ويتضح حرص الحكومة الأمريكية على هذه المعرفة من خلال أمور كثيرة منها أن الحكومة الفدرالية تقوم بتقديم الدعم لعدد من مراكز دراسات الشرق الأوسط في الجامعات الخاصة والجامعات الحكومية.كما أن أساتذة الجامعات والمتخصصين في الدراسات الإسلامية العربية تتم دعوتهم لتقديم شهاداتهم إلى لجان الكونجرس الأمريكي وحتى المخابرات المركزية الأمريكية . وقد عقدت عام 1985 ثلاث جلسات استماع قدم عدد كبير من المتخصصين شهاداتهم وبحوثهم حتى وصلت إلى اثنتين وأربعين صفحة وكانت هذه الجلسات مخصصة لموضوع الأصولية في العالم الإسلامي.([6]) وقد عقدت جلسات أخرى فيما بعد. كما أن المؤتمرات التي تعقد هنا وهناك بالإضافة إلى مشروع جامعة شيكاغو حول "الأصولية" في أديان العالم وبخاصة الإسلام واليهودية والنصرانية الذي حشدت له الجامعة عشرات العلماء للبحث فيه لابد أن يطلع على نتائجه مسؤولو الحكومة الأمريكية .
وبالإضافة إلى هذه المصادر من المعلومات فهناك مندوبي مكتبة الكونجرس في أنحاء العالم العربي الإسلامي الذين يلتقطون كل جديد من كتب ومنشورات وقصاصات صحفية يتم تزويد المسؤولين بها في الحكومة الأمريكية .
ويسعى الأمريكيون للحصول على المعلومات عن طريق الطلاب العرب المسلمين في الجامعات الأمريكية، وبخاصة الذين يعدون رسائل الماجستير والدكتوراه في العلوم الإنسانية والاجتماعية وغيرها. وقد أشار أحمد عبد الحميد غراب إلى هذه المسألة وأكد على أن بعض الرسائل العلمية تشبه المعلومات الاستخباراتية وبخاصة تلك التي تتعلق بالحركات الإسلامية، حيث يكون الطالب المسلم أكثر قدرة على تحصيل المعلومات من الباحثين الأجانب، بالإضافة إلى أن الطالب الذي يعد رسالة جامعية بعيد عن الشكوك([7]). وقد أشار إدوارد سعيد إلى هذا الأمر حيث التقى بعض الطلاب اللبنانيين الذين يعدون رسائلهم الجامعية حول لبنان ، فقال لهم بأن يكتبوا عن لبنان حين يكونون في لبنان أما في أمريكا فإن عليهم الكتابة عن أمريكا: "لماذا لا تكتبون عن أمريكا؟ لستم هنا لكي تكتبوا عن أنفسكم...هنا يتوجب عليكم أن تشاركوا في الجدالات الدائرة حول أمريكا في أمريكا."([8])
وهناك وسيلة أخرى في الحصول على المعرفة وهي عن طريق الأساتذة العرب المسلمين الذين تستقطبهم الجامعات الأمريكية؛ حيث يقوم هؤلاء الأساتذة بالمشاركة في المؤتمرات والندوات، ويقومون بالتدريس الجامعي ويُعَدّون مصدراً مهماً للحصول على المعلومات عن العالم الإسلامي العربي. وقد كتب إدوارد سعيد عن ذلك بقوله: "العديد من المثقفين العرب يأتون إلى أمريكا لكي يدرِّسوا أو يكتبوا عن الشرق الأوسط، و مثّل لذلك بصادق جلال العظم " الذي يفتَرض أنه "ناقد" كبير قضى ثلاث سنوات وجُل ما فعله هو تدريس الشرق الأوسط إلى صغار أمريكا، ذلك نوع من النرجسية التي تدعو إلى الأسى عند قسم من المثقفين العرب" ويضيف بأنهم "أسرى حالة من ال" غيتو" لأنهم يكتبون عن العالم العربي بالفرنسية في فرنسا وبالإنجليزية في أمريكا وبريطانيا وينظر إليهم كمخبرين محليين." ([9])
ومن الملاحظ أن الأساتذة الذين تقدم لهم الفرصة للعمل في الجامعات الأمريكية هم في الغالب من أصحاب الاتجاهات العلمانية أو المتغربين، وهؤلاء بطبيعتهم يعيشون حالة من الانبهار بالغرب، ولطبيعة حقدهم على الاتجاهات الإسلامية فإنهم يتبرعون بالمعلومات التي تطلب منهم وحتى التي لا تطلب منهم. ولاحظت أيضاً أن الذين يدرسون في المدارس الخاصة مثل المدارس الفرنسية (الليسيه)، أو كلية فيكتوريا(بريطانية)، أو الكلية العامة(أمريكية) يواصلون دراساتهم العليا في الغرب، ويحصل بعضهم على الفرص للتدريس والعمل في الجامعات الأمريكية.(10 )
وقد تأكد لي هذا الاتجاه في أكثر من حالة فحين كنت أحضر ندوة بجامعة نيويورك بعنوان "الرقابة الإعلامية والمصالح القومية. كان أحد المتحدثين هو محمد دلبح الذي قرأ بحثاً من عشر صفحات أو أكثر حشد فيها معلومات كثيرة عن الرقابة الإعلامية في دول الخليج العربي، وما كان للحضور معرفة هذه المعلومات لو لم يقدمها لهم هذا المشارك، بالإضافة إلى الروح الهجومية على هذه البلاد العربية وكأنها بلاد أعداء. وبالرغم من أن مشاركتي قد قدمت بعض المعلومات عن الرقابة الإعلامية، لكنها في الوقت نفسه تناولت الشكوى من الهيمنة الفكرية الغربية من خلال البث المباشر الذي يسيطر عليه إنتاج هوليوود، وقد أشرت إلى مناشدة الرئيس الأمريكي لأربعمئة من شخصيات عالم السينما بأن يخففوا من جرعات الجنس والجريمة في الأفلام. كما أشرت إلى كتاب مايكال ميدفيد أمريكا وهوليوود Ame r ica VS Hollywoodالذي يعد أعنف هجوم تعرضت له هوليوود، وقد أغضب أرباب صناعة السينما في أمريكا، وقد وجدت صعوبة في الحصول عليه.
ومن وسائل تحقيق المعرفة بالعالم العربي الإسلامي التي تبذل الجامعات الأمريكية ومراكز البحوث ومعاهد الدراسات جهوداً كبيرة جداً في سبيلها ما سأذكره عن بعض الجامعات فيما يأتي:
جامعة نيويورك(25/136)
1- ندوة بعنوان:" ثقافات متواصلة: التاريخ والهوية في الأفلام الوثائقية في الشرق الأدنى 8و9 فبراير 1996م، وشارك في الندوة كل من ليلى أبو لغود، ومايكال جليسنان، وزخاري لوكماني، وحميد دياني، وتماثي ميتشال وخالد فهمي وقد تضمنت الندوة عرض أفلام من الجزائر، وإسرائيل، وفلسطين، ومصر، ولبنان والمغرب.
2- ندوة " الرقابة الإعلامية والمصالح الوطنية" وهي من ست حلقات حسب المناطق الجغرافية للشرق الأوسط، بالإضافة إلى ندوة حول الصحافة العربية المهاجرة. ومن هذه الندوات واحدة حول الجزيرة العربية شاركت فيها كل من شيلا كارابيكو المتخصصة في العلوم السياسية، ومديرة المعهد الأمريكي للدراسات اليمنية بجامعة ريتشموند بولاية فيرجينيا، والصحافي محمد دلبح الذي يعمل مراسلاً لعدد من الصحف والمجلات الخليجية في واشنطن منذ عام 1978م ، وعقدت الندوة في 27فبراير 1996.م.
أما الحلقة الأخرى فكانت حول الصحافة العربية المهاجرة وشارك فيها كل من جهاد الخازن -رئيس تحرير جريدة الحياة اللندنية وملحم كرم مراسل إذاعة مونت كارلو. وعقدت يوم 19 أبريل 1996م.
جامعة هارفارد:
تصدر جامعة هارفارد نشرة نصف شهرية تتضمن نشاطات مركز دراسات الشرق الأوسط، وبعض المراكز القريبة، وهو ليس قسماً علمياً ولكنه يقوم بالتنسيق بين الأقسام المختلفة التي تهتم بالدراسات العربية والإسلامية مثل قسم اللغة والآداب، وقسم الأديان ، وقسم العلوم السياسية ، وقسم الجغرافيا، وقسم علم الإنسان(الانثروبولوجي) وقسم الاجتماع ...الخ. ومن نشاطات هذه الجامعة وهي كثيرة جداً:
1- محاضرة بعنوان "غلام نصراني في أغنية لأبي نواس" ألقاها جيمس مونتجمري المتخصص في الأدب العربي من جامعة أوسلو.
2 - حلقة دراسية بعنوان:" الإسلام السياسي:تحد أم تهور" شارك فيها جون اسبوزيتو، وكانت محاضرته بعنوان " العلاقات النصرانية الإسلامية" ومن موضوعات الندوة النصوص والتقاليد، المواجهات العقدية، وموضوع العلاقات الإسلامية النصرانية في الغرب، وإصلاح الدين للقرن الواحد والعشرين. وعقدت هذه الحلقة في جامعة جورج تاون بواشنطن.
3- 21سبتمبر 1995م، محاضرة بعنوان:"إعادة فحص الدولة في الشرق الأوسط: تحليل للكتابات التي صدرت مؤخراً." قدمها يوسف كوستاينر Kosteine r كبير باحثين من مركز دايان لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بجامعة تل أبيب.
4-5 أكتوبر 1995م، محاضرة بعنوان :" اتجاهات جديدة في الخليج الفارسي" قدمها جاري سيك Ga r y Sick من جامعة كولمبيا بنيويورك.
5- 14 نوفمبر 1995م :"الإسلام السياسي بين القومية الإسلامية والأصولية" قدمها أوليفر روي من المركز القومي للبحوث العلمية بباريس.
6- 14 نوفمبر 1995م محاضرة بعنوان:"اتجاهات معاصرة في الفكر المعاصر وتطبيقات في أصول الفقه." قدمها الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان، عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وعضو المجمع الفقهي.
الرسائل العلمية:
تعد الرسائل العلمية من أفضل مصادر المعرفة عن العالم العربي الإسلامي، ومن الصعب حصر الرسائل ولكن فيما يأتي نماذج من هذه الرسائل التي تتناول الإسلام في النواحي العقدية والتشريعية وفي التاريخ وغيره، كما تتناول بعض القضايا المعاصرة.
1-حمودة عبد العاطي:" بناء الأسرة في الإسلام" جامعة برنستون 1971م
2- عبد الحميد أبو سليمان:" النظرية الإسلامية في العلاقات الدولية." جامعة بنسلفانيا 1973م
3- بكر محمد باشا." التأثير الواضح للشريعة في تخفيض عدد الجرائم في المجتمع السعودي: دراسة مقارنة." الجامعة الأمريكية العالمية 1979م.
4- شويكار إبراهيم علوان ."الديمقراطية الدستورية والإسلام :دراسة مقارنة" جامعة ايموري بولاية أتلانتا 1971م.
5- على أكبر باراست ." وضع النساء في المجتمعات العربية المسلمة " جامعة يوتا 1974م.
6- أحمد شكري ."القانون المحمدي[ وليس الإسلامي] في الزواج والطلاق" جامعة كولمبيا عام 1916.م.
7- فؤاد شعبان . العالم المحمدي[وليس الإسلامي] في الأدب الإنجليزي 1462-1580م، توضيح من خلال نص كتبه الإخوان الإنجليز الثلاثة. جامعة ديوك 1965م.
المعاهد ومراكز البحوث: من الصعب على الجهد الفردي متابعة النشاطات العلمية حول العالم العربي الإسلامي في الولايات المتحدة، ولكنّي أشير إلى بعض المراكز والهيئات المهمة ذات النشاط الواضح في هذا المجال التي تيسر لي الاشتراك فيها بالعضوية أوعن طريق الاطلاع على بعض إنتاجها العلمي ومنها:(25/137)
أ-(رابطة دراسات النساء في الشرق الأوسط) وهي إحدى الهيئات التابعة لرابطة دراسات الشرق الأوسط، ولها عضوية مستقلة وتصدر نشرة ربع سنوية ، كما تعقد اجتماعاً سنوياً ضمن الاجتماع السنوي لرابطة دراسات الشرق الأوسط. ومن خلال متابعة أعداد النشرة التي تصدرها الرابطة يتضح اهتمامهم بالفكر التغريبي العلماني،ودعاة ما يسمى" تحرير" المرأة. وقد حضرت مندوبة من الرابطة معرض القاهرة الدولي العام الماضي وأعدت تقريراً عن جناح المرأة في المعرض، ومن المقابلات التي أجرتها مندوبة الرابطة مع الشاعرة السعودية فوزية أبو خالد، ووصفت فوزية أبو خالد بأن شِعْرَها يعد من طراز رفيع في الشكل وصريح في محتواه. وصرحت الشاعرة السعودية بأنها طردت من وظيفتها التدريسية في كلية البنات في إحدى الجامعات السعودية، ولكنها مازالت تعمل في الجامعة في إدارة تخطيط المناهج. وبالطبع فإنها كما صرحت ما تزال تمارس الكتابة بالرغم من أكثر كتاباتها لا تنشر في السعودية.([10])
2- معهد الولايات المتحدة للسلام -واشنطن العاصمة: تأسس هذا المعهد في واشنطن العاصمة في عام 1984 بدعم من الحكومة الأمريكية حيث يتولى الكونجرس الأمريكي توفير ميزانية المعهد . وتقوم الحكومة الأمريكية بتعيين مجلس أمناء المعهد .ومع ذلك فالمعهد مؤسسة مستقلة غير منحازة منعزلة عن مؤسسات الضغط السياسي، ولكنه قادر على مساعدة الفرع التنفيذي من الحكومة الأمريكية والآخرين بتقديم البحوث والتحليل والمعلومات. ويهدف هذا المعهد أساساً إلى " تقوية قدرات الأمة (الأمريكية ) للتوصل إلى حلول سلمية للمشكلات الدولية" وذلك عن طريق:
1- تحريك أفضل المواهب الدولية من مؤسسات البحوث والأكاديميات والحكومات لمساعدة صنّاع القرار بتقديم أفضل تقويم مستقل وإبداعي لكيفية معالجة المشكلات العالمية من خلال الطرق السياسية.
2- التوصل إلى حلول للمشكلات أو الخلافات الدولية من خلال طرح المشكلات وإعداد المفاوضين الأمريكيين ليقوموا بدور الوسطاء.
3- تدريب المتخصصين في الشؤون الدولية في إدارة المشكلات وأساليب الحلول والوساطات ومهارات التفاوض.
4- رفع مستوى الطلاب والجمهور حول المشكلات الدولية وجهود السلام من خلال المنح والبعثات الدراسية والمطبوعات والاتصالات الإلكترونية والمؤتمرات .([11])
ويهمنا في هذا السياق اهتمام المعهد بالعالم العربي الإسلامي وبخاصة الصراع الإسلامي اليهودي ، كما يهتم المعهد بموضوع "الإسلام السياسي" أو "الأصولية". وقد عقد المعهد العديد من المؤتمرات والندوات وورش العمل لدراسة هذه القضية. كما علمت بأن المعهد كلّف سعد الدين إبراهيم من الجامعة الأمريكية في القاهرة بإعداد دراسة عن الحركات الإسلامية في مصر. ومن الطريف أن ميزانية قسم دراسات الشرق الأوسط كانت مليونين ومائتين وثمانين ألف دولار لعام 1992.([12]) وقد انتقل المعهد الآن من شقة صغيرة إلى مبنى مستقل.
وفيما يأتي عرض موجز لبعض ندوات المعهد:
أ- "جارٌ عنيد: تحليل دور تركيا في الشرق الأوسط".1-2 يونيو 1994م أدار الندوة كل من باتريشيا كارلي من المعهد وهنري باركي من جامعة ليهاي Lehigh، وقد شارك في الندوة ثلاثمئة باحث أكاديمي وسياسي من تركيا ومصر وسوريا وإسرائيل وإيران وأوروبا والولايات المتحدة. ونظراً لأهمية الموضوع فقد قرر المعهد نشر تقرير مفصل يلخص أهم الآراء التي طرحت في الندوة، كما ينوي المعهد نشر كتاب يضم مساهمات المشاركين.
ب- ندوة: الإسلام السياسي في الشرق الأوسط. 2-3 مارس 1994، بالتعاون مع مركز التفاهم الإسلامي النصراني التابع لمدرسة الخدمة الخارجية في جامعة جورج تاون بواشنطن العاصمة. وقد رأس المعهد ديفيد ليتل- المتخصص في الأديان والأخلاق وحقوق الإنسان، واشترك معه في رئاسة المؤتمر نورتون هالبرن من موظفي مجلس الأمن القومي. وقد حدد ليتل في كلمته الافتتاحية أهداف المؤتمر في النقاط الثلاث الآتية:
1- التحديات التي يقدمها الإسلاميون للغرب.
2- كيفية التفريق بين العمل السياسي المتطرف والعنف.
3- التغيرات والسياسية والدينية وحل الأزمات .
أما المشاركون فمن أبرزهم ليسا أندرسون مديرة معهد الشرق الأوسط بجامعة كولمبيا، وديرك فاندوال من كلية دارموث، وسيد والي نصر الذي تحدث عن الجماعة الإسلامية في باكستان.، وريمون بيكر من الجامعة الأمريكية في القاهرة، وروبرت ساتلوف رئيس معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، وجويس ديفس مارسيه من إذاعة صوت أمريكا، وشاؤول بخّاض من معهد الولايات المتحدة للسلام، وجيمس إكنز السفير الأمريكي السابق في السعودية، وسعد الدين ابراهيم المتخصص في علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية في القاهرة.
وقد عقد المعهد ندوة خاصة أو ورشة عمل لتقويم نتائج الندوات السابقة في 16 يونيه 1994 وحضرها كل من روبرت بللاترو وديفيد ساترفيلد وبرنارد لويس .
- الحواشي :
[1] -Edwa r d Said. O r ientalism. (New Yo r k: 1987)p(25/138)
[2] - حوار للباحث مع المستشرق برنارد لويس في برنستون 21 أكتوبر 1988، ونشر كملحق في كتابي: الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي: دراسة تطبيقية على كتابات برنارد لويس. (الرياض: 1416-1995)
[3] - خالد يحي بلانكشب . "الدراسات الإسلامية في الجامعات الأمريكية " في وقائع الندوة الأولى للدراسات الإسلامية والعربية في الجامعات الأمريكية .فيرفاكس (فيرجينيا): بدون تاريخ) ص24-28 .
[4] - المرجع نفسه.
[5] - يوشع صادق. " تدريس العلوم الإسلامية بالجامعات الأمريكية ." في وقائع الندوة الأولى للدراسات الإسلامية العربية في الجامعات الأمريكية ، مرجع سابق، ص ص19-23.
[6] - Islamic Fundamentalism and Islamic r adicalism. Hea r ings befo r e the Sub committee on Eu r ope And The Middle East of The Committee of Fo r eign Affai r s. House of r ep r esentative of 990 Cong r ess, June 24, July 15 and Septembe r 30.
[7] - أحمد عبد الحميد غراب. رؤية إسلامية للاستشراق.(بيرمنجهام: 1415) ص
[8] -ادوارد سعيد .تعقيبات على الاستشراق . ترجمة وتحرير صبحي حديدي (عمّان:1996)ص149-150 عندما كان الباحث يعيش في الولايات المتحدة مبتعثا للدراسة الجامعية أدرك أن عليه أن يعرف المجتمع الذي يعيش فيه ومن ذلك أن انتشرت في وقت من الأوقات رواية جورج أورويل (1984) وبخاصة عندما كشفت الصحافة أن مكتب التحقيقات الفدرالية يحتفظ بملفات لعدد كبير من المواطنين العاديين . وكانت أمريكا تعاني من ويلات حرب فيتنام فتعرف إلى هذه الاتجاهات، كما كانت القناة التلفزيونية التعليمية في جامعة ولاية أريزونا تقدم كثيراً من الحقائق عن المجتمع الأمريكي التي لا يعرفها الشخص العادي.
[9] -سعيد ، مرجع سابق
[10] من هؤلاء على سبيل المثال فؤاد عجمي الذي تخرج في الكلية الأمريكية في بيروت وهشام شرابي وغيرهما من الذين درسوا في المدارس الأجنبية.
[10] -The Middle East Women's Studies :The r eview. Vol. XI ,No.1,Ma r ch 1996.
[11] - United States Institute of Peace FACTS SHEET, Septembe r 1995 and الرسالة الإخبارية ، المعهد العربي للدراسات الدولية ، السنة السابعة ، العدد الثاني ، مارس/أبريل 1994م.
[12] -مؤتمرات . في الرسالة الإخبارية للمعهد العربي للدراسات الدولية ، السنة السابعة ، العدد الثاني ، مارس/أبريل 1994. ص3-6.
=================(25/139)
(25/140)
ظاهرة الاستشراق الإعلامي >
كتب حسن عزوزي تحت عنوان (ظاهرة الاستشراق الصحافي ) مشيراً إلى أن الاستشراق الصحافي إنما هو "أحد إفرازات المؤسسة الاستشراقية الحديثة فينضوي تحت لوائها عدد من هائل من الصحفيين المختصين في شؤون الإسلام والمسلمين..." وأكد عزوزي على الارتباط بين الاستشراق الأكاديمي والصحافي، فهو يرى أن الأكاديميين" ساهموا بشكل أو بآخر في تكوين وتأهيل أولئك الصحافيين الذين ما فتئوا يقتاتون على موائدهم ويتزودون منها بأفكارهم وطروحاتهم الواهية." ([1])
وأذكر أنني سئلت عن تعريف الاستشراق فرجعت إلى التعريفات المشهورة في هذا المجال منذ كتاب فلسفة الاستشراق لأحمد سمايلوفيتش، وحسين هراوي، ومصطفى السباعي، وإدوارد سعيد وأحمد عبد الحميد غراب، ولكني رأيت أن بعض التعريفات يحدد الاستشراق بالبحث الأكاديمي والبعض الآخر يقدم حكماً على الاستشراق من خلال التعريف فرأيت أن أضيف- وكان هذا قبل قراءة مقالة عزوزي - بأن الاستشراق لا يمكن حصره في الدراسات الأكاديمية، بل إن الإعلام يقوم بدور مهم وخطير في الترويج لمقالات المستشرقين وبخاصة المتحاملة والحاقدة على الإسلام والمسلمين، والإعلام لاشك يعني الصحافة والإذاعة والتلفاز والسينما، وحتى الأفلام الكرتونية الموجهة لصغارنا فذلك كله استشراق. كما أضفت إليه أن من الاستشراق ما تقوم به الحكومات الغربية ممثلة في مراكز بحوثها وفي مخابراتها، من عقد ندوات وتكليف باحثين بتقديم بحوثهم ودراساتهم لهذه الأجهزة، وذكرت أنه يلحق بالاستشراق ما يكتبه باحثون عرب مسلمون على نهج المستشرقين ([2]).
وأما أهمية بحث الاسشتراق الصحافي فهو أننا وقع في روعنا في البلاد النامية مصداقية الإعلام الغربي وقدراته الهائلة في الوصول إلى الخبر، وبذل الجهود الكبيرة في تغطية الأحداث في العالم بالإضافة إلى تقديم التحليل والدراسة مع الأخبار. لكن ما مدى صحة هذه المصداقية فيما يتعلق بقضايا العالم الإسلامي السياسية والفكرية والعقدية والتاريخية؟ لقد بحث الشيخ زين العابدين الركابي في مقالة له في هذا الموضوع وتوصل إلى أن مصداقية الإعلام الغربي قضية مشكوك فيها وهذه بعض الأدلة على ذلك: الكذب على الإسلام، وليس سبب الكذب الجهل به وإن كان وجد من يجهل الإسلام بينهم "بيد أن هناك من يكذب على الإسلام عمداً، وكثير من هؤلاء يستمدون مادة الأكاذيب من نتاج المستشرقين وهم قوم احترف معظمهم الكذب على الإسلام؛ الكذب على عقيدته وشريعته، على كتابه وسنته ولغته حتى لكانّ أحدهم "يجهز" الكذبة ابتداءً أو يضع أرقام التهم في جداول قبل كل شيء ثم يعتسف الأدلة أو القرائن." ويضيف الركابي قائلاً: "ولمّا كان الإعلام الغربي أو قطاعات منه متأثراً بهذه المدرسة الكذوب ، فقد تبدى هذا التأثر في الأشكال الإعلامية المتنوعة : الكتاب والصحيفة والإذاعة والتلفزيون..." وتساءل في ختام حديثه :" فكيف تصح أو تتحقق المصداقية الإعلامية في خضم هذا الطوفان من الأكاذيب ؟"([3])
وقدم الركابي دليلاً ثانياً وهو ما يفعله هذا الإعلام مع سلمان رشدي وتسليمة نسرين وأضرابهما، وذكر بأن إنتاج سلمان رشدي ليس له قيمة علمية أو فكرية، أما مسألة الإبداع فكما يقول الركابي" إنما هي غطاء كثيف للأهداف والدوافع السياسية الحقيقية والتغطية من هذا النوع كذب مكشوف." ([4])
ومن الذين اهتموا بالإعلام الغربي عموماً وبالصحافة الأمريكية الباحث الفلسطيني إدوارد سعيد الذي كتب عن هذه الصحافة يقول:" يصعب الحديث عن صحافة مستقلة حقاً في الولايات المتحدة فالمصالح التجارية والحكومية المتشابكة ترتبط بوسائل الإعلام أو " تقيدها" كما يقول بعضهم تمنع وسائل الإعلام من الانطلاق الحر وراء الحقائق التي قد يود صحافي طموح ونشيط كشفها.." وضرب مثالاً لتغطية الشؤون الخارجية حيث أشار إلى " المجموعة الصغيرة صاحبة الخبرة المزعومة في موضوع الإسلام تحتكر الحديث عن الإسلام في وسائل الإعلام المكتوبة والإلكترونية على نحو شبه كامل منذ نهاية الحرب الباردة." ([5])وذكر سعيد من هذه الفئة برنارد لويس الأستاذ المتقاعد بجامعة برنستون، وفؤاد عجمي رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط بمعهد الدراسات المتقدمة بجامعة جون هوبكنز والمستشار لدى محطة سي بي إسCBS، وجوديث ميللر الصحافية في جريدة نيويورك تايمز، وإيمرسون صاحب فيلم الجهاد في أمريك، ودانيال بايبس.(25/141)
وقد استغل الكتاب المعادون للإسلام الصحافة بأنواعها حتى المتخصصة في شؤون الاقتصاد والمال ومن ذلك ما كتبه دانيال بايبس في صحيفة وول ستريت جورنالWall St r eet Jou r nal معلقاً على كتاب جون اسبوزيتو الخطر الإسلامي وهم أم حقيقة، وعلى ما صرح به إدوارد دجيرجيان حين كان مسؤولاً في وزارة الخارجية الأمريكية بأن الإسلام ليس عدواً للغرب، فالإسلام دين عظيم وقد أفادت الحضارة الغربية من المسلمين وحضارتهم ، وإنما الغرب يعادي الحركات المتطرفة. فكان مما كتبه دانيال بايبس قائلا:" هل هما على حق؟ أو هل يشبهان ذلك النوع من خبراء الحكومة الذين لا يستطيعون رؤية العدو حتى يحس باللكمة على وجهه"، ويضيف متسائلاً عن تناقص نسبة المواليد لدى الشعوب الأوروبية والأمريكية وازدياد عدد المهاجرين من البلاد الإسلامية، وأن ما يخيف الأوروبيين هو الطوفان الثقافي أكثر من الصواريخ الإسلامية وأخذ الرهائن."([6])
وكان بايبس قد كتب قبل ذلك بأن الأصولية المتطرفة وبخاصة الإسلامية هي الخطر الحقيقي على أمريكا والمصالح الغربية لأن وصولهم إلى القوة سيؤذي غالبا الولايات المتحدة وحلفاءها.([7]) ولإدوارد سعيد رأي في دانيال بايبس يقول فيه :" إن بايبس من المأدلجين والمستشرقين الأصغر سنّاً، الذي تتجلى خبراته في كتابه على درب الله: الإسلام والسلطة والسياسة (1983م)، الموضوع كلياً ليس في خدمة المعرفة بل في خدمة دولة معتدية، وتدخلية وهي الولايات المتحدة يساعد بايبس في تعريف مصالحها، ويؤكد سعيد على عزلة بايبس عن التطورات الفكرية في جميع الميادين الأخرى من الثقافة وعلى غطرسته العتيقة البائدة ولا سيما حين يتعلق الأمر بتلك الطروحات الجازمة القاطعة التي لا تضع سوى اعتبار طفيف للمنطق والحجة." ([8])ويقول سعيد عن بايبس في موضع آخر إن بايبس "ينحاز بصراحة وعناد إلى صف مستشرقين استعماريين من أمثال سنوك هورخرونيه، وإلى مرتدين ما قبل كولونياليين صفقاء مثل نايبول بحيث يتاح له استسهال مراقبة الإسلام والحكم عليه من مركزه العالي في وزارة الخارجية أو مجلس الأمن القومي." ([9])
ومن الاستشراق الإعلامي ما قام به ستيف إيمرسون الذي أنتج وأخرج فيلم (الجهاد في أمريكا) وهذا الفيلم تقوم فكرته الأساسية على تصريحات لبعض القادة المسلمين في الولايات المتحدة على مدى السنين السبع الماضية، وزعم إميرسون أن هؤلاء استغلوا انفتاح المجتمع الأمريكي والحرية فيه، ويخططون لإنشاء إمبراطورية إسلامية. وقد انتقد كريستوفر تايلور إيمرسون بأنه لم ينظر إلى التنوع في الحركات الإسلامية، ومما يدعو إلى التشكيك في مصداقية الفيلم -حسب رأي تايلور- أنّ هذه المجموعات الصغيرة لا يعقل أنها تؤلف طابوراً خامساً يهدد المجتمع الأمريكي.([10])
ومن المهم في هذا المجال الإشارة إلى التعاون بين الإعلام اليهودي في إسرائيل والإعلام الأمريكي وبخاصة في قضايا العالم الإسلامي، فقد تكون الحملات المعادية للإسلام والمسلمين في الصحافة الأمريكية إنما هي صدى للعداء الذي تبثه وسائل الإعلام الإسرائيلية، ولذلك يكثر استشهاد الكتاب الأمريكيين بالصحافة الإسرائيلية ومن هذه الصحف ال "جيروزليم بوست" الأسبوعية فقد كتبت في أحد أعدادها عن الحركات الإسلامية قائلة:"ففي الغرب كان منهج المسلمين يسير في خط ملتو آخر، إنهم ينادون بالتعاون بين الأديان وبالتسامح، وفي الحقيقة التسلل هو المفتاح لإغراق الغرب في بحر السيطرة الإسلامية، وعلى سبيل المثال فإن بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي تضم عدداً من المساجد أكثر من عدد الكنائس." ويشير مقال البوست إلى أن عدد الذين يحق لهم التصويت من بين الملايين الستة من المسلمين هو ستمائة ألف ولذلك فمن المفهوم أن يكون للإسلام تأثير جوهري ، ويضيف كاتب المقال قائلاً: وفي حربهم المقدسة ضد الكفار فإنهم يصرحون بأهم سيهزمون اليهود أولاً وبعد ذلك سينتصر الإسلام على العالم النصراني."([11]) ، كما أن زعماء الدولة العبرية يستغلون كل فرصة لتحذير الغرب من الحركات الإسلامية كما فعل بيريز -مثلاً- في كتابه الشرق الأوسط الجديد.(25/142)
وأختم هذه الفقرة عن الاستشراق الإعلامي بالقول: إن الحملة ضد الإسلام والمسلمين لم تقتصر على كبريات الصحف والمجلات من أمثال نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، ولوس أنجلوس تايمز، ومجلة تايم، ومجلة نيوزويك، ومجلة أتلانتك الشهرية ،ونيورببليك وغيرها بل تعداها إلى المجلات التي تبتعد عادة عن تناول الموضوعات المتعلقة بالأديان والمثيرة للجدل والحساسيات وذلك لطبيعتها واتساع انتشارها وترجمتها إلى العديد من اللغات ومن هذه المجلات أو أشهرها مجلة المختار ( r eade r 's Digest)، فقد كتبت في أحد أعدادها حول قضية المرأة في العالم الإسلامي وركزت المجلة على انتقاد الإسلام وتشريعاته بخصوص المرأة واستشهدت بكتابات فاطمة المرنيسي التي أضفت عليها هالة من التبجيل فهي متخصصة في القرآن الكريم وعالمة اجتماع، كما استشهدت بآراء بنازير بوتو، وكان من هذه الآراء ما قالته المرنيسي إن الحجاب لم ينزل في القرآن الكريم وإنما طالب القرآن الكريم المرأة والرجل بالعفة والحشمة. ([12]) وفي مقالة أخرى للمجلة نفسها بعنوان "حرب مقدسة تتجه نحونا " حشد الكاتب كل ما استطاع من أدلة لتحذير الغرب من هجمة " الأصولية الإسلامية" على الولايات المتحدة.([13])
ومن نشاطات الاستشراق الإعلامي ما تقوم به الإذاعات الموجهة مثل صوت أمريكا أو هيئة الإذاعة البريطانية، وصوت ألمانيا، وإذاعة مونت كارلو والإذاعات التنصيرية من عقد ندوات ومؤتمرات حول قضايا العالم الإسلامي . ففي عام 1992م عقدت إذاعة صوت أمريكا ندوة بعنوان "التحول نحو الديمقراطية في الشرق الأوسط"، تحدث فيها كل من ماريوس ديب الأستاذ بجامعة واشنطن، وكلوفيس مقصود الأستاذ بالجامعة الأمريكية بواشنطن أيضاً، ووليم كوانت كبير خبراء الشرق الأوسط في معهد بروكنجز -والأستاذ بجامعة فيرجينيا حاليا ([14]) ومما يلاحظ عدم وجود توازن في وجهات النظر المعروضة حيث إن الاتجاه الإسلامي لم يكن ممثلاً. ولعل هذا الأمر في عدم تمثيل المسلمين في الندوات والمؤتمرات ما أشار إليه إدوارد سعيد بأن العرب والمسلمين ليسوا مؤهلين بعد لتمثيل أنفسهم أو كما قال سعيد:" إنهم عاجزون عن تمثيل أنفسهم ويتوجب بالتالي تمثيلهم من قبل آخرين يعرفون عن الإسلام أكثر مما يعرف الإسلام عن نفسه".([15]) وقد كتبت إلى إذاعة لندن أتعجب من عدم التوازن في ندوة عقدتها الإذاعة مع المعهد الملكي للشؤون الدولية حول العلاقات بين العالم العربي وأوروبا ! لم أتلق أي رد.
إن الاستشراق الإعلامي أكثر خطورة على جمهور القراء من الاسشتراق الأكاديمي الذي لا يقرؤه إلاّ المتخصصون، وإن كانت الخطورة في المادة الأكاديمية أشد لوصولها إلى أعلى مراكز القرار السياسي في الولايات المتحدة وفي أوروبا. ولكن ما حدث أن بعض المستشرقين أصبحوا من الكتاب الصحافيين ومن الذين يلجأ إليه الإعلام للحديث عن القضايا الإسلامية.
- الحواشي :
[1] - حسن عزوزي."ظاهرة الاستشراق الصحافي" في المسلمون . عدد 510 ، 8جمادى الآخرة 1415(11/11/1994م)
[2] - لقاء مع مازن مطبقاني في صحيفة " الندوة " التي تصدر في مكة المكرمة في عدديها 10976، 30رجب1410(1يناير1995) والعدد10988 ،14شعبان 1415(15يناير1995)وأجرى الحوار بدر اللحياني.
[3] -زين العابدين الركابي . " مصداقية الإعلام الغربي: حدث ما يطفىء الانبهار" في الشرق الأوسط. العدد 6297، 24فبراير 1996.
[4] -المرجع نفسه.
[5] -إدوارد سعيد ." الإعلام الأمريكي وحادث أوكلاهوما" في الحياة ، العدد 11765في 8ماير 1995، (8ذو الحجة 1415)
[6] -Shaw J. Dallal. " Islam and the U.S. National Inte r est." in The Link .Vol.26 No.1 Feb r ua r y-Ma r ch 1993 pp1,3-11.quoting Danial Pipes The Wall St r eet Jou r nal , Octobe r 30,1992.
[7] - Ibid. ,quoting Daniel Pipes " Fundamentalist Muslims" in Fo r eign Affai r s ,Vol. 64,No.5 Summe r 11986,pp 939-959.at page 958.
[8] -سعيد ، تعقيبات ، مرجع سابق، ص43.
[9] -المرجع نفسه ، ص 44.
[10] - Ch r istophe r S. Tayle صلى الله عليه وسلم " Jihad in Ame r ica.- film r eview" in Middle Easte r n Studies Bulletin , Vol.29,No.2 Decembe r 1995.p 286
[11] - Dallal, Op, cit. quoting Elwood McQuid .' By Peace, o r The Swo r d." in The Je r usalem Post, Decembe r 16,1992
[12] - " All in the Name of Islam." in r eade r 's Digest. Jan 1993 pp123-127.
[13] - Fe r gus M. Bo r dewich. " A Holy Wa r Heads Ou r Way." in r eade r 's Digest, Janua r y 1995,pp76-80.
[14] -حافظ المرازي . "ندوة صوت أميركا : نحو مجتمعات ديمقراطية في الشرق الأوسط"، في مجلة المجال، العدد 253 أبريل 1992شوال 1412 ، ص ص 6-7.
[15] - سعيد ، تعقيبات ، مرجع سابق ص 44.
============(25/143)
(25/144)
الاهتمام بالحركات الإسلامية "الأصولية" >
يرى بعض الدارسين للاستشراق أو الدراسات العربية الإسلامية أن الاتجاه إلى الاهتمام الواسع بالحركات الإسلامية ازداد زيادة كبيرة بعد الثورة الإيرانية، ولكن واقع الأمر يدل على أن الاهتمام بالحركات الإسلامية وبالعالم الإسلامي لم يتوقف منذ أصبح الاستشراق فرعاً معرفياً مستقلاً حتى تنوعت اختصاصات الباحثين في الشأن العربي الإسلامي في العصر الحاضر. ولعل مما يميز الدراسات العربية الإسلامية في العصر الحاضر زيادة التخصصات المهتمة بالعالم الإسلامي وتعمق بعض الباحثين في قضايا محددة .
و الاستشراق الأمريكي وإن بدأ تواصلاً للاستشراق الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية وحصول الدول العربية الإسلامية على استقلالها، لكنه لم يغفل عن هذه البلاد بل كانت له بعض النشاطات الريادية مثل إنشاء المدارس التنصيرية التي كانت تهدف إلى تنشئة أجيال من أبناء المسلمين وإعدادهم إعداداً خاصاً على التعايش مع الغرب بل قبول الغرب والإعجاب به. ففي عام 1882م أنشأت بعض الجمعيات التنصيرية الأمريكية مدرسة ثانوية في إزمير بتركيا، وانضمت هذه المدرسة إلى عضوية المجلس الأمريكي للإرساليات عام 1902م، وأطلق عليها " كلية إزمير الدولية" وفي عام 1936م انتقلت إلى بيروت لتكون القسم التحضيري في الجامعة الأمريكية. واهتمت المدرسة بخريجيها حيث وفرت الفرصة للكثيرين منهم إتمام دراساتهم الجامعية والعليا في أوروبا وأمريكا. فقد تحدث عميد الكلية بمناسبة مرور مئة عام على إنشائها بقوله:" في الكلية العامة يتعلم الطلاب الذين ينتمون إلى حضارات وجنسيات مختلفة أن يعيشوا بتفاهم وانسجام" ([1])
وهذا هو السبب الذي دعا اللورد كرومر لإنشاء كلية فكتوريا لتحقيق هدفهم وهو " تربية جيل من المصريين العصريين تنشئة خاصة تقربهم من الأوروبيين ومن الإنجليز على وجه الخصوص في طرائق السلوك والتفكير." وكان طلاب فكتوريا من أبناء الحكام والزعماء والوجهاء. وقد صرح اللورد لويد (المندوب السامي) في مصر عام 1936م في كلمة ألقاها في كلية فكتوريا :" كل هؤلاء لا يمضي عليهم وقت طويل حتى يتشبعوا بوجهة النظر البريطانية، بفضل العشرة الوثيقة بين المعلمين والتلاميذ فيصيروا قادرين على تفهم أساليبنا ويعطفوا عليها." ([2])
ونعود إلى الكلية العامة فقد تخرج في هذه المدرسة وأمثالها أعداد كبيرة تولوا مناصب مهمة من رؤساء وزارات ووزراء ونواب في البرلمان وسفراء، وكان منهم القياديون في ميادين التربية والأعمال والصحة والإدارات الحكومية القومية والدولية .... والطريف أن كاتبة التحقيق تسرد هذه الإنجازات وتعلق عليها بقولها:" لا بد أن يأخذك الإعجاب ..." أهو الإعجاب أو العجب!!، أو ليس في الأمر أي عجب فإنهم أعدوا لذلك، وقد تذكرت في أثناء زيارتي لمعهد الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جون هوبكنز هذا الأمر حين وجدت فؤاد عجمي أحد تلاميذ هذه الكلية يترأس قسم دراسات الشرق الأوسط، ومن تلاميذ هذه المدرسة الذين لهم الحظوة في مناصب الأساتذة الزائرين والمقيمين في الولايات المتحدة.
واستمر اهتمام الغرب وبخاصة الولايات المتحدة بالإسلام والمسلمين وبخاصة الحركات الإسلامية التي يقودها علماء الشريعة وبخاصة حينما بدأت الأمة تتململ وتضيق بالاحتلال ، فلم تجد الأمة لها قيادة خيراً من علمائها فهم القادة الحقيقيون وهم النخبة. فهبت الأمة تكافح وتجاهد ضد الاحتلال، وكان من الجمعيات والهيئات الإسلامية التي ظهرت في بداية هذا القرن: حزب الدستور القديم، وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وجماعة الإخوان المسلمون وغيرها من الجماعات. فكانت هذه الجماعات محل اهتمام الغرب، ويؤكد هذا الكتابات الكثيرة والمبكرة عنها، بالإضافة إلى التقارير الرسمية (تقارير الأمن) التي كانت تقدم العلماء عن غيرهم، فما كان الغرب يخشى الأحزاب العلمانية أو الوطنية القومية؛ فتلك تنطلق من منطلقات أوروبية وهم يستطيعون السيطرة عليها أما الجماعات المنطلقة من الإسلام فمن الصعب السيطرة عليها لذلك صدرت الاتهامات ضدها بأنها تكره الأجنبي، وتحارب التحديث وتكره الحضارة الغربية وغير ذلك من التهم الجاهزة .
ويمكن رصد اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بالحركات الإسلامية بالحديث عن بعض المؤتمرات والندوات حول الحركات الإسلامية" الأصولية" وعرض بعض الكتابات البارزة في هذا المجال:
أولاً :" الأصولية والسياسة العامة وصياغة العالم الجديد : مؤتمر عام حول مشروع الأصولية 14-16مارس 1993م(25/145)
هذا واحد من المؤتمرات التي جعلت الأصولية في الأديان المختلفة مجالاً للبحث، بل إن المشروع تقوم به جامعة شيكاغو -قسم اللاهوت - وتموله الأكاديمية الأمريكية للعلوم والآداب، وهو مشروع من المقرر أن يستغرق خمس سنوات هدفه " محاولة فهم الأطر التاريخية والمعاصرة للحركات الأصولية والطبيعة الاجتماعية والسيكولوجية والدينية للأصولية، والنتائج التي تترتب على وصول هذه الحركات الأصولية إلى السلطة وتأثيرها على الحكم والحياة السياسية والاقتصادية والتشريعية وعلى التعبير الثقافي والتنظيمات المدنية، ويهدف المشروع إلى إعداد بنوك لتخزين المعلومات عن الأصولية والحركات الأصولية والتي يمكن استعمالها -ضمن أشياء أخرى- بواسطة صنّاع القرار السياسي الذين يبحثون عن الوسائل المناسبة للتصدي للظاهرة الأصولية."([3])
وقد قدّمت مجلة شؤون الشرق الأوسط نقداً لهذا المؤتمر يتلخص في النقاط الآتية:
1- غياب شخصيات متخصصة في موضوع المؤتمر ولها إسهاماتها من خلال البحوث الميدانية ولها كتابات منشورة ومن هؤلاء جون اسبوزيتو، وإيفون حداد وممتاز أحمد، وجون إيليتس، وسعد الدين ابراهيم، وجون فول وغيرهم.
2- " التركيز الإثني[العرقي أو الجنسي] كان غالباً وطاغياً على المؤتمر حيث حاول العديد من المشاركين الخروج بإدانات كاسحة وشاملة لكل الذين يرفضون التمسك بالتقاليد الغربية التي تحض على الفردية وفصل الدين عن الدولة"([4])
ثانياً: تحولات أساسية في الدول والمجتمع في الشرق الأوسط: المؤتمر السنوي لمؤسسة راند للدراسات الاستراتيجية r AND2-5 سبتمبر 1992م.
كان من أبرز الموضوعات التي طرحت في هذا المؤتمر الإسلام والديمقراطية ومدى تقبل الإسلام للآراء المخالفة أو التعددية ومسألة حقوق الإنسان. وقد تحدث في المؤتمر كبير خبراء الشرق الأوسط غراهام فوللر حيث انتقد التيار الذي يقول إن الإسلام لا يؤيد الديمقراطية وإنه يؤلف عقبة أمام إقامتها ، مؤكداً أن الإسلام أكثر الديانات تحملاً للأديان الأخرى. ولكن كان لفوللر رأي في المؤتمر أن تفرض الولايات المتحدة الديمقراطية في العالم العربي وتبدأ بالعراق، ولكن أمريكا في رأيه لن تقوم بهذا العمل لأنها ترى أن الديمقراطية في الشرق الأوسط ليست في صالحها. والحقيقة إن فرض الديمقراطية على شعب من الشعوب من الأمور غير المنطقية ولعل عمل فوللر فترة من الوقت في المخابرات المركزية أوحت إليه بإمكان عمل ذلك. ثم إن الديموقراطية نظام غربي فكيف يفرض على شعوب لها نظمها السياسية وتراثها من الحرية والتعددية ما يفوق ما لدى الغرب، والتي يمكن للغرب أن يفيد منها؟
وقد عرضت في الندوة بعض الآراء الإيجابية التي حاولت أن تلفت الانتباه إلى مكانة الحركات الإسلامية وقدرتها ونجاحها في القيام بدور بديل لمؤسسات الدولة في توفير الحاجات الأساسية للمواطنين ، وأن هذا مؤشر إلى وجود ما وصفه ألن ريتشاد -أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا بسانت كروز - بالمجتمع الحضاري.
وقد عرض مؤلفا كتاب (سياسات الصحوة الإسلامية من وجهة نظر غربية تقويماً للمؤتمرات الغربية من خلال نموذجٍ اختاراه من مؤتمرات معهد الولايات المتحدة للسلام ([5]). كما اطلعت على تقارير عن هذه المؤتمرات في مجلة المعهد ومن خلال هذين المصدرين يمكن الخروج بالاستنتاجات الآتية حول الرؤية الأمريكية للحركات الإسلامية "الأصولية" :
1- التنوع والاختلاف في الحركات الإسلامية بحسب الموقع الجغرافي والتوجهات نحو العنف أو المهادنة أو الابتعاد عن العنف.
2- تحتاج السياسة الأمريكية أن تؤكد الحقيقة بأن المشكلة التي تواجه الغرب هي التطرف والعنف وليس الإسلام .
3- اتفق العديد من الخبراء إنه ليس ثمة مشكلة أو خلاف أساسي بين الإسلام والديموقراطية ، ولكن النقاش مازال مستمراً فيما إذا كانت الأشكال الأكثر تطرفاً من "الإسلام السياسي" - التي حلت محل القومية العربية - تؤلف تهديداً خطيراً للديموقراطية التعددية والمصالح الأمريكية .
وبالرغم من كثرة المؤتمرات والندوات التي تقام في الغرب فإن من أبرز الملاحظات استمرار هذه النشاطات بالاعتماد على الخبرات المحلية إما للقناعة بقدراتها وخبراتها أو للهاجس المالي حيث إن دعوة المختصين من خارج الولايات المتحدة يكلفهم الكثير.كما أن بعض الأسماء حققت شهرة معينة أو جاذبية طاغية (كرزما) فتجدهم يُدْعَون إلى معظم المؤتمرات التي تتناول قضايا العالم الإسلامي وبخاصة مسألة اليقظة الإسلامية أو الحركات الإسلامية.
" الأصولية " في نظر بعض الكتّاب الأمريكيين
كما أنه من الصعب الحديث عن الاستشراق الأمريكي في بحث قصير كهذا، فكذلك الأمر بالنسبة للكتابات حول الأصولية الإسلامية، وفي هذه الفقرة أعرض بعض الآراء التي نالت شهرة واهتماماً في الأوساط الأمريكية.(25/146)
ترى جوديث ميللر أن الحكومات العربية تصارع من أجل السيطرة على الضغوط الإسلامية والاستجابة للرغبة المنتشرة لدى المواطنين في حكومات أكثر "إسلامية" ومجتمع "إسلامي" أكثر مما هو الآن.([6]) بينما يرى غسان سلامة أن الحكومات الإسلامية مترددة في السماح للحركات الإسلامية في الوصول إلى الحكم عن طريق الانتخابات مع أن وصولها إلى الحكم سيكشف عدم قدرة الإسلاميين على الحكم أو وضع سياسات اقتصادية واجتماعية مختلفة أو تتفوق على تلك التي تعمل بها الحكومات الحالية. ([7])
وقد اتفق أكثر من باحث أمريكي أو مقالة نشرت في دورية أمريكية أنه يجب عدم جمع الحركات الإسلامية في مجموعة واحدة، أو كما تقول ميللر بأن "حركات الإسلام المسلح متنوعة تماماً كتنوع العرب أنفسهم وتنوع الدول التي يوجدون فيها. وهذا التنوع في رأيهم يتطلب سلوكاً مختلفاً تجاه كل نوع من الحركات الإسلامية. ولكن الحقيقة أن مسألة التنوع هذه إنما هي لإضفاء نوع من الموضوعية على دراساتهم وإنهم لا ينظرون إلى هذه الحركات بمنظار واحد.
ومن اللافت للانتباه في كتابات كثير من المعادين للحركات الإسلامية التشكيك في مصداقية هذه الحركات التي تود أن يسمح لها بالدخول في انتخابات حرة نزيهة . فتتساءل ميللر :" لماذا يجب التشكيك في جدية الإسلاميين في التزامهم بالحقيقة والأسلوب الديموقراطي." وتجيب: "باختصار السبب هو التاريخ العربي والإسلامي وطبيعة نشوء هذه المجموعات ."([8]) وهذه ليست آراء ميلر وحدها بل هي تستشهد بالباحث اليهودي - مدير مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا-مارتن كريمر وكذلك آراء أستاذه برنارد لويس التي ترى أن الحركات الإسلامية بطبيعتها لا يمكن أن تكون ديموقراطية أو تقبل بالتعددية أو المساواة أو مؤيدة للغرب. ولكن ما أعجب هذا الربط بين عدم إمكان العرب والمسلمين أن يكونوا ديموقراطيين وبين معاداة الغرب.
وأختم هذه الفقرة برأي إيجابي كتبه ليون هادرLeon T. Hada صلى الله عليه وسلم حيث يقول:" هناك من يلقي في روع إدارة كلينتون على أن الإسلام هو التهديد الجديد بعد سقوط الشيوعية ، وقد تميزت سياسة أمريكا الخارجية لأكثر من أربعة عقود بالعداء للسوفيات ، ويمكن أن يشغل الخوف من الإسلام واشنطن لتدخل في حرب باردة جديدة." ([9]) ولكن هادر يرى أن هذه السياسة تعتمد على افتراضات زائفة كلياً ، فالإسلام ليس متحداً وليس تهديداً للولايات المتحدة، ولو سمحت أمريكا لهذه المخاوف أن تقود سياستها الخارجية فإنها ستدخل في معارك مكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً مع ظواهر متعددة وغير متصل بعضها ببعض.([10]) ويوضح هادر سبب عدم ميل أمريكا لتأييد قيام حكومات أكثر ديموقراطية أو أقل استبداداً في العالم العربي الإسلامي فلأن هذه الحكومات ستكون أقل ميلاً للخضوع للرغبات الأمريكية ، وهنا تستمر الدائرة الفاسدة : استمرار التأييد للأنظمة القمعية واستمرار تحالف أمريكا مع إسرائيل الذي يشجع العواطف السلبية تجاه أمريكا. ([11])
مهما كان موقف الاستشراق الأمريكي من الحركات الإسلامية أو من الإسلام فإنما هي نوع من العداوة يتولى كبرها مجموعة من الأصوات النافذة في الولايات المتحدة وقد أخذت كما يقول سعيد بن سليمان شكل الحرب النفسية حيث يقول:" إن من مظاهر الحروب وسمات الصراعات بين الحضارات والثقافات ... الحرب النفسية وأبرز علاماتها حرب النعوت والأوصاف والمصطلحات."([12]) وأكد بن سلمان على أن الأصولية حركة بروتستانتية انبثقت من حركة الألف سنة في القرن التاسع عشر وتعود إلى أصول يهودية لأنها تنادي بعصمة النصوص "المقدسة" وتقصد التوراة وشروحها وليس الإنجيل. وأكد بأن " الحروب الصليبية التوراتية لم تنته ولن تنتهي فإن أنهيناها نحن بتسامح الإسلام لم ينهوها ولن ينهوها بنفوسهم الوارثة لأحقاد الصليبية، ومن ظن غير ذلك بعد وضوح الأدلة فقد فقدَ عقلَه." ([13])
خاتمة
أعود إلى ما بدأت به بأن دراسة الاستشراق الأمريكي أو الحديث عنه يحتاج إلى مجلدات كبيرة، وندوات منفصلة ، ومعايشة لبعض الوقت. ولكني حاولت أن أقدم لمحات عن هذا الاستشراق في مجالات:الإعلام وفي مجال الندوات والمؤتمرات وفي مجال الاهتمام بالصحوة الإسلامية التي يصر البعض منهم ومنّا على تسميتها ب" الأصولية" . وإذا غلبت الآراء السلبية على ما نقلت هنا فلأنها هي الآراء النافذة في الغرب رغم صدور بعض الآراء التطمينية بأننا : "لا نعادي الإسلام، والإسلام دين عظيم" وإن المطلوب أن نعي الغرب ونعرفه جيداً كما يعرفنا لنستطيع التعامل معه وعندها يمكن أن نعرض الآراء الإيجابية .والحمد لله رب العالمين.
- الحواشي :
[1] -فينيسنت باروود . " الكلية العامة في عيدها المئوي" في مجلة المجال.العدد 253، 10 أبريل 1992، شوال 1412.ص ص17-23.
[2] -محمد محمد حسين.الإسلام والحضارة الغربية .الطبعة الخامسة (بيروت : 1402 -1982 )ص45-46
[3] -" مؤتمر عام حول مشروع الأصولية" في مجلة شؤون الشرق الأوسط ، المجلد الأول،عدد 3 ،ربيع /صيف 1993/1414 ص 86-94
[4] -المرجع نفسه.(25/147)
[5] - Ahmad Bin Yousef,and Ahmad Abuljobain. The Politics of Islamic r esu r gence: Th r ough Weste r n Eyes.(Sp r ingfield:1992)P 178-180 , also see The Jou r nal of the Unites States Institute of Peace . Vol.VII,No.4
[6] -Judith Mille صلى الله عليه وسلم " The Challenge of r adical Islam." in Fo r eign Affai r s .Sp r ing 1993.pp 43-56.
[7] -Gassan Salame. " Islam and The West." in Fo r eign Affai r s. Sp r ing 1993.pp 22-29.
[8] -Mille r , Op., .cit.,
[9] - Leon T. Hada صلى الله عليه وسلم " What G r een Pe r il." in Fo r eign Affai r s . Sp r ing 1993,pp 27-42.
[10] - المرجع نفسه.
[11] -المرجع نفسه.
[12] - سعيد بن سلمان . "حرب النعوت والألقاب ومفهوم الأصولية بين التصحيح والتسطيح." في مجلة الباحث . عدد60، تشرين الأول 1993م
[13] -المرجع نفسه.
===============(25/148)
(25/149)
الاستشراق الأمريكي .. طبيعته وخلفياته >
الاستشراق الأمريكي .. طبيعته وخلفياته
د/ رشيد بلحبيب
مقدمة
مازال موضوع الاستشراق الشغل الشاغل للمثقف العربي الذي تحول فجأة - مع أمته- من ذات دارسة مستكشفة، إلى موضوع تحت المجهر والتشريح، وما زالت الحاجة تدعو- وبإلحاح يزداد مع الأيام - إلى دراسة الاستشراق وخطاباته عبر تحولاته، دراسة فاحصة متعمقة للوقوف على تفصيلاته الدقيقة وخلفياته المحجبة، في أفق ما يسمى بالعولمة، حيث أصبح العالم قرية تحكم بالنار والحديد، تضخمت فيها إمبراطوريات الشركات العابرة للقارات حتى أصبحت تتحكم في الدول بعد أن سلبتها السيادة، في عالِم سيطرت فيه الديمقراطيات الميكانيكية، وطغت فيه المعلوماتية، وفقدت فيهِ القيم القانونية والإنسانية والأخلاقية، وتسلط فيهِ الشمال/ الغرب، على الجنوب / الشرق، بعد أن استنزفه واستعبده، ويسعى حاليا إلى تدمير هويته وطمس خصوصياته الدينية واللغوية والحضارية، باسم العولمة.
" لقد حدد الغرب الشرق كوحدة من النواحي الجغرافية والثقافية والاجتماعية ، عبر تقسيم معين للواقع الإنساني، يوحي ضمنا بهوية صانع مفهوم الشرق، وبذلك فإن الغرب بتحديد ما هو شرقي بالنسبة إليه، إنما يأخذ بمعيار من إنتاجه لمفهوم الاستشراق، هو الجغرافيا والتاريخ والأوضاع الخاصة بتلك الوحدة / الشرق ، التي يتم النظر إليها على أنها تختلف اختلافا بينِّا عن الغرب" (1)
وبالرغم من تعدد التحديدات التي وضعت للاستشراق، إلا أنها لا تكاد تخرج عن دلالات ثلاث
1- دلالة أكاديمية: فكل من يقوم بتدريس الشرق أو الكتابة عنه، فهو مستشرق، ويسمى فعله استشراقا.
2- أسلوب من الفكر القائم على تمييز وجودي = انتروبولوجي، ومعرفي = ابستمولوجي بين الشرق والغرب.
3- أسلوب غربي للسيطرة على الشرق واستبنائه وامتلاك السيادة عليه، وهو مذهب سياسي مورس إداريا على الشرق.(2)
ومع أن مصطلح الشرق / الرقعة، يضم العالم العربي في آسيا وإفريقيا وصولا إلى الهند والصين ومناطق ما وراء البحار، إلا أن الموضوع سيعنى بمعالجة ما يخص العرب والإسلام في المنطقة العربية، أي ما اصطلح الاستعمار/ الاستشراق على تسميته شرقا أوسط .
لقد كان في طليعة الذين قصدوا الشرق كموضوع للمعرفة ، وكميدان للنشاط العلمي، ولا سيما في القرن التاسع عشر ، شخصيات غربية من الخاصة (رحالة ومغامرون ومبشرون وجامعيون ورجال أعمال وعسكريون ولغويون وانتروبولوجيون ومؤرخو الحضارات وأركيولوجيون وموظفو الدوائر الحكومية) وقد أسهم بعض هؤلاء في التعرف على المواقع المحتواة، أو المرشحة للاحتواء، وأضيف إليهم منذ أوائل القرن العشرين: التربويون ورجال المخابرات والمؤرخون الاقتصاديون ومتدربو الشركات وخبراء الأسواق التجارية والسياسية وذوو النوايا الطيبة من المهتمين بحوار الشرق والغرب، وعلاقة المسيحية بالإسلام (3)
تقترب البدايات الاستشراقية التمهيدية من أن تكون محاولات وأعمالا فردية يمتزج فيها العلم بإنتاج الصور الغرائبية والأساطير والخرافات عن عالم الشرق، أما البداية الرسمية للاستشراق فيؤرخ لها اعتبارا من صدور "قرار مجمع فيينا الكنسي "عام 1312م، بتأسيس عدد من كراسي الأستاذية في اللغات العربية واليوناينة والعبرية والسريانية في جامعات باريس وأكسفورد وبولونيا ...
وبدأ يزدهر بصورة جدية في فترة ما يسمى : عهد الإصلاح الديني في أوربا خلال القرن السادس عشر، وقد سجلت الموجة الأولى من الانتشار الجدي للاستشراق تشكيل جمعيات استشراقية ( باتافا 1781م، الجمعية الملكية الآسيوية بلندن 1843م، الجمعية الآسيوية بباريس 1822م، الجمعية الأمريكية الشرقية 1842م)
وفي المرحلة الثانية ظهرت مؤتمرات المستشرقين التي انعقد أولها بباريس عام 1877م، وتجاوز عددها حتى الآن ثلاثين مؤتمرا.(4)
وعلى الرغم من أن الاستشراق يمتد بجذوره إلى ما يقرب من ألف عام مضت، فإن مفهوم مستشرق o r ientalist لم يظهر في أوربا إلا في نهاية القرن الثامن عشر، فقد ظهر أولا في إنجلترا عام 1779م وفي فرنسا 1799م، وأدرج مفهوم الاستشراق في قاموس الأكاديمية الفرنسية عام1838 م (5) .
ثم عرف الاستشراق أوجه عبر تضخم مؤسساته، وتعدد مناهجه، وتنوع مشاربه وغاياته ليبدأ بعد ذلك في الانحسار، في شكله التقليدي
1- انحسار الاستشراق التقليدي وظهور الاستشراق المعاصر :
أ - انحسار الاستشراق التقليدي
لقد عاش الاستشراق أزهى فتراته في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين ...وشهدت تلك الفترة جيل العمالقة من المستشرقين ، وأضخم الأعمال في مختلف ضروب المعرفة، لكن الأوضاع بدأت تتبدل، ففي عام 1973م عقد مؤتمر المستشرقين الدولي بباريس ليكون آخر مؤتمر دولي يحمل هذه التسمية، فقد ألغي مصطلح "استشراق "وأصبح التجمع يحمل اسم "الجمعية الدولية للدراسات الإنسانية حول آسيا وإفريقيا "ثم أصبح" الجمعية الدولية للدراسات الآسيوية والشمال إفريقية "، وأصبحت مؤتمراته تحمل اسم " مؤتمرات العلوم الإنسانية الخاصة بمناطق العالم الإسلامي"(25/150)
ولعل من الأسباب التي أدت إلى إلغاء المصطلح :
1- الحمولة السيئة التي دلت عليها كلمة استشراق بعد أن كثرت الكتابات الإسلامية وغير الإسلامية، المنتقدة لأعمال المستشرقين وسلوكهم الاستعماري والتجسسي والعنصري ...
2- لم يعد المستشرقون أنفسهم ينظرون إلى العالم الإسلامي بوصفه مصدرا للعلم والمعرفة ، كما دلت التسمية في أصلها وفق المعاجم الغربية (بعد أن استنزفوا مكتباته ، وهجَّروها وترجموا نفائسها وحققوا مخطوطاتها وطمسوا معارفها وغطوا آثار الجريمة).
لقد أفاد الاستعمار من الاستشراق التقليدي، الذي كان بمثابة دليل له في شعاب الشرق وأوديته، بما قدمه إليه من معارف، فالمعرفة - كما يقول الدكتور محمد البهي- تمنح القوة، ومزيد من القوة يتطلب مزيدا من المعرفة ، فهناك باستمرار حركة جدلية بين المعلومات والسيطرة المتنامية"(6)
إلا أن كثيرا من المستشرقين لم يسلموا بأفول نجم الاستشراق الاستعماري بجميع تبعاته، فالشيء المهدد بالزوال كما يقول رودنسون، هو سيطرة الدراسات الفيلولوجية، فقد كان هناك اتجاه سائد في الحركة الاستشراقية لفترة تزيد عن قرن من الزمان ترتكز على التدريب الفيلولوجي بوصفه كافيا لحل جميع المشاكل الناشئة ضمن ميدان لغوي محدد(7)
بمثل هذه الملاحظات، بدأ الاستشراق يعد نفسه للدور الجديد، يقول أحد المستشرقين الألمان:" لقد آن الأوان كي يبتعد المستشرقون عن اللهجات العربية ويعدوا أنفسهم لتقبل الدور الجديد كطاقة فاعلة في خدمة العلوم الاجتماعية وكاحتياطيين للقيام بعملية الترجمة والشرح في ميادين العمل المختلفة"
ب- ظهور الاستشراق المعاصر :
لقد قام الاستشراق التقليدي بتغيير جلدته - موضوعا ومنهاجا- ليتناسب مع المرحلة الجديدة ... التي لها علاقة بقضايا العالم الإسلامي والتي لم تعد الفيلولوجيا وتحقيق النصوص التراثية والأدبية تفي بالطلب فيها ، وذلك بالتركيز على :
- المناحي السياسية: نشأة الدول العربية الإسلامية، وأنواع حكوماتها، وسياساتها الداخلية والخارجية، والعلاقات بين الحكومات وشعوبها ...
- الأوضاع الاقتصادية من حيث الثروات الطبيعية، وبحث سبل الهيمنة عليها تصنيعا وتسويقا ، وإغراق أهلها بالديون ...
- الصحوة الإسلامية ، التي اعتبرها مزاحما قويا، ومنافسا حقيقيا يحول وحده دون غيره دون العربدة في ديار المسلمين بالأزياء المختلفة ...
- توظيف تقنيات وأساليب جديدة في البحث والرصد، مع استخدام المناهج السوسيولوجية والانتروبولوجية والسيكولوجية والإحصائية والتاريخية واللسانية، وإعلان النزاهة والجدية والحياد ...
وعلى الرغم من المحاولات الجدية المخلصة التي بذلها بعض الباحثين في العصور الحديثة للتحرر من المواقف التقليدية للكتاب المسيحيين عن الإسلام، فإنهم -كما يقول المستشرق نورمان دانييل- لم يتمكنوا من أن يتجردوا منها تجردا تاما كما يتوهمون "(8)
وما تزال "آثار التعصب الديني الغربي ظاهرة في مؤلفات عدد من العلماء المعاصرين ومستترة وراء الحواشي المرصوصة في الأبحاث العلمية" على حد تعبير برنارد لويس. (9)
وفهم هذه الصليبية الجديدة في الاستشراق المعاصر ليس أمرا عسيرا، ذلك أن جذور العداء العميقة الموغلة في العقلية الغربية ليس من السهل اجتثاثها، فهناك أدلة كثيرة تشير إلى الروح العدائية القديمة، ما تزال تنفث الحياة في كثير من الكتابات التي تمر تحت اللافتة الأكاديمية، ويتضح هذا أيضا في عرض الشئون العربية والإسلامية المعاصرة في وسائل الإعلام الغربية اليومية.(10)
مما سيرسم لاحقا ملامح الاستشراق الأمريكي، ويطبعه بطابع خاص .
2- الاستشراق الأمريكي، النشأة والتوجه:
يعتبر الاستشراق الأمريكي امتدادا واستمرارا للاستشراق الأوربي، وارثا مجمل تصوراته الجاهزة عن العالم العربي والإسلامي، وترجع أولى التفاتات أمريكا إلى الشرق إلى سنة 1810م عبر إرساليات التبشير التي تعد" الجمعية التبشيرية الأمريكية" أهم مؤسساتها .
لقد اتسعت أعمال هذه الجمعية اتساعا هائلا حتى بلغت اللجان التي شكلتها من الوطنيين في مناطق التبشير 568 لجنة اشترك فيها 73 ألف مواطن ... وقد كانت هذه الجمعية تهتم بأمر التبشير في بلاد تركيا وسوريا وفلسطين ، لأنها لا ترغب في ترك البلاد التي كانت مهبطا للتوراة تحت سيطرة الإسلام.(11)
إلا أن الاستشراق الأمريكي بدأ عمليا بعد الحرب العالمية الثانية، عندما وجدت أمريكا نفسها مضطرة لتحل محل بريطانيا في المشرق العربي، يشير مايكلز كوبلاند ضابط المخابرات الأمريكي إلى أن بريطانيا حينما قررت التخلي عن مركزها في الشرق الأوسط ، طلبت من أمريكا أن تحل محلها (12)(25/151)
وقد وجدت أمريكا رصيدها من معرفة الشرق الإسلامي ضئيلا جدا، فحاولت الحكومة الفيدرالية استدراك هذا العجز، حيث أصدر مجلس الشيوخ مرسوما عام 1958م باسم "مرسوم مجلس الدفاع القومي للتعليم" كان له أثر كبير في تشجيع الاهتمام بالدراسات العربية والإسلامية، وفي عام 1965م أصبحت اللغة العربية تدرس في خمسة عشر مركزاً، أنشئت بأموال قدمتها الحكومة الفيدرالية، وتأسست عام 1959م "الرابطة الأمريكية لدراسة الشرق الأوسط"
وفي عام 1964-1965م بلغ عدد الجامعات الأمريكية التي تقدم برامج دراسات عليا حول الشرق الأوسط أكثر من ثمان وعشرين جامعة، تحتوي برامجها على 850 مادة، ويصل عدد الأساتذة العاملين بها إلى أكثر من 300 أستاذ.(13)
وقد أصدرت "رابطة دراسات الشرق الأوسط" كتاب المعلومات السنوي لعام 1992م، ويضم بين دفتيه أسماء عدة آلاف من الباحثين في شئون الشرق الأوسط وفي شتى المجالات .
لقد خططت الولايات المتحدة لدورها الاستعماري الجديد بعناية، ووظفت الاستشراق ورسمت لذلك ما أسمته "سياسة العلاقات الثقافية"، وقد أفصح مرتيمر جراف عن جانب هذه السياسة الثقافية قائلا: "إن العملية الهائلة لتجميع المطبوعات المتميزة في لغات الشرق الأدنى الصادرة منذ 1900م وحتى اليوم، والنظر فيها وفحصها، إجراء يتعلق بالأمن القومي الأمريكي، وهو من أجل فهم أمريكي أفضل للقوى التي تناوئ أو تنافس الفكرة الأمريكية، وأهم هذه القوى ... الإسلام " (14)
ومنذ ذلك الحين تمحور النشاط الاستشراقي الأمريكي حول السبل التي تتيح للولايات المتحدة بسط هيمنتها على المنطقة العربية والعالم الإسلامي، فأصبح كل ما يطلب إلى الاستشراق أن يؤديه، هو مساعدة المؤسسة الأمريكية على إنجاز تطلعاتها في الهيمنة على مقدرات الشرق، وضمان الحماية الكاملة لإسرائيل.
3- طبيعة الاستشراق الأمريكي :
لقد كان الاستشراق الأمريكي على اتصال وثيق بالاستشراق البريطاني، مما جعل خصائص الثاني تكاد تنتقل بكاملها إلى الأول، مع تفرد الاستشراق الأمريكي بمجموعة من الخصائص التي حددت طبيعته، وأشير إلى أنني أفدت في هذا العنصر من البحث من المجهود الطيب الذي بذله الدكتور مازن مطبقاني- أستاذ الدراسات الاستشراقية- في تشريح الاستشراق الأمريكي من خلال أطروحته " الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي "، أو من خلال مقاله "الاستشراق والقضايا المعاصرة"، أو من خلال موقع "مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق" على شبكة الإنترنيت، ويمكن إجمال خصائص الاستشراق الأمريكي في النقط الآتية :
أ - استقطاب الطاقات البشرية لخدمة الأمن القومي عبر الاستشراق:
استقدمت الجامعات الأمريكية كثيراً من المستشرقين الإنجليز لدعم الدراسات العربية والإسلامية لديها، وكان من هؤلاء هاملتون جب الذي استقدمته جامعة هارفرد ليؤسس قسم دراسات الشرق الأوسط، كما استقدمت جامعة كاليفورنيا المستشرق جوستاف فون جرونباوم، وقدمت دعوات لأساتذة زائرين كان من أبرزهم برنارد لويس.(15)
كما استعان الكونجرس الأمريكي بخبرات المستشرقين الذين عملوا في العالم الإسلامي، لتقديم ثمرة خبراتهم له في جلسات خاصة، وكان من بينهم مستشرقون يهود بصفتهم الأوربية لا اليهودية، وقد نشرت محاضر الجلسات في كتاب بلغت صفحاته 442 صفحة .
كما توسع الاستشراق الأمريكي في الاستعانة بالباحثين العرب، ليس في مجال تدريس اللغة العربية فحسب ، بل في مختلف المجالات العلمية، ولعل من أقدمهم :
- فيليب حتي: مؤسس قسم دراسات الشرق الأدنى بجامعة برنستون ورئيس هذا القسم، وقد جاء إلى برنستون بتأثير من الرئيس ويلسون وصديقه بايارد دودج رئيس الجامعة الأمريكية في بيروت، وكذلك بتأثير جمعيات تنصيرية.
- ومن هؤلاء أيضا: جورج حوراني، وشارل عيساوي، وجورج مقدسي، وفوزي متري نجار، وفضل الرحمن الذي عرف بعداوته للمسلمين، وكان رئيسا لقسم الدراسات الإسلامية بجامعة شيكاغو، وعبد الله حمودي المغربي، وحسن مدرسي الإيراني ...(16)
ب-استمرار الأهداف والأنشطة التنصيرية :
تكاد معظم الدراسات العلمية التي أرخت للاستشراق تجمع على أنه نشأ في رحم الكنائس، وترعرع في أحضان الأديرة النصرانية، يقول الدكتور محمد البهي:" إن الحروب الصليبية تركت في نفوس الأوربيين ما تركت من آثار مرة وعميقة وجاءت حركة الإصلاح الديني، فشعر المسيحيون الأوربيون بحاجات ضاغطة لإعادة النظر في شروح كتبهم الدينية لمحاولة تفهمها على أساس التطورات الجديدة التي تمخضت عنها حركة الإصلاح، ومن هنا اتجهوا إلى الدراسات العبرانية، وهذه أدت بهم إلى الدراسات العربية فالإسلامية، لأن الأخيرة كانت ضرورية لفهم الأولى، وبمرور الزمن اتسع نطاق الدراسات الشرعية حتى شملت أديانا ولغات وثقافات أخرى. ومن جهة أخرى رغب المسيحيون في التبشير بدينهم بين المسلمين، فأقبلوا على الاستشراق ليتسنى لهم تجهيز الدعاة وإرسالهم إلى العالم الإسلامي، والتقت مصلحة المبشرين مع أهداف الاستعمار، فمكن لهم واعتمد عليهم في بسط نفوذه في الشرق"(17)(25/152)
ولهذا يمكن القول مع بوسوورث Boswo r th: "إن تاريخ الاستشراق في مراحله الأولى هو تاريخ للصراع بين العالم النصراني الغربي في القرون الوسطى والشرق الإسلامي على الصعيدين الديني والإيديولوجي(18)
وقد سبقت الإشارة إلى أن الاهتمام الأمريكي قد انصب منذ البداية على الحملات التبشيرية التي قذف بها إلى الشرق للتبشير بالمسيحية، مقتفيا آثار الاستشراق الأوروبي، حيث أسست البعثة العربية سنة1889م التي حدد هدفها بتنصير الجزيرة العربية انطلاقا من الساحل، واستمرت بالعمل حتى عام 1971م. كما عقد في ولاية كولورادو "مؤتمر أمريكا الشمالية لتنصير المسلمين" في 15/10/1978م حضره أكثر من150 مندوبا من طائفة المسيحيين البروتستانت يمثلون دولا وكنائس من جهات مختلفة، وحتى تتضح الصورة سوف نلقي نظرة عجلى على أهم الموضوعات التي أثيرت في المؤتمر:
الكنائس التعاونية الديناميكية في المجتمع الإسلامي .
صدام القوة في تحويل المسلم عن دينه.
محاولات نصرانية جديدة لتنصير المسلمين .
تحليل مقاومة واستجابة الشعوب الإسلامية .
الصدام النصراني الإسلامي وكيف الحل ؟
الوضع الحالي لترجمات الإنجيل إلى لغات المسلمين .
شبكة المخيمات التبشيرية في البلاد الإسلامية .
استخدام الغذاء والصحة كعنصرين في تنصير المسلمين ...(19)
كما اهتمت المؤسسات التبشيرية بالجانب الإعلامي، حيث أصدرت عددا من المجلات التي تخدم أهدافها نذكر منها :
- مجلة "جمعية الدراسات الشرقية" أنشأها المستشرقون الأمريكيون بولاية أوهايو، وكان لها بعض الفروع بأوربا وكندا.
- مجلة " شئون الشرق الأوسط "تصدر بأمريكا، ويحررها عدد من المستشرقين المعروفين بعدائهم للعرب والمسلمين .
مجلة " الشرق الأوسط " ...(20)
ولعل من أبرز المبشرين العاملين : الدكتور لايسنج، وجيمس كانتين، وصمويل زويمر، وفيليب قليس ...
يقول المستشرق ميدا يرل أحد أساتذة التاريخ الإسلامي في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة: "ماذا يمكن أن يقال عن أعمال التبشير الأمريكي في الشرق الأدنى بعد قرن كامل من الدهر؟ يمكننا أن نحشد إحصاءات هائلة تتعلق بملايين الدولارات، وبألوف النفوس التي ضحت في هذا السبيل ... إن نفرا من هؤلاء الرجال والنساء أمثال: سبرسن هملن، ودانيال بلس (أول رئيس للجامعة الأمريكية في بيروت) وماري ميلر باتريك ...كانوا علماء وضباط احتياط بين الشرق والغرب، وكذلك كان نفر آخرون منهم معلمين كبارا وأطباء مرموقين يشترط فيهم طول الأناة والصبر" (21)
ج - العناية الفائقة بالظاهرة الإسلامية :
يقول المستشرق ساذرن: "لقد كان الإسلام يمثل مشكلة بعيدة المدى بالنسبة للعالم النصراني في أوربا وأمريكا على حد سواء" (22) وقد عبر ماكسيم رودنسون عن مثل هذا بقوله: "كان المسلمون خطرا على الغرب قبل أن يصبحوا مشكلة، كما كانوا في نفس الوقت عامل اهتزاز شديد في بناء الوحدة الروحية للغرب، وأنموذجا حضاريا يجتاز بتفوقه وبحركته الإبداعية، وقدرته الهائلة على الانفتاح والاستيعاب، إذ أنه، وفي مواجهة تقدم هذا النموذج عبّر مثقفوا الغرب عن شعور عام بالاندهاش أمام الإسلام، وبدا لهم وكأنه خطر على المسيحية "(23)
واعتبر في الحاضر عائقا حديديا في طريق بسط النفوذ، لذلك أولته الدوائر الحكومية والاستشراقية عناية خاصة، ونظرت إليه على أنه مزاحم قوي يجب اجتثاثه وتجفيف منابعه، وبدأت حربها الإسقاطية بتحويل مصطلحات الأصولية والتطرف والإرهاب بحمولتها المسيحية اليهودية إلى الحركات الإسلامية، عبر الماكينة المعرفية والإعلامية الأمريكية.(24)
ولم يكتف الاستشراق الأمريكي بدراسة الإسلام وصلته بالتصوف كما فعل الاستشراق التقليدي، بل انتقل إلى دراسة المجتمعات الإسلامية ذاتها دينيا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا ...كما درس العلاقة بين الشعوب والمجتمعات الإسلامية والخلافات القائمة والكامنة فيها، ومدى صلاحية الشريعة الإسلامية للتطبيق كما ركز المستشرقون على ما أسموه بالإسلام السياسي والحركات الإسلامية ومناقشة برامجها وطموحاتها ...
يشير أليسوا في كتابه "اختفاء الهلال"، إلى أن الأمريكيين قد ورثوا عن أوربا المسيحية شبح الإسلام كدين ولد من طغيان، يؤيد القمع الديني والسياسي والجمود الاقتصادي، وبناء على هذه الفرضية، لم يهتم الأمريكيون بما إذا كان هذا الوصف للإسلام صحيحا أم لا، ولكنهم أخذوا به لأنه مناسب لهم سياسيا. (25)
ويكشف أليسوا أن استطلاعا للرأي أجراه معهد جالوب سنة 1994م - لمقارنة آراء الشعب الأمريكي وزعمائه الذين يتولون مراكز رفيعة - عن الإسلام أن شريحة من الأمريكيين تبلغ 36% قالت: إن توسع الأصولية الإسلامية يمثل خطرا بالغا على المصالح الحيوية الأمريكية، وفي المقابل أوضح الاستطلاع أن الزعماء الأمريكيين أكثر ميلا من الجمهور لاعتبار الأصولية خطرا إذ أجاب 52% بأنها تهدد المصالح الأمريكية.(26)(25/153)
يقول ريجان الرئيس الأسبق لأمريكا: "لا أعتقد أنكم تستطيعون المغالاة في تقدير أهمية ظهور الأصولية الإسلامية بالنسبة لبقية العالم في القرن المقبل، خاصة إذا وضعت أشد عناصرها تعصبا -وهذا يبدو ممكنا- يدها على أسلحة نووية وكيماوية، ووسائل إطلاقها ضد أعدائهم"
وقد أوحى تجار السياسة من المستشرقين للمؤسسات الأمريكية بالتوصيفات التالية :
"لا بد من دعم أي جهة تسعى إلى محاربة هؤلاء الأصوليين الإسلاميين ، حتى لو تطلب ذلك دعم القمع، وانتهاك حقوق الإنسان، وإضعاف العملية الديمقراطية والتحالف مع الشيوعيين بل حتى المنظمات الإرهابية ...كذلك لا بد من اتباع سياسة نشطة قادرة على احتواء وإضعاف ما يمكن اعتباره مكاسب حققها الإسلام الأصولي ...من خلال كفاح عسكري تقدمي ضد الإسلاميين لا اعتذار فيه، وعدم المطالبة راهنا في الشرق الأوسط بالديموقراطية، حتى تخمد حركة المد الإسلامي المزاحم، أو يتم قمعها من قبل الأنظمة الشمولية المتسلطة المدعومة من أمريكا "(27)
وهكذا فقد أخذ الاستشراق المعاصر على عاتقه مهمة التحرش ضد القوى المناوئة للفكرة الأمريكية، وعلى رأس هذه القوى كما حددها جرافز، الشيوعية والإسلام، أما وأن الشيوعية اليوم قد اندحرت، فإن الإسلام قد بقي ليمارس الاستشراق المعاصر ضده التشويه والتحريض!
وما زالت هذه الصورة المشوهة المشحونة بالعداء تتنامى في الدراسات الاستشراقية، وفي وسائل الإعلام بوجه عام، وفي أمريكا بوجه خاص (28)
د- العناية بالدراسات الإقليمية :
تعتبر الدراسات الإقليمية/ دراسة المناطق، تطورا ومنحى جديدا في الدراسات الاستراتيجية الأمريكية، فقد أصبح لهذه الدراسات أقسام خاصة بها في كثير من الجامعات الأمريكية، وقد كتب مورو بيرجر دراسة قدمها لرابطة دراسات الشرق الأوسط، نشرت سنة 1967م حدد فيها أهداف الاستشراق الأمريكي المعاصر، كما حدد مجالات الدراسات الإقليمية ، فمن ناحية الأهداف، ذكر أنها تتلخص في معرفة المنطقة وفهمها كما هي الآن، بما في ذلك اختلافاتها الداخلية والمظاهر المشتركة للمؤسسات الاجتماعية والأوضاع الاقتصادية والكيان السياسي، والحياة الروحية والفكرية، وتأثير صناعة النفط والسكان والتعليم، وعلاقات الجماعات والقوميات ... والتأكيد على الوضع الحالي لإعطاء الشعب الأمريكي نقطة البدء في تقرير ما يحتاج إلى معرفته (29)
ومن المستشرقين البارزين الذين ركزوا جهودهم على الدراسات الإقليمية :
- ليونارد بايندر، صاحب كتاب "دراسة المناطق: إعادة تقويم نقدية" والذي يقول فيه: "إن دافعنا السياسي الأساسي، هو تحقيق النفوذ في هذه المناطق، ومحاربة القوى المعادية" ، ويشير مع غيره إلى عدم اعترافهم بالدراسات الأوربية التي كانت أهدافها إمبريالية فاضحة .
- مورو بيرجر، الذي عمل أستاذا لعلم الاجتماع ودراسات الشرق الأدنى بجامعة برنستون وكان رئيسا لرابطة دراسات الشرق الأوس ، ومن أبرز أعماله: "العالم العربي اليوم" وتقرير بعنوان: "دراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: التطور والاحتياجات".
- جون إسبوزيتو، الذي عمل أستاذا للدراسات الدينية بكلية الصليب المقدس، وقد اهتم بدور الإسلام في السياسة والمجتمع، ومن مؤلفاته"الإسلام والسياسة" و"الإسلام والتنمية "
-هنري كلمنت مور، المتخصص في السياسة المقارنة بين الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ونظم الحكم والتوسع السياسي، والنظريات السياسية (30)
هـ - التركيز على العلوم الاجتماعية / بدل الفيلولوجيا:
تميز الاستشراق الأمريكي أيضا بالإفادة من العلوم المختلفة، كعلم الاجتماع والعلوم السياسية وعلم الاقتصاد والجغرافيا وعلم الإنسان / الأنتروبولوجيا وغيرها ...وتوظيفها في دراسة شعوب العالم العربي والإسلامي.
وتأتي خطورة العلوم الاجتماعية واستخدامها في الدراسات الاستشراقية في كونها تهدف إلى تقويض التركيبة الاجتماعية للمجتمعات الإسلامية من داخلها خلافا للاستشراق التقليدي الذي اعتمد التشويه والتدليس منهجا له .
وقد شاركت جمعيات العلوم الاجتماعية في الاهتمام بهذا الجانب حيث قام "مجلس بحوث العلوم الاجتماعية" بتكوين لجنة الشرق الأدنى والشرق الأوسط بالتعاون مع مجلس الجمعيات العلمية ومهمتها: بحث مشكلات واحتياجات البحث في كل الجوانب الخاصة بدراسة الشرق، ومصادر البحث فيه، والتدريب ومساندة العلماء الباحثين.(31)
وهكذا فإن المستشرق لا يبدأ بإتقان أسرار لغة الشرق، بل يبدأ متدربا في العلوم الاجتماعية وينطلق لتطبيق علمه على الشرق، وهذا بالتحديد هو الإسهام الأمريكي في تاريخ الاستشراق.
ومن أشهر المستشرقين الذين اهتموا بالجانب الاجتماعي وبالدراسات الاجتماعية :
- برنارد لويس ، الذي كان مهتما بالمجتمعات الإسلامية وقضايا التحديث، وبالفكر السياسي في الإسلام .
- كليفوردجيرتس ، الذي درس التطور الديني في أندونيسا والمغرب ، ونشر ذلك في كتابه" ملاحظة الإسلام "سعى فيه إلى تصوير المعايير المميزة لكل بلد والمصير الذي يواجه المسلمين المتمسكين بالنصوص الدينية، ونتائج الاستعمار على المؤسسات الدينية وعقول الناس .(25/154)
- وليام جوزيف أولس، الذي عمل باحثا مشاركا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدراسات الدولية بجامعة جورج تاون ، كما عمل محللا لشئون الشرق الأوسط في مكتبة الكونجرس سنة1982 م ، وفي عام1983 م أصبح كبير المحللين للأمن الإقليمي في معهد الدراسات الاستراتيجية في كلية الحرب الأمريكية .
-هرمان فريدريك أليتس ، الألماني الأصل ، حصل على الماجستير في الدراسات العربية والشرق أوسطية ، وعمل في الجيش الأمريكي ، وهو عضو في مجلس أمناء الجامعة الأمريكية بالقاهرة ، وهو أيضا عضو في اللجنة الاستشارية لمركز سلطان بن قابوس في معهد الشرق الأوسط بواشنطن ، ومن مؤلفاته : الاعتبارات الأمنية في الخليج الفارسي "
-مانفرد هالبن ، صاحب كتاب " سياسات التغيير الاجتماعي في الشرق الأدنى وشمال إفريقيا " ، وغير هؤلاء كثير .
و الإهمال شبه الكلي لدراسة اللغة والآداب الشرقية :
لقد كان اهتمام الاستشراق الأمريكي بدراسة الأقاليم والاعتماد على الدراسات الاجتماعية على حساب الاهتمام بالدراسات الأدبية واللغوية .
يقول ساسي الحاج عن الدراسات الاستراتيجية الأمريكية :" إنها تفتقر إلى دراسة معمقة ورصينة للآداب العربية ، واستتبع إهمال الأدب العربي ضعف الدراسات الأمريكية المتعلقة بضعف اللغة ، ذلك أن معظم الدراسات الحديثة التي يقوم المستشرقون الأمريكان بها في هذا المجال ، ضئيلة وسطحية ، ولا ترقى أبدا إلى أعمال المستشرقين الأوربيين الكبار " (32)
فالمعرفة اللغوية التي احتاجها الاستشراق الأمريكي ، لم تخرج عن مدارس اللغة في الجيش الأمريكي التي أسست خلال الحرب وبعدها على حد تعبير إدوارد سعيد ، كما أن الأمريكيين نظروا إلى اللغة على أنها أداة من أجل أهداف ليست قراءة النصوص من بينها ، فضلا عن النظرة الاستعلائية
والعنصرية لسائر اللغات البشرية .
وقد ترتب عن هذا الإهمال حاجة الإدارة الأمريكية دائما إلى مترجمين من العربية وإليها ، وسوء تأويل وفهم للمترجَم ( تحطم الطائرة المصرية ، شريط بلادن الأخير ...
4- الاستشراق الأمريكي والخلفية التوراتية ( الصهيونية ) :
أولى المستشرقون المعاصرون في الولايات المتحدة عناية فائقة لدراسة الأوضاع القائمة في المنطقة العربية منذ قيام إسرائيل حتى الآن ، وذلك لتلبية احتياجات وتطلعات السياسة الأمريكية في هذه المنطقة، كما احتل الاهتمام بإسرائيل مكانة خاصة في الاستشراق الأمريكي المعاصر ، انطلاقا من أهمية الدور الوظيفي الذي تؤديه إسرائيل في تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية ، حيث انصبت غالبية نشاطات المستشرقين الأمريكيين على مجالات الأبحاث الصراعية باتجاه تعزيز مواقع إسرائيل على جبهة المواجهة مع العرب .(33)
وأصبح هؤلاء المستشرقون ، ممن يطلق عليهم عادة " خبراء شئون الشرق الأوسط " يلجأون
إلى تقديم الخدمات المباشرة إلى صانعي القرار في التحالف الإسرائيلي الأمريكي ، وتزويدهم بالمادة البحثية المناسبة ، وتتمحور توجهات المستشرقين المعاصرين تجاه إسرائيل في :
- التركيز على أهمية إسرائيل الاستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة والغرب ، وتحريض المؤسسات الأمريكية على الاستجابة لحاجات إسرائيل العسكرية وتمكينها من وسائل التفوق على دول الجوار / الشرق .
- النظر إلى إسرائيل على أنها " واحة الديموقراطية " الوحيدة في المنطقة ، وإظهار التحالف الأمريكي الإسرائيلي كما لو أنه نابع من التزام أخلاقي تجاه دولة صديقة .
- التوحد مع إسرائيل ، سواء في السياسة الإسرائيلية العليا أو في المواقف والأحداث اليومية واللجوء في معظم الأحيان إلى البحث عن تبريرات للتوجهات والممارسات الإسرائيلية .
- تبني الدعاوى الغيبية والذرائعية للصهيونية وكيانها ، والتماثل مع الطريقة الصهيونية الإسرائيلية في النظر إلى الأمة العربية والشعب الفلسطيني .
- الترويج لما يسمى " المعجزة اليهودية " في بناء الدولة ، وفي الصمود أمام التحديات ، وإضفاء صورة ذهنية مذهلة على إنجازات إسرائيل الذاتية !
وفي الطرف الآخر ، وجد المستشرقون اليهود مناخا مناسبا للعمل ضمن الاستشراق الأمريكي ، وذلك لعدم وجود ذكريات الاضطهاد اليهودي في هذا المجتمع ، وثانيا لأن اليهود الصهاينة أدركوا أن مراكز البحث والجامعات الغربية وبخاصة الأمريكية ذات نفوذ في صناعة القرار السياسي ، لذلك عملوا على السيطرة على مراكز ومعاهد الدراسات الإسلامية والعربية والشرق أوسطية ، يوجهونها الوجهة التي تثبت أقدامهم في فلسطين المحتلة (34)
كما نجح اليهود في تهويد المسيحية الغربية ، بإقناع المسيحيين أنهم أقرب الناس إليهم ، لذلك تم الاتفاق بينهم على ضم التوراة إلى الإنجيل باعتبار أن التوراة هي كتاب العهد القديم ، والإنجيل هو كتاب العهد الجديد ، وسمي الاثنان بالكتاب المقدس ، وبذلك أفلح اليهود في جعل المسيحيين تبعا لهم يأتمرون بأمرهم في أمور الدين ، فسهل عليهم التسلط عليهم في أمور الدنيا (35)(25/155)
وعلى المستوى العملي ترجم الأصوليون المسيحيون ، الأوربيون والأمريكيون عقيدتهم إلى عمل ، فشعروا أن من واجبهم لعب دور عملي نشيط في تحقيق النبوءات وتسريع المجيء الثاني للمسيح ، سعيا وراء إنشاء المملكة الألفية السعيدة التي تنبأ بها يوحنا العراف في رؤياه (36)
ولم يكن هذا الحماس المتجدد منحصرا فقط على المستوى الشعبي ، ولا على مستوى الكهنوت والدعاة ، ولكن تجاوزه إلى الزعماء السياسيين وكبار القادة والمستعمرين والرحالة والأكاديميين .
فقد كان الأمريكيون الأوائل في هجرتهم من أوربا إلى أمريكا يشبهون أنفسهم بقبائل بني إسرائيل التائهة ، ومن قبيل المجاز أو الاستعارة ، قارنوا المحيط الأطلسي بصحراء سيناء ، والأرض الجديدة بأرض كنعان الموعودة .(37)
ولما كلف كل من الرئيسين الأمريكيين السابقين جون آدمز و توماس جفرسون - ضمن لجنة لانتقاء شعار للأمة الأمريكية الجديدة ، أوصى كلاهما أن يكون الشعار : صورة النبي موسى وهو يقود اليهود الهاربين من فرعون مصر ، ورأى الديبلوماسي الأمريكي بنيامين فرانكلين أن يكون الشعار : صورة موسى وهو يشق البحر الأحمر بعصاه (38)
ولما كانت الخطة الإلهية عند الغرب تقتضي المجيء الثاني للمسيح ، فيلزم بالضرورة أن يسبقه " الشعب المختار " إلى فلسطين تمهيدا لعودته ... فالمسيح لن يعود إلى فلسطين إلا إذا عاد اليهود إليها حسب اعتقاد الأصوليين المسيحيين ، وذلك لأن نهاية التاريخ التي تنبأ بها بولس منذ ألفي عام ترتكز أولا و آخرا على إنشاء وطن يهودي في فلسطين يستطيع المسيح أن يعود إليه .
والأكثر عجبا أن المسيحية الغربية - مُوجَّهةً من قبل الاستشراق العنصري - لم تيئس حتى يومنا هذا من تحقق المجيء الثاني ، وحتى في أمريكا القرن العشرين نجد ما لا يقل عن 53% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية ، بمن فيهم الرئيس الأسبق ريجان ، يؤمنون بأن المجيء الثاني للمسيح ، ونهاية التاريخ على وشك الحدوث ، فلا غرابة والحالة هذه أن يتمكن هال ليندسي من بيع عشرين مليون نسخة من كتابه ( كوكب الأرض العظيم الفائت ) ، والذي حدد فيه النبوءة بنهاية التاريخ ، وجزم أن العالم حاليا يعيش في مناخ مهيأ لظهور عدو المسيح الأكبر الذي رمزت إليه الرؤيا برقم 666 - (رؤيا13/18)
كما أن الكثير من الأمريكيين الذين كانوا في السابق معادين لليهودية بحجة أن اليهود رفضوا المسيح وقتلوه - بزعمهم - تحولوا إلى أنصار متحمسين لليهود ولإسرائيل ، نظرا للدور الذي يُفترض أن يقوم به اليهود في خطة المجيء الثاني وتحقق النبوءات .(39)
وأصبح من يعتبرون أنفسهم حجاجا إلى فلسطين من المسيحيين الأمريكيين ، يضعون على صدورهم لوحة صغيرة كتب عليها " نحن نحبك يا إسرائيل لأن الله يحبك "
والواضح أن الوعاظ الأصوليين من أمثال جيري فالويل نجحوا في أن يجعلوا من رؤيا يوحنا نوعا من التقديس لإسرائيل ... فكان أن تكيفت السياسة الأمريكية نحو الشرق الأوسط عموما ونحو فلسطين خاصة إلى درجة أن جعلت مصير أمريكا مرتبطا بمصير إسرائيل ، وقد قال فالويل ما يشبه ذلك : " لو أهملنا إسرائيل فلن يكترث بنا الله " ، وباختصار فقد أصبحت إسرائيل هي العمود الفقري للعقيدة المسيحية الأصولية في الغرب (40)
والمخيف أن زعماء الأصولية يتغلغلون في السياسة الأمريكية لدرجة أن الواعظ الأصولي المشهور بات روبرتسون رشح نفسه للرئاسة الأمريكية عام 1988م ، والمشهور عن هؤلاء اعتقادهم بضرورة نشوب حرب نووية ، أو حرب عالمية ثالثة ، ما دامت تعجل بمجيء المسيح ، وقد صرح وزير الداخلية الأمريكي جيمس واط أمام مجلس النواب قائلا : " إنه باعتبار العودة الوشيكة للمسيح ونهاية العالم ، فليس من مبرر للقلق على البيئة ، ولا التذمر من تخريب الموارد الطبيعية والبيئية "
وكذلك كان تصور كل من الرؤساء الأمريكيين ( وودرو ولسون ، وهاري ثرومان ، وجيمي كارتر ، ورونالد ريجان ) (41)
وقد كانت وما تزال تصريحات الإدارة الأمريكية تعبر عن انحياز غريب لإسرائيل لا يمكن فهمه إلا في إطار الخلفية الصهيونية التي استطاع الاستشراق الأمريكو- صهيوني أن يرسخها في الذهنية المسيحية ، وقبل ثلاث سنوات ، 1998م ، صرح مارتن إنديك مساعد وزير الخارجية الأمريكي قائلا : " إن تعبير الوسيط المتوازن بين إسرائيل والعرب لا وجود له في القاموس السياسي الأمريكي ، لأن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل خاصة جدا " (42)
ونتيجة لهذه العلاقة الخاصة جدا ، الدينية جدا ، تضع أمريكا تحت تصرف إسرائيل مواردها الاقتصادية الهائلة ، وآلتها الحربية الضخمة ، وتستعمل حقها في نقض ما أجمع المجتمع الدولي على صوابه ، باستخدامها للفيتو ، ضد شعب أعزل أكثر من نصفه مهجَّر ..
5- الاستشراق الأمريكو- صهيوني والعراق :(25/156)
وصف العراق في الكتب اليهودية القديمة بأقبح الصفات ، ونعت يوحنا العراف بابل في رؤياه ، بأنها " أم العاهرات ونجاسات الأرض " ومنذ ذلك ، أصبحت بابل ( العراق ) رمزا لكل رذيلة ، ولكل شيء بغيض عند اليهود وعند الأصوليين المسيحيين ، وما من شك في أن يوحنا العراف كان متشربا روح العهد القديم ، في النص الحاقد الذي يتحرق فيه شوقا لسحق رؤوس الأطفال البابليين بالحجارة ، فقد جاء في المزامير 137/8-9 " طوبى لمن يجازيك يا بابل كما جازيتنا ، طوبى لمن يمسك أطفالك ويسحقهم على الصخور "
ومنذ قام يوحنا بوصم بابل في رؤياه بـ"أم العاهرات ونجاسات الأرض " أصبح العراق مرتبطا في أذهان اليهود والمسيحيين الأصوليين في الغرب بكل أوصاف الرذائل والفساد ...
واليوم نجد في الغرب وفرة في الكتب التي تصرح بالعلاقة بين عراق اليوم وبين بابل أم العاهرات ونجاسات الأرض ، ومن أشهرها :
كتاب شارل تايلور " صدَّام بابل العظيمة "
- وكتاب شارل داير "صعود بابل" ، الصادر عن ندوة دالاس اللاهوتية، وعلى غلافه صورة صدام حسين . وحتى بعد هزيمة العراق ، وقتل الملايين من أطفاله وسحقهم وتدمير بنيانه، ما زال شارل تايلر يعتقد "أن العراق قد يبرز من جديد بدور بابل أم العاهرات، وأن صدام نفسه قد يعود إلى الظهور بصورة وحش الرؤيا عدو المسيح ..."(43)
فلا يستغرب أن تستمر العقوبات الصارمة على العراق، لأنها قربة دينية يتقرب بها المسيحيون الأصوليون لليهود وللرب، آملين أن تتحقق رؤيا يوحنا! راكبين ظهر الولايات المتحدة المقتنعة برؤيا يوحنا والمترسخة في أذهان وأرواح المستشرقين الأمريكيين على مدى القرون
وهكذا يقدم الاستشراق الأمريكي المعاصر وجها جديدا ودليلا آخر على التدني الذي وصل إليه الاستشراق عبر العجرفة والاستخفاف بالقوانين الدولية والأعراف، ونهج سياسة الاستعلاء والفوقية، وتنميط البشرية باتجاه معالم الرجل الأبيض . ومن أقرب الأمثلة وأبسطها، تمكين الصهيونية وكيانها العنصري في فلسطين لمواصلة المسلسل الاستعماري الذي سنه الغرب في ديار الإسلام.
- الحواشي :
(1) إبراهيم عيد الكريم، الاستشراق وأبحاث الصراع لدى إسرائيل ص 19- دار الجيل للنشر و الدراسات والأبحاث الفلسطينية - عمان - 1993
(2) إدوارد سعيد، الاستشراق ص37 وما بعدها - ترجمة كمال أبو ديب - مؤسسة الأبحاث العربية - بيروت 1981 - وإبراهيم عبد الكريم ص20
(3) إبراهيم عبد الكريم ص20-21
(4) محمد عبد الله الشرقاوي، الاستشراق: دراسة تحليلية تقويمية ص30
(5) محمد حمدي زقزوق، الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري ص21 - مؤسسة الرسالة - الطبعة الثانية 1985
(6) محمد حمدي زقزوق 48
(7) محمد حمدي زقزوق 52
(8) محمد حمدي زقزوق 53- محمد عبد الله الشرقاوي ص12
(9) محمد عزت إسماعيل الطهطاوي ص15
(10) عبد اللطيف الطيباوي، المستشرقون الناطقون بالإنجليزية: دراسة نقدية، و محمد عزت إسماعيل الطهطاوي ص53
(11) محمد عزت إسماعيل الطهطاوي ص196-197
(12) مازن مطبقاني ص51 ، و إبراهيم عبد الكريم ص49
(13) إبراهيم عبد الكريم ص50 و مازن مطبقاني ص52
(14) محمد عبد الله الشرقاوي ص15 ، وينظر : محمد عزت إسماعيل الطهطاوي ص14
(15) مازن مطبقاني ص52
(16) مازن مطبقاني ص
(17) محمد البهي، "المبشرون والمستشرقون وموقفهم من الإسلام"، ص125-126، مجلة الفكر العربي، السنة الخامسة ن العدد32 ، أبريل 1983
(18) محمد عزت إسماعيل الطهطاوي، التبشير والاستشراق : أحقاد وحملات ص54 ، الزهراء للإعلام العربي _ ط1- 1991
(19) محمد عزت إسماعيل الطهطاوي 179
(20) محمد عزت إسماعيل الطهطاوي 209
(21) محمد عزت إسماعيل الطهطاوي 95
(22) محمد حمدي زقزوق ص21
(23) محمد عبد الله الشرقاوي ص36 - 32 ومازن مطبقاني، الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي ص31-32 الرياض1995-
(24) ينظر :htt//www.islamweb.net/a r ticle.asp?a r ticle=6160على شبكة الإنترنت
(25) ينظر :htt//www.islamweb.net/a r ticle.asp?a r ticle=6160على شبكة الإنترنت
وينظر : شوقي أبو خليل، الإسقاط في مناهج المستشرقين والمبشرين
(26) http://sy r iagate.com/nihadsi r ess/ja r idah/mak-018.htm
(27) ينظر في هذا السياق كتابا رسول محمد رسول : الغرب والإسلام قراءة في رؤى ما بعد الاستشراق، وكتاب فواز جرس، أمريكا والإسلام السياسي: صراع حضارات أم تضارب مصالح، فهما من الكتب التي تكشف عن خبايا السياسة الأمريكية تجاه عالم الإسلام، وتفسر الكثير من المواقف الغامضة والغريبة للسياسة الأمريكية تجاه ما يجري في الشرق العربي الإسلامي .
(28) مازن مطبقاني ص55
(29) محمد عبد الله الشرقاوي ص11-12-54
(30) مازن مطبقاني ص53-56
(31) مازن مطبقاني ص58-59 ، وينظر : رسول محمد رسول، الغرب والإسلام قراءة في رؤى ما بعد الاستشراق ص18 - دار الفارس للنشر والتوزيع ط1 سنة2001م
(32) مازن مطبقاني ص59-60-64
(33) اعتمدت في هذا المبحث الأطروحة المتميزة للباحث إبراهيم عبد الكريم: الاستشراق وأبحاث الصراع لدى إسرائيل، ينظر ص 50-51(25/157)
(34) محمد حمدي زقزوق ص49 و مازن مطبقاني 64
(35) محمد عزت إسماعيل الطهطاوي ص99
(36) محمد فاروق فارس الزين، المسيحية والإسلام والاستشراق ص262 - دار الفكر ، دمشق ، سنة 2000م
(37) محمد فاروق فارس الزين ص 263
(38) محمد فاروق فارس الزين ص 265
(39) محمد فاروق فارس الزين ص244
(40) محمد فاروق فارس الزين ص 249
(41) محمد فاروق فارس الزين ص 246 ، و إبراهيم عبد الكريم: الاستشراق وأبحاث الصراع لدى إسرائيل ، ينظر ص 50-
(42) محمد فاروق فارس الزين ص 249-250
(43) محمد فاروق فارس الزين ص 251
===============(25/158)
(25/159)
مدارس الاستشراق > المدرسة الألمانية >
اهتم الباحثون الألمان بالدراسات العربية الإسلامية منذ عهد مبكر فقد ثبت أن مارتن لوثر كان من الذين تأثروا بالفكر الإسلامي حينما تمرد على الكنيسة الكاثوليكية في روما، ولكن موقف لوثر كان عدائيا جداً من الإسلام وبخاصة الدولة العثمانية. وقد تميز المستشرقون الألمان بالجدية في البحث حتى اصطبغت الدراسات الإسلامية في أوروبا في وقت من الأوقات بالصبغة الألمانية. ويقول في ذلك الدكتور السامرائي "ومع كل هذا فإن المدرسة الألمانية وحدها أظهرت اهتماما علميا جادا بالإسلام في وقت مبكر عن غيرها من المدارس الاستشراقية الأوروبية000"([1]) وذكر أمثلة على هذا الاهتمام بالمخطوطات وبالتاريخ الإسلامي حيث ظهر كتاب مغازي الواقدي وبدأ تحقيق كتاب الطبري، وظهرت جهود بروكلمان في كتابه 'تاريخ الأدب العربي'.
وما زال الاستشراق الألماني مزدهراً في العديد من الجامعات، وقد لحق الاستشراق الألماني غيره في الاهتمام بالقضايا المعاصرة فقد قدم المستشرق راينهارد شولتز محاضرة في شهر سبتمبر 1986 في جامعة برنستون بالولايات المتحدة بعنوان 'الإسلام السياسي في القرن العشرين'.
أعلام الاستشراق الألماني
1-يوهان جاكوب رايسكه Johann Jakob r eiske (1716-1774)
يعد رايسكه مؤسس الدراسات العربية في ألمانيا حيث بدأ تعليم نفسه العربية ثم درس في جامعة ليبزيج Leipzig وانتقل إلى جامعة ليدن لدراسة المخطوطات العربية فيها كما اهتم بدراسة اللغة العربية والحضارة الإسلامية وإن كان له فضل في هذا المجال فهو الابتعاد بالدراسات العربية الإسلامية عن الارتباط بالدراسات اللاهوتية التي كانت تميز هذه الدراسات في القرون الوسطى (الأوروبية).
2-يوليوس فيلهاوزن Jullius Wellhausen (1844-1918)
تخصص في دراسة التاريخ الإسلامي والفرق الإسلامية، من أبرز إنتاجه تحقيق تاريخ الطبري، وألف كتاباً بعنوان 'الإمبراطورية العربية وسقوطها' ومن اهتماماته بالفرق الإسلامية تأليف كتابيه 'الأحزاب المعارضة في الإسلام' وكتابه 'الخوارج والشيعة' وكتب عن الرسو صلى الله عليه وسلم في كتابه 'تنظيم محمد للجماعة في المدينة' وكتابه 'محمد والسفارات التي وجهت إليه'.
3-ثيودور نولدكه Theodo r Noldeke (1836-1930)
ولد في هامبرج في 2مارس 1836 ودرس فيها اللغة العربية ودرس في جامعة ليبزيج وفينا وليدن وبرلين. عيّن أستاذاً للغات الإسلامية والتاريخ الإسلامي في جامعة توبنجن، وعمل أيضاً في جامعة ستراستبرج. اهتم بالشعر والجاهلي وبقواعد اللغة العربية وأصدر كتاباً بعنوان 'مختارات من الشعر العربي' من أهم مؤلفاته كتابه 'تاريخ القرآن' نشره عام 1860 وهو رسالته للدكتوراه وفيه تناول ترتيب سور القرآن الكريم وحاول أن يجعل لها ترتيباً ابتدعه. ذكر عبد الرحمن بدوي أن نولدكه يعد شيخ المستشرقين الألمان.
4- كارل بروكلمان Ca r l B r ockelmann (1868-1956)
ولد في 17 سبتمبر 1868في مدينة روستوك، بدأ دراسة اللغة العربية وهو في المرحلة الثانوية، ودرس في الجامعة بالإضافة إلى اللغات الشرقية اللغات الكلاسيكية (اليونانية واللاتينية) ودرس على يدي المستشرق نولدكه. اهتم بدراسة التاريخ الإسلامي وله في هذا المجال كتاب مشهور 'تاريخ الشعوب الإسلامية' ولكنه مليء بالمغالطات والافتراءات على الإسلام.([2])
ومن أشهر مؤلفاته كتاب 'تاريخ الأدب العربي' الذي ترجم في ستة مجلدات وفيه رصد لما كتب في اللغة العربية في العلوم المختلفة من مخطوطات ووصفها ومكان وجودها.
5- جوزف شاخت Josef Schacht (1902-1969)
ولد في 15مارس 1902، درس اللغات الشرقية في جامعة برسلاو وليبتسك، انتدب للعمل في الجامعة المصرية عام 1934لتدريس مادة فقه اللغة العربية واللغة السريانية. شارك في هيئة تحرير دائرة المعارف الإسلامية في طبعتها الثانية. عرف شاخت باهتمامه بالفقه الإسلامي ولكنه صاحب إنتاج في مجال المخطوطات وفي علم الكلام وفي تاريخ العلوم والفلسفة.
6- آنا ماري شميل Annema r ie Schimmel (1922)
من أشهر المستشرقين الألمان المعاصرين بدأت دراسة اللغة العربية في سن الخامسة عشرة وتتقن العديد من لغات المسلمين وهي التركية والفارسية والأوردو. درّست في العديد من الجامعات في ألمانيا وفي الولايات المتحدة الأمريكية وفي أنقرة، اهتمت بدراسة الإسلام وحاولت تقديم هذه المعرفة بأسلوب علمي موضوعي لبني قومها حتى نالت أسمى جائزة ينالها كاتب في ألمانيا تسمى جائزة السلام. ولكن بعض الجهات المعادية للإسلام لم يرقها أن تنال هذه الباحثة المدافعة عن الإسلام في وجه الهجمات الغربية عليه حاولوا أن يمنعوا حصولها على الجائزة.(25/160)
وقد أدرك مكانة هذه المستشرقة العلاّمة والداعية المسلم في أوروبا الدكتور زكي علي منذ أكثر من أربعين سنة حين كتب يقول "وعلى رأس المحررين لمجلة 'فكر وفن' الأستاذة الألمعية الدكتورة آن ماري شميل المتخصصة في دراسة محمد إقبال حكيم وشاعر باكستان ..وترجمت إلى الألمانية له ديوان 'جاويد نامة' وكتاب 'رسالة المشرق عن الفارسية' وهي أستاذة بجامعة بون وغيرها ومن أكابر علماء ألمانيا... وتنصف الإسلام والمسلمين كثيراً جزاها الله خيراً." وقال عنها أيضاً أنها أصدرت العديد من الكتب منها كتاب 'محمد رسول الله' r بسطت فيه مظاهر تعظيم وإجلال المسلمين لرسول ا صلى الله عليه وسلم ([3]). وقد امتدحها رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بأنها ما زالت تواصل كتاباتها الموضوعية وترجماتها عن الإسلام.([4])
- الحواشي :
[1] - الفهرس الوصفي ،ص 17)
[2] -انظر كتاب .عبد الكريم علي باز .افتراءات فيليب حتّي وكار بروكلمان على التاريخ الإسلامي. (جدة:تهامة للنشر، 1403-1983)
[3] -عبد اللطيف الجوهري. من أعلام الدعاة في أوروبا: العلاّمة الدكتور زكي علي.(جدة: عالم المعرفة 1418-1988)ص123 والمقالة التي كتبها الدكتور زكي علي نشرت في مجلة البريد الإسلامي في 25/6/1963. ولما رشحت لنيل جائزة السلام ظهرت أصوات يهودية ومعادية للإسلام والمسلمين تتهم المستشرقة بشتى الاتهامات، وقد توفت قريباُ وكتب عنها الشيخ أحمد زكي يماني وهو يرى أنها أسلمت ولكنها كانت تخفي إسلامها.
[4] -عكاظ ، عدد 10961، ربيع الآخر 1417، (16أغسطس 1996م)
=============(25/161)
(25/162)
مدارس الاستشراق > المدرسة الإسبانية >
نشأ الاستشراق الإسباني في أحضان حركة عدائية لكل ما هو عربي ومسلم، وكان هدفها التحقير والانتقام والتشويه، وقد وصف المستعرب الإسباني خوان غويتسولو في كتابه (في الاستشراق الإسباني) [1] نماذجاً من هذا النوع حين يكتبون عن الإسلام والمسلمين بقوله إنهم "إنما يكتبون ويتصرفون وينطقون باسم المسيحية في مواجهة حضارة متدنية، وفي أفضل الأحوال، فإن استحضار الماضي المجيد الذي عرفه العالم الإسلامي يدفعهم إلى التفجع على نحو متحذلق على الانحطاط الحالي (انحطاطا كان في رأيهم محتما ولا مناص منه) وعلى عجزه الطبيعي عن هضم التقدم الأوروبي" ووصف غويتسولو دراسات المستشرقين الأسبان للغات الإسلامية بأنهم يدرسونها كما لو كانت "لغات حضارات منقرضة، ومقطوعة عن اللغات الحالية التي هي وريثها الشرعي، حاكمين عليها بذلك بأن تشكل عدماً أو ما هو أقل من العدم".
واختلط الدافع الديني الحاقد بدافع استعماري سياسي حينما بدأت حركات الاحتلال الأوروبي للعالم الإسلامي وطمعت إسبانيا في المناطق المجاورة لها فجندت مستشرقيها لإعداد الدراسات لمعرفة مواصفات السكان وطبائعهم وتجارتهم وزراعتهم، وكذلك معرفة اللغات واللهجات المحلية، وقد أنشأت الحكومة الأسبانية العديد من المراكز لتعليم العربية العامية والمغربية، وقد تجاوزت خمسين مدرسة .
وما تزال إسبانيا تحتفظ بالكثير من المخطوطات العربية في مكتباتها الكبرى كمكتبة الاسكوريال ومكتبة مدريد الوطنية، ومكتبة جمعية الأبحاث الوطنية.
من أعلام الاستشراق الإسباني
1- مقيل آسين بلاثيوسMiguel Asin Placios ء (1871م-1944م)
ولد في 5 يوليو 1871م بمدينة سرقسطة والتحق بكلية الآداب بجامعة سرقسطة بالإضافة إلى دراسته في المعهد المجمعي فتخرج فيه قسيساً، درس اللغة العربية على يد المستشرق ربيرا، التحق بجامعة مدريد للحصول على درجة الدكتوراه وكانت عن الغزالي، تولى كرسي اللغة العربية في جامعة مدريد، من أبرز إنتاجه العلمي بحثه المعنون (الرشدية اللاهوتيه في مذهب القديس توما الإكويني) وبحثه عن تأثر الشاعر الإيطالي دانتي بعنوان (الأخرويات الإسلامية في الكوميديا الإلهية)، وأبدى اهتماماً بابن حزم والقرطبي وأبي حامد الغزالي، ومحي الدين بن عربي.
شارك مع المستشرق ربيرا في إصدار مجلة الثقافة الإسبانية 1906م-1909م واختير عضواً في الأكاديمية الملكية للعلوم الأخلاقية سنة 1912م وعيّن عضواً في الأكاديمة الإسبانية عام 1919م.
1- سيكودي لوثينا باريديس Secode Lucena Pa r edes
ولد في غرناطة ودرس الفلسفة في كلية الآداب في جامعة غرناطة،عمل مستشاراً للثقافة والتعليم في الإقامة الإسبانية في المغرب، عيّن أستاذاً للغة العربية بجامعة غرناطة عام 1942م، عيّن مديراً لمعهد الدراسات العربية بغرناطة وعمل رئيساً لقسم الدراسات العربية في معهد الدراسات الإفريقية بمدريد، انتخب عضواً في مجمع الفنون الجميلة، له إنتاج غزير في مجال تحقيق المخطوطات وفي البحوث حول الشريعة الإسلامية وكذلك التاريخ الإسلامي والآثار الإسلامية.
2- إميليو جارثيا جوميز Emilio Va r cia Gomez
ولد في مدريد ودرس في جامعتها، عمل أستاذاً بجامعة غرناطة وبجامعة مدريد. تولى إدارة المعهد الثقافي الإسباني، زار سوريا ولبنان، انتخب عضواً في المجمع العلمي العربي بدمشق عام 1948م، عمل سفيراً لبلاده في بغداد وفي لبنان، له دراسات عديدة في الأدب العربي وترجمات لبعض الشعر العربي إلى الإسبانية.
3- بوش فيلا Bosch Villa
ولد في فيجراس عام 1922م، درس في جامعة برشلونه فقه اللغات السامية وحصل على الدكتوراه من جامعة مدريد بعنوان (الإقطاع، مملكة الطوائف على عهد بنو رزين) عمل في تدريس اللغة العربية في كل من جامعتي برشلونة وجامعة سرقسطة، تولى منصب أستاذ مساعد للتاريخ والنظم الإسلامية بجامعة مدريد وعمل أمين مكتبة معهد الدراسات العربية بمدريد ودرّس التاريخ والنظم الإسلامية بجامعة غرناطة.
تولى رئاسة الجمعية الإسبانية للمستشرقين، وهو عضو جمعية شمال أمريكا لدراسات الشرق الأوسط، تركزت بحوثه في مجال الدراسات الإسلامية والجغرافيا والتاريخ كما اهتم بقضايا العالم العربي المعاصرة.
4- فيدريكيو كورينتي Fed r ico Co r iente
ولد في غرناطة في 14/11/1940م درس اللغات الشرقية في جامعة مدريد، حصل على الدكتوراه في علم اللغة، عمل مديراً للمركز الثقافي في القاهرة 1962م-1965م، تولى منصب أستاذ اللغة الإسبانية في مدرسة الألسن العليا بجامعة عين شمس في الفترة نفسها، وترأس قسم اللغة الاسبانية بجامعة محمد الخامس بالرباط عام 1965م-1968م، عمل في جامعة فيلاديلفيا أستاذاً للغات الشرقية والعربية، أستاذ كرسي اللغة العربية بجامعة سرقسطة منذ عام 1976م.
- الحواشي :
[1] - خوان غويتسولو. في الاستشراق الاسباني. ترجمة كاضم جهاد (بيروت، 1987م) ص165
============(25/163)
(25/164)
مدارس الاستشراق > المدرسة الروسية >
كان الاستشراق قوياً في روسيا منذ عهد بعيد حيث تعود الصلات بين روسيا والعالم الإسلامي إلى زمن الدولة العباسية، حيث تبادلت الدولة الإسلامية السفارات مع روسيا، ولمّا ضمت روسيا إليها بعض المناطق الإسلامية ازداد الاهتمام بالإسلام والعالم الإسلامي، وقد أفادت روسيا من الدراسات العربية والإسلامية في أوروبا وبخاصة في فرنسا حيث أوفدت روسيا بعض الباحثين للدراسة في مدرسة اللغات الشرقية الحية في باريس.
وقد قوي الاهتمام بالاستشراق في روسيا في بداية القرن التاسع عشر حينما أنشأت بعض الجامعات الروسية كراس للغة العربية والإسلام ومن هذه الجامعات جامعة قازان وجامعة موسكو وجامعة بطرسبرج وكلية لازاريف وغيرها.
بعض أعلام الاستشراق الروسي
1- ف.ف. بارتولد V.V. Ba r tholdء (1869م-1930م)
درس التاريخ الإسلامي في جامعة بطرسبرج وعمل فيها أستاذاً لتاريخ الشرق الإسلامي، اهتم بمصادر التاريخ الإسلامي العربية، كما اهتم بدراسة ابن خلدون ونظريته في الحكم.
انتخب عضواً في مجمع العلوم الروسي ورئيساً للجنة المستشرقين، له كتابات كثيرة في مجال التاريخ الإسلامي وقد كتب عن عمر بن الخطاب t.
2- إجناطيوس كراتشكوفسكي Ignaij Julianovic K r ackovskij ء [1]
ولد في 16 مارس 1883م، أمضى طفولته في طشقند حيث تعلم اللغة الأوزبكية، درس اللغات الكلاسيكية اليونانية واللاتينية، بدأ بتعلم اللغة العربية بنفسه. وفي عام 1901م التحق بكلية اللغات الشرقية في جامعة سان بترسبرج، ودرس عدداً من اللغات منها العبرية والحبشية والتركية والفارسية، درس التاريخ الإسلامي على يد المستشرق بارتولد، زار العديد من الدول العربية والإسلامية منها تركيا وسوريا ولبنان ومصر وتعرف إلى كثير من أعلام الفكر العربي الإسلامي منهم الشيخ محمد عبده والشيخ محمد كرد علي وغيرهما اهتم بالشعر العربي في العصر الأموي وفي العصر العباسي.
3- و. إيفانوفW. Ivanov ء (1886م-1970م)
اهتم بدراسة الإسماعيلية، ومن آثاره المخطوطات الإسلامية في المتحف الأسيوي، وثائق جديدة لدراسة الحجاج وعقيدة الفاطميين.
4- كريمسكيA.E. K r ymsky ء (1871م-1941م)
درس في جامعة موسكو في الفترة من 1892م إلى 1896م اللغات السلافية والعربية والفارسية. عاش في سوريا في الفترة من 1896م إلى 1898م، عمل أستاذاً للعربية وآدابها في كلية لازاريف، وأستاذاً للعربية في قازنا من 1898م إلى 1918م. تولى منصب سكرتير مجمع العلوم الأكراني. وترأس قسم الدراسات العليا في خاكوف بعد الثورة البلشفية 1917م. من آثاره (العالم الإسلامي ومستقبله،1889م)، (تاريخ الإسلام في جزأين 1904م) و(الأدب العربي الحديث في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، موسكو 1906م)
5- شميتA.E. Schmidt ء (1871م-1941م)
تلقى تعليمه على يد المستشرقين روزين وجولدزيهر، تخصص في دراسة اللغة العربية والتاريخ الإسلامي، عمل أستاذاً في جامعة بطرسبرح مدة عشرين سنة، ثم انتقل إلى طشقند عام 1920م ليؤسس جامعة فيها وكان أول رئيس لها، من آثاره (تاريخ الإسلام) و(النبيمحمد صلى الله عليه وسلم ) و(محاولة التقريب بين السنة والشيعة, (فهرس المخطوطات العربية في طشقند).
- الحواشي :
[1] -انظر ترجمه له بقلم أنا دولينينا. " اغناطيوس كراتشوفسكي : من تاريخ الاستشراق في الاتحاد السوفيتي. "في الاستشراق. (سلسلة كتب الثقافة المقارنة) العدد 2 شباط 1987. ص56-59.
==========(25/165)
(25/166)
مدارس الاستشراق > دول أوروبا الأخرى >
1- بول كراوسPaul Elieze r K r aus ء (1904م-1944م)
ولد سنة 1904م في براغ بتشيكوسلوفاكيا لأسرة يهودية، هاجر إلى فلسطين ليعيش في إحدى المستعمرات ودرس في مدرسة الدراسات الشرقية في الجامعة العبرية في القدس، ثم انتقل إلى برلين ليحصل من هناك على درجة الدكتوراه، اهتم بالتراث العلمي الإسلامي وكانت له دراسات حول جابر بن حياّن والبيروني والرازي، أسهم مع ماسنيون في دراسة الحلاج، كما كان له دراسة مستقلة حول تاريخ الإلحاد في الإسلام ترجمت إلى العربية ونشرها الدكتور عبد الرحمن بدوي، مات منتحراً.
2- هنري لامانس Hen r y Lammens
ولد في مدينة خنت في بلجيكا في 1/7/1862م، تعلم في الكلية اليسوعية في بيروت وبدأ حياة الرهبنة فيها، يقول عنه عبد الرحمن بدوي، بلجيكي وراهب يسوعي شديد التعصب ضد الإسلام، يفتقر افتقاراً تاماً إلى النزاهة في البحث والأمانة في نقل النصوص وفهمها، ويعد نموذجاً سيئاً للباحثين في الإسلام من بين المستشرقين، عمل معلماً في الكلية اليسوعية في بيروت حيث درّس التاريخ والجغرافيا، ثم أصبح أستاذاً للتاريخ الإسلامي في معهد الدروس الشرقية في الكلية نفسها.
تولى رئاسة تحرير مجلة الشرق، وتولى كذلك إدارة مجلة تنصيرية أخرى هي البشير. له كتابات حول السيرة النبوية وحول الخلفاء الراشدين والدولة الأموية.[1]
3- بوهلF. Buhl ء (1850م-1932م)
ولد في كوبنهاجن بالدنمارك، درس اللاهوت وتعلم العربية، درس بجامعتي فينا وليبزيج 1876م-1978م، زار العديد من البلاد العربية والإسلامية منها مصر وفلسطين وسوريا ولبنان وتركيا، نال الدكتوراه في النحو العربي وتاريخ اللغة، عمل أستاذاً "للعهد القديم" بجامعة كوبنهاجن، من آثاره كتابه عن الرسو صلى الله عليه وسلم ، وترجم معاني بعض أجزاء من القرآن الكريم إلى اللغة الدنماركية.
4- إجناز جولدزيهرIgnaz Goldzihe r ء (1850م-1921م)
ولد في 22يونيه 1850م لأسرة يهودية، درس في بوادبست ثم برلين ثم انتقل إلى جامعة ليبسك والتحق فيها بقسم الدراسات الشرقية، رحل إلى القاهرة وسوريا وحضر بعض الدروس في الأزهر، عمل في جامعة بودابست في مجال الدراسات العربية والإسلامية، أصبح أستاذاً للغات السامية عام 1894م. كتب كثيراً حول الإسلام عقيدة وشريعة وتاريخاً، وكان له تأثير في الدراسات الاستشراقية حتى يومنا هذا حيث انتشرت كتبه في مختلف اللغات الأوروبية، وما تزال جامعة برنستون مثلاً تقرر كتابه دراسات إسلامية في مناهج قسم دراسات الشرق الأدنى حيث قامت الجامعة بنشر ترجمة جديدة لهذا الكتاب مع تعليقات المستشرق برنارد لويس.
وقد رد عليه كثير من المسلمين ومن أبرزهم الدكتور مصطفى السباعي في كتابه (السنّة ومكانتها في التشريع الإسلامي).
- الحواشي :
[1] -بدوي ، موسوعة المستشرقين ، مرجع سابق. وبالرغم من أن كثيراً من المستشرقين ينتقدون منهج لامانس لكنك تجدهم يرجعون إليه ويستندون إلى بعض آرائه ومن هؤلاء توماس آرنولد في كتابه (الخلا
=============(25/167)
(25/168)
مدارس الاستشراق > في العالم الإسلامي >
حرص الأوروبيون والأمريكيون على إنشاء مراكز للدراسات العربية والإسلامية في العالم الإسلامي لتكون أقرب إلى هذه البلاد ويستخدمها الطلاب والباحثون الغربيون كمراكز للبحث والدراسة ولتعلم اللغات الإسلامية، ولنشر الثقافة الغربية، وقد بدأ الغرب في إنشاء هذه المراكز منذ القرن التاسع عشر حيث أنشأت البعثات التنصيرية الغربية الكليات والجامعات ومراكز البحوث وفيما يلي بعضها:
فرنسا
1- المعهد الفرنسي للآثار الشرقية في القاهرة (1880م)
2- معهد الدراسات العليا في تونس (1945م)
3- معهد الدراسات المغربية - الرباط (1931م)
4- المعهد الفرنسي في دمشق (1930م)
ويتبع السفارات الفرنسية في أنحاء العالم مراكز ثقافية تقدم دورات في اللغة الفرنسية والحضارة الفرنسية، كما تقدم معلومات عن فرنسا.
بريطانيا
1- مركز الدراسات العربية في الشرق الأوسط شملان بلبنان
2- كلية دلهي (1792م-187م)
2- كلية فورت-وليام ب كلكتا بالهند (1799م-1836م)
3- كلية الملكة فيكتوريا وهي مدرسة ثانوية بمصر ودرس بها كثير من أبناء الطبقة الثرية في أنحاء العالم العربي، والتعليم فيها باللغة الإنجليزية.
وللسفارة البريطانية في كل بلد مركز ثقافي يتبع المجلس الثقافي البريطاني ويقدم دورات في تعليم اللغة الإنجليزية، ولديهم مكتبة يقضي فيها الشباب أوقات فراغهم، ولا بد أنهم يحتكون ببعض الإنجليز العاملين في هذه المراكز.
معهد الدراسات المغربية في تطوان.
الولايات المتحدة الأمريكية
1- الجامعة الأمريكية - بيروت
2- الجامعة الأمريكية- القاهرة
3- الكلية الأمريكية ببيروت - وهي مدرسة ثانوية درس فيها بعض كبار المسؤولين في العالم العربي.
4- جامعة الشرق الأوسط باسطنبول بتركيا
5- مدرسة الدراسات الشرقية الأمريكية بالقدس
6- المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية ببغداد.
7-معهد الدراسات اليمنية في صنعاء باليمن .
ولأمريكا معاهد لتعليم اللغة العربية لموظفي سفاراتها في العالم العربي في كل من تونس وفاس بالمغرب، واليمن وكذلك لإجراء البحوث والدراسات على المجتمعات العربية الإسلامية
=============(25/169)
(25/170)
مدارس الاستشراق > طبقات المستشرقين >
طبقات المستشرقين
جمع
عبد الغفار حميدة
1-غْريفّيني(1296 ـ 1343هـ = 1886 ـ 1925م)أوجانْيُو (كما سمّى نفسه بالعربية, والإيطاليون يلفظونها اِيّوجِينْيُو) غريفيني Eugenio G r iffini مستشرق إيطالي. من أعضاء المجمع العلمي العربي. ولد بميلانو, وتعلم العربية في المعهد الشرقي بنابولي. ورحل إلى اليمن وتونس وطرابلس الغرب ومصر. وكان يتزيا في أسفاره بالزيّ العربي. وعينه الملك فؤاد الأول سنة 1922م أميناً لمكتبته الخاصة في القاهرة, فأقام إلى أن توفي بها. ونشر صديقه لوكا بلترامي (Luca Belt r ami) رسالة في ترجمته بالإيطالية, ألحقت بها السيدة أنجيلا كودازّي (Angela Codazzi) وصفاً لمكتبته المحتوية على 1221 كتاباً معظمها عن الشرق العربي, و56 مخطوطاً عربياً, أوصى بها كلها للمكتبة الأمبروسيانية في ميلانو وطنه. له تآليف منها «التحفة اللوبية في اللغة العامية الطرابلسية ـ ط» معجم لمفردات من اللغة الإيطالية وما يقابلها من اللغة العامية في طرابلس الغرب. ونشر بالعربية «ديوان الأخطل» عن نسخة قديمة ظفر بها في اليمن, ومجموعاً في «الفقه الزيدي» ينسب إلى الإمام زيد بن علي, و «قصيدة» يقال إنها لامرىء القيس.
2-مِتْفُخ(000 ـ 1362هـ = 000 ـ 1943م)أويجن متفخ Eugen Mittwoch مستشرق ألماني, من أعضاء المجمع العلمي العربي. عني بتاريخ العرب قبل الإسلام, ونشر كثيراً من الكتابات اليمنية. وأعاد طبع «تاريخ سني ملوك الأرض والأنبياء» لحمزة الأصفهاني. وأفرد لحمزة الأصفهاني هذا, كتاباً طبعه في برلين بالألمانية, جمع فيه ما وقف عليه من أخباره وما يتعلق بمؤلفاته.
3-هوداس(1256 ـ 1334هـ = 1840 ـ 1916م)اوكتاف هوداس (Octave Houdas) مستشرق فرنسي كان أستاذاً في مدرسة اللغات الشرقية بباريس. وعين مفتشاً لمدارس الجزائر. له كتب عربية منها «طرف مغربية ـ ط» و «مجموعة مكاتيب مخطوطة ـ ط» و «ترجمة 64 سورة من القرآن ـ ط» و «رسالة في تيسير طباعة النصوص العربية ـ ط» وأعان على تحقيق كتب, منها «تاريخ السودان» لسعدي, و «تاريخ الفتاش» و «الخبر عن أول دولة من دول الأشراف العلويين» و «سيرة السلطان منكبرتي» و «نزهة الحادي» لمحمد الصغير المراكشي.
4-لِيفي بْرُوفَنْسال(1311 ـ 1376هـ = 1894 ـ 1955م)إيفارسْت ليفي بروفسال Eva r iste Lévi-P r ovençal: مستعرب افرنسي الأصل. كثير الاشتغال بتصحيح المخطوطات العربية ونشرها. ولد وتعلم في الجزائر. وحضر حرب الدردنيل في الجيش الفرنسي, فجرح, ونقل إلى مصر, ثم أعيد إلى فرنسة. وعُين سنة 1920 مدرساً في معهد العلوم العليا المغربية في الرباط فمديراً له (سنة 1926 ـ 35) وانتدب في خلال ذلك (سنة 28) لتدريس تاريخ العرب والحضارة الإسلامية في كلية الآداب بالجزائر, كما انتدب لتدريس تاريخ العرب وكتاباتهم, بمعهد الدراسات الإسلامية في السوربون (بباريس) واستقال من إدارة معهد الرباط (سنة 35) ودعي لإلقاء محاضرات في جامعة القاهرة (سنة 38) وألحقه وزير التربية الفرنسية بديوانه في باريس (سنة 45) وعين في السنة ذاتها أستاذاً للغة العربية والحضارة الإسلامية في كلية الآداب بباريس, ووكيلاً لمعهد الدراسات الساميّة في جامعتها. وكان من أعضاء المجمعين: العلمي العربي بدمشق, و اللغوي بالقاهرة. ومات بباريس. تعاون مع محمد بن أبي شنب, على تصنيف «المخطوطات العربية في خزانة الرباط ـ ط» ومما نشر «كتابات عربية في أسبانيا» و «نص جديد للتاريخ المريني» و «أسبانيا المسلمة في القرن العاشر» و «الحضارة العربية في أسبانيا» و «وثائق غير منشورة عن تاريخ الموحدين» و «منتخبات من مؤرخي العرب في مراكش» و «البيان المغرب» لابن عذاري, و «مقتطفات تاريخية عن برابرة القرون الوسطى» و «أعمال الاَعلام, القسم الثاني, في أخبار الجزيرة الأندلسية» لابن الخطيب و «مذكرات الأمير عبد الله آخر ملوك غرناطة» و «صفة جزيرة الأندلس» اختزله من الروض المعطار, و «سبع وثلاثون رسالة رسمية لديوان الموحدين» و «جمهرة أنساب العرب» لابن حزم, و «نسب قريش» للزبيري. وكان يكتب اسمه بالعربية «إ. ليفي بروفنسال» وأحياناً «إ. لابي بروفنصال».(25/171)
5-لِيتمان(1292 ـ 1377هـ = 1875 ـ 1958م)إيّنو ليتمان Enno Litmann: مستشرق ألماني, من أعضاء المجمع العلمي العربيبدمشق ومجمع اللغة بمصر, وعدة مجامع أوربية. ولد في «اولدنبجر»بألمانيا. وحصل سنة 1898 على «الدكتوراه» في الفلسفة من جامعة «هالة» وأقام سنة 1899 ـ 1900 وسنة 1904 ـ 1905 في سورية, مع بعض البعثات الأميركية. وأجاد معرفة العربية والحبشية والعبرية والسريانية والفارسية والتركية, وألم بلغات أخرى. ودرّس اللغات السامية (1901) في جامعة «برنستن» بأميركا. وعين أستاذاً للغات السامية في جامعة «ستراسبرج»بألمانيا 1906 ـ 1914 وتنقل في عدة جامعات منها الجامعة المصرية القديمة. واستقر في جامعة «توبنجن» Tu»Bingen حيث كانت مكتبته. وأحصي ما كتبه من دراسات مختلفة فأربى على السبعمائة, منها في لغات الحبشة وأدبها, وفي النقوش السامية, واللهجات العربية القديمة «الصفوية» و«الثمودية» وسواهما, وما بقي من كتاباتها. ونقل إلى الألمانية «ألف ليلة وليلة» وترجم لنحو عشرين من زملائه, منهم جويدي ونولدكه وهرغرونيه ونلينو. وألف بالعربية كتباً منها «قصص في اللغة العربية الدارجة ـ ط» و «قصص العرب في شرقي الأردن ـ ط» مع ترجمته إلى الألمانية, و «أسماء البدو والدروز في ديرة حوران ـ ط» و «لهجات عربية شمالية قبل الإسلام» نشره في مجلة مجمع اللغة.
6-كْرَاوس(1322 ـ 1363هـ = 1904 ـ 1944م)باوْل كراوس Paul K r aus: مستشرق ألماني, من أصل تشيكوسلوفاكي. تعلم في جامعة براغ, وتلقى العلوم الشرقية بجامعة برلين, وعين في معهد التاريخ للعلوم ببرلين, ثم مدرساً بجامعتها سنة 1933م وانتدب للتدريس في الصوربون(بباريس) ثم أستاذاً للغات السامية في جامعة فؤاد الأول (بمصر) سنة 1936 فأقام إلى أن مات منتحراً. له «رسالة في تاريخ الأفكار العلمية في الإسلام ـ ط» ثلاثة أجزاء, الأول منها نصوص عربية, و «رسالة في فهرست كتب محمد بن زكريا الرازي لأبي الريحان البيروني ـ ط» نص وتعليق¹ وساعد ماسينيون على نشر «أخبار الحلاج» وله في دائرة المعارف الإسلامية دراسات عن المستنصر والرازي وابن الراوندي وابن جبير, وفي مجلة الثقافة بمصر (سنة 1944) مقالات له عنوانها «من منبر الشرق» وغير ذلك.
7-دُورْن(1220 ـ 1298هـ = 1805 ـ 1881م)برنارد دورن Be r nha r dt Do r n: مستشرق روسي. ولد وتعلم في ألمانيا. واستقدمته الحكومة الروسية من ليبسيك للتدريس في معهد خركوف سنة 1829م, ثم في بطرسبرج (لينينغراد) وولي الإشراف على المكتبة الآسيوية والمتحف الإمبراطوري. وكان يحسن العربية وبعض اللغات الشرقية وألف بلغته كتباً كثيرة في تاريخ القفقاز والخز والكرج والأفغان, ووصف بعض الآثار الشرقية كالنقود العربية والمخطوطات. وله بالعربية «فهرست المخطوطات الشرقية المحفوظ بدار الكتب الملكية ببطرسبرج ـ ط» و «فهرست الكتب العربية والفارسية والتركية المطبوعة في الاَستانة وفي مصر وفي العجم الموجودة في دار الاَثار الاَسيوية ـ ط».
8-مُوريتس(1275 ـ 1358هـ = 1859 ـ 1939م)برنهارت موريتس: مستشرق ألماني. قام برحلات بين العراق والمغرب بحثاً عن المخطوطات والاَثار الجغرافية. وكان أميناً لمكتبة «المعهد الشرقي» في برلين, و أميناً لدار الكتب المصرية, في القاهرة. ونشر «مجموعة من الوثائق العربية عن عُمان وزنجبار» و «مجموعة الخطوط العربية من القرن الأول الهجري إلى نهاية القرن العاشر» اشتملت على 188 خطاً, وهي الاَن من نوادر المطبوعات, و «جغرافية جزيرة العرب الطبيعية والتاريخية» وكتب أبحاثاً ودراسات في المجلات العربية والألمانية, آخر ما قرأنا منها. بحث عن «المعادن في البلاد العربية القديمة» نقله عن الألمانية الدكتور أمين رويحة ونشر في مجلة العرب.
9-بْلاشّيْر(1318 ـ 1393هـ = 1900 ـ 1973م)بلاشير. ريجيس, ل. Blachè r e, صلى الله عليه وسلم L. من علماء المستشرقين ومن أعضاء المجمع العلمي العربيبدمشق و المجمع الفرنسي الأعلى (الأنستيتو)بباريس. فرنسي, ضليع من العربية. ولد في مونروج (من ضواحي باريس) وتلقى دروسه الثانوية في الدار البيضاء(بالمغرب) وتخرج بكلية الاَداب في الجزائر (1922) وسُمي أستاذاً في معهد الدراسات المغربية العليا في الرباط (1924 ـ 35) وانتقل إلى باريس محاضراً في الصوربون (38) فمديراً لمدرسة الدراسات العليا العلمية (1942) وأشرف على مجلة «المعرفة» الباريسية, بالعربية والفرنسية, وألف بالفرنسية كتباً كثيرة تُرجم بعضها إلى العربية. وكان مخلصاً في حبه لها, ووفق إلى فرض تدريسها في بعض المعاهد الثانوية الفرنسية. وشارك في خدمة القضايا العربية المغربية والفلسطينية. من كتبه, وكلها مطبوعة «ترجمة القرآن الكريم» ثلاثة أجزاء, و «تاريخ الأدب العربي» نقله إلى العربية الدكتور إبراهيم الكيلاني, و «قواعد العربية الفصحى» و «أبو الطيب المتنبي» ترجمه إلى العربية الدكتور أحمد أحمد بدوي, و «معجم عربي فرنسي انكليزي».(25/172)
10-كَزَنُوفَا(000 ـ 1334هـ = 000 ـ 1926م)بُول كزنوفا Paul Casanova: مستشرق فرنسي, جزائري المولد. سافر إلى باريس سنة 1879 وتعلم بمدرسة اللغات الشرقية الحية. وعين أميناً لقسم النقود الشرقية ثم كان مدرساً للعربية وآدابها بجامعة فرنسة (سنة 1909) وأتى مصر ثلاث مرات: الأولى سنة 1889 وبها كتب بحثاً عن «قلعة القاهرة» والثانية سنة 1892 ـ 1909 بوظيفة مساعد لمدير المعهد الفرنسي للاَثار الشرقية, والثالثة (سنة 25) منتدباً لتدريس الأدب العربي في الجامعة المصرية, حيث ألقى محاضرات بالعربية, عن العلاقة بين الأدبين العربي والغربي. وتوفي بالقاهرة. مما ترجمه إلى الفرنسية كلام ابن خلدون عن «البربر» و فصولاً من خطط المقريزي في «وصف مصر» وصنف كتاباً عن «محمد (ص) ونهاية العالم» بالفرنسية, وكتب أبحاثاً عن النقود الإسلامية وآلات الرصد عند العرب, ومكاييلهم وموازينهم, بالفرنسية أيضاً.
11-ضُودْج(1305 ـ 1391هـ = 1888 ـ 1971م)بيار ضودج, الدكتور في الحقوق واللاهوت (D صلى الله عليه وسلم Baya r d Dodge) مستشرق أمريكي من أعضاء مجمع اللغة العربية المراسلين. مولده ووفاته في نيويورك تعلم في بلاده. وعين أستاذاً وعضواً في هيئة الجامعة الأميركية ببيروت (1923 ـ 1928) و أستاذاً في الجامعة الأميركية بالقاهرة (1956 ـ 1959) وشغل مناصب منها إدارة إغاثة الشرق الأدنى لسورية وفلسطين (1920 ـ 1921) و إدارة مؤتمر الثقافة الإسلامية بجامعة برنستون (1952 ـ 53) وترجم إلى الإنكليزية كتاب «الفهرست» لابن النديم. وألف بالإنكليزية «الأزهر ـ ط» و «التعليم الإسلامي ـ ط» وكتب مقالات, في «حياة ابن النديم» وكتابه «الفهرست», ترجمت إلى العربية.
12-كَازِيمِرْسْكي(1194 ـ 1282هـ = 1780 ـ 1865م)بيبرشتاين كازيمرسكي B.Kazimi r ski مستشرق بولوني. استوطن فرنسا, ونشر فيها معجمه الكبير «كتاب اللغتين العربية والفرنساوية ـ ط» في أربعة مجلدات, ويعرف بقاموس كازيمرسكي. وترجم إلى الفرنسية معاني القرآن الكريم.
13-دي يُونْغ(1248 ـ 1307هـ = 1832 ـ 1890م)بيتر دي يونغ Piete r de Yong: مستشرق هولندي. كان من معلمي كلية «أوترخت» وساعد دي خويه على وصف مخطوطات جامعة ليدن. ونشر بالعربية «المشتبه في أسماء الرجال» للذهبي, و «الأنساب المتفقة في الخط» لابن القيسراني, و «لطائف المعارف» للثعالبي. وله «فهرست الكتب الشرقية الموجودة في كلية أوترخت ـ ط» و «فهرست الكتب الشرقية الموجودة في أكاديمية ليدن ـ ط» الجزآن الثالث والرابع منه وعمل مع جوينبول في نشر كتاب «الخراج» ليحيى بن آدم.
14-فِتْ(1229 ـ 1317هـ = 1814 ـ 1899م)ييتريوهانس فت Piet r Johannes Veth مستشرق هولندي. يسميه الفرنسيون بيير جان فت (P. Jean) ولد في دوردريخت (Do r d r echt) وتعلم العربية في ليدن. ودعي للتدريس في جامعةأمستردام. وانتخب «عضواً» في المجمع العلمي سنة 1864م. واشتهر بكتاباته عن الهند والمستعمرات الهولندية. وترجم معاني القرآن إلى الهندية. ونشر بالعربية «لبّ اللباب» للسيوطي. وله تعليقات على كتاب دوزي في تاريخ العرب بإسبانية.
15-اَدَمْز(1300 ـ 1367هـ = 1883 ـ 1948م)تشارلز ادمز Cha r les Adams مستشرق أميركي, من مقاطعة بنسلفانيا. تعلم في كلية وست منستر. وقدم مصر فأقام فيها من سنة 1909 إلى 1915م. وعاد إلى أميركا فتعلم العربية في جامعتي هارفرد وشيكاغو. ثم عين مديراً للمدرسة اللاهوتية في العباسية (بالقاهرة) وفي سنة 1939 عين رئيساً لشعبة اللغات الشرقية بالجامعة الأميركية بالقاهرة. وتوفي بها. له كتاب بالإنكليزية ترجم إلى العربية باسم «التجديد في الإسلام ـ ط» تكلم فيه عن حركة الإصلاح الديني التي قامت في العهد الأخير, وأسهب في ذكر الشيخ محمد عبده وطائفة من رجال التجديد, وارتكز في بعض بحثه على كتاب «الإسلام وأصول الحكم ـ ط» لعلي عبد الرازق.
16-تْشِيلِسْتِينُو سْكْيَابارِلّي(1257 ـ 1338هـ = 1841 ـ 1919م)تشيلستينو سكيابارلي Celestino Schiapa r elli: مستشرق إيطالي. تعلم العربية في تورينو, وتتلمذ بها للمستشرق أماري في فلورنسة, ودرّسها في جامعة رومة. مما نشره بالعربية «قواعد الشعر» لثعلب, و «رحلة ابن جبير» مع ترجمة إيطالية. وأضاف إلى ديوان «ابن حمديس» زيادات وجدها فيما اطلع عليه من كتب الأدب. واشترك في نشر القسم الخاص بإيطالية من «نزهة المشتاق» للإدريسي, مع ترجمة إيطالية وتعليقات. وهيأ للطبع «مرشد الطالب» لابن الهائم. وله تآليف بالإيطالية عن العرب وتاريخهم. مولده في بيامونتي, ووفاته في رومية.(25/173)
17-اِرْبيْنُيوس(992 ـ 1033هـ = 1584 ـ 1624م)توماس فان إربينيوس Thomas Van E r penius أو E r pen: مستشرق هولندي, يعد مؤسس النهضة الاستشراقية ومنظمها في بلاده. ولد في جوركم (Go r kum)بهولندة وتعلم في ليدن, وساح في انكلترة وفرنسة وألمانية وإيطالية. ويقال إنه درس العربية على مصري يلقب بأبي ذقن. وأنشأ في بيته مطبعة عربية صارت أساس المطبعة العربية المعروفة اليوم في ليدن بمطبعة بريل (B r ill) وعين أستاذاً للغات الشرقية في جامعة ليدن سنة 1613م, وتوفي بليدن. له كتاب في «قواعد اللغة العربية ـ ط» وعني بنشر «منتخبات عن شعر الحماسة لأبي تمام ـ ط» ونشر «تاريخ المسلمين ـ ط» وهو قسم من تاريخ ابن العميد (الشيخ المكين جرجس ابن العميد) مع ترجمته إلى اللغة اللاتينية, و «أمثال لقمان ـ ط».
18-جْوِينْبُول(1216 ـ 1277هـ = 1802 ـ 1861م)تيودور ـ فيلم جان, جوينبول Theodo r e-Wilhelm Jean Juynboll: مستشرق هولندي. ولد في روتردام. وتعلم فيها, ثم في لاهاي, وفي جامعة ليدن. وعين مبشراً بروتستانتياً في إحدى ضواحي ليدن سنة 1826 وتضلع من العربية حتى صار أستاذاً في جامعة ليدن إلى سنة وفاته. نشر بالعربية «مراصد الاطلاع في أسماء الأمكنة والبقاع» لعبد المؤمن بن عبد الحق. وبدأ بنشر «النجوم الزاهرة» لابن تغري بردي, فأصدر منه جزأين¹ ثم واصل نشره المستشرق الأميركي بوبر.
19-نُولْدِكِهْ(1251 ـ 1349هـ = 1836 ـ 1930م)تيودور نولدكه Theodo r Noldeke: من أكابر المستشرقين الألمان. ولد في هاربورج(بألمانيا) وتعلم في جامعات غوتنجن وفينّة وليدن وبرلين. وانصرف إلى اللغات الساميّة والتاريخ الإسلامي فعُين أستاذاً لهما في جامعة غوتنجن (سنة 1861) فجامعة كيل (1864) ثم في جامعة ستراسبورج (1872) ومات في كارلسروه (Ka r ls r uhe) له كتب بالألمانية عن العرب وتاريخهم, منها «تاريخ القرآن» و «حياة النبي محمد» و «دراسات لشعر العرب القدماء» و «النحو العربي» و «خمس معلقات» ترجمها إلى الألمانية وشرحها. ونشر في مجلات الغرب وموسوعاته بحوثاً كثيرة, منها رسالة في «أمراء غسان» ترجمها إلى العربية بندلي جوزي وقسطنطين زريق. وله بالعربية «منتخبات الأشعار العربية ـ ط» واشترك في الإشراف على طبع «تاريج الطبري» وترجمته إلى الألمانية. قال الأب أنستاس الكرملي: لم نجد بين حملة العلم ـ المعاصرين ـ من بلغ تحقيقه. كان يحسن اللغات الشرقية كلها كالعربية والأرمية والعبرية والصابئية والحبشية وغيرها, وله تصحيحات وتحقيقات في هذه الألسنة فضلاً عن معرفته بلغات الغرب كاليونانية واللاتينية والفرنسية والإنكليزية والإيطالية والإسبانية ولغته الألمانية.
20-هَمْبِرْت(1206 ـ 1267هـ = 1792 ـ 1851م)جان همبرت Jean Humbe r t: مستشرق سويسري. ولد في «جنيف», وقرأ العربية على دي ساسي, في باريس. وعاد إلى بلده, فدرّس اللغات الشرقية, ووضع كتباً بالعربية, منها «التقاط الأزهار في محاسن الأشعار ـ ط» ومعه ترجمة فرنسية وأخرى لاتينية, و «منتخبات عربية ـ ط» الجزء الأول منه.
21-شَرْبُونّو(1228 ـ 1299هـ = 1813 ـ 1882م)جاك أوغُست شربونو Jacques Auguste Che r bonneau: مستشرق فرنسي. أخذ العربية عن دي ساسي و كوسّان دي برسفال, وانتدبته حكومته لتنظيم مدارسها في الجزائر, فأقام في قسنطينة. ودعي في آخر حياته, إلى باريس, لتدريس العربية في مدرسة اللغات الشرقية. له «قصص منتخبة من كتبة العرب المسلمين ـ ط» للمدارس الابتدائية, و «المخاطبات فيما يحتاجه العرب من الولاة ـ ط» مجموع مخاطبات باصطلاح أهل الجزائر, و «معجم عربي فرنسي ـ ط» مجلدان. و نشر في المجلة الأسيوية مقالات متعددة في شعراء العرب وكتّابهم, ونقل إلى الفرنسية رحلات وقصصاً عربية.
23-آَدْلِرْ(1169 ـ 1250هـ = 1756 ـ 1834م)جاكُبْ جورج كريستيان أدلر J.G. Adle صلى الله عليه وسلم مستشرق دانمركي, عني بالكتابات الكوفية, و أعد تاريخ أبي الفداء (المختصر في أخبار البشر) للطبع مع ترجمة لاتينية, فنشره المستشرق ريسكه ( r eiske) واشتهر أدلر بما كتبه بلغته عن النقود العربية وتاريخها. وله بحث في «تاريخ الدروز» وكانت إقامته على الأكثر في كوبنهاغن (عاصمة الدانمرك).
24-اَرْتُورْكي(1291 ـ 1347هـ = 1874 ـ 1928م)جان أرتوركي Jean A r tho r ki: مستشرق فرنسي, من أعضاء المجمع العلمي العربي. ولد في مدينة بيزانسون, وتعلم بمدرسة اللغات الشرقية وبالسوربون, وعين مترجماً لبعض القنصليات في دمشق وطرابلس الغرب, ثم قنصلاً في زنجبارفطرابلس الغربفأزمير. له مقالات عربية كان يذيلها باسم مستعار «الشيخ يحيى الدبقي» ونشر بالعربية كتاب «الأشربة» لابن قتيبة, وكتب بالفرنسية ذيلاً لكتاب دوزي في الإسلام, وتولى في دائرة المعارف تحرير القسم الجغرافي والتاريخي والأدبي في بلاد الشرق.(25/174)
25-شُولْتِنْز(1128 ـ 1192هـ = 1716 ـ 1778م)جان جاك شولتنز J.J. Schultens: مستشرق هولندي, هو ابن ألبرتوس شولتنز المتقدم ذكره. عين أستاذاً للغات الشرقية في جامعة أمستردام ثم في جامعة ليدن. ونشر كتباً عربية, منها «نوابغ الكلم للزمخشري» وجعل له مقدمة وشرحاً.
26-بيرْسفال(1172 ـ 1251هـ = 1759 ـ 1835م)جان جاك كُوسّان دي بيرسفال Jean - Jacques - Antoine Coussin de Pe r ceval: مستشرق فرنسي. دَرَس العربية, ودرّسها في «الكليج دوفرانس» وتولى أمانة المخطوطات الشرقية في دار الكتب الملكية بباريس. وانتخب «عضواً» في المجمع العلمي للكتابة والأدب. وألّف كتباً بالعربية والفرنسية. منها بالعربية «حكايات المسلمين ـ ط» و «مجموع مكاتيب وتمسكات وحجج ـ ط» ويعني بالتمسكات الوثائق. وعني بنشر كتب عربية, منها «شرح معلقة امرىء القيس» للزوزني, و «الزيج الكبير الحاكمي» لابن يونس, و «الصور السماوية» للصوفي. و ترجم إلى الفرنسية «سورة الفاتحة» ومقتطفات من نهاية الأرب للنويري, في تاريخ صقلية. وهو والد أرمان المتقدم ذكره.
27-مارْسِيلْ(1190 ـ 1270هـ = 1776 ـ 1854م)جان جُوزيف (يوحنا يوسف) مارسيل Jean-Joseph Ma r cel: مستشرق فرنسي. كان يدير معمل بارودأيام الثورة الفرنسية. أخذ العربية عن دي ساسي, ورحل في حملة نابوليون إلى مصر, مع أستاذه لانجل (Langles) فعين مديراً لمطبعة الجيش, ووضع معجماً فرنسياً عربياً باللغة العامية سماه «كنز المصاحبة ـ ط» وطبع كتاباً له في التهجئة (ألف باء) بالعربية والتركية والفارسية. وترجم خطاب نابوليون في المصريين إلى العربية. وعاد إلى باريس سنة 1800 ومعه مطبعة عربية¹ فطبع فيها «فتح مصر» لنقولا الترك, وكتاباً في «حل الخطوط العربية القديمة» و «منتخبات من الشعر العربي» و «تاريخ الرحلة الفرنسية إلى مصر» و «تاريخ مصر من الفتح العربي إلى الحملة الفرنسية» ونشر في المجلة الأسيوية بحوثاً عن ابن ميمون وابن سينا والقزويني وغيرهم. وترجم إلى الفرنسية كتاب الفلاحة لابن العوام. وعمي في أواخر أيامه.
28-جانّ ديريُو(000 ـ 1332هـ = 000 ـ 1914م)جانّ ديريو Jeanne Des r ayaux: مستعربة.فرنسية الأصل, من الكاتبات العربية. من أهل الجزائر. كانت تُعرف في كتاباتها باسم «جمانة رياض» أو «فاطمة الزهراء». أحرزت الجائزة الأولى في آداب اللغة العربية عام 1911م بين طلبة مدرسة اللغات الشرقية الحية بباريس. قال صاحب تاريخ الصحافة العربية: هي منشئة باكورة المجلات العربية في عاصمة الجزائر, أصدرت مجلة «الإحياء» سنة 1907 ثم قال: ولدينا من آثارها رسائل شتى مكتوبة بخطها المغربي الجميل. توفيت بالجزائر.
29-سُوفاجِيه(1318 ـ 1369هـ = 1901 ـ 1950م)جان سوفاجيه Jean Sauvaget: مستشرق فرنسي بحاثة. ولد وتعلم في نيور (Nio r t) وأتقن العربية في مدرسة اللغات الشرقية بباريس. وسافر إلى دمشق سنة 1924 فعمل في المعهد الفرنسي. وعاد إلى باريس سنة 1936 فعين مديراً لدراسات تاريخ الشرق الإسلامي في مدرسة «الدراسات العليا» و أستاذاً في مدرسة اللغات الشرقية, فأستاذاً للفن الإسلامي بمدرسة «اللوفر» سنة 1941 ـ 1944 ومحاضراً في اللغة العربية بجامعة باريس. وقام برحلات إلى تركيا وفلسطين والعراق وإيران. وكان مع إجادته العربية يحسن التركية والفارسية. وله تآليف وبحوث كثيرة بالفرنسية, منها «الآثار التاريخية في دمشق» و «كتابات تدمر» و «الآثار الإسلامية في حلب» و «العمارة الإسلامية في سورية» و «خيول بريد المماليك» و «الآثار الأموية في قصور الشام» ونشر تصحيحاً لنسخة «تاريخ بيروت» المطبوعة سنة 1937 بمقابلتها على نسخة مخطوطة في المكتبة الوطنية بباريس. وترجم إلى الفرنسية كتاب «الدر المنتخب في تاريخ مملكة حلب» المنسوب إلى ابن الشحنة, في جزأين, ونشر كتاباً عن «أخبار الصين والهند» بالعربية وترجمه إلى الفرنسية. وآخر ما قرأناه له بحث في «ضبط أسماء المماليك وألقابهم وتفسير معانيها» نشره في «الجورنال آزياتيك». وسافر من باريس إلى كامبو (Cambo) مستشفياً, فمات فيها.
30-فِيّران(000 ـ 1354هـ = 000 ـ 1935م)جبرييل فيّران Gab r iel Fe r rand: مستشرق فرنسي. أقام في صباه مدة في الجزائر, وصحب «رينيه باسيه» وتتلمذ له. وتنقل في الأعمال «القنصلية» بين مدغسكر وإيران وسيام وغيرها, وعني بدراسة الشرق الأقصى. وتعلم لغة «المالجاش» Malgache سكان مدغسكر. وبينما هو في هذه, كتب بالفرنسية «دراسات عن المخطوطات العربية المالجاشية» و «المسلمون في مدغسكر» ثم استقر في باريس, وعمل في إدارة الجورنال آزياتيك. وأعاد طبع «مروج الذهب» للمسعودي, و «رحلة ابن بطوطة» وكان من أعضاء «أكاديمية»أمستردام وتوفي بباريس.(25/175)
31-لُفَانْكْ(1285 ـ 1357هـ = 1868 ـ 1938م)جبرييل لفانْك Gab r iel Levenq: مستشرق فرنسي, من الرهبان. ولد في مرسيلية, وانتقلت أسرته إلى ليون, فتعلم عند اليسوعيين وترهب, ورحل إلى غزير(بلبنان) سنة 1891 فتعلم العربية. وتنقل بعد ذلك في أوروبة وانكلترة, وأرسل إلى مصر مدرّساً للتاريخ والجغرافية في المدرسة اليسوعية سنة 1908 ثم أعيد إلى لبنان سنة 1913 فاشتغل بالتعليم. واستمر 17 سنة, يكتب في مجلة المشرق باب «المطبوعات الشرقية» في وصف كتب التاريخ والجغرافية الصادرة بالفرنسية والإنكليزية والألمانية والإيطالية والإسبانية. وتوفي ببيروت.
32-فْلوجل(1217 ـ 1287هـ = 1802 ـ 1870م)جستاف ليبرشت فلوجل Gustaf Lebe r echt Flugel: مستشرق ألماني. ولد في باوْتسن (Bawtzen) بألمانيا, وتعلم بليبسيك, وزار فينّة وباريس وبلاداً أخرى للدرس والتنقيب في مكتباتها. واستقر مدرّساً للغات الشرقية في معاهد بلاده, وتوفي في درسدن. له بالعربية «نجوم الفرقان في أطراف القرآن ـ ط» فهرس للألفاظ: و «وصف مخطوطات فنيّة العربية ـ ط» ثلاثة أجزاء. ونشر كتباً عربية منها «الفهرست» لابن النديم, و «تاج التراجم» لابن قطلوبغا, و «تعريفات الجرجاني» و «كشف الظنون» للحاج خليفة مع ترجمته إلى اللاتينية, في سبعة مجلدات, ومختصرات من كتاب «مؤنس الوحيد» للثعالبي مع ترجمته إلى الألمانية.
33-مسْبيرو(1262 ـ 1336هـ = 1846 ـ 1918م)جَسْتون مسبيرو Gaston Maspe r o: مستشرق فرنسي. ولد ومات في باريس. قضى نحو 40 سنة, في مصر, جاهداً في نشر آثارها ووصف آدابها القديمة, متولّياً لكثير من «حفرياتها» له «مذكرات عن بعض أوراق البردي في متحف اللوفر» وكتاب في «تاريخ الشعوب الشرقية القديمة» كلاهما مطبوع بالفرنسية.
34-فيْل(1223 ـ 1306هـ = 1808 ـ 1889م)جوتهولد فيل Goothold Wail: مستشرق ألماني. ولد في سالزبورج ومات في برسيجاو. أقام زمناً في باريس يأخذ العربية عن علماء المستشرقين, وانتقل إلى الجزائر ثم إلى مصر حيث اشتغل مدرّساً ومترجماً. ولما عاد إلى بلاده عمل في مكتبة «هايدلبرج» ثم عين أستاذاً للتاريخ الشرقي في جامعتها سنة 1837م. نشر بالعربية «الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين» للأنباري. وترجم إلى الألمانية عدة كتب, منها سيرة ابن هشام. وله بالألمانية كتب في تاريخ الشعوب الإسلامية وفي تاريخ الخلفاء.
35-بِرْجسْتر يسَر(1303 ـ 1352هـ = 1886 ـ 1933م)جوتهلف برك شتريزر Gothelf Be r gst r asse r مستشرق ألماني, كان أبوه وجدّه من قساوسة البرتستانت في مدينة بلون Plauen من أعمال زكسن Sachsen بألمانيا. وولد «جوتهلف» ونشأ بها. وتعلم في جامعة ليبزيج Leipzig وأخذ العربية عن آوغست فيشر. وقام برحلة إلى الشرق, فزار الأناضول وسورية وفلسطين ومصر. وألقى في أوائل الحرب العامة الأولى محاضرات في جامعة الاَستانة, ثم في جامعات ألمانيا, في العلوم الإسلامية واللغات السامية. و درّس في مدينة ميونيخ إلى أن توفي متردياً من قمة جبل من جبال «الألب» في أثناء رحلة رياضية. تنقسم مؤلفاته إلى أربعة أنواع: كتبه عن اللغة العربية وعلم اللغات السامية, وأبحاث في الأرامية ولهجاتها. ومطبوعاته ومصنفاته في الآداب العربية والعلوم الإسلامية, ومقالاته عن علوم اللغة التركية. ومما نشره بالعربية «غاية النهاية في طبقات القراء» للجزري, ومات قبل تمامه فأكمله المستشرق برتزل (Otto Pe r etzl) و «شواذ القراآت» لابن خالويه. وتصانيفه بالألمانية غزيرة الفائدة, منها كتاب في «جغرافية اللغة في سورية وفلسطين» وكتاب عن «المصاحف» أكمل به «تاريخ القرآن» لنولدكه, ورسالة عن «حنين بن إسحاق ومدرسته» وأخرى عن «القراآت الشاذة في كتاب المحتسب» لابن جني. وألقى محاضرات بالعربية في الجامعة المصرية (سنة 1930 و1932م) عن تطورالنحو في اللغة العربية ثم عن اللهجات العامية في الموصل. وتولى رئاسة تحرير المجلة الألمانية للعلوم السامية Philologie und Linguistik Beit r agezu r sem.
36-جُودْ فروا(1278 ـ 1376هـ = 1862 ـ 1957م)جود فروا ديمومبين Gaudef r oy- Demombynes مستشرق فرنسي. كان أستاذ العربية في مدرسة اللغات الشرقية بباريس. وصنف كتباً عن العرب وبلادهم وأدبهم بالفرنسية. وترجم إليها «رحلة ابن جبير ـ ط» وألف, متعاوناً مع بلاشير «قواعد العربية الفصحى ـ ط».(25/176)
37-الدكتور بُوسْت(1254 ـ 1327هـ = 1838 ـ 1909م)جورج إدورد ابن الدكتور ألفريد بوست Geo r ge Post: طبيب وجراح من العلماء بالنبات. أميركي الأصل, مستعرب. ولد في نيويورك. وتعلم الطب في جامعتها, ودَرَس اللاهوت, ورحل إلى سورية سنة 1280هـ, فسكن طرابلس الشام, طبيباً و«مبشراً» وتعلم العربية. ولما أنشئت المدرسة الأميركية ببيروت استمر فيها استاذاً للطب والجراحة والنبات إحدى وأربعين سنة. وتوفي في بيروت. من تصانيفه العربية «نبات سورية وفلسطين ومصر ـ ط» و «مبادىء علم النبات ـ ط» و «مبادىء التشريح والهيجين والفيسيولوجيا ـ ط» و «علم الحيوان ـ ط» جزآن, و «المصباح في صناعة الجراح ـ ط» و «الأقراباذين ـ ط» في المواد الطبية, و «فهرس الكتب المقدس ـ ط» و «قاموس الكتاب المقدس ـ ط» و «مجلة الطبيب» أنشأها وحررها بضع سنين.
38-دِلْفَان(000 ـ 1340هـ = 000 ـ 1922م)جورج دلفان Geo r ges Delphin مستشرق فرنسي. كان من رؤساء «كلية الجزائر» الفرنسية, وتولى تدريس العربية فيها. وعني بدراسة اللهجات العامية في بلاد الجزائر. وألف عدة كتب مدرسية لتسهيل دراسة العربية على مواطنيه. له بالفرنسية «تاريخ الباشاوات العثمانيين في الجزائر» من سنة 921 إلى 1158هـ, وبالعربية «المقامات العلوية في اللهجة المراكشية ـ ط» و «جامع اللطائف وكنز الخرائف ـ ط» وتوفي في الجزائر.
39-سارطون(1302 ـ 1375هـ = 1885 ـ 1956م)جورج سارطون Geo r ges Sa r ton: مستشرق بلجيكي, من كبار العلماء. من أعضاء المجمع العلمي العربي. قالت مجلة المجمع في وصفه: «اخلص الحب للعرب ولغتهم, وجلا فضل علمائهم على العالم القديم, في تجرد وانصاف» هاجر من بلاده إلى أميركا (سنة 1916م) فكان مدرس «تاريخ العلوم» في جامعة هارفرد (1917 ـ 49) وزار مصر وبلاد الشام وإفريقية الشمالية سنة 31 ـ 32 وألقى محاضرات حول بيان «فضل العرب على التفكير الإنساني» وأنشأ مجلتين انكليزتين علميتين هما «ايزيس» و «اوزيريس» فأصدر منها 43 مجلداً, وتخلى عن الأشراف عليهما بعد ذلك لبعض العلماء. وكان من أعضاء عشرة مجامع علمية دولية, ومُنح ست شهادات «دكتوراه» فخرية وظل مدة طويلة رئيساً للاتحاد الدولي لتاريخ العلوم,بباريز. وكتب وألف كثيراً. أجلّ كتبه «المدخل إلى تاريخ العلوم»بالانكليزية, في خمسة مجلدات, خص تاريخ العلوم عند العرب بجزء وافر منه. وله «حضانة الشرق الأوسط للثقافة الغربية ـ ط» محاضرة ترجمها إلى العربية عمر فروخ, و «تاريخ العلم ـ ط» الأول والثاني, ترجمتهما إلى العربية لجنة نشر مؤسسة فرانكلن.
40-دِلاّفيدا(1303 ـ 1387هـ = 1886 ـ 1967م)جورجيو ليفي دلافيدا G. Levi, Della Vida من كبار المستشرقين الإيطاليين. مولده ووفاته برومة. كان أستاذ العربية واللغات السامية المقارنة, في جامعتها. اجتمعت به مرات أيام عمله في فَهرسة كتب الفاتيكان. وقد عهد إليه في أعوامه الأخيرة بالكتابة عن المخطوطات النصرانية. ولما بلغ السبعين من عمره احتفل به العلماء وصنفوا في تكريمه «كتاب الدراسات الشرقية ـ ط» بالإيطالية, في مجلدين كبيرين. له كتابات كثيرة في دائرة المعارف الإسلامية والمجلات العلمية. ومما حققه للنشر «طبقات الشعراء لابن سلام ـ ط» و «شعر يزيد الأول ـ ط» و «نسب فحول الخيل لابن الكلبي ـ ط» ومن تآليفه «فهرس المخطوطات العربية الإسلامية في مكتبة الفاتيكان ـ ط» الجزء الأول, بالإيطالية, ولم يكمله.
41-فالِين(1226 ـ 1268هـ = 1811 ـ 1852م)جوري آوغست فالين Geo r g August Wallin: مستشرق فنلندي. ولد في جزائر آلاند Aland (غربي فنلندة) وتعلم في جامعتها, ووضع كتاباً باللغة اللاتينية سماه «أهم الفروق بين لهجات العرب المتأخرين والمتقدمين» ورحل إلى العاصمة الروسيةبطرسبرج(لينغراد) فازداد في جامعتها علماً بالعربية على يد أستاذها الشيخ الطنطاوي. ورحل إلى مصر سنة 1843 فأقام بها ست سنوات, زار في خلالها العراق ونجداً وأصبهان وسورية, وتزيّا في رحلاته بالزيّ العربي وتسمى «عبد الولي» ثم سكن لندن سنة 1849 ـ 1850 واشترك في عمل خريطة لبلاد العرب. وعين سنة 1851 أستاذاً للعربية في جامعة هلسنكي Helsinki (فنلندة) وهو أول من جعل العربية فرعاً مستقلاً في هذه الجامعة. ولم يلبث أن توفي. وقد أقيم على ضريحه بهلسنكي حجر بسيط نقش عليه اسم «عبد الولي» بحروف عربية. وكانت صورته وهو في زيّ شيخ عربي ذي عمامة وقباء ونطاق, مما يزين الجامعة إلى عهد قريب, ولعله لا يزال إلى الاَن. ونقل إلى بلاده كتباً عربية منها «شرح الشيخ عبد الغني النابلسي لحائية ابن الفارض»: أوميض برق بالأبيرق لاحا. وقد نسخ هذا الشرح بخطه, وطبعه على الحجر في هلسنكي, مع ترجمة لاتينية. وله «مذكرات ـ ط» بلغته, خمس مجلدات, في وصف ما رآه أيام إقامته في البلاد العربية.(25/177)
42-غبريالي(1289 ـ 1361هـ = 1872 ـ 1942م)جوزبّي غبريالي Giuseppe Gab r ieli: مستشرق إيطالي كان أمين مكتبة «مجمع لنشاي»بإيطاليا, وعمل في ترتيب مخطوطاتها العربية والإسلامية. وتعاون مع الأمير كايتاني في وضع «معجم الأعلام العربية الإسلامية ـ ط» جزآن منه, بالإيطالية. ووضع فهارس «الوافي بالوفيات» للصفدي, وكتب عن «الخنساء» وله موجز في الأدب العربي.
رِينُو(1210 ـ 1284هـ = 1795 ـ 1867م)جوزيف تُوسان رينو Joseph-Toussaint r einaud: مستشرق فرنسي. ولد في لامبسك (Lambesc) وتوفي في باريس. أخذ العربية عن سلفستر دي ساسي ونشر كتباً كثيرة, منها بالعربية كتاب «تقويم البلدان» لأبي الفداء, اشترك في نشره مع دي سلان, و «مقامات الحريري» طبعة ثانية ساعده فيها جوزيف ديرنبور, الاَتية ترجمته.
43-دِيرَنْبُور(000 ـ 1313هـ = 000 ـ 1895م)جوزيف ديرنبور Joseph Dé r enbou r g مستشرق فرنسي. قال صاحب الاستطلاعات الباريسية في كلامه على المكتبة العمومية بباريس سنة 1889م: «جوزاف درامبورغ, كان مصحح المطبعة, وهو الاَن شيخ بصير من مشاهير أساتيذ العبراني والعربي». نشر بالعربية «أمثال لقمان الحكيم» و «التلخيص» في الأدوية المفردة, لمروان بن جناح القرطبي. ومات بباريس. وهو أبو «هرتفيك» الاَتي ذكره.
44-مارْدْرُوس(1285 ـ 1368هـ = 1868 ـ 1949م)جوزيف شارل ماردروس Joseph Cha r les Ma r d r us طبيب فرنسي مستشرق. ولد بالقاهرة, وتعلم بها في مدارس «الجزويت» ورحل إلى باريس فدرس فيها الطب. وشغف بالأدب فجمع كثيراً من المخطوطات الشرقية. وتنقل مع بعض البعثات العلمية في الشرق الأوسط ومراكش. و ترجم معاني «القرآن الكريم» إلى الفرنسية, وكتاب «ألف ليلة وليلة» في 16 جزءاً. ومات بباريس.
45-هالِيفي(1243 ـ 1335هـ = 1827 ـ 1917م)جوزيف هاليفي Joseph Halévy: مستشرق فرنسي. دخل بلاد اليمن بهيئة متسول من يهود القدس, فبلغ نجران, وطاف في أعالي الجوف حيث كان يقيم «المعِينيون» في غابر العصور, ووصل إلى حدود مأرب. وجمع في رحلته هذه 686 نقشاً من كتابات قديمة نشرت ترجمتها إلى الفرنسية في الجريدة الأسيوية (Jou r nal Asiatique) سنة 1874 وعلق عليها بشروح وافية.
46-ْرَيْتاخ(1202 ـ 1278هـ = 1788 ـ 1861م)جيؤرج فِيلهلم فريتاخ Geo r g Wilhelm F r eytag: مستشرق ألماني. ولد في لونبرغ Lunebe r g وتتلمذ باللغات الشرقية للمستشرق دي ساسيبباريس. فتعلم العربية والتركية والفارسية. وعُين أستاذاً للغات الشرقية في بون Bonn له «قاموس عربي لاتيني ـ ط» أربعة أجزاء, و «منتخبات عربية في النحو والتاريخ ـ ط» ونشر قطعة من «زبدة الحلب» في تاريخ حلب, لابن العديم, و «ديوان الحماسة» لأبي تمام, و «فاكهة الخلفاء» لابن عربشاه, و «معجم البلدان» لياقوت, ساعده على نشر والتعليق عليه المستشرق مستنلفد.
47-كَمْبْفْمَيَر(000 ـ 1356هـ = 000 ـ 1937م)جيؤرج كمبفمير Geo r g Kampfmeye r مستشرق ألماني. كان أستاذاً للغة العربية بمعهد اللغات الشرقية ببرلين. وانتخب رئيساً لجمعية الدراسات الإسلامية الألمانية. له كتابات على بعض المؤلفات الحديثة في الأدب العربي, نشرها باللغتين العربية والألمانية. ومن كتبه العربية «معرض الأفكار الشرقية ـ ط» رسالة, و «شعراء العرب في العصر الحاضر ـ ط» كراستان في تراجم بعض الشعراء المعاصرين ومختارات من أشعارهم. توفي ببرلين عن نحو 80 عاماً.
48-ياكُبْ(1278 ـ 1356هـ = 1862 ـ 1937م)جيؤرج ياكب (جورج يعقوب) Geo r g Jakob: مستشرق ألماني. ولد في «كونيجزبرج» وعني بالدراسات الشرقية واللاهوتية, ثم تفرغ للأولى. وأخذ عن فليشر و نولدكه وغيرهما. وتخرج بجامعة ليبسيك. وألف بالألمانية كتباً عن «حياة البدو في العصر الجاهلي» و «جغرافيي العرب» و «شعراء العرب» و «خيال الظل وتاريخه» و «أثر الشرق في الغرب» تُرجم إلى العربية ونشر بها واتجه إلى الدراسات التركية, فنشر طائفة من كتبها. وهو أستاذ المستشرق المعاصر «أنو ليتمان».
49-دا كْريمُونا(508 ـ 583هـ = 1114 ـ 1187م)جيراردو دا كريمونا Ge r a r do da C r emona مستشرق, من علماء الإيطاليين. مولده ووفاته في «كريمونا» من مدن إيطاليا الشمالية. أقام زمناً في طليطلة(بالأندلس) فترجم عن العربية إلى اللاتينية أكثر من سبعين كتاباً من كتب الهيئة وأحكام النجوم والهندسة والطب والطبيعة والكيمياء والفلسفة, طبع بعضها.
50-بْريسْتِد(1282 ـ 1354هـ = 1865 ـ 1935م)جيمس هنري بريستد James Hen r y B r easted مستشرق أميركي. من المؤرخين المعنيين بدراسة الاَثار المصرية القديمة. ولد في روكفورد ( r ockfo r d) وتعلم في جامعة شيكاغو ثم في ييل وبرلين. وزار مصر والنوبة وبلاداً أخرى من الشرق الأوسط. وتولى إدارة المعهد الشرقي بشيكاغو. وكان أستاذاً لتاريخ الشرق والآثار المصرية فيه. ونشر مقالات كثيرة وكتباً بالإنكليزية, منها «السجلات المصرية القديمة» في خمسة أجزاء (سنة 1906) و «تاريخ مصر» سنة 1905, ومات في شيكاغو.(25/178)
51-خُلْيَان رِبِيرَة(1274 ـ 1354هـ = 1858 ـ 1935م)خليان ربيرة طرّغوه Julian r ibe r ay Ta r ago مستشرق إسبانيّ. ولد في إحدى قرى بلنسية (Valence) واشترك مع فرنسيسكو كوديرا سنة 1882 في نشر المكتبة الأندلسية العربية (وهي عشرة مجلدات سنذكرها في ترجمة كوديرا) و عين أستاذاً للعربية في جامعةسرقسطة سنة 1887 فنشر «مجموعة دراسات عربية» باللغة الإسبانية. وحلّ محلّ «كوديرا» سنة 1905 ـ 1927 في جامعة «مجريط» أستاذاً للعربية. ونشر كتاب «القضاة بقرطبة» للخشني, مع ترجمته إلى الإسبانية, وكتب عليه بالعربية: «وقف على طبعه خليان ربيرة طرغوه البلنسي» سنة 1914 وعاد إلى بلنسية سنة 1927 فعكف على متابعة دراساته إلى أن توفي. وكان من أعضاء المجمع العلميّ الإسباني, ومن العلماء الاجتماعيين المؤرخين.
52-مُولّر(1265 ـ 1330هـ = 1849 ـ 1912م)دافيد هاينرش مولر D.H. Mulle صلى الله عليه وسلم مستشرق نمسويّ. تعلم العربية في فيّنة, وعلّمها في جامعتها. وتولى رئاسة المجلة النمسوية الشرقية. ثم قام على رأس بعثة إلى اليمن. وعني بالنقوش الأثرية. ونشر بالعربية كتباً, منها «صفة جزيرة العرب» ومقتطفات من «الإكليل» كلاهما للهمداني, و «الفَرْق» للأصمعي.
53-ماكْدَانُلْد(000 ـ 1362هـ = 000 ـ 1943م)دانكِن بلاك ماكدانلد Duncan Black Macdonald: مستشرق أميركي. من أعضاء المجمع العلميّ العربيّ. كان من أوسع المستشرقين اطلاعاً على الدين الإسلامي, وألف فيه عدة كتب. تعلم العربية والعبرية والسريانية. وله محاضرات ومقالات كثيرة, بالإنجليزية, عن الثقافة الإسلامية في أكثر نواحيها. ونشر بالإنجليزية «فهرس المخطوات العربية والتركية في مكتبة نيوبري بشيكاغو» وعني بكتاب «ألف ليلة وليلة» فجمع منه نسخاً لا توجد عند غيره.
54-روحي الخالدي(1281 ـ 1331هـ = 1864 ـ 1913م)روحي بن محمد ياسين بن محمد علي الخالدي: باحث, من رجال السياسة. ولد في القدس وتعلم في مدارس فلسطين ثم في الاَستانة, ورحل إلى باريس فدخل مدرسة العلوم السياسية فأتم دروسها, ثم درس فلسفة العلوم الإسلامية والشرقية في جامعة السوربون. وألقى محاضرات عربية, واتصل بعلماء المشرقيات وأقيم مدرساً في جمعية نشر اللغات الأجنبية بباريس, وكان من أعضاء مؤتمر المستشرقين المنعقد بباريس سنة 1897م, وعاد إلى الاَستانة, فعين «قنصلاً عاماً» في مدينة بوردو (بفرنسة) ولما أعلن الدستور العثماني انتخبه أهل القدس نائباً عنهم في مجلس المبعوثين. وتوفي في القدس. من تصانيفه «العالم الإسلامي» نشر منه قسماً كبيراً في جريدة المؤيد المصرية, و «علم الأدب عند الإفرنج والعرب ـ ط» و «أسباب الانقلاب العثماني وتركيا الفتاة ـ ط» نشر تباعاً في مجلة الهلال (ج 17) و «رحلة إلى الأندلس ـ ط» و «المسألة الشرقية ـ ط» و «علم الألسنة ـ خ» في مقابلة اللغات و «تاريخ الصهيونية ـ خ» كلاهما في المكتبة الخالدية بالقدس, ورسالة في «ترجمة برتلو» العالم الكيماوي, و «الكيمياء عند العرب ـ ط».
55-بْرُونُو(1275 ـ 1335هـ = 1858 ـ 1917م)رودلف برون r udolf E. B r unnow: مستشرق أميركي, من أصل ألماني. ولد في «أن أربر» Ann A r bo r بأميركا, وتعلم العربية في ألمانيا. وعين سنة 1910 أستاذاً للغات السامية في جامعة «برنستن» الأميركية. وقام مع بعض مدرّسيها بحفريات في حوران (بسورية) ووصفوا ما كشفوه في مجلدين ضخمين. واشتهر برونو بالدراسات الأشورية. ونشر بالعربية المجلد 21 من «الأغاني» جمعه من مخطوطة مكتبة مونيخ, و «الإتباع والمزاوجة» لابن فارس, و «الموشى» للوشاء. وله «منتخب من نثر العرب ـ ط».
56-دُوزِي(1235 ـ 1300هـ = 1820 ـ 1883م)رينهارت بيتر آن دُوزي r einha r t Piete r Anne, Dozy: مستشرق هولندي, من أصل فرنسي بروتستانتي المذهب. هاجر أسلافه من فرنسة إلى هولندة في منتصف القرن السابع عشر. مولده ووفاته في ليدن. درّس في جامعتها نحو ثلاثين عاماً. وكان من أعضاء عدة مجامع علميّة. قرأ الآداب الهولندية والفرنسية والإنكليزية والألمانية والإيتالية, وتعلم البرتغالية ثم الإسبانية فالعربية. وانصرفت عنايته إلى الأخيرة, فاطلع على كثير من كتبها في الأدب والتاريخ. أشهر آثاره «معجم دوزي ـ ط» في مجلدين كبيرين بالعربية والفرنسية, اسمه Supplément aux Dictionnai r es A r abes (ملحق بالمعاجم العربية) ذكر فيه ما لم يجد له ذكراً فيها. وله «كلام كتّاب العرب في دولة العبّاديين ـ ط» ثلاثة أجزاء, وبالألمانية «تاريخ المسلمين في إسبانية» ترجم كامل الكيلاني فصولاً منه إلى العربية في كتاب «ملوك الطوائف ونظرات في تاريخ الإسلام ـ ط» وله «الألفاظ الإسبانية والبرتغالية المنحدرة من أصول عربية» بالألمانية. ومما نشر بالعربية «تقويم سنة 961 ميلادية لقرطبة» المنسوب إلى عريب ابن سعد القرطبي وربيع بن زيد, ومعه ترجمة لاتينية, و «البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب» لابن عذاري, وقسم من «نزهة المشتاق» للإدريسي, و «منتخبات من كتاب الحلّة السيراء» لابن الأبار, و «شرح قصيدة ابن عبدون» لابن بدرون.(25/179)
57-باسّيه(1271 ـ 1342هـ = 1855 ـ 1924م)رينيه باسي صلى الله عليه وسلم ené Basset: مستشرق فرنسي. من أعضاء المجمع العلمي العربي. ولد في لونيفيل (Luneville) وتعلم في نانسي ثم في مدرسة اللغات الشرقية بباريس. وعين مدرساً للعربية في مدرسة الجزائر العليا سنة 1882م, ثم تولى إدارتها. واختير «عضواً» في كثير من المجامع العلمية. وترأس مؤتمر المستشرقين بالجزائر سنة 1910م. ونشر بالعربية «تحفة الزمان» لعرب فقيه, في فتوح الحبشة, مع ترجمة فرنسية, و «الخزرجية» في العروض, و «تاريخ بلاد ندرومة وترارة بعد خروج الموحدين منها» وله بالفرنسية مقالات في المجلات الشرقية في فرنسة والجزائر وتونس, وفصول في دائرة المعارف الإسلامية, وتصانيف. توفي بالجزائر.
58-مُنْك(1218 ـ 1283هـ = 1803 ـ 1867م)سالُومُون (سليمان)منك Salomon Munk: مستشرق ألمانيّ المولد, يهوديّ الدين, فرنسيّ الشهرة والإقامة والوفاة. تتلمذ في ألمانية لفريتخ وآخرين, وفي فرنسة للمستشرقين دي ساسي وكاترمير. وكان يحسن مع الألمانيّة الفرنسية والعربية والسنسكريتية والعبرية والفارسية. و عُين في المكتبة الأمبراطورية بباريس (سنة 1840) وزار مصر, فجمع مخطوطات كثيرة. وعمي قبل موته بنحو عشرين سنة. نشر بالعربية (بحروف عبرية) كتاب «دلالة الحائرين» لموسى بن ميمون, مع ترجمته إلى الفرنسية. وكتب الفرنسية فصولاً عن الفارابي والغزالي وابن رشد وابن سينا والكندي. وشرح كتابات فينيقية وجُدت في سواحل بلاد الشام.
59-رُونْزفالّ(1282 ـ 1356هـ = 1865 ـ 1937م)سباستيان رونزفال اليسوعيّ Sébastien r onzevalle: مستشرق من الرهبان. بلغاريّ. فرنسي الثقافة والرهبانية. ولد في فيليبوبوليس (Philippopolis ببلغارية, وكان أبوه «فرديناند» ترجماناً لقنصل فرنسة فيها. ونقل أبوه إلى بيروت سنة 1885 فتعلم سباستيان العربية ونشر مقالات في مجلة المشرق. ونفي في الحرب العامة الأولى, فتوجه إلى رومة. وعاد إلى مصر¹ ثم إلى بيروت بعد الحرب. وتوفي فيها. كان له اشتغال بالاَثار, وقام بحفريات تمهيدية أدت إلى اكتشاف تمثال «جوبيتر» البعلبكي. وله رسائل عن الشرق, منها بالعرقية «نبذة من أخبار الزباء ملكة تدمر ـ ط».
60-جْوِيّار(1262 ـ 1301هـ = 1846 ـ 1884م)ستْانِسْلاس جويار Stanislas Guva r d: مستشرق فرنسي. تعلم العربية والفارسية, وعني بالسنسكريتية والأشورية. له بالفرنسية «محاضرات عن الحضارة الإسلامية ـ ط» ونشر بالعربية «فتوى ابن تيمية في النصيرية» مع ترجمتها إلى الفرنسية. ومات منتحراً.
61-دِفْرِيمرِي(1238 ـ 1300هـ = 1822 ـ 1883م)شارل فرانسوا دفريمري Cha r les F r ançois Def r éme r y مستشرق فرنسي. ولد في كامبري (Camb r ai) وتتلمذ بالعربية لكوسان دي برسفال, وخلفه بالتدريس في «كوليج دي فرانس» سنة 1868م, ثم اعتزل العمل لضعف صحته. وهو أول من نشر «رحلة ابن بطوطة» سنة 1853 ـ 1859 مع ترجمتها إلى الفرنسية, وساعده فيها المستشرق الإيطالي سنجينتي (B. صلى الله عليه وسلم Sanguinette) وله بالفرنسية «تاريخ الشرق» جزآن, و «تاريخ الدول الإسلامية في خوارزم وتركستان» و «الإسماعيليون في سورية» وكتب أخرى.
62-دي لاغْرانْج
(1204 ـ 1275 هـ = 1790 ـ 1859 م) غرانجريه دي لا غرانج G r ange r et de la G r ange: مستشرق فرنسي, من تلاميذ سلفستر دي ساسي, أقامته حكومته مصححاً للمطبوعات الشرقية في مطبعتها العمومية, فأميناً للمكتبة الوطنية وتولى رئاسة تحرير المجلة الاَسيوية 34 سنة. له كتاب في « تاريخ العرب الأندلسي ـ ط» بالإفرنسية وكتاب « نخب الأزهار في منتخب الأشعار وأزكى الرياحين من أسنى الدواوين ـ ط» بالعربية ومعه ترجمة إلى الفرنسية.
63-دُوكَا(1240 ـ 1311 هـ = 1824 ـ 1894 م) غستاف دوكا Gustave Dugat: مستشرق فرنسي. كان من مدرسي اللغات الشرقية في باريس. له جزآن صغيران, بالفرنسية, في تراجم بعض المستشرقين. وله, بالفرنسية أيضاً, مقالات عن جغرافية البلاد الإسلامية, وكتاب في « تاريخ فلاسفة المسلمين وفقهائهم» وترجم عن العربية « تنبيه الغافل» للأمير عبد القادر الجزائري.
64-دَمْباي(1169 ـ 1225 هـ = 1756 ـ 1810 م) فرانتزفون دومباي F r anz von Dombay مستشرق نمسوي. مولده ووفاته في فينة. تعلم في الأكاديمية الشرقية. وقام بمهمات لحكومته, منها تمثيل مملكة النمسا لدى سلطان المغرب الأقصى سنة 1782 م, ثم كان ترجماناً للقيصر, إلى أن توفي. صنف بالألمانية « فلسفة العرب والفرس والترك ـ ط» و« اللهجة العربية المغربية ـ ط» و« تاريخ الأشراف أو سلاطين المغرب ـ ط» ونشر بالعربية «اص الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس» لابن أبي زرع.(25/180)
65-بُوهْل(1266 ـ 1351 هـ = 1850 ـ 1932 م) فرانتس بوهل (بول) F r antz Buhl: مستشرق دانمركي. من أعضاء المجمع العلمي العربي. ولد وتوفي في كوبنهاغن. كان أستاذ اللغات الساميّة في جامعتها. كتب في دائرة المعارف الإسلامية فصولاً في تراجم بعض أعلام المسلمين. وله كتاب في « جغرافية فلسطين القديمة» باللغتين الدانمركية والألمانية, وكتاب « حياة محمد» كتبه باللغة الدانمركية, وتُرجم إلى الألمانية. وكان غزير العلم بأدب الجاهلية العربية وتاريخها.
66-فَبْكِه(1241 ـ 1280 هـ = 1826 ـ 1864 م) فرانْتْس فبكه F r antz Woepcke: مستشرق ألماني, عني بدرس الكتب الرياضية العربية. ولد في « ديساو» وتعلم في برلين. وسكن باريس. وقرأ العربية على فريتاخ, في «بون» ونشر في المجلات العلمية الفرنسية والألمانية والإيطالية أكثر من خمسين مقالة, في الفنون الرياضية عند العرب. ونشر بالعربية « براهين الجبر والمقابلة» لابن الخيام و« الفخري في الجبر والمقابلة» للكرخي.
67-بُورْغاد(1221 ـ 1283 هـ = 1806 ـ 1866 م) فرانسوا بورغاد F r ançios Bou r gade: مستشرق فرنسي. من المبشرين اليسوعيين. انتقل من باريس إلى الجزائر سنة 1838 م, ثم إلى تونس سنة 1840 م, وأنشأ بها مطبعة. له بالعربية والفرنسية « مسامرة قرطاجنة ـ ط» وهي مناظرة جعلها بين قاض ومفت وراهب. ونشر بالعربية نبذاً من « قلائد العقيان» للفتح بن خاقان, وجزءاً من قصة عنترة.
68-شتَيْنْجَاس(1240 ـ 1321 هـ = 1825 ـ 1903 م) فرنسس جوزف شتينجاس F r ancis Joseph Steingass: مستشرق ألماني الأصل. ولد في فرانكفورت, وتخرج « دكتوراً» في الفلسفة بجامعة ميونيخ. وانتقل إلى إنجلترة حوالي سنة 1870 م, فكان أستاذ اللغات الحية في بيرمنجهام, وألقى محاضرات عن اللغة العربية والاَداب والحقوق, في المعهد الشرقي. ونقل إلى الإنجليزية جزءاً من « مقامات الحريري» وكتب عن تاريخ الخطوط والكتابات السامية. ونشر كتباً, منها « قاموس عربي إنكليزي ـ ط» وكان يحسن 14 لغة, منها العربية والفارسية والسنسكريتية.
69-كُودِيرا(1252 ـ 1336 = 1836 ـ 1917 م)
فرنسسكو كوديرا زيدين F r aciscus Code r a Zaydin: مستشرق إسباني, من كبارهم. من عائلة يقال إنها عربية الأصل. سمىَ نفسه بالعربية « الشيخ فرنسشكه قدارة زيدين» وسماه الأمير شكيب « قُديرة» وقال: إليه يرجع الفضل في تجديد العناية بالعربية في إسبانية. ولد في قرية فونز (Fonz) بأرجون (A r agon) وكان أستاذاً ما للعربية في جامعة مدريد, ومن أعضاء المجمع الملكي الإسباني للتاريخ, والجمعية الاَسيوية (الفرنسية). ورحل إلىَ تونس و مراكش و الجزائر, باحثاً عن المخطوطات العربية, فاقتنىَ عدداً كبيراً منها ما زال محفوظاً في خزانة المجمع بمدريد. وجمع كثيراً من النقود العربية الإسبانية القديمة, ووصفها في كتاب كبير, بلغته. وأجل أعماله تعاونه مع تلميذه وزميله خليان ربيرة (السابقة ترجمته) علىَ نشر مجموعة « المكتبة العربية الإسبانية» وتعرف بالمكتبة الأندلسية, وهي «الصلة» لابن بشكوال, و «التكملة» لابن الأبار, و «المعجم» في أصحاب الصدفي, لابن الأبار, و «بغية الملتمس» لابن عميرة, و «علماء الأنلدس» لابن الفرضي, و «فهرست» ما رواه ابن خليفة عن شيوخه. وأضاف إليها «فهارس للأعلام الواردة فيها جميعاً في جزء مستقل.(25/181)
70-كْرِنْكُو(1289 ـ 1372 هـ = 1872 ـ 1953 م) فريتس كرنكو F r eitz K r enkow: مستشرق ألماني, من أعضاء المجمع العلمي العربي. كان يسمي نفسه بالعربية «سالم كرنكو» وجاء في مقدمة «الدرر الكامنة» المطبوع في حيدر أباد الدكن: «قال الدكتور الفاضل سالم الكرنكوي الألماني مصحح الكتاب الخ» ومعنى «فريتس» بالألمانية «سالم». ولد في قرية شونبرج Schoenbe r g بشمالي ألمانيا, وتعلم الإنجليزية والفرنسية واللاتينية واليونانية ثم الفارسية والعربية والتركية والعبرية والاَرامية. وتعرّف بفتاة إنجليزية في برلين, فانتقل إلى لندن من أجلها, وتزوج بها. واتفق مع «دائرة المعارف» في حيد آباد الدكن (بالهند) على أن يتولى تحقيق بعض المخطوطات العربية ويعلق عليها بما يبدو له. فكان مما تهيأ له تحقيقه قبل الطبع, أو الوقوف على طبعه: « حماسة بن الشجري» و« ديوان طفيل الغنوي» و« ديوان عمرو بن كلثوم» و« ديوان الطرماح بن حكيم» و« الجمهرة» في اللغة, لابن دريد, و« تنقيح المناظر» للشيرازي, و« الجماهر» للبيروني, و« التيجان» في تواريخ ملوك حمير, و« الدرر الكامنة» لابن حجر العسقلاني, و« المنتظم» لابن الجوزي, و« المؤتلف والمختلف» للاَمدي, و« المجتني» لابن دريد, و« معاني الشعر الكبير» لابن قتيبة, و« أخبار النحويين البصريين» للسيرافي, و« الأفعال» لابن القطاع, و« تفسير ثلاثين سورة» لابن خالويه, و« الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم. وانتدبته جامعة «عليكر» بالهند لتدريس العربية فيها, فأمضى نحو سنتين. وعاد إلى لندن, فاستقر في «كمبردج» إلى أن توفي. قال كرد علي (في مجلة المجمع): «أحبّ الأستاذ كرنكو العرب والإسلام محبة لا ترجى إلا من العريق فيهما, يتعصب للعرب على سائر أمم الإسلام, من الفرس والترك والهند, ويعتقد ـ كما كتب لي في 23 آذار, مارس, سنة 1935 ـ أن زوال الدولة العربية, أي خلافة بني أمية, وانتقال مركز الإسلام من دمشق إلى العراق, وظهور الفرس على العرب, كان أول سبب للحيلولة دون انتشار الإسلام في الأمم النازلة في الشمال الغربي, أوروبا». وقال كاظم الدجيلي ـ وكان صديقاً حميماً له ـ يؤبنه: «كان كرينكو غزير العلم, واسع الإطلاع, صادق القول, أبيّ النفس, بهيّ الطلعة, محباً للشرقيين عامة والمسلمين خاصة, ولا أدري ما تمّ في أمر خزانته التي تحوي آلاف الكتب الثمينة النادرة من مخطوطات ومطبوعات إذ في ضياعها وتفرقها خسارة للاَداب العربية والإسلامية».
71-دِيتْرِيشي(1236 ـ 1321 هـ = 1821 ـ 1903 م) فريدريش ديتريشي F r ied r ich Diet r ici: مستشرق ألماني, مولده ووفاته ببرلين. زار مصر وبعض البلاد الشرقية الأخرى وعاد إلى وطنه فعين أستاذاً للعربية في برلين. ونشره « ألفية ابن مالك» و« شَرْح ديوان المتنبي» للواحدي, ووضع له فهارس. و« الثمرة المرضية في بعض الرسالات الفارابية» و« خلاصة الوفا باختصار رسائل إخوان الصفا» و« نخبة من يتيمة الدهر» للثعالبي. وترجم عن العربية مقولات أرسطو.
72-شُولْتِس(000 ـ 1340 هـ = 000 ـ 1922 م) فريدريش شولتش F r ied r ich Schultes: مستشرق سويسري. كان أستاذاً في جامعة بال بسويسرة . ومما نشره « ديوان أمية بن أبي الصلت» جمعه من المقاطيع المبثوثة في كتب الأدب.
73-مَكْس مُولَر(1239 ـ 1318 هـ = 1823 ـ 1900 م) فريدريش مَكْس (أو مكسيمليان) مولر F r ied r ich Max Mulle صلى الله عليه وسلم مستشرق ألماني, قضى زمناً في إنجلترة وتجنس بالجنسية الإنجليزية. ولد في ديساو (Dessau) بألمانيا, وتعلم بها ثم في ليبسيك وبرلين وباريس. وأحسن العربية والسنسكريتية والعبرية. وهو ابن الشاعر الألماني فيلهلم مولر (1794 ـ 1827 م) وانصرف اهتمامه إلى دراسة علم اللغات والمقارنة بين الأديان. وأكثر اشتغاله بالدراسات الهندية. وله بحث في « أصل اللغة العربية وكيف تفرعت عنها لغتا إفريقية والحبشة» وآخر في « أصل الحاء والغين في العربية» وأول ما اشتهر به ترجمة كتاب « الهيتوباديسا» من كتب الهند, سنة 1843 م, وانتقل إلى انجلترة سنة 1846 م, فأرسلته شركة الهند الشرقية إلى الهند في مهمة علمية. وعاد فسكن أكسفورد سنة 1848 م, وعين أستاذاً للغات الأوروبية في جامعتها سنة 1850 م, وألف « التاريخ القديم للأدب السنسكريتي» بالإنجليزية سنة 1859 م, وعين أستاذاً لعلم المقارنة بين اللغات سنة 1868 م, وابتدأ سنة 1875 م, بنشر « كتب الشرق المقدسة» مستعيناً ببعض كبار العلماء, كل في موضوعه, فأصدر 51 جزءاً. وألقى محاضرات في أصول الأديان وتكوينها سنة 1878 م, وألّف سنة 1883 م, كتاب « ماذا تستطيع أن تعلمنا الهند» بالإنجليزية. وتولى رياسة مؤتمر المستشرقين سنة 1892 م, وكان مرجعاً للأدب الهندي في جامعة أكسفورد سنة 1877 ـ 1898 م, وتوفي بأكسفورد.(25/182)
74-رُوزَن(1265 ـ 1325 هـ = 1849 ـ 1908 م) فكتور رومانوفتش, المعروف بـ البارون فون روزن Victo r Romanoviche r osen: مستشرق روسي. أخذ العربية عن «فليشر» في ليبسيك, وتولى تدريسها في بطرسبورج (لننجراد) وتوفي فيها. نشر « منتخبات مدرسية» عربية مع ترجمتها إلى الروسية, وقسماً من « ذيل التاريخ» ليحيى بن سعيد الأنطاكي. وشارك في الوقوف على طبع تاريخ الطبري في ليدن مع «دي خويه» وآخرين. وتتلمذ له كثيرون من مستشرقي الروس.
75-شُوفان(000 ـ 1331 هـ = 000 ـ 1913 م) فكتور شوفان Victo r Chauvin: مستشرق بلجيكي. كان أستاذ اللغة العربية في جامعة لوفان (Louvain) له بالفرنسية « معجم الكتب العربية أو التي تبحث عن العرب ـ ط» إثنا عشر جزءاً.
76-آلْفَرت(1243 ـ 1327 هـ = 1828 ـ 1909) فلهلم آلفَرْت Wilhelm Ahlwa r dt: مستشرق ألماني. كان يسمي نفسه بالعربية « وليم بن الورد البروسي» مولده ووفاته في جريفسفالت G r eifswald بألمانيا. قام برحلات متعددة, وقضى حياته في درس «الشرقيّات» ولا سيما العربية. أعظم آثاره « فهرس مخطوطات المكتبة الملكية في برلين» عشرة مجلدات باللغة الألمانية. ومما نشره بالعربية وعلّق عليه « العقد الثمين في دواوين الشعراء الستة الجاهليين» و« ديوان أبي نواس» والجزء الحادي عشر من « أنساب الأشراف وأخبارهم» و« مجموع أشعار العرب» ثلاثة أجزاء.
77-سبْيتّا(1233 ـ 1300 هـ = 1818 ـ 1883 م) فلهلم سبيتا Willhelm Spitta: مستشرق ألماني. أقامَ مدة بمصر. له كتاب في « لهجات المصريين العامية» ورسالة عن أبي الحسن «الأشعري» ومذهبه, كلاهما بالألمانية.
78-نِيبُور(1145 ـ 1230 هـ = 1733 ـ 1815 م) كارستن نيبور Ca r sten Niebuh صلى الله عليه وسلم مستشرق رحّالة. دنمركي الأصل, ألماني المولد والمنشأ. أرسلته حكومة الدنمرك في رحلة إلىَ مصر و اليمن سنة 1761 مع بعثة, ومات جميع أعضائها في خلال الرحلة, وبقي هو منفرداً, فمرّ بمسقط و بغداد و الموصل, وعاد إلىَ بلاده عن طريق الاَستانة, سنة 1767 وصنف بالألمانية كتاباً في « وصف بلاد العرب» طبع في كوبنهاجن (1772) و « رحلة البلاد العربية وما جاورها» في مجلدين (1774 ـ 1778) أتبعهما بملحق طبع سنة 1837 وعين بعد رجوعه إلىَ الدنمرك مهندساً في أركان الحرب ثم مستشاراً حقوقياً في ملدوف (سنة 1808) ومات بها.
79-سَخَاوْ(1261 ـ 1349 هـ = 1845 ـ 1930 م) كارْل إدورد سخاو Ka r l Edwa r d Sachau: مستشرق ألماني. تعلم العربية في بلاده, وعُين سنة 1869 أستاذاً للغات السامية في جامعة فينّة, وفي سنة 1876 أستاذاً للغات الشرقية في برلين. ساح في الشام و العراق, ونشر كتاباً بالألمانية عن رحلاته وأنشأ المدرسة الشرقية ببرلين. ومما نشره بالعربية « الآثار الباقية عن القرون الخالية» و « تحقيق ما للهند من مقولة» كلاهما للبيروني, وأربعة مجلدات من « طبقات ابن سعد» وأكمله غيره, و « المعرّب من الكلام الأعجمي» للجواليقي.
80-بروكلمن(1275 ـ 1375 هـ = 1868 ـ 1956 م) كارل بروكلمن Ca r l B r ockelmann مستشرق ألماني عالم بتاريخ الأدب العربي. ولد في ا روستوك (بألمانيا ونال شهادة « الدكتوراه» في الفلسفة واللاهوت. وأخذ العربية واللغات السامية عن « نولدكه» وآخرين. ودرّس في عدّة جامعات ألمانية وكانت ذاكرته قوية يكاد يحفظ كل ما يقرأ. ودرّس العربية في معهد اللغات الشرقية ببرلين (1900) وتنقل في التدريس. وتقاعد سنة 35 وعمل في الجامعة متعاقداً سنة 37, ثم كان (ستلا 45) أميناً لمكتبة الجمعية الألمانية للمستشرقين. وأمضى أعوامه الأخيرة في مدينةهالة (Halle) وكان من أعضاء المجمع العلمي العربي وكثير من المجامع والجمعيات العلمية في ألمانيا وغيرها. وصنف بالألمانية Geschichte de r A r abischen تاريخ الأدب العربي, في مجلدين. وأتبعهما بملحق Supplementband في ثلاثة مجلدات. وكلفته جامعة الدول العربية, أن يُدخل الملحق في الأصل, وينقلهما إلىَ العربية فباشر ذلك وترجم نحو ثلاثين ورقة, ترجمة متقنة ما زالت محفوظة بخطه العربي الجميل, في خزانة الأمانة العامة بجامعة الدول بالقاهرة. وشُغلت الجامعة عنه, ومرض, فوقف عن الاِتمام. وقام بالترجمة ابتداءً من أول الكتاب عبد الحليم النجار, فتوفي أيضاً قبل إتمامه, وقد صدر منه ثلاثة أجزاء. ولبروكلمان « تاريخ الشعوب الإسلامية» ترجم إلىَ العربية في بيروت وطبع بها في خمسة أجزاء صغيرة, و « فهرسان لخزانتي برسلاو وهامبورغ» يعرّفان بمخطوطاتهما العربية, وكتاب في « نحو اللغة العربية» بالألمانية, و « معجم للغة السريانية» و « قواعد السريانية» و « ترجمة ديوان لغات الترك» للكاشغري, إلىَ الألمانية وكلها مطبوعة. ومما نشر بالعربية قسم كبير من « عيون الأخبار» لابن قتيبة, ورسالة « تلقيح فهوم أهل الاَثار» لابن الجوزي, وجزء من « طبقات ابن سعد» ورسالة « ما تلحن فيه العوام» للكسائي.(25/183)
81-فلّرْس(1273 ـ 1327 هـ = 1857 ـ 1909 م) كارل فلّرس Ka r l Volle r s: مستشرقي ألماني. تولىَ إدارة المكتبة الخديوية (دار الكتب المصرية) مدة. وكان من أساتذة جامعة ينا Jèna نشر بالعربية ديوان « المتلمس» مع ترجمة له ألمانية. وكتب بالألمانية « العربية العاميّة عند قدماء العرب» و « اللهجة العربية في مصر» ووصف « المخطوطات الشرقية التي بمكتبة ليبسيك» في مجلد ضخم.
82-سِتّرْسْتِين(1283 ـ 1372 هـ = 1866 ـ 1953 م) كارل فلهلم سترستين Ka r l Vilhelm Zette r steèn: مستشرق سويدي, من العلماء. من أعضاء جمعيات علمية كثيرة, منها المجمع العلمي العربي. ولد في أورسة (O r sa) بالسويد. وتخرّج « دكتوراً» في الفلسفة بجامعة أوبسالة سنة 1895 وعين فيها أستاذاً للغات السامية. وقام برحلات متعددة. وزار مصر و الشام و تونس أكثر من مرة. وتولىَ تحرير مجلة « العالم الشرقي» وحضر عدة مؤتمرات للمستشرقين. وكتب فصولاً في « دائرة المعارف الإسلامية» وترجم « القرآن» إلىَ اللغة السويدية سنة 1917 وصنّف بلغته كتاب « اللغات الشرقية ـ ط» و « تاريخ حياة محمد ـ ط» و « سياحة في شرق بلاد الفرس ـ ط» ومن أهم ما حققه ونشره بالعربية « تهذيب اللغة» للأزهري, والجزآن الخامس والسادس من « طبقات ابن سعد» و « الأصحاب» للأشرف الرسولي, و « شمس العلوم» لنشوان الحميري, نشر منه جزأين وعهد إلىَ الأستاذ «س. ديدرينغ» بإتمامه, و « تاريخ لسلاطين مصر والشام» لم يعرف مصنفه, و « معارجو الأنوار النبوية من صحاح الأخبار المصطفوية» و « ألفية ابن مُعط الزواوي» في النحو, وغير ذلك. وكان يمضي مقالاته أحياناً باسم «عبد الرحمن» وعلىَ الأكثر بحروف اسمه الثلاثة K.V.Z أما اسم أبيه فهو «آلكسندر موريس سترستن».
83-تُورْنْبِرْج(1222 ـ 1294 هـ = 1807 ـ 1877 م) كال يوهن تورنبرج Ka r l Johan To r nbe r g: أعلم مستشرقي في السويد في عصره. من تلاميذ سلفستر دي ساسي. ولد في « لينكوبينج» مركز مقاطعة «استروجوتي» وأحرز شهادة « دكتور» في الفلسفة سنة 1833 وشهادة بالأدب العربي سنة 1835 وانتقل إلىَ باريس فأقام سنتين, وعاد إلىَ وطنه فعلّم العربية في أوبسالة. مما نشر بالعربية « الأنيس المطرب» للفاسي, مع ترجمة لاتينية, و « الكامل لابن الأثير» في 14 مجلداً, ختمها بتعليقات وفهارس, و « خريدة العجائب» لابن الوردي في خمسة أجزاء.
84-نَلّينُو(1288 ـ 1357 هـ = 1872 ـ 1938 م) كارلو ألفونسو نلينو Ca r lo Alfonso Nallino الإيطالي: مستشرق, من كبارهم. كان غزير العلم بالجغرافية والفلك عند العرب, عارفاً بالإسلام ومذاهبه, كثير التتبع لتاريخ اليمن القديم وخطوطه ولهجاته. ولد في تورينو To r ino ونشأ وتلقىَ دروسه الأولية ومبادىء العربية والعبرية والسريانية في مدينة أوديني Udine واستكمل دراسته في جامعة «تورينو» وأرسلته حكومته إلىَ القاهرة سنة 1893 فأقام نحو ستة أشهر, وعاد فنشر كتاباً بالإيطالية عن « اللهجة المصرية» و درّس العربية في المعهد الشرقي بنابولي سنة 1894 ـ 1902 ودعي إلىَ مصر سنة 1909 فألقىَ في جامعتها محاضرات بالعربية جُمعت خلاصاتها في كتاب سمي « علم الفلك, تاريخه عند العرب في القرون الوسطىَ ـ ط» أربعة أجزاء في مجلد واحد. ولما احتلت إيطاليا طرابلس الغرب عين مديراً للجنة « تنظيم المحفوظات العثمانية» بوزارة المستعمرات في رومة, وعهد إليه بتدريس «تاريخ الإسلام» في جامعتها سنة 1915 وتولىَ الإشراف علىَ مجلة « الدراسات الشرقية» ثم مجلة « الشرق الحديث» وكلتاهما بالإيطالية. ودرّس « تاريخ اليمن» في كلية الاَداب بمصر, في شتاء أربعة أعوام 1927 ـ 1931 وكان من أعضاء المجمع العلمي الإيطالي (Accademia d'Italia) (سنة 1932) و المجمع اللغوي بمصر (سنة 1933) له كتب وأبحاث كثيرة, بالإيطالية. ليس هنا مجال ذكرها. أمّا آثاره العربية غير محاضراته في علم الفلك, فهي: « تاريخ الآداب العربية ـ خ» مهيأ للطبع بمصر, ومقالات نشرت في المجلات العربية, منها « روّاد اليمن الأوربيين» نشرت في المجلد الثالث من مجلة الزهراء بمصر, في نحو عشرين صفحة. ونشر من كتب العرب « زيج الصابي» مع ترجمته إلىَ اللاتينية.
85-كونتي رُوسّيني(1289 ـ 1368 هـ = 1872 ـ 1949 م)كارلو كونتي روسيني (Ca r lo Conti r ossini) مستشرق إيطالي, من مدرسي المعهد الشرقي بجامعة رومة و الجامعة المصرية. أتقن اللغتين الحبشية والقحطانية. وتابع في أبحاثه المستشرق الألماني «جلازر» فأقام اتصالاً في اللغة والاَثار بين الحبشة واليمن قبل الميلاد, ونشر سنة 1931 « مختارات» مفيدة من نقوش اللغة العربية الجنوبية. وكتب عن سبأ وما كان بين الأحباش وبلاد العرب.وتعد كتبه ودراساته من المصادر التي يرجع إليها في موضوعها.(25/184)
86-لَنْدْبِرْج(000 ـ 1343 هـ = 000 ـ 1924 م) كارلو لندبرج Ca r lo Land»Be r g: مستشرق سويدي, يحمل لقب « كونت» قام برحلات إلىَ بلاد العرب, ومكث فيها أعواماً, ليتعلم العربية وآدابها. ثم جعل إقامته في باريس. مما نشره بالعربية « الفتح القيسي في الفتح القدسي» للعماد الأصفهاني, و « طرف عربية» تشتمل علىَ رسالة التنبيه علىَ غلط الجاهل والنبيه, لابن كمال باشا, و لعب العرب بالميسر في الجاهلية, للبقاعي, و نشوة الارتياح في بيان حقيقة الميسر والقداح, للزبيدي, و ديوان أبي محجن الثقفي وشرحه, لأبي هلال العسكري, و معلقة زهير ابن أبي سلمىَ وشرحها, للأعلم الشنتمري. ومن تآليفه بالعربية « فهرست المخطوطات العربية المحفوظة في مكتبة بريل والمشتراة من الشيخ أمين المدني ـ ط» و « أمثال أهل بر الشام ـ ط» و « المغرب المطرب ـ ط» حكايات ترجمها عن الفرنسية.
87-دي مِينَار(1241 ـ 1326 هـ = 1826 ـ 1908 م) كازيمير أدريان باربييه دي مينار Casimi r Ad r ien Ba r bie r de Meyna r d: مستشرق فرنسي. ولد علىَ باخرة كانت أمه عائدة عليها من الاَستانة إلىَ مرسيلية. وتعلم بباريس. وعين في القنصلية الفرنسية بالقدس, ثم بطهران, فالاَستانة. كان يحسن العربية والفارسية والتركية. و درّس التركية في مدرسة اللغات الشرقية بباريس, ثم العربية في « كليج دي فرانس», وانتدب لإدارة المجلة الاَسيوية Jou r nal Asiatique وتوفي بباريس. ترجم إلىَ الفرنسية « مروج الذهب» للمسعودي, وطبع الترجمة مع الأصل العربي في تسعة أجزاء ساعده في بعضها «بافه دي كورتي» Bavet de Cou r teille ونشر بالعربية «منتخبات» من «الروضتين» لأبي شامة. وكتب فصولاً بالفرنسية عن « الأسماء والكنىَ عند العرب» و « السيد الحميري» و « محمد الشيباني» والسلطانيين «نور الدين, وصلاح الدين» و «إبراهيم ابن المهدي» وغير ذلك. ونشر بالفرنسية ما يختص ببلاد فارس من « معجم البلدان» لياقوت. وله بالعربية رسالة في « الأخلاق والفلسفة».
88-سْنُوكْ هُرْخْرُونْيَه(1273 ـ 1355 هـ = 1857 ـ 1936 م) كرستيان سنوك هرخونيه Ch r istian Snouck Hu r g r onje: مستشرق هولندي. ولد في أسترهوت, وتعلم بليدن وستراسبورج. وأقام في «جدة» بالحجاز (سنة 1884) سبعة أشهر, ويقول إنه دخل مكة متسمياً بعبد الغفار, ومكث بها, في «سوق الليل» خمسة أشهر, واضطر إلى مغادرتها فجأة قبل حلول موسم الحج, لانكشاف أمره بكلمات فاه بها وكيل قنصل فرنسة بجدة في بعض المجالس. ورحء إلى بلاد الجاوي, فأقام 17 سنة. وعين (سنة 1906) أستاذاً للعربية في جامعة ليدن, خلفاً لدى خويه. ثم كان مستشاراً في الأمور الإسلامية والعربية, بوزارة المستعمرات الهولندية. له عدة كتب, بالألمانية, عن الإسلام والمسلمين, أشهرها كتابه عن « مكة في القرن التاسع عشر», في مجلدين, نشره سنة 1889 ومجموعة في ستة مجلدات, طبعها سنة 1923 ـ 1927 في « الإسلام وتاريخه» و« الشريعة الإسلامية» و« بلاد العرب وتركيا» و« الإسلام في المهاجر الهولندية» و« اللغة والأدب» و«ملاحظات في الكتب» ذكر فيه بعض المخطوطات وتواريخ كتابتها, و« فهارس الأجزاء المتقدمة».
89-سَيْبُولْد(1275 ـ 1340 هـ = 1859 ـ 1921 م) كرستيان فريدريش سيبولد Ch r istian F r ied r ich Seybold: مستشرق ألماني. تعلم في جامعة توبنجن, واختاره ملك البرازيل «بدرو الثاني» لتعليمه اللغات الشرقية. وكان يحسن منها العربية والعبرية والسريانية والفارسية. ونشر كتباً عربية, منها « النقط والدوائر» من كتب الدروز الدينية, و« أسرار العربية» لابن الأنباري, و« المنى في الكنى» لابن الأنباري, و« الشماريخ في علم التاريخ» للسيوطي, و« تاريخ بطاركة الإسكندرية» للأنبا ساويرس ابن المقفع. وساعد جويدي في وضع الفهارس لكتاب «الأغاني» وتوفي بمدينة توبنجن
90-الدكتور فَنْدَيْك(1233 ـ 1313 هـ = 1818 ـ 1895 م) كرنيليوس فنديك Co r nelius Van Dyck طبيب عالم. هولندي الأصل. أميركي المولد والمنشأ, مستعرب. ولد في قرية من أعمال نيويورك, وتعلم الطب والصيدلة بمدرسة جفرسن ( في فيلادلفيا) وأرسله مجمع المرسلين الأميركيين, للتبشير الديني في سورية, وهو في الحادية والعشرين من عمره, فقدم بيروت سنة 1840 وحذق العربية كل الحذق, وحفظ كثيراً من أشعارها وأمثالها ومفرداتها وتاريخها. وأنشأ مع بطرس البستاني مدرسة في عبية (بلبنان) وتنقل في الإقامة بين القدس ولبنان وصيدا. و تولى التعليم في الكلية الأمريكية ببيروت, ويعد من مؤسسيها. واختلف مع بوست في لغة التعليم بها: بوست يصرّ على الإنجليزية, وهو يريد العربية¹ ونجح بوست فخرج فنديك مستقيلاً سنة 1882 وتوفي في بيروت. له نحو خمسة وعشرين مصنفاً عربياً, أشهرها « المرآة الوضية في الكرة الأرضية ـ ط» و« النقش في الحجر ـ ط» ثمانية أجزاء, و« أصول علم الهيئة ـ ط» و« التشخيص الطبيعي ـ ط» و« الروضة الزهرية في الأصول الجبرية ـ ط» و« الأصول الهندسية ـ ط» و« أصول الكيمياء ـ ط» و« طب العين ـ ط» ونشر إبحاثاً من كتاب « تاريخ الأطباء» له, في المقتطف.(25/185)
91-هُوارْتْ(1270 ـ 1345 هـ = 1854 ـ 1927 م) كليمان هوارت Clément Hua r t: باحث مستشرق فرنسي, من أعضاء المجمع العلمي العربي, و المجمع العلمي الفرنسي, والجمعية الاَسيوية. ولد بباريس, وتعلم بمدرسة اللغات الشرقية فيها, وتكلم العربية الجزائرية العامية في طفولته. وعين ترجماناً للقنصلية الفرنسية بدمشق سنة 1875 وبالاَستانة سنة 1878 وعاد إلى باريس سنة 1898 وهو يحسن العربية والتركية والفارسية, فكان ترجماناً في وزارة الخارجية. ومثل حكومته في مؤتمري المستشرقين بالجزائر سنة 1905 وفي كوبنهاجن 1908 وألّف عدة كتب بالفرنسية في تاريخ بغداد, والاَداب العربية, والخطاطين والنقاشين والمصورين في الشرق الإسلامي, وقدماء الفرس والحضارة الإيرانية. ونشر بالعربية « مقامات ابن ناقيا» وديوان « سلامة بن جندل» و« البدء والتاريخ» لابن المطهر, مع ترجمته إلى الفرنسية, في ستة مجلدات.
92-باسكوال(1224 ـ 1315 هـ = 1809 ـ 1897 م) كيّانجوس, دون باسكوال Gayangos, Don Pasc. y. A r ce: مستشرق إسباني. من العلماء. كان أستاذ العربية في مدريد. ولد بأشبيلية. وسكن لندن, وصنف فيها تآليف مختلفة اشتهر منها تاريخه للدول الإسلامية في إسبانية, و ترجمته لكتاب المقري «نفح الطيب» في مجلدين ضخمين. ووصف آثار قصر الحمراء وكتاباتها. وتوفي بلندن.
93-بْرِنْيِيه(1229 ـ 1286 هـ = 1814 ـ 1869 م) لوي (لويس) جاك برنييه Louis Jacques B r esnie صلى الله عليه وسلم مستشرق فرنسي من تلاميذ دي ساسي. نشأ عاملاً بسيطاً. وخصّ ليله لدراسة اللغات الشرقية, فرشحه دي ساسي للعمل في إفريقية الشمالية, فقصد الجزائر سنة 1836 وأقام يعلّم العربية في حاضرتها 33 سنة. وبها توفي له « شرح أصول العربية ـ ط» صرف ونحو وعروض ومختارات عربية مختلفة نشرها نع ترجمتها إلىَ الفرنسية.
94-سِيدِيّو(1223 ـ 1292 هـ = 1808 ـ 1875 م) لوي (لويس) بيير أوجين أميلي سيديو Louis Pie r re, Eugène, Amèlie Sèdillot مستشرق فرنسي. مولده ووفاته بباريس. كان أبوه (جان جاك إمانويل سيديو, المتوفي سنة 1832) فلكياً من المستشرقين أيضاً. أخذ عنه صاحب الترجمة بعض اللغات الشرقية. وتخرّج بكلية هنري الرابع, وعين مدرساً للتاريخ في كلية «بوربون» سنة 1823 واشتغل بعلم الفلك, وعلت شهرته. وهو صاحب كتاب «مؤHisti r e des A r abes » ألّفه بالفرنسية, وأشرف علي مبارك باشا علىَ ترجمته إلىَ العربية مهذباً, وسماه «خلاصة تاريخ العرب العام ـ ط» ومن آثار «سيديو» العربية, نشره كتاب « جامع المبادىء والغايات في الاَلات الفلكية» لأبي الحسن علي المراكشي, مع ترجمة فرنسية.
95-ماشْوِيل(000 ـ 1340 هـ = 000 ـ 1922 م) لوي (لويس) ماشويل Louis Machuel مستشرق فرنسي. كانت إقامته ووفاته في تونس. استظهر القرآن الكريم. وتولىَ إدارة مدرسة تونس مدة طويلة, وكان يعلّم العربية فيها. وصنّف لها كتباً مدرسية, منها « دليل الدارسين ـ ط» و « منتخبات تاريخية وأدبية ـ ط» و « معجم عربي فرنسي». ونشر « رحلات السندباد البحري» وعني بلهجات العامة في تونس و مراكش, ونشر بها «روايات» فكاهية.
96-ماسِنْيون(1299 ـ 1382 هـ = 1883 ـ 1962 م) لويس ماسنيون Loues Massignon: مستشرق فرنسي, من العلماء. من أعضاء المجمعين العربيين في دمشق و القاهرة. مولده ووفاته بباريس. تعلم العربية والفارسية والتركية والألمانية والإنكليزية وعني بالاَثار القديمة وأدت مشاركته في التنقيب عنها بالعراق (1907 ـ 1908) إلىَ اكتشاف «قصر الأحيضر» و درّس «تاريخ الاصطلاحات الفلسفية» بالعربية, في الجامعة المصرية القديمة (1913). واستهواه التصوف الإسلامي, فكتب عن « مصطلحات الصوفية» و « أخبار الحلاج ـ ط» ونشر « ديوان الحلاج» مع ترجمته إلىَ الفرنسية و «الطواسين» للحلاج, وتشبع بآرائه. و كتب عن «ابن سبعين» الصوفي الأندلسي وعن « سلمان الفارسي» واتجه إلىَ فكرة توحيد الديانات الكتابية الثلاث. ونشر « منتخبات من نصوص عربية خاصة بتاريخ الصوفية في الإسلام» وتولىَ تحرير « مجلة العالم الإسلامي» الفرنسية التي سميت بعد ذلك «مجلة الدراسات الإسلامية» وأصدر بالفرنسية أيضاً « حوليات العالم الإسلامي» من سنة 1923 إلىَ 1954 وكتب كثيراً في «دائرة المعارف الإسلامية» عن القرامطة والنصيرية والكندي وفلسفة ابن سينا, وأمثال ذلك. وكتب «تاريخ العلم عند العرب» في «دائرة المعارف الممتازة» التي صدرت بباريس (المجلد الأول سنة 1957) وكان من موظفي وزارة المستعمرات في شبابة, ثم « مستشاراً» لها بقية حياته. وحمدت مواقفه في قضيتي استقلال المغرب والجزائر.(25/186)
97-الاَمِير كَايْتَاني(1286 ـ 1345 هـ = 1869 ـ 1926 م) ليونة كايتاني Leone Caetani: مستشرق إيطالي مؤرخ. من أسرة يرجع تاريخها إلىَ زهاء ألف سنة. من أهل رومة, مولداً ووفاة. تعلم في جامعتها. وقام برحلات إلىَ الشرق, ولا سيما الهند و إيران و مصر و الشام. وجمع مكتبة عربية عظيمة, جعلها بعد وفاته للمكتبة الإيطالية. وكان يحسن سبع لغات, منها العربية والفارسية. ألّف بالإيطالية كتاب تاريخ الإسلام (Annalli dell'Islam) وطبع منه سنة 1905 ـ 1908 ثمانية مجلدات ضخمة محلاة بالرسوم والخرائط المفصلة, انتهىَ فيها إلىَ سنة 40 للهجرة, وكان يرجو أن يُفسح في أجله ليكمل القرن الأول للإسلام في 25 مجلداً. وكتب « جذاذات» لتراجم عدد كبير من علماء المسلمين وأدبائهم في الأندلس, جمعها المستشرق الإسباني «ربيرا» ونشر بالعربية «تجارب الأمم» لمسكويه, مصدّراً بمقدمات مفيدة ومذيلاً بفهرست ضاف.
98-هُوتْسْما (1267 ـ 1362 هـ = 1851 ـ 1943 م) مارتن تيودور هوتسما Ma r tin Theodo r Houtsma: مستشرق هولندي. ألمّ بالعربية والفارسية والتركية, ودرّسها في جامعة أوترخت. وهو من أوائل من اضطلعوا بإنشاء « دائرة المعارف الإسلامية» سنة 1906 له بالعربية « فهرست الكتب الشرقية المحفوظة في أكادمية ليدن ـ ط» الجزء السادس, و« فهرست الكتب العربية والتركية الموجودة عند بريل صاحب مكتبة ليدن ـ ط» جزآن. وعني بنشر كتب عربية, منها « تاريخ اليعقوبي» و« ديوان الأخطل» و« الأضداد» لابن الأنباري, و« زبدة النصرة ونخبة العصرة» للبنداري, اختصر به كتاب العماد الأصفهاني.
99-هارْتْمَنْ(1267 ـ 1337 هـ = 1851 ـ 1919 م) مارتن هارتمن Ma r tin Ha r tmann: مستشرق ألماني. ولد في برسلاو, وتعلم في جامعتها ثم في جامعة ليبسك. وعين في القنصلية الألمانية ببيروت, فتعلم العربية. وطالت إقامته, فكان يتكلم بها كبعض أبنائها. وعين مدرساً لها في جامعة برلين سنة 1887 وقام برحلات إلى الشرق فوضع عن كل رحلة كتاباً. له بالعربية « الصرف والنحو الألمانيان وكيفية تعلّمها من أيسر السبل ـ ط» و « قانون التجارة الألماني العام ـ ط» وكتب بالإنجليزية رسالة عن « الصحافة العربية بمصر, من عهد ظهورها إلى سنة 1899 م» وتوفي ببرلين.
100-دُوفِيك
(000 ـ 1303 هـ = 000 ـ 1886م ) مارسِيل دوفيك Ma r cel Devic: مستشرق فرنسي. نشر بالعربية كتاب « عجائب الهند» مع ترجمته إلى الفرنسية, وألحق بمعجم ليتره (Litt r é) الفرنسي جدولاً بالألفاظ الفرنسية المستعارة من اللغات الشرقية, ونقل «مقامات الحريري» إلى الفرنسية, ونشرها بها, ونشر بالفرنسية جزءاً من « قصة عنترة» العامية.
101-البَارُون دي سْلان(000 ـ 1296 هـ = 000 ـ 1879 م) ماك جوكان دي سلان Ba r on Mac - Guckin de Slane: مستشرق فرنسي, من أصل إيرلندي. تتلمذ لِدي ساسي. وعين مترجماً في وزارة الحربية. وعني بأخبار المغرب والبربر, فصنف في ذلك كتاباً كبيراً بالفرنسية. وله بالعربية « نزهة ذوي الكيس وتحفة الأدباء, في قصائد امرىء القيس أشعر الشعراء ـ ط» و « فهرست المخطوطات الشرقية الموجودة في خزانة باريس الوطنية ـ ط» ونشر « مقدمة ابن خلدون» مع ترجمة فرنسية كان قد بدأ بها كاترمير, و المجلد الأول من «وفيات الأعيان» لابن خلكان, و « منتخبات من تاريخ مصر» لابن ميسر, مع ترجمة فرنسية, في ثلاثة أجزاء. وتعاون مع رينو علىَ نشر «تقويم البلدان» لأبي الفداء.
102-فان بِرْشم(1280 ـ 1339 هـ = 1863 ـ 1921 م) ماكس فان برشم Max Van Be r chem مستشرق سويسري. مولده ووفاته في « جنيف». تعلم بها وبمدرسة اللغات الشرقية الحية بباريس, ثم بمصر. وعين أستاذاً للغات الشرقية في جامعة جنيف. اشتهر بمعرفة الكتابات العربية الأثرية. وكان أول ما بدأ به دراسة تاريخ الشرق, ثم انصرف إلىَ البحث عن الاَثار الإسلامية, وكتب في ذلك سنة 1891 يصف مختلف الفروع فيها, من معمار وزخارف وكتابات وأختام, بأنها «هي الوثائق التاريخية الدالة بأشكالها أو بمعانيها علىَ المنشود من التاريخ, بالإضافة إلىَ المخطوطات التي تمد الباحث ببعض الحقائق». جمع بمصر و الشام ما ظفر به من النقوش, ولا سيما التاريخية, وهيأ عدة مجلدات تتعلق بالقاهرة وبيت المقدس, وديار بكر, وغيرها. وشارك خليل أدهم في إخراج الجزء الأول من المجلد الخاص بآسية الصغرىَ, ونشر مخقالات في نقوش مختلف العصور والأقاليم الإسلامية, من مراكش علىَ عهد بني مرين إلىَ «شوان شو» بالصين علىَ عهد المسلمين.(25/187)
103-مِيّرهُوف(1291 ـ 1364 هـ = 1874 ـ 1945 م) ماكس ميرهوف Max Meye r hof مستشرق طبيب ألماني. زار مصر سنة 1900 م, وسكن القاهرة (1903) فانتخب نائباً لرئيس المعهد المصري والجمعية الطبية المصرية. واستمر إلىَ أن توفي بالقاهرة. نشر « الأسماء الطبية» لجالينوس, بالعربية, مع ترجمة ألمانية وشروح وتعاليق وفاية شاركه فيها الأستاذ «شخت». وكتب فصلاً في حياة حنين بن إسحاق, نشره في مقدمة لكتاب «العشر مقالات في العين» المنسوب لحنين, ص 14 ـ 66 ونشر « شرح أسماء العقار» لأبي عمران موسىَ بن عبد الله القرطبي, والقسمين الأول والثاني من «منتخب جامع المفردات لأحمد بن محمد الغافقي» انتخاب أبي الفرج ابن العبري.
104-هابِخْت(1189 ـ 1255 هـ = 1775 ـ 1839 م) ماكسيميليان (أو ماكسيميليانوس) هابخت Maximilian Habicht: مستشرق ألماني. من أهل «برسلاو» كان مدرساً للغة العربية الملكية البروسيانية فيها. قرأ العربية في باريس علىَ دي ساسي والأب رافائيل. وجمع كتاب « جنىَ الفواكه والأثمار, في جمع بعض مكاتيب الأحباب الأحرار, من عدة أمصار وأقطار ـ ط» وهو مجموع رسائل من مصر والشام ومراكش, أكثرها كُتب في أيام حروب نابليون الأول. وهو أول من طبع كتاب «ألف ليلة وليلة» في أوربا, باشر نشره سنة 1825 وطبع منه ثمانية أجزاء قبل وفاته. وله « نخبة من أمثال الميداني ـ ط».
105-مَرْكُس مُولّر(1224 ـ 1291 هـ = 1809 ـ 1874 م)مركس (ماركس) جوزيف مولّر Ma r cus Joseph Mule صلى الله عليه وسلم مستشرق ألماني. مات في ميونيخ. ألّف بالعربية « المجموعة المغربية ـ ط» وهي قطع منتخبة من عدة كتب عربية, في جزءين. ونشر « أخبار العصر في انقضاء دولة بني نصر» مع ترجمته إلى الألمانية, و« مجموعة رسائل لابن رشد» و« مقنعة السائل» للسان الدين ابن الخطيب.
106-بِتْنَر(1286 ـ 1336 هـ = 1869 ـ 1918 م)مكسيمليان بتنر Maximilian Bittne r مستشرق نمسوي. ولد في فينة. وتعلم بها في مدرسة الألسن الشرقية, ثم في الجامعة. وعُين أستاذاً للاَداب العربية في الجامعة سنة 1904 فعاون على تنظيم مكتبتها. وأثث قصره في إحدى ضواحي فينة بالرياش العربي على طريقة برغشتال, وعاش فيه عيشة عربية. وتوفي به. وكان يحسن 43 لغة (أورد يوسف جيرا أسماءها) كتب أبحاثاً في أصول العربية وآداب الجاهلية. ووضع قواعد لثلاث عشرة لغة شرقية. ومما نشره كتابا « الجلوة, ومصحف رش» في عقائد اليزيدية, بالعربية والكردية, مع ترجمة إلى الألمانية, و« أرجوزة» من ديوان العجاج.
107-اَلاَرْكُونْ(1298 ـ 1351 هـ = 1880 ـ 1933 م)مكسيميليانو أغوسطين ألاركون صانطون Maximiliano Augustin, Ala r co Santonn و مستشرق إسباني. ولد في لارودة La r oda, بالباشتا Albacete وتعلم بجامعة برشلونة. وتخصص للدروس العربية من سنة 1904 وقدم أطروحة «الدكتوراه» في مدريد (1920) وكان مدرساً للعربية في المدرسة التجارية بمالقة (1911) وفي برشلونة (12) وجامعة غرناطة (22) وسلمنك (23) وأستاذاً للعبرية في برشلونه (27) ثم للعربية في جامعة مدريد (32) وأوجد دراسة اللهجات الإسبانية العربية والمراكشية. وصنف « النصوص العربية والأعجمية العامية في مدينة العرائش ـ ط» ونشر « سراج الملوك للطرطوشي ـ ط» بالعربية مع ترجمة إسبانية. وتعاون مع بعض زملائه في وضع « فهرس المخطوطات العربية والأعجمية في مكتبة جمعية الأبحاث في مدريد ـ ط» و« الوثائق العربية الدبلوماسية في محفوظات مملكة آراغون ـ ط»
108-دي خُويّهْ(1252 ـ 1327 هـ = 1836 ـ 1909 م)ميخيل يوهنّا دي خوّيه Michiel Johanna de Goge: مستشرق هولندي, من أرسخ المستشرقين قدماً في الدراسات العربية. تعلم في جامعتي ليدن وأكسفورد, ودرّس في الأولى. وكان من أعضاء المجمع الشرقي في ليدن ومجامع أخرى. ونشر نفائس من الكتب العربية, منها « تاريخ الأمم والملوك» للطبري, في 18 مجلداً, وكان «كوزيغارتن» قد سبقه إلى نشر قسم منه. وأنشأ مكتبة الجغرافيين العرب, ونشر فيها « مسالك الممالك» للاصطخري, و« أحسن التقاسيم» للمقدسي, و« المسالك والممالك» لابن خرداذبة, و« المسالك والمالك» لابن حوقل, و« التنبيه والإشراف» للمسعودي, و« مختصر كتاب البلدان» للهمذاني, و« الأعلاق النفسية» لابن رستة, وجعل لها فهرساً أبجدياً عاماً. ونشر « فتوح البلدان» للبلاذري, و« ديوان مسلم بن الوليد» وغير ذلك. وتوفي في ليدن.(25/188)
109-اَماري(1221 ـ 1307 هـ = 1806 ـ 1889 م)ميكليه ع أماري Michele Ama r i: مستشرق إيطالي من رجال العلم والسياسة. ولد في بلرم بجزيرة صقلية. واشترك في جمعية سرية كانت تعمل لإخراج الأجانب من بلاده. فنُفي. وعاش في باريس ما بين سنتي 1842 و1848 فتعلم بعض اللغات الشرقية, ثم تخصص بالعربية وآدابها وتاريخها المتصل بتاريخ بلاده. ولما نشبت الثورة عاد إلى بلرم. وكان من أنصار «كافور» فقام بسفارات إلى فرنسة وأنكلترة. وعين وزيراً للمعارف. وبعد الثورة غادر البلاد ثانية إلى باريس. وعاد سنة 1859 فدرّس العربية في بيزا(Pise) ثم في جامعة فلورنسة الأمبراطورية. وترأس مؤتمر المستشرقين بفلورنسة سنة 1878 وتوفي بها. وكان لا يفتر حيث أقام: يكتب أو يترجم أو ينشر. أشهر آثاره العربية « المكتبة الصقلية ـ ط» مجلدان في تاريخ جزيرة صقلية, صدّرهما بمقدمة إيطالية. وله « الشروط والمعاهدات السياسية بين جمهوريات إيطاليا وسلاطين مصر وغيرهم ـ ط» مع ترجمة إيطالية, جزآن, و« مذكرات جديدة لمعرفة تاريخ جنوا ـ ط» مع ترجمة إيطالية, وبعض مقالات لكتبة العرب تسهيلاً لمعرفة تاريخ صقلية على عهد المسلمين ـ ط» صغير ومعه ترجمة إيطالية. وترجم إلى الفرنسية « رحلة ابن جبير» وإلى اللاتينية « سلوان المطاع» لابن ظفر. وله بالإيطالية « تاريخ العرب في صقلية» خمسة أجزاء.
110-بُورْتَر (1260 ـ 1341 هـ = 1844 ـ 1923 م) هارفي بورتر, الدكتور D r Ha r vey Po r te r مستشرق أميركي. وفد على لبنان سنة 1870 واشتغل بتدريس التاريخ. والفلسفة في الكلية الأميركية ببيروت إلى سنة 1914 وعني بالعاديّات والنقود العربية القديمة. له « المنهج القويم في التاريخ القديم ـ ط» عربي, و« قاموس إنكليزي عربي, وعربي إنكليزي ـ ط» ساعده فيه الدكتور ورتبات. وصنف بالإنكليزية تاريخاً مختصراً لبيروت.
111-سُوتِير (1264 ـ 1340 هـ = 1848 ـ 1922 م) هايَنْرِيش سُوتير (Hein r ich, Sute r ): مستشرق سويسري. تعلم وعلّم في زوريخ. وبها قرأ العربية. وعني بتراجم علماء الهيئة والرياضيات من العرب, فوضع كتاباً بالألمانية اشتمل على نيف وخمسمائة ترجمة, يُعد من المراجع الموثوق بها عند المستشرقين. أشار إليه بروكلمن عدة مرات. وله كتب أخرى وفصول في المجلات الألمانية كلها في الرياضيات وعلم الفلك عند العرب.
112-فْلاَيْشَر (1216 ـ 1305 هـ = 1801 ـ 1888 م) هاينريخ لبرْخت وفي الإغريقية اللاتينية أرطوبيوس فليشر Hein r ich lebe r cht en g r éco - latin O r thobuis, Fleische r (Schandau): مستشرق ألماني. ولد في شانداو (Schandau) وتعلم في بوتزن, ثم في ليبسيك, فباريس (1824) وبها استكمل دراسته في اللغات الشرقية. وأخذ عن دي ساسي و برسفال. وعاد إلى ألمانية (سنة 1828) فدرّس في جامعة ليبسيك نحو خمسين عاماً. له بالألمانية تآليف كثيرة, عن العرب والإسلام. ومما نشره بالعربية « تاريخ أبي الفداء» مع ترجمة ألمانية, و« فهرست المخطوطات الشرقية المحفوظة في خزانة درسدن» و« تفسير البيضاوي» و« المفصل» للزمخشري, و الجزء السادس من «النجوم الزاهرة» لابن تغري بردي, و« مراصد الاطلاع» لابن عبد الحق.
113-تُورْبِكِهْ (1253 ـ 1307 هـ = 1837 ـ 1890 م) هاينريش (بين الشين والخاء) توربكه (Hein r ich Tho r becke): مستشرق ألماني. ولد في مانهايم. وعلّم العربية سنين طويلة في هيدلبروغ, وهالّه. ونشر بالعربية « درة الغواص» للحريري, و« الملاحن» لابن دريد, و الجزء الأول من «المفضليات» و« الرسالة العامة في كلام العامة» للصباغ.
114-دِرَنْبُور(1260 ـ 1326 هـ = 1844 ـ 1908 م)هرتفيك درنبور Ha r twig De r enbou r g مستشرق فرنسي موسوي. وهو ابن جوزيف السابق ذكره. مولده ووفاته بباريس. تعلم العربية في ألمانيا. وكان قيماً على الكتب الخطية في المكتبة العامة بباريس. له معرفة بكثير من اللغات الشرقية ولا سيما الفارسية. اجتمع به صاحب «الاستطلاعات الباريسية» سنة 1889 وسماه «أرتفيك درامبورغ». له بالعربية: « وصف المخطوطات العربية الموجودة في مكتبة أسكوريال ـ ط» و« مجموع منتخبات عربية أدبية ابتدائية ـ ط» وعني بنشر كتاب «الاعتبار» لابن منقذ, و« النكت العصرية» لعمارة اليمني, وسمى نفسه فيه بالعربية «هرتويغ درنُبرغ» غير متقيد باللفظ الفرنسي. و« ديوان النابغة الذبياني» وأعاد طبع « الفخري» لابن الطقطقي. وترجم إلى الفرنسية « تاريخ الطبري» عن الفارسية.
115- هِرْمان ألمْكْوِيسْت (000 ـ 1322 هـ = 000 ـ 1904 م) هرمان ألمكويست He r mann Nap. Almquist مستشرق سويدي. كان أستاذاً للعربية في كلية أوبسالا (بالسويد) ونشر قسماً من رحلة ابن بطوطة, وكتب في « خواص الضمائر» في اللغات السامية.(25/189)
116-سُوفِير (000 ـ 1314 هـ = 000 ـ 1896 م) هنري سوفير Hen r i Sauvai r e: مستشرق فرنسي. تعلم بمدرسة اللغات الشرقية بباريس. وعين قنصلاً في بيروت, فأخذ عن أدبائها. له كتابات عن الشرق, منها « طرفة في خطط الشام ووصف أبنيتها» و« خطوط كوفية وجدت في الإسكندرية» وفصول من « ملتقى الأبحر» في فقه الحنفية, وبحث في « عيون التواريخ» لابن شاكر, وخلاصات من « الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل».
117-فِسْتِنْفِلْد (1223 ـ 1317 هـ = 1808 ـ 1899 م) هنري فردينند فستنفلد H.F. Wustenfeld مستشرق ألماني. من العلماء. ولد في مندن (Munden) بمقاطعة هانوفر. وتعلم بها ثم في برلين. وعُين أستاذاً للعربية في غوتا (Gotha) وخدم العربية خدمة عظيمة بنشره نحو مئتين من كتبها النفيسة, منها « معجم ما استعجم» للبكري, و« تهذيب الأسماء واللغات» للنووي, و« تواريخ مكة المشرفة» للأزرقي والفاكهي والفاسي وابن ظهيرة وغيرهم, و« السيرة» لابن هشام, و« تاريخ مدينة الرسول» للسمهودي, و« اللباب» في تهذيب الأنساب, و« طبقات الحفاظ» للذهبي, و« الاشتقاق» لابن دريد, و« مختلف القبائل ومؤتلفها» لابن حبيب, و«المعارف» لابن قتيبة, و« المشترك وضعاً» لياقوت, و« معجم البلدان». وكف بصره في أواخر أعوامه. ومات في هانوفر.
118-كايْ(1242 ـ 1321 هـ = 1827 ـ 1903م) هنري كسّلز كاي H Cassels KaH.: مستشرق, بلجيكي المولد, إنجليزي الإقامة. عُين مراسلاً لجريدة «التيمس» في مصر, ثم عمل في التدريس بلندن إلى أن مات. مما نشره بالعربية « أرض اليمن وتاريخها» لعمارة اليمني, مع ترجمته إلى الإنجليزية.
119- لامّنْس (1278 ـ 1356 هـ = 1862 ـ 1937 م) هنري لامنس اليسوعي H. Lammens: مستشرق, بلجيكي المولد, فرنسي الجنسية, من علماء الرهبان اليسوعيين. تعلم في «لوفان» وفي «فينّة» وتلقى علم اللاهوت في انجلترة. وكان أستاذاً للأسفار القديمة في كلية رومة. واستقر في «بيروت» فتولى إدارة جريدة « البشير» مدة, ودرّس في الكلية اليسوعية, وصنف كتباً عن العرب والإسلام, بالفرنسية, وكتباً بالعربية, منها « فرائد اللغة ـ ط» الجزء الأول منه, و« المذكرات الجغرافية في الأقطار السورية ـ ط» رسالة, و« تسريح الأبصار فيما يحتوي لبنان من الاَثار ـ ط» جزآن, و« الألفاظ الفرنسية المشتقة من العربية ـ ط» و« مختارات للترجمة من العربية إلى الفرنسية وبالعكس ـ ط» وكتب اسمه على بعض كتبه «هنريكوس لامنس». ومات في بيروت.
120-هَماكر (1203 ـ 1251 هـ = 1789 ـ 1835 م) هنرك آرنت هماكر Hen r ik A r ent Hamaka صلى الله عليه وسلم مستشرق هولندي, من البارعين في اللغات السامية. ولد في أمستردام وتخرج بليدن. ثم كان أستاذاً للعربية والسريانية والكلدنية, في جامعتها (1822) وأخذ عنه علوم الاستشراق كثيرون. وجمع مختارات من بعض المخطوطات العربية في البلدان, فألف منها كتاباً سمّاه « خلاصة أخبار المسافر والعَجْم, في معرفة بلاد عراق العُجم ـ ط» وعاون على وضع « فهرس المخطوطات العربية في مكتبة ليدن ـ ط» وعلى نشر بعض الكتب العربية.
121-شُولْتِنْز (1152 ـ 1207 هـ = 1739 ـ 1793 م) هنريك ألبرت شولتنز Hen r ik Albe r t Schultens: مستشرق هولندي, من أهل ليدن. تعلم بها العربية والعبرية. وسافر إلى أكسفورد (سنة 1772) لمراجعة بعض المخطوطات العربية, ثم إلى كمبردج, حيث نشر « أمثال الميداني» سنة 1773 وعين أستاذاً للغات الشرقية في أمستردام (بهولندة) ثم بجامعة لندن.
122- نِيبِرغْ (1306 ـ 1394 هـ = 1889 ـ 1974 م) هنريك صموئيل نيبرغ H. S. Nybe r g: من كبار المستشرقين من السويد. تخرج بجامعة أوبسالة وسمّي فيها أستاذاً للعربية (1919) فأستاذاً للّغات السامية (1931 ـ 1956) وألقى محاضرات حول «حماسة أبي تمام» وأمضىَ سنتين في القاهرة (1924 و1925) وأحسن معرفة اللغات العبرية والأوغاريتية والاَرامية والسريانية والأثيوبية. و نشر كتاباً عن محيي الدين ابن عربي, وآخر عن « المعتزلة» وتعمق في اللغة الفهلوية (الفارسية) وله فيها كتاب ظهرت طبعته الثانية على أثر وفاته. ونشر بالعربية كتباً منها « الشجر» لابن خالويه و« التدابير الإلهية» لابن عربي و« الرد على ابن الراوندي» و« الفرق بين الفِرَق» للخياط. وكان أحد أعضاء المجمع السويدي الثمانية عشر.
123- الدكتور كاسْكِل (1314 ـ 1390 هـ = 1896 ـ 1970 م) ورنر كاسكل We r ne r Caskel: مستشرق ألماني. ولد في دانزيج (Danzig) ودرس في جامعة برلين وأصبح أستاذاً في جامعة كولون. له 11 كتاباً جلها يتعلق بتاريخ العرب. منها « مملكة لحيان» و« أيام العرب» و« جزيرة العرب في عهد اليونان والفرس» و« جزيرة العرب قبل الإسلام وفي صدر الإسلام» كلها مطبوعة بالألمانية, فضلاً عن نحو 90 بحثاً, في دائرة المعارف الإسلامية, عن « عبد القيس» و« أجأ وسلمى» و« عدنان» و« أسد» و« باهلة» و« عاملة» و« عكّ» و« ضبة» وبعض الشعراء والفرسان وغير ذلك.(25/190)
124-بارْتْ (1267 ـ 1332 هـ = 1851 ـ 1914 م) ياكُب بارت Jacob Ba r th: مستشرق ألماني. كان يدرّس العربية في الكلية الإكليركية بجامعة برلين. من كتبه بالألمانية « أبحاث في الشعر العربي القديم» وكتاب في « الاَداب العربية والعبرية» ونشر بالعربية « ديوان القطامي» و« فصيح ثعلب».
125- يُولْيُوس (1005 ـ 1078 هـ = 1596 ـ 1667 م) ياكُب يوليوس (يعقوب جوليوس) Jacob Golius مستشرق هولندي. ولد في لاهاي, وأخذ العربية عن إربينيوس في ليدن. وقام برحلتين إلى المغرب الأقصى وسورية, اشترى فيهما كثيراً من المخطوطات. وخلَف إربينيوس في تدريس العربية بجامعة ليدن (سنة 1624) فاستمر إلى أن توفي. له « معجم عربي لاتيني ـ ط» ومما نشر بالعربية « عجائب المقدور» لابن عرب شاه.
126-رازْمُوسِنْ(1199 ـ 1242 هـ = 1785 ـ 1826 م) ينس لاسِن رازموسن I. Lassen r asmussen: مستشرق دانميركي. أخذ العربية عن دي ساسي بباريس. وعين محاضراً بجامعة كوبنهاجن (سنة 1813) فأستاذاً للعلوم الشرقية بها. وصنف بلغته كتباً في تاريخ العرب قبل الإسلام, وكتاباً فيما كان من التعامل التجاري بين العرب والصقالبة في القرون (الميلادية) الوسطي, ونقل قسماً من ألف ليلة وليلة. ونشر بالعربية قطعة من تاريخ حمزة الأصفهاني, مع ترجمتها إلىَ اللاتينية.
127-الفرنسيسي(000 ـ بعد 1256 هـ = 000 ـ بعد 1840 م) يوحنا بن يوسف ماري الفرنسيسي: مستشرق أو مستعرب, نقل بخطه الجميل نسخة من كتاب « مفاخرة الأزهار والنباتات الناضرات, ومجاهرة الأطيار والجمادات الناطقات ـ خ» في دار الكتب, غير معروف المؤلف كتبها سنة 1840, ولعلّ له غيرها.
128-بُرْجُشْتال(1188 ـ 1273 هـ = 1774 ـ 1856 م) يوسف حامِر (أو جوزيف هَمّر) برجشتال Joseph F r eihe r r Von Hamme r Pu r sgstall: مستشرق نمسوي, من أعيان العلماء. ولد في جراتز (بالنمسا) وتعلم في مدرستها ثم في جامعة فينة. وبرع في العربية والفارسية والتركية. وكان شاعراً بالألمانية. وعين سكرتيراً ومترجماً للسفير النمسوي في الاَستانة, فمستشاراً للسفارة النمسوية في باريس (1810) فترجماناً للأمبراطور فرنسيس الأول. فمستشاراً له. ومنحه الأمبراطور لقب « بارون» سنة 1835 وتنقل كثيراً في أوروبة. وزار مصر والشام وإيران. وأنشأ في فينة «أكاديمية العلوم» وتولىَ رئاستها. وتوفي في فينة, ودفن في قبر بناه لنفسه علىَ الطراز العربي. كان يحسن عشر لغات. وصنف بالألمانية كتباً كثيرة, منها « تاريخ الاَداب العربية» في سبعة مجلدات, ولم يتمه, و « تاريخ الدولة العثمانية» في 10 مجلدات. وترجم « ديوان المتنبي» إلىَ الألمانية شعراً. وكان يقيم صلاته بالعربية. وله « ميقات الصلاة في سبعة أوقات ـ ط» بالعربية والألمانية. ونشر كتباً عربية منها « أطواق الذهب» للزمخشري, و رسالة «أيها الولد» للغزالي.
129-الدكتور شَخْت(1320 ـ 1390 هـ = 1902 ـ 1970 م) يوسف شخت Joseph Schakhet: مستشرق هولاندي من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق. ولد في مدينة راتيبور, بألمانيا. ودرس اللغات الشرقية وتخصص بالعربية. ونال الدكتوراه في الفلسفة عام (1923) ودرّس اللغات الشرقية بجامعة فرايبورغ (1927) وانتقل إلىَ جامعة كونكسبرج (1932) وفي عام (1934) عين أستاذاً لتدريس اللغات الشرقية في الجامعة المصرية. وعمل في وزارة الاستعلامات البريطانية (1939 ـ 45) وتجنس بالجنسية البريطانية. ودرّس في جامعة أكسفورد أكسفورد وجامعة الجزائر فجامعة ليدن (بهولندة) (1954 ـ 59) ثم في جامعة كولومبيا بنيويورك. من أعماله في خدمة العربية تصحيح كتب للخصاف ولمحمد بن الحسن الشيباني وللقزويني, وجزأين من « الشروط» الكبير, للطحاوي, وكتاب جالينوس في « الأسماء الطبية» من ترجمة حنين وكتب اُخرىَ في الفقه والفلسفة والطب. وله مؤلفات باللغات الألمانية والإنكليزية والفرنسية في « تاريخ الأدب العربي» و « الفقه الإسلامي» وله في مجلة المشرق ثلاث محاضرات بالعربية في « تاريخ الفقه الإسلامي».
130-ولِهَوْسن(1260 ـ 1336 هـ = 1844 ـ 1918 م) يوليوس ولهوسن J. Wellhausen: مستشرق ألماني. قال بروكلمن: كان من أساتذة مدرسة «غوتنجن». صنف بلغته كتباً في « تاريخ الدولة الأموية» و« دين العرب في الجاهلية» ونشر بالعربية, مع ترجمة ألمانية, الجزء الثاني من « أشعار الهذليين» وكان كوسغرتن قد نشر الجزء الأول منه. وقال شيخو: صنّف التآليف المدققة في تاريخ العرب قبل الإسلام وآثارهم الدينية والمدنية, ثم تتبع أخبارهم بعد الإسلام في عهد بني أمية وبني العباس إلى سقوط تلك الدولة, وتآليفه هذه من أجود ما كُتب في هذا الصدد¹ وله تآليف أخرىَ عن الأسفار المقدسة ذهب فيها مذهب الإباحيين.(25/191)
131- كُوزِجارْتِن(1207 ـ 1279 هـ = 1792 ـ 1862 م) يوهَن جوتْفريد لودفيك كوزجارتن Johann Gottf r ied Ludwig Kosega r ten مستشرق ألماني. ولد في ألتنكيرشن (Altenki r chen) من أعمال بروسية, وتتلمذ بالعربية للمستشرق « دي ساسي» في باريس, ودرس معها التركية والفارسية والعبرية والأرمنية. وعاد إلى بلده (سنة 1814) فدعاه الوزير الشاعر الألماني «جوته» وعينه أستاذاً للغات الشرقية في ينا (Jéna) فمكث سبع سنوات, ترجم في خلالها عن العربية, أشعاراً نظمها «جوته» بالألمانية ونشرها في ديوانه ثم تولىَ تدريس اللغات الشرقية في جرافسولت (G r eifswald) إلى أن مات. كان شاعراً بالألمانية, ابن شاعر. ونشر بالعربية مجلدين من «تاريخ الطبري» مع ترجمتهما إلى اللاتينية, ومجلداً من الأغاني مع ترجمته كذلك, و قسماً من شعر الهذليين, و كتاب «الموسيقىَ» للفارابي.
132- فِتْسشْتَايْن(1256 ـ 1323 هـ = 1840 ـ 1905 م) يوهن جوتفريد فتسشتاين Johann Gottf r ied Wetzstein: مستشرق ألماني. كان قنصلاً لحكومته في دمشق, فتعلم بها العربية. وجمع مخطوطات نفيسة عاد بها إلى برلين. ونشر بالعربية « مقدمة الأدب» و« معجم العربية والفارسية» كلاهما للزمخشري. وكتب بالألمانية وصفاً لرحلة قام بها إلى حوران وبادية الشام.
133-بُرْكْهارْت(1199 ـ 1232 هـ = 1784 ـ 1817 م) يُوهَن لودفيك بركهارت Johann Ludwig Bu r ckha r t ويسميه الإنجليز «جون لويس»: مستشرق سويسري رحالة. ولد في لوزان. ودرس في ليبسيك وغوتنجن في ألمانية. وزار إنجلترة سنة 1806 ودرّس في لندن وكمبردج. وتجنس بالجنسية الإنجليزية. ورحل إلى حلب (بسورية) فتعلم العربية وقرأ القرآن وتفقه بالدين الإسلامي. وزار تدمر ودمشق ومصر وبلاد النوبة وشمالي السودان, ثم مضىَ إلى الحجاز مسلماً أو متظاهراً بالإسلام وتسمىَ بإبراهيم ابن عبد الله, فأدىَ مناسك الحج وقضىَ بمكة ثلاثة شهور, ثم عاد إلى القاهرة (سنة 1815) وقد أخذ منه الإعياء كل مأخذ. وفي السنة التي بعدها زار سيناء وعاد إلى القاهرة في يونيه (1816) وكان يعتزم السفر إلى فزان, ليبدأ منها رحلة جديدة للاستكشاف, ولكنه مرض وتوفي في القاهرة, موصياً بمجموعة مخطوطاته إلى جامعة كمبردج. وكتاباته كلها تدور حول رحلاته. كرحلة للشام والأراضي المقدسة, و« رحلة لجزيرة العرب» و« معلومات عن البدو والوهابيين» و« رحلة للجزيرة مع مذكرات عن حياة البدو». وقد تولت الجمعية الإفريقية بإنجلترة نشرها. وله بالعربية « أمثال عربية ـ ط» مع ترجمتها إلى الإنجليزية.
134- رايْسْكِه(1128 ـ 1188 هـ = 1716 ـ 1774 م) يوهن ياكُب (يوحنا يعقوب) رايسكه Johann Jacob r eiske: مستشرق ألماني, من الأطباء. ولد في « زربيج» من أعمال ساكس, وتعلم العربية في هالّه (بألمانية) واستكمل دراسته في ليدن. وعين فيها أستاذاً للطب والعربية. وتوفي في ليبسيك. نشر بالعربية « تاريخ أبي الفداء» مع ترجمة إلى اللاتينية, في خمسة مجلدات, ساعده فيها المستشرق أدلر (Adle r ) و« نزهة الناظرين في تاريخ من ولي مصر من الخلفاء والسلاطين» لمرعي بن يوسف. ونقل إلى اللاتينية مقامات الحريري, و معلقة طرفة, و الرسالة الجدية لابن زيدون بشرح الصفدي¹ وإلى الألمانية منتخبات من شعر المتنب
=============(25/192)
(25/193)
المؤتمرات > المؤتمرات >
نرحب بكم في هذا القسم من موقع مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق والذي يختص بالحديث عن المؤتمرات والندوات. فقد أتيحت لمؤسس الموقع حضور عدد من الندوات والمؤتمرات في بعض البلاد العربية كالجزائر ومصر والمغرب، ودول أوروبية مثل هولندا وألمانيا وكانت له رحلة علمية إلى الولايات المتحدة. كما إن هذا القسم يضم بعض الندوات الصحفية التي كان الاستشراق موضوعها الأساس، كل ذلك بالإضافة إلى بحث نشر في مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت حول مؤتمرات الغربيين. ففي هذا القسم تجد تقارير عن المؤتمرات وبعض المقالات الصحفية.
كما حرصت على أن يضم هذا القسم بعض التقارير التي نشرت في صحف عربية حول مؤتمرات استشراقية، نرجو لكم وقتاً مفيداً وممتعاً، كما نرجو أن لا تتأخروا في إرسال آرائكم ومقترحاتكم إلى المركز
=============(25/194)
(25/195)
نموذجان للمؤتمرات العلمية في العالم العربي
الجنادرية ومؤتمرات مؤسسة التميمي بتونس
نظّم الحرس الوطني بالمملكة خلال مهرجان الجنادرية الحادي عشر ندوة كبرى بعنوان (الإسلام والغرب) ودعي للمشاركة فيها عدد كبير من الباحثين العرب والمسلمين والأوروبيين والأمريكيين، واستمرت فعاليات الندوة أسبوعاً كاملاً تخللها عدد من النشاطات الأخرى.
وقد سعدت بحضور ندوتين سابقتين من ندوات الجنادرية إحداهما كانت حول منهج الدعوة إلى الله بالإضافة إلى الندوات الخاصة بالمسرح العربي. وقد حضرت هذه الندوة بتكليف من عمادة البحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود وإعداد تقرير علمي عن مجريات الندوات مما مكنني من التعرف عن قرب على ندوات الحرس الوطني. وأما الندوة الأخرى فأذكر منها بعض المحاضرات مثل الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الأمريكية التي قدمها الدكتور عبد العزيز السويل. وتابعت ندوات الجنادرية الأخرى من خلال الإذاعة ووسائل الإعلام الأخرى. ولذلك سأعدها أحد النموذجين الذين سأتحدث عنهما في هذه المقالات.
تميزت ندوات الجنادرية بجدية الموضوعات وحسن اختيارها وجدارتها بالبحث والنقاش، كما تميز المشاركون بتنوع خلفياتهم ومشاربهم. وهذه البلاد تجعل العقيدة الإسلامية منطلقها في جميع الأمور ومنها الندوات والمؤتمرات وذلك لأن الله عز وجل قد اختار الجزيرة العربية لتكون حرماً لهذا الدين كما جاء في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (لا يجتمع في جزيرة العرب دينان)، فلا غرو أن يكون الجانب الإسلامي هو الأكثر عرضاً.
ومع ذلك فعملاً بالمنهج القرآني في سعة الأفق والحلم والحكمة في دعوة المخالفين فقد تعددت المشارب في ندوات الجنادرية عموماً. ويهمني أن أركز على الندوة الأخيرة لأنها عقدت منذ عدة أشهر ولقربها من اختصاصي العلمي وكانت بعنوان (الإسلام والغرب) فقد تحدث فيها من الأمريكيين صاموئيل هاتنقتون، ورالف برايبانتي وخالد بلانكشب، ومن الأوروبيين مراد هوفمان، ومن العرب المسلمين فهمي جدعان، وعبد الجليل التميمي، و ملحم كرم ومن المملكة أبو بكر باقادر، وعبد العزيز السويل. ومع ذلك فقد كتب أحدهم في إحدى الصحف العربية التي تصدر من بريطانيا في الأيام الأولى لانعقاد الندوة ينتقد غلبة الاتجاه الإسلامي ويرجع ذلك إلى نفوذ بعض أعضاء اللجنة الاستشارية الذين ينتسبون لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ولكن الحرس الوطني كان أبعد نظراً من هؤلاء الذين لو أتيحت لهم الفرصة لاختيار من شاؤوا لما تركوا لغيرهم مكاناً أبداً والأمثلة أكثر من أن تحصى.
وكان النقاش مفتوحاً بطريقة رائعة رغم العدد الكبير الذي يحضر الندوات ورغبة الكثيرين في التعليق أو طرح الأسئلة، ولم يضق مديرو الندوات بالمداخلات أو بالأسئلة. ففي إحدى الفقرات وكانت حول الجذور التاريخية للعلاقات بين الإسلام والغرب تحدث الدكتور عبد الجليل التميمي ويبدو أنه أخذته الحماسة في امتداح جهود الباحثين الغربيين (المستشرقين) في إبراز بعض النماذج المضيئة من التراث الإسلامي مثل ابن خلدون، ولما طلبت التعليق أشرت إلى أن الباحثين الغربيين أشادوا أكثر بالنماذج السيئة في التراث الإسلامي، وإنني راجعت دائرة المعارف الإسلامية التي يصدرها المستشرقون فوجدت التركيز على كثير من النماذج السيئة من أمثال ابن عربي والراوندي وثورة الزنج والإسماعيلية وإضفاء هالة من الأهمية على هؤلاء وإعطائهم مساحة أكبر مما يستحقون.
وتميزت ندوات الجنادرية بالاهتمام بالضيوف فبالرغم من الطابع العلمي الصارم للندوات إلاّ إن الكرم العربي الإسلامي واضح جداً في معاملة الضيوف وتحمل كافة المصروفات بل نقل الضيوف من الخارج على حساب الحرس الوطني.
وكانت التغطية الإعلامية جيدة لندوات الجنادرية لكن كان من الصعب على الجمهور في المدن الأخرى متابعة الندوات كما أشار إلى ذلك الدكتور سالم سحاب في مقالة له بأنه كان يود لو أعد برنامج يوضح الأوقات التي ستنقل فيها الندوات والمحاضرات ليتمكن المشاهدون من مشاهدتها أو تسجيلها إن لم يتمكنوا من المشاهدة في وقت عرضها. أما الندوات السابقة فحبذا لو أعطى الحرس الوطني حق توزيع تلك المحاضرات بعد طبعها في كتب، فهي ما تزال توزع عن طريق إدارة المهرجان فقد لا تصل إلى كل المهتمين بهذه الندوات.(25/196)
وقد كانت ندوة الجنادرية لهذا العام فرصة لحصولي على دعوة لحضور المؤتمر العالمي الثاني حول المنهجية الغربية في دراسة العلوم الإنسانية والاجتماعية في العالم العربي وتركيا في تونس. وهو النموذج الثاني الذي سأتناوله في المقالتين القادمتين. وسبب حصولي على الدعوة هو النقاش الذي دار بعد محاضرة الدكتور عبد الجليل التميمي رئيس مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات المنظمة لهذا المؤتمر. فقد أزعجه تدخلي ومناقشتي إياه في مسألة إعجابه بالمستشرقين، فأوضحت له تخصصي في دراسة كتابات المستشرقين وقيامي في العام الماضي بزيارة العديد من الجامعات الأمريكية ومراكز البحوث والمعاهد المتخصصة في الدراسات العربية والإسلامية. وكان من أسباب دعوة التميمي لي لحضور المؤتمر في تونس هو أنه يريد منّي أن أطلع على نموذج من المؤتمرات العلمية العالمية التي يعقدونها هناك لأرى مستوى المدعوين والطرح العلمي. ووعدته بالاستجابة لدعوته.
ومن العجيب أنه لولا أن منّ الله عليّ بحضور ندوات الجنادرية لما لقيت الأستاذ التميمي ولما عرفت عن المؤتمر الذي تعقده مؤسسته، وهذا من التقصير الحاصل في العلاقات الثقافية بين البلاد العربية، وكذلك يشير إلى جانب من الجوانب التي سأتحدث عنها في النموذج الثاني من المؤتمرات العلمية في العالم العربي في الأسطر القادمة.
تناولت في الأسطر السابقة ندوات الجنادرية بصفتها أحد النموذجين الذين اخترت الحديث عنهما من المؤتمرات العربية، وأوضحت مدى ما تتمتع به ندوات الجنادرية من الجمع بين الالتزام بالإسلام والحرص على قيمه ومثله وأخلاقه والتفتح على وجهات النظر الأخرى والحرص على العرض المتوازن للاتجاهات كافة بما فيها تلك التي اعترى فهمها للإسلام بعض الشوائب أو النقص أو حتى التي تعادي الإسلام بطريقة خفية بسبب الجهل أو العمد.
وأتناول فيما يأتي نموذجاً آخر لمؤتمر عقد في تونس نظمته مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات بالتعاون مع مؤسسة كونراد إديناور للبحث العلمي الألمانية. وكان المؤتمر بعنوان:" المؤتمر العالمي الثاني حول المنهجية الغربية في العلوم الإنسانية والاجتماعية في العالم العربي وتركيا." في الفترة من 2إلى 6 مايو 1996م الموافق 15-19 ذي الحجة 1416هـ.
شارك في المؤتمر باحثون من الدول العربية الآتية: سوريا، ولبنان، والأردن، ومصر، وتونس، والمغرب، والجزائر، والسعودية، وشارك باحثون من فرنسا وإيطاليا وروسيا وبلغاريا .وبلغ عدد البحوث التي قدمت اثنان وثلاثون بحثاً. وأود أن أقدم أولاً بعض الملاحظات العامة حول هذا المؤتمر وأخلص في نهاية المقالتين إلى خصائص هذا النموذج .ومن هذه الملاحظات :
1-تحدث معظم الباحثين المغاربة من تونس والجزائر والمغرب باللغة الفرنسية، وكذلك كان حوارهم وجدالهم ونقاشهم باللغة الفرنسية، وأخص من هؤلاء متخصصاً في اللغة العربية، وثانياً أستاذاً للتاريخ الإسلامي بجامعة الزيتونة، بينما تحدث الأوروبيون بلغاتهم مع أن بعضهم يجيد اللغة العربية تماماً.
2- تضمن المؤتمر حفلة غناء وطرب وقد أشار أبو القاسم سعد الله في كتابه " أفكار جامحة" (ص254)إلى أن هذه بعض المؤتمرات السابقة كانت تتضمن رقصاً شرقياً
3- تطلب مؤسسة التميمي نسخ البحوث من الباحثين ولكن ما يوزع على المشاركين هو فقط ملخصات البحوث بينما المتعارف عليه إعطاء المشاركين نسخاً كاملة من البحوث في بداية المؤتمر حتى يتسنى لهم قراءتها والتعليق عليها في أثناء الجلسات أو بعدها. بل إن الحصول على نسخة كاملة من أي بحث تعد من الأمور الصعبة جداً وكأنه سر خطير.
4- أشار أحد الباحثين إلى أن حضور المؤتمرات إنما هو لتجديد التعارف ولقاء الأصدقاء وليس لتقديم بحوث علمية جادة، وقد وصف أبو القاسم سعد الله بعض من يحضر مؤتمرات التميمي بأنهم لا يقدمون علماً بل هم من الصنف(الباير) كما أشار إلى حضور بعض الأجانب الذين لا علاقة لهم بالموضوع فقط ليطلعوا على ما يدور في مؤتمراتنا.
5-المشاركون في ندوات مؤسسة التميمي والمؤسسة التي سبقتها بإشراف الدكتور عبد الجليل التميمي هم مجموعة لا تتغير كثيراً، ومن خلال استعراض الأسماء المشاركة في المؤتمرات السابقة ومنذ أكثر من عشرين سنة نجد أنهم هم هم تقريباً.
6- يتم تسجيل جميع ما يدور في المؤتمر من بحوث ونقاشات وهو أمر يحد إلى حد كبير من حرية الباحثين في النقاش.
7-لاحظت أن رئاسة المؤتمر وهي رئاسة المؤسسة تقوم بإجراء تعديلات على البحوث عند إعدادها للنشر بطريقة تسلطية لا تتفق مع الأمانة االعلمية، وبخاصة إذا كانت لا تتفق وميول المؤسسة.(25/197)
ونظراً لكثرة البحوث التي قدمت فإنني سأختار أبرز النقاط التي أثيرت في بعض هذه البحوث وما دار حولها من نقاش. فمن هذه البحوث ما قدمه رئيس المؤسسة الدكتور عبد الجليل التميمي بعنوان "هموم الباحث العربي والتونسي بصفة خاصة والمشاريع العلمية المعطلة." تناول فيه مسألة البحث العلمي في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية وضعف الاهتمام بهذا الجانب على مستوى العالم العربي وأكد ضرورة إعطاء أهمية ووزناً أكبر لدور البحث العلمي في منظومة التنمية الشاملة، وبالرغم من مرور أكثر من أربعين سنة على استقلال الدول العربية فإن "المؤسسات العربية ومختلف منظماتها لم تنجح في إصدار دائرة معارف عربية واحدة للعلوم الإنسانية والاجتماعية مثلا أو دائرة معارف لتاريخ الأمة العربية على الرغم من تشكيل مئات اللجان بهذا الخصوص والتي باءت جميعها بالفشل."
ومن الملفت للانتباه أن ضعف الاهتمام بالبحث العلمي من أبرز أسباب ظاهرة خطيرة وهي هجرة الأدمغة العربية إلى الغرب حيث إن العالِم لا يستطيع أن يواصل مشوراه العلمي دون أن تتوفر له أدوات البحث والمؤتمرات والندوات والدوريات فإن لم يجدها فإنه يبحث عنها في أي مكان من العالم.
ونبّه التميمي إلى مسألة خطيرة وهي أن فرنسا "هي الدولة الأجنبية الوحيدة التي تقدم دعمها بصورة متواصلة ومكثفة سعيا منها لدعم حضورها المعرفي والبحثي." وتجدر الإشارة هنا إلى القناة الفرنسة الثانية التي تبث عدداً من الساعات لنشر الثقافة الفرنسية وما فيها من جوانب مادية وإباحية. واستغرب التميمي من عزوف المؤسسات التجارية والبنوك عن تقديم أي دعم مادي للبحث العلمي في حين أن بعض هذه المؤسسات تدعم قطاع الرياضة بالتبرعات السخية. ويعلل ذلك بقوله :"ويرجع ذلك إلى ضعف المكونات الحضارية لهذه الشخصيات(المتبرعين)."
ولفت انتباهي في محاضرة التميمي انتقاده للمؤسسات العربية التي تقدم الدعم لبناء المساجد وتعزيز الحضور الديني للجاليات الإسلامية، ويرى التميمي أن هذا الدعم يجب أن يتوجه لدعم البحث العلمي سواء في أوروبا أو في العالم العربي للدفاع عن الثوابت والقيم الحضارية العربية. ولكن ربما لا يعرف التميمي أن ثوابت الأمة العربية وقيمها هي الثوابت والقيم الحضارية الإسلامية ومنها بناء المساجد والوجود الديني، ولم يقل أحد بأن الإسلام ينحصر في المسجد بل الإسلام هو الحياة كلها: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين}
قدمت فيما مضى موجزاً لمحاضرة الدكتور التميمي حول هموم البحث العلمي في العالم العربي في مجال الدراسات الإنسانية والاجتماعية، وهو موضوع يستحق أن تعقد له ندوات ومؤتمرات ليس للخروج بتوصيات براقة ولكن حبذا لو اشترك في ذلك بعض المسؤولين الحكوميين لتكون التوصيات بمنزلة القرارات .
وقدم الدكتور على فهمي من مركز الدراسات العربية بالقاهرة محاضرة حول الأدوات البحثية الغربية في العلوم الاجتماعية ومدى ملاءمتها للعالم العربي، وأكد في محاضرته أن التجربة قد أثبتت عدم ملاءمة كثير من هذه الأدوات للعالم العربي. ولكن ما لم يتناوله الدكتور فهمي استخدام مناهج البحث الاجتماعي الغربي وهي التي كان يجب البحث فيها، كما إن أدوات البحث الاجتماعي لم تكن مجهولة تماماً لدى المسلمين فعملية المسح الاجتماعي عرفت منذ عهد الرسو صلى الله عليه وسلم ، وعرفت في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين كان يقوم بالعس ليلاً ليتفقد أحول الرعية. كما إن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أرسل إلى القبائل من يقوم بإحصاء النفوس وما يملكون من ماشية وعدد ضيوفهم ليقدر لهم الأعطيات، وكانت الثقة كبيرة بين الدولة والأفراد فما كان من المتوقع أن يمتنع أحد عن تقديم المعلومات الصحيحة والدقيقة. أما في عصرنا الحاضر وكما أشار الدكتور فهمي فإن من أكبر الصعوبات الحصول على المعلومات من الجمهور.
وتناول الدكتور مسعود ضاهر من الجامعة اللبنانية مركز الدراسات العربية المعاصرة بجامعة جورجتاون بواشنطن العاصمة فتحدث عن المركز منذ إنشائه عام 1975حتى الآن. وأشار إلى نشاطات المركز من عقد الندوات والمحاضرات ونشر الكتب والبرامج الجامعية التي تخرج فيها ثلاثمئة دارس يحملون درجة الماجستير في الدراسات العربية المعاصرة ويعملون في القطاع الحكومي وفي الشركات. وأشاد الدكتور ضاهر بالمركز في قوله:" ويشعر الأستاذ الزائر أن نشاط هذا المركز عن الوطن العربي يعادل نشاط عدد كبير من الجامعات العربية مجتمعة." كما أشاد بحسن التنظيم في المركز. وأود أن أضيف بأننا ينبغي أن نفيد من تجربة الغربيين في دراسة العالم الإسلامي، وليس المقصود هنا التقليد ولكن الاقتباس في التنظيم حيث إن لنا أهدافنا الخاصة التي تختلف عن أهدافهم.(25/198)
وكانت محاضرة الدكتور نور الدين الصغير من قسم التاريخ بجامعة الزيتونة بعنوان "الإسلاميات التطبيقية والانثربولوجيا الدينية" دعا فيها إلى ضرورة " إثراء معارفنا بمختلف وسائل التجديد الفكري والاعتماد على البحوث الانثروبولوجية الدينية والمعرفية والعامة." وتناول مسألة " المقدس والمحرم" وأشار إلى بعض الشخصيات التي ظهرت في التاريخ الإسلامي وتجرأت على مناقشة " المقدس" (النص القرآني) و(الحديث النبوي) ومن هؤلاء ابن الراوندي وأحد خلفاء بني أمية وانتقد بعض المصطلحات الإسلامية مثل "دار الإسلام " و" دار الكفر" وأن هذا المصطلح " عشعش في أذهان المسلمين زمناً طويلاً". ورددت عليه في هذا بأن المصطلح ليس فيه ما يعيب فما ذا كان الغربيون يسمون ديار المسلمين؟ بل ما ذا يطلقون علينا حتى اليوم؟ لماذا نخجل من مصطلحاتنا؟
وقد كان ملفتاً للانتباه أن الدكتور عبد العظيم رمضان الذين يدعي أنه " يساري وتقدمي" غضب من اتهام أحد خلفاء بني أمية (الوليد بن يزيد) بأنه مزّق المصحف فقال لا يمكن أن يكون هذا صحيحاً فالوليد يعد من العلماء. وقد أكد لي هذا أن الفطرة حتى لدى التقدمي واليساري تستيقظ أحياناً للدفاع عن مقدسات الأمة كما لا لاحظت قوله في أثناء غضبه من المحاضر قوله (سيدنا رسول الله)
وكان لي حديث مع الدكتور الصغير خارج قاعة المحاضرات فقلت له إنكم تريدون نزع القداسة عن القرآن الكريم والحديث الشريف فما بالكم تضفون القداسة على كلام البشر؟ماذا يفيدكم نزع القداسة عن القرآن الكريم أو الحديث الشريف؟
وقدّمت بحثاً بعنوان "منهجية التعاون العلمي بين العالم العربي والغرب :الواقع والمثال " بدأت الحديث بالبسملة وكدت أكمل بالحمد والثناء على الله عز وجل لولا أنني خفت أن يمنعوني من تقديم موضوعي. أما المحاضرة فقد أوضحت فيها الجوانب الإيجابية والجوانب السلبية للتعاون العلمي الحالي. فمن الجوانب الإيجابية الاهتمام الكبير بالدراسات العربية الإسلامية في الغرب، وتوفر بعض الباحثين الغربيين الذين خرجوا على النظرات التقليدية في محاربة الإسلام والمسلمين. وكذلك من الجوانب الإيجابية وجود عدد من الأساتذة المسلمين إما من أصل أمريكي أو من العالم الإسلامي يقدمون صورة صحيحة عن الإسلام عقدية وشريعة وتاريخاً واقتصاداً00الخ. وكذلك من الإيجابيات قيام كراس للدراسات الإسلامية في الجامعات الكبرى مثل كرسي الملك فهد في جامعة لندن (مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية) وكرسي الأمير نايف في جامعة موسكو، وكذلك السماح بإنشاء المعاهد الإسلامية ومراكز البحوث مثل معهد العلوم العربية والإسلامية في واشنطن التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وكذلك المعهد العالمي للفكر الإسلامي بهرندن بفرجينيا وكذلك المراكز الإسلامية المتعددة في الغرب والتي أسهمت المملكة إسهاماً مباركاً في الكثير منها.
أما الجوانب السلبية فتتمثل في أن كثير من الجامعات الغربية والأمريكية ما تزال تحتفي بالمتغربين من أبناء العالم الإسلامي وتوفر لهم فرص التدريس والبحث وحضور الندوات والمؤتمرات في الغرب، وتكاد الفرص تقتصر على هؤلاء، بل إن الغرب وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية احتضنت الماركسيين واليساريين العرب بعد زوال الشيوعية ــ بعضهم تلقى الماركسية في أمريكا نفسها مثل صادق جلال العظم.
وهكذا فإن من أبرز ملامح هذا النموذج -المؤتمر العالمي في تونس- عدم التوازن في عرض وجهات النظر وإن مثل هذه المجموعة تضيق بالنقد إذا وجه إليهم ، ويعدون أنهم المتنورون وأن غيرهم في ظلام وتخلف. وتلك نرجسية عجيبة فإن ما يزعمونه من التنوير وبعد الأفق أن تقبل آراءهم وتسير في ركابهم وإلاّ فإنهم مستعدون لإخراج كل ما في جعبتهم من التهم الجاهزة والشتائم ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.
===============(25/199)
(25/200)
المؤتمرات الاستشراقية الحديثة حول الإسلام والمسلمين([1])
د. مازن صلاح مطبقاني
المقدمة
ما المؤتمرات؟ هل هي لقاء مجموعة من الباحثين والعلماء لتقديم بحوث وأوراق عمل ونقاشات ومناسبات اجتماعية على هامش المؤتمرات ؟هل لها جدوى علمية ؟ هل المؤتمرات تسلية ووجاهة وانتداب أو هي عمل وتخطيط ودراسة؟
بدأ الأوروبيون منذ أكثر من قرن وربع في عقد مؤتمر دولي كل عدة سنوات - لا تتجاوز خمساً- للبحث في مجال الدراسات الاستشراقية التي تضم الهند والصين وجنوب شرق آسيا، ولكن الدراسات الإسلامية كانت وما تزال المحور الأساس لهذه المؤتمرات. وقد عقد المؤتمر الأول عام 1873 في باريس وبلغت حتى الآن خمساً وثلاثين مؤتمراً، كان آخرها الذي عقد في بودابست بالمجر في الفترة من 3-8ربيع الأول1417هـ، الموافق 7-12يوليو 1997م. وقد قدم فيه ما يزيد على ألف بحث.
وقد أصبحت المؤتمرات والندوات من الكثرة بحيث يصعب على الباحث أن يحصرها أو يتناولها جميعاً بالبحث والدراسة ولذلك سوف تقتصر هذه الدراسة على نماذج من هذه المؤتمرات والندوات التي أتيح لي الاطلاع على بعض المعلومات عنها، بحيث نقدم معلومات عن الموضوعات التي يتناولها المؤتمر أو الندوة، وكذلك معلومات عن المشاركين وأهمية توجهات المشاركين في هذه المؤتمرات ونتائج وتوصيات المؤتمرات. وسوف ينقسم البحث إلى ثلاثة محاور:
المحور الأول: اهتمام الاستشراق بالمؤتمرات والندوات، وأهمية المشاركة العربية الإسلامية في هذه النشاطات.
المحور الثاني: مؤتمرات عامة حول الإسلام والمسلمين
المحور الثالث: مؤتمرات وندوات متخصصة :في الأدب، حول المرأة، حول التاريخ …الخ.
المحور الأول: اهتمام الاستشراق بالمؤتمرات والندوات وأهمية المشاركة فيها.
الاهتمام بالمؤتمرات
اهتم الاستشراق بعقد الندوات والمؤتمرات فقد ذكرنا أن الاتحاد الدولي للمستشرقين قد بدأ عقد مؤتمراته وندواته منذ عام 1873م وبلغت هذه المؤتمرات خمساً وثلاثين، ولكن هناك جمعيات إقليمية ومحلية، كما أن هناك جمعيات متخصصة في مجالات محددة كالأدب العربي مثلاً أو الدراسات العثمانية وغيرها. فمن الجمعيات الجمعية الاستشراقية الأمريكية التي دأبت على عقد اجتماع سنوي هو بمنزلة لقاء علمي. كما أن الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط تقعد مؤتمراً سنوياً تختار له موضوعاً كل عام. وهناك رابطة دراسات الشرق الأوسط التي بدأت في عقد مؤتمرها السنوي منذ إنشائها عام 1967م، وكانت موضوعاتها في البداية محددة ثم توسعت حلقات البحث حتى أصبح هذه المؤتمرات تتناول كل ما يتعلق بالشرق الأوسط.
وقد تناول صالح الصقري اهتمام مراكز دراسات الشرق الأوسط في الغرب بعقد المؤتمرات بقوله :" إن أبرز ما يميز مراكز دراسات الشرق الأوسط عقد المؤتمرات العلمية بشكل دوري مستمر حتى أصبحت مواعيدها ثابتة لسنين طويلة ومعروفة من قبل الباحثين …"([2])ويضيف قائلاً حول كثرتها وتعددها :" ولتعدد هذه المؤتمرات وكثرتها واختلاف مواقعها أصبح الباحث لا يستطيع المشاركة ولا مجرد الحضور، ولذلك يضطر إلى اختيار مؤتمرات معينة في السنة الواحدة."([3])
ومن مظاهر الاهتمام رعاية الدول الغربية لها فهذه المجر حضر رئيس الجمهورية فيها الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العالمي للدراسات الآسيوية والشمال أفريقية ، وألقى كلمة في الجلسة الافتتاحية كما حضر الحفل الذي أقيم على شرف المشاركين في المؤتمر. كما أن وزارة الخارجية السويدية تبنت عقد مؤتمر كبير لبحث قضية المسلمين في أوروبا.([4]) وقد نشرت الصحف أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تعقد ندوة مفتوحة حول الحركات الإسلامية " الأصولية" في العالم الإسلامي وتدعو لحضورها عدد من الباحثين المتخصصين في هذا المجال.([5])
أهداف المؤتمرات :
وقد اهتم محمد محمد حسين بالمؤتمرات الغربية فذكر أن من أهدافها ما يأتي :
أ- إيجاد روابط وعلائق باسم الصداقة والتعاون
ب- استمرار الجهود المبذولة لهدم الإسلام أو تطويره وجعله آلة من آلات الدعاية الاستعمارية لصيانة المصالح الأمريكية والغربية
ج-إن المؤتمرات وسيلة من وسائل الاتصال القريب المباشر بالمسؤولين "يعجمون عودهم ويدرسونهم عن قرب ويختبرون مدى مناعتهم ومدى استعدادهم للتجاوب مع الأهداف الخفية للسياسة الاستعمارية كما يختبرون مواطن القوة والضعف في كل واحد منهم لمعرفة أنجح الوسائل للاتصال بهم والتأثير عليهم .."([6])(25/201)
د - ومن الأهداف التي ذكرها حسين " خدمة الأغراض الجاسوسية الأمريكية التي ترسم الخطط السياسية والاجتماعية والاقتصادية لهذه المنطقة."([7]) وهو ما أكده أبو القاسم سعد الله في ملاحظاته حول مؤتمرات تعقد في بلد عربي بتمويل غربي في الغالب حيث كتب يقول:" فإن فيهم [الأجانب الذين يحضرون هذه المؤتمرات]من لا صلة له بهذا الميدان ولا بالإنتاج التاريخي وإنما جاء لكي "يطلع" على ما يجري في الساحة الشرقية من آراء وأفكار، ويرصد ما في أذهان المتحدثين العرب والمسلمين من تيارات ونوايا ومخططات، ويتعرف على ما في كل بلد من هذا العالم العربي والإسلامي الممزق من أشخاص يمكن التعامل معهم والاعتماد عليهم وقت الحاجة…"([8])
ويرى الدكتور فهد السماري أن من أهداف المؤتمرات أنها تسعى إلى توسيع نطاق حركتها لاستمرار هذا النوع من الاستشراق ونشر آرائه ووجهات نظره عالمياً، والخطوة التالية التي تخطط لها هذه المؤسسات لكي تصل إلى هؤلاء الذين يتمكنون من متابعة الفكر الاستشراقي ولكي تزيد من رقعة تأثيرها المباشر."([9])
المشاركون في المؤتمرات:
وتناول محمد محمد حسين شخصيات المشاركين في هذه المؤتمرات فذكر أنهم يندرجون تحت التصنيفات الآتية:
1- "قسس يحترفون التبشير ."
2- سياسيون يعملون في وزارات الخارجية الغربية
3- الغربيون الذين يعرفون البلاد العربية.
4- المسلمون أمريكيو الثقافة والذين لهم القدرة على توجيه التفكير في بلده فهم إما أستاذ جامعي أو رئيس تحرير أو وزير معارف.([10][11])
5- ويمكن أن نضيف- من واقع المشاهدة والمتابعة- أن بعض المتغربين أو حتى المحاربين للإسلام من أمثال نصر حامد أبو زيد ومحمد سعيد العشماوي ونوال السعداوي أصبحوا يدعون في كثير من المؤتمرات في الغرب.(*)
ويضيف حسين إنه حين يدعى إلى هذه المؤتمرات من لا تنطبق عليه المواصفات السابقة فإنه إنما يدعى " لستر أهداف المؤتمر [المؤتمرات] ليكونوا كنماذج البائع الغشاش التي يغطي بها البضاعة الفاسدة ليوهم المشتري أن كل بضاعته من ذاك النوع الجيد وليكونوا هم العسل الذي يستعان به على إخفاء مرارة الأباطيل."([12])
تمويل المؤتمرات:
ذكر الصقري في بحثه حول المؤتمرات في مراكز دراسات الشرق الأوسط أن تمويلها يتم بأن يقوم الباحثون بدفع رسوم معينة وتحمل نفقات سفرهم وإقامتهم. ولكن الحقيقة أن المؤتمرات تكلف أكثر من الرسوم التي يقوم بها الحضور ولكنها تساعد فقط. وفي الوقت الذي لم يكن لدى البلاد العربية الإسلامية ما تنفقه على باحثيها وعلمائها فقد كانت المؤسسات الغربية تقوم بدفع التكاليف. فهذه مؤسسة روكفللر تنفق على أحد المؤتمرات التي تناولت قضايا التربية في العالم العربي.
وإنفاق المؤسسات الغربية على المؤتمرات يصل أحياناً إلى البذخ فقد تكفل المؤتمر التربوي الذي عقدته الجامعة الأمريكية ببيروت وتولت مؤسسة روكفللر الإنفاق عليه أن استضافة المؤتمرين من وزراء ومسؤولين كبار دامت مدة أربعة أشهر.([13]) وقد استضافت جامعة لندن عام 1957م اثنين من الباحثين العرب للعمل في إعداد الترتيبات لمؤتمر مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية حول التاريخ الإسلامي مدة ثلاثة أشهر وهذا الباحثان هما: جمال الدين الشيال وعبد العزيز الدوري([14]). وقد أسهمت العديد من الشركات والمؤسسات والبنوك في تمويل المؤتمر العالمي الخامس والثلاثين للدراسات الآسيوية والشمال أفريقية ومنها على سبيل المثال:
1- اليونسكو ،
2- مؤسسة سوروس So r os Foundation ،
3- الاتحاد الدولي للدراسات الشرقية والآسيوية،
4- مؤسسة كوماتسو شيكو اليابانية ،
5- بنك اكسيم Eximbank.
6- مؤسسة هوفمان وشنايدر المالية Hofmann& Schneide r Capital AG وغيرها.
ومن الجهات التي تمول الندوات والمؤتمرات الاستشراقية الاستخبارات العربية والإسلامية تحت مسمى (مكتب معلومات الدولة كذا والدولة كذا)، كما تقوم السفارات بتمويل الندوات والمؤتمرات فقد أسهمت السفارة اليونانية في بريطانيا بتمويل ندوة حول مرور خمسمائة عام على سقوط القسطنطينية وقامت بتنظيمها مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن عام 1954م.
ومن الجهات التي تمول المؤتمرات والندوات حول العالم الإسلامي مؤسسة كونراد إديناور للبحث العلمي التي مولت عدة مؤتمرات عقد في إسرائيل منها مؤتمر الجهاد والسلام(أبريل 1996) وعدة مؤتمرات قامت بها مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات في تونس. ولهذه المؤسسة مكتب دائم في تونس.
ولليهود مؤسسات كثيرة تمول مؤتمراتهم عموماً منها مثلاً معهد بحوث الشتات ، ومعهد موريتمر وريموند ساكلر للدراسات المتقدمة Mo r time r and r aymond Sackle صلى الله عليه وسلم
المشاركة العربية الإسلامية في المؤتمرات:(25/202)
ذكرنا فيما سبق نماذج من المشاركين أو الذين يدعون إلى حضور المؤتمرات والندوات، ولكن هناك فئة يمكن أن تشترك لتظهر الوجه الحقيقي للإسلام وتقوم بمسؤوليتها في الدعوة إلى الله وجدال أهل الكتاب بالتي هي أحسن بالإضافة إلى ما تحققه المشاركة من دعاية للدول التي تشارك ومدى اهتمامها بالعلم والعلماء. ولكن هناك الكثير من العقبات والعراقيل تقف في وجه هذه المشاركة. وقد أشار يوسف أسعد داغر في تقريره عن المؤتمر الدولي للمستشرقين الرابع والعشرين إلى ضعف المشاركة العربية حيث كتب يقول:" من دواعي الأسف المرير، ألاّ تولي الدول العربية بما فيها من حكومات ومنظمات وهيآت ومعاهد ثقافية عالية، مؤتمرات الاستشراق ، الأهمية التي يجب أن توليها إياها…وأشار إلى الهدف من الحضور بقوله:" فإشراك الدول العربية والهيآت العلمية العليا فيها، بوفود قوية، مشهود لأصحابها بالاختصاص، والاستبحار بهذه الدراسات يكون خير سفارة للبلد ترفع من شأنه وتعلي من جانبه في الغرب، بين الأوساط العلمية."([15])
ويرى باحث آخر أن من أسباب العزوف عن حضور المؤتمرات الاسشتراقية والمشاركة فيها أن هذه المؤتمرات قائمة على التعصب الأعمى لكل الموروثات الإسلامية وكما يقول السيد محمد الشاهد:" وبالرغم من صدق هذا التصور على كثير من الغربيين إلاّ أن كثيراً منهم أيضاً مُضَلّلون ويبحثون عن الحقيقة ويضعون موروثاتهم موضع النقد، وقد لمست وعايشت ذلك في كل تلك الندوات التي شاركت فيها … لأن عدم مشاركتنا فيها يفسخ المجال لتثبيت الشبه الباطلة ضد الإسلام والمسلمين وترويج شبهات جديدة من جهة أخرى."([16])
ويشارك الصقري الشاهد في التأكيد على أهمية حضور المؤتمرات الاستشراقية بقوله:" من خلال تلك المحاضرات السابقة وعدد الحضور والمشاركين تبين لنا أهمية مثل هذه المؤتمرات إلاّ أنه للأسف نجد أن مشاركة العرب والمسلمين فيها ضعيفة جداً سواء أكان حضوراً أم مشاركة أم مناقشة على الرغم من أن ما يطرح من موضوعات له أثر ضخم في توجيه الرأي العام في الغرب عامة، وعلى صانعي القرارات السياسية بوزارات الخارجية المعنية بمنطقة الشرق الأوسط."([17])
ومما يؤكد أهمية مشاركتنا في المؤتمرات والندوات العالمية أو حتى الإقليمية التي تتناول قضايا العالم الإسلامي أن عدونا الصهيوني انتبه إلى أهمية المشاركات ففي المؤتمر العالمي للدراسات الآسيوية و الشمال أفريقية تقدم لحضور المؤتمر حوالي خمس وسبعون باحثاً من دولة " إسرائيل" هذا بالإضافة إلى اليهود الذين كانوا يمثلون دولاً أخرى أوروبية أو روسيا. وهذا دأبهم في معظم المؤتمرات حيث يحرصون على المشاركة في هذه المؤتمرات.
ويرى أحد الباحثين في تقرير له عن مؤتمر عقد في ألمانيا حول الأدب العربي وحرية التعبير أن ثمة حضور متزايد للتيار الإسلامي وقال في ذلك: "ولا شك أن في الحضور المتزايد لمنتسبي التيار الإسلامي في المنتديات التي كانت حتى وقت قريب حكراً على خصومهم يذلل كثيراً من العقبات التي تعترض تحقيق ذلك. وتثبت التجربة بأن الحضور الإسلامي خلافاً لما يظن بعض منتسبي هذا التيار ضروري ومفيد لما يوفره من فرص ذهبية لمشاهدة الصورة الإسلامية في مرآة الغير، ووضع اليد على المشاكل التي تحول دون أن يفهم هذا الغير ظاهرة الانبعاث الإسلامي والتي نتحمل نحن المسلمين بشكل خاص جزءاً لا بأس به من مسؤوليتها."([18])
ولا بد من الإشادة بالخطوات المباركة التي اتخذتها وزارة التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية في السنين الماضية للمشاركة في المؤتمرات الدولية بترشيح عدد من الباحثين المتخصصين لحضور هذه المؤتمرات إما للمشاركة في إلقاء البحوث والمناقشات. وقد تمثل ذلك في المؤتمر السنوي لرابطة دراسات الشرق الأوسط في الولايات المتحدة الأمريكية، والمؤتمر السنوي لجمعية دراسات الشرق الأوسط البريطانية والمؤتمر العالمي للدراسات الآسيوية والشمال أفريقية الذي عقد العام الماضي في المجر. وفي هذا المؤتمر الأخير مثل المملكة ثلاثة عشر باحثاً من مختلف التخصصات وشاركوا في المناقشات التي دارت في أروقة المؤتمر وفي اللقاءات الجانبية.
المحور الثاني: مؤتمرات عامة حول الإسلام والمسلمين
نظراً لكثرة هذه المؤتمرات وتنوعها وصعوبة الإحاطة بتفاصيلها ، لكن من الممكن عرض معلومات وحقائق عن هذه المؤتمرات وتقديم بعض التحليل لنماذج منها التي استطاع الباحث الاطلاع عليها.
أولاً:مؤتمرات اتحاد المستشرقين الدولي .(25/203)
تأسست في أوروبا منظمة الاتحاد الدولي للمستشرقين وعقدت أول مؤتمر لها في باريس عام 1873م وتوالى عقد هذه المؤتمرات في أنحاء العالم وبخاصة في القارة الأوروبية. وقد عقدت بعض هذه المؤتمرات في دول عربية إسلامية - أثناء الاحتلال الأوروبي- كما عقد المؤتمر الرابع والثلاثين في هونج كونج. وعقد المؤتمر التاسع والعشرون في باريس عام 1873م. وفي هذا المؤتمر صوتت غالبية الحضور على إلغاء اسم الاستشراق وتحول اسم المؤتمر إلى (المؤتمر الدولي للعلوم الإنسانية حول آسيا وشمال أفريقيا) وبعد عقد مؤتمرين تحت هذه التسمية الجديدة تقرر تغيير اسم المؤتمر مرة ثانية إلى (المؤتمر الدولي للدراسات الآسيوية والشمال أفريقية)
وقد أسهم العرب والمسلمون بالحضور في بعض هذه المؤتمرات بأعداد قليلة ، وقد كتب بعضهم تقارير أو مقالات عن هذه المؤتمرات وفيما يأتي بعض هذه المؤتمرات وتوصياتها .
1- مؤتمر المستشرقين الدولي الحادي والعشرون
عقد في باريس في شهر يوليو( تموز) 1948م. ومن المحاور التي تناولها المؤتمر "الإسلاميات" وقد ضمت الدراسات القرآنية، والتاريخ، والآداب، والفلسفة حيث ألقيت فيها محاضرات حول اللهجات فكانت محاضرة المستشرق باسيه Basset بعنوان:" تطور الدروس البربرية منذ مؤتمر بروكسل". وقدم المستشرق الفرنسي برونو B r unot محاضرة بعنوان" التعابير الفرنسوية الدخيلة في اللهجات العربية" ، وقدم المستشرق رو r oux محاضرة في المخطوطات البربرية بالحرف العربي في جنوبي-غرب مراكش.
وحاضر في هذا المحور كل من المستشرق يوسف شاخت حول تقييم جديد للأحاديث الإسلامية وألقى شترن Ste r n محاضرة بعنوان "تفسير جديد لنصيّن من نصوص القرآن الكريم."
ومن المحاور الأخرى في هذا المؤتمر: علم الشؤون المصرية، والدروس السامية، وعلم الشؤون الآشورية والدروس الإيرانية، وعلم الشؤون الهندية. وقد أضيف محور جديد في هذا المؤتمر هو محور الشرق والغرب لبحث الموضوعات التي تدل على الصلة بين الشرق والغرب، وقد تركزت على القضايا النصرانية والتراث اليوناني في الشرق.
وكان من توصيات المؤتمر إعادة النظر في دائرة المعارف الإسلامية، وإحداث شعبة خاصة بالشرق المسيحي في المؤتمر المقبل ، وجعل اللغة العربية لغة ثالثة مع الفرنسية والإنجليزية في المؤتمر المقبل الذي سيعقد في استنبول بالإضافة إلى اللغة التركية.([19])
ويلاحظ أن المؤتمر اهتم بالشؤون البربرية وهي من القضايا التي يوليها الاستشراق منذ القديم كل اهتمامه لما تسببه من إحداث الفرقة بين أبناء الأمة الواحدة. فلا غرابة أن تنشئ فرنسا معهد الدراسات البربرية في باريس كما أن معظم المنادين بفصل البربر عن غيرهم إنما هم من المثقفين في فرنسا. كما يلاحظ أن هذه المؤتمرات تهتم أيضاً بالقوميات والحضارات التي سبقت بعثة الرسو صلى الله عليه وسلم ومن ذلك الاهتمام بالفراعنة وبالآشوريين والكلدانيين والفينيقيين وغيرها من القوميات القديمة.
2-مؤتمر المستشرقين الدولي الثاني والعشرين
عقد في استنبول 15-22أيلول 1951م. بلغت محاور المؤتمر خمسة عشر محوراً، كان أحدها الشؤون الإسلامية وقد تضمن محاور فرعية هي أ- اللغة العربية وآدابها، ب- التاريخ والثقافة، ج-الاجتماعيات. وقد حضر هذا المؤتمر عدد من المستشرقين المشهورين من أمثال هاملتون جب، و غليوم وهنري ماسيه ولوي ماسنيون وغارسيا غوميت Ga r cia Gomez ومينورسكي Mino r sky . وقد حضر بعض رجال الدين النصاري مثل الأب لاتور Lato r والأب باريخا Pa r eja . وحضر من العلماء المسلمين فاضل بن عاشور [كتبه البستاني عشور]من تونس.([20])
3-مؤتمر المستشرقين الدولي الرابع والعشرين
ميونخ بألمانيا في الفترة من 28 أغسطس( آب) إلى 5أيلول ( سبتمبر) 1957م
لاحظ يوسف أسعد داغر أن المؤتمر قد امتاز بحسن الإعداد والتنظيم الدقيق، وقد وصف المؤتمر بأوصاف مليئة بالإعجاب حيث قال:" كل هذا قد أضفى على مؤتمر ميونخ جواً من الجلال والإجلال والاحترام ساعد جدياً على إنجاحه، وهي صفات لا بد أن تطبع وتخصب كل مشروع دولياً كان أم إقليمياً تتخذ العدة اللازمة لإعداده وتأمين نجاحه إلى أقصى حدود النجاح.
أشار داغر إلى أن الوفد الروسي كان من أكبر الوفود عدداً كما كان للعرب والمسلمين مشاركة محدودة في هذا المؤتمر حيث تمثلت في كل من داغر (نفسه) وجورج قنواتي، وموريس شهاب، وعبد اللطيف الطيباوي، ومحمد إبراهيم الكتاني، والأب اغناطيوس عبده خليفة، وصلاح الدين المنجد، وصفاء خلوصي، وأمجد طرابلسي.
4-المؤتمر الدولي للدراسات الآسيوية والشمال أفريقية الخامس والثلاثون.
عقد في بودابست بالمجر في الفترة من 3-8ربيع الأول 1418هـ 7-12يوليو 1997.(25/204)
تميز هذا المؤتمر باهتمام سياسي مهم حيث كان من رعاة المؤتمر وزير الخارجية السعودي، وولي العهد الأردني الذي حضر الجلسة الافتتاحية وألقى كلمة في هذه الجلسة، كما حضر رئيس جمهورية المجر وحظي المؤتمر برعاية رئيس جمهورية إندونيسيا. وقد جاء هذا المؤتمر بعد خروج المجر من النظام الشيوعي بسنوات قليلة. وقد نالت الدراسات العربية والإسلامية اهتماماً بارزاً ولعل الإسلام والقضايا الإسلامية كانت المحور الأساس للمؤتمر بالرغم من وجود محور للدراسات اليابانية والدراسات الصينية والهندية.
ومن الملاحظ أن المشاركة الروسية كانت بارزة جداً حيث بلغ عدد البحوث التي قدمها الروس والجمهوريات التي كانت ضمن الاتحاد السوفيتي (سابقا) مائتين وثمان وثلاثون بحثاً جمعت ملخصاتها في كتاب من جزأين.
وقد أقيم على هامش المؤتمر معرض للكتاب لبعض دور النشر المتخصصة ويلاحظ أن الإيرانيين قد أنشأوا مؤسسة للدراسات الاستشراقية وكان لهم حضور في معرض الكتاب للإعلان عن مؤسستهم ونشاطاتها. والحقيقة أن قسم الاستشراق ومركز الدراسات الحضارية و الاستشراقية بقسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) أسبق في الوجود من المشروع الإيراني، ولدى القسم نشاط مبارك في النواحي العلمية المنهجية وكذلك في مجال النشر. ولكن ينقصنا الإعلان عن هذا النشاط. ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لاستأذنت بوضع منضدة للإعلان عن نشاطات هذا القسم والمركز، وبعض مطبوعات القسم وأعضائه.
ثانياً :المؤتمرات السنوية لمعهد الشرق الأوسط ، واشنطن - الولايات المتحدة الأمريكية .
تأسس معهد الشرق الأوسط في واشنطن عام 1947م ليكون مؤسسة للبحث العلمي حول الشرق الأوسط بهدف تقديم وجهات نظر متوازنة حول قضايا الشرق الأوسط، وهو مؤسسة خاصة لا تتبع لحكومة الولايات المتحدة وإن كانت تحاول أن تقدم وجهات نظرها للحكومة الأمريكية للمساعدة في وضع سياساتها حول المنطقة. ويعقد المعهد مؤتمراً سنوياً يتناول فيه مختلف القضايا. وفيما يأتي نماذج من هذه المؤتمرات السنوية :
1-المؤتمر السنوي لعام 1951 بعنوان :(الإسلام في العالم الحديث)، 9-10مارس 1951م) وقد شارك فيه عدد من كبار المستشرقين ومن هؤلاء بايرد دودج، وفيليب حتّي، وولفرد كانتول سميت Wilf r ed Cantwell Smith و فيليب أيرلاند Philip W. I r eland. وغيرهم.
وقد جمعت بحوث هذا المؤتمر وجاء في مقدمة الكتاب إن عقد هذا المؤتمر جاء بسبب الأهمية القصوى للمشكلات التي تشتمل عليها محاور المؤتمر بالنسبة لكل من شعوب الشرق الأوسط وشعب الولايات المتحدة الأمريكية. أما أهميته بالنسبة لشعوب الشرق الأوسط فلأن تعديل الإسلام ليتوافق مع العالم الحديث يعد أمراً حيوياً ومسألة حياة أو موت. ويضيف بأن العرب قد مروا بولادة جديدة ثقافياً وسياسياً.([21])
ومن المناسب استعراض بعض المحاضرات التي ألقيت في هذا المؤتمر ومنها محاضرة يايارد دودج Baya r d Dodge رئيس الجامعة الأمريكية في بيروت المتقاعد بعنوان (ملاحظات حول الجوانب الروحية والأخلاقية للاتجاهات الحديثة في الإسلام). وقد تناول بايارد العبادات ومن ذلك قوله عن الصلاة: "لم يكن شيئاً أجمل في المجتمع شبه البدوي في عصر النبي محمد [ r] من أداء الصلوات القديمة في جماعة حيث يترجل سائقو الجِمال عن جِمالهم. ولكن اليوم كيف يمكن لموظف في البنك أو سائق السيارة الأجرة أو رجل المرور أن يؤدوا الصلوات الخمس في اليوم في مدينة مثل القاهرة أو استنبول؟" ([22])
وتحدث عن عزوف الشباب عن الصلاة والذهاب إلى المساجد حتى يوم الجمعة وانظر إليه يقول:" حاولنا أن نشجع المسلمين الشبان في المعهد الإعدادي أن يذهبوا إلى المسجد الساعة الحادية عشر صباحاً من يوم الجمعة وأعفيناهم من الدروس وطلبنا من المسؤولين عن الشؤون الإسلامية أن يعينوا خطيباً جيداً لجذب الأولاد ولكن الأولاد لا يريدون الذهاب إلى الصلاة."([23]). ونقول لبايارد إن كان ما يقول صحيحاً فما الأسباب التي أدت إلى عزوف الشباب عن الذهاب إلى المسجد؟ ولكن يجب أن نتذكر أن محاربة الإسلام في المناهج الدراسية أو في محاضرات أساتذة من أمثال بايارد قد دفع بعض الطلاب المسلمين على قراءة القرآن الكريم والتعرف إلى دينهم ليدافعوا عنه أمام الهجوم المنظم على الإسلام وإن كان هؤلاء قلة على أي حال.(*)
وقد تناول الصيام أيضاً وذكر عن صديق مسلم سني من كبار المسؤولين في الشؤون الدينية في لبنان أن الرجال لم يعودوا يصومون وأنهم تركوا الصيام للنساء لأن ذلك مفيد لهم كنوع من الرياضة لتخفيف الوزن.([24])(25/205)
ولا يحتاج مثل هذا الحديث إلى تفصيل في الرد ولكن يتعجب المرء من رجل قضى جزءاً كبيراً من حياته في بلد إسلامي وعرف الإسلام عن قرب ويتحدث عن العبادات بمثل هذه السذاجة أو السخافة مع أنه صاحب منصب علمي بارز. فأين العلمية والموضوعية ؟ هل يكفي أن يقول له مسؤول مسلم مجهول أنه لا يصوم ليقول بأن المسلمين تركوا الصيام. ولو عاش باريارد إلى زمننا هذا لرأى الناس لا يصومون رمضان وحده في البلاد العربية بل هناك الملايين الذين يصومونه في أوروبا ويصومون الاثنين والخميس ويصومون يوم عرفه ويوم عاشوراء. أما الصلاة فشأنها شأن آخر فهم أشد تمسكاً بها.
ولبايرد رأي طريف في مسألة تطوير الإسلام فذكر أن الأحمدية (القاديانية) وجامعة عليكرة (العظمى) تعملان الكثير " لتطوير إسلام حديث إلى حد ما دون التنازل عن الأسس الأصلية ، وقد قام الشيخ محمد عبده قبل جيل ونصف بمحاولات على هذا المنوال…"([25])
وهذا ما سعى إليه المستشرقون في كثير من مؤتمراتهم وهي أن يقنعوا نفراً من المسلمين بمثل هذه الأفكار وبخاصة من ذوي النفوذ والتأثير الفكري والتأثير السياسي كما يشير إلى ذلك محمد محمد حسين حيث يقول:" أما الجانب الخطر من أهداف هذا المؤتمر [مؤتمر حول الشرق الأدنى] فهو في الجهود المبذولة لهدم الإسلام أو تطويره وجعله آلة من آلات الدعاية الاستعمارية لصيانة المصالح الأمريكية والغربية."([26])
7- المؤتمر السنوي لعام 1995
تناول هذا المؤتمر السنوي قضايا مختلفة مثل القدس، والأزمة في الجزائر، والخليج، ودول أواسط آسيا تتجه جنوباً وغيره. وقد ألقى الكلمة الافتتاحية وليام كواندت William Quandt - من الذين عملوا في إدارة كارتر في إعداد معاهدة كامب ديفيد - وكان من المشاركين عدنان أبو عوده (وزير أردني سابق) وألون بن مائير وأميرة سنبل ومايكال فان دوسن من الكونجرس الأمريكي.وغيرهم
8-المؤتمر السنوي لعام 1996 ، 27-28 سبتمبر 1996.
صادف هذا المؤتمر مرور خمسين عام على إنشاء المعهد وقد كان موضوع هذا المؤتمر هو :"خمسون سنة في الشرق الأوسط." وقد شهد هذا المؤتمر أكبر حضور حيث بلغ حوالي ستمائة عضو في المعهد بالإضافة إلى الباحثين الأكاديميين وممثلي المؤسسات والدبلوماسيين والموظفين الرسميين والطلاب. وقد كانت الكلمة الافتتاحية بعنوان " الشرق الأوسط بين فوكوياما وصدام حسين " وألقاها البروفيسور جون واتربري John Wate r bu r y من جامعة برنستون قسم العلوم السياسية. وقد ضم المؤتمر خمس حلقات بحث: الشرق الأوسط في خمسين عاماً من النواحي السياسية والاقتصادية والازدهار أو التراجع الثقافي والعلمانية والإسلامية والدولة والمجتمع.
4- المؤتمر السنوي لعام 1997
بعنوان " الشرق الأوسط على مشارف القرن الواحد "، عقد في الفترة من 3-4أكتوبر 1997م.
تحدث في هذا المؤتمر كل من الأمير هشام بن عبد الله حفيد الملك محمد الخامس فتناول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وعملية السلام، والحركات الإسلامية التي تجد البيئة المناسبة حين تنتشر البيروقراطية والفساد والفقر والبطالة . أما محاور المؤتمر فكانت: أ- الإسلام والمجتمع ب- دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط،ج- الطاقة في أواسط آسيا، د- عملية السلام في الشرق الأوسط.
وكان من بين المتحدثين وليام كوانت ( يشارك للمرة الثانية في خلال عامين )من جامعة فرجينيا فتناول الوضع الحالي في الجزائر . وتحدثت فدوي الجندي -أستاذة علم الإنسان بجامعة جنوب كاليفورنيا ورئيسة قسم الشرق الأوسط في جمعية علم الإنسان الأمريكية- عن الإسلام كإطار للحياة اليومية في المجتمع المصري، وحذرت من التفكير في الإسلام على أنه حركة سياسية فقط. وذكرت كيف أن الإسلام قد ألهم المصريين رجالاً ونساءً منذ السبعينيات ليس للمقاومة المسلحة ولكن أيضاً المقاومة ضد التطبيع مع إسرائيل . وركزت في حديثها على دور المرأة الحيوي في الحركة الإسلامية. وأكدت في نهاية حديثها على أن الإسلام سيبقى أساساً في صياغة الحياة في العالم الإسلامي.([27])
ويمكننا التعليق هنا أنها إن كانت تقصد بالمقاومة المسلحة بعض أعمال العنف التي ظهرت من بعض الجماعات التي تسمّي نفسها إسلامية فلا بد من التوضيح أن الإسلام لا يدعو إلى العنف، وليس هو السبب في مظاهر المقاومة المسلحة التي قامت بها الحركات الإسلامية ضد الاحتلال الأجنبي. ولكن من المؤكد أن بعض العنف يعود إلى أسباب تتعلق بمفاهيم خاطئة لدى بعض فئات محدودة كما انه في بعض الأحيان رد فعل على عنف السلطات الحاكمة في بعض البلاد العربية الإسلامية في القضاء على مظاهر الإسلام أو ما أطلق عليه البعض " تجفيف منابع التدين".
ثالثاً : المؤتمر السنوي لرابطة دراسات الشرق الأوسط في الولايات المتحدة الأمريكية.
1- المؤتمر السنوي لعام 1992م.
قدم الدكتور حمد الصقري بعض البيانات عن هذا المؤتمر أوضح فيها أن عدد المشاركين في المؤتمر بلغ ألف وخمسمائة مشارك، وعدد المحاضرات والندوات تسعون محاضرة وندوة. أما موضوعات المؤتمر فكانت متنوعة شملت الموضوعات الآتية:
- السياسة في الإسلام.(25/206)
- الإسلام والسياسة والهوية،
- الإسلام والسلطة في الشرق الأوسط.
- الإسلام في مواجهة التحديث والتطور
وقد شاركت في المؤتمر ستون دار ومؤسسة نشر بينما غابت دور النشر العربية الإسلامية. وتخلل المؤتمر إقامة معارض علمية لإبراز أحدث ما صدر من نشرات ومطبوعات كما عقدت على هامش المؤتمر لقاءات للجمعيات العلمية المتخصصة مثل رابطة دراسات نساء الشرق الأوسط، وجمعية دراسات الخليج العربي، وجمعية الدراسات المغربية وغيرها من الجمعيات.([28])
وقد شارك وفد مكون من أكثر من عشرة باحثين سعوديين في المؤتمر الذي عقد عام 1996م وكان بعضهم مناقشاً وقدم البعض الآخر محاضرات في المؤتمر كما ترأس بعضهم بعض الجلسات.
رابعاً : المؤتمر العالمي الأول حول الإسلام والقرن الواحد والعشرين. ليدن - هولندا في الفترة من 15-18 محرم 1417 الموافق 3-7يونيه 1996م.
قام بتنظيم هذا المؤتمر كل من جامعة ليدن ووزارة الشؤون الدينية الإندونيسية وقد أسهمت وزارة الثقافة والتعليم الهولندية برعاية هذا المؤتمر. وقد حدد للمؤتمر ثلاث محاور هي : 1-الإسلام والمجتمع العالمي،
2- الإسلام والتنمية،
3- الإسلام والتربية .
وقد ألقي في هذا المؤتمر ثمانون بحثاً وحضره أكثر من مائتين وأربعين عالماً من شتى أنحاء العالم.
إن عقد هذا المؤتمر قبل نهاية القرن العشرين بعدة سنوات يذكر باهتمام الغرب قبل مائة سنة تقريباً بأحوال الأمة الإسلامية في القرن العشرين، وقد قامت إحدى كبريات المجلات الفرنسية بتوجيه سؤال إلى أكثر من خمس عشرة مستشرقاً عن توقعاتهم للقرن العشرين. وهاهو الاستشراق يعود من جديد فيتحدث عن القرن القادم ولكن بأسلوب أكثر دقة وعلمية حيث استضاف المؤتمر عشرات من أبناء الأمة الإسلامية للحديث عن تطلعاتهم وتوقعاتهم لأمتهم في المستقبل. مع العلم أن المؤتمر سيعقد في حلقة جديدة عام 1998في إندونيسيا وحلقة ثالثة في المغرب 2000م.
اهتم المؤتمر بدول جنوب شرق آسيا حيث كان تمثيل ماليزيا وإندونيسيا وغيرهما من دول جنوب شرق آسيا كبيراً، وقد تردد كثيراً في أروقة المؤتمر وفي المحاضرات الحديث عن إسلام ملاوي أو إسلام إندونيسي وأن قيادة العالم الإسلامي قد تصبح لدول جنوب شرق آسيا.
وفي مجال الإسلام والمجتمع العالمي تناول بعض الباحثين الحركات الإسلامية "الأصولية " ومن هؤلاء على سبيل المثال مستشرق هولندي - يانس يانسن Janssen - الذي ألقى محاضرة بعنوان " فشل البديل الليبرالي" تناول فيها عدم قدرة "النخبة العلمانية" من أمثال فؤاد زكريا، وفرج فودة، ومحمد سعيد العشماوي، و مصطفى أمين وأمثالهم على كسب الجماهير بالرغم من انتشار كتبهم وطباعتها باستمرار. ولعل السبب في هذا الفشل أن هؤلاء يعيشون بعيداً عن تطلعات الجماهير.([29]) وكان لي مناقشة معه حول تسمية هذه الفئة بالنخبة بأن النخبة هي الصفوة وأفضل ما في المجتمع ولكن هؤلاء لا يستحقون هذه اللقب لأنهم مصنوعين في الخارج وفكرهم لا ينبع من تراث الأمة وقيمها ومسلماتها.
وتحدث في هذا المحور باحثان من مؤسسة الأهرام وكالا التهم للحركات الإسلامية بأنها ستقود البلاد إلى التخلف والرجعية واضطهاد المرأة واضطهاد الآخرين الذين يخالفونهم الرأي [لا يؤمنون بالديموقراطية] والأقليات الدينية، وغير ذلك من التهم الجاهزة.([30]) وقد تيسر لي الرد على أحدهما بأن الحركات الإسلامية يتم الحديث عنها وانتقادها والتقليل من شأنها ولكن ليس هناك من يمثلها، وطلبت من رئيس الجلسة أن يبلغ رئاسة المؤتمر أو منظميه أن الحركات الإسلامية ليس لها تمثيل صحيح في هذا المؤتمر. والغريب أن رئيس الجلسة هو يانس الهولندي قد دافع عنهما بأن بحثهما ملتزم بالموضوعية والدقة العلمية.وكان بعض الحضور يشاطرني الرأي في نقدي للمؤتمر.
ولدى استعراض بحوث المؤتمر نجد أن الغرب يستطيع الإفادة من هذه المؤتمرات بالإفادة من جهود أبناء الأمة الإسلامية في الحصول على معلومات علمية دقيقة عن بلادهم لا يستطيع الحصول عليها بسهولة.
خامساً : المؤتمر السنوي للجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط، 11-14يوليو 1994
عقد هذا المؤتمر تحت عنوان " الثقافة: الوحدة والتنوع " وهو ليس بالعنوان الجديد فقد عقدت ندوات سابقة ومؤتمرات تحت هذا العنوان.([31]) وقد قسم هذا المؤتمر إلى أربعة وثلاثين حلقة مقسمة على خمسة محاور وقد بلغت الدراسات المقدمة مائة دراسة. ومن هذه الدراسات ما يأتي:
1- أحمد اغروت:" علّة المغرب" تناول فيها التحديات الكثيرة التي تواجه المنطقة.
2- هيد روبرتس - من مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية ، تحدث عن الجزائر تحت عنوان " فشل التسلط دون سلطة."
3- آرون كابيل من جامعة باريس تحدث أيضاً عن الديموقراطية في الجزائر.
4- وتناول نقولا زيادة موضوع التعليم العالي في البلاد العربة وفشل هذا التعليم بالرغم من التضخم الكمي
5- تناولت شيرين خير الله المدرسة المارونية في روما في القرن السادس عشر وتأثيرها في لبنان.(25/207)
6- كانت محاضرة سيد حسين نصر بعنوان " الوحدة والتنوع في ثقافة الشرق الأوسط" وذكر بأن الحضارة الإسلامية تضم في داخلها ثقافات متعددة ولكنها جميعاً تنصهر في بوتقة الحضارة الواحدة . وتناول أيضاً تأثير الحداثة الغربية في اللغة والتشريع والتعليم ..الخ.
وتحدثت ربيكا ستون من جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس عن هوليوود وما تقوم به من نشر ثقافة مزيفة حول الشرق الأوسط تحت عنوان:" ثقافة مزيفة: موضوعات من الشرق الأوسط في أفلام هوليوود."([32])
المحور الثالث: مؤتمرات متخصصة
من أبرز القضايا التي تشغل الدوائر السياسية والثقافية في الغرب وبخاصة الدوائر الاستشراقية القضايا السياسية في العالم الإسلامي حيث إن الغرب مهتم جداً بأوضاع الحركات الإسلامية وتقدمها إلى أن تكون منافسة قوية للأحزاب الأخرى في العالم الإسلامي وبخاصة في تركيا والجزائر ، وغيرها من البلاد الإسلامية. وإن المؤتمرات التي تعقد في هذا الشان كثيرة جداً وفيما يأتي بعض النماذج لهذه المؤتمرات.
أولاً :مؤتمرات سياسية:
تحظى القضايا السياسية التي تخص العالم الإسلامي بنصيب وافر من الاهتمام في المؤتمرات الاستشراقية، ويتم التركيز في هذه المؤتمرات على دراسة النظريات السياسية الإسلامية، ومدى التوافق بين الديموقراطية والنظام السياسي الإسلامي. وينطلق اهتمام الغرب بالأوضاع السياسية الإسلامية أن الحركات الإسلامية سجلت تقدماً في الساحة السياسية الإسلامية ولذلك يهم الغرب أن يفهم هذه الحركات وكيف يمكن أن تتغير الأوضاع في العالم الإسلامي إذا ما وصلت إحدى هذه الحركات إلى سدة الحكم.
وفيما يأتي نماذج من هذه المؤتمرات:
1- الجهاد والسلام : تحالفات الإسلاميين في شرق أوسط متغير.
هذه ندوة عقدت في مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط في الفترة من 30 مارس إلى 1أبريل عام 1996م.
وقد عددت مركز موشيه ديان من المراكز الاستشراقية ذلك أنه يسير على نمط الاستشراق الغربي وكذلك لمشاركة عدد من الباحثين الأمريكيين والأوروبيين ويتم بتمويل من الدول الغربية، وأيضاً لأن نتائج هذه المؤتمرات تؤثر في واضعي القرار السياسي الغربي .
ألقى وزير الخارجية الإسرائيلي السابق شمعون بيريز الكلمة الافتتاحية في المؤتمر وأشار فيها إلى أن الإرهاب الإسلامي " الأصولية" هي التهديد الأساسي لعملية السلام. وشارك في المؤتمر دانيال برومبيرج Daniel B r ume r g من قسم العلوم السياسية بجامعة جورج تاون ورئيس مؤسسة الديموقراطية والتغيير السياسي في الشرق الأوسط. متحدثاً حول " التحديث التكتيكي أو التعددية الإسلامية، وزعم برومبيرج أن الإصلاحيين الإسلاميين يستخدمون خطاب الديموقراطية وحقوق الإنسان لتطميع الغرب بأنهم ليسوا تهديداً له. وبالرغم من أن خطاب الإسلاميين تدريجي فقد أضاف برومبيرج بأنهم إذا ما وصلوا إلى السلطة فسيصبحون أكثر تطرفاً.([33])
وهذه الفرية على الحركات الإسلامية يقول بها كثير من المستشرقين والمتخصصين في شؤون العالم الإسلامي وليس لديهم أي دليل عليها. فمتى كانت الحركات الإسلامية تتحدث عن حقوق الإنسان والتعددية فقط لكسب رضا الغرب؟ أليس الإسلام هو الذي أرسى دعائم حقوق الإنسان الحقيقية على وجه الأرض، وهل الحركات الإسلامية في حاجة إلى رضا الغرب؟ أليست تعمل أساساً لرضا الله سبحانه وتعالى ؟
وفي هذا المجال أذكر أن جامعة برنستون كانت تستضيف باحثاً تركياً ليتحدث حول أوضاع تركيا وبروز نجم حزب الرفاه التركي فكال له التهم وأنه يدعي الحرية والانفتاح على الآخرين ولكن لديه أجنده سرية. فقلت له لقد ذكرت كيف أن تشيللر وهي التي تربت في الجامعات الغربية وتعتنق العلمانية والديمقراطية ومع ذلك ذكرت لها ممارسات بعيدة جداً عن الديمقراطية أو إنها ممارسات استبدادية فلماذا تتهم الحركات الإسلامية دون دليل . لقد ثار الغرب ضد وصول الإسلاميين إلى السلطة في الجزائر بحجة أنهم لن يكونوا ديموقراطيين إذا وصلوا إلى السلطة وليس لديهم أي دليل وأنت ما دليلك على أن حزب الرفاه لديه أجنده سرية؟(**)
وتحدث في هذا المؤتمر دانيال بايبس Daniel Pipes عن الوجه الغربي للأصولية الإسلامية وأكد -بالأدلة - أن قادة الأصولية الإسلامية أكثر تغرباً منهم تمسكاً بالتقاليد الإسلامية.
وشاركت في المؤتمر آن اليزابيث مايور Ann Elizabeth Maye r من جامعة بنسلفانيا بمدينة فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية فذكرت أن استخدام الإسلاميين لمسألة حقوق الإنسان ليس حقيقياً ولكنهم فرصويون في ذلك وذكرت أن هناك جهات أخرى في العالم الإسلامي تطالب بحقوق الإنسان وتستحق دعم الغرب.(25/208)
ولنا أن نتساءل ما الجهات التي قصدتها الباحثة أهي الجهات التنصيرية، والغرب يبحث عن حقوق الإنسان لأولئك الذين يتبنون الفكر الغربي الإلحادي. والحقيقة متى كان الغرب يدعم حقوق الإنسان حقاً فهذه حقوق المسلمين مهضومة في كشمير وفي بورما وفي الفلبين وفي البوسنة والهرسك وغيرها. ويعلم الغرب علم اليقين عن حقوق بعض العلماء المسلمين المنهكة في بلادهم ولا يحرك ساكناً تجاه هؤلاء لأنهم لم يكونوا يسيروا في تيار التغريب والإلحاد. ولكن انظر إلى الضجة التي أثارها الغرب من أجل المارقة تسليمة نسرين ونصر حامد أبو زيد وفرج فودة وغيرهم.
وتحدثت في المؤتمر جوديث ميللر Judith Mille r الصحفية بجريدة النيويورك تايمز عن القادة الإسلاميين بين الأيديولوجية والبراجماتية.
وكان من بين المتحدثين فرانسوا بورجارت من معهد البحوث والدراسات حول العالم الإسلامي في فرنسا وهو باحث معتدل ينتقد تناول الدول الغربية لقضية الحركات الإسلامية. وقد استضافته إحدى الإذاعات ذات مرة وقال إن الحكومة الفرنسية لم تكن لتتوانى في اعتقاله إلاّ لأن اسمه فرانسوا ولو كان اسمه محمد أو أحمد لاعتقلوه بسبب آرائه.
2- جار ممانع : تحليل دور تركيا في الشرق الأوسط.
عقد معهد الولايات المتحدة للسلام ندوة حول دور تركيا في الشرق الأوسط وقد كتبت مجلة معهد الولايات المتحدة للسلام عن أهمية عقد هذا المؤتمر قائلة:" لقد أسس مصطفى كمال تركيا الحديثة على أسس علمانية وأرسى سياسات متأثرة بالغرب، وأصبح جزءاً من أسس الجمهورية التركية ، وبالتالي فإن أي تغيير في هذا الوضع مهماً كان صغيراً فقد يكون له تأثيرات مهمة على مستقبل تركيا وعلاقاتها الخارجية."([34])
وكان الخطاب الافتتاحي ل بول ويلفووتز Wolf Wolfowitz -الأستاذ بمعهد الدراسات المتقدمة بجامعة جون هوبكنز بواشنطن - تحدث فيه عن أن تركيا هي الجسر بين التخلف الاقتصادي والاقتصاد الحديث بين ما هو ماض إمبريالي وحاضر حديث بين الظلامية الدينية والحداثة المدنية.([35])
وذكر ألفن روبنشتاين Alvin r ubinstein من جامعة بنسلفانيا أن تركيا بالفعل هي أهم دولة في الشرق الأوسط، وأضاف أن من بين الأسباب الاستراتيجية لأهمية تركيا الحرب في البلقان، وموقع تركيا على البحر الأسود بالإضافة إلى قربها من أوكرانيا وكريميا، ودورها جسراً بين بلاد القوقاز وأواسط آسيا ودورها المتزايد في منطقة الشرق الأوسط.([36])
وتحدث أحد المتخصصين عن المشكلة الكردية واقترحوا أن على تركيا أن تجد حلاً لهذه المشكلة نظراً لما لهذه المشكلة من أهمية في تحديد علاقات تركيا بالقوى المجاورة.
3- مؤتمر الإسلام و الحكم الفردي والتحديث في الشرق الأوسط .
عقد المؤتمر في مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الفترة من 13-14ديسمبر 1995م. وقد شارك في هذا المؤتمر عدد من المستشرقين الأمريكيين والأوروبيين .
تحدث برنارد لويس في الجلسة الافتتاحية عن مصطلح الحكم الفردي من الناحية التاريخية وموقف الإسلام من مصطلح ملك ن وكيف اختار المسلمون مصطلح الخلافة ثم كيف تطور نظام الحكم في العصور المختلفة.
وقدم إمي آيلون Ami Ayalon من مركز موشيه ديان وأحد تلاميذ برنارد لويس محاضرة تناول فيها الحكومات العربية في الشرق الأوسط في النصف الأول من القرن العشرين. وتحدث جابريال بن دور Gab r iel Ben Do r من جامعة جيفا عن الحكم الفردي في الشرق الأوسط نماذج ومفاهيم، وتحدث سيمون هندرسون Simon Hende r son من صحيفة الفاينانشال تايمز (البريطانية) عن الحكم في منطقة الخليج العربي. وشارك من الولايات المتحدة الأمريكية إف جورج قوزF. Geo r ge Fause من جامعة فيرجينيا بمحاضرة عن الاقتصاد والأمن بأنهما عاملين من العوامل التي تحدد الاستقرار ، وقارن بين دول الخليج واليمن.
أما من أوروبا فشارك ريمي ليفو r emy Leveau من مركز برلين مارك بلوك للبحوث في العلوم الاجتماعية بأن الملكية في المغرب قد وضعت أولاً لخدمة المصالح الاستعمارية الفرنسية ، ثم أصبحت مرآة للحركة الوطنية المغربية . وتحدث جودرن كريمر Gud r un K r ame r من جامعة وبن مقدماً تحليلاً مقارناً بين المعارضة الإسلامية في المغرب والأردن ودول عربية أخرى وأشار إلى أن هذه المعارضة تتضمن تحدياً للحكومات ولكنه ليس تحدياً مقلقاً .
وشارك من الأردن كل من رضوان عبد الله من الجامعة الأردنية الذي تحدث عن العلاقات بين السلطات الأردنية والتقدميين العرب والفلسطينيين وأن هذه العلاقات لم تكن دائماً تصادمية، أما العلاقات مع "الأصوليين" فليست مستقرة. وتحدث نصر طهبوب عن جهود الحكومة الأردنية لتأسيس وحدة قومية استفادت من عملية السلام والنظام العالمي الجديد.([37])
من الصعب مناقشة بحوث المؤتمر دون الاطلاع عليها ولكن من الواضح أن المركز اهتم بقضية الحكم في الإسلام والنظريات السياسية الإسلامية تاريخيا، كما اهتم بواقع الأمة الإسلامية واستفاد من خبرات باحثين متخصصين من أوروبا وأمريكا ، كما أفاد من باحثين عرب مسلمين يعرفون الموضوعات التي تناولوها فقدموا معلوماتهم لعدوهم.(25/209)
4-الإسلام والسياسة الأمريكية في العالم العربي:
هذه ندوة عقدها معهد الولايات المتحدة للسلام دامت يوماً واحدا في 16 يونيه 1994م شارك فيها عشرون باحثاً وموظفاً إدارياً وصحافياً وخبراء في السياسة . ومن الباحثين البارزين الذين شاركوا ديفيد ليتل كبير باحثين في الشؤون الدينية والأخلاق وحقوق الإنسان، كما شارك مورتون هالبرن مسؤول في مجلس الأمن القومي، وروبرت بلاترو وبرنارد لويس. وتركزت الندوة حول التفريق بين المحافظين وبين المتطرفين وكذلك مدى التوافق بين الإسلام والديموقراطية.([38])
ويلاحظ في مثل هذه الندوات اقتصار المتحدثين على الخبراء الأمريكيين أو من العرب الموجودين في أمريكا. وقد التقيت مسؤولين في هذا المعهد فأفادوا بأنهم سوف يستضيفون عام 1995 سعد الدين إبراهيم للكتابة عن الحركات الإسلامية " الأصولية" في مصر. فقلت لهم كيف تثقون ببحوث أمثال سعد الدين إبراهيم الذي له موقف مسبق من الحركات الإسلامية، ولا يتمتع بالموضوعية والنزاهة والحياد في كتاباته عن هذه الحركات.
5- ندوة حول تركيا
عقدت ندوة علمية في مركز موشيه ديان بالتعاون مع معهد السياسة الخارجية التركي التابع لجامعة أنقرة لبحث موضوع " التطرف في الشرق الأوسط". وشارك في هذه الندوة سبعة من الأكاديميين من المعهد التركي وعلى رأسهم مدير المعهد مع عدد من الأكاديميين الإسرائيليين.
تكونت الندوة من ثلاث حلقات الأولى قدم فيها الأتراك أسئلة حول الأمن التركي والأصولية العرقية والدينية في تركيا ومشكلات الهوية وبخاصة لدى القبائل شبه الرجل في الأناضول.
أما الحلقة الثانية فكانت حول العراق وبخاصة في مجال السياسة والأمن المتعلقة بالنفط والاقتصاديات الخاضعة للمقاطعة في إيران والعراق وليبيا.
أما الحلقة الثالثة فتركزت على الأصولية والحكم الاستبدادي في أواسط آسيا وعدم الاستقرار في جنوب القوقاز وأوضاع الحركات الإسلامية. وتناول الحديث في الجلسة الختامية "الإسلام المتطرف في مصر"، و"العامل الإسلامي في السياسات الفلسطينية" و"الأوضاع في الجزائر."
ومرة أخرى لا يمكن الحكم على محتويات هذه الحوارات ولكن في هذا النشاط دلالة على اهتمام اليهود بمعرفة وجهات النظر في الدول المختلفة ونقل وجهات نظرهم إلى الدول الأخرى وبخاصة المسؤولين فيها وصانعي القرار. وفي هذا دروس للجامعات العربية والإسلامية لتنشط في مجال البحث العلمي والندوات ليكون للعلماء دور في صناعة القرار السياسي.
ثانياً : مؤتمرات حول التاريخ الإسلامي.
1- مؤتمر حول الكتابة التاريخية للشرق الأدنى والأوسط، 1957.
عقدت مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية مؤتمراً حول كتابة التاريخ الإسلامي عام 1957 بإشراف برنارد لويس الذي كان يرأس قسم التاريخ بالمدرسة في ذلك الحين. وقد دعي لحضور المؤتمر عدد كبير من الباحثين من أنحاء العالم الإسلامي. ومن هؤلاء بعض الذين درسوا في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية مثل : كمال صليبي، وعبد العزيز الدوري، وجمال الشيال. وشارك في المؤتمر كل من حلمي أحمد من جامعة القاهرة وكوران من جامعة استنبول وأحمد الشيال من جامعة القاهرة .
ونشرت أبحاث المؤتمر في كتاب أشرف على إعداده كل من لويس وب. إم هولت ونشرته جامعة أكسفورد. وقد تناول لويس في بحثه نقد المستشرقين في كتابتهم للتاريخ الإسلامي ولعله أراد أن يوضح لهم القضايا التي ينبغي الاهتمام بها من هذا التاريخ كما أوضح لهم الأدوات اللازمة لدراسة التاريخ. وبالرغم من أنه قدم انتقادات جيدة للمناهج الاستشراقية إلاّ أنه وقع في الأخطاء نفسها.
2-سقوط القسطنطينية 29-30مايو 1953م
عقدت هذه الندوة في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن بالتعاون مع السفارة اليونانية لإحياء ذكرى مرور خمسمائة سنة على سقوط القسطنطينية. وقد قدم برنارد لويس أستاذ التاريخ الإسلامي بالمدرسة بحثاً بعنوان (القسطنطينية والعرب) تحدث فيه عن المحاولات المتكررة من الخلفاء المسلمين لفتح المدينة وأورد عدداً من الأحاديث التي تذكر أن المسلمين سيفتحون المدينة. ولكنه اختار هذه الأحاديث من كتاب كنز العمال دون الإشارة إلى درجة هذه الأحاديث من الصحة والضعف الأمر الذي اتخذه لويس وسيلة للاستهزاء بهذه الأحاديث وبالحديث عموماً.
ثالثاً: مؤتمرات وندوات حول المرأة المسلمة:
من الموضوعات التي نالت اهتمام المستشرقين منذ القديم موضوع المرأة المسلمة لأنهم أدركوا أنهم متى ما استطاعوا التأثير في المرأة استطاعوا السيطرة على المجتمعات الإسلامية. ولعل كلمة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه (لا يخلبنكم نساء بني الأصفر عن نسائكم) ليس فقط في الجاذبية الجسدية ولكن في طرق المعيشة والتفكير.(25/210)
وفي قسنطينة بالجزائر عقد المؤتمر الدولي للمرأة الأوروبية عام 1934م، ولم تكن المرأة الجزائرية أو العربية حاضرة في المؤتمر لكن موضوعها لم يغب عن معدي البرنامج حيث اقترحت النساء الأوروبيات أن يطلبن من الحكومة الفرنسية في الجزائر أن ترفع سن الزواج للفتاة الجزائرية، وأن يتم تقنيين الشريعة الإسلامية ، وأن يهتم بتعليم المرأة الجزائرية. وقررت مندوبة السويد البقاء في الجزائر مدة أطول للدعوة إلى السفور وإلى تعلم المرأة.([39])
فمن الاهتمام بالمرأة المسلمة تأسيس (رابطة دراسات نساء الشرق الأوسط) في الولايات المتحدة الأمريكية قبل أكثر من عشر سنوات . وهذه الرابطة تعقد ندواتها وحلقات البحث خلال المؤتمر السنوي لرابطة دراسات الشرق الأوسط كما تصدر مجلة ربع سنوية حول قضايا المرأة المسلمة . وتشارك في المؤتمرات العالمية حول المرأة .
ومن الندوات والمؤتمرات الغربية حول المرأة ما يأتي:
1-الورشة الافتتاحية لبرامج ودراسات المرأة بجامعة بير زيت بفلسطين.
قام بتنظيم هذه الورشة كل من قسم علم الاجتماع وعلم الإنسان بجامعة كالتون بكندا، ومعهد دراسات المرأة وقدم التمويل مركز بحوث التنمية الدولية بكندا. وقد قدم دينز كانديوتي من مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن محاضرة بعنوان "الحركة الأنثوية المعاصرة والدراسات الشرق أوسطية." وألقى هيثر من جامعة كارلنتون محاضرة بعنوان:" نقاط أساسية في منهجية الحركة الأنثوية.
2-ندوة النساء في العالم العربي. ندوة عقدت في جامعة جورج تاون بواشنطن العاصمة في ربيع عام 1986 م
وقد صدر كتاب يتضمن المحاضرات والبحوث التي ألقيت في الندوة. وأشرفت على إعداده ونشرة البروفيسور جوديث تكر Judith Tucke صلى الله عليه وسلم والكتاب في مجمله لا يخرج عن الأفكار الغربية عموماً بان المرأة المسلمة مضطهدة وينبغي رفع هذا الاضطهاد، كما أن المرأة المسلمة لم تنل حقوقها . والحديث عن خروج المرأة وحقوق العمل وغير ذلك من الأمور.
3-المؤتمر الدولي حول السكان والتنمية : عقد في القاهرة في سبتمبر 1994.
حضره عدد كبير من المشاركين من جميع أنحاء العالم وكان المؤتمر يتضمن الموافقة على مسودة ميثاق دولي حول السكان والتنمية. والحقيقة أن السكان كان الموضوع الأساس للمؤتمر حيث كان من أهم محاوره ما أطلق عليه " الحياة الإنتاجية " للمرأة والرجل، وكان المؤتمر يدعو صراحة إلى إعطاء الجميع الحق في الممارسات الجنسية وفي الإجهاض. وقد كان لبعض الدول ومنها المملكة موقف حازم من المؤتمر تمثل في عدم حضوره من الناحية الرسمية لكن كان هناك حضور لبعض المؤسسات والهيئات الرسمية وغير الرسمية التي أبدت مقاومة مباركة في منع إقرار الوثيقة كما كتبت أصلاً - وإن كان ما زال فيها الكثير المخالف للإسلام- ويبدو أن الغرب مصر على فرض قيمه وثوابته على العالم ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)
4-مؤتمر الإيواء في استنبول
من المؤتمرات التي اهتمت بالمرأة حيث إنها عنصر هام في موضوع الهجرات والنفي. وقد كان للمسلمين دور بارز في هذا المؤتمر في إحباط بعض الأفكار الغربية التي أرادوا فرضها من خلال هذا المؤتمر.
5-المؤتمر العالمي الرابع للمرأة
عقد في بكين في سبتمبر 1995م وكان للمسلمين حضور واضح في المؤتمر ولا تخرج هذه المؤتمرات عن التأثيرات للدول الغربية التي تحضر بأكبر عدد من الوفود كما يحضر من الغرب بالإضافة إلى الوفود الرسمية وفود الجمعيات غير الحكومية التي يتبنى معظمها وجهات نظر الحكومات الغربية . وقد حرصت الجمعيات غير الحكومية (NGO) على تكثيف نشاطاتها قبل انعقاد المؤتمر بوقت طويل لتكون مواقفها متناسقة ومتحدة في المؤتمر. كما حرصت المؤسسات المالية الغربية مثل البنك الدولي على تشجيع الجمعيات النسائية المتغربة في العالم العربي الإسلامي على التشاور قبل انعقاد المؤتمر. ومع ذلك كان الحضور الإسلامي مباركاً وكان له دور في عرض موقف الإسلام من قضايا المرأة المختلفة.
رابعاً : المؤتمرات حول الأدب العربي
نال الأدب العربي وما يزال ينال اهتمام المستشرقين ذلك أنه يقدم صورة لأوضاع العالم العربي الإسلامي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية. والأدب كما يقول عاصم حمدان : "تعبير عن هوية-أي أمة- ومنطلقاتها الحضارية وإرثها التاريخي، ولهذا كان اهتمام الغربيين كبيراً بالتراث العربي القديم لأنه كان تعبيراً حقيقياً عن هويتنا الحضارية…"([40])
ومن المؤتمرات والندوات التي تناولت الأدب العربي ما يأتي :
1-مؤتمر الأصالة والحداثة في اللغة والأدب العربي:
عقدت الندوة في جامعة اكستر -قسم الدراسات الإسلامية في شهر سبتمبر 1994 بمناسبة الذكرى الثانية لوفاة محمد عبد الحي شعبان مؤسس هذا القسم. وكان من محاور المؤتمر بحث مسألة الشعر التقليدي والشعر الحر والعامي، وكذلك بحث موضوع التأثير الغربي في الأدب العربي. شارك في المؤتمر ثلاثون باحثاً من أنحاء العالم .([41])
2-الأدب وحرية التعبير في الدول والمجتمعات الإسلامية:(25/211)
عقد المؤتمر في مدينة لوكم الألمانية في شهر أغسطس 1996. وقام بتنظيمه أكاديمية لوكم البروتستانتية. وقد ركز المؤتمرون على إثبات أن العلمنة شرط لإقامة وسط إنساني يتساوى فيه البشر ويتعاملون من خلاله بتسامح. ويستتبع ذلك الافتراض بأنه إذا كانت العلمنة ضرورية لا مفر منها فإن الدين عقبة لا بد من تذليلها إما بالانفلات من قيوده تهميشاً له أو بإعادة تفسير نصوصه تمييعاً لهها وتضييقاً له.([42])
ومن الطريف أن الحضور الغربي كان مهتماً بالتعرف على ظاهرة الصحوة الإسلامية فكما جاء في تقرير " الحياة" :" فثمة إلحاح شديد في أوساط الأكاديميين والمثقفين الغربيين على التعرف عن كثف على ظاهرة الصحوة الإسلامية المعاصرة.
وبالرغم من أن موضوع الندوة عن الأدب لكن اليوم الأخير خصص لموضوع أطلق عليه "الاستراتيجية المضادة" وهذا العنوان كان غامضاً لدى الحضور ولكن تبين من خلال المناقشات أن المشاركين انقسموا بين قسمين أحدهما يرى معاداة الأصولية ومحاربتها، وكان في هذا التيار كثير من العلمانيين العرب، بينما تزعم التيار الآخر مجموعة من الأكاديميين والسياسيين الغربيين رأوا أنه لا بد من " إفشال مشروع إعلان الحرب على الأصولية الإسلامية والانتصار لمبدأ التحاور ودعم سياسة إبقاء الأبواب مفتوحة .."([43])
4-محور الدراسات العربية والإسلامية في المؤتمر العالمي الخامس والثلاثين
لقد ذكر هذا المؤتمر ضمن المؤتمرات العامة لكنه تضمن بعض البحوث المتعلقة بالأدب العربي منها البحوث الآتية:
1- شامول موريه ( إسرائيل) " الممثلون اليهود وكتاب المسرح العربي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين ."
2- هيلاري كيلباتريك Hila r y Kilpat r ick " دراسة النثر العربي الكلاسيكي بين الشرق والغرب."
3- بيان راينهاوفا.( من جامعة صوفيا -بلغاريا) " صورة الريف في الرواية السورية المعاصرة."
5-ندوة عن الأدب العربي بعنوان: (فهم العالم العربي من خلال الأدب)
عقدت الندوة في مركز الدراسات العربية المعاصرة بجامعة جورج تاون بواشنطن العاصمة في 4 أبريل 1995. وقد تحدث في الندوة كل من:
I- صباح غندور."الكاتبات العربيات وأصواتهن الأنثوية."
II- أميرة الزين ." الأدب الشعبي الإسلامي" ( ألف ليلة وليلة)
V- عنا بشناق ." الأدب الشعبي العربي ( الفوكلور العربي ) وكان من المتحدثين أيضاً حليم بركات الأستاذ بالجامعة نفسها.
خامساً: الإسلام والغرب والإسلام في الغرب
من القضايا التي اهتمت بها المؤتمرات الاستشراقية المعاصرة مسألة العلاقة بين الإسلام والغرب حتى تأسست مؤسسات تهتم بهذا الجانب. وقد شاركت بعض الحكومات العربية الإسلامية في هذه المؤتمرات وكذلك الحكومات الغربية . فهاهي الجنادرية مثلاً تعقد ندوتها الكبرى خلال المهرجان الوطني للثقافة والتراث الحادي عشر والثاني عشر بعنوان (الإسلام والغرب) ودعت عدداً من الباحثين الغربيين للمشاركة في فعاليات الندوة ومن هؤلاء صموئيل هتنجتون، ورالف برايبانتي وبول فندلي وجون اسبوزيتو وغيرهم. وقد كان هذا الاحتكاك مهماً حيث أتيحت الفرصة لبعض الغربيين الاطلاع على موقف الإسلام من كثير من القضايا. كما أن بعد نظر الجهة المنظمة للمؤتمر (الحرس الوطني) أتاح الفرصة لمختلف التيارات الفكرية لعرض مواقفها في القضايا المثارة للنقاش. وهذا الانفتاح وبعد النظر واتساع الأفق لا تتوفر في كثير من المؤتمرات والندوات التي تعقد في أنحاء العالم العربي الإسلامي وكذلك في الغرب.
ومن المؤتمرات التي عقدت حول هذا الموضوع ما يأتي :
1- الإسلام في أوروبا، ستكهولم - السويد ، يونيو 1995م.
قامت الحكومة السويدية بتنظيم هذا المؤتمر عن طريق المعهد السويدي وتضمنت محاوره ما يأتي:
أ -علاقة المسلمين بالمجتمعات الأوروبية التي يعيشون فيها.
ب- الديموقراطية والإسلام في أوروبا.
جـ - الطريق نحو ثقافة إسلامية في أوروبا.
وكان الهدف من عقد هذا المؤتمر محاولة تحقيق الانسجام بين الجالية الإسلامية والمجتمع السويدي في إطار الديمقراطية، والتعددية وقيم التسامح الديني والتفاعل الثقافي. وقد شارك في المؤتمر سبعون شخصية من أنحاء العالم الإسلامي منهم سياسيون رسميون وأدباء وكتّاب ومفكرون ومن هؤلاء سلمى الخضراء الجيوسي، وعزيز العظمة، ومحمد أركون، وسعد الدين إبراهيم، وأمين المعلوف، وفهمي هويدي، وأكمل الدين إحسان أوغلو، وفاطمة المرنيسي والقديس جوزيف خوري.
وحضره من الجانب السياسي أمين عام الجامعة العربية ووزير خارجية الأردن السابق كامل أبو جابر، ووزير بنقلاديشي سابق هو كمال حسين، والنائب الإيراني محمد جواد لاريجاني، وأمين عام رابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الله نصيف.([44])
وقد عقدت حلقة ثانية للمؤتمر في عمّان بالأردن نظمته مؤسسة آل البيت عام 1996 وكان من توصيات هذه الحلقة الاقتراح بإنشاء مركز للدراسات والأبحاث الأورو- إسلامية، وتضمن الاقتراح أن يكون مقر المركز المغرب ويكون التمويل مشتركاً بين أوروبا والعالم الإسلامي وقد قامت السويد بدور أساسي لدعم إنشاء هذا المركز.([45])(25/212)
2- منتدى أوروبا والإسلام - طليطة - إسبانيا.
32-25 ذو العقدة 1416( 11-13أبريل 1997)
عقد هذا المؤتمر بتنظيم مؤسسة ناكو إيليني الدنماركية ومؤسسة خوسيه أورتيقا إي غاسيت الاسبانية ، وموضوع المؤتمر هو إعادة النظر في العلاقات الأوروبية الإسلامية ودراسة مشكلة الحداثة والبحث عن خصوصية إسلامية .
وكان من المشاركين في هذا المؤتمر كل من الشخصيات الآتية أسماؤهم ومشاركاتهم :
أ - محمد أركون الذي هاجم فصل تاريخ شمال المتوسط عن جنوبه،
ب- حسن حنفي ، تحدث عن الإسلام والتغريب،
ج - غودروم كرام من جامعة بون وتحدث عن الإسلام والديموقراطية
د - عبد الله الفيلالي وتحدث عن الإسلام والعلمانية.
هـ- الأب موريس بورمانز، مدير المعهد البابوي للدراسات الإسلامية .
و- محمد عابد الجابري، انتقد صورة الإسلام على أنه عدو للغرب، ودعا إلى التصدي لهذه الأساليب التي تزرع الشك.
ز- طارق رمضان من كلية جنيف ومدير المركز الثقافي في جنيف.
ح- جون اسبوزيتو مدير مركز التفاهم الإسلامي النصراني بجامعة جورج تاون بواشنطن العاصمة.([46])
3-الإسلام والغرب -قبرص
عقد هذا المؤتمر في قبرص في الفترة من 29 و30 جمادى الآخرة 1418هـ الموافق 30 و31 أكتوبر 1997م، وقام بتنظيمه مركز الحوار العالمي. وقد صرح رئيس المركز أن هدف المؤتمر هو " تبديد اللبس وسوء الفهم الذي يحيط بالإسلام، هذا اللبس ليس من شانه سوى إثارة نزاعات في أجواء عنصرية …والسعي إلى فهم الإسلام بشكل أفضل وتوضيح صورته للغرب الذي يعتبره تهديداً[i]، ويحدد على هذا الأساس مواقفه حيال العالم الإسلامي، ويأسف للخلط بين الإسلام وبين التطرف والعنصرية والإرهاب."([47])
وقد شارك في المؤتمر أربعون خبيراً من أمريكيا وروسيا وإيران والعالم العربي ومن هؤلاء على سبيل المثال بي نظير بوتو - رئيسة وزراء الباكستان سابقا- وصموئيل هتنجتون واريط رولو وجون اسبوزيتو ن وعشرة أساتذة جامعيين من إيران. كما شارك كل من أية الله عميد زنجاني من جامعة طهران وسيد عبد المجيد الخوئي صاحب مؤسسة الخوئي في لندن.([48])
وقد نقلت وكالة الأنباء الفرنسية أن المؤتمر دعا إلى تأليف هيئة لتبادل المعلومات مجانا.([49])
سادساً: التربية .
من أهم المؤتمرات الاستشراقية ما كان أكثر تأثيراً في حياة المسلمين وليس هناك ما هو أكثر أهمية من التربية . وقد رصد الدكتور محمد محمد حسين بعض المؤتمرات التربوية التي عقدت بتنظيم من مؤسسات غربية أرادت التأثير في هذا المجال الخطير . وقد أبدى اهتمامه بهذا الجانب حين تحدث عن وزارات التربية والتعليم قائلاً: " هي أهم هذه المعاقل والحصون الساهرة على أمن الشعوب وكيانها، لأنها المؤتمنة على أثمن ما تملكه الأمة من كنوز، هوي الثروة البشرية بما تنطوي عليه من قوى مادية ومن ملكات عقلية وخلقية ممثلة في رجال الغد الذي تشرف على تربيتهم …"([50])
ومن هذه المؤتمرات :
مؤتمر التربية الأساسية في العالم العربي.
عقد هذا المؤتمر بدعوة من الجامعة الأمريكية في بيروت وهي التي نشرت محاضراته وبحوثه في كتاب عام 1956 . وقد قدم الدكتور محمد محمد حسين ملخصاً وافياً لمحاضرات المؤتمر وأشار إلى الجهات التي نظمته وفيما يلي أبرز النقاط التي تضمنها هذا التلخيص:
1- الحصول على " معلومات دقيقة من مصادر موثوق بها كما يمكن معرفة الاتجاهات الفكرية لقادة الرأي والمسؤولين في هذه البلاد."([51])
2- التعرف إلى المسؤولين مباشرة " يعجمون عودهم، ويدرسونهم عن قرب ، ويختبرون مناعتهم ومدى استعدادهم للتجاوب مع الأهداف الخفية للسياسة الاستعمارية."
3- الحديث عن فضل أمريكا في إنشاء مؤسسات التعليم المختلفة في الأردن ولبنان وغيرها
4- " المطالبة بإعادة النظر في مؤسساتنا التي تكونت ضمن الوضع القديم وفي المبادىء والافتراضات والأهداف التي بنيت عليها تلك المؤسسات وتعديلها على نور الوضع العلمي والحضاري الحديث …"([52])
لا شك أن المؤتمرات حول التربية لم تتوقف عند هذا المؤتمر الذي عقد قبل خمسين سنة تقريباً ، وبخاصة أن أعداداً كبيرة من التربويين العرب المسلمين تخرجوا في الجامعات الأمريكية والأوروبية،وعادوا إلى بلادهم للعمل في هذا المجال الحيوي الخطير كما تسنم بعضهم مناصب مهمة في مجالات التربية والتعليم. وقد ظهر تأثير الفكر التربوي الغربي في مدارسنا وجامعاتنا في العالم العربي الإسلامي .
ولذلك فمن المهم أن يتم رصد هذه المؤتمرات ومعرفة التوصيات التي خرجت بها ومدى توافقها مع منهج التربية الإسلامية. ومن الواضح أن سيطرة الفكر التربوي الغربي أنسى الكثير من الباحثين والمثقفين أن لهذه الأمة فكر تربوي عظيم ابتدأ بتربية الرسو صلى الله عليه وسلم لصحابته الكرام وللأمة من بعدهم ، كما تمثل في البناء الحضاري العظيم.(25/213)
ولابد من الإشادة بالمؤسسات التربوية العربية والإسلامية مثل مكتب التربية لدول الخليج العربية ومكتب التربية العربي في تونس والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة في الرباط بالمغرب وجهودها في نشر الفكر التربوي الإسلامي. ولكن هذه الجهود تحتاج إلى دعم كبير وإلى دعم كليات التربية في العالم الإسلامي كي نستغني عن ابتعاث أبنائنا للحصول على المؤهلات العليا من الجامعات الغربية.
وربما كان تقصيرنا في عقد المؤتمرات حول التربية وشؤونها وشجونها هو الذي شجع الغرب للاهتمام بهذا الجانب فقد عقد المؤتمر العالمي الإسلامي الأول للتربية قبل أكثر من عشرين سنة ولم تتقدم أي دولة لاستضافة مؤتمر ثان حول هذا الموضوع الخطير. والذي يعرف شيئاً عن التربية وشؤونها في الغرب يدرك كم يهتمون باللقاءات الدورية المستمرة للمعلمين والتربويين .
الخاتمة
سعى المستشرقون منذ وقت مبكر لمعرفة العالم الإسلامي، وتبادل المعلومات والخبرات، والاتفاق على المشروعات العلمية، وكذلك لنشر فكرهم وثقافتهم والترويج لمناهجهم والتأثير في العالم الإسلامي، وكانت المؤتمرات والندوات هي إحدى هذه الوسائل الناجحة جداً في تحقيق هذه الأهداف .
وقد تنوعت المؤتمرات بين مؤتمرات عامة تتناول القضايا التي تخص العالم الإسلامي كافة إلى مؤتمرات متخصصة وقد قدمت في هذه المحاضرة حديثاً عن المؤتمرات وأهدافها وتمويلها والمشاركة العربية الإسلامية فيها وقدمت بعض الآراء التي تشكو من غياب المشاركة العربية الإسلامية عن هذه المؤتمرات.
وفي المحور الثاني تناولت المؤتمرات العامة مثل المؤتمرات الدولية للجمعية الدولية للمستشرقين التي بدأت عقد مؤتمراتها العامة منذ عام 1873 حتى الوقت الحاضر وبلغت خمساً وثلاثين مؤتمراً حتى الآن . وقدمت نماذج أخرى للمؤتمرات العامة.
وفي المحور الثالث قدمت بعض النماذج للمؤتمرات المتخصصة في التاريخ، وفي اللغة والأدب ، وفي قضايا المرأة وفي العلاقات بين الإسلام والغرب ،وفي التربية.
إذا كان الاستشراق ومن خلفه الحكومات الغربية وبعض المؤسسات الغربية تهتم كل هذا الاهتمام بعقد المؤتمرات والندوات للبحث في شؤون العالم الإسلامي حتى إن ما يعقد في الغرب من مؤتمرات وندوات يفوق ما يعقد في العالم الإسلامي من مؤتمرات وندوات تخصنا . فهل تركنا للغير يبحث في شؤوننا ويقرر ما يشاء في أدق خصوصياتنا؟
لقد آن الأوان أن تنشط الجامعات العربية والإسلامية في عقد المؤتمرات والندوات وأن تتاح للمنتدين والمؤتمرين الحرية العلمية المنضبطة بالضوابط الشرعية ، وأن يتاح لتوصيات المؤتمرات أن تأخذ طريقها للتنفيذ لا أن تبقى حبراً على ورق أو حبيسة الأدراج.
وأخيراً لابد من كلمة تفاؤل فإن الغرب الذي طالما كان من بيننا من شعر بالانبهار لإنجازاته في مجال التربية لم يجد وسيلة للحد من جرائم الأحداث سوى فرض حظر التجول عليهم ، فإذا كان أحداثهم لا يمكن الوثوق بهم فإن أحداث - لم يكونوا أحداثاً- تنافسوا في دخول المعارك وقادوا الجيوش ولم يتجاوزوا العشرين . ولذلك فإنني أتطلع إلى اليوم الذي ندرس فيه التربية الغربية بمنظار النقد الإسلامي وتكون التربية الإسلامية سبيلاً لهداية العالم كما كانت أول مرة.
المراجع العربية
-البستاني، فؤاد أفرام . " مؤتمر المستشرقين الدولي الحادي والعشرين " في المشرق. (بيروت) السنة الثانية والأربعون ، تشرين أول -كانون الأول 1948م ص. 481-500.
- = . "مؤتمر المستشرقين الدولي الثاني والعشرين ." في المشرق، السنة السادسة والأربعون ، الجزء الأول ، كانون الثاني ، شباط 1952، ص 102-116.
- حسين، محمد محمد. حصوننا مهددة من داخلها. ط5( بيروت : المكتب الإسلامي 1398هـ/1978م)
- = .الإسلام والحضارة الغربية .ط5( بيروت : مؤسسة الرسالة، 1402-هـ/1982م)
- حمدان، عاصم. " لماذا ومتى يهتم الأوروبيون بتراثنا؟" في المدينة المنورة ، 23ذو القعدة 1408 (ملحق التراث )
-الحياة. العدد (11798) 13محرم 1416هـ.( 11يونيو 1995م)
-= . عدد (12221) في 27ربيع الأول 1417الموافق 11أغسطس 1996م.
-= .عدد (11483)9صفر 1415هـ ، الموافق 27يوليو 1994. -= .عدد ( 12448) 20 ذو القعدة 1417هـ( 29 مارس 1997م)
-= .عدد ( 12102) 25 ذو القعدة 1416هـ( 31 أبريل 1996م)
- خليفة، محمد. " الإسلام في أوروبا" في الحياة، عدد (11798) 13محرم 1416، الموافق 11 يونيه 1995م.
- داغر، يوسف أسعد. " حول مؤتمر المستشرقين الدولي الرابع والعشرين " في الأديب. السنة السادسة عشرة، الجزء الثاني عشر ، ديسمبر 1957م.
- سعد الله ، أبو القاسم.أفكار جامحة (الجزائر:المؤسسة الوطنية للكتاب، 1988م)
- السماري، فهد. " الاستشراق الأكاديمي" في المسلمون. 14ذو الحجة 1410هـ.
- الصقري، صالح محمد. "مراكز دراسات الشرق الأوسط في الغرب واهتمامها بالمسلمين." في الشرق الأوسط، عدد (5448) ،28أكتوبر 1993.
- الشرق الأوسط. عدد (5637)في 1محرم 1415،(10يونيو 1994م)
-= . عدد (5765) 10 سبتمبر 1994م.
-= .عدد (6912) 30جمادى الآخرة 1418هـ(31أكتوبر 1997م)(25/214)
- الشاهد ، محمد السيد، " لقاء صحفي معه "في مجلة اليمامة. (الرياض) عدد ( 1209) 16ذو الحجة 1412هـ.
- مطبقاني، مازن. المغرب العربي بين الاستعمار والاستشراق .(جدة: دار الريشة 1409)
- المدينة المنورة. عدد ( 12618) 30 جمادى الآخرة 1418م.
المراجع الأجنبية
-Annual r epo r t of the Gove r ning Body of the School of O r iental and No r th Af r ican Studies 1957.
-Abdul-Fattah, Nabil and Halah Mustafa " the Weste r n Democ r atic Model and Political Islam in the Middle East." A pape r p r sented the Fi r st Inte r national Confe r ence on Islam and the Twenty Fi r st Centu r y, Leiden 3-7 June 1996.
- Dodge, Baya r d. " Comments on Spi r itual and Mo r al Aspects of Cu r rant T r ends " in Islam in the Mode r n Wo r ld.
- Islam in the Mode r n Wo r ld. (The P r eface)edited by Do r othea Seelye F r anck ( Washington : Middle East Institute, 1951.
- Jansen, Johannes. " The failu r e of the Libe r al Alte r native" a pape r p r esented to the fi r st Inte r national Confe r ence on Islam and the Twenty- Fi r st Centu r y. Leiden, 3-7 June 1996.
- Middle East Institute Newslette صلى الله عليه وسلم Vol.48, No. 6, Novembe r 1997.
- Moshe Dayan Cente r fo r Middle Easte r n and No r th Af r ican Studies Bulletin, No. 24, Fall 1996.
-=. No. 23 Sp r ing 1996.
United States Institute of Peace Jou r nal. Vol. VII, No. 4, August 1994.
- الحواشي :
1-نشر هذا البحث في مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت
2 -صالح محمد الصقري . " مراكز دراسات الشرق الأوسط في الغرب واهتمامها بالمسلمين." في الشرق الأوسط، ع (5448) ،28أكتوبر 1993.
3 -المرجع نفسه.
4- الحياة ، عدد (11798) 13محرم 1416هـ(11يونيه 1995م)
5- الشرق الأوسط ن عدد (5637 ) ، 1محرم 1415 الموافق 10 يونيو 1994م.
6 -محمد محمد حسين . حصوننا مهددة من داخلها .ط5( بيروت ودمشق: المكتب الإسلامي،1398/ 1978م) ص. 30-31.
7 -المرجع نفسه.
8 - أبو القاسم سعد الله. أفكار جامحة. (الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب، 1988)ص 260.
9- فهد السماري ، " الاستشراق الأكاديمي." في المسلمون ، 14/12/1410.
10- محمد محمد حسين. الإسلام والحضارة الغربية. ط5( بيروت : مؤسسة الرسالة ، 1402- 1982م) ص 124-127.
11- في حديث مع مدير مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية حول من يدعى إلى المؤتمرات الغربية واقتصار الدعوات في الغالب على الذين لا يختلفون عن الغربيين في عقلياتهم وتوجهاتهم فقال دعهم في هذا الجهل فربما ليس من مصلحة المسلمين أن يعرضوا على الغربيين أفكارهم وتوجهاتهم التي تخالف الغرب الذي لا يحب سماع صوت سوى صوته.
12- حسين . الإسلام والحضارة الغربية ، مرجع سابق، ص 127.
13 - حسين ، حصوننا ، مرجع سابق. ص 36.
14 - Annual r epo r t of the Gove r ning Body of School of O r iental and Af r ican Studies. 1957.
15 -يوسف أسعد داغر." حول مؤتمر المستشرقين الدولي الرابع والعشرين ." في الأديب، السنة السادسة عشرة، الجزء الثاني عشر ، ديسمبر 1957، ص 22-28.
16- " لقاء مع الدكتور السيد محمد الشاهد" في مجلة اليمامة (الرياض) عدد (1209) ،16ذو الحجة 1412.
17 -صالح الصقري ، مرجع سابق.
18- الحياة، ع (12221) ،27 ربيع الأول 1417الموافق 11 أغسطس 1996م.
19- فؤاد افرام البستاني، " مؤتمر المستشرقين الدولي الحادي والعشرون." في المشرق، السنة الثانية والأربعون ،تشرين أول - كانون الأول 1948، ص 481-500.
20- فؤاد أفرام البستاني. " مؤتمر المستشرقين الدولي الثاني والعشرون " في المشرق، السنة السادسة والأربعون ، الجزء الأول ، كانون الثاني- شباط 1952. ص 102-116.
21 -P r eface to Islam in The Mode r n Wo r ld .edited by Do r othea Seelye F r anck ( Washington: Middle East Institute, 1951.
22 - Baya r d Doge. " Comments on Spi r itual and Mo r al Aspects of Cu r rant T r ends" in Islam in The Mode r n Wo r ld. Op., Cit., P.P.10-19.
23- المرجع نفسه.
* قابلت الدكتور مالك بدري من جامعة الزرقاء الأردنية وهو سوداني الأصل وقد درس في الجامعة الأمريكية وكان من زملائه الدكتور اسحق الفرحان وذكر لي أن محاربة بعض أساتذة الجامعة للإسلام دفعهما لدراسة القرآن الكريم والإسلام للرد على افتراءات هؤلاء.
24-المرجع نفسه.
25- المرجع نفسه.
26-محمد حسين ، الإسلام والحضارة الغربية ، مرجع سابق.ص 133.
27 - The Middle East Institute Newslette صلى الله عليه وسلم Vol. 48, No. 6, Novembe r 1997.
28 - الصقري ، مرجع سابق.
29 -ohannes Jansen. " The Failu r e of the Libe r al Alte r native". A pape r p r esented to the Fi r st Inte r national Confe r ence on Islam and The Twenty-Fi r st Centu r y.
30- Nabil Abdul Fattah and Hala Mustafa. " The Weste r n Democ r atic Model and Political Islam in the Middle East." P r esented to the Confe r ence mentioned above.(25/215)
31-شارك برنارد لويس في مؤتمر بعنوان ( الوحدة والتنوع في الحضارة الإسلامية ) ببحث عنوانه:" تركيا والتغريب." ونشرت بحوث المؤتمر عن دار جامعة شيكاغو عام 1956.
32- الحياة، عدد (11483) ، 9 صفر 1415، 27 يوليو 1994.
[33] - The Moshe Dayan Cente r fo r Middle Easte r n and No r th Af r ican Studies Bulletin. No.24, Fall 1996.
** - كان هذا في اللقاء الأسبوعي في قسم دراسات الشرق الأدنى بجامعة برنستون 20سبتمبر 1995، وكنت أزور الولايات المتحدة ضيفاً على برنامج الزائر الدولي الذي تتبناه وكالة إعلام الولايات المتحدة.
[34] - United States Institute of Peace Jou r nal, Vol. VII, No. 4, August 1994.
[35] -المرجع نفسه.
[36] - المرجع نفسه.
[37] - The Moshe Dayan Cente r Fo r Middle Easte r n and No r th Af r ican Studies Bulletin, No. 23. Sp r ing 1996.
[38] - United States Institute of Peace Jou r nal. Op. Cit.,
[39] - مازن مطبقاني . المغرب العربي بين الاستعمار والاستشراق.( جدة: دار الريشة، 1409) .
[40] - عاصم حمدان." لماذا ومتى يهتم الأوروبيون بتراثنا ." في المدينة المنورة. ، 23ذو العقدة 1408 ( ملحق التراث)
[41] -الشرق الأوسط . ع(5765) في 10 سبتمبر 1994.
[42] -الحياة ،ع (12221) في 27 ربيع الأول 1417 ( 11أغسطس 1996).
[43] - المرجع نفسه .
[44] - محمد خليفة. " الإسلام في أوروبا." في الحياة ، ع (11798) ،13محرم 1416،الموافق 11يونيه 1995.
[45] - الحياة. عدد ( 12448) 20 ذو القعدة 1417، (29 مارس 1997م)
[46] - الحياة، عدد (12102) ، 25 ذو القعدة 1416، (31 أبريل 1996م)
[47] - الشرق الأوسط. عدد (6912) 30 جمادى الآخرة 1418 (31 أكتوبر 1997)
[48] - المرجع نفسه .
[49] - المدينة المنورة ، ع(12618) في 30 جمادى الآخرة 1418 .
[50] -محمد حسين ، حصوننا مهددة من داخلها ، مرجع سابق ص 19.
[51] - المرجع نفسه ص 30.
[52] - المرجع نفسه ص 32-33.
==============(25/216)
(25/217)
نظرة إلى المؤتمرات في بلادنا >
عقد في ليدن بهولندا قبل سنتين مؤتمر عالمي بعنوان "الإسلام والقرن الواحد والعشرون" تبنت الدعوة إليه كل من جامعة ليدن ووزارة الشؤون الدينية الإندونيسية، وقد حظي المؤتمر باهتمام رسمي من قبل جمهورية مصر العربية بمشاركة عدد كبير من علماء الأزهر وبعض الباحثين المصريين.كما شارك وزير الشؤون الدينية المغربي الذي دعا إلى أن تعقد الحلقة الثالثة من المؤتمر في المغرب عام 2000م بينما كان من المقرر أن تعقد الحلقة الثانية من المؤتمر في إندونيسيا. وشارك في حفلة الافتتاح وزير الثقافة الهولندي ووزير الشؤون الدينية الإندونيسي. وقد تضمن برنامج المؤتمر ثلاثة محاور هي : الإسلام والتنمية، والإسلام والعولمة والإسلام والتعليم. وقد قدم في المؤتمر أكثر من مائة وثمانين بحثاً بالإضافة إلى جلسة خاصة لعلماء الأزهر كانت باللغة العربية بينما قدمت بحوث المؤتمر كلها باللغة الإنجليزية.
وقد نشرت جريدة "الحياة" في 1ربيع الأول 1419هـ خبراً عن عزم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المصرية الدعوة لعقد مؤتمر عالمي بعنوان (الإسلام والقرن الواحد والعشرين) دون الإشارة إلى المؤتمر السابق الذي عقد في هولندا. وهذا المؤتمر إنما هو حلقة ثانية للمؤتمر الأول وقد تقرر عقده في مصر عوضاً عن إندونيسيا التي تمر بظروف سياسية واقتصادية خاصة.
ونظراً لأنني كنت قد حضرت المؤتمر الأول في هولندا ممثلاً لبلادي ومشاركاً بتقديم بحث حول الإسلام والتنمية، فقد تمنيت أن أعرف عن المؤتمر الذي سيعقد في القاهرة قريباً قبل مدة كافية لأتمكن من الإعداد للمشاركة في الحلقة الثانية من المؤتمر. وقد لفت نظري عدم إشارة الخبر إلى المؤتمر الأول الذي عقد في هولندا. كما أعتقد أن الكثير من المستشرقين الذين حضروا المؤتمر الأول سيحضرون المؤتمر الثاني.
وتأتي أهمية هذا المؤتمر أن مجلة فرنسية سألت خمسة عشر مستشرقاً في بداية القرن العشرين عن توقعاتهم لما سيحدث في العالم الإسلامي في هذا القرن . فتناول كل واحد منهم جانباً من أوضاع العالم الإسلامي. وكان المؤتمر الأول لا يخرج عن فكرة النظر فيما سيكون عليه حال الأمة الإسلامية في القرن الواحد والعشرين والإسهام في التخطيط لذلك كما فعلوا في القرن الماضي. فهل يفوت المسلمون عليهم هذه الفرصة ويخططوا لأنفسهم.
ويهمني في هذا المقال أن أتحدث عن نماذج من المؤتمرات التي تعقد في أنحاء العالم ومن يدعى إليها وكيف تتم الدعوة. لقد عرفت عن المؤتمر الأول عن طريق أحد الأساتذة المسلمين الذين يعملون في جامعة ليدن الذي بعث إلي بتفاصيل عن المؤتمر فأسرعت ببعث ملخص فكرة البحث الذي أود إلقاءه في المؤتمر وبعد مدة قصيرة تلقيت إفادة من السفارة الهولندية بالرياض بموافقة اللجنة المنظمة على بحثي وأن السفارة على استعداد لتسهيل إجراءات حصولي على التأشيرة. وتقدمت إلى جامعتي مستأذناً أن أحضر المؤتمر فحصلت على شرف تمثيل بلادي في المؤتمر وكنت الوحيد من المملكة العربية السعودية وقد عددت ذلك تقصيراً من اللجنة المنظمة للمؤتمر أنها لم تدعو الجهات الرسمية في المملكة والجامعات لترشيح من يمثلها. فبلاد لها أهمية المملكة العربية السعودية ومكانتها ما كان ينبغي أن يقل عدد الممثلين منها عن عشرة ممثلين. ولا شك أن المؤتمر الذي سيعقد في القاهرة سيحصره عدد طيب من علماء هذه البلاد.
فليت القائمين على هذا المؤتمر أعلنوا عنه قبل أشهر من انعقاده ليتمكن من يرغب المشاركة للتقدم برغبته في المشاركة. أو إن المؤتمرات التي تأخذ الطابع الرسمي لها معايير معينة في اختيار المشاركين دون النظر في اهتماماتهم الحقيقية أو مستواهم العلمي.
أرجو أن تكون مؤتمراتنا القادمة أفضل تخطيطاً وأوسع مشاركة حتى تأخذ الصبغة العلمية الموضوعية.
=============(25/218)
(25/219)
ندوة صحيفة عكاظ حول الاستشراق(*)
هذه إجاباتي عن الأسئلة التي وجهت لي في الندوة التي عقدتها جريدة عكاظ في رحاب قسم الاستشراق بكلية الدعوة في المدينة المنورة وشارك فيها عدد من أساتذة القسم.
طبيعة الاستشراق الإنجليزي
لا يكاد الاستشراق الإنجليزي يختلف كثيراً في بداياته ودوافعه وأهدافه عن مداس الاستشراق الأخرى عدا أن إمبراطورية بريطانيا الاستعمارية كانت أوسع من غيرها من الدول الأوروبية الأخرى مما جعل الاستشراق الإنجليزي أوسع نطاقاً من ناحية عدد المستشرقين واهتماماته.
وفي الوقت الذي أخذت إمبراطورية بريطانيا في الأفول كان من المتوقع أن ينحسر المد الاستشراقي، لكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً فقد اتسع نطاق الاستشراق وتعمقت جهود المستشرقين وازداد عدد المؤسسات الجامعية ومراكز البحوث المهتمة بهذه الدراسات. ويمكننا توضيح ذلك بمثال "مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية" التي تأست بناء على توصيات من شخصيات سياسية مهمة مثل اللورد كيرزون الذي طالب في 17سبتمبر 1907م في مجلس اللوردات البريطاني بضرورة استمرار الاهتمام بالشق وتقاليده وعاداته ومشاعره للإبقاء على الامتيازات التي حققتها الإمبراطورية البريطانية.
وقد حدد تقرير لجنة الدراسات الشرقية والسلافية والأوروبية الشرقية والأفريقية (1947&1961م) بعض جوانب الاهتمامات الاستشراقية وذكر منها: الترجمة من اللغات العربية والإسلامية إلى الإنجليزية، والاهتمام بالتاريخ وذلك لأن الدراسات التاريخية تساعد على فهم الأحداث التي تقع في الدول الأجنبية، ومن ذلك الاهتمام بالعلوم الاجتماعية والتجارة والاهتمام بالمكتبات.
ويمكن أن نحدد طبيعة الاستشراق البريطاني بالصفات الآتي:
1- الصفة الدينية التنصيرية: وهنا لا يختلف الاستشراق الإنجليزي عن غيره حيث شارك المنصرون في الدراسات الاستشراقية وفي الأعمال التنصيرية، وظهر عدد من المستشرقين ذوي الاهتمامات التنصيرية.
2- الصفة السياسية الاقتصادية الاستعمارية: كان لازدياد النشاط التجاري وتطور العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول الأوروبية والعالم الإسلامي دوره في ظهور هذه الصفة في الاستشراق الإنجليزي. وقد أدت هذه الصفة إلى ظهور مجموعة من العلماء الذين تظاهروا بالعلمية والموضوعية والتجرد وكانوا أدوات في أيدي حكوماتهم تنفذ بهم أو عن طريقهم أطماعها الاستعمارية التسلطية. وقد ذكر آصف حسين في بحث له بعنوان: "أيديولوجية الاستشراق" أن الاستشراق ساعد الإمبريالية في جعل الاحتلال أمراً مشروعاً حيث اشترك بعض المستشرقين اشتراكاً مباشراً في مساعدة الإدارات الاستعمارية.
وثمة صفات مشتركة بين الاستشراق الأمريكي والإنجليزي نذكرها بعد الحديث عن الاستشراق الأمريكي.
طبيعة الاستشراق الأمريكي:
1- الصفة الدينية التنصيرية : ظهرت هذه الصفة في الاستشراق الأمريكي منذ بداياته الأولى حيث كان الاهتمام باللغة العربية طريقاً لفهم العبرية كما شارك الاستشراق الأمريكي في الحملات التنصيرية التي قصدت بلاد الشام وأنشأت فيها معاهد علمية مختلفة، كما أسس الأمريكيون بعثة تنصيرية في الخليج العربي استمرت من عام 1889إلى 1973م، ومن أبرز المستشرقين المنصرين صموئيل زويمر وكينيث كراج.
2- الصفة السياسية الاقتصادية: لقد اهتم الاستشراق الأمريكي بالأطماع السياسية الاقتصادية منذ وقت مبكر يرجعه البعض إلى منتصف القرن التاسع عشر، ولكن اندفاع الاستراق الأمريكي في هذا الاتجاه كان بصورة قوية بعد الحرب العالمية الثانية، فأنشأت مراكز البحوث للدراسات الاستشراقية بدعم كبير من الحكومة الأمريكية، ويؤكد هذا اهتمام أقسام دراسات الشرق الأوسط ومراكز البحوث في تحليل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية للعالم الإسلامي.
3- التوجه إلى دراسة المناطق أو الدراسات الإقليمية: لقد أسهم الاستشراق الأمريكي في تطوير فرع جديد من الدراسات الاستشراقية أطلق عليه الدراسات الإقليمية أو دراسة المناطق، وتتركز هذه الدراسات حول المشكلات الخاصة النابعة من التغيرات الاجتماعية الحديثة ويشمل هذا تتبع التطور الاقتصادي، والقيادات والجماهير والسكان والتعليم وعلاقات الجماعات والقوميات…الخ.
4- الارتباط بالعلوم الاجتماعية : أدخل الاستشراق الأمريكي إلى هذه الدراسات استخدام العلوم الاجتماعية من علم الاجتماع والأنثروبولوجيا وغيرهما في دراسة الشعوب الإسلامية.
هذا بإيجاز أبرز خصائص الاستشراق الأمريكي والإنجليزي.
الاستشراق اليهودي : برنارد لويس نموذجاً
أدرك المستشرقون اليهود أهمية مراكز البحوث والجامعات الغربية وبخاصة الأمريكية في صناعة القرار السياسي في الغرب فانخرطوا في هذه الدراسات لتحقيق كثير من مآربهم في محاربة العالم الإسلامي. ويقول في ذلك محمد بن عبود:" إن اليهودية هي القوة الثالثة التي تركت أثراً على تطورات الدراسات العربية والإسلامية في الغرب وبخاصة من الناحية المنهجية."(25/220)
ومن الملاحظ أن كثيراً من المستشرقين اليهود تصعب معرفة هويتهم ذلك أنهم يحاولون إخفاءها، ويؤيد هذا ما كتبه محمود حمدي زقزوق بأن اليهود عملوا داخل الحركة الاستشراقية دون كشف هويتهم حتى لا يعزلوا أنفسهم وبالتالي يقل تأثيرهم ، ولهذا عملوا على أنهم مستشرقون أوروبيون أو أمريكيون وكسبوا في تحقيق أهدافهم في النيل من الإسلام.
ومن المستشرقين اليهود البارزين في القديم جولدزيهر الذي عدّه المستشرقون مرجعاً أساسياً في العلوم الإسلامية كالحديث والتفسير والفقه. أما في العصر الحاضر فيمكننا أن نسمى آخرين مثل روزنثال الذي اهتم بالدراسات الأندلسية بخاصة والثقافة الإسلامية عموماً وكذلك التاريخ الإسلامي، ومنهم أيضاً سبيسر الذي درّس في جامعة بنسلفانيا وعمل أستاذا للغات السامية كما عمل مدرياً للمدرسة الأمريكية بالأبحاث المشرقية في بغداد. وعمل أيضاً رئيساً لقسم الشرق الأدنى في فرع الأبحاث والتحاليل في مكتب التنظيمات العسكرية، ومن المستشرقين اليهود تشارز توري وهاري ولفسون الذي اهتم بالفلسفة الإسلامية والكتابات العقدية عند ابن سينا والغزالي وابن رشد.
ويمتاز المستشرقون اليهود بعامة أن منابعهم الفكرية تنطلق أولاً من الثقافة اليهودية، ويضيف بعضهم -أو أكثرهم- الثقافة الصهيونية.
ويمكننا أن نقدم نموذجاً للمستشرقين اليهود وهو المستشرق برنارد لويس الذي وجه تخصصه في التاريخ الإسلامي لخدمة الدراسات اليهودية والبحث في المسائل التي تخص اليهود في العالم الإسلامي. وأصدر العديد من الدراسات التي ترصد أوضاع اليهود ومنها كتابه اليهود في الإسلام، الذي حاول فيه أن يجعل لليهود دوراً في بناء الحضارة الإسلامية فضلاً عن خلق دور لهم في بناء الدين الإسلامي نفسه. ومن دراساته كذلك دراسة الوثائق التي تخص الوجود اليهودي في الدولة العثمانية وفي فلسطين بالذات.
ومن منابع فكر المستشرقين اليهود التأثر بالظروف السياسية العالمية فقد تأثر لويس بما شهده من آثار الحرب العالمية الثانية وظهور حركات التحرر في العالم وبخاصة في العالم الإسلامي واستقلال معظم دوله مما جعل المستشرقين وبخاصة اليهود يركزون على دراسة قضايا معينة في فكر الأمة الإسلامية وعقيدتها ودراسة أسباب تحررها والتركيز على دراسة الخلافة :ظهروها وأسباب انهيارها وكذلك دراسة الفكر السياسي في الإسلام.
كما اهتم المستشرقون -وبخاصة لويس- بظهور تركيا الحديثة والحركة العلمانية فيها التي أدت إلى تغريب تركيا. واهتم المستشرقون اليهود بالصحوة الإسلامية ونبهوا إلى ما تصوروه من خطر سيواجه الغرب، ومن هؤلاء بالإضافة إلى برنارد لويس دانيال بايبس و ناداف سافران الذي خطط لإقامة ندوة عن الحركات الإسلامية في جامعة هارفرد بتمويل مشترك مع المخابرات المركزية الأمريكية لولا أن افتضح أمره قبل انعقاد الندوة بقليل، ومن هؤلاء المستشرق اليهودي المتخصص في المغرب العربي إيمانيوال سيفان.
وحرص الاستشراق اليهودي على التأثير في الرأي العالم الغربي عن طريق الندوات والمؤتمرات التي يشارك فيها هؤلاء المستشرقون (**)،وكذلك وسائل الإعلام المختلفة من إذاعة وصحافة وتلفاز. فاليهود يملكون عدداً من الدوريات والمجلات ينشرون من خلالها أفكارهم التي تحذر من الإسلام والصحوة الإسلامية.(***)
كيف يتم التعامل مع كتابات المستشرقين، وما دور المؤسسات الإسلامية والجامعات ومراكز البحوث في ذلك؟
هذه قضية خطيرة فالعالم الإسلامي مستهدف من الغرب لأسباب كثيرة منها السباب العقدية لارتباط الغرب بنصرانيته ويهوديته، ويؤكد هذا قول الله عز وجل }ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم{ وقوله تعالى }ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء{، وهناك أسباب أخرى سياسية واقتصادية فالغرب مازال يعتمد في صناعته وفي حياته اليومية على الثروات الطبيعية وعلى رأسها البترول المتوفر في العالم الإسلامي.
لهذه الأسباب اهتم الغرب بدراسة العالم الإسلامي دراسة عميقة من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتكاد الدراسات الاستشراقية لا تترك صغيرة أو كبيرة في عالمنا الإسلامي دون دراستها دراسة تحليلية. ومن خلال هذه الدراسات يستطيع الغرب توجيه مواجهته في محاولة السيطرة وفرض السيادة.
أما العمل المطلوب لمواجهة الاستراق فيمكن تلخيصه في النقاط الآتية:(25/221)
1- أن يتولى المسلمون دراسة أحوالهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية دراسات علمية أكاديمية صريحة حتى نتمكن من معرفة أنفسنا معرفة عميقة ودقيقة لنكون قادرين على تمثيل أنفسنا أما أنفسنا كما قال الدكتور أكرم ضياء العمري في محاضرة ألقاها في الجامعة الإسلامية قبل عدة سنوات بعنوان: "الاستشراق: هل استنفد أغراضه؟" وبعد أن نصل إلى هذا المستوى فإنه يصبح بإمكاننا تمثيل أنفسنا أما العالم. أما استمرار الوضع الراهن من غياب هذه الدراسات فإن الغرب يستمر في دراستنا والإفادة من الدراسات التي يقدمها أبناء المسلمين في جامعاته، وتوفر عليه كثيراً من الجهود والأموال ويحصل عن طريقها على كثير من المعلومات التي لا يتمكن من الوصول إليها لولا هذه الدراسات. وأقصد بذلك الدراسات الأكاديمية للحصول على الدرجات العلمية، وكذلك الذين يقضون سنوات التفرغ العلمي في الجامعات الغربية أو الباحثين العرب المسلمين المقيمين في الغرب.
2- لابد من إعداد خطة شاملة لرصد الدراسات الاستشراقية، وتوزيع هذه المسؤولية بين المؤسسات العليمة ومراكز البحوث والجامعات، ولا يمكن أن يتم ذلك إلاّ بعقد عدد من المؤتمرات والندوات المتخصصة لكل جانب من جوانب الدراسات الاستشراقية.
وإنني أدعو إلى اتخاذ خطوة جريئة أخرى حتى وإن لم ننجز الخطوتين السابقتين تماماً ألا وهي توجيه عدد من باحثينا لرصد الدراسات التي يعدها الغربيون حول مجتمعاتهم لنصبح على بصيرة بالمجتمعات الغربية فقد مكثنا طويلاً في زاوية الدراسات الدفاعية التبريرية التي تنتظر من الآخر ليكون فاعلاً ونحن نقدم ردود الأفعال. ولعل أهمية هذه الدراسات تظهر في أخذ زمام المبادرة من الغرب في فرض هيمنته وسيطرته واستمرار الانبهار بالغرب والحرص على تقليده فنحن بحاجة إلى الانتقال من دور المنبهر بالآخر أو دور المغلوب الذي يخضع للغالب ويحرص على تقليده.
- الحواشي :
* نشرت في العددين (10126)و(10133)في 18 و25 ذي القعدة 1414الموافق 29أبريل و6مايو 1994م
** -دليل على هذا أن المؤتمر الدولي الخامس والثلاثين للدراسات الآسيوية والشمال أفريقية الذي عقد في بودبست بالمجر في الفترة من 3-8 ربيع الأول 1418هـ(7-12 يوليو 1997م) حضره خمس وسبعون مستشرقاً من دولة إسرائيل هذا عد عن المستشرقين اليهود الذين حضروا من الدول الأوروبية وأمريكا وكندا، في الوقت الذي لم يزد عدد الباحثين من العالم العربي عن الخمسين باحثاً.
*** -راجعت النشرة الصادرة من مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فوجدت أن ثمة صلات قوية بن الدوائر السياسية والثقافية في الغرب وبين إسرائيل حيث يقوم باحثون متخصصون في الدراسات العربية الإسلامية اليهود بزيارة المعاهد الغربية ووزارات الخارجية ومراكز صناعة القرار السياسي في الغرب.
===========(25/222)
(25/223)
ندوة الحج والإعلام بجامعة أم القرى >
دعا المجلس الأعلى للإعلام وجامعة أم القرى ممثلة في مركز أبحاث الحج إلى ندوة علمية بعنوان الإعلام في الحج في الفترة من 28جمادىالآخرة حتى الأول من رجب 1415هـ من هذا العام، وهي ندوة ظهر فيها تنوع في خلفيات الجهات التي شاركت، كما ظهر فيها جهد كبير في البحوث وأوراق العمل.
ونظراً للأهمية الكبرى التي يحظى بها الإعلام في حياتنا، فلا بد أن يكون له أهمية خاصة في موسم الحج الذي كان موضوع الندوة. فالحج هو ركن الإسلام العظيم الذي تجتمع خلاله الأركان الخمسة جميعها من توحيد وصلاة وصيام وصدقة. ويقدم الحج البرهان العملي على أن الأمة الإسلامية أمة وحدها من دون الناس كما جاء في الصحيفة التي كتبها صلى الله عليه وسلم حين مقدمه إلى المدينة المنورة بين المهاجرين والأنصار وبين غيرهم من سكان المدينة ممن لم يكن قد دخل الإسلام حينها. وهذا ما تؤكده الآية الكريمة {وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون}
وقد نال هذا الموضوع اهتماماً خاصاً في بحث الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد الموسوم (العمل على إشاعة روح الأخوة بين الحجاج والانتماء للأمة الواحدة). وقد أورد الدكتور حميد العديد من الشواهد والأدلة على وحدة الأمة الإسلامية وكيف يمكن تنميتها من خلال برامج خاصة. وقد أفاض الشيخ حفظه الله في الاستشهاد بأقوال بعض المستشرقين في كيفية تحقق الوحدة الإسلامية في الحج. وكان من توصيات هذا البحث القيم قول الشيخ: "التنسيق بين فئات الحجاج لتبادل الزيارات فيما بينهم، وأعني بذلك عينات من أعيانهم ووجهائهم ومثقفيهم وأصحاب الفكر ليقابلوا إخوانهم من الجنسيات الأخرى في مواقعهم ومخيماتهم حسب برامج وأهداف محددة."
وهذا الأمر وإن كان يتم في الوقت الحاضر -فيما أعلم- ولكن في حدود ضيقة وبدون برامج محددة فإن توصية الشيخ تستحق الاهتمام بها من الجهات الداعية لهؤلاء الحجاج حيث يمكن تبادل المعلومات قبل موسم الحج بوقت كاف، كما ينبغي أن يطلب من السفارات حين تصدر التأشيرات الخاصة لبعض كبار الشخصيات العلمية والفكرية أن تتولى إشعار إدارة العلاقات العامة في وزارة الحج، فحتى لو كان الشخص لا يرغب أن يكون ضيفاً على أحد لكن ينبغي لنا الاحتفاء بهؤلاء وهو في الحقيقة هدي نبوي بالاحتفاء برؤساء القبائل وأشرافهم وذوي الأحلام منهم. بل ورد عن صلى الله عليه وسلم أنه قال في الصلاة: (ليلني أولي الأحلام والنهى)
وكم سررت حين عدت لمقالة الأسبوع الماضي فوجدت أنني تقدمت باقتراح قريب لاقتراح الشيخ وإن كان اقتراح الشيخ أعم في أن يكون اللقاء بين العلماء من مختلف البلدان التي يقدم منها الحاج، لكن يبقى من المهم أن يكون لنا استفادة خاصة في هذا البلد وكان مما جاء في اقتراحي الذي أعيده باختصار بأن تطلب الجهات المستضيفة للحجاج أو العلاقات العامة في وزارة الحج بالطلب من أساتذة الجامعات، وأضيف وغيرهم من المفكرين والمثقفين في هذه البلاد بمرافقة هؤلاء الحجاج بعض الوقت إما بمقابل أو تطوعاً. فكم نحن بحاجة ماسّة إلى مثل هذه اللقاءات العلمية بين القيادات الفكرية في العالم الإسلامي برعاية هذا البلد المضياف الذي منّ الله عليه بالأمن والاستقرار. فمثل هذه اللقاءات ستسهم بإذن الله في وضع الخطط المناسبة لعل دول العالم الإسلامي تخرج من التصنيف الذي وضعت فيه وهو (دول العالم الثالث) أو (الدول النامية) وهي مصطلحات غربية قبلناها أم رفضناها ولكن قوة الإعلام الغربي فرضها علينا.
فليجتمع في ظلال الحج الرياضيون، والفيزيائيون، والكيميائيون، وعلماء الأحياء، والأطباء، والمهندسون، وليجتمع الأدباء والكتّاب، وليجتمع علماء الفقه، والحديث والسنة. ولتكن فرصة لاجتماع أرباب الصناعة والتجارة، فإن التبادل التجاري والصناعي بين البلدان الإسلامية ما زال أقل بكثير مما هو بين بعض البلاد الإسلامية وغيرها من البلدان غير الإسلامية.
أن هذه الأمة دستورها القرآن الكريم الذي جاء فيه عن الحج {ليشهدوا منافع لهم} وأي منافع بعد مغفرة الله ورضوانه أفضل من انتشال الأمة الإسلامية من حالها التي هي فيه إلى حال أفضل لتنطلق في تبليغ رسالة الإسلام إلى العالم أجمع، و لتنتقل من حال الضعف إلى القوة، ومن حال الشتات إلى حال الوحدة. وقد قال القرطبي في تفسير هذه الآية:" ليشهدوا أي ليحضروا والشهود الحضور،{منافع لهم} أي المناسك؛ كعرفات والمشعر الحرام, وقيل المغفرة وقيل التجارة.، وقيل هي عموم؛ أي ليحضروا منافع لهم أي ما يرضي الله تعالى من أمر الدنيا والآخرة؛ قاله مجاهد و عطاء واختاره ابن العربي فإنه يجمع ذلك كله من نسك وتجارة ومغفرة ومنفعة دنيا وأخرى. وأضاف الإمام القرطبي- رحمه الله توضيحا بقوله:" ولا خلاف في أن المراد بقوله { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم} التجارة." أ.هـ.(25/224)
ولئن سبقني كل من الدكتور عبد القادر طاش والدكتور عاصم حمدان والدكتور محمد خضر عريف وغيرهم في الكتابة حول وسائل الإعلام وأدائها في موسم الحج وغيره من المواسم، لكنني شعرت أن النقاش الصريح حول مدى وصول الرسالة الإعلامية إلى المستقبلين كان ينبغي أن يتطور إلى الدعوة إلى عقد ندوة خاصة لمناقشة أداء وسائل الإعلام عموماً ليس في موسم الحج وحده بل على مدار العام أيضاً.
لقد اهتمت حكومتنا الكريمة بمجال الإعلام فأنشأت لذلك العديد من أقسام الإعلام في عدد من الجامعات - ربما آن الأوان ليتحول بعضها إلى كليات للإعلام- كما ابتعثت العديد من الطلبة المتفوقين للحصول على الدرجات العليا في مجال الإعلام من الولايات المتحدة وبريطانيا. ولقد أصبح لدينا عدد كبير من الإعلاميين المتخصصين الذين يعد وجودهم دعماً مباركاً لجهود الإخوة العاملين في هذا المجال وقد تمرسوا فيه على مدى سنوات خبرتهم الطويلة.
ومن الأفكار الممتازة التي عرضها أحد الإخوة في بحثه ضرورة استعانة وسائل الإعلام بالمتخصصين وببيوت الخبرة الإعلامية لقياس درجة الاستجابة لدى الجمهور المستقبل، وأكد أن مثل هذه الدراسات التي قد تكلف من الناحية المالية لكن مردودها سيكون أكبر من الاستمرار في الإنفاق دون هذه الدراسات وبالتالي ستوفر كثيراً من النفقات على المدى القريب والبعيد.
ومن الأفكار التي طرحت أن مواكبة وسائل الإعلام لدينا للمناسبات العالمية مواكبة لا تليق بخبرتها وسمعتها والإمكانات الهائلة المتوفرة لها، وأهم من ذلك أنها وسائل إعلام تعمل وفقاً للنظام الأساسي للإعلام في المملكة الذي يؤكد على الطبيعة الدعوية لهذه الوسائل. وفي حديث مع الأخ الدكتور عايض الردادي (مدير عام إذاعة الرياض سابقا) أشرت إليه بما حدث في إذاعة لندن من الاهتمام بمؤتمرات الأمم المتحدة الثلاث: مؤتمر السكان والتنمية في القاهرة، ومؤتمر التنمية الاجتماعية في كوبنهاجن ، المؤتمر العالمي للمرأة في بكين. فقدمت وجهة نظر الغرب وثقافته عقب المؤتمر الأول في برنامج (عن الجنس بصراحة) وقدمت خلال مؤتمر المرأة العلمي الرابع وعقبه أضخم جهد إعلامي (كما زعموا، وقد يكون صحيحا) هو برنامج (نون النسوة) الذي حشدت له إذاعة لندن إمكانات كبيرة ومقابلات على مدى العالم العربي كله. فماذا فعلنا نحن، وبخاصة أن القيم الإسلامية هي المستهدفة من هذه المؤتمرات أو المؤامرات.
وأشرت إلى أن إذاعة لندن تهتم بما يكتب عنها وتقوم بالرد عليه وبسرعة ومن ذلك أنني انتقدت برنامجا في تلك الإذاعة بعنوان(عالم الكتب) فجاءني الرد خلال ثلاث أيام بالفاكس من لندن. ولكن كم من مرة كتبت فيها عن الإذاعة أو التلفاز(حتى ظن البعض أنني متخصص في الإعلام) ولم أتلق حتى اليوم رداً واحداً.
وثمة نقطة مهمة عن إعداد البرامج فإن في إذاعتنا نفراً تخصصوا في كل شي: في الإخراج وفي التقديم وفي الإعداد وحتى الآثار، وقد صرح أحدهم -لم يعتقد أنني سأحتاج هذا التصريح - أن أمر الإعداد لا يحتاج أكثر من بضعة كتب وتنقل فقرة من هنا وفقرة من هنا..الخ. وقد لا يصدق مثل هذا إلاّ على برامج قليلة ولكنه حدث. والأمر الآخر ما ذا فعلنا بشأن المكافآت فقد كتب أحد الكتاب أن هذه التسعيرة لم يتم تعديلها منذ إنشاء الإذاعة. ولكن ما هو أهم من هذا طريقة تقديم هذه المكافآت أو الأجور عليك أن تراجع الأستاذ أمين الصندوق عدة مرات حيث يكون منتدباً أحياناً أو يكون مشغولاً وتبدأ أنت وهو في البحث في الكشوف أو البيانات فقد يكون اسمك وصل أو لم يصل. فما هذه الطريقة. ألا يمكن أن تصل المكافأة إلى صاحبها على عنوانه بعد أن نكون قد نظرنا في زيادتها بما يناسب حجم الجهد المبذول وقيمة المشاركة. وقد رأيت العشرات أو المئات من أصحاب المكافآت قد تركوها لأنهم ملوا من السؤال (المرمطة).
قد يقول قائل: " وهل نملك إمكانات إذاعة لندن؟" ولن أجيب عن هذا السؤال ولكن ما أعرفه أن الإذاعة وغيرها من وسائل الإعلام تلقى رعاية مباركة من حكومة المملكة لأننا بلد تحملنا مسؤولية الدعوة إلى الله فهذا هو ما تفيده قراءة النظام الأساسي للإعلام.
لقد كانت ندوة مباركة أتاحت الفرصة لعدد كبير من الأكاديميين للالتقاء، وهذه الندوات هي روح الحياة الجامعية،ولا يمكن للأستاذ الجامعي أن يحقق ذاته دون حضور الندوات والاحتكاك بزملائه من شتى التخصصات. فشكر الله للمجلس الأعلى للإعلام وجامعة أم القرى ممثلة في مركز أبحاث الحج على الدعوة إلى هذه الندوة.
لقد كانت ندوة مباركة أتاحت الفرصة للمتخصصين أكاديمياً والعاملين في المجال العملي أن يتحاوروا في جو علمي ملؤه المحبة والحرص على مصلحة هذا البلد الطيب
============(25/225)
(25/226)
قراءة ثقافية في تاريخ دورات الجنادرية"[1]"
الأنشطة الثقافية إحدى الفاعليات المهمة في مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة، وقد تعددت محاور هذه الأنشطة طوال الدورات الماضية للمهرجان ففي الدورة الأولى في العام 1405هـ أقيمت بعض الندوات الثقافية المبدئية التي دارت حول موضوعين فالندوة الأولى جاءت بعنوان "بين الأدب الشعبي والأدب الفصيح" شارك فيها كل من: د. سعد الصويان ود. مرزوق بن تنباك وأدارها د. عبدالله العثيمين، أما الندوة الثانية فجاءت بعنوان "نظرات في الأدب السعودي" شارك فيها كل من: د. محمد عبدالرحمن الشامخ و د. عبدالله الحامد و د. فهد العرابي الحارثي وأدارها د. عبدالله الغذامي وقد أقيمت محاضرة واحدة ألقاها د. عبدالله الشهيل في عنوان "الملك عبدالعزيز أمل العرب في مرحلة اليأس" وأقيمت أمسية شعرية شارك فيها كل من: علي عبدالله خليفة، و د.عبدا لله العتيبي، وأحمد صالح الصالح .
وفي المهرجان الثاني عام 1406هـ أقيمت 5 ندوات ثقافية ومحاضرة واحدة وثلاث أمسيات شعرية وتحدثت الندوات عن عدة عناوين هي "القصة القصيرة في الجزيرة العربية بداياتها وتطورها"، و"الرقص والأغنية الشعبية"، والخصومات الأدبية بدايتها دوافعها غاياتها"، و"الجزيرة العربية وتراثها القديم"، و"التنمية الثقافية في الخطة الخمسية الرابعة"، وألقى عبدا لعزيز السريع محاضرة عن "عهد المسرح الخليجي"، وشارك 11 شاعراً في الأمسيات الشعرية منهم: علي الشرقاوي، واحمد راشد ثاني، ومعيض البخيتان، وعبدالرحمن رفيع، وإبراهيم العواجي .
في المهرجان الثالث في العام 1407هـ أقيمت ندوة ثقافية كبرى عن التراث الشعبي شملت مجموعة من الندوات والعناوين، وكانت عبارة عن أوراق بحثية وتعقيبات على هذه الأوراق وجاءت في عناوين: ماهية الموروث الشعبي العربي علاقة الموروث الشعبي بمخيلة المبدع أهمية الموروث الشعبي في الأعمال الإبداعية أثر الموروث الشعبي في السلوك والأنماط الفكرية الموروث الشعبي في التراث العربي الموروث الشعبي في الفنون الاحتفالية، الفكاهة، المسرح، الموسيقى، الرقص، البرامج الشعبية وأهميتها وأثر الموروث الشعبي السعودي في عرب بلاد الشام، والتراث التقليدي لملابس النساء في نجد. وأقيمت ندوة دينية قدمها فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمة الله - وأقيمت ندوة عن "أدب المرأة السعودية وتطوره" بالإضافة إلى أمسية شعرية قدمها عدد من شعراء مجلس التعاون الخليجي.
في المهرجان الرابع 1408هـ استمر النشاط الثقافي الخاص بالتراث العربي؛ فأقيمت عدة ندوات قدمت فيها البحوث وأوراق العمل وجاءت في عدة عناوين هي: السيرة الشعبية العربية و"لغة المعاش اليومي في رواية السردي"، و"الفن القصصي في التراث الشعبي"، و" الرواية السودانية واستلهامها للموروث الشعبي"، و"ألف ليلة وليلة في القصة العربية" و"البيئة المحلية في قصة السباعي". وأقيمت ندوات موسعة تحت عنوان" التراث ماذا نبعث منه وماذا نترك"، و"تجربة التنمية ماذا بعد النفط"، و" الغزو الثقافي "، و"الشعر الجاهلي وجذوره"، و "هل العقل العربي في أزمة"، و"فلسطين صراع حضاري" وأقيمت في المهرجان نفسه خمس محاضرات هي: "القوانين العرفية في منطقة عسير"، و" توظيف التراث الشعبي في الأدب العربي" و"القيم الجمالية لمختارات الفنون الإسلامية"، و"جماليات الخط العربي وتطور أنماطه الفنية ودورها في ازدهار الفنون الإسلامية"، و"التراث ودوره في تحديد الهوية الفكرية والثقافية للأمة" قدمها كل من: محمد آل زلفة، وسعد الجنيدل، ومحمود الربداوي، وعبدالحميد الدواخلي، ومحمد قطب على الترتيب وأقيمت في هذا المهرجان 3 أمسيات شعرية .
وفي النشاط النسائي أقيمت 3 محاضرات الأولى بعنوان "حياة المرأة الاجتماعية والاقتصادية في نجد في عصر الإمام فيصل بن تركي" وألقتها مضاوي الهطلاني، ومحاضرة بعنوان: "الطب النبوي في معالجة بعض الأمراض"ألقتها سهير النجار، ومحاضرة بعنوان "مشاهير النساء اللاتي كان لهن دور إيجابي".
وفي المهرجان الخامس 1409هـ أقيمت عدة ندوات هي: "ظاهرة العودة العالمية للتراث"، و"الانتفاضة"، وندوة عن "المخدرات"، و"الجورباتشوفية وانهيار الماركسية"، "وثقافتنا والبث الإعلامي العالمي"، و"الحركات الإسلامية المعاصرة بين الإفراط والتفريط"، كما أقيمت عدة محاضرات هي: "نعم الله تعالى عمومها وخصوصها" للشيخ محمد العثيمين - يرحمه الله - و"المثقف اللامنتمي" لأحمد الشيباني، ومحاضرة دينية للشيخ عبدالعزيز بن باز - يرحمه الله - ومحاضرتان عن : "تغير نظرة المجتمع للإنسان المعاق" و"والأدب السعودي النسائي".(25/227)
وجاء المهرجانان السادس في العام 1410هـ والسابع في العام 1412هـ ليركزا على الجانب الأدبي ويحملا عددا كبيرا من الندوات التي تهتم بالأنواع الأدبية المختلفة حيث كان فن المسرح هو محور المهرجان السادس وجاءت الندوات الخاصة به في العناوين التالية: "الفن المسرحي في العالم العربي تاريخه وعوامل ظهوره"، و"لغة المسرح بين الفصحى والعامية وعلاقته بالتراث"، و"الشكل المضمون في المسرح العربي"، و"والتجربة المسرحية في المملكة العربية السعودية"، و "نحو مسرح إسلامي "، وأقيمت ندوة عن الحركة التشكيلية في السعودية .
كما أقيمت في المهرجان السادس مجموعة من الندوات الفكرية هي "الاتجاهات الفكرية في العالم العربي وأثرها على الإبداع"، و"أزمة الثقافة العربية "، و"منهج الإسلام في الدعوة"، و"الثوابت والمتغيرات في ثقافة الأمة" أقيمت محاضرة بعنوان "علاقة الشعر الشعبي بالمجتمع"، وأمسية شعرية واحدة .
أما النشاط النسائي في المهرجان السادس فقد تمثل في محاضرتين وندوة المحاضرة الأولى محاضرة عامة للمرأة المسلمة وقدمها فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -، والثانية قدمتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بعنوان "المرأة ماذا يراد منها ؟ وماذا يراد لها ؟" وجاءت الندوة بعنوان :"الدلالات الأنثروبولوجية لبعض عناصر التراث" وأعدتها الرئاسة العامة لتعليم البنات .
وفي المهرجان السابع أقيمت ندوات ثقافية وندوات فكرية في الندوات الثقافية كان فن الشعر هو المحور الرئيسي وجاءت ندواته بالعناوين التالية "الشعر العربي والحياة الشعبية"، و"الشعر والحكاية"، و"الموروث الشعبي والرومانتيكية الأوروبية"، و"الخيال الشعري في الشعر"، و"موسيقى الشعر العربي والأشكال الشعبية "، و"الرمز الأسطوري في الشعر المعاصر"، أما الندوات الفكرية فجاءت على النحو التالي: "المسلمون في آسيا الوسطى والدور الإسلامي المطلوب"، و"أزمة الفكر السياسي العربي في التعامل مع القضايا الكبرى"، و"ومكاننا في النظام العالمي الجديد"، و"في سبيل إستراتيجية أهدى وأجدى للحركة الإسلامية"، و"الوحدة الفكرية بين الثوابت وعوامل الاختلاف"، و"الطريق السوي للوحدة العربية الإسلامية"، وكانت محاضرة المهرجان والوحيدة بعنوان: "فقه الاختلاف" وألقاها الشيخ محمد العثيمين - رحمه الله - .
واستمر مهرجان الجنادرية في مواصلة نشاطه الثقافي حيث أخذت الندوات في المهرجان الثامن في العام 1413هـ والتاسع في العام 1414هـ والعاشر في العام 1415هـ طابعا متنوعا شمل الفكر والفلسفة الإسلامية وسؤال الهوية والفنون التشكيلية والإعلام والتاريخ الإسلامي .
وجاءت الندوات في المهرجان الثامن معبرة عن هذه التوجهات الشاملة حيث عقدت مجموعة من الندوات في عناوين متعددة هي: "الهوية الثقافية للأمة العربية"، و"الإسلام في الإعلام الغربي"، و"النفط والفكر في منطقة الخليج العربي"، و"أزمة المياه في العالم العربي"، و" التطورات التاريخية والفنية للفن العربي الحديث"، و"الحركة الإصلاحية في الجزيرة العربية"، والإسلام في شرق أوروبا "وكتابة التاريخ الإسلامي"، و"اتجاهات التجديد في الفن العربي المعاصر". وأقيمت ندوات عن السير الشعبية في أدب الطفل، ونظرة مستقبلية إلى أدب الطفل، والقصة والمسرح في أدب الطفل وغيرها من الندوات .
وركز المهرجان التاسع على النقد والنظرية الأدبية والتذوق الفني أقيمت عدة ندوات حول هذه المسائل كما أقيمت عدة محاضرات عن " مفهوم الشورى في الإسلام"، و"أدب الحوار في الإسلام"، و"برامج الدراسات الإسلامية والعربية في الجامعات الأمريكية"، و"التراث المخطوط في المملكة العربية السعودية"، و"الفقه والمشكلات الإنسانية المعاصرة"، و"القدس ومعناها الرمزي والديني في ضمير الأمة".
وفي المهرجان العاشر للعام 1415هـ بدأ المهرجان في تقليد ثقافي جديد وهو تكريم شخصية سعودية حيث بدأ بتكريم علامة الجزيرة الراحل حمد الجاسر، وأقيمت ندوات عن التأصيل والتجديد في ثقافة المسلم، وفن الزخرفة الإسلامية والعرب في مواجهة التحديات، وفلسفة الفن الإسلامي، وواقع الحسبة في ضوء المنهج الشرعي، والعرب في مواجهة التحديات: الثقافة والإعلام، والعرب في مواجهة التحديات: التربية والتعليم، والشعر السعودي، كما أقيمت أمسيتان شعريتان، وأمسية نسائية أدبية، وندوة عن عمل المرأة .
تحول مهرجان الجنادرية في العام 1416هـ إلى ان يصبح واحداً من أهم المهرجانات الثقافية العالمية في المنطقة حيث فتح محورا شديد الأهمية في هذه الدورة التي شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا، حيث حضر ندواته الثقافية التي كان محورها الرئيسي:" الإسلام والغرب" مجموعة كبيرة من المفكرين العالميين مثل: صامويل هنتنجتون، وجيمس زغبي، ومراد هوفمان، ومايكل وولف، وخالد بلانكنشيب، وجون اسبزيتو، وانجمر كارلسون وغيرهم بالإضافة إلى طائفة كبيرة من المفكرين المسلمين .(25/228)
وجاءت عناوين الندوات لتناقش: الإسلام والغرب الجذور التاريخية، وموقف الغرب من الإسلام، رؤية معاصرة، والخطر الإسلامي بين الحقيقة والوهم، والموقف الإسلامي من الغرب، والإسلام والغرب رؤية مستقبلية، وموقف الإسلام من الأديان والحضارات الأخرى، والتجربة السعودية في خدمة الإسلام في الغرب ومستقبل العلاقة بين الإسلام والغرب كما أقيمت أمسيتان شعريتان، وندوتان ثقافيتان نسائيتان من جزأين في عنوان الاتصال الثقافي وتأثيره على المجتمع السعودي وتم تكريم الأستاذ أحمد محمد العقيلي كشخصية ثقافية لهذه الدورة .
وكان المهرجان الثاني عشر في العام 1417هـ استمرار لمحور الإسلام والغرب وجاءت عناوينها كالتالي "نهاية التاريخ: ومراجعة ونظرة إلى المستقبل"، و"مستقبل الإنسانية"، و"الأسس المعرفية والفلسفية للرؤيتين الإسلامية والليبرالية"، و" صورة الإنسان المسلم في الغرب وصورة الإنسان الغربي في العالم الإسلامي"، و"الاستراتيجيات الاقتصادية الغربية وعلاقاتها بالعالم الإسلامي"، و"الإسلام والديمقراطية"، واستمر المهرجان بدءا من هاتين الدورتين وحتى الدورة 17 في تقديم مختلف القضايا الثقافية العربية الإسلامية والعالمية التي تهم أمتنا واستمر في تقديم الأسئلة التي تناقش مستقبل الثقافة العربية كما في الدورة 13 ثم توقف النشاط النشاط الثقافي عند احتفال السعودية بمرور 100 عام على بداية تأسيسها ثم استمر في متابعة الأنشطة الثقافية في الدورات : 16،15،14 كما طرح المهرجان موضوع :"القضية الفلسطينية" كمحور رئيسي في الجنادرية 17 حيث افتتح المهرجان في 9ذي القعدة1422هـ.
وقد شارك في مهرجان الجنادرية طوال دوراته السابقة عدد كبير من أكبر وأبرز المثقفين والمفكرين العرب والأجانب وقد قام المهرجان بطبع أكثر من 200 عنوان في قضايا ثقافية وتراثية مختلفة فضلا عن الكتب التي توثق للمحاضرات والندوات التي أقامها طوال دوراته السابقة .
إن هذه الفاعليات المختلفة نتاج جهد كبير للمهرجان الذي انطلق في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - بدءا من العام 1405هـ، وقد أقيم حتى الآن منه 17 دورة وتقام الدورة 18 أوائل شهر ذي القعدة 1423هـ ومحوره الرئيس "هذا هو الإسلام" ليؤكد هذا المهرجان الوطني خلال هذه الدورات الحس الثقافي الواعي الذي يوليه لقضايا العرب والمسلمين الثقافية والفكرية والدينية.
- الحواشي :
1- نشرت هذه المادة في موقع الجنادرية ، وقد نقلتها هنا لأهميتها في التأريخ للمهرجان
==============(25/229)
(25/230)
المهرجان 12- الإسلام والغرب >
أصبحت الجنادرية (المهرجان الوطني للثقافة والتراث) وندواتها الثقافية معلماً بارزاً من معالم الخريطة الثقافية لبلادنا الحبيبة، فلا يكاد يجتمع مثل هذا العدد من العلماء والمثقفين والمفكرين والأدباء إلاّ في رحاب الجنادرية، في قلب الجزيرة العربية النابض وفي أحضان الرياض المضيافة فينهل الجميع من كرم الحرس الوطني برعاية سامية من صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني واهتمام شخصي مبارك من سمو نائبه الكريم الأمير بدر ابن عبد العزيز، وعناية شخصية من معالي الشيخ عبد العزيز التويجري بالإضافة إلى العدد الكبير من المسؤولين في الحرس الوطني الذين يضيق المجال عن ذكر أسمائهم.
تبدأ أيام الجنادرية منذ اللحظة التي يتوافد فيها المشاركون والضيوف إلى الرياض فيجتمعون في بهو الفندق المخصص لنزول الضيوف في مجموعات تكبر أو تصغر وفقاً للمساحة المتاحة (وانتقال المقاعد من مكان إلى مكان ليكفي عدد المجتمعين) فهنا مجموعة تناقش قضايا في الأدب والشعر، وهناك مجموعة تتناول قضايا في التاريخ والسياسة، وثالثة تهتم بقضايا اجتماعية، وأخرى تتحدث في ذكريات الجنادرية للأعوام الماضية ... وهكذا. بالإضافة إلى اللقاءات التي تعقد في منازل بعض إخواننا من أهل الرياض أو ضيوف الرياض من إخواننا العرب المسلمين الذين يحرصون على إظهار كرمهم العربي الإسلامي الأصيل.
وينشط في بهو الفندق مندوبو الإذاعة والتلفاز والصحافة ليفوزوا بلقاء مع هذا الضيف أو ندوة مع عدد من الضيوف أو لقاء تلفازي وغيرذلك من النشاطات ،وقد علمت أن رابطة الإدب الإسلامي العالمية استجابت لممثلي التلفاز السعودي بالاشتراك في عدد من الندوات التلفازية حول قضايا الأدب الإسلامي ومصطلحه. وإنها لفرصة للإشادة بإخوتنا في التلفاز لاهتمامهم بهذا الموضوع ذلك أن الشيء من معدنه لا يستغرب فإن هذه البلاد الكريمة دستورها الإسلام وتسعى إلى تشجيع هذا الاتجاه المبارك.
ولا بد أن أذكر الأستاذ عبد الملك عبد الرحيم الذي يعمل في الإذاعة السعودية منذ أكثر من عشرين سنة ويشهد الجميع له بالنشاط والكفاءة والإخلاص في العمل. كما لقيت بعض الشباب السعودي الذين يعملون في إذاعة القرآن الكريم فأعجبني تمكنهم في الفنون الإذاعية وقدرتهم على إدارة الندوات دون إعداد طويل. وكم كنت أتمنى لو حفظت أسماء بعض هؤلاء للإشادة بهم في هذه المقالة.
وكان من مزايا الجنادرية (12) (وهي كثيرة) فرصة الالتقاء بين الكتاب والمفكرين وزملائهم من أنحاء العالم العربي الإسلامي وبين الكتاب ورؤساء تحرير صحفهم. ومن رؤساء التحرير الذين كان لهم وجود بارز في مقر إقامة ضيوف المهرجان رئيس تحرير هذه الصحفية الأستاذ أسامة أحمد السباعي فهو إعلامي مخضرم عرف هذه المهنة دراسة وتدريساً وتطبيقاً. فكان اللقاء به متعة وفائدة وفرصة لتبادل الحديث حول بعض الهموم الصحفية . وقد عرضت عليه فكرة اللقاء السنوي الذي بدأت به بعض الصحف العربية في الخارج ، واقترحت على جريدتنا الموقرة أن تتبنى عقد مثل هذا اللقاء في جدة واختيار موضوع لطرحه للنقاش وتكريم بعض الكتاب الذين لهم مكانة خاصة لدى القراء. ومن مبررات هذا اللقاء أن الكاتب الصحفي يطلع على عدد من الصحف يوميا فهو قادر على تقديم وجهة نظر قد تفيد صحيفته في مسارها الصحفي. ووعد الأستاذ أسامه السباعي بالنظر في هذا الاقتراح.
و جمعتنا أيام الجنادرية برؤساء تحرير بعض الصحف ومنهم الأستاذ يوسف الدمنهوري رئيس تحرير جريدة الندوة الذي وجد في هذه اللقاءات فرصة لدعوة عدد من رجال الفكر والقلم للمشاركة في الكتابة لجريدة الندوة، وكان مرحاً في لقائه ومشجعاً بقوله:" الندوة جريدتك فلا تبخل عليها بعطائك الفكري" ومن رؤساء التحرير البارزين الذين استضافتهم الجنادرية هذا العام الدكتور محمد الهاشمي الحامدي رئيس تحرير "المستقلة" فهو ليس غريباً عن هذه البلاد وصحافتها.فقد أشرف على بعض الصفحات في إحدى الصحف السعودية التي تصدر في الخارج، وقد تحدث عن حبه للمملكة وما يكن لها من تقدير واحترام وتحدث عن مكانة المملكة في العالم الإسلامي واهتمامه باخبارها.
أما ندوات الجنادرية حول الإسلام والغرب فقد تميزت بطرح الأفكار التي تهم الساحة الثقافية العربية الإسلامية وأظهرت هذه الندوات مرة أخرى سعة أفق القائمين على تنظيم هذه الندوات وبعد نظرهم حيث ضمت قائمة المشاركين أسماء من اتجاهات فكرية متعددة ومشارب مختلفة. وأرجو أن يكون في مشاركتهم هنا درس لهم في أن يتسع صدرهم في الندوات والمؤتمرات التي يعقدونها في بلادهم وجامعاتهم ومراكز بحوثهم لمن يخالفهم في الرأي. وأما الندوات وما دار فيها من نقاشات فأتناولها في المقالتين القادمتين بإذن الله.(25/231)
قد يظن البعض أن حفلات الافتتاح ما هي إلاّ مناسبات للخطابة وعبارات المجاملة حتى إنك ترى بعض الحضور منشغلاً عن الاستماع لما يقال، بل يعجبني عندما تصطادهم كمرات التلفزيون وهم منشغلون. ولكنّي وجدت حفلة افتتاح النشاط الثقافي لمهرجان الجنادرية للثقافة والتراث الثاني عشر ليست كذلك. فقد كانت كلمة سمو الأمير بدر بن عبد العزيز نائب رئيس الحرس الوطني ورئيس اللجنة العليا للمهرجان ثرية بالمعاني العظيمة والأفكار الجميلة التي كانت ندوات الأيام التالية محاولة لتحقيقها.
فكان مما قاله سموه :" إن الحرس الوطني ينطلق في تنظيمه لهذا المهرجان من قناعة تامة بأن الاعتناء بالماضي ودراسته ضرورة يتطلبها التطلع الصادق في تأكيد الهوية للمستقبل القريب والمنظور..." وما مهرجاننا الثقافي هذا وما دروسنا، ومناهجنا، ومحاضراتنا، وبرامجنا الإذاعية و التلفازية إلاّ تأكيد لهذا الأمر الخطير(المهم). فالماضي الذي نعتز به ونسعى إلى الإفادة منه واستلهامه في أعمالنا اليوم وغداً هو الماضي الذي كانت الأمة الإسلامية هي العالم الأول فيه عدة قرون لم يشاركها في الأولية أحد-كما أشار الشيخ الغزالي رحمه الله في إحدى محاضراته-. الماضي الذي لم يعرف الحروب "العالمية" ولا سباق التسلح، ولا القنابل الذرية، ولا إبادة الشعوب، ولا نازية ولا شيوعية ولا فاشية، الماضي الذي عرفت فيه البشرية لأول مرة معنى التسامح الحقيقي مع الآخر ، الماضي الذي عرف المسلمون فيه المحبة الحقيقية فيما بينهم حتى تركوا لنا إنتاجاً فكرياً ضخماً.
نعم إننا نعتني بالماضي لأن في ذلك تأكيد لهويتنا العربية الإسلامية التي يجب أن نتمسك بها في عالم يسعى إلى تذويب الثقافات والهويات في هوية واحدة هي الهوية الغربية ،ويسعى إلى تحطيم الحواجز النفسية الضرورية لتمسكنا بالقيم والأخلاق الإسلامية.
وقد أدرك الروائي العربي المعروف الطيب صالح أهمية هذه الكلمات حينما أبدى أسفه لوصوله متأخراً عن حفلة الافتتاح فكأنه يقول بأن هذه الكلمات الرائعة لا بد لها أن تلمس أذهاناً وعقولاً وقلوباً تعيها فتحولها إلى برامج عمل تعود معها الأمة إلى هويتها عودة حقيقية بدلاً من أن تتنازعها التيارات والأفكار شرقاً وغرباً.
وكان من الحديث عن ماضي هذه الأمة العظيم قيام أمير ويلز الأمير شارلز بتأسيس معهد باسمه للعمارة يهتم فيه بالعمارة الإسلامية ومحاولة استلهامها في العمارة الحديثة. فأوضح الأمير الانسجام بين الزخرفة الإسلامية والكون ، وأشاد بالعمارة الإسلامية التي ابتعدت عن افتعال الصراع مع الطبيعة بل حرصت على الإفادة من عناصر البيئة. وتحدث ثلاثة من أعضاء المعهد عن جوانب مختلفة من العمارة الإسلامية وتخطيط المدن. وكم كنت أود لو أتيحت لي الفرصة للتعقيب بان أذكر أن الإسلام أمر المسلم أن لا يرتفع في البناء على جاره حتى لا يحجب عنه الشمس والهواء.كما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعان بمن كان يعرف التخطيط فخططا مدينة الكوفة فكان أضيق طريق فيها لا يقل عن أربعة أمتار(سبعة أذرع). وجعلا المسجد هو مركز المدينة ثم قسمت المدينة إلى عدة أحياء.
وقد أحسنت الجمعية السعودية للعمران بتنظيم سلسلة من المحاضرات عن العمارة الإسلامية، ولكن كان من الصعب على الإنسان أن ينشغل بأكثر من موضوع في وقت واحد. وحبذا لو نشرت هذه المحاضرات أو ملخصات لها ، فإننا نحتاج إلى وعي عميق بفنون العمارة الإسلامية.
وكانت الندوة الأولى حول صورة الإسلام في الغرب، وصورة الغرب في الإسلام" وقد تحدث في هذه الندوة كل من هلموت شيفر وزير الدولة للشؤون الخارجية في حكومة ألمانيا الاتحادية، وهو رجل دبلوماسي فحاول أن يقدم صورة جميلة لصورة الإسلام والمسلمين في ألمانيا. ولعل في ذلك كثير من الصحة فإن بقية الأوروبيين والأمريكيين يرون أن ألمانيا أكثر تسامحاً من غيرها. وقد ذكر الوزير المستشرقة الكبيرة آن ماري شيميل وحصولها على أعلى جائزة لقاء أعمالها في التقريب بين الإسلام والغرب. ومع ذلك فإن من المناسب أن أذكر أن كلاوس كينكل -وزير خارجية ألمانيا- حينما كان رئيساً للاتحاد الأوروبي دعا حكومة بنجلاديش أن تسمح للمارقة تسلميه نسرين بمغادرة البلاد وبحرية الكلام، كما أشير إلى مقالة للكاتب فهمي هويدي التي تناول فيها التنسيق بين ألمانيا وفرنسا حول مواجهة ما يطلقون عليه "الأصولية الإسلامية"
أما بول فندلي فغني عن التعريف فيكفيه أنه يقف منذ مدة طويلة في وجه ضغوط جماعات الضغط اليهودية دفاعاً عن مصالح أمريكا-حتى فقد بسبب ذلك منصبه في الكونجرس- التي تتطلب عدم المساس بالدين الإسلامي أو بالمسلمين. وكانت دعوته واضحة بأن على المسلمين أن يعرفوا ما فعله أعداؤهم فينافسوهم في العمل على الدفاع عن أنفسهم ومعتقداتهم.(25/232)
وتناول مصطفى العقاد الصعوبات والعراقيل التي يواجهها في سبيل إنتاج فيلم يوضح صورة الإسلام والمسلمين في الغرب. وذكر طرفاً مما عاناه في إنتاج فيلم الرسالة أو عمر المختار. وأكد على دور السينما. وهو محق جداً في أهمية دور السينما فإنك لا تكاد تمر عليك خمس دقائق من مشاهدة القنوات التلفازية في أمريكا دون أن تسمع ذكراً لليهود. فأين أموالنا من دعم هذا القطاع المهم جداً مع الأخذ في الاعتبار أن يوجد مع العقاد من يقدم له النصوص الصحيحة الصادقة.
وتحدث الأخ الدكتور عبدالعزيز السويل فأشار إلى الصور المتبادلة بين الطرفين وإصرار الغرب على الاحتفاظ بصورة نمطية سيئة للعرب والمسلمين وإشاعتها في وسائل الإعلام المختلفة. ولكن ينبغي أن ندرك أن الإعلام الغربي مسؤول أيضاً عن نشر صورة نمطية سيئة للغرب بما يذيعه من أخبار الفساد والفجور والجريمة. وللحديث صلة بإذن الله.
عندما كتب سعيد السريحي مقالته المثيرة للجدل أو الاستفزازية ينتقد فيها اهتمام العالم العربي الإسلامي بالشعر والأدب وإهمال العلوم التطبيقية والتقنية، رد عليه الدكتور مصطفى عبد الواحد مشيراً إلى أنّ الاهتمام بالأدب والشعر لا ينافي مطلقاً الاهتمام بالعلوم والتقنية .وذكر في معرض ردّه أنّ أحدهم زار مكتبة عباس محمود العقاد رحمه الله فوجد أن الشعر يحتل قرابة نصف أرفف المكتبة، فلمّا سأله عن ذلك قال له :" الأمة الفعالة أمة قوّالة".
تذكرت هذا حينما فكرت بالطريقة التي تهتم الولايات المتحدة الأمريكية ببعض الطروحات الفكرية. فقبل عدة سنوات نشرت جريدة (الشرق الأوسط) في صفحتها الأولى خلاصة مقالة للمستشرق برنارد لويس وبعض التعليقات التي صدرت حولها قبل أن تنشر في العدد القادم من مجلة "شؤون خارجية" وفي هذا الإطار اهتمت الدوائر العليمة والأكاديمية بأطروحة ميشال فوكوياما حول نهاية التاريخ التي نشرها في مجلة (مصالح قومية)National Inte r estsحيث أُرسلت المقالة إلى عدد من الباحثين والأكاديميين للكتابة حولها. وفعلت الشيء نفسه مع مقولة صموئيل هاتنقتون حول صراع الحضارات.
وهاهو الحرس الوطني في ندواته الرائعة يهتم بالأدب والشعر والفكر، ويخصص أسبوعاً أو أكثر للاحتفاء بمئات الضيوف من المفكرين والأدباء والعلماء من أنحاء العالم العربي الاسلامي، وبعدد من كبار الباحثين العالميين. وهو يحتفي بالعلم والفكر طوال العام تخطيطاً للجنادرية ولنشر محاضراتها وندواتها بالإضافة إلى النشاطات الفكرية الأخرى مما يجعل الحرس الوطني بحق مؤسسة حضارية وليس عسكرية فحسب.
ومن الاهتمام بالثقافة والفكر عرض الطروحات الفكرية العالمية بهدف دراستها ونقدها ولوضع النظرة الإسلامية مقابلها. ولعلنا بهذا العمل نُعِدُّ أنفسنا ليكون لنا طروحاتنا الخاصة التي نأمل أن ننطلق بها إلى العالم ليدرسها ويناقشها، كما نفعل نحن بالطروحات التي ينشرها بين الحين والآخر.
وقد أعجبني في تناول أطروحة فوكوياما التساؤلات التي أطلقها الدكتور أبو بكر باقادر، و هو حين يثير التساؤلات تظهر كأنها تساؤلات عفوية، ولكن لا يغيب عن ذهن السامع أنّ وراء تلك العفوية عمقاً علمياً، واتساع أفق وبعد نظر. ومن تلك التساؤلات قوله:" إلى أي مدى يؤرقنا تساؤل فوكوياما حول الدين؟ وأضاف بأن علينا أن نأخذ المبادرة ليكون لنا خطابنا الخاص للإجابة عن هذه الأسئلة وسواها مما يطرحه فوكوياما وغيره. ولا شك أن خطابنا الخاص هو ذلك الذي ينطلق من فهم عميق ودقيق للكتاب والسنّة.
وقد أعجبني أيضاً تناول الدكتور أحمد موصللي - من الجامعة الأمريكية في بيروت- حيث قال ما نصّه:" إلاّ أن الهدف الحقيقي للصحوة الإسلامية هو ضخ هذه المبادىء -الحرية والمساواة والعدل- مجدداً في الحياة السياسية مع ربطها بالمفهوم الإسلامي الشامل لله والكون والإنسان. فالإسلام قادر على استيعاب الجوانب الإيجابية للديموقراطية الليبرالية إلاّ أنه قادر في نفس الوقت على رفض الجوانب السلبية للديموقراطية. فالمسلمون قادرون اليوم على تطوير آليات الشورى والحرية والمساواة ، وهم قادرون على رفض العبث الأخلاقي والقيمي وعلى التركيز المفرط على الملذات المادية والدنيوية. إن شريعة الإسلام وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم تزود المسلمين بمعايير تمنع عنهم الانهيار الأخلاقي والمعنوي، وبسبب رؤية المسلم لوظيفته في الأرض عبر استخلافه، فإن انهيار الأيديولوجيات الاشتراكية والشيوعية وصعود الديموقراطيات الليبرالية يعني أن على المسلم الاستفادة من هذا التغيير في المسار التاريخي للايدويولوجيات التي تثبت فشلها واحدة تلو الأخرى بسبب بعدها عن حقيقة الإنسان وتطلعاته..."(25/233)
وأما مسألة الرد على فوكوياما فإن أحد ضيوف المهرجان قال في إحدى جلسات الاستراحة: "لماذا يعتقد الغرب دائماً على أنه قادر على تشكيل الشعوب بالطريقة التي يريدها ؟ إن الله عز وجل قد جعل الناس مختلفين كما جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى)ولو شاء ربّك لجعل الناس أمة واحدة، ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك، ولذلك خلقهم(الآية (هود 118-119) وقد صرحت وسائل الإعلام الغربية عقب حرب تحرير الكويت بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستجد في نشر الديموقراطية في العالم. ومازلت أذكر أن الأمم المتحدة أرسلت عدداً كبيراً من جنودها للإشراف على الانتخابات في كمبوديا؛ فكنت ترى الناس يسيرون في الأدغال للوصول إلى صناديق الاقتراع.
ولا بد أن أذكر أن كلمة الرئيس كلينتون إلى المهرجان قد أشارت إلى قضية مهمة وهي استمرار الحوار بين العالم الإسلامي والغرب. وهو أمر حيوي إذا أراد الغرب أن يعرف الإسلام معرفة حقيقية فإن الوسائل الحالية يجب تطويرها لإعطاء فرصة أفضل لنماذج معتدلة من العالم الإسلامي لتشارك في النشاطات العلمية والأكاديمية في الغرب، والتقليل من الاعتماد على النماذج التي لا تمثل الفكر الإسلامي الصحيح.
وأنتقل إلى الندوة الخاصة بالاقتصاد وأذكر من المعلومات التي أوردها أحد المحاضرين بأن الشركات المتعددة الجنسيات تسيطر على جزءٍ كبيرٍ من الاقتصاد العالمي وأنها لا تسمح لغيرها بأن ينمو بطريقة طبيعية. وعلى دول العالم العربي الإسلامي أن تعمل لمواجهة مثل هذه التحديات العالمية إن أرادت أن يكون لها مكان في الخارطة الاقتصادية العالمية
============(25/234)
(25/235)
المهرجان السابع عشر: الإسلام والشرق
أصبحت الجنادرية علماً على أشياء كثيرة منها الملتقى الفكري السنوي الثري بموضوعاته وأعلامه حتى ليكاد يتميز عن كثير من المؤتمرات التي تعقد في أنحاء العالم الإسلامي. (كتبت قبل سنوات مقالة أقارن فيها بين الجنادرية وغيرها من المؤتمرات)، ونظراً لأنني عايشت هذا المهرجان الكبير في جانبه الثقافي منذ المهرجان التاسع فإنني حريص جداً على حضوره سنوياً.
ولمّا كان المهرجان قد اختار محور النقاش في السنوات الماضية حول الإسلام والغرب، فكانت محاضرات وندوات تلك السنوات تعد مرجعاً بحق في القضايا التي تناولتها. وكم كنت أود أن يكون لهذا المهرجان الكبير نتائج محسوسة في أرض الواقع بأن يتم البدء في إنشاء كليات للدراسات الأوروبية والأمريكية حتى نتوصل إلى المعرفة الحقيقية بالغرب الأوروبي والأمريكي، أو مراكز بحوث متخصصة أو أقساماً علمية.
وهاهي ندوة الجنادرية لهذا العام تختار محوراً مهماً جداً أَلَا وهو الإسلام والشرق. وقد يبدو لأول وهلة أن الاختيار غريب نوعاً ما لأن الإسلام انطلق من الشرق والشرق هو منبع الديانات السماوية كلها. ولكن المحاضرات والندوات التي عقدت في رحاب الجنادرية بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات أكدت أن هذا الاختيار كان موفقاّ ورائعاً.
لقد تناولت إحدى الندوات موضوع الجذور التاريخية للعلاقة بين الإسلام والشرق فتحدث فيها ثلاثة محاضرون تناول أحدهم دخول الإسلام إلى الهند والعلاقة بين الهند والإسلام على مر التاريخ، كما تناول باحث آخر تطبيق الشريعة الإسلامية في ماليزيا، بينما تناول الباحث الثالث العلاقة بين الإسلام والصين ودول جنوب شرق آسيا الأخرى. وكان من التعليقات البارزة في هذه الندوة ما تقدم به الدكتور محمد آل زلفة عضو مجلس الشورى بأن أثنى على الجهود السعودية في الدعوة الإسلامية في دول شرق آسيا ولكنه أضاف بأن المطلوب أن يتم تكثيف هذه الجهود من خلال إعداد الدعاة في أقسام متخصصة لدراسة دول شرق آسيا في النواحي التاريخية والجغرافية واللغوية والثقافية، حتى إذا ذهب الدعاة إلى هناك كانوا على معرفة بالبيئة التي يعملون فيها.
وفي محاضرة أخرى تناول الدكتور عبد الله العبيد جهود المملكة العربية السعودية في الدعوة الإسلامية في الشرق، فقدم معلومات قيمة عن هذه الجهود وجلّى كثيراً من هذه الجهود المباركة وإن كانت محاضرة واحدة لا تكفي للحديث عن هذه الجهود.
وكان من بين الندوات ندوة بعنوان (ندوة الأسس المعرفية والفلسفية للإسلام والفكر الديني في الشرق)، ومن بين الندوات المهمة الندوة التي عقدت تحت عنوان (الاستراتيجيات الاقتصادية الوطنية الدولية في الشرق ودور الإسلام فيها) والتي تطرقت للتقدم الاقتصادي في دول شرق آسيا حتى لقّبت قبل أعوام بنمور آسيا، ولمّا بدأت تحتل مساحة مهمة في الاقتصاد العالمي وبدأت منتوجاتها الصناعية تغزو الأسواق العالمية تعرضت لهزات اقتصادية صعبة أدت إلى انخفاض قيمة العملات في معظم دول جنوب شرق آسيا ولم تسلم حتى اليابان من هذه الهزات.
وقد تناولت هذه الندوة قضايا مهمة من بينها ضرورة تشجيع التبادل التجاري بين الدول الإسلامية العربية ودول شرق وجنوب شرق آسيا وبخاصة الدول الإسلامية فيها. وقد كانت جولة صاحب السمو الملكي إلى الصين وبعض دول شرق آسيا إشعاراً بأهمية تقوية الصلات بهذه الدول. وإن هذه الزيارة المباركة تعيد إلى الأذهان الزيارات المباركة التي قام بها الملك فيصل رحمه الله إلى دول أفريقيا حينما كان جلالته يرحمه الله ينادي بدعوة التضامن الإسلامي التي أثمرت في إنشاء منظمات إسلامية عالمية فاعلة منها رابطة العالم الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي التي نظمت لقاءات القمة بين زعماء العالم الإسلامي.
وعقدت ندوة أخرى بعنوان (العولمة والوطن العربي) كما قدم الدكتور عبد الهادي أبو طالب محاضرة بعنوان (التقريب بين المذاهب الإسلامية واحتواء الصراعات المذهبية).
ولا شك أن يتفاعل المثقفون مع نشاط فكري كبير كهذا وتظهر بعض الأفكار والاقتراحات والنقد وكذلك الحديث عن حضور الندوات والمحاضرات.
أشاد كثير من الحضور إن لم يكن معظمهم باختيار موضوع الإسلام والشرق وكان من ابرز هؤلاء الشيخ الأستاذ فتحي يكن الذي ألقى كلمة رائعة في هذا المضمون ذكر فيها أن اهتمامنا بالغرب سنوات طويلة أنسانا أو كاد أهمية الشرق بالنسبة للعالم الإسلامي الذي هو شرقي في الأصل. وأشادوا بالمحاضرات والندوات التي قدمت ولكنهم رأوا أن الموضوع مازال يحتاج الكثير من البحث والدراسة، وذلك من خلال وضع خطة منهجية لدراسة هذه العلاقة العضوية القوية بين الإسلام والشرق وبخاصة العالم العربي والدول الإسلامية في أواسط آسيا وشبه القارة الهندية والصين وجنوب شرق آسيا وحتى اليابان وكوريا.(25/236)
أولاً لا بد من الإشادة مكرراً بمهرجان الجنادرية التي يتيح الفرصة لكثير من المثقفين في هذه البلاد أن يحضروا إلى الرياض وبخاصة وهي تحتفل باختيارها عاصمة الثقافة العربية لعام ألفين، فلئن كانت الفرصة قد فاتت البعض في الاحتفالات التي سبقت الجنادرية فقد جاءت الجنادرية تعويضاً لهم عن عدم المشاركة. وحبذا لو كان من ضمن نشاطات الجنادرية إقامة ركن للمؤلفات السعودية داخل مقر سكن ضيوف المهرجان الذين لم تتح لهم الفرصة أن يزوروا مقر الجنادرية أو لتكون فرصة لهم في أثناء إقامتهم في الرياض أن يتعرفوا على المؤلفات السعودية وكان بالإمكان تخصيص قاعة من قاعات الفندق لمثل هذا المعرض.
ومن الملاحظات المبدئية أن البعض رأى أن ندوة العولمة لم تكن قريبة الصلة جداً بموضوع الإسلام والشرق إلاّ إذا تمّ بحثها بما يراه الغرب من خلال العولمة وما يراه العالم الإسلامي وعلاقة الإسلام بالشرق في مواجهة العولمة أو الهيمنة الغربية.
كذلك كان من الملاحظات أن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة في مهرجان هذا العام والأعوام الماضية والأعوام التالية وهو أنه ما دامت الجنادرية أهلاً لتكون فرصة لاتخاذ توصيات قابلة للتطبيق، فهل ينبغي أن تنتهي الندوات والمحاضرات بأن تكون مطبوعة في كتب ولا تأخذ ما تستحق من اهتمام في أرض الواقع؟ ومن ذلك الدعوة لإنشاء كليات للدراسات الأوروبية والأمريكية؛ فإن الغرب قد أنشأ آلاف الأقسام العلمية ومراكز البحوث والمعاهد لدراسات دول العالم المختلفة ومنها البلاد العربية والإسلامية. ونحن أولى بأن نهتم بهذا الجانب فنحن أمة الشهادة ولا يمكن لنا أن نحقق الشهادة الحقة دون معرفة رصينة بدول العالم الأخرى.
وأيضاً معرفة البلاد الإسلامية من خلال معرفة لغاتها وجغرافيتها وتضاريسها ومناخها وعاداتها وتقاليدها وأنظمتها وتاريخها يساعد على التقارب الحقيقي بين المسلمين. فقد لفت انتباهي أن أحد المشاركين في ندوة من الندوات اعتمد على المصادر الصينية المترجمة إلى اللغة الإنجليزية فكم كان الأمر أجمل لو كان هناك من يعرف اللغة الصينية أو اللغات الصينية ليكون بحثه أكثر أصالة.
وثمة نقطة مهمة وهي أن الحرس الوطني يقوم بدعوة عدد من العلماء الأفاضل الذي لهم باع طويل في مجال تخصصهم فيمضون أسبوعين تقريباً ليشاهدوا الجنادرية ويحضروا بعض المحاضرات والندوات ويمضون بقية أوقاتهم في زيارات لبعض المعالم الحضارية في مدينة الرياض وما حولها. فهل بالإمكان أن يتم التنسيق مع وزارة التعليم العالي ليقوم بعض هؤلاء العلماء بإلقاء المحاضرات على الطلاب أو عقد لقاءات لبعضهم مع طلاب الدراسات العليا. فإن أكثر من استأثر بوقت العلماء بعض الشباب من الصحفيين. فهل كان بالإمكان إقامة الندوات والمحاضرات في إحدى قاعات جامعتي الملك سعود، أو الإمام محمد بن سعود الإسلامية وتقوم الجامعة بإتاحة الفرصة للطلاب المتخصصين في مجال الندوة ليحضروا هذه المحاضرات والندوات؟
وقد قرأت لأستاذي الدكتور محمد العيد الخطرواي رأياً قبل حضوره الجنادرية مفاده أن بعض الوجوه تتكرر كل عام دون أن يتفاعلوا حقيقة مع هذا المهرجان الكبير فلا تجدهم كتبوا كلمة واحدة عن المهرجان مع أنهم من أرباب القلم أو لعل بعضهم من أرباب القلم السابقين.
مزيداً من التوفيق لهذا المهرجان الكبير وشكراً للحرس الوطني وعلى رأسه صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز على هذه الجهود الرائعة التي يحق لنا جميعاً أن نفخر بها.
===========(25/237)
(25/238)
لمؤتمر العالمي الأول حول الإسلام والقرن الواحد والعشرين
ليدن - هولندا
17إلى20محرم 1417 هـ الموافق 3 إلى 7 يونيو 1996م
جامعة ليدن بالتعاون مع وزارة الشؤون الدينية الإندونيسية
مقدمة
تلقيت في البريد معلومات عن هذا المؤتمر مرسلة من قبل الدكتور قاسم السامرائي الذي يعمل أستاذاً بجامعة لايدن. فأسرعت إلى إرسال فكرة عن موضوع أرغب المشاركة فيه في المؤتمر وبعثته إلى اللجنة المنظمة، وبعد أيام تلقيت موافقة اللجنة على الموضوع وترحيبهم بي. وشرعت في إعداد البحث ريثما أحصل على الموافقة، وأحمد الله أنني حصلت على الموافقة، وتشرفت بتمثيل المملكة في هذا المؤتمر فيسرني أن أتقدم بالشكر لكل من معالي وزير التعليم العالي ومعالي مدير الجامعة وعميد كلية الدعوة بالمدينة المنورة.
بدأ المؤتمر يوم الاثنين الثالث من يونيه 1996م بقيام المشاركين بتسجيل أسمائهم، وتأكيد حضورهم، وكذلك تقديم نسخ من بحوثهم ليتم توزيعها على المشاركين. وفي عصر ذلك اليوم أقيمت حفلة تعارف على شرف المشاركين.
وفي صبيحة يوم الثلاثاء على الساعة العاشرة صباحاً افتتح المؤتمر رسمياً بعدد من الخطب ألقاها كل من رئيس جامعة لايدن البروفسور إل. ليرتوور L.Lee r touwe r الذي ذكر في خطابه اهتمامه بدراسة الأديان وأنه كان عضواً في قسم الأديان بالجامعة. وأشار إلى اهتمام هولندا بالإسلام وأشاد بجهود المستشرقين الهولنديين في الدراسات الإسلامية ومن أبرزهم المستشرق سنوك هورخرونيه الذي أمضى بعض الوقت في مكة متخفيا باسم الحاج عبد الغفار، ،وكانت رسالته للدكتوراه حول الحج، وكتب كتاباً عن تاريخ مكة المكرمة. ثم تحدث وزير الشؤون الدينية الاندونيسي الدكتور طاهر ترمذي، ودعا إلى عقد المؤتمر الثاني في اندونيسيا بعد سنتين. ثم تلاهما وزير الشؤون الدينية المغربي السيد عبد الكبير علوي مدغري الذي أعلن اهتمام بلاده بهذا المؤتمر وأنها تدعو إلى عقد حلقته الثالثة في المغرب، وأشار إلى أن النظام العالمي الجديد يجب أن يتضمن التعايش بين مختلف الشعوب، ودعا إلى التخلص من الصور النمطية والمشوهة للإسلام والمسلمين. وتحدث أيضاً ممثل لوزارة التعليم والثقافة والتعاون الهولندية وأشاد بفكرة المؤتمر وما يمثله من تعاون علمي.
وتضمنت الجلسة الافتتاحية المحاضرة الرئيسة في المؤتمر وكانت هذه المرة للدكتورة رفعت حسن الباكستانية الجنسية التي تعمل في جامعة لويفيل الأمريكية بولاية كنتكي Kentucky. وكانت محاضرتها بعنوان "ماذا يعني أن أكون مسلماً عشية القرن الواحد والعشرين؟" بدأتها بالحديث عن تعجبها من اختيارها لإلقاء المحاضرة الرئيسة كونها امرأة، وأشادت بجامعة لايدن وأن هذا لا يحصل إلاّ في هذه الجامعة، وهي لذلك تشعر بالفخر والاعتزاز. وقد أشارت في محاضرتها إلى قضايا كثيرة بدأتها بمعنى الإسلام ودعوته إلى الطريق المستقيم، والعمل وفقاً للشريعة الإسلامية وذكرت الصورة النمطية التي انتشرت في الغرب للإسلام والمسلمين، ودعت إلى حوار بنّاء بين الإسلام والغرب. وذكرت ما جاء في الإسلام حول السلوك القويم الذي يتضمن مراعاة كل من "حقوق الله" و"حقوق العباد" وتركيز القرآن الكريم على ذلك، وأن سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم هي التطبيق العملي لذلك.
ولكنها حين تحدثت عن الشريعة الإسلامية ومصادرها توقفت عند الحديث النبوي الشريف، وكررت مزاعم بعض المستشرقين عن الوضع في الحديث والتشكيك بالتالي في معظم الحديث، واستشهدت بقول أحد الباحثين المسلمين في جامعة شيكاغو وهو فضل الرحمن. وزعمت أن الحديث في نظرها مشكلة.
ودار نقاش في نهاية المحاضرة حول من يحق له التحدث باسم الإسلام ومن يحق له تفسير النصوص الإسلامية، وتحدث بعض العلماء بأن الذي يتحدث باسم الإسلام ينبغي أن يكون مسلحاً بالمعرفة الصحيحة فلا يقبل من أي أحد أن يفسر النصوص ما لم يكن مؤهلاً لذلك. ولكن المحاضِرة أصرت أنها لو أخذت أربعة أحاديث من صحيح البخاري وأرادت أن تناقش سندها ومتنها لاعترض البعض على ذلك قائلين بأنك امرأة وغير عربية. والعجيب أن أحداً لم يناقشها في هذه الفقرة أو في تشكيكها في الحديث الشريف. وقد ترددت في الرد عليها لأن هذا أول مؤتمر عالمي أحضره وكانت القاعة مزدحمة . والرد عليها بسيط ذلك أن الجهود التي بذلها العلماء المسلمون في دراسة الحديث لم تعرفها أمة من أمم الأرض حتى الآن، أما أن تنقد أحاديث في صحيح البخاري فقد سبقها علماء أجلة فحصوا هذا الكتاب بدقة كبيرة وقد قبلت الأمة هذا الكتاب على أنه أصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل. وأمّا كونها امرأة فكم من النساء في التاريخ الإسلامي قديماً وحديثاً نبغوا في علم الحديث. ولترجع إلى الحديث الشريف لترى عدد من روى الحديث من النساء. أمّا كونها غير عربية فهل كان البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم من العرب؟
وبدأت الجلسات العلمية من بعد ظهر يوم الثلاثاء حيث كانت تعقد ثلاث جلسات في آن واحد فكان من الصعب متابعة كل جلسات المؤتمر. وفيما يأتي أبرز المحاضرات التي استمعت إليها:
الثلاثاء :(25/239)
1- الإسلام والتحديث : محاضرة قدمها نصر حامد أبو زيد -أستاذ زائر بجامعة لايدن- تناول فيها تعريف التحديث، وتحدث عن التحديث الذي جاء به الإسلام للمجتمع الجاهلي، ثم تحدث عن حركات تحديث أخرى في التاريخ الإسلامي مثل الخوارج والمعتزلة وغيرها. وتحدث بتوسع عن المجتمع الجاهلي وسيطرة العصبية القبلية فيه وكيف جاء الإسلام بنظام عقدي وسياسي واقتصادي.
وأتيحت لي الفرصة لمناقشته بأن الإسلام لم يأت للعرب وحدهم فهو رسالة للعالم أجمع، وفيه إصلاح لأوضاع العالم في القديم والحديث فقد تناول القرآن بني إسرائيل وانحرافاتهم المختلفة في المجالات العقدية، والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية، كما ذكر القرآن قوم شعيب وانحرافهم العقدي والاقتصادي، وذكر فرعون وانحرافه العقدي والسياسي.
2- "الباكستان : نقد مفهوم الحداثة" بحث قدمه لوكاس فرث Lukas We r th الأستاذ بجامعة برلين الحرة -معهد الدراسات الأنثروبولوجية. وذكر في محاضرته ما يعنيه مصطلح " التحديث" للغربيين وأن هذه المعاني ليست مقبولة لدى الباكستانيين وبخاصة في البنجاب حيث ما يزال المجتمع متمسكاً بالثوابت الإسلامية وبخاصة فيما يتعلق بالصلات الاجتماعية.
3- بحث "الإسلام والديموقراطية في تايلاند: حالة الإدارة الإسلامية عام 1993م". قدّمه امتياز يوسف من جامعة أمير سونجكلا، كلية الدراسات الإسلامية. تحدث في محاضرته عن التغيرات الاجتماعية السياسية التي تمر بها دول جنوب شرق آسيا ومنها تايلاند. واهتم الباحث بالمشروع الذي طُرِح عام 1993م لإجراء إصلاحات في الهيكل الإداري للمركز الإسلامي وهو الهيئة الرئيسة التي تهتم بشؤون المسلمين في تايلاند.
4- بحث "دور الإفتاء في السياسة الخارجية المصرية من عام 1977-1992م" قدمه الأستاذ عبد العزيز شادي المدرس المساعد بجامعة القاهرة، كلية العلوم السياسية ، وطالب الدكتوراه بجامعة لايدن.(1)
تناول شادي في محاضرته بعض التساؤلات حول دور الإفتاء وهل كان مؤيداً دائماً للسياسة الخارجية؟ وما الحالات التي كان الإفتاء مؤيداً للسلطة؟ وما الحالات التي أعطى فيها الشرعية للسياسة الخارجية أو نزع الشرعية عن تلك السياسات. وقد خلص الأستاذ شادي إلى أن تبعية دار الإفتاء للحكومة المصرية يجعلها في كثير من الأحيان تابعة في فتاويها للسلطة الحكومية.
الأربعاء :
5- عبد الحميد بن باديس ونظرته إلى التنمية : د.مازن صلاح مطبقاني ، قسم الاستشراق كلية الدعوة بالمدينة المنورة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.(2)
تناولت المحاضرة في مقدمتها اتهام بعض الغربيين الإسلام بأنه ضد التحديث، ويسوقون هذه الاتهامات في معرض حديثهم عن الحركات الإسلامية التي يطلقون عليها (الأصولية) أو (الإسلام السياسي). وقد حاول الباحث أن يوضح أن الإسلام دين حضارة وعمران من خلال دراسة كتابات عبد الحميد بن باديس العالم الجزائري الذي كان يقدم دروساً في تفسير القرآن الكريم، ومن الآيات التي توقف عندها قول الله تعالى{أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون} وتناول كلمة مصانع وأنها ليس كما فهمها المفسرون التقليديون بأنها مجاري المياه أو القصور وإن كانت تدل على العمران، لكن ابن باديس يرى أنها تدل على المصانع الضرورية للعمران والحضارة.
وأشارت المحاضرة إلى أن المسلمين في بداية عهدهم درسوا الحضارات الأخرى وأخذوا منها وأضافوا الكثير إلى ما أخذوا، ولم ينظروا باحتقار إلى أي حضارة أخرى، وقدموا نتاج حضارتهم إلى الأمم الأخرى وممن أخذ عنها أوروبا .
6- وسائل التطور الإسلامي في ماليزيا : محمد شكري صالح .جامعة سينز الماليزية، ماليزيا. تناولت الورقة الوسائل المختلفة لتحقيق التنمية الإسلامية في ماليزيا. وقد قسم الباحث ورقته إلى قسمين الوسائل التي اتخذتها الحكومة الماليزية والقسم الثاني الوسائل التي اتخذتها الجهات غير الحكومية. واهتمت المحاضرة بالوسائل التي اتخذتها الحركة الإسلامية المحظورة (دار الأرقم) والحركة الإسلامية المعارضة (الحزب الإسلامي الماليزي) كما تناولت اتجاه الأسلمة الذي تسير فيه الحكومة الماليزية.
7- صرخات الشعراء الماليزيين حول التطور الاجتماعي الاقتصادي: عبد الوهاب علي. تناول الباحث في محاضرته معاناة المسلمين من النواحي الاجتماعية والاقتصادية، وكيف أن الأقليات من الأعراق الأخرى يتمتعون بمزايا كثيرة، ولذلك توجه الشعراء إلى الدولة يستنهضونها لعمل شيء ما لتحسين أوضاع المسلمين. وذكر أن بعض هؤلاء الشعراء أعطي مناصب مهمة في الدولة.
8- الإسلام في أواسط آسيا وفي روسيا: التثقيف مقابل التسييس : فيتالي نامكين المركز الروسي للبحوث الاستراتيجية والدراسات الدولية.(25/240)
تحدث المحاضر عن أوضاع الإسلام والمسلمين في الاتحاد السوفيتي منذ حركة البروستريكا وما حدث بعدها من انهيار الاتحاد السوفيتي وتطور أوضاع المسلمين و دخولها في أوضاع عاصفة من النمو والتوسع والتمزق. وأوضح أن أهم ملامح هذه الفترة السعي نحو التعليم الإسلامي حيث بدأت نشاطات واسعة في هذا المجال وبمساعدات من الهيئات والمنظمات الإسلامية الدولية. ومع ذلك فقد حدث شيء من الانقسام بين العلماء التقليديين والعلماء الجدد.
وأشار المتحدث إلى بعض المحاولات لتحويل الإسلام إلى قوة سياسية في معظم الدول الإسلامية التي استقلت حديثاً في أواسط آسيا. وقد ظهرت أحزاب إسلامية معارضة. ويتوقع المتحدث أن لا يكون هناك رابح في المعركة بين الإسلام السياسي والإسلام التعليمي ولكن سوف تظهر قوة تجمع بين الاثنين.
9-فشل البديل الليبرالي :يوهانس يانسن Johannes Jansen جامعة لايدن. تناول المحاضر موضوع البديل الليبرالي للمشروع الإسلامي الذي تطرحه الحركات الإسلامية أو (الأصولية). ويقصد بالبديل الليبرالي المشروع الذي تطرحه (النخبة) العلمانية لتحديث المجتمع المصري وبخاصة في مواجهة المشروع (الأصولي) أو مشروع (الإسلام السياسي)، وذكر في محاضرته جهود كل من مصطفى أمين، ومحمد سعيد العشماوي، ونوال السعداوي، وفؤاد زكريا وسعد الدين إبراهيم . وأشار إلى أن كتابات هؤلاء تطبع المرة تلو المرة ولكنها مع ذلك فشلت في تحريك الجماهير ليكون لهذا المشروع قوة تواجه قوة التوجه الديني. وأوضح أن أسباب فشلهم قد تعود إلى أنهم لا يعيشون هموم المواطن العادي أو إنهم يعيشون في بروج عاجية. ومشروعهم بلا شك هو المشروع التغريبي. وتحدث عن كتاب فؤاد علاّم (الإخوان وأنا: من المنشية إلى المنصة) وأشار إلى أن فؤاد علاّم قدّم بعض الروايات الغريبة للأحداث التي جرت في مصر منذ محاولة قتل عبد الناصر التي اتُهم فيها الإخوان المسلمون إلى مقتل السادات. وأشار إلى أن بعض الروايات تخالف الروايات المعروفة فربما كان علاّم بارعاً في الكذب.
وأتيحت لي الفرصة للتعقيب على المحاضرة فأبديت له إعجابي بعنوان محاضرته، وأضفت بأن العنوان يتضمن حُكْماً على هذا المشروع وهو حكم صحيح وأنا أؤيده في هذا الحكم. وبحكم تخصصي في الاستشراق وفي التاريخ الحديث فقد توقفت عند مصطلح النخبة الذي استخدمه الباحث فذكرت له إن الذين ذكرهم (فؤاد زكريا، وسعد الدين إبراهيم وغيرهما) على أنهم النخبة إنما هم نخبة زائفة لأنها مصنوعة في الخارج. وقد لاحظت أن مثل هذه المجموعة موجودة في معظم البلاد العربية الإسلامية، وأضفت علينا أن نحدد معاني المصطلحات التي نختارها. وأجاب بأنه لم يقصد ما فهمت من العنوان، وأما بالنسبة للنخبة فهو يرى أن هؤلاء هم النخبة سواءً وافقت أم لم أوافق ثم أضاف: " مصطفى أمين من النخبة وإن لم يكن مصطفى أمين نخبة فليس هناك نخبة !"
ولو كان في الوقت متسع لأوضحت له أننا نطلق على النخبة في العالم الإسلامي على العلماء العاملين أو العلماء الربانيين؛ لأن هؤلاء هم الذين يعملون على إسعاد غيرهم ويعيشون هموم شعوبهم ولا ينعزلون في بروجهم العاجية.
10- النموذج الديموقراطي الغربي والإسلام السياسي في الشرق الأوسط: الجزء الأول، هالة مصطفى من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. والجزء الثاني قدّمه نبيل عبد الفتاح قسم الدراسات الدينية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية:
يرى الباحثان أن الساحة الدولية تشهد في الوقت الحاضر صوراً جديدة للصراع بين الدول تختلف عما كان الحال عليه خلال الحرب الباردة. فالتنمية الفعلية سارت في مسار مختلف تماماً عن المسار المتوقع من حيث إيجاد جو من السلام والأمن بنهاية الحرب الباردة. فقد ظهرت الحروب القومية في أنحاء العالم ومن أخطرها تلك التي انفجرت بسبب التناقضات الثقافية والعرقية والدينية.
ومما أضاف إلى التباين الواضح بين الدول المتطورة والدول النامية في مجالات التقنية والقيم والثروة قد أضاف إلى شدة الصراع بالإضافة إلى أشكال الصراع الجديدة التي ظهرت مؤخراً. ومما يزيد في حدة هذه التناقضات الصراعات بين الثقافات والحضارات الذي ظهر مؤخراً في مجالات التاريخ واللغة والثقافة والعادات والدين. ومما يزيد الوعي بهذه الصراعات الاحتكاك بين الثقافات المختلفة.
وأشار الباحثان إلى أن عملية التحديث أدت إلى انفصال الشعوب المختلفة من هوياتها القديمة، وبالتالي فإن أزمة الهوية وبالتالي يظهر الدين لملء الفراغ ليصبح مصدر الهوية وهذا ما تمثله الحركات الأصولية الدينية.
والدور المزدوج الذي يقوم به الغرب يؤدي إلى تصعيد هذه الأزمات بسبب اختلال التوازن بين الغرب والدول غير الغربية في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة، ويزيد في إحساس غير الغربيين بالهزيمة في مواجهة القوى الغربية العظمى. وبالتالي تدفع تلك الشعوب للبحث عن جذورها الثقافية.(25/241)
وأشار الباحثان إلى الاختلاف بين القيم الغربية وقيم الثقافات الأخرى مثل: الليبرالية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، والعلمانية وهي التي تشكل الأسس للدولة القومية الحديثة.
وفي هذا السياق فإن تقديم نموذج النظام الغربي الديموقراطي في دول غير غربية مع الأخذ في الاعتبار القيم التي ذكرت سالفاً يعد من أصعب المشكلات التي تشغل قطاعاً مهماً من الصراع الفكري في العالم الإسلامي والشرق الأوسط. وإن ظهور الحركات الإسلامية من خلال النظام الديموقراطي هو أهم تحد في هذا المجال.
وقدم الباحثان بعد ذلك وجهة نظرهما تجاه الحركات الإسلامية ومدى إمكان اندماجها وتأقلمها مع النظام الديموقراطي الغربي، فأكدا على أنه من الصعب على هذه الحركات القبول بالقيم الغربية في مجال التعددية الذي هو الأساس للنظام الديموقراطي وهذا في نظر هالة مصطفى يناقض جوهر التعددية ويهدم مبادئ التنافس الحر بين القوى المختلفة في المجتمع.
ومما انتقدته هالة مصطفى على الحركات الإسلامية موقفها من الحريات العامة والخاصة والتي تتمسك الحركات الإسلامية بمفهوم واحد تجاهها. وترى أن الحركات الإسلامية تحد من هذه الحريات بالاستناد إلى الأقوال الدينية المختلقة التي تناقض مفهوم حرية الفكر والرأي والاعتقاد المعروفة في النظم الديموقراطية والتي صرحت بها مواثيق حقوق الإنسان العالمية.
وواصل الباحث الثاني نبيل عبد الفتاح الحديث عن الحركات الإسلامية وعلاقتها بالديموقراطية الغربية، والمواقف المختلفة التي تتخذها الدول الغربية من هذه الحركات. وعموماً لم يخرج عبد الفتاح عن الرؤية التي قدمتها هالة مصطفى لهذه الحركات.
وعندما أتيحت لي الفرصة أن أعقب طلبت من رئيس الجلسة أنني أريد أن أبعث رسالة إلى رئاسة المؤتمر بأن الحركات الإسلامية غير ممثلة في هذا المؤتمر، وأن ما نسمعه من تشويه لصورتها وطعن في فكرها دون تفريق بين الحركات الإسلامية المعتدلة وغيرها أمر يحتاج إلى رد وتوضيح، ولذلك فينبغي في المستقبل أن يمثل الطرف الآخر حتى يكون ثمة توازن في عرض وجهات النظر. وحاول رئيس الجلسة أن يقلل من خطورة الأمر بأن قال "إن الانتقاد الذي قدمته أو الرسالة التي وجهتها لا تعني أن هذين البحثين ليسا موضوعيين أو علميين". ولم أرد أن أرد عليه فقد أدركت أن رسالتي قد وصلت.
الخميس:
11- الإسلام في فرنسا: كاثارين ويتهول دي وندن Cathe r ine Wihtol de Wenden من المركز القومي الفرنسي للبحث العلمي. تناولت الباحثة أوضاع المسلمين في فرنسا فأشارت إلى أن معظمهم من الطبقات الفقيرة وأنهم يعيشون أوضاعاً صعبة، كما تناولت قضية اندماجهم في المجتمع الفرنسي. وأشارت إلى أنها غير متخصصة في الإسلام ولكنها باحثة في علم الاجتماع. وأشارت إلى سياسات الحكومات الفرنسية تجاه المسلمين في فرنسا. ودار نقاش جيد بعد المحاضرة شارك فيه كل من الباحث الفرنسي أوليفير كاريه والدكتور علي الكتاني رئيس جامعة ابن رشد الإسلامية في قرطبة حيث أشار المتحدثان إلى القرارات الفرنسية الموجهة ضد ممارسة المسلمين شعائر دينهم في فرنسا. وتعجب الدكتور علي الكتاني من المعاملة القاسية التي يلقاها المسلمون في فرنسا مع أن فرنسا تزعم أنها علمانية، وتساءل وما ذا يضايق الفرنسيين في مسألة الحجاب. كما أكد وجود أعداد كبيرة من المسلمين من أصل فرنسي.
12-الإسلام هل هو عامل مساعد أو معرقل في وجه تطور المرأة؟ :رفعت حسن الباحثة من جامعة لويفيل. وتناولت الباحثة موقف الإسلام من المرأة من خلال ثلاثة مسائل:1- كيف خُلِقت المرأة؟ 2- هل كانت المرأة مسؤولة عن سقوط الرجل؟ 3- لماذا خُلِقت المرأة؟
واهتمت رفعت حسن بيان موقف الأديان المختلفة من هذه القضايا مع التركيز على موقف الإسلام، وأشارت إلى أنها بدأت تدرس العقيدة الإسلامية منذ عام 1974م، ومن النقاط الطريفة في بحثها توقفها عند بعض الأحاديث في صحيح البخاري وصحيح مسلم حول خلق المرأة من ضلع الرجل، والتوجيه النبوي الكريم بالإحسان إلى المرأة فشككت في صحة هذه الأحاديث حيث إنها لم تجد أية إشارة في القرآن الكريم حول موضوع خلق المرأة.
وكما ذكرت في الحديث عن هذه الباحثة في المحاضرة الرئيسة في المؤتمر في الجلسة الافتتاحية، فهي من دعاة التغريب والانتقال بالمرأة إلى الصورة الغربية بالرغم من انتقادها للدراسات الغربية التي تشوه صورة الإسلام في الغرب.
الجمعة:(25/242)
13-بحث "العلاقات الإسلامية-النصرانية في القرن الواحد والعشرين" قدمه علوي شهاب، مركز دراسات أديان العالم بجامعة هارفارد. تناول المحاضر العلاقات التاريخية بين المسلمين والنصارى ابتداءً من الحروب الصليبية ثم الحملات الإمبريالية التي استهدفت العالم الإسلامي. ولكن المحاضر أشار إلى أن أوروبا والغرب اقتنع باستقلال الدول وأن العلاقات الإسلامية النصرانية بدأت تدخل في طور جديد من التعايش والقبول. وقد حاول أن يفسر كثيراً من النصوص التي تشير إلى العلاقات بين المسلمين والنصارى. وقد زعم المحاضر أن له الحق في الاجتهاد في فهم بعض النصوص القرآنية التي تتناول العلاقات بين المسلمين والنصارى فهو من العلماء كما يرى نفسه.
وقد بدا لي أن الباحث بحكم موقعه في جامعة هارفارد حاول لي أعناق النصوص ليناسب دعوته إلى قبول النصارى وإبعاد حقيقة مواقفهم من الإسلام والمسلمين.
14- توازن الحضارات: سيناريوهات للإسلام : مارتن كريمر مدير مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا -تل أبيب.
تناول الباحث في ورقته سبب اهتمامه بالصحوة الإسلامية التي نالت اهتماماً كبيراً في الغرب في العشر سنوات الأخيرة، وفشل التوقعات حول مستقبل هذه الحركات. وحتى يقدم الباحث صورة الإسلام في القرن الواحد والعشرين وجد أن من المفيد الرجوع إلى أوضاع العالم الإسلامي في بداية القرن العشرين وبخاصة حينما سألت إحدى المجلات عدداً من المستشرقين عن آرائهم في مستقبل العالم الإسلامي في القرن العشرين.
ومن الطريف أن الباحث وجد أن الأوضاع في بداية القرن العشرين تشبه إلى حد كبير الأوضاع الحالية؛ يسود أوروبا الآن حالة من السلام وسيطرة قوة واحدة هي الولايات المتحدة التي تسعى إلى وصول النفط إلى الغرب، وأن تكون الضامن لبقاء الأوضاع كما هي في الشرق الأوسط. وعندما تعرض وصول البترول إليه للخطر أسرعت الولايات المتحدة للتدخل عندما غزت العراق الكويت. وذكر الباحث أن الولايات المتحدة تقوم بعملياتها الحربية من قواعدها ولا ترى ضرورة للاحتلال طويل الأمد.
وتناول الباحث أوضاع العالم العربي الحالية واستمرار بعض الحكام لفترات طويلة وضرب المثل بالملك حسين،(مات بعد ذلك) والرئيس السوري(مات هو أيضاً) والعراقي( غزت أمريكا العراق فخلعته) والرئيس الليبي(مازال في الحكم). وزعم أن هذا لا يدل على الاستقرار، وهو أمر يرى أنه يشبه الأوضاع التي كان عليها العالم الإسلامي في بداية القرن العشرين.
واهتم كريمر بإثارة قضية الحركات الإسلامية التي يطلق عليها "المسلحة" وأنها الخطر الذي يهدد استقرار المنطقة.-وهذا هو دأب الباحثين والسياسيين اليهود في تخويف الغرب من الإسلام-وأشار إلى أن العالم الإسلامي كان يشهد صحوة تشبه الصحوة الموجودة حالياً. وزعم أن الحركات الإسلامية في بداية القرن العشرين تم السيطرة عليها وتساءل هل سيتم السيطرة على الحركات الإسلامية في بداية القرن الواحد والعشرين.
وقد قدّم الباحث بعض الحقائق عن أوضاع العالم الإسلامي من النواحي الاقتصادية واستمرار اعتماد المسلمين على الاستيراد في المواد الغذائية وغيرها، كما أشار إلى قضية الديون التي تثقل كاهل كثير من الدول العربية الإسلامية.
وتناول الباحث أيضاً مقالة صموئيل هتنقتون حول صراع الحضارات وما أثارته من ردود فعل واسعة في العالم العربي الإسلامي، وتعجب كيف أن كتاب فوكوياما عن (نهاية التاريخ) والتي تعرض للمسلمين بأشد مما ذكره هتنقتون لم تثر ردود فعل واسعة في العالم الإسلامي مع إن ما قاله فوكوياما أشد مما قاله هتنقتون.
لا شك أن الورقة تتضمن كثيراً من المغالطات التي تحتاج إلى الرد عليها، ولكن رأيت أن أترك الرد عليه حتى أتمكن من قراءة بحثه قراءة دقيقة.(3)
نظرة إجمالية إلى المؤتمر:
لقد كان هذا المؤتمر مناسبة ممتازة للتعرف على بعض الرؤى الغربية للعالم الإسلامي في مطلع القرن الواحد والعشرين والتي يمكن إجمالها في النقاط الآتية:
1- الحديث عن التنمية أمر مهم جداً بالرغم من أنه موضوع تكرر كثيراً منذ بداية القرن العشرين وما قاله الشيخ محمد عبده وغيره من العلماء المسلمين حول موقف الإسلام من المدنية والحضارة. ولكن يبدو أن التركيز على النموذج الغربي للتنمية مازالت قضية مهمة لدى الغربيين أو أبناء المسلمين المتأثرين بالفكر الغربي.
2- موضوع التربية والتعليم من الموضوعات المهمة ويهم الغرب أن يعرف كيف يفكر المسلمون في هذا الموضوع كما يرغبون في إيصال نظراتهم ونظرياتهم إلينا من خلال هذه المؤتمرات وبخاصة أن هذا المؤتمر كان له جانب سياسي بحضور بعض المسؤولين من أندونيسيا ومصر وهولندا الذي مازالت الدراسات العربية والإسلامية فيها لها جانب سياسي واضح.
3- الإسلام والمجتمع العالمي، يريد منظمو المؤتمر التوصل إلى معرفة كيف يفكر المسلمون في التعايش مع المجتمع العالمي أو الكوني .(25/243)
من الملاحظات على هذا المؤتمر الطابع العلماني في طرح بعض القضايا مثل قضايا الحركات الإسلامية، وموضوع المرأة الذي تزعمته الباحثة الباكستانية التي تفخر بمؤتمر السكان الذي عقد في القاهرة على مقربة من الأزهر ليسمع صوت المرأة في قضاياها. وكذلك غاب عن المؤتمر ممثلين للحركات الإسلامية المعتدلة في العالم الإسلامي وبخاصة من مصر الذي انفرد ممثلو مؤسسة الأهرام أو التيار العلماني(الليبرالي) بالحديث عن هذا الموضوع.
أثار انتقادي غياب التمثيل المتوازن في موضوع الحركات الإسلامية اهتمام الباحث الهولندي يوهانس يانسين حتى إنه أشار إليه في الجلسة الختامية ووعد أن يتم النظر في هذا الأمر في المستقبل.
ملحوظة: لقد لفت انتباهي عدم اتصال أي مسؤول من السفارة السعودية بي في أثناء المؤتمر بالرغم من أنهم بُلِّغوا بحضوري وأنني ممثل المملكة في المؤتمر. فهل هذا إهمال مقصود؟ أو تقصير في أداء العمل؟ وقد أعجبني اهتمام السفير المصري بحضور بعض فعاليات المؤتمر كالجلسة الافتتاحية والجلسة الختامية، وكذلك استمرار اتصاله بالشخصيات التي مثّلت مصر في المؤتمر. ولكن اتصل بي أثناء المؤتمر سفيان سيرجار من المركز الثقافي الإسلامي بمدينة لاهاي، وهو على صلة بالسفارة وأخبرني بأنه أبلغ السفارة بوجودي.
- الحواشي :
1 -دارت بيني وبينه مراسلات قدم لي من خلالها معلومات قيمة عن الدراسات العربية والإسلامية في هولندا، وقد نقوم بعمل مشترك عن هذه الدراسات في الجامعات الغربية.
2 -أود أن أشكر كل من الدكتور عبيد خيري والدكتور قاسم السامرائي على مساعدتهما القيمة في ترجمة هذا البحث من اللغة العربية إلى الإنجليزية.
3 - حصلت على معلومات جيدة من المحاضر حول مركز موشيه ديان ونشاطاته الاستشراقية، وقد أفادني بمعلومات مهمة حول أستاذه برنارد لويس وعلاقته بإسرائيل ، كما أرسل لي بعض المنشورات من المركز عن ندوة بمناسبة مرور ثمانين سنة على ولادة لويس
-===========(25/244)
(25/245)
مؤتمر عالمي حول الإسلام في هولندا
تذكر كتب التاريخ أن الملك الفرنسي لويس التاسع الذي قاد إحدى الحملات الصليبية التي باءت بالفشل لمّا أسر في مصر، أخذ يفكر في هذه الحملات فتوصل إلى أن المواجهة الحربية مع المسلمين لا تجدي لأن المسلمين سرعان ما يعودون إلى الوحدة والقوة مهما بلغ ضعفهم، ولذلك فعلى الدول الأوروبية أن تسعى لمحاربة المسلمين في عقيدتهم وثقافتهم .
ولم تستمع أوروبا إلى النصح تماماً فعادت إلى المواجهة الحربية حيث احتلت الجيوش الأوروبية معظم أجزاء العالم الإسلامي، ولكنها مع هذا الاحتلال لم تنس نصيحة الملك الفرنسي فنشطت الجامعات والمعاهد الغربية ومراكز البحوث في دراسة العالم الإسلامي عقيدة، وشريعة، وتاريخاً، ولغة وآداباً، واقتصاداً وسياسة حتى أصبحوا كما يقول الدكتور أبو بكر باقادر يعرفون الجزئيات وجزئيات الجزئيات أو تفاصيل التفاصيل عن الأمة الإسلامية ويستخدمون هذه المعرفة في محاربتنا.
وفي عام 1901م تقدمت مجلة فرنسية متخصصة في السياسة هي "مجلة قضايا دبلوماسية واستعمارية" إلى عدد من المستشرقين تطلب منهم أن يقدموا توقعاتهم حول أوضاع الإسلام والمسلمين في القرن العشرين وكان من هؤلاء المستشرقين: إي جي براون (E. G. B r owne ) الانجليزي، والألماني هارتمان Ha r tmann، والهولندي سنوك هورخرونيه، واليهوديين المجريين جولدزيهر وفان دن بيرج Van den Be r g بالإضافة إلى خمس عشرة مستشرقاً آخرين.
إن هذا الاهتمام بمحاولة استشراف مستقبل العالم الإسلامي يعود مرة أخرى مع اقتراب حلول القرن الواحد والعشرين، وهاهي جامعة لايدن تأخذ المبادرة للنظر في مستقبل العالم الإسلامي بالتعاون مع إحدى أكبر البلاد الإسلامية سكاناً وهي اندونيسيا، مع التركيز على جنوب شرق آسيا الذي يعتقد بعض الباحثين الغربيين أنه سيكون مركز الثقل في العالم الإسلامي في المستقبل لما يظهر فيه من نشاطات اقتصادية مهمة.
وفطن الغرب إلى أهمية إشراك باحثين من العالم الإسلامي معهم هذه المرة، ليفيدوا من علمهم ومن خبراتهم، وللتركيز على اتجاهات فكرية معينة؛ فعقد المؤتمر العالمي الأول حول الإسلام والقرن الواحد والعشرين في لايدن في الفترة من 3 إلى 7 يونيه 1996م. وقد قدم فيه ثمانون بحثاً حول ثلاثة محاور هي: الإسلام والمجتمع الدولي، والإسلام والتنمية، والإسلام والتعليم.
بدأت الجلسة الافتتاحية بكلمة لرئيس جامعة لايدن البرفسور ليرتوورL. Lee r touwe r ، أشار فيها إلى اهتمامه بدراسة الأديان، وأنه كان عضواً في قسم دراسة الأديان في جامعة لايدن. وأشاد بالمستشرق الهولندي سنوك هورخرونيه وغيره من المستشرقين الهولنديين على جهودهم في دراسة الإسلام وتطوير دراسة الدين الإسلامي في هولندا. ثم تحدث وزير الشؤون الدينية الاندونيسي الدكتور هـ. ترمذي طاهر الذي أشاد بالتعاون بين اندونيسيا وهولندا، وبخاصة جامعة لايدن في مجال الدراسات الإسلامية ووزارة التعليم والثقافة والعلوم الهولندية. ودعا الحاضرين إلى المشاركة في المؤتمر الثاني الذي سيعقد في اندونيسيا بعد سنتين.
وطرأ تغيير على الجلسة الافتتاحية حيث تحدث وزير الشؤون الدينية المغربي الذي قال بأن مشاركة بلاده، وإن جاءت متأخرة لكنها مشاركة جوهرية ودعا إلى عقد المؤتمر الثالث في المغرب. وأشاد بالتعاون العلمي بين العالم الإسلامي والغرب.
وتضمنت الجلسة الافتتاحية البحث الذي تقدمت به الباحثة الباكستانية رفعت حسن الأستاذة بجامعة لويفيل بالولايات المتحدة الأمريكية، ومن الداعيات المشهورات لتحرر المرأة المزعوم. وكانت ورقتها بعنوان (ماذا يعني أن أكون مسلماً في مشارف القرن الواحد والعشرين) أكدت فيها على التعاون بين الغرب والشرق وأنه لا بد من الحوار البناّء. ولكنها بدأت بالحديث عما رأته شرفاً كبيراً لها أن تقدم البحث الافتتاحي وأن اختيار امرأة لذلك مزية انفردت بها جامعة لايدن .
ويهمني في هذا المقال أن أشير إلى ما ذكرته رفعت عن الحديث النبوي الشريف من افتراءات بأن معظم الحديث النبوي الشريف موضوع، واستشهدت لذلك بما قاله الباحث فضل الرحمن (كان رئيس قسم الدراسات الإسلامية في جامعة شيكاغو الأمريكية) من أن كثيراً جداً من الأحاديث موضوعة ومزيفة وقام بذلك العلماء المسلمون التقليديون. وقالت في أثناء النقاش بأنها لو أخذت أربعة أحاديث من صحيح البخاري -رحمه الله تعالى- وأرادت أن تناقش سندها ومتنها لارتفعت الأصوات بالاحتجاج بأنه لا يمكن لامرأة أن تفعل ذلك بالإضافة إلى كونها غير عربية وباكستانية.(25/246)
ومن العجيب أنه لم يتصدى لها أحد في هذه النقطة، فقد كان من الواجب أن يوضح لها وللحضور بأن العلماء المسلمين بذلوا من الجهود في فحص الأحاديث النبوية ما لم تعرفه أمة من الأمم حتى توصلوا إلى تصنيف الأحاديث إلى الصحيح والحسن والضعيف، وحتى في الحسن والضعيف ثمة تصنيفات أخرى توضح دقة هذا العلم والمنهجية الصارمة التي استخدموها في الذب عن حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم . وكان على هذه المرأة أن تدرك أن صحيح البخاري قد خضع لدراسات عميقة جداً، وأن الأمة الإسلامية قد تلقت عمل الإمام البخاري ليس بالقبول فحسب بل بالإشادة والتقدير والثناء. أما كونها امرأة وغير عربية فكم من النساء المسلمات اللاتي نبغن في علوم الحديث قديماً وحديثاً ولتنظر عدد من روى الحديث من النساء، أما كونها غير عربية فهل كان البخاري أو مسلم أو الترمذي أو ابن ماجة عرباً وهل كان سيبويه وغيره من العرب؟
تناولت في الأسطر السابقة مسألة اهتمام الغرب باستشراف مستقبل العالم الإسلامي، وتحدثت عن الجلسة الافتتاحية وما قدّم فيها من خطب وكلمات وكذلك المحاضرة الافتتاحية.وسوف أتناول فيما يأتي عدداً من البحوث التي ألقيت في المؤتمر.
كان من الصعب حضور كل المحاضرات، لأن الجلسات كانت تعقد متزامنة لذلك من الصعب الخروج برأي أو حكم على مجمل المؤتمر دون الاطلاع على أكبر عدد من المحاضرات وهو ما يتطلب وقتاً وجهداً. ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جلّه.
ففي محور الإسلام و التنمية قدّم نصر حامد أبو زيد- الأستاذ الزائر بجامعة لايدن- بحثاً بعنوان "الإسلام والتحديث" تناول فيه تعريف التحديث بأنه إجراء لإنشاء نظام سياسي واقتصادي وثقافي واجتماعي ليحل محل نظام أصبح جامداً، وأن لكل مجتمع حداثته أو تحديثه الخاص به.-وهنا مكمن الخطورة فالنظام الإسلامي لا يمكن أن يصبح جامداً في أي وقت- أما عن تحديث الإسلام في بدايته فذكر أنه جاء لتحديث المجتمع الجاهلي، وان الجاهلية ليست مقابل العلم ولكنها سلوك اجتماعي وتوجه عقدي يخالف الإسلام. وركز كثيراً على الفروق بين المجتمع الإسلامي القائم على قيم تخالف قيم العصبية القبلية. وذكر في محاضرته الفرق الإسلامية مثل الشيعة والخوارج والمعتزلة، و أشاد بالمعتزلة كما يفعل كثير من المستشرقين بأنهم الحزب الليبرالي أو أصحاب التفكير الحر وزعم أن الاعتزال بدأ حركة سياسية تهدف إلى محاربة الدولة الأموية.
وطلبت التعليق فقلت بأن تحديث الإسلام لم يكن في يوم من الأيام خاصاً بالمجتمع القبلي الجاهلي في جزيرة العرب، بل هو تحديث وإصلاح لما كان العالم أجمع يعاني منه من انحرافات عقدية وسياسية واقتصادية واجتماعية. وذكرت له أن رسالة الإسلام هي للعالم أجمع. وأوضحت بأن القرآن الكريم اهتم ببيان انحرافات بني إسرائيل العقدية، والاجتماعية، والسياسية، فمن ذلك قتلهم الأنبياء وقولهم على الله غير الحق وأكل الربا وغير ذلك. وأضفت بان القرآن ذكر الانحرافات الاقتصادية لقوم شعيب والانحرافات العقدية والسياسية لفرعون.
ومجمل القول حول محاضرة أبو زيد أنها لم تكن بالقوة من الناحية العلمية التي تبرر لجامعة لايدن استضافته وهذا ما ذكره لي أخ جزائري بأنه لم يجد في هذه المحاضرة فائدة كبيرة. ولكن لعل أبو زيد يخاطب الغربيين فيروا بأن كل ما يقوله جديداً بالنسبة لهم.
ومن المحاضرات التي ألقيت في هذا المؤتمر محاضرة بعنوان "فشل البديل الليبرالي" للباحث الهولندي من جامعة لايدن جوهانز جانسن، تناول فيها قضية واحدة وهي لماذا فشل الليبراليون في أن يحركوا الجماهير للقبول بمشروعهم بالرغم من أن كتبهم تجد رواجاً وتطبع المرة تلو المرة. وتحدث عن كتاب فؤاد غلام (الإخوان وأنا من المنشية إلى المنصة)
وتناول المحاضر كتابات من سمّاهم بالنخبة من أمثال مصطفى أمين، ونوال السعداوي، وفؤاد زكريا، وسعد الدين إبراهيم، ومحمد سعيد العشماوي وغيرهم، وأن هذه الكتابات لم تستطع أن توجد تياراً يستطيع منافسة المشروع الإسلامي أو يقاوم الحركات الإسلامية التي يسمونها بالأصولية الإسلامية أو الإسلام السياسي.
ولم تصل المحاضرة إلى وضع النقاط على الحروف بالنسبة لفشل المشروع الليبرالي. وقد ردّ أحد الحضور وهو الأستاذ عبد العزيز شادي -الذي كان يحضر للدكتوراه في العلوم السياسية في جامعة لايدن {حصل على الدكتوراه الآن} بأن معلومات المحاضر غير دقيقة، فكتب هؤلاء ليس لها رواج الكتب الإسلامية، وهي غالباً باهظة الثمن وأسلوبها يتسم بالغموض بينما الكتب الإسلامية واضحة الأسلوب رخيصة الأثمان لأن مؤلفيها أصحاب دعوة لا يريدون الكسب المادي.(25/247)
وأتيحت لي الفرصة للتعليق فبدأت بإبداء إعجابي بعنوان المحاضرة، وذكرت أن العنوان (فشل المشروع الليبرالي) يتضمن حكماً عليهم، وهو حكم صحيح، وأنا أؤيده -وإن كان هذا عكس ما قصده المحاضر-. ثم قلت له :" لقد ذكرت مجموعة من الأسماء:مصطفى أمين، وفؤاد زكريا، وسعد الدين إبراهيم وغيرهم بأنهم النخبة ولكن هذه ليست نخبة حقيقية، بل نخبة زائفة Supe r ficial eliteلأنها مصنوعة في الخارج؛ بمعنى أن ثقافتها غربية وتوجهاتها علمانية غربية. ثم هناك مجموعات شبيهة بها في معظم البلاد العربية الإسلامية درست في المعاهد الأجنبية أو تلقت تعليمها في الخارج وتأثرت بالفكر الغربي. وأضفت بأن علينا أن نحدد معاني المصطلحات التي نستخدمها.
وحتى لا آخذ أكثر من الوقت المحدد للتعليق فقد توقفت، ولو أتيحت لي الفرصة لقلت له بأن النخبة أو الصفوة هم علماء الأمة العاملون، أو العلماء الربانيون كما يسميهم القرآن الكريم. أو النخبة هي أصحاب الأيادي المتوضئة والوجوه الوضيئة التي يشع منها نور الإيمان. ولقد كانت النخبة في مجتمع المدينة المنورة في عهد الرسو صلى الله عليه وسلم هي كبار الصحابة وأصحاب السابقة في الإسلام. بل يرى البعض أن النخبة هي أهل بدر من المهاجرين والأنصار، أو هم أصحاب بيعة الرضوان. فهذه هي المعايير الإسلامية في تحديد النخبة. والنخبة في المجتمع الإسلامي هي التي تبذل في سبيل رفعة مجتمعها وتقدمه لا تتسلط عليه فكرياً وتتعالى عليه كما هو الحال فيمن يطلق عليهم الغربيون النخبة. وقد ذكر الباحث الغربي أن هؤلاء يعيشون في بروج عاجية لا يعرفون حقاً معاناة شعوبهم. فكيف بالله يستحقون لقب النخبة؟ ولكن تعالي بعض الغربيين جعله يصر على استخدام مصطلح النخبة لوصف من وصف وأضاف بأنه إذا لم يكن مصطفى أمين من النخبة فمن النخبة!! فهذا التعالي والعنجهية جعلاه لا يقبل بالرأي الآخر.
تخيل معي أخي الكريم أن مؤتمراً عالمياً بعنوان (الحضارة الغربية والقرن الواحد والعشرين) يعقد الآن في دولة إسلامية، وقد دعي إليه العديد من العلماء والمفكرين الغربيين ليقدموا لنا خلاصة علمهم وخبرتهم وتجاربهم فيما ستؤول إليه حضارة الغرب في القرن القادم، وربما كانت محاور المؤتمر: الإنسان في الحضارة الغربية، البيئة في الحضارة الغربية، الدين في الغرب...الخ.
ولكن لندع هذا الخيال الآن ونعود إلى الواقع لنتناول بعض الجوانب من مؤتمر هولندا الذي نحن بصدده، فقد تقدمت إلى المؤتمر بموضوع حول شخصية إسلامية متميزة لها دورها الرائد في مجال التنمية، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت وكنت أعلم أنني سأمثل بلادي في هذا المؤتمر لاخترت موضوعاً يخص المملكة فإن تجربتها الرائدة في مجال التنمية تستحق أن تكون مجالاً لعدة أوراق تقدم لهذا المؤتمر. فنحن وبحمد الله خطونا خطوات كبيرة في مجال التنمية مع محافظة على القيم الإسلامية في شتى المجالات. فهذه مدارسنا وجامعاتنا لا تعرف الاختلاط الذي تفشى في العالم أجمع، وبدأ العالم يعاني من ويلاته منذ أمد بعيد. وما زال إعلامنا يقاوم التنافس مع القنوات الفضائية بالمحافظة على القيم الإسلامية في برامجه.
ولكن مادام هذا المؤتمر سيعقد مرة أخرى فإن الفرصة ما تزال مواتية لتمثيل المملكة في محاوره المختلفة فقد لاحظت تمثيلاً كبيراً لجمهورية مصر العربية واندونيسيا(أحد المنظمَين للمؤتمر) وهولندا .وبالإمكان الاتصال بوزارة الشؤون الدينية الاندونيسية لمعرفة موعد انعقاد المؤتمر القادم ومحاوره المختلفة.
وعقد المؤتمر التالي أو الثاني في مصر ولم يكن الإعلان عنه للجميع، وكان الحضور شبه رسمي حيث شاركت بعض الجهات الحكومية في المملكة بأشخاص لهم حضوة في حضور المؤتمرات والندوات.
وأعود إلى البحث الذي تقدمت به حول نظرات ابن باديس للتنمية، فقد حضرت اجتماعاً قبل أكثر من عام عقد في جدة حضره بعض المثقفين من المملكة وكان ضيف الاجتماع باحثاً أمريكيا متخصصاً في العلوم السياسية وهو جوزيف كيششيان، وبدأ الاجتماع بأن تحدث عن الحركات الإسلامية أو (الأصولية) زاعماً أنها ستعيد البلاد الإسلامية إلى العصور الوسطى(الأوروبية) حين كان العلماء يقتلون و يحرقون . وأن الحركات الإسلامية تضطهد المرأة وأن الأقليات سوف تعاني. والحديث وإن كان ظاهره عن الحركات السلامية لكنه في الواقع طعن في الإسلام، فالدول التي ظهرت فيها الحركات الإسلامية تخلت عن التطبيق الكامل للشريعة الإسلامية منذ زمن بعيد، ولذلك فالاتهام موجه للإسلام. وكتب مثل هذا الكلام "مستشرقون" من أمثال دانيال بايبس، وبرنارد لويس. وقد كان لويس عنيفاً حاقداً في نقده، وكانت محاضرته التي ألقاها في مكتبة الكونجرس محاضرة تحريضية ضد الإسلام والمسلمين.(25/248)
ولذلك كان اختياري لشخصية إسلامية مرموقة تناولت قضية التنمية بوعي إسلامي وفهم عميق للإسلام ولواقع الحضارة الأوروبية. فقد كان لابن باديس رحمه الله دروس في تفسير القرآن الكريم. ومن هذه الدروس حديثه حول قول الله تعالى {قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا}(سبأ 46) حيث ذكر أن هذه الآية تستحق أن يطلق عليها " آية النهوض الإنساني"، فقوله {قوموا} لا تعني القيام على الأرجل، وإنما معناها النهوض، ولو كان هذا مراداً وفهمته العرب منه لما سادوا المعمورة. ولا ينسى ابن باديس أن يحدد أهداف هذه النهضة كما فهما من القرآن الكريم بقوله:" إن النهضة يجب أن تكون لله فإن كانت لغيره فإنها لا تخلو من ضرر يعود على نوع الإنسان من جهات شتى وإن نفعت قوماً من بعض الوجوه."
وتحدث ابن باديس في تفسير قوله تعالى{أتبنون بك ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذا بطشتم بطشتم جبّارين}(الشعراء128-130)، وهنا تحدث ابن باديس عن التفاسير التي ذكرت أن معنى مصانع هي القصور أو مجاري المياه ويقول في ذلك ابن باديس و على القولين فهي دليل على معرفتهم بفن التعمير علماً وعملاً " ويضيف، " ولكن ليت شعري ما الذي صرف المفسرين اللفظيين عن معنى مصنع الاشتقاقي والذي أفهمه ولا أعدل عنه هو أن المصانع هي جمع مصنع كالمعامل من العمل وإنها مصانع حقيقية للأدوات التي تستلزمها الحضارة ويقتضيها العمران، والقرآن لم ينكرها لذاتها وإنما أنكر عليهم غاياتها وثمراتها، فإن المصانع التي تشيد على القسوة والقوة لا تحمد في مبدأ ولا في غاية، وأي عاقل يرتاب في أن المصانع اليوم هي أدوات عذاب لا رحمة، ووسائل تدمير لا تعمير فهل يحمدها على عمومها؟
وختمت محاضرتي بعبارات حول التنمية والاحتفاظ بالهوية الإسلامية -وهو ما كنت أتمنى لو تحدثت فيه عن تجربة المملكة- فكان مما قلته:" يجب أن تبدأ التنمية الحقيقية بالحفاظ على الهوية الإسلامية، وبعد ذلك فإن أي استعارة من الآخرين ستكون مقبولة ما دامت لا تؤثر أو تتعارض بأي طريقة مع الهوية الإسلامية. وبالإضافة إلى ذلك فالمحافظة على احترام الذات متطلب أساسي من متطلبات النهضة الحقيقية. ففي العصور المبكرة في التاريخ الإسلامي عندما بدأ أول اتصال للمسلمين بالحضارات الأخرى مثل الفارسية، واليونانية، والهندية فإن المسلمين لم يصابوا بالانبهار بهذه الحضارات إلى درجة فقدان قيمهم وأخلاقهم. وفي الوقت نفسه لم يحتقروا هذه الحضارات ويقللوا من شأنها، فإنهم على العكس من ذلك درسوا هذه الحضارات دون تحيز أو تعصب وأخذوا منها ما يلائمهم، وقدموا إسهامات أثرت المعرفة البشرية التي أخذها عنهم العالم وبخاصة أوروبا ليصنعوا منها حضارتهم المعاصرة. إن إنكار هذا الإسهام الإسلامي ورفض نهضة المسلمين وفق مسلماتهم وثوابتهم لا يعد سلوكاً عاقلاً.
===========(25/249)
(25/250)
تقرير عن المؤتمر الدولي الاستشراق والدراسات الإسلامية
تطوان-المغرب
15-17 رجب 1417 هـ
26-28نوفمبر 1996م
المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة - الرباط
وشعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية
بجامعة عبد المالك السعدي - تطوان بالمغرب.
لغة المؤتمر : اللغة العربية ، ولكن قدمت ثلاثة بحوث باللغة ا؟لإنجليزية والإسبانية والفرنسية.
موجز عن البحوث المقدمة:
لم يكن هذا المؤتمر الأول حول الاستشراق الذي يعقد في المغرب فقد عقد قبل سنتين تقريباّ مؤتمر في كلية الآداب بجامعة محمد الخامس في الرباط بالتعاون مع مكتب تنسيق التعريب التابع لجامعة الدول العربية حول الدراسات الاستشراقية وكان برئاسة الدكتور أحمد شحلان عميد الكلية حينذاك .كما عقدت ندوة أصيلة اجتماعها السنوي في الصيف الماضي تناول صورة الغرب في العالم الإسلامي وأوصت الندوة بإنشاء أول مركز للدراسات الأمريكية في العالم العربي في مدينة أصيلة المغربية.
أما هذا المؤتمر فكان والحمد لله فرصة للإشادة بالقسم الذي لا مثيل له في العالم الإسلامي وأن المنتسب لهذا القسم يجد نفسه على معرفة بالاستشراق بصورة أوضح وأشمل من الذين يدرسون الاستشراق من خلال دراسة أحد العلوم العربية أو الإسلامية.كما إن وجود هذا القسم في المملكة يثبت هذه الريادة لجامعة الإمام. ولم يظهر هذا في بحثي الذي قدمته بعنوان (لمحات من الاستشراق الأمريكي المعاصر) فحسب بل كان ذلك أيضاً من خلال الفرص التي أتيحت لي لمناقشة بعض البحوث الأخرى وكذلك من خلال الندوة التي عقدتها القناة الفضائية لراديو وتلفزيون العرب (إي آر تي) والتي استغرقت حلقتين بعنوان (الإسلام وقضايا المجتمع) ومن خلال بعض اللقطات السريعة التي صورها المخرج الدكتور رفيق حكيم على هامش المؤتمر وكذلك من خلال بعض اللقاءات الصحافية مع جريدة "المسلمون" وجريدة "المستقلة" (اللندنية)، ومن خلال الحديث في برنامج إذاعي بث على الهواء مباشرة من إذاعة طنجة. وقد وجدتها فرصة مناسبة خلال هذه النشاطات أن أشيد بقسم الاستشراق بكلية الدعوة وأهميته العظيمة في فهم الاستشراق والتصدي له.
أما بحثي فكان حول الدراسات الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية أو الاستشراق الأمريكي المعاصر، وقد اخترت ثلاثة محاور في هذا الموضوع هي:
أولاً: المعرفة حقيقتها وأساليب الحصول عليها: أوضحت فيه أن المعرفة في الغالب ليست من أجل المعرفة نفسها ولكنها في الغالب من أجل استمرار الهيمنة والسيطرة كما بين ذلك العلماء المسلمون من قبل و كذلك إدوارد سعيد في كتابه المشهور (الاستشراق). وأما وسائلها فكثيرة من بينها البحوث الأكاديمية والمؤتمرات والندوات واستقدام بعض الأساتذة العرب المسلمين الذين يجرون بحوثاً على بلادهم في الغرب فيقدمون خبراتهم ومعارفهم إلى الاستشراق الأمريكي.
ثانياً: الاستشراق الإعلامي: وتناولت في هذا المحور النشاطات الاستشراقية في المجال الإعلامي من صحافة وإذاعة وتلفاز وقدمت نماذج لذلك. وأكدت على الارتباط الوثيق بين الاستشراق الأكاديمي والاستشراق الإعلامي.
ثالثاً: الاهتمام بالحركات الإسلامية: وقد ظهر في الآونة الأخيرة في الجامعات الأمريكية ومراكز البحوث ولدى الحكومة الأمريكية اهتمام بالحركات الإسلامية التي تطلق عليها (الأصولية) حتى أصبح بعض الباحثين يتخصص في هذه الحركات في بلد من البلدان.
موجز عن المؤتمر:
كان هذا المؤتمر حافلاً بالبحوث القيمة التي وزعت على عدة محاور وهي :الاستشراق والعلوم الشرعية: القرآن الكريم، والسنّة، والفقه والسيرة النبوية، والاستشراق واللغة العربية وآدابها، ومدارس الاستشراق الجغرافية. وفيما يأتي أبرز البحوث التي قدمت:
الاستشراق والقرآن الكريم
1- الاستشراق وترجمة القرآن الكريم: د. محمد أبو طالب - شعبة اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط. قدم الباحث عرضاً شيقاً وجميلاً لنماذج من الصعوبات والأخطاء التي وقع فيها عدد من المترجمين في أثناء قيامهم بالترجمة وذلك نتيجة عدم إدراكهم لخصوصيات اللغة العربية نحواً وصرفاً وأسلوباً. وأعتقد أن الباحث يملك طاقة كبيرة ومعرفة غزيرة وعميقة بهذا الموضوع ويمكن الإفادة من جهوده لدى الجهات المعنية في المملكة بترجمة معاني القرآن الكريم وهي مجمع خادم الحرمين الشريفين لطباعة المصحف الكريم بالمدينة المنورة ووزارة الشؤون الإسلامية.*
2- الدراسات القرآنية في اسكتلندا: وليام موير وريتشارد بل ومونتجمري وات: د. عبد الرحيم علي محمد إبراهيم - مدير جامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم. تناول البحث تعريفاً موجزاً بالمستشرقين الثلاثة ثم ركز على كل من ريتشارد بل ومونتجمري وات، ونظراً لأن ريتشارد بل كان أخطرهم فقد أعطى الباحث مساحة أكبر لعرض آرائه ونقدها.
الاستشراق والسنّة:(25/251)
3- موقف المستشرق جولدزيهر من السنّة النبوية: د. المكي اقلانيه - شعبة الدراسات الإسلامية كلية الآداب جامعة عبد المالك السعدي -تطوان: اهتم الباحث بالمستشرق جولدزيهر وتناوله للسنة النبوية سنداً ومتناً وربطها بالأعراف والتقاليد الجاهلية، وأوضح الباحث المنهج الذي سلكه جولزيهر والخلل الذي اعتوره في سلوك ذلك المنهج.
الاستشراق وأصول الفقه:
4- علم أصول الفقه من خلال بعض الدراسات الاستشراقية:نقد وتقويم: د. محمد الصمدي، شعبة الدراسات الإسلامية -تطوان. ناقش الباحث مجموعة من وجهات نظر مجموعة من المستشرقين حول أصول الفقه، وتناول مناهجهم في ذلك من خلال دراسة مدى التزامهم بالأمانة العلمية في بناء الأحكام والتصورات.
الاستشراق والسيرة النبوية:
5- صلى الله عليه وسلم بين النبوة والرسالة: د. قوتو أكيرا من معهد الثقافة الشرقية- جامعة طوكيو اليابان. تناول البحث الألقاب والصفات التي كانت تطلق على الرسو صلى الله عليه وسلم وخلص إلى أن أكثرها كانت النبوة والرسالة، وقد بحث في هذا الموضوع من خلال دراسة سيرة الرسو صلى الله عليه وسلم ومن خلال ترجمات معاني القرآن الكريم.
7- قراءة في كتابات إسبانية عن السيرة النبوية: د. مهدية امنوح، شعبة الدراسات الإسلامية-تطوان، قامت الباحثة بمراجعة عدد كبير من النصوص الاسبانية في مجال السيرة النبوية، واهتمت بصفة خاصة بما أثبتوه للرسو صلى الله عليه وسلم من صفات ومزايا وتلك التي نفوها وأسباب الإثبات والنفي.
8- الاستشراق والسيرة النبوية: د. عز الدين عمر موسى- قسم التاريخ، كلية الآداب بجامعة الملك سعود. قام الباحث أولاً بتقسيم التاريخ الأوروبي إلى ثلاث حقب وتحدث عن الاهتمام بالسيرة النبوية في كل حقبة منها وخصائص الكتابة حول السيرة فيها. وهذه الحقب هي: النصرانية البيزنطية، والثانية نهضة غرب أوروبا وبداية عصر النهضة، والثالثة هي حقبة عصر التقدم الأوروبي العلمي المادي والهيمنة الاستعمارية، وقدم الباحث نماذج من كتابات كل حقبة مع نقدها.
الاستشراق واللغة العربية:
9- "المستشرقون واللغة العربية" ، د. بكري عبد الكريم، مدير المعهد العالي للحضارة الإسلامية بمدينة وهران - الجزائر. من أبرز القضايا التي تناولها الباحث في ورقته ما يأتي: أصالة النحو العربي من حيث النشأة والتنظيم، ومكانة اللغة العربية بين اللغات العالمية وقدرتها على التعبير عن المسميات والمعاني، والإعجاز اللغوي في القرآن الكريم ، واستبدال العامية باللغة الفصحى في البلاد العربية، والرصيد المعرفي في مجال اللغة العربية الذي يملكه المستشرقون الدارسون لعلوم اللغة العربية.
10- "المستشرقون واللغة العربية " نادية انجلسكو، قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية جامعة بوخارست-رومانيا. ألقت الباحثة بحثها بلغة عربية سليمة، وحاولت إبراز دور المستشرقين في مجال دراسة اللغة العربية نحواً وصرفاً وآداباً. وكذلك في مجال الاهتمام بالتراث العربي الإسلامي في مجال اللسانيات والتأكيد على أهمية التفكير اللساني العربي وأصالته.
11- " ما ذا أفاد الأدب العربي من جهود المستشرقين في تاريخه والبحث فيه ؟" د. محمد الكتّاني عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة عبد المالك السعدي، تطوان. ركز الباحث على إظهار إنجازات المستشرقين في مجال خدمة الأدب العربي بغض النظر عن الأخطاء التي وقعوا فيها،أو الأغراض غير الموضوعية التي وجهت بحوثهم أحياناً. وقد قدّم نماذج من جهود المستشرقين في المحافظة على التراث العربي وتحقيق المخطوطات وفق مناهج علمية صارمة.
المدارس الاستشراقية -جغرافياً :
12- " الاستشراق في سويسرا "، د. جريجور شويلر.G r eego r Schoele r ، جامعة بازل بسويسرا. قدم الباحث ورقته بلغة عربية جيدة مستعرضاً الاهتمام بالدراسات العربية الإسلامية في سويسرا مشيداً بأن بلاده رغم صغر مساحتها لكنها أخرجت عدداً من المستشرقين البارزين، وقدم في ورقته أسماء بعض هؤلاء وإنجازاتهم في هذا المجال.
13-" الاستشراق في هولندا "، د. إسماعيل العثماني، كلية الآداب بجامعة أمستردام. وفي ورقته أوضح الدكتور إسماعيل أهمية دراسة هذا الاستشراق دراسة عميقة لأنه يحتل مكانة بارزة بين الاستشراق الأوروبي وأكد على عدم الاكتفاء بمظاهر الموضوعية والنزاهة والاعتدال التي يمكن أن يتظاهر بها هذا الاستشراق فإنه له باطن يختلف عن ظاهره.
14- " تأسيس الاستشراق الأسباني وتصوراته: البدايات والروافد" د. عبد الواحد العسري، شعبة اللغة العربية - كلية الآداب ، تطوان. تناول الباحث أسباب ظهور الاستشراق في اسبانيا قبل غيرها من الدول الأوروبية ومن ذلك المساجلات الدينية وظهور ترجمات لمعاني القرآن الكريم والاهتمام بالثقافة الإسلامية العربية عموماً.
توصيات المؤتمر:(25/252)
إن أبرز التوصيات التي خرج بها هذا المؤتمر التأكيد على مواصلة عقد مثل هذه المؤتمرات لفهم أعمق وأدق للظاهرة الاستشراقية ، وكذلك مواصلة الحوار مع المستشرقين أو الباحثين الغربيين في مجال الدراسات الاستشراقية لمحاولة تشجيع المفاهيم الصحيحة وتصحيح ما يمكن أن يكون قد اعترى تصورات المستشرقين من أخطاء نتيجة سوء الفهم أو التعمد.
كما رأى المؤتمر أن تعقد حلقة ثانية من هذا المؤتمر، ولعل كلية الآداب بوجدة هي التي ستقوم باستضافة المؤتمر بعد سنتين .
ولعل أبرز توصية تلك التي دعت إلى إنشاء رابطة للباحثين المسلمين المهتمين بالدراسات العربية والإسلامية في الغرب أو الدراسات الاستشراقية .
- الحواشي :
* كتبت إليه أطلب مزيداً من المعلومات عن نشاطاته في هذا المجال وسيرته الذاتية لتقديمها لمجمع خادم الحرمين لطباعة المصحف الشريف للإفادة من علمه في مجال الترجمات، ولكم لم يردني أي رد ، فلعل رسالتي لم تصل إليه.- علمت أنه توفي إلى رحمة الله فرحمه الله رحمة واسعة.
=============(25/253)
(25/254)
الاستشراق والإسلام > القرآن الكريم >
من أهم الأمور التي عني بها الاستشراق القرآن الكريم وفي هذا القسم نقدم موجزا عاما لأبرز القضايا التي تناولها المستشرقون في دراساتهم للقرآن الكريم والتي هي جزء من كتابي (مدخل إلى دراسة الاستشراق)، ثم نلحق بعد ذلك عدداً من البحوث التي قدمت في ندوتين عقدتا في المدينة المنورة في مجمع المدينة المنورة لطباعة المصحف الشريف.
- المستشرقون دراساتهم للقرآن الكريم
- تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن الكريم
- دراسة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية
- دراسة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الهولندية
- دراسة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية
- ملاحظات على ترجمة معاني القرآن الكريم للمستشرق الفرنسي جاك بيرك
- دراسة لترجمة معاني القرآن الكريم إلى الإنجليزية(القرآن مترجما) للمستشرق الإنجليزي آرثر ج. آربري
- مزاعم المستشرقين حول القرآن الكريم
- الغارة التنصيرية على أصالة القرآن الكريم
- دراسة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية التي أعدّها ريجيس بلاشير
- ملاحظات على ترجمة معاني القرآن إلى اللغة الهولنديةللمستشرق الهولندي فريد ليمهاو
-----------
اهتمام المستشرقين بالقرآن الكريم
يعود اهتمام المستشرقين بالقرآن الكريم لأنه الكتاب المقدس عند المسلمين فهو حسب تعريف العلماء المسلمين "كتاب الله المعجز المنزل على رسول صلى الله عليه وسلم ، المكتوب في المصاحف، المنقول بالتواتر، المتعبد بتلاوته."[1] وقد حفظه الله عز وجل كما جاء في قوله تعالى)إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ(ء[2] فإذا ما نجحوا - بزعمهم- في هذه الناحية كان النجاح في غيرها أكثر سهولة. وسنتناول اهتمام المستشرقين بالقرآن الكريم من عدة نواحي:
ترجمة معاني القرآن الكريم
ظهرت أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم في القرن الثاني عشر، وقام بها عالم إنجليزي هو روبرت الكيتوني r obe r t of Ketton وساعده ألماني اسمه هرمانوس وراهب إسباني مجهول، وقد تضمنت الترجمة شروحات وتعليقات وردود وملاحظات، وكان القصد من الترجمة ليس معرفة ما يقوله القرآن الكريم بقدر ما كان القصد منها تفنيد مافيه بزعمهم والرد عليه وتنفير النصارى من الإسلام.[3]
وظهرت ترجمات أخرى إلى اللاتينية من بينها ترجمة الألماني جوستاف فلوجيل Gustav Flugel وهو الذي وضع أول معجم لألفاظ القرآن الكريم.[4] وتوالى ظهور ترجمات لمعاني القرآن باللغات الأوروبية المعاصرة، كالألمانية والفرنسية والإنجليزية والإيطالية.
المستشرقون ومصادر القرآن الكريم
لا تكاد شبهات المستشرقين قديماً أو حديثاً تخرج كثيراً عن الشبهات التي أثارها كفار قريش سوى أن المستشرقين قدموا شبهاتهم بطريقة أكثر تفصيلاً، وصبغوها بالصبغة العلمية الأكاديمية، وانطلت هذه الشبهات على الأوروبيين، وغيرهم من الشعوب التي تخضع للفكر الأوروبي.
وأول مفترياتهم هي أن القرآن مستمد من المصادر اليهودية والنصرانية، ويستدلّون على ذلك بالقصص القرآني زاعمين أن الرسو صلى الله عليه وسلم قد أخذها عن التوراة. ويمكن الرد على هذه الفرية من ثلاثة جوانب:
1- أن وحدة المصدر تجعل من الممكن وجود تشابه القصص القرآني مع القصص التوراتي.
2- إن المقارنة بين القصص القرآني والقصص في الكتب السابقة توضح مدى التحريف الذي تعرضت له الكتب السابقة، فهم يرمون القرآن بالأخذ منهم حتى يداروا ما بكتبهم من تحريف، فالقصص المذكورة في الكتب السابقة يطغى عليها الجانب المادي والصنعة البشرية التي تهتم ببعض التفاصيل والجزئيات التي لا تظهر في القصص القرآني، كما إن كتابة هذه القصص في الكتب السابقة تحوي صوراً فاحشة لا يليق أن يكون مثلها في الكتب المقدسة.
3- أن الرسو صلى الله عليه وسلم كان أميا لا يقرأ ولا يكتب، ولم يثبت له صلة باليهود أو النصارى في مكة قبل البعثة فكيف يتأتى له أن يأخذ منهم، فقد ورد في القرآن الكريم الرد على هذه المزاعم حين زعم كفار قريش أن الرسو صلى الله عليه وسلم كان يعلمه غلام نصراني وهو قوله تعالى )وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ(ء.[5]
وزعموا أيضا أن الرسو صلى الله عليه وسلم أخذ عن الأحناف، وقد كان هؤلاء بضعة نفر من العرب أدركوا ما عليه قومهم من ضلال وانحراف فبحثوا عن الهداية في اليهودية والنصرانية فلم يجدوا فيهما ما يشفي الغليل، وبذلك فقد اطلعوا على الكتب المقدسة لدى الديانتين، ويكون الرد على هذه الشبهات أن الأحناف لم يكونوا يملكون تصوراً واضحا في العقيدة ليدعوا قومهم إليه، كما أن الرسو صلى الله عليه وسلم لم يحتك بهم لدرجة التتلمذ عليهم والأخذ منهم، ولو صح هذا لدى قريش لاتخذته ذريعة لعدم إتباعه ولما سكتوا عنه.[6]
الوحي(25/255)
نالت مسألة الوحي اهتماما كبيرا من المستشرقين سواءً اليهود أو النصارى، وحاولوا بشتى الوسائل الطعن في الإسلام من خلال هذا الأمر بمحاولة تفسير الوحي الذي نزل على سيدنا صلى الله عليه وسلم بشتى التفسيرات المادية والعقلانية. والوحي من الأمور الاعتقادية التي لا تخضع لمناهج المستشرقين المتصفة بالمادية، ولا تعترف بالقضايا الغيبية، ولا نستطيع إثباتها عن طريق العقل والحواس وحدهما ولكن علينا الإيمان بها، ولذلك كان من أول صفات المؤمنين كما جاء في بداية سورة البقرة قوله تعالى)ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(ء[7]
ومن أبرز هذه الشبهات زعمهم أن الوحي يشبه الصرع الذي يصيب الإنسان، فكان صلى الله عليه وسلم حين يجيئه الوحي يصاب به فيعتريه احتقان فغطيط فغثيان كما جاء في كتاب جوستاف لوبون (حضارة العرب) فقد كتب مونتجمري وات يصف الرسو صلى الله عليه وسلم بأنه كان من الذين يتمتعون بما سمّاه "الخيال الخلاق" وحاول الرجوع لعلم النفس لشرح هذا المصطلح بإرجاعه إلى اللاشعور أو الوعي الجمعي وغيره من المصطلحات الغامضة التي تبعده عن تفسير الوحي التفسير المعقول.
وللرد على هذه الافتراءات نذكر ما قاله محمد رشيد رضا بأن الذي يصاب بالصرع حقيقة يفقد وعيه فإذا أفاق لا يذكر من تلك الفترة شيئا،ولكن الوحي الذي كان يجيء نبينامحمدا صلى الله عليه وسلم لا يذهب حتى يكون قد وعى وحفظ ما أوحي إليه به، ويضيف رشيد رضا بان المصاب بالصرع لا يمكن أن يأتي بدين ورسالة إلى العالم، ثم إن الوحي لم يكن دائما بالصورة التي تشبه الغيبوبة بل كان يأتي في الواقع كثيرا والرسول صلى الله عليه وسلم في يقظة تامة، ويلخص ساسي الحاج هذه القضية بقوله "إن الصرع يعطل الإدراك الإنساني وينزل بالإنسان إلى مرتبة آلية يفقد أثناءها الشعور والحس، أما الوحي فهو سمو روحي اختص الله به أنبياءه ليلقي إليهم بحقائق الكون اليقينية العليا كي يبلغها للناس، وقد يصل العلم إلى إدراك بعض هذه الحقائق ومعرفة سننها وأسرارها بعد أجيال وقرون، وقد يظل بعضها لا يتناوله العلم، ومع ذلك فتبقى حقائق يقينية يهتدي بها المؤمنون الصادقون."[8]
نقد النص
ومن الموضوعات التي خاض فيها المستشرقون فيما يخص القرآن الكريم ما أطلقوا عليه نقد النص القرآني، وهذا الأمر ناتج عما أحدثه الغربيون بخصوص كتبهم المقدسة حيث أعملوا فيها نظريات نقد النص، وقد أدى هذا النقد إلى التشكيك في طريقة نقل هذه الكتب وروايتها، وكذلك في الحقائق التي وردت فيها، وإن كانت كتب النصارى واليهود قد تعرضت للتبديل والتحريف وأثبت نقد النص ذلك فهذا الأمر لا يمكن تطبيقه على القرآن الكريم لأنه في المقام الأول قد نقل إلينا بالتواتر القطعي الذي لم يتيسر لكتاب في العالم اهتمام ورعاية كما ناله القرآن الكريم.
ومع علمهم بفشل مثل هذه الممارسة مع القرآن الكريم إلا إنهم لم يتورعوا عن هذا العمل، وقد تأثر بعض المسلمين فظهر من يزعم أنه لابد من تطبيق نقد النص على القرآن الكريم ومن هؤلاء محمد أركون في الجامعات الفرنسية، وفضل الرحمن الذي كان يرأس قسم الدراسات الإسلامية في جامعة أمريكية، ونصر حامد أبو زيد في مصر الذي يعمل حالياً أستاذاً زائراً في جامعة ليدن بهولندا بعد أن صدر ضده حكم التفريق بينه وبين زوجه بسبب ما كتبه من تجديف وافتراء على القرآن.
- الحواشي :
[1] - الإتقان في علوم القرآن
[2] - سورة الحجر آية9
[3] - ساسي سالم الحاج .الظاهرة الاستشراقية.
[4] - عباس ارحيلة ."
[5] - سورة النحل آية 103
[6] - انظر عبد اللطيف طيباوي المستشرقون الناطقون باللغة الإنجليزية. ترجمة قاسم السامرائي .(الرياض: إدارة الثقافة بجامعة الإمام 1410)
[7] - سورة البقرة آية 2
[8] - الظاهرة الاستشراقية1/2 ص 360 عن محمد حسين هيكل ،حياة محمد ط5ص41
--------------
تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن الكريم من قِبل المستشرقين ودوافعها وخطرها
إعداد
د. محمد حمادي الفقير التمسماني
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد أنزل الله كتابه العظيم على نبيه صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين، وأمره بتبليغه إلى الناس أجمعين، وتولّى حفظه بنفسه فقال: ]إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحَافِظُوْن[(الحجر:9) وهيأ له رجالاً مخلصين ذادوا عن حرمته، وتصدوا لكل المحاولات التي تهدف إلى تشويهه، وبذلوا جهوداً خيرة في كشف زيف ما يثيره أعداؤه عنه من أباطيل وأكاذيب.(25/256)
هذا وإن أخطر حملة عدائية واجهها القرآن العظيم هي تلك الهجمة الشرسة التي شنَّها المستشرقون عليه، فكان أول همهم أن يبحثوا لأوروبا عن سلاح غير أسلحة القتال، لتخوض المعركة مع هذا الكتاب الذي سيطر على الأمم المختلفة الأجناس والألوان والألسنة، وجعلها أمة واحدة، تعد العربية لسانها، وتعد تاريخ العرب تاريخها، وقد لخَّص (وليم غيفورد بلغراف) عداء الغربيين وحربهم للقرآن في كلمته المشهورة: "متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العرب يتدرج في سبل الحضارة التي لم يبعده عنها إلا محمد وكتابه"([1])
ولا ريب أن هذه الصورة بدأت تتغير قليلاً الآن، ولكن التيار القوي في مراكز الاستشراق والكنائس الغربية، ومعاهد الدراسات ما زال هو التيار المعادي للإسلام المتحفظ تجاهه.
لقد نتج عن حقدهم وكراهيتهم بانقطاع صلة معظمهم بالعالم العربي ولا سيما بعد استمرار تدهور العلاقة بين المستشرقين والعالم العربي بداية من النصف الأول من هذا القرن (القرن العشرين)([2]).
إن خطر معاداتهم وحربهم للقرآن الكريم قد اشتد وتزايد أواخر هذا القرن وحتى أيامنا هذه، نتيجة كون تلك الأحكام السابقة والضلالات التي ينتجها العقل الاستشراقي لم تعد محصورة في المجال الجامعي، فقد تلقفها الإعلام الماكر وأخذ ينشرها على أوسع نطاق، وتسرَّب الكثير منها أيضاً إلى المناهج الدراسي في معظم البلاد الأوربية، وبهذا يربون الأجيال الجديدة على كراهية المسلمين ويعدونهم لقبول أية قرارات بحصار الشعوب المسلمة، والموافقة على أية تدخلات عسكرية لحماية القرن الحادي والعشرين!
وهنا تتجلى أهمية الموضوع الذي نحن بصدد الحديث عنه ألا وهو "تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن الكريم من قبل المستشرقين ودوافعها، وخطرها"
أهمية الموضوع:
تتلخص أهمية الموضوع فيما يأتي:
أولاً - كون المؤسسة الاستشراقية قد نجحت بالفعل في تقديم مادة معرفية مزورة ومشوهة عن القرآن الكريم ، وبالطبع لن يعرف تشويهها وخطرها إلا من أوتي معرفة منطلقة من الأصول الصحيحة، وإلا فإنه سينزلق مثلما انزلق كثير من المعاصرين من أبناء هذه الأمة.
ثانياً - ما يقتضيه واجب التبليغ والدعوة، فعلى الداعية المسلم - لا سيما في أيامنا هذه - أن يقف على ما يثيرونه من شكوك وشبهات، ويتصدى لها بالعلم والمعرفة، ويواصل جهوده بخطى ثابتة من غير كلل ولا ملل ؛ لأن الناس في حاجة ماسة إلى ترجمة صحيحة ووثيقة، لكي يفهموا كلام الله سبحانه وتعلى الذي قرر فيه أوامره ونواهيه، بل إنَّ كل مسلم مطالب شرعاً بعرض كلام ربه على غيره بشكل واضح وسليم، كي يحصل على صورة إيجابية وصحيحة لهذا الكتاب الجليل، فإن جل الذين أسلموا من كبار علماء العالم هم ممن خوطبوا به في البداية بلغتهم، وفهموا الإسلام بتلك اللغة.
ثالثاً - كون ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأجنبية الواسعة الانتشار أصبحت اليوم ضرورية بصفة مبدئية، نخص منها: الإنجليزية والإسبانية والفرنسية، وذلك بهدف أن يقرأ، الناس جميعاً مسلمين وغير مسلمين من غير أهل لغة الضاد في ترجمة أمينة.
لذا يتأكد تظافر الجهود بين أهل العلم في مختلف التخصصات، وإيجاد تعبئة عامة: أكاديمية وإعلامية وثقافية ودبلوماسية وسياسية، ولا جدوى من مؤتمرات الحوار التي ينظمها الموظفون ولا تخطط لأي عمل جاد مؤثر([3]).
لا شك أن هناك جهوداً خيرة مباركة بذلت في مجال ترجمة القرآن الكريم أواخر هذا القرن، نخص منها بالذكر:
1. الجهد الكبير الذي بذله الدكتور عبدالله نصيف، والدعم الذي قدمه للجنة الترجمة التي استمرت تعمل خمس عشرة سنة في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وقت أن كان مديراً للجامعة، ثم أميناً عاماً لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة. إذ استمرت هذه اللجنة في عملها تحت إشرافه واستعرضت عشرين ترجمة، وخلصت إلى أن خير الترجمات:
- ترجمة محمد مارماديوك بكثال، وهو مسلم عاش في الهند ، وترجمته خير الترجمات لحرصه على مدلولات الألفاظ وتمكنه من لغته الإنجليزية.
- ترجمة: آربري، وهو عالم فذ بالعربية وبلسانه الأصلي الإنجليزية، وترجمته رائعة من حيث أسلوبها الممتاز([4]).
2. من الجهود الخيرة أيضاً الندوة الدولية الأولى التي انعقدت بعمان سنة 1998م والتي صدرت أعمالها في كتاب ضخم (510 صفحات من الحجم الكبير) وأبحاث الكتاب قاربت الثلاثين، وشملت الترجمات أهم اللغات: الإنجليزية والفرنسية والألمانية والبرتغالية والتركية والبوسنوية والألبانية والفارسية والبلغارية والأردية والروسية.
ولقد أثلج صدورنا الخبر السار الذي نشرته مجلة "الرابطة" في أحد أعدادها([5]) وهو: أن مجمع الملك فهد بن عبدالعزيز لطباعة القرآن الشريف قد تبنى مشروعاً لترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة العبرية، فجزى الله المشرفين على المجمع خير الجزاء، وفي مقدمتهم الأمين العام للمجمع ورئيس اللجنة التحضيرية لندوة "ترجمة معاني القرآن الكريم: تقويم للماضي وتخطيط للمستقبل" سعادة الدكتور محمد سالم بن شديد العوفي.
التمهيد(25/257)
من خلال استقراء جهود الاستشراق في الدراسات القرآنية وتتبعها نجد أن الكثير منها يدور حول ترجمة القرآن الكريم إلى مختلف اللغات العالمية والألسن الحية ترجمة حرفية أو تفسيرية أو لغوية جزئية وكلية.
وطبيعة هذا الموضوع تفرض علينا أن نمهد له بكلام موجز نبين فيه حقيقة الترجمة، وإمكانها في القرآن الكريم، ومدى صعوبتها.
حقيقة الترجمة:
لغة([6]): استعملت الكلمة في اللغة للدلالة على معان: يقال: ترجم الكلام: إذا بيَّنه وأوضحه، ويقال: ترجم كلامه إذا فسره بلسان غيره، وترجم كلام غيره وعنه: نقله من لغة إلى أخرى ومنه التّرجمان، ويقال: تَرجُمان ولك أن تضم التاء لضمة الجيم فتقول: تُرْجُمَان والجمع: تراجم، قال الفيومي في: "المصباح المنير": "وفيه لغات أجودها فتح التاء وضم الجيم، والثانية ضمهما معاً بجعل التاء تابعة للجيم، والثالثة فتحهما بجعل الجيم تابعة للتاء"([7]).
إصطلاحاً: يقول الدكتور صفاء خلوصي: "الترجمة: فن جميل يعنى بنقل ألفاظ ومعان وأساليب من لغة إلى أخرى، بحيث إن المتكلم باللغة المنقول إليها يتبين النصوص بوضوح، ويشعر بها بقوة كما يتبينها ويشعر بها المتكلم باللغة الأصلية([8]).
هل يمكن ترجمة القرآن الكريم؟
لقد شغلت الإجابة عن هذا السؤال العلماء في القديم والحديث، وتباينت فيها آراؤهم، ووقعت بسببها معركة حامية بينهم، كثر فيها ردُّ بعضهم على بعض، واحتدم النقاش بينهم في عشرينات وخمسينات هذا القرن، فكان منهم من يرى الجواز، ومنهم من عارض ومنع، وألفت في ذلك رسائل خاصة.
والمختار من القولين - والله أعلم - هو: ما ذهب إليه من أجاز - وعليه جرى العمل ([9]) - يقول العلامة الحجوي المغربي - رحمه الله تعالى - في كتابه القيم "حكم ترجمة القرآن الكريم": "زُعم أن الإسلام ألزم الناس العربية وتعلمها، ونَبَذَ ألسنتهم ومنعهم من ترجمة القرآن العظيم، وهذه الشنعة تكفل بردها والتشنيع بها كتابي (جواز ترجمة القرآن) فقد برهن فيه على أن الدين لا يلزم الأمم التي دخلت في الإسلام التكلم بالعربية، بدليل بقائها إلى الآن تتكلم بألسنها، وما منع ترجمة القرآن أصلاً ولا ورد المنع في كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس"([10]).
وقال أيضاً: "إن ترجمته من الأمور المرغب فيها، بل يضح لنا أن
نقول: إنها من فروض الكفاية التي يجب على الأمة القيام بها، فإذا قام بها البعض سقط عن الباقين، وإن لم يقم بها أحد أثم الكل([11])، برهان ذلك: انه تبليغ عن سول ا صلى الله عليه وسلم الذي قال: "… فليبلغ الشاهد الغائب"([12]). وقال "بلغوا عني ولو آية"([13]). وقد أوجب الله على رسوله التبيلغ فقال: ] يَا أَيَّهَا الرَّسُوْلُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَه[(المائدة:67) فهو بلغ للعرب بلسانهم ]وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رِسُوْلٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ[(إبراهيم:5) ويجب على العرب أن ينوبوا عنه، ويبلغوا لغيرهم من الأمم، فلذا قال لهم: "بلغوا عني ولو آية" ولا يمكن التبليغ لجميع الأمم إلا بالترجمة إلى لسانهم([14])"([15]).
بقي القول بأن الترجمة اللفظية كلمة بكلمة من لغة إلى أخرى لأي تعبير كان ليست من قبيل الممكن، إذ كل لغة نظامها في القواعد والترتيب، وإنما يراد بالترجمة هنا: أداء المعنى المراد باللغة الأخرى، تبعاً لقواعدها إلى من لا يفهم لغة النص المترجم، يقول العلامة الحجوي رحمه الله أيضاً: "لا نريد بالترجمة إبدال كل لفظ بما يرادفه أو يقاربه في اللغة الأخرى، فهذا تبديل، وربما يقال عنه تحريف. لأن ما يظن من الترادف أو التقارب قد لا يكون،
فإنا نرى كثيراً من الألفاظ في لغتنا يظن ظانون أنها مترادفة، فإذا هي متخالفة، وإنما المراد: ترجمة المعنى الأصلي من كل جملة مع ما يتبعه من المعاني التي تقتضيها دقائق اللغة وبلاغتها بقدر الإمكان، وإن لم تكن الإحاطة بكل المعاني العظيمة التي احتوى عليها اللفظ المنزل من حكيم حميد، كما لا يمكن له الإتيان بما يشتمل عليه من طرق الإعجاز الراجعة
لفصاحته، وطلاوة لفظه ومتانة أسلوبه، ولطائف إشارته، وغير ذلك مما هو مقرر في وجوه إعجازه، كل ذل لا تفي به ترجمة كائن، ولا تطمح في
الوفاء به، لمكان الإعجاز الذي ينقضي الدهر ولا تنقضي عجائبه
وغرائبه([16]).
صعوبة الترجمة:
تعد المحاولات المبذولة لترجمة معاني القرآن الكريم من أصعب المحاولات في ميدان الترجمة عموماً، فترجمة معنى آية كريمة واحدة بنقلها من النص القرآني المحكم البليغ إلى أي نص في لغة أجنبية تواجه صعوبات كبيرة، إذ يهتز المعنى الجميل الرائع ويفقد التركيب البلاغي للآية الكريمة رونقه ودقته، ويفرغ اللفظ من وقعه الجميل المؤثر([17]).(25/258)
إن إشكالية نقل المعنى في ترجمات القرآن ارتطمت على صخرة الإشكال اللساني المرتبط بالمثبطات المعجمية والدلالية والتركيبية أو الأسلوبية المشكلة لأس الإعجاز القرآني([18]). يقول أحد المتخصصين في ترجمة القرآن الأستاذ صلاح الدين كرشيد - وهو مترجم لمعاني القرآن إلى الفرنسية - قال: "إني وجدت بالفعل صعوبات جمة في ترجمة بعض الكلمات القرآنية مثل الأمة، الحق، الفاسقون، اللطيف، البر، المعروف، المنكر، وحزب. بما لها من معان مختلفة.. ومع ذلك، وبالرغم من حرصي الشديد على ذكر كل التأويلات الممكنة للآية الواحدة، فلا يمكن للنص الفرنسي، أن يلم بكل المعاني التي توحي بها الآية القرآنية، ولكن الترجمة تمثل ما توصل إليه اجتهاد المترجم نفسه وفهمه الخاص، مما يقرب معاني القرآن من عقل القارئ بالفرنسية"([19]).
ومن المسائل العويصة التي تقف عائقاً في طريق الترجمة([20]):
- مسألة: الحروف المقطعة في أوائل السور.
- مسألة: غياب الترادف.
- مسألة: أسماء الله الحسنى.
- مسألة: اختلاف اللغة العربية وغيرها في التأنيث والتثنية.
- مسألة: الضمير هل هو عائد إلى اسم مذكر أو إلى اسم مؤنث؟
- مسألة: الأسماء التي ذكرت مرة واحدة أو الكلمات المعرَّبة مثل: (زمهرير) (زنجبيل) (بابل).
- مسألة: الآيات المتشابهات والمحكمات.
- مسألة: وجازة ألفاظه ووفرة معانيه.
- مسألة: ترجمة لفظ الجلالة.
وهذه الصعوبات وغيرها تفرض على المترجم أن يكون أهلاً لهذه المهمة العظمى، بأن تتوافر فيه مجموعة من الأمور الضرورية واللازمة ؛ لأن ترجمة القرآن الكريم اليوم "أصبحت علماً يحتاج إلى القواعد والضوابط التي اشترطها أهل الفن من العربية، وعلوم الإسلام، والعلوم الإنسانية واللغوية، وهذه العملية ليست منفرة ولا شاذة، بل تخضع لشروط تفسير القرآن الكريم، لأن الترجمة هي من قبيل التفسير وتدخل في علم التفسير"([21]). وللعلامة سيدي عبدالله كنون كلام جامع في المسألة. يقول رحمه الله: "من المشكلات التي تواجه الدعوة الإسلامية في العصر الحاضر: ترجمة القرآن إلى اللغات الأجنبية، ذلك أن القرآن - كما هو معروف - في القمة من البلاغة العربية، ولأجل النفاذ إلى أسراره، وفهم مقاصده، يجب أن يكون المترجم ممن لهم تضلع في قواعد اللغة العربية نحواً ولغةً وبياناً، وذلك فضلاً عن المعرفة بعلوم القرآن وأسباب النزول والفقه والحديث والتفسير.."([22])
الفصل الأول:
تاريخ ترجمة المستشرقين لمعاني القرآن الكريم وبيان خطرها
المبحث الأول: تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن من قبل المستشرقين وبيان أشهر مدارسها
المبحث الثاني: في بيان خطرها على القرآن الكريم
المبحث الأول: تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن من قبل المستشرقين وبيان أشهر مدارسها
عدَّ الغرب النصراني الإسلام منذ البداية خطراً حقيقياً يتهدده مما جعله يخشى ويخاف أول الأمر من ترجمة القرآن إلى اللغة اللاتينية لقرون
طويلة، حيث لم تظهر أول ترجمة لاتينية لمعاني القرآن إلا بعد حوالي خمسة قرون من ظهور الإسلام، وبعد تدخُّل مارتن لوثر ونشر أول ترجمة لاتينية لمعاني القرآن أصبح هناك اتجاه قوي في الغرب لا يمانع في ترجمة القرآن إلى اللغات الأوربية ولكنه يسعى إلى توظيف هذه الترجمة في توجيه المزيد من الطعنات إلى الإسلام([23]).
فتتابعت الترجمات وشملت معظم اللغات الحية، وبخاصة الإسبانية والألمانية الإنجليزية والفرنسية، حتى إنه لا توجد اليوم لغة أوربية أو شرقية إلا وفيها ترجمة أو ترجمات عدة لمعاني القرآن الكريم.
إن اللغة اللاتينية هي اللغة الأولى التي ترجم إليها القرآن الكريم، في المحاولة الأولى التي احتضنتها الأندلس (إسبانيا)" ويبدو أن الترجمة اللاتينية التي صار لها رواج في اللغات الأوربية هي ترجمة دير كلوني. إذ إن سقوط القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية الرومانية الشرقية عام 1453م رافقه نشوء الدول القومية في غرب أوربا مثل إسبانيا وفرنسا والبرتغال التي شجعت
التدوين باللغات الوطنية، واعتمدت في ذلك على ما قد دون أو ترجم عن الإسلام إلى اللاتينية. وقد ترجمت نسخة كلوني إلى اللغات الإيطالية
والألمانية والهولندية والفرنسية والإنكليزية والروسية([24]).
والمهم أن نعلم أن حركة ترجمة القرآن الكريم من قبل المستشرقين عرفت مدارس متخصصة عنيت بالموضوع أشهرها وأهمها: المدرسة الإسبانية والمدرسة الألمانية والمدرسة الإنجليزية.
المطلب الأول: عناية المدرسة الاستشراقية الإسبانية بترجمة القرآن الكريم:
لم يحظ الاستشراق الإسباني بدراسة كافية بالرغم من أهميته البالغة ؛ إذ هو الأصل والأساس لجميع المدارس الاستشراقية الأوربية الأخرى([25])، بل
يعد الاستشراق الترجمي في أوروبا عامة عالة على المدرسة الإسبانية.
لقد أدى استيلاء ألفونسو السادس على طليطلة سنة: 1085هإلى أن يسعى النصارى إلى تحقيق هدفين متكاملين([26]):
أولهما - تصحيح نصرانية المستعربين بالأندلس وتهذيبها من الفساد الذي اكتسبته من جراء التقائها بالإسلام - حسب زعمهم -.(25/259)
وثانيهما - معرفة هذا الدين لتيسير إمكان مواجهته ونفيه، وإقامة سد منيع بينه وبين إفساد النصرانية من جديد.
انطلقت هذه العملية من دير كلوني بوصفها توبة وتكفيراً حربياً عن الغضب الإلهي الذي تمثل في انتشار الإسلام وتوسعه. اقتضت إدارة هذه الحرب وضمان استمرارها، أن انتقل النصارى من تعرف الإسلام إلى تنظيم معرفته وتعميقها عبر ترجمة معانيه مصدرها القرآن الكريم.
وبهذا كانت الأندلس (إسبانيا) منطلق بداية المحاولات الأولى لترجمة القرآن الكريم في أوروبا([27]).
1 - أنجزت الترجمة الأولى مطلع القرن الثاني عشر الميلادي سنة 1130م بأمر وتوجيه من رئيس رهبان دير كلوني بطرس الموقر ولقد تولى مهمة الترجمة روبرت القطوني وتتميز هذه الترجمة بأمور:
• أنها أول ترجمة استشراقية للقرآن الكريم على الإطلاق([28])
• أن المترجم أدرج في مقدمة ترجمته هذه مقالة عبد المسيح الكندي([29]).
• أن هذه الترجمة لم تتقبل قبولاً حسناً لرداءتها ولأنها وجهت بالأساس إلى الناطقين باللاتينية خاصة.
ثم تبعتها ترجمات أخرى:
2- ترجمة أخرى تولتها جماعة دير كلوني سنة 1143م([30])
تتميز بأنها كتبت بأسلوب أكثر قبولاً من سابقتها
ولقد رافقت هاتين الترجمتين - على فترات متقاربة ومتتالية - ترجمات أخرى للقرآن الكريم، وفي القرنين الثالث عشر والرابع عشر اللذين يمثلان أهم مراحل الاستشراق الإسباني ظهرت عدة ترجمات منها:
3- ترجمة القرآن إلى اللغة القشتالية بدلاً من اللاتينية وتعد الأولى من نوعها وذلك بأمر من الملك ألفونسو العاشر.
4- ترجمة (الشماس ماركوس دي طوليدو) للقرآن الكريم ولعقيدة المهدي بن تومرت بأمر رئيس الأسقفية وإشرافه: (رودريغو خيمينث دي رادا)
5- ترجمة مطران كنيسة سقوفيا جون السقوفي من العربية إلى الإسبانية ثم إلى اللاتينية "وأشرك معه في هذه المهمة فقيهاً حاذقاً اسمه عيسى ابن جابر السقوفي، - وذلك قبل أربعين عاماً من غزو غرناطة وسقوطها سنة 1492م - وقد تفرغ الاثنان سنة 1455م في صومعة في مدينة سافوي لهذه المهمة مدة أربعة أشهر، في الشهر الأول قام الفقيه عيسى بن جابر بنسخ القرآن الكريم على قطع من الورق العريض تاركاً حواشي كبيرة للترجمة. وفي الشهر الثاني قام بترتيب حلقات التجليد لكل القرآن. وفي الشهر الثالث بدأ بكتابة الترجمة الإسبانية على الصفحة المقابلة للنص القرآني. وفي الشهر الرابع قام كل من جون السقوفي وعيسى بن جابر السقوفي بمراجعة الترجمة الإسبانية للتأكد من صحتها. وبعدئذ قام جون السقوفي بنقل الترجمة الإسبانية إلى اللغة اللاتينية " ([31])، ثم تتابعت الترجمات بعد ذلك.
المطلب الثاني: عناية المدرسة الاستشراقية الألمانية بترجمة القرآن الكريم
عرف الاستشراق الألماني واشتهر باهتمامه بالقرآن والدراسات القرآنية على وجه العموم، فمعلوم أنه في عام 1856م قدم المستشرق الألماني (تيودور نولدكه) لجامعة جوتنجن أطروحته لنيل الدكتوراه عن تركيب سور القرآن بعنوان: "تاريخ القرآن" وحاز بها جائزة أكاديمية الآداب في باريس في العام نفسه ثم نشرها في عام 1860م وكان لهذه الدراسة من الأهمية والتأثير: أنها مهدت لدراسة القرآن في أوروبا([32]).
أما ما يتعلق بالترجمة: فإن أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة الألمانية قام بها (سولومون شفايجر) الواعظ بكنيسة فراون في نورمبرج ونشرها تحت عنوان: "القرآن المحمدي" ظهرت في ثلاثة مجلدات اعتباراً من عام 1616م، وأهم ما يلاحظ على ترجمته:
• كونها ترجمة فرعية لم يتعد صاحبها فيها النقل من اللغة العربية مباشرة.
• التحريف المتعمد، فيه ترجمة تكشف عن سوء فهم كامل كما يبدو من العنوان.
• تمتلئ بالاختلافات والتصرف في معاني الآيات "وربما يرجع ذلك إلى انطلاقها من الاعتقاد الذي كان منتشراً في الغرب لقرون مضت ومؤداه: أن الإسلام فرقة مسيحية منشقة"([33]).
• كانت المنبع الرئيس للترجمات الألمانية التي ظهرت حتى أواخر القرن الثامن عشر.
وقد ترجمت إلى الهولندية عام 1641م
ثم قام (فريدرش ماجر لاين) بنشر ترجمة للقرآن الكريم بعنوان "الإنجيل التركي" وذلك عام: 1770م اعتمد فيها النقل من العربية مباشرة، وهو بذلك يكون قد فتح الباب لمرحلة جديدة تم خلالها الترجمة من العربية مباشرة، فنجد مثلاً في السنة نفسها 1770م المستشرق (فريدريش البرهاد) أعد ترجمة أخرى من العربية مباشرة تحت عنوان "القرآن" أو "قانون المسلمين" ثم تبعته سلسلة من الترجمات كانت في أغلبها مختارات لا ترقى للترجمة الكاملة.
وفي القرن التاسع عشر ظهرت ترجمات عديدة من أشهرها:
ترجمة (سامويل فريدريش جينز)
ترجمة أولمان وهي ترجمة حرفية
بجانب ترجمات لبعض السور قام بها:
(فريدريش ريكارت) عام 1824م
و(داومر) عام 1848م
و(شبربلجر) عام 1861م
و(بلومان) عام 1876م
وقد شهد القرن العشرين أكثر من ترجمة جديدة وكاملة عن العربية مباشرة منها:
ترجمة (تيودور ينجول) عام 1901م
وترجمة (هاكس هينتج) عام 1901م أيضاً
وترجمة (رودى باريت) التي نشرها عام 1996م ثم ألحقها بتعليق وفهرس عام 1971م(25/260)
المطلب الثالث: عناية المدرسة الاستشراقية الإنجليزية بترجمة القرآن الكريم
كانت البداية الأولى لترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية في أواخر القرن السابع عشر الميلادي، وإليك أشهر المحاولات:
ترجمة ألكسندر روس عام 1688م إذ نقل عمل المستشرق الفرنسي (أندرودي راير) من الفرنسية إلى الإنجليزية ، وعدَّ عمله هذا أول نسخة إنجليزية مترجمة للقرآن الكريم.
وتوالت الترجمات الإنجليزية التي استند الكثير منها على ترجمة لاتينية قام بها الأب (لا دوفيك ماراكس) عام 1668م وكان كاهناً وتعلم العربية
على يد أحد الأتراك!
وفي القرن الثامن عشر ظهر المستشرق (جورج سيل) الذي ترجم القرآن الكريم إلى الإنجليزية عام 1734م وتعد ترجمته هذه أشهر الترجمات باللغة الإنجليزية للقرآن الكريم على الإطلاق، كما يعد صاحبها شيخ المترجمين الإنجليز في هذه المرحلة:
ثم وجدت محاولات عديدة جلها اعتمد على ترجمة (سيل) منها:
- ترجمة (رودويل) في عام 1861م
- ترجمة (بالمر) في عام 1880م
- ترجمة (بل) في عام 1939م
- ترجمة داود في عام 1976م
- ترجمة (البروفسور أوبري) نشرت عام 1955م.
المبحث الثاني: في بيان خطرها على القرآن الكريم
تكاد الدراسات التي اهتمت بأسباب بداية نشأة الاستشراق تُجْمِع
على أن مجمل هذه الأسباب يمكن أن تؤول إلى:
• اضطرار الغرب النصراني في القرون الوسطى إلى معرفة الإسلام للإحاطة بعوامل قوته الدافعة بأبنائه إلى الانتشار في العالم المعروف آنذاك، وذلك بقصد الرد على عليه ومواجهته، والحيلولة بينه وبين أن يستهوي نفوس النصارى أو إعجابهم.
• تمكين النصرانية من تحقيق رغباتها في القوة والانتشار
• التقاء النصرانية بالإسلام في الأندلس
• الحروب الصليبية
• حملات التبشير النصرانية
• تأثير الفكر الإسلامي الرشدي في الفكر النصراني الوسيط في أوروبا
فالتقاء الإسلام والنصرانية في الأندلس استلزم نشوب صراع على الأرض وعلى قضايا الإنسان بينهما اتخذ أشكالاً متعددة ومختلفة، ومن ضمنها شكل الحروب التي استرسلت بينهما، وبخاصة بعد استيلاء ألفونسو السادس على طليطلة سنة 1085م.
المطلب الأول: لماذا ترجم المستشرقون القرآن الكريم؟
سلك المستشرقون طرائق ومناهج في دراسة القرآن الكريم تختلف عن تلكم المتبعة في قضايا وعلوم إسلامية أخرى "لقد بات من المعروف أن كل
ما تعلق بالقرآن في دراسات القوم لا يمكن الاعتداد به ألبتة، لأنه لا محالة محطم للمسلَّمات التي يجزم بها المسلمون، ومشكك في الأسس التي يؤمنون بها وأصبح في حكم اليقين: أن عالم المشرقيات عندما يتأهب لدراسة القرآن الكريم يضع نصب عينيه دعوى بشرية القرآن، محتملاً أن يكون مصدره من كل جهة إلا من السماء، وبالتالي وبناء على هذا الاعتقاد الذي يصبح عند الرجل مسلَّمة بدهية تأتي كل أبحاثه وجميع دراساته قد استوت على أساس غير صحيح، وانحرفت عن المنهج الصائب الذي يفرض نوعاً من التعاطف أو على الأقل نوعاً من الاحترام النسبي للمصدر الغيبي الذي ينبني عليه الوحي القرآني"([34]).
لم يكن غرضهم من ترجمته: الاطلاع عليه أو الاستفادة منه، وإنما كان هدفهم محاربته بعد الوقوف على مضمونه، وإثارة الشبهات والتشكيك حوله، وكانت تلك المحاولة هي البوادر الأولى للاستشراق، الأمر الذي يؤكد لنا أن الاستشراق في محاولته الفكرية لفهم الإسلام كان دافعه الأصيل: العمل من أجل التنديد والاستخفاف بالمقومات الثقافية. "فقد بينت الدراسات المحققة في الموضوع أن القرآن ترجمه المستشرقون ليحاربوه، وكانت عملية الترجمة تسودها المعاداة المطلقة للإسلام"([35]).
وانطلقوا من فكرة ترجمة القرآن الكريم صراحةً لدحض المبادئ الإسلامية وتفنيدها.. ولنا على ذلك مثل في الترجمة الإسبانية التي وضعها موكيوندو أي أو كراتوندو وعنوانها هكذا بكل صراحة: القرآن مترجماً بأمانة إلى الإسبانية ومعلقاً عليه ومدحضاً طبقاً للعقيدة والتعاليم المقدسة والأخلاق الكاملة للدين الكاثوليكي المقدس الرسولي الروماني"([36]).
المطلب الثاني: ما سوَّغوا به جهودهم
لقد تضافرت جهودهم فيما بينها لتحقيق هدف واحد، ألا وهو: تشويه القرآن بطرق شتى، وباسم المناهج العلمية، والأمانة الأخلاقية، والمنظورات المذهبية والعقدية، شارك في هذا المجهود: المفكر المثقف والراهب والقسيس، ورجل الدين المبجل، والسياسي الاستعماري المحنك، وقبل البدء وضعوا بين يدي هذا المشروع - مشروع تشويه القرآن - مسوغات متعددة الأشكال والألوان، من بينها:
• زعمهم: أن القرآن عقبة في وجه التقدم، وأنه لا يتماشى مع طبيعة العمران البشري. يقول اللورد كرومر في كتابه "مصر الحديثة": "إن القرآن هو المسؤول عن تأخر مصر في مضمار الحضارة الحديثة" وقال أيضاً "لن يفلح الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة ويغطى به القرآن"([37]).
• زعمهم: أن القرآن يقف حاجزاً أمام المد الفكري والثقافي للغرب، ومن الذين أطلقوا هذا التسويغ المستشرق الفرنسي (ريجيس بلاشير) قال: "قلما وجدنا بين الكتب المشرقية كتاباً بلبل بقراءته دأبنا الفكري أكثر مما فعله القرآن([38])"(25/261)
• زعمهم: أن القرآن يحول دون إخضاع المسلمين تحت أقدام الغرب أعلنه (جلادستون) أمام مجلس اللوردات البريطاني حيث أمسك المصحف بيده وقال: "ما دام هذا الكتاب على الأرض، فلا سبيل لنا إلى إخضاع المسلمين"([39]).
المطلب الثالث: تباين اتجاهاتهم
لقد عرف الاستشراق الترجمي في تاريخه اتجاهين متفاوتين في الخطورة والعداء([40]):
1.اتجاه قديم، وهو الاتجاه العدائي الصرف الذي كان سائداً قبل مطلع هذا القرن، ويتميز بأمور منها:
• كانت أبحاث المستشرقين القرآنية يطبعها منهج عدواني سافر، يوجه من خلاله الشتم والسب والتجديف في حق القرآن الكريم والنبي الكريم.
• كانوا يدرسون في هذا العهد القرآن على أساس أنه هرطقة ومجموعة من التخيلات والتصورات جاء بها نبي مزيف.
• لم يكن من هدفهم البحث العلمي الحر، وإنما درسوه من أجل نقده فقط فهم: "يعتقدون أنمحمدا صلى الله عليه وسلم هو الذي ألف القرآن، ولإثبات اعتقادهم هذا حاولوا اكتشاف أية أخطاء في القرآن - بحسب زعمهم - كما حاولوا إثبات أنمحمدا صلى الله عليه وسلم كان يعرف القراءة والكتابة، وأنه قرأ التوراة والإنجيل والمزامير، واستفاد منها في تأليف القرآن"([41]).
2. الاتجاه الجديد المعاصر بدأ من أول هذا القرن، حيث يرجع الباحثون والدارسون تأسيسه إلى المستشرق الألماني (تيودور نولدكه) ت:1931م والمعروف بلقب شيخ المستشرقين في الدراسات القرآنية " فلقد اتبع طريقة في التأليف استرعت انتباه زملائه المتخصصين.. في سائر معاقل الاستشراق في أوروبا وأميركا، إذ حرص على إبراز سائر وجهات النظر الثابتة في مسألة من مسائل علوم القرآن الكريم، معتمداً في ذلك على استقصاء مختلف الآراء من مصادر عربية وأجنبية شهيرة ومغمورة، مخطوطة ومطبوعة على حد سواء، كما أنه اتبع في عملية الاستقصاء والاستقراء ثم الاستدلال منهجاً أكاديمياً صارماً: لم يكن معهوداً فيما قبل".
من أهم مميزات هذا الاتجاه
• الرجوع مباشرة إلى المصنفات العربية اللصيقة بمجال القرآنيات.
• المنهج الصارم في الدراسة والتحليل.
• الاهتمام بالدراسات اللغوية.
والحق أن المستشرق الذي يدرس القرآن ولا يؤمن بكونه من عند الله مهما حاول التجرد من الهوى والتزام شيء من الموضوعية والحياد، فإنه واقع لا محالة في أخطاء فظيعة ونظريات واهية([42]).
الفصل الثاني:
جهود المستشرقين في ترجمة القرآن الكريم في الميزان
المبحث الأول في الكشف عن دوافعهم
المبحث الثاني: روافدهم وعيوب منهجهم في الترجمة وأخطاؤهم فيها
المبحث الأول: في الكشف عن دوافعهم
لا شك أن الباحث يجد صعوبة في استبيان طرائق المعالجة وآليات المنهج الموظف والمطروق عند المشترقين، وكذا تنوُّع مداخل وطرق البحث المطبقة عندهم، ولهذا فإن المرء يحتاج بالتأكيد إلى كثير من التنقيب والبحث لمتابعة المستشرقين في عملهم خطوة بعد خطوة، من أجل الوقوف على خطورة دوافعهم.
المطلب الأول: دوافعهم:
إن دوافع المستشرقين في ترجمة معاني القرآن الكريم تكاد تنحصر في أمرين اثنين:
أولهما - خدمة مصالحهم، وتحقيق مقاصدهم المتمثلة في تشكيل المسلمين في دينهم، تمهيداً لاحتوائهم والقضاء على ثقافتهم، ثم إخضاعهم سياسياً وثقافياً واقتصادياً.
ثانيهما - استثمار الترجمات لشن المزيد من الغارات والهجمات الشرسة على الإسلام.
فلا ينبغي أن ننخدع بما قد يظهره بعض المستشرقين من تعاطف بالغ مع قضايا الإسلام ومن ذلك: استشهادهم بنصوص قرآنية مسندين إياها إلى الله تعالى، فالأمر لا يعدو أن يكون مظهراً جمالياً وحضارياً يسعى من ورائه المستشرق إلى التقرب إلى المسلمين وكسب مودتهم([43]).
إن الازدواج والتناقض سمتان رئيستان عند متعصبي المستشرقين، فالواحد منهم يجد نفسه أحياناً مضطراً إلى مدح الإسلام حتى ينجو بنفسه من سوء العقاب، وأحياناً أخرى يهرب هؤلاء المستشرقون المتعصبون من التخصصات التي تنكشف فيها بسهولة أحقادهم وسمومهم، مثل العقيدة والتفسير بل وجميع الدراسات الإسلامية، فيتوجهون إلى دراسة الأدب ويتخذونه قناعاً يخفون وراءه وجههم القبيح. وهو ازدواج ظاهري فحسب إذ إن الموقف الأساسي هو واحد، لا ازدواج فيه، ولا تناقض.
ومن أمثلة هذه الازدواجية الظاهرية في سلوك المستشرقين: ما عرف من سلوك المستشرق الألماني يوسف فان إس فهو شديد التحامل على الإسلام، يشن هجمات شرسة عليه عندما يكون في قلعته الحصينة في جامعة تيبينغن، ولكن عندما تضطره الظروف للسفر إلى دولة إسلامية، تجده يلبس قناعاً ملوناً عجيباً يخفي وراءه كل هذه الأحقاد، فلا يتحدث عن الإسلام إلا بالمدح والإطراء([44]).
المطلب الثاني: الشواهد على ذلك من كلامهم
لقد أعلنوا عن دوافعهم هذه وصرح بها بعضهم، والشواهد على ذلك كثيرة نذكر منها:
1- ما صرح به المترجمون أنفسهم، من ذلك:(25/262)
- صنيع المترجم جورج سيل (1697 - 1736م) الذي ترجم معاني القرآن إلى الإنجليزية - وقد نجح في ترجمته هذه فأعيد طبعها مراراً ووضع لها حواشي ومقدمة مسهبة هي في الحقيقة بمنزلة مقالة إضافية عن الدين الإسلامي عامة، حشاها بالإفك واللغو والتجريح، مما قاله: "أما أن محمداً كان في الحقيقة مؤلف القرآن والمخترع الرئيس له فأمر لا يقبل الجدل، وإن كان من المرجح أن المعاونة التي حصل عليها من غيره في خطته هذه لم تكن معاونة يسيرة"([45])
- ما بينه المستشرق الكبير (ريجيس بلاشير) في مقدمة كتابه عن القرآن كيف أن ترجمة القرآن الكريم كانت بدافع الحقد الصليبي المعادي للإسلام وليست لهدف علمي كما يدعي بعضهم. يقول: "من المرجح أن بطرس الموقر - الذي رحل إلى إسبانيا بين 1141م و1143م - هو الذي فكر بتأثير من روما ومن البابا في ترجمة القرآن إلى اللاتينية فأوعز بذلك إلى (روبيرت الكيتوني) r odestus detenesis الذي تولى عمل الترجمة بمساعدة بعض الرهبان، وقد جاءت هذه المبادرة بدافع من روح طبيعية، تدل على ذلك رسالة بطرس الموقر الموجهة إلى القديس برنار مع نسخة من الترجمة المنجزة، كما كان الداعي إلى هذا العمل: الحاجة إلى محو أثر الإيمان من نفوس معتنقي الإيمان"([46]).
2- شهادة المنصفين منهم، ولنأخذ على ذلك بعض الأمثلة:
- يقول الأب (روبير كاسبار): "إن الغرب لم يفهم الإسلام على حقيقته أبداً، بل ولم يحاول ذلك مطلقاً.. وحتى خيرة المسيحيين القلائل الذين كانوا يعيشون علىمقربة من الإسلام من أمثال يوحنا الدمشقي، وتيودر أبي قرة، أو بولس الصيدوني، فلم يتمكنوا من إدراك جوهر الإسلام وعظمته، وهي: التصعيد إلى الله الواحد الأحد. ولعل ذلك يرجع أساساً إلى أن الغرب المسيحي اكتفى قروناً طويلة بتلطيخ الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم بأسخف الأقوال من دون أن يكلف نفسه عناء دراسة هذه العقيدة. فأول ترجمة للقرآن لم تظهر سوى في القرن الثاني عشر أي بعد خمسة قرون من ظهور الإسلام، وتمت بناء على مبادرة من بطرس المبجل، وتحت إشراف أسقف دير كلوني ولا بد لنا من إضافة أن هذه الترجمة وكل الترجمات التي تلتها لم تكن لها أي هدف آخر سوى أن تكون الأساس لتوجيه المزيد من الإدانات ضد القرآن، تلك الإدانات التي امتدت سلسلتها على مدى قرون تتناثر عليها بعض أشهر الأسماء"([47]).
- ويقول المفكر الألماني (هوبرت هيركومر) - وهو يحكي قصة أول ترجمة لاتينية لمعاني القرآن الكريم -: "يبدوا أن الصليبيين جنوداً وضباطاً - رفضوا الاعتراف بحقيقة انهم يواجهون إحدى ديانات التوحيد القريبة جداً من دياناتهم، في شهادتها المقرة بالله الواحد الأحد، والصلوات اليومية والصيام، والزكاة، كانت معرفة الصليبيين بالقرآن محدودة جداً. صحيح أن أول ترجمة لاتينية لمعاني القرآن ظهرت سنة 1143م بقلم (روبرت الكيتوني)، ولكن الأوروبيين كانوا يتطلعون إلى توظيف ترجمة معاني القرآن للطعن في الإسلام.
كان هذا الإنجليزي (روبرت الكيتوني) المستقر في مدينة طليطلة بإسبانيا يترجم تراث المسلمين في علمي الهندسة والفلك من العربية إلى اللاتينية، وأنجز هذا المشروع بتكليف من بطرس المبجل رئيس دير
مدينة كلوني (1092 أو 1094 - 1156م) واشترك في هذا المشروع مسلم اسمه محمد.
ولا شك في أن هذه الترجمة الدقيقة لمعاني القرآن بينت للغرب اللاتيني أيضاً أوجه التشابه بين القرآن والأناجيل، ولنتذكر فقط التبجيل العميق لسيدنا إبراهيم وسيدنا عيسى ومريم البتول في كل من المسيحية والإسلام، ومع ذلك لم يفكر أحد في ذلك الوقت في التوصل إلى حد أدنى من الاتفاق والتفاهم بين المسلمين والمسيحيين على أساس كتابيهما السماويين، ولم تغتنم الفرصة المتاحة مع توافر أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللاتينية للتوصل إلى فهم أعمق وأدق للإسلام، وبدلاً من استخدامها وسيلة للتفاهم استغلت ترجمة (روبرت الكيتوني) اللاتينية لمعاني القرآن كمجرد ينبوع محبب للطعن في الإسلام على مدى قرون طويلة، وحتى بداية العصر الحديث لم يتغير من ذلك شيء، فعندما قام السويسري البازلي (يوحنا أوبورين) سنة 1542م بطبع هذه الترجمة اللاتينية سارعت بلدية مدينة بازل بخطر نشرها، ولم تسحب حظرها إلا بعد التدخل المكثف لمارتن لوثر مؤسس الكنيسة البروتستانتية الإصلاحية، بيد أن حجة لوثر في ذلك كما صاغها هو بنفسه، كانت كما يلي: "لقد استيقنت انه لا يمكن عمل شيء أكثر إزعاجاً لمحمد أو الأتراك، ولا أشد ضرراً - أشد من جميع أنواع السلاح - من ترجمة قرآنهم ونشره بين المسيحيين، عندئذ سيتضح لهم أي كتاب بغيض وفظيع وملعون هذا القرآن.. مليء بالأكاذيب والخرافات والفظائع".(25/263)
إن لوثر البروتستانتي - الذي حاول توجيه إهانةٍ لنبي الإسلام بلا أدنى حياء أو تأنيب للضمير - كان ينظر إلى قرآن مترجم إلى اللاتينية في عصر الحروب مع الدولة العثمانية على أنه وسيلة مثالية لتسليح القلوب اليائسة للمسيحيين ورفع روحهم المعنوية، حيث أعلن قائلاً: "بعد ظهور الأتراك على حقيقتهم، أرى أن القساوسة عليهم أن يخطبوا الآن أمام الشعب عن فظائع محمد حتى يزداد المسيحيون عداوةً له، وأيضاً إيمانهم بالمسيحية، ولتتضاعف جسارتهم وبسالتهم في الحرب، ويضحوا بأموالهم وأنفسهم". من شأن موعظة كهذه أن يكون أثرها النفسي في المسيحي أشد من طبول الحرب وأبواقها، بل إنها ستمنحه قلب أسد حقيقي في ساحة القتال"([48]).
المطلب الثالث: اتحاد رؤيتهم
يختلف المستشرقون، وتتباين أساليبهم وطرائقهم التي اعتمدوها في
الترجمة ولكن رؤيتهم تكاد تظل رؤية مقيدة ومتحدة، حتى لقد قال (ماكسيم ردونسون) منتقداً هذه الرؤية: "لقد أصبح النظر في عدم أصالة الإسلام واعتماده على الأديان السابقة ديدناvogue بين عموم المستشرقين"([49]).
من أجل ذلك فقد اعتمدوا منهجاً في الترجمة لا صلة له بالعلم
والبحث، يتسم بالقصور والخلل في المنهج، وهذه بعض معالمه نذكرها إجمالاً:
• إخضاع النصوص للفكرة التي يفرضونها حسب أهوائهم.
• التحكم فيما يفرضونه أو يقبلونه من النصوص.
• تحريف النص تحريفاً مقصوداً.
• تأويل معنى النص حين لا يجدون مجالاً للتحريف.
• حرصهم على تجاوز كل ما من شأنه أن يثبت أن القرآن كلام الله.
• تصيد النصوص الملائمة والموافقة لهواهم.
• الخلط بين شيء قليل مما هو مبثوث في المصادر وما كانت تمليه تخيلات وتكهنات المستشرقين.
ثم إنهم يسلكون في سبيل التأثير والإقناع مسالك خبيثة، حيث
"يعدون محاور التحريف ونقاط التشويه والإدانة، ثم يبنون عليها ترجماتهم حتى تأتي دليلاً على ما سبق وأعدوه من مخطط مغرض؟!"([50]) كما أنهم يمهدون لعملهم هذا بكتابة دراسات ومقدمات لا تحصى عن القرآن
- نشرت قبل الترجمة - وهي غالباً ما تتضمن التشهير بالإسلام والنبي صلى الله عليه سلم، لكي يترسخ في ذهن القارئ الغربي بالدرجة الأولى زيف الإسلام وكراهيته([51]).
"لقد اعتمدوا على آلية التمركز عل الذات والتمحور حولها، ذلك
هو ما يفسر تشويه ترجمات القرآن وتحريفها، وتجدر الملاحظة إلى أن هذا التشويه وذاك التحريف لا يرجعان إلى رغبة النصارى فيهما فقط، بقدر ما يؤولان إلى اعتماد هؤلاء لهذه الآلية، ولمنهجية التأثير والتأثر وتعقبهما، وهي ذات المنهجية التي ما فتئت تخضع لها بعض الإنتاجات الاستشراقية لحد الآن.. وهذا ما يفسر لنا تحاشي الترجمات اللاتينية للقرآن لكل المفردات التي تحيل فيه على معاني الإسلام والتسليم والمسلمين، وإسقاطها وتعويضها بمفردات ومعاني الإسماعيلية والمحمديين. وذلك هو ما يفسر قلق النصارى تجاه هذا الكتاب عندما ذكر بعض القصص التي وردت في كتبهم بصورة لا تتفق مع ما يعهدون فيها. كما يفسر حيرتهم عندما دعا إلى الإيمان بما جاء به عيسى ضمن الإيمان بما أتى به جميع الرسل والأنبياء، منكراً عليهم التثليث والصب والحلول والذنب الأصلي إلخ"([52])
المبحث الثاني: روافدهم وعيوب منهجهم في الترجمة وأخطاؤهم فيها
إن موقف المستشرقين من القرآن الكريم لا يمثل شيئاً جديداً بالنسبة للباحث المتخصص، فهم في الحقيقة لم يفعلوا شيئاً أكثر من ترديد كلام خصوم الإسلام الأولين وأعدائه في كل وقت وحين.
المطلب الأول: روافدهم:
إن المتتبع لما كتبوه في هذا الخصوص يرى أن أهم الروافد والمناهل التي استمدوا منها فكرهم وتصورهم وموقفهم المعلوم، تتمثل في ثلاثة أشياء، نبينها إجمالاً فيما يأتي:
أولاً: الإسرائيليات:
لقد احتضنت الصهيونية بدايات الاستشراق، وهي في الوقت نفسه إحدى روافده الأصيلة التي تمده بتصوراتها وأفكارها، كما أنها رافقت جميع مراحل ترجمات القرآن الكريم وأطوارها العديدة.
يقول الباحث السويسري (أرنولد هوتينغر): "إن اليهود كانوا وما زالوا أكثر الناس اهتماماً بالعالم العربي"([53]).
وهذا ما يفسر لنا الكثرة الملحوظة لعدد اليهود بين المستشرقين، بل ومن أقطابهم وأكثرهم حقداً وعداءً للإسلام من أمثال: (غولتسيهر) و(باول كراوس) و(غرونباوم) و(برناد لويس) و(يوسف فان إس) الذين عرفوا بالتحامل الشديد على الإسلام، والتشكيك في أصوله، ومحاولة إثبات أن الرسو صلى الله عليه وسلم لم يأت بشيء جديد، بل سرق كل شيء من اليهود والنصارى.
إن تغلغل الإسرائيليات وانتشارها في التراث الإسلامي عامة، وفي كتب تفسير القرآن خاصة، له أثر سيئ.(25/264)
لقد عكفوا على دراسة المصادر الإسلامية في خطة ترمي إلى تشويه الإسلام وإثارة الشكوك حوله من كل جانب. "كانت مهمتهم في مرحلة التحضير: تحريك الإسرائيليات إلى موضع جديد، ينقلونها من حواشي كتب التفسير وأشتات التراث البعيدة عن التناول العام، والمرسلة من غير توثيق، فيروونها على وجه التدليس الخفي إلى نصوص من مصادر يهودية، تشد إليها وثاق القرآن والسنة والفقه.. انطلاقاً من مقولتهم الجريئة الفاحشة: الإسلام بضاعة إسرائيلية"([54]).
"كان وراء تيار الإسرائيليات أهداف لتدمير البنية العقلية والوجدانية للإنسان العربي، وبعث الشكوك والريب في التراث. حتى يعاني الفرد المسلم نوعاً من الانقسام الذاتي، هذا إلى أهداف أخرى جزئية تتضافر وتتآزر لتحقيق الأهداف الكلية العامة ضد الإسلام والمسلمين. من هذا مثلاً: محاولة التهوين من شأن الأنبياء في نطاق التهويد والحط من العقائد والقيم الخلقية بشكل عام"([55]).
ثانياً: الإلحاد:
ارتبطت الدراسات الاستشراقية منذ بدايتها بالكتابات الإلحادية في الإسلام فقد رفع الغرب منذ صراعه مع الإسلام شعاراً عاماً اتخذه أساساً وقاعدة لسياسته تجاه العالم الإسلامي. هذا الشعار هو: أن كل من يطعن في الإسلام من المسلمين أنفسهم فلا بد من تأييده بقوة، وتشجيعه بجميع السبل حتى يواصل هجومه على الإسلام. بحثوا عن أي نص إلحادي ينفعهم في شن المزيد من الغارات الشرسة على حضارة الإسلام واعتنوا بنشر كتب كبار الملاحدة أمثال:
ابن المقفع([56]): نشر المستشرق الألماني فان إيس مقاطع من معارضة ابن المقفع للقرآن الكريم في كتاب طبعته الجامعة الأمريكية في بيروت([57]).
والملحد أبو بكر بن زكريا الرازي: نشر بعض كفرياته المستشرق الصهيوني باول كرواس في القاهرة سنة 1936م تحت عنوان "رسائل فلسفية" ويعد باول أكبر باحث غربي اهتم بالميراث الإلحادي في
الإسلام ([58]).
والملحد الكبير ابن الراوندي: اهتم المستشرقون به واعتنوا بدراسة
مواطن كفره وشبهاته وأكاذيبه([59]).
ثالثاً: الأهواء:
لم يكن عمل المستشرقين في الترجمة قائماً على مبدأ العمل المتجرد والبحث العلمي النزيه والمنزه عن الأهواء. فقد التزموا حرية الترجمة بحيث تأتي موافقة لأهوائهم من حيث التصرف بالنصوص عن طريق التقديم والتأخير والإهمال والتحوير وغير ذلك، ومن مظاهر ذلك([60]):
- الخلط بين شيء قليل مما هو مبثوث في المصادر وبين ما تمليه تخيلاتهم وتكهناتهم.
- اندفعوا نحو الترجمة الكيفية لا الصحيحة والعلمية أو حتى النسبية إلى حد ما، إمعاناً منهم في التحريف والتضليل.
- واهتموا بنشر الترجمات التي تنطوي على الأضاليل والأخطاء الفنية والشطحات التي سداها الحقد والتعصب.
- واستعملوا لغة قديمة بائدة في الترجمة أصبحت مهجورة وغير مألوفة.
- ونشروا الترجمات تحت أسماء مستعارة، أو بأحرف فقط تدل على اسم المترجم (OBBJ) و(JBB) وذلك بغية عدم إظهار شخصيته الحقيقية.
ولقد سبقتهم تجارب متعددة من قبل أهل الأهواء، كلها تصرفت في
المعنى واستعملت وسائل تتماشى مع أهدافها وغاياتها في الوجود كانت محاولات للهدم، لكنها لم تستطع أن تؤثر في القرآن لا من قريب ولا من بعيد([61])
المطلب الثاني: عيوب منهجهم
قام المستشرقون بعديد من المحاولات لترجمة القرآن، ولكنها جميعها قاصرة ومشوهة ومعيبة، لاستحالة ذلك، ولعدم استيعاب القوم لمقومات اللغة العربية وأسرارها، فحرفوا النص وشوهوا مدلوله. ووقعوا في عيوب فادحة وأخطاء جسيمة.
أبرز عيوب منهجهم:
إن جل أبحاثهم وجميع دراساتهم قد استوت على أساس غير صحيح، وانحرفت عن المنهج الصائب، وإن كانوا يتفاوتون في التحريف والتلاعب بالنص القرآني إلا أن من القواسم المشتركة بينهم: عيوب المنهج وهي كثيرة نذكر هنا بعض ما وقفنا عليه خلال مطالعتنا لبعض الكتب المختصة([62]):
- الجهل بأسرار اللغة العربية.
- الجهل بالتورية القرآنية.
- الجهل بالمعاني الدقيقة للكلمات العربية.
- الانحراف بالنص عن قصده الحقيقي.
- الفهم المقتصر على جانب واحد من المعنى.
- الخلط بين الكلمات العربية المختلفة.
- المعرفة المحدودة بالعربية والمقترنة بالتلفيق الخيالي.
- الخلط بين العربية وكل من العبرية والسريانية.
- الخلط مع بعض المعتقدات اليهودية.
وهذا مما شهدوا به هم أنفسهم في انتقاد بعضهم بعضاً ومن أمثلته:
انتقاد شيخ المستشرقين الإنجليز بعض الترجمات منها:
ترجمة أندري ديرار الفرنسي واعتبرها ترجمة سيئة لا يعول عليها معللاً ذلك بأمور([63]):
- لوجود عيوب فادحة في الترجمة.
- لما فيها من الإسقاطات والإضافات.
- لكثرة أخطائها فلا تكاد تخلو صفحة منها من أخطاء.
وترجمة ألسكندر روس Agexande r Ross التي تعد أول نسخة إنجليزية لترجمة معاني القرآن الكريم حيث نعتها بالسوء والرداءة([64]).
المطلب الثالث: الأخطاء وأسبابها
إن الأخطاء التي وقع فيها المستشرقون كثيرة جداً([65]) نكتفي بالإشارة
إلى نوعين يعدَّان من الأهمية والخطورة بمكان:
الأخطاء الدلالية واللغوية.
الأخطاء المتعلقة بالنص القرآني رسماً وضبطاً وأداءً.(25/265)
أولاً: الأخطاء الدلالية واللغوية:
إن أكثرية المستشرقين الذين ترجموا القرآن الكريم لم يكونوا على علم باللغة العربية لغة القرآن، ومن ادعى ذلك كانت معرفته بها ضعيفة إلى أقصى حد. لقد أوقعهم جهلهم الفادح باللغة العربية في العديد من الأخطاء بل وكان عائقاً لهم عن الفهم، يقول الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى في كتابه القيم "الوحي المحمدي" تحت عنوان: "الأسباب العائقة عن فهم الأجانب للقرآن:
جهل بلاغة القرآن:
(أولها جهل بلاغة اللغة العربية التي بلغ القرآن فيها ذروة الإعجاز في أسلوبه ونظمه وتأثيره في أنفس المؤمنين والكافرين به جميعاً، فأحدث بذلك ما أحدث من الثورة الفكرية والاجتماعية في العرب، والانقلاب العام في البشر، كما شرحناه في هذا الكتاب. وقد كان من إكبار الناس لهذه البلاغة أن جعلها أكثر علماء المسلمين موضوع تحدي البشر بالقرآن دون غيرها من وجوه إعجازه، وجعلوا عجز العرب الخُلَّص عن معارضته بها، ثم عجز المولدين الذين جمعوا بين ملكة العربية العلمية، وملكة فلسفتها من فنون النحو والبيان، هو الحجة الكبرى على نبوةمحمد صلى الله عليه وسلم ، وقد فقد العرب الملكتين منذ قرون كثيرة، إلا أفراداً متفرقين منهم - فما القول في غيرهم ؟! فعلماء المسلمين في هذه القرون يحتجون بعجز أولئك ولا يدعون أنهم يدركون سر هذا الإعجاز أو يذوقون طعمه"([66]).
ومن أمثلة ذلك:
- ترجمة كلمة (كلا) فقد ترجمها: Alexande r Ross هكذا: neve r theless
- ترجمة عبارة (إلا ما قد سلف) من قوله تعالى: ]وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ ءَابَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ[(النساء:22)
فقد ترجمها: Sava r y بقوله:
Le Seigneu r est indulgent et misé r ico r dieux si le c r ime est commis
ومعنى قوله: إذا كانت الجريمة قد ارتكبت فالمولى متسامح كريم!
- ترجمة قوله تعالى: ]هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ[(البقرة: 187)
- ترجمها سافاري أيضاً فقال:
Elles vous êtes le leu r sont vot r e vêtement et vous
ثانياً - الأخطاء المتعلقة بالنص القرآني:
إن أخطاءهم فيما يرجع إلى جهلهم بأحكام القرآن وعلومه كثيرة جداً نذكر منها:
ما يتعلق بالقراءة:
-مثاله: كلمة حافّين في قوله تعالى: ]وَتَرَى المَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ العَرْشِ يُسَبِحُوْنَ بِحَمْدِ رَبِهِم[(الزمر: 75) ترجمها (سافاري) (Sava r y) فقال (إنها تعني حفاة الأقدام، لأنه قرأها حافين بتخفيف الفاء، على أن المعنى الصحيح للآية - بتشديد الفاء - "إنك ترى الملائكة يطّوّفون حول العرش
معظمين مقدسين لربهم"([67]).
ما يرجع إلى الفواصل القرآنية التي يسمونها الجمل الأخيرة من الآيات: حيث نجدهم ينطلقون منها ويستندون إليها - مع جهلهم - في ادعاء:
أن لغة القرآن تشبه إلى حد بعيد لغة الشعر العربي القديم في إيقاعه
ووزنه وقافيته، يقول المستشرق الفرنسي إدوارد مونتيه: "إن أسلوب القرآن أسلوب شعري مقفى، غير أن هذا الأسلوب الشعري ينحصر في السور المكية، خصوصاً القديمة جداً منها، دون السور المدنية" وتابع قوله "إن القافية ترتكز على المقاطع اللفظية المغلقة، بمعنى أنها منتهية بحرف صامت غير منبور مسبوق بحركة خفيفة Koum و ho و a r و ou r it إلى آخره والقافية
فيها خفيفة ونادرة جداً"([68]).
وهذا القول ناتج عن الجهل التام بلغة القرآن اللغة العربية. فالقرآن نوع أدبي متفرد، تتميز لغته عن سائر كلام البشر، ونظمه يخرج عن منظوم الكلام ونثره، ولا يدخل في شعر ولا رجز ولا سجع ولا خطبة([69]).
نماذج من أخطائهم العجيبة:
لقد أثبتت الدراسات في اللغات الفرق الكبير بين حروف العربية وجملها الاسمية والفعلية وأساليبها المتعددة، وبين اللغات الأخرى، ومع ذلك نجد المستشرقين يتصدون للترجمة غير مراعين هذه الحقيقة، الأمر الذي يجعلهم يقعون في أخطاء شنيعة وغريبة. ومن أمثلة ذلك:
- ترجمتهم لكلمة (الساعة) في قوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا النِّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيْم[(الحج: 1) فقد جعلوا مقابلها في الفرنسية Heu r e وفي الإنجليزية: The hou r فهل تعبر هاتان الكلمتان عن المفهوم القرآني ليوم القيامة([70])؟!
- ترجمتهم لكلمة (والعصر) في قوله تعالى: ]وَالعَصْرِ * إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ[(العصر:1-2)
فقد وضعوا مقابلها في اللغة الإنجليزية: By the afte r noon فهل العصر المقسم به في الآية معناه: ما بعد الظهر؟!([71])
وترجم ماكس هاننج Max Henning كلمة (الإبل) في قوله تعالى: ]أَفَلا يَنْظُرُوْنَ إَلى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ[(الغاشية: 17)
إلى الألمانية بـ: Wolken التي تعني السحاب!([72]).
- ترجمتهم لكلمة (فروجهن) في قوله تعالى: ]وَيَحْفَظْنَ فُرُوْجَهُنَّ[ (جزء من آية النور: 31)
- جعلوا مقابلها في اللغة الإنجليزية: Thei r p r ivate pa r ts بمعنى: أجزائهن الخاصة!([73]).
قائمة المصادر والمراجع
القرآن الكريم.
- أولاً - الكتب:(25/266)
- الاستشراق والقرآن العظيم للدكتور محمد خليفة، ترجمة مروان عبدالصبور شاهين، مراجعة الدكتور عبد الصبور شاهين/ الطبعة الأولى: 1414هم دار الاعتصام القاهرة.
- الإسرائيليات في التراث الإسلامي (بحث للدكتور مصطفى حسين مع ثمانية بحوث أخرى نشرت جميعها في دورية)/ منشورات جمعية الدعوة الإسلامية العالمية/ الطبعة الأولى: 1986م ليبيا طرابلس.
- الإسرائيليات في الغزو الفكري للدكتورة عائشة عبدالرحمن، بنت الشاطئ/ طبع تحت إشراف جامعة الدول العربية فرع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعوم معهد البحوث والدراسات العربية طبعة:1975م
- الإسلام في أبحاث الاستشراق الإسباني من ريموندس لولوس إلى أسين بلاثينوس/ أطروحة دكتوراه الدولة للباحث محمد عبدالواحد العسري، إشراف الدكتور محمد الكتاني السنة الجامعية: 1421-1422هـ/2000-2001م جامعة عبدالمالك السعدي كلية الآداب والعوم الإنسانية - تطوان.
- البحر المحيط للإمام الزركشي الجزء الأول/ الطبعة الثانية: 1413هـ-1992م قام بتحريره الشيخ عبدالقادر عبدالله العاني وراجعه الدكتور عمر سليمان الأشقر، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت.
- التبشير والاستشراق أحقاد وحملات على النبي صلى الله عليه وسلم وبلاد الإسلام للباحث محمد عزت إسماعيل/ الزهراء للإعلام العربي القاهرة: 1991م.
- جمع الجوامع بشرح المحلي مع حاشية البناني/ طبعة: 1402هـ-1982م دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت.
- سنن الترمذي مع التحفة/ مراجعة وتصحيح الأستاذ عبدالوهاب عبداللطيف الطبعة الثالثة: 1399-1979م دار الفكر بيروت.
- الصحاح للجوهري/ الطبعة الأولى: 1419-1999 ومكتبة الرشد بالرياض دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع.
- صحيح البخاري مع الفتح/ تحقيق العلامة ابن باز وترقيم الشيخ محمد فؤاد عبدالباقي، أشرف على طبعه الشيخ محب الدين الخطيب دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
- فن الترجمة في ضوء الدراسات المقارنة للأستاذ صفاء خلوصي/ دار
الرشيد للنشر منشورات وزارة الثقافة والإعلام 1982م سلسلة
دراسات: 292.
- قضايا ترجمة القرآن للدكتور عبد رب النبي ذاكر/ كتاب نصف الشهر، سلسلة شراع المغربية التي تصدر في طنجة العدد: 45، 25 شعبان 1419ه15 ديسمبر 1998م.
- لغة القرآن الكريم للدكتور عبدالجليل عبد الرحيم/ الطبعة الأولى: 1401هم مكتبة الرسالة الحديثة.
- محاصرة وإبادة - موقف الغرب من الإسلام للدكتورة زينب عبدالعزيز/ المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع بيروت 1993م.
- المستشرقون وترجمة القرآن الكريم، عرض موجز بالمستندات لمواقف وآراء وفتاوى بشأن ترجمة القرآن الكريم مع نماذج لترجمة تفسير معاني الفاتحة في ست وثلاثين لغة شرقية وغربية للدكتور محمد صالح البنداق/ الطبعة الثانية: 1403هم دار الآفاق الجديدة بيروت.
- المصباح المنير/ الطبعة الأولى 1322همطبعة التقدم العلمية مصر.
- المعجم الوسيط/ الطبعة الثانية غير مؤرخة.
- من تاريخ الإلحاد في الإسلام للأستاذ عبدالرحمن بدوي/ الطبعة الثانية القاهرة سينا للنشر 1993م.
- منطلقات إسلامية للعلامة عبدالله كنون/ مطبعة سوريا طنجة، غير مؤرخة.
- الوحي المحمدي للشيخ محمد رشيد رضا/ المكتب الإسلامي بيروت، الطبعة العاشرة:1405هم.
ثانياً - الصحف والمجلات:
- أكتوبر/ العدد: 1171 4 أبريل 1999م.
- الحياة/ العدد:11989، 11990، 11991، 12411.
- دعوة الحق/ العدد: 347 رجب - شعبان 1420ه/ أكتوبر - نوفمبر 1999م/ مجلة شهرية تعنى بالدراسات الإسلامية وشؤون الثقافة والفكر تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب.
- الرابطة/ العدد: 438 السنة: 39 ربيع الثاني 1442- يوليه 2001م مجلة إسلامية شهرية جامعة تصدر عن الإدارة العامة للإعلام برابطة العالم الإسلامي.
- الشعب 3/ إبريل 1998م.
- عقيدتي/ العدد: 522 12 جمادى الآخرة 1418ه14أكتوبر
1997م.
- الفرقان (مجلة مغربية)/ العدد: 28، 29.
- الفيصل/ العدد: 300 جمادى الآخرة 1422 - أغسطس - سبتمبر 2001م دار الفيصل الثقافية.
- المشكاة (مجلة مغربية)/ العدد: 20 سنة 1995م.
- منار الإسلام/ محرم 1420هأبريل 1999م.
- النور/ العدد: 89 جمادى الآخرة 1419ه- أكتوبر 1998م.
- الوعي الإسلامي/ العدد: 411 ذو القعدة 1420هفبراير - مارس 2000م.
- الحواشي :
(1) انظر: "لمحات في الثقافة الإسلامية" للأستاذ عمر عودة الخطيب ( صلى الله عليه وسلم 174)
(2) انظر: "ترجمة معاني القرآن للألمانية بين سموم المستشرقين وجهود المسلمين" للأستاذ ثابت عيد (ص:21) من جريدة الحياة العدد 1199.
(3) جريدة الشعب (ص:9)3أبريل 1998م.
(4) انظر: "جريدة أكتوبر" عدد: 1171/4 أبريل سنة 1999م.
(5) "مجلة الرابطة" العدد:438- السنة:39- ربيع الثاني 1422هـ - يوليه 2001م
(6) انظر: "الصحاح": (4/1566) و"المصباح المنير": (1/38) و" المعجم الوسيط": (1/83)
(7) "المصباح المنير": (1/38)
(8) "فن الترجمة في ضوء الدراسات المقارنة": (ص:14)(25/267)
(9) انظر: "المستشرقون وترجمة القرآن الكريم - عرض موجز بالمستندات لمواقف وآراء وفتاوى بشأن ترجمة القرآن الكريم" للدكتور محمد صالح البنداق (ص:49-84) و"لغة القرآن" للدكتور عبدالجليل عبدالرحيم (ص:532-579 و"قضايا ترجمة القرآن" للدكتور عبد رب النبي ذاكر كتاب نصف الشهر سلسلة شراع المغربية العدد: 45.
(10) انظر: "قضايا ترجمة القرآن" للدكتور عبد النبي ذاكر (ص:49-50) نقلاً عن حكم ترجمة القرآن العظيم مخطوطة الخزانة العامة بالرباط رقم ح: 113 ضمن مجموع (ص:67)
(11) فرض الكفاية هو: كل مهم يراد حصوله، ولا يقصد به عين من يتولاه. انظر: " البحر المحيط" للإمام الزركشي (1/242).
(12) متفق عليه.
(13) الحديث أخرجه الإمام البخاري في "كتاب الأنبياء" 50 باب ما ذكر عن بني إسرائيل. والإمام الترمذي في "كتاب العلم" 13 باب ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل.
(14) هذا مبني على قاعدة مقدمة الواجب وهي قاعدة كلية تختزل حقيقتها وتعبر عنها العبارة المشهورة: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
الشرح والتوضيح:
ما: اسم موصول واقع على خارج عن ماهية الواجب، ضرورة أن الجزء لا يتوهم فيه جدل إذ هو لا يغاير الكل وجوداً ولا وجوباً، وعليه يكون المراد به: خوص الشرائط والأسباب.
لا يتم: بمعنى لا يوجد، فلا يشمل الحد ما يكمل الواجب كالسنن مثلاً.
الواجب: الأمر الذي ثبت وجوبه أصلاً.
إلا به: القصر هنا إضافي، أي بالإضافة إلى عدم ذلك الشيء لا مطلقاً، او بعبارة أخرى: فيما لا يوجد الواجب بدونه وإن توقف وجوده عليه. انظر: "البحر المحيط للإمام الزركشي (1/223-231) و" جمع الجوامع مع شرح المحلي بحاشية البناني" (1/192-197).
(15) انظر: " قضايا ترجمة القرآن" (ص:50-51) نقلاً عن "حكم ترجمة القرآن العظيم" مخطوطة الخزانة العامة بالرباط رقم: ح113 ضمن مجموع (ص:133).
(16) "حكم ترجمة القرآن العظيم" (ص:134) من: "قضايا ترجمة القرآن": (ص: 52-53)؟
(17) انظر: "التطور التاريخي لترجمة معاني القرآن الكريم عند الغربيين" جريدة الحياة العدد: 12411
(ص:21).
(18) "قضايا ترجمةالقرآن": (ص 72).
(19) "المستشرقون وترجمة القرآن الكريم" (ص:131) نقلاً عنه.
(20) انظر الكلام على صعوبات الترجمة في: "لغة القرآن الكريم" للدكتور عبد الجليل عبد الرحيم: (ص:540-543) و "المستشرقون وترجمة القرآن الكريم" (ص:130-132) و" صعوبات في ترجمة القرآن الكريم وأولوياتها" مجلة الفيصل العدد: 300) و"التراجم الاستشراقية لمعاني القرآن الكريم (1-2) من مجلة الفرقان المغربية عدد ك 28-29.
(21) انظر: "التراجم الاستشراقية لمعاني القرآن الكريم (2) حول مشروع ترجمة إسلامية لمعاني القرآن" مجلة الفرقان المغربية العدد:29 (ص:27)
(22) انظر: "منطلقات إسلامية" له: (ص:182)
(23) انظر: "ترجمة معاني القرآن للألمانية بين سموم المستشرقين وجهود المسلمين" بحث للأستاذ ثابت عيد نشر في جريدة الحياة في حلقات الحلقة الثانية (ص:21) العدد 11990.
(24) انظر: "مجلة النور عدد 89 جمادى الآخر 1419هـ - أكتوبر 1998م موضوع: الترجمات القرآنية بين نقل المعاني وهدم المباني …" للأستاذ جاسم حسين (ص:61).
(25) ولهذا فإن كثيراً من النقائص والعيوب الموجودة في الدراسات التي اهتمت بالموضوع مردها إلى عدم اطلاع أولئك الباحثين على الاستشراق الإسباني.
(26) انظر ذلك في: "الإسلام في أبحاث الاستشراق الإسباني من ريموندس لولوس إلى أسين بلاثينوس" أطروحة الدكتوراه للأستاذ محمد عبد الواحد العسري (1/123-124).
(27) انظر: "الترجمات القرآنية بين نقل المعاني وهدم المباني: ترجمة تولن ترنر لمعاني القرآن للإنجليزية خرج عن مألوف المسلمين في ترقيم البسملة" للباحث جاسم حسين: (ص:61) من مجلة النور العدد: 89 جمادى الآخرة 1419 هـ - أكتوبر 1998م.
(28) بخلاف ما هو شائع بين الباحثين.
(29) وضع عبد المسيح بن إسحاق الكندي رسالته من 141 صفحة جواباً جدلياً على كتاب صديقه عبدالله ابن إسماعيل الهاشمي الذي دعاه فيه إلى اعتناق الإسلام، ولقد هذب الرسالتين ونشرهما ضمن كتاب واحد القس أنطون تيان A.Tien مرتين في لندن في سنة: 1880م وسنة 1885م كما نشرتا بالقاهرة سنة 1912م ولقد ردَّ على رسالته هذه العلامة خير الدين أبو البركات نعمان الألوسي (ت:1317) في كتابه: "الجواب الصحيح لما لفقه عبد المسيح بن إسحاق الكندي" طبع في لاهور سنة 1306 هـ والمهم أن نعلم أن عبد المسيح هذا كان يهودياً تنصر ووضع كتابه هذا للطعن في الإسلام تزلفاً للمحتلين الإسبان. انظر: "مجلة النور عدد: 89 و "الإسلام في أبحاث الإستشراق الإسباني.."(1/146-147) ولقد أفرد الأستاذ العسري للرسالة فصلاً مستقلاً يراجع لأهميته.(25/268)
(30) ولقد وقع اختلاف بين الباحثين في نسبة هذه الترجمة والتي سبقتها. "والواقع: أن بطرس الموقر، كان قد أمر كلاً من روبيرتوس كتنيسس وبطرس الطليطلي أحد اليهود المتنصرين بالأندلس بإنجاز ترجمة للقرآن الكريم، ذلك هو ما يستفاد من بعض رسائل الموقر إلى سان برناردو فضلاً على انه قد جاء على أعلى الورقة الأولى لإحدى نسخ الترجمة المعنية المحفوظة بالمكتبة الوطنية باريس 503، 14 Mas.lAt بأنها من عمل بيتروس طوليطانوس. والظاهر أن كلاً من هذا الأخير وروبرتو كيتون وغيرهما من بقية تراجمة الفريقين (ومنهم حتى أحد المسلمين المتنصرين ) قد أسهموا جميعاً كل واحد من جهته، في إنجاز أول ترجمة للقرآن إلى اللاتينية، فالموقر كان قد شكل فريقين من التراجمة، يكمل كل واحد منهما الآخر من حيث إتقان اللغات المطلوبة لإنجاز هذا الغرض ونظائره انظر " الإسلام في أبحاث الاستشراق الإسباني.."(1/132-133) بالحاشية.
(31) انظر: "الترجمات القرآنية بين نقل المعاني وهدم المباني ترجمة تولن ترنر لمعاني القرآن للإنجليزية"
(ص:61) مجلة النور العدد: 89 جمادى الآخرة 1419هـ أكتوبر 1998م.
(32) انظر: "جريدة عقيدتي (عدد: 522) موضوع: ترجمات القرآن.. بين تبليغ الرسالة والتشويه.
(33) انظر "موضوع: ترجمات القرآن.. بين تبليغ الرسالة والتشويه" عقيدتي عدد: 522 (الثلاثاء: 12 جمادى الآخرة 1418هـ 14أكتوبر 1994م)
(34) انظر: (الدراسات القرآنية في مناهج البحث الاستشراقي المعاصر للدكتور حسن عزوزي مجلة الوعي الإسلامي (ص:22) عدد: 411 - ذو القعدة 1420هـ فبراير - مارس 2000م)
(35) انظر: "التراجم الاستشراقية لمعاني القرآن إلى اللغات الأجنبية " (ص:29) من مجلة الفرقان المغربية
العدد: 28- 1413ه
(36) انظر: "المستشرقون وترجمة القرآن الكريم" للدكتور محمد صالح البنداق (ص:104) وانظر: "مجلة الفرقان موضوع: التراجم الاستشراقية لمعاني القرآن إلى اللغات الأجنبية" (ص:30) العدد28 سنة: 1413ه
(37) انظر: "المستشرقون وترجمة القرآن" (ص:108)
(38) انظر: "التراجم الاستشراقية لمعاني القرآن إلى اللغات الأجنبية" مجلة الفرقان المغربية العدد: 28 (ص:30) نقلاً عن كتاب "القرآن: نزوله - تدوينه - ترجمة وتأثير لرجيس بلاشير - ترجمة رضا سعادة - (ص:41) الطبعة الأولى.
(39) انظر: "التراجم الاستشراقية لمعاني القرآن إلى اللغات الأجنبية" مجلة الفرقان العدد 28 (ص:30)
(40) لكن هذه الرؤية التحليلية المشهورة يشكك فيها بعض الباحثين والدارسين. يقول الدكتور حسن الأمراني: "ولكن كتاب أرناديرز "ثلاث رسل لإله واحد" يجعلنا نشك في الأطروحة التي تقول: إن الاستشراق المعاصر بدا ينحو منحى اعتدالياً واضحاً في تناوله العالم الإسلامي وقضاياه، فإن الكاتب افتتح كتابه بإقرار حقيقة أن موسى وعيسى ومحمداً "رسل ثلاثة لإله واحد" فلكي يعمل على نقضها بعد ذلك مشككاً في نبوة صلى الله عليه وسلم مؤكداً التعارض الكبير بين الإسلام وبين اليهودية والمسيحية" مجلة المشكاة عدد: 20/1995 (ص: 3-6)
(41) انظر: "جريدة الشعب (ص:9) عدد: 3 أبريل 1998م
(42) انظر: "الدراسات القرآنية في مناهج البحث الاستشراقي المعاصر" بقلم الدكتور حسن عزوزي (ص: 22-23) من مجلة الوعي الإسلامي العدد: 411
(43) انظر: "الدراسات القرآنية في مناهج البحث الاستشراقي المعاصرة" مجلة الوعي الإسلامي (ص:23) العدد: 411
(44) انظر: "ترجمة معاني القرآن للألمانية بين سموم المستشرقين وجهود المسلمين (2) للأستاذ ثابت عيد الحياة العدد: 11990
(45) انظر: "التبشير والاستشراق أحقاد وحملات على النبي صلى الله عليه وسلم وبلاد الإسلام" للباحث محمد عزت إسماعيل الطهطاوي (ص: 54)
(46) انظر: المناهل العدد 10 - الصفحة 1847-19 والنص في أصله مأخوذ من كتاب Le co r an pa r Regis Blaehese_Pasis, 1966 مجلة الفرقان عدد: 28 (ص:30)
(47) انظر: "محاضرة وإبادة - موقف الغرب من الإسلام" للدكتورة زينب عبد العزيز: (ص:40)
(48) انظر: "ترجمة معاني القرآن للألمانية بين سموم المستشرقين وجهود المسلمين" بحث للأستاذ ثابت عيد الحلقة الثانية (ص:21) جريدة الحياة العدد: 11990
(49) انظر: "مجلة المشكاة العدد: 20 السنة الخامسة /1995م ملف العدد: "ثلاثة رسل لإله واحد قراءة استشراقية في القرآن الكريم" للدكتور حسن الأمراني (ص:3)
(50) انظر: مجلة الإعجاز العدد: 1 موضوع "الترجمات الفرنسية لمعاني القرآن الكريم رؤية تحليلية ونماذج تطبيقية" للدكتورة زينب عبدالعزيز (ص:76)
(51) انظر: "المستشرقون وترجمة القرآن الكريم " (ص: 108)
(52) انظر: "الإسلام في أبحاث الإستشراق الإسباني..": (1/124-125)
(53) انظر: "بؤرة الصراعات" (ص:11) و"جريدة الحياة موضوع: ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الألمانية بين سموم المستشرقين وجهود المسلمين" للباحث ثابت عيد (ص: 21) العدد: 11989
(54) انظر: "الإسرائيليات في الغزو الفكري" للأستاذة عائشة عبد الرحمن (ص: 107) بتصرف.(25/269)
(55) انظر: "الإسرائيليات في التراث الإسلامي" بحث للدكتور مصطفى حسين (ص:115-116) وانظر: "المستشرقون وترجمة القرآن الكريم" (ص:107-108) و"الاستشراق والقرآن العظيم": (ص:143 وما بعدها).
(56) أورد ابن خلكان عن الخليفة المهدي الذي كان يتتبع الزنادقة، ويسعى إلى تنقية المجتمع الإسلامي من شرورهم قوله: "إنه لم ير مطلقاً كتاب زندقة إلا ويرجع إلى ابن المقفع". انظر: "من تاريخ الإلحاد في الإسلام" (ص:53)
(57) انظر: "ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الألمانية بين سموم المستشرقين وجهود المسلمين" بحث للأستاذ ثابت عيد الحلقة الثالثة جريدة الحياة (ص:21) العدد: 11991.
(58) المصدر السابق نفسه.
(59) المصدر السابق نفسه.
(60) انظر: "المستشرقون وترجمة القرآن الكريم" (101-106) و"الدراسات القرآنية في مناهج البحث الاستشراقي المعاصر" بقلم الدكتور حسن عزوزي (ص:22) من مجلة الوعي الإسلامي العدد: 411.
(61) انظر: "التراجم الاستشراقية لمعاني القرآن إلى اللغات الأجنبية" مجلة الفرقان المغربية العدد: 28 (ص:31)
(62) انظر على سبيل المثال: "الاستشراق والقرآن العظيم" (ص:126-146) و"المستشرقون وترجمة القرآن الكريم": (ص:116-117)
(63) انظر: "المستشرقون والقرآن الكريم" (ص:120)
(64) المصدر السابق نفسه.
(65) الأخطاء العلمية التي وقعت فيها الترجمات الاستشراقية بينها أهل الاختصاص من علماء وباحثين. انظر على سبيل المثال:
"أخطاء في ترجمات معاني القرآن الكريم" مجلة منار الإسلام محرم 1420هـ - أبريل 1999م
"الترجمات الفرنسية لمعاني القرآن الكريم" رؤية تحليلية ونماذج تطبيقية مجلة الإعجاز عدد: 1/1995م
"نموذج لأخطاء في بعض التراجم الإنجليزية" مجلة الإعجاز عدد: 1/1995م
"تفسير القرآن الكريم بالألسنة الأجنبية" جريدة أكتوبر عدد: 1171/4أبريل 1999م.
(66) انظر: "الوحي المحمدي": (ص: 24)
(67) انظر: "الاستشراق والقرآن العظيم" للدكتور محمد خليفة ترجمه إلى العربية مروان عبدالصبور شاهين (ص: 134)
(68) انظر: بحث "موقف المستشرقين من لغة القرآن الكريم" للدكتور أحمد نصري نشر في مجلة دعوة الحق المغربية العدد: 343 - محرم 1420/1999م (ص: 77)
(69) انظر الرد عليه بالتفصيل في البحث السابق
(70) "المستشرقون وترجمة القرآن الكريم": (ص:120-121)
(71) "المستشرقون وترجمة القرآن الكريم": (ص: 122-123)، والمعنى المذكور أورده ابن كثير في التفسير قال: العصر الزمان.. وقال مالك عن زيد بن أسلم: هو العشي، والمشهور الأول.
(72) "المستشرقون وترجمة القرآن الكريم": (ص:125). هذا قول المبرد أورده الشوكاني في فتح القدير، وعلَّق عليه قائلاً: "وهو خلاف ما ذكره أهل التفسير واللغة". هذا، وقد قال المترجم هننج نفسه في الحاشية: "الكلمة العربية تعني أيضاً الإبل، وهو الذي اختاره معظم المترجمين".
(Das a r abiische Wo r t bedeutet auch Kamel, was die meisten Ube r setze r vo r ziehen).
(73) المصدر السابق نفسه.
تقول اللجنة العلمية: إن عبارة P r ivate Pa r ts كناية عن الفروج باللغة الإنجليزية كما جاء في معجم أكسفورد.
---------------
دراسة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية
التي أعدّها ريجيس بلاشير
الشيخ فودي سوريبا كمارا
بسم الله الرحمن الرحيم
تصدير
الحمد لله رب العالمين القائل في محكم التنزيل: ]ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين [ (الروم:22) وأصلي وأسلم على من خاطبه الله بقوله تعالى ] وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا[ (سبأ:28) سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن هذا البحث يتكون من مقدمة وفصلين وخاتمة. ألقيت في المقدمة نظرة سريعة على تاريخ ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأوربية بصفة عامة، وإلى اللغة الفرنسية بصفة خاصة. وبينت في الفصل الأول آراء بلاشير بالنسبة إلى القرآن الكريم، وكونه منزلاً من عند الله وما إلى ذلك. أما الفصل الثاني فقد فصَّلْت فيه القول في بعض أخطائه في ترجمته لمعاني القرآن الكريم، وذكرت ذلك في مبحثين. ذكرت في المبحث الأول بعض أخطائه في المسائل النحوية، كما ذكرت في المبحث الثاني بعض أخطائه في المسائل اللغوية. وذكرت في الخاتمة تعليقات وتوصيات.
مقدمة(25/270)
إن الترجمة وسيلة تبليغٍ لرسالة الله، وهمزة وصل بين الثقافات، وأداة اتصال وتفاهم بين الشعوب والأمم،لذلك "فإن الحاجة إلى الترجمة ضرورية" كما صرح بذلك سماحة الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية رحمه الله([1]). ويرى فضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين -رحمه الله- أن ترجمة معاني القرآن الكريم واجبة. وقال: "وأما الترجمة المعنوية فهي جائزة في الأصل؛ لأنه لا محذور فيها، وقد تجب حين تكون وسيلة لإبلاغ القرآن والإسلام لغير الناطقين بالعربية. لأن إبلاغ ذلك واجب، وما لايتم الواجب إلا به فهو واجب"([2]) .كما أن الترجمة - شأنها في ذلك شأن كل العلوم تقريباً - سلاح ذو حدين: يمكن استعماله أداة للبناء أو معولاً للهدم.
وقد بدأ الصحابة رضوان الله عليهم في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى مختلف اللغات منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ([3])، واستغلها المسلمون الأوائل استغلالاً حسناً في جزء لا يستهان به من أنحاء المعمورة، وذلك بشرح معاني القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة والكتب الإسلامية المعتمدة، بواسطة مترجمين، للشعوب غير العربية في المجالس العلمية والاحتفالات الدينية. والواقع الملموس يشهد على أن جهود هؤلاء المسلمين الأوائل - مع حسن معاملتهم للناس- قد آتت ثمارها في كل أنحاء العالم، في نشر الإسلام من أقصى الأرض إلى أقصاها في فترة وجيزة وبسرعة مذهلة لم يشهد التاريخ لها مثيلا. وفي المقابل استغل بعض أعداء الإسلام من المنصِّرين و المستشرقين وغيرهم الترجمة في محاربة الإسلام الذي أقضَّ مضجعهم سرعة انتشاره وشدة تمسك معتنقيه به، وذلك رغم كل ما يستعملونه ضد الإسلام من مختلف أنواع التهديد والإغراء ورغم ما يتهمونه به من التخلف والجمود والسحر والشعر والكهانة وغير ذلك، فبدؤوا يفكرون في تطوير هذه الأساليب التي باءت بالفشل الذريع وصارت موضع سخرية لدى الجميع، حتى وصلوا بأفكارهم العنيدة إلى القيام بترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغاتهم. فرأوا في ذلك ضالتهم المنشودة لما يتيح لهم من فرصة ظهورهم أحيانا في ثياب أصدقاء مع أنهم في الحقيقة أعداء ألدّاء، كما يسهّل عليهم دس السم في الدسم كما يريدون. لذلك اهتموا بترجمة معاني القرآن الكريم اهتماماً كبيراً، ويشجعهم في هذا العمل العدائي ضد كتاب الله الكريم كون عدد قارئي الترجمات أكثر من عدد قارئي النص العربي،وبعبارة أخرى كون المسلمين غير العرب أكثر من المسلمين العرب.
نبذة تاريخية عن تاريخ ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأوربية
يبدو أن أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم ظهرت إلى حيز الوجود في أوربا الغربية كانت بمبادرة من بيير المحترم Pie r re le véné r able ) ) رئيس دير كلوني (Cluny) المتوفى سنة 1156م الذي طلب من بيير الطليطلي Pie r re de Tolède أن يقدم له ترجمة لاتينية لمعاني القرآن الكريم. وقد نشرت هذه الترجمة في مدينة بال سنة 1543م، ثم نشرت بعد ذلك بقليل في مدينة زيورخ. وقد قال بلاشير([4]) عن هذا القس ما يلي: "وكان طلبه لترجمة القرآن (الكريم) استمرارا لروح الحروب الصليبية، ومن جهة أخرى لحاجته إلى ما يمحو به أية آثار ما زالت عالقة بذهن المسلمين الأسبان الذين تم تنصيرهم حديثا، ويبدو أن الترجمة التي تمت في مدينة طليطلة لم تكن أمينة بالمرة وكانت غير كاملة".
أما أول ترجمة فرنسية فقد أعدها في منتصف القرن السابع عشر أندريه دوريير And r é de r ye صلى الله عليه وسلم ([5]) وعن ترجمة دوريير الفرنسية هذه ترجم القرآن الكريم إلى الإنجليزية بواسطة ألكسندر روس A.. r oss عام 1649م، وإلى الهولندية بواسطة جلازماخر Glazemake r عام 1657م ([6]). ومن الترجمات الفرنسية ترجمة سافاري (Sava r y) الفرنسية التي حظيت برواج كبير في القرنين الماضيين. وقد نشرت هذه الترجمة في عامي 1783 م و 1951 م كما يبدو، وكذلك طبعت ترجمة كازيمرسكي Kasimi r skiفي عام 1840 م. ويقول موريس بوكاي([7]): "ويطغى على الترجمات الأولى التصرف الواسع بالنص، لأن همَّ المترجمين كان منصرفا إلى"محاربة البدعة" أكثر من اهتمامهم بدقة الترجمة ومطابقتها لمضمون القرآن الكريم". وقد بلغت ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية، حسب إحصائيات الأستاذ حميد الله في مقدمة ترجمته الآنفة الذكر، ستاً وثلاثين ترجمة، أكثرها ترجمات المستشرقين، من ضمنها ترجمة لمستشرقة كتبت على ترجمتها اسماً شبه مستعار([8]). وحاولت في ترجمتها أن تحذو حذو بلاشير في ترجمته، وأن تقتدي به في كثير من الأحيان، وهو ما جعلها تقع في أخطاء كثيرة.([9]) وقد كتبت ترجمتها
بتشجيع من لوي ماسينيون . Louis Massignon([10])(25/271)
وقد ظهر عدد كثير من هؤلاء المترجمين المستشرقين "في ثياب صديق" كأمثال جاك بيريك وريجيس بلاشير وغيرهما. فقد كان جاك بيريك عضوا بالمجمع اللغوي المصري، كما كان ريجيس بلاشير من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق !!! ولقد عانى القرآن الكريم الأمرّين من هذين " العضوين" في ترجمتيهما لمعانيه. وبما أن (ما لا يدرك كله لا يترك كله) سأحاول الإشارة في هذه العجالة إلى بعض الأخطاء أو المغالطات التي لاحظتها في ترجمة ريجيس بلاشير هذا العضو للمجمع العلمي العربي بدمشق.
فمن ريجيس بلاشير ؟
ريجيس بلاشير ( r égis Blachè r e) (1318-1393هـ = 1900-1973م) من أشهر مستشرقي فرنسا في القرن العشرين ومن أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق(!). ولد في مونروج (من ضواحي باريس). تعلم العربية في الدار البيضاء (بالمغرب) وتخرج في كلية الآداب في الجزائر (1922م) و عين أستاذاً في معهد الدراسات المغربية العليا في الرباط (1924- 1935م) وانتقل إلى باريس محاضرا في السوربون (1938م)، فمديراً لمدرسة الدراسات العليا العلمية (1942م) وأشرف على مجلة "المعرفة" الباريسية، بالعربية والفرنسية. وألف بالفرنسية كتبا كثيرة ترجم بعضها إلى العربية، ونجح في فرض تدريسها في بعض المعاهد الثانوية الفرنسية. من كتبه:
1 - ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية في ثلاثة أجزاء، أولها مقدمة القرآن الكريم. ثم نشر الترجمة وحدها في عام 1957م ثم أعيد طبعها عام 1966م.
2 - تاريخ الأدب العربي، نقله إلى العربية د. إبراهيم الكيلاني.
3 - قواعد العربية الفصحى.
4 - أبو الطيب المتنبي، نقله إلى العربية د. أحمد أحمد بدوي.
5 - معجم عربي فرنسي إنكليزي.
الفصل الأول
منهج بلاشير في الترجمة
1 - في عام 1949م قام ريجيس بلاشير بترجمة معاني القرآن الكريم. وفي الطبعة الأولى وضع ترتيب السور وفق نزولها، سيرا على نهج بعض المترجمين البريطانيين، وذلك بقصد تفسير التشريع على ضوء الوقائع التاريخية. ثم تخلى عن ذلك في الطبعات التالية بعدما اقتنع بعدم جدوى مخالفة ترتيب المصحف العثماني.
2 - ويذكر دائما في مقدمة السورة مصدر اسمها وآراء المفسرين المسلمين وغير المسلمين في مكيتها أو مدنيتها جزئيا أو كليا. لكنه يرجِّح آراء غير المسلمين في أغلب الأحيان، وقد يذكر معلومات أخرى عن السورة.
3 - ويترجم بعض الآيات مرتين أو أكثر، إذا رأى أن للآية أكثر من معنى.
4 - ويذكر في ترجمته رقمين للآية: الرقم الأول هو رقمها حسب طبعة فلوجل للمصحف الذي اعتمد في عدِّ آياته على ترقيم خاص به مخالف لما عليه علماء الأمة، والرقم الثاني رقمها حسب طبعة القاهرة. وقد أشار إلى ذلك في " التنبيه " الذي كتبه قبل مقدمة ترجمته قائلا([11]) إن: "الآية في ترجمته تحمل رقمين: الرقم الأول (أي رقم طبعة F lugel) هو الذي ما زال يستعمل غالبا في أوروبا، والرقم الثاني هو رقم طبعة القاهرة".
5 - اعتمد في ترجمته -كما يدعي- على أربعة تفاسير وهي: الطبري، والبيضاوي، والنسفي، والرازي. ولكن عند قراءة ترجمته يلاحظ أنه يرجح دائما آراء المستشرقين على ما جاء في هذه الكتب.
6 - ومن آرائه أنه يرى أن بعض الآيات إلحاقية نزلت متأخرة عن الآية السابقة لها. ويشير إلى هذه الآيات التي يراها متأخرة بطباعتها بطريقة خاصة تميزها عن الآيات الأخرى وذلك إما بطباعتها في الجانب الأيمن من الصفحة أو بطباعتها بحرف مائل. ومثال ذلك الآية 129 في سورة النساء ([12]).
7 - ويدَّعي في مواضع أن الآيات ناقصة، فيأتي بعبارات من التوراة ليستكمل بها هذا النقص المزعوم.
8 - كما قام بنقل بعض الآيات من أماكنها.
وقد وصف جاك بيرك ترجمة بلاشير هذه بقوله: "ترجمة بلاشير لها مزاياها، فهو من أفضل المستشرقين الأوربيين اطلاعاً وضلاعة في قواعد اللغة العربية وآدابها، ولكن من نواقصه أنه كان علمانياً، أي أنه لم يكن قادراً على تذوق المضمون الروحي للقرآن وأبعاده. … إن ترجمته للقرآن - على الرغم من مزاياها- فإن لها نواقصها، ولكنها تبقى من أفضل الترجمات القرآنية للقرآن مع ترجمة الجزائري حمزة بوبكر) ([13]).
موقفه تجاه القرآن الكريم
هدف المستشرقين في ترجماتهم لمعاني القرآن الكريم معروف. وهو محاربة القرآن الكريم بالقرآن الكريم نفسه. وذلك بما يبثون في ترجماتهم ومقدماتهم وحواشيهم من أكاذيب وافتراءات يحاولون بذلك إقناع القراء بأن القرآن الكريم من تأليف محمد e، لأنهم يرون أن ذلك يصيب الإسلام في الصميم. وتقع مقدمة([14]) الطبعة الأولى لترجمة بلاشير في 310 صفحة ضمنها عدة موضوعات، منها:
- تدوين القرآن الكريم.
- وصف للمصحف العثماني.
- انتقادات مثارة من خلال النص القرآني.
- الترجمات الأوربية.(25/272)
أما طبعة عام 1980م للترجمة المذكورة([15]) والتي نحن بصدد دراستها الآن، فلم تتجاوز مقدمتها عشر صفحات، حاول فيها تقسيم فترة النبوة المحمدية إلى أربع مراحل، ضمنها تحليلات وتعليقات مزيفة تهيئ ذهن القارئ لقبول ما يختلقه في ترجمته من افتراءات للنيل من القرآن الكريم. وسترى نماذج من هذه الافتراءات في الصفحات القادمة إن شاء الله.
وهذا يدل على ما بذله بلاشير - الذي هو من أشهر المستشرقين- من مجهودات مضنية لتحقيق هذا الهدف الاستشراقي.
بيان لآراء بلاشير في القرآن الكريم
1- التشكيك في أصالة ترتيب سور القرآن الكريم:([16])
ذكر بلاشير أنه: "لم تعد هذه النصوص القرآنية تظهر حسب تسلسل الوحي، لكن طبقا لتدرج طول سورها تنازليا. وبناء على ذلك يمكن القول إلى حد بعيد إننا نقرأ القرآن (الكريم) اليوم مقلوبا، لأن النصوص الأولى (يعني السور)، التي هي الأطول، هي على العموم آخرها وصولا إلى محمد e".اهـ فقد بدأ بلاشير بادئ ذي بدء بالتلميح إلى أن القرآن الكريم كان في البداية مرتبا حسب تسلسل النزول، أي كما سبق أن قام هو بترجمته مرتبا بحسب النزول، ثم تغير الترتيب حسب ترتيب طول السور تنازليا.
فرأيه هذا غير صحيح،فلم يتغير ترتيب سور القرآن الكريم لا تنازليا ولا تصاعديا، بل هو كما كان منذ عهد النبوة. فقد ثبت في كتب التفاسير والأحاديث الموثوقة أنه كان للنبي r كتبة يكتبون القرآن الكريم، يقول لهم: ضعوا آية كذا في مكان كذا في سورة كذا، وأنه كتب كل القرآن الكريم في حياته في الرقاع واللخاف طبقا لتوجيهاته عليه الصلاة والسلام.
2- زعمه أن القرآن الكريم من تأليفمحمد صلى الله عليه وسلم
ومن أقواله في ترجمته لدعم هذه الفرية:
أ - كتب في حاشية الصفحة 48 معلقاً على الآية: ]سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم[ (البقرة:142) ما يلي: "بقي (أي القدس) قبلة المسلمين مدة 16 أو 17 شهراً أي حتى يئس صلى الله عليه وسلم من ولاء إسرائيل ثم تحول إلى الكعبة". هذه إشارة واضحة إلى أن صلى الله عليه وسلم أمر بكل ذلك من تلقاء نفسه بدون وحي من السماء، لأن القرآن الكريم، كما يزعم، من تأليفه.
ب - وفي تعليقه في حاشية الصفحة 53 على هذا الجزء من الآية الكريمة ]فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة[ (البقرة:178)، قال: "في هذه الآية إقرار- بكل بساطة- للدية التي كانت سائدة في الجاهلية" ثم جاء بكلمات منمقة ليخفف من وطأة هذه التهمة الشنيعة التي يؤكد فيها تأثير حكم الجاهلية في الشريعة الإسلامية، متناسياً استهجان الإسلام الصريح لهذا الحكم في قول الله تعالى: ] أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون[ (المائدة:50).
ج - ما قال في مقدمة سورة الأنعام (ص151) من وجود آيات هامة في هذه السورة أدخلت عليها تعديلات بعد الهجرة إلى المدينة المنورة بزمن وجيز.
د - كما زعم في مقدمة سورة إبراهيم (ص 278-279) أن الآيات الخاصة بسيدنا إبراهيم في هذه السورة (أي من الآية الـ 38 إلى 42) هي بكل تأكيد نصوص قديمة تمَّ تنقيحها بالمدينة المنورة.
هـ- ومن تخميناته السخيفة في حاشية الصفحة 484 ما قال في قوله تعالى: ]…وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم … [ (ص:24) من أن هذا الجزء الذي يمكن عدُّه تفكيراً لداود u حسب زعمه، أضيف إلى الآية مؤخراً ليكون عبرة مستخلصة من القصة.
و - وفي الصفحة 664 استدل بطول الآية الثالثة نسبياً في سورة العصر على أن هذه الآية ضمت مؤخراً.
3 - إيهامه بأن القرآن الكريم تأثر باليهودية والنصرانية
أ - قال في حاشية الصفحة 69 معلقا على قوله تعالى: ] أو كالذي مر على قرية [(البقرة:259) "إن هذه القصة مطابقة للأسطورة المنتشرة جداً في الشرق وفي الثقافة اليهودية النصرانية".
ب - علق في حاشية الصفحة 589 على الآيتين الكريمتين (23 و24:الحشر) بأنهما تذكّران بالتأبينات اليهودية قلبا وقالبا.
4 - زعمه أن بعض الآيات في غير محلها
أ- وصلت به الجرأة على كتاب الله العزيز إلى أن قال في حاشية الصفحة 96: إن قوله تعالى] فأثابكم غما بغم[ (آل عمران:153) قد تغير مكانه في الآية! ثم تقدم باقتراحين، أولهما: وضعه على رأس الآية لتكون كما يلي: (فأثابكم غما بغم إذ تصعدون ولا تلوون على أحد…)، والثاني: وضعه على رأس الآية 154 فتكون كما يلي: (فأثابكم غما بغم ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا…).(25/273)
ب - ومن غرائب أعماله الشنيعة ما قام به في الصفحة 478 من تغيير مكان هاتين الآيتين:} فنظر نظرة في النجوم * فقال إني سقيم[ (الصافات:88، 89). فقد غيَّر مكانهما بالفعل ووضعهما بعد الآية 99 فكان الترتيب كما يلي: (وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم رب هب لي من الصالحين….) ثم قال في الحاشية، بعد ما استبعد صحة أقوال المفسرين، إن قبول هذا التغيير يجعل تتمة القصة الثانية سليمة.
5- اتهام المفسرين بتغيير معنى بعض الآيات طبقا للجو السياسي
أ- وزعم أيضا في حاشية الصفحة 305 معلقا على قوله تعالى: ]سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى[ (الإسراء:1) أن المسلمين الذين عاصروا صلى الله عليه وسلم (أي الصحابة رضي الله عنهم) كانوا يرون -فيما يبدو- أن المراد من المسجد الأقصى مسجد في السماء([17])، وأن الإسراء يعني المعراج أي الصعود في السماء، ولكن في عهد الأمويين كانت هناك محاولة لتجريد مكة المكرمة من مركزها الفريد عاصمةً للإسلام، وتبعا لذلك لم يعد المسجد الأقصى مسجدا سماويا لكنه صار يعني مدينة في دولة يهودية.
6 - الاعتماد على القراءات الشاذة لغرض في نفسه
أ - ومن مزاعمه ما قال في حاشية الصفحة 429 معلقا على قوله تعالى:
]الم * غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون [ (الروم:1-3). فقد جاء بقراءتين:
أولاهما: (غُلِبت) بصيغة المبني للمجهول. اعترف في البداية بإجماع كل القراء تقريبا على هذه الصيغة. ثم جاء باعتبارات تاريخية (معتمدا في ذلك على آراء استشراقية) مفادها استبعاد صحة معنى قراءة "غلبت" بالمبني للمجهول.
والقراءة الثانية (غَلَبت) بصيغة المبني للمعلوم. وبعد ما استبعد أن يكون المراد هنا انتصار الروم على فارس في عام 624م، أضاف،بعد كلام، أنه يمكن التفكير في أنها (أي الآيات المذكورة) جاءت لرفع معنويات المسلمين بعد هزيمتهم في غزوة مؤتة بينهم وبين البيزنطينيين عام 8هـ (630م). والخبر، في هذه الحالة، ينم عن عداوة ضد الروم.
7 - اعتماده على رواية غير ثابتة
للإساءة إلى القرآن الكريم
أ - ومما يدل على تصميمه على النيل من القرآن الكريم: قيامه عند ترجمة معاني سورة النجم في الصفحة 561 بإضافة (وإنها الغرانيق العلى وإن شفاعتهنَّ لترتجى) بعد الآية الـ 20 بدون تعليق([18]). فقد جعل هاتين الجملتين آيتين في القرآن الكريم. وكان عند تعليقه في الصفحة نفسها على قوله تعالى: ]عند سدرة المنتهى[ (النجم:14) قد جاء ببعض ما قال المفسرون ثم أيد ما زعم أنه توصل إليه كايتانيCaetani وهو أن "المنتهى" مكان معلوم قرب مكة المكرمة، وأن المراد بقوله تعالى: ]إذ يغشى السدرة ما يغشى [ (النجم:16) هو: الفصل الذي يغشى السدرة فيه ما يغشى من الثمار العنبية.
8 - النيل من شخص النبي صلى الله عليه وسلم
أ - ومن مزاعمه المغرضة تعليقه في حاشية الصفحة 584 على قوله تعالى:
]يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة[ (المجادلة:12) من أنه لم يذكر اسم المستفيد أو المستفيدين من هذه الصدقة، وأنه ليس من المستبعد أن يكون المستفيد محمدا r بصفة كونه رئيسا للأمة.([19])
ب - وفي تعليقه في حاشية الصفحة 655 على قوله تعالى: ] ألم نشرح لك صدرك [(الشرح:1) قال: "أدت هذه الآية إلى صياغة الأسطورة القائلة إنه جاء ملك إلى صلى الله عليه وسلم وهو في سن الصبا وفتح صدره وأخرج قلبه ثم غسله فملأه بالإيمان والتقوى".
9 - تغيير ترتيب كلمات وإقحام كلمات في الترجمة للإساءة إلى أسلوب القرآن الكريم
أ - وأحيانا يغير ترتيب كلمات بعض الآيات مع إضافة كلمات أخرى عند ترجمتها ليبث بعض سمومه، كما فعل في الآية الكريمة التالية: ]زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب [ (آل عمران:14) فقد ترجم أول هذه الآية الكريمة في الصفحة 77 كما يلي: Pou r les hommes, ont été pa r és ( de fausses appa r ences ) l'amou r des voluptés ti r ées des femmes, ( l'amou r ) des fils, ……….. أي: "للناس زينت (المظاهرالكاذبة) من حب الشهوات المستخرجة من النساء (حب) البنين والقناطير…" إلى آخر الآية.فقد استعمل كلمة "حب" مرتين وأقحم كلمة "المستخرجة" في الترجمة ليوهم القارئ أن القرآن الكريم يستعمل العبارات النابية المستهجنة متناسيا في ذلك ما جاء في قوله تعالى: ]لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم [ (النساء:148).
10 - افتعال بعض الأخطاء لغرض في نفسه(25/274)
19 - و في الصفحة الـ 657، ترجم ] اقرأ باسم ربك الذي خلق [ (العلق:1) كما يلي: " P r êche au nom de ton Seigneu r qui c r éa !" أي: (عظ باسم ربك الذي خلق) وهذا يعني أن معنى القراءة الوعظ. ثم قال في الحاشية ما يلي: " "اقرأ" معناه "عِظ" ليس معناه " اقرأ " كما يترجم غالبا" انتهى كلامه. أليس الغرض من هذه الترجمة المفتعلة الكاذبة التشكيك في اهتمام القرآن الكريم بالعلم الذي لا يُنال إلا بالقراءة ؟ " وإلا فلماذا لم يترجم كلمة " اقرأ " في ]اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا[ (الإسراء:14) كما ترجمها في سورة العلق ؟ فقد ترجمها هنا بكلمة Lis أي "اقرأ". وقد أشار د. موريس بوكاي في كتابه " القرآن الكريم والعلم العصري " المترجم إلى العربية (صفحة الترجمة 131) إلى الازدواجية الخبيثة المماثلة التي استعملها في ترجمة كلمة " أزواجا " في سورتي الرعد ويس.
11- بث السموم للتشكيك في أصالة النص القرآني:
فمن ذلك:
أثبت العبارة التالية: en son état actuel أي (في وضعه الحالي)، كأن النص القرآني انتقل من وضع سابق إلى وضعه الحالي (انظر أول سور: النساء، والحجر، والزمر، وعلى حاشية الصفحتين 76 و 289 وفي الصفحة 436). وسبق أن زعم بلاشير أن ([20]): (تدوين القرآن الكريم كان جزئيا وناتجا عن جهود فردية ومثارا للاختلاف). لكن الحقيقة التي يشهد بها التاريخ الصحيح هو أن ([21]): "الواقع الذي عليه المسلمون منذ أربعة عشر قرناً هو تمسكهم الشديد بالمحافظة على الوحي القرآني لفظاً ومعنى، وليس ثمة مسلم يستبيح لنفسه أن يقرأ القرآن بأي لفظ شاء ما دام يحافظ على المعنى. وليبحث المستشرقون اليوم في أي مكان في العالم عن مسلم يستبيح لنفسه مثل ذلك وسيعييهم البحث، فلماذا إذن هذا التشكيك في صحة النص القرآني وهم يعلمون مدى حرص المسلمين في السابق واللاحق على تقديس نص القرآن لفظاً ومعنى؟ إنهم يبحثون دائماً -كما سبق أن أشرنا - عن الآراء المرجوحة والأسانيد الضعيفة ليبنوا عليها نظريات لا أساس لها من التاريخ الصحيح ولا من الواقع. فنحن المسلمين قد تلقينا القرآن الكريم من الرسول e، وهو بدوره تلقاه وحياً من الله. ولم يحدث أن أصاب هذا القرآن أي تغيير أو تبديل على مدى تاريخه الطويل. وهذه ميزة فريدة انفرد بها القرآن وحده من بين الكتب السماوية كافة، الأمر الذي يحمل في طياته صحة هذا الدين الذي ختم به الله سائر الديانات السماوية".
الفصل الثاني
ضعف بلاشير في اللغة العربية
هذه الأمثلة غيض من فيض، أما الأخطاء النحوية واللغوية في هذه الترجمة فحدث عنها ولا حرج. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه ما من شك في تمكن بلاشير من اللغة الفرنسية. أما ما يخص اللغة العربية، فالمفروض، بصفة كونه عضواً في المجمع العلمي العربي بدمشق، أن يكون متمكناً منها. إلا أن ترجمته لكثير من الآيات تؤكد عكس ذلك. فالأخطاء متفشية في كل صفحات ترجمته. وهذا يؤكد ما كتبته الدكتورة زينب عبد العزيز في كتابها " ترجمات القرآن إلى أين؟ (وجهان لجاك بيرك) من أنه([22]) "… أثبتت الدراسات التي قام بها العلماء العرب والمسلمون بأن أولئك المستشرقين الذين يدعون فهم العربية، هم في الحقيقة لا يحسنونها.. وعلى الرغم من هذا الجهل الواضح بالعربية -مع أنها أداة العمل العلمي الرئيسة-، فهم يصدرون أحكاما مغرضة من حيث الشكل والمضمون وأمانة تنزيه القرآن، وذلك فيما يكتبونه من مقدمات علمية ليست في الواقع سوى معاول هدم متعددة الأوجه، تدور حول محور أساسي واحد هو: زعم أن القرآن عقبة في سبيل ارتقاء الأمم الإسلامية!! وذلك بعينه هو ما كان يردده اللورد كرومر في كتابه في مطلع هذا القرن (أي: القرن الماضي) وبناء على آراء مستشاريه من المستشرقين: "أن القرآن هو المسؤول عن تأخر مصر في مضمار الحضارة الحديثة" أو "لن يفلح الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة ويغطى به القرآن" اهـ.
وسنعالج هذه الأخطاء في مبحثين. ففي المبحث الأول نذكر بعض أخطائه في المسائل النحوية، وفي الثاني بعض أخطائه في المسائل اللغوية.
المبحث الأول
من الأخطاء النحوية
1- ترجم قوله تعالى: } وما كنتم تكتمون [ (البقرة:33) كما يلي: ce que vous tenez sec r et فقد أسقط ترجمة "كنتم" والصحيح ce que vous teniez sec r et بوضع حرف "I" بين n و e في كلمة " tenez". وهذا الحرف يحل محل " كنتم " في مثل هذا الفعل في اللغة الفرنسية .
2 - ترجم قوله تعالى: ]وتنسون أنفسكم [ (البقرة:44) كما يلي: Alo r s que vous-mêmes ( l' ) oubliez معنى هذه الترجمة: (وأنتم بأنفسكم تنسونه) فقد جعل كلمة (أنفسكم) تأكيدا لضمير الجمع في لفظ (وتنسون)، مع أنها مفعول به منصوب وعلامة نصبه فتحة ظاهرة في آخره. لو كان تأكيدا لكان مرفوعا؛ لأن واو الجماعة في (وتنسون) ضمير مبني في محل رفع فاعل، والتأكيد يتبع المؤكد في إعرابه. والصحيح Vous-vous oubliez.(25/275)
3 - ترجم قوله تعالى ] اهبطوا مصرا [ (البقرة:61) كما يلي: Descendez en Egypte أي (اهبطوا مصر) البلد المسمى حالياً بـ: (جمهورية مصر العربية). فقد جعل كلمة (مصر) علماً لهذا البلد المعروف، في حين أن هذه الكلمة نكرة؛ لأنها منصوبة بفتحتين وتعني مصراً غير معينّ، أي اهبطوا أيّ مصر، وهذا ما رجحه الإمام الطبري([23]) وبناء على ذلك فإن الترجمة الصحيحة كما يلي Descendez dans n'impo r te quelle ville.
4 - ترجم قوله تعالى: ]حتى يأتي الله بأمره[ (البقرة:109) كما يلي Jusqu'à ce que Dieu vienne avec Son o r d r e أي (حتى يأتي الله مع أمره). ويبدو أنه لا يعلم أو لم يدرك أن حرف الباء يستعمل في تعدية الفعل اللازم كما جاء في هاتين الآيتين الكريمتين: ]فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بهامن المغرب[ (البقرة:258) و ]إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد[ (فاطر:16). فالترجمة الصحيحة كما يلي Que Dieu fasse veni r son o r d r e..
5 - ترجم قوله تعالى ]وأن تصوموا خير لكم[ (البقرة:184) كما يلي: Jeune r est un bien pou r vous أي (والصوم حسن لكم).وهذا خطأ، لأن كلمة (خير) هنا اسم تفضيل([24]). وبناء على ذلك فإن الترجمة الصحيحة كما يلي Il vaut mieux pou r vous de jeune صلى الله عليه وسلم
6 - ترجم لفظ " المساجد" في قوله تعالى ] ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد [ (البقرة:187) كأنه مفرد، ثم أضاف لفظ sac r ée أي "الحرام" كأن المراد هنا هو المسجد الحرام. وأشير هنا إلى أن مثل هذه الإضافات التي تخل بالمعنى أو تجعله غامضا متفشية في هذه الترجمة.
7 - في قوله تعالى ] وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها [ (البقرة:205) ترجم عبارة "وإذا" الشرطية بعبارة qui أي "الذي" الموصولة، فجاءت ترجمته كما يلي: qui ( te ) tou r ne le dos أي الذي يتولى..الخ. والترجمة الصحيحة لحرف الشرط "وإذا" كما يلي et quand وباستعمال هذه الترجمة الصحيحة مع إضافة il قبل عبارة s'éve r tue يستقيم المعنى ويتضح ويكون مطابقا لمعنى الآية الكريمة.
8 - ترجم قوله تعالى ]ستذكرونهن[ (البقرة:235) كما يلي Que vous songez à ( ces femmes ) أي (تذكرونهن)، حذف ترجمة معنى حرف التسويف "س". فالترجمة الصحيحة كما يلي Que vous allez songe r ……. . 9 - وكذلك ترجم " ستدعون " في قوله تعالى ] ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد [ (الفتح:16) كما يلي vous êtes appelésأي "تدعون". فقد حذف ترجمة سين التسويف، والترجمة الصحيحة كما يلي
vous se r ez appelés
10 - قوله تعالى ] والكافرون هم الظالمون [ (البقرة:254) ربط هذا الجزء من الآية بالذي قبله بأداة وصل وضعها بين قوسين، ولم يراع فيه علامة الوقف الجائز التي تدل على كون الوقف أولى، كما استعمل se r ont مكان sont فكانت ترجمة معاني الآية كما يلي: (قبل أن يأتي يوم لابيع فيه… ويكون الكافرون فيه الظالمين). الصحيح هو أن تحذف أداة الوصل où وتوضع كلمة sont في مكان كلمة se r ont.
11 - ترجم قوله تعالى ] يرونهم مثليهم رأي العين [ (آل عمران: 13) كما يلي A vue d'oei, ils se voyaient à nomb r e égal أي "رأي العين كانوا يتراءون في عدد مماثل" فقد ترجم "مثليهم" كأنه مفرد، وذلك لأنه لا يعلم -كما يبدو- وجوب حذف نون المثنى ونون جمع المذكر السالم للإضافة. وعلاوة على ذلك، ترجم "يرونهم" بـ "يتراءون" وهذا خطأ، فالترجمة الصحيحة كما يلي: à vue d'oeeil, ils les voyaient deux fois plus nomb r eux qu'eux.
12 - قوله تعالى ] ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين [ (آل عمران:97) علق في الحاشية على "ومن كفر" بقوله إن "الجملة بقيت معلقة". والصحيح أن الجملة كاملة تماما، ويتبين ذلك في إعراب الآية المذكورة وهو كما يلي: "ومن": أداة الشرط، "كفر" فعل الشرط ، وجملة "فإن الله غني عن العالمين" جواب الشرط، لذلك بدأت بالفاء؛ فإن جواب الشرط يقترن بالفاء إن كان جملة اسمية.
13 - قوله تعالى ] ألا بذكر الله تطمئن القلوب [ (الرعد:28) اعتبر كلمة "ألا" كأنها مركبة من همزة الاستفهام و "لا" النافية، مع أنها حرف تنبيه. فجاءت ترجمته كما يليpa r l'édification d'Allah les coeu r s ne se t r anquilisent-ils point ? أي "بذكر الله أليست القلوب تطمئن؟" وكذلك ترجم كلمة "ألا" في قوله تعالى في كل من ] ألا إنهم هم المفسدون …. ألا إنهم هم السفهاء (البقرة:12 و13)، … ألا لله الدين الخالص… ألا هو العزيز الغفار … ألا ذلك هو الخسران المبين[ (الزمر:3 و5 و15) .
14 - ترجم قوله تعالى ] لتبلون في أموالكم وأنفسكم [ (آل عمران:186) كما يلي: Nous vous ép r ouve r ons dans vos biens et vos pe r sonnes أي "لنبلونكم في….." فقد جعل "لتبلون" مبنيا للمعلوم وهو مبني للمجهول، كما جعل نائب فاعله مفعولا به واخترع من تلقاء نفسه فاعلا غير موجود في النص، وهو ضمير المتكلم المعظم نفسه أو معه غيره. الحاصل أنه لم يفهم (لتبلون) فجعله (لنبلونكم) وترجم الآية في ضوئه. فالترجمة الصحيحة كما يلي Vous se r ez ép r ouvés.(25/276)
15 - ترجم (أن تجعلوا) في قوله تعالى ] أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا [ (النساء:144) كما يلي qu'ils donnent أي (أن يجعلوا): كأن الضمير لجمع المذكر الغائب، وهذا خطأ فالضمير لجمع المذكر المخاطب. فالترجمة الصحيحة كما يلي voud r iez-vous que vou donniez ( ou voud r iez- vous donne r ).
16 - ترجم قوله تعالى ] لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك [ (المائدة:28) كما يلي Assu r ément, si tu po r tes la main su r moi tu me tue r as, ( ca r ) moi, je ne po r te r ai point la main su r toi pou r te tue r أي (لئن بسطت إلي يدك لقتلتني (لأنه) ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك)، والصحيح كما يلي Assu r ément,
si tu po r tes la main su r moi pou r me tue r , moi,je ne po r te r ai pas la main su r toi pou r te tue r يبدو أن المترجم عدَّ اللام في (لتقتلني) مفتوحة وجوابا للقسم ولم ينتبه لعدم وجود نون التوكيد التي تجب في آخر مثل هذا الفعل. ولم يعلم أيضا أن (ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك) جواب القسم بل عدَّه جملة مستقلة، لذلك أضاف (لأنه) في أوله.لم يدخل حرف الفاء على (ما أنا) لأنه جواب القسم.
17 - قوله تعالى ] من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم[ (الأنعام:54) عد الشرط هنا معلقا، مع أن جواب الشرط مذكور (انظر الرد علىما قال في الآية 97 من سورة آل عمران ).
18 - ترجم قوله تعالى ]لست مرسلا[ (الرعد:43) في صيغة استفهامية بدلاً من صيغة نفي، كما يليN'es-tu pas un Envoyé ? أي "ألست مرسلا"؟، ربما عدَّ الألف الزائدة في آخر كلمة "كفروا" كأنها همزة استفهام، فقرأ كما يلي "ويقول الذين كفرو ألست مرسلا" بدلا من ]ويقول الذين كفروا لست مرسلا[ (الرعد:43)، فالترجمة الصحيحة كما يلي:Tu n'es pas un Envoyé..
19- ترجم " الخيل والبغال والحمير" في قوله تعالى ] والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة[ (النحل:8) كما يلي le cheval, le mulet, l'âne أي "الفرس والبغل والحمار" فقد عد كلا منها مفردا مع أنه جمع.
20 - ترجم قوله تعالى: ] ويوم يحشرهم [ (الفرقان:17) كما يلي le jou r où ( les impies ) se r ont r eunis أي: "ويوم يحشرون" أي ترجم الفعل كأنه مبني للمجهول مع أنه مبني للمعلوم.
21 - ترجم قوله تعالى ]قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء [ في الآية 18 من سورة الفرقان كما يلي:
(les faux dieux) r épond r ont: Gloi r e à Toi ! il ne convenait pas à nous qu'en deho r s de Toi nous fussions p r is comme des pat r ons
أي: "قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نُتخَذ من دونك أولياء". فقد ترجم " أن نَّتَّخِذَ " كأنه فعل مبني للمجهول مع أنه -في المصحف الذي ترجم منه- مبني للمعلوم. فالترجمة الصحيحة كما يلي:
….Gloi r e à Toi ! il ne convenait pas à nous de p r end r e en deho r s de Toi des pat r ons…
22 - ترجم قوله تعالى ] الملك يومئذ الحق للرحمن [ (الفرقان:26) كما يليLe r oyaume, ce jou r -là, ( et ) la vé r ité appa r tiennent au Bienfaiteu r أي "المملكة يومئذ والحق للرحمن" فقد جعل كلمة "الحق" معطوفا على كلمة "المملكة" مع أنه نعت له. والخطأ الثاني هنا أنه ترجم "الملك" ب صلى الله عليه وسلم oyaume أي "المملكة" والصواب " r oyauté "، فالترجمة الصحيحة كما يلي .Ce jou r -là la v r aie r oyauté appa r tient au Bienfaiteu صلى الله عليه وسلم
23 - ترجم قوله تعالى ] يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا[ (الفرقان:69) كما يلي: pou r lequel le Tou r ment se r a pou r lui doublé au jou r de la r ésu r rection , et pou r lequel il r este r a أي "للذي يضاعف له العذاب يوم القيامة وللذي يخلد..". يجب حذف pou r lequel أي "للذي" في كلا الموضعين، لأنهما زيادتان بدون فائدة، لتكون الترجمة كما يلي: le tou r m r nt se r a doublé pou r lui le jou r de la r ésu r rection et il r este r a .
24- ترجم "ستدعون" في قوله تعالى ] ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد[ (الفتح:16) كما يلي: vous êtes appelés أي "تدعون" حذف معنى سين التسويف، فالترجمة الصحيحة كما يلي: vous se r ez appelés.
25 - ترجم "يقولون" في قوله تعالى ]أم يقولون نحن جميع منتصر[ (القمر:44) كما يلي di r ez-vous أي "ستقولون" فقد جعل ضمير الفعل لجمع المذكر المخاطب، وهذا خطأ، فالضمير لجمع المذكر الغائب. كما أضاف سين التسويف، والصحيح حذف هذا الحرف، فالترجمة الصحيحة.disent-ils.
26 - ترجم قوله تعالى ]والساعة أدهى وأمر[ (القمر:46) كما يلي O r l'Heu r e est t r ès c r uelle et t r ès amè r e أي "والساعة شديدة الدهاء وشديدة المرارة". فلم يراع في الترجمة معنى أفعل التفضيل فجاء محله كلمتا "الدهاء" و"المرارة"، لذلك يجب أن تكون الترجمة كما يلي: plus c r uelle et plus amè r e.
27 - ترجم "وأكيد" في قوله تعالى ]وأكيد كيدا[ (الطارق:16) كما يليj'ou r di r ai أي "سأكيد" أي زاد سين التسويف من تلقاء نفسه. والصحيح إحلال S مح صلى الله عليه وسلم ai لتكون الكلمة كما يلي j'ou r dis.
المبحث الثاني
من الأخطاء اللغوية(25/277)
1 - ترجم قوله تعالى: ]ويستحيون نساءكم[ (البقرة:49) كما يلي: Et couv r aient de honte vos femmes أي "يغطون بالحياء نساءكم" ظنا منه أن "يستحيون" من الحياء، و الراجح أنه من الحياة كما جاء في الطبري. فالترجمة الصحيحة كما يلي: laissaient vivantes vos femmes.
2 - ترجم "عند ربكم" في قوله تعالى: ] أويحاجوكم عند ربكم [ (آل عمران:73) كما يلي qui touche vot r e Seigneu r أي "الذي يمس ربكم" والصحيح كما يلي aup r ès de vot r e Seigneu صلى الله عليه وسلم
3 - ترجم قوله تعالى: ] وإذ جعلنا البيت مثابة [ (البقرة:125) كما يلي Quand nous fimes du Temple ( de la Mekke ) أي "معبد (مكة)". فقد ترجم "البيت" بـ "المعبد" ثم أضاف إليه اسم مكة المكرمة من تلقاء نفسه ! والصحيح هو كما يلي Quand nous fimes de la Maison مع كتابةM بالحرف الكبير، لأن المراد بالبيت هنا بيت الله الحرام.
4 - ترجم "الصالحين" في قوله تعالى: ] وإنه في الآخرة لمن الصالحين[ (البقرة:130) كما يلي saints أي "القديسين" والصحيح ve r tueux.
5 - ترجم قوله تعالى: ]وإن كانت لكبيرة[ (البقرة:143) كما يلي C'est là un g r and péché أي "هنا إثم كبير". والصحيح C'était v r aiment difficile.
6 - ترجم قوله تعالى: ] يأت بكم الله جميعا [ (البقرة:148) كما يلي Dieu ma r che r a avec vous ensemble أي "يمشي الله معكم جميعا". والصحيح Dieu vous r amene r a tous.
7 - ترجم قوله تعالى:] ما بين أيديهم وما خلفهم [ (البقرة:255) كما يلي ent r e les mains des (hommes) et de r riè r e eux فقد ترجم "ما بين أيديهم" ترجمة حرفية،كما ترجم ضمير جمع المذكر "هم" بـ "الناس" مع أن هذا الضمير يشمل أيضا الجن والملائكة وغيرهم، فجاءت ترجمتها كما يلي "ما بين أيدي الناس" والترجمة الصحيحة كما يلي devant eux et de r riè r e eux.
8 - كرر الخطأ نفسه في ترجمة ] ما بين أيديهم وما خلفهم [ (طه:110).
9 - ترجم قوله تعالى: ] نؤته منها [ (آل عمران:145) كما يلي Nous lui en donne r ons une pa r t أي "نؤته منها نصيبا". فكلمة "نصيبا" غير موجودة في النص ولا حاجة إلى إضافتها، بل يجب التقيد بالنص القرآني هنا تماما بدون أي إضافة، لأن ذلك يأتي بالمعنى الصحيح بكل وضوح.
10 - أثبت ترجمتين لقوله تعالى: ] وشاورهم في الأمر[ (آل عمران:159) مرتين كما يلي consulte-les donc ( déso r mais) su r toute affai r e أي "شاورهم (من الآن فصاعدا) في الأمركله"، والثانية: كما يلي consulte-les donc su r cette affai r e أي "شاورهم في هذا الأمر" والصحيح حذف "من الآن فصاعدا" من الأولى وحذف "هذا" من الثانية، لتكون الترجمة كما يلي Consulte-les su r toute affai r e.
11 - ترجم قوله تعالى: ]الذين قالوا لإخوانهم [ (آل عمران:168) كما يلي ( Ce sont ceux-là ) qui ont dit de leu r s f r ères أي "(هؤلاء هم) الذين قالوا في إخوانهم" وهذا خطأ. فالترجمة المطابقة للنص هي حذف عبارة ce sont ceux-là واستعمال حرف à مكان de وبذلك تكون الترجمة كما يلي qui ont dit à leu r s f r ères .
12 - ترجم قوله تعالى: ]حتى يأتينا بقربان[ (آل عمرن:183) كما يلي avant qu'il nous impose une oblation أي "قبل أن يفرض علينا قربانا". فقد ترجم "يأتينا" بـ nous impose أي "يفرِض علينا". فالترجمة الصحيحة كما يلي avant qu'il nous appo r te une oblation..
13 - ترجم قوله تعالى: ]من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض [ (آل عمران:195) كما يلي soit homme, soit femme: vous pa r ticipez les uns des aut r es أي "من ذكر أو أنثى، تساهمون بعضكم من بعض". يبدو كأنه تعمد إدخال كلمة vous pa r ticipezأي "تساهمون" هنا ليفسد على القارئ المعنى الجميل الذي تشتمل عليه هذه الآية الكريمة، والله أعلم. والترجمة الصحيحة كما يلي: homme ou femme, ca r vous êtes les uns des aut r es..
14 - ترجم قوله تعالى: ] ثم مأواهم جهنم [ (آل عمران:197) كما يلي puis, pou r refuge, Géhenne أي "ثم للمأوى جهنم" هذه ترجمة غامضة. والترجمة الواضحة كما يلي: puis leu r refuge se r a Géhenne .
15 - ترجم قوله تعالى: ]واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام [ (النساء:1) كما يلي Soyez pieux enve r s Allah à p r opos duquel vous vous inte r rogez! ( r espectez ) vos liens de consanguinité فقد ترجم "تساءلون" كأنه سؤال استفهام، لا سؤال طلب ورجاء. فالأحسن أن نستعمل كلمة inte r rogez مكان implo r ez. .
16 - ترجم قوله تعالى: ] فإن خفتم ألاتعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم [ (النساء:3) كما يلي Si vous c r aignez de n'êt r e pas équitables, ( p r enez-en ) une ou des concubines أي "فإن خفتم ألا تعدلوا (فخذوا منهن) واحدة أو خدينات" كلمة concubines أي "خدينات" غير صحيحة. والترجمة الصحيحة ……….une seule, ou des esclaves que vous possedez.(25/278)
17 - ترجم قوله تعالى: ]وعاشروهن بالمعروف[ (النساء:19)كما يلي usez-en avec elles de la maniè r e r econnue ( convenable ) أي (استخدموه (أو تمتعوا به) معهن بالمعروف). والترجمة الصحيحة كما يلي Et compo r tez-vous convnablement avec elles.
18 - ترجم قوله تعالى: ] فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله [ (النساء:34) كما يلي: Les (femmes) ve r tueuses font o r aison ( qânit ) et p r otègent ce qui doit l'êt r e ( ? ) du fait de ce qu'Allah consigne ( ? أي "( النساء ) الصالحات يفعلن العبادة ويحفظن ما يجب حفظه ( ؟ ) بما حفظ الله ( ؟ )" كذلك ترجم مع علامتي استفهام، قاصدا بذلك أن المعنى غير واضح. والمعنى واضح تماما، والترجمة الصحيحة كما يلي: Les femmes ve r tueuss obéissent et ga r dent le sec r et g r âce à la p r otection de Dieu .
19 - ترجم قوله تعالى: ] والجار ذي القربى والجار الجنب[ (النساء:36) كما يلي au client pa r pa r enté, au client pa r p r omiscuité أي "الزبون ذي القربى والزبون بالاختلاط". الترجمة الصحيحة كما يلي voisin p r oche pa r pa r enté et le voisin lointain.
20 - ترجم "الشهداء" في قوله تعالى: ] من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين[ (النساء:69) كما يليtémoins أي "شهود" والترجمة الصحيحة كما يلي ma r ty r es.
21 - كذلك ترجم "شهيدا" بـ témoin في قوله تعالى: ] إذ لم أكن معهم شهيدا[ (النساء:72) والصحيح كما يلي p r ésent. أي "حاضرا ".
22 - ترجم "الصيد" في قوله تعالى: ] غير محلي الصيد[ (المائدة:1) كما يلي le gibie r ( tué ) أي "قنيصة (مقتولة)". ينبغي استعمال عبارة le gibie r ) tué) بكلمة la chasse أي" ممارسة الصيد".فتكون الترجمة كما يلي Ne conside r ez point la chasse comme licite…...
23 - ترجم قوله تعالى: ] إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك[ (المائدة:29) كما يلي Je veux que tu confesses ton c r ime أي "أريد أن تعترف بإثمك". والصحيح كما يلي je veux que tu pa r tes avec le péché de m'avoi r tué et avec ton p r op r e péché.
24 - ترجم "الشهادة" في قوله تعالى: ] وستردون إلى عالم الغيب والشهادة[ (التوبة:105) كما يليtémoignage أي: ترجم "الشهادة" هنا كما ترجمها في ] ولا تكتموا الشهادة[ (البقرة:283)، مع أن معناها هنا كما يلي visible .
25 - ترجم قوله تعالى: ]اخرج عليهن [ (يوسف:31) كما يليEnt r e aup r ès d'elles أي "ادخل عليهن". والصحيح كما يلي So r s devant elles.
26 - ترجم " نأتي الأرض " في قوله تعالى: ] أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها[ (الرعد:41) كما يلي Nou f r appons la te r re أي "نضرب الأرض"، والصحيح كما يلي Nous venons à la te r re.
27 - ترجم "رواسي" في قوله تعالى: ] وألقينا فيها رواسي [ (الحجر:19) كما يلي cimes أي "قمماً" في حين ترجم الكلمة نفسها في قوله تعالى: ]وألقى في الأرض رواسي[ (النحل:15) بالترجمة الصحيحة وهي montagnes immobiles أي "(جبالاً) راسيات".
28 - ترجم "المستقدمين" و "المستأخرين" في قوله تعالى: ] ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين [ (الحجر:24) كما يلي ce qui se p r essent en avant et ceux qui se p r essent en a r riè r e أي "الذين يبادرون إلى الأمام والذين يبادرون إلى الوراء". الترجمة الملائمة كما يليCeux qui sont passés en avantt et ceux qui viennent en a r riè r e أي "الذين مضوا في المقدمة والذين يأتون في المؤخرة".
29 - ترجم " ظالمين" في قوله تعالى: ] وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين[ (الحجر:78) بـinsolents أي "وقحين" والصحيح. Injustes
30 - ترجم قوله تعالى: ] ولا حرمنا من دونه من شيء [ (النحل:35) كما يليNous n'au r ions r ien décla r é sac r é en deho r s de Lui أي "ولا قدَّسنا من دونه من شيء". والصحيح Nous n'au r ions r ien inte r dit en deho r s de Lui.
31 - في الآية الخامسة من سورة النحل ترجم كلمة ] الأنعام[ بـchameaux أي "الجمال"، والصحيح les bestiaux.
32 - وترجم كلمة "دفء" في الآية المذكورة آنفا بـ vêtu r e أي "مراسيم الاحتفال بلبس الملابس الرهبانية"، والترجمة الصحيحة كما يلي r echauffement.
33 - ترجم قوله تعالى: ] جعل لكم من أنفسكم أزواجا[ (النحل:72) كما يلي Allah vous a donné des épouses nées pa r mi vous أي "آتاكم الله أزواجا مولودة فيما بينكم" والصحيح كما يلي: Dieu vous a fait des épouses à pa r ti r de vous-mêmes .
34 - ترجم "الحمد لله" في قوله تعالى: ] الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون [ (النحل:75) كما يلي A Dieu ne plaise أي "حاش لله". والصحيح كما يلي Louange à Dieu.
35 - ترجم "من بيوتكم" في قوله تعالى: ] والله جعل لكم من بيوتكم سكنا[ (النحل:80) كما يليde vos tentes أي "من خيامكم" والصحيح كما يلي . de vos maisons(25/279)
36 - ترجم "بغيا" في قوله تعالى: ] ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا[ (مريم:20) بـ femme أي "زوجة" وقد ترجم الكلمة نفسها وفي السورة نفسها بمعناها الصحيح في ] وما كانت أمك بغيا[ (مريم:28) وهو p r ostituée.
37- ترجم قوله تعالى: ] فأجاءها المخاض[ (مريم:23) كما يلي les douleu r s la su r p r i r ent أي "جاءها المخاض فجأة"، وهذا يعني أنه قرأ (فأجاءها) كأنه (فاجأها).
38- ترجم قوله تعالى: ] وقري عينا [ (مريم:26) كما يليque ton oeil se sèche! أي "لتجفّ عينك".والصحيح كما يلي:
que ton oeil se r éjouisse ( ou se t r anquilise).
39 - ترجم "جبارا " في قوله تعالى: ] ولم يجعلني جبارا شقيا[ (مريم:32) بـ violent أي "عنيفا" والترجمة الصحيحة كما يلي o r gueilleux.
40 - ترجم قوله تعالى: ] فجعلناه هباء منثورا [ (الفرقان:23) كما يليet Nous n'avons t r ouvé que poussiè r e clai r semée أي "ما وجدنا إلا هباء منثورا". والصحيح كما يلي Nous l'avons r éduite en poussiè r e clai r semée.
41 - ترجم قوله تعالى: ] في أدنى الأرض[ (الروم:3) كما يلي aux confins de not r e te r re أي "في أدنى أرضنا" والصحيح de la te r reأي "الأرض" بدلا من. de not r e te r re
42 - ترجم قوله تعالى: ] أإنك لمن المصدقين [ (الصافات:52) كما يلي es-tu de ceux qui p r oclament la vé r ité? أي "أئنك من الذين يقولون الحق؟" والترجمة الصحيحة كما يلي es-tu de ceux qui c r oient ?.
43 - ترجم قوله تعالى: ] فلما أسلما[ (الصافات: 103) كما يليquand ils eu r ent p r ononcé le salam أي لما قالا "السلام". والترجمة الصحيحة كما يلي quand ils ils se fu r ent soumis ( à l'o r d r e de Dieu ).
44 - ترجم قوله تعالى: ] كتابا متشابها مثاني[ (الزمر: 23) كما يلي une Ec r itu r e, en ses pa r ties, à des r épétés أي "كتابا شبيها قي أجزائه بمكررات" والترجمة الراجحة كما يليun liv r e qui se r essemble et se r épète ( dans ce r tain de ses ve r sets ) .
45 - ترجم قوله تعالى: ] إنك ميت وإنهم ميتون [ (الزمر: 30) كما يلي Te voilà mo r t et les voilà mo r ts أي "ها أنت ميت وها هم موتى" والصحيح كما يليToi, tu mou r ras et ils mou r ront eux aussi..
46 - ترجم "وصدق به" في قوله تعالى: ] والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون[ (الزمر: 33) كما يلي et l'ont décla r é vé r idique أي "أعلنوه صادقا" هذه ترجمة غامضة، والترجمة الصحيجة الواضحة كما يلي ceux qui sont venus avec le V r ai et l'ont confi r mé (pa r leu r acte) ceux-là sont les pieux.
47 - ترجم قوله تعالى: ] فاستغفر لنا[ (الفتح: 11) كما يلي pa r donne-nous أي "اغفر لنا"، والترجمة الصحيحة كما يليimplo r e pou r nous le pa r don.
48 - ترجم "الكفار" في قوله تعالى: ] أعجب الكفار نباته[ (الحديد:20) بـ infidèles أي "الكفار". الترجمة الصحيحة كما يلي cultivateu r s. الكفار هنا بمعنى الزراع.
49 - أثبت لقوله تعالى: ]… ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله… [ (المجادلة:4) ترجمتين مختلفتين AوB: الترجمة الأولىA صحيحة. والترجمة الثانيةB كما يليcela ( vous est imposé ) pou r que vous sachiez qu'Allah est p r oche de vous, quand vous Le p r iez, ( p r êt à exauce r quand vous L'implo r ez أي "هذا (مفروض عليكم) لتعلموا أن الله قريب منكم إذا دعوتموه (مجيب إذا سألتموه)". وهذه الترجمة، كما ترى، بعيدة عن النص.
50 - ترجم قوله تعالى: ]… إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس[ (المجادلة:11) كما يليquand il vous est dit " p r enez place à l'aise dans l'assemblée " p r enez place!
أي: "إذا قيل لكم: " اجلسوا كما يطيب لكم في المجلس "فاجلسوا". هذه الترجمة عكس المراد من النص، فالترجمة الصحيحة كما يلي quand il vous
est dit " faites place ( aux aut r es ) dans les assemblées " alo r s faites place.
51 - ترجم قوله تعالى: ] … بأسهم بينهم شديد… [ (الحشر: 14) كما يليLeu r vaillance est g r ande pa r mi eux أي "بسالتهم كبيرة بينهم" هذا خطأ، والصحيح كما يلي: " Leu r s dissensions sont g r andes ent r e eux..
52 - ترجم قوله تعالى: ] قم الليل إلا قليلا[ (المزمل: 2) كما يلي r este en vigile seulement peu d temps "ابق ساهرا (أو حارسا) في وقت قليل فقط". فقد أدى تغيير كلمة واحدة هنا إلى عكس المراد من الآية الكريمة، فالصحيح أن يستعمل كلمة sauf أي "إلاّ" مكان كلمة seulement أي "فقط" لتكون الترجمة كما يلي r este en vigile sauf peu de temps.
53 - ترجم "ثقيلا" في قوله تعالى: ]إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا[ (المزمل: 5) بـ g r ave أي "خطيرا" والترجمة الصحيحة كما يلي lou r de.
54 - ترجم "فاقرؤوا" في قوله تعالى: ] فاقرؤوا ما تيسر من القرآن[ (المزمل: 20) ب صلى الله عليه وسلم écitez donc à haute voix أي "فاقرؤوا بصوت عال" كذلك ترجمه أيضا في قوله تعالى: ]فاقرؤوا ما تيسر منه[ (المزمل: 20).(25/280)
55 - ترجم قوله تعالى: ] لواحة للبشر[ (المدثر: 29) كما يلي Elle est dévo r ante pou r les Mo r telsأي _"لواحة لبني آدم" والصحيح كما يلي Elle est dévo r ante pou r l'épide r me. أي " لواحة لظاهر الجلد ".
56 - ترجم قوله تعالى: ] وخلقناكم أزواجا[ (النبأ: 8) كما يلي Nous vous avons c r éés ( pa r ) g r oupes أي "خلقناكم مجموعات". والصحيح كما يلي Nou vous avons c r éés en couples.
57 - وفي السورة نفسها ترجم ] لباسا [ (10) بـ voile أي "غطاء أو حجابا" والصحيح vêtement.
58 - كما ترجم فيها أيضا ] فوقكم[ (12) بـ su r vous أي "عليكم" والصحيح au -dessus de vous.
59 - ترجم "ثم" في قوله تعالى: ] ثم ما أدراك [ (الانفطار: 18) بـ oui أي "نعم"، والترجمة الصحيحة كما يلي puis.
60 - ترجم قوله تعالى: ] كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون[ (المطففين:15) كما يلي Qu'ils p r ennent ga r de! En vé r ité, de leu r Seigneu r , ce jou r -là ils se r ont sépa r és أي "كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمفصولون" هذا غير صحيح، والصحيح كما يلي Quils p r ennent ga r de! En vé r ité, ce jou r -là un voile les empêche r a de voi r leu r Seigneu صلى الله عليه وسلم
61 - ترجم قوله تعالى: ] وفي ذلك فليتنافس المتنافسون [ (المطففين:26) كما يلي Que ceux mus pa r le dési r le convoitent أي "فليطلبه الذين يحركهم الشوق". والأحسن كما يليQue ceux qui la convoitent ent r ent en compétition ( pou r l'acqué r ir).
62 - ترجم قوله تعالى: ] هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون[ (المطففين:36) كما يلي Les impies se sont-ils r epentis de ce qu'ils faisaient أي "هل ندم الكفار على ما كانوا يفعلون" . والصحيح كما يلي Est ce que les infidèles ont été r ecompensés de ce qu'ils faisaient?.
63 - ترجم قوله تعالى: ]وينقلب إلى أهله مسرورا[ (الانشقاق:9) كما يليEt s'en i r a ve r s ses pa r eils en aleg r esse أي "ويذهب نحو أشباهه في سرور" فقد فسر "الأهل" بـ "الأمثال" وهذا خطأ، والترجمة الصحيحة لهذه الكلمة هي famille.
64 - ترجم قوله تعالى: ] وأنت حل بهذا البلد[ (البلد: 2) كما يلي O r tu es sans liens en cette ville أي "أنت بدون صلة بهذا البلد" أو "لاصلة لك بهذا البلد"، والترجمة الصحيحة كما يلي Et toi, tu es r ésident dans cette cité.
65 - ترجم"وسقياها" في قوله تعالى: ] ناقة الله وسقياها[ (الشمس:13) بـ son lait أي "لبنها". هذا خطأ، والترجمة الصحيحة كما يلي: Laissez la chamelle de Dieu boi r e أي "ذروا ناقة الله تشرب".
66 - ترجم قوله تعالى:] والتين والزيتون [ (التين:1) بما يلي Le (Mont des ) figuie r (s) et ( des ) olivie r (s) أي "جبل أشجار التين والزيتون" فقد أضاف "جبل أشجار" من تلقاء نفسه.
67 - ترجم قوله تعالى ] إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى[ (العلق:6-7) كما يلي L'homme en vé r ité est r ebelle pa r cequ'il se passe de tous أي "إن الإنسان لطاغ لأنه يستغني عن الجميع"، والترجمة الصحيحة كما يلي V r aiment l'homme devient r ebelle dès qu' il estime qu'il se suffit.
68 - ترجم قوله تعالى: ] والعصر[ (العصر: 1) بـ pa r le Destin أي "والقدر" أو "والحظ" والصحيح كما يلي pa r le temps.
خاتمة
كتب د. حسن عزوزي([25]) عن المستشرق بلاشير ما يلي: "وبالرغم من موقع ترجمة بلاشير كواحدة من أفضل الترجمات الفرنسية، فإن الأخطاء الواردة في ثنايا الترجمة كثيرة جدا …………. ومثال بعض الأخطاء التي وقع فيها بلاشير أثناء ترجمته لمعاني القرآن الكريم ما أورده مقابلا للآية الكريمة ]وابعث فيهم رسولا منهم [ (البقرة: 139) حيث قال: " Envoie pa r mi les habitants de cette ville un Apôt r e issu d'eux " فهل غاب عن المستشرق التمييز بين المعاني الكثيرة التي تؤديها الألفاظ الآتية: رسول - نبي - حواري؟ فكلمة "رسول" لا يمكن أن تقابلها سوى لفظة Envoyé وإلى حد ما لفظة Message r ؛ لأن الكلمتين تؤديان نفس المعنى الذي هو الإرسال. أما النبي فلا ترادفها إلا لفظةP r ophète وقد اختلط المعنى على المستشرقة الفرنسية دنيس ماصون Denise Masson في ترجمتها للقرآن الكريم حيث ترجمت الآية بقولها: Envoie leu r un p r ophète p r is pa r mi eux
أما بلاشير فقد اشتط به تفكيره ولم يجد مرادفا لكلمة "رسول" سوى لفظة Apôt r e التي لا تعني سوى "الحواري". انتهى.
فهذه نبذة طفيفة جدا من أخطاء بلاشير في ترجمته الأخيرة لمعاني القرآن الكريم.
إن كان بلاشير يعرف هذه الأخطاء فتلك بلية، وإن كان لا يعرفها فالبلية أعظم!!.
ومهما كان الأمر فهذا بعض ما جناه بلاشير -هذا المستشرق- على القرآن الكريم والذي قالت عنه د. زينب عبد العزيز في كتابها "ترجمات القرآن إلى أين ؟"([26]) بعد التحدث عن ترجمة المستشرق الألماني نولدكه ما يلي: "وهي الترجمة التي يتذرع بها بلاشير ليقول عن القرآن الكريم: "ذلك النص الغامض عادة، والذي يصعب فهمه في سياقه الذي لا يتفق -ونصرُّ على ذلك- مع المراحل الأربع المتتالية لنبوة محمد e في مكة وفي المدينة…"(25/281)
ولم يكتف بلاشير بالإصرار على تجريحه بقضية ترتيب الآيات المعروفة، التي لو رجع إلى كتب الفقه وعلوم القرآن لعرفها وإنما ها هو يرمي بضربته الأخرى قائلا: "إن الرغبة في فرض نص ثابت لايتغير تبدو من ذلك الفعل الدنس أو انتهاك الحرمات من الصحابة الذين قاموا بإبادة كل الأشياء التي تم تسجيل الآيات عليها بأياد ورعة قامت بجمعها من فم الرسول صلى الله عليه وسلم ". فعلى الرغم من اللباقة([27]) واستخدام الألفاظ المغلفة والمنمقة من ورع وغيره وتباكيه على ضياع الأصول، إلا أن فحوى خطابه يتضمن الإشارة إلى تلاعب ما وإبادة الأصل لعدم الكشف عما تم من تحريف.. وهي ليست إلا عملية إسقاط لما قامت به الكنيسة في أناجيلها ومجامعها، وطرحها على القرآن الكريم الثابت نزوله وتثبيته بلا أي تحريف… بل وها هو يصل به الأمر إلى التشكيك حتى في نص مصحف عثمان اعتماداً على الهجوم الذي يكيله من مستشرقيه.. وما أغرب ازدواجية بلاشير هذا، فهو من ناحية يعلم ويقول: إن ترجمات القرآن الكريم كافة قد تمت بغية إدانته وتجريح شرائعه، ثم ها هو يتذرع بهذه الانتقادات ذاتها ليقول: " وحيال كل هذه الانتقادات نحن مساقون لأن نسأل الكتابة القديمة أن تأتينا بإجابة عن مسألة الأمانة المطلقة لنص مصحف عثمان !!". اهـ. وقديما قال الشاعر:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصَدَّق ما يعتادُه من توهُّم
أعتقد أن هذه المقولة تنطبق على بلاشير بل وعلى كل المستشرقين. فقد أنبأنا القرآن الكريم بما جَنَوْه على التوراة والإنجيل من تحريف، كما شهد بذلك بعض بني جلدتهم،([28]) فلا غرو إذاً أن يسيئوا الظن بنا طبقا لمقولة الشاعر الآنفة الذكر، هذا سبب، وهناك سبب آخر وهو التشفي منا لآبائهم الذين فضح الله أعمالهم السيئة في القرآن الكريم، والسبب الثالث هو ما هالهم من سرعة انتشار الإسلام حتى بدأ يغزوهم في عقر دورهم. وهناك أسباب كثيرة أخرى كدعوة زعمائهم" لتنصير العالم أجمع". وقِدَماً حذَّرنا الله منهم في كتابه العزيز بقوله سبحانه وتعالى ]لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون [ (آل عمران: 118) لذلك علينا ألاّ نفاجأ بأي عمل تخريبي أو عدواني يوجهونه ضدنا، لأن هذه الآية الكريمة قد لخصت لنا موقفهم بكل وضوح وصراحة. فالمطلوب منا إذاً هو العمل الجاد بإخلاص وتفان بدون كلل ولا ملل كما قال الله سبحانه وتعالى ] ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لايرجون وكان الله عليما حكيما [ (النساء: 104) وقال أيضا]وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة [ (الأنفال: 60). فمما نستطيع إعداده لهم من قوة:
توصيات
1 - مواصلة طباعة ترجمات معاني القرآن الكريم المعتمدة من مجمع الملك فهد بعد إعادة تصحيحها بدقة من قبل لجنة متخصصة تؤلف من المتمكنين في العربية وفي اللغة المترجم إليها ومن علماء الدين، ويستشار عالم مسلم متخصص عند مراجعة ترجمة الآيات الخاصة بالعلوم الأخرى كالفلك والطب والجيولوجيا. وتصدر بمقدمة تتضمن التعريف بالاستشراق ووسائله وأهدافه كما تتضمن الرد بطريقة علمية مركزة علىشبهاتهم وعلى كل ما يتذرعون به للنيل من القرآن الكريم.
2 - تأليف كتاب جيب في كل لغة استشراقية مهمة تتضمن دحض شبهات المستشرقين بطريقة علمية. يطبع بكمية كبيرة ويوزع كما توزع المصاحف.
3 - الإكثار من ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغات الإفريقية لمواجهة الترجمات التنصيرية المتزايدة في هذه القارة، وخصوصاً ترجمة معاني سورة الفاتحة وجزء عم؛ لأنها هي التي يحفظها جمهور المسلمين، وتقرأ غالبا في الصلوات.
4 - الاهتمام بتنظيم توزيع المصاحف وترجمات معانيها في كل بلد .
5 - إنشاء ملحقية إسلامية مستقلة أوتابعة للملحقية الثقافية، بسفارات الدول الأعضاء في منظمة الدول الإسلامية، للدفاع عن القرآن بالحكمة والموعظة الحسنة.
6 - الاستفادة من موسم الحج في كل سنة بعقد لقاءات بين العلماء والمفكرين الذين يأتون إلى الحج، لتبادل الآراء حول السبل الكفيلة بتحقيق الأهداف المشار إليها آنفا.
7 - إصدار مجلة ربع سنوية، أو نصف سنوية متخصصة في دراسة ترجمة معاني القرآن الكريم.
قائمة المراجع
1 - الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري للدكتور محمد حمدي زقزوق.
2 - الاستشراق والمستشرقون ( ما لهم وما عليهم ) للدكتور مصطفى السباعي.
- أصول التفسير لفضيلة الشيخ صالح العثيمين رحمه الله.
3 - أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن تأليف الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي.
4 - الأعلام تأليف خير الدين الزركلي.
5 - ترجمة القرآن إلى أين ؟ للدكتورة زينب عبد العزيز.
6 - ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية للأستاذ محمد حميد الله.
7 - تفسير الإمام الطبري.
8 - زبدة التفسير من فتح القدير للدكتور محمد سليمان عبد الله الأشقر.
9 - فتاوى للمسافرين والمغتربين لسماحة الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية رحمه الله.(25/282)
10 - القرويين ( مجلة مغربية ).
11 - المصباح المنير للعلامة أحمد بن محمد بن علي الفيومي المقرئ.
12 - موسوعة المستشرقين تأليف عبد الرحمن بدوي.
13 - La Bible, le Co r an et la science للدكتور موريس بوكاي.
14 - Le Co r an et la science mode r ne للدكتور موريس بوكاي.
15 - F r enche-Dictionna r y the Oxfo r d Hachette.
16 - La G r ande Encyclopédie.
17 - Petit La r ousse illust r é 1989.
- الحواشي :
([1]) فتاوى للمسافرين والمغتربين 86-87.
([2]) فتاوى للمسافرين والمغتربين 86-87.
([3]) فتاوى للمسافرين والمغتربين 86-87.
([4]) انظر مقدمة كتابه عن القرآن " الكريم "(ص 10).
([5]) ولد أندريه دي ريور عام 1580 في مارسينيMa r cigny بفرنسا وتوفي عام 1660 م، كان قنصلا عاما لبلاده في مصر والقسطنطينية، أتقن اللغات الثلاث الأمهات التي يتحدث بها أهل الإسلام: العربية والتركية والفارسية، ألف بعض الكتب وترجم القرآن الكريم في جزأين (648ص). انظر "موسوعة المستشرقين" لعبد الرحمن بدوي (ص 222) وLa G r ande Encyclopédie المجلد 15 (ص134).
([6]) انظر في مجلة " القرويين " العدد الخامس عام 1414 هـ (ص 111-112).
([7]) انظر في كتابه " القرآن الكريم والعلم العصري " (ص 230).
([8]) اسمها Denise Masson وضعت ترجمتها لمعاني القرآن الكريم عام 1958. وتحدثنا في مذكراتها التي أصدرتها منذ بضع سنين أنها وجدت صعوبة شديدة في باريس وهي تحاول البحث عن ناشر ينشر لها ترجمتها للقرآن، ذلك أن معظم أصحاب دور النشر قد استبعدوا أن تُدِر عليهم ترجمة امرأة لكتاب المسلمين المقدس أرباحا، فأوصدت أمامها الأبواب إلى أن وجدت من يقبل ذلك بشرط عدم كتابة اسمها كاملا. وهكذا نجد في جميع طبعات الترجمة اسم دنيس ماصون يكتب هكذاD. Masson. وكأن في ذلك حملا للقارئ على الاعتقاد بأن الترجمة للدكتور ماصون، وهذا ما جعل الكثير من الباحثين ممن لا يعرفها شخصيا أو يقرأ لها يقعون في خطأ اعتقادهم أنه رجل. (انظر كلمة د. حسن عزوزي كلية اللغة العربية- مراكش في مجلة " القرويين " العدد الخامس لعام1414 هـ ص 115-116. وجاء في حاشية الصفحة 115 أنها الآن ( أي في عام 1414 هـ/ 1993م) تقطن بباب دكالة بمراكش ولها من العمر 90 سنة.
([9]) المصدر السابق الذكر (ص 116).
([10]) لوي ماسينيون أكبر مستشرقي فرنسا المعاصرين، ومستشار وزارة المستعمرات الفرنسية في شؤون شمال إفريقيا والراعي الروحي للجمعيات التبشيرية الفرنسية في مصر. زار العالم الإسلامي أكثر من مرة وخدم بالجيش الفرنسي خمس سنوات في الحرب العالمية الأولى. كان عضوا بالمجمع اللغوي المصري والمجمع العلمي العربي في دمشق، متخصص في الفلسفة والتصوف الإسلامي، ومن كتبه: (الحلاج الصوفي الشهيد في الإسلام) صدر في 1922م. وله كتب وأبحاث أخرى عن الفلسفة والتصوف، وهو من كبار محرري (دائرة المعارف الإسلامية). انظر " الاستشراق والمستشرقين- ما لهم وما عليهم " ( ص 45-46 ) للدكتور مصطفى السباعي.
([11]) انظر الصفحة 7. وألفت النظر هنا إلى أن المترجم اعتمد في تعليقاته على الرقم الأول، بدلا من رقم طبعة القاهرة الذي هو المعتمد في معظم الدول الإسلامية تقريبا.
([12]) انظر " التنبيه " في ترجمته ( ص 8 ).
([13]) في حوار معه نشرته مجلة " رسالة الجهاد الليبية "، عدد يناير 1990 ( ص 85 ).
([14]) جعل من هذه المقدمة كتابا مستقلا بعنوان Int r oduction au Co r an أي "تقديم للقرآن الكريم".
([15]) ©G., P. MAISONNEUVE ET LA r OSE. 1980
ISBN: 2-7068 - 0338 -x
([16]) انظر الصفحة 11 من المقدمة المذكورة.
([17]) يا سبحان الله ! من أين جاء بلاشير بهذا الخبر الذي لا أساس له من الصحة ؟ وكيف يتناسى بلاشير حديث البخاري المشهور ؟ الذي جاء فيه أنه: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : "بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان، إذ سمعت قائلا يقول أحد الثلاثة، فأتيت بطست من ذهب فيها من ماء زمزم، فشرح صدري إلى كذا وكذا" قال قتادة: قلت: ما يعني به ؟ قال إلى أسفل بطنه، قال: "فاستخرج قلبي فغسل بماء زمزم ثم أعيد مكانه ثم حشي إيمانا وحكمة ثم أتيت بدابة أبيض"، وفي رواية أخرى: "بدابة بيضاء يقال له البراق، فوق الحمار ودون البغل، يقع خطوه منتهى طرفه، فحملت عليه، ثم انطلقنا حتى أتينا إلى بيت المقدس فصليت فيه بالنبيين والمرسلين إماما، ثم عرج بي إلى السماء الدنيا"… فذكر الحديث.
([18]) مع أن سياق الآيات يدل على اختلاق القصة الشيطانية لأنه ليس من المعقول أن يثني الله على هذه الآلهة ثم يذكرها بسوء مباشرة، كما أنه ليس مقبولا أن يسجد المشركون بعد ما سمعوا ذكر آلهتهم بسوء في آخر المطاف لأن العبرة بالكلام الأخير. وقد صرح ببطلان هذه القصة خلق كثير من علماء الحديث. وعلاوة= =على ذلك كله، فقد جاءت آيات قرآنية كثيرة تدل على استحالة حدوث مثل هذا الحادث. منها قوله تعالى: ]هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم[ (الشعراء:222-223) وقوله تعالى:]لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد[ ( فصلت: 42 ).(25/283)
([19]) جاء في صحيح البخاري عن محمد بن زياد أنه قال سمعت أبا هريرة t قال: أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " كخ كخ " ليطرحها. ثم قال: "أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة" ؟ وجاء في سياق آخر للبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما علمت أن آل محمد e لا يأكلون الصدقة" ؟ .
([20]) في ترجمته ( ص 28/29 ).
([21]) انظر "الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري" للدكتور محمود زقزوق (91).
([22]) صفحة 9.
([23]) تفسير الطبري 1/313.
([24]) كما يؤخذ من تفسير الطبري (3/443).
([25]) مجلة " القرويين " ( العدد الخامس ).
([26]) الصفحة 8.
([27]) هذا ليس لباقة، إنما هو تهكم.
([28]) في كتابه La Bible le Co r an et la science ( ص 21 )
==============(25/284)
(25/285)
الاستشراق والإسلام > الاستشراق والحديث >
تقديم
صوّب المستشرقون سهامهم أو سهام بحوثهم ونقدهم تجاه السنّة النبوية المطهرة يطعنون فيها وفي حجيتها وفي جهود العلماء المسلمين من سلف هذه الأمة في حفظها وتدوينها وقد تولى كبر الطعن في السنة الشريفة بعض كبار المستشرقين من أمثال المستشرق اليهودي المجري اجناز جولدزيهر وجوزيف شاخت وجيمس روبسون وغيرهم.
وفي هذا القسم نقدم عدداً من البحوث التي قدمت في الندوة التي عقدها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.
تدوين السنّة
من أبرز الطعون في هذا المجال أن اختار المستشرقون الوقوف إلى جانب الرأي القائل بأن السنة لم تلقى أي تدوين، واحتجوا لذلك بوجود بعض الأحاديث التي تسمح بكتابة الحديث بينما يعارض بعضها الكتابة، وقد وصل العلماء المسلمون إلى أن المنع عن الكتابة كان في أوائل الدعوة الإسلامية حتى لا تختلط السنة بالقرآن الكريم، وأن السماح بالكتابة هو الأغلب وقد وجد من الصحابة الكرام y من قام بالكتابة، ووجدت عدة صحف تحتوي على عدد كبير من الأحاديث.
وأضاف المستشرقون سبباً آخر لفقدان الحديث أو وقوع الوضع فيه أو التزييف كما يقولون هو الصراعات السياسية بين فئات المجتمع بحيث لجأت بعض الفرق -وهم يزعمون أن كل الفرق فعلت هذا- إلى الوضع في الحديث، كما إن تطور الظروف الاجتماعية ودخول ثقافات أخرى إلى حياة المسلمين كالتأثر بالفرس والرومان والثقافة اليونانية والنصرانية واليهودية أدى إلى دخول كثير من الأفكار الدخيلة إلى الحديث النبوي الشريف.
وزعم المستشرقون أيضا أن الوضع في الحديث قد تأثر بتطور الحياة واحتياج المسلمين إلى تشريعات تواجه هذه التطورات فلجأوا إلى الوضع، ويزعمون أن الحديث الشريف لم يكن له حجية كاملة في بداية الدولة الإسلامية حيث اكتفى المسلمون بالقرآن الكريم، ولكن هذه التطورات جعلتهم يلجأون للحديث الشريف، فإن لم يجدوا رواية لحديث في المجال الذي يريدون قاموا بوضع الحديث. وقد أضاف بعض المستشرقين أن الوضع يكون أحياناً لأهداف شخصية.
ويمكن الرد على مزاعم المستشرقين من جهتين:
1 صلى الله عليه وسلمبيان جهود العلماء المسلمين لحفظ حديث الرسول.
- ذكر بعض الدراسات الحديثة للرد على شبهات المستشرقين في العصر الحديث.
أما جهود علماء الحديث في المحافظة على حديث رسول ا صلى الله عليه وسلم فمبسوطة في كتب علم الحديث، ويكفي أن نذكر أسماء العلوم التي وضعها علماء هذه الأمة الخاصة بالحديث الشريف ومنها علم مصطلح الحديث، وعلم الرجال، وعلم الجرح والتعديل، وعلم مشكل الحديث، وأسباب ورود الحديث، والناسخ والمنسوخ في الحديث الشريف وغيرها. فهذه العلوم بما تحويه مكتباتنا من مجلدات ضخمة فيها تدل دلالة واضحة على الجهود العجيبة التي بذلها المسلمون للمحافظة على الحديث الشريف.
أما مسألة الحفظ هذه المدة الطويلة فقد أوتي العرب ملكة الحفظ حيث كانوا يحفظون آلاف الأبيات من الشعر، ويحفظون الأنساب، ويحفظون أيام العرب وتواريخهم، وهذه الملكة تقوى مع الاستخدام والتدريب، ولمّا كانت العرب في الغالب أمة أمية فقد لجأوا إلى الحفظ، وقد أثبت التاريخ هذا الأمر في مجال الحديث بصفة خاصة وحتى يومنا هذا، فكم عدد النصارى الذين يحفظون كتابهم "المقدس" في مقابل الأعداد الغفيرة من المسلمين الذين يحفظون القرآن الكريم وكتب الحديث النبوي الشريف.
أما في الماضي فقد كان عالم الحديث الذي ينال لقب "حافظ" وكانوا كُثراً، فكان يحفظ آلاف الأحاديث بأسانيدها، ولو رجعنا إلى الاختبارات التي دخلها بعض علماء الحديث في مسألة الحفظ لذهلنا من هذه القدرة العجيبة، فقد قرأ على الإمام البخاري رحمه الله تعالى مئة حديث مقلوبة الأسانيد فأعاد كل حديث إلى سنده، وقد روي أن الإمام أحمد بن حنبل كان يجعل ابنه يحفظ الأحاديث الموضوعة أولاً ثم يقول له هذه موضوعة فابدأ الآن بحفظ الأحاديث الصحيحة.
وبالإضافة إلى هذه القدرة العجيبة في الحفظ فثمة مسألة أخرى وهي تمسك المسلمين بدينهم وحبهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والدليل على ذلك أن كثيراً من علماء الحديث أنفقوا أعمارهم في دراسة الحديث والرحلة في طلب الحديث، وقد اعترف بعض المستشرقين بهذه الجهود، وكيف لا يحرص المسلمون على حديث رسول ا صلى الله عليه وسلم وهو الأصل الثاني من أصول الشريعة الإسلامية،والحديث هو حديث نبيهم وحبيبهم صلى الله عليه وسلم
وأما ما يدعوه أن مسألة تطور الحياة الاجتماعية في الدولة الإسلامية مما أدى إلى الحاجة للحديث فبدأ المسلمون في البحث عن التشريعات في القرآن الكريم فإن لم يجدوا بحثوا عن الحديث فإن لم يجدوا حديثاً وضعوه فهذا والله منتهى السخف من المستشرقين، فقد كان الحديث موجوداً دائماً، والترتيب في البحث عن أدلة الأحكام إنما هو بترتيب أهمية هذه الأدلة، ولو لم يكن الحديث موجوداً لما عرفنا الحديث الذي يقول (عليكم بكتاب الله وسنتي، لا يزيغ عنهما إلاّ هالك) وفي حديث آخر (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ).(25/286)
ومن افتراءات المستشرقين على الحديث الشريف زعمهم أن علماء الحديث اهتموا بالسند أكثر من اهتمامهم بمتن الحديث، وأضافوا أنه من السهل على أي شخص أن يأتي بالسند الذي يرغب ويضيف له ما يشاء من كلام.
ويقول ساسي سالم الحاج في الرد على هذه الفرية "يبدو للباحث منذ الوهلة الأولى اهتمامهم بسند الحديث أكثر من اهتمامهم بمتنه، ولكن الحقيقة عكس ذلك، فهم عندما قسّموا الأحاديث إلى صحيحة وحسنة فإنهم في الحقيقة تناولوا السند والمتن معاً أو السند دون المتن أو المتن دون السند000 وعند حديث العلماء عن الحديث المعلل فإنهم لم ينفوا تعليل المتن، فقالوا "لايطلق الحكم بصحة حديث ما لجواز أن يكون فيه علة في متنه، وقد جاءوا بشواهد كثيرة على ذلك"
- الظاهرة الاستشراقية1/2،ص 603-604
==========(25/287)
(25/288)
الاستشراق والإسلام > المستشرقون والفقه >
درس المستشرقون الفقه الإسلامي بهدف معرفة حياة المسلمين معرفة عميقة لأن الفقه يحكم حياة المسلم ويوجهها في أدق تفصيلاتها، وفي كل لحظة من حياته منذ الولادة أو حتى قبلها وإلى ما بعد موته.
وقد ظهر باحثون مسلمون بحثوا في كتابات المستشرقين وأوضحوا ما فيها من الأخطاء المنجية وأخطاء التشويه المتعمد أو سوء الفهم، ومن هؤلاء الدكتور عبد الحميد متولي الذي أعد بحثا أو أكثر يرد على بعض افتراءات المستشرقين ومنها بحثه المعنون "الشريعة الإسلامية وموقف علماء المستشرقين"، وفيما يأتي أقدم أبرز النقاط التي ذكرها في هذا البحث.
لقد ركز الدكتور عبد الحميد على موقفين هامين من مواقف النقد أو الاتهام إزاء الشريعة الإسلامية وهما:
1- اتهام الشريعة الإسلامية بالجمود، أي عدم مراعاة مقتضيات ظروف البيئة أو (الصالح العام) أو "المصلحة".
2- تأثر الشريعة الإسلامية بالقانون الروماني.
وقد أوضح الدكتور عبد الحميد بالأدلة المقنعة بُعد الشريعة الإسلامية عن الجمود، وأكد أنها أبعد الشرائع عن الجمود وأكثرها مرونة وقابلية للملاءمة، وإن كان ثمة جمود أو نقص في المرونة فهو أمر يمكن أن يُوصف به بعض العلماء المسلمين، ويقول "واتهام الشريعة بأخطاء فريق من رجالها، واتهام الدين بأخطاء فريق من رجاله، تلك سنّة عرفت منذ سنين عن علماء المستشرقين".
ويواصل الدكتور عبد الحميد في الرد مفصلاً على هاتين الفريتين موضحاً كيف أن القرآن الكريم جاءت آيات الأحكام فيه عامة أو بصورة كلية دون العناية بالجزئيات. وذكر بعض الآيات التي توضح أبرز ما يدعو إلى المرونة ومنها قوله تعالى )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين(َء[1] وقوله تعالى )وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ(ء[2]، وقوله تعالى )يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ(ء[3]، وبالإضافة إلى هذا فإن تاريخ التشريع الإسلامي يوضح حقيقة المرونة العظيمة في التشريع الإسلامي، ولا شك أن ثمة بعض الثوابت التي لا يمكن أن يتجاوزها فقيه أو مسلم، ولكن المتغيرات كثيرة.
أما بالنسبة للفرية الثانية بتأثر الفقه بالقانون الروماني فيرد عليها الدكتور عبد الحميد من عدة نواحي:
1- إن التشابه إذا وجد فليس برهانا على التأثر، و "إنما يدل في كثير من الحالات على أن كلا المجتمعين اللذين يطبق فيهما هذان النظامان يشابه الآخر من حيث المستوى والمدنية."
2- يزعم بعض المستشرقين أن التأثر قد حدث لأن المجتمع الروماني كان أكثر تطوراً ورقياً، ولا بد أن تتأثر الحضارة الأدنى، والرد على هذا أن الفقه الإسلامي "قد ترك أثراً واضحا حتى في القوانين الغربية المستمدة من القانون الروماني." وثانياً كان المسلمون هم الأمة الغالبة وحسب قاعدة ابن خلدون بتأثير الغالب في المغلوب.
- الحواشي :
[1] - سورة الأنباء الآية 107
[2] - سورة الحج الآية 78
[3] - سورة البقرة الآية 185
===========(25/289)
(25/290)
الاستشراق والإسلام > الاستشراق والسيرة النبوية >
يبدأ تاريخ الأمة الإسلامية بالسيرة النبوية الشريفة، فهي أول تطبيق عملي للدين الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقاً وسلوكاً، ولا بد للمسلمين أن يعتنوا بسيرة نبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم وهم قد فعلوا ذلك فلم تكتب سيرة نبي مرسل ولا ملك ولا عظيم قوم كما كتبت سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فمعظم أحداثها تجدها في كتب الحديث الشريف الذي نال من عناية العلماء ما لم تعرفه أمة من الأمم قبل الأمة الإسلامية ولا بعدها، وبالإضافة إلى ذلك فإن كتاب الله عز وجل قد أورد كثيراً من وقائع السيرة النبوية بالتفصيل وأضاف إلى ذلك بعض اللمحات عن الحالة النفسية للرسو صلى الله عليه وسلم مما لا يمكن لأحد علمه إلاّ سبحانه الذي يعلم السر وأخفى.
ولما بدأ النصارى الاهتمام بالإسلام كان من أول ما فعلوه بعد ترجمة معاني القرآن الكريم الكتابة في سيرة الرسو صلى الله عليه وسلم ، فظهرت الكثير من الكتابات، وكانت في البداية غاية في الوقاحة وسوء الأدب مما نكف قلمنا عن الكتابة فيها. وقد جاء من المستشرقين المعاصرين من انتقد أسلافهم في ذلك، ومن هؤلاء المستشرق ريتشارد سوذرن r icha r d Southe r n في كتابه (صورة الإسلام في العصور الوسطى) وكذلك كتاب نورمان دانيال No r man Daniel (الإسلام والغرب).
وقد تناولت كتابة المستشرقين سيرة الرسو صلى الله عليه وسلم من ثلاثة محاور:
1- شخصية الرسو صلى الله عليه وسلم وأخلاقه.
2- أحداث السيرة في العهد المكي والعهد المدني.
3- تفسير أحداث السيرة.
وفي هذه المحاور الثلاثة تعددت الأخطاء المنهجية في الكتابات الاستشراقية، وقد تناول كثير من العلماء المسلمين المعاصرين الكتابات الاستشراقية بالنقد والتفنيد. ويمكن إجمال الأخطاء الاستشراقية فيما يأتي: التشكيك في أحداث السيرة النبوية دونما دليل أو لمواقف سابقة فينطلق المستشرق بحثاً عن أي أثر من دليل ولو كان ضعيفاً أو موضوعاً ليؤيده مع عدم الاهتمام بما أثبته علماء الحديث المسلمون من أحداث. أما الخطأ الثاني فهو محاولة تفسير أحداث السيرة وفقا لأهوائهم أو لمواقف سلبية مسبقة. والخطأ الثالث النفي الكيفي لأحداث السيرة دونما دليل أو برهان.
ومن الأسماء المشهورة في عالم الاستشراق جوستاف فيل الذي كتب ( صلى الله عليه وسلم وحياته) سنة 1843م، والمستشرق اليوس سبرنجر سنة 1861م، وتيودر نولدكه المستشرق الألماني الذي تخصص في دراسة القرآن الكريم فقد زعم أن الرسو صلى الله عليه وسلم "كانت تنتابه نوبات عنيفة من الانفعال جعلته يظن انه تحت تأثير إلهي ويظن أنه يتلقى وحيا."[1] والمستشرق اليهودي صموئيل مرجليوت في كتابه ( صلى الله عليه وسلم وظهور الإسلام) والمستشرق وليام ميور والمستشرق ماكدونالد والمستشرق هاملتون جيب في كتابه (المحمدية) الذي أعاد طبعه بعنوان (الإسلام)، والمستشرق مونتجمري وات في كتبه " صلى الله عليه وسلم في مكة" و" صلى الله عليه وسلم في المدينة" و" صلى الله عليه وسلم رجل الدولة". وفيليب حتّي اللبناني زاعما أن المسلمين كتبوا سيرة الرسو صلى الله عليه وسلم كما يرغبون أن تظهر هذه السيرة وليس كما هي في الحقيقة والواقع "وخلعوا على مؤسس ديانتهم وباني مجدهم كثيراً من التبجيل والتعظيم، ووضعوا لذلك أحاديث ونحلوه أفعالاً ليس له."[2]
ولابد من ذكر المستشرق البلجيكي المتعصب جداً هنري لامانس فقد أنفق حياته للطعن في سيرة الرسو صلى الله عليه وسلم وكان حجة لغيره من المستشرقين في أنهم يجعلوه هدفاً لنقدهم فيقولون "انظروا ما فعل لامانس نحن لم نقل مثله ولا ربعه 000 ". وقد كتب عنه المستشرق الفرنسي الشيوعي مكسيم رودنسون قائلا "وقد كان هنري لامانس ممتلئا بالاحتقار الرهيب للإسلام ولمجده 'الزائف' ولرسوله 'الفاسق الداعر' ولعرب الصحراء الذين كانوا في تقديره جبناء متبجحين نهبة مخربين."[3]
- الحواشي :
[1] - محمد عبد الله شرقاوي، الاستشراق، ص 136
[2] - المرجع نفسه ص143
[3] - المرجع نفسه ص146-147
==========(25/291)
(25/292)
الاستشراق والإسلام > الاستشراق والتاريخ الإسلامي >
وكما درس المستشرقون السيرة النبوية فقد كتبوا حول التاريخ الإسلامي في جميع عصوره حتى الوقت الحاضر، وقد خصوا عصر الخلافة الراشدة بكثير من افتراءاتهم لأنهم رأوا إذا كان طعنهم في السيرة غير كاف فليكن طعنهم في شخصيات هؤلاء الصحابة الكرام، وفي ظنهم أنهم إذا شككوا في هؤلاء الذين نقلوا الإسلام إلينا فإنهم بزعمهم يهدمون هذا الدين.
وزعم بعض المستشرقين أنه ما أن لحق الرسول عليه الصلاة والسلام بالرفيق الأعلى حتى تآمر ثلاثة من الصحابة على اقتسام السلطة وتوارثها، وقد كتب هذا المستشرق توماس آرنولد المشهور عند كثير من المسلمين باعتداله في كتابه (الخلافة) ونسبه إلى المستشرق الايطالي كايتياني ووصفه بأنه من أعظم المؤرخين المعاصرين. وعندما تحدث هؤلاء المتعصبون عن الفتوحات الإسلامية حاولوا تفسيرها انطلاقا من تاريخهم الأوروبي ونظرتهم المادية للأمور، فقد كانت الفتوحات في نظرهم بحثاً عن الغنائم والمكاسب المادية، كما وصفها مستشرق آخر بأنها كانت آخر موجات الهجرة من جزيرة العرب التي عرفت مثل هذه الهجرات في السابق حينما تضيق مواردها.
ولا يكلف المستشرق نفسه البحث في حقيقة دوافع المسلمين في الفتوحات الإسلامية وهي نشر رسالة الإسلام التي تدعو إلى تحرير البشر من العبودية للإمبراطوريات السابقة بل من كل أنواع العبوديات، وفتح الطريق أمام دعوة الله عز وجل. وقد أثبتت الفتوحات نفسها مدى بعد الغالبية العظمى من الجيش الإسلامي عن الطمع في الغنائم، وهذا جندي ينقل كنوز كسرى إلى المدينة المنورة فيسلمها كما هي فيتعجب عمر بن الخطاب t من أمانته، فيقول علي بن أبي طالب t "عففت فعفت الرعية، ولو رتعت لرتعوا" وكان جنود المسلمين "رهباناً بالليل فرساناً بالنهار" كما وصفهم أحد جنود الأعداء.
وقد شكك المستشرقون في الجانب الإيماني الغيبي في الفتوحات فزعموا أن الدولتين الفارسية والرومانية كانتا على درجة كبيرة من الضعف وان جيش المسلمين كان يملك من القوة والعتاد ما يماثل جيوش هاتين الدولتين، بالإضافة إلى معرفة العرب بالصحراء ودروبها، وكم هو جاهل هذا المستشرق الذي لم تقنعه كل الروايات التاريخية عن عدد جنود الجيشين الرومي والفارسي وقدرتهما العسكرية، أما المعرفة بالصحراء فما يقول في معركة القادسية في قلب فارس، أو معركة الجسر أو معركة اليرموك، فمن كان يعرف البلاد أكثر، وهل هذه الأنهار تجري في الصحارى؟
أما مراحل التاريخ الأخرى فقد كتب حولها المستشرقون كثيراً وقد اهتموا بالفرق الضالة المنحرفة فأكثروا من الكتابة عن الشيعة والإسماعيلية والحشاشين، وعد بعضهم المنافقين حزب المعارضة في دولة المدينة. ويتأسف أحدهم أنه لم يعثر على المصادر التي توضح له العبقرية السياسية والفكرية لزعيم فرقة الحشاشين، ويصفه بالبطل، كما كتبوا عن ثورة الزنج حتى ظهر من الحداثيين أتباع أدونيس من يربط نفسه بالقرامطة والزنج وغيرهم من رواد الفكر المنحرف في التاريخ الإسلامي.
لا شك أن التاريخ الإسلامي ليس كله صفحة بيضاء نقية، فهو تاريخ بشر يصيبون ويخطئون أما أن ينسب إليهم ما لم يفعلوه أو تلصق بهم تهمٌ باطلة أو تزيف نياتهم فيما عملوا فأمر لا يقبله العقل والمنطق، ولا تقبله الموضوعية التي يزعم المستشرقون أنهم روادها كما هم رواد البحث العلمي الموضوعي الذي يجب أن نتعلمه منهم.
===========(25/293)
(25/294)
الاستشراق والإسلام > الاستشراق والأدب العربي >
الأدب العربي الحديث في
الكتابات الاستشراقية المعاصرة
المقدمة
في المؤتمر العالمي الخامس والثلاثين للدراسات الآسيوية والشمال أفريقية الذي عقد في العاصمة المجرية بودابست في ربيع الأول عام 1418م،التقيت بأستاذة الأدب العربي في جامعة صوفيا فسألتها ماذا يدرسون في الأدب العربي المعاصر؟ فكان الرد أنهم يدرسون كتابات نجيب محفوظ ويوسف السباعي ويوسف إدريس وإحسان عبد القدوس وغيرهم. وكان السؤال التالي عن معرفتهم بأدباء مثل أحمد علي باكثير أو نجيب الكيلاني أو عبد الرحمن العشماوي؟ إنهم لم يسمعوا بهذه الأسماء ذلك أنه لا تأتيهم من البلاد العربية الإسلامية إلاّ الكتابات القديمة وبخاصة الأسماء التي ذكرت. وكان لا بد من ذكر إنشاء رابطة الأدب الإسلامي العالمية قبل عدة أعوام، وأن لهذه الرابطة مجلة فصلية بعنوان (الأدب الإسلامي) كما أن هناك مجلة أخرى بعنوان (المشكاة) تصدر من المغرب ولها الأهداف نفسها.
وثمة مسألة أخرى أثارت في نفسي الاهتمام بدراسة الأدب العربي الحديث في الغرب ذلك أنني كنت أعد محاضرة لألقيها في نادي المنطقة الشرقية الأدبي قبل عامين تقريباً فتناولت بعض النشرات التي تصدر عن الجامعات الأمريكية بالإضافة إلى متابعتي لبعض النشاطات الاستشراقية، فوجدت أنّ هذا الاهتمام ليس متوازناً أو معتدلاً فإن الغرب له أهدافه فيما يدرس وفيما يترك فرأيت أن هذا الموضوع يستحق الدراسة.
يرى البعض أن اهتمام أقسام دراسات الشرق الأوسط ومراكز البحوث والمعاهد الغربية بالأدب العربي الحديث ضعيف جداً في حين أن هذا الاهتمام موجود ولكن يتميز بالانتقائية والتركيز على نماذج معينة من الكتابات الأدبية المعاصرة. ولا يكاد يختلف الاهتمام الغربي بالأدب العربي الحديث عن اهتماماته الأخرى بقضايا العالم الإسلامي.
هذا وسوف ينقسم البحث إلى ثلاثة محاور أساسية هي:
المحور الأول: الاهتمام بالأدب العربي الحديث
المحور الثاني: القيم والمثل والأخلاق التي يهتم بها المستشرقون في الأدب العربي الحديث.
المحور الثالث: لغة الكتابة والشعر الحر أو المرسل، أو المنثور.
المحور الرابع: الاهتمام بنماذج من الأدباء والأديبات العرب.
المحور الخامس: نماذج من المؤتمرات والندوات والمحاضرات والكتب الاستشراقية حول الأدب العربي.
ومن المؤكد أن الاهتمام بالأدب العربي الحديث لدى المستشرقين يحتاج إلى بحث أطول وأعمق ومن قبل متخصصين في الأدب العربي. ذلك أن الأدب إنما هو جزء من مكونات الشخصية العربية المسلمة وهو كذلك جزء مهم من الصورة التي يكونها الغرب عن الإسلام والمسلمين. فإذا انحصر اهتمامهم بالكتابات التي تحارب اللغة العربية والثوابت الإسلامية فإن الصورة ستكون بلا شك مشوهة ومحرفة.
و لا أزعم لنفسي التخصص في الأدب ولكني قارئ للأدب ومتذوق له. وما لا يدرك كله لا يترك جله، فإن استطعت أن أقدم صورة عن الاهتمام الاستشراقي بالأدب العربي فهذا توفيق من الله، وإن كانت الأخرى فحسبي أنني بذلت الجهد وأرجو أن أجد من ينتقد ويوجه. وعلى الله قصد السبيل.
المحور الأول
الاهتمام بالأدب العربي الحديث
منذ بداية الاستشراق البعيدة والغرب يهتم بكل ما صدر عن المسلمين فهم الذين أنشؤوا مئات الأقسام العلمية، كما تحتفظ مكتباتهم بألوف المخطوطات في شتى المعارف. وقد ثبت أن بعض الأدباء في الغرب تأثروا بالأدب العربي في عصور ازدهار الأمة الإسلامية. والاهتمام بالأدب العربي في الغرب لا ينبع من ترف فكري ذلك أن دراسة الأدب مهمة لدراسة الشخصية التي أنتجت هذا الأدب وذلك كما قال سمايلوفيتش فالأدب بالنسبة للعرب "يعد ديوانها، ويتأمل تاريخها، ويبرز عقليتها، ويمثل انفتاحها، ويدفع بقدمها إلى الأمام…وظل الأدب العربي بشعره ونثره من الأمور التي شغف بها الاستشراق محاولاً إلى معرفة العرب واتجاههم."([1])
والأدب كما يقول عاصم حمدان "في كل العصور وعند جميع الأمم- هو تعبير عن هوية- أي أمة - ومنطلقاتها الحضارية وإرثها التاريخي، ولهذا كان اهتمام الغربيين كبيراً بالتراث العربي القديم، لأنه كان تعبيراً حقيقياً عن هويتنا الحضارية. ولذلك اعترف أكثر من مستشرق بتأثر الغرب بالأدب العربي القديم ومن هؤلاء مثلاً إديموند بوزوورث - Edmund Bosewo r th رئيس قسم الدراسات الشرقية بجامعة مانشستر بتأثير الأدب العربي في الأديب الإنجليزي صاحب كتاب "قصص كانتير بري" Cante r bu r y Tales.وغيره مثل بوكاتشيو في مجموعته المعروفة باسم ديكاميرون "الأيام العشرة" De-Came r one [2]
ويؤكد عاصم حمدان من خلال الاهتمام بالأدب في عصور الازدهار وقلة الاهتمام بالعصر الحاضر [نسبياً] " أن نقطة الضعف التي يجدها الغرب - اليوم - في أدبنا، هي ترديدنا لبعض نظرياته في الأدب بعد لفظه لها بعشرات السنين ثم هو ترديد لا استيعاب ولا تمثل فيه.." ويضيف حمدان بأن بعض المستشرقين " قدموا النصيحة للأدباء العرب بأن يكون شعرهم عربياً خالصاً " لأنه إنما يأخذ مكانته بين الآداب العالمية بتفرده وأصالته." ([3])(25/295)
ومن الأسباب الأخرى التي حالت دون الاهتمام بالأدب العربي الحديث ما أشار إليه سمايلوفتيش في رسالته:
1- حداثة البحوث في هذا المجال
2-أن الأبحاث في الاستشراق " لم تتبلور بعد فكرياً أو منهجياً أو فلسفيا."
3- اهتمام الغرب يتركز في الوقت الحالي على النواحي العقيدية والدينية والسياسية.
4- "عدم وجود هيئة تتبع بحوثه التي تتعلق بالاتجاهات الحديثة في العالم العربي الإسلامي.
5- لم يستطع الأدب الحديث بعد أن يفرض وجوده على هيئات العلم في العالم، "وإن خطى خطوات جبارة."
6- إن مراكز الاستشراق نفسها لا تشجع معرفة طلابها بإنتاج الأدب العربي الحديث حيث إنها تفرض عليه البحث في الأدب القديم.([4])
هذه الأسباب لم تعد كلها صحيحة في العصر الحاضر بعد أكثر من عشرين سنة من إعداد رسالة سمايلوفيتش .فقد ازداد عدد مراكز البحوث الغربية والأقسام العلمية التي تهتم بالأدب الحديث ولكنه اهتمام انتقائي كما سنرى.
وقد اهتم صالح جواد الطعمة بمسألة الترجمة من العربية إلى اللغات الأوروبية وذكر أن المسؤولية تقع على عاتق المستشرقين في تعريف قرائهم بالأدب العربي الحديث، ولكنهم "كانوا ولا يزالون يوجهون جل اهتمامهم العلمي إلى غير الأدب من أوجه الحياة العربية المعاصرة، ولهذا لم يترجم إلاّ عدد ضئيل من الأعمال الأدبية الحديثة.." ويضيف بأن ما ترجموه أيضاً لم يسوّق تجارياً ولذلك لم يجد الاستجابة المشجعة لدى النقاد أو الأدباء غير العرب إلاّ في حالات نادرة."([5])
وقد حاول الطعمة تتبع المجلات الأمريكية مثل مجلة الجمعية الشرقية الأمريكية ومجلة العالم الإسلامي فوجد أن المجلة الأولى لم تقدم سوى "إشارات عابرة في باب نقد الكتب." وكذلك الحال بالنسبة للمجلة الثانية. ويضرب على ذلك مثالاً بما ورد في مجلة العالم الإسلامي بقوله "وتتجلى قلة الاهتمام بالأدب في التعريف الموجز الذي ورد في المجلة بشأن ترجمة آربري لمسرحية "مجنون ليلى" لأحمد شوقي، و المسرحية من خمسة فصول مترجمة من العربية …وهذه إحدى مسرحياته الست وأكثرها شيوعاً وقد شاهدها المترجم ممثلة في القاهرة. ويضيف معلقاً" لا أحسب أننا بحاجة إلى الوقوف طويلاً عند ما تعنيه أمثال هذه التعليقات من افتقار إلى الفهم والذوق الأدبيين لتراث غني بإنجازاته."([6])
ويؤكد الطعمة في موضع آخر أن الأدب العربي الحديث قد" أهمل وهمّش أو أقصي كلياً من الأدب العالمي. ([7]) ويرى إدوارد سعيد في المقدمة التي كتبها لكتاب (أيام الغبار) لحليم بركات أن الأدب العربي هو من الآداب المحظورة([8])
وليت الأمر توقف عند الإهمال كما جاء في أقوال الدكتور الطعمة فإن هناك من الآراء في اللغة العربية وآدابها ما يدهش المرء أن يصدر في دراسات تزعم لنفسها الموضوعية والنزاهة فيرى بعض الغربيين أن اللغة العربية نفسها تقف "عقبة" وأنها "طريق مسدود" وأنها "زخرفة غير واضحة" أو "منمقة" وصعبة كأداة على الترجمة إلى لغة كاللغة الإنجليزية، ويضيفون إن اللغة العربية تمثل ستاراً حديدياً لغوياً أبعدت الغرب عن الثقافة العربية.([9])
ومرة أخرى نؤكد أن الاهتمام بالأدب العربي الحديث قد ازداد على مر السنين فهناك أكثر من دورية تصدر في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا تتخصص في الأدب العربي أو الدراسات العربية فهناك مثلاً (المجلة الدورية للدراسات العربية A r ab Studies Qua r te r ly، ومجلة المختار في دراسات الشرق الأوسط Digest of Middle East Studies التي بدأت في الصدور منذ ست سنوات. ومجلة آداب الشرق الأوسط (أدبيات) (Middle East Lite r atu r e(Lite r a r y A r ticles)) التي تتعاون في إصدارها جامعة أكسفورد البريطانية وجامعة داكوتا الشمالية بالولايات المتحدة الأمريكية والتي بدأت في الصدور منذ عام 1996م.
وإذا رجعنا إلى الوراء أكثر نجد أن بعض الباحثين الغربيين من أمثال المؤرخ البريطاني جورج ينج Young Geo r ge يرى أن اللغة العربية هي من أصعب اللغات الأدبية التي تعيق إلى حد بعيد التعبير الأدبي، ويضيف "وليس من المستحيل أنه في المستقبل القريب أن مصر سوف تستبدل اللغة الفرنسية باللغة العربية كما فعلت الأمم الأخرى في شمال أفريقيا."([10])
وكتب إدوارد بدين حول نشاط الترجمة إلى الألمانية من اللغة العربية في سويسراً بأنه نشاط فاتر بالمقارنة مع ما يترجم إلى الإنجليزية أو الفرنسية عن الألمانية. ويرجع أسباب هذا الفتور إلى "قلة من يجيدون فهم الأدب العربي الحديث بعمقه اللغوي والاجتماعي والحضاري والسياسي، "… وكذلك يتساءل "هل لدى المترجم المقدرة اللغوية والعمق الحضاري ولو جزئياً بالنسبة للألمانية بحيث يتمكن من إيصال إنتاج الأدب العربي المترجم إلى جمهور القراء الألمان بشكل سائغ وجميل ومفهوم.." وهو كذلك يرى أن المشكلة الثالثة تكمن في أن دور النشر التي تهتم بالأدب العربي عددها قليل، وعدد الكتب التي تستطيع نشرها محدد جداً بالإضافة إلى قلة عدد المشترين مما يرفع تكلفة الكتاب ولا يجعله مرغوباً.([11])(25/296)
ورغم كل هذه الآراء بأن الترجمة محدودة وأن الاهتمام قليل لكن هناك من يرى أن الاهتمام يتزايد ومن هؤلاء محمد أحمد حمدون حيث يقول "إن الاهتمام يتزايد عند المعاصرين من المستشرقين بالأدب الحديث، وقضايا العالم العربي، وفيما يتعلق بالأدب العربي الحديث فإن الترجمة في كتب مستقلة وفي الدوريات (رغم كثرتها) أخذة في الزيادة حيث ترجمت أعمال لأكثر المؤلفين العرب في معظم اللغات الأوروبية.([12]) ويبدو لي أن هذا الرأي متفائل جداً فالواقع لا يؤيد ذلك بل إن الاهتمام الغربي انتقائي وقليل بالنسبة لما يصدر في العالم العربي ولذلك أسبابه التي ذكرنا بعضها آنفاً.
ومن نماذج الاهتمام المتحيز ضد الأدب العربي ما كتبه ريجيس بلاشير زاعماً أن الأدب العربي يفتقد عموماً إلى الإبداع والعبقرية وان "الفعالية الأدبية، في أدوار عدة، بل في الأدوار الهامة تظل جماعية بمعزل عن كل خلق فردي حقاً، وإذا ما اتفق أن وجدنا خلافاً لذلك فإننا لا نلبث إذا أمعنا النظر أن ندرك أن الظاهرة حركة تجديد أوجدتها فئة أو جماعة أدبية أو هي صفة خاصة إقليمية …. وعلى الجملة فالأدب العربي - وقد نلحق به آداب الشرق الأدنى- لم يعرف إلاّ في ومضات خاطفة، تلك الحاجة المرهقة الخصبة للتجديد، والتميز، والتعارض 000"([13])
وقد كفانا محمد العزب مؤونة الرد على بلاشير في مقالة أكد فيها حقيقة وجود الإبداع والعبقرية في الأدب العربي على مر العصور ،ولم يكتف بما كتبه النقاد المسلمون منذ القديم ولكنه رجع إلى بعض ما كتبه كارل بروكلمان في هذا المجال. وقدم نماذج من الشعراء المسلمين على مر العصور ([14]). ولكن ألا يمكن أن يكون هذا الرأي الذي قال به بلاشير إنما ينطلق من النظرة الاستعلائية التي تطبع الغرب عموماً فلا يرون عبقرية إلاّ عبقريتهم أو عبقرية من كان مقلداً لهم.
وقد كان للمستشرقين الذين درّسوا في الجامعات المصرية وكذلك الطلاب الذين ابتعثوا إلى الغرب لدراسة الأدب العربي على أيدي المستشرقين دور في تأثر البعض في إفساد "الذائقة الأدبية" كما يقول الأستاذ محمود شاكر -رحمه الله- وهو ما عانى منه طيلة حياته وظهر واضحاً في معاركه الأدبية المتعددة ومنها على سبيل المثال مع لويس عوض التي نجد تفاصيلها في كتابه (أباطيل وأسمار) ومع طه حسين رحمه الله في كتابه المتنبي ورده على طه حسين في قضية الشعر الجاهلي ونظرية الانتحال.([15])
ولا يمكننا أن نطلب من الغير أن يهتم بأدبنا الحديث ولكننا نرى أن هذا الاهتمام يميل إلى التركيز على جوانب معينة من أدبنا العربي فهذه مستشرقة تؤكد أن الاستشراق الألماني ما زال مهتماً بقصص ألف ليلة وليلة حين تقول "لا يوجد أثر أدبي ينتمي إلى الشرق كان له التأثير الذي خلفته حكايات ألف ليلة وليلة منذ ترجمتها عام 1706م على الآداب الأوروبية بما فيها الأدب الألماني."([16]) ولكنها تضيف في اللقاء نفسه بأنها مهتمة أيضاً بالأدب الحديث وتسوق لذلك مبرراً هو أن الأدب "يشكل في اعتقادي أحد أفضل السبل للتقارب بين الشعوب، لأننا نستطيع أن نتلمس من خلال ما ينتجه شعب من أدب ملامح الوجه الحقيقي لهذا الشعب.([17])
وقد كان البعض يرى أن فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب عام 1988م(1408هـ) لم يؤد إلى زيادة الاهتمام بالأدب العربي الحديث، لكن محفوظ نفسه نال اهتماماً كبيراً في هذه الفترة والتي تلتها، ولكن هذا لم ينعكس على الأدب العربي عموماً([18])
المحور الثاني
القيم والمثل والأخلاق في الأدب العربي الحديث
ولعل من المعلوم أسباب الاهتمام بنجيب محفوظ فإن اللجنة التي منحت له الجائزة ذكرت في المبررات تأثره بالفكر الغربي وبخاصة ماركس وفرويد ودارون .ويقول في ذلك أحمد أبو زيد "لا غرابة أيضاً أن يهتم بها [أولاد حارتنا] دارسو الأدب العربي من الأجانب والمستشرقين اهتماماً خاصاًَ ويفردون لها جانباً بارزاً من دراساتهم عن نجيب محفوظ . فقد وجدوا فيه ضالتهم وأدركوا أنها قصة تحطم كل ما هو مقدس من الأديان والرسل والكتب والغيبيات"([19]). وأدى هذا التأثر إلى أن امتلأت قصص نجيب محفوظ ورواياته بالدعوة إلى القيم الهابطة والفساد ومن ذلك الدعوة إلى اللهو والطرب، والسخرية من الحياء وزعمه أن الحياء موضة قديمة، واحتفائه بالمومسات والتعدي الصارخ على الدين .
ويلخص أحمد أبو زيد ذلك في قوله "ومعنى هذا فساد الوجهة في مخطط نجيب محفوظ القصصي كله الذي يروج فيه الشك والسخرية والاستهانة بالقيم والاستهزاء بالمقدسات، وليست إذن رواية أولاد حارتنا هي وحدها الحاملة للسم، ولكن الكاتب نفسه الذي يتخفى وراء مظهر أنيق وعبارات صحفية مرتبه وكلمات براقة هو في داخل قصص نتن عجيب وقذارة وفساد يجب أن يعرفه كل من يسأل عنه"([20])(25/297)
ويؤكد هذا الأمر -وإن كان لا يحتاج إلى تأكيد- "أن نجيب محفوظ عرف لدى 'الأصوليين' بأنه يعلّم الجنس كما في رواية 'في مقهى علي بابا' وفي رأي إسلاميين آخرين يعد محفوظ معادياً للإسلام لمدة تزيد على ستين سنة"([21]) وكأن طول إقامة صالح الطعمة بين ظهراني القوم ورغبته في أن يتقبلوا آراءه استخدم مصطلح الأصوليين ومعاداتهم لنجيب محفوظ ،ثم كيف استطاع أن يقسم المسلمين إلى أصوليين وإسلاميين؟ وكان ينبغي أن يقول إن أي مسلم يجب أن يعادي كتابات نجيب محفوظ لما فيها من جرأة على القيم الإسلامية والمقدسات والأنبياء والرسل. وما زلت أذكر قراءاتي لنجيب محفوظ منذ أكثر من ثلاثين سنة أنه كان يسخر دائماً من أي إنسان يميل إلى التدين، كما كان يتقن وصف مشاهد الانحراف في روايات مثل "ثرثرة فوق النيل".
ويضيف صالح طعمة سبباً آخر للاهتمام بنجيب محفوظ وهو آراء محفوظ (حول السلام) وإن كان طعمة ينتقد هذه المبررات للافتتان بنجيب محفوظ وبالتالي بالأدب العربي المعاصر، ويضيف بأن هذا الأمر "يروج لانطباعات متحيزة وتشويهات للمجتمع المصري والعالم العربي أو الإسلام."([22])
ويحسب للطعمة أنه قدم رصداً مصدرياً لما كتب وما ترجم لنجيب محفوظ في اللغة الإنجليزية وفي الولايات المتحدة فقط فذكر أن أول ترجمة لنجيب محفوظ كان في عام 1960م في جامعة إنديانا من قبل ترفير لوجاسك T r eve r Le Gassick .وترجمت روايته زقاق المدق في بيروت عام 1963م من قبل المترجم نفسه. كما قام لوجاسك بتدريس بعض المواد الجامعية عن هذه الرواية وعرّف في دروسه بنجيب محفوظ وكتب دراسة عن الثلاثية نشرت عام 1963م وهو العام الذي بدأ فيه تدريسه واستمر حتى عام 1966م.([23])
واستمر هذا الاهتمام بنجيب محفوظ ومن ذلك مثلاً أن قدمت محاضرة في النشاطات العلمية لمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفرد بعنوان "الزعبلاوي: الجانب الخفي في ثلاثية القاهرة لنجيب محفوظ وقدمت المحاضرة نادين جورديمار Nadine Go r dime r وذلك في 2نوفمبر 1994م.
وبمناسبة الأفكار التي تروق الفرنسيين فلا بد من ذكر الجائزة التي تقدمها أكاديمية الكونكور الفرنسية لما يسمى "أدب" الوقاحة. ففي عام 1412هـ (1992م) قدمت هذه الهيئة جائزتين لكاتبين مغربيين، ويطلق على الجائزة جائزة أطلس. وهذان الفائزان هما سامي أمالي وبريل سعيد، وذكر الخبر أن السفارة الفرنسية في الرباط أقامت حفلاً لتكريم هذين الكاتبين ودعت الدول العربية لتكريمهما، وقد طالب أحدهما أبناء وطنه أن يهبوا لتكريمه مثلما فعل الفرنسيون. أما ما كتباه فلا يخرج عن الدعوة إلى الخنا والفجور والعربدة والدعارة والدياثة.([24])
وفي هذا الإطار تهتم الدوائر الاستشراقية بكتّاب من أمثال محمد شكري ففي سلسلة محاضرات ينظمها معهد الفنون المعاصرة Institute of Contempo r a r y A r ts* بعنوان (أخبار من الشرق) ألقى محمد شكرى محاضرة في 22 سبتمبر 1992م.([25]) ومحمد شكري أصبح مهماً في الأدب العربي عند الباحثين الغربيين وعند بعض الحداثيين. ومن أهميته عند الغربيين أن النشرة التي أعلنت هذا النشاط ذكرت أنه من أبرز الشخصيات الأدبية في المغرب. وجاء في تعريفه أيضاً أنه صاحب كتاب الخبز الحافي الذي يحكي حياته في شوارع طنجة، وقد أعاد شكري كتابة مذكراته التي ترجمت إلى ثلاث عشرة لغة، ولكنها ممنوعة في معظم البلاد العربية. ويشير الإعلان إلى أن شكري سوف ينشر الجزء الثاني من مذكراته قريباً.(**) كما أن طالبة اسمها ساندرا ميلبورن Sand r a Milbu r n تدرس في جامعة برنستون تعد رسالة دكتوراه بعنوان الأدب المغربي الحديث: محمد شكري "عام 1994-1995م.
وقد صدر حديثاً كتاباً لعاصم حمدان بعنوان دراسة مقارنة بين الأدبين العربي والغربي تناول فيه قضية محمد شكري واهتمام الإعلام العربي وبعض الدوائر الاستشراقية به رغم أنه لا ينطبق عليه وصف أدب بأي معايير فانبرى أحد كتاب إحدى الصحف المحلية يدافع عن محمد شكري. ولا يمكن أن يكون الكاتب منفرداً بالإشادة والدفاع عن محمد شكري فلا بد أن يكون المشرف على الصفحة الأدبية ومن وراءه من جنود الحداثة خلف مثل هذا الهجوم غير المهذب. وهنا يمكننا التأكيد أن الاستشراق قد أدى دوره في ترويج أسماء وأفكار ونماذج من الكتابات.([26])
المحور الثالث
لغة الكتابة والشعر الحر
ومن الجوانب الأخرى التي يهتم بها الغالبية العظمى من المستشرقين في الأدب العربي الحديث فهو اهتمامهم بمن يكتبون أدباً في اللغات الأوروبية وهؤلاء يطلق عليهم عبد الله الركيبي (المرضي عنهم) ويقول عنهم "أما أولئك (المرضي عنهم) فهم الذين يعيشون عصرهم ويستحقون التكريم والتنويه بإنتاجهم، نلمس هذا في الضجة التي أثاروها حول ما كتبه الطاهر بن جلون الذي يصرح بأن الفرنسية هي التي تعبر عنه وعن إحساسه، فانهالت عليه الجوائز الأدبية ومثل الجزائري "عبّه" الذي ذهب به حب الفرنسية والدفاع عنها إلى حد بعيد إذ رصد جائزة من ماله الخاص لمن يكتب عملاً أدبياً متميزاً بهذه اللغة.."([27])(25/298)
وفي مقابل هذا الاهتمام فهناك إهمال أو حتى عداوة لمن يتحول عن الكتابة من الفرنسية إلى العربية أو إذا خالف أفكارهم ويذكر الركيبي من هؤلاء مالك حداد الذي لا يكاد يذكر اسمه عندنا إلاّ نادراً أما في الضفة الأخرى فلا يكاد يذكر اسمه إطلاقاً لسبب معروف وهو دفاعه عن العربية ورفضه الكتابة بالفرنسية بعد الاستقلال في حين أن غيره يشيدون به محلياً وفرنسياً مثل كاتب ياسين ومولود معمري وبن جلون وغيرهم. ويستشهد ركيبي بما كتبه رشيد بوجدرة بأن الفرنسيين يشجعون الكتابة الفرنسية لأن هؤلاء يكتبون نصوصاً سياسية تروق الفرنسيين وتروج أفكارهم، "وبعضهم الآخر يكتب القصة بطريقة فنية جميلة تحمل أفكاراً غربية وموجهة أساساً للاستهلاك الغربي."([28])
العامية والدعوة إليها
من القضايا التي اهتم بها الاستشراق استخدام الكتاب العربي اللغة الفصحى في الإبداع الأدبي سواء كانت قصة أم رواية أم مسرحية. وقد جعلوا هذه القضية من القضايا التي أولوها اهتماماً كبيراً. وقد ناقش أحمد سمايلوفيتش هذه القضية في كتابه فلسفة الاستشراق وأثرها في الأدب العربي الحديث وأكد من أنها من أخطر الهجمات التي تعرضت لها اللغة العربية، ونقل عن عثمان أمين قوله "إن حملات ّالتغريب ّ التي شنها النفوذ الغربي وأعوانه في آسيا وأفريقيا مصوباً هجماته إلى التراث العربي الإسلامي بوجه عام و إلى اللغة العربية بوجه خاص." ([29])
وهذا الأمر قد أصبح واقعاً في الجامعات الغربية فمن العجيب أن يكتب أحمد نظمي بأن الجامعات الغربية تنوي إنشاء كراس للهجات العامية، فهي قد فعلت ذلك بالفعل، وقد أنشأت معاهد الخدمة الخارجية في بعض البلاد العربية لتدريس موظفيها اللهجات المحلية ومنها معهد الخدمة الخارجية في تونس الذي يقدم دورات في اللغة المحكية التونسية، وقد درس في هذا المعهد نائب رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة بيركلي لورانس ميشيلاك Lau r ence O. Michalak فهو قد لا يستطيع فهم الفصحى لكنه يفهم العامية التونسية أفضل مما يفهمها عربي من الجزيرة. وقد التقيته في مكتبه بجامعة بيركلي فذكر لي بعض المعلومات عن العامية التونسية وأخذها بعض الكلمات الفرنسية وإدخالها إلى الاستعمال اليومي وتطبيق بعض قواعد اللغة العربية عليها في الجمع والتأنيث والتذكير وغير ذلك. ولا شك أن هذه المعرفة العميقة بالعامية تحتاج من الباحث أن يعيش فترة من الزمن حتى يصل إليها.([30]) وقد علمت أن إحدى الجامعات الأمريكية قدمت لأحد أساتذة اللغة العربية فرصة العمل أستاذا زائراً بإحدى الجامعات السعودية لتدريس اللهجة المكيّة بخاصة أو اللهجة الحجازية عموماً، وقد قبل الدعوة.
وتأكيداً لهذا الاهتمام فقد بدأت الجامعات في نشر كتب نحو متخصصة في اللهجات وقواميس خاصة بكل لهجة من العربية إلى الإنجليزية وبالعكس ومن ذلك ما نشرته جامعة جورج تاون حديثاً ومنها هذه الكتب:
1- مرجع في قواعد اللغة العربية السورية تأليف مارك كوول Ma r k W. Cowell . وجاء في تعريف الكتاب أنه يصلح للطلاب المبتدئين في اللغة ومرشداً في هذه اللهجة للمتخصصين في اللغة العربية وفي اللسانيات.
2- مرجع موجز لقواعد العربية المغربية: تأليف ريتشارد هار صلى الله عليه وسلم icha r d S. Ha r rel وهذا مرجع عملي للطالب الذي حصل على مبادئ العربية المغربية.
3- قاموس العربية العراقية( عربي --إنجليزي) تحرير وودهيد ووين بين D. صلى الله عليه وسلم Woodhead and Wayne Beene و وآخر ( إنجليزي- عربي) كلاراتي وكارل ستوواسر ورونالد وولف.B..E. Cla r ity, Ca r l Stowasse صلى الله عليه وسلم And r onald G. Wolf. . وهناك قاموس أيضاً للعربية السورية.(*)
ويقول أحمد نظمي محمد إنّ "بعض الجامعات الغربية باشرت في تدريس اللهجات في أقسامها واعتمدت لذلك الحرف اللاتيني كما فعلت الجامعة الأمريكية في القاهرة وبيروت، وفي الوقت الحالي أدخلت هذه الطريقة في كثير من معاهد الاستشراق الأوروبية إن لم يكن أغلبها، بل أصبح تدريس اللهجات العربية يستحوذ على ساعات مساوية للساعات المخصصة لتدريس العربية الكلاسيكية كما تدعى لديهم ولاسيما في معاهد أوروبا الغربية."([31])
ومن الاهتمام بالعامية الدراسات التي ما تزال تصدر عن الجامعات الغربية ودور النشر هناك حول العامية، ومن ذلك مثلاً الكتاب الذي شارك فيه الأستاذ الزائر بمدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية (جامعة لندن) صبري حافظ عن القصة القصيرة العربية واللغة العامية وصدر عام 1995م.([32])
الاهتمام بالشعر الحر أو المرسل(25/299)
ومن الجوانب التي يهتم بها الاستشراق الحديث ما يطلق عليه الشعر الحر أو المرسل أو المنثور ويقول في ذلك صالح طعمة "لوحظ في السنوات الأخيرة إقبال متزايد على ترجمة ما نسميه ب 'الشعر الحر' بفضل الحضور أو الإسهام العربي في الغرب فتعددت الأعمال المترجمة لأمثال أدونيس (علي أحمد سعيد) وبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي ومحمود درويش وصلاح عبد الصبور."([33]). وقد لاحظ هذا الأمر أحمد سمايلوفيتش منذ أكثر من خمس وعشرين سنة، حيث ذكر عدداً من الدراسات الاستشراقية حول الشعر العربي المعاصر واستنتج قائلاً "وهذا مما يدل على اهتمام الاستشراق البالغ بهذين الاتجاهين الرئيسين (الشعر المرسل والشعر الحر) في الشعر العربي المعاصر وتتبع الاستشراق المستمر له."([34])
وهذا الاهتمام هو الذي قاد إلى تقديم أدونيس في المحافل الدولية وترجمة شعره حتى أنّ جهاد فاضل كتب يتعجب من كثرة ترجمات أدونيس إلى اللغات الأوروبية في حين أنه بحاجة إلى أن يترجم إلى اللغة العربية ليفهمه العرب أولاً "فالحاجة ماسة أولاً إلى ترجمة شعره إلى اللغة العربية قبل ترجمته إلى اللغات الأجنبية لاستعصائه حتى على النخبة المثقفة كأنه يتقصد وهو يكتب شعره ألاّ يفهمه أحد من القراء. "ويضيف بالنسبة لكثرة ترجمات أدونيس قائلاً "إذ لا ينقضي شهر من الشهور إلاّ ويصدر 'إعلان' أو خبر في الصفحات الثقافية يحمل إلى القراء العرب بشرى ترجمة ديوانه هذا أو ذاك إلى اللغة الفلانية …كأن أدونيس يقول لهؤلاء إذا كنتم رفضتموني، فقد قبلني العالم، انظروا إلى تهافت العالم على قراءة شعري "[35]
وقد عرّفت باحثة أمريكية مهتمة بالأدب العربي أدونيس بأنه "الشاعر المشهور عالمياً والذي يعيش بين بيروت وباريس." ([36])
ولم يقتصر الاهتمام بأدونيس على الغربيين فإن من أبناء جلدتنا المتحدثين بلساننا قد جعلوا كتاب أدونيس -كما يرى الدكتور عاصم حمدان- الثابت والمتحول 'دستوراً لهم' لا ينقل من ثقافة الغرب وفلسفته سوى النفايات الفكرية التي تخلص منها أهلها وذووها منذ زمن، ثم يأتي أدونيس ويلبسها ثوباً جديداً من فكره الضال ليقوم بتسويقها في مجتمعاتنا، وما أكثر ذوي العقول المنحرفة الذين يجدون في أقواله بضاعة يتباهون بها بين قومهم، وما أفسدها من بضاعة."([37])
وبلغ من اهتمامهم بأدونيس أنه من المرشحين عند القوم لنيل جائزة نوبل، ومنذ نيل نجيب محفوظ والصحافة الحداثية التي تتلقى الوحي من الغرب تنتظر أن ينالها أدونيس أما من الغربيين الذين يرون أن أدونيس جدير بالجائزة روجر ألن r oge r Allen فيما ذكره في مقالة له بعنوان 'الأدب العربي وجائزة نوبل'.([38])
ولعل أدونيس أدرك أن تأييد السلام والتطبيع مع إسرائيل سيأتي له بالجائزة فقد أعلن قبوله للتطبيع مع إسرائيل في المؤتمر الذي أقامته اليونسكو في غرناطة تحت عنوان (ما بعد السلام) وكان من جراء هذه الدعوة أن طرد من اتحاد الكتاب العرب.([39])
ومن الأسماء الحداثية التي تهتم بها المراكز الاستشراقية محمود درويش ففي المؤتمر الذي عقد في بودابست حول الأدب العربي كان من بين المحاور محور 'تجديد لغة الشعر الحديث' والحديث عن الارستقراطية اللغوية للشعر الرسمي الكلاسيكي. وكان من بين المتحدثين ساسون سوميخ أستاذ الأدب العربي ورئيس معهد اللغات بجامعة تل أبيب. وقد أشار في محاضرته إلى أن الشعر قد أصبح منفتحاً بسبب التأثيرات اللغوية الشعبية والعامية وقدم من الأمثلة على ذلك محمود دوريش وصلاح عبد الصبور ومظفر النواب.
ومحمود درويش يقحم في شعره الرموز النصرانية حتى إنها أزعجت كاتبا يومياً في إحدى الصحف الصادرة في لندن فكتب يتهم درويش وأمثاله بالتظاهر بخلفية نصرانية وأن درويش كان عينة لهذه الفئة، ومن العبارات التي وردت في شعره 'مطر فوق برج الكنيسة' وهللويا !هللويا، وأيقونات الكنائس، وخاتم العذراء وغيرها. ويقول خالد قشطيني "هذه التفاتة مقبولة لو أنها كانت ترمي إلى تجسيم التلاحم بين المسيحيين والمسلمين في عالمنا العربي وإظهار أن التراث المسيحي هو أيضاً جزء من تراثنا… بيد أن الغرض ليس كما يبدو لي، الغرض هو الظهور بالتفرنج والاستغراب والعصرنة، وهذا شيء مقيت."([40])(25/300)
ومما يمكننا إلحاقه بهذا الاهتمام بالأدب الاهتمام بجرجي زيدان والذين يكتبون الرواية التاريخية بهدف تشويه التاريخ الإسلامي وتحريفه. وقد كان اهتمام الاستشراق بجرجي حيث كان صديقاً لبعض هؤلاء المستشرقين مثل كرنيليوس فاندايك أول رئيس للجامعة الأمريكية في بيروت، بالإضافة إلى صداقته لنولدكه وفلهاوزن ومارجليوث وجولدزيهر وغيرهم. فقد كانت بينه وبين هؤلاء مراسلات مستمرة، كما كانت دار الهلال مقراً للمستشرقين الزائرين لمصر. وعرف عن جرجي زيدان ارتباطه أيضاً بالمخابرات الإنجليزية، وعن رواياته يقول شوقي أبو خليل "يواجه تاريخنا العربي وأعلامه محاولة مدروسة دقيقة لتزييفه وإفساده، وتمييع قيمه ومثله، وهي محاولة لم نشهد أخطر من سمومها وطعناتها ودسائسها، كل ذلك في عرض روائي جذاب شيق هدفه طرح أرضية تاريخية وفكرة واسعة لإثارة الشبهات حول تاريخنا وتراثنا وآدابنا ورجالاتنا"[41]
وقد نوقشت رسالة دكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1409هـ للدكتور عبد الرحمن العشماوي عن الرواية التاريخية عند جرجي زيدان.([42]) كما اطلعت على رسالة دكتوراه قدمت لجامعة برنستون حول جرجي زيدان على أنه من أعمدة النهضة العربية المعاصرة. وفي استطلاع لإحدى الصحف العربية التي تصدر في الخارج كان السؤال عن أبرز الكتب التي كان لها تأثير كبير في القرن الماضي في العالم العربي فأجاب البعض بأن كتب جرجي زيدان من بين تلك الكتب التي أثرت تأثيراً كبيراً في النهضة الفكرية. ([43])
المحور الرابع
الاهتمام بنماذج من الأديبات والأدباء العرب.
1- النساء الأديبات
نالت المرأة الأديبة العربية اهتماماً واسعاً في الدراسات الاستشراقية وبخاصة تلك المرأة التي تأثرت بالفكر الغربي وتبنت قضايا معينة من مثل تحرير المرأة والعلاقة بين الرجل والمرأة وغيرها من القضايا .
فقد حصلت الباحثة الأمريكية مريام كوك Me r iam Cooke على منحة من مؤسسة فلبرايت للسفر إلى سوريا للإعداد لندوة حول نساء سوريا فاختارت أن تجعل ندوتها عن الكاتبات السوريات وقد عقدت عدة حلقات للحديث مع الكاتبات السوريات. وقد قدمت معلومات عن بعض الكاتبات وبخاصة اللاتي أخذن بالقيم الغربية ودعون إلى ما يسمي 'تحرير المرأة' وقد بدأت بالحديث عن المنتديات الثقافية وأثرها في خروج المرأة السورية واختلاطها بالرجال وكان من هذه الحلقات:
1- حلقة الزهراء بدأت عام 1942 وكانت أول حلقة تجمع بين الرجال والنساء وهي الحلقة التي ظهرت فيها الكاتبة ألفت الأدلبي سافرة.
2- الجمعية الثقافية ، تأسست أيضاً عام 1942 وكان لها لقاء كل يوم ثلاثاء.
3- الصالون العربي بدأ في التسعينيات .
ومن الكاتبات السوريات اللاتي تحدثت عنهن:
أ-كوليت خوري، ولدت عام 1937م، ولها عدد من الروايات منها "أيام معه"(1959م) التي تصفها الباحثة الأمريكية بأنها "هزت العالم العربي حينذاك لصراحتها في الحديث عن المرأة والجنس" وقد نشرت بعد سنتين رواية أخرى بعنوان "ليلة واحدة" (1961م) تحدثت فيها عن العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة وتدور أحداث القصة عن امرأة لم يكن زوجها قادراً على إشباعها جنسيا أو عاطفياً مما يجعلها تبحث عن الإشباع خارج الزواج.([44]) ولو أنها عرفت الأدب النبوي فإن امرأة اشتكت إلىe من زوجها فكانت عبارتها بأسلوب مهذب لم تزد على خمس كلمات "إنما معه مثل هدبة الثوب" فخالعها زوجها دون أن يصبح من ذلك قصة أو رواية أو حديثاً. ولكن عندما تراجع تطبيق الإسلام أصبحت مثل هذه الأمور تشجع الحديث عن اضطهاد المرأة وأن المجتمعات العربية تسمح للرجل من الحرية أكثر مما تمنح للمرأة.
ب-ملاحة الخاني ( 1934م): تكتب القصة القصيرة وقد صدر لها أربع مجموعات قصصية منها (كيف نشتري الشمس (1978م) و(العربة بلا جواد) (1981م) وتقول مريام إنّ الخاني أيضاً تفرض على المجتمع إعادة النظر في مسألة الحياة الجنسية للمرأة كما فعلت خوري من قبل. وأشارت بالتفصيل إلى روايتها بعنوان (تودد) (1987م) التي تحكي قصة زوجة مهندس أصيب بالشلل نتيجة انفجار لغم وعجزه الجنسي فما ذا ستفعل المرأة التي عليها أن تكبت غريزتها من أجل العيش مع رجل فقد الرغبة في المرأة. وتنقد المجتمع بأن الأمر لو كان العكس لأغمض عينيه عن سلوكه.([45])
جـ- هدى النعماني: شاعرة وفنّانة، تعيش في بيروت وقد كتبت خلال الحرب اللبنانية قصيدة "أذكر كنت دائرة" عام (1992م) وترجمت إلى الإنجليزية عام (1994م). ولها قصيدة أخرى بعنوان (هدى…أنا الحق) تتحدث فيها عن علاقتها بإله وليس إله المسلمين ولكنه روح شخصية عميقة كونية.
د- ناديه خست (1935م) نشرت عدداً من المجموعات القصصية منها (أحب الشام) (1967م) وهي قصص عاطفية تركز على وطنية المرأة وتلمح إلى قضاياها الجنسية. ثم نشرت رواية طويلة بعنوان (حب في بلاد الشام)(1996م). وقد ذكرت الكاتبة الأمريكية موقف خست من طرد أدونيس من رابطة الكتاب العرب بسبب موقفه من التطبيع وإصرارها على ذلك .(25/301)
ومن الكاتبات اللاتي التقت في سوريا الكاتبة هدى الغزي التي تعمل محامية وتهتم بالقضايا الجنائية الخاصة بالمرأة ولذلك تأتي قصصها من الواقع ولها عدة قصص منها (هنّ) (1993م) و(العنبر رقم 6).
ورغم أن الكاتبات السوريات اللاتي يتمسكن بالقيم الإسلامية والمسلمات في كتاباتهن غير معروفات عموماً فإنني عرفت عن وجود كاتبات مثل هدى اللحام، وأم حسّان الحلو وإن كانت الأخيرة نشرت معظم إنتاجها في المملكة العربية السعودية لأنها عاشت في المدينة المنورة سنوات عديدة.
وتهتم رابطة دراسات النساء في الشرق الأوسط بالكاتبات والأديبات العربيات فمن هؤلاء حنان الشيخ التي كانت ضيفة الشرف أو المؤلفة الضيفة في الاجتماع السنوي للرابطة على هامش المؤتمر السنوي لرابطة دراسات الشرق الأوسط الأمريكية. وقد قدمت رابطة المرأة في نشرتها عرضاً لكتاب حنان الشيخ (قصص حياتي) وتتحدث الترك في هذا الكتاب عن الحركة والولادة من جديد، وعن المغادرة، وعن الانطلاق. وتتحدث حنان في كتابها عن الهروب من كل من الأسرة، ومن المألوف ومن الوطن ومن الماضي، ومن المسلمات. وتقول عن نفسها "لقد توقفت عن تناول الطعام الذي كبرت وأنا أحبه، غيرت لهجتي، تجاهلت بعض أقاربي وحتى أبي تجاهلته في الشارع، لبست السواد وتركت شعري مسدولاً ودخنت سجائر الجلواز (سجائر فرنسية) ورددت عبارات مثل هل أنا موجودة؟ هل أتنفس؟" ([46]) وتقول عن نفسها بأنها في عالمها لا يوجد هوية متجانسة ولا يوجد مسلمات أدبية ولا حدود معروفة ولا يوجد أيديولوجية مريحة وتتحول الكتابة إلى منقذ."([47])
والاهتمام بالأديبات العربيات يتخذ شكل إصدار الكتب والدراسات حولهن وإبراز النماذج المتغربة فهذه فدوى ملطي-دوجلاس تصدر كتاباً بعنوان (رجال، نساء وإله 'آلهة') عن دار نشر جامعة بيركلي بكاليفورنيا عام 1995م تنتقد فيه الذين هاجموا نوال السعداوي بأنهم "يقرأون التفاصيل ولا ينظرون إليها نظرة شاملة." وتضيف إيفيلين عقاد بأن كتاب فدوي يمنح السعداوي الاعتراف الذي تستحقه وكذلك الفهم الدقيق الذي لم تحصل عليه منذ زمن."([48])
وقد سعت رابطة دراسات نساء الشرق الأوسط الأمريكية بالتعاون مع بعض الجمعيات النسائية المصرية إلى تخصيص قسم لكتب النساء في معرض القاهرة الدولي قبل سنتين وكان لبعض الأمريكيات العاملات في الرابطة لقاءات مع بعض الكاتبات العربيات ومنهن مثلاً فوزية أبو خالد وتقول كاتبة التقرير عن المعرض" تحدثت إلى فوزية أبو خالد - الشاعرة السعودية عن عملها الذي يعد طليعياً في الشكل وصريحاً في المضمون حتى إنها طردت من التدريس في كلية البنات في إحدى الجامعات السعودية، وتقول فوزية "مازلت في الجامعة ولكن في قسم تطوير المناهج، وبالطبع ما زلت مستمرة في الكتابة بالرغم من أن معظم ما اكتب لا ينشر في بلدي"([49])
وشاركت الأديبات العربيات في إلقاء المحاضرات والندوات في المؤسسات الغربية التي قد لا تبدو استشراقية فهذا معهد الفنون الجميلة المعاصر يدعو بعض هذه الكاتبات لإلقاء المحاضرات ومنهن:
1- نوال السعداوي وعرفتها النشرة بأنها "إحدى رائدات الحركة النسوية في العالم العربي، سجنت عام 1981م لكتاباتها في مصر، وأطلق سراحها بعد مقتل السادات" وكانت محاضرتها في 24سبتمبر 1992م.
2- آسيا جبار وحنان الشيخ و أندريه شديد وماري كاردينال Ma r ie Ca r dinal في ندوة لمناقشة وضع المرأة في العالم العربي وعلاقة الرجل بالمرأة والمواقف العميقة للجنس والأوضاع النفسية للمجتمع المسلم.
3- سلمى الخضراء الجيوشي: ألقيت بعض المحاضرات على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب وكان الخطاب الافتتاحي من نصيب الدكتورة الجيوشي الذي أكدت فيه "أن أحد الأمور الإيجابية التي حدثت في العالم العربي هو ظهور المرأة في جميع المجالات وبخاصة في مجال الأدب" ومن النشاطات التي أقيمت تقديم جواز للأديبات العربيات وقد فازت أحلام مستغانمي بالجائزة الثانية على كتابها (ذكريات الجسد) وقد تحدثت المستغانمي قائلة "يجب أن نتكلم فالسكوت أمر فظيع، يجب أن نخاف من السكوت."(50)
4- المستشرقة البولندية باربرا ميخيلاك أعدّت دراسة جادة هي رسالتها لنيل درجة الدكتوراه حول بعض الأديبات العربية، فقد كانت رسالتها للدكتوراه حول كتابات الأديبة الكويتية ليلي العثمان (تظهر في المجلات بكل الأصباغ) في جامعة بولندا ، وقد قدمت بحثاً في مؤتمر المستشرقين الذي عقد في لوفان البلجيكية عام 1995 عن كتابين للأديبة ثريا البقصمي هما (شموع السراديب) و(رحيل النوافذ) بالإضافة إلى مذكرات فطومة. وهي تعد الآن دراسة عن الشاعرة سعاد الصباح وسيكون عنوان بحثها هو عنوان أحد كتب سعاد الصباح في البدء كانت الأنثى ([51)(25/302)
5- حنان الشيخ من الأديبات اللاتي عشن زمناً في الغرب وبخاصة في بريطانيا حيث كتبت باللغة الإنجليزية أيضاً ولها مسرحية أدتها إحدى الفرق الإنجليزية وكانت أول كاتبة عربية يقوم الإنجليز بأداء مسرحية من تأليفها. وقد ذكرت جريدة "الحياة" أن التلفزيون البلجيكي يصور برنامجاً عنها وعن كتابها بريد بيروت ولها قصص أخرى منها اكنسي الشمس عن السطوح وأما مسرحيتها التي مثلت في لندن فتتحدث عن فتاة عربية اسمها عائشة اختارت الهجرة بعد أن رأت صديقاتها يهاجرن إلى أوروبا وينعمن بالحياة فيها لأن أوروبا في نظرهن هي الخلاص من أي شيء يمكن للإنسان أن يفكر فيه كالاضطهاد والفقر والكبت والخوف ..وتتزوج عائشة من إنجليزي شاذ. [52]
ومن صور اهتمام الاستشراق بنماذج من الأديبات العربيات ما تفعله الإذاعات الموجهة ومنها هيئة الإذاعة البريطانية فقد عرضت ذات مرة كتاباً لكاتبة أمريكية عنوانه (ثمن الشرف) وللتعليق على الكتاب استضافت نوال السعداوي للحديث عن الكتاب. ومن الكتب التي عرضتها مجموعة قصص للدكتورة أهداف سويف، وكانت إحدى القصص تتهم أصحاب الاتجاه الإسلامي بمحاربة تعليم المرأة واضطهادها، ومن البديهي أن القصة أو الرواية لو كانت تقدم الإسلام تقديماً صحيحاً لما نالت اهتمام المشرفين على هذه الإذاعة أو سواها من وسائل الإعلام الغربية. ولا شك أن مثل هذا الموضوع يحتاج إلى متابعة أكثر دقة.
الأدباء والنقاد العرب في الجامعات الغربية ومراكز البحوث
ومن صور الاهتمام الاستشراقي بالأدب العربي الحديث دعوة بعض رموز هذا الأدب الذين يروقونهم لإلقاء المحاضرات في المنتديات الأدبية في الغرب وللتدريس في الجامعات هناك، وفيما يأتي نماذج لهذا الاهتمام:
1- مظفر النواب شاعر حداثي المكان معهد التربية بلندن، قدم قراءات من شعره بدعوة من النادي العربي البريطاني يوم الجمعة الرابع عشر من يوليو 1995 الساعة السابعة والنصف مساءً (middle east events,July95). وقد استضافته إذاعة لندن على هامش هذه الدعوة. وألقى في الإذاعة بعض أشعاره بالفصحى والعامية.
2- الطاهر وطار، محاضرة في جامعة لندن نظمتها جمعية الدراسات الجزائرية التابعة لمدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن في يناير 1996م.
3- عبد الرحمن منيف وطارق علي لقاء معهما بتنظيم معهد الفنون الجميلة يوم 23 سبتمبر 1992م. وجاء التعريف بعبد الرحمن منيف بأنه كتبه ممنوعة في كثير من البلاد العربية، وقد حصل الكاتب على سمعة عالمية بسبب المجلدين الأوليين من روايته حول تاريخ الخليج (مدن الملح) و(الخندق) ومن المعروف أن المنيف يعيش في منفاه في سوريا.[54]
وقد شارك المنيف مع مارون بغدادي ودريوش شايجان وإدوار الخراط في ندوة بعنوان الأصالة الثقافية والهوية العربية بتنظيم المعهد نفسه. ويلاحظ أن الصلة الشخصية والفكرية بين أدباء هذا التيار والباحثين الغربيين قوية، كما أن الصحف التي تدعو إلى العلمانية والفكر الغربي تفسح المجال واسعاً لهؤلاء. ويلاحظ أنهم يدعون دائماً إلى الانفتاح على الرأي الآخر ويدعون إلى قيم الحوار. ولكنهم سعوا إلى السيطرة على بعض منابر الرأي في البلاد العربية من صحف وأندية ثقافية فكرية ومنتديات فإذا ما تمت لهم السيطرة قلبوا لغيرهم ظهر المجن واستبدوا أيما استبداد. وكأنهم في زعمهم الرغبة في الحوار ليس في الحوار الداخلي الذي يدعو إلى التمسك بالهوية الإسلامية وإنما يقصدون الانفتاح على الغرب الأوروبي الذي بهرهم بنظرياته مع أنهم في الغالب عالة على فتات موائده الفكرية.
ومن المنابر الغربية التي تفتح لدعاة الشعر الحر أو النثر المزعوم أنه شعر إذاعة لندن في برامجها الإذاعية وفي مجلتها مجلة المشاهد السياسي، فهذه المجلة تهتم بعبد الوهاب البياتي وأحمد عبد المعطي الحجازي ، و إدوار خرّاط ، ومحمود درويش ،وغيرهم. كما قدمت المجلة على مدى عدة أعداد سجالاً حول ما يسمى " قصيدة النثر" ومهما ادعت المجلة من موضوعية تظل غالبية الآراء التي استطلعت أو أتيح لها المجال تنادي بأن هذا النوع من الكتابة لا بد أن يستمر وأن يبقى وسوف يأتي اليوم الذي يعترف به. إن مجرد جعل هذا الموضوع من الموضوعات السجالية يعطيه قيمة لا يستحقها.([55])(25/303)
ومن مظاهر الاحتفاء بالمتغربين والمعادين للتيارات الإسلامية دعوة الجامعات الغربية لهؤلاء للعمل أساتذة زائرين لمدد مختلفة وقد يعرض على البعض أن يقيم هناك باستمرار. وهذا يذكرني بقصة الصحابي الجليل الذي كان من ضمن المخلفين الثلاثة عن عزوة تبوك وهو كعب بن مالك رضي الله عنه فعندما أمر الرسو صلى الله عليه وسلم بمقاطعة هؤلاء واشتد أمر المقاطعة نفسياً عليهم وصلت رسالة من قيصر الروم إلى كعب يدعوه فيها إلى أن يترك المدينة المنورة ويلتحق بالقيصر فإنه سيجد عنده الحفاوة والسلوان . فما كان من هذا الصحابي الجليل إلا أن قال "وهذه من البلاء" وسجّر بها التنور. فياله من إيمان عميق هذا الذي يرفض هذه الدعوة من ملك إحدى القوتين الكبريين في العالم حينذاك ليتحمل آلام المقاطعة التي وصفها القرآن الكريم أبلغ وصف في قوله تعالى )وعلى الثلاثة الذين خُلِّفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلاّ إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم(ء [56]
أما في عصرنا الحاضر فإن الذين ضعف إيمانهم وانبهروا بالغرب وكتبوا في بلادهم ما خالف عقيدتها وقيمها ومبادئها ومسلماتها ما أن تأتيهم الدعوة من الغرب حتى يهرولوا إلى هناك،(*) ومن هؤلاء الذين عرضت عليهم وظائف أستاذ زائر كل من كمال أبو ديب الذي أصبح يدرس الأدب العربي والنقد في جامعة لندن منذ عدة سنوات. وأبو ديب يقدم له التقرير السنوي لمركز دراسات الشرق الأدنى والأوسط بجامعة لندن بأنه: درّس في عدة جامعات منها أكسفورد وجامعة بنسلفانيا، وجامعة بيركلي، وصنعاء، وكولمبيا بمدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية([57]).فهل هذا التهافت على أبي ديب يدل على مدى حب الغربيين له أو مدى قناعتهم بالعلم العظيم الذي يملكه أبو ديب ولا يملكه غيره؟ أو لعله يدل على أمر آخر وهو عدم رغبة الغربيين في أن يكون لدى المسلمين باحثون مسلمون يعتزون بإسلامهم وهويتهم وشخصيتهم الإسلامية. بل هم -أي الغربيون- في الواقع يرمون إلى الرغبة الجامحة في كسر شوكة الإسلام عن طيق هؤلاء المرتدين وما يكتبونه من تراهات. ولن يفلحوا بإذن الله.
ونجد من المناسب هنا أن نقدم وجهة نظر قدمها أحد الباحثين التونسيين في مؤتمر عقد في تونس قبل تسع سنوات تقريبا تناول فيها منهج أبي ديب في دراسة التراث الشعري العربي قال فيه "والمطلع اطلاعاً سطحياً على دراسات أبي ديب التطبيقية قد يستهويه ما تتضمنه في بعض المواطن من رسوم بيانية وإشارات رمزية وعمليات إحصائية و مصطلحات فنية وإحالات على كتب منهجية غربية وخاصة منها (الانثرولوجيا الهيكلية، والني والمطبوخ، وكلاهما لليفي ستراوس…. لكن ما إن نتفحص دراساته حتى يسعى إلينا الشك في سلامة ما يقدمه إلينا من تحاليل من الوجهة المنهجية، ولا يلبث أن يتأكد ويستبد بنا الشعور بخيبة الطن 0000 ومن المهم أن الدارس مدعو إلى الإقبال على التراث دون أفكار جاهزة قبلية لكن بعد أن يكون قد ألمّ بآليات المناهج الحديثة وتمثلها.."([58])
ومن الأساتذة الزائرين أيضاً صبري حافظ بجامعة لندن وهو مهتم بانتقال الأفكار ودراسة التأثيرات المختلفة للكتاب الغربيين على تطور الأدب العربي الحديث وظهور أنواعه الجديدة. ومن مؤلفاته دراسة لعلم اجتماع الأدب العربي الحديث،كما شارك في كتاب عن القصة القصيرة والعامية المصرية. ويلاحظ هنا أن الأستاذ هنا مهتم ببيان مدى تأثر الأدب العربي بالآداب الغربية، وهو ما يسر الغربيين عموماً أن يعلموه حتى يستمروا في النهج نفسه لاستمرار هذا التأثير. ويؤكد ذلك أيضاً اهتمامه بالعامية في القصة القصيرة.
كما دعت جامعة هارفارد الدكتور جابر أحمد عصفور لفصل الربيع عام 1995م لتدريس الأدب العربي الحديث والنقد الأدبي. والأستاذ، كما وصفه الكاتب الصحفي السعودي محمد صلاح الدين، من غلاة العلمانيين في مصر، وليس هذا فحسب، بل إنه يعمل في مركز حساس جداً وهو أمين عام المجلس الأعلى للثقافة والفنون وما يفتأ يدافع عن المنحرفين الذين يطعنون في الإسلام كما يقول محمد صلاح الدين "فليس كل ذلك إلاّ هدماً للإسلام يجعل المروق إبداعاً، والكفر الصريح اجتهاداً مأجوراً، والزندقة بحثاً علمياً فوق المساءلة وفوق القانون"([59])
وبعد ذلك فالذين ينالون الحظوة في الدراسات والاهتمام في الغرب في العصر الحاضر حسين أحمد أمين، وأميل حبيبي (الشيوعي الإسرائيلي) وطه حسين، وغسان كنفاني وجمال غيطاني ويوسف القعيد وإميل نصر الله وغيرهم كثير كما سيظهر معنا في المحور التالي.
المحور الخامس
الندوات والمؤتمرات والمحاضرات والكتب الاستشراقية حول الأدب العربي
الندوات والمؤتمرات
كثيرة هي المؤتمرات والندوات التي تعقد في الجامعات الغربية ومراكز البحوث حول الأدب العربي ، كما أن المؤتمر السنوي لرابطة دراسات الشرق الأوسط الأمريكية يخصص عدداً من الحلقات لموضوع الأدب. وفيما يأتي بعض هذه الندوات والمؤتمرات:(25/304)
1- المؤتمر الدولي الرابع للآداب المقارنة ، عقد في القاهرة ديسمبر 1996م وشاركت فيه منى ميخائيل من قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة نيويورك. وقامت بعد ذلك بجولة في السعودية.[60]
2- مؤتمر الأصالة والحداثة في اللغة والأدب العربي. عقد في جامعة اكستر قسم الدراسات الإسلامية (أسسه محمد عبد الحي شعبان) والمؤتمر عقد بمناسبة مرور عامين على وفاته. وكان من محاور المؤتمر الشعر التقليدي الحديث والشعر والعامي والتأثير الغربي في الأدب العربي. وشارك في المؤتمر ثلاثون باحثاً من أنحاء العالم، وقد ساعد الدكتور محمد القاسمي 'حاكم الشارقة' في تمويل المؤتمر.([61])
3- المؤتمر العالمي الخامس والثلاثين للدراسات الآسيوية والشمال أفريقية، عقد في بودابست بالمجر في الفترة من 3-8 ربيع الأول 1418هـ (7-12يوليه 1997م) وكان من محاور المؤتمر الدراسات العربية وقد قدمت فيه البحوث الآتية:
أ شامول موريه (إسرائيل) قدم بحثاً بعنوان "الممثلون اليهود وكتاب المسرحية في المسرح العربي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين.
ب هيلاري كيلباتريك Hiila r y Kilpat r ick "دراسة النثر العربي الكلاسيكي بين الشرق والغرب."
ت بيان رايهانوفا (جامعة صوفيا- بلغاريا) صورة الريف في الرواية السورية المعاصرة.
4- مؤتمر العقل والأخلاق والمناهج في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عقد في بودابست بالمجر في الفترة من 18-22سبتمبر 1995م، ونظمه كل من قسم الدراسات العربية بجامعة بودابست وقسم اللغة العربية الحديثة بجامعة ليدز البريطانية. وتضمن المؤتمر محوراً للأدب العربي ولكن لم يضم هذا المحور سوى موضوعٍ واحدٍ في الأدب الحديث كان بعنوان 'مشكلة المجتمع في الأدب المغربي الفرنكفوني' قدمه سكوت هولمر Scott Holme صلى الله عليه وسلم ء[62]
5- ندوة عن الأدب العربي بعنوان 'فهم العالم العربي من خلال الأدب' وقد أقيمت الندوة في مركز الدراسات العربية المعاصرة بجامعة جورج تاون بمدينة واشنطن وساهم في تمويل الندوة الوقف القومي للإنسانيات، وعقدت الندوة في 4 أبريل 1995م. وتحدث في الندوة كل من :
أ صباح غندور "الكاتبات العربيات وأصواتهن الأنثوية."
ب - أميرة الزين. "الأدب الشعبي الإسلامي ( ألف ليلة وليلة)
ج - عنا بشناق " الأدب الشعبي العربي (الفلوكلور العربي) وكان من المتحدثين أيضاً حليم بركات الأستاذ بالجامعة نفسها.
رسائل الدكتوراه
في الغرب عدة مؤسسات تهتم بحفظ الرسائل الجامعية ونشر ملخصاتها وبيع نسخ منها للراغبين، وبين أيدينا مصدران عن الرسائل العلمية في بعض الجامعات الأمريكية والجامعات البريطانية وقد اخترنا نماذج من هذه الرسائل التي تهتم بالأدب العربي الحديث. وبعض هذه الرسائل قد أعده طلاب من العالم الإسلامي فأصبحت بالتالي من إنتاج مراكز البحوث الدراسات الاستشراقية. ومنها هذه الرسائل:
أ دراسة نقدية لموضوعات شعر معروف الرصافي، قدمها الطالب الدباغ عام 1977م في جامعة جلاسجو.
ب الموضوع والشكل في أعمال توفيق الحكيم، أعدها ستاركي عام 1970م في جامعة أكسفورد.
ج- ظهور وتطور القصة القصيرة المصرية 1881-1970م، أعدها عبد الدايم ، جامعة لندن، سنة 1979م.
د - دراسة لسانية للغة الشعر الحديث، أعدها سيف جامعة لندن سنة 1971م.
هـ - ظهور وتطور الشعر الغنائي في الأدب العربي الحديث من خليل مطران إلى شعراء جمعية أبوللو ، أعده روبن أوستل من جامعة اكسفورد عام 1969م.
و- القصة القصيرة في شبه الجزيرة العربية، الاتجاهات الواقعية، جامعة ميتشيجان آن أربر شعبة الدراسات العربية عام 1993م.
ز- الاتجاهات الاجتماعية في النقد العربي في سوريا ولبنان ومصر منذ الثلاثينيات، أعدها سطيف، جامعة اكسفورد عام 1983م.
ح - ثلاثة شعراء ليبيون من القرن العشرين :دراسة لشعرهم السياسي/ أعدها أبو ديب في جامعة درم عام 1980م.
ك- مصر في كلماتها: محمد بيرم التونسي (1893-1961م) وآداب التعبير العامي 1919-1934م، أعدها إم إل بوث Booth من جامعة أكسفورد عام 1984م.
ل من الإسلامية إلى العربية : دراسة للأفكار السياسية للكتابات السورية 1918- 1952 ، خالد الكركي ، جامعة كيمبردج، عام 1980.
م نجمة والجزائر في كتابات كاتب ياسين نحو هوية قومية، أعدها صالحي، جامعة إكستر عام 1991م.
ن المشكلات الفنية في شعر عبد الوهاب البياتي دراسة مقارنة، أعدها العلاّق، جامعة اكتسر عام 1983م.
س- دراسة في النظرية والتطبيق للترجمة الأدبية اعتماداً على اللغة العربية والإنجليزية كمصدر وأهداف في الكتابة النثرية العربية الحديثة في شجرة البؤس ودعاء الكروان لطه حسين. أعدها الصافي، جامعة لا نكستر، 1979م.
ص - يحي حقي: مثقف مصري بين المثال والواقع، أعدها كوك، جامعة أكسفورد عام 1970م.
الكتب
ألفت العديد من الكتب حول الأدب العربي الحديث وفيما يأتي نماذج من هذه المؤلفات:
1- النساء العربيات الروائيات: سنوات التكوين وما بعدها تأليف جوزيف زيدان
Joseph Zaidan. A r ab Women Novelists: The Fo r mative Yea r s and Beyond.(25/305)
يقوم المؤلف في هذا الكتاب بدراسة إسهامات النساء في الرواية العربية من خلال الموضوع والشكل ويتابع الصراع من أجل حقوق المرأة في العالم العربي وبخاصة في حقل التعليم. ويناقش ظهور مواهب بارزة وإصرارهن على التغلب في مجال الثقافة الذي يسيطر عليه الرجل. ويقارن المؤلف الحركات النسائية في الثقافة العربية وفي الغرب وتطور الأدب النسائي في كلا الثقافتين موضحاً التشابهات والاختلافات.([63])
2- Mundus A r abicus 5( 1992) The A r abic Novel Since 1950 .Edited by Issa Bollate
يتضمن الكتاب لقاءات ومقالات كما يأتي:
أ الاتجاهات الجديدة في الرواية العربية من خلال اللقاء مع جمال الغيطاني.
ب- لقاء بين كل من ألن دوجلاس وفدوي ملطي و إميل حبيبي.
ج- مقالة بعنوان نجيب محفوظ في الآداب العالمية بقلم ألن روجرز.
د- نظرات نصوصية في كتاب إدوار خياط ترابها زعفران لمنى ميخائيل.([64])
3- Lite r atu r e East And West 2( 1989) Pilg r image Studies in the A r abic Lite r a r y T r adition
وقد تضمن الكتاب عدداُ من البحوث منها:
أ- فدوى ملطي -دوجلاس "العمى والجنس: العقليات التقليدية في كتاب يوسف إدريس منزل الجسد."
ب- مايكل بيرد Michael Bea r d التعرف على فارس الكلمات الغريبة لدى أدونيس.
ج- روجر ألن. "الأدب العربي في الترجمة الإنجليزية([65])
4- الحب والغريزة الجنسية في الأدب العربي الحديث: مجموعة أبحاث أعدها روجر ألن وهيلاري كيلباترك وإد دي مور Ed. De Moo r ( لندن: دار الساقي 1995)271صفحة.وقد تضمن الكتاب البحوث الآتية:
أ هيلاري كيلباترك، حول الحب والجنس في الأدب العربي الحديث.
ب بطرس حلاق، الحب وولادة الأدب العربي الحديث.
ج - روزيلا دوريقو سيكاتو r osella Do r igo Ceccato "شخصية المحب في الدراما العربية الشعبية في بداية القرن العشرين."
د - إد دي مور Ed De Moo r "الإثارة الجنسية في القصة القصيرة المصرية".
هـ - انجليكا رامر Angelika r ahme r "تطور الوعي النسائي السياسي في القصص القصيرة للكاتبة ليلى العثمان".
و- ستيفان وايلد Stefan Wild "السيرة الذاتية لنزار قباني :صورة الجنس والموت والشعر".
المحاضرات
من الأمور اللافتة للانتباه كثرة المحاضرات في الجامعات الغربية ومراكز البحوث والمراكز الثقافية، وهو أمر يدل على الاهتمام بالعلم عموماً في المجتمعات الغربية وأن العلوم الاجتماعية والآداب من المجالات التي تلقى اهتماماً كبيراً في تلك البلاد. وفيما يأتي بعض النماذج لهذه المحاضرات في بعض الجامعات الأمريكية والبريطانية:
1- حنان الشيخ "النساء والحرب في لبنان المعاصر". ألقيت في 2نوفمبر 1994م.[66]
2- صلاح نيازي. "بداية الحركة الحديثة في الشعر في العراق" .ألقيت في 9يونيو 1997م في النادي العربي البريطاني.
3- متحف الكوفة ودار الساقي يحتفلان ببلند الحيدري في 21أكتوبر 1996.
4- محمد توفيق من جامعة ويستمنستر Westminste r معهد اللغات بالجامعة "فكرة الالتزام الإسلامي في الأدب العربي الحديث".
الخاتمة
هذا الموضوع الذي تجاوزت صفحاته الثلاثين صفحة يستحق أن يبحث في أكثر من رسالة ماجستير ودكتوراه، وإنني حتى ذلك الحين سأظل أدعو إلى إنشاء أقسام علمية في العالم الإسلامي لدراسة النشاطات الغربية في مجال الدراسات الإسلامية، ليس فقط لنرد عليهم ونتابع نشاطاتهم أو لنعرفهم أكثر ولنعرف ما يعرفون عنّا. ولكن لننتقل إلى الخطوة التالية وهي أن ننقل إليهم أدبنا العربي الإسلامي ليكون وسيلة فعالة من وسائل الدعوة. وسأظل أحلم أن يصبح لدينا في يوم من الأيام كليات للدراسات الأوروبية والأمريكية.
أما عن أهمية الأدب فإنني ما زلت أذكر خطيب جمعة في المدينة المنورة تحدث طيلة عام كامل عن سورة يوسف عليه السلام ولما أعجبني تناوله قمت باستنساخ عدة حلقات من تلك الدروس ونشرتها في ملحق التراث بجريدة المدينة المنورة.([67]) فقد أكد فضيلة الخطيب على أهمية القصة في الدعوة إلى الله وكانت رسالة عظيمة من منبر عظيم تدعو الأدباء والشعراء ليسخروا مواهبهم في الدعوة إلى الله. وكان مما قاله الشيخ القارئ "يا أهل الأدب، يا أهل الأقلام الأدبية هلا اقتحمتم هذا المجال، هذا المجال الشديد التأثير، مجال القصة، هلا خرجتم لنا بالقصة الإسلامية الهادفة التي تبني ولا تهدم، وتصلح ولا تخرب، وتعلم ولا تفسد."([68])ولا ننسى أبداً قول الرسو صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت رضي الله عنه (اهجهم ومعك روح القدس).
في الصفحات الماضية تناولت اهتمام الاستشراق المعاصر بالأدب العربي الحديث وأوضحت أن هذا الاهتمام موجود ولكنه ليس كافياً بالإضافة إلى تحيزه واهتمامه بجوانب معينة من هذا الأدب تلك التي تدعو إلى محاربة قيم الأمة الإسلامية وأخلاقها ومسلماتها وثوابتها. والتي تدعو إلى تشويه التاريخ الإسلامي كما في كتابات جورجي زيدان وأمثاله.(25/306)
وأوضحت في الصفحات السابقة الاهتمام بلغة الأدب والاستمرار في الدعوة إلى العامية وإلى الشعر الحر أو المنثور وغير ذلك من صور الكتابة الحديثة وقدمت بعض النماذج لاهتمام أقسام الدراسات العربية والإسلامية ومراكز البحوث في الغرب بالأدب العربي وتركيزها على الأدب المتغرب والأدباء الذين لا يتصفون بالأصالة والمحافظة على قيم الأمة الإسلامية.
إننا بحاجة إلى مزيد من الدراسة لهذا المجال شريطة أن لا نتوقف عند معرفة ما يدرسون وكيف يدرسون ما يدرسون بل ننتقل إلى الفعل ولا نكون أصحاب رد الفعل فقط.ولا بد أن نشجع الأدب المحترم الذي يتمسك بمسلمات الأمة الإسلامية من قيم وأخلاق ومبادئ وأن نكشف المؤامرات والتخطيط الذي يحارب الأمة في أعز ما تملك عقيدتها ولغتها وقيمها وأخلاقها.
فالأدب ليس ترفاً ولكنه جزء مهم وخطير من الحياة وإننا في الوقت الذي نهتم فيه بالعلوم والتقنية يغزونا العالم عن طريق الأدب وعن طريق الكلمة. وأختم بالقول بأن الأنبياء والرسل عليهم صلوات الله وسلامه إنما جاءوا بالكلمة أولاً والكلمة كما جاء في الحديث الشريف إمّا أن تكون من رضوان الله أو من سخط الله فهل يحرص المسلم على الأولى ويحذر الثانية. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المراجع
- أبو زيد، أحمد. الهجوم على الإسلام في الروايات الأدبية. مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي، 1415، سلسلة كتاب دعوة الحق العدد 145، محرم 1415هـ.
- أبو خليل، شوفي. جرجي زيدان في الميزان.ط3(مصورة عن ط2) دمشق:دار الفكر 1403.
- بدين ، إدوارد. " ترجمة الأدب العربي الحديث إلى الألمانية في سويسرا." في الاستشراق، بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، عدد 4، شباط 1990.ص 216-219.
- بلاشير، رجيس. تاريخ الأدب العربي.ترجمة إبراهيم الكيلاني. تونس: الدار التونسية للنشر،والجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب، 1986م.ج1.
- == . " التلقي الأمريكي للأدب العربي. في الاستشراق، بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، ع2 شباط 1987م. ص 71-76.
- حمدان ، عاصم. " لماذا ومتى يهتم الأوروبيون بتراثنا." في صحيفة المدينة المنورة، 22/11/1408(ملحق التراث)
- ==دراسات مقارنة بين الأدبين العربي والغربي.المدينة المنورة : نادي المدينة المنورة الأدبي، 1418هـ./1997م.
- ==. أدونيس والفلسفات المادية الضالة." في المسلمون، عدد 518في 15شعبان 1415.
- حمدون، أحمد محمد. " وقفات استقرائية حول جهود المستشرقين في الأدب العربي." في المنهل، عدد 471رمضان/شوال 1409هـ أبريل/مايو 1989م ص 168-186.
- ركيبي، عبد الله .الفرنكفونية مشرقاً ومغرباً. الجزائر: دار الأمة 1993.
- الزهراني، عبد العزيز عطية. "قبيلة أدونيس" في رسالة الجامعة (جامعة الملك سعود) عدد558، 3ذ1و القعدة 1415.
- سمايلوفيتش، أحمد. فلسفة الاستشراق وأثرها في الأدب العربي المعاصر. القاهرة: المؤلف، بدون تاريخ .
- شاكر، محمود. رسالة في الطريق إلى ثقافتنا. جدة:دار المدني. 1407هـ/1987م.
- الصباحية. " جائزة لأدب الوقاحة." ،21جمادى الآخرة 1412.
- الشرق الأوسط. " الأصالة والحداثة في الأدب العربي -ندوة جامعة اكستر" ع (5765)10سبتمبر 1994م.
- صلاح الدين، محمد." اجتهاد المرتدين " في صحيفة المدينة المنورة.ع (12219) 11جمادى الأولى 1417الموافق 23سبتمبر 1996م.
- الطعمة، صالح جواد. الشعر العربي الحديث مترجماً. الرياض: نادي الرياض الأدبي، 1401هـ/1981م.
- العجيمي، محمد ناصر. " المنهج المبتور في قراءات التراث العربي الشعري:كمال أبو ديب أنموذجاً." بحث ألقي في الندوة الدولية بعنوان (التراث وقضية المنهج ) التي عقدت في مدرسة المعلمين العليا في سوسة بتونس 3و4شعبان 1408هـ الموافق 10 و11 مارس 1989م.
- العزب، محمد أحمد. " الدراسات الاستشراقية والأدب العربي ." في القافلة. رجب 1407هـ.ص 4-6.
- العشماوي، عبد الرحمن. وقفة مع جرجي زيدان. الرياض: مكتبة العبيكان، 1414هـ /1993م.
- فاضل، جهاد. " مقارنة بين نزار قباني وأدونيس" في الرياض. عدد 10477،22شوال 1417 الموافق 1مارس 1997م.
- قارىء ، عبد العزيز. رسالة إلى حملة الأقلام وإلى الموجهين والمربين " خطبة جمعة في مسجد قباء في المدينة المنورة ، أعدها للنشر مازن مطبقاني وراجعها الشيخ نفسه. في المدينة المنورة ، عدد 7997، 27جمادى الأولى 1412هـ. ملحق التراث.
- قشطيني، خالد . " موت الشعر" في الشرق الأوسط. عدد 5902، 25يناير 1995.
- مجلة العالم العربي الحديث في البحث العلمي. عدد 3، صيف 1994.عرض كتاب بدوي مصطفى :تاريخ موجز للأدب العربي الحديث( أكسفورد:كلاندون برس 1993م)
- محمد، أحمد نظمي. " موقف الاستشراق بين الفصحى والعامية." في الاستشراق. بغداد:دار الشؤون الثقافية العامة عدد 4 فبراير 1990م ص 98-105.
- المشاهد السياسي." حول قصيدة النثر ". الأعداد 56و57 6-12و13-19 أبريل 1997م.
- المصباحي، حسونة." حوار مع د. ريجينا قرشولي المستشرقة الألمانية." في مجلة المجلة. عدد 684، 17-23مارس 1993.(25/307)
- مطبقاني، مازن . "جائزة أدبية لأدب الوقاحة." في عكاظ. عدد 9970في 6جمادى الآخرة 1414هـ.الموافق 19نوفمبر 1993م.
المراجع الأجنبية:
- Accad, Evelyne. " r eview of Fadwa's Book Men, Women and God (Gods)". In Al صلى الله عليه وسلمaidah.Vol. 13, No. 13/14 Summe r / Fall 1996.
- Altoma, Saleh. " The r eception of Najib Mahfouz in Ame r ican Publications. In Compa r ative and Gene r al Lite r atu r e. Bloomington: Indiana Unive r sity P r ess, 1993 p.p. 164-177.
- Cent r e of Nea r and Middle East Studies. List of Membe r s 1995-1996.Tuscon: Middle East Studies Association.
- Cente r of Middle East Studies Calenda صلى الله عليه وسلم (Ha r va r d Unive r sity) Novembe r 1, 1994.
- Edited Wo r ks & Collections 1991. Tuscon : MESA 1991.
- Fe r nea, Elizabeth. " A Woman's Book Fai r in Cai r o." In The r eview (Amews).Vol. XI, No. 1, Ma r ch 1996. P. p. 1-3.
- List of Membe r s 1995-1996. London: Cent r e of Nea r And Middle East Studies.
- Middle East Events in London. London: Cent r e fo r Nea r and Middle Easte r n Studies , Unive r sity of London, School of O r iental and Af r ican Studies. Septembe r 1992.
- == July 1995.
- Milani, Fa r zaneh. " r eview of Hanan al-Shaysh's book My Life Sto r ies." In Association of Middle East Women Studies The r eview. Vol. XI, No. 4, Decembe r 1994.
- Cook, Mi r iam. " A Symposium on Women W r ite r s in Damascus". In Middle East Women's Studies r eview. Vol. XI, No.3, Septembe r 1996.
- Middle East Events in London. London: Society fo r Nea r and Middle East Studies, Septembe r 1992.
- P r oceedings of the Colloquium on Logos, Ethos, Mythos in the Middle East and No r th Af r ica- The A r abist. Budapest Studies in A r abic. 1997.
- The Cente r Exchange. Kevokian Cente r fo r Middle Studies. (New Yo r k Unive r sity). Vol. VI, No. 3 Sp r ing 1997.
- The r eview (AMEWS). Vol. X, No. 1, Ma r ch 1995.
- الحواشي :
[1] -أحمد سمايلوفيتش . فلسفة الاستشراق وأثرها في الأدب العربي المعاصر. (القاهرة : المؤلف، بدون تاريخ) ص492.
[2] -عاصم حمدان. "لماذا ومتى يهتم الأوروبيون بتراثنا." في صحيفة المدينة المنورة ، 32/11/1408هـ ، (ملحق التراث) انظر أيضا كتاباً صدر للمؤلف حديثاً بعنوان دراسات مقارنة بين الأدبين العربي والغربي . المدينة المنورة ، نادي المدينة المنورة الأدبي ، 1418، 1997، الصفحات 39 ومابعدها.
[3] -المرجع نفسه.
[4] - سمايلوفيتش، مرجع سابق ص 509.
[5] -صالح جواد الطعمة . الشعر العربي الحديث مترجماً.(الرياض: النادي الأدبي ن 1401-1981م) ص 10.
[6] -صالح الطعمة. " التلقي الأمريكي للأدب العربي " في الاستشراق ( بغداد :دار الشؤون الثقافية العامة ) ع2 شباط 1987م.ص 71-76.
[7]-Saleh J. Altoma. "The r eception of Najib Mahfouz in Ame r ican Publications." In Compa r ative and Gene r al Lite r atu r e. (Bloomington: Indiana Unive r sity P r ess, 1993) p.p. 164-177.
[8] -Edwa r d Said. O r ientalism. (
[9]-الطعمة، بحثه عن نجيب محفوظ بالغة الإنجليزية ( مرجع سابق) ص 164 ويشير فيه إلى بعض الباحثين الغربيين من أمثال فاولزFowles وكيسلر Kessle r و هوروتز Ho r witz وغيرهم.
[10] -Toma, Op., cit. Quoting Geo r ge Young. Egypt. (London: E. Benn, 1972 p.284-285.
[11] -إدوارد بدين. " ترجمة الأدب العربي الحديث إلى الألمانية في سويسرا." في الاستشراق. (بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة ) ع4 شباط 1990ص 216-219.
[12] - محمد احمد حمدون." وقفات استقرائية حول جهود المستشرقين في الأدب العربي ." في المنهل ، عدد 471 رمضان/شوال 1409 أبريل /مايو 1989 ص 168-186.
[13] - رجيس بلاشير . تاريخ الأدب العربي . ترجمة إبراهيم الكيلاني ( تونس :الدار التونسية للنشر ، والجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب، 1986)ج1، ص 14.
[14] -محمد احمد العزب." الدراسات الاستشراقية والأدب العربي." في القافلة ، رجب 1407.ص 4-6.
[15] - انظر كتاب محمود شاكر . رسالة في الطريق إلى ثقافتنا. (جدة : دار المدني، 1407، 1987)
[16] - " حوار مع د. ريجينا قرشولي المستشرقة الألمانية " أجرى الحوار حسونة المصباحي . في مجلة المجلة. ع 684، 17-23مارس 1993.
[17] -المرجع نفسه . ويلاحظ أنه كان مع المستشرقة في أثناء إجراء اللقاء أدونيس وقد التقطت لها صورة معه ومع عيسى علاونة .
[18] - " عرض كتاب بدوي مصطفي : تاريخ موجز للأدب العربي الحديث (أكسفورد :كلاندون برس ،1993) في مجلة العالم العربي الحديث في البحث العلمي.ع 3، صيف 1994.ص 63.
[19] - أحمد أبو زيد. الهجوم على الإسلام في الروايات الأدبية..(مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي ، 1405) سلسلة كتاب دعوة الحق عدد 145. محرم 1415.ص 71(25/308)
[20] -المرجع نفسه ص 90.كانت روايات نجيب محفوظ تتسلل إلى المملكة منذ أكثر من ثلاثين سنة ، وقد أتيح لي قراءة بعضها -وكنت حينها في المرحلة المتوسطة- وبخاصة الثلاثية وخان الخليلي وغيرها وما زلت أذكر أنها تركز على الغريزة الجنسية والمتع الحسية والسخرية دائماً بالمتدينين وبخاصة في المواجهة مع حكومة الثورة أيام عبد الناصر.
[21]- Al-Toma,. .O p., Cit. P 168
[22] - Ibid.
[23] - Ibid. P167.
[24] -الصباحية (لندن) في 21جمادى الآخرة 1412. وقد كتبت مقالة في صحيفة عكاظ عدد 9970في 6جمادى الآخرة 1414(19/11/1993) وكان المقالة بعنوان ( جائزة غربية لأدب الوقاحة) وقد كتبت أيضاً في ملحق التراث بجريدة المدينة المنورة بعنوان ( الفائزون بجوائز الغرب)
* - هذا المعهد مؤسسة غير ربحية مسجلة في بريطانيا وهو أيضاً مؤسسة تعليمية خيرية بريطانية ،تحصل هذه المؤسسة على مساعدة مالية من مجلس الفنون البريطاني ، ومجلس مدينة وستمنستر ،ومعهد الفيلم البريطاني ومؤسسة راين r ayne ، ومن أهداف هذا المعهد توفير المكان للتعبير عن وجهات النظر المتعددة. وهذه الآراء هي أراء الفنّانين والكتاب وكتّاب الدراما وصنّاع الأفلام ، ولا تمثل بالضرورة آراء المعهد.
[25] -Middle East Events in London. Septembe r 1992.
** - قام بنشر الجزء الثاني والثالث. وقد كانت كتبه معروضة في معرض دولي للكتاب في تونس .
[26] - تقدمت لدار الساقي بلندن لطباعة رسالتي للدكتوراه حول المستشرق البريطاني الأصل الأمريكي الجنسية اليهودي الملة وصاحب النزعة الصهيونية العنيفة فرفضت نشرها بحج أن مثل موضوعاتي لا تهمهم ، ولما وجدت بعد مدة انهم نشروا كتابات محمد شكري حمدت الله عز وجل أن لم يجعل كتابي وكتاب محمد شكري يصدران عن دار نشر واحدة.
[27] -عبد الله ركيبي. الفرنكفونية : مشرقاً ومغرباً.(الجزائر: دار الأمة ، 1993) ص 94.
[28] -المرجع نفسه ، صفحة 91-92.
تنشر صحيفة الشرق الأوسط (فبراير 1998) حول الفرنكفونية وفيها تأكيدات إلى الاهتمام بما يكتبه الكتاب العرب بعامة والمغاربة بخاصة باللغة الفرنسية. وان الجهات الرسمية تدعم الكتاب باللغة الفرنسية بينما لا يجد الكتاب العربي ما يستحقه من الدعم. وهذا أمر مدهش ففي الوقت الذي تحاول الدول التمسك بهويتها الخاصة القومية أو الدينية أو الإثنية فإننا في العالم العربي نجد من يحارب هويتنا العربية الإسلامية.
[29] -سمايلوفيتش ، مرجع سابق، ص 668 نقلاً عن عثمان أمين . فلسفة اللغة العربي ( القاهرة : الدار المصرية للتأليف ، 1965)ص3-4. وقد ذكر مراجع أخرى مهمة في هذا المجال منها كتاب عائشة عبد الرحمن لغتنا والحياة، وكتاب نفوسة زكريا سعيد .تاريخ الدعوة إلى العامية وآثارها في مصر. وكتاب محمود تيمور .مشكلات اللغة العربية وغيرهم.
[30] - التقيت به أثناء زيارتي لجامعة كليفورنيا في بيركلي وحصلت منه على سيرته الذاتية. كما سمعت منه بعض المعلومات عن معرفته بالعامية التونسية.
* - وصلتني المعلومات بالبريد اليوم 5 رجب 1418 من جامعة جوجتاون بواشنطن العاصمة .
[31] - أحمد نظمي محمد ." موقف الاستشراق بين الفصحى والعامية." في الاستشراق ( بغداد :دار الشؤون الثقافية العامة) ع4 شباط 1990.ص 98-105.
[32] - Cente r of Nea r & Middle East Studies List of Membe r s 1995-1996.(Tucson: Middle East Studies Association)
[33] -طعمة. الشعر العربي الحديث مترجماً ، مرجع سابق ص 10.
[34] -سمايلوفيتش، فلسفة الاستشراق ، مرجع سابق ص 538.
[35] -جهاد فاضل." مقارنة بين نزار قباني وأدونيس" في الرياض. عدد 10477، 22شوال 1417، 1مارس 1997.
[36] - Mi r iam Cooke. " A Symposium on Women W r ite r s in Damascus." In Middle East Women's Studies r eview. Vol. XI, No. 3 Septembe r 1996.
[37] -عاصم حمدان ." أدونيس والفلسفات المادية الضالة"في المسلمون ،عدد 518 في 15شبعان 1415. وانظر أيضا كتاب الدكتور محمد خضر عريف .الحداثة :مناقشة هادئة لقضية ساخنة. وقبله كتاب عوض القرني .الحداثة في ميزان الإسلام. وكتاب جمعان الزهراني أسلوب جديد لحرب الإسلام.، وكذلك كتب الدكتور عدنان النحوي، ومقالات أحمد الشيباني رحمه الله .
[38] صلى الله عليه وسلمoge r Allen. " A r abic Lite r atu r e and the Nobel P r ize." In Wo r ld Lite r atu r e Today 63(1989): 5-7. Quoted in Al-Toma. Op., Cit.
[39] - عبد العزيز عطية الزهراني. " قبيلة أدونيس." في رسالة الجامعة (نشرة يصدرها قسم الإعلام بجامعة الملك سعود بالرياض) عدد 558 في 3 ذي القعدة 1415.
[40] -خالد قشطيني. " موت الشعر " في الشرق الأوسط. ع 5902 في 25 يناير 1995. وفي كتاب الحداثة في الميزان ، تفصيل لمن أراد حول درويش وأمثاله.
[41] -شوقي أبو خليل.جرجي زيدان في الميزان .ط3 مصوّرة عن الطبعة الثانية (دمشق :دار الفكر 1403،) ص7.(25/309)
[42] - انظر كتاب عبد الرحمن العشماوي .وقفة مع جورجي زيدان ( الرياض : مكتبة العبيكان ، 1414،1993م) وانظر كذلك مقدمة الدكتور السيد محمد الوكيل لكتاب نبش الهذيان من تاريخ جورجي زيدان تأليف أمين بن حسن الحلواني المدني (ت 1316هـ.، تحقيق مازن مطبقاني ( المدينة المنورة :مكتبة ابن القيم ، 1410)
[43] - مكتبة قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة برنستون، والتحقيق الصحفي حول أبرز الكتب في المئة سنة الماضية نشر في الشرق الأوسط
[44] -Me r iam Cooke. Op., Cit. عرضت قناة فضائية لبنانية لقاءً مع الكاتبة كوليت خوري استمر أكثر من ساعة واستشهد القناة برأي سعيد عقل الذي أشاد ب" عظمة كوليت خوري" وفي هذا اللقاء أكدت أنها تدعو إلى استقلال المرأة عن الرجل وأن يكون لها الحق في العمل لتحقق الاستقلال الاقتصادي، وكانت تتحدث بقوة عن هذه القناعات .وكان هذا اللقاء في أواخر شهر جمادى الآخرة 1418.
[45] -Ibid.
[46] - Fa r zaneh Milani. " r eview of Hanan al-Shaykh book My Life Sto r ies." In AMEWS The r eview. Vol. IX, No. 4, Decembe r 1994.
[47] -المرجع نفسه .
[48] -Evelyne Accad. " r eview of Fadwa's book Men, Women and God( Gods). In Al صلى الله عليه وسلمaidah. Vol.13, No. 14/15 Summe r / Fall 1996. P. 63.
[49] -Elizabeth Fe r nea. " A Woman's Book Fai r in Cai r o! " In The r eview (Amews) Vol. XI, No. 1, Ma r ch 1996. Pp.1-3.
[50] - Ibid. ومن اللافت للنظر أن الأديبة التي تنادي بحرية المرأة كانت من أعضاء لجنة انتخاب ملكة جمال لبنان عام 1997 التي جرت في شهر أكتوبر ، فكيف يتفق هذا مع دعوتها لتحرير المرأة ؟ هل هو تحريرها من القيم والمثل والأخلاق ؟
[51] -خالد أبو نجم ،" حوار مع المستشرقة البولندية صاحبة الاهتمامات المتجذرة في الصحراء." في السياسية ( الكويت)عدد 1581-1957، 8 شعبان 1417(18 ديسمبر 1996) .
[52] -الحياة ، عدد( 12379) 9رمضان 1417،(18 يناير 1997)
[54] - Middle East Events in London, Septembe r 1992.
[55] -انظر أعداد مجلة المشاهد السياسي. العدد56 و57، 13-19 ، و 6-12نيسان 1997 وأعداد أخرى.
[56] -سورة التوبة آية 118.
* - من الذين اهتم بهم الغرب سلمان رشدي وإن كان مقيماً أصلاً في الغرب لكنه سمح له أن يقابل أعلى المسؤولين في الحكومات الغربية ، وتنفق بريطانيا ملايين الدولارات سنوياً لحمايته بعد فتوى الخميني المشهورة. ومن هؤلاء تسليمه نسرين التي تحدث بشأنها كلاوس كينيكل وزير خارجية ألمانيا ورئيس الاتحاد الأوروبي في أحد دوراته مطالباً حكومة بنجلاديش بالسماح لها بمغادرة البلاد، ومن هؤلاء نصر حامد أبو زيد الذي استضافته جامعة ليدن أستاذاً زائراً - في حين تشتكي الجامعة من قلة الموارد المالية - فهل بعد هذا دليل على اهتمامهم بالمنحرفين من أبناء الأمة الإسلامية وأن " التاريخ يعيد نفسه " في بعض الصور.
[57] -Cente r of Nea r & Middle East Studies : List of Membe r s. 1995- 1996.
[58] -محمد الناصر العجيمي . "المنهج المبتور في قراءة التراث العربي الشعري: كما أبو ديب أنموذجاً" في الندوة الدولية التي عقدت بدار المعلمين العليا بمدينة سوسة التونسية في 3و4 شعبان 1408(10و11مارس 1989م) بعنوان ( التراث وقضية المنهج.)
[59] -محمد صلاح الدين ." اجتهاد المرتدين." في صحيفة المدينة المنورة " ع (12219) 11جمادى الأولى 1417 الموافق 23سبتمبر 1996.
[60] - Kevokian Cente r fo r Middle East Studies (New Yo r k Unive r sity). The Cente r Exchange. Sp r ing 1997, Vol. VI, No. 3.
[61] -الشرق الأوسط، ع ( 5765) في 10 سبتمبر 1994.
[62] -P r oceedings of The Colloquium on Logos, Ethos, Mythos in the Middle East & No r th Af r ica -The A r abist : Budapest Studies in A r abic 17.P 133.
[63] -The r eview( Amews) Vol. X, No. 1 Ma r ch 1995.
[64] - Edited Wo r ks & Collections 1991. MESA publications.
[65] - Ibid.
[66] Cente r of Middle East Studies Calenda r , (Ha r va r d Unive r sity) Novembe r 1, 1994.
[67] - عبد العزيز قارئ . " رسالة إلى حملة الأقلام والى الموجهين والمربين " إعداد مازن مطبقاني، في المدينة المنورة: ملحق التراث، عدد 7997، في 27جمادى الأولى 1412.
[68] -المرجع نفسه.
================(25/310)
(25/311)
القضايا المعاصرة >
ولئن انتهى الاستشراق في شكله التقليدي القديم فإنه غير جلدته ليناسب المرحلة الجديدة التي تفتحت الأعين في العالم الإسلامي على الدراسات الاستشراقية. ومع استمرار الاهتمام بالقضايا الاستشراقية التقليدية كدراسة العلوم الإسلامية المختلفة، كالقرآن الكريم، والحديث الشريف، والفقه، والتاريخ الإسلامي واللغة العربة وآدابها فإن الموضوعات الجديدة التي أصبحت تحتل مساحة مهمة هي ما يمكن أن نطلق عليه العالم الإسلامي المعاصر، أو قضايا العالم الإسلامي المعاصرة. ومن أول القضايا المعاصرة الاستمرار في دراسة العقيدة الإسلامية ومدى تمسك المسلمين بها، إن العقيدة الإسلامية هي المحرك الأساس لحياة الأمة الإسلامية، وتعتمد قدرة الغرب على السيطرة على العالم الإسلامي على مدى قرب المسلمين من عقيدتهم أو بعدهم عنها، فكلما كان المسلمون أقوى عقيدة وإيماناً ضعفت فرص الغرب في الهيمنة والنفوذ. فالإسلام دين لا يقبل أن يكون تابعاً ولا خانعاً ومما يدعو الغربيين لدراسة العقيدة الإسلامية بروز تيار الصحوة الإسلامية وازدياد ظاهرة العودة إلى الإسلام في أنحاء العالم الإسلامي، وكذلك إقبال أعداد متزايدة من النصارى على الدخول في دين الله ومعرفة العقيدة الإسلامية، ونفصل ما قلنا في النقط التالية:
دراسة المجتمعات الإسلامية المعاصرة >
ومن القضايا المعاصرة الدراسات الغربية حول الأوضاع السياسية للعالم الإسلامي، فقد بلغ عدد الدول الإسلامية اثنتين وخمسين دولة مما يجعل هذا الوضع قريباً مما شهده العالم الإسلامي إبّان ما كان يسمى بعهد ملوك الطوائف، وهذه الدول ينبغي في نظر الغرب أن تبقى متفرقة، وأن تتم دراستها وحدها أو وضعها في مجموعات لتسهيل دراستها والإلمام بكل شؤونها، ويلاحظ أن المؤسسة الإسلامية بمدينة ليستر البريطانية تصدر دورية مهمة تتابع ما يكتب في الغرب حول العالم الإسلامي فتفرد عنوانا خاصا بكل دولة.
وتشمل الدراسات السياسية نشأة هذه الدول وأنواع حكوماتها وسياساتها الداخلية وعلاقاتها الخارجية، والعلاقات بين الحكومات وشعوبها، وتتضمن هذه الدراسات رصداً لأبرز الشخصيات السياسية والعلمية والإسلامية بصفة خاصة.
ويهتم الاستشراق المعاصر أيضا بالأوضاع الاقتصادية من حيث الثروات الطبيعية أو المعدنية التي توجد في العالم الإسلامي، وهذه الثروات التي يتطلع الغرب إلى أن يظل مهيمناً عليها تصنيعاً وتسويقا، ولا يبقى للبلاد الإسلامية إلا الاستهلاك وبعض المال الذي سرعان ما يضخ في الاقتصاد الأوروبي لأننا اقتنعنا أن الاستثمار عندهم بأتي بعائد كبير، وهم يفتعلون بين الحين والآخر هزات اقتصادية هنا وهناك لإضاعة هذه المكتسبات الوهمية.
وتركز الدراسات الاقتصادية على إبقاء الدول الإسلامية في حد الفقر بإغراقها بالديون التي بلغت أرقامها أرقاماً فلكية عدا عن الفوائد الربوية التي تعجز كثير من الدول عن سدادها فما بالك بأصل الدين.
ومن أبرز الموضوعات التي يتناولها المستشرقون في دراساتهم الاجتماعية موضوع المرأة ومكانتها في المجتمعات الإسلامية، فيقدمون أحياناً صورة واضحة لمكانة المرأة قد تحمل كثيراً من الحقيقة، ولكنهم يقدمون تفسيرات لبعض الظواهر بناءً على خلفيتهم الثقافية، ولكنهم لا يتوقفون عند حد المعرفة بل يريدون للمرأة المسلمة أن تتحول إلى مسخ من المرأة الغربية، ويؤكد هذا الاحتفال الكبير الذي لقيه كل من كتب عن المرأة المسلمة من المسلمين انطلاقاً من وجهة النظر الغربية، ومن هؤلاء قاسم أمين في كتابه (تحرير المرأة) وكتابه (المرأة الجديدة)، وظهر في تونس كاتب آخر تشبه كتابته ما كتبه قاسم أمين هو الطاهر الحداد في كتابه (امرأتنا أمام الشريعة والمجتمع).
ومما يساعد الغرب كثيراً على التعرف على حياتنا الاجتماعية الأعداد الكبيرة من الطلبة المبتعثين الذين يقدمون خلاصة جهدهم وعلمهم في رسائلهم الجامعية لنيل درجات الماجستير والدكتوراه، حيث يبحثون قضايا من المجتمعات الإسلامية لا يستطيع الغربيون الوصول الى المعلومات حولها
دراسة الصحوة الإسلامية >
يتردد في الكتابات العلمية وكذلك في وسائل الإعلام وصف الصحوة الإسلامية ب (الأصولية). وهي تسمية خادعة لأن "الأصولية" حركة نصرانية بروتستانتية ظهرت في العشرين من القرن الميلادي الحالي تنادي بالعودة إلى النصوص" المقدسة" والالتزام بها حرفياً. وهي دعوة إلى الجمود، كما إنها دعوة إلى محاربة المدنية الحديثة. ويلاحظ أن لليهود حركة أصولية مماثلة تنادي بمحاربة المادية المعاصرة ووسائل المدنية وتقنياتها!!
وإطلاق مصطلح "أصولية" على الحركات الإسلامية إنما هو من قبيل حرب النعوت والألقاب الذي يعد من وسائل الحرب وقد استخدمه المشركون في حربهم للرسو صلى الله عليه وسلم وكذلك استخدمه أعداء الأنبياء في كل زمن، فقد أطلق أعداء أحد الأنبياء على الذين اتبعوا نبيهم (أراذلنا) وأطلق على صلى الله عليه وسلم (مجنون، كاهن، شاعر، ساحر الخ).(25/312)
وهكذا فالحركة الإسلامية أو الصحوة الإسلامية لا يصح أن نطلق عليها أصولية بهذا المفهوم الغربي، فدعوة الحركة الإسلامية العودة إلى تطبيق الإسلام تطبيقا سليما إنما هي دعوة إلى الحركة والحياة، والدليل على أن المسلمين حينما طبقوا أصولهم كانوا هم أرقى أمة عرفها التاريخ ولن يعرف أمة أرقى من المسلمين، فحينما تمسك المسلمون بإسلامهم كانوا أمة العلم والحضارة، وقد كتب الملك البريطاني جورج الرابع إلى الخليفة المسلم يقول له "لقد سمعنا ما تتمتع به بلادكم من رقي وحضارة، وأرجو أن يتنازل سيادتكم بتشريف ابني وبناتي بالدراسة في مدارسكم والنهل من علومكم، وذيّل خطابه بعبارة 'خادمكم المطيع'.
وجاء الاستقلال ظاهرياً حيث تأكد الاحتلال الأجنبي أن لا يسلم الأمور حين خروجه إلاّ إلى فئة ترعى مصالحه وتحارب الحركات الإسلامية، بل إن الغرب كما يقول الأستاذ محمد قطب قام بعملية ما يسمى ب(صناعة الزعيم) حيث اختار بعض من تثقف ثقافة غربية وقام بمسلسلات النفي والسجن لهؤلاء أو الخطف من الجو ثم أعادهم لتنظر إليهم الجماهير على أنهم الأبطال المحررون فيتبعوهم .
ويهمني في هذا الإيجاز أن أتناول بعض النماذج من رصد الغربيين للحركات الإسلامية (الأصولية):
1- محاضر جلسات الكونجرس الأمريكي.
لقد استضاف الكونجرس الأمريكي على مدي ثلاثة أيام من سنة 1985م عدداً من الباحثين الأكاديميين من الجامعات الأمريكية لتقديم شهاداتهم أو رؤيتهم للحركات الإسلامية في العالم الإسلامي، واستعرض الكونجرس بعض الدراسات لباحثين لم يتمكنوا من الحضور. وجمعت محاضر هذه الجلسات في كتاب بلغ عدد صفحاته اثنتين وأربعين وأربعمائة. وقد قام الدكتور أحمد خضر إبراهيم بترجمة جزء كبير من هذه المحاضر ونشرها على مدى خمسين حلقة في مجلة المجتمع قبل حرب الخليج الثانية، والمحاضر في لغتها الأصلية موجودة لدى مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.
2- كتاب الأصولية في العالم العربي.
تأليف ريتشارد هرير دكمجيان وترجمة الدكتور عبد الوارث سعيد ونشر دار الوفاء بالمنصورة (مصر)سنة1409م، والكتاب عمل مخابراتي في المقام الأول حيث يرصد نشاطات اثنتين وتسعين جماعة إسلامية في العالم العربي من خلال منشوراتها العلنية والسرية ومن خلال المقابلات الشخصية مع طائفة من المنتسبين إلى هذه الجماعات. ويشهد الواقع أن الباحث كان دقيقاً في كثير من المعلومات التي ضمها الكتاب، غير أن الكاتب بحكم خلفيته الغربية وأصله الأرميني انحرف في فهم بعض القضايا التي تتعلق بالصحوة، والكتاب في مجمله يستحق القراءة العميقة لأنه يقدم توصيات للحكومات الغربية وللحكومات العربية الإسلامية التي تسير في ركاب الغرب حول كيفية التعامل مع الحركات الإسلامية.
وقد صدرت في عام 1995م طبعة ثانية من الكتاب أضاف إليها المؤلف دراسات لعدد أكبر من الجماعات الإسلامية وصل إلى مائة وثماني جماعات، وقد تلقى المؤلف الدعم من الحكومة الأمريكية في دراسته في الطبعة الأولى وربما في الطبعة الثانية أيضاً، ويلاحظ أنه اهتم فقط بالجماعات التي تبدي معارضة للحكومات الإسلامية أما النشاطات الإسلامية والدعوة إلى العودة إلى الإسلام التي تعمل ضمن الأنظمة القائمة فلم يعر لها أي اهتمام.
3- المركز الأكاديمي الإسرائيلي للبحوث.
يذكر الدكتور أحمد عبد الحميد غراب أن هذا المركز قد أنشئ عام 1982م في القاهرة بناءً على مقررات معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، ويهدف المركز إلى تسهيل مهمة الباحثين اليهود للقيام بجمع المعلومات في مصر والاتصالات بالجامعات المصرية، كما يقوم المركز باستقطاب بعض الباحثين من مصريين وغيرهم لتقديم بحوثهم المتصلة بالمجتمعات العربية الإسلامية ويغدق عليهم من الأموال ما يغري ذوي النفوس الضعيفة للتعاون معه، ويقوم المركز بعقد ندوات أسبوعية وإصدارات نشرات تهدف إلى إثارة انبهار المسلمين بالتقدم العلمي والتقني في إسرائيل.
4- المخابرات المركزية الأمريكية.
قبل أكثر من عشر سنوات كانت جامعة هارفارد تنوي عقد ندوة عن الصحوة الإسلامية في العالم الإسلامي، وقبل بدء الندوة اكتشف أن المخابرات المركزية الأمريكية كانت ممولاً لهذه الندوة مما دعا الجامعة لإلغاء الندوة وفصل الأستاذ الجامعي الذي كان السبب في قبول هذا التمويل. وفي عام 1995م تنشر الشرق الأوسط على صدر صفحاتها نبأ دعوة المخابرات المركزية الأمريكية لعدد من أساتذة الجامعات لتقديم رؤيتهم لموضع الصحوة الإسلامية (الأصولية)، وقد انقسم الموقف بين أن تعامل الصحوة في جميع البلاد الإسلامية معاملة واحدة أو تعامل تلك الحركات التي تدعو إلى العنف معاملة مختلفة عما تعامل به الحركات السلمية.
أثر الاستشراق في العالم الإسلامي >(25/313)
قدّم الاستشراق خدمات كبيرة للغرب النصراني في خدمة أهدافه التي قام من أجلها من أهداف دينية وسياسية واقتصادية واستعمارية وثقافية، وحتى عندما استغنى الغرب عن مصطلح الاستشراق وأنشأ أقسام دراسات الشرق الأوسط أو الشرق الأدنى أو مراكز البحوث المختلفة فما زالت الأهداف القديمة موجودة. ولكنه في الوقت نفسه أثر تأثيرات سلبية في العالم الإسلامي في المجالات العقدية، والتشريعية، والسياسية، والاقتصادية والثقافية. وفيما يأتي أبرز هذه الآثار:
الآثار العقدية
من أبرز الآثار العقدية للاستشراق في العالم الإسلامي ظهور تيار من المفكرين والعلماء والسياسيين وحتى الناس العاديين أو العامة الذين نادوا بفصل الدين عن الحياة أو ما يطلق عليه العلمانية، فالعقيدة الإسلامية تربط كل مجالات الحياة بالإيمان بالله عز وجل وبالتصور العام الذي جاء به الإسلام للخالق سبحانه وتعالى والكون والإنسان. فلمّا كانت أوروبا قد وجدت الديانة النصرانية المحرفة تعيق تقدمها ونهضتها ظهر فيها التيار الذي أطلق عليه التنوير منادياً بفصل الدين عن الحياة أو قصر الدين على الشعائر التعبدية والعلاقة بين الله والإنسان، أما شؤون الحياة الأخرى من سياسة واقتصاد واجتماع فلا علاقة للدين به، ونظراً لأن أوروبا لم تعرف النصرانية الحقيقية أو الدين الذي جاء به عيسى عليه السلام بما أحدثه بولس فيها من تحريفات فإن ما ينطبق على أوروبا لا يمكن أن ينطبق على الإسلام.
ونهضت أوروبا نهضتها بمحاربة الدين والكنيسة، وبلغت الذروة في هذه الحرب في الثورة الفرنسية، وقد أثر الاستشراق في هذا المجال عن طريق البعثات العلمية التي انطلقت من العالم الإسلامي إلى فرنسا كما يقول الشيخ محمد الصبّاغ "إنّ إفساد الطلبة المبعوثين لم يكن ليتحقق في بلد من البلاد الأوروبية كما كان يمكن أن يتحقق في فرنسا التي خرجت من الثورة الفرنسية وهي تسبح في بحور من الفوضى الخلقية والفكرية والاجتماعية …من أجل ذلك كانت فرنسا محل البعثات."[1] فانطلقت هذه البعثات من تركيا ومن مصر ومن إيران ومن المغرب. وكانت هذه البعثات تحت إشراف مستشرقين فرنسيين، فمثلاً كانت البعثة المصرية تحت إشراف جونار، ويقول أحد المستشرقين عن البعثات الأولى أنها كانت لدراسة الهندسة والفنون الحربية، ولكن المعلمين الفرنسيين كانوا حريصين على أن ينقلوا إلى الطلاب المسلمين الآداب الفرنسية والثقافة الفرنسية[2] .
ومن تأثير الاستشراق في المجال العقدي الاهتمام المبالغ فيه بالصوفية وبخاصة تلك التي ابتعدت عن الكتاب والسنّة فتجدهم يجعلون لابن عربي مكانة خاصة في النشاطات الاستشراقية، ويجذبون أبناء المسلمين لمثل هذه الاهتمامات. كما أن من اهتمامات الاستشراق التي تدعو إلى الشكوك في نياتهم الاهتمام بالفرق المنحرفة كالرافضة والإسماعيلية وغيرها من الفرق، فيعطونها من وقتهم ومن دراساتهم ما تجعل الغريب عن الإسلام يظن أن هذا هو الإسلام.
وقد حرص الاستشراق والتنصير على إنشاء المدارس والجامعات الغربية في العالم الإسلامي، فمن ذلك الكلية الإنجيلية التي تحولت إلى الجامعة الأمريكية التي لها فروع في كل من القاهرة وبيروت واسطنبول ودبي، بالإضافة إلى كلية فيكتوريا (مدرسة ثانوية) والكلية الأمريكية في بيروت (مدرسة ثانوية) وقد زعم كرومر C r ome r في احتفال بمدرسة فيكتوريا بأن الهدف من هذه المدرسة وشبيهاتها تنشئة أجيال من أبناء المسلمين يكونون جسراً بين الثقافة الغربية ومواطنيهم المسلمين، ولعلها عبارة ملطّفة لتكوين جيل ممسوخ لا يعرف ثقافته ولا عقيدته.[3] وقد وصف الشيخ سعيد الزاهري التلاميذ الجزائريين الذين درسوا في المدارس الفرنسية في الجزائر -أطلق عليها خداعاً المدارس العربية- بأنهم لا يصلون ولا يصومون ولا يتحدثون اللغة العربية فيما بينهم، ولا يؤمنون بأن القرآن الكريم وحي من الله [4]"…
الآثار الاجتماعية
تعد الآثار الاجتماعية من أخطر الآثار التي ما زال الاستشراق حريصاً على تحقيقها في العالم الإسلامي. فقد اهتم المستشرقون بدراسة المجتمعات الإسلامية ومعرفتها معرفة وثيقة حتى يمكنهم أن يؤثروا فيها بنجاح. وإن دوافعهم لهذا تنطلق من النظرة الاستعلائية الغربية بأن المجتمعات الغربية وما ساد فيها من فلسفات ونظريات هي المجتمعات الأرقى في العالم. وقد تمكن الاستعمار بالتعاون مع الاستشراق في إحداث تغيرات اجتماعية كبيرة في البلاد التي وقعت تحت الاحتلال الغربي. ففي الجزائر مثلاً حطم الاستعمار الملكيات الجماعية أو المشاعة للأرض وذلك لتمزيق شمل القبائل التي كانت تعيش في جو من الانسجام والوئام.[5]
وقد تعاون الاستشراق والاستعمار على إحداث النزاعات بين أبناء البلاد الإسلامية بتشجيع النزعات الانفصالية، كما حدث في المغرب العربي أيضاً بتقسيم الشعب المغربي إلى عرب وبربر، والتركيز على فرنسة البربر وتعليمهم اللغة الفرنسية ونشر الحملات التنصيرية في ديارهم. وقد أنشأت الحكومة الفرنسية الأكاديمية البربرية في فرنسا لتشجيع هذه النزعة.(25/314)
ومن الجوانب الاجتماعية التي عمل فيها الاستشراق على التأثير في المجتمعات الإسلامية البنية الاجتماعية وبناء الأسرة والعلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمعات الإسلامية. فقد اهتم الاستشراق بتشويه مكانة المرأة في الإسلام، ونشر المزاعم عن اضطهاد الإسلام للمرأة وشجع الدعوات إلى التحرير المزعوم للمرأة التي ظهرت في كتابات قاسم أمين والطاهر الحداد ونوال السعداوي وهدى الشعراوي وغيرهم.
ويرى الدكتور محمد خليفة أن موقف الاستشراق من المرأة المسلمة نابع من وقوعه "تحت تأثير وضع المرأة الغربية أنها نموذج يجب أن يحتذي به، وان ما حققته من مساواة -في نظرهم- وحقوق يجب أن يتسع ليشمل المرأة المسلمة والمرأة الشرقية العامة…". ويضيف خليفة بأن الاستشراق يسعى "إلى تقويض وضع المرأة المسلمة داخل الأسرة على التمرد على النظام والخروج باسم الحرية وتصوير وضع المرأة المسلمة تصويراً مزيفاً لا يعكس الحقيقة."[6]
وقد أنشئت رابطة دراسات المرأة في الشرق الأوسط ضمن تنظيم رابطة دراسات الشرق الأوسط الأمريكية وهي التي تهتم بأوضاع المرأة المسلمة وتشجع اتجاهات التغريب من خلال مجلتها ربع السنوية واجتماعاتها في إطار المؤتمر السنوي لرابطة دراسات الشرق الأوسط وذلك بدعوة الباحثات المسلمات اللاتي يتبنين الأفكار الغربية من أمثال نوال السعداوي، وفاطمة المرنيسي وحنان الشيخ وغيرهن، ومن خلال تنظيم الندوات حول وضع المرأة المسلمة في المجتمعات الإسلامية.
و يقوم الاستشراق الإعلامي بدور بارز في الترويج للفكر الغربي في مجال المرأة ومن ذلك الصحافة الغربية والإذاعات الموجهة. فمن الكتب التي قدمت هيئة الإذاعة البريطانية عروضاً لها كتاب (ثمن الشرف) للكاتبة البريطانية الأصل جان جودون Jan Goodwin التي تناولت فيه دراسة أوضاع المرأة في خمس دول إسلامية هي الباكستان وأفغانستان والكويت ومصر والمملكة العربية السعودية. وقد خلطت الكاتبة فيه بين موقف الإسلام من المرأة وبعض التطبيقات الخاطئة في هذه الدول، ومن المعروف أن الإسلام حَكَمٌ على أهله وليس سلوك المسلمين حجة على الإسلام.
وقد قدمت إذاعة لندن في شهر جمادى الأولى تقريراً عن ندوة تعقد في إحدى الدول العربية حول موضوع المرأة وقدمت تصريحاً لمسؤول في تلك الدولة يزعم فيه أن بلاده وتركيا هما الدولتان الوحيدتان اللتان أصدرتا قوانين تحرّم تعدد الزوجات وتعطي المرأة كثيراً من الحقوق لمساواتها بالرجل. وإن التوازن في عرض وجهات النظر يقتضي أن تقدم الإذاعة من يتناول وجهة النظر الأخرى لمثل هذه التصريحات. وكانت الإذاعة قد قدمت تقريراً عن مؤتمر عقد في قطر للمرأة المسلمة وعرضت أخبار هذه الندوة بكثير من السخرية ومن ذلك وصفها لانتقال النساء في حافلات ذات ستائر غامقة اللون حتى لا يراهن أحد، بالإضافة إلى عبارات أخرى مليئة بالاستهزاء من موقف الإسلام من المرأة.
الآثار السياسية والاقتصادية
يزعم الغربيون أن الديموقراطية الغربية هي أفضل نظام توصل إليه البشر حتى الآن، ولذلك فهم يسعون إلى أن يسود هذا النظام العالم أجمع، ومن بين الدول التي يريدون لنظامهم أن يسودها البلاد الإسلامية، وقد سعوا إلى هذا من خلال عدة سبل وأبرزها هو انتقاد النظام السياسي الإسلامي. وقد ظهرت كتب كثيرة عن نظام الخلافة الإسلامي وافتروا على الخلفاء الراشدين بزعمهم أن وصول الصديق وعمر بن الخطاب y إلى الخلافة كان نتيجة لمؤامرة بين الاثنين.[7] وكتب مستشرقون آخرون زاعمين أن النظام السياسي الإسلامي نظام قائم على الاستبداد وفرض الخضوع والمذلة على الشعوب الإسلامية.[8] بل بالغ لويس في جعل النظام السياسي الإسلامي يشبه النظام الشيوعي في استبداده وطغيانه.[9]
وقد تأثرت بعض الدول العربية التي خضعت للاستعمار الغربي بالفكر السياسي الغربي بأن قامت باستيراد النظام البرلماني دون أن يتم إعداد الشعوب العربية لمثل هذه الأنظمة فكانت كما قال أحد المستشرقين بأن العرب استوردوا برلمانات معلبّة دون ورقة التعليمات.[10] وما زالت هذه البرلمانات في البلاد العربية يتحكم فيها الحزب الحاكم الذي لا بد أن يفوز بأغلبية المقاعد بأية طريقة كانت، ومع ذلك فما زال الغرب حريص على نشر الديموقراطية وقد كانت تصريحات الساسة الغربيين بأن (حرب الخليج الثانية) ستكون مناسبة لفرض الديموقراطية في العالم العربي وستكون البداية في الكويت.[11]
ومن الحقائق المثيرة للانتباه أن تركيا كانت من أقدم الدول الإسلامية تغرباً وتطبيقاً للنظام الديموقراطي ولكن عندما وصل الإسلاميون للحكم وانقلب السحر على الساحر -كما يقال- قلبت الدول الغربية لنظامهم الديموقراطي ظهر المجن وسعوا إلى تأييد العسكر في كبت الحريات ومصادرة الديموقراطية.(25/315)
أما في المجال الاقتصادي فإن الغرب سعى إلى نشر الفكر الاقتصادي الغربي الاشتراكي والرأسمالي وذلك بمحاربة النظام الاقتصادي الإسلامي وكما يقول محمد خليفة "إنّ المستشرقين في سعيهم للترويج للفكر الاقتصادي الغربي قاموا بإعادة تفسير التاريخ الاقتصادي الإسلامي من وجهة نظر الرأسمالية والشيوعية كنوع من التأصيل للنظريتين وتقديمهما على أنهما لا يمثلان خروجاً عن النظام الاقتصادي الإسلامي"[12]
وكان من نتائج الترويج للاشتراكية والرأسمالية في العالم الإسلامي أن انقسم العالم الإسلامي على نفسه فأصبح قسم منه يدور في الفلك الشيوعي والقسم الآخر في الفلك الرأسمالي، ولعل من طرائف المواقف الاستشراقية أن تسعى الدول الغربية إلى بث النظام الاشتراكي في بعض الدول العربية كما أشار أحد الباحثين بتدريس الاقتصاد الاشتراكي والترويج بأن التنمية الحقيقية في العالم العربي تتطلب تأميم وسائل الإنتاج، وأن الحرية الاقتصادية الغربية لا تناسب مراحل التنمية الأولى.[13]
وكان من تأثير الاستشراق أيضاً تشجيع الصناعة في البلاد الإسلامية دون الاستعداد الكافي لها، وإهمال قطاع الزراعة فقد اقتنع العالم العربي بأن النهضة الحقيقية إنما تكون في الصناعة، ولذلك أهملت الزراعة إهمالاً شبه كلي، مع أن نهضة الغرب الصناعية بدأت بالاهتمام بالزراعة وما زال الغرب يسيطر على إنتاج الحبوب والمواد الغذائية الأساسية في العالم.
الآثار الثقافية والفكرية
حقق الاستشراق نجاحاً كبيراً في التأثير في الحياة الثقافية والفكرية في العالم الإسلامي فبعد أن كان القرآن الكريم والسنّة المطهرة وتراث علماء الأمة الذين فهموا هذين المصدرين فهماً جيداً وعاش المسلمون على هدي من هذه المصادر في جميع مجالات الحياة أصبحت المصادر الغربية تدخل في التكوين الفكري والثقافي لهذه الأمة سواء أكان في نظرتها لكتاب ربها سبحانه وتعالى ولسنة نبيها أو للفقه أو للعلوم الشرعية الأخرى أو في منهجية فهم هذه المصادر ومنهجية التعامل معها كما أثر الفكر الغربي في المجالات الفكرية الأخرى كالتاريخ أو علم الاجتماع أو علم النفس أو علم الإنسان أو غيره من العلوم.
وقد استطاع الاستشراق تحقيق هذا النجاح بما توفر له من السيطرة على منابر الرأي في العالم الإسلامي فقد أنشأ الغرب العديد من المدارس كما أن العديد من أبناء الأمة الإسلامية تلقوا تعليمهم على أيدي المستشرقين في الجامعات الغربية (الأوروبية والأمريكية). ولمّا كانت بعض البلاد العربية والإسلامية خاضعة للاحتلال الأجنبي فقد مكّن لهؤلاء الذين تعلموا في مدارسه. فما زالت الصلة قوية فيما بين الطلبة الذين تخرجوا في كلية فيكتوريا بعد أن تسلم كثير منهم مناصب حساّسة في بلادهم.
ومن المنابر التي استطاع الغرب أن ينشر من خلالها الثقافة والفكر الغربيين وسائل الإعلام المختلفة من صحافة وإذاعة وتلفاز ونشر بأشكاله المتعددة. فقد أنشئت الصحف والمجلات التي تولى رئاسة تحريرها أو عملية الكتابة فيها كثير من الذين تشبعوا بالثقافة الغربية، وقد بذلوا جهوداً كبيرة للرفع من شأن تلاميذهم فهذا يطلق عليه (عميد الأدب العربي) وآخر يطلق عليه (أستاذ الجيل) وثالث يطلق عليه (الزعيم الوطني)[14] ومن هذه الصحف الأهرام ومجلات المقتطف وغيرهما من الصحف والمجلات، كما أنشؤوا المسارح والسينما، وأدخلوا إلى حياة الشعوب العربية الإسلامية فنون اللهو غير المباح من مراقص وغناء وغير ذلك.
وكان للاستشراق دوره في مجال الأدب شعراً ونثراً وقصة، فقد استغلت هذه الوسائل في نشر الفكر الغربي العلماني وبخاصة عن طريق ما سمي (الحداثة) التي تدعو إلى تحطيم السائد والموروث، وتفجير اللغة وتجاوز المقدس ونقد النصوص المقدسة. وقد استولى هؤلاء على العديد من المنابر العامة ولم يتيحوا لأحد سواهم أن يقدم وجهة نظر تخالفهم وإلاّ نعتوه بالتخلف والرجعية والتقليدية وغير ذلك من النعوت الجاهزة.
وقد انتشرت في البلاد العربية الإسلامية المذاهب الفكرية الغربية في جميع مجالات الحياة في السياسة والاقتصاد، وفي الأدب وفي الاجتماع. ففي السياسة ظهر من ينادي بالديموقراطية ويحارب الإسلام وفي الاقتصاد ظهر من تبنى الفكر الشيوعي والاشتراكي وفي الأدب ظهر من نادى بالنظريات الغربية في دراسة اللغة وفي الأدب وفي النقد الأدبي؟ وأخذ كثيرون بالنظريات الغربية في علم الاجتماع وفي التاريخ وفي علم النفس وفي علم الإنسان وغير ذلك من العلوم.[15]
- الحواشي :
[1] -محمد الصباغ . الابتعاث ومخاطره. ( دمشق: المكتب الإسلامي ،1398هـ-1978م، ص 29-30.
[2] -Be r na r d Lewis. " The Middle East Ve r sus The West." In Encounte صلى الله عليه وسلم Vol. Xxi, no.4 Octobe r 1963.pp. 21-29.
[3] - محمد محمد حسين . الإسلام والحضارة الغربية. ط5.(بيروت: مؤسسة الرسالة 1402-1982)ص 46.
[4] -محمد السعيد الزاهري. الإسلام في حاجة إلى دعاية وتبشير. (الجزائر:دار الكتب الجزائرية، بدون تاريخ)ص108(25/316)
[5] -مازن مطبقاني . " الحياة الاجتماعية في المغرب العربي بين الاستعمار والاستشراق." في المنهل( جدة) عدد471، م 50 رمضان /شوال 1409، ص 352-362.
[6] -محمد خليفة حسن. آثار الفكر الاستشراقي في المجتمعات الإسلامية . (القاهرة: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 1997) ص 64.
[7] -Thomas A r nold. The Caliphate. (Laho r e: 1966)p.25
[8] -Be r na r d Lewis." On The Quietist and Activist T r adition in Islamic Political W r iting. In Bulletin of S. O. A. S Vol. XLIX Pa r t 1, 1986.p.141.
[9] - B. Lewis." Communism and Islam. " in Inte r national Affai r s. Vol. 30, 1954.pp 1-12.
[10] -برنارد لويس . الغرب والشرق الأوسط. ترجمة نبيل صبحي.(القاهرة : المختار) ص79.
[11] - Washington Times, Feb r ua r y 2,1991.And Washington Post. Feb r ua r y 19,1991.
[12] -حسن ،مرجع سابق ص 79.
[13] - محمد قطب. واقعنا المعاصر. (جدة:مؤسسة المدينة المنورة للنشر والتوزيع، 1407هـ/1987م ) ص.324وما بعدها.
[14] - ناقش الأستاذ محمد قطب في كتابه واقعنا المعاصر مسألة صناعة الزعيم حيث يتحول الكفاح ضد المستعمر الأجنبي قضية وطنية وتراب وتحرر وليس جهاداً إسلامياً كما أراده الله .وقد نجحوا في صناعة الزعيم في العديد من البلاد العربية الإسلامية. كم أسهموا فيما أطلق عليه سرقة الثورات .
[15] -حسن ،مرجع سابق ، الفصل الخامس بعنوان ( الآثار السلبية للفكر الاستشراقي في المجال الثقافي والفكري)ص 87إلى 100.
============(25/317)
(25/318)
منهج المستشرق برناردلويس في دراسة الجوانب الفكرية في التاريخ الإسلامي
رسالة دكتوراه في الاستشراق الحديث والمعاصر
للدكتور مازن صلاح مطبقاني
كلية الدعوة - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
بالمدينة المنورة - رمضان 1414هـ
تحت إشراف
أ.د. محمد خليفة حسن أحمد
عرض وتقديم
د.خالد نعيم(*)
تتناول هذه الدراسة العلمية الجادة، مستشرقاً صليبياً من أبرز المستشرقين المعاصرين، وأخطرهم، وهو (برناردلويس)، الذي يعد بحق رأس المستشرقين حالياً، لما له من كتابات وبحوث ودراسات كثيرة جداً، ومعظمها في الدراسات العربية والإسلامية، ولأنه تناول على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان، الكتابة في موضوعات عديدة، ومتنوعة، مما يجعل الإنسان يشفق، على من يتصدى لدراسة هذا الكم الهائل، من كتابات ودراسات هذا المستشرق (برنارد لويس).
والحقيقة أنّ رسالة الباحث السعودي الجاد، (مازن مطبقاني)، تكتسب أهميتها من كونها تعالج موضوعاً جديداً، وخطيراً وشائكاً، حيث تتناول الدراسة، الأساليب العجيبة التي عالج بها (برناردلويس)، الجوانب الفكرية في التاريخ الإسلامي، وزين بها شبهات من سبقه من المستشرقين. فقد تتبع الباحث الجاد، هذه الأساليب تتبعاً دقيقاً، وتصدى له، فرصد له كل سمومه الإستشراقية؛ ففضح أهدافه الصهيونية، وأماط اللثام عن الكثير من أخطائه ودسائسه الخطيرة.
وبذلك تقدم الدراسة رؤية فكرية إسلامية جديدة، وواعية لمنهج هذا المستشرق الصليبي الصهيوني، الذي انخدع فيه كثير من مثقفينا العرب بأسلوبه الأدبي الجذاب، الذي يستخدمه في حالات كثيرة، عند تصديه للكتابة عن الفكر الإسلامي، كما تقدم الرسالة العلمية هذه نتائج وتحليلات وتوصيات فكرية واعية، من خلال ما توفر لدى مقدمها الباحث الجاد (مازن مطبقاني)، من وثائق خطية أصلية ـ تنشر لأول مرة ـ ، والكم الهائل من المصادر والمراجع والبحوث والدراسات العربية، والإفرنجية. وهي تميط اللثام ـ في نفس الوقت ـ عن الأهداف الخبيثة لهذا المستشرق المتعصب، بل وتكشف عن الكثير من أخطائه ومغالطاته المتعمدة، وخروجه عن منهج البحث العلمي.
وقد استطاع الباحث السعودي ـ مازن مطبقاني ـ استنطاق كل هذه الوثائق الخطية الأصلية، وغيرها من البحوث العلمية، بحرفيه المؤرخ المتمكن الواع، وبمصداقية يحسد عليها !! وقد وظف هذه الوثائق الخطية الأصلية؛ مع العديد من المصادر والمراجع والدراسات العربية والإفرنجية، والدراسات المتخصصة والمقالات الأخرى بالدوريات العربية والأجنبية؛ في موضوعه بشكل أضاف به الجديد إلى العلم ، ومن هنا كان تقدر اللجنة العلمية الموقرة، التي ناقشته ـ وكانت تتألف من أ.د. محمد خليفة حسن حمد (مشرفا) ، أ.د.حسنين ربيع (عضواً) ، د. محمد أبوالفتح البيانوني (عضواً) ؛ ومنحته درجة الدكتوراة مع مرتبة الشرف في الاستشراق الحديث والمعاصر .
وهذه الدراسة العلمية المتميزة ، تقع في(614) صفحة، من حجم الفلوسكاب، وتجيء في أربعة أبواب رئيسية؛ مقسمة داخلياً إلى فصول، وبعض الفصول إلى مباحث ؛ وخاتمة ضمنها الباحث نتائج دراسته، وقائمة ببلو جرافيه شاملة المصادر والمراجع والبحوث والدراسات والدوريات، العربية والإفرنجية، وملحق يحوي الوثائق الأصلية؛ وهي مجموعة رسائل خطية تبادلها الباحث مع المستشرق (برناردلويس)، ونص لحوار أجراه معه بجامعة (برنستون) بالولايات المتحدة، في 21 أكتوبر عام 1988م، وكذلك مجموعة رسائل خطية أخرى، تبادلها الباحث مع باحثين مسلمين تتلمذوا عل يد (لويس) أو درسوا كتاباته؛ وهذه الدراسة مسبوقة بمقدمة منهجية، عرض فيها الباحث لأهمية بحثه، وتعريف سريع لشخصية (برناردلويس )، والدراسات السابقة، ومنهج الدراسة وأقسامها البحثية. ولم يفت الباحث أن توجه بالشكر إلى كل الذين عاونوه في إنجاز هذا العمل العلمي الجاد.
ففي الباب الأول : والذي عنونه الباحث بـ (طبيعة الاستشراق الإنجليزي والاستشراق الأمريكي)
قد قسمه إلى ثلاثة فصول رئيسية، جاء (الفصل الأول ) منها بعنوان (طبيعة الاستشراق الإنجليزي والأمريكي)؛ وعرض فيه الباحث خفايا هذين التوجهين ، من الاستشراق ، والذي انتمى إليهما (برنارد لويس ) موضوع البحث .
ويجيء (الفصل الثاني) عن (ترجمة لبرنارد لويس)، حيث تناول فيه الباحث، مولده، ونشأته، وتعليمه والمنابع الفكرية لرؤيته الاستشراقية، وآثاره المختلفة. فقد أشار الباحث لانضمام (برنارد لويس) إلى صفوف القوات البريطانية التي أعارت خدماته بدورها إلى وزارة الخارجية، مع نشوب الحرب العالمية الثانية. فتمكن خلال هذه المرحلة من أن يعايش تجربة ارتباط الدراسات الاستشراقية بالسياسة.(25/319)
ثم عمل ـ بعد ذلك ـ في (جامعة لندن)، مدرساً للتاريخ ، ثم رئيساً لقسم تاريخ الشرق الأدنى، خلا الفترة (1957 ـ 1974) م؛ كما عمل أستاذاً زائراً في العديد من الجامعات الأمريكية ، خلال الفترة (1949ـ 1974م) ، وقرب نهاية عام 1974م هاجر إلى الولايات المتحدة، حيث عمل أستاذاً لتاريخ الشرق الأدنى، (بجامعة برنستون). وقد أتاحت له سنوات خدمته الطويلة، في التعليم الجامعي القيام بالإشراف على العديد من الرسائل العلمية (الماجستير والدكتوراة ) في التاريخ الإسلامي. كما تتلمذ عليه العديد من طلاب الدراسات الشرقية، في الغرب والشرق.
ويضيف الباحث قائلاً:(وفي عام 1986م وقع الاختيار على (برنارد لويس ) ليكون رئيساً (لمعهد الدراسات اليهودية ودراسات الشرق الأدنى) . وظل يمارس نشاطه التدريس حتى تقاعد في عام 1988م.
وأشار الباحث أن (برنارد لويس) خلال فترة تواجده بالولايات المتحدة (1975 ـ1986) عمل مستشاراً للجان الشؤون الخارجية ، بالكونجرس، مرات عديدة، حتى أصبح أحد كبار الأكاديمين، والمعلقين السياسيين، في شؤون (الشرق الأوسط)!! وقد نالت كتاباته عن (الإسلام) و (التاريخ الإسلامي) اهتماماً واسعاً في الشرق العربي الإسلامي ، حيث ترجمت بعض مؤلفاته إلى اللغة العربية والتركية والفارسية .
وقد جاء (الفصل الثالث) من هذا الباب ؛ بعنوان (دراسة تحليلية لكتابات برنارد لويس) ، حيث درس الباحث تلك الكتابات، التي لم يسبقه إليها باحث، حسب علمه، وقد جاء على رأسه هذه الكتابات لبرناردلويس (اكتشاف المسلمين أوربا)، الصادر له في عام 1982م، وهذا الكتاب جدير بالاهتمام بصورة خاصة ، لدى المفكرين والمثقفين العرب، لأن (برناردلويس ) حاول ـ كعالم غربي ـ أن يتفهم أسلوب تفكير الإنسان في العالم الإسلامي، وفي نفس الوقت حاول أن ينظر إلى تاريخ التقاء الثقافتين (الإسلامية والمسيحية) ، وأيضاً صراعاتهما ، بعيون المستشرق الصليبي ، بعيداً عن الموضوعية والمنهجية ، التي يدعيها كل المستشرقين الغربيين ، الذين كتبوا عن الإسلام والشرق ؛ بيد أن محاولة (لويس ) هذه لم تكلل بالنجاح من جميع النواحي .
وأما (الباب الثاني) والذي عنونه الباحث بـ (موقف برناردلويس من القرآن الكريم ، والحديث الشريف والعقيدة والفقه ) ؛ فقد قسمه الباحث إلى أربعة فصول رئيسية .
حيث جاء (الفصل الأول ) منها بعنوان (رؤية برنارد لويس للقرآن الكريم) ، فقد أشار الباحث أن (لويس ) خاض في موضوع لم يتخصص فيه ، ولذلك جاءت كل طروحاته سماً زعافاً ، ضد كتاب الله تعالى . فقد أخذ (لويس) يردد آراء وأقوال من سبقوه في الكتابة عن (القرآن الكريم ) ، من المستشرقين الصليبيين ، والذين وصفوا (القرآن الكريم) بأنه ـ والعياذ بالله ـ كما قال المستشرق الصليبي (ريكولدو) : "إن القرآن غير منطقي لأنه غير معزز بالمعجزات ، وذلك بسبب شرور وفسق المؤسس ، كذبه وتناقضه مع نفسه ؛ ولذا فهو جائر"!! وقد ورد هذا النص الخطير في كتاب المستشرق (نورمان دانييل) الإسلام والغرب ، والذي صدر في (أدنبره) عام 1960م ، لأول مرة ، وقد أعيد طبع هذا الكتاب عدة مرات ، في عام 1962،1966،1980م، وهو يقع في 448 صفحة ، من المقطع المتوسط .
وهكذا كانت طروحات (برناردلويس ) سما زعافاً ضد كتاب الله تعالى .
وجاء (الفصل الثاني) من هذا الباب بعنوان (رؤية برناردلويس حول الحديث الشريف) ، وقد أشار الباحث ـ كذلك ـ إلى أنه تخبط كثيراً في رؤيته للحديث الشريف ، حيث ردد آراء وأقوال من سبقوه ، كذلك كانت كتاباته في هذا الشأن قاصرة ، ولم يضيف جديداً ، لأنه لم يكن متخصصاً في هذا العلم .
وعنون الباحث (الفصل الثالث) بـ (رؤية برناردلويس حول العقيدة والفرق في التاريخ الإسلامي)؛ وقد أشار الباحث إلى أن لويس في هذا الفصل ، ردد أخطاء معظم المستشرقين الذين سبقوه ، في هذا الطرح حول الفرق في التاريخ الإسلامي ، مما جعل كتابات في هذا الموضوع تفتقد الأصالة العلمية ، علامة على أنه روج للشبه التي قال بها المستشرقون السابقون له . ولأنه لم يهتم بتوثيق معلوماته ، فإنه فقد مصداقيته لدى معظم الباحثين .
وأضاف (مازن مطبقاني) أن (برناردلويس ) تجاهل معنى (الحرية السياسية) التي زعم أنها مستوردة من الغرب ، ولم يفطن إلى أن الحرية في الإسلام ، إنما تنبثق عن التوحيد ، الذي يحرر المرأ من كل معبود (سوى الله سبحانه وتعالى ) . وهو في ذلك يتعمد التشويه للإسلام ، كعقيدة ، وتاريخه خاصة عندما يزعم (إن الإسلام ماهو إلا تحريف لليهودية) !! ونحن لا نستغرب هذا الرأي من (برناردلويس ) باعتباره يهودي متعصب للصهيونية العالمية .(25/320)
وجعل الباحث (الفصل الرابع) من هذا البابا (عن رؤية برناردلويس حول بعض قضايا الفقه الإسلامي) ، ونوه الباحث إلى أن (لويس) دس بعض السموم الاستشراقية الخطيرة ، في هذا الفصل والتي لا طعم لها ولا رائحة . وقد كان (مازن مطبقاني) بارعاً في فضحه خلال مناقشته لآرائه حول قضايا الفقه الإسلامي ؛ والتي دست في الدسم ، ويصعب على كثير من العلماء والمتخصصين كشفها أحياناً ، إذا لم توضع في المختبرات ، وتعمل فيها أيدي الخبراء ، وأدوات السبر الدقيقة .
وتحسب (لمازن مطبقاني) هذه الحرفية الواعية ، في كشف هذه السموم الاستشراقية .
وأما (الباب الثالث ) من هذه الدراسة القيمة ؛ فقد عنونه الباحث بـ(موقف برناردلويس ورؤيته للتاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية والمجتمع) ، وقسمه الباحث إلى سبعة فصول رئيسية ، تناول في (الفصل الأول) منه (موقف لويس من أحداث السيرة النبوية ) وأثبت الباحث في هذا الفصل أن المستشرق برناردلويس لم يلتزم بالموضوعية العلمية في دراسته للتاريخ الإسلامي ، إبتداء من (السيرة النبوية الشريفة) ، حيث راح يستخدم منهج التشكيك في معطيات سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كما أنه لم يتبين موقفاً إيجابياً واحداً ، تجاه شخصية الرسول الكريم ، r ، مؤكداً بعده عن الموضوعية ، بادعائه بل وإنكاره المطلق لوجود وثائق إسلامية يرجع إليها .
وفي (الفصل الثاني) الذي عنونه الباحث بـ(موقفه من الخلافة الراشدة) ؛ أثبت (مازن مطبقاني) أن المستشرق (برناردلويس ) يعتمد الكذب كأحد دعامات المنطلق التحليلي الاستشراقي في دراسته الحوادث التاريخية ، وأكد الباحث ـ كذلك ـ أن (لويس ) كرس حياته وجهده لتشويه كل ما هو إسلامي ، وللنيل من المسلمين تاريخاً وحاضراً وتراثاً ، كما أثبت (مازن مطبقاني) أن لويس أحد نماذج الاستشراق المرتبطة بالصليبية العالمية ، والمتخصصة في تشويه تاريخ الإسلام والمسلمين .
وقد أثار الباحث في (الفصل الثالث) الذي عنونه بـ(آراء لويس وشبهاته حول الفتوحات الإسلامية) ؛ إلى أن لويس ردد شبهات من سبقوه ، حول الفتوحات الإسلامية ، والجهاد في سبيل الله .. ، وحاول متعمداً أن يجعل الجهاد الإسلامي ما أطلق عليه (النظرية القانونية في الإسلام) ؛ حيث يقول (برناردلويس) في هذا الصدد : "تنقسم الإنسانية في الرؤية الإسلامية إلى العالم ، بطريقة حاسمة إلى (دار الإسلام) و (دار الحرب) " ، و"ولكن منطق القانون الإسلامي لا يعترف بالوجود الدائم ، لأي جماعة أخرى ، خارج نطاق الإسلام ؛ فحسب الرؤية الإسلامية ، ستدخل الإنسانية جمعاء في الإسلام يوما ماً ، أو ستخضع للسيادة الإسلامية ، "أو هكذا يستمر (لويس) في الطعن ، والتشكيك في حركة الجهاد ، والفتوحات الإسلامية . ولقد رد عليه باحثنا الجاد ، وفند له كل شبهه بالوثائق ، كانت حول الفتوحات الإسلامية .
ولقد أثبت ( مازن مطبقاني) بالفعل أنه باحث جاد يتمثل تواضع العلماء ، عن جدارة ، عندما يعرف بقوله :" أما الجوانب التاريخية في أعمال ( برناردلويس) ، فتحتاج إلى تناول تاريخي يحللها وينقدها أساتذة متخصصون ، استناداً إلى المصادر التاريخية الإسلامية " !! .
ويكتفي (مازن) بتتبع الجوانب الفكرية فقط في التاريخ الإسلامي ، معترفاً بغزارة إنتاج المستشرق (لويس) ، والمتشعب في دراسة الإسلام ، والذي يحتاج إلى جهود فريق عمل من الباحثين ، لدراسته ، وتتبع آثاره وآرائه الأخرى .
وأما (الفصل الرابع) والذي خصصه الباحث حول (موقفه من التاريخ الإسلامي الحديث)، فقد قسمه إلى مبحثين أساسيين جعلهما عن (رؤيته للخلافة العثمانية) و (موقفه من الصهيونية العالمية وفلسطين)؛ وقد أثبت (مازن) تحيّز لويس الواضح للقضايا اليهودية والصهيونية ؛ وتأثير هذا التميز سلباً في كتاباته ، عن القضية الفلسطينية ، كما طغت نزعته الصهيونية والتحذيرية للغرب الصليبي ، في اهتمامه الخاص لإبراز الحركات الإسلامية المعاصرة في أوربا وعالمنا الإسلامي بأنها خارجية ومنحرفة وليست لها جذور ولا هدف !!.
وقد أشار الباحث لمحاولة (لويس) ـ المتعمدة ـ الدفاع عن (حركة تركية الفتاة) بخضوعها للنفوذ اليهودي الصهيوني ، مع ثبوت ذلك الأمر وثائقياً . وأثبت الباحث ، وعن إقناع موفق ، أن (برناردلويس) ، قد وظف علمه وخبرته لخدمة أهداف الصهيونية العالمية، مؤكداً بان المستشرق (برناردلويس) نفسه صرح بانتمائه الصهيونية في أكثر من موضع ومحفل.
وقد جعل (مازن مطبقاني) عنوان (الفصل الخامس) من هذا الباب بعنوان (رؤية برناردلويس للحضارة الإسلامية) والأخير من هذا الباب قدم فيه الباحث (نقد لمنهجية لويس في دراسة التاريخ والحضارة) .
وباستقراء هذه الفصول الثلاثة الأخيرة (الخامس، والسادس، والسابع) من (الباب الثالث) ، يتضح أن الباحث قد أثار قضية براعة بعض المستشرقين في إلباس كثير من الشبهات حول التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ، لبوس الحقائق العلمية ، وصياغتها بأساليب خفية متطورة لتنفذ وتستقر في حياتنا الفكرية ، ووجداننا الثقافي باسم الحقائق الحرة والمناهج العلمية !!.(25/321)
أما (الباب الرابع) والأخير من هذه الدراسة القيمة ، فقد خصصه الباحث للتعرف على (منهج برناردلويس في دراسة المذاهب الفكرية المعاصرة والحركات الإسلامية) وقسمه الباحث إلى ثلاثة فصول رئيسية ، وقد أبرز فيه الباحث رؤية المستشرق لويس حول الشيوعية والرأسمالية والصهيونية ، وغيرهم من الاتجاهات والمذاهب الغربية المعاصرة . كما أفرد (مازن مطبقاني) لقضية (التعريب والتأثر بالحضارة الغربية) في منهج لويس (الفصل الثاني) من هذا الباب، وقد وفق الباحث في تغطية بحثه في هذه القضية، حول شتى المجالات الفكرية والاجتماعية والثقافية .
وعنون الباحث (الفصل الثالث) والأخير من هذا الباب والرسالة، بـ(منهج برناردلويس في تقويم الحركات الإسلامية المعاصرة )، حيث تناول فيه الباحث، جذور الصحوة الإسلامية السلفية المعاصرة، والتي انصبت عنها كتابات لويس محدداً الجذور بعام 1927/1928م، حيث تزامن مع هذا العام ظهور دعوة (الإخوان المسلمون) في مصر؛ واستقت منها معظم الحركات الإسلامية المعاصرة ، الفكر والمنهج، كما أوضح الباحث أصول منهج لويس، الصليبي في تقويمه لهذه الحركات الإصلاحية السلفية حيث كان المستشرق لويس حريصاً كل الحرص على إبراز جميع هذه الحركات الإصلاحية السلفية المعاصرة، سواء في أوربا أو في عالمنا الإسلامي، بأنها لا تنتمي إلى الأصول الإسلامية ، وإنما انتماءها خارجي، بل ووصمها هذا الصليبي، بأنها منحرفة وليست لها أصول عقدية ، ولا هدف محدد !!.
وفضح الباحث في هذا الفصل الثالث ، وبالذات نظرة (برناردلويس) النصرانية المتعصبة، تجاه (الصحوة الإسلامية) وكافة رموزها الحركية ، حيث أبرز الباحث نص من كتاب للمستشرق لويس، عنوانه (اكتشاف المسلمين أوربا) الذي أصدره (برنارد لويس) في عام 1982م ، حيث يعترف فيه (برنارد لويس) بأن "موقف المسيحية من الإسلام أكثر تطرفاً وأقل تسمحاً، من موقف المسلمين من المسيحية"، ويذكر لويس أسباب ذلك التسامح الإسلامي ، بقوله : "إن بعضها ديني ـ تاريخي، وبعضها الآخر ذو طبيعة عملية ؛ فرسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلمعاش بعد المسيح بستة قرون تقريباً ، وكان كل من المسيحيين والمسلمين يعتبر أن دينه روحية يمثلان كلمة الله الأخيرة للإنسانية . بيد أن التسلسل التاريخي حدد الفرق بين نظرة كل منهما إلى الآخر ؛ فالمسيح كان بالنسبة للمسلمين بشيراً ونذيراً ، بينما كان محمد صلى الله عليه وسلمبالنسبة للمسيحيين دجالاً(!!) وبدت المسيحية للمسلمين كصورة مبكرة وناقصة ومتقادمة للدين الصحيح"!!.
ثم يتواصل (برناردلويس) في سرد أسباب التسامح الإسلامي ، ثم يصل إلى قوله ، وبصراحة وبدون مواربة ما نصه : "ولكن تسامح المسيحيين مع الإسلام ، كان سيعني الاعتراف بوجود وحي بعد المسيح ، وبكتاب مقدس بعد الأناجيل . ولم يكن المسيحيون مستعدين للاعتراف بذلك" !!.
وبهذا النص الوثائقي الذي جاء فاضحاً لتعصب (برناردلويس) حسم (مطبقاني) قضية المنهج لدى هذا المستشرق الخطير ، والذي قوم به الحركات الإسلامية المعاصرة .
وفي (خاتمة) الرسالة التي ضمنها الباحث نتائج دراسته العلمية القيمة ، توصل (الدكتور مازن مطبقاني) إلى العديد من النتائج الهامة ، نذكر من بينها على سبيل المثال ـ لا الحصر ـ أن (برناردلويس ) قدم في بداية حياته نقداً منهجياً علمياً للدراسات الاستشراقية ، وأوضح كثيراً من عيوبها ، ودعا إلى البحث في المصادر التاريخية الأصلية ، وقد رجع هو نفسه إلى كثير منها في بحوثه الأولى ، كما أنه أسهم إسهاماً فعالاً في تطوير هذه الدارسات في الجامعات الامريكية والبريطانية !! وهذا يعني أن لويس في بداية حياته العلمية كانت رؤيته موضوعية إلى حد ما" .
إن ما يؤخذ على منهج (برناردلويس ) عامة ، خوضه في موضوعات كثيرة ، لم يكن متخصصاً فيها ، ومن ذلك كتاباته عن القرآن الكريم والحديث الشريف والعقيدة الإسلامية والفقه ، ولذلك فقد كانت رؤيته في كل هذه الموضوعات عالة على آراء من سبقوه ، في معالجة هذه الموضوعات ، من المستشرقين ، وقد ردد كل أخطائهم وشبهاتهم ، مما جعل كتاباته في هذا المجال بالذات ، تفتقد الأصالة العلمية ، كما أنه استخدم التعميمات العشوائية والجزافية ، والأحكام المطلقة ، وإسقاط المصطلحات الغربية (الصليبية وغيرها) والتي من شأنها أ، تنسف آرائه العلمية ، التي كانت له في بداية حياته .
ومن أهم ما أظهرته نتائج هذه الدراسة ـ أيضاً ـ أن كتابات (برناردلويس) عموماً أكدت عدم التزامه بقواعد المنهج العلمي ، من مراعاة الحقائق وفحصها وتحليلها ، وجمع الشواهد التي تؤيد أو تعارض القضية موضوع البحث . مما يفضح نظرته المتعصبة للصليبية العالمية ، تارة ، والصهيونية ، تارة أخرى . وهذه النظرة الضيقة لا تقر بوجهة النظر المخالفة ، حيث لا يختار من الحقائق والمعلوامت ، والبيانات إلا ما يؤيد وجهة نظره هذه التعصبية ، ومما يؤكد بعد (لويس) عن الموضوعية ، والمصداقية ، إنكاره المطلق لوجود الوثائق الإسلامية !!.(25/322)
كما أثارت الدراسة في نتائجها ، حقيقة منهج (برناردلويس) التعصبي ، في تبسيط الحقائق التاريخية أو اختزالها ، وبشكل متعمد ، حتى تفقد قيمتها العلمية، وتركيزه على العامل الاقتصادي ، وتعصبه الصارخ لمذهب سياسي معين ، وهو الصهيونية .
وأكدت الدراسة في نتائجها أيضاً، أن تناول (برناردلويس) للقضايا المعاصرة ـ وخاصة في السنوات الأخيرة ـ وبالذات قضايا (التحديث والتطوير والحركات الإسلامية المعاصرة) ـ قد غلب عليها التسطيح، والنظرة الاستعلائية، بل واتسمت معالجه لها، بلغة صحفية ، تعتمد الإثارة ومخاطبة العواطف، نهجاً تعصبياً صارخاً، وبخاصة عند تطبيقه للمعايير الغربية الصليبية ، على تلك القضايا الإسلامية .
وقد أوصى باحثنا الجاد (الدكتور مطبقاني) في نهاية خاتمته هذه بما يلي :
أولاً: ضرورة مواجهة (برناردلويس ) وأمثاله من المستشرقين؛ بالدراسات العلمية الجادة والمتصفة بالموضوعية ؛ وذلك من خلال إنشاء مراكز للبحوث العلمية، والتوسع في إنشاء أقسام الاستشراق والدراسات العربية الإسلامية، بالجامعات العربية؛ ومدها بأحدث وسائل التقنية المعاصرة، لتهيء للباحثين الاطلاع عن إنتاج المستشرقين والمتخصصين في الدراسات الإسلامية والإقليمية، من الغربيين الصليبيين. وإعداد جيش من الباحثين المتمرسين، في اللغات الأوربية الحديثة وغيرها، وتزويدهم بالدراسات التأصيلية ، وتوفير المصادر والمراجع الاستشراقية.
ثانياً : ضرورة تتبع أعمال المستشرقين الحديثة والتي يدعون بعلميتها، بالرد العلمي عليها وبشكل سريع، وبذات اللغة الأوربية التي كتبت بها؛ والتي تعج بها الدوريات الغربية، الصادرة عن مراكز البحوث الأوربية والأمريكية؛ وكذلك المشاركة في الندوات والمؤتمرات الاستشراقية التي تعقدها تلك المراكز، وتكون المشاركة فعالة وإيجابية ؛ بتقديم البحوث والدراسات الإسلامية الواعية في ضوء الكتاب والسنة .
ثالثاً : دراسة كتابات تلاميذ المستشرقين، في عالمنا العربي الإسلامي، والذين تشبعوا بالفكر الاستشراقي والنظرة الصليبية للإسلام وحضارته، وواقعه المعاصر، وضرورة الرد عليهم ، من خلال إعداد المؤلفات المنهجية الشاملة والموسوعية ، في مجالات العلوم الإسلامية المختلفة ، وذلك لبعث جيل جديد ، من أبناء المسلمين ، على درجة من العلم والوعي ، بهذا الطاعون الاستشراقي الخطير الموجه ضد الإسلام وأتباعه ، ورموزه المقدسة .
وخلاصة القول ؛ إن الباحث الجاد قد اختار في معالجة دراسته هذه المنهج التاريخي الوصفي التحليلي وخاصة في عرضه لمحاور موضوعاته بتسلسل منطقي جيد ، كما استخدم المنهج التحليلي النقدي ، وكذا عدة مناهج أخرى وظفها الباحث ببراعة حسب صيغة الموضوعات ، وقد وضع الباحث دراسته برمتها في قالب الدراسات الإستشراقية التاريخية وذلك لتوفر الكثير بيده من المصادر ذات الصفة الوثائقية ؛ حيث اعتمد الباحث على مجموعة من الوثائق الخطية التي حصل عليها بجهوده الشخصية ، وهي تحوي معلومات هامة جداً ذات صفة علمية وحقائق تاريخية وآراء في غاية الأهمية ، هذا إلى جانب العديد من الكتب والمراجع الأوربية وغيرها من الدراسات والبحوث في هذا الصدد ، وقد قدم الباحث الجاد عرضاً ونقداً موضوعياً لمعظم هذه المصادر في تقديمه لرسالته العلمية الجادة تحت عنوان "الدراسات السابقة" ، فأضاف (مازن مطبقاني) بذلك قراءة علمية جديدة ، وواعية لعملية (نقد المصادر) وهذه القراءة الجديدة تعد أحد رموز نجاح الباحث في السيطرة على أدوات البحث العلمي المنهجي ، ويؤخذ على الباحث في دراسته هذه إسرافه المبالغ فيه عند تقسيمه (الباب الثالث) من دراسته إلى سبعة فصول دراسية ، وأنه عالج (الفصل الرابع) منها في (مبحثين) !! وهذا التقسيم إذا ما قيس ببقية أبواب الرسالة الأخرى والتي لا يزيد أي باب فيها عن أربعة فصول رئيسية يعد خلل منهجي واضح ولكنه في الشكل فقط ، كان من المفروض على الباحث أن يراعي ذلك !! وليس له من عذر في أن حجم المادية العلمية المتوفرة لديه بشأن موضوعات هذا الباب كانت ضخمة للغاية ، وكان من الصعب عليه تجاهلها .
وباختصار فإن كان لنا من بعض المآخذ المنهجية والعلمية على هذه الدراسة الجادة والقيمة فعلاً فإن هذه الملاحظات لا تقلل ـ على الإطلاق ـ من قيمة الجهد العلمي والفكري الخلاق الذي بذله الباحث الجاد الدكتور/ مازن صلاح مطبقاني ، في هذه الرسالة العلمية والتي تعتبر وبحق إنجازاً أكاديمياً متميزاً للجامعات السعودية في مجال البحث العلمي (في الدراسات الاستشراقية التاريخية) باللغة العربية .(25/323)
وفي تقديرنا أن هذه الرسالة العلمية هي الأولى التي وضعت أمام الباحثين الشبان مفتاحاً لمادة علمية خام عند قضية دراسة مناهج المستشرقين الذين تصدوا بالبحث في الجوانب الفكرية للحضارة الإسلامية، وبالتالي فهذه الرسالة العلمية للباحث الجاد تبتعد عن التعميم إلى التخصص ، وهذه نقطة إيجابية تحسب للباحث الدكتور /مازن مطبقاني ، الذي أثبت وبشكل عملي أنه يتمتع بمستوى عال في السيطرة على الموضوع بمعرفته العميقة لشخصية (برناردلويس) والذي التقى به في برنستون يوم 21 أكتوبر عام 1988م ، وبطبيعة الاستشراق الأمريكي والإنجليزي الذي انتمى إليهما لويس واستيعابه لفكره من جميع مناحيه ، وبذلك يعتبر الدكتور/مازن مطبقاني ، شاهداً على عصره أو (شاهد عيان) بلغة المنهج العلمي ، وأن الباحث الجاد وفق إلى درجة عالية في توظيف المادة الوثائقية والعلمية الضخمة التي توفرت لديه توظيفاً واعياً ، وكذا أمر استخدامه للمنهج العلمي السليم ، وتقسيمه للموضوع ، وعرضه له ، بأسلوب علمي رصين ، يتصف بالأمانة والمصداقية ولغة عربية سليمة وبشكل يضيف الجديد إلى العلم يستحق عليه الثناء .
دكتور/خالد محمد نعيم
أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر المساعد
كلية الآداب ـ جامعة المنيا ـ مصر
وكلية التربية للبنات بالقصيم
- الحواشي :
* -نشر هذا المقال في جريدة الجزيرة بالرياض
=============(25/324)
(25/325)
دراسة نقدية لكتاب الدعوة إلى الإسلام
تأليف (توماس ولكر أرنولد)
بحث السنة النهائية للماجستير
مقدم من الطالب
محمود حمزة عزوني
إشراف
د. إبراهيم عكاشة
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله وأصلي وأسلم على سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله ومن والاه وسلم ، وبعد :
فهذه دراسة نقدية لكتاب "الدعوة إلى الإسلام" "The P r eaching Of Islam" . تأليف المستشرق الإنجليزي "توماس ولكر أرنولد" "Thoms W.A r nold نقله إلى العربية كل من : الدكتور/ حسن إبراهيم حسن ، والدكتور/ عبدالمجيد عابدين ، والأستاذ/ إسماعيل النحراوي ، في عام 1947م ـ 1367هـ.
إن موضوع الدعوة الإسلامية من المسائل الهامة التي تشغل بال الكثير من المفكرين المسلمين في الوقت الحاضر ، ويحاول البعض منهم وضع حلول لبث روح جديدة في الدعوة ، يودع بها المسلمون ضغف الاكتراث واليأس والكسل ، الذي ضرب على الأمة الإسلامية فترة طويلة من الزمن .
ومن بين الحلو العملية التي طرحها العلماء والعاملون في مجال الدعوة محاولة إدخال علم النفس الحديث في الدعوة كحل عملي ، وكبديل لأساليب كثيرة ما عادت تتمشى مع فكر الناس وتربيتهم التي اختلفت عن الماضي ، كي توجد دعوة منهجها فهم نفسية ، وظروف المدعو تقبل عليها معها ، عقول كثير من المسلمين الذين جذبتهم علوم النفس والاجتماع الغربية ، ووسائل التحديث والتغريب النشطة، فأصبحوا لا تستهويهم أقوال كثيرة جامدة متكررة ، لا تقنع عقلاً ولا تنبئ عن معرفة واقتناع وتبصر بأحوال النفوس والعقول المختلفة .
من هنا تظهر أهمية دراسة تاريخ الدعوة كعملية مقارنة بين أساليب الدعوة والدعاة ، وتاريخ الدعوة واختلاف ردود الفعل عند المدعويين باختلاف طريقة تفكيرهم وأنواعهم وبيئاتهم[1] .
ومن هنا أيضاً تكمن أهمية دراسة هذا الكتاب حيث أن أغلب الباحثين المسلمين حكموا على المؤلف بأنه منصف وعادل تماماً ، أو أنه أعدل وأنصف من غيره من المستشرقين ، ونفس الحكم جرى على كتابه المذكور .
ولما كان هذا الحكم يجر الكثيرين إلى إطلاق الثقة في كل ما جاء في الكتاب أو جله ، ولما أنني اطلعت عليه بتوجيه من أحد أساتذتي الأفاضل ، ووجدت فيه من الشبه ما يتطلب الاستقصاء ، لذلك فقد استعنت بالله المعين ، على القيام بهذه المهمة طالباً منه سبحانه العون والتسديد .
وفي ختام هذه المقدمة ، أود أن أشير إلى أن ضخامة الكتاب وكثرة المعلومات التي تخص الدعوة فيه ، وعدم وجود كتب أرجع إليها في سيرة المؤلف كانت من الصعوبات الرئيسية التي واجهتني في البحث ، مما دعاني إلى الحصول عليها من دار الوثائق البريطانية (المتحف البريطاني) . أضف إلى ذلك ضرورة المقابلة بين أصل الكتاب وتعريبه ، ونقل كثير من المصادر إلى العربية .
ومع هذا فقد كان لمساعدة فضيلة الدكتور/ إبراهيم عكاشة ، المشرف على البحث ، دوراً كريماً في تسهيل هذه المهمة ، ولم يأل قط جهداً في إرشادي وتوجيهي ، بل وحتى الاتصال بي للاطمئنان على سير البحث ، وأخص بالشكر أيضاً فضيلة الدكتور/ أحمد الخراط الذي شجعني على المضي في البحث بل صحح لي وناقش معي بحثاً تمهيدياً له ، وقد كان هو وفضيلة الدكتور/ عبدالمجيد معاذ ، لا يدخرون وسعاً قط في تبصيري وزملائي ، وتقديم النصح لنا طوال سنوات ثلاث ، وكذلك فإنني لا أنسى فضيلة الدكتور/ مناظر أحمد ، مدير المؤسسة الإسلامية في لندن (بالإنابة) الذي مدني بأهم المراجع التي استعنت بها في هذا البحث ، وهي سيرة مؤلف الكتاب .
جزى الله الجميع بكل خير ، ووفقني وإياهم لما فيه صلاح ديننا ودنيانا .
- الحواشي :
([1]) أنظر : فتحي يكن ـ مشكلات الدعوة والداعيةو ـ ص11 ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ الطبعة الرابعة ـ 1400هـ .
==========(25/326)
(25/327)
التبشير في العالم الإسلامي أهدافه وآثاره
رسالة
مقدمة إلى كلية أصول الدين ـ جامعة الأزهر
للحصول على درجة العالية الدكتوراه
في الدعوة والثقافة الإسلامية
إشراف
الأستاذ الدكتور : عبدالغفار محمد عزيز
رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية
الدكتور : بكر زكي عوض
مدرس بقسم الدعوة بكلية أصول الدين
إعداد
محمد زين العابدين محمد الطشو
مدرس مساعد بكلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة
1407 ـ 1987م
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمدلله رب العالمين {الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شئ فقدره تقديراً}([1]).
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له أرسل إلى عباده رسلاً من البشر {رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً}([2]).
وبعث خاتم النبيين محمداً صلى ا الله عليه وسلم رحمة للعالمين فخاطبه بقوله تعالى {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}([3]) ، وأرسله كافة كافة للخلق أجمعين يقول الله عز وجل {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون }([4]) ، فصدع بالحق لكل الخلق فبصرهم به من العمى وأرشدهم به من الغي وأخرج الإنسانية من ظلماتها ، وألف القلوب بعد شتاتها صلى ا الله عليه وعلى آله وصحبه الذين حملوا راية الدعوة إلى الله تعالى فكانوا هداة مهديين ورضي الله عنهم أجمعين .
أما بعد :
فإن من رحمة الله عز وجل بعباده أن أرسل رسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بالإسلام لهداية الناس وإرشادهم إلى الصراط المستقيم ، وذلك لعلمه عز وجل بخلقه ومعرفته بقصور عقولهم وتفاوتها في إدراك ما هو محسوس فضلاً عن جهلها بالغيب فاقتضت حكمته أن يبعث في كل أمة نذيراً يأخذ بيدها إلى النجاة فلما تهيأت الإنسانية للكمال بعث إليها الرحمة المهداة محمداً صلى ا الله عليه وسلم وخاطبه الله عز وجل بقوله {إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً وإن من أمة إلا خلا فيها نذير}([5]) .
فكان صلى ا الله عليه وسلم خير بشير ، وأصدق نذير ، دعا الناس إلى عبادة الواحد الأحد الفرد الصمد بالحكمة والموعظة الحسنة وجادل المعاندين بالتي هي أحسن معلناً أخوة كل الأنبياء ، ووحدة الدين ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى ا الله عليه وسلم : (أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة والأنبياء أخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد) ([6]).
وبالرغم من هذا السلوك الرباني لرسول الله صلى ا الله عليه وسلم جوبهت دعوة الإسلام منذ بداية أمرها بالمشركين وباليهود والنصارى ، ولقرب عهد الرسالتين بالرسالة الخاتمة وتمسك المسلمين بدينهم هدى الله عز وجل أمماً من أهل الملتين وخاصة النصارى للإسلام ، وظل الحال على ذلك والإسلام يفتح القلوب بسماحة أهله وعدلهم وقيامهم بواجبهم نحو دينهم إلى أن لقى محمد صلى ا الله عليه وسلم ربه راضياً مرضياً فقام صحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين بحمل عبء الدعوة إلى الله عملاً بقوله عز وجل {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين}([7]) ، فاستعذبوا المصاعب والآلام في سبيل نشر كلمة الله إلى بعاده وسار على دربهم واقتفى أثرهم سلفنا الصالح فقاموا بإتمام المهمة الملقاة على عاتقهم خير قيام ، ونشروا الإسلام في جل الكرة الأرضية .
وجاء العصر الحاضر وقد ابتلي المسلمون فيه بقوة أعداء التوحيد وفكرهم ، وتربصهم بالمسلمين الدوائر وساعدهم تقدمهم في مجال العلم وسبقهم في ميادين الحياة في إحكام قبضتهم على المسلمين ، وتملك زمام المبادرة ، وكل ذلك جعل المسلمين في حيرة من أمرهم ، فانشغلوا عن الدعوة الإسلامية إما لنظرتهم إلى الغرب وتطلعهم إليه في التقدم العلمي ليلحقوا بالركب ، وإما لتلافي ضربات الغرب المسيحي والشرق الملحد وكيدهم جميعاً للمسلمين .
وسواء كان هذا أم ذاك فقد تسرب الوهن إلى قلوب المسلمين بينما نشط أنصار المسيحية الغربية في نشرها من جديد ببلاد الإسلام ، بمساندة القوى الاستعمارية في كل مكان وهذا أمر له خطورته على المسلمين والمسيحيين أيضاً فالمسيحية المبشر بها رديفة للاستعمار وهي تبيح كل شئ من أجل تحقيق المهمة المكلفة بها ، ولو ناقض تعاي المسيح ، ولما كان مبشروا المسيحية الغربية يستغلون وسائل القوى الاستعمارية وينتهزون فرصة ضعف المسلمين فيحاولون تنصيرهم بكل الطرق ، رأت من واجبي كشف الدور التبشيري العام لكي يتنبه المسلمون لمخاطره ويحذروا مكائده ، وتجنبوا الوقوع في شراكه ، ثم ليقوموا بواجباتهم نحو دينهم وحماية أممهم فأقدمت على البحث مستعيناً بالله ومتوكلاً عليه فعنونته بالآتي :
التبشير في العالم الإسلامي
أهدافه وآثاره(25/328)
واخترت لفظ "التبشير" بدلاً من لفظ "التنصير" لورود مشتقات اللفظ في الأناجيل المعتمدة عند علماء النصارى ولتداوليه بين العامة والخاصة ، واكتفيت بعراة التبشير في العالم الإسلامي لأن لفظ التبشير إذا أطلق فهم منه التبشير بالمسيحية لا سواها حسب المعهود من العرف كما وأن القول في العالم الإسلامي يصرفه إلى التبشير بالمسيحية دون سواها .
وقد التزمت في عرض الرسالة بالعنوان فلم أخرج عن إطاره أثناء البحث فبعد التمهيد تعرضت لمفهوم التبشير وعلاقته بالحروب الصليبية ثم أردفت ذلك بالحديث عن أهداف التبشير بالتفصيل ولما كانت الأهداف لا تتحقق إلا بالوسائل اللازمة تحدثت عن الوسائل المتبعة من قبل المبشرين وأعوانهم والتي بواسطتها يصلون إلى أهدافهم ، ثم عقدت فصلاً خاصاً بالمؤتمرات التبشيرية التي تم انعقادها على أيدي دعاة التبشير لوضع الخطط الماكرة لإحكام السيطرة على العالم الإسلامي ، ففي قاعاتها يتدارسون السبل المؤدية لأغراضهم ويبتكرون الوسائل للتغلب على مراكز الإشعاع العلمي والحضاري الموجودة في بلاد الإسلام وهم يريدون أن يبطلوا مفعولها ويطفؤا نورها .
ولكي ينفذ المبشرون المهام المنوطة بهم في جو يكفل لهم الأمان لا بد لهم من ركائز ودعائم تضمن لهم الحماية وتعاونهم في مسعاهم .
وأهم مراكز التبشير في البلاد الإسلامية :
1) المراكز التبشيرية المقامة في بلاد الإسلام .
2) الجماعات التبشيرية المنتشرة في جل أقطار الإسلام .
3) البابوية المساندة للتبشير في كل بقاع الأرض على الدوام .
4) الصهيونية العالمية وهي ركيزة خطيرة للتبشير في قلب البلاد الإسلامية .
وبعد ذلك شرحت آثار التبشير في أمتنا الإسلامية مبيناً ما خلفه الدور التبشيري من ظهور النزعات الجنسية والقومية ثم ذكر نماذج حية للآثار الناتجة عن التبشير في بعض بلدان آسيا وإفريقيا كاشفاً الستار ومبيناً خطورة ذلك على بلاد الإسلام والمسلمين .
ثم تعرضت لتسرب الفكر التبشيري إلى ثقافتنا الإسلامية وأثره في تغيير السلوك وصوغ العقول حتى ظهر في عالم الإسلام من ينادي بإحلال العامية محل اللغة العربية ومن يحرى تحرر المرأة في تقليدها للمرأة في الغرب واختلاطها بالرجال وأنهيت الرسالة بالمواجهة وأهم النتائج ، وكنت ملزماً بالأسلوب العلمي من البداية حتى النهاية .
الدوافع لاختيار هذا الموضوع :
1) اجتماع أعداء الإسلام على حرب المسلمين عسكرياً وفكرياً مما مكنهم من إسقاط دولة الخلافة الإسلامية وما زال التكاتف الاستعماري والصهيوني والإلحادي مستمراً لمجابهة المسلمين وقد وجد الجميع في المستشرقين والمبشرين ضالتهم المنشودة لنشر أفكار الغرب ومنهجه في بلاد الإسلام عن طريق التبشير المدعم من قبل الاستعمار بالخطط والإمكانيات المادية والمعنوية.
2) ما أصاب الأمة الإسلامية من ضعف نتيجة للتسلط الاستعماري الذي شل الخلايا النشيطة في أرض الإسلام ، تلك الخلايا التي تحاول أن تعيد مجد المسلمين . كما مكن من صنعهم على عينه ورباهم تربية غربية من مقاليد الأمور في جل الأقطار الإسلامية ، فكانت وسائل الإعلام في الغالب في أيدي من صنعهم الغرب ، ورباهم على فكره بالإضافة إلى أن جلهم وجه مسار التعليم في بلاد الإسلام وتقلد مناصب هامة ، وترتب على ذلك انتشار الأمية الدينية بصورة مخيفة فتمكن دعاة التثليث من نشر عقيدتهم بين العامة من المسلمين والخاصة أيضاً ، وساعدتهم الظروف التي خلقها وخلفها الاستعمار .
3) ظهور النشاط التبشيري منذ قرن من الزمان بصورة سافرة فقد قام المبشرون بشتى الطرق ، وكافة الوسائل بدءاً من المدرسة والتطبيب إلى المؤتمرات بالدعوة إلى المسيحية .
4) محاولة نشر المسيحية على الطريقة الغربية ، وتبعاً لطوائفها في كل من قارتي آسيا وإفريفيا ، مما جعل البعض من المسيحيين الشرقيين ينفرون من هذا اللون التبشيري ويحذرون إخوانهم من الوقوع في براثن الأفكار الغربية .
5) منذ خمسين عاماً والبابوية تظهر تعاونها مع الصهيونية العالمية في الوقت الذي تتحرك فيه البابوية في آسيا وإفريقيا في محاولة منها لخداع المسلمين في البلدان الفقيرة عن طريق قضاء حاجتهم وسد جوعتهم لجذبهم نحو المسيحية ولو عاطفياً ، كما يحاول قادة الفاتيكان استدراج قساوسة أهل البلاد واستنفارهم ضد أوطانهم وأكثر من ذلك فهم ينصبون قساوسة جدداً من المصرين من أهل البلاد وهم يتوقعون تنصير إفريقيا وآسيا بوسائلهم في فترة وجيزة .
كل هذه الدوافع جعلتني أتحدث عن التبشير مبيناً أهدافه وآثاره حتى نفيق نحن المسلمين قبل أن تفوتنا الفرصة ونندم على تقصيرنا ، فليس في دعوة عيسى عليه السلام تبشير بها لغير اليهود ومع ذلك نجد أتباعه يبشرون بها كل الأمم ، ورسالة الإسلام عالمية ودعوته قائمة إلى قيام الساعة فواجبنا أن ندعو كل الناس للإسلام كما كان يفعل المصطفى عليه الصلاة والسلام .
خطة البحث :
لقد قسمت هذا البحث إلى :
مقدمة ، وتمهيد ، وثلاثة أبواب ، وخاتمة .
المقدمة :
عرضت فيها فكرة الرسالة والدوافع للكتابة في موضوعها ، وخطة البحث وهي كما يلي :
التمهيد :(25/329)
في الرسالات الثلاث من ناحية العموم أو الخصوص وعلاقتها بالتبشير ، وأشرت فيه إلى أن الرسالة اليهودية خاصة ببني إسرائيل ومقصورة عليهم وأن المعمول عليه في الرسالة عند اليهود موسى عليه السلام ورسالته خاصة بهم ، وذكرت أن رسالة عيسى عليه السلام خاصة ببني إسرائيل من واقع الأناجيل وأن فكرة التبشير بها إلى الأمم من فكرة التلاميذ بعد رفع المسيح وبعد مجمع أورشليم سنة 50 ميلادية وكل الروايات التي وردت في الأناجيل المعتمدة عندهم تشير إلى التبشير بالمسيحية خارج نطاق اليهود أثبت عدم صحتها من واقع كتب القوم وبشهادة علمائهم ، وذكرت عموم الرسالة الخاتمة التي جاء بها النبي محمد صلى ا الله عليه وسلم وأنها رسالة دعوة إلى أن تقوم الساعة .
الباب الأول :
مفهوم التبشير وأهدافه ويحتوي على ثلاثة فصول :
الفصل الأول :
"التبشير وصلته بالحروب الصليبية" ، وفيه أوضحت مفهوم التبشير من وجهة النظر الإسلامية والمسيحية و دور بولس التبشيري وتوسيع دائرة التبشير على يديه وأنه بشر باسم الأب والابن والروح القدس مخالفاً بذلك تعاليم المسيح عليه السلام الذي اعترف بأنه مجرد رسول الله الواحد الأحد وقد شاع التثليث بواسطته وبالرغم من تمسك الموحدين من أتباع عيسى بالوحدانية وقد كان بوسعهم أن يخترقوا ظلمات الوثنية ، ويزيلوا كل الحجب ليرى العامة والخاصة التوحيد نوراً يتلألأ في رسالة عيسى عليه الصلاة والسلام لكنهم حين اقتربوا من نهاية الشوط وجدوا سيف السلطان مسلطاً على الرقاب وحامياً لفكرة التثليث من كل باب .
ومن وقت دخول قسطنطين في المسيحية لعصرنا الحاضر وانتهى عهد دخول الناس في المسيحية عن اقتناع إلا ما ندر وفرضت المسيحية بعصا السلطان أو بعطائه ، ولما كان التبشير قبل الحروب الصليبية غير منظم وعمل فردي فإن الحروب الصليبية التي حدثت بتحريك من البابوية قد أفرزت حركة تبشيرية منظمة لغزو العالم الإسلامي في الوقت الذي أدت فيه دورها فكانت حائلاً منع امتداد الإسلام إلى أوروبا ، وفرصة للنصارى تمكنوا بها من القضاء على مسلمي الأندلس قضاءاً تاماً حيث انشغل المسلمون في الشرق بالحروب الصليبية وما نتج عنها فلم يتمكنوا من مناصرة إخوانهم في بلاد الأندلس .
الفصل الثاني :
أهداف التبشير ووسائله .
أ ـ أهداف التبشير :
توجد صلة قوية بين التبشير والاستعمار ولذا تلتقي أهداف التبشير مع أهداف الاستعمار فيما يلي:
1) القضاء على وحدة المسلمين وظهر ذلك واضحاً في مجال القول كما حدث من تصريحات لزعماء التبشير ، وفي مجال العمل فقد أثاروا الخلاف بين العرب والترك وتم مرادهم بالقضاء على دولة الخلافة .
2) هدف سياسي : وهو خدمة السياسة الاستعمارية بدعوى أن دول الاستعمار تعمل على رقي بلاد المسلمين وتقدمها .
3) محاولة تشويه الإسلام بالطعن في القرآن الكريم والافتراء على النبي عليه الصلاة والسلام .
4) إفساد أخلاق المسلمين وذلك بإثارة الاتجاه الغريزي في نفوس المسلمين وهي حرب معلنة صباح مساء ، فهم يرون أنهم استردوا الأندلس من هذا الطريق .
5) اصطناع العداء بين النصرانية والإسلام ، فقد اصطنعوا العداء بين رسالة عيسى ورسالة سيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام ولقبوه بالعداء بين الشرق والغرب مع العلم بأن الدين عند الله الإسلام وكل رسول جاء به إلى قومه ، ورسالة عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام انبثقتا من الشرق فلا داعي لهذا التقول ، واتباع محمد عليه الصلاة والسلام لا يعادون اتباع المسيح الحقيقيين .
6) احتواء حكام المسلمين بالالتفاف حولهم : وهذا الهدف يسعى إليه الاستعمار ويدفع المبشرين لتحقيقه عن طريق التعلم ، أو التطبيب أو غير ذلك من الوسائل .
7) محاولة الاستيلاء على بيت المقدس : فقد أراد الغرب أن يستولي على بيت المقدس وبطرقه الاستعمارية مكن اليهود من السيطرة عليه ، وهو يؤازرها ليظل بيت المقدس في حوزتها متناسياً أن به معالم الإسلام ومقدسات المسيحية وأن المسلمين حافظوا عليه عدة قرون واحترموا مشاعر غيرهم من اليهود والنصارى .
ب ـ وسائل التبشير :
لتحقيق هذه الأهداف استخدم المبشرون هذه الوسائل :
التعليم ، والتطبيب ، ووسائل الإعلام (من صحافة ، وإذاعة ، ودور النشر ) ، والمخيمات الكشفية ، والمعسكرات ، والجمعيات التبشيرية والخيرية التابعة للتبشير ، ثم الملاجئ ، والكتب والرسائل، والمؤتمرات التبشيرية .
وقد استخدموا كل وسيلة من هذه الوسائل بطريق تمكنهم من تحقيق أهدافهم فالمدرسة يقام حولها سور ، وبعد فترة يبنى بجوارها الكنيسة فيجد الطالب نفسه أمام المبشر مباشرة بل حوله التبشير من كل جانب كما يتم التأثير على المريض وتحبيبه في المسيحية من خلال علاجه واستغلال حاجته ومرضه .
الفصل الثالث :
نماذج للمؤتمرات التبشيرية وأغراضها وتناولت مراحل المؤتمرات التبشيرية في مرحلتها الأولى: وفيها اتخذت المؤتمرات وسيلة لنشر المسيحية وبث أفكار الاستعمار وفتحت باب التقارب بين الطوائف المسيحية .
وفي المرحلة الثانية : تم إنشاء مجالس التبشير وبواسطتها نشط التبشير في آسيا وافريقيا .(25/330)
وفي المرحلة الثالثة : تم دمج مجالس التبشير مع اتحاد الكنائس وكان الناتج هو "مجلس الكنائس العالمي" .
وبعد ذلك ذكرت نموذجاً من المؤتمرات التبشيرية ذاكراً الدوافع الأساسية لانعقاد هذه المؤتمرات وهي :
1) المواجهة الفورية لليقظة الإسلامية .
2) إحكام السيطرة على بلاد الشرق المسلم لاستغلال خيراته .
3) نشر المسيحية في بلاد الإسلام .
4) زرع الكنائس في كافة أقطار الإسلام .
وذكرت مؤتمر القاهرة في سنة 1906م كنموذج يوضح وسائل التبشير مع الإشارة إلى المباحث التي نوقشت فيه ثم مؤتمر أدنبرج سنة 1910م ، والغاية من عقد هذا المؤتمر كما أعلن أحد قادته هي البحث في وسائل العالم الخارج عن النصرانية ، ثم مؤتمر لكنو بالهند سنة 1911م ، مع ذكر برنامج المؤتمر ، ونماذج للتقارير حيث تناولت التقارير مكة ، والأزهر الشريف بمصر ، والدعوة المهدية وقرر أعضاء المؤتمر إنشاء مدرسة بمصر تنافس الأزهر ثم أشرت إلى المؤتمر الأفخارستي سنة 1931م الذي عقد في مدينة قرطاجة (قرب تونس) وقد حدث فيه ما يثير مشاعر المسلمين وذكرت مؤتمر لوزان لتنصير العالم عام 1974م ، ثم أمريكا الشمالية لتنصير المسلمين ، وفي نهاية المطاف جاءوا بفكرة التقارب الإسلامي المسيحي وهم يستخدمونها وسيلة لنشر المسيحية بعد تنويم المسلمين .
الباب الثاني :
"ركائز التبشير" ويتكون هذا الباب من أربعة فصول :
الفصل الأول :
المراكز التبشيرية في العالم الإسلامي
وبينت في هذا الفصل أن المبشرين سلكوا طريقين لصنع مراكز ثابتة في بلاد الإسلام يعتمدون عليها في القيام بأعمالهم التنصيرية .
الطريق الأول : إنشاء مؤسسات ثابتة لهم في الأقطار الإسلامية :
وفي مقدمة المؤسسات التنصيرية الكنيسة ثم المؤسسات الأخرى التي تقدم خدمات ملموسة وتضطر إليها الجماهير كالمدرسة والمستشفى ، ولكل إرسالية مركز خاص في البلد الموجودة فيه فللإرسالية الإنجليزية مركز ، وللأمريكية مركز وهكذا ، وهذه المراكز يتجه إليها المسيحيون طلباً للإرشاد والمعونة كما أنها تمد المبشرين بما يلزمهم من احتياجات ومعلومات للقيام بمهامهم التبشيرية .
وكل إرسالية لها مؤسساتها الخاصة بها ، وقد اقتضى الحديث عن الكنيسة ـ كمؤسسة مسيحية ـ بيان أصلها والعهود التي مرت بها والعاملين فيها وأدوارهم التبشيرية والقيادية ثم الرابطة بين المجامع والكنائس ، وذكر إرساليات التبشير التابعة للكنيسة الإنجيلية مع غعطاء عن الجهاز الكنسي والجهات العليا الموجهة للكنائس في العالم الإسلامي .
الطريق الثاني : إنشاء مراكز خاصة بالتبشير لتخريج القسس والمبشرين :
ومن المراكز المنشأة في بلاد الإسلام ، مركز تدريب المبشرين بإفريقيا ـ والمقام بمصر بكوتسيكا (طره) ، ومن مراكز تدريب المبشرين بآسيا ، والمقامة بإندونيسيا مركز لتدريب المبشرين في "لاونج" شرقي جاوا ، ومركز إعداد القسس في "سوارايابا" في جاوا وبعد ذلك ذكرت بعض النماذج لمحاولات الأقليات المسيحية شد انتباه المسلمين إلى النصرانية ومنها ما حد في مصر من ادعاء ظهور العذراء ، ونبأ العثور على رفات النبي يحيى عليه الصلاة والسلام .
الفصل الثاني :
الجماعات التبشيرية ودورها في نشر المسيحية .
وفي هذا الفصل أشرت إلى البداية للجماعات التبشيرية وتوغلها في بلاد المسلمين ودورها التبشيري ثم رتبتها مع ذكر دور كل منها في نشر المسيحية وخاصة في البلاد الإسلامية .
1) الآباء البندكتيون .
2) الآباء الفرنسيسكانيون .
3) الدومينيكان .
4) الآباء الكبوشيون .
5) الآباء الكرميليون .
6) الجزويت .
7) وكل جماعة من هذه الجماعات قامت بدور في نشر المسيحية فبنت المدارس ، وأنشأت المطابع، وأصدرت المجلات ، وغير ذلك لاستخدامها في الدور التبشيري ، ولهذه الجماعات أيضاً دور في ظهور الحركة المرسلية الحديثة .
الفصل الثالث :
البابوية ودورها في التبشير وحماية المبشرين .
البابوية ركيزة هامة للتبشير في العالم أجمع وكان لها دور في القرون الوسطى ثم في عصر النهضة ثم بعد القرن الثامن عشر وقد تعرضت للحديث عنه بإيجاز وبينت أنه منذ أوائل القرن الثالث عشر تتوالى أوامر البابوبة للقضاء على المسلمين في الأندلس .
وبهذه الصورة أو جدت نوعاً من التعصب البغيض بتحريضها لملوك النصارى لمحاربة المسلمين كما أ،ها قدمت العون والرعاية للمبشرين ، ولذا يطلق المسيحيون على البابا (أنوسنت الثالث) 1198م أبوالتبشير ، وقد قام البابا "بيوس السابع" 1743م ـ 1800م بإحياء جمعية اليسوعيين وأعاد إنشاء جمعية الرسالات في الخارج .
وللفاتيكان نشاط واضح في تدعيم الكنائس وتوحيدها من أجل نشر المسيحية وقد ظهر هذا في المجمع الفاتيكاني الأول كما ظهر التعاون والتعاطف مع اليهود في المجمع الفاتيكاني الثاني ، وقد قامت البابوية في السنوات الأخيرة بتحركات واسعة النطاق في كل من آسيا وإفريقيا وخاصة في عهد البابا يوحنا بولس الثاني .
الفصل الرابع :
مساندة الصهيونية للتبشير والتعاون اليهودي المسيحي ضد المسلمين .(25/331)
وفي هذا كشفت الستار عن علاقة الصهاينة بالنصارى موضحاً أنها علاقة منافع ذاتية وأن اليهود يضمرون الشر لأتباع عيسى عليه السلام كما يضمرونه للإنسانية جمعاء ، لكن القيادة المسيحية أملاً منها في المساندة اليهودية للحركة التبشيرية تعاونت مع الزعماء الصهاينة وفي مقابل ذلك تسعى لتوديه دفة الفاتيكان حسب إرادتها وقد تحقق هذا بالفعل .
الباب الثالث :
آثار التبشير ف العالم الإسلامي .
الفصل الأول :
ظهور النزعات الجنسية والقومية .
فقد ظهرت النزعات الجنسية من جديد في أرض الإسلام على أيدي المبشرين والمستشرقين بعد أن أماتها الإسلام ، وكان من بدايات التشيع الشعوبي ما حدث من الحبر اليهودي "عبدالله بن سبأ" في إيجاد هذا اللون من التشيع وقد أطلت الشعوبية برأسها في العهد العباسي إلا أن أمراء المسلمين وعلماءهم وقفوا بالمرصاد لدعاته وشلوا حركتهم .
وجاء أعداء المسلمين في العصر الحاضر إلى أمة الإسلام بشعوبية حديثة تفرق الأمة الواحدة وتقسمها إلى دويلات وتصنف جماعاتها الإسلامية المعتزة بالإسلام إلى أصناف بآلية تعود إلى عصور ماضية ، محا الإسلام بنوره كل أثر مظلم لها لكن المستشرقين والمبشرين يريدون بعثها من جديد فمصر فرعونية ، ولبنان فينيقية ، وإيران فارسية ، وبلاد المغرب بربرية .
وفتحوا أبواب الطائفية ، والفرق الدينية على مصراعيه بإثارة الخلاف بين السنة والشيعة وإشاعة اضطهاد الأقليات المسيحية المقيمة ببلاد الإسلام وقد تحرك المبشرون من منطق فكري معاد للمسلمين ، وساروا في ركب الاستعمار الذي زرع الشعوبية اليهودية في أرض الإسلام في فلسطين ، وكملت إرسالياته الدور في نشر كل ما يفكك المسلمين فقد أفسحت فرنسا المجال للبعثات التبشيرية لتنصير البربر ، وبث دعاية أن البربر شعب مستقل وأن العرب غزاة دخلاء على هذا الشعب .
ثم تحدثت عن ظهور القومية : وذكرت أ، المبشرين اتخذوا من الدعوة القومية ذريعة لتقسيم الأمة الإسلامية فظاهر الدعوة جمع الصفوف العربية لكنها في واقع الأمر سلخ للأمة العربية من الأمة الإسلامية ، وهذا ما حدث فقد انشطرت دولة الخلافة إلى قومية طورانية ، وقومية عربية .
ونادى بالقومية الطورانية أتباع الفكر التبشيري الغربي ومن ترو في مدارس التبشير من أمثال ضياء كوك ألب (1875 أو 1876 ـ 1942م) ومصطفى كمال أتاتورك (1881 ـ 1938م) وعصمت اينونو (1884 ـ 1973م) وغيرهم ، كل هؤلاء نادوا بالقومية الطورانية وأعلنوا اسم (تركيا) بدلاً من دولة الخلافة المسماة "بالدولة العلية العثمانية" وقلدوا الغرب في الشكليات ، وانسلخوا من تعاليم الإسلام كما ظل دعاة القومية العربية ومعظمهم من النصارى ومن يسير في فلكهم ينفخون في بوق القومية العربية حتى انقسمت الأمة العربية إلى دويلات ، وتمكن الاستعمار مع الصهيونية العالمية من اقتطاع جزء عزيز من أرض الأمة الإسلامية ، وتسليمه هدية لليهود ، وهذه ثمرة من ثمار الدعوات القومية .
وزاد تفكك الأمة الإسلامية بإثارة النعرات الطائفية والخلافات الدينية بين السنة والشيعة ، وبين الأكراد والعرب .
الفصل الثاني :
نماذج من آثار التبشير في بلاد الإسلام .
وذكرت نماذج لآثار التبشير في بعض بلدان قارة آسيا على سبيل المثال إندونيسيا قد تمكن المنصورن فيها من تنصير قرية مسلمة في "بونوروجو" بشرق جاوة ، واتبعوا أخطر أسلوب في تنصير إندونيسيا حيث يقومون ببناء قرى في أماكن الغابات بعد اجتثاثها وإعدادها ، وبناء مدارس وكنائس مسيحية بها وجعل القرية مهيأة للمسكن وجعل إدارتها في أيدي النصارى ، ثم ينقل المسلمون من الأماكن المكتظة إلى القرى العمرانية الجديدة فلا يجدون إلا التنصير حلاً لمشاكلهم وقضاء حوائجهم ، وتعرضت لآثار التبشير "بماليزيا" و "الفلبين" وما يحدث بالهند ، ثم آثار التبشير في دول الخليج العربي ثم ذكر نماذج لآثار التبشير في إفريقيا ، واخترت من غرب إفريقيا "موريتانيا" ، و"نيجيريا" مبيناً آثار التبشير الخطيرة في هذه المنطقة من القارة الإسلامية مع ذكر آثاره السيئة في إفريقيا الوسطى ، وجنوب إفريقيا وما صنعه التبشير في شرق إفريقيا في كل من "كينيا" وأثيوبيا "الحبشة" والسودان ، ومصر ثم بلاد المغرب الإسلام ملاحظاً أن الإسلام دخل إفريقيا من الشرق ، والتبشير مع التغريب جاءها م الغرب .
الفصل الثالث :
تسرب الفكر التبشيري في الثقافة الإسلامية .
فقد تسرب الفكر التبشيري إلى ثقافة الإسلام ، عن طريق المبشرين والمستشرقين وبواسطة مدارسهم ، وصحافتهم وتبعهم في ذلك من تربو في محاضن الغرب حتى وجدنا من ينادي بإحلال العامية محل اللغة العربية ومن ينادي "بسفور المرأة" على أنه نوع من التحضر ، ومن يصف السلفيين بالرجعية ، وهكذا .
الخاتمة :
وفيها تحدثت :
أولاً : عن مواجهة الغزو التبشيري .
ثانياً : عن أهم نتائج البحث .
- الحواشي :
([1]) سورة الفرقان آية (2) .
([2]) سورة النساء آية (165) .
([3]) سورة الأنبياء آية (107).
([4]) سورة سبأ آية (28) .
([5]) سورة فاطر آية (24) .(25/332)
([6]) كتاب : التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح للحسين بن المبارك الزبيدي (رحمه الله) ج2 ص45 (كتاب بدء الخلق) طبع بالمطبعة اليمنية لمصطفى البابي الحلبي وأخويه بمصر 1323هـ .
([7]) سورة فصلت آية (33).
============(25/333)
(25/334)
منهج المستشرقين في دراسة النظم الاجتماعية
دراسة نقدية لدائرة المعارف الإسلامية
بحسب الترجمات العربية
الطالب: بشير بن نعمان دحّان
قسم الثقافة الإسلامية-جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التعريف بموضوع البحث :
لا يخفى على كل ذي اطلاع وفكر جهود المستشرقين واهتمامهم بالتأليف والتدوين في شتى العلوم، لاسيما تلك التي جعلت من العالم الشرقي ينبوعا لها عموما مع التركيز على كل ما له علاقة بالإسلام كعقيدة ودين وانتشار، فتناغمت مؤلفاتهم -إثراء للساحة الفكرية- تناغما فيه من النشاز والتناقض ما لا يخفى، فيجد المطلع البحوث والدراسات المتعمقة التي أخذت من العلمية والموضوعية المقدار الهائل والحظ الوافر، ويجد على النقيض المؤلفات المملوءة بالدسائس والشبهات ما لا يمكن تصوره من مؤلفات نأت بنفسها عن مسار البحث العلمي الصحيح ورمت بنفسها في أحضان الاستعمار والحقد.
وفي بحثنا هذا سيتم إن شاء الله دراسة واحدة من أهم مؤلفات المستشرقين ألا وهي دائرة المعارف الإسلامية، التي تم تأليفها في مدة زمنية تدل على مدى الصبر والجلد والبذل في المال والصحة والوقت الذي يتمتع به المستشرقون، كيف لا وهم الحريصون على تأليف الموسوعات سواء ما كان منها يعنى بالقرآن الكريم، أو السنة النبوية، أو التاريخ الإسلامي بمختلف عصوره وأزمانه.
وسيكون محور البحث في الدائرة النظم الاجتماعية سواء ما يتعلق منها بالأسرة من بداية التكوين إلى العلاقة الأسرية وانتهاء بما قد يصيبها من أمور تفصلها، متطرقاً في بحثي دراسة العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع المسلمين مع بعضهم بعضا ومع من يخالطوهم من غير المسلمين، سائرا في ذلك وفق المواد الموجودة في الدائرة مما قد يزيد في عنصر ويقل في آخر .
• نبذه مختصرة عن دائرة المعارف الإسلامية
بدأت الفكرة لتأليف هذه الدائرة عام 1895 م، وبدأ تأليفها عام 1906 م، بثلاث لغات : الإنجليزية والفرنسية والألمانية ، وصدرت الطبعة الأولى عام 1913 م ، وصدرت الطبعة الثانية عام 1954 م على شكل أجزاء متتابعة وصلت مع نهاية عام 1991 م إلى ستة مجلدات وصلوا فيه إلى الحروف (MAHK-MID وكانت موادها مأخوذة من الطبعة الأولى للدائرة، ومن دائرة المعارف المختصرة، فأثبتوا بعضها بنصها دون تعديل، وبعضها أثبتوه بعد التعديل، وقاموا بحذف مواد قديمة بالكلية، وإضافة مواد جديدة بالكلية ، وصدرت بالإنجليزية والفرنسية فقط.
• الترجمات العربية الدائرة :
صدرت الترجمة الأولى - للطبعة الأولى- عام 1933م على يد ثلاثة من المفكرين المصريين هم: إبراهيم زكي خورشيد، وأحمد الشنتناوي، وعبد الحميد يونس ، وصلوا في ترجمتهم لها إلى الحرف (ع) مادة (عارفي باشا ) في خمسة عشر مجلداً تضم ما يربوا عن 8045 صفحة.
وبعد صدور الطبعة الأجنبية الثانية توقف المترجمون عن إكمال ترجمة الطبعة الأولى وتحولوا إلى ترجمة الطبعة الثانية وبدأ صدور الترجمة الثانية عام 1969 م وصلوا فيها إلى حرف (خ) مادة (خدا بندة) في ستة عشر مجلداً تضم ما يزيد عن 8586 صفحة.
وفيما يلي تفصيل لأجزاء وصفحات كل طبعة:
هذا وقد صدر الترجمة الكاملة للطبعة الثانية عن طريق مركز الشارقة للإبداع الفكري بالتعاون مع الهيئة المصرية للكتاب، وتقع في ستة وثلاثين مجلداً، ولكنهم اختصروا وحذفوا بعضاً من المواد حيث جاء في مقدمتها : .. "تم حذف المواد التي تبدو غير ذات أهمية في الوقت الحالي مثل بعض الشعراء الشخصيات والأماكن ... "
• أهمية الموضوع :
تتضح أهمية الموضوع بعد تبيين خطر هذه الدائرة ، من خلال النقاط التالية :
1-وفرة المعلومات التي احتوتها، الجامعة لشتى التخصصات من مصادر عدة.
2-صياغة المعلومات فيها بأسلوب سهل ميسر للجميع.
3- محاولة كثير من كتابها إظهار عملهم بمظهر لمنصف الموضوعي .
4- اغترار الكثير بأسماء أولئك المستشرقين وقبولهم لكل ما يكتبون .
5 - عدم إشراف علماء المسلمين على كتابة موادها .
6 - عدم اشتراك علماء مسلين في كتابة موادها الأساسية ، واشتراك نفر قليل منهم في كتابة موادها الثانوية
7 - إسناد كثير مما كتب فيها إلى المصادر الإسلامية مما قد يجعل القارئ يثق بما ورد فيها من معلومات .
8 - حرص كثير من الأوساط العلمية على تزويد مكاتبها بها .
9 - انتشار ترجمتها العربية في كثير من المكتبات دون تصحيح أو تنقيح .
10- أن منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم قد جعلتها المصدر الأساس للتعريف
بالإسلام.
11 - ومما دفع الباحث لبحث هذا الموضوع ما يمليه عليه واجب الدفاع عن الإسلام وأهله لا سيما وأن هذا الموضوع لم يتطرق لبحثه أو الكتابة عنه أحد - فيما أعلم بعد بحث ليس بالقصير _.
• الدراسات السابقة:
كما سبق أن أوضحت أن هذا الموضوع لم يسبق وأن بُحث أو تُكلم عنه، وسأذكر في الأسطر القليلة القادمة بعض الدراسات التي جعلت من مواد الدائرة معيناً لها ، وهي على النحوالتالي:
أ ) الرسائل الجامعية :
1- أبو بكر الصديق في كتابات المستشرقين من خلال دائرة المعارف الإسلامية،
(دكتوراه) - عائض الحجيلي.{تمت مناقشتها}(25/335)
2- مناهج المستشرقين في كتاباتهم عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في دائرة المعارف. (دكتوراه) محمد عامر مظاهري.
3- موقف المستشرقين من العبادات في الإسلام من خلال دائرة المعارف الإسلامية (دكتوراه) محمد السرحاني .
5- الأخطاء العقدية في دائرة المعارف الإسلامية ( دكتوراه) حميد الحميد .
6 - العقيدة الإسلامية في دائرة المعارف الإسلامية - عرض ونقد بحسب الترجمة العربية (دكتوراه) خالد القاسم.
ب ) دراسات متفرقة :
تنوعت كتابات الباحثين والعلماء حول بعض المواد على النحو التالي:
أ - كتابات تناولت بحث ومناقشة مادة من المواد ضمن مفردات كتاب مثل: نقد مادة (زكاة ) للدكتور محمد الزرقاء في كتاب مناهج المستشرقين في الدراسات العربية والإسلامية - مج 2 - .
ب - كتاب القرآن الكريم: دراسة لتصحيح الأخطاء الواردة في الموسوعة الإسلامية الصادرة عن دار بريل في لايدن / المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.
ج - كتب تناولت دراسة الدائرة ككل، وهذه على عدة أنواع منها:
1- كتب تناولت نقد الترجمة بغض النظر عن صحة أو بطلان المعلومات.
2 - كتب تناولت دراسة الدائرة كأصل من أصول المعجم العربي التاريخي، ككتاب أحمد
العايد، بعنوان: دائرة المعارف الإسلامية، أصل من أصول المعجم العربي التاريخي.
د- بالإضافة إلى العديد من المقالات في بعض المجلات والدوريات المتخصصة وغير المتخصصة كنقد مادة ( أبي هريرة ) وكذا مادة ( أبي بكر ) وغيرها بشكل منفصل وغير مترابط، ويؤخذ عليها عدم الدقة في تتبع واستقصاء كل ما ورد في الدائرة عن المادة موضوع الدراسة .
• موقع هذه الدراسة:
يطمح الباحث أن تكون رسالته إضافة جديدة تُضَمُّ إلى سلسلة الضياء والنور والبيان الكاشفة لشرور المستشرقين وشبههم التي بثوها في مؤلفاتهم عموماً وما في دائرة المعارف الإسلامية على وجه الخصوص.
• منهج البحث :
إن المنهج الذي سيتم اتباعه هو المنهج التحليلي المقارن الناقد الذي يورد الشبه معزوة للجزء والصفحة، معقبة بشرح موضح سبب تصنيفها من الشبه، مختومة بالنقد والتصويب، بالإضافة إلى الأمور التالية :
1 - سيعتمد الباحث على جمع المادة العلمية من مختلف ترجمات طبعات الدائرة.
2 - سيقوم الباحث بمراجعة المواد الواردة في الدائرة لكي يصل إلى تحديد وحصر المواد المتعلقة بالنظم الاجتماعية، ومن ثم تصنيفها حسب أوجه النظم المختلفة، مع وصف لمحتوى كل مادة ومصادرها في الدائرة دون تدخل.
3 - دراسة محتوى هذه المواد لمعرفة مدى توافقها أو اختلافها والكتاب والسنة.
4- نقد المادة وتصويب المعلومة وفق الخطوات التالية:
أ- التأصيل للمادة عن طريق إعادتها للكتاب والسنة وتوضيح مدى تجاهل كتاب المادة لما
ورد فيها.
ب- الاعتماد على الروايات الصحيحة للحديث النبوي الشريف .
جـ- مناقشة الأخطاء عن طريق العقل - في حينه - بما يتضح معه مصادمة ذلك الخطأ للعقل والنقل .
د- مناقشة الأدلة والبراهين التي أوردها كتاب المواد عن طريق الرواية والدراية .
• الخطة الإجمالية للبحث
عنوان البحث
منهج المستشرقين في دراسة النظم الاجتماعية-دراسة نقدية لدائرة المعارف الإسلامية(بحسب الترجمات العربية)
أولاً / المقدمة وتشتمل على :
1- أهمية الموضوع ،
2- وأسباب اختياره.
3- منهج الباحث في الدراسة.
4- خطة البحث.
• ثانياً / التمهيد : ويشتمل على :
1- تحديد وتعريف بمصطلحات البحث.
2- التعريف بدائرة المعارف الإسلامية.
3- مفهوم النظم الاجتماعية في الإسلام.
الفصل الأول : تكوين الأسرة ، وفيه مباحث :
المبحث الأول : الخطوبة .
المبحث الثاني : عقد النكاح .
المبحث الثالث : المعاشرة الزوجية .
المبحث الرابع : دراسة ونقد لمواد الفصل الأول .
الفصل الثاني : الحقوق والواجبات ، وفيه مباحث :
المبحث الأول : حقوق الزوج .
المبحث الثاني : حقوق الزوجة .
المبحث الثالث : حقوق الأبناء .
المبحث الرابع : دراسة ونقد لمواد الفصل الثاني .
الفصل الثالث : إنهاء العلاقة الزوجية وفيه مباحث :
المبحث الأول : الطلاق ، والرجعة .
المبحث الثاني : الخلع .
المبحث الثالث : دراسة ونقد لمواد الفصل الثالث .
الفصل الرابع : المرأة في دائرة المعارف ، وفيه مباحث :
المبحث الأول : حقوق المرأة في الإسلام .
المبحث الثاني : المرأة والعمل .
المبحث الثالث : المرأة والملكية .
المبحث الرابع : دراسة ونقد لمواد الفصل الرابع .
الفصل الخامس : العلاقات الاجتماعية وفيه مباحث :
المبحث الأول : علاقة الإنسان بنفسه .
المبحث الثاني : علاقته بأقربائه .
المبحث الثالث : علاقته بجيرانه وإخوانه من المسلمين .
المبحث الرابع : دراسة ونقد لمواد الفصل الخامس .
الخاتمة وفيها :
1 - خلاصة البحث .
2 - أهم النتائج التي تم التوصل إليها .
3 - التوصيات والمقترحات .
الفهارس :
1- فهرس الآيات الكريمة .
2- فهرس الأحاديث النبوية.
3- فهرس المراجع.
4- فهرس الأعلام المترجم لهم.
5- فهرس الموضوعات.
============(25/336)
(25/337)
الأخطاء العقدية في دائرة المعارف الإسلامية
دراسة تحليلية نقدية
رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه
إعداد الطالب
حميد بن ناصر خالد الحميد
إشراف
الأستاذ الدكتور : محمد خليفة حسن أحمد
1415هـ
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله.
((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا))النساء: آية 1
((قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون)) آل عمران آية: 64
((يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وانتم تعلمون)) آل عمران آية: 71 .
فمنذ القرن الثامن عشر الميلادي تقريبا، ظهر اهتمام الغرب بالإنتاج الموسوعي الذي كان هدف علماء الغرب منه تقديم المعرفة المتراكمة للقراء في صورة موجزة مختصرة، مع الإشارة في نهاية المادة المعروضة إلى المصادر والمراجع لمن يريد التوسع في معلوماته عن تلك المادة. وأصبحت الموسوعات ودوائر المعارف من الأعمال العلمية الجادة التي تختصر المعرفة الإنسانية، وتحتاج إلى مزيد من العناية والتركيز لكي تقوم بعملية التوجيه العلمي وتحقق التأثير الفكري المطلوب منها.
لا جرم أن قاموسا أو موسوعة تعرض نظام المعارف البشرية وسط هذا التدفق الكبير من المعارف، وعلى نسق يسهل التعامل معه يعد عملا علميا يمثل أحد أسباب القوة العلمية للحضارة الغربية. ومن تلك الموسوعات ودوائر المعارف التي تم إنجازها دائرة المعرف الفرنسية، ودائرة المعارف البريطانية، ودائرة المعارف العلمية الأمريكية. وموسوعة تاريخ العالم لجون هامرتن. وتاريخ الحضارات العام بإشراف موريس كورزيه. كما ظهرت عدة دوائر دينية مثل دائرة المعارف اليهودية، ودائرة المعارف الكاثوليكية، ودائرة المعارف البروتستانية، ودائرة معارف الدين والأخلاق، ودائرة معارف((الكتاب المقدس))، ودائرة معارف الإرساليات التنصيرية. كما صدرت عدة معاجم دينية مثل معجم((الكتاب المقدس))، ومعجم الكنيسة النصرانية، ومعجم إكسفورد للكنيسة النصرانية وغير ذلك.
ولم يتوقف اهتمام علماء الغرب بالإنتاج الموسوعي لمعارفهم فقط، بل اهتموا بإنتاج الأعمال الموسوعية للأديان والحضارات الأخرى ومن بينها الإسلام الذي لقى عناية خاصة في هذا المجال، وظهر ذلك جليا بوضعهم فهارس لمصدري الإسلام الأساسيين مثل العمل الذي قام به المستشرق الألماني جوستاف فلوجل بعنوان(( نجوم الفرقان في اطراف القرآن)) وهو أول فهرس نشر في أوروبا للقرآن الكريم. وكذلك العمل الذي بدأه المستشرق الهولندي فنسنك بعنوان ((المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي)) كما قام بنشر الكتاب الذي ترجم إلى اللغة العربية بعنوان(( مفتاح كنوز السنة)). إضافة إلى نشر(( تاريخ الأدب العربي)) للمستشرق الألماني كارل بروكلمان.
وقد بلغ اهتمام المستشرقين بدراسة الإسلام ذروته في إصدارهم(( دائرة المعارف الإسلامية)) التي تعد من أكبر الدراسات الاستشراقية للإسلام، وأعظمها خطورة خلال القرن العشرين، بل هي تمثل خلاصة جهود المستشرقين في الدراسات الإسلامية خلال القرون الميلادية الثلاثة الأخيرة. وتشير دائرة المعارف الإسلامية إلى أن دراسات المستشرقين للإسلام لم تكن مجرد جهود فردية، بل كونت أيضا اتجاها منظما يسير وفق خطط تشرف عليها مؤسسات علمية مختلفة، إذ لم يكن إصدار الدائرة عملا فرديا يشرف عليه بعض المستشرقين المنتمين إلى قطر واحد أو إلى لغة واحدة، بل كان عملا جماعيا دوليا عقدت له المؤتمرات، وتنادى من أجله المستشرقون من شتى دول أوروبا. فقد طرحت فكرة إنشاء الدائرة في مؤتمر المستشرقين التاسع الذي عقد في لندن عام 1892م، وتوالت دراسة هذه الفكرة في ثلاثة مؤتمرات متتالية انتهت بإقرار إنشائها، وإصدارها بثلاث لغات أوروبية. وقد تم بالفعل إصدار نموذج منها عرض في مؤتمر المستشرقين الثاني عشر الذي عقد في روما عام 1899م. وتعتبر دائرة المعارف الإسلامية من أخطر الجهود العلمية للمستشرقين نظرا لما تناولته من تعريف بالإسلام، وبالشعوب الإسلامية من وجهة النظر الإستشراقية دون أن يكون للمسلمين شأن يذكر في كتابة مادتها العلمية أو مراجعتها ويمكن تلخيص أسباب خطورتها فيما يلي:-
1- عدم إشراف علماء المسلمين على كتابة موادها أو إشراكهم في هيئة تحريرها.
2- عدم اشتراك علماء مسلمين في كتابة موادها الأساسية، واشتراك نفر قليل منهم في كتابة مواد ثانوية.
3- إسناد كثير مما كتب فيها إلى المصادر الإسلامية مما قد يجعل القارئ يثق بما ورد فيها من معلومات.
4- انتشار ترجمتها العربية في كثير من المكتبات دون تنقيح أو تصحيح لجميع الأخطاء والشبهات التي وردت فيها.(25/338)
5- حرص كثير من الأوساط العلمية على تزويد مكتباتها بهذه الدائرة مما قد يغزي الباحثين بالاعتماد على المواد المذكورة فيها.
6- انتشار هذه الدائرة في البلدان الغربية المختلفة بعدة لغات وطبعات مما جعلها مصدرا أساسا في التعرف على الإسلام وأهله.
ولما كانت العقيدة الإسلامية هي المنهج الحاكم الذي يجب أن تفهم كل المسائل في هداها حيث أنها تقوم على الكتاب والسنة، كان من الواجب معرفة موقف المستشرقين منها من خلال طرحهم لموضوعاتها في دائرة المعارف الإسلامية. هذه الدائرة التي كان من الواجب على كتابها ومحرريها أن يكونوا متصفين بالحياد العلمي النزيه، والوضوح المنهجي في أسلوب تناولهم للإسلام بشكل عام، إلا أن هذا الأمر لم يكن متوفرا. فالمستشرق يكتب عندما يكتب عن الإسلام فإنه لا يتجرد عن مواريثه الدينية والفكرية الخاصة بل يكون واقعا تحت تأثيرها. كما أن الموقف الاستشراقي العام من الإسلام حول دائرة المعارف الإسلامية إلى مستودع كبير للشبهات والنظريات الخاطئة حول الإسلام.
لم تقتصر أخطاء المستشرقين في الدائرة على جانب واحد من العلوم الإسلامية بل وقعوا في أخطاء تتعلق بموضوعات مختلفة. فالتوحيد كما عرفوه في الدائرة هو القول بلا إله إلا الله أو القول بالحلول. والإجماع يستطيع المسلمون عن طريقه أن يجعلوا الإسلام ما شاؤوا، وقد غير المسلمون عن طريقة عقائد ثابتة وهامة تغييرا تاما. والصلاة المفروضة إنما أخذها صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى، وانها لم تكن قد فرضت في عهد صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في اليوم والليلة. والصحابة رضي الله عنهم كانوا يعارضون صلى الله عليه وسلم بشدة، وكانوا يشكون في أقواله في أحوال كثيرة، وكانوا يشكون في الأحاديث التي رواها أبو هريرة ولا يترددون في التعبير عن شكوكهم فيها بأسلوب ساخر. كما شكك في كتاب الدائرة في سلامة القرآن الكريم من التحريف حيث تضمنت الدائرة الإشارة إلى أن مصحف عثمان لم يزود المسلمين بنص مقبول، وأن هناك نسخا أخرى منافسة له، وأن القرآن الكريم قد تضمن أخبارا عن بعض الأنبياء المشكوك فيهم وفي صحة نبوتهم. ولم يتورع كتاب الدائرة عن وصفهم بالخداع، والوثنية، والسحر، والجبن ونحو ذلك. وأن الجنة التي كانت يبشر بها النبي صلى الله عليه وسلم ، والنار التي كان يحذر منها ليس لها وجود إلا في الخيال، وإنها كانت من نسج خيال صلى الله عليه وسلم الذي استطاع بواسطته وضع صفات مجازية لله تبارك وتعالى كان قد أخذها من مصادر مختلفة وغير ذلك من الأخطاء.
إن مما لاريب فيه أن هذه الدائرة لا تعبر عن الرأي الإسلامي الصحيح لغياب الكاتب والمحرر الإسلامي عنها، حيث كان كتابها ومحرروها خصوصا للإسلام، فلم تتسم كتاباتهم عنه بالموضوعية والإنصاف. فقد اعتمدوا على مصادر استشراقية، أو مصادر لاتمثل الرأي الإسلامي الصحيح، أو على أدلة ضعيفة أو موضوعة مع وقوفهم على المصادر والأدلة التي تعبر عن الرأي الإسلامي الصحيح، بل عمدوا إلى بتر الدليل أو الخبر الوارد في المصدر الأصلي في الموضوع. إضافة إلى التباين الجلي في درجات المقالات، والتناقض في الأخبار الواردة فيها. ومع ذلك سوف تظل هذه الدائرة تؤدي دورها الذي أنشأت لأجله طالما أن الفراغ الذي تعاني منه المكتبة العربية الإسلامية قائم. لذا فلا أقل من مراجعة المواد الواردة فيها ودراستها دراسة مفصلة لجميع موضوعاتها الإسلامية بشكل منفصل كل موضوع على حدة، ومن ذلك موضوع العقيدة، أو علم التوحيد الذي هو أصل كل العلوم وأشرفها.
ومما سبق ندرك أهمية دائرة المعارف الإسلامية وخطورتها، وضرورة نقد المادة الواردة فيها. وتلك هي البواعث التي دفعت الباحث إلى اختيار موضوع(( الأخطاء العقدية في دائرة المعارف الإسلامية-دراسة تحليلية نقدية)) .
الدراسات السابقة :
قام الباحث بالرجوع- قبل اختياره لهذا الموضوع- إلى عدد من المكتبات والدوريات والمجلات باحثا عن أي دراسة علمية مستقلة لأحد الموضوعات الإسلامية المطروحة في الدائرة، واستشار عددا من المهتمين بهذا المجال فلم يجد شيا من ذلك، لكنه وقف على شذرات متفرقة هنا وهناك، داخل الدائرة المترجمة إلى اللغة العربية أو خارجها مما هو منشور في المجلات أو ضمن فقرة من كتاب، مثل كتاب
((مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية )) فقد تضمن الجزء الثاني منه مقالا نقديا لمادة ((زكاة )) في الدائرة، كتبها الدكتور محمد أنس الزرقاء. ومن ذلك أيضا ماجاء في مجلة التضامن الإسلامي في الجزء العاشر لعام 1399هـ حيث ورد فيها مقال نقدي لمادة ((حج )) في الدائرة، وماجاء في مجلة الأزهر في مجلدها الخامس الصادر عام 1353هـ، فقد تضمنت عددا من المقالات النقدية لبعض مواد الدائرة، مثل مادة ((أبو بكر)) وقد كتب هذا المقال الأستاذ محمد فريد وجدي، ومواد ((أبو هريرة، وإحرام، وإجماع)) وكتب هذه المقالات محمد عرفة.(25/339)
ومن تلك الدراسات أيضا ماجاء في كتاب(( المستشرقون والدراسات الإسلامية )) تأليف محمد عبدالله مليباري، فقد تناول في أحد موضوعاته فيما لا يتجاوز خمس صفحات مناهج المستشرقين في الدراسات الإسلامية من خلال ماجاء في بعض مواد دائرة المعارف الإسلامية.
كما وقف الباحث على مقالات جاءت في مجلة الرسالة الصادرة عام 1352هـ في عدديها التاسع عشر والعشرين حول نقد الترجمة العربية للدائرة عند أول صدورها، إلا أن تلك المقالات تركزت على الترجمة ذاتها وطريقة ترتيب مواد الدائرة المترجمة. بالإضافة إلى ماجاء في المجلة نفسها الصادرة عام 1364هـ بدءا من العدد( 635 ) فقد تضمنت سلسلة مقالات نقدية لأسلوب الترجمة، وذلك بعد صدور المجلد الخامس من الترجمة العربية كما أشار إلى هذا كاتب تلك المقالات.
ويتضح مما سبق أن الباحث لم يقف على دراسة علمية مستقلة لأي موضوع من موضوعات دائرة المعارف الإسلامية، يتناول تحليلها ونقدها مع أهمية ذلك، ومنها موضوع هذا البحث. أما بالنسبة للتعليقات المثبتة في الترجمة العربية للدائرة فإنها لم تشمل جميع الأخطاء الواردة في المواد المترجمة، كما أنها لم تشمل جميع المواد المتعلقة بموضوع العقيدة أو غيرها من الموضوعات لكونها لم تكتمل ترجمتها.
إن هذا البحث ليس مجرد تسجيل لأخطاء المستشرقين العقدية في دائرة المعارف الإسلامية، بل هو في الأساس يهدف إلى التعريف بالدائرة، وبخاصة الحال التي صاحبت نشأتها، والدوافع التي جعلت المستشرقين يفكرون في إصدارها. كما يهدف إلى دراسة المواد العقدية الواردة في الدائرة، وتحديد الأخطاء الواردة فيها ومناقشتها. ويهدف أيضا إلى التعريف بمناهج المستشرقين المساهمين في كتابة المواد العقدية في الدائرة، وإيصال رسالة فكرية إلى كافة الفعاليات المخلصة في الأمة لكي تتعاون من أجل إستبدال هذه الدائرة بدائرة معارف عربية إسلامية، يكتبها ويشرف عليها المسلمون أنفسهم.
خطوات الدراسة والمنهج :
1- أعتمد الباحث في دراسته هذه على الطبعة الإنجليزية الأولى من دائرة المعارف الإسلامية، مستعينا بما ورد في الترجمة العربية لها.
2- قام الباحث بمراجعة جميع المواد الواردة في الطبعة الإنجليزية، وذلك لكي يصل إلى تحديد وحصر المواد العقدية فيها، ومن ثم تصنيفها على حسب أركان الإيمان الستة مع وصف لمحتوى كل مادة وصادرها كما جاءت في الدائرة دون تدخل منه. ويهدف الباحث من ذكر مصادر كل مادة إلى دراستها وتقييمها، والنظر في كيفية استخدامهم لها، والحكم عليها في النهاية كمصادر للمواد العقدية في الدائرة وذلك عن طريق إعداد دراسة إحصائية توصل من خلالها إلى تحديد نوعية المصادر التي اعتمد عليها كتاب المواد العقدية في الدائرة.
3- بعد تصنيف المواد العقدية على حسب أركان الإيمان الستة، قام الباحث بدراسة محتوى تلك المواد لمعرفة مدى توافقها أو اختلافها مع ماهو في الكتاب والسنة، أو تطابقها مع رأي أهل العلم السائرين على منهج الكتاب والسنة. ومن خلال ذلك تم تحديد ماهية المشكلة المراد دراستها، وكشف المادة الإستشراقية على حقيقتها من خلال حصر الأخطاء العقدية الواردة فيها في مكان واحد مترابط، كي يتبين للقارئ فداحة الأخطاء التي تضمنتها الدائرة في مجال واحد، ناهيك عن بقية المجالات المتعلقة بالعلوم الإسلامية الأخرى. ونظرا لذلك فإن الباحث سيكون مضطرا إلى تكرار ذكر بعض فقرات المواد العقدية الواردة في الدائرة، وهذا الأمر تستدعيه طبيعة الموضوع الداعي إلى التدرج في العرض.
4- حاول الباحث التعريف بمناهج المستشرقين الذين أسهموا في كتابة المواد العقدية في الدائرة، وذلك عن طريق البحث عن مناهجهم في الكتابة عن الإسلام خارج الدائرة وداخلها. وقد قام بمراجعة أغلب المواد التي أسهموا في كتابتها في الدائرة- عقدية أو غير عقدية- وإستنبط منها الملامح العامة لمناهجهم في كتابة مواد الدائرة بشكل عام، والمواد العقدية بشكل خاص.
5- التزم الباحث عدم الاستطراد في الأبحاث التي قد تدفعه إليها كثرة المواد والمادة المعروضة فيها في جوانب متعلقة بموضوعات عقدية غير مباشرة، وقد كان بإمكانه أن يستطرد فيها إلا أنه خشي أن يكون ذلك الاستطراد على حساب المادة العلمية الأصلية.
6- عرض الباحث مصادر البحث ومراجعه بحسب الحروف الهجائية مع عدم إعتبار هذه الملحقات
(ابن، أبو، آل). ويلاحظ أنه عند إغفال أي أمر من الأمور المتعلقة بالتوثيق مثل رقم الطبعة أو سنة النشر أو غير ذلك، فإن هذا يكون راجعا إلى عدم ذكرها في المصدر أو المرجع.
7- سار الباحث في نقده للأخطاء العقدية على النحو التالي :
أ- التأصيل للمادة العقدية عن طريق إعادتها إلى الكتاب والسنة، وتوضيح مدى تجاهل المستشرقين لما هو وارد فيها.
ب- الإعتماد على الروايات الصحيحة المتفقة مع منهج أهل السنة والجماعة.(25/340)
ج- مناقشة الأخطاء عن طريق العقل بما يتضح معه مصادمة ذلك الخطأ للعقل والنقل معا، لأن كل الأقوال المخالفة لما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة إنما هي أقوال باطلة يدرك العقل بطلانها، لأن العقل الصريح لا يمكن أن يخالف النصوص الثابتة الصحيحة.
د- مناقشة الأدلة التي أوردها كتاب المواد العقدية في الدائرة عن طريق نقد الرواية، أو نقد المصدر الذي اعتمد عليه الكاتب.
هـ- مناقشة آراء كتاب تلك المواد عن طريق مواجهة تلك الآراء بعضها ببعض. تلك الآراء التي قد تصل إلى حد التناقض والتضاد.
هذا هو عمل الباحث ومنهجه الذي سار عليه بتوفيق من الله تعالى. وقد قسم عمله هذا إلى مقدمة، وتمهيد، وبابين، وخاتمة كالآتي :
المقدمة :
التمهيد: وقد عرف الباحث فيه بتاريخ الدراسات العقدية عند المستشرقين منذ ماقبل العصر الحديث وحتى نهاية العقد السابع من القرن العشرين حيث وفاة آخر محرري دائرة المعارف الإسلامية في طبعتها الأولى. وذلك للوقوف على المؤلفات التي قام بها المستشرقون في الموضوعات العقدية قبل وأثناء إصدارهم لدائرة المعارف الإسلامية.
أما الباب الأول فقد اشتمل على ثلاثة فصول وهي كالتالي:
أما الفصل الأول فقد عرف الباحث فيه بدائرة المعارف الإسلامية من حيث نشأتها، ولغاتها، وطبعاتها، ودوافعها، وأهدافها، ومادتها، ومحرروها مع توضيح مدى اهتمامهم بدراسة العقيدة الإسلامية.
أما الفصل الثاني فقد تضمن تصنيفا موضوعيا وصفيا للمواد العقدية في الدائرة وذلك عن طريق إدراج المادة العقدية تحت ركن من أركان الإيمان الستة حسب علاقتها بذلك الركن.
أما الفصل الثالث فقد كان تعريفا بالمستشرقين الذين كتبوا المواد العقدية في الدائرة، وبمناهجهم بشكل عام سواء كانت داخل الدائرة أو خارجها.
وأما الباب الثاني فقد إشتمل على فصول أيضا وهي كالتالى :
أما الفصل الأول فقد تضمن حصر الأخطاء المتعلقة بأركان الإيمان الستة، وقد تم تصنيف تلك الأخطاء في ستة مباحث، يشتمل كل مبحث منها على الأخطاء المتعلقة بركن من أركان الإيمان الستة.
وأما الفصل الثاني فقد تضمن مناقشة للأخطاء العقدية المعروضة في الفصل الأول حسب تصنيفها فيه.
أما الفصل الثالث فقد تضمن الملامح العامة لمناهج المستشرقين في تناول المواد العقدية في الدائرة مع نقدها ، ومصادرهم في دراسة تلك المواد مع نقدها .
أما الخاتمة فقد تضمنت النتائج والتوصيات .
تلك هي موضوعات البحث ، وما جمع الباحث إنما هو غيض من فيض ، إذ لا تزال دائرة المعارف الإسلامية مملوءة باخطاء تتعلق بموضوعات إسلامية متفرقة . ولعل ما صنعه الباحث هنا يكون بداية له في دراسة موضوعات أخرى في الدائرة ، أو دافعاً لغيره لكي يقوم بدراسة موضوع آخر من الموضوعات الإسلامية التي تضمنتها دائرة المعارف الإسلامية . ثم إن الباحث لا يدعي الكمال في عمله هذا ، فإن أحسن فيه فذلك الفضل من الله ، وإن كان غير ذلك فحسبه أنه بذل فيه قصارى جهده وتحرى فيه الحق والصواب ، وسبحان من بيده هداية القلوب والأفكار .
وفي ختام هذه المقدمة يتقدم الباحث بخالص الشكر والثناء إلى كل من أعانه في عمله هذا بأي شكل من أشكال العون . وأول الشكر وآخره لولي الحمد ومستحقه سبحانه وتعالى . ثم يشكر الباحث جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي وجد فيها محضناً من محاضن العلم ، حيث تشرف بالانتماء إليها منذ انتهائه من المرحلة الابتدائية حتى الآن ، وفي كل مرحلة يتلقى فيها الميراث النبوي، والعلم النافع في الدنيا والآخرة . ويشكر لها عنايتها واهتمامها بالدراسات الاستشراقية والتنصيرية ، وتشجيعها للبحث العلمي فيها على منهج علمي سليم ، تصحيحاً للمفاهيم الغربية عن الإسلام ، وتعريفاً به ودعوة إليه ودفاعاً عنه . ويشكر أيضاً القائمين على كلية الدعوة بالمدينة المنورة وعلى قسم الاستشراق فيها وفي مقدمتهم الدكتور معيض بن مساعد العوفي عميد الكلية ، والأستاذ مصطفى حلبي وكيل الكلية على مالمسه منهم من عون وتسديد فجزاهم الله خير الجزاء .
واعترافاً بالفضل لأهله يتقدم الباحث بخالص الشكر وعظيم التقدير لأستاذه المشرف على هذه الرسالة الأستاذ الدكتور محمد خليفة حسن ، فقد كان رحب الصدر والبيت ، وأعطاه من وقته الكثير ، وكان له أكبر الأثر في إنجاز هذه الرسالة بفضل الرعاية التي شمله بها ، والتوجيهات المفيدة والسديدة التي أرشده إليها . فجزاه الله عن الباحث وعن بقية زملائه خير الجزاء . كما يشكر الباحث كلاً من الدكتور عبدالله الرحيلي والدكتور أحمد الخراط على تشجيعهما له مواصلة الدراسة في قسم الاستشراق وتسجيل موضوع هذه الرسالة فيه وعلى تعاونهما المتواصل معه . ويشكر كذلك زملاءه في القسم الدكتور كمال الفولي والدكتور مازن مطبقاني ، والأستاذين مصطفى حلبي ، وحسن سويسي على مساعدتهم له في ترجمة بعض المواد العقدية ، وترجمة بعض النصوص الأجنبية خارج الدائرة .
كما لايفوت الباحث تقديم شكره للأستاذين المناقشين على ما أمضيا من وقت وأذهبا من جهد في سبيل قراءة هذا البحث لتقويمه وتسديده .(25/341)
وأخيراً يقدم الباحث شكره لجميع أفراد أسرته على مساعدتهم له وفي مقدمتهم والدته التي كان فضلها عليه عظيماً ، فليس البحث ولا الباحث إلا من حسناتها التي أسأل الله أن يثقل بها موازينها وموازين والده رحمه الله تعالى . ثم يقدم شكره لأم أولاده التي كانت عوناً له في مراجعة طباعة البحث ، وسعيها الدائم لراحته وتفرغه للكتابة . كما يشكر إخوته الكرام خالد وعلي وصالح ومحمد وأولاد أخيه خالد وأبناء خاله عبدالله الحميد على ما قدموه له من عون في عمله هذا. فجزى الله عنه هؤلاء جميعاً خير الجزاء إنه سميع مجيب .
والحمدلله أولاً وآخراً وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
==============(25/342)
(25/343)
السلطان محمود الغزنوي في كتابات بعض المستشرقين
دراسة نقدية
بحث مكمل لنيل درة الماجستير
إعداد الطالب
محمد عامر عبدالحميد مظاهري
إشراف
أ.د. حامد غنيم أبوسعيد
العام الجامعي 1415هـ
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم ، أحمد الله الذي لا إله إلا هو ، وأن محمداً صلى ا الله عليه وسلم عبده ورسوله ([1]).
أما بعد :
فهذا بحث مكمل ، لنيل درجة الماجستير في "الاستشراق" ، وموضوعه هو دراسة نقدية لرؤية بعض المستشرقين في شخصية إسلامية من تاريخنا الإسلامي .
والشخصية المعنية هي شخصية يمين الدولة وأمين الملة السلطان محمود بن سبكتكين الغزنوي (357 ـ 421هـ/966 ـ 1029م) ([2])، وقد اهتم بشخصيته عدد من المستشرقين ، فدرسوا سيرته وغزواته ومنجزاته الحضارية والعلمية .
أهمية البحث وأسباب اختياره :
يعتبر السلطان محمود الغزنوي من الشخصيات العظيمة في التاريخ الإسلامي ، فهو يتصف بصفات الحاكم المسلم ، التي أكسبته مكانة بارزة في التاريخ ، فقد ساهم بغزواته في توسيع رقعة العالم الإسلامي ، وكان من أكبر أسباب انتشار الإسلام في شبه القارة الهندية ، كما إ، له العديد من المنجزات الحضارية ، والبصمات العلمية في التراث الإسلامي .
وقد أتت المعالجة الاستشراقية لشخصية السلطان محمود الغزنوي غير منصفة ـ أحياناً ـ لسيرته وأعماله ومنجزاته السياسية والحضارية .
وتبدو أهمية البحث في ضرورة مراجعة الكتابات الاستشراقية حول شخصية السلطان محمود الغزنوي ، ودراستها دراسة علمية موضوعية لتحديد الإيجابيات التي وردت عن السلطان في الكتابات الاستشراقية ، وللتعرف على السلبيات والشبهات التي أثيرت حوله والرد عليها ونقدها دفاعاً عن هذه الشخصية الإسلامية وحفاظاً على مكانتها وصورتها الزاهرة في التاريخ الإسلامي .
ومن أهم أسباب اختياري لهذا الموضوع :
1. أهمية السلطان محمود الغزنوي التاريخية والدينية ، وعدم اعتناء البحوث الإسلامية السابقة بتتبع صورته عند المستشرقين ، وتوضيح أخطائهم في حقه ، وتصحيح هذه الصورة من خلال المصادر الإسلامية .
2. تركيز معظم البحوث في الاستشراق على الدراسات الاستشراقية حول السيرة النبوية وعصر الخلافة الراشدة ، وكذلك عصور الخلافة الأموية والعباسية والعثمانية ، وقد نالت هذه الدراسة حظاً وافراً من المتابعة الإسلامية والنقد ، في الوقت الذي لم تلق فيه الدول الإسلامية غير المركزية وشخصياتها التاريخية من حكام وملوك الاهتمام الكبير والدراسة الوافية .
3. وثمة سبب آخر لاختيار الموضوع ، وهو ارتباط شخصية السلطان محمود الغزنوي بتاريخ دخول الإسلام في شبه القارة الهندية ، ويحمل هذا الارتباط معاني العرفان والإحسان العظيمة من هذا السلطان الغازي تجاه المنتمين إلى هذه القارة ، فهو يمثل الباب الذي دخل منه هذا الدين العظيم إلى هندوستان وتشرف أهلها به ، فكل من أتى بعد هذا السلطان وتوسع في شبه القارة الهندية عالة عليه ، فكيف انتكس عن الدفاع عن هذه الشخصية التي لها علينا هذا الفضل العظيم؟ جزاه الله عن مسلمي شبه القارة الهندية خير الجزاء .
ولهذه الأسباب رأيت أن يتوجه بحثي إلى دراسة شخصية إسلامية تنتمي إلى دولة إسلامية غير مركزية هي "الدولة الغزنوية" للتعرف على آراء المستشرقين حولها ومناقشة هذه الآراء .
حدود البحث :
1) يتناول البحث آراء بعض المستشرقين حول السلطان محمود الغزنوي ، ولا يتطرق إلى تاريخ الدولة الغزنوية وحكامها الآخرين إلا بالقدر الذي يفيد في فهم آراء المستشرقين حول الشخصية المعنية.
2) يتم التركيز على سبعة مستشرقين تناولوا السلطان محمود بالدراسة ، وهم : المستشرق جون كلارك مارشمان J.C.Ma r shman (000-1877م/1294م) من خلال كتابه "Histo r y of India" ، والمستشرق إستانلي لين بولS.Lane Pool" " (1832-1895م/1248-1313هـ) من خلال كتابه "الدولة الإسلامية" ، والمستشرق بارون كارا دوفو "B.C.de Vaux" (1867-1953م/1284-1373هـ) من خلال كتابه "مفكروا الإسلام" ، والمستشرق كارل برو كلمان C.B r ockelmann (1868-1956م/1285-1376هـ) من خلال كتابه "تاريخ الشعوب الإسلامية" ، والمستشرق بارتولد شبولر B.Spule r (1911-…/1329هـ) من خلال مقاله "Ghaznawids"، والمستشرق بوزوارث C.E.Boswo r th (1928م/1347هـ) من خلال كتابه "The latte r Ghaznavids" ومقاله "Mahmud B. Sabuktagin" بالإضافة إلى الاستشهاد أحياناً بمستشرقين آخرين وهم : المستشرق هنري إليوت Si صلى الله عليه وسلم H.Elliot(1808-1853م/1223-1270هـ) من خلال كتابه "The histo r y of India as told by its own histo r iiens" ، والمستشرق توماس آرنولد Si صلى الله عليه وسلم t.A r nold (1864-1930م/1281-1349هـ) من خلال كتابه "الدعوة إلى الإسلام" والمستشرق ب .هاردي P.Ha r dy من خلال مقاله "Ayas Abu L Najam " ([3])، وهؤلاء من أهم المستشرقين الذين درسوا السلطان .
منهج البحث :
اتبع الباحث المنهج الوصفي والمنهج التاريخي مع التحليل والنقد ، واتبع منهج البحث العلمي في التوثيق واستخدام المصادر والمراجع .
كما راعى الباحث في إعداد البحث ما يلي :(25/344)
1) حصر كل ما كتبه المستشرقون السبعة حول السلطان محمود في مصادرهم المذكورة ، ثم تصنيفها في ضوء الخطة المقترحة ، ومناقشتها .
2) عند ذكر قول المستشرق في موضوع ما ، أكتفي بذكر ما يمس الموضوع فقط ، مع مراعاة تامة بعدم الإخلال بالمعنى المراد ، وإن رأيت الإضرار بالمعنى من جراء حذف كلمة أو جملة أو مقطع كامل ، ذكرته مهما طال ، مراعاة للأمانة في نقل النصوص ، ولكن إن كانت الجملة أو الكلمة معترضة لا يؤثر حذفها على المعنى ، فأفضل حذفها حينئذ ابتغاء التركيز على الموضوع .
3) ذكر مال قاله كل مستشرق حول موضوع واحد بنصه ـ أولاً ـ من غير تعليق ، ثم مناقشة هذه الأقوال بعد كلمة فصل ، مثل : "أقول مناقشاً هذا الرأي" .
4) ترتيب أقوال المستشرقين حول نقطة واحدة حسب الترتيب الزمني للمستشرقين ، وكذلك في مناقشتها ما لم يمكن مناقشة عدة أقوال متشابهة مرة واحدة .
5) توثيق كل رأي أو قول في أول مرة يذكر فيها ، وإن دعت الحاجة إلى ذكره مرة أخرى أثناء المناقشة فلا يوثق مرة أخرى .
6) عند مناقشة آراء المستشرقين تم الالتزام بذكر الآراء الإيجابية قبل السلبية وذلك من باب الموضوعية والإنصاف .
7) محاولة الالتزام ـ بدقة ـ بأدب المناقشة العلمية ، من حيث الأسلوب والألفاظ ، واضعاً نصب العين ابتغاء الدعوة إلى الله تعالى من خلال هذا البحث ، والدعوة لا تكون إلا بالحكمة والموعظة الحسنة .
8) عند الاستشهاد بالآيات والأحاديث ، تم عرض موضع الشاهد فقط إذا كانت الآية أو الحديث طويلين ، أما في حال كونهما قصيرين ، فيذكران تامين .
9) الالتزام بالاستشهاد بالأحاديث الصحيحة أو الحسنة فقط ، وعدم ذكر أي حديث لم تثبت نسبه إلى الرسول صلى ا الله عليه وسلم .
10) الالتزام بتخريج كل آية أو حديث يذكران في البحث ، بذكر السورة ورقم الآية ، وبذكر المصدر الراوي للحديث واسم الكتاب والباب والمصدر ، وأحياناً ذكر الراوي أيضاً .
11) عند الاستشهاد بأبيات شعر من اللغة الفارسية ، حرصت على إثبات النص الفارسي أيضاً، مراعاة للدقة والأمانة ، سوى أن يكون عدد الأبيات المتتالية كبيرة ، فاكتفيت بذكر الترجمة فقط .
12) الالتزام بذكر تعريف موجز بكل علم غير مشهور ورد ذكره في ثنايا البحث ، أما ما يذكر في الهامش فلا يعرّف .
13) الالتزام بتحديد الموقع الجغرافي لكل مكان ورد ذكره في ثنايا البحث ـ في المرة الأولى ـ أما ما يذكر في الهامش فلا يعرّف ، وإذا توفرت معلومات أخرى غير الجغرافية ذكرتها ، مع توثيق هذه المعلومات إن كانت مستقاة من مصدر ما ، وإن كانت حسب علمي الشخصي فلا توثق .
14) الالتزام بذكر التاريخ الميلادي بعد ذكر التاريخ الهجري ـ فيما يتعلق بالأحداث والشخصيات الإسلامية ـ وأما بالنسبة للشخصيات الاستشراقية فيذكر التاريخ الهجري بعد الميلادي .
15) عند توثيق المعلومة لا أرى بأساً بذكر جميع المصادر التي تتحدث حول النقطة المعنية ، ويراعى في ذكر المصادر الترتيب الزمني ، لا الأهمية العلمية للمصدر .
16) استخدام المعكوفين [ ] لإضافة كلمة توضيحية إلى نص من النصوص .
الدراسات السابقة :
إن موضوع هذا البحث غير مسبوق من قبل ، فلم تمر دراسة واحدة علي في أي لغة من اللغات الثلاثة (العربية والأردية والفارسية) تحدثت فيها باحث عن صورة السلطان محمود الغزنوي في الكتابات الاستشراقية بقصد النقد .
والدراسة التي قام بها البروفيسور مولوي سيد هاشمي فريد آبادي في الهند قبل سبعين عاماً تقريباً، هي عبارة عن كتاب باسم "تاريخ هند"([4]) ، ألفه المؤلف ليتم تدريسه في الجامعة العثمانية بحيدر آباد في مقاطعة دكن الهندية ، وقد استفاد مؤلفه من كتابات بعض المستشرقين التاريخية في الهند بصورة عامة ، كما استفاد من المصادر الإسلامية نفسها ، ونقد المؤلف بعض الآراء الاستشراقية مثلما نقد بعض الآراء التاريخية للمؤلفين المسلمين ، بل إن هذا النقد الذي نجده موجهاً أحياناً إلى الكتابات الاستشراقية اقتصر على أمور تاريخية بحتة([5])، فلم يرم المؤلف من عرض الآراء الاستشراقية نقد هذه الآراء بقدر ما كان الهدف هو الاستشهاد بها والاستفادة منها ، ولهذا السبب نجد أن المؤلف يعتمد على الترجمات التي قام بها بعض المستشرقين لبعض المصادر التاريخية الإسلامية([6]) والتي لا يستطيع الاستفادة من أصولها بسبب الجهل بلغتها أو عائق آخر .
فلهذه الأسباب ، بالإضافة إلى كون هذه الدراسة غير متخصصة بالسلطان محمود الغزنوي وبلغة غير العربية ، رأيت أن مجال البحث في رؤية المستشرقين حول السلطان محمود الغزنوي ما زال مفتوحاً، بل إن الحاجة لا تزال ماسة إلى المضي قدماً في إجراء الدراسة في الموضوع ، وأ، الدراسة السابقة وأعني بها "تاريخ الهند" لم تقم بالأمر كما تنشده الدراسات المعنية بالاستشراق ، على الرغم من فائدتها العلمية التي لا يمكن الاستهانة بها .
تعريف بأهم مصادر البحث :
وجاءت هذه المصادر كالتالي :
(أ) المصادر التاريخية باللغة العربية :(25/345)
1) كتاب "تاريخ اليميني"([7]) ، لمؤلفه : أبوالنصر العتبي المتوفيى عام (431هـ/1039م) بشرح الشيخ أحمد المنيني المتوفيى عام (1111هـ/1699م).
وقيمة هذا المصدر يظهر بالنظر إلى سيرة العتبي ، حيث كان مؤرخ بلاط السلطان محمود الغزنوي فتيسر له تدوين كل صغيرة وكبيرة عن قرب وعلى مرأى من العين ، وهو التاريخ الوحيد الذي سجل يرة السلطان محمود على عهده وتحت إشرافه ، وذلك باللغة العربية ، بيد أن هذا المصدر لم يكمل لنا سيرة السلطان إلى آخر أيام عمره ، وذلك لانتقال العتبي إلى بلاط آخر في عام (409هـ/1018م).
أما شرحه الذي بين أيدينا ، فلا يضيف معلومة إلى المتن ، فهو ليس سوى شرح لغوي ، يمكن الاستفادة منه في فهم المتن المصاغ صياغة بلاغية مفرطة .
2) كتاب "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم"([8]) ، لابن الجوزي المتوفيى عام (597هـ/1202م) وقد أوجز فيه المؤلف القول في السلطان محمود حتى وفاته (421هـ) ، وذلك لكون الكتاب مختصاً بالحديث عن الخلافة في بغداد بالدرجة الأولى ، ومع ذلك فإنه اشتمل على بعض المعلومات التي لم تتوفر في غيره من المصادر ، وهو المصدر الأسبق الكامل في تاريخ السلطان ، باللغة العربية .
3) كتاب "الكامل في التاريخ"([9]) لابن الأثير المتوفيى سنة (630هـ/1234م) وقد تناول المؤلف سيرة السلطان بالدقة والتفصيل ـ على عادته ـ وبحق فإنه لا غنى لباحث في التاريخ عن هذا المصدر بأي حال من الأحوال .
4) كتاب "تاريخ ابن خلدون (العبر)"([10]) المتوفيى عام (808هـ/1378م) وهو مصدر متأخر نسبياً لكنه لاغنى عنه ـ في رأيي ـ ويكفي أنه سلك طريقاً غير طريق أسلافه المؤرخين ، إذ سرد كل ما يتعلق بالدولة الغزنوية في تسلسل واحد ، ولم يتبع نظام الحوليات التي تشتت المعلومات في سنوات حدوثها ، وبذلك يعطي ابن خلدون صورة واضحة جداً عن الدولة الغزنوية وسلاطينها .
(ب) كتب التراجم باللغة العربية :
1) كتاب "وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان"([11]) لابن خلكان المتوفى سنة (681هـ/1281م) ، وقد تحدث المؤلف عن السلطان محمود بتفصيل لا بأس به ، ولا يستغني باحث عن هذا المصدر حين ترجمة شخصية تاريخية .
2) كتاب "سير أعلام النبلاء"([12]) للإمام الذهبي المتوفى عام (748هـ/1348م) وللمؤلف فيه إضافات ليست موجدة في غيره من المصادر .
(ج) مصادر مترجمة إلى اللغة العربية :
1) كتاب "تاريخ البيهقي"([13]) لمؤلفه أبي الفضل البيهقي المتوفيى سنة (470هـ/1077م) وهو من أهم المصادر التي تحدثت عن السلطان محمود ، على الرغم من أنه تأريخ لسيرة السلطان مسعود الغزنوي أصلاً ، وهو كتاب ألف بالفارسية ، ثم ترجم ما بقي منه ـ بعد ضياع ـ إلى اللغة العربية حديثاً ، والمؤرخ البيهقي من أشهر المؤرخين المسلمين ، ويكفي أنه كان يشغل منصب تائب رئيس الديوان العام على عهد السلطان مسعود ([14])، ولذلك جاء تاريخه من أوثق التواريخ ، بل يذكر المؤرخ أن تاريخه يضم أخباراً لم يكتب لغيره العثور عليها ([15]).
3) كتاب "جهار مقاله" (المقالات الأربعة)([16]) ، لمؤلفه النظامي العروضي السمرقندي المتوفى سن (552هـ/1157م) وهو كتاب في الأدب بالدرجة الأولى ، غير أنه اكتسب شهرة تاريخية عظيمة إلى درجة اعتماد كثير من المؤرخين على بعض رواياته ، وخاصة فيما يتعلق بالسلطان محمود الغزنوي ([17])، وعلى الرغم من وجود بعض الملحوظات عليه ([18])، فإن قيمة هذا الكتاب تتجلى عندما بجد بعض الروايات التاريخية فيه لا توجد في المصادر التاريخية الأخرى غيرها ، إلا هي نفسها مقتبسة ـ ربما نصاً ـ من جهار مقالة ([19]).
(د) مصادر باللغة الأردية الفارسية :
1) كتاب "طبقات ناصري"([20]) لأبي عمرو منهاج سراج المتوفى عام (659هـ/1260م) وهو أسبق كتاب ألف باللغة الفارسية عن تاريخ الهند بعد كتاب "تاج المآثر" ([21])، ويتحدث المؤلف فيه عن السلطان محمود بتفصيل جيد وإحكام ، حتى بات مؤلفه هذا مرجعاً أساساً لمن جاؤوا بعده ، والكتاب مترجم إلى اللغة الأردية .
2) كتاب "بوستان" ([22])، وكتاب "كلستان"([23]) للشيخ مصلح الدين سعدي المتوفيى سنة (691هـ/1291م) وهما كتابان باللغة الفرنسية ، وفيهما يصف المؤلف السلطان محمود ويتحدث عن صلته بغلامه "أياز" الذي أثار بعض المستشرقين حوله شبهة .
3) كتاب "روضة الصفا في سير أنبياء وملوك وخلفا"([24]) لمؤلفه مير خواند محمد شاه المتوفى سنة (903هـ/1497م) ، وهو كتاب عام في التاريخ على نظام الطبقات ، ويعتبر مكمل لطبقات ناصري الذي بعد من أهم المصادر ، وقد احتوى الكتاب على بعض الإضافات الجيدة التي ألقت مزيداً من الضوء على سيرة السلطان محمود ، والكتاب باللغة الفارسية .(25/346)
4) كتاب "تاريخ فرشته"([25]) لملا محمد قاسم فرشته المتوفى سنة (1031هـ/1621م) وهو مؤرخ فارسي موثوق به ، وعلى الرغم من كون المصدر متأخراً ، يعتبر من أمهات الكتب التاريخية باللغة الفارسية ثم الأردية التي تتحدث عن تاريخ الإسلام في شبه القارة الهندية ، وحاجة البحث إلى هذا المصدر تظهر أكثر جلاء عند واقعة فتح سومنات (415هـ) التي ركز عليها المستشرقون ، فهو يفصل فيها بما لم تستطعه المصادر الأخرى .
هـ) المصادر الاستشراقية :
1) كتاب "The Histo r y of India as told by its own Histo r iens "([26]) لمؤلفه : سير هنري إليوت Si r H.Elliot المتوفى في عام (1835م/1270هـ) ، وقد أصدر الكتاب المستشرق جون دوسن John Dowsn في عام (1877م/1294هـ) بعد وفاة إليوت المبكرة ، ويقع الكتاب في تسعة أجزاء ، يتحدث الجزء الثاني منه حول الغزنويين ، وقد اعتمد المستشرق على كتاب "تاريخ اليمين" فيما يتعلق بالسلطان محمود الغزنوي ، وبما أ، الكتاب يهدف إلى تقديم الصورة نفسها التي رسمها مؤرخو الهند أنفسهم ، فقد قام المستشرق إليوت بترجمة هذا الكتاب ترجمة حرفية ، ولم يضف شرحاً شخصياً إلا بقصد الإيضاح وذلك في نطاق ضيق جداً ، وعلى الرغم من كون المصدر مصدراً منصفاً ، لم أخضعه للدراسة إلا في صورة استشهادات منه أحياناً ، لأنه بمثابة الترجمة الإنجليزية لكتاب "تاريخ اليميني" وغيره ، ولا يمثل كتابة استشراقية في حد ذاته .
2) كتاب "Ab r idgment of the Histo r y India "([27]) لمؤلفه : جون كلارك مارشمان J.C.Ma r shman المتوفى عام (1877م/1294هـ) ، وهو كتاب في تاريخ الهند بشكل عام ، تحدث فيه المستشرق عن السلطان محمود في أربع صفحات ، فكانت كتابته هذه من أنصف ما كتبه مستشرق عن السلطان ، والمستشرق يرجع إلى مصادر إسلامية وهندوسية وإستشراقية على السواء ، بيد أنه لم يكن يوثق كل معلومة بذكر مصدرها في حينها .
3) كتاب "الدولة الإسلامية"([28]) The Islamic State للمستشرق إستانلي لين بول S.L.Poole المتوفى سنة (1895م/1313هـ) ، الذي يبحث في 181 دولة إسلامية ، من ضمنها الدولة الغزنوية ، وكان بحثه يغلب عليه الطابع العلمي الموضوعي ، وكان المستشرق هادئاً رزيناً في معظم آرائه ، ومصيباً في كثير من أخباره ، إلا أن كتابته هذه لم تخل من تجاوزات ، وإن كانت تبدو غير مقصودة .
4) كتاب "مفكرو الإسلام"([29]) Les Penseu r s de L Islam للمستشرق بارون كارادوف B.C.de Vaux المتوفى سنة (1953م/1373هـ) ، وهو كتاب يقع في خمسة مجلدات يتناول المجلد الأول منه كبار الشخصيات السياسية الإسلامية التاريخية ، من ضمنهم السلطان محمود الغزنوي ، ويغلب على هذا المقال الذي يتحدث فيه عن السلطان الطابع غير العلمي ، وتنبيء الكتابة عن روح حاقده ، قدمت صورة مشوهة للسلطان ، متفادية ذكر الإيجابيات ، ومنتقية أو قل مختلقة ـ غالباً ـ السلبيات ، فقلما نجد فيه أخباراً صحيحة .
5) كتاب :تاريخ الشعوب الإسلامية"([30]) Geschichte de r Islamischen Volke r للمستشرق كارل بروكلمان C.B r ockelmann المتوفى عام (1956م/1376هـ) ، وهو كتاب شامل للتاريخ الإسلامي حتى عصر المستشرق ، وكان يمكن للفصل المتعلق بالسلطان محمود أن يكون موضوعياً لول لم يقع المستشرق في بعض التجاوزات والتي عبرت عنها بعض آرائه الخاصة .
6) كتاب "تاريخ العرب والشعوب الإسلامية"([31]) The Histo r y of A r ab and Islamic Peoples للمستشرق كلود كاهن Cl. Cahen المعاصر الذي يتوقف عند الدولة العثمانية في تأريخه ، والمعلومات التي يذكرها المستشرق حول السلطان محمود هي معلومات صحيحة في معظمهما باستثناء بعض الهفوات ، ولكن الشئ الذي أفقد الفصل الخاص بالسلطان الموضوعية العلمية هو آراؤه الشخصية وتفسيراته للأحداث التي جاءت سلبية في غالبها ، تنبيء عن الضعف العلمي للمستشرق أحياناً .
7) مقالة "Ghaznaw ids"([32]) للمستشرق بارتولد شبولر B.Spule r المعاصر في دائرة المعارف الإسلامية ، وهي مقالة علمية جيدة ، استهدفت إلى إعطاء صورة موضوعية عن الغزنويين ، ولكنها لاتخلو أيضاً من المغالطات النابعة من اعتماد المستشرق على كتابات استشراقية سابقة ، كما نجد فيها أحياناً أسلوب اللمز أيضاً .
8) مقالة Mahmud B. Sabuktagin ([33]) للمستشرق بوزوارث C.E.Boswo r th المعاصر في دائرة المعارف الإسلامية أيضاً ، وهي مقالة في صفحتين تقريباً ، يغلب عليها الأسلوب غير الموضوعي ، حيث جاءت معم آرائها قابلة للنقاش والرد .
9) كتاب The lette r Ghaznavids ([34]) للمستشرق بوزوارث أيضاً ، وهو مؤلف يستعرض فيه المستشرق تاريخ السلاطين الغزنويين المتأخرين ، ابتداء من السلطان فرخ زاد (443 ـ 451هـ/1052 ـ 1059م) إلى نهاية الدولة الغزنوية عام (583هـ/1187م) ، وفي نهايات الكتاب يتحدث عن السلطان محمود الغزنوي في صفحة ونصف الصفحة ، وتأتي كتابته هذه على خلاف تلك التي في مقالة دائرة المعارف الإسلامية السابقة ، فهذه تتصف بقدر كبير من الإ،صاف والموضوعية .
محتويات البحث :
وقد تكون هذا البحث بالإضافة إلى المقدمة من :(25/347)
التمهيد : وقد تم فيه التعريف بالسلطان محمود الغزنوي تعريفاً موجزاً شافياً ، ألقى الضوء من خلاله على بداية وتكوين الدولة الغزنوية في ميدنة غزنة([35])، وعلى مولد السلطان محمود ، ووالديه ، ومناقبه ، وآثاره السيساية والحضارية .
كما تم في التمهيد التعريف بأهم المستشرقين الدارسين لشخصية السلطان محمود ، والذين تم الرجوع إلى كتاباتهم في إعداد البحث، مع إبراز المكانة العلمية لكل مستشرق ، وعرض موجز لأهم إنتاجه العلمي .
وبالإضافة إلى التمهيد يتكون البحث من فصلين ، تم تقسيم كل منهما إلى مبحثين .
فالفصل الأول حمل عنوان " آراء المستشرقين حول حياة السلطان محمود وسياسته العامة ، ومناقشة هذه الآراء " .
وقد تم في المبحث الأول منه عرض آراء المستشرقين حول حياة السلطان محمود الخاصة ، التي تناولت نسب السلطان ، وأصله القومي، وألقابه التي لقب بها في حياته السياسية ، وأخلاقه وصفاته ، وقد نوقشت هذه الآراء في ضوء ما ذكرته المصادر التاريخية الإسلامية حول هذه الجوانب من حياة السلطان ، مع تقرير الآراء المصيبة ، والرد على غير المصيبة منها .
وفي المبحث الثاني تم استعراض لآراء المستشرقين حول سياسة السلطان العامة ، والتي ركزت على ما حصل بين السلطان وأخيه إسماعيل من نزاع على الحكم ، وصلات السلطان بالدول الإسلامية المجاورة ، وسياسته التي مارسها مع المناوئين لمذهب أهل السنة ، ثم نوقشت هذه الآراء أيضاً من خلال ما تذكره المصادر التاريخية ، وتم تمييز الآراء الإيجابية من الآراء السلبية .
أ/ا الفصل الثاني فقد عنون بـ "آراء المستشرقين حول غزوات السلطان ومنجزاته الحضارية ، ومناقشة هذه الآراء " .
ففي المبحث الأول منه تمت مناقشة الآراء الاستشراقية حول الغزوات السلطانية إلى الهند ، وهذه الآراء تركزت حول الأهداف التي استهدفها السلطان من جراء هذه الحملات ، ومعاملة السلطان لأعدائه فيها ، وحول النتائج العاجلة والآجلة التي ترتبت على هذه الحملات ، كما تمت الإشارة إلى نقطة أهملها المستشرقون فلم يتناولها معظمهم في كتاباتهم ، وتم بيان الأسباب التي يحتمل أنها دعت إلى هذا الإهمال .
واستعرضت في المبحث الأخير آراء المستشرقين حول منجزات السلطان الحضارية ببعديها الثقافي والعمراني ، مع التركيز على علاقة السلطان بكل من العالم البيروني والشاعر الفردوسي ، مناقشاً كل هذه الآراء بعرضها على المصادر التاريخية .
ومن الطبيعي أن يشتمل البحث على الخاتمة ، يتم فيها استخلاص النتائج العامة من إعداد البحث ، ولقد مثلت مناهج المستشرقين في دراسة التاريخ الإسلامي ، والتي استوحاها الباحث من خلال إعداد هذا البحث التاريخي الاستشراقي ، مثلت هذه المناهج أهم النتائج التي توصل الباحث إليها مع نهاية البحث هذا ، ثم كانت بعض التوصيات التي رآها الباحث ضرورية ، فأوصى بها زملاءه الباحثين .
وأخيراً فقد زود هذا البحث بفهرس شامل للأعلام والأماكن والكتب والقبائل والعشائر ، بالإضافة إلى فهرس للآيات والأحاديث ، وآخر للأشعار والأمثال ، وذلك ليمكن الاستفادة من هذا البحث في أكمل صورة وأسرع وقت .
هذا وأسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعاً الاخلاص في العمل ، وأن يتقبل مني هذا العمل دعوة إليه سبحانه بالحكمة والموعظة الحسنة ، إنه نعم المولى ونعم المجيب .
محمد عامر عبدالحميد مظاهري
21/6/1415هـ
- الحواشي :
([1]) وصيغة هذا الحمد مأخوذة من رسائل الصحابة رضوان الله عليهم التي كانوا يبعثون بها ، أنظر: أبويوسف ، كتاب الخراج .
([2]) أنظر التعريف به في ص 16 ـ 19 .
([3]) انظر التعريف بهؤلاء المستشرقين في ص 20 -25 ، وبمصادرهم في أهم مصادر البحث ، ص 9 -11 .
([4]) فريد آبادي ، تاريخ هند ، حيدر آباد : مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية ، 1923م.
([5]) مثلاً : الاختلاف في عدد أولاد السلطان محمود ، ص 229 ، والرد على إنكار المستشرقين "براون" لمنزلة السلطان الحضارية ، ص243.
([6]) مثل : ترجمة المستشرق "إليوت" لتاريخ العتبي في كتابه The histo r y of India as told by its own histo r iens ؛ وترجمة المستشرق "راورتي" لكتاب "طبقات ناصري" .
([7]) العتبي ، تاريخ اليميني، شرح : أحمد المنيني ، شرح أحمد المنيني ، القاهرة : جمعية المعارف ، 1286هـ.
([8]) ابن الجوزي ، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ، حيد آباد : مطبعة مجلس دارئرة المعارف العثمانية، ط/1 ، 1359هـ
([9]) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، بيروت : دار الفكر ، ط/1، 1978م.
([10]) عبدالرحمن بن خلدون ، تاريخ ابن خلدون ، بيروت : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، 1391هـ.
([11]) ابن خلكان ، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، بيروت : دار صادر ، 1977م .
([12]) الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، بيروت: مؤسسة الرسالة ، ط/1، 1983م.
([13]) البيهقي ، تاريخ البيهقي ، ترجمة : يحيى الخشاب ، بيروت : دار النهضة العربية ، 1982م .
([14]) البيهقي ، المصدر السابق ، الغلاف الداخلي .
([15]) البيهقي ، المصدر السابق ، ص13 .(25/348)
([16]) السمرقندي ، جهار مقاله ، ترجمة : عبدالوهاب عزام ويحيى الخشاب ، القاهرة : مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، ط/1، 1949م.
([17]) السمرقندي ، المصدر السابق ، ص 2 -3 .
([18]) انظر هذه الملحوظات في ص 36 من البحث .
([19]) السمرقندي ، المصدر السابق ، ص 2 ـ 3 .
([20]) منهاج سراج ، طبقات ناصري ، ترجمة : غلام رسول مهر ، لاهور: أردو سائنس بورد ، ط/2، 1985م.
([21]) وهو لايزال مخطوطة ، لم يحقق بعد ولم يطبع، مما يجعل الرجوع إليه عسيراً والاستفادة منه يسيراً .
([22]) سعدي ، بوستان ، كراتشي : مير محمد كتب خانه .
([23]) سعدي ، كلستان ، تحقيق : شمس الحسن بريلوي ، كراتشي : سعيد كمبني .
([24]) مير محمد شاه ، روضة الصف في سير أنبياء وملوك ةخلفا ، حيد أباد : مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية ، بدون ذكر الطبعة التاريخية .
([25]) فرشته ، تاريخ فرشته ، ترجمة : عبدالحي خواجه ، لاهور : غلام علي أيندر سنز ، ط/2، 1974م .
([26]) ُlliot, The Histo r y of India as told by its own Histo r iens, Londpn, 1867.
([27]) Ma r shman, Ab r idgment of the Histo r y India, London 1893.
([28]) إستانلي لين بول، الدول الإسلامية ، ترجمة: محمد فرزات، دمشق: مطبعة الملاح ، 1974م.
([29]) بارون كارادوفو ، مفكرو الإسلام، ترجمة: عادل زعيتر ، بيروت : الدار المتحدة ، ط/1، 1979م.
([30]) كارل برومان، تاريخ الشعوب الإسلامية، ترجمة: نبيه فارس منير البعلبكي ، بيروت : دار العلم للملايين،ط/1،1984م
([31]) كلود كاهن ، تاريخ العرب والشعوب الإسلامية ، ترجمة : بدر الدين القاسم، بيروت : دار الحقيقة ، ط/1، 1972م.
([32]) لA.Spule r , Ghaznawids, The Encyclopaedia of Islam, vol: IX,p:1050-1053.
([33]) C.E Boswo r th, Mahmud B. Sabuktagin, The Encyclopaedia of Islam, vol: IX,p:65 - 66.
([34]) C.E.Boswo r th , The lette r Ghaznavids, Edinbu r gh, 1977.
([35]) وهي مدينة واقعة في قلب المرتفعات الأفغانية بقرب من نهر "هلمند" جنوب غرب مدينتي كابل وجلال أباد ، تسمى باللغة المحلية "غزنين" (غزني) ومشهورة في المصادر العربية بـ غزنة
============(25/349)
(25/350)
الاستشراق الفرنسي وموقفه من تاريخعهد النبوة
رسالة ماجستير
إعداد الطالب
مصطفى الحاج مالك بوكاري
إشراف
الدكتور : أكرم ضياء العمري
عام 1412هـ ـ 1992م
مقدمة البحث
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم ومسلمون }([1]) .
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً} ([2]).
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} ([3]).
أما بعد :
فمن المسلم به أن علم التاريخ من أعظم العلوم قدراً وأجلها مكانة ، لأنه سجل حافل بتجارب البشرية على مدار التاريخ ، والعلم بهذا السجل وإدراك أبعاده يكسب صاحبه خبرة وفهماً لأحداث الشعوب والمجتمعات والأمم ، فيكون بمثابة عالم مشهود له ، تجمعت لديه عقول البشرية ، فهو يستشيرها ويأخذ بأحسنها سداداً وأصوبها رأياً وحكماً .
هذا فإن أهمية الموضوع الذين بين أيدينا واضحة للغاية وجلية ، وتظهر من أول وهلة لكل مسلم لاسيما إذا علم أنه يتعلق بتاريخ النبي محمد صلى ا الله عليه وسلم . ويزيد الموضوع أهمية إذا كان يتعلق بالاستشراق ، فمن معرفة أعداء الإسلام وحدود معرفتهم لهذا الدين ووجهات نظرتهم فيه وفي رسوله وكتابه ، وفي تعرية إضافاتهم الفاسدة إليه للضوء ، وفي إزالة حجبهم لحقائقه ، يستمد الموضوع أهميته بكل وضوح وتأكيد ، وضرورة العناية به . وإن الوقوف على مثل هذا الموضوع يعتبر أمراً ضرورياً لكل مسلم وخاصة للطالب في الجامعة الإسلامية وهو يعد ليكون داعياً وموجهاً وعضواً نافعاً في المجتمع الإسلامي وحامل الرسالة التي تقوم على أساس تقويض بنيان الوثنية بجميع صورها ، وكافة أشكالها ـ وثنية الأصنام والأحجار ، وثنية التماثيل والأوثان ، ووثنية الحيوان والأشجار ، ووثنية الشموس والنجوم والأقمار ، ووثنية الرهبان والأحبار ، ووثنية الملوك والأباطرة ، ووثنية الزعامات والرياسة ووثنية الاستبداد في الحكم ، ووثنية المشيخات وتقديس الأشخاص ، ووثنية التقليد والوراثة ، ووثنية المال والثراء والكفر ، ووثنية الترف والإنحلال ، من كل ما صرف القلب والعقل عن معرفة جلال الله ، ويظلم الروح فلا ترى نور الله ـ لتبدلهم بكل ذلك عقيدة التوحيد الخالص لله تعالى ، فلا يعبد سواه {ألا لله الدين الخالص}([4]) ، وكان لابد لرسالة محمد صلى ا الله عليه وسلم من أن تقف حاجزاً قوياً يحول بين كافة الناس في أرجاء الأرض وبين رذائل الأخلاق المنتشرة في مجتمعاتهم لتحويل هذه الرذائل إلى فضائل إنسانية ، يحيون بها ، ويعيشون في ظلالها … ولا بد لها أن تخرجهم من ظلمات الجهالة الفكرية ، وخرافات الأساطير ، وفراغ الحياة العقلية إلى نور العلم والمعرفة([5]) .
ومن المعروف أن في أواخر القرن الأول الهجري حمل المجاهدون في سبيل الله أهداف الرسالة الخاتمة إلى أوربا ، ونشأت الحروب المسلحة بين أهل هذه القارة وبين المسلمين ، وخاصة بين فرنسا والفاتحين المسلمين حين حاولت صدهم عن تبليغ الرسالة . ولكن الإسلام مع ذلك دخل إلى فرنسا واستقر فيها. ومن هنا بدأت فرنسا تهتم بهذا الدين وثقافته لا حباً فيهما بل لتعرف موطن قوة وضعف عدوها الإسلام والمسلمين . ولا تزال فرنسا ما ضية في هذا الاهتمام بالدين الإسلامي وخاصة تاريخ عهد النبوة من الوحي والرسالة والقرآن وشخصية النبي صلى ا الله عليه وسلم . فكان لا بد من أ، أشير إلى ضرورة الوقوف على هذا الاهتمام الفرنسي بالدين الإسلامي والكتابة فيه .
أسباب اختيار الموضوع
وأما أسباب اختيار الموضوع ليكون بحثي في هذه الرسالة يرجع إلى :
1) اعتقاد أن الاستشراق الفرنسي كان أعمق تأثيراً من غيره في تكوين موقف الغرب من الإسلام .
2) أنني لم أجد من سبقني من الباحثين بإفراد الموضوع كرسالة جامعية فيما أعلم ، فالدراسات السابقة تناولت الاستشراق بصفة عامة ولم تكن على المنهج الذي سأسير عليه في هذا البحث . ومن هذه الدراسات كتاب "السيرة النبوية وأوهام المستشرقين" تأليف عبدالمتعال محمد الجبري ، وكتاب "الرسول صلى ا الله عليه وسلم في كتابات المستشرقين" تأليف نذير حمدان ، وكتاب "رؤية إسلامية للاستشراق" تأليف الدكتور أحمد عبدالحميد غراب .
3) حرصي على تبصير المسلمين وعامتهم بما يقول أعداؤهم عنهم وعن دينهم ورسولهم ، لأن ذلك من النصيحة التي حث عليها النبي صلى ا الله عليه وسلم فقال: (الدين النصيحة ، قلنا لمن ؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) ([6]).(25/351)
4) رغبتي في الإسهام في معركة الحق ضد الباطل ، ثم طمعي في نوال ثواب الله بهذا الإسهام والذود عن السيرة النبوية الشريفة ، فإنه من بعض حقوق الله على عبده رد الطاعنين على كتابه ورسوله ودينه ومجاهدتهم بالحجة والبيان ، والسيف والسنان ، والقلب والجنان ، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان ([7]).
5) حرصي على خدمة الإسلام بمعرفتي وإتقاني للغة الفرنسية ، ولا يفوتني هنا بالذات أن أ،وه بفضل الأستاذ الدكتور/ أكرم ضياء العمري المشرف على هذه الرسالة لأن له اليد الطولى في سبب اختياري لهذا الموضوع ، فأدركت أهميته بعد الاطلاع المبدئي على بعض كتابات الفرنسيين عن الإسلام . وحرصت أن أكتب فيه موضوع رسالتي لنيل درجة العالمية الماجستير .
منهجي في البحث
أما المنهج الذي سرت عليه بصفة عامة في هذا البحث فقد حاولت قدر استطاعتي أن أقيم الأدلة والشواهد على ما أقول . وقسمت الموضوع إلى قسمين من حيث الزمن : عصر الكتابات الجدلية وعصر ظهور المؤلفات الاستشراقية النقدية للسيرة ، وكان لكل عصر منهجه المتبع الخاص به .
ففي عصر الكتابات الجدلية ، لم أفرد للموقف الجدلي باباً مستقلاً بل ذكرته في الباب الخاص بتاريخ الاستشراق الفرنسي تجنباً للتكرار لأن الجدل هو الهدف الرئيسي لاهتمام الفرنسيين بالإسلام في معظم مراحل حركة الاستشراق الفرنسي أي من بعد الغرة الصليبية الأولى 490 - 493هـ (1096م - 1099م) حتى صدر العصر الحديث . ولم أحاول مناقشة هذا الموقف الجدلي لما في ذلك من الضياع للوقت .
وأما عصر ظهور المؤلفات الاستشراقية النقدية للسيرة وهو العصر الحديث فقد أفرد له باباً مستقلاً . وكان حديثي عن كل مسألة من مسائل كل فصل من هذا الباب مصدراً بذكر آراء أبرز المستشرقين ثم أعقب عليها ببيان وجه الحق فيها . كما حاولت سرد هذه الآراء وفق ترتيب هؤلاء المستشرقين التاريخي بعد أن أرجع إلى النصوص الأصلية باللغة الفرنسية وأترجمها . وإذا وجدت كتباً فرنسية نقلت إلى اللغة العربية فلا أعتمد عليها دون التحقق من صحتها والقيام بمقارنتها بالنص الأصلي إن وجد ، ثم إشير إلى عدم الدقة في الترجمة إن وجدت وأصححها لتكون موافقة لفكر المؤلف . وكذلك أقوم بذكر الرأي الذي نقلته إلى اللغة العربية ثم أردفه بالنص الأصلي الفرنسي تسهيلاً لمن أراد التحقق من صحة هذا النقل . وإذا كان هذا النص طويلاً لاأذكره ويجد المهتم به بعضه في الملحق الخاص بالنصوص الفرنسية في آخر البحث .
وكذلك قمت بإرجاع كل نقل إلى أصله مع تخريج الآيات والأحاديث .
خطة البحث
أما عن الخطة التي سرت عليها في كتابة هذا البحث المتواضع فقد قسمتها إلى مقدمة وبابين وخاتمة وملحق .
أما المقدمة فقد ذكرت فيها أهمية الموضوع والسبب الذي حملني على اختياره ومنهجي في هذا البحث والخطة ، وبعض الصعوبات التي لاقيتها أثناء البحث .
أما الباب الأول : فقد خصصته للحديث عن تاريخ الاستشراق الفرنسي ، الأهداف والموقف الجدلي ، وقسمته إلى تمهيد وفصلين :
التمهيد : عن مقدمة تاريخية عن العلاقات بين فرنسا والمسلمين ، وهي متنوعة ؛ سياسية ، ثقافية ، حربية ، تجارية .
الفصل الأول : عن اهتمام فرنسا بالإسلام والدراسات المتعلقة به منذ وصول الفتوحات الإسلامية الأولى إليها إلى أواخر القرون الوسطى الأوروبية وفيه مبحثان .
المبحث الأول : اهتمام فرنسا بالثقافة الإسلامية من بداية الفتوحات الإسلامية فيها إلى بداية الحروب الصليبية في القرون الوسطى .
المبحث الثاني : من فترة الحروب الصليبية إلى أواخر القرون الوسطى الأوروبية .
الفصل الثاني : عن اهتمام فرنسا الإسلام والدراسات المتعلقة به من فترة عصر النهضة الأوروبية إلى العصر الحديث ، وفيه مبحثان :
المبحث الأول : من فترة عصر النهضة حتى الحملة الفرنسية .
المبحث الثاني : العصر الحديث .
أما الباب الثاني : فقد خصصته للحديث عن دراسات مستشرقي العصر الحديث من الفرنسيين في السيرة النبوية ـ الموقف النقدي ، وقسمته إلى توطئة وفصلين وخاتمة .
التوطئة : عن معنى المنهج العلمي أو النقد التاريخي بالنسبة للدراسات الإسلامية عند المستشرقين .
الفصل الأول : عن دراساتهم في الرسالة والوحي والقرآن .
الفصل الثاني : عن دراستهم في شخصية النبي صلى ا الله عليه وسلم ، وغزواته ومعاملته لليهود ، وتعدده للزوجات .
أما الخاتمة تناولت فيها ما أمكنني التوصل من النتائج في هذا البحث . ويأتي بعد ذلك الملحق والمراجع .
الصعوبات التي واجهتها في البحث
إن كل عمل يقوم به الإنسان لا بد أن يواجه فيه شيئاً من الصعوبات وأن يجد فيه بعض العقبات . وتختلف درجة هذه الصعوبات والعقبات من أمر لآخر تبعاً لطبيعة الموضوع وأهميته . وكون موضوعي من مواضيع الاستشراق وعلاقته بالدراسات الإسلامية فقد واجهتني صعوبات كثيرة ولكن الله تعالى وحده قد أعانني على تجاوزها . وفيما يلي أهم هذه الصعوبات .(25/352)
أولاً : غياب الكتب الفرنسية المتعلقة ببحثي في المحل ؛ فبفضل الله تعالى ثم بفضل القائمين على إدارة الجامعة الإسلامية تذللت هذه العقبة حيث قمت بالرحلة العلمية إلى باريس في فرنسا من 25 ربيع الأول 1410هـ إلى 24 ربيع الثاني 1410هـ (24 أكتوبر ـ 22 نوفمبر 1989م) وحصلت على عدد من الكتب الهامة في الاستشراق الفرنسي . وقد زرت خلال هذه الرحلة مكتبة باريس الوطنية ومكتبة المدرسة الوطنية للغات والحضارات (مدرسة اللغات الشرقية الحية ) ومكتبة معهد العالم العربي ، ومكتبة المدرسة العلمية للدراسات العليا ، ومكتبة معهد الدراسات الإسلامية بجامعة السوربون ، ومكتبة معهد فرنسا ، وجمعت من هذه المكتبات معلومات كثيرة ، كما صورت كل ما أستطيع ، وزرت كذلك في باريس دور النشر الاستشراقية وأشهرها دار ميزونيف وهي من أكبر دور النشر الاستشراقية في فرنسا وأوروبا ، ودار بول جتنر ، والمكتبة الشرقية سامييليان ، واشتريت عدداً لا بأس به من الكتب من هذه الدور وغيرها من المكتبات التجارية في باريس .
ثانياً : الترجمة ـ ومع أني أتقن اللغة الفرنسية فقد أدركت من خلال ترجمة النصوص الفرنسية إلى اللغة العربية أن نقل نص معين من لغة إلى أخرى ليس مهمة يسيرة . وكان هذا الأمر يحتاج مني إلى التأني والدقة في النقل حتى تكون الترجمة صورة صادقة وموافقة لفكر المستشرقين ، وقد استعنت في هذه المهمة بعدة قواميس كالمنهل وهو قاموس فرنسي ـ عربي تأليف الدكتور حبور عبدالنور ، والدكتور سهيل إدريس ، والمورد وهو قاموس إنجليزي ـ عربي تأليف منير البعلبكي ، وقاموس الجيب عربي ـ فرنسي لمتري إلياس . ولا أغالي إذا قلت أني أنفقت نصف الوقت في الترجمة أو التحقق من صحة النصوص المترجمة من المؤلفات المترجمة إلى اللغة العربية والقيام بمقارنتها بالنصوص الأصلية الفرنسية . ولقد كان لهذا العمل الصعب حسنات إذ طهرت لي من خلال رجوعي إلى النصوص الأصلية ومقابلتها بالنصوص المترجمة من الكتب المترجمة ظهرت لي ترجمات غير أمينة . وعلى سبيل المثال لا الحصر ترجم عادل زعيتر قول درمنغم ـ حين أراد هذا المستشرق التشكيك في صحة الرسالة التي جاء بها صلى الله عليه وسلم من عند ربه تعالى :
"KHADIDJA ADMI r AIT AVEUGLEMENT SON MA r I AVAIT FOI EN L r I" ([8])
أي "وكانت خديجة تعجب بزوجها بغباوة (بلا تبصر) وتؤمن به" ([9]).
ترجم زعيتر هذا القول وقال : "وحقاً كانت خديجة تعجب بزوجها إعجاباً مطلقاً مؤمنة به" ([10]).
ثالثاً : سعة الموضوع وكثرة مسائله ؛ الاستشراق الفرنسي مجاله واسع حيث يشمل عشرة قرون أي من العصور الوسطى الأوربية إلى اليوم ، ثم اتساع وتعدد القضايا الخاصة بعصر النبوة ، وهي كلها مسائل تحتاج إلى دراسات شاقة ومطولة . ولقد سجلت الموضوع في البداية بعنوان "الاستشراق الفرنسي وموقفه من تاريخ عهد النبو والخلفاء الراشدين" ، وبعد سنتين من المضي فيه نظرت إلى نفسي فوجدتني رغم الجهد المتواصل لم أبلغ درجة من الاطمئنان على أنني قادر على إنجاز العمل على أكمل وجه بأفضل صورة ، وقدمت طلباً إلى مجلس الدراسات العليا في 20 ذي الحجة 1411هـ ، لاختصار الموضوع على عهد النبوة فقط ، فتمت بتوفيق الله الموافقة على هذا الطلب في 21 ذي الحجة 1411هـ ، فصار الموضوع كما يلي : "الاستشراق الفرنسي وموقفه من تاريخ عهد النبوة" ، وهو البحث الذي بين أيدينا .
رابعاً : عدم امتلاكي النظرة التخصصية إلى حركة الاستشراق . ولتدارك هذه القضية قد كنت أتردد وأزور المعهد العالي للدعوة بالمدينة المنورة ـ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، (وهو الان كلية الدعوة) وألتقي بمنسوبيها من الأساتذة وعلى رأسهم الدكتور إسماعيل عمايرة رئيس قسم الاستشراق سابقاً والذي شجعني على المضي في العمل وفتح لي باب محاضراته ، فجزاه الله عني خير الجزاء .
تلك كانت أهم الصعوبات التي واجهتها في كتابة هذا البحث .
وبهذا الجهد المتواضع لا أدعي أني قد وفيت الموضوع حقه ، واستكملته من جميع جوانبه ، ولكن حسبي أنني لم أدخر في سبيل ذلك وسعاً . وإني لأرجو أن أسهم بهذا البحث في توضيح حقيقة موقف الاستشراق الفرنسي من الإسلام . فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمني ومن الشيطان لأن الإنسان ضعيف لا يسلم من الخطأ إلا من عصمه الله بتوفيقه . وإني لأرجو كذلك من الله تعالى أن يجعل هذه المساهمة المتواضعة فاتحة خير لأمثال هذه الدراسات والله تعالى هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل ، وإنه نعم المولى ونعم النصير .
وأخيراً :(25/353)
فبعد حمد الله سبحانه وتعالى على توفيقه لإكمال هذا البحث ، أرى أن الواجب يدعوني إلى الإعراب عن شكري الجزيل وتقديري العميق لكل من كانت لديه المساعدة من حيث التوجيه والنصح، سائلاً المولى عز وجل أن يجزيهم عني خير الجزاء وأن يوفقنا وإياهم إلى ما يحبه ويرضاه . وأخص بالشكر معالي الأستاذ الدكتور/ أكرم ضياء العمري ، الذي كان لي شرف التتلمذ علي يديه فكان المشرف على الرسالة وصاحب اليد الطولى في سبب اختياري لهذا الموضوع ، وقد منحني الكثير من وقته وجهده وتوجيهاته في ساعات الإشراف وفي بيته الذي فتحه دائماً لجميع الطلاب من أمثالي . فكان أباً يجود بوقته دون حساب . فجزاه الله عني خير الجزاء وأجزل له الأجر والمثوبة . كما أتوجه بالشكر الخالص إلى أصحاب الفضيلة أساتذة القسم الذين كان لي شرف التتلمذ على أيديهم على رأسهم الدكتور مصطفى محمد رمضان الذي بدأت معه العمل ورافقني مرافقة المرشد الحليم وحال انتهاء مدة عقده بيني وبين المواصلة معه ، والدكتور/ محمد ضيف الله بطاينة الذي لم يأل جهداً في تقديم الإرشاد والتوجيه ، والدكتور عبدالله المسند الذي كان سمحاً بالفائدة ، ولطيف المعشر في معاملته لتلاميذه ، وكان لي شرف التتلمذ على يديه منذ السنة الرابعة من المرحلة الجامعية ، أسأل الله لهم جميعاً التوفيق والسداد وأن يجزل لهم الأجر والثواب .
ولا يفوتني هنا أن أتقدم بالشكر الخالص إلى جميع القائمين على إدارة الجامعة الإسلامية وأخص منهم فضيلة رئيس الجامعة ، وفضيلة رئيس مجلس الدراسات العليا وفضيلة عميد كلية الدعوة وفضيلة وكيل كلية الدعوة ورئيس قسم السيرة النبوية والتاريخ لما يولون الطلبة من العناية والاهتمام .
كما لا يفوتني أن أقدم خالص شكري وعاطر ثنائي لحكومة المملكة العربية السعودية لتفضلها بالإنفاق عليّ وكفالتي منذ التحاقي بهذه الجامعة في هذه البقة المقدسة ، وأدعو الله أن يجزيهم جزاء حسناً ويوفقهم لما يحبه ويرضاه . وأشكر أيضاً القائمين على مكتبات الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ومكتبة قسم الاستشراق بالمعهد العالي للدعوة سابقاً (وهو الآن كلية الدعوة) بالمدينة المنورة ، ومكتبة جامعة أم القرى بمكة المكرمة ، ومكتبة جامعة الملك عبدالعزيز بجدة ، لما وجدت منهم من أخلاق عالية وخدمة جليلة . وأشكر أيضاً الإخوة الكرام ممن كان له الفضل في المساعدة مادياً ومعنوياً . وأرجو الله المولى أن يكلأ الجميع بعين رعايته وجميل عنايته وأن يتولى جزاءهم عني بما هم أهله إنه سميع مجيب ، وصلى الله على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
- الحواشي :
([1]) سورة آل عمران آية (102).
([2]) سورة النساء آية (1).
([3]) سورة الأحزاب الآيتان (70 ـ 71).
([4]) سورة الزمر من الآية (3) .
([5]) محمد الصادق إبراهيم عرجون ، محمد رسول الله ، 1/301 .
([6]) انظر صحيح مسلم بشرح النووي ، باب بيان أن الدين النصيحة حديث رقم 95 ـ (55) من كتاب الإيمان ، 2/396 ـ 397
([7]) ابن قيم الجوزية ، هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى ، تقديم وتحقيق وتعليق الدكتور أحمد حجازي السقا، ص38.
([8]) EMILE DE r MENGHEM, LA VIE DE MAHOMET, P.72
([9]) تجد ترجمة الباحث لهذا المقطع أيضاً في ص 259 من هذا البحث .
([10]) راجع أميل درمنغم ، حياة محمد ، ترجمة عادل زعيتر ، ص83.
==========(25/354)
(25/355)
موقف المستشرق "سيدو" من السيرة النبوية
دراسة نقدية من خلال كتابه "تاريخ العرب العام"
الباحث
سلطان بن عمر بن عبد العزيزالحصين
للحصول على درجة الماجستير
إشراف
الدكتور حامد غنيم أبو سعيد
تاريخ المناقشة 1413هـ
المقدمة :الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:
تتناول المقدمة ذكر موجز عن أهمية موضوع البحث ومشكلته والدراسات السابقة ومنهج البحث.
2)أهمية البحث وسبب اختياره :
في جانب الدراسات الاستشراقية نجد أن السيرة النبوية تأخذ حيزاً كبيراً من كتابات المستشرقين حول الإسلام ، ونكاد لانجد كتاباً عن الإسلام وتاريخه إلا وقد تناول شيئاً من سيرة صلى الله عليه وسلم وشخصيته .
بل إننا نجد أن معظم مترجمي القرآن من المستشرقين قدموا بذلك بمقدمة عن السيرة النبوية العطرة، وبعضهم كان هدفه من الترجمة للقرآن هو عرض الجانب الفلسفي والفكري ، باعتبار هذا القطاع هاماً في دراسة تاريخ الرسو صلى الله عليه وسلم وتاريخ الفتوح الإسلامية ([1]).
ولقد لاقت تلك الكتابات الاستشراقية عند المسلمين الإعجاب حيناً والنقد والرد أحايين كثيرة ، وجاءت ردود المسلمين على أكابر المستشرقين أمثال كارل بروكلمان B r OCKELMMAN([2])، وجولد زيهر GOLDZIEH r ([3])، ومونتغمري وات MOTOGOME r Y WATT ([4])، و لويس ماسنيون LOUIS MASSINGNON ([5])، ومارجليوث MA r GOLIOUTH ([6])، وغيرهم .
ولقد جاءت مواقفهم العامة تجاه السيرة النبوية متشابهة إلى حد ما ، فكثير منهم يصف كتاباته بالموضوعية والعلمية ولكنه يخرج عن المنهج الذي رسمه لنفسه وكثير منهم ينظر إلى شخصية صلى الله عليه وسلم على أنه شخصية مبدعة ومجددة ومصلحة ولكنهم يسلبون عنه صفة النبوة وخاصية الرسالة والوحي .
وهناك بعض المستشرقين ممن شاركوا بكتابتهم في السيرة النبوية ولكنهم لم يحظوا بذلك البريق من الشهرة مع العلم أنهم قدموا أعمالاً لاقت رواجاً وانتشاراً لا تقل كثيراً عن أعمال المستشرقين المشهورين ومن بين هؤلاء المستشرقين المستشرق الفرنسي "سيديو" أستاذ التاريخ في كلية سان لويس ويأتي كتابه تاريخ العرب العام في مقدمة كتبه التي ذاع صيتها وتلقفتها أيدي الدارسين في كثير من الجامعات الغربية والشرقية .
ويمكن تلخيص أهمية البحث وسبب اختياره في النقاط التالية :
1) المساهمة في الدفاع عن سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ضد شبهات ومطاعن المستشرقين .
2) أهمية السيرة النبوية في كتابات المستشرقين وتركيزهم عليها في أغلب دراساتهم .
3) الكشف عن أحد المستشرقين الذين قدموا أعمالاً في السيرة النبوية والتاريخ .
4) انتشار كتاب تاريخ العرب العام بين القراء والباحثين الغربيين والشرقيين وتعدد ترجماته إلى اللغات الأجنبية .
5) عدم صدور دراسة مستقلة عن المستشرق سيديو أو عن كتابه تاريخ العرب العام فيما يعلم الباحث .
6) تباين وجهات النظر في الحكم عن كاب تاريخ العرب العام بين مادح وقادح والحاجة إلى الحكم على موقف تلك الآراء على المستشرقين في ضوء موقفه من الإسلام عامة ومن السيرة النبوية على وجه الخصوص .
مما سبق أحسب أن دراسة هذا الموضوع مسألة جديرة بالاهتمام وهذا ما سيحاول الباحث القيام به ، سائلاً المولى تبارك وتعالى التوفيق والعون .
3) مشكلة البحث :
يناقش البحث الموضوعات التالية :
1. آراء "سيديو" في شخصية الرسو صلى الله عليه وسلم وحياته الخاصة .
2. آراء "سيديو" في علاقة الرسو صلى الله عليه وسلم بالصحابة .
3. آراء "سيديو" في علاقة الرسو صلى الله عليه وسلم باليهود .
4. آراء "سيديو" في موقف الرسو صلى الله عليه وسلم من العقائد .
5. آراء "سيديو" في موقف الرسو صلى الله عليه وسلم من العبادات .
6. منهج "سيديو" في عرض السيرة النبوية .
4) الدراسات السابقة :
تنقسم الدراسات السابقة في هذا المجال إلى قسمين :
فالأول:
قد تطرق مباشرة إلى المستشرق "سيديو" وكتابه تاريخ العام وتناول بالتحديد بعض جوانب السيرة النبوية في هذا الكتاب .
والثاني :
تطرق إلى جوانب من السيرة بحثها المستشرق "سيديو" في كتابه الذي بين أيدينا كما بحثها غيره من المستشرقين فجاءت تلك الدراسات إما مكررة ومؤيدة لما ذكره "سيديو" أو ناقدة لآراء أولئك المستشرقين الذي وافقت مواقفهم من السيرة النبوية موقف المستشرق "سيديو" .(25/356)
ومن بين الدراسات التي تناولت الموضوع مباشرة ما ذكره الأستاذ مصطفى حلبي في معرض حديثه عن المصادر الاستشراقية التي تعرضت للحديث عن الرسول صلىا الله عليه وسلم حيث ذكر خمسة مصادر من بينها كتاب تاريخ العرب العام للمستشرق "سيديو" وفي حديثه عن شبهة تأثر النبي بالنصرانية أورد أقوال بعض المستشرقين الذين يقولون بذلك ومن بينهم "سيديو" حيث قال: (وممن آثار هذه الشبهة المستشرق "سيديو" في قوله: (وكان أول سفره إلى الشام مع عمه أبي طالب فبلغ بصرى فاجتمع ببحيرى الذي كان اسمه لدى النصارى جرجيس أو سرجيس فنال حظوة عنده)([7]) وقد ورد على هذه الفرية إلا أن هناك الكثير من الشبهات غيرها لم يبحثها وهذا راجع إلى أن بحثه لم يكن مقتصراً على "سيديو" بل يشمل عامة من كتب في السيرة من المستشرقين .
ويتطرق الجبري إلى إحدى مزاعم "سيديو" المتعلقة بعقوبة القصاص فيقول: (تحدث سيديو عن الإسلام ونصيب الأخلاق في تعاليمه فذكر دعوة صلى الله عليه وسلم للأخلاق ثم قال ـ أي سيديو ـ بيد أنك لا تجد في القرآن ما في الإنجيل من التسليم الذي يفيد كثيراً عند الشدائد فترى محمداً يأذن عند كثير من التناقضات في مقابلة السيئة بالسيئة ، كأن الناس لم يكونوا مستعدين لهذا من قبل. ومحمد حين يقول بمبدأ القصاص الذي رضي عنه اليهود ـ مع ذلك ـ يكون قد ساير أحكام زمانه وقومه ([8]). ويكتفي عبدالمتعال الجبري بالرد على هذه الشبهة ولا يتعدى إلى غيرها .
وعنون دياب في الفصل الثاني عشر من كتباه أضواء على الاستشراق والمستشرقين بعنوان بعض (المستشرقين المتعصبين) وذكر من بينهم المستشرق "سيديو " وكتابه تاريخ العرب العام حيث قال عنه : (إن الكاتب سلك مسلك التمويه فأشاد بالإسلام في مقدمة كتابه وحشى بداخله الكثير من الافتراءات على الإسلام ونبي الإسلام ) . ويقول أيضاً : "يريد سيديو أن يجعل الإسلام من وضع محمد وقد وضعه بصفته زعيماً سياسياً استخدم الدين وسيلة لتحقيق برنامج السياسي" ([9]).
ومما يؤخذ على دياب في معالجته لمنهج "سيديو" في تناوله للسيرة أ،ه يعرض الشبهة ويكتفي بنفيها دون تقديم أدلة علمية تدحض شبهات المستشرق المثارة .
ومن الدراسات السابقة أيضاً بعض التعليقات التي أثبتها زعيتر مترجم الكتاب ، ولكن هذه التعليقات جاءت قاصرة وموجزة وأهملت الكثير من المواطن التي يجدر التعقيب عليها .
وقد عرضت ترجمة زعيتر عل مجمع البحوث الإسلامية فذيل تعقيباً في آخر الكتاب في حدود ثمان صفحات نقداً للكتاب كاملاً ، وقد اشتمل ذلك النقد على بعض موضوعات السيرة النبوية ولكنها كذلك روعي فيها الإيجاز والاختصار .
وقد أشار المجمع إلى ذلك بقوله : (تلك هي زلات سيديو وهذا تعقيبنا عليها آثرنا فيها الإيجاز المناسب للمقام وللمستزيد الكتب المطولة التي تصدى فيها الإجلاء من علماء المسلمين لتفنيد هذه الشبهات وأمثالها) ([10]).
ويلاحظ في هذه الدراسات السابقة أنها لم تقدم نقداً شاملاً لجوانب السيرة النبوية في كتاب سيديو تاريخ العرب العام او لأفكار المستشرقين عامة حيث إنها اكتفت ببعض التعليقات النقدية البسيطة ، أما الدراسات السابقة الأخرى فهي لم تقدم نقداً شاملاً لأنها أعمال لم تعالج المستشرق معالجة خاصة ولكن أشارت إليه ضمن مستشرقين آخرين ، ومن هنا كانت الحاجة ماسة إلى دراسة مستقلة عن المستشرق وكتابه من أجل الوصول إلى معرفة شاملة لآرائه في السيرة النبوية تمكن من الحكم العلمي الموضوعي على هذه الآراء .
اما القسم الآخر من الدراسات السابقة فهي عبارة عن ردود هنا وهناك على بعض المستشرقين والذين تناولوا جوانب من السيرة النبوية تناولها سيديو في كتابه فكانت تلك الدراسات رداً على أولئك المستشرقين وليس على سيديو ، ومن بين تلك الدراسات ما يلي :
1) الرسو صلى الله عليه وسلم في كتابات المستشرقين ـ نذير حمدان ([11]).
2) المستشرقون الناطقون بالإنجليزية ـ د/عبداللطيف الطيباوي ([12]).
3) المستشرقون والسيرة النبوية ـ د/عماد الدين خليل ([13]).
4) الإستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري ـ محمود حمدي زقزوق ([14]).
5) سيرة الرسول في تصورات الغربيين ـ جوستاف بفانمولر ـ ترجمة : محمود حمدي زقزوق ([15]).
5) منهج البحث :
يتلخص منهج البحث فيما يلي :
1) عرض آراء المستشرق "سيديو" في مجال السيرة عرضاً موضوعياً يعتمد فيه على كتاب تاريخ العرب العام .
2) مناقشة آراء المستشرق التي تم عرضها في ضوء الرؤية الإسلامية للفترة المدروسة وفي ضوء المصادر الإسلامية ونقد هذه الآراء نقداً علمياً .
3) تتبع الترتيب الزمني للأحداث التي تتم مناقشتها وكذلك الأحداث التاريخية والنظر في سلامة منهجه في ذلك ، وكذلك نقد التفسير المادي للأحداث عنده كما تشمل أيضاً المصادر التاريخية التي أعتمد عليها .
4) الرجوع إلى المصادر الإسلامية الصحيحة مع التركيز على مصادر السيرة النبوية والرجوع إلى بعض كتابات المستشرقين وردودهم على بعضهم لتدعيم المناقشة والنقد .
- الحواشي :(25/357)
([1]) عبدالمتعال محمد الجبري : السيرة النبوية وأوهام المستشرقين (القاهرة ـ دار التوفيق النموذجية ـ 1408هـ)ص5.
([2]) كارل بروكلمان : مسنشرق ألماني (1868 ـ 1956) تخرج من قسم اللغات السامية على أعلام المستشرقين ومنهم نولدكه ، وطارت له شهرة في فقه اللغة العربية وفي التاريخ الإسلامي وتاريخ الأدب العربي . من آثاره : المعجم السرياني ، علم اللغات السامية ، تاريخ الشعوب الإسلامية .
([3]) جولد زيهر : مستشرق مجري (1850 ـ 1921) من كبار المستشرقين وأساتذتهم تضلع من العربية على بعض مشايخ الأزهر ، عضو فعال في العديد من المجامع العلمية ومؤتمرات المستشرقين ترك أعمالاً علمية كثيرة منها : العقيدة والشريعة في الإسلام .
([4]) مونتغري وات : مستشرق انجليزي ، عميد قسم الدراسات العربية في جامعة أدنبره، من آثاره : محمد في مكة ، محمد في المدينة .
([5]) لويس ماسنيون : من أشهر المستشرقين الفرنسيين (1883 ـ 1962) عني بدراسة التصوف وخاصة الحلاج الذي كان موضوع دراسته للدكتوراه شارك في دائرة المعارف الإسلامية كما شارك في مؤتمري المستشرقين الخامس عشر والعشرين .
([6]) مارجليوث : مستشرق انجليزي (1858 ـ 1940) من أشهر أساتذة العربية من الغربيين، عضو المجمع العلمي في دمشق ، والمجمع اللغوي البريطاني ، من آثاره : محمد ونهضة الإسلام .
([7]) مصطفى عمر حلبي : الخلفية الثقافية لاتجاهات المستشرقين في دراسة شخصية الرسو صلى الله عليه وسلم ، رسالة البحث المكمل للماجستير قسم الاستشراق ، المعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة المنورة 1409هـ، ص26،38 .
([8]) عبدالمتعال محمد الجبري : السيرة النبوية وأوهام المستشرقين ص107 .
([9]) محمد أحمد دياب: أضواء على الاستشراق والمستشرقين (القاهرة ـ دار المنان للنشر والتوزيع ـ 1410هـ/1990م) ص176 ـ177.
([10]) سيديو ، تاريخ العرب العام ، ط2 ، ترجمة: عادل زعيتر (عيسى البابي الحلبي وشركاه ـ 1389هـ/1969م) ص474.
([11]) نذير حمدان : الرسو صلى الله عليه وسلم في كتابات المستشرقين (مكة ـ رابطة العالم الإسلام ـ 1401هـ) .
([12]) عبداللطيف الطيباوي : المستشرقون الناطقون بالإنجليزية (الرياض ـ طبعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ـ 1411هـ).
([13]) عماد الدين خليل : المستشرقون والسيرة النبوية (الدوحة ـ دار الثقافة ـ 1410هـ) .
([14]) محمود حمدي زقزوق : الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري ط2 (بيروت ـ مؤسسة الرسالة 1405هـ) (كتاب الأمة).
([15]) جوستاف بفانمولر : سيرة الرسو صلى الله عليه وسلم في تصورات الغربيين ، ترجمة : محمود حمدي زقزوق (البحرين ـ مكتبة ابن تيمية 1406هـ) .
============(25/358)
(25/359)
مصادر الدراسة حول الاستشراق والمستشرقين في اللغة العربية
إعداد زين الدين بوزيد
قسم علم الاجتماع جامعة قسنطينة ، الجزائر
مدخل:
أعدّ الباحث هذه القائمة البيبليوغرافية حول موضوع دراسة الاستشراق والمستشرقين، لأغراض بحثه الخاصة، وتعميماً للفائدة، يقترح قائمة شبه حصرية للمؤلفات التي تغطّي الموضوع.
وقد قسمت هذه القائمة إلى :
*الكتب .
*المقالات.
*الرسائل الجامعية.
*الندوات و المؤتمرات.
وقد اعتمد الباحث في ذلك على مصادر عديدة ، يأتي ذكرها في آخر القائمة ، كما أرجو التنبيه لما قد يكون قد فاته من سهو أو خطأ، لتعذّر التأكّد من بعض المصادر والمراجع .
1-الكتب :
أ.ج آربري : المستشرقون البريطانيون ، تعريب محمد الدسوقي النويهي ، لندن ، وليم كولينز ، 1946.
إبراهيم خليل أحمد : المستشرقون والمبشرون في العالم العربي والإسلامي ، القاهرة ، مكتبة الوعي العربي، 1964.
إبراهيم عبد الكريم : الاستشراق وأبحاث الصراع لدى إسرائيل ، الطبعة الأولى ، عمّان ، دار الجليل، 1993.
إبراهيم محمد إبراهيم صقر : الاستشراق والفلسفة الإسلامية بين التجديد والتبديد ، الفيوم ، دار العلم، 2001 ، 177 صفحة.
أبو الحسن عي الحسني الندوي : الإسلاميات بين كتابات المستشرقين والباحثين المسلمين ، الطبعة الثانية ، بيروت ، مؤسسة الرسالة ، 1983.
أبو القاسم سعد الله : تاريخ الجزائر الثقافي ، ج 6 ، بيروت ، دار الغرب الإسلامي، ط 1 ، 1998، (9 ج).
أحمد الخميسي : نجيب محفوظ في مرآة الاستشراق السوفييتي ، القاهرة ، دار الثقافة الجديدة ، 2000
أحمد درويش : الاستشراق الفرنسي والأدب العربي (دراسات أدبية) ، الطبعة الأولى ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1997، 208 صفحة .
أحمد سعيد نونو : الأكلة حول القصعة ؛ الاستشراق والدولة العثمانية ، الطبعة الثانية ، منشورات أحمد سعيد نونو ، 2001 ، 264 صفحة .
أحمد سمايلوفيتش : فلسفة الإستشراق وأثرها في الأدب العربي المعاصر ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، 2000.
أحمد عبد الحميد غراب : الإستشراق ؛ رؤية إسلامية ، الطبعة الثانية ، لندن ، المنتدى الإسلامي ، 1411 هـ.
أحمد عبد الرحمن : من أخطاء المستشرقين و خطاياهم : نقد الاستشراق - دراسات تطبيقية ، الطبعة الأولى، القاهرة ، مكتبة وهبة، 2002.
أحمد عبد الرحيم السايح : الاستشراق : نقد في ميزان الفكر الإسلامي ، القاهرة ، الدار المصرية اللبنانية ، 1996.
إدوارد سعيد : الإستشراق : المعرفة ، السلطة ، الإنشاء ، نقله إلى العربية كمال أبو ديب ، الطبعة الأولى ، بيروت ، مؤسسة الأبحاث العربية ، 1981 ، 368 صفحة .
إدوارد سعيد : الثقافة والإمبريالية ، نقله إلى العربية وقدّم له كمال أبو ديب ، الطبعة الثانية ، بيروت دار الآداب، 1998.
إدوارد سعيد : تعقيبات على الإستشراق ، ترجمة وتحرير صبحي الحديدي ، الطبعة الأولى ، عمّان ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، 1996.
إرفن جميل شك : الاستشراق جنسياً ، ترجمة و تحقيق عدنان حسن ، الطبعة الأولى ، دمشق ، قدمس للنشر والتوزيع ، 2003 .
إسماعيل أحمد عماير ة : بحوث في الاستشراق ، الطبعة الأولى ، عمّان ، دار وائل للطباعة والنشر والتوزيع ، 2003 ، 543 صفحة .
إسماعيل أحمد عمايرة : المستشرقون وتاريخ صلتهم بالعربية : بحث في الجذور التاريخية ، عمان ، دار حنين ، 1992.
إسماعيل أحمد عمايرة : بحوث في الاستشراق واللغة ، القاهرة ، مؤسسة الرسالة ، 2000.
إسماعيل محمد : الاستشراق بين الحقيقة و التضليل : مدخل علمي لدراسة الاستشراق، الطبعة الثالثة ، القاهرة، دار الكلمة للنشر، 2000.
أكرم ضياء العمري : موقف الاستشراق من السيرة والسنّة النبوية، الرياض، مركز الدراسات والإعلام دار إشبيليا، 1417/1998.
أمير عبد العزيز : افتراءات على الإسلام والمسلمين ، القاهرة ، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة ، 2001 ، 134 صفحة.
أمينة الصاوي وعبد العزيز شرف : جارودي والحضارة الإسلامية ، الطبعة الثانية ،جدّة ، دار القبلة ، 1985، 310 صفحة.
أنور الجندي : سموم الاستشراق والمستشرقين في العلوم الإسلامية ، الطبعة الثانية ، بيروت ، دار الجيل للطبع والنشر والتوزيع ، 1985 ، 216 صفحة .
أنور الجندي : الإسلام والثقافة العربية في مواجهة تحدّيات الاستعمار وشبهات التغريب ، القاهرة ، 1967.
أنور الجندي : الاستشراق ، القاهرة ، دار الاعتصام ، 1983.
أنور الجندي : تاريخ الإسلام في مواجهة التحديات ، القاهرة ، مكتبة التراث الإسلامي ، 1989 ، 400 صفحة.
أنور الجندي ، الفكر الإسلامي والثقافة العربية المعاصرة في مواجهة تحديات الاستشراق والتبشير والغزو الثقافي ، (موسوعة العلوم الإسلامية) ، القاهرة ، دار الإعتصام ، 1988.
باقر بري : إضاءات على كتاب الإستشراق لإدوارد سعيد ، الطبعة الأولى ، بيروت ، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع ، 2002 ، 120 صفحة .
برنار بوتيفو : الشريعة الإسلامية والقانون في المجتمعات العربية ، ترجمة فؤاد الدهان ، الجيزة ، سينا للنشر ، 1997 ، 384صفحة.(25/360)
برنارد لويس : الغرب والشرق الأوسط ، ترجمة نبيل صبحي ، القاهرة ، دار المختار ،
بريان تيرنر : ماركس ونهاية الاستشراق ، ترجمة و تحقيق يزيد صايغ ، الطبعة الأولى ، بيروت، مؤسسة الأبحاث العربية ،1981 ، 124 صفحة .
بطروشوفسكي : الإسلام في إيران ، ترجمة السباعي محمد السباعي ، القاهرة ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، 1982 ، 413صفحة.
بلقاسم بوقرة : من الاستبداد الشرقي إلى النظام العالمي الجديد : التاريخ الاجتماعي للجزائر تحت المجهر ، الجزائر ، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر ، 2004.
جاسم عجيل النشمي: المستشرقون ومصادر التشريع الإسلامي، الكويت ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1984م.
جميل عبد الله محمّد المصري : دواعي الفتوحات الإسلامية ودعاوى المستشرقين ، الطبعة الأولى ، دمشق ، دار القلم ، 1991.
حازم صاغية : ثقافات الخمينية ؛ موقف من الاستشراق أم حرب على طيف ، الطبعة الأولى ، بيروت دار الجديد ، 1995 ، 168 صفحة .
حسن حنفي : ماذا يعني علم الاستغراب ، الطبعة الأولى ، بيروت ، دار الهادي ، 2000.
حسن حنفي: مقدّمات في علم الاستغراب ، القاهرة ، الدار الفنية للنشر والتوزيع ، 1991.
حسني حسن سليمان : الشباب المسلم والحضارة الغربية ، جدة ، دار الشروق ، 1985 ، 164 صفحة.
حلمي مرزوق : جوانب من قضايا الأمة العربية في الاستعمار والاستشراق والصهيونية ، القاهرة ، دار المعارف ، 1971.
خوان غويتسولو : في الاستشراق الاسباني ، ترجمة و تحقيق كاظم جهاد ، سلسلةكتاب الكامل ، الطبعة الأولى ، بيروت ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،1987 ، 256 صفحة .
خيري منصور : الاستشراق والوعي السالب ، الطبعة الأولى ، بيروت ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، 2000 ، 316 صفحة .
دانيال ريغ : رجل الاستشراق ، ترجمة د.إبراهيم صحراوي ، الطبعة الأولى ، قبرص ، الجفان والجابي للطباعة والنشر، 1997.
ذبيان : الرؤيا والاستشراق ، الطبعة الأولى ، بيروت ، دار الحداثة للطباعة والنشر والتوزيع، 1999.
رسول محمد رسول : الغرب والإسلام-قراءات في رؤى ما بعد الاستشراق ، الطبعة الأولى بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،2001 ، 154 صفحة .
رمضان عبد التواب : العربية الفصحى والقرآن الكريم أمام العلمانية والاستشراق ، القاهرة ، مكتبة زهراء الشرق ، 1998.
رودي باريت : الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الالمانية : المستشرقون الألمان منذ تيودور نولدكه ، ترجمة مصطفى ماهر ، القاهرة ، دار الكتاب العربي ، 1967.
ريتشارد سوذرن : صورة الإسلام في أوروبا في العصور الوسطى ، ترجمة وتقديم رضوان السيد ، بيروت ، معهد الإنماء العربي، 1984.
زكرياء هاشم زكرياء : المستشرقون والإسلام ، القاهرة ، 1965.
زينات بيطار : الاستشراق في الفن الرومنسي الفرنسي ، سلسلة عالم المعرفة ، عدد 157، الكويت المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، 1992م .
ساسي سالم الحاج : الظاهرة الاستشراقية وأثرها في الدراسات الإسلامية ، الطبعة الأولى ، مجلدين ، بيروت ، دار المدار الإسلامي ، 2002 ، 1160 صفحة.
ساسي سالم الحاج : الظاهرة الاستشراقية ، القاهرة ، مركز دراسات العالم الإسلامي ، 1997.
سالم حميش : الاستشراق في أفق انسداده ، سلسلة الدراسات (3) ، الطبعة الأولى ، الرباط ، منشورات المجلس القومي للثقافة العربية ،1991 .
سالم يفوت : حفريات الاستشراق في نقد العقل الاستشراقي ، الطبعة الأولى ، الدار البيضاء ، المركز الثقافي العربي ، 1989 ، 88 صفحة .
سعد الدين السيد صالح : الأسليب الحديثة في مواجهة الإسلام : دراسة لأخطر العقبات التي تعترض مسيرة الإسلام اليوم ، القاهرة ، دار عربي للطباعة والنشر والتوزيع ، 1988 ، 263 ص .
سعد المرصفي : المستشرقون والسنّة ، الطبعة الأولى ، الكويت ، مكتبة المنار الإسلامية ، 1994.
السيّد رزق الهاجر: الموضوعية : وجودها وحدودها في الدراسات الإسلامية لدى المستشرقين ، القاهرة ، دار الثقافة العربية ، 1988.
شارل روبير آجرون : المجتمع الجزائري في مخبر الإيديولوجية الكولونيالية ، ترجمة وتقديم وتعليق د.محمد العربي ولد خليفة ، الجزائر ، منشورات تالة ، 2002.
صابر طعيمة : الاستشراق والتنصير في مواجهة الإسلام ، الطبعة الأولى ،عمّان ، دار الجيل للطبع والنشر والتوزيع ،
صادق جلال العظم : الاستشراق والاستشراق معكوسا ، الطبعة الأولى ، بيروت ، دار الحداثة ، 1981 ، 56 صفحة .
صلاح الدين المنجد : المنتقى من دراسات المستشرقين ؛ دراسات مختلفة ، القاهرة ، لجنة التأليف والترجمة والنشر ، 1955.
صلاح رسلان : القرآن الحكيم : رؤية منهجية جديدة لمباحث القرآن الكريم ، القاهرة ، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ، 1999 ، 196صفحة.
عاطف العراقي : العقل والتنوير في الفكر العربي المعاصر : قضايا ومذاهب وشخصيات ، القاهرة ، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ، 1998 ، 450صفحة.(25/361)
عبد الجبار الرفاعي : الاختراق الثقافي : معجم بيبليوغرافي تحليلي ، قم (إيران) ، مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية ، 1416 هـ.
عبد الجليل عبده شلبي : صور استشراقية ، (سلسلة البحوث الإسلامية ، السنة 10 ، الكتاب 1) ، القاهرة ، الأزهر ، مجمع البحوث الإسلامية ، 1978.
عبد الحميد صالح حمدان : طبقات المستشرقين ، القاهرة ، مكتبة مدبولي ، 1990.
عبد الحميد عبد المنعم مذكور : نظرات في حركة الاستشراق ، القاهرة ، دار الثقافة ، 1990.
عبد الرحمن بدوي : موسوعة المستشرقين ، الطبعة الأولى ، بيروت ، دار العلم للملايين ، 1984.
عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني : أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها، الطبعة الخامسة ، دمشق ، دار القلم، 1986م .
عبد الرحمن عميرة : الإسلام والمسلمون بين أحقاد التبشير وضلال الاستشراق ، الطبعة الأولى ، عمّان ، دار الجيل للطبع والنشر والتوزيع ، 1999 ، 136 صفحة .
عبد الرحيم العطاوي : الاستشراق الروسي، مدخل إلى تاريخ الدراسات العربية والإسلامية في روسيا، الطبعة الأولى ، الدار البيضاء ، المركز الثقافي العربي ، 2002 ، 425 صفحة .
عبد العال أحمد عبد العال : دفاع عن نبي الإسلام r ضد دعاوى المستشرقين والعلمانيين ، الزقازيق ، دار هديل للنشر والتوزيع ، 1994 ، 69 صفحة.
عبد العظيم الديب : المستشرقون والتراث ، المحرق ، البحرين ، مكتبة ابن تيمية ، 1986.
عبد العظيم الديب : المنهج في كتابات الغربيين عن التاريخ الإسلامي ، سلسلة كتاب الأمة ، عدد 27قطر ، كتاب الأمة ، الطبعة الأولى ، الدوحة: رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية بدولة قطر، 1411هـ.
عبد الغني عبد الخالق : دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين وبين الشبه الواردة على السنة قديما وحديثا وردّها ردا علميا صحيحا ويليه الرد على من ينكر حجية السنة ، القاهرة ، مكتبة السنة المحمدية ، 1989 ، 510 صفحة.
عبد القهار العاني : الاستشراق والدراسات الإسلامية ، الطبعة الأولى ، عمّان ، دار الفرقان للنشر والتوزيع ،2001 ، 213 صفحة .
عبد القهار دواد العاني : الاستشراق والدراسات الإسلامية ، عمّان ، دار الفرقان، 1421هـ
عبد الكريم علي باز : افتراءات فيليب حتّي وكارل بروكلمان على التاريخ الإسلامي ، جدة ، تهامة للنشر، 1403-1983.
عبد اللطيف الطيابوي : المستشرقون الناطقون بالإنجليزية : دراسة نقدية ، الرياض ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، 1991.
عبد الله النعيم : الاستشراق في السيرة النبوية ، (سلسلة الرسائل الجامعية؛21) ، الطبعة الأولى ، القاهرة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1997 ، 344 صفحة .
عبد الله علي العليان : الاستشراق بين الإنصاف والإجحاف ، الطبعة الأولى ، الدار البيضاء ، المركز الثقافي العربي ، 2002 ، 144 صفحة .
عبد الله يوسف سهر محمد : مؤسسات الاستشراق والسياسة الغربية تجاه العرب والمسلمين ، سلسلة دراسات استراتيجية ، الطبعة الأولى ، أبو ظبي ، مركز الإمارات للدراسات والبحوث ،2001 ، 100 صفحة .
عبد المتعال محمد الجابري ، الاستشراق : وجه للاستعمار الفكري ؛ دراسات في تاريخ الاستشراق وأساليبه الفكرية في الغزو الفكري للإسلام ، الطبعة الأولى ، القاهرة ، مكتبة وهبه ، 1995.
عجيل جاسم سعود النشمي : المستشرقون ومصادر التشريع الإسلامي ، الكويت ، منشورات المجلس الوطني للثقافة والفنون والإعلام والآداب ، 1984 ، 256 صفحة.
عدلي طاهر نور : المستشرق الكبير إدوارد وليم لين ، 1973.
عفاف سيد محمد صبرة : المستشرقون ومشكلات الحضارة ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1980 ، 253 صفحة.
عفاف سيد محمد صبرة : المستشرقون ومشكلات الحضارة ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2000.
عفيف البهنسي : الفن والاستشراق ، سلسلة موسوعة تاريخ الفن والعمارة ، الطبعة الأولى ، بيروت، دار الرائد العربي ، 1983 ، 308 صفحة .
علي إبراهيم النملة : الاستشراق في الأدبيات العربية :عرض للنظرات وحصر وراقي للمكتوب ، الطبعة الأولى ، الرياض ، مركز الملك فيصل للبحوث الدراسات الإسلامية، 1414هـ/1993م.
علي بن إبراهيم النملة : مصادر المعلومات عن الاستشراق والمستشرقين ، ، الطبعة الأولى ، الرياض ، مكتبة الملك فهد الوطنية ، 1993 ، 56 صفحة .
علي بن إبراهيم النملة. الاستشراق والمستشرقون في الأدبيات العربية ، الرياض ، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، 1412هـ.
علي بن ابراهيم النملة : مصادر المعلومات عن الاستشراق والمستشرقين : إستقراء للمواقف ، الرياض، مكتبة الملك فهد الوطنية ، 1993.
علي حسني خربوطلي : الاستشراق في التاريخ الإسلامي ، القاهرة ، جمعية الدراسات الإسلامية ، 1976.
فاروق عمر فوزي : الاستشراق والتاريخ الإسلامي القرون الإسلامية الأولى ، الطبعة الأولى ، عمّان ، الأهلية للنشر والتوزيع ، 1998 ، 288 صفحة .
فاطمة هدى نجا : نور الإسلام وأباطيل الإستشراق ، الطبعة الأولى ، دمشق ، دار الإيمان ، 1993.(25/362)
قاسم السامرائي : الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية ، الرياض ، دار الرفاعي ، 1983.
كلية الدعوة الإسلامية : من قضايا الفكر الإسلامي كما يراها بعض المستشرقين ، طرابلس ، كلية الدعوة الإسلامية ، 1988.
لخضر شايب : نبوة محمد في الفكر الاستشراقي المعاصر ، الطبعة الأولى ، الرياض ، مكتبة العبيكان ، 2002 ، 622 صفحة.
مازن بن صلاح مطبقاني : الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي ، الرياض ، مكتبة الملك فهد الوطنية ، 1995.
مازن صلاح حامد مطبقاني : المغرب العربي بين الاستعمار والاستشراق ، جدة ، دار عكاظ ، 198.
مالك بن نبي: إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي الحديث، الجزائر ، إصدار مسجد الطلبة بالجامعة ، د.ت
محسن جاسم الموسوي : الاستشراق في الفكر العربي ، الطبعة الأولى ، بيروت ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، 1993.
محمد إبراهيم الفيومي : الاستشراق رسالة استعمار ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، 2000.
محمد أحمد دياب : أضواء على الاستشراق والمستشرقين ، الطبعة الأولى ، القاهرة ، دار المنار ، 1989.
محمد البشير الهاشمي مغلي: "مناهج البحث في الإسلاميات لدى المستشرقين وعلماء الغرب" ، الرياض ، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، 1422هـ/2002م ، 477ص.
محمد البنداق : المستشرقون والقرآن الكريم ، بيروت ، دار الآفاق الجديدة ، 1983م.
محمد البهي : الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي ، الطبعة الحادية عشر ، القاهرة ، دار وهبة ، 1985.
محمد السيد الجليند : الاستشراق والتبشير : قراءة تاريخية موجزة ، القاهرة ، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ، 1999 ، 131 صفحة.
محمد الغزالي : دفاع عن العقيدة والشريعة ضدّ مطامع المستشرقين ، القاهرة ، دار الكتب الإسلامية ، 1988 ، 261 صفحة.
محمد الغزالي : ظلام من الغرب ، القاهرة ، نهضة مصر ، 1997 ، 254 صفحة.
محمد جلاء إدريس : الاستشراق الإسرائيلي في المصادر العبرية ، القاهرة ، العربي ، 1995.
محمد حسين الصغير : المستشرقون والدراسات القرآنية ، الطبعة الأولى ، بيروت ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، 1983.
محمد خليفة حسن أحمد : آثار الفكر الاستشراقي في المجتمعات الإسلامية ، الطبعة الأولى ، القاهرة ، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية ، 1997.
محمد شامة : الإسلام في الفكر الاوروبي، القاهرة ، مكتبة وهبة ، فبراير 1980 م.
محمّد شريف الشيباني : الرسول في الدراسات الاستشراقية المنصفة ، الطبعة الأولى ، بيروت ، دار الحضارة العربية ، 1988
محمد عابد السفياني : المستشرقون ومن تابعهم من ثبات الشريعة وشمولها ؛ دراسة وتطبيقا ، مكّة المكّرمة ، دار الحضارة ، 1408 هـ/1987.
محمد عبد الفتاح عليان : أضواء على الاستشراق ، الكويت ، دار البحوث العلمية ، 1980.
محمد عبد الله مليباري : المستشرقون والدراسات الإسلامية ، الرياض ، دار الرفاعي، 1410هـ.
محمد عبداللّه السمان : مفتريات اليونسكو على الإسلام، القاهرة ، المختار الإسلامي للطباعة والنشر والتوزيع، 1976م .
محمد عثمان الخشت : الإسلام والعلم بين الأفغاني ورينان ، القاهرة ، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، 1998 ، 120 صفحة.
محمد عزت إسماعيل الطهطاوي : التبشير والاستشراق ... أحقاد وحملات على صلى الله عليه وسلم وبلاد الإسلام ، القاهرة ، الزهراء للإعلام العربي ، 1991 ، 318 صفحة.
محمد غلاب : نظرات استشراقية في الإسلام ، 1967.
محمد فاروق الزين : المسيحية والإسلام والاستشراق ، الطبعة الأولى، بيروت ، دار الفكر المعاصر ،2000 ، 304 صفحة.
محمد فتح الله الزيادي : الاستشراق أهدافه ووسائله : دراسة تطبيقية حول منهج الغربيين في دراسة ابن خلدون ، الطبعة الثانية ، دار قتيبة للطباعة والنشر ، 2002 ، 332 صفحة .
محمد فتح الله الزيادي : ظاهرة انتشار الإسلام وموقف بعض المستشرقين منها ، طرابلس ، ليبيا ، المنشأة العامة ، 1983.
محمد قطب : المستشرقون والإسلام ، القاهرة ، دار وهبة ، 1999م.
محمد لقمان السلفي: اهتمام المحدثين بنقد الحديث سندا ومتنا ودحض مزاعم المستشرقين وأتباعهم، الرياض، 1984م.
محمد م. الأرناؤوط : مراجعة الاستشراق، ثنائية الذات/الآخر نموذج يوغسلافيا ، الطبعة الأولى بيروت ، دار المدار الإسلامي ، 2002 ، 152 صفحة .
محمد محمد الدهان : قوى الشر المتحالفة (الاستشراق ، التبشير ، الاستعمار) ، المنصورة ، دار الوفاء ، 1986.
محمد ياسين عريبي : الاستشراق وتغريب العقل التاريخي العربي ، الطبعة الأولى ، الرباط ، منشورات المجلس القومي للثقافة ،1991 ، 244 صفحة .
محمود المقداد : تاريخ الدراسات العربية في فرنسا ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، تشرين الثاني 1992.
محمود حمدي زقزوق : الإسلام في تصوّرات الغرب ، القاهرة ، مكتبة وهبة ، 1987 ، 200 صفحة.
محمود حمدي زقزوق : الإسلام والاستشراق ، القاهرة ، مكتبة وهبة ، 1984.(25/363)
محمود حمدي زقزوق : الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري ، سلسلة كتاب الأمة ، ع 5، الدوحة ، رئاسة المحاكم الشرعية والشئون الدينية في دولة قطر، 1404هـ.
محمود ماضي : الوحي القرآني في المنظور الاستشراقي ونقده ، الطبعة الأولى ، الإسكندرية ، دار الدعوة ، 1996.
مصطفى الخالدي وعمر فروخ : التبشير والاستعمار ، بيروت ، المكتبة العصرية ، 1983.
مصطفى السباعي : الاستشراق والمستشرقون مالهم وما عليهم ، القاهرة ، دار السلام ، 2000.
مصطفى نصر المسلاتي : الاستشراق السياسي في النصف الأول من القرن العشرين ، طرابلس ، دار إقرأ ، 1986.
مكتب التربية العربي لدول الخليج : مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية ، الرياض ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، 1985.
منذر معاليقي : الاستشراق في الميزان ، الطبعة الأولى ، دمشق ، المكتب الإسلامي للطباعة والنشر ،1997، 216 صفحة .
مهدي عامل : في عملية الفكر الخلدوني ؛ماركس في إستشراق إدوارد سعيد ، الطبعة الثانية ، بيروت، دار الفارابي ، 1986 ، 128 صفحة.
مونتجمري وات : الإسلام والمسيحية في العالم المعاصر ، ترجمة عبد الرحمن عبد الله الشيخ ، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 2001 ، 246 صفحة .
نايف بن ثنيان آل سعود : المستشرقون وتوجيه السياسة التعليمية في العالم العربي مع دراسة تطبيقية على دول الخليج ، الرياض ، دار أمية ، 1993.
نجيب العقيقي : المستشرقون : موسوعة في التراث العربي ، مع تراجم المستشرقين ودراساتهم منذ ألف عام ، القاهرة ، دار المعارف ، 1980.
نجيب العقيقي : المستشرقون ، بحث عن الاستشراق لدى جميع الأمم منذ فجره من ألف عام إلى ليوم مصر ،دار المعارف ، 1947.
نذير حمدان : مستشرقون : سياسيون -جامعيون - مجمعيون ، الطائف ، مكتبة الصديق ، 1988.
نعمات أحمد فؤاد : الإسلام في رأي الشرق والغرب ، الجيزة ، المكتبة الأكاديمية ، 2001 ، 160 صفحة .
نهاد الموسى : حاشية على الاستشراق المعاصر ، الطبعة الأولى ، بيروت ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1980 ، 80 صفحة .
نور الدين أفاية : الغرب المتخيّل : صور الآخر في الفكر العربي الإسلامي الوسيط ، المركز الثقافي العربي (الدار البيضاء) ، ط 1 ، 2000
هاشم صالح (ترجمة وتحقيق ) : الاستشراق بين دعاته ومعارضيه، ، الطبعة الثانية ، بيروت، دار الساقي للطباعة والنشر ، 2000 ، 264 صفحة .
هنري لورنس : الأصول الفكرية للحملة الفرنسية على مصر : الإستشراق المتأسلم في فرنسا (1698-1798) ، القاهرة ، دار شرقيات للنشر والتوزيع ، 1999.
يحيى وهيب الجبوري : المستشرقون والشعر الجاهلي بين الشك والتوثيق ، الطبعة الأولى ، بيروت ، دار الغرب الإسلامي ، 1997.
يوهان فوك : تاريخ حركة الاستشراق : الدراسات العربية والإسلامية في أوربا حتى بداية القرن العاشر ، ترجمة و تحقيق عمر لطفي العالم ، دمشق ، دار قتيبة ، 1996، 368 صفحة .
2-المقالات :
أعداد خاصة :
الفكر العربي ، بيروت ، ع 32-32 ، السنة الخامسة ، يناير / مارس 1983.
الاستشراق ، ( بغداد :دار الشؤون الثقافية العامة ) ، 5 أعداد (1987-1991).
الحياة اللندنية : " تحولات الاستشراق واختلافات الرؤى والمناهج " ، ع 15051، 12 جوان 2004.
**********
"التراجم الاستشراقية لمعاني القرآن الكريم : حول مشروع ترجمة إسلامية لمعاني القرآن" ، مجلة الفرقان ، المغرب ، العدد 29 .
إبراهيم القادري بوتشيش ، إشكالية التحقيق الاستشراقي للتراث الأندلسي من خلال نموذج تحقيق ليفي بروفنسال : رسالة الحسبة لابن عبدون ، مجلة كلية الآداب ، تطوان ، ع 6 ، 1993 ، ص ص 103-111.
إبراهيم محمود : " كيف ينظر المثقف العربي إلى الاستشراق " ، المستقبل العربي ، س 13 ، ع 137 ، يوليو 1990.
أحمد ضرغام : " بعض ملامح الاتجاهات الرئيسية في الاستشراق " ، دراسات عربية، 1984.
أحمد عبد الحليم عطية : الصوفي والسياسي : صورة ماسينيون في الفكر العربي المعاصر ، الاجتهاد ، بيروت ، عدد 49 ، ، 2001 ، ص ص 83-113.
أحمد عبد الحليم عطية : المماثلة والمقابلة : قراءة ثانية من موقف بدوي من المستشرقين ، المسلم المعاصر ، بيروت ، عدد 79 ، 1996 ، ص ص31-81.
أحمد محمد عمايرة : محمد علي : مفهوم الأدب الإسلامي عند المستشرق جرونباوم ، المسلم المعاصر ، بيروت ، عدد 91 ، 1999 ، ص ص 83-115.
إدوارد سعيد : " الاستشراق والصهيونية " ، مجلة المجلّة ، ع 21408 ، 08/12/1987.
آصف حسين : " المسار الفكري للاستشراق " ، ترجمة مازن مطبقاني ، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، العدد السابع ، ربيع الثاني 1413، ص ص 566-592.
أكرم ضياء العمري : " الاستشراق هل استنفد أغراضه ؟" ، في ملحق التراث ، صحيفة المدينة المنورة ، ع 9116، بتاريخ 15/11/1412هـ.
أكرم فاضل (مترجم): بغداد في آثار المستشرقين الفرنسيين ، المورد ، بغداد ، عدد 4 ، 1979 ، ص ص 477-504.
أمير طاهري : " الكتب الجديدة والعلاقة بين الغرب والإسلام" ، الشرق الأوسط، عدد 4521، 15/4/1991م.(25/364)
امحمد بن عبود : " الاستشراق والنخبة العربية " ، المجلة التاريخية المغربية ، س 9 ، ع 27-28 ، ديسمبر 1982 ، ص ص 199-215.
بجيت كريم : العرب وإشكالية التمثيل قراءة في مؤلّف الإستشراق لإدوارد سعيد ، المنعطف ، المغرب، ع 13 ، 1997 ، ص ص 7-21.
بلقاسم بوقرة : "أصول النظرية الغربية حول المجتمعات غير الأوربية "، مجلة علم الاجتماع ، جامعة الجزائر ، 1993 ، ص ص 20-32.
بن سالم حميش : "الاستشراق الفرنسي في ركب العلوم الانسانية "، المستقبل العربي ، س 15 ، ع 16، أوت 1992.
توفيق يوسف الراعواعي : المخططات العدائية ضدّ المسلمين ، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية ، جامعة الكويت ، ع 17 ، 1990 ، ص ص 251-298.
جيوليو باستي ساني : لويس ماسينيون : الدارس المسيحي للإسلام ، ترجمة سعدون السويح ، مجلة كلية الدعوة الإسلامية ، طرابلس ، ع 4 ، 1987 ، ص ص 440-445.
حسن ضياء : المستشرقون حديثا على قدم المشركين فرية السحر ، مجلة كلية أصول الدين ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، الرياض ، ع 3 ، 1979 ، ص ص 19-37.
حسن عزوزي : " الدراسات القرآنية في مناهج البحث الاستشراقي المعاصر " ، مجلة الوعي الإسلامي، عدد 411، ذو القعدة 1420هـ /فبراير - مارس 2000م.
حسين مؤنس : كتب كثيرة كتبها الغرب عن العرب وعن الإسلام ، العربي ، الكويت ، ع 66 ، 1964 ، ص ص 13-19.
خالد حاجي : الجغرافيا بين الشاعرية والسياسة ، المنعطف ، المغرب ، ع 10 ، 1995 ، ص ص 59-68.
ديل إيكلمان : " الكتابة الأنثروبولوجية على الشرق الأوسط " ، المستقبل العربي ، س 12 ، ع 134 ، أبريل 1990 ، ص ص 39-61.
رضوان السيّد : " اليهودية والصهيونية والاستشراق " ، لبنان ، الفكر الإسلامي ، ع 1 ، س 19، جمادى الأول 1409 هـ/يناير 1983.
رضوان جودت زيادة : رودنسون والإسلام : من حتمية ماركس إلى فضاء ماكس فيبر ، الاجتهاد ، بيروت ، ع 49 ، 2001 ، ص ص 139-149.
سالم لبيض : " من الاستشراق إلى نهاية التاريخ : الفكر الغربي والآخر " ، المستقبل العربي ، س 19 ، ع 211 ، سبتمبر 1996 ، ص ص 18-34.
سعيد خير الله وشك : " الاستشراق : من هو برنارد لويس " ، دراسات عربية ، س 26 ، ع 9 ، تموز 1990.
سمير سليمان: " الإسلام واشكالية المنهج في الخطاب المعرفي الغربي " *****
السيد محمد الشاهد : " الاستشراق ومنهجية النقد عند المسلمين المعاصرين" ، الاجتهاد ، ع 22، السنة السادسة ، شتاء عام 1414هـ/1994م ، ص ص 191-211.
عاصم حمدان : " الإسلام في الكتابات الغربية الحديثة" ، المدينة المنورة ، 11/1/1990 و18/1/1990.
عباس صالح طاشكندي : " المستشرقون ودورهم في تحقيق المخطوطات العربية " ، عالم الكتب، مجلد 5 ، عدد 1 رجب 1404هـ/ أبريل 1984م ، ص ص 5-14.
عبد الرحمن أحمد سالم : قراءة نقدية في كتابات " مونتجومري وات في السيرة النبوية " ، المسلم المعاصر ، بيروت ، ع 82 ، (1996-1997) ، ص ص 85-161.
عبد الرحمن الجيلالي : "من بواعث الاستشراق وأهداف المستشرقين "، الأصالة ، الجزائر ، ع 14-15 ، ماي - جوان 1973 .
عبد العزيز بن عبد الجليل : إيقاعات النوبة الأندلسية من خلال المصادر المغربية والعربية والاستشراقية، المناهل ، الرباط ، ع 37 ، 1989 ، ص ص 215-222.
عبد الفتاح الزين : "السوسيولوجيا في المغرب : من إعلان الحماية الفرنسية إلى المرحلة الراهنة "، المستقبل العربي ، س 13 ، ع 146 ، أبريل 1991.
عبد المجيد مزيان : "النظريات التاريخية بين التفسير والتحريف " ، الأصالة ، الجزائر ،ع 14-15 ، ماي - جوان 1973 .
عبد المولى الحرير : "نظرة نقدية للمراجع والببليوغرافيا المغربية أثناء فترة الاستعمار "، مجلة البحوث التاريخية ، العدد الثاني ، 1979.
عبد النبي أسطيف : " " الاستشراق " : تقديم لدراسة ألبرت حوراني لكتاب : " الطريق إلى المغرب: قراءة في الاستشراق " " ، دمشق ، التراث العربي ، س 2 ، ع 7 ، أبريل 1982.
عبد النبي أسطيف : " المؤتمر السنوي السادس للجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط ؛ وقائع وهوامش" ، دمشق ، مجلة مجمع اللغة العربية ، س 55 ، ع 1 ، يناير 1980.
عبد النبي أسطيف : " مازالت الدراسات العربي تدور في فلك الاستشراق " ، الدستور ، س 10 ، ع 471 ، 17/11/1980.
عبد النبي أسطيف : " نحن والاستشراق : نحو مواجهة إيجابية " ، المستقبل العربي ، س 6 ، ع 56 ، أكتوبر 1983 ، ص ص 20-39.
عزيز أحمد : روابط متينة بين دولة الإسلام في الأندلس والهند الإسلامية الحديثة ، دراسة مهداة لروح المستشرق الكبير ليفي بروفنصال ، تعريب عبد الرحمن بنعبد الله ، دعوة الحق ، الرباط ، ع 9-10 ، 1968 ، ص ص 128-133.
عزيز العظمة : " إفصاح الاستشراق " ، المستقبل العربي ، س 4 ، ع 32 ، أكتوبر 1981 ، ص ص 43-62.
علي إبراهيم النملة : " قضية الاستشراق في مناظرة الشرق الأوسط " ، الشرق الأوسط ، عدد 4626 ، 29/7/ 1991.
علي بن ابراهيم النملة : أعمال المستشرقين مصدرا من مصادر المعلومات ، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، ع 7 ، 1992 ، ص ص 519-564.(25/365)
علي بن ابراهيم النملة : رحلات المستشرقين مصدرا من مصادر المعلومات عن العرب والمسلمين ، مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية ، مج 1 ، ع 1 ، 1995 ، ص ص 39-81.
علي بن ابراهيم النملة : مصادر معلومات المستشرقين عن العرب والمسلمين ، عالم الكتب ، الرياض ، ع 6، 1995 ، ص ص 571-588.
علي حرب : " الأنا والآخر بين الاستشراق والاستغراب " ، عكاظ ، ع (11603)، 4صفر 1419 الموافق 29مايو 1998.
علي شلش : " تعقيب على قضية الاستشراق " ، الشرق الأوسط ، عدد 4636 ، 8/8/1991
عماد الدين خليل عمر : الاستشراق ، المسلم المعاصر ، بيروت ، ع 79 ، 1996 ، ص ص 13-2.
عمّار الجندي : "مصر في كتب الرحّالة الإنجليز والفرنسيين" ، الحياة ، عدد 10612، 27/2/1992م، ص 19.
عمر كوش : الاستشراق بين الميتافيزيقا والأنثربولوجيا ، الاجتهاد ، بيروت ، ع 49 ، 2001 ، ص ص 71-82.
عمر لطفي العالم : الألمان والقرآن، مجلة كلية الدعوة الإسلامية ، طرابلس ، ع 4 ، 1987 ، ص ص 192-210.
عمر لطفي العالم : محمد رسول ا صلى الله عليه وسلم : الصورة والواقع ، مجلة كلية الدعوة الإسلامية ، طرابلس ، ع 5 ، 1988 ، ص ص 55-77.
غريغوار منصور مرشو : دور الأنثروبولوجيا في تأسيس الإستشراق ، الاجتهاد ، بيروت ، ع 49 ، 2001 ، ص ص 51-69.
غسان سلامة : " عصب الاستشراق " ، المستقبل العربي ، س 3 ، ع 23 ، يناير 1981 ، ص ص 4-22.
الفضل شلق : الاستشراق والتراث ، الاجتهاد ، بيروت ، ع 49 ، 2001 ، ص ص11-24.
قاسم السامرائي : "الاهتمام بالاستشراق في السعودية في العصر الحاضر" ، تقديم وترجمة د. مازن مطبقاني ، عالم الكتب، مجلد 14، عدد 4، محرم-صفر 1414هـ، يوليو-أغسطس 1993م ،ص ص 422-431.
قيس النوري : " التعصب والتمركز الثقافي والعرقي "، في : مجموعة من الأساتذة : قضايا إشكالية في الفكر العربي المعاصر ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، يناير 1995 .
مازن مطبقاني : " الحياة الاجتماعية في المغرب العربي بين الاستعمار والاستشراق" ، المنهل ، جدة ، عدد471، م 50 رمضان /شوال 1409، ص 352-362.
مازن مطبقاني : " لماذا يخوفون الغرب بالإسلام؟" ، المسلمون ، عدد 307، 4/5 /1411هـ 21/12/1990.
محمد أحمد العزب : " الدراسات الاستشراقية والأدب العربي" ، القافلة ، رجب 1407.
محمد أحمد حمدون : "وقفات استقرائية حول جهود المستشرقين في الأدب العربي " ، المنهل ، عدد 471 رمضان/شوال 1409 أبريل /مايو 1989 ، ص ص 168-186.
محمد أحمد مشهور حداد : " الاستشراق" ، أخبار العالم الإسلامي ، مكة المكرمة ، الأعداد 1071-1075.
محمد أركون : " الدراسات العربية الإسلامية في أوربا " ، الأصالة ، الجزائر ، ع 44 ، أبريل 1977 ، ص ص 93-103.
محمد الدسوقي : خصائص الاستشراق في مرحلته الثالثة ، مجلة كلية الدعوة الإسلامية ، طرابلس ، ع 1 ، 1984 ، ص ص 75-86.
محمد الدعمي : التنقيب في العقل الاستشراقي : ريتشارد بيرتن ودافعية التفرّد ، الكلمة ، نيقوسيا ، ع 35 ، 2002 ، ص ص 102-112.
محمد الطاهر الجراري : " تحرير التاريخ من الفكر الاستعماري "، مجلة البحوث التاريخية ، العدد الثاني ، 1979.
محمد طه الحاجري : أطراف من تاريخ الملابس عند المسلمين للعلامة المستشرق دوزي ، الرسالة ، القاهرة ، ع 231 ، 1937 ، ص ص 1972-1976.
محمد عثمان : رأي في مقدّمة كتاب دراسات المستشرقين حول الشعر الجاهلي ، مجلة كلية الدعوة الإسلامية ، طرابلس ، ع 2 ، 1985 ، ص ص 216-225.
محمد عمارة مصطفى عمارة : ابن رشد بين الغرب والإسلام ، المسلم المعاصر ، بيروت ، ع 86 ، 1997-1998 ، ص ص 13-47.
محمد عوني عبد الرءوف : المستشرقون وتحقيق التراث : الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد ، تراثيات ، القاهرة ، ع 1 ، 2003 ، ص ص 94-106.
محمد مختار العرباوي : "أطروحات المدرسة التاريخية الاستعمارية حول شمال إفريقيا " ، المستقبل العربي س 18 ، ع 195 ، ماي 1995.
محمد وقيدي : " تطور الإيديولوجية في الاستشراق " ، دراسات عربية ، س 18 ، ع 7 ، ماي 1982.
محمود حمدي زقزوق : في مواجهة الاستشراق ، المسلم المعاصر ، بيروت ، ع65-66 ، 1992-1993 ، ص ص 11-40.
مصطفى نصر المسلاتي : صلى الله عليه وسلم في مرآة الغرب ، مجلة كلية الدعوة الإسلامية ، طرابلس ، ع 1 ، 1984 ، ص ص 38-43.
مكسيم رودنسون : " الصورة الغربية والدراسات الغربية الإسلامية" ، في تراث الإسلام (القسم الأول) ، تصنيف شاخت وبوزورث ، ترجمة محمد زهير السمهوري ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، شعبان/رمضان1398هـ- أغسطس 1978م.
مكسيم رودنسون : " حوار مع مكسيم رودنسون عن الإيديولوجيا وعلم الاجتماع وحركة التحرر العربي والاستشراق " ، أجرى الحوار حسان شاتيلا ، الفكر العربي ، س 1 ، ع 6 ، نوفمبر-ديمسبر 1978 ، ص ص 200-213.
ميناجيلن ليفوك : " على هامش المؤتمر الثالث للمستعربين : الاستشراق في الاتحاد السوفياتي " ، اللسان العربي ، ع 6 ، يناير 1970 ، ص ص 381-383.
هادي العلوي : " محاولة استشراقية " ، المعرفة ، س 1 ، ع 66 ، آب 1967 ، ص ص 128-149.(25/366)
الهادي عبد العال حنيش : مراجعة نصوص قرآنية محرّفة من كتاب لتعليم اللغة العربية ، مجلة كلية الدعوة الإسلامية ، طرابلس ، ع 4 ، 1987 ، ص ص 247-256.
3-الرسائل الجامعية :
إبراهيم أحمد إبراهيم : أثر البيئة المصرية ومقوماتها الحضارية على المصورين المستشرقين خلال القرن التاسع عشر ، رسالة ماجستير ، القاهرة ، جامعة حلوان ، كلية الفنون الجميلة ، 1993.
أحمد بن حسين شرف الدين : دعوى المستشرقين أنّ القرآن من صنع البشر ، رسالة ماجستير ، إشراف جعفر شيخ إدريس ، الرياض ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، كلية الشريعة ، قسم الثقافة الإسلامية ، 1987.
أحمد حسن قاضي : دراسات المستشرقين لتوحيد الأسماء والصفات في الآيات القرآنية ، رسالة ماجستير ، إشراف محجوب أحمد كردي ، المدينة المنورة ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، كلية الدعوة والإعلام ، قسم الاستشراق ، 1991 .
أحمد سمايلوفيتش : فلسفة الإستشراق وأثرها في الأدب العربي المعاصر ، رسالة دكتوراه ، القاهرة ، جامعة الأزهر ، كلية اللغة العربية ، 1974 .
بدر الدين عوض : دراسة لمطبوعات الحملة الفرنسية على مصر ، رسالة ماجستير ، القاهرة ، جامعة حلوان ، كلية الفنون الجميلة ، 1991 .
جلال الدين محمد عبد الباقي : مناقشة آراء جولتسيهر في القرآن الكريم ، رسالة دكتوراه ، إشراف أحمد السيد الكومي ، القاهرة ، جامعة الأزهر ، كلية أصول الدين ، 1979 .
جهاد بلال خليل : مدرسة الاستشراق اليونانيةونظرتها في الدراسات الشرعية الإسلامية خلال القرنين التاسع عشر والعشر ين الميلاديين ؛ دراسة تحليلية نقدية ، رسالة دكتوراه ، إشراف الدكتور محمود رزق ماضي ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، كلية الدعوة بالمدينة المنورة ، قسم الاستشراق ، شعبة الدراسات الإسلامية عند المستشرقين ، 1421هـ - 2000 م.
الجيلي محمد يوسف الكباشي : المستشرق نيكولسون ومفترياته على الإسلام ؛ دراسة ونقدا ، رسالة دكتوراه ، إشراف جعفر شيخ إدريس ، الرياض ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، كلية أصول الدين، قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة ، 1987 .
حميد بن ناصر خالد الحميد : الأخطاء العقدية في دائرة المعارف الإسلامية ؛ دراسة تحليلية نقدية ، رسالة دكتوراه، إشراف أ د محمد خليفة حسن أحمد ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، كلية الدعوة بالمدينة المنورة ، قسم الاستشراق ، 1415هـ
زيد بن أحمد العبلان : الدراسات الاستشراقية في ضوء العقيدة الإسلامية ، رسالة ماجستير ، إشراف صابر طعيمة ، الرياض ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، كلية أصول الدين ، قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة ، 1986 .
سلطان بن عمر بن عبد العزيزالحصين : موقف المستشرق "سيدو" من السيرة النبوية ؛ دراسة نقدية من خلال كتابه "تاريخ العرب العام" ، رسالة ماجستير ، إشراف الدكتور حامد غنيم أبو سعيد ،
علي بن عبد الله محفوظ : أساليب المستشرق جولدتسيهر في عرضه للإسلام ، رسالة ماجستير ، إشراف محجوب أحمد كردي ، المدينة المنورة ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، كلية الدعوة والإعلام، قسم الاستشراق ، 1991
كمال ثابت قلتة : تطوّر مناهج المستشرقين الفرنسيين في دراسة الشعر العربي حتى العصر العباسي ، رسالة دكتوراه ، إشراف سهير القلماوي ، القاهرة ، جامعة القاهرة ، كلية الآداب ، 1978 .
مازن صلاح مطبقاني : منهج المستشرق برناردلويس في دراسة الجوانب الفكرية في التاريخ الإسلامي، رسالة دكتوراه في الاستشراق الحديث والمعاصر ، إشراف أ.د. محمد خليفة حسن أحمد ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، كلية الدعوة بالمدينة المنورة ، رمضان 1414هـ.
محسن السويسي : مؤتمرات المستشرقين العالمية: نشأتها -تكوينها -أهدافها ، رسالة دكتوراه ، إشراف الدكتور حامد غنيم أبو سعيد ، كلية الدعوة بالمدينة المنورة ، قسم الاستشراق ، 1419/ 1998م .
محسن عبد الناظر: دراسات جولدزيهر في السنة ومكانتها العلمية، رسالة دكتوراه، جامعة تونس، 1404/1984.
محمد البشير مغلي : مناهج البحث في الإسلاميات لدى المستشرقين وعلماء الغرب ، رسالة ماجستير ، إشراف بلقاسم الغالي ، قسنطينة ، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية ، معهد الدعوة وأصول الدين ، 1990 .
محمد الدردابي : الاستشراق بين العلم والتبشير ، دبلوم الدراسات العليا ، إشراف عمر بهاء الدين الأميري ، الرباط ، دار الحديث الحسنية ، 1975 .
محمد بن حمو : التبشير والاستشراق في الثقافة العربية الإسلامية في الجزائر ، رسالة ماجستير ، إشراف د.مصطفى الشكعة ، جامعة عين شمس ، كلية الآداب ، قسم اللغة العربية ، 1989.
محمد عامر عبدالحميد مظاهري : السلطان محمود الغزنوي في كتابات بعض المستشرقين ؛ دراسة نقدية ، رسالة ماجستير ، إشراف أ.د. حامد غنيم أبوسعيد ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، كلية الدعوة بالمدينة المنورة ، 1415هـ.(25/367)
محمد عبد الرازق خير الدين : دراسة المستشرقين للجوانب العقدية والفكرية من حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، رسالة ماجستير ، إشراف محجوب أحمد كردي ، المدينة المنورة ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، كلية الدعوة والإعلام ، قسم الإستشراق ، 1991 .
محمد عبد الواحد العسري : الإسلام في أبحاث الاستشراق الإسباني من ريموندس لولوس إلى أسين بلاثينوس ، أطروحة دكتوراه ،
محمود حمزة عزوني : دراسة نقدية لكتاب الدعوة إلى الإسلام تأليف " توماس ولكر أرنولد " ، بحث السنة النهائية للماجستير ، إشراف د. إبراهيم عكاشة ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، كلية الدعوة بالمدينة المنورة، قسم الاستشراق ، شعبة الدراسات الإسلامية ،
مصطفى الحاج بوكاري : الاستشراق الفرنسي وموقفه من تاريخ العهد النبوي ، رسالة ماجستير ، إشراف د.أكرم ضياء العمري ، كلية الدعوة وأصول الدين ، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، المملكة العربية السعودية ، 1413 هـ .
مصطفى الحاج مالك بوكاري : الاستشراق الفرنسي وموقفه من تاريخ عهد النبوة ، رسالة ماجستير ، إشراف الدكتور : أكرم ضياء العمري ، 1412هـ ـ 1992م
مفرج بن سليمان صبري وموقفه من الفكر الوافد ، رسالة ماجستير ، إشراف عبد الله بن إبراهيم الطريقي ، الرياض ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، كلية الشريعة ، قسم الثقافة الإسلامية ، 1988
نصري أحمد : آراء الاستشراق الفرنسي في القرآن في القرنين التاسع عشر والعشرين : دراسة نقدية، رسالة ماجستير ، إشراف الشحات زغلول ، ومشاركة ضحى محمد عبد العزيز شيحة ، الإسكندرية ، جامعة الإسكندرية ، كلية الآداب ، 1989 .
وائل علي محمد : المستشرقون وأثرهم في الدراسات الأدبية ، رسالة دكتوراه ، إشراف أحمد السعدني، المنيا ، جامعة المنيا ، كلية الآداب ، 1995 .
يوسف لقمان علاء الدين ماديا : المستشرقون والقرآن الكريم ، رسالة دكتوراه ، إشراف عبد الغني واضح الراجحي ، القاهرة ، جامعة الأزهر ، كلية أصول الدين ، 1977 .
4- الندوات و المؤتمرات :
أحمد عبد الرحمن كمون : التراث الإسلامي الأندلسي في ميزان الاستشراق الإسباني المعاصر " نماذج مختارة " ، في ندوة : " الأندلس قرون من التقلبات والعطاءات " ، الرياض ، مكتبة الملك عبد العزيز العامة ، 1993.
أكاديمية المملكة المغربية : " المغرب في الدراسات الاستشراقية " ، وقائع الندوة السادسة للجنة القيم الروحية والفكرية ، مراكش (شوال 1413 هـ / أبريل 1993) ، الرباط ، أكاديمية اللملكة المغربية ، 1995.
حسن إدريس عزوزي : التجربة الأندلسية في الدراسات الاستشراقية ، عرض ومناقشة ، في ندوة : "الأندلس قرون من التقلبات والعطاءات " ، الرياض ، مكتبة الملك عبد العزيز العامة ، 1993.
سعد أبو الرضا محمد أبو الرضا : الدعوة والفن ومزاعم المستشرقين في عصر صدر الإسلام ، في "مؤتمر الأدب الإسلامي في خدمة الدعوة " ، القاهرة ، رابطة الجامعات الإسلامية بالاشتراك مع جامعة الأزهر، 1999 ، ص ص 282-392.
لمعي المطيعي : اليهود والفلسطينيون ، أرنولد توينبي ، في الندوة الدولية : " القدس : التاريخ والمستقبل" ، أسيوط ، مركز دراسات المستقبل ، جامعة أسيوط ، 1996 ، ص ص 135-144.
محمد حمدي زقزوق : الإعلام الإسلامي في مواجهة الاستشراق ، في ندوة الإعلام الإسلامي بين تحديات الواقع وطموحات المستقبل ، القاهرة ، مؤسسة إقرأ الخيرية بالتعاون مع مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر ، 1992 ، ص ص 301-329.
المنجي الكعبي : العربية ومشكل الوضع الاصطلاحي ، في ندوة الدراسة المصطلحية والعلوم الإسلامية، فاس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، 1993 ، ج 2.
الندوة العلمية عن الإسلام والمستشرقين ، الإسلام والمستشرقين ، مجموعة الأبحاث التي قدّمت للندوة العلمية عن الإسلام ، جدّة ، عالم المعرفة ، 1985.
مصادر إعداد القائمة البيبليوغرافية :
عبر الأنترنت :
موقع ثمرات المطابع
http://www.thama r at.com/
موقع مكتبة النيل والفرات
http://www.neelwafu r at.com/
موقع مكتبة أدب وفن
http://www.adabwafan.com/
موقع مركز المدينة المنورة لبحوث الاستشراق
http://www.mazen-cente صلى الله عليه وسلم 8m.com/
القائمة البيبليوغرافية لجامعة ميتشغان بالولايات المتحدة الأمريكية
http://www.lib.umich.edu/a r ea/Nea صلى الله عليه وسلم East/O r ientalism.html
ومواقع أخرى على الإنترنت.
المصادر الأخرى :
-فهارس المكتبة الوطنية ، الجزائر.
-فهارس مكتبة جامعة الجزائر .
-مكتبة الباحث الخاصة.
-فهارس مجلة المستقبل العربي ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية .
-ببليوغرافيا الوحدة العربية (1908-1980) ، المجلّد الثالث (الموضوعات)، القسم الأول، الطبعة الأولى، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، فبراير 1986م، ص ص 494-495.
============(25/368)
(25/369)
الإسلام و الغرب > الشكر لمراسل التلفزيون الكندي >
لكندا إذاعة موجهة باللغة العربية تبث على موجات إذاعة مونت كارلو أو قريباً منها، ولهذه الإذاعة برامج طريفة منها نقل تقارير المراسلين الصحافيين والتلفزيونيين. وقد نقلت قبل أيام تقرير مراسل التلفزيون الكندي نيل ماكدونالد عن الأوضاع في الأراضي العربية المحتلة في فلسطين فتعجبت صدق المعلومات التي أوردها التقرير وعمقها. وتعجبت أكثر أن تفوتنا الإشارة والإشادة بمثل هؤلاء المراسلين ومكافأتهم على جهودهم المتميزة في نشر الحقائق.
لقد ذكر المراسل في تقريره عن حقيقة المواطنة في إسرائيل والأراضي العربية المحتلة في فلسطين، وكيف أن ثمة ثلاث درجات للمواطنة إحداها للعرب المقيمين في فلسطين ولم يغادرها في حرب 1948م، ومواطنة مواطني الضفة الغربية، والمواطنة الثالثة الآن للمقيمين في أراضي الحكم الذاتي المحدود. وذكر أن الديموقراطية التي تتشدق بها إسرائيل تكذبها هذه الحقائق حول الحقوق المدنية والسياسية.
أما الحقائق الأخرى التي ذكرها فهي معاملة السلطات الإسرائيلية للمستوطنين أو المستعمرين اليهود؛ فيقول إن المستعمِر اليهودي إذا ما تعرض للرشق بالحجارة فخرج وأطلق الرصاص على الأطفال الفلسطينيين فقتل أحدهم وألقي القبض عليه، فإنه يتم التحقيق معه خلال يوم واحد وبعد ذلك يحكم عليه بالإقامة الجبرية. وليس الفلسطينيون وحدهم هم الذين يستخدمون الحجارة فإن المستعمرين (المستوطنين) اليهود يقومون أيضاً برشق الحجارة، ولكن إذا ما قام فلسطيني بقتل يهودي فإن عقوبته تختلف كثيراً عن العقوبة المقررة على اليهودي. والتساؤل أين الاتفاقات التي وقعت بين عرفات ونتنياهو التي نصت على إطلاق سراح عدد من السجناء الفلسطينيين، فما كان من نتنياهو إلا التبجح بأن إسرائيل لن تطلق سراح القتلة والمجرمين. ففي نظره أن الذي يقتل اليهودي مجرم سفّاح أما الذين يقتل الفلسطيني فلا يعد كذلك. ويذكر العارفون بالقانون اليهودي الإسرائيلي أن اليهودي يغرم شيكلاً واحداً أو مبلغاً تافهاً على قتله ولعلهم يغرمون من يقتل حيواناً أكثر من ذلك بكثير.
وأعود إلى المراسل الكندي فإنني أقترح أن يطلب من التلفزيون الكندي نسخة من التقرير الذي كتبه وتقوم وكالات الأنباء العربية أو الجهات الرسمية العربية بتبني طباعة هذا التقرير ونشره وتوزيعه على أوسع نطاق فلا تبقى محطة تلفاز عالمية أو محطة إذاعة حتى تحصل على نسخة من هذا التقرير في أكثر من لغة.
وهذا يذكرني أن المستشرق اليهودي الأمريكي برنارد لويس قدّم شهادته للجنة الشؤون الخارجية التي كان يرأسها جاكسون عام 1974م، فما كان من وزارة الخارجية الإسرائيلية إلاّ أن نشرت هذه الشهادة بعد تقديم الشهادة بأسبوعين في نشرة خاصة تصدر عن تلك الوزارة ووزعتها على نطاق واسع حتى إنني حصلت على نسخة منها من جامعة لندن عام 1988.
إن في الغرب من يكتب عنّا بإنصاف ويسعى إلى معرفة الحقيقة ويقولها رغم ما يتهدده في بلاده. فاليهود يحاربون كل من يكتب عنهم بإنصاف ويفضح جرائمهم وأعمالهم الدنيئة. وفي هذا المجال قام اليهود بالوقوف في وجه أحد الذين رشحوا لمنصب مهم في الحكومة الأمريكية، حيث نبش يهود تاريخه السياسي والعملي لمدة تزيد على عشرين سنّة وذكّروه بمواقفه غير المؤيدة لهم حتى أجبروه على الاعتذار والاعتذار المهين جداً حتى يمكن له أن يحصل على المنصب.
وثمة موقف قريب من موقف المراسل الكندي وهو الصحفي الإسرائيلي الذي كتب عن حكومة بلاده الإرهابية وكيف أنه يصاب بالرعب والهلع الشديد عندما يتذكر ما تفعله حكومته بالفلسطينيين. فقد كتب عبد الهادي أبو طالب (الشرق الأوسط 20رمضان 1419هـ) مقالة نقل فيها ما كتبه الكاتب اليهودي ايتان فيلنر Aitan Felne r المدير التنفيذي للمركز الإعلامي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة ونشر في جريدة اللومند الفرنسية يوم 11ديسمبر 1998م. إن مثل هذا المقال يجب أن نترجمه إلى كل اللغات الأوروبية وننشره في العالم أجمع ليكون شاهداً على أنهم هم الإرهابيون وأن العالم يجب أن يعرف الحقائق.
مرة أخرى شكراً لمراسل التلفزيون الكندي نيل ماكدونالد، وعلينا أن نبحث عن هؤلاء الذين يرون الحقيقة ويستطيعون أن ينشروها ونشجعهم بكل ما نستطيع من دعم مادي ومعنوي.
============(25/370)
(25/371)
الإسلام و الغرب > أوروبا والإسلام >
أوروبا والإسلام.
بقلم : يحي أبو زكريا
على الرغم من أنّ دولا أوروبية عديدة قد احتكّت بالعالم العربي و الإسلامي في فترة الحركة الاستعمارية والتي دامت في بعض البلدان أزيد من مائة عام, وعلى الرغم أيضا من أنّ هذه الدول قد جمعت تفاصيل الحياة الثقافية والسياسية و الاجتماعية و الأمنية و الجغرافية والحياتية وغيرها من المجالات عن العالم العربي والإسلامي - و لو أنّ هذه المعلومات المجموعة تدوّن لكانت الحصيلة مجلدات ربما تتطلب سنوات لقرائتها-رغم كل ذلك فانّ الدوائر الغربية تعيد تشريح خارطة العالم العربي والإسلامي و تدرس حتى الجزئيات التي لا تخطر على بال , وقد كلف بهذه المهمة الجديدة الانتيليجانسيا الغربية المتخصصة في قضايا الشرق ويساعدها في ذلك بعض الباحثين العرب الذين لا يشكل عندهم المبدأ قضية أساسية .
ومن جملة القضايا التي أعدت للتشريح الإسلام بكل مذاهبه ومدارسه, والحركات التي تتبنىّ مشروع الإسلام السياسي وتطرح البديل الإسلامي كنموذج للحكم . وليس الثورة الإيرانية هي وحدها التي نبهّت مراكز الدراسات في الغرب إلى ضرورة إعادة النظر في الإسلام السياسي , بل مجمل التحولات والتغيرّات التي حصلت في خارطتي العالم العربي والإسلامي , وبالإضافة إلى ذلك فانّ هناك وهما مركبّا بدأ يسيطر على الذهنية الغربية مفاده أن الإسلام عدو قادم , و أن الغرب انتهى من الخطر الأحمر ليواجه الخطر الأخضر,و قد زاد الأداء السياسي لبعض الحركات الإسلامية من تعميق هذه الذهنية , والتأكيد على أن الخطر الأخضر بات قاب قوسين من المنظومة الغربية في مختلف المجالات .
وقد زاد الفقه المزيّف المنتشر بين بعض الجاليات الإسلامية في تكريس النظرة التي جئنا على ذكرها، حيث إنّ بعض المسلمين في الغرب يلجاؤن إلى السرقة والسطو والاعتداء على حقوق الآخرين و الاتجار بالمخدرات على قاعدة -مال الكافر حلال على المسلم -.
و قد عملت وسائل إعلام جبّارة محسوبة على اللوبي اليهودي في ترسيم هذه المعادلة وخلق توجّه مفاده بان الحرب المقبلة ستكون بين الهلال والصليب وهي المكيدة الفخ التي وقع فيها أصحاب الهلال وأصحاب الصليب على حد سواء.و لأنّ الغرب لا يخطو خطوته قبل أن يحللّ كل حيثيات الظاهرة , فقد بدأت مراكز الدراسات والمعلوماتية في جمع تفاصيل التفاصيل, وقد روى أحد العاملين في أحد هذه المراكز كيف يتم دراسة ظاهرة المهدي المنتظر واحتمال حدوثها و مركز أخر يدرس ظاهرة الخلاف بين الجماعات الإسلامية في مصر,و محمد حسين فضل الله وما تثيره آراؤه في الوسط الشيعي خصوصا والإسلامي عموما ,ومركز أخر يدرس منحنيات الصراع في الجزائر واحتمال وصول الإسلاميين إلى السلطة في هذا البلد. أما نحن فكما قال شيخ الأزهر الأسبق محمد سليم البشري مازلنا نختلف حول غسل القدم ومسح القدم حتى لم يبق لنا في الأرض موطىء قدم
===========(25/372)
(25/373)
الإسلام و الغرب > إرادة التحدي في مواجهة عداء الغرب >
تحسن الإذاعات الغربية الموجهة استغلال الظروف التي تمر بها الأمة الإسلامية، فتعمل على استثارة الحكومات العربية الإسلامية ضد طائفة من أبنائها نذروا أنفسهم للإسلام يدعون إليه بأقوالهم وأفعالهم حتى إذا نزل بالأمة بلاء كالزلزال أو السيول والفيضانات، شمروا عن سواعدهم وعملوا كل ما في وسعهم للتخفيف من آثار هذه الظروف. وهؤلاء الدعاة في الأحوال العادية يقدمون الخير والمعروف عملا بأوامر الإسلام في هذا الشأن كقول صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر) وقول صلى الله عليه وسلم (والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع) وفي رواية (وهو يعلمه).
ولما حلت جيوش الاحتلال الأوروبية بالبلاد العربية الاسلامية تستعمر أراضيها وتغزو عقول بعض أبنائها قيض الله لهذه الأمة رجالا مخلصين من العلماء والدعاة حاربوا الاحتلال حتى طردوه شر طردة، ولكنه كان ماكراً خبيثاً لم يغادر البلاد حتى ترك فيها ماأسماهم الأستاذ محمد قطب المستعمرين السمر، فعاثوا بالبلاد خربوا اقتصادها، ونهبوا خيراتها، وأذلوا شعوبها، وافتعلوا الحروب هنا وهناك حتى أفقروا البلاد والعباد.
وتظهر من جديد الصحوة الاسلامية المباركة فتشترك في المجال الاقتصادي فالمال عصب الحياة، ولا بد للمسلمين أن يملكوا القوة التي يرهبون بها أعداء الله وأعداءهم. ويرى الغرب في الأزمات الاقتصادية الطاحنة بسبب التبذير وسوء التوزيع فيظن أنه لابد أن يقدم المساعدات الاقتصادية لاسكات صوت الصحوة الاسلامية، فيزعم أنه لابد من توفير المساكن والفرص الوظيفية لأن شباب الصحوة يعانون أكثر من غيرهم. فهل يقصد الغرب خيراً من هذه المساعدات؟
وليس هذا التوجه الغربي بالجديد فقد كانت الجزائر تعيش تحت الاحتلال الفرنسي وتعاني من الأزمت المالية والاقتصادية، وكان المحتلون يلوحون بين الحين والآخر بأنهم سيسهمون في حل المشكلة الاقتصادية، فما كان من الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله الاّ أن كتب يقول: "جهل قوم من ذوي السلطة هذا الخلق منا -ويقصد الصبر على الجوع والتقلل من الأكل - فحسبوا وهم عالمون بما فيه الأمة من جوع وفاقة أننا لا نريد الا الخبز، وأن الخبز عندنا هو كل شيء، وأننا اذا ملئت بطوننا مهدنا ظهورنا، وأنهم اذا أعطونا الخبز فقد أعطونا كل ما نطلب، اذ الخبز -في زعمهم - هو كل مانريد"0
نعم اإن المسلمين المسلمين يهمهم أن يتغلبوا على المصاعب الاقتصادية، ولكنهم يقدمون عليها عودة الاسلام ليحكم جميع مجالات حياتهم في العقيدة وفي العبادة وفي السياسة وفي الاقتصاد وفي الاجتماع. وهم غير مستعدين للتضحية بثوابتهم من أجل حفنة من المال أيا كان مصدرها.
وأختم بموقف مرت به مصر في أثناء حملة نابليون عليها حيث شعر المصريون بالتحدي لمواجهة جيش نابليون وما يملكه من أسلحة وعتاد ومدافع، فما كان من المصريين الاّ أن صنعوا السلاح خلال أيام، وكما يقول محمد جلال كشك في كتابه القيم (ودخلت الخيل الأزهر): "وبذل الأهالي ما في طوقهم لتأييد الثورة، وأتوا في هذه السبيل من الأعمال ما أدهش الفرنسيين، فقد أنشأوا في أربع وعشرين ساعة معملا للبارود في بيت قائد أغا بالخرنفش، وأنشأوا معملا لإصلاح الاسلحة والمدافع، ومعملا أخر لصنع القنابل000 وهكذا نرى أن مصر قد طرقت أبواب الصناعة من خلال قتالها ضد الاستعمار الغربي لا من خلال الرضوح له أو التعاون معه."
فهل نعي الدروس من الماضي والحاضر؟ اللهم ردنا الى دينك رداً جميلاً وارقنا معرفة الحق والعمل به
============(25/374)
(25/375)
الإسلام و الغرب > من يمزّق الصحيفة ومتى؟ >
نردد كثيراً قول الشاعر: إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم. فهل هذا هو حال الولايات المتحدة الأمريكية مع قضية العراق، حصار العراق، ضرب العراق، تأديب صدّام، تجريده من أسلحة الدمار الشامل، أطفال العراق ، شعب العراق، مسؤولون أمريكيون يجوبون أقطار العالم ليتحدثوا عن خطورة صدام حسين، وأن الحصار لابد أن يستمر وأن أي مال يدخل إلى العراق لا بد أن يذهب إلى صدّام فيشتري به السلاح ويعود إلى صناعة أسلحة الدمار الشامل. ويسمع المسؤولون الأمريكيون من يقول لهم إنّ وجهة نظركم قد تكون صحيحة لولا أنكم لا تريدون أن تسمعوا وجهات النظر الأخرى في الموضوع.
هل صحيح أن أمريكا لا تعرف أن ما يحدث اليوم في العراق من استمرار المقاطعة ثمانية أعوام كاملة إنما هو استمرار الوضع الراهن بأن يُحكِمَ صدّام قبضته على الشعب العراقي الذي يعاني من المقاطعة ما لم تعانيه لا اليابان ولا ألمانيا بعد هزيمتهما في الحرب العالمية الثانية، وكأن المقاطعة إنما هي خاصة بالشعوب العربية الإسلامية. وكأن مشاهدة معاناة الشعب العراقي وموت أطفاله وبيع المواطنين العراقيين أثاث منازلهم والبحث عن لقمة العيش إنما هو فيلم سينمائي يتسلى به الإعلام الغربي فيما تبثه له المحطات الفضائية الأمريكية.
ومن إيجابيات وجود مراكز البحوث والدراسات الأمريكية أنها تصدر بين الحين والآخر دراسات عميقة ومتزنة ومن ذلك الدراسة التي كتب عنها الأستاذ محمد صلاح الدين في هذه الصحيفة ( 9شوال 1419هـ) وصدرت في مجلة شؤون خارجية Fo r eign Affai r s بقلم ثلاثة من الباحثين الأمريكيين وطالبت الدراسة برفع العقوبات الاقتصادية عن العراق، وإلغاء حظر الطيران المفروض في شمال وجنوب العراق مقابل عودة عمليات التفتيش (ولكن أليست ثماني سنوات كافية لمعرفة كل شبر في العراق؟)
لقد سبقت الحكومة السعودية هذه المبادرة العلمية الأمريكية حين اقترحت رفع العقوبات الاقتصادية عن الشعب العراقي وكانت مبادرة إنسانية رائعة بحق يجب على العالم كله أن يسارع إلى تنفيذها برفع المعاناة عن شعب العراق. فهذه المعاناة لم تكن يوماً مقتصرة على الدواء والغذاء، فإن شعب العراق الذي يتجاوز تعداده العشرين مليوناً محروم من أن يكون له طائرات ومطارات وجامعات وكتب ومؤلفات والمواد المحظور إرسالها إلى العراق تشمل الأفلام والأوراق ودواء الأسبرين للأطفال ومواد تعقيم المياه والمعدات الطبية وغيرها ( د. وليد أحمد فتيحي ، المدينة المنورة 10رمضان 1419هـ.
إن العراق لمن كان له اطلاع على الحركة الثقافية قبل عشر سنوات كان يعيش انتعاشة فكرية ثقافية متميزة، وما زلت أذكر أن إحدى مكتبات المدينة المنورة كانت متخصصة في استيراد إنتاج الجامعات العراقية.
إننا لم نخسر العراق بموت أطفاله وموت شعبه والموت جوعاً فقط، ولكننا خسرنا بلداً عربياً كان يوماً ما ملء سمع العالم وبصره، البلد الذي كان مقر الخلافة العباسية، والعراق بلد عربي شقيق يرجى أن يكون في القريب العاجل نعم الأخ الشقيق والجار الذي يحترم الجيرة وأن يكون جنده دعماً للأمة العربية الإسلامية في مستقبل الأيام. وقبل ذلك أليس مما نؤمن به قوله تعالى )إنّما المؤمنون إخوة( وقول صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إن اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمّى والسهر).
وكان للصحافة السعودية دور مبارك في الحديث عن هذه المبادرة الخيرة وأهمية الإسراع في تنفيذها فقد كتب الدكتور وليد فتيحي نقلاً عن نشرة أمريكية: "إن الحظر الاقتصادي قد كوّن جيلاً جديداً، ورفع نسبة الإجرام بما فيهم الأطفال وزادت نسبة الدعارة والفساد. إن عزل الشعب العراقي عن العالم سيزيد من دعم النظام العراقي" ويضيف الدكتور فتيحي "بأن العالم سيدفع ثمن عقاب الشعب العراقي المنكوب."
وأختم بما كتبه الأستاذ محمد صلاح الدين (المدينة المنورة 8 شوال 1419)ـ): "ومن هنا تأتي الأهمية البالغة للمبادرة السعودية التي دعت لرفع هذه العقوبات مع إحكام القبضة على تصرفات النظام الحاكم.." فمن ينقض الصحيفة؟
===========(25/376)
(25/377)
الإسلام و الغرب > يطلبون السلام ويستعدون للحرب >
تهدف هذه المقالة إلى الدعوة إلى اليقظة والانتباه لما يقوم به اليهود في إسرائيل من نشاطات علمية، وعسكرية، وسياسية، واقتصادية، في الوقت الذي يزعمون فيه أنهم يطالبون بالسلام وأن أمنهم مهدد حتى إن اتفاقاتهم مع الفلسطينيين غالباً ما تتعرض للتجميد من قبلهم بحجة أن الطرف الآخر لم يقم بالمهمات الأمنية المطلوبة، أو بحجة الانتخابات السياسية أو غيرها من الحجج، وإن كان عدم وفاء يهود بالعهود أمر عرفه المسلمون من خلال كتاب ربهم عز وجل، ومن خلال التاريخ.
فهذه زيارة باراك الأخيرة إلى واشنطن تضمنت دعم قوة إسرائيل العسكرية بمزيد من الاتفاقيات للتعاون العسكري مع الولايات المتحدة، كما أنه من المتوقع أن تقوم ألمانيا بتسليم إسرائيل عدداً من الغواصات
وقد تناول هذا الموضوع الأستاذ محمد صلاح الدين الكاتب اليومي في صحيفة (المدينة المنورة، 10شوال 1419هـ) التي تصدر في جدة بالمملكة العربية السعودية حيث تحدث عن الكتاب الذي صدر مؤخراً في بريطانيا بعنوان: سكاكين ودبابات وصواريخ: ثورة إسرائيل الأمنية،عن معهد واشنطن لدراسة سياسات الشرق الأدنى الذي أسسه حزب الليكود في منتصف الثمانينات لتقديم الدراسات والبحوث لصانعي السياسة الأمريكية. مما يدل على النفوذ اليهودي القوي في دوائر السياسة الغربية والأمريكية بصفة خاصة.
وللدكتور عبد الوهاب المسيري نظرة أخرى في كتابه: الحمائم والصقور والنعام: دراسة في الإدراك والتحليل السياسي الصادر عام 1996م، حيث يتحدث في هذا الكتاب عن الدور الذي تقوم به دولة إسرائيل للغرب وأن التفوق العسكري الإسرائيلي إنما هو لخدمة أهداف الغرب الذي أراد أن تكون هذه الدولة في هذه المنطقة من العالم لما تحققه له من سيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم. ويقول في ذلك :" ولكن أهم وظائف الدولة الصهيونية على الإطلاق هو الوظيفة القتالية (لا التجارية أو المالية)، فعائد الدولة الوظيفية الأساسي عائد استراتيجي والسلع أو الخدمة الأساسية الشاملة التي تنتجها هي القتال: القتال في الدرجة الأولى"(ص122)
ويقدم الدكتور المسيري بعض الأدلة على ذلك من أقوال زعماء هذه الدولة فمن ذلك ما قاله ناحوم جولدمان عام 1947م " إن الدولة الصهيونية سوف تؤسس في فلسطين لا لاعتبارات دينية أو اقتصادية بل لأن فلسطين هي ملتقى الطرق بين أوروبا وأسيا وأفريقيا، ولأنها المركز الحقيقي للقوة السياسية العالمية والمركز العسكري الاستراتيجي للسيطرة على العالم."(ص123) أما المساعدات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية للدولة الصهيونية فهي أشبه بتكاليف حاملات الطائرات أو قريباً مما تدفعه أمريكا لمشاركتها في حلف الناتو وقواتها في أوروبا، بل إن الصهاينة يرون أن المبالغ التي تدفعها أمريكا أقل من الخدمة التي تقدمها الدولة العبرية.
مهما كان الأمر حول امتلاك إسرائيل القنابل الذرية والسلاح الاستراتيجي الذي تستمر الدول الغربية في دعمه وتقويته، فإن العالم الإسلامي مطلوب منه أن يدرك هذا الدور تماماً وأن لا يتوقف السعي لامتلاك القوة. أليس هذا ما يفسر الحرب العنيفة التي تشنها أمريكا والغرب عموماً حينما تبدأ أي قوة في المنطقة من الاقتراب من امتلاك السلاح؟ لقد انشغلت وسائل الإعلام العالمية زمناً بعد تجارب الهند النووية بالجهود الغربية بمنع باكستان من إجراء تجاربها النووية.
وأختم بقول الدكتور سامي حبيب ( المدينة المنورة 20شوال 1419هـ) "فهل ستظل أمريكا والغرب تلاحق دول المنطقة وإنزال جميع أنواع الخراب العسكري بها لمحاولة مجاراة غيرها في التسليح دفاعاً عن النفس …أم أن الأولى أن يطبق على إسرائيل ما يطبق على غيرها.." ولعل التقاء مصالح الغرب مع أهداف اليهود العقدية في زعمهم أن لهم الحق في إنشاء دولتهم هو الذي يجعل هذه المعادلة غير العادلة تستمر. هم يطلبون السلام ويتقوون بالسلاح ونحن نطلب السلام ولكن أين السلام
===========(25/378)
(25/379)
الإسلام و الغرب > الغرب تهديد للإسلام >
يتحدث المتحدثون ويكتب الكاتبون ويحاضر المحاضرون عن أن الإسلام ليس تهديداً للغرب. وكم عقدت من ندوة ومؤتمر للحديث عن التهديد الإسلامي (المزعوم) للغرب. وقد تنبه قسيس في معهد هارتفورد اللاهوتي بولاية كنديكت بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1990م إلى هذه المسألة بعد انهيار معظم أنظمة الحكم الشمولي الشيوعي في أوروبا الشرقية فكتب مقالة قصيرة يتساءل فيها عمن سيكون الشبح المخيف الجديد (الفزّاعة) التي سوف يتخذها الغرب بعد سقوط الشيوعية. وأشار إلى أن بعض الكتّاب وبخاصة من ذوي الأصول اليهودية جعلوا الإسلام هو التهديد الجديد للغرب، ومن هؤلاء كريس كروتهامر Ch r is K r authamme صلى الله عليه وسلم ولم يكتفوا بجعله خطراً على الغرب وحده فهو خطر عالمي أو كوني (Global)
وقد كتبت في هذا الأمر في جريدة المسلمون بعنوان (لماذا يخوفون الغرب بالإسلام؟) (المسلمون، 4جمادى الآخرة 1410هـ، 21ديسمبر 1990م) وكتبت أيضا بصحيفة سعودي جازيت (بالإنجليزية):" هل الإسلام تهديد للغرب؟" وكثرت المقالات بعد ذلك تتناول هذا الموضوع بصور شتى كما كثرت الندوات والمؤتمرات التي عقدت للبحث في هذه القضية. فمن المقالات ما كتبه فهمي هويدي حول "مخاوف الأمريكيين تجاه الظاهرة الإسلامية وما حدث من خطوات لإقصاء الإسلاميين عن السلطة حتى لو وصلوا إليها عن طريق انتخابات حرة نزيهة مهما كانت الوسائل. (المجلة 19/12/1993م) وما كتبه بعد ذلك عن الاتصالات بين فرنسا وألمانيا للتباحث في شأن الخطر الإسلامي (المجلة 27/3/1994م) ومقالته بعنوان: "12سبباً وراء مخاوف الغرب من الحالة الإسلامية" (المجلة 10/6/1994م). وهناك مقالة بعنوان: "حقيقة ما يقال عن خطر "القنبلة الإسلامية " كتبها علي إبراهيم (الشرق الأوسط 17/6/1992م)
وقد تعجبت وقتها لماذا يهتم عالم لاهوتي نصراني بالدفاع عن الإسلام أو الكتابة متعجباً من اتخاذ الإسلام شبحاً لإخافة الغرب. وقد ظل هذا السؤال يتردد في نفسي منذ تلك الأيام، ولا أزعم أنني وجدت الإجابة الشافية له، ولكنني أريد أن أقدم سؤالاً مقابل سؤال :إذا لم يكن الإسلام تهديداً للغرب فهل الغرب تهديد للإسلام؟
هل الحديث عن التهديد (المزعوم) للإسلام ذريعة لمنع أو إيقاف الحديث عن تهديد الغرب للإسلام؟ إن الغرب أو الشمال النصراني -كما كان يسميه محمود شاكر رحمه الله- لا يزيد تعداده عن عشرين في المئة من سكان الكرة الأرضية ويستهلك حوالي ثمانين بالمائة من مواردها وثرواتها. هذا الغرب هو الذي ينتج أكبر كمية من السلاح في العالم، ولا تقع حرب في أي بقعة من الأرض حتى تتداعى دول الغرب تبيع السلاح لهذا الطرف أو ذاك وتقف تتفرج على الفريقين وقد تساعد فريقاً على الفريق الآخر إما لإطالة أمد الحرب واستمرار الحاجة للسلاح الغربي أو لأهداف أخرى. وقد سمع العالم وعرف ما سمي بإيران جيت وكونترا جيت وغيرها من الجتات أو الفضائح حتى إن إحدى القنوات الفضائية أعدت برنامجاً اسمه فضائح القرن العشرين. ومن صاحب هذه الفضائح -غالباً- إن لم يكن الغرب؟
وبالرغم من أن الدول الإسلامية تمتلك مخزوناً كبيراً من الثروات الطبيعية وطاقات بشرية هائلة لكن الدول الغربية استطاعت أن تحقق نجاحاً اقتصادياً في استثمار الثروات الطبيعية التي تستوردها بأسعار تتدخل هي في وضعها وتعيد تصديرها إلى العالم كله بأسعار تحددها بنفسها. وهاهي الدول الاسكندنافية التي لا تملك سوى كثافة سكانية محدودة تحقق دخلاً من أعلى المداخيل في العالم حتى إن اسبانيا تحقق دخلاً يساوي مداخيل البلاد العربية مجتمعة، وإن فنلندا التي لا يزيد تعدادها على الخمسة ملايين تحقق دخلاً يزيد عن دخل عدد من الدول العربية.
وتأتي خطورة الغرب في الجانب السياسي فهو لا يرى أن العالم عرف نظاماً سياسياً على مر العصور أفضل من النظام الديمقراطي (رغم النقاش الداخلي حول حقيقة الديمقراطية وتحقيقها للعدل)- صرح بذلك المستشرق برنارد لويس قبل أكثر من خمسين سنة وجاء فوكوياما ليكرر الزعم نفسه - ولذلك فهو يسعى لنشر هذا النظام حتى إن جامعة جورج تاون في واشنطن العاصمة قد أنشأت مؤسسة بعنوان (مؤسسة الديموقراطية والتغيير السياسي في الشرق الأوسط) ورئيسها هو البرفسور دانيال برمبيرج ويعمل فيها ستيفن هايديمان. وتعقد هذه المؤسسة وغيرها من المؤسسات ومراكز البحث العلمي الندوات والمؤتمرات لتنظر في كيفية تصدير الديموقراطية إلى العالم كله. وقد جندت الأمم المتحدة - التي تعمل بإمرة الغرب- أكثر من عشرين ألف جندي للإشراف على الانتخابات في كبموديا- ولم تستمر تلك الديموقراطية إلاّ وقتاً قصيراً .(25/380)
ولئن كان خطر الغرب واضحاً في المجالات السياسية والاقتصادية فإنه أهم وأخطر في الجوانب الفكرية والثقافية؛ فقد كتب الأستاذ بكر بصفر قبل سنوات (المسلمون، 4شوال 1411 هـ)حينما كان الرئيس الأمريكي جورج بوش يبشر بالنظام العالمي الجديد قائلاً :" لا أدري أين يجد الحالمون بالنظام العالمي الجديد له أثراً وهم يشاهدون تفاقم هيمنة الغرب على العالم بأقماره الصناعية وبوكالات أنبائه وإذاعاته وبقية وسائل إعلامه التي يذيب بواسطتها ثقافات الشعوب ويهيئها للاندماج في المركزية الثقافية الغربية؟" ويقدم الأستاذ بصفر إحصائية لهذه السيطرة فيذكر أن أربع وكالات أنباء غربية تسيطر على 80% من جميع الأخبار التي تبثها وسائل الإعلام في العالم، ويسيطر الغرب على المواد الإعلامية الترفيهية والثقافية كما الأفلام والمسلسلات، فشركة (CBS)التلفزيونية الأمريكية توزع برامجها في 100 دولة بينما تعرض البرامج والأفلام التي تنتجها شركة ABC في 60% من تلفزيونات العالم". وقد اتحدت شركة سي إن إن CNNمع شركة التايمز لتصبح بحق إمبراطورية إخبارية. أما في المجال الإذاعي فتتحكم الدول الغربية في 90% من الموجات الإذاعية….(عن بكر بصفر)
ألا نخشى الغرب وقد أصبح منذ أكثر من مائتي عام مصدر العلوم المختلفة، فقد درس وما زال يدرس أعداد من أبناء هذه الأمة في جامعاته ومراكز بحوثه وهو الذي يعقد المؤتمرات للحديث عن أوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وعن أدبنا وعن الفلكلور وغير ذلك.
ليس المقصود بالحديث عن تهديد الغرب للإسلام والعالم أن يصيبنا الخوف والجبن والهلع من هذا الغرب فما كان المسلم ليخاف أحداً إلاّ الله كما علّمنا القرآن الكريم {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً} فمن هذا المنطلق لا يمكن للمسلم الحق مهما كانت قوة الغرب وجبروته وسطوته أن يخشاه. ولكننا نقول كفوا عن التخويف من ظاهرة عودة الأمة الإسلامية إلى دينها فقد كان الاحتلال الفرنسي في الجزائر يخوّف دائماً من ظاهرة الصحوة الإسلامية والعودة إلى الإسلام، ويتهم الذين يدعون إلى العودة إلى الإسلام بأنهم دعاة إلى ما يسمى (كراهية الأجنبي Xenophobia وكانت التقارير الأمنية لرجال الشرطة الفرنسيين تبدأ دائماً بالحديث عن الحركة الإصلاحية الإسلامية ومنها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين قبل أن تتحدث عن الحركات التي كان يطلق عليها النضالية أو التحررية وهي تنطلق من الفكر الغربي لأنها كانت تخشى الإسلام. وقد كتب ابن باديس - العالم الجزائري رحمه الله- قائلاً : "نهضنا نهضة لا يخشاها والله النصراني لنصرانيته ولا اليهودي ليهوديته ولكن يخشاها الظالم لظلمه والمغتصب …"
فالتهديد الحقيقي هو الصادر من الغرب الذي أسس الشركات المتعددة الجنسيات، وقدم الخبرات، وأنشأ مؤسسات الاستخبارات الضخمة جداً ذات الأيادي الطويلة وما خبر كتاب " لعبة الأمم" لمايلز كوبلاند عنّا ببعيد. ومن الأمثلة على ما تفعله بعض الشركات المتعددة الجنسيات في الشعوب الإسلامية بخاصة والشعوب الأسيوية والأفريقية بعامة ما كتبه خالد الحروب (الحياة في 26رجب 1417هـ) عن شركة شل وما حققته من أرباح من نشاطاتها البترولية في نيجيريا وبخاصة الواقعة في أراضي قبائل الأوغون .
كما تناول خالد الحروب ما حدث في كولومبيا من قبل شركة بريتش بتروليوم التي اكتشفت حقلاً نفطياً غنياً من أغنى حقول العالم ويقول حروب:" ثم … بدأ النهب وجاءت السياسة تبارك رأس المال فزار جون ميجور منشآت الشركة برفقة الرئيس الكولومبي عام 1992 والناس ينتظرون وعود الازدهار وخيرات النفط…" وكانت النتيجة أن أصبحت الشركة متعاونة مع قوات تلك الدولة لقمع العمال والشعب الكولومبي…"
وما زلت أذكر برنامج (الرأي الآخر) حول الشركات متعددة الجنسيات حيث كان أحد المتحدثين وهو النائب العمّالي البريطاني جورج جالاوي Geo r ge Galloway ينتقد الشركات المتعددة الجنسيات بأنها إذا دخلت بلداً عاثت باقتصاده وغيرت أنماط حياته وسلوكه الاجتماعي، وأصبح الغني أكثر غنى والفقير أكثر فقراً. والنتيجة النهائية أن تخرج هذه الشركات بأكبر قدر من الأرباح بينما لا يستفيد البلد المضيف الاستفادة الحقيقية. وبلغت الجرأة في هذه الشركات المتعددة الجنسيات أن تدخل بلداً ما فتضع علامتها على بعض البضائع المنتجة في تلك الدولة وترفع سعرها، و تزعم أن تلك السلعة هي الأفضل لأنها تحظى باسم تلك الشركة. والمثال على ذلك ما تفعله نستلة وكوكاكولا من تعبئة المياه في السعودية وفي مصر وتضعان اسميهما على تلك القوارير. فهل عجزنا عن تعبئة مياهنا تعبئة صحيحة. إنني شخصياً أرفض شراء تلك العبوات لأنني أرى أن اقتصاد بلادنا أولى بالمال من تلك الشركات العملاقة.
وأعترف أن مثل هذا الموضوع يحتاج إلى بحث أكاديمي موسع ولكني سأقدم فيما يأتي ملخصاً لبعض المقالات التي نشرت في بعض الصحف والمجلات العربية حول هذا الموضوع ويؤيد أن الغرب هو التهديد الحقيقي للإسلام وللعالم أجمع .(25/381)
ففي مجال الثقافة والفن كتبت مجلة الشرق الأوسط (27مايو -2يونيو1992م) عن الإنتاج السينمائي المشترك تحت عنوان (من يدفع لمن في الإنتاج المشترك؟). وهو الذي تقوم فيه مؤسسات غربية وبخاصة الفرنسية بدفع مبالغ لإنتاج أفلام بين بلدين وقد ظهرت مجموعة من الأفلام في مصر وتونس والجزائر والمغرب ولبنان بتمويل فرنسي. وجاء في المقال -وهو غني عن التعليق- ما يأتي :" واجه [الإنتاج المشترك] بهجوم شديد وصل في بعض الأحيان إلى اتهام المخرج بالعمالة والخيانة على المستوى الثقافي والخضوع للأفكار المغرضة التي يفرضها الطرف الفرنسي(القوي) على الطرف العربي الضعيف والمضطر لقبول شروط الممول.."
وقد ذكر المقال مثال فيلم (وداعاً بونابرت) الذي كان النقد الموجه إليه أنه "تحريف للتاريخ الحقيقي لحملة نابليون والمقاومة التي قابلتها من جانب المصريين لحساب إبراز الدور "الحضاري" الفرنسي المزعوم"
ومن الخطر الأوروبي الحقيقي ما حدث للمسلمين في البوسنة وفي الشيشان. ففي الوقت الذي كان الصرب ومن معهم من شعوب أوروبا -بدعم صريح وواضح - يرتكبون المجازر التي راح ضحيتها مئات الألوف من المسلمين يتداعى العالم كله لاستنكار مقتل عدد من اليهود في فلسطين. وقد ظهر في الأوروبيين من يعترض على ما فعله الغرب بهذا كاتب بريطاني قد أصدر كتاباً بعنوان(الجيب الآمن :سربيرينتسا: أبشع مذبحة عرفتها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية) وفي هذا الكتاب يوضح حجم المجازر التي ارتكبت من قبل الصرب وسكوت الغرب بل ومعونته للمجرمين (الشرق الأوسط ، 7/9/1997م)
وفي الشيشان كانت الطائرات الروسية تقصف جروزني بعنف ووحشية بينما أموال صندوق النقد الدولي تتدفق على روسيا بآلاف الملايين من الدولارات. وكل ذلك حتى لا ينال الشيشان استقلالهم بينما وقف الغرب كله خلف أستونيا ولاتفيا وليثوانيا حتى نالت استقلالها.
وللغرب خطر كبير منذ امتيازات القناصل في الدولة العثمانية التي كانت تقوم بحماية عدد من أيناء الدولة العثمانية حتى إن العلماء في المغرب أصدروا فتوى بأن الذي يقبل الحماية الأجنبية (يرضى بالقوانين الغربية ويرفض الشريعة الإسلامية، أفتوا بكفره) وقد استمر هذا النفوذ في صور أخرى ومنها إنشاء مراكز البحوث والمعاهد الأجنبية في العالم الإسلامي ومن هذه المراكز-على سبيل المثال- مركز ابن خلدون الإنمائي - الذي كتب عنه الدكتور محمد عبد العليم مرسي قائلاً:" وهناك صنف من الباحثين العرب يضعون أنفسهم في خدمة هذه المراكز ويؤدون لها دور حصان طروادة، عن جهل وسذاجة حيناً، وعن قصد وسوء نية بل عمالة مكشوفة أحياناً أخرى.."(المسلمون 9ذو الحجة 1414هـ)وقد دعا معهد الولايات المتحدة للسلام مدير هذا المركز ليعد بحثاً حول "الأصولية" الإسلامية، وقد كنت في زيارة لهذا المعهد فذكرت لهم كيف تتوقعون دراسة موضوعية من باحث متحيز ومتعصب ضد كل ما هو إسلامي. إن أردتم أن تعرفوا الحركات الإسلامية حقيقة فلديكم باحثون معتدلون كثر في العالم الإسلامي.
وأختم بخبر أوردته وكالات الأنباء وفيه أن الاتحاد الأوروبي قد قرر في آخر اجتماعاته في لكسمورج عدم الموافقة على طلب تركيا الانضمام للاتحاد الأوروبي. فهذه تركيا تحاول منذ سبعين سنة الانضمام لأوروبا ولكن يبدو أن المجموعة الأوروبية لا تريد تركيا، وأن على تركيا أن تتجه إلى الشرق أي إلى العالم الإسلامي وأن تركيا مهما حاولت عليها أن تعرف هويتها الحقيقية. وقد كان رد الفعل التركي قوياً ونرجو أن يتخذوا الخطوات العملية للاتجاه إلى العالم الإسلامي فهم منه وإليه. والحقيقة أن هذه الخطوات قد بدأت في عهد رئيس الوزارء- مدة قصيرة- نجم الدين أربكان حيث كوّن منظمة الدول الإسلامية الكبرى الثمان، وبدأ يتجه شرقاً ومن المؤمل أن الحكومة الحالية (عام 2004م) برئاسة رجب أردوغان ستواصل هذا الخط، ومع ذلك فهي مصر على الالتحاق بالاتحاد الأوروبي ولعل لهم أهدافاً يريدون تحقيقها من هذا الاتحاد فإن كان ذلك في صالح الإسلام والمسلمين فنسأل الله أن يوفقهم في ذلك.{والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
=======(25/382)
(25/383)
الإسلام و الغرب > السينما الأمريكية تعادي المسلمين >
لا تفتأ السينما الأمريكية تقدم الفيلم تلو الفيلم لذي يقدم صورة مشوهة للعرب والمسلمين، ونحن نلجأ في كثير من الأحيان إلى الاحتجاج والاعتراض على هذه الأفلام، وإن كان الجهد المقابل في إنتاج أفلام تقدم تصويراً جيداً للعرب والمسلمين ما زال محدوداً، ولكنه يبشر بخير ويحتاج إلى كثير من الدعم والتشجيع وبخاصة من أصحاب رؤوس الأموال العربية الذين وسّع الله عليهم في الرزق.
وقبل أشهر أعلن عن عرض فيلم (الحصار) فقامت قناة (اقرأ) الفضائية بتقديم حلقة متميزة حلقة في برنامجها الناجح (مدارات الأحداث) بعنوان : (هوليوود .. وصورة العرب والمسلمين) يوم الخميس 23رجب 1419هـ. وقد بذل المعدّان للبرنامج الدكتور عبد القادر طاش(مقدم البرنامج أيضاً)، والأستاذ عبد العزيز قاسم جهداً واضحاً في إعداد محاور البرنامج، فهذه المحاور تحتاج إلى عدة حلقات أو سلسلة من الندوات.
وقد تضمن البرنامج حوارات مع كل من الأستاذ صلاح الدين الحافظ نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام، الذي تحدث عن التشويه المتعمد في الإعلام الغربي لصورة العرب والمسلمين. وتحدث الناقد السينمائي الأستاذ أحمد بهجت عن تاريخ هوليود في تشويه صورة الإسلام والمسلمين، وقد اختلف الدكتور أسامة قفاش عن سابقيه بأن أشار إلى أننا يجب أن نبحث أيضاً في إيجابيات الفيلم رغم طغيان السلبيات على الفيلم. أما المخرج السينمائي العالمي الأستاذ صلاح العقاد فقد سأله الدكتور عبد القادر طاش عن مشروعاته لمواجهة هذه الصورة فذكر من ذلك عزمه منذ سنوات على تقديم فيلم عن البطل صلاح الدين الأيوبي، ولكنه يواجه دائماً عزوفاً من أثرياء العالم العربي عن تمويل مثل هذا الفيلم.
ولدى سؤاله عن مشروع مدينة عربية للسينما ذكر أن الهدف الأساس من إنشاء هذه المدينة - وقد ذكر أنه لا يريد تسميتها مدينة حتى لا يتخوف البعض من ذلك- هو هدف اقتصادي في المقام الأول، وذكر أنه حينما أنتج فيلم الرسالة وفيلم عمر المختار اضطر إلى استئجار الكثير من الأدوات والمعدات كما أن الديكورات التي صنعها في أماكن مستأجرة اضطر إلى هدمها بعد انتهاء تصوير الفيلم، ولو كان يملك المكان الذي صنع فيه تلك الديكورات لاستطاع أن يخرج عدداً من الأفلام بتكلفة أقل. ولكن أحد المشاركين في البرنامج من الأستوديو أشار إلى أن امتلاك العرب لمكان للإنتاج السينمائي يمكنهم من التحكم في نوعية الأفلام التي تنتج، فيمكننا أن ننافس هوليوود بإنتاج أفلام تتميز بتمسكها بالقيم والأخلاق الإسلامية وتبتعد عن الرذيلة والعنف والجنس التي تتميز بها أفلام هوليوود.
وتضمن البرنامج لقاءً مطولاً مع الأستاذ نهاد عوض من المجلس الأمريكي الإسلامي، وما قام به المجلس منذ أن عرف عن تصوير الفيلم ومحاولاته التدخل لإجراء بعض التعديلات على السيناريو، لإبعاد كل ما يمكن أن يكون فيه تشويه لصورة العرب والمسلمين وتكريس الصورة النمطية للعربي المسلم، ولكن الشركة المنتجة للفيلم أبت الاستجابة. وهنا بدأ المجلس في خطة محكمة لمقاومة التشويه الذي يمكن أن يحدثه الفيلم بتوزيع نشرات تحمل معلومات عن الإسلام والمسلمين وما احتواه الفيلم من تشويه كما قدمت الدعوات للأمريكيين لزيارة المساجد والمراكز الإسلامية للتعرف على المسلمين عن قرب وأنهم ليسوا كما يصورهم الفيلم.
ولهذه الخطة أصل في الدعوة الإسلامية فإنه يعجبني أن أذكر ما قاله جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه للنجاشي حينما سأله عن الإسلام فقال (كنّا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف. فكنّا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منّا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنّا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات …وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام...." فهل نزيل جهل الأمريكيين بالإسلام بمثل هذه الرسالة الواضحة، وكذلك من خلال السلوك الإسلامي الذي كان له الأثر الكبير في إقبال شعوب بأكملها للدخول في الإسلام.
وهنا أود أن أشيد بالسيدة أودري شبّاز Aud r ey Shappaz التي تعمل في مؤسسة قامت بتأسيسها في منطقة سان فرانسسكو لتدريب أساتذة العلوم الاجتماعية في المدارس المتوسطة والثانوية في طرق تدريس هذه المواد فيما يخص العالم العربي والإسلامي. وقد عقدت العديد من الدورات كما قامت بعمل رحلات تثقيفية لهؤلاء إلى منطقة (دار الإسلام) في ولاية نيومكسيكو.(25/384)
كما أود الإشارة إلى الجهود التي تبذلها اللجنة العربية الأمريكية لمكافحة التمييز التي تستحق منّا كل الدعم والمساندة لما تقوم به من دور إيجابي في الدفاع عن قضايا العرب الأمريكيين، وليتها لا تختص بالعرب وحدهم فالمسلمون من العرب هم الأكثرية وليت بعض الجمعيات الإسلامية هناك تشارك أكثر في نشاطات هذه اللجنة، وقد أكد لي هذا الغياب أحد مسؤولي المجلس الإسلامي الأمريكي وكنت أود لو ذكر لي الأسباب وهل يسعون إلى التغلب عليها.
وقد ظهرت العديد من الكتابات حول فيلم الحصار، وقد أعجبني ما كتبه الأستاذ سليمان الهتلان (الرياض 12شعبان 1419هـ) حيث انتقد بعض ردود الأفعال العربية على الفيلم دون معرفة الفيلم ومشاهدته وتفهم "ثقافة هوليوود المعقدة"، وأشار إلى أن الاحتجاجات العربية أسهمت في أن كسب الفيلم مزيداً من الأضواء الإعلامية التي يبحث عنها أي منتج سينمائي. ولكنه ذكر في ختام مقالته بعض الاقتراحات للرد على مثل هذه الأفلام حيث يقول: " والسبيل الوحيد لتجميل الوجه العربي يأتي أولاً عبر تصحيح أوضاع العرب والمسلمين أنفسهم، بالمساهمة الفاعلة في الإنتاج الأكاديمي والفكري والفني بدلاً من تسخير كل الجهود من اجل ردود أفعال عاطفية ومتسرعة ومتشنجة أحياناً من غير قراءة واعية وقدرة علمية على فهم وتحليل الواقع الثقافي والاجتماعي لبلد كبير كالولايات المتحدة…"
كما أود الإشارة إلى ما نقلته صحيفة الشرق الأوسط( 24رجب 1419هـ) عن الكاتبة شارون واكسمان من صحيفة هيرالد تريبيون بأنه لو كان سيناريو الفيلم مختلفاً بأن كان الإرهابيون "يهوداً" أو "نصارى" يمكن،- قبل كل شيء- أن تقوم هوليوود بتصويرهم على هذا النحو؟" وتساءل كاتب الشرق الأوسط: لماذا اقتصرت ردود أفعال المنظمات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة على هذا النوع من التشويه النمطي المنظم للشخصية العربية والإسلامية على التظاهرات والاحتجاجات؟ لماذا لم تلجأ هذه المنظمات إلى القضاء كما تفعل المنظمات اليهودية إزاء ما كان يظهر من إساءات لليهود اعتمدت أسلوب الصورة النمطية الذي أطلقت عليه مصطلح نزعة معاداة السامية؟
ولعل الوقت مازال مبكراً للبدء في إجراءات من هذا القبيل من المنظمات العربية الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية. وهل السؤال الذي يمكن أن نقدمه هو ما دور الفرد المسلم العربي العادي في الولايات المتحدة من مثل هذه الأفلام التي لا بد ستنعكس على تعامل الآخرين معه؟ لماذا لا يمسك بالقلم أو الهاتف أو بالبريد الإلكتروني فيبعث برسالة احتجاج إلى المسؤولين عن إنتاج هذا الفيلم؟ وأيضاً أليست الدول العربية الإسلامية معنية بمثل هذا الفيلم فتقدم الدعم والمساندة للمؤسسات الإسلامية التي تعمل في الولايات المتحدة؟ ألا يمكن أن تبعث سفارات الدول العربية والإسلامية التي يزيد عددها على خمسين سفارة برسائل احتجاج لشركة (فوكس القرن العشرين)؟
ومن الذين كتبوا عن فيلم الحصار الدكتور سامي حبيب في مقالته الأسبوعية بهذه الجريدة (9شعبان 1419هـ)، وقدم بعض الاقتراحات العملية ومنها التوعية العالمية المضادة من خلال افتتاح موقع في الإنترنت لتفنيد مفتريات الفيلم، وثانياً المقاطعة الاقتصادية للشركة المنتجة لهذا الفيلم، وثالثاً رفع دعوى قضائية ضد منتجي الفيلم.
وهذه الاقتراحات يمكن أن نقول بأنها الرد على المدى القصير، ولكننا نحتاج إلى التخطيط للمدى الطويل، ومن ذلك أننا بحاجة لفهم العقلية الغربية التي أنتجت هذا الفيلم ولا يتم ذلك إلاّ من خلال افتتاح أقسام للدراسات الأوروبية والأمريكية بحيث ندرس الغرب (عموماً) من النواحي العقدية والتاريخية والاجتماعية والسياسية وندرسهم من خلال الدراسة الإقليمية أو دراسة المناطق بحيث نستطيع قادرين على فهمهم فهماً صحيحاً.
كما أننا بحاجة إلى تطوير صناعة السينما العربية الإسلامية، فنركز على الموضوعات التي تبرز مبادئ الإسلام وقيمه وأخلاقه وتراثه وأعلامه. هل يكفي أن يعرف العالم عمر المختار رحمه الله تعالى من خلال فيلم واحد ونحن الذين يزخر تاريخنا بالعظماء والأبطال؟ ولعل شبكة الإنترنت تتيح لنا من الفرص ما لم يتح لنا من قبل في وسائل الإعلام الأخرى فلا يتأخر المسلمون عن استخدام هذه الوسيلة في الكتابة في كل الموضوعات، فلا يكفي أن يكون للمسلمين حديث عن الإسلام في المواقع التي تضم كلمة إسلام فإننا مطالبون أن تكون لنا مواقع في السينما، وفي علم الاجتماع، وفي كل جوانب الحياة فأين السينما العربية الإسلامية؟ وأين مواقعنا على الإنترنت
===========(25/385)
(25/386)
الإسلام و الغرب > أهكذا يكون رد الجميل يا فرنسا؟! >
يقولون لماذا تستعدون الغرب على الإسلام، ما هذه الكتابات التي لا هم لها إلاّ الحديث عن عداء الغرب للإسلام والمسلمين؟ ونسأل هؤلاء هل يقرؤون الصحف الغربية؟ هل يتابعون قضايا المسلمين في العالم الغربي؟ فإذا كانوا لا يقرأون الصحف الغربية، ولا يعرفون كيف يعامل المسلمون في العالم الغربي فها هي مقالة الأستاذ فهمي هويدي في مجلة المجلة (العدد 791في9-15/4/1995م) تتناول موضوع الإسلام والمسلمين في فرنسا، وقد أوضع فيها مدى العنت والمشقة والحقد التي يواجهه المسلمون في هذا البلد الأوروبي المتحضر المتقدم.
وفيما يأتي إيجاز لبعض ما ذكره الأستاذ فهمي هويدي:
المسكين عمر: قٌتِلَت امرأة فرنسية ووجدت الشرطة على جدار حديقة بيتها اسم عمر مكتوباً بالدم، فعدت هذا دليلاً على ارتكابه للجريمة، ولم تجد دليلاً سوى ذلك. وضرب القضاء الفرنسي عرض الحائط بكل معايير الحق والعدل وحقوق الإنسان فأدان عمر. ولكنه لم يدنه إلاّ لأنه مسلم. وليس عمر وحده المظلوم في سجون الغرب؛ فقد سبقه سيد نصير، وسرحان بشارة سرحان وآخرون كثيرون وبخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر واستصدار الحكومة الأمريكية القوانين المختلفة التي جعلتها أشبه بدولة من دول العالم الثالث في فزعها الأمني. ومع ذلك فكم في شوارع الغرب من قتلة أُطْلِق سراحهم لأنهم غير مسلمين وغير عرب، ولأن العدل ليس للجميع عند القوم فسيرون مزيداً من القتل والجريمة.
الحجاب والمدارس الإسلامية
وتلك قضية عجيبة حجاب امرأة أو اثنتين أو ثلاثة أو ثلاثة آلاف يهدد مجتمع فرنسا. ألا يهدد حجاب الراهبات النصرانيات فرنسا أيضا؟ ما ذا لو استيقظت فرنسا يوماً فوجدت أن كل المسلمات في فرنسا قد تحجبن وبخاصة اللاتي يتمتعن بالحصانة الدبلوماسية، فهل ستطردهن جميعاً؟ ماذا لو امتنعت كل البعثات الدبلوماسية عن المشاركة في المظاهر غير الإسلامية التي تشهدها فرنسا؟ هل سيطرد الفرنسيون كل هؤلاء؟
أما المدارس فكيف تسمح فرنسا لنفسها أن تأخذ من المسلمين المقيمين فيها إقامة شرعية الضرائب ثم لا تسمح لهم بإقامة مدارس خاصة لأبنائهم في حين أنها تسمح بفتح مدارس لأبناء اليهود والكاثوليك؟ فأي عدل هذا ؟ وأي مساواة هذه؟
إن فرنسا التي تقف هذا الموقف تنسى أو تتناسى أو تتجاهل أنها احتلت الجزائر حوالي مئة وثلاثين سنة، واحتلت تونس نيفا وسبعين سنة، والمغرب قريبا من خمسين سنة، بالإضافة إلى احتلالها كثير من البلاد المسلمة في أفريقيا. فكم فرنسي أقام في هذه البلاد؟ كم عدد الملايين الفرنسيين أو الأوروبيين الذين أقاموا في هذه البلاد نعموا بخيراتها، وعلموا أبناءهم في هذه البلاد وبأموال المسلمين، حتى إذا عمل الفرنسي في وظيفة مماثلة لوظيفة يعمل فيها ابن البلد المحتل نال الفرنسي مكافئة التغرب التي تصل إلى خمسة وعشرين في المئة.
ولما احتاجت فرنسا إلى اليد العاملة المسلمة، وإلى المقاتلين المسلمين فكم مليون مسلم خدموا في فرنسا يشغلون مصانعها ويديرون أعمالها، وكم مليون مسلم حمل السلاح للدفاع عن حدود فرنسا(وشرف فرنسا)؟
ولمّا حصلت البلاد الإسلامية على الاستقلال كم من الملايين أنفقها المسلمون لشراء البضائع الفرنسية التي أخذت خاماتها من البلاد الإسلامية؟ هل يخلو بلد مسلم من الأسلحة الفرنسية، أو السيارات الفرنسية، أو الملابس الفرنسية، أو العطور الفرنسية. ومتى خلت شوارع مدن فرنسا وبخاصة شاطئها اللازوردي من السائحين العرب المسلمين الذين ينفقون بسخاء؟ أو المقيمين هناك بأموال أمتهم؟
أهكذا يكون رد الجميل يا فرنسا؟ أبناء المسلمين فتحت لهم فرنسا عشرات المدارس مثل (الليسيه، والجوزويت، وغيرهما) ليتعلموا بالفرنسية، ويرطنوا بالفرنسية وينسوا لغة آبائهم وأجدادهم، وقبل ذلك لغة قرآنهم ودينهم، وردد هؤلاء التلاميذ مع أساتذتهم: (بلادي هي بلاد الغال، والغال أجدادي) وعرفوا عن الثورة الفرنسية اكثر مما عرفوا عن سيرة الرسو صلى الله عليه وسلم . ودرّست بعض جامعاتنا باللغة الفرنسية، وافتتحت قبل سنوات جامعة سنجور لتكون الدراسة فيها بالفرنسية. أهكذا يكون رد الجميل يا فرنسا؟
ورغم أن نداء الأستاذ فهمي هويدي (لماذا يقف العالم الإسلامي متفرجاً وساكتاً على ما يحدث للمسلمين في فرنسا؟) يحتاج إلى من يستجيب له وبسرعة، لكننا نرى أيضا مع التحقيق والمقابلات التي أجرتها "المسلمون" (العدد 532 في 14/11/1415هـ)، أن الإسلام سيثبت جذوره في فرنسا أكثر فأكثر تصديقاً لموعود الله عز وجل الذي جاء في حديث صلى الله عليه وسلم بأنه لن يبقى بيت حجر ولا مذر إلاّ وفيه شيء من لا إله إلاّ الله. فسيبقى الإسلام في فرنسا بإذن الله، ويزداد عدد المسلمين، وسينالون حقوقهم رضي من رضي كره من كره.( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)
============(25/387)
(25/388)
الإسلام و الغرب > الغرب يخوض حرباً ضد عدو اسمه الإسلام بعد أن قضى على الشيوعية >
الغرب يخوض حرباً ضد عدو اسمه الإسلام بعد أن قضى على الشيوعية(*)
عمر نجيب
حتى نهاية عقد الثمانينيات كان العدو الرئيسي المعلن للغرب هو النظام الشيوعي والقومية العربية، وفي الدول التي اتبعت الشيوعية مذهباً للحكم كانت الرأسمالية هي الخصم الأساسي، بينما اعتبرت القومية العربية فكراً رجعياً لا يتناسب مع العصر. وقد حارب الغرب بشراسة الشيوعية والقومية العربية فلم ينجح في إضعاف الأولى حتى جاء غورباتشوف إلى السلطة في الكرملين، بينما استطاع إضعاف الثانية على مراحل بعد تفكيك الوحدة السورية المصرية، ثم نكسة 1967م وما تبعها من تكريس الجهود والتآمر من أجل اختلاق الخلافات بين الأقطار العربية، واصطناع النزاعات بين حكامها، واستبعاد كل فرص التكامل الاقتصادي بينها. ولكن هذه المعطيات تبدلت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ومعه كل المنظومة الاشتراكية في شرق أوربا، ولم يعد الغرب حتى ينظر إلى العملاق الصيني على أنه تهديد من منطلق أيديولوجي بل من منطلق قومي، كما قدر أنه قد نجح في إضعاف الفكر القومي العربي على الساحة بشكل شبه كامل، غير أن المخططين لديه يحذرون من إمكانية إحيائه إذا توفرت ظروف ملائمة.ه
والآن والعالم على أبواب الألفية الثالثة برز عدو جديد للقوى العالمية المصنفة في الصفوف الأولى وهذا العدو هو الإسلام، أو كما يقال في بعض الأوساط بالتطرف الإسلامي.ه
تحد مرعب:
يوم الخميس 30 أيلول (سبتمبر) 1999م قال كاردينال بول بوبارد أحد المقربين من البابا يوحنا بولس الثاني: "إن الإسلام يشكل تحدياً مرعباً بالنسبة للغرب، ومشكلاً خطيراً بالنسبة للأمل المسيحي"، معترفاً في الوقت ذاته بأن "لا علاقة للإسلام بالتطرف الإسلامي".ه
وأوضح بوبارد وهو رئيس "المجلس الحبري للثقافة" في حوار أجرته معه صحيفة (لوفيغارو): "أن هذا التحدي يتمثل في كون الإسلام ديناً وثقافة ومجتمعاً ونمطاً للعيش والتفكير والممارسة" مشيراً إلى "أنه أمر حاصل وإلى أن الواقع برهن على أن الإسلام لم يتغير".ه
وأضاف: "أن العديد من المسيحيين الأوربيين وأمام تزايد ضغط المجتمع ونمط العيش وعوامل داخلية أخرى يأملون في تهميش الكنيسة وينسون الصوم الكبير وعذاب النار ويهتمون في المقابل بل وينبهرون برمضان..".ه
ودعا الكاردينال الذي قال إنه لا يخشى أن تستغل تصريحاته هذه من طرف الخصوم "إلى الوعي أكثر بالحضور المتزايد للإسلام في القارة الأوربية التي أضحت الحدود فيها هشة وأكثر نفاذية".هو في تعليقه على الحوار الإسلامي المسيحي أوضح أنه "بصفته رئيس المجلس الحبري للثقافة كان له مؤخراً شرف التلبية لدعوتين من المغرب وتونس والدخول في حوار صريح مع محاوريه بهذين البلدين".ه
وخلص الكاردينال بوبارد الذي صدر له مؤخراً كتاب بعنوان "المسيحية في أفق الألفية الثالثة" إلى أن "الحوار ضروري بالنسبة للجميع ومن شأنه المساهمة في إسقاط الأحكام المسبقة".ه
بعد ذلك ويوم الأربعاء 13 أكتوبر 1999م حذر أسقف أزمير الكاثوليكي المونسينيور جوزيبي برنارديني من مخاطر "فتح إسلامي جديد" لأوربا وذلك في مداخلة ألقاها أمام مجمع أساقفة في الفاتيكان حول أوربا نشرت في روما.هوعدد الأسقف الإيطالي الأصل أمام الحبر الأعظم والأساقفة الآخرين في المجمع سلسلة مراحل تؤكد برأيه العزم على إعادة فتح أوربا.هوقال إن العالم الإسلامي سبق أن بدأ يبسط "سيطرته" بفضل دولارات النفط، وأضاف إن "هذه الدولارات لا تستخدم لخلق فرص عمل في الدول الفقيرة في أفريقيا الشمالية أو في الشرق الأوسط بل لبناء مساجد ومراكز ثقافية للمسلمين المهاجرين إلى دول مسيحية بما في ذلك روما عاصمة المسيحية".هوتساءل: "كيف يمكننا أن لا نرى في كل ذلك برنامجاً واضحاً للتوسع والفتح الجديد؟".ه
وأكد الأسقف برنارديني أن "كلمات الحوار والعدل والمعاملة بالمثل أو مفاهيم مثل حقوق الإنسان والديموقراطية تتضمن في الإسلام معاني تختلف تماماً عن مفهومنا لها".هوأضاف إن ذلك قد يجعل من الحوار بين المسيحيين والمسلمين "حوار طرشان".هوتابع إن "الجميع يدرك أنه يجب التمييز بين الأقلية المتعصبة والأكثرية الهادئة والمعتدلة، لكن علينا ألا ننسى بأن الأكثرية ستقف وقفة الرجل الواحد وستستجيب دون تردد لأوامر تصدر باسم الله أو القرآن".ه
وطلب برنارديني من البابا السماح بتنظيم ندوة تكلف بـ "دراسة مشكلة المهاجرين المسلمين في الدول المسيحية بعمق، وإيجاد استراتيجية مشتركة للبحث فيها وتسويتها بطريقة مسيحية وموضوعية".هوأكد أسقف تورنتو الإيطالي المونسينيور لويدج بابا خلال مؤتمر صحافي حول المجمع أن الكثير من الكاثوليك يشاطرون رأي برنارديني وأنه من الضروري أن تطلق الكنيسة حواراً.ه(25/389)
يوم الأحد 26 سبتمبر 1999م وجه رئيس الجبهة الوطنية اليمينية في فرنسا جون ماري لوبن في كلمة بمناسبة استئنافه النشاط السياسي تحذيراً من الإسلام، وأعلن أن حزبه سيعقد مؤتمراً في "ربيع العام ألفين". وقال لوبن إن "الغالبية العظمى من المسلمين في فرنسا تجهل الاندماج أو ترفضه، وأنها تتأثر ربما بنفوذ بعض الدول أو الحركات الأجنبية التي نعرف أنها لا تتردد في القيام بعمل إرهابي أو سلوك وحشي".وأضاف رئيس الجبهة الوطنية "الأمر لا يتعلق بمنع تحرك هؤلاء الرجال بل بمراقبتهم لمنع الاستيطان الديموغرافي: كل شعب في بلده وكل دين في دائرته الجغرافية".ه
ويواجه لوبن داخل قيادة حركته نزاعاً بين تيار يدعو إلى إطلاق حملة جديدة ضد الهجرة، وآخر توصل إلى استنتاج بأن فرنسا أصبحت "بلداً متعدد الأديان"، وكان متخصصون أشاروا إلى أنه بمعدلات النمو الديموغرافي الحالية والمنتظرة في فرنسا سيشكل المسلمون أكثر من 50% من السكان حوالي سنة 2050.ه
واعتبر لوبن أن فرنسا "يجب أن تعالج بشكل عاجل مشكلة حوض المتوسط الهائلة بكاملها".ه
ومضى يقول: "عندما تكون الأجراس في الشمال والمساجد في الجنوب تصبح الأمور واضحة والتوجه أفضل وتختفي التوترات ويستتب الأمن".ه
قنبلة القوقاز الموقوتة:ه
قبل ذلك ويوم الجمعة 1 أكتوبر 1999 أنشأت الدول الاثنتا عشرة الأعضاء في مجموعة الدول المستقلة مركزاً لمكافحة الإرهاب من أجل التنسيق في محاربة المتمردين الإسلاميين الناشطين في روسيا وفي عدة جمهوريات سوفييتية سابقة.هفقد أعلن وزير الداخلية الروسي فلاديمير روشايلو في مؤتمر صحافي "لقد أنشأنا بنية مؤقتة ستكلف بمسائل التنظيم والتنسيق وسبل مكافحة الإرهاب على أراضي دول المجموعة المستقلة".هوفضلاً عن الوزير الروسي وقع الوثيقة وزراء داخلية أوكرانيا وجورجيا وأذربيجان وأرمينيا وكازاخستان وقرغيرستان وأوزبكستان ومولدافيا وبيلاروس، الذين اجتمعوا في كييف لإعداد استراتيجية مشتركة لمكافحة الإرهاب.هوأكد روشايلو "لدينا نفس المواقف في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب" مضيفاً أن "البنية" الدقيقة لمركز مكافحة الإرهاب لم تحدد بعد.هوقد جاء تشكيل هذه الوحدة بعد أن حذر محللون بروسيا في تقرير رفع إلى الكرملين يوم الاثنين 30 أغسطس من أن المجموعات المسلحة من التيار الوهابي وغيره من التيارات الإسلامية تمثل تهديداً يتزايد خطراً على استقرار منطقة القوقاز وآسيا الوسطى كما أكدت ذلك حركات الثورة التي شهدتها وتشهدها جمهورية داغستان وقرغيزستان.ه
وبدأت كل من أوزبكستان وطاجيكستان وكازاخستان وقرغيزستان حرباً مفتوحة على الإسلاميين وتم اعتقال المئات وحكم على العديد منهم بالسجن كما جرى إبعاد عدد من "شيوخ الدعوة" الأجانب من باكستانيين وسودانيين وأردنيين وسعوديين.ه
وقد كان على موسكو أن تشن حرباً شاملة على مدى أسبوعين لكي تستعيد القرى الداغستانية وتبعد المقاتلين الإسلاميين.ه
وتكرر السيناريو نفسة في قرغيزستان مع تسلل عناصر من مئات الإسلاميين المسلحين قدموا من طاجيكستان المجاورة.هومعظم هؤلاء الإسلاميين من الأوزبك الذين قاتلوا إلى جانب الإسلاميين في الحرب الأهلية في طاجيكستان عام 1992، واستمروا هناك غير خاضعين لأي سلطة يتزعمهم جمعة نامانغاني الذي قاتل في طاجيكستان وقبلها في أفغانستان في صفوف حركة طالبان.هواعتبر وزراء خارجية ودفاع كازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزستان الذين التقوا في بيشيكك عاصمة قرغيزستان أن هذه المجموعات المسلحة باتت تشكل "تهديداً لجميع دول المنطقة".ه
وتتألف هذه المجموعات من قدامى المقاتلين المحترفين في حرب أفغانستان يضاف إليهم عدد من الشبان الذين وقفت الأوضاع الاقتصادية الصعبة والفساد وراء توجههم نحو الدعوة الإسلامية أو نحو حركات أخرى كحزب التحرير الإسلامي في أوزبكستان.ه
وقد اعترفت موسكو إبان التمرد الذي انطلق في داغستان أن نسبة 10% من السكان مع الدعوة الإسلامية معتبرة أن انتشار الدعوة مرده تدهور الأوضاع الاجتماعية في المنطقة حيث تبلغ نسبة البطالة الثمانين في المائة.هكما أقرت موسكو أن هناك مناطق في غرب داغستان خصوصاً كاراماخي وتشابانماخي مستقلة تماماً عن السلطة المركزية وتطبق الشريعة الإسلامية في حياتها اليومية، وسيكون على السلطات أن تواجه السكان بالقوة هناك لكي يتخلوا عن أسلحتهم وهذا ما بدأته فعلاً.ه
ويحذر المسؤولون في القوقاز وآسيا الوسطى بأن الإسلاميين يسعون إلى إقامة دولة إسلامية بالقوة، وهم يدركون أن لهؤلاء امتداداً مكنهم على سبيل المثال من اغتيال مفتى داغستان المعروف بعدائه للتيار الوهابي سعدي محمد أبو بكرو بسيارة مفخخة عام 1998.ه
ويتهم الرئيس الأوزبكي إسلام كريموف صراحة عناصر حزب التحرير الإسلامي بأنهم وراء الاعتداءات التي استهدفته وأوقعت 16 قتيلاً في مارس الماضي في طشقند، وقد حكم على ستة إسلاميين بالإعدام في هذه القضية.ه(25/390)
وأبدى الرئيس الأنغوشي رسلان أوشيف تخوفه من أن "الوهابيين يريدون التوجه في مرحلة لاحقة إلى أنغوشيا وسائر الجمهوريات الإسلامية لإقامة جيوب إسلامية من بحر قزوين إلى البحر الأسود".هويرى المختصون في الشؤون الإسلامية أن التيار الوهابي دخل منطقة القوقاز وآسيا الوسطى نهاية الثمانينيات وبعد سقوط الاتحاد السوفييتي مع عدد من شيوخ الدعوة العرب.ه
روسيا لا تخوض المعركة في القوقاز منفردة رغم أن أحداً لا يمكن أن ينكر أن الكثير من الدول الغربية لن تذرف الدموع إزاء تمزق الإمبراطورية الروسية، فقد ذكرت صحيفة "فريميا" الروسية يوم الخميس 19 أغسطس 1999م، أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد سيساعد روسيا في محاربة الإسلاميين في شمال القوقاز، حيث أن وزير الخارجية الإسرائيلي ديفيد ليفي أكد للسفير الروسي ميخائيل بوغدانوف أن الموساد سيقدم لموسكو معلومات عن الإسلاميين في روسيا. وقد رفضت وزارة الخارجية الروسية وجهاز الاستخبارات الخارجية رداً على أسئلة لوكالة فرانس برس، التعليق على هذا النبأ. ونقلت "فريميا" عن دبلوماسيين روس تأكيدهم وجود إسلاميين أردنيين وفلسطينيين في القوقاز.ه
وقد أكدت السلطات الروسية عدة مرات أن الإسلاميين المتمركزين في القوقاز وخصوصاً في الشيشان وداغستان يضمون في صفوفهم عدداً كبيراً من المتطوعين من الدول العربية وآسيا الوسطى.ه
يقول محلل اقتصادي في باريس أن الاقتصاد الروسي المريض لا يمكنه أن يمول حرب الشيشان التي تكلف يومياً ما يزيد على خمسة ملايين دولار، وبما أنه من الواضح أن قيادة الكرملين ليست في عجلة من أمرها لحسم الحرب، كما أنه في غيبة أي تأثير سلبي ظاهر لتكلفة الحرب المرتفعة على الوضع المالي الهش في روسيا، لابد من الإقرار بأن هناك مصادر تمويل أخرى.ه
منذ يوم الجمعة 8 أكتوبر 1999 يواجه صندوق النقد الدولي اتهامات جديدة وهي أن أمواله تستخدم في تمويل حرب موسكو في القوقاز، خاصة بعدما قامت لجنة المصالحة الروسية المكلفة بتنقيح مشروع موازنة العام المقبل برفع المبلغ المخصص للدفاع والأمن الوطنيين بأكثر من مليار دولار عن التوقعات الأولية، في وقت يتعين فيه على روسيا أن تسدد لصندوق النقد الدولي 369 مليون دولار في أكتوبر 1999 و 800 مليون في ديسمبر المقبل.ه
وتتحدث الأخبار الواردة من العواصم الغربية عن أن وزير المالية الروسي ميخائيل كاسيانوف حصل مؤخراً وسراً على وعد تلقي أكثر من مليار دولار من الهيئات الدائنة الدولية، فقد وعدت اليابان ودائنون دوليون آخرون بـ 350 مليوناً، ويفترض أن يمنح صندوق النقد الدولي موسكو القسم الثاني من قرضه البالغ 640 مليون دولار.ه
وفي الإجمال، ما زال على صندوق النقد أن يقرض روسيا حوالي 4 مليارات دولار قبل نهاية العام 2000 مشترطاً بعض النتائج الاقتصادية، وهناك ثلاثة مليارات أخرى من البنك الدولي واليابان مشروطة بمساعدة من صندوق النقد الدولي.ه
وليست هذه هي المرة الأولى التي يتهم فيها صندوق النقد الدولي بتمويل الحروب الروسية فقد اعتبرت يافوليتا سشتيريفا الخبيرة الاقتصادية في شركة ام. كاي رنيسانس للسمسرة أن حرب الشيشان الأولى التي أوقعت بين ديسمبر 1994 إلى أغسطس 1996 حوالي 800 ألف قتيل "مولت بفضل صندوق النقد الدولي وتراوحت تقديرات كلفة الحرب في تلك الفترة ما بين 6 و 8 مليارات دولار.هوقال فيكتور بوريسوك المحلل في المعهد الاقتصادي العالمي والعلاقات الدولية: "لا أعتقد أن العمليات الحالية أقل كلفة من الحرب السابقة".ه
شبه القارة الهندية:
غير بعيد عن القوقاز هناك حرب أخرى تتضمن تحالفات غريبة. في منتصف صيف 1999 وبالضبط يوم الخميس 12 أغسطس وخلال ذروة المعارك في القطاع الذي تسيطر عليه الهند في كشمير أوردت صحيفة "هآرتس" أن إسرائيل أسرعت بعملية تسليم طلبية أسلحة ومعدات عسكرية إلى الهند.هوأضافت الصحيفة أن الحكومة الهندية طلبت مؤخراً من إسرائيل تسريع تسليم الأسلحة قبل تصاعد حدة التوتر في كشمير، وأن المسؤولين في وزارة الدفاع الإسرائيلية استجابوا لهذا الطلب.هيذكر أن إسرائيل أقامت تعاوناً وثيقاً مع الهند على الصعيد العسكري في السنوات الأخيرة، وقد توجه قائد القوات البرية الهندية الجنرال باراكاش مالك في آذار (مارس) 1998 إلى إسرائيل. وفي العام الماضي، عين الطرفان للمرة الأولى ملحقين عسكريين في سفارتيهما في تل أبيب ونيودلهي.ه
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل وقعت مؤخراً اتفاقاً لبيع الهند معدات الكترونية متطورة، وكانت هذه الصفقة قد أرجئت لسنوات عدة بسبب معارضة الولايات المتحدة لها. إلا أن واشنطن التي حققت تقارباً من الهند مؤخراً رفعت القيود التي فرضتها على بيع الأسلحة إلى هذا البلد بعد التجارب النووية التي أجرتها نيودلهي في أيار (مايو) 1998 والتي تلتها تجارب مماثلة في باكستان.ه
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد أيهود باراك يؤيد تنمية العلاقات بين الطرفين ومن المقرر أن يقوم بزيارة إلى نيودلهي العام المقبل بعد الانتخابات الهندية.ه(25/391)
وتشير الإحصاءات الإسرائيلية إلى أن المبادلات التجارية المدنية بين الطرفين تبلغ حالياً 700 مليون دولار سنوياً، في حين تبقى الأرقام الخاصة بالتعاون العسكري سرية، وإن كان بعض الخبراء يحددونها ما بين 300 و 400 مليون دولار سنوياً.ه
ولا تخفي تل أبيب أن تعاونها العسكري والاقتصادي مع الهند يهدف إلى الحد من نمو القوة الباكستانية التي تحسب إلى جانب العرب، وقبل تفجير إسلام آباد لقنبلتها النووية الأولى تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية مراراً عن وضع إسرائيل خططاً مشتركة مع نيودلهي لشن غارة جوية على منشآت باكستان النووية لإجهاض برنامجها. وخلال معارك كشمير الأخيرة زودت واشنطن نيودلهي عن طريق أطراف ثالثة بصور دقيقة من الأقمار الصناعية عن مواقع القوات المعادية على قسم جبال كشمير، وذلك قبل أن يجبر البيت الأبيض رئيس وزراء باكستان نواز شريف على الضغط لسحب المقاتلين المسلمين من المنطقة.ه
أغلب الحروب:
يعترف خبير في معهد الدراسات الإستراتيجية في لندن أن الجزء الأكبر من الحروب التي يخوضها الغرب بشكل مباشر أو غير مباشر الآن في نهاية عقد التسعينيات موجهة ضد خصوم محسوبين على المعسكر الإسلامي، ويضيف أن الحرب المستمرة في جنوب السودان لا تستهدف سوى تقسيمه وإقامة دولة مسيحية وثنية في جنوبه تكون حاجزاً أمام المد الإسلامي الذي يخيف الغرب نحو وسط أفريقيا، كما أن النجاح في فصل تيمور الشرقية عن أندونيسيا يشكل خطوة أولى لإضعاف أكبر بلد إسلامي من حيث تعداد السكان، وكذلك لتشجيع الحركات الانفصالية الأخرى، خاصة وأن القوى الغربية الرئيسية ترقب بتحفظ تحول بلد الثلاثة آلاف جزيرة إلى قوة اقتصادية وعسكرية هامة في جنوب آسيا.هنفس الخبير يشير إلى التحالف الغريب بين العديد من القوى الغربية وتلك المحسوبة على الشرق ضد حركات وقوى تحسب في المعسكر الإسلامي.ه
فموسكو ونيودلهي وواشنطن وباريس ولندن وغيرها تساند خصوم حركة طالبان في أفغانستان وتتدخل بكثافة مادياً كلما أوشكت قوات طالبان على سحق آخر جيوب المقاومة المعارضة في شمالها، وقبل أشهر سمحت موسكو بإقامة جسر جوي عبر أراضيها لنقل عتاد عسكري من قواعد غربية في أوربا ومن الولايات المتحدة نفسها إلى شمال أفغانستان، والآن توضع قواعد مواجهة أكثر شمولية.ه
حصار دولي جديد:
قرر مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة 15 تشرين الأول )أكتوبر) 1999م فرض حظر جوي وعقوبات مالية على حركة طالبان إذا لم تسلم قبل 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 1999 أسامة بن لادن المتهم بتزعم شبكة مسلحة دولية، وحظي القرار رقم 1967 الذي قدمته الولايات المتحدة على إجماع أعضاء المجلس الخمسة عشر.ويطالب القرار حركة طالبان "بتسليم أسامة بن لادن بدون تأخير" إلى بلد مستعد لمحاكمته.ه
وتتهم الولايات المتحدة الثري السعودي الأصل بتدبير الاعتداءين اللذين استهدفا سفارتيها في دار السلام ونيروبي في آب (أغسطس) 1998 حيث قتل 224 شخصاً وأصيب مئات بجروح. ويحظر القرار على أي طائرة تابعة لطالبان أو تستخدم باسمها الإقلاع أو الهبوط في أرض أي من الدول الأعضاء.هويستهدف الحظر عملياً شركة الخطوط الجوية الأفغانية "أريانا" التي تنظم رحلات دولية إلى دبي فقط، ويلحظ القرار استثناء رحلات الحجاج إلى مكة. ولكنه يفرض تجميد الحسابات المصرفية والممتلكات الأخرى التي تملكها الحركة الحاكمة في كابول منذ 1996.ه
إذا كانت أولويات روسيا في حربها ضد العدو الجديد توجد في منطقة القوقاز والجمهوريات الإسلامية السابقة في الاتحاد السوفييتي فإن أولويات أمريكا توجد في الشرق الأوسط وخاصة في السودان والعراق.ه
يوم الجمعة 22 تشرين الأول (أكتوبر) 1999 وفي نيروبي أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت أن الولايات المتحدة تدعم بشكل حصري جهود الدول الأعضاء في الهيئات الحكومية للتنمية ومكافحة التصحر إيغاد لتحقيق السلام في السودان.هوتضم إيغاد التي تقوم بوساطة بين الصومال والسودان كلاً من جيبوتي وأرتيريا وأثيوبيا وكينيا وأوغندا والسودان ونظرياً الصومال التي لا تتمتع بحكومة مركزية منذ 1991م. ويرأس الرئيس الكيني دانيل أراب موي مجموعة فرعية تضم أربع دول تسعى إلى إيجاد حل سلمي للحرب في السودان، وتضم هذه المجموعة أوغندا وأرتيريا وأثيوبيا والبلدان الأخيران يتواجهان في حرب.ه(25/392)
وقالت أولبرايت التي التقت مع جون قرنق زعيم الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي يقاتل لفصل جنوب السودان: "نظن أن العملية التي تقوم بها إيغاد هي الوسيلة الفضلى للتقدم ونحن لا ندعم أي جهود أخرى يقترحها البعض مثل مصر وليبيا". وجاءت تصريحات وجولة أولبرايت في وقت خصصت فيه أموال جديدة لدعم قرنق عسكرياً في محاولة لوقف تقدم الخرطوم في جهودها لإضعاف التمرد ولقطع الطريق على تسوية عربية تحفظ وحدة السودان. وفي الوقت الذي كانت فيه وزيرة الخارجية الأمريكية تضع في أفريقيا أسس تنفيذ المخططات الأمريكية كان وزير الدفاع الأمريكي وليام كوهين يضع قواعد تنفيذ مشاريع مماثلة في الشرق العربي. فيوم الاثنين 18 تشرين الأول (أكتوبر) وفي المنامة أكد أن الولايات المتحدة ستستمر في تشجيعها لتغيير النظام في العراق. وصرح كوهين أنه يأمل في أن تتوصل المعارضة لصدام حسين داخل البلاد إلى تغيير النظام يوماً ما، واعتبر أن الاضطرابات الأخيرة التي يشار إليها على وجه منتظم في جنوب العراق وغيرها من الإشارات، تحمل إلى الاعتقاد بأن صدام حسين "لم يعد يتحكم بيد من حديد ببعض الأمور كما كانت الحال في السابق".ه
وأضاف كوهين أن المعارضين "يشعرون بالإحباط لما يتطلب ذلك من الوقت ولكنهم يدركون أنه ينبغي عليهم أن يواصلوا جهودهم وإلا فسيخرج صدام حسين من قلعته ويهدد المنطقة من جديد".ه
ودافع كوهين عن سياسة الاحتواء الأمريكية وقال: "أعتقد بأن جميع دول المنطقة تدرك بأن صدام لا يستطيع أن يخرج من داخل العلبة الموجود فيها".ه
إن معالم معارك ومواجهات المستقبل قد بدأت تتضح .ه
- الحواشي :
* نقلاً عن صحيفة القدس العربي الصادرة بتاريخ 1 تشرين الثاني (نوفمبر) 1999م.ه
=============(25/393)
(25/394)
الإسلام و الغرب > مستشرقة كندية منصفة >
انتشرت في السنتين الأخيرتين التحذيرات من العولمة القادمة في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، ولكن بعض الكتّاب والأدباء والصحفيين من بني جنسنا انبرى للدفاع عن العولمة وأنه لا خوف منها، وما علينا إلاّ أن نفتح الأبواب والنوافذ وننخرط في هذه العولمة التي ستأتي لنا بكل خير. ويؤيدون هذا الزعم بان العالم أصبح قرية صغيرة ولا يمكن لنا أن ننعزل عن العالم.
ولكن للقضية جانب آخر وهو أننا نملك من المقومات العقدية، والفكرية، والثقافية، والاجتماعية، والسياسية ما يجعلنا نستطيع الوقوف في وجه هذه العولمة، بل يمكننا أن نجعل هذه العولمة تخدم نشر الإسلام في العالم. والأدلة على ذلك كثيرة ففي المؤتمر العالمي الخامس والثلاثين الذي عقد في العاصمة المجرية بودابست في ربيع الأول عام 1418هـ، تحدثت باحثة كندية عن المرأة في الإسلام وبخاصة في الجوانب الاقتصادية ومن خلال بعض المصادر الفقهية الأندلسية كالفتاوى للعالم الأندلسي الونشريسي. ففي محاضرتها القيمة أوضحت كيف أن الإسلام أعطى المرأة حقوقها المالية الكاملة، وأنها مارست كل العمليات التجارية من بيع وشراء ورهن ودين وتأجير وقرض وغير ذلك، وإنه بالرغم من أن الإسلام لم يبح للمرأة أن تسافر بغير محرم وأن لا تختلط بالرجال وان تحافظ على عفتها بغض البصر وعدم الخضوع في القول كما أمر الرجال بذلك أيضاً، فإن ذلك لم يكن عائقاً لها من ممارسة الأعمال التجارية المختلفة.
وذكرت الباحثة العديد من الفتاوى حول حق الملكية للمرأة، وأنها قد تكون صاحبة منزل فتسمح لزوجها أن يسكن في هذا المنزل فهل عليه أن يدفع لها إيجار عن ذلك، وماذا لو تأخر في دفع الإيجار وغير ذلك من المسائل الشرعية. وأضافت الباحثة الكندية أن المرأة المسلمة سبقت المرأة الأوروبية بقرون عديدة في الحصول على هذه الحقوق.
ولمّا كان معظم الحضور للمحاضرة من الأوروبيين فقد أزعجهم أن يسمعوا هذا الكلام الجميل عن الإسلام والمرأة المسلمة، فانبرى بعضهم ليبحث في معوقات عمل المرأة في التجارة وأنها لا بد أن توكل عنها من يقوم بأعمالها التجارية مقابل أجر معين وأن بعض الوكلاء قد لا يكونون أمناء. فردت عليهم بأن هذه العراقيل التي يتصورونها لم تكن تمنع المرأة من مزاولة الأعمال التجارية، وإلاّ لما وجدت كل هذه الفتاوى في قضايا تملك المرأة ومعاملاتها المالية.
وبالمصادفة وجدت أن صحيفة الشرق الأوسط قد أوردت في الرابع من شوال تقريراً حول عنف الرجال ضد النساء في إسبانيا، وذكرت من خلال التقرير أن المرأة الإسبانية لم يكن في استطاعتها منذ حكم فرانكو عام 1939م وحتى عام 1979 م أن تسافر بدون رفقة زوجها، أو حتى فتح حساب مصرفي بدون موافقته أو موافقة والدها، ويضيف التقرير أن القانون الإسباني لم يعط أي حماية للمرأة من معاملة زوجها السيئة لها حتى أواخر الستينات. وليست الحال في دول أوروبا الأخرى أحسن حالاً من اسبانيا حيث ظلت التشريعات تمنع المرأة من ممارسة حقوقها المالية منفصلة عن الرجل فلم يكن لها ذمة مالية مستقلة. فأين هم من قوله تعالى {للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن}(النساء 32)
فمرحباً بالعولمة لنقدم لهم التشريعات الإسلامية التي أكرمت المرأة أماً وأختاً وزوجاً وابنه وجدة وخالة وعمة. لقد أكرمت الشريعة الإسلامية المرأة عموماً. وبالإضافة إلى التشريعات التي أكرمت المرأة هناك من الوصايا العظيمة للرسو صلى الله عليه وسلم للرفق بالمرأة والعناية بها. ألا يكفي أن يتصف الإنسان الذي يهين المرأة باللؤم وأنه لا يكرمها إلاّ كريم. ألا يكفي أنه كان من آخر وصايا الرسو صلى الله عليه وسلم الرفق بالنساء؟
وما زال كثير ممن يتحدث عن المرأة في الإسلام متأثراً ببعض الشبهات والافتراءات التي روج لها أعداء هذا الدين، فكم جميل أن تأتي الشهادة لهذا الدين من باحثة كندية تمرست في دراسة الفقه الإسلامي وبخاصة الأندلسي منه وخرجت بهذه الحقائق العظيمة التي يحاول أعداء هذا الدين طمسها وتشويهها. فشكراً للمستشرقة الكندية ومرحباً بالعولمة التي تمكننا من نشر الإسلام
===================(25/395)
(25/396)
الإسلام و الغرب > كارثة فكرية >
كارثة فكرية!(*)
إدوارد سعيد
أستاذ الإنكليزية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا
يستمر في الولايات المتحدة وأوربا ذلك الهوس العدائي الغريب بالإسلام. في الآونة الأخيرة أصدر الكاتب التريندادي الأصل، البريطاني الجنسية حاليا، في.أس. نايبول مؤلفا ضخما عن رحلاته إلى أربع من دول العالم الإسلامي، كلها غير عربية، عنوان الكتاب ما بعد الإيمان: رحلات إسلامية بين الشعوب المعتنقة، وهو يشكل متابعة لكتابه بين المؤلفين: رحلة إسلامية، الذي أصدره قبل 18 سنة عن زيارة قام بها آنذاك للدول نفسها، خلال الفترة ما بين الإصدارين أصبح في. إس. نيبول السير في. إس. نيبول المؤلف الواسع الشهرة، وأيضا ن كما يجب أن نقول، الغزير الموهبة، الذي وطدت رواياته وكتبه الأخرى "أكثرها من أدب الرحلات" مكانته كأحد أهم الشخصيات في الأدب العالمي، ويبلغ من شهرته، على سبيل المثال، أننا نجد الترجمة الفرنسية لـ ما بعد الإيمان، حتى في واجهات مخازن سونيا ريكييل الفخمة في شارع سان جرمان في باريس، معروضة بين الشالات والأحزمة وشنطات اليد، إنه ولا شك نوع من التقدير لنايبول، رغم أنه قد لا يسره كثيراً، من الجهة الأخرى اهتمت كبريات الصحف الأمريكية والبريطانية بمراجعة الكتاب والإشادة به كعمل من أستاذ عظيم في فن الملاحظة الدقيقة والتفصيل المعبر، يلبي في شكل خاص ذلك النهم العميق لدى القارئ الغربي لتعرية وفضح الإسلام، وإذ لا يمكن أحداً اليوم أن يؤلف كتابا مشابها عن المسيحية أو اليهودية، فإن الإسلام لا يزال يعتبر "صيدا حلالا"، مهما كان تواضع معلومات "الخبير" المفترض عن الموضوع وجهله اللغات اللازمة لتناوله.
ولكن نايبول له حالة خاصة، إنه ليس من محترفي الاستشراق أو متقصدي الإثارة، بل شخص من العالم الثالث يوجه رسائله عن تلك المناطق إلى قراء لنا أن نفترض أنهم من الليبراليين الغربيين المحبطين، الذين لا يملون سماع أسوأ ما يمكن عن أساطير ذلك العالم، أي حركات التحرر الوطني، والأهداف الثورية، وشرور الكولونيالية، وكلها في نظر نايبول ما يفسر الوضع المزري لدول أفريقيا وآسيا الني تغرق في بحر من الفقر والعجز، وتعاني من سوء هضم أفكار غربية مثل التصنيع والتحديث، أنهم أولئك الناس، كما يقول نايبول في واحد من كتبه، الذين يعرفون استعمال الهاتف لكن ليس ابتكاره، ويمكن الآن في الغرب الاستشهاد بنايبول كشخصية نموذجية من العالم الثالث، فقد ولد في ترينيداد لعائلة هندية تنتمي إلى الطائفة الهندوسية، ونزح إلى بريطانيا في الخمسينات وأصبح من طليعة النخبة الثقافية، ويأتي اسمه دوما عند الكلام عن مرشحين محتملين لجائزة نوبل، من هنا كما يرون لا بد من الثقة بشهادته عن العالم الثالث. وكما كتب أحد مراجعي مؤلفاته في 1979م، فهو يقدم شهادته "من دون أي وهم رومانسي عن التفوق الأخلاقي للأقوام البدائية. ومن دون أثر للتعالي الغربي أو الحنين إلى الكولونيالية."
مع ذلك فحتى نايبول يعتبر أن الإسلام من بين المشاكل الأسوأ التي يعاني منها العالم الثالث وقال أخيراً، متأثرا ربما بأصله الهندوسي، أن الكارثة العظمى التي شوهت تاريخ الهند كانت دخول الإسلام إليها، ويختلف عن غالبية المؤلفين في أنه لم يقم بزيارة واحدة بل زيارتين إلى عالم الإسلام لكي يتيقن من كرهه العميق لذلك الدين وأهله وأفكاره، المفارقة أنه يهدي ما بعد الإيمان إلى زوجته المسلمة نادرة، من دون إشارة إلى أفكارها ومشاعرها، ويبين كتابه الأول أنه تبرهن له على آرائه المسبقة، لكن تبرهن على ماذا؟ على أن العودة إلى الإسلام تمثل نوعا من "الانذهال" والارتداد عن الواقع، ويسأله شخص في ماليزيا: "ما الغاية من كتاباتك؟ هل تريد أخبار الناس عن حقيقة الأمور؟" ويجيب: نعم، أعتقد أن الهدف هو الفهم، ويعود السائل: "أليس الهدف هو المال؟" الجواب: "نعم، لكن طبيعة العمل مهمة)"، هكذا فهو يتنقل بين المسلمين ويكتب عن ذلك، ويتسلم مبالغ محترمة من الناشر والمجلات التي تنشر مقتطفات من كتبه، مدفوعا بأهمية العمل وليس حبا به، ويروي له المسلمون قصصهم، ويدونها باعتبارها أمثلة على طبيعة "الإسلام"، ليس في الكتابين إلا أقل من القليل من المتعة أو التعاطف، المقاطع الساخرة في الكتاب الأول جاءت كلها ضد المسلمين، الذين يعتبرهم قراء نايبول الأمريكيون والبريطانيون أجانب مضحكين أو متشددين إرهابيين محتملين لا يستطيعون التهجي أو التفكير المنطقي أو الحوار السليم مع الغربيين الرهيفي التحضر. وهكذا فكلما كشف المسلمون نقاط ضعفهم ((الإسلامية)) سارع نايبول، ذلك الشاهد العالم ثالثي المعتمد، إلى تسجيلها وتوجيهها إلى الغرب، على سبيل المثال: ما أن يعبر إيراني عن المرارة من الغرب حتى يوضح نايبول: أنه تخبط شعب له حضارة قروسطية عليلة يستيقظ على عالم النفط والمال، ويتضارب لديه شعور بالقوة من جهة والانتهاك من الثانية، ويدرك أن هناك حضارة جديدة عظيمة تحيط به (الغرب)، ولا بد من رفضها، لكن في الوقت نفسه الاتكال عليها.(25/397)
علينا أن نتذكر هذه الجملة ونصف الجملة، لأنها مقولة نايبول الرئيسة التي ينطق منها لمخاطبة العالم: "الغرب هو علم المعرفة والنقد والتقنية، والمؤسسات الفاعلة، فيما يعاني الإسلام من الإحباط والغضب والتأخر والاتكال. ويرى أمامه قوة جديدة لا يعرف كيف يسيطر عليها. الغرب يقدم الخير إلى الإسلام من الخارج، لأن الحياة التي جاءت إلى الإسلام لم تأت من داخله" وهكذا، في جملة واحدة، يختزل نايبول حياة بليون مسلم، ويلقي بها جانبا، علة الإسلام السياسي الأصلية كما يرى تكمن في بدايته - أنها العلة التي سرت في تاريخ الإسلام، وهي أنه لم يقدم حلا سياسيا أو عمليا للقضايا السياسية التي أثارها، أنه لم يقدم سوى الإيمان، ولم يقدم سوى النبي، الذي كان سيعطي كل الحلول، إلا أنه توفي، هذا الإسلام السياسي هو ليس سوى الغضب والفوضى، إن كل الأمثلة التي يقدمها نايبول، كل الأشخاص الذين التقى، هم من القائلين بالنقيضة بين الإسلام والغرب، وهي النقيضة التي افترضها أصلا وصمم على أن يراها في كل مكان، من هنا فالكتاب الأول في النهاية مشجر مليء بالتكرار.
لكن لماذا يعود بعد نحو عشرين ليقدم كتابا ثانيا يضارع الأول في الإطالة والإملال؟ السبب الوحيد الذي أجده هو أنه يعتقد أن الإسلام دين العرب، وكل مسلم غير عربي فهو مجرد "معتنق" للدين. من هنا فإن جميع هؤلاء المعتنقين أي الماليزيين والباكستانيين والإيرانيين والإندونيسيين وغيرهم، يعانون من فقدان الهوية الأصلية أو كبتها. أي أن الإسلام ديانة وافدة تعزلهم عن تقاليدهم وتتركهم في حال دائم من الـ((بين بين)). ويحاول نايبول في كتابه الجديد توثيق مصير ((المعتنقين)) الذين خسروا ماضيهم ولم يقدم لهم دينهم الجديد سوى الضياع والمزيد من اللا كفاءة المضحكة - كل ذلك نتيجة تحولهم إلى الإسلام. إذا وافقنا على هذا المنطق السخيف يمكن أن نقول إن الكاثوليكية لا تصلح إلا لسكان روما، ونعتبر أن كل من عداهم من الكاثوليك، أي الإيطاليين خارج روما والأسبان والأمريكيين اللاتينيين والفيليبينيين.... الخ، مقطوع عن تاريخه وتقاليده، كما أن جميع الأنغليكانيين خارج إنكلترا هم من المعتنقين ولذا، فمثلهم مثل المسلمين من غير العرب، ليس أمامهم سوى اللاجدوى وتقليد الغير.
يقع ما بعد الإيمان في أربع مئة صفحة، تقوم كلها على هذه "النظرية" الغيبية والمهينة. السؤال هنا ليس عن صحة أو خطأ الفكرة، وإنما عن كيف أمكن لرجل بذكاء وموهبة نايبول تأليف كتاب على هذه الدرجة من الحمق والإملال، يكرر إلى ما لا نهاية قصصا تعبر عن فكرة سقيمة هي أن غالبية المسلمين هي من الذين انقطعوا عن تاريخهم باعتناق الإسلام وكتب عليهم، تبعا لذلك، مواجهة مصير واحد متشابه. المسلمون من غير العرب متحولون عن هويتهم وليس لهم إلا أن يعيشوا تاريخا مزيفا.
ما أراه هو أن نايبول في مرحلة ما من حياته، تعرض لحادث فكري خطير. وأن هوسه العدائي بالإسلام أدى به في شكل ما إلى التوقف عن التفكير، أو إلى ما يشبه الانتحار الفردي الذي يجبره على تكرار المقولة نفسها إلى ما لا نهاية. إنها ما أعتبره كارثة فكرية كبرى فقد فيها نايبول الكثير من قدراته. إذ أصبحت كتاباته مكرورة مضجرة، وضاعت مواهبه، ولم يعد قادراً على التفكير السليم. إنه الآن يعتاش على سمعته، التي توهم مراجعي كتبه أنهم لا يزالون أمام كاتب عظيم، فيما الحقيقة أنه ليس الآن سوى شبح لذلك الكاتب. المؤسف أكثر أن كتابه الأخير عن الإسلام سيعتبر تقويما رئيسا لديانته عظيمة، وسيؤدي ذلك إلى المزيد من الأذى للمسلمين، وإلى المزيد من التوسع والتعميق للهوة بينهم وبين الغرب. ولن يستفيد أحد شيئا سوى الناشرين الذين سيبيعون الكثير من الكتب، ونايبول نفسه الذي سيحصل على الكثير من المال.
- الحواشي :
* الحياة.
===================(25/398)
(25/399)
الإسلام و الغرب > صحيفة المدينة والتسامح الديني >
في اليوم الذي أعلنت فيه تركيا قرارها بمنع ارتداء الحجاب لموظفات الدولة أو الشركات أو الجامعات ومنعت إطلاق اللحى كان قدر صدر عن الرئيس الأمريكي بيل كلينتون قراراً بالسماح لأي مسلمة بأن ترتدي الحجاب وكذلك بإطلاق اللحية للرجال وأداء العبادات وأن لا يتعرض إنسان في المجتمع الأمريكي للمضايقة بسبب دينه.
أهو حقاً تسامح أمريكي حقيقي؟ ولماذا يتسامح الأمريكيون وتضيق صدور العسكر والعلمانيون الأصوليون في العلمانية من الحجاب واللحية وأداء العبادات؟ نحن لا نشكك في أن القرار الأمريكي رائع ويستحقون عليه الشكر، ولكننا يجب أن نتوقف عند هذا الأمر فهل هذا التسامح حقيقي؟ وهل أمريكا أو غيرها من دول الغرب بعيدة عن قرارات العسكر؟
سأترك الإجابة عن هذه الأسئلة لأعود بالقارئ الكريم إلى حقيقة التسامح الديني الذي لم يعرفه العالم مثله. التسامح الديني هو ما فعله الرسو صلى الله عليه وسلم مع اليهود حينما قدم المدينة المنورة وكتب بينه وبينهم عهداً منحهم فيه حق ممارسة شعائرهم الدينية وحرية التصرف في أموالهم، وطالبهم بأن يكونوا يداً على من يريد المدينة بسوء. والتسامح الديني هو استقبال رسول ا صلى الله عليه وسلم لنصارى نجران واستضافتهم في مسجد صلى الله عليه وسلم وإكرامه والحوار معهم. ولقد شهد بعض العلماء الغربيين بهذا التسامح حيث من المشهور ما قاله جوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب بأن العالم لم يعرف فاتحاً أرحم من العرب وأكثر تسامحاً.
ومن عجيب أن هذا التسامح لم يقابله قط تسامح مثله فالصليبيون حينما هجموا على البلاد الإسلامية مارسوا جميع أنواع القتل والوحشية فقد وصلت الدماء في بيت المقدس إلى الركب حينما دخلها الصليبيون. واليهود وما أدراك ما يهود لقد ارتكبوا ومازالوا يرتكبون المجازر لتثبيت وجودهم في فلسطين. ولم يكن الاستعمار الغربي أقل وحشية عن الغزو الصليبي فقد عرف عن القائد الفرنسي بيجو ما سمي بالأرض المحروقة وغير ذلك من الوسائل والإرهاب.
هل نجحت الدعاية التي أرادتها وسائل الإعلام بإظهار عسكر تركيا بأنهم أقل تسامحاً من الرئيس الأمريكي، وهل حقاً يغيب عن الغرب المؤيد للعسكر ما يفعله العسكر. فهم بعد أن قرر العسكر تقليص سنوات التعليم الديني وظهر أن تركيا في حاجة إلى مبالغ كبيرة لتوفير الصفوف والمدارس والمعلمين فوافق البنك الدولي -الذي تشرف عليه الدول الكبرى - على تقديم مساعدات مالية حجمها نحو بليون ونصف البليون دولار موزعة على مدى ثلاث سنوات.(الحياة ، 6/9/1997م) فهل ننخدع بهذه الحركات التي تظهر سماحة أمريكا وتعصب العسكر وتحجرهم؟
وفي الوقت الذي يصرح فيه الرئيس الأمريكي تلك التصريحات الرائعة بالسماح للنساء بالتحجب والرجال بإطلاق اللحية ومنع أي ممارسة تدل على التعصب الديني يحدث في الولايات المتحدة ما يشير إلى ظهور موجة من التعصب ضد المسلمين. فقد كتب فهمي هويدي مقالة في مجلة المجلة(21-27سبتمبر 1997م) يشير إلى بعض ممارسات السلطات الحكومية الأمريكية ضد المسلمين وذكر بعض الشخصيات العلمية الإسلامية التي تعرضت للاعتقال والسجن. ومن هؤلاء الدكتور حسام أبو جبارا " الفلسطيني المحتجز في مدينة تامبا بفلوريدا،….والدكتور مازن النجار في المدينة نفسها. وذكر هويدي قصصاً أخرى تتناول صوراً من اضطهاد بعض المسلمين في أمريكا.
وكتب بول فندلي في هذه الصحيفة بعنوان (في أمريكا.... مكارثية جديدة ضد العرب والمسلمين) (المدنية المنورة 21جمادى الأولى 1418هـ) وأشار إلى بعض الحوادث التي تدل على أن تصريحات الرئيس الأمريكي كلام جميل لكن الواقع لا يؤيد هذا الكلام. فهل يصرح الرؤساء في الغرب بينما أجهزة الحكومة تتصرف بطريقة مخالفة لهذه التصريحات؟
وأميل شخصياً لتصديق أن الواقع في الغرب هو عكس ما يصرح به بعض الزعماء والرؤساء ليكسبوا به الدعاية لأنظمتهم ولتحسين صورتهم. فقد كنت في زيارة للولايات المتحدة قبل سنتين تقريباً وحدثني أحد الإخوة المسلمين هناك بما تعرض به بعض المسلمين الأمريكيين من أصل أفريقي من اتهامات باطلة حتى إن أحدهم اتهم بتجارة المخدرات، وليس من الصعب على أجهزة المخابرات والمباحث من تلفيق تهم مثل هذه. وقد أصبحت مثل هذه التهم من الأمور التي يصدرها الغرب للشرطة في دول العالم الثالث.(25/400)
لسنا من المفتونين بنظرية المؤامرة- كما زعم أحد الكتاب الذي يقدم بعض البرامج التلفزيونية- ولكن أمام هذا السيل من الحقائق فالأمر لم يعد مؤامرة تدبر بليل أو في الخفاء كما يقولون ولكنها تصرفات واضحة للعيان. فهل يستسلم المسلمون عليهم أن يتكاتفوا وأن يثيروا الإعلام ضد أي تصرف يرون أن فيه تعصباً ضدهم. وحتى لا يكون الكلام بلا دليل فقد قدم السفير الأمريكي السابق روبرت نيومان محاضرة في المؤسسة المتحدة للبحوث والدراسات في مدينة أنانديل Annandale القريبة من واشنطن العاصمة في سبتمبر 1995 وتقدم إليه شاب عربي - ربما مسلم- قائلاً أنا من الجيل الثالث في هذه البلاد ووصلت إلى رتبة عسكرية ثم توقفت ترقياتي بسبب الحفاظ على الأسرار العسكرية بينما يأتي الشخص من رومانيا أو من أي دولة أوروبية ويصل إلى أعلى المراتب ولا يخشى منه على الأسرار العسكرية. فأعجبتني إجابة السفير نيومان بالقول له استمر في المطالبة وأوصل قضيتك إلى وسائل الإعلام؛ فإن نقطة الماء إذا استمرت في النزول تجعل الصخر فارغاً، أو كما نقول في المثل العربي (كثرة الطرق تليّن الحديد) .
==================(25/401)
(25/402)
الإسلام و الغرب > عداء الغرب للإسلام والمسلمين ليس وهماً >
"لقد عادت روسيا بوجهها القبيح مرة أخرى... إنها تنفض الغبار عن تاريخها الأسود مع مسلمي البلقان.. فماذا نحن فاعلون؟" بهذه العبارة ختم الكاتب المتميّز الدكتور عبد الواحد الحميد مقالته في صحيفة عكاظ يوم السبت الموافق 15 رجب 1415هـ (العدد10358)
أثارت هذه المقالة الأستاذ عبد الله أبو السمح فكتب بعد أربعة أيام في زاويته(رأي آخر) بعنوان "غارة وهمية" (عكاظ عدد10362) صبّ فيه جام غضبه على الكتاّب لتوهمهم بأن هناك "غارة" على العالم الإسلامي من دول "الكفر" لإخراجهم من ديارهم أو من دينهم أو من الاثنين معا، ولا شك أن ذلك وهم كبير وخطأ فادح، فلا أحد يعادي المسلمين إلاّ المسلمون أنفسهم، وعدو للمسلمين إلاّ جهلهم وتخلفهم ونزعاتهم الضيقة." وصرّح أبو السمح بأن سبب العداء "ليس لكونهم مسلمين، ولكن بصفتهم السياسية ..دولة أو تشكيلا أو أقلية، لذلك إذا أردنا أن نتعاطف معهم فلا أقل من أن نعرف سبب المشكلة وأصلها لا أن نثير عواطف الناس بادعاءات وافتراضات تتعارض مع الحق والواجب."
فهل صحيح أن عداء الغرب للإسلام والمسلمين وهم وليس حقيقة؟ وهل صحيح أن عداء الغرب إنما هو لأهداف سياسية، وأن الحديث عن العداء للإسلام ما هو إلاّ ادّعاء وافتراض يتعارض مع الحق والواجب؟
أعتذر أولاً أنني لم أتشرف بمعرفة الأستاذ عبد الله أبو السمح وخلفيته الثقافية والعلمية، وإن كانت مقالته هذه ومقالته الأخرى التي انتقد فيها الفلسطينيين الذين يعترضون على مسيرة السلام في بلادهم تنبي عن خلفية معينة جعلته يقف هذا الموقف الذي لا يحسد عليه.
وأحب أن أؤكد ابتداءً أنني لا أنتصر للدكتور عبد الواحد الحميد أو الكتّاب الذين يتحدثون عن عداء الغرب للإسلام والمسلمين (وأنا واحد منهم)، فليس يجمعني بالدكتور عبد الواحد الحميد من صلة سوى مكالمة هاتفية رغبة في الإفادة من مصادر المعلومات التي يستخدمها في إعداد مقالاته. ولكني تخصصت في دراسة الاستشراق، وأمضيت من عمري سنين أبحث في مواقف الغرب من الإسلام والمسلمين ، لذلك أجد واجباً عليّ أن أتحدث في هذا الموضوع .
من أين نبدأ بالحديث عن عداء الغرب للإسلام والمسلمين؟ لنبدأ من عصورهم الوسطى، وعصور الازدهار الإسلامي، تلك العصور التي خرج فيها بطرس الناسك (وللنصارى بطرس معاصر) يحرّض النصارى على حرب المسلمين واسترداد بيت المقدس من أيديهم، وكان هذا بتأييد البابا في الفاتيكان. وكانت الحروب الصليبية التي شغلت العالم الإسلامي قرابة قرنين من الزمان، عادت منها أوروبا بمعرفة أصول نهضة المسلمين، فأفادوا من ذلك وعاد المسلمون إلى النوم والسبات أو مداواة آثار تلك الحروب الطويلة. ومع ذلك فقد كان ظهور الدولة العثمانية نصراً للإسلام والمسلمين طوال حياة هذه الدولة.
ونهضت أوروبا في جميع المجالات، وأفادت من تراث المسلمين، وكان رد الجميل أن امتلأت مكتبات أوروبا بمئات أو ألوف المؤلفات التي تقطر حقداً على الإسلام والمسلمين حتى أصبح الأوروبيون يتوارثون العداء لنا ليس من خلال تراثهم الفكري فقط بل أكاد أجزم أنه دخل في تركيب جيناتهم (مورثاتهم)، وعندما أراد الأوروبيون تغيير خطتهم في حرب الإسلام والمسلمين كتب بعضهم كتباً ينتقدون فيها أجدادهم أو الحقد الأوروبي الذي كانت الكنيسة رائدته ومن أمثلة هذه الكتب كتاب ريتشارد سوذرن صورة الإسلام في العصور الوسطى، وكتاب نورمان دانيال الإسلام والغرب:صناعة الصورة.
ولم تتناول هذه الكتابات إلاّ جانبا واحداً من علاقة المسلمين بالنصارى أو بالغرب ويقول في ذلك الدكتور رضوان السيد- الذي ترجم الكتاب الأول- :" لكن الوجوه الأخرى لعلاقة الحضارة الإسلامية بالغرب على المستويات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بقيت بمنأى عن المعالجة". ولو نجحت هذه الكتابات حقا لما ظل الحقد والعداء يسيطر على كتابات كثير من الغربيين حتى هذه الساعة.
وهذه فرنسا ما كادت تنجح ثورتها المشهورة (التي عدت من الثورات الكبرى في تاريخ البشرية) وأعلنت مبادئ حقوق الإنسان الذي يفتخر به الغرب حتى نقضت هذه الحقوق بالنسبة للمسلمين، ويقول في ذلك عصمت سيف الدولة في محاضرة له حول الإسلام وحقوق الإنسان (رضوان السيد ،الفكر الإسلامي المعاصر وحقوق الإنسان-الحياة 21ديسمبر1994):" حتى عرفنا من واقع تاريخنا كيف تتحول الكلمات الكبيرة النبيلة إلى كبائر، فنحن لا نستطيع أن ننسى أن أصحاب إعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي هم الذين لم يلبثوا - قبل أن يجف حبر إعلانهم - أن أعدّوا العدة وأرسلوا قواتهم بقيادة فتاهم نابليون لاحتلال مصر." فهل هذا التاريخ وهم أو حقيقة؟(25/403)
عجبت لتصور الأستاذ عبد الله أبو السمح أن الحديث عن عداء الغرب للإسلام والمسلمين إنما هو وهم أسماه أبو السمح (الغارة الوهمية)، لقد صحب نابليون معه في حملته على مصر جيشاً من المستشرقين والعلماء ليس حباً في مصر، ولكن لإحكام السيطرة عليها في جميع المجالات. ولما غادر نابليون مصر بعث إلى نائبه في مصر أن يبعث إليه 500أو 600 شيخا من المماليك، والهدف من هذه البعثة كما يقول محمود شاكر في كتابه رسالة في الطريق إلى ثقافتنا نقلاً عن رسالة نابليون: "فإذا ما وصل هؤلاء إلى فرنسا يحجزون مدة سنة أو سنتين يشاهدون في أثنائها عظمة الأمة(الفرنسية)، ويعتادون على تقاليدنا ولغتنا، ولما يعودون إلى مصر يكون لنا منهم حزب يضم إلى غيرهم" .وقد كتب محمد المنوني في كتابه يقظة المغرب العربي أن المشرف الفرنسي على إحدى البعثات الطلابية المغربية طلب أن يبقى الطلاب المغاربة مدة أطول في فرنسا بعد انتهاء بعثتهم ليتشبعوا بعظمة فرنسا وحضارتها.
ونواصل مع محمود شاكر في حديثه عن محمد علي سرششمة أنه بعد أن استقر في الحكم "وازداد إطباق "القناصل" و "المستشرقين" على عقله وقلبه وخاصة الفرنسيين منهم، وكان من تخطيط هؤلاء الاستيلاء على عقول بعض شباب البلاد من خلال الابتعاث إلى أوروبا بعامة وفرنسا بخاصة. ويقول محمود شاكر "وسنحت لجومار (أحد المستشرقين) أعظم فرصة باستجابة محمد علي لإرسال بعثات إلى أوروبه فبنى مشروعه ... على شباب غض يبقون في فرنسا سنوات تطول أو تقصر يكونون أشد استجابة على اعتياد لغة فرنسا وتقاليدها، فإذا عادوا إلى مصر كانوا حزبا لفرنسا، وعلى مر الأيام يكبرون ويتولون المناصب صغيرها وكبيرها، ويكون أثرهم أشد تأثيراً في بناء جماهير كثيرة تبث الأفكار التي يتلقونها في صميم شعب دار الإسلام في مصر."
وحل الاستعمار الإنجليزي بمصر وبغير مصر فظهر عداء الغرب للإسلام والمسلمين، ولو اقتصر الأمر على حرمان بلد مسلم من السيادة والاستقلال لهان الأمر لأن روح الجهاد إذا ما استيقظ لم يبق للأجنبي وجود. ولكن الغرب يعرف هذا تماماً فكان حرصه على قتل هذه الروح. فما كان لهم من سبيل إلاّ العبث بالتعليم، فلما تولى اللورد كرومر منصب أول حاكم عام لمصر (1893-1907م)، وكان مسؤولاً عن حكم مصر مدة تصل إلى أربع عشرة سنة، وكان رأيه كما جاء في كتابه الذي نشره بعد مغادرته مصر(مصر الحديثة) :" إن الخلاف الشديد بين المسلمين والمستعمر الغربي في العقائد، وفي القيم، وفي التقاليد وفي اللغة وفي الفن، وفي الموسيقى.." ولا بد من التغلب على هذا الخلاف وثمة طريقان في رأيه: أحدهما هو تربية جيل من المصريين العصريين الذين ينشؤون تنشئة خاصة تقربهم من الأوروبيين ومن الانجليز على وجه الخصوص في طرائق السلوك والتفكير، ومن أجل ذلك أنشأ كرومر كلية فيكتوريا التي قصد بها تربية جيل من أبناء الحكام والزعماء والوجهاء في محيط إنجليزي ليكونوا من بعد هم أدوات المستعمر الغربي في إدارة شؤون المسلمين، وليكونوا في الوقت نفسه على مضي الوقت أدواته في التقريب بين المسلمين وبين المستعمر الأوروبي، وفي نشر الحضارة الغربية." وقد حدثني أحد الذين درسوا في هذه المدرسة انهم كان محرما عليهم التحدث باللغة العربية في المدرسة، ويعاقب من يضبط متلبسا بالحديث باللغة العربية. أما الصلاة والدين فلم يكن لهما مكانا في هذه المدرسة.
وكان التعليم في عهد كرومر قد أنيط بالقسيس دنلوب الذي يقول عنه محمود شاكر:" فأسند التعليم إلى قسّيس مبشر عاتٍ خبيث هو "دنلوب"" ويضيف: "وجاء الاستشراق الإنجليزي ليحدث في ثقافة الأمة المصرية صدعا متفاقما أخبث وأعتى من الصدع الذي أحدثه الاستشراق الفرنسي." وهذا الصدع هو ربط ثقافة المصريين بالفرعونية.
وكان موقف الاحتلال الإنجليزي في الأردن شبيها بما حدث في مصر فحدد المندوب (السامي) مثلا الحصص المخصصة للدين ، ويذكر أن أحد المسؤولين الإنجليز زار مدرسة فسأل عن الجدول فوجد أن حصص الدين أكثر مما هو مسموح به فاستشاط غضباً. وأما المنهج الدراسي فكان ضعيفا حيث لم تزد عدد السور المطلوب حفظها عن بضعة سور في المرحلة الابتدائية، ولم يكن ثمة مكان لحفظ أي عدد من الأحاديث النبوية الشريفة. أليس هذا التدخل في المناهج الدراسية يعد من العداء للإسلام والمسلمين، فإذا لم يكن عداءً فما العداء إذن؟
ومما يؤكد هذه العداوة ما جاء في الآية الكريمة {قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر}التي يقول القرطبي في تفسيرها: "يعني ظهرت العداوة والتكذيب لكم من أفواههم. والبغضاء: البغض، وهو ضد الحب ... وخص تعالى الأفواه بالذكر دون الألسنة إشارة إلى تشدقهم وثرثرتهم في أقوالهم هذه، فهم فوق المتستر الذي تبدو البغضاء في عينيه. وتتمة الآية (وما تخفي صدورهم أكبر) يقول القرطبي أن معناها:"إخبار وإعلام بأنهم يبطنون من البغضاء أكثر مما يظهرون بأفواههم .(25/404)
والآيات التي توضح حقيقة موقف النصارى واليهود من المسلمين كثيرة وأترك الحديث عن تفسيرها، لأتناول هنا الحقائق التاريخية والواقعية لهذه العداء. فقد أصدر آصف حسين الباحث المسلم الذي يعيش في بريطانيا منذ عدة سنوات، ويدير كلية إسلامية في مدينة ليستر كتابا بعنوان صراع الغرب مع الإسلام: استعراض للعداء التقليدي للاسلام في الغرب )عام1990م جاء في مقدمته:" غالباً ما يتهم الغرب بأنه معاد للإسلام وللعالم الإسلامي، وتهدف هذه الدراسة إلى البحث في مدة صحة هذه الفكرة أو هل هي من صنع الخيال [ كما يرى أبو السمح] ." وتحدث المؤلف عن معاداة السامية في الغرب وسبب ظهورها، كما تناول النزعة العنصرية لدى الأوروبيين، وقد بدأت اللاسامية بالاختفاء بسبب من قوة اليهود في الغرب فبقيت إذن النزعة العنصرية، وقد استشهد آصف حسين بمقولتين اختارهما عشوائيا للدلالة على هذه العداء. فالمقولة الأولى ليهودي فرنسي هو نائب رئيس لجنة اليهود الفرنسيين :" ليس في فرنسا مشكلة عنصرية، إن المشكلة تجد طرقاً للاستمرار بظهور الإسلام." (الجارديان 26 أبريل 1988م)، والمقولة الثانية هي لوزير ينتمي لحزب المحافظين يقول فيها: "يجب إعادة فتح بريطانيا للانجليز، ويجب طرد المسلمين إلى ديارهم إذا كانوا لا يستطيعون أن يعيشوا في بلد يسمح فيه لسلمان رشدي بحرية التعبير عن آرائه."(الجارديان 29 أغسطس 1988م). وقد حاولت هذه الدراسة تناول هذا العداء في مختلف المجالات، وعلى مر العصور ولذلك جاءت في سبعة فصول من أبرزها :" النصرانية والصليبيون، والرحالة والتجسس، والاستعمار والمستشرقون، والمنصّرون والحضارة، والعرقية والصور الجامدة، وعلم الاجتماع ونظريات التطور وأخيراً الإعلام وفساده.
وليس من هدف هذه المقالة استعراض هذه الدراسة ( التي أرجو أن تظهر باللغة العربية قريبا)، ولكنه عرض نماذج من عداء الغرب للإسلام والمسلمين. فقد اشتركت هيئة الإذاعة البريطانية (القسم العربي) مع المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية لعقد عدة ندوات للحوار بين العالم العربي وأوروبا، وعقدت ندوة في البحرين وأخرى في القاهرة، وباستعراض أسماء الذين اشتركوا هي هذه الندوات تجد أن صوت الإسلام كان غائبا هن هذه الندوات، وكأن القائمين على هذه النشاطات لا يريدون سماع صوت يخالف توجهاً معيناً أو هم يسمعون صوتهم وصدى هذا الصوت .
ولننتقل إلى نموذج آخر من هذا العداء فقد كنت أراجع بعض النشاطات الاستشراقية في الهيئات والمؤسسات العلمية والثقافية البريطانية فوجدت عدداً من الذين رفضت أعمالهم في البلاد العربية الإسلامية هم الذين يتصدرون هذه الندوات والمحاضرات. فهؤلاء الذين تفتح لهم الأبواب على مصاريعها هم الذين يحاربون ثوابت الأمة الإسلامية، ويحتقرونها، وينتقدون الإسلام والمسلمين. وهذا هو الدليل لما أقول: قام معهد الفنون الحديثة باستضافة عدد من الكتاب والأدباء العرب لإلقاء محاضرات أو المشاركة في ندوات. والمعهد مؤسسة غير ربحية مسجلة في بريطانيا ولهذه المؤسسة أهداف تعليمية خيرية، ويحصل المعهد على مساعدة مالية من مجلس الفنون البريطاني ومعهد الفيلم البريطاني ومؤسسة راين r ayne، ومن أهداف المعهد أيضاً توفير المكان للتعبير عن وجهات النظر المتعددة. أما الذين استضافهم هذا المعهد فمنهم : محمد شكري صاحب كتاب "الخبز الحافي"، الرواية الممنوعة في معظم البلاد العربية وتسخر من الإسلام . ومنهم عبد الرحمن منيف صاحب رواية "مدن الملح "التي لا تختلف عن رواية الخبز الحافي. وقدم المعهد لقاءً مع نوال السعداوي وحنان الشيح وعائشة جبار وغيرهم . فهل هذا الاهتمام بكل المنحرفين والضاليين يعد عداءً حقيقياً أو وهميا؟
===================(25/405)
(25/406)
الإسلام و الغرب > وماذا عن اعتذار الأوروبيين لنا؟ >
أُعلنَ قبل مدة عن قيام مسيرة أوروبية للاعتذار للمسلمين من الحملات الصليبية الأوروبية وما ارتكبته من وحشية ضد الشعوب الإسلامية. ولعلها كانت مسيرة متواضعة لم تنقل الصحف تفصيلاتها أو الشخصيات المهمة التي شاركت فيها أو التي فكرت فيها أساساً. المهم جميل أن يدرك الأوروبيون أنهم حينما جاؤوا إلى بلاد الشام إلى بلاد السمن والعسل والخيرات وقتلوا وسفكوا الدماء حتى غاصت خيول الإفرنج حتى الركب في الدماء. ولكن كان عليهم أن يدركوا أيضاً أن المسيرة كان ينبغي أن تتضمن تقديم الشكر للمسلمين بما أسهمت به حضارتهم في نهضة أوروبا، وكان عليهم أن يعدلوا مناهجهم الدراسية لتتضمن الأصل العربي الإسلامي كأصل من أصول ثقافتهم وحضارتهم، حيث إن الأوروبيين يصرون على أن مصادر ثقافتهم هي اليونانية واللاتينية والتراث اليهودي النصراني فقط.
لقد لفت انتباهي إلى هذا الموضوع ما كتبه الأستاذ فاروق لقمان في زاويته اليومية في "الاقتصادية" (18رمضان 1419هـ)، في حديثه عن اعتذار اليابانيين من الشعوب التي وقعت تحت الاحتلال الياباني وتساءل في آخر مقالته وماذا عن اعتذار الأوروبيين لنا؟ ولعله يتناول هذا الموضوع في مقالة منفصلة ولكني أحببت أن أتناول هذا الموضوع في هذه الزاوية؟
أولاً هل نستحق أن يعتذر الأوروبيون لنا مما فعلوه في أثناء احتلالهم لبلادنا العربية الإسلامية؟ لقد دخلوها بجيوشهم فقتلوا مئات الألوف بل الملايين. فقد بلغت بالفرنسيين الوحشية أن ابتدع الجنرال بيجو سياسة الأرض المحروقة، فكم من الجزائريين من التجأوا إلى الكهوف فحرقوا من فيها عن بكرة أبيهم. وهذه الوحشية تمثلت أيضاً فيما فعلته في فرنسا في شهر مايو من عام 1945حينما قتلت على أقل تقدير أكثر من خمسة وأربعين ألفاً في يوم واحد. وكذلك ما فعلته في حرب التحرير التي تسمى حرب المليون والنصف شهيد وربما كانوا أكثر بكثير من هذا العدد.
وأما إيطاليا وما أدراك ما إيطاليا فإنها في خلال فترة احتلالها القصيرة لليبيا قتلت ما يعادل نصف سكانها بأساليب تفوق وحشية ما كان يفعله الرومان بأعدائهم. واستمر مسلسل العنف والتقتيل الأوروبي للعالم الإسلامي. ففي هذا اليوم من شهر شوال سمعت أن مصر تطالب الدول الأوروبية التي تحاربت على أرضها ( ألمانيا وبريطانيا) إزالة الألغام التي تركتها جيوشهم بدون خرائط مما يصعب اكتشافها إلاّ بجهد كبير.
وليس الاعتذار للأحياء بأقل أهمية من الذي قتلتهم فقد سعت الدول الأوروبية إلى نشر مدارسها ومعاهدها في بلادنا حتى أصبحت لدينا عقدة نقص متأصلة أو مستديمة أو مزمنة وهي شغفنا باللغات الأجنبية حتى إن بعض الإسلاميين يرسلون أبناءهم إلى هذه المدارس لأنها هي التي تضمن لهم الوظائف إذا خرجوا إلى الحياة العملية. وهل اللغة وحدها هي المصيبة ولكن اللغة وعاء لثقافة وفكر غربيين عنّا. فأذكر أحد الذين درسوا في كلية فيكتوريا يزعم أن مصطفى كمال الزعيم التركي الذي حارب الإسلام وعلماءه، وحارب اللغة العربية وسعى إلى إخراج الألفاظ العربية من اللغة التركية حتى أطلق المستشرق البريطاني اليهودي جيفري لويس على ذلك (الإصلاح الكارثة)، يزعم أنه زعيم عظيم وأنه هو الذي أسس تركيا الحديثة وسعى إلى أن تلحق ركب التمدن والحضارة.
في الوقت الذي قتل اليهود بالدعم الأوروبي وبالمال الأوروبي والأمريكي عشرات الألوف من الفلسطينيين وشردوا الملايين منهم يسافر مدير أكبر البنوك الألمانية إلى أمريكا ليجتمع باليهود وبالمنظمة اليهودية العالمية ليبحث في التعويضات التي يطلبها اليهود مقابل إسهام البنك في حملة الإبادة بأفران الغاز. مع أن التاريخ يحفظ أن اليهود قتلوا من الألمان أعداداً كبيرة فقط لأنهم ألمان مع أن اليهود سعوا قبل أن يغضب عليهم الألمان إلى السيطرة على الاقتصاد الألماني.
نحن لا نريد تعويضاً من أحد على ما فات، ولكننا نريد أن نستيقظ فنحافظ على ثرواتنا الحالية بأن لا يبخسونا في السعر المقدم لها، وأن نحافظ نحن على هويتنا رغم السنوات الطويلة من الغزو الفكري السابق والحالي ورغم تملكهم لوسائل الإعلام العالمية. ولكن ألسنا نحن الذين يجب أن نفرض احترامنا على الآخرين
==================(25/407)
(25/408)
الإسلام و الغرب > أما المسلمون فلا بواكي لهم >
لماذا هذه الضجة الكبرى حول الجنرال التشيلي أوجستو بينوشيه(حاكم شيلي السابق) الذي يتهم بارتكاب مجازر ضد قومه؟ فدولة تريد الإفراج عنه بينما تريد دول أخرى احتجازه لمحاكمته. والهدف من ذلك كله كما يزعمون تحقيق العدالة، ومعاقبة متهم بارتكاب مجازر ضد قومه. وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية المتخصصة لأحداث التطهير العرقي السابقة في رواندا على جون كمباندا -رئيس وزراء رواندا السابق- بالسجن مدى الحياة بسبب ضلوعه في جرائم ضد الإنسانية.
وهناك قرارات دولية لمعاقبة الذين اشتركوا في ما يسمى بالهولوكوست، وبدأت المحكمة الدولية لجرائم الحروب في مدينة لاهاي الهولندية بمحاكمة بعض الذي اشتركوا في المجازر ضد المسلمين في البوسنة والهرسك. لكن حظ المسلمين في عناية هذه المحاكم الدولية ما زال قريباً من الصفر؛ فالجرائم التي ترتكب ضد المسلمين تمر في الإعلام العالمي مرور الكرام، ولا تعتني بهم المحاكم المخصصة للجرائم التي ترتكب بسبب الاضطهاد العرقي أو الديني.
وقد كتب إليّ الدكتور أحمد فريد مصطفى المشرف العام على منارات المدينة المنورة يذكر بما جدث للمسلمين في ما يسمى تنزانيا الآن؛ ففي عام 1386هـ(1966م) قام القس نيريري بضم زنجبار بالقوة وألقى بآلاف المسلمين في البحر ليموتوا غرقاً، بالإضافة إلى الآلاف من المسلمين الذين أخذوا إلى المقابر ثم قتلوا بالرصاص. وقد صوّرت بعض الصحف الغربية هذه الجرائم ولم يكتب عنها سوى عدد محدد من الصحف العربية الإسلامية. ويشير الدكتور أحمد فريد مصطفى إلى أن الأستاذ محمد صلاح الدين قد كتب في هذا الموضوع في صحيفة المدينة المنورة حينذاك. هل كان السكوت على نيريري لأنه قس نصراني والضحايا من المسلمين الذين لا بواكي لهم. واستمر القس نيريري يحكم تنزانيا سنوات عديدة ولا أحد يشير إلى جرائمه ضد المسلمين.
ولكن السؤال الذي يجب أن يطرح على محاكم (العدل) الدولية هو لماذا تمر المجازر ضد المسلمين دون أن يتناولها أحد أو يثيرها في الإعلام الدولي؟ فهذه إسرائيل منذ عام 1948م وهي ترتكب المجازر ضد الشعب الفلسطيني، وما زالت سجونها تزدحم بأعداد كبيرة من الفلسطينيين، فالذين ارتكبوا هذه الجرائم يستقبلون استقبالاً رسميا في الدول الغربية، ولا يستطيع أحد أن يتفوه بكلمة ضدهم وآخر من احتفت بهم واشنطن أريل شارون وزير الخارجية الإسرائيلي ودوره معروف في مجزرتي صبرا وشاتيلا.
ولا تنحصر الجرائم ضد المسلمين بالمجازر فهناك المسلمون خارج السجون ولكنهم لا يتمتعون بحقوق المواطن التي يتمتع بها المواطن العادي؛ فهذه دولة تدعي أنها علمانية ولكنها تحرم مواطنيها من أبسط حقوقهم المدنية مثل التمسك بالشعائر الدينية كالحجاب أو إطلاق اللحية أو أداء الصلوات. وفي إسرائيل تنحصر الحقوق المدنية فيمن ينحدر من أصل يهودي ويهودي غربي بالذات.
وأين هذه المحاكم الدولية مما حدث ويحدث للمسلمين في كشمير، وفي الفلبين، وفي بورما، وفي اليونان؟ ففي بورما مثلاً يطرد مئات الألوف من المسلمين لينتقلوا إلى جارتهم التي لا تنقطع معاناتها بنجلاديش ولا تتحرك المحاكم الدولية لإعادتهم إلى بلادهم. أما السياسيّة البورمية المتزوجة من إنجليزي فلا تنقطع أخبارها عن وسائل الإعلام الدولية حتى أعطيت جائزة نوبل للسلام. فهل سياسيّة واحدة أهم من مئات الألوف من المسلمين؟ ولماذا لم تتحرك محاكم (العدل) الدولية لمعاقبة المتسبب في مجازر حلبجة في العراق ضد المسلمين الأكراد؟ لقد عرفها العالم ولكن لم يفكر أحد يومها بتقديم رئيس النظام العراقي إلى محاكم (العدل) الدولية. ولماذا لم يعاقب النظام الروسي الذي دمّر العاصمة الشيشانية تدميراً شاملاً، بل إن البنك الدولي ضخ آلاف الملايين من الدولارات في الاقتصاد الروسي - وما يزال- لدعم الروس.
لقد طرحت ذات يوم فكرة إنشاء محكمة عدل إسلامية دولية، وما زلنا ننتظر أن يتحقق هذا؛ فإن المسلمين يجب أن يأخذوا قضاياهم بأيديهم ولا يتركوها لمحاكم (العدل) الدولية التي توجهها الأمم الغربية ولا تهتم إلاّ بما تريد أن تهتم به. فالرئيس الصربي يتم التفاوض معه والتعامل معه على أنه رئيس دولة بينما الأدلة والشواهد والقرائن كلها تتهمه بارتكاب المجازر في البوسنة ثم في كوسوفا. وقد أصبح الآن سجيناً في لاهاي يتنظر محاكمته التي تؤجل من تاريخ إلى تاريخ ربما حتى يموت دون أن يحكم عليه. فمتى ينهض المسلمون ويُحاكم من يرتكب الجرائم ضدهم؟؟
================(25/409)
(25/410)
الإسلام و الغرب > الاستشراق يهتم بمن يحارب الإسلام >
أدرت مؤشر المذياع قبل عدة ايام وبدأت هيئة الإذاعة البريطانية القسم العربي ببث برامجها مبتدئة بالقرآن الكريم، ثم نشرة إخبارية مؤجزة، ثم عرض سريع للبرامج وربما أي شيء آخر لا أذكره الآن. وقبل الساعة السابعة بخمس دقائق قدمت لنا الإذاعة أغنية (واختيارات إذاعة لندن أو أغانينا وكلماتها تحتاج وقفة مستقلة-لو سمعها شاعر من عهد ازدهار الشعر لمات كمداً).
وفي السابعة صباحاً بدأت الجولة الإخبارية الأولى ثم تلاها ما تلاها حتى جاء موعد البرنامج الشيق (الرأي الآخر) وهذا البرنامج تقدمه عادة المذيعة مديحة المدفعي، ولكنه كان في هذا اليوم من نصيب المذيع أحمد مصطفى.
وبدأ المذيع قائلا بأن جدلاً واسعاً يدور في هذه الأيام حول مدى ديموقراطية تيار الإسلام السياسي، وإن القضية التي يدور حولها البرنامج اليوم هي الإسلام والديموقراطية. وضيفا البرنامج هما الدكتور عزيز العظمة الباحث في معهد الدراسات العليا في بون بألمانيا. والضيف الثاني هو الدكتور محمد عمارة.
وقدم المذيع الضيف القادم من ألمانيا عزيز العظمة، فبدأ عزيز الضيف مرافعته بأن الإسلام لا يصلح أساساً للحكم لأن النظم الدينية- في نظره- تقوم على اعتبار التمييز بين المواطنين؛ فثمة تمييز بين الرجل والمرأة، وتمييز بين الكفاءات، وتمييز بين الناس وفقاً لمعتقداتهم الدينية. وخلص إلى أن أي نظام سياسي يقوم على أيديولوجية دينية يكون بطبيعته شمولي، ولا يترك المجال للناس أن يتطوروا.
ولمّا كان وقت البرنامج قصيراً فلم يتمكن العظمة من تفصيل هذه المقولات. ولكن كما يقول المثل" تلك شنشنة معروفة "، فلم يفتأ المستشرقون غير الموضوعيين يتهمون الإسلام بأنه يفرق بين المرأة والرجل. لقد أصبح من الممل الرد على مثل هذه الفرية. فأي تفرقة هذه التي يقصدها الدكتور؟ ألم يسمع بقول صلى الله عليه وسلم (النساء شقائق الرجال)؟ ألم يكن الإسلام هو الذي سبق الغرب بمئات السنين باستقلالية ذمة المرأة المالية؟ ألم تكن المرأة المسلمة تهتم بشؤون الأمة وتدفع أبناءها إلى الجهاد؟ من الذي أنجب المجاهدين في أنحاء العالم الإسلامي الذين وقفوا في وجه الاستعمار؟ من الذي ربّاهم ودفعهم إلى الجهاد؟ وهذه المرأة الفلسطينية اليوم خير مثال على المرأة المسلمة التي تعرف واجباتها وتسهم في المقاومة كما يسهم الرجل وربما زيادة؟
وكيف يميز الإسلام بين الكفاءات وهذا حديث الرسو صلى الله عليه وسلم يحذر من أن يوضع الرجل في غير المكان المناسب له (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة)، فقيل وكيف تضيع الأمانة ؟قال: (إذا وسّدت الأمور الى غير أهلها)، أليس هو r الذي أمر بلالاّ رضي الله عنه أن يعلو الكعبة ليؤذن، ويغتاظ من قريش من لم يروا بلالاً أهلاً لهذا المكان، وهو الذي كان بالأمس عبداً رقيقاً عندهم لا يحلم بأقل من هذا بكثير؟
هل يجهل الدكتور العظمة هذا؟ أو أصابه داء بعض المستشرقين الذين لا يفهمون ما يقرأون أو يفهمونه كما يشاؤون؟ لقد وفّى الدكتور عمارة في ردوده على العظمة ولكنّي أتساءل لماذا تهتم المعاهد الغربية باستقطاب هؤلاء الذين يسيؤون للإسلام ولا يمثلونه، وتقدم لهم المراكز العلمية البارزة حتى إذا قالوا سُمِع لقولهم؟
===============(25/411)
(25/412)
الإسلام و الغرب > كوسوفا والرأي السديد >
يبدو للعالم أن الصرب قد آلمتهم ضربات طائرات حلف شمال الأطلسي فاستسلموا لشروط الحلف، وبدأت المحادثات للتفاهم حول كيفية تطبيق شروط الحلف في الانسحاب من كوسوفا وبدء عودة شعب كوسوفا المسلم إلى دياره. ولكن هل يكفي أن تخرج قوات الصرب وتعيش المنطقة سنوات -الله أعلم كم تطول- في حماية قوات الأمم المتحدة ؟ أما أهل كوسوفا فيحرمون من أن يكون لهم جيش يحمون به أنفسهم لأن الاتفاقيات نصت على أن يتخلى مقاتلو جيش تحرير كوسوفا عن سلاحهم، وأن توضع قوات الأمم المتحدة على الحدود لمنع تسلسلهم إلى بلادهم لتحريرها.
إن أول ما دار من حديث أن الرئيس الصربي لا عهد له ولا ذمة وأنه طالما تعهد ووعد، وما أن تحين له الفرصة حتى يخلف وعده ويكسر عهوده. إن الرئيس الصربي لم يكن وحده الذي يستحق الإدانة فإنه خلف الأعمال التي قام بها جيشه من نهب وتدمير وهتك للأعراض إنما فعلوه لأن ثقافتهم ومعتقداتهم تبيح لهم ذلك. ومهما كانت الأوامر العسكرية من سلوبودان مليسوفيتش فإن الذين قاموا بالتنفيذ أفراد من الشعب الصربي الذي احتل الأراضي التي كان يسكنها المسلمون ولا بد أن الصرب سيحاولون أن يثبتوا وجودهم بأي طريقة داخل كوسوفا.
وفي هذا المجال وجدت في أرشيفي الصحفي مقالة للشيخ أحمد محمد جمال رحمه الله بعنوان (نحن أحق من ميتران) يتحدث فيها عن أزمة البوسنة والهرسك نشرت في 20محرم 1413هـ، قال فيها ما يأتي: "مازالت المناحات العربية والإسلامية تتردد في الصحف والمجلات وعبر الإذاعات والتلفازات ..بكاءً وعويلاً على المذابح الصربية في البوسنة والهرسك، ومازالت دماء النساء والرجال والأطفال ..ومؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية -الذي انعقد في تركيا- اكتفى بطلب إلى مجلس الأمن الدولي بالتدخل السريع في أزمة البوسنة والهرسك…
000000000
"من وجهة نظري أن العالم الإسلامي يجب أن يحمي نفسه لأنه يؤلف كثرة كاثرة من الدول ذات القوة العسكرية والثروة الاقتصادية وحقوق السيادة، التي من شأنها أن تدافع عن كرامتها وإنسانيتها وشعوبها وأراضيها، كما يجب على منظمة المؤتمر الإسلامي أن تكون لها قوات عسكرية تدافع بها عن أية دولة أو أقلية إسلامية وقع عليها عدوان ظالم أو اضطهاد غاشم من دول صليبية أو وثنية"
وقد طالب الشيخ رحمه الله في مقالة له في بداية مأساة البوسنة (27/11/1412هـ) " بسحب سفراء الدول العربية والإسلامية من يوغسلافيا، ثم سحب ممثليها في هيئة الأمم المتحدة إذا لم يتخذ مجلس الأمن الدولي إجراءً عملياً حاسماً لوقف العدوان الصربي على البوسنة والهرسك…ويضيف الشيخ "وقلت يومذاك إن البكاء والنواح لن يجديا شيئاً، ولا بيانات الشجب والاستنكار التي تصدرها الزعامات العربية والإسلامية ستوقف العدوان الصليبي الصربي على إخواننا المسلمين هناك. وفعلاً استمر سفك الدماء وذبح الشيوخ والنساء والأطفال وهدم الدور والمتاجر والمساجد في الديار الإسلامية…."
وكان الشيخ رحمه الله على حق فإن الصرب حتى وهم قد رضخوا أخيراً فيما يبدو لضربات حلف الأطلسي فإنهم إذا وجدوا الفرصة مواتية ارتكبوا أفعالهم الشنيعة، فهل يكفي أن يعود شعب كوسوفا لحكم ذاتي محدود وأن لا يكون لهم جيش يحميهم وأن يحتفظ الصرب بكوسوفا لأن الصرب يزعمون أن لهم حقاً تاريخياً في هذه المنطقة وقد تضمنت الاتفاقية أن يحتفظ الصرب ببعض الجنود لحماية الأماكن المقدسة لهم. فيا سبحان الله تهدم كل المقدسات للمسلمين ويبقى للصرب مقدساتهم ويسمح لهم بحمايتها.
إن العقوبة الحقيقية للصرب أن لا يسمح لهم بدخول كوسوفا وإن لم يفرض ذلك الأوروبيون فإن المسلمين قادرون على ذلك وإنهم سيفعلون ذلك؟ فهل الحل أن يعود المسلمون إلى ديارهم التي خربت ودمّرت ونهبت وأن يعودوا إلى بلد تحت حكم من هتك الأعراض ويتّم الأولاد ورمّل النساء؟
وأخيراً فهل يستمع أحد إلى ما قاله الشيخ أحمد محمد جمال رحمه الله ؟
===============(25/413)
(25/414)
الإسلام و الغرب > خطتهم الخمسية وخطتنا >
نشر إدوارد دجيرجيان السفير الأمريكي السابق في إسرائيل ومساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط أيضاً مقالة في صحيفة الكريستشان ساينس مونيتور(Ch r istian Science Monito r )في17مارس 1995م (*) بعنوان خطة من خمسة نقاط للتعامل مع الإسلام. وهناك عنوان فرعي يقول "على الولايات المتحدة الأمريكية أن تبني استراتيجية واسعة تجاه هلال الأزمات ابتداءً من البوسنة إلى الشرق الأوسط وجنوب آسيا"
قدم دجيرجيان لخطته الخمسية بالقول: "إن نداء (الله أكبر) التي يطلقها المقاتلون المسلمون يمكن سماعها عبر هلال الأزمات منطلقة من البوسنة وخلال الشرق الأوسط حتى أواسط آسيا وجنوب شرق آسيا. إن الإسلام يلعب دوراً حاسماً في المشكلات المختلفة كما في البوسنة وفي الشيشان وفي ناقرنو-كراباح والجزائر وغزة والضفة الغربية وكشمير. والمسلمون في هذه المنطقة كلها يؤكدون هويتهم مقابل النظم غير الإسلامية أو الشرائح أو الأنظمة القائمة على العلمانية…"
ويتساءل دجيرجيان هل هذه المشكلات صدام حضارات حتمية بين الغرب والإسلام؟ أو إنها إفرازات معينة لعدد من المشكلات زادت حدتها بنهاية الحرب الباردة؟ ويضيف بأنه يعتقد أن السبب الأخير هو الصواب. ومع ذلك فإن على صانعي السياسة الأمريكيين أن يتناولوا قضية الدين بجدية وبهذا السياق كيف يمكن للولايات المتحدة أن تطور سياسة شاملة نحو الإسلام؟
ثم يقدم دجيرجيان خمسة خطوات للتعامل مع الإسلام التي يمكن تلخيصها كما يأتي :
1- يجب على الولايات المتحدة أن تدرك أن منطقة هلال الأزمات تحتوي على ثلثي احتياطي النفط في العالم وأن الحرب في البوسنة قد تكون الشعلة لحرب أوسع في البلقان، كما أن المشكلة في الشيشان يمكن أن تعطل الإصلاحات في روسيا.وكذلك مشكلة كشمير يمكن أن تشعل فتيل الحرب بين الباكستان والهند.
2- يجب على صانعي السياسية الأمريكية أن يفرقوا بين إسلام عامة الناس وأولئك الذين ينادون بالإرهاب خارج بلادهم وضد أنظمة بلادهم المضطهِدة. وإن كان على الولايات المتحدة أن تواجه أي خطر فهو خطر التطرف سواءً كان علمانياً أو دينياً. يجب على الولايات المتحدة أن تؤيد الحكومات التي تمثل الإسلام العام والتي تحاول أن تحسن من أوضاع شعوبها المعيشية. وذكر بعض الدول التي يرى أن على أمريكيا تأييدها وهي تركيا العلمانية ومصر ودول أخرى.
3- في العالم الإسلام كما هو الحال في دول أخرى تقود المظالم الاجتماعية إلى التطرف، ويجب على الولايات المتحدة أن تعمل مع هذه الدول لإزالة هذه المظالم.
4- إن حل المشكلة العربية الإسرائيلية سوف يساعد على قطع الطريق على تأثير ويفسد قدرات التطرف الإسلامي. ويتحدث عن بعض الجهود الأمريكية في هذا المجال.
5- يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن لا تقلل من شأن الدين فعليها أن تدخل هذا العامل ضمن عملية صناعة سياستها في المنطقة.
هذا نموذج لأحد العاملين في مجال صناعة القرار السياسي قد يصيب وقد يخطئ ولكن السؤال ما ذا عنّا نحن هل أعددنا خطتنا للتعامل معهم أو حتى للتعامل مع أزماتنا؟ إن لديهم في الغرب عشرات مراكز البحوث الاستراتيجية ومراكز صناعة القرار أو ما يسمى مستودع التفكير Think Tank وهم يستخدمون كل القدرات العلمية والعقلية والفكرية في دراسة ما يواجههم من مشكلات ويفكرون في وضع الحلول المناسبة لهم والتي تخدم أهدافهم ومجتمعاتهم .
إننا في العالم الإسلامي بحاجة إلى مزيد من التركيز على حل مشكلاتنا الداخلية ولعل من أولها البطالة، فقد كتب فهمي هويدي قبل أسابيع عن وجود عشرة ملايين عاطل عن العمل في العالم الإسلامي، ولو أضفنا إلى هذه المشكلة ما نواجهه من مشكلة الأمية والتخلف وعدم تقدير الكفاءات والمواهب فهذه كفيلة بشغلنا تماماً عن كثير من إضاعة الوقت في أمور كثيرة أقل أهمية. وإننا إذا ما استطعنا أن نكون أكثر صراحة في حل مشكلاتنا الداخلية أصبحنا أكثر قرباً من تحقيق قوة الجبهة الداخلية، عندها نلتفت أو علينا في الوقت نفسه أن نكلف من ينظر في دراسة أوضاعنا مع الجبهات الخارجية للوصول إلى المواقف المناسبة.
- الحواشي :
* زودني بنسخة من المقالة الأستاذ جهاد الخازن عندما سألته عن مقالة له حول هل الأزمات
===============(25/415)
(25/416)
الإسلام و الغرب > نظرات إيجابية إلى الإسلام >
برنامج (هل عرفتني؟)
نظرات إيجابية إلى الإسلام
1- يقول المستشرق الفرنسي مونتيه :"من المتوقع لعقيدة محدودة كل التحديد خالية كل الخلو من جميع التعقيدات الفلسفية ثم هي تبعاً لذلك في متناول إدراك الشخص العادي أن تمتلك، وإنها لتمتلك فعلاً قوة عجيبة لاكتساب طريقها إلى ضمائر الناس."
من كتاب : Les P r opagande Ch r etienne et ses adve r sai r es Muslumann.(Pa r is 1890) نقلاً عن كتاب توماس آرنولد: الدعوة إلى الإسلام.
2- يقول الباحث كونن في كتابه الأديان القومية والأديان الكونية عن الإسلام: "نجد أركان العقيدة تلقى دون انقطاع تعبيراً ظاهراً في حياة المؤمن، ثم نجدها بعد أن أصبحت متشابكة مع نظام حياته اليومية تشابكاً لا سبيل إلى الفكاك منه، تجعل المسلم الفرد إماماً ومعلماً لعقيدته، أكثر إلى حد بعيد مما هي الحال مع أنصار معظم الديانات الأخرى."
B. Kunen . National r eligions and Unive r sal r eligions (London 1882)
3-يقول ركس إنجرم وهو اسكتلندي شارك في الحرب العالمية الأولى، وزار العديد من بلاد الشرق، ودرس لغاتها وأديانها، وعمل في هوليود مصوراً سينمائيا، واعتنق الإسلام لأنه وجد فيه ضالته المنشودة.
"إنني أعتقد أن الإسلام هو الدين الذي يُدخل السلام والسكينة إلى النفس، ويلهم الإنسان العزاء وراحة البال والسلوى في هذه الحياة، وقد تسرب روح الإسلام إلى نفسي فشعرت بنعم الإيمان بالقضاء الإلهي، وعدم المبالاة بالمؤثرات المادية من لذة وألم." عن كتاب رجال ونساء أسلموا 1/3.
4- يقول المستشرق الأمريكي في كتابه حياة محمد: "ينهى الإسلام عن الوثنية تماماً في جميع صورها، فقد نهى الإسلام عن جميع الطقوس الدينية في الجاهلية التي تتعلق بالوثنية ودعا إلى توحيد الله، ولكنه احتفظ من بين تلك الطقوس بما هو بعيد عن الوثنية مثل الحج إلى مكة والطواف بالكعبة."
5- يقول مارسيل بوازار في كتابه إنسانية الإسلام: "لا تمييز في العقيدة الإسلامية بين الموجب القانوني والواجب الخلقي، وهذا الجمع المحكم بين القانون والخُلُق يؤكد قوة النظام منذ البداية."
6- يقول المؤرخ البريطاني المشهور آرنولد توينبي في كتابه مختصر دراسة التاريخ (3/54-55): "إن الإسلام قد أعاد توكيد وحدانية الله في مقابل الضعف البادي في تمسك المسيحية بهذه الحقيقة الجوهرية".
ثانياً: التشريع
1-كتب المستشرق ديفيد سانتيلانا في كتاب تراث الإسلام Legacy of Islam: "عبثاً نحاول أن نجد أصولاً واحدة تلتقي فيها التشريعات الشرقية والغربية (الإسلامية والرومانية) كما استقر الرأي على ذلك. إن الشريعة الإسلامية ذات الحدود المرسومة، والمبادئ الثابتة لا يمكن إرجاعها أو نسبتها إلى شرائعنا وقوانيننا لأنها شريعة دينية تغير أفكارنا أصلاً."
ويقول أيضاً: "ولمّا كان الشرع الإسلامي يستهدف منفعة المجموع، فهو بجوهره شريعة تطورية غير جامدة خلافاً لشريعتنا من بعض الوجوه. ثم إنها علم مادامت تعتمد على المنطق الجدلي -وتستند إلى اللغة …إنها ليست جامدة."
2- يقول ول ديورانت في كتابه قصة الحضارة:"كانت مبادئ الإسلام [المسلمين] الأخلاقية وشريعتهم، وحكومتهم قائمة كلها على أساس الدين، والإسلامي أبسط الأديان كلها وأوضحها، وأساسه شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله."
3-كتب مكسيم رودنسون المستشرق الفرنسي الذي كان يتبنى الشيوعية في كتاب تراث الإسلام: "ثم إن الإسلام وفق بين الدعوة إلى حياة أخلاقية وبين حاجات الجسد والحواس والحياة في المجتمع، وخلاصة القول فهو كدين كان قريباً جداً من الدين الطبيعي الذي كان يعتقد به معظم(رجال عصر التنوير)
ثالثاً: الحياة الاجتماعية
1-يقول ليوبولد فايس (محمد أسد) في كتابه منهاج الإسلام في الحكم: "هدف التعاليم لا تقف عند حد تنظيم العلاقة بين الإنسان وخالقه، ولكنها تتعدى ذلك إلى وضع نظام محدد للسلوك الاجتماعي يجب على المسلم اتباعه كأثر من آثار تلك العلاقة ونتيجة لها، إن رفع الظلم عن الناس وإقامة معالم العدل في الأرض هي الغاية النهائية التي تستهدفها رسالة الإسلام الاجتماعية."
2- كتب توماس كارلايل في كتابه الأبطال: "إن في الإسلام خلة أراها من أشرف الخلال وأجلها وهي التسوية بين الناس، وهذا يدل إلى أصدق النظر وأصوب الرأي، فنفس المؤمن راجحة بجميع دول الأرض، والناس في الإسلام سواء. والإسلام لا يكتفي بجعل الصدقة سنّة محبوبة بل يجعلها فرضاً حتماً على كل مسلم، وقاعدة من قواعد الإسلام ثم يقدرها بالنسبة إلى ثروة الرجل..جميل والله هذا، وما هو إلاّ صوت الإنسانية، وصت الرحمة الإخاء والمساواة."(25/417)
3- كتب المستشرق الإنجليزي هاملتون جيب في كتابه دراسات في حضارة الإسلام: "كانت التعاليم التي جاء بها محمد (ص) في أساسها إعادة لإحقاق المبادئ الأخلاقية التي تشترك فيها ديانات التوحيد، فازداد ترسيخ معنى الأخوة بين جميع أفراد الجماعة الإسلامية، وأنهم سواسية من حيث القيمة الشخصية الفطرية دون النظر إلى ما في مكانتهم الدنيوية ووظائفهم وثرواتهم من تباين واختلاف."
4- يقول المستشرق الفرنسي إميل درمنجهم في كتابه حياة محمد: "مما لا ريب فيه أن الإسلام رفع من شأن المرأة في بلاد العرب وحسّن حالها."
5- ويقول وول ديورانت: "رفع الإسلام من مقام المرأة في بلاد العرب، وقضى على عادة وأد البنات وسوّى بين الرجل والمرأة في الإجراءات القضائية والاستقلال المالي، وجعل من حقلها أن تشتغل بكل ما هو حلال، وأن تحتفظ بمالها ومكاسبها، وأن ترث وأن تتصرف في مالها كما تشاء، وقضى على ما اعتاده العرب في الجاهلية من انتقال النساء من الأب فيما ينتقل من متاع، وجعل نصيب الأنثى في الميراث نصف نصيب الذكر، ومنع زواجهن بغير إرادتهن."
6- كتبت زيغرد هونكه في كتابها المشهور شمس الله تشرق على الغرب: "إن احترام العرب لعالم النساء واهتمامهم به ليظهران بوضوح عندما نرى أنهم خصّوه بفيض من العطور وبأنواع الزينة التي وإن لم تكن غير مجهولة قبلها إلاّ أنها فاحت بثروة الشرق العطرية الزكية، وبالأساليب الفائقة في تحضيرها .."
وقالت في موضع آخر "ظلت المرأة في الإسلام تحتل مكانة أعلى وأرفع مما احتلته في الجاهلية. ألم تكن خديجة [رضي الله عنها] زوجة النبي [e]الأولى التي عاش معها أربعاً وعشرين عاماً أرملة لها شخصيتها ومالها ومكانتها الرفيعة في مجتمعها؟ لقد كانت نموذجاً لشريفات العرب، أجاز لها الرسول(e) أن تستزيد من العلم والمعرفة كالرجل تماماً؟"
==============(25/418)
(25/419)
الإسلام و الغرب > إذاعة لندن والاستشراق الجديد >
كلفت قبل مدة بإلقاء درس حول الاستشراق المعاصر، فأعددت بعض الأفكار في ذهني وفي وريقات معي، ولما حان موعد الدرس انطلقت إلى المكان المحدد وفي الطريق أدرت المذياع فإذا بالإذاعة لندن باللغة الإنجليزية تجري لقاء مع الدكتورة منى مكرم عبيد الأستاذة الجامعية المصرية القبطية (عضوة مجلس الشعب)، فأوقفت سيارتي، وأخرجت ورقة وبدأت أدون ما تقوله الدكتورة، ثم أكملت الطريق حتى وصلت وجهتي وقد عزمت على أن لا أتحدث عن الأفكار التي أعددت أو كتبت ذلك أنني وجدت بغيتي في هذا الحديث الإذاعي.
لم يعد الاستشراق المعاصر يعتمد على جون، وجورج، وبل، ومايكال، وغيرهم فقد اكتشف هذا الاستشراق أننا حساسون جدا للآراء والأفكار التي يطرحها هؤلاء، لذلك سعي أن يوصل أفكاره ومخططاته ومؤتمراته من خلال أبنائنا الذين يحملون أسماء حسن، ومحمود، وعلى، وحسين، ومنى، وعائشة، وهدى وغيرهم.
ولما كان من أبرز أهداف الاستشراق قديما وحديثا السعي إلى تفتيت وحدة الأمة الإسلامية، وخلق النزعات داخل المجتمعات الإسلامية وبخاصة تلك التي تضم أقليات نصرانية فإن حديث الدكتورة منى يسعى جاداً إلى تحقيق هذا الهدف.
ولننتظر كيف يعمل الاستشراق المعاصر خلال أمثال الدكتورة منى عبيد من واقع الأفكار التي قدمتها في هذا اللقاء مع إذاعة لندن باللغة الإنجليزية. لقد أبدت الدكتورة مخاوفها الشديدة من تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر، وزعمت أن ذلك لن يكون في مصلحة النصارى، كما زعمت أن المناهج الحالية بما تحتوي من اهتمام وتركيز على الإسلام أمر غير مقبول، فكيف إذا ما تمت أسلمة هذه المناهج كليا، وهذا يعني في نظرها أسلمة المجتمع المصري. لا شك أن من ديدن الاستشراق قديما وحديثا تقديم التهم والافتراضات دون تقديم الدليل والبرهان؛ ذلك أن المتحدث - الدكتورة منى - تتحدث بلغة الواثق، لغة العالِم المَرْجِع فيما يقول. فالدكتورة للأسف الشديد لم توضح كيف أن تطبيق الشريعة الإسلامية سيضر بمصالح الأقلية النصرانية. لقد نسيت الدكتورة أو تناست أن مصر عاشت قروناً طويلة في أمن وسلام حقيقي في ظل الشريعة الإسلامية. وإن الحقوق التي تكفلها هذه الشريعة لأهل الذمة لا يوجد مثلها في أي تشريع آخر. ولننقل صورة من الماضي حينما شعر مصري قبطي بأنه ظلم، فتوجه من فوره إلى المدينة المنورة عاصمة الدولة الإسلامية حينذاك ليشكو وإلي مصر الصحابي الجليل عمرو ابن العاص. وأُنْصِفَ المصري تماما، بل إن عمر بن الخطاب قال قولته المشهورة والتي هي أساس مهم في الإسلام "من استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" هذا المصري الذي كان خاضعا لشتى أنواع الاضطهاد تحت الحكم الروماني المسيحي دينيا واجتماعيا واقتصاديا وغير ذلك، لم يكن ليدور في مخيلته أن يشكو حاكما رومانيا أو يتظلم. أليست الشريعة الإسلامية إذن هي التي حققت العدل للأقباط المصريين ؟
وعسى أن تتذكر الدكتورة منى من الماضي القريب كيف أن كثيراً من النصارى أيدوا الشيخ حسن البنا رحمه الله ووقفوا إلى جانب المسلمين في صراعهم ضد الاحتلال البريطاني الغاشم رغم أن بريطانيا لم يفتها استغلال بعض النصارى كما استغلهم نابليون من قبل في حربه للإسلام والمسلمين.
أما قولها بأن المناهج الدراسية الإسلامية الحالية أو ما يتوقع أن يضاف إليها من أسلمة تضر بالأقلية النصرانية، فهل من المنطق أن يدرس خمسة وتسعون بالمئة من أبناء البلاد مناهج علمانية لا تربط بدين الشعب من أجل خمسة مائة؟ وهل يصح أن تفرض مناهج غير إسلامية في بلد مسلم ثم ما العيب في المناهج الإسلامية؟ هل تستطيع الدكتورة أن تقدم دليلاً واحداً على أن المناهج تضر أو تتحيز ضد النصارى؟ إنها تنسى أو تتناسى وصية الرسو صلى الله عليه وسلم بمصر وأهلها. إن المناهج الإسلامية تدعو إلى حسن معاملة أهل الذمة وتحترم نبيهم عيسى عليه السلام وتؤمن بما جاء به من عند الله.
وتناولت الدكتورة أيضا ما زعمته من اهتمام الدولة بقضية مقتل السياح الأجانب وإهمالها للقتلى من النصارى، وزعمت الدكتورة أن كنائس هدمت وبيوتا سرقت ومتاجر غصبت، وهي في هذه الاتهامات لم تخرج عن المنهج الاستشراقي في إلقاء التهم جزافا فكيف أهملت الدولة قتلى النصارى؟ وهل حقا قتل نصارى دون أن يكون للطرف الآخر حجة في القتل؟ وأين الدليل على الكنائس التي هدمت ما عددها، فالدكتورة لم تذكر مثالاً واحداً.
وهكذا فالاستشراق المعاصر يتكلم الآن باللهجة القديمة، ويسعى للأهداف نفسها، ولكنه يقدمها بلسان أبناء البلاد الإسلامية أنفسهم. وهذا هو الخطر الداخلي الذي يفوق كثيرا الخطر الخارجي فهل ننتبه إ
===============(25/420)
(25/421)
الإسلام و الغرب > مازالوا يفخرون بالحروب الصليبية >
هل إذا تحدثنا عن الحروب الصليبية نكون نتحدث في قضايا بالية؟ وهل حقا انتهت الحروب الصليبية،وأن العداء الغربي للإسلام والمسلمين لا ينطلق من أسباب دينية وإنما هي مصالح سياسية واقتصادية وإقليمية؟ لن أجيب بنعم أو لا. ولكني وجدت أن القوم ما زالوا يهتمون بالحروب الصليبية. وقد نشرت صحيفة الحياة اللندنية عرضين لكتابين حديثين صدرا عن إدارة النشر بجامعة كمبردج البريطانية، بالإضافة إلى الأخبار عن فيلم جديد ستقوم هوليوود بتصويره قريبا من إنتاج المنتج اللبناني ماريو قصّار ويقوم بدور البطولة فيه الممثل المشهور آرنولد شوارزينجر (الذي قام بدور البطولة في فيلم "أكاذيب حقيقية")- أصبح حاكم ولاية كاليفورنيا عن الحزب الجمهوري-، كما نشرت جريدة الحياة عرضا لفيلم وكتاب بعنوان" الصليبيون" من تأليف تري جونز والان اريرا من إصدار هيئة الإذاعة البريطانية.
أما الكتاب الأول فهو" انتصار في الشرق- التاريخ العسكري للحملة الصليبية الأولى" تأليف جون فرانس. ويتناول الكتاب (الحياة 11543في 25/9/1994م) الجانب العسكري من الحملة الأولى التي يرى المؤلف أنها: "رسخت الوجود الفرنجي في قلب العالم الإسلامي، وساهمت في قيام ممالك صليبية عدة..." وكانت هذه الحرب" صدمة قاتلة ليس فقط للعرب والمسلمين الذين كانوا الضحايا الأساسيين في الفظاعات التي طبقها الصليبيون.. بل أيضا بالنسبة إلى الصليبيين أنفسهم الذين ما كانوا يتوقعون مثل هذه السرعة المذهلة في احتلال معظم المناطق القريبة من الهلال الخصيب"، ويتناول الكتاب أيضا الدوافع التي تسببت في الحروب الصليبية، وكذلك تركيب المجتمع الأوروبي.
أما الكتاب الثاني فهو" القلاع الصليبية"تأليف هيو كيندي، ولئن كان الكتاب كما يشير عنوانه يتناول التاريخ العسكري للحروب الصليبية لكنه يوضح مدى اهتمام الغرب بهذه الحروب، ويقول في ذلك سمير رزق الله الذي قدم العرض:" غير أننا بتنا نشهد في السنوات القليلة الماضية اهتماماً بالمواضيع التفصيلية الهادفة إلى تبيان جوانب غامضة من الوجود الصليبي في المنطقة، خصوصاً أن هذا الوجود استطاع أن يثبت أقدامه لأكثر من قرنين كاملين عمد خلالهما إلى إنشاء ممالك وإمارات إفرنجية لعبت دوراً مهما في التطورات الاجتماعية والاقتصادية خلال القرون الوسطى في أوروبا أو في الشرق العربي الإسلامي."(الحياة11601-22/11/1994م)
وفي مجال السينما نشرت جريدة الحياة(11406في 10/5/1994) خبراً عن عزم المنتج اللبناني ماريو قصار إنتاج فيلم عن الحروب الصليبية وسيحتاج الفيلم لمبلغ ضخم لإنتاجه ، وقد استطاع قصّار إقناع بعض الأثرياء العرب بالإسهام في إنتاج الفيلم، بينما فشل المخرج المعروف مصطفى العقاد في الحصول على التمويل اللازم لفيلم بعنوان" صلاح الدين"، ومن العجيب أن تخوف بعض العرب والمسلمين من تمويل فيلم صلاح الدين كان لأسباب تافهة ومن ذلك أن صلاح الدين لم يكن عربيا، أو ربما كان شيعيا، وكان أتفه من ذلك أن المحرر الذي أورد الخبر لم يكلف نفسه الرد على هذه التفاهات إما جهلاً بالحقائق أو تعمداً لإبقاء القارئ جاهلاً بالحقيقة.
وهكذا يهتم الغرب بالحروب الصليبية وتمارسها بعض حكوماته ووسائل إعلامه، ومن ذلك القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية الذي يطلق على المجاهدين الشيشان "المتمردين" ويطلقون عليهم أيضاً(الإنفصاليين). وفي برنامج الإذاعة نفسها باللغة الانجليزية عن العنف في العالم ركز البرنامج على الضحايا اليهود وأهمل الضحايا المسلمين. وقد خصص جزء كبير من وقت البرنامج للحديث عن الجندي اليهودي الذي اختطفه بعض الفلسطينيين فاستضافت الإذاعة أمه وأباه، واستدرت عطف الجماهير المسكينة على هذه الضحية، بينما لم ينل الضحايا الفلسطينيون عشر معشار ما نال اليهود من الاهتمام. كما أهمل البرنامج الضحايا المسلمين في كشمير وفي الفلبين وفي البوسنة والهرسك وفي الشيشان وفي غيرها. ولعل من أحدث ملامح الصليبية المعاصرة أن صندوق النقد الدولي سيقدم عدة آلاف من ملايين الدولارات لروسيا تعويضا لها عما خسرته في حربها للشيشان، أليس هذا من شر البلية.
ماذا لو اهتم المسلمون بالكتابة عن الحروب الصليبية (قديما وحديثا) لقيل أنتم تهتمون بالماضي وتثيرون العداء ضدكم، وكأنّ الغرب أو بعض دوله في حاجة لمن يثر عداءها.
===============(25/422)
(25/423)
الإسلام و الغرب > جيش أسامة بن زيد وكارثة أكلاهما >
الحمد الذي ظهرت براءة المسلمين والإسلام من هذه الكارثة الفظيعة .خابت آمال كثير من الإعلاميين الغربيين وأسقط في أيديهم أن لم يجدوا للمسلمين ضلعاً أو يداً في هذه الجريمة. إن ما حدث في مركز التجارة العالمي في نيويورك قد أعطى الفرصة للكثيرين في الإعلام الغربي لإلصاق شتى التهم بالإسلام والمسلمين وإصدار الأعداد الخاصة والتحقيقات التي تحاول إثبات همجية المسلمين ووحشيتهم. وأظهر هؤلاء أحقادهم الدفينة بالرغم من ان سياق الحادثة أظهر أن ليهود يداً في العملية، لكن سرعان ما عٌتّم على هذا الجانب كأن لم يكن خوفاً من التهمة الجاهزة ـ معاداة السامية.
الحمد لله أن خيوط المؤامرة أو الجريمة قد ظهر سريعاً وقامت وكالة التحقيقات الفدرالية بتسريح جيش المترجمين من العربية وإليها لأنه لا حاجة إليهم .فالجريمة مسألة داخلية أمريكية مئة بالمئة.
وجميل أن قام عدد من الدول الإسلامية بالتنديد بالحادثة واستنكارها بسرعة للتأكيد على أنه ليس للمسلمين يد في العملية .ولكن العجيب أن اليهود في إسرائيل كانوا من أسرع الدول في الاستنكار وإبداء الاستعداد للمساعدة في الكشف عن الجناة . وإنها لفرصة عظيمة أن يراجع الإعلام الغربي نفسه فيما ينسبه إلى الإسلام والمسلمين، ولعلها أيضاً تكون مناسبة طيبة لبعض وسائل الإعلام العربية الإسلامية التي تتبع خطوات الإعلام الغربي فتتوقف عن تقليد الإعلام الغربي في كل شيء.
إن ما حدث في أوكلاهوما سيتي جريمة بكل المعايير الإنسانية، ولكن هذه المعايير كان الغرب هو أول من ضرب بها عرض الحائط حينما يتعلق الأمر بالإسلام والمسلمين فهذه جيوش روسيا قد دكت معظم مدن الشيشان حتى أعادتها قاعاً صفصفاً،وقد قيل لو كانت الشيشان جزءاً من روسيا لما فعل بها يلتسين ما فعل. وقد فعل الصرب الشيء نفسه ،وكانت إسرائيل في حربها للبنان قد استخدمت وسائل التدمير كلها.
وقد ظهرت وحشية الغرب في الحربين العالميتين التي أشعل الغرب أوارها واكتوى بنارها العالم أجمع وإن كان الغرب أكثر من مسّه التدمير الوحشي. ويجب أن لا ننسى أن الاحتلال أو ما يسمى الاستعمار استخدم وسائل التدمير ومن ذلك أسلوب الأرض المحروقة حيث يحرقون الأرض ومن عليها .وكم حُرق الألوف في الكهوف في الجزائر على أيدي القائد الفرنسي بيجو.
أما الإسلام فهو دين الرحمة والعدل والحق والخير .فهذا جيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما يعسكر خارج المدينة المنورة منتظراً الأوامر للانطلاق فيمرض الرسو صلى الله عليه وسلم فما كان من الجيش إلاّ الانتظار . ولو كانت المسألة مجرد مهمة قتالية لما انتظر الجيش حتى لحق الرسول صلى الله عله وسلم بالرفيق الأعلى وتولى الصديق رضي الله عنه الخلافة، فخرج يودع جيش أسامة، ويقدم له النصيحة التي يجب أن تكون درساً لسائر جيوش العالم ومفكريه .إنها الوصية التي خرجت من مشكاة النبوة . وقف الصديق رضي الله عنه يودع الجيش فقال لهم:( قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عنّي :
1- لا تخونوا ،
2- ولا تُغِلّوا،
3- ولا تغدروا ،
4- ولا تُمَثّلوا ،
5- ولا تقتلوا طفلاً صغيراً،
6- ولا شيخاً كبيراً،
7- ولا امرأة ،
8- ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة،
9- ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلاّ لمأكلة،
10- وسوف تمرون بأقوام فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له.
إذن هكذا هو الإسلام لا خيانة، ولا غدر، ولا قتل للأطفال، والنساء والشيوخ، ومن فعل غير ذلك فقد خالف الإسلام. وحتى لو فعل العدو بالمسلمين شيئاً من هذه الأعمال الوحشية فالمسلمون لا يردون بالمثل ،وهذا ما حدث في عهد الرسو صلى الله عليه وسلم حينما مُثِّل بحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه فجاءت الآيات الكريمة تأمر صلى الله عليه وسلم والمسلمين بالصبر والعفو. وهو ما فعله صلاح الدين مع الصليبين الذين حين دخلوا بيت المقدس وقتلوا فيه عشرات الألوف حتى بلغت الدماء إلى الركب، ولمّا مكّن الله سبحانه وتعالى صلاح الدين من الصليبيين لم يفعل بهم كما فعلوا بالمسلمين.
فهل يعي الإعلام الغربي الدرس؟
================(25/424)
(25/425)
الإسلام و الغرب > هذه فرنسا العداء للإسلام (رؤية من الداخل) >
العنصرية في فرنسا تجاوزت كراهية العربي لتصبح كراهية الدين ..الإسلامي برمته, هذا ما كشفته كارولين فونين صحفية بمجلة 'باري ماتش' التي ارتدت الحجاب 21 يوما في مغامرة صحفية ونقلت تعليقات المجتمع التي بدأت 'بأهلا كارولين بن لادن' وفي أحد المطاعم سمعت تعليق 'هناك علاج لحشرات الرأس بدلا من المخنقة'.
إضافة لتعليقات قبيحة وان البعض صرخ في وجهها وكأنها تحمل مدفع كلاشينكوف .. وحكت أنها التقت بإحدى المسلمات وقالت لها إنها ارتدت الحجاب، فقالت لها المسلمة لن تجدي عملا وستواجهين تعصبا في كل مكان بدءا من أماكن العمل حتى الأحزاب السياسية التي ترفض اشتراك المحجبات بها، وقالت كارولين في مغامرتها انه كان يتم تفتيشي بدقة كما لو كنت خطرا على الأمن وأنها لا تسمع إلا الشتائم والمعاكسات السخيفة.
والتعصب الفرنسي تجاه كل ما هو إسلامي كشفه أيضا فانسان جاير باحث فرنسي بمعهد الأبحاث والدراسات حول العالم العربي في كتاب عنوانه: 'موجة كراهية الإسلام علي الطريقة الفرنسية' وذكر فيه أن الإسلام هو الدين الثاني بعد الكاثوليكية وان كراهية الإسلام تنبع من خلاف تاريخي وإدراك عام بأن الإسلام دين يسعى لكي يصبح فرنسيا .. وان العقلية الفرنسية تصر علي اعتبار المهاجرين حتى أبناء الجيل الثاني الذين ولدوا وتربوا في فرنسا ليسوا مواطنين فرنسيين ويعتبرونهم مسلمين من أصول عربية.
ويرصد الباحث الفرنسي 15 حادث اعتداء علي المساجد تراوحت بين إلقاء ألوان علي جدار المسجد إلي إشعال حرائق وإلقاء مواد حارقة وإرسال طرود مفخخة.ورصد الباحث أيضا قرارات محلية في بعض المدن منها قرار عمدة مدينة 'اومون' في الشمال بمنع المسلمين من إقامة احتفالات الزواج يوم السبت علي أساس أن هذا يوم كريم مخصص للفرنسيين الكاثوليك المؤمنين.
وفي مدينة 'ايفري' عارض العمدة قرار صاحب سوبر ماركت بعدم بيع الكحوليات ولحم الخنزير. ويضيف الباحث انه منذ أحداث سبتمبر زادت الإجراءات الأمنية حول المسلمين الذين يمارسون شعائرهم.
وحول المنظمات الإسلامية أصبح استدعاء المسئولين عن الاتحادات الإسلامية وأئمة المساجد أمام مراكز الاستخبارات مسألة دورية .. وهكذا أصبح الإسلام بالنسبة للمجتمع الفرنسي العدو الأول الذي يهدد الجمهورية.
ورصد جاير في كتابه عدة أفعال منها هدم صالة للصلاة .. ووصف المحجبات بالمريضات والأئمة بالأميين في بعض الكتابات.
وطرد وزير العدل الفرنسي دومنيل بيرفان عضوة في هيئة المحلفين في محكمة قرب باريس لارتدائها الحجاب وقال: إن الحجاب يتضمن جزئيا معني الانحياز .. وانه لا يريد وجود علامة علي الالتزام الديني بالمحاكم.
وأضاف إلي ما سبق ما نشرته بعض الصحف الفرنسية ضد الإسلام والمسلمين ووصل الأمر إلى تخصيص ملف داخل مجلة الاكسبريس بعنوان 'أموال الإسلام في فرنسا' وحمل الملف دعوة لتطويق الإسلام بالرقابة علي مصادر تمويل المساجد والجمعيات الخيرية رغم انه بموجب القانون الفرنسي لا يتم تمويل هذه المساجد من ميزانية فرنسا وتعتمد في تمويلها علي الدول الأصلية للمسلمين هناك.
أما الكاتب الفرنسي ميشيل هولبيك فقد أثار مشاعر الغضب لدي المسلمين عندما قال لمجلة 'لير' إن الإسلام دين غباء وانه يصاب بالانهيار عند سماع القرآن'.
ولكن رغم هذا الحصار والهجوم علي الإسلام إلا أن هناك إقبالا من الفرنسيين علي اعتناق الإسلام .. قدرتهم مجلة 'لوفيجارو' ب50 ألف فرنسي .. وإقبالا شديدا علي شراء نسخ من المصحف الشريف والكتب الدينية التي تتناول الإسلام.
==================(25/426)
(25/427)
الإسلام و الغرب > موقف الأوروبيين النصارى من قضايا المسلمين >
كنت أكتب مقالة أسبوعية لصحيفة المدينة المنورة في الفترة من عام 1412هـ حتى عام 1420 هـ تقريباً، وفي هذه الأثناء أعددت هذه المقالة حول بعض مواقف الأوروبيين من المسلمين وفيما يأتي هذه المواقف.
موقف الأوروبيين المسيحيين:
كنت أبحث عن أبيات الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة رضي الله عنه التي قالها في غزوة مؤتة يتعجب من تردده فرجعت إلى كتاب الإسلام دين ودولة ونظام تأليف عبد الحي القمراني، فوجدته ينقل نصا من كتاب أحمد أمين يوم الإسلام ص:120 وفيه يقول أحمد أمين:
"الحق أن موقف الأوروبيين المسيحيين عجيب، فنهم إذا علموا أن شعبا نصرانيا عذب أو أهين ثارت ثورتهم، أما إذا علموا أن المسلمين عذبوا وأهينوا لم تتحرك شعرة فيهم، خذ مثلا هذا الذي كان بين الأرمن والمسلمين فقد تعدى الأرمن على المسلمين وعذبوهم وقتلوهم فلم يتحرك الأوربيون لنصرتهم، تعدى المسلمون على الأرمن وعذبوهم وقتلوهم فثارت ثورة الأوربيين"اهـ
أليس هذا ما يحدث اليوم من الصرب المسيحيين؟ ألم تزل أوروبا تقف متفرجة على القصف بالمدفعية ينال المسلمين منذ أكثر من شهرين ولا نسمع إلا كلاما عن المقاطعة والاقتصادية والمقاطعة الرياضية، أما أن يكون عملا جاداً فلم يقرر الأوروبيين بعد عمل شيء، أين الرحمة والإنسانية والعدالة والإخاء الإنساني؟ هل هذا كله كلام في كلام؟
نائب أمريكي يتحدث عن جرائم الصرب:
أدرت مفتاح المذياع قبل أيام وكان الوقت بعد منتصف الليل (25/12/1412هـ) فإذا بمذيع الإذاعة البريطانية يتحدث إلى نائب جمهوري أمريكي ويسأله عن البوسنة الهرسك فسمعت عجبا. كان النائب يتحدث بحماسة عن غضب الشعب الأمريكي من أعمال الصرب الإجرامية، ويقول إن ما يفعله الصرب لا يعد حربا مشروعة، بل إنها جريمة كبرى تهدف إلى إبادة أقلية دينية. وأضاف بأن الشعب الأمريكي يطالب حكومته أن تسرع إلى التدخل العسكري لإيقاف جرائم الصرب، فليس من الإنسانية أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الأعمال الوحشية.
كدت أعتقد أن هذا النائب مسلم أخذته الغيرة على أبناء دينه ولكن تذكرت مجلس النواب الأمريكي ليس فيه مسلمون بعد (وأرجو أن يصبح لهم وجود قريبا)، والإذاعة البريطانية حريصة -كما يزعمون- على تقديم وجهة النظر الأخرى، أسرعت فاستضافت نائبا آخر وسألته: هل هذا النائب يتحدث باسمه شخصيا أو باسم أغلبية الجمهوريين في مجلس النواب أو باسم الحكومة؟ فرد النائب الثاني بأنه يتحدث باسمه شخصيا، وأضاف بأنه الحكومة الأمريكية لا تنوي التدخل العسكري، وقضية مسلمي البوسنة والهرس ليست من أولويات الرئيس بوش فهو مشغول بالحملة الانتخابية.
لقد شعرت بأن النائب الثاني قد نجح في إزالة كل أثر طيب قد تركه النائب الأول. هذا أسلوب فيه ذكاء حيث لا يمكن أو يوجه اللوم للإذاعة البريطانية بالتحيز، لكن ما فعلته هو التحيز بعينه حيث كان بالإمكان أن يكون النائب الثاني ممن يؤيد ما قاله النائب الأول فيقوى الأثر لدى المستمع. المهم أين الذين يدرسون الإعلام الغربي وما يفعله بقضايا المسلمين؟ وقد أخبرني الأخ الزميل إسماعيل نزاري أن موقف الذي تبناه وسيلة الإعلام هو آخر ما يلقي على المستمع أو المشاهد فهل هذا كذلك يا إذاعة لندن؟
جائزة فرنسية للوقاحة:
طلعت علينا جريدة "الصباحية"(صدرت في أثناء حرب الخليج الثانية التي احتل فيها العراق الكويت) بعنوان كبير (مانشت عريض)"الأدب المغربي يفوز بجائزة الوقاحة: أكاديمية فرنسية تكرم أديبين عن أعمالهما الخارجة" في 21/6/1412هـ.
قرأت الخبر وعجبت كم ظُلِمَ الأدبُ المغربي بمثل هذا الكلام، وانتظرت أياما لعلي أجد من الأدباء المغاربة من يرد على الصحيفة على هذا الاتهام الباطل، بل كانت الجريدة تستحق أن يرفع ضدها شكوى، فالأدب المغربي أدب إسلامي ينطلق من عقيدة الإسلام ومبادئه، يدعو إلى العفة والطهر والقيم الرفيعة أما هذان (الأديبان!!) فخارجان عن الأدب؛ لأنهما يدعوان إلى الرذيلة والزنا والفجور. وإذا كانا كتبا كلاماً سيئا وقحا فلماذا التكريم؟ إنهما يستحقان العقوبة، ولكن إمعانا من الفرنسيين في تشجيع هذا (الأدب!!) الهابط أقام القنصل الفرنسي في الرباط حفلا لتكريمهما، وطالب أحد الأديبين أن تقوم بلادهما بتكريمهما.
وتساءلت أين تعلم هذان (الأديبان!!) هذه الوقاحة؟ أليس من البلاد التي انتشر فيها السفاح والزنا والفجور، بلاد الاغتصاب والزنا.... والبلاد التي ظهر الهربز والإيدز و (الإفرنجي) (السفلس)، البلاد التي يغنّى فيها مغن مشهور على لسان شاب بأنه كلما جاء يخطب فتاة يقول له أبوه إنها أخته ولكن أمه لا تدري، فيضيق ذرعاً أنه لا يجد الفتاة المناسبة، فيذهب إلى أمه ليشكو لها فتقول له لا يهمك ما يقول أبوك فحتى أبوك ربما لم يكن أباك، والبلاد التي تؤمن بالسيطرة على ثروات الشعوب وتسعى إلى طمس الثقافات الأخرى وتنشر ثقافتها بالقوة والهيمنة، إن الوقاحة في الحقيقة (وقاحات) وهذه واحدة منها وقديما قيل (في الحديث) (إذا لم تستح فاصنع ما شئت)
=============(25/428)
(25/429)
الإسلام و الغرب > أسباب العداء للإسلام >
للدكتور عبد القادر طاش رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز (بالإنجليزية) بالنيابة -رحمه الله تعالى- نشاطات صحيفة مباركة فقد زار الولايات المتحدة الأمريكية قبل عامين، وأجرى مجموعة من اللقاءات الصحفية المهمة مع بعض المفكرين المسلمين وغير المسلمين حول العلاقة بين أمريكا والإسلام وأطلق على هذه اللقاءات "أمريكا... والإسلام تعايش أم تصادم". وكان من بين اللقاءات حديث مع الشيخ الدكتور جعفر شيخ إدريس فكان مما قاله الدكتور جعفر: "لأننا لا ينبغي أن نستعدي الآخرين علينا، فحتى غير المسلمين يجب أن لا ينصفوا في خانة الأعداء، ومادمنا غير قادرين على المواجهة فيجب أن لا نؤجج المشاعر ضدنا... فإن هذا الاستعداء عليه أن يدفعهم إلى بذل جهد أكبر من أجل تعويد العمل الإسلامي ومحاصراته."
ولو سلمنا جدلا مع الدكتور جعفر أنه ليس في الغرب تيار عام ضد الإسلام، وأننا نحن المسؤولون عن موجة العداء ضدنا.. فهل من المنطق إغفال دور الإعلام الأمريكي بوسائله المختلفة في تأجيج العداء ضد الإسلام، والنشاطات الفكرية المنظمة والمخططة والمدروسة للمستشرقين اليهود؟
لقد توقع الدكتور جعفر أن كلامه هذا لن يعجب الكثيرين، أو لن يوافقوا معه وهذا حق فقد كتب الأستاذ سالم المراياتي مدير مجلس الشؤون الإسلامية في لوس أنجلوس مقالة في مجلة واشنطن ريبورت لشؤون الشرق الأوسط في عددها لشهر يونيه 1994م، أوضح فيه بعض الجهات التي تثير العداء بمهارة ودقة. وقيل أن استعرض ما جاء في مقالة الأستاذ سالم أحب أن أقدم نموذجا لجهود المستشرقين اليهود الصهاينة في إثارة العداء للإسلام والمسلمين في أمريكا.
دعي المستشرق برنارد لويس لإلقاء محاضرة عامة في مكتبة الكونجرس يرعاها الوقف القومي للإنسانيات ويطلق على هذه المحاضرات (محاضرات جيفرسون) وذلك يوم 29 مايو 1990م. ولأن برنارد لويس من العلماء الذين بلغوا مكانة علمية مرموقة يجد طريقه مباشرة إلى الساسة المتنقذين دون نقاش أو تساؤل. وقد أكد مكانة لويس هذه جون اسبوزيتو في معرض حديثه عن المستشرقين أو المتخصصين في قضايا الشرق الأوسط الذين يثيرون العداء ضد الإسلام. لقد ذكر لويس معاداة الحركات الإسلامية للغرب وللحضارة الغربية ومعاداتهم للتحديث، وأنهم يرون أمريكا العدو الأكبر لهم. وضخم مخاوف الغرب من موقف الإسلام من المرأة واضطهاده لها (في زعمه)، وموقف الإسلام من الأقليات الذين يعدون مواطنين من الدرجة الثانية.
لم يكتف لويس بإلقاء المحاضرة في واشنطن بل راح يتحول في مدن أمريكا يعيد إلقاءها ثم نشرها بعنوان مثير جدا هو: "جذور الغيظ الإسلامي" في مجلة اتلانتك الشهرية.
أما ما جاء في مقالة الأستاذ سالم المراياتي فقد بدأ ذلك باستطلاع أجرته صحيفة لوس انجلوس تايمز أوضح أن 29% من الأمريكيين يرون أن الإسلام يمثل تهديداً لأمن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب. ثم ذكر أن هذا الهوس المعادي للإسلام يرجع إلى أمرين تسببا فيه أولهما: سوء استخدام المتطرفين للإسلام لتبرير عنفهم الذي يهدف إلى الشهرة، والسبب الثاني سوء تمثيل الإسلام والمسلمين على أنهم متعطشون للعنف.
تناول الأستاذ سالم السبب الثاني وضرب المثال باليهودي المهاجر لأمريكا يوسف بودانسكي (Yossef Bodansky) في كتابه الهدف أمريكا، وقد سار يوسف على مثال الكتب التي ظهرت في ألمانيا لإثارة العداء ضد اليهود وضرب المثال بالكتيب المنعون انتصار اليهود على ألمانيا "وقد كان لدى المؤلف مبرراً لهذا الكتاب حين وجد اليهود مقبلين على السيطرة على الاقتصاد الألماني ويسعون لتخريبه وبخاصة في ولايتي أو مقاطعتي بروسيا والنمسا. ويزعم بودانسكي أن حسن الترابي من السودان يسيطر على حركة إسلامية مسلحة تعمل داخل أمريكا. ويشير المرايا في أن بودانسكي يقوم بهذه البحوث على حساب دافع الضرائب الأمريكي لأنه يعمل تحت مظلة لجنة حكومية لمقاومة الإرهاب والحروب غير التقليدية. ويكتب تقاريره التي يشير فيها إلى أن ازدياد العنف لدى المسلمين إنما هو تركيز للجهاد الإسلامي ضد النظام العالمي النصراني اليهودي. ولا تخرج آراء بودانسكي عن آراء قائد حزب الليكود الإسرائيلي بنجامين نتنياهو في كتابه مكان بين الأمم: إسرائيل والعلم حيث يقول في هذا الكتاب: "إن الهدف الأساسي للأصولية هو ضمان نصر عالمي للإسلام، وذلك بالانتصار على الملحدين عن طريق الجهاد."
ويذكر الأستاذ سالم غير هؤلاء من أمثال جوديت ميلر، وسيمون إرم وغيرهما. فهل حقا يستعدى المسلمون الغرب ضدهم أم أن ثمة جهات معينة هي التي تثير هذا العداء؟ أرجو أن نكون على يقظة مما يكيده الأعداء لهذه الأمة .
===============(25/430)
(25/431)
الإسلام و الغرب > كتاب فرنسي يعادي المسلمين >
كتب قيس الغزاوي تحت عنوان "كتاب أتمنى لو ما (لم) أقرأه" في مجلة المجلة (8-14نوفمبر 1998م) عن كتاب ألفّه نائب رئيس تحرير صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية، ويتضمن الكتاب رسالة إلى رئيس الجمهورية الفرنسي حول الموقف الذي يجب أن تتخذه فرنسا من المهاجرين من المسلمين. ويتضمن الكتاب رسالة قوية تدعو إلى دمج المسلمين في المجتمع الفرنسي، والقضاء على تميزهم العقدي والأخلاقي والثقافي.
وقد احتوى الكتاب على افتراءات خطيرة على الإسلام والمسلمين في قضايا عديدة منها: أن الإسلام يبيح تعدد الزوجات، ويمنع الاختلاط بين الجنسين، وفيه مؤسسة الزكاة، فليس الإسلام مجرد حجاب قد يسمح به الفرنسيون وقد لا يسمحوا. ويزعم المؤلف أن الرئيس الفرنسي يوافقه بأن فرنسا استطاعت أن تدمج المهاجرين البولونيين، والإسبانيين، والإيطاليين، وبالتالي فلا يمكن اتهام فرنسا بالعنصرية، ولكنها فشلت في دمج المسلمين. فما يبقى للمسلمين إلاّ أن يطالبوا بالسيطرة على فرنسا.
ويعلق الأستاذ قيس الغزاوي بقوله: "المثير أن رجلاً بمثل أهمية دي جاردان يقف على رأس صحيفة كبرى يؤكد أن الإسلام غاز لفرنسا ويستنتج: طالما لا يحب الفرنسيون العرب والخيار هنا بين الإسلام والجمهورية، فليُرمى المسلمون إذن خارج الحدود…" ويضيف الغزاوي "والعجب العجاب ليس فيما يقوله دي جاردان، ولكن بسكوت العرب والمسلمين على مثل هذه الأحكام العنصرية في فرنسا التي تحاكم من يشكك بمحرقة اليهود وهي جزء من التاريخ ولا تحاكم من يحرّض على قتل المسلمين اليوم، ولكن هل اشتكى أحد من العرب؟"
لا بد من تقديم الشكر للأستاذ قيس الغزاوي على ملاحظاته السريعة وتعجبه من عدم تحرك المسلمين للاحتجاج على هذا الكتاب، ولكن يمكن توجيه الدعوة إلى العلماء المسلمين في فرنسا أو الذين يتقنون اللغة الفرنسية أن يكتبوا كتاباً للرئيس الفرنسي ليس رد فعل على كتاب دي جوردان، ولكن ليوضحوا للرئيس الفرنسي ما فشل في فهمه نائب رئيس تحرير لوفيغارو من أن الإسلام لو فهمه الفرنسيون لكان حلاً لكثير من معضلاتهم الاجتماعية والاقتصادية.
ماذا يمكن أن يقال للرئيس الفرنسي؟ أبدأ بكلمة كتبها الأستاذ رضا لاري في أحد مقالاته حول موقف الغرب من الإسلام "فتح النافذة الإسلامية"، الشرق الأوسط 17/6/1998):" هل الحرية في فرنسا تبيح للمرأة أن تكشف عورتها بظهورها شبه عارية في ملهى "الليدو" وغيره من الملاهي المماثلة في فرنسا، وتحرم نفس الحرية غطاء المرأة لرأسها؟ إذا كانت هذه هي الحرية عندكم فتباً لها من حرية."
ويزعم الكاتب الفرنسي أن الإسلام أباح تعدد الزوجات والمجتمع الفرنسي يرفض ذلك، ولكن ما بال المجتمع الفرنسي لا يرفض تعدد الخليلات واسألوا أحد الشوارع المتفرعة من شارع الشانزليزيه ما ذا يحدث عندما تقف السيارات في طرفي الشارع؟ أي بهيمية هذه التي يرضى الرجل لزوجه أن يأخذها رجل آخر يسلمها له بيده أو يوصلها وهي تذهب؟ واسألوا من اعترف بأولاد من الزنا هل حقق لهم الكرامة الحقيقية، فلو كان متزوجاً بأمهم لكانوا أولاده شرعاً.
أليست الإباحية في المجتمعات الغربية هي التي أدت إلى أن يشك الأبناء بآبائهم، حتى بدأت المختبرات تنتشر في المجتمعات الغربية تكشف للأبناء عن حقيقة أبوة من يدعي أنه أباهم. أما عند المسلمين فمجرد شك الابن بأبيه يعد من الكبائر، ذلك أن المجتمع المسلم قائم أساساً على الفضيلة والعفة. وقد تعجب مدير أحد الفنادق الذي عقد فيه المؤتمر السنوي لجمعية مسلمي شمال أمريكا عندما رأى عدة آلاف من المسلمين يجتمعون عدة أيام فلا تراق قطرة خمر واحدة ورأى من عظمة الأخلاق الإسلامية ما أدهشه.
وإذا لم يعجبه أن يتوقف المسلمون في رمضان لتناول الإفطار، فإن الصوم عند المسلمين لو عرفه الفرنسيون معرفة حقيقية لتهافوا عليه؛ فإنه تربية وتهذيب وتزكية وتطهير. الصوم الذي يُشعر الغني بحال الفقير، والذي يربط العبد بخالقه حين ترتفع الحالة الروحية للمسلمين في هذا الشهر بما يقومون به من عبادات.
فمن يكتب الكتاب ويوجهه إلى رئيس الجمهورية الفرنسي وإلى العالم أجمع؟
===========(25/432)
(25/433)
الإسلام و الغرب > الحركة الإسلامية في نظر الغرب >
بين يدي نشرة معهد الشرق الأوسط بالعاصمة الأمريكية لشهر يوليو 1992، وهي مكونة من ست عشرة صفحة وتحمل موضوعات متنوعة، ولكني توقفت عند أحدها وهو: "الحركات الإسلامية، دراسة مسحية إقليمية" وقد قام بهذه الدراسة كل من كريستينا بالمر (K r istina palme r ) وسائرز رودي (Saye r s r udy) من قسم برنامج معهد الشرق الأوسط من خلال إجراء لقاءات مع مسئولية حكومية، وعلماء وأكاديميين وصحافيين وحتى من عامة الناس في باريس والجزائر وعمان والقاهرة والخرطوم، والضفة الغربية. وقد تلقى الباحثان دعما سخيا من كل من مؤسسة جون د. وكاترين ماكارثر (John D. and Cathe r ine T. MacA r thu r ) ، وكذلك من صندوق المساعدات الخارجية الأمريكي. هذا وسوف تذاع هذه المقابلات في أربعة حلقات من خلال برامج الإذاعية القومية العامة في أواخر هذا الصيف.
تركزت الأسئلة في المقابلات حول أصول الحركة الإسلامية، وأهدافها وتأثيرها، والعلاقات المختلفة بين الإسلام السياسي، والأنظمة القائمة وقد توصل الباحثان إلى نتائج مهمة حول الحركة الإسلامية منها:
أولا: لا تبدو الحركة الإسلامية قومية بين الفقراء فقط. كما هو الشائع في الغرب حاليا. بل تضم في صفوفها تجارا أثرياء وسياسيين أيضا.
ثانيا: الحركة الإسلامية حركة انتقادية حديثة، ولا تحمل أية صفات موروثة سواء عسكرية أو رجعية، أو صفات من زمن القرون الوسطى (الأوربية طبعا)
ثالثا: ظهرت الحركة الإسلامية أساسا كرد فعل للإخفاقات الاقتصادية والسياسية لدى الأنظمة العربية المتسلطة وكذلك ضد الأيديولوجيات الأجنبية من مثل القومية والاشتراكية. وليست الحركة الإسلامية مجرد رد فعل محصور بالإمبريالية والصراع العربي الإسرائيلي.
رابعا: إن "الصحوة الإسلامية" التي يعبر عنها بقرار شخصي يجب عدم النظر إليها على أنها إشارة إلى التزام سياسي نشط.
وأخيراً وليس آخراً -كما يقول التقرير - إن البرامج السياسية الإسلامية التي تؤكد على المشاركة الحياتية، وكذلك النظرات للدولة المثالية ربما لا تكون ساذجة ومخيفة للمرأة، ولكنها تستحق الدراسة في عالم يبدو أنه يعاني من متاعب أيديولوجية وتسط سياسي وفقر.
هذه أبرز نتائج هذه الدراسة الاستطلاعية التي سيستمع إليها الجمهور الأمريكي في أواخر هذا الصيف، وربما تناقلتها وسائل الإعلام الغربية لتبرز منها ما تشاء وتخفي ما تشاء، كما ستفعل الأمر نفسه وسائل إعلام الدول المعنية (العربية الإسلامية).
ولا بد لنا من وقفات مع هذا التقرير الذي يؤكد حرص الغرب على المعرفة والدراسة، وهو في هذا السعي لا يبخل بالأموال والجهود. وسيصل بلا شك إلى المعرفة التي قد يصل من خلالها إلى حقيقة الحركات الإسلامية، وبالتالي يستطيع وضع الخطط اللازمة للتعامل مع هذه الحركات. وأعود هنا فأكرر دعوة سابقة. فلا يصح أن نظل في جهل أو شبه جهل بالعالم من حولنا، وأين المؤسسات التجارية لدينا لتبذل مما أعطاها الله.
جميل أن يكون من استنتاجات الدراسة إدراك الغرب أن دعوة الله تنتشر -والحمد لله-بين صفوف الفقراء والأغنياء على السواء، حيث كانت الدراسات الغربية سابقا تشير إلى أن الحركات الإسلامية تنتشر بين صفوف الفقراء والمعدمين، وترى تلك الدراسات السابقة أن إيقاف المد الإسلامي لا يحتاج إلّا إلى تشجيع برامج المعونات الغذائية، أو توجيه الحكومات الحالية لتطعم الأفواه الجائعة. وكأن هذا الدين جاء للفقراء وحدهم أو لإنقاذ الفقراء. والإسلام جاء حقا لإنقاذ الفقراء بإصلاح الأغنياء، وتربيتهم وتهذيب نفوسهم، وإعادتهم إلى إنسانيتهم التي أفقدهم إياها طغيان المال، ومع ذلك يجب أن لا ننسى أن من أوائل من أسلم رجال كان لديهم الثروة والمال والجاه، وهكذا فالحركة الإسلامية إنما هي هداية من الله يختار لها من يشاء.
وجميل أن يكون من نتائج الدراسة أن الصحوة الإسلامية التزام شخصي أولا وليست بالضرورة انخراط في عمل سياسي نشط. وأوضحت الدراسة أيضا أن الصحوة الإسلامية تشمل الحياة بجوانبها كلها وبخاصة أنها ظهرت في عالم أصبحت أيديولوجياته بالية مهترئة، ويعج بالتسلط السياسي والفقر.
وهكذا جاؤوا إلى بلادنا العربية المسلمة ليدرسوا همومنا وتطلعاتها، وليقدموا النتائج لأبناء بلدهم، ويبذلون المال والنفس من أجل المعرفة، والمعرفة قوة. فهل درسنا أنفسنا أولا دراسة من يريد الإصلاح والتغيير ثم انطلقنا إلى العالم جميعه ندرسه فالغرب مثلا برغم ما يزعمه بعض الكتاب بأنه "مجتمع مدني" مفتوح ما تزال فيه كثير من الجوانب التي تحتاج إلى الدراسة، ولا بد أن نفيد من أبنائنا الذين يدرسون في الغرب، أو يعملون فيه أو الذين هاجروا إليه طلبا للرزق والطمأنينة، فهؤلاء يمكنهم أن يقدموا لأمتهم الإسلامية معرفة دقيقة وعميقة بجوانب المجتمعات الغربية وبخاصة إذ ما كان لدى هؤلاء المعايير الصحيحة التي ينظرون بها إلى الأمور.(25/434)
إن هذا الدور الذي يقوم به الغرب حاليا من دراسة أحوال الشعوب والحكم عليها سلبا أو إيجابا بقدر بعدها أو قربها من القيم والمفاهيم الغربية في السياسة والاقتصاد والاجتماع، هذا الدور قد اختار له ربنا عز وجل أمة أخرى هي أمة الإسلام حين كلفهم بقوله {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}. فعودة إلى الإسلام تنقلنا من شعوب تخضعه لدراسات الباحثين الغربيين إلى دارسين للغرب والعالم وموجهين له ومصححين لمفاهيمه وقيمه {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.
==============(25/435)
(25/436)
الاستغراب > الاستغراب >
ظهر هذا المصطلح قبل عقود من الزمان ليشير إلى مجموعة من أبناء الأمة العربية الإسلامية الذين تأثروا بالغرب في سلوكهم وأخلاقهم وأفكارهم. ولكن هذا المصطلح جاء بعده مصطلح آخر هو التغريب فأصبح يعرف هؤلاء بالمتغربين أما الاستغراب فقد تحول معناه إلى محاولة معرفة الغرب من الداخل معرفة علمية موضوعية موثقة. ونادى العديد من علماء الأمة بدراسة الغرب. ومعرفة الآخر أمر أساسي في تربية المسلم حيث إن القرآن الكريم قد قسم الناس إلى ثلاثة أقسام في سورة البقرة فهم إما مؤمنون أو كافرون أو منافقون. ثم وضح صفات كل فئة في سور القرآن الكريم، كما جاءت السنّة النبوية المطهرة توضح هوية المسلم ليستطيع بعد ذلك أن يعرف الآخرين معرفة صحيحة متمسكاً بهويته ومستعلياً بإيمانه
==========(25/437)
(25/438)
معرفة الآخر في ضوء الكتاب والسنة
الآخر في القرآن الكريم والسنّة الشريفة
إن المعرفة الحقيقية بالنسبة للمسلم هي التي تبدأ من القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهرة لذلك بحثت في هذه المسألة فوجدت أن القرآن الكريم قد أولاها عناية خاصة، فقد قسمت سورة البقرة البشر إلى ثلاثة أصناف: المؤمنين، والكافرين، والمنافقين. وبعد ذلك تحدث القرآن عن نماذج من هذه الأصناف وصفاتهم
والآخر في عهد الرسو صلى الله عليه وسلم كانوا كفار قريش، واليهود، والنصارى، والمنافقون. وقد قدمت الآيات الكريم صوراً واضحة لكل فئة من هؤلاء، وأوضحت كيفية التعامل معهم ، فبالإضافة إلى توضيح صورة الآخر عقديا فقد اهتم أيضا بالجوانب الأخرى، فها هي صورة العربي الجاهلي وموقفه من المرأة {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به، أيمسكه على هون أم يدسه في التراب، ألا ساء ما يحكمون}([1]). وأوضح القرآن الكريم انحرافات قوم لوط وانحرافات قوم شعيب، وقد روى البخاري عن السيدة عائشة رضي الله عنها صور النكاح في الجاهلية مقارنة إياها بالصورة التي ارتضاها الإسلام. ([2]) وورد في السيرة النبوية الشريفة وصف جعفر بن أبي طالب للإسلام وكان من هذا الوصف بعض الأمور الاجتماعية.([3])
ويسبق معرفة الآخر معرفة الذات أو النفس، ليؤكد أمرين، أولهما: تثبيت الهوية الخاصة بالمؤمنين بتوضيح صفاتهم، وأخلاقهم، وعلاقاتهم بالكون والحياة، فقد وردت كلمة الإيمان بمشتقاتها المختلفة، آمن، آمنوا، يؤمنون، مؤمنون، مؤمنين، مؤمنات .. أكثر من سبعمائة مرة، ولو أضفنا الصفات الأخرى المرادفة مثل: الصادقين والقانتين، والمتصدقين، والخاشعين، لكان أكثر من ذلك.فمن الآيات التي توضح خصائص المؤمنين قول الله تعالى في وصفهم في مقدمة سورة البقرة : {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون،أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون} ([4])ومن ذلك قول الله عز وجل{ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ، والله رؤوف العباد} ([5])وقد وردت أحاديث كثيرة توضح صورة المسلم ومنها قول صلى الله عليه وسلم ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه)([6])وقول صلى الله عليه وسلم ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )([7])وقول صلى الله عليه وسلم في وصف المؤمنين (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منهم عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى.)([8])
ثانيا: معرفة الآخر بصفاته، فقد وردت لفظة الكفر أيضا بمشتقاتها المختلفة ، كفر، كفروا، كافرون، كافرين، يكفرون حوالي خمسمائة مرة، وكذلك الأمر بالنسبة لصفات الكافرين والمشركين مثل الكذب، والظلم والفساد، والخداع، والجحود. ومن ذلك وصف الكافرين في سورة البقرة {إنّ الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون،ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم، وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم}([9]) وقد جاءت أوصاف المنافقين في مقدمة سورة البقرة في ثلاث عشرة آية ومنها قوله تعالى { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ، يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلاّ أنفسهم وما يشعرون ، في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون}([10])ومن أوصاف الكفّار في القرآن الكريم قوله الله تعالى { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام ، وإذا تولى سعي في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد}([11]) وبالنسبة للمنافقين فقد جاءت سورة باسمهم (المنافقون) وجاءت سورة أخرى تفضحهم بأعمالهم وهي سورة (التوبة) حتى إنها سميت سورة الفاضحة لكثرة ما ورد فيها من صفات المنافقين. ومن الأحاديث الشريفة التي توضح صفات المنافقين قول صلى الله عليه وسلم (آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب وإذا وعد اخلف وإذا أؤتمن خان)([12])
وهكذا فالحدود الفاصلة بين "نحن" و "الآخر" واضحة جداً لدى المسلم، وقد يتساءل المرء : ما سر هذا الأمر، وما أسبابه؟ إن أسباب هذا الوضوح هو أننا أمة الدعوة، وأمة الشهادة، والأمة الوسط ؟ ونحن مكلفون بالدعوة إلى هذا الدين {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعن}([13]).
ويرى محمد عمارة أن " الحديث عن "الذات" و "الآخر" ثقافياً لابد أن يقود إلى تحديد المعالم المميزة للنموذج الثقافي الإسلامي عن النموذج الغربي "([14])ويؤكد عمارة بأن " الإسلام هو المكون لذاتيتنا الثقافية والمحدد لمعالم نموذجنا الثقافي وتميزنا عن "الآخر" الغربي قائم فقط حيث يكون التميز والاقتران الأمر الذي يجعل علاقة نموذجنا الثقافي -الذات الثقافية- بالآخر هي علاقة التميز والتفاعل."([15])(25/439)
والآخر ليس هو فقط النصراني أو اليهودي أو المنافق بل الآخر أيضاً أناس من أبناء جلدتنا يتكلمون بألسنتنا ويتسمون بأسمائنا ولكنهم اختاروا نهجاً يجعلهم أقر ب إلى الآخر ، فهم ليسوا في الصف الإسلامي وإن زعموا أنهم حريصون على مصالح الأمة. وهؤلاء ليسوا المقصودين تماماً بهذا البحث ، ولكني سأعرج عليهم لأصف بعض مواقفهم وأقدم نماذج من فكرهم .
وعندما خرج المسلمون من الجزيرة العربية منطلقين من طيبة الطيبة، كانوا أولا يعرفون دينهم معرفة حقيقية، ويعرفون ما يدعون إليه، كما كانوا يعرفون الأمم الأخرى، دخل أحد رسل جيش سعد ابن أبي وقاص رضي الله على القائد الفارسي، وأراد أن يجلس معه على سريره، فحاول الحرس منعه، فقال لهم: (كنا نظنكم أولي أحلام تتساوون فيما بينكم، فإذ بكم يستعبد بعضكم بعضا) ثم أضاف تلك المقولة البليغة: (إن قوما هذا حالهم فمصيرهم إلى زوال)([16]) وكان المسلمون يعرفون الروم ونظام حياتهم، فلذلك نجحوا تماما في دعوتهم.
واستمرت معرفتنا بالآخر قوية وواسعة ودقيقة. فبدأت الترجمة كما يصنفها حسن حنفي على عدة مراحل ودرجات منها ؛ الأولى الاهتمام بالنصوص وترجمتها حرفياً أي الاهتمام باللفظ ، ثم كانت المرحلة الثانية التي اهتمت بالمعنى ، ثم المرحلة الثالثة التي اهتمت بالشرح والإضافة والنقد.([17])واستمرت معرفتنا بالأخر حتى عندما التقى المسلمون بالنصارى في الحروب الصليبية قدم لنا أسامة بن منقذ وصفاً دقيقاً لطباع الإفرنج، فهو يصف شجاعتهم وقوتهم وجلدهم، ولكنه يتعجب من ضعف غيرتهم أو عدمها على الأعراض، ويتحدث عن هذه النقطة بتفاصيل دقيقة مثيرة للاهتمام([18]).
وفي الوقت الذي توقفنا أو تراجعنا عن معرفة أنفسنا، وكذلك عن معرفة الآخر، انتبه الغرب إلى هذا الأمر، فبدأ نشاطه العلمي بدراسة الحضارة الإسلامية ومنجزاتها في شتى المجالات، وتأكد لديهم ضرورة معرفة الذات فعادوا إلى جذورهم اليونانية اللاتينية وكذلك اهتموا بتراثهم النصراني اليهودي، فلا يمكن للأديب الغربي أو المفكر الغربي أن يزعم أنه أديب أو مفكر لو لم يكن على دراية بهذا التراث. ويرى الدكتور حسن حنفي أن مصادر الفكر الغربي أربعة مصدران معلنان ومصدران غير معلنان ، فالمصدران المعلنان هما المصدر اليوناني- الروماني والمصدر اليهودي - المسيحي ، أما المصدران غير المعلنين فهما المصدر الشرقي القديم الذي يتضمن المصدر الإسلامي والرابع هو البيئة الأوروبية، ويرى أن " أحد أسباب مؤامرة الصمت على المصادر غير المعلنة هي العنصرية الدفينة في الوعي الأوروبي التي جعلته لا يعترف إلاّ بذاته وينكر وجود كلَّ غَيْرٍ له ، فهو مركز العالم احتل صدارته وله مركز الريادة فيه." ([19])
نعم كثفت أوربا جهودها في مجالين: معرفة الذات، ومعرفة الآخر، فبالإضافة إلى الجهود الضخمة في الترجمة والنقل عن اللغة العربية واللغات الإسلامية الأخرى بدأوا في إرسال الرحالة المستشكفين إلى عالمنا الإسلامي، تزيا بعضهم بأزياء البلاد التي زارها، وأعلن بعضهم إسلامه ليعمقوا في معرفتنا ([20]). وساند هذا الجهد نشاط الاستشراق، ومن تتح له الفرصة لدراسة ترجمات المستشرقين يذهله ما بذله القوم من جهود مضنية في دراستنا.
وتميز عمل القوم بالنظام الشديد الصارم، وهو ما تميزنا به يوم أن كنا متفوقين، فعقدوا المؤتمرات السنوية للجمعية الدولية للمستشرقين، وقد بدأ أول مؤتمر عام 1873 وما زالت هذه المؤتمرات تعقد حتى اليوم حيث سيعقد المؤتمر الخامس والثلاثون العام القادم في بودابست بالمجر(* ). كما أنهم إذا نبغ فيهم مستشرق أصبح قبلة لهم وقد حدث هذا عندما كان سلفستر دو ساسي Silvest r e de Sacy يرأس مدرسة اللغات الشرقية الحية في باريس.
وليست المؤتمرات هي النشاط الوحيد، فإنهم أسسوا مئات الأقسام العلمية للدراسات العربية والإسلامية، وأنشأوا مراكز البحوث والمعاهد وعقدوا وما زالوا مئات الندوات والمؤتمرات، ونشروا ألوف أو عشرات الألوف من الكتب والدوريات، ولم يكتفوا بجهودهم وحدهم في معرفتنا، بل استقدموا أبناء الأمة الإسلامية للدراسة عندهم وبخاصة طلاب الدراسات العليا، فأصبحت رسائل الماجستير والدكتوراه تنقل إليهم أدق التفاصيل في حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأدبية والثقافية، وكذلك بعض الندوات والمؤتمرات التي تعقد في بعض البلاد العربية الإسلامية بتمويل من بعض المؤسسات العلمية الغربية حيث يحضرها بعض المراقبين من الغربيين.(25/440)
واهتمام الغربيين بالذات ما زال قائماً فبالرغم مما يجمع الدول الأوروبية من صلات في المعتقد والتاريخ واللغات فإن هذه الدول حريصة على هويتها القومية . وقد ذكرت الصحف أن شاباً عربياً أراد أن يضع صحناً هوائياً فوق منزله في ألمانيا فرفضت السلطات المحلية بحجة " حماية الإنتاج الوطني، والحفاظ على خصوصية الثقافة الألمانية." وأشار عاصم حمدان إلى أن الفرنسيين أصروا على استثناء القضايا الثقافية من معاهدة ( الجات) حرصاً منهم على مقاومة المد الإعلامي الأمريكي المتمثل في المسلسلات التي تنتجها هوليوود وتمثل ثقافة مختلفة عن ثقافة المجتمع الأوروبي. ([21]) .
ويأتي إصرار فرنسا على استثناء الإنتاج السينمائي والتلفزيوني من مباحثات (الجات) هو أن الجانب الأمريكي هو الجانب المتفوق حالياً في التبادل السينمائي بين أوروبا وأمريكا ، ويصر المخرج الفرنسي روجيه بلانشو على أن مشكلة أوروبا الثقافية والفنية التي لم ينظر إليها رجال السياسة ولم يخطط لها أحد، وقال:" في حرب الصور التي بدأت اليوم حكم القوي على الضعيف هو المنتصر."([22])
وقد نشرت جريدة التايمز تقريراً صحفياً يشير إلى أن دور عرض السينما البريطانية تلقت دعماً نقدياً من الاتحاد الأوروبي لقيامها بعرض الأفلام المنتجة في أوروبا وذلك لمواجهة الأفلام الأمريكية، فقد تسلمت ثمانية دور سينما في بريطانيا عام 1993 (13,500 جنيه استرليني) - حوالي سبعين ألف ريال- لعرضها على الأقل خمسين في المئة من الأفلام الأوروبية، وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المساعدات النقدية هي جزء من برنامج أكبر وأشمل لتطوير صناعة السينما والوسائل المرئية-المسموعة ودعمها.([23])
وقد تناولت الصحف القرارات التي أصدرتها الحكومة الفرنسية قبل عامين لحماية اللغة الفرنسية وذلك بفرض عقوبات على كل من يستخدم أي لغة أجنبية في المعاملات الحكومية أو غير الحكومية أو في الإعلانات ، كما جعلت اللغة الفرنسية هي لغة المؤتمرات والندوات العلمية التي تعقد في فرنسا. وقد اتخذت فرنسا هذه الإجراءات لمقاومة الهجمة الشديدة من اللغة الإنجليزية بصفة خاصة.
- الحواشي :
[1] -سورة النحل آية 58
[2] -صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب لا نكاح إلاّ بولي.
[3] -انظر السيرة النبوية لابن هشام ، م1 ص349.
[4] -سورة البقرة الآيات من 3-5.
[5] -سورة البقرة آية 207.
[6] -البخاري، كتاب المظالم، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه.
[7]-البخاري ، كتاب الإيمان ، باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.
[8] -أخرجه مسلم 8/20واحمد 4/70.
[9] -سورة البقرة الآيتين 6-7.
[10] -سورة البقرة الآيات من 8-10
[11] -سورة البقرة الآيات 204-206.
[12] -البخاري ، كتاب الإيمان باب علامة المنافق.
[13] سورة يوسف آية 108.
[14] -محمد عمارة " مكانة الإسلام في صياغة نموذجنا الثقافي."في الحياة،ع12224،3 ربيع الآخر 1417( 14أغسطس 1996م)
[15] -عمارة المرجع نفسه.
[16] -انظر تاريخ الطبري ج2، ص402-403.
[17] -حسن حنفي. مقدمة في علم الاستغراب.( بيروت: الدار الجامعية للنشر والتوزيع، 1412-1992) ص44-45. لابد من الإشارة إلى العلماء المسلمين الذين اهتموا بعقائد الآخر وفكره وثقافته ومن هؤلاء ابن حزم في الفصل والبغدادي في الفرق والأشعري في مقالات الإسلاميين وابن تيميه في اقتضاء الصراط المستقيم والغزالي في تهافت الفلاسفة وفضائح الباطنية.
[18] -أسامة بن منقذ: الاعتبار، تحقيق د. قاسم السامرائي (الرياض: دار العلوم، 1407)ص 152 تحدث فيها عن طب الإفرنج، وفي الصفحات التالية تحدث عن أخلاقهم ، وقد وردت عبارة لطيفة عنهم يقول فيها ابن منقذ:" فكل من هو قريب عهد بالبلاد الإفرنجية أجفى أخلاقاً من الذين تبلدوا وعاشروا المسلمين."
[19] -حنفي ،مرجع سابق ،الصفحات من 81-104 والنص من صفحة 104.
[20] أصف حسين: صراع الغرب مع الإسلام، فصل (الرّحالة والمنصرون) قمت بترجمة الكتاب وهو تحت الطبع.
* عقد هذا المؤتمر في بودابست بالمجر في الفترة من 3-8ربيع الأول 1418 الموافق 7-12 يوليه 1997 وحضره حوالي ألف وخمسمئة عالم من جميع أنحاء العالم جلهم من الغرب ، وقدمت فيه أكثر من ألف محاضرة في أكثر من عشرة محاور. وقد قررت اللجنة الاستشارية وهم غالبية أعضائها أن يعقد المؤتمر القادم في مونتريال بكندا، وقد تم اختيار الرئيس القادم للمؤتمر ونواب الرئيس واختاروا أحد الباحثين العرب المتعاطفين مع الاستشراق أو على الأصح المرتمين في أحضان الاستشراق وهو الدكتور عبد الجليل التميمي.
[21] - عاصم حمدان ." الأوروبيون والخصوصية الثقافية" في المدينة المنورة.عدد 9698، 24 جمادى الآخرة 1414، 7 ديسمبر 1993.
[22] -رلى الزين." حملة فرنسية ضد الهيمنة الثقافية الأمريكية" في الحياة.ع 11178، 5ربيع الآخر 1414،(21سبتمبر1993)
[23] - The Sunday Times. 31 July 1994.
============(25/441)
(25/442)
مصطلح الاستغراب >
كثيراً ما يسأل السائلون ما المقابل لدراسة الاستشراق، أليس هو الاستغراب؟ ربما يكون الجواب صحيحاً ولكن الأهم من ذلك هو أننا يجب أن نتساءل لماذا تأخرنا في دراسة الشعوب الأخرى؟ إن المسلمين حينما خرجوا من جزيرة العرب كانوا على معرفة بالشعوب والأمم الأخرى منها من حدثهم بها القرآن الكريم ومنها من كسبوا المعرفة به من خلال التجارة والرحلة. ثم انطلقوا لمعرفة تلك الشعوب عن طريق الاحتكاك المباشر وظهر رحالة مسلمون كتبوا عن مختلف شعوب العالم حتى أصبحت كتاباتهم مرجعاً عالمياً في دراسة الشعوب الأخرى.
وقد بدأت أوروبا بإنشاء مراكز ومعاهد وأقسام علمية لدراسة العالم الإسلامي منذ عدة قرون بل إنها خصصت عدداً من أبنائها لدراسة الشعوب والأمم الأخرى جميعها فكما أن لديهم أقساماً لدراسة العالم الإسلامي فلديهم المتخصصين في الصينيات وفي دراسة اليابان بل إن كل دولة أوروبية تقوم بدراسة الدول الأوروبية الأخرى فمثلاً لدى بريطانيا (بجامعة لندن) معهد الدراسات الأمريكية الذي يمنح درجة الماجستير في دراسة الولايات المتحدة الأمريكية.
ونظراً للسمعة العلمية التي حققتها هذه الدراسات توجه أبناء الدول المختلفة للدراسة في تلك البلاد حتى إنهم يتخصصون في الدراسات المتعلقة ببلادهم في أوروبا أو أمريكا من النواحي العقدية والتاريخية والاجتماعية والثقافية والسياسية والحضارية والثقافية.
والمسلمون الذي جاء كتابهم الكريم يدعو إلى التعارف بين الشعوب في قوله تعالى )وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا( أهملوا هذا الجانب في العصر الحاضر فأصبحوا من قرون عديدة موضع الدرس لدى الأوروبيين والأمريكيين، وقد وصل الغربيون في معرفتهم لنا أن عرفوا التفاصيل الدقيقة عن الأمة الإسلامية في المجالات العقدية والتشريعية والتاريخية ومعرفة المجتمعات العربية الإسلامية في العصر الحاضر معرفة تفصيلية حتى أصبحوا كما ذكر أحد الباحثين يعرفون التفاصيل وتفاصيل التفاصيل.
أهمية دراسة الغرب
ولمّا كانت الحضارة الغربية بشقيها الأوروبي والأمريكي هي السائدة والمتوفقة اليوم فمن الواجب على المسلمين أن يعرفوها معرفة وثيقة وعلمية، فكما أن الغرب حينما بدأ نهضته العلمية والثقافية والفكرية توجه إلى دراسة العالم الإسلامي وأفاد من معطيات الحضارة الإسلامية ابتداءً من التفكير العلمي والمنهج العلمي إلى مختلف معطيات الحضارة الإسلامية فإن من الواجب على المسلمين أن ينطلقوا لدراسة الغرب من جميع جوانبه.
وليكن معروفاً أن دراستنا للغرب يجب أن تتم وفق أسس معينه بحيث نفيد من معطيات الحضارة الغربية المعاصرة فيما لا يتعارض مع أسس الحضارة الإسلامية وثوابتها. هذا العلم الذي يمكننا من دراسة الغرب هو ما يمكن أن نطلق عليه " الاستغراب" الذي يمكن تعريفه باختصار بأنه العلم الذي يهتم بدراسة الغرب (أوروبا وأمريكا) من جميع النواحي العقدية، والتشريعية، والتاريخية، والجغرافية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية ..الخ. وهذا المجال لم يصبح بعد علماً مستقلاً، ولكن من المتوقع في ضوء النهضة العلمية التي تشهدها البلاد العربية والإسلامية أن تقوم مراكز البحث العلمي ووزارات التعليم العالي في العالم الإسلامي بشحذ الهمم وتسرع الخطى وتغذ السير لإنشاء أقسام علمية تدرس الغرب دراسة علمية ميدانية تخصصية في المجالات العقدية والفكرية والتاريخية والاقتصادية والسياسية.
ولعل سائلاً يتساءل لماذا ندرس الغرب وكيف لنا أن ندرس هذا العالم الذي سبقنا بمراحل عديدة أو بعدة قرون؟ الأمر ليس صعباً أو مستحيلاً، فإننا إذا رجعنا إلى بداية الدعوة الإسلامية وجدنا أن المسلمين الأوائل حينما خرجوا لنشر الدعوة الإسلامية في العالم كانوا متسلحين بسلاح العلم بعقائد الأمم الأخرى وعاداتها وتقاليدها. كانوا يعرفون أرض الدعوة سياسياً واقتصادياً وجغرافياً. ولعلك تسأل من أين تحصلوا على هذه المعرفة. لقد كان رجال قريش تجاراً وكانت لهم رحلة الشتاء والصيف. لم يكونوا يحملون معهم التجارة ويذهبون للبيع والشراء فحسب، بل كانوا على اطلاع بأنظمة الدول الأخرى وأوضاعها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. أما الناحية العقدية فقد عرفوا منها شيئاً من اتصالهم بهذه الشعوب وجاء القرآن ليوضح لهم حقيقة اعتقادات اليهود والنصارى وغيرهم.
ولذلك فإن المسلمين الأوائل لم يجدوا صعوبة في التعرف على الشعوب الأخرى والتفاعل معها وأخذ ما يفيدهم مما لدى الأمم الأخرى من وسائل المدنيّة. حيث أخذوا الديوان والبريد وبعض الصناعات المهمة مثل صناعة الورق (الكاغد) التي طورّها المسلمون حتى أصبحت صناعات إسلامية
===============(25/443)
(25/444)
دعوة لدراسة الغرب >
ظهرت في عالمنا الإسلامي منذ عدة سنوات دعوات لدراسة الغرب أو إخضاعه لدراستنا، ومن ذلك ما كتبه السيد محمد الشاهد حول أهداف هذه الدراسة فذكر منها :" طلب علوم الغرب للإفادة من صالحها وبيان فساد طالحها ، والخلفية الفكرية للفكر الغربي." ([1])،وأوضح من ضمن الموضوعات التي يمكن دراستها :
(أ) دراسة عقيدة الغرب دراسة موضوعية بعيداً عن الحماسة والعاطفة.
(ب) دراسة الشخصية الغربية من حيث مكوناتها وبنائها النفسي والاجتماعي .([2]) وأكد السيد الشاهد في مقالة أخرى على قضية مهمة وهي " إن علينا أن نبحث عن مخرج من موقفنا الضعيف إلى موقع قوي مؤثر ،ولا يمكن ذلك إلاّ بدراسة علمية صادقة لما عليه أعداؤنا ولا حرج أن نتعلم من تجاربهم ومناهجهم ونأخذ منها ما ينفعنا ونترك منها ما عدا ذلك."([3])
كما أصدر الدكتور حسن حنفي كتابا ضخما بعنوان: مقدمة في علم الاستغراب ، تناول فيه أهمية دراسة الغرب فأوضح أن مهمة علم "الاستغراب" هي :" فك عقدة النقص التاريخية في علاقة الأنا بالآخر ، والقضاء على مركب العظمة لدى الآخر بتحويله من ذات دارس إلى موضوع مدروس ، والقضاء على مركب النقص لدى الأنا بتحويله من موضوع مدروس إلى ذات دارس. مهمته القضاء على الإحساس بالنقص أمام الغرب لغة وثقافة وعلماً ومذاهب ونظريات وآراء."([4])وأشار في مواضع أخرى إلى مهمات أخرى لعلم "الاستغراب" ومنها أنه يسعى إلى القضاء على " المركزية الأوروبية Eu r ocent r icity ،Eu r ocent r ism ، بيان كيف أخذ الوعي الأوروبي مركز الصدارة عبر التاريخ الحديث داخل بيئته الحضارية الخاصة، مهمة هذا العلم الجديد رد ثقافة الغرب إلى حدوده الطبيعية بعد أن انتشر خارج حدوده إبان عنفوانه الاستعماري من خلال سيطرته على أجهزة الإعلام وهيمنته على وكالات الأنباء ودور النشر الكبرى ومراكز الأبحاث العملية والاستخبارات."([5]).
ويرى حسن حنفي أنه ظهر في العالم العربي من اهتم بدراسة الغرب ولكنه أطلق على هذه الدراسات بالاستغراب " المقلوب" ويبرر هذه التسمية بأنها تؤدي إلى أنه " بدلاً من أن يرى المفكر والباحث صورة الآخر في ذهنه رأى صورته في ذهن الآخر ، بدل أن يرى الآخر في مرآة الأنا رأى الأنا في مرآة الآخر. ولما كان الآخر متعدد المرايا ظهر الأنا متعدد الأوجه." وضرب حسن حنفي المثال لهذا بكتابات محمد عابد الجابري وهشام جعيط، ومحمد العروي وهشام شرابي وغيرهم.([6])
وتأتي أهمية دراسة الغرب لمواجهة حالة الانبهار التي أصابت كثيراً من أبناء الأمة الإسلامية ، فيرى البعض أن النظام السياسي الأمثل هو الذي أوجدته الحضارة الغربية وقد دعوت إلى هذه الدراسة في كتابي الغرب في مواجهة الإسلام فقد ورد في هذا الكتاب العبارة الآتية:" انظر كيف يدرسوننا ، وكم يبذلون من الجهود والأموال لمعرفة ما يدور في بلادنا .وهل نحن ندرسهم بالمقابل؟ بل قبل ذلك هل عرفنا أنفسنا كما يعرفون عنّا ؟ إن هذا الأمر يحتاج من مفكرينا وعلمائنا وقفة متأنية."([7]) وقد تأكدت لي ضرورة هذه الدراسة نتيجة لما تعرفت إليه من بعض الصور الحياتية التي تدل على عدم ثقة البريطانيين في حكومتهم رغم أنها أقدم ديموقراطية في أوربا.
واستمرت مقالاتي تدعو لدراسة الغرب وكان منها مقالة بعنوان :" بل لابد من دراسة الغرب ونقده" جاءت رداً على مقالة عبد الرحمن العرابي التي ينتقد فيها الاهتمام الزائد بالغرب والكتابة عنه ، ومما بررت به ضرورة دراسة الغرب أنه ظهر من أبناء المسلمين من درس في الغرب ورجع إلينا متشبعاً بالروح الغربية حريصاً على تقليد الغرب في كل شيء فكان لابد من معرفة الغرب معرفة حقيقية ومما كتبته في حينها :" في مثل هذه الأجواء يجب الاستمرار في دراسة الغرب و الاطلاع على عوراته وعيوبه وتبصير الأمة بها ولا بد كذلك من دراسة إيجابيات الغرب فإن للسلف أقوالاً في وصف أعدائهم لم يمنعهم الإسلام من ذكر محاسنهم وهذا ما جاء في قوله تعالى {ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}([8])، وختمت المقالة بالقول:" إننا بحاجة لدراسة الغرب كيف نهض نهضته الصناعية المدنية ، وكيف بنى مؤسساته ثم كيف بدأ الانهيار حتى نأخذ بأسباب الانطلاق ونتجنب أسباب الانهيار."([9])(25/445)
وكانت كلية الآداب بالرباط بالتعاون مع مدرسة الملك فهد العليا للترجمة وجمعية الدراسات المشرقية في المغرب ومكتب تنسيق التعريب في العالم العربي قد عقدت ندوة حول الاستشراق عام 1994 ، وجاء في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها أحمد شحلان دعوته إلى الاهتمام بالدراسات الاستشراقية مشيراً إلى أن الهدف من ذلك هو:" أن نعرف ونقوّم الدرس الاستشراقي تاريخاً وحضارة بمنظور مغربي(إسلامي) رزين يعيد النظر في تاريخ الاستشراق ويعرِّف بمعاهده وأعلامه ويبرز أعمالهم كما هي." ([10]) وأضاف شحلان في تلك الكلمة إلى دراسة الغرب بقوله :" أليس من الجميل أن يصبح في جامعاتنا أقسام نسميها أقسام الاستغراب في مقابل الاستشراق؟ أليس من الجميل أن نعتبر الطرف الآخر هو أيضاً موضوع الدرس والتنقيب؟"([11]) وكتبت في حينها أؤيد ما دعا إليه الدكتور شحلان في ثلاثة مقالات أوضحت فيها جهود جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض في دراسة الاستشراق ومنابعه الفكرية من خلال إنشاء وحدة الاستشراق والتنصير بعمادة البحث العلمي في الرياض، ثم إنشاء قسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة. وأيدت الدعوة التي نادى بها شحلان في المؤتمر المغربي وأضفت بأننا نحتاج بالفعل إلى إنشاء كلية للدراسات الأوروبية (والأمريكية) وختمت تلك المقالات بالعبارة الآتية: " لهذا كله فلا بد من التفكير الجاد في هذا الاقتراح بإنشاء كلية متخصصة لدراسة الغرب دراسة عميقة ، وهذه الدعوة موجهة إلى الجامعات الإسلامية بعامة وإلى الجامعات في بلادنا بخاصة. وإن جامعة الإمام التي كانت سبّاقة ورائدة في دراسة الاستشراق لقادرة بإذن الله على مثل هذه المشروعات الكبرى بعد دراستها من قبل المتخصصين ."([12]) ونبهت إلى أن الذي يدرس الغرب ينبغي له أن يكون على معرفة عميقة وصحيحة بالإسلام، حتى يكون قادراً على فهم الغرب من منطلق إسلامي* .
وكتبت في مناسبة أخرى أدعو إلى إخضاع الغرب إلى الدراسة في شتى المجالات بالقول: "لا شك أن دراسة الغرب تتطلب تخصصاً كالقانون أو الاجتماع أو السياسة أو علم الإنسان أو التاريخ ...الخ .. وقبل أن يتساءل القارئ وما شأننا بكل هذا فنقول أليس الغرب أمة يجب أن نتوجه إليهم بالدعوة ونحن مطالبون بالشهادة على الأمم فكيف للشاهد أن يشهد دون أن يعرف معرفة دقيقة موضوع شهادته."([13])
ويرى محمد عثمان الخشت بأن فهم الغرب أمر ضروري لفهم موقفهم من الإسلام ويقول في ذلك: "ولذلك يتعين على المثقفين الإسلاميين لا نقد الفهم الغربي للإسلام وحضارته فقط وإنما كذلك إقامة "علم الاستغراب." كعلم يدرس الحضارة الغربية لا لهدمها وبيان إفلاسها الروحي وأنها على وشك الانهيار بل لفهمها من الداخل واكتشاف هويتها بعقل مفتوح وقلب ملتزم. "([14]) ويضيف الخشت قائلاً:" وإنما نحن نعاني مما يعاني منه الغرب في هذا الإطار فنحن لم نفهم الغرب بعد فهماً موضوعياً ،والسبب ببساطه هو أنه لم يقم عندنا " علم الاستغراب" كعلم دقيق حتى الآن، وإنما مزاعم بهذا الشأن هي مجرد أهواء وسراب."([15])
وقد ازدادت الأصوات المنادية بدارسة الغرب فقد كتب قسطنطين زريق يقول :" إن الحضور الأمريكي في الذهن العربي ليس في مجمله صحيحاً وكافياً لأنه ليس وليداً لدينا من معرفة صادقة وموثوق بها ومن علم حي متنام." ([16])
وقد انتقد إدوارد سعيد عزوفنا في العالم العربي عن دراسة الغرب، فذكر أن العديد من المثقفين العرب المسلمين يذهبون إلى الغرب ليكتبوا عن العالم الإسلامي ومما قاله: " إن صادق جلال العظم مثلا الذي يفترض أنه ناقد كبير قضى ثلاث سنوات في أمريكا وجل ما فعله هو تدريس الشرق الأوسط إلى صغار أمريكا.." وأطلق سعيد على ذلك بأنه نوع من " النرجسية التي تدعو إلى الأسى عند جزء من المثقفين العرب" وتساءل سعيد " لماذا لا تكون لدينا إسهامات عربية معاصرة أكثر أهمية في دراسة فرنسا وألمانيا أو أمريكا" فالعرب أصبحوا في نظر سعيد " أسرى حالة من الـ (غيتو) لأنهم يكتبون عن العالم العربي بالفرنسية أو الإنجليزية أو الألمانية، وينظر إليهم كمخبرين محليين ."([17])
ويؤكد سعيد هذه الفكرة حين التقى مجموعة من الشباب اللبناني يكتبون عن لبنان في أمريكا، فقال لهم:" لستم هنا لكي تكتبوا عن أنفسكم، تستطيعون الكتابة عن لبنان في لبنان، هنا يتوجب عليكم أن تكتبوا وتشاركوا في الجدالات الدائرة حول أمريكا في أمريكا."([18])(25/446)
ولعل إدوارد سعيد فاته أن هذا الأمر قد خطط له منذ عشرات السنين، فقد جاءت لجنة حكومية بريطانية برئاسة السير وليام هايترSi r William Hayte r للتعرف على الدراسات العربية الإسلامية في أمريكا وكندا فوجدت أن معهد الدراسات الإسلامية في جامعة مقيل McGill قد وجه طلابه المسلمين ليكتبوا عن بلادهم، وأقنعهم بأن هذه الكتابة ستكون في مصلحتهم لأنهم سينظرون إلى مشكلاتهم من بعد (مسافة) وربما قيل لهم " إنكم ستحررون هناك من بعض القيود في بلادكم" ، فأعجبت الفكرة أعضاء اللجنة، وجعلوها ضمن توصياتهم([19]). ولكن الأمر من هذا حين تتحول بعض الرسائل إلى نوع من التجسس على العالم العربي الإسلامي، بما تقدمه من معلومات يصعب على الغربيين الوصول إليها، كما أشار إلى ذلك أحمد غراب من توجيه بعض الأساتذة تلاميذهم من العرب والمسلمين دراسة قضايا معينة في بلادهم.([20])
وأعود إلى إدوارد سعيد لأقتبس من مقالته التي نشرت في 17 صفر 1417 والتي أكد فيها ضرورة معرفة الآخر، فهو يقول: " ولا أعتقد أن من الإجحاف القول إن العرب هم الأقل مساهمة في تغيير الحضارة والسياسة والمجتمع في الغرب، ونحن نتمتع في بلداننا بأحدث البضائع الاستهلاكية وكل وسائل الراحة المستوردة من الخارج وليس من يضارعنا فيم عرفة آخر طرازات سيارة مرسيدس أو البرامج التلفزيونية المفضلة، لكنني لا أعرف جهدا منظما في الجامعات العربية وفي مؤسساتنا الدينية لتعميق معرفتنا بالآخر، أي بالمجتمعات المختلفة واللغات والتواريخ التي تشكل عالمنا الحالي.."([21])
وكنت أشرت من قبل إلى مقولة عبد الرحمن العرابي بعدم ضرورة إشغال أنفسنا بدراسة الغرب والكتابة عنه فقد كتب هاشم صالح -تلميذ محمد أركون- منتقداًً الدعوة إلى " علم الاستغراب" بدعوى أننا ما زلنا غير قادرين على الوصول إلى ما وصل إليه الغرب من تقدم في العلوم ومناهج البحث ، بل إنه استهزأ بمشروع حسن حنفي في دراسة الغرب ( الاستغراب) بقوله: " كيف يمكن لهذا "العلم" الغريب الشكل أن ينهض على أسس قويمة إذا كنّا عاجزين حتى الآن عن استيعاب الثورات اللاهوتية والابستمولوجية والفلسفية للفكر الغربي ، وإذا كنّا عاجزين عن إحداث مثلها في ساحة الفكر العربي ؟ وكيف يمكن لنا أن نقف موقف الند من الغرب إذا كنّا لا نملك أبسط المقومات حتى مشروع الترجمة لم نقم به كما ينبغي. "([22])
وما يمكن قوله لهذا المتعجب من دراسة المسلمين للغرب هو هل من الضروري أن يمر المسلمون بالأدوار الفكرية والفلسفية التي مرّ بها الغرب حتى نفهم الغرب؟ وهل من الضروري أن ننقد القرآن الكريم والسنة المطهرة وفقاً لنقد النص الذي قام به الغربيون لنصوصهم " المقدسة" حتى يمكننا أن ندرسهم ؟ ولكن ألا يعرف الكاتب أن الأمة الإسلامية مطمئنة إلى أن كتاب ربها قد نقل إليها بالتواتر فليس في الدنيا كتاب نال من العناية والاهتمام ما ناله القرآن الكريم .ومن ناحية أخرى يؤمن المسلمون بأن الله عز وجل قد تكفل بحفظ كتابه{ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}([23]) فهذا هو المنطق المعكوس أن نتوقف عن التفكير في دراسة الغرب حتى نمر بجميع المراحل الفكرية التي مر بها الغرب، وأن نطعن في نصوصنا دون النظر إلى الجهود التي بذلها العلماء المسلمون في الحفاظ على الكتاب والسنة وهي جهود لم تقم بها أمة من الأمم لحفظ كتاب ربها وسنة نبيها .
وجاءت ندوة " أصيلة " لتدعو إلى إنشاء مركز الدراسات الأمريكية فكانت المبررات التي نشرت تتلخص فيما يأتي:" فقد اتفق الحضور على وجود بعض أشكال من عدم الفهم للعروبة والإسلام في أمريكا وهذا ما يصعب تقديم قضايا العرب والمسلمين بصفة جيدة كذلك اتفقوا بالمقابل على عدم التفهم العربي الكافي لأمريكا ومجتمعها وعمل إدارتها السياسية."([24]) ورأى المجتمعون أن من الأهداف التي من الممكن تحقيقها من إنشاء المعهد " تقريب وجهات النظر وتقديم رؤية معتمدة على المعلومات المعاصرة وليس على الحساسيات التاريخية التي تتحكم بالجانبين" أما الوسائل التي سيستخدمها المعهد في تحقيق أهدافه فكما أشار الخبر :" تقوية الحوارات والاتصالات بين الأكاديميين والصحافيين والعلماء والاقتصاديين من كلا الطرفين، كما يطبع الأعمال الثقافية والفكرية التي تخدم كافة أشكال الحوار الحضاري بين الثقافتين العربية والأمريكية."([25])
ومن الطريف أنني قبل ندوة " أصيلة " بأسبوعين تقريباً وفي المحاضرة التي ألقيتها بدعوة من نادي أبها الأدبي وفي 8ربيع الأول 1417 ناديت بإنشاء كلية الدراسات الأوروبية والأمريكية و هذا ما قلته في تلك المحاضرة:"وأجدها فرصة مناسبة لأدعو من هذا المنبر * لإنشاء كلية للدراسات الأوربية أو مركز أبحاث الدراسات الأوروبية في المدينة المنورة، تكريما لهذه المدينة العظيمة التي انطلقت منها الدعوة الإسلامية فعم نورها أرجاء الدنيا وما زال."(25/447)
وقد أثار هذا الاقتراح الكثير من ردود الأفعال المؤيدة ومنها ما كتبه عبد القادر طاش مشيراً إلىً أن الواقع يشهد نقصاً في " المعرفة العلمية الموضوعية ... لابد لمثل هذا المعهد أن يعنى عناية فائقة بالدراسات الجادة التي تقدم لنا -نحن العرب والمسلمين- رؤية عميقة وموضوعية عن الفكر الأمريكي في تجلياته الإيجابية وفي قصوره السلبي وعن التيارات الثقافية التي يموج بها المجتمع الأمريكي وذلك لنعرف أمريكا على حقيقتها عوضاً عن الاعتماد على الانطباعات العجلى والرؤى القاصرة."([26])
ولكن طاش توقف عند فكرة الحساسيات التاريخية* التي يريد مؤسسو المركز استبعادها من أن تكون مصدراً للمعرفة فقال :" ولكننا -مع ذلك- لا ينبغي أن نقلل من أثر الدوافع التاريخية في توتير العلاقة بين الطرفين فكرياً وثقافياً. كما لا ينبغي إهمال النظر إلى العوامل الأيديولوجية والسياسية وحتى الاقتصادية التي تؤثر على تلك العلاقة سلباً أو إيجاباً .لذلك فإن الرؤية المتكاملة تفرض علينا دراسة ظاهرة العلاقة بين أمريكا والعرب في ضوء كل هذه العوامل مجتمعة ولا يمكن فصل الحاضر عن الماضي."([27])
وتعجب عبد الرحمن الراشد أن لا توجد في العالم العربي دراسة " العلوم الأمريكية بتخصيص كلية أو مركز لها." وأشار إلى أن لدى الأمريكيين العشرات من المراكز والكليات المتخصصة في تدريس وإجراء بحوث عن منطقة الشرق الأوسط . وهناك مئات الجامعات الأمريكية التي تدرس العلوم الإسلامية وحضارتها ضمن برامج مكثفة في حين أننا لا نملك قسماً واحداً متخصصاً في العلوم الأمريكية مع أننا نعيش في القرن الأمريكي."([28])وأكد الراشد على ضرورة هذه الدراسات بقوله بأننا " لا يمكن أن نفهم ممارسات النظام الأمريكي سياسة واقتصاداً وثقافة من خلال تفاسير بسيطة تنطلق من روح المؤامرة الدائمة أو اللوبي الصهيوني أو لوبي السلاح ، بل هناك دولة عظمى تتنازعها قوى داخلية كبرى وتؤثر على سياساتها طروحات حزبية أهم من إسرائيل وغيرها."([29])
ولا بد هنا من التأكيد على أن أمريكا وإن كانت القوة العظمى في العصر الحاضر فإن هذا لا يمنع من دراستها ليس بالروح الانهزامية التخاذلية ، كما نؤكد ما قاله عبد القادر طاش بأننا لا ينبغي أن نغفل العامل التاريخي أو الأيديولوجي أو السياسي أو حتى الاقتصادي في العلاقات بين العالم العربي الإسلامي وأمريكا والغرب عموماً.
وقد علّق أحد القراء على هذه القضية وأضاف بعداً جديداً بأن دراسة الولايات المتحدة وحدها لا يكفي فلا بد أن تتسع هذه الدراسات لتشمل دول الاتحاد الأوروبي ونمور آسيا والصين والهند وروسيا.([30])وهو ما ينطبق عليه تعريفنا للآخر وفقا للمفهوم القرآني كما أوضحناها في بداية هذا البحث.
ولابد أن تنطلق رحلتنا لمعرفة الآخر من أسس شرعية، وقد كانت محاضرة الدكتور جعفر شيخ إدريس في مهرجان الجنادرية لهذا العام رائعة جدا في تحديد هذه المنطلقات، وأحب أن ألخصها هنا في النقاط الآتية:
1 - كل جماعة من البشر ترى أن ما هي عليه من المعتقد والقيم والعمل أفضل مما عليه غيرها مهما كان ما هي عليه باطلا بمقياس الشرع، والدليل على هذا قوله تعالى: {كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبؤهم بما كانوا يعملون}([31]).
2 - تتقارب الأمم مع من كان على شاكلتها، ألم تذهب جهود تركيا طوال عشرات السنين هباء للالتحاق بالسوق الأوروبية المشتركة، وهاهي ليتوانيا وأستونيا تدخلان السوق ولم يمض على استقلالهما سنتان أو ثلاثة.
3 - عدم الرضا التام إّلاّّ من كان على شاكلتهم، {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}([32]).
4 - إن حرصهم على أن يكون غيرهم معهم يدفعهم للضغط على المخالف ولاسيما مخالفا يساكنهم بأنواع من الضغوط تصل أحيانا حد الضرب أو السجن أو النفي أو حتى القتل {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك}([33]). وقوله تعالى: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنّكَ يا شُعَيْبُ والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا، قال أولو كنا كارهين}([34]).
5 - يرى أهل بعض الحضارات والأديان أن دينهم أو حضارتهم من خصائصهم القومية التي لا يريد أحدا أن يشاركه فيها وحتى إنهم لا يروا أنفسهم ملزمين بالتعامل معهم بالقيم الأخلاقية {ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك، ومنهم من إن تأمنه بدينار لايؤده إليك إلا مادمت عليه قائما، ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل، ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون}([35]).
6 - الرغبة الجامحة لدى بعض الحضارات في السيطرة والسيادة " تدفعهم لأن يعدوا العدة لبقاء حضارتهم والدفاع عنها في حال وجود خطر يهددها، والعمل لإخضاع الآخرين لها " وذكر الشيخ جعفر الرغبة الجامحة لدى الغرب في السيطرة، فمثلا في دولته الكبرى في الولايات المتحدة وهم لا يخفون ذلك، كما هو واقع لمن يتابع أحداث العالم بقلب واع وأفق واسع([36]).
أما موقفنا من الآخر، فقد حدد الدكتور جعفر ذلك في عدة نقاط هي:(25/448)
1 - الدعوة إلى الحق عملا بقوله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}([37]).
2 - إعداد القوة الرادعة، فلابد أن يكون للمسلمين قوة حتى لا يظهر أحد تحدثه نفسه بالغزو، وحتى لا يكون المسلمون فتنة حيث نكون على الحق ونكون الأضعف فينفر الناس من الحق الذي معنها. (القوة من أجل السلام)* .
3 - الجنوح للسلم.
4 - تبادل المنافع.
ويخلص الدكتور جعفر إلى القول بأن (الحضارة الغربية هي التي تدفع الآخرين لمعاداتها حيث تعمل في طريق التطور الطبيعي لغيرها، وتعد كل ماعداها خطر عليها، فتتحدث عن الغربي والآخر The West & The r est تماما كما كان بعضهم ولا يزال يصف كل من ليس على دينه بالأميين (أو الأمميين) ولا يرى أنه ملزم في التعامل معهم بخلق أو دين)([38]).
وقبل أن نختم هذه الفقرة نشير إلى أن الآخر الذي نقصده ليس هو فقط العدو الخارجي ولكن ثمة أناس من أبناء جلدتنا يمكن أن يكونوا أخطر من العدو الخارجي: هم أولئك الذين تأثروا بالفكر الغربي وأصبحت لهم مواقف مختلفة في النواحي الفكرية والثقافية والسياسية لا تتفق مع المنهج الإسلامي في التفكير ، فقد يبدي عداءً للغرب أو للآخر الحقيقي ولكنه في الوقت نفسه يتبنى كثيراً المواقف المنافية لمصالح الأمة الإسلامية والمنطلقة من المنهج الإسلامي وأضرب لذلك بأمثلة محدودة من هذه المواقف:
لقد زعم هؤلاء بأنهم حزب التنوير الحديث في العالم الإسلامي ولكن أي تنوير هذا وهم يعاندون توجهات الأمة فقد أقر مجلس الأمة في الكويت في الشهور الأخيرة منع الاختلاط في المدارس والجامعات الكويتية ولكن ظهر أعداء الفصل بين الجنسين وشنوا حملة شعواء على هذا القرار وكان من الذين كتبوا عن هذا الموضوع محمد صلاح الدين حيث كتب يقول:" جندت (في الشهور التي تلت التصديق على قرار منع الاختلاط) القوى العلمانية قواها وأطلقت عقال أحقادها وافتراءاتها لحث الحكومة على رد القانون الجديد إلى البرلمان والتحذير من آثاره على سمعة الكويت الدولية."([39]) وتحدث صلاح الدين في المقال نفسه عن تولي حزب الرفاه رئاسة الوزارة في تركيا بعد صراع سياسي استمر عدة شهور تحالفت فيه كل الأحزاب العلمانية لحرمان الرفاه الإسلامي من ثمار نصره الانتخابي وحقه الديموقراطي."* ووصف محمد صلاح الدين الديموقراطية التي ينادي بها العلمانيون العرب والمسلمين بأنها " ديموقراطية صليبية تقوم على أساس استئصال الإسلام ودعاته من حياة العباد وتوجهات البلاد ، وأن التعددية التي يتخوفون عليها هي في حقيقتها دكتاتورية مقنّعة تعتمد على نفي الشريعة وأحكام الدين من الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، والسماح لكل ما عدا ذلك من مذاهب وأيديولوجيات باعتبار الإسلام هو العدو الأول والوحيد."([40])
وقد ظهرت مواقف هذا الآخر من الإسلام والمسلمين في مواقف كثيرة منها أن إحدى الصحف أجرت استطلاعاً عن أبرز الكتب التي أثرت في حياة المسلمين في القرن الماضي فتواطأت رؤية عدد من الذين استطلعت آراؤهم على الإشادة بكتاب علي عبد الرازق ( أصول الحكم الإسلامي) وكتاب طه حسين ( في الشعر الجاهلي ، وكتاب قاسم أمين (تحرير المرأة) و(المرأة الجديدة)وكتب أخرى على شاكلتهما. وليت الأمر اقتصر على الاستطلاع الذي نشرته الصحيفة بل إن الهيئة المصرية العامة للكتاب قامت بإعادة نشر هذه الكتب في طبعة فاخرة وبأسعار زهيدة -كما أشار إلى ذلك عبد الله الجفري الذي تلقى هذه الكتب هدية من الهيئة-([41])
ومن مواقف الآخر الداخلي استئثاره بالدعوات لبعض المؤتمرات والندوات واستبعاد من ليس على شاكلتهم . فقد كتب عبد العزيز عطية الزهراني حول الندوة التي نظمتها مؤسسة الأهرام بالقاهرة تحت عنوان " مشروع حضاري عربي" فيقول الزهراني :" ليس مستغرباً من ندوة الأهرام أن تغيِّب الإسلام من محاورها وموضوعاتها فالغرب منذ عصر النهضة وحركة التنوير -في مفهومهم للنهضة والتنوير- وهم يركضون ركض الإبل في القفار والصحارى الشاسعة دون أن يصلوا إلى نبع الماء وبقيت الحلقة الرئيسية في نهضتهم المزعومة مفقودة."([42])
وأكد الزهراني في مقالته على أهمية دور العقيدة بقوله:" إن المشروعات الثقافية والفكرية التي لم تقدر على استيعاب العبر والدروس من التاريخ في ماضيه و حاضره لن يكون لها نصيب من النجاح... وسوف تذكر الأجيال القادمة أن حضارتهم لم تكن لتتعثر لو قام المخلصون ذوو القلوب الواعية بمزجها بهذا العنصر الأساس في مكوناتها ( العقيدة ) والتي لا تكتمل بدونه"([43])
ومن مظاهر الآخر الداخلي تهجمه على التشريعات الربانية كالتهجم على مظاهر الحياة الإسلامية التي من ملامحها الحجاب حيث كتب أحدهم في جريدة الأهرام عن الملابس والاحتشام فأطلق على الحجاب بأنه غزو ثقافي بدوي قادم من الصحراء . ويعلق محمد صلاح الدين على ذلك بقوله:" وهكذا أصبحت الأحكام الشرعية مرتعاً لعبث العابثين و المتزلفين وعدت الأوامر الإلهية حمى مستباحاً في ديار المسلمين للمنحرفين والمتحللين والعياذ بالله."([44])(25/449)
و ظهر هذا الآخر الداخلي أيضاً في مجال الأدب وفي الثقافة وفي التاريخ وفي علم الاجتماع وفي الفكر السياسي والاقتصادي . ففي مجال الأدب تبنى بعض هؤلاء نظريات الحداثة الغربية التي تنادي بالقطيعة مع التراث ، بل إنها تسعى إلى "تحطيم السائد والموروث ، وتفجير اللغة " وأما ما يتذرعون به من التجديد في الأشكال الأدبية للشعر والنثر فإنما جزء من الخداع الذين أتقنوا فنه، وإلاّ فإن الحداثة تتضمن نظرة متكاملة إلى الحياة والكون بعيداً عن الدين وبخاصة الدين الإسلامي. ومن الأدلة على ذلك أنهم حين أصدروا مجلة "أبواب" كانت في أول أعدادها تعلن الحرب على ما أطلقوا عليه الأصولية حيث يقول في ذلك محمد نور الدين :" أبواب تفتح أبواباً للتحديث والديموقراطية ( على النسق الغربي، وهل هناك نسق عالمي آخر ؟) وتحمل عصا غليظة تهش بها الأصولية والأصوليين ." ([45])
وفي المؤتمر العالمي الأول حول الإسلام والقرن الواحد والعشرين تحدث يوهانس يانسن Johannes Jansen تحت عنوان (فشل المشروع الليبرالي ) تناول فيه بالحديث فشل النخبة العلمانية في التأثير في المجتمع المصري بخاصة وفي العالم العربي بعامة ، وأرجع ذلك إلى أن هؤلاء يعيشون في بروج عاجية وأن الحاجز كبير بينهم وبين عامة الشعب. وقد ذكر يانسن في ملخص موضوعه أن كتابات النخبة من أمثال حسن أحمد أمين ومصطفى أمين وفؤاد زكريا ونصر حامد أبو زيد، ومحمد سعيد العشماوي التي تركز على الهجوم على "الأصولية" الحديثة تجد رواجاً ولهم قراء كثيرون لكنهم فشلوا في تحريك الجماهير.([46])وفي المؤتمر نفسه تحدث نبيل عبد الفتاح و هاله مصطفى -وهما من مؤسسة الأهرام- عن الحركات الإسلامية(الأصولية) وموقفها من الديموقراطية الحديثة فحشدا كثيراً من الاتهامات والدعاوى والزعومات ضد هذه الحركات دون تمييز بين حركات تدعو إلى تحكيم شرع الله وتطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ميادين الحياة، وبين تلك التي اتخذت خط العنف مهما كان حجمها صغيراً. وأصر المتحدثان على أن الحركات الإسلامية لا يمكن أن يكون لديها القابلية للقبول بالتعددية أو القبول بمعطيات الحضارة الغربية .([47])ولاشك أن المحاضرين ينطلقان من منطلق العداوة للحركات الإسلامية فلم يكن النقاش حول مواقف الحركات الإسلامية عقلانياً أو منطقياً . كما أن إدارة المؤتمر ربما تعمدت أن لا يكون في الحضور من يمثل وجهة نظر الحركات الإسلامية ليناقش مثل هذه المفتريات. ومن الأمثلة على هذه الآراء قول هالة مصطفى إن قبول الإسلاميين بالديموقراطية إنما هو قبول بإجراءات الديموقراطية أما الاتجاهات الفكرية والأيديولوجية لهذه الحركات فبعيدة جداً عن الجوهر التعددي للديموقراطية. كما زعمت الباحثة أن الإسلاميين يسعون إلى تأسيس الدولة الدينية التي لا يمكن أن تقبل بأي خيار آخر بعد أن يضفوا هالة من الشرعية لا تسمح بوجود خيار آخر. وكأن هالة مصطفى لم تقرأ التاريخ الإسلامي الذي يعد مضرب المثل في التسامح مع الأديان الأخرى منذ نشأة الدولة الإسلامية في المدينة المنورة حيث كتب الرسو صلى الله عليه وسلم الصحيفة بينه وبين يهود يضمن لهم فيها حرية الاعتقاد وحرية التصرف في ممتلكاتهم. كما لم يعرف التاريخ الإسلامي اضطهاد أصحاب الديانات الأخرى كما عرفتها أوروبا في حركة الإصلاح الديني وفي محاكم التفتيش في أسبانيا.
- الحواشي :
[1] -السيد محمد الشاهد." الاستغراب " في مرآة الجامعة ، عدد 120 ، 20 جمادى الأولى 1410.
[2] -المرجع نفسه.
[3] -السيد محمد الشاهد." المواجهة حضارية.. والنقد لا يكفي"، في المسلمون. عدد 270، 11-17رمضان 1410، 6-12أبريل 1990.
[4] -حنفي ، مرجع سابق ،ص 24.
[5] - المرجع نفسه ،ص 28.
[6] -المرجع نفسه ، ص 55-65. وأذكر أن أستاذ مادة (التاريخ العربي الحديث ) في الدراسات العليا في قسم التاريخ بجامعة الملك عبد العزيز كان يصرح بأن أي بحث تاريخي لا يمكن أن يكون مقبولاً ما لم يتضمن بعض المراجع الأجنبية.
[7] مازن مطبقاني: الغرب في مواجهة الإسلام.( المدينة المنورة: مكتبة ابن القيم، 1409.)ص 78.ظهرت قريباً طبعة ثانية من هذا الكتاب عن مكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالمدينة المنورة.
[8] -سورة المائدة ، أية 8.
[9] -مازن مطبقاني." بل لابد من دراسة الغرب ونقده." في المدينة المنورة، عدد 11256،13شعبان 1414(24يناير1994) ومن ذكر مزايا الآخر أو الاعتراف بما له من حسنات ما ورد عن عمرو بن العاص رضي الله عنه في وصف الروم بقوله:" إنّ فيهم لخصالاً أربعا: إنهم لأحلم الناس عند فتنة ، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة ، و أوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ، ويتيم ، وضعيف، وخامسة حسنة جميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك" رواه مسلم في صحيحه في كتاب الفتن وأشراط الساعة.
[10] -الشرق الأوسط ، عدد 5667، 25ذو الحجة 1414( 4يونيه 1994)
[11] -المرجع نفسه.(25/450)
[12] - مازن مطبقاني ،"دراسة الاستشراق وريادة جامعة الإمام1" في المدينة المنورة،ع 11396، 4محرم 1415(13/6/1994) و"دراسة الاستشراق وريادة جامعة الإمام2، الرجع نفسه، عدد 11397، 11محرم 1415، و" الاستشراق وكلية الدراسات الأوروبية"،المرجع نفسه ، عدد 11410، 18محرم 1415(27يونيه 1994.
* قررت ندوة أصيلة التي عقدت في شهر أغسطس 1997 إنشاء معهد الدراسات الأمريكية في أصيلة بالتعاون مع قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد الأمريكية فكتبت مقالتين معلقاً على هذا الموضوع مشيراً إلى أنه بالإمكان أيضاً أن يتم التعاون مع المعاهد الأوروبية المتخصصة في دراسة الولايات المتحدة مثل معهد دراسات الولايات المتحدة في لندن والتابع لجامعة لندن، وكذلك معهد الولايات المتحدة في مونتريال بكندا.
[13] -" متى نخضعهم لدراستنا ؟" في المدينة المنورة ،عدد 11534، 24جمادى الأولى 1415، (29أكتوبر 1994)
[14] - محمد عثمان الخشت." الإسلام والغرب : من الصراع إلى الحوار." في الحياة ،عدد 12103 ، 26 ذو القعدة 1416، 14يناير 1996.
[15] -المرجع نفسه.
[16] - قسطنطين زريق." حضور أمريكا في الذهن العربي والحضور العربي في الذهن الأمريكي." في الحياة، عدد 12134، 28 ذو الحجة1416 (16 مايو 1996)
[17] ادوارد سعيد: تعقيبات على الاستشراق، ترجمة صبحي حديدي، عمان: دار الفارس، 1996، ص 149-150.
[18] المرجع نفسه.
[19] -Si r William Hayte صلى الله عليه وسلم
[20] أحمد عبد الحميد غراب: رؤية إسلامية للاستشراق.ط2( بيرمنجهام : المنتدى الإسلامي) 1412هـ.
[21] ادوارد سعيد: الحياة، العدد 12182، 17 صفر 1417هـ (3 يوليه 1996م).
[22] -هاشم صالح." علم الاستغراب لا يضير الغرب بل يرتد علينا بأفدح الأخطار." في صحيفة الحياة،عدد 11740 ،13 ذو القعدة 1415(13 أبريل 1995).
[23] -سورة الحجر آية 9.
[24] - " أول معهد للدراسات الأمريكية ." في صحيفة الشرق الأوسط، العدد 6465، 26ربيع الأول 1417 (10أغسطس1996م)
[25] -المرجع نفسه.
* كان هذا في النادي الأدبي بأبها في يوم 8 ربيع الأول 1417 حيث ألقيت محاضرة بعنوان ( المعرفة بالآخر: ظواهر اجتماعية من الغرب)
[26] -عبد القادر طاش،" الدراسات الأمريكية" في المدينة المنورة ، عدد 12180، 1ربيع الآخر 1417(15/8/1996م)
* أشار الأمير الحسن بن طلال في كلمته التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الخامس والثلاثين للدراسات الأسيوية والشمال أفريقية الذي عقد في بودابست بالمجر على ضرورة الاهتمام بالتاريخ ذلك أن الماضي لا ينفصل عن الحاضر ويجب أن نتخذ من الماضي دروساً وعبراً، وليس من مصلحة الغرب أو الشرق نسيان الماضي.
[27] -المرجع نفسه.
[28] -عبد الرحمن الراشد. "أصيلة ومشروع المركز الأمريكي." في الشرق الأوسط، ع (6466) ،27ربيع الأول 1417(11/8/1996)
[29] -المرجع نفسه ، ع ( 6467)، 28ربيع الأول 1417.
[30] - عوض عباس أمين ،" آفاق مركز الدراسات الأمريكية في العالم العربي" في الشرق الأوسط .ع6479،10ربيع الآخر 1417 (24أغسطس1996م)
[31]-سورة الأنعام آية 108.
[32] - سورة البقرة آية 120.
[33] - سورة الأنفال آية 30.
[34]- سورة الأعراف آية 88.
[35] -سورة آل عمران آية 75.
[36] جعفر شيخ إدريس: موقفنا من الحضارات والأديان الأخرى، رؤية شرعية، في الشرق الأوسط، ع 6311، 9 مارس 1996م.
[37]- سورة النحل آية 125.
* أذكر حينما كنت أعمل في الخطوط السعودية قبل أكثر من عشرين سنة أن إحدى المجلات المتخصصة في الطيران نشرت على غلافها صورة إحدى الطيارات المقاتلة وكتبت تحتها (القوة من أجل السلام)Powe r Fo r Peace . وبعد سنوات أجرت مجلة المجتمع الكويتية لقاءً مع البرفسور عبد القدير خان المسؤول عن البرنامج النووي الباكستاني ولم تهتم به الصحف الأخرى فكتبت مقالة في جريدة المسلمون بهذا العنوان مشيراً إلى أن الأمة الإسلامية يجب عليها أن تمتلك القوة التي تجعلها مهابة الجانب عملاً بقوله تعالى {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}.سورة الأنفال آية60.
[38] جعفر شيخ إدريس، المرجع نفسه، الحلقة الثانيةـ عدد 6312، 10/3/1996م.
[39] - محمد صلاح الدين ." الديموقراطية الصليبية." في المدينة المنورة ، ع 12140، 20صفر 1417(6يوليو1996م)
* استطاع العسكر في تركيا بتأييد ظاهر وخفي من الغرب أن يفرضوا على نجم الدين أربكان رئيس الوزراء التركي ورئيس حزب الرفاه الاستقالة بعد حكم لم يدم أكثر من سنة، ثم جاء يلماظ ليحاول أن يتخذ عدداً من القرارات للحد من المدارس الدينية وتمديد التعليم العلماني وبالرغم من التكاليف المالية الضخمة لمثل هذا القرار فإن صندوق النقد الدولي الذي تسيطر عليه الدول الكبرى قد قرر تقديم القروض لتركيا. انظر سرعتهم في تأييد كل قرار ضد الإسلام والمسلمين مع تشدقهم بالديموقراطية وحرية التدين.
[40] -المرجع نفسه.
[41] -مازن مطبقاني ." (أتواصوا به )...التنوير المزعوم" في المدينة المنورة ، ع 9536، 8 محرم 1414.(25/451)
[42] -عبد العزيز عطية الزهراني." وجموا وهم جاهلون." في رسالة الجامعة،(صحيفة تصدر عن جامعة الملك سعود بالرياض) ع 547، 25جمادى الآخرة 1415.
[43] -المرجع نفسه وانظر مقالتي " ما ذا لو تفسحوا في مجالسهم " في المدينة المنورة، ع 11592، 24رجب 1415 (26ديسمبر1994)
[44] -محمد صلاح الدين." الحجاب..غزو ثقافي بدوي؟!" في المدينة المنورة.ع11467 16ربيع الأول 1415، (23أغسطس1994)
[45] - محمد نور الدين." أبواب المجلة الجديدة تبالغ في التركيز على الديموقراطية ونفي الأصولية." في الحياة،عدد (11513)، 19ربيع الأول 1415، (26أغسطس 1994)
[46] -Johannes Jansen. " The Failu r e of the Libe r al Alte r native." in The Fi r st Inte r national Confe r ence on Islam and the 21st Centu r y :Po r og r amme and Abst r acts (Leiden: Leiden Unive r sity,1996)p.51.لقد حضرت المؤتمر واستمعت لمحاضرة يانسن وناقشته في بعض الأفكار التي طرحها في محاضرته.
[47] -Nabil Abdul Fattah and Halah Mustafa." Weste r n Democ r acy and Islamic Movements in The Middle East." Two pa r ts each p r esented a pa r t. in The Fi r st Inte r national Confe r ence on Islam and The 21st Centu r y. Leiden ,June 4-7,1996.
===========(25/452)
(25/453)
كيف ندرس الغرب؟ >
كيف ندرس الغرب؟ لابد من التخطيط الفعّال في هذه القضية إن أردنا أن ننجح حقاً في التعرف إلى الغرب والإفادة من المعطيات الإيجابية للحضارة الغربية. ويحتاج هذا الأمر إلى عشرات اللجان في العديد من الجامعات العربية والإسلامية لوضع الخطط اللازمة لهذه الدراسات. ولكن حتى يتم ذلك لا بد من التفكير في الطريقة المثلى لهذه الدراسات. واذكر هنا أن الولايات المتحدة كانت قد بدأت فيها دراسة الاستشراق منذ بداية القرن التاسع عشر ولكنها بعد الحرب العالمية الثانية وجدت نفسها مضطرة لتحل محل بريطانيا في الشرق الأوسط أو في البلاد العربية الإسلامية،ووجدت نقصاً إن لم يكن عجزاً في الكوادر المؤهلة لفهم العالم العربي الإسلامي، فأصدرت الحكومة الأمريكية مرسوماً لتمويل عدد من المراكز لدراسة اللغة العربية والتركية والفارسية والأوردو ودراسات الأقاليم أو دراسة المناطق.
وبعد البدء في برامج اللغات العربية استعانت الجامعات الأمريكية بعدد من أساتذة الجامعات البريطانيين بخاصة والأوروبيين بعامة لتدريس الاستشراق في الجامعات الأمريكية كما بدأت الاستعانة ببعض أبناء المنطقة لإنشاء أقسام دراسات الشرق الأدنى كما فعلت جامعة برنستون حينما كلّفت فيليب حِتّي لإنشاء القسم في الجامعة.ثم بدأ التعاون بين أقسام دراسات الشرق الأوسط والمؤسسات العلمية الأخرى مثل مؤسسة الدراسات الاجتماعية والإنسانية وغيرها من المؤسسات العلمية والأكاديمية. وما زالت أكثر من عشرين جامعة أمريكية تحصل على دعم الحكومة الفيدرالية في مجال الدراسات العربية الإسلامية لتمسكها ببرنامج يلبي احتياجات الحكومة الأمريكية.
وفي العالم الإسلامي يكاد لا ينقصنا دراسة اللغات الأوروبية ولكننا بحاجة إلى من يتعلم هذه اللغات ليصل إلى مستوى رفيع في التمكن من هذه اللغات وبالتالي الدراسة في الجامعات الغربية والتركيز على قضايا الغرب وليس لدراسة موضوعات تخص العالم الإسلامي. فنحن بحاجة إلى من يعرف الأدب الغربي كما يعرفه مثلاً البروفيسور إدوارد سعيد الذي استطاع التعمق في فهم العقلية الغربية من خلال دراسة آدابهم. كما أننا بحاجة إلى من يتعمق في علم الاجتماع الغربي ليتعرف على مجتمعاتهم كأنه واحد منهم. ولم تعد هذه المسألة صعبة فإن في الغرب اليوم كثير من المسلمين من أصول أوروبية وأمريكية ويستطيعون التعرف على بيئاتهم معرفة حقيقية ولا يعوقهم شيء في التوصل إلى المعلومات التي يرغبون في الحصول عليها.
ولا بد من التأكيد على أن دراستنا للغرب يجب أن تستفيد من البلاد التي سبقتنا في هذا المجال ومن ذلك أن عدداً من البلاد الأوروبية قد أنشأت معاهد للدراسات الأمريكية فهناك معهد الدراسات الأمريكية تابع لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن، كما أن جامعة مونتريال فيها معهد للدراسات الأمريكية وكذلك في ألمانيا. وقد أنشأت باكستان معهداً للدراسات الأمريكية.
ودراستنا للغرب لا شك ستختلف عن دراسة الغرب لنا ذلك أن الغرب بدأ الاستشراق فيه منطلقاً من توجيهات وأوامر البابوات لمعرفة سر قوة المسلمين وانتشار الإسلام في البلاد التي كانت خاضعة للنصرانية. وكان القصد ليس فقط معرفة الإسلام والمسلمين ولكن كانت أيضاً لهدفين آخرين أحدهما تنفير النصارى من الإسلام، والثاني إعداد بعض رجال الكنيسة للقيام بالتنصير في البلاد الإسلامية.
وبعد هذه البداية ظهرت أوروبا الاستعمارية فكان لا بد أن يواكبها أو يسبقها معرفة باللابد التي يراد استعمارها فتكون لدى الغربيين أعداد من الخبراء بالعالم الإسلامي ساهموا في تثبيت دعائم الاستعمار. وانحسرت الموجة الاستعمارية ولكن الغرب مازال حريصاً على استمرار نفوذه في العالم الإسلامي ليسهّل عملية وصول المواد الخام للبلاد الغربية وإعادتها بضائع مصنعة لترويجها في العالم الإسلامي. فلا بد من تغيير أنماط الحياة الاجتماعية في هذه البلاد والمحافظة على أنماط معينة من السلوك لتظل بلادنا أسواقاً مفتوحة لبضائعهم ومنتجاتهم إلى ما شاء الله.
أما نحن فحين نريد دراسة الغرب ومؤسساته وهيئاته فأولاً نحن بحاجة للأخذ بأسباب القوة المادية التي وصلوا إليها أليس في كتابنا الكريم ما يؤكد هذا (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) . فكما يسعى الأمريكيون مثلاً للتعرف على الإدارة اليابانية وسر قوة الإنتاج والتقدم السريع لليابان فإننا أيضاً بحاجة إلى أن نعرف أسباب القوة لديهم. كما انهم استطاعوا تطوير آليات تطبيق الأنظمة في حياتهم في مجال الإدارة والصناعة والاقتصاد وفي التعليم وفي الثقافة.(25/454)
والأمر الآخر أننا حين ندرس الغرب فليس لدينا تطلعات استعمارية فما كان المسلمون يوماً استعماريين وكم يعجبني رأي محمد جلال كشك في كتابه (ودخلت الخيل الأزهر) في الدفاع عن الدولة العثمانية بأنها لم تكن ولا يمكن أن توصف بأنها دولة استعمارية وأتي بالأدلة والشواهد على ذلك. ولكننا نريد أن نحمي مصالحنا ونفهم طريقة عملة الشركات المتعددة الجنسيات التي ابتدعها الغرب وأصبحت أقوى نفوذاً من كثير من الحكومات.
والأمر الثالث وله أهميته الخاصة وهو أن هذه الأمة هي أمة الدعوة والشهادة فإن كان الأنبياء قبل سيدنا صلى الله عليه وسلم كانوا يُكَلّفون بدعوة أقوامهم فإن الدعوة الإسلامية موجهة إلى العالم أجمع وقد كلّف المسلمون جميعاً بحمل هذه الأمانة (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعن) وجاء في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فبلغها إلى من لم يسمعها فربّ مُبَلّغٍ أوعى من سامع أو رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) وهذه الرسالة الخاتمة ليست نظاماً عقدياً فحسب بين العبد وربه كما هو الأمر في النصرانية التي يزعم أتباعها أن عيسى عليه السلام قال (دعوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله) ولكنها نظام اجتماعي وسياسي واقتصادي وأخلاقي وفكري. ونحن أمة الشهادة فكيف لنا أن نشهد على الناس دون أن نعرفهم المعرفة الحقيقية.
ولن يكون علم الاستغراب لتشويه صورة الغرب في نظر العالم ذلك أننا ننطلق من قوله تعالى (ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله) وقد جاء في الأمر بالعدل ولو كان أولى قربى أو الوالدين …ولنا أسوة في ذلك ما ورد عن عمرو بن العاص رضي الله عنه في وصف الروم بقوله :" إنّ فيهم لخصالاً أربعاً: إنهم لأحلم الناس عند فتنة وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرّة وخيرهم لمسكين ويتيم وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك".
==============(25/455)
(25/456)
نماذج من دراستنا للغرب >
ينبغي أن تنطلق دراستنا للغرب من خلال أقسام علمية ومعاهد ومراكز بحوث، وحتى الآن لم يتأسس أي مركز في العالم العربي الإسلامي يزعم لنفسه التخصص في دراسة الغرب، ولكننا في هذا الموقع سنقدم نماذج لبعض الأفكار التي لا بد من تطويرها والاستمرار فيها. ومن هذه النماذج ما يأتي:
لمحات عامة عن دراسة الغرب >
يمكننا أن نجد إشارات إلى معرفة المسلمين بالشعوب الأخرى إذا عرفنا أن الجيوش الإسلامية التي انطلقت للفتوحات كانت على علم ودراية بالشعوب الأخرى فهذا رسول الجيش الإسلامي يدخل على رستم ويجلس معه على عرشه فيريد الحرس أن يقيموه فيقول لهم تلك القولة التي تدل على معرفة عميقة بهم "كنّا نظنكم أولي أحلام تتساوون فيما بينكم فإذ بكم يستعبد بعضكم بعضاً، إن قوماً هذا حالهم فمصيرهم إلى زوال" واستمر المسلمون في الحرص على معرفة الشعوب الأخرى وبخاصة في مجال العقيدة حتى إنه ظهرت كتب الفرق والملل والنحل في التراث الإسلامي منذ وقت مبكر .
وهناك لمحات من دراسة الغرب في كتاب أسامة بن منقذ الاعتبار الذي تناول فيه جوانب من حياة الصليبيين فوصف طباعهم وأخلاقهم وتحدث عن مزاياهم وعيوبهم. ومن أطرف ما ذكره في هذا الكتاب مسألة العلاقة بين الرجل والمرأة وضعف الغَيْرة من الرجال على النساء بل لعلها تكون معدومة أحياناً. فلا يرى الرجل بأساً أن تتحدث زوجه مع رجل أجنبي وقد تختلي به بل هو الذي يتركها مع الرجل الأجنبي ويطلب إليها أن لا تتأخر مثلاً. وهذا ما يقوله أسامة بن منقد" وليس عندهم شي من النخوة والغيرة، يكون الرجل منهم يمشي هو وامرأته يلقاه رجل آخر يأخذ المرأة ويعتزل بها ويتحدث معها، والزوج واقف ناحية ينتظر فراغها من الحديث فإذا طولت عليه خلاها مع المتحدث ومضى" (ص 154)
كما تناول صفاتهم الخُلُقية والخَلقِيّة وطرق تعاملهم فيما بينهم وبينهم وبين الشعوب الأخرى. وبين شدة بأسهم وقوة مراسهم في القتال. ومن ذلك قوله عنهم: "والإفرنج خذلهم الله، ما فيهم فضيلة من فضائل الناس سوى الشجاعة، ولا عندهم تقدمة ولا منزلة عالية إلاّ للفرسان ولا عندهم ناس إلا الفرسان- فهم أصحاب الرأي وهم أصحاب القضاء والحكم."(ص 87) ووصف أخلاقهم في موضع آخر بقوله " فكل من هو قريب العهد بالبلاد الفرنجية أجفى أخلاقاً من الذي تبلدوا وعاشروا المسلمين"(ص 153)
ونحن اليوم في حاجة إلى معرفة الغرب. ولعل بداية دراسة الغرب كانت فيما نقله رفعت رفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي وغيرهما عن أوروبا وكان من أبرز ما اهتم الاثنان به النظام السياسي الغربي القائم على الانتخاب والحريات السياسية. كما اهتم الاثنان بجوانب من الحياة الاجتماعية في الغرب وعلاقة الرجل بالمرأة. وكانت تلك النظرة التي ظهرت في كتابات التونسي والطهطاوي في وقت كانت قوة الغرب في عنفوانها وكان العالم الإسلامي يقاسي من ويلات التخلف فلا بد أن يصاب هؤلاء بالانبهار بالنموذج الغربي وإن كانا قد حاولا أن يربطا المحاسن الغربية (في نظرهم) بما في الإسلام.
وقد تجددت الدعوة لدراسة الغرب في منتصف هذا القرن في أحد مؤتمرات المستشرقين الدولية فقد أشار رودي بارت في كتابه المهم الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية (ص15) إلى أهمية أن يتوجه العالم الإسلامي لدراسة الغرب أسوة بما يفعله الغرب في دراساته للعالم الإسلامي. وقد تناول هذا الموضوع الدكتور السيد محمد الشاهد في خطة علمية قدمها لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1414ونشر موجزاً لها في صحيفة (مرآة الجامعة) ثم ظهر كتاب الدكتور حسن حنفي (مقدمة في علم الاستغراب) وإنني أحب أن أقتطف منه عبارة عن أهداف دراسة الغرب جاء فيها أن من أهداف دراسة الغرب:" فك عقدة النقص التاريخية في علاقة الأنا بالآخر، والقضاء على مركب العظمة لدى الآخر بتحويله إلى ذات دارس إلى موضوع مدروس، والقضاء على مركب النقص لدى الأنا بتحويله من موضوع مدروس إلى ذات دارس مهمته القضاء على الإحساس بالنقص أما الغرب لغة وثقافة وعلماً ومذاهب ونظريات وآراء…"
ومن النماذج التي تبشر ببداية دراسة الغرب قيام محمد بن سعود البشر الأستاذ المتخصص في الإعلام بترجمة عدد من الكتب التي صدرت في الولايات المتحدة الأمريكية وتتحدث عن واقع تلك المجتمعات وهي (يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة) وكتاب (السقوط من الداخل) وغيرها. وقد صدر لكاتب هذه السطور كتاب بعنوان ( الغرب من الداخل :دراسة للظواهر الاجتماعية) حاولت فيه أن أرصد بعض الظواهر الاجتماعية مستنداً إلى الدراسات العلمية التي صدرت في الغرب وكذلك من خلال وسائل الإعلام الغربية ومن خلال الدراسات الوثائقية والإحصائية التي تصدر عن الحكومات الغربية ومنها مثلاً تقرير (العيش في بريطانيا) والذي كان يصدر من قبل بعنوان (الحياة المنزلية في بريطانيا) (Household Su r vey in B r itain)(25/457)
ومما يؤكد على أهمية دراسة الغرب أن الغرب قد استطاع أن يبني حضارة ومدنية هي السائدة في أرجاء العالم اليوم وقد تردد منذ كتابات طه حسين (مستقبل الثقافة في مصر) ولطفي السيد وغيرهما أن المسلمين لكي ينهضوا كما نهض الغرب أن يتخلوا عن خصوصياتهم وهويتهم ويلتحقوا بالغرب ويأخذوا بالحياة الغربية خيرها وشرها. وإن كان طه حسين قد تراجع عن مثل هذه الأفكار حيث لم يُعد طباعة كتابه (مستقبل الثقافة..) وقد سئل ذات مرة فقال: ذاك كتاب قديم. فدراسة الغرب المنطلقة من التمسك بالهوية الإسلامية هي الطريقة الصحيحة لهذه الدراسة فهذه الأمة هي أمة الشهادة والأمة الوسط فعليها أن تكون منطلقاتها تختلف عن الأمم الأخرى في كل شأن من شؤونه
------------
المرأة الغربية تعود إلى البيت …!
هل أسلم الغرب قياده للمرأة؟ أو هل انتزعت المرأة القيادة في الغرب؟ هل أحسنت المرأة القيام بدورها في أثناء قيادتها أو هل أدت هذه القيادة إلى كوارث في الحياة الاجتماعية في الغرب؟ لدينا إجابتان إحداهما من امرأة عرفت النجاح في منصب قيادي وأدركت بفطرتها أو أن ظروفها أجبرتها على إدراك أن ما كانت تقوم به مخالف لمهمتها الأساسية: أن تكون أمّاً وزوجا. أما الإجابة الثانية وإن تعددت صورها فهي كتابات قدمها رجال حور دور المرأة، وهل تجاوزت حقيقة هذا الدور ( الأم والزوجة) أو لا ، ومن الذي سمح لها بتجاوز هذا الدور؟
تقول المرأة التي وصلت إلى أعلى المناصب القيادية في شركة ببسي كولا ( رئيسة عمليات الشركة لأمريكا الشمالية) إنها عملت مدة اثنتين وعشرين سنة ووصلت إلى الحصول على راتب يقدر بمليوني دولار سنوياً ولكن كان عليها أن تختار بين الاستمرار في العمل أو العودة إلى البيت. وسبب عودتها إلى البيت أنها أم لثلاثة أولاد ( في العاشرة والثامنة والسابعة) وقد قال لها أحد أبنائها ذات مرة " لا يهمني أن تكوني امرأة عاملة إذا كنت ستحضرين المناسبات العائلية ( أعياد ميلادنا).
وتضيف السيدة بارنز Ba r nes :" لقد كنت أحترق من جهتين ، لقد قمت بجهود كبيرة جداً من أجل شركة ببسي كولا، لقد كان لدي جدولاً مزعجاً ومتعباً وكنت أحضر موائد العمل من غداء وعشاء، وتضيف إن ترك العمل سيكون مؤلماً ولكني أحتاج أسرتي أكثر."
ولأن ببسي كولا تعرف قدرات هذه المرأة فقد حاولت إقناعها بالبقاء رئيسة لقسم حقق أرباحاً تقدر بأكثر من بليون دولار العالم الماضي ( 1996) وعرضت عليها وظيفة أقل مسؤوليات ، ويقول رئيس شركة ببسي كولا:" لقد تقدمنا بكل اقتراح ممكن لإثنائها عن قرارها ولكن دون فائدة. إن برندا بارنز B r enda Ba r nes واحدة من أكثر الموظفين التنفيذيين موهبة واحتراماً في صناعتنا، لقد كنّا نعدها لمناصب قيادية أكبر."
ومن النساء اللاتي رفضن المنصب الكبير من أجل الأمومة رئيسة شركة كوكا كولا في بريطانيا السيدة بني هقيز Penny Hugies (35 سنة) وهي أول امرأة ترأس فرع الشركة في بريطانيا تقدمت باستقالتها من أجل أن تضع أول مولود لها. وفي الأسبوع نفسه الذي أصدرت فيه السيدة بارنز قرارها ظهر كتاب: هل يمكن أن تكوني الرابحة دوماً؟ تحدثت فيه كاتبته التي كانت أماً لخمسة أطفال ومديرة تصف معاناتها بمحاولة التوفيق بين ضغوط العمل وأسرتها.
وفي العدد نفسه من جريدة التلقراف البريطانية Daily Teleg r aph كتبت مينيت مارينMinette Ma r rin حول وضع المرأة في المجتمعات الغربية وكان مما قالته في معرض تعليقها على كتاب جديد صدر للمؤلف الأمريكي الياباني الأصل ميشال فوكوياما : " قد لا يكون فوكوياما أول من قال بهذه الآراء عن المرأة ولكنه بالتأكيد من أكثر الرجال صراحة، ففي كتابه المثير للجدل المسمي ( نهاية العالم) تناول فيه دور المرأة في انهيار النظام الاجتماعي الغربي بسبب الحرية المدمرة التي حصلت عليها المرأة." ويتحدث فوكوياما عن الفرق بين النظام الاجتماعي الغربي والنظام الاجتماعي في دول آسيا وبخاصة اليابان فيقول إن من أسباب عدم حصول المشكلات الاجتماعية في دول آسيا " أنها حدت بقوة من مساواة المرأة." ويضيف بأن الدول الغربية إذا ما أرادت أن تستحدث قوانين تبعد المرأة عن أسواق العمل ، ولم تسمح بإعطاء المرأة أجوراً مساوية للرجل، فإن ذلك سيؤدي إلى اعتماد المرأة على الرجل وبالتالي يساعد في إعادة الأسرة المكونة من أبوين."
أما السبب الذي قاد فوكوياما إلى هذه النظرة فهو أنه نظر إلى الأمراض الاجتماعية التي أصابت المجتمعات الغربية في الثلاثين سنة الماضية فوجد أنها ترجع إلى حصول المرأة على قدر كبير من الحرية. ويربط فوكوياما بين التطور الاقتصادي والبناء الأسري فيرى أن الزواج والأسرة يبنيان الرأسمال الاجتماعي وهو الذي تعتمد عليه المجتمعات وإن التراجع في الرأسمال الاجتماعي تبعه بلا شك تراجع في الأسرة.(25/458)
ويشارك فوكوياما هذه الآراء عدد من المفكرين الغربيين فهذا فيليب لاركن Philip La r kin يرى أنه منذ عام 1963 بدأت التدهور الاجتماعي في الغرب بظهور التحكم في النسل والمساواة في الأجور بين الرجال والنساء. فحيث إن النساء يستطعن أن يسيطرن على خصوبتهن ويعلن أنفسهن وأولادهن . ومن هنا أصبح الطلاق وغياب الأب ممكناً بل أصبحت أمراً مرغوباً، وبالتالي تم التقليل من شأن الأبوة. وهكذا فالأطفال الذين عاشوا بلا آباء انجبوا فيما بعد أطفالاً بلا آباء.
ومن الأفكار التي تؤكدها طروحات فوكوياما وغيره أن الأطفال في الأسر التقليدية ( أم وأب) يمكن أن ينجحوا في المدرسة ، ويتعلموا المهارات المختلفة التي تساعدهم على العمل التعاوني في مجتمع معقد تكنولوجياً - مجتمع ما بعد الصناعة- ويقترح فوكوياما أن يتم تشجيع مجتمع الثقافات المتعددة ليستفيد الغرب من الثقافات الأخرى . ولكن الكاتبة لا توافقه على ذلك ربما بسبب انتمائها للحضارة الغربية ونزعتها لسيطرة هذه الثقافة.
هل المرأة الغربية حصلت بالفعل على حرية أكثر مما يجب أو هل الغرب سلمّ قياده للمرأة ؟ إن الإحصائيات عن النسيج الاجتماعي الغربي تؤكد أن أوضاع المرأة ليست بالصورة الزاهية التي يراها البعض من الحصول على حقوق أو حرية أكثر مما يجب. وقد تكون الحرية الزائدة -في نظر البعض - إنما هي قيود. ولذلك عقدت رئيسة البرلمان الاتحادي الأوروبي ريتا زوسموت اجتماعاً مع عدد من ممثلات الأحزاب والمنظمات الأخرى مؤتمراً صحفياً دعت فيه إلى ضرورة إيصال صوت المرأة إلى داخل الدولة والمجتمع وطالبت بسن قوانين تحمي المرأة من العداء عليها وعلى كرامتها من خلال العنف الجنسي وغيره من أنواع العداء ضد المرأة ، كما طالبت وسائل الإعلام أن تمارس رقابة ذاتية أقوى على برامجها التي تعرض للمرأة بشكل يمتهنها .
وفي الوقت الذي تعلن نساء الغرب أنهن عائدات إلى البيت للحرص على عدم انهيار الأسرة أو الحرص على استمرار بناء الأسرة قوياً تتحدث الدكتورة عائشة راتب -أستاذة قانون ووزيرة سابقة- بأنها تتعجب من وجود دعاوي في نهاية القرن العشرين تطالب بعودة المرأة إلى البيت ، فعودة المرأة إلى البيت- في نظرها-" إنما تؤدي إلى أن " يعود المجتمع إلى التخلف ويفقد نصف قوته الضاربة العاملة التي حققت عشرات النجاحات." بل تواصل هجومها على هذه الدعوة حتى تقول:" فالدعاوي التي تطالب بعودة المرأة إلى البيت دعاوي هدفها هدم المجتمع بالكامل." ( مجلة المجلة 3-9مايو1998).وكأن الدكتورة لا تقرا ما يحدث في العالم من اضطرابات ففي المكسيك قام الرجال بإضرابات ومظاهرات يشكون فيها من أوضاعهم الاقتصادية وأنهم لا يجدون العمل مع أن فرص العمل متوفرة وتعطى للنساء. فقد ضاق الرجال ذرعاً بتشغيل نسائهم ومنعهم من الحصول على فرص للعمل. وقد حدثني أحد الإخوة في بلد عربي مسلم أنه تقدم إلى العديد من الجهات إلى العمل باسمه وكان معظم الردود تأتي بالرفض فقرر أن يكتب إلى الجهات نفسها مستخدماً اسم فتاة فجاءت معظم الردود ترحب به. فأين المساواة بين الرجل والمرأة يبدو أنها انقلبت ضد الرجل في كثير من الأحيان.
فهل نعي الدروس التي يمكن أن نفيدها من تجربة الغرب الذي أصر على إخراج المرأة للعمل في كل الميادين ثم امتهنها في شتى المجالات، بينما كرّمها الإسلام وجعل مسؤولية النفقة عليها من أهم واجبات الرجل ثم أمره بإكرامها واحترامها، كما خصص لها نصيباً من الميراث يفوق في حالات كثيرة ما يحصل عليه الرجال مع عدم تكليفها بالإنفاق على أحد.
----------------
الرئيس بيل كلينتون والثورة الجنسية في أمريكا >
لا تكاد تتناول أي صحيفة يومية أو أسبوعية حتى تجد أن من أبرز موضوعاتها أو أبرزها التهم بالفضائح الجنسية التي تلاحق الرئيس الأمريكي بيل كلينتون. وإنني قد جمعت قصاصات منها تساوي عشرات الصفحات. وتساءلت - ليس دفاعاً عن كلينتون- لماذا توجه كل هذه التهم إلى الرئيس الأمريكي هذه الأيام؟ هل ارتكب جرماً حقيقياً يستحق كل هذه الضجة؟ وهل هذه القضية من صنع وسائل الإعلام أو على الأصح إمبراطوريات الإعلام التي أصبحت تملك قوة مخيفة شبهها الرئيس عزة بيجوفيتش في كتابه القيم ( الإسلام بين الشرق والغرب- بأنها أخطر من الدكتاتوريات التي عرفها التاريخ البشري. وهل هي قضية أخرى من قضايا الإثارة في الإعلام تشبه قضية المرأة الأمريكية التي قطعت العضو الذكوري لزوجها؟
كيلنتون بلغ الخمسين من عمره وهذا يعني أنه كان شاباً عندما كانت الثورة الجنسية في ذروتها في الولايات المتحدة وفي أوروبا. هذه الثورة قدست الجنس وأباحته في آن واحد. قدسته بحيث جعلته المطلب الأول والأسمى والأهم في حياة الشاب رجلاً كان أو كهلاً أو حتى عجوزاً.(25/459)
وكلينتون هذا عاش شباباً -لا أقصد بيل شخصياً- في مرحلة انتجت جيلاً لا يهمه بعد أداء مهماته العلمية والحياتية سوى أن يغرق في حمى الجنس.. وفي الفترة نفسها كانت المخدرات ابتداءً من الماروانا إلى الإل إس ديLSD والبيوتي، والهاواي وغيرها كثير جزء من حياة الشباب حتى لقد قيل إن آمن مكان لتعاطي المخدرات هو الحرم الجامعي.
وفي هذه الأيام انتشرت الدعوات والكتابات والأفلام تدعو إلى الإباحية والجنس ولم يكتف الدعاة بالكتب المؤلفة باللغة الإنجليزية بل قاموا بترجمة العديد من الروايات العالمية التي كتبت باللغات الأخرى ومن هذه على سبيل المثال كتب الروائي الألماني اليهودي هرمن هسّه He r mann Hesse جولدمن ونارساسيس وديميان وستيبن ولف . وظهرت كتابات المؤلف اليوناني كازانتزاكي مؤلف كتاب زوربا اليوناني وكتاب الإغراء الأخير للمسيح وكلاهما أصبح فيلماً.
وفي تلكم الفترة ظهرت أسماء أفلام خلاعية -زادت كثيراً منذ ذلك الحين- وأصبح شباب الجامعات يتسابقون إلى مشاهدتها. ولم يقف التلفزيون بعيداً عن هذه الحمى بل استضاف أبطال وبطلات الأفلام الخلاعية وأضفى عليهم المشروعية والنجومية والأهمية.
وكان هناك باب جديد للحديث عن الجنس وهم بعض أعضاء هيئة التدريس الذين راحوا يلقون المحاضرات عن الجنس بانفتاح، فهذا أستاذ في جامعة بورتلاند الحكومية يلقى محاضرة يجيب فيها عن كل استفسارات الشباب والشابات بدون حياء أو خجل. وقد تطور الأمر حتى كتب أحدهم - طبيباً يهودياً- كتاب (كل ما تريد أن تعرفه عن الجنس ولكن تخجل أن تسأل) ويستهزأ في كتابه بالطيّار الذي يعرف كيف يقود الطائرة الضخمة في الجو ولكن لا يعرف الأمور الجنسية.
وما أعظم الأدب النبوي في هذه المسائل فحينما اشتكت المرأة من زوجها بأن ما معه مثل هدبة الثوب فما كان من صلى الله عليه وسلم إلاّ أن أشار عليها بأن ترد عليه المهر وتطلق منه. ولعله أمره بالبحث عن علاج أو غير ذلك فالمرأة ليست مكلفة بالبقاء في زواج لا يوفر لها حاجاتها الأساسية.
ولم يكتف الغرب بالدعوة إلى اهتبال كل الفرص للغرق في الجنس بل انتشرت دعوات إلى أصناف عجيبة من الإباحية لم تعرفها ولن تعرفها العجماوات. فقد دعت المجلات المشهورة إلى الجنس الجماعي وإلى الجنس بين الأقارب وإلى تبادل الأزواج والزوجات. فهذا الشارع المعروف في فرنسا الذي يتم فيه هذه الرذيلة أو النادي الذي تأسس في إيطاليا إنما كان له أساس في دعوات استمرت سنوات طويلة تروج لهذا الأمر.
وكانت الدعوة إلى الهبيز والثقافة المضادة من الدعوات التي انتشرت في الفترة التي كان فيها كلينتون شاباً . والهبية والثقافة المضادة هو الانتفاض على كل القيم والأخلاق التي يتمسك بها المجتمع ويدعو إليها كالعفاف والزواج واحترام الكبير والعطف على الصغير وتكوين الأسرة وغير ذلك. بل ظهرت دعوة عجيبة في مجال التربية بدأت في بريطانيا وهي مدرسة سمر هل Summe r hill التي تركز على إعطاء الطلاب والطالبات كامل الحرية في عمل مايشاؤون في المدرسة .وظهر كتاب يحكي تجربة هذه المدرسة وظهرت مدارس على شاكلتها في الولايات المتحدة .
وبعد ذلك وقبله إن الثقافة الغربية قائمة على إباحة اتصال الرجال بالنساء وقامت على تشغيل النساء في مجال أعمال السكرتاريا بخاصة، وليس ثمة وازع ديني يمنع الرجل من ارتكاب الزنا لأن ثقافته وعقيدته التي يتمسك بها إن كانت تمنعه من ارتكاب الزنا إن كان متزوجاً كما هو في الوصايا العشر، ولكن هل لديهم مثل حديث رسولنا r (هل ترضاه لأمك، وكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم، هل ترضاه لأختك، هل ترضاه عمتك، وكذلك الناس لا يرضونه لأخواتهم ولا لعماتهم ولا لخالاتهم) وفي ثقافتنا الإسلامية المثل الشعبي (لو زدت لزاد السقا) وليس في ثقافتهم (ما اختلى رجل بامرأة إلاّ كان الشيطان ثالثهما)
ومع غياب هذه القيم فإن كلينتون ليس الوحيد في هذا الميدان فقد كان وفد من إحدى الدول العربية في زيارة لرجل أعمال كبير في بلد غربي وتأخر الوفد قليلاً عن موعده ، ولما وصلوا بادروا إلى الاعتذار عن التأخير ولكن المسؤول الكبير سبقهم إلى شكرهم على تأخرهم لما أتاحوه له من وقت قضاه مع السكرتيرة ….
جميل أن يحرض الأمريكيون على العدالة، ولكن هل العدالة انحصرت في اعتراف امرأة أو إنكارها أنها ارتكبت الزنا مع الرئيس، كفى استهزاءً بالعالم فالعدالة انتهكت في البوسنة وهي تنتهك وتعرقل أعمالها في فلسطين وفي سيريلانكا وفي بورما وفي كشمير وفي روسيا ضد الشيشان. وفي هذه القضية لا أجد أفضل من القول الذي يزعمون أنه منسوب إلى المسيح عليه السلام (من كان منكم بلا خطئية فليرم الزانية بحجر) اللهم احفظنا
----------
الغرب من الداخل: دراسة للظواهر الاجتماعية >
تعريف الظواهر الاجتماعية:(25/460)
تقول الموسوعات انكارتا ENCA r TA ، وجرويلر G r OILE r ، وغيرهما أن الظواهر الاجتماعية هي أقدم فرع من فروع علم الاجتماع لم تتم دراستها في السابق تحت أي علم من العلوم الاجتماعية، وهي: الزواج، والأسرة، والظلم الاجتماعي، والعلاقات العرقية، والانحرافات السلوكية، والمجتمعات الحضرية، والمنظمات الرسمية أو المعقدة([1]).
أولاً: الأسرة: الزواج والطلاق وعدد الأفراد:
ولما كانت الأسرة هي اللبنة الأساس في المجتمع فلتكن أول ما نتناوله في الحديث بعض مظاهر الأوضاع الأسرية في الغرب، وفقا للمصادر الغربية، وأول هذه المصادر وأهمها مما اطلعت عليه، التقرير السنوي الذي تصدره الحكومة البريطانية، وعنوانه :" التقرير المنزلي العام لسنة 1993 " Gene r al Household Su r vey "([2])
يذكر التقرير أن حجم الأسرة البريطانية بدأ يتقلص بالنسبة للبريطانيين البيض، فقد كان حجم الأسرة البريطانية يتكون من 2.91 فرد عام 1971 ثم أصبح 2.44 فرد عام 1993. ويشير التقرير إلى أن أسر البريطانيين من أصل هندي أو باكستاني أكبر حجما. أما عدد الأطفال في الأسرة فقد وصل إلى 1.8 فردا منذ بداية الثمانينات، وهذا العدد يتضمن الأطفال المتبنين وأطفال أحد الزوجين، ومن المظاهر المهمة في تكوين الأسرة البريطانية أن الأسرة المكونة من والد واحد (أب أو أم) ارتفع من 8% عام 1971 إلى 22% عام 1993. وبالنسبة للأمهات الوحيدات فقد ارتفع من 8% عام 1971 إلى 22% عام 1993. وبالنسبة للأمهات الوحيدات فقد ارتفعت نسبتهن من 1% عام 1971 إلى 18% عام 1993.([3])
وكتبت إيان موراي Ian Mu r ray حول التقرير السنوي للسكان قائلة :" إن الأسرة البريطانية التقليدية المكونة من أبوين أصبحت أكثر ندرة وفقاً لآخر تقرير سكاني حكومي ، فإن الترتيب الأكثر شيوعاً للأسرة هو رجل وامرأة بلا أطفال ، ووفقاً للإحصائيات التي تم إعدادها من أبريل عام 1991 حتى مارس 1992 فإن زوجاً ( رجل وامرأة) من بين كل خمس أزواج لا يعيشون تحت مظلة الزواج ، وأسرة واحدة من بين سبع أسر يعولها والد واحد (أب أو أم) وعائلة من بين كل ثنتي عشرة عائلة تتضمن طفلاً من زواج سابق لأحد الزوجين.([4])
وقد كتبت ليزلي وايت Lesley White حول انخفاض معدل الزواج في بريطانيا فقالت: " إن مؤسسة الزواج تكاد تختفي في بلادنا، فقد أصبح الإقبال على الزواج أقل وفي سن متأخرة، وارتفعت نسبة الطلاق حتى وصلت 40% وهي أعلى نسبة في أوربا. وبالنسبة لانخفاض الزواج فقد انخفض بنسبة الثلث عام 1992، وتصف الكاتبة موقف البريطانيين من الزواج فتقول " لقد أصبح الزواج مخيفا جدا، فمن الصعب جدا أن يقدم الناس على الزواج."
ومن النتائج التي حدثت أن أصبح متوسط عمر المرأة عند إنجاب أول طفل هو 28.6 سنة، وهناك عشرون في المئة من النساء لا يفكرن في الإنجاب مطلقا، ويفضلون إنفاق أموالهم على الترفيه والمتع الذاتية، أو هكذا يظنون([5]).
ولو عدنا إلى التقرير الحكومي البريطاني لوجدنا أن عدد النساء اللاتي لم يتزوجن قد ارتفع من 18% عام 1979 إلى 28% عام 1993، أما العيش مع الرجل دون زواج فقد ارتفع من 9% عام 1981 إلى 23% عام 1993.([6])
ويشير تقرير موراي إلى ارتفاع نسبة الزواجات التجريبية (يعيش الرجل مع المرأة كأزواج دون عقد رسمي) فثمة امرأة من كل أربعة نساء تعيش مع رجل بلا زواج ، بينما تتمنع الأخريات عن الإقدام على الزواج كليا.([7])
أما التعليق على هذه الأرقام فكما يأتي:
1 - انخفاض معدل الإنجاب في أوربا سيؤدي بعد حين إلى ارتفاع نسبة كبار السن وانخفاض الفئة القادرة على الإنتاج، وقد بدأت نذر هذا حيث إن الإحصائيات الحالية تشير إلى أن عدد الذين تجاوزوا الستين من العمر وصلوا إلى سبع عشرة في المئة في الولايات المتحدة، وعشرين في المئة في أوربا، وسبع عشرة في المئة في اليابان، وذكر برنامج تلفازي في الولايات المتحدة أن من أسباب هذا انخفاض نسبة المواليد واقتصار العائلة الأمريكية على طفلين فقط.([8]) فقد أشارت دراسة أعدتها المفوضية الأوروبية في بروكسل إلى أن عدد الشباب والشابات في دول الاتحاد الأوروبي سوف يتقلص بحلول عام 2025م ليصبح 9,5مليون ، أما الذين ستزيد أعمارهم عن الستين فسوف تزيد على 113,5مليون بينما لا تزيد الآن عن 76,3 مليون عام 1995 ، كما أشارت الدراسة إلى أن عدد البالغين عشرين سنة من أعمارهم عام 2025سوف يتدنى إلى 4,2مليون من مجموع السكان بينما كان يساوي 5,1مليون عام 1995. وأكدت الدراسات أن عدد السكان في دول الاتحاد الأوروبي سوف يتراجع إجمالياً .([9])(25/461)
وقد علق المفوض الأوروبي بيدريج فلين المكلف بحقيبة العمل والشؤون الاجتماعية في الاتحاد الأوروبي إن الدراسة الديموغرافية لطبيعة سكان الاتحاد الأوروبي لعام 1995 قد أكدت التوجهات التي أشارت إليها الدراسة المماثلة التي أجريت عام 1994التي حذرت من شيخوخة مرتفعة المعدلات في أوروبا الغربية … وهو الأمر الذي سوف يتسبب في اختلال النظم الاجتماعية المعمول بها حالياً حيث لن يكون هناك أعداد كافية من العاملين لتأمين المنح الهائلة لكبار السن المتقاعدين الذين سيشكلون الغالبية العظمى عام 2025.([10])
أما تأخر النساء في الزواج فإن ثمة دراسات تؤكد أن المرأة لا تنضج إلا بعد إنجاب الطفل الأول أو الثاني، فها هي المرأة الغربية تتأخر أكثر من عشرة سنوات عن الإنجاب، وقد لا تنجب مطلقا.
وبالنسبة للعزوف عن الزواج بحجة إنفاق المال في المتع والترفيه فقد ذكر الشيخ أبو الأعلى المودودي رحمه الله في كتابه الحجاب، أن من أسباب انهيار الحضارات وسقوطها (الشح) وهذا هو الشح بعينه، حين يرغب الوالدان إشباع متعهم الذاتية ويمتنعون عن الإنجاب أو عن الزواج.([11])
الأسرة في الولايات المتحدة
كتب ديفيد بلانكنهورن David Blankenho r n يقول: (هذه الليلة سينام أربعون في المئة من أطفال أمريكا بعيدا عن المنازل التي يعيش فيها آباؤهم، ويضيف بأن فقدان الأب يعد من أكثر الاتجاهات الديموغرافية (السكانية) إيلاما لهذا الجيل، فهي السبب الأول لتراجع صحة الطفل في مجتمعنا، وهي الدافع لكثير من المشكلات الاجتماعية من الجريمة إلى عمل الصغار إلى التحرش الجنسي بالأطفال، ويقدم المؤلف بعض الأرقام في هذا المجال وهي:
أ - كانت نسبة الأطفال الذين يعيشون مع آبائهم عام 1960 هي 82.4% وتراجعت هذه النسبة حاليا إلى 61.7%.([12]).
ب - كانت نسبة الذين يعيشون بعيدا عن آبائهم عام 1960 هي 17.5% وبلغت هذه النسبة عام 1990 36.3%.
وقد أشار ريتشارد نيكسون إلى تضاعف حالات الطلاق أربع مرات وأصبح طفل واحد من كل ثمانية يعيش على حساب الرعاية الاجتماعية أي أكثر بثلاثة أضعاف ما كان عليه الحال عام 1960.([13])
ألمانيا
وفي ألمانيا ينقل لنا نبيل شبيب بعض الإحصائيات منها أن ثلث الأطفال المولودين هناك ليسوا شرعيين([14])، وهي نفس النسبة لكل من بريطانيا والولايات المتحدة كما نقل الدكتور عبد القادر طاش عن الكاتبة غريتوود هلمفار أستاذة التاريخ بجامعة سيتي بمدينة نيويوركCity Unive r sity of New Yo r k ، وأضاف طاش بأن إيطاليا تعاني من التناقص السكاني، وهي (ظاهرة توشك أن تتحول فعليا إلى أزمة على أبواب القرن الحادي والعشرين على امتداد الأمة الإيطالية([15]).
ويرى الرئيس علي عزت بيجوفتش أن الحضارة الغربية قد تسببت في تحطيم الأسرة حيث بدأ ذلك بهجر الرجل للبيت ثم تبعته المرأة ثم تبعهم الأطفال. ومن مظاهر تحطم الأسرة انخفاض حالات الزواج وارتفاع نسبة الطلاق وازدياد عدد النساء العاملات والازدياد الكبير في عدد المواليد غير الشرعيين وارتفاع عدد الأسر القائمة على والد واحد (الأم) ويضيف بيجوفتش أن عدد ربات البيوت من الأرامل صغار السن قد ازداد شيوعاً بسبب ارتفاع معدل الحوادث وارتفاع عدد ضحايا السكتة القلبية وأمراض السرطان وهذه الأمور شديدة الصلة بالحضارة. ([16])
هذه الأوضاع الأسرية الصعبة جعلت المفكرين الأوروبيين يخشون على الجنس الأبيض من خطر الزوال ،فيذكر على عزت بيجوفيتش أن معدل المواليد في ألمانيا قد انخفض بحيث أن الألمان قد يتلاشون في القرن القادم ، ويضيف بان تقديرات السكان الذين يبلغ تعدادهم الآن ( في السبعينيات) 52مليوناً سوف ينخفض إلى 17 مليوناً في النصف الأول من القرن الواحد والعشرين.
كما أن التقرير الإحصائي السنوي للسويد يشير إلى أن كل واحد من اثنين من أطفال السويد هو الطفل الوحيد في الأسرة ، وينطبق الأمر نفسه على تشيكوسلوفاكيا التي يرى سكانها أن الأسرة التي تتكون من ثلاثة أطفال ترف غير معقول.وتشير الإحصائيات إلى أن السويد لن تكون قادرة في عام 1990 على الاحتفاظ بمعدل المواليد المعتاد.([17])
وأما صاحب كتاب صدمة المستقبلFutu r e Shock فيذكر أن الأسرة في الغرب على وشك الاندثار الكلي وينقل عن الكاتب فيرديناند لندبيرج Fe r dinand Lundbe r g أن الأسرة ميتة عدا في السنتين الأولى والثانية من حياة الطفل، ولعل هذه هي مهمتها الوحيدة.([18]) ويثير المؤلف قضية خطيرة تعرضت وما زالت تتعرض لها مؤسسة الأسرة في الغرب وهي الزواج المؤقت أو الزواج التجريبي الذي بدأ يجد قبولاً لدى كثير من المفكرين وقادة الرأي ورجال الدين حتى أن القس جاك لازور Jacque Lazu r e أقترح ما أسماء " الزواج التجريبي " وأن يستمر ما بين ثلاثة إلى ثمانية عشر شهراً.([19])(25/462)
ومما يهدد وجود الأسرة ارتفاع عدد الشاذين جنسياً وإصرارهم على الزواج وقد سنّت بعض الدول الأوروبية تشريعات تسمح بزواج هؤلاء مثل هولندا وبريطانيا بينما ما زالت القضية تثير كثيراً من النقاش والجدال في دول أخرى. ويرى مؤلف كتاب ( صدمة المستقبل) بأن بعض الشاذين جنسياً يقوم بتبني أطفال مما يشكل صورة جديدة للأسرة ([20])
ثانياً: الأطفال والجريمة
إذا كانت هذه حال الأسرة في الغرب فكيف تصير حال أطفالهم؟ لاشك أنهم سيتأثرون بالفعل، وقد بلغ عدد الجرائم التي يرتكبها الأطفال ونوعها حداً جعلهم يلجأون إلى حظر التجول على الأطفال والشباب ليلا، وأصبحت قضية حظر التجول من القضايا السياسية التي تتنافس الأحزاب في مواقفها منها.
حمل السلاح والعنف
ذكر تقرير حكومي بريطاني أن ثلث تلاميذ بريطانيا في سن الخامسة عشرة استبدلوا الأسلحة بالكتب الدراسية، وتتنوع الأسلحة التي يحملونها في حقائبهم من سكاكين حادة إلى مشرشرة، ومدى وجنازير وعصي بيسبول وسلاح ناري يمكن شراؤه بسهولة، تقول الإحصائيات إن واحداً من خمسين تلميذاً في المدارس البريطانية يحمل مسدسا، هذه الأوضاع جعلت ربع الطلاب يتخوفون من الذهب إلى المدرسة، بينما ثلث الطالبات في المدارس الثانوية المختلفة يتخوفن من الاعتداءات الجسدية([21]).هذا بالإضافة إلى الإيذاء اللفظي الذي يتعرض له بصفة خاصة الطلاب المستجدون له في المدارس، ويتعرض للسخرية أيضاً الطلاب الذين يعانون من بعض الأمراض الجسدية مثل حَب الشباب ، أو العيوب الخًلقية أو ممن لهم هوايات غريبة([22])
وحمل السلاح هذا لم يكن للتسلية، فقد قام أحد الطلاب عمره خمس عشرة سنة بقتل ناظر مدرسة ثانوية في شمال لندن، ومن حوادث الجرائم التي هزت المجتمع البريطاني قتل طفل عمره سنتان من قبل طفلين في العاشرة. أما الإحصائيات فتقول إن جرائم الأطفال في سن 11-17 ازدادت بنسبة 50% من البيض، و 300% بين السود، وقد وقعت في نيويورك في العام الدراسي 1994/1995 (1914) جريمة قتل قام بها أطفال ينتظمون فيما يسمى بقبائل أو جماعات الذئاب، وفي لوس أنجلوس وحدها 40 جماعة ذئاب([23]).
حظر التجول
ومن أجل مواجهة جرائم الأطفال فقد بدأت العديد من المدن الأمريكية فرص حظر التجول ليلا على الشباب في سن مادون الثامنة عشرة أو السابعة عشرة، وقد بدأ الحظر في مدينة نيو أولينز New O r leans منذ سنتين، وقد انخفضت حوادث القتل بنسبة 37% لنفس الفترة من العام الماضي، ولكن هذا الحظر وجد من يعارضه من جماعات الدفاع عن الحقول المدنية التي ترى أن الحظر مخالف لحقوق الوالدين في التربية، ومخالفة للحقول المدنية للشباب، ويرى بعض الباحثين أن وقت الجرائم سينتقل من الليل إلى النهار، وإن الشغل الشاغل للشرطة قد أصبح فرض هذا الحظر، ومع ذلك فإن الكثير من المدن الأمريكية بدأت في تطبيق هذا الحظر الذي وجد الدعم من الرئيس الأمريكي الحالي بيل كلينتون([24]).
وكتبت صحيفة الجارديان الأسبوعيةGua r dian Weekly بأن حظر التجول يضر بالأولاد الفقراء الذين لا يجدون من ينقلهم في الليل، فليس لديهم سائقون في بيوتهم، وتقول الصحيفة بأن أقسى نقد جاء من اتحاد الحريات المدنية الأمريكي بأن ما تفعله هذه القوانين هو عقاب الناس العاديين المطيعين للقانون([25]).
وقد انتقلت فكرة حظر التجول من أمريكا إلى بريطانيا وقد دعا لها كل من حزب العمال وحزب المحافظين جزءا من برنامجه السياسي، ولكن هناك من يعارض هذا الحظر، ومن هؤلاء أحد الوزراء البريطانيين الذي يقول: (إن الحظر إهانة للغالبية من الشباب الحسني السلوك، وهذه السياسة تذكر بسياسة الأخ الأكبر في النظام الاشتراكي الذي يريد السيطرة على كل شيء([26]).
وعلقت صحيفة الجارديان بأن أمريكا ليست النموذج المناسب لتقليده في تطبيق حظر التجول على الشباب والأطفال، فنسبة الجريمة في الولايات المتحدة أعلى من بريطانيا، كما أن الأوضاع الاجتماعية تختلف من بلد لآخر، وأضاف بأن هذه السياسة ستعاقب الأغلبية من الأبرياء وبخاصة في مجتمعات السود، فهذه السياسة خاطئة في تأثيرها وفي مبدئها([27]).
ولابد من كلمة حول هذا الأمر، فقد اقتنعنا مدة طويلة بتفوق الغرب في شتى المجالات ومنها التربية بلا شك، وأرسلنا أعداداً كبيرة من طلاب الدراسات العليا للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه في التربية في الغرب، وهذا الواقع يؤكد فشل تربيتهم، أما التربية الإسلامية الصحيحة فهل فكرنا لماذا يتقدم شبابنا الذين لم يبلغوا الخامسة عشرة للدخول إلى المعارك، وكان هذا في أُحُد وفي الخندق وغيرها، ألم يكن أسامة بن زيد رضي الله عنهما في السابعة عشرة حينما ولاه الرسو صلى الله عليه وسلم قيادة جيش للتوجه إلى الشام. وكم كان سن محمد بن القاسم الثقفي ومحمد الفاتح وغيرهما؟
إن التكليف في الإسلام يبدأ بالبلوغ الذي لا يتجاوز الخامسة عشرة، أليس في هذا دليل على أن تربيتنا أنجح من تربيتهم فمن يعيد الثقة إلينا؟
الجرائم ضد الأطفال(25/463)
كثيرة هي الجرائم التي ترتكب ضد الأطفال ولكن بعضها ينال اهتماماً خاصاً من الإعلام، ومن بينها قضية المرأة التي اشتركت مع زوجها في جرائم اغتصاب وقتل عشر فتيات إحداهن ابنتها البالغة من العمر ست عشرة سنة، وابنة زوجها البالغة من العمر ثماني سنوات، وقد تكون هذه الجرائم أكثر بكثير من العشرة الذين وجدت جثثهم مدفونة في أنحاء المنزل([28]).
وقد علقت صحيفة " الحياة " بالتساؤل: " هل سبب العنف والانتهاك الجنسي عائد لخلل في جينات الدماغ أم إلى تدهور أخلاقي ناجم عن اضطراب أو تحلل في المجتمع الذي يعيشان فيه، أم سببه انتشار أفلام الجنس والجريمة التي كانت تعرض باستمرار في منزل المجرمين."([29])
وتساءلت صحيفة الحياة وكذلك مجلة " التايم " Time Magazine كيف تمت هذه الجرائم على مدى ثلاثين سنة دون أن تكتشفها شبكة الخدمات الجنائية والاجتماعية الكثيفة في المجتمع البريطاني، والتي تضم إلى الشرطة البريطانية التي تتمتع بسمعة عالية مؤسسات الخدمة الاجتماعية المختلفة من المدارس والباحثين الاجتماعيين حتى الكنيسة؟ أم إن هذه الجرائم تؤيد وجهات النظر الراديكالية التي تعتقد بأن المجتمع البريطاني يعاني من انحلال وتفكك اجتماعي وأخلاقي كبيرين."([30])
جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال
رُوِّعت بلجيكا قبل أيام بأخبار المجرم الذي اختطف عدداً من الفتيات وتم اكتشاف جثثهن في حديقة منزله ، ثم قادت التحريات إلى أن المجرم إنما هو فرد من عصابة تقوم باختطاف الأطفال لاستغلالهم في الدعارة . وقد كتبت جريدة "الحياة" تقول :" لا تزال بلجيكا تعيش حالة ذهول بعد كشف التفاصيل المروِّعة لأعمال شبكة من الشاذين الذين يقيمون علاقات جنسية مع الأطفال. وهذه القضية تعد الأخيرة في سلسلة شبكات مماثلة كشف عن تورطها في ارتكاب جرائم جنسية ضد أطفال أوروبا وأمريكا الشمالية خلال السنوات الأخيرة."([31])
وأوردت صحيفة أخرى بأن ما حدث في بلجيكا لم يكن حالة منعزلة حيث" تفيد الأوساط القضائية في بروكسل أن منطقة وسط أوروبا وشرقها قد تحولت بعد انهيار الشيوعية إلى أهم المراكز العالمية للإتجار بأجساد الأطفال ومخزن كبير لتطعيم أسواق الدعارة التي تقوم عليها سياحة الجنس في تلك البلدان." ([32])
وقد تداعت مئة وست وعشرون دولة لعقد مؤتمر دولي لمكافحة الاستغلال التجاري الجنسي للأطفال،-هل غير التجاري مسموح به؟_ وتتضمن الوفود المشاركة عدد من الأطباء وعلماء النفس ، وعلماء الاجتماع ورجال القانون. ويستمر المؤتمر من 27حتى 31 أغسطس 1996. وسوف يناقش المؤتمر تسعة موضوعات تتصل بنشاطات الشبكات الإجرامية وتعريف الاستغلال الجنسي وتعريف الأطفال ، والعقوبات التي ينبغي إنزالها بالشبكات التي تعمل في هذا المجال.([33])
وقد أوردت صحيفة " الشرق الأوسط" أن عدد الأطفال( تحت سن 18) الذين يعملون في الدعارة تجاوز المليون طفل في آسيا ، ومن مئة إلى ثلاثمئة ألف طفل في أمريكا الشمالية وفقاً لإحصائيات اليونسيف والمركز الوطني للأطفال المشردين والمفقودين في واشنطن.وتشير الصحيفة إلى أن السياح الأوروبيين يعدون من أبرز الأسباب في انتشار هذه التجارة نظراً لما يبذلونه من أموال في الدول الفقيرة مثل تايلند والفلبين وغيرهما .حيث تقول الصحيفة:" إن السياح الأجانب وبسبب المبالغ الطائلة التي ينفقونها على هذه الممارسات جعلوا سوق الدعارة أكثر نشاطاً ، كما إنهم أغرقوا العالم أيضاً بالأفلام الجنسية الخليعة وزادوا من انتشارها."([34])
وقد أصبح المؤتمر فرصة لفضح كثير من الممارسات الأوروبية في مجال الدعارة والصور الفاحشة سواء بالنسبة للأطفال أو الكبار فقد أورد تقرير وكالة الأنباء الفرنسية أن تقريراً إيطالياً كشف عن" أرقام مثيرة للصدمة بالنسبة لممارسات دعارة الأطفال ولا سيما في جنوب إيطاليا، وذكر التقرير أن الفضيحة التي أثيرت منذ شهرين في مدينة باليرمو بجزيرة صقلية حول استغلال عدد من الأطفال الإيطاليين دون العاشرة في الدعارة المباشرة مع بالغين ليست هي حالات معزولة بحال."([35])
والحقيقة أن استغلال الأطفال جنسياً ليس بالأمر الجديد فالغرب يعرف هذا ، وقد سنّت الحكومة الألمانية عدداً من التشريعات ضد مواطنيها الذين يسافرون إلى جنوب شرق آسيا لممارسة هذه الجرائم ، وقد نشرت الصحف الأوروبية أيضاً عن اكتشاف شركات دنماركية تتاجر في الصور الخليعة للأطفال. كما أن الولايات المتحدة تعاني من ظاهرة الأطفال الضائعين والهاربين و/أو المخطوفين ، وقد خصصت محطة التلفاز الإخباري (سي إن إن CNN ) عدة برامج لبحث هذه المشكلة ، ومما ورد في هذه البرامج أن أمريكا تعاني من تفاقم مشكلة اختطاف البنات والأولاد دون سن العشرين ، وذكرت المحطة أن عدد المخطوفين يصل إلى عشرات الألوف ، وقد تكونت جمعيات تطوعية للبحث عن الأطفال المخطوفين وتستخدم هذه الجمعيات وسائل كثيرة من بينها الطائرات.([36])(25/464)
ولما اكتشفت بلجيكا عدداً من الجثث لأطفال بيض من ذوي العيون الزرق ذهلت وثارت ولا كان لا بد أن يتحرك العالم كله لإنقاذ الأطفال . والسؤال أين كانت أوروبا وأمريكا عندما كان الصِرْبُ يمارسون كل أنواع الجرائم الوحشية ضد المسلمين في البوسنة والهرسك ، وعندما كانت روسيا تدك المدن الشيشانية على رؤوس الأطفال ، والشيوخ والنساء من المدنيين العزّل في الشيشان، وعندما قامت الطائرات الإسرائيلية بقصف ملجأ الأمم المتحدة في قانا في لبنان على رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ؟
ظاهرة تشغيل الأطفال
ليست ظاهرة تشغيل الأطفال بالأمر الغريب على العقلية الأوروبية فإن الروائي الإنجليزي المشهور تشارلز ديكنز قد سَخِرَ في العديد من رواياته من هذه الظاهرة المؤلمة ، وربما كانت المجتمعات الأوروبية تجد مبرراً لها لأنها كانت في ذروة نهضتها الصناعية ، وكانت في حاجة للأيدي العاملة ، كما كانت التشريعات لا تمنع ذلك . ولكن بعد أن وضعت التشريعات التي تمنع تشغيل الأطفال في الأعمال التي يقوم بها الكبار عادت أوروبا و أمريكا من جديد لتشغيل الأطفال ففي تقرير سنشر الذي نشرت إحدى الصحف مقتطفات منه قبل نشره رسمياً جاء فيه:" تفشت في الأعوام الأخيرة ظاهرة اشتغال الأطفال بشكل مثير إلى درجة أن حوالي ثلاثة أربعا الأطفال الذين تقل أعمارهم كثيراً عن ست عشرة سنة نجدهم يشتغلون أشغالاً لا يمكن أن يقوم بها إلاّ كبار السن، مثل أن يشتغلوا في المقاهي والمطاعم أو يشتغلوا كبستانيين أو في المحلات التجارية."([37])
ويشير تقرير الصحيفة إلى أن مجموعة من الأساتذة الباحثين من جامعة بيزلي الإنجليزية Paisley قد قاموا بإجراء مقابلات مع أكثر من ألفي طفل موزعين على اثنتين وعشرين مدرسة تشمل اسكتلندا كشفت لهم عدة حقائق مدهشة أهمها أن هناك سبعين في المئة ممن يشتغلون أو سبق لهم الاشتغال في أعمال أو مهن شتى ،منهم من بدأ العمل وسنّه لا يزيد عن عشر سنوات مقابل أجر مادي لا يتجاوز بضعة جنيهات إسترلينية في الأسبوع مما يجعل من ظاهرة تشغيل الأطفال القاعدة وليس الاستثناء."([38])
ولم تقتصر ظاهرة تشغيل الأطفال على أوروبا بل امتدت لتشمل الولايات المتحدة الأمريكية، وفقا لما ورد في تقرير لمنظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة. ويذكر التقرير أن من مبررات تشغيل الأطفال هو سعي أرباب العمل وراء " قوى العمل المرنة".([39])
ثالثاً: الجريمة في المجتمعات الغربية
لا تكاد تخلوا الصحف ووسائل الإعلام الأخرى طوال العام من الحديث عن الجريمة التي أخذت أبعادا أخرى حيث إن " فئة الشباب الذكور هم الفئة التي تنفذ جرائم القتل والموت في المجتمع الأمريكي، وإن نسبة الانتحار بين الشباب تفوق عشرين ضعفا مثيلتها في أوروبا وأربعين ضعفا عن اليابان."([40])
وكأن القتل في الغرب أصبح بديلا للحوار الحضاري، فقد كتبت صحيفة التايمز اللندنية مقالة بعنوان (أمريكا تفقد حريتها) تناولت حوادث القتل التي يقوم بها جماعة من المتطرفين الدينيين ضد الأطباء والعاملين في عيادات الإجهاض، ويتعجب كاتب المقال عن هذه الحضارة المزعومة التي يضطر فيها الطبيب أن يرتدي سترة ضد الرصاص وهو متوجه إلى عمله أو أن تضطر هذه العيادات للاستعانة بالشرطة.([41])
الاغتصاب
كما عانى الشباب والأطفال من توجه الجريمة ضدهم فقد نالت المرأة نصيبها من الجريمة ضدها، ولاسيما جريمة الاغتصاب، فقد نشر (مركز الضحايا الوطني) و (مركز الأبحاث ومعالجة ضحايا الاغتصاب) أن ثمان وسبعين امرأة يتعرضن للاغتصاب كل سنة أي 683 ألف امرأة سنويا)([42]).
أما التعرض للمضايقات الجسدية أو التحرش الجنسي فحدث ولا حرج، فإذا كان الاغتصاب يصعب تحديد حالاته بدقة لأن نسبة كبيرة من النساء لا يبلغن عن حدوثه وذلك لصعوبة إثباته أو للمضايقات التي يتعرض لها إذا ما أقدمن على الشكوى([43])، فإن تعرض المرأة للمضايقات الجنسية بلغ حداً كبيراً، ومما يلفت الانتباه أن ثلثي الشرطيات البريطانيات يتعرضن للمضايقات الجنسية من زملائهن في العمل مما أدى إلى قيام إدارة الشرطة بتكليف عالمة نفس بدراسة الوضع واقتراح الحلول المناسبة([44]).
ولكن هل ستقدم عالمة النفس من المقترحات ما يمنع التحرش الجنسي في إدارة الشرطة؟ أعتقد أن المجتمعات الغربية عموما بلغت ما يسمونه نقطة اللا رجوع إلا أن يكتب الله لهم الهداية، فقد بدأ الاختلاط بالزعم أنه " يخفف التوتر الجنسي لدى الطرفين، ويسمو بالعلاقة بينهما إلى مستوى إنساني فلا يعود أحدهما ينظر إلى الآخر من زاوية جنسية فحسب.. وهكذا فالمجتمعات التي تقر الاختلاط تشكو من تفاقم المشكلات الأخلاقية التي تنجم عن العلاقات بين الجنسين."([45])(25/465)
وقد خصصت مجلة النيوزويك الأمريكية Newsweek ملفاً للحديث عن السلوك الجنسي للرجال مع النساء والنساء مع الرجال وحرصت على تقديم تعريف للاغتصاب ، ونظراً للاختلاط الذي تعرفه المجتمعات الغربية منذ مئات السنين فمن الصعب تحديد ما هو الاغتصاب . وقد أوردت المجلة تعريف مكتب التحقيقات الفيدرالي للاغتصاب ولكنها ترى أن هذا التعريف غير كاف. كما إن العقلية الغربية غريبة حقاً في هذه المسألة فإن المرأة تريد أن تكون مع الرجل في خلوة تامة وفي موعد تعرف مسبقاً أن عقلية الرجل الغربي لا تدفعه لدعوة امرأة لعشاء أو سهرة إلاّ وهو يتطلع إلى الحصول على عائد ما ولكنها تستنكر لو أقدم الرجل على المطالبة بتعويض عمّا أنفقه.([46])
ووصل الأمر بانتشار حالات الاغتصاب إلى أن امرأة تعمل شرطية في شرطة لندن تعرضت للاغتصاب في أحد القاطرات في لندن في وقت متأخر وهي في طريق عودتها إلى بيتها.([47]) وقد انزعجت الشرطة في لندن من ازدياد حوادث الاغتصاب لذلك قامت بإصدار بعض التعليمات لمواجهة هذه الحوادث ومن التعليمات:
أ - الاحتشام في اللباس.
ب - عدم وضع الأيدي في الجيوب حتى تكون المرأة مستعدة للدفاع إذا ما تعرضت للاعتداء.
ج - عدم الجلوس في الحافلات في الطابق العلوي إذا كانت الحافلة خالية، والحرص على الركوب قريبا من السائق.
ولكن أنى لهن أن يسمعن موعظة وقد ذكرني هذا بمحامية أمريكية عجوز استضافها التلفزيون الأمريكي قبل أكثر من عشرين سنة للتحدث في مشكلة الاغتصاب فذكرت أن النساء هن سبب ما يقع لهن من حوادث اغتصاب حيث الملابس الفاضحة والخروج وحيدات دون حماية من رجل، وأضافت أن الرجل مهما كان مكتفيا غريزيا فإن منظر عري النساء يثيره.
كما أن الاختلاط الذي يعيشه الغرب يتسبب إلى حد ما فيما يعانيه الغرب ، حتى إن مجلة "المختار" r eade r 's Digest قد نشرت تحقيقاً حول الاختلاط في العمل في مجالات الحياة المختلفة وما يتسبب فيه من إثارة الغرائز هو أحد أسباب انتشار الجرائم الجنسية. ومما أوردته المجلة في تحقيقها :" أينما يعمل الرجال والنساء معاً فإن "الافتتان" يأتي بوحي من واقع الميدان( العمل المختلط) وليس هذا الانجذاب بسبب سيطرة إفرازات زائدة لهرمون "الادريانين" فحسب، ولكن في أي مكان عمل (مختلط طبعاً ) من المعمل إلى المكتبة العامة."([48])
هذه الفطرة التي فطر الخالق سبحانه وتعالى عليها وهي الانجذاب بين الجنسين يريد الغرب كبتها في العمل، وهو ليس بمستطيع وهذا ما يقوله أحد العاملين بمعهد العلاقات بين الجنسين في مدينة سانتا باربرا بكاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية :" لا يمكننا أن نشرع قانوناً لإبقاء الميول الغريزية خارج نطاق العمل ، فهذه الميول جزء من شخصية الفرد لا تستطيع أن تعطل أداءها بضغطة زر لأنك موجود في العمل."([49])
ولعل من أسباب هذه الأوضاع أن الحضارة الغربية كما يرى علي عزت بيجوفتش قد "أحالت المرأة إلى موضوع إعجاب أو استغلال ، ولكنها حُرِمَت من شخصيتها وهو الشيء الوحيد الذي يستحق التقدير والاحترام. وهذا الموضوع مشهود بشكل مضطرد ، وقد أصبح أكثر وضوحاً في مواكب الجمال أو في بعض مهن نسائية معينة مثل "الموديلات". وفي هذه الحالات لم تعد المرأة شخصية ولا حتى كائناً إنسانياً وإنما هي لا تكاد تكون أكثر من "حيوان جميل."([50])
اغتصاب الذكور
ولم تقتصر جرائم الاغتصاب في الغرب على اغتصاب النساء بل إن الغرب بدأ يشهد أمراً عجباً وهو تعرض الرجال للاغتصاب، فقد ذكرت صحيفة التايمز اللندنية أن الرجال أصبحوا هم أيضا ضحايا الاغتصاب، وأن القانون قد يعترف بجريمة جديدة هي اغتصاب الرجال، فالقانون الذي وضع عام 1956 لا يعترف باغتصاب الرجال، ولكن الاتجاه الآن إلى اعتبار الاغتصاب جريمة بغض النظر على من وقعت رجلا أو امرأة، وقدمت الصحيفة بعض الأرقام حول حوادث اغتصاب الرجال فقد وصلت إلى الشرطة 516 حالة عام 1982 ارتفعت إلى 1255 حالة عام 1992. أما حالات التحرش بالرجال فقد ارتفعت من 2082 حالة عام 1982 إلى 3119 عام 1992 وأشارت الصحيفة إلى أن مثل هذه الحالات تقع في السجون([51]).
الرقيق الأبيض :
انتشرت في أوروبا تجارة النساء فبعد أن كانت بضاعتها تأتي من الدول الأسيوية وأفريقيا وأمريكا اللاتينية أصبحت دول أوروبا الشرقية منبعاً لهذه التجارة. ويحكي تقرير جريدة التايمز اللندنية عن امرأة بولندية كانت تبحث عن وظيفة لإعالة ولديها ، عرضت عليها وكالة عمل وظيفة مقابل ثمانمئة دورلار شهرياً للعمل في مطعم في ألمانيا. ولكنها لم تعمل قط في مطعم حيث أُخذت واغتصبت وأُجبرت على العمل بغياً. ثم نقلت بعد عدة أشهر إلى هولندا لتعمل في المنطقة الحمراء من المدينة ،ولما حاولت الهرب أعيدت واعتدي عليها بالضرب المبرح على رأسها وفي بطنها وكان يطلب منها دخلٌ معينٌ كل يوم.(25/466)
وتداعت أوروبا أيضاً بعقد مؤتمر للنظر في هذه التجارة المتزايدة في شهر يونيه عام 1996. وتقول أنيتا جاردين Anita Ga r din المكلفة من قبل الاتحاد الأوروبي بتنظيم هذا المؤتمر بان القضية ليست قضية أمن بحيث يمكنك إغلاق الحدود ، وحتى لو تم القبض على المجرمين المتهمين بتهريب الأشخاص فإن الأحكام في العادة لا تتجاوز سنة أو سنتين في السجن بينما عقوبة تهريب المخدرات بين عشر إلى اثنتي عشرة سنة في السجن. وذكر التقرير أن القائمين على تجارة الرقيق الأبيض غاية في التنظيم . فمن بين هؤلاء تم القبض على رجل بولندي مسؤول عن إرسال أكثر من مائتي امرأة إلى ألمانيا وهولندا منذ عام 1994 ، ومن بين هؤلاء النساء من لا تتجاوز أعمارهن السادسة عشرة.
ومما يدفع النساء إلى العمل هو الحصول على المال ، ولكنهم بعد فترة من العمل الإجباري على البغاء ولو قررت إحداهن ترك العمل فإنها في الغالب لا ترجع إلاّ بأقل المكاسب بينما يحقق الغنيمة الكبرى هم الذين يديرون شبكات استرقاق النساء.([52])
محاولات القضاء على الجريمة
قبل أن أتناول بعض الإجراءات التي اتخذتها الدول الغربية للقاء على الجريمة أو أن أروي هاتين القصتين اللتين رواهما لي صديق وأستاذ فاضل يعيش في هولندا منذ أكثر من عشرين سنة. أما القصة الأولى فملخصها أن هذا الصديق ذهب إلى محطة وقود لملأ خزان سيارته، فوجد العامل في المحطة مهموماً مغموماً، فسأله ما به؟ فقال له: " لقد جاءني اثنان قبل قليل وقيداني وأخذا كل ما في الصندوق." فقال له الزبون:" وما يحزنك وشركة التأمين تتكفل بدفع ما سُرِق. قال: "ليس هذا ما يهمني، ولكن لو وجد نظام عقوبات كما في السعودية لما أقدم هذان على فعلتهما."
أما القصة الثانية ففي متجر لبيع الساعات كان هذا الصديق يقف في مكان من المتجر فسمع حواراً بين صاحب المحل وصديق له، وكان صاحب المحل يروي حادثة دخول بعض اللصوص وسرقة عدة ساعات ثمينة جداً، وتمنى لو طبق نظام العقوبات الذي يطبق في السعودية لوضع حد لهذه السرقات.([53])
وهكذا فهم يتوقون إلى الفطرة، يريدون أن يعيشوا في أمان، لكن من يهديهم إليه لقد ارتفعت الأصوات في بريطانيا وأمريكا بتشديد العقوبات على المجرمين، فهذه نائبة بريطانية تطالب بجلد المجرمين، وعرض ذلك خلال برنامج اليانصيب الذي يشاهده أكبر عدد من الجمهور، وهناك مطالبات بإعادة تطبيق حد القتل في المجرمين، وقد عادت بالفعل في بعض الولايات الأمريكية، ولكن بعض الأصوات مازالت تعارض معاقبة المجرمين بما يستحقون.([54])
ولابد من كلمة هنا إن نظام العقوبات أو الحدود ليس هو وحده الرادع في المجتمع الإسلامي، فالحدود هي آخر طابق في بناء الإسلام، فالأساس هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى، ثم الأخلاق،ويأتي بعد الأخلاق العبادات والشعائر التي تقوي الرابطة بين البشر والخالق التي تجعل صلة الفرد مع خالقه وازعاً قوياً ضد ارتكاب الجريمة ثم تأتي المعاملات ومن هذه التشريعات الحدود. وفي ذلك يقول علي جريشة في كتابه القيم " شريعة الله حاكمة ليس بالحدود وحدها:" ليس بالحدود تقام الشريعة.. لأن الحدود جزء من أحكام المعاملات ، والمعاملات تمثل الطابق الثالث أو الرابع في بناء الشريعة... وإقامة الحدود وحدها أو حتى المعاملات كلها يعني أننا نقيم طابقاً رابعاً أو ثالثاً من غير طابق أول أو ثان ،ومن غير أساس فأنى له أن يقوم!! " ([55])
ومن أساليب مواجهة الجريمة عودة الأخذ بالثأر، أو كما يقال أخذ القانون بأيديهم، حيث إن معظم الناس لم يعد يثق في العدالة، فهذا أحدهم يصرح: " إنني لا أؤمن بالعدالة البريطانية ، ولذلك قررت أن آخذ حقي بيدي." وقد تظاهر رجل اعتُدي على ابنته بأنه محام، ودخل إلى السجن حيث يوجد المتهم وانهال عليه ضربا. وأجرت مؤسسة جالوب استطلاعا للرأي عن العدالة فأجاب 76% من الإنجليز أنهم يعتقدون بأن الأفراد محقون أحيانا في تطبيق القانون بأنفسهم، وتألفت فرق خاصة من أفراد الشعب للمحافظة على الأمن، وقد بلغ عدد أفراد هذه المجموعات عام 1985 ألف وثلاثمائة شخص ووصلوا الآن أكثر من مئة ألف.([56])
وقد نشرت جريدة التايمز تحقيقا صحافيا عن جهود المسلمين وغيرهم في منطقة بالسال بمدينة بيرمنجهام في تنظيف منطقتهم من البغايا وتجار المخدرات والمجرمين، ويروي كاتب التحقيق كيف بدأ هذا العمل بأن كانت امرأتان من البغايا تقفان على الرصيف قريبا من المسجد، وخرج بعض المصلين من المسجد ووقفوا بجوارهما، مما اضطرهما للانسحاب، ففكر المسلمون أنهم إذا استمروا في هذا العمل فلن يبق في منطقتهم نساء بغايا، وبالفعل نجحوا فيما بدأوا به.وكذلك فعلوا مع بقية أصناف المجرمين. ويقول أحد المشاركين:" لقد نجحنا في ثلاثة أسابيع بتحقيق ما لم تستطع الشرطة عمله في ثلاثين سنة." ومع أن الخبر أشار إلى مشاركة غير المسلمين، لكن الصورة المصاحبة للتقرير تؤكد أن المسلمين هم الأساس في هذا العمل.([57])(25/467)
وأود أن أتوقف هنا لأروي صورة إسلامية يجب أن يتعلم منها الغرب ؛ ففي أحد مؤتمرات (جمعية مسلمي شمال أمريكا) استأجر المؤتمرون فندقاً بكامله مما جعل صاحب الفندق يشدد الإجراءات الأمنية ، ولكن بعد انتهاء المؤتمر وجد أنه لم تُرَق قطرة خمر واحدة ، ولم تحدث مشاجرة واحدة، كما كان سلوك الحاضرين غاية في الانضباط والاحترام.وهذا ما جعل صاحب الفندق يتساءل أ هؤلاء بشر أم ملائكة ؟ فهل يتعلم الغرب؟
رابعاً: العلاقات الاجتماعية
ترتبط العلاقات الاجتماعية ارتباطاً وثيقاً بالمبادىء والقيم والعقائد التي يتبناها المجتمع. فبالرغم من مزاعم الغرب أن أحد مصادر ثقافته وفكره هو المصدر الديني اليهودي -المسيحي لكن حسن حنفي يرى أن " نوعية المعطى الديني في المصدر اليهودي المسيحي واحدة وهي اللاعقلانية."([58]) ففي اليهودية يزعم اليهود أنهم شعب الله المختار دونما سبب معين لهذا الاختيار ومهما كانت أعمال هذا الشعب من عصيان أوامر الله عز وجل ، وقتل الأنبياء أو الجحود بنعم الله، فالله يعطي الشعب كل شيء دون مقابل من الشعب.
أما اللاعقلانية في المعطى الديني المسيحي فهي على نحو فردي شخصي فالإيمان سر لا يمكن إدراك كنهه بالعقل، والمسيح ثالث ثلاثة ، ولا يمكن فهم علاقة الأقانيم داخل الثالوث بالعقل، والكنيسة سلطة متوسطة بين الله والإنسان تفسر الكتاب ، ويعترف الفرد المذنب أمامها وتهبه الغفران. ثم تمرد النصارى على هذه اللاعقلانية لتظهر العلمانية التي تركز على الصلة المباشرة بين الإنسان والله ـ وحرية تفسير الكتاب" المقدس" وبراءة الإنسان من خطيئة آدم عليه السلام ، وضرورة تأسيس الدولة وأنها مستقبل الإنسان في هذا العالم.([59])
ولقد تناول القرآن الكريم معتقدات أهل الكتاب وسلوكهم ، فأوضح ما أدخلوه على كتبهم من تحريفات وتبديلات وتغييرات ، كما أوضح أن سلوكهم قائم على العداوة للغير والعصيان. وهذا ما يمكن أن نصفه بمصطلحات عصرنا " عنصريتهم وأنانيتهم وتمركزهم حول ذواتهم ، ويضيف حنفي " فوصف أهل الكتاب في القرآن الكريم هو وصف ضمني لحال الغربيين اليوم وصلتهم بغيرهم."([60])
وكانت الكنيسة تؤيد النظام الإقطاعي ، وكانت هي من أكبر الملاك في العصور الوسطى (الأوروبية) وكان العلاقات الاجتماعية قائمة في هذا النظام على أن للإقطاعي حقاً مقدساً يطلب بموجبه خدمات وأشياء أخرى من أتباعه ، ولكنه في الوقت نفسه كان مرتبطاً تقليديا أن يكون مسؤولاً عن حمايتهم ويكفل لهم على الأقل الحد الأدنى من المستوى المعيشي.([61])
وظلت السلوكيات الاجتماعية والاقتصادية في القرنين السابع عشر والثامن عشر متأثرة بسلوكيات القرون الوسطى، فكان يعدُّ قيام أي شخص بمحاولة كسب الزبائن بتخفيض الأسعار إلى أدنى من السعر السائد يعد سلوكاً غير نصراني ، وكانت التشريعات تنص على هذا. وكما يقول إريك فروم E r ich F r omm " كأنّ الاقتصاد والمجتمع وجدا من أجل الإنسان وليس العكس ، وما كان أي تطور اقتصادي يعد صحياً لو أدى إلى إيذاء الإنسان."([62])
وما أن حلّ القرن التاسع عشر حتى تغيرت الأحوال فلم يعد الإنسان مقياس الأشياء في دائرة الاقتصاد . وكان من أبرز خصائص الرأسمالية في هذا القرن الاستغلال القاسي للعمال ، وكان من المعتقد أنه من الطبيعي وهو القانون الاجتماعي أن يعيش مئات الألوف من العمال في حد المجاعة.([63]) وأصبحت الرأسمالية تقوم على أن العمل هو " منتج يشتريه مالك المال، ولا يختلف جوهرياً عن أي سلعة في السوق. واستخدمه المشتري إلى أقصى حد. ومادام قد اشتراه في السوق فليس هناك إلزام على مالك المال فيما عدا دفع الأجور ، فلو هلك مئات الألوف من العمال جوعاً فهذا حظهم العاثر بسبب مواهبهم المتدنية ، أو ببساطة إنّه القانون الاجتماعي والطبيعي الذي لا يمكن تغييره.([64])
وهكذا أصبح المجتمع الغربي يتكون من طبقات يمتلك بعضها القوة فتستأثر بأفضل المنتجات الاجتماعية لنفسها وتترك الأعمال الأشق والأقذر لغيرها من الطبقات ، وقدراً أقل من الناتج الاجتماعي . وكان هذا التقسيم يتم عن طريق التقاليد الاجتماعية والدينية التي احتوت على قوة نفسيه في الناس مما يجعل تهديد القوة المادية غير ضروري.([65])
ويستنتج فروم أن المشكلة بين رأس المال والعمال أكبر بكثير من المشكلة بين طبقتين وأكبر من صراعهم من أجل نصيب أكبر من الناتج الاجتماعي ؛ إنها مشكلة بين مجموعتين من القيم؛ إنها بين عالم الأشياء وتثمينها ، وعالم الحياة و إنتاجيتها.([66]) ونتيجة لهذه التطورات " أصبحت الطبقة العمالية نموذجاً لجماعة مُسْتَغَلّة يُتلاعب بها ، ويمكن مداهنتها والإشادة بها ، ولكن يندر استشارتها أو ابتاع رأيها ، إن أكبر طبقتين عماليتين في العالم تلك التي في الولايات المتحدة والتي في الاتحاد السوفيتي ، ليس لهما تأثير حقيقي على البناء السياسي في دولتيهما وعلى القرارات التي تتخذ فيهما."([67])(25/468)
وقد وصل الأمر بالرأسمالية أن لا يبالي الرأسماليون في تدمير المنتجات الزراعية ، بل كما يقول فروم إننا بدل أن نفرح بالمحصول الجيد نقوم بإحراقه أو رميه في البحر في الوقت الذي يوجد ملايين من البشر لا يجدون لقمة العيش ، ويبررون ذلك " من أجل استقرار السوق".([68])
وليت الأمر توقف عند تدمير المنتجات بل وصل الأمر بالرأسمالية أن تدمر حياة العمال حرصاً على استمرار مستوى الأرباح أو تخفيض تكاليف الإنتاج . وقد أعدت مجلة نيوزويك Newsweek ملفاً خاصاً أطلقت عليه ( الرأسماليون القتلة) أوردت فيه أعداد العمال الذين قامت بعض كبريات الشركات الأمريكية بفصلهم عن العمل . فشركة آي تي أند تيAT&T قام رئيسها بفصل أربعين ألف عامل ، وقام مدير شركة إي بي إم IBM بفصل ستين ألف موظف في يوليو عام 1993، وقام مدير شركة جنرال موتورز Gene r al Moto r s بفصل أربعة وسبعين ألف موظف. وتقول المجلة أن هؤلاء العمال وإن وجدوا تعويضاً لدى مصلحة العاطلين عن العمل ، لكن ما قيمة الإنسان بلا عمل. ومما يدل على فداحة المصيبة أن شركات أخرى تقوم باستثمار مبالغ كبيرة في توفير فرص الدراسة لموظفيها حتى يكتسبوا مهارات جديدة ودرجات علمية حتى إذا اضطرت لفصلهم وجدوا العمل المناسب. كما أن إحدى الشركات قامت بتخفيض رواتب كبار الموظفين-مؤقتاً- بنسبة خمس وعشرين في المئة حتى لا تضطر لفصل أي من موظفيها. ([69])
كل هذا يقودنا إلى مؤتمر رابطة علماء السياسة الأمريكية الذي عقد في أوائل سبتمبر 1995 وتحدث فيه روبرت د. باتنام r obe r t D. Putnam أستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفارد قائلاً بأن الثقة بين الأمريكيين قد ضعفت، وكذلك المشاركة الاجتماعية، وقد قدم وثائق تؤكد تراجع المشاركة الاجتماعية في العقود الماضية، وأن النسيج الاجتماعي قد أصبح أقل متانة من ذي قبل. ويمكن إرجاع هذه الظاهرة إلى عدد من العوامل بما فيها ارتفاع نسبة الطلاق، ودخول المرأة قوة العمل، وتغيير مكان الإقامة، وتوسيع الرعاية الاجتماعية، والتراجع الاقتصادي بعد عام 1973 ونمو ضواحي المدن. ولعل أبرز الأسباب التي ذكرها البرفسور روبرت باتنام هي التلفزيون الذي بدأ بقوة في الخمسينيات من هذا القرن فأولئك الذين لم يدمنوا التلفاز مازالت لديهم روح المشاركة والثقة.([70])
ويرى بعض الباحثين الاجتماعيين أن للتلفزيون آثاراً سيئة في القيم الأخلاقية في المجتمعات الغربية ومن هؤلاء إريك فروم الذي يقول:" يملأ الإعلام عقول الناس بأرخص النفايات التي لا صلة لها بالواقع وفيها الكثير من الخيالات السادية مما لا يقبله الشخص العامي. وفي الوقت نفسه تتعرض فيه العقول صغاراً وكباراً للتسمم فإننا نواصل سعينا أن لا يعرض على الشاشة ما هو مناف للأخلاق، وأي اقتراح بأن تقوم الحكومة بتمويل إنتاج أفلام أو برامج تنوّر العقول وتحسنّها ستجد من يعترض عليها باسم الحرية والمثالية."([71])
ولعل من أقوى ما قيل في تأثير التلفزيون ما كتبه بيجوفتش :" لقد أثبت علم نفس الجماهير، كما أكدت الخبرة أنه من الممكن التأثير على الناس من خلال التكرار الملح لإقناعهم بخرافات لا علاقة لها بالواقع ، وتنظر سيكولوجية وسائل الإعلام الجماهيرية إلى التلفزيون على الأخص باعتباره وسيلة ليس لإخضاع الجانب الواعي فحسب ، بل الجوانب الغريزية والعاطفية بحيث تخلق فيه الشعور بأن الآراء المعروضة عليه هي آراؤه الخاصة."([72])
ويؤكد ريتشارد نيكسون على تأثير التلفاز في الصغار وقيمهم وأن هذا التأثير -كما كشفت دراسة أجريت عام 1991-أكثر من تأثير الوالدين والمعلمين والمرشدين الدينيين مجتمعين.([73])
التفرقة العنصرية
ومن مظاهر ضعف العلاقات الاجتماعية ازدياد التفرقة العنصرية ضد السود والملونين حتى إن أندرو شايير مؤلف كتاب (نحن القوة الأولى) يقول عن السود: " إنهم هنا في أمريكا يعيشون كأفراد غرباء وأجانب على أرض ولدوا وترعرعوا فيها، ولا يعرفون سواها.. يمكننا النظر إلى أمريكا على أنها دولة تتكون من شعبين: البيض وهم الأغلبية المسيطرة، والسود وهم الأقلية المضطهدة."([74])
وتظهر معاناة السود من أصل أفريقي في الأرقام الآتية: فهم يشكلون 45% بين المساجين في الولايات المتحدة، ومن النواحي الاجتماعية فالأسر ذات الوالد الواحد ارتفعت بين السود لتبلغ 56% من عدد الأسر، أما حالات الولادات خارج الزواج فهي بين السود 63%.([75])(25/469)
وقد نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال"Wall St r eet Jou r nal تقريراً عن وضع السود في مجال الشرطة ذكرت فيه أن شرطيا من أصل أفريقي وصل إلى رتبة كابتن في مدينة سنسناتي -وهذه هي المرة الرابعة التي يصل فيها أسود لهذه الرتبة- ولكن بعض البيض اعترض على هذه الترقية، مما جعل السلطات القضائية تتدخل للنظر في القضية. أما في المدن الأخرى فالحال ليست أفضل، ففي ولاية نيويورك حيث يبلغ الأمريكيين الأفارقة 28.7% من عدد سكان الولاية، ولكنهم لا يؤلفون أكثر من 11.4% من قوة الشرطة، أما الذين وصلوا إلى رتبة قيادية فلم يتجاوز 6.6%. ويقول التقرير إن السود بالرغم مما بلغوه في العصر الحاضر فأنهم لا يزالون يعانون من العقبات في التوظيف والترقيات والمضايقات من زملائهم البيض الذين يعترضون على ترقية زملائهم السود، حتى إن بعضهم يرفض إطاعة أوامر رئيس أسود.([76])
وقد انفجرت الأوضاع الأمنية في مدينة لوس أنجلوس حيث اندلعت أعمال عنف وشغب قيام محطات التلفاز بعرض شريط لبعض رجال الشرطة من البيض وهم يضربون أحد السود وهو رودني كينج بعنف ووحشية . وكانت نتائج هذه الاضطرابات أن قتل ثمانية وخمسون منهم عشرون شرطياً، وبلغ عدد الجرحى 2382، منهم 220 جريحاً في حالة خطرة. واعتقل 13505شخصاً، ودمرت الحرائق 5537 محلاً تجارياً ، وقدرت الخسائر المالية ب785 مليونا ، وساهم من رجال الشرطة والحرس القومي وجنود البحرية واحد وعشرون ألفاً.([77])
وذكر كارل بيل - مدير مجلس الصحة العقلية بشيكاغو - إن المواطنين السود لا يزالون يتعرضون يومياً للإهانة والعنف بحيث أصبح ذلك جزءاً من لا شعورهم المحبط.([78])
ويعترف نيكسون بأن المحاكم الأمريكية حاولت فرض حصص تميزية على أساس العرق في القَبول في الجامعات والتوظيف والترقية ، وتغاضت عن التمييز في إشغال الوظائف العامة والقطاع الخاص وإبرام العقود مع الحكومة مما جعل الجامعات وبعض الوظائف تقبل بالأقل كفاءة لتغطية الحصص الخاصة بالأعراق.([79])
وقد ظهرت في السنوات الأخيرة جماعات متطرفة في المجتمعات الغربية ومن هذه الجماعات جماعة تطلق على نفسها "الأحرار" والتي تتزعم حرباً عرقية ودينية ضد السود وبقية الملونين الذين لا ينحدرون من أصول شمال أوروبية، ويزعم هؤلاء أنهم -البيض- شعب الله المختار ، وأن الولايات المتحدة الأمريكية هي أرض الميعاد وليست أرض فلسطين (إسرائيل) .ويبلغ تعداد هذه الجماعة من عشرة آلاف إلى أربعين ألفاً.([80])
ويشبه هذه الجماعة أيضاً حركة أخرى تطلق على نفسها (حليقي الروس)Skin Heads وهي جماعة مسلحة متطرفة تنطلق من منطلقات عنصرية حاقدة على كل الأجناس غير البيض، وقد قدمت محطة التلفزيون H.B.O. برنامجاً خاصاً عن هؤلاء في صيف عام 1995.
وقد أوردت وكالة الأنباء الفرنسية تقريراً من لوس أنجلوس مفاده أن جرائم الكراهية ضد الأسيويين قد ارتفعت بنسبة ثمانين بالمئة في العام الماضي في ولاية كاليفورنيا عن العام الذي سبقه. وقد نقلت الوكالة عن التقرير السنوي الثاني للتجمع القانوني لأسيويي المحيط الهادى الأمريكيين بأن هناك أربعمئة وثمان وخمسين حالة اتهام مثبتة لحوادث ضد الأسيويين مع وجود حالات كثيرة لا تصل إلى الشرطة بسبب اللغة والحاجز الثقافي وعدم وجود سجلات كاملة لدى الشرطة. ومن الطريف أن التجمع يوجه اللوم للخطاب السياسي المعادي للمهاجرين الذي يتسبب في إثارة العواطف وأعمال العنف ضد الأسيويين. ومن الأمثلة على ذلك أن حاكم ولاية أريزونا استخدم حق النقض ضد قانون يحارب الكراهية بسبب العرق بالرغم من ارتفاع هذه الجرائم في ولايته بأكثر من خمسمئة في المئة في الخمس سنين الماضية. ([81])
وتشهد فرنسا تطرفاً عرقيا حيث ارتفعت الطوائف المتطرفة بنسبة خمسين في المئة في الفترة من 1983 حتى 1995، فهناك مئة واثنتين وسبعين مجموعة ترتبط بها ثمانمئة فرقه تابعة لها بينها خمس عشرة طائفة تتميز بخطورتها الشديدة على الأوضاع العامة. وقد أشارت مجلة لو بوينت Le Point إلى أن الحكومة الفرنسية تتغاضى عن هذه المجموعات المتطرفة ، كما أشار السيد ولد أباه إلى أن الأصوليين في أمريكا كان لهم تأثير كبير في انتخاب الرئيس ريجان r egan وأن هؤلاء قد بلغوا درجة عالية من التنظيم حيث إن لهم جامعات، وكليات طب ، ومدارس وإذاعات ومحطات تلفاز.([82])
ويحاول مأمون فندي- الأستاذ بجامعة جورجتاون Geo r gtown - تفسير أصول هذه العنصرية بقوله :" إن الرجل الأبيض ينظر باحتقار للإنسان الأسود ويبرر عنفه تجاهه من خلال منظومة ثقافية والتي معها كان يقتل البيض إخوانهم السود ويعلقونهم في الأشجار في حفل عنف جماعي ، وكانوا يبررون ذلك لأنفسهم من خلال كتابهم المقدس فاللون الأسود بالنسبة للمسيحي الجنوبي هو لون الشيطان."([83])(25/470)
ويرى أحد الباحثين الأمريكيين أن جذور العنصرية ضد الأعراق الأخرى بدأت في الغرب ليس من نتاج اللاعقلانية ولكن كمشروع عقلاني وعلمي لفهم العالم .فقد أوحى بفكرة العنصرية الرحالون الأوروبيون والتي أنتجت مشروعاً لتصنيف نباتات العالم وحيواناته وشعوبه. فبالنسبة للرحالة الأوروبيين و المنصّرين وعلماء الأجناس قدمت النظرية العنصرية بياناً متناسقاً حول الاختلافات الحضارية يمكن إرجاعه إلى المناخ أو البيئة وبالتالي اعتبرت أموراً جوهرية.([84])
ومن مظاهر التفرقة الاجتماعية التفرقة ضد النساء المصابات بأمراض القلب حيث يحصلن على عناية أقل من الرجال من حيث الأدوية، وفي الغالب يواجهن الموت أكثر من الرجال، كما أكدت ذلك ثلاث دراسات مختلفة، وهناك أدلة على أن الأطباء يميزون الرجال المصابين بالقلب على النساء، فقد فحص الباحثون ثمانمائة حالة على مدى خمس سنوات فوجدوا أن ثلث النساء قد توفين بعد ست أشهر من الإصابة بأول أزمة قلبية.([85])
خامساً:الأخلاق
لو زعمنا أن الأخلاق في الغرب في تراجع لقال المنبهرون بالغرب: أنتم تتجنون على الغرب وتتحاملون عليه، ولكن ماذا يقولون إذا كانت هذه المزاعم بأقلام الغربيين أنفسهم؟
يقول مؤلفا كتاب (مواجهة أزمة أمريكا الأخلاقية): "لقد أصبح من المؤلم بوضوح أن القيم الأخلاقية ليست كما يجب، قد تكون متطورة من بعض النواحي، لكن هذه الأخلاق تواجه الانهيار عموما، وما زالت منذ مدة طويلة." ويضيفان:" إن مجتمعنا مصاب بالفساد والفوضى، كثير من الأمريكيين يتجاهلون مسألة الصح والخطأ (الحق والباطل) إنهم يهتمون بمنافعهم الذاتية، ويبررون سلوكهم غير الأخلاقي."([86])
ومن أبرز الانحرافات الخلقية في المجتمع الأمريكي انتشار الكذب، هذه الخصلة الذميمة التي تورع عنها رجل عربي في جاهليته حيث قال حين سأله هرقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم " خشيت أن تؤثر عني كذبة"، أما جاهلية أمريكا فتستحل الكذب كما يقول بذلك مؤلفا كتاب (يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة) :"إن عادة الكذب أصبحت سمة من سمات المجتمع الأمريكي، إن الكذب تجسد في شخصيتنا الوظيفية لكن هذا لم يتضح بعد للشعوب الأخرى". ويقول المؤلفان : " الأمريكيون يكذبون في كل صغيرة وكبيرة."([87]) ويوردان إحصائية عن الكذب بأن عشرين في المئة من العينة أفادوا بأنهم لا يصبرون عن الكذب ولو يوما واحداً.([88])
ومن مظاهر تراجع الأخلاق ما كتبه هاملتون هوز عن ظاهرة تحول الرجال إلى نساء والنساء إلى رجال، والأفراد في ممارسة الحرية في المجتمع الأمريكي قد تجاوزت كل الحدود، ويضيف هوز قائلا: " ومن الظواهر التي لم تكن مألوفة في مجتمعنا ثم تحولت إلى سلوك طبيعي بدعوى "الحرية الشخصية" ظاهرة الإقبال على اقتناء أو مشاهدة الصور والمجلات الخليعة بين كل طبقات المجتمع الأمريكي وفئاته وعلى وجه الخصوص بين موظفي الكونجرس وموظفي المحكمة العليا."([89])
ويرى بيجوفتش أن الدول الغربية تتعرض لغزو بشع من الأدب الإباحي، وتحتل فرنسا و الدنمارك وألمانيا الغربية المركز الأول في هذا المجال. ويرى أحد خبراء الطب النفسي في تحليله لهذه الظاهرة أن أسبابها تعود إلى نمط الحياة الغربي الشديد الرتابة( نوم- قطار- عمل) "وهي خطة تمنح مستوى معيناً من المعيشة لكنها تحرم الإنسان من الخبرة والإثارة الحقيقية ..ولهذا يحتاج معظم الناس غريزياً إلى الهرب من أنفسهم ليجربوا أنواعاً من الإثارة الرخيصة ، وتجد هذه الحاجة إشباعها في الأفلام الإباحية."([90])
الأخلاق والسياسة:
بالرغم مما كتبه كاتب --يتم تلميعه- بأن السياسة لا علاقة لها بالأخلاق، لكني لا أجد أجمل من عبارة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حينما سأله النجاشي عن الإسلام فقال: "كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونسيء الجوار ونأكل الميتة، و يأكل القوي منا الضعيف، فجاءنا من نعرف صدقه وأمانته فدعانا إلى عبادة الله وترك عبادة الأوثان، ودعانا إلى مكارم الأخلاق.."([91])
وقد تزامن البناء الأخلاقي مع البناء الإيماني، حتى إذا تكونت الدولة الإسلامية في المدينة وكان بذورها قد بذرت في دار الأرقم بن أبي الأرقم وفي بيعتي العقبة لم تنفصل الأخلاق عن السياسة مطلقا، وما كان لها في الدولة الإسلامية.
وقد عانت السياسة في الغرب من تراجع الأخلاق، فقد كتبت ليبي بيرفيز Lippy Pu r ves تحت عنوان (عندما تتحول حمرة الخجل إلى خد بليد أو وقح) وأشارت إلى المرشحة لرئاسة بلدية مدينة ليفربول بأنها أدينت ثلاث مرات بممارسة البغاء على مدى خمس سنوات حتى عام 1978، وأطلق سراحها بشروط في أربع عشرة حالة تزوير في الثمانينات، وغرمت خمسمئة جنيه عام 1990 لحصولها على ممتلكات بطريق الخداع، وتناولت الكاتبة حالات أخرى تدل على تدهور الأخلاق في المجتمع الإنجليزي حتى إن الشخص يرتكب الجرم ثم يصبح شخصية عامة تنال الاحترام والتقدير.(25/471)
وقبل سنة من الآن اضطر السناتور (النائب) الأمريكي بوب باكوود Bob Packwood (جمهوري من ولاية أوريجن) رئيس اللجنة المالية إلى الاستقالة بعد أن قررت (لجنة الأخلاق) في الكونجرس طرده بالإجماع، وحاول أن يدافع عن نفسه لكن تحقيقات اللجنة ومذكرات النائب التي بلغت عشرة آلاف صفحة أثبتت إدانته. وتتلخص التهم الموجهة إلى النائب باكوود في سوء سلوكه وأخلاقه جنسياً ومالياً ، ودار الحديث في وسائل الإعلام الأمريكية في تلك الأيام عن الفساد والسلطة هل هما متلازمان ، وما موقف الشعب الأمريكي من مؤسساته السياسية ،وهل تستحق الثقة أو إن هذه الثقة قد تزعزعت ؟([92])
ولا بد أن البعض ما زال يذكر فضيحة واتر جيت التي أخرجت الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون من البيت الأبيض بسبب تجسسه على مقر الحزب المنافس. ولدى الأمريكان جيت جديدة باسم وايت ووتر جيت وكان هناك إيران جيت وغيرها.
وفي فرنسا وقبل ستة أشهر من انتخابات الرئاسة الأخيرة التي أتت بالرئيس جاك شيراك إلى رئاسة الجمهورية ظهرت مجموعة من الفضائح التي تسببت في استقالة وسجن بعض الوزراء ، كما كان لدى القضاء الفرنسي ملفات فضائح مالية حول عدد من الوزراء منهم وزير الصناعة والبريد والهاتف ، ورئيس الحزب الجمهوري ، و وزيرة التعاون، و وزيرة الشباب والرياضة.([93])
وظهرت فضائح في شرطة نيويورك بسبب سوء استخدام السلطة لإشباع الغرائز والإثراء الفاحش بالتعاون مع تجار المخدرات إما بالتستر عليهم أو مشاركتهم ، وقد طالت هذه الفضائح رتباً عليا.([94])وكذلك في هولندا أكدت لجنة برلمانية استشراء الفساد في إدارة الشرطة والأمن حيث كشفت التحقيقات أن هذا الجهاز يعد أكبر مصدر لتهريب المخدرات والتعامل مع تجارها وغسل أموالها في هولندا وخارجها.([95])
تطلعات إلى الخير:
يتنازع الغرب تياران أحدهما يدفعه إلى مزيد من الانحراف والانحلال والضلال، وآخر يدعوه إلى العودة إلى القيم الخلقية الرفيعة وإلى العودة إلى الدين، ويتزعم تيار الفساد المؤسسات الإعلامية وبخاصة هوليوود بكثافة ما تنتجه من أفلام، وكذلك الآلة الإعلامية الضخمة التي تضفي على هذا الإنتاج وعلى نجوم السينما هالة من الاحترام والتقديس بل تجعلهم القدوة التي يجب أن يجتذبها العالم أجمع، فقد كتب الناقد السينمائي مايكال ميدفيد Michael Medved (يهودي) كتابا بعنوان (هوليوود وأمريكا) ذكر في مقدمته" أن تأثير هوليود في المجتمع هادىء ومتدرج، إنه ليس تأثيرا ضخما أو فجائيا أو فوري)([96]).
ويشير ميدفيد إلى أن الدراسات أثبتت التذمر العميق لدى الجمهور الأمريكي من إنتاج هوليوود، ففي عام 1989 أجرت دراسة على عينة علمية مختارة بعناية فأثبتت أن 80% موجودا أن أفلام هوليوود تحتوي على بذاءة، و 82% يشعرون أن الأفلام تحتوي على كمية زائدة من العنف، واشتكى 72% من العري الزائد، وأكد ثلاثة إلى واحد من العينة أن نوعية الأفلام في هبوط.([97])
والعجيب أن القائمين على هوليوود لا يهتمون بالدين حيث إن الملتزمين منهم لا يزيدون على 7% ، ويقول أحد المختلطين بهؤلاء :" لا اعرف أحداً سواءً كان منتجاً أو ممثلاً أو كاتباً تحت سن الخامسة والأربعين يذهب إلى الكنيسة أو البيعة.([98])
ومن التطلع إلى الخير ما ذكره جيمس بترسون وبيتر كيم من أن 80 % من الأمريكيين يؤيدون تدريس المبادىء والقيم الأخلاقية في المدارس الأمريكية، ويعتقد الكثيرون أن الانحطاط الأخلاقي هو المشكلة التي تعاني منها البلاد.([99])
وفي كتاب دعونا نصلي يقول مؤلفه: " الصلاة في المدارس علاقة ثقافية تدل على قضية أكبر أن كل مواطن يدفع الثمن لإلغاء الصلاة في المدارس والروحانية من الحياة العامة.. إن الصلاة ظاهرة إنسانية كونية وهي دافع لا يمكن أن ينتهي في وقت الحاجة إليه وجزء أساسي من كل دين .."([100])
وكتبت صحيفة الجارديان الأسبوعية قبل شهرين تقريبا تتناول مسألة الحرب التي أعلنت على الكحول، وقد قدم المقال بعض الأرقام المفيدة ومنها أن استهلاك الخمور قد انخفض إلى أدنى حد منذ عام 1964 ووصلت مبيعات الخمور إلى أدنى حد خلال الخمسين سنة الماضية، وهناك جهات تسعى إلى أن يصدر الكونجرس الأمريكي قوانين ضد الكحول([101]).
وقد أجرت مجلة (أخبار الولايات المتحدة والعالم)U.S. News & Wo r ld r epo r t استطلاعاً في شهر ديسمبر 1991 أكد فيه أكثر من 56% من الأمريكيين بأن أعلى هدف لهم في الحياة هو تحقيق صلة أفضل بالله .([102])
ويعلق ميدفيد على ذلك بقوله :" وعلى ضوء هذه الأرقام فإن إصرار هوليوود في عدائها للقيم الدينية ليس غريباً ، إنه فعلاً حالة مرضية .فبدلاً من تعديل هوليوود رؤيتها للواقع حتى تتصالح مع الصحوة الدينية في أمريكا والصحوة الواسعة في الذهاب إلى الكنيسة والارتباط بها، فإن معظم الناس في عاصمة السينما اختاروا ببساطة أن يهملوا ما تقوله الاستطلاعات."([103])(25/472)
وقد تناول نيكسون موقف هوليوود هذا بقوله:" تزعم هوليوود أنهم يعكسون أحوال أمريكا، وأنها مريضة وأرى إنهم إنما ينظرون في المرآة ، لأن هوليوود هي المريضة وقيمها ليست قيم الاتجاه العام .والعنف والجنس الإباحي سلعتان رائجتان وهوليوود بصدد جمع الأموال عملت على تعجيل انهيار تلك المعايير ،فحُقّ للأمريكان الغضب من وسائل جني الأرباح هذه ، وإن فشلت هوليوود في مراقبة نفسها علينا إخضاعها لرقابة الحكومة.([104])
هذه الآراء الجريئة ضد هوليوود هل يمكن أن تصل إلى نتيجة ؟ هذا ما يرجوه أي محب للفضيلة والعفة والحياء، ولكن هل ينجح الأمريكيون في الحد من غلواء هوليوود أو تستمر هوليوود في طريقها في إفساد العالم. وهذا يقودنا إلى الكتابين اللذين صدرا في الولايات المتحدة حول الشعب الأمريكي حيث كتب أحدهم كتاباً بعنوان أمة من الغنم فكتب الآخر أمة من الأسود لكن مكبّلة . والحقيقة أن هوليوود قد تكون أقوى من كل هذه التوجهات الأمريكية إلاّ أن يشاء الله لفساد هوليوود أن يهزم ليس في الولايات المتحدة فقط بل على دول العالم كلها أن تقف في وجه فساد هوليوود وأختها بولي ود ( الهندية).
ومما يدل على قوة هوليوود أن شركة ورنر إخوان ( Wa r ne r B r othe r s )انتجت فيلما بعنوان قتلة بالفطرة Bo r n Kille r s ، وكان سبباً مباشراً في ارتكاب مجموعة من الشباب جرائم قتل. ولما أرادت الشركة أن تعرض الفيلم في بريطانيا قام مجلس مراقبة الأفلام بالامتناع عن السماح للفيلم بالعرض في صالات السينما البريطانية ،ولكن أكدت وسائل الإعلام( الإذاعة) أن الفيلم سوف يعرض في بريطانيا ذلك أن المنتج للفيلم شركة ورونر لديها الوسائل التي تستطيع أن تضغط بها على الحكومة البريطانية.([105])
الخاتمة
تناول هذا البحث مسألة معرفة الآخر وعرض لبعض الظواهر الاجتماعية في الغرب. وكانت نقطة الانطلاق هي تحديد هوية " الذات" أو " الأنا" و " الآخر" من خلال الرجوع إلى آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسو صلى الله عليه وسلم . وأوضحنا كيف أن الحضارة الإسلامية قد شُيِّدت بعقول وسواعد وإبداع شعوب أدركت موقعها من العالم . أدرك المسلمون أنهم أمة " الشهادة" وأمة "الدعوة" والشاهد لا بد أن يعلم موضوع شهادته. والداعية لا بد أن يعرف البيئة التي سيدعو فيها. لذلك درس المسلمون الحضارات الأخرى وفهموها فسهل عليهم التعامل معها.
ونحن نعيش في عصر تهيمن فيه الحضارة الغربية فلا بد لنا أن نعرفها معرفة حقيقية ، وقد توصل بعض المثقفين المسلمين إلى معرفة الحضارة الغربية معرفة عميقة ومن هؤلاء طارق البشري الذي يقول :" إن الحضارة الأوروبية الأمريكية لا تعترف بغيرها ،و لا تتيح بالتالي إمكانية الحوار الذي يسهم بهضم و استيعاب قيم وخبرات مستمدة من حضارات أخرى."([106])
ولئن كان هذا صحيحاً لا ينبغي أن يثبط همتنا في الحرص على عرض ما لدينا من علم وهداية ونور عملاً بقول الله عز وجل{ ادع إلى سبيل ربط بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن. ([107]) هذا الأمر للوجوب وكما يقول علماء التفسير إذا أطلق الأمر هو للوجوب ما لم يصرفه صارف ، أو تأتيه قرينة تصرفه عن حالة الوجوب إلى الندب.، والحكمة تقتضي الاعتدال في الخطاب فلا ننزلق إلى -كما فعل دعاة الشيوعية والاشتراكية أو اليسار العربي- استعداء الغرب بأساليب فجة ، واستخدام وسائل الإعلام للعنتريات الفارغة . وقد كانت قواميس شتائم اليساريين تحتشد بربط الغرب بالامبريالية والاستعمار واستغلال الشعوب واستعبادها. وكأني بهؤلاء مثل الأعرابي الذي سرقت منه إبله فعاد يقول:" أوسعتهم شتماً ، وذهبوا بالإبل" وفي هذا يقول عبد القادر طاش:" إن الحاجة ماسّة الآن لإعادة النظر في الخطاب الإسلامي المعادي للغرب وترشيده وإعادة التوازن لكيلا نفاجأ يوماً بانزلاق الطرفين إلى صدام مدمر يقودنا إليه ذلك الشحن الأيديولوجي الأعمى من قبل الغلاة هنا وهناك."([108])
والمعرفة اليوم لا تبنى من زيارة عاجلة أو قراءة عدة كتب عن الغرب أو المكوث في الغرب عدة سنوات للتحصيل العلمي للدراسات العليا وبخاصة إذا اختار الباحث أطروحة تخص البلد الذي ينتمي إليها. لقد تطورت أساليب المعرفة ووسائلها ولا يمكن تحقيقها إلاّ من خلال الدرس العميق والبحث الجاد الرصين ، ودراسة الظواهر الاجتماعية والفكرية للعالم الغربي. ولا بد أن تكون أهدافنا واضحة لا نبحث عن طريقة لاستعمار أراضيهم واستغلال خيراتها وكما قال أحد الخلفاء حينما أراد أن يبقي الجزية على من أسلم من أهل الذمة: " إنما بعث صلى الله عليه وسلم هادياً ولم يبعث جابياً"([109])(25/473)
وانتقالنا من ذات موضع الدرس إلى ذات دارس إنما هي خطوة في الطريق لنأخذ مكاننا الصحيح في هذا العالم ، وذلك من أجل الوصول إلى حوار هادف وبنّاء مع الغرب لا بد أن نتفق فيه على " المصطلحات والمفاهيم والدلالات وذلك لتحرير الغرب من خطر مزعوم."([110]) وهذا ينتقل بنا إلى ما قاله فؤاد صادق مفتي عن دور " المدافع" وممارسة "رد الفعل" على كل فعل يصدر عن الآخر دون أن يكون لنا استراتيجية واضحة للتفاعل مع هذه التطورات المحتملة والتأثير فيها قبل أن ترغمنا على التأثر بها أو "الإذعان " لنتائجها بكل سلبياتها."([111])
يجب أن ننظر إلى الآخر (الغرب) على أنه أفاد من معطيات الحضارة الإسلامية والحضارات السابقة وبنى مؤسسات فاعلة في شتى المجالات الفكرية والثقافية والسياسية والعسكرية والعلمية وباستطاعتنا أن نفيد من تنظيمه لهذه المؤسسات فائدة عظيمة إذا ما قمنا بدراستها دراسة واعية .
أما الظواهر الاجتماعية التي قدمتها في الصفحات السابقة فقد غلب عليها الطابع السلبي وهو ليس مقصوداً وذلك أن الغرب كما ذكر مؤرخوه وفلاسفته يمر بطور التراجع والانحدار فلا بد للسلبيات أن تطغى وأن تكون أظهر من الإيجابيات. ومع ذلك فثمة إيجابيات يعرفها من عاش في الغرب ويدركها من يرى استمرار هيمنة الغرب في المجالات السياسية والعسكرية والثقافية. ومن هذه الإيجابيات أن العلم مازال يحتل مكانة بارزة لديهم فهذه الجامعات الغربية تحتل مكان القمة في الجامعات العالمية ولديهم مراكز البحوث والمعاهد العلمية التي ما تزال تغري أبناء العالم النامي (الثالث) بالسعي للالتحاق بها والدراسة فيها والعمل فيها تاركين أوطانهم التي أنفقت الكثير عليهم مضحين بالسكنى في الوطن قريباً من الأهل والأحباب.
بينما نحن في العالم الثالث( النامي) لدينا الكثير من حوافز لاحترام العلم والعلماء وتقدير دور العلماء كما توضح ذلك النصوص المقدسة ومنها قول الله عز وجل:{ يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات }([112])ويعطي الإسلام العلم مكانة رفيعة حتى في الحرب ومن ذلك قول الله تعالى{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم}([113])
والحضارة الغربية مهما كانت إيجابياتها وتفوقها لكنها كغيرها من الحضارات والغرب كغيره من الشعوب والأقوام يخضع لسنن الله عز وجل . فمهما زعم الزاعمون أن الغرب يمارس النقد الذاتي وهو الذي يعطى لهذه الحضارة حيويتها و" ديناميتها" وكما يقول أحدهم :" وأن هذا يكذب سلفاً كل النبوءات حول وشكان موتها ."([114]) فإن هذا الزعم لا سند له من الواقع والتاريخ . فإن سنة الله ماضية فإذا بلغ انحرافهم وفسادهم وضلالهم الدرجة التي توجب غضب الله والتدمير فلن يرد بأسه سبحانه وتعالى مهما ملك الغرب من قوة * ، فهؤلاء الفراعنة الذين بنوا الأهرامات التي ما زال العلم الحديث يتعجب كيف استطاعوا نقل تلك الأحجار الضخمة ولم يكن لديهم الرافعات الهيدروليكية أو غيرها من التقنية الحديث، وهذه مدائن صالح ذات القصور في الجبال، بأي وسيلة نحتوا تلك الجبال ؟ ونحن نؤمن بقول الله عز وجل { وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد بطشاً}([115]) وقول الله سبحانه وتعالى{ فأهلكنا أشد منهم بطشاً ومضى مثل الأولين}([116]) وقول الله تعالى: {أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}([117])
تناولت فيما سبق تعريف الأخر، وأوضحت الموقف الإسلامي من الآخر من خلال آيات القرآن الكريم واهتمامه أولا بمعرفة الذات وتحقيق الذات ثم الانطلاق لمعرفة الآخر على أسس شرعية، وأفدت في ذلك كثيراً من محاضرة الدكتور جعفر شيخ إدريس التي ألقاها في الرياض في شهر شوال من هذا العام.
وأوضحت حرص الغرب على معرفة الذات وانطلاقه لمعرفة الأخر، ومن هذا الآخر العالم العربي الإسلامي، وأشرت إلى تأخرنا في الوقت في معرفة الذات بله معرفة الأخر.
وفي القسم الثاني اخترت بعض الظواهر الاجتماعية وحرصت أن تكون مراجعي ما صدر عن الغرب بنفسه، وكم كان يهمني أن أنقل إيجابيات من هذه الظواهر لولا أن المصادر التي بين يدي تركز على السلبيات، ومع ذلك فقد قدمت بعض الإيجابيات.
وهذا الموضوع في حقيقته يحتاج إلى جهد أكبر ووقت أوسع، فقد تركت كثيرا من المادة العلمية التي توفرت لدي حيث لم أجد متسعا لذكرها كما أن هذا الموضوع يستحق أن يكون موضوع عدد من الرسائل العلمية. والحمد لله رب العالمين.
المصادر والمراجع
أولاً: العربية
المصادر
1- القرآن الكريم
2- كتب السنة المطهرة.
المراجع : كتب ومقالات
1- أحمد، محمد سيد." الحضارة الغربية لا تعترف بغيرها ، ولا تتيح الحوار معها." في صحيفة الرياض.ع(10032)21رجب 1416(21/12/1995).
2- إدريس ، جعفر شيخ." موقفنا من الحضارات والأديان الأخرى:رؤية شرعية." في الشرق الأوسط.ع( 6311و6312)في 9و10 مارس 1996. ونشرت المحاضرة ضمن مطبوعات الحرس الوطني.(25/474)
3- أمين،عوض عباس. "آفاق مركز الدراسات الأمريكية في العالم العربي." في الشرق الأوسط.ع( 6479)،10 ربيع الآخر 1417، (24أغسطس 1996م) (بريد القراء)
4- باترسون، جيمس ،وبيتر كيم. يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة. ترجمة سعود بن محمد البشر.(الرياض،1414).
5-بار، كاميرون ."الاستغلال الجنسي للصغار." في الشرق الأوسط.ع(6482)،13 ربيع الآخر 1417(27 أغسطس1996م)
6- البشر، سعود بن محمد.السقوط من الداخل:ترجمات ودراسات في المجتمع الأمريكي.(الرياض:دار العاصمة 1414)
7-بيجوفيتش، علي عزت .الإسلام بين الشرق والغرب.ترجمة محمد يوسف عدس(الكويت وأمانيا: مجلة النور ومؤسسة بافاريا)1414هـ
8-تقي الدين، رندة،" فرنسا قبل ستة أشهر من انتخابات الرئاسة: فضائح وفوضى." في الحياة .ع(11976)32جمادى الأولى 1415(28 أكتوبر 1994م)
9- جريشة، على محمد .شريعة الله حاكمة ليس بالحدود وحدها.( القاهرة: مكتبة وهبة 1977)
10-حسين، آصف.صراع الغرب مع الإسلام:استعراض للعداء التقليدي للإسلام في الغرب.ترجمة مازن مطبقاني ( تحت الطبع)
11-حمدان، عاصم." الأوروبيون والخصوصية الثقافية ." في المدينة المنورة.ع (9698)24جمادى الآخرة1414(27 ديسمبر 1993م)
12- حنفي،حسن .مقدمة في علم الاستغراب.(بيروت: الدار الجامعية للنشر ، 1412-1992)
13- الحياة.ع(11975)13رجب 1416(15ديسمبر 1995)
14- ==.ع(11729)2ذو القعدة 1415(2أبريل1995م)
15 -==.ع(11198)15ربيع الآخر 1415،(11أكتوبر 1993)
16-==،ع(12145)10 محرم 1417(27مايو 1996م)
17-==،ع(11579)31أكتوبر 1994م.
18- الخشت، محمد عثمان." الإسلام والغرب:من الصراع إلى الحوار." في الحياة، ع( 12103)26ذو القعدة1416(14يناير1996م)
19- الراشد، عبد الرحمن." أصيلة ومشروع المركز الأمريكي." في الشرق الأوسط.ع( 6466)27ربيع الأول1417(11أغسطس1996).
20- زريق، قسطنطين،" حضور أمريكا في الذهن العرب، والحضور العربي في الذهن الأمريكي."في الحياة،ع(12134)28ذو الحجة1416(16مايو1996)
21- الزهراني،عبد العزيز عطية." وجموا وهم جاهلون." في رسالة الجامعة.(جريدة تصدر عن جامعة الملك سعود)ع (547)25 جمادى الآخرة 1415
22-الزين ، رلى." حملة فرنسية ضد الهيمنة الثقافية الأمريكية." في الحياة،ع(1178)5 ربيع الآخر 1414، (21سبتمبر 1993م)
23- سحاب ، سالم،" الرأسماليون القتلة والأثرياء البررة" في صحيفة المدينة المنورة.ع (12039)،8ذو القعدة 1416،(27مارس 1996م)
24- سعيد، إدوارد. تعقيبات على الاستشراق.ترجمة صبحي حديدي.(عمان:دار الفارس، 1996)
25- ==. مقالة في الحياة ،ع( 12182)17صفر 1417(3يوليه1996)
26- شارن، لوري وبوب منزيسهايمر." البيض شعب الله المختار." في الشرق الأوسط.ع( 6343)2ذو القعدة 1416(10أبريل 1996) عن جريدة لوس أنجلوس تايمز.
27-الشافعي، محمد " حمل الأسلحة في المدارس البريطانية." في الشرق الأوسط.ع(6379)28 ذو الحجة 1415(16مايو 1996م)
28-الشاهد، السيد محمد،" الاستغراب "في مرآة الجامعة(صحيفة تصدرها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)ع( 120)20جمادى الأولى 1410.
29 - ==." المواجهة حضارية.. والنقد لايكفي." في المسلمون.ع (270) 11-17رمضان1410(6-12أبريل 1990).
30-شبيب، نبيل،" الحضارة في غياب القيم :التقدم إلى الخلف." في المسلمون ،ع(374)1شوال 1410م.
31-شفيق، مدحت- ميلانو والوكالة الفرنسية من استكهولم." مؤتمر استكهولم يناقش أبشع الجزائم وأكثرها وحشية." في الشرق الأوسط.ع(6483)،14ربيع الآخر 1417(28أغسطس1996)
32- الشرق الأوسط.ع(5667) 25ذو الحجة 1414(4يونيه 1994)
33-==." أول معهد للدراسات الأمريكية."ع( 6465)26ربيع الأول 1417(10أغسطس1996م)
34==،" 26دولة تشارك في مؤتمر مكافحة استغلال الأطفال جنسياً."ع(6482)13ربيع الآخر1417(27أغسطس1996م)
35- ==، عدد(6406)26محرم 1417(12يونيه1996م).
36-==.ع(6473)4ربيع الآخر 1417(18أغسطس1996م)
37-صالح، هاشم ." علم الاستغراب لا يضير الغرب بل يرتد علينا بأفدح الأخطار." في الحياة،ع(11740)13ذو القعدة 1415(13 أبريل 1995م).
387- صلاح الدين، محمد. " الديموقراطية الصليبية." في صحيفة المدينة المنورة.ع(12140)20صفر 1417(6يوليو 1996م).
39-==، الحجاب غزو ثقافي بدوي؟!" في المدينة المنورة ع(11467)16ربيع الأول 1415(23أغسطس 1994)
40- ==."جرائم ضد النساء." في صحيفة المدينة المنورة.ع(9717)12ربيع الأول 1412.
41-طاش، عبد القادر." الدراسات الأمريكية" في صحيفة المدينة المنورة.ع(12180)1ربيع الآخر 1417(15أغسطس1996م)
42-==." مصادمة الفطرة." في صحيفة المدينة المنورة.ع(11711)29ذو القعدة 1415(29أبريل 1995)
43-==." مزاعم ينقضها الواقع." في صحيفة المدينة المنورة.ع(11933)15رجب 1416،(7ديسمبر 1995م)
44-==." المغالاة في عداوة الغرب." في صحيفة المدينة المنورة.ع(12135،15صفر 1417(1يوليه 1996م.)
45-طرابيشي، جورج." الغرب ينهار أم أن الحديث عن انهياره قوة له؟" في الحياة ،ع(12130)7رمضان 1416(4فبراير 1996م)(25/475)
46-طربوش، سوزانا." بلجيكا في حالة ذهول." في الحياة.ع (12230)6ربيع الآخر 1417(20 أغسطس1996م)
47-علكيم، حسن حمدان." العرب وأمريكا والنظام العالمي الجديد." في المجلة العربية للدراسات الدولية ،عدد 3/4، السنة الرابعة ،صيف /خريف 1993،ص 5-27.
48- عمارة، محمد. مكانة الإسلام في صياغة نموذجنا الثقافي." في الحياة.ع (12224)3 ربيع الآخر 1417(4 أغسطس1996م).
49-فندي، مأمون." الجذور الثقافية للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه العرب والمسلمين ." في مجلة المجتمع(الكويت) ع(12139) 5ربيع الآخر 1417(20 أغسطس1996) ص31-32.
51- مدير، عصام وانس فودة." مجلة أمريكية تفضح أجواء العمل المختلط." في المسلمون.ع(601)25ربيع الآخر 1417(9أغسطس 1996م)
52-مفتي، صادق."نعم للحوار…لا للمواجهة." في الشرق الأوسط.ع 5454، 3نوفمبر 1993.
53-المودودي، أبو الأعلى. الحجاب. (جدة: الدار السعودية للنشر 1405-1985)
54-مطبقاني ،مازن ." موازيننا وموازينهم في سقوط الحضارات" مقالتان، في المدينة المنورة ع (8943و8950)في 3و10 جمادى الأولى 1412.
55- ==.جامعة الإمام سبقت ندوة أصيلة." في صحيفة المدينة المنورة ،ع (12189)10 ربع الآخر 1417(24أغسطس1996م)
56-==.الغرب في مواجهة الإسلام.( المدينة المنورة: مكتبة ابن القيم ، 1409) صدرت طبعة ثانية عن مكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالمدينة المنورة 1418.
57-==." بل لابد من دراسة الغرب ونقده." في صحيفة المدينة المنورة.ع(11256)13شعبان 1414(24يناير 1994)
58-==." دراسة الاستشراق وريادة جامعة الإمام1."في المدينة المنورة.ع(11396)4محرم 1415(13يوينه 1994م)
59- ==." دراسة الاستشراق و ريادة جامعة الإمام 2" في المدينة المنورة،ع (11403)11محرم 1415.
60-==." كلية الدراسات الأوروبية" في المدينة المنورة.ع(11410)18محرم 1415(27يونيه1994 )
61-==" متى نخضعهم لدراستنا؟" في المدينة المنورة.ع(11534)24جمادى الأولى1415( 29 أكتوبر 1994)
62-==." أ تواصوا به (التنوير المزعوم)" في المدينة المنورة.ع(9536)8محرم 1414.
63-==" ماذا لو تفسحوا في مجالسهم؟" في المدينة المنورة،ع(11592)24رجب 1415(26ديسمبر 1994م)
64- ==" أيام في واشنطن ،"ست حلقات .في المدينة المنورة.الأولى في عدد (11872)13جمادى الأولى 1416(7 أكتوبر
- الحواشي :
[1] -Enca r ta, Social Phenomenon.
[2] - Gene r al House Hold Su r vey 1993. فقد حصلت عليه مباشرة من الإدارة الحكومية المختصة في الحكومة البريطانية مباشرة من الإدارة المختصة التي تطلب ممن يستخدم التقرير في مقالة أو محاضرة أن يعرض عليها ما كتبه قبل نشره أو إلقائه حتى يتسنى لهم التعليق عليه.
[3] -Gene r al House Hold Su r vey 1993.
[4] -Ian Mu r ray. " Ma r riage r ate slumps as mo r e choose single life.." in The Times , Ap r il 29,1993.
[5] Lesley White, The Times , 9 July 1996.
[6] -G.H.H S. Op Cit.,
[7] -Mu r ray. Op. cit.,
[8] - مازن مطبقاني " أيام في واشنطن (1)" في المدينة المنورة،ع11872، 13جمادى الأولى 1416( 7أكتوبر 1995)
[9] - عبد الحميد اليحياوي: تقلص أعداد الشبان والشابات دون العشرين في أوربا، في الشرق الأوسط، ع 6307، 15 شوال 1416هـ (5/3/1995م). وانظر مقالي (أيام في واشنطن (1) في المدينة المنورة عدد 11872، 13/5/1416هـ (7 أكتوبر 1995). وأذكر أنني كنت أدرس في جامعة اورجين بمدينة يوجين في صيف عام 1969 مادة (مختبر أحياء) فكتبت في أحد الواجبات عن تحديد النسل بأنه يؤدي إلى تقلص القوة الإنتاجية بزيادة عدد كبار السن وانخفاض عدد الشباب، ولم أكن حينها قد اطلعت على دراسات من هذا النوع.
[10] - المرجع نفسه
[11] - أبو الأعلى المودودي، الحجاب.(جدة: الدار السعودية للنشر ،1405-1985)
وفي أثناء دراستي في الولايات المتحدة في عام 1389(1969) ذكرت لي مسؤولة مبنى النشاط الطلاب في جامعة أريزونا الحكومية بأنه في إحدى المدن كان ثمة أربعة مستشفيات يستقبلن حالات الولادة ، ونظراً لنقص حالات الولادة فتوقفت ثلاث منها عن استقبال حالات الولادة.
[12] -David Blankenho r n, Fathe r less Ame r ica.(New Yo r k: Basic Books, 1995)p.1&18.
== وقد أشارت جريدة الحياة في عددها 11534 في 14/5/1415هـ (19/10/1994) إلى أن عدد الأطفال الذين يعشون في أسرة تقليدية بلغ 25% فقط، وانظر تعليق محمد صلاح الدين في جريدة المدينة المنورة عدد(11500 )،20 ربيع الآخر 1415هـ.
[13] -ريتشارد نيكسون .ما وراء السلام. ترجمة مالك عبّاس.( عمّان -الأردن: الأهلية للنشر، 1995)ص 186.
[14] - نبيل شبيب." الحضارة في غياب القيم: التقدم إلى الخلف"، في المسلمون، ع 374، 1/10/1410هـ.
[15] عبد القادر طاش." مصادمة الفطرة" ، في المدينة المنورة، عدد 11711 ، 29ذو القعدة1415ـ (29/4/1995م).
[16] -علي عزت بيجوفتش. الإسلام بين الشرق والغرب. ترجمة محمد يوسف عدس ( الكويت وألمانيا: مجلة النور ومؤسسة بافاريا ،1414) ص 118.
[17] -المرجع نفسه ، ص 263-264(25/476)
[18] - Alvin Toffle صلى الله عليه وسلم Futu r e Shock.(New Yo r k: Batnam Books 1971) p238
[19] -Ibid. p. 254.
[20] -Ibid. p 247.
[21] محمد الشافعي." حمل الأسلحة في المدارس البريطانية"، في الشرق الأوسط، عدد 6379، 28/12/1415هـ (16/5/1996م.
[22] -Cathy Scott-Cla r k. " Scou r ge of the bullies b r ings fea r to schools." in The Sunday Times.9 June 1996.
[23] فهمي هويدي: الطفولة المفترسة، في مجلة المجلة، عدد 835، 17/2/1996م.
[24] - The Economist, June 8th, 1996.
[25] -The Gua r dian Weekly , Vol. 154, No 23 June 8th, 1996.
[26] -Noel r oge r s " Ze r o Tole r ance and B r itain p r oposal fo r youth cu r few." in Saudi Gazette.No.6925, June 17,1996.
[27] -The Gua r dian Weekly, Op. cit.,
[28] Helen Gibson . " The Banality of an Evil woman." in The Time. Decembe r 4th, 1995.
[29] الحياة، العدد (11975 )، 13 رجب 1416 (5/12/1995)
[30] المرجع نفسه.
[31] -سوزانا طربوش." بلجيكا في حالة ذهول." في الحياة،ع 12230،6ربيع الآخر 1417هـ( 20أغسطس1996م)
[32] -عبد الحميد اليحياوي." بلجيكا تودع ضحيتي الاعتداء الجنسي." في الشرق الأوسط، ع6478، 9ربيع الآخر 1417هـ( 23أغسطس 1996م)
[33] -"126دولة تشارك في مؤتمر مكافحة استغلال الأطفال جنسياً" في الشرق الأوسط.ع6482،13ربيع الآخر 1417هـ(27 أغسطس 1996م)
[34] -كاميرون بار."الاستغلال الجنسي للصغار." في الشرق الأوسط،ع 6482،13ربيع الآخر 1417هـ(27 أغسطس 1996م) نقلاً عن لوس أنجلوس تايمز.وانظر أيضاً:Susan H. G r eenbe r g. "Child r en fo r Sale." in A r ab News, August 27,1996.
[35] -مدحت شفيق-ميلانو والوكالة الفرنسية من استكهولم ." مؤتمر استكهولم يناقش أبشع الجرائم وأكثرها وحشية." في الشرق الأوسط،ع 6483،14 ربيع الآخر 1417( 28أغسطس1996)
[36] - مازن مطبقاني ." يومان مع الصحن الهوائي " في المدينة المنورة،ع 9704،30 جمادى الآخرة 1414( 13ديسمبر 1993)
[37] -" اشتغال الأطفال القاعدة وليس الاستثناء." في الشرق الأوسط،ع6377،29ذو الحجة 1416( 14مايو 1996)
[38] -المرجع نفسه.
[39] - الشرق الأوسط، عدد 6406،26 محرم 1417هـ( 12يونيه 1996م)
[40] جيمس باترسون، وبيتر كيم. يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة. ترجمة محمد بن سعود البشر، الرياض 1414، ص 88.
[41] -Benna r d Levin. " Ame r ica Loses its Libe r ty " in The Times, 12 Aug. 1994.
مازلت أذكر واعظا أمريكيا كان يتحدث إلى المشاهدين قبل أكثر من عشرين سنة يقول: أيها الأمريكيون إنكم تقتلون أنفسكم، فالقتل أصبح السبب الأول للموت بين الشباب في سن من 18-24. والذي يقتل لا يفعل ذلك لخصومة أو شجار ولكنه يقتل أي شخص يعرفه أو لا يعرفه.
[42]- محمد صلاح الدين. "جرائم ضد النساء"، في صحيفة المدينة المنورة عدد 9717، 12/13/1412هـ.
[43] صلى الله عليه وسلمicha r d Fo r d. " Women Fail to r epo r t Sex Attacks." in The Times. 25 August 1994.
[44]-The Times, July 9th, 1994.
[45] عبد القادر طاش. "مزاعم ينقضها الواقع". في المدينة المنورة، عدد 11933، 15 رجب 1416هـ (7/12/1995).
[46] -Sa r a C r ichton. " Sexual Co r rectness Has it gone too fa r ? in Newsweek. Octobe r 25,1993
[47] - الشرق الأوسط.عدد 6473 ، 4ربيع الآخر 1417، (18 أغسطس 1996م)
[48] -عصام مدير وأنس فودة. " مجلة أمريكية تفضح أجواء العمل المختلط." في المسلمون.ع 601،25 ربيع الآخر 1417(9 أغسطس1996) نقلاً عن الريدرز دايجست r eade r 's Digest عدد فبراير 1996.
[49] - المرجع نفسه.
[50] -بيجوفتش ، مرجع سابق، ص 264.
[51] -The Times, July 12, 1991.
[52] -Ma r k F r enchetti and Pete r Con r adi. " Eu r ope's r oa r ing t r ade in sex slaves." in The Sunday Times, 9June 1996.
[53] - هذا الصديق هو أستاذي الدكتور قاسم السامرائي.الذي يعمل في جامعة لايدن منذ أكثر من عشرين سنة ، وعمل فترات مختلفة في جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية في قسم الثقافة الإسلامية وفي قسم المكتبات وفي المكتبة.
[54] -الحياة عدد 11729، 2 ذو القعدة 1415هـ (2 ابريل 1995م).
[55] علي محمد جريشة، شريعة الله حاكمة ليس بالحدود وحدها،( القاهرة: مكتبة وهبة،1397،1977)ص26..
[56] -Newsweek, Septembe r 20, 1993.
انظر مقالتي في جريدة عكاظ،" الأخذ بالثأر على الطريقة الإنجليزية"، عدد 9956، 21/5/1414هـ (5 نوفمبر 1993م).
[57] - The Times, July 21, 1994.
[58] -حنفي ، مرجع سابق، ص 96.
[59] -المرجع نفسه ،ص 97.
[60] - المرجع نفسه.
[61] -E r ich F r omm. The Sane Society. (New Yo r k: Hen r y Holt &Co. 1990) p. 92.
[62] -Ibid. p.84-85.
[63] -F r omm. Op. cit. p.85.
[64] -Ibid.P.92.
[65] -Ibid. P. 87-88.
[66] -Ibid. P. 95.
[67] - بيجوفتش ، مرجع سابق ،ص 112 نقلاً عن He r be r t Ma r cus. A C r itique of Pu r e Tole r ance.( Boston: Beacon P r ess, 1969)
[68] -F r omm. Op. Cit. P. 5.(25/477)
[69] - سالم سحاب. الرأسماليون القتلة والأثرياء البررة." في المدينة المنورة، ع12039، 8ذو القعدة 1416،(27 مارس 1996) نقلاً عن Newsweek العدد الثامن من عام 1996.
[70]-Washington Post, Sunday Septembe r 3 , 1995.
[71] -F r omm, Op.,Cit.P.5.
[72] -بيجوفتش، مرجع سابق،ص 108.
[73] -نيكسون ، مرجع سابق ص186.
[74] سعود البشر،السقوط من الداخل :ترجمات ودراسات في المجتمع الأمريكي. (الرياض:دار العاصمة،1415)نص 62-63 نقلاً عن اندروشبير، نحن القوة الأولى: أين تقف أمريكا، وأين تسقط في النظام العالمي الجديد، 1992.
[75] حسن حمدان العلكيم. "العرب وأمريكا والنظام العالمي الجديد"، في المجلة العربية للدراسات الدولية، عدد 3/4، السنة الرابعة، صيف/ خريف 1993. ص 5-27.
[76] - The Wall St r eet Jou r nal, Septembe r 7, 1995.
[77] -محمد وقيع الله ." اضطرابات لوس أنجلوس ." في مجلة الإصلاح(الإمارات) ع178،14مايو 1992
[78] - المرجع نفسه.
[79] -نيكسون ، مرجع سابق، ص99.
[80] -لوري شارن وبوب منزيسهايمر ." البيض شعب الله المختار" في الشرق الأوسط.ع 6343، 2ذو القعدة 1416( 10 أبريل 1996)عن صحيفة لوس أنجلوس تايمز.
[81] -A r ab News , 4 August 1996.
[82] -السيد ولد أباه." التظرف ظاهرة موجودة في الغرب أيضاً" في الشرق الأوسط ،ع6312،20شوال 1416هـ( 10مارس 1996.)
[83] -مأمون فندي." الجذور الثقافية للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه العرب والمسلمين." في المجتمع (الكويت) ع1213، 5ربيع الآخر 1417(20 أغسطس1996م) ص 31-32.وقد ظهرت العنصرية الغربية بوضوح في الصومال حيث مارست القوات الإيطالية و الدنماركية وغيرها من القوات الأوروبية ألواناً من التعذيب ضد الصوماليين العزل ومن العجيب أن هؤلاء كانوا ضمن قوات دولية أُطلق عليها ( إعادة الأمل ) فأي أمل كان!!؟؟
[84] - Dinesh D'Souza." Is r acism a Weste r n Idea?" in The Ame r ican Schola صلى الله عليه وسلم Autumn 1995. .P.P. 517-524
-[85] The Times, Septembe r , 2 1994.
[86] -Thomas Hansen and F r ank Macchia r ola, Conf r onting Ame r ica's Mo r al C r isis (New Yo r k: Hasting House, 1995), P3-4.
[87]- جيمس باترسون وبيتر كيم .يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة.ترجمة سعود محمد البشر (الرياض: المؤلف، 1414-1994) ص58.
[88] المرجع نفسه.
[89] -سعود بن محمد البشر.السقوط من الداخل: ترجمات ودراسات في المجتمع الأمريكي.(الرياض:دار العاصمة،1414هـ)ص 85 نقلاً عن هاملتون هوز .السقوط التراجيدي: أمريكا عام 2020.
[90] -بيجوفتش، مرجع سابق،ص119-120، نقلاً عن Keneth H. Blancha r d and Paul He r sey. Management of O r ganisational Behaviou صلى الله عليه وسلمUtilizing Human r esu r ces.2ed Edition( Englewood Cliffs, N. J.: P r entice Hall,1972
[91] سيرة ابن هشام.
[92] -Washington Post, 8 Septembe r 1995.
[93] -رندة تقي الدين ." فرنسا قبل ستة أشهر من انتخابات الرئاسة :فضائح وفوضى." في الحياة، ع11576، 23جمادى الأولى 1415( 28 أكتوبر 1994م)
[94] -الحياة،ع 11198، 15 ربيع الآخر 1415(11 أكتوبر 1993) وانظر تعليقي بعنوان " شرطة نيويورك تحتاج إلى شرطة" في المدينة المنورة ،ع 9688، 14جمادى الآخرة 1414هـ( 27 نوفمبر 1993م)
[95] -الحياة،ع 12145، 10 محرم 1417(27 مايو 1996م)
-[96] Michael Medved. Holly Wood Vs Ame r ica, (New Yo r k: Ha r pe r Pe r ennial, 1993) p. xx1v.
-[97] Ibid. P. 38.
[98] -Medved, Op. Cit. P. 72.
[99] جيمس باترسون، مرجع سابق، ص 197.
-[100] William J. Mu r ray, Let Us P r ay: A Plea fo r p r aye r in ou r schools,( New Yo r k, Willion Ma r row, 1995), P3.
[101] -Janatan F r eedland, "Battle of The Bottle B r eaks Out", in The Gua r dian Weekly, June9,1996
[102] -Medved. OP., cit. P.71.
[103] -Ibid.
[104] -نيكسون ، مرجع سابق ، ص 246.
[105] - مازن مطبقاني." العنف رغم أنوفهم " في المدينة المنورة ،ع11597،29 رجب 1415(31 ديسمبر 1994) وقد أشارت صحيفة الحياة (اللندنية ) في عددها 11579 ،31أكتوبر 1994 إلى أن الحكومة البريطانية سرعان ما تخضع للضغوط من الشركة المنتجة لأنها من الشركات الكبرى، وقد يكون هذا المنع المؤقت نوعاً من الدعاية للفيلم.
[106] -محمد سيد أحمد." الحضارة الغربية لا تعترف بغيرها ، ولا تتيح الحوار معها." في الرياض، ع 10032، 21 رجب 1416،(21ديسمبر 1995) تقرير عن ندوة فكرية عقدت في القاهرة بعنوان ( صراع الحضارات :نظرة جديدة للشرق.) وقد كتب الدكتور يوسف نور عوض في صحيفة المدينة المنورة ، عدد( 12548) في 19ربيع الآخر 1418(22أغسطس1997م. يشير إلى ما ظهر في الغرب مؤخراً من الاهتمام بالمغني المشهور إلفس برسلي الذي هلك منذ اكثر من عشرين سنة وعرف بالإدمان على المخدرات وغيرها من الآثام بأن الغرب يروج لهذه الصرعة باعتبار إلفيس قديساً . ويرى الدكتور عوض أن في الغرب قوى تحاول تشويه ثقافات العالم ومعتقداته الدينية من اجل إحكام السيطرة على العقل الإنساني.
[107] -سورة النحل آية 125(25/478)
[108] -عبد القادر طاش، " المغالاة في عداوة الغرب"، في المدينة المنورة ،عدد 12135،15 صفر 1417هـ( 1يوليه 1996م)
[109] - هو عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى .
[110] - السيد ولد أباه، " الإسلام والغرب واجب الحوار وحق الاختلاف." في الشرق الأوسط ،ع5989،24 ذو القعدة 1415هـ ( 24أبريل 1995م).
[111] -فؤاد صادق مفتي." نعم للحوار ..لا للمواجهة." في الشرق الأوسط ،ع 5454،3نوفمبر 1993م.
[112] -سورة المجادلة آية 11 .
[113] -سورة التوبة ، آية 122.
[114] - جورج طرابيشي." الغرب ينهار، أم أن الحديث عن انهياره قوة له؟" في الحياة ،ع 1203، 7رمضان 1416(4فبراير 1996) وقد كتب كاتب سعودي قبل عدة أعوام بعنوان (هل إن الغرب يسقط) قدم المزاعم نفسها وهي أن الغرب يمارس النقد الذاتي ، وشاء الله أن أرد عليه بمقالتين بعنوان" موازيننا وموازينهم في سقوط الحضارات " في المدينة المنورة ،ع8943،3جمادى الأولى 1412،و عدد 8950 في 10 جمادى الأولى1412.
* تضرب الغرب أحياناً الأعاصير فتقتل الألوف منهم ، كما تصيبهم موجات من الحر الشديد أو البرد الشديد ، أو يطهر فيهم فيروس جديد لم يسبق لهم معرفة به مثل فيروس الإيدز( نقص المناعة المكتسبة) ويصاب الغرب أحياناً بالزلازل أو الفيضانات. فهل يعتبرون، وهل نعتبر نحن؟
[115] -سورة ق آية 36.
[116] -سورة الزخرف آية 8.
[117] - سورة آية.
--------------
المجتمع الغربي والحرية الشخصية-التجسس
عاش أستاذي الدكتور علي الغمراوي رحمه الله دهراً طويلاً في أوروبا أتقن خلالها أكثر من عشر لغات أوروبية وتعرف خلال تلك المدة على حياة الغربيين وتاريخهم وثقافتهم، فكان يقول رحمه الله إن العيش في بلادنا العربية الإسلامية أفضل ألف مرة من العيش في الغرب ويشير بصفة خاصة إلى العيش في المملكة العربية السعودية التي فضّل العيش فيها أكثر من عشرة أعوام.
وأشار ذات مرة إلى أن المواطن الغربي تحول إلى رقم يعرف به في سجلات دولته وأن حركاته مرصودة منذ أن يخرج من بيته صباحاً وحتى يعود إلى منزله مساءً وهو مراقب بين ذلك. وكان هذا الحديث قد دار بيني وبينه قبل أكثر من خمس سنوات. وتأكد لي هذا الأمر عندما قرأت في الصحف عن انتشار الكاميرات في الشوارع الغربية ترصد حركة الناس لدرجة أنه لم يعد يملك الإنسان هناك إلى حياة خاصة.
والحقيقة أن موضوع مراقبة المواطن في الغرب بدأت منذ أن نشر جورج أورويل كتابه (1984)وأشار فيه إلى أنه في عام 1984 سيكون المواطنون في الغرب خاضعين إلى المراقبة المستمرة والاستبداد السياسي. وقد أعيد الحديث عن هذا الكتاب في بداية السبعينيات عندما أعلنت وكالة التحقيقات الفدرالية (FBI) أنها تحتفظ بملفات لعدد كبير من المواطنين الأمريكيين العاديين، وتساءل الأمريكان حينها لماذا تهتم هذه الوكالة بالاحتفاظ بكل هذا العدد من الملفات؟ وقد عرض برنامج في إحدى القنوات الثقافية الجادة أن الحكومة الأمريكية تقوم بمراقبة المظاهرات السلمية وتلتقط الصور لهذه المظاهرات وتستطيع بوسائل إلكترونية أن تتعرف إلى كل فرد في تلك المظاهرات وربما رُفض طلبه للعمل في الحكومة الفدرالية لهذا السبب مع أن المادة الأولى من الدستور الأمريكي تبيح هذا الأمر.
وعوداً للمراقبة فقد نشرت ( الشرق الأوسط) في 16ذي القعدة 1413هـ أن الأجهزة الإلكترونية أصبحت تساعد على القبض على المجرمين من خلال الكاميرات المنصوبة في الشوارع في المدن البريطانية. ويبدو أن الأمر قد راق الذين بدأوا في نشر هذه الكاميرات في الشوارع فازدادت عدداً وفي الوقت الذي تطورت فيه هذه الآلات أصبح الإنسان يعيش في فزع من أن يكون هناك من يتجسس عليه في كل لحظة من حياته. ومن الأمور التي تساعد في الغرب على التجسس أن الشقق المبنية من الخشب لا يفصل بين الجار والجار إلاّ جداراً رقيقاً وقد اخترعوا آلات عجيبة في التصنت وفي التصوير دون أن يشعر المواطن أنه يخضع لذلك.
وعادت (الشرق الأوسط،17ذو القعدة 1419) فنشرت تقرير نقلاً عن جريدة لوس أنجلوس تايمز عنونته ب ( خصوصية الأفراد وحرياتهم تختفي في القرن المقبل أمام التطور التكنولوجي) وأوردت فيه مختلف الأقوال والتحليلات عن أوضاع مواطني دول الغرب من حيث ضياع خصوصياتهم الشخصية. ومن الأقوال المهمة في هذا التقرير ما قاله جون فالنتاين- رئيس شركة انفوجيلد - "انتهت أيام الحرية الشخصية ، ولا تستطيع في هذه الأيام حتى تغيير اسمك بسرية تامة." وقال جيمس ديمبسي -أحد نشطاء مركز الديموقراطية والتكنولوجيا في واشنطن:" قبل خمسة وعشرين عاماً كان الخوف من الملف الكبير والسجل الكبير وقاعدة المعلومات الكبيرة ، أما الآن فقد أصبحت أجهزة الكمبيوتر متصلة بعضها ببعض الأمر الذي يساعد على خزن المعلومات بسرعة فائقة وبدون عناء"(25/479)
وقد عرضت محطة السي إن إن CNN يوم الأحد 19ذو القعدة برنامجاً خاصاً عن هذا الأمر استضافت أحد رجال الشرطة الداعين إلى التجسس ونشر الكاميرات في الأماكن العامة وبين مناضل عن الحريات الشخصية فظهر الاختلاف واضحاً فرجل الشرطة يريد لهذه الكاميرات أن تقوم بدور مساعد للحد من الجريمة والتعرف على سلوكيات رجال الشرطة بينما يخشى الآخر من طغيان هذه الكاميرات التي ستحد من الحريات الشخصية وأن القانون مازال عاجزاً عن مواجهة هذه التطورات المتسارعة في مجال المراقبة.
وإن حمّى نشر الكاميرات في الشوارع العامة وفي الميادين قد أصابت بعض العقلاء هناك بالفزع فأخذوا ينادون بأن الحرية الفردية الشخصية أصبحت مهددة. وتساءل البعض عن النواحي القانونية في هذا المجال. وربما كان هذا من أهم ما يميز حياة الغرب أن التكنولوجيا تتطور تطوراً أسرع مما يتطور التشريع لديهم ذلك أنه تشريع بشري خاضع لأهواء البشر.
أما الإسلام فله تشريعاته السامية في هذا المجال والتي أرجو أن تتيح لنا العولمة لنقول لهم إن لدينا من التشريعات- والحمد لله- ما يمكنهم تطبيقه مهما تطورت الوسائل التكنولوجية وهذا من خصائص هذه الشريعة التي تتسم بالشمول والعموم.
وأول هذه التشريعات ما جاء في قوله تعالى )يا أيها الذين آمنوا اجتنوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه، واتقوا الله إن الله تواب رحيم( (الحجرات 12). فلم يقع الابتداء بالنهي عن التجسس ولكن سبقه الحديث عن الظن السيء الذي يقود إلى التجسس فذكر القرطبي رحمه الله حديث رسول ا صلى الله عليه وسلم الذي في الصحيحين ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا) فقال القرطبي بعد ذلك: "قال علماؤنا: فالظن هنا وفي الآية هو التُّهمة. ومحل التحذير والنهي إنما هو تُهمة لا سبب لها يوجبها، كما يتهم بالفاحشة أو بشرب الخمر مثلاً ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك …والذي يميز الظنون التي يجب اجتنابها عما سواها، أن كل ما لم تعرف له أمارة صحيحة وسبب ظاهر كان حراماً واجب الاجتناب."
أما في قوله تعالى (و لا تجسسوا) فقال بعد أن بحث في الفرق بين التحسس والتجسس فالأول أن التجسس هو البحث عما يكتم عنك والتحسس طلب الأخبار والبحث عنها ويمكن أن يكون الفرق أيضاً أن التحسس ما أدركه الإنسان ببعض حواسه أو طلبه لنفسه أما التجسس أن يكون رسولاً لغيره. ومعنى الآية :" خذوا ما ظهر ولا تتبعوا عورات المسلمين ، أي لا يبحث أحدكم عن عيب أخيه حتى يطلّع عليه بعد أن ستره الله. وأورد بعد ذلك الحديث الذي رواه أبو داود عن معاوية وفيه : سمعت رسول ا صلى الله عليه وسلم يقول (إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم) فقال أبو الدرداء :كلمة سمعها معاوية من رسول ا صلى الله عليه وسلم نفعه الله تعالى بها .ووردت أحاديث أخرى تنهى عن التجسس واتباع أخبار الناس ومن ذلك ما رواه المقدام بن معدي كرب عن أبي أمامة عن صلى الله عليه وسلم ( إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم)
ولعل من أبلغ النهي عن التجسس حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من اطّلع في بيت قوم بغير إذنهم حَلّ لهم أن يفقئوا عينه.)رواه البخاري ومسلم وقد أورد أبو داود ( ففقئوا عينه فقد هّدِرت) وجاء في صحيح البخاري قول صلى الله عليه وسلم (ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صّبّ في أُذنيه الآنُك (الرصاص المذاب) يوم القيامة.)
وقد تحدث الشيخ حسن أيوب في هذا الموضوع في كتابه القيم (السلوك الاجتماعي في الإسلام) بقوله :" وهكذا يجب أن يفهم الملمون دينهم وأن يدركوا أن للمسلم ولكل إنسان مسالم حرمته وأن حرمة المسلم في مسكنه وفي أقواله وأفعاله وآرائه وأفكاره يحب أن تصان وتحترم.
فهل يتعلم الغرب من تشريعات الإسلام العظيمة. وكم كنت أتمنى لو أن محرر الصحيفة التي نقلت تقرير الصحيفة الأجنبية (لوس أنجلوس تايمز) ذكر التشريعات الإسلامية في هذا الباب لكنّا أفدنا من سعة انتشار هذه الجريدة وما يمكن أن تؤديه من خدمة للدعوة الإسلامية.
==============(25/480)
(25/481)
الرد على منتقدي دراسة الغرب >
يصر البعض على استخدام صورة النعامة التي تدفن رأسها في الرمال لوصف من يُتهمون بالغفلة؟ وأعتقد أن علماء الحيوان أشاروا إلى أن النعامة مظلومة بهذا الوصف. وليس مهماً أن تكون النعامة مظلومة أو ظالمة. ولكن كيف يمكن أن نصف من يزعمون أن الاستغراب أو دراسة الغرب ما هي إلا صورة كاريكاتورية تضع المفكرين الغربيين في زنازين محكمة وأن الاستشراق الذي نريد أن نواجهه قد انتهى أو قد ضعف و أنه أضعف الفروع المعرفية في الجامعات الغربية منذ بدأ؟
كتب علي حرب في جريدة عكاظ (4صفر 1419 ) ينتقد موقف حسن حنفي في كتابه (مقدمة في علم الاستغراب) مختصراً الكتاب كله الذي تتجاوز صفحاته السبعمائة إلى صورة كاريكاتورية كما يأتي: " أين تكمن مهمة المفكر العربي ؟ وما مهمته؟ …بسؤال آخر : هل المهمة أن نقوم بمحاصرة المفكرين الغربيين وأسرهم لتجميعهم في "طوابير" واستعراضهم ،ومن ثم فرزهم إلى مجموعات، ووضع كل مجموعة في "زنزانة" محكمة الإغلاق." ويؤكد الدكتور علي حرب أنه هذه هي الصورة التي خرج بها من قراءة كتاب حسن حنفي ( مقدمة في علم الاستغراب.)
فهل حقيقة هذه هي الصورة التي قصدها الدكتور حسن حنفي في كتابه الضخم (مقدمة في علم الاستغراب)؟ يبدو أن بعض المفكرين والكتاب العرب يزعجهم أن يأتي من يقول بقوة وإيمان أننا باستطاعتنا أن ندرس الأمم والشعوب الأخرى كما تدرسنا. لقد طالمنا أخضعَنا الغرب لدراساته في شتى المجالات العقدية والتاريخية واللغوية والأدبية والاجتماعية والثقافية ودُرست أراضينا جغرافياً وجيولوجياً وزراعياً حتى لم يعد صغيرة ولا كبيرة في العالم العربي الإسلامي لم تخضع للدراسة والفحص والتحليل من قبل الباحثين الغربيين. لقد أحصيت ثمانية عشر قسماً بجامعة كاليفورنيا في بيركلي تدرس العالم العربي الإسلامي. هذا بالإضافة إلى الدراسات التي نقوم نحن بها ويفيدون هم منها.
لقد طالب الدكتور حسن حنفي أن نأخذ المبادرة لدراسة الغرب ولمعرفته معرفة علمية موثقة ولا ننتظر أن يخبرنا الغرب عن نفسه فقط حتى لا نتحول إلى مجرد متلقين لما يقوله الغرب عن نفسه وعنّا. وقد قدّم حسن حنفي مبرراته لتحولنا من ذات مدروسة إلى ذات دارسة بقوله عن مهمة علم الاستغراب بأنها " فك عقدة النقص التاريخية في علاقة الأنا بالآخر والقضاء على مركب العظمة لدى الآخر الغربي بتحويله من ذات دارس إلى موضوع مدروس ، والقضاء على مركب النقص لدى الأنا بتحويله من موضوع مدروس إلى ذات دارس، مهمته القضاء على الإحساس بالنقص أمام الغرب، لغة وثقافة وعلماً مذاهب ونظريات وآراء مما يخلق فيهم إحساساً بالدونية.."(ص24) ويقول في موضع آخر أن " مهمة علم الاستغراب هو القضاء على المركزية الأوروبية …مهمة هذا العلم الجديد رد ثقافة الغرب إلى حدوده الطبيعية بعد أن انتشر خارج حدوده أبان عنفوانه الاستعماري من خلال سيطرته على أجهزة الإعلام وهيمنته على وكالات الأنباء ، ودور النشر الكبرى ، ومراكز الأبحاث العلمية ، والاستخبارات العامة …"
وقد تضمن الكتاب دراسات عميقة لتاريخ الفكر الأوروبي مبتدئاً بالحديث على مصادر الفكر الأوروبي وقسمها حنفي إلى مصادر معلنة ومصادر غير معلنة وتوسع حنفي في الحديث عن الإسلام باعتباره أحد مصادر الفكر الأوروبي التي حاول الغرب بإصرار رفض اعتباره أحد مصادر فكرهم حيث يتمسك الأوروبيون بأن مصادر فكرهم هي المصدر اليوناني الروماني والمصدر اليهودي المسيحي بينما هناك مصادر غير معلنة وهي المصدر الشرقي القديم ويقصد حنفي بهذا المصدر الإسلامي والمصادر الشرقية قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم والمصدر الآخر غير المعلن هو البيئة الأوروبية نفسها.
ونقول : إن كان للدكتور حنفي مبرراته القوية في أهمية دراسة الغرب التي لا يمكن أن تكون كما جاءت في الصورة الكاريكاتورية التي وردت في مقالة على حرب العكاظية فإننا ننطلق في أهمية دراسة الغرب من القرآن الكريم الذي عرض لنا عقائد الأمم الأخرى وبخاصة أهل الكتاب من اليهود والنصارى وعقائد المشركين العرب وانعكاس هذه العقائد على السلوك الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. إن المسلم من أجل أن يدرك عظمة العقيدة التي جاء بها الرسو صلى الله عليه وسلم أن يعرف الانحرافات التي حدثت في عقائد الأمم الأخرى والانحرافات السلوكية المنبثقة عن هذه العقائد. وكيف يولد " ميتاً " علم ينطلق من هذا الأساس وتتبناه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من خلال قسم الاستشراق( القسم الوحيد في العالم الإسلامي) وتنادي به ندوة أصيلة في المغرب من خلال إنشاء معهد الدراسات الأمريكية؟(25/482)
ولا بد من الرد على عبارة علي حرب التي جاء فيها ( أما علم الاستغراب فقد ولد ميتاً ، لأنه تأسس بعقلية نضالية لا ترمي إلى توسيع آفاق المعرفة أو إلى تحديث أدوات الفهم والتفسير) فهذه أحكام قاسية تحتاج إلى دليل وأعرف أن المساحة المتاحة لمقالة علي حرب لا تستوعب مثل هذا التوضيح ولكن هذه هي التعميمات الجزافية التي تعد من مثالب البحث العلمي أو التفكير المنطقي. كيف لعلي حرب أن يزعم أن هذا العلم ولد ميتاً. ألم يعلم أن المسلمين في عصور ازدهارهم اهتموا بعقائد الأمم الأخرى وأسسوا علم الملل والنحل. وكتب في ذلك ابن حزم والبغدادي وابن تيمية وابن قيم الجوزية وغيرهم كثير. ألم يقرأ ما كتبه أسامة بن منقذ في كتابة رسالة الاعتبار التي تعد نموذجاً رائعاً في دراسة الآخر.
ثم أين العقلية النضالية فيما كتبه الدكتور حسن حنفي؟ هل في إصراره أن نتحول من ذات مدروسة إلى ذات دارسة. ألم يحضر علي حرب المؤتمرات الغربية حول قضايا العالم الإسلامي التي نظهر فيها كأننا داخل معامل يدرسوننا كما يشاءون ؟ مع الاعتذار عن التعبير- ألم يأن الأوان أن نبدأ في دراستهم؟ ونسأل الدكتور علي حرب ما معنى توسيع آفاق المعرفة وتحديث أدوات الفهم؟ هل ننتظر من الغربيين أن يأذنوا لنا بدراستهم أو نستعير مناهجهم في دراسة الغرب؟
وننتقل الآن إلى النقطة الثانية وهي زعم الدكتور علي حرب أن الاستشراق " الذي كان أضعف فروع المعرفة في الغرب هو في طريقه إلى الانقراض..لقد استنفد دوره بقدر ما تأسس على بداهات تقوم على الحجب والاستقصاء ، أما علم الاستغراب فقد ولد عندنا ميتاً لأنه تأسس بعقلية نضالية لا ترمي إلى توسيع آفاق المعرفة أو إلى تحديث أدوات الفهم والتفسير."
وأبدأ في تناول موضوع أن الاستشراق كان أضعف فروع المعرفة في الغرب فإلى أي شيء استند علي حرب في هذه المقولة؟ هل زار أقسام الدراسات العربية والإسلامية في الغرب؟ هل اطلع على اللجان الحكومية التي تألفت في بريطانيا وأمريكا واقترحت تقديم الملايين لدعم هذه الدراسات وأنها ضرورية لمصالح الدول الغربية؟ هل زار مكتبات هذه الأقسام وهل اطلع على المؤتمرات والندوات التي عقدتها هذه الأقسام؟ هل اطلع على دائرة المعارف الإسلامية التي كتب فيها مئات المستشرقين واستغرقت ألوف الصفحات في طبعتيها الأولى والثانية؟ هل اطلع على مئات الدوريات والمقالات التي لا تزال تصدر عن أقسام الدراسات العربية والإسلامية؟
إن زعم الدكتور علي حرب أن الاستشراق ضعيف وفي طور الانقراض يناقضه ما نرى من نشاطات علمية وفكرية في الغرب حول العالم الإسلامي ومن ذلك أنّ الجمعية الدولية لدراسات آسيا وشمال أفريقيا قد عقدت مؤتمرها الخامس والثلاثين في بودابست بالمجر وحضره أكثر من ألف باحث من أنحاء العالم وقدموا مئات البحوث على مدى ستة أيام وقد تكلف عقد مثل هذا المؤتمر ملايين الدولارات وقد اشتركت مؤسسات مالية غربية وآسيوية في تمويل هذا المؤتمر.
وعقد قبل هذا المؤتمر مؤتمر آخر بعنوان ( الإسلام والقرن الواحد والعشرين ) في ليدن بهولندا حضره أكثر من مائتي عالم من أنحاء العالم . ولا بد أن علي حرب يعرف أن رابطة دراسات الشرق الأوسط في الولايات المتحدة تعقد مؤتمرها السنوي هناك ويحضره ما يزيد على ألف باحث. ولجمعية دراسات الشرق الأوسط في بريطانيا مؤتمر سنوي يحضره المئات من الباحثين من أنحاء العالم.
كيف يكون الاستشراق أو الدراسات العربية الإسلامية أو الدراسات الإقليمية أضعف فروع المعرفة وهذه وزارات الخارجية الأوروبية والأمريكية تستعين بالمختصين من هذه الأقسام ومراكز البحوث والمعاهد العلمية في التخطيط لسياساتها حتى كتب أحمد برصان ذات مرة مقالة بعنوان (كيف تصنع الجامعات الأمريكية قرارات وزارة الخارجية والحكومة الأمريكية؟) وهذه الرسائل العلمية تعد بالألوف التي تنجز في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأوروبا حول قضايا العالم العربي والإسلامي ويتم تقديم ملخصات علمية لها إلى المسؤولين في الحكومات الغربية ويتم الإفادة من البحوث التي تقدم معلومات استراتيجية مهمة حول قضايانا.
كيف يكون الاستشراق أضعف فروع المعرفة في الغرب وهذه مكتبة الكونجرس تحصل على كل مطبوعة تظهر في العالم العربي الإسلامي حيث ينتشر مندوبو المكتبة في أنحاء العالم. ويعرف علي حرب وغيره أن المندوب يحصل على بعض المطبوعات أحياناً من المطابع قبل أن تصل إلى أيدي القراء. وبعد الاطلاع على ثلاثة نسخ من كل كتاب أو دورية يقرر المختصون الحصول على عشرة نسخ أو أكثر من المطبوعة أو الكتاب. وأحياناً إذا لم يتوفر الكتاب في المكتبات اتصلوا بالمؤلف للحصول على النسخ التي يريدون.(25/483)
وكيف يكون الاستشراق أضعف فروع المعرفة ومراكز البحوث الغربية تنتشر في العالم الإسلامي وأذكر منها مراكز الدراسات الأمريكية في القاهرة وفي المغرب وفي تونس وفي اليمن. وهناك مراكز بحوث ألمانية في مصر ومركز بحوث هولندي في مصر ومراكز بحوث فرنسية منتشرة في أنحاء العالم العربي الإسلامي. أليست هذه المراكز امتداداً للدراسات الاستشراقية أو هي فرع معرفي جديد؟ ويعرف الدكتور علي حرب أن الجامعة الأمريكية في بيروت وفي القاهرة وفي تركيا إنما هي مراكز استشراقية،وتقوم بجهود علمية كبيرة في استمرار الفكر الاستشراقي وفي التأثير في الاتجاهات الفكرية في البلاد التي توجد فيها وفيما حولها.
كيف يكون الاستشراق كما تقول وقد استضافت الجامعات الأمريكية والأوروبية العشرات أو المئات من الباحثين العرب والمسلمين وقدمت المناصب وفرص البحث لأمثال صادق جلال العظم ونصر حامد أبو زيد وعزيز العظمة، وفؤاد عجمي، وفضلو الرحمن، وغيرهم كثير، كما دعت البعض للعمل أساتذة زائرين في الجامعات الغربية؟
لقد دعي كاتب هذه السطور إلى زيارة العديد من الجامعات الأمريكية والمعاهد العلمية ومراكز البحوث التي تهتم بدراسة العالم الإسلامي فوجد أن هذه الجامعات ومراكز البحوث في ازدهار مستمر وأن الأساتذة يقومون بمئات أو آلاف البحوث وينشرون الكتب ويحضرون المؤتمرات وبينهم من التنسيق - بين أوروبا وأمريكا- أكثر مما بين الجامعات العربية الإسلامية وأحيانا الجامعات العربية في بلد واحد. إننا بحاجة إلى مزيد من الوعي لما يجري حولنا حتى لا نطلق الأحكام الجزافية على ما لا نعرفه
=============(25/484)
(25/485)
اشراقات الثقافة الاسلامية على نصارى الاندلس
محمد ماهر حماده
أطلق المسلمون أسم الأندلس على القسم الذي أحتلوه من شبه الجزيرة الايبرية0 وقد أرتقت الحضارة الاسلامية في تلك المنطقة من دنيا الإسلام ارتقاءً رائعاً ونافست الحضارة الإسلامية فيها حضارة الإسلام في المشرق, وبلغ من عظمة قرطبة وأزدهارها وخاصة إبان العهد الأموي في الأندلس إنها كانت أعظم مدينة في أوربا كلها وتأتي على قدم المساواة مع القسطنطينية وبغداد إبان عزهما0 وناهيك ببلدة بلغ عدد مساجدها 1600 مسجداً وحماماتها 600وفيها مائتا ألف دار وثمانون ألف قصر منها قصر دمشق شيده الأمويون حاكوا به قصورهم في بلاد الشام0 وقد بلغ عدد أرباض قرطبة ( ضواحيها ) تسعة أرباض كل ربض كالمدينة الكبيرة , ودور قرطبة ثلاثون ألف ذراع , وفي ضواحيها ثلاثة الآف قرية في كل واحدة منبر وفقيه0 وقد قدر بعض المؤرخين عدد سكان قرطبة في أيام مجدها وعزها بمليوني نسمة, وكان بالربض الشرقي من قرطبة مائة وسبعون أمرأة يكتبن المصاحف بالخط الكوفي. هذا في ضاحية من ضواحيها, فكيف ببقية الضواحي, وقد كانت شوارعها مبلطة وترفع قماماتها وتنار شوارعها ليلاً بالمصابيح ويستضئ الناس بسروجها ثلاثة فراسخ لا ينقطع عنهم الضوء. هذا شئ لم يحدث في أوربا إلا في أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر . وطبعاً لم تكن قرطبة وحدها بهذا السمو فهناك طليطلة التي كانت لا تقل تألقاً وبهاءاً عن قرطبة, وهناك إشبيلية وغرناطة ومالقة والمرية0000وإنما ذكرنا قرطبة كنموذج لما كانت عليه بقية المدن الأندلسية, لذلك لا غرابة إن أنتشرت المكتبات والكتب في جميع أنحاء البلاد وكثر عشاقها وكثر التأليف والمؤلفون , ولاسيما أنه وجد حكام شجعوا العلم وهم أنفسهم كانوا مثلاً عالياً في حب الكتب وجمعها والاهتمام بها كالحكم الثاني وغيره0
ولقد أنتشرت الحلقات التعليمية في أغلب جوامع الأندلس وبشكل خاص في المدن الرئيسية كقرطبة وطليطلة وإشبيلية, ولقد وجد في كل جامع مكتبة غنية بمختلف فروع المعرفة الأنسانية, فقد كان للحلقات التي تعقد في جامع طليطلة شهرتها وأهميتها وجذبت أليها الطلاب المسلمين والنصارى على السواء حتى لقد كان يقصدها طلاب نصارى من جميع أنحاء أوربا بما فيها أنكلترا وأسكوتلندا 0
وقد أحتفظت طليطلة بمكانتها هذه بعد سقوطها بيد الأسبان سنة 1085م حيث وجد فيها هؤلاء مكتبة غنية عامرة حافلة بالكتب في أحد مساجدها وقد بلغت شهرة هذه المكتبة من حيث هي مركز للثقافة أقصى البلاد النصرانية في الشمال0
والواقع أن الثقافة العربية الإسلامية والتربية والتعليم أنتشرت في القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين في إسبانيا المسلمة إلى درجة جعلت دوزي المؤرخ المشهور يقول إن أغلب الناس في الأندلس أصبحوا قادرين على القراءة والكتابة, بل يمكننا أن نقول إن كل فرد تقريباً كان يعرف القراءة والكتابة0 وقد أنتقلت الثقافة العربية إلى المستعربين الأسبان وهم الإسبان النصارى الذين أقاموا في البلاد الإسلامية وعاشوا تحت ظل الحكم الإسلامي , فقد سرت إليهم العادات الإسلامية وتعلموا اللغة العربية وكتبوا بها وألف بعضهم كتباً بها , بل واقتنوا مكتبات عربية0 يبدو ذلك واضحاً من نص يروي عن الكاتب النصراني المتعصب الفارو, ذلك أن هذا القس المهوس ببغض الإسلام وأهله كتب في القرن التاسع ميلادي يقول : " إن أخواتي المسيحيين يدرسون كتب فقهاء المسلمين وفلاسفتهم لا لتفنيدها , بل لتعلم أسلوب عربي بليغ0 واأسفاه, إنني لا أجد اليوم علمانياً يقبل على قراءة الكتب الدينية أو الأنجيل , بل إن الشباب المسيحي الذين يمتازون بمواهبهم الفائقة أصبحوا لا يعرفون علماً ولا أدباً ولا لغة إلا العربية , ذلك إنهم يقبلون على كتب العرب في نهم وشغف ويجمعون منها مكتبات ضخمة تكلفهم الأموال الطائلة في الوقتالذي يحتقرون الكتب المسيحية وينبذونها0000
بل أن كثيراً من رجال الدين في الأندلس تعلموا اللغة العربية وألفوا بها , فقد نقل يوحنا رئيس أساقفة أشبيليه التوراة من اللاتينية إلى العربية وذلك سنة 764م 0 كذلك نقل الأب فيسنتي ثمانية أجزاء من قوانين الكنيسة إلى اللسان العربي وأهداها إلى الأسقف عبد الملك في أبيات من الشعر العربي مطلعها0
كتاب لعبد الملك الأسقف الندب جواد نبيل الرفد في الزمن الجدب(25/486)