المرتضى ، 8 ، 63 ، الحدائق الناضرة ، 9/219 (الحاشية) ، الينابيع الفقهية ، 1/134 | ، كامل الزيارات لإبن قولويه ، 51 ، خصائص الأئمة للشريف الرضي ، 20 ، وسائل الشيعة ، 1/مقدمة التحقيق ، خاتمة المستدرك ، 3/216 ، 5/71 ، عمدة الطالب ، 205 ، اجوية مسائل جارالله لشرف الدين ، 68 ، النص والإجتهاد لشرف الدين ، 539 ، سر السلسلة العلوية ، مقدمة الكتاب ، 52 (الحاشية) ، شرح نهج البلاغة ، 15/285 ، الدرجات الرفيعة للمدني ، 459 ، الفوائد الرجالية لبحر العلوم ، 1/237 (الحاشية) ، 3/95 ، طرائف المقال للبروجردي ، 2/469 ، مستدركات علم رجال الحديث ، 1/279 ، 373 ، 2/4433/7 ، 20 ، 5/336 ، 6/101 ، الفائق ، 2/418 ، 460 ، 3/153 ، المفيد في علم رجال الحديث ، 427 ، تراجم الرجال للحسيني ، 1/128 ، المجدي ، 148 ، موسوعة المصطفى ، 8/84(1/87)
وآخر بعثمان(1)، أما هو فقد أحب أن يكنى بأبي بكر(2).
وكذا حال بقية أهل البيت، فها هو الكاظم يسمي أحد أبنائه بأبي بكر(3)، وآخر بعمر(4)، وكان ابنه الرضا يكنى بأبي بكر(5). واستمر الحال في أعقابهم رحمهم الله.
ولعل في سرد هذه الأسماء ما يؤيد أن حب آل البيت لهم ممتد في أبنائهم وأبناء أبنائهم :
? أبو بكر بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن عيسى بن إدريس بن إدريس بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
? أبو بكر بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
? أبو بكر بن محمد بن علي بن أبي طالب بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
? أبو بكر بن إسماعيل بن الحسين بن محمد بن علي بن أحمد بن علي بن عبد الله بن الحسن بن محمد بن علي العريضي بن جعفر الصادق.
? أبو بكر بن محمد بن زيد بن محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسن بن علي بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن علي.
? أبو بكر بن عيسى المبارك بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي
? أبو بكر بن الحسن المجتبى.
? أبو بكر بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/250 ، مسائل علي بن جعفر ، 60 ، 318 ، الكافي ، للكليني ، 4/551 ، وسائل الشيعة ، 14/342 ، 10/267 ، جامع أحاديث الشيعة ، 12/246 جامع الرواة للأردبيلي ، 1/562 ، مستدركات علم رجال الحديث ، 3/3معجم الخوئي ، 12/310 ، 541 ، 13/213 ، 354
(2) - المناقب 3/310 ، كشف الغمة 2/260 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 46/4 ، 5 ، موسوعة شهداء المعصومين ، 3/18 ، كشف الغمة ، 2/74 ، دلائل الإمامة ، 192 ، مطالب السؤول ، 77 ، التتمة في توارخ الأءمة ، 84
(3) - كشف الغمة 2/217
(4) - كشف الغمة 3/41 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 48/282
(5) - مقاتل الطالبيين 453(1/88)
? أبو بكر بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن عيسى بن إدريس بن إدريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
? أبو بكر بن محمد بن علي بن أبي طالب بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
? أبو بكر بن الحسين الشهيد بن علي.
? أبو بكر بن إسماعيل بن الحسين بن محمد بن علي بن أحمد بن علي بن عبد الله بن الحسن بن محمد بن علي العريضي بن جعفر الصادق.
? أبو بكر بن محمد بن زيد بن محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسن بن علي بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن علي.
? أبو بكر بن عيسى المبارك بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
? عمر بن الحسن المجتبى.
? عمر بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
? عمر بن عبد الله بن محمد بن علي العمق بن محمد بن أحمد المسور بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
? عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
? عمر بن يحيى بن يحيى بن محمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
? عمر بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن عيسى بن إدريس بن إدريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
? عمر بن إسحاق بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
? عمر بن أبي العباس محمد بن أبي علي محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
? عمر الأشرف بن علي زين العابدين.
? عمر بن إسحاق بن الحسن بن علي زين العابدين.
? عمر بن محمد بن إسماعيل بن محمد الأرقط بن عبد الله الباهر بن علي زين العابدين.
? عمر بن محمد الأكبر بن عمر الأشرف بن علي زين العابدين.
? عمر بن محمد بن عمر بن محمد الأكبر بن عمر الأشرف بن علي زين العابدين.
? عمر بن علي بن عمر الأشرف بن علي زين العابدين.(1/89)
? عمر بن محمد بن عمر بن علي بن عمر الأشرف بن علي زين العابدين.
? عمر بن الحسن الأفطس بن علي بن علي زين العابدين.
? عمر بن علي بن عمر بن الحسن الأفطس بن علي بن علي زين العابدين.
? عمر بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين.
? عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين.
? عمر بن يحيى بن الحسين بن أحمد بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين.
? عمر بن محمد الفدان بن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين.
? عمر بن الحسين بن أحمد المحدث بن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين.
? عمر بن يحيى بن أحمد بن الحسين بن أحمد المحدث بن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين.
? عمر بن يحيى بن الحسين بن أحمد المحدث بن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين.
? عمر بن محمد الغلق بن أحمد بن الحسن الحسين بن أحمد بن عيسى بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين.
? عمر بن عيسى المختفي بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين.
? عمر بن ثابت بن محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن الحسن بن موسى حمصة بن علي بن الحسين الأصغر بن علي زين العابدين.
? عمر بن محمد أبي الفتح بن أبي الحسين محمد بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن علي العابد بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن علي زين العابدين.
? عمر بن سليمان بن عبد الله بن الحسن بن علي العريضي بن جعفر الصادق.
? عمر بن علي بن أحمد بن علي بن عبد الله بن الحسن بن علي العريضي بن جعفر الصادق.
? عمر بن إسماعيل بن الحسين بن محمد بن علي بن أحمد بن علي بن عبدالله بن الحسن بن علي العريضي بن جعفر الصادق.
? عمر بن موسى الكاظم.
? عمر بن أحمد بن الحسين بن موسى الكاظم.(1/90)
? عمر بن الحسين شيتي بن محمد الحائري بن إبراهيم المجاب بن محمد العابد بن موسى الكاظم.
? عمر بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
? عمر بن جعفر الأبله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
? عمر بن إسماعيل بن عمر بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
? عمر بن إبراهيم بن عمر بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
? عمر بن علي الطبيب بن عبيد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
? عمر بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
? عمر بن علي بن الحسين بن عبد الله بن محمد الصوفي بن يحيى الصوفي بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
? عمر المنجوري بن محمد المنجوري بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
? عمر بن القاسم بن علي المشطب بن محمد المنجوري بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
? عمر بن محمد الأكبر بن عمر المنجوري بن محمد المنجوري بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
? عمر بن جعفر الملك بن محمد المنجوري بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
? عمر بن عبد الله بن جعفر الأصغر بن محمد الحنفية بن علي.
? عمر بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
? عمر بن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي.
? عمر بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب.
? عمر بن الحسن بن علي بن الحسن.
? عمر بن الحسين بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
? عمر بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
? عمر بن علي بن عمر بن علي زين العابدين.
? عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي زين العابدين.
? عمر بن يحيى بن الحسين بن أحمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي زين العابدين.
? عمر بن الحسن بن علي بن علي زين العابدين.
? عمر بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.(1/91)
? عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن بن الحسن المجتبى.
? عمر بن أحمد بن الحسين بن موسى الكاظم.
? عمر المنجوري بن محمد المنجوري بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر بن علي زين العابدين.
? عمر بن علي بن الحسين بن عبد الله ين محمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب.
ولا يسعنا إحصاء كل ما ورد في هذا الباب خشية الخروج عن موضوع الكتاب.
أهمية عامل الإسم
ولا شك أن لعامل الاسم دلالة نفسية لا تخفى على المتأمل، ولعل من يزعم أنه من شيعة الأمير وأهل بيته رضي الله عنهم أن يسأل نفسه إن كان يستطيع أن يسمي أحد أبنائه باسم من اغتصب حق الأمير، وأهان زوجته وقتل إبنه وحرق بيته وحرف القرآن وأبتدع في الدين. . إلى آخر ما زعموه فيهم. والرواية الآتية تدل على أهمية عامل الاسم هذا.
روى القوم أن معاوية استعمل مروان بن الحكم على المدينة وأمره أن يفرض لشباب قريش، ففرض لهم، فقال علي بن الحسين : فأتيته، فقال : ((ما اسمك؟ فقلت : علي بن الحسين، فقال : ما اسم أخيك؟ فقلت : علي، فقال : علي وعلي؟ ما يريد أبوك أن يدع أحداً من ولده إلا سماه علياً؟ ثم فرض لي فرجعت إلى أبي فأخبرته، فقال : لو ولد لي مائة لأحببت أن لا أسمي أحداً منهم إلا علياً)).(1)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 6/19 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 44/211 ، شرح اللمعة ، 5/443 ، وسائل الشيعة ، 21/395 ، 15/128 ، جامع أحاديث الشيعة ، 21/340 ، مستدرك سفينة البحار ، 5/170 ، 10/448 ، موسوعة أحاديث الشيعة ، 12/244 ، مستدركات علم الرجال ، للشاهرودي ، 5/503 ، جواهر التاريخ ، للكوراني ، 3/371(1/92)
وفي رواية : أن يزيد قال له : ((واعجباً لأبيك سمى علياً وعلياً؟ فقال : إن أبي أحب أباه، فسمى باسمه مراراً)).(1)
روايات من طرق الشيعة في النهي عن التسمية بأسماء أعداء أهل البيت رحمهم الله
ولا ينبغي الغفلة عن هذه الحقيقة وأهميتها في الشرع، وقد أورد القوم من طرقهم عن الأئمة عشرات الروايات في هذا الشأن، لا نرى بأسا من ذكر بعضها لما له صلة بالباب. ونبدأها بهذه الرواية التي تدل على عظم الأجر الذي يجنيه من ينحل أولاده اسماً من أسماء من له شأن. فعن ربعي بن عبد الله قال : ((قيل لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك إنا نسمي بأسمائكم وأسماء آبائكم فينفعنا ذلك ؟ فقال : إي والله وهل الدين إلا الحب ؟ قال الله : " إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)).(2)
فهذه الرواية وأمثالها رد على من زعم من القوم وقد أعيتهم الحيلة في رد مسألة تسمية الأئمة بأسماء الخلفاء الراشدين، بأن مسألة التسمية من المباحات التي لا يترتب عليها حكم أو أجر.
__________
(1) - المناقب 4/174 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 45/175 ، 329 ، العوالم للبحراني ، 411 ، مستدرك سفينة البحار ، 10/448 ، بلاغة الإمام علي بن الحسين للحائري ، 253
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 101/130 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 16/209 ، 21/336 ، مستدرك سفينة البحار للنمازي ، 5/171 ، 10/447 ، تفسير العياشي ، 1/167 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 1/327 ، الحقوق الاجتماعية لمركز الرسالة ، 84(1/93)
وعن أبي الحسن عليه السلام قال : ((أول ما يبر الرجل ولده أن يسميه باسم حسن، فليحسن أحدكم اسم ولده)9. وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : استحسنوا أسماءكم فإنكم تدعون بها يوم القيامة قم يا فلان بن فلان إلى نورك، وقم يا فلان بن فلان لا نور لك)).(1)
ولا شك أن أول مراتب الاستحسان هو عدم اختيار أسماء أعداء أهل البيت. وهذا أمر مسلم به عند الشيعة حتى عقدوا في هذا أبواباً في مصنفاتهم كباب كراهة التسمية بأسماء أعداء الأئمة عليهم السلام(2). وذكروا فيها روايات عدة كرواية أبي جعفر عليه السلام قال : ((إن الشيطان إذا سمع مناديا ينادي باسم عدو من أعدائنا اهتز واختال)).(3)
فراجع فيما سبق وأنظر كم ترددت في بيوتات آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أسماء أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ألد أعداء أهل البيت كما يزعم القوم. وكم أفرحوا الشيطان بذلك.
__________
(1) - أنظر هذه الروايات وغيرها في ، نهاية المرام للعاملي ، 1/448ش ، الحدائق الناضرة ليوسف البحراني ، 25/39 ، رياض المسائل للطباطبائي ، 10/504 ، جامع المدارك للخوانساري ، 4/461 ، الكافي ، للكليني ، 6/18 ، تهذيب الأحكام، للطوسي ، 7/437 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 21/389 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 21/332 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 12/243 ، ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 2/1364 ، الحقوق الاجتماعية لمركز الرسالة ، 83
(2) - وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 21/398 ، مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 15/132
(3) - الكافي ، للكليني ، 6/20 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 21/393 ، 398 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 21/337 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 12/244 ، مجلة تراثنا ، مؤسسة آل البيت ، 17/50(1/94)
والعجيب – وهكذا يريد لنا القوم أن نعتقد - أن أئمة أهل البيت عمدوا إلى ترك الأسماء التي حثّ عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخالفوه في ذلك وأخذوا بأسماء أعدائه.
فعن أبي عبد الله عليه السلام قال : ((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : ولد لي غلام، فماذا أسميه ؟ قال : بأحب الأسماء إلي : حمزة)).(1)
فأنظر هل تجد في أسماء أولاد أمير المؤمنين وأبنه الحسين رضي الله عنهما مثلاً اسم حمزة أحب الأسماء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أم تجد أبو بكر وعمر عثمان وهم من هم في معتقد الشيعة؟
__________
(1) - تهذيب الأحكام، للطوسي ، 7/438 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 21/396 ، الكافي ، للكليني ، 6/19 ، جاكع أحاديث الشيعة ، للبروجردي 21/339(1/95)
والغريب في الأمر أن روايات القوم تدل على مخالفة أئمة أهل البيت لأوامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الشأن، فإضافة إلى ما مر، هناك روايات مثلا تنهى عن التكني بأبي بكر(1)، أو بأبي القاسم(2)إذا كان الإسم محمد. رغم ذلك فهناك مثلا من أبناء أمير المؤمنين رضي الله عنه من يكنى بأبي القاسم وبأبي بكر ويحملان اسم محمد.
__________
(1) - المقنع للصدوق 335 ، الينابيع الفقهية لعلي أصغر مرواريد ، 18/21 ، مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 15/133 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 21/348 ، 361
(2) - تحرير الأحكام ، للحلي ، 4/6 ، مسالك الأفهام ، للشهيد الثاني ، 8/398ش ، نهاية المرام ، لمحمد العاملي ، 1/449ش ، كفاية الأحكام ، للسبزواري ، 2/283 ، الحدائق الناضرة ، ليوسف اللبحراني ، 25/42 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 31/256 ، جامع المدارك للخوانساري ، 4/461 ، فقه الصادق (ع) ، للروحاني ، 22/280ش ، الكافي ، للكليني ، 6/21 ، دعائم الإسلام ، للقاضي النعمان المغربي ، 2/188 ، الخصال ، للصدوق ، 250 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 7/439 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 21/400 ، مستدرك الوسائل ، للنوري الطبرسي ، 15/133 ، خاتمة المستدرك للنوري الطبرسي ، 1/143 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16/401 ، 101/127 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 21/347 ، 347 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي الشاهرودي ، 9/194 ، مجلة تراثنا ، مؤسسة آل البيت ، 17/42 ، 51(1/96)
(1)
__________
(1) - الإرشاد للمفيد ، 1/355ه، تاج المواليد المجموعة للطبرسي 18 ، المستجاد من الإرشاد المجموعة ، العلامة الحلي ، 139 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42/89 ، معجم رجال الحديث للخوئي ، 12/88 ، أعيان الشيعة، لمحسن الأمين ، 1/326 ، إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي ، 1/395 ، الفصول المهمة في معرفة الأئمة لابن الصباغ ، 1/641 ، موسوعة شهادة المعصومين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 1/269 ، الشيعة في الميزان لمحمد جواد مغنية 215(1/97)
والمسألة فيها طول. ونختم بهذه الرواية أو المعجزة التي نهى فيها الكاظم وهو لا زال في المهد عن التسمية بأسماء أعداء أهل البيت – بزعمهم - ففيها دلالة أخرى على أهمية عامل الإسم. فعن يعقوب السراج قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وهو واقف على رأس أبي الحسن موسى عليه السلام وهو في المهد يساره طويلا، فجلست حتى فرغ فقمت إليه، فقال : ((أدن من مولاك فسلم، فدنوت منه فسلمت، فرد علي بكلام فصيح ثم قال لي : اذهب فغير اسم ابنتك التي سميتها أمس، فإنه اسم يبغضه الله، وكانت ولدت لي ابنة فسميتها بالحميراء، فقال أبو عبد الله عليه السلام : انته إلى أمره ترشد، فغيرت اسمها)).(1)
والحميراء هو لقب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهو تصغير حمراء.
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، الشيخ الكليني ، 1/310 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 6/180 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 21/389 ، مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 15/128 ، الإرشاد للمفيد ، 2/219 ، الثاقب في المناقب لابن حمزة الطوسي ، 433 ، مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ، 3/407 ، مدينة المعاجز لهاشم البحراني ، 6/224 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 48/19 ، الأنوار البهية لعباس القمي ، 181 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 21/333 ، مستدرك سفينة البحار لعلي النمازي ، 6/283 ، جامع الرواة للأردبيلي ، 2/347 ، إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي ، 2/14 ، كشف الغمة للإربلي ، 3/12 ، الفصول المهمة في معرفة الأئمة لابن الصباغ ، 2/931ه، الخصائص الفاطمية لمحمد باقر الكجوري ، 1/507 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) للحاج حسين الشاكري ، 9/61 ، مجمع البحرين للطريحي ، 1/573(1/98)
والروايات في الباب كثيرة حتى عقد علماء الشيعة أبوابا كثيرة في مصنفاتهم في استحباب الأسماء وكراهيتها. فراجعها إن شئت.(1)
فضائل الصديق وعائشة رضي الله عنهما
لاشك أن علياً وكذا أهل بيته رضي الله عنهم يعرفون قدر هؤلاء ومنزلتهم وصحبتهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبلاءهم لنصرة الإسلام بما لا يخفى على العدو فضلاً عن الصديق.
فها هو أبوجهل يقول : ((من جاء بمحمد أو دل عليه فله مائة بعير، أو جاء بابن أبي قحافة أو دل عليه فله مائة بعير)).(2)
فجعل مكافأة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبه الصديق ورفيقه في الغار رضي الله عنه سواء.
__________
(1) - انظر مثلاً وسائل الشيعة أبواب الإستحباب بالتسمية ، 21/392 ومابعدها ، مستدرك الوسائل ، 15/129 ، الكافي ، للكليني ، باب الأسماء والكنى ، 6/19 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 21/333
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 19/40 ، المنتقى في مولود المصطفى ، في خروجه وخروج أبي بكر إلى الغار.(1/99)
وعلى ذكر قصة الهجرة فقد ذكروا أن الله عز وجل أوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم في قصة ليلة المبيت : ((آمرك أن تستصحب أبا بكر فإنه إن آنسك وساعدك ووازرك وثبت على ما يعاهدك ويعاقدك كان في الجنة من رفقائك، وفي غرفاتها من خلصائك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر : أرضيت أن تكون معي يا أبا بكر تطلب كما أطلب، وتعرف بأنك أنت الذي تحملني على ما أدعيه، فتحمل عني أنواع العذاب؟ قال أبو بكر : يا رسول الله، أما أنا لو عشت عمر الدنيا أعذب في جميعها أشد عذاب لا ينزل علي موت مريح ولا فرج منج، وكان في ذلك محبتك لكان ذلك أحب إليَّ من أن أتنعم فيها وأنا مالك لجميع ممالك ملوكها في مخالفتك، وهل أنا ومالي وولدي إلا فداؤك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا جرم أن اطلع الله على قلبك ووجد ما فيه موافقاً لما جرى على لسانك، جعلك مني بمنزلة السمع والبصر والرأس من الجسد، وبمنزلة الروح من البدن كعلي الذي هو مني كذلك)).(1)
وعلى ذكر التشبيه بالمنزلة، فقد جاء عن الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي رضي الله عنهم قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن أبا بكر مني بمنزلة السمع، وإن عمر مني بمنزلة البصر، وإن عثمان مني بمنزلة الفؤاد)).(2)
فلا غرابة أن يشبه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر رضي الله عنه بنبيين من أولي العزم، وهما : إبراهيم وعيسى عليهما السلام(3).
__________
(1) - تفسير العسكري 465 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 19/80 ، مدينة المعاجز ، 1/457 ، إثبات الهداة ، 3/596
(2) - عيون الأخبار 1/280 ، البرهان 2/420 ، نور الثقلين ، 3/164 ، معاني الأخبار 387 ، موسوعة الإمام الجواد 2/672 ، موسوعة كلمات الحسين ، 672 ، 1076
(3) - أمالي الطوسي 274 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 19/272(1/100)
وعن سلمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول : ((ما سبقكم أبو بكر بصوم ولا صلاة ولكن بشئ وقر قي نفسه)).(1)
كيف لا يقولها في صاحب الموقف العظيم يوم حروب الردة، حيث قال : ((لا أحل عقدة عقدها رسول الله، ولا أنقصكم شيئاً مما أخذ منكم نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولأجاهدنكم، ولو منعتموني عقالاً مما أخذ منكم نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم لجاهدتكم عليه)).(2)
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ((أنا لنرى أبا بكر أحق الناس بها – أي الخلافة-، إنه لصاحب الغار، وثاني اثنين، وإنا لنعرف له سنه، ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة وهو حي)).(3)
وعنه رضي الله عنه قال : ((كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على جبل حراء، إذ تحرك الجبل. فقال له : قر، فليس عليك إلا نبي وصديق شهيد)).(4)
__________
(1) - طرائف المقال ، للبروجردي ، 2/559 ، مجالس المؤمنين ، للشوشتري ص89
(2) - أمالي الطوسي 268 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/11 ، وانظر أيضاً ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/436
(3) السقيفة وفدك ، للجوهري ، 47 ، شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ، 2 /50 ، 6 / 48 ، 6/84 ، الغدير ، للأميني ، 5 /356 ، 8 /37 ، غاية المرام ، لهاشم البحراني ، 5 /340 ، الانتصارن للعاملي ، 1 /47
(4) - كتاب سليم بن قيس ، تحقيق محمد باقر الأنصاري 190ه ، الإحتجاج ، للطبرسي ، 1/326 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/40 ، 17/288 ، موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 221 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 3/445 ، 4/317 ، حياة أمير المؤمنين (ع) عن لسانه لمحمد محمديان ، 3/282(1/101)
وعن إبن عباس رضي الله عنهما قال : ((رحم الله أبا بكر، كان والله للقرآن تاليا، وعن المنكر ناهيا، وبذنبه عارفا، ومن الله خائفا، وعن الشبهات زاجرا، وبالمعروف آمرا وبالليل قائما وبالنهار صائما، فاق أصحابه ورعا وكفافا، وسادهم زهدا وعفافا، فغضب الله على من أبغضه وطعن عليه)).(1)
وقد تزوج علي من أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين بعد وفاته وربى ابنه محمد وكان يقول : ((هو إبني من ظهر أبي بكر))(2)
وكان أبو بكر قد بعثها لرعاية فاطمة رضي الله عنها في مرضها، ثم غسلها وتكفينها بعد وفاتها رضي الله عنها.
وفي هذا رد على من زعم أنها مرضت وتوفيت ودفنت ليلا دون علمه رضي الله عنهما لخلاف مزعوم بينهما. كيف وهو القائل رضي الله عنه مخاطباً علي وفاطمة رضي الله عنهما : ((والله ما تركت الدار والمال، والأهل والعشيرة، إلا ابتغاء مرضاة الله ومرضاة رسوله ومرضاتكم أهل البيت)). وقال ((والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحبُ إليّ من أن أصل من قرابتي. وقال : ارقبوا محمدا في أهل بيته)).
ولشدة حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له وتدليلاً على عظمة الموالاة بينهما صاهره وتزوج ابنته عائشة رضي الله عنها ولها من العمر ست أو سبع سنوات على خلاف في كتب التواريخ.(3)
الصديقة المبرأة من فوق سبع سموات كما في حادثة الإفك، الغائبة الحاضرة في قلبه صلى الله عليه وآله وسلم.
__________
(1) - مواقف الشيعة للميانجي ، 1/187
(2) - مجمع البحرين للطريحي ، 1/570
(3) - المناقب 1/173 ، إعلام الورى 86 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 19/23 22/191 ، 202 ، 235 ، المنتقى في مولود المصطفى ، حوادث السنة العاشرة.(1/102)
فعن علي رضي الله عنه قال : ((دخلت السوق، فابتعت لحماً بدرهم وذرة بدرهم، فأتيت بهما فاطمة، حتى إذا فرغت من الخبز والطبخ قالت : لو أتيت أبي فدعوته، فخرجت وهو مضطجع يقول : أعوذ بالله من الجوع ضجيعاً، فقلت : يا رسول الله، عندنا طعام، فاتكأ علي ومضينا نحو فاطمة، فلما دخلنا قال : هلمي من طعامنا، ثم قال : اغرفي لعائشة فغرفت)).(1)
وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه سمع رجل يسب عائشة فقال : ((اسكت مقبوحا منبوحا والله إنها لزوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة)).(2)
وكان أزواجه صلى الله عليه وآله وسلم يعلمن شدة حبه لها رضي الله عنهن، فكن يهبن لياليهن لها كما فعلت سودة بنت زمعة بعد نزول آية التخيير(3).
وآية التخيير هي قوله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً. وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً [الأحزاب : 28-29].
ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يطلق عائشة رضي الله عنها فدل ذلك على أنها معه في الدار الآخره. فتدبر.
__________
(1) - قرب الإسناد 137 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/232 18/30 ، شرح إحقاق الحق ، 25/355 ، 32/281
(2) - الغارات للثقفي ، 2/924
(3) - إعلام الورى 88 ، مجمع البيان 8/366 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/182 ، 205(1/103)
وعن الصادق رحمه الله قال : ((إنما خير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمكان عائشة، فاخترن الله ورسوله، ولم يكن لهن أن يخترن غير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)).(1)
وروى الصادق عن أبيه، عن علي بن الحسين رضي الله عنهم قال : ((حدثني أبي أن أبا ذر قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في مرضه الذي قبض فيه، إذ دعا بالسواك، فأرسل به إلى عائشة فقال : لتبلينه لي بريقك ففعلت، ثم أتي به فجعل يستاك به، ويقول بذلك : ريقي على ريقك)).(2)
فلا قرابة إذن أن سمَّى بعض الأئمة رحمهم الله بناتهم بعائشة، كالكاظم(3)، والرضا(4)، والهادي(5). رحمهم الله. فتأمل هذا أيضاً!
الثناء المتبادل بين آل الصديق وآل علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين
وقد كانت الصديقة رضي الله عنها تحفظ قدر الأمير رضي الله عنه وتذكر فضائله ولا تكتمها رغم كل ما حصل وقيل، وهذه الروايات التي أوردها القوم من طرقهم ترد عليهم :
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 4/123 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/213 ، الحدائق الناضرة ، 25/223 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 32/70 ، وسائل الشيعة ، 22/92 ، جامع أحاديث الشيعة ، 22/91
(2) - مستدرك الوسائل ، 16/434 ، الجعفريات ، 212
(3) - الإرشاد 323 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 48/287 ، 303 ، 320 ، إعلام الورى 301 ، الأنوار النعمانية ، 1/380 ، الفوائد الرجالية ، 1/424 ، الفصول المهمة ، لإبن الصباغ ، 2/961 ، شرح إحقاق الحق ، 33/832
(4) - كشف الغمة 3/113 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 49/222 ، الإمامة وأهل البيت ، لمحمد مهران ، 3/165 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 28/683 ، مسند الإمام الرضا ، للعطاردي ، 1/140 ، موسوعة الإمام الجواد ، 1/52
(5) - إعلام الورى 349 ، الإرشاد 314 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 50/231 ، أعيان الشيعة ، 2/36 ، إحقاق الحق ، للتستري ، 19/623 ، دلائل الإمامة ، للطبري ، 410(1/104)
فعن عائشة رضي الله عنها قالت : ((ما رأيت رجلاً كان أحب إلى رسول الله منه، وما رأيت امرأة كانت أحب إلى رسول الله من امرأته)).(1)
وعنها رضي الله عنها قالت : ((كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأقبل علي بن أبي طالب، فقال : هذا سيد العرب)).(2)
وعنها رضي الله عنها قالت : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ذكر علي عبادة)).(3)
وعنها رضي الله عنها قالت : ((زينوا مجالسكم بذكر علي)).(4)
__________
(1) - أمالي الطوسي 254 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 37/40 ، أعيان الشيعة ، 1/354 ، إعلام الورى ، 1/295 ، المرأة مع النبي لبنت الهدى ، 51 ، شرح إحقاق الحق ، 15/542 ، 20/488 ، نفحات الأزهار ، 14/381
(2) - معاني الأخبار 103 ، أمالي الصدوق 42 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 38/93 ، 150 ، روضة الواعظين ، 101 ، مناقب الإمام أمير المؤمنين للكوفي ، 2/512 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) للريشهري ، 8/95 ، النجاة في القيامة ، لميثم البحراني ، 151 ، قواعد المرام ، لمثم البحراني ، 186 ، كشف المراد للحلي ، 536 ، غاية المرام للبحراني ، 5/16 ، شرح إحقاق الحق ، 4/39 ، 4/41 ، 15/32 ، 40 ، 20/401 ، 23/558 ، 31/162 ، نفحات الأزهار ، 5/102 ، 14/357 ، 19/63 ، منار الهدى ، للبحراني ، 384
(3) - العمدة 191 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 38/199 ، 200 المناقب ، 3/6 ، وصول الأخيار ، العاملي 85 ، مناقب أهل البيت للشيرواني ، 182 ، مقام الإمام علي لنجم الدين العسكري ، 6 ، كشف اليقين للحلي ، 449 ، غاية المرام للبحراني ، 6/193 ، شرح إحقاق الحق ، 7/111 ، 15/ 259 ، 17/137 ، 21/656 ، 31/44
(4) - العمدة 192 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 38/201 ، مستدرك سفينة البحار ، 2/78 ، كشف اليقين ، 450 ، غاية المرام ، 6/192(1/105)
وعنها رضي الله عنها قالت -وقد ذكر عندها علي بن أبي طالب- : ((كان من أكرم رجالنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)).(1).
وسئلت رضي الله عنها عنه، فقالت : ((ذاك خير البشر، ولا يشك فيه إلا كافر)).(2)، وفي رواية : ((ذاك من خير البرية ولا يشك فيه إلا كافر)).(3)
وعن جميع بن عمير قال : ((قالت عمتي لعائشة وأنا أسمع له : أنت مسيرك إلى علي ما كان؟ قالت : دعينا منك، إنه ما كان من الرجال أحب إلى رسول الله من علي، ولا من النساء أحب إليه من فاطمة)).(4)
وكانت تتذكر هذا المسير، فتقول رضي الله عنها : ((والله لو كان لي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشرون كلهم ذكر مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فثكلتهم بموت أو قتل كان أيسر علي من خروجي على علي رضي الله عنه)).(5)
وقالت لأخيها محمد بن أبي بكر رضي الله عنه : ((الزم علي بن أبي طالب، فإني سمعت رسول الله يقول : الحق مع علي، وعلي مع الحق لا يفترقان حتى يردا على الحوض)).(6)
__________
(1) - كشف الغمة 1/376 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/51 ، كتاب الأربعين للشيرازي ، 60
(2) - أمالي الصدوق 71 ، إيضاح دفائن النواصب 43 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26/306 ، 38/5 ، 7 ، مذهب أهل البيت 18 ، إثبات الهداة ، 2/52 ، المناقب 4/67 ، كشف الغمة ، 1/158 ، غاية المرام ، 5/9
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 38/13 ، شرح الأخبار للمغربي ، 1/432 ،
(4) - أمالي الطوسي 341 ، الطرائف 30 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 32/268 35/222 ، 40/120 ، 43/23 ، 38 ، مستدركات علم رجال الحديث للشاهرودي ، 2/236
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 44/34 ، علل الشرايع ، 1/222 ، الخصائص الفاطمية للكجروي ، 2/578 (الحاشية)
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 38/28 ، وانظر أيضاً ص ، 33 ، 38 ، 39 ، شرح الأخبار ، 2/524 ، المناقب ، 2/260(1/106)
ولما بلغها قتله رضي الله عنه للخوارج قالت رضي الله عنها : ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : يقتلهم خير أمتي بعدي. وفي رواية : هم شر الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة وأعظمهم عند الله تعالى يوم القيامة وسيلة. وفي أخرى : اللهم إنهم شرار أمتي يقتلهم خيار أمتي، وما كان بيني وبينه إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها)).(1)
وقالت رضي الله عنها وقد سئلت : ((من كان أحب الناس إلى رسول الله؟ قالت : فاطمة، فقلت : إنما سألتك عن الرجال؟ قالت : زوجها، والله إنه كان صواماً قواماً، ولقد سالت نفس رسول الله في يده فردها إلى فيه)).(2)
روايات عائشة في فضائل فاطمة رضي الله عنهما
وعلى ذكر فاطمة رضي الله عنها، ففضائلها التي روتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أكثر من أن تحصى، ولا بأس من ذكر بعضها :
__________
(1) - انظر هذه الروايات في ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33/332 ، 333 ، 340 ، كشف الغمة 1/158 ، تنزيه الأنبياء للمرتضى ، 202 ، مناقب الإمام ، للكوفي ، 2/361 ، 534 ، شرح الأخبار ، 1/142 ، 2/60 ، المناقب ، 2/268 ، العقد النضيد للقمي ، 131 ، المحتضر ، 171 ، مستدرك سفينة البحار ، 7/520 ، جواهر التاريخ ، 1/376 ، شرح إحقاق الحق ، 15/266 ، شبهات وردود ، للبدري ، 3/82 ،
(2) - الطرائف 38 ، كشف الغمة 1/244 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 32/272 ، 38/313 ، 40/152 ، 43/53 ، كشف الغطاء ، لكاشف الغطاء ، 1/19(1/107)
منها، أنها قالت : ((قلت : يا رسول الله مالك إذا جاءت فاطمة قبّلتَها حتّى تجعل لسانك في فيها كله ،كأنّك تريد أن تلعقها عسلاً ؟! قال : نعم يا عائشة ، إنّي لمّا اُسري بي إلى السماء أدخلني جبرئيل الجنة ، فناولني منها تفّاحةً ، فأكلتها ، فصارت نطفةً في صلبي ، فلمّا نزلت واقعت خديجة ، ففاطمة من تلك النطفة ، وهي حوراء إنسيّة ، كلّما اشتقت إلى الجنة قبّلُها)).(1)
وعنها رضي الله عنها قالت : ((كان رسول الله صلى الله عليه و آله يكثر تقبيل فاطمة عليها السلام فأنكرت ذلك عائشة ، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم : يا عائشة ... فما قبّلتها قطّ إلاّ وجدت رائحة شجرة طوبى منها)).(2)
وعنها رضي الله عنها قالت : ((و كانت - أي فاطمة رضي الله عنها -لا تحيض قط لأنّها خلقت من تفاحة الجنّة)).(3)
__________
(1) - شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 10 /6 ، المنتخب من الصحاح الستة ، لمحمد الأنصاري 43(ه(
(2) - مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 3 /114 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 8 /120 ، 142 ، 18 / 293(ه) ، 315 ، 364 ، 43 / 6 ، 42 ، مكاتيب الرسول ، للميانجي ، 1 /568 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 9 /45 ، تفسير العياشي ، 2 /212 ، تفسير القمي ، 1 /22 ، 365 ، تفسير مجمع البيان ، للطبرسي ، 6 /37 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 2 /502 ، 3 /131 ، تفسير الميزان ، للطباطبائي ، 13 /24 ، الدر النظيم ، لإبن حاتم العاملي 106 ، تأويل الآيات ، لشرف الدين الحسيني ، 1 /236 ، الخصائص الفاطمية ، للكجوري ، 1 /341 ، الشيعة في أحاديث الفريقين ، للأبطحي 407 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 33 /260
(3) - شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 10 /244(1/108)
وعنها رضي الله عنها : ((قال لي رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم : يا حميراء إن فاطمة ليست كنساء الآدمييّن ، و لا تعتلّ كما يعتللن)).(1)
وعنها رضي الله عنها قالت : ((أقبلت فاطمة رضي الله عنها تمشي ، لا والله الّذي لا إله إلاّ هو ، ما مشيتها تخرم مشية رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم فلمّا رها قال : مرحباً بابنتي مرّتين أو ثلاث)).(2)
__________
(1) - مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 3 /110 ، الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ، لابن طاووس 111 ، بحار الأنوارن للمجلسي ، 37 / 65 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الرحماني الهمداني 230 ، اللمعة البيضاءن للتبريزي الأنصاري 201 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 10 /7 ، البيان في عقائد أهل الإيمان ، للشريعتي الأصفهاني 45 ، طهارة آل محمد (ع) - السيد علي عاشور 48 ، 204
(2) - الأمالي ، للصدوق 692 ، روضة الواعظين ، للنيسابوري 150 ، مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) ، لمحمد بن سليمان الكوفي ، 2 /208(ه) ، الأمالي ، للطوسي 334 ، مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 3 /136 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، ؟ للمجلسي ، 37 /67 ، 43 /23(1/109)
وعنها رضي الله عنها قالت : ((ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاً و هدياً برسول الله صلى الله عليه و آله وسلم في قيامها و قعودها من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم)).(1)
وعنها رضي الله عنها قالت : ((ما رأيت قطّ أحداً أفضل من فاطمة عليها السلام غير أبيها)).(2)
__________
(1) - مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) ، للكوفي ، 2 /208(ه( ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 37 /71 ، مناقب أهل البيت (ع) ، لحيدر الشيرواني 233 ، الغدير ، للأميني ، 3 /18 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 8 /250 ، معجم الرجال والحديث ، للأنصاري ، 1 /144 ، 262 ، 2 /152 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 2 /80 ، الخصائص الفاطمية ، للكجوري ، 1 /494 ، اللمعة البيضاء ، للتبريزي ، 45 ، مجموعة الرسائل ، للطف الله الصافي ، 2 /432 ، مودة أهل البيت (ع) ، مركز الرسالة 68 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 10 /250
(2) - السيدة فاطمة الزهراء (ع) ، لمحمد بيومي 156 ، الأرائج المسكية في تفضيل البضعة الزكية ، لحسن آل المجدد الشيرازي 20 ، مجلة تراثنان مؤسسة آل البيت ، 45 /218(1/110)
وعنها رضي الله عنها قالت : ((ما رأيت أحداً كان أشبهَ كلاماً و حديثاً برسول الله صلى الله عليه و آله وسلم من فاطمة رضي الله عنها)).(1)
وعنها رضي الله عنها قالت : ((ما رايت أحدا من الناس كان أشبه بالنبي صلى الله عليه و آله وسلم كلاما ولا حديثا ولا جلسة من فاطمة)).(2)
__________
(1) - منهاج الصالحين ، لوحيد الخراساني ، 1 /306 ، مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) ، للكوفي ، 2 /185(ه( ، مكاتيب الرسول ، للأحمدي الميانجي ، 3 /671(ه) ، قاموس الرجال ، للتستري ، 12 /330 ، معجم الرجال والحديثن لمحمد حياة الأنصاري ، 1 /262 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 1 /307 ، رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ ، للطيف القزويني 93 ، بشارة المصطفى ، لمحمد بن علي الطبري الشيعي ، 389 ، مجموعة الرسائل ، للطف الله الصافي ، 2 /432 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 10 /251 ، مقدمة في أصول الدينن لوحيد الخراساني 310 ، إمام علي الرضا ورسالته في الطب النبوي ، لمحمد علي البار 35
(2) - معجم الرجال والحديث ، للأنصاري ، 1 /224 ، السيدة فاطمة الزهراء (ع) ، لمحمد بيومي 157 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 19 / 16 ، العترة والصحابة في السنة ، لمحمد حياة الأنصاري ، 1 / 125 ، المسانيد ، لمحمد حياة الأنصاري ، 2 / 129(1/111)
وعنها رضي الله عنها انها دخلت على رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم و هو يقبّل فاطمة ، فقالت له : ((أتحبّها يا رسول الله ؟ قال : أما والله لو علمت حبّي لها لازددت لها حبّاً ، إنّه لما عُرِج بي إلى السماء الرابعة أذّن جبرئيل وأقام ميكائيل ، ثم قيل لي : ادن يا محمّد . فقلت : أتقدّم وأنت بحضرتي ياجبرئيل ؟ قال : نعم ، إنّ الله عزّوجلّ فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين ، و فضّلك أنت خاصّة . فدنوت فصلّيت بأهل السّماء الرّابعة ، ثمّ التفتّ عن يميني فإذا أنا بابراهيم عليه السلام في روضة من رياض الجنّة و قد اكتنفها جماعةٌ من الملائكة ، ثمّ إنّي صرت إلى السّماء الخامسة ، ومنها إلى السّادسة فنوديت : يا محمّد نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك عليّ . فلمّا صرت إلى الحجب ، أخذ جبرئيل عليه السلام بيدي فأدخلني الجنّة فإذا أنا بشجرة من نور في أصلها ملكان يطويان الحليَّ و الحلل . فقلت : حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة ؟ فقال : هذه لأخيك عليّ بن أبي طالب عليه السلام وهذان الملكان يطويان له الحليّ والحلل إلى يوم القيامة . ثمّ تقدّمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزَبد وأطيب رائحةً من المسك وأحلى من العسل ، فأخذت رطبةً فأكلتها ، فتحوّلت الرطبة نطفةً في صلبي ، فلمّا أن هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، ففاطمة حوراءٌ إنسيّةٌ ، فإذا اشتقت إلى الجنّة شممت رائحةَ فاطمة عليها السلام)).(1)
__________
(1) - علل الشرائع ، للصدوق ، 1 /184 ، المحتضر ، للحلي 239 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 18 /350 ، 43 /5 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 3 /119 ، الخصائص الفاطمية ، للكجوري ، 1 /341 ، اللمعة البيضاء ، للتبريزي الأنصاري 113 ، حوار مع فضل الله حول الزهراء (س) ، لهاشم الهاشمي 105(1/112)
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري ، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم : ((لما جاء رسولَ الله الأجلُ ، فهبط ملك الموت ، فوقف شبه أعرابي ثمّ قال : السلامُ عليكم يا أهلَ بيت النّبوة ، و معدنَ الرسالة ، و مختلفَ الملائكة ، أدخلُ ؟ فقالت عائشة رضي الله عنها لفاطمة رضي الله عنها : أجيبي الرجلَ)).(1)
وعنها رضي الله عنها قالت : ((أنّه قال علي رضي الله عنه للنّبي صلى الله عليه و آله لما جلس بينه و بين فاطمة رضي الله عنها وهما مضطجعان : أيّنا أحبُّ إليك أنا ، أو هي ؟ فقال صلى الله عليه و آله وسلم : هي أحبُّ إليَّ ، و أنت أعزُّ عليَّ منها)).(2)
__________
(1) - موسوعة شهادة المعصومين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 1 / 85 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 9 /401
(2) - مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) ، للكوفي - ج 2 /187 ، الفضائل ، لشاذان بن جبرئيل القمي 80 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 43 /38 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 8 /146 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 1 /307 ، الخصائص الفاطمية ، للكجوري ، 1 /492 ، اللمعة البيضاء ، للتبريزي الأنصاري 53 ، مجمع النورين ، للمرندي 45 ، 192 ، موسوعة شهادة المعصومين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 1 /153 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 3 /455(ش) ، 7 /13(1/113)
وعنها رضي الله عنها قالت في جواب من سألها عن علي رضي الله عنه : ((تسألني عن رجل و الله ما أعلم رجلاً كان أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم من عليّ ، ولا في الأرض امرأة أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم من فاطمة)).(1)
وعنها رضي الله عنها قالت : ((أنّ فاطمة رضي الله عنها كانت إذا دخلت على رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم قام لها من مجلسه ، و قبَّلَ رأسها ، و أجلسها مجلسه ، وإذا جاء إليها لقيته ، وقبَّل كلّ واحد منهما صاحبه ، و جلسا معاً)).(2)
وعنها رضي الله عنها أنّها قالت : ((و كانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وآله أخذ بيدها فقبَّلها ، و رحّب بها ، و أجلسها في مجلسه ، و كان إذا دخل عليها قامت إليه ، ورحّبت به ، و أخذت بيده فقبّلتها)).(3)
وعنها رضي الله عنها : ((كان النّبي صلى الله عليه و آله وسلم إذا قَدِم من سَفَر قبَّلَ نحرَ فاطمة عليها السلام ، فقال : منها أشمُّ رائحةَ الجنّة)).
__________
(1) - مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) ، للكوفي ، 2 /132 ، مقام الإمام علي (ع) ، لنجم الدين العسكري 66 ، معجم الرجال والحديث ، للأنصاري ، 1 174 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 1 /354 ، السيدة فاطمة الزهراء (ع) ، لمحمد بيومي 24 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ ، لمحمد الريشهري ، 11 /233 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 2 /517(ش) ، 8 /669 ، إمام علي الرضا ورسالته في الطب النبوي ، لمحمد علي البار 19
(2) - مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 3 / 113 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 43/ 40 ، إعلام الورى ، للطبرسي ، 1 / 296
(3) - كشف الغمة ، للإربلي ، 2 /80 ، موسوعة شهادة المعصومين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 1 /143 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 19 /16 ، 33 /259 ، 301 ، 389(1/114)
وعنها رضي الله عنها : ((قال رسولُ الله صلى الله عليه و آله وسلم : إذا اشتقتُ إلى الجنّة قَبَّلتُ نحرَ فاطمة)).(1)
وعنها رضي الله عنها : ((كان النّبي صلى الله عليه و آله وسلم إذا قَدم من مغازيه قبَّل فاطمة رضي الله عنها)).(2)
وعنها رضي الله عنها : ((كان النّبي صلى الله عليه و آله وسلم كثيراً ما يقبّل عَرف فاطمة رضي الله عنها)).(3)
وعن معاذ رضي الله عنه قال : يا عائشة كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ، عند شدّة وجعه ؟ قالت رضي الله عنها : ((أمّا رسول الله فلم أقدر الثبات عنده ، و لكن دونك هذه ابنته فاطمة ، فاسألهْا فإنّهالم تزل إلى جانبه)).(4)
وعنها رضي الله عنها : ((ما رأيت أحداً قطّ أصدق من فاطمة غير أبيها ، قال : ـ أي الراوي ـ وكان بينهما شيء فقالت : يارسول الله سلها فإنّها لا تكذب)).(5)
وعنها رضي الله عنها قالت : ((كنّا نخيط ، ونغزل ، وننظم الأبرة باللّيل في ضوء وجه فاطمة رضي الله عنها)).(6)
__________
(1) - شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 10 /185 ، 25 /6 ، 148
(2) - مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 3 /113 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 37 / 70 ، 43 / 40
(3) - شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 10 /186 ، 25 / 146
(4) - شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 10 /437
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 43 /84 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 1 /308 ، مجمع النورين ، لأبو الحسن المرندي 65 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 10 /259 ، 19 /108 ، 30 /553(ه) ، 33 /390 ، طهارة آل محمد (ع) ، لعلي عاشور 213
(6) - شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 10 / 244(1/115)
وعنها رضي الله عنها أنها قالت لفاطمة رضي الله عنها : ((ألا اُبشّرك ؟ إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم يقول : سيّدات نساء أهل الجنّة أربع : مريم بنت عمران ، و فاطمة بنت محمد ، و خديجة بنت خويلد ، و آسية بنت مزاحم إمراة فرعون)).(1)
وعنها رضي الله عنها عن النّبي صلى الله عليه و آله وسلم ، أنّه قال : ((يا فاطمة أبشري فإنّ الله اصطفاك على نساء العالمين و على نساء الإسلام و هو خيرُ دين)).(2)
وعنها رضي الله عنها أن النّبي صلى الله عليه و آله وسلم قال وهو في مرضه الّذي توفّي فيه : ((يا فاطمة ألا ترضينَ أن تكوني سيّدةَ نساء العالمين ، وسيّدةَ نساء هذه الاُمّة ، و سيّدة نساء المؤمنين)9.(3)
__________
(1) - كتاب الأربعين ، للماحوزي 315 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 6 /312 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 2 /77 ، الفصول المهمة في معرفة الأئمة ، لابن الصباغ ، 1 /661 ، اللمعة البيضاء ، للتبريزي الأنصاري 178 ، السيدة فاطمة الزهراء (ع) ، لمحمد بيومي 156 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 10 /67 ، 25 /70 ، مجلة تراثنا ، مؤسسة آل البيت ، 45 /222
(2) - فاطمة والمفضلات من النساء ، لعبد اللطيف البغدادي 146 ، حوار مع فضل الله حول الزهراء (س) ، لهاشم الهاشمي 69
(3) - منهاج الصالحين ، لوحيد الخراساني ، 1 /307 ، مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) ، لمحمد بن سليمان الكوفي ، 2 /197(ه) ، كتاب الأربعين ، للماحوزي 354 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 10 /30 ، 19 /21 ، الإمام علي (ع) ، لجواد جعفر الخليلي 234 ، حوار مع فضل الله حول الزهراء (س) ، لهاشم الهاشمي 67 ، مقدمة في أصول الدين ، لوحيد الخراساني 310 ، موجز مناقب الرسول وأهل بيته (ع) ، لعبد الله الديلمي 15(1/116)
وعنها وعن امّ سلمة رضي الله عنهما ، قالتا : ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم أن نجهّز فاطمة حتّى ندخلها على علي ، فعمدنا إلى البيت ، ففرشناه ترابا ليّنا من أعراض البطحاء ، ثمّ حشونا مرفقتين ليفا فنفشناه بأيدينا ، ثمّ أطعمنا تمرا و زبيبا ، و سقينا ماء عذبا ، وعمدنا إلى عود ، فعرضناه في جانب البيت ليلقى عليه الثّوب ، و يعلَّق عليه السّقاء ، فما رأينا عرسا أحسنَمن عرس فاطمة)).(1)
وعنها رضي الله عنها قالت : ((كنت عند رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم فذكرت عليّاً ، فقال : يا عائشة لم يكن قطّ في الدّنيا أحد أحب إلى الله منه و أحب إلي منه و من زوجته فاطمة ابنتي ، ومن ولديه الحسن و الحسين عليهما السلام . يا عائشة تعلمين أيّ شيء رأيت لأبنتي فاطمة و لبعلها ؟ قالت : لا ، فاخبرْني يا رسول الله ؟ قال : يا عائشة إنّ ابنتي سيّدة نساء العالمين ، و إنّ بعلها لا يُقاس بأحد من النّاس ، و إنّ ولديه الحسن والحسين هما ريحانتاي في الدّنيا و الآخرة. يا عائشة أنا و فاطمة و الحسن و الحسين و أْبن عميّ عليٌّ في غرفة من درّة بيضاء ، أساسها من رحمة الله تعالى ، و أطرافها من عفو الله تعالى و رضوانه ، و هي تحت عرش الله تعالى ، و بين علي و بين نور الله بابٌ ينظر إلى الله وينظر الله إليه ، وذلك وقت يلجم الله النّاس بالعرق ، على رأسه تاجٌ قد أضاء نوره ما بين المشرق و المغرب ، وهو يرفل في حلّتين حمراوين . يا عائشة خلقت ذريّة محبّينا من طينة تحت العرش ، وخلٍقت ذريّة مبغضينا من طينة الخَبال وهي في جهنّم)).(2)
__________
(1) - شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 25 /447 ، نظرة عابرة إلى الصحاح الستة ، لعبد الصمد شاكر 181
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 37/ 49(1/117)
وعنها رضي الله عنها : ((قال النّبي صلى الله عليه و آله وسلم : ينادي منادٍ يوم القيامة : غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ فاطم بنت محمّد النّبي صلى الله عليه و آله وسلم)).(1)
وعنها رضي الله عنها قالت : ((قال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم : إذا كان يومُ القيامة نادى مناد : يا معاشر الخلائق طأطئوا رؤوسكم حتّى تجوز فاطمة بنت محمّد صلّى الله عليه و آله وسلم)).(2)
والحق أن الروايات التي ذكرها القوم من طرقهم عن الصديقة عائشة في بيان فضائلهما رضي الله عنهم أجمعين كثيرة، وإنما أوردناها لنتساءل عن العلة والسر في ذكر القوم للروايات الموضوعة في العداء الموهوم بينهما رضي الله عنهما، والتكتم عن ذكر الروايات السابقة وكلها من طرق القوم.
روايات الصديق في فضائل أهل البيت رضي الله عنهم
وعلى أي حال، نعود إلى ما كنا فيه من ذكر الصديق رضي الله عنه، ونورد هنا ما أورده القوم من طرقهم في بيان ذكر الصديق رضي الله عنه لفضائل علي رضي الله عنه، والحال هنا كالحال فيما مر من شأن ابنته رضي الله عنها.
عن أبي بكر رضي الله عنه قال : ((سمعت رسول الله صلى اله عليه وآله وسلم يقول : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)).(3)
__________
(1) - الإكمال في أسماء الرجال ، للتبريزي 39 ، معجم الرجال والحديث ، لمحمد حياة الأنصاري ، 2 /46 ، قرة العينين من أحاديث الفريقين ، لمحمد حياة الأنصاري 34
(2) - الإكمال في أسماء الرجال ، للخطيب التبريزي 39 ، معجم الرجال والحديث ، لمحمد حياة الأنصاري ، 2 /46 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 19 /72 ، ألف سؤال وإشكال ، لعلي الكوراني ، /236
(3) - كشف الغمة ، 2/173 ، المسانيد، لمحمد حياة الأنصاري، 2 / 368 ، 397 ، إحقاق الحق، للتستري، 26 / 96(1/118)
فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ((رأيت أبا بكر يكثر النظر إلى وجه علي، فقلت له : يا أبه، أراك تكثر النظر إلى وجه علي؟ فقال : يا بنية، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : النظر إلى وجه علي عبادة)).(1)
وعن الشعبي قال : ((مر علي بن أبي طالب على أبي بكر ومعه أصحابه رضي الله عنهم، فسلم عليهم ومضى، فقال أبو بكر رضي الله عنه : من سرَّه أن ينظر إلى أول الناس في الإسلام سبقاً، وأقرب الناس برسول الله قرابة، فلينظر إلى علي بن أبي طالب)).(2)
وعن أبي بكر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك لما سمع صوت خرج من النخلة. قال صلى الله عليه وآله وسلم : ((أتدرون ما قالت النخلة ؟ قال أبو بكر : قلنا : الله ورسوله أعلم. قال صلى الله عليه وآله وسلم : صاحت : هذا محمد رسول الله، ووصيه علي بن أبي طالب)).(3)
__________
(1) - العمدة ، 192 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26/229 38/201 ، وانظر أيضاً ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 38/198 ، المناقب ، لإبن شهر آشوب ، 2/5 ، كشف اليقين للحلي ، 450 ، غاية المرام ، 6/192 ، شرح إحقاق الحق ، 7/101 ، 17/149 ، 31/117 ، الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء ، لمهدي فقيه إيماني ، 41
(2) - الفصول المختارة 207 ، 214 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 38/272 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ للريشهري ، 8/302 ، الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 52
(3) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 39 ، مائة منقبة ، لمحمد القمي ، 140 ، مدينة المعاجر للبحراني ، 1/400 ، غاية المرام ، للبحراني ، 2/182 ، شرح إحقاق الحق ، 15/160(1/119)
وقال أبو بكر رضي الله عنه لعلي رضي الله عنه وكانا قد وقفا عند باب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أيهما يطرق الباب : ((أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن عليا يجئ يوم القيامة ومعه أولاده وزوجته على مراكب من البدن فيقول أهل القيامة : أي نبي هذا ؟ فينادي مناد : هذا حبيب الله هذا علي ابن أبي طالب)).(1)
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ((لما جاء أبوبكر وعلي رضي الله عنهما لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته بستة أيام، قال علي لأبي بكر تقدم أي في الدخول إلى الحجرة التي فيها القبر الشريف. فقال أبو بكر : يا علي، ما كنت لأتقدم رجلا سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : علي مني كمنزلتي من ربي)).(2)
وقال رضي الله عنه : ((أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله : من أراد أن ينظر إلى آدم وعلمه وإلى يوسف وحسنه، وإلى موسى وصلاته، وإلى عيسى وزهده، وإلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم خلقه فلينظر إلى علي)).(3)
__________
(1) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 40 ، شرح إحقاق الحق للمرعشي ، 5/5 ، 15/ 439 ، 517 ، علي إمامنا ، لمحمد الرضوي ، 211
(2) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 40 ، مناقب أهل البيت ، للشيرواني ، 148 ، مقان الإمام علي ، للعسكري ، 9 ، الغدير ، للأميني ، 8/39 ، النص على أمير المؤمنين ، للسيد علي عاشور ، 59 ، شرح إحقاق الحق ، 17/194 ، 23/182 ، الإمامة في أهم الكتب الكلامية ، لعلي الميلاني ، 136
(3) - علي إمامنا وأبو بكر إمامكم ، للرضوي ، 212 ، الإمام علي بن أبي طالب ، لأحمد الهمداني ، 548 ، شرح إحقاق الحق ، 5/5(1/120)
وروى عنه أيضاً رضي الله عنه أنه قال : ((ما أنا بالذي يتقدم على رجل قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أعطيت خير النساء لخير الرجال)).(1)
وروى عنه أيضاً رضي الله عنه أنه قال : ((أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسلم : أن جبريل أتاني فقال لي يا محمد إن الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك : أنا أحبك وأحب عليا)).(2)
وروى عنه أيضاً رضي الله عنه أنه قال : ((أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله يوم حنين وخيبر وقد أهدي إليه تمر ولبن : هذه هدية من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب)).(3)
وروى عنه أيضاً رضي الله عنه أنه قال : ((أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسلم : بين قصري وقصر إبراهيم الخليل، قصر علي بن أبي طالب)).(4)
وروى عنه أيضاً رضي الله عنه أنه قال : ((أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يجيئ علي على مركب من مراكب الجنة، فينادى مناد : يا محمد كان لك في الدنيا والد حسن، وأخ حسن، أما الوالد الحسن فأبوك إبراهيم الخليل، وأما الأخ الحسن فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه)).(5)
__________
(1) - علي إمامنا وأبو بكر إمامكم ، للرضوي ، 212 ، النص على أمير المؤمنين ، لعلي عاشور ، 69
(2) - علي إمامنا وأبو بكر إمامكم ، للرضوي ، 212 ، 227 ، شرح إحقاق الحق ، 9/201
(3) - علي إمامنا وأبو بكر إمامكم ، للرضوي ، 212 ، 227 ، شرح إحقاق الحق ، 6/531
(4) - علي إمامنا وأبو بكر إمامكم ، للرضوي ، 212 ، 227 ، شرح إحقاق الحق ، 7/315 ،
(5) - علي إمامنا وأبو بكر إمامكم ، للرضوي ، 212 ، من أقطاب الكذابين أحمد بن تيمية الحراني ، لمحمد الرضوي ، 171 ، شرح إحقاق الحق ، 15/517(1/121)
وعن قيس بن أبي حازم قال : التقى أبو بكر وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، فتبسم أبو بكر في وجه علي رضي الله عنهما. فقال علي رضي الله عنه له : ((مالك تبسمت ؟ قال رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له علي الجواز)).(1)
__________
(1) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 40 ، مناقب أهل البيتن للشيرواني ، 187 ، مقام الإمام علي ، للعسكري ، 3 ، الغدير، للأميني ، 2/323 ، الإمام علي بن أبي طالب ، لأحمد الهمداني ، 474 ، موسوعة الإمام علي في الكتاب والسنة ، لريشهري ، 8/157 ، شرح إحقاق الحق ، 7/118 ، 17/161 ، العقائد الإسلامية ، مركز المصطفى ، 4/203 ، مجلة تراثنا ، 58/27 ، 59/38 ، معجم المحاسن والمساوئ ، لأبوطالب التبريزي ، 160 ، نفحات الأزهار ، للميلاني ، 20/385(1/122)
وعن الحبشي بن جنادة قال : كنت جالسا عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فقال : ((من كانت له عند رسول الله عدة، فليقم. فقام رجل فقال : إنه قد وعدني ثلاث حثيات من تمر. فقال أبو بكر رضي الله عنه : أرسلوا إلى علي رضي الله عنه، فجاء فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا أبا الحسن، إن هذا يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعده أن يحثي له ثلاث حثيات من تمر، فاحثها له، فحثاها. فقال أبو بكر رضي الله عنه : عدوها، فوجدوا في كل حثية ستين تمرة لا تزيد واحدة على الأخرى. فقال أبو بكر رضي الله عنه : صدق الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الهجرة ونحن خارجون من الغار نريد المدينة - : يا أبا بكر، كفي وكف علي في العدل سواء. وورد أيضاً في العدد بدلا عن في العدل)).(1)
__________
(1) - الأمالي للمفيد ، 293 ، الأمالي للطوسي ، 69 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/119 ، المراجعات لشرف الدين ، 248 ، مقام الإمام علي (ع) للعسكري ، 10 ، مستدرك سفينة البحار لعلي النمازي ، 9/137 ، مستدركات علم رجال الحديث لعلي النمازي ، 2/293 ، أعيان الشيعة، لمحسن الأمين ، 3/118 ، بشارة المصطفى للطبري الشيعي ، 341 ، الكنى والألقاب لعباس القمي ، 3/261 ، الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 43 ، النص على أمير المؤمنين (ع) لعلي عاشور ، 152 ، شرح إحقاق الحق للمرعشي ، 6/566 ، 17/69 ، 23/46 ، قرة العينين من أحاديث الفريقين لمحمد حياة الأنصاري ، 133 ، نفحات الأزهار للميلاني ، 5/261 ، 16/366(1/123)
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال : حدثني أبو بكر رضي الله عنه، قال : سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول : ((جئت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين يديه تمر، فسلمت عليه، فرد علي وناولني من التمر ملء كفه، فعددته ثلاثا وسبعين تمرة. ثم مضيت من عنده إلى عند علي بن أبي طالب عليه السلام وبين يديه تمر، فسلمت عليه، فرد علي وضحك إلى وناولني من التمر ملء كفه، فعددته فإذا هو ثلاث وسبعون تمرة، فكثر تعجبي من ذلك. فرجعت إلى النبي فقلت : يا رسول الله، جئتك وبين يديك تمر، فناولتني ملء كفك، فعددته ثلاثا وسبعين تمرة، ثم مضيت إلى عند علي بن أبي طالب وبين يديه تمر، فناولني ملء كفه، فعددته ثلاثا وسبعين، فتعجبت من ذلك. فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال : يا أبا هريرة، أما علمت أن يدي ويد علي في العدل سواء)).(1)
وعن أبي الأسود الدؤلي قال : سمعت أبا بكر رضي الله عنه يقول : ((أيها الناس، عليكم بعلي بن أبي طالب، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : علي خير من طلعت عليه الشمس وغربت بعدي)).(2)
__________
(1) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 43 ، مقام الإمام علي ، للعسكري ، 11 ، النص علي أمير المؤمنين لعلي عاشور ، 152 ، شرح إحقاق الحق ، 31/158
(2) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 39 ، المسترشد للطبري الشيعي ، 277 (الحاشية) ، شرح إحقاق الحق ، 4/250(1/124)
وعن أبي رافع، قال : كنت قاعدا بعد ما بايع الناس أبا بكر رضي الله عنه، فسمعت أبا بكر رضي الله عنه يقول للعباس رضي الله عنه : ((أنشدك الله هل أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جمع بني عبد المطلب وأولادهم وأنت فيهم وجمعكم دون قريش، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : يا بني عبد المطلب، إنه لم يبعث الله نبيا إلا جعل له من أهله أخا ووزيرا ووصيا وخليفة في أهله، فمن منكم - يقوم و - يبايعني على أن يكون أخي ووزيري ووصيي وخليفتي في أهلي ؟ فلم يقم منكم أحد. فقال صلى الله عليه وآله وسلم : يا بني عبد المطلب، كونوا في الإسلام رؤساء ولا تكونوا أذنابا، والله ليقومن قائمكم أو لتكونن في غيركم ثم لتندمن. فقام علي من بينكم، فبايعه على ما شرط له ودعا إليه، أتعلم هذا له من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قال العباس : نعم)).(1)
وعن أنس بن مالك قال : قال أبو بكر رضي الله عنه عند موته : ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إن على الصراط لعقبة لا يجوزها أحد إلا بجواز من علي بن أبي طالب)).(2)
__________
(1) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 44 ، فضائل أمير المؤمنين لإبن عقدة الكوفي ، 205 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 15/148
(2) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 41 ، الغدير، للأميني ، 5/318 ، الوضاعون وأحاديثهم ، للأميني ، 393 ، بناء المقالة الفاطمية ، لإبن طاووس ، 434 ، شرح إحقاق الحق للمرعشي ، 7/121 ، معجم المحاسن والمساوئ ، للتبريزي ، 163 ، نظريات الخليفتين ، 2/78(1/125)
وعن أبي بكر رضي الله عنه قال : ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيم خيمة وهو متكئ عل قوس عربية وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، فقال : يا معشر المسلمين، أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة، وحرب لمن حاربهم، لا يحبهم إلا سعيد الجد، طيب الولادة، ولا يبغضهم إلا شقي الجد، ردئ الولادة. فقال رجل لزيد - راوي الحديث - : يا زيد، أأنت سمعت هذا منه - أي من أبي بكر رضي الله عنه - ؟ قال زيد : أي ورب الكعبة)).(1)
وعن أبي بكر رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى : (0قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى. انه قال : ارقبوا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم في أهل بيته)).(2)
__________
(1) - شرح الأخبار للقاضي المغربي ، 3/515 ، الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 45 ، الأربعون حديثا ، لمنتجب الدين ، 19 ، النص والإجتهاد ، لشرف الدين ، 454 ، الغدير، للأميني ، 1/336 4/323 ، 10/490 ، المباهلة لعبدالله السبيتي ، 75 ، حياة الإمام الحسين لباقر القرشي ، 1/77 ، مودة أهل البيت ، مركز الرسالة ، 57 ، بناء المقالة الفاطمية ، 51 (الحاشية) ، شرح إحقاق الحق للمرعشي ، 9/165 ، 18/415 ، 26/259 ، 27/95 ، 33/78
(2) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 46 ، مناقب أهل البيت ، للشيرواني ، 173 ، منهاج الكرامة للحلي ، 122 (الحاشية) ، شرح إحقاق الحق للمرعشي ، 3/12 (الحاشية) ، 18/513 ، 536 ، 542 ، 31/459 ، 33/125 ، العقائد الإسلامية ، مركز المصطفي ، 1/292(1/126)
وعن عثمان بن عفان، عن عمر بن الخطاب، عن أبي بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهم، قال : ((سمعت رسول الله يقول : إن الله تبارك وتعالى خلق من نور وجه علي بن أبي طالب ملائكة يسبحون ويقدسون ويكتبون ثواب ذلك لمحبيه ومحبي ولده)).(1)
لا يفوتك أن تتدبر في سند الرواية هذه.
ومثلها عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال : ((سمعت أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إن الله تعالى خلق من نورٍ وجه علي بن أبي طالب سبعين ألف ألف ملك يسبحون ويقدسون ويكتبون ذلك لمحبيه ومحبي ولده)).(2)
وعن أبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((علي عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)).(3)
__________
(1) جامع الأخبار 208 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/125 ، مقام الإمام علي للعسكري ، 45 ، فضائل أمير المؤمنين للكوفي ، 32 ، غاية المرام ، 1/33 ، شرح إحقاق الحق ، 6/115 ، الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 39 ، 61
(2) - إيضاح دفائن النواصب 48 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/118 ، مقام الإمام علي للعسكري ، 45 ، فضائل أمير المؤمنين للكوفي ، 32 ، غاية المرام ، 1/33 ، شرح إحقاق الحق ، 6/115
(3) - شرح إحقاق الحق للتستري ، 15/561 ، 31/573 ، توضيح المسائل ، للخراساني ، 114 ، منهج الصالحين ، للخراساني ، 1/152 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1/46 ، 74 ، أمان الأمة من الإختلاف ، للطف الله تفسير الصافي ، 148 ، مجموعة الرسائل ، للطف الله تفسير الصافي ، 2/59 ، الإمام علي في آراء الخلفاء ، 50 ، نهج الحق ومشف الصدق ، للحلي ، 226 (الحاشية)(1/127)
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إن عن يمنى العرش كراسي من نور، عليها أقوام تلالا وجوههم نورا. فقال أبو بكر رضي الله عنه : أنا منهم يا نبي الله ؟ قال : أنت على خير. قال : فقال عمر : يا نبي الله أنا منهم ؟ فقال له مثل ذلك، ولكنهم [ كذا ] قوم تحابوا من أجلي، وهم هذا وشيعته. وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب)).(1)
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن اليهود جاؤا إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا : ((صف لنا صاحبك. فقال : يا معشر اليهود لقد كنت معه في الغار كأصبعي هاتين، ولقد صعدت معه جبل حرا وخنصري في خنصره، ولكن الحديث عنه شديد وهذا علي بن أبي طالب. فأتوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقالوا : يا أبا الحسن صف لنا ابن عمك. فوصفه لهم صلى الله عليه وآله وسلم)).(2)
وفي رواية : ((أن أبا بكر رضي الله عنه صلَّى العصر ثم خرج يمشي ومعه علي رضي الله عنه، فرأى الحسن رضي الله عنه يلعب بين الصبيان، فحمله أبو بكر رضي الله عنه على عاتقه، وقال : بأبي شبيه بالنبي ليس شبيهاً بعلي، وعلي رضي الله عنه يضحك).(3)
ولما قَتل علي رضي الله عنه عمرو بن ود، قام أبو بكر رضي الله عنه وقبل رأسه. وفي رواية : أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.(4)
__________
(1) - شرح إحقاق الحق للتستري ، 17/303 ، الشيعة في أحاديث الفريقين ، للأبطحي ، 12 ، 165
(2) - إحقاق الحق للتستري ، 17/458 ، الغدير، للأميني ، 10/8 ، نهج السعادة للمحمودي ، 1/74 ، 3/351 ، الإمام علي في آراء الخلفاء ، 53 ، حياة أمير المؤمنين ، لمحمد محمديان ، 3/89
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 43/287 ، 301 الغدير ، 7/109 ، الفصول المهمة ، 2/696 ، شرح إحقاق الحق ، 26/372
(4) - الإرشاد 55 ، مجمع البيان 8/343 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 20/206 ، 258 ، 39/4 ، 41/91 ، رسائل المرتضى ، 4/22 ، المناقب ، 2/324(1/128)
وعن أم جعفر : أن فاطمة رضي الله عنها قالت لأسماء بنت عميس رضي الله عنها : ((إني أستقبح ما يصنع بالنساء، يطرح على المرأة الثوب فيصفها قالت يا ابنة رسول الله، ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة ؟ فدعت بجرائد رطبة فحنتها، ثم طرحت عليها ثوبا. فقالت فاطمة : ما أحسن هذا وأجمله ! إذا مت فغسليني أنت وعلي ولا يدخلن أحد علي. فلما توفيت، جاءت عائشة رضي الله عنها لتدخل، فقالت أسماء رضي الله عنها : لا تدخلي. فشكت إلى أبي بكر رضي الله عنه. فجاء، فوقف على الباب، فكلم أسماء. فقالت : هي أمرتني. قال : فاصنعي ما أمرتك، ثم انصرف)).(1)
وكان أبو بكر رضى الله عنه كثيرا ما يعمل بما يشير به على رضى الله عنه عند بعث الجنود ولا يأذن له الخروج مع المجاهدين حرصا على بقائه معه للانتفاع برأيه ومشورته. كاستشارته عليا في غزوة الروم وبشارة علي عليه السلام إياه بالفتح. قال أبو بكر لعلي رضي الله عنهما : ((عند عزمه فتح الروم ماذا ترى يا أبا الحسن ؟ فقال : أرى أنك إن سرت إليهم بنفسك أو بعثت إليهم نصرت عليهم إن شاء الله فقال : بشرك الله بخير ومن أين علمت ذلك ؟ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : لا يزال هذا الدين ظاهرا على كل من ناواه حتى يقوم الدين والله ظاهرون فقال : سبحان الله ما أحسن هذا الحديث لقد سررتني به سرك الله)).(2)
__________
(1) - شرح إحقاق الحق للتستري ، 1/176 ، 10/471 ، 19/177 ، مناقب أهل البيت ، للشيرواني ، 234 ، أحاديث أم المؤمنين ، 25/552 ، عائشة للعسكري ، 1/81 ، أعيان الشيعة ، 1/322 ن 3/307 ، أحاديث أهل البيت لمهدي الرواحاني ، 1/425
(2) - إحقاق الحق للتستري ، 8/237(1/129)
ومنها رجوعه رضي الله عنه إلى رأى على رضي الله عنه في قتال أهل الردة. وقد شاوره في قتالهم بعد أن شاور الصحابة فاختلفوا عليه فقال له : (ما تقول يا أبا الحسن ؟ فقال : أقول لك إن ترك شيئا مما أخذه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منهم فأنت على خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : أما إن قلت ذلك لأقاتلنهم وان منعوني عقالا)).(1)
ودوره وكذا دور صاحبيه رضي الله عنهم في قصة زواجه من الزهراء رضي الله عنها لا يخفى، فقد ذكرت الروايات عنه أنه قال : ((أتاني أبو بكر وعمر فقالا : لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت له فاطمة. . الرواية)).(2)
__________
(1) - إحقاق الحق للتستري ، 8/237
(2) - أمالي الطوسي 38 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 43/93 ، المحتضر ، 240 ، جامع أحاديث الشيعة ، 20/151 ، بشارة المصطفى ، 401 ، الدر النظيم للعاملي ، 405 ، حياة أمير المؤمنين لمحمديان ، 1/98 ، موسوعة الإمام علي لريشهري ، 1/103 ، غاية المرام ، 5/17(1/130)
وروى القوم أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا ذات يومٍ جالسين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعهما سعد بن معاذ الأنصاري رضي الله عنه، فتذاكروا من فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال أبو بكر رضي الله عنه : قد خطبها الأشراف من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال : إن أمرها إلى ربها إن شاء أن يزوجها زوجها، وإن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يخطبها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يذكرها له، ولا أراه يمنعه من ذلك إلا قلة ذات اليد، وإنه ليقع في نفسي أن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم إنما يحبسانها عليه، قال : ثم أقبل أبو بكر على عمر بن الخطاب وعلى سعد بن معاذ رضي الله عنهم، فقال : هل لكما في القيام إلى علي بن أبي طالب حتى نذكر له هذا، فإن منعه قلة ذات اليد واسيناه وأسعفناه؟ فقال له سعد بن معاذ : وفقك الله يا أبا بكر، فما زلت موفقاً، قوموا بنا على بركة الله ويمنه، قال سلمان الفارسي رضي الله عنه : فخرجوا من المسجد والتمسوا علياً، فقال له أبو بكر رضي الله عنه : يا أبا الحسن، إنه لم يبق خصلة من خصال الخير إلا ولك فيها سابقة، وأنت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمكان الذي عرفت من القرابة والصحبة والسابقة، وقد خطب الأشراف من قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابنته فاطمة فردهم، وقال : إن أمرها إلى ربها، إن شاء أن يزوجها زوجها، فما يمنعك أن تذكرها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتخطبها منه، فإني أرجو أن يكون الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم إنما يحبسانها عليك، قال : فتغرغرت عينا علي رضي الله عنه بالدموع، وقال : يا أبا بكر، لقد هيجت مني ساكناً، وأيقظتني لأمر كنت عنه غافلاً، والله إن فاطمة لموضع رغبة، وما مثلي قعد عن مثلها غير أنه يمنعني من ذلك قلة ذات اليد، فقال أبو بكر : لا تقل هذا يا أبا(1/131)
الحسن، فإن الدنيا وما فيها عند الله تعالى ورسوله كهباء منثور. . . الرواية)).(1)
وقال رضي الله عنه ذاكراً لذلك : ((فخرجت من عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسرعاً وأنا لا أعقل فرحاً وسروراً، فاستقبلني أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فقالا : ما وراءك؟ فقلت : زوجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابنته فاطمة، وأخبرني أن الله عز وجل زوجنيها من السماء، وهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خارج في أثري ليظهر ذلك بحضرة الناس، ففرحا بذلك فرحاً شديداً، ورجعا إلى المسجد)).(2)
رغم أنهما رضي الله عنهما قد طلبا الزهراء رضي الله عنها من أبيها صلى الله عليه وآله وسلم مراراً.(3)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 43/125 ، كشف الغمة ، 1/363 ، مجمع النورين للمرندي ، 53 ، زواج أمير المؤمنين ، مركز المصطفى ، 342
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 43/129 ، كشف الغمة ، 1/368 ، مجمع النورين ، 56 ، زواج أمير المؤمنين ، 342
(3) - المناقب 3/345 ، إعلام الورى 47 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 19/112 ، 43/107 ، 108 ، 124 ، إحقاق الحق ، 19/124 ، 134 ، 146(1/132)
وكذلك كان موقف عثمان رضي الله عنه في شأن هذه الزيجة، فعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ((يا أبا الحسن انطلق الآن فبع درعك وائتني بثمنه حتى أهيئ لك ولابنتي فاطمة ما يصلحكما. قال علي : فانطلقت فبعته بأربعمائة درهم سود هجرية، من عثمان بن عفان فلما قبضت الدراهم منه وقبض الدرع مني قال : يا أبا الحسن ألست أولى بالدرع منك وأنت أولى بالدراهم مني، فقلت : بلى، قال : فإن الدرع هدية مني إليك فأخذت الدرع والدراهم، وأقبلت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فطرحت الدرع والدراهم بين يديه وأخبرته بما كان من أمر عثمان، فدعا له بخير. وقبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبضة من الدراهم، ودعا بأبي بكر رضي الله عنه فدفعها إليه، وقال : يا أبا بكر اشتر بهذه الدراهم لابنتي ما يصلح لها في بيتها)).(1)
وفضائل الصديق رضي الله عنه كثيرة، وحسبنا قول الأمير رضي الله عنه مراراً وتكراراً على منبر الكوفة : ((لا أوتى برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري)).(2)
__________
(1) - كشف الغمة للإربلي ، 1/368 ، مجمع النورين ، لأبو الحسن المرندي ، 57 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 43/130
(2) - الفصول المختارة 167 ، الصراط المستقيم 3/152 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/417 ، 49/192 ، 109/127 الاختصاص 128 ، شرح الأخبار للقاضي المغربي ، 2/251 ، الصوارم المهرقة للتستري ، 277 ، 323 ، عبدالله بن سبأ للعسكري ، 2/235 ، 360 ، مواقف الشيعة للميانجي ، 1/75 ، الذريعة للطهراني ، 13/67 ، تقوية الإيمان لإبن عقيل ، 64 ، شبهات وردود للبدري ، 3/141 ، مجلة تراثنا ، مؤسسة لآل البيت ، 50/46 ، 52/19 ، نفحات الأزهار للميلاني ، 20/20 ، عيون أخبار الرضا للصدوق ، 1/202 ، كفاية الأثر للقمي ، 312(1/133)
وقوله رضي الله عنه : ((خير هذه الأمة بعد نبيهما أبو بكر وعمر)).(1)
وقوله رضي الله عنه : خير الناس بعد النبيين أبو بكر ، ثم عمر.(2)
كيف لا يقولها وقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : (( اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر)).(3)
__________
(1) - - المناقب 3/345 ، إعلام الورى 47 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 19/112 ، 43/107 ، 108 ، 124 ، إحقاق الحق ، 19/124 ، 134 ، 146
(2) - كتاب الأربعين ، لمحمد طاهر القمي الشيرازي ، 505 ، المواقفن للإيجي ، 3 /624 ، 631 ، سفينة النجاة ، للسرابي التنكابني ، 277 ، الامامة في أهم الكتب الكلامية ، لعلي الميلاني ، 125 ، محاضرات في الاعتقادات ، لعلي الميلاني ، 1 /340 ، 355 ، منار الهدى في النص على إمامة الإثني عشر (ع) ، لعلي البحراني ، 331
(3) - عيون أخبار الرضا ، 1/200 ، شرح الأخبار ، 2/248 ، الصوارم المهرقة ، 100 ، 121 ، 210 ، 215 ، 337 ، الرواشح السماوية للإسترآبادي ، 378 ، دراسات فقهية للطبسي ، 107 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 23/156 ، 162 ، 49/190 ، 108/316 ، 109/127 ، المناظرات في الإمامة ، 218 ، مواقف الشيعة ، 1/294 ، الإستغاثة للكوفي ، 2/3 ، 33 ، حياة الإمام الرضا للقرشي ، 2/253 ، بناء المقالة الفاطمية لإبن طاووس ، 336 ، النجاة في القيامة ، 179 ، منار الهدى ، 308(1/134)
وكثيرا ما كان علي رضي الله عنه يمدحهما بعد وفاتهما رضي الله عنهما ويقول : ((إن الله سبحانه بعث محمداً، فأنقذ به من الضلالة، ونعش به من الهلكة، وجمع به بعد الفرقة، ثم قبضه الله إليه وقد أدى ما عليه، فاستخلف الناس أبا بكر، ثم استخلف أبو بكر عمر، فأحسنا السيرة وعدلا في الأمة، وقد وجدنا عليهما أن توليا الأمر دوننا ونحن آل رسول الله وأحق بالأمر، فغفرنا ذلك لهما)).(1)
وفي موطن آخر قال رضي الله عنه : (0ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا أميرين منهم صالحين أحييا السيرة ولم يعدوا السنة)).(2)
وقال رضي الله عنه : ((فتولى أبو بكر تلك الأمور، وسدد وقارب واقتصد، وتولى عمر الأمر، فكان مرضي السيرة، ميمون النقيبة)).(3)
ويناسب المقام هنا أن نذكر أن هذا كان حال أصحاب علي رضي الله عنه أيضاً في مديحهم للشيخين رضي الله عنهما. فهذا مالك الأشتر، أعظم أصحاب أمير المؤمنين رضي الله عنه، يقول في حق الشيخين : ((أيها الناس ! إن الله تبارك وتعالى بعث فيكم رسوله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بشيرا ونذيرا، وأنزل عليه كتابا بين فيه الحلال والحرام والفرائض والسنن، ثم قبضه إليه وقد أدى ما كان عليه، ثم استخلف على الناس أبا بكر فسار بسيرته واستسن بسنته، واستخلف أبو بكر عمر فاستسن بمثل تلك السنة)).
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 32/456 ، 33/568 ، 569 ، مصباح البلاغة ، للميرجهاني ، 3/326 ، نهج السعادة ، للمحمودي ، 2/166 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب في الكتاب والسنة ، 6/98
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33/535 ، نهج السعادة ، 4/27
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33/568 ، الغارات للثقفي ، 1/307 ، شرح نهج البلاغة ، لإبن أبي الحديد ، 6/96 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب في الكتاب والسنة ، 7/100 ، منار الهدي ، لعلي البحراني ، 685 ، 691(1/135)
وفي موقف آخر قال : ((أما بعد، فإن الله تبارك وتعالى أكرم هذه الأمة برسوله محمد صلى الله عليه وآله فجمع به كلمتها وأظهرها على الناس، فلبث بذلك ما شاء الله أن يلبث ثم قبضه الله عز وجل إلى رضوانه ومحل جنانه صلى الله عليه وآله وسلم كثيرا. ثم ولي من بعده قوم صالحون عملوا بكتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وجزاهم بأحسن ما أسلفوا من الصالحات)).(1)
عاد بنا الكلام إلى أقوال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في حق الشيخين رضي الله عنهما.
وقال لأبي سفيان لولا أنا رأينا أبا بكر لها أهلا لما تركناه(2).
وهو رضي الله عنه يؤكد بهذا على مسألة الشورى في تولي الخلافة. وكتب القوم مليئة بهذا. منها إضافة إلى ما مر قوله لمعاوية : ((إن الناس تبع المهاجرين والأنصار وهم شهود للمسلمين في البلاد على ولاتهم وأمراء دينهم، فرضوا بي وبايعوني، ولست أستحل أن أدع ضرب معاوية يحكم على هذه الأمة ويركبهم ويشق عصاهم)).(3)
__________
(1) - كتاب الفتوح ، لأحمد بن أعثم الكوفي ، 2/396 ، 387 ، مواقف الشيعة ، للأحمدي الميانجي ، 2/151 ، الأعلام من الصحابة والتابعين ، للحاج حسين الشاكري ، 3/116
(2) - عبد الله بن سبا ، لمرتضى العسكري ، 1 / 150 ، السقيفة وفدك ، للجوهري ، 40 ، 66 ، شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ، 6 / 40 ، النصائح الكافية ، لمحمد بن عقيل ، 110 ، الإمامة وأهل البيت ، لمحمد بيومي مهران ، 1 /341
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 32/450 ، دراسات في ولاية الفقيه ، للمنتظري ، 1/557 ، شرح نهج البلاغة ، لإبن أبي الحديد ، 4/17(1/136)
فلما بلغ معاوية ذلك قال : ((ليس كما يقول، فما بال من هو هاهنا من المهاجرين والأنصار لم يدخلوا في هذا الأمر؟ فقال رضي الله عنه : ويْحَكُم! هذا للبدريين دون الصحابة، وليس في الأرض بدري إلا وقد بايعني وهو معي، أو قد أقام ورضي، فلا يغرنكم معاوية من أنفسكم ودينكم)).(1)
ولما قيل له رضي الله عنه : ((ألا توصي ؟ قال : ما أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأوصي، ولكن إن أراد الله بالناس خيرا فسيجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم، وروى صعصعة بن صوحان أن ابن ملجم لعنه الله لما ضربه عليه السلام دخلنا إليه فقلنا يا أمير المؤمنين استخلف علينا قال : لا فإنا دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين ثقل، فقلنا يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استخلف علينا، فقال : لا إني أخاف أن تتفرقوا عنه كما تفرقت بنوا إسرائيل عن هارون، ولكن إن يعلم الله في قلوبكم خيرا اختار لكم)).(2).
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 32/451 ، شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 4/ 17 ، أعيان الشيعة، لمحسن الأمين ، 1/482
(2) - الصراط المستقيم ، لعلي العاملي ، 2/40 ، كتاب الأربعين للقمي الشيرازي ، 505 ، المواقف للإيجي ، 3/624 ، 631 ، الشافي في الامامة للشريف المرتضى ، 3/91 ، 99 ، تلخيص الشافي للطوسي ، 2/372 ، سفينة النجاة للسرابي التنكابني ، 277 ، شبهات وردود لسامي البدري ، 3/79 ، 80 ، منار الهدى في النص على إمامة الإثني عشر (ع) لعلي البحراني ، 331(1/137)
وعن جعفر الصادق عن أبيه رحمهما الله أن رجلا من قريش جاء إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه فقال سمعتك تقول في الخطبة آنفا : ((اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين. فمن هم، قال : حبيباي وعماي أبو بكر وعمر إماما الهدى وشيخا الإسلام ورجلا قريش، والمقتدى بهما بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من اقتدى بهما عصم، ومن اتبع آثارهما هدي إلى صراط مستقيم))(1).
وكان من دلائل إقتدائه بهما رضي الله عنهم أجمعين أنه لما كلم في رد فدك فقال : ((إنيي لأستحي من الله أن أرد شيئا منع منه أبو بكر وأمضاه عمر)).(2)
بل وكان رضي الله عنه يحث غيرة للإقتداء بهما كما يروي القوم أنه قال لعثمان رضي الله عنه : ((وما ابن قحافة ولا ابن الخطاب بأولى لعمل الحق منك وأنت أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشيجة رحم منهما وقد نلت من صهره ما لم ينالا)).(3)
__________
(1) - الشافي في الامامة ، للشريف المرتضى ، 3/93 ، الصراط المستقيم لعلي بن يونس العاملي ، 3/149
(2) - الشافي في الامامة للشريف المرتضى ، 4/76 ، سفينة النجاة للسرابي التنكابني ، 174 ، شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 16/252
(3) - نهج البلاغة ، 2/68 ، وضوء النبي ص لعلي الشهرستاني ، 1/68 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 31/489 ، الغدير، للأميني ، 9/74 ، 159 ، أحاديث أم المؤمنين عائشة لمرتضى العسكري ، 1/142 ، نهج السعادة للمحمودي ، 1/167 ، شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 9/261 ، الصحيح من سيرة النبي الأعظم ص لجعفر مرتضى ، 2 131 ، حياة أمير المؤمنين (ع) عن لسانه لمحمد محمديان ، 3/352 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ، 3/220 ، محاكمات الخلفاء وأتباعهم لجواد الخليلي ، /299(1/138)
فما كان له رضي الله عنه أن يدعوه إلى ذلك لو لا أنه رأى فيهما ما يستوجب الإقتداء بسيرتهما الحسنة وعملهما بالحق وإتباعهما لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
لم لا وهو القائل في خلافتهما رضي الله عنهم أجمعين : ((فلم أر بحمد الله إلا خيرا)).(1).
وهو يتذكر قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإخباره له بما يلقى بعده، فسأله : ((فعلام أقاتلهم؟ قال : على الإحداث في الدين ومخالفة الأمر)).(2)
فهل قاتلهم علي رضي الله عنهم أجمعين؟
وكان كثيرا ما يؤكد تمسكهما بهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فعن الضحاك بن مزاحم، عن علي رضي الله عنه قال : ((كان خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يحبس شيئا لغد وكان أبو بكر رضي الله عنه يفعل)).(3)
__________
(1) - مصباح البلاغة مستدرك نهج البلاغة للميرجهاني ، 1/315 ، الإرشاد للمفيد ، 1/284 ، مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ، 1/387 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/66ه، جواهر التاريخ لعلي الكوراني ، 1/177 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ، 9/145
(2) - الأمالي للطوسي ، 502 ، مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ، 3/19 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/48 ، 32/243 ، 303 ، أهمية الحديث عند الشيعة لآقا مجتبي العراقى ، 46 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ، 5/50 ، غاية المرام لهاشم البحراني ، 6/19 ، 35 ، شرح إحقاق الحق للمرعشي ، 6/37 ، 7/328 ، نفحات الأزهار لعلي الميلاني ، 14/163 ، 19/161 ، منار الهدى في النص على إمامة الإثني عشر (ع) ، الشيخ علي البحراني 473 ، معالم الفتن لسعيد أيوب ، 2/23
(3) - الغارات للثقفي ، 1/48 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 13/205 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 15/108(1/139)
لذا تولاهما وبايعهما. وقد أقر بهذا علماء الشيعة. يقول آل كاشف الغطاء : ((وحين رأى أن الخليفتين، أعني الخليفة الأول والثاني -أي : أبو بكر وعمر- بذلا أقصى الجهد في نشر كلمة التوحيد وتجهيز الجنود وتوسيع الفتوح ولم يستأثرا ولم يستبدا بايع وسالم)).(1)
ومقولة آل كاشف الغطاء هذه تذكرني بأقوال أخرى في الباب. كقوله أيضاً بأن أخبار أئمة الشيعة النهي عن ذلك - أي سب الصحابة(2).
وقول آخرين كقول الصدر : ((أن الصحابة، بوصفهم الطليعة المؤمنة والمستنيرة، كانوا أفضل وأصلح بذرة لنشوء أمة رسالية، حتى أن تاريخ الإنسان لم يشهد جيلا عقائديا أروع وأنبل وأطهر من الجيل الذي أنشأه الرسول القائد)).(3)
وقول محمد جواد مغنية الذي ينفي أن يكون لسب الخصوم السياسيين لأهل البيت صلة في التشيع(4).
وقول الدكتور أحمد الوائلي : (( الذي يقطع بأن السب لم يظهر على لسان أحد من شيعة علي عليه السلام، لا في عهد علي عليه السلام ولا بعده في الجيل الأول من أجيال التابعين)).(5)
نعود إلى ما كنا فيه.
__________
(1) - أصل الشيعة وأصولها لكاشف الغطاء ، 193 ، تنزيه الشيعة للتبريزي ، 364
(2) - الشيعة في الميزان لمحمد جواد مغنية ، 15 ، حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي لصائب عبد الحميد ، 110
(3) - نشأة التشيع والشيعة ، السيد محمد باقر الصدر ، 76 ، بحث حول الولاية ، السيد محمد باقر الصدر ، 74 ، الفصول المهمة في معرفة الأئمة لابن الصباغ ، 1/80ه، حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي ، صائب عبد الحميد ، 111
(4) - الشيعة في الميزان لمحمد جواد مغنية ، 15 ، حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي لصائب عبد الحميد ، 111
(5) - هوية التشيع للدكتور أحمد الوائلي ، 38 ، 39 ، حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي لصائب عبد الحميد ، 111(1/140)
بل وكان عمله مستشارة لهما ووزيرا أحب إليه من إمرة المؤمنين، حيث كان كثيرا ما يردد : ((أنا لكم وزيرا خير لكم مني أمير)).ا(1)
__________
(1) - نهج البلاغة ، 1/181 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية لمنتظري ، 1/503 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 32/35 ، دراسات في نهج البلاغة ، 206 ، موسوعة أحاديث أهل البيت ، 12/157 ، شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 7/33 ، موسوعة الإمام علي ، 4/61 ، الفاطمة المعصمومه للمعلم ، 12 ، القيادة في الإسلام لريشهري ، 238 ، شبهات وردود ، 3/153(1/141)
وكان يستمد شرعية حكمه عندما اضطربت عليه الأمور من طريقة بيعتهما رضي الله عنهم أجمعين، حيث كان يقول : ((إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا على رجل وسمَّوه إماماً كان ذلك لله رضاً فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين)).(1)
__________
(1) - نهج البلاغة ، 3/7 ، دراسات في ولاية الفقيه للمنتظري ، 1/519 ، 555 ، نظام الحكم في الإسلام للمنتظري ، 171 ، مصباح البلاغة مستدرك نهج البلاغة للميرجهاني ، 4/23 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33/76 ، الغدير، للأميني ، 10/316 ، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة لأويس كريم محمد ، 395 ، 415 ، معالم المدرستين لمرتضى العسكري ، 1/180 ، موسوعة أحاديث أهل البيت لهادي النجفي ، 5/452 ، 453 ، ميزان الحكمة لريشهري ، 2/1528 ، نهج السعادة ، للمحمودي ، 4/90 ، شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 3/75 ، 14/35 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 1/551 ، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل لناصر مكارم الشيرازي ، 16/466 ، أصول الحديث لعبد الهادي الفضلي ، 134 ، أعيان الشيعة، لمحسن الأمين ، 1/467 ، الفصول المهمة في معرفة الأئمة ، لابن الصباغ ، 1/355ه، مدخل إلى دراسة نص الغدير ، لمحمد مهدي الآصفي ، 54 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ لريشهري ، 4/77 ، 5/346 ، 6/28 ، أجوبة مسائل جيش الصحابة لعلي الكوراني العاملي ، 86 ، الامامة في أهم الكتب الكلامية لعلي الميلاني ، 31 ، الصحابة في القرآن والسنة والتاريخ ، مركز الرسالة ، 123 ، خلاصة علم الكلام لعبد الهادي الفضيلي ، 303 ، محاضرات في الإلهيات لجعفر السبحاني ، 353 ، فلك النجاة في الإمامة والصلاة لعلي الحنفي ، 123(1/142)
وعلى أي حال فلأمر فيه طول ونكتفي بما ذكرنا.
ولم يكن شأن أولاده وأحفاده مختلفا عنه رضي الله عنه في حبه ومودته وتعظيمه للصحابة وعلى رأسهم الشيخين رضي الله عنهم أجمعين.
فهذا الصادق رحمه الله يفتخر ويقول : ((ولدني أبو بكر مرتين)).(1)
وذلك أن أمه هي أم فروة بنت القاسم بنت أبي بكر، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم.(2)
__________
(1) - عمدة الطالب لابن عنبة ، 195 ، الصوارم المهرقة للتستري ، 253 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 29/651 ، رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) للشيرازي ، 1/71ش ، 565 ، فهارس رياض السالكين للمظفر ، 1/218 ، 296 ، معجم رجال الحديث للخوئي ، 15/49 ، المفيد من معجم رجال الحديث للجواهري ، 465 ، قاموس الرجال للتستري ، 12/213 ، رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ للقزويني ، 186 ، كشف الغمة للإربلي ، 2/374 ، اللمعة البيضاء للتبريزي الأنصاري ، 41 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ، 12/294 (الحاشية) ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) للحاج حسين الشاكري ، 9/17 ، 377 ، مجمع البحرين للطريحي ، 3/398 (الحاشية) ، الشيعة في الميزان لمحمد جواد مغنية ، 232 ، شرح إحقاق الحق للمرعشي ، 1/67 (الحاشية)
(2) - تحرير الأحكام للحلي ، 2/123 ، الحدائق الناضرة ، 17/436 ، منهاج الصالحين للخوانساري ، 1/387 ، الكافي ، للكليني ، 1/472 ، عيون أخبار الرضا ، 2/48 ، كمال الدين ، 307 ، تهذيب الحكام ، 6/78 ، روضة الواعظين ، 212 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 7/245 ، مقاتل الطالبيين ، 109 ، الإرشاد للمفيد ، 2/176 ، تاج المواليد للطبرسي ، 41 ، مناقب آل أبي طالب ، 3/340 ، عمدة الطالب ، 195 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 47/1(1/143)
وكان رحمه الله يحث أصحابه على تولي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، كما قال لأم خالد : ((توليهما؟. فقالت : فأقول لربي إذا لقيته : إنك أمرتني بولايتهما، قال : نعم)).(1)
وهذا أبوه الباقر رحمه الله لما سئل : ((أرأيت أبا بكر وعمر، هل ظلماكم من حقكم شيئا - أو قال : ذهبا من حقكم بشيء ؟ فقال : لا، والذي أنزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيرا، ما ظلمنا من حقنا مثقال حبه من خردل، قلت : جعلت فداك أفأتولاهما ؟ قال : نعم ويحك ! تولهما في الدنيا والآخرة، وما أصابك ففي عنقي، ثم قال : فعل الله بالمغيرة وبنان، فإنهما كذبا علينا أهل البيت)).(2)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 8/ ، 101 ، 237 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 12/27 ، 323 ، وسائل الشيعة ، 20/197 ، تفسير نور الثقلين ، 1/637 ، مستند الشيعة للنراقي ، 16/68 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 30/241 ، جامع أحاديث الشيعة ، 20/306
(2) - شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 16/220 ، السقيفة وفدك للجوهري 110(1/144)
وكذا فعل عمه الإمام زيد بن علي رحمهما الله حيث رفض أن يتبرأ منها بل وسمى من لم يتولاهما بالرافضة. بل وقال : ((أعلم والله أن البراءة من الشيخين البراءة من علي)). وفي رواية : ((أقبل إليه نفر من أصحابه الذين كانوا قد بايعوه فقالوا له : إنا قد بايعناك وإنا نحن خارجون معك، ولكن ما تقول في هذين الرجلين الظالمين أبي بكر وعمر ؟ فقال زيد بن علي : مهلا لا تقولوا فيهما إلا خيرا، فإني لا أقول فيهما إلا خيرا، ولا سمعت من آبائي أحدا يقول فيهما إلا خيرا. فغضب القوم ثم قالوا : إن جعفر بن محمد هو أحق بهذا الأمر منك، ثم تركوه وصاروا إلى جعفر بن محمد بالمدينة، فدخلوا وسلموا عليه وقالوا : يا بن رسول الله ! إنا كنا بايعنا عمك زيد بن علي وهممنا بالخروج معه، ثم إنا سألناه عن أبي بكر وعمر فذكر أنه لا يقول فيهما إلا خيرا، قال : فقال جعفر بن محمد : وأنا لا أقول فيهما إلا خيرا، فاتقوا الله ربكم، وإن كنتم بايعتم عمي زيد بن علي ففوا له بالبيعة وقوموا بحقه، فإنه أحق بهذا الأمر من غيره ومني)).(1)
وهذا الإمام الجواد رحمه الله يقول في معرض كلامه عن بعض المرويات في الفضائل : ((لست بمنكر فضائل عمر، ولكن أبا بكر أفضل من عمر)).(2)
__________
(1) - كتاب الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي ، 8/289 ، أنظر أيضا ، شرح الأزهار للإمام أحمد المرتضى ، 1/211ش ، الإمامة وأهل البيت ، محمد بيومي مهران ، 1/53 ، 3/40
(2) الإحتجاج ، 229 ، 230 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 50/80 ، 81 ، درر الأخبار لخسروشاهي ، 374 ، موسوعة الإمام الجواد للقزويني ، 2/404 ، مناظرات في العقائد والأحكام ، لعبدالله الحسن ، 1/129(1/145)
ونجتزئ بهذه الروايات في فضائل أبي بكر رضي الله عنه والذي سماه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالصديق، والذي يروي القوم أن عروة بن عبد الله سأل الباقر رحمه الله عن حلية السيوف؟ فقال : لا بأس به، قد حلَّى أبو بكر الصديق رضي الله عنه سيفه، فقال : فتقول الصديق؟ قال : فوثب وثبة واستقبل القبلة، وقال : نعم الصديق، نعم الصديق، نعم الصديق، فمن لم يقل له : الصديق فلا صدق الله له قولاً في الدنيا ولا في الآخرة)).(1)
وعلى ذكر حلية السيف، فقد ذكر القوم عن عبد الله بن الزبير الأسدي وكان في صحابة محمد بن عبد الله بن الحسن – النفس الزكية - قال : ((رأيت محمد بن عبد الله عليه سيف محلى يوم خرج، فقلت له : أتلبس سيفا محلى ؟ فقال أي بأس بذلك، قد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلبسون السيوف المحلاة)).(2)
فضائل الفاروق عمر رضي الله عنه
أما الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاقرأ ما أورده القوم في كتبهم لتقف على فضله ومنزلته.
فكما مر بك آنفاً من تشبيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر رضي الله عنه بإبراهيم وعيسى عليهما السلام، فقد شبه عمر بنوح وموسى عليهما السلام.(3)
__________
(1) الصوارم المهرقة للتستري ، 235 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 29/651 ، كتاب الأربعين للماحوزي ، 324 ، كشف الغمة للإربلي ، 2/360 ، الفصول المهمة في معرفة الأئمة لابن الصباغ ، 2/895 ، سفينة النجاة للتنكابني ، 390 ، شرح إحقاق الحق للمرعشي ، 1/29
(2) - مقاتل الطالبيين لأبو الفرج الأصفهانى ، 194 ، التحرير الطاووسي للشيخ حسن صاحب المعالم ، 328ه، مستدركات أعيان الشيعة لحسن الأمين ، 1/151 ، مجلة تراثنا ، مؤسسة آل البيت ، 2/133
(3) - أمالي الطوسي 274 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 19/271(1/146)
وكما شبه منزلة أبو بكر منه بمنزلة السمع، شبه منزلة عمر منه بالبصر.(1)
وكان صلى الله عليه وآله وسلم يعرف قدره، ويقدر رأيه، فقد روي أن المسلمين لما كانوا بإزاء الروم إذ أصاب الناس جوع، فجاءت الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاستأذنوه في نحر الإبل، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال : ((ما ترى فإن الأنصار جاءونى يستأذنوني في نحر الإبل؟ فقال : يا نبي الله، فكيف لنا إذا لقينا العدو غداً رجالاً جياعاً؟ فقال : ما ترى؟ قال : مر أباطلحة فلينادِ في الناس بعزمة منك : لا يبقى أحد عنده طعام إلا جاء به، وبسط الأنطاع فجعل الرجل يجيء بالمد ونصف المد، فكان جميع ماجاءوا به سبعة وعشرين صاعاً أو ثمانية وعشرين صاعاً لا يجاوز الثلاثين، واجتمع الناس يومئذ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم يومئذ أربعة آلاف رجل، فدعا رسول الله ثم أدخل يده في الطعام، فأكلوا جميعاً وبقي كثير من الطعام)).(2)
فاسأل نفسك عن علة استشارته صلى الله عليه وآله وسلم لعمر رضي الله عنه من دون هؤلاء الأربعة آلاف؟
وكان صلى الله عليه وآله وسلم يذكره إذا ما أهدي شيئاً، فعن تميم الداري قال : ((أهدي فرس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقال له : الورد، فأعطاه عمر)).(3)
__________
(1) - عيون الأخبار 1/280 ، البرهان 2/420 ، نور الثقلين ، 3/164 ، معاني الأخبار 387 ، موسوعة الإمام الجواد 2/672 ، موسوعة كلمات الحسين ، 672 ، 1076
(2) - أمالي الطوسي 266 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 18/23 ، المناقب 1/89 ، إثبات الهداة ، 1/304
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16/127 ، المنتقى ، الفصل الرابع في جامع أوصافه.(1/147)
وكان صلى الله عليه وآله وسلم كثيراً ما يبشره بالآخرة، فعندما قال له الفاروق رضي الله عنه : ((لأنت أكرم على الله من قيصر وكسرى، وهما فيه من الدنيا، وأنت على الحصير قد أثر في جنبك، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أما ترضى أن يكون لهم الدنيا ولنا الآخرة)).(1)
وفي أخرى : قال رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((يا رسول الله، أنت نبي الله وصفوته وخيرته من خلقه، وكسرى وقيصر على سرر الذهب وفرش الديباج والحرير، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أولئك قوم عجلت طيباتهم وهي وشيكة الانقطاع، وإنما أخرت لنا طيباتنا)).(2)
إقرار أهل البيت عليهم السلام بفضائل الفاروق رضي الله عنه
وكذا كان حب علي رضي الله عنه لعمر رضي الله عنه، اقرأ معي هذه الروايات :
__________
(1) - مكارم الأخلاق 150 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16/257 ، 385 ، ميزان الحكمة لريشهري ، 4/3228
(2) - مجمع البيان 5/87 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 63/320 ، 66/320 ، نور الثقلين ، 5/16 ، رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) للشيرازي ، 4/365 (الحاشية) ، ميزان الحكمة ، 2/913 ، تفسير الميزان ، 18/209 ، الأمثل لمكارم الشيرازي ، 16/281 ،(1/148)
جاء في نهج البلاغة -وهو من أعظم كتب الشيعة منزلة، حتى قالوا فيه : كتاب كأن الله رصع لفظه بجوهر آيات الكتاب المنزل، وبلغت شروحه ثمانين كتاباً- جاء فيه : ((أن علياً رضي الله عنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لما شاوره في الخروج إلى غزو الروم : إنك متى تسر إلى هذا العدو بنفسك فتلقهم فتنكب، لا تكن للمسلمين كانفة دون أقصى بلادهم، ليس بعدك مرجع يرجعون إليه، فابعث إليهم رجلاً محرباً، واحفز معه أهل البلاء والنصيحة، فإن ظهر الله فذاك ما تحب، وإن تكن الأخرى، كنت ردءاً للناس ومثابة للمسلمين)).(1)
__________
(1) - نهج البلاغة 247 ، شرح مئة كلمة لأمير المؤمنين، لميثم البحراني، 231 ، بحار الأنوار، للمجلسي، 31 /135 ، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة، لأويس كريم محمد، 375 ، شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد، 8 /296 ، حياة أمير المؤمنين (ع) عن لسانه، لمحمد محمديان، 3 /107 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ، لمحمد الريشهري، 3 /89(1/149)
وعندما استشاره لقتال الفرس بنفسه قال له : ((إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلة، وهو دين الله الذي أظهره، وجنده الذي أعده وأمده، حتى بلغ ما بلغ، وطلع حيث طلع، ونحن على موعود من الله، والله منجز وعده، وناصر جنده، ومكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز يجمعه ولا يضمه، فإن انقطع النظام تفرق الخرز وذهب، ثم لم يجتمع بحذافيره أبداً. والعرب اليوم وإن كانوا قليلاً فهم كثيرون بالإسلام، عزيزون بالاجتماع، فكن قطباً واستدر الرحى بالعرب واصلهم دونك نار الحرب، فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك، إن الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولوا : هذا أصل العرب، فإذا قطعتموه استرحتم، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك، وطمعهم فيك)).(1)
وعن إبن عباس رضي الله عنهما قال : ((رحم الله أبا حفص عمر كان والله حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومنتهى الإحسان، ومحل الإيمان، وكهف الضعفاء، ومعقل الحنفاء، قام بحق الله عز وجل صابرا محتسبا حتى أوضح الدين وفتح البلاد وأمن العباد، فأعقب الله على من تنقصه اللعنة إلى يوم الدين)).(2)
__________
(1) - نهج البلاغة 257 ، الميزان 15/160 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/193
(2) - مواقف الشيعة للأحمدي الميانجي ، 1/187(1/150)
وعنه أيضاً رضي الله عنه لما طعن عمر رضي الله عنه دخل عليه هو وعلي رضي الله عنهما فقال : ((سمعنا صوت أم كلثوم وا عمراه ! وكان معها نسوة يبكين فارتج البيت بكاء فقال عمر رضي الله عنه : ((ويل عمر إن الله لم يغفر له ! فقلت : والله إني لأرجو ألا تراها إلا مقدار ما قال الله تعالى وإن منكم إلا واردها إن كنت ما علمنا لأمير المؤمنين وسيد المسلمين تقضى بالكتاب وتقسم بالسوية)). فأعجبه قولي فاستوى جالسا فقال أتشهد لي بهذا يا بن عباس ؟ فكععت - أي جبنت - فضرب علي رضي الله عنه بين كتفي وقال : ((أشهد وفي رواية لم تجزع يا أمير المؤمنين ؟ فوالله لقد كان إسلامك عزا وإمارتك فتحا ولقد ملأت الأرض عدلا فقال : أتشهد لي بذلك يا بن عباس ؟ قال : فكأنه كره الشهادة فتوقف فقال له علي رضي الله عنه قل : نعم، وأنا معك، فقال : نعم. وفى رواية أنه قال : مسست جلده وهو ملقى فقلت : جلد لا تمسه النار أبدا فنظر إلى نظرة جعلت أرثى له منها، قال : وما علمك بذلك ؟ قلت : صحبت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأحسنت صحبته)).(1)
فلا عجب إذاً أن سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ربه عز وجل ((أن يعز الإسلام بعمر بن الخطاب رضي الله عنه)).(2)
__________
(1) - شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 12/192
(2) - نور الثقلين ، 3/267 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 23/111 ، 30/234 ، 75/12 ، العياشي 2/355 ، البرهان 2/472 ، تفسير الصافي ، 3/246 ، الطرائف لإبن طاووس ، 119 ، الصوارم المهرقة للتستري ، 289 ، كتاب الأربعين للماحوزي ، 319 ، مواقف الشيعة للميانجي ، 2/122 ، بشارة المصطفي للطبري الشيعي ، 325 ، إحقاق الحق للتستري ، 229(1/151)
وكان علي رضي الله عنه وزيره ومستشاره، ولم يكن بينهم سوى المودة والاحترام، فعندما يكون علي رضي الله عنه بحضرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستأذنه في حل بعض المشكلات، فيقول : ((أتأذن لي أن أقضي بينهم؟ فيرد عمر رضي الله عنه : سبحان الله! وكيف لا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : أعلمكم علي بن أبي طالب)). كما يروي القوم.(1)
وعندما يكون علي رضي الله عنه غائباً ويريده الفاروق رضي الله عنه في شيء يذهب إليه بنفسه وهو الخليفة، فيلقاه علي رضي الله عنه في الطريق، فيقول له : ((هلاَّ أرسلت إلينا فنأتيك؟ فيقول عمر رضي الله عنه : الحكم يؤتى إليه في بيته)).(2)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 7/424 ، التهذيب 2/93 ، المناقب 1/494 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/305 ، وسائل الشيعة ، 72/282 ، 18/207 ، جامع أحاديث الشيعة ، 20/126 ، 25/140 ، حياة أمير المؤمنين لمحمديان ، 3/140 ، موسوعة الإمام علي ، 11/30 ، عجائب أحكام أمير المؤمنين لمحس الأمين ، 70
(2) - المناقب 1/492 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/231 ، 96/159 ، وانظر أيضاً ، الكافي ، للكليني ، 7/216 ، 249 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/298 ، 299 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 36/330 ، مستدرك الوسائل ، 9/266 ، جامع أحاديث الشيعة ، 11/241 ، أعيان الشيعة ، 1/437 ، عجائب أحكام أمير المؤمنين ، 87(1/152)
وهل هناك أعظم من تزويج علي رضي الله عنه ابنته أم كلثوم للفاروق عمر رضي الله عنه؟(1)
وعندما توفي عمر رضي الله عنه قال فيه علي رضي الله عنه : ((لله بلاء فلان، فلقد قوم الأود، وداوى العمد، وأقام السنة، وخلف الفتنة، ذهب نقي الثوب، قليل العيب، أصاب خيرها، وسبق شرها، أدى إلى الله طاعته، واتقاه بحقه، رحل وتركهم في طرق متشعبة، لا يهتدي بها الضال، ولا يستقين المهتدي)).(2)
__________
(1) - الطرائف 19 ، كنز الكراجكي 166 ، 167 ، إعلام الورى 204 ، الكافي ، للكليني ، 5/346 6/115 ، 116 ، الشافي 215 ، الصراط المستقيم 3/130 ، العمدة 150 ، 157 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/373 25/247 ، 249 42/91 ، 93 ، 97 ، 108 ، 78/382 ، 109/58 ، الخرائج 825 ، المناقب ، 3/89 ، الخلاف للطوسي ، 1/722 أنظر أيضاً (الحاشية) ، المبسوط للطوسي ، 4/272 ، تذكرة الفقهاء للحلي ، 1/49 ، 2/66 ، مختلف الشيعة للحلي ، 2/308 ، منتهى الطلب للحلي ، 1/457 ، مسالك الأفهام للشهيد الثاني ، 8/168 (الحاشية) ، 13/270 (الحاشية) ، مجمع الفائدة للأردبيلي ، 11/529 (الحاشية) ، كفاية الأحكام للسبزواري ، 2/879 ، كشف اللثام للفاضل الهندي ، 2/339 ، 9/525 ، رياض المسائل للطباطبائي ، 12/664 ، مستند الشيعة للنراقي ، 19/452 ، جواهر الكلام ، 31/14 ، 39/308 ، مصباح الفقيه للهمداني ، 2/506 ، الينابع الفقهية لمرواريد ، 27/344 ، 38/250 ، فقه الصادق للروحاني ، 24/496 (الحاشية) ، وسائل الشيعة ، 3/128 ، 21/263 ، 26/314 ، ذخائر العقبى ، 168 ، 170 ، جامع أحاديث الشيعة ، 3/347 ، 21/205 ، موسوعة كلمات الإمام الحسين ، 819 ، شرح نهج البلاغة ، 12/106 ، الذريعة للطهراني ، 5/184 ، المجدي ، 17 ، تاريخ اليعقوبي ، 2/149 ، أعيان الشيعة ، 3/485 ، 4/136
(2) - نهج البلاغة 430(1/153)
وقال فيه : ((ووليهم وال فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانه)).(1)
وقال رضي الله عنه فيه وفي صاحبه الصديق رضي الله عنهما : ((لعمري إن مكانهما في الإسلام لعظيم، وإن المصاب بهما لجرح في الإسلام شديد، فرحمهما الله وجزاهما أحسن ما عملا)).(2)
فلا غرابة إذاً أن نرى الأمير رضي الله عنه وقد دخل على الفاروق رضي الله عنه بعد وفاته وهو مسجى، فيقول : ((لوددت أن ألقى الله تعالى بصحيفة هذا المسجى.
__________
(1) - نهج البلاغة ، 4/107 ، خصائص الأئمة للشريف الرضي 124 ، الغدير، للأميني ، 8/40 ، شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 20/218 وقال ، الجران ، مقدم العنق ، وهذا الوالي هو عمر بن الخطاب. وهذا الكلام من خطبة خطبها في أيام خلافته طويلة ، يذكر فيها قربه من النبي صلى الله عليه وآله واختصاصه له ، وإفضاءه بأسراره إليه ، حتى قال فيها ، فاختار المسلمون بعده بآرائهم رجلا منهم ، فقارب وسدد حسب استطاعته على ضعف وحد كانا فيه ، وليهم بعده وال ، فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانه.
(2) - شرح نهج البلاغة 15/67 ، وقعة صفين 88 ، كتاب الفتوح لإبن أعثم الكوفي ، 2/56 ، مصباح البلاغة مستدرك نهج البلاغة للميرجهاني ، 4/29 ، نهج السعادة للمحمودي ، 4/177 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخريشهري ، 6/23(1/154)
وفي رواية : إني لأرجو الله أن ألقى الله تعالى بصحيفة هذا المسجى)).(1)
روايات عمر في فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنهما
وقد ملأ القوم مصنفاتهم من روايات مدح الفاروق رضي الله عنه لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه لدرجة يصعب معها حصرها، وهي يقينا قد غُيّبت عن عوام الشيعة ولعلك وأن تقرأ بعضها تتيقن من هذا.
فمثلاً لما قيل لعمر رضي الله عنه : ((نراك تصنع بعلي شيئاً لا تصنعه بأحدٍ من أصحاب النبي؟ قال : إنه مولاي)).(2)
فالقوم بهذه الرواية يؤكدون بأن معنى الموالاة والولاية بعيدة جداً عما حملت عليه من كونها الخلافة العامة للمؤمنين، وإلا ما ذكرها الفاروق رضي الله عنه وهو يرى أنه قد اغتصبها.
__________
(1) - الفصول المختارة 58 ، إرشاد القلوب 336 ، معاني الأخبار 412 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/296 28/105 ، 117 ، كتاب سليم بن قيس ، 204ه، الفصول المختارة ، للمرتضى 90 ، الصراط المستقيم للعاملي ، 3/153 ، الصوارم المهرقة للتستري ، 78 ، كتاب الأربعين للشيرازي ، 574 ، مدينة المعاجز لهاشم البحراني ، 1/470 ، مواقف الشيعة للميانجي ، 1/279 ، 3/55 ، الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة لعلى خان المدنى ، 302 ، الاستغاثة لأبو القاسم الكوفي ، 2/66ه، الأنوار العلوية لجعفر النقدي ، 76 ، الشافي في الامامة للشريف المرتضى ، 3/117 ، 236 ، الهجوم على بيت فاطمة (ع) لعبد الزهراء مهدي 52ه
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/124 ، خلاصة عقبات الأنوار ، 9/141 ، كشف الغمة ، 1/304 ، نفحات الأزهار ، 9/137 ، الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 117(1/155)
ويؤكد هذا أيضاً هذه الرواية التي ذكرها القوم عن عمر رضي الله عنه قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : معاشر المسلمين، أنصتوا يرحمكم الله، واعلموا أن في جهنم وادياً يعرف بوادي الضباع، وفي ذلك الوادي بئر، وفي ذلك البئر حية، فشكت جهنم من ذلك إلى الله عز وجل، وشكا الوادي من تلك البئر، وشكا ذلك البئر من تلك الحية إلى الله تعالى في كل يوم سبعين مرة، فقيل : يا رسول الله، ولمن هذا العذاب المضاعف الذي يشكو بعضه من بعض؟ قال : هو لمن يأتي يوم القيامة وهو غير ملتزم بولاية علي بن أبي طالب)).(1)
وعن عمر رضي الله عنه قال : ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إن فاطمة وعليا والحسن والحسين في حظيرة القدس في قبة بيضاء سقفها عرش الرحمن عز وجل)).(2)
__________
(1) - الروضة 9 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 39/250 ، شرح إحقاق الحق ، 7/136
(2) - كشف الغمة ، 2/149 ، الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 63 ، كتاب الأربعين ، للشيرازي ، 473 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 43/47 ، 65/128 ، بشارة المصطفى ، 86 ، الخصائص الفاطمية ، للكجوري ، 1/554 ، 2/286 ، اللمعة البيضاء للأنصاري ، 44 ، الشيعة في أحاديث الفريقين ، 226 ، 234 ، شرح إحقاق الحق ، 9/195 ، 18/422 23/376 ، 31/67 ، 33/117 ، العقائد الإسلامية ، مركز المصطفى ، 2/94(1/156)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((كفوا عن ذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد رأيت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه خصالا لان تكون لي واحدة منهن في آل الخطاب أحب إلي مما طلعت عليه الشمس. كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانتهيت إلى باب أم سلمة وعلي قائم على الباب فقلنا : أردنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقال عليه السلام : يخرج إليكم. فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسرنا إليه فاتكا على علي بن أبي طالب عليه السلام ثم ضرب بيده منكبه ثم قال : إنك مخاصم تخاصم، أنت أول المؤمنين إيمانا، وأعلمهم بأيام الله، وأوفاهم بعهده، وأقسمهم بالسوية، وأرأفهم بالرعية، وأعظمهم رزية، وأنت عاضدي وغاسلي ودافني، والمتقدم إلى كل شديدة وكريهة، ولن ترجع بعدي كافرا، وأنت تتقدمني بلواء الحمد، وتذود عن حوضي)).(1)
وعنه أيضاً رضي الله عنه وقد رأى رجلا يسب عليا رضي الله عنه فقال : ((إني أظنك منافقا سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إنما علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)).(2)
__________
(1) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 64 ، مقام الإمام علي للعسكري ، 18 ، شرح إحقاق الحق ، 4/157 ، 22/269 ، 371
(2) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 65 ، المسند الصحيح للأنصاري ، 189 ، المنتخب من الصحاح الستة ، لمحمد حياة الأنصاري ، 19 (الحاشية) ، لوامع الحقائق ، للآشتياني ، 2/19(1/157)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : حب علي براءة من النار)).(1)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ((كل سبب ونسب يوم القيامة منقطع إلا سببي ونسبي)).(2)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم خيبر : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار، يفتح الله عليه، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره. فبات المسلمون كلهم يستشرفون لذلك، فلما أصبح قال صلى الله عليه وآله وسلم : أين علي بن أبي طالب ؟ قالوا : أرمد العين. قال صلى الله عليه وآله وسلم : آتوني به. فلم أتاه. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أدن مني، فدنا منه، فتفل في عينيه ومسحهما بيده، فقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بين يديه وكأنه لم يرمد وأعطاه الراية، فقتل مرحب وأخذ مدينة خيبر)).(3)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب لما خلق الله النار)).(4)
__________
(1) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 65 ، المناقب ، 3/4 ، الصراط المستقيم ، للعاملي ، 2/50 ، كتاب الأربعين ، للشيرازي ، 463 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 39/258 ، 305 ، غاية المرام ، للبحراني ، 3/97 ، شرح إحقاق الحق ، 7/147 ، المسانيد للأنصاري ، 2/114 ، المنتخب من الصحاح الستة ، للأنصاري ، 267
(2) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 66
(3) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 67 ، شرح إحقاق الحق ، 5/370
(4) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 67 ، مقام الإمام علي ، للعسكري ، 39 ، شرح إحقاق الحق ، 7/151(1/158)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((أشهد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لسمعته وهو يقول : لو أن السماوات السبع والأرضين السبع وضعن في كفه ميزان ووضع إيمان علي في كفة ميزان لرجح إيمان علي)).(1)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي : لو كان البحر مدادا، والرياض أقلاما، والأنس كتابا، والجن حسابا، ما أحصوا فضائلك، يا أبا الحسن)).(2)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ما اكتسب مكتسب مثل فضل علي، يهدي صاحبه إلى الهدى، ويرده عن الردى)).(3)
__________
(1) - أمالي الطوسي 243 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 30/112 ، 31/28 (الحاشية) ، 38/208 ، 249 ، 40/119 ، 236 ، 101/3 ، 153 ، المناقب ، 2/191 ، العمدة ، 370 ، كتاب الأربعين للشيرازي ، 450 ، حلية الأبرار للبحراني ، 2/66 ، جامع أحاديث الشيعة ، 22/157 ، مقام الإمام للعسكري ، 14 ، الغدير ، 2/299 ، 5/363 ، مستدرك سفينة البحار ، 1/218 ، كشف الغمة ، 1/292 ، غاية المرام ، 5/192 ، شرح إحقاق الحق ، 16/407 ، 21/580 ، الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 70
(2) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 70 ، شرح إحقاق الحق ، 15/610
(3) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 70 ، ذخائر العقبي ، للطبري ، 61 ، مقام الإمام علي ، 24 ، النص علي أمير المؤمنين ، لعلي عاشور ، 56 ، شرح إحقاق الحق ، 6/493 ، 17/29(1/159)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((والله لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي بن أبي طالب : من أحبك أحبني، ومن أحبني أحب الله، ومن أحب الله أدخله الجنة مدلا)).(1)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي بن أبي طالب عليه السلام : من أحبك يا علي كان مع النبيين في درجتهم يوم القيامة، ومن مات يبغضك فلا يبالي مات يهوديا أو نصرانيا)).(2)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال وقد ذكر عنده علي رضي الله عنه : ((ذلك صهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نزل جبرئيل فقال : يا محمد، إن الله يأمرك أن تزوج فاطمة ابنتك من علي)).(3)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : النظر إلى وجه علي عبادة)).(4)
__________
(1) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 71 ، مقام الإمام علي ، 41 ، الغدير، للأميني ، 6/344 ، مواقف الشيعة ، للأحمدي الميانجي ، 2/405 ، شرح إحقاق الحق ، 6/414 ، 16/612 ، 21/315 ، 22/454 ، في ظل أصول الإسلام ، للسبحاني ، 83
(2) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 71 ، مقام الإمام علي ، 39
(3) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 83 ، ذخائر العقبى ، 31 ، مناقب علي بن أبي طالب ، للإصفهاني ، 197 (الحاشية) ، الصحيح من سيرة النبي الأعظم ، لجعفر مرتضي ، 5/273 ، شرح إحقاق الحق ، 6/620 ، 17/85 ، 23/490 ، 30/563 ، أزراج النبي وبناته ، لنجاح الطائي ، 41 ، نظريات الخليفتين ، لنجاح الطائي ، 1/202
(4) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 83 ، مقام الإمام علي ، للعسكري ، 6 ، مناقب علي بن أبي طالب ، للأصفهاني ، 75(1/160)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((كنت أنا وأبو عبيدة وأبو بكر وجماعة من أصحابه إذ ضرب بيده على منكب علي عليه السلام فقال : يا علي أنت أول المؤمنين إيمانا، وأول المسلمين إسلاما، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى. يا علي، إنما أنت بمنزلة الكعبة تؤتى ولا تأتي، فإذا أتاك هؤلاء القوم فسلموا إليك هذا الأمر فاقبله منهم، فان لم يأتوك فلا تأتهم)).(1)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي رضي الله عنه : أنا خاتم الأنبياء، وأنت خاتم الأولياء)).(2)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : يا علي، يدك في يدي تدخل معي الجنة يوم القيامة حيث أدخل)).(3)
وعن عمر رضي الله عنه : ((تحببوا إلى الأشراف وتوددوا، واتقوا على أعراضكم من السفلة، واعلموا أنه لا يتم شرف إلا بولاية علي رضي الله عنه.(4)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((علي رضي الله عنه أعلم الناس بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم)).(5)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/87 ، الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 83 ، شرح إحقاق الحق ، 4/164
(2) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 87
(3) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 88 ، النص على أمير المؤمنين ، لعلي عاشور ، 411
(4) - شرح الأخبار ، للمغربي ، 2/553 ، مقام الإمام علي ، للعسكري ، 44 ، بشارة المصطفى ، للطبري الشيعي ، 344 ، الدر النظيم ، للعاملي ، 806 ، المسانيد للأنصاري ، 2/179 ، الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 118
(5) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 119 ، ؟ موسوعة الإمام علي ، للريشهري ، 8/335 ، شرح إحقاق الحق ، 17/438(1/161)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((علي رضي الله عنه مولى من كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مولاه)).(1)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((كانت في أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثماني عشرة سابقة، خص منها علي بن أبي طالب رضي الله عنه بثلاث عشرة وشاركنا في خمس)).(2)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((أعطى علي بن أبي طالب رضي الله عنه خمس خصال إن تكون لي الواحدة منهن فهي أحب إلى من الدنيا والآخرة، فقالوا وما هي يا عمر ؟ قال : أوله تزويجه بفاطمة عليهما السلام، وفتح بابه إلى المسجد حين سدت أبوابنا، وانقضاض الكوكب في حجرته، ويوم خيبر قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار يفتح الله عليه يديه والله لقد كنت أرجو أن تكون في ذلك)).(3)
__________
(1) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 119 ، خلاصة عقبات الأنوار ، للنقوي ، 7/125 ، جواهر المناقب ، لإبن الدمشقي ، 1/86 ، موسوعة الإمام علي ، للريشهري ، 2/213 ، الشهب النواقب ، لآل عبدالجبار ، 204 ، نفحات الأزهار ، للميلاني ، 7/125 ،
(2) - مقام الإمام علي (ع)، لنجم الدين العسكري، 12 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ، لمحمد الريشهري، 8 /349 ، غاية المرامن لهاشم البحراني، 5 /262 ، الإمام على (ع) فى آراء الخلفاء، لمهدي فقيه إيماني، 122 ، نظريات الخليفتين ، لنجاح الطائي، 1/ 197
(3) - الفضائل، لشاذان بن جبرئيل القمي، 152 ، بحار الأنوار، للمجلسي، 35 /275 ، إحقاق الحق للتستري ، 4/458(1/162)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : ((قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لقد أعطى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثلاث خصال، لأن تكون لي خصلة منها أحب إلى من أن أعطى حمر النعم، قيل : وما هن يا أمير المؤمنين ؟ قال : تزوجه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسكناه المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحل له فيه ما يحل له، والراية يوم خيبر)).(1)
وروي أن عليا رضي الله عنه جلس إلى عمر رضي الله عنه في المسجد وعنده ناس، فلما قام رضي الله عنه عرض واحد بذكره ونسبه إلى التيه والعجب. فقال عمر رضي الله عنه : ((حق لمثله أن يتيه ! ! والله لولا سيفه لما قام عمود الإسلام، وهو بعد أقضى الأمة وذو سابقتها وذو شرفها)).(2)
__________
(1) - إحقاق الحق للتستري ، 4/468 ، الغدير، للأميني ، 3/204 ، معجم الرجال والحديث ، للأنصاري ، 1/57 ، 160 ، أعيان الشيعة ، لمحس الأمين ، 1/353 ، الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 123 ، النص على أمير المؤمنين ، 392 ، موسوعة الإمام علي ، 8/347 ، غاية المرام ، 6/247 ، العترة والصحابة في السنة ، 1/94 ، الفضائل العدية ، للأنصاري ، 225 ، المسانيد ، للأنصاري ، 1/218 ، 2/396 ، المسند الصحيح ، للأنصاري ، 188 ، المنتخب من الصحاح ، للأنصاري ، 170 ، مجلة تراثنا ، 27/60
(2) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 129 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 31/76 ، مناقب أهل البيت ، للشيرواني ، 451 ، قاموس الرجال ، للتستري ، 11/11 ، موسوعة الإمام علي ، 3/69 ، 8/346 ، 11/9 ، نهج الحق ، 251 ، غاية المرام ، 5/265 ، نظريات الخليفتين ، لنجاح الطائي ، 1/195 ، منار الهدى للبحراني ، 515(1/163)
وروي أن رجلا نازع عمر رضي الله عنه في مسالة. فقال عمر رضي الله عنه : ((بيني وبينك هذا الجالس - وأشار إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان جالسا في المسجد -. فقال الرجل : هذا الأبطن ! ! - الظاهر أنه لم يكن يعرف عليا رضي الله عنه -. فنهض عمر رضي الله عنه عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من الأرض، ثم قال : ويلك أتدري من صغرت ؟ ! هذا علي بن أبي طالب مولاي ومولى كل مسلم. وفي رواية : أمر عمر عليا رضي الله عنه أن يقضي بين رجلين، فقضى بينهما، فقال الذي قضى عليه : هذا الذي يقضي بيننا ؟ ! وكأنه ازدرى عليا رضي الله عنه. فاخذ عمر رضي الله عنه بتلبيبه فقال : ويلك وما تدري من هذا ؟ هذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، هذا مولاي ومولى كل مؤمن، فمن لم يكن مولاه فليس بمؤمن)).(1)
روي أن عمر رضي الله عنه سأل عن علي رضي الله عنه فقيل له : ((ذهب إلى أرضه. فقال : اذهبوا بنا إليه، فوجدوه يعمل فعملوا معه ساعة ثم جلسوا يتحدثون فقال له علي رضي الله عنه : أرأيت لو جاءك قوم من بني إسرائيل فقال لك أحدهم : أنا ابن عم موسى عليه السلام، أكانت له عندك أثرة على أصحابه ؟ قال عمر رضي الله عنه : نعم. قال علي رضي الله عنه : فأنا والله أخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمه. قال : فنزع عمر رضي الله عنه رداءه فبسطه، فقال : والله لا يكون لك مجلس غيره حتى نفترق)).(2)
__________
(1) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 130 ، شرح الأخبار ، 1/423 ، خلاصة عقبات الأنوار ، 7/125 ، الغديرللأميني ، 1/382 ، نفحات الأزهار ، للميلاني ، 7/125
(2) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 136 ، الغدير ، 3/123 ، نظرة في كتاب الفصل في الملل، للأميني 82 ، الإمامة وأهل البيت، لمحمد بيومي مهران، 2 /428(1/164)
وروي أن عمراً أتاه رجلان فسألاه عن طلاق العبد فانتهى إلى حلقة فيها رجل أصلع فقال : ((يا أصلع كم طلاق العبد ؟ فقال له بإصبعيه هكذا وحرك السبابة والتي تليها، فالتفت إليه فقال : اثنتين. فقال : أحدهما سبحان الله جئناك وأنت أمير المؤمنين فسألناك فجئت إلى رجل والله ما كلمك. قال : ويلك أتدري من هذا، هذا علي بن أبي طالب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : لو أن السماوات والأرضين وضعتا في كفة ووضع إيمان علي في كفة لرجح إيمان علي))(1).
وعن عمر رضي الله عنه قال : ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)).(2)
__________
(1) - إحقاق الحق للتستري16 ص 402 ، إحقاق الحق للتستري31 ص 540 ، العمدة ، لإين البطريق ، 370 ، كتاب الأربعين ، للشيرازي ، 450 ، غاية المرام ، 5/192 ، شرح إحقاق الحق ، 5/614 ، 16/407
(2) - إحقاق الحق للتستري ، 19/239 ، شرح الأخبار ، 1/432 عن إبن عمر ، الإحتجاج ، للطبرسي ، 1/171 (الحاشية) ، عن لإبن عمر ، ذخائر العقبى ، للطبري ، 129 ، كتاب الأربعين ، للماحوزي ، 354 ، مقام الإمام علي ، 46(1/165)
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ((لما فتح الله تعالى المدائن على أصحاب رسول الله في أيام عمر، فأمر بالنطاع فبسطت في مسجد رسول الله وأمرنا بالأموال فأفرغت عليها، ثم اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأول من بدر إليه الحسن بن علي رضي الله عنهما فقال : يا أمير المؤمنين أعطني حقي مما فتح الله تعالى على المسلمين. فقال : بالرحب والكرامة، فأمر له بألف درهم، ثم انصرف فبدر إليه ابنه عبد الله بن عمر رضي الله عنه فقال : يا أمير المؤمنين اعطني حقي مما فتح الله تعالى على المسلمين. فقال : بالرحب والكرامة، فأمر له بخمسمائة درهم، فقال : يا أمير المؤمنين أنا رجل مشيد كنت أضرب بالسيف بين يدي رسول الله والحسن والحسين رضي الله عنهما طفلان يدرجان في سكك المدينة تعطيهم ألفا ألفا وتعطيني خمسمائة درهم. فقال : اذهب فائتني بأب كأبيهما وأم كأمهما وجد كجدهما وجدة كجدتهما وعم كعمهما وخال كخالهما، فانك لا تأتيني بهم، أما أبوهما فعلي المرتضى، وأمهما فاطمة الزهراء، وجدهما محمد المصطفى، وجدتهما الخديجة الكبرى، وعمهما جعفر بن أبي طالب، وعمتهما أم هاني بنت أبي طالب، وخالهما إبراهيم بن رسول الله، وخالتهما رقية وأم كلثوم بنتا رسول الله)).(1)
وعن عبد الله بن عامر ابن ربيعة قال : لما طعن عمر رضي الله عنه أتاه الناس فقالوا : ((استخلف علي بن أبي طالب، قال : إذن يحملكم على طريقه من الحق)).(2)
وعن سعيد بن المسيب رحمه الله ، عن عمر رضي الله عنه أنه سمع رجلا يذكر عليا رضي الله عنه بشر، فقال : ((ويلك تعرف من في هذا القبر وأشار إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسكت الرجل، فقال عمر : فيه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب إذا آذيت عليا فقد آذيته)).(3)
__________
(1) - إحقاق الحق للتستري ، 26/317
(2) - إحقاق الحق للتستري ، 31/465
(3) - إحقاق الحق للتستري ، 6/393(1/166)
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مشيت وعمر بن الخطاب رضي الله عنه في بعض أزقة المدينة فقال : ((والله لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي بن أبي طالب : من أحبك أحبني ومن أحبني أحب الله ومن أحب الله أدخله الجنة مدلا)).(1)
وعن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ((قال أبي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي : يا علي مد يدك في يدي تدخل معي يوم القيامة حيث أدخل)).(2)
وعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، قال : ((سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد سمع رجلا يسب عليا، وهو يقول : إني لأظنك من المنافقين، فقال : كفوا عن ذكر علي إلا بخير، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : في علي ثلاث خصال وددت لو أن لي واحدة منهن أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، وذاك إني كنت أنا وأبو بكر، وأبو عبيدة بن الجراح ونفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ ضرب النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كتف علي، وقال : يا علي أنت أول المسلمين إسلاما، وأول المؤمنين إيمانا، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، كذب من زعم أنه يحبني وهو يبغضك، يا علي من أحبك فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله تعالى، ومن أحبه الله تعالى أدخله الجنة، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغضه الله تعالى، ومن أبغضه الله تعالى أدخله النار)).(3)
__________
(1) - شرح إحقاق الحق للتستري ، 6/414 ، 16/612 ، 21/315 ، مقام الإمام علي ، 41 ، الغدير ، للأميني ، 6/344 ، مواقف الشيعة ، للميانجي ، 2/405 ، الإمام علي في آراء الخلفاء ، 71 ، في ظل أصول الإسلام ، للسبحاني ، 83
(2) - إحقاق الحق للتستري ، 6/500
(3) - شرح إحقاق الحق للتستري ، 6/552 ، منار الهدى ، للبحراني ، 253 ، 380 ، غاية االمرام ، للبحراني ، 2/65(1/167)
وعنه عمر رضي الله عنه قال : ((وأما أنت يا علي فوالله لو وزن إيمانك بإيمان أهل الأرض لرجحتهم، ثم قام علي رضي الله عنه وخرج فقال عمر رضي الله عنه : والله إني لأعلم مكان الرجل لو وليتموه أمركم ليحملنكم على المحجة البيضاء )).(1)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : ((كفوا عن علي بن أبى طالب، رضي الله عنه فإني سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول فيه خصال لو أن خصلة منها في جميع آل الخطاب كان أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، إني كنت ذات يوم أنا وأبو بكر وعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان وأبو عبيدة بن الجراح في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فانتهيا إلى باب أم سلمة فإذا نحن بعلي عليه السلام متكئ على نجف الباب، فقلنا له : أردنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقال : هو في البيت يخرج عليكم الآن، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فثرنا حوله فاتكئ على علي عليه السلام، ثم ضرب بيد على منكبه وقال : كس ابن أبي طالب انك تخاصم بسبع خصال ليست لأحد، انك أول المؤمنين معي إيمانا، وأعلمهم بأيام الله، وأوفاهم بعهد الله، وأرأفهم بالرعية، وأقسمهم بالسوية، وأعلمهم بالقضية، وأعظمهم عند الله مؤنة)).(2)
عن زيد بن اسلم، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه، انه دخل على فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : ((يا فاطمة والله ما رأيت أحدا أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منك، ووالله ما كان أحد من الناس بعد أبيك صلى الله عليه وآله وسلم أحب إلي منك)).(3)
__________
(1) - الصراط المستقيم للبياضي ، 3/22 ، الأنوار العلوية، لجعفر النقدي ، 325
(2) - شرح إحقاق الحق للتستري ، 15/353 ، 22/267 ، ملحقات الإحقاق للمرعشي ، 20/472
(3) - شرح إحقاق الحق للتستري ، 10/171 ، 179 (الحاشية) ، 25/124 ، مسائل خلافية ، لعلي آل محسن ، 69(1/168)
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما عقد المؤاخاة بين أصحابه قال : ((هذا علي أخي في الدنيا والآخرة، وخليفتي في أهلي، ووصيي في أمتي، ووارث عملي وقاضي ديني، ماله مني مالي منه، نفعه نفعي وضره ضري، من أحبه فقد أحبني ومن أبغضه فقد أبغضني)).(1)
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ((سألني أبي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال لي : يا بني، من أخير الناس بعد رسول الله؟ فقلت له : من أحل الله له ما حرَّم على الناس وحرَّم عليه ما أحل للناس، فقال : والله لقد قلت وصدقت، حرمت على علي بن أبي طالب الصدقة وأحلت للناس، وحرم عليهم أن يدخلوا المسجد جنباً وأحل له)).(2)
وسأل رجل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال : ((يا أمير المؤمنين، ما تفسير سبحان الله؟ فقال : إن في هذا الحائط رجلاً كان إذا سئل أنبأ، وإذا سكت ابتدأ، فدخل الرجل فإذا هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه)).(3)
__________
(1) - شرح إحقاق الحق للتستري ، 15/152 ، 195 ، 22/335 ، الإمام علي ، لجواد الخليلي ، 29
(2) - أمالي الطوسي 297 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/120 ، موسوعة الإمام علي ، 8/335 ، غاية المرام ، 6/260
(3) - التوحيد للصدوق 328 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/121 ، 90/177 ، معاني الأخبار ، 10 ، نور البرهان للجزائري ، 2/165 ، جامع أحاديث الشيعة ، 15/397 ، حياة أمير المؤمنين ، 3/163 ، موسوعة العقائد الإسلامية ، 4/255(1/169)
وعن الأعمش قال : ((جاء رجل مشجوج الرأس يستعدي عمر على علي رضي الله عنهما، فقال علي رضي الله عنه : ((مررت بهذا وهو يقاوم امرأة فسمعت ما كرهت، فقال عمر رضي الله عنه : إن لله عيوناً وإن علياً من عيون الله في الأرض. وفي رواية للأصمعي أنه قال : رأيته ينظر إلى حريم الله، فقال عمر : اذهب وقعت عليك عين من عيون الله، وحجاب من حجب الله، تلك يد الله اليمنى يضعها حيث يشاء)).(1)
وعن عروة بن الزبير قال : إن رجلاً وقع في علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمحضر من عمر رضي الله عنه، فقال له عمر رضي الله عنه : تعرف صاحب هذا القبر؟ هو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب، وعلي بن أبي طالب بن عبدالمطلب، فلا تذكر علياً إلا بخير، فإنك إن أبغضته آذيت هذا في قبره)).(2)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 39/88 ، مناقب آل أبي طالب ، 3/64 ، شرح إحقاق الحق ، 8/665 (الحاشية) ، الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 129
(2) - أمالي الطوسي 443 ، أمالي الصدوق 234 ، العمدة 111 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 39/303 40/117 ، موسوعة الإمام علي ، 8/347 ، غاية المرام ، 6/147 ، شرح إحقاق الحق ، 31/206 ، الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 212(1/170)
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ((استعدى رجل عمر رضي الله عنه على علي رضي الله عنهما، وعلي رضي الله عنه جالس فالتفت عمر رضي الله عنه إليه فقال : ((يا أبا الحسن، قم فاجلس مع خصمك، فقام فجلس مع خصمه فتناظرا، وانصرف الرجل فرجع علي رضي الله عنه إلى مجلسه، فتبين عمر التغير في وجهه، فقال : يا أبا الحسن، مالي أراك متغيرا ؟ قال علي رضي الله عنه : كنيتني بحضرة خصمي فهالا قلت : يا علي، قم فاجلس مع خصمك ؟ فاخذ عمر رضي الله عنه برأس علي رضي الله عنه فقبل بين عينيه، ثم قال : بابي أنتم وأمي بكم هدانا الله، وبكم أخرجنا الله من الظلمات إلى النور)).(1)
وكان رضي الله عنه يأمر أصحابه، ويقول : لا تعصوا لعلي أمراً(2).
__________
(1) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 118 ، شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد، 17 /65 ، حياة أمير المؤمنين (ع) عن لسانه، لمحمد محمديان، 3 /121 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ، لمحمد الريشهري، 4 /264 ، غاية المرام، لهاشم البحراني، 5 /262 ، شرح إحقاق الحق، للمرعشي، 8 /205 ، 17 /431 ، 31 /486 ، 32 /195 ، الإمام علي (ع)، لجواد الخليلي، 289
(2) - الكافي ، للكليني ، 7/324 ، التهذيب 2/92 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/305 ، خصائص الأئمة للشريف الرضي ، 84 ، عجائب أحكام المؤمنين ، 70 ، شرح إحقاق الحق ، 31/481(1/171)
وروى القوم أن أسقفاً من نجران سأل عمر رضي الله عنه مسألة فلم يجد له جواباً، وبينما هو كذلك فإذا بباب المسجد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه والجماعة على أقدامهم، وقال : ((يا مولاي، أين أنت عن هذا الأسقف الذي قد علا منه الكلام؟ أخبره يا مولاي بالعجل إنه يريد الإسلام، فأنت البدر التمام، ومصباح الظلام، وابن عم رسول الأنام)).(1)
وفي رواية : ((هذا مشكل لا يحله إلا نبي، أو وصي نبي فقوموا بنا إلى أبي الحسن)).(2)
وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : ((سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إن في علي خصالاً لأن يكون فيَّ إحداهن أحب إليَّ من الدنيا وما فيها، سمعت رسول الله يقول : اللهم ارحمه وترحم عليه، وانصره وانتصر به، وأعنه واستعن به، فإنه عبدك وكتيبة رسولك)).(3)
وعن علي بن الحسين رحمه الله، عن أبيه رضي الله عنهم قال : ((قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : عيادة بني هاشم سنة، وزيارتهم نافلة)).(4)
ولا يفوتك السند.
__________
(1) - الفضائل 202 ، الروضة 145 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/58 ، 31/594 ، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي، 5 / 73
(2) - الفضائل 110 ، الروضة 6 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/269 ، جامع أحاديث الشيعة ، 25/142 ، الأنوار العلوية لجعفر النقدي ، 93 ، نفس الرحمان لنوري الطبرسي ، 417 ، شرح إحقاق الحق ، 8/77
(3) - أمالي الطوسي 372 ، 586 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/71 ، موسوعة أحاديث أهل البيت ، 1/457
(4) - أمالي الطوسي 345 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/121 ، شرح إحقاق الحق ، 24/511 ، الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 116(1/172)
وكثيراً ما كان يردد رضي الله عنه كما تروي كتب القوم : ((اللهم إني أعوذ بك من معضلة ليس لها أبو الحسن، و : لا أبقاني الله لمعضلةٍ ليس لها أبو الحسن، و : لا أبقاني الله بعدك، و : لولا علي لهلك عمر، و : لا عشت في أمة لست فيها يا أبا الحسن، عجزت النساء أن تلدن مثل علي، اللهم لا ترني شدة إلا وأبو الحسن إلى جنبي ،أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن، اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب حيا ، و : يا أبا الحسن منكم أخذنا العلم وإليكم يعود، بعد أن قبَّل ما بين عينيه، و : لا يفتين أحد في المسجد وعلي حاضر)).(1)
ولما دوَّن الدواوين بدأ بالحسن والحسين رضي الله عنهما فملأ حجرهما من المال، فقال ابن عمر رضي الله عنه : ((تقدمهما علي ولي صحبة وهجرة دونهما؟ فقال عمر : اسكت لا أم لك، أبوهما خير من أبيك، وأمهما خير من أمك)).(2)
__________
(1) - تأويل الآيات ، 2/582 ، البرهان 4/174 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 23/163 40/104 ، 148 ، 180 ، 196 ، 227 ، 228 ، 229 ، 233 ، 234 ، 235 ، 236 ، 274 ، 277 ، 286 ، 306 41/141 79/52 ، 53 ، 89 99/219 104/66 ، 386 ، المناقب 2/31 ، الكافي ، للكليني ، 7/265 ، الاختصاص 111 ، الأنوار النعمانية 1/39 ، أمالي الطوسي 490 ، نور الثقلين ، 1/155 2/304 ، إحقاق الحق للتستري ، 8/182 ، 193 ، 201
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 38/9 ، المسترشد للطبري الشيعي ، 284 ، المناقب ، 2/269(1/173)
وعن يحيى بن سعيد قال : ((أمر عمر رضي الله عنه الحسين بن علي رضي الله عنهما أن يأتيه في بعض الحاجة، فقال الحسين رضي الله عنه، فلقيه عبد الله بن عمر رضي الله عنه فقال له الحسين رضي الله عنه : من أين جئت ؟ قال : قد استأذنت على عمر فلم يؤذن لي، فرجع الحسين رضي الله عنه، فلقيه عمر رضي الله عنه فقال له : ما منعك يا حسين أن تأتيني ؟ قال : قد أتيتك، ولكن أخبرني عبد الله بن عمر أنه لم يؤذن له عليك فرجعت. فقال عمر رضي الله عنه : وأنت عندي مثله ؟ وأنت عندي مثله ؟ وهل أنبت الشعر على الرأس غيركم ؟)).(1)
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : ((كنا إذا عددنا أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قلنا : أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم. فقال رجل يا أبا عبد الرحمن فعلي رضي الله عنه ؟ قال علي رضي الله عنه من أهل البيت لا يقاس به أحد، مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي درجته، إن الله يقول : الذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ففاطمة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في درجته وعلي معهما)).(2)
فهل يقول عاقل بعد ذلك بخلاف هذا، وأن عمر رضي الله عنه ظلم آل البيت وفعل وفعل مما تورده كثير من الروايات المكذوبة عنهم؟
وما دمنا في هذا فلا بأس أن نعرج قليلا إلى ذكر مرويات أخرى تناسب الباب :
__________
(1) - شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 12/66 ، شرح إحقاق الحق للمرعشي ، 27/437
(2) - الشيعة في أحاديث الفريقين لمرتضى الأبطحي ، 29 ، شرح إحقاق الحق للمرعشي ، 9/82ش ، نفحات الأزهار لعلي الميلاني ، 12/100 ، 14/368(1/174)
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : خلقت أنا وعلي من نور واحد قبل أن يخلق الله آدم بأربعة آلاف عام، فلما خلق الله آدم ركب فيه ذلك النور في صلبه، فلم يزل شيئا واحدا حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، ففي النبوة وفي علي الوصية)).(1)
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ((رجع عثمان رضي الله عنه إلى علي رضي الله عنه فسأله المصير إليه، فصار إليه فجعل يحد النظر إليه، فقال له علي رضي الله عنه : - يا عثمان -، مالك تحد النظر إلى ؟قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : النظر إلى وجه علي عبادة)).(2)
وعن معاوية بن أبي سفيان أنه كان يرسل أناسا يسال عليا رضي الله عنه عن المشكلات - سواءا معضلاته أو معضلات غيره -، فكان علي رضي الله عنه يجيبه، فقال أحد بنيه : تجيب عدوك ! ؟ فقال رضي الله عنه : أما يكفينا أن احتاجنا وسألنا ؟.(3)
__________
(1) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 139 ، أبوطالب حامي الرسول ، لنجم الدين العسكري ، 124
(2) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 140
(3) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 149 ، طرق حديث الأئمة الإثنا عشر ، كاظم آل نوح ، 88 ، الغدير، للأميني ، 6/81 ، جواهر التاريخ ، للكوراني ، 1/469 ، شرح إحقاق الحق ، 4/389 ، 8/243(1/175)
وروي إن رجلا سال معاوية بن أبي سفيان عن مسالة. فقال : ((اسأل عنها عليا رضي الله عنه فهو أعلم. فقال : يا أمير المؤمنين، جوابك فيها أحب إلي من جواب علي. قال معاوية : بئس ما قلت، لقد كرهت رجلا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يغره بالعلم غرا، ولقد قال له : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وكان عمر إذا أشكل عليه شئ أخذ منه - ويلجأ إلى علي في حل مسائله -. ثم قال معاوية للرجل : قم لا أقام الله رجليك، ومحا اسمه من الديوان. وفي رواية : ولقد كان عمر يسأله ويأخذ عنه ولقد شهدته إذا أشكل عليه شئ قال : هاهنا علي، قم لا أقام الله رجليك)).(1)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 37/267 ، الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 149 ، خلاصة عبقات الأنوار ، 1/52 ، غاية المرام ، 5/208 ، شرح إحقاق الحق ، 30/498 ، نفحات الأزهار ، للميلاني 1/53 ، 10/104 ، 11/167 ، 12/286 ، 17/104 ، 18/221(1/176)
ومر معاوية بن أبي سفيان بالمدينة فجلس في مجلس فيه سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم، فالتفت إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنه فقال : ((يا ابن عباس، إنك لم تعرف حقنا من باطل غيرنا. . . وقرعه ابن عباس رضي الله عنه بجواب فحار منه معاوية، فتركه وأقبل على سعد رضي الله عنه فقال : يا أبا إسحاق، أنت الذي لم تعرف حقنا وجلس فلم يكن معنا ولا علينا. فقال سعد رضي الله عنه : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي رضي الله عنه : أنت مع الحق والحق معك حيثما دار. فقال معاوية : لتأتيني على هذا ببينة. فقال : سعد رضي الله عنه : هذه أم سلمة رضي الله عنها تشهد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقاموا جميعا فدخلوا على أم سلمة رضي الله عنها فقالوا : يا أم المؤمنين، إن الأكاذيب قد كثرت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا سعد يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم نسمعه انه قال - لعلي - : أنت مع الحق والحق معك حيثما دار. فقالت أم سلمة رضي الله عنها : في بيتي هذا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي رضي الله عنه. فقال معاوية لسعد رضي الله عنه : يا أبا إسحاق، ما كان ألوم الآن - أي انك يا سعد ألوم الناس عندي - إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجلست عن علي رضي الله عنه ، لو سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكنت خادما لعلي رضي الله عنه حتى أموت. وفي رواية : فإني لو سمعت من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل الذي سمعت فيه لكنت خادما لعلي رضي الله عنه ما عشت)).(1)
__________
(1) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 150 ، شرح القصيدة الرائية ، لجواد الخليلي ، 462(1/177)
وسأل معاوية يوما جلساءه : من أكرم الناس أبا واما وجدا وجدة وعما وعمه وخالا وخالة ؟ فقالوا : أنت أعلم. فاخذ - معاوية - بيد الحسن بن علي رضي الله عنهما وقال : هذا ! ! أبوه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وجده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وجدته خديجة رضي الله عنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعمه جعفر رضي الله عنه، وعمته هالة بنت أبي طالب رضي الله عنها، وخاله القاسم بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وخالته زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)).(1)
__________
(1) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 157 ، فاطمة والمفضلات من النساء ، عبد اللطيف البغدادي ، 153 ، الأنوار الساطعة ، لغالب السيلاوي ، 267(1/178)
وعن ضرار بن ضمرة وهو من أصحاب علي رضي الله عنه وشيعته أنه دخل ذات يوم على معاوية وكان ذلك بعد شهادة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه . فقال معاوية لضرار بن ضمرة : ((صف لي عليا ؟ فقال ضرار : أو تعفيني ؟ قال : بل صفه. قال : أو تعفيني ؟ قال : لا أعفيك. فبدأ ضرار بذكر فضائل الامام وخلقه وأدبه ثم قال : واشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو قائم في محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين وكأني أسمعه وهو يقول : يا دنيا يا دنيا، إليك عني، أبي تعرضت أم إلي تشوقت ؟ لا حان حينك، هيهات هيهات غري غيري، لا حاجة لي فيك، قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعيشك قصير وخطرك يسير وأملك حقير، آه من قلة الزاد، وطول الطريق، وبعد السفر، وعظيم المورد. فذرفت دموع معاوية حتى خرت على لحيته فما يملكها وهو ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء، ثم قال معاوية : رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك)).(1/179)
(1)
__________
(1) - نهج البلاغة ، خطب الإمام علي (ع) ، 4 /16 ، خصائص الأئمة ، للشريف الرضي ، 71 ، كنز الفوائد ، للكراجكي ، 270 ، الأربعون حديثا ، لمنتجب الدين بن بابويه ، 86 ، مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 1 /371 ، الروضة في فضائل أمير المؤمنين ، لشاذان بن جبرئيل القمي ، 32 ، الفضائل ، لشاذان بن جبرئيل القمي ، 97 ، شرح مئة كلمة لأمير المؤمنين ، لميثم البحراني ، 227 ، حلية الأبرار ، لهاشم البحراني ، 2 /199 ، 211 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 2 /79 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33 /275 ، 34 /284 ، 41 /15 ، 121 ، 70 /128 ، 84 /156 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 16 /299 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 10 /333 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 1 /109 ، 12 /132 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 7 /405 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 1 /76 ، كشف اليقين ، للحلي ، 117 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخن لمحمد الريشهري ، 9 /206 ، 12 /177 ، منهاج الكرامة ، للحلي 160 ، غاية المرام ، لهاشم البحراني ، 7 /17(1/180)
وروي أن أجور التميمي قدم على معاوية بن أبي سفيان وقال : ((يا أمير المؤمنين، جئتك من عند ألام الناس، وأبخل الناس، وأعيى الناس، وأجبن الناس - يقصد بذلك علي رضي الله عنه -. فقال له معاوية : ويلك وأنى أتاه اللؤم ؟ ولكنا نتحدث أن لو كان لعلي رضي الله عنه بيت من تبن وآخر من تبر لأنفد التبر قبل بيت التبن. وأنى له العي وإن كنا نتحدث انه ما جرت المواسي على رأس رجل من قريش أفصح من علي رضي الله عنه. ويلك وأنى أتاه الجبن وما برز له رجل قط إلا صرعه ؟ والله يا بن أجور لولا الحرب خدعة لضربت عنقك، اخرج فلا تقيمن في بلدي)).(1)
وعن جابر رضي الله عنه قال : كنا عند معاوية فذكر علي رضي الله عنه فأحسن ذكره وذكر أبيه وأمه ثم قال : وكيف لا أقول هذا لهم وهم خيار خلق الله وعترة نبيه أخيار أبنا أخيار.(2)
__________
(1) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 158 ، سنن الإمام علي ، لجنة لحديث معهد باقر العلوم ، 168 ، موسوعة الإمام علي ، 8/378 ، شرح إحقاق الحق ، 18/44 ، 31/529 ، 31/540
(2) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 160 ، شرح إحقاق الحق ، 31/541(1/181)
وكان معاوية يكتب فيما ينزل به ليسأل له علي رضي الله عنه عن ذلك، فلما بلغه قتله قال : ((ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب رضي الله عنه. فقال له أخوه عتبة : لا يسمع هذا منك أهل الشام. فقال له : دعني عنك)).(1)
ولما جاء نعي رضي الله عنه إلى معاوية، استرجع، وكان قابلا مع امرأته فاختة بنت قرظة نصف النهار في يوم صائف، فقعد باكيا وهو يقول : ((إنا لله وإنا إليه راجعون، ماذا فقدوا من العلم ؟ فقالت له امرأته : تسترجع عليه اليوم وتبكي وأنت تطعن عليه بالأمس ! فقال : ويحك لا تدرين ما ذهب من علمه وفضله وسوابقه ؟ وما فقد الناس من حلمه وعلمه)).(2)
__________
(1) - منهاج الصالحين ، للخراساني ، 2/270 ، الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 164 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33/172 ، مناقب أهل البيت ، للشيرواني ، 195 ، الغدير ، 3/98 ، أعيان الشيعة ، 1/342 ، العدد القوية ، للحلي ، 250 ، جواهر التاريخ ، للكوراني ، 1/468 ، حقوق آل البيت ، لمحمد الحاج ، 72 ، علي في الكتاب والسنة والأدب ، للحاج الشاكري ، 5/431 ، موسوعة الإمام علي للريشهري ، 8/382 ، بناء المقالة الفاطمية ، لإبن طاووس ، 102 ، شرح إحقاق الحق ، 4/427 ، 8/31 ، 31/837 ، 32/40 ، الثقلان ، لمحسن الحائري ، 71
(2) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 165(1/182)
وسال معاوية عقيلا رضي الله عنه عن قصة الحديدة المحماة. فبكى عقيل رضي الله عنه وقال : ((أنا أحدثك يا معاوية عنه، ثم أحدثك عما سالت. نزل بالحسين رضي الله عنه ابنه ضيف فاستسلف درهما اشترى به خبزا، واحتاج إلى الادام، فطلب من قنبر خادمهم أن يفتح له زقا من زقاق العسل جاءتهم من اليمن، فاخذ منه رطلا، فلما طلبها علي رضي الله عنه ليقسمها قال : يا قنبر، أظن أنه حدث بهذا الزق حدث، فأخبره. فغضب رضي الله عنه وقال : علي بالحسين، فرفع عليه الدرة. فقال الحسين رضي الله عنه : بحق عمي جعفر - وكان علي رضي الله عنه إذا سئل بحق جعفر سكن -. فقال له : فداك أبوك، وإن كان لك فيه حق، فليس لك أن تنتفع بحقك قبل أن ينتفع المسلمون بحقوقهم ! أما لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبل ثنيتك لأوجعتك ضربا. ثم دفع إلى قنبر درهما كان مصرورا في ردائه وقال : اشتر به خير عسل تقدر عليه. قال عقيل : والله لكأني أنظر إلى يدي علي رضي الله عنه وهي على فم الزق، وقنبر يقلب العسل فيه، ثم شده وجعل يبكي ويقول : اللهم اغفر لحسين فإنه لم يعلم ! ! فقال معاوية : ذكرت من لا ينكر فضله، رحم الله أبا حسن، فلقد سبق من كان قبله، وأعجز من يأتي بعده ! هلم حديث الحديدة. قال عقيل : نعم، أقويت وأصابتني مخمصة شديدة فسألته فلم تند صفاته، فجمعت صبياني وجئته بهم، والبؤس والضر ظاهران عليهم. فقال رضي الله عنه : ائتني عشية لأدفع إليك شيئا، فجئته يقودني أحد ولدي فأمره بالتنحي، ثم قال : ألا فدونك فأهويت - حريصا قد غلبني الجشع - أظنها صرة فوضعت يدي على حديدة تلتهب، فلما قبضتها نبذتها وخرت كما يخور الثور تحت يد جازره. فقال رضي الله عنه : ثكلتك أمك ! أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه - بنار هذه الدنيا - وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه ! أتئن من الأذى ولا أئن من لظى ؟ ثم قرأ : إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون.(1/183)
ثم قال : ليس لك عندي فوق حقك الذي فرضه الله لك إلا ما ترى، فانصرف إلى أهلك. فجعل معاوية يتعجب من هذه الحكاية ويقول : هيهات هيهات ! عقمت الأمهات أن يلدن مثله)).(1)
ولو أردنا استيفاء كل ما جاء في هذا الشأن من موارد لطال الباب وخرجنا عن خطة الكتاب. ولكن فيما ذكرنا كفاية لمن أراد الله له الهداية.
روايات فضائل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه من طرق أهل السنة
وربما يتوهم متوهم هنا، أن أهل السنة والجماعة لا يروون أمثال هذه الفضائل في كتبهم، حسداً وبغضاً لأهل البيت رضي الله عنهم كما يروج ذلك أعدائهم. فأقول : إن من إنصاف أهل السنة إنهم يردون أي حديث أو رواية في فضائل الشيخين وسائر الصحاية رضي الله عنهم أجمعين إن كانت ضعيفة، ويأخذون بأحاديث فضائل أمير المؤمنين رضي الله عنه إن كانت صحيحة، خلافا لمنهج سواهم من فرق المسلمين.
ومصنفات أهل السنة مليئة بروايات فضائل أهل البيت رضي الله عنهم، سواء صحت أو لم تصح، يذكرونها أمانة في النقل، لإيراد كل ما جاء في الباب دون إعتبار صحة السند، كشأن جل المصنفِين، عملاً بمقولة أن من أسند فقد برئت ذمته. وهذه نماذج مختصرة لبعض الراويات التي حونها مصادر أهل السنة في فضائل علي رضي الله عنه، تردُ على من يتهمهم بأنهم يكتمون فضائله. يذكرونها رغم أن جلها لم يصح، فكيف يزعمون أنهم كتموا ما صح !
- علي سيد المسلمين
- علي إمام المتقين
- علي قائد الغر المحجلين
- علي يعسوب المؤمنين
- علي ولي المتقين
- علي يعسوب الدين
- علي أمير المؤمنين أمير كل مؤمن
- علي سيد ولد آدم ما خلا النبيين
- علي خاتم الوصيين
- علي أول من يرى رسول الله يوم القيامة
- علي أول من يصافح النبي يوم القيامة
- علي الصديق الأكبر
- علي فاروق هذه الأمة
- علي الفاروق بين الحق والباطل
- علي أول من صدق رسول الله آمن رسول الله
__________
(1) - الإمام علي (ع) في آراء الخلفاء لمهدي فقيه إيماني ، 166(1/184)
- علي أول من آمن بالله
- علي يعسوب المسلمين
- علي خليفة رسول الله في أمته من بعده
- علي يعسوب قريش
- علي خير من تركه رسول الله
- علي سيد العرب
- علي سيد في الدنيا والآخرة
- علي سيد المؤمنين
- علي وزير رسول الله
- علي صاحب رسول الله
- علي أول من وحد الله مع رسوله
- علي منجز وعد رسول الله
- علي موضع سر رسول الله
- علي خير من تركه اخلفهرسول الله من بعده
- علي قاضي دين رسول الله
- علي أخو رسول الله في الدنيا والآخرة
- علي عيبة علم رسول الله
- علي باب رسول الله الذي يؤتى منه
- علي وصي رسول الله
- علي القائم بأمر رسول الله
- علي الإمام على أمة رسول الله إمام الأمة
- علي خليفة الله في أرضه بعد رسوله
- علي إمام خلق الله البرية
- علي مولى البرية
- علي وارث علم رسول الله
- علي أبو ذرية النبي ولد النبي
- علي عاضد رسول الله
- علي أمين رسول الله على وحيه
- علي مولى من كان رسول الله مولاه
- علي صاحب لواء رسول الله في المحشر
- علي قاضي عداء رسول الله
- علي الذائد عن حوض رسول الله
- علي أبو هذه الأمة
- علي صاحب حوض رسول الله
- علي قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين
- علي ولي المؤمنين كل مؤمن بعد رسول الله
- علي صفي رسول الله
- علي حبيب رسول الله
- علي سيد الأوصياء الوصيين
- علي أفضل الوصيين
- علي خاتم الأوصياء
- علي خير الأوصياء الوصيين
- علي إمام الأتقياء
- علي وارث النبي
- علي سيف الله
- علي الهادي
- علي أبو الأئمة الطاهرين
- علي أقدم الناس سلما
- علي وزير رسول الله في السماء والأرض
- علي أحب الأوصياء إلى الله
- علي أعظم أشرف الناس حسبا
- علي أكرم الناس منصبا
- علي أرحم الناس بالرعية
- علي أعدل الناس بالسوية في الرعية
- علي أبصر الناس بالقضية
- علي ولي الله
- علي ولي رسول الله في الدنيا و الآخرة
- علي ولي المؤمنين بعد رسول الله
- علي المؤدي عن رسول الله
- علي إمام كل مؤمن ومؤمنة(1/185)
- علي ولي كل مؤمن ومؤمنة
- علي الآخذ بسنة رسول الله
- علي الذاب عن ملة رسول الله
- علي أولى الناس بعد رسول الله
- علي أول الناس المؤمنين إيمانا
- علي أوفى الناس المؤمنين بعهد الله
- علي أقوم الناس بعهد الله
- علي أقسم الناس المؤمنين بالسوية
- علي أرأف الناس المؤمنين بالرعية
- علي أعدل الناس في الرعية
- علي أمين الله على سره
- علي أعظم الناس عند الله مزية
- علي سيد الأولين والآخرين ما خلا النبيين
- علي قبلة العارفين
- علي أول المسلمين الأصحابإسلاما
- علي أقدم الأمة سلما إيمانا
- علي أكثر الأمة علما
- علي أعظم الأمة أفضل الأمة
- " أوفر الأمة حلما أحلم الناس
- علي أحسن الناس خلقا
- علي أعلم الأمة بالله
- علي أول الناس ورودا على الحوض
- علي آخر الناس عهدا برسول الله
- علي أول الناس لقيا برسول الله
- علي أشجع الناس قلبا
- علي أسخى اسمح الناس كفا
- علي قسيم الجنة والنار
- علي أصح الناس دينا
- علي أفضل الناس يقينا
- علي أكمل الناس حلما
- علي راية الهدى
- علي منار الإيمان
- علي إمام أولياء الله
- علي نور جميع من أطاع الله
- علي صاحب راية رسول الله يوم القيامة
- علي أمين رسول الله
- علي ثقة رسول الله
- على مفاتيح خزائن رحمة الله
- علي كبير الناس
- علي نور أولياء الله
- علي إمام من أطاع الله
- علي أمين رسول الله في القيامة
- علي صاحب حوض رسول الله
- علي حبيب قلب رسول الله
- علي مستودع مواريث الأنبياء
- علي أمين الله على أرضه
- علي حجة الله على بريته
- علي ركن الإيمان
- علي عمود الاسلام
- علي مصباح الدجى
- علي منار الهدى
- علي العلم المرفوع لأهل الدنيا
- علي الطريق الواضح
- علي الصراط المستقيم
- علي الكلمة التي ألزمها الله المتقين
- علي أعلم المؤمنين بأيام الله
- علي أعظم المؤمنين رزية
- علي غاسل رسول الله
- علي دافن رسول الله
- علي المتقدم إلى كل شديدة وكريهة(1/186)
- علي أقوم الناس بأمر الله
- علي الرؤف بالناس
- علي الأواه
- علي الحليم
- علي أفضل الناس منزلة
- علي أقرب الناس قرابة
- علي أعظم الناس غنى
- علي حجة رسول الله
- علي باب الله
- علي خليل الله
- علي خليل رسول الله
- علي سيف رسول الله
- علي الطريق إلى الله
- علي النباء العظيم
- علي المثل الأعلى
- علي إمام المسلمين
- علي سيد الصديقين
- علي قائد المسلمين إلى الجنة
- علي اتقى الناس
- أفضل الناس هذه الأمة
- أعلم الناس
- صالح المؤمنين
- عالم الناس الدال
- العابد
- الهادي
- المهدي
- الفتى
- المجتبى للإمامة
- صاحب رسول الله في المقام المحمود
- الملك في الآخرة
- صاحب سر رسول الله
- الأمين في أهل الأرض
- الأمين في أهل السماء
- محيي سنة رسول الله
- ممسوس في ذات الله
- أكمل الأمة يقينا
- مقيم الحجة
- حجة النبي على أمته يوم القيامة
- علي شيخ المهاجرين والأنصار
- لحم رسول الله ودمه وشعره
- أبو السبطين
- أبو الريحانتين
- مفرج الكرب عن رسول الله
- أسد الله في أرضه
- سيف الله على أعدائه
- حبيب الله
- حامل راية رسول الله
- صاحب لواء الحمد
- أول من يدخل الجنة
- أول من يقرع باب الجنة
- رباني هذه الأمة
- ديان العرب
- ديان هذه الأمة
- ذو قرني الجنة
- عبقري أصحاب رسول الله
- أمير البررة ، وقاتل الفجرة، وقاتل الكفرة
- الأخيشن الأخشن المخشوشن الأخشى في ذات الله.
- علي صهر رسول الله
- خير البشر
- خير الناس
- خير الناس
- خير الرجال
- خير هذه الأمة بعد نبيها
- خير من طلعت عليه الشمس وغربت بعد النبي
- صاحب رسول الله في الجنة
- أمير آيات القرآن
- صاحب لواء رسول الله في الدنيا والآخرة
- إمام البرزة
- رفيق رسول الله في الجنة
- أحب الخلق إلى الله ورسوله
- باب العلم
- أحب الرجال إلى النبي
- أقرب الناس من رسول الله
- أجود الناس منزلة
- أعظم الناس عند الله عناء
- أعظم الناس على الله
- علي قائد الأمة إلى الجنة(1/187)
- حجة الله على الناس بعد رسول الله
- أمين رسول الله
- الصديق
- الشاهد
- أقرب الناس إلى الجنة
- قائد المؤمنين إلى الجنة
- المهتدي
- أبو اليتامى والمساكين
- زوج الأرامل
- ملجاء كل ضعيف
- مأمن كل خائف
- حبل الله المتين
- العروة الوثقى
- كلمة التقوى
- عين الله
- لسان الله الصادق
- جنب الله
- يد الله المبسوطة على عباده بالمغفرة والرحمة
- باب الحطة
- علي أول من صدق رسول الله
- أول من وحد الله
- باب علم رسول الله
- باب مدينة العلم
- أبو العترة الطاهرة الهادية
- وارث علم النبيين
- أحكم الناس حكما
- حجة الله في أرضه بعد النبي
- علي أمين رسول الله على حوضه
- ولي كل مؤمن ومؤمنة كل مسلم ومسلمة
- ولي من كان رسول الله وليه
- خليفة الله على عباده
- المبلغ من الله ورسوله
- قاصم عداة رسول الله
- خدن رسول الله..........وغيرها كثير.
أهل البيت رحمهم الله وفضائل الصحابة رضوان الله عليهم
ولم يكن حال بقية الأئمة رحمهم الله ورضي عنهم خلاف حال الأمير رضي الله عنه في حب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ومعرفة قدرهم وصدقهم كما مرَّ بك من روايات. وإليك المزيد :(1/188)
فهذا الحسين رضي الله عنه يحتج على أعدائه يوم كربلاء ويأمرهم بسؤال من بقي من الصحابة رضوان الله عليهم ليخبروهم بفضله، حيث قال : ((وإن كذبتموني فإن فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم، اسألوا جابر بن عبدالله الأنصاري، وأبا سعيد الخدري، وسهل بن سعد الساعدي، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك رضي الله عنهه ، يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة -أي : قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في السبطين رضي الله عنهما : هذان سيدا شباب أهل الجنة- من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لي ولأخي)).(1)
فهل رأى رضي الله عنه في هؤلاء كاتمين لفضائل أهل البيت رضي الله عنهم وهو يأمر أعداءه بسؤالهم؟!
وهذا ولده زين العابدين رحمه الله عنه يروي عنه سعيد بن مرجانة : كنت يوما عند علي بن الحسين رضي الله عنه فقلت سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله تعالى بكل إرب منها إربا منه من النار حتى أنه ليعتق باليد اليد وبالرجل الرجل وبالفرج الفرج فقال علي رحمه الله أنت سمعت هذا من أبي هريرة رضي الله عنه؟ فقال سعيد نعم فقال لغلام له أفره غلمانه وكان عبد الله بن جعفر قد أعطاه بهذا الغلام ألف دينار فلم يبعه أنت حر لوجه الله تعالى)).(2)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 45/7 ، العوالم للبحراني ، 251 ، لواعج الأشجان لمحس الأمين ، 127 ، معالم المدرستين ، لمرتضى العسكري ، 3/97 ، موسوعة كلمات الإمام الحسين ، 507 ، الدر النظيم ، 552 ، صحيفة الحسين للقيومي ، 288 ، موسوعة شهادة المعصومين ، 2/199 ، أبصار العين للسماوي ، 33 ، شرح إحقاق الحق ، 11/621 ، 27/140
(2) - كشف الغمة للإربلي ، 2/290 ، جهاد الإمام السجاد للجلالي ، 146 ، مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) ، لمحمد بن طلحة ، 416(1/189)
وهذا الصادق رحمه الله وقد سأله ابن حازم عن أصحاب رسول الله صدقوا على محمد أم كذبوا؟ فيقول : ((بل صدقوا، قلت : فما بالهم اختلفوا؟ فقال : أما تعلم أن الرجل كان يأتي رسول الله فيسأله عن المسألة فيجيبه فيها بالجواب، ثم يجيبه بعد ذلك بما ينسخ ذلك الجواب، فنسخت الأحاديث بعضها البعض)).(1)
ولعمري ما حاد قول أهل البيت رضي الله عنهم عن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خطبة الوداع وفي مرض موته : ((ليبلغ الشاهد الغائب، وكذا قال في مرض موته صلى الله عليه وآله وسلم)).(2)
فلم يكن يراهم كذابين ويأمرهم بالتبليغ.
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 1/65 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/228 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 2/326 ، (الحاشية) على أصول الكافي ، للكليني ، للنائيني ، 218 ، نهاية الدراية للصدر ، 308 ، جامع أحاديث الشيعة ، 1/268 ، رسائل في دراية الحديث للبابلي ، 1/418 ، موسوعة أحاديث أهل البيت ، 2/427 ، 3/90 ، الأصول الأصيلة للقاساني ، 90 ، تنزييه الشيعة للتبريزي ، 1/200
(2) - الكافي ، للكليني ، 1/403 ، الخصال ، للصدوق ، 2/84 الطرف 19 ، 33 ، 34 ، الشافي 177 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 21/138 ، 381 ، 22/478 ، 486 ، 23/165 ، 27/69 ، 27/69 ، 52/262 ، 77/119 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، 7/17 ، 11/277 ، وسائل الشيعة ، 27/60 ، 18/64 ، مستدرك الوسائل ، 12/89 ، مصباح البلاغة ، 1/340 ، كتاب سليم بن قيس ، 208 ، الإحتجاج ، 1/221 ، منية المريد للشهيد الثاني ، 370 ، مستدرك سفينة البحار ، 3/83 ، 8/144 ، درر الأخبار ، 176 ، 498 ، موسوعة أحاديث أهل البيت ، 11/286(1/190)
وعندما كان من يدعي أنه من شيعة أهل البيت في الكوفة يشتمون أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد سأله أبو حنيفة رحمه الله، وقال : ((يا ابن رسول الله، لو أرسلت إلى أهل الكوفة فنهيتهم أن يشتموا أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإني تركت بها أكثر من عشرة آلاف يشتمونهم؟ فقال الصادق رحمه الله : لا يقبلون مني)).(1)
ولعمري فقد صدق الصادق رحمه الله، فلا يزال أهل الكوفة هم أهل الكوفة إلى يومنا هذا.
وكيف يرضى بشتمهم وقد علم أن جده صلى الله عليه وآله وسلم نهى أصحابه عن سب أبي جهل وهو من هو، فقال : ((يأتيكم عكرمة مؤمناً مهاجراً فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ)).(2)
وقال لأبيه : ((إن الله يا أبا جهل إنما دفع عنك العذاب لعلمه بأنه سيخرج من صلبك ذرية طيبة عكرمة ابنك)).(3)
وعكرمة رضي الله عنه أسلم بعد فتح مكة، فهل كان أبو جهل رأس الكفر كالصديق والفاروق وذي النورين وبقية المهاجرين والأنصار والأصحاب رضي الله عنهم؟!
وكيف يرضى بلعنهم وقد علم أن جده أمير المؤمنين رضي الله عنه قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إذا لعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقب عند ذلك ثلاثة : الريح الحمراء، والخسف، والمسخ. . الحديث)).(4)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/220 ، شرح إحقاق الحق ، 28/359 ، مناظرات في العقائد والأحكام ، 2/267
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 21/144 ، المنتقى ، فيما كان سنة ثمان من الهجرة ، بعض ما جاء في غزوة فتح مكة ، مركز المصطفى ، صفحة السيرة الحلبية
(3) - تفسير الإمام العسكري 212 ، الإحتجاج ، 18 ، بحار الأنوارن 9/279 ، 17/352 ، الإحتجاج ، للطبرسي ، 1/37 ، مستدركات علم الحديث ، للشاهرودي ، 5/258
(4) - الخصال ، للصدوق ، 2/91 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 6/304 ، 305 52/193 77/157 ، كمال الدين ، للصدمق ، 477 ، أمالي الطوسي 528(1/191)
وفي رواية : ((إذا لعن آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم فليظهره فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على محمد. وفي أخرى : إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كتم حديثا فقد كتم ما أنزل الله)).(1)
فالأئمة كانوا يحبون أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم جميعاً، بل قد رووا فضائلهم وأثنوا عليهم، ودافعوا عنهم، ولكن من ينتسب إلى هؤلاء الأئمة هم الذين يسبون، ووضعوا في ذلك روايات ونسبوها إلى الأئمة، ولم يستجيبوا للأئمة في ترك السب لهوى في نفوسهم والله حسيبهم ومجازيهم.
والحق أن هذه المسألة يطول فيها الكلام، ولو ذهبنا إلى إيراد كل ما ورد في فضل الصحابة رضي الله عنهم -من كتب الشيعة- لطال بنا المقام، ولكن فيما أوردناه في هذه العجالة كفاية لمن شرح الله صدره.
عقيدة الشيعة في الصحابة
والآن، وبعد أن عشنا كل هذه اللحظات المفعمة بالحب والثناء المتبادل بين الآل والأصحاب رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين. نأتي إلى السؤال الجدير بالطرح هنا وهو : ما موقف القوم وهم يدعون إتباعهم لأهل البيت رحمهم الله من تلك الروايات وكلها من طرق الأئمة وثابتة في مصنفاتهم وقد رأيت أنها تخالف عقيدتهم في الصحابة؟
وستقف عزيزي القارئ هنا على حقيقة أن التشيع شيء والترفض شيء آخر.
وقد عزمت إن شاء الله تعالى إن كان في العمر بقية، أن أصنف كتاب في هذا الشأن، اخترت له اسم أئمة أهل البيت وأئمة الرافضة صورتان متضادتان. سيقف فيه القارئ على حقيقة أن جل ما في أيدي الشيعة اليوم ليس له صلة بأئمة أهل البيت رحمهم الله، وإنما هو من وضع أئمة الرافضة، ونسبت زوراً إلى أهل البيت رحمهم الله.
__________
(1) - العلم والحكمة في الكتاب والسنة ، لمحمد الريشهري ، 308 ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 3/2076 ، موسوعة العقائد الإسلامية ، لمحمد الريشهري ، 2/332(1/192)
وقبل أن نجيب على موقف الشيعة ونقصد هنا تحديدا الرافضة عن موقفهم من هذه الروايات، نبين بإيجاز نتفاً من هذه العقيدة حتى تتضح الصورة، وندع الروايات هي التي تتكلم :
أول هذه الروايات التي وضعوها ونسبوها إلى الأئمة تذكر أن الصحابة رضوان الله عليهم قد ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يبق إلا علي وبنو هاشم وأبو ذر وسلمان في أناس يسير(1).
ثم جاءت روايات أخرى استثنت الكثير ممن في الرواية السابقة، فنسبوا إلى الصادق رحمه الله أنه قال : ((الولاية للمؤمنين الذين لم يغيروا ولم يبدلوا بعد نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم واجبة، مثل : سلمان الفارسي، وأبي ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود الكندي، وعمار بن ياسر، وجابر بن عبدالله الأنصاري، وحذيفة بن اليمان، وأبي الهيثم بن التيهان، وسهل بن حنيف، وأبي أيوب الأنصاري، وعبدالله بن الصامت، وعبادة بن الصامت، وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين، وأبي سعيد الخدري، ومن نحا نحوهم وفعل مثل فعلهم)).(2)
__________
(1) - كتاب سليم بن قيس ، 249 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/297 ، موسوعة كلمات الإمام الحسين ، 141 ، موسوعة شهادة المعصومين ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم ، 2/24 ...
(2) - عيون الأخبار ، 269 ، الخصال ، للصدوق ، 2/153 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/227 ، 358 ، 22/325 ، 27/52 ، 68/263 ، نور الثقلين ، 4/258 ، مستدركات سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 1/202 ، موسوعة أحاديث أهل البيت ، لهادي النجفي ، 8/420 ، مستدركات علم رجال الحديث ، لعلي النمازي ، 1/25 ، سر الإسراء في شرح حديث المعراج ، لعلي سعادت ، 1/260(1/193)
وعزَّ على آخرين أن يروا هذا العدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يرتد، فجعلوهم أربعة، فرووا عن علي رضي الله عنه أنه قال : ((إن الناس ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله غير أربعة)). وحددوا هؤلاء الأربعة بالمقداد بن الأسود، وأبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وعمار بن ياسر(1).
__________
(1) - كتاب سليم بن قيس ، 162 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/28/282.(1/194)
ثم أسقط عمار بن ياسر رضي الله عنه، فرووا عن الباقر رحمه الله أنه قال : ((كان الناس أهل ردة، وفي رواية : ارتد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا ثلاثة، فقال الراوي : ومن الثلاثة؟ قال : المقداد، وأبو ذر، وسلمان الفارسي. وفي رواية : عن الصادق قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ارتد الناس كفارا إلا ثلاثا : سلمان والمقداد وأبوذر)).(1/195)
(1)
__________
(1) - تفسير العياشي ، 1/223 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/333 ، 351 ، 352 ، 440 ، 28/236 ، 238 ، 239 ، 255 ، 259 ن 34/274 ، 42/181 ، 46/165 ، 67/164 ، 108/308 ، 110/6 ، الكشي ، 4 ، 5 ، 8 ، 9 ، 11 ، تاريخ اليعقوبي ، 2/116 ، الكافي ، للكليني ، 8/245 ، 2/244 (الحاشية) ، الاختصاص ، 6 ، 10 ، 70 ، قاموس الرجال ، 3/350 ، تفسير البرهان ، 1/319 ، التفسير الصافي ، 1/389 ، تأويل الآيات ، 1/123 ، نور الثقلين ، 1/396 ، أعيان الشيعة للأمين ، 27/195 ، رجال ابن داود ، 218 ، نتائج الأفكار ، ل الگلپايگاني ، 196 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 4/116 ، اللمعة البيضاء ، للتبريزي الأنصاري ، 585 ، 681 ، أضواء على عقائد الشيعة ، لجعفر السبحاني ، 522 ، 525 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 20/179 ، 208 أنظر أيضاً (الحاشية) ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 7/135 ، 9/196 ، 198 ، 19/341 ومابعدها ، تهذيب المقال ، للأبطحي ، 5/434 (الحاشية) ، خلاصة الأقوال ، للحلي ، 223 ، 305 ، التحرير الطاووسي ، للشيخ حسن ، 393 ، 555 ، 663 ، نقد الرجال ، للتفرشي ، 1/373 ، 2/126 ، 3/318 ، 4/414 ، جامع الرواة ، 1/260 ، 614 ، 2/262 ، 387 ، الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ، لعلي خان المدني ، 223 ، 415 ، الإمام علي بن أبي طالب ، لأحمد الرحماني الهمداني ، 490 ، نفس الرحمن في فضائل سلمان ، للنوري الطبرسي ، 576 ، 580 ، 875 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/259 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 9/188 ، الرواشح السماوية ، لميرداماد ، 119 ، 215 ، 313 ، كتاب الأربعين ، للماحوزي ، 291 ، رجال الطوسي ، 1/38 ، 51 ، الفوائد الرجالية ، لبحر العلوم ، 3/342 (الحاشية) ، طرائف المقال ، لعلي البروجردي ، 2/80 ، 116 ، الرسائل الرجالية ، للكلباسي ، 3/18 ، 4/440 ، مستدركات علم الرجال ، لعلي النمازي ، 2/89 ، 3/220 ، قاموس الرجال ، للتستري ، 9/150 ، 10/227 ، جواهر التاريخ ، للكوراني ، 1/27 ، مجمع النورين ، لأبوالحسن المرندي ، 76 ، 92 ، مجمع البحرين ، للطريحي ، 1/438 ، غاية المرام ، للبحراني ، 6/42 ، شرح إحقاق الحق ، 3/40 (الحاشية) ، الأسرار الفاطمية ، للمسعودي ، 370 ، الثقلان ، للحائري ، 48 ، الروض النضير في معنى الغدير ، لفارس حسون ، 177 ، المنتخب من الصحاح ، للأنصاري ، 160 ، 258 ، شفاء الصدور في زيارة العاشور ، للأبي الفضل الطهراني ، 1/287 ، كشف الحقائق ، لعلي آل محسن ، 173 ، نشأة التشيع ، لطالب الخرسان ، 137(1/196)
وعن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر قال : ((إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما قبض صار الناس كلهم أهل جاهلية إلا أربعة على والمقداد وسلمان وأبو ذر، فقلت : فعمار ؟ فقال : إن كنت تريد الذين لم يدخلهم شيء فهؤلاء الثلاثة)).(1)
ولا أدري أين ذهب الحسن والحسين وفاطمة وبقية أهل البيت رضي الله عنهم !؟
وعن المفضل قال : ((عرضت على أبي عبدالله أصحاب الردة، فكلما سميت إنساناً، قال : اعزب، حتى قلت : حذيفة؟ قال : اعزب، قلت : ابن مسعود؟ قال : اعزب، ثم قال : إن كنت تريد الذين لم يدخلهم شيء فعليك بهؤلاء الثلاثة : أبي ذر، وسلمان، والمقداد)).(2)
وعن حمران بن أعين قال : ((قلت لأبي جعفر : جعلت فداك، ما أقلنا، لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها، فقال : ألا أحدثك بأعجب من ذلك؟ المهاجرين والأنصار ذهبوا، إلا -وأشار بيده ثلاثة- فقلت : جعلت فداك، ما حال عمار؟ قال : رحم الله عماراً أبا اليقظان بايع وقتل شهيداً، فقلت في نفسي : ما شيء أفضل من الشهادة؟ فنظر إليَّ، فقال : لعلك ترى أنه مثل الثلاثة، هيهات، هيهات)).(3)
__________
(1) - تفسير العياشي ، 1/199 ، غاية المرام لهاشم البحراني ، 4/220 ، 6/41 ، نفس الرحمن في فضائل سلمان للنوري الطبرسي ، 577 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/333
(2) - مستطرفات السرائر ، للحلي ، 549 ، روضة الواعظين ، 242 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/114 ، 332 ، 342 ، نفس الرحمن في فضائل سلمان ، للنوري الطبرسي ، 577
(3) - الكافي ، للكليني ، 2/244 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/345 ، 33/11 ، 64/164 ، رجال الكشي ، 31 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 9/195 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 9/187 ، ألف حديث في المؤمن ، لهادي النجفي ، 255 ، إخيتار معرفة الرجال ، للطوسي ، 1/37 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 7/287 ، جواهر التاريخ ، للكوراني ، 1/27 ، نفس الرحمن في فضائل سلمان ، للنوري الطبرسي ، 578(1/197)
أقول : لعل سبب ذلك أنه رضي الله عنه كثيراً ما كان يردد : ((غداً ألقى الأحبة، محمداً وصحبه، وفي لفظ : وحزبه)).(1)فشطب اسمه من قائمة غير المرتدين.
ثم أسقط الجميع سوى المقداد، فرووا عن الباقر أنه قال : (إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شيء فالمقداد)).
وفي رواية : ((ما بقي أحد إلا وقد جال جولة، إلا المقداد بن الأسود فإن قلبه كان مثل زبر الحديد)).(2)
ولعل سبب إسقاطهم لسلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري رضي الله عنهما أيضا، أنهما كانا يتوليان أبوبكر وعمر رضي الله عنهما، فحسب الأول أنه كان والياً للفاروق رضي الله عنه على المدائن(3)، وكان يردد كشأن عمار : غداً ألقى الأحبة محمداً وصحبه.
أما الآخر فقد مرَّ بك طرف من قوله لعثمان رضي الله عنه : ((اتبع سنة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام.
وفي رواية : ((أما رأيت رسول الله ورأيت أبا بكر وعمر، هل هديك كهديهم؟ فدفعا ثمن ذلك)).
__________
(1) - الخصال ، للصدوق ، 158 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/360 33/11 ، 14 ، 20 ، 21 ، رجال الكشي ، 31 ، كشف الغمة ، 1/261 ، كفاية الأثر ، 120 ، الاختصاص ، 10.
(2) - رجال الكشي ، 7 ، 8 ، 11 ، الاختصاص ، للمفيد ، 9 ، 10 ، 11 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/342 ، 440 ، 28/239 ، 260 ، رجال الطوسي ، 1/46 ، التحرير الطاووسي ، 556 ، الفوائد الرجالية ، لبحر العلوم ، 3/342 ، معجم رجال الخوئي ، 19/341 ، قاموس الرجال ، للتستري ، 10/227 ، أضواء على عقائد الشيعة ، لجعفر السبحاني ، 523
(3) - الاختصاص ، 9 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/260.(1/198)
أما القوم فيذكرون أن سبب ذلك ما رووه عن الصادق رحمه الله أنه قال : ((إن سلمان كان منه إلى ارتفاع النهار، فعاقبه الله أن وجيء في عنقه حتى صيرت كهيئة السَّلعة حمراء، وأبو ذر كان منه إلى وقت الظهر، فعاقبه الله إلى أن سلَّط عليه عثمان حتى حمله على قتب وأكل لحمة إليته وطرده عن جوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأما الذي لم يتغير منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى فارق الدنيا طرفة عين فالمقداد بن الأسود)).(1)
ولعل أن تكون هناك رواية أسقطته أيضاً ولم أقف عليها.
ولا يختلف هذا الأمر عند الشيعة المعاصرين وقد ذكرنا بعضاً من ذلك في كتابنا التقية الوجه الآخر. والبحث في هذا طويل وقد جمعنا في هذا الباب مئات الأدلة والشواهد على عقيدة الشيعة في الصحابة وستجده إن شاء الله تعالى في كتابنا تسديد الإصابة لمن أنكر تكفير الشيعة للصحابة ضمن سلسلة الحقائق الغائبة. ولكن لا بأس من ذكر قول أو أكثر لبعض المعاصرين لمناسبة المقام.
يقول المظفر : ((مات النبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - ولا بدَّ أن يكون المسلمون كلهم , لا أدري الآن قد انقلبوا على أعقابهم)).(2)
ويقول آخر : ((جاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهدى خلقا كثيرا لكنهم بعد وفاته ارتدوا على أعقابهم)).(3)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/360 ، 374 ، 28/259 ، الإحتجاج ، للطبرسي ، 41 ، الفضائل ، 113 ، الإختصاص ، للمفيد ، 9 ، مستدرك سفينة البحار ، 8/424 ، معجم رجال الخوئي ، 19/346 ، مجمع النورين ، للمرندي ، 92 ، نفس الرحمن في فضائل سلمان ، 851
(2) - السقيفة لمحمد رضا المظفر ، 24
(3) - إحقاق الحق لنور الله التستري ، 315(1/199)
ويقول آخر : ((فكشف الله تعالى برسوله طريق الحق وأوضح لهم نهج الصدق فأسلم القليل شوقا إلى نور الأنوار، أو خوفا من دخول النار، واستسلم الكثير رغبة في جاه الرسول المختار لما سمعوا في ذلك عن راهبيهم من الأخبار أو رهبة عن اعتضاده بصاحب ذي الفقار، والذين معه أشداء على الكفار فداموا مجبولين على توشح النفاق وترشح الشقاق. يتبسم في كل وقت ثغورهم، والله يعلم ما تكن صدورهم)).(1)
ويقول آخر : ((أن لعن الشيعة للصحابة أسوة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واقتفاء لأثره. . وإنهم مطرودين من الحضرة النبوية وملعونين من الله على لسان سفيره)).(2)
ويقول آخر : ((إن حديث ارتداد الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الأحاديث المتواترة، ووجهه أن إنكار ضروري الدين والمذهب يوجب الإرتداد، فلما كانت الإمامة والخلافة أصلاً من أصول الدين، ومما آتاه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بالقطع فمن ردّ على الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأنكر ماجاء به يكون مرتداً بإجماع المسلمين. وهذا معني ارتداد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا الثلاثة المذكورة)).(3)
روايات عن الأئمة رحمهم الله تناقض مسألة ردة الصحابة رضي الله عنهم
__________
(1) - شرح إحقاق الحق للمرعشي ، 1/6
(2) - الإسلام في ضوء التشيع ، لحسين الخراساني ، 88 هـ
(3) - إحقاق عقائد الشيعة ، لآية الله العظمي محمد الوحيدى ، 108(1/200)
والطريف أن من تناقضات القوم التي لا تنتهي، أنهم أوردوا روايات تناقض روايات الارتداد، كرواية الكافي عن الباقر رحمه الله أنه قال : ((إن الناس لما صنعوا ما صنعوا إذ بايعوا أبا بكر لم يمنع أمير المؤمنين من أن يدعو إلى نفسه إلا نظره للناس، وتخوفاً عليهم أن يرتدوا عن الإسلام، فيعبدوا الأوثان، ولا يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وكان أحب إليه أن يقرهم على ما صنعوا من أن يرتدوا عن الإسلام)).(1)
وقول الأمير رضي الله عنه في شأن الخلافة : ((وايم الله، لولا مخافة الفرقة بين المسلمين وأن يعود الكفر ويبور الدين لكنا على غير ما كنا لهم عليه، فولي الأمر ولاة لم يألوا الناس خيراً)).(2)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 8/295 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/255. ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، 12/412 ، مجمع النورين ، للمرندي ، 89 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب ، لمحمد ريشهري ، 3/63 ، المنتخب من الصحلح الستة ، للأنصاري ، 48
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 32/61 ، 111 ، الإرشاد ، 131 ، أمالي المفيد ، 155. ، مصباح البلاغة ، للميرجهاني ، 2/286 ، قاموس الرجال ، للتستري ، 12/72(1/201)
وقوله رضي الله عنه في الكتاب الذي أرسله مع مالك الأشتر إلى أهل مصر : (( أما بعد ، فإن الله سبحانه بعث محمدا " صلى الله عليه وآله نذيرا " للعالمين ومهيمنا " على المرسلين ، فلما مضى عليه السلام تنازع المسلمون الأمر من بعده ، فوالله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده عن أهل بيته ولا إنهم منحوه عني من بعده ، فما راعني إلا انثيال الناس على أبي بكر يبايعونه ، فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد ، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما " أو هدما " تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السراب أو كما يتقشع السحاب ، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق واطمأن الدين وتنهنه)).(1/202)
(1)
__________
(1) - نهج البلاغة ، خطب الإمام علي (ع) ، رسائل المرتضى ، للشريف المرتضى ، 3 /21(ه( ، 3 /119 ، مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ، للميرجهاني ، 1 /274 ، 4 /173 ، الغارات ، للثقفي ، 1 /306 ، مسألتان في النص على علي (ع) ، للمفيد ، 2 /22(ه( ، كتاب الأربعين ، لمحمد طاهر القمي الشيرازي ، 185 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33 /568 ، المراجعات ، لشرف الدين ، 386(ه) ، السقيفة ، لمحمد رضا المظفر ، 159 ، 180 ، الغدير ، للأميني ، 7 /81 ، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة لأويس كريم محمد ، 104 ، 381 ، 383 ، شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ، 6 /95 ، 17 /152 ، ربع قرن مع العلامة الأميني ، لحسين الشاكري ، 275 ، التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام ، لمحمد مهدي شمس الدين ، 162 ، رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ ، للطيف القزويني ، 76 ، النص على أمير المؤمنين (ع) ، لعلي عاشور ، 27 ، 187 ، جواهر التاريخ ، لعلي الكوراني ، 1 /176 ، 387 ، حياة أمير المؤمنين (ع) عن لسانه ، لمحمد محمديان ، 2 / 16 ، 207 ، مدخل إلى دراسة نص الغدير ، لمحمد مهدي الآصفي ، 57 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ ، لمحمد الريشهري ، 3 /62 ، 7 /100 ، الشافي في الامامة ، للشريف المرتضى ، 2 /156(ه) ، أصل الشيعة وأصولها ، لكاشف الغطاء ، 194(ه) ، أضواء على عقائد الشيعة الإمامية ، لجعفر السبحاني ، 313 ، الإمام علي (ع) ، لجواد الخليلي ، 209 ، الانتصار ، للعاملي ، 1 /57 ، رسائل ومقالات ، لجعفر السبحاني ، 144 ، 433 ، فلك النجاة في الإمامة والصلاة ، لعلي محمد ، 117 ، منار الهدى في النص على إمامة الإثني عشر (ع) ، لعلي البحراني ، 684(1/203)
وعن الصادق رحمه الله وقد سئل : ((ما منع أمير المؤمنين أن يدعو الناس إلى نفسه ويجرد في عدوه سيفه؟ فقال : تخوف أن يرتدوا ولا يشهدوا أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)).(1)
وروى الطوسي، أن الأشعث بن قيس ارتد وأناس من العرب لما مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقالوا : ((نصلي ولا نؤدي الزكاة ؟ فأبى عليهم أبو بكر ذلك وقال : لا أحل عقدة عقدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا أنقصكم شيئا مما أخذ منكم نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم ولأجاهدنكم ، ولو منعتموني عقالا مما أخذ منكم نبي لجاهدتكم عليه ، ثم قرأ " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل " حتى فرغ من الآية ، فتحصن الأشعث بن قيس هو وأناس من قومه في حصن وقال الأشعث : اجعلوا لسبعين منا أمانا ، فجعل لهم ، ونزل بعد سبعين ولم يدخل نفسه فيهم . فقال له أبو بكر : إنه لا أمان لك إنا قاتلوك)).(2)
وذكر ابن طاوس أن الاسلام لم يلبث بعد فوت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في طوايف العرب إلا في أهل المدينة وأهل مكة وأهل الطايف ، وارتد سائر الناس ثم قال : ارتدت بنو تميم والرباب واجتمعوا على مالك بن نويرة اليربوعي وارتدت ربيعة كلها وكانت لهم ثلاثة عساكر : عسكر باليمامة مع مسيلمة الكذاب ، وعسكر مع معرور الشيباني ، وفيه بنو شيبان وعامة بكر بن وايل وعسكر مع الحطيم العبدي ، وارتد أهل اليمن ارتد الأشعث بن قيس في كندة ، وارتد أهل مأرب مع الأسود العنسي وارتدت بنو عامر إلا علقمة ابن علاثه.(3)
__________
(1) - أمالي الطوسي ، 234 ، وانظر أيضاً ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 49/192 ، عيون الأخبار ، 2/188 ، غاية المرام ، للبحراني ، 6/27
(2) - أمالي الطوسي ، 262 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/ 11
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/ 11(1/204)
نعود إلى تساؤلنا السابق، وهو أن ما أوردناه يتعارض مع دعوى القوم ومعتقدهم في صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهل وقف القوم أمام هذه الروايات وعشرات أمثالها موقف المتفرج؟!
لا شك أن الكثير من بسطاء الشيعة قد يدهشون من وجود أمثال هذه الروايات وهي صريحة الدلالة على إيمان الصحابة رضوان الله عليهم وفضلهم، وقد كانت لي مواقف مع بعضهم ممن استغرب وجود أمثال تلك المرويات في بطون كتبهم مما يتعارض مع الصورة المشوهة التي رسمها لهم علماؤهم، حتى يتسنى لهم إظهار مذهبهم بالصورة التي يريدونها، حتى بلغ بهم الأمر أن خشي هؤلاء العلماء مع تعاقب الأزمنة أن يذكروا كل تلك الفضائل أو يتعرضوا لها.
بل كان العكس، فلا يزال الكثير من علماء الشيعة - إن لم نقل أكثرهم - صار أشبه بالذباب الذي يتتبع مواطن الجرح ويدع مواطن البرء.
فلا يزال الكثير منهم يبحث في مزابل التاريخ عن روايات موضوعة واهية لمن له أدنى دراية بعلم الحديث ليظهرها للغافلين أو المغفلين من بني جلدته، أو ينتقي من تلك الروايات التي تتحدث عما شجر من خلاف محمود بين الصحابة ليظهرها بالشكل الذي يريد، وهي أبعد ما تكون عن حقيقتها.
ولكن لن تسمع منهم من يملك الجرأة وهو على المنبر ليذكر شيئاً مما ذكرناه، لا أقل من ذكرهم للمصيبة أيام عاشوراء، وأن ممن قتل مع الحسين رضي الله عنه أبو بكر بن علي، وعمر بن علي، وعثمان بن علي، وأبو بكر بن الحسن، وعمر بن الحسن. . . وهكذا.
لأنه يعرف تماماً ما ستثيره هذه الأسماء لو ذكرت -مثلاً- عند ذاك الجالس تحت منبره، وقد رضع الحقد لهؤلاء العظماء.
رد الشيعة لجميع فضائل الصحابة وصرفها وتأويلها
وعلى أي حال، لسنا بصدد تحليل هذه المسائل، وإنما كنا في ذكر موقف القوم من هذه الفضائل.
أقول : لم يقف القوم مكتوفي الأيدي أمام كل هذا؛ بل كانت لهم ردود وتأويلات.(1/205)
وأما ما كان من فضائلهم في القرآن الكريم فقد علمت قولهم في ذلك من ادعاء التحريف والتغيير فيه، أو صرف آياته إلى ما يخدم غرضهم ، حتى قالوا بحذف الصحابة رضوان الله عليهم كل ما فيه من مدائح آل الرسول والأئمة الطاهرين وفضائح المنافقين وإظهار مساويهم.(1)بما لا داعي لتكراره.
ولكن لا بأس من ذكر أمثلة قليلة على ذلك :
من الآيات التي تدل على فضائل الصحابة رضي الله عنهم، وقالوا فيها أنها محرفة، قوله تعالى : كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ [آل عمران : 110]. فعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لقاري هذه الآية ((" خير أمة " يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين بن علي عليه السلام ؟ فقيل له وكيف نزلت يا بن رسول الله ؟ فقال إنما نزلت : كنتم خير أئمة أخرجت للناس)).(2)
وسنذكر مثال آخر على تحريف آيات الفضائل قريبا.
__________
(1) - الأنوار النعمانية ، 1/97
(2) - تفسير القمي ، 1/10 ، 100 ، المسائل السروية للمفيد ، 83 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 24/153 ، 89/75 ، تفسير العياشي ، 1/195 ، تفسير مجمع البيان للطبرسي ، 2/358 ، التفسير الصافي ، للفيض الكاشاني ، 1/370 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 1/383 ، تفسير كنز الدقائق ، للميرزا محمد المشهدي ، 2/199 ، تأويل الآيات ، لشرف الدين الحسيني ، 1/121 ، الإمام الحسين في أحاديث الفريقين لعلي الأبطحي ، 2/390 ، البيان في عقائد أهل الإيمان للشريعتي الأصفهاني ، 23 ، مجلة تراثنا لمؤسسة آل البيت ، 6/136 ، نور البراهين لنعمة الله الجزائري ، 1/526ش(1/206)
قالوا : قوله تعالى : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً [النور : 55]. قالوا : أن الوعد بالاستخلاف في الآية متوجه إلى ذوي الإيمان ما في الباطن والظاهر ومن تقدم على أمير المؤمنين عليه السلام ضال، فاقتضى خروجهم من حكم الآية(1).
ومنها : قوله تعالى : لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً [الفتح : 18]. وحيث أن أبو بكر وعمر وكثير ممن تابعهم ورضي بهم من جملة المبايعين باتفاق، فيجب توجه الرضوان إليهم، وذلك يمنع من كفرهم، ويقتضي ثبوت إيمانهم وإمامتهم. قالوا : أنه لا حجة لهم فيها لجواز الكفر بعد الإيمان والسخط بعد الرضوان، فعلى هذا لو سلم توجه الرضوان إلى المبايعين لم يمنع من السخط بما أحدثوه بعد البيعة من جحد النص، كما لم يمنع ذلك من فسق طلحة والزبير وغيرهما من جملة المبايعين(2).
والغريب أنهم يقولون: أن من مات على كفره فلا يجوز أن يكون قد سبق منه ايمان.(3)
__________
(1) - تقريب المعارف لأبو الصلاح الحلبي ، 373
(2) - تقريب المعارف لأبو الصلاح الحلبي ، 381
(3) - رسائل المرتضى، للشريف المرتضى، 1 /291 ، جواهر الفقه، للقاضي ابن البراج، 262(1/207)
ومنها : قوله تعالى : مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [الفتح : 29]. فأخبر سبحانه بالمغفرة للذين معه وهم أصحابه رضي الله عنهم أجمعين، وذلك ينافي القول بضلالهم والمبايع لهم. قالوا : منها : أنه تعالى لم يرد بقوله : والذين معه في الزمان ولا المكان ولا على ظاهر الإسلام، لأنه لا مدحه في ذلك، والآية مختصة بمدح المذكور فيها والقطع على ثوابه، وذلك يدل على إرادته سبحانه بالذين معه المؤمنين حقا، فليدل الخصوم على ثبوت إيمان من جعلوا الآية مدخوله عند الله، ليسلم لهم الظاهر، بل الثابت ضلالهم بالبرهان المانع من ثبوت البرهان واستحقاق الرضوان. ومنها : أن المذكورين فيها موصوفون بصفات معلوم خلو القوم منها، وتكاملها لأمير المؤمنين وحمزة عليهم السلام، وخاصة شيعتهم، كعمار وأبي ذر ومقداد وسلمان(1).
__________
(1) - تقريب المعارف لأبو الصلاح الحلبي ، 383(1/208)
ومن ذلك : قوله تعالى : وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة : 100]. والمتقدمون على علي رضي الله عنه وأكثر من عقد لهم وبايعهم من جملة هؤلاء المذكورين، وقد أخبر سبحانه برضاه عنهم واستحقاقهم الثواب، وذلك منافي لما يقولونه فيهم. قالوا : أن الوعد في الآية متوجه إلى من وقع سبقه وأتباعه لوجهه المخصوص قربة لله تعالى، فليدلوا على كون القوم كذلك ليتوجه الرضوان إليهم، ولن يجدوه، بل الموجود ضلالهم وخروج أفعالهم من قبل الطاعات. وثانيها : أن الرضوان مشترط بالموافات، ولم يواف القوم بما سبقوا إليه، لردهم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وصيته. وثالثها : أن وقوع السبق موقع القربة لا يمنع من عصيان في المستقبل. والآية خطاب لغيرهم، وهم الذين لم يتدينوا بجحد النص(1).
ومن ذلك : قوله تعالى : لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [الحديد : 10]. قالوا : أن الخطاب في الآية متوجه إلى من أنفق وقاتل قبل الفتح من المؤمنين عند الله تعالى متقربا بهما للوجه الذي شرعه، فليدلوا على تكامل هذه الصفات للقوم ليسلم لهم المقصود.، لأنه لا حكم ولا إنفاق ولا قتال من دون الإيمان الذين هم براء منه(2).
وفيما ذكرناه كفاية، فقد ساروا على نفس المنوال في رد بقية الآيات.
__________
(1) - تقريب المعارف لأبو الصلاح الحلبي ، 382
(2) - تقريب المعارف لأبو الصلاح الحلبي ، 384(1/209)
أما ما كان من شأن الروايات فقد اضطرب القوم اضطراباً شديداً في صرف هذه الروايات عن ظاهرها؛ حتى فتحوا الباب على أنفسهم ليواجهوا بمثله، وسنذكر بعض هذه التأويلات لتقف عليها، ففيها طرافة وفضائل أخرى للصحابة رضوان الله عليهم لم نذكرها.
فضائل الصدّيق رضي الله عنه في آية الغار وموقف الشيعة منها والرد عليها
من ذلك قولهم في آية الغار، وهي قول الله تعالى : إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة : 40].
فقد اتفق المسلمون شيعة وسنة في نزول هذه الآية في قصة هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبه الصديق رضي الله عنه ونزولها في غار ثور في طريقهما إلى المدينة.
وفي الآية فضائل جمة للصديق رضي الله عنه :
منها : عتاب الله للمسلمين جميعاً، وخروج الصديق منها.
ومنها : النص على صحبته لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يثبت ذلك لغيره من أصحابه، حتى قالوا في ذلك : إن إنكار صحبته كفر.
ومنها : ما تضمنته من تسلية النبي صلى الله عليه وآله وسلم له بقوله : لا تَحْزَنْ [التوبة : 40] وتعليل ذلك بمعية الله سبحانه الخاصة المفادة بقوله : إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة : 40] وهي كقوله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام : قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه : 46]، ولم يثبت مثل ذلك في غيره، بل لم يثبت لنبي معية الله سبحانه له ولآخر من أصحابه، وكان في ذلك إشارة إلى أنه ليس فيهم كالصديق رضي الله عنه.
ومنها : نزول السكينة على الصديق على خلاف في المسألة.(1/210)
وعلى أي حال، لا نطيل المقام في المسألة، حيث أننا سنسهب إن شاء الله تعالى كما ذكرنا في تفنيد شبهات القوم في كتابنا شبهات طال حولها الجدل، وإنما مرادنا هنا إيقافك على تأويلات القوم للفضائل وصرفها عن ظاهرها، وإليك بعض أقوالهم في آية الغار :
أول ذلك : قولهم بالتحريف، وأن هذه الآية حذف منها كلمة رسوله.
فعن ابن الحجال قال : كنت عند أبي الحسن الثاني ومعي الحسن بن الجهم، فقال له الحسن : إنهم يحتجون علينا بقول الله تبارك وتعالى : ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ [التوبة : 40] قال : وما لهم في ذلك؟ فوالله لقد قال الله : فأنزل الله سكينته عليه، وما ذكره فيها بخير، قال : قلت له أنا : جعلت فداك، وهكذا تقرءُونها؟ قال : هكذا قرأتها(1).
وفي رواية : عن زرارة قال : قال أبو جعفر : فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ [الفتح : 26] ألا ترى أن السكينة إنما نزلت على رسوله(2)؟
وذكر يوسف البحراني : أن الصحابة تصرفوا في هذه الآية لدفع العار عن شيخ الفجار -يعني : الصديق رضي الله عنه- حيث الوارد في أخبارنا أنها نزلت : [فأنزل الله سكينته على رسوله وأيده بجنود لم تروها]، فحذفوا لفظ [رسوله] وجعلوا محله الضمير(3).
ثم تفننوا في صرف جميع وجوه الفضيلة في الآية إلى ضدها، نذكر منها :
قوله تعالى " ثاني اثنين " بيان حال للرسول صلى الله عليه وآله وسلم باعتبار دخوله الغار ثانيا ودخول أبي بكر أولا.
ولا ادري أي شأن في هذا حتى ينزل الله فيه قرآنا.
__________
(1) - تفسير العياشي ، 2/88 ، مسند الإمام الرضا ، لعزيز الله العطاردي ، 1/338 ، تفسير الأصفي ، للكاشاني ، 1/467 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي 2/220
(2) - العياشي ، 2/94 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 19/80 ، الصافي ، 2/344 ، الكافي ، للكليني ، 8/378 ، البرهان ، 2/128 ، 129 ، نور الثقلين ، 2/220.
(3) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 2/290(1/211)
ومنها : أن وصفهما بالاجتماع في مكان واحد ليس فيه فضيلة؛ لأن المكان يجمع المؤمن والكافر، ومثلوا لذلك بأمثلة كسفينة نوح حيث جمعت النبي والشيطان والبهيمة.
ومنها : أن ذكر الصحبة يجمع المؤمن والكافر، والدليل على ذلك قول الله تعالى : قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً [الكهف : 37].
وأيضاً : اسم الصحبة يطلق على العاقل والبهيمة، والدليل على ذلك من كلام العرب أنهم سموا الحمار صاحباً، فقالوا :
إن الحمار مع الحمار مطية ... ** ... فإذا خلوت به فبئس الصاحب
ومنها : أن قوله : لا تَحْزَنْ [التوبة : 40] وبال عليه ومنقصة له، ودليل على خطئه، لأن قوله : لا تَحْزَنْ [التوبة : 40] نهي، وصورة النهي قول القائل : لا تفعل، فلا يخلو أن يكون الحزن وقع من أبي بكر طاعة أو معصية، فإن كان طاعة فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا ينهى عن الطاعات بل يأمر بها ويدعو إليها، وإن كان معصية فقد نهاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنها، وقد شهدت الآية بعصيانه بدليل أنه نهاه، أما قوله : إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة : 40] فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبر أن الله معه، وعبَّر عن نفسه بلفظ الجمع كقوله : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر : 9].
وقد قيل أيضاً في هذا : إن أبا بكر قال : يا رسول الله، حزني على أخيك علي بن أبي طالب ما كان فيه، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة : 40] أي : معي ومع أخي علي بن أبي طالب.
أما نزول السكينة فإنما كان ذلك على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فدل إخراجه من السكينة على إخراجه من الإيمان.(1/212)
وأضافوا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أراد الهجرة فوجئ بأبي بكر في الطريق، فخاف أن يدل كفار قريش عليه، فاضطر إلى أخذه معه، لأن أبا بكر أراد الهرب من مكة ومفارقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل هجرته.
وقال آخرون : فلسنا نعلم استصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم له، لأنه روي : أنه فقد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتبعه، وقيل : إنه لحقه بعدالة السفر، فسأله الصحبة، فلم يتمكن من كتمانه. ولو كان بأمره لاحتمل أمورا : منها : أنه كان معه في بيت عائشة بحيث لا يخفي عليه شيء من أمره، فلم يجد بدا من استصحابه، خوفا من إذاعته، إما لضعف رأى أو دين. ومنها : للأنس به. ومنها : إسلامه ظاهره له وظنه به الخير.
ومنها : التكدير على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بجزعه في الغار، وقد كان يكفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعلق خاطره المقدس بالسلامة من الكفار، فزاده جزع صاحبه شغلاً في خاطره، ولو لم يصحبه لاستراح من كدر جزعه واشتغال سرائره، وكان الخوف على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لولا أن أوحي إليه، من أن يبلغ الجزع بأبي بكر أن يخرج من الغار ويخبر به الطالبين له من الأشرار، فصار معه كالمشغول بحفظ نفسه من ذل صاحبه وضعفه، زيادة على ما كان مشغولاً بحفظ نفسه، وغيرها.(1/213)
ومن الطرائف : أن علماء القوم تسابقوا إلى ادعاء هذه الكشوفات العظيمة ونسبتها إلى أنفسهم، فمنهم من نسب هذه الأكاذيب إلى الأئمة، ومنهم من نسبها إلى نفسه. . وهكذا(1).
وأطرف منه ذكرهم -رغم كل هذا- أن الزنادقة كانوا يعرفون فضيلة الغار حيث يروون مثلاً : أن ابن الكواء قال لعلي : أين كنت حيث ذكر الله أبا بكر فقال : ثاني اثنين إذ هما في الغار(2). ؟
__________
(1) - انظر تفاصيل ذلك في ، الفصول المختارة ، 20 ، الإحتجاج ، 279 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/297 ، 19/95 27/321 ، 327 72/143 ، الإقبال ، 593 ، تفسير الإمام العسكري ، 466 (الحاشية) ، عيون الأخبار ، 2/186 ، الأنوار النعمانية ، 1/84. الصوارم المهرقة ، للتستري 308 ، 326 ، الشافي في الإمامة للمرتضى ، 4/25 ، اقسام المولي للمفيد ، 8/23 ، تقريب المعارف لأبو الصلاح الحلبي ، 383 ، الإفصاح، للمفيد ، 189 ، شرح المنام، للمفيد، 27 ، كنز الفوائد، للكراجكي، 203 ، الاحتجاج، للطبرسي، 2 /327 ، كتاب الأربعين، للماحوزي، 332 ، مواقف الشيعة، للأحمدي الميانجي، 1 /50 ، مكيال المكارم، لميرزا محمد تقي الأصفهاني، 1 /350 ، المجازر والتعصبات الطائفية في عهد الشيخ المفيد، لفارس الحسون، 78 ، علي إمامنا وأبو بكر إمامكم، لمحمد الرضي الرضوي، 41
(2) - البرهان ، 2/126 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 19/76 ، 33/430 ، 36/43 ، مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة)، للميرجهاني، 3 /118 ، الخرائج والجرائح، لقطب الدين الراوندي، 1 /215 ، غاية المرام، لهاشم البحراني، 4 /23(1/214)
والكلام في شأن ملاقاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للصديق رضي الله عنه في الطريق وأخذه معه مخافة أن يشي به إلى الكفار، ترده رواية عند القوم تقول : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن خرج من بين القوم ليلة الهجرة مضى حتى أتى إلى أبي بكر فنهض معه وذهبا إلى الغار(1).
بل وأوردوا قول الصديق رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شأن ابتياع الرواحل : ((قد كنت أعددت لي ولك يا نبي الله راحلتين نرتحلهما إلى يثرب)).(2)
والواقع أن الردود على هذه الترهات وعلى ما يأتي كثيرة، ولا يسعنا إيرادها، بل ليس ذلك غايتنا هنا أصلاً، كما ذكرنا، ويمكن لمن أرادها أن يطلبها من مظانها(3). حتى يرى إن شاء الله تعالى كتابنا شبهات طال حولها الجدل النور.
ولكن لا بأس من أن نورد هنا بعضاً منها ليتبين للقارئ فساد ما مر :
قال تعالى مخاطباً موسى وهارون عليهما السلام : قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه : 46].
وقال تعالى مخاطباً النبي صلى الله عليه وآله وسلم : وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [يونس : 65].
وقال مخاطباً نبيه صلى الله عليه وآله وسلم : وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر : 88]
__________
(1) - أمالي الطوسي ، 479 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 19/61 ، وانظر أيضاً ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/50 ، كشف الغمة ، 1/85.
(2) - أمالي الطوسي ، 480 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 19/62 ، حلية الأبرار ، للبحراني ، 1/146 ، تفسير الميزان ، للطبطبائي ، 9/81 ، الصحيح من سيرة النبي الأعظم ، 4/12 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب ، لريشهري ، 1/167
(3) - انظر مثلاً ، روح المعاني ، 10/100 ، منهاج السنة ، 4/239 وما بعدها.(1/215)
وقال تعالى : وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ [النحل : 127].
وكرر ذلك فقال تعالى : وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ [النمل : 70]
وقال تعالى : وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ [العنكبوت : 33].
وقال تعالى : قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى [طه : 21].
وقال تعالى : قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى [طه : 68].
وقال تعالى : وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ [النمل : 10].
وقال تعالى : وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنْ الآمِنِينَ [القصص : 31].
والآيات في الباب كثيرة، فاسأل القوم هل أن قوله : [لا تخافا - لا يحزنك - لا تحزن - لا تخف] وبال على الأنبياء عليهم السلام ومنقصة لهم، ودليل على خطئهم، لأن قوله : [لا تخافا - لا يحزنك - لا تحزن - لا تخف] نهي، وصورة النهي قول القائل : لا تفعل، فلا يخلو أن يكون الحزن والخوف وقع من هؤلاء الأنبياء عليهم السلام طاعة أو معصية، فإن كان طاعة فإن الله عز وجل لا ينهى عن الطاعات بل يأمر بها ويدعو إليها، وإن كان معصية فقد نهاهم عز وجل عنها، وقد شهدت الآيات بعصيانهم بدليل أن الله عز وجل نهاهم؟!
فتدبر ما سيئول إليه منطق القوم!
ولم يشأ القوم أن يتركوا القصة تنتهي إلى هنا، بل جعلوا نهاية رحلة الهجرة بالصورة التي توضحها هذه الرواية.(1/216)
تقول الرواية : إن أبا بكر لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى قباء فنزل بهم ينتظر قدوم علي، قال أبو بكر : ((انهض بنا إلى المدينة فإن القوم قد فرحوا بقدومك، وهم يتريثون إقبالك إليهم فانطلق بنا ولا تقم ههنا تنتظر علياً، فما أظنه يقدم إليك إلى شهر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلاماً أسرعه : ولست أريم حتى يقدم ابن عمي وأخي في الله عز وجل، وأحب أهل بيتي إلي، فقد وقاني بنفسه من المشركين، قال : فغضب عند ذلك أبو بكر واشمأز وداخله من ذلك حسد لعلي، وكان ذلك أول عداوة بدت منه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في علي، وأول خلاف على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فانطلق حتى دخل المدينة وتخلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقباء حتى ينتظر علياً)).(1)
__________
(1) - الروضة ، 281 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 19/116 ، مختصر بصائر الدرجات ، للحلي ، 130 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 12/482 ، المحتضر ، للحلي ، 106 ، الخصائص الفاطمية ، للكجوري ، 1/471(1/217)
وعلى ذكر لقب الصديق، فقد قلب القوم هذه المنقبة إلى مثلبة، فقد أنكر بعضهم كلياً أن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقَّب أبا بكر بالصديق، وأقر آخرون بذلك ولكن جعلوها هكذا كما تقول رواية عن خالد بن نجيح، قال : قلت لأبي عبدالله : جعلت فداك، سمَّى رسول الله أبا بكر بالصديق؟ قال : ((نعم، قال : فكيف؟ قال : حين كان معه في الغار، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إني لأرى سفينة جعفر بن أبي طالب تضطرب في البحر ضالة، قال : يا رسول الله، وإنك لتراها؟ قال : نعم، قال : فتقدر أن ترينيها؟ قال : ادن مني، قال : فدنا منه، فمسح على عينيه، ثم قال : انظر، فنظر أبو بكر فرأى السفينة وهي تضطرب في البحر، ثم نظر إلى قصور أهل المدينة، فقال في نفسه : الآن صدقت إنك ساحر، فقال رسول الله : أنت الصديق)).(1)
وهكذا. وكأنهم بهذا يفتحون الباب لمبغضي الأمير رضي الله عنه لأن يقولوا : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمره بالمبيت على فراشه ليلة الهجرة إلا ليقتله المشركون ظناً منهم أنه النبي، فيستريح منه، ولو علم فيه خيراً لاصطحبه معه.
ولو قيل بأن العبرة في ذلك أنه رضي الله عنه قد افتدى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه، فيقال : ليس في الأمر افتداء، وذلك أن الأمير -كما يرى القوم- سيكون خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأمر موته مستبعد هنا فتنتفي الفضيلة المنسوبة إليه، وإن كان احتمال الموت قائماً فقد أبطلوا القول بإمامته.
__________
(1) - كتاب سليم بن قيس ، 349 (الحاشية) ، تفسير القمي ، 1/289 ، البرهان ، 2/125 ، 128 ، البصائر ، 422 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 18/109 19/53 ، 71 53/75 ، 108/251 ، نور الثقلين ، 2/220 ، وانظر أيضاً ، إثبات الهداة ، 1/241 ، 315 ، 317 ، الروضة ، 218 ، الاختصاص ، 19 ، الصافي ، 2/344.(1/218)
وهكذا تؤول سائر فضائله رضي الله عنه، فيقال مثلاً في قوله صلى الله عليه وآله وسلم له : ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي))، لو علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صحبته خيراً أو لرأيه ومشورته منفعة لاصطحبه معه في تلك الغزوة -أي : غزوة تبوك- ففي هذه الغزوة لم يأذن لأحدٍ بالتخلف عنها وهي آخر مغازيه، ولم يجتمع معه أحد كما اجتمع له فيها، فلم يتخلف عنه إلا النساء والصبيان أو من هو معذور لعجزه عن الخروج أو من هو منافق، ولم يكن في المدينة رجال من المؤمنين يستخلف عليهم كما كان يستخلف في كل مرة، بل كان هذا الاستخلاف أضعف من الاستخلافات المعتادة؛ لأنه لم يبق في المدينة رجال من المؤمنين أقوياء يستخلف عليهم أحد كما كان يبقي في جميع مغازيه، وقد اصطحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم من يعظم انتفاعه به ومعاونته له، ويحتاج إلى مشاورته والانتفاع برأيه ولسانه ويده وسيفه، والمتخلف إذا لم يكن له في المدينة سياسة كثيرة لا يحتاج إلى هذا كله.
وقد أدرك علي رضي الله عنه ذلك -أي : أنه لا فائدة ترجى من ورائه إن بقي- فأخذ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك، وتواتر قوله للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((يا رسول الله، تخلفني مع النساء والصبيان))؟ وفي بعض الروايات : أنه لحق به، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((يا علي، ألم أخلفك على المدينة؟ فما زال يعارض ذلك حتى استرضاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال له : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؛ ويؤول هذا -أيضاً- بأن المراد بالمنزلة التخلف والمكث عند من بقي من النساء والصبيان فحسب كما تخلف هارون على من بقي لما خرج موسى للقاء ربه.
وهذه -أيضاً- لا تخلو من معارضتها لعقيدة العصمة، فلا بد أن يكون ما اتخذه النبي صلى الله عليه وآله وسلم صوابا وذلك لعصمته، أو خلاف ذلك بدلالة اعتراض الأمير على ذلك.(1/219)
بل ويمكن القول بأنه صلى الله عليه وآله وسلم أراد الإشارة إلى خلافة الصديق رضي الله عنه، فمعلوم أن من خرج في صحبة موسي عليه السلام في رحلته هو يوشع بن نون، ومن بقي هو هارون عليه السلام، وكذلك من خرج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في رحلته هو الصديق رضي الله عنه ومن بقي علي رضي الله عنه، ومعلوم أيضاً أن وصي موسي كان يوشع. فتأمل
والقول في المسألة كثير.
وكذا شجاعته يمكن أن تؤول بأن ذلك إنما كان ملك على صورته، وليس هو علي رضي الله عنه، وقد روى القوم بأن أمير المؤمنين عليه السلام كان أشجع البرية ، وأنه بلغ من بأسه وخوف الأعداء منه عليه السلام أن جعل الله عز وجل الملائكة على صورته ، ليكون ذلك أرعب لقلوبهم.(1)
إذ ربما يكون ما ظهر منه هنا أو هناك من شجاعة وبطولة إنما كان من هذا الملك أو ذاك.
وإن رُد على ذلك بأن نزول الملائكة على صورته في ذاته فضيلة له، رُد على ذلك بأن الملائكة بل وجبرئيل عليه السلام أعظم الملائكة كان ينزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحياناً على صورة دحية الكلبي رضي الله عنه(2)، وهكذا.
__________
(1) - الفصول المختارة ، للشريف المرتضى ، 295 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 2 /306 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 41 /100 ، الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ، لعلى خان المدنى ، 406
(2) - المناقب ، 1/199 2/253 3/353 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 18/26822/332 ، 400 ، 401 37/307 45/91 52/306 59/192 ، 209 ، 210 ، الكافي ، للكليني ، 2/597 ، أمالي الصدوق ، للصدوق ، 283 ، اليقين ، 18 ، أمالي الطوسي ، 40 ، 615 ، إثبات الهداة ، 2/42 ، 43 ، 90 ، 159 ، 180 ، تأويل الآيات ، 1/185 ، نور الثقلين ، 2/173 ، العياشي ، 2/74 ، البرهان ، 2/98. ، رسائل المرتضى ، 4/25(1/220)
حتى في أبسط المسائل كدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم له : أعلى الله كعبك يا علي.(1)
فيمكن أن يؤوله الناصبة على أن ذلك إنما كان دعاء عليه لا له، فإعلاء الكعب كناية عن الصلب.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي أقر الله عينك(2). دعاء له بالعمى، فأقر الله عينك أي أسكنها عن الحركة وإذا سكنت العين عن الحركة عميت.
وقد أعجبني ما سطره شيخنا محمد سالم الخضر في كتابه القيم " ثم أبصرت الحقيقة " في هذا الباب، وها انا أنقله بتمامه.
ولتقرأ معي ما سيقوله الناصبي الحاقد بتمعن وإنصاف لترى كيف يُمكن للنظرية الشيعية أن تنسف نفسها بنفسها!
على أني منذ البداية أبرأ إلى الله من الطعن في الإمام علي صراحة أو ضمناً، فالإمام علي إمام هدى، وله من المكانة والتقدير في قلوبنا ما يستحقه أمثاله من أرباب المناقب والمآثر العظيمة إلى جانب قرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلا نرتضي فيه طعناً أو انتقاصاً كما لا نرتضي ذلك في باقي الصحابة.
لكني أريدك أيها القارئ الكريم أن تستشعر معي ظلم الشيعة الإثنى عشرية لأبي بكر وعمر وعثمان وباقي الصحابة، وتتلمس كيف يُمكن أن ينقلب هذا الظلم ظلماً لعلي بن أبي طالب كذلك حينما تكون الكلمة للناصبي والعدو المستهدف هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
يقول الناصبي : لقد رأيت في علي بن أبي طالب مثالاً للإحداث بعد رسول الله!ولهذا أبغضته وتبرأت منه!
ترك الإمامة وهي أعظم أركان الدين والتي وردت فيها روايات شيعية كثيرة في بيان منزلتها وكونها أصلاً للدين لا يقوم إلا به!
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 38/298 ، 316 76/56 ، المناقب ، 1/389 ، فقه الرضا ، 53 ، مستتدرك سفينة البحار ، 7/381
(2) - مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ، 2/79 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 20/93 ، موسوعة التاريخ الإسلامي لمحمد هادي اليوسفي ، 2/688 ، كشف الغمة للإربلي ، 1/196(1/221)
وتخلى عن الزهراء عليها السلام يوم أن ضُربت وصُبّت عليها المصائب!
ولم يقدّم تجاه قضية فدك المغصوبة أي شيء فلم ينتصر لبنت رسول الله!
وحكّم الرجال في كتاب الله وكل من شارك في التحكيم كافر (علي وأبو موسى الأشعري ومعاوية وعمرو بن العاص).
وحجتي في الحديث ظاهرة، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قال في نص الحديث : (فأقول : يا رب مني ومن أمتي؟).
وفي هذا دلالة قاطعة على أنّ المراد بالحديث هو علي بن أبي طالب!
فإنكم تروون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في علي بن أبي طالب : (علي مني وأنا من علي)، تلك قرينة!
وقرينة أخرى أستدل بها على أنّ المراد بالحديث (علي بن أبي طالب) هي إخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن المبدّلين من بعده بقوله : (أمراء يكونون من بعدي فمن غشي أبوابهم فصدّقهم في كذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولا يرد عليّ الحوض) وقد غشي علي بن أبي طالب الظلمة أبا بكر وعمر وعثمان(1)وكان مستشاراً ووزيراً لهم كما تشهد بذلك كتب الشيعة الإثني عشرية من أولها إلى آخرها.
وقد توعده النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث بسحب المنزلة التي أُعطيت له بقوله (فليس مني ولست منه ولا يرد عليّ الحوض) لأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما كان يعلم بما سيحدثه من بعده من الركون للظلمة وحب الدنيا والأُعطيات والامتيازات.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم (فإذا جئتم قال الرجل : يا رسول الله ، أنا فلان بن فلان فأقول أما النسب فقد عرفته ولكنكم أخذتم بعدي ذات الشمال وارتددتم على أعقابكم القهقرى)(2)يؤكد تماماً أنّ المراد بالحديث هو علي بن أبي طالب لا غيره!!
__________
(1) وفقاً لرؤية الشيعة الإثني عشرية. ...
(2) سيأتي تخريجه.(1/222)
فالرجل الذي أتى رسول الله لم يقل له (أنا فلان بن فلان) لتعريف النبي صلى الله عليه وآله وسلم به، لأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد صرّح بالحديث ذاته بمعرفته له ولمن معه فقال : (أما النسب فقد عرفته) وقال : (أعرفهم ويعرفوني) لكن الرجل أراد الإشارة إلى نسبه وقربه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ظناً أنّ ذلك سيشفع له فيجيبه الرسول بقوله (أما النسب فقد عرفته) أي أنّ النسب والقرابة لها مقامها لكن ليس مع الإحداث من بعدي، وهذا ما حصل حين تركت ابنتي تُضرب ولم تفعل شيئاً وحين فعلت كذا وكذا.
ويقول الناصبي : وما يؤكد أنّ ذاك الرجل هو علي بن أبي طالب هو صدر حديث المذادة عن الحوض حيث يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (تزعمون أنّ قرابتي لا تنفع قومي والله إنّ رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، إذا كان يوم القيامة يُرفع لي قوم يُؤمر بهم ذات اليسار ، فيقول الرجل : يا محمد، أنا فلان بن فلان، ويقول الآخر : أنا فلان بن فلان، فأقول : أما النسب قد عرفت ، ولكنكم أحدثتم بعدي وارتددتم على أعقابكم القهقرى).
وفي رواية المفيد والطوسي في (أماليهما) عن أبي سعيد الخدري قال : (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول على المنبر : ما بال أقوام يقولون : إنّ رحم رسول الله لا ينفع يوم القيامة؟ بلى والله إنّ رحمي لموصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرطكم يوم القيامة على الحوض، فإذا جئتم قال الرجل : يا رسول الله أنا فلان بن فلان، فأقول : أما النسب فقد عرفته، لكنكم أخذتم بعدي ذات الشمال، وارتددتم على أعقابكم القهقرى).
فالرجل قد جاء متصوراً أنّ رحمه وقرابته ونسبه سيشفعان له إحداثه وتبديله لدين المصطفى، فقرر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الرواية الشيعية أنّ القرابة شافعة لكنها لن تنفع من أحدث وارتد على عقبيه.(1/223)
ومما يؤكد أنّ المراد هنا علي بن أبي طالب هو ما ورد في كتب الشيعة الإثني عشرية من أحاديث كثيرة تفيد أنّ الناس يُدعون يوم القيامة بأسماء أمهاتهم(1)، لكن الرجل الذي أخبر عنه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم هو من رحم رسول الله، وقد أخبر الرسول الكريم بكل صراحة أنّ هذا الرجل سيقول (أنا فلان بن فلان) لا (فلان بن فلانة).
ويكمل الناصبي كلامه قائلاً : فإن حاولت الدفاع عن علي بن أبي طالب واستشهدت بحديث لعمار أو سلمان أو المقداد فأخبرك منذ البداية أنهم ممن انقلبوا على أعقابهم مع علي بن أبي طالب والحديث يشملهم فارتضاؤهم له وتزكيتهم له وقبولهم لإمامته كافٍ لاستحقاقهم المصير ذاته، فإن قلت : وأين الأحاديث التي وردت في فضل علي وعمار وفلان وفلان أجبتك بأنّ فضائل أبي بكر وعمر وفلان وفلان لم تشفع لهم عندكم بل قلتم بانقلابهم على أعقابهم وشككتم بتلك الفضائل وكذلك الحال في علي بن أبي طالب ولا فرق!
__________
(1) روى الحر العاملي في "الفصول المهمة في أصول الأئمة 1/348" – حديث رقم (435) والمفيد في "الأمالي ص311 (المجلس السابع والثلاثون)" وفي "الإرشاد 1/43" (الأخبار الدالة على أنّ ولايته علم على طيب المولد) والأربلي في "كشف الغمة 1/140" عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي (ع) : ألا أبشرك ألا أمنحك؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : فإني خلقت أنا وأنت من طينة واحدة ففضلت منها فضلة فخلق منها شيعتنا ، فإذا كان يوم القيامة دعي الناس بأمهاتهم إلا شيعتك فإنهم يدعون بآبائهم لطيب مولدهم. وفي كتاب "صفات الشيعة ص16" عن محمد بن يحيى بن سدير قال : قال أبو عبد الله (ع) : إذا كان يوم القيامة دعي الخلائق بأمهاتهم ما خلانا وشيعتنا فإنا لا سفاح بيننا. ومن أراد المزيد فليراجع "الفصول المهمة" للحر العاملي الذي ذكر جملة من الروايات في هذا الشأن ثم أعقبها بقوله : (والأحاديث في ذلك كثيرة جداً)!!(1/224)
هذا بعض ما يُمكن أن يقوله الناصبي في الإمام علي بن أبي طالب والمقربين منه.
أقول مخاطباً أرباب الضمائر الحية : هكذا تنسف النظرية الشيعية نفسها بنفسها .. ولن يستطيع الرد على هذا الناصبي الحاقد إلا أهل السنة ، الذين عرفوا لصحابة رسول الله حقهم وفضائلهم وأدركوا أبعاد أحداث الفتنة وأسبابها، وقالوا للناصبي وللشيعي الإمامي : على رسلكما... إنّ الذين أحدثوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فئة ارتدت عن الإسلام... قاتلها أبو بكر وعلي والصحابة ... فلقي حتفه من تلك الفئة من لقي وهو على الكفر، ليذاد يوم القيامة عن الحوض والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (أصحابي أصحابي) والملائكة تجيبه (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك).
ما أجمل الإنصاف وأندره ... وما أجمل أن يدرك المرء المعاني الجليلة التي يذكرها هذا الحديث ... لكن ماذا تفعل مع التعصب وأهله؟!.. إنتهى كلامه حفظه الله.
وتحت عنوان : رؤية ناصبي للإمام علي
لنفترض الآن أنّ ذاك الناصبي بدأ ينقب في كتب الشيعة الإثنى عشرية دون غيرها ويتصيد العثرات ويعنون لكل ما يسطره من روايات بعناوين توحي بمضامينها حسب فهمه فإنّ ما سيجده هو الآتي :
1- الإمام علي والدّين
فمن الأمور التي سيقف عليها هذا الناصبي الخبيث المتصيّد للعثرات حديث رواه الحر العاملي في "وسائل الشيعة 18/317" عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (أعوذ بالله من الكفر والديّن، قيل : يا رسول الله، أتعدل الدّين بالكفر؟ قال : نعم).(1/225)
فيأتي برواية شيعية أخرى رواها الحر العاملي عن علي بن طاووس بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : قُبض علي عليه السلام وعليه دين ثمانمائة ألف درهم، فباع الحسن عليه السلام ضيعة له بخمسمائة ألف فقضاها عنه وباع بيعة له بثلاثمائة ألف فقضاها عنه)(1).
ويقول لك الناصبي : انظر .. هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعدل الديّن بالكفر، وهذا علي يموت وعليه دين ، بالضبط كما يفعل الشيعة الإثنا عشرية عادة مع أبي بكر وعمر وباقي الصحابة ، لا يريد المرء منهم أن يتفهم النصوص ولا أن يجمع بينها ولا يتأكد من ثبوتها ولا أن يُحسن الظن ولا أن يعرف لهؤلاء الصحابة فضلهم ويعلم أنهم بشر يخطئون ويصيبون.
فأما الشيعي الإثنا عشري فسيقف مبهوتاً أمام هذا الناصبي الخبيث .. كل ما سيفعله أحد أمرين : إما تكذيب الروايات (السابقة منها واللاحقة) أو شتم الناصبي ولعنه ، لأنه لن يستطيع الطعن في منهجية ذاك الناصبي، فالمنهجية بينهما مشتركة، هذا يطعن في علي ويستخدم النصوص بغير حق، وذاك يطعن في أبي بكر وعمر والبقية ويستخدم النصوص بغير حق فيهم!
فإن قال له الشيعي : (الإمام علي له من الفضائل كذا وكذا فكيف تقول عنه هذا وتحمّل النصوص ما لا تحتمل) فسيقول له الناصبي : (ليست مشكلة، أنتم تناسيتم فضائل أبي بكر وعمر وطعنتم فيهما ولم تجدوا حرجاً في ذلك ، فما الحرج في فعلي؟ وعلي عندي ممن أحدثوا في الدين من بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أم أنكم تكيلون خصومكم بغير ما تكيلون به أنفسكم؟).
2- إهانة اسم الله !
__________
(1) وسائل الشيعة 18/322 وكشف المحجة ص125 والحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة 20/103(1/226)
وسيستدل الناصبي بما رواه شيخ القميين عبد الله بن جعفر الحميري في "قرب الإسناد ص154" عن جعفر الصادق عن أبيه الباقر قال : (كان نقش خاتم أبي محمد بن علي (ع) : العزة لله جميعاً، وكان في يساره يستنجي بها، وكان نقش خاتم علي (ع) : الملك لله، وكان في يده اليسرى يستنجي بها).
ويُلحق هذه الرواية بتعليق المحقق الأردبيلي عليها والذي يقول فيه : (ويمكن استفادة استحباب التختم باليسار منهما وعدم تحريم التنجيس أيضاً إلا أن يكون ذلك ثابتاً بالإجماع ونحوه، أو يحمل على عدم وصول النجاسة إليه)(1).
فيقول : انظر .. هذا هو إمامكم علي يهين اسم الله بهذه الصورة ، يستنجي باليد التي وضع فيها خاتماً عليه (الملك لله)! وهذا هو الكفر بعد الإيمان.
أما الشيعي الإثنا عشري فلن يستطيع أن يرد على هذا الناصبي إلا بتكذيب للرواية وشتم للناصبي(2).
__________
(1) مجمع الفائدة 1/97 (الشرح).
(2) لا يفوتني أن أشير هنا إلى احدى الطرائف التي وقفت عليها عند الاستدلال بهذه الرواية ، فقد وجدت المحقق النراقي قد ذكر الرواية ذاتها بإسناد آخر في كتابه "مستند الشيعة في أحكام الشريعة 1/402" وحملها على التقية قائلاً : (وأما خبر وهب : "كان نقش خاتم أبي (العزة لله جميعاً) وكان في يساره يستنجي بها وكان نقش خاتم أمير المؤمنين (ع) : (الملك لله) وكان في يده اليسرى يستنجي بها". فمحمول على التقية مع أنه لا ضير في صدور المكروه عنهم أحياناً فليحمل الخبر عليه). ومن حقنا أن نعجب من تقية تكون في الخلاء وعند قضاء الحاجة!! فأي مخالفٍ هذا الذي سيكون بُقربِ الإمام وهو يقضي حاجته؟!(1/227)
وسيرد عليه الناصبي قائلاً : سبحان الله! .. ها أنتم تقبلون كل الروايات التي تطعن فينا نحن النواصب، وتقبلون كذلك الروايات التي تطعن في أهل السنة وغيرهم من الفرق وتقبلون قبل كل هذا الروايات الطاعنة في أبي بكر وعمر وعثمان والزبير وطلحة وغيرهم فما الذي جعل الروايات الطاعنة في علي دائماً ضعيفة مكذوبة، والروايات الطاعنة فينا وفي غيرنا دائماً صحيحة ، اللهم إلا الهوى!
وهكذا يفعل الهوى في أصحابه، ولو التزم الفريقان الإنصاف وتقوى الله في تحري الحق ودراسة أسانيد الروايات حق الدراسة لما وجدنا من يطعن في صحابي.
3- النظرة السلبية للمرأة
قال الناصبي : لقد كرّم الله تعالى المرأة، وقرر مساواتها للرجل في أصل الخلق، وفي التكاليف، وفي الجزاء، فقال عزّ من قائل { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } (سورة النساء : 1) وقال { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } (سورة الأحزاب : 35) وقال { فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْض } (سورة آل عمران : 195).(1/228)
لكن إمامكم علي بن أبي طالب له رؤية أخرى، لا توافق الكتاب ولا السنة! فهو القائل : (المرأة عقرب حلوة اللبسة)(1)والقائل أيضاً : (المرأة شر كلها، وشر ما فيها أنه لا بد منها)(2).
فأيّ نظرة جائرة هذه؟! ومن أين استقى إمامكم هذه النظرة الظلامية للمرأة؟ ولماذا أعرض عن القرآن والسنة وتأثر بالجاهلية في نظرتها السلبية للمرأة؟
فبماذا سيجيبه الشيعي؟ أتراه سيُكذّب (نهج البلاغة)؟! أم يتأول هذه النصوص ويحملها على غير محملها خروجاً من المأزق؟
4- اتهام الإمام علي بخيانة صحابي استضافه في بيته!
وسيستدل الناصبي بما ذكره العلامة الشيعي الكبير يوسف البحراني في "الكشكول 3/76" : (قال السيد الجليل المحدّث نعمة الله الجزائري في كتابه "زهر الربيع" المشهور بين الناس : وذكر صاحب كتاب "إحقاق الحق" أنّ السبب في تحريمه(3)متعة النساء أنه أضاف أمير المؤمنين (ع) ليلة وأنامه معه في داره، فلما أصبح قال له : يا علي، ألست قد قلت : من كان في البلد فلا ينبغي له أن يبات عزباً؟ فقال عليه السلام : اسأل أختك، وكان عليه السلام قد تمتع بها في تلك الليلة)!
فإلى هذه الدرجة يصل الانحطاط .. حين يريد هؤلاء التشفي بعمر بن الخطاب رضي الله عنه بِنسبة استمتاع الإمام علي بن أبي طالب بأُخته!
__________
(1) نهج البلاغة- (باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليه السلام)- حكمة رقم (61).
(2) المصدر نفسه – حكمة رقم (238).
(3) أي تحريم عمر بن الخطاب رضي الله عنه للمتعة هذا مراده ، ومتعة النساء حرمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأحاديث صحيحة صريحة ، وإنما وقع المنع منها في زمن خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما بلغه تمتع ربيعة بن أمية بامرأة فحرمها قانوناً من موقعه كخليفة للمسلمين وإلا فتحريمها شرعاً لا يكون إلا من الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وليس لأحد من الناس أن يحرم أو يحلل ما يريد.(1/229)
بالله عليكم ... أمن الدين أم مِن الأخلاق أن تستضيف رجلاً في بيتك فتتفاجئ به وقد تعدّى على محارمك بهذه الصورة؟!
أترى هؤلاء الذين يدّعون التشيع للإمام علي بن أبي طالب يعرفون شيئاً عن أخلاق ودين وقيم الإمام علي؟!
خلاصة الكلام
إنّ الروايات السابقة روايات شيعية إثني عشرية لا دخل للنواصب ولا الزيدية ولا أهل السنة ولا المعتزلة ولا أي طائفة بها بل هي شيعية اثني عشرية صرفة، فالحجة فيها قائمة على الإثنى عشرية إن استدل بها النواصب على معتقدهم في الإمام علي.
إنّ نظرة عوراء لرجل مؤمن مجاهد مبشر بالجنة كتلك التي رأيناها كفيلة بأن تستوقفك أيها الشيعي المنصف.
إنّ هذه النظرة العوراء التي جعلت فرقة كالخوارج تطعن في الإمام علي على كل ما يُنسب له صحيحاً كان أم ضعيفاً، متناسية فضله وتضحياته للإسلام وطاعته لله وللرسول وجهاده مع الصحابة إلى حد أن باتت تلك الفرقة تكفّره وتلعنه وتطعن فيه ليل نهار!!
هذه النظرة العوراء في حقيقتها هي أخت شقيقة لنظرة عوراء أخرى لا زالت الشيعة الإثنا عشرية تنظر بها إلى صحابة رسول الله الذين قدموا للإسلام ما قدّموا، وضحّوا بأرواحهم وأموالهم ولطخوا الأرض بدمائهم في سبيل رفعة هذا الدين، حتى لا يكاد كتاب شيعي يخلو من طعن في صحابي من صحابة رسول الله، وكأنّ تلك الفئة المختارة لصحبة خاتم الأنبياء والمرسلين لم تكن إلا فئة تجري وراء الدنيا ووراء مصالحها وأهوائها.
عجباً لأولئك النفر الذين يتصيدون العثرات لأصحاب رسول الله! أما تفكروا في ذنوبهم؟ أما يخافون من سوء العاقبة والمنقلب وهم يعادون الأخيار ويتهمونهم بأشنع التهم؟! إنتهى كلامه.
وهكذا تأول سائر فضائله رضي الله عنه، ونحن نعلم يقيناً فساد ما مر بك، ولكن هل يرضى القوم بهذا المنهج، وهل به سيسلم أحد إذا ما نحن صرفنا النصوص عن ظاهرها وأولناها؟!!(1/230)
ثم أنه يمكننا، وبعد أن ننتهي من رد جميع فضائله رضي الله عنه بهذا المنهج، أن نعرج على طعون الشيعة في أبوبكر وعمر رضي الله عنهما، فنردها، ونحيلها إلى فضائل، بذات المنهج. وخذ على ذلك مثالاً، فقصة هَم عمر بحرق دار علي وفاطمة رضي الله عنهماً، يمكننا أن نقول أنها فضيلة لعمر. فبعض الروايات المزعومة تذكر بأنه قد همّ بحرق البيت ولم يفعل, ومعلوم من الدين أن من همّ بالسيئة ولم يفعلها لم تكتب عليه، بل تكتب له حسنة وفي أخرى عشر حسنات، كما في بعض الروايات. إذن فقصة حرق الدار من فضائل عمر وليست من مثالبه، هذا حسب منهج القوم، كما فعلوا مع قصة الغار التي جعلوها منقصة للصديق رضي الله عنه. وهكذا سائر ما نسب إليهم من نقائص. فتأمل.
ثم هل ننسى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأسامة بن زيد رضي الله عنه وقد قتل اليهودي الذي قال : ((أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فقال له : قتلت رجلاً شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ فقال أسامة : يا رسول الله، إنما قالها تعوذاً من القتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أفلا شققت الغطاء عن قلبه، لا ما قال بلسانه قبلت، ولا ما كان في نفسه علمت، فحلف أسامة بعد ذلك أنه لا يقاتل أحداً شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله)).(1)
__________
(1) - تفسير القمي ، 1/156 ، البرهان ، 1/406 ، الصافي ، 1/485 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 21/11 ، 65 22/93 ، نور الثقلين ، 1/535 ، مستدرك الوسائل ، 16/79 ، جامع أحاديث الشيعة ، 19/524 ، تفسير كنز الدقائق ، 2/580 ، تفسير الميزان ، 5/44 ، أعيان الشعة ، 3/249(1/231)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمه العباس رضي الله عنه يوم بدر وقد قال له : ((إنني أسلمت، فقال : الله أعلم بإسلامك، إن يكن ما تذكر حقاً فإن الله عز وجل سيجزيك عليه، فأما ظاهر أمرك فقد كنت علينا)).(1)
وما رواه الصادق أنه كان في بني إسرائيل عابد، فأوحى الله إلى داود أنه مراء، قال : ((ثم إنه مات فلم يشهد جنازته داود عليه السلام، قال : فقام أربعون من بني إسرائيل، فقالوا : اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيراً وأنت أعلم به منا، فاغفر له، قال : فلما غسل أتى أربعون غير الأربعين، وقالوا : اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيراً وأنت أعلم به منا فاغفر له، فلما وضع في قبره قام أربعون غيرهم، فقالوا : اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيراً وأنت أعلم به منا فاغفر له، قال : فأوحى الله إلى داود عليه السلام : ما منعك أن تصلي عليه؟ فقال داود : للذي أخبرتني، قال : فأوحى الله إليه أنه قد شهد قوم فأجزت شهادتهم، وغفرت له ما علمت مما لا يعلمون)).(2)
نعود إلى ما كنا فيه من الحديث عن فضيلة صحبة الصديق رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في الهجرة، ونكتفي بما أوردناه، إذ مطاعن القوم في ذلك كثيرة، وكذلك الردود، ولكن ننهي ذلك بهذه الرواية التي أوردها القوم.
__________
(1) - تفسير القمي ، 1/267 ، نور الثقلين ، 2/134 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 19/258 ، البرهان ، 2/67 ، شجرة طوبى ، للحائري ، 2/276 ، التفسير الصافي ، 2/284 ، الصحيح من سيرة النبي ، 5/122
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 82/60 ، 61 ، 79/60 ، 100/196 ، مستدرك الوسائل ، 2/471 ، عدة الدارعي ، للحلي ، 136 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 3/288(1/232)
فقد ذكروا أن الله عز وجل أوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم في قصة ليلة المبيت : ((آمرك أن تستصحب أبا بكر فإنه إن آنسك وساعدك ووازرك وثبت على ما يعاهدك ويعاقدك كان في الجنة من رفقائك، وفي غرفاتها من خلصائك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر : أرضيت أن تكون معي يا أبا بكر تطلب كما أطلب، وتعرف بأنك أنت الذي تحملني على ما أدعيه، فتحمل عني أنواع العذاب؟
قال أبو بكر : يا رسول الله، أما أنا لو عشت عمر الدنيا أعذب في جميعها أشد عذاب لا ينزل علي موت مريح ولا فرج منج، وكان في ذلك محبتك لكان ذلك أحب إليَّ من أن أتنعم فيها وأنا مالك لجميع ممالك ملوكها في مخالفتك، وهل أنا ومالي وولدي إلا فداؤك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا جرم أن اطلع الله على قلبك ووجد ما فيه موافقاً لما جرى على لسانك، جعلك مني بمنزلة السمع والبصر والرأس من الجسد، وبمنزلة الروح من البدن كعلي الذي هو مني كذلك)).(1)
وعلى ذكر التشبيه بالمنزلة، فقد أورد القوم عن الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي رضي الله عنه قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن أبا بكر مني بمنزلة السمع، وإن عمر مني بمنزلة البصر، وإن عثمان مني بمنزلة الفؤاد)).(2)
__________
(1) - تفسير العسكري ، 465 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 19/80 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 75 ، إثبات الهداة ، 3/596.
(2) - عيون الأخبار ، 1/280 ، البرهان ، 2/420 ، نور الثقلين ، 3/164 ، معاني الأخبار ، 387 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 30/180 ، موسوعة الإمام الجواد ، 2/672 ، موسوعة الإمام الحسين ، 672 ، 1076(1/233)
ولا شك أنك تنتظر كيف أولوا هذا الحديث، فإليكها : روى القوم أن معنى ذلك أنهم سيسألون عن ولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه لقوله تعالى : وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً [الإسراء : 36](1).
حتى وإن قلت : إن الآية عامة لجميع المكلفين فلم خص هؤلاء الثلاثة بالذكر؟ تجدهم يقولون : إنهم لشدة خلطتهم واطلاعهم على ما أبداه في أمير المؤمنين بمنزلة السمع والبصر والفؤاد، فتكون الحجة عليهم أتم، ولذا خصوا في تلك الآية مع عموم السؤال لجميع المكلفين(2).
وكذا قولهم في بعثة أبي بكر رضي الله عنه بسورة براءة إلى المشركين الذي أجمع عليه المفسرون ونقله الأخباريون من شيعة وسنه، ثم أخذها منه ودفعها إلى علي رضي الله عنه لم تسلم من رد القوم لها، فقد عزَّ على القوم أن بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصديق رضي الله عنه ابتداء، فرووا أن الباقر قال : لا والله ما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر ببراءة أهو كان يبعث بها ثم يأخذها منه. . . الرواية(3).
نعود إلى ذكر أقوال القوم في تأويل وصرف الفضائل :
__________
(1) - عيون الأخبار ، 174 ، البرهان ، 2/420 ، نور الثقلين ، 3/165 ، إثبات الهداة ، 2/27.
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 36/77.
(3) - العياشي ، 2/80 ، نور الثقلين ، 2/180 ، البرهان ، 2/101 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 35/295 ، غاية المرام ، للبحراني ، 5/48(1/234)
منها : حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ما كلمت أحدا في الإسلام إلا أبي علي وراجعني الكلام إلا ابن أبي قحافة فإني لم أكلمه في شيء إلا قبله واستقام عليه، قالوا : إنما أسلم أو استسلم أبو بكر طمعا في جاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودولته الذي وجد الإخبار عنه عن بعض الرهابين وأحبار أهل الكتاب فلسبق هذا الوجدان والطمع استسلم ولم يتردد بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم.(1)
ومنها : حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ما سبقكم أبو بكر بصوم ولا صلاة ولكن بشيء وقر قي نفسه. قالوا : مراده صلى الله عليه وآله وسلم هو حب الرئاسة التي صار مفتونا به، ويزعم أتباعه الرعاع أن المراد به الخلوص والاعتقاد بالله ورسوله.(2).
ومنها : عتق الصديق لبلال رضي الله عنهما. قالوا : إن إعتاق أبي بكر لبلال من ماله لا يصلح لأن يصير منة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكم من عبد لله أعتقه غير أبي بكر من المهاجرين والأنصار في زمانه صلى الله عليه وآله وسلم مع احتمال أن يكون إعتاقه لبلال في كفارة قسم أو صوم أو إظهار ونحو ذلك فلا منة له في ذلك على الله تعالى ولا على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.(3)
المضحك أن هذه الكفارات لم تكن قد شرعت بعد، عند عتق بلال رضي الله عنه حيث كان عتقه في بدء الدعوة.
__________
(1) - الصوارم المهرقة ، للتستري ، 334
(2) - طرائف المقال ، لعلي البروجردي ، 2/599
(3) - الصوارم المهرقة ، 330(1/235)
ومنها : قوله تعالى " وشاورهم في الأمر " فعن ابن عباس رضي الله عنها أنها نزلت في أبي بكر وعمر. وقال صلى الله عليه وآله وسلم : إن الله أمرني أن أستشير أبا بكر وعمر. قالوا : بعد تسليم صحة الخبر لا دلالة في الآية على فضل أبي بكر وصاحبه عمر لجواز أن يكون ذلك الأمر لتأليف قلوبهم وتطييب خواطرهم لا للحاجة إلى رأيهم فغاية ما يلزم منها أن يكونا من مؤلفة القلوب وقال بعض مشايخنا قدس الله سره : إن الله تعالى أعلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن في أمته بل في صحابته الملازمين له من يبتغى له الغوائل، ويتربص به الدوائر، ويسر خلافه، ويبطن مقته، ويسعى في هدم أمره، وينافقه في دينه، ولم يعرفه أعيانهم، ولا دله عليهم بأسمائهم فأمره بمشورتهم ليصل بما يظهر منهم إلى باطنهم فإن الناصح يبدو نصيحته في مشورته والغاش المنافق يظهر ذلك في مقالته فاستشارهم صلى الله عليه وآله وسلم لذلك.(1)
ومنها : في قوله تعالى : " والليل إذا يغشى، والنهار إذا تجلى، وما خلق الذكر والأنثى، إن سعيكم لشتى " أن أبا بكر اشترى بلالا من أمية بن خلف وأبي بن خلف ببردة وعشرة أواق فأعتقه لله فأنزل الله هذه الآية أي إن سعى أبي بكر وأمية وأبى لمفترق فرقا عظيما فشتان ما بينهما. قالوا : بعد تسليم صحة رواية النزول في كون معنى الآية على ما ذكر، لا دلالة فيها إلا على الفرق بين سعي أبي بكر وسعي كافرين وليس في هذا فضيلة كما لا فضيلة بين فرعون ونحوه من كل جبار عنيد في أن يقال : إنه أصلح من الشيطان المريد.(2)
__________
(1) - الصوارم المهرقة ، 314 ، الفصول المختارة ، للمرتضى ، 32 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/416 ، مواقف الشيعة للميانجي ، 1/133 ، إحقاق الحق للتستري ، 214
(2) - الصوارم المهرقة ، 307(1/236)
ومنها : رواية أن بعضهم مر بنفر يسبون الشيخين فأخبر عليا وقال لولا أنهم يرون أنك تضمر ما أعلنوا ما اجترأوا على ذلك فقال علي أعوذ بالله رحمهم الله ثم نهض وأخذ بيد ذلك المخبر وأدخله المسجد فصعد المنبر ثم قبض على لحيته وهي بيضاء فجعلت دموعه تتحادر على لحيته وجعل ينظر البقاع حتى اجتمع الناس ثم خطب خطبة بليغة من جملتها " ما بال أقوام يذكرون أخوي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووزيريه وصاحبيه وسيدي قريش وأبوي المسلمين وأنا برئ مما يذكرون، وعليه معاقب، صحبا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالجد والوفاء والجد في أمر الله تعالى يأمران وينهيان ويقضيان ويعاقبان لا يرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كرأيهما رأيا ولا يحب كحبهما حبا لما يرى من عزمهما في أمر الله فقبض وهو عنهما راض والمسلمون راضون فما تجاوزا في أمرهما وسيرتهما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمره في حياته وبعد موته فقبضا على ذلك رحمهم الله تعالى فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يحبهما إلا مؤمن فاضل، ولا يبغضهما ويخالفهما إلا شقي مارق، وحبهما قربة وبغضهما مروق ثم ذكر أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر بالصلاة وهو يرى مكان علي ثم ذكر أيضاً أنه بايع أبا بكر ثم ذكر استخلاف أبي بكر لعمر ثم قال ألا ولا يبلغني عن أحد أنه يبغضهما إلا جلدته حد المفتري.(1/237)
قالوا : يعلم من هذا الخبر وكثير من أمثاله بعد تسليم صحتها أنه عليه السلام كان في زمانه متهما بأعمال التقية في شأن الشيخين ويظهر منه أن تجويز التقية والحكم بشرعيتها ليس من مخترعات الشيعة كما قد يتوهم وأي تقية أظهر من أنه عليه السلام قال في ضمن جوابه لسؤال ذلك البعض قوله " رحمهم الله " بضمير الجمع الظاهر في كونه راجعا إلى تلك النفر السابين المذكورين في الخبر غاية الأمر أنه عليه السلام ذكر أولا قوله " أعوذ بالله " ليوقع في وهم ذلك البعض أنه عليه السلام يستعيذ من سب الشيخين فيذهل بعد ذلك عن ظهور إرجاع الضمير الآتي في قوله " رحمهم الله " إلى تلك النفر السابين ويزعم بقرينة الاستعاذة المطلقة المبهمة أن ضمير الجمع راجع إلى الشيخين من أجل توهمه أن تلك الاستعاذة المطلقة منصرفة إلى الاستعاذة من سبهما وأن الإتيان بضمير الجمع دون التثنية للتعظيم وأما باقي الأوصاف المذكور لهما من الوزارة والسيادة وأبوة المسلمين مع أن الأخير منها غصب لما خص به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كونه أبا للمسلمين كأزواجه بكونهن أمهاتهم مسوقة تهكما على طبق ما يصفهما به أوليائهما كقوله تعالى ذق إنك أنت العزيز الكريم.(1)
__________
(1) - الصوارم المهرقة ، 292(1/238)
ومنها : الرواية الأخرى : ما اجترأوا على ذلك أي سب الشيخين إلا وهم يرون أنك موافق لهم منهم عبد الله بن سبأ وكان أول من أظهر ذلك لهما فقال علي معاذ الله أن أضمر لهما ذلك لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل. قالوا : بعد تسليم صحتها يتوجه عليه أن غاية ما يدل عليه هو استعاذة علي عليه السلام عن سب الشيخين والسب مما يستعيذ منه الشيعة أيضاً ولا يجوزونه بالنسبة إلى الكافر فضلا عن المسلم والمنافق وإنما الذي جوزوه هو اللعن على من يستحقه كما مر وفرق ما بينهما بين. وأما قوله عليه السلام " لعن الله من أظهر لهما إلا الحسن الجميل " فلا دليل فيه على عدم استحقاق الشيخين عنده للعن المتنازع فيه لأن مراده بالحسن الجميل ما هو اللائق بهما عند الله وإن كان طعنا أو لعنا ضرورة أن الحسن الجميل بحال الجبت والطاغوت وفرعون ونمرود ليس إلا مثل ذلك(1).
__________
(1) - الصوارم المهرقة ، 292(1/239)
ومنها : رواية أبي جعفر عن أبيه علي بن الحسين رضي الله عنهم أنه قال لجماعة خاضوا في أبي بكر وعمر ثم في عثمان،. ((ألا تخبروني أنتم المهاجرون الأولون أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ؟ قالوا لا، قال فأنتم الذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم، يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ؟ قالوا لا، قال أما أنتم فقد برئتم أن تكونوا في أحد هذين الفريقين وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله عز وجل فيهم : " والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم)). قالوا : إن ما نقله عنه عليه السلام إنما يدل على أن المخاطبين لم يكونوا من الفريقين المذكورين في الآيتين ولا دلالة له على أن الثلاثة كانوا داخلين فيهما وبالجملة هذا كلام مجمل مبهم مستعمل في مقام التقية وإجماله أقوى قرينة على ذلك فلا ينتهض حجة علينا أصلا(1).
__________
(1) - الصوارم المهرقة ، 250(1/240)
ومنها : رواية الحسين بن محمد بن الحنفية أنه قال ((يا أهل الكوفة اتقوا الله عز وجل ولا تقولوا لأبي بكر وعمر ما ليسا بأهل له إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الغار ثاني اثنين وإن عمر أعز الله به الدين)). قالوا : يمكن أن يكون مراده بقوله " اتقوا الله " الأمر بالتقية كما فسر قوله تعالى " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " بأن المراد أعملكم بالتقية فسقط الاستدلال وبالجملة ما روي عنه كلام مجمل مبهم لا يصدر مثله إلا في مقام التقية أما لفظ " اتقوا " فلما عرفت. وأما قوله " ولا تقولوا لأبي بكر وعمر ما ليسا بأهل له " فلما مر من أن ما يستأهله الشيخان عند أهل البيت وشيعتهم هو الذم دون المدح، فهذا الخبر لنا لا علينا. ولا ينافي هذا الحمل ما استدل به رضي الله عنه بعد ذلك مما يوهم اعتقاده فيهما اتصافهما بالفضل والكمال لأن هذا مجرد وهم، لا يذهب إليه من له أدنى فهم. وأما ما ذكره رضي الله عنه من صحبة الغار، فلما سنبينه في موضعه اللائق من أنه لا يوجب لأبي بكر إلا العار والشنار. وأما قوله " إن عمر أعز الله به الدين " فلأنه في الحقيقة إشارة إلى فجوره وتذكر لقوله صلى الله عليه وآله وسلم " إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر " والملخص أنه قد جرت عادة الأئمة عليهم السلام وأكابر شيعتهم في مقام عروض الخوف والتقية أن يضحكوا على لحية الخصام، بإلقاء مثل هذه الكلمات الجامعة البالغة في درجات الإيهام والإبهام الذي لا يطلع على حقائقها إلا ذوو الأفهام(1).
__________
(1) - الصوارم المهرقة ، 251(1/241)
ومنها : رواية جعفر الصادق رحمه الله أنه قال : ((ما أرجوا من شفاعة علي شيئا إلا وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثله ولقد ولدني مرتين)). قالوا : الخبر كذب أو قصد به مجرد التقية. وأما قوله عليه السلام " ولقد ولدني مرتين " فبيان للواقع لا للافتخار به كيف وقوم أبي بكر أرذل طوائف قريش وقال علي عليه السلام في شأن محمد بن أبي بكر " إنه ولد نجيب من أهل بيت سوء(1).
ومنها : رواية زيد بن علي أنه قال لمن يتبرأ منهما : ((أعلم والله أن البراءة من الشيخين البراءة من علي)). قالوا : بعد تسليم صحة السند أراد رضي الله عنه بقوله البراءة من علي أن عليا عليه السلام أمر شيعته بالتقية والاحتراز عن الطعن في أبي بكر وعمر فمن تبرأ عنهما تبرأ عن علي عليه السلام لمخالفة أمره.(2)
ومنها : مقاله زيد بن علي رحمه الله لما سئل عن الشيخين " أين أبو بكر وعمر ؟ " فقال : ((هما أقاماني هذا المقام)). يعني لو كانا خليفة في هذا الزمان لما اضطر زيد إلى ذلك. قالوا : أن مراده أن غصبهما الخلافة عن آبائه عليهم السلام وحملهما الناس على رقاب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم أوجب إذلال زيد وسائر أولادهم رضي الله عنهم وجرأة من غصب الخلافة بعدهما من بني أمية على سفك دمائهم وإقامتهم مقام فنائهم(3).
__________
(1) - الصوارم المهرقة ، 242
(2) - الصوارم المهرقة ، 242
(3) - الصوارم المهرقة ، 243(1/242)
ومنها : رواية سالم بن أبي الجعد قلت لمحمد بن الحنفية رضي الله عنه هل كان أبو بكر أول القوم إسلاما، قال : ((لا ؟ قلت : فبمن علا أبو بكر ؟ قال لأنه كان أفضل إسلاما حين أسلم حتى لحق بربه)). قالوا : الظاهر أن مراد السائل سؤاله عن وجه علو أبي بكر في أرض الخلافة، واستعلائه على عرش الإمامة وقوله رضي الله عنه " لأنه كان أفضل إسلاما حين أسلم " لا يصلح وجها له إلا تهكما واستهزاء لأن غاية ما يدل عليه أفضلية إسلام أبي بكر حين إسلامه على ما بعده من الأحيان وليس في ذلك دلالة على فضيلة يستحق بها الخلافة بل يدل على سوء عاقبته بمخالفته رسول صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك ونحوه بعد حين فتأمل(1).
ومنها : عن سالم قال دخلت على أبي جعفر فقال وأراه قال ذلك من أجلي : ((اللهم إني أتولى أبا بكر وعمر وأحبهما، اللهم إن كان في نفسي غير هذا فلا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة. قالوا : الظاهر أن قوله " قال ذلك من أجلي " أي لأجل خاطري صريح في أنه فهم منه عليه السلام أعمال التقية معه)).(2)
ومنها : عن سالم عن جعفر أنه قيل له : ((إن فلانا يزعم أنك تتبرأ من أبي بكر وعمر فقال برء الله من فلان إني لأرجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر " ولقد مرضت فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنهم. قالوا : هذا أيضاً كسابقه مما ذكره عليه السلام لأجل خاطر سالم لعنه الله تقية منه وضحك به على لحيته ولا دلالة في قوله عليه السلام " نفعني الله بقرابتي من أبي بكر " على النفع الديني)).(3)
__________
(1) - الصوارم المهرقة ، 244
(2) - الصوارم المهرقة ، 245
(3) - الصوارم المهرقة ، 246(1/243)
ومنها : قول جعفر، عن أبيه رحمهما الله : (( أن عليا عليه السلام لم يكن ينسب أحدا من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق، ولكنه كان يقول : هم إخواننا بغوا علينا. قالوا محمول على التقية(1).
ومنها : حديث علي رضي الله عنه : (أثبت حراء، فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد. قالوا : إنما عنى إن عليك نبي الله وصديقا وشهيدا يعني عليا عليه السلام)).(2)
ومنها : ما كان من شأن آيات الإفك التي نزلت في تبرئة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما المبرأة من فوق سبع سموات في القصة المعروفة، فالقوم قلبوا القصة رأساً على عقب، فجعلوا كل تلك الآيات نازلة في ذم عائشة رضي الله عنها لا تبرئتها، فقالوا : إن هذه الآيات نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عائشة.(3)
__________
(1) - وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 15/83 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 2/806 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 13/13
(2) - كتاب سليم بن قيس ، تحقيق محمد باقر الأنصاري ، 190 (الحاشية) ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/218 ، 27/214 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) لحسين الشاكري ، 9/479
(3) انظر أقوالهم في المسألة في ، تفسير القمي ، 2/75 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 20/316 22/154 ، 155 ، 168 76/103(الحاشية) ، الخصال ، للصدوق ، 2/125 ، كتاب حديث الإفك لجعفر مرتضى ، تأويل الآيات ، 2/603 ، تفسير الأصفى ، 2/838 ، تفسير نور الثقلين ، 3/581 ، تفسير الميزان ، للطباطبائي ، 15/103 ، تفسير شبر ، 338 (الحاشية) ، قاموس الرجال ، للتستري ، 12/302 ، 342 ، مجمع البحرين ، للطريحي ، 1/82 ، جامع الشتات ، للخواجوئي ، 36(1/244)
ومنها : قولهم في لقب الفاروق رضي الله عنه، فعن خالد بن يحيى قال : قلت لأبي عبدالله : ((لم سمي عمر الفاروق؟ قال : نعم، ألا ترى أنه قد فرق بين الحق والباطل وأخذ الناس بالباطل)).(1)
ولا أدري إن كانت هذه الرواية مدحاً له أم ذماً، وإن كنت أظنها الأخيرة، ولكن ما ذنب عمر رضي الله عنه إن أخذ الناس بالباطل؟
وعلى ذكر التسمية، فقد قالوا في علة تسمية أمير المؤمنين رضي الله عنه لأبنائه بأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم. قالوا : لأنه قد كان علم أن شيعته سيحتاجون في آخر الزمان إلى الترحم على أبى بكر وعمر وعثمان ، تقية من شيعتهم ، فسمى بنيه بأسمائهم ، حتى يكون ذلك الترحم واقعا عليهم . ولان ينصب لهم من إذا قصدوا إليه بالترحم أصابوا الحق ولم يحتاجوا إلى الالطاط.
ومنها : قول علي رضي الله عنه في الفاروق رضي الله عنه لما قبض : ((لوددت أن ألقى الله تعالى بصحيفة هذا)).
وفي رواية : ((إني لأرجو أن ألقى الله تعالى بصحيفة هذا المسجى)).
فكان تأويلهم لهذا أن عمر واطأ أبا بكر والمغيرة وسالماً مولى أبي حذيفة وأبا عبيدة على كتابة صحيفة بينهم يتعاقدون فيها على أنه إذا مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يورثوا أحداً من أهل بيته، ولم يولوهم مقامه من بعده، وكانت الصحيفة لعمر إذ كان عماد القوم، فالصحيفة التي ود أمير المؤمنين ورجا أن يلقى الله عز وجل بها هي هذه الصحيفة ليخاصمه بها ويحتج عليه بمضمونها(2).
__________
(1) - الفصول المختارة ، 58 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/296 28/105 ، 117 ، 30/194 ، معاني الأخبار ، 412 ، إرشاد القلوب ، 2/119. ، مختصر بصائر الدرجات ، للحسن الحلي ، 30
(2) - الفصول المختارة ، 58 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/296 28/105 ، 117 ، معاني الأخبار ، 412 ، إرشاد القلوب ، 2/119 ، مواقف الشيعة ، للميانجي ، 1/(1/245)
وعلى ذكر هذه الصحيفة وذكر سالم مولى أبي حذيفة، روى القوم عن الصادق رحمه الله أنه قال : أن تلقيب سالم بالأمين لأنهم لما كتبوا الصحيفة وضعوها على يد سالم، فصار الأمين(1).
ومنها : رواية أن علي قال لعمر وهو مسجى : ((صلى الله عليك)) ودعا له. قالوا : لعل تلك الصلاة وقعت عنه عليه السلام عندما سجي عمر بثوب الكفن ووضع في بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم مترصدين لدفنه في جواره صلى الله عليه وآله وسلم وعلي عليه السلام إنما صلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمشاهدته لمرقده حينئذ فاشتبه الأمر على الناس، وعلى تقدير تسليم وقوع تلك الصلاة قبل كفن عمر وإخراجه إلى بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيجوز أن يكون عليه السلام قد استحضر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذهنه ذلك الوقت فصلى عليه بصيغة الخطاب كما في قوله تعالى " إياك نعبد وإياك نستعين " فوقع الاشتباه. وأما الدعاء فلعله كان عليه سرا لا جهرا أو كان جهرا ولكن بأعماله عليه السلام الألفاظ الإيهامية(2).
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 30/194 ، 31/617 ، 53/75 ، مختصر بصائر الدرجات ، للحسن الحلي ، 30 ، 139
(2) - الصوارم المهرقة ، 278(1/246)
ومنها : رواية الصادق رحمه الله التي سئل فيها عن أبي بكر وعمر، ((فقال : كانا إمامين قاسطين عادلين، كانا على الحق وماتا عليه، فرحمة الله عليهما يوم القيامة))، فلما خلا المجلس، قال له بعض أصحابه : كيف قلت يا بن رسول الله ؟ !. فقال : نعم، أما قولي : كانا إمامين، فهو مأخوذ من قوله تعالى : وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار، وأما قولي قاسطين، فهو من قوله تعالى : وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا، وأما قولي عادلين، فهو مأخوذ من قوله تعالى : الذين كفروا بربهم يعدلون، وأما قولي كانا على الحق، فالحق علي عليه السلام، وقولي : ماتا عليه، المراد أنه لم يتوبا عن تظاهرهما عليه، بل ماتا على ظلمهما إياه، وأما قولي : فرحمة الله عليهما يوم القيامة، فالمراد به أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينتصف له منهما، آخذا من قوله تعالى : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين(1).
ومنها : رواية أبي جحيفة قال : دخلت على علي في بيته فقلت : ((يا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال مهلا يا أبا جحيفة ألا أخبرك بخير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر وعمر ويحك يا أبا جحيفة لا يجتمع حبي وبغض أبي بكر وعمر في قلب مؤمن)). قالوا : لا يلزم من كون أبي جحيفة صحابيا صاحبا لعلي عليه السلام كما ذكره علماء الرجال من الطرفين أن يكون كل ما نقل عنه صحيحا لجواز أن يكون الخلل فيمن نقل عنه من أهل السنة الذين جرت عادتهم على وضع الخبر على سادات أهل البيت(2).
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 30/286 ، الصوارم المهرقة ، 155 ، مجمع النورين ، 104 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 1/391 ، مجمع النورين ، للمرندي ، 104
(2) - الصوارم المهرقة ، 279(1/247)
ولا ننسى تأويلهم لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب، فقد أورد القوم عن محمد بن مروان قال : سألت أبا عبدالله : جعلت فداك، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((أعز الإسلام بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب، فقال : يا محمد، قد والله قال ذلك، وكان أشد عليَّ من ضرب العنق، ثم أقبل علي، فقال : هل تدري ما أنزل الله يا محمد؟ قلت : أنت أعلم جعلت فداك، قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان في دار الأرقم، فقال : اللهم أعز الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب، فأنزل الله : وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً [الكهف : 51])).(1)
ومنها : قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا سارية الجبل -في الرواية المشهورة- فقالوا : إنما كان ذلك أن عمر شكا إلى علي رضي الله عنه غمة لانقطاع خبر عسكر المسلمين فأخبرهم بخبرهم، وأن عسكر المشركين أحاطوا بهم، وأنهم إن لم يصعدوا الجبل قتلوا عن آخرهم فسأله أن يريه إياهم، فصعد المنبر معه، ومسح على عينيه فرآهم، وقال : يا سارية الجبل، فسمعوا صوته، ثم جاء الخبر بما قال علي رضي الله عنه، ووعده عمر أنه إن فعل ذلك خلع نفسه ولم يفعل(2).
ومنها : صلاته رضي الله عنه خلف الثلاثة رضي الله عنهم، قالوا في ذلك : جعلهم بمثل سواري المسجد(3).
__________
(1) - نور الثقلين ، 3/268 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 30/235 ، 75/12 ، العياشي ، 2/355 ، البرهان ، 2/472 ، الصافي ، 3/246.
(2) - إثبات الهداة ، 2/496 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 2/15
(3) - الفصول المختارة ، 41 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/373 ، المناقب ، 1/274 ، مواقف الشيعة ، للميانجي ، 1/288 ، سنن الإمام علي ، 87(1/248)
ومنها : جلوس أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العريش يوم بدر، حيث كانوا معه في مستقره يدبران الأمر معه صلى الله عليه وآله وسلم، ولولا أنهما أفضل الخلق عنده ما اختصهما بالجلوس معه، قالوا في ذلك : إنه صلى الله عليه وآله وسلم علم أنهما لا يصلحان للقتال، فإما أن ينهزما أو يوليا الدبر كما صنعا يوم أحد وخيبر وحنين، أو يلحقهما من الخوف والجزع فيصيران إلى أهل الشرك مستأمنين(1).
رغم كذب ادعاء الهروبات هذه إلا أن الطريف الذي يستحق الذكر هنا أن قصة الجلوس في العريش هذه إنما كانت يوم بدر، وغزوة بدر كانت أولى الغزوات، فكيف تفسر هذا؟! والغريب أن يردد ذلك أساطين القوم كالمفيد والحلي، وهو أمر لا يجهله حتى الصبيان!
ومنها : ما تواتر من قول علي رضي الله عنه على منبر الكوفة : ((لا أوتى برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري)).(2)
فمن ذلك : ما قاله المفيد : إنما أَوجب عليه حد المفتري من حيث أَوجب لهما بالمفاضلة ما لا يستحقانه من الفضل؛ لأن المفاضلة لا تكون إلا بين متقاربين في الفضل، والرجلان -أي : أبو بكر وعمر رضي الله عنهما- بجحدهما النص قد خرجا عن الإيمان، فبطل أن يكون لهما فضل في الإسلام، فكيف يحصل لهما ما يقارب فضل أمير المؤمنين؟(3).
أما قول المفيد فغير مفيد ولا يستحق الرد.
__________
(1) - الفصول المختارة ، 15 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/417 ، المناظرات في الإمامة ، لعبدالله الحسن ، 297 ، مواقف الشيعة ، 1/136
(2) - الكشي ، ترجمة رقم ، 257 ، معجم الخوئي ، 8/153 ، 326 ، الفصول المختارة ، 127 ، الإيضاح ، للفضل بن شاذان ، 6 ، الصراط المستقيم ، لعلي العاملي ، 3/152 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 1/75
(3) - الفصول المختارة ، 127 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/377.(1/249)
ومن ذلك : ما ذكره الفضل بن شاذان، حيث قال : إنما روى هذا الحديث سويد بن غفلة، وقد أجمع أهل الآثار على أنه كثير الغلط.
أما كذب الادعاء الآخر -أي : القول بإجماع أهل الآثار على أنه كثير الغلط- فليته دلنا على هؤلاء، وحسبك رد الخوئي على رواية ابن شاذان هذه بعد إيراده لأقوال أضرابه في وثاقة ابن غفلة وأنه من أولياء أمير المؤمنين بقوله : هذه الرواية مرسلة لا يعتمد عليها، وكيف يصح ذلك وقد اعتمد الفضل بنفسه على رواية سويد بن غفلة كما عرفت، على أن هذه الرواية رويت عن سفيان الثوري، عن محمد بن المنكدر، دون سويد ابن غفلة(1).
ويشير بقوله : وقد اعتمد الفضل بنفسه على رواية سويد بن غفلة، إلى ما أورده الطوسي في تهذيبه من طريق ابن شاذان نفسه، عن حنان، قال : كنت جالساً عند سويد ابن غفلة، فذكر حديثاً، ثم قال الطوسي : قال الفضل : وهذا الخبر أصح مما رواه سلمة ابن كهيل؛ لأن سلمة لم يدرك علياً، وسويد قد أدرك علياً(2).
ومثل هذا القول قوله رضي الله عنه : ((خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر، فمن راد للخبر من أصله، ومن قائل : إن الباقر سئل عن هذا القول، فقال : إن الرجل يفضل على نفسه من ليس هو مثله حباً وتكرماً)).(3)
وقال آخر قد يكون قوله صلوات الله عليه خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر على معنى أن من ولي مكانهما بعدهما من المتغلبين شر على الأمة. وأنهما خير منهم في سيرتهما في الناس(4).
__________
(1) - معجم الخوئي ، 8/326.
(2) - التهذيب ، 9/331 ، الإستبصار ، 4/173 ، معجم الخوئي ، 8/325 ، وسائل الشيعة ، 26/236 ، تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجاشي ، للأبطحي ، 5/315
(3) - الاختصاص ، 128 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 30/276
(4) - شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي ، 2/251 ، الذريعة لآقا بزرگ الطهراني ، 13/67(1/250)
ومنها : ما جاء في بعض الروايات في أسباب نزول قوله تعالى : وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً [التحريم : 3]، من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد بشَّر زوجته حفصة بنت عمر رضي الله عنهما بأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه سيلي الخلافة بعده، ومن بعده سيلي عمر بن الخطاب(1)، وزادوا في ذلك بأن حفصة رضي الله عنها لما أخبرت عائشة رضي الله عنها وأخبرا أبويهما بذلك، اجتمعوا على أن يسموا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(2).
وعلى ذكر البشارة هذه، فقد زعم القوم أن ولاية أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مذكورة في كتاب دانيال عليه السلام، وأنهما رضي الله عنهما كانا على علم بهذا؛ لهذا أسلما وتبعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم طلباً للولاية التي ذكرها دانيال في كتابه الموجود الآن بأيدي أهل الكتاب في الفصل التاسع منه(3).
ومنها : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر)).
__________
(1) - تفسير القمي ، 2/360 ، البرهان ، 4/352 ، الصافي ، 5/194 ، مجمع البيان ، 5/472 ، الميزان ، 19/338 ، نور الثقلين ، 5/367 ، جوامع الجامع ، 2/711 ، تأويل الآيات ، الظاهرة ، 2/697 ، الصراط المستقيم ، 3/168 ، كتاب الأربعين ، للقمي ، 283 ، 627 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/230 ، 264 ، 30/383 ، 31/640 ، خلاصة عبقات الأنوار ، لحامد النقوي ، 9/185 ، مستدرك سفينة البحار ، 5/12 ، التفسير الأصفى ، للفيض الكاشاني ، 2/1321 ، الغدير ، للأميني ، 1/392 ، 5/342
(2) - تفسير القمي ، 2/361 ، البرهان ، 4/352 ، الصافي ، 5/194 ، 7/233 ، نور الثقلين ، 5/368 ، الصراط المستقيم ، 3/168 ، كتاب الأربعين ، للقمي ، 627
(3) - فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب ، 200.(1/251)
قال العلامة الحلي في ذلك : إن الاقتداء بالفقهاء لا يستلزم كونهم أئمة، وهو أيضاً معارض لحديث : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم(1).
وقال آخر : قال صلى الله عليه وآله وسلم اقتدوا بالذين من بعدي ابابكر وعمر بالنص على النداء على أن يكونا مأمورين بالاقتداء واللذان بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتاب الله وعترته كما ذكر في الخبر المشهور ويحتمل الرفع على أن يكون المعنى اقتدوا أبو بكر وعمر بالذين من بعدي كتاب الله وعترته ويظهر من كلام الشيخ الأجل ابن بابويه القمي ره في كتاب عيون أخبار الرضا إن الرواية قد وردت على طبق هذين الاحتمالين فتأمل هذا(2).
وقال آخر وهو أيضاً لم يستطع رد الحديث لصحته : هذا الخبر لا يداني خبر الغدير؛ لأنه من الآحاد، وقال : إن قوله : بعدي مجمل ليس فيه دلالة على المراد بعد وفاتي، أو بعد حالٍ من أحوالي.
أقول : هل يرى القوم هذا التأويل في جميع الروايات التي وضعوها في إمامة علي رضي الله عنه.
وقال آخر : إن سبب هذا الخبر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان سالكاً بعض الطريق وهما متأخران عنه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم لبعض من سأله عن الطريق الذي يسلكه به : اقتدوا باللذين من بعدي.
__________
(1) - الصراط المستقيم ، 3/127 ، 144 ، 146 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 23/15530/58949/189 ، أعلام الدين ، 142 ، عيون أخبار الرضا ، 2/185 ، شرح نهج البلاغة ، 13/28717/173 ، الإفصاح ، 219 ، 224 ، منهاج الكرامة ، للحلي ، 184 ، نفحات الأزهار ، للميلاني ، 12/12
(2) - إحقاق الحق للتستري ، 243(1/252)
وقال آخر : إن الحديث روي بصيغة : أبو بكر وعمر، ومنهم من روى : أبا بكر وعمر ولو كانت الرواية صحيحة لكان معنى قوله بالنصب : اقتدوا باللذين من بعدي : كتاب الله والعترة يا أبا بكر وعمر، ومعنى قوله بالرفع : اقتدوا أيها الناس وأبو بكر وعمر باللذين من بعدي : كتاب الله والعترة(1).
وعلى ذكر رواية : أصحابي كالنجوم فقد عدَّ المحدثون من أهل السنة هذا الحديث من الموضوعات، ورغم ذلك يروي القوم عن الأئمة ما يفيد صحته، فعن الرضا أنه سئل عن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، وعن قوله صلى الله عليه وآله وسلم : دعوا لي أصحابي فقال : هذا صحيح، يريد من لم يغير بعده ولم يبدل، قيل : وكيف نعلم أنهم قد غيَّروا وبدلوا؟ قال : لما يرونه من أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال : ليذادن رجال من أصحابي يوم القيامة عن حوضي كما تذاد غرائب الإبل عن الماء، فأقول : يا رب، أصحابي أصحابي، فيقال لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول : بعداً لهم وسحقاً. أفترى هذا لمن لم يغير ولم يبدل(2)؟.
والطريف أن علم الهدى وغيره خالفوا الرضا في هذا، فبينما يرى الرضا صحة الحديث الأول باعتبار الثاني، يرى هؤلاء ضعف الأول باعتبار الحديث الثاني(3).
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 23/162 ، 163 49/191 ، عيون الأخبار ، 2/186 ، الصوارم المهرقة ، 100
(2) - عيون الأخبار ، 2/93 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/19. ، عيون أخبار الرضا (ع) للصدوق ، 1/93 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 6/175 ، مسند الإمام الرضا (ع) لعزيز الله عطاردي ، 2/496 ، حياة الإمام الرضا (ع) ، لباقر شريف القرشي ، 2/ 63 ، منهج في الإنتماء المذهبي لصائب عبد الحميد ، 285 ، مناظرات في الأحكام والعقائد ، 1/496
(3) - تلخيص الشافي ، 2/248 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/19 (الحاشية).(1/253)
ومن لم يعجبه كل ذلك فقد روي عن الباقر، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ((إنما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم بأيها أخذ اهتدي، وبأي أقاويل أصحابي أخذتم اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة، فقيل : يا رسول الله، ومَنْ مِنْ أصحابك؟ قال : أهل بيتي)).(1)
فهذا يصحح الحديث، وذاك يضعفه، وآخر يصححه ولكن يحمل مقصود الصحبة في الحديث على أهل البيت. . وهكذا.
والغريب أن كل رواية فيها مدح لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالوا : إن المقصود منها أهل البيت، كالرواية السابقة، ورواية افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا رسول الله، وما تلك الواحدة؟ قال : هو ما نحن عليه اليوم أنا وأصحابي(2).
فالمجلسي عند نقله للرواية السابقة عن الصدوق حذف كلمة وأصحابي، وجعل محلها وأهل بيتي(3)، فعلها مرتين وأراح نفسه من عناء التأويل.
وعلى أي حال، لسائلٍ أن يتساءل : هل يحمل القوم روايات : ليذادن رجال من أصحابي يوم القيامة عن حوضي..الحديث. على أهل البيت؟
__________
(1) - معاني الأخبار ، 156 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/220 22/307 ، بصائر الدرجات ، للصفار ، 31 ، الإحتجاج ، للطبرسي ، 2/105 ، مستدرك سفينة البحار ، 3/158 ، 6/174 ، موسوعة المصطفى والعترة ، 10/64 ، مكيال المكارم ، للأصفهاني ، 2/297 ، مناظرات الإمام الصادق (ع) ، لحسين الشاكري ، 63 ، مناظرات في العقائد والأحكام ، لعبدالله الحسن ، 1/496 ،
(2) - معاني الأخبار ، 323 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/3 ، 4 ، 30 ، قرة العينين ، لمحمد الأنصاري ، 28
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/3 ، 4.(1/254)
وما دمنا في ذكر النجوم، فمقولة : ((إن أبا بكر وعمر شمسا هذه الأمة وقمرا هذه الأمة))، ذكروا فيها عن الرضا أنه قال : ((إن الشمس والقمر يعذبان))، فلما استغرب هذا منه قال : ((إنما عناهما لعنهما الله، أو ليس قد روى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : إن الشمس والقمر نوران في النار؟ قيل : بلى، فقال : وهما في النار والله ما عنى غيرهما)).(1)
ويبدو أن واضع هذه الرواية لم يقف على ما وضعه آخر وهو قول الصادق : ((وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [الشمس : 1]، الشمس أمير المؤمنين، والقمر الحسن والحسين)).
أو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((مثلي فيكم مثل الشمس، ومثل علي مثل القمر)).(2)
أو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((أنا كالشمس وعلي كالقمر وأهل بيتي كالنجوم)).(3)
نعود إلى ما كنا فيه. وعن رسول صلى الله عليه وآله وسلم قال : ((قال إن الله اختارني واختار لي أصحابا فجعل لي منهم وزراء وأنصارا وأصهارا فمن حفظني فيهم حفظه الله ومن آذاني فيهم آذاه الله)). قالوا : لو صح هذا الحديث فالمراد بالوزراء فيه علي عليه السلام والجمع للتعظيم(4).
__________
(1) - تفسير القمي ، 2/321 ، الصافي ، 5/107 ، 7/65 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 7/120 ، 24/68 ، 30/257 ، 36/172 ، البرهان ، 4/263 ، تأويل الآيات ، 2/633 ، نور الثقلين ، 5/188 ، مسند الإمام الرضا ، 1/347 ،
(2) - انظر هذه الروايات وغيرها في ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16/88 ، 89 24/70 ، 72 ، 73 ، 74 ، 75 ، 76 ، 79 53/12058/140 ، البرهان ، 4/467 ، تأويل الآيات ، 2/803 ، 806 ، كنز الفوائد ، 389 ، روضة الكافي ، للكليني ، 50 ، معاني الأخبار ، 39 ، إثبات الوصية ، 30 ، أمالي الطوسي ، 528 ، نور الثقلين ، 1/365/585 ، المناقب ، 1/283 ، الصافي ، 5/333 ، القمي ، 2/422 ، تفسير فرات ، 2/561 ، 562 ، 563.
(3) - عوالي اللئالي ، للأحسائي ، 4/86
(4) - الصوارم المهرقة للتستري ، 17(1/255)
وحديث ابن عباس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ((من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)). قالوا : الظاهر أن المراد سب جميع الأصحاب بحيث يدخل فيه المقبول منهم والمردود على أن يكون الإضافة في أصحابي للاستغراق ولا كلام في أن ساب الجميع ملعون بل الظاهر أن المراد كون السب لأجل الصحابية لا لأجل استحقاق ذلك الصحابي لذلك(1).
حتى زواج الفاروق رضي الله عنه من أم كلثوم ابنة علي رضي الله عنه، وزواج عثمان ذي النورين من رقية وأم كلثوم بنتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان للقوم فيهما تأويلات ورُدود، فزواج عثمان رضي الله عنه من بنتين من بنات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد ثقل على القوم وهم يرون أن من فضائل علي رضي الله عنه زواجه من الزهراء رضي الله عنها، فكيف بمن تزوج ببنتين من بناته صلى الله عليه وآله وسلم؟! فكان مما قالوه في ذلك : أن رقية وأم كلثوم ليستا من بناته صلى الله عليه وآله وسلم.(2)
ولم يكتفوا بذلك؛ بل زادوا أن عثمان رضي الله عنه قد قتلهما.(3)
__________
(1) - الصوارم المهرقة للتستري ، 18
(2) - المناقب ، 1/162 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/152 ، 191 ، الأنوار النعمانية ، 1/80 ، 81 (الحاشية) ، أزواج النبي وبناته ، لنجاح الطائي ، 43 ، خلفيات مأساة الزهراء ، لجعفر مرتضى ، 1/511 ، الخدعة ، لصالح الورداني ، 136 ، الشيعة هم أهل السنة ، للتيجاني ، 255 (الحاشية)
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 6/261 ، 9/251 ، 20/145 ، 22/159 ، 24/282 ، 161 ، 163 ، 81/392 ، الكافي ، للكليني ، 3/64 ، 69 ، تفسير القمي ، 2/421 ، نور الثقلين ، 5/580 ، الصافي ، 5/330 ، 7/482 ، البرهان ، 4/463 ، التفسير الأصفى ، 2/1444 ، غاية المرام ، للبحراني ، 3/296(1/256)
بل وذهب بعضهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس عنده بنت باسم أم كلثوم، وإنما ذلك من زيف الأمويين الذين اختلقوها وزوجوها عثمان الأموي.(1)
وأنكر آخرون أن يكون عثمان رضي الله عنه قد تزوجهما أصلاً.(2)
وغيرها من التأويلات لهذه الزيجة أعرضنا عن ذكرها.
أما قولهم في زواج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أم كلثوم رضي الله عنها، فمنهم من رفض الزواج من أصله، وقال : إن الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين ابنته من عمر لم يثبت، وطريقه من الزبير بن بكار ولم يكن موثوقاً به في النقل، وكان متهماً فيما يذكره من بغضه لأمير المؤمنين وغير مأمون(3).
هذا رغم أن كتب القوم الرجالية تورد في ترجمة ابن بكار هذا أنه أعلم الناس قاطبة بأخبار قريش وأنسابها، وأنه نقل عنه روايات يظهر منها بطلان مذهب العامة، وحقيقة مذهب الخاصة(4).
ورغم أن أخبار هذه الزيجة وردت من طرق كثيرة ليس فيها ابن بكار، حتى قال المجلسي في قول المفيد الآنف الذكر : إن إنكار المفيد رحمه الله أصل الواقعة إنما هو لبيان أنه لم يثبت ذلك من طرقهم، وإلا فبعد ورود ما مرَّ من الأخبار إنكار ذلك عجيب(5).
أما أنا فلا أرى قول المفيد عجيباً فماذا عساه أن يقول؟!
__________
(1) - أزواج النبي وبناته ، لنجاح الطائي ، 38
(2) - الخدعة ، رحلتي من السنة إلى الشيعة ، لنجاح الطائي ، 136
(3) - رسائل الشيخ المفيد ، 61 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42/107 ، الأنوار النعمانية ، 1/81(الحاشية) ، الفصول المهمة ، لإبن الصباغ ، 1/646 (الحاشية) ، الشافي في الإمامة ، 3/272 (الحاشية) ، الأنوار الساطعة ، لغالب السيلاوي ، 10 (الحاشية)
(4) - معجم الخوئي ، 7/215.
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42/109.(1/257)
ومنهم من قال : إن من تزوجها عمر رضي الله عنه لم تكن سوى جنية من نجران وليست أم كلثوم، فرووا عن الصادق أنه قال : ((إن أمير المؤمنين أرسل إلى جنية من أهل نجران يهودية يقال لها : سحيقة بنت جريرية، فأمرها فتمثلت في مثال أم كلثوم وحجبت الأبصار عن أم كلثوم وبعث بها إلى الرجل، فلم تزل عنده حتى أنه استراب بها يوماً، فقال : ما في الأرض أهل بيت أسحر من بني هاشم، ثم أراد أن يظهر ذلك للناس فقتل وحوت الميراث وانصرفت إلى نجران، وأظهر أمير المؤمنين أم كلثوم)).(1)
أما من أقر بهذه الزيجة، فقال : ((إن الصادق رحمه الله قال في ذلك : إن ذلك فرج غصبناه)).(2)
ولعمري إن حكاية ابن بكار وجنية نجران أحب إلي من نسبة هذا إلى الصادق رحمه الله.
وقد علق المجلسي على الرواية السابقة وغيرها التي تؤكد هذه الزيجة بقوله : هذه الأخبار لا تنافي ما مرَّ من قصة الجنية، لأنها قصة مخيفة أطلعوا عليها خواصهم، ولم يكن يتم بها الاحتجاج على المخالفين.
بل ربما كانوا يحترزون عن إظهار أمثال تلك الأمور لأكثر الشيعة أيضاً، لئلا تقبله عقولهم، ولئلا يغلوا فيهم(3).
وعلى أي حال، ففيما ذكرناه من تأويلات لهذا الزواج كفاية وإلا لطال بنا المقام.
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42/88 ، الخرائج والجرائح ، لقطب الدين الراوندي ، 2/826 ، الأنوار النعمانية ، 1/84 ، اللمعة البيضاء ، للتبريزي الأنصاري ، 281 ، مدينة المعاجز ، 3/202 ، العوالم ، 11/1006 ، الأنوار العلوية ، لجعفر الندي ، 436
(2) - الكافي ، للكليني ، 5/346 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42/106 ، الأنوار النعمانية ، 1/82 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 37/9 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 30/561 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 20/538 ، تزويج أم كلثوم من عمر ، لعلي الميلاني ، 29 ، محاضرات في الإعتقادات ، 2/697
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42/106.(1/258)
وكذا قولهم في روايات مدح الأمير لخلافة الشيخين رضي الله عنهما التي مرت بك، من أنها على الظاهر عند الناس أو تقية، ثم أراحوا أنفسهم فقالوا : بل الظاهر أنها من إلحاقات المخالفين(1). وللقوم عذرهم.
حتى قال ميثم البحراني في ذلك : واعلم أن الشيعة قد أوردوا هنا سؤالا فقالوا : إن هذه الممادح التي ذكرها. في حق أحد الرجلين تنافي ما أجمعنا عليه من تخطئتهما وأخذهما لمنصب الخلافة، فإما أن لا يكون هذا الكلام من كلامه رضي الله عنه، وإما أن يكون إجماعنا خطأ(2).
وقالوا في الروايات المنافية لردة الصحابة رضوان الله عليهم؛ كرواية الكافي التي مرَّت بك وفيها قول الباقر من أن علياً رضي الله عنه كان الأحب إليه أن يقرهم على ما صنعوا من أن يرتدوا عن الإسلام. . . الرواية.
قالوا : أي على ظاهره، وهذا لا ينافي ما مر وسيأتي(3)أن الناس ارتدوا إلا ثلاثة، لأن المراد فيها ارتدادهم عن الدين واقعاً، وهذا محمول على بقائهم على صورة الإسلام وظاهره، وإن كانوا في أكثر الأحكام الواقعية في حكم الكفار(4).
ويقول المجلسي مضطراً بعد أن أورد العشرات من الروايات في فضائل الصحابة : وينبغي أن تعلم أن هذه الفضائل إنما هي لمن كان مؤمناً منهم لا المنافقين، كغاصبي الخلافة وأضرابهم وأتباعهم ولمن ثبت منهم على الإيمان واتِّباع الأئمة الراشدين لا الناكثين الذين ارتدوا عن الدين(5).
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33/574 ، الغارات ، للثقفي ، 1/307
(2) - شرح نهج البلاغة ، لميثم البحراني ، 4/98
(3) - ذكرنا بعض هذه الروايات.
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/255 ، مجمع النورين ، للمرندي ، 90
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/313.(1/259)
وقال آخر بعد أن أورد عدة روايات في هذا الشأن : ((كاللهم امض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم، الأنصار كرشي وعيبتي، في كل دور الأنصار خير، المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة، اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للمهاجرين والأنصار، قبل بدء القتال في غزوة بدر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد، طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى ثم طوبى - سبع مرات - لمن لم يرني وآمن بي، قال له رجلان : يا رسول الله، أرأيت من رآك فآمن بك وصدقك واتبعك، ماذا له ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : طوبى له ، لا زال هذا الدين ظاهرا على الأديان كلها ما دام فيكم من رآني، أثبتكم على الصراط أشدكم حبا لأهل بيتي ولأصحابي، كان بين خالد بن الوليد وبين أحد المهاجرين الأوائل كلام، فقال خالد له : " تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها "، فسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك فقال : دعوا لي أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم)) ..ألخ. قال : ما تقدم من ثناء مشروط بشروط، منها : الإيمان الحقيقي، فلا يكون من في قلبه مرض مرادا قطعا، والاستقامة على المنهج الإسلامي وحسن العاقبة، لأن بعض الصحابة ارتدوا ثم عادوا إلى الإسلام، وبعضهم منافقون أسروا نفاقهم، ولكنه ظهر من خلال أعمالهم ومواقفهم(1).
أي : أن كل هذه الآيات والروايات التي ذكرناها في هذا الكتاب لا تنطبق إلا على الثلاثة الذين لم يرتدوا كما مرَّ بك، وهم بهذا يعلنون فشل صاحب الرسالة صلى الله عليه وآله وسلم في تربية هذا الجيل العظيم حتى توفي وترك بعده أكثر من مائة ألف من المنافقين والناكثين والمرتدين.
__________
(1) - الصحابة في القرآن والسنة والتاريخ ، مركز الرسالة ، 61 ، 64(1/260)
حتى من تفاءل خيراً وظن أن أناساً آخرين دخلوا الدين بعد ردة الصحابة يفاجأ بارتدادهم بعد مقتل الحسين إلا ثلاثة أيضاً، كما يروي القوم ذلك عن الصادق(1).
ولم يسلم من تأويلهم أيضاً نهي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وكذا الأئمة عن لعن الصحابة رضوان الله عليهم، وإليك واحدة من تلك وهي كثيرة :
عن علي رضي الله عنه قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إذا عملت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء، قيل : يا رسول الله، وما هي؟ فذكر منها : ولعن آخر هذه الأمة أولها)).
قال الصدوق : يعني بقوله : ولعن آخر هذه الأمة أولها الخوارج الذين يلعنون أمير المؤمنين وهو أول الأمة إيماناً بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليه وآله وسلم(2).
وهكذا وكما فعل غيره، جعل آخر أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثين سنة بعد وفاته!
__________
(1) - الاختصاص ، للمفيد ، 64 ، 205 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 46/144 ، 71/220 ، 74/220 ، رجال الكشي ، 113 ، الكافي ، للكليني ، 2/380ه، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 10/50 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 20/151ه، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي الشاهرودي ، 4/117 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 1/44ش ، 338 ، نقد الرجال ، للتفرشي ، 1/332 ، 5/62 ، جامع الرواة ، للأردبيلي ، 1/147 ، 2/299 ، الفوائد الرجالية ، لبحر العلوم ، 2/135ه، طرائف المقال ، لعلي البروجردي ، 2/64 ، مستدركات علم رجال الحديث ، لعلي النمازي الشاهرودي ، 8/190 ، معجم رجال الخوئي ، 21/37 ، 38 ، قاموس الرجال ، لمحمد تقي التستري ، 10/432 ، 11/30 ، جهاد الإمام السجاد (ع) ، لمحمد رضا الجلالي ، 72 ، مجلة تراثنا ، مؤسسة آل البيت ، 43 212ه
(2) - الخصال ، للصدوق ، 500 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 6/304 52/193 77/305 ، وانظر أيضاً ، كمال الدين ، 2/207 ، كنز الفوائد ، 144.(1/261)
اضطراب الشيعة في رد بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه لمن سبقوه
وقبل كل هذا أو بعده اضطربوا في رد بيعة علي رضي الله عنه للثلاثة رضي الله عنهم، كقولهم :
إنه تأخر في بيعته -كما تذكر بعض الروايات- وليس يخلو تأخره من أن يكون هدى وتركه ضلالاً أو يكون ضلالاً وتركه هدى وصواباً وتركه صواباً، أو يكون خطأ وتركه خطأ، فلو كان التأخير ضلالاً وباطلاً لكان أمير المؤمنين قد ضل بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بترك الهدى الذي يجب المصير إليه، وبطل أن يكون تأخره عن بيعة أبي بكر ضلالاً، وإن كان تأخره هدى وصواباً وتركه خطأ، فليس يجوز أن يعدل عن الصواب إلى الخطأ ولا عن الهدى إلى الضلال، إلى أن خلصوا إلى القول بأنه رضي الله عنه لم يبايع من سبقوه قط.(1)
ولا نرد على هذا سوى سؤال القوم عن الروايات العديدة من طرقهم والتي تدل صراحة على بيعته رضي الله عنه لمن سبقوه، كقوله رضي الله عنه لنفر من قريش في ذكر البيعة : ((فبايعتم أبا بكر وعدلتم عني فبايعت أبا بكر كما بايعتموه، ثم بايعت عمر كما بايعتموه، ثم بايعتم عثمان فبايعته)).(2)
__________
(1) - الفصول المختارة ، 31 في الدلالة على أن أمير المؤمنين لم يبايع أبا بكر ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/427 ، مواقف الشيعة ، للميانجي ، 1/146 ، السقيفة وفدك ، للجواهري ، 40
(2) - انظرالرواية بتمامها في ، أمالي الطوسي ، 518 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 32/262 ، غاية المرام ، للبحراني ، 6/15(1/262)
وقوله رضي الله عنه : ((فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته ونهضت معه في تلك الاحداث حتى زهق الباطل وكانت كلمة الله هي العليا وأن يرغم الكافرون فتولى أبو بكر رضي الله عنه تلك الأمور فيسر وسدد وقارب واقتصد فصحبته مناصحا وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهدا)).(1)
وقد أقر بذلك آل كاشف الغطاء حيث قال : وحين رأى -أي : عليّ بن أبي طالب- أن الخليفتين، أعني الخليفة الأول والثاني -أي : أبو بكر وعمر- بذلا أقصى الجهد في نشر كلمة التوحيد وتجهيز الجنود وتوسيع الفتوح ولم يستأثرا ولم يستبدا بايع وسالم.(2)
بل واستعداده لبيعة غيرهم، كقوله لطلحة لما برز الناس للبيعة عند بيت المال : ((ابسط يدك للبيعة، فقال له طلحة : أنت أحق بذلك مني، وقد استجمع لك الناس ولم يجتمعوا لي)).(3)
وغيرها وهي كثيرة حتى أقر بها المتأخرون(4).
فانظر كيف توفق بينها؟!
وعلى أي حال، نكرر هنا ونقول : إنه لا يسعنا حصر كل ما أورده القوم في ذلك.
تعظيم الشيعة لليهود والنصارى
__________
(1) - مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ، للميرجهاني ، 4 / 174 ، الغارات ، للثقفي ، 1 /306 ، المسترشد ، لإبن جرير الطبري ( الشيعي) ، 412 ، كتاب الأربعين ، للقمي الشيرازي ، 185 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33 /568 ، شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ، 6 /95 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ ، لمحمد الريشهري ، 7 /100 ، منار الهدى في النص على إمامة الإثني عشر (ع) ، لعلي البحراني ، 685
(2) - أصل الشيعة وأصولها ، 124 ، تنزيه الشيعة ، للتبريزي ، 2/364
(3) - الكافئة ، للمفيد ، 12 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 32/32
(4) - أصل الشيعة وأصولها ، 66.(1/263)
ومن الأمور الغريبة عند القوم، أنهم وهم يستميتون بشتى الوسائل والسبل من لي أعناق الآيات، وتأويل المتشابهات، ووضع الأحاديث والروايات، في إثبات أن مجتمع الصحابة رضوان الله عليهم، هذا الجيل المثالي، كان خليطاً من المنافقين والحاقدين والمتآمرين، ثم المرتدين عن الإسلام، واستماتتهم في صرف كل ما من شأنه أنه فضيلة، بأي حيلة كانت أو وسيلة، حتى لو كان يمجها العقل، ولم يسعفهم فيه النقل، تراهم يظهرون اليهود والنصارى بمنزلةٍ لم يجعلوها لأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فاقرأ معي مثلاً هذه الروايات وهي في الأصل طويلة، ولكننا أخذنا منها مواضع الحاجة :(1/264)
دخل نفر من اليهود على أبوبكر وقالوا : (( أنت خليفة رسول الله ؟ قال نعم، قالوا : أعطنا عدتنا من رسول الله، قال : وما عدتكم ؟ قالوا : أنت أعلم بعدتنا إن كنت خليفة وإن لم تكن خليفة فكيف جلست مجلس نبيك بغير حق لك ولست له أهلا ؟ قال : فقام وتحير في أمره ولم يعلم ماذا يصنع وإذا برجل من المسلمين قد قام وقال : اتبعوني حتى أدلكم على خليفة رسول الله، قال فخرجوا اليهود من بين يدي أبي بكر وتبعوا الرجل حتى أتوا منزل فاطمة وطرقوا الباب فإذا بالباب قد فتح وقد خرج عليهم على هو شديد الحزن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما رآهم قال : أيها اليهود تريدون عدتكم من رسول الله ؟ قالوا نعم، فخرج إليهم إلى ظاهر المدينة إلى الجبل الذي صلى عنده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما رآى مكانه تنفس الصعداء وقال : بأبي من كان بهذا الجبل عنده هنيئة ثم صلى ركعتين وإذا بالجبل قد انشق وخرجت النوق منه وهي سبع نوق، فلما رأوا ذلك قالوا بلسان واحد نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن ما جاء به من عند ربنا هو الحق وأنك خليفته حقا ووصيه ووارث علمه، فجزاك الله وجزاه عن الإسلام خيرا ثم رجعوا إلى بلادهم مسلمين موحدين)).(1)
وسأل يهوديان علياً رضي الله عنه : ((أين ربك؟ فأجابهما عن ذلك، فقالا : إنك لأنت الخليفة حقاً، وإنك لأنت أحق بهذا الأمر وأولى به ممن غلبك عليه)).(2).
__________
(1) - إحقاق الحق للتستري ، 5/660 ، الروضة في فضائل أمير المؤمنين ، لشاذان بن جبرئيل ، 116 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 1/522 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 41/27 ، شرح إحقاق الحق ، 5/67
(2) - التوحيد ، للصدوق ، 181 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 3 / 326 ، 10 /20 ، نور البراهين ، لنعمة الله الجزائري ، 1 /441 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 2 /82 ، حياة أمير المؤمنين (ع) عن لسانه ، لمحمد محمديان ، 3 /83(1/265)
وجاء يهودي آخر وسأله : ((عن أول حجر وضع على وجه الأرض، وأول شجرة نبتت على وجه الأرض، وأول عين نبعت على وجه الأرض، وكم لهذه الأمة بعد نبيها من إمام عادل، وأين مَنزِلَ محمدٍ من الجنة، ومن يسكن معه، وعن وصي محمدٍ كم يعيش بعده وهل يموت أو يقتل؟ فأجابه رضي الله عنه عن كل ذلك، فوثب إليه اليهودي، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنك وصي رسول الله)).(1)
وجاءه آخران من يهود خيبر وسألاه : ((عن الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة والخمسة والستة والسبعة والثمانية والتسعة والعشرة والعشرين والثلاثين والأربعين والخمسين والستين والسبعين والثمانين والتسعين والمائة؟ فأجابهما عن ذلك فأسلما على يديه)).(2)
__________
(1) - كمال الدين ، 280 ، 284 ، 285 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/10 ، 36/374 ، 381 ، غيبة النعماني ، 51 ، غيبة الطوسي ، 106 ، إعلام الورى ، 367 ، الكافي ، للكليني ، 1/530 ، إثبات الهداة ، 2/412 ، منتخب الأثر ، 62 ، الغدير ، للأميني ، 6/269
(2) - الخصال ، للصدوق ، 148 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/6.(1/266)
وجاء قوم من اليهود في عهد عمر رضي الله عنه وسألوا : ((عن أقفال السموات السبع ومفاتيحها، وعن قبر سار بصاحبه، وعمن أنذر قومه ليس من الجن ولا من الإنس، وعن موضع طلعت عليه الشمس ولم تعد إليه، وعن خمسة لم يخلقوا في الأرحام، وعن واحد واثنين وثلاثة وأربعة وخمسة وستة وسبعة وثمانية وتسعة وعشرة وحادي عشر وثاني عشر؟ فأجابهما علي رضي الله عنه عن ذلك، فأقبل اليهود يقولون : نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأنك ابن عم رسول الله، ثم أقبلوا على عمر، فقالوا : نشهد أن هذا أخو رسول الله، وأنه أحق بهذا المقام منك، وأسلم من كان معهم وحسن إسلامهم)).(1)
وسأله يهودي : ((أخبرني عما ليس لله، وعما ليس عند الله، وعما لا يعلمه الله؟ فأجابه عن ذلك، فأسلم اليهودي)).(2)
__________
(1) - الخصال ، للصدوق ، 456 ، 596 ، التحصين ، لابن طاووس 643 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10 /7 ، 14 /411 ، الغدير ، للأميني ، 6 /148 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 4 /413 ، قصص الأنبياء ، للراوندي ، 255 ، كشف اليقين ، للحلي ، 431 ، قصص الأنبياء ، للجزائري ، 496 ، حياة أمير المؤمنين (ع) عن لسانه ، لمحمد محمديان ، 3 /150
(2) - التوحيد ، الشيخ الصدوق ، 377 ، عيون أخبار الرضا (ع) ، للصدوق ، 1 /50 ، 2 / 129 ، كفاية الأثر ، للخزاز القمي ، 57 ، مستدرك الوسائل ، للنوري الطبرسي ، 12 /279 ، الأمالي ، للطوسي ، 275 ، الروضة في فضائل أمير المؤمنين ، لشاذان بن جبرئيل القمي ، 120 ، الفضائل ، لشاذان بن جبرئيل القمي ، 132 ، الصراط المستقيم ، لعلي بن يونس العاملي ، 2 / 14 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10 /11 ، 26 ، 30 /85 ، 3 ، 108 / 126 ، نور البراهين ، لنعمة الله الجزائري ، 2 / 333 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 2 /207 ، غاية المرام ، لهاشم البحراني ، 4 / 119(1/267)
وسأله آخر : ((أخبرني عن قرار هذه الأرض، وشبَّه الولد أعمامه، ومن أي النطفتين يكون الشعر والعضم والعصب؟ ولم سميت السماء سماء، والدنيا دنيا، والآخرة آخرة، وآدم آدم، وحواء حواء، والدرهم درهماً، والدينار ديناراً؟ ولم قيل للفرس : أجد، وللبغل : عد، وللحمار : حر؟ فأجابه عن كل ذلك، فأسلم على يده ولازمه حتى قتل في صفين)).(1)
وسأل جاثليق النصارى علي رضي الله عنه : ((أمؤمن أنت عند الله أم عند نفسك ؟ وعن منزلتك في الجنة ما هي ؟وعن الله تعالى أين هو اليوم ؟ وغيرها. . فأجابه علي رضي الله عنه فأسلم وقال : أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنك وصي رسول الله وأحق الناس بمقامه. وأسلم الذين كانوا معه كإسلامه)).(2)
وسأله وفد نجران : (( أنتم تقولون : إن لله جنة عرضها السماوات والأرض فأين تكون النار ؟ وعن أرض طلعت عليها الشمس ساعة ولم تطلع مرة أخرى؟. . . الرواية. فأجابه أمير المؤمنين على ذلك فقال الأسقف : مد يدك فاني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول، وأنك خليفة الله في أرضه ووصي رسوله)).(3)
__________
(1) - علل الشرايع ، الرواية الأولى ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/12 ، 11/235 ، جامع أحاديث الشيعة ، 16/896
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/54 ، الأمالي للطوسي ، 221 ، التحصين ، لإبن طاووس ، 640 ، مدينة المعاجز ، للبحراني ، 2/231 ، نهج الإيمان ، لإبن جبر ، 364 ، حياة أمير المؤمنين (ع) ، لمحمديان ، 3/69 ، نفس الرحمن ، للنوري الطبرسي ، 470
(3) - الفضائل ، لشاذان بن جبرئيل القمي ، 151 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10 /59 ، 31 /595(1/268)
وآخر أسلم لأن علياً رضي الله عنه أخبره باسم عين شربوا منها في طريقهم إلى صفين، فكان أول من أصابته الشهادة، فنزل علي رضي الله عنه وعيناه تهملان، وهو يقول : ((المرء مع من أحب، الراهب معنا يوم القيامة ورفيقي في الجنة)).(1)
وسأله آخر : ((عن أول حرف كلَّم الله تعالى به نبيكم لما أسري به ورجع من عند ربه، وعن الملك الذي زحم نبيكم ولم يسلم عليه، وعن الأربعة الذين كشف عنهم مالك طبقاً من النار وكلموا نبيكم، وعن منبر نبيكم أي موضع هي من الجنة؟ فأجابه عن كل ذلك، فأسلم، وقال : أشهد أنك عالم هذه الأمة ووصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)).(2)
وسأله يهودي آخر : ((أين الله؟ فأجابه، فأسلم وقال : أشهد أنك أحق بمقام نبيك ممن استولى عليه)).(3)
__________
(1) - أمالي الصدوق ، للصدوق ، 155 ، روضة الواعظين ، للنيسابوري ، 115 ، الناقب في المناقب ، لإبن حمزة الطوسي ، 260 ، مناقب آل أبي طالب ، 2/123 ، مدينة المعاجز ، للبحراني ، 1/495 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33/40 ، 41/249 ، غاية المرام ، للبحراني ، 2/195
(2) - غيبة النعماني ، 53 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/24 ، فضائل أمير المؤمنين ، للكوفي ، 47 ، حياة أمير المؤمنين (ع) على لسانه ، لمحمد محمديان ، 3/85 ، عقيدة المسلمين في المهدي ، مؤسسة نهج البلاغة ، 131
(3) - الإرشاد ، 95 ، نور الثقلين ، 5/260 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 3/309 40/249 ، الإحتجاج ، للطبرسي ، 1/313 ، الصراط المستقيم ، لعلي العاملي ، 1/224 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 10/566 ، درر الأخبار ، لخسروشاهي ، 62 ، نهج الإيمان ، لإبن جبر ، 285 ، حياة أمير المؤمنين ، لمحمديان ، 3/84 ، كشف اليقين ، 70 ، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب ، 10/122 ، الإمام علي ، لجواد الخليلي ، 260 ، موسوعة العقائد الإسلامية ، للريشهري ، 4/290(1/269)
وآخران كانا صديقين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قد آمنا بموسى رسول الله، وأتيا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم وسمعا منه، ثم أتياه، وقالا : ((إنك لأنت الخليفة حقاً، نجد صفتك في كتبنا ونقرأه في كنائسنا، فما منع صاحبيك أن يكونا جعلاك في موضعك الذي أنت أهله؟ فقال رضي الله عنه : قدما وأخرا وحسابهما على الله عز وجل)).(1)
أقول : في الرواية دليل على أن خلافة الشيخين رضي الله عنهما لو تأخرت لكانت صحيحة.
وسأله أسقف نجراني : ((أنتم تقولون : إن لله جنة عرضها السموات والأرض، فأين تكون النار وغيرها؟ فأجابه عن ذلك، فقال الأسقف : مد يدك فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأنك خليفة الله في أرضه ووصي رسوله)).(2)
وآخر فسر له قول الناقوس عندما يدق، فأسلم(3).
حتى من مات منهم على الكفر فكان له نصيب من ذلك، فقد روى القوم : أن يهودياً كان يحب علياً حباً شديداً، فمات ولم يسلم، فقال تعالى : ((أما جنتي فليس له فيها نصيب، ولكن يا نار لا تهيديه -أي : لا تزعجيه)).(4)، وغيرها.
__________
(1) - نور الثقلين ، 2/81 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 3/326 10/20 ، نور البراهين ، للجزائري ، 1/441 ، حياة أمير المؤمنين ، لمحمديان ، 3/83 ، التوحيد ، للصدوق ، 180
(2) - الفضائل ، 202 ، الروضة ، 145 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/58 ، 30/115 (الحاشية) ، 31/595 ، الغدير ، للأميني ، 6/242 ، حياة أمير المؤمنين ، 3/149 ، شرح إحقاق الحق ، 8/234 (الحاشية)
(3) - أمالي الصدوق ، للصدوق ، 187 ، معاني الأخبار ، للصدوق ، 231 ، روضة الواعظين ، للنيسابوري ، 443 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 14/334 ، جواهر المطالب ، 2/133
(4) - المناقب ، 2/3 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 39/258.(1/270)
والروايات في الباب كثيرة وطويلة، وما أوردناه يوفي بالمقصود، وهو أن القوم أرادوا أن يقولوا : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وطوال دعوته التي امتدت إلى ثلاثة وعشرين عاماً لم يستطع أن يخرج من الذين قال فيهم الله عز وجل : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [البقرة : 143].
وقال : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران : 110].
وقال : وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأنفال : 62-63].
وقال : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنْكُمْ وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الأنفال : 74-75].
وقال : وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة : 100].(1/271)
وقال : الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [التوبة : 20-22].
وقال : الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [آل عمران : 172-174].
وقال : مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [الفتح : 29].
وغيرها من الآيات التي ذكرناها في مقدمة الباب.
نقول : لم يستطع أن يخرج من هؤلاء الأصحاب سوى عصابات من المنافقين والمجرمين والمتآمرين الحاقدين، ما إن تركهم حتى ارتدوا على أعقابهم، معلنين فشل صاحب الرسالة.(1/272)
بينما يرينا القوم أن علياً رضي الله عنه وفي لحظاتٍ استطاع أن يقنع من قال الله تعالى فيهم : وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة : 120].
وقال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة : 51].
وقال : وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [المائدة : 64].
وقال : لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا [المائدة : 82].
وقال : وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [التوبة : 30] بمجرد أن أجابهم عن أول شجرة نبتت على الأرض، أو عن الواحد والاثنين، أو لماذا قيل للبغل : عد وللحمار : حر؟
عتاب آية الله العلامة جعفر السبحاني لما أوردناه في كتابنا الإمامة والنص والرد عليه(1/273)
وقد عتب علينا الشيخ العلامة آية الله جعفر السبحاني لما أوردناه في كتابنا الإمامة والنص قائلاً : كيف ينسب الكاتب إلى الشيعة تعظيم اليهود والنصارى مع أن إمام الشيعة وإمام المسلمين علي بن أبي طالب عليه السلام هو الّذي استأصل شأفة اليهود في قلاعهم، وسقاهم كؤوس الذلّ بسيفه وسنانه، وقتل أبطالهم، وفي مقدمتهم مرحب الخيبري مرتجزاً :
أنا الّذي سمتني أمي حيدرة***ضرغام آجام وليث قسورة
وقد كرّمه الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم عندما بعثه لقتال الخيبريين بقوله : «لأُعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح على يديه، كرار غير فرار»، وقد أطاح بقوله : «غير فرار» باللذَيْن أخذا الراية، من قبَل ثم رجعا منهزمينَ، واتُّهما بالجبن والفرار.
ثم عدتُ إلى متن الكتاب حتّى أقرأ ذلك الفصل عن كثب وأتعرّف على حقيقة هذه الدعوى، دعوى «تعظيم الشيعة لليهود والنصارى» أو ليس رجال الشيعة هم الذين أخرجوا اليهود عن الوطن الإسلامي ـ في جنوب لبنان ـ صاغرين وبذلك صاروا أسوة لأبطال فلسطين وقدوة لابناء الحجارة وعلّموهم بأنّ التحرّر من ذلّ العدوان الصهيوني لا يُكتب إلاّ بالتضحية والعمليات الاستشهادية؟!(1).
فرددت عليه فيما رددت : أما استنكاركم عنوان : تعظيم الشيعة لليهود والنصارى. وذكره لمواقف الشيعة من اليهود ومآثر حزب الله.
__________
(1) - أنظر نص خطابه على موقعنا www. fnoor. com/mybooks/emama31. doc(1/274)
فأقول : لا شك أنكم يا شيخنا لم يسعفكم الوقت لتدبر الكتاب ومقاصده فأدى ذلك إلى هذا التصور الخاطئ لبعض عناوينه، فلا أظن أن عاقل من أهل السنة يفكر في الطعن في أئمة أهل البيت عليهم السلام ويتهمهم بهذه العقائد الفاسدة كالغلو وتحريف القرآن وتكفير الصحابة وتعظيم اليهود والنصارى وعقائد ما أنزل الله بها من سلطان، ويقيني أن الشيخ وهو من هو لم يغب عنه هذا وما أردتم بذكركم لموقف أمير المؤمنين رضي الله عنه من اليهود إلا إيهام القارئ بأننا نرمي إلى الطعن في الأئمة وشيعتهم المخلصين، وأنت تعلم يقينا إننا ننزههم عن أمثال هذه العقائد وإن مصنفات أهل السنة في نقد عقائد الشيعة إنما تنصب فيما نسب إليهم من عقائد وهم منها براء، وإن استخدامنا لمصطلح الشيعة إنما هو من باب المشاكلة والتجاوز. فقد ذكرتم بأنفسكم في أحد تصانيفكم : إنّ الشيعة ـ في الواقع ـ هم أهل السنّة، فإنّه إذا كانت اللفظة لا تعني سوى الاهتمام بالسنّة وشوَونها فأئمّة الشيعة وتلاميذ مدرستهم هم الذين أحيوا السنّة وأماتوا البدعة(1).
وهذا دليل على أن في استعمال المصطلحات سعة، وهذا تماما ما نقصده فنحن المسلمون كلنا شيعة نحب آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن كان هذا هو الفهم للتشيع. فالتشيع لأهل البيت فخر لا ينبغي أن ينسب إليه من لا يستحقه، لذا نفى الإمام زيد رحمه الله صفة الشيعة والتشيع عن بعض أصحابه واسماهم بالرافضة، وهذا كقول الإمام الشافعي رحمه الله :
إن كان رفضاً حبُّ آلِ محمدٍ. . . فليشهدِ الثقلانِ أَني رافضي
استبعاداً منه أن يكون حب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم رفضاً، لا كما ظننتم وذكرتم في أحد مصنفاتكم. لذا قال في أحد أشعاره :
قالوا ترفضت ؟ قلت : كلا. . . ما الرفض ديني ولا اعتقادي
أي أن الرفض لا علاقة له بالتشيع وحب آل البيت كما بين زيد رحمه الله، وهذا هو مقصد ومنهج أهل السنة في هكذا مصنفات.
__________
(1) - تذكرة الأعيان 22(1/275)
وأربأ بكم يا شيخنا أن يغيب عنكم هذا الفهم فتتهموننا بالطعن في الشيعة وأمير المؤمنين وآل البيت رضي الله عنهم أجمعين.
ثم هل لنا أن نقول بالمثل – من باب إساءة الفهم والظن – أنكم وقد استنكرتم مسألة تعظيم الشيعة لليهود والنصارى و لم تستنكرون رد الشيعة لجميع فضائل الصحابة وصرفها وتأويلها، وهو العنوان الذي ورد قبل عنوان التعظيم، فهل نفهم من هذا مثلا أنكم تقرون بأن هذه هي عقيدة أهل البيت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ وهل لنا أن نقول مثلا أنكم وقد تطرقتم إلى قضية تعظيم الشيعة لليهود واستنكاركم لها، وتجاهلتم باب بأكمله في عدم تعظيم الشيعة للقرآن والقول بتحريفه، أنكم تقرون بأن هذه هي عقيدة أهل البيت في القرآن؟
فنحن عندما نورد مثلا عشرات النصوص من طرقكم في طعنكم وتكفيركم صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم نعقبه بنصوص صريحة في تعظيمكم لليهود والنصارى في الباب نفسه فنحن نعلم يقينا أن روايات المسألتين التكفير هنا والتعظيم هناك لا تصح نسبتها إلى الأئمة رحمهم الله، وكذلك لا ينبغي فهم مقاصد عنوان التعظيم بمنأى عما سبقه وإلا نشأ فهم خاطئ للعنوان على أن المقصود به الأئمة رضي الله عنهم وشيعتهم. لهذا فنحن لم نضع قضية التعظيم هذه في باب آخر لعدم وجود الرابط بينهما. ولرفع هذا اللبس نقول إننا عندما نذكر في الفصل الذي يسبق تعظيم الشيعة لليهود والنصارى عشرات الروايات في الطعن في الصحابة وتكفيرهم وصرف سائر نصوص فضائلهم وإظهار مجتمعهم على أنه خليط من المنافقين والحاقدين والمتآمرين ثم المرتدين عن الإسلام ثم نذكر في فصل تعظيم الشيعة لليهود والنصارى روايات من أمثال أن يهوديا سأل أمير المؤمنين لم قيل للفرس : أجد وللبغل : عد وللحمار : حر؟ فأجابه عن ذلك فاسلم على يده ولازمه حتى قتل في صفين.(1/276)
وآخر أسلم لأن عليا رضي الله عنه أخبره باسم عين شربوا منها في طريقهم إلى صفين، فكان أول من أصابته الشهادة فنزل علي رضي الله عنه وعيناه تهملان وهو يقول المرء مع من أحب، الراهب معنا يوم القيامة ورفيقي في الجنة.
وآخر سأله أين الله ؟ فأجابه، فأسلم وقال أشهد أنك أحق بمقام نبيك ممن استولى عليه.
وآخران قالا له : إنك لأنت الخليفة حقا نجد صفتك في كتبنا ونقرؤه في كنائسنا فما منع صاحبيك أن يكونا جعلاك في موضعك الذي أنت أهله؟
وآخر يقول : مد يدك فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك خليفة الله في أرضه ووصي رسوله.
وآخر كان يحب عليا، فمات ولم يسلم، فقال تعالى : أما جنتي فليس له فيها نصيب، ولكن يا نار لا تهيديه – أي لا تزعجيه
بينما عز عليكم أن تجعلوا ذلك للشيخين رضي الله عنهما، بل وضعتم عشرات الروايات في قصص تعذيبهما في النار وتفننتم في ذلك، كرواية أنهما يضربان بسياط من نار لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها ولو وضعت على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رمادا، فيضربان بها(1).
__________
(1) - كامل الزيارات ، لقولويه ، 551 ، الجواهر السنية ، للحر العاملي ، 291 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/64 ، 31/638 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 8/620 ، تأويل الآيات ، 2/536 ، غاية المرام ، للبحراني ، 4/366 ، بيت الأحزان ، للقمي ، 122 ، الهجوم على بيت فاطمة ، 28 ، العوالم ، 11/398(1/277)
وفي رواية إن في النار لواديا يقال له سقر لم يتنفس منذ خلقه الله لو أذن الله عز و جل له في التنفس بقدر مخيط لأحرق ما على وجه الأرض و إن أهل النار ليتعوذون من حر ذلك الوادي و نتنه و قذره و ما أعد الله فيه لأهله و إن في ذلك الوادي لجبلا يتعوذ جميع أهل ذلك الوادي من حر ذلك الجبل و نتنه و قذره و ما أعد الله فيه لأهله و إن في ذلك الجبل لشعبا يتعوذ جميع أهل ذلك الجبل من حر ذلك الشعب و نتنه و قذره و ما أعد الله فيه لأهله و إن في ذلك الشعب لقليبا يتعوذ أهل ذلك الشعب من حر ذلك القليب و نتنه و قذره و ما أعد الله فيه لأهله و إن في ذلك القليب لحية يتعوذ جميع أهل ذلك القليب من خبث تلك الحية و نتنها و قذرها و ما أعد الله في أنيابها من السم لأهلها و إن في جوف تلك الحية لسبعة صناديق فيها خمسة من الأمم السالفة و اثنان من هذه الأمة – وهما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما(1).
وعشرات غيرها، فلا بد إذن أن يتبادر إلى ذهن القارئ عن علة وضع روايات في إنكار الصحابة لأحقية علي رضي الله عنه في الخلافة – بزعمكم – وأخرى في إخلاص وإقرار اليهود والنصارى بإمامته وإسلامهم واستشهادهم ورفقتهم له رضي الله عنه في الجنة، وعدم تعذيب من مات منهم على يهودية لمجرد سؤال أو لقاء لم يتجاوز اللحظات وليس 23 سنة؟. فلا بد أن يقف القارئ ويتساءل عن منشأ وجذور مثل هذه العقائد، لذا لا ينبغي الغفلة عن أن هذا لا تعلق له بالتشيع بالمفهوم الصحيح، وهذا ما نأخذه عليكم غفر الله لنا ولكم عندما أقحمتم أمير المؤمنين رضي الله عنه في سياق كلامكم في الرد علينا مستغلين الأسلوب العاطفي إثارة للمشاعر.
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 8/311 ، 12/37 ، 31/614 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الهمداني ، 795 ، مجمع النورين ، للمرندي ، 103(1/278)
ويحضرني هنا استنكاركم لهذا الأسلوب حيث قلتم : أن في البحوث التاريخية يجب أن يستخدم الأُسلوب البرهاني بدل الأُسلوب الخطابي، إذ لكلّ أُسلوب مجاله الخاص ولكنّه ـ يا للأسف ـ استخدم إثارة العواطف والمشاعر مكان الاستدلال بالوثائق التاريخية.
وناقضتم أنفسكم مرة أخرى في السياق نفسه عندما قلتم : أي تلازم بين الطعن في المدعو، والطعن في الداعي، فالقرآن يطعن في قوم نوح وعاد وثمود، فهل معنى هذا أنّه يطعن في الدعاة فما لكم كيف تحكمون؟!
فلم لم يطبق الشيخ هذا المنهج علينا ويقول بأننا نطعن في عقائد المنتسبين إلى التشيع ولا نطعن في الأئمة رحمهم الله!!؟
أما قولكم : أو ليس رجال الشيعة هم الذين أخرجوا اليهود عن الوطن الإسلامي ـ في جنوب لبنان ـ صاغرين وبذلك صاروا أسوة لأبطال فلسطين وقدوة لأبناء الحجارة وعلّموهم بأنّ التحرّر من ذلّ العدوان الصهيوني لا يُكتب إلاّ بالتضحية والعمليات الاستشهادية؟!
فأحيلكم إلى هذه الروابط من موقعنا :
www. fnoor. com/media/fn001. ram
www. fnoor. com/media/fn002. ram
www. fnoor. com/media/fn546. rm
www. fnoor. com/fn0158. htm
ولا أزيد على هذا سوى القول بأن أهل مكة أدرى بشعابها.
ومادمنا قد تطرقنا إلى هذا الأمر فلا أرى بأسا من بيان علة قولنا بتعظيم الشيعة أو في حقيقة الأمر الرافضة لليهود كما ذكرنا، وبيان جذور الكثير من العقائد التي نسبت إلى أئمة أهل البيت رحمهم الله. رغم أن هذا الكتاب ليس مكان ذلك، ولكن لا بأس بالتطرق إليه بإيجاز شديد بنقل هذا الجدول الذي يبن أوجه الشبه بين الرافضة واليهود :
الرافضة ... اليهود
يطلقون لقب "وصي" على من يتولى شئون المسلمين بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ... يطلقون لقب "وصي" على من يستخلف شئون البشر بعد موسى عليه السلام.
الله تعالى نص على علي - رضي الله عنه - وصياً للنبي عليه الصلاة والسلام. ... الله تعالى نص على يوشع وصياً لموسى عليه السلام.(1/279)
لعلي رضي الله عنه والأئمة منزلة تعادل منزلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ... الله تبارك وتعالى قال ليوشع : "اليوم أبتدي أعظمك في أعين جميع بني إسرائيل لكي يعلموا أني كما كنت مع موسى أكون معك".
إن الأرض لو بقيت بغير إمام لساخت. ... وجوب تنصيب وصي بعد النبي، وأن الأمة بغير وصي كالغنم التي لا راعي لها.
من الروايات عن الصادق رحمه الله أنه قال : إن علياً لما صلىالظهر التفت إلى جمجمة تلقاءه فقال : أيتها الجمجمة من أين أنت؟ فقالت : أنا فلان بن فلان ملك بلاد آل فلان، فقال لها أمير المؤمنين : فقصي عليّ الخبر وما كنت وما كان عصرك، فاشتغل بها حتى غابت الشمس، فكلمها بثلاثة أحرف من الإنجيل لأن لا يفقه العرب كلامها، قالت : لا أرجع وقد أفلت فدعا الله عز وجل فبعث إليها سبعين ألف ملك بسبعين ألف سلسلة حديد فجعلوها في رقبتها وسحبوها على وجهها حتى عادت بيضاء نقية حتى صلى أمير المؤمنين عليه السلام ثم هوت كهوي الكوكب. ... "حينئذ كلم يوشع الرب يوم أسلم الرب الأموربين أمام بني إسرائيل وقال أمام عيون إسرائيل يا شمس دومي على جبعون، ويا قمر على وادي ايلون. فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه. وفي سفر ياشر، فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل.
[الإصحاح العاشر فقرات 12-14].
الإمامة في نسل الحسين ولا تخرج عنهم إلى يوم القيامة. ... الملك في آل داود ولا يجوز أن يخرج الملك منهم إلى غيرهم إلى يوم القيامة.
لأنه هكذا قال الرب لا ينقطع لداود إنسان يجلس على كرسي بيت إسرائيل. سفر "إرميا، الإصحاح الثالث والثلاثون.
.
ويكون لداود ونسله وبيته وكرسيه سلام إلى الأبد من عند الرب. سفر الملوك الأول، الإصحاح الثاني.
الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن مع أن الحسن أفضل من الحسين رضي الله عنهما. ... الكهانة في ولد هارون دون ولد موسى مع أن موسى أفضل من هارون.(1/280)
يشترط الشيعة لصحة إمامة أئمتهم أن يحملوا سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم يشبهون السلاح فيهم بالتابوت في بني إسرائيل. ... يشترط اليهود في ملوكهم أن يعيدوا بناء هيكل سليمان وأن يحملوا تابوت عهد الرب.
انقطاع إمامة ولد الحسين فلا الحسين ولا أبناؤه تولوا إمارة المسلمين في يوم من الأيام. ... انقطاع ملك آل داود من بني إسرائيل والذي زعم اليهود أنه لا ينقطع إلى يوم القيامة منذ زمن بعيد جداً.
عندما يخرج مهدي الشيعة يجتمع إليه الشيعة من كل مكان ويكون مكان اجتماعهم المدينة المقدسة عند الشيعة وهي الكوفة. ... عندما يعود مسيح اليهود يضم مشتتي اليهود من كل أنحاء الأرض ويكون مكان اجتماعهم مدينة اليهود المقدسة وهي القدس.
وعندما يأتي مهدي الشيعة يخرج أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما من قبورهم فيعذبهم. ... عندما يأتي مسيح اليهود تخرج جثث العصاة ليشاهد اليهود تعذيبهم.
يحاكم مهدي الشيعة كل من ظلم الشيعة ويقتص منهم. ... يحاكم مسيح اليهود كل من ظلم اليهود ويقتص منهم.
عندما يخرج مهدي الشيعة تتغير أجسام الشيعة فتصير للرجل منهم قوة أربعين رجلاً، ويطأ الناس بقدميه، وكذلك يمد الله لهم في أسماعهم وأبصارهم. ... عندما يخرج مسيح اليهود تتغير أجسام اليهود فتبلغ قامة الرجل منهم مائتي ذراع وكذلك تطول أعمارهم.
في عهد مهدي الشيعة تكثر الخيرات عند الشيعة وينبع من الكوفة نهران من الماء واللبن يشرب منهما الشيعة. ... في عهد مسيح اليهود تكثر الخيرات عند اليهود فتنبع الجبال لبناً وعسلاً وتطرح الأرض فطيراً وملابس من الصوف.
مهدي الشيعة معدوم لا وجود له. ... مسيح اليهود معدوم لا وجود له.(1/281)
يزعم الشيعة أن الله أراد أن يهلك الناس في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم ما لبث أن بدا له، فرجع عن الإهلاك. ... يزعم اليهود أن الله أراد إهلاك بني إسرائيل، وبينما المَلك يهلك ندم الله تعالى على ذلك، وأمر المَلك بالكف عن الإهلاك.
يدعي الشيعة أن الله تعالى قد عين إسماعيل بن جعفر وأبا جعفر بن محمد بن علي إمامين للشيعة ثم بدا له فغيرهما. ... يدعي اليهود أن الله تعالى نصب شاول ملكاً على بني إسرائيل ثم ندم وتأسف على ذلك.
تزعم الشيعة أن الله اشترط لنفسه البداء، وأن يقدم ما يشاء ويؤخر. ... يزعم اليهود أن صفة الندم لا تنفك عن الله تعالى فهو دائماً يندم على الشر.
ويعتقد الشيعة أن في إطلاق صفة البداء على الله تعالى مدحاً وتعظيماً وعبادة لله تعالى، قالوا : ما عبد الله بشيء مثل البداء وما عظم بمثل البداء. ... يعتقد اليهود أن في إطلاق صفة الندم على الله تعالى مدحاً وتعظيماً له تعالى. جاء في أسفارهم : "إن ربكم رؤوف رحيم يندم على الشر".
زعم الشيعة أن الصحابة رضي الله عنهم كفار مرتدون عن الإسلام ولم يدخلوا في الدين إلا نفاقاً ورياءً. ... زعم اليهود أن عيسى عليه السلام وأتباعه كفرة مرتدون خارجون عن الدين.
رمى الشيعة عائشة رضي الله عنها بالفاحشة مع تبرئة الله تعالى لها. ... رمى اليهود مريم عليها السلام بالفاحشة مع تبرئة الله تعالى لها.(1/282)
يرمز الشيعة في كتبهم للخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين برموز تشبه رموز اليهود، فيرمزون لأبي بكر وعمر "بالجبت والطاغوت"، و"زريق وحبتر"، و"فرعون وهامان"، و"العجل والسامري"، و"الأعرابيين"، و"الأول والثاني"، و"فلان وفلان"، وغيرها من هذه الرموز، ويرمزون لعثمان بـ "نعثل" و"الثالث". ويرمزون لمعاوية بـ "الرابع" ولبني أمية بـ "أبي سلامة"، ويرمزون لعائشة "بأم الشرور"، و"صاحبة الجمل" و"عسكر بن هوسر". ... يرمز اليهود لعيسى بعدة رموز منها "جيشو"، وهو مقتبس من تركيب أحرف كلمات ثلاث : إيماش، شيمو، فيزيكر، أي ليمح اسمه وذكره، ويرمزون إليه بـ "ذلك الرجل" و"ابن النجار" و"ابن الحطاب"، كما يرمزون لمريم بـ "ماري".
غالى الشيعة في علي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى ادعوا فيه الربوبية، قالوا في تفسير قوله تعالى : قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه، قالوا : يرد إلى أمير المؤمنين. ... غالى اليهود في موسى عليه السلام حتى زعموا أن الله خاطبه قائلاً : إنا جعلناك إلهاً لفرعون وهارون أخوك يكون نبياً.
غالى الشيعة في أئمتهم حتى أطلقوا عليهم أسماء الله الحسنى ووصفوهم بصفات الله العلي، وكذبوا على الأئمة أنهم قالوا : نحن الأسماء الحسنى نحن منبت الرحمة ومعدن الحكمة ومصابيح العلم، وكذبوا على علي رضي الله عنه أنه قال : أنا علم الله وأنا قلب الله الواعي ولسان الله الناطق وعين الله الناظرة، وأنا جنب الله وأنا يد الله. ... غالى اليهود في النبي دانيال وقالوا إن اسمه كاسم الله وأن روح الإله قد حلت فيه، وأن فيه حكمة كحكمة الله وفطنة كفطنة الله.
أئمتهم يعلمون الغيب، وأنه لا يخفى عليهم شيء في السماوات ولا في الأرض، وأنهم يعلمون ما في أصلاب الرجال وما في أرحام النساء، ويعلمون ما في الجنة والنار، ويعلمون ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة ... بعض أنبيائهم يعلمون الغيب كزعمهم أن إيليا كان يعلم متى ينزل المطر.(1/283)
قال الشيرازي : وكما أن كيان الإسلام كان يحتاج إلى جهود محمد وعلي والحسين معاً، لأن تعاليم محمد إنشائية، وتعاليم علي تربوية، وتعاليم الحسين إمدادية، وإذا لم تتفاعل هذه العناصر الثلاثة معاً لا يبرز الإسلام إلى الوجود. ... جاء في "التلمود" : "إن التوراة أشبه بالماء، والمشنا أشبه بالنبيذ والغامارا أشبه بالنبيذ العطري، والإنسان لا يستغني عن الثلاثة الكتب المذكورة كما أنه لا يستغني عن الثلاثة الأصناف السالف ذكرها.
أئمتهم أفضل من الأنبياء. وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل. وقالوا أيضاً : علي خير البشر ومن أبى فقد كفر. ... حاخاماتهم أفضل من الأنبياء، قالوا : أقوال الحاخامات أفضل من أقوال الأنبياء. وقالوا : التفت على أقوال الحاخامات أكثر من التفاتك إلى شريعة موسى.
أئمتهم يستطيعون إرجاع الحياة للأموات من الإنسان والحيوان. ... أنبيائهم وحاخاماتهم يستطيعون إرجاع الحياة للأموات من الإنسان والحيوان.
عصمة أئمتهم، وأنه لا يجوز عليهم سهو ولا غفلة، ولا خطأ ولا نسيان. ... عصمة حاخاماتهم وأن الله جعلهم معصومين من الخطأ والنسيان.
تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن يجب تنفيذها. ... أقوال الحاخامات مثل الشريعة. أي التوارة.
الراد على الأئمة كالراد على الله تعالى. وقالوا أيضاً : الراد على أمير المؤمنين في كبير أو صغير، على حد الشرك بالله. ... من جادل حاخامه فكأنما جادل العزة الإلهية.
الأئمة هم الذي علموا الملائكة التوحيد وذكر الله. ... الربانيين يعلمون أهل السماء الأبرار.
إن الملائكة إذا تشاجروا في مسألة ما يتحاكمون فيها إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ... إن الله يستشير الحاخامات عندما توجد معضلة لا يمكن حلها في السماء.
نعتقد أن الأئمة أمرهم أمر الله ونهيهم نهيه وطاعتهم طاعته ومعصيتهم معصيته. ... مخافة الربانيين هي مخافة الله نفسها. وقالوا : كلمات الربانيين في كل عصر ومصر هي كلمات الله.(1/284)
علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو دابة الأرض. ... أن إيليا هو دابة الأرض.
خذل الشيعة أئمتهم في مواطن عديدة وتركوا مناصرتهم في أصعب الظروف، فقد خذلوا علياً رضي الله عنه مرات كثيرة، وتقاعسوا عن القتال معه، حتى اشتهر سبه لهم وذمه، وخذلوا أيضاً أبناءه من بعده، فقد خذلوا الحسن رضي الله عنه وخذلوا الحسين رضي الله عنه وخذلوا زيد بن علي. ... خذل اليهود موسى عليه السلام عندما أمرهم بالقتال، ودخول الأرض المقدسة بعد أن أخرجهم من مصر وحررهم عن ذل العبودية لفرعون فكان جوابهم له كما أخبر الله تعالى عنهم : قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون.
يدعي الشيعة أنهم شيعة الله وأنصار الله، وأنهم خاصة الله وصفوته من خلقه. ... يدعي اليهود أنهم شعب الله المختار وأنهم خاصة الله من بين كل الشعوب وأمته المقدسة.
رووا عن أئمتهم : والناس يمسون ويصبحون في سخط الله. وعن علي أنه قال لهم : أبشروا، فوالله لقد مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو ساخط على أمته إلا الشيعة. ... الله سخط على كل الأمم ما عدا اليهود قالوا : الرب سخط على كل الأمم.
عن الأئمة : إن الله جعل لنا شيعة فجعلهم من نوره. وعنهم أيضاً : خلق الله أرواح شيعتنا من طينتنا ولم يجعل لأحد في مثل خلقهم نصيباً إلا للأنبياء. ... أرواحهم مخلوقة من الله تعالى، وليس ذلك لأحد غيرهم، قالوا : تتميز أرواح اليهود عن باقي الأرواح بأنها جزء من الله.(1/285)
لولا الشيعة لم يخلق الله هذا الكون، ولولاهم ما أنعم الله على أهل الأرض. رووا عن أئمتهم أنهم قالوا : والله لولاكم ما زخرفت الجنة، والله لولاكم ما خلقت حوراء، والله لولاكم ما نزلت قطرة، والله لولاكم ما نبتت حبة، والله لولاكم ما قرت عين. وعن الباقر أنه قال لهم : لولا ما في الأرض منكم ما رأيت بعين عشباً أبداً، والله لولا ما في الأرض منكم ما أنعم الله على أهل خلافكم ولا أصابوا الطيبات. ... لولا اليهود لم يخلق هذا الكون، ولولاهم لانعدمت البركة من الأرض. قالوا : لو لم يخلق الله اليهود لانعدمت البركة من الأرض ولما خلق الأمطار والشمس.
الأرض كلها ملك للأئمة، وقد منحوها لهم، ومن امتلك منها شيئاً من غير الشيعة فإنه حرام عليه، وإذا قام القائم فسوف يسترده منه. ... كل ما في الأرض هو ملك لهم، ولا يحق لغير اليهودي أن يمتلك شيئاً منه، وأنه يجوز لليهودي أن يسترد هذه الأملاك بأي وسيلة إذا امتلكها غير اليهودي.
رووا عن أبي عبد الله أنه قال : إن الأرض كلها لنا، وكل ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون، وأما ما كان في أيدي غيرهم : فإن كسبهم من الأرض حرام عليهم، حتى يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم ويخرجهم صغرة. ... جاء في التلمود : إن الحقيقة المقررة عند الربانيين أنه يمكن لليهودي أن يأخذ أي شيء يخص المسيحيين أياً كان السبب، حتى بالاحتيال لأنه لم يأخذ سوى ما يخصه.
لا يدخل الناس منهم أحد، وإن كانوا عاصين. رووا عن الأئمة : والله لا يدخل النار منكم اثنان لا والله ولا واحد. وزعموا أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : بشر علياً أن شيعته الطائع والعاصي من أهل الجنة. ... لا يدخلون النار وإن كانوا مذنبين. قالوا : النار لا سلطان لها على مذنبي بني إسرائيل، ولا سلطان لها على تلامذة الحكماء.(1/286)
كل الناس ما عداهم وأئمتهم سيدخلون النار. رووا عن أئمتهم أنهم قالوا : صرنا نحن وهم – أي الشيعة – الناس وسائر الناس همج للنار وإلى النار. ... كل الناس ما عداهم يدخلون النار ويكونون خالدين مخلدين فيها. جاء في التلمود : النعيم مأوى أرواح اليهود ولا يدخل الجنة إلا اليهود، أما الجحيم فمأوى الكفار من المسيحيين والمسلمين ولا نصيب لهم فيها سوى البكاء لما فيه من الظلام والعفونة.
يستعمل الشيعة الغدر والاحتيار لقتل مخالفيهم. رووا أن أبا عبد الله سئل عن قتل الناصب فقال : حلال الدم والمال اتقى عليك فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً أو تغرقه في ماء لكي لا يشهد به عليك فافعل. ... يستعمل اليهود الغدر والاحتيار لقتل مخالفيهم. جاء في التلمود : محرم على اليهودي أن ينجي أحداً من الأجانب من هلاك أو يخرجه من حفرة يقع فيها، بل عليه أن يسدها بحجر.
حرّم الشيعة الزواج من غيرهم وخاصة من أهل السنة ويرون أن من فعل ذلك فقد انتهك محارم الله. فقد روي عن أبي عبد الله أنه قال : تصافحون أهل بلادكم وتناكحوهم، أما إنكم لو صافحتموهم انقطعت عروة من عرى الإسلام. وإذا ناكحتموهم انتهك الحجاب بينكم وبين الله. وعن أبي جعفر أنه سئل عن مناكحة الناصب والصلاة خلفه فقال : لا تناكحه ولا تصل خلفه. ... حرم في التشريع اليهودي زواج اليهودي بغير اليهودية ومن فعله كان آثماً مخالفاً للتعاليم اليهودية. جاء في سفر الخروج : احترز من أن تقطع عهداً مع سكان الأرض تأخذ من بناتهم لبنيك. وفي سفر التثنية : لا تقطع لهم حداً، ولا تشفق عليهم، ولا تصاهرهم.
أصل طينتهم من الجنة، وأصل طينة عدوهم من النار. ... أرواحهم مصدرها روح الله، ومصدر أرواح غيرهم الروح النجسة، أو أرواح الشيطان(1/287)
نجاسة مخالفيهم لازمة لأصل خلقهم وأنهم لا يطهرون. جاء في "الكافي" : لا تغتسل من البئر التي تجتمع فيها غسالة الحمام، فإن فيها غسالة ولد الزنا، وهو لا يطهر إلى سبعة آباء وفيها غسالة الناصب وهو شرهما. ... نجاسة مخالفيهم لازمة لأصل خلقهم، وأنهم لا يطهرون. جاء في التلمود : لا تزول النجاسة من النوخريم أي "الأجانب".
نجاسة النواصب تنتقل إلى أي شيء يلمسونه ولذلك يوجبون غسل أيديهم عند مصافحتهم. جاء في "الكافي" : أن رجلاً سأل أبا عبد الله فقال : ألقى الذمي فيصافحني قال : امسحها بالتراب وبالحائط. قال : قلت : فالناصب؟ قال : اغسلها. ... نجاسة الأميين تنتقل على أي شيء يلمسونه بأيديهم، فلذلك يوجبون غسل الآنية التي يلمسونها. جاء في التلمود : إذا اشترى يهودي إناء من آكوم – أي أجنبي – فيجب على اليهودي غسله في حوض كبير.
يفضل الشيعة الكلب على أهل السنة، جاء في رواياتهم : ما خلق الله شيئاً شراً من الكلب والناصب شر منه. وفي رواية : إن الناصب أهون على الله من الكلب. ... يفضل اليهود الكلب على من عداهم، جاء في التلمود : إن الكلب أفضل من الأجانب.
ادعى الشيعة تحريف القرآن حتى يثبتوا الإمامة لعلي بن أبي طالب والأئمة من بعده. ... حرف اليهود كتبهم حتى يثبتوا الملك من الله تبارك وتعالى لأوليائهم.
عن أبي عبد الله قال : اتقوا على دينكم فاحجبوه بالتقية، فإنه لا إيمان لمن لا تقية له. ... يقول أحد حاخامات اليهود : يلزم اليهودي ألا يجاهر بقصده الحقيقي حتى لا يضيع اعتبار الدين أمام أعين باقي الأمم.
عن أبي عبد الله أنه قال : إياكم أن تعملوا عملاً يعيرونا به، فإن ولد السوء يعير والده بعمله، كونوا لمن انقطعتم إليه زينا، ولا تكونوا عليه شيئاً، صلوا في عشائرهم وعودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم لا يسبقونكم إلى شيء من الخير. ... جاء في التلمود : إذا أنت دخلت قرية ووجدت أهلها يحتفلون بعيد عليك التظاهر بمشاركتهم الابتهاج العظيم لكن تكتم بغضائك.(1/288)
استعمال التقية في دار التقية واجب ولا حنث ولا كفارة عمن حنث تقية، يدفع بذلك ظلماً عن نفسه. ... يجوز لليهودي أن يحلف يميناً كاذبة وخاصة مع باقي الشعوب.
عمر اغتصب أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهم أجمعين. ... دينا بنت يعقوب عليه السلام خرجت وهي عذراء فافترعها مشرك.
وكذلك الشيعة تقدح فيه وتمقته؛ لأنه في زعمهم قد أرسل إلى علي فغلط فنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم. حتى قالوا في ذلك شعراً : خان الأمين وصده عن حيدرا ** تالله ما كان الأمين أمينا. ولكن نفوا ذلك وقالوا إن هذا الشعر إنما قالته الشيعة في أبوعبيدة بن الجراح أمين الأمة. ... اليهود يعادون جبريل عليه السلام.
حاولوا مراراً في عصور مختلفة الاستبداد بالأمر والنهوض بأعباء الملك والسلطان وانتزاعه بين أيدي أهله، وقد نالوا جزءاً طفيفاً من ذلك في فترات من الزمن ودانت لقوتهم بعض الأقطار أحياناً قصيرة زائلة، ولكنهم ما زالوا أذلة صاغرين حتى في أيام دولتهم وسلطانهم وحتى في الأقطار التي دانت لهم في الظاهر واعترفت لهم بالملك. ... لا يزالون يتقلبون في الذلة والمسكنة والهوان.
يغلون في القبور والمشاهد غلواً قبيحاً، ويتعشقونها كاليهود وأشد حتى صيرواها مشاهد ومعابد ومساجد وهم يحجون إليهم كما يحج إليها المسلمون إلى البيت الحرام من كل مكان ... يتعشقون القبور ويهيمون بها هياماً ويصيرونها مساجد غلواً وافتتاناً، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.(1/289)
ليس لعقائدهم ومفرداتهم التي باينوا بها أهل السنة والجماعة واختصوا بها وصاروا بها رافضة مستقلين عن غيرهم أسانيد صحيحة ولا روايات متصلة مقبولة ولا لمن يروون عنهم ما يروون من هذه المفاريد والخصائص تراجم معروفة صحيحة ينقدون بها هؤلاء الرواة ويعلمون بها مكانتهم العلمية والدينية والخلقية. ... ليس لدينهم ولما يأثرونه ويذكرونه عن أنبيائهم أسانيد صحيحة ولا ضعيفة، ولا لمن يروون عنهم كتب تراجم صحيحة معتبرة لها أسانيد متصلة بها يعرف حال الرواة الدينية والعلمية والخلقية.
وفي الحقيقة، قد لا تجد شيء من عقائد الرافضة التي خالفوا فيه المسلمين، إلا ولها أصل في عقائد اليهود والنصارى أو غيرهم؟، اللهم إلا فارق واحد وهو إنك لو سئلت اليهود، من خير أهل ملتكم؟ لقالوا أصحاب موسى عليه السلام.
وإذا وسئلت النصارى، من خير أهل ملتكم؟ لقالوا أصحاب عيسى عليه السلام.
وإذا سئلت الرافضة، من شر أهل ملتكم؟ لقالوا أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وعلى أي حال، إن أردت المزيد من التفاصيل في هذا الباب، راجع كتاب عبد الله بن سبأ وإمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وكتاب بذل المجهود في إثبات مشابهة الرافضة "الشيعة" لليهود. والصراع بين الإسلام والوثنية. وغيرها.
ثم أعلم إن ما ذكرناه يقتصر على النزعات اليهودية في الفكر الشيعي، أما جذور عقائدهم المستمدة من سائر المذاهب والأديان والنحل، فأمر فيه طول، وليس هذا الكتاب مكانه.
ذكر من أنكر ولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الأنبياء والملائكة والجمادات والحيوانات والنباتات وسائر المخلوقات(1/290)
قبل أن أختم الكتاب، أود أن أذكر حقيقة قد لا يعلمها كثير من الناس، هذه الحقيقة هي أن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ليسوا هم فقط من أنكر ولم يقر بإمامة علي رضي الله عنه بزعم الشيعة، الأمر الذي استدعى كفرهم وردتهم بزعمهم. بل أن هناك آخرون، من سائر خلق الله عزوجل، بين مقر ومنكر، وإليك بعضاً من هذه الروايات التي تتكلم عن نفسها، وهي لا تخلو من طرافة أرى أن القارئ العزيز بحاجة إليها بعد كل ما مر :
فعن سليمان بن خالد، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام، يقول : ((ما من شيء ولا من آدمي، ولا إنسي ولا جني، ولا ملك في السماوات إلا ونحن الحجج عليهم، وما خلق الله خلقا إلا وقد عرض ولايتنا عليه، واحتج بنا عليه، فمؤمن بنا وكافر جاحد حتى السماوات والأرض والجبال)).(1)
__________
(1) - مستطرفات السرائر لابن إدريس الحلي ، 575 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/46(1/291)
وعن الرضا في يوم الغدير قال : ((وفي يوم الغدير عرض الله الولاية على أهل السماوات السبع، فسبق إليها أهل السماء السابعة فزين بها العرش ثم سبق إليها أهل السماء الرابعة فزينها بالبيت المعمور، ثم سبق إليها أهل السماء الدنيا فزينها بالكواكب، ثم عرضها على الأرضين فسبقت إليها مكة فزينها بالكعبة، ثم سبقت إليها المدينة فزينها بالمصطفى محمد صلى الله عليه وآله، ثم سبقت إليها الكوفة فزينها بأمير المؤمنين عليه السلام وعرضها على الجبال فأول جبل أقر بذلك ثلاثة أجبال : العقيق وجبل الفيروز، وجبل الياقوت فصارت هذه الجبال جبالهن وأفضل الجواهر، وسبقت إليها جبال أخر فصارت معادن الذهب والفضة وما لم يقر بذلك ولم يقبل صارت لا تنبت شيئا وعرضت في ذلك اليوم على المياه فما قبل منها صار عذبا، وما أنكر صار ملحا أجاجا، وعرضها في ذلك اليوم على النبات فما قبله صار حلوا طيبا، وما لم يقبل صار مرا، ثم عرضها في ذلك اليوم على الطير فما قبلها صار فصيحا مصوتا وما أنكرها صار أخرس ألكن)).(1)
عن سدير قال : ((سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول أمير المؤمنين عليه السلام إن أمرنا صعب مستصعب لا يقر به إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان فقال : إن في الملائكة مقربين وغير مقربين، ومن الأنبياء مرسلين وغير مرسلين، ومن المؤمنين ممتحنين وغير ممتحنين، فعرض أمركم هذا على الملائكة فلم يقر به إلا المقربون، وعرض على الأنبياء فلم يقر به إلا المرسلون، وعرض على المؤمنين فلم يقر به إلا الممتحنون، قال : ثم قال لي : مر في حديثك)).(2)
__________
(1) - اقبال الأعمال ، 464 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/262 ، مستدرك سفينة البحار ، 7/167 ، مسند الإمام الرضا ، 2/19 ، كشف المبهم ، لهاشم البحراني ، 78
(2) - مختصر بصائر الدرجات ، 126 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/196 ، 26/274(1/292)
وقالوا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((يا علي ما بعث الله نبيا إلا وقد دعاه إلى ولايتك طائعا أو كارها)).(1)
وروى القوم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ((ما تكاملت النبوة لنبي في الأظلة حتى عرضت عليه ولايتي وولاية أهل بيتي ومثلوا له فأقروا بطاعتهم وولايتهم)).(2)
ورووا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ((إن الله عز وجل عرض الولاية على الملائكة، فمن قبلها كان عنده من المقربين)).(3)
وعن الصادق رحمه الله : ((أن ممن لم يقبلها من الملائكة ملكاً يقال له : فطرس، فكسر الله جناحه)).(4)
__________
(1) - بصائر الدرجات ، للصفار ، 93 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26/280 ، مستدرك سفينة البحار ، 9/515
(2) - بصائر الدرجات ، للصفار ، 93 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26/281 ، مستدركات علم رجال الحديث للنمازي الشاهرودي ، 2/316 ، مكيال المكارم لميرزا الأصفهاني ، 1/431 ، العقائد الإسلامية ، مركز المصطفى ص ، 1/73 ، الولاية التكوينية لآل محمد (ع) ، لعلي عاشور ، 115 ، 125
(3) - كمال الدين ، 146 ، عيون الأخبار ، 2/61 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26/308 ، 36/223 ، 245 ، 281 ، كفاية الأثر ، للخزاز ، 152 ، الغيبة ، للنعماني ، 95 ، مقتضب الأثر ، للجوهري ، 27 ، الجواهر السنية ، للعاملي ، 283 ، الأنوار البهية ، لعباس القمي ، 341 ، موسوعة أحاديث أهل البيت ، لهادي النجفي ، 1/461 ، موسوعة الإمام الجواد ، للقزويني ، 1/151 ، نور الثقلين ، 1/577 ، 3/119 ، غاية المرام ، للبحراني ، 3/77 ، 7/122 ، إلزام الناصب ، للحائري ، 1/169 ، مكيال المكارم ، للأصفهاني ، 1/51 ، 2/116
(4) - البصائر ، 20 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26/341 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 4/348 ، مستدركات علم الرجال ، لعلي النمازي ، 1/536 ، مدينة المعاجز ، للبحراني ، 237(1/293)
من هؤلاء آدم عليه السلام، فزعموا أن آدم عليه السلام عرضت عليه الولاية فأنكرها حسداً فرمته الجنة بأوراقها، فلما تاب إلى الله من حسده وأقر بالولاية ودعا بحق هؤلاء الخمسة : محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين صلوات الله عليهم، غفر الله له.(1)
وفي رواية أن آدم نظر إليهم بعين الحسد وتمني منزلتهم، فتسلط الشيطان عليه حتى أكل من الشجرة التي نهي عنها، وتسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم؛ فأخرجهما الله عز وجل عن جنته وأهبطهما إلى جوار الأرض.(2)
ومنهم : يونس عليه السلام، حيث رووا أن علياً رضي الله عنه قال : ((إن الله عرض ولايتي على أهل السموات وعلى أهل الأرض فأقر بها من أقر، وأنكرها من أنكر. . أنكرها يونس فحبسه الله في بطن الحوت حتى أقر بها)).(3)
__________
(1) - العياشي ، 1/60 ، البرهان ، 1/87 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 11/187 ، 26/326 ، الخصائص الفاطمية ، محمد الكجوري ، 1/370 ، غاية المرام ، للبحراني ، 4/176 ، الإمام الحسين في أحاديث الفريقين ، للأبطحي ، 2/308
(2) - عيون الأخبار ، 170 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26/273 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 5/358 ، مسند الإمام الرضا (ع) ، لعزيزالله العطاردي ، 1/52 ، 318 ، تفسير الصافي ، للفيض الكاشاني ، 1/117 ، تفسير كنز الدقائق ، للميرزا محمد المشهدي ، 1/234 ، الخصائص الفاطمية ، للكجوري ، 1/592
(3) - البصائر ، 22 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 14/391 ، تفسير فرات ، 1/264 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26/282 ، 333 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 2/35 ، مستدركات علم رجال الحديث ، للنمازي ، 2/265(1/294)
وفي رواية أن عبدالله بن عمر رضي الله عنه دخل على زين العابدين، وقال : ((يا ابن الحسين، أنت الذي تقول : إن يونس بن متّى إنما لقي من الحوت ما لقي لأنه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف عندها؟ قال : بلى ثكلتك أمك، قال : فأرني برهان ذلك إن كنت من الصادقين، فأمر بشد عينيه بعصابة وعيني بعصابة، ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا، فإذا نحن على شاطئ البحر تضرب أمواجه، فقال ابن عمر : يا سيدي، دمي في رقبتك، الله الله في نفسي، فقال : هيه وأريه إن كنت من الصادقين، ثم قال : يا أيها الحوت، قال : فأطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول : لبيك لبيك يا ولي الله، فقال : من أنت؟ قال : أنا حوت يونس يا سيدي، قال : أنبئنا بالخبر، قال : يا سيدي، إن الله تعالى لم يبعث نبياً من آدم إلى أن صار جدك محمد إلا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص، ومن توقف عنها وتمنع من حملها لقي ما لقي آدم عليه السلام من المعصية، وما لقي نوح من الغرق، وما لقي إبراهيم عليه السلام من النار، وما لقي يوسف عليه السلام من الجب، وما لقي أيوب عليه السلام من البلاء، وما لقي داود عليه السلام من الخطيئة، إلى أن بعث الله يونس عليه السلام، فأوحى الله إليه : أن يا يونس، تول أمير المؤمنين علياً والأئمة الراشدين من صلبه. قال : فكيف أتولى من لم أره ولم أعرفه، وذهب مغتاظاً، فأوحى الله تعالى إلي أن التقمي يونس ولا توهني له عظماً، فمكث في بطني أربعين صباحاً يطوف معي البحار في ظلمات ثلاث، ينادي : أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، وقد قبلت ولاية علي بن أبي طالب والأئمة الراشدين من ولده، فلما آمن بولايتكم أمرني ربي فقذفته على ساحل البحر، فقال زين العابدين : ارجع أيها الحوت إلى وكرك، واستوى الماء)).(1/295)
(1)
ولا بأس من أن نذكر أمثلة قليلة على بعض هذه الأصناف.
فمن البلدان، رووا عن الصادق أنه قال : ((إن الله عز وجل عرض ولايتنا على أهل الأمصار فلم يقبلها إلا أهل الكوفة. وفي رواية : ما قبلها قبول أهل الكوفة)).(2)
__________
(1) - المناقب ، 4/138 ، البرهان ، 4/37 ، دلائل الإمامة ، 92 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 14/401 ، 46/39 ، 61/52 ، 65/218 ، تفسير نور الثقلين ، 3/435 ، قصص الأنبياء ، للجزائري ، 493 ، اللمعة البيضاء ، للأنصاري ، 217
(2) - البصائر ، 22 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 23/281. ، كامل الزيارات لابن قولويه ، 314 ، ثواب الأعمال للصدوق ، 88 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 14/518 ، الأمالي للمفيد ، 142 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 23/281 ، 57/209 ، 97/262 ، 98/46 ، 140 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 12/289 ، 316 ، 503 ، مستدرك سفينة البحار للنمازي الشاهرودي ، 10/147 ، 8/463 ، فضائل أمير المؤمنين (ع) ، ابن عقدة الكوفي ، 139 ، 139ه، فضل زيارة الحسين (ع) ، محمد بن علي الشجري ، 55 ، تاريخ الكوفة ، للبراقي ، 67 ، مدينة النجف ، لمحمد التميمي ، 80(1/296)
ومن الطيور، ما رووه عن علي رضي الله عنه أنه قال : ((إن الله عرض أمانتي وولايتي على الطيور، فأول من آمن بها البزاة البيض والقنابر، وأول من جحدها البوم والعنقاء، فلعنهما الله تعالى من بين الطيور، فأما البوم فلا تقدر أن تظهر بالنهار لبغض الطيور لها، وأما العنقاء فغابت في البحار لا ترى، وإن الله عرض أمانتي على الأرضين، فكل بقعة آمنت بولايتي جعلها طيبة زكية، وجعل نباتها وثمرتها حلواً عذباً، وجعل ماءها زلالاً، وكل بقعة جحدت إمامتي وأنكرت ولايتي جعلها سبخاً، وجعل نباتها مراً علقماً، وجعل ثمرها العوسج والحنظل، وجعل ماءها ملحاً أجاجاً)).(1).
وعلى ذكر البومة، أقول : حتى البومة لم تسلم من خلاف القوم فيها، فقد أورد القوم ما يخالف ما مر من علة اختفائها في النهار، فعن الصادق رحمه الله قال : ((أنها لم تزل تأوي العمران أبداً، فلما قتل الحسين آلت على نفسها أن لا تأوي العمران أبداً، ولا تأوي إلا الخراب، فلا تزال نهارها صائمة حزينة، حتى يجنها الليل، فإذا جنها الليل فلا تزال ترن على الحسين حتى تصبح)).(2)
وروى القوم : أن الأوز قال له رضي الله عنه : ((السلام عليك يا أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين)).(3)
__________
(1) - المناقب ، 2/141 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 3/281 ، 23/281 ، 41/245 ، 61/47 ، غاية المرام ، للبحراني ، 4/186 ، الإقبال ، 464 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/262.
(2) - كامل الزيارات ، الباب 31 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 45/214 ، 61/329 ، مدينة المعاجز ، للبحراني ، 4/182 ، العوالم ، لعبدالله البحراني ، 492 ، شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور ، 2/158 ،
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 41/242 ، المناقب ، لإبن شهر آشوب ، 2/135 ، مستدرك سفينة البحار ، 1/244(1/297)
وهذا دراج قال له علي : ((مذ كنت أنت في هذه البرية، ومن أين مطعمك ومشربك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين من أربعمائة سنة أنا في هذه البرية، ومطعمي ومشربي إذا جعت فاصلي عليكم فأشبع، وإذا عطشت فادعوا على ظالميكم فأروى)).(1)
وفي الحيوانات، ذكروا أن جملاً قال لعلي رضي الله عنه : ((يا أمير المؤمنين، عليك السلام. وفي رواية : يا أمير المؤمنين، وخير الوصيين. . الرواية)).(2)
وقال سبع : ((يا أمير المؤمنين، ويا خير الوصيين، ويا وارث علم النبيين، ويا مفرق بين الحق والباطل، ما افترست منذ سبع شيئاً، وقد أضر بي الجوع. . . الرواية)).(3)
وروى القوم أن جبرئيل عليه السلام خطب في الوحوش : ((يا معشر الوحوش، إن الله عز وجل قد دعا محمداً فأجابه، واستخلف على عباده من بعده علي بن أبي طالب وأمركم أن تبايعوه، فقالوا : سمعنا وأطعنا، ما خلا الذئب فإنه جحد)).(4)
__________
(1) - مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 1/257 ، 285 ، الخرائج والجرائح ، للراوندي ، 2/560 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/268 ، 62/43 ، موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) ، 712 ، نفس الرحمن ، للنوري الطبرسي ، 448 ، رمز الصحة ، للأصفهاني ، 188
(2) اليقين ، 73 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 40/268 41/231 ، 236 ، مستدرك سفينة البحار ، 2/104 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 1/414 ، نوادر المعجزات ، 37 ، عيون المعجزات ، 23 ، الفضائل ، لشاذان ، 65 ، الدر النظيم ، للعاملي ، 302 ، الأنوار العلوية ، 112
(3) اليقين ، لإبن طاووس ، 255 ، 395 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 41/233 ، الدر النظيم ، للعاملي ، 298 ، الأنوار العلوية ، لجعفر النقدي ، 143 ، العقد النضيد والدر الفريد ، لمحمد القمي ، 140 ، مدينة المعاجز ، 1/278 ، الروضة ، لشاذان بن جبرئيل ، 216 ، الفضائل ، له أيضا ، 170
(4) اليقين ، 156 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 41/238 ، الأنوار العلوية ، للنقدي ، 146(1/298)
وروى القوم : أن اليهود لما ناظرته رضي الله عنه في النبوة، نادى جمال اليهود : ((أيتها الجمال، اشهدي لمحمد ووصيه، فنطقت جمالهم وثيابهم كلها : صدقت يا علي، إن محمداً رسول الله، وإنك يا علي حقاً وصيه)).(1)
وفي موقف آخر : فأنطق الله ثيابهم التي عليهم وخفافهم التي في أرجلهم، يقول كل واحد منها لِلابِسِه : كذبت يا عدو الله، بل النبي محمد هذا، والوصي علي هذا(2).
ورووا أن أسداً قال لأحد أصحاب علي رضي الله عنه : ((أقرئ وصي محمد مني السلام)).(3)
وهذا أسد آخر قال لعلي رضي الله عنه : ((السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، يا بن عم رسول الله)).(4)
__________
(1) معاني الأخبار ، 12 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/17 ، 41/244 ، المناقب ، 2/141
(2) - إثبات الهداة ، 2/151 ، مدينة المعاجز، لهاشم البحراني، 1 /443 ، بحار الأنوار، للمجلسي، 9 /179 ، تفسير الإمام العسكري (ع)، 229 ، تأويل الآيات، لشرف الدين الحسيني، 1 /52
(3) - إعلام الورى ، 184 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 41/246 ، الثاقب في المناقب ، لإبن حمزة الطوسي ، 25 ، المناقب ، 2/133 ، مدينة المعاجز ، 1/276 ، مستدرك سفينة البحار ، 1/127
(4) - المناقب ، لإبن شهر آشوب ، 2/133 ، مدينة المعاجز ، 1/276 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 41/243 ، مستدرك سفينة البحار ، 1/127 ، نهج الإيمان ، لإبن جبر ، 639(1/299)
وأسد آخر قال : ((يا أمير المؤمنين نحن معاشر الوحوش لا نأكل لحم محبيك ومحب عترتك، فنحن أهل بيت نتخذ بحب الهاشميين وعترتهم، فقال له : أيها السبع أين تأوي وأين تكون ؟ قال : يا مولاي إني مسلط على أعدائك كلاب أهل الشام أنا وأهل بيتي، وهم فريستنا)).(1)
وهذا ضب، وقف واستقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومرغ خديه في التراب، ثم رفع رأسه وأنطقه الله تعالى فقال : ((أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه، وسيد المرسلين، وأفضل الخلق أجمعين، وخاتم النبيين، وقائد الغر المحجلين، وأشهد أن أخاك علي بن أبي طالب على الوصف الذي وصفته، وبالفضل الذي ذكرته، وأن أوليائه في الجنان مكرمون، وأن أعدائه في النار خالدون)).(2)
__________
(1) - الروضة في فضائل أمير المؤمنين، لشاذان بن جبرئيل القمي، 216 ، الفضائل، لشاذان بن جبرئيل القمي، 171 ، اليقين، لابن طاووس، 256 ، 396 ، العقد النضيد والدر الفريدن لمحمد بن الحسن القمي، 140 ، مدينة المعاجزن لهاشم البحراني، 1 /279 ، بحار الأنوار، للمجلسي، 41 /233 ، الدر النظيم ، لإبن حاتم العاملي، 299 ، الأنوار العلويةن لجعفر النقدي، 143
(2) - مدينة المعاجز ، 1/265 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/420 ، موسوعة الإمام الجواد ، 2/675 ، تفسير العسكري ، 499(1/300)
وهذان ذئبان، قالا لعلي رضي الله عنه : ((السلام عليك يا حليف الندى، ومعدن النهى، ومحل الحجى، وعالما بما في الصحف الأولى ووصي المصطفى. السلام عليك يامن أسعد به محبيه، وأشقى بعداوته شانئيه، وجعله سيد آل محمد وذويه. السلام عليك يامن لو أحبه أهل الأرض كما يحبه أهل السماء لصاروا خيار الأصفياء، ويا من لو أحس بأقل قليل من بغضه من أنفق في سبيل الله ما بين العرش إلى الثرى لانقلب بأعظم الخزي والمقت من العلي الأعلى)).(1)
وهذه بقرة تقول : ((لا إله إلا الله رب العالمين، ومحمد رسول الله سيد النبيين، وعلي سيد الوصيين)).(2)
وهذا فيل قال لعلي رضي الله عنه : ((يا علي كلنا نعرف محمدا، ونؤمن برب محمد إلا هذا الفيل الأبيض فإنه لا يعرف محمدا، ولا آل محمد)).(3)
وقالت حية : ((يا رسول الله إني ملك غضب علي رب العالمين، جئت إلى هذا الوصي أطلب إليه أن يشفع لي إلى الله تعالى)).(4)
__________
(1) - المناقب ، لإبن شهر آشوب ، 1/87 ، مدينة المعاجز ، 1/272 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/326 ، مستدرك سفينة البحار ، 3/421 ، تفسير العسكري ، 176
(2) - بصائر الدرجات ، للصفار ، 372 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 1/281 ، مختصر بصائر الدرجات ، للحلي ، 17 ، 101 ، الإختصاص ، للمفيد ، 296 ، الخرائج والجرائح ، للراوندي ، 2/496 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/399 ن مستدرك سفينة البحار ، 3/431 ، قصص الأنبياء ، للراوندي ، 287
(3) - المناقب ، 2/139 ، مدينة المعاجز ، 1/283 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 41/78 ، نهج الإيمان ، 648 ، الخصائص الفاطمية ، للكجوري ، 2/232 ، الأنوار العلوية ، لجعفر الندي ، 282
(4) - مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 1/300 ، الثاقب في المناقب ، 249(1/301)
وهذا ظبي أمر الصادق بشيء، فقال الظبي : ((برئت من ولايتكم أهل البيت إن لم أف)).(1)
وهذا عقرب رفض نوح عليه السلام أن يحمله معه في السفينة، فقال : ((عاهدتك أن لا ألسع أحداً يقول : سلام على محمد وآل محمد، وعلى نوح في العالمين)).(2)
وكذلك الحيتان، حيث خرجت من المياه فاغرة أفواهها وتقول لعلي رضي الله عنه : ((يا أمير المؤمنين، عرضت ولايتك علينا فقبلناها ما خلا الجري والمارماهي والزمار)).(3)
وفي رواية أن الجري خرجوا من البحر وقالوا بصوت عالٍ : ((يا أمير المؤمنين، نحن طائفة من بني إسرائيل، عرضت علينا ولايتكم فأبينا أن نقبلها فمسخنا الله جرياً)).(4)
__________
(1) - البصائر ، 100 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/265 ، 47/86 ، الإختصاص ، للمفيد ، 298 ، الثاقب في المناقب ، لإبن حمزة الطوسي ، 424 ، المناقب ، 3/364 ، مدينة المعاجز ، 5/359 ظت 6/19
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 11/342 ، 92/147 ، مستدرك سفينة البحار ، 7/306 ، قصص الأنبياء ، للجزائري ، 96
(3) - اليقين ، 154 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 41/237 ، مستدرك سفينة البحار ، 2/453
(4) - الخرائج والجرائح ، 135 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 41/241 ، وانظر أيضاً ، مشارق الأنوار ، 94 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/271.(1/302)
والحمير أيضاً، فهذا حمار لكعب بن الأشرف، قال : ((يا عبد الله بئس العبد أنت، شاهدت آيات الله وكفرت بها، أنا حمار قد أكرمني الله بتوحيده، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خالق الأنام ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، سيد أهل دار السلام، مبعوث لإسعاد من سبق علم الله له بالسعادة، وإشقاء من سبق الكتاب عليه بالشقاوة، وأشهد أن بعلي ابن أبي طالب وليه ووصي رسوله، يسعد الله من يسعد إذا وفقه لقبول موعظته، والتأدب بأدبه، والايتمار بأوامره، والانزجار بزواجره، وأن الله تعالى بسيوف سطوته وصولات نقمته يكبت ويخزي أعداء محمد حتى يسوقهم بسيفه الباتر، ودليله الواضح الباهر إلى الإيمان به، أو يقذفه في الهاوية إذا أبى إلا تماديا في غيه، وامتدادا في طغيانه وعمهه، ما ينبغي لكافر أن يركبني، بل لا يركبني إلا مؤمن بالله، مصدق بمحمد رسول الله في أقواله، متصوب له في جميع أفعاله، وفي فعل أشرف الطاعات في نصبه أخاه عليا وصيا ووليا، ولعلمه وارثا، وبدينه قيما، وعلى أمته مهيمنا، ولديونه قاضيا، ولعداته منجزا، ولأوليائه مواليا، ولأعدائه معاديا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا كعب بن أشرف حمارك أعقل منك)).(1)
__________
(1) - تفسير العسكري ، 36 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/306 ، إثبات الهداة ، 2/150.(1/303)
وهكذا. . حتى جعلوا من جانبٍ آخر الحيوانات تعترض من لا يحب أهل البيت، فهذا كلب لأحد أهل الذمة عض اثنين من الصحابة فشكوا أمره إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأمر بقتله، فقال الكلب : ((يا رسول الله، إن القوم الذين ذكرتهم منافقون نواصب، يبغضون ابن عمك علي بن أبي طالب، ولولا أنهم كذلك ما تعرضت لهم، ولكنهم جاءُوا يرفضون علياً ويسبونه، فأخذتني الحمية الأبية والنخوة العربية، ففعلت بهم. وكان من موقف هذا الكلب أن شهد صاحبه الذمي أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأن علي أمير المؤمنين، وأسلم جميع من كان في داره)).(1)
والله أعلم إن كان هذا الكلب من الذين ارتدوا بعد رسول اله صلى الله عليه وآله وسلم عن الإسلام أم بقي على إسلامه.
ومن الجمادات، رووا عن الحسن والحسين رضي الله عنهما أنهما قالا : ((إن الله عز وجل عرض ولايتنا على المياه، فما قبل ولايتنا عذب وطاب، وما جحد ولايتنا جعله الله عز وجل مراً وملحاً أجاجاً)).(2)
وعن حمدان بن سليمان أنهما عليهما السلام قالا : ((يا أبا سعيد تأتي ماء ينكر ولايتنا في كل يوم ثلاث مرات إن الله عز وجل عرض ولايتنا على المياه فما قبل ولايتنا عذب وطاب وما جحد ولايتنا جعله الله عز وجل مرا أو ملحا أجاجا)).(3)
__________
(1) - الروضة ، 37 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 41/247 ، نوادر المعجزات ، للطبري (الشيعي) ، 24 ، عيون المعجزات ، لحسين بن عبدالوهاب ، 13 ، مدينة المعاجز ، للبحراني ، 23/261
(2) - الكافي ، للكليني ، 6/389 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 43/320 ، 63/480 ، المحاسن ، للبرقي ، 2/579 (الحاشية) ، الوسائل ، 17/213 (الحاشية)
(3) - الكافي ، للكليني ، 6/390 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 17/213ه، مدينة المعاجز لهاشم البحراني ، 1/421 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 43/320 ، 63/480 ، تفسير نور الثقلين ، 4/22(1/304)
ورووا : أن الله عز وجل عرض ولاية علي على السموات والأرض فقبلتاهما(1).
والشمس، حيث سلمت على علي رضي الله عنه وقالت له : ((وعليك السلام يا ولي الله ووصي رسوله. وفي رواية : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا خير الأوصياء. وفي أخرى : وعليك السلام يا أخا رسول الله ووصيه وحجته على خلقه. وأخرى : : وعليك السلام يا أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين)).(2)
وهذا جام، قال : ((لا إله إلا الله خالق الظلمات والنور، اعلموا معاشر الناس إني هدية الصادق إلى نبيه الناطق، لا يأكل مني إلا نبي أو وصي)).(3)
وقال جام آخر : ((السلام عليك يا حبيب الله وصفوته، ونبيه المختار من العالمين، والمفضل على أهل الملل أجمعين من الأولين والآخرين، وعلى وصيك خير الوصيين، وأخيك خير المؤاخين، وخليفتك خير المستخلفين)).(4)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/13 ، 25/339 ، 27/284 ، المحتضر ، للحلي ، 173 ، 190 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 1/296 ، كشف اليقين ، للحلي ، 255 ، غاية المرام ، 4/18 ، 5/129 ، نفحات الأزهار ، للميلاني ، 16/372
(2) - إرشاد القلوب ، 2/83 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 35/278 ، 279 ، اهمية الحديث عند الشيعة ، لآقا مجتبي العراقي ، 258 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 22/275 ، مدينة المعاجز ، 1/220 ، 221 ، 224 ، غاية المرام ، 6/56 ، 211 ، 213 ، 216 كلاهما لهاشم البحراني ، حق اليقين ، لإبن طاووس ، 165 ، العقد النضيد والدر الفريد ، للقمي ، 80 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 41/169 ، الدر النظيم ، للعاملي ، 294 ، كشف الغمة ، 1/153 ، تأويل الآيات ، 2/657 ، شرح إحقاق الحق ، 4/18 ، 22/326
(3) - أمالي الصدوق ، للصدوق ، 581 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 1/155 ، 349 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 39/124
(4) - الهداية الكبرى ، للخصيبي ، 164 ، مدينة المعاجز ، 1/156 ، 3/311 ، 531(1/305)
وكذلك طومارة عبدالله بن سلام حيث قال : ((يا بن سلام هذا علي بن أبي طالب المالئ جنان الله بمحبيه، ونيرانه بشانئيه، الباث دين الله في أقطار الأرض وآفاقها، والنافي للكفر عن نواحيها وأرجائها، فتمسك بولايته تكن سعيدا، وأثبت على التسليم له تكن رشيدا)).(1)
وهذه جمجمة، قال لها علي رضي الله عنه : ((أقسمت عليك يا جمجمة أخبريني من أنا، ومن أنت ؟ فنطقت الجمجمة بلسان فصيح، وقالت : أما أنت فأمير المؤمنين، وسيد الوصيين)).(2)
والحصى نطقت حيث في يده رضي الله عنه قائلة : ((لا إله إلا الله محمد رسول الله، رضيت بالله رباً، وبمحمد نبياً، وبعلي بن أبي طالب وليا)).ً(3)
وهذه أحجار أقبلت على محمد وعلي كل حجر منها ينادي : ((السلام عليك يا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، السلام عليك يا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. السلام عليك يا رسول العالمين، وخير الخلق أجمعين. السلام عليك يا سيد الوصيين، ويا خليفة رسول رب العالمين)).(4)
__________
(1) - مدينة المعاجز ، 1/448 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 9/326 ، تفسير العسكري ، 460
(2) - نوادى المعجزات ، للطبري (الشيعي) ، 21 ، عيون المعجزات ، لحسين عبدالوهاب ، 10 ، مدينة المعاجز ، 1/225 ، الأنوار العلوية ، لجعفر النقدي ، 129
(3) - أمالي الطوسي ، 17 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/373 ، 41/251 ، مدينة المعاجز ، 1/418 ، غاية المرام ، لهاشم البحراني ، 2/303 ، نفس الرحمن ، للنوري الطبرسي ، 440 ،
(4) - مدينة المعاجز ، 1/292 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/260 ، تفسير العسكري ، 374(1/306)
وبساط، قال : ((أنا بساط أنطقني الله وأكرمني بالنطق بتوحيده وتمجيده، والشهادة لمحمد صلى الله عليه وآله نبيه بأنه سيد أنبيائه، ورسوله إلى خلقه، والقائم بين عباد الله بحقه، و بإمامة أخيه، ووصيه ووزيره، وشقيقه وخليله، وقاضي ديونه ومنجز عداته، وناصر أوليائه وقامع أعدائه، والانقياد لمن نصبه إماما ووليا، والبراءة ممن اتخذه منابذا وعدوا)).(1)
وقال بساط آخر : ((أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا صمدا قيوما أبدا لم يتخذ صاحبه ولا ولدا، ولم يشرك في حكمه أحدا، وأشهد أنك يا محمد عبده ورسوله، أرسلك بالهدى ودين الحق ليظهرك على الدين كله ولو كره المشركون، وأشهد أن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف أخوك ووصيك وخليفتك في أمتك، وخير من تتركه على الخلائق بعدك، وأن من والاه فقد والاك، ومن عاداه فقد عاداك، ومن أطاعه فقد أطاعك، ومن عصاه فقد عصاك، وأن من أطاعك فقد أطاع الله، واستحق السعادة برضوانه، وأن من عصاك فقد عصى الله، واستحق أليم العذاب بنيرانه)).(2)
__________
(1) - تفسير الإمام العسكري ، 94 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/304
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/303 ، التفسير العسكري ، 95(1/307)
وكذا فعلت شجرة، حيث قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد انك عبده ورسوله، أرسلك بالحق بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، واشهد أن عليا ابن عمك، وهو أخوك في دينك، أوفر خلق الله من الدين حظا وأجزلهم من الإسلام نصيبا، وانه سندك، وظهرك، قامع أعدائك، ناصر أوليائك، باب علومك، وأمينك واشهد أن أوليائك الذين يوالونه، ويعادون أعدائه حشو الجنة، وان أعداءك الذين يوالون أعداءه، ويعادون أوليائه حشو النار)).(1)
وصخرة، حيث سألها علي رضي الله عنه عن الماء؟ فقالت : ((تحتي يا وصي محمد)).(2)
وكذا ذكروا أن سوطاً شهد بإمامته رضي الله عنه، حيث قال : ((إني سوط قد أنطقني الله بتوحيده وأكرمني بتمجيده، وشرفني بتصديق نبوة محمد سيد عبيده، وجعلني ممن يوالي خير خلق الله بعده، وأفضل أولياء الله من الخلق حاشاه والمخصوص بابنته سيدة النسوان، والمشرف ببيتوتته على فراشه أفضل الجهاد، والمذل لأعدائه بسيف الانتقام، والباين في أمته بعلوم الحلال والحرام، والشرائع والأحكام)).(3)
__________
(1) - إثبات الهداة ، 2/151 ، حلية الأبرار ، لهاشم البحراني ، 2/163 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 1/351 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/317 ، تفسير الإمام العسكري ، 168
(2) - الروضة في فضائل أمير المؤمنين ، لشاذان ، 168 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33/46 ، شرج إحقاق الحق ، 8/723
(3) - تفسير العسكري ، 33 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/304 ، إثبات الهداة ، 2/150 ،(1/308)
والعقيق الأحمر؛ حيث ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي رضي الله عنه : ((تختم بالعقيق الأحمر، فإنه أقر لله عز وجل بالوحدانية، ولي بالنبوة، ولك يا علي بالوصية، ولولدك بالإمامة)).(1)
ويظهر من هذه الرواية أن هناك فرقاً بين الوصي والإمام.
ولنعرج قليلا إلى الفاكهة والخضروات والأشجار.
فقد ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يمشي مع علي رضي الله عنه بين نخلات، فنادت نخلة إلى نخلة : ((هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا وصيه. وقالت أخرى : هذا محمد سيد المرسلين، وهذا علي سيد الوصيين، فسميت الصيحانية)).(2)
والبطيخ ذكروا فيه أن علياً رضي الله عنه أخذ بطيخة ليأكلها فوجدها مرة فرمى بها، وقال : ((بعداً وسحقاً، فقيل : يا أمير المؤمنين، وما هذه البطيخة؟ فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن الله تبارك وتعالى أخذ عقد مودتنا على كل حيوان ونبات، فما قبل الميثاق كان عذباً طيباً وما لم يقبل الميثاق كان مالحاً زعاقاً)).(3)
__________
(1) - علل الشرايع ، 64 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/280 ، 283 ، وانظر أيضاً ، عيون الأخبار ، العمدة ، 197 ، بشارة المصطفى ، 28 ، الشيعة في أحاديث الفريقين ، للأبطحي ، 224 ، شرح إحقاق الحق ، 4/89
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 17/365 ، الخرائج والجرائح ، للراوندي ، 2/928 ، مدينة المعاجز ، للبحراني ، 1/398 ، 400 ، مائة منقبة ، للقمي ، 140 ، الإمام علي في آراء الخلفاء ، لمهدي إيماني ، 39 ، غاية المرام ، للبحراني ، 2/182 ، شرح إحقاق الحق ، 15/160
(3) - علل الشرايع ، 159 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/280 ، 63/197 ، مختصر بصائر الدرجات ، للحلي ، 222 ، وسائل الشيعة ، 25/178 ، جامع أحاديث الشيعة ، 23/435 ، مستدرك سفينة البحار ، 1/368 ، مسند الإمام الرضا ، 1/234 ، رمز الصحة ، للأصفهاني ، 148(1/309)
وفي رواية : ((إن الله تبارك وتعالى طرح حبي على الحجر والمدر والبحار والجبال والشجر، فما أجاب إلى حبي عذب وطاب، وما لم يجب إلى حبي خبث ومر، وإني لأظن أن هذا البطيخ مما لم يجب إلى حبي)).(1)
وفي أخرى : ((إن الله تبارك وتعالى عرض ولايتنا على أهل السماوات وأهل الأرض من الجن والإنس والثمر وغير ذلك، فما قبل منه ولايتنا طاب وطهر وعذب، وما لم يقبل منه خبث وردىء ونتن)).(2)
وكذلك الباذنجان حيث رووا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ((كلوا الباذنجان فإنها شجرة رأيتها في جنة المأوى، شهدت لله بالحق، ولي بالنبوة، ولعلي بالولاية)).(3)
والأرز، حيث رووا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ((حبة أقرت لله بالوحدانية، ولي بالنبوة، ولأخي علي بالوصية)).(4)
__________
(1) - بشارة المصطفى ، 205 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/282 ، مستدرك الوسائل ، 16/414
(2) - الاختصاص ، 249 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/283 ، مستدرك الوسائل ، 16/413 ، مدينة المعاجز ، 1/420 ، جامع أحاديث الشيعة ، 32/463 ، مستدرك سفينة البحار ، 7/168 ، 9/487 ، معجم رجال الخوئي ، 15/88
(3) - مستدرك الوسائل ، للنوري ، 16/430 ، مدينة المعاجز ، 1/419 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 63/223 ، جامع أحاديث الشيعة ، 23/474 ، رمز الصحة ، للأصفهاني ، 138
(4) - مستدرك الوسائل ، 16/367 ، مدينة المعاجز ، 1/419 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 63/261 ، مستدرك سفينة البحار ، 1/109 ، 7/169 ، رمز الصحة ، 135(1/310)
والأمر فيه طول حتى اختصر بعضهم الطريق فذكروا أن جل المخلوقات أبت الإقرار بولاية علي رضي الله عنه، إلا قليل. فرووا عن الباقر رحمه الله أنه قال : ((أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي : أنت الذي احتج الله بك في ابتدائه الخلق حيث أقامهم أشباحاً، فقال لهم : ألست بربكم؟ قالوا : بلى، ومحمد رسولي؟ قالوا : بلى، قال : وعلي أمير المؤمنين؟ فأبى الخلق جميعاً استكباراً وعتواً عن ولايتك إلا نفر قليل، وهم أقل الأقلين وهم أصحاب اليمين)).(1)
ويبدو أن آخرين قد استكثروا حتى هذه القلة، فقالوا بكفر الجميع، فذكروا أن سلمان رضي الله عنه دخل على علي رضي الله عنه فسأله عن نفسه. فقال : ((يا سلمان أنا الذي دعيت الأمم كلها إلى طاعتي فكفرت)).(2)
ولا نطيل عليك، فحسبك فيما أوردناه.
__________
(1) - أمالي الطوسي ، 146 ، اليقين ، 80 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 24/2 ، 26/272 ، 37/311 ، 64/127 ، بشارة المصطفى ، للطبري (الشيعي) ، 191 ، اليقين ، لإبن طاووس ، تأويل الآيات ، 1/180 ، الجواهر السنية ، للعاملي ، 278 ، تفسير نور الثقلين ، 2/97 ، الشيعة في أحاديث الفريقين ، للأبطحي ، 124 ، غاية المرام ، لهاشم البحراني ، 2/302 ، إحقاق الحق ، 9/529
(2) - مجمع النورين ، لأبي الحسن المرندي ، 245 ، الخصائص الفاطمية ، لمحمد باقر الكجوري ، 2/468 ، مدينة المعاجز ، 2/31 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26/292 ، نفس الرحمن في فضائل سلمان ، للنوري الطيرسي ، 269(1/311)
وهكذا تجد أن القوم يرون أن من ذكرنا من أنبياء وملائكة عليهم السلام، وأكثر من مائة ألف صحابي رضي الله عنهم من أعظم أمة اختارها الله عز وجل لخاتم أنبيائه، وأعظمهم، جحدوا ولاية علي رضي الله عنه، بينما يرون أن البزاة البيض والقنابر، والإوز، والجمال، والأسود، والضب، والحيات، والظباء، والعقارب، والحيتان، والباذنجان، والبطيخ، والرز، والحصى والصخور والجبال. . ألخ. حتى حمار كعب بن الأشرف وكلاب أهل الذمة التي أخذتها النخوة العربية، قد أقرت بفضل أهل البيت رضي الله عنهم وبولايتهم!!
خلاصة الكتاب :
لا شك عزيزي القارئ أنك قد تيقنت من أن الصورة التي يستميت الشيعة في إظهارها عن هذا الجيل المثالي مغايرة تماماً للواقع، فالله عز وجل هو الذي بعث في هذا الجيل أعظم أنبيائه حيث علمهم القرآن والسنة، بل وزكاهم وطهرهم ليبلغوا هذا العلم إلى من بعدهم، كما قال سبحانه : لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [آل عمران : 164]
وقال : هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الجمعة : 2]
وتبين لك أيضاً أن هذا الجيل المثالي وعده الله جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً، وذلك في قوله سبحانه : وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ [التوبة : 100]
ثم قال في الآية التي بعدها مباشرة : وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ [التوبة : 101] فجعل المهاجرين والأنصار غير المنافقين كما سبق ذكره في أول الباب.(1/312)
روايات في حسن إختيار الصحبة
ونختم كتابنا بذكر روايات حسن اختيار الصحبة. فقد وأورد الشيعة في ذلك عشرات الروايات في مصنفاتهم، لا يتسع المقام هنا لحصرها. وإليك بعضها :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((المرء على دين خليله وقرينه(1). وفي رواية : وقال صلى الله عليه وآله وسلم : والمرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)).(2)
وفي أخرى، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : المرء على دين من يخالل، فليتق الله المرء ولينظر من يخالل)).(3)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((اختبروا الناس بأخدانهم، فإنما يخادن الرجل من يعجبه نحوه)).(4)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 2/375 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 1/158 ، 10/42 ، 11/104 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 12/48 ، 16/260 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71/201 ، رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) للسدي علي خان المدني الشيرازي ، 3/483ش ، 594 ، فهارس رياض السالكين لمحمد حسين المظفر ، 1/174 ، 284 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 14/440 ، 443 ، مستدرك سفينة البحار لعلي النمازي ، 1/303 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 2/25 ، 6/46 ، 10/140 ، 281 ، نهج السعادة للمحمودي ، 7/261 ، الإثنا عشرية للحر العاملي ، 190 ، البدعة ، مفهومها ، حدها ، آثارها لجعفر السبحاني ، 19 ، البدعة مفهومها وحدودها ، مركز الرسالة ، 22 ، في ظلال التوحيد لجعفر السبحاني ، 67
(2) - مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 8/327 ، نهج السعادة للمحمودي ، 7/407
(3) - مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 12/ 312
(4) - مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 8/327 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 16/40 ، ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 2/1582 ، نهج السعادة للمحمودي ، 7/407(1/313)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((أربعة مفسدة للقلوب. . . منها مجالسة الموتى. فقيل له : يا رسول الله، وما مجالسة الموتى ؟ قال : مجالسة كل ضال عن الإيمان، وجائر في الأحكام)).(1)
وعن الصادق رحمه الله عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال : ((أولى الناس بالتهمة من جالس أهل التهمة)).(2)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ((من تبسم في وجه مبتدع، فقد أعان على هدم الإسلام ، وقال : من أحدث في الإسلام، أو آوى محدثا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)).(3)
__________
(1) - مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 12/312 ، 17/352 ، الأمالي للمفيد ، 315 ، الأمالي للطوسي ، 83 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 1/203 ، 71/192 ، 100/226 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 14/435 ، 16/86 ، 25/31 ، مستدرك سفينة البحار للنمازي ، 8/571 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 3/339 ، 10/143 ، ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 3/2614
(2) - مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 12/313 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 72/90 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 16/57 ، مستدرك سفينة البحار لعلي النمازي ، 2/77 ، 10/475 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 2/125 ، ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 1/336
(3) - مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 12/322 ، مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ، 3/375 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 47/217 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 14/444 ، مستدرك سفينة البحار لعلي النمازي ، 1/303 ، ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 1/237 ، أعيان الشيعة، لمحسن الأمين ، 1/663 ، البدعة ، مفهومها ، حدها ، آثارها لجعفر السبحاني ، 20 ، البدعة مفهومها وحدودها ، مركز الرسالة ، 22 ، في ظلال التوحيد لجعفر السبحاني ، 67(1/314)
وعن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم - في وصيته له - قال : ((يا أبا ذر الجليس الصالح خير من الوحدة، والوحدة خير من جليس السوء)).(1)
وروى أن سليمان عليه السلام قال : ((لا تحكموا على رجل بشيء حتى تنظروا من يصاحب فإنما يعرف الرجل بأشكاله وأقرانه وينسب إلى أصحابه وأخدانه)).(2)
وعن الصادق رحمه الله أنه قال : ((فيما وعظ الله به عيسى عليه السلام : يا عيسى، اعلم أن صاحب السوء يعدي، وان قرين السوء يردي، فاعلم من تقارن)).(3)
__________
(1) - وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 12/188 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 74/84 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 13/493
(2) - كنز الفوائد للكراجكي ، 36 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 16/ 40 ، مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 8/327 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71/188 ، مستدرك سفينة البحار للنمازي ، 6/171 ، 259 ، ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 2/1582 ، 1590 ، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل لناصر مكارم الشيرازي ، 11/242 ، مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 8/327 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71/188
(3) - الكافي ، للكليني ، 8/134 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 12/98 ، 113 ، مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 12/314 ، الجواهر السنية للحر العاملي ، 101 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 14/432 ، العقائد الإسلامية ، مركز المصطفى ص ، 3/82 ، الخير والبركة في الكتاب والسنة لمحمد الريشهري ، 178(1/315)
وعن أيضاً رحمه الله عن أبيه قال : ((قال لي أبي علي بن الحسين عليهم السلام : يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق، فقلت : يا أبه من هم عرفنيهم ؟ قال : إياك ومصاحبة الكذاب فإنه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد، ويبعد لك القريب، وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه بائعك بأكلة، وأقل من ذلك. . . الحديث)).(1)
ومن وصية أمير المؤمنين رضي الله عنه لولده الحسن رضي الله عنه أنه قال فيها : (0إياك ومواطن التهمة، والمجلس المظنون به السوء، فان قرين السوء يغر جليسه)).(2)
__________
(1) - منهاج الصالحين لوحيد الخراساني ، 1/374 ، الكافي ، للكليني ، 2/376 ، 641 ، تحف العقول لابن شعبة الحراني ، 279 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 11/100 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 12/32 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71/196 ، 208 ، 75/137 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 5/100 ، 6/45 ، 8/462 ، 10/140 ، 280 ، أعيان الشيعة، لمحسن الأمين ، 1/644 ، الإثنا عشرية للحر العاملي ، 191 ، مقدمة في أصول الدين لوحيد الخراساني ، 375
(2) - وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 12/37 ، الأمالي للطوسي ، 7 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 72/90 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 2/125 ، 8/466 ، 10/136 ، ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 1/336 ، نهج السعادة للمحمودي ، 8/139 ، كشف الغمة للإربلي ، 2/159(1/316)
وعن الصادق رحمه الله أنه قال : ((لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحد منهم)).(1)
وعن علي بن الحسين رحمه الله - في حديث طويل - قال : ((إياكم وصحبة العاصين، ومعونة الظالمين ومجاورة الفاسقين، احذروا فتنتهم وتباعدوا من ساحتهم)).(2)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 2/375 ، 642 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 1/158 ، 10/42 ، 11/104 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 16/260 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 14/443 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 2/25 ، 6/46 ، 10/140 ، 281 ، ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 1/404 ، نهج السعادة للمحمودي ، 7/261 ، الإثنا عشرية للحر العاملي ، 190 ، البدعة ، مفهومها ، حدها ، آثارها لجعفر السبحاني ، 19 ، البدعة مفهومها وحدودها ، مركز الرسالة ، 22 ، في ظلال التوحيد لجعفر السبحاني ، 67
(2) - الحدائق الناضرة للبحراني ، 18/121 ، المكاسب المحرمة للخميني ، 2/104 ، مصباح الفقاهة للخوئي ، 1/655ه، 657 ، دراسات في المكاسب المحرمة للمنتظري ، 2/342ش ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية للمنتظري ، 1/614 ، فقه الصادق (ع) للروحاني ، 14/457ش ، 459ش ، 462ش ، منهاج الفقاهة للروحاني ، 2/164ش ، 166ش ، 171ش ، نظام الحكم في الإسلام للمنتظري ، 210 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 16/260 ، 17/177 ، الفصول المهمة في أصول الأئمة للحر العاملي ، 2/232 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 17/281 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 6/29 ، نهج السعادة للمحمودي ، 7/253 ، بلاغة الإمام علي بن الحسين (ع) لجعفر عباس الحائري/203(1/317)
وسأل الصادق رحمه الله عن قول الله عز وجل : ((وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها. إلى آخر الآية، فقال إنما عنى بهذا الرجل يجحد الحق ويكذب به، ويقع في الأئمة، فقم من عنده ولا تقاعده كائنا من كان)).(1)
وعن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه رحمهم الله قال : ((قال علي بن الحسين عليه السلام : ليس لك أن تقعد مع من شئت، لان الله تبارك وتعالى يقول : وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره، وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين)).(2)
__________
(1) - مجمع الفائدة ، المحقق الأردبيلي ، 12/351ش ، الكافي ، للكليني ، 2/377 ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 10/47 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 16/261 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71/212 ، 97/96 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 14/435 ، ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 1/397 ، تفسير العياشي ، 1/282 ، تفسير كنز الدقائق للمشهدي ، 2/658 ، الإثنا عشرية للحر العاملي ، 192 ، مكيال المكارم لميرزا محمد تقي الأصفهاني ، 2/274 ، الإمام الحسين في أحاديث الفريقين لعلي الأبطحي ، 2/460
(2) - مسائل علي بن جعفر لابن الإمام جعفر الصادق (ع) ، 344 ، علل الشرائع، للصدوق ، 2/605 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 16/265 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/
116 ، 71/193 ، 108/26 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 14/127 ، 436 ، مستدرك سفينة البحار للنمازي ، 2/76 ، نهج السعادة للمحمودي ، 7/259 ، التفسير الأصفى للفيض الكاشاني ، 1/326 ، التفسير الصافي ، للفيض الكاشاني ، 2/128 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 1/726 ، بلاغة الإمام علي بن الحسين (ع) لجعفر عباس الحائري ، 192 ، جهاد الإمام السجاد (ع) لمحمد رضا الجلالي ، 122(1/318)
وعن أبي جعفر، عن آبائه، عن علي رضي الله عنه قال : ((مجالسة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار. فمن اشتبه عليكم أمره ولم تعرفوا دينه فانظروا إلى خلطائه فان كانوا أهل دين الله فهو على دين الله، وإن لم يكونوا على دين الله فلا حظ لهم في دين الله إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يواخين كافرا ولا يخالطن فاجرا، ومن آخى كافرا أو خالط فاجرا كان فاجرا كافرا)).(1)
وعن الصادق رحمه الله قال : ((من جالس أهل الريب فهو مريب)).(2)
__________
(1) - الأمالي للصدوق ، 531 ، صفات الشيعة للصدوق 6 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 16/265 ، مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 8/328 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71/191 ، 197 ، 74/384 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 14/433 ، 16/40 ، مستدرك سفينة البحار للنمازي ، 2/75 ، مسند الإمام الرضا (ع) لعزيز الله عطاردي ، 1/292 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 6/46 ، 7/62 ، 10/142 ، ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 2/1787 ، نهج السعادة للمحمودي ، 7/407 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 1/728.
(2) - كلمة التقوى لمحمد أمين زين الدين ، 2/315 ، صفات الشيعة للصدوق ، 9 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 16/265 ، مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 8/340 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71/197 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 16/60(1/319)
وعن أمير المؤمنين رضي الله عنه قال : ((جمع خير الدنيا والآخرة في مصادقة الأخيار، وجمع الشر، مؤاخاة الأشرار)).(1)
وعنه أيضاً رضي الله عنه انه قال : ((لا تصحب المائق، فإنه يزين لك فعله، ويريد أن تكون مثله. واحذر صحابة من يضل رأيه، وينكر عمله، فإن الصاحب معتبر بصاحبه)).(2)
وقال رضي الله عنه : ((وإياك ومصاحبة الفساق، فإن الشر بالشر ملحق)).(3)
وقال رضي الله عنه في وصيته للحسن رضي الله عنه : (0قارن أهل الخير تكن منهم وباين أهل الشر تبن عنهم)).(4)
__________
(1) - مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 8/328 ، 9/134 ، 12/301 ، الاختصاص للمفيد ، 218 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71/178 ، 72/71 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 14/543 ، 16/40 ، 349 ، مستدرك سفينة البحار لعلي النمازي ، 3/236 ، 6/257 ، 9/61 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 1/183 ، 9/299 ، 11/109 ، ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 1/840
(2) - نهج البلاغة ، 3/130 ، مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 8/335 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33/508 ، 71/199 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 16/51 ، مستدرك سفينة البحار لعلي النمازي ، 6/171 ، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة لأويس كريم محمد ، 370 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 10/283 ، ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 2/1585 ، شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 18/42
(3) - مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 8/335 ، شرح نهج البلاغة، لإبن أبي الحديد ، 18/42 ، 50
(4) - شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 1/191 ، عيون الحكم والمواعظ للواسطي ، 369 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71/188 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 16/41(1/320)
وروي أن عبد الله بن جعفر افتقد صديقا له من مجلسه، ثم جاءه فقال : ((أين كانت غيبتك ؟ قال : خرجت إلى عرض من أعراض المدينة، مع صديق لي، فقال له : إن لم تجد من صحبة الرجال بدا فعليك بصحبة من إن صحبته زانك وإن تغيبت عنه صانك، وإن احتجت إليه أعانك، وإن رأى منك خلة سدها، أو حسنة عدها أو وعدك لم يحرمك، وإن كثرت عليه لم يرفضك)).(1)
وعن الصادق رحمه الله قال : (0لا تصحب الفاجر فيعلمك من فجوره، ثم قال عليه السلام : أمرني والدي بثلاث ونهاني عن ثلاث، فكان فيما قال لي : يا بني من يصحب صاحب السوء لا يسلم، ومن يدخل مداخل السوء يتهم ومن لا يملك لسانه يندم الخبر)).(2)
وعن يحيى قال : ((سألت أبي زيد بن علي رحمهما الله : ((من أحق الناس أن يحذر ؟ قال : ثلاثة : العدو الفاجر، والصديق الغادر، والسلطان الجائر)).(3)
وعن الإمام الصادق رحمه الله قال : ((إياك ومخالطة السفلة، فإن مخالطة السفلة لا تؤدي إلى خير)).(4)
__________
(1) - كنز الفوائد للكراجكي ، 37 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71/188 ، نهج السعادة ، للمحمودي ، 7/421
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71/191 ، مستدرك سفينة البحار للنمازي ، 6/171
(3) - مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ، 8/351 ، الأمالي للطوسي ، 510 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71/192 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 16/56 ، مستدرك سفينة البحار لعلي النمازي ، 2/248 ، مستدركات علم رجال الحديث لعلي النمازي ، 8/206
(4) - تحف العقول لابن شعبة الحراني ، 366 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/249 ، ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 2/1586(1/321)
وأخيراً عن الصادق رحمه الله قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبهم، والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم يكتب الله لكم بذلك الحسنات، ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة)).(1)
فهل فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته رضي الله عنهم، بمقتضى هذه النصائح والإرشادات، وأخذوا بها، فهجروا الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبهم، والوقيعة فيهم؟ أم أنهم صاهروهم وصاحبوهم وترحموا عليهم وأسموا أبناءهم بأسمائهم، وحثوا الغير على إتباع نهجهم؟ فيدخلون تحت قوله عزوجل : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ. [الصف 2-3]
__________
(1) - مسالك الأفهام للشهيد الثاني ، 14/434(ش) ، مستند الشيعة للمحقق النراقي ، 14/162 ، جواهر الكلام للجواهري ، 41/413 ، فقه الصادق (ع) للروحاني ، 14/ 296(ش) ، 384(ش) ، شرح أصول الكافي ، للكليني ، للمازندراني ، 10/42 ، وسائل الشيعة، للحر العاملي ، 16/267 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71/202 ، 72/235 ، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي ، 14/443 ، مستدرك سفينة البحار للنمازي ، 1/303 ، 8/202 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي ، 2/25 ، 5/25 ، 8/453 ، ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ، 1/237(1/322)
وختاما، ومما سبق تبين لك لِمَ أثنى الله عزوجل على ذلك الجيل وهو أعلم بهم حين أثنى عليهم، فهل يصح بعد ذلك لمن يدعي حب آل البيت أن ينقل الروايات المكذوبة عنهم والتي تخالف القرآن ويردها العقل، ويترك غيرها وهي منقولة أيضاً عن الأئمة رحمهم الله وموافقة لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم؟!!، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، فنسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه. . إنه ولي ذلك والقادر عليه.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أهم مصادر الكتاب
القرآن الكريم.
إثبات الهداة : محمد بن الحسن الحر العاملي - المطبعة العلمية - قم.
الاحتجاج : أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي -مؤسسة أهل البيت والأعلمي - بيروت.
الحدائق الناضرة : يوسف البحراني - دار الأضواء - بيروت.
الاختصاص : محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
إحقاق الحق : نور الله التستري
الإرشاد : محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
الإمام على ع فى آراء الخلفاء : الشيخ مهدي فقيه إيماني - ؤسسة المعارف الإسلامية. قم
إرشاد القلوب : الحسن بن محمد الديلمي - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
إعلام الورى : الفضل بن الحسن الطبرسي - دار المعرفة - بيروت.
أعيان الشيعة : محسن الأمين - دار التعارف للمطبوعات - بيروت - لبنانكمال الدين : محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، الصدوق - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
أمالي الصدوق : محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، الصدوق - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
أمالي الطوسي : محمد بن الحسن الطوسي، شيخ الطائفة - مكتبة العرفان - الكويت.(1/323)
أمالي المفيد : محمد بن محمد بن النعمان، المفيد - دار التيار الجديد ودار المرتضى.
الإمامة والتبصرة : علي بن الحسين القمي - مؤسسة آل البيت لإحياء التراث - بيروت.
الأنوار النعمانية : نعمة الله الجزائري - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي.
بحار الأنوار : محمد باقر المجلسي - مؤسسة الوفاء - بيروت.
البرهان في تفسير القرآن : هاشم البحراني - مؤسسة الوفاء - بيروت.
بصائر الدرجات : محمد بن الحسن بن فروخ الصفار القمي - منشورات مكتبة المرعشي النجفي - قم.
البيان في تفسير القرآن : أبو القاسم الخوئي - دار الزهراء - بيروت.
تأويل الآيات الظاهرة : شرف الدين علي الحسيني الاسترابادي النجفي - مدرسة الإمام المهدي - قم.
تفسير العسكري : المنسوب للإمام العسكري - مدرسة الإمام المهدي - قم.
تفسير الصافي : الفيض الكاشاني - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
تفسير العياشي : محمد بن مسعود بن عياش السلمي السمرقندي - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
تفسير فرات : فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي -مؤسسة النعمان- بيروت.
تفسير القمي : علي بن إبراهيم القمي - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
تفسير الميزان : محمد حسين الطباطبائي - مؤسسة إسماعيليان - قم.
تفسير نور الثقلين : عبد علي بن جمعة العرسي الحويزي - مؤسسة إسماعيليان - قم.
تهذيب الأحكام : محمد بن جعفر الطوسي، شيخ الطائفة - دار الأضواء - بيروت.
جامع أحاديث الشيعة : السيد البروجردي - المطبعة العلمية - قم.
حلية الأبرار : السيد هاشم البحراني - مؤسسة المعارف الإسلامية - قم – ايران.
الخصال : محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، الصدوق- مؤسسة الأعلمي - بيروت.
دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية : الشيخ المنتظري - لمركز العالمي للدراسات الإسلامية.
الذريعة إلى تصانيف الشيعة : آقا بزرك الطهراني -مؤسسة إسماعيليان- قم.(1/324)
رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين : لسدي علي خان الشيرازي- مؤسسة النشر الإسلامي.
شرح إحقاق الحق : السيد المرعشي - منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم – ايران.
شرح الأخبار : القاضي النعمان المغربي- مؤسسة النشر الإسلامي – بقم.
شرح أصول الكافي : مولى محمد صالح المازندراني – دار إحياء التراث العربي – بيروت.
شرح نهج البلاغة : إبن أبي الحديد - دار إحياء التراث العربي – بيروت.
عقائد الإمامية : محمد رضا المظفر - دار الصفوة - بيروت.
علل الشرايع : محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، الصدوق - المكتبة الحيدرية - النجف.
عيون أخبار الرضا : محمد بن علي بن بابويه القمي، الصدوق - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
غاية المرام : السيد هاشم البحراني – تحقيق السيد على عاشور.
الغدير : عبدالحسين أحمد الأميني النجفي -دار الكتب الإسلامية- طهران.
غيبة النعماني : محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
غيبة الطوسي : محمد بن جعفر الطوسي، شيخ الطائفة - مكتبة الألفين - الكويت.
الفصول المختارة : محمد بن محمد بن النعمان، المفيد - دار الأضواء - بيروت.
قرب الإسناد : الحميري القمي - مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث- قم.
الكافي : محمد بن يعقوب الكليني - دار الأضواء - بيروت.
كتاب سليم بن قيس : تحقيق محمد باقر الأنصاري.
كتاب الأربعين : حمد طاهر القمي الشيرازي- مطبعة أمير.
كشف الغمة : علي بن عيسى الإربلي - دار الأضواء - بيروت.
كنز الفوائد : محمد بن علي بن عثمان الكراجكي - دار الأضواء - بيروت.
معجم رجال الخوئي : أبو القاسم الخوئي -منشورات مدينة العلم - قم.
مدينة المعاجر : هاشم البحراني - مؤسسة المعارف الإسلامية - قم – ايران
مقاتل الطالبيين : لأبي الفرج الاصفهاني - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
مناقب آل أبي طالب : محمد بن علي بن شهرأشوب المازندراني - دار الأضواء - بيروت.(1/325)
من لا يحضره الفقيه : محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، الصدوق - دار الأضواء - بيروت.
منتخب الأثر : لطف الله الصافي - مكتبة الصدر - طهران.
مجمع البيان : الفضل بن الحسن الطبرسي - انتشارات ناصر خسرو - طهران.
معاني الأخبار : محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، الصدوق - مكتبة الصدوق - طهران.
مستدرك سفينة البحار : الشيخ علي النمازي الشاهرودي- مؤسسة النشر الإسلامي - قم.
ميزان الحكمة : محمد ريشهري – الطبعة الأولى - دار الحديث .
موسوعة الإمام علي في الكتاب والسنة والتاريخ : محمد ريشهري - دار الحديث للطباعة والنشر.
موسوعة أحاديث أهل البيت : هادي النجفي - دار إحياء التراث العربي بيروت – لبنان.
موسوعة المصطفى والعترة ع : لحاج حسين الشاكري - شر الهادي - قم – ايران.
المحتضر : حسن بن سليمان الحلي – إنتشارات المكتبة الحيدرية – إيران.
مستدرك الوسائل : الميرزا النوري - مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - بيروت - لبنان.
مواقف الشيعة : الأحمدي الميانجي - مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
نهج البلاغة : المنسوب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه - دار الأندلس- بيروت.
نفحات الأزهار : السيد على الميلاني – مطبعة مهر.
وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة : الحر العاملي - دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان.
وعشرات غيرها مذكورة في حواشي الكتاب.
فهرس الكتاب
الإهداء.
مقدمة الكتاب.
فضائل أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
تمني الأنبياء عليهم السلام أن يكونوا من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
فقراء أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
معرفة الأباليس بفضائل أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
دعاء الملائكة يوم القيامة : رب سلم أمة محمد من النار ويسر عليهم الحساب.
الله عزوجل أعطى هذه الأمة مرتبة الخليل، ومرتبة الكليم، ومرتبة الحبيب.(1/326)
تابع فضائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمته.
فضائل الأمة التي بعث فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم (أي جيل الصحابة).
رواية عن إلإمام العسكري رحمه الله في فضائل جيل الصحابة رضوان الله عليهم.
قول موسى عليه السلام لله عزوجل : هل في أصحاب الأنبياء أكرم عندك من صحابتي؟
وسطية أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
الصحابة رضي الله عنهم أول من خوطب بآيات الفضائل.
أحاديث في فضل الصحابة رضي الله عنهم.
فضل من رأى الصحابة رضي الله عنهم.
فضائل الصحابة من القرآن والكريم.
آيات في فضائل السابقين الأولين.
الله عز وجل لا يرضى لعباده إتباع من خالف نهجه ثم يعدهم الجنات والفوز العظيم.
أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أن أمته لا تجتمع على ضلالة أو خطأ.
روايات عن علي رضي الله عنه في عدم إجتماع هذه الأمة على ضلالة.
رواية للإمام الصادق رحمه الله في فضل أول هذه الأمة.
تتمة فضائل الصحابة في القرآن الكريم.
من فضائل أهل بدر رضي الله عنهم.
من فضائل المهاجرين رضي الله عنهم.
من شعر أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في فضل الصحابة.
تتمة فضائل الصحابة رضي الله عنهم في القرآن الكريم.
نظرة في قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة : 119].
الصحابة رضي الله عنهم في الكتاب السماوية السابقة.
تتمة فضائل الصحابة رضي الله عنهم في القرآن الكريم.
صلح الحديبية.
فضائل الصحابة من السنة وأقوال أئمة أهل البيت رحمهم الله.
براءة الإمام زين العابدين رحمه الله من شيعته الذين إنتقصوا من الصحابة رضي الله عنهم.
دعاء زين العابدين رحمه الله للصحابة رضوان الله عليهم.
أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يبين لأهل العراق فضائل الصحابة رضي الله عنهم.
علي رضي الله عنه لم يكن يفرق بين أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم.(1/327)
قول الصادق رحمه الله : ولم ير في الصحابة قدري ولا مرجيء ولا حروري ولا معتزلي ولا صاحب.
وصية عظيمة للإمام الصادق رحمه الله في محبة ومنزلة الصحابة رضي الله عنهم.
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يخاف على أصحابه النفاق.
الكلام في روايات الحوض.
تتمة روايات الصادق رحمه الله في فضائل الصحابة.
نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن سب أصحابه رضي الله عنهم.
بيان أن علياً رضي الله عنه لم يكن ينسب أحدا من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق.
دفاع علي وأبنائه عن عثمان رضي الله عنهم أجمعين عندما حدثت الفتنة.
مسلك الشيعة في الصحابة هو ذاته مسلك الخوارج في علي حيث حملوا روايات المدح فيه على حاله قبل كفره.
النبي يأمر بالتمسك بالكتاب والسنة وهدي الصحابة رضي الله عنهم.
حث أهل البيت رضي الله عنهم على الإقتداء بسيرة الصحابة رضي الله عنهم.
مواقف الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قصة عثمان بن عفان رضي الله عنه يوم الحديبية.
تتمة موقف الصحابة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
موقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم.
قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إن مقامي بين أظهركم خيرٌ لكم، وإن مفارقتي إياكم خيرٌ لكم. وبيان معني ذلك.
ثبات المؤمنين على الصراط بحسب شدة حبهم لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
إختصام المهاجرين والأنصار واهل البيت رضي الله عنهم في أيهم أولى بحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
روايات في فضائل الأنصار رضي الله عنهم.
النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقي أصحابه بأهل بيته رضي الله عنهم.
بشارات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم التي تحققت في عهد الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم.
من البشارات التي تدل على عدالة الصحابة.
إقرار الصحابة بفضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
موافقة عمر لعلي رضي الله عنهما في سبايا الفرس.(1/328)
إقرار الشيعة بأن موقف الصحابة مع الثقل الأصغر هو ذاته مع الثقل الأكبر.
إقرار أهل البيت بفضائل الصديق والفاروق رضي الله عنهما.
علي وبنوه يسمون أبناءهم بابي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين.
بقية آل بيت النبي يسمون أبناءهم بأبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين.
أهمية عامل الإسم.
روايات من طرق الشيعة في النهي عن التسمية بأسماء أعداء أهل البيت رحمهم الله.
فضائل الصديق وعائشة رضي الله عنهما.
رواية شيعية فيها إن الله عزوجل أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بصحبة أبي بكر رضي الله عنه في الهجرة.
تشبيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر بالسمع، وعمر بالبصر، وعثمان بالفؤاد.
تشبيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر بإبراهيم وعيسى عليهما السلام.
من مواقف الصديق رضي الله عنه في حروب الردة.
قول علي رضي الله عنه : أنا لنرى أبا بكر أحق الناس بها – أي الخلافة.
تابع روايات فضائل الصديق رضي الله عنه.
قول علي رضي الله عنه في محمد بن أبي بكر : هو إبني من ظهر أبي بكر.
أسماء بنت عميس زوجة أبوبكر تمرُض فاطمة وتغسلها وتكفنها عند وفاتها، وفيه رد على من زعم أن أبو بكر لم يعلم بمرضها ووفاتها ودفنها رضي الله عنهم اجمعين.
فضائل الصديقة عائشة رضي الله عنها.
عائشة رضي الله عنها زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة.
بيان أن آية التخيير دليل قرآني على كون عائشة رضي الله عنه زوجة النبي في الآخرة.
روايات الصادق رحمه الله في فضائل عائشة رضي الله عنها.
تسمية بعض الأئمة رحمهم الله بناتهم بإسم عائشة.
الثناء المتبادل بين آل الصديق وآل علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
روايات عائشة في فضائل فاطمة رضي الله عنهما.
روايات الصديق في فضائل أهل البيت رضي الله عنهم.
إستشارة أبوبكر لعلي رضي الله عنهما في بعض مسائل الحكم.
دور الصديق والفاروق وذي النورين في زواج فاطمة من علي رضي الله عنهم أجمعين.(1/329)
قول علي رضي الله عنه : لا أوتى برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري.
قول علي رضي الله عنه : خير هذه الأمة بعد نبيهما أبو بكر وعمر.
مدح علي رضي الله عنه للصديق والفاروق رضي الله عنهما بعد وفاتهما.
مدح أصحاب علي رضي الله عنه للشيخين رضي الله عنهما.
تتمة ذكر روايات علي في فضائل الشيخين رضي الله عنهم اجمعين.
علي رضي الله عنه يقر بمبدأ الشورى في البيعة للخلافة.
قول علي رضي الله عنه : : ما أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأوصي.
تابع فضائل الشيخين على لسان علي رضي الله عنهم أجمعين.
إقتداء علي رضي الله عنه بالشيخين والحث على الإقتداء بهما.
قول علي في خلافتة الشيخين رضي الله عنهم أجمعين : فلم أر بحمد الله إلا خيرا.
بيعة علي لإبي بكر وعمر رضي الله عنهم وإعتراف الشيعة بذلك.
بعض أقوال علماء الشيعة في النهي عن سب الصحابة رضي الله عنهم.
قول علي رضي الله عنه : أنا لكم وزيرا خير لكم مني أمير.
علي رضي الله عنه يستمد شرعية خلافته من خلافة الشيخين رضي الله عنهم اجميعن.
مدح الصادق رحمه الله للصديق رضي الله عنه والحث على موالاته.
مدح الباقر رحمه الله للشيخين رضي الله عنهما.
مدح زيد بن علي رحمهما الله للشيخين رضي الله عنهما.
روايات أخرى في مدح آل البيت للصديق رضي الله عنهم أجميعن.
فضائل الفاروق عمر رضي الله عنه.
تشبيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمر رضي الله عنه بنوح وموسى عليهما السلام، وبمنزلة بالبصر منه.
النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستشير عمر رضي الله عنه.
إقرار أهل البيت عليهم السلام بفضائل الفاروق رضي الله عنه.
النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعو الله أن ينصر الإسلام بعمر.
العلاقة بين الفاروق وعلي رضي الله عنهما.
زواج عمر من أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهم أجمعين.
مدح علي لعمر بعد وفاته رضي الله عنهما.(1/330)
علي رضي الله عنه يتمنى أن يلقى الله تعالى بصحيفة عمر رضي الله عنه.
روايات عمر في فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
من معاني كلمة مولى.
تتمة روايات عمر في فضائل علي رضي الله عنهما.
تقديم عمر للحسن والحسين في العطاء على إبنه عبدالله رضي الله عنهم اجمعين.
متابعة روايات عمر لفضائل علي رضي الله عنهما.
من مرويات الحسن والحسين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين.
روايات أخرى في تفضيل عمر للحسن والحسين على أبنائه رضي الله عنهم.
قول عبدالله بن عمر : علي من أهل بيت لا يقاس به أحد.
روايات عثمان في فضائل علي رضي الله عنهما.
روايات معاوية في علي رضي الله عنه.
بكاء معاوية عند سماعه سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
معاوية يأمر بطرد رجل ذم علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
تتمة فضائل علي رضي الله عنه على لسان معاوية.
روايات فضائل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه من طرق أهل السنة.
أهل البيت رحمهم الله وفضائل الصحابة رضوان الله عليهم.
من الدلائل على صدق الصحابة في نظر أهل البيت رضي الله عنهم أجمعين.
من الدلائل على صدق أبي هريرة في نظر أهل البيت رضي الله عنهم.
دلائل أخرى على صدق الصحابة في نظر أهل البيت رضي الله عنهم أجمعين.
الإمام الصادق رحمه الله يقول أن اهل الكوفة لا يطيعونه في الإمساك عن سب الصحابة.
أحاديث في النهي عن السب واللعن حتى للكافرين.
عقيدة الشيعة في الصحابة.
إدعاء الشيعة أن الصحابة إرتدوا جميعهم إلا نفر يسر.
ذكر بعض الروايات التي حددت العدد الأسماء.
هل إرتد الحسن والحسين وفاطمة وبقية آل البيت رضي الله عنهم؟
هل تغير موقف الشيعة المعاصرين من الصحابة رضي الله عنهم.
روايات عن الأئمة رحمهم الله تناقض مسألة ردة الصحابة رضي الله عنهم.
تناقض بعض علماء الشيعة في مسألة رده الصحابة رضي الله عنهم؟
موقف الشيعة من روايات ثناء أهل البيت على الشيخين وسائر الصحابة رضي الله عنهم.(1/331)
رد الشيعة لجميع فضائل الصحابة وصرفها وتأويلها.
موقفهم من آيات الثناء في القرآن الكريم.
موقفهم من روايات الثناء الواردة في السنة وأقوال الأئمة.
فضائل الصدّيق رضي الله عنه في آية الغار وموقف الشيعة منها والرد عليها.
تسابق علماء الشيعة إلى إدعاء هذه الردود.
تفنيد الشبهات التي أثارها الشيعة حول آية الغار وفضائل الصديق رضي الله عنه.
علة تلقيب أبوبكر بالصديق عند الشيعة.
نماذج لرد فضائل علي رضي الله عنه إذا أخذنا بمنطق الشيعة.
رد فضيلة مبيت علي رضي الله عنه في فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
رد فضيلة قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي : أنت مني بمنزلة هارون من موسى.
حديث : أنت مني بمنزلة هارون من موسى دليل على إمامة أبوبكر.
تأويل شجاعة علي رضي الله عنه.
تأويل أدعية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي رضي الله عنه.
تأويلات أخرى في هذا الباب.
قصة همّ عمر بحرق دار علي وفاطمة إن صحت، فهي فضيلة لعمر رضي الله عنه.
روايات في وجوب الأخذ بالظاهر وترك السرائر لله عزوجل.
عودة إلى فضيلة قصة الغار وذكر رواية من طرق الشيعة في فضل أبي بكر رضي الله عنه.
تأويل الشيعة لحديث إن أبا بكر مني بمنزلة السمع، وإن عمر مني بمنزلة البصر، وإن عثمان مني بمنزلة الفؤاد.
رد فضيلة بعثة أبي بكر رضي الله عنه بسورة براءة إلى المشركين.
تأويل حديث : ما كلمت أحدا في الإسلام إلا أبي علي وراجعني الكلام إلا ابن أبي قحافة فإني لم أكلمه في شيء إلا قبله واستقام عليه.
تأويل حديث : سبقكم أبو بكر بصوم ولا صلاة ولكن بشيء وقر قي نفسه.
تأويل عتق الصديق لبلال رضي الله عنهما.
تأويل حديث : إن الله أمرني أن أستشير أبا بكر وعمر.
من تأويلاتهم لبعض روايات مدح الأمير للشيخين رضي الله عنهم.
من تأويلاتهم لبعض روايات مدح زين العابدين للصحابة رضي الله عنهم.
من تأويلاتهم لروايات أخرى في مدح الشيخين رضي الله عنهما.(1/332)
تأويلهم لقول الصادق رحمه الله : ما أرجوا من شفاعة علي شيئا إلا وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثله ولقد ولدني مرتين.
تأويلهم لرواية زيد بن علي رحمهما الله : أعلم والله أن البراءة من الشيخين البراءة من علي.
تأويل رواية أخرى في مدح زيد بن علي للشيخين رضي الله عنهما.
تأويلهم رواية لمحمد بن الحنفية في مدح أبو بكر رضي الله عنه.
تأويلهم لقول الباقر رحمه الله : اللهم إني أتولى أبا بكر وعمر وأحبهما.
تأويلهم لقول الصادق رحمه الله : إني لأرجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر.
تأويلهم لقول الصادق رحمه الله : أن عليا عليه السلام لم يكن ينسب أحدا من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق.
تأويلهم لحديث : أثبت حراء، فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد.
تأويلهم لآيات الإفك التي نزلت في تبرئة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما.
تأويلهم للقب الفاروق رضي الله عنه.
من تأويلاتهم لعلة تسمية علي لأبناءه بأسماء الخلفاء رضي الله عنهم.
تأويلهم لقول علي رضي الله عنه لعمر : لوددت أن ألقى الله تعالى بصحيفة هذا.
تأويلهم لعلة تسمية سالم مولى أبي حذيفة بأمين هذا الأمة.
تأويلهم لقول علي لعمر رضي الله عنهما وهو مسجى : صلى الله عليك.
تأويلهم لرواية الصادق رحمه الله التي سئل فيها عن أبي بكر وعمر، ((فقال : كانا إمامين قاسطين عادلين، كانا على الحق وماتا عليه، فرحمة الله عليهما يوم القيامة.
ردهم لقول علي رضي الله عنه : لا يجتمع حبي وبغض أبي بكر وعمر في قلب مؤمن.
تأويلهم لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب.
تأويلهم لقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا سارية الجبل.
تأويلهم لصلاة علي خلف الثلاثة رضي الله عنهم اجميعن.
تأويلهم لجلوس أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العريش يوم بدر.(1/333)
تأويلهم لقول علي رضي الله عنه : لا أوتى برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري.
تأويلهم لقول علي رضي الله عنه : خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر.
من تأويلاتهم لقوله تعالى : وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً [التحريم : 3].
رواية من طريق الشيعة في أن ولاية أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مذكورة في كتاب دانيال عليه السلام.
تأويلهم لحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر.
تأويلهم لحديث : أصحابي كالنجوم رغم أنه من الموضوعات عند أهل السنة.
قولهم أن كل رواية فيها مدح لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم المقصود منها أهل البيت.
تأويلهم لمقولة إن أبا بكر وعمر شمسا هذه الأمة وقمرا هذه الأمة.
تأويلهم لحديث : إن الله اختارني واختار لي أصحابا فجعل لي منهم وزراء وأنصارا وأصهارا فمن حفظني فيهم حفظه الله ومن آذاني فيهم آذاه الله.
تأويلهم لحديث : من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
تأويلهم لزواج عثمان ذي النورين من رقية وأم كلثوم بنتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
تأويلهم لزواج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أم كلثوم رضي الله عنها.
تأويلهم لروايات مدح الأمير لخلافة الشيخين رضي الله عنهم أجميعن.
قول ميثم البحراني في روايات مدح علي للشيخين رضي الله عنهم.
تأويلهم للروايات النافية لردة الصحاية رضي الله عنهم.
تأويلهم لكافة روايات مدح الصحابة والثناء عليهم رضي الله عنهم أجمعين.
إعتقاد الشيعة أن الناس قد إرتدوا بعد الحسين رضي الله عنه إلا ثلاثة.
تأويلهم لنهي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وكذا الأئمة عن لعن الصحابة رضوان الله عليهم.
اضطراب الشيعة في رد بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه لمن سبقوه.
روايات من طرق الشيعة في بيعة علي لمن سبقوه رضي الله عنهم.(1/334)
علي يعرض البيعة على طلحة بن الزبير رضي الله عنهما.
تعظيم الشيعة لليهود والنصارى وعلة ذكر هذا الباب.
آيات ذم القرآن لليهود.
عتاب آية الله العلامة جعفر السبحاني لما أوردناه في كتابنا الإمامة والنص والرد عليه.
الرد على قول السبحاني أن رجال الشيعة هم الذين أخرجوا اليهود من جنوب لبنان.
جدول يبين أوجه الشبه بين الرافضة واليهود.
كل عقائد الرافضة التي خالفوا فيه المسلمين لها أصل في عقائد اليهود والنصارى أو غيرهم، اللهم إلا فارق واحد.
ذكر من أنكر ولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الأنبياء والملائكة والجمادات والحيوانات والنباتات وسائر المخلوقات.
خلاصة الكتاب.
روايات في حسن إختيار الصحبة.
الخاتمة.
أهم مصادر الكتاب.
الفهرس.(1/335)