موقف الشيعة
من أهل السنة
تأليف
محمد مال الله
الطبعة الثالثة
مزيدة ومنقحة
بسم الله الرحمن الرحيم
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ }.
الإهداء
إلى أبنائي: عبد الرحمن، معاذ وسفيان ومروان.
راجياً من الله تعالى أن ينبتهم نباتاً طيباً.
ويرزقهم حب الصحابة رضوان الله عليهم وشرف الدفاع عنهم وإبراز صفحاتهم البيضاء.
ورد مفتريات قوم تقربوا إلى الله تعالى بسبهم ولعنهم.
إنه سميع مجيب....
المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الكتاب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوثِ رحمةً للعالمين وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداهُ إلى يوم الدين.
للأسف الشديد أن يجهل أكثر أهل السنة حقيقة من تدثَّروا برداء المحبة والموالاة لأهل البيت رضوان الله عليهم.
ونتيجة لذلك الجهل انخدع كثير منم بالشيعة الإثني عشرية الرافضة وتظاهر الشيعة لأهل السنة بالمحبة والمودة تحت ستار النفاق الذي يسمونه التقيّة.
ولقد صدرت في الآونة الأخيرة كثير من الكتب التي تدعوا إلى الوحدة والتقريب بين أهل السنة والشيعة والرافضة بقلم الروافض ومن انخدع بهم من أهل السنة.
والمعالم الرئيسية للوحدة أو الغاية بمعنى أصح تناسي الخلافات في الجزئيات مادامت الأصول متفق عليها، وخاصة وأن المسلمين بحاجةٍ إلى الوحدة حيث أن العالم الإسلامي ممزق الأطراف وفريسة سهلة للغرب والشرق على حدٍّ سواء.
الدعوة في شكلها الظاهر جميلة وبراقة... نعم ما أحوج المسلمين إلى الوحدة وتناسي الخلافات مادامت تلك الخلافات لم ترتقِ إلى الأصول.
لكن نتساءل ويتساءل معنا المخلصون: على أي أساس تقوم تلك الوحدة؟ وهل الشيعة حقيقة يودون الوحدة أم كل ذلك مجرد شعارات للاستهلاك العام؟(1/1)
الوحدة بين أهل السنة والرافضة على أي أساس تقوم؟ أبِوَصْفِ الله تعالى بالجهل والنسيان؟ وأن القرآن الكريم محرف منقوص؟ وبسبِّ ولعن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وسلف هذه الأمة من قادةٍ وعلماءَ ومفكرين، ونحن نسمع ذلك كل صباح ومساء، وفي مقدمات كثير من الكتب التي تصدر عن الرافضة؟ وهدم التاريخ الإسلامي الذي بناه الأجداد بمداد من دمائهم؟
أم بالطعن في شرف نساء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ وتأليه بشراً لا يملك من أمره شيئاً وتفضيله على الأنبياء والمرسلين عليهم السلام؟
أم باعتبار الرافضة أهل السنة والجماعة شراً من اليهودِ والنصارى والمجوس وبأنهم أنجاس؟
أم باستباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم؟
أم بالتحالف مع اليهود والنصارى والذين أشركوا ضد أهل السنة؟
لقد احترتُ فعلاً في تصور الأساس الذي سوف تقوم عليه الوحدة المزعومة، لأن أهل السنة والرافضة أضداد لا يمكن اللقاء بينهما إلا إذا استطعنا أن نجمع بين الليل والنهار، والهدى والضلال، والظلمات والنور.
الخلاف بين أهل السنة والرافضة خلافٌ في الأصول لا الفروع، خلافٌ في العقائد وليس في المساءل الفقهية.
عندما قامت الثورة الإيرانية استبشر بعض الذين لا خليفة عندهم بالدين الشيعي خيراً عندما سمعوا وقرءوا الشعارات الجوفاء التي أطلقها قادة الثورة، ولم يكتفوا بالرضا والحبور بل قام بعضُ المشايخ المخدوعين بالدعوة إلى مبايعة الخميني كإمام للمسلمين، معذور هذا الشيخ لأن دأبه مهاجمة الشباب الملتزم بالكتاب والسنة بمبرر وبدن مبرر، وأما حقيقة الرافضة وقائدهم الجديد فلا يعرف عنه إلا القائد الملهم الذي يجب أن يلتف حوله المسلمون ويبايعونه ويهاجرون إلى أرضه.
لا يمكن للرافضي أن يتحد مع المسلم لأن الأول لا يكون مؤمناً - حسب تعاليم دينه - كامل الإيمان إلا أن يصبح ويمسي وهو يلعن خير القرون وأتباعهم، وأشدهم عداوة وحقداً لأهل السنة يكون أكثرهم إيماناً بالدين الشيعي.(1/2)
وإيماناً منا بتوضيح موقف الرافضة من أهل السنة قمنا بكتابة هذه ا لورقات التي تبين حقيقتهم، وتفضح معتقدهم الزائف، لكي لا ينخدع المسلمون بالشعارات البراقة التي يرفع لواءها الرافضة.
وأما منهجي في هذه الدراسة المتواضعة: اعتمدتُ على كتب الرافضة في كل جزئية تناولتها في هذا البحث حول موقفهم من أهل السنة. ولم أكلف نفسي تأويل النصوص حيث أنها لوحدها تدل صراحة على الموضوع المطروح للمناقشة.
لم أكتف بالرجوع إلى المصادر القديمة الشيعية، وذلك لئلا يقال أن ذلك الاعتقاد أو الموقف يمثل الحقبة القديمة للتشيع، بل رجعت إلى مطبوعاتهم الحديثة وعلى رأسها مؤلفات قائد الثورة الإيرانية المسمى بالخميني، وذلك لتكون الرؤية واضحة لدى المسلمين حول حقيقة موقف الرافضة، والحقيقة أن وجه التشيع قبيح مهما أجريت له عمليات التجميل والترقيع. والرافضة منذ تأسيس دينهم إلى يومنا الحاضر لم تتبدل نظرتهم العدائية تجاه من يخالفهم في الاعتقاد، وخير دليل على هذا كتب الخميني نفسه.
ونظراً لما تحتوي كتب على مصطلحات لا يعرفها من قرأ كتبهم رفهم ما يقصدون إليه قمنا ببيان بعض تلك المصطلحات وأهمها مصطلح النواصب وأيضاً الناصبة، وهي تعندي عندهم أهل السنة، ولكنهم من منطلق التقيّة والعمل على عدم افتضاح أمرهم لجئوا إلى تداول هذا المصطلح، ولكن الله تعالى فضحهم، حيث قام بعض حاخاماتهم ببيان الناصب عند الرافضة، ولقد ذكرت في الفصل الأول مفهوم الناصب عند الرافضة ليمكننا بعد ذلك أن نفهم ما يرد في هذه الرسالة من أمور متعلقة بأهل السنة.
وفي هذا البحث المتواضع أحْلَلْتُ العقلَ والدليل محلّ العاطفة، والعدل محل التعصب، والواقع بدل الخيال، ومن أفواههم ندينهم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أبو عبد الرحمن
محمد مال الله
29 رمضان 1409ه
الفصل الأول
مفهوم الناصب عند الشيعة
مفهوم الناصب عند الشيعة(1/3)
حفلت أكثر كتب الشيعة على رموز ومصطلحات وكنى وألقاب لا يستطيع أحد معرفتها دون التموسِ في قراءة كتب الشيعة، وإنَّ أكثر أهل السنة من المعاصرين يجهلون معانيها.
نجد أن كثيراً من ذلك وردت في كتبهم، والقارئ الذي لا خلفيةَ له فيها لا يدركُ ذلك، ولتقريب ذلك إلى فهْم القارئ الكريم نورد أمثلة ليكون على بصيرة من أمرها؛ فمثلاً وَرَدَ في كتبهم الأول، والثاني، والثالث، وحبتر، وزريق، وغير ذلك من الكنايات. فإذا وردت بصيغة الذم فالمقصود بالأول: الصديق رضوان الله عليه، والثاني والثالث: عمر وعثمان - رضي الله عنهما -، وحبتر: أبا بكر - رضي الله عنه - وزريق: عمر - رضي الله عنه -، والأمثلة كثيرة ولكن نخشى الاستطراد.
وكلمة "ناصب"، أو "النواصب" ترددت كثيراً في كتبهم ولكن قليل منهم يعرف المقصود منها؛ ولأهمية هذه الكلمة في رسالتنا هذه حيث لا يمكن أن نفهم موقف الشيعة منا دون الوقوف على معنى "النواصب".
النواصب متعارف عند أهل السنة بأنها تعني: الذين يبغضون علياً رضوان الله عليه وأهل بيته ويلعنونهم، لكن هذه الكلمة تعني عند الشيعة: أهل السنة الذين يتولون أبا بكر وعمر وبقية الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
إننا لا نتقول على الشيعة ولا نتهمهم بما هم منه براء، وخير سبيل لفهمِ ذلك التعرف على ذلك المصطلح من كتب الشيعة لا من خلال كتب خصومهم.
وتأكيداً لما سبق نوردُ بعض أقوال علمائهم المعتمدين في بيان معنى "الناصب" لئلا نتهم بعدم الموضوعية، وبعدها نعلق عليها بما يناسب المقام.
يوسف البحراني(1) وتحقيق الناصب
يقول في كتابه "الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة" ج10 ص360 وما بعدها:
وقال الشيخ المفيد: ولا يجوزُ لأحد من أهل الإيمان أن يغسل مخالفاً للحق في الولاية ولا يصلى عليه إلا أن تدعوا الضرورة إلى ذلك من جهة التقيّة.(1/4)
وظاهر الشيخ(2) في التهذيب موافقته في ذلك حيثُ أنه احتجَّ له بأن المخالف لأهل البيت كافر فيجب أن يكون حكمه حكم الكفار إلا ما خرج بالدليل.
وإذا كان غسل الكافر لا يجوز فيجب أن يكون غسل المخالف أيضاً غير جائز، وأما الصلاة عليه فتكون على حد ما كان يصلي النبي صلّى الله عليه وآله والأئمة عليه السلام على المنافقين.
وإلى هذا ا لقول ذهب أبو الصلاح، وابن إدريس, وسلار، وهو الحق الظاهر بل الصريح من الأخبار، لاستفاضتها وتكاثرها بكفر المخالف ونصبه وشركه وحل ماله ودمه، كما بسطنا عليه الكلام بما لا يحوم حوله من شبهة النقض والإبرام في كتاب "الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب وما يترتب عليه من المطالب".
والقول بالكفر هو المشهورُ بين الأصحاب من علمائنا المتقدمين، كما نقله الشيخ ابن نوبخت من متقدمي أصحابنا في كتابه "فص الياقوت" حيث قال: دافعوا النص كفرة عند جمهور أصحابنا، ومن أصحابنا من يحكم بفسقهم... إلى آخره.
وقال العلامة في شرحه على الكتاب المذكور المسمى بأنوار الملكوت: أما دافعوا النص على أمير المؤمنين - عليه السلام - بالإمامة فقد ذهب أكثر أصحابنا إلى كفرهم, لأن النص معلومٌ بالتواتر من دين محمد صلّى الله عليه وسلّم فيكون ضرورياً أي معلوماً من دينه صلى الله عليه وآله بالضرورة، فجاحده يكون كافراً كمن يجحد وجوب الصلاة وصوم رمضان، ثم نقل الأقوال الأخر.
وبذلك صرح في باب الزكاة من كتاب "المنتهى"، وهو ظاهر الكليني في الكافي، والمرتضى، واختاره جملة من أفاضل متأخري المتأخرين.
ولا بأس بذكر جملة من الأخبار الدالة على ما ادعيناه من الكفر، والنصب، والشرك، وحل المال، والدم، ليعلم أن ما ذهب إليه المتأخرون - من الحكم بإسلامهم حتى فرعوا عليه هنا وجوب الصلاة عليهم ونحوه من أحكام الإسلام - نفخٌ في غير ضرام وغفلة عن النظر بعين التحقيق في أخبارهم عليهم السلام.(1/5)
فمن ذلك ما رواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر في ما استطرفه من كتاب مسائل الرجال ومكاتباتهم لمولانا أبي الحسن الهادي - عليه السلام - في جملة مسائل محمد بن علي بن عيسى قال: كتبتُ إليه أسأله عن الناصب هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت(3) واعتقاده بإمامتهما؟ فرجع الجواب: من كان على هذا فهو ناصب.
ومعنى الخبر هو أنه لما استفاضت الأخبار عنهم عليهم السلام بكفر الناصب وشركه ونجاسته وحل ماله ودمه كتب إليه يسأله عن معنى الناصب ومظهر النصب بما يعرف، حتى تترتب عليه الأحكام المذكورة، وأنه هل يحتاج إلى شيء زائد على مجرد تقديم الجبت والطاغوت واعتقاده إمامتهما؟
فرجع الجواب أن مظهر النصب والعداوة لأهل البيت عليهم السلام، هو مجرد التقديم والقول بإمامة الأولين.
وهو ظاهر الدلالة في الرد على ما اشتهر بين متأخري أصحابنا من جعلهم الناصب أخص من المخالف. نعم يجب أن يستثنى من عموم هذا الخبر المستضعف الذي دلت على إسلامه ووجوب إجراء أحكام الإسلام عليه في دار الدنيا وأنه في الآخرة من المرجأين لأمر الله تعالى.
ومنها - ما رواه الصدوق في كتاب العلل بسنده عن عبد الله بن سنان، عن الصادق عليه السلام، قال: ليس الناصبُ من نصب لنا أهل البيت - عليهم السلام - لأنك لا تجد رجلاً يقول أنا أبغض محمداً وآل محمد صلّى الله عليه وآله، ولكن الناصب من نصبَ لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وأنكم من شيعتنا.
ومنها - ما رواه في كتاب معاني الأخبار بسند معتبر(4) عن المعلى بن خنيس قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت - عليهم السلام - لأنك لا تجد أحداً يقول أنا أبغض محمداً وآل محمد صلّى الله عليه وآله، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولنا وتتبرءون من أعدائنا.(1/6)
وحاصل معنى الخبرين أنه لا ينحصر الناصب في من أظهر بغضنا بلسانه، وجاهر بعداوتنا، لأنه لو كان كذلك لم يوجد ناصب بالكلية لأنك لا تجد أحداً يتظاهر بعداوتنا ويعلن ببغضنا وإنما الناصب لنا والعدو هو من أبغضكم وهو يعلم من شيعتنا تتولونا وتتبرءون من أعدائنا(5)، وعلى هذا فالنصب والعداوة للشيعة من حيث التشيع مظهر النصب لهم - عليهم السلام -.
ويدل على ذلك بأوضح دلالة ما رواه الصدوق في كتاب الأمالي، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: من سرّه أن يعلم أمحب لنا أم مبغض، فليمتحن قلبه فإنْ كان يحبُّ ولياً لنا فليس بمبغض لنا، وإن كان يبغض ولياً لنا فليس بمحب لنا... الحديث، ونحوه أخبار عديدة.
ومن هذه الأخبار يعلم أن مظهر النصب والعداوة لهم - عليهم السلام - منحصر في أمرين: تقديم الجبت والطاغوت، وإظهار العداوة للشيعة.
حسين العصفور وتعريف الناصب
يقول في كتابه "المحاسن النفسانية في أجوبة المسائل الخراسانية" ص145 وما بعدها:
وأما تحقيق الناصب فقد كثر فيه القيل والقال، واتسعَ فيه المجال والتعرض للأقوال، وما يرد عليها وما يثبتها ليس هذا محله بعدما عرفت كفر مطلق المخالف فما أدراك بالناصب، والذي جاء فيه الآيات والروايات أنه المشرك والكافر، بل ما من آية من كتاب الله فيها ذكر الشرك إلا كان هو المراد منها والمعنيِّ بها.
وأما معناه الذي دلت عليه الأخبار فهو ما قدمناه هو تقديم غير عليّ - عليه السلام -، على ما رواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر، نقلاً عن كتاب مسائل الرجال بالإسناد إلى محمد بن موسى قال: كتبت إليه - يعني علي بن محمد - عليه السلام - عن الناصب هل يحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديم الجبت والطاغوت واعتقاد إمامتهما؟ فرجع الجواب من كان على هذا فهو ناصب.
وما في شرح نهج البلاغة للراوندي عن النبي صلّى الله عليه وآله أنه سئل عن الناصب بعده، قال: من يقدم على غيره.(1/7)
وأما تفسيره بمن أظهر العدواة لأهل البيت - كما عليه أكثر علمائنا المتأخرين - فمما لم يقم عليه دليل، بل في الأخبار ما ينفيه، ففي عقاب الأعمال والعلل وصفات الشيعة بأسانيد إلى عبد الله بن سنان، والمعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله - عليه السلام -، قال: ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحداً يقول: أنا أبغض محمداً وآل محمد، ولكن الناصب من نصب لكم، وهو يعلم أنكم تقولوننا(6) وأنكم من شيعتنا. وظهوره في نفي ما اعتمدوه واضح.
نعم ربما يتراءى المخالفة بين هذه الأخبار، وبين خبري السرائر، وشرح النهج، لأن هذا باشتراط العداوة إلى شيعتهم، والاكتفاء في تينك الروايتين مجرد تقديم الغير - عليه السلام -، والذي ظهر لنا أنه لا منافاة بينهما لقيام الأدلة من العامة والخاصة على التلازم بين ذلك للتقديم، ونصب العداوة لشيعتهم.
وبالجملة أن من تأول(7) أحوالهم واطلع على بعض صفاتهم وطريقته في المعاشرة ظهر له ما قلناه. فإنكاره مكابرة لما اقتضت العادة به، بل أخبارهم - عليهم السلام - تنادي بأن الناصب هو ما يقال له عندهم سنيا.
ففي حسنة بين أذينه المروية في الكافي، والعلل عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: قال: ما تروي هذه الناصبة؟ فقلت: جعلت فداك فيماذا؟ فقال :في أذانهم وركوعهم وسجودهم... الحديث.
ولا كلام في أن المراد بالناصبة فيه هم أهل التسنن الذين قالوا: إن الأذان رآه أبيّ بن كعب في النوم. فظهر لك أن النزاع والخلاف بين القائلين بهذه المذاهب الثلاثة - أعني مجرد التقديم ونصب العداوة لهم - عليهم السلام - كما اعتمده محمد أمين في الفوائد المدنية، ونصب العداوة لهم - عليهم السلام -، كما هو اختيار المشهور خلاف لفظي لما عرفت من التلازم بينها.(1/8)
وقد صرح بهذا جماعة من المتأخرين، ومنهم السيد المحقق السيد نور الدين، أبي الحسين الموسوي في الفوائد المكية، واختاره شيخنا المنصف العلامة الشيخ يوسف في الشهاب الثاقب... الخ.
نعمة الله الجزائري وتعريف الناصب
يقول في كتابه الأنوار النعمانية ج2 ص206-207 ما نصه:
وأما الناصبي وأحواله وأحكامه فهو مما يتم ببيان أمرين:
(الأول) في بيان معنى الناصب الذي ورد في الأخبار أنه شر من اليهودي والنصراني والمجوسي.
وأنه كافر نجس بإجماع علماء الإمامية.
فالذي ذهب إليه أكثر الأصحاب هو أن المراد به: من نصب العداوة لآل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم وتظاهر ببغضهم كما هو الموجود في الخوارج وبعض ما وراء النهر، ورتبوا الأحكام في باب الطهارة والنجاسة والكفر والإيمان وجواز النكاح وعدمه على الناصبي بهذا المعنى.
وقد تفطن شيخنا الشهيد الثاني... من الاطلاع على غرائب الأخبار، فذهب إلى أن الناصبي: هو الذي نصب العداوة لشيعة أهل البيت - عليهم السلام - وتظاهر بالوقوع فيهم.
كما هو حال أكثر مخالفينا في هذه الأعصار في كل الأمصار. على هذا فلا يخرج من النصب سوى المستضعفين منهم والمقلدين والبله والنساء ونحو ذلك وهذا المعنى هو الأولى.
ويدل عليه ما رواه الصدوق في كتاب العلل الشرايع بإسناد معتبر عن الصادق - عليه السلام - قال: ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت، لأنك رجلاً يقول: أنا أبغض محمداً وآل محمد، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وأنكم من شيعتنا، وفي معناه أخبار كثيرة.
وقد روي عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: أن من علامة النواصب تقديم غير عليّ عليه.
وهذه خاصة شاملة لا خاصة، ويمكن إرجاعها أيضاً إلى الأول، بأن يكون المراد تقديم غيره عليه إنما نشأ من تقليد علمائهم وآبائهم وأسلافهم، وإلا فليس لهم الاطلاع والجزم بهذا سبيل.(1/9)
ويؤيد هذا المعنى أن الأئمة - عليهم السلام - وخواصهم أطلقوا لفظ الناصبي على أبي حنيفة وأمثاله، مع أن أبا حنيفة لم يكن ممن نصب العداوة لأهل البيت - عليهم السلام -، بل كان له انقطاع إليهم، وكان يظهر لهم التودد. نعم كان يخالف آراءهم ويقول: قال عليّ وأنا أقول.
ومن هذا يقوي قول السيد المرتضى، وابن إدريس، وبعض مشايخنا المعاصرين بنجاسة المخالفين كلهم نظراً لإطلاق الكفر والشرك عليهم في الكتاب والسنة فيتناولهم هذا اللفظ حيث يطلق.......
أبو الحسن العاملي وتحقيق معنى الناصب
قال في مقدمة تفسيره "مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار" ص308 باب "النون من البطون والتأويلات"(8).
الناصبه: في الصحيح نصبت الشيء أي أقمته، ونص لفلان أي عاداه، وقد ورد في سورة الغاشية قوله تعالى: { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ }، وسنذكر - إن شاء الله - هناك ما يدل على تأويل الناصبه بأعداء علي - عليه السلام - وكذلك من عاداه وبمن نصب غيره من ولات الأمر فعلى هذا كله أعداء الأئمة ناصبة بالمعنيين وهو ظاهر.
وكذلك الحق أن كل من نصب غير الأئمة فهو في الحقيقة ممن نصب العداوة للأئمة وناصبة بالمعنيين أيضاً وإن ادعى المحبة لهم ادعاء.
إذ كل من أنصف من نفسه عرف أن حب الأئمة عليهم السلام لا يجتمع مع حب أعدائهم الغاصبين لحقهم في قلب واحد كيف لا ومهما تفكر أحد فيما أصاب الأئمة منهم ومن أتباعهم أو بسببهم ولو محض سلب الخلافة عنهم يوماً واحداً أوجد من ذلك بغضهم في قلبه إن كان صادقاً في حب الأئمة ضرورة عدم اجتماع المحبة مع الرضا بالأذى ولهذا وجب التولي والتبري كما هو صريح الأخبار ونعم ما قال من قال:
إذا لم تبر من أعداء علي
فما لك من محبته نصيب(1/10)
وقد روى الشيخ في أماليه بسند صحيح عن صالح بن ميثم التمار، عن أبيه - رضي الله عنه -: أن أمير المؤمنين - عليه السلام - قال في آخر حديث له طويل: لم يحبنا من يحب مبغضنا إن ذلك لا يجتمع في قلب واحد ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه يحب بهذا قوماً ويحب بالآخر عدوهم. إلى أن قال - عليه السلام -: فليمتحن قلبه فإن وجد فيه حب من ألّب علينا فليعلم أن الله عدوه وجبريل وميكال والله عدو الكافرين.
وفي الفقيه بسند لا يقصر عن الصحيح أن إسماعيل بن جابر قال لأبي جعفر - عليه السلام - رجل يحب أمير المؤمنين ولا يتبرّأ من عدوه ويقول هو أحبّ إليّ ممن خالفه قال: هذا مخلط وهو عدو.
وفي العلل ومعاني الأخبار عن معلى بن خنيس عن الصادق - عليه السلام - قال:
ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد رجلاً يقول: أنا أبغض محمداً وآل محمد ولكن الناصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وأنكم من شيعتنا.
ويؤيد قول الباقر - عليه السلام -: من نصب لك أنت أنت لا ينصب لك إلا على هذا الدين كما كان نصب للنبي .... الحديث.
وقد نقل في مستطرفات السرائر من مكاتبات محمد بن علي بن عيسى أبا الحسن الثالث - عليه السلام - قال: كتبت إليه أسأله عن الناصب هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديم الجبت والطاغوت واعتقاد إمامتهما؟ فرجع الجواب: من كان على هذا فهو ناصب. اه.
الفصل الثاني
إله السنة غير إله الشيعة
قد يعجب القارئ الكريم من هذا وربما يتصور أنني القائل بهذا والحقيقة أن أحد علماء الشيعة هو المتفوه بهذه العبارة وإنني ذكرتها هنا لبيان حقيقة تاهت عن عقولِ كثير من أهل السنة.
يقول نعمة الله الجزائري:(1/11)
إنا لم نجتمع معهم(9) على الله ولا على نبي ولا على إمام. وذلك أنهم يقولون: إن ربهم هو الذي كان محمداً صلّى الله عليه وسلّم نبيه وخليفته بعده أبو بكر. ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي؛ إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا(10).
والجزائري قائل هذا ليس من عامة الشيعة أو من أنصاف العلماء بل هو من أكابر علماء الشيعة المعتمد عليهم في بيان مذهب الشيعة. وصدوره عن شخص بهذه الأهمية له أهمية(11).
وقبل أن نناقش هذا الهراء والذي يعبر بصدق عن حقيقة الشيعة في هذا المقام نستعرض معاً عقيدة اليهود والشيعة في الله تعالى، ثم نقارن اعتقادهما بمعتقد أهل السنة لنصل معاً إلى النتيجة التي وصل إليها الجزائري بأن إله السنة غير إله الشيعة.
الله في عقيدة اليهود جاهل لا يعلم بالشيء إلا بعد حدوثه ويعتريه - تعالى عن ذلك علواً كبيراً - ما يعتري الإنسان من جهل ونسيان وتعب وضعف وإلى غير ذلك من حالات النقص والضعف.
والتوراة ذكرت من تلك الحالات الشيء الكثير ونذكر على سبيل المثال لا الحصر النصوص التالية من التوراة:
جاء في التوراة سفر التكوين الإصحاح الأول: = 24 - 25 - 26 - 31: وقال الله تخرج الأرض نفسا حيه لجنسها. بهيمة ودبيبا ووحشية الأرض لجنسها. وكان كذلك.
وصنع الله وحشية الأرض لجنسها، والبهائم لجنسها، وكل دبيب الأرض لأجناسه. ونظر الله ذلك حسنا.
ونظر الله كلّ ما صنع وهو ذا حسنا جدا. وكان ليل وكان نهار يوماً سادساً.
وجاء في الإصحاح الثاني من نفس السفر: 1 - 2 - 3 : وكملت السماوات والأرض وكل وحوشها.
وكمّل الله في اليوم السادس صناعته التي صنع. وبارك اليوم السابع واستراح من كل صناعته التي صنع.
وبارك الله اليوم السابع وقدَّسه. لأن فيه بطل من جميع صناعته التي صنع الله للفعل.(1/12)
وفي الإصحاح السادس من نفس السفر: = 5 - 6 - 7 - 8 - 11 - 12 : ونظر الله أن كثرت سيئات الإنسان في الأرض وكل ضمير حسبانات قلبه سوءا كل الأيام.
وتواجد الله لما صنع الناس في الأرض. واشتد على خصيصه.
وقال الله: أمحي الناس الذين خلقت من على وجه الأرض. من إنسان إلى بهيمة إلى دبيب إلى طير السماء. إذا تواجدت لما صنعتهم.
وانفسدت الأرض في حضرة الله وامتلأت الأرض ظلماً.
ونظر الله وهو ذا انفسدت. إذ فسد كل بشر بطريقه على الأرض.
وفي الإصحاح التاسع من نفس السفر: 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 : وقال الله هذه الآية العهد التي أنا جاعل بيني وبينكم وبين كل النفس الحيوانية التي معكم لأجيال الدهر.
موسي أجعل في الغمام لتكون آية عهد بيني وبين الأرض.
ويكون عند تغميمي غماماً على الأرض وينظر القوس في الغمام.
أراعي عهدي الذي بيني وبينكم وبين كل النفس الحيوانية التي معكم من كل البشر. ولا يكون أيضاً ماء الطوفات لإهلاك كل بشر.
ويكون القوس في الغمام وينظر تذكار عهد الدهر بين الله وبين كل النفس الحيوانية من كل البشر الذي على الأرض.
وقال الله لنوح هذه آية العهد التي تبث بيني وبين كل البشر على الأرض.
وفي سفر الخروج الإصحاح الثاني عشر: 8 - 12 - 13 : كلم الرب موسى قائلاً .... ثم يذبحه كل جمهور جماعة بني إسرائيل في العشية ويأخذون من الدم ويجعلون على القائمتين(12) العتبة العليا في البيوت التي يأكلون فيها.
إني أجتاز في أرض مصر هذه الليلة وأضرب كل بكر في أرض مصر من الناس والبهائم وأصنع أحكاماً بكل آلهة المصريين. أنا الله.
ويكون لكم الدم علامة على البيوت التي أنتم فيها فأرى الدم وأعبر عنكم فلا يكون عليكم ضربة للهلاك حين أضرب أرض مصر.
والأسخف من ذلك كله ما ورد في سفر التكوين الإصحاح الثالث: 9 - 10 - 11 : وسمعا(13) صوت الرب ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار ... فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة.(1/13)
فنادى الرب الإله آدم وقال له أين أنت.
فقال: سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأنني عريان فاختبأت.
فقال له: من أعلمك أنك عريان.
مما سبق ذكره يتبين لنا أن الله - جل ذكره وتنزه عن مفتريات اليهود - في عقيدة اليهود جاهل ويحتاج إلى علامات وإشارات تهديه إلى بعض الأمور وإنه يخلق الخلق ولا يعلم إن كان خلقه حسناً أم لا إلا بعد أن ينظر إليه وبدت له أمور لم يكن يعلمها فحزن وأسف على خلقه فمحا الله كل قائم على وجه الأرض. وإنه أمر بني إسرائيل بأن يجعلوا على بيوتهم علامات لئلا يهلكهم بطريق الخطأ. وإنه لا يدري من الذي أعلم وأخبر آدم بأنه عريان إلى آخر الافتراءات التي افتروها على الله.
ولقد تسربت تلك العقيدة الفاسدة إلى الفكر الشيعي أو بمعنى أصح استعارتها منهم وتسمى تلك العقيدة عند الشيعة بالبداء الذي هو عبارة عن "استصواب شيء علم بعد أن لم يُعلم"(14).
ولقد وردت كلمة "البداء" في القرآن الكريم وفي آيات عديدة فمن ذلك قول الحق تبارك وتعالى: { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا } ليظهر لهما ما كان مستوراً { يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا } كانت مستورة باللباس وظهرت بعد النزاع. {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} { وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا } { ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ } كل هذه ظهور شيء لم يكن معلوماً لهم من قبل. { قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ } { وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ } { إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا } فالإبداء في هذه الآيات الكريمة مقابل للإخفاء. ولا يكون بداء إلا بعد خفاء.(1/14)
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ }. يظهر بالبيان ما كان يجهله الإنسان.
فالبداء هو ظهر شيء كان مجهولاً. وأما الضلال فزوال شيء كان معلوماً: { أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا }. { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } وأما الغفلة فهي أن يعلم ما هو كائن وحادث وحاضر.
والإنسان له كل هذه الثلاثة لأن الجهل يحيطه من بين يديه ومن خلفه.
وحيث أن الله جل جلاله يعلم علماً إجمالياً وعلماً تفضيلياً كل شيء كليات الأشياء وجزئياتها علماً مطلقاً كلياً من الأزل إلى الأبد في كل آن قبل خلقها وبعده على حد سواء في الظهور فالبداء والضلال والغفلة في علم الله محال مستحيل ممتنع(15).
والبداء عند الشيعة: "أن يظهر ويبدوا لله عز شأنه أمراً لم يكن عالماً به(16) ومن جهل البداء أو لم يعترف به فليس له حظ ولا نصيب كامل المعرفة(17) فالمرء لا يكون عالماً إلا إذا افترى على الله تعالى ووصفه بالجهل.
ربما يكابر بعض الشيعة في إنكار هذا الاعتقاد ومن منطلق الأمانة العلمية ومنهجية البحث ننقل من المصادر المعتمدة والموثوقة لديهم فهذا الكليني يروي في كتابه "الأصول من الكافي عن زرارة" "ما عُبد الله بشيء مثل البداء"(18) فعبادة الشيعة عبادة لرب جاهل. وكيف يعبد من هو جاهل ولا يعرف مصلحة عباده وإن كافة أحكامه صادرة من جاهل وبجهل؟ ولا يتعبد بالجهل إلا جاهل.(1/15)
وفي رواية ابن عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله - عليه السلام - "ما عظّم الله بمثل البداء"(19) وعلق المحقق بقوله "البداء ظهور ما كان خفياً من الفعل بظهور ما كان خفياً من العلم بالمصلحة ثم توسع في الاستعمال فأطلقنا البداء على ظهور كل فعل كان الظاهر خلافه فيقال بدا له أن يفعل كذا أي ظهر من فعله ما كان الظاهر منه خلافه". اه.
فالله جل جلاله عند الشيعة يفاجأ بالأشياء لم يكن علمها أو خلاف ما كان يعلمها تعالى عن ذلك علواً كبيراً و"كبرت كلمة تخرج من أفواههم".
وذكر في الكافي(20) عن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا - عليه السلام - يقول: "ما بعث الله نبياً قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء" فإرسال الله تعالى واختيارهم للنبوة مشترط بالاعتراف بأن الله - جل ذكره - جاهل.
وأيضاً(21) عن مرزام بن حكيم قال: سمعت أبا عبد الله - عليه السلام - يقول:
"ما تنبّأ نبي قط حتى يقر لله بخمس خصال: بالبداء والمشيئة والسجود والعبودية والطاعة".
وأيضاً في باب كراهية التوقيت: عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر - عليه السلام - يقول: يا ثابت إن الله تبارك وتعالى وقد كان وقت هذا الأمر في السبعين، فلما أن قتل الحسين صلوات الله عليه اشتد غضب الله على أهل الأرض، فأخره إلى أربعين ومائة. فحدثناكم فأذعتم الحديث فكشفتم قناع الستر ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتاً عندنا ويمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب(22). فهل يوجد حديث أصرح من هذا؟ وبم يفسر الشيعة هذا الإفك والبهتان والافتراء؟.
وعند الشيعة مَن يرمِ الله تعالى بالجهل فله أجر عظيم إن داوم على هذا الاعتقاد ونشره بين الناس فقد ذكر في الكافي(23) عن مالك الجهني قال: سمعت أبا عبد الله - عليه السلام - يقول: لو علم الناس ما في قول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه.
قال السيد طيب الموسوي(24): قال شيخنا الطوسي في العدة:(1/16)
وأما البداء فحقيقته في اللغة الظهور كما يقال بدا لنا سور المدينة. وقد يستعمل في العلم بالشيء بعد أن لم يكن حاصلاً. وذكر سيدنا المرتضى: يمكن حمل ذلك على حقيقته بأن يقال بدا لله بمعنى ظهر له من الأمر ما لم يكن ظاهراً له وبدا له من النهي ما لم يكن ظاهراً له. اه.
تقول كتب الشيعة: أن القول بالبداء هو رد لليهود إذ يقولون: أن الله قد فرغ من الأمر. وهذا القول من الشيعة خدعة وحيلة في إغفال الجاهل وتقول على اليهود باطل. وما استعارت الشيعة عقيدة البداء إلا من أسفار التوراة. فدعوى الرد بالبداء كفران للنعمة المستعارة.
تقول كتب الشيعة تزخرف قولها: إن البداء منزلته في التكوين منزلة النسخ في التشريع. فالبداء نسخ تكويني كما أن النسخ بداء تشريعي.
وهذا القول زخرفه إذا لا بداء في النسخ. والحكم كان مؤقتاً في علم الله. وأجل الحكم وانتهاء الحكم عند حلول الأجل معلوم لله قبل الحكم فأين البداء؟ نعم بدا لنا ذلك من الله بعد نزول الناسخ وبعد وقوع المحو. فالبداء لنا في علمنا لا لله(25).
وبعد أرجو أن تكون الرؤية قد وضحت وإن الجزائري على حق عندما نتفوه بالكلام السابق حيث إن الله سبحانه وتعالى في عقيدة أهل السنة والجماعة متصف بالكمال المطلق وإنه ليس كمثله شيء. وأما في عقيدة الشيعة فهو جاهل لا يعلم بالشيء إلا بعد حدوثه { كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاّ كَذِبًا }.
الفصل الثالث
استباحة الشيعة لأموال ودماء أهل السنة
الشيعة واستحلال أموال ودماء أهل السنة
أموال أهل السنة مباحة عند الشيعة الروافض حسب الروايات التي ذكروها عن أئمتهم في كتبهم المعتمدة. وأن عدم قيامهم بذلك في الوقت الحاضر يرجع إلى أنهم في هدنة مع أهل السنة إلى أن يقوم قائمهم المهدي.(1/17)
والشيعي إذا استطاع بطريقة ما الاستيلاء على تلك الأموال ولو قبل قيام قائمهم فإن ذلك حلال على شرط أداء الخمس إلى نائب الإمام لأنه يقوم مقامه في غيبته.
عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: خذ مال الناصب حيثما وجدته وادفع إلينا بالخمس(26).
وفي رواية أخرى "مال الناصب وكل شيء يملكه حلال"(27).
ويقول حسين الدرازي البحراني:
أن الأخبار الناهية عن القتل وأخذ الأموال منهم(28) إنما صدرت تقية أو منا كما فعل عليّ عليه السلام بأهل البصرة. فاستناد شارح المفاتيح في احترام أموالهم إلى تلك الأخبار غفلة واضحة لإعلانها بالمن كما عرفت. وأين هو عن الأخبار التي جاءت في خصوص تلك الإباحة مثل قولهم - عليهم السلام - في المستفيض خذ مال الناصب أينما وقعت وادفع لنا الخمس. وأمثاله. والتحقيق في ذلك كله حل أموالهم ودمائهم في زمن الغيبة دون سبيهم حيث لم تكن ثمة تقية وأن كل ما جاء عنهم عليهم السلام بالأمر بالكف فسبيله التقية منهم أو خوفاً على شيعتهم(29).
والخميني يُجَوِّزُ الاستيلاء على أموال أهل السنة ولو كانت بطريقة غير شرعية، في حين أنه يمنع ذلك من أموال أهل الذمة فيقول:(1/18)
يجب الخمس في سبعة أشياء: الأول: ما يغنم قهراً لا سرقه وغيلةً - إذا كانتا في الحرب ومن شؤونه - من أهل الحرب الذي تستحل دماؤهم وأموالهم وتسبى نساؤهم وأطفالهم إذا كان الغزو معهم بإذن الإمام عليه السلام من غير فرق ما حواه العسكر وما لم يحوه كالأرض ونحوها على الأصح. وأما ما اغتنم بالغزو من غير إذنه فإن كان في حال الحصور والتمكن من الاستئذان منه فهو من الأنفال، وأما ما كان في حال الغيبة وعدم التمكن من الاستئذان فالأقوى وجوب الخمس فيه إذا كان للدعاء إلى الإسلام، وكذا ما اغنمتم منهم عند الدفاع إذا هجموا على المسلمين في أماكنهم ولو في زمن الغيبة. وما اغنمتم منهم بالسرقة والغيلة غير ما مرّ وكذا بالربا والدعوى الباطلة ونحوها فالأحوط إخراج الخمس منها من حيث كونه غنيمة لا فائدة. فلا يحتاج إلى مراعاة مئونة السنة. ولكن الأقوى خلافه، ولا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة بلوغها عشرين ديناراً على الأصح، نعم يعتبر فيه أن لا يكون غصباً من مسلم أو ذمي أو معاهد ونحوهم من محترمي المال، بخلاف ما كان في أيديهم من أهل الحرب وإن لم يكن الحرب معهم في تلك الغزوة، والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم وتعلق بخمسه، بل الظاهر جواز أخذ ما له أين وجد وبأي نحو كان، ووجوب إخراج خمسه(30)....
ولم تقتصر الشيعة على استباحة الأموال بل تعدي ذلك إلى إباحة إراقة دماء أهل السنة ولو بدون وجه حق. وأنه واجب عند الشيعة ومرتبط بحضور أئمتهم غير أن ذلك لا يمنع إن استطاعوا إليه سبيلاً على أن لا يترتب على ذلك ضرر يحدق بالشيعة وإليك بعض ما روي في هذا الشأن:
في آخر رواية إسحاق بن عمار: لولا أنا نخاف عليكم أن يقتل رجل برجل منهم ورجل منكم خير من ألف رجل منهم لأمرناكم بالقتل لهم، ولكن ذلك إلى ذلك الإمام عليه السلام(31).
وعلق الدرازي عليها قائلاً:(1/19)
وربما يثبت من هذه الرواية أن جواز قتلهم مخصوص بحضورهم صلوات الله عليهم وإذنهم. وقد عرفت أن الأخبار جاءت بالإذن في حال غيبتهم كحال حضورهم فلعل هذا مخصوص بزمن التقية(32).
وفي صحيح الفضل بن شاذان، عن الرضا - عليه السلام -:
فلا يحل قتل أحد من النصاب والكفار في دار التقية إلا قاتل أوساع في فساد وذلك إذا لم تخف على نفسك أو على أصحابك(33).
وعن الريان بن الصلت قال: قلت للرضا عليه السلام:
أن العباس يسمعني فيك ويذكرك كثيراً وهو كثيراً ما ينام عندي ويقبل، فترى أن آخذ بحلق وأعصره حتى يموت؟ ثم أقول مات فجأة؟! فقام ونفض يده ثلاثاً، وقال:
لا يا ريان، لا يا ريان.
فقلت: إن الفضل بن سهل هوذا يوجهني إلى العراق في أمواله والعباس خارج من بعدي بأيام إلى العراق فترى أن أقول لمواليك المقيمين أن يخرج منهم عشرون ثلاثون كأنهم قاطعوا طريق أو صعاليك فإذا اجتاز بهم قتلوه فيقال قتله الصعاليك؟!
فسكت ولم يقل لي: نعم ولا، لا.
وعلق عليها فقال:
ولعل سبب النهي في الأول هو ظهور التقية وأن ذلك الاحتيال مما لا يزيلها، وسبب الثاني في السكوت هو التقية على الإباحة لأنه لا تقية في النهي لو أراده(34).
ويقول الجزائري بعد أن بيّن معنى الناصب:
والثاني في جواز قتلهم واستباحة أموالهم، قد عرفت أن أكثر الأصحاب ذكروا للناصب ذلك المعنى الخاص في باب الطهارات والنجاسات وحكمه عندهم كالكافر الحربيّ في أكثر الأحكام، وأما على ما ذكرناه له من التفسير فيكون الحكم شاملاً كما عرفت. روى الصدوق طاب ثراه في العلل مسنداً إلى داود بن فرقد، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في الناصب؟
قال: حلال الدم لكني أتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً أو تغرقه في بحر لكي لا يشهد به عليك فافعل.
قلت: فما ترى في ماله؟
قال: خذه ما قدرت.
وروى شيخ الطائفة نور الله في باب الخمس والغنائم من كتاب التهذيب بسند صحيح عن مولانا الصادق عليه السلام، قال:(1/20)
خذ مال الناصب حيث وجدت، وابعث إلينا بالخمس.
قال ابن إدريس الناصب، المَعْنِيُّ في هذين الخبرين أهل الحرب لأنهم ينصبون الحرب للمسلمين، وإلا فلا يجوز أخذ مال مسلم ولا ذمي على وجه من الوجوه وللنظر فيه مجال: أما أولاً فلأن الناصبي قد صار في الاطلاقات حقيقة في غير أهل الحرب، ولو كانوا هم المراد لكان الأولى التعبير عنهم بلفظهم من جهة ملاحظة التقية لكن لما أراد عليه السلام بيان الحكم الواقعي عبر بما ترى.
وأما قوله: لا يجوز أخذ مال مسلم ولا ذمي فهو مسلم ولكن أنى لهم والإسلام وقد هجروا أهل بيت المأمور بودادهم في محكم الكتاب بقوله تعالى: { قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى }. فهم قد أنكروا ما علم من الدين بالضرورة وأما إطلاق الإسلام عليهم في بعض الروايات فضرب من التشبيه والمجاز والتفاتاً إلى جانب التقية التي هي مناط هذه الأحكام.
وفي الروايات أن علياً بن يقطين وهو وزير الرشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين. وكان من خواص الشيعة، فأمر غلمانه فهدموا سقف المحبس على المحبوسين فماتوا كلهم. وكانوا خمسمائة رجل تقريباً. فأراد الخلاص من تبعات دمائهم فأرسل إلى الإمام مولانا الكاظم عليه السلام.
فكتب عليه السلام إليه جواب كتابه: بأنك لو كنت تقدمت إليَّ قبل قتلهم لما كان عليك شيء من دمائهم، وحيث أنك لم تتقدم إلي فكفر عن كل رجل قتلته بتيس والتيس خير منه.
فانظر إلى الدية الجزيلة التي لا تعادل دية أخيهم الأصغر وهو كلب الصيد فإنَّ ديته عشرون درهماً، ولا دية أخيهم الأكبر وهو اليهودي فإنها ثمانمائة درهم، وحالهم في الآخرة أخس وأنجس(35).
وبعد هذا لا يمكن أن يقال أن الشيعة الرافضة لا تستبيح دماء وأموال أهل السنة وإنها من القرابات التي يتقربون بها إلى الله تعالى.(1/21)
ونختم هذا الفصل بإيراد رسالتين للشيخ أحمد مفتي زاده وهو من أكابر العلماء المعاصرين السّنّة في إيران، يوضح في الرسالتين مدى الحقد الرافضي في إيران ضد أهل السنة والجماعة، وبيان بالإرهاب والقتل والتشريد الذي لاقاه أهل السنة في إيران وإن هذا العمل الذي يقوم به حاخامات إيران إنما هو ترجمة عملية للاعتقاد الفاسد الذي يعتقدونه.
الرسالة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
{ شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ }.
أيها السادة العلماء، يا مسؤولي السلطة الإيرانية:
لقد قلت وكثير كتبت الكثير، لكنني قلق سائل نفسي: ألم أؤدي واجبي في مجال "الدعوة إلى سبيل ربي بالحكمة والموعظة الحسنة" حيث لم آلو جهداً؟؟ ومعاذ الله من أن أكون قد ألوت جهداً في أداء الواجب العظيم الرفيع.
أياً كان، فالقلق من مستقبل الأمة الإسلامية المُصابة بالتفرق - لا في إيران فحسب بل في كل العالم - بعيد المدى جداً. إن ما يجري اليوم، باعث لظهور وتصاعد العداوة بين المسلمين، ورغبة وإعراض غير العارفين الحق من الباطل عن الإسلام، خاصة إذا لاحظنا أن الأعداء الشرقيين والغربيين بالمرصاد، وأن عداوتهم السرية والعلنية في غليان دائم.
إن القلق أيام حكم النظام الشاهنشاهي من أن يتيح سقوطه الفجائي ولعملاء آخرين أكثر جناية وأشد عداوة للإسلام والمسلمين، فرصته الوصول إلى السلطان إزالة تحمس شعب إيران المؤمن الذي لم يدع الفرصة لأولئك الانتهازيين. لكم اليوم وصانعي الثورة أنفسهم يتناثرون على الأرض كأوراق الشجر الهائجة، في اصطدامهم ببعضهم البعض، وفي المعركة مع الآخرين، وآثار أقدام أولئك الانتهازيين الذين تدخلوا في كل مجالات السلطة متوسلين بالنفاق.(1/22)
في الماضي كان هؤلاء الانتهازيون المنافقون، يسببون بتدخلهم في أجهزة الحكم وارتكاب الفواحش نفرة الناس من نظام واحد فقط (ليصلوا هم أنفسهم عن طريق توهينه ثم إسقاطه إلى الحكم)، ولكن اليوم وقد ظهروا بمظهر قوي وتدخلوا في الأمر كبعض من تلك القوى لا يسببون النفرة من نظام واحد فحسب بل من الدين رأساً، بل من أسسه أيضاً لأحلوا صفارة الإنذار المفزعة في أن يهين القرآن علينا ويعد الاستمساك به لغلواً وبلا فائدة، أشخاص يظهرون بذلك المظهر بل ويحملون ألقاب العلماء الدينية.
ويصل بهم في مدينة "كامياران" إلى أن يدعوهم جماعة زاوية تدريس القرآن داخل المسجد، ويرفسوا القرآن ويقذفوه، ويطرحوا مصلياً على الأرض بحيث لا يفيق من الإغماء إلا بعد ساعات ويجلدوا ويجرحوا معلمي القرآن وتلاميذهم.
أيها السادة إنني لا أخاطبكم في هذه الرسالة باعتباركم "أصحاب المناصب والسلطات" بل باعتباركم علماء الدين، تسميكم بهذا الاسم يجعلك مسؤولين - حسب الاستطاعة - أمام خير وشر نظام الحكم وأمام الإسلام وشعب إيران بل والآخرين.
أيها السادة يعلم الله العليم الخبير بما في الصدور أنه لم ينقص ذلك الحب الجم الذي كان لكم في قلبي في الأيام السابقة على انتصار الثورة إلا حب الله والنصح لدينه والفقه بمبادئه. ليس به حاجة دنيوية، ولا منافسة وعداوة، ولا أي انتظار إلا أن تكونوا ملتزمين بدين الله، ومقيمين إياه بلا خطأ ولا نقص - حسب استطاعتنا - { اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ }.(1/23)
أليس من المؤسف أن يبغضكم - وأنتم علماء الدين - مسلم يرجو أن يكون حبه وبغضه إلا ابتغاء وجه الله (وطبيعي أن لا يكون حبكم وبغضكم أنتم - أيضاً - إلا لذلكم) ..... (أوليس مؤسفاً أن أقترح أنا مرات ومرات لإزالة الخلاف ورفع الإبهام كل الطرق المختلفة - من المناظرة العلنية بمرأى من الناس ومسمع إلى الابتهال - ولا يفعل من جانبكم أنتم إلا إدانة الاتهامات غير الموجهة؟).
أيها السادة ... إن كلامي الموجه إليكم المعرب عن بغضي لكم إما حق وإما باطل فإن كان حقاً، أفليس شائناً جداً أن توجهوا التهم وتسخطوا الله أكثر من ذي قبل بدل أن تصلحوا عيوبكم حرصاً على السلطة الدنيوية الزائلة بعد أيام معدودات؟ وإن كان باطلاً أفلسنا جميعاً مؤمنين بالدين، فنصحح أخطاءنا وانحرافاتنا وفق موازينه المسلم بها؟ أفلا يسألنا عن تهاوننا بالوسائل الدينية والهدايات الربانية لإزالة الخلافات ومن { عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الإِنسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ } وهدانا للطريقة القويمة بقوله { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ }؟.
أيها السادة!: كنت قد سجلت في الرسالة التي كنت قد كتبتها لصديقي القديم قبل الثورة المرحوم الدكتور "باهنر" (ثم أرسلتها مع توضيحات إلى السيد مهدوي كنى) أن التنقص السريع بصانعي الثورة، يهيئ المجال لنظام حكم أمريكي أو - قد يكون - روسي. واليوم أيضاً أعتقد - نظراً إلى الظروف التي قد سادت الموقف حتى اليوم - أنه بعيد أن يكون لمجموع القوى غير العملية بعد سقوط دولتهكم قوة تبلغ خمساً بالمائة مما هو لازم لسد مسدكم.(1/24)
فعلى هذا أظن أن قلقي أنا من الظروف التي قد يكون معظمها حصيلة دسائس أعداء لكم ماكريم يريدون بإيجادها إسقاط الدولة والقيام مقامكم، قد يكون أكثر من قلقكم أنتم أنفسكم وإن لم يكن أكثر فلا أشك أنه أبعد مدى وأشد إخلاصاً. إذ لا يعلم غالباً ذوو السلطان بالظروف المبدلة الذاهبة بهم إلى الزوال إلا مؤخراً (كان هكذا أبداً وسيكون هكذا أبداً) ولكن الذين ليسوا مبتلين بمشقة القيادة والحكم، وليس بهم هوى إليه وميل وإنما الشعور بالمسؤولية أمام عباد الله ودينه وهو الذي يعينهم بالأمر، يكون إدراك حقائق الأمر عليهم يسيراً.
أيها السادة!: يشهد الله إني أذكركم بكل ما أراه سبباً لسير هذا النظام إلى الزوال، والله عليم خبير بأني { إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ } وهذه الأسباب تنحصر في شيئين: الأول: السعي لإدامة السلطة وإكراه أهل السنة على التشيع.
والثاني: إجرات وبرامج تتنافى مع "الفقه الجعفري" أيضاً.
فأما بشأن المسألة الثانية فرفع الإيهام يسير. لأن الفقه الجعفري مدون، ومباحثه مشروحه مبسوطه، ولا حاجة إلى بذل الجهد والتأمل الكثير.(1/25)
وأما بشأن المسألة الأولى التي هي أساس البلاء وأصل المشكلة الثانية أيضاً، فإن كانت روايات وآراء كل منا محل نظر للآخر، فنستطيع أن نطيع الأمر الرباني ونرد أمرنا إلى كتاب الله الذي هو الميزان الوحيد في الآخرة في المحاسبة وتبيين درجات الطاعة والعصيان، والمرجع الموثوق به الأخير في الدنيا أيضاً لإزالة الخلاف - (إذ بين في كثير من الآيات أن الكتب الإلهية كانت في كل عهد للحكم فيما اختلف فيه المنتسبون إلى الدين) : {وَلَلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ، وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ، هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ}، { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } وإن كنتم متأثرين ببعض روايات كتب "كالكافي في الأصول" "والبحار" ولم توافقوا أهل السنة في الاعتقاد بأن هذا القرآن هو الذي أنزله الله بعينه، فنستطيع - بصرف النظر عن الأدلة القاطعة من الكتاب ومن السنة أن نحتكم إلى المجموعة المسماة بـ"نهج البلاغة" التي فيها عشرات بل مئات من الجملات المعارضة للأقوال المريبة، ليندفع أي ريب يختلج، وأية وسوسة تحيك في الصدر بشأن القرآن.(1/26)
فتفكروا مثلاً في هذه الجملات من قول سيدنا علي - رضي الله عنه -: المبين، والشفاء النافع، والرأى الناقع، والعصمة للمتمسك، والنجاة للمتعلق، لا يعوج، فيقام ولا يزيغ فيستعتب، ولا تخلقه كثرة الرد، وولوج السمع، من قال به صدق ومن عمل به سبق" و "استنصحوه على أنفسكم واتهموا عليه آراءكم واستغثوا فيه أهوائكم" و "فإنه حبل الله المتين وسببه الأمين" و "ونوراً لا تطفأ مصابيحه وسراجاً لا يخبو توقده، وبحراً لا يدرك قعره، ومنهاجاً لا يضل نهجه، وشعاعاً لا يظلم ضوءه، وفرقاناً لا يخمد برهانه، وتبياناً لا يهدم أركانه، و...".
وأما بشأن الاتهامات التي توجهونها إليّ فأقول لكم في كمال الإخلاص والتواضع وبدون أن يكون بي قصد الجدال ونية الأغراض: إن كنت ترون أن اتهاماتكم صادقة وإنكم تجدون - حقاً - في أعمالي وأقوالي زيغاً عن طريق الدين أو خصلة من النفاق أو أمارة على المؤامرة واتباع أعداء الدين، أو أثراً من آثار الشقاق والخلافات بين المسلمين و فأقيموا دليلكم مرة واحدة في حوار مباشر مواجه متزن مكشوف بدل تلك الأقوال والكتابات الكثيرة المبهمة الصادرة عن جهة واحدة تلك الاتهامات الكليلة الفاقدة للدليل (وإن كنتم راغبين عن أن يعلم أهل السنة بهذا الأمر فليكن بحضرة أهل إحدى المدن الشيعية، وإن كنتم راغبين - أيضاً - عن أن يطلع على أمركم العامة من الشيعة كذلك فيحضره أشخاص تثقون بهم) وإن كنتم تميلون إلى الاحتياط فاكتبوا، فورب الآخرة والأولى إن ثبت أن اتهاماتكم معيبة، لأعلن بكل صراحة رجوعي عن الخطأ، وأما إن كنتم أنفسكم ترون أن اتهاماتكم باطلة، فمؤسف أن تغفلوا عن عقاب الله وأنتم تسمون علماء الدين.(1/27)
وأما بشأن عزمكم على ترويج التشيع فأضيف كلمة قلتها مراراً: احضروا فلنقاضي القضية عن طريق الأساليب الإسلامية لتبليغ الدين التي يجب أن تكون مكشوفة مبينة للحق مبنية على أسس تطابق الظاهر والباطن، ورب الدين إن ثبت أن المذهب الشيعي أحكم من مذهب السنة، لأسعين في تبليغه وترويجه بكل إمكانياتي، فإنكم إن كنتم واثقين بحقانية المذهب الشيعي فغير لائق بكم أن تتوسلوا بوسائل لا دينية كالإكراه، والاتهام الباطل، واعتقال ونفي وتسريح الموظفين ونهب ما في مدارس القرآن وإغلاق أبوابها .... و .... ومستفيدين من الأسلوب الفاسد الذي يتخذه أولئك الذين يعتقدون بأن "الغاية تبرر الوسيلة" والحال أن الله عز وجل يقول للمؤمنين الذين أخرجهم الكفار المجرمين من ديارهم وأموالهم، وصدوهم عن المسجد الحرام { لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ } وقوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } ويقول عن الذين اتخذوا طريق الكفر وسبيل الكفار ولكنهم لم يقاتلوا المؤمنين ولم يفعلوا ما فعل الآخرون { لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }.(1/28)
أيها السادة: لقد اقترحت بالصراحة أي طريق مشروع ومنطقي قد علمت أنه يصلح لتمييز الحق من الباطل وإزالة الخلاف. فإن كنتم واجدين طريقاً معروفاً مقبولاً غير ما اقترحت فأرونيه أقبله بكل رحابة صدر. ولكنني أذكركم بالله، وبدين الله، وبنفس التشيع الذي تحبونه وتريدون أن تروجوه، أن احذروا من التوسل بالوسائل غير المشروع للوصول إلى الغاية. ولا يكن غائباً عن أنظاركم أن أسلوبكم الحالي إن تكن حصيلته العاجلة خسارة للمسلمين جميعاً ففي الأجل ينتهي بخسران التشيع نفسه. لأن أهل التشيع أنفسهم سوف يتساءلون يوماً ما: لماذا يكون مسلم متبع للسنة مستعد أن يناظر علماء المفتية بأي طريق مشروعة، ويقبل أن يكون الحكم من الشيعة أنفسهم ولكن مئات العلماء يمتنعون عن المناظرة المباشرة المكشوفة مع مسلم واحد متبع للسنة.
أرجو أن أكون قد قلت ما كنت أريد أن أقوله بصراحة وصفاء وإخلاص نصحاً لدين الله وللمسلمين، فأطمئن أنا إن أديت واجبي، وتتخذون أنتم ينفس ذلك الإخلاص والصفاء القرارات التي يكون فيها خير المسلمين وصلحهم وسير الدين إلى الأمام.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا }.
"وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
كرمافتان - أحمد مفتي زاده
13/10/1403ه
الرسالة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
قائد الثورة الإمام الخميني:(1/29)
تتمة وتابع للرسالات التي بعثها إليكم في الثالث والعشرين والخامس والعشرين والثامن والعشرين من شهر شوال الماضي، وإظهاراً للفرح بما تضمنه بيانكم الأخير من الإيجابية في مسائل كردستان - على أن كونه مفيداً أو غير مفيد متفرع عن نوعية النية التنفيذية - ورجاء كذلك: أن يكون تنفيذ مضمون بيانكم في اتجاهه إيجابي، سبباً لشفاء الشعب الكردي المنكوب في بعض الأمة، وإحياء الأخوة بين المسلمين أرى من واجبي الديني التذكير بما يلي:
1 - إن مجموعة المسؤولين الحكوميين الحاليين في كردستان لا تملك - نظراً للغاية التي بعثها على حمل المسؤولية - استطاعة تنفيذ البيان في اتجاهه الإيجابي (يشهد على هذا ما صار إليه البيان الصادر في الخريف قبل الماضي) فإن الاضطرابات التي تمثل جانباً منها الأحداث الأخيرة، إنما نشأت من الطريقة التي تسير عليها هذه المجموعة، أو من النيات التي تلتزم المجموعة بالسير عليها هذه المجموعة، أو من النيات التي تلتزم المجموعة بالسير خلفها، وهذه النيات آخذة في اتجاه مضاد لخير الشعب ومصلحته تماماً. فإن يكن مقرراً أن يتخذ بشأن البيان إجراء إسلامي جاد، يجب - للوصول إلى ذلك - وضع حد لهذه المشكلة. ولعل بعث مجموعة من الأشخاص المؤمنين الناصحين للشعب والثورة يكون نافعاً في هذا المجال.(1/30)
2 - إن الظلم والتمييز الخاطئ اللذين يحملان على أهل السنة لا يختصان بكردستان. بل يعمان المناطق السنية بأسرها. يدل على هذا الواقع المرير إقرار المجلة الرسمية الناطقة باسم "جهاد سازندكي" المؤسسة السياسية الاجتماعية الوحيدة للسلطة بالمهمة المنوطة بهذه المؤسسة بشأن مشروع صرف متبعي سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - عن مذهبهم (حيث نشرت خبراً عن نجاحها في صرف تسعة أشخاص عن مذهبهم إلى التشيع - المترجم). وكذلك اعتقال عدد من المسلمين الملتزمين في بلوجستان وغيرها، لأنهم لا يستسلمون لإدارة السلطات المحاربة للسنة. وحدث هذا في نفس الحين الذي اعتقل فيه عشرات من منتسبي "مكتب قرآن" في كثير من مدن وقصبات كردستان بنفس السبب.(1/31)
3 - لما علمت بعد انتصار الثورة بشهور، أن السلطة ليس لديها استعداد لتأسيس "مجلس الشورى الإسلامية الأعلى" مؤلفاً من جميع العلماء المسلمين في العالم، وجعل إيران نقطة ارتكاز العالم الإسلامي. ودفع الثورة إلى الأمام لتعم جميع البلاد، حصرت كل مساعي زماناً طويلاً، في أن يكون الدستور في بعض المسائل الأساسية على الأقل مطابقاً للشريعة الإسلامية وغير موقع الشقاق بين الأخوين السني والشيعي. ولما لم يقبلوا هذا الاقتراح الصغير أيضاً، وفوق ذلك ظهر سوء نيات بعض السادة في حق أهل السنة، من بيانات بعض الممثلين في مجلس الخبراء (منها تصريح السيد خامنة أي بأنه لا يمكن أن يصادق على قانون يتضمن الاعتراف بتساوي الحقوق بين السني والشيعي أعلنت - امتثالاً لأمر الله عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ...}، لشعب إيران: أن الدستور لا يطابق الشريعة الإسلامية، وذكرت السادة في أطروحة إصلاحية أعددتها - بأنه يجب أن يكونوا معنيين في أصول وفصول القانون المختلفة بالمطابقة إيجاباً وسلباً مع الموازين الشرعية لا الدستور، وكتبت فيها أدلة الاقتراح أيضاً. وأن معظم الاتهامات والافتراءات والعداوة والحقد من أكثر رؤساء النظام، إما لأني قلت قول الحق عن الدستور في حين أنكم أكدتم على هذا الأمر بأسلوب أشد في هذه الأيام الأخيرة، حتى أنكم رأيتم الذين يستندون إلى الدستور، بدل الاستمساك بالشريعة، مستحقين للازدراء والمعاقبة الشديدة. وإنه لمثير للعجب أن يكون إعلان الحق في قضية مبرراً لنسبة الكفر والنفاق وتوجيه أنواع الافتراء إليّ وإلى آلاف المسلمين من متبعي السنة، ولكن ذلك الحق نفسه يعلن بتعبير أشد من جانبكم، دون أن يعترض السادة المدافعون عن الدستور بكلمة واحدة!(1/32)
وكان السعي لتأسيس مجلس "الشورى المركزي للسنة" أيضاً، مسبباً عن الوقوف على تلك النية، التي نشأ عنها ذلك الدستور المثير للشقاق. كما كانت بعد ذلك منشأ لأحداث ظهرت في مجالات مختلفة. ويعلم الله العليم الخبير الذي { يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى } أنه لم يكن لي من غاية من تأسيس "الشورى المركزية للسنة" إلا ما قد أعلنته مراراً كتابة ومقالاً، وهو على الأقل أن يرفع الظلم والتمييز الخاطئ والأذى عن أهل السنة، وعلى الأكثر أن يقع ما كنت أرجوه من الثورة أيامها الأولى. أعني تأسيس مجلس الإسلامية الأعلى، الذي يستطيع أن يكون سبباً لحل معضلة الخلافات المذهبية وإزالتها وإحياء وحدة الأمة. ويعلم أيضاً. ما افتروه من التهم وما لاقوه من قلوب الآخرين كذلك من الوساوس و { وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }، وأحكم الحاكمين، وكفى بالله شهيداً وأرجو أن يأتي الله بيوم، تصرحون فيه أنتم أيضاً بالحق في هذه القضية كذلك - التي هي السبب الثاني لعداوة وافتراءات السادة بوضوح تام، كما صرحتم بالحق في القضية الأولى بأشد أسلوب.(1/33)
4 - أن لا يكون إصلاح الدستور، وجعله مطابقاً للشريعة الإسلامية اليوم في النية، فمروا على الأقل المجموعة المقترح بعثها في البند الأول من تحقق حول الإجرامات والجنايات التي ارتكبها رجال السلطة في حق أهل السنة (وقد أشرنا في الرسالات المتعددة قبل اليوم إلى نماذج منها) تحقيقاً عاما لكل المناطق علينا صريحاً - كما هو الشأن في نظام الحكم الإسلامي ولا ريب أن توقع إقامة النظام الإسلامي بكل جوانبها المختلفة من هذه السلطة عن قريب، مع ما هي مبتلاة، به من المعاجز والمعضلات والاضطرابات المختلفة، وغفلة عن الواقع. ولكن لا مانع من التوقع، أولاً: أن يكون دستور سائر القوانين في البلاد مطابق للشريعة الإسلامية في احترام أصل "إلزام بما هو التزام" وغير مفرقة بين الأخوة، وثانياً: أن لا يرتكب الظلم والجناية في حق أهل السنة في العمل أو يحقق حول القضية، أن ارتكب وبلغ صوت الاعتراض سمع أصحاب السلطان، لا أن يريدوا أن يكرهوا المعترض على الصمت، عن طريق الافتراء والبهتان والاعتقال والنفي والتسريح من الدوائر والنهب وسائر الأساليب الجائرة.
وفي الختام، أعلن القضية التي أعلنتها مراراً بعبارات مختلفة، أعلنها هذه المرة أيضاً بهذه العبارة:
إنني مستعد أن أعمل لإيضاح الحق في القضايا، بأية كيفية يريدها رؤساء السلطة، من المناظرة العلنية بمرأى من الناس ومسمع، إلى المحاورة بحضرة أشخاص موثوق بهم من أولئك الرؤساء، وإلى كتابة المسائل، وإلى الابتهال. وأعلن مرة أخرى: أنني لا أجد ذنباً يكون سبباً لعداوة السادة معي ومع سائر المسلمين غير المستسلمين لهم من أهل السنة، إلا القضيتين اللتين أشير إليهما قبل ( 1 - الاعتقاد بعدم مطابقة الدستور للموازين الإسلامية - الذي صرحتم به أنتم أيضاً بآخره.(1/34)
2 - الاعتراض على إجراءات رجال السلطة الجائرة في حق متبعي السنة). وإن كان لنا ذنب آخر غير هذين فإننا نشكر السادة كثيراً أن يعلنوه بوضوح ومع الدليل. لنشاركهم نحن أيضاً إعلان الحق للجميع. وإلا فليخافوا من المصير الذي صار إليه سائر الظالمين في هذه الحياة الدنيا، { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ } { وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ }.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
طهران - أحمد مفتي زاده
5/11/1430ه
الفصل الرابع
الصلاة خلف أهل السنة
الشيعة لا تجوّز الصلاة خلف أهل السنة إلا ما كان عن تقية يتقي بها الشيعي أهل السنة حيث أن السني عندهم كافر كفر ردة لا كفر أصلي، وذلك راجع إلى عدم إيمانهم بأساطير الشيعة بدءاً من عصمة الأئمة الاثني عشر وانتهاء برجعة المهدي الخرافة.
ولقد وردت أحاديث كثيرة في كتب الشيعة تنهى إلا ما كان عن تقية كما قلنا. وفي كتب معتمدة مثل الكتب الأربعة: الكافي، من لا يحضره الفقيه، التهذيب، والاستبصار.
ونظراً لأهمية هذه النقطة حيث أن بعض الشباب المسلم انخدع ببعض رجالات الشيعة وشبابهم أثناء تأديتهم الصلاة معهم في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا. والحقيقة التي ذكرها لي بعض الأخوة الذين يدرسون هناك أن الشيعة لا يحضرون صلاة الجماعة في مساجد أهل السنة إلا من أجل توزيع منشورات الخميني وجمع التبرعات له ولطغمته، وذلك قبل وصول الخميني من فرنسا إلى إيران وبعد ذلك لم يشاهدوا في صلاة الجماعة.
وسنحاول في هذه الصفحات القليلة - إن شاء الله تعالى - إلقاء الضوء حول صحة الصلاة أو عدم صحتها بالنسبة للشيعي إذا صلى خلف أهل السنة وذلك من كتبهم المعتمدة والموثوقة وإليك بعضها:
1 - عن زرارة قال: سألت أبا جعفر - عليه السلام - عن الصلاة خلف المخالفين.
فقال: ما هم عندي إلا بمنزلة الجدار(36).
2 - عن الفضل بن يسار قال:(1/35)
سألت أبا جعفر - عليه السلام - عن مناكحة الناصب والصلاة خلفه.
فقال: لا تناكحه ولا تصل خلفه(37).
وعلّق الحر العاملي في الوسائل ج3 ص383 على هذه الرواية: هذا مخصوص بغير وقت التقيّة.
3 - عن علي بن سعد البصري قال:
قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -: إني نازل في بني عدي، ومؤذنهم وإمامهم وجميع أهل المسجد عثمانية(38) يبرؤون منكم ومن شيعتكم، وإني نازل فيهم، فما ترى الصلاة خلف الإمام؟
قال صلّ خلفه.
قال: قال: واحتسب بما تسمع. ولو قدمت البصرة وسألت الفضيل بن يسار، وأخبرته بما أفتيك، فخذ بقول الفضيل ودع قولي. فقال: هو أعلم، لكني قد سمعته وسمعت أباه يقولان:
لا تعتد بالصلاة خلف الناصب، واقرأ لنفسك كأنك وحدك.
قال: فأخذت بقول الفضيل وتركت قول أبي عبد الله - عليه السلام -(39).
4 - عن إسماعيل الجعفي قال:
قلت لأبي جعفر - عليه السلام -: رجل يحب أمير المؤمنين ولا يبرأ من عدوه(40)، ويقول هو أحَبّ إليّ ممن خالفه.
قال: هذا مخلّط وهو عدو لا تصلِّ خلفه ولا كرامة إلا أن تتقيه(41).
5 - عن زرارة قال: قلت أبي عبد الله. عليه السلام -:
أكون مع الإمام فأفرغ من القراءة قبل أن يفرغ؟
قل: ابق آية ومجد الله واثن عليه، فإذا فرغ فاقرأ الآية واركع(42).
6 - عن إسحاق بن عمار عمّن سأل أبا عبد الله - عليه السلام -.
قال: أصلي خلف من لا أقتدي به فإذا فرغت من قراءتي ولم يفرغ هو؟ قال: فسبّح حتى يفرغ(43).
7 - عن الحلبي عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال:
إذا صليت خلف إمام لا تقتدي به فاقرأ خلفه سمعت قراءته أو لم تسمع(44).
8 - عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي جعفر - عليه السلام -:
جعلت فداك إنّا نصلّي مع هؤلاء يوم الجمعة وهم يصلّون في الوقت فكيف نصنع؟
فقال: صلّوا معهم.
فخرج حمران إلى زرارة فقال له: قد أمرنا أن نصلّي معهم بصلاتهم.
فقال زرارة: ما يكون هذا إلا بتأويل.
فقال له حران: قم حتى تسمع منه.
قال: فدخلنا عليه.(1/36)
فقال له زرارة: جعلت فداك إنّ حمران زعم أنّك أمرتنا أن نصلي معهم فأنكرت ذلك.
فقال لنا: كان علي بن الحسين صلوات الله عليهما يصلّي معهم الركعتين فإذا فرغوا قام فأضاف إليهما ركعتين(45).
9 - عن يعقوب بن يقطين قلت لأبي الحسن - عليه السلام -:
جعلت فداك تحضر صلاة الظهر، فلا نقدر أن ننزل في الوقت حتى ينزلوا وننزل معهم، فنصلّي ثم يقومون فيسرعون، فنقوم فنصلّي العصر ونريهم كأنّا نركع ثمّ ينزلون للعصر فيقدموننا فنصلّي بهم؟
فقال: صلِّ بهم، لا صلّى الله عليهم(46).
10 - عن الحلبي عن أبي عبد الله - عليهم السلام - قال:
من صلّى معهم في الصف الأول كان كمن صلّى خلف رسول الله صلّى الله عليه وآله(47).
11 - عن الحسين بن عبد الله الأرجانيّ عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال:
من صلّى في منزله ثمّ أتى مسجداً من مساجدهم فصلّى معهم خرج بحسناتهم(48).
12 - عن إسحاق بن عمار(49) قال: قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -:
إني أدخل المسجد فأجد الإمام قد ركع وقد ركع القوم فلا يمكنني أن أؤذن وأقيم وأكبر؟
فقال لي: فإذا كان ذلك فأدخل معهم في الركعة واعتدّ بها فإنها من أفضل ركعاتك.
قال إسحاق: فلما سمعت أذان المغرب وأنا على باب قاعد قلت للغلام: انظر أقيمت الصلاة؟ فجاءني فقال: نعم فقمت مبادراً فدخلت المسجد فوجدت الناس قد ركعوا، فركعت مع أول صف أدركته واعتددت بها، ثم صليت بعد الانصراف أربع ركعات ثم انصرفت، فإذا خمسة أو ستة من جيراني قد قاموا إليّ من المخزوميين والأمويين فأقعدوني.
ثم قالوا: يا أبا هاشم جزاك الله عن نفسك خيراً، فقد والله رأينا خلاف ما ظننا بك وما قيل فيك.
فقلت: وأي شيء ذلك؟
قالوا: اتبعناك حين قمت إلا الصلاة ونحن نرى أنك لا تقتدي بالصلاة معنا، فقد وجدناك قد اعتددت بالصلاة معنا، وصليت بصلاتنا، فرضي الله عنك وجزاك خيراً.
قال: فقلت لهم: سبحان الله المثلي يقال هذا؟!(1/37)
قال: فعلمت أن أبا عبد الله - عليه السلام - لم يأمرني إلا وهو يخاف على هذا وشبهه.
13 - عن إسحاق بن عمار قال:
قال لي أبو عبد الله - عليه السلام -: اتصلي معهم في المسجد؟
قلت: نعم.
قال: صلّ معهم فإن المصلّي معهم في الصف الأول كالشاهر سيفه في سبيل الله(50).
وقال البحراني في الحدائق الناضرة ج11 ص71: قال في الوافي: إنما قيد بالصف الأول لأنه أدخل في معرفتهم بإتيانه المسجد وأدل على كونه منهم، وإنما شبهه بشاهر سيفه في سبيل الله لدفعه شر العدو.
14 - عن الصادق - عليه السلام -:
إذا صليت معهم غفر لك بعدد من خالفك(51).
15 - عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه قال:
من صلّى معهم في الصف الأول كان كمن صلّى خلف رسول الله صلّى الله عليه وآله في الصف الأول(52).
16 - عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه قال:
ما منكم أحد يصلي صلاة الفريضة في وقتها، ثم يصلي معهم صلاة تقيّة وهو متوضئ إلا كتب الله له بها خمساً وعشرين درجة فارغبوا في ذلك(53).
17 - عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه قال:
ما من عبد يصلّي في الوقت ويفرغ ثم يأتيهم ويصلّي معهم وهو على وضوء إلا كتب الله له خمساً وعشرين درجة(54).
18 - عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه قال:
إن على بابي مسجداً يكون فيه قوم مخالفون معاندون وهم يمسون في الصلاة، فأنا أصلّي العصر ثم أخرج فأصلّي معهم؟
فقال: أما تحب (ترضى) أن تحسب لك بأربع وعشرين صلاة(55).
19 - عن عمّار الساباطيّ(56) عن أبي عبد الله - عليه السلام - (في حديث) قال:(1/38)
أن من صلّى منكم اليوم صلاة فريضة في جماعة مستتراً بها من عدوّه في وقتها فأتمّها كتب الله تعالى له خمسين صلاة فريضة في جماعة، ومن صلّى منكم صلاة فريضة وحده مستتراً من عدوه في وقتها فأتمّها كتب الله تعالى له بها خمساً وعشرين صلاة فريضة وحدانية، ومن صلّى منكم صلاة نافلة لوقتها فأتمها كتب الله تعالى له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منكم حسنة كتب الله تعالى له بها عشرين حسنة، ويضاعف الله عز وجل حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله ودان بالتقيّة على دينه وإمامه ونفسه وأمسك من لسانه أضعافاً مضاعفة، إن الله عز وجل كريم.
أقول: ربما يتراءى للقراء الكرام أن هذه الرواية لا علاقة بها بالصلاة خلف المخالف للرافضة. فأقول: إن الحر العاملي ذكر هذه الرواية في وسائل الشيعة ج3 ص384 ضمن باب: "استحباب إيقاع الفريضة قبل المخالف أو بعده وحضورها معه" وهو يعلم أن هذه الرواية ضمن الروايات الدالة على حضور صلاة الجماعة مع المخالفين على سبيل المداراة والتقيّة. وكما يقولون: أهل مكة أدرى بشعابها.
20 - عن نشيط بن صالح، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال:
قلت له: الرجل منا يصلي صلاته في جوف بيته مغلقاً عليه بابه ثم يخرج فيصلّي مع جيرته، تكون صلاته تلك وحده في بيته جماعة؟
فقال: الذي يصلّي في بيته يضاعف الله له ضعفي أجر الجماعة تكون له خمسون درجة، والذي يصلّي مع جيرته يكتب الله له أجر من صلّى خلف رسول الله صلّى الله عليه وآله، ويدخل معهم في صلاتهم فيخلف عليهم ذنوبه ويخرج بحسناتهم(57).
21 - عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال:
قلت إني أدخل المسجد وقد صليت فأصلّي معهم فلا أحتسب بتلم الصلاة؟
قال: لا بأس. وأما أنا فأصلّي معهم وأريهم أني أسجد وما أسجد(58).
22 - عن ناصح المؤذن قال:
قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -: إني أصلّي في البيت وأخرج إليهم؟(1/39)
قال: اجعلها نافلة ولا تكبر معهم فتدخل معهم في الصلاة فإن مفتاح الصلاة التكبير(59).
23 - عن أبي الربيع، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام في حديث: أنه سئل عن الإمام إن لم أكن أثق به أصلي خلفه وأقرأ؟
قال: لا، صلّ قبله أو بعده.
قيل له: أفأصلّي خلفه وأجعله تطوعاً؟
قال: فقال: لو قبل التطوع لقبلت الفريضة ولكن اجعلها سبحة(60).
24 - عن عليّ بن يقطين قال:
سألت أبا الحسن - عليه السلام - عن الرجل يصلّي خلف من لا يقتدي بصلاته والإمام يجهر بالقراءة؟
قال: اقرأ لنفسك وإن لم تسمع نفسك فلا بأس(61).
25 - عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: سألته عن الرجل يؤم القوم وأنت لا ترضى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة؟
فقال إذا سمعت كتاب الله يتلى فأنصت له.
قلت: فإنه يشهد عليّ بالشرك؟
قال: إن عصى الله فأطع الله.
فرددت عليه، فأبى أن يرخص لي.
قال: قلت له: أصلّي إذن في بيتي ثم أخرج إليه؟
فقال: أنت وذاك(62).
26 - عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر - عليه السلام -:
من لا أقتدي الصلاة؟
قال: افرغ قبل أن يفرغ، فإنك في حصار فإن فرغ قبلك فاقطع القراءة، واركع معه(63).
27 - عن بكير بن أعين قال:
سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن الناصب يؤمّنا ما تقول في الصلاة معه؟
قال: أما إذا جهر فأنصت للقراءة واسمع ثم اركع واسجد أنت لنفسك(64).
28 - عن زرارة، عن أبي جعفر - عليه السلام - قال:
لا بأس بأن تصلي الناصب ولا تقرأ خلفه فيما يجهر فيه، فإن قراءته يجزيك إذا سمعتها(65).
وعلّق العاملي على الرواية فقال: ذكر الشيخ أنه محمول على التقيّة، أو على ترك الجهر دون القراءة.
وقال الكاشاني في الوافي: هذه الأخبار حملها في التهذيب على شدّة التقيّة والخوف.
29 - عن صفوان الجمّال قال:
قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -: إن عندنا مصلّي لا نصلّي فيه وأهل نصّاب وإمامهم مخالف فأتمّ به؟
قال: لا.
قلت: إن قرأ أقرأ خلفه؟(1/40)
قال: نعم.
قلت: فإن نفدت السورة قبل أن يفرغ.
قال: سبّح وكبّر إما هو بمنزلة الفنوت وكبّر وهلّل(66).
30 - عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا - عليه السلام - قال: قلت له: إني أدخل مع هؤلاء في صلاة المغرب فيعجلوني إلى ما أن أؤذن وأقيم ولا أقرأ إلا الحمد حتى يركع أيجرئني ذلك؟
فقال: نعم يجزيك الحمد وحدها(67).
وعلّق الطوسي في التهذيب على هذه الرواية بقوله:
ويحتمل أيضاً أن يكون الخبر متناولاً لحال التقيّة لأنه إذا كان الحال تقيّة وخوف لم يلحق الإنسان القراءة معهم جاز له ترك القراءة والاعتداد بتلك الصلاة بعد أن يكون قد أدرك الركوع.
وأيضاً يقول في الاسبتصار: ويحتمل أن يكون الخبر مخصوصاً بحال التقيّة فإن ذلك يجوز إذا أتى بالركوع والسجود.
31 - عن محمد بن إسحاق، ومحمد بن أبي حمزة ذكره عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال:
يجزيك إذا كنت معهم، القراءة مثل حديث النفسي(68).
32 - عن عبد الله بن بكير، عن الصادق - عليه السلام - قال:
من صلى معهم في الصف الأول فكأنما صلّى مع رسول الله صلّى الله عليه وآله في الصف الأول(69).
33 - تفسير الإمام قال - عليه السلام -: نظر الباقر - عليه السلام - إلى بعض شيعته وقد دخل خلف بعض المخالفين إلى الصلاة، وأحسّ الشيعي بأنَّ الباقر - عليه السلام - قد عرف ذلك منه فقصده.
وقال: أعتذر يا ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله من صلاتي خلف فلان فإني أتقيّة، لولا ذلك لصلّيت وحدي.
قال الباقر - عليه السلام -: يا أخي إنما كنت تحتاج أن تعتذر لو تركت، يا عبد الله المؤمن!! ما زالت ملائكة السماوات والسبع والأرضين السبع تصلّي عليك وتلعن إمامك ذاك، وإن الله أمر أن يحسب لك صلاتك خلفه للتقيّة بسبع مائة صلاة لو صلّيتها وحدك فعليك بالتقيّة(70).
34 - فقه الرضا: قال - عليه السلام -:(1/41)
ولا تصلّي إلا خلف رجلين: أحدهما من تثق به وتدينه وورعه وآخر من تتقي سيفه وسوطه وشرّه وبوائقه وشنعته، فصلِّ خلفه على سبيل التقية والمداراة وأذّن لنفسك وأقم واقرأ منها لأنه غير مؤتمن به، فإذا فرغت قبله من القراءة أبق آية حتى تقرأ وقت ركوعه، وإلا فسبّح إلى أن تركع(71).
35 - عن يونس بن يعقوب قال:
قال لي أبو الله - عليه السلام -: يا يونس قل لهم يا مؤلفة! قد رأيت ما تصنعون إذا سمعتم الأذان أخذتم نعالكم وخرجتم من المسجد(72) وعلّق المجلسي عليها بقوله:
بيان: "قل لهم" أي للشيعة، وخطابهم بالمؤلفة تأديب لهم، وتنبيه على أنهم ليسوا من شيعتهم واقعاً، بل هم من المؤلفة قلوبهم، وذلك لأنهم كانوا يسمعون قوله ولا يتّبعونه في التقيّة، لأنهم بعد الأذان كانوا يخرجون من المسجد لئلا يصلوا مع المخالفين، فيدلُّ على لزوم الصلاة خلفهم عند التقيّة.
36 - سأل أبو عبد الله الشاذاني أبا محمد الفضل بن شاذان: أنّا ربما صلينا مع هؤلاء صلاة المغرب فلا نحبّ أن ندخل البيت عند خروجنا من المسجد فيتوهموا علينا أن دخولنا المنزل ليس إلا لإعادة الصلاة التي صلينا معهم، فنتدافع بصلاة المغرب إلى صلاة العتمة؟
فقال: لا تفعلوا هذا من ضيق صدوركم، ما عليكم لو صلّيتم معهم فتكبّروا في مرّة واحدة ثلاثاً أو خمس تكبيرات وتقرأوا في كل ركعة الحمد وسورة، أي سورة شئتم، بعد أن تتمّوها عندما يتمّ إمامهم وتقولون في الركوع "سبحان ربّي العظيم وبحمده" بقدر ما يتأتى لكم وقد تمت صلاتكم لأنفسكم، وليكن الإمام عندكم والحائط بمنزلة واحدة، فإذا فرغ من الفريضة فقوموا معهم فصلّوا السّنّة بعدها أربع ركعات.
فقال: يا أبا محمد أفليس يجوز إذا فعلت ما ذكرت؟
قال: نعم.
قال: فهل سمعت أحداً من أصحابنا يفعل هذه الفعلة؟(1/42)
قال: نعم، كنت بالعراق وكان صدري يضيق عن الصلاة معهم كضيق صدوركم، فشكوت إلى فقيه يقال له نوح بن شعيب فأمرني بمثل الذي أمرتكم به. فقلت: هل يقول هذا غيرك؟ قال: نعم. فاجتمعت معه في مجلس فيه نحو من عشرين رجلاً من مشايخ أصحابنا فسألته - يعني نوح بن شعيب - أن يجري بحضرتهم ذكراً مما سألته من هذا، فقال نوح بن شعيب: يا معشر من حضر ألا تعجبون من هذا الخراساني الغمر يظن في نفسه أنه أكبر من هشام بن الحكم، ويسألني هل يجوز الصلاة مع المرجئة في جماعتهم؟
فقال: جميع من كان حاضراً من المشايخ كقول نوح بن شعيب فعندها طابت نفسي(73).
37 - عن عبد الله بن حبيب بن جندب قال:
قلت لأبي بعد الله - عليه السلام -: إني أصلّي المغرب مع هؤلاء وأعيدها فأخاف أن يفتقدوني؟
قال: إذا صليت الثالثة فمكّن في الأرض أليتك، ثم انهض وتشهّد وأنت قائم، ثم اركع واسجد فإنهم يحسبون أنها نافلة(74).
38 - جامع الأخبار: عن النبي صلّى الله عليه وآله أنه قال:
من صلى خلف المنافقين بتقيّة كان كمن صلى خلف الأئمة(75).
39 - عن أبي جعفر محمد بن علي - عليهما السلام - أنه قال:
لا تصلوا خلف ناصب ولا كرامة(76).
وبعد هذا كلّه لا أظن القارئ الكريم بحاجة إلى بيان حول صحة الصلاة أو عدمها خلف أهل السنة.
الفصل الخامس
الشيعة ونكاح أهل السنة
على أثر إصدار الرافضة حكم التكفير والتفسيق والضلالة على أهل السنة، رتّبوا كافة الأحكام الفقهية الناتجة على ذلك الحكم وطبّقوها على أهل السنة.(1/43)
لذا فإننا نراهم لا يجيزون نكاح أهل السنة، بل إنهم يفضّلون نكاح اليهودية والنصرانية والمجوسية على نكاح السّنّيّة، لأن الأخيرة عند الرافضة كافرة وإن انتحلت الإسلام على حد زعمهم. ذكرت هذا لأنَّ بعض المخدوعين بهم يقولون هذا ليس من اعتقاد الرافضة، ولما كان ذلك يحتاج إلى أدل من كتب الرافضة، فإنني بحثت هذه المسألة من كتب الرافضة التي تحظى بالاعتماد والثقة، وذلك لئلا يتبجح بعض المغفلين من أبناء أهل السنة بأن هذا إفكٌ مبين.
يقول الرافضي حسين آل عصفور في كتابه "المحاسن النفسانية في أجوبة المسائل الخراسانية" ص154 :
وأما الجواب عن الثانية وهي أنه على القول بكفرهم وتنجيسهم هل التمتع ببناتهم ونسائهم جائز أم لا؟ فالظاهر أن كل من قال بكفرهم ونجاستهم لا ارتياب عنده في المنع من التمتع ببناتهم ونسائهم. والظاهر أنَّ عطف نسائهم على بناتهم في كلامه من باب عطف العام على الخاص.
وقد ذكر الأصحاب في هذا المقام بالنسبة إلى جواز التمتع من الناصبة المنع إلا أنهم بين قولين: وقائل بالمنع فيها مطلقاً، وقائل بتقييدها بالمعلنة. والظاهر أنهم أرادوا بها من تحقق نصبها بالمعنى الذي ذكرناه عنهم، وهو نصب العداوة لأهل البيت - عليهم السلام -، دون مطلق المخالفة كما اخترناه. والحق هنا هو التعميم لدلالة الأخبار على ذلك. ومِمّن صرّح بالتعميم المفيد في رسالة المتعة والأخبار في ذلك مستفيضة.
ويقول ص157 بعد أن استعرض الروايات الدالة على نكاح أهل السنة:
وأنت إذا تأملت هذه الأحاديث من أولها إلى آخرها ظهر لك منها الجزم بالتحريم في التمتع بالصبية على وجه لا يحوم حوله شك على أنك قد عرفت سابقاً أنه ليس الناصب إلا عبارة عن التقديم على عليّ - عليه السلام - غيره سواء أعلنت بالعداوة لهم أو لشيعتهم أم لا، فتعليق التحريم على الإعلان كما ادعاه أكثر فقهائنا أو على تحقق العداوة كما عليه آخرون تقييد لهذه النصوص من غير حاجة.(1/44)
ويقول أيضاً ص161: فالقول بالتحليل والكراهية إلم(77) يكونوا معلنين بالنصب أو التفصيل بين النساء والرجال، فيجوز نكاح نسائهم ولا يجوز لنسائنا مناكحتهم ضعيف جداً بين ما حققناه، فالتزام التحريم في النكاح مطلقاً ودواماً وملك يمين من الجانبين هو المعتمد إلا أن توجيه التقيّة ....
ومن منطلق تحريم الرافضة نكاح أهل السنة، فإن بعض علماء الرافضة ينكرون أن تكون رقيّة وأم كلثوم - رضي الله عنهما - من بنات المصطفى - عليه الصلاة والسلام -، وأنّه - عليه الصلاة والسلام - زوجهما عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وأرضاه وجعل الجنة مثواه.
يقول نعمة الله الجزائري في كتابه "الأنوار النعمانية" ج1 ص80-81 :
وأما قوله: وأما عثمان فهو وإن شاركه في كونه ختنا له. أقول: الأختان اللتان أخذهما عثمان هما: رقيّة تزوجها عتبة بن أبي لهب فطلّقها قبل أن يدخل بها ولحقها منه أذى، فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلم اللهم سلّط على عتبة كلباً من كلابك، فتناوله الأسد من بين أصحابه، تزوجها بعده عثمان بن عفان فولدت له عبد الله ومات صغيراً، نقره ديك في عينيه فمرض ومات، وتوفيت بالمدينة زمن بدر فتخلّف عثمان على دفنها، ومنعه أن يشهد بدراً، وقد كان عثمان هاجر إلى الحبشة ومعه رقيّة، والأخرى أم كلثوم تزوجها أيضاً عثمان بعد أختها رقيّة وتوفيت عنده.
وقد اختلف العلماء لاختلاف الروايات في أنهما هل هما من بنات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من خديجة أو أنهما ربيبتاه من أحد زوجيها الأولين؟
فإنه أولاً قد تزوجها عتيق بن عائد المخزومي فولدت له جارية، ثم تزوجها أبو هالة الأسدي فولدت له هنداً بنت هالة، ثم تزوجها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.(1/45)
وهذا الاختلاف لا أثر له لأن عثمان في زمن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قد كان ممن أظهر الإسلام وأبطن النفاق، وهو صلّى الله عليه وآله وسلّم قد كان مكلفاً بظواهر الأوامر كحالنا نحن أيضاً، وكان يميل إلى مواصلة المنافقين رجاء الإيمان الباطني منهم، مع أنه صلّى الله عليه وآله وسلّم لو أراد الإيمان الواقعي لكان أقل قليل، فإن أغلب الصحابة كانوا على النفاق لكن كانت نار نفاقهم كامنة في زمنه، ولذا قال - عليه السلام -: ارتدَّ الناس كلهم بعد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إلا أربعة: سلمان، وأبو ذر، والمقداد، وعمّار، وهذا مما لا إشكال فيه. اه.
ويقول أبو القاسم الكوفي في كتابه "الاستغاثة في بدع الثلاثة"(78) ج1 ص75 وما بعدها:
أما ما روت العامة(79) من تزويج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عثمان بن عفان رقيّة وزينب(80) فإن التزويج صحيح غير متنازع فيه، إنما التنازع بيننا وقع في رقيّة وزينب هل هما ابنتا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أم ليستا ابنتيه؟ وليس لأحد من أهل النظر إذا وجد تنازعا من خصمين، كل منهما يدّعي أنَّ الحق معه، وفي يده الميل إلى أحد الخصمين دون الآخر بغير بيان وإيضاح، ويجب البحث عن صحة كل واحد منهما بالنظر والاختبار والتفحص والاعتبار. فإذا اتضح له الحق منهما وبان له الصدق من أحدهما اعتقد عند ذلك قول المحق من الخصمين، وأطرح الفاسد من المذهبين، ولم يدحضه كثرة مخالفيه وقلّة عدد مؤلفيه، فإن الحق لا يتضح عند أهل النظر والفهم والعلم والتميز والطلب لكثرة متّبعيه، ولا يبطل لقلة قائليه، وإنما يتحقق ويتضح الصدق بتصحيح النظر والتميز والطلب للشواهد والأعلام التي تجاب .... إن رقية وزينب زوجتي عثمان لم يكونا ابنتي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا ولد خديجة زوجة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإنما دخلت الشبهة على العوام(81) فيهما لقلة معرفتهم بالأنساب وفهمهم بالأسباب.(1/46)
ويقول أيضاً ص80: وصح لنا فيهما ما رواه مشايخنا من أهل العلم عن الأئمة من أهل البيت، وذلك أن الرواية صحت عندنا عنهم أنه كانت لخديجة بنت خويلد من أمها أخت يقال لها هالة قد تزوجها رجل من بني مخزوم، فولدت بنتاً اسمها هالة ثم خلف عليها بعد أبي هالة رجل من تميم يقال له أبو هند، فأولدها ابناً كان يسمى هنداً بن أبي هند وابنين، فكانتا هاتان منسوبتين إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ......
وقد كفانا مؤنة الرد على هذا الهذيان المعلّق على الكتاب والمستتر تحت اسم "الكاتب"، ولا أدر وجه تستره وعدم الإفصاح عن اسمه، حيث أن كتاب الكوفي كله طعن وتجريح ولعن للصحابة رضوان الله تعالى عليهم جميعاً. فيقول في تعليقه على الكتاب ج1 ص89-91:
قد رأيت رأى صاحب الكتاب في زينب ورقيّة وأنهما ليستا ابنتي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا خديجة، وأن تزويج النبي صلّى الله عليه وسلّم إياهما عثمان بن عفان بعد عتبة بن أبي لهب، وأبي العاص بن الربيع صحيح غير متنازع فيه، ولكن خالف صاحب الكتاب في هذا الرأي جماعة من أساطين العلماء من الفقهاء والنسابين ممن لا يستهان بهم، منهم العلامة الشيخ المفيد فإنه في "أجوبة المسائل الحاجبية" في جواب المسألة المتممة للخمسين لما سئل عن ذلك، قال: إن زينب ورقية كانتا ابنتي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والمخالف لذلك شاذ بخلافه، فأما تزويجه صلّى الله عليه وسلّم بكافرين فإن ذلك قبل تحريم مناكحة الكفار، وكان له صلّى الله عليه وسلّم أن يزوجهما ممن يراه، وقد كات لأبي العاص وعتبة نسب برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان لهما محل عظيم إذ ذاك، ولم يمنع شرع من العقد لهما، فيمتنع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من أجله.(1/47)
وقال في "أجوبة المسائل السروية" ما نصه: قد زوج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بنتيه قبل البعثة كافرين كانا يعبدان الأصنام أحدهما: عتبة بن أبي لهب، والآخر أبو العاص بن الربيع، فلما بعث صلّى الله عليه وسلّم فرق بينهما وبين ابنتيه، فمات عتبة على الكفر، وأسلم أبو العاص بعد إبائه الإسلام فردها عليه بالنكاح الأول، ولم يكن صلّى الله عليه وآله وسلّم في حال من الأحوال كافراً ولا موالياً لأهل الكفر، وقد زوج من تبرأ من دينه وهو معاد له في الله عز وجل. وهاتان البنتان هما اللتان تزوجهما عثمان بن عفان بعد هلاك عتبة وموت أبي العاص، وإنما زوجه النبي صلّى الله عليه وسلّم على ظاهر الإسلام ثم إنه تغيّر بعد ذلك، ولم يكن على النبي صلّى الله عليه وسلّم تبعاً فيهما يحدث في العاقبة، هذا على قول أصحابنا، وعلى قول فريق آخر أنه زوجه على الظاهر، وكان باطنه مستوراً عنه ويمكن أن يستر الله عن نبيه - عليه السلام - نفاق كثير من المنافقين، وقد قال الله سبحانه: { وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ } فليكن في أهل مكة كذلك، والنكاح على الظاهر دون الباطن على ما بيّناه (ثم قال) ويمكن أن يكون الله تعالى قد أباحه مناكحة من تظاهر بالإسلام وإن علم من باطنه النفاق وخصه بذلك ورخص له فيه كما خصه في أن يجمع بين أكثر من أربع حرائر في النكاح، وأباحه أن ينكح بغير مهر، ولم يحظر عليه المواصلة في الصيام ولا الصلاة بعد قيامه من النوم بغير وضوء وأشباه ذلك مما خص به وحظر على غيره من عامة الناس.
فهذه الأجوبة الثلاثة عن تزويج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عثمان كل واحد منها كاف بنفسه مستغنى به عما ورد.(1/48)
والأعجب من ذلك فإن الرافضة يزعمون بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يتزوج أم كلثوم بنت علي - رضي الله عنهما إلا بإكراه من عليّ رضي الله عنه، وأن علياً - رضي الله عنه - لم يستطع الرفض، وأن العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - حاول مع علي - رضي الله عنه مراراً من أجل الموافقة على ذلك في الزواج وإلا انتزع عمر من العباس - رضي الله عنه - السقاية وزمزم. ولا أريد التوسع في ذلك ولندع كتب الرافضة تحدثنا عن هذا الزواج، الذي تزوج عمر - رضي الله عنه - جنية متمثلة في شكل أم كلثوم بنت علي - رضي الله عنهما - وإن اسم تلك الجنية هي سحيفة بنت جريرية من أهل نجران وهي يهودية.
عن عمر بن أذينه قال: قيل لأبي عبد الله عليه السلام: أن الناس يحتجون علينا ويقولون: إن أمير المؤمنين - عليه السلام - زوج فلاناً(82) ابنته أم كلثوم. وكان متكئاً فجلس وقال: أيقولون ذلك؟ إن قوماً يزعمون ذلك لا يهتدون إلى سواء السبيل، سبحان الله ما كان يقدر أمير المؤمنين - عليه السلام - أن يحول بينه وبينها فينقذها كذبوا ولم يكن ما قالوا، إن فلاناً(83) خطب إلى علي - عليه السلام - بنته أم كلثوم فأبى عليه - عليه السلام -، فقال للعباس: والله لئن لم تزوجني لأنتزعن منك السقاية وزمزم، فأتى العباس علياً فكلمه، فأبى عليه فألح العباس، فلما رأى أمير المؤمنين - عليه السلام - مشقة الرجل على العباس وأنه سيفعل بالسقاية ما قال، أرسل أمير المؤمنين - عليه السلام - إلى جنية من أهل نجران يهودية يقال لها سحيفة بنت جريرية، فأمرها فتمثلت في مثال أم كلثوم وحجبت الأبصار عن أم كلثوم وبعث بها إلى الرجل، فلم تزل عنده حتى إنه استراب بها يوماً، فقال: ما في الأرض أهل بيت أسحر من بني هاشم، ثم أراد أن يُظهر ذلك للناس فقُتل وأخذت الميراث وانصرفت إلى نجران، وأظهر أمير المؤمنين - عليه السلام - أم كلثوم(84).(1/49)
وعن زرارة عن أبي عبد الله - عليه السلام - في تزويج أم كلثوم: فقال: إن ذلك فرج غصبناه(85).
وعلّق المجلسي على هذه الرواية فقال: هذه الأخبار لا ينافي ما مر من قصة الجنية، لأنها قصة مخيفة أطلعوا عليها خواصمهم، ولم يكن يتم به الاحتجاج على المخالفين، بل ربما كانوا يحترزون عن إظهار أمثال تلك الأمور لأكثر الشيعة أيضاً، لئلا تقبله عقولهم(86) ولئلا يغلو فيهم، فالمعنى: غصبناه ظاهراً وبزعم الناس إن صحت تلك القصة.
ويقول كبيرهم الملقب عند الرافضة بالمفيد في جواب المسائل السروية ما نصه(87):
إن الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين - عليه السلام - ابنته من عمر لم يثبت ..... ثم أنه لو صح لكان له وجهان لا ينافيان مذهب الشيعة في ضلال المتقدمين على أمير المؤمنين - عليه السلام - أحدهما أن النكاح إنما هو على ظاهر الإسلام الذي هو الشهادتان والصلاة إلى الكعبة والإقرار بجملة الشريعة، وإن كان الأفضل مناكحة الضال مع إن كان الأفضل مناكحة من يعتقد الإيمان، ويكره مناكحة من ضم إلى ظهر الإسلام ضلالاً يُخرجه عن الإيمان، إلا أن الضرورة متى قادت إلى مناكحة الضّالّ مع إظهاره كلمة الإسلام زالت الكراهة من ذلك، وأمير المؤمنين كان مضطراً إلى مناكحة الرجل، لأنه تهدده وتوعده، فلم يأمنه على نفسه وشيعته، فأجابه إلى ذلك ضرورة كما إن الضرورة يشرع إظهار كلمة الكفر ..... إلخ.
وقال المرتضى(88) الذي هو ثاني اثنين زوراً على لسان أمير المؤمنين - رضي الله عنه - خطباً وجمعها في كتاب أسمياه "نهج البلاغة" المنسوب زوراً وبهتاناً إلى علي - رضي الله عنه -:(1/50)
على أنه لو لم يجر ما ذكرناه لم يمتنع أن يجوّزه أمير المؤمنين - عليه السلام - لأنه كان على ظاهر الإسلام والتمسك بشرائعه وإظهار الإسلام، وهذا حكم يرجع إلى الشرع فيه، وليس مما يخاطره العقل، وقد كان يجوز في العقول أن يبيحنا الله تعالى مناكحة المرتدين على اختلاف ردتهم، وكان يجوز أيضاً أن يبيحنا أن ننكح اليهود والنصارى كما أباحنا عند أكثر المسلمين أن ننكح فيهم، وهذا إذا كان في العقول سائغاً فالمرجع في تحليله وتحريمه إلى الشريعة، وفعل أمير المؤمنين عليه السلام حجة عندنا في الشرع، فلنا أن نجعل ما فعله أصلاً في جواز مناكحة من ذكروه وليس لهم أن يلزموا على ذلك مناكحة اليهود والنصارى وعبّاد الأوثان، لأنهم إن سألوا عن جوازه في العقل فهو جائز، وإن سألوا عنه في الشرع فالإجماع يحذره ويمنع منه.
وعلّق المجلسي على كلام الرافضيين: المفيد والمرتضى بقوله:
أقول: بعد إنكار عمر النص الجلي وظهور نصبه وعداوته لأهل البيت - عليهم السلام -، يشكل القول بجواز مناكحته من غير ضرورة لا تقيّة، إلا أن يقال بجواز مناكحة كل مرتد عن الإسلام، ولم يقل به أحد من أصحابنا. ولعل الفاضلين إنما ذكروا ذلك استظهاراً على الخصم، وكذا إنكار المفيد أصل الواقعة إنما هو لبيان أنه لم يثبت ذلك من طرقهم، وإلا فبعد ورود ما مر من الأخبار إنكار ذلك عجيب(89).
ونحن نقول للمجلسي ومن يشايعه ويعتقد بعقائده الفاسدة: لا تعجب من هذا، والأولى أن تعجب من أصول عقائدكم وتخبطكم في الضلال والجهل، وانتظار الغائب التائه الذي لم يستدل على طريق له، وهل دين الرافضة إلا مجموعة تناقضات وتسولات من الديانات والمذاهب، باختصار أنكم تلبسون ثوباً مرقعاً فيه كل لون.(1/51)
يقول الرافض الشقي نعمة الله الجزائري في كتابه "الأنوار النعمانية" ج1 ص81-84: وإنما الإشكال في تزويج علي عليه السلام أم كلثوم لعمر بن الخطاب وقت تخلفه لأنه قد ظهرت منه المناكير وارتد عن الدين ارتداداً أعظم من كل من ارتد، حتى أنه قد ورد في روايات الخاصة(90) أن الشيطان يغل بسبعين غلاً من حديد جهنم ويساق إلى المحشر فينظر ويرى رجلاً أمامه تقوده ملائكة العذاب وفي عنقه مائة وعشرون غلاً من أغلال جهنم، فيدنو الشيطان إليه ويقول: ما فعل الشقي حتى زاد عليّ في العذاب وأنا أغويت الخلق وأوردتهم موارد الهلاك. فيقول عمر للشيطان: ما فعلت من شيء سوى أني غصبت خلافة علي بن أبي طالب(91)، والظاهر أنه قد استقل سبب شقواته ومزيد عذابه، ولم يعلم أن كل ما وقع في الدنيا إلى يوم القيامة من الكفر والنفاق واستيلاء أهل الجور والظلم إنما هو من فعلته هذه .... فإذا ارتد على هذا النحو من الارتداد فكيف ساغ في الشريعة(92) مناكحته وقد حرم الله تعالى نكاح أهل الكفر والارتداد واتفق عليه علماء الخاصة.
فنقول: قد تفصّى(93) الأصحاب عن هذا بوجهين عاميّ وخاصيّ:
أما الأول: فقد استفاض في أخبارهم عن الصادق - عليه السلام - عن هذه المناكحة فقال: إنه أول فرج غصبناه.(1/52)
وتفصيل هذا أن الخلافة قد كانت أعز على أمير المؤمنين من الأولاد والأزواج والأموال(94)، وذلك لأن بها انتظام الدين وإتمام السنة ورفع الجور وإحياء الحق وموت الباطل، وجميع فوائد الدنيا والآخرة، فإذا لم يقدر على الدفع عن مثل هذا الأمر الجليل الذي ما تمكن من الدفع عنه زمان معاوية وقد بذل عليه الأرواح وسفك فيه المهج، حتى إنه قتل لأجله ستين ألفاً في معركة صفين وقتل من عسكره عشرون ألفاً، وواقعة الطفوف أشهر من أن تذكر، فإذا قبلنا منه العذر في ترك هذا الأمر الجليل فقد كان معذوراً كما سيأتي الكلام فيه عند ذكر أسباب تقاعده عليه السلام عن الحرب زمان الثلاثة ... والتقية باب فتحه الله سبحانه للعباد وأمرهم بارتكابه وألزمهم به(95) كما أوجب عليه الصلاة والصيام حتى أن ورد عن الأئمة الطاهرين - عليهم السلام -: لا دين لمن لا تقيّة له، فقبل عذره - عليه السلام - في مثل هذا الأمر الجزئي، وذلك أنه قد روى الكليني عن ابن أبي عمير عن شام بن سالم عن أبي بعد الله عليه السلام قال: لما خطب إليه، قال له أمير المؤمنين - عليه السلام -: إنها صبية، قال: فلقي العباس فقال له: ما لي أبي بأس، قال: وما ذاك، قال: خطب إلى ابن أخيك فردني أما والله لأعودنا زمزم ولا أدع لكم مكرمةً إلا هدمتها ولأقيمن عليها شاهدين بأنه سرق ولأقطعن يمينه، فأتاه العباس وأخبره وسأله أن يجعل الأمر إليه فجعل إليه.(1/53)
وأما الشبهة الواردة على هذا وهي: أنه يلزم أن يكون عمر زانياً في ذلك النكاح وهو مما لا يقبله العقل بالنظر إلى أم كلثوم، فالجواب عنها من وجهين: أحدهما أن أم كلثوم لا حرج عليها في مثله لا ظاهراً ولا واقعاً وهو ظاهر، وأما هو فليس بزان في ظاهر الشريعة لأنه دخولٌ ترتب على عقد بإذن الولي الشرعي، وأما في الواقع وفي نفس الأمر فعليه عذاب الزاني، بل عذاب كل أهل المساوئ والقبائح الثاني. إن الحالة لما آل إلى ما ذكرنا من التقيّة فيجوز أن يكون رضي - عليه السلام - بتلك المناكحة رفعاً لدخوله في سلك غير الوطئ المباح.(1/54)
وأما الثاني: وهو الوجه الخاصي: فقد رواه بهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني النجفي في المجلد الأول من كتابه المسمى بالأنوار المضيئة، قال: مما جاز لي روايته عن محمد بن محمد بن النعمان المفيد رفعه إلى عمر بن أذينه قال: قلت لأبي عبد الله - عليه السلام - إن الناس يحتجون أن أمير المؤمنين - عليه السلام - زوج فلاناً ابنته أم كلثوم، وكان - عليه السلام - متكئاً فجلس وقال: أتقبلون أن علياً عليه السلام أنكح فلاناً ابنته، إن قوماً يزعمون ذلك ما يهتدون إلى سواء السبيل ولا الرشاد، ثم صفق بيده وقال: سبحان الله ما كان أمير المؤمنين - عليه السلام - يقدر أن يحول بينه وبينها، كذبوا لم يكن ما قالوا إن فلاناً خطب إلى علي - عليه السلام - بنته أم كلثوم فأبى فقال للعباس: والله لئن لم يزوجني لأنزعن منك السقايا وزمزم فأتى العباس علياً عليه السلام فكلمه، فأبى عليه فألح عليه العباس، فلما رأى أمير المؤمنين مشقة رجل على العباس وأنه سيفعل معه ما قال، أرسل إلى جنية من أهل نجران يهودية يقال لها سحيفة بنت جريرية، فأمرها فتمثلت في مثال أم كلثوم وحجبت الأبصار عن أم كلثوم بها، وبعث بها إلى الرجل فلم تزل عنده حتى أنه استراب بها يوماً وقال: ما في الأرض أهل بيت أسحر من بني هاشم، ثم أراد أن يظهر للناس فقتل فأخذت الميراث وانصرفت إلى نجران وأظهر أمير المؤمنين - عليه السلام -.
وأقول وعلى هذا فحديث أول فرج غصبناه محمول على التقيّة والإتقاء مع عوام الشيعة كما لا يخفى ... اه.
وذكر أبو القاسم الكوفي في كتابه "الاستغاثة في بدع الثلاثة" ج1 ص90-96 قريباً من هذا الكلام وزاد في بعض المواضع ولولا خشية الإطالة على القراء الكرام لنقلنا كلامه بحرفه، ولكن أظن أن ما أوردناه سابقاً يكفي المسلم بصيرة حول موقف الرافضة من زواج عمر بأم كلثوم.(1/55)
وبعد هذا الاستطراد حول زواج عمر من أم كلثوم وعثمان من رقية وأم كلثوم - رضي الله عنهم جميعاً - نذكر الروايات التي تدل على عدم جواز مناكحة أهل السنة من واقع المراجع الرافضية.
1 - عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفر - عليه السلام - عن المرأة العارفة(96) هل أزوجها الناصب؟
قال: لا، لأن الناصب كافر.
قلت: فأزوجها لرجل غير الناصب ولا العارف ؟
فقال: غيره أحبّ إليَّ منه(97).
2 - عن فضيل بن يسار عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: لا يتزوج المؤمن الناصبة المعروفة بذلك(98).
3 - عن ربعي، عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: قال له الفضيل: أزوج الناصبة؟
قال: لا ولا كرامة.
قلت: جعلت فداك والله إني لأقول لك هذا ولو جاءني بيت ملآن دراهم ما فعلت(99).
5 - عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن الناصب الذي قد عرف نصبه وعداوته هل يزوجه المؤمن(100) وهو قادر على ردّه وهو لا يعلم بردّه؟
قال: لا يتزوج المؤمن الناصبة ولا يتزوج الناصب المؤمنة، ولا يتزوج المستضعف مؤمنة(101).
6 - عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي عبد الله - عليه السلام - إن لامرأتي أختاً عارفة على رأينا، وليس على رأينا بالبصرة إلا قليل فأزوجها ممن لا يرى رأيها؟
قال: لا ولا نعمة إن الله عز وجل بقول: { فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ }(102).
7 - عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن نكاح الناصب؟
فقال: لا والله ما يحل.
قال فضيل: ثم سألته مرة أخرى، فقلت: جعلت فداك ما تقول في نكاحهم؟
قال: والمرأة عارفة؟
قلت: عارفة.
قال: إن العارفة لا توضع إلا عند عارف(103).
8 - عن عبد الله بن سنان: عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: سأله أبي وأنا أسمع عن نكاح اليهودية والنصرانية.
فقال: نكاحهما أحبُّ إليّ من نكاح الناصبية(104).(1/56)
9 - عن أبي بصير عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه قال: تزوج اليهودية أفضل، أو قال: خير من أن تزوّج الناصبي والناصبية(105).
10 - عن الحلبي، عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه أتاه قوم من أهل خراسان من وراء النهر، فقال لهم: تصافحون أهل بلادكم(106) وتناكحون؟ أما إنكم إذا صافحتموهم انقطعت عروة من عرى الإسلام، وإذا ناكحتموهم انهتك الحجاب بينكم وبين الله عز وجل(107).
11 - عن سليمان الحمار، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال:
لا ينبغي للرجل المسلم منكم أن يتزوج الناصبي، ولا يزوّج ابنته ناصبياً ولا يطرحها عنده(108).
12 - عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفر - عليه السلام - عن المرأة العارفة هل أزوجها الناصب؟
قال: لا، لأن الناصب كافر(109).
13 - عن فضيل بن يسار عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: ذُكر النصّاب.
فقال: لا تناكحهم ولا تأكل ذبيحتهم ولا تسكن معهم(110).
14 - عن يونس عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال:
لا تزوج المنافقة على المؤمنة، وتزوج المؤمنة على المنافقة(111).
15 - عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفر - عليه السلام - عن مناكحة الناصب والصلاة خلفه.
فقال: لا تناكحه ولا تصل خلفه(112).
16 - عن عبد الله بن بكير عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي جعفر - عليه السلام -: إن لامرأتي أختاً مسلمة لا بأس برأيها وليس بالبصرة أحد، فما ترى في تزويجها من الناس؟
فقال: لا تزوّجها إلا مِمَّن هو على رأيها وتزويج المرأة التي ليس بناصبة لا بأس به(113).
الفصل السادس
وجوب مخالفة أهل السنة
مخالفة أهل السنة واجبة عند الشيعة
من الأمور المسلم بها عند الشيعة قاطبة وجوب مخالفة أهل السنة في الأخبار فضلاً عن العقائد حتى أن مقياس صحة أي خبر عند الشيعة لابد أن يكون خلاف ما عليه أهل السنة.(1/57)
ونحن لا نسوق هذا جزافاً ولا نذكره من كتب الأقدمين بل نذكر هذا من كتاب لأحد علماء الشيعة الرافضة وما يسمى عندهم بنائب المهدي المنتظر وأعلى شخصية في إيران الآيات: آية الله الخميني فيقول موضحاً سبب ضرورة المخالفة:
عن أبي إسحاق الأرجاني رفعه قال: قال أبو عبد الله - عليه السلام -:
أتدري: لم أمرتم بخلاف ما تقول العامة؟
قلت: لا أدري.
قال: أنّ عليّاً لم يكن يدين لله بدين إلا خالف عليه الأمة إلى غيره إرادة لإبطال أمره وكانوا يسألون أمير المؤمنين عن الشيء لا يعلمون عنه. فإذا أفتاهم جعلوا له ضداً من عندهم ليلتبسوا على الناس(114).
فالسبب عند الخميني في المخالفة ومن هو على شاكلته ودينه المنحرف أن الصحابة رضوان الله عليهم يستفتون الإمام علياً - رضي الله عنه - فيما أشكل عليهم ثم يضعون نقيضه فلهذا خبر الشيعة لا يوافق خبر أهل السنة إلا عن تقية وسيأتي تفصيله.
الصحابة - رضي الله عنهم - لم يكونوا بالصورة القائمة من الحق والكراهية التي صورها الخميني وجميع الشيعة في تعاملهم مع ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصهره بل يفضلونه على أنفسهم في بعض الأحيان. والشيعة قلبوا حقائق التاريخ وكتبوه بمداد الحقد والكراهية لأولئك العظام التي عقمت أرحام المجوس وغيرهم أن ينجبن مثلهم. ولا أعلم أي جريرة أرتكبها رضوان الله عليهم عند الشيعة أعظم من نصرة المصطفى عليه الصلاة والسلام ونشر الإسلام وفدائه بالمال والروح والقضاء على ملة الكفر والأسر المجوسية الذي يعد الخميني أحد أحفادها فأراد أن ينتقم لسلفه بتشويه سيرة أولئك العظام ولكن مهما يكن فلن يضر القافلة نبح الكلاب وهي تسير.(1/58)
التاريخ رغم أنف المجوسي ومن يلهج بذكرهم والعمل على إعادة سيرتهم حفظ لنا المواقف المشرفة التي وقفها صحابه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الدفاع عن الإسلام ورسول الإسلام - عليه السلام - وسجل لنا المواقف المخزية لمن اتخذوا التشيع ستاراً للنيل من الإسلام ورسوله ورجاله.
ويقول أيضاً: البحث الثاني في حال الأخبار الواردة في مخالفة العامة وهي أيضاً طائفتان:
أحديهما: ما وردت في خصوص الخبرتين المتعارضتين.
وثانيتهما: ما يظهر منها لزوم مخالفهم وترك الخبر الموافق لهم مطلقاً.
فمن الأولى:
مصححة عبد الرحمن بن أبي عبد الله وفيها:
فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه.
وعن رسالة القطب أيضاً بسند فيه إرسال عن الحسن بن الري قال: قال أبو عبد الله - عليه السلام -:
إذا ورد عليكم حديثان فخذوا بما خالف القوم.
وعنها بإسناده عن الحسن بن الجهم قال: قلت للعبد الصالح(115):
هل يسعنا فيما ورد علينا منكم إلا التسليم لكم.
فقال: لا والله لا يسعكم إلا التسليم لنا.
فقلت: فيروي عن أبي عبد الله - عليه السلام - شيء ويروي خلافه فأيهما نأخذ؟
فقال: خذ بما خالف القوم وما وافق القوم فاجتنبه.
وعلّق الخميني على ما سبق بقوله:
ولا يخفى وضوح دلالة هذه الأخبار على أن مخالفة العامة مرجحة في الخبرين المتعارضين مع اعتبار سند بعضها بل صحة بعضها على الظاهر واشتهار مضمونها بين الأصحاب بل هو المرجح هو المتداول العام الشائع في جميع أبواب الفقه والسنة الفقهاء(116).
وترجيح المتعارض عند الشيعة بما يخالف أهل السنة إنما هو نتيجة تنافر أدلة أحكامهم وعقائدهم وعدم تآلفهم بينها خلاف في مدلولات روايتهم فأبسط شيء عندهم هو الأخذ بما يخالف أهل السنة.
ويقول أيضاً:
ومن الطائفة الثانية:
عن العيون بإسناده، عن علي بن أسباط قال:(1/59)
قلت للرضا عليه السلام: يحدث الأمر أجد من معرفته وليس في البلد الذي أنا فيه أحدٌ أستفتيه من مواليك؟
قال: ائت فقيه البلد فاستفته من أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه فإن الحق فيه.
وعلّق عليها قائلاً:
موردها صورة الاضطرار وعدم طريق إلى الواقع فأرشده إلى طريق يرجع إليه لدى سد الطرق.
معرفة ما يخفر من الأحكام الشرعية لدى الشيعي وهو ببلدٍ على خلاف ما هو عليه هو استفتائه علمائه والأخذ بخلاف ما يقول. فإن الحق فيه.
والخميني والشيعة قاطبة يرون أنه إذا صدرت عن المعصوم فتوى توافق ما عليه أهل السنة ففتياه تقيّة لأنهما أضداد يستحيل اللقاء بينهما إلا إذا جمعنا الليل والنهار والضلال والهدى.
وفي ذلك يقول الخميني:
عن عبيد بن زراره عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال:
ما سمعت مني يشبه قول الناس ففيه التقيّة. وما سمعت مني لا يشبه قول الناس فلا تقيّة فيه.
فعلّق عليها: لا يبعد أن يكون مراده شباهة قول الناس في آرائهم وأهوائهم كالقول بالجبر والقياس والفتاوى الباطلة المعروفة منهم كالقول بالعول والتعصيب(117).
وعندهم لا يتم إيمان الشيعي إلا إذا خالف أهل السنة ولم يكن كذلك فهو آثم ودينه ليس كاملاً فيقول الخميني:
وأما قوله في رواية شيعتنا المسلمون لأمرنا الآخذون بقولنا المخالفون لأعدائنا فمن لم يكن كذلك فليس منا.
وقوله في رواية أخرى:
ما أنتم على شيء مما هم عليه ولا هم على شيء إنما هو إقبال على باطل سواء كان ذلك عبادة أو غير ذلك فيقول:
وأما قوله في صحيحه إسماعيل بن بزيع:
إذا رأيت الناس يقبلون على شيء فاجتنبه.
يدل على أن إقبالهم على شيء وإصرارهم به يدل على بطلانه. وعلى أي حال لا إشكالاً في أن مخالفة العامة من مرجحات باب التعارض(118).
إن تمسك أهل السنة بكتاب الحق تبارك وتعالى والعمل بسنة نبيه صلّى الله عليه وسلّم باطل عند من التحفوا برداء موالاة أهل البيت وهم يطعنون في الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.(1/60)
ثم يأتي إلى ذكر الخلاصة مما سبق ذكره فيقول:
فتحصل من جميع ما ذكرنا من أول البحث إلى هنا أن المرجح المنصوص ينحصر في أمرين:
موافقة الكتاب والسنة ومخالفة العامة(119).
ويقول أيضاً:
قد اتضح أن المرجح المنصوص منحصر في موافقة الكتاب ومخالفة العامة فكل واحد منهما يمكن أن يدون ثبوتاً مرجحاً لأجل الصدور أو لجهته ويمكن أن يكون كل لجهته(120).
لم يبين لنا حفيد ابن سبأ ما هو الكتاب وما هي السنة.
هل هي أقوال الرسول صلّى الله عليه وسلّم وفعله وتقريره الناسفة لعقائد الشيعة أم أكاذيب زرارة والجعفي وغيرهما من مرتزقة التشيع وزنادقة الشعوبية.
وأرجو أخي القارئ ألا أكون قد أطلت عليك في بيان وجوب المخالفة بين أهل السنة والشيعة ولنختم كلاما بكلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى حيث يقول: أنهم(121) جعلوا مخالفة أهل السنة والجماعة الذين هم على ما عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه أصلاً للنجاة فصاروا كلما فعلوا أهل السنة تركوه وإن تركوا شيئاً فعلوه. فخرجوا بذلك عن الدين رأساً. فإن الشيطان سول لهم وأملى لهم وأدعو بأن هذه مخالفة علامة الفرقة الناجية وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: الفرقة الناجية هي السواد الأعظم وما أنا عليه وأصحابي. فلينظر إلى الفرق ومعتقداتهم وأعمالهم فما وافقت النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه هي الفرقة الناجية. وأهل السنة هم المتبعون لآثاره صلّى الله عليه وسلّم وآثار أصحابه كما لا يخفى على منصف ينظر بعين الحق. فهم أحق أن يكونوا الفرقة الناجية وآثار النجاة الظاهرة فيهم باستقامتهم على الدين من غير تحريف وظهور مذهبهم وشوكتهم في غالب البلاد ووجود العلماء المحققين والمحدثين والأولياء والصالحين فيهم وقد نزع الولاية عن الرافضة فما سمع فيهم ولي قط(122).
الفصل السابع
التحالف الشيعي
التتري - النصراني - اليهودي
ذكر المفيد في الاختصاص ص255 :(1/61)
عن مسلم أبي الحسن - عليه السلام - قال:
سأله رجل فقال له: الترك خير أم هؤلاء(123)؟
قال: فقال: إذا صرتم إلى الترك يخلون بينكم وبين دينكم؟
قال: قلت: لا بل يجهدون على قتلنا.
قال: فإن غزوهم أولئك فاغزوهم معهم أو أعينوهم عليهم - الشك من أبي الحسن - عليه السلام - فإعانة الكفار على أهل السنة عند الشيعة من الموجبات حيث أن أمر المعصوم عندهم العمل به واجب.
والتاريخ سجل لنا بعض تلك الإعانات وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: "والرافضة أعظم ذوي الأهواء جهلاً وظلماً يعادون خيار أولياء الله تعالى من بعد النبيين من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه، ويوالون الكفار والمنافقين من اليهود والنصارى والمشركين والملحدين كالنصيرية والإسماعيلية وغيرهم من الضالين، فتجدهم أو أكثر منهم إذا اختصم خصمان في ربهم من المؤمنين والكفار واختلف الناس فيما جاءت به الأنبياء فمنهم من آمن ومنهم من كفر سواء كان الاختلاف بقول أو عمل كالحروب بين المسلمين وأهل الكتاب والمشركين، تجدهم يعاونون المشركين وأهل الكتاب على المسلمين أهل القرآن كما قد جربه الناس منهم غير مرة في مثل إعانتهم للمشركين من الترك وغيرهم على أهل الإسلام بخراسان والعراق والجزيرة وغير ذلك. وإعانتهم للنصارى على المسلمين بالشام ومصر وغير ذلك في وقائع متعددة من أعظم الحوادث التي كانت في الإسلام في المائة الرابعة والسابعة. فإنه لما قدم كفار الترك إلى بلاد الإسلام وقتل من المسلمين ما لا يحصى عدده إلا رب الأنام. كانوا من أعظم الناس عداوة للمسلمين ومعاونة الكافرين وكذا معونتهم لليهود أمر شهير حتى يجعلهم الناس لهم كالحمير(124).
ويقول أيضاً:(1/62)
الشيعة ترى أن كفر أهل السنة أغلظ من كفر اليهود والنصارى لأن أولئك عندهم كفار أصليون وهؤلاء كفار مرتدون وكفر الردة أغلظ بالإجماع من الكفر الأصلي ولهذا السبب يعاونون الكفار على الجمهور من المسلمين فيعاونون التتار على الجمهور وهم كانوا من أعظم الأسباب في خروج جنكيز خان ملك الكفار إلى بلاد الإسلام وفي قدوم هولاكو إلى العراق وفي أخذ حلب ونهب الصالحية وغير ذلك بخبثهم ومكرهم ولهذا السبب نهبوا عساكر المسلمين لما مر عليهم وقت انصرافه إلى مصر في النوبة الأولى. ولهذا السبب يقطعون الطرقات على المسلمين وظهر فيهم من معاونة التتار والإفرنج على المسلمين والكآبة الشديدة بانتصار الإسلام ما ظهر وكذلك فتح المسلمين لعكا وغيرها. وظهر فيهم من الانتصار للإفرنج والنصارى وتقديمهم على المسلمين ما قد سمعه الناس منهم وكل هذا الذي وصفت بعض أمورهم وإلا فالأمر أعظم من ذلك. وقد اتفق أهل العلم بالأحوال أن أعظم السيوف التي سلت على أهل القبلة ممن ينتسب إلى أهل القبلة إنما هو من الطوائف المنتسبة إليهم منهم أشد ضرراً على الدين وأهله وأبعد من شرائع الإسلام من الخوارج الحرورية(125).... اه.
ولا يخفى على من له أدنى وعي تاريخي بالشيعة دور الوزير ابن العلقمي الخياني في سقوط بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية آنذاك وما جره على المسلمين من القتل والخراب والذل والهوان بالاتصال بهولاكو وإغرائه بغزو العراق وهيأ له من الأمور ما يمكنه من السيطرة.
وقد سلك ابن العلقمي في التخطيط لذلك الأمر بأن أشار على الخليفة المستعصم بتسريح أكبر عدد ممكن لتخفيف الأعباء المالية على الميزانية العامة فوافقه الخليفة على ذلك ولم يكن يعلم الخليفة بأن اقتراح الوزير ما هو إلا إضعاف جيش الخلافة في مواجهة الغزاة التتار حتى أن الجنود تدهورت حالتهم الاجتماعية والمالية مما اضطرهم إلى الاستخدام في حمل القاذورات.(1/63)
ولكي نلم ببعض جوانب تلك الخيانة العلقمية نورد بعض أقوال المؤرخين في بيان حقيقة ابن العلقمي وما قام به من المساهمة في سقوط الخلافة الإسلامية:
1 - جلال الدين السيوطي:
إن ابن العلقمي كاتَبَ التتر وأطمعهم في ملك بغداد(126).
2 - أبو شامة شهاب الدين بن عبد الرحمن بن إسماعيل(127):
إن التتار استولوا على بغداد بمكيدة دبرت مع وزير الخليفة(128).
3 - قطب الدين اليونيني البعلبكي:
وكاتب الوزير ابن العلقمي التتر وأطمعهم في البلاد وأرسل إليهم غلامه وسهل عليهم ملك العراق وطلب منهم أن يكون نائبهم في البلاد فوعده بذلك وأخذوا في التجهيز لقصد العراق وكاتبوا بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل في أن يسيّر إليهم ما يطلبونه من آلات الحب فسيّر إليهم ذلك ولما تحقق قصدهم علم أنهم إن ملكوا العراق لا يبقون عليه فكاتب الخليفة سراً في التحذير منهم وأنه يعد لحربهم فكان الوزير لا يوصل رسله إلى الخليفة ومن وصل إلى الخليفة منهم بغير علم الوزير أطلع الخليفة وزيره على أمره.. ويتابع البعلبكي في وصف جيوش التتار الزاحفة على بغداد وبعد أن تمكنوا من هزيمة الحامية الهزيلة في صد الغزو فيقول:
فحينئذ أشار ابن العلقمي الوزير على الخليفة بمصانعة ملك التتر ومصالحته وسأله أن يخرج إليه في تقرير ابنته من ابنك الأمير أبي بكر ويبقيك في منصب الخلافة كما أبقى سلطان الروم في سلطنة الروم لا يؤثر إلا أن تكون الطاعة له كما كان أجدادك من السلاطين السلجوقية وينصرف بعساكره عنك فتجيبه إلى هذا فإن فيه حقن دماء المسلمين ويمكن بعد ذلك أن يفعل ما تريد فحسن له الخروج إليه فخرج في جمع من أكابر الصحابة فأنزل في خيمة ثم دخل الوزير فاستدعى الفقهاء والأماثل ليحضروا عقد النكاح فيما أظهره فخرجوا فقتلوا وكذلك صار يخرج طائفة بعد طائفة(129).
4 - شمس الدين الذهبي:(1/64)
وأما بغداد فضعف دست الخلافة وقطعوا أخبار الجند استنجدهم المستنصر وانقطع ركب العراق... كل ذلك من عمل الوزير ابن العلقمي الرافضي جهد في أن يزيل دولة بني العباس ويقيم علوياً(130) وأخذ يكاتب التتار ويراسلونه والخليفة غافل لا يطلع على الأمور ولا له حرص على المصلحة(131).
5 - ابن شاكر الكتبي:
"وأخذ يكاتب التتار إلى أن جرأ هولاكو وجره على أخذ بغداد"(132).
6 - عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي:
وكان شيعياً رافضياً في قلبه غل للإسلام وأهله وحبب إلى الخليفة جمع المال والتقليل من العساكر فصار الجند يطلبون من يستخدمهم في حمل القاذورات ومنهم من يكاري على فرسه ليصلوا إلى ما يتقوتون به....(133) ثم يصف لنا السبكي مؤامرة ابن العلقمي في قتل الخليفة والعلماء والفقهاء واستباحة بغداد وإراقة الخمور في بيوت الله تعالى فيقول: وقصد هولاكو بغداد من جهة البر الشرقي ثم أنه ضرب سوراً على عسكره وأحاط ببغداد فأشار الوزير على الخليفة بمصانعتهم وقال: أخرج أنا إليهم في تقرير الصلح. فخرج وتوثق لنفسه من التتار ورجع إلى المستعصم وقال: إن السلطان يا مولانا أمير المؤمنين قد رغب في أن يزوج بنته بابنك الأمير أبي بكر ويبقيك في منصب الخلافة كما أبقى صاحب الروم في سلطنته ولا يؤثر إلا أن تكون الطاعة له كما كان أجدادك مع السلاطين السلجوقية وينصرف عنك بجيوشه فمولانا أمير المؤمنين يفعل هذا فإن فيه حقن دماء المسلمين وبعد ذلك يمكننا أن نفعل ما نريد والرأي أن تخرج إليه. فخرج أمير المؤمنين بنفسه في طوائف من الأعيان إلى باب الطاغية هولاكو ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..... فأنزل الخليفة في خيمة ثم دخل الوزير فاستدعى الفقهاء والأماثل ليحضروا العقد فخرجوا من بغداد فضربت أعناقهم وصار كذلك يخرج طائفة بعد طائفة فتضرب أعناقهم ثم طلب حاشية الخليفة فضرب أعناق الجميع ثم طلب أولاده فضرب أعناقهم .... وأما الخليفة فقيل أنه طلبه(1/65)
ليلاً وسأله عن أشياء ثم أمر به ليقتل. فقيل لهولاكو: أن هذا إن أريق دمه تظلم الدنيا ويكون سبب خراب ديارك فإنه ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وخليفة الله في أرضه فقام الشيطان المبين الحكم نصير الدين الطوسي(134) وقال: يقتل ولا يراق دمه وكان النصير من أشد الناس على المسلمين ... فقيل أن الخليفة غم في بساط وقيل رفسوه حتى مات. ولما جاءوا ليقتلوه صاح صيحة عظيمة. وقتلوا أمراءه عن آخرهم. ثم مدوا الجسر وبذلوا السيف ببغداد واستمر القتل ببغداد بضعاً وثلاثين يوماً ولم ينج إلا من اختفى وقيل أن هولاكو أمر بِعَدّ ذلك القتلى فكانوا ألف ألف وثمانمائة ألف النصف من ذلك تسعمائة ألف غير من لم يعد ومن غرق ثم نودي بعد ذلك بالأمان فخرج من كان مختبئاً وقد مات الكثير منهم تحت الأرض بأنواع من البلايا والذين خرجوا ذاقوا أنواع الهوان والذل ثم حفرت الدور وأخذت الدفائن والأموال التي لا تعد ولا تحصى وكانوا يدخلون الدار فيجدون الخبيئة فيها وصاحب الدار يحلف أن له السنين العديدة فيها ما علم أن بها خبيئة. ثم طلبت النصارى أن يقع الجهر بشرب الخمر وأكل لحم الخنزير وأن يفعل معهم المسلمون ذلك في شهر رمضان. فألزم المسلمون بالفطر في رمضان وأكل الخنزير وشرب الخمر ... ودخل هولاكو إلى دار الخليفة راكباً لعنه الله واستمر على فرسه إلى أن جاء إلى سدة الخليفة وهي تتضاءل عندها الأسود ويتناوله سعد السعود كالمستهزئ بها وانتهك الحرم من بيت وغيره .... وأعطى دار الخليفة لشخص من النصارى وأريقت الخمور في المساجد والجوامع ومنع المسلمون من الإعلان بالأذان فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ... هذه بغداد لم تكن دار كفر قط وجرى عليها هذا الذي لم يقع قط منذ قامت الدنيا مثله ...... وقتل الخليفة وإن كان وقع في الدنيا أعظم منه إلا أنه أضيف له هوان الدين والبلاء الذي لم يختص بل عم سائر المسلمين ....(135).
7 - حسن الديار بكري:(1/66)
ابن العلقمي الرافضي كان قد كتب إلى هولاكو ملك التتار في الدست أنك تحضر إلى بغداد وأنا أسلمها لك. وكان قد دخل قلب اللعين الكفر ... فكتب هولاكو: أن عساكر بغداد كثيرة فإن كنت صادقاً فيما قلته وداخلاً في طاعتنا فرق عساكر بغداد ونحن نحضر ... فلما وصل كتابه إلى الوزير. ودخل إلى المستعصم وقال: إنك تعطي دستوراً لخمسة عشر ألفاً من عساكرك وتوفر معلومهم(136). فأجاب المستعصم لذلك.. فخرج الوزير لوقته ومحا اسم من ذكر في الديوان ثم نفاهم من بغداد ومنعهم من الإقامة بها ثم بعد شهر فعل مثل فعلته الأولى ومحا اسم عشرين ألفاً من الديوان.. ثم كتب إلى هولاكو بما فعل وكان قصد الوزير بمجيء هولاكو أشياء منها: أنه كان رافضياً خبيثاً وأراد أن ينقل الخلافة من بني العباس إلى العلويين فلم يتم له ذلك من عظم شوكة بني عباس وعساكرهم ففكر أن هولاكو قد يقتل المستعصم وأتباعه ثم يعود لحال سبيله وقد زالت شوكة بني عباس وقد بقي هو على ما كان عليه من العظمة والعساكر وتدبير المملكة فيقوم عند ذلك بدعوة العلويين الرافضة من غير ممانعة لضعف العساكر. ولقوته ثم يضع السيف في أهل السنة فهذا كان قصده لعنه الله. ولما بلغ هولاكو ما فعل الوزير ببغداد ركب وقصدها إلى أن نزل عليها وصار المستعصم يستدعي العساكر ويتجهز لحرب هولاكو وقد اجتمع أهل بغداد وتحالفوا على قتال هولاكو وخرجوا إلى ظاهر بغداد ومضى عليهم بعساكره فقاتلوا قتالاً شديداً وصبر كل من الطائفتين صبراً عظيماً وكثرت الجراحات والقتلى في الفريقين إلى أن نصر الله تعالى عساكر بغداد وانكسر هولاكو أقبح كسر، وساق المسلمون خلقهم وأسروا منهم جماعة وعادوا بالأسرى ورؤوس القتلى إلى ظاهر بغداد ونزلوا بخيمهم مطمئنين بهروب العدو .. فأرسل الوزير ابن العلقمي في تلك الليلة جماعة من أصحابه فقطعوا شط دجلة فخرج ماؤها على عساكر بغداد وهم نائمون فغرقت مواشيهم وخيامهم وأموالهم وصار السعيد منهم من(1/67)
لقي فرساً يركبها. وكان الوزير قد أرسل إلى هولاكو يعرفه بما فعل ويأمره بالجروع إلى بغداد فرجعت عساكره على بغداد وبذلوا فيها السيف(137)..... اه.
ويقول الأستاذ حسن السوداني - معاصر:
لقد اتفق ابن العلقمي والطوسي مع ملة الكفر ضد الخلافة الإسلامية بحجة الدفاع عن أنصار الإمام علي - رضي الله عنه - وشيعته. ومعروف أن الطوسي يسمى أستاذ البشر والعقل الحادي عشر .... وسلطان المحققين وأستاذ الحكماء والمتكلمين .... وأصله من طوس وهي توابع مدينة قم ... ويعتبر الطوسي فخر الحكماء ومؤيد الفضلاء ونصير الملة ... ولا ندري هل كان هولاكو من هؤلاء الفضلاء الذين أيدهم الطوسي؟ وهل كان المغول هي الملة التي نصرها الطوسي على المسلمين فهتكت الأعراض وخربت مركز الحضارة الإسلامية؟ لقد كان الطوسي وابن العلقمي من حاشية هولاكو وهو يخرب ضريح الإمام موسى الكاظم فلم يبد منهما ما ينم عن اعتراض .... تجمع المصادر التي وصفت الساعات الأخير من حياة الخلافة العباسية الإسلامية على أن هولاكو قد استشار أحد المنجمين قبل أن يبدأ غزوته وكان المنجم الفلكي حسام الدين مسلماً غيوراً على المسلمين وحياتهم فقرأ له ما يلي:(1/68)
أن كل من تجاسر على التصدي للخلافة والزحف بالجيش إلى بغداد. لم يبق له العرش ولا الحياة. وإذا أبى الملك أن يستمع إلى نصحي وتمسك برأيه فسينتج عنه ست مهالك: تموت الخيل، ويمرض الجند، لن تطلع الشمس ولن ينزل المطر ثم يموت الخان الأعظم ... لكن مستشاري هولاكو قالوا بغزو بغداد وعدم الاستماع لرأي المنجم ... فاستدعى هولاكو العلامة نصير الدين الطوسي الذي نفى ما قاله حسام الدين وطمأن هولاكو بأنه لا توجد موانع شرعية تحول دون إقدامه على الغزو ... ولم يقف الطوسي عند هذا الحد بل أصدر فتوى يؤيد فيها وجهة نظره بالأدلة العقلية والنقلية وأعطى أمثلة على أن كثير من أصحاب الرسول قتلوا ولم تقع الكارثة .... وغزا هولاكو بغداد بفتوى الطوسي وبمعلومات ابن العلقمي وهما وزيراه الفارسيان ... ولم يستسلم المستعصم فقد أشار عليه البعض بأن ينزل بالسفينة إلى البصرة ويقيم في أحد الجزر حتى تسنح الفرصة ويأتيه نصر الله لكن وزيره ابن العلقمي خدعه بأن الأمور ستسير على ما يرام لو التقى بهولاكو.
فخرج المستعصم ومعه 1200 شخصية من قضاة ووجهاء وعلماء فقتلهم هولاكو مرة واحدة ... ووضع المستعصم في صرة من القماش وداسته سنابك الخيل وكان قتلى بغدد كما تقول المصادر المعتدلة 800 ألف مسلم ومسلمة كانوا هم ضحايا ابن العلقمي والطوسي والأخير كان قد أصدر فتوى بجواز قتل المستعصم حين تردد هولاكو عن قتله ... فأفهمه الطوسي أن من هو خير منه قتل ولم تمطر الدنيا دماً ... وقد استبيحت بغداد في اليوم العاشر من شباط عام 1258م ولم يكن ذلك اليوم آخر نكبة حلت بالأمة على يد الوزراء ولابسي العمامة الفارسية(138).(1/69)
فالمصادر التي مرت عليك أخي القارئ أجمعت على أن ابن العلقمي كان الساعد الأيمن لهولاكو في غزو بغداد واستباحة الأموال والأنفس وقد ساعد هولاكو في قتل الخليفة عندما أحجم عن قتله نصير الدين الطوسي بإصدار فتوى بجواز ذلك ومع ذلك يقول حاخام إيران الأكبر الخميني:
"ويشعر الناس بخسارة أيضاً بفقدان الخواجه نصير الدين الطوسي وأضرابه ممن قدوا خدمات جليلة للإسلام"(139) ونحن نسأل نائب الخرافة المنتظر ما هي الخدمات التي قدمها للإسلام والمسلمين غير القتل والإرهاب؟ وأما إذا كان يقصد خدماته التي قدمها للطاغية التتري هولاكو وأنه يمثل الإسلام. فهذا له وجه آخر عند من يكون هممهم معاونة الكفار على أهل السنة.
وفي الدولة الصفوية تحالف الشاه طهماسب ابن الشاه إسماعيل الصفوي مع ملك هنكاريا ضد الدولة العثمانية المسلمة خلافاً للاجتماع الفقهي في منع التحالف مع الكفار وقد تم ذلك التحالف بفتوى أصدرها الشيخ علي الكركي المجتهد الديني الكبير.
وفي القرن الثامن الهجري تحالف خدابنده محمد المغولي (الذي تشيع) مع اليهود والصليبيين وأعمل القتل والإرهاب في أهل السنة.
ولنن ننسَ جريمة التاريخ المعاصر الكبرى التي سلم فيها يحيى خان الشيعي أرض المسلمين في شرق باكستان للهندوس يفعلون بها ما يشاءون حتى أقموا عليها الدولة المسخ "بنغلادش".
وفي لبنان كلنا يذكر جيداً خذلان الشيعة للمسلمين وتحالفهم مع المارونيين والذين يعتبرونهم الأصدقاء الحقيقيين لهم.
وفي أفغانستان ماذا يقدم الشيعة لمجاهديها غير الطعن في جهودهم وتصديهم للغزاة الملحدين.
وفي جامعة الكويت لماذا وقف الشيعة جنباً إلى جنب مع الشيوعيين واليسار بين الطلبة المسلمين من أهل السنة في انتخابات الطلبة لعام 1981؟.(1/70)
وأخيراً ما هذا التحالف غير المقدس بين الثورة ونصيريي سوريا؟ وبين إيران وكل من ليبيا والجزائر واليمن الجنوبية؟ هل لأن هؤلاء جميعاً يشتركون مع الشيعة في إنكار السنة جزءاً أو كلاً؟... ألم يكن المتوقع من ثورة المستضعفين أن تقف معهم في سوريا؟ وهذا جزاء الإحسان؟ نعم لقد كان جزاء تأييد مجاهدي سوريا لثورة إيران التنكر لهم أولاً والطعن في جهادهم ثانياً وإلا بماذا نفسر تصريح خلخالي ضد المجاهدين ثم تكفير الخميني لهم في لندن عام 1980.
وأخيراً لماذا قام أعضاء مجلس الأمة الكويتي من الشيعة بالتصويت لجانب ضد المجاهدين عندما صوتوا من أجل إرسال 48 مليوناً من الدنانير لقوات الردع السورية(140).
وختاماً أرجوا أن تكون الرؤية قد وضحت للقراء الكرام حول إعانة الشيعة للكفار في القضاء على أهل السنة لأن دينهم يحتم عليهم تلك الإعانة.
ونضع بين أيدي القراء تقريراً كاملاً للتعاون الإسرائيلي الإيراني في مجال تزويد إسرائيل إيران بالسلاح، وإن كنت قد ذكرت هذا التقرير في كتابي "نقد ولاية الفقيه" إلا أنني رأيت أهمية ذكره في هذا الموضع، ليرى المسلمون حقيقة إيران الثورة، ومدى تعاون الرافضة مع اليهود.
الشحنات الإسرائيلية من السلاح لإيران(1/71)
أحدث ما قامت به إسرائيل لتوفير الأسلحة لإيران، رغم أجواء توقف الحرب، هو صفقة سلاح من رومانيا تبلغ قيمتها (500) خمسمائة مليون دولار. وتأتي هذه الصفقة لتكشف تاريخاً طويلاً من العمل الإسرائيلي المتواصل منه 1980 لتوفير الأسلحة لإيران لكي تواصل حربها ضد العراق والعرب، وإذا كانت صفقات الأسلحة الإسرائيلية لإيران، هي الخبر الأهم، لأنَّ الخبر الأهم هو أن يقوم سماسرة ووسطاء إسرائيليون بالتجول في العالم وفي عواصم أوربا بالذات بحثاً عن أسلحة لإيران(141). لقد تجاوزت إسرائيل مرحلة بيع سلاحها وتقديمه للخميني، إلى قيامها بتوفير أية قطعة سلاح، ولو من السوق السوداء العالمية، لهذا النظام لكي يواصل رحبه ضد العراق.
وإذا كان هذا الأمر طبيعياً بالنسبة لإسرائيل، لأنها بذلك تحاول أن تدعم إيران في حرب ضد بلد عربي، ولكن الأمر الذي يفترض الكثيرون أنه غير مقبول هو قيام الخميني تحديداً بالاعتماد على إسرائيل في تسليح قواته وفي حربه، وصموده كنظام، رغم ما للخميني - صاحب هذا النظام - من أدبيات معادية لإسرائيل وهو الداعية لتحرير القدس وحتى فلسطين كلها. لكن يبدو أن الغاية تبرر الوسيلة لدى حكام إيران الحاليين. ومع هذا التحرك الإسرائيلي الجديد لتوفير الأسلحة لإيران من أي مصدر كان، فتحت أوساط سياسية وعسكرية واستراتيجية ملف صفقات الأسلحة بين إسرائيل وإيران، واعتبرت أنها زادت عما كانت عليه أيام الشاه وفاقتها أضعافاً.
إسرائيل في المقدمة(1/72)
أحدث الأرقام عن صفقات الأسلحة أن الإنتاج الحربي الإسرائيلي حقق تطوراً، كمياً ونوعياً، في النصف الأول من الثمانينات، فشهدت صادراته زيادة ضخمة على النحو الآتي: كانت عام 1983 ما قيمته 850 مليون دولار، ارتفعت عام 1986 إلى مليار و300 مليون دولار(142). وقدرت مصادر أوربية متخصصة بالشؤون العسكرية أن الزيادة في مجملها، وبنسبة 80% منها، كانت كلها صادرات أسلحة وقطع غيار إسرائيلية إلى إيران(143).
وترى هذه المصادر أن مقابل هذا الدعم العسكري بالأسلحة من إسرائيل لإيران، تحظى الحكومة الإسرائيلية بسيطرة اقتصادية ظاهرة في إيران، أي عن طريق اليهود الإيرانيين الممسكين بالاقتصاد الإيراني، أو عن طريق شركات كانت تعمل في عهد الشاه، ثم أوقفت أعمالها مؤقتاً مع بداية حكم الخميني، وحالياً عادت لتعمل بحيوية ونشاط.
وفي هذا المجال نعود إلى ما سبق للخميني وقاله عن الاقتصاد الإيراني نفسه وتسلط إسرائيل عليه: "إن اقتصاد إيران هو في قبضة الأمريكان والإسرائيليين وقد خرجت التجارة من أيدي المسلمين(144).
أو عندما قال: "إن المحزن أكثر هو هيمنة إسرائيل وعملائها على كثير من الشؤون الحساسة للبلاد وإمساكها بالاقتصاد"(145).
لكن هذا الكلام ذهب أدراج الرياح، وها هي إسرائيل تتسلط على نسبة كبيرة من اقتصاد إيران، وفي ظل حكم الخميني نفسه، ولقد عادت شركة "أرج" الاحتكارية الكبرى للظهور، بعد أن كانت قد أوقفت أعمالها مؤقتاً، وهي شركة إسرائيلية كبرى سبق للخميني أن هاجمها، كما هاجم "الكوكاكولا" في إيران التي هي أيضاً إسرائيلية، والطريف والمثير هو أن إسرائيل عادت لتغرق السوق الإيرانية بإنتاجها من البيض، وهذا كله سبق للخميني واتخذ منه حجة ضد حكم الشاه المخلوع(146).(1/73)
ولقد كشفت مصادر مطلعة في باريس أن السماسرة الذين يعملون لتجميع السلاح إلى إيران، وبينهم إسرائيليون، يتخذون من "فيللا شاليه باساغي"(147)، الواقعة على الطريق الثاني من بحيرة جنيف، أي من الجهة الفرنسية بالقرب من قرية "سانت بول أن شاليه" والأرض المحيطة بها، ومساحتها 28 ألف متر مربع، يتخذون منها مركزاً لتجميع الأسلحة التي يشتريها الإسرائيليون، تمهيداً لشحنها عن طريق الموانئ الأوروبية إلى إيران. كما يتخذ السماسرة، وبالذات الإسرائيليون، من مزارع مجاورة لتلك الفيللا وهي "مارالي" و "لي هوز" و "لي مويت" مراكز لتدريب الإيرانيين على بعض الأسلحة وبعض الخطط العسكرية. ويتولى "أوتيون دي بنك سويس" عمليات دفع ثمن الصفات التي تحولها إسرائيل إلى إيران(148).
ورأت تلك المصادر أن إسرائيل في حماسها هذا لتوفير السلاح لإيران أن تحقق أرباحاً باهظة، وكذلك تساعد في إطالة أمد الصراع ضد العراق والعرب، لتعطيل قدرات العرب ككل، ولتحقيق مكاسب داخل إيران نفسها ومنها: تخفيف الضغط عن اليهود الإيرانيين وخاصة التجار منهم، والسماح بتحويل أموالهم لإسرائيل، وخاصة أموال التاجر اليهودي الكبير حبيب الفانيان، وهو أحد المحتكرين الكبار أيام الشاه والذي تم إعدامه في إيران في مايو 1979 في مطلع زحف الجماهير الإيرانية ضد حكم الشاه(149).
صفقات قديمة ..
أما صفقات الأسلحة الإسرائيلية لإيران، فرغم أن أمرها قد اتضح مع فضيحة "إيران جيت) في العام 1987، إلا أنها قديمة وتعود إلى مطلع الثمانينات، أي مطلع حكم الخميني نفسه، ويلخص أبا ايبان وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق وضع إسرائيل مع حكم الخميني بقوله: "عندما يكون النظام الإيراني صديقاً فإننا نمكنه من الحصول على الأسلحة، للاحتفاظ بصداقته، أما عندما لا نعرف ما هو موقفه من إسرائيل فإننا نمكنه من الحصول على الأسلحة لمعرفة ذلك(150).(1/74)
إذن العودة إلى مطلع الثمانينات تكشف صفقات الأسلحة الإسرائيلية لإيران الخميني بالأرقام حسب ما ورد في صحف ومجلات وكتب في هذا المجال.
ـ ولقد قالت الصحف الكويتية في 30 سبتمبر 1980 وكذلك في أكتوبر من العام نفسه أن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية على علم مسبق وتوافق على استخدام إسرائيل طائرات أجنبية وطرقاً جوية أوروبية غير مباشرة لشحن قطع الغيار إلى إيران. بعد الصحف الكويتية قالت صحيفة "الأوبزرفر" اللندنية في نوفمبر 1980 أن إسرائيل ترسل قطع غيار الطائرات (ف-14) وأجزاء مروحيات وصواريخ على متن سفن متوجهة إلى موانئ إيرانية ومن بينها مرفأ بندر عباس، بعض تلك الشحنات من الولايات المتحدة إلى إسرائيل ثم تحويلها مباشرة إلى إيران دون أن تمر بإسرائيل.
وفي العام 1981، وفي شهر يناير بالذات، جاء في تقرير أمريكي أعدته مصلحة الأبحاث التابعة للكونجرس ونشرته الصحف(151). إن إسرائيل تهرب الأسلحة وقطع الغيار إلى إيران. وعندما سئل متحدث باسم الخارجية الأمريكية عن ذلك أجاب أنه اطلع على تقارير بهذا المعنى، وكانت يومها إدارة الرئيس الأمريكي كارتر في الحكم.(1/75)
وبعد خروج كارتر وموظفيه من الحكم، اعترف كثير منهم بأنَّ إسرائيل طلبت ترخيصاً أمريكياً في سبتمبر 1980 ببيع السلاح، وتحديداً معدات عسكرية لإيران. وفي الشهر التالي بدأت إسرائيل تبيع إطارات عجلات طائرات فانتوم (ف-4) لإيران. وقد استخدم مطار مدني في مدينة "تيمز" الفرنسية بالقرب من قاعدة عسكرية محطة ترانزيت لشحن الإطارات، وقد ساعد في ذلك تاجر سلاح فرنسي كان مشاركاً في الصفقة، وقد كشف ذلك في برنامج "بانوراما" التليفزيوني في هيئة الإذاعة البريطانية(152). وأشارت الصحف يومها إلى أن إدارة ريجان تورطت منذ البداية بصفقات الأسلحة الإسرائيلية إلى إيران عن طريق "موريس اميتاي" من اللجنة الأمريكية - الإسرائيلية للشؤون العامة وبإيعاذ من روبرت س. مكفرلين الابن وهو عضو مغمور في لجنة مجلس الشيوخ للخدمات المسلحة(153).
ـ الشحنة الأولى من إطارات عجلات طائرات "الفانتو" (ف-4) تلتها شحنة ثانية من قطع الغيار بلغت قيمتها 600 ألف دولار. لكن خط الإمداد الفرنسي انهار، فجري استبداله بتاجر بريطاني للسلاح نظم خطاً للطيران الإسرائيلي إلى إيران عن طريق قبرص مستحدثاً طائرات شحن من طراز (C.L.44) تابعة للشركة الأرجنتينية "ترانسبورت ابرو ريو بلاتينس". وكانت هذه الصفقة الإسرائيلية لإيران عن طريق قبرص شحنات قطع غيار للدبابات و360 طناً من الذخيرة التابعة للدبابات من طراز (م-48) و(م-60) ومحركات نفاثة مجددة وإطارات إضافية للطائرات(154).
ـ ثم بعد ذلك صفقة أسلحة إسرائيلية بقيمة 136 مليون دولار، تم شحنها أواسط 1981، عقدها التاجر الإسرائيلي "يعقوب نمرودي" وهو ضابط إسرائيلي متقاعد اتخذ من لندن مقراً لتجارته. والذي كشف أمر إسرائيل في هذه الصفقات كلها هو قيام طائرات سوفيتية في يوليو 1981 بإسقاط طائرة تبين فيما بعد أنها كانت تتولى شحن الأسلحة الإسرائيلية إلى إيران عبر قبرص، تم إسقاطها عند الحدود التركية - السوفيتية(155).(1/76)
إسرائيل تستمر وتحسن النوعية
ومع مطلع العام 1982، كانت إسرائيل مستمرة في تصدير الأسلحة إلى إيران، وكانت عبارة عن شحنات من ذخائر دبابات عيار 105 ملم، وذخائر هاونزر عيار 155 ملم، وقطع غيار طائرات فانتوم (ف-4) الأمريكية الصنع، ودبابات (ام-48 وام-60) وأجهزة اتصال كاملة مع قطع غيارها.
وحتى يوليو 1983، لم يستمر تدفق الأسلحة الإسرائيلية لإيران فحسب، بل تحسنت نوعية الأسلحة:
ـ ففي 6 يناير 1983 كانت هناك شحنات ضخمة مميزة ضمت ما يلي: صواريخ سابدوندر جو - جو، 400 ألف طلقة مدفع هاون، 400 ألف طلقة مدفع رشاش، ألف هاتف ميداني، 200 جهاز تشويش للاتصالات الهاتفية(156).
ـ وفي شهر يوليو 1983 نشرت معلومات عن صفقة "غرودي" التي بلغت 136 مليون دولار. أفاد تلك المعلومات أن الأسلحة التي تم شحنها كانت متطورة وحديثة وكلها أمريكية الصنع، ويحظر شحنها إلى دولة غير إسرائيل. لكن إسرائيل شحنتها إلى إيران. وضمت صواريخ "لانس" الذاتية الاندفاع، صواريخ "هوك" الضادة للطائرات، قذائف مدفعية عيار 155 ملم من نوع "تامبيلا" و "كوبرهيد" الموجهة بأشعة الليزر(157). وأكدت هذه المعلومات صحيفتان إسرائيليتان هما "يديعوت احرونوت" و "ها أرتس" ونشرت تفاصيل كثيرة حول صفقة "غرودي".
كما نشرت المعلومات نفسها مع إضافات عليها مجلة سويسرية هي مجلة "ولتوتش" وهي مجلة معتدلة.
ـ وفي يناير 1983 بدأت الصحف الأمريكية تتحدث عن صفقات الأسلحة الإسرائيلية المتطورة - ذات الصنع الأمريكي - إلى إيران. رغم أنها أسلحة يحظر بيعها وتصديرها إلى دولة ثالثة غير أمريكا وإسرائيل. فقد نشرت مجلة دورية هي يومية الدفاع والشؤون الخارجية "معلومات تشير أن إسرائيل كانت تشحن قذائف عنقودية محرمة إلى إيران، كما أن قطع غيار الطائرات (ف-14) تومكات" القليلة في سلاح الجو الإيراني ترسل مباشرة وبانتظام من إسرائيل إلى إيران على متن طائرات شحن(158).(1/77)
ـ ثم نشرت الصحف الألمانية في مارس 1984 تفاصيل عن صفقة "غرودي" نفسها جاء فيها أن الصفقة الإسرائيلية من الأسلحة تشحن على متن طائرات "العال" للشحن في رحلات ليلية تمر فوق الأراضي السورية في طريقها إلى إيران(159). ولم تنف تلك الصحف، وتحديداً مجلة شتيرن علم سوريا بتحليق تلك الطائرات.
ـ كذلك نشرت صحيفة ألمانية غربية أخرى هي "فرانكفورت" وهي يومية محافظة، أن شحنات إسرائيل إلى إيران من أسلحة بلغت ما قيمته 500 مليون دولار والأسلحة كلها من صنع أمريكي وإسرائيلي، وهناك قسم منها صدر من لبنان(160).
دليل إسرائيلي رسمي:
لم يبق أمر الصفقات الإسرائيلية من الأسلحة إلى إيران مجرد تقارير خجولة من هنا وهناك، وأنباء صحفية في صحف غربية موثوقة، بل تعدى الأمر ذلك إلى تقديم دليل رسمي على لسان ارييل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي مطلع الثمانينات. أي أنه عاصر معظم شحنات الأسلحة الإسرائيلية إلى إيران وأشرف عليها.
وفي مايو 1984 أي بعد أن استقال أرييل من وزارة الدفاع، والذي جاءت استقالته مجرد لعبة خبيثة لتغطية الدور الإسرائيلي في مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا ضد الفلسطينيين المدنيين، إذ بعد أن استقال زار الولايات المتحدة الأمريكية في التاريخ نفسه. وفي واشنطون أعلن بصراحة أن إسرائيل كانت تبيع وتسوق وتشحن الأسلحة إلى إيران، وبمعرفة الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.
وكان شارون، رغم استقالته من وزارة الدفاع، قد بقي وزيراً دون حقيبة في حكومة الليكود الائتلافية حتى العام 1987، إذن كان مازال وزيراً عندما أدلى تصريح ذاك.(1/78)
كذلك، ورغم نفي إدارة ريجان علمها بالصفقات الإسرائيلية من الأسلحة الإسرائيلية والأمريكية وغيرها إلى إيران، فإن موقفاً أمريكياً كان قد صدر في مارس 1984 يدعو إسرائيل والدول الأوروبية لتنسيق الجهود مع واشنطون لقطع شحنات السلاح إلى إيران. واعتبر هذا الموقف تغييراً رسمياً عن علم واشنطون بدور إسرائيل وغيرها في شحن الأسلحة إلى إيران. وقد تولى السفير الأمريكي فوق العادة ريتشارد فيربانكس هذه المهمة.
وتتحدث الصحف في هذه الفترة، في العام 1984 وما بعدها عن مواقف وإجراءات اتخذها موظفون أمريكيون كبار أمثال جفري كمب المدير الأول لشؤون الموظفين لقضايا الشرق الأدنى في مجلس الأمن القومي، وفيري نكس نفسه، وماكفرلين، كلها صبت في تأكيد الشحنات الإسرائيلية من السلاح لإيران، وبمعرفة أمريكا نفسها(161). وتطورت تلك المواقف والجهود الأمريكية ووصلت مع "كمب" إلى وضع مذكرة عرفت "بمذكرة كمب" لتطوير العلاقات مع إيران والتي تم تديمها إلى مجلس الأمن القومي الأمريكي في أكتوبر 1984.
" إيران جيت " الشهيرة :(1/79)
في هذه الأثناء، وبعد مذكرة "كمب" جرى تحضير صفقة صواريخ "تاو" الأمريكية إلى إيران. وجرى التحضير بين مسؤول في الاستخبارات المركزية الأمريكية وبين رجل أعمال إيراني يعمل لصالح إسرائيل وإيران معاً هو منوجهر جوربانيفار. وعندما تأكدت إسرائيل من هذا التحول الأمريكي في سياسة "لا أسلحة لإيران" إلى "الأسلحة لإيران" تحرك تاجرا السلاح الإسرائيليان "غرودي" و"أولف شويمر" بالتعاون مع اميرام نير - مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريز يومذاك - فعقدوا اجتماعات مع جوربانيفار، بحضور رجل أعمال أمريكي كان ذلك في يناير 1985، وكانت النتيجة درس تقديم شحنات أسلحة أمريكية إلى إيران، وهو ما كشفت عنه لجنة "تاور" في تقريرها فيما بعد. ونتج عن ذلك تشجيع إسرائيلي لتلك الشحنات، لذا قامت حكومة إسرائيل عبر روبرت ماكفرلين، ومساعده الكولونيل أوليفرنورث، ومايكل لدين المستشار في مجلس الأمن القومي بالتحضير لأمر ما في هذا المجال.
وفي مايو 1985 قام "لدين" بزيارة رسمية لإسرائيل حيث طلب منه شمعون بيريز مصادقة ماكفرلين على شحة ذخائر ضخمة إلى إسرائيل، وعلى أثر ذلك قام ديفيد كمحي المدير العام للخارجية الإسرائيلية، بتكليف من بيريز، بالاتصال بماكفرلين لتنسيق شحن الأسلحة لإيران.(1/80)
ثم في يوليو 1985 جرى رفع الاتصال إلى مستوى وزير الخارجية الأمريكية لشولتز نفسه. ونتج عن ذلك اجتماع ضم "لدين" وجوربانيفار وكمحي، وشويمر وغرودي تم فيه تحديد المطلوب من صواريخ "تاو" لكن الأمر مهم وخطير ويحتاج إلى ضوء أخضر من الرئيس الأمريكي نفسه. فتولى ذلك بيريز عن طريق ماكفرلين ونائبه الأميرال جن بونيدكستر، وكان اقتراح كمحي "بيع" صواريخ "تاو" الأمريكية لإيران لكن عبر إسرائيل. وفي اجتماع ضم ريجن ونائبه بوش ووزير خارجيته شولتز، وواينبرجر وزير الدفاع، ومدير شؤون الموظفين الرئاسي دونالد ريجان ومدير وكالة الاستخبارات المركزية وليم كيسي تقرر إعطاء الضوء الأخضر الأمريكي، وهكذا كان فقامت إسرائيل في 30 أغسطس وفي 13 سبتمبر 1985 بإرسال مائة صاروخ "تاو" في شحنة أولى ثم 408 صواريخ في شحنة ثانية.
بعد صواريخ "تاو" أتت صفقة صواريخ "هوك" وكلها صفقات إسرائيلية لإيران، لكن بعد موافقة واشنطون. لكن إسرائيل وجدت نفسها دائماً تسعى وبإلحاح لإتمام الصفقات، وتحديدها، ثم شحنها.
ففي نوفمبر عام 1985، قام وزير الدفاع الإسرائيلي إسحاق رابين بنفسه بتحضير صفقة صواريخ "هوك" مع ماكفرليني. وتمت الصفقة وشحنت الصواريخ، وهذه المرة عن طريق شركة طيران تابعة للاستخبارات الأمريكية المركزية (سي آي) شحنت تحت اسم "قطع وأدوات لحفر آبار نفط" ورحلت إلى إيران في 25 نوفمبر المذكور.
وهذه الصفقات من الصواريخ هي التي عرفت بـ"إيران جيت" والتي قضت بإرسال صواريخ لإيران مقابل قيامها بإطلاق الرهائن الأمريكيين المخطوفين، لكن الأسلحة وصلت والرهائن لم يصلوا، لأن إيران تعتبر هذه الأسلحة من إسرائيل، وليست ملزمة تجاه واشنطون بشيء. وكما نشر في سياق "إيران جيت" أن إيران لم تعجبها الصواريخ لأنها من النوع الإسرائيلي "غير المحسن" لذا كانت تحمل نجمة داود الإسرائيلية.
وبقية تفاصيل "إيران جيت" أصبحت معروفة.(1/81)
لكن ما ذكر في هذا المجال، وبعد فضح "إيران جيت" الدور الإسرائيلي في توريد الأسلحة لإيران، قال شولتز مبلغاً موظفيه في الخارجية الأمريكية: إن مخططات إسرائيل نحو إيران هي لدعمها، وهي ليست مخططاتنا؟! وعلينا أن نتعامل مع إسرائيل على أنها لها أغراضها الخاصة في إيران وفي دعمها ومدها بالأسلحة.
وهكذا فضحت لجنة "تاور" فيما بعد في تقرير الدور الإسرائيلي في شحن الأسلحة إلى إيران عندما قالت: إن السياسة التي اتبعتها إسرائيل في تسليح إيران الخمينية صارت سياسة أمريكية.
ومع افتضاح أمر الجميع في "إيران جيت"، تعطل ضخ الأسلحة لإيران بعض الوقت، لكن إسرائيل عادت واتبعت خطة تقضي بشراء الأسلحة من السوق السوداء وأينما توفرت، ثم تأهيلها لتصبح صالحة في أمكنة مخصصة لذلك في أوروبا، ثم شحنها إلى إيران. هذا ما يقوم به السماسرة حالياً بحسب ما ورد في مطلع هذا التحقيق.. أنهم يدورون العالم كله بحثاً عن سلاح لإيران!
مصلحة إسرائيل في ذلك واضحة. إنها تريد أن تدفع إيران للنصر على العراق الجبهة التي صمدت ببسالة في وجه إيران، بل واجتازت الصمود إلى التحرير، فحررت "الفاو" ثم "الشلامجة" وأراضي شرق البصرة. فالعراق عدو إسرائيل، وكم مرة هددت طائراته عمق الأرض التي يحتلها العدو الإسرائيلي. ومن هنا يظهر الدور الإسرائيلي لشغل العراق بالحرب مع إيران لإراحة إسرائيل وإضعاف الجبهة المواجهة لها.(1/82)
وفي هذا المجال، ومجال صفقات الأسلحة لإيران تحديداً، نشرت "مؤسسة ستوكهولم الدولية لأبحاث السلام السنوي عام 1984" معلومات مثيرة تشير إلى أن ثلاث دول وفرت السلاح اللازم لإيران في حربها مع العراق هي كوريا الشمالية، وسوريا، وليبيا، فالغرابة هي في موقف كوريا الشمالية التي حالفها العرب ويحالفونها، لأنها تولت تزويد إيران بالأسلحة إلى درجة أنها وفرت نسبة 40% من تسليح إيران عام 1984، لكن الأغرب هو موقف دولتين عربيتين تلاقتا بشكل مباشر أو غير مباشر مع إسرائيل في تسليح إيران(162).
وأسلحة الشاه إسرائيلية
هذا كله شحنات إسرائيلية من الأسلحة - من إسرائيل من أمريكا من السوق السوداء في العالم إلى أية دولة - لدعم "حكم الثورة في طهران" "ثورة خميني" والذي أعلن وما زال هو وآيات الله والآخرون إنهم ضد إسرائيل، وضد تسلطها على الاقتصاد الإيراني، والجيش الإيراني وأنهم في الخندق الفلسطيني، وأنهم سيحررون القدس!؟ فكيف ذلك، وإسرائيل تزودهم بالسلاح منذ نجاح "ثورتهم"؟! منذ الثمانين وإسرائيل تزود نظام الخميني بالسلاح.
وحتى الأسلحة التي كانت موجودة في ترسانات الجيش الإيراني، عندما جاء نظام الخميني، كانت إسرائيلية أيضاً، وهذا ما كشفته المعلومات أيضاً:
ـ فلقد أعلنت صحيفة "نيويورك تايمز" في عددها الصادر في 30 ديسمبر 1986، وفي صفحتها الأولى أنه خلال الأعوام الأربعة الأخيرة من عهد الشاه أي (1975-1979) صارت إيران المستورد الأول للسلاح في العالم(163). وعند سقوط الشاه وتسلم الخميني الحكم كان هناك ما قيمته 22 مليار دولار من المعدات العسكرية الثقيلة في المخازن والعنابر(164)، كانت أمريكا هي المصدر الرئيسي للأسلحة لإيران.(1/83)
وكانت مع الولايات المتحدة الأمريكية جهة أخرى تزود إيران الشاه بالسلاح هي إسرائيل. كان الإسرائيليون كالأمريكيين في وزارة الدفاع الإيرانية. وقام الإسرائيليون بتدريب الشرطة الإيرانية. وتأسيس جهاز قمع التحرر، وقاموا بعمليات داخل العراق لدعم الأكراد ضد نظام الحكم في العراق. ولقد تلاقت مصالح واشنطون وتل أبيب في دعم حكم الشاه(165).
خلال فترة حكم الشاه ارتفعت قيمة الصادرات الإسرائيلية لإيران من 33 مليون دولار في عام 1973-1974. إلى مائة مليون دولار عام 1975-1976، إلى 200 مليون دولار في 1976-1977. وكانت أغلبية هذه الأموال ثمن معدات وأسلحة إسرائيلية لإيران. ولقد كانت إيران هي الميدان الأول من ميادين "ديلوي سيد عوزي" الإسرائيلي وهي نسبة إلى "رشاش عوزي" الإسرائيلي المعروف(166).(1/84)
لقد كانت إسرائيل حتى قبل سقوط الشاه قد تمكنت من توقيع عقود مع القوات الإيرانية المسلحة للتدريب والصيانة. كما كانت طائرات (ف-4) الإيرانية تشارك في عمليات تدريبية في قواعد جوية إسرائيلية. كذلك كشفت الوثائق - بعد سقوط الشاه - أن جيش الدفاع الإسرائيلي والجيش الإيراني كانا يتعاونان بشكل سري لتطوير صاروخ - أرض التكتيكي الذاتي الحركة والدفع، والمصمم لحمل رأس نووي ويصل إلى مدى 200كلم. وفي صيف 1977 شاهد وزير الدفاع الإيراني حسن طوفانيان في تجربة إطلاق صاروخ "جريكو" الذي هو نموذج أول للصاروخ الإسرائيلي - الإيراني - المشترك. كان هذا المشروع صفقة جيدة وقعها الشاه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يومذاك شمعون بيريز عام 1977(167). ووسط الحديث عن صفقات "إيران جيت" من الأسلحة لإيران، كشفت معلومات تشير إلى يعقوب غرودي أحد التجار المتورطين في "إيران جيت" كان رئيس البعثة العسكرية الإسرائيلية في طهران خلال 13 عاماً عرف خلالها "بالسيد إسرائيل"، ويقول غرودي أمام مراسل صحفي "إذا سمح لنا يوماً ما بالحديث عن كل ما قمنا به في إيران فإنك سوف تفزع لأن الأمر يفوق تصورك"(168).
إضافة إلى ذلك فإن أوبري لوبراني الذي عمل ومازال المنسق الإسرائيلي للشؤون اللبنانية، كان المسئول الإسرائيلي المقيم في طهران في عهد الشاه ثم مع مطلع عهد الخميني، وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" في 9 فبراير 1979، أنه أثناء ثورة الخميني أمنت إيران أكثر من نصف حاجة إسرائيل من الطاقة، ولقد اتضح كم استند نظام الخميني في البداية مع الثمانينات على الأسلحة الإسرائيلية والأمريكية على السواء لكي يوطد أقدامه إضافة إلى الاعتماد على مستشارين إسرائيليين كانوا مازالوا في طهران بفعل وجود جالية يهودية كبيرة في إيران، الأمر الذي أتاح لهم البقاء كيهود. لكنهم لم ينسوا ممارسة دورهم في الوجود قرب النظام الجديد.(1/85)
هكذا تكون إسرائيل قد تابعت وجودها ومهامها ودعمها، تابعت ذلك كله خلال عهد الشاه، ثم بعد سقوطه خلال عهد الخميني. ويبدو أن الصفقات الإسرائيلية من الأسلحة لإيران زادت كثيراً خلال حكم الخميني وفاقت الصفقات الأمريكية، وتكون إسرائيل بذلك تحارب العراق عبر إيران، وتحارب مع إيران العراق في نوع من العدوانية التي تتساوى فارسيتها بإسرائيليتها.
المحتوى
الموضوع………………………الصفحة
الإهداء …
مقدمة الكتاب …
- بيان أن كثيراً من المسلمين انخدعوا بالشيعة الاثني عشرية بسبب تدثرهم
بحب آل البيت …
- صدور كتب شيعية كثيرة تدعو لوحدة المسلمين …
- الخلاف بين أهل السنة والشيعة خلاف جوهري في الأصول، وفي العقائد …
- حقيقة موقف الشيعة من أهل السنة …
- بيان المنهج المعتمد في هذه الدراسة …
الفصل الأول:
مفهوم الناصب عند الشيعة …
- تمهيد …
- خير سبيل لفهم مصطلحاتهم هي كتبهم …
- يوسف البحراني وتحقيق الناصب …
- حسين العصفور وتحقيق الناصب …
- نعمة الله الجزائري وتعريف الناصب …
الفصل الثاني:
إله السنة غير إله الشيعة …
- أحد أكبر علماء الشيعة هو الذي تفوه بهذا …
- مقارنة بين عقيدة اليهود والشيعة في الله تعالى من جهة، وبين معتقد أهل
- السنة من جهة أخرى …
- استعراض عقيدة اليهود في الله تعالى …
- كيف تسربت عقيدة اليهود - هذه - إلى الفكر الشيعي؟ وبيان ذلك …
- عقيدة البداء عند الشيعة …
- معنى البداء …
- نقول من مصادر الشيعة المعتمدة في عقيدة البداء …
- منزلة البداء في التشريع عند الشيعة …
- الله جل جلاله متصف بالكمال المطلق في عقيدة أهل السنة والجماعة …
الفصل الثالث:
استباحة الشيعة لأموال ودماء أهل السُّنَّة …
مدخل لهذا الفصل …
الأخبار الناهية عن القتل إنما صدرت عن التقية …
الخميني يُجوّز الاستيلاء عن أموال أهل السنة …
الشيعة تبيح إراقة دماء أهل السنة …
جواز قتل أهل السُّنة في رأي الجزائري …
رأي شيخ طائفتهم نور الله …(1/86)
روايات أخرى في هذا الشأن …
رسالتين للشيخ أحمد مفتي زادة وهو من أكابر علماء السنة المعاصرين
توضحان مدى الحقد الرافضي في إيران ضد أهل السنة …
الرسالة الأولى …
* توجيهات للسادة العلماء مستوولي الثورة الإيرانية …
* القلق من مستقبل الأمة الإسلامية المصابة بالتفرق …
* القلق من اصطدام صناع الثورة ببعضهم …
* مخاطبة مسئولي الثورة باعتبارهم علماء الدين …
* كلامي لكم ليس لمنفعة دينية ولا انتظار أن تكونوا ملتزمين …
- من المؤسف أن يبغضكم المسلمون وأنتم علماء دين!! …
- ضرورة إصلاح عيوبكم …
أسباب زوال نظامكم تكمن في: …
(1) السعي لإدامة السلطة وإكراه أهل السنة على التشيع …
(2) إجراءات وبرامج تتنافى مع "الفقه الجعفري" …
- أما بشأن المسألة الثانية فإن الفقه الجعفري مدون …
- أما أصل المشكلة فهي المسألة الأولى …
- عدم موافقتكم أهل السنة في الاعتقاد …
- الاحتكام إلى الله ورسوله …
نص الرسالة الثانية
- هذه الرسالة تتمة للرسالات التي بعثها الخميني …
- ضرورة وضع حد لمشكلة الاضطرابات …
- ظلم أن يكون الدستور مطابقاً للشريعة الإسلامية …
- السعي لتأسيس مجلس "الشورى المركزي للسنة" …
- طلب السعي للتحقيق في الجنايات التي ارتكبها رجال السلطة في حق أهل السنة …
- ختام الرسالة الثانية …
الفصل الرابع:
الصلاة خلف أهل السنة
- مدخل إلى هذا الفصل …
- نصوص من كتبهم المعتمدة حول صحة الصلاة أو عدم صحتها بالنسبة للشيعي
إذا صلى خلف أهل السنة …
- خاتمة بعد استعراض (39) نصاً …
الفصل الخامس:
الشيعة ونكاح أهل السنة …
مدخل أن الشيعة لا يجيزون نكاح أهل السنة …
من كلام الرافضي حسين العصفور …
- بعض علماء الرافضة ينكرون أن تكون رقية وأم كلثوم من بنات المصطفى
صلّى الله عليه وسلّم …
- قول لنعمة الله الجزائري من علمائهم …
- قول لأبي القاسم الكوفي …
- تعقيب عليهما …
- قول الشيخ المفيد …
- وتعقيب عليه …(1/87)
- رواية شيعية عجيبة من نكاح عمر بن الخطاب لبنت الإمام علي بن أبي طالب
- تعليق المجلسي على هذه الرواية …
- تعليق كبيرهم "المفيد" …
- قول المرتضى المزور على لسان الإمام علي - رضي الله عنه - …
- تعليق المجلسي عن كلام "المفيد" و"المرتضى" …
- تعقيب الأستاذ محمد مال الله على تعليق المجلسي ومن يشايعه ممن يتخبط في
الضلال …
- قول للرافضي الشقي "نعمة الله الجزائري" في كتابه "الأنوار النعمانية" …
- تعقيب المؤلف على رواية الجزائري …
- ذكر الروايات التي تدل على عدم جواز مناكحة أهل السنة من واقع المراجع
الرافضة …
الفصل السادس:
وجوب مخالفة أهل السنة …
- مدخل في أن وجوب مخالفة أهل السنة هي مقياس صحة أي خبر عند الشيعة
- السبب عند الخميني في المخالفة …
- الشيعة قلبوا حقائق التاريخ …
- التاريخ - رغم أنف المجوس ومن معهم - حفظ لنا المواقف المشرفة التي
وقفها صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم …
- الخميني ومخالفة العامة …
- إذا ورد عليكم حديثان فخذوا بما خالف القوم! …
- ترجيح المتعارض لدى الشيعة بما يخالف أهل السنة إنما هو نتيجة تنافر أدلة
أحكامهم …
- سرد روايات لهم عن مخالفة أهل السنة دائماً …
- التمسك بالكتاب والسنة باطل عند من التحفوا برداء موالاة أهل البيت …
- ختام هذا الفصل بكلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الرد على الرافضة …
الفصل السابع:
التحالف الشيعي التتري النصراني اليهودي …
- موقف الشيعة خلال التاريخ مع التتر ضد أهل السنة …
- التاريخ سجل لنا مواقفهم …
- الإمام ابن تيمية يذكر ذلك عن الرافضة …
- الشيعة ترى أن كفر أهل السنة أغلظ من كفر اليهود والنصارى …
- دور الوزير ابن العلقمي الخياني في سقوط بغداد …
- بعض أقوال المؤرخين في خيانة ابن العلقمي …
1- جلال الدين السيوطي وقوله في ابن العلقمي …
2- قول أبي شامة …
3- قول اليونيني …
4- شمس الدين الذهبي …
5- قول ابن شاكر الكتبي …(1/88)
6- قول السبكي في طبقاته …
7- الديار بكري يذكر مكاتبة ابن العلقمي الرافضي لهولاكو …
8- قول الأستاذ حسن السوداني …
- كل هذه المصادر أجمعت على أن ابن العلقمي كان ساعد هولاكو في غزو
بغداد …
- نصير الدين الطوسي الذي يترحم عليه الخميني أصدر فتوى بقتل المسلمين …
- تحالف الشيعة ضد أهل السنة على مدى التاريخ، ونماذج من ذلك …
ملحق ملف الشحنات الإسرائيلية من السلاح لإيران …
- العمل الإسرائيلي المتواصل لتوفير الأسلحة لإيران …
- إسرائيل تقوم بتوفير أي قطعة سلاح ولو من السوق السوداء ليواصل
نظام الخميني حربه ضد العراق …
- والأمر الغير مقبول هو اعتماد الخميني - الداعية لتحرير القدس - عن
إسرائيل في تسليح قواته …
- إسرائيل في مقدمة موردي الأسلحة لإيران …
- اليهود الإيرانيون ودورهم في اقتصاد إيران …
- إسرائيل تتسلط على نسبة كبيرة من اقتصاد إيران في ظل حكم الخميني …
- سماسرة السلاح إلى إيران …
- إسرائيل تجني أرباحاً باهظة بتوفيرها السلاح لإيران، وتطيل أمد الصراع ضد
العراق …
الصفقات القديمة …
- صفقات السلاح لإيران تعود إلى مطلع الثمانيات …
- كشف عام 1980 …
- كشف عام 1981 …
- الحقيقة تتكشف بعد خروج "كارتر" …
- تورط إدارة "ريجان" بصفقات الأسلحة الإسرائيلية لإيران …
- الشحنة الأولى من إطارات عجلات "الفانتوم" …
- صفقة أسلحة في أواسط سنة 1981 …
إسرائيل تستمر وتحسن النوعية …
- صفقات الأسلحة الإسرائيلية لإيران عام 1982 …
- صفقات الأسلحة الإسرائيلية لإيران عام 1983 …
- صفقة أخرى في "مارس" 1984 …
دليل إسرائيلي رسمي …
- إرييل شارون يكشف أمر الصفقات …
- الصحف الإسرائيلية تطلب تطوير العلاقات مع إيران …
"إيران جيت" الشهيرة …
وأسلحة الشاه إسرائيلية …
المحتوى…(1/89)
(1) من أشهر فقهاء الرافضة في القرن الثاني عشر الهجري، انظر ترجمته في مقدمة المجلد الأول من كتابه "الحدائق الناضرة" بقلم الطباطبائي حيث فصّل القول في ترجمة حياته، والبحراني من المعتقدين بتحريف القرآن كما يبدو من كتابه "الحدائق".
(2) يقصد الطوسي مؤلف التهذيب والاستبصار.
(3) أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - حيث من اعتقد إمامتهما وتقديمهما على عليِّ - رضي الله عنه - فهو كافر حلال الدم والمال، وانظر بالتفصيل فصل "الشيعة واستحلال دماء وأموال أهل السنة" من هذا الكتاب حيث تراه مفصلاً هناك.
(4) دون ذلك الخرط القتاد.
(5) لو أننا نعلم أن الرافضة هم الشيعة أهل البيت حقاً لما تطرقنا إلى بينان عوار مذهبهم ودينهم الذي بنوه على الخرافات والأوهام والطعن في رجالات الإسلام، ومتى كان الطعن في الصحابة رضوان الله عليهم والاعتقاد بتحريف القرآن، واستحلال الزنا باسم المتعة، والكذب والنفاق باسم التقيّة من علامات حبّ آل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ولكن التشيع هو مأوى كل من يريد الكيد للإسلام وأهله، وإذا كانت تلك الاعتقادات الفاسدة التي يعتنقها الرافضة هي الإسلام، فعلى الإسلام السلام.
(6) كذا بالنص والصواب تتولونا. والله أعلم.
(7) كذا بالنص والصواب من تأمل. والله أعلم.
(8) أكثر الباحثين من العلماء نسبوا تلك المقدمة للمولى عبد اللطيف الكازراني ومن أولئك العلماء الشيخ محمد حسين الذهبي رحمه الله تعالى في كتابه "التفسير والمفسرون 2/46 والحقيقة هي من مؤلفات أبي الحسن العاملي فقد ذكر ذلك النوري صاحب كتاب "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب في كتابه "المستدرك" في الخاتمة في الفائدة الثالثة من ص385 في الحاشية:(1/90)
من الحوادث الطريفة والسرقات اللطيفة أن مجلد مقدمات تفسير هذا المولى الجليل المسمى بمرآة الأنوار موجود الآن بخط مؤلفه في خزانة كتب حفيده شيخ الفقهاء صاحب جواهر الكلام طاب ثراه. واستنسخناه بتعب ومشقة.
وكانت النسخة معي في بعض أسفاري إلى طهران فأخذها مني بعض أركان الدولة وكان عازماً على طبع تفسير البرهان للعالم السيد هاشم البحراني.
وقال لي: أن تفسيره خال عن البيان فيناسب أن نلحق به هذه النسخة ليتم المقصود بها. فأستنسخها. ورجعت إلى العراق، وتوفى هذا الباني قبل إتمام الطبع فاشترى ما طبع من التفسير ونسخه المرآة من ورثته بعض أرباب الطبع فأكمل الناقص وطبع المرآة في مجلد ولما عثرت عليه في المشهد الغروي رأيت مكتوباً على الورقة الأولى منه: كتاب مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار وهو مصباح الأنظار الأبرار ومقدمة التفسير الذي صنفه الشيخ الأجل والتحرير الأنبل العالم العلامة والفاضل الفهامة الشيخ عبد اللطيف الكازراني مولداً والنجفي مسكناً إلخ... فتحيرت وتعجبت من هذه السرقة فكتبت إلى بأني الطبع ما معناه: أن هذا التفسر للمولى الجليل أبي الحسن الشريف وأما عبد اللطيف فلا أسمع بذكره ولم نره في كتاب ولعل الكاتب السارق المطفئ لنور الله اشتبه عليه ما في الصدر الكتاب بعد الخطبة من قوله: يقول عبد الضعيف الراجي لطف ربه اللطيف خادم كلام الله الشريف ... إلخ.(1/91)
فظن أنه أشار إلى اسمه في ضمن هذه العبارة ولكن النسبة إلى كازران لا أدري ما منشأها فوعدني في الجواب أن يتدارك ويغير ويبدل الصفحة الأولى ويكتب ظهرها اسم مؤلفه وشرح. حاله الذي كتبته سلفاً على ظهر نسختي من التفسير وإلى الآن ما وفى بعهده وأعد نفسه لمؤاخذة المولي الشريف في غده فليبغ الناظر الغايب أن هذا التفسير المطبوع في سنة 1295 في طهران المكتوب في ظهره ما تقدم للمولي أبي الحسن الشريف الذي يعبر عنه في الجواهر بجدي العلامة لا لعبد اللطيف الكازراني الذي لم يتولد بعد إلى الله المشتكى وهي المستعان. انتهى.
وأعترف أنني في الطبعة الأولى من كتابي "الشيعة وتحريف القرآن" نسبت هذه المقدمة إلى الكازراني بدلاً من العاملي اعتماداً على كتاب الشيخ الذهبي رحمه الله تعالى "التفسير والمفسرون" ضمن الفصل الثاني من الكتاب "علماء الشيعة وتحريف القرآن" ولكن في الطبعات الثانية والثالثة والرابعة من الكتاب أثبت بأنها من تأليف العاملي لا الكازراني لذا وجب التنبيه والله يهدي إلى سواء السبيل.
(9) أي أهل السنة والجماعة.
(10) الأنوار النعمانية للجزائري 1/278-279 .
(11) انظر ترجمة الجزائري من كتابنا "الشيعة وتحريف القرآن" الفصل الثاني علماء الشيعة وتحريف القرآن ص88 الطبعة الأولى.
(12) قائمتا الباب.
(13) آدم وحواء.
(14) لسان العرب لابن منظور 1/187 .
(15) الوشيعة في نقد عقائد الشيعة لموسى جار الله ص110 .
(16) أصل الشيعة.
(17) شبهات حول التشيع لعلي العصفور ص52 .
(18) المجلد الأول ص146 كتاب الحجة باب البداء.
(19) الكافي: 1/146 .
(20) الكافي 1/148 .
(21) الكافي 1/148 .
(22) الكافي: 1/368 .
(23) 1/146 .
(24) في تعليقه على تفسير القمي 1/39 .
(25) انظر الوشيعة في نقد عقائد الشيعة ص110 وما بعدها.
(26) جامع أحاديث الشيعة 8/532 باب "وجوب الخمس فيما أخذ من مال الناصب وأهل البغي".
(27) المصدر السابق 8/533 .(1/92)
(28) أهل السنة.
(29) المحاسن النفسانية ص167.
(30) تحرير الوسيلة للخميني 1/352.
(31) المحاسن النفسانية ص166 .
(32) المحاسن النفسانية ص166 .
(33) المصدر السابق.
(34) المصدر السابق ص167 .
(35) الأنوار النعمانية 2/307-308 .
(36) وسائل الشيعة للحر العاملي ج3 ص429، باب وجوب القراءة خلف من لا يُقتدى به واستحباب الأذان والإقامة وسقوط الجهر وما يتعذر من القراءة مع التقيّة وأنّه يجزئ منها مثل حديث النفس. الفروع من الكافي للكليني ج1 ص373، باب الصلاة خلف من لا يقتدي به. الحدائق الناضرة للبحراني ج11 ص77، الوافي للفيض الكاشاني في ج5 ص164.
(37) وسائل الشيعة ج3 ص383 .
(38) أي سنة.
(39) الحدائق الناضرة ج7 ص73، وسائل الشيعة ج3 ص429 .
(40) يقصد الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً، حيث إن الرافضة يزعمون أن المحبة لآل البيت لا تصح إلا بالبراءة من الصحابة، لأنهم - على حد زعمهم - اغتصبوا الخلافة.
(41) تهذيب الأحكام للطوسي ج3 ص28، وسائل الشيعة ج3 ص389 "باب اشتراط كون إمام الجماعة مؤمناً موالياً للأئمة، وعدم جواز الاقتداء بالمخالف في الاعتقادات الصحيحة الأصولية إلا لتقيّة"، من لا يحضره الفقيه ج1 ص249 وانظر تعليق ابن بابويه مؤلف الكتاب على هذه الرواية.
(42) الفروع من الكافي 1/373، وسائل الشيعة ج3 ص432، التهذيب ج3 ص39، الوافي ج5 ص163 .
(43) الفروع الكافي 1/373، وسائل الشيعة ج3 ص432، الوافي ج5 ص163 .
(44) الفروع من الكافي 3/373، تهذيب الأحكام للطوسي ج3 ص35، الحدائق الناضرة ج11 ص74، وسائل الشيعة ج3 ص429، الاستبصار للطوسي ج1 ص429، الوافي للفيض الكاشاني ج5 ص163 .
(45) الفروع من الكافي 3/375، الحدائق الناضرة ج11 ص77، الوافي ج5 ص164 .
(46) الفروع من الكافي 3/279-280، الحدائق الناضرة ج11 ص74، الوافي ج5 ص3 ص164 .
(47) الفروع الكافي 3/380، الحدائق الناضرة ج11 ص71 .(1/93)
(48) الفروع من الكافي 3/381، الحدائق الناضرة ج11 ص72، من لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي ج1 ص265، بحار الأنوار ج5 ص164 .
(49) تهذيب الأحكام ج3 ص38، الحدائق الناضرة ج7 ص73، الاستبصار للطوسي ج1 ص431-432، الوافي ج5 ص164 .
(50) الحدائق الناضرة ج11 ص71، وسائل الشيعة ج3 ص382 .
(51) الحدائق الناضرة ج11 ص71-72، من لا يحضره الفقيه ج1 ص265 .
(52) وسائل الشيعة ج3 ص381، مستدرك الوسائل ج1 ص490 .
(53) وسائل الشيعة ج3 ص383، الحدائق الناضرة ج11 ص72 .
(54) وسائل الشيعة ج3 ص383، الحدائق الناضرة ج11 ص72، من لا يحضره الفقيه ج1 ص265 .
(55) وسائل الشيعة ج3 ص383-384، الحدائق الناضرة ج11 ص72 من لا يحضره الفقيه ج1 ص265 .
(56) وسائل الشيعة ج3 ص384 .
(57) الحدائق الناضرة ج11 ص72، وسائل الشيعة ج3 ص384-385 .
(58) الحدائق الناضرة ج11 ص74، وسائل الشيعة ج3 ص385 .
(59) الحدائق الناضرة ج11 ص74، وسائل الشيعة ج3 ص385 .
(60) الحدائق الناضرة ج11 ص74، وسائل الشيعة ج3 ص384 .
(61) الحدائق الناضرة ج11 ص74، وسائل الشيعة ج3 ص427، التهذيب ج3 ص36، الوافي ج5 ص163 .
(62) الحدائق الناضرة ج11 ص75، وسائل الشيعة ج3 ص430، التهذيب للطوسي ج3 ص35، الاستبصار للطوسي ج1 ص430 .
(63) وسائل الشيعة ج3 ص430 "باب سقوط القراءة خلف من لا يقتدي به مع تعذّرها والاجتزاء بإدراك الركوع مع شدّة التقيّة.
(64) وسائل الشيعة ج3 ص431، الاستبصار للطوسي ج1 ص430، الوافي ج5 ص163 .
(65) وسائل الشيعة ج3 ص431، التهذيب ج3 ص35، الوافي ج5 ص164 .
(66) وسائل الشيعة ج3 ص433 .
(67) تهذيب الأحكام ج3 ص37، الاستبصار للطوسي ج1 ص432، الوافي ج5 ص163 .
(68) الاستبصار للطوسي ج1 ص430، الوافي ج5 ص163 .
(69) بحار الأنوار للمجلسي ج85 ص87، أمالي الصدوق.
(70) بحار الأنوار ج85 ص89، مستدرك الوسائل ج1 ص489-490 .(1/94)
(71) فقه الرضا ص14، نقلاً عن بحار الأنوار ج85 ص106. مستدرك الوسائل للنوري ج1 ص490 .
(72) بحار الأنوار ج85 ص94 .
(73) بحار الأنوار ج85 ص95 .
(74) بحار الأنوار ج85 ص101 .
(75) مستدرك الوسائل للنوري ج1 ص490 .
(76) مستدرك الوسائل ج1 ص490 .
(77) كذا بالنص، والصواب "إن لم"، والله أعلم.
(78) أبو بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم جميعاً - ولعنة الله تعالى على كل من يبغضهم أو ينتقصهم.
(79) يقصد أهل السنة.
(80) عثمان - رضي الله عنه - وأرضاه إنما تزوج رقيّة وأم كلثوم - رضي الله عنهما، ويبدوا أن معلومات هذا الرافضي في الأنساب والتاريخ ضعيفة للغاية والعجب أنه يعيب على أهل السنة قلة معرفتهم بالأنساب كما قال.
(81) يقصد أهل السنة والجماعة، فإن مصطلح "العوام" أو "العامة" كثيراً ما يرد في كتب الرافضة ويقصد به أهل السنة.
(82) عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.
(83) عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.
(84) بحار الأنوار ج42 ص88 .
(85) بحار الأنوار ج42 ص106، الفروع من الكافي للكليني.
(86) ومتى كان للشيعة عقولاً، ولو كان لهم ذلك ما اعتنقوا الخرافات والأوهام وجعلوها ديناً، فالحمد لله الذي أنعم على أهل السنة نعمة فقدها قوم آخرون، ولله في خلقه شؤون والحمد لله أولاً وأخيراً.
(87) نقلاً عن بحار الأنوار ج42 ص107-108، الاستغاثة في بدع الثلاثة ج1 ص92-94 .
(88) بحار الأنوار للمجلسي ج42 ص108 .
(89) بحار الأنوار ج42 ص109 .
(90) يقصد الرافضة.(1/95)
(91) إذا كان الله تعالى حسب زعم الرافضة قد نص على الخلافة والولاية لعلي - رضي الله عنه -، وأخذ المواثيق والعهود على الأنبياء بالولاية له، أيستطيع ابن الخطاب - رضي الله عنه - وهو خلق من خلقه أن يصرف هذا لأمر عنه ويقف سداً منيعاً في وجه تحقيق هذا الأمر، فإذا كان إله الشيعة بهذا العجز وإنه لا يستطيع أن ينفذ ما يريد أن يستحق العبادة، أم أنه بدا له أن يعتقد هدنة سلام مع عمر - رضي الله عنه - ويعذبه في الآخرة، يا قوم قليل من الحياء والعقل - إن كانت لديكم ذرة عقل - وللمزيد انظر فصل "إله السنة غير إله الشيعة" من هذا الكتاب فإن فيه توضيح وبيان بحقيقة الرب الذي تؤمن به الرافضة.
(92) شريعة ابن سبأ.
(93) كذا بالنص والصواب: تقصّى.
(94) كفى بهذا الأمر منقصة وازدراء بعلي - رضي الله عنه -، فالرجل العادي لا يرضى بأن يدنس عرضه.
(95) { كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاّ كَذِبًا }.
(96) أي المرأة الشيعية.
(97) وسائل الشيعة للحر العاملي ج7 ص431، التهذيب ج7 ص303 .
(98) وسائل الشيعة ج7 ص423، التهذيب للطوسي ج7 ص302 الاستبصار للطوسي ج3 ص183 .
(99) وسائل الشيعة ج7 ص423 .
(100) يقصد الشيعي.
(101) وسائل الشيعة ج7 ص424، بحار الأنوار ج100 ص378، التهذيب ج7 ص303، الاستبصار ج3 ص183 .
(102) وسائل الشيعة ج7 ص424 .
(103) وسائل الشيعة ج7 ص424، الفروع من الكافي 3/350 .
(104) وسائل الشيعة ج7 ص426، الفروع من الكافي 3/351 .
(105) وسائل الشيعة ج7 ص426، الفروع من الكافي 3/351 .
(106) من أهل السنة.
(107) وسائل الشيعة ج7 ص426، الفروع من الكافي 3/352 .
(108) وسائل الشيعة ج7 ص426 .
(109) وسائل الشيعة ج7 ص427، الاستبصار ج3 ص184 .
(110) وسائل الشيعة ج7 ص427، التهذيب ج7 ص303، الاستبصار ج3 ص184 .
(111) وسائل الشيعة ج7 ص434 .
(112) بحار الأنوار ج100 ص378 .
(113) بحار الأنوار ج100 ص378 .(1/96)
(114) التعادل والترجيح للخميني ص82 .
(115) انظر ص27 من كتابنا "موقف الخميني من أهل السنة" لتعرف من هو.
(116) التعادل والترجيح ص80-81 .
(117) المصدر السابق ص82 .
(118) المصدر السابق ص83 .
(119) المصدر السابق ص83 .
(120) المصدر السابق ص83-91 .
(121) أي الشيعة.
(122) رسالة في الرد على الرافضة للشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله ص30-31 .
(123) أي أهل السنة.
(124) منهاج السنة 1/5 .
(125) الفتاوى مجلد 28 ص478-479 بتصرف يسير.
(126) الفتاوى مجلد 28 ص478-479 بتصرف يسير.
(127) تراجم رجال القرنين السادس والسابع ص198 .
(128) يقصد ابن العلقمي.
(129) ذيل مرآة الزمان 1/85-89 .
(130) ليكون ألعوبة في يده وينفذ ما يريد دون ضابط أو رابط.
(131) دول الإسلام 2/118 .
(132) فوات الوفيات 2/313 .
(133) طبقات الشافعية 5/110 .
(134) الذي يترحم عليه الخميني ويكيل الثناء والمدح ويشعر بالخسارة لفقدانه ولا عجب فإن الطيور على أشكالها تقع فإن كان مخرب الدين الطوسي قد ساعد التتار فالخميني وضع يده في يد اليهود الصهاينة وتحالف معهم في سبيل إبادة الشعب العراقي الشقيق.
(135) طبقات الشافعية 5/114-115 .
(136) أي أن الوزير اقترح على الخليفة بتسريح 15 ألف جندي لضغط المصروفات في الميزانية العامة.
(137) تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس (2 : 420 -421).
(138) دماء على نهر الكرخاء ص124 وما بعدها.
(139) الحكومة الإسلامية ص128 .
(140) سراب في إيران 28-29 للدكتور أحمد الأفغاني.
(141) حدث يوم الخميس 16 يونيو الجاري 1409ه.
(142) معلومات في أحد تقارير "المركز الدولي للأبحاث السلمية في ستوكهولم" وردت ف مجلات عسكرية متخصصة مطلع العام 1987.
(143) مجلة "لوبوان" الفرنسية ومجلة "استراتيجيا" الشهرية اللبنانية. مطلع العام 1987.
(144) خطاب الخميني في "قم" في 15 أبريل 1964 .(1/97)
(145) بيان للخميني حول إقرار قانون الحصانة القضائية للرعايا الأمريكيين.
(146) تصريحات الخميني على أثر اعتقال الطالقاني وبازركان خلال حكم الشاه.
(147) وهي فيللا كانت لشاه إيران وعادت للحكومة الإيرانية الحالية.
(148) نشرة "ستار" الصادرة بالفرنسية والمتخصصة ببعض الأخبار الخاصة بالأسلحة.
(149) صحف 10 مايو 1979 .
(150) الواشنطن بوست 12 ديسمبر 1986 .
(151) صحف مارس 1981 .
(152) أذيع البرنامج في أول فبراير 1981 مساء.
(153) "واشنطون بوست" 29 نوفمبر 1986 .
(154) "إسرائيل والحرب الإيرانية - العراقية" بحث بقلم شاهرام تشويين في مجلة الدفاع الدولية في عددها (3) مارس 1985 مجلد (18).
(155) نشرت ذلك صحيفة "الصنداي تايمز" اللندنية في 26 يوليو 1981م.
(156) صحيفة "بوسطن جلوب" 27 يوليو 1983 .
(157) صحيفة "ليبرسون" الفرنسية اليسارية، يوليو 1983 .
(158) دورية "الدفاع والشؤون الخارجية اليومية" في 24 يناير 1984 .
(159) مجلة "شتيرن" الألمانية الغربية، مارس 1984 .
(160) صحيفة "فرنكفورتر" الألمانية الغربية الصادرة في 17 مارس 1984 .
(161) تقرير لجنة "تاور" واسمها الرسمي " المجلس الرئاسي للمراجعة الخاصة". صدر في 26 فبراير 1987.
(162) كتاب مؤسسة ستوكهلم الدولية لأبحاث السلام السنوي 1984، صفحة 199 .
(163) اعتمدت الصحيفة في ذلك على مقابلة أجراها مراسلها مع دييد كمحي مدير الخارجية الإسرائيلية.
(164) مؤسسة ستوكهولم "المصدر السابق نفسه".
(165) "تغلغل إسرائيل في العالم" دبلوماسية مبيع الأسلحة، بقلم أرون كلمان. برجمان براسي، واشنطون عام 1985. وآرون كلمان أستاذ في جامعة تل أبيب وخبير مبيعات الأسلحة الإسرائيلية في فترة حكم الشاه.
(166) "تغلغل إسرائيل" المصدر السابق نفسه.
(167) "لندن أوبزرفر" 2 فبراير 1986. وثائق بعثة التجارة الإسرائيلية بعد سقوط حكم الشاه.
(168) صحيفة "دافار" الإسرائيلية 29 نوفمبر 1985.
??
??(1/98)
??
??(1/99)