(2) المغبرة : قوم يغبرون بذكر الله ، أي يهللون ويرددون الصوت بالقراءة ونحوها ، سموا بذلك لأنهم يرغبون الناس في الغابرة أي الباقية - في زعمهم - والحق أن الترغيب بالآخرة بما جاء عن الله ورسوله من الوعظ والإرشاد والرقائق المباحة .
نقله أبو عمر المنهجي - شبكة الدفاع عن السنة
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/13)
فعلها علماء اليمن ... فهل يفعلها علماء مصر ؟!
سليمان بن صالح الخراشي
لم يعد خافيًا على كل عاقل أن لهوان المسلمين ومهانتهم أسبابًا كثيرة ؛ يأتي على رأسها بُعد فئام منهم في بلاد كثيرة عما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم - في العقيدة ، واتباعهم ما يقدح دينهم من الشركيات والبدع المتنوعة .
فكان واجب العلماء والدعاة الناصحين لأمتهم أن يبينوا لهؤلاء الحق وخطر ما هم عليه ، ويناصحوهم ويقيموا عليهم الحجة ، ويدعوهم إلى عقيدة السلف الصالح ؛ لتعود الأمة كما كانت معتصمة بحبل الله ، عزيزة ، مهابة الجانب من أعدائها .
--------------------------------------------------------------------------------
وقد أحسن نخبة من العلماء والدعاة في اليمن عندما أصدروا فتوى في كثير من الأعمال الشركية أو البدعية المنتشرة في بلادهم ، ولم يداهنوا في دين الله ، أو يهونوا من الأمر بدعوى " عدم تفريق الأمة " كما هي شنشنة البعض !! هداهم الله .
وقد قام محبو الخير بتعليقها في المساجد وتوزيعها على مجامع الناس .. فكان لها الأثر الطيب .
وهاكم ملخص الفتوى كما نشرها صاحب كتاب " القبورية في اليمن " ( ص 657-659) :
نص السؤال
(السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :(/2)
فإن في بلادنا قبور رجال صالحين، مرفوعة ببناء فوق الأرض، فيها حفرة صغيرة، بداخلها تراب يتبرك به ويستشفى به، وتقام لهذه القبور زيارات سنوية موسمية في شهر رجب الحرام وغيره، يُذبح فيها الكباش لأصحاب القبور، ويجتمع عندها الرجال والنساء والباعة والألعاب، ويحتفل بهذه الزيارات كالاحتفال بيوم العيد، وتهان فيها القبور أيما إهانة.
فما هو قول السادة العلماء والأئمة الفضلاء في رفع القبور بالبناء؟ وما حكم هذه الزيارات؟ وهل هي الزيارات الشرعية التي حث عليها أبو القاسم محمد صلى الله عليه وسلم؟ أفتونا مأجورين. نفع الله بكم الإسلام والمسلمين.
وقد تفضل أصحاب الفضيلة العلماء بالإجابة على هذه الاستفتاء، ننشر هنا خلاصة إجاباتهم:
أولاً: أوضح العلماء في فتاواهم على أنه لا أحد من الخلق لا ملك ولا نبي ولا ولي يضر أو ينفع، وأن الأموات لا ينفعون الأحياء ولا يغنون عنهم من الله شيئاً ،بل الأموات بحاجة إلى دعاء الأحياء لهم، والاستغفار لهم، وإذا كان سيد الأولين والآخرين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، فكيف يملك ذلك غيره ممن هو دونه، وعليه فلا يجوز اعتقاد النفع والضر في أصحاب القبور مطلقاً؛ لأنه من الشرك الأكبر المخرج من ملة الإسلام .
ثانياً: أوضح العلماء أن شد الرحال إلى القبور بدعة محدثة منكرة وقد جاء الشرع بالنهي عن شد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى". أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما.
ثالثاً: أكد العلماء على حرمة رفع القبور أكثر من شبر لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : "لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته". أخرجه مسلم.(/3)
رابعاً: أكد العلماء على حرمة البناء على القبور مطلقاً، وتجصيصها، والكتابة عليها، والقعود عليها، لحديث جابر بن عبدالله: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقعد على القبر، وأن يجصص أو يبنى عليه". أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وفي رواية: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُكتب على القبر شيء". أخرجه أبو داود وابن ماجه.
خامساً: بيّن العلماء الفرق بين الزيارة الشرعية للقبور، التي تكون للعظة، والاعتبار، وتُذكر الآخرة، والدعاء والاستغفار للميت. وبين الزيارات البدعية والشركية التي يُتقرب فيها إلى أصحاب القبور، بالذبائح والنذور، والاستغاثات، وما إلى ذلك من أمور الشرك الأكبر المخرج عن ملة الإسلام، وأن هذه الأمور لا تكون إلا لله عز وجل وحده لا شريك له، لقوله تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) ولقوله تعالى: (فصل لربك وانحر) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من ذبح لغير الله" أخرجه مسلم.
سادساً: أكد العلماء على أن وضع حفرة على القبر وجعل التراب فيها للتبرك والاستشفاء به من وسائل الشرك الأكبر المخرج عن ملة الإسلام.
سابعاً: أكد العلماء على تحريم، وخطورة ما يجري في هذه الزيارات، من الاختلاط بين الرجال والنساء، وخروج الباعة، والطبول، وما يجره من الفتن، والفواحش والموبقات، علماً أن النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن زوَّرات القبور" أخرجه أحمد والترمذي.
ثامناً: أوضح العلماء تحريم تخصيص شهر من السنة، لزيارات قبور الأولياء، خاصة في شهر رجب الحرام، وأن ذلك وسيلة من وسائل الشرك، الذي لا يغفره الله عز وجل، إن مات صاحبه عليه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تجعلوا قبري عيداً" أخرجه أبو داود.
وإليك أسماء بعض العلماء والمشايخ الذين أفتوا ووقعوا على هذه الفتوى.(/4)
(1) محمد بن إسماعيل العمراني (2) مقبل بن هادي الوادعي (3) د. إبراهيم القريبي (4) د. عبد الوهاب الديلمي (5) محمد الصادق مغلس (6) عبدالمجيد الزنداني (7) عبدالعزيز الدبعي (8) عبد المحسن ثابت (9) عبد المجيد الريمي (10)عقيل المقطري (11) محمد بن عبدالوهاب الوصابي (12) د. أحمد محمد زبيلة (13) أحمد حسن المعلم (14) إسماعيل العنسي (15) محمد المهدي (16)عبدالرحمن بن عبد الله شميلة (17) حسين بن محفوظ (18) عمر أحمد سيف (19) عبدالقادر الشيباني (20) صالح الوادعي (21) طارق عبد الواسع (22) عبدالله الحاشدي (23) ناصر الكريمي (24) عيسى شريف (25) أحمد حسان (26) علي بارويس ( 27) علي بن فتيني ( 28) عبدالله الحميري ( 29) أحمد أهيف (30) أمين جعفر (31) عمار ناشر (32) محمد الوادعي (33) عارف أنور (34) علي مقبول الأهدل (35) محمد سالم الزبيدي (36) محمد سعد الحطامي (37) حسن صغير الأهدل ( 38) مراد القدسي ( 39) إسماعيل عبدالباري (40) حسن الزومي ( 41) حاكم زبيد : عبدالكريم النعماني (42) محمد المعمري ( 43) عبدالله فيصل الأهدل ( 44) عمر سقيم .
تعليق
جزى الله خيرًا العلماء والدعاة اليمنيين على هذه الفتوى الصريحة ، الصادرة عن قلوب ناصحة لأمتها ، متألمة لانصرافها عن التوحيد الخالص إلى بدع وشركيات ما أنزل الله بها من سلطان .
وأتمنى أن يحذو إخوانهم في البلاد الإسلامية حذوهم ؛ بالجهر بالحق ، وبثه بين العامة من خلال فتاوى يوقع عليها مئات من السلفيين وتلصق في المساجد ، ويذيع خبرها في وسائل الإعلام ، أو أشرطة ميسرة تحذر من أنواع الشركيات والبدع ، أو كتيبات ومطويات تُنشر وتوزع في أماكن الموالد والمواسم المخترعة .
قد يقول قائل : إن اليمن تختلف عن غيرها ؛ فالحكومة فيها لا تحمي القبور والبدع ، بل تهمها السياسة فقط . أما في البلاد الأخرى ؛ كمصر مثلا ، فإن الحكومة ترعى وتستفيد من هذه القبور والمواسم فائدتين :(/5)
1- الربح المادي .
2- صرف الناس عن الدين الحق إلى الدروشة والتصوف الذي لا خطر منه .
فأقول :
أولا : يجب قبل أن نحكم بالنتائج مسبقًا أن نحاول ونبذل الجهد ، ونحتسب الأجر من الله . فإن منعنا فقد أعذرنا عند الله .
ثانيًا : يجب إيصال هذه الفكرة إلى الدول : وهي أن نشر عقيدة أهل السنة ودعمها يحقق لها هدفين مهمين :
1- النجاة في الآخرة بإذن الله ؛ حيث نصر دين الله بما يستطيع . بخلاف البدع والشركيات فإنها تعرضه للكفر والردة والعذاب المقيم . وثق أن كل مسلم ولو كان رئيسًا أو مسؤولا يقلقه هذا الأمر . فلنحرص على إيصال الفكرة .
2- حماية ملكه مادام لم يصدر منه كفر بواح ! لأن من عقيدة أهل السنة عدم جواز الخروج على الحاكم .
وتوضيح هذا له مقال آخر إن شاء الله بعنوان ( مصالحة .. بين الحكام ودعاة الإسلام ) .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى . وآمل من الأخوة إثراء هذا الموضوع بآرائهم وأفكارهم ، لا سيما من يعيشون في غير السعودية .
سليمان الخراشي
كتب ورسائل
رسائل وردود
مطويات دعوية
مقالات
اعترافات
حوارات
مختارات
ثقافة التلبيس
نسائيات
نظرات شرعية
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/6)
بسم الله الرحمن الرحيم
قرآن جديد للصوفية
أولا: الشيخ شعبان المجذوب رضي الله عنه
انظر الطبقات 2 /185
( كان من أهل التصريف بمصر المحروسة
وكان يخبر بوقائع الزمان المستقبل واخبرني سيدي علي الخواص رضي الله عنه ان الله تعالى يطلع الشيخ شعبان على ما يقع في كل سنة من رؤية هلالها ، فكان إذا رأى الهلال عرف جميع ما فيه مكتوبا على العباد).
عرف جميع ما فيه مكتوبا على العباد
قال: ( وكان يقرأ سورا غير السور التي في القرآن على كراسي المساجد يوم الجمعة وغيرها
فلا ينكر عليه أحد ، وكان العامي يظن أنها من القرآن لشبهها بالآيات في الفواصل).
وهنا ربما قال المجادلون بالباطل لعله كان يرتل الحديث أو أوراد الطريقة
مع ما في هذا من التلبيس والكذب
لكن تأمل قول الشعراني: سورا غير القرآن
وحتى لا يبقى عندك شك فهاهو الشعراني يقتبس لنا من ذلك القرآن
قال: " وقد سمعته مرة يقرأ على باب دار، على طريفة الفقهاء الذين يقرءون في البيوت فصغيت إلى ما يقول فسمعته يقول:
وما انتم في تصديق هود بصادقين ، ولقد أرسل الله لنا قوما بالمؤتفكات يضربوننا ويأخذون أموالنا وما لنا من ناصرين
ثم قال الهم اجعل ثواب ما قرأناه من الكلام العزيز
في صحائف فلان وفلان إلى آخر ما قال
فانظر هذا الكذب الصريح كيف يجعل سخافاته من الكتاب العزيز
واسأل المتصوفة: ما حكم من قال هراء ثم نسبه إلى القرآن ؟
ثانيا: قضية الكذب عند الصوفية لا حدود لها ولا يفوقهم في ذلك إلا الروافض وهم ممن يكذب الكذبة ثم يصدقها خاصة أولئك القريبون من الأضرحة المكثرين من ذكر الحكايات والكرامات والمنامات
بل هذه الآفة الشيطانية دخلت إلى كثير ممن ينتحل العلم فيهم وكأنهم يرون حل الكذب للتنفير من خصومهم
ومن أراد الوقوف على أمثلة من ذلك فليقرأ
كتاب احمد زيني دحلان في الرد على الوهابية
كتاب مفاهيم يجب أن تصحح لعلوي الملكي
كتاب السقاف في بدعة تقسيم التوحيد(/1)
فالكذب قاسم مشترك لأهل الضلال لكنهم فيه دركات
وخير مثال على هذا المنهج هو ما يكتبه الصوفيه في (الجارح) وغيره عن خصومهم فلا يعتمدون على مصدر علمي وانما حكايات من باب حدثني الثقة
وتراهم ينكرون علي نقلي من كتاب الشعراني لكني حققت ما أريد:
أولا: أظن أن كل صوفي سيسعى حثيثا للحصول على نسخة من هذا الكتاب إن لم يكن عنده
ثانيا: ما من مسلم يقرأ هذه النقولات ثم يحضر مجمعا للصوفية فيسمع شيخهم وقد أسبل عينيه ورقق شفتيه وقال: يقول الإمام الشعراني
إلا وتذكر تلك المخازي فأنقذه الله من سحر الشيخ
ثالثا: إني ما عرفت هذا الكتاب إلا من أحد شيوخ الطرق وهو يقتبس منه غرائب الحكايات والسامعون كأن على رءوسهم الطير
رابعا: ما زلت أقول إذا أثبتم عن طريق المخطوطات تحريفا في هذا الكتاب فلن انسبه إلى الصوفية أما قبل ذلك فهو كتاب معتمد إلا عند المجادلين بالباطل الذين بهرهم شعاع الحق فأرادوا طمسه بالتشكيك
خامسا: أنا اطعن في الصوفية وانتم تطعنون في الوهابية لكن لسنا سواء
فأنا انقل من كتبكم أما انتم فمن وحي الشيطان تأخذون
ولسنا سواء فأنتم صوفية أما أنا فأبرأ من الانتساب إلى أحد غير نبينا صلى الله عليه وسلم وما محمد عبد الوهاب عندي إلا رجل أحيى أمرا قديما بل وما ابن تيمية إلا رجل اخذ من مصادر هي تحت يدنا الآن ولست أحب أن اتبعه في أمر انفرد به لو ثبت ذلك
سادسا: دلوني على كتاب آخر معتمد لديكم يتحدث عن الأولياء المشهورين من القرن العاشر إلى الآن سالم من التحريف حتى ارجع إليه ، وأقلل الاعتماد على الشعراني
سابعا: إن كل ديانة أو طريقة تتأثر بما في تراثها
فاليهود حين نسبوا لأنبيائهم الزنى والكذب والتحايل سارعوا هم في هذه الشرور
والرافضة حين نسبوا لأئمتهم اللعن والطعن في أهل الحق سارعوا هم في ذلك
والصوفية حين اشتمل تراثها على أولياء يكذبون سارعوا في ذلك(/2)
ولا ننسى أن هناك من كان يكذب في الحديث ويقول اكذب له ولا اكذب عليه فكذلك تكذبون لتشويه المخالفين والجامع بينكم الجهل مع الظلم وقلة الديانة
لقد عرف العالم شباب الصحوة فهم الذين يحاربون المنكرات ويهدمون الحرام من العادات أما الصوفي فشأنه شأن العوام يصافح النساء ويشاهد الأفلام والمسلسلات ويسمح لزوجته بمقابلة الأجانب إلى غير ذلك وهذا موجود في اكثر المتصوفة
ولضعف الديانة تراهم هنا لا يتورعون عن القذف الصريح والتشبيه بالعاهرة واستعمال ألفاظ الفسقة من نحو : الدعي الأهبل الطفل
ثم يقولون ما أسأنا إلى أحد.
ثامنا: خذ هذا المثال الصارخ للكذب
الشيخ إبراهيم العريان رضي الله عنه الطبقات 2/142
قال:" وكان يخرج الريح بحضرة الأكابر ثم يقول:
هذه ضرطة فلان ويحلف على ذلك ، فيخجل ذلك الكبير منه
مات رضي الله عنه سنة نيف وثلاثين وتسعمائه"
"وكان رضي الله عنه يطلع المنبر ويخطب عريانا فيقول:
السلطان ودمياط باب اللوق وجامع طولون الحمد لله رب العالمين
فيحصل للناس بسط عظيم ".
أي ناس؟؟؟؟ لا أدري وإلى الله المشتكى ولك الله يا مصر.
[ كتب بتاريخ ... ونشر بالساحة الإسلامية ].
كتبه ... الموحد(/3)
قوال العلماء في حكم الحضرة
المحب السلفي
جاء في ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك للقاضي عياض رحمه الله :
قال التنيسي : كنا عند مالك وأصحابه حوله فقال رجل من أهل نصيبين يا أبا عبد الله عندنا قوم يقال لهم الصوفية يأكلون كثيراً ثم يأخذون في القصائد ثم يقومون فيرقصون.
فقال مالك: أصبيان هم? قال لا.
قال أمجانين? قال لا، قوم مشائخ وغير ذلك عقلاًء.
قال مالك ما سمعت أن أحداً من أهل الإسلام يفعل هذا.
قال الرجل يل يأكلون ثم يقومون فيرقصون نوائب ويلطم بعضهم رأسه وبعضهم وجهه فضحك مالك ثم قام فدخل منزله.
فقال أصحاب مالك للرجل لقد كنت يا هذا مشؤوماً على صاحبنا، لقد جالسناه نيفاً وثلاثين سنة فما رأيناه ضحك إلا في هذا اليوم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى نقلا عن عدة مواضع:
ويبين ذلك أن أفضل الذكر : لا إله إلا اللّه، كما رواه الترمذي وابن أبي الدنيا، وغيرهما مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أفضل الذكر : لا إله إلا اللّه، وأفضل الدعاء : الحمد للّه ) ، وفي الموطأ ـ وغيره ـ عن طلحة بن عبد اللّه بن كثير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير ) .(/2)
ومن زعم أن هذا ذكر العامة، وأن ذكر الخاصة هو الاسم المفرد، وذكر خاصة الخاصة، هو الاسم المضمر، فهم ضالون غالطون . واحتجاج بعضهم على ذلك، بقوله : { قُلْ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ } [ الأنعام : 91 ] ، من أبين غلط هؤلاء، فإن الاسم هو مذكور في الأمر بجواب الاستفهام . وهو قوله : { قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلْ اللَّهُ } [ الأنعام : 91 ] أي : اللّه الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى،فالاسم مبتدأ، وخبره قد دل عليه الاستفهام، كما في نظائر ذلك تقول : من جاره، فيقول زيد .
وأما الاسم المفرد، مظهرًا، أو مضمرًا، فليس بكلام تام، ولا جملة مفيدة، ولا يتعلق به إيمان، ولا كفر، ولا أمر، ولا نهي، ولم يذكر ذلك أحد من سلف الأمة، ولا شرع ذلك رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ولا يعطي القلب بنفسه معرفة مفيدة، ولا حالًا نافعًا، وإنما يعطيه تصورًا مطلقًا، لا يحكم عليه بنفي ولا إثبات، فإن لم يقترن به من معرفة القلب وحاله ما يفيد بنفسه وإلا لم يكن فيه فائدة . والشريعة إنما تشرع من الأذكار ما يفيد بنفسه، لا ما تكون الفائدة حاصلة بغيره .
وقد وقع بعض من واظب على هذا الذكر في فنون من الإلحاد، وأنواع من الاتحاد، كما قد بسط في غير هذا الموضع .(/3)
والذكر بالاسم المضمر المفرد أبعد عن السنة،وأدخل في البدعة وأقرب إلى إضلال الشيطان،فإن من قال : يا هو يا هو، أو : هو هو . ونحو ذلك لم يكن الضمير عائدًا إلا إِلى ما يصوره قلبه، والقلب قد يهتدي وقد يضل،وقد صنف صاحب [ الفصوص ] كتابًا سماه كتاب [ الهو ] وزعم بعضهم أن قوله : { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ } [ آل عمران : 7 ] ، معناه : وما يعلم تأويل هذا الاسم الذي هو [ الهو ] ، وقيل : هذا وإن كان مما اتفق المسلمون بل العقلاء على أنه من أبين الباطل،فقد يظن ذلك من يظنه من هؤلاء، حتى قلت مرة لبعض من قال شيئًا من ذلك لو كان هذا كما قلته لكتبت : [ وما يعلم تأويل هو ] منفصلة .
ومما يبين ما تقدم : ما ذكره سيبويه وغيره من أئمة النحو أن العرب يحكون بالقول ما كان كلامًا، لا يحكون به ما كان قولًا، فالقول لا يحكى به إلا كلام تام، أو جملة اسمية أو فعلية؛ ولهذا يكسرون أن إذا جاءت بعد القول، فالقول لا يحكى به اسم، واللّه ـ تعالى ـ لا يأمر أحدًا بذكر اسم مفرد، ولا شرع للمسلمين اسمًا مفردًا مجردًا، والاسم المجرد لا يفيد الإيمان باتفاق أهل الإسلام، ولا يؤمر به في شيء من العبادات، ولا في شيء من المخاطبات .
وقال في موضع آخر:
صار أصحاب الخلوات فيهم من يتمسك بجنس العبادات الشرعية، الصلاة والصيام، والقراءة والذكر . وأكثرهم يخرجون إلى أجناس غير مشروعة، فمن ذلك طريقة أبي حامد ومن تبعه، وهؤلاء يأمرون صاحب الخلوة ألا يزيد على الفرض، لا قراءة ولا نظرًا في حديث نبوي، ولا غير ذلك، بل قد يأمرونه بالذكر، ثم قد يقولون ما يقوله أبو حامد : ذكر العامة : لا إله إلا الله، وذكر الخاصة : الله، الله، وذكر خاصة الخاصة : هو، هو .
والذكر بالاسم المفرد مظهرًا، ومضمرًا بدعة في الشرع، وخطأ في القول واللغة، فإن الاسم المجرد ليس هو كلامًا لا إيمانًا ولا كفرًا .(/4)
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أفضل الكلام بعد القرآن أربع وهن من القرآن : سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ) . وفي حديث آخر : ( أفضل الذكر لا إله إلا الله ) ، وقال : ( أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير ) . والأحاديث في فضل هذه الكلمات كثيرة صحيحة .
وأما ذكر الاسم المفرد، فبدعة لم يشرع، وليس هو بكلام يعقل ولا فيه إيمان؛ ولهذا صار بعض من يأمر به من المتأخرين يبين أنه ليس قصدنا ذكر الله ـ تعالى ـ ولكن جمع القلب على شيء معين حتي تستعد النفس لما يرد عليها، فكان يأمر مريده بأن يقول هذا الاسم مرات، فإذا اجتمع قلبه ألقى عليه حالًا شيطانيًا، فيلبسه الشيطان، ويخيل إليه أنه قد صار في الملأ الأعلى، وأنه أعطى ما لم يعطه محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، ولا موسى ـ عليه السلام ـ يوم الطور، وهذا وأشباهه وقع لبعض من كان في زماننا .
وأما أبو حامد، وأمثاله ممن أمروا بهذه الطريقة، فلم يكونوا يظنون أنها تفضي إلى الكفر لكن ينبغي أن يعرف أن البدع بريد الكفر، ولكن أمروا المريد أن يفرغ قلبه من كل شيء، حتى قد يأمروه أن يقعد في مكان مظلم ويغطي رأسه ويقول : الله، الله . وهم يعتقدون أنه إذا فرغ قلبه استعد بذلك فينزل على قلبه من المعرفة ما هو المطلوب، بل قد يقولون : إنه يحصل له من جنس ما يحصل للأنبياء .(/5)
ومنهم من يزعم أنه حصل له أكثر مما حصل للأنبياء، وأبو حامد يكثر من مدح هذه الطريقة في [ الإحياء ] وغيره، كما أنه يبالغ في مدح الزهد، وهذا من بقايا الفلسفة عليه . فإن المتفلسفة، كابن سينا، وأمثاله يزعمون أن كل ما يحصل في القلوب من العلم للأنبياء وغيرهم فإنما هو من العقل الفعال؛ ولهذا يقولون : النبوة مكتسبة، فإذا تفرغ صفى قلبه ـ عندهم ـ وفاض على قلبه من جنس ما فاض على الأنبياء . وعندهم أن موسى بن عمران صلى الله عليه وسلم كلم من سماء عقله، لم يسمع الكلام من خارج؛ فلهذا يقولون : إنه يحصل لهم مثل ما حصل لموسى، وأعظم مما حصل لموسى .
ولكن التفريغ والتخلية التي جاء بها الرسول أن يفرغ قلبه مما لا يحبه الله، ويملؤه بما يحبه الله، فيفرغه من عبادة غير الله ويملؤه بعبادة الله، وكذلك يفرغه عن محبة غير الله ويملؤه بمحبة الله، وكذلك يخرج عنه خوف غير الله، ويدخل فيه خوف الله ـ تعالى ـ وينفي عنه التوكل على غير الله، ويثبت فيه التوكل على الله . وهذا هو الإسلام المتضمن للإيمان الذي يمده القرآن ويقويه، لا ينقاضه وينافيه، كما قال جندب وابن عمر : تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيمانًا .(/6)
وأما الاقتصار على الذكر المجرد الشرعي، مثل قول : لا إله إلا الله، فهذا قد ينتفع به الإنسان أحيانًا، لكن ليس هذا الذكر وحده هو الطريق إلى الله ـ تعالى ـ دون ما دعاه، بل أفضل العبادات البدنية الصلاة، ثم القراءة، ثم الذكر، ثم الدعاء، والمفضول في وقته الذي شرع فيه أفضل من الفاضل، كالتسبيح في الركوع، والسجود، فإنه أفضل من القراءة، وكذلك الدعاء في آخر الصلاة أفضل من القراءة، ثم قد يفتح على الإنسان في العمل المفضول، ما لا يفتح عليه في العمل الفاضل . وقد ييسر عليه هذا دون هذا، فيكون هذا أفضل في حقه لعجزه عن الأفضل، كالجائع إذا وجد الخبز المفضول متيسرًا عليه، والفاضل متعسرًا عليه فإنه ينتفع بهذا الخبز المفضول، وشبعه واغتذاؤه به حينئذ أولى به .
وقال في موضع آخر:
وإنما الغرض هنا أن الشرع لم يستحب من الذكر إلا ما كان كلامًا تامًا مفيدًا مثل : [ لا إله إلا اللّه ] ، ومثل : [ اللّه أكبر ] ، ومثل [ سبحان اللّه والحمد للّه ] ، ومثل [ لا حول ولا قوة إلا باللّه ] ، ومثل { تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ } [ الرحمن : 78 ] ، { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } [ الملك : 1 ] ، { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } [ الحديد : 1 ] { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ } [ الفرقان : 1 ] .
فأما ( الاسم المفرد ) مظهرًا مثل : [ اللّه، اللّه ] أو [ مضمرًا ] مثل : [ هو، هو ] . فهذا ليس بمشروع في كتاب ولا سنة، ولا هو مأثور أيضًا عن أحد من سلف الأمة، ولا عن أعيان الأمة المقتدى بهم، وإنما لهج به قوم من ضلال المتأخرين .(/7)
وربما غلا بعضهم في ذلك حتى يجعلوا ذكر الاسم المفرد للخاصة، وذكر الكلمة التامة للعامة، وربما قال بعضهم : [ لا إله إلا اللّه ] للمؤمنين، و [ اللّه ] للعارفين، و [ هو ] للمحققين، وربما اقتصر أحدهم في خلوته أو في جماعته على [ اللّه، اللّه، اللّه ] . أو على [ هو ] أو [ يا هو ] أو [ لا هو إلا هو ] .
وربما ذكر بعض المصنفين في الطريق تعظيم ذلك . واستدل عليه تارة بوجد، وتارة برأي، وتارة بنقل مكذوب، كما يروي بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لقن عليّا بن أبي طالب أن يقول : [ اللّه، اللّه، اللّه ] . فقالها النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا . ثم أمر عليًا فقالها ثلاثا . وهذا حديث موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث .
وإنما كان تلقين النبي صلى الله عليه وسلم للذكر المأثور عنه، ورأس الذكر : ( لا إله إلا اللّه ) ، وهي الكلمة التي عرضها على عمه أبي طالب حين الموت . وقال : ( ياعم، قل : لا إله إلا اللّه، كلمة أحاج لك بها عند اللّه ) ، وقال : ( إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند الموت إلا وجد روحه لها روحًا ) ، وقال : ( من كان آخر كلامه لا إله إلا اللّه دخل الجنة ) ، وقال : ( من مات وهو يعلم أن لا إله إلا اللّه دخل الجنة ) ، وقال : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللّه، وأن محمدًا رسول اللهّ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على اللّه ) والأحاديث كثيرة في هذا المعنى .
وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه طريق الهجرتين في معرض ذمه لأهل الحلول والإتحاد:(/8)
قال رحمه الله :حتى رتب على ذلك بعضهم أن الذكر بالاسم المفرد وهو ((الله، الله)) أفضل من الذكر بالجملة المركبة كقوله: ((سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر))، وهذا فاسد مبنى على فاسد. فإن الذكر بالاسم المفرد غير مشروع أصلاً، ولا مفيد شيئاً، ولا هو كلام أصلاً، ولا يدل على مدح ولا تعظيم، ولا يتعلق به إيمان، ولا ثواب ولا يدخل به الذاكر فى عقد الإسلام جملة.
فلو قال الكافر: ((الله، الله)) من أول عمره إلى آخره لم يصر بذلك مسلماً فضلاً عن أن يكون من جملة الذكر [أو يكون أفضل الأذكار وبالغ بعضهم فى ذلك حتى قال الذكر] بالاسم المضمر أفضل من الذكر [بالاسم الظاهر، يذكر بقوله [هو، هو أفضل من الذكر] بقولهم: ((الله، الله))، وكل هذا من أنواع الهوس والخيالات الباطلة المفضية بأهلها إلى أنواع من الضلالات، فهذا فساد هذا البناءِ الهائر، وأما فساد المبنى عليه فإنهم ظنوا أن قوله تعالى: {قُلِ اللهُ}* [الأنعام: 19]، أى قل هذا الاسم، فقل: الله الله، وهذا من عدم فهم القوم لكتاب الله، فإن اسم الله هنا جواب لقوله: {قُلِ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِى جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَه قَرَاطِيس تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً}* [الأنعام: 91]، إلى أن قال: {قُلِ اللهُ} ، أى قل: الله أنزله: فإن السؤال معاد فى الجواب فيتضمنه فيحذف اختصاراً كما يقول: من خلق السموات والأرض؟ فيقال: الله. أى الله خلقهما، فيحذف الفعل لدلالة السؤال عليه، فهذا معنى الآية الذى لا تحتمل غيره.(/9)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله ، في فتح الباري /2ـ941/: قال القرطبي :وأما ما ابتدعته الصوفية في ذلك فمن قبيل مالا نختلف في تحريمه لقد ظهرت في كثير منهم فعلات المجانين والصبيان حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة وانتهى التواقح بقوم منهم إلى أن جعلوها من باب القرب وصالح الأعمال وأن ذلك يثمر سنيَّ الأحوال . قال الحافظ ابن حجر: وينبغي أن يعكس مرادهم ويقرأ: سيء الأحوال. اهـ
قال الصنعاني: في رسالة تطهير الإعتقاد:
فإن قلت قد يتفق للأحياء أو للأموات اتصال جماعة بهم يفعلون خوارق من الأفعال يتسمون بالمجاذيب فما حكم مايأتون به من تلك الأمور فإنها مما جبلت القلوب إلى الإعتقاد بها ؟
قلت : أما المتسمون بالمجاذيب الذين يلوكون لفظ الجلالة بأفواههم ويقولونها بألسنتهم ويخرجونها عن لفظها العربي فهم من أجناد إبليس اللعين ومن أعظم حُمر الكون الذين ألبستهم الشياطين حلل التلبيس والتزيين , فإن إطلاق الجلالة منفرداً عن إخبار بقولهم (( الله الله)) ليس بكلام ولا توحيد , وإنما هو تلاعب بهذا اللفظ الشريف بإخراجه عن لفظه العربي , ثم إخلاؤه عن معنى من المعاني , ولو أن رجلاً عظيماً صالحاً يسمى زيد وصار جماعة يقولون : زيد زيد , لعد ذلك استهزاء وإهانة وسخرية , ولا سيما إذا زادوا إلى ذلك تحريف اللفظ .
ثم انظر هل أتى في لفظة من الكتاب والسنة ذكر الجلالة بانفرادها وتكريرها ؟ أو الذي في الكتاب والسنة هو طلب الذكر والتوحيد والتسبيح وهذه أذكار رسول الله وأدعيته وأدعية آله وأصحابه خالية من هذا الشهيق والنهيق والنعيق , الذي اعتاده من هو عن الله وعن هدي رسوله وسمته ودله في مكان سحيق .
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل(/10)
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/11)
بسم الله الرحمن الرحيم
كرامات الصوفية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه سلسلة كرامات! مزعومة لبعض الصوفية ، وقد سطرها أئمة الخرافة في كتبهم ، كتبتها للأسباب التالية:
1. لنرى الغيرة على الإسلام عند بعض من شارك في الرد عندما ذكرنا عقائد بعض المحرفة.
2. ليعلم الناس حقيقة التصوف ، وأنه عبارة عن عقائد موروثة عن البوذية والهندوسية .
3. ليضحك من تنغصت عليه معيشته .
4. وليعلم الناس فضل الله عليهم أن نجاهم من هذا المستنقع الآسن.
الكرامة الأولى:
قال النبهاني:
شيخنا الشيخ علي العمري ، الشاذلي الطرابلسي ، أشهر أولياء هذا العصر ، وأكثرهم كرامات وخوارق عادات ….ومن كراماته رضي الله عنه!!!! ما أخبرني به الحاج!إبراهيم المذكور – أي : الحداد وهو من اللاذقية – قال :
دخلت في هذا النهار إلى الحمام مع شيخنا الشيخ علي العمري ، ومعنا خادمه محمد الدبوسي الطرابلسي ، وهو أخو إحدى زوجات الشيخ ، ولم يكن في الحمام غيرنا!! قال : فرأيت من الشيخ كرامة من أعجب خوارق – قال إحسان : بالراء لا بالزاي – العادات وأغربها ، وهي أنه أظهر الغضب على خادمه محمد هذا وأراد أن يؤدبه ، فأخذ الشيخ إحليل نفسه – أي: ذَكَرَه – بيديه الاثنتين !! من تحت إزاره فطال طولا عجيبا!!! بحيث إنه رفعه على كتفه!!! وهو زائد عنه!! وصار يجلد به خادمه المذكور ، والخادم يصرخ من شدة الألم ، فعل ذلك مرات ثم تركه ، وعاد إحليله إلى ما كان عليه أولا!!! ففهمت أن الخادم قد عمل عملا يستحق التأديب – قال إحسان: لأن الشيخ معصوم فلا يخطئ!! – فأدبه بهذه الصورة العجيبة .(/1)
ولما حكى لي ذلك الحاج إبراهيم ، حكاه بحضور الشيخ ! وكان الشيخ واقفا ، فقال لي الشيخ : لا تصدقه وانظر!!! – قال إحسان : ورع ووقاحة وقلة دين؟؟!! – ثم أخذ بيدي بالجبر عني !! ووضعها على موضع إحليله!!!!!! ، فلم أحس بشيئ مطلقاً ، حتى كأنه ليس برجل بالكلية ، فرحمه الله ورضي عنه ما أكثر عجائبه وكرماته!!!! أ.هـ " جامع كرامات الأولياء" يوسف بن إسماعيل النبهاني (2/ 396) ط البابي الحلبي.
تعليق:
أ. الخلوة في الحمام جائزة عند هؤلاء.
ب. الفرج ليس من العورة المغلظة!!
ت. جواز مس الذكر باليمين.
ث. جواز الضرب فرق عشرة أسواط !! في التعزير!!
ج. عصمة الشيخ.
ح. جواز الكذب لمصلحة الدعوة!! " لا تصدقه ".
خ. جواز إكراه المريد على وضع اليد على فرج الشيخ!!
وغيرها من الفوائد !! في هذه القصة العظيمة!!
= وأرجو أن لا يخرج المدافعون عن ذكر الشيخ قياسا على نعل النبي صلى الله عليه وسلم.
= وأرجو أن لا يقول ... و ... ومن معهما عن ذكر الشيخ " فداه أبي وأمي "
الكرامة!! الثانية :
قال الإمام المخرف!!عبد الوهاب الشعراني:
إنَّ سبَبَ حضوري مولد "أحمد البدوي" كلَّ سَنَةٍ أنَّ شيخي العارف بالله تعالى "محمد الشناوي" رضي الله عنه! أحدَ أعيان بيته رحمه الله، قد كان أخذ عليَّ العهد في القبة تجاه وجه سيدي أحمد رضي الله عنه، وسلَّمني بيده، فخرجت اليد الشريفة من الضريح! وقبضت على يدي. وقال: يا سيدي يكون خاطرك عليه، واجعله تحت نظرك! فسمعتُ "سيدي أحمد" من القبر يقول: نعم!!!!
ولما دخلتُ بزوجتي فاطمة أم عبد الرحمن وهي بكرٌ، مكثتُ خمسةَ شهورٍ لم أقرب منها فجاءني وأخذني وهي معي، وفرش لي فراشاً فوق ركن القبة التي على يسار الداخل، وطبخ لي الحلوى، ودعا الأحياء والأموات إليه! وقال: أزِل بكارتها هنا! فكان الأمر تلك الليلة! . أ.هـ "الطبقات الكبرى" (1/161).
تنبيه
بين البدوي – الجاسوي العبيدي – وبين الشعراني المخرف نحو أربعة قرون!!
التعليق:(/2)
أ. الجماع في حضرة الناس من المباحات في دين المتصوفة.
ب. الأموات – عندنا – أحياء عندهم يرعون أحوال الناس والأمة.
ت. ولا ندري هل حصلت الولادة عند المقام ، أم فقط الدخول؟؟؟
ث.لا داعي "للفياجرا"!! فمقامات الأولياء!! تغني عنها!!
كتبه
إحسان بن محمد بن عايش العتيبي
أبو طارق(/3)
كلام الأئمة الأحناف في تبيان معنى الشرك
أبو عمر الدوسري (المنهج)
في حوار مع بعض الصوفية في أحد الملتقيات .. أنكر أحدهم الشرك .. ووقوعه على أهل الإسلام .. وكان فهمه للشرك أي الكفر بوجود الخالق كمثال .. أو أن يعتنق غير ديانة الإسلام .. أما شركياته فليست بشرك .. وتحدى أن يقول به أحد من الأئمة .. وكان المحاور حنفي .. وقد بينت ما يزهق كلامه ويرديه .. بالحجة والإثبات .. وأخذت معه لطيف القول والعظة .. ولكنها البدعة .. أحب إلى إبليس من المعصية .. لأن صاحبها لا يتوب منها لاعتبارها حسنة .. وهي والله أسوء سيئة ..
بسم الله الرحمن الرحيم الله جلت أسمائه،وتقدس في العلى ذاته،وأصلي على نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً:
أما بعد:
فهذا شيء من تبيان الأئمة الأحناف،في معنى الشرك وصوره،وفيه بيان جهلِ الجُهال المضلين،الذين لا يفقهون،وبغير علم يتكلمون،وهو الأمر الذي دونهُ وسطرهُ الشيخ محمد سلطان المعصومي الحنفي رحمه الله في كتابهِ [المشاهدات المعصومية عند قبر خير البرية] فقد قال:
"اعلم أن المسلمين منذ وُسّد أمرهم إلى غير أهله من أهل الجهل والهوى والأغراض الفاسدة،غيروا شرع الله،وخالفوا سنّة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الله عليه وسلم،وسنة الخلفاء الراشدين؛فاتباعاً للهوى،و هوساً وتخيلاً للسياسة النفسية،قد قلدوا النصارى في كل الشئون عقيدة وعملاً ..."إلى آخر كلامه رحمه الله..(/2)
وقد وقع الشرك ووسائله في كثير من الفرق والطوائف وكان بعضها تشبهاً كما قال الشيخ بالنصارى وغيرهم،فالرافضة وقعوا بالشرك من جرا عقائدهم الضالة المجوسية وما زيد عليهم تجميعاً ومشابهةً لليهود من مؤسسها عبدالله بن سبأ وكذلك غيرهم ممن يقلد النصارى في تشيّد القبور وتعظيمها ورفعها،والرسول عليه السلام أوصى علي بن أبي طالب بأن لا يرى قبراً مشرفاً إلا سواه بالأرض،فأنظر يا عبدالله مدخلاً للشرك ألا وهو الغلو ورفع القبور وإقامة المساجد عليها..
والآن نقف مع كلام الأئمة في الشرك وبيانه:
فقد قال الإمام أحمد الرومي الحنفي والشيخ سجان بخش الهندي الحنفي ستة أقسام للشرك منه "شرك التقريب وهو عبادة غير الله للتقرب إلى الله" كتاب مجالس الأسرار على خزينة الأسرار 150-152.
ودليل على ذلك قولهُ تعالى {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} .
وذكر ولي الله الدهلوي الحنفي عدة أقسام للشرك وهي:
"1- الشرك في السجود.
2- الشرك في الاستعانة.
3- الشرك في النذر
4- الشرك في التسمية.
5- الشرك في الطاعة في التحريم والتحليل.
6- الشرك في الذبح.
7- تسيب السوائب والبحائر.
8- الشرك في الحلف.
9- الشرك في الحج لغير الله" كتاب حجة الله البالغة 1/543.
وأما الأدلة على ما سبق:
1- الشرك في السجود:كما في قوله تعالى: {فاسجدوا لله واعبدوا}.
2- الشرك في الاستعانة:لقول الله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين} وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الله عليه وسلم: ((وإذا استعنت فاستعن بالله)) .
3- الشرك في النذر:والدليل قول الله تعالى: {يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً}.(/3)
4- الشرك في التسمية:ولا تأكلوا مما يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق} ،وقوله: {إنما حرم عليكم الميتة ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله}ويحتمل أن يراد به تسمية المولود لغير الله كما يقال عبدالحارث وعبدالعزى {فلما آتاهما صالحاً جعلا لهُ شركاء فيما آتاهما}.
5- الشرك في الطاعة في التحريم والتحليل: {واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا الله هو سبحانه عما يشركون} وكما في تفسيرها عند الترمذي وغيره في نقاش النبي عليه السلام مع عدي بن حاتم: ((ألم يحلو لكم الحرام ويحرموا عليكم الحلال فاتبعوهم؟ )) قال بلى. قال: ((فتلك عبادتهم إياهم)) ،وهو مثل الواقع لكثير من أهل الأهواء حينما يحلون لأنفسهم الحرام ويحرمون الحلال،كمن حرم زينة الله تحريماً لا زهداً،ومن حرم أكل نوع من الأكل،وهذا في الصوفية شيءٌ منه. وهو كلام ابن الجوز رحمه الله حين قال: "ومنهم أقوام عملوا سنناً لهم تلقوها من كلمات أكثرها لا يثبت.
ومنهم من أكب على سماع الغناء والرقص واللعب ثم انقسم هؤلاء،فمنهم من يدعي العشق فيه،ومنهم من يقول بالحلول ...إلى آخر كلامه رحمه الله"
6- الشرك في الذبح: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} وقوله عز من قائل عليماً: {فصل لربك وانحر}
7- تسيب السوائب والبحائر: لقوله تعالى: {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب}
8- الشرك في الحلف:هذا إذا كان معتقداً في المحلوف به شيئاً من الكمال والعظمة لا تنبغي إلا الله،وإلا فإن الحلف باللسان فقط شرك أصغر ولا يخرج من الملة.والدليل على أن هذا العمل شرك قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الله عليه وسلم ((من حلف بغير الله فقد كفر)) وفي رواية ((من حلف بغير الله فقد أشرك)).(/4)
وجاء عن الإمام أبو حنيفة النهي عن الحلف بغير الله فقد قال أبو حنيفة النعمان رحمه الله: "لا يحلف إلا بالله متجرداً بالتوحيد والإخلاص" بدائع الصنائع3/8.
وقال ابن نجم الحنفي عمن حلف بغير الله: "ويخاف الكفر على من قال بحياتي وحياتك" البحر الرائق5/124.
9- الشرك في الحج لغير الله: لقوله تعالى: {ولله حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} وأنظر واقع أهل الأهواء والفرق الضالة والنحل التائهة عن التوحيد كالرافضة ومشاهد وقبور أئمتهم،والصوفية وقبور أوليائهم يزعمون،وغيرهم من أمم الضلال والهلكة ومن وقع بالشرك منهم لا يعد،فإن تعظيم القبور وسيلة من وسائل الشرك فإن اعتقد ودعاء فقد أشرك.
وذكر الشاه محمد بن إسماعيل الحنفي عدة أقسام للشرك وهي:
1- الشرك بدعاء الأولياء والاستغاثة بهم.
2- الشرك بالنذر والذبح للأولياء.
3- الشرك بالاستعانة بالأولياء.
4- الشرك في التسمية بأن ينسيب الأولاد إلى الأولياء بمعنى أنهم من عطاء غير الله وهبة غير الله كنحو عبدالنبي،وهبة علي،هبة حسين،هبة المرشد،هبة المدار،هبة سالار وذلك طمعاً في رد البلاء عنهم.
5- الحلف بغير الله.
6- إرسال الظفيرة لغير الله باسم ولي من أولياء الله.
7- إلباس الولد لباساً خاصاً باسم الولي.
8- صفد الابن بقيد في رجله باسم ولي من أولياء الله.
9- السجود لغير الله.
10- اعتقاد علم الغيب لغير الله.
11- إثبات قدرة التصرف لغير الله.
ثم قال بعد ذلك: "كل ذلك يثبت به الشرك ويصبح الإنسان به مشركاً" أنظر رسالته تقوية الإيمان19/21(أردوا) ورسالة التوحيد للندوي 25/33.
والكلام في هذا يطول..
وكلام العلماء الأحناف كثير..وأردت فقط التمثيل لا الحصر..
وإليك بعض من مقالات الأئمة في التحذير وتبيان الشرك:
فأكتفي ببعض الأمثلة:(/5)
فقد جاء عن الإمام الشافعي وأتباعهُ النهي عن ما هو من وسائل الشرك كتجصيص القوبر وتعليتها،والبناء عليها،والكتابة عليها وإسراجها،واتخاذها مساجد،والصلاة إليها،واستقبلها للدعاء والطواف بها،والقعود عليها،وتقبيلها ومسحها باليد،وأن يضرب عليها مظلة،أو أن والله وحياتك أو يقول ما شاء الله وشئت. وإذا أردت مزيد بسط في كلام الشافعية فعد إلى كتاب الأم للشافعي وتنبيه الغافلين للدمشقي،والمجموع،والمهذب،والسراج الوهاج.
ومن نماذج الشرك التي حذر منها علماء الشافعية:
جاء عن الإمام الشافعي رحمه الله وبعض اتباعه النهي عن الشرك الأكبر والأصغر:كالدعاء والاستغاثة بغير الله،والسجود لغير الله،والنذر لغير الله،والذبح لغير الله،أو اعتقاد أن أحداً يعلم الغيب،والحلفبغير الله،وقول ما شاء الله وشئت،واعتقاد أن السحر لهُ تأثير بذاته.
وإذا أردت معرفة موقف علماء الشافعية فانظر الإعلام بقواطع الإسلام 98 كمثال.
ولا أريد أن أطيل أكثر من هذا ولكن أُرشدك إلى رسالة للشيخ المالكي مبارك الميلي رحمه الله في "رسالة الشرك ومظاهره" وكتاب "الحوادث والبدع للطرطوشي المالكي،وكتاب "مرآة الضلالات" للشيخ الزبيدي التونسي المالكي.وكتاب "التوحيد" و"مسائل الجاهلية" و"كشف الشبهات" للشيخ محمد بن عبدالوهاب الحنبلي،و"فتح المجيد"لعبدالرحمن بن حسن الحنبلي،و "كتاب التوحيد" لصالح الفوزان الحنبلي،و"المشاهدات المعصومية عند قبر خير البرية" لمحمد المعصومي الحنفي،وغيرها من الكتب الأمهات التي تجدها في كتب المذهب ..(/6)
وهذا يدل على أن من قال أن الشرك لا يعرض للأمة ولا تلحق قبائل بالمشركين،وأن الرسول لم يخشى على الأمة من الشرك،بأنه ضال مضل أفاكٌ أثيم،وهو ليس من أهل السنة بلا شك ولا من اتباع المذاهب الأربعة بل هو مبتدع من فرق الضلال،إن لم تخرج خطاه في ظلمات الشرك،والواجب التوبة والأوبة من هذا،ومحو الحوبة،والله يجزي بالسيئة بعد التوبة الحسنة،ويضاعف الحسنات لمن يشاء،وباب التوبة مفتوح.
وإن كان [جاهلاً] فعليه بالتوبة،ومسك لسانه،وهل يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم،وكم كلمةٍ قالت لصاحبها دعني،وكم كلمة خرجت من فيّ إنان لم يلقي لها بالاً هو بها في نار جهنم!!
فالحذر الحذر من التقدم بين يدي الله ورسوله،والأعلام والأئمة معروفون..إنهم العلماء الربانيين لا أحاب الخرفات،ومن بدأنا بهم في تحذير المعصومي الحنفي منهم.
والله الهادي،ولن تهدي من أحبت ولكن الله يهدي من يشاء..اسألهُ أن يكون في هذا بياناً وشفاءً للسقام!!
كتبه:
أبو عمر الدوسري(المنهج) - شبكة الدفاع عن السنة
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/7)
بسم الله الرحمن الرحيم
الصوفي الذي يعبد الكلب !
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
لعل أكثركم يتعجب من هذا العنوان
نعم والله إنها بلية
بلية الذين يعتقدون أن الله في كل مكان وان وجوده هو عين وجود
خلقه وهذا حال الكثيرين من ضلال
الصوفية متبعين في ذلك
أئمة الضلال والزندقة كابن عربي وابن الفارض والجيلي والحلاج
سؤال: أتظنون أن هذا الأمر كان قديما وانتهى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اقرأ هذه الواقعة لتعلم الجواب
حدثني رجل ثقة صادق
قال: كان لي صديق صوفي يلح في دعوتي إلى الصوفية بكل
الوسائل وأتناقش معه ونختلف مع وجود
العلاقة الحميمة
وذات يوم ونحن ذاهبون إلى صلاة العصر مررنا في الطريق
على كلب فقال وتعالى الله عما قال ، والحمد
لله أن ناقل الكفر ليس بكافر
قال: الله في هذا الكلب
ثم أخذ يقول انظر إلى كذا ويشير إلي الكلب
حتى قال: انظر إلي ذيله إنه هاء لفظ الجلالة ...
لا حول ولا قوة إلا بالله واللهم عفوك ومغفرتك
والذي لم يقرأ عن الصوفية المنحرفة ربما يستبعد هذا الكفر
فإليك أصل المسألة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" مر التلمساني على كلب أجرب ميت في الطريق فقال له رفيق له
وكان التلمساني يحدثه عن وحدة الوجود: أهذا أيضا هو ذات الله ؟ مشيرا إلى جثة الكلب .
فقال التلمساني: نعم الجميع ذاته فما من شيء خارج عنها
انظر: مجموعة الرسائل الكبرى.
ولهذا قال الإمام احمد للجهمية وهو يناظرهم في علو الله على
عرشة : إن القول بأنه في كل مكان كفر
لأنه إما دخل في كل مكان
أو ادخل المكان في نفسه
وهذا كله كفر إذ معناه انه دخل في نفوس الإنس والجن
والحيوانات أو ادخلها في نفسه
تعالى الله عن ذلك وانما كان الله ولا مكان فلما خلق المكان علا عليه سبحانه
للكلب قصة مع الصوفية فاقرأ
أولا: قال إمامهم الشعراني في الطبقات 2/ 66 طبعة دار العلم للجميع
في ترجمة يوسف العجمي الكوراني
قال: " وكان رضي الله عنه اذا خرج من الخلوة يخرج وعيناه كأنهما(/1)
قطعة جمر تتوقد فكل من وقع نظره عليه انقلبت عينه ذهبا خالصا
(خطر على البشرية)
ولقد وقع بصره يوما على كلب فانقادت إليه جميع الكلاب إن
وقف وقفوا وان مشى مشوا.
إلى أن قال: ووقع له مرة أخري انه خرج من خلوة الأربعين فوقع
بصره على كلب فانقادت إليه جميع الكلاب وصار الناس يهرعون إليه ( إلى الكلب) في قضاء حوائجهم فلما مرض ذلك الكلب اجتمع حوله
الكلاب يبكون ويظهرون الحزن عليه فلما مات اظهروا البكاء
والعويل ، وألهم الله تعالى بعض الناس فدفنوه فكانت الكلاب تزور قبره حتى ماتوا ".
قال الشعراني: فهذه نظرة إلى كلب فعلت ما فعلت فكيف لو وقعت على إنسان؟!!!
ثانيا: قال الشعراني في ترجمة شمس الدين محمد الحنفي 2/88
قال: " ومنهم سيدنا ومولانا شمس الدين الحنفي رضي الله تعالى عنه ورحمه
إلى أن قال: " ولما دنت وفاته بأيام كان لا يغفل عن البكاء ليلا ولا
نهارا وغلب عليه الذلة والمسكنة
والخضوع حتى سأل الله تعالى قبل موته أن يبتليه بالقمل والنوم مع الكلاب
والموت على قارعة الطريق وحصل له ذلك قبل موته فتزايد عليه
القمل حتى صار يمشي على فراشه
ودخل له كلب فنام معه على الفراش ليلتين وشيئا ومات على طرف حوشه
والناس يمرون عليه في الشوارع".
واقرأ ترجمته كاملة لتعلم أنها عقوبة من الله
فقد كان بقول في مرض موته: من كانت له حاجة فليأت إلى قبري
ويطلب حاجته أقضها له فإن ما بيني وبينكم غير ذراع من تراب.
" وقال له سيدي علي بن وفا : ما تقول في رجل رحى الوجود بيده
يدورها كيف شاء ؟
فقال له سيدي محمد رضي الله عنه: فما تقول فيمن يضع يده عليها
فيمنعها أن تدور؟؟؟ ".
فأماته الله هذه الميته وسيأتيك شيء من جرأته على الله فانتظر .
ولا زالت الكلاب في المسرح
ثالثا: قال الشعراني الصوفي في ترجمة أبو الخير الكليباتي في
الطبقات 2/143
قال: "كان رضي الله عنه من الأولياء المعتقدين وله المكاشفات
العظيمة مع أهل مصر واهل عصره(/2)
وكانت الكلاب التي تسير معه من الجن وكانوا يقضون حوائج
الناس ويأمر صاحب الحاجة أن يشتري للكلب منهم إذا ذهب معه
لقضاء حاجته رطل لحم
وكان اغلب أوقاته واضعا وجهه في حلق الخلاء في ميضأة جامع
الحاكم ويدخل الجامع بالكلاب فأنكر عليه بعض القضاة فقال
هؤلاء لا يحكمون باطلا ولا يشهدون زورا ".
فانظروا رحمكم الله هذا أحد أوليائهم ، والملائكة لا تدخل بيتا فيه
كلب ولا صورة
رابعا: قال الشعراني 2/144
" ومنهم سيدي سعود المجذوب رضي الله عنه
كان رضي الله عنه من أهل الكشف التام وكان له كلب قدر الحمار
لم يزل واضعا بوزه (فمه)على كتفه ".
وسترى فضائحم في ما يتعلق بالكشف
وهذا التعلق بالكلاب وملازمتها لما عليه القوم من الأحوال
الشيطانية ، ومن الكلاب شياطين كما اخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم
والمهم أن الشعراني من أئمة الصوفية حتى لا يقال إننا نفتري عليهم
والحمد لله أن هتك الباطل نفسه
خامسا: في ترجمة سيدهم بركات الخياط 2/144
قال الشعراني: " وكان دكانه منتنا قذرا لان كل كلب وجده ميتا أو
قطا أو خروفا يأتي به فيضعه داخل الدكان وكان لا يستطيع أحد
أن يجلس عنده " .
بلا تعليق !
وليس الأمر خاصا بالبهائم فسترى العجب تحت مسمى الكرامات
اولا: سيدهم علي وحيش
قال عنه الشعراني 2/149
قال: "كان رضي الله عنه من أعيان المجاذيب أرباب الأحوال ...وله كرامات وخوارق واجتمعت به يوما" إلى أن قال :
" وكان إذا رأى شيخ بلد أو غيره ينزله من على الحمارة ويقول له امسك رأسها لي حتى افعل فيها فإن أبى شيخ البلد تسمر في الأرض لا يستطيع يمشي خطوة وإن سمح حصل له خجل عظيم والناس يمرون عليه ".
فانظر هذه الجريمة النكراء مع إلحاق الأذى بصاحب الحمارة والعجيب انه يختار حمارة شيخ البلد ربما لأنها عادة سمينة!!!!
فيا ضلال المتصوفة أليس هؤلاء شيوخكم ؟
أليست هذه كتبكم؟!!
اسأل شيخك أولا عن الكتاب ومؤلفه فإذا بدأ في الثناء فاقرأ عليه(/3)
وإياك أن تخبره بهذا الكلام أولا لأنه سيجحد الكتاب جملة وتفصيلا
ثانيا: تهتك وعري وخسة
الشيخ الصالح عبد القادر السبكي أحد رجال الله تعالى كان من أصحاب التصريف بقرى مصر رضي الله عنه الطبقات 2/ 184
قال: " وكان كثير الكشف لا يحجبه الجدران والمسافات البعيدة من إطلاعه على ما يفعله الإنسان في قعر بيته....
وخطب مرة عروسا فرآها فأعجبته فتعرى لها بحضرة أبيها وقال انظري أنت الأخرى حتى لا تقولي بعد ذلك بدنه خشن أو فيه برص أو غير ذلك.
ثم مسك ذكره وقال : انظري هل يكفيك هذا وإلا فربما تقولي هذا ذكره كبير لا احتمله أو يكون صغير لا يكفيني فتقلقي مني وتطلبي زوجا اكبر آلة مني".
فيا ضلال الصوفية أما يستحي شيخكم الضال الشعراني من حكاية هذا الفجور
أم هذا جائز عندكم في علم الحقيقة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ثالثا: الشيخ علي أبو خودة 2/135
" وكان رضي الله عنه إذا رأى امرأة أو أمرد راوده عن نفسه وحسس على مقعدته سواء كان ابن أمير أو ابن وزير ولو كان بحضرة والده أو غيره ولا يلتفت إلى الناس ولا عليه من أحد ".
[ كتب هذا المقال بتاريخ 14/11/1998 ، ضمن سلسلة من المعارك مع ضلال المتصوفة].
كتبه ... الموحد(/4)
لماذا الصوفية صامتون علن الحملة الصليبية والمشروع الأمريكي ؟
(*) السؤال : فضيلة الشيخ لقد انتشرت لدينا بدع التصوف مثل الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعاءه ، والتعلق بالاموات ودعاءهم ، والتمسح بالأضرحة ، وإحياء بدع الموالد ، واجتماعات الرقص الصوفي ، ويلاحظ أنه كلما تكالبت أمم الكفر على الإسلام ، وحلت جيوشها أرض المسلمين ، زادت هذه البدع ، وظهرت كما لم تظهر من قبل ، ثم الصوفية لم تقف أي موقف ضد الحملات الكافرة على أمتنا ، بل قد تقف معها أو تأمر الناس بعدم الأعتراض عليها ، كما يفعل المرجئة فما رد فضيلتكم على هذا كله ؟
جواب الشيخ :
بتاريخ : 15-08-2004
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
فإن الصوفية كانت منها طائفة في العصور الأولى قد اعتنت بالزهد في الدنيا ، وإصلاح الباطن ، والإنقطاع للعبادة ، وتصحيح العمل ، مهتدين بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، كما حكى العلماء عن الجنيد ، وابن أدهم ، والتستري ، والعدوية ، وغيرهم من الزهاد الصالحين الصادقين المتمسكين بالكتاب والسنة ، وإن كان فيهم ما يلامون عليه ، فهو الانتساب إلى لقب بدعي ، غير أنه قد كان لهم في الإسلام من الذكر الحسن ، والمقامات الصالحة ، ما استحقوا به ثناء المؤمنين .
وكانت منها طوائف ابتدعت , منهم من قرب في بدعته ، ومنهم من بعد ، وأخرى تزندقت ، كالقائلين بوحدة الوجود ، مثل ابن عربي ، وابن الفارض ، وابن سبعين .(/2)
ثم غلب علي أهل التصوف بعد ذلك ، ومنذ قرون ، البدع والإنحرافات، حتى آل أمر عامتهم إلى ما نراه من الاقتصار على السماع البدعي ، وإحياء الموالد ، وقصائد العشق بالرسول صلى الله عليه وسلم ، والغلوّ فيه ، والتمسح بالقبور ، والتعلق بها ، بل ربما يقع أو كثيرا ما يقع منهم عبادتها من دون الله تعالى .
وقد قصرت همتهم هذه الأيام ، على التمسح بهذه البدع ، والخرافة ، يسعون في إحياءها في زمن تكالبت فيه أمم الكفر على أمتنا ، وحلّت جيوشهم أرض العراق وجزيرة العرب .
والعجب أنم ـ مع أن التصوف نشأ في الزهد في الدنيا ـ جمعوا مع هذه البدع والبطالة ، حب الدنيا ، والتنافس عليها ، والتهالك فيها ، حتى تقربوا إلى الطواغيت والظلمة ، وصاروا لهم اعونا وخدما ، ولهذا تجد بعضهم ، لا يبالي أن يعين الكافر المحتل لبلاد الإسلام ، بل يقاتل معه ، من أجل حطام الدنيا ، ولئلا يبعده الطاغوت الموالي للكفار عما أشركه فيه من ملذاتها ، إن هو أنكر عليه موالاة الكافر .
ولهذا تجد الكفار من اليهود والنصارى ، يقربون هؤلاء المتصوفة الضالة ، ويستعينون بهم ، ويرحبون بجعلهم بديلا عن إسلام العزة والجهاد ، إسلام أهل السنة والجماعة ، الذين لم يزل سيف الإسلام في أيديهم ينصرون به الملّة الحنيفية ، والسنة المحمدية .
والصوفية في هذا الإنحراف ، تفعل كما تفعل المرجئة العصريّة سواء ، فلا أحب إلى الكفار إذا حلوا ديار الإسلام من هاتين الطائفتين ، الصوفية والمرجئة العصريّة ، ولهذا نراهم اليوم قد رضيت عنهم دوائر الكفر ، ورضي عنهم أعوانهم من الطواغيت الموالية للكفار ، تمام الرضا ، وقربوهم منهم ، وأغدقوا عليهم العطايا ، والأموال ، والمناصب ، ونالوا عندهم الحظوة والجاه ، نسأل الله تعالى أن يثبنا على الحق ، وأن لا يولي أمرنا غيره سبحانه .(/3)
ومعلوم أن البدع يظهر قرنها ، ويشتد أوارها ، وينتشر سوادها ، كلما حلت جيوش الكفر بلاد الإسلام ، وظهرت أحكام الجاهلية ، وكذلك كانت في الاستعمار الماضي ، كما حكى "مصطفى كامل" في كتابه "المسألة الشرقية" ومن الأمور المشهورة عن احتلال فرنسة " للقيروان: أنَّ رجلاً فرنساويًّا دخل في الإسلام، وسمّى نفسه "سيد أحمد الهادي" واجتهد في تحصيل الشريعة حتى وصل إلى درجةٍ عاليةٍ، وعُيِّن إماماً لمسجد كبيرٍ في "القيروان" فلما اقترب الجنود الفرنساوية من المدينة: استعدَّ أهلها للدفاع عنها، وجاءوا يسألونه أنْ يستشير لهم ضريح شيخٍ في المسجد! يعتقدون فيه. فدخل "سيدأحمد" الضريح، ثم خرج مهوِّلاً لهم بما سينالهم من المصائب، وقال لهم بأنَّ الشيخ ينصحكم بالتسليم لأنَّ وقوع البلاد صار بحتاً، فاتبع القوم البسطاء قوله، ولم يدافعوا عن "القيروان" أقل دفاع بل دخلها الفرنساويون آمنين أ. ه.
وحين أغار الفرنجة على "المنصورة" قبل منتصف القرن السابع الهجري، اجتمع زعماء الصوفية، أتدري لماذا؟ لقراءة "رسالة القشيري" والمناقشة في كرامات الأولياء. من أجل ذلك يجب ألا نستغرب إذا رأينا المستعمرين يغدقون على الصوفية الجاه والمال، فربَّ مفوَّض سامٍ لم يكن يرضى أن يستقبل ذوي القيمة الحقيقية من وجوه البلاد، ثم تراه يسعى إلى زيارة "حلقة" من حلقات الذكر، ويقضي هنالك زيارة سياسية تستغرق الساعات، أليس التصوف الذي على هذا الشكل يقتل عناصر المقاومة في الأمم" أ. ه. نقلا عن كتاب عمر فروخ التصوف في الإسلام .(/4)
ومن الطرائف المشهورة ، أنه لمّا جاء الرئيس المصري السادات ، بعدما عقد صلح الذل والهوان مع الصهاينة ، كان في استقباله شيوخ الطرق الصوفية في مطار القاهرة ، والعجب أنه كان عدد ممثلي الطرق الصوفية اثنين وسبعون ، فما كان من الشيخ محمد جميل غازي رحمه الله إلا أن قال مستهزئا بصنيعهم : "صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال "وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة" فاثنتان وسبعون في "المطار" وواحدة في "القاهرة "!
ولهذا لا تجد لزعماء التصوف في هذه الأيام ، موقفا ضد الاحتلال الصهيوصليبي ، والمشروع الأمريكي الذي يحتضنه ، بل هم إما يرونه لا يستحق الاشتغال به ، أو يرونه قدرا ماضيا ليس لنا معارضته ، أو يرونه حقا مشروعا ، كما يقوله من يقوله من زنادقة التصوف أتباع ابن عربي ، أو يعينونه وكثير منهم من يعينه بالقول أو الفعل ، إما طمعا في إرضاء الطواغيت ، ابتغاء الحياة الدنيا ، أو تدينا إما ظنا أنه مباح ، أو بسبب ضلالة زندقة وحدة الوجود التي تسوي بين الأديان عافنا الله من الكفر .
وقد بينا في فتوى سابقة مفصلة حقيقة التصوف ، وما يحمله من بدع وخرافات ما أنزل الله بها من سلطان .
http://www.h-alali.net/show_fatwa.php?id=1469
*** أما ما يقع من كثير منهم ـ أو أكثرهم ـ من الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم ، في قصائدهم ، وتوجيه العبادة إليه ، فقد تقدمت فتوى هذا نصها :
الحمد لله الذي أرسل رسله بالتوحيد ، لئلا يعبد سواه ، فلا يدعى غيره ، ولا يتوكل إلا عليه ، ولا يستعان إلا به ، ولا يتوجه بشيء من العبادة إلا إليه ، أشهد أن لا إله إلا هو ، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله ، بعثه الله ليحقق بدعوته إخلاص التعبد لله ، وحده ، وليحفظ هذا التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ، من كل ما يشوبه ، وبعد :(/5)
فإن الله تعالى قد بين في القرآن العظيم ، أن خلاصة دعوة الرسل جميعا ، والغاية العظمى التي من أجلها بعثهم ، هي دعوة الناس إلى إفراد الله بالعبادة الله تعالى ، قال تعالى : " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون " ، وقال " ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتبنوا الطاغوت " .
والعبادة هي كل ما شرعه الله تعالى للتقرب إليه من الأعمال الظاهرة والباطنة ،ومنها الدعاء والتوكل والاستغاثة ، والاستعانة ، وطلب المدد على وجه التعلق الغيبي القلبي بالرغبة والرهبة ، قال تعالى : " وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا " ، وقال : " وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين " ، وقال : " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان ، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون " ، وقال : " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض " ، أي وهو حده يفعل ذلك دون غيره .
وقال : " إياك نعبد وإياك نستعين " ، وقال : " وعلى الله فليتوكل المتوكلون " ، وتقديم المعمول يفيد الحصر ، أي لا نستعين بسواك ، ولا نتوكل على غيرك .(/6)
وقال آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعلق الناس بالله في دعائهم وسائر تعبداتهم ، لابذات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : " قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا ، قل إني لن يجيرني من الله أحد ، ولن أجد من دونه ملتحدا ، وقال : " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي ، لله رب العالمين ، لاشريك له ، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " ، وقال " الذي خلقني فهو يهدين ، والذي هو يطعمني ويسقين ، وإذا مرضت فهو يشفين ، والذي يميتني ثم يحيين ، والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين " ، وقال : " وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه " وقال : " والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ، إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ، ولو سمعوا ما استجابوا لكم ، ويوم القيامة يكفرون بشرككم ، ولا ينبئك مثل خبير " .
وقال : " قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا " ، وقوله أحدا نكرة في سياق النفي ، فيتضمن نفي كل أحد غير الله ، لا نبي ، ولا ولي ، ولا غيرهما ، وهي نص صريح ، في أن من دعا غير الله تعالى ، فقد أشرك بالله تعالى في عبادته ، كما قال تعالى : " ذلك بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم ، وإن يشرك به تؤمنوا ، فالحكم لله العلي الكبير " .
وبالجملة فالآيات كثيرة جدا ، يصعب حصرها ، وهي دالة دلالة محكمة قطعية ، على أن قطب رحى هذا الدين ، وكل دين بعث الله به نبيا ، وأرسل به رسولا ، هو تحقيق هذا الأصل ، أعني تجريد التوحيد لله تعالى ، بأن لا يعبد غيره ، بأي نوع من أنواع العبادة ، ومن أهمها ، وأجلها ، الدعاء .(/7)
وقد صح في الحديث : " الدعاء هو العبادة " روه الترمذي وغيره ، أي ركنها الأعظم ، كما في الحديث " الحج عرفة " ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : " إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله " ، وقد دلت الدلائل المحكمة من الكتاب والسنة ، أن من عبد غير الله تعالى ، وصرف إليه شيئا من أنواع العبادات ، فهو مشرك داخل في قوله تعالى : " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " .
وعلى هذا الإجماع القديم ، بل هو مما يجب أن يكون عليه الاتفاق ، لانه من المعلوم من الدين بالضرورة .
كما قال الشيخ صنع الله الحنفي : " هذا وإنه قد ظهر الآن فيما بين المسلمين ، جماعات يدعون أن للأولياء تضرعا في حياتهم ، وبعد الممات ، ويستغاث بهم في الشدائد والملمات ، وبهم تكشف المهمات ، فيأتون إلى قبورهم ، وينادونهم في قضاء الحاجات ، مستدلين على أن ذلك منهم كرامات ، وقالوا : منهم أبدال ، ونقباء ، وأوتاد ، ونجباء ، وسبعة وسبعون ، وأربعة وأربعون ، والقطب هو الغوث للناس ، وعليه المدار بلا التباس ... وهذا الكلام فيه تفريط وإفراط ، بل فيه الهلاك الأبدي ، والعذاب السرمدي ، لما فيه من روائح الشرك المحقق ، ومضادة الكتاب العزيز المصدق ، ومخالف لعقائد الأئمة ، وما اجتمعت عليه الأمة " .
وننقل فيما يلي كلاما نافعا لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى قال :
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى : ( فهذا هو المشروع للمسلمين مع المسلمين ، فاستنزل الشيطان أهل البدعة والضلال فصاروا يزورون قبر الأنبياء والصالحين ، ولا يقصدون بتلك الزيارة الله والدار الآخرة ولا يخلصون لله الدين .
ولا ينال الميت رحمة وخيرا بدعاء الحي له ولا يرجون من الله ثواب ذلك ، فلا توحيد لله ولا إحسان إلى خلق الله ، بل يقصدون تكليف ذلك الميت حوائجهم يستعملونه ولا ينفعونه.(/8)
وهو أيضا لا ينفعهم ، ويشركون بالله ، ولا يوحدونه ، قد تركوا القيام بحق الله من العبادة له ، والتوكل عليه ، ورجاء رحمته ، وتركوا القيام بحقوق الأموات من الأنبياء ، والصالحين ، وغيرهم ،لما في ذلك من زيادة رحمة الله لهم وإحسانه إليهم ورفع درجاتهم.
مع ترك مسألة الحي القيوم العليم القدير ، وترك التوكل عليه كما قال ، وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا .
وإنزال حاجة الإنسان بمخلوق ميت أو حي إما عاجز عنها ، وإما متكلف بها ، فإنه لا يستريب عاقل أن المخلوق في حياته ، ومماته ، لا يستوي عنده من يحسن إليه ويجلب له الخير والعافية ، ومن يكلفه ويؤذيه بالسؤال بطلب الحوائج منه .
مع علم المسؤول أنه ليس أهلا لما طلب منه بخلاف الخالق تعالى ، فإنه سبحانه وتعالى عما يشركون ، يحب من يسأله ، ويفتقر إليه ، كما في الحديث الذي رواه الترمذي عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سلوا الله من فضله فإنه يحب أن يسأل وأفضل العبادة انتظار الفرج "
وفي حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لم يسأل الله يغضب عليه " رواه الترمذى وابن ماجه
الله يغضب إن تركت سؤاله * وبني آدم حين يسأل يغضب
ورأى الفضيل رجلا يشتكي إلى آخر فقال يا هذا تشتكي من يرحمك إلى من لا يرحمك كما قيل :
وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما ** تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم
وشكى إليه رجل مرة حاله فقال له : يا أخي أمدبرا غير الله تريد ، ومما يروى عن عمر بن الخطاب ، أو غيره : ارج الله في الناس ولا ترج الناس في الله ، وخف الله في الناس ، ولا تخف الناس في الله.
وكما كتبت عائشة إلى معاوية : أما بعد فإنه من أرضى الناس بسخط الله ، سخط الله عليه ، وجعل حامده من الناس له ذاما ، ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه، وجعل ذامه من الناس له حامدا .(/9)
وقال خالد بن معدان من اجترأ على الملاوم في مراد الحق رد الله تلك الملاوم له محامد ومن ترك قول الحق في مراد الخلق خوف ملاوم الخلق ورجاء محامدهم قلب الله تلك المحامد عليه ملاوما وذما .
هذا تحقيق قوله تعالى : " أليس الله بكاف عبده "
وقوله : "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه "
وإنما يؤتى الإنسان من نقص متابعته للرسول ، والله تعالى أمره باتباعه ، لا بالإشراك به ، فقال تعالى : "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" .
وسؤال الخلق هو في الأصل محرم ، لأنه فيه أنواع الظلم الثلاثة : الظلم في حق الله بالشرك ، والظلم للمسؤول فإن فيه إيذاء له ، وظلم الإنسان نفسه لما فيه من تعبيدها لغير الله .
وقد أبيح من ذلك من سؤال الحي ما دل الشرع على إباحته ، وأما سؤال الميت ، والغائب فلم يأذن الله به قط ، ومن عدل عما أمر به الرسول من عبادة الله وحده ، والتوكل عليه والرغبة إليه ، وطاعته فيما أمر به من الإحسان ، والخير الذي ينتفع به هو وهم وغيره من المخلوقين .
فإن العبد كلما عمل بما أمرت به الرسل ، كان لهم مثل أجره ، وحصل له هو من الخير من إجابة دعائه ، ونفعه ، وغير ذلك ، فمن عدل عن هذه الرحمة ، والخير ، وسعادة الدنيا والآخرة إلى أن يفعل ما أمرته به الرسل .
بل اتخذهم أربابا يسألهم ، ويستغيث بهم في مماتهم ومغيبهم ، وغير ذلك كان مثله مثل النصارى فإن المسيح قال لهم " " اعبدوا الله ربي وربكم"
،
وقال : " إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة"(/10)
فلو امتثلوا أمره ، كانوا مطيعين لرسل الله ، موحدين لله ، ونالوا بذلك السعادة من الله تعالى في الدنيا والآخرة ، فغلوا فيه ، واتخذوه وأمه إلهين من دون الله ، يستغيثون به ، وبغيره من الأنبياء والصالحين ، ويطلبون منهم ، ويشركون بهم ، وكذبوا بالرسول الذي بشر به ، وحرفوا التوراة ، التي صدق بها ، وظنوا في ذلك أنهم معظمون للمسيح ، وكان هذا من جهلهم ، وضلالهم .
فإنهم كلما أطاعوه ، فيما دعاهم إليه ، كان له مثل أجورهم ، وكانت طاعتهم له ، والإقرار بعبوديته ، وبما بشر به فيه ، وله ، ولهم من الأجر ، ما لا يحصيه إلا الله ، ففوتوا هذا الأجر والثواب عليهم ، وعليه ، وله ، ولهم فيه الخير المستطاب ، واعتاضوا عن ذلك بما ضرهم في الدنيا والآخرة .
وإذا بين لهم قدر المسيح، فقيل لهم : " ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام " ، قالوا : إن هذا تنقص بالمسيح ، وسب له واستخفاف بدرجته ، وسوء أدب معه .
بل قالوا : هذا كفر ، وجحد لحقه ، وسلب لصفات الكمال الثابتة له ، ولعمري إن هذا إنما هو نقص لما في نفوسهم من الغلو فيه ، لا نقص لنفس المسيح الموجود في نفس الأمر.
وفي ذلك من الحمد له ، والمدح ، وإعظامه ، والإيمان به ، وإعطائه الدرجة العلية ، ما ليس في الغلو فيه ، لأن في هذا تقرير كمال عبوديته ، التي هي كمال المخلوق .
وهذا هو الكمال فأما الغلو فيه إلى حد الربوبية ، فذاك خيال باطل ، لا كمال حاصل ، وفي إثبات العبودية له إيمان به ، وموافقة لخبره وأمره ، فيحصل له بذلك من الخير والرحمة ، ما لا يحصل له بالغلو فيه ، الذي هو كذب فيه ، مكذوب عليه ، ومعصية له ، وإشراك بالله ، وليس في ذلك ما ينفعه ، ولا ما يرفعه ، بل في ذلك ضرر على المشركين المفترين.(/11)
وكذلك الغالية في علي رضي الله عنه ، ونحوه إذا بين لهم قدره ، وما ثبت عنه من أنه كان يقول خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ، ثم عمر .
وقوله لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفترى ، قالوا : هذا شتم لعلى وتنقص له ، وهذا عين الكذب بل هذا فيه ، من إثبات درجته ، وفضله ، ومعرفته بالحق ، وأهله ، وأمره للناس بالمعروف ، ونهيه لهم عن المنكر ن ما ليس في الكذب والغلو الذي ليس فيه منفعة له .
بل فيه ضرر على أهل الإفك والعدوان وهكذا الغالية في الشيوخ بهذه المنزلة ، ولا سيما القادرية والأحمدية ، وكذلك كل غال كالذين يستغيثون بالموتى ، أو الغائبين والذين يطلبون حوائجهم من المقبورين ، ويجعلونهم وسائط ، ووسائل وشفعاء ، في قضاء تلك الحوائج بلا علم يدل على ذلك ويشرعون دينا ، لم يأذن به الله .
وإذا ذكر لهم المشروع في حقهم من الدعاء لهم ، عند زيارة قبورهم وغيرها والصلاة والسلام من أنواع الدعاء ، وأن ذلك تضاعف لهم به الرحمة والبركة ، وتضاعف أيضا للداعي الرحمة والبركة .
وأن سؤالهم شرك ، وغلو ، زعموا أن هذا تنقض بهم ، وسب لهم ، وإنما هو نقص لما في نفوس من غلا فيهم ، وأنزلهم عن منازلهم ، وفيه من الحمد لهم ، والرحمة ، والبركة ما لا يحصل لهم بما يفعلونه من الكذب ، والإشراك ، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .
وأما كون موسى وعيسى وجيهين عند الله كما قال تعالى : " وكان عند الله وجيها" ، وقال : عن عيسى : " إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين " .
فذلك لا يوجب الغلو فيهما ، ولا في غيرهما ، من الرسل ، والأنبياء ، والصالحين ، ولا يبيح أن تبتدع لهم عبادة ، ودعاء لم يأذن الله فيه ، ولا أن ينقص من حقوقهم ، ومنازلهم التي أنزلهم بها .(/12)
والله تعالى لم يأذن لنا أن نسأل ميتا حاجة ، لا نبيا ، ولا غيره ، ولا يطلب منه جلب منفعة، ولا دفع مضرة ، ولا أن نقصد بزيارة قبره إجابة دعائنا ، بل شرع لنا الإيمان بهم ، وبما جاؤوا به والسلام عليهم .
فالذي شرع لنا قي حق الرسل فيه تحقيق توحيد الله وحده ، وتحقيق طاعتهم ، وفيه مزيد الرحمة لهم ، ورفعة الدرجة ، والرضوان ، لنا ، ولهم والأنبياء لا ينقص عند الله جاههم بموتهم ، بل هم في مزيد من كرامة الله ، وإحسانه إليهم ورفع الدرجات لهم عند الله ) أ.هـ
*** هذا وقد اختلط على هؤلاء المنسبين إلى التصوف ، حق الله تعالى مع حق نبيه صلى الله عليه وسلم ، فوجهوا العبادة التي لاتجوز إلا لله تعالى ، وصرفها لغير شرك به ، وجهوها لمحمد صلى الله عليه وسلم ، ظانين أنهم بذلك يحبونه ، ويوقرونه ، ويعظمونه ، وإنما هم يحاربونه أشد الحرب ، ويفعلون ضد ما أمروا أن يفعلوه باتباعه وتوقيره وتعظيمه ، ولكن غلب عليهم الجهل ، واستحكم الهوى .
كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى في نونيته مبينا الفرق بين حق الله ، وحقه نبيه صلى الله عليه وسلم :
الرب رب والرسول فعبده * حقا وليس لنا إله ثان
فلذاك لم نعبده مثل عبادة الرحمن فعل المشرك النصراني
كلا ولم نغل الغلو كما نهى * عنه الرسول مخافة الكفران
لله حق لا يكون لغيره * ولعبده حق هما حقان
لا تجعلوا الحقين حقا واحدا * من غير تمييز ولا فرقان
فالحج للرحمن دون رسوله * وكذا الصلاة وذبح ذي القربان
وكذا السجود ونذرنا ويميننا * وكذا مثاب العبد من عصيان
وكذا التوكل والإنابة والتقى * وكذا الرجاء وخشية الرحمن
وكذا العبادة واستعانتنا به * إياك نعبد ذاك توحيدان
وعليهما قام الوجود بأسره * دنيا وأخرى حبذا الركنان(/13)
وكذلك التسبيح والتكبير * والتهليل حق إلهنا الديان
لكنما التعزير والتوقير حق للرسول بمقتضى القرآن
والحب والإيمان والتصديق لا * يختص بل حقان مشتركان
هذي تفاصيل الحقوق ثلاثة * لا تجهلوها يا أولي العدوان
حق الإله عبادة بالأمر لا * بهوى النفوس فذاك للشيطان
من غير إشراك به شيئا هما * سببا النجاة فحبذا السببان
ورسوله فهو المطاع وقوله المقبول إذ هو صاحب البرهان
والأمر منه الحتم لا تخيير فيه عند ذي عقل وذي إيمان
من قال قولا غيره قمنا على * أقواله بالسير والميزان
إن وافقت قول الرسول وحكمه فعلى الرؤوس تشال كالتيجان
أو خالفت هذا رددناها على * من قالها من كان من إنسان
أو أشكلت عنا توقفنا ولم * نجزم بلا علم ولا برهان
هذا الذي أدى إليه علمنا * وبه ندين الله كل أوان
فهو المطاع وأمره العالي على أمر الورى وأمر ذي السلطان
وهم المقدم في محبتنا على الأهلين والأزواج والولدان
وعلى العباد جميعهم حتى على النفس التي قد ضمها الجنبان
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
الشيخ حامد العلي - الكويت
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/14)
ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم هو حب الأكوان.!
عبدالرحمن بن عبدالخالق
لست أدري لماذا اختارت اللجنة التي أسست بزعم نشر محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون شعارها (أنت حب الأكوان) فإن هذا الوصف لا يصح أن يوصف به رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ولا الله سبحانه وتعالى، ولا أحد من أوليائه وعباده الصالحين، فإن الأكوان وهي ما عدا الله سبحانه وتعالى منها مؤمن وكافر وفيها أماكن رضوان الله سبحانه وتعالى، وأماكن سخطه وعقابه ولعنته.
فإبليس كون من الأكوان وهو عدو لله ورسوله ملعون مطرود من رحمة الله، وكذلك كل جنوده وأوليائه من الجن والانس، وهؤلاء جميعاً أعداء الله سبحانه وتعالى وأعداء أوليائه من الأنبياء والمرسلين، قال تعالى: ]ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون[، وقال تعالى:] هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن[، وقال تعالى: ]وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيراً[.
والذين يعادون رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمته التي بعث فيها أضعاف أضعاف من يؤمنون به ويحبونه ويوالونه من المسلمين والمؤمنين، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أنتم في الأمم إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود). (متفق عليه)(/2)
وهذا أمر مشاهد قائم منذ دعا رسول الله إلى الاسلام وإلى يومنا قد كان الذين عادوه وحاربوه وسبوه أضعاف من آمن به وأحبه ونصره، وكل هؤلاء الكفار هم من الأكوان. والسموات والأرض والجنة والنار من الأكوان، فالجنة دار الرضوان، والنار دار الأشقياء أعداء الله وفيها كل ما لعن الله من الإنس والجن، وألوان العذاب التي هي من لعنة الله فيها شجرة الزقوم وأدوات العذاب قال تعالى: ]إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالاً وسعيرا[ وقال تعالى: ]وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً[ وكل هذه أكوان ليست محبوبة عند الله ولا عند أوليائه.. ولا توصف بأنها تحب أولياءه؟
وفي الأرض قطع ومواضع هي محل محبة الله ورضوانه ومواضع هي مواضع سخطه وعقابه، فأحب البقاع إلى الله مساجدها، وشر البقاع إلى الله أسواقها.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبل أُحد (هذا جبل يحبنا ونحبه) وقال عن ديار ثمود (لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا باكين أو متباكين لا يصيبكم ما أصابهم) وكان إذا مر رسول الله بوادي مُحَسِّر أسرع فيه مع أنه جزء من أرض المسجد الحرام... ولكنه مكان عقوبه فكان الواجب الفرار منه..
حب الأكوان والحقيقة المحمدية في الفكر الصوفي:
وهذا الشعار (أنت حب الأكوان) منقول من المعتقد الصوفي فيما سمي (بالحقيقة المحمدية) وهو الزعم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أول موجود في الوجود، وأن وجوده قد كان قبل خلق السموات والأرض واللوح والقلم، والعرش والملائكة، وأن من وجود الرسول ومن نوره خلق الله جميع الأكوان بعد ذلك العرش والكرسي، والملائكة والسموات والأرض والانس والجن والجنة والنار..... الخ.(/3)
فالأكوان جميعاً وهي كل ما عدا الله موجودة من نور الرسول. والرسول سابق في الوجود على كل هذه الأكوان... والذي صاغ هذه العقيدة على هذا النحو هو ابن عربي الزنديق حيث يقول في فتوحاته المكية (بدء الخلق الهباء وأول موجود فيه الحقيقة المحمدية الرحمانية الموصوفة بالاستواء على العرش الرحماني وهو العرش الإلهي (الفتوحات 1/152).
وقال الكاشاني شارح فصوص الحكم لابن عربي (إن محمداً أول التعينات التي عين بها الذات الأحمدية، قبل كل تعين... الخ)(/4)
وفي كتاب تبرئة الذمة في نصح الأمة للبرهاني قال: (فضل النبي صلى الله عليه وسلم وأسبقية نوره، وبيان أن كل الديانات مستمدة منه) قال: (وحديث سيدنا جابر رضي الله عنه يثبت أسبقية نوره صلى الله عليه وسلم، فقد روى عن عبدالرازق بسنده في كتابه (جنة الخلد) عن جابر عن عبدالله الانصاري قال: قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي أخبرني عن أول شيء خلقه الله تعالى قبل الأشياء قال: (يا جابر إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله تعالى ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جن ولا انس فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء: فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الجزء الثاني اللوح، ومن الثالث العرش، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء فخلق من الجزء الأول نور أبصار المؤمنين، ومن الثاني نور قلوبهم، وهي المعرفة بالله، ومن الثالث نور أنسهم وهو التوحيد: لا اله إلا الله محمد رسول الله ثم نظر إليه فترشح النور عرقاً فتقطرت منه مائة ألف قطرة وعشرين الفا وأربعة ألاف قطرة فخلق الله من كل قطرة روح نبي ورسول، ثم تنفست أرواح الانبياء فخلق الله من أنفسهم أرواح الأولياء والسعداء والشهداء والمطيعين من المؤمنين إلى يوم القيامة، فالعرش والكرسي من نوري، والكروبيون من نوري، والرحمانيون من نوري، والجنة وما فيها من النعيم من نوري، والشمس والكواكب من نوري، والعقل والعلم والتوفيق من نوري، وأرواح الأنبياء والرسل من نوري، والسعداء والصالحون من نتائج نوري. ثم خلق الله آدم من الأرض، وركب فيه النور وهو الجزء الرابع، ثم انتقل منه إلى شيث. وكان ينتقل من طاهر إلى طيب إلى أن وصل إلى صلب عبدالله بن عبدالمطلب، ومنه إلى وجه أمي آمنة، ثم اخرجني إلى الدنيا فجعلني سيد المرسلين وخاتم النبيين وقائد الغرالمحجلين، هكذا بدء خلق نبيك(/5)
يا جابر) – ويضيف البرهاني قائلاً:
(ويظن البعض أن سيدنا جبريل عليه السلام كان الواسطة بين الله تبارك وتعالى وبين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن ظن هكذا فقد دلل على عدم معرفته، إذ لو صح أن سيدنا جبريل عليه السلام كان الواسطة بين الله تعالى ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لتعين وجود خلل في كلمة التوحيد فبدلاً عن لا اله إلا الله محمد رسول الله تكون: لا إله إلا الله محمد رسولُ رسولِ الله.
وحديث سيدنا جابر رضي الله تعالى عنه يوضح كل ذلك، ولا بد لنا أن نورد هنا ما دار بين النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وبين سيدنا جبريل عليه السلام، عندما كان سيدنا جابر رضي الله عنه يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أول شيء خلقه الله تعالى، بالرغم من أننا قد سبق أن اوردنا في باب مراتب الغيب، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما رأى استغراب سيدنا جبريل عليه السلام عندما قال صلى الله عليه وسلم لسيدنا جابر رضي الله تعالى عنه عن أول شيء خلقه الله تعالى (نور نبيك يا جابر) سأله قائلاً: يا جبريل كم عمرت من السنين؟ فقال جبريل عليه السلام (يا رسول الله لست أعلم غير أن في الحجاب الرابع نجما يطلع في كل سبعين ألف سنة مرة ورأيته سبعين ألف مرة) فقال صلى الله عليه وسلم (وعزة ربي أنا ذلك الكوكب) رواه أبو هريره رضي الله تعالى عنه بلفظ أنه صلى الله عليه وسلم سأل جبريل عليه السلام قائلاً: (يا جبريل كم عمرت من السنين؟) الخ الحديث. ويستطرد البرهاني قائلا:(/6)
ثم سأل الرسول صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام عن المكان الذي يأتي منه بالوحي فقال: (حيثما أكون في اقطار السماوات أسمع صلصلة جرس فاسرع إلى البيت المعمور فأتلقى الوحي فاحمله إلى الرسول أو النبي) فقال له صلى الله عليه وسلم: (اذهب إلى البيت المعمور الآن واتل نسبي) فذهب سيدنا جبريل عليه السلام مسرعاً إلى البيت المعمور وتلا نسب النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: (محمد صلى الله عليه وسلم بن عبدالله بن عبدالمطلب... الخ) فانفتح البيت المعمور، ولم يسبق أن فتح له قبل ذلك، فرأى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم بداخله فتعجب فعاد مسرعاً إلى الأرض فوجد الرسول صلى الله عليه وسلم في مكانه كما تركه مع سيدنا جابر رضي الله تعالى عنه فعاد بسرعة خارقة إلى البيت المعمور فوجده صلى الله عليه وسلم هناك، ثم عاد مسرعاً إلى الأرض فوجده صلى الله عليه وسلم مازال جالساً مع سيدنا جابر رضي الله تعالى عنه فسأل جبريل عليه السلام سيدنا جابر رضي الله تعالى عنه صلى الله عليه وسلم قائلاً: (هل ترك رسول الله صلى الله وسلم مجلسه هذا؟) فقال سيدنا جابر رضي الله تعالى عنه: (كلا يا اخا العرب فاننا لم ننته بعد من الحديث الذي تركتنا فيه) فقال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم: (إذا كان الأمر منك وإليك فلماذا تعبي؟) فرد عليه صلى الله عليه وسلم قائلاً: (للتشريع يا أخي جبريل) وتلا قوله تعالى (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما). انتهى منه بلفظه.
فهل هذه العقيدة في الرسول صلى الله عليه وسلم التي أجمع عليها من ينتسب إلى التصوف في العصور المتأخرة هي التي عناها من وضع هذا الشعار (أنت حب الأكوان) أم أن لهم تفسيراً أخر لذلك؟(/7)
وإذا كان لهم تفسير آخر فما معنى نشر قصيدة تتضمن هذا المعتقد عنواناً ونصاً. فقد نشروا قصيدة لمن سموه (ابن الدريهم) بهذا العنوان: (ذات القوافي قصيدة في ثلاثين قافية يمدح فيها رسول الله مسمياً أياه صلى الله عليه وسلم ( سيد الوجود) فمن قال إن محمداً صلى الله عليه وسلم هو سيد الوجود؟!
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو سيد ولد آدم وليس سيداً للوجود فإن الوجود يشمل وجود الرب ووجود كل موجود من الملائكة والسموات والأرض وليس رسول الله سيداً لكل موجود !!.
فما معنى تسمية الرسول بسيد الوجود !! وأين جاء تسمية الرسول بسيد الوجود في كتاب أو سنة أو قول صاحب أو قول إمام يقتدى به!!
وسيد الوجود هو الله سبحانه وتعالى وحده فهو السيد لكل ما سواه كما قال صلى الله عليه وسلم (إن الله هو السيد) قال تعالى: (الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل ) وأما من عدا الله فإذا أطلق عليه لفظ السيد فهو بحسبه فالنبي صلى الله عليه وسلم هو سيد ولد آدم يوم القيامة لأن له الشفاعة العظمى ولأن آدم ومن دونه يستشفعون به إلى الله يوم القيامة لدخول الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) الحديث.
والحسن بن علي رضي الله عنهما سيد، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)
وقد كان الأمر كما وصف رسول الله فإن جميع المسلمين رجعوا إلى رأيه: معاوية بن أبي سفيان ومن معه، وكذلك من كان مع الحسن ورجع الجميع إلى الصلح الذي اقترحه فاجتمعت كلمة المسلمين به. فهو سيد في هذا الزمان ولهذا الفعل العظيم.
وفي البيت الثاني من قصيدة ابن الدريهم:
نبي له فضل على كل مرسل وآياته في الكون تتلى وتشرح
وفي بقية القوافي و (تنشأ، تنسخ، وتؤخذ، وتنشر، الخ)(/8)
وهذا البيت ترجمة لتلك العقيدة أن الرسل جميعاً يأخذون علومهم من الرسول محمد وأنه هو الذي أوحى إليهم.
والآيات لا تنسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بل تنسب إلى الله سواءً كانت الآيات المتلوة المنزلة من الله إلى رسوله، أو المعجزات الإلهية التي أجراها الله على يديه.أوآياته في الخلق. ولا يقال عن شيء من ذلك (آيات الرسول )!!.
وفي البيت الأول في قصيدة ابن الدريهم هذا يقول:
ُإذا لم أزر قبر النبي محمد وأسعى على رأسي فإني (أحمق)!!
وفى بقية القوافي: مشوش، منغص، مغفل، مذمم.. إلخ.
وشد الرحال إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس مشروعاً ولا هو قربة إلى الله كما قال صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى). وابن الدريهم هذا جاهل من الجهال وإذا جعل نفسه أحمق أو مغفلاً أو أرعن إذا لم يسع على رأسه إلى قبر رسول الله فإنه على كل أحواله في الصدق والكذب جاهل أحمق يتعبد بغير المشروع.
والسؤال لمن ادعوا محبة الرسول؟ ما قيمة نشر مثل هذا الشرك والجهالة في الناس!؟ باسم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
وفي موقعهم على الإنترنت والذي سموه أيضاً باسم (أنت حب الأكوان) علقوا مجموعة من الأغاني والسماع الصوفي بالألحان المبتدعة وضرب الدفوف للرجال. وكل هذا من البدع المنكرة والسماع الصوفي عندما بدأ في أمة الإسلام في أواخر القرن الثاني لم يبدأه إلا الزنادقة. يقول الإمام الشافعي رحمة الله عليه (تركت بغداد وقد أحدث الزنادقة فيها شيئاً يسمونه السماع)؟…
وهذه الأغاني إلى جانب أنها بدعة منكرة فإنها لا تليق بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا بالرجال.
وللأسف أن تلك الأغاني والأناشيد قد اشتملت على تلك العقائد الفاسدة.(/9)
كنا نتمنى أن تنطق هذه الحملة في هذا الوقت العصيب للذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصره، ونصر دينه، نشر نوره في العالمين، وذلك أن حملة الكفر العالمية الآن قد جعلت هدفها الأول هو الرسول صلى الله عليه وسلم. ففي كل يوم يطلع علينا كبير من كبراء الكفر في الغرب والشرق ليعلن أن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم هو أول إرهابي، وأن الإسلام الذي جاء به هو دين الشياطين.
وهذه هي الشبكة العنكبوتية "الإنترنت" فيها عشرات المواقع المتخصصة في سب رسول الله ولعنه وشتمه وقد جعلت منه أسوأ رجل شهده العالم. وحسب من أراد الإطلاع أن يفتح برنامج المحادثة (البالتوك) في المواقع العربية ليرى ما ينال رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشتم والسب واللعن على مدار الأربع والعشرين ساعة، وليرى عشرات الآلاف من الشبهات والشكوك والمطاعن في القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم وشريعة رب العالمين!!
وكنا ومازلنا نود أن تكون هذه اللجنة التي انطلقت بهذه (الفعاليات) الواسعة وبهذه الإمكانيات من أهل الخير والإحسان أن يكون هدفها نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونشر محامده وشمائله في العالمين، والدعوة إلى نشر دينه.
ومن أجل ذلك نهيب بهم، تغيير هذا الشعار الكاذب (أنت حب الأكوان)، ونبذ هذه البدع. والتحذير من هذه العقيدة الضالة في أن رسول الله هو أول موجود في الوجود، وأنه المستوي على عرش الله، وأنه الذي يمد كل الرسل والأنبياء... تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرا.
ولن يفيدكم وضع صورة الانفجار الكبير الذى يفسر به الملاحدة نشأة الكون ليكون ذلك رمزا لهذه العقيدة الضالة. فإن أهل الإيمان يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى هو الأول الذى ليس قبله شىء. وأنه سبحانه كما أخبر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم (كان الله ولا شىء معه وكان عرشه على الماء وكتب فى الذكر كل شىء).(/10)
وأما وضعكم فى شعاركم الكاذب فتى وفتاة ينظران الى السماء فلا يعنى هذا إلا صرف الناس عن عبادة الله إلى عبادة غيره. وصلى الله على عبده ورسوله محمد الصادق.
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/11)
ما رأي القبوري ابن صبري بكلام الإمامين ابن حجر والقرطبي؟!
أبو عمر الدوسري (المنهج)
إذا كنتم تحبون الإمام القرطبي ،وتعتبرونه مرجعاً ، وتفسيراً للعلم منهلاً ، وهو كذلك ، فاتبعوا أقواله ، واسترشدوا بنصائحه ، أما الدعاوى التي لا يتبعها اتباع فهي دعوى فارغة!! والانتقاء ولو كان قُدم بـ[ـيروى] وترك ما أوضح وأجلا ؛ فهذه علامة أهل الأهواء!!
فلنقف وقفة واضحة جلية ، تدمغ أكاذيب القبورية ، وتوضح رأيه بجلاء بعيداً عن أساليب أهل التحريف كالقبورية ..
يقول الإمام القرطبي رحمه الله في كتابه الجامع ، وتفسيره النافع ، بأن منشأ عبادة الأصنام وأن البداية تعظيم قبور الصالحين:
( فعلوا ذلك ليأنّسوا برؤية تلك الصور ويتذكروا أحوالهم الصالحة فيجتهدون كاجتهادهم ويعبدون الله عز وجل عند قبوريهم ، فمضت لهم بذلك أزمان ، ثم إنه خلف من بعدهم خلوف جهلوا أغراضهم ووسوس لهم الشيطان أن آبائكم وأجدادكم كانوا يعبدون هذه الصورة فعبدوها ، فحذّر النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك .. وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك فقال: ((اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد))
راجع تفسير القرطبي لآية 104 من سورة البقرة
قبور الصالحين مبتدأ عبادة الأصنام
قال الحافظ ابن حجر في الفتح:
(وقصة الصالحين كانت مبتدأ عبادة قوم نوح لهذه الأصنام ، ثم تبِعهم من بعدهم على ذلك) *
وذكر أنهم كانوا يتبركون بدعاء سواع وغيره من الصالحين ، فكلما مات منهم أحدٌ مثَّلوا صورته وتمسحوا بها ، فعبدوها بتدرج الشيطان لهم.
[أنظر فتح الباري8/668-669]
ونذكر أخي القارئ بأننا نشرنا من قبل مواقف للقرطبي مع الصوفية، وهي على الرابط التالي:
http://saaid.net/feraq/sufyah/15.htm
واسأل الله أيهدي بها طلاب الحق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه:
أبو عمر الدوسري(المنهج) - شبكة الدفاع عن السنة(/1)
ما معنى التصوف ما هي هذه الفرقة وما حكمها في الإسلام ؟
(*) أرجو منكم توضيح معنى التصوف ما هي هذه الفرقة وما حكمها في الاسلام ؟
جواب الشيخ :
بتاريخ : 14-09-2002
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
تعريف بالتصوف :
ـــــــــ
الصوفية فرقة مجانبة لمنهج أهل السنة والجماعة ، أخذت أسمها العام من الصوف ، أي لبس الصوف ، ذلك أنهم يعتقدون أن لبس الصوف مما يقرب إلى الله تعالى ، لان فيه نوع تعذيب للنفس ، وهم يعتقدون أن طلب العبد إذلال نفسه وإذاقتها ما يؤذيها ، مما يقرب العبد إلى الله تعالى مطلقا ، وهذا في حد ذاته بدعة منكرة ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس ما تيسر له ، ولم يخص الصوف بشيء من الفضل ، وكان يأكل ما تيسر له من الطعام الطيب ، ويلبس الحلل الجميلة ، ويحب العسل ، وما طاب من الطعام والشراب ، وقال : من رغب عن سنتي فليس مني .
وروى أبو داود وأحمد عن عائشة رضي الله عنها : ( إنها جعلت للنبي صلى الله عليه وسلم بردا من صوف ، فلما عرق فوجد ريح الصوف ، طرحها ..) فهذا الحديث يرد عليهم في دعواهم استحباب لبس الصوف مطلقا .
وأيضا في تخصيص الصوف باستحباب اللبس تشبه برهبان النصارى .
وقد ذكر بعض العلماء أن كلمة ( صوفي ) أصلها من (صوفيا ) أي الحكمة وهي كلمة يونانية ، أو من كلمة ( صوفي ) في التراث اليهودي .
وأيضا فإن النصارى الأرثوذكس : يسمون فتيانهم ( صوفية ) .(/2)
وهم ـ اي الصوفية المنتسبة إلى الاسلام ـ أقسام كثيرة جدا ، وطوائف لاحصر لها ، كل طائفة تطلق على نفسها طريقة ، وكل طائفة تبتدع بدعا ، تخالف الأخرى ، ولكنها تجتمع في أصول مبتدعة عامة .
فمن طوائفهم : القادرية ، والرفاعية ، والعدوية ، والبيانية ، والجشتية ، والشاذلية ، والسطوحية ، والعلوية ، والبرهامية ، والبرهانية ، والنقشبندية ، والتيجانية ، والنور بخشية ، والعيدروسية ، والمهدية ، والخلوتية ، الادريسية ، والرشيدية ، والفرغلية ، والسالمية ، والمشعشعية ، والعزمية .. إلخ .
وهي لا يكاد يحصيها أحد إلا الله تعالى ، وكل اسم مأخوذ من اسم مخترعها ، وكل طائفة تجمع حولها المريدين ، ويجمعون بذلك الأوقاف المرصودة للطائفة ، ثم يتوارثونها ، حتى ربما يكون الحفيد من أفسق الناس ، ولكن يأخذ أوقاف الطائفة من أجل أن جده كان مؤسسها ، وربما يتبركون بالحفيد حتى لو كان فاجرا ، لأن جده كان مؤسس الطائفة .
وفي عقيدتهم أن تعدد الطرق حتى لو كانت بالملايين ، لا يضر في الدين ، لانهم كما يزعمون ، الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق ، وكل طريقة تحدث لها أذكارا ، وأسلوبا لأدائها ، تختلف عن الأخرى ، وتحاول أن تخترع وتبدع مالم يسبقها أحد إليه ، وكل يدعي أن طريقته أمثل وأفضل من غيرها .
أو أنها كلها جائزة ، لاضير في تعددها مهما كثرت ، زاعمين أن ذلك كله من البدعة الحسنة ، لان المقصود بها التقرب إلى الله تعالى ، وقد رد عليهم العلماء بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( كل بدعة ضلالة ) ، وقال ( عليكم بسنتي ) وقال ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .
درجات التصوف :
ــــــــــ(/3)
والتصوف درجات ، فمنه تصوف يشتمل على بدع ، ومنهم تصوف يشتمل على عقائد منحرفة لكنها لاتخرج من ملة الإسلام ، ومنه تصوف يشتمل على الزندقة ، وهذا الأخير يشتمل على عقائد تخرج الإنسان من الملة الإسلامية ، ولهذا الأخير أسرار يخفيها عن عامة الناس ، وهي من أكفر الكفر بالله تعالى ، مثل عقائد الباطنية ، الذين يعتقدون الكفر ، ويجعلون عقائدهم أسرارا لا تعطى إلا للخواص ، ويتمثلون بالشعر القائل :
إذا أهل العبارة ساءلونا أجبناهم بأعلام الإشارة
نشير بها فنجعلها غموضا تقصر عنه ترجمة العبارة
ونشهدها وتشهدنا سرورا له في كل جارحة إنارة
وبالشعر القائل :
يارب جوهر علم لو أبوح به لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي يرون أقبح ما يأتونه حسنا
وبهذا يعلم أن أدنى درجات التصوف بدعة ، وأوسطه ضلاله ، وأبعده زندقة.
وزنادقة التصوف أنواع : منهم من يؤمن بوحدة الوجود ، أي انه لافرق بين الخالق والمخلوق ، فالكون وما فيه ، هو الله تعالى ، والله تعالى هو الكون ، تعالى الله عما يقول الكافرون علوا كبيرا .
ومنهم من يؤمن بأن الله تعالى هو محمد صلى الله عليه وسلم ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .
ومنهم من يقول إن الله تعالى يتحد مع من شاء من أولياءه ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .
وبدعهم أقسام :
ــــــــ
*منها بدع اعتقاديه : كالإيمان بأن الأولياء يتصرفون في الأكوان ، ويقسمون الأرزاق ، وان التوجه إليهم بالعبادة من أفضل القرب ، لانهم يشفعون عند الله لمن يطوف بقبورهم، ويسجد لها ، وينذر النذور لها ، وهذا كله من الشرك الذي يخرج من ملة الإسلام .
*ومنها بدع قلبيه : كالخوف من صاحب القبر الفلاني ، ورجائه أو الخشية منه ونحو ذلك .
*ومنها بدع قوليه : كالذكر المبتدع عند الصوفية ودعاء الموتى والاستغاثة بالمقبورين ونحو ذلك .(/4)
ومنها بدع بدنية : كصلاة الرغائب ، والجثو أو السجود للولي الفلاني ، وقصد المشاهد والمقامات المبتدعة ، وإقامة الموالد ونحو ذلك .
*ومنها بدع مالية : كإخراج النذور لقبور الأولياء ونحو ذلك
أمثلة مما أحدثه التصوف من البدع :
ــــــــــــــــــــ
*** ومن الأمثلة على هذا ما أحدثته الطرق الصوفية من الأذكار والصلوات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، زاعمين أن أصل ذلك موجود في الشرع ، وهو الآيات والأحاديث التي ندبت إلى ذكر الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
فأحدثوا صلاة احمد البدوي : ( اللهم صل على نور الأنوار، وسر الأسرار ، وترياق الاغيار ) أفضل الصلوات ص 84
*وصلاة الدسوقي : ( اللهم صل على الذات المحمدية ، اللطيفة الأحادية ، شمس سماء الأسرار ، ومظهر الأنوار ، ومركز مدار الجلال ، وقطب فلك الجمال ) المصدر السابق ص 85
وصلاة محي الدين بن عربي : ( اللهم أفض صلة صلواتك ، على أول التعينات المفاضة من العماء الرباني ، وآخر التنزلات المضافة إلى النوع الإنساني ، المهاجر من مكة ، كان الله ولم يكن معه شيء ثاني .... ) المصدر السابق 86
*وصلاة الشاذلي ، وصلاة البكري ، والصلوات الزاهرة ( اللهم صل على الجمال الأنفس ، والنور الأقدس ، والحبيب من حيث الهوية ، والمراد في اللاهوتية .. ) المصدر السابق ص 131
***وهكذا فتحوا الباب لكل بدعة وبلاء ، فابتدعت كل طائفة المحدثات ، وضيعوا سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، بين تلك الأهواء .(/5)
***وابتدعوا لهم طرقا ، اتخذوا فيها دين الله تعالى هزوا ولعبا ، وصار ذكر الله تعالى ، صياح وزعيق كزعيق المجانين ، مثل الطريقة النقشبدنية التي أحدثت أسرع طريقة ذكر للوصول إلى الجذبة ( أي يجذبه الله تعالى إليه ) وخلاصتها : يدير المريد وجهه إلى اليمين حتى يصبح ذقنه فوق كتفه اليمنى ، ويلفظ كلمة ( لا ) ثم يدير وجهه بسرعة إلى الإمام ويضع ذقنه على صدره ، ويلفظ كلمة إله ، ثم يدير وجهه بسرعة أيضا إلى اليسار ، حتى تكون ذقنه فوق كتفه اليسرى ، ويلفظ كلمة إلا ، ثم يدير وجهه بسرعة دائما ، إلى الإمام ويضع ذقنه فوق صدره ، ويلفظ كلمة الله ، ويعيد الكرة ، ويقولون إن القيام بهذه العملية واحدا وعشرين مرة ، يمكن يوصل إلى الجذبة !!
***ثم زادوا البدع ، فأحدثوا الذكر مع الرقص ، ولهذا فالصوفية أيضا تنقسم إلى قسمين :
ـــــــــ
*الصوفية الجالسة .
*والصوفية الراقصة .
***والصوفية الجالسة تنقسم إلى قسمين :
الجالسة الصامتة .
*والجالسة الصائته .
*** فالصامتة يقرؤون أورادهم جلوسا صامتين ، كالنقشبندية والخوفية ، وقد يجهرون بعض الأحيان ، وقد يقفون حسب توجيه الشيخ .
***والصائته ، يقرؤون أصواتهم جلوسا مع الجهر بالصوت ، كالتيجانية والنعمتللاهية ، وقد يقفون ويرقصون حسب توجيهات الشيخ .
***وأما الصوفية الراقصة ، وعليها أكثر الطرق ، وكلها صائته ، فهم يبدؤون الحضرة في اكثر الأحيان جلوسا ، ثم ينهضون للقفز والرقص ، وقد يصاحب قفزهم الطبول والزمور والدفوف .
***وأحدثت كل طريقة من الطرق ، أساليب مبتكرة للرقص والذكر ، وانتشر الأمر عليهم ، وكثرت الطرق وتفرعت ، وتحولت إلى ضلالات وظلمات بعضها فوق بعض.
***وكل هذا من شؤم البدع ، وما جلبته على المسلمين من الضلال المبين .
الصوفية بالنسبة إلى موقفهم من السنة :
ـــــــــــــــــــــــــ(/6)
والصوفية بالنسبة إلى موقفهم من السنة وما ورد عن النبي صلى الله وسلم :
قسم يتفقون مع أهل السنة في الأخذ بكتب السنة المشهورة ومناهج الجرح والتعديل ولكن ضلالهم في تأويل النص تأويلات باطلة.
والقسم الثاني يقصرون طريق العلم على ما يسمونه الكشف ، ويزعمون أن الكشف هو طريق معرفة أحكام الشريعة ، زاعمين أن المسلم إن جرد نفسه من الشهوات، و أذاقها مرارة الحرمان ، وخلا بنفسه مخلصا ، وذكر الله تعالى بخشوع ، قُذف في قلبه نور الحكمة التي تقوده إلى الهدى ، وإن لم يطلب علم الكتاب والسنة ، ولهذا فهم لا يطلبون العلم من كتب الحديث أصلا ويعدون ذلك قصورا في المريد .
ويرى أصحاب هذا القسم ، أن المريد إن اشتغل بالقلم والمحبرة ضل طريق الحق ، ويقول بعضهم منكرا على أهل الحديث اشتغالهم بالإسناد ، يقول لهم: يقول أحدكم حدثنا فلان قال حدثنا فلان ، ميت عن ميت ، ونقول نحن أي الصوفية حدثني قلبي عن ربي ، وهو الحي الذي لا يموت ، وهذا يدل على مقدار جهلهم لان الإسناد يعود إلى الوحي ، واما القلب فهو معرض لنزوات الشيطان وما يلقيه من الوساوس والأوهام ، وتلبيس إبليس ، ولهذا ضل منهم من ضل بسبب إعراضهم عن العلم فألقى الشيطان في قلوبهم من الضلالات والظلمات ما أخرجهم عن الدين كله أدخلهم في الزندقة وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا.
والقسم الأول أنواع:
منهم من خفت بدعته كالذين ابتدعوا أذكارا وهيئات ، بغير علم ولاهدى ولاكتاب منير ، ومنهم من أوغل في الضلال مثل الذين يأولون حديث ( ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى احبه فان أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ...الحديث ) يتأولونه على عقيدة وحدة الوجود التي هي اشد كفرا من كفر اليهود والنصارى ، وبين هذين النوعين ظلمات بعضها فوق بعض .(/7)
والعصمة بالتمسك بالوحي الإلهي وتفسيره وفق الأصول التي أجمع عليها السلف الصالح ، وقد اجمعوا على أن طرق معرفة الوحي واحكام الشريعة مقصور على الكتاب والسنة ، واما الإجماع والقياس فهما متفرعان عن الكتاب والسنة ، وكل سبيل سوى ذلك فالاعتماد عليه لمعرفة أحكام الله تعالى ضلال و فتح لباب الزندقة والله اعلم
الشيخ حامد العلي - الكويت
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/8)
ما هو الفرق بين الصوفية و أهل الحديث في الموقف من كتب السنة ؟
(*) نص السؤال
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته فضيلة الشيخ سؤالي يا فضيلة الشيخ يخص فرق الصوفية هل يأخذون بصحاح أهل السنة و الجماعة كالبخاري و مسلم و الترمذي و غيرهم وهل يتفقون مع أهل السنة في جرح و تعديل رجال الحديث و إن كانوا لا يأخذون بهته الصحاح و لا يتفقون مع اهل السنة في الرجال فما سبب ذلك
أرجوا بعض التفصيل
و بارك الله فيكم
جواب الشيخ :
بتاريخ : 13-07-2002
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الصوفية يمكن تقسيمهم بالنسبة الى موقفهم من السنة إلى قسمين :
قسم يتفقون مع اهل السنة في الاخذ بكتب السنة المشهورة ومناهج الجرح والتعديل ولكن ضلالهم في تأويل النص تاويلات باطلة.
والقسم الثاني يقصرون طريق العلم على ما يسمونه الكشف ، ويزعمون ان الكشف هو طريق معرفة احكام الشريعة ، زاعمين ان المسلم ان جرد نفسه من الشهوات واذاقها مرارة الحرمان ، وخلا بنفسه مخلصا ، وذكر الله تعالى بخشوع ، قُذف في قلبه نور الحكمة التي تقوده الى الهدى ، وإن لم يطلب علم الكتاب والسنة ، ولهذا فهم لايطلبون العلم من كتب الحديث اصلا ويعدون ذلك قصورا في المريد ،(/2)
ويرون ان المريد ان اشتغل بالقلم والمحبرة ضل طريق الحق ، ويقول بعضهم منكرا على اهل الحديث اشتغالهم بالاسناد ، يقول لهم: يقول احدكم حدثنا فلان قال حدثنا فلان ، ميت عن ميت ، ونقول نحن اي الصوفية حدثني قلبي عن ربي / وهو الحي الذي لايموت ، وهذا يدل على مقدار جهلهم لان الاسناد يعود الى الوحي ، واما القلب فهو معرض لنزوات الشيطان وما يلقيه من الوساوس والاوهام ، وتلبيس إبليس ، ولهذا ضل منهم من ضل بسبب اعراضهم عن العلم فألقى الشيطان في قلوبهم من الضلالات والظلمات ما اخرجهم عن الدين كله وادخلهم في الزندقة وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا.
ــــ
والقسم الاول انواع منهم من خفت بدعته كالذين ابتدعوا اذكارا وهيئات ، بغير علم ولاهدى ولاكتاب منير ، ومنهم من أوغل في الضلال مثل الذين يأولون حديث ( ولايزال عبدي يتقرب الى بالنوافل حتى احبه فان احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ...الحديث ) يتأولونه على عقيدة وحدة الوجود التي هي اشد كفرا من كفر اليهود والنصارى ، وبين هذين النوعين ظلمات بعضها فوق بعض .
والعصمة بالتمسك بالوحي الالهي وتفسيره وفق الاصول التي أجمع عليها السلف الصالح ، وقد اجمعوا على ان طرق معرفة الوحي واحكام الشريعة مقصور على الكتاب والسنة ، واما الاجماع والقياس فهما متفرعان عن الكتاب والسنة ، وكل سبيل سوى ذلك فالاعتماد عليه لمعرفة احكام الله تعالى ضلال و فتح لباب الزندقة والله اعلم
الشيخ حامد العلي - الكويت
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/3)
ما هي الصوفية وما دورها في الجهاد الإسلامي ؟
د. طارق الطواري
مع عودة المد الصوفي للظهور من جديد في الساحة الكويتية في بعض المساجد وإذاعة القرآن الكريم والكتابات الصحفية وعودة الدعوة إلى الخرافة والطرق البدعية وإماتت السنة وإحياء البدعة من خلال ما سبق ونشر كتيبات باسم طلبة العلم في مسجد البشر بمشرف ككتب الدعاء الجماعي ومسح الوجه باليدين بعد الدعاء والدعوات للموالد وزيارة القبور والتوسل بها وقد كتب الدكتور / يوسف الشراح أصلحه الله الأستاذ بكلية الشريعة مقالاً في : 15/4/2004م في جريدة الوطن بعنوان الصوفية الحفة في ميزان شيوخ السلفية .
زعم فيه أن الصوفية على حق وأنهم أهل الجهاد وهم السادة العلماء بالإضافة للغمز واللمز بأئمة السلف الإعلام كشيخ الإسلام وغيره من أجل ذلك كله وجب الإيضاح والبيان كي لا يلتبس الحق بالباطل وأول ذلك التعريف بالصوفية من حيث النشأة والتسمية والطبقات ثم أثرهم المزعوم في الجهاد وقد استعنت في ذلك بما نشر في موقع كشف الشبهات :
www.khayma.com/kshf/M/Suofyah.htm
وبما كتبه الشيخ حسان العتيبي نقلا عن صيد الفوائد وعن كتابه تربية الأولاد في الإسلام في ميزان النقد العلمي :
http://saaid.net/Doat/ehsan/134.htm
والله أسأل أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .
--------------------------------------------------------------------------------
النشأة(/2)
حركة التصوف انتشرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة ، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة معروفة باسم الصوفية ، ويتوخى المتصوفة تربية النفس والسمو بها بغية الوصول إلى معرفة الله تعالى بالكشف والمشاهدة لا عن طريق اتباع الوسائل الشرعية ، ولذا جنحوا في السمار حتى تداخلت طريقتهم مع الفلسفات الوثنية : الهندية والفارسية واليونانية المختلفة .
سبب التسمية
اختلف العلماء في نسبة الاشتقاق على أقوال أرجحها :
ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن خلدون وطائفة كبيرة من العلماء من أنها نسبة إلى الصوف حيث كان شعار رهبان أهل الكتاب الذين تأثر بهم الأوائل من الصوفية .
بداية الانحراف
كدأب أن انحراف يبدأ صغيراً ، ثم ما يلبث إلا أن يتسع مع مرور الأيام فقد تطور مفهوم الزهد في الكوفة والبصرة في القرن الثاني للهجرة على أيدي كبار الزهاد أمثال : إبراهيم بن أدهم ، مالك بن دينار ، وبشر الحافي وغيرهم إلى مفهوم لم يكن موجوداً عند الزهاد السابقين من تعذيب للنفس بترك الطعام ، وتحريم تناول اللحوم ، والسياحة في البراري والصحاري ، وترك الزواج ، يقول مالك بن دينار : ( لا يبلغ الرجل منزلة الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة ، ويأوي إلى مزابل الكلاب ) ، وذلك دون سند من قدوة سابقة أو نص كتاب أو سنة ، ولكن مما يجد التنبيه عليه أنه قد نسب إلى هؤلاء الزهاد من الأقوال المرذولة والشطحات المستنكرة ما لم يثبت عنهم بشكل قاطع كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية .
* ومنذ ذلك العهد أخذ التصوف عدة أطوار أهمها :
- البداية والظهور : ظهر مصطلح التصوف والصوفية أول ما ظهر في الكوفة بسبب قربها من بلاد فارس ، والتأثر بالفلسفة اليونانية بعد عصر الترجمة ، ثم بسلوكيات رهبان أهل الكتاب .
* طلائع الصوفية :(/3)
ظهر في القرنين الثالث والرابع الهجري ثلاث طبقات من المنتسبين إلى التصوف وهي :
- الطبقة الأولى :
كان يغلب على أكثرهم الاستقامة في العقيدة ، والإكثار من دعاوى التزام السنة ونهج السلف ، وإن كان ورد عن بعضهم – مثل الجنيد – بعض العبارات التي عدها العلماء من الشطحات ، ومن أشهر رموز هذا التيار .
- الجنيد : هو أبو القاسم الخراز المتوفي 298هـ يلقيه الصوفية بسيد الطائفة .
- ومن أهم السمات الأخرى لهذه الطبقة كثر الاهتمام بالوعظ والقصص مع قلة العلم والفقه والتحذير من تحصيلهما في الوقت الذي اقتدى أكثرهم بسلوكيات رهبان ونساك أهل الكتاب حيث حدث الالتقاء ببعضهم ، مما زاد في البعد عن سمت الصحابة وأئمة التابعين ، ونتج عن ذلك اتخاذ دور للعبادة غير المساجد ، يلتقون فيها للاستماع للقصائد الزهدية أو قصائد ظاهرها الغزل بقصد مدح النبي صلى الله عليه وسلم مما سبب العداء الشديد بينهم وبين الفقهاء ، كما ظهرت فيهم ادعاءات الكشف والخوارق وبعض المقولات الكلامية ، وفي هذه الفترة ظهرت لهم تصانيف كثيرة .
- ومن أهم هذه السمات المميزة لمذاهب التصوف والقاسم المشترك للمنهج المميز بينهم في تناول العبادة وغيرها ما يسمونه ( الذوق ) والذي أدى إلى اتساع الخرق عليهم مما سهل على اندثار هذه الطبقة وزيادة انتشار الطبقة الثانية التي زاد غلوها وانحرافها .(/4)
- الطبقة الثانية : خلطت الزهد بعبارات الباطنية ، وانتقل فيها الزهد من الممارسة العملية والسلوك التطبيقي إلى مستوى التأمل التجريدي والكلام النظري ، ولذلك ظهر في كلامهم مصطلحات : الوحدة ، والفناء ، والاتحاد ، والحلول ، والسكر ، والصحو ، والكشف ، والبقاء ، والمريد ، والعارف ، والأحوال ، والمقامات ، وشاع بينهم التفرقة بين الشريعة والحقيقة ، وتسمية أنفسهم أرباب الحقائق وأهل الباطن ، وسموا غيرهم من الفقهاء أهل الظاهر والرسوم ، وغير ذلك مما كان غير معروف عند السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة ولا عند الطبقة الأولى من المنتسبين إلى الصوفية ، مما زاد في انحرافها ، فكانت بحق تمثل البداية الفعلية لما صار عليه تيار التصوف حتى الآن .
- ومن أهم أعلام هذه الطبقة : أبو اليزيد البسطامي ت 263هـ ،ذو النون المصري ت 245هـ ، الحلاج ت 309هـ ، أبو سعيد الخزار 277-286هـ ، الحكيم الترمذي ت 320هـ ، أبو بكر الشبلي 334هـ .
- الطبقة الثالثة :
وفيها اختلط التصوف بالفلسفة اليونانية ، وظهرت أفكار الحلول والاتحاد ووحدة الوجود موافقة لقول الفلاسفة ، كما أثرت في ظهور نظريات الفيض والإشراق على يد الغزالي والسهروردي ، وبذلك تعد هذه الطبقة من أخطر الطبقات والمراحل التي مر بها التصوف والتي تعدت مرحلة البدع العملية إلى البدع العلمية التي بها يخرج التصوف عن الإسلام بالكلية ، ومن أشهر رموز هذه الطبقة : الحلاج ت 309هـ ، السهروردي 587هـ ، ابن عربي ت 638هـ ، ابن الفارض 632هـ ، ابن سبعين ت 667هـ .
- الحلاج : أبو مغيث الحسين بن منصور الحلاج 244- 309هـ ولد بفارس حفيدا لرجل زرادشتي ، ونشأ في واسط بالعراق ، وهو أشهر الحلوليين والاتحاديين ، رمي بالكفر وقتل مصلوباً لتهم أربع وجهت إليه :
أ - اتصاله بالقرامطة .
ب - قوله ( أنا الحق ) .
ت - اعتقاد أتباعه ألوهيته .(/5)
ث - قوله في الحج ، حيث يرى أن الحج إلى البيت الحرام ليس من الفرائض الواجب أداؤها .
- يمثل القرن السادس الهجري البداية الفعلية للطرق الصوفية وانتشارها حيث انتقلت من إيران إلى المشرق الإسلامي ، فظهرت الطريقة القادرية المنسوبة لعبد القادر الجيلاني ، المتوفي سنة 561هـ نسب إليه أتباعه من الأمور العظمية فيما لا يقد عليها إلا الله تعالى من معرفة الغيب ، وإحياء الموتى ، وتصرفه في الكون حياً أو ميتاً ، بالإضافة إلى مجموعة من الأذكار والأوراد والأقوال الشنيعة ، ومن هذه الأقوال أنه قال مرة في أحد مجالسه : ( قدمي هذه على رقبة كل ولي لله ) ، وكان يقول : ( من استغاث بي في كربة كشفت عنه ، ومن ناداني في شدة فرجت عنه ، ومن توسل بي في حاجة قضيت له ) ، ولا يخفى ما في هذه الأقوال من الشرك وادعاء الربوبية .
- يقول السيد محمد رشيد رضا : ( ينقل عن الشيخ الجيلاني من الكرامات وخوارق العادات ما لم ينقل عن غيره ، والنقاد من أهل الرواية لا يحفلون بهذه النقول إذ لا أسانيد لها يحتج بها ) ( دائرة المعارف الإسلامية 11/171) .
- كما ظهرت الطريقة الرفاعية المنسوبة لأبي العباس أحمد بن الحسين الرفاعي ت 540هـ ويطلق عليها البطائحية نسبة إلى مكان ولاية بالقرب من قرى البطائح بالعراق ، وينسج حوله كتاب الصوفية – كدأبهم مع من ينتسبون إليهم – الأساطير والخرافات ، بل ويرفعونه إلى مقام الربوبية ، ومن هذه الأقوال : ( كان قطب الأقطاب في الأرض ،ثم انتقل إلى قطبية السماوات ، ثم صارت السماوات السبع في رجله كالخلخال ) ( طبقات الشعراني ص 141، قلادة الجواهر ص 42) .(/6)
- وفي هذا القرن ظهرت شطحات وزندقة السهر وردي شهاب الدين أبو الفتوح محيي الدين بن حسن 549-587هـ ثم خلفه عبد الرحيم بن عثمان ت 604هـ ، صاحب مدرسة الإشراق الفلسفية التي أساسها الجمع بين آراء مستمدة من ديانات الفرس القديمة ومذاهبها في ثنائية الوجود وبين الفلسفة اليونانية في صورتها الأفلاطونية الحديثة ومذهبها في الفيض أو الظهور المستمر ، ولذلك اتهمه علماء حلب بالزندقة والتعطيل والقول بالفلسفة الإشراقية مما حدا بهم أن يكتبوا إلى السلطان صلاح الدين الأيوبي محضراً بكفره وزندقته فأمر بقتله ردة ، وإليه تنسب الطريقة السهروردية ومذاهبها في الفيض أو الظهور المستمر .
- في القرن السابع الهجري دخل التصوف الأندلس وأصبح ابن عربي الطائي الأندلسي أحد رؤوس الصوفية حتى لقب بالشيخ الأكبر ، أعاد ابن عربي ، وابن الفارض ، وابن سبعين ، عقيدة الحلاج ، وذي النون المصري ، والسهروردي .
- محيي الدين ابن عربي : الملقب بالشيخ الكبر 560-638هـ رئيس مدرسة وحدة الوجود ، يعتبر نفسه خاتم الأولياء ، طرح نظرية الإنسان الكامل التي تقوم على أن الإنسان وحده من بين المخلوقات يمكن أن تتجلى فيه الصفات الإلهية إذا تيسر له الاستغراق في وحدانية الله .
- أبو الحسن الشاذلي ت 656هـ : صاحب ابن عربي ، من أشهر تلاميذ مدرسة أبو السحن الشاذلي ت 656هـ أبو العباس ت 686هـ ، وإبراهيم الدسوقي ، وأحمد البدوي ت 675هـ .
- وفي القرن السابع ظهر أيضاً جلال الدين الرومي صاحب الطريقة المولوية بتركيا ت 672هـ .
أصبح القرن الثامن والتاسع الهجري ما هو إلا تفريع وشرح لكتب ابن عربي وابن الفارض وغيرهما ، ولم تظهر فيه نظريات جديدة في التصوف .
وفي القرن التاسع ظهر محمد بهاء الدين النقشبندي مؤسس الطريقة النقشبندية ت 791هـ .(/7)
وكذلك القرن العاشر ما كان إلا شرحاً أو دفاعاً عن كتب ابن عربي ، فزاد الاهتمام فيه بتراجم أعلام التصوف ، والتي اتسمت بالمبالغة الشديدة .
- وفي القرون التالية اختلط الأمر على الصوفية ، وانتشرت الفوضى بينهم وبدأت مرحلة الدراويش
- ومن أهم ما تتميز به القرون المتأخرة ظهور ألقاب شيخ السجادة ، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية ، والخليفة والبيوت الصوفية التي هي أقسام فرعية من الطرق نفسها مع وجود شيء من الاستقلال الذاتي يمارس بمعرفة الخلفاء ، كما ظهرت فيها التنظيمات والتشريعات المنظمة للطرق تحت مجلس وإدارة واحدة الذي بدأ بفرمان أصدره محمد على باشا والي مصر يقضي بتعين محمد البكري خلفا لوالده شيخا للسجادة البكرية وتفويضه في الإشراف على جميع الطرق والتكايا والزوايا والمساجد التي بها أضرحة كما له الحق في وضع مناهج التعليم التي تعطي فيها ، وذلك كله في محاولة لتفويض سلطة شيخ الأزهر وعلمائه ، وقد تطورت نظمه وتشريعاته ليعرف فيما بعد بالمجلس الأعلى للطرق الصوفية في مصر .
ومن أشهر رموز هذه القرون المتأخرة : - عبد الغني النابلسي 1050-1287هـ ، أبو السعود البكري المتوفي 1812م ، أبو الهدى الصيادي الرفاعي 1220-1287هـ ، عمر الفوتي الطوري السنغالي الأزهري التيجاني ت 1281هـ ، محمد عثمان الميرغني ت 1268هـ ، أبو الفيض محمد بن عبد الكبير الكتاني ، فقيه متفلسف ، من أهل فاس بالمغرب ، أسس الطريقة الكتانية 1290-1327هـ ، انتقد عليه علماء فاس بعض أقواله ونسبوه إلى فساد الاعتقاد ، أحمد التيجاني ت 1230هـ
مصادر التلقي عند الصوفية
- الكشف : ويعتمد الصوفية الكشف مصدراً وثيقاً للعلوم والمعارف ، بل تحقيق غاية عبادتهم ، ويدخل تحت الكشف الصوفي جملة من الأمور منها :
1- النبي صلى الله عليه وسلم : ويقصدون به الأخذ عنه يقظة أو مناماً .(/8)
2- الخضر عليه الصلاة والسلام : قد كثرت حكايتهم عن لقياه ، والأخذ عنه أحكاماً شرعية وعلوماً دينية ، وكذلك الأوراد ، والأذكار والمناقب .
3- الإلهام : سواء كان من الله تعالى مباشرة ، وبه جعلوا مقام الصوفي فوق مقام النبي حيث يعتقدون أن الولي يأخذ العلم مباشرة عن الله تعالى .
4- الفراسة : والتي تختص بمعرفة خواطر النفوس وأحاديثها .
5- الهواتف : من سماع الخطاب من الله تعالى ، أو من الملائكة ، أو الجن الصالح ، أو من أحد الأولياء ، أو الخضر ، أو إبليس ، سواء كان مناماً أو يقظة أو في حالة بينهما بواسطة الأذن .
6- الإسراءات والمعاريج : ويقصدون بها عروج روح الولي إلى العالم العلوي ، وجولاتها هناك ، والإتيان منها بشتى العلوم والأسرار .
7- الكشف الحسي : بالكشف عن حقائق الوجود بارتفاع الحجب الحسية عن عين القلب وعين البصر .
8- الرؤى والمنامات : وتعتبر من أكثر المصادر اعتماداً عليها حيث يزعمون أنهم يتلقون فيها عن الله تعالى ، أو عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عن أحد شيوخهم لمعرفة الأحكام الشرعية .
- التلقي عن الأنبياء غير النبي صلى الله عليه وسلم وعن الأشياخ المقبورين .
الأفكار والمعتقدات
- يعتقد عقائد الصوفية وأفكارهم وتتعدد مدارسهم وطرقهم ويمكن إجمالها فيما يلي :
- يعتقد المتصوفة في الله تعالى عقائد شتى ، منها الحلول كما هو مذهب الحلاج ، ومنها وحدة الوجود حيث عدم الانفصال بين الخالق والمخلوق ، ومنهم من يعتقد بعقيدة الأشاعرة والماتريدية في ذات الله تعالى وأسمائه وصفاته .(/9)
- والغلاة منهم يعتقدون في الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا عقائد شتى ، فمنهم من يزعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصل إلى مرتبتهم وحالهم ، وأنه كان جاهلاً بعلوم رجال التصوف كما قال البسطامي : ( خضنا بحرا وقف الأنبياء بساحله ) ، ومنهم من يعتقد أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو قبة الكون ، وهو الله المستوي على العرش وأن السماوات والأرض والعرش والكرسي وكل الكائنات خلقت من نوره ، وأنه أول موجود وهذه عقيدة ابن عربي ومن تبعه ، ومنهم من لا يعتقد بذلك بل يرده ويعتقد ببشريته ورسالته ولكنهم مع ذلك يستشفعون ويتوسلون به صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى على وجه يخالف عقيدة أهل السنة والجماعة .
- وفي الأولياء يعتقد الصوفية عقائد شتى ، فمنهم من يفضل الولي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنهم يجعلون الولي مساوياً لله في كل صفاته ، فهو يخلق ويرزق ، ويحيي ويميت ، ويتصرف ف الكون ، ولهم تقسيمات للولاية ، فهناك الغوث ، والأقطاب ، والأبدال والنجباء حيث يجتمعون في ديوان لهم في غار حراء كل ليلة ينظرون في المقادير ، ومنهم من لا يعتقد ذلك ولكنهم أيضا يأخذونهم وسائط بينهم وبين ربهم سواء كان في حياتهم أو بعد مماتهم .
وكل هذا بالطبع خلاف الولاية في الإسلام التي تقوم على الدين والتقوى ، وعمل الصالحات ، والعبودية الكاملة لله والفقر إليه ، وأن الولي لا يملك من أمر نفسه شيئاً فضلا عن أنه يملك لغيره ، قال تعالى لرسوله : ( قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً ) الجن : 21) .
- يعتقدون أن الدين شريعة وحقيقة ، والشريعة هي الظاهر من الدين وأنها الباب الذي يدخل منه الجميع ، والحقيقة هي الباطن الذي لا يصل إليه إلا المصطفون الأخيار .
- التصوف في نظرهم طريقة وحقيقة معاً .
- لابد في التصوف من التأثير الروحي الذي لا يأتي إلا بواسطة الشيخ الذي أخذ الطريقة عن شيخه .(/10)
- لابد من الذكر والتأمل الروحي وتركيز الذهن في الملأ الأعلى ، وأعلى الدرجات لديهم هي درجة الولي .
- يتحدث الصوفيون عن العلم اللدني الذي يكون في نظرهم لأهل النبوة والولاية ، كما كان ذلك للخضر عليه الصلاة والسلام ، حيث أخبر الله تعالى عن ذلك فقال : ( وعلمناه من لدنا علما ) .
- شطحات الصوفية :
سلك بعضهم طريق تخضير الأرواح معتقداً بأن ذلك من التصوف ، كما سلك آخرون طريق الشعوذة والدجل ، وقد اهتموا ببناء الأضرحة وقبور الأولياء وإنارتها وزيارتها والتمسح بها ، وكل ذلك من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان .
- يقول بعضهم بارتفاع التكاليف – إسقاط التكاليف – عن الولي ، أي أن العبادة تصير لالزوم لها بالنسبة إليه ، لأنه وصل إلى مقام لا يحتاج معه إلى القيام بذلك.
- يستخدم الصوفيون لفظ ( الغوث والغياث ) وقد أفتى ابن تيمية كما جاء في كتاب مجموع الفتاوى ص 437 : ( فأما لفظ الغوث والغياث فلا يستحقه إلا الله ، فهو غوث المستغيثين ، فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره لا بملك مقرب ولا نبي مرسل ) .
- لقد أجمعت كل طرق الصوفية على ضرورة الذكر ، وهو عند النقشبندية لفظ الله مفرداً ، وعند الشاذلية لا إله إلا الله ، وعند غيرهم مثل ذلك مع الاستغفار والصلاة على النبي ، وبعضهم يقول : هو هو ، بلفظ الضمير ، وفي ذلك يقول ابن تيمية في كتاب مجموع الفتاوى ص229 : ( وأما الاقتصار على الاسم المفرد مظهراً أو مضمراً فلا أصل له ، فضلاً عن أن يكون من ذكر الخاصة والعارفين ، بل هو وسيلة إلى أنواع من البدع والضلالات ، وذريعة إلى تصورات أحوال فاسدة من أحوال أهل الإلحاد وأهل الاتجاد ).
ويقول في ص228 أيضاً : ( من قال : يا هو يا هو ، أو هو هو ،ونحو ذل، لم يكن الضمير عائداً إلا إلى ما يصوره القلب ، والقلب قد يهتدي وقد يضل ) .(/11)
- قد يأتي بعض المنتسبين إلى التصوف بأعمال عجيبة وخوارق ، وفي ذلك يقول ابن تيمية ص 494 : ( وأما كشف الرؤوس ، وتفتيل الشعر ، وحمل الحيات ، فليس هذا من شعار أحد من الصالحين ، ولا من الصحابة ، ولا من التابعين ، ولا شيوخ المسلمين ، ولا من المتقدمين ، ولا من المتأخرين ، ولا الشيخ أحمد بن الرفاعي ، وإنما ابتدع هذا بعد موت الشيخ بمدة طويلة ) .
- ويقول أيضاً في ص 504 : ( وأما النذر للموتى من الأنبياء والمشايخ وغيرهم أو لقبورهم أو المقيمين عند قبورهم فهو نذر شرك ومعصية لله تعالى ) .
- وفي ص 506 من نفس الكتاب : ( وأما الحلف بغير الله من الملائكة والأنبياء والمشايخ والملوك وغيرهم فإنه منهي عنه ) .
- ويقول في ص 505 من نفس الكتاب أيضاً : ( وأما مؤاخاة الرجال والنساء الجانب وخلوتهم بهن ، ونظرهم إلى الزينة الباطنة ، فهذا حرام باتفاق المسلمين ، ومن جعل ذلك من الدين فهو من إخوان الشياطين ) .
* من أبرز المآخذ التي تؤخذ على الصوفية ما يلي :
1- الحلول والاتحاد
2- وحدة الوجود
3- الشرك في توحيد الألوهية وذلك بصرف بعض أنواع العبادة لغير الله تعالى .
4- الشرك في توحيد الربوبية وذلك باعتقادهم أن بعض الأولياء يتصرفون في الكون ويعلمون الغيب ..
5- الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم .
6- الغلو في الأولياء .
7- الادعاءات الكثيرة الكاذبة ، كادعائهم عدم انقطاع الوحي ومالهم من المميزات في الدنيا والآخرة .
8- يتساهل بعض الصوفية في التزام أحكام الشرع .
9- طاعة المشايخ الخضوع لهم ، والاعتراف بذنوبهم بين أيديهم ، والتمسح بأضرحتهم بعد مماتهم .(/12)
10- تجاوزات كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان ، في هيئة ما يسمونه الذكر ، وهو هز البدن والتمايل يميناً وشمالاً ، وذكر كلمة الله في كل مرة مجردة ، والادعاء بأن المشايخ مكشوف عن بصيرتهم ، ويتوسلون بهم لقضاء حوائجهم ، ودعاؤهم بمقامهم عند الله في حياتهم وبعد مماتهم .
- لقد فتح التصوف المنحرف باباً واسعاً دخلت منه كثير من الضلالات والبدع التي تخرج صاحبها من الإسلام .
أماكن الانتشار
انتشر التصوف على مدار الزمان وشمل معظم العالم الإسلامي ، وقد نشأت فرقهم وتوسعت في مصر والعراق وشمال غرب أفريقيا ، وفي غرب ووسط وشرق آسيا .
- تراجعت الصوفية وذلك ابتداءً من نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ولم يعد لها ذلك السلطان الذي كان لها فيما قبل ، وذلك بالرغم من دعم بعض الدول الإسلامية للتصوف كعامل مثبط لتطلعات المسلمين في تطبيق الإسلام الشمولي .
وأما دور الصوفية المزعوم في الجهاد في سبيل الله الذي أشار إليه بعض الكتاب ( بأن الملوك والأمراء متى قصدوا الجهاد كان كثير من شيوخ الصوفية يوعزون إلى أتباعهم ويحرضونهم على الخروج في سبيل الله فلتستمع إلى أقوال السادة العلماء في حقيقة جهاد المتصوفة ووقوفهم في وجه أعداء الأمة .(/13)
قال الشيخ عبد الرحمن الوكيل (1) رحمه الله : ويزعمون أن الصوفية جاهدت حتى نشرت الإسلام في بقاع كثيرة ولقد علمت ما دين الصوفية ؟ ! فما نشروا إلا أساطير حمقاء ، وخرافات بلهاء ، وبدعاً بلقاء شوهاء ، ما نشروا إلا وثنية تؤله الحجر ، وتعبد الرمم ، ما نشروا دينهم إلا في حماية الغاصب المستعمر ، وطوع هوى الغاصب المستعمر ، فعدو الإسلام يوقن تماماً أن البدع هي الوسيلة التي تصل إلى الهدف دائماً ، لكي يقضوا على الإسلام وأهله ، فعلها قديما ويفعلها حديثا ، اقرأوا تاريخكم إن كنت تمترون ، أروني صوفياً واحداً قاتل في سبيل الله ؟ أروني صوفياً واحداً جالد الاستعمار أو كافحه أو دعا إلى ذلك ؟ إن كل من نسب إليهم مكافحة المستعمر – وهم قلة – لم يكافحوه إلا حين تخلى عنهم ، فلم يطعمهم السحت من يديه ولم يبح لهم جمع الفتات من تحت قدميه ، وإلا حين قهرت فيهم عزة الوطنية ذلك الصوفية فقاتلوه حمية لا لدين .
وقال أيضاً :
سقط بيت المقدس في يد الصليبيين عام (492هـ ) ، و " الغزالي " الزعيم الصوفي الكبير على قيد الحياة ، فلم يحرك منه هذا الحادث الجلل شعوراً واحداً ، ولم يجر قلمه بشيء عنه في كتبه ، لقد عاش " الغزالي " بعد ذلك 13 عاماً _ إذا مات سنة (505هـ ) ، فما ذرت دمعة واحدة ولا استنهض همة مسلم ليذود عن الكعبة الأولى .بينما سواه من الشعراء يقول :
أحل الكفر بالإسلام ضيماً يطول عليه للدين نحيب
وكم من مسجد جعلوه ديراً على محرابه نصب الصليب
دم الخنزير فيه لهم خلوف وتحريق المصاحف فيه طيب
أهز هذا الصراخ الموجع زعامة الغزالي ؟ كلا ، إذ كان عاكفاً على كتبه يقرر فيها أن الجمادات تخاطب الأولياء ، ويتحدث عن " الصحو" و " المحو" ، ودون أن يقاتل أو يدعو غيره إلى قتال .(/14)
و" ابن عربي " و " ابن الفارض " الزعيمان الصوفيان الكبيران عاشا في عهد الحروب الصليبية ، فلم نسمع عن واحد منهما أنه شارك في قتال ، أو دعا إلى قتال ، أو سجل في شعره أو نثره آهة حسرى على الفواجع التي نزلت بالمسلمين ، لقد كانا يقرران للناس أن الله هو عين كل شيء ، فليدع المسلمون الصليبيين ، فما هم إلا الذات الإلهية متجسدة في تلك الصور ، هذا حال أكبر زعماء الصوفية ، وموقفهم من أعداء الله ، فهل كافحوا غاصباً أو طاغياً ؟
وقال أيضاً :
ثم اقرؤوا ما كتب الزعيم " مصطفى كامل " في كتابه " المسألة الشرقية " ( ومن الأمور المشهورة عن احتلال فرنسة " للقيروان : أن رجلاً فرنساوياً دخل في الإسلام ، وسمى نفسه " سيد أحمد الهادي " واجتهد في تحصيل الشريعة حتى وصل إلى درجة العالمية ، وعين إماماً لمسجد كبير في " القيروان " فلما اقترب الجنود الفرنساوية من المدينة : استعد أهلها للدفاع عنها ، وجاءوا يسألونه أن يستشير لهم ضريح شيخ في المسجد ! يعتقدون فيه ، فدخل " سيد أحمد " الضريح ، ثم خرج مهولاً لهم بما سينالهم من المصائب ، وقال لهم بأن الشيخ ينصحكم بالتسليم (2) لأن وقوع البلاد صار بحتاً ، فاتبع القوم البسطاء قوله ، ولهم يدافعوا عن " القيروان " أقل دفاع بل دخلها الفرنساويون آمنين ) أ.هـ .
وحين أغار الفرنجة على " المنصورة " قبل منتصف القرن السابع الهجري ، اجتمع زعماء الصوفية ، أتدري لماذا ؟ لقراءة " رسالة القشيري " والمناقشة في كرامات الأولياء ( من أجل ذلك يجب ألا نستغرب إذا رأينا المستعمرين يغدقون على الصوفية الجاه والمال ، فرب مفوض سام لم يكن يرضى أن يستقبل ذوي القيمة الحقيقية من وجوه البلاد ، ثم تراه يسعى إلى زيارة " حلقة " من حلقات الذكر ، ويقضي هنالك زيارة سياسية تستغرق الساعات ، أليس التصوف الذي على هذا الشكل يقتل عناصر المقاومة في الأمم ) (3) أ.هـ .(/15)
ثم إن كل من نسبت إليهم الصوفية أنهم جاهدوا في سبيل الله عملوا على نشر الإسلام ليسوا صوفيين ، وإنما حشرتهم الصوفية في زمرتها زوراً وبهتاناًَ ، هذه هي الصوفية " (ص170-172) .
ب . وقال الشيخ " محمد أحمد لوح " حفظه الله : أما عقيدة وحدة الوجود التي نادى بها هؤلاء المتصوفة : فتهدف إلى إلغاء الأحكام _ ( أي : موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين ) – تحت مظلة وحدة الأديان . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – عند بيان المراتب الصوفية – " وأما المرتبة الثالثة : أن لا يشهد طاعة ولا معصية ، فإنه يرى أن الوجود واحد ، وعندهم أن هذا غاية التحقيق والولاية لله ، فإن صاحب هذا المشهد يتخذ اليهود النصارى وسائر الكفار أولياء .. أ.هـ (4)
وهذا هو الواقع ، فإن الصوفي كلما تقدم به تصوفه وازداد غلوا فيه ، قلت غيرته الدينية ، فالشيخ " عبد الرحمن الصباغ " الذي ضاق ذرعاً بالعيش في صعيد مصر لكثرة من به من اليهود والنصارى قال في أخريات حياته " إنه ليود معانقة اليهود والنصارى كما يعانق أحد أبناء الإسلام " ( 5) .
وبالغلو في الفكر الصوفي يصل المرء إلى حد لا يغضب لله بلده الغيرة لدينه ، كما يقرر " ابن عربي " في قوله " ومن اتسع في علم التوحيد ولم يلزم الأدب الشرعي فلم يغضب لله ولا نفسه ... فإن التوحيد يمنعه من الغضب ، لأنه في نظره ما ثم من يغضب عليه لأحدية العين عنده في جميع الأفعال المنسوبة إلى العالم ، إذ لو كان عنده مغضوب عليه لم يكن توحيد ، فإن موجب الغضب إنما هو الفعل ، ولا فاعل إلا الله " . (6)(/16)
ويبدو أن الصوفية قضوا على مجاهدة الكفار بالسيف بواسطة بث هذا الفكر ، كما أماتوا الغيرة الدينية والانتصار للحق ، فيقرر " التيجاني " أن " الأصل في كل ذرة في الكون أنها مرتبة للحق سبحانه وتعالى ، ويتجلى فيها بما شاء من أفعاله وأحكامه ، والخلق كلهم مظاهر أحكامه وكمالات ألوهيته ... ويستوي في هذا الميدان : الحيوان والجمادات والآدمي وغيره ، ولا فرق بين الآدمي وبين المؤمن والكافر فإنهما مستويان في هذا البساط ، ويكون على هذا ، الأصل في الكافر التعظيم لأنه مرتبة من مراتب الحق ... ولا يكون هذا إلا لمن عرف وحدة الوجود " (7) .
فأنت ترى أنه أقر أن من عرف وحدة الوجود : اعتقد أن تعظيم الكفار لابد منه لكونهم مرتبة من مراتب الحق ، أما إهانتهم وإذلالهم فلا تعدو أن تكون أحكاما طارئة ، والتعويل إنما هو على الأصل لا على ما طرأ .
وقال – ( أي : التيجاني ) – في رسالة إلى أهل فارس " وسلموا للعامة وولاة الأمر ما أقامهم الله فيه من غير تعرض لمنافرة أو تبعيض أو تنكير ، فإن الله هو الذي أقام خلقه فيما أراد ، ولا قدرة لأحد أن يخرج الخلق عما أقامهم الله فيه " (8) .
ولا ريب أن هذا الفكر يهدف إلى القضاء على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إسداء النصيحة لكل أحد ، ومحو الجهاد باللسان قبل الجهاد بالسنان ، وإلى مثل هؤلاء الناس أشار ابن تيمية حين قال " وهذا يقوله كثير من شيوخ هؤلاء الحلولية ، حتى إن أحدهم إذا أمر بقتال العدو يقول : " أقاتل الله ؟ ما أقدر أن أقاتل الله " ، ونحو هذا الكلام الذي سمعناه من شيوخهم وبينا فساده لهم وضلالهم " (9) .(/17)
ومن هنا أنتقد كثير من الباحثين " أبا حامد الغزالي " لسكوته عن غزو الصليبيين للمسلمين رغم معايشته إياه ، فلم يذكرهم بشيء في كتاباته الكثيرة ، فضلاً عن أن يشارك في انتفاضة (10) المسلمين وجهادهم ضدهم . فيقول الدكتور الأعسم " وهو يعني : سكوته عنهم – أمر يدعونا إلى نظر عميق في أن الغزالي لابد كان قد استبطن عقيدة حطمت أمامه كل الفروق الدينية أو العنصرية ، أو أنه فشل في أن يظل مكافحاً من أجل الدين ، وإلا فما هو سبب إهماله لذكر الصليبيين وأنهم أخطر على الإسلام من الباطنية والفلاسفة ؟ فكل مؤلفات الغزالي التي ثبتت له خالية من الإشارة إلى الصليبيين (11) . أ.هـ . " تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي " (1/568-570) للشيخ " محمد أحمد لوح " .
ج. ولما تحدى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله طائفة " الرفاعية " الأحمدية " أمام نائب السلطنة (سنة 705هـ ) قال شيخ المنيبع " الشيخ صالح " منهم : نحن أحوالنا إنما تنفق عند التتر ! ليست تنفق عند الشرع ! .
قال ابن كثير رحمه الله : فضبط الحاضرون عليه تلك الكلمة ، وكثير الإنكار عليهم من كل أحد ثم اتفق الحال على أنهم يخلعون الأطواق الحديد من رقابهم ، وأن من خرج عن الكتاب والسنة ضربت عنقه . أ . هـ " البداية والنهاية " (14/38) .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
جمعه د. طارق الطواري.
------------------------------
(1) وقد كان من كبار أهل التصوف ثم هداه الله ، فصار من أئمة السلفيين في مصر ، وكان وكيلاً لجماعة أنصار السنة هناك ، فرحمه الله .(/18)
(2) والتاريخ يعيد نفسه ، فلما جاء " السادات " من الصلح مع يهود استقبله شيوخ الطرق الصوفية في مصر في المطار ، وكان عدد مندوبي الطرق 72 مندوبا ! ، فوقف الشيخ " محمد جميل غازي " رحمه الله على المنبر ، وقال " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال " وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ط فاثنتان وسبعون في المطار وواحدة في القاهرة " ! .
(3) " عمر فروخ " في كتابه " التصوف في الإسلام " .
(4) " الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان " (ص93-94) .
(5) " الصوفية في الإسلام " (ص87) .
(6) " الفتوحات المكية " (5/270) .
(7) " جواهر المعاني " (2/91-92) .
(8) " جواهر المعاني " (2/165-166) .
(9) " مجموعة الرسائل والمسائل " (1/110-111) .
(10) وقد عد الشيخ " بكر أبو زيد " هذا اللفظ من الألفاظ المولدة الدخيلة وقال " لا ينتقض إلا العليل كالمهموم والرعديد " أ.هـ " معجم المناهي اللفظية " (ص86) .
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/19)
ماذا يقول ابن عربي في فتوحاته
الدكتور محمد جميل غازي
إذا كانت الخرافة مدسوسة عليهم فلماذا يبقون عليها ؟!
ليس في الكتاب ولا في السنة شيء اسمه التصوف !!
متى قال الرسول.. إن للقرآن ظاهراً.. وباطناً ؟!
هناك أكثر من سبب يدعونا إلى أن نلتقي مرة أخرى بالرجل الذي شن هجوماً عنيفاً على التصوف والصوفية.. كان منه على سبيل المثال ذلك السيل المنهمر من رسائل القراء الذين تجاوبوا معه فيما ذهب إليه من اتهام للصوفية بالتناقض مع الإسلام، وطالبوا بأن تفسح له الجريدة صفحاتها لكي يعطي ما عنده، ويجيب على ما أرسلوه من أسئلة واستفسارات.. ثم كان هناك سبب يتمثل في سؤال هام: ترى ماذا يكون رأيه في التصوف بعد الحوار الذي أجريناه مع الدكتور "أبو الوفا التفتازاني" أستاذ التصوف الإسلامي بجامعة القاهرة، والذي أوضحت فيه كثيراً من اللبس الذي اكتنف قضايا الصوفية واستنكر فيه كثيراً من الشوائب التي تخرج عن آداب التصوف الصحيح.
تأليه "إبليس" في طبقات الشعراني:
وعلى غير موعد كان هذا اللقاء مع الأستاذ محمد جميل غازي إمام مسجد العزيز بالله في مكتبته الحافلة بالمؤلفات العديدة في الفقه والحديث والتفسير واللغة، والأدب، والتاريخ.
قلنا له في محاولة للاعتذار عن هذه الزيارة المفاجئة: ربما اخترنا موعداً غير مناسب ولكن قد يكون ما جئنا من أجله يستحق أن تضحي معه بالقراءة.(/1)
فيجيب مبتسماً: لم أن أقرأ بالمعنى المفهوم، ولكني كنت أسلي نفسي باستعراض بعض كرامات الصوفية وهي في الواقع مجموعة من الطرائف والأساطير تستحق أن أعرض عليكم بعضاً منها.. اسمعوا معي ماذا يقول الشعراني في كتابه (الطبقات الكبرى) وهو يتحدث عن سيده محمد الخضري ثم يقرأ: "أخبرني الشيخ أبو الفضل السرسي أنه جاءهم يوم الجمعة فسألوه الخطبة، فطلع المنبر فحمد الله وأثنى عليه ومجده ثم قال: "وأشهد أن لا إله لكم إلا إبليس عليه الصلاة والسلام" فقال الناس: كفر!! فسل السيف ونزل فهرب الناس كلهم من الجامع فجلس على المنبر إلى أذان العصر، وما تجرأ أحد أن يدخل الجامع ثم جاء بعض أهالي البلاد المجاورة، فأخبر أهل كل بلدة أنه خطب عندهم وصلى بهم، فعددنا له ذلك اليوم ثلاثين خطبة، هذا ونحن نراه جالساً عندنا في البلدة"!!
وقبل أن يمضي الأستاذ جميل غازي في عرض نماذج أخرى من هذه الشعوذة نستوقفه لنقول: ليكن ما قرأته علينا هو منطلقنا لبداية حوارنا معك اليوم.. إن بعض أقطاب الصوفية يعتبرون أن أمثال هذه الخرافات أمور مدسوسة على التصوف، وأن القول بما قد شاع في عصور التدهور الفكري والحضاري، ولقد سبق أن أوضح الدكتور "التفتازاني" أن العشراني نفسه قد ذكر أن خصومه دسوا عليه آراء لم يقل بها للنيل من مكانته.. لذلك فقد لا يكون من العدل اتهام التصوف ومحاولة إدانته من خلال كتابات يتبرأ منها مشايخ الصوفية أنفسهم.(/2)
ويجيب سيادته قائلاً: إن ادعاء الدس ليس جديداً على الصوفية، فهم دائماً يلجئون إلى هذه الحجة لإغلاق باب المناقشة حول أي موضوع يرون أن الحق قد جانبهم فيه، ومن ناحية أخرى.. إذا كانت هذه الخرافات التي حفل بها كتاب الطبقات الكبرى للشعراني قد دست عليه كما يقولون، فلماذا نراها في جميع طبعات هذا الكتاب القديم منها والحديث؟ ولماذا يترك مشايخ الصوفية هذا الكتاب في متناول أيدي أتباعهم يستقون منه معرفتهم بالدين؟ ألم يكن من المنطق – إن صح ادعائهم – أن يبادروا إلى جميع هذه الكتب ومنع تداولها أو على الأقل إعادة تحقيقها بحيث تستبعد منها هذه الأمور المدسوسة؟ ولكن الحاصل هو عكس ذلك تماماً، إنهم يحيطون الشعراني وطبقاته بحصانة وقداسة لا حد لها، بل إنهم يقيمون منزلة الصوفي بقدر إيمانه بما جاء بهذا الكتاب.(/3)
ثم يستطرد د. جميل غازي متسائلاً: ثم لماذا هذا الادعاء بالدس على كتاب (الطبقات) وهناك عشرات من كتب الصوفية تمتلئ بمثل ما امتلأ به كتاب الطبقات من خرافات وخبل وضلال؟.. خذ مثلاً كتاب (الإنسان الكامل) وفيه يشرح "أبو يزيد البسطامي" من أئمة الصوفية كيفية حلول الله فيه فيقول: "دفع بي مرة حتى قمت بين يديه فقال لي: يا أبا يزيد إن خلقي يحبون أن يروك، قلت: يا عزيزي وأنا أحب أن يروني. فقال: يا أبا يزيد إني أريد أن أريكهم. فقلت: يا عزيزي إن كانوا يحبون أن يروني وأنت تريد ذلك وأنا لا أقدر على مخالفتك، فزيني بوحدانيتك وألبسني ربانيتك، وارفعني إلى أحديتك حتى إذا رآني خلقك قالوا رأيناك فيكون أنت ذاك ولا أكون أنا هناك. ففعل بي ذلك".. ثم اسمعوا ماذا يقول الحلاج وهو يشرح لنا عقيدة الحلول: "من هذب نفسه في الطاعة لا يزال يصفو ويرتقي في درجات المصفاة حتى يصفو عن البشرية فإذا لم يبق فيه من البشرية حظ حل فيه روح الإله الذي حل في عيسى ابن مريم وكان جميع فعله فعل الله تعالى"، وفي كتاب (النفحات القدسية) يقول محمد بهاء الدين البيطار أحد مشايخ الصوفية:
وما الكلب والخنزير إلا إلهنا *** وما الله إلا راهب في كنيسة
ثم يعقب د. جميل غازي متسائلاً: هل هذه الآراء والمعتقدات في الحلول والاتحاد ووحدة الوجود التي امتلأت بها كتب مشايخ الصوفية هي أيضاً أمور مدسوسة عليها !!
احذفوا البدع تسقط الصوفية !!(/4)
قلنا.. دعنا من مناقشة هذه العقائد التي نتفق معك في أنها تتصادم بالفعل مع عقيدة التوحيد الإسلامية فإن أقطاب الصوفية المعاصرين يرون أن من قال بهذه الأفكار هم قلة من أصحاب التصوف الفلسفي من أمثال البسطامي والحلاج وابن عربي، ويقولون أنه تصوف يكتنفه كثير من الغموض ويحتمل تأويلات شتى.. إنما الذي يعنينا الآن هو التصوف السني الذي يدعو إليه الصوفية المحققون، والذين يؤكدون أن مقياسه الصحيح هو الكتاب والسنة، ومادام الأمر كذلك فلماذا يرفض التصوف بل ويتهم بأنه بدعة تتناقض مع الإسلام؟
ويجيب د. جميل غازي بنبرة حادة: اسمع..أليس هناك ما يسمى "تصوفاً سنياً".. إنني أحذر بشدة من هذه المحاولة للتضليل والخداع والبحث عن مسميات يحاول بها الصوفية إضفاء الشرعية على مذهب يتناقض في أساسه مع الكتاب والسنة.. إن هذه المحاولة من جانبهم لربط التصوف بالسنة تذكرني بتلك المحاولة الفاشلة التي يلجأ إليها الشيوعيون في الوقت الحالي للإيهام بأن الشيوعية تتمشى مع مبادئ الإسلام.
ويضيف متسائلاً: ثم هذه العبارة (تصوف سني) ألا تحتوي على مغالطة فاضحة؟. إن كلمة (تصوف) لم ينطق بها الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم يقلها، ولم يدع إليها فكيف يزعم زاعم أنها (سنة!!) ثم يذهب بعد ذلك إلى القول بأن هناك تصوفاً سنياً؟ ومن جهة أخرى فإن هذه العبارة توحي – بمفهوم المخالفة – أن هناك تصوفاً بدعياً.. فما هو هذا التصوف البدعي حتى نميزه عن التصوف الذي يريدون منه أن يكون سنياً؟ إنني أدعوهم أن يقدموا لنا كشفاً دقيقاً بأنواع البدع التي يريدون حذفها من التصوف ثم يقولوا لنا ماذا يتبقى منه!! ثم يبتسم د. جميل غازي ساخراً ويقول: إنهم لو فعلوا ذلك فسيكون على رأس قائمة البدع اسم التصوف نفسه، لأنه بدعة لم ينطق بها الرسول صلى الله عليه وسلم .(/5)
قلنا: ولكننا نرى أن مجرد عدم استعمال الرسول صلى الله عليه وسلم لكلمة تصوف لا ينبغي أن يكون مبرراً لتجرد التصوف من شرعيته.. فإن هناك أيضاً كثيراً من العلوم الإسلامية لم تكن معروف أيام الرسول صلى الله عليه وسلم ، من بينها على سبيل المثال علوم الفقه والحديث والكلام والتفسير، ومع ذلك فهي علوم معترف بها وتؤدي دورها في خدمة الدعوة الإسلامية.. وبالنسبة للتصوف فلا مجال في رأينا للاعتراض عليه كعلم إسلامي ومنهج يستهدف دراسة الأخلاق وتقويم السلوك وتربية النفوس، طالما كان يستند إلى الكتاب والسنة وهذا ما يقصدونه بتعبير التصوف السني!
ويجيب فضيلته قائلاً: أحب أولاً أن أعترض على اعتبار التصوف علماً إسلامياً، فالتصوف في حقيقته مزيج من أفكار ومعتقدات مجوسية وبوذية ومسيحية ويهودية ويونانية.. وهذه حقيقة يعترف بها المستشرقون الذين درسوا هذا النوع من التصوف المسمى بالتصوف الإسلامي.. فهذا هو "فون كريمر" يقول في كتابه (تاريخ الأفكار البارزة في الإسلام): "إن في التصوف عنصرين مختلفين أولهما مسيحي رهباني، والثاني هندي بوذي" ويذهب المستشرق "ثولك" إلى أن التصوف مأخوذ من أصل مجوسي، كما أن مؤسسي فرق الصوفية الأوائل كانوا من نفس ذلك الأصل المجوسي، وكذلك يقول المستشرق الهولندي "دوزي" في كتابه (تاريخ الإسلام): "إن التصوف جاء إلى الصوفية من فارس حيث كان موجوداً قبل البعثة المحمدية" أما المستشرق "جولدزيهر" فقد فرق بين تيارين مختلفين في التصوف أولهما الزهد وهذا في نظره قريب من روح الإسلام وإن كان متأثراً إلى حد كبير بالرهبانية المسيحية، والثاني التصوف بمعناه الدقيق وما يتصل به من كلام في المعرفة والأحوال والأذواق وهو متأثر من ناحية بالأفلاطونية الحديثة، ومن ناحية أخرى بالبوذية الهندية.
التلقي عن رسول الله عندهم..!(/6)
قلنا.. ربما كانت آراء هؤلاء المستشرقين جاءت نتيجة ما يوجد من تشابه بين التصوف الإسلامي وغيره من أنواع التصوف الأجنبية، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أن التصوف الإسلامي قد صدر عن هذه الفلسفات الأجنبية أو أخذ عنها.. فالتصوف كما هو معروف يتعلق بالشعور والوجدان، وطالما أن النفس الإنسانية واحدة على الرغم من اختلاف الشعوب والأجناس، فإن التجربة الصوفية يمكن أن تكون واحدة في جوهرها، كما يمكن أن يمثل التصوف خطاً مشتركاً بين الديانات والفلسفات المختلفة.. وعلى أي حال مهما كان من أمر مصدر التصوف الإسلامي وأصله فإن الذي يعنينا بحثه الآن هو ما يقول به الصوفية من أن التصوف الإسلامي يستند إلى الكتاب والسنة ويتقيد بهما.. فإلى أي حد ترون فضيلتكم صدق هذه النظرة؟
ويجيب د. جميل غازي قائلاً: مرة أخرى أعود فأذكركم بما يحاوله الشيوعيون الآن للزعم بأن الشيوعية تتمشى مع مبادئ الإسلام.. فهل هي حقاً كذلك؟ الجواب معروف فهي ضد الإسلام شكلاً وموضوعاً.. إذن لماذا يلجأ الشيوعيون إلى هذه المحاولة؟ إنهم ببساطة يهدفون إلى تضليل المسلمين وخداعهم، وتغطية عقائدهم الفاسدة التي ينفر منها المسلمون.. كذلك هو الحال بالنسبة للصوفية فهم أول من يعلم أن مذهبهم يتناقض مع الإسلام ولكنهم يحاولون التمسح بالكتاب والسنة من باب التضليل والخداع أيضاً.. ولو أن التصوف كما يزعمون يستند إلى الكتاب والسنة لكان هو الإسلام، ولما كان هناك ما يدعو إلى ذلك الجدل والانقسام الذي استمر أكثر من عشرة قرون.
قلنا.. إن القضية في رأينا تستحق مناقشة أكثر موضوعية وتحتاج إجابة أكثر تحديداً.. كيف ترون أن التصوف لا يستند إلى كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟(/7)
ويجيب فضيلته بقوله: لأن علم الصوفية يعتمد أصلاً على الادعاء بالكشف بدلاً من الدليل الشرعي الذي يستند إلى الكتاب والسنة.. وعن طريق هذا الادعاء بالكشف فإنهم يشككون في مصادر الشرع بل وينكرون بعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الثابتة في دواوين السنة، ويؤولون البعض الآخر وفقاً لأهوائهم، وحجتهم في ذلك غاية في الافتراء على الله ورسوله.. إنهم يدعون أنهم يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم جهاراً، ويتلقون منه ما يعينهم على تأويل الأحاديث أو التمييز بين الصحيح منها والضعيف واسمعوا ماذا يقول ابن عربي شيخ الصوفية الأكبر في كتاب الفتوحات المكية.. "ورب حديث يكون صحيحاً عن طريق رواته حصل لهذا الكاشف الذي عاين هذا المظهر فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الحديث فأنكره وقال له: لم أقله ولا حكمت به فيعلم ضعفه فيترك العمل به على بينة من ربه، وإن كان قد عمل به أهل النقل لصحة طريقه وهو في نفس الأمر ليس كذلك".. بل إن ابن عربي هذا يذهب في افترائه على الله ورسوله إلى أبعد من ذلك فينسب كلامه إلى أنه وحي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول في أول كتابه (فصوص الحكم): "أما بعد فإني رأيت رسول الله في مبشرة (رؤيا صادقة) وبيده كتاب فقال لي: هذا كتاب فصوص الحكم خذه واخرج به إلى ناس ينتفعون به، فقلت: السمع والطاعة لله ولرسوله وأولي الأمر منا كما أمرنا، فحققت الأمنية، وأخلصت النية إلى إبراز هذا الكتاب كما حدده لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقصان.. فمن الله فاسمعوا وإلى الله فارجعوا...".
ثم يعقب د. جميل غازي على ذلك بقوله: هذا باب فتحه الصوفية للتشكيك في العلوم الإسلامية جميعها ولإتاحة الفرصة لكي يضع الصوفية ما يشاءون وينسبونه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بحجة الكشف !(/8)
ويستطرد قائلاً: إن هذا الادعاء بالكشف دفع هؤلاء الصوفية إلى أن يقسموا الدين إلى شريعة وحقيقة، وإلى ظاهر وباطن، فأما أهل الظاهر عندهم فهم أهل الشريعة ومن بينهم علماء المذاهب الأربعة وفقهاء الشرع وعلماء الحديث وهؤلاء يعتبرهم الصوفية طبقة العوام من الناس. لماذا؟ لأنهم يؤمنون بالنصوص الشرعية دون اللجوء إلى التأويل. أما أهل الباطن أو أهل الحقيقة والطريقة فيعتبرهم الصوفية الخاصة من الناس الذين يعتمدون على تأويل النصوص الشرعية عن طريق ما يسمونه بالكشف والخواطر والأحلام.. وعن طريق هذا الكشف يزعمون أنهم يستطيعون تأويل الأحاديث والتمييز بين الصحيح منها والضعيف دون ما حاجة إلى الرجوع إلى دواوين السنة ورواتها.
قلنا.. ربما كان هذا الاتهام الموجه للصوفية بالفصل بين الحقيقة والشريعة يجافي الحقيقة، فإن بعض أقطاب الصوفية لا يفرقون بينهما بل ويؤكدون أنه لا تصوف إلا مع العلم بالعقائد والأحكام.
الزندقة شهادة التصوف:
ويجيب د. جميل غازي مقاطعاً: هذا كلام يقولونه بأفواههم فقط هروباً من اتهام صادق موجه ضدهم بالتناقض مع الإسلام.. ولكن يتضح لنا فساد زعمهم تعالوا بنا نستعرض ماذا يقول مشايخ الصوفية الكبار.. هذا هو الجنيد رئيس الطائفة الصوفية يقول: "لا يبلغ الرجل عندنا مبلغ الرجال حتى يشهد فيه ألف صديق من علماء الرسوم (الشريعة) بأنه زنديق، لأن أحوالهم وراء النقل والعقل" ويقول أيضاً: "أحب للمبتدئ ألا يشغل قبله بهذه الثلاث وإلا تغير حاله: التكسب وطلب الحديث (حديث رسول الله) والتزوج وأحب للصوفي ألا يقرأ ولا يكتب لأنه أجمع لهمه" وهذا هو أبو يزيد البسطامي من أئمة التصوف يسخر من علماء الشريعة ويتعالى عليهم فيقول: "أخذتم علمكم ميتاً عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت" وهو يقصد بهذا أن علماء الشريعة يأخذون علمهم عن الرسل بينما الصوفية باعتبارهم أهل الحقيقة يتجاوزون هذا المستوى ويتلقون عن الله مباشرة.(/9)
ويضيف فضيلته قائلاً: إن الصوفية يؤمنون بأن كل آية وكل كلمة بل وكل حرف في القرآن الكريم يخفي وراءه معنى باطناً لا يكشفه الله إلا للخاصة من عباده، وهم أهل الحقيقة الذين تشرق هذه المعاني في قلوبهم في أوقات وجدهم.. وذهبوا بعد ذلك إلى تأويل آيات القرآن الكريم عن طريق ما يدعونه بالكشف، فجاءوا بالخرافات والكفر والضلال الذي حشوا به كتبهم واعتمدوا في ذلك على حديث افتعلوه لخدمة غرضهم يرويه ابن عربي في الفتوحات المكية فيقول: "قال الرسول صلى الله عليه وسلم ما من آية في القرآن إلا ولها ظاهر وباطن وحد ومطلع ولكل مرتبة من هذه المراتب رجال ولكل طائفة قطب وعلى ذلك القطب يدور فلك ذلك الكشف" وعلى الرغم من أن هذا الحديث المزعوم لا وجود له في دواوين السنة فإن ابن عربي يقول عنه: "وقد أجمع أصحابنا أهل الكشف على صحته".
ويستطرد د. جميل غازي قائلاً: ربما لا يتسع المجال هنا لعرض نماذج من تأويلاتهم الغريبة لآيات القرآن الكريم والتي سمحوا لأنفسهم بها تحت ادعاء الكشف والأحلام ذلك الأمر الذي لم يدعه أحد حتى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهذا هو أبو بكر الصديق وهو سيد أولياء الله من هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حينما سئل عن معنى آية في القرآن الكريم: (أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في القرآن برأيي).(/10)
ثم يعقب بقوله:.. هذا هو حال الصوفية أو أهل الحقيقة والباطن باسم الكشف وعلم الباطن يعطن لأنفسهم الحق في الحكم على أحاديث الرسول وتأويلها وتمييز الصحيح منها والضعيف.. وباسم الكشف يعطون لأنفسهم الحق في تأويل آيات الله وفقاً لأهوائهم.. وباسم الكشف يريدون من أناس أن يقبلوا كلامهم دون بحث أو مناقشة، وكيف ذلك وهم أهل الحقيقة والباطن الذين يقول أحدهم: "رأيت رسول الله وحدثني" أو يقول الآخر: "حدثني قلبي عن ربي" ثم بعد ذلك يفرضون على الناس إرهاباً فكرياً ويقولون: "أحسن الظن ولا تنتقد، بل أعتقد" أو يقولون: "من اعترض انطرد".
قلنا.. مازال الاتهام الموجه للتصوف بالخروج على الكتاب والسنة في حاجة إلى مراجعة.. فإن الصوفية يؤكدون التزامهم الكامل بما جاء بكتاب الله وسنة رسوله ويستدلون على ذلك بأن جميع مقاماتهم كالتوبة والصبر والخوف وغيرها تستند جميعها إلى شواهد من القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله.
ويجيب د. جميل غازي قائلاً: إن هذا الادعاء من جانب الصوفية يمثل مغالطة تثير الدهشة والعجب.. فإن هذه المعاني والقيم التي يسمونها مقامات الصوفية ما هي إلا أخلاقيات الإسلام التي ينبغي أن تتوافر في المسلمين كافة.. فكيف يجعلها الصوفية وقفاً عليهم وحدهم؟.. ومن جهة أخرى إذا صح ادعاؤهم بأنهم يحرصون فعلاً على ممارسة هذه الأخلاقيات فلماذا يستبعدون اسمها الطبيعي وهو الإسلام ثم يفتعلون لها اسماً مبتدعاً وهو الصوفية.
قلنا.. ننتقل الآن إلى الطرق الصوفية.. يقولون إنها مداس تستهدف التربية الإسلامية وتقويم السلوك.
ويجيب فضيلته قائلاً: بل هي مدارس لتخريج عناصر بلهاء تائهة غارقة في الأوهام والخرافات بعد أن ضلت طريقها إلى الله، واستغنت عنه بعبادة الأدعياء وأصحاب القبور..(/11)
ثم يضيف متسائلاً: كيف يمكن للطرق الصوفية أن تكون مجالاً للتربية الإسلامية وهي دعوة إلى الفقر والجهل والاستسلام بينما الإسلام دعوة للعلم والعمل والجهاد؟ ثم ما هي وسيلتهم للتربية الإسلامية؟ وما هي الشعائر التييمارسونها؟ حاول أن تقترب من حلقات ذكرهم.. هل تجهم يتدارسون القرآن أو أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ لن تجد أثراً لذلك.. ولن تجد من بينهم من يحفظ القرآن أو يهتم بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم .. فلقد انصرفوا تماماً عن كتاب الله واكتفوا بترديد الأذكار والأوراد الغامضة التي يرتلونها دون وعي وبأصوات صاخبة تتم معظم الأحيان على دقات الطبول والدفوف.. فهل هذا أسلوب في العبادة يقره الإسلام أو يوصي به الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ بل أنهم فوق ذلك قد أغفلوا عقيدة التوحيد واستغنوا عن الاستعانة بالله إلى طلب المدد والعون من الأولياء وأصحاب القبور، وانشغلوا بإقامة الموالد التي أصبحت مجالاً لكل مظاهر الفسق والفجور ومرتعاً للنصابين والأدعياء والدجالين وكل من يبتغي المكسب الحرام.
ويستطرد فضيلته قائلاً: وكيف يمكن للصوفية أن تكون منهجاً لتقويم السلوك وهي التي أضعفت معنويات أتباعها، وخربت نفسياتهم وأصبح الإنسان المسلم الذي يدعوه دينه إلى أن يفكر ويتأمل أصبح على يد الصوفية عنصراً سلبياً لا إرادة له ولا حياة يسلم زمام نفسه كاملاً لشيخه بحيث يقول عنه الشاذلي: "على المريد أن يعتصم بالشيخ ويتمسك به تمسك الأعمى على شاطئ البحر بقائده بحيث يفوض أمره إليه بالكلية فلا ينازعه في الأمر ولا يخالفه".
الشيخ القائد إلى الضلال:
بمناسبة الكلام عن الشيخ.. ما هي الحقيقة فيما يقول به الصوفية من أن البركة لا تأتي إلا بواسطة شيخ ينقل البركات إلى المريدين وأن من لا شيخ له فشيخه الشيطان ؟(/12)
يقول الصوفية أن الشيخ واسطة بين الله والمريدين، وأنه أمين الإلهام كما أن جبريل عليه السلام كان أميناً للوحي، ويقول السهروردي كما جاء في كتاب (عوارف المعارف): "كلام الشيخ بالحق من الحق، فالشيخ للمريدين أمين الإلهام كما أن جبريل أمين الوحي فكما لا يخون جبريل في الوحي لا يخون الشيخ في الإلهام، وكما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى فالشيخ لا يتكلم عن الهوى".
ثم يعقب سيادته على ذلك بقوله: إن مشايخ الصوفية يرددون هذا الإفك ليقنعوا الناس بالالتجاء إليهم والتسليم لهم تسليماً كاملاً.. ويضيف أنه من خلال ذلك الافتراء والزور وفي غياب التوجيه الديني والتربية الإسلامية السليمة نجح مشايخ الصوفية في تحقيق سيطرتهم على الأتباع والمريدين الذين التزموا بمجموعة من القواعد يعرفها كل من شاء له سوء حظه أن يقع في براثن هذه الطرق.. منها على سبيل المثال: أن يكون المريد مستسلماً منقاداً راضياً بتصرفات الشيخ يخدمه بالمال والدين.. ومنها: ألا يعترض عليه فيما يفعله ولو كان ظاهره حراماً ولا يسأله لما فعلت ذلك لأن من قال لشيخه لم؟ لا يفلح أبداً.. ومنها: أن يسلب اختيار نفسه باختيار شيخه في جميع الأمور كلية كانت أو جزئية عبادة كانت أم عادة.. وعن هذا المعنى يعبر أحد شعراء الصوفية فيقول:
كن عنده كالميت عند مغسل *** يقلبه ما شاء وهو مطاوع
وسلم له فيما تراه ولم يكن *** على غير مشروع فثم مخادع
بل إن ذا النون المصري أحد مشايخ الصوفية يذهب إلى أبعد من ذلك فيقول: "طاعة المريد لشيخه فوق طاعته لربه".(/13)
وتمضي فترة من الصمت يقطعها الدكتور جميل غازي قائلاً: لعل فيما أوضحناه ما يكفي للتدليل على أن الصوفية جناية على الدين والدنيا، وربما يتأكد من ذلك بشكل أكثر وضوحاً لو تعرفنا على أفكارهم في "الحقيقة المحمدية" والديوان الباطني، والعلم اللدني، وصناديق النذور. وحول هذه المعتقدات لسيادته وقفة طويلة وآراء جريئة نلتقي بها في الجولة القادمة.(/14)
مخالفات في كتاب الفيوضات الربانية فى المآثر والأوراد القادرية
هذا الكتاب من جمع وتأليف الشيخ الصوفي: محي الدين عبدالقادر الجيلاني .
وكنت قد قرأت في موقع المرصد السلفي بعض المخالفات التي وردت في هذا الكتاب وبحثت عنه إلا أنني لم أجد غير عرض له بأحد المكتبات الالكترونية وهذه صورة الغلاف ولم أجد صور لصفحاته الداخلية ومن هذه المخالفات الخطيرة أورد لكم منها:
1- يصرح بأنه هو الواحد والصمد وهما من اسماء الله تعالى
جاء فى كتاب الفيوضات الربانية فى المآثر والأوراد القادرية ص 47 "قال الشيخ فى الشطح والتوقير (أنا الذاكر المذكور ذكرًا لذاكر ،أنا الشاكر المشكور شكرا بنعمه ، أنا السامع المسموع فى كل نعمه ،أنا الواحد الفرد الكبير بذاته ،أنا الواصف الموصوف شيخ الطريقة)"
2- الشيخ الجيلانى يزعم أنه كان مع النبى صلى الله عليه وسلم فى ليلة الإسراء وكان مع نوح زمان الطوفان وكان مع ابراهيم عليه السلام حين ألقى فى النار
،جاء فى كتاب الفيوضات الربانية فى المآثر والأوراد القادرية ص 47 (قال الشيخ"أنا كنت فى العليا بنور محمد وفى قاب قوسين عند اجتماع الاحبة ،أنا كنت مع نوح أشاهد فى الورى بحاراً وطوفاناً على كف قدرى. وكنت مع ابراهيم ملقى بناره وما برّد النيران إلا بدعوتى")
3- يزعم الجيلانى أن ضريحه بيت الله لمن جاء زائراً
جاء فى كتاب الفيوضات الربانية فى المآثر والأوراد القادرية ص33 فى الوسيلة "ضريحى بيت الله من جاء زاره، يهرول له يحظى بعز ورفعة" والرد على ذلك الكفر أنه يدعو لعبادته حياً وميتاً وذلك لأن الطواف عبادة وتصرف لله ولا تكون إلا ببيت الله الحرام قال تعالى(وليطوفوا بالبيت العتيق).
وأترك لكم التعقيب عليها وشرحها حتى تعم الفائدة وفقنا الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى هذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(/1)
مشايخ [الطريقة القادرية] (يُكَذِبُونَ) مشايخ [الطريقة الرفاعية] و(يقدحون) في نسب شيخهم الرفاعي!!
عجيب أمر هؤلاء الصوفية .. معارك .. ومشاحنات .. وصراعات .. طرق وفرق فرقت الأمة!! وشيعتها أحزاباً!! كل حزبٍ بما لديهم فرحون!
الأمة تشكو من هؤلاء .. كذبة يردون على كذبة!! وكلهم يدّعي كل شيء .. كرامات .. ادعى النسب الفاطمي ..!! والله عجيبين هؤلاء ..!!
نحن اليوم مع الطريقة الرفاعية وادعائه النسب الفاطمي!! بل أكبر من هذا فسيدهم أحمد الرفاعي هو الإمام الثالث عشر - إمامية على غفلة!!- لا نستبق الأحداث!!
الرفاعية يدعون نسبته إلى بني فاطمة كعادة الصوفية الآخرين بأن كل جماعة وحزب منهم يريد نسبة شيخهم إلى الإشراف والسادات ، فقالوا كما قاله الآخرون: "أنه سيد حسيني" أنظر قلادة الجواهر في ذكر الغوّث الرفاعي وأتباعه الأكابر لمحمد أبي الهدى الرفاعي الخالدي الصيادي ص 12 وما بعد ط دار الكتب العلمية بيروت 1980م
وعد مقدم كتابه (المجالس الرفاعية) السيد خاشع الراوي الرفاعي أنه: " الإمام الثالث عشر من أئمة آل البيت سلام الله عليه وعليهم أجمعين. أنظر مقدمة المجالس الرفاعية ص 6 مطبعة الإرشاد بغداد..
ولكن المحققين أنكروا عليهم نسبته هذه ، ونسبه ذاك.(/2)
بل لمشايخ الطريقة القادرية من الصوفية رسائل وكتب ، كتبت لبيان أن نسبه إلى الأشراف ليس بصحيح ، ولقد عقد ظهير الدين القادري الحسني الحسيني فصلاً مستقلاً وباباً خاصاً في كتابه (الفتح المبين في ما يتعلق بترياق المحبين) لبيان هذا. كتاب الفتح المبين لظهير الدين القادري ص 102وما بعد ط الطبعة الخيرية القاهرة 1306هـ.
وقد ذكر ظهير الدين القادري نقلاً عن العلامة شمس الدين ناصر الدمشقي أنه قال: " إن الرفاعي لم يبلغنا أنه أعقب كما جزم غير واحد من الأئمة المرضية ، ولم أعلم له نسباً صحيحاً إلى علي بن أبي طالب ولا إلى أحد ذريته الأطياب ، وإنما الذي وصل إلينا وساقه الحافظ وصح لدينا أن أبو العباس أحمد بن الشيخ أبي الحسن علي بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة المغربي الأصل البطائحي الرفاعي نسبة إلى جده الأعلى رفاعة ، قدم والده أبو الحسن رحمة الله عليه من بلاد المغرب ، فسكن بطائح" الفتح المبين لظهير الدين القادري ص 105 ط.
فلم يكن عند الرفاعيين شيء لحل هذه المعضلة ، ورفع هذه المشكلة إلى أن يلتجؤا إلى ما التجأ إليه الآخرون من بني جلدتهم وأهل مشربهم ، فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أخبره بصحة نسبه إليه كما يذكر ذلك صاحب القلادة " كيف لا ، وقد شهد له نبينا سيد العرب والعجم بصحة الوصلة والنسب ، وذلك عام حجه رضي الله عنه حين وقف تجاه الحجرة العطرة النبوية قال: السلام عليك يا جدي ، فقال له عليه أفضل صلوات الله: وعليك السلام يا ولدي" أنظر قلادة الجواهر ص 20.
وإنني لأرى بأن هذا دليل آخر على عدم ثبوت النسب وإلا لما احتيج لإثباته إلى مثل هذه الحكايات الباردة والروايات المختلفة المخترعة التي هي في احتياج إلى ثبوتها وإثباتها وإقامة البرهان على تحققها ووقوعها ، فالمتشابهات والمظنونات لا يحصل بها اليقين والله أعلم.(/3)
وأما عندنا فإن النسب لا يرفع الوضيع ولا يضع الرفيع ، فقد قال جل وعلا: { يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
وقال عز من قائل: { يا أيها الناس اتقوا الله ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة}.
وقال عليه الصلاة والسلام: (( الناس بنو آدم وآدم من تراب)) رواه أبو داود والترمذي وغيرهما.
وقال في خطبته- أيام التشريق- : (( يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد ، ألا لا فضل لعربي على أعجمي ، ولا أعجمي على عربي ، ولا لأحمر على أسود ، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى ، أبلغت؟ قالوا: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث)) رواه أحمد.
ومن المعلوم أن ولد نوح ووالد إبراهيم وزوجي نوح ولوط وعمّ رسول الله الكريم لم ينفعهم حسبهم ونسبهم من عذاب الله وبطشه ، وقد نفع بلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي إيمانهم وعملهم ، ما لم ينفع أبا لهب وزوجته وهو عم رسول الله أخو والده ، وهو الذي قال عليه الصلاة والسلام مخاطباً عمته صفية وابنته الزهراء زوج علي بن أبي طالب وأمّ الحسنين:
(( يا صفية ، عمة رسول الله ، لا أغني عنك من الله شيئاً وفي رواية: يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت ، لا أغنى من الله شيئاً ))رواه البخاري ومسلم.
أخيراً:
فهذا موقف مشايخ القادرية وقدحهم في نسب شيخ الطريقة الرفاعية ، وتكذيبهم لهم ، فما موقف الرفاعيين؟!
أعده
المنهج - شبكة الدفاع عن السنة
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/4)
مفاجأة: صوفية المغرب يتهمون صوفية المشرق بالتشيع!!!
قد تكون مفاجأة للبعض ؛ ولكن بالنسبة للمتابع لأخبار الصوفية يعلم بأن هذا التناحر وتبادل الاتهامات -والتي جزء كبير منها حقيقة- هو واقع مشهود ..
فلقد قرأت في مواقع تابعه لبعض المراكز التابعة لبعض الطرق الرفاعية والنقشبندية الأشعرية الماتريدية تكفيراً لبعض الطرق الصوفية الأخرى .. نعم تكفيراً صريحاً .. فقد كفروا طرق كاملة كالشاذلية والتيجانية!!
وقد وقفنا من موقف وكتب بعض الأشاعرة الماتريدية الصوفية نقشبندية أو رفاعية من الدكتور يوسف القرضاوي -وفقنا الله وإياه للهدى- من تبديعه ، ووصمه بداعية الإلحاد ، وتسجيلات أهل الضلال ، وداعية على من دعاة جهنم ، بل تكفير صريح ..
وقد رأيت هجوماً على داعية آخر اسمه عمرو خالد ووصموه بعدو الله؟!!
وهجوماً على شيخ طريقة صوفي وجماعته؟!!
وقد رأيتُ الاتجاه المعاكس صوفية المشرق يتهمون صوفية المغرب بالتأثر برهبانية النصارى ..!!
قلتُ:
كلاكما على شر!!
لأنكم ما اتبعت نبينا عليه الصلاة والسلام بالتمسك بالكتاب والسنة على فهم سلف الأمة.
هذه المفاجأة للبعض هي ما سطره أحد صوفية المغرب -والرجل ليس عامي بل قد تجاوز درجة الماجستير- يدعى بأبي لبابة حسين -وفقنا الله وإياه لأتباع النبي عليه الصلاة والسلام- في كتابه [ موقف متصوفة المغرب وزهادها من الاحتلال العبيدي] وطبع الكتاب عام 1399هـ -1979م يقول المؤلف الصوفي المغربي:(/2)
" وذكرت كيف أن التصوف المغربي قاوم التشيّع رغم أن الزهد في المشرق إنما تطوّر إلى تصوّف على أيدي الزهّاد الفرس الذين يمثلون عصب التشيّع ودمه الفوار " ص 6-7
وقال المؤلف الصوفي في موضعٍ آخر:
" لكن هل يتعارض التصو ف مع التشيع؟
إن الذي دعانا إلى هذا التساؤل هو مقاومة صوفية المغرب للمذهب الشيعي ، وكأن التصوف يتنافى مع التشيع في حين نجد في بلاد المشرق إنما تطور الزهد إلى تصوف في خرسان والبصرة اللتين امتلأتا بالزهاد الفرس ووهم لُحمَةُ التشيع وسداه.
وإذا ما عرفنا أن للشيعة طرقاً صوفية عديدة كالبكتاشية * وأن وشائج قربى متينة تصل بين الشيعة وصوفية المشرق الإسلامي كرّس لها كامل مصطفى الشيبي كتاباً كاملاً لنفض الغبار عنها وإجلائها ، إذا عرفنا ذلك فلا نعجب ولا نعتبر مقاومة صوفية المغرب العربي للشيعة من باب الشذوذ إذ أن طبيعة هذا التصوف تتنافى تماماً مع المذهب الشيعي " ص 11-12
* علق المؤلف: تقابلها النقشبندية السنية.
قلتُ:
سأترك التعليق لصوفية المشرق .. فما هي صلتكم بالتشيع؟!!
ربما أن الشيعة مدسوسين .. كعادة الصوفية .. إذا ما أعجبهم شيء قالوا مدسوس؟!!
والسؤال ماذا تقولون بقوله تعالى: {فلا تدعو مع الله أحداً} والتي احتج بها الشيخ عبدالقادر الجيلاني رحمه الله على من يستغيث بغير الله؟!! تولون مدسوسة؟!! أما هوى متبع؟!
نريد جواب على ما تفضل به هذا الصوفي المغربي عنكم .. وما ردكم؟!!
أما صوفية المغرب فلعله في مقال قادم نبين حال صوفية المغرب ..
قلتُ:
وشهد شاهد من أهلها .. وقد كتب إليّ أحد الصوفية المغاربة يقول: أنتم لا تفرقون بين صوفية المشرق والمغرب ، نحن لسنا كصوفية المشرق نؤمن بوحدة الوجود والحلول ..!!(/3)
قلتُ: وكذلك صوفية المشرق قد ينكر بعضهم هذا .. ولكن إن سألته أين الله فهل سيجيبك بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأل الجارية أين الله قالت: في السماء قال: اعتقها فإنها مؤمنة .. وكما جاء في الكتاب والسنة من إثبات للعلو .. ادع الإجابة لصوفية المغرب .. وننتظر رد صوفية المشرق .. وإن كُنت أتهمهم بالجبن والهروب حين تتضح فضائحهم فما يكون لهم من سبيل ليقولوا: مدسوس أو محرف تقية الصوفية تبان فلا تسمع له حساً ..
وإلى لقاء قريب .. مع موقف صوفية المشرق من صوفية المغرب ..
كتبه
المنهج - شبكة الدفاع عن السنة
علق عليه شيخنا البرقعي
بارك الله فيك أخي المنهج ..!!
لقد قلت عن المؤلف: والرجل ليس عامي بل قد تجاوز درجة الماجستير- يدعى بأبي لبابة حسين – وفقنا الله وإياه لأتباع النبي عليه الصلاة والسلام- في كتابه [ موقف متصوفة المغرب وزهادها من الاحتلال العبيدي] وطبع الكتاب عام 1399هـ -1979م يقول المؤلف الصوفي المغربي:
" وذكرت كيف أن التصوف المغربي قاوم التشيّع رغم أن الزهد في المشرق إنما تطوّر إلى تصوّف على أيدي الزهّاد الفرس الذين يمثلون عصب التشيّع ودمه الفوار " ص 6-7
وهذا يثبت ما نقوله نحن وغيرنا بأن التشيع والتصوف لم يخرجا إلا من تحت عباءة عقيدة المجوس ..!!
وقال المؤلف الصوفي في موضعٍ آخر:
" لكن هل يتعارض التصو ف مع التشيع؟
إن الذي دعانا إلى هذا التساؤل هو مقاومة صوفية المغرب للمذهب الشيعي ، وكأن التصوف يتنافى مع التشيع في حين نجد في بلاد المشرق إنما تطور الزهد إلى تصوف في خرسان والبصرة اللتين امتلأتا بالزهاد الفرس وهم لُحمَةُ التشيع وسداه.
مرة أخرى يؤكد المؤلف الصوفي بأن الفرقتين أنشأها الفرس ..!!(/4)
وإذا ما عرفنا أن للشيعة طرقاً صوفية عديدة كالبكتاشية * وأن وشائج قربى متينة تصل بين الشيعة وصوفية المشرق الإسلامي كرّس لها كامل مصطفى الشيبي كتاباً كاملاً لنفض الغبار عنها وإجلائها ، إذا عرفنا ذلك فلا نعجب ولا نعتبر مقاومة صوفية المغرب العربي للشيعة من باب الشذوذ إذ أن طبيعة هذا التصوف تتنافى تماماً مع المذهب الشيعي " ص 11-12
* علق المؤلف: تقابلها النقشبندية السنية.
ولا أدري أي تسنن يقصده المؤلف ..؟؟
أهو قول شاه نقشبند أنه مكث سنوات يطلب الإمداد من الكلاب ، أم قوله بأن فضلات الكلاب أفضل منه ..؟؟
ويؤيد كلام المؤلف المغربي الصوفي عن علاقة التشيع والتصوف بالفرس المجوس دكتور إيراني وهو قاسم غني في كتابه " تاريخ التصوف في الإسلام "
حيث صرح في كتابه قائلاً : وتذهب جماعة إلى أن التصوف ليس إلا رد فعل أوجده الفتح العربي الإسلامي في نفوس العنصر الآري الإيراني ، وخلاصة قولهم أن الإيرانيين بعدما غُلِبوا على أمرهم بسيوف العرب في مواقع القادسية وجلولاء وحلوان ونهاوند ، أدركوا أنهم فقدوا استقلالهم وأضاعوا مجدهم.
ثم أنهم اعتنقوا الديانة الإسلامية ، ولكن العرب الذين كان الإيرانيون ينظرون إليهم منذ القدم بنظرة غير راضية ** لم يستطيعوا أن يغيروا رغم انتصارهم مجرى التفكير الإيراني ** ، وأن يجعلوهم مشاركين لهم في أسلوب تفكيرهم واتجاهاتهم وميولهم وسليقتهم ومنطقهم ، وكلك في أمالهم وأمانيهم وغاياتهم الروحية المثالية ، لأن التباين الشكلي والمعنوي أي الفروق العنصرية والاختلافات في أسلوب المعيشة والأوضاع الاجتماعية بين هاتين الأمتين كان شديداً للغاية.(/5)
وبناء على ذلك بعدما انتهت المعارك الحربية باندحار الإيرانيين بدأت الانفعالات والتأثيرات المعنوية والروحية تظهر عند الإيرانيين بإسلوب المساجلات الفكرية التي كان لها أثر بالغ في التاريخ الأدبي والمذهبي والاجتماعي والسياسي للعرب والإسلام.
ومن أهم تلك الانعكاسات التي ترَتّبتْ على تلك الانفعالات الفكرية التشيع أولاً والتصوف ثانياً .
وينبغي أن نضيف إلى هذه الملاحظة أن الغرض من ذكر الانفعالات في هذا الباب ليس القول بأن الإيرانيين أقدموا على هذا العمل اختيارا أو تعمداً وقد تأتت في أكثر الظروف بحكم الانفعالات النفسية وبتأثير العواطف والأحاسيس الخفية بصورة ثابتة كما يرى علماء النفس ، أي من غير أن يعرف الناس أنفسهم غلاباً السبب الحقيقي أو يستطيعوا تحليل أفكارهم وأحاسيسهم ، انساقت أفكارهم إلى مثل هذه الانفعالات العكسية.
( تاريخ التصوف في الإسلام للدكتور قاسم غني الإيراني - ترجمة عربية لصادق نشأت ص 14 - ط: مكتبة النهضة المصرية 1970 م )
** من المعروف أن الإيرانيين يعودون في أصلهم للجنس الآري - مثلهم مثل الألمان ولذلك كان هتلر ينظر لهم نظرة خاصة - والجنس الآري يرون أنفسهم بأنهم هم خلاصة الجنس البشري الكامل ، وعداهم من البشر متخلفون.
ونحن نعرف نظرة الفرس وأكاسرتهم للعرب الجهلة البدائيون ، ولهذا صعُب على الفرس انتصار العرب الهمج عليهم وتحطيم إمبراطوريتهم على أيدي الصحابة ..!!
ويؤيد كلامي هذا قول الفارسي الشيعي الإحقاقي حيث يقول:(/6)
" إن الصدمات التي واجهها كل من شعبي إيران و الروم الكبيرين نتيجة لحملات المسلمين و المعاملة التي تلقوها من الأعراب , البدائيين الذين لا علم لهم بروح الإسلام العظيمة , أورثت في نفوسهم نزعة صدود عن العرب , و شريعة العرب , فطبيعة سكان البادية الأوباش الخشنة ، و ذلك الخراب و الدمار اللذين ألحقوهما بالمدن الجميلة , و الأراضي العامرة , في الشرق و الغرب , وغارات عباد الشهوات العطاشى إلى عفة و ناموس الدولتين الملكية والامبراطورية…الخ"
( انظر رسالة الإيمان ص 323 - ميرزا حسن الحائري الإحقاقي - مكتبة الصادق - الكويت ط 2 / 1412 )
ونعود لما قاله الدكتور كامل مصطفى الشيبي الشيعي العراقي في كتابه " الصلة بين التصوف والتشيع " الذي استشهد به المغربي الصوفي أبو لبابة حسين ، حيث يقول الشيبي :
وينبغي أن نذكر الدور الذي قام به الفرس من إدخالهم مُثُلُهم الدينية في التشيع الغالي الأول حين نصروا المختار ، وعاضدوا حركة الغلو العجلية ، وانضموا إلى حركة أبي هاشم ، وانضافوا إلى الحركة السرية العباسية التي ورثت حركة أبي هاشم ، حتى أدى بهم الأمر إلى تأليه أبي مسلم الخرساني ، كما فعلوا مع أئمة الشيعة من العلويين.
يضاف إلى ذلك أنهم نصروا حركة عبد الله بن معاوية في فارس أيضاُ وأسبغوا عليه النور الإلهي الذي سنجده في التصوف واضحاً جلياً.
وهذا كله يعني أن الفرس قد بدأوا إضافة القداسة إلى البيت النبوي باعتبارها موازياً لأسسهم السياسية والدينية السابقة من تأليههم الملوك ، وقولهم بالنور الذي ينتقل من ملك إلى آخر ، فثبتت الولاية لعليّ بن أبي طالب على نحو مبالغ فيه ، وانتقلت هذه الولاية المقدسة مع زيادات وحواش إلى الأئمة من بعده حتى بلغ الأمر حدّ التأليه"
( الصلة بين التصوف والتشيع للدكتور كامل مصطفى الشيبي ج1 ص 372 - ط: دار الأندلس بيروت )(/7)
ويقول محمد علي أمير معزي الباحث الشيعي الإيراني في فرنسا بفخر :
" أن المفاهيم الأساسية من الزرادشتية دخلت إلى التشيع حتى في بعض الجزئيات الصغيرة !
وأصبح زواج سيدنا حسين ببنت آخر ملوك آل ساسان رمزا لإيران القديمة ، بحيث أصبحت تلك الفتاة هي الأم الأولى لجميع أئمتهم و قد انعقد بها عقد الأخوة بين التشيع و إيران القديمة المجوسية ".
إن قول المستشرق براون عن حقيقة التصوف والتشيع لم يأتي من فراغ ، حيث يقول:
" إن التشيع والتصوف كانا من الأسلحة التي حارب بها الفرس العرب "
( Brown : A Literary History of Persia Vol. 1 P.410 )
فهل لازال أحد يصدق بأن الشيعة والصوفية هدفهم هو رفعة الدين وإحقاق الحق ..!!
إن الحق كله فيما قاله الإحقاقي وأمير معزي ..!!
فهل من معتبر ..؟؟
.........
وعلق شيخنا حنبل
قال تعالي (( إن الذين فرقو دينهم و كانو شيعا لست منهم فى شئ إنما امرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانو يفعلون ))
جزاك ربي الجنة اخى المنهج .
التناحر الصوفي الصوفي اصل من اصول مذهبهم كما انه اصل من اصول اهل البدع عامه .
هنالك نقطة صغيرة فقط احبت ان اشارك بالتعليق حولها .
و هى محاولة الكاتب تبرئة تصوف اهل المغرب من الزندقة و الابتداع فى الدين .
و يكفي فى رد هذا الادعاء ان اكبر جماعة صوفية و هى الطريقة البرهانية تعتبر من صوفية المغرب و التى حتى الازهر افتى بكفرها و خروجها عن الملة و ايضا الطريقة التجانية و التى افتت اللجنة الدائمة بعدم صحة الصلاة خلف معتنقها لانهم دعاة لعقيدة وحدة الوجود تعتبر ايضا من صوفية المغرب .
كما ان هنالك شئ تميزت به صوفية المغرب اكثر من صوفية المشرق و هو اهتمامهم بنوع من السحر يسمى اسرار الحروف يعتبرونه من الحكمة و من العلوم اللدنية و الاسرار الالهية و ما هو إلا نوع من انواع السحر الكفري البغيض .(/8)
وفى الختام نذكر ببعض زنادقة التصوف القادم من المغرب و الذى ذكر ترجمتهم الطوسي فى كتابه اللمع و الشعراني فى الطبقات حتى نبين مشاركة متصوفة المغرب متصوفة المشرق فى الزندقة و الكفة :
- أبو عثمان المغربي أخرج من مكة و طاف به أحفاد علي بن ابى طالب على جمل فى أسواق مكة بعد ضربه على رأسه و منكبية .
- ابو بكر النابلس اخرج من المغرب مقيدا الى مصر و شهدوا عليه عند السلطان فأخذ و سلخ و هو حي .
- و أخرج أبا مدين المغربي من بجاية و مات و هو فى طريقة الى القتل .
- عبد السلام بن مشيش شيخ الشاذلي قتل فى فى بلاد المغرب بعد ان اتهم بالزندقة .
- و اخرج الشاذلي من بلاد المغرب مع جماعته ثم كاتبو نائب الاسكندرية بأنه سيقدم عليه زنديق .
- أبو العباس احمد بن علي البوني ساحر من كبار السحرة .
- عبد الله بن محمد العرشي المرجاني ، افتي العلماء بتكفيرة و قتل فى تونس .
- لسان الدين بن الخطيب قتل على الزندقة بسبب كتابة فى التصوف "روضة التعريف"
و بهذا يتضح لنا ان عملية التجميل التى يحاول ان يقوم بها هذا الصوفي انقلبت عليه فهو قد اسقط تصوف المشرق و الاخوان جزاهم الله خيرا اسقطو تصوف المغرب فنصل الى حقيقة ان التصوف فى كل مكان و زمان هو التصوف الدائر بين البدعة و الزندقة و الكفر .
جزاك الله خيرا شيخنا البرقعي و جعل الله جهدك فى ميزان حسناتك .
.....
قلتُ -المنهج- :
أول من أسس دين التصوف
أقول: إنَّ الثابتَ مِن الكتب التي كتبها كثيرٌ مِن المعاصرين عن الصوفية ، ومِن القدماء: أنَّ أولَّ مَن أسَّس التصوف هم: الشيعة ، وأنَّ هناك -بالذات- رجليْن كانا لهما دورٌ في ذلك:
الأول: يسمَّى عبدك ، والثاني: يسمَّى أبو هاشم الصوفي المتوفى سنة (150هـ)، أو أبو هاشم الشيعي ، فعبدك ، وأبو هاشم هؤلاء هما اللذان أسَّسا دين التصوف 1 .(/9)
عندما نريد أن نتحدث عن عبدك ، وعن أبي هاشم : ننتقل إلى مصدرٍ مهمٍّ جدّاً مِن مصادر الفِرَق الإسلاميَّة وهو كتاب التنبيه والرد لأبي الحسين الملطي الشافعي رحمه الله.
...
أخيراً
اكتشاف [تناقض] وكذب!! تشيع عدد من صوفية المغرب وإنكار المالكية لهم!!!
الحمد لله الذي أوجدنا على السنة ، وبغض أعداء الملة ، من نصرانية ويهودية ورافضية ، وصلاة وسلام على النبي الأمي الذي إتباعه فرض وسنة ، وعلى آله وصحبه من نشروا آثاره واهتدوا بهداه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد:
فقد يسر الله أن كتبنا من قبل [مفاجأة: صوفية المغرب يتهمون صوفية المشرق بالتشيع!!! ] بقلم أحد صوفية المغرب .. لكن كما قيل .. حبل الكذب قصير .. وتركنا لصوفية المشرق حرية الرد .. واليوم نقف لاكتشاف عجيب وغريب!! تناقض ما لنا عنده إلا السكوت!! الرجل يقول بأن صوفية المغرب سنة!! والآن يقول بأن هناك صوفية (تشيعوا) !! فكيف نجمع بين هذا الكلام وما سبق؟!!
لما تشيعوا؟!!
لأنكم –يا صوفية- لستم على السنة!! نعم أنتم ابتدعتم .. فمنكم من هو مشرك خارج عن هذا الدين .. ومنكم من هو قريب من السنة وصاحب بدعة .. ولا يوجد شيء اسمه صوفية في الإسلام .. ولعلكم تقرؤون عن الصلة بين التصوف والتشيع .. بعض طرق الصوفية شيعية خالصة!!
نعود للمؤلف الصوفي المغربي الدكتور أبو لبابة حسين في كتابه [ موقف متصوفة أفريقية وزهادها من الاحتلال العبيدي ] فقد قال بعد أن اتهم صوفية المشرق بالتشيع قال في ص7:
" المتصوفة المغاربة (1) سُنيِّون ... "
علق في الحاشية:
" (1) من الأحتاف متصوفة وزهاد ؛ ولكن نظراً لعيشهم في أحضان السلطان الأغلبي –وهو ما يأخذه عليهم المالكية وينكرون عليهم فيعنفون بهم- مالوا إلى الشيعة نكاية في السنيين عند الاحتلال الشيعي"
قلتُ:
على هذا الكلام مسائل:(/10)
أولاً: وهذا هو الحق .. فالصوفية أجمع هي وليدة التشيع ..
بدأت حركة زهدية علماً "أن الزهد في المشرق [والآن أضف المغرب] إنما تطوّر إلى تصوّف على أيدي الزهاد الفرس الذين يمثلون عصب التشيع ودمه الفوّار"
ثانياً: نعم صوفية المغرب مالوا إلى التشيع!! وإلا ما تفسير عبادتهم للقبور؟! ومالك –رحمه الله تعالى- من أكبر المنكرين لهذا الباب للشرك!
ثالثاً: أن علماء المالكية أنكروا على دراويش الصوفية وعنفوا على المبتدعة بهؤلاء الأحتاف ..!!
رابعاً: وشهد شاهد من أهلها ..
خامساً: أن الصوفية جُهال يُستغلون على أي اتجاه للريح .. وعلى عتبات السلطان يتلونون!
أخيراً:
يا صوفية المغرب عودوا إلى الله ، وتمسكوا بسنة نبينا عليه الصلاة والسلام وإياكم وقلة التفكير وتأجير العقول للغير .. فكروا وإلا صدق فيكم قول القبوري الأشعري الماتريدي المغربي عبدالله الغماري –هداه الله حين قال: "المغاربة عندهم نقص في التفكير" كما في سبيل التوفيق ص101
فأقول: كلا ؛ بل أنت ومن صاحبك من القبوريين والصوفية فيهم نقص في التفكير ، لذا إذا فكر أحدهم نجا ، وهذا هو الهدى ..
ونحن ننتظر موقف صوفية المغرب من هجوم علماء المالكية عليكم!! وعندي مواقف كثيرة جداً في التحذير من الصوفية ورجالاتها وبدعها .. وهؤلاء هم علماء السنة!! مالكية أو غير ذلك ..
وقريباً .. إن قال أحد الصوفية المغاربة بأن هؤلاء فرقة منا ؛ ولكن نحن لا نوافقهم ، ننقل لهم اتهام صوفية المشرق لهم بالرهبانية النصرانية!!
أعده وجمعه
المنهج - شبكة الدفاع عن السنة
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/11)
مقدمات في علم مقالات الفرق
تأليف د/ محمد بن خليفة التميمي
يسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [آل عمران 102].
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تسآلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً} [النساء 1].
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} [الأحزاب 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
وبعد، فإن لكل علم من العلوم خصائصه ومقوماته وحدوده التي تميزه عن غيره من العلوم، ولذلك فلابد لكل علم من مقدمات توضح شيئاً من جوانبه المتعلقة بتعريفه وبيان أهميته وذكر بعض أصوله وضوابطه وقواعده وحدوده، ومسالك تأليف أهل ذلك الفن ومؤلفاتهم فيه، وغير ذلك من المسائل التي يحسن بالدارس أن يحيط بها علماً عند تناوله لذلك العلم بالدراسة والتحصيل .(/1)
وعلم "مقالات الفرق" هو أحد العلوم التي لقيت عناية كبيرة قديماً وحديثاً تأليفاً وتدريساً، ففي عصرنا الحاضر يعتبر تدريس هذا العلم في الكليات والأقسام الشرعية من الأمور الأساسية، فأحببت أن أدلي بدلوي فأعرف ببعض المقدمات الضرورية المتعلقة بهذا العلم ليستعين بها المطلع على جوانب هذا الفن، لعلها تفيده وتيسر له الإلمام بأساسياته.وليس غرضي من هذه المقدمات إعطاء معلومات تتعلق بمحتوى المادة العلمية لهذا العلم فهذا الجانب قد تناولته دراسات عديدة، وإنما الذي أهدف له هنا هو تقديم دراسة تتعلق بالجوانب العامة لهذا العلم، وقد سرت في ذلك وفق الخطة التالية:
المبحث الأول: التعريف بالمقالة واستعمالها في كلام أهل العلم.وفيه مطلبان
المطلب الأول: تعريف المقالة في اللغة والاصطلاح
المطلب الثاني: استعمال العلماء لمصطلح المقالة
المبحث الثاني: أهمية علم المقالات. وفيه مطلبان
المطلب الأول: أهمية علم المقالات في القرآن والسنة.
المطلب الثاني: أهمية علم المقالات عموماً.
المبحث الثالث: مناهج التأليف في علم المقالات والمؤلفات فيه.وفيه ثلاثة مطالب.
المطلب الأول: مناهج التأليف في علم المقالات
المطلب الثاني: الكتب المؤلفة في هذا العلم
المطلب الثالث: أشهر الكتب المؤلفة في علم المقالات ومناهج مؤلفيها
الخاتمة: في أهمية التأليف في علم المقالات استقلالاً.
وبعد، فهذا جهد المقل أضعه بين يدي القارئ الكريم، وقد بذلت فيه قصارى جهدي، وغاية وسعي، فما كان فيه من صواب وحق فالحمد لله على توفيقه، وذلك من فضله ومنه، وما كان فيه من خطل، أو زلل، أو خلل، فأستغفر الله من كل ذنب وخطيئة.
وأستميح القارئ الكريم عذراً إذا ما وجد في عملي هذا تقصيراً، فهذا جهد البشر، فأرجو من كل من اطلع على خطأ أو قصور أن يبادرني النصيحة مشكوراً مأجوراً.(/2)
والله أسأل أن ينفع بهذا العمل ويبارك فيه، وأن يجعله عملاً صالحاً ولوجهه خالصاً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المبحث الأول: التعريف بالمقالة واستعمالها في كلام أهل العلم
المطلب الأول: تعريف المقالة في اللغة والاصطلاح:
أولاً: التعريف اللغوي:
ا - أصل الكلمة وتصريفها:
المقالة: مصدر على وزن (مَفْعَلَة) بفتح الميم، وإسكان الفاء، وفتح العين، بعدها لام مفتوحة فتاء، مأخوذة من القول، يقال: قال، يَقُولُ، قَوْلاً، وقِيلاً، وقَوْلَةً، ومَقَالاً، ومَقَالةً (1).
والمقالة بالتاء والمقال بدونها بمعنى واحد(2).
قال الفيروزآبادي: "القول: في الخير، والقال والقيل والقالة: في الشر، أو القول مصدر، والقيل والقال اسمان له، أو قال قولاً وقيلاً وقولة ومقالة ومقالاً"(3).
ب - معناها:
قال صاحب اللسان: "القول: الكلام على الترتيب، وهو عند المحقِّق كل لفظ قال به اللسان تاما كان أو ناقصا"(4).
ثم قال: "... فأما تجوزهم في تسميتهم الاعتقادات والآراء قَوْلاً، فلأن الاعتقاد يخفى فلا يعرف إلا بالقول، أو بما يقوم مقام القول من شاهد الحال، فلما كانت لا تظهر إلا بالقول إذ كانت سبباً له، وكان القول دليلاً عليها، كما يُسمَّى الشيئ باسم غيره إذا كان ملابساً له وكان القول دليلا عليه"(5).
ثانياً: التعريف الاصطلاحي:
__________
(1) لسان العرب 11/573 (مادة قول )، المصباح المنير ص519
(2) ديوان الأدب لأبي إبراهيم بن إسحاق الفارابي تحقيق د/ أحمد مختار عمر، مراجعة د/ إبراهيم أنيس مطبعة الأمانة بالقاهرة/ 1396.
(3) القاموس المحيط مادة (قول).
(4) لسان العرب 11/572 (مادة قول).
(5) المصدر السابق(/3)
جاء في المعجم الوسيط: "المقالة: القول، والمذهب، وبحث قصير(1) في العلم أو الأدب أو السياسة أو الاجتماع ينشر في صحيفة أو مجلة"(2).
وهذا يعني أن لهذه الكلمة استعمالان:
أحدهما: استعمالها في فن العقيدة، وهو ما أشار إليه هنا بقوله: (المقالة: القول والمذهب).
والثاني: استعمالها في فن الأدب، وهو ما أشار إليه هنا بقوله: (بحث قصير في العلم أو الأدب........إلخ).
والذي يعنينا هنا هو الاستعمال الأول.
وأما تعريف علم مقالات الفرق: فقد قال طاش كبري زاده في تعريفه:
"علم مقالات الفرق (3): هو علم باحث عن ضبط المذاهب الباطلة المتعلقة بالاعتقادات الإلهية، وهي على ما أخبر به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن هذه الأمة، اثنتان وسبعون فرقة.وموضوعه وغايته وغرضه ومنفعته ظاهرة جداً."(4).
وهذا التعريف حدد معالم هذا الفن من فنون العلم في ثلاثة معالم بارزة هي:
أولاً: قوله عن هذا العلم إنه: (علم باحث عن ضبط المذاهب الباطلة).
ثانياً: قوله: (المتعلقة بالاعتقادات الإلهية).
ثالثاً: قوله: (وهي على ما أخبر به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن هذه الأمة، اثنتان وسبعون فرقة)
فحدود هذا الفن هي البحث عن ضبط المذاهب الباطلة، فيما يتعلق بمسائل الاعتقاد،عند الفرق المنتسبة لهذه الأمة.
__________
(1) المقالة في عرف الكتاب المحدثين: "مجموعة من الخواطر والتأملات لا تجري على نسق معين، وليس لها نظام خاص بل يمارس الكاتب حريته الكاملة في الطريقة التي يصوغ فيها أفكاره وتأملاته"، انظر: فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ص 245، د/ محمد الشنطي، دار الأندلس.
(2) المعجم الوسيط 2/767، مادة (قول) ط/ دار الفكر.
(3) وكذا سماه حاجي خليفة في كشف الظنون بعلم مقالات الفرق.
(4) مفتاح السعادة (1/298) وانظر أبجد العلوم لصدِّيق حسن خان القنوجي (2/515) فإنه عرفه بنفس التعريف.(/4)
فهذا العلم يعنى بالخلاف الواقع في مسائل الاعتقاد ولا يبحث في المسائل الأخرى من أبواب الدين التي حصل فيها خلاف كمسائل الفقه والتفسير وغيرها.
وفي نظري أن التعريف جيد ويعطي صورة عن مضمون هذا العلم ومحتواه.
وأما تسميته لهذا العلم بـ "علم مقالات الفرق" فإن في هذا تمييزاً له عن "علم الأديان" الذي يعنى بمقالات الأمم الأخرى غير المسلمة، بينما اختص هذا العلم بمقالات الفرق المنتسبة إلى الإسلام.
فالمقالات عموماً تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: المقالات الواقعة في هذه الأمة.
القسم الثاني: مقالات الأمم الأخرى.
ولذلك لما ألف أبو الحسن الأشعري في علم المقالات، ألف كتاباً سماه "مقالات الإسلاميين" وكتاباً آخر سماه "مقالات غير الإسلاميين".
ولكن الذي استقر عليه الحال في الوقت الحاضر هو الفصل بين هذين النوعين من المقالات، بتسمية مقالات غير الإسلاميين بـ "علم الأديان، وتسمية مقالات الإسلاميين بـ " علم الفرق".
ومن المعلوم أنه في العصر الراهن شققت بعض العلوم وفرع عنها عدة علوم ومن ذلك علم المقالات الذي تفرع إلى العلوم التالية:
1 - علم الفرق
2 - علم الأديان
3 ـ علم المذاهب المعاصرة
كما هو الحال في المقررات التعليمية وبخاصة في المراحل الجامعية.
المطلب الثاني: استعمال العلماء لمصطلح المقالة:
لاشك أن استعمال هذا المصطلح أعني "المقالات" أمر شائع وكثير في كتب المتقدمين، فكتب العلماء الأوائل ورد فيها استعمال هذا المصطلح بشكل كبير، حتى إنه من الصعب والمتعذر حصر تلك المواطن وجمعها، ولذلك فلا عبرة بما نحن عليه اليوم من ندرة استعمال هذا المصطلح وقلة استخدامه، ووجود الوحشة في أذهان بعض الدارسين عند سماعه،نظراً لذيوع استعمال مصطلح "الفرق" مكانه.
وسأورد بعض النماذج لاستعمال هذا المصطلح في كلام أهل العلم للتأكيد على صحة ما أقول.(/5)
1 - قيل لأبي حنيفة (150 هـ): "ما تقول فيما أحدث الناس من الكلام في الأعراض والأجسام؟ قال: مقالات الفلاسفة، عليك بالأثر وطريقة السلف، وإياك وكل محدثة، فإنها بدعة"(1).
2 - وقال أبو الحسن الأشعري (324هـ): "فإنه لابد لمن أراد معرفة الديانات والتمييز بينها، من معرفة المذاهب والمقالات، ورأيت الناس في حكاية ما يحكون من ذكر المقالات، ويصنفون في النحل والديانات... فحداني ما رأيت من ذلك على شرح ما التمست شرحه من المقالات واختصار ذلك وترك الإطالة والإكثار"(2).
ثم سرد مقالات مختلف الفرق مفتتحا الكلام على كل فرقة كبيرة بقوله مثلا: "مقالات الخوارج"(3)، "مقالات المرجئة"(4)، "مقالات المعتزلة"(5) وهكذا...
3 - وقال عبد القاهر البغدادي (429 هـ): "وقد علم كل ذي عقل من أصحاب المقالات المنسوبة إلى الإسلام..." (6).
وقال: "فأما الفرقة الثالثة والسبعون فهي أهل السنة والجماعة... كلهم متفقون على مقالة واحدة في توحيد الصانع وصفاته..." (7).
و قال: "الباب الثالث من أبواب هذا الكتاب في بيان تفصيل مقالات فرق أهل الأهواء"(8).
ثم شرع في بيان هذه الفرق فيقول "الفصل كذا في بيان مقالات فرق كذا..."(9).
4 - وقال ابن حزم (ت 456 هـ): "فإن كثيرا من الناس كتبوا في افتراق الناس في ديانتهم ومقالاتهم كتبا كثيرة جدا،... وأضرب عن كثير من قويّ معارضات أصحاب المقالات فكان في ذلك غير منصف لنفسه..."(10).
وقال أيضاً: "وقد أفردنا في نقض هذه المقالة (وهي قول المجوس أن مدبر العالم أكثر من واحد) كتاباً..."(11).
__________
(1) صون المنطق للسيوطي ص 322.
(2) مقالات الإسلاميين (ص 1).
(3) مقالات الإسلاميين (ص 86).
(4) نفس المصدر (ص 132).
(5) نفس المصدر (ص 154).
(6) الفرق بين الفرق (ص 9).
(7) نفس المصدر ص 26.
(8) نفس المصدر ص 28.
(9) انظر نفس المصدر ص 29، 72، 114، 207، 215، وغيرها.
(10) الفصل (1/2).
(11) نفس المصدر (1/34) وانظر أيضاً ( 4/188-189).(/6)
5 - وقال الشهرستاني (ت 548 هـ): "لما وفقني الله تعالى إلى مطالعة مقالات أهل العالم من أرباب الديانات والملل وأهل الأهواء والنحل..." (1).
وقال أيضا: "فأهل الأهواء ليست تنضبط مقالاتهم في عدد معلوم..." (2).
6 - وقال أبو محمد اليمني (من علماء القرن السادس الهجري): "فمن هذا الباب دخل أهل البدع والأهواء على ضعفاء الناس في إفساد أديانهم، والاحتجاج بمقالتهم لا سيما على من جهل غموضه (أي القرآن) ومسلكه ومتشابهه"(3).
وبعد المقدمة شرع في ذكر الفرق فرقة فرقة ويفتتح الكلام على كل فرقة بقوله المقالة في ذكر كذا، نحو قوله في (1/18): "المقالة في ذكر فرقهم ـ أي الخوارج ـ"(4).
7 - وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): "فهذه المقالات التي نقلت في التشبيه والتجسيم....." إلى أن قال "فأقوال أئمتهم دائرة بين التعطيل والتمثيل،لم تعرف لهم مقالة متوسطة بين هذا وهذا"(5).
وقال أيضاً: "فلا يعرف في المقالات المشهورة في العلم الإلهي مقالة أبعد عن الحق من مقالتهم، فإن مقالة اليهود والنصارى في العلم الإلهي خير من مقالتهم، ومقالات أهل البدع الداخلين في الملل، حتى الجهمية والمعتزلة ونحوهم من الطوائف التي تذمها أئمة أهل الملل هي خير من مقالتهم، وأعني بذلك مقالة أرسطو وأتباعه، وأما ما نقل عن الأساطين قبله فقولهم أقرب إلى الحق من قوله"(6).
وبهذه النماذج من أقوال العلماء يتضح مدى شيوع استعمال هذا المصطلح في كلامهم وجريانه في تعبيراتهم.
المبحث الثاني: أهمية علم المقالات
__________
(1) في الملل والنحل 1/3.
(2) نفس المصدر (1/4)، وانظر أيضا (1/5-6،38).
(3) كتابه عقائد الثلاث وسبعين فرقة (1/7).
(4) نفس المصدر (1/18) وانظر أيضاً (1/271، 325، 353) وغيرها.
(5) في منهاج السنة (2/242) وانظر الحسنة والسيئة (ص104)، والفتوى الحموية (ص 47)، ومجموع الفتاوى (2/79-80)، (4/21) وغيرها كثير.
(6) في الصفدية (2/250-251 ).(/7)
المطلب الأول: أهمية هذا العلم في القرآن والسنة
المتأمل في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية يجد أن هناك عناية بجانب المقالات الباطلة، فقد أوردت النصوص عدداً من المقالات المخالفة لمنهج الحق وبينت زيفها، وحذرت منها، وذمت أصحابها، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر
أولاً: ما جاء في القرآن الكريم:
ا - ما جاء عن مقالات اليهود
قوله تعالى {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق}(1).
وقال تعالى {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا}(2).
وقال تعالى {وقالت اليهود عزير ابن الله} (3)
ب - ما جاء عن مقالات النصارى
قال تعالى {وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يظاهئون قول الذين كفروا من قبل}(4).
وقال تعالى {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم} (5)
وقال تعالى {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} (6)
وقال تعالى {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم ورح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً} (7)
ج - ما جاء عن مقالات منكري البعث
وقال تعالى {وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم}(8).
__________
(1) الآية 181 من سورة آل عمران
(2) الآية 64 من سورة المائدة
(3) الآية 30 من سورة التوبة
(4) الآية 30 من سورة التوبة
(5) الآية 72 من سورة المائدة
(6) الآية 73 من سورة المائدة
(7) الآية 171 من سورة النساء
(8) الآيتان 78-79.من سورة يس(/8)
وقال تعالى {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون}(1).
د - ما جاء في مقالات منكري وجود الله
قال تعالى {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتي بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لايهدي القوم الظالمين} (2)
ثانياً: ما جاء في السنة النبوية:
1 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت بعض نسائه كنيسة رأينها بأرض الحبشة يقال لها مارية - وكانت أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أتتا أرض الحبشة - فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها.
فرفع رأسه فقال: "أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله" (3)
2 - وعن جندب بن عبدالله رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: "وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك"(4)
__________
(1) الآية 24 من سورة الجاثية
(2) الآية 258 من سورة البقرة
(3) أخرجه البخاري في صحيحه "واللفظ له " كتاب الجنائز ، باب بناء المسجد على القبر ؛ انظر فتح الباري ( 3/208 ) ح 1341
وأخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب المساجد ، باب النهي عن بناء المساجد على القبور ( 2/66 )
(4) أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب المساجد ، باب النهي عن بناء المساجد على القبور ( 2/67 ـ68 )(/9)
3 - وعن عائشة وعن ابن عباس رضي الله عنهما قالا: "لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر ما صنعوا (1)
4 - وعن ابن عباس: سمع عمر رضي الله عنه يقول على المنبر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لاتطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا: عبد الله ورسوله" (2)
5 - وعن أبي واقد الليثي قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يارسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنوا إسرائيل لموسى {اجعل لنا آلهة كما لهم آلهة بل أنتم قوم تجهلون} (3) لتركبن سنن من كان قبلكم" (4)
تلك بعض الإشارات عما حواه كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من ذكر مقالات اليهود والنصارى والمشركين وغيرهم من أهل الباطل مما يؤكد ضرورة الاهتمام بتلك المقالات بقصد بيان زيغها وفسادها والرد عليها والتحذير منها ومن الوقوع فيها.
المطلب الثاني: أهمية علم المقالات عموماً
__________
(1) أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الصلاة ، باب حدثنا أبو اليمان ؛ انظر فتح الباري ( 1/532 ) ح 435 ،436
أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب المساجد ، باب النهي عن بناء المساجد على القبور ( 2/67 )
(2) أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب حديث الأنبياء ، باب {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها} انظر فتح الباري ( 6/478 ) ح 3445
(3) الآية 138 من سورة الأعراف
(4) أخرجه أحمد في مسنده ( 5/218 ) والترمذي في السنن ( 4/475 ) ح 2180 ، وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وابن أبي عاصم في السة (ص 37 ) رقم 76 وصححه الألباني(/10)
لعلم المقالات أهميته البالغة ومنفعته العظيمة باعتباره أحد العلوم المهمة التي أولاها العلماء اهتمامهم وتناولوها بالبحث والدراسة والتصنيف، وترجع أهمية هذا العلم لعوامل متعددة من أهمها مايلي:
أولاً:- رصد وكشف المذاهب المنحرفة عن الصراط المستقيم فذلك من الأمور المهمة التي ينبغي الاهتمام الجاد بدراستها، وإعطائها حقها من المتابعة والبحث، تحقيقاً لقول الله تعالى {وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين} (1)(2)،
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "العالمون بالله وكتابه ودينه، عرفوا سبيل المؤمنين معرفة تفصيلية، وسبيل المجرمين معرفة تفصيلية، فاستبانت لهم السبيلان، فهؤلاء أعلم الخلق وأنفعهم للناس، وأنصحهم لهم، وهم الأدلاء الهداة، وبذلك برز الصحابة على جميع من أتى بعدهم إلى يوم القيامة، فإنهم نشأوا في سبيل الضلال والكفر والشرك والسبل الموصلة إلى الهلاك وعرفوها مفصلة، ثم جاء الرسول صلى الله عليه وسلم فأخرجهم من الظلمة الشديدة إلى النور التام، ومن الظلم إلى العدل، فعرفوا مقدار ما نالوه وظفروا به، ومقدار ما كانوا فيه، فإن الضد يظهر حسنه الضد، وإنما تتبين الأشياء بأضدادها، فازدادوا رغبة ومحبة فيما انتقلوا إليه، ونفرة وبغضاً لما انتقلوا عنه..."(3).
وهذا المفهوم يجليه قول عمر الفاروق رضي الله عنه: "إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية" (4)
__________
(1) الأنعام الآية 55.
(2) مقالات في المذاهب والفرق ص 77.
(3) الفوائد ص 108-109. ط دار الكتب العلمية 1393هـ
(4) تيسير العزيز الحميد ( ص 90 )(/11)
ثانياً: الرد على أهل الأهواء والبدع حتى تنقطع شبهتهم ويزول عن المسلمين ضررهم، فتلك مرتبة عظيمة من منازل الجهاد باللسان، فقد صح من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" (1)
وقال الإمام ابن تيمية: "فالراد على أهل البدع مجاهد، حتى كان يحي ابن يحي يقول: الذب عن السنة أفضل من الجهاد"(2).
وقال أيضاً: "وإذا كان النصح واجباً في المصالح الدينية الخاصة والعامة: مثل نقلة الحديث الذين يغلطون ويكذبون، ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلَّى واعتكف فإنما هو انفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل. فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء، لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداءً"(3).
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده ( 19/272 ح 12246 ) وإسناده صحيح على شرط مسلم ، وأخرجه وأبو داود ( 2504 ) ، والنسائي ( 6/51 ) ، والحاكم ( 2/81 ) وصححه ، ووافقه الذهبي ، والضياء في المختارة ( 1905 )
(2) مجموع الفتاوى 4/13.
(3) مجموع الفتاوى 28/231-232.(/12)
ثالثاً: أن الدعوة إلى عقيدة أهل السنة والجماعة والاجتماع عليها وبيان فساد ما خالفها وشذ عنها والتحذير منهم فيه تكثير للفرقة الناجية المعتصمة بالحق، وفيه أمر بالمعروف، قال ابن تيمية رحمه الله: "ولا يقال: فإذا كان الكتاب والسنة قد دلا على وقوع ذلك ـ الافتراق بين المسلمين ـ فما فائدة النهي عنه؟
لأن الكتاب والسنة أيضاً قد دلا على أنه لا يزال في هذه الأمة طائفة متمسكة بالحق الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة وأنها لا تجتمع على ضلالة.
ففي النهي عن ذلك تكثير هذه الطائفة المنصورة وتثبيتها وزيادة إيمانها فنسأل الله المجيب أن يجعلنا منها"(1).
رابعاً: إن دراسة مقالات الفرق من باب معرفة الشر لتوقيه وتحذير الناس من الفرق المبتدعة التي تكاثرت وتكاتفت فتعددت السبل وكثرت المشتبهات، وفي ذلك نهي عن المنكر.
وقد كان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول: "كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني"(2).
قال ابن تيمية ـ في تعليقه على أحاديث النهي عن التفرق ـ: "وهذا المعنى محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه، يشير إلى أن التفرق والاختلاف لا بد من وقوعهما في الأمة، وكان يحذر أمته منه لينجو من الوقوع فيه من شاء الله له السلامة"(3).
__________
(1) اقتضاء الصراط المستقيم 1/152.
(2) أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الفتن ، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة ؟ ( انظر فتح الباري 13/35 ح 7084 ) . وأخرجه مسلم في صحيحه ، كتب الإمارة ، باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن وتحذير الدعاة إلى الكفر ( 6/20 )
(3) اقتضاء الصراط المستقيم 1/127.(/13)
خامساً: بيان صلة الفرق الضالة والآراء المنحرفة المعاصرة بجذورها الخبيثة من الفرق القديمة أهل الأهواء والبدع وكشف حقيقتها وتلبيساتها على الناس، فإن تغيير الأسماء مع بقاء المسميات والمعاني من أساليب الخداع والمكر عند اليهود والزنادقة وأعداء الإسلام.
قال ابن القيم رحمه الله ـ بعد كلامه عن التحيل الباطل ـ: "وإنما غرضه التوصل بها إلى ما هو ممنوع منه، فجعلها سترة وجنَّة يتستر بها من ارتكب ما نهي عنه فأخرجه في قالب الشرع.
كما أخرج الجهمية التعطيل في قالب التنزيه.
وأخرج المنافقون النفاق في قالب الإحسان والتوفيق والعقل المعيشي.
وأخرج الظلمة الفجرة الظلم والعدوان في قالب السياسة وعقوبة الجناة.
وأخرج الروافض الإلحاد والكفر والقدح في سادات الصحابة وحزب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوليائه وأنصاره في قالب محبة أهل البيت والتعصب لهم وموالاتهم.
وأخرج فسقة المنتسبين إلى الفقر والتصوف بدعهم وشطحهم في قالب الفقر والزهد والأحوال والمعارف ومحبة الله ونحو ذلك.
وأخرجت الاتحادية أعظم الكفر والإلحاد في قالب التوحيد وأن الوجود واحد لا اثنان وهو الله وحده فليس هاهنا وجودان خالق ومخلوق ولا رب ولا عبد بل الوجود واحد وهو حقيقة الرب.
وأخرجت القدرية إنكار عموم قدرة الله تعالى على جميع الموجودات، أفعالها وأعيانها في قالب العدل، وقالوا: لو كان الرب قادراً على أفعال عباده لزم أن يكون ظالماً لهم فأخرجوا تكذيبهم بالقدر في قالب العدل.
وأخرجت الخوارج قتال الأئمة والخروج عليهم بالسيف في قالب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأخرج أرباب البدع جميعهم بدعهم في قوالب متنوعة بحسب تلك البدع، فكل صاحب باطل لا يتمكن من ترويج باطله إلا بإخراجه في قالب حق..."(1).
__________
(1) إغاثة اللهفان 2/81.(/14)
سادساً: إن عدم دراسة الفرق والرد عليها وإبطال الأفكار المخالفة للحق، فيه إفساح المجال للفرق المبتدعة أن تفعل ما تريد، وأن تدعو إلى كل ما تريد من بدع وخرافات دون أن تجد من يتصدى لها بالدراسة والنقد(1).
ولهذه العوامل وغيرها تبدو الضرورة ملحة لوجود هذا العلم واعتناء أهل العلم به، وهذا هو الواقع الملموس من تتبع جهود العلماء قديماً وحديثاً عبر القرون المختلفة، قال طاش كبري زاده في معرض تعريفه لعلم المقالات "وموضوعه وغايته وغرضه ومنفعته ظاهرة جداً."(2)
المبحث الثالث: مناهج التأليف في علم المقالات والمؤلفات فيه
المطلب الأول: مناهج التأليف في علم المقالات:
سلك أصحاب كتب المقالات طريقان في ترتيب هذا الفن وفي ذلك يقول الشهرستاني: "ولأصحاب كتب المقالات طريقان في الترتيب:
أحدهما: أنهم وضعوا المسائل أصولاً ثم أوردوا في كل مسألة مذهب طائفة طائفة وفرقة فرقة.
والثاني: أنهم وضعوا الرجال وأصحاب المقالات أصولاً ثم أوردوا مذاهبهم في مسألة مسألة" (3).
ولا شك أن أغلب المصنفين سلك المسلك الثاني. ومنهم الشهرستاني الذي علل ذلك بقوله: "لأني وجدتها أضبط للأقسام وأليق بأبواب الحساب" (4).
ومنهم عبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق، حيث جعل أصحاب الآراء وزعماء الفرق أصولاً، ثم يورد آراء كل منهم في كل مسألة، كما قال: "...ونذكر في الباب الذي يليه تفصيل مقالة كل فرقة من فرق أهل الأهواء الذين ذكرناهم إن شاء الله عز وجل..."(5).
وممن جمع بين الطريقتين أبو الحسن الأشعري في كتابه مقالات الإسلاميين فقد تميز كتابه بالجمع بين الطريقتين في عرض آراء الفرق، فالجزء الأول معظمه كان وفق الطريقة الثانية، وهي جعل أصحاب المذاهب أصولاً.
__________
(1) فرق معاصرة لغالب العواجي 1/26.
(2) مفتاح السعادة (1/298)
(3) الملل والنحل 1/6
(4) المصدر السابق 1/6
(5) الفرق بين الفرق ص 28.(/15)
أما الجزء الثاني فهو وفق الطريقة الأولى، وهي جعل المسائل أصولاً، ثم إيراد في كل مسألة مذهب طائفة طائفة وفرقة فرقة.
ومنهج الأشعري هذا جعل كتابه بمثابة كتابين مختلفين ضم أحدهما إلى الآخر، فمن أراد آراء الفرق في مسألة ما، أمكنه ذلك، ومن أراد آراء فرقة ما، أمكنه ذلك، وقد اقتضى منه ذلك شيئاً من التكرار الملاحظ لآراء الأشخاص في أكثر من موضع.
وممن وافق الأشعري في طريقته هذه ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل، حيث جمع بين الطريقتين، مع استعماله الطريقة الأولى، وهي جعل المسائل أصولاً أكثر.
ومنهم أيضاً أبو محمد اليمني في كتابه عقائد الثلاث والسبعين فرقة حيث جمع بين الطريقتين الأولى، والثانية.
وإذا ماخرجنا عن كتب المقالات فإنا نجد كتب الردود قد اعتمدت الطريقة الأولى، وهي جعل المسائل أصولاً، فهي تعنى ببيان الحق في مسألة من مسائل العقيدة والرد على المخالفين فيها، ومن ذلك على سبيل المثال:
الرد على الجهمية للإمام أحمد، والرد عى الجهمية لعثمان بن سعيد الدارمي، والرد على الجهمية لابن منده، والرد على بشر المريسي للدارمي، والرد على البكري، وعلى الأخنائي، كلاهما لشيخ الإسلام ابن تيمية، والصارم المنكي في الرد على السبكي لابن عبد الهادي.
والملاحظ أن الغالب اليوم في طريقة عرض هذه المادة عند من يقوم بتدريسها هو استعمال الطريقة الثانية وهي وضع الرجال وأصحاب المذاهب أصولاً ثم إيراد مذاهبهم.
المطلب الثاني: الكتب المؤلفة في هذا العلم
من الكتب المؤلفة في هذا العلم:
1-المقالات(1): زفر بن الهذيل صاحب أبي حنيفة (158هـ)(2).
2-المقالات والفرق: سعد بن عبد الله الأشعري القمي الرافضي (300هـ)(3).
__________
(1) ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون 2/1782.
(2) ترجمته في شذرات الذهب 1/243، الأعلام 3/45.
(3) ترجمته في الأعلام 3/86.(/16)
3-المقالات(1): عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي البلخي المعتزلي (319هـ)(2).
4-المقالات في أصول الديانات: المسعودي أبو الحسن علي بن الحسين (346هـ) شيعي معتزلي(3).
5-المسائل والعلل في المذاهب والملل: له أيضاً.
6-الآراء والديانات (4) للحسن بن موسى بن الحسن النوبختي الفارسي شيعي معتزلي (5) (310هـ)(6).
7-جمل المقالات(7): لأبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (324هـ)(8).
8-مقالات الإسلاميين: له أيضاً.
9-مقالات غير الإسلاميين(9): له أيضا.
10-التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع: أبو الحسين محمد بن أحمد الملطي الشافعي (377هـ)(10).
__________
(1) ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون 2/1782.
(2) ترجمته في تاريخ بغداد 9/384، الأعلام 4/65-66.
(3) ترجمته في فوات الوفيات 2/45، لسان الميزان 4/224، الأعلام 4/277.
(4) ذكرابن النديم في الفهرست ص 177 أن ابن النوبختي ألف كتاب "الأراء والديانات " ولم يتمه
(5) قال شيخ الإسلام ابن تيمية "في أواخر المائة الثالثة دخل من دخل من الشيعة في أقوال المعتزلة كابن النوبختي صاحب كتاب "الأراء والديانات " منهاج السنة 1/72
(6) ترجمته في الفهرست ص 251، سير أعلام النبلاء 15/327، الأعلام 2/224.
(7) ذكره ابن عساكر في تبيين كذب المفتري ص 129، والذهبي في السير 15/87-88.
(8) ترجمته في وفيات الأعيان 1/326، البداية والنهاية 11/187.
(9) ذكره ابن عساكر في تبيين كذب المفتري ص 129، والذهبي في السير 15/87-88 . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ( [كتاب مقالات غير الإسلاميين ] وهوكتاب كبير أكبر من [مقالات الإسلاميين ] ) منهاج السنة 5/283 وقال الدكتور محمد رشاد سالم في هامش التحقيق "وهوكتاب مفقود .وانظر سزكين م 1 ،ح4 ،ص 35 ـ39 "
(10) ترجمته في طبقات الشافعية 2/112، الأعلام 5/311.(/17)
11-الملل والنحل(1): أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني (403هـ)(2).
12-الملل والنحل(3): أبو منصور عبد القاهر البغدادي (429هـ)(4).
13-الفرق بين الفرق: له أيضاً.
14-تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة: لأبي الريحان محمد بن أحمد البيروني (440هـ)(5).
15-المقالات والآراء والديانات(6): له أيضاً
16-الفصل في الملل والأهواء والنحل: لأبي محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي (456هـ)(7).
17-الملل والنحل: محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (548هـ)(8).
18-عقائد الثلاث والسبعين فرقة(9): لأبي محمد اليمني (من علماء القرن السادس الهجري)(10).
19-اعتقدات فرق المسلمين والمشركين: فخر الدين محمد بن عمر الرازي (606هـ)(11).
20-البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان: لأبي الفضل عباس بن منصور التريني السكسكي اليمني (683هـ)(12).
21-المقالات(13): علاء الدولة أحمد بن محمد السمناني الصوفي (736هـ)(14).
22-المنية والأمل في شرح الملل والنحل: أحمد بن يحي بن المرتضى اليماني الزيدي المعتزلي (840هـ)(15).
__________
(1) ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ص 1820.
(2) ترجمته في سير أعلام النبلاء 17/190، الأعلام 6/176.
(3) مخطوط ذكره البغدادي في هدية العارفين 5/606، والزركلي في الأعلام 4/48.
(4) ترجمته في سير أعلام النبلاء 17/572.
(5) ترجمته في الأعلام 5/314.
(6) مخطوط ذكره البغدادي في هدية العارفين 6/65.
(7) ترجمته في سير أعلام النبلاء 18/184-212، الأعلام 4254.
(8) ترجمته في وفيات الأعيان 1/482، الأعلام 6/215.
(9) طبع بتحقيق د/ محمد بن عبد الله زربان الغامدي.
(10) انظر الكلام عنه في القسم الدراسي من كتابه 1/1-7.
(11) ترجمته في وفيات الأعيان 1/474، الأعلام 6/313.
(12) ترجمته في هدية العارفين 5/437، الأعلام 3/267.
(13) ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون 2/1782.
(14) ترجمته في الدرر الكامنة 1/250، الأعلام 1/223.
(15) ترجمته في هدية العارفين 5/125.(/18)
23-الملل والنحل(1): له أيضاً.
24-شارع النجاة(2): أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي (845هـ)(3).
25-وجيزة المقال في بيان ملل الضلال(4): أحمد بن السيد عثمان الدمشقي الحنفي (كان حيا سنة 1163هـ)(5).
والملاحظ على هذه المؤلفات أن جلها لاتحمل عقيدة أهل السنة والجماعة، فإذا ما استثنينا كتاب "التنبيه والرد" للملطي، وكتاب "عقائد الثلاث والسبعين فرقة" لأبي محمد اليمني، وكتب "مقالات الإسلاميين" لأبي الحسن الأشعري (على ما عليه من ملاحظات سيأتي بيانها)، نجد أن باقي الكتب تمثل تياراً مخالفاً بل إنه في بعض الأحيان شديد المخالفة كالاعتزال أوالرفض.
ولكن لكون أكثر هذه الكتب تعتمد منهج النقل المجرد للمقالات دون تدخل في مناقشتها، فإنه قد يستفاد منها في هذا الوجه، أو قد يستفاد منها من وجه آخر كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية "ومع هذا فيستفاد من كلامهم نقض بعضهم على بعض وبيان فساد قوله،فإن المختلفين كل كلامهم فيه شيء من الباطل،وكل طائفة تقصد بيان بطلان قول الأخرى،فيبقى الإنسان عنده دلائل كثيرة تدل على فساد قول كل طائفة من الطوائف المختلفين في الكتاب." (6)
المطلب الثالث: أشهر الكتب المؤلفة في المقالات ومناهج مؤلفيها.
__________
(1) ذكره البغدادي في هدية العارفين 5/125.
(2) ذكره الزركلي في الأعلام 1/178.
(3) ترجمته في البدر الطالع 1/79، الأعلام 1/178.
(4) ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون 3/702، والبغدادي في هدية العارفين 5/175.
(5) ترجمته في المصدرين السابقين.
(6) منهاج السنة 5/275(/19)
من الحقائق التي يجهلها الكثير من الدارسين لهذا العلم أن أشهر الكتب التي يكثر تداولها بين أيديهم عند دراسة هذا العلم وهي "كتاب مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري،كتاب الفصل لابن حزم، وكتاب الملل والنحل للشهرستاني، والفرق بين الفرق للبغدادي" لا تمثل عقيدة أهل السنة والجماعة، فهذه الكتب يصدق فبها قول شيخ الإسلام ابن تيمية "فالكتب المصنفة في مقالات الطوائف التي صنفها هؤلاء ليس فيها ما جاء به الرسول وما دل عليه القرآن، لا في المقالات المجردة، ولا في المقالات التي يذكر فيها الأدلة فإن جميع هؤلاء دخلوا في الكلام المذموم الذي عابه السلف وذموه."(1).
وقوله أيضاً: "ثم إن غالب كتب أهل الكلام والناقلين للمقالات، ينقلون في أصول الملل والنحل من المقالات ما يطول وصفه. ونفس ما بعث الله به رسوله،وما يقوله أصحابه والتابعون لهم في ذلك الأصل، الذي حكوا فيه أقوال الناس،لا ينقلونه لا تعمداً منهم لتركه،بل لأنهم لم يعرفوه،بل ولا سمعوه،لقلة خبرتهم بنصوص الرسول وأصحابه والتابعين.".(2).
ومن أجل ذلك أحببت التنبيه على ما حوته هذه المؤلفات من مناهج، مع بيان عقائد أصحابها وسمات تلك المؤلفات، وذلك على النحو التالي:
أولاً: كتاب مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري "260 -324".
ا - عقيدته:
__________
(1) النبوات ص 219-220.
(2) منهاج السنة 6/303 ـ304(/20)
يعتبر أبو الحسن الأشعري امتداداً للمذهب الكلابي فأبو الحسن الأشعري الذي عاش في الفترة ما بين (260هـ -324هـ) كان معتزلياً إلى سن الأربعين، حيث عاش في بيت أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة في البصرة، ثم رجع عن مذهب المعتزلة وسلك طريقة ابن كلاب وتأثر بها لفترة طويلة، ولعل السبب في ذلك أنه وجد في كتب ابن كلاب وكلامه بغيته من الرد على المعتزلة وإظهار فضائحهم وهتك أستارهم، وكان ابن كلاب قد صنف مصنفات رد فيها على الجهمية والمعتزلة وغيرهم. ولكن فات الأشعري أن ابن كلاب وإن رد على المعتزلة وكشف باطلهم وأثبت لله تعالى الصفات اللازمة، إلا أنه وافقهم في إنكار الصفات الاختيارية التي تتعلق بمشيئته تعالى وقدرته، فنفى كما نفت المعتزلة أن الله يتكلم بمشيئته وقدرته. كما نفى أيضاً الصفات الاختيارية مثل الرضى، والغضب، والبغض، والسخط وغيرها.
وقد مضى الأشعري في هذا الطور نشيطاً يؤلف ويناظر ويلقى الدروس في الرد على المعتزلة سالكاً هذه الطريقة.
ثم التقى بزكريا بن يحي الساجي فأخذ عنه ما أخذ من أصول أهل السنة والحديث،(1) وكان الساجي شيخ البصرة وحافظها(2) ثم لما قدم بغداد أخذ عن حنبلية بغداد أموراً أخرى وذلك بآخر أمره.
ولكن كانت خبرته بالكلام خبرة مفصلة، وخبرته بالسنة خبرة مجملة، فلذلك وافق المعتزلة في بعض أصولهم التي التزموا لأجلها خلاف السنة واعتقد أنه يمكنه الجمع بين تلك الأصول، وبين الانتصار للسنة، كما فعل في مسألة الرؤية والكلام، والصفات الخبرية وغير ذلك.(3)
ولذلك قال عنه السجزي: (رجع في الفروع وثبت في الأصول)(4) أي أصول المعتزلة التي بنوا عليها نفي الصفات، مثل دليل الأعراض وغيره.(5)
__________
(1) - مجموع الفتاوى 5/386، تذكرة الحفاظ (2/907).
(2) - العلو ص150، تذكرة الحفاظ (2/907).
(3) - مجموع الفتاوى 12/204.
(4) - الرد على من أنكر الحرف والصوت ص168.
(5) - موقف ابن تيمية من الأشاعرة 1/367.(/21)
وقال عنه الذهبي: "...وكان معتزلياً ثم تاب، ووافق أصحاب الحديث في أشياء يخالفون فيها المعتزلة، ثم وافق أصحاب الحديث في أكثر ما يقولونه، وهو ما ذكرناه عنه من أنه نقل إجماعهم على ذلك، وأنه موافق لهم في جميع ذلك، فله ثلاثة أحوال: حال كان معتزلياً، وحال كان فيها سنياُ في بعض دون البعض، وكان في غالب الأصول سنياً، وهو الذي علمناه من حاله، فرحمه الله وغفر له ولسائر المسلمين..."(1).
ب - منهج الأشعري في كتابه المقالات
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومن أجمع الكتب التي رأيتها في مقالات الناس المختلفين في أصول الدين كتاب أبي الحسن الأشعري،وقد ذكر فيه من المقالات وتفصيلها ما لم يذكره غيره، وذكر فيه مذهب أهل الحديث والسنة بحسب ما فهمه عنهم. وليس في جنسه أقرب إليه منه، ومع هذا نفس القول الذي جاء به الكتاب والسنة وقال به الصحابة والتابعون لهم بإحسان: في القرآن،والرؤية،والصفات، والقدر،وغير ذلك من مسائل أصول الدين ليس في كتابه،وقد استقصى ما عرفه من كلام المتكلمين.
وأما معرفة ما جاء به الرسول من الكتاب والسنة وآثار الصحابة، فعلم آخر لا يعرفه أحد من هؤلاء المتكلمين،المختلفين في أصول الدين.ولهذا كان سلف الأمة وأئمتها متفقين على ذم أهل الكلام) إلى أن قال (ومع هذا فيستفاد من كلامهم نقض بعضهم على بعض وبيان فساد قوله،فإن المختلفين كل كلامهم فيه شيء من الباطل،وكل طائفة تقصد بيان بطلان قول الأخرى،فيبقى الإنسان عنده دلائل كثيرة تدل على فساد قول كل طائفة من الطوائف المختلفين في الكتاب.
__________
(1) العرش للذهبي 2/302-303.(/22)
وهذا مما مُدح به الأشعري ؛ فإنه بيّن من فضائح المعتزلة وتناقض أقوالهم وفسادها ما لم يبينه غيره،لأنه كان منهم،وكان قد درس الكلام على أبي علي الجبائي أربعين سنة،وكان ذكياً،ثم إنه رجع عنهم،وصنف في الرد عليهم،ونصر في الصفات طريقة ابن كلاب،لأنها أقرب إلى الحق والسنة من قولهم،ولم يعرف غيرها،فإنه لم يكن خبيراً بالسنة والحديث وأقوال الصحابة والتابعين وغيرهم،وتفسير السلف للقرآن.والعلم بالسنة المحضة إنما يستفاد من هذا.
ولهذا يذكر في المقالات مقالة المعتزلة مفصلة: يذكر قول كل واحد منهم وما بينهما من النزاع في الدق الجل.....؛ويذكر أيضاً مقالات الخوارج والروافض،لكن نقله لها من كتب أرباب المقالات،لاعن مباشرة منه للقائلين،ولا عن خبرة بكتبهم،ولكن فيه تفصيل عظيم،ويذكر مقالة ابن كلاب عن خبرة بها ونظر في كتبه،ويذكر اختلاف الناس في القرآن من عدة كتب.
فإذا جاء إلى مقالة أهل السنة والحديث ذكر أمراً مجملاً تلقى أكثره عن زكريا بن يحي الساجي،وبعضه عمن أخذ عنه من حنبلية بغداد ونحوهم.وأين العلم المفصل من العلم المجمل ؟"(1).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ثم إن غالب كتب أهل الكلام والناقلين للمقالات، ينقلون في أصول الملل والنحل من المقالات ما يطول وصفه. ونفس ما بعث الله به رسوله،وما يقوله أصحابه والتابعون لهم في ذلك الأصل، الذي حكوا فيه أقوال الناس،لا ينقلونه لا تعمداً منهم لتركه،بل لأنهم لم يعرفوه،بل ولا سمعوه،لقلة خبرتهم بنصوص الرسول وأصحابه والتابعين.
وكتاب المقالات للأشعري أجمع هذه الكتب وأبسطها، وفيه من الأقوال وتحريرها مالا يوجد في غيرها.وقد نقل مذهب أهل السنة والحديث بحسب ما فهمه وظنه قولهم،وذكر أنه يقول بكل ما نقله عنهم.
__________
(1) منهاج السنة 5/275 ـ 278(/23)
وجاء بعده من أتباعه ـ كابن فورك ـ من لم يعجبه ما نقله عنهم، فنقص من ذلك وزاد، مع هذا فلكون خبرته بالكلام أكثر من خبرته في الحديث ومقالات السلف الأئمة، وقد ذكر في غير موضع عنهم أقوالاً في النفي والإثبات لا تنقل عن أحد منهم أصلاً".(1)
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وتأملت ما وجدته في الصفات من المقالات مثل كتاب الملل والنحل للشهرستاني، وكتاب مقالات الإسلاميين للأشعري، وهو أجمع كتاب رأيته في هذا الفن، وقد ذكر فيه ما ذكر أنه مقالة أهل السنة والحديث، وأنه يختارها،وهي أقرب ما ذكره من المقالات إلى السنة والحديث، لكن فيه أمور لم يقلها أحد من أهل السنة والحديث ونفس مقالة أهل السنة والحديث لم يكن يعرفها، ولا هو خبير بها، فالكتب المصنفة في مقالات الطوائف التي صنفها هؤلاء ليس فيها ما جاء به الرسول وما دل عليه القرآن، لا في المقالات المجردة، ولا في المقالات التي يذكر فيها الأدلة فإن جميع هؤلاء دخلوا في الكلام المذموم الذي عابه السلف وذموه."(2).
ج - سمات كتاب مقالات الإسلاميين
من أبرز ما تميز به كتابه المقالات من السمات ما يلي:
1-قصر الأشعري الحديث في كتابه على الفرق الإسلامية، والسبب في ذلك أن له كتاباً آخر سماه (مقالات غير الإسلاميين)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ([كتاب مقالات غير الإسلاميين ] وهو كتاب كبير أكبر من [مقالات الإسلاميين ])(3).
2-أغفل الأشعري في كتابه حديث الافتراق، فلم يتعرض له بشيء فضلاً عن أن يقيم كتابه عليه مثل ما فعل بعض المؤلفين الآخرين كما سيأتي.
__________
(1) منهاج السنة 6/303 ـ304
(2) النبوات ص 219-220.
(3) منهاج السنة 5/283 وقال الدكتور محمد رشاد سالم في هامش التحقيق "وهو كتاب مفقود .وانظر سزكين م 1 ،ح4 ،ص 35 ـ39 "(/24)
3-سلك الأشعري في عرض الآراء منهج عرض آراء ومقالات الفرق، دون أن يكون للمؤلف أي توجيه في ذلك العرض، فلا تعقيب ولا رد ولا نقد ولا مناقشة لتلك الآراء، وقد التزم الأشعري بهذا المنهج في جميع كتابه، ولذا عدَّ مصدراً موثوقا به في نقل آراء الفرق الأخرى، وخاصة المعتزلة الذين يعدون من خصومه.
4-تميز كتاب المقالات بالجمع بين الطريقتين في عرض آراء الفرق، فالجزء الأول معظمه كان وفق الطريقة الأولى، وهي جعل أصحاب المذاهب أصولاً.
أما الجزء الثاني فهو وفق الطريقة الثانية، وهي جعل المسائل أصولاً، ثم إيراد في كل مسألة مذهب طائفة طائفة وفرقة فرقة.
ومنهج الأشعري هذا جعل كتابه بمثابة كتابين مختلفين ضم أحدهما إلى الآخر، فمن أراد آراء الفرق في مسألة ما، أمكنه ذلك، ومن أراد آراء فرقة ما، أمكنه ذلك، وقد اقتضى منه ذلك شيء من التكرار الملاحظ لآراء الأشخاص في أكثر من موضع.
5-حصر الأشعري أصول الفرق في عشر فرق(1) خلافا للمؤلفين الآخرين كما سيأتي.
6-اختلف منهج الأشعري في طائفة المعتزلة عن سائر الطوائف من حيث:
أ- عدم تقسيم المعتزلة إلى فرق، كما هو شأن سائر الفرق الأخرى.
ب- عرض آرائهم وفق الطريقة الثانية فقط، وهي جعل المسائل أصولا.
جـ- التوسع والإطناب في عرض آرائها توسعاً ملحوظاً، حيث استغرق الحديث عنهم نصف الجزء الأول تقريباً، ومعظم الجزء الثاني، وذلك لسعة علمه واطلاعه على دقائق آرائهم، ودقة فهمه لمقولاتهم.
7-كان الأشعري أعلم بالمقالات وقائليها، وأدق في نقل الأقوال، وعزوها إلى قائليها، وأكثر تحرياً ممن جاء بعده، بل إن كتابه هو مصدر معظم من جاء بعده من المؤلفين في مقالات الفرق، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في عدة مواضع من كتبه منها قوله:
__________
(1) مقالات الإسلاميين 1/65.(/25)
"والأشعري أعلم بمقالات المختلفين من الشهرستاني، ولهذا ذكر عشر طوائف، وذكر مقالات لم يذكرها الشهرستاني، وهو أعلم بمقالات أهل السنة وأقرب إليها وأوسع علماً من الشهرستاني"(1).
وقال: "ولهذا تجد نقل الأشعري أصح من نقل هؤلاء، لأنه أعلم بالمقالات، وأشد احترازاً من كذب الكذابين فيها..."(2).
وقال أيضاً: "ومن أجمع الكتب التي رأيتها في مقالات الناس المختلفين في أصول الدين كتاب أبي الحسن الأشعري..."(3).
وقال: "وكتاب المقالات للأشعري أجمع هذه الكتب وأبسطها، وفيه من الأقوال وتحريرها مالا يوجد في غيرها"(4).
8-الإيجاز والاختصار في عرض الآراء والمقالات بوجه عام(5).
ثانياً: كتاب "الفرق بين الفرق" لعبد القاهر البغدادي "ت 429 هـ"
ا - عقيدته: هو أبو منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي المتوفى سنة 429هـ(6)، وكان أشعري المذهب ويدل على ذلك عدة أمور منها:
1-اتفاق المترجمين له على نسبته إلى هذا المذهب
2-عرضه لعقيدة الأشعرية في كتابه الفرق بين الفرق على أنها عقيدة أهل السنة والجماعة الفرقة الناجية، ولم يصنف الأشعرية على أنها إحدى الطوائف بل جعلهم هم أهل الحق(7).
3-كتابه "أصول الدين" أكبر دليل على انتسابه إلى هذا المذهب، فقد ألفه على طريقة المتكلمين في تقسيمه لأبوابه، وتقريره لمسائل الاعتقاد على منهج الأشاعرة في مختلف الأبواب(8).
ب - منهج البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق
__________
(1) النبوات ص 247.
(2) منهاج السنة 6/301.
(3) المصدر السابق 5/275.
(4) المصدر السابق 6/303.
(5) انظر حول هذه النقاط كتاب الشهرستاني ومنهجه في كتابه الملل والنحل ص 258-265 بتصرف.
(6) ترجمته في وفيات الأعيان 1/298، طبقات الشافعية للسبكي 3/238، فوات الوفيات 1/298، تبيين كذب المفتري ص 253، الأعلام 4/48.
(7) الفرق بين الفرق ص 312 وما بعدها.
(8) انظر المصدر السابق ص 88، 90، 133، 156، وغيرها.(/26)
تميز منهج البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق بعدم ميزات من أهمها ما يلي:
1-اعتمد في تقسيم الفرق الإسلامية على حديث الافتراق، وسعى في تحديد الفرق طبقاً للعدد المذكور في الحديث.
2-كانت طريقته في عرض آراء الفرق بجعل أصحاب الآراء وزعماء الفرق أصولاً، ثم إيراد آراء كل منهم في كل مسألة.
3-تميز كتاب الفرق بين الفرق بحسن التنظيم وجودة الترتيب لآراء الفرق والتقسيمات المتعلقة بها.
4-قدم قبل الخوض في آراء الفرق بمقدمات، ضمنها ذكر الخلافات الواقعة في أول الأمة، وكيف وقع الافتراق، والإشارة إلى فرق الأمة إجمالاً، وتوسع في ذلك فكانت تلك المقدمات كالخلاصة لبقية كتابه.
5-اقتصر البغدادي على عرض آراء الفرق الإسلامية فقط.
6-وافق البغدادي في عده لأصول الفرق أبا الحسن الأشعري، حيث جعل كل منهما أصول الفرق عشرة(1)، وعد بعض الفرق خارجة عن الإسلام وإن كانت تنتسب إليه، كغلاة الشيعة(2).
7-عرض البغدادي الأشعرية وآراءهم عرضاً يفيد أنها العقيدة الصحيحة التي عليها جمهور أهل السنة والجماعة ـ في نظره ـ وهم معظم المسلمين كما زعم، ولم يدخلها ضمن تصنيفه للفرق الإسلامية(3).
8-كان عرض البغدادي للفرق أكثر شمولاً من عرض غيره، حيث يعطي القارئ تصوراً عن الفرقة من جوانب متعددة، سواء كانت تاريخية أو فقهية أو غيرها؛ إضافة إلى الآراء العقدية لها.
__________
(1) الفرق بين الفرق ص 38-39.
(2) المصدر السابق ص 230 وما بعدها.
(3) المصدر السابق ص 312 وما بعدها.(/27)
9-اتبع البغدادي في كتابه منهج التقرير والنقد، لا مجرد النقل الموضوعي لآراء الفرق، فكان يعرض آراء الفرق ومقولاتها، ثم يتبع ذلك بمناقشتها، وبيان بطلانها وتهافتها من وجهة نظره، وكانت مناقشاته وتعقيباته تتسم بالشدة، والقسوة وتصل إلى حد السب والسخرية والشماتة والتهكم بالرأي وصاحبه(1)، وذكر الإلزامات على الرأي، ومقارنة بعض آراء الفرقة بالمذاهب والأديان المنحرفة، بل يبلغ نقده حد الاتهام بالأعراض (2)، بل التكفير والإخراج من ملة الإسلام، وهذا في مواضع متعددة من كتابه، وخاصة في حديثه عن المعتزلة (3)(4).
ثالثاً: كتاب الفصل لابن حزم "ت 456 هـ"
ا - عقيدته: هو علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي المتوفى (456 هـ)، أما مذهبه العقدي فإن ابن حزم لم يكن له مذهب عقدي متميز سار عليه في جميع أبواب الاعتقاد، بل نجده مضطرباً اضطراباً شديداً في مختلف المسائل العقدية، فنجده مثلاً يوافق المتكلمين في طريقة إثباتهم لوجود الله بطريق الحدوث، لكنه زاد عليهم في الاستدلال بالآثار الدالة في المخلوقات على وجود الصانع وهو أحد أدلة أهل السنة.
ونجده يستعمل العديد من مصطلحات المتكلمين المجملة، كنفي الجسمية والعرضية والزمانية والمكانية والحركة، مع أن الصواب في ذلك هو عدم النفي المطلق بل التفصيل في هذه المسائل.
ويوافق المعتزلة في إثبات الأسماء لله عز وجل مجردة عن المعاني المتعلقة بها، ومن غير أ ن تشتق منها الصفات، بل يعتبرها أنها أعلام محضة لا معنى لها.
والصفات التي يثبتها ابن حزم يرجعها إلى الذات كما هو مذهب طوائف من المتكلمين في هذه المسألة، ونجده أيضاً يؤول العديد من الصفات كالصورة، والأصابع، والساق، والاستواء، والنزول، وغيرها.
__________
(1) المصدر السابق ص 175، 177-178.
(2) المصدر السابق ص 173.
(3) المصدر السابق ص 114 وما بعدها.
(4) انظر حول هذه النقاط كتاب الشهرستاني ومنهجه في كتابه الملل والنحل ص 265-269 بتصرف.(/28)
في حين نجده يوافق أهل السنة في جملة مسائل منها، مسألة الرؤية في الآخرة، والقرآن، وأنه كلام الله، وغالب مباحث أفعال الله تعالى، في باب القضاء والقدر.
في حين يوافق الأشاعرة في عدم تعليل أفعال الله تعالى خلافاً لأهل السنة والجماعة(1).
هذه بعض المسائل التي تبين اضطراب ابن حزم في منهجه العقدي مما يتعذر معه نسبته لطائفة معينة.
ب - منهج ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل
اتسم منهج ابن حزم في كتابه الفصل بعدة سمات من أبرزها ما يلي:
1-شمل كتاب الفصل الحديث عن الفرق الإسلامية والملل الأخرى من مختلف الأديان، وركز ابن حزم حديثه عن أهل الكتاب، وأولاهم اهتماماً كبيراً حتى استغرق ذلك جزءاً كبيراً من الكتاب، بينما حديثه عن الفرق الإسلامية كان مختصراً ويسيراً.
2-لم يعتمد ابن حزم في كتابه على حديث الافتراق، بل ضعفه وأبطله وأنكر صحته(2).
3-جعل ابن حزم أصول الفرق خمسة وهي: "المعتزلة، والمرجئة، والشيعة، والخوارج، وأهل السنة"(3).
4-سلك ابن حزم في طريقة عرضه لآراء الفرق الطريقتين المتبعتين في ذلك، وهما: إما جعل المسائل أصولاً ثم ذكر من قال بها من مختلف الطوائف، وهي التي استخدمها أكثر، وإما جعل أصحاب المقالات وزعماء الفرق أصولاً، ثم ذكر قولهم في كل مسألة.
5-سلك ابن حزم في كتابه منهج التقرير والنقد لمختلف الآراء، ولم يكتفي بمجرد العرض الموضوعي لها، بل لم يدخر جهداً في إبطال ونقد كل مذهب ومقالة عرضها تخالف ما يعتقده، وقد كان في نقده ومناقشته لتلك الآراء عنيفاً، شديداً في عباراته وألفاظه، قوياً في رده، خاصة في مناقشته لأهل الكتاب فيما تضمنه كتابهم المقدس ـ بزعمهم ـ حيث نقده نقداً شديداً، وبين تحريفه.
__________
(1) انظر حول الآراء العقدية لابن حزم كتاب ابن حزم وموقفه من الإلهيات للدكتور أحمد بن ناصر الحمد.
(2) الفصل في الملل والأهواء والنحل 3/138 ط/دار الجيل.
(3) المصدر السابق 2/88.(/29)
ومع قسوته وعنفه إلا أنه كان موضوعياً، وكان نقده علمياً لا عاطفياً حماسياً.
6-جاء كتاب ابن حزم مضطرباَ في ترتيبه غير منظم، وقد أصاب السبكي في ذلك عندما قال: "وكتاب الملل والنحل للشهرستاني هو عندي خير كتاب صنف في هذا الباب، مصنف ابن حزم وإن كان أبسط منه، إلا أنه مبدد ليس له نظام..."(1).
وقد علل أصحاب دائرة المعارف الإسلامية وجود هذا الاضطراب في كتاب ابن حزم بقولهم: "إن الترتيب المنطقي لهذا الكتاب ـ الفصل ـ مضطرب إلى حد ما؛ بسبب إدماج رسائل مستقلة فيه..."(2)(3).
رابعاًً: كتاب الملل والنحل للشهرستاني "ت 548"
ا - عقيدته: هو محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني المتوفى سنة 548 هـ(4)، وكان الشهرستاني أشعري المعتقد ويدل لذلك عدة أمور منها:
1-إجماع المترجمين له على نسبته إلى المذهب الأشعري في المعتقد، ولم يخالف في ذلك أحد(5).
__________
(1) طبقات الشافعية للسبكي 3/78.
(2) دائرة المعارف الإسلامية 1/254.
(3) انظر حول هذه النقاط كتاب الشهرستاني ومنهجه في كتابه الملل والنحل ص 269-273 بتصرف.
(4) انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 20/286، طبقات الشافعية للسبكي 4/78، وفيات الأعيان 4/273، الوافي بالوفيات للصفدي 3/278، المختصر في أخبار البشر لأبي الفداء 3/27، تاريخ ابن الوردي 2/86 وغيرها.
(5) انظر المشترك وضعاً والمفترق صقعاً لياقوت الحموي ص 279، ووفيات الأعيان لابن خلكان 4/274، الوافي بالوفيات للصفدي 3/278، المختصر في أخبار البشر لأبي الفداء 3/27، تاريخ ابن الوردي 2/86.(/30)
2-دلالة العديد من كتبه على انتسابه إلى المذهب الأشعري في المعتقد، مثل كتابه الملل والنحل الذي قرر فيه أن المذهب الأشعري هو مذهب أهل السنة والجماعة، وتصريحه في كتابه نهاية الإقدام حين يعرض آراء المذهب الأشعري بقوله: "نقول، قلنا، قولنا، قول الحق"(1)، وغير ذلك؛ بخلاف عرض آراء المذاهب المخالفة، حيث يصدرها بقوله: "قالوا، يقولون، قولهم، حققوه"(2)، وغير ذلك.
فكاتبه هذا ـ في جملته ـ تقرير للمذهب الأشعري بأدلته وحججه ومناقشة الآراء المخالفة والرد عليها(3).
ومن الأمور التي اشتهرت في حق الشهرستاني اتهامه بالميل إلى الفلاسفة الباطنية، ومن العلماء الذين وجهوا له هذا الاتهام ابن أرسلان الخوارزمي(4)، وعلي بن أبي القاسم البيهقي(5)، والسمعاني (6)، والذهبي (7).
وقد دافع عنه آخرون وحاولوا تبرئته من هذه التهمة منهم السبكي(8)، وابن حجر العسقلاني(9)،والدكتورة سهير محمد مختار(10).
__________
(1) انظر نهاية الإقدام ص 282، 284، 292، 311، 387، 399، وغيرها من المواضع.
(2) انظر المصدر السابق ص 281، 305، 405، 408، 409، وغيرها من المواضع.
(3) انظر لمزيد من التفصيل في مذهبه العقدي "الشهرستاني وكتابه الملل والنحل ص 90-117.
(4) انظر معجم البلدان 3/377، وسير أعلام النبلاء 20/288، ولسان الميزان 5/263.
(5) انظر تاريخ حكماء الإسلام ص 142.
(6) انظر التحبير في المعجم الكبير 2/161، وسير أعلام النبلاء 20/287.
(7) انظر العبر في خبر من غبر 3/7.
(8) انظر طبقات الشافعية 4/79.
(9) انظر لسان الميزان 5/264.
(10) انظر الشهرستاني وآراؤه الكلامية والفلسفية ص 362.(/31)
وقد حقق القول في هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية وبين رأيه في هذه التهمة قائلاً: "أما قوله (يعني بذلك ابن مطهر الحلي) إن الشهرستاني من أشد المتعصبين على الإمامية، فليس كذلك بل يميل كثيراً إلى أشياء من أمورهم، بل يذكر أحياناً أشياء من كلام الإسماعيلية الباطنية منهم ويوجهه؛ ولذا اتهمه الناس بالإسماعيلية، وإن لم يكن الأمر كذلك، وقد ذكر من اتهمه شواهد من كلامه وسيرته، وقد يقال: هو من الشيعة بوجه، ومع أصحاب الأشعري بوجه... وبالجملة فالشهرستاني يظهر الميل إلى الشيعة إما بباطنه وإما مداهنة لهم..."(1).
ومما يؤكد ذلك أن الشهرستاني صنف في ذكر فضائح الباطنية(2)، وفي الرد على ابن سينا الفيلسوف الإسماعيلي، يقول ابن القيم: "وصارع محمد الشهرستاني ابن سينا في كتاب سماه (المصارعة) أبطل فيه قوله بقدم العالم، وإنكار المعاد، ونفي علم الرب تعالى وقدرته وخلقه العالم" (3).
وإن كان للشهرستاني بعض الردود على مطاعن الشيعة في الصحابة(4)، ووصفهم بالحيرة والضياع(5)، إلا أن ميله للتشيع أمر مؤكد في حقه كما قال شيخ الإسلام عنه: "وبالجملة فالشهرستاني يظهر الميل إلى الشيعة إما بباطنه وإما مداهنة لهم، فإن هذا الكتاب ـ الملل والنحل ـ صنفه لرئيس من رؤسائهم، وكانت له ولاية ديوانية، وكان الشهرستاني مقصود في استعطافه له، وكذلك صنف له كتاب المصارعة..."(6).
وربما كان هذا التذبذب محاولة منه لإرضاء الطرفين، أهل السنة والشيعة، والله أعلم.
ب - منهج الشهرستاني في كتابه الملل والنحل
__________
(1) منهاج السنة 6/305-307.
(2) درء تعارض العقل والنقل 5/8.
(3) إغاثة اللهفان 2/381، وانظر مقدمة الشهرستاني لكتابه مصارعة الفلاسفة ص 16، ونهاية الإقدام ص 5، 23.
(4) انظر الملل والنحل 1/164-165.
(5) المصدر السابق 1/172، 1/93.
(6) منهاج السنة 6/306، وانظر اعتراف الشهرستاني بذلك في مصارعة الفلاسفة ص 14.(/32)
تتمثل أبرز سمات المنهج الذي سار عليه الشهرستاني في كتابه الملل والنحل في النقاط التالية:
1-جمعه بين الحديث عن الفرق الإسلامية وملل ومذاهب أخرى، فكتابه أشبه بالموسوعة المختصرة في الأديان والمذاهب والفرق المختلفة.
2-اعتماده حديث الافتراق، حيث بني تقسيمه للفرق على ضوئه، وتكلف في حصر الفرق وتحديدها ليطابق العدد المذكور في ذلك الحديث.
3-اشترط الشهرستاني في أول كتابه بأن يسلك المنهج الموضوعي في العرض دون التعقيب أو النقد أو الرد(1)، إلا أنه لم يلتزم بهذا الشرط بل كانت له بعض التعقيبات والمداخلات أثناء حديثه عن بعض الفرق والطوائف.
4-اقتصر في عرض آراء ومقالات الفرق على طريقة جعل أصحاب المقالات وزعماء الفرق أصولاً، ثم إيراد تحت كل منهم آراءه في مسألة مسألة، وعلل ذلك بأنه أضبط للأقسام وأليق ببيان الحساب(2).
5-حصر المؤلف أصول الفرق في أربع فرق كبار هي: "القدرية، الصفاتية، الخوارج، الشيعة"(3).
6-عدم الدقة في النقل وقلة العلم بمقالات بعض الفرق، كما قال ذلك عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض المقارنة بين كتابه وكتاب المقالات للأشعري الذي وصفه بضد ذلك فقال: "...والشهرستاني قد نقل في غير موضع أقوالاً ضعيفة، يعرفها من يعرف مقالات الناس، مع أن كتابه أجمع من أكثر الكتب المصنفة في المقالات وأجود نقلاً، ولكن هذا الباب وقع فيه ما وقع. ولهذا لما كان خبيراً بقول الأشعرية وقول ابن سينا ونحوه من الفلاسفة،كان أجود ما نقله قول هاتين الطائفتين. وأما الصحابة والتابعون وأئمة السنة والحديث، فلا هو وأمثاله يعرفون أقوالهم، بل ولا سمعوها على وجهها بنقل أهل العلم لها بالأسانيد المعروفة، وإنما سمعوا جملاً تشتمل على حق وباطل"(4).
__________
(1) الملل والنحل 1/11.
(2) المصدر السابق 1/10-11.
(3) المصدر السابق 1/10.
(4) منهاج السنة 6/304 ــ305(/33)
ولعل هذا الخلل وقع منه بسبب مصادره في النقل حيث صرح شيخ الإسلام بأن أكثر مصادره هي كتب المعتزلة وقلة خبرته بالحديث وآثار السلف، فقال: "والشهرستاني أكثر ما ينقله من المقالات من كتب المعتزلة..."(1).
وقال أيضاً: "والشهرستاني لا خبرة له بالحديث وآثار الصحابة والتابعين، ولهذا نقل في كتابه هذا ما ينقله من اختلاف غير المسلمين واختلاف المسلمين، ولم ينقل مع هذا مذهب الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين في الأصول الكبار، لأنه لم يكن يعرف هذا هو وأمثاله من أهل الكلام، وإنما ينقلون ما يجدونه في كتب المقالات، وتلك فيها أكاذيب كثيرة من جنس مافي التوريخ "(2).
7-تضمن منهج الشهرستاني في كتابه العناية بالأسماء والمصطلحات، فلا يكاد يذكر فرقة في حديثه إلا يسميها، بل قد يذكر أكثر من اسم لها إن وجد، ويعزو الآراء إلى قائليها، سواءً كانوا فرقة أو أفراداً.
8-تميز كتاب الشهرستاني عن غيره من المصنفات في المقالات بحسن التنظيم، وجودة الترتيب للفرق وآرائهم.
9-تميز منهجه العام في العرض بالإيجاز والاختصار.
10-قدم لكتابه قبل الخوض في آراء الفرق بمقدمات ضمنها ذكر الخلافات الواقعة في أول الأمة، وتوسع في ذلك، وبين كيف وقع الافتراق، وأشار إلى فرق الأمة إجمالاً، حتى كأنما أجمل كتابه في تلك المقدمات(3).
الخاتمة
أهمية التأليف في علم المقالات استقلالاً.
لاتزال الحاجة ماسة إلى تخليص مادة هذا العلم مما أصابها من تشويه وقلب للحقائق بسبب ما حوته أكثر كتب هذا الفن ذيوعاً وانتشاراً، ولذلك أود أن ألفت النظر إلى ضرورة إعادة صياغة هذا العلم وذلك لوجود عدة ثغرات هي بحاجة إلى معالجة ألخصها من خلال عدة وقفات على النحو التالي:
__________
(1) منهاج السنة 6/307
(2) منهاج السنة 6/319 ــ320
(3) انظر حول هذه النقاط كتاب الشهرستاني ومنهجه في كتابه الملل والنحل ص 253-273، بتصرف.(/34)
الوقفة الأولى: علم مقالات الفرق يُعنى كما هو معلوم بالمقالة وقائلها، ولكل جانب من هذين الجانبين أهميته؛وارتباطه مع الجانب الأخر،ولكن مع ارتباط الجانبين في بعض النواحي إلا أن لكل واحد منهما جانب من الخصوصية والاستقلالية.
ومن المعلوم أن المقالة قد تشترك فيها أكثر من فرقة، والفرقة قد تكون لها أكثر من مقالة، وغالباً ماتندثر بعض الفرق ولكن مع ذلك تبقى أفكارها فتتلقفها فرق أخرى بمسميات جديدة،كما هو مشاهد في عصرنا الحاضر، فبعض أفكار المعتزلة والخوارج ومقالاتهم تنادي بها اليوم بعض الطوائف والجماعات المعاصرة التي قد لا ترتبط بتلك الفرق إلا من جهة تبنيها لبعض أفكارها،وبطبيعة الحال لا يمكن أن تنسب إلى تلك الفرق انتساباً مطلقاً لأنها قد لا تتفق معها في سائر أفكارها الأخرى، فلكي تُنسب جماعة أو طائفة إلى المعتزلة ـ على سبيل المثال ـ فلا بد أن تكون مقرة بالأصول الخمسة المعروفة عندهم وهي (التوحيد، والعدل، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والوعد والوعيد)
وقد جرت العادة - في الغالب الأعم - أن تُدرس الفرقة ثم يتم التعرف على بعض مقالاتها التي اشتهرت بها الأمر الذي يجعل الدارس يربط المقالة بالفرقة التي قالت بها،مما يصرف الذهن عن التنبه إلى كون تلك المقالة قد يكون هناك من تبناها من الفرق الأخرى،أو أنها قد تظهر في فترات زمنية لاحقة تحت مسميات جديدة غير التي كانت تعرف بها سابقاً في كتب الفرق المتقدمة،ومثل هذا اللبس يقع فيه بعض الدارسين مما يجعلهم يخلطون بين تلك الحقائق ولا يميزون بينها مما يؤثر سلباً على الهدف الأسمى الذي بسببه أدرج هذا الفن في علم العقيدة،وخص بالبحث والدراسة.(/35)
ثم إنه مع تباعد الأزمنة وانقراض بعض الفرق، وبقاء أكثر مقالاتهم التي أحدثوها حتى زمننا هذا ووجود مسميات جديدة تحمل تلك الأفكار السابقة، فإني أرى الحاجة ماسة إلى دراسة المقالات بنوع من الاستقلالية عن الفرق التي تبنتها قديماً، حتى يسهل رصد تلك المقالات وتتبعها جذوراً وفروعاً.
ولا شك أن أهل الاختصاص يدركون أن الغاية من دراسة علم الفرق هو معرفة المقالات المخالفة مع ما يستدعيه ذلك من التعرف على بعض الجوانب التاريخية ذات العلاقة بالفرق التي تبنت تلك المقالات وما تفرع عنها، فالمقالة تأتي في المقام الأول فهي بيت القصيد، وقطب رحى علم الفرق،.
ولكن مع هذه الدعوة لابد من التنبيه على ضرورة المحافظة على الروابط القائمة بين الجانبين وذلك للارتباط الوثيق بينهما،ولا يعني كلامي السابق أنني أدعو إلى الفصل الكلي بين الجانبين، أو أنني أنتقد المنهج الأخر المعتمد على وضع الرجال وأصحاب المقالات أصولاً ثم إيراد مذاهبهم في المسائل مسألة مسألة فلهذا المنهج فوائده وخصائصه.ولكن مقصودي هو ضرورة إيجاد التوازن بين الجانبين وأن يعطى كل جانب حقه من العناية والاهتمام والبحث والدراسة وذلك للمبررات السابق ذكرها
الوقفة الثانية: إن عناية كتب الفرق تنصب - في الغالب الأعم - على النقل المجرد للمقالات دون الدخول في تفاصيلها، فلا تتعرض إلى جذورها وشبهها ومسائلها والردود عليها أو الانتصار لها، فتبقى دراسة هذه الجوانب قاصرة ومحدودة الجانب ولا يمكن استيفاؤها من هذا الوجه.
وهذا الجانب له أهميته عند دراسة هذا العلم فكثير من المقالات هي في حقيقتها دخيلة على هذه الأمة، إذ هي دسيسة من دسائس أعداء هذا الدين من اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم ، فالبحث في جذور هذه المقالات ومعرفة أصولها يعين على معرفة طرق أهل الباطل وكشف أساليبهم،ويُمكن من صدهم وفضح باطلهم وهذا الجانب لا توليه كتب الفرق الاهتمام اللازم(/36)
فمثل هذا الحال يستدعي أن تدرس المقالات بنوع من الاستقلالية عن دراستها من خلال ارتباطها بدراسة فرقة بعينها كما هو الحاصل في دراسة مادة الفرق اليوم
الوقفة الثالثة: يدرك المتخصص في هذا الفن أن غالب من ألف في هذا الباب ليسوا من أهل السنة،وإنما هم من المعتزلة أو الرافضة أو الأ شاعرة،ولذلك فإن مشاهير الكتب المؤلفة في علم الفرق لا تعبر عن مذهب أهل السنة والجماعة،وليس لدى أصحابها الدراية اللازمة بعقيدة أهل السنة والجماعة،وفي اعتقادي أن عزوف كبار علماء أهل السنة عن التأليف بمثل هذه الطريقة التي سار عليها أصحاب تلك المؤلفات له ما يبرره، فالعبرة في المقام الأول للأقوال لا لقائليها ولذلك كثرت مؤلفاتهم في المسائل والردود وقلت في باب الفرق ؛ بل انتقدوا منهج وطريقة تلك المؤلفات،وفي هذا يقول شيخ الإسلام رحمه الله:"وقد تدبرت كتب الاختلاف التي يذكر فيها مقالات الناس إما نقلاً مجرداً، مثل كتاب "المقالات" لأبي الحسن الأشعري،وكتاب "الملل والنحل" للشهرستاني،ولأبي عيسى الوراق ؛أو مع الانتصار لبعض الأقوال،كسائر ما صنفه أهل الكلام على اختلاف طبقاتهم - فرأيت عامة الاختلاف الذي فيها من الاختلاف المذموم.أما الحق الذي بعث الله به رسوله،وأنزل به كتابه،وكان عليه سلف الأمة - فلا يوجد فيها في جميع مسائل الاختلاف،بل يذكر أحدهم في المسألة عدة أقوال،والقول الذي جاء به الكتاب والسنة لا يذكرونه،وليس ذلك لأنهم يعرفونه ولا يذكرونه،بل لا يعرفونه.
ولهذا كان السلف والأئمة يذمون هذا الكلام ؛ولهذا يوجد الحاذق منهم المنصف الذي غرضه الحق في آخر عمره يصرح بالحيرة والشك، إذ لم يجد في الاختلافات التي نظر فيها وناظر ما هو حق محض ؛ وكثير منهم يترك الجميع ويرجع إلى دين العامة الذي عليه العجائز والأعراب)(1)
__________
(1) منهاج السنة 5/268 ـ 269(/37)
الوقفة الرابعة: أن المقالات تتفاوت في الكم والكيف، فهناك مقالات كبيرة تندرج تحتها جملة من الأقوال وتتشعب عنها أنواع من الأراء والأفكار والمسائل ، ومثل هذه المقالات بحاجة إلى دراسة مستقلة توضح تلك الجوانب وتشرح تلك الأفكار والأراء، وتبين نوع العلاقة وأوجه الخلاف وحجج كل قول ومن قال به.ومن ثم يذكر من تبنى تلك المقالات وقال بها.
الوقفة الخامسة: لما كان البحث عن معلومات هذا الفن إنما يتأتى غالباً من أحد طريقين هما:
أولاً:النظر في الكتب المؤلفة في علم الفرق.
وثانياً: الرجوع إلى الكتب المؤلفة في مسائل الاعتقاد.
والطريق الأول أسهل بكثير من الطريق الثاني،وذلك نظراً لكون كتب الاعتقاد ليس لها نمط موحد في ترتيب الأبواب والمسائل، فيندر أن تجد كتابين يتفقان في ترتيب المسائل وطريقة سردها، ولذلك فإن من الصعوبة بمكان البحث عن معلومة تتعلق بمسألة أو مقالة معينة في تلك الكتب،مع كون تلك الكتب تحتوي على مادة كبيرة في موضوع علم المقالات، وبالأخص كتب أهل السنة،الأمر الذي يستدعي في نظري أن تجرد تلك المادة الضخمة وتجمع ليسهل الاستفادة منها والرجوع إليها، وهذا متيسر بإذن الله لو أن هذا العلم أفرد بالتصنيف والتأليف بصورة مستقلة.
وفي الحقيقة لا تزال مادة علم المقالات إلى يومنا هذا موزعة ومشتتة بين عدة علوم، فهناك كتب علم الفرق، وكتب علم العقيدة، وكتب علوم التأريخ والرجال، وغيرها من كتب الفنون، وتحتوي كتب التراجم والسير وتأريخ الرجال من كتب أهل السنة، على مادة جيدة في هذا المجال، ومن ذلك على سبيل المثال مؤلفات الذهبي، وهذه المادة هي كذلك بحاجة إلى جمع وإخراج ودراسة،لتعطي إضافة مهمة في هذا الجانب
ولعل فيما كتبته في هذا البحث دافعاً لإحياء لهذا الجانب وحافزاً لمزيد من الكتابات التي تثري هذا المجال الذي هو بأمس الحاجة إلى أقلام الدارسين،والله الموفق.(/38)
ملاحظات على أفكار صوفية
د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه(*)
(1) لماذا يفرض الصوفية طاعة الشيخ؟!!
أكثر أرباب التصوف الإشادة بشأن الشيخ ووجوب اقتداء المريد به:
- فهذا أبو عبدالرحمن السلمي يقول:" من لم يتأدب بشيخ فهو بطال، ومن لم يلحقه نظر شيخ وشفقته لايجيء منه شيء"(1).
- وقال القشيري: " من لم يكن له أستاذ لم يفلح أبدا. هذا أبو يزيد يقول: من لم يكن له أستاذ فإمامه الشيطان"(2).
- وقال ذو النون المصري: "طاعة مريد شيخه، فوق طاعته ربه"(3).
وسبب هذه النظرة: أن الشيخ في نظر المتصوفة هو الواسطة بين الله والمريدين، وهو أمين الإلهام كما أن جبريل أمين الوحي، يقول السهروردي: " كلام الشيخ بالحق من الحق، فالشيخ للمريدين أمين الإلهام، كما أن جبريل أمين الوحي"(4).
بهذه الأفكار عزز الصوفية مكانة الشيخ في حياة المريد، فصار له كالقارب في البحر، يحمله في سفره، فلا بد له من الاعتناء بأمره وأحواله وعدم مخالفته أبدا ولو بقلبه، قال القشيري:
- " ومن شرطه أن لا يكون له بقلبه اعتراض على شيخه... ثم يجب حفظ سره حتى زره إلا عن شيخه، ولو كتم نفسا من أنفاسه عن شيخه فقد خانه في حق صحبته، ولو وقعت له مخالفة فيما أشار عليه شيخه، فيجب أن يقر بذلك بين يديه في الوقت، ثم يستسلم لما يحكم به عليه شيخه عقوبة له على جنايته ومخالفته، إما بسفر يكلفه أو أمر يراه"(5).(/2)
وقد كتب عبدالوهاب الشعراني كتابه "الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية" وعامته في أدب المريد مع شيخه، فيلازمه، ويصبر عليه، ويحبه، ويسلم له حاله، ولا يعترض عليه، ولا يتزوج إلا بإذنه، ولا يكتمه شيئا، ويريه فقره إليه، ولا يقول له: لا.
يرضى بكل اختياره، ويتعاهد عياله، ولا يمد رجله تجاه شيخه، وغير ذلك.
وبذلك جعلوا المريد بين يدي شيخه كالميت بين يدي مغسله، وألزموه بلبس معين، ومشية معينة، وشيخ معين، وطريقة معينة.
إن في هذا التبجيل الكبير للشيخ سرا قد لا يعرفه الكثير، أشار إليه الجيلي، حين ذكر أن الإنسان الكامل، وهو محمد صلى الله عليه وسلم يظهر في صورة الأولياء، في كل زمان ومكان، وعلى ذلك فإن المريد يتعامل في حقيقة الأمر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الإنسان الكامل، الذي هو، في نظرهم، من نور الله ومحل نظر الله تعالى، ومنه خلق العالم، وهو أول موجود، فلذا كان من الواجب أن يوقره وينزل طاعته منزلة طاعة الله، يقول الجيلي:
" وسر هذا الأمر تمكنه صلى الله عليه وسلم من التصور بكل صورة، فالأديب إذا رآه في الصور المحمدية التي كان عليها في حياته فإنه يسميه باسمه، وإذا رآه في صورة ما من الصور وعلم أنه محمد، فلا يسميه إلا باسم تلك الصورة، ثم لا يوقع الاسم إلا على الحقيقة المحمدية، ألا تراه صلى الله عليه وسلم لما ظهر في صورة الشبلي رضي الله عنه، قال الشبلي لتلميذه: أشهد أني رسول الله، وكان التلميذ صاحب كشف فعرفه، فقال: أشهد أنك رسول الله…
فإذا كشف لك عن الحقيقة المحمدية أنها متجلية في صورة من صورة الآدميين، فيلزمك إيقاع اسم تلك الصورة على الحقيقة المحمدية، ويجب عليك أن تتأدب مع صاحب تلك الصورة تأدبك مع محمد صلى الله عليه وسلم، لما أعطاك الكشف شأن محمد صلى الله عليه وسلم متصورة بتلك الصورة، فلا يجوز لك بعد شهود محمد صلى الله عليه وسلم فيها أن تعاملها بما كنت تعاملها به من قبل...(/3)
وقد جرت سنته صلى الله عليه وسلم أنه لايزال يتصور في كل زمان بصورة أكملهم، ليعلي شأنهم ويقيم ميلانهم، فهم خلفاؤه في الظاهر وهو في الباطن حقيقتهم"(6).
فالشيخ إذن في مقام رسول الله أو في مقام الإنسان الكامل والموجود الأول، الذي يمتاز بألوهية المعدن والمنشأ والمعاد، ولذا فإنه يستحق الطاعة المطلقة كطاعة الله تعالى.
(2) ما هو ابن عربي؟!
يكثر المتصوفة من الاعتذار لابن عربي، مع ما جاء عنه من قول بالحلول والاتحاد والوحدة، لأجل:
- الإبقاء عليه ضمن دائرة التصوف؛ فهو يمثل عمق التصوف وحقيقته، ومشكلته عندهم: أنه أفصح بوضوح عن الفكرة الصوفية، كما هي؛ وبذلك أحرج المتصوفة:
- فبراءتهم منه يعني إبطال حقيقة التصوف، القائم على الحلول والاتحاد والوحدة. وهذا يحرجهم مع الفكرة، ومع أنفسهم.
- وقبولهم به يعني الاعتراف بأن فكره هو التصوف الحقيقي. وهذا يحرجهم مع غير المتصوفة، فلا يستطيعون ترويج الفكرة، ولا الذب عن أنفسهم.
ما وجدوا من هذا الحرج مخرجا إلا أن يقولوا:
- أن كلامه دقيق، لا يفهمه أحد من خارج التصوف، بل فهمه يحتاج إلى شروط صوفية، وهو أن يرتقي السالك في المنازل والمعارج، حتى يصل إلى مرتبة يصح له فيها فهم الكلام الصوفي.
وهكذا تخلصوا، ولو ظاهريا، من إلزامهم بالفكرة الحلولية، بدعواهم دقة كلام ابن عربي، واحتفظوا في الوقت نفسه بالصلة بينهم وبين هذه الفكرة، بتعظيم ابن عربي وكلماته.
هذه الطريقة المترددة بين وجهين من الكلام، هي طريقة ابن عربي نفسه، فمرة يقول الكلام، ثم يكر عليه ليأتي بضده، وهو بذلك سهل لأتباعه التزام العذر له... سئل مرة عما يعنيه بقوله:
يا من يراني ولا أراه **** كم ذا أراه ولا يراني
يشير بذلك إلى مذهبه في وحدة الوجود، وأنه يرى الحق متجليا في صور أعيان الممكنات، ولا يراه الحق؛ لأنه هو المتجلي في صورته، فأجاب من فوره:
يا من يراني مجرما **** ولا أراه آخذا(/4)
كم ذا أره منعما **** ولا يراني لائذا(7).
يقول محقق كتاب الفصوص أبو العلا عفيفي، وهو تلميذ المستشرق الإنجليزي نيكلسون:
"يغلب على ظني أنه يعتمد تعقيد البسيط وإخفاء الظاهر لأغراض في نفسه، فعباراته تحتمل في أغلب الأحيان معنيين على الأقل:
- أحدهما ظاهر، وهو ما يشير به ظاهر الشرع.
- والثاني باطن، وهو ما يشير به إلى مذهبه.
ولو أن من يعمق النظر في معانيه ويدرك مراميه، لا يسعه إلا القول بأن الناحية الثانية هي الهدف الذي يرمي إليه، أما ما يذكره مما له صلة بظاهر الشرع، فإنما يقدمه إرضاء لأهل الظاهر من الفقهاء، الذين يخشى أن يتهموه بالخروج والمروق"(8).
وكل من تعمق في مذهبه، وقرأ له زمنا، وكان منصفا، مبتغيا الحق، لم يجد عذرا صحيحا يحسن به مذهبه، إلا أن يكون على عقيدته، فيلبس كتلبيسه.
غير أنه قد يرد ذلك إلى مرض غلب عليه، اختل به مزاجه، فصدر منه ما صدر، فقد نقل ملا علي القارئ عن الجزري قوله: "وأحسن ما عندي في أمر هذا الرجل أنه لما ارتاض غلبت عليه السوداء، فقال ما قال، فلهذا اختلف كلامه اختلافا كثيرا، وتناقض تناقضا ظاهرا، فيقول اليوم شيئا، وغدا بخلافه"(9).
****
إذا كان الأمر كذلك، فالاعتذار عنه بادعاء أن كلامه دقيق، لا يفهمه كل أحد: غير مقبول.
وكذلك القول بأنه مدسوس عليه، دع عنك القول ببطلان نسبة كتبه إليه: الفصوص، والفتوحات. مردود غير مقبول للأسباب التالية:
1- أن أصل فكرته: التجلي الإلهي في صور الكائنات. وهي نفس فكرة الحلول والاتحاد والوحدة، تملؤ كتبه، فإنك تجدها في كل صفحة، وفصل، وباب. وفي مثل هذا الحال يتعذر قبول دعوى أنها مدسوسة، فالمدسوس لا يغلب.
2- أن المتصوفة المتقدمين قبلوا بهذه الكتب، وشرحوها، كالقاشاني، والنابلسي.(/5)
3- أن المعتنين بتراث ابن عربي اليوم، الناشرين لها، كالدكتور عثمان يحيى، والدكتور أبو العلا عفيفي، والدكتور سعاد الحكيم، وكل هؤلاء باحثون مدققون، لم يؤثر عنهم إنكار النسبة.
****
نبذ من كلام ابن عربي.
هذه نبذ من كلام ابن عربي، الذي يزعمون أنه دقيق، يظهر فيه حقيقة مذهبه، فماذا يقول:
* "فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل.
لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصة.
فلهذا أحب صلى الله عليه وسلم النساء، لكمال شهود الحق فيهن...
فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله، وأعظم الوصلة النكاح، وهو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته، ليخلقه فيرى فيه نفسه، فسواه وعدله، ونفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق ".
وفي الفص الإدريسي في تفسير قوله تعالى:{ وخلق منها زوجها } قال ـ تعالى الله عما يقول هذا وأمثاله من الملحدين:"فما نكح سوى نفسه، فمنه الصاحبة والولد والأمر الواحد في العدد".
وجاء عبدالغني النابلسي فشرح هذه الكلمة شرحا موافقا لقول ابن عربي، فقال:" وفي الحقيقة حضرة إلهية توجهت على حضرة إلهية أخرى من قبيل المغايرة بين الواحد ونفسه إذا كان معلوما"(10).
* يقول في ترجمان الأشواق(11) :
كل ما أذكره من طلل **** أو ربوع أو مغان كل ما
أو نساء كاعبات نهّد **** طالعات أو شموس أو دمى
صفة قدسية علوية **** أعلمت إن لمثلي قدما
وتمثل الحضرة الإلهية في المرأة، تعالى وتقدس، ليست شناعة انفرد بها ابن عربي، بل سبق إليها المتصوفة القدماء، حيث نزلوا أشعار الغزل في الذات الإلهية، وتغزلوا كما يتغزلون بالمرأة، كما قال أبو عبد الله المغربي:
لا تدعني إلا بيا عبدها **** فإنها أصدق أسمائي (12).
وهي موجودة عند ابن الفارض، والجيلي الذي يقول:
وكل كحيل الطرف يقتل صبّه **** بماض كسيف الهند حالا مضارع(/6)
وكل اسمرار في القوائم كالقنا **** عليه من الشعر الرسيل شرائع
وكل مليح بالملاحة قد زها **** وكل جميل بالمحاسن بارع
وكل لطيف جلّ أو دق حسنه **** وكل جليل فهو باللطف صادع
محاسن من أنشاه ذلك كله **** فوحد ولا تشرك به فهو واسع (13).
والمقام لا يتسع لاستزادة من الأمثلة، لكنها حقائق ثابتة في التصوف.
-----------------------------
(*) عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى.
(1) تسعة كتب في أصول التصوف والزهد ص160.
(2) الرسالة للقشيري 2/735.
(3) تذكرة الأولياء 1/171، نقلا عن كتاب: في التصوف الإسلامي ص78.
(4) عوارف المعارف للسهروردي 5/265، ملحق بإحياء علوم الدين للغزالي.
(5) الرسالة للقشيري 2/736ـ737.
(6) الإنسان الكامل للجيلي 2/74ـ75، وانظر: حقيقة الإنسان الكامل ص411.
(7) الفتوحات المكية 2/491.
(8) مقدمة الفصوص 1/17، 18.
(9) الرد على القائلين بوحدة الوجود ص34.
(10) انظر: شرح جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص للنابلسي 1/129.
(11) ص10.
(12) طبقات الصوفية للسلمي ص245.
(13) الإنسان الكامل 1/90.
المصدر : الإسلام اليوم
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/7)
من أوحال الصوفية الخلوتية إلى طريق الهدى من مكة المكرمة
(جلاس) أحد قرى السودان، وبالتحديد سنة 1321هـ، رزق عمر بن عبدالهادي الشايقي ولداً، فشكر الله وسماه (محمد) .. ولما بدأ الطفل يعقل، أدخله في أحد الخلاوي ليحفظ القرآن الكريم، فتم لهُ ذلك، نظراً لهمة الطفل (محمد)، أفاق محمد بواقعٍ مؤلم في هذه القرية، دروشة صوفية خلوتية، قد أنكرها بفطرته وبما علم من كلام ربه، واستنكر بقلبه طقوس البدعة، وما يفعله بعض الجهلة من شركيات ووثنيات وبدع؛ ولكن أين الهدى؟!! وهو لا يعلم من الدنيا إلا هؤلاء الدراويش؟!! فمنذ ولد وهو بين هؤلاء الخلوتين .. فلما تضايق منهم ومما كان يرى أنكر.. فاستنكر عليه .. فعزم على طلب الحق .. لكن أين؟! .. بدأ يسأل ويتساءل .. حتى رأى بصيص من نورٍ أتى من بعيد، فما أن وجد ضالته إلى وهبَّ مسرعاً يحثُ الخطى إليه .. فعقد العزم على الذهاب إليه .. فأعلن رغبته بالحج وعقد العزم على الهجرة إلى النور .. وفي عام 1337هـ والشاب في سنه السابعة عشر حج بمفرده، فلما انتهى من المناسك، بحث حتى يرتوي من معين كاد يهلك بدونه، فأنقذه الله، ورأى من ذلك البصيص النور، فعكف طالباً للعلم، ثم شد رحله إلى المدينة ليطل العلم على علماء المدينة النبوية، فاستقر بها ولازم الشيخ محمد الطيب الأنصاري رحمه الله ولازمه ملازمة طويلة، ثم عاد إلى مكة المكرمة واستقر بها والتحق بدار الحديث ودرس بها .. وراسل أهل بلده في السودان وناصحهم .. ثم عين مدرساً بها ثم وكيلاً لمحمد حمزة الأزهري، ثم مديراً لها، ثم بعد التقاعد مشرفاً عليها ..(/2)
ومن أعماله الجليلة في ميدان العلم تصحيح بعض الكتب منها شرح البيقونية الذي شرحه محمد أمين الأثيوبي، أحد زملائه ..
وفي ميدان الدعوة والتعليم فقد لازم التعليم والدعوة منذ التحاقه بدار الحديث بمكة المكرمة، طالباً وداعية ومعلماً .. وأنتقل إلى رحمة الله في 4/10/1416هـ اسأل الله أن يرفع منزلته في عليين، مع الشهداء والصديقين والنبيين .. وصلى الله على الهادي البشير، والسراج المنير، محمد بن عبدالله علي وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه
أبو عمر الدوسري (المنهج) - شبكة الدفاع عن السنة
العائدون
العائدون إلى العقيدة
موقع صحوة الشيعة
موقع مهتدون
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/3)
من التشيع إلى السنة .. من الضلال إلى أقوال الرسول . المُحدِّث مقبل الوادعي
رحم الله الشيخ مقبل .. أسد يزأر في وجه الباطل .. حياة مليئة بالتضحيات ..
الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله من مواليد مدينة شيعية باليمن .. يُقال لها (صعدة)
كان شيعياً زيدياً ..-نعم وليس الشيعة إلا الزيدية أما بقية الطوائف ممن ينتسبون للتشيع فهم روافض وحتى فرقة من فرق الزيدية وهم الجارودية في الزيدية يسمونهم رافضة- .. ثم شرح الله صدره للتوحيد فأصبح سنياً سلفياً ..
هدى الله على يديه إلى توحيد من ظلمات الشرك آلآف من البشر وعدد من المناطق والقرى والهجر ..
كان منشغل بأقوال قال فلان وفلان .. فأصبح ليله ونهاره قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ..
كان يعيش مع الناس فأصبحت أنفاسه لا تهدأ إلا بتلاوة وتدبر وتعليم أحاديث نبينا محمد عليه السلام ..
فسبحان الهادي ..
ولأن بيئته شيعية -من جميع الفرق- فقد رموهُ عن يدٍ واحدة .. وتهجموا عليه حتى بطلق النار والتشابك .. لأن الشيخ (وحد الله) فقالوا أراغب أنت عن آلهتنا؟!!
جرد حسام التوحيد بضياء السنة محتمياً بالكتاب والسنة-فهما العاصمان والمعصومان- فأزال لوثة الشرك وبدد ظلام المبتدعة .. وكسر وثن الشرك .. وجرد المسلم للإسلام .. وحسم (الاستغاثة) والشرك بتوحيده جل في علاه ..
يطيب لي أن أنقل لكم شيئاً من فيض ذكرهِ ومآثره .. إنهم النجوم التي يستضاء بها ..
وهذه قصيدة توجز حياة الشيخ رحمه الله .. كتبت في حياته ..
شيخ المعالي
حمداً لمن بالحُسن قد حلاكا """""""" وجليل حكمته فقد أعطاكا(/2)
حللاً من الأخلاق حُليتم بِها """""""" نِعم المكارم ربُّنا أهداكا
ورعاك ربي في ظلام دامس """""""" إذ كنت طفلا يوم أن ربَّاكا
وحملت اسم أبيك في يوم مضى """""""" إذ كنت مقبل والعلوم عداكا
ونشأت في وكر التشيع فترةً """""""" ما كنتُ تدري والإله رعاكا
وفررت بالدين الحنيف مهاجرًا """""""" ورموك بالآفات يا حاشاكا
ورجعت من سفرٍ فنلت معاليًا """""""" وعدوت في لَهَفٍ لنيل مناكا
حذَّرت من شركٍ ومن بدع بدت """""""" ودعوتَ للتوحيد لا لهواكا
أرأيتَ إذ كنت الوحيد بداره """""""" فردًا أعز الله مَن واساكا
فشرعت في تعليم طلابٍ أتوا """""""" نفر قليل في فسيح رُبَاكا
فتكالب الأعداء في خُبث لكم """""""" فدعوت ربَّك فاستجاب دعاكا
في مسجد الهاديِّ قمت مُناصحًا """""""" فرأيتَ أوغادًا تريد عراكًا
حتى رآك مِن اللئام حقيرُهم """""""" ومضى إليكم لا يريدُ فكاكًا
وتفرَّق الجمع الغفير طرائقًا """""""" ما بين مِبغضكم ومَن زكاكا
نجَّاك ربي من خبيث فِعالهم """""""" وأبي الرحيم بأن تُراق دماكا
وتقلد الشيعي أخبث حلةٍ """""""" إذ كان ينشر في الطريق شِباكا
قطعت شباك العنكبوت ومزقت """""""" بقذائف التوحيد نال هلاكا
مات التَّشيع فالإله أماتَه """""""" وبفضل شيخي لا يطيق حراكًا
نصر الإلهُ خطاك يا شيخ الهدى """""""" إذ كنت تَنصر في الورى مولاكا
فأذقتَ فاسقهم كئوس مرارةٍ """""""" وتحشرجت من مرهن عداكا
فرقٌ تَهاوت تحت ظل قلاعكم """""""" أخرى تَهاب الليل من ذكراكا
نظروا إلى وقع السهام فهالهم """""""" شابَ الحليمُ وذلَّ من رؤياكا
واستسلم الفظُّ الغليظ لسنةٍ """""""" ومَن ابتدى في غيه ورماكا
ترجمة مُقْبِل بن هَادِي الوادعيِّ
أبي عبد الرحمن
من مقبل بن هادي الوادعي(/3)
إلى أخيه في الله الشيخ العلامة، والمؤرخ الفهامة، الحبيب الكريم المفضال، محمد بن علي الأكوع حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعد التحية :
فمرحباً بك وبرسالتك العزيزة، ولقد طلب مني والله هذا المطلب غير واحد، وأُماطلهم، وأعتذر لكثرة شواغلي، وأيضاً لا أحب نشر ذلك، ولكن الشيخ محمد ذلك الذي محادثَتُه أحلى من العسل، له مودة في قلبي، لا أستطيع أن أعصي له أمراً.
فأنا من وادعة التي هي شرق صعدة من وادي دَمَّاج، وقد وصفتم – حفظكم الله – وادي دماج في بعض تعليقاتكم أظنه على ”صفة جزيرة العرب“ وبساتينه وأشجاره وخضرته بما فيه كفاية، ولعل الله ييسر لكم زيارة طلبة العلم بدماج وترون إن شاء الله ما يسركم.
وأنا مُقْبلُ بنُ هَادِي بنِ مُقْبِلِ بنِ قَائِدَةَ( ) الهمداني الوادعِيُّ الخِلاَلِيُّ، من قبيلة آل راشِد. وشيباتُنا يقولون: إن وَادِعَةَ من بَكِيلٍ، وأنتم حفظكم الله أعرف بالأنساب مني ومنهم، لأنّ هذا فنُّكم الذي لا ينافسكم منافس فيه من المعاصرين.
قبيلة وادعة :
وَادِعَةُ في بلاد شتَّى من البلاد اليمنية، وأكبرها فيما أعلم الساكنون بلواء صَعْدَةَ، فهم يسكنون بدَمَّاجَ شرقي صعدة، وبصَحْوَةَ في أعلى دماج تحت جبل بَرَاش. وبالدَّرْبِ، وآل حَجَّاج، والطُّلُولِ بين شرقي صعدة وجنوبها. وبشمال صعدة الزَوْرَ، وآل نَائِل، وآل رَطَّاس، والرِّزَامَات في وادي نَشُورٍ. وبحاشد غربي الصَّنعانيَّة ويسمَّون وادعة حاشد لأنهم يسكنون في بلاد حاشد حتى قال بعضهم:
يا وَادِعة في وِسْط حاشد *** إيش أمنش يا بكيلية
قال : أمنتنا بنادقنا *** ضرب الزمر والفرنجية(/4)
ووادعة في نَجْرَان في أعلى وادي نجران( )، ووادعة في ظَهْرَانِ الجنوب. وفي عام من الأعوام مرَّ جمع من قبائلنا بمركز (القرارة) شمال مدينة ظهران المركز السعودي، فلما سلموا جوازاتهم للمسؤولين هنالك ونادوا بأسمائهم، قالوا: مَن كان وادعيّاً فليكن على جنب. فتميَّز قبائلنا على جنب، وقالوا في أنفسهم: ماذا يريد هؤلاء منا ؟! فلما انتهوا بالنداء بالأسماء صافحهم الجنود هنالك، وقالوا: نحن من وادعة ظهران ولابد من ضيافتكم، فوعدهم أصحابنا عند الرجوع من الحج إن شاء الله، وعند رجوعهم مرُّوا بهم فأضافوهم وأكرموهم غاية الإكرام، وكانوا بالأشواق إلى التعرف على وادعة صعدة فهي تعتبر الأم.
وقبائل وادعة كغيرهم من القبائل اليمنية التي لم تؤتَ حقها من التوعية الدينية، وفيهم مجموعة طيبة قدر أربعين شاباً ملازمين للدروس سنذكر بعضهم إن شاء الله في جملة الطلاب.
وإني أحمد الله، فغالب وادعة الذين هم بجوار صعدة يدافع عني وعن الدعوة، بعضهم بدافع الدين، وبعضهم بدافع التعصب القَبَلِي، ولولا الله ثم هم لما أبقى لنا أعداءُ الدعوة خصوصاً شيعةَ صعدة عيناً ولا أثراً.
وأذكر لهم مواقف أسأل الله أن يُثيبَهم عليها ويجزيهم خيراً:
منها: مضاربة شديدة في جامع الهادي، بسبب صدِّي عن الدعوة فيه، فقام معي رجال القبائل من وادعة وغيرهم حتى أنقذني الله على أيديهم، وكان الشيعة يريدون القضاء عليَّ، وكان ذلك في زمن الرئيس (إبراهيم الحمدي) وأهل الشر من شيوعيين وشيعة رافعون رؤوسهم، فسجنونا مع بعض الطرف الآخر قدر أحد عشر يوماً في رمضان فكان يزورني في السجن في بعض الليالي قدر خمسين شاباً، ويدخل إلى المسؤولين في بعض الليالي قدر مائة وخمسين رجلاً من وادعة حتى أزعجوا المسؤولين، وأخرجونا من السجن، والحمد لله.
ومنها: أن أعداء الدعوة ربما يأتون بالسلاح إلى دماج فيطردهم أهل دَمَّاجَ وهم صاغرون.(/5)
ومنها: الرحلات، فإذا قلتُ: نريد رحلة. تنافسوا حفظهم الله في رفقتي والمحافظة عليَّ فربما نخرج في بعض الرحلات في قدر خمس عشر سيارة.
وفي هذه الأيام الدعوة ماشية على أحسن ما يُرَام لأني بحمد الله قد كبرت، ولعلي أبلغ من العمر نحو اثنتين وستين سنة، فالتجارب ونصائح مُحبِّي الدعوة تدفعاني على الرفق وعدم مجاراة الأعداء الذين ليس لهم إلا السباب والشتائم: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }( )، { سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ }( ).
وأيضاً الشغل بالتعليم والتأليف والدعوة لم يُبقِ لي وقتاً لمجاراة أولئك، فليقولوا ما شاءوا فذنوبي كثيرة عسى أن يخففوا عني ويحملوا من أوزاري، ولله درُّ من قال:
يا وَادِعة في وِسْط حاشد *** إيش أمنش يا بكيلية
دراستي ومشايخي :
درست في المكتب حتى انتهيت من منهج المكتب، ثم ضاع من العمر ما شاء الله في غير طلب علم، لأنه ما كان هنالك من يُرَغِّب أو يساعد على طلب العلم، وكنت محبّاً لطلب العلم، وطلبت العلم في (جامع الهادي) فلم أُسَاعَدْ على طلب العلم، وبعد زمن اغتربت إلى أرض الحرمين ونجد، فكنت أسمع الواعظين ويعجبني وعظهم، فاستنصحت بعض الواعظين ما هي الكتب المفيدة حتى أشتريها ؟ فأرشد إلى ”صحيح البخاري“ و”بلوغ المرام“، و”رياض الصالحين“، و”فتح المجيد شرح كتاب التوحيد“، وأعطاني نُسيخَات من مقررات التوحيد، وكنت حارساً في عمارة في الحجون بمكة، فعكفت على تلك الكتب، وكانت تعلق بالذهن لأن العمل في بلدنا على خلاف ما فيها، خصوصاً ”فتح المجيد“.(/6)
وبعد مدَّة من الزمن رجعت إلى بلدي أُنْكِرُ كل ما رأيته يخالف ما في تلك الكتب من الذبح لغير الله، وبناء القباب على الأموات، ونداء الأموات، فبلغ الشيعة ذلك، فأنكروا ما أنا عليه فقائل يقول منهم: من بدَّل دينه فاقتلوه، وآخر يرسل إلى أقربائي ويقول: إن لم تمنعوه فسنسجنه، وبعد ذلك قرروا أن يدخلوني (جامع الهادي) من أجل الدراسة عندهم لإزالة الشبهات التي قد علقت بقلبي، ويُدَنْدِنُ بعضهم بقول الشاعر:
عَرَفْتُ هَوَاهَا قَبلَ أن أعرِفَ الهَوَى *** فَصَادَفَ قَلْباً خَالياً فَتَمَكّنَا
وبعد ذلك دخلت للدراسة عندهم في جامع الهادي، ومدير الدراسة القاضي (مُطهَّر حَنَش)، فدرست في ”العقد الثمين“، وفي ”الثلاثين المسألة وشرحها“ لحابس، ومن الذين درَّسونا فيها (محمد بن حسن المُتَمَيِّز) وكنَّا في مسألة الرؤية فصار يسخر من ابن خزيمة وغيره من أئمة أهل السنة، وأنا أكتم عقيدتي، إلا أني ضعفت عن وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة وأرسلت يديَّ، ودرسنا في ”متن الأزهار“ إلى النكاح مفهوماً ومنطوقاً، وفي شرح الفرائض كتاب ضخم فوق مستوانا فلم أستفد منه.
فلمَّا رأيت الكتب المدرَّسة غير مفيدة، حاشا النحو فإني درست عندهم ”الآجرومية“ و”قطر الندى“، ثم طلبت من القاضي (قاسم بن يحيى شُوَيْل) أن يدرسني في ”بلوغ المرام“ وبدأنا فيه، وَأُنكِر علينا ذلك ثم تركنا، فلما رأيت أن الكتب المقررة شيعية معتزلية قررت الإقبال على النحو فدرست ”قطر الندى“ مراراً على (إسماعيل حَطَبَة) رحمه الله في المسجد الذي أسكن ويصلي فيه وكان يهتم بنا غاية الاهتمام، وفي ذات مرة أتى إلى المسجد (محمد بن حُوريَّة) فنصحته أن يترك التنجيم فنصحهم أن يطردوني من الدراسة، فشفعوا لي عنده وسكت، وكان يمر بنا بعض الشيعة ونحن ندرس في ”القطر“ ويقول: (قبيلي صبِّن غِرارة) بمعنى أن التعليم لا يُؤثِّر فيَّ وأنا أسكت وأستفيد في النحو.(/7)
حتى قامت الثورة وتركنا البلاد ونزلنا إلى نجران ولازمت (أبا الحسين مجد الدين المُؤيَّد) واستفدت منه خصوصاً في اللغة العربية، ومكثتُ بنجران قدر سنتين، فلما تأكدتُ أن الحرب بين الجمهورية والملكية لأجل الدنيا عزمت على الرحلة إلى أرض الحرمين ونجد، وسكنت بنجد قدر شهر ونصف في مدرسة تحفيظ القرآن التابعة للشيخ (محمد بن سِنَان الحَدَائي) حفظه الله، ولقد كان مكرماً لي لما رأى من استفادتي وينصحني بالاستمرار مدة حتى يرسلني إلى (الجامعة الإسلامية)، فتغير عليَّ الجو بالرياض، وعزمت على السفر إلى مكة، فكنت أشتغل إن وجدت شغلاً، وأطلب العلم في الليل أحضر دروس الشيخ (يحيى بن عثمان الباكستاني) في ”تفسير ابن كثير“، والبخاري، ومسلم.
وأطالع في الكتب والتقيت بشيخين فاضلين من علماء اليمن:
أحدهما: القاضي (يحيى الأَشْوَل) صاحب معمرة، فكنت أدرس عنده في ”سبل السلام“ للصنعاني ويدرسني في أي شيء أطلب منه.
الثاني: الشيخ (عبد الرزاق الشاحِذِي المحويتي) وكان أيضاً يدرسني فيما أطلب منه.
ثم فتح معهد الحرم المكي وتقدمت للاختبار مع مجموعة من طلبة العلم، فنجحت والحمد لله.
وكان من أبرز مشايخنا فيه الشيخ (عبد العزيز السُّبَيِّل)، ودرست مع مجموعة من طلبة المعهد عند الشيخ (عبد الله بن محمد بن حُمَيد) رحمه الله في ”التحفة السنية“ بعد العشاء في الحرم، فكان رحمه الله يأتي بفوائد مفيدة من ”شرح ابن عقيل“ وغيره، وكانت فوق مستوى زملائي فتملَّص زملائي، فترك رحمه الله الدرس.
ودرست مع مجموعة من الطلاب عند الشيخ (محمد السُّبَيِّل) حفظه الله شيئاً من الفرائض.
وبعد الاستقرار في المعهد خرجت للإتيان بأهلي من نجران فأتيت بهم وسكنّا بمكة مدة الدراسة في المعهد ست سنين، والدراسة في الحرم نفسه.(/8)
وبركة دراسة المساجد معلومة، ولا تسأل عن أُنْسٍ وراحةٍ كنا فيها، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يقول: (( وما اجتَمَعَ قَومٌ في بَيتٍ من بُيُوتِ الله يَتلُونَ كِتَابَ الله ويَتَدارَسُونَهُ فِيمَا بينَهُم إلاّ نَزَلَت عَلَيهُم السَّكِينةُ، وحَفَّتهُم الملائِكَةُ، وغَشِيتهُم الرَّحمةُ، وذَكَرَهُم الله فِيمن عِنْدَه )).
النهار في دراسة المعهد، والدروس كلها تخدم العقيدة والدين، ومن بعد العصر إلى بعد العشاء في الحرم نشرب من ماء زمزم الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: (( إنَّه طَعَامُ طعمٍ وشِفَاءُ سَقَمٍ )). ونسمع من الواعظين القادمين من الآفاق لأداء حج أو عمرة.
ومن المدرسين في الحرم بين مغرب وعشاء الشيخ (عبد العزيز بن راشد النجدي) صاحب ”تيسير الوحيين في الاقتصار على القرآن والصحيحين“ وله فيه أخطاء لا نوافقه عليها، وكان رحمه الله يقول: الصحيح في غير الصحيحين يعدُّ على الأصابع، فبقيت كلمته في ذهني منكراً لها حتى عزمت على تأليف ”الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين“ فازددت يقيناً ببطلان كلامه رحمه الله.
وكان رحمه الله رجل التوحيد، وله معرفة قوية بعلم الحديث، ومعرفة صحيحه من سقيمه، ومعلوله من سليمه، ويعجبني فيه أنه ينفِّر عن التقليد حتى إنه ألف رسالة بعنوان ”الطواغيت المقنعة“، فظن بعض العلماء الكبار أنه يَعنيهم، وجمعت لجنة من كبار العلماء لمناقشته فقالوا: أنت عنيتنا بهذا وعنيت الحكومة ؟ فقال: إن كنتم ترون أنكم متصفون بالصفات التي ذكرتُ في الكتاب فهو يشملكم، وإن كنتم ترون أنكم لستم متصفين بالصفات التي ذكرت في الكتاب فهو لا يشملكم. ثم مُنع الكتاب من الدخول إلى المملكة، أفادني بذلك.(/9)
وفي ذات ليلة طُلِب منه أن يُلقِيَ درساً وكأنه لاختباره، فبدأ درسه بقوله تعالى: {اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ}( ) وسرد من الآيات التي تدل على تحريم التقليد، وبعض أفاضل العلماء عند الكرسي، وبعد ذلك مُنع من التدريس في الحرم، والله المستعان.
ومن مشايخي في الحرم المكي الذين استفدت منهم الشيخ (محمد بن عبد الله الصومالي) فقد حضرت عنده نحو سبعة أشهر أو أكثر، وكان رحمه الله آيةً في معرفة رجال الشيخين، ومنه استفدتُ كثيراً في علم الحديث، على أني بحمد ربي من ابتدائي في الطلب لا أحب إلا علم الكتاب والسنة.
وبعد الانتهاء من معهد الحرم من المتوسط والثانوية، وكل الدروس دينية، انتقلنا إلى المدينة إلى الجامعة الإسلامية، فحوَّل أكثرنا إلى كلية الدعوة وأصول الدين، وأبرز من درسنا فيها الشيخ (السيد محمد الحكيم) والشيخ (محمود عبد الوهاب فائد) المصريان.
وعند أن جاءت العطلة خشيت من ذهاب الوقت وضياعه فانتسبت في كلية الشريعة، لأمرين: أحدهما: التزوُّد من العلم. الثاني: أن الدروس متقاربة وبعضها متحدة، فهي تعتبر مراجعةً لِمَا درسناه في كلية الدعوة. وانتهيت بحمد الله من الكليتين، وأُعطيت شهادتين، وأنا بحمد الله لا أبالي بالشهادات، المعتبَر عندي هو العلم.(/10)
وفي عام انتهائنا من الكليتين فُتِحت في الجامعة دراسةٌ عالية ما يسمونه بالماجستير، فتقدمت لاختبار المقابلة ونجحت بحمد الله وهي تخصص في علم الحديث، وبحمد الله حصلت الفائدة التي أُحبها، وكان أبرز من درسنا الشيخ (محمد الأمين المصري) رحمه الله، والشيخ (السيد محمد الحكيم المصري) وفي آخرها الشيخ (حماد بن محمد الأنصاري) وكنت أحضر بعض الليالي درس الشيخ (عبد العزيز بن باز) في الحرم المدني في ”صحيح مسلم“، وأحضر كذلك مع الشيخ (الألباني) في جلساته الخاصة بطلبة العلم للاستفادة.
ومنذ كنت في الحرم المكي وأنا أُدَرِّس بعض طلبة العلم في ”قطر الندى“ وفي ”التحفة السنية“، وعند أن كنت بالمدينة كنت أُدرِّس بعض إخواني في الحرم المدني في ”التحفة السنية“ ثم وعدت إخواني في الله بدروس في بيتي بعد العصر في ”جامع الترمذي“، و”قطر الندى“، و”الباعث الحثيث“، وانتشرت دعوة كبيرة من المدينة ملأت الدنيا في مدة ست سنوات، بعض أهل الخير هم الذين يسعون في تمويلها، و(مقبل بن هادي) وبعض إخوانه في الله هم الذين يقومون بتعليم إخوانهم، وأما الرحلات للدعوة إلى الله في جميع أنحاء المملكة فمشتركة بين الإخوان كلهم، طالب العلم للتزود من العلم ولإفادة الآخرين، والعامي للتعلم، حتى استفاد كثير من العامة وأحبُّوا الدعوة.
وكان بعض إخواننا في الله طلبة العلم إمام مسجد في الرياض فأنكر عليه بعضُ أهل العلم السترة، فقال: عجزنا فيكم فوالله لا يقوم إلا عامي يعلمكم أحاديث السترة. فدعا أخاً من محبي الدعوة من العامة وحفظه أحاديث السترة من ”اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان“، وقام وألقى تلكم الأحاديث، وبعدها خجل المعارضون وسكتوا.(/11)
وبعد هذا تحرَّك المقلدة وعلماء السوء، وكان السبب في تحرك المقلدة الذين هم في نظر الناس علماء أنهم إذا التقوا بطالب علم صغير من طُلاَّبِنا واستدلوا بحديث قال لهم: مَن أخرجه ؟ وهذا شيء ما ألِفُوه، ثم يقول لهم: ما حال الحديث ؟ وهذا أيضاً ما ألفوه، فخجَّلوهم أمام العامة، وربما قال لهم الطالب: هذا حديث ضعيف في سنده فلان، وضعفه فلان، فضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وأشاعوا أن هؤلاء خوارج، وحاشا الأخوة من الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين ويكفرون بالمعصية.
وكانت تحدث السقطات من بعض الأخوة المبتدئين؛ لأن الغالب على المبتدئ الحماسة الزائدة – وكنت آنذاك أُحَضِّر رسالة الماجستير – فما شعرنا ذات ليلة إلا بالقبض علينا، فقبضوا على نحو مائة وخمسين وهرب مَن هرب، وارتجت الدنيا بين منكر ومؤيِّد، فبقينا في السجن نحو شهر أو شهر ونصف، وبعدها خرجنا بحمد الله أبرياء.
ثم بعد هذا خرجت بعض رسائل (جهيمان) فقُبِضَ على مجموعة منا، وعند التحقيق قالوا لي: أنت الذي كتبتها، جهيمان لا يستطيع أن يكتب. فنفيت ذلك، والله يعلم أني لم أكتُبْها ولم أشارك فيها، وبعد سجن ثلاثة أشهر أُمِرَ بترحيل الغرباء.
ولما وصلت إلى اليمن عدت إلى قريتي ومكثت بها أُعلِّمُ الأولاد القرآن، فما شعرت إلا بتكالب الدنيا عليَّ، فكأني خرجت لخراب البلاد والدين والحكم، وأنا آنذاك لا أعرف مسؤولاً ولا شيخ قبيلة، فأقول: حسبي الله ونعم الوكيل، وإذا ضقت ذهبت إلى صنعاء أو إلى حاشد، أو إلى ذمار، وهكذا إلى تعز، وإب، والحديدة، دعوة وزيارة للإخوان في الله.
وبعد أيام أَخرَجَ بعض فاعلي الخير مكتبتي من المدينة، فطُلِب منه خمسمائة ريال سعودي في مركز (كدم)، وكان المسؤول عنه (المشرقي) فأبى، يظنها رشوة، وهو لا يدري أنها رشوة في حقهم، وأما هو فليست برشوة، لأن الرشوة ما أُعْطِي لإحقاق باطل، أو لإبطال حق.(/12)
فأرسلوا بالكتب إلى صعدة ومدير الإعلام (الحملي) حاقد على السنة، فطلب الكتب أصحابنا فقال: إن شاء الله بعد الظهر، وما جاء بعد الظهر إلا وقد حرَّك الشيعة، فطلبوا من المسؤولين توقيفها لأنها كتب وهابية. ولا تسأل عن الغرامة المالية، والمتاعب، والضيم التي حصلت لي.
إخوان بذلوا جهوداً في متابعة ذلك، كثير من أهل بلدي، (الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر)، (الشيخ هزاع ضبعان)، المسؤولون في مكتب التوجيه والإرشاد منهم القاضي (يحيى الفُسَيِّل) رحمه الله، الأخ (عائض بن علي مسمار)، وبعد متاعب طويلة أبرق أهل صعدة إلى الرئيس (علي بن عبد الله بن صالح) فأحال القضية إلى القاضي (علي السمَّان) فأرسل إليَّ القاضي ووعد أنه سيسلم المكتبة وقال: إن أهل صعدة متشددون، فهم يكفِّرون علماء صنعاء. فطُلِبت المكتبة إلى صنعاء، وقُدِّر أن وصلت الكتب والقاضي (علي السمان) في بعثة إلى الخارج، فذهب الإخوة إلى المسؤول في وزارة الأوقاف فقال لهم: إنها مصاطرة – بالطاء -. وتحرك بعض إخواننا في الله من مكتب التوجيه والإرشاد وذهبوا واستلموها، وقالوا: هي من اختصاصنا، فنحن ننظرها فما كان صالحاً سلمناه للوادعي، وما كان يُخلُّ بالدين أبقيناه عندنا، وبما أنهم يعرفون أنها كتب دينية محضة فقد سلموها لي من غير تفتيش، فجزاهم الله خيراً، فأخذتها إلى البلاد والحمد لله،وقام أقربائي جزاهم الله خيراً ببناء مكتبة صغيرة، ومسجد صغير، وقالوا: نصلي فيه جمعة درءًا للفتن والمشاكل، فكنا في بعض الأوقات نصلي قدر ستة نفر.
وفي ذات مرة طلبني المحافظ (هادي الحشيشي) فذهبت إلى الشيخ (قائد مجلي) رحمه الله فاتصل به وقال: ما تريد من الوادعي ؟ فقال: لا شيء إلا مجرد التعرف عليه، فقال: نطلع إليه في معهده.(/13)
وفي أخرى طلبني مسؤول آخر فدخل معي إليه (حسين بن قائد مجلي) فتكلم على الشيعة، وشرح له أننا ندعو إلى الكتاب والسنة، وأن الشيعة حسدونا على ذلك، ويخافون أن تظهر الحقائق، فقال المسؤول: إن الشيعة سوَّدت تاريخ اليمن، وما دامت دعوتك كذلك فادع ونحن معك.
وبعد هذا مكثت في مكتبتي، وما هي إلا أيام فإذا بعض الأخوة المصريين، وفتحنا دروساً في بعض كتب الحديث وبعض كتب اللغة، وبعد هذا ما زال طلبة العلم يفدون من مصر، ومن الكويت، ومن أرض الحرمين ونجد، ومن عدن، وحضرموت، ومن الجزائر، وليبيا، والصومال، ومن بلجيكا، ومن كثير من البلاد الإسلامية وغيرها.
وعدد الطلاب الآن ما بين الستمائة إلى السبعمائة( )، منهم قدر مائة وسبعين عائلة، والله يأتيهم برزقهم من عنده، كل هذا لا بحولٍ منا ولا قوة، ولا بسبب كثرة علمنا، ولا شجاعتنا ولا فصاحتنا في الخطابة، ولكن هذا أمر أراد الله أن يكون فكان، ولله الحمد والمنة الذي وفقنا لذلك.
أعدها وجمعها
أبو عمر (المنهج) - شبكة الدفاع عن السنة
العائدون
العائدون إلى العقيدة
موقع صحوة الشيعة
موقع مهتدون
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/14)
من الصوفية : من هُمْ أكفر من أبي جهلٍ وأبي لهبٍ !!
أبو ريان الطائفي
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
فقد حكى الله تعالى عن كفار قريش في أكثر من موطنٍ في القرآن الكريم أنهم يشركون بالله تعالى في الرخاء ، ويفزعون إليه في الشدة ، قال تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (يونس:22) .(/1)
وقال تعالى : ( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ) (النحل:53-54)
وقال تعالى : ( وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُوراً ) (الإسراء:67) .
وقال تعالى : ( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) (العنكبوت:65) .(/2)
وقد قرر شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله تعالى – في أكثر من موطنٍ من كتبه : أن مشركي العصور المتأخرة أكفر من كفار قريش ، وذلك لأن كفار قريش إذا ضاقت بهم الحيل ، وعلموا عجز آلهتهم عن تحقيق مرادهم فزعوا إلى الله تعالى ، أما كفار الأزمنة المتأخرة ! فشركهم بالله يزداد في المصائب والمحن ، فيفزعون إلى آلهتهم : إلى القبور والأولياء ، وينادونها بالغوث والمدد ، والأخذ باليد ! .
وخذ من ذلك ما ذكره الزبيدي في ( طبقات الخواص :102 ) في ترجمة : إسماعيل الجبرتي الصوفي شيخ الطريقة ! فقال : ( إن الشيخ حضرة مرة سماعاً !! ، فلما كان في أثناء السماع إذا به قد صرخ صرخات كثيرة ، وجعل يجري في الطابق وهو يقول : الجلبة ، الجلبة ! ، ثم استقام وأخذ يشير بيده كالذي يمسك شيئاً ، ثم وقف ما شاء الله كذلك ! ، ثم رجع إلى السماع ! ، فلما كان بعد ليالٍ وصل الشيخ يعقوب المخاوي من السفر وأخبر أنه حصل عليهم في البحر ليلة كذا ريح عاصف وتغير البحر حتى أشرفوا على الهلاك ، وقال : فقلت : يا شيخ إسماعيل الغارة يا أهل يس !!!!! ، قال : فرأيته والله بعيني وقد أقبل على وجه الماء كالطائر ، وأمسك الجلبة بيده حتى استقرت ، وسلمنا الله تعالى ببركته !!! ) .
قال الزبيدي : ( وكان الشيخ يعقوب كثير السفر ، فشكا إلى الشيخ كثرة ما يحدث عليه من أهوال البحر !! ، فقال الشيخ قل : يا أهل يس !!!!! ) .(/3)
قلت : فبالله يا أرباب العقول ، ويا أصحاب الحِجا ، أيهما أشد كفراً : كفار قريش أما أتباع هذه الطرق الصوفية الإلحادية ، وانظر – يا رعاك الله – إلى هذا الشيخ الزنديق !! ، الذي يوصي مريديه بالفزع إلى أهل يس ، والاستغاثة بهم من دون الله تعالى ، فأيُّ دينٍ لهؤلاء ، وأيُّ أيمانٍ لهم ، والله تعالى يقول : ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً) (الإسراء:56) ، وقال تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) (النمل:62) .
وقال تعالى : ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ ) (سبأ:22)
فهؤلاء كفار بنصّ كلام الله تعالى فيمن دعا غير الله ، قال تعالى : ( وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) (المؤمنون:117) .
وقال تعالى : (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (غافر:14)
****(/4)
جاء في كتاب تذكير الناس بكلام أحمد بن حسن العطاس الذي جمعه : أبو بكر العطاس بن عبد الله بن علوي الحبشي سنة 1393هـ ، ما نصه : وحكى سيدي رضي الله عنه عن الحبيب عبد الله بن عمر بن يحي أنه لما وصل إلى مليبار دخل على الحبيب علوي بن سهل ، فرأى في بيته تصاوير طيور وديكة وغيرها . فقال : يا مولانا إن جدكم صلى الله عليه وسلم يقول : " يكلف الله صاحب التصاوير يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح " فقال له الحبيب علوي : عاد شيء غير هذا ؟ فقال : لا قال : فنفخ الحبيب علوي تلك التصاوير ، فإذا الديكة تصرخ والطيور تغرد. فسلم له الحبيب عبد الله بن عمر له حاله. اهـ. [ تذكير الناس بكلام أحمد العطاس ص 155 ].انتهى النقل
ذكر صاحب المشرع الروي [ 2/21] أن الشيخ عبد الله باعباد سأل علوي بن الفقيه المقدم عما ظهر له من المكاشفات بعد موت والده فقال : " ظهر لي ثلاث : أحيي وأميت بإذن الله ، وأقول للشيء كن فيكون ، وأعرف ما سيكون " فقال عبد الله باعباد : نرجو فيك أكثر من هذا " . انتهى النقل
فأي كفر أظهر من هذا الكفر ؟؟؟
*****
ذكر الزبيدي الصوفي في كتابه " طبقات الخواص " ( ص : 275 ) في ترجمة الصوفي محمد بن يعقوب الكميت المعروف بأبي حربة أنه ركب البحر مع جماعة فتغير عليهم الريح في بعض الأيام وانكسر الدقل وسقط الشراع وأشرفوا على الغرق ، فتعلقوا بالفقيه ! ، ولازموه في كشف ذلك عنهم ، فقام إلى الدقل و وضع يده على موضع الكسر وقال : يارسول الله : اشعب !!!! ، فالتأم الدقل بإذن الله تعالى وارتفع الشراع وساروا سالمين .
- قال الزبيدي - ويحكى عنه أنه كان يقول : ما استغثت برسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ أجاب وأراه بعيني الشحمية !!! .(/5)
قلت : فاقرأ هذه الكلام يا من أنعم الله عليه بنعمة التوحيد ، وسلامة العقل ، واعرف مقدار فضل الله عليك كيف هداك واجتباك واصطفاك واختارك للهداية وسلوك الصراط المستقيم : ( الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب ) ، وكيف أضل الله هؤلاء ، وصرفهم عن التعلق به ! ، ( ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ) ، فاحمد الله على العافية ، واعرف فضل نعمة الله تعالى عليك ، وأشبع لسانك وجنانك بقولك ( الحمد لله رب العالمين ) وأنت تقرأ الفاتحة في كل حين .
الحمد لله رب العالمين أن هدانا للتوحيد .
الحمد لله رب العالمين أن جنبنا الإشراك بالله .
الحمد لله رب العالمين أن هدانا للسنة .
الحمد لله رب العالمين أن جنبنا البدعة .
الحمد لله رب العالمين على نعمه التي لا تعد ولا تحصى .
الحمد لله رب العالمين الذي فضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا .
أخوكم
أبو ريان الطائفي
كان الله في عونه ونصرته
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/6)
من سيعرفنا بهذه القصيدة؟؟!!
إنه أحد العلماء الأجلاء .. كان سيداً في بني قومه .. كان طالب علم ومريد صوفي .. تابعهم .. طلب العلم على يديهم .. حتى بان لهُ الحق فاتبع الحق ..
وهذه قصته وسيرته وقصة الهادية:
http://www.d-sunnah.net/forum/showt...;threadid=15088
وهنا يعفرنا الشيخ بالبردة .. وهو أقرب من يكون وأعرف .. ود ددها مراراً متعبداً حتى بان لهُ ما فيها فوقف مع الدليل فأنظر وتأمل قوله:
http://www.saaid.net/mktarat/Maoled/27.htm
قوادح عقدية في بردة البوصيري
http://www.saaid.net/arabic/ar20.htm
قِرَاءَةُ البُرْدَةِ(/1)
سُلت اللجنة الدائمة :
س : ما حكم الكتاب المسمى بـ " البردة " بالمديح التي تستعمل في الدعاء في وطننا ؟ وهل هذا الكتاب إذا قرأته تثاب أم لا ؟ وهل قراءة هذا الكتاب تصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما يقول بعض الناس ؟
ج : أكثر من قراءة القرآن الكريم ، ومن ذكر الله بما ثبت من الأذكار عن النبي صلى الله عليه وسلم ، واستغن بذلك عن قراءة البردة ونحوها ، فإن التعبد بقراءتها وقراءة أمثالها بدعة محدثة ، وقد ثبن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ " وفي رواية : " مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ " ، وعلى هذا فلا ثواب في قراءتها بل في بعض أبياتها شرك أكبر مثل :
يا أكرم الرسل ما لي من ألوذ به * * * سواك عند حلول الحادث العمم
إلى أن قال :(/2)
إن لم يكن في معادي آخذاً بيدي * * * فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها * * * ومن علومك علم اللوح والقلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو : عبد الله بن قعود
عضو : عبد الله بن غديان
نائب رئيس اللجنة : عبد الرزاق عفيفي
الرئيس : عبد العزيز بن باز
فتاوى اللجنة الدائمة (3/22)
كلام الإمام محمد بن عبدالوهاب في قصيدة البردة
لما نظرت واقع الصوفية مع هذه القصيدة الشركية وشبه إجماعهم على قبولها وإنشادها وحفظها والعمل بها،وجب التحذير منها،وهذا ما قام به عدد من أهل العلم ومنهم الشيخ الإمام.
وهذه هي الوقفة الثالثة وهي التحذير من هذه القصيدة وبيان الشرك الذي احتوته عدد من هذه الأبيات.
وهي كذلك في سِفر التفسير.
والوقفة الرابعة وهي أشد العجب ليس من الجاهليين والذين ليس عندهم الهدى؛ولكن أشد العجب ممن عنده الكتاب والسنة؛بل ويشرح بعضها ويفسر بعض الآيات الناهية عن الشرك والغلو ثم هو يقع فيها فما يدري ما يخرج من رأسه!!!
قال : الإمام محمد بن عبدالوهاب : تفسير سورة الفاتحة من مؤلفات الإمام محمد بن عبدالوهاب ص 13 المجلد الخامس-وقد دلني عليها أخي الحبيب الدر المنثور- :
"وأما الملك فيأتي الكلام عليه ، وذلك أن قوله: ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) وفي القراءة الأخرى ( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) فمعناه عند جميع المفسرين كلهم ما فسره الله به في قوله ك ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ {17} ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ {18} يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ {19} ([ سورة الانفطار الآيات: 17/19].(/3)
فمن عرف تفسير هذه الآية ، وعرف تخصيص الملك بذلك اليوم ، مع أنه سبحانه مالك كل شيء ذلك اليوم وغيره، عرف أن التخصيص لهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي بسبب معرفتها دخل الجنة من دخلها ، وسبب الجهل بها دخل النار من دخلها، فيالها من مسألة لو رحل الرجل فيها أكثر من عشرين سنة لم يوفها حقها، فأين هذا المعني والإيمان بما صرح به القرآن ، مع قوله صلى الله عليه وسلم : (( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاُ )) [ أخرجه البخاري في صحيحة: كتاب الوصايا، باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب رقم: 2753 ، والنسائي في سننه: كتاب الوصايا إذا أوصى لعشيرته الأقربين (6/ 248-250) رقم : 3644، 3646، 3647، من حديث أبي هريرة.
من قول صاحب البردة:
ولن يضيق رسول الله جاهك بي ***** اذا الكريم تحلي بأسم منتقم
فإن لي ذمة منه بتسميتي ***** محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يازلة القدم
فليتأمل من نصح نفسه هذه الأبيات ومعناها ، ومن فتن بها من العباد، وممن يدعى أنه من العلماء واختاروا تلاوتها على تلاوة القرآن .
هل يجتمع في قلب عبد التصديق بهذه الأبيات والتصديق بقوله: ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله) وقوله: : (( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاُ )) لا والله ، لا والله لا والله إلا كما يجتمع في قلبه أن موسى صادق ، وأن فرعون صادق ، وأن محمداً صادق على الحق ، وأن أبا جهل صادق على الحق . لا والله ما استويا ولن يتلاقيا حتى تشيب مفارق الغربان.(/4)
فمن عرف هذه المسألة وعرف البردة ، ومن فتن بها عرف غربة الإسلام وعرف أن العدل واستحلال دمائنا وأموالنا ونسائنا، ليس عن التكفير والقتال ، بل هم الذين بدءونا بالتكفير وعند قوله: ( فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ) [سورة الجن الآية : 18].وعند قوله: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) [سورة الإسراء: الآية : 57]. وقوله: ( لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ) [سورة الرعد الآية: 14].
فهذا بعض المعاني في قوله : ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) بإجماع المفسرين كلهم ،وقد فسرها الله سبحانه في سورة ( إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ ) ( الإنفطار : 1 ) كما قدمت لك. "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في أحد رسائلهِ الشخصية –كما في الدرر السنية 2/44- إلى الأخ حسن:
" وأما ما ذكرت من أهل الجاهلية كيف لم يعرفوا الالهية إذا أقروا بالربوبية هل هو كذا أو كذا أو غير ذلك.فهو لمجموع ما ذكرت وغيره.
وأعجب من ذلك ما رأيت وسمعت ممن يدعي أنه أعلم الناس،ويفسر القرآن،ويشرح الحديث بمجلدات،ثم يشرح (البردة) ويستحسنها،ويذكر في تفسيره وشرحه للحديث أنه شرك،ويموت ما عرف ما خرج من رأسه،هذا هو العجب العجاب!!أعجب بكثير من ناس لا كتاب لهم ولا يعرفون جنة ولا ناراً،ولا رسولاً ولا إلهاً."
وراجع إن شئت:
(حقوق النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم بين الإجلال والإحلال) من إصدار المنتدى الإسلامي.
(السيف المسلول على عابد الرسول) للشيخ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي –رحمه الله- فقد تطرق لهذه القصيدة.
نقله أبو عمر المنهجي - شبكة الدفاع عن السنة
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية(/5)
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/6)
من طرق الصوفية : البريلوية
إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي
التعريف:
البريلوية فرقة صوفية نشأت في شبه القارة الهندية الباكستانية في مدينة بريلي في ولاية أوترابراديش بالهند أيام الاستعمار (*) البريطاني وقد اشتهرت بمحبة وتقديس الأنبياء والأولياء(*) بعامة، والنبي صلى الله عليه وسلم بخاصة.(/1)
التأسيس وأبرز الشخصيات:
• مؤسس هذه الفرقة أحمد رضا خان تقي علي خان وقد كان من 1272ـ1340 ه الموافق 1865ـ1921م ولقد سمى نفسه عبد المصطفى، وهذا لا يجوز في الإسلام، لأن العبودية لله وحده. ولد في بريلي بولاية اترابراديش وتتلمذ على الميرزا غلام قادر بيك.
ـ زار مكة المكرمة وقرأ على بعض المشايخ فيها عام 1295هـ، وكان نحيلاً حاد المزاج، مصاباً بالأمراض المزمنة، دائم الشكوى من الصداع والآم الظهر، شديد الغضب، حاد اللسان، مع فطنة وذكاء، ومن أبرز كتبه أنباء المصطفى وخالص الاعتقاد ودوام العيش والأمن والعي، لناعتي المصطفى ومرجع الغيب والملفوظات وله ديوان شعر حدائق بخش.
• ديدار علي: بريلوي، ولد سنة 1270هـ في نواب بور بولاية ألور وتوفي في أكتوبر 1935م ومن مؤلفاته تفسير ميزان الأديان وعلامات الوهابية.
• نعيم الدين المراد آبادي 1300ـ1367هـ الموافق 1883ـ 1948م وهو صاحب المدرسة التي سماها الجامعة النعيمية ويلقب بصدر الأفاضل، ومن كتبه الكلمة العليا في عقيدة علم الغيب.
• أمجد علي بن جمال الدين بن خدابخش: ولد في كهوسي، وتخرج في المدرسة الحنفية بجونبور سنة 1320 هـ، وكان موته سنة 1367هـ الموافق 1948م وله كتاب بهار شريعت.(/2)
• حشمت علي خان: ولد في لكهنو، وفرغ من دراسته سنة 1340 هـ، وكان يسمى نفسه كلب أحمد رضا خان معتزاً بهذه التسمية وله كتاب تجانب أهل السنة، ويلقب بـ (غيظ المنافقين )، وكان موته سنة 1380 هـ.
• أحمد يارخان: 1906-1971م كان شديد التعصب للفرقة، ومن مؤلفاته جاء الحق وزهق الباطل، سلطنت مصطفى.
الأفكار والمعتقدات:
• يعتقد أبناء هذه الطائفة بأن الرسول (*) صلى الله عليه وسلم لديه قدرة يتحكم بها في الكون، يقول أمجد علي: " إن النبي صلى الله عليه وسلم نائب مطلق لله سبحانه وتعالى، وإن العالم كله تحت تصرفاته، فيفعل ما يشاء، يعطي ما يشاء لمن يشاء، ويأخذ ما يشاء، وليس هناك أحد مصرّف لحكمه في العالمين، سيد الآدميين، ومن لم يجعله مالكاً له حرم من حلاوة السنة".
• وأن محمداً صلى الله عليه وسلم والأولياء من بعده لديهم قدرة على التصرف في الكون يقول أحمد رضا خان: "يا غوث" أي يا عبد القادر الجيلاني "إن قدرة" كن "حاصلة لمحمد من ربه، ومن محمد حاصلة لك، وكل ما يظهر منك يدل على قدرتك على التصرف، وأنك أنت الفاعل الحقيقي وراء الحجاب".
• لقد غالوا في نظرتهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى أوصلوه إلى قريب من مرتبة الألوهية - والعياذ بالله - يقول أحمد رضا خان في حدائق بخشش 2/104: "أي يا محمد صلى الله عليه وسلم لا أستطيع أن أقول لك الله، ولا أستطيع أن أفرق بينكما، فأمرك إلى الله هو أعلم بحقيقتك".
• كما بالغوا في إضفاء الصفات التي تخالف الحقيقة على النبي صلى الله عليه وسلم حتى جعلوه عالماً للغيب، يقول أحمد رضا خان في كتابه خالص الاعتقاد ص 33: " إن الله تبارك وتعالى أعطى صاحب القرآن سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم جميع ما في اللوح المحفوظ ".(/3)
• لديهم عقيدة اسمها (عقيدة الشهود) حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم في نظرهم حاضر وناظر لأفعال الخلق الآن في كل زمان ومكان، يقول أحمد يارخان في كتابه جاء الحق 1/160: "المعنى الشرعي للحاضر والناظر هو أن صاحب القوة القدسية يستطيع أن يرى العالم مثل كفه من مكان وجوده، ويسمع الأصوات من قريب ومن بعيد، ويطوف حول العالم في لمحة واحدة ويعين المضطرين، ويجيب الداعين".
• ينكرون بشرية النبي صلى الله عليه وسلم ويجعلونه نوراً من نور الله. يقول أحمد يارخان في كتابه مواعظ نعيمية ص 14: "إن الرسول صلى الله عليه وسلم نور من نور الله، وكل الخلائق من نوره "ويقول أحمد رضا خان في أشعاره " ما قيمة هذا الطين والماء إذا لم يكن النور الإلهي حل في صورة البشر".
• يحثون أتباعهم على الاستغاثة بالأنبياء (*) والأولياء (*)، ومن يستنكر عليهم ذلك يرمونه بالإلحاد (*)، يقول أمجد علي في كتابه بهار شريعت 1/122: " إن المنكرين للاستمداد بالأنبياء والأولياء وبقبورهم، ملحدون".
• يشيدون القبور ويعمرونها ويجصصونها وينيرون فيها الشموع والقناديل وينذرون لها النذور، ويتبركون بها ويقيمون الاحتفالات لأجلها، ويضعون عليها الزهور والورود والأردية والستائر، ويدعون أتباعهم للطواف حول الضريح تبركاً به.
• لديهم غلو (*) شديد في تقديس شخصية عبد القادر الجيلاني، ويعظمون باقي الأولياء من أئمة المتصوفة وينسبون إليهم أفعالاً خيالية خارقة للعادات متسمة بالنسيج الخرافي الأسطوري.
• ويقولون بالإسقاط وهي صدقة تدفع عن الميت بمقدار ما ترك من الصلاة والصيام وغيرها، ومقدار الصدقة عن كل صلاة أو صيام تركه الميت هو مقدار صدقة الفطر المعروفة، وقد يعمدون إلى الحيلة في ذلك إذ يوزعون مقداراً يغطي سنة واحدة ثم يستردون ذلك هبة ومن ثم يعيدون توزيعه، ويكررون ذلك بعدد السنين التي تركت فيها تلك الفريضة.(/4)
• أعظم أعيادهم هو ذكرى المولد النبوي الشريف إذ ينفقون فيه الأموال الطائلة، وهو يوم مقدس مشهور لديهم، ينشدون فيه الأناشيد التي تمجد الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال القصص الخرافية ويقرءون فيه كتاب سرور القلوب في ذكر المولد المحبوب الذي ألفه أحمد رضا خان ملأه بالأساطير والخيالات.
• الأعراس: وهي تعني زيارة القبور والاجتماع عليها من مثل عرس الشيخ الشاه وارث في بلدة ديوه وعرس الخواجة معين الدين جشتي، حيث يجتمع له الملايين ويختلط فيه الرجال بالنساء وتحصل فيه بعض المفاسد المحرّمة شرعاً.
ـ إن من يترك الصوم والصلاة يجد له خلاصاً، أما الطامة الكبرى والمصيبة العظمى في نظرهم فإنما تقع على من يتخلف عن الاحتفال بالمولد أو الفاتحة أو العرس. وهم يكفّرون المسلمين من غير البريلويين لأدنى سبب ولم يتركوا تجمعاً إسلاميًّا ولا شخصية إسلامية من وصف الكفر، وكثيراً ما يرد في كتبهم بعد تكفير (*) أي شخص عبارة "ومن لم يكفره فهو كافر"، وقد شمل تكفيرهم الديوبنديين وزعماء التعليم والإصلاح ومحرري الهند من الاستعمار (*). كما شمل الشيخ إسماعيل الدهلوي وهو من علماء الهند ممن حاربوا البدع والخرافات، ومحمد إقبال والرئيس الباكستاني الراحل ضياء الحق وعدداً من وزرائه.
ـ وهم يكفرون شيخ الإسلام ابن تيمية وينعتونه بأنه مختل وفاسد العقل (*) ويدرجون معه تلميذه ابن القيم.
ـ يكرهون الإمام محمد بن عبد الوهاب ويرمونه بأشنع التهم وأسوأ الألفاظ وما ذلك إلا لأنه وقف أمام الخرافات موقفاً حازماً داعياً إلى التوحيد الخالص.(/5)
• يعملون دائماً على شق صفوف المسلمين وتوهين قوتهم وإضعافهم وإدخالهم في متاهات من الخلافات التي لا طائل تحتها. فمن ذلك إصرارهم على بدعة تقبيل الإبهامين عند الأذان ومسح العينين بهما، واعتبار ذلك من الأمور الأساسية ولا يتركها - في نظرهم - إلا من كان عدواً لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ويزعمون أن من يفعل ذلك لا يرمد أبداً، انظر مؤلفهم منير العينين في تقبيل الإبهامين.
الجذور الفكرية والعقائدية:
تصنف هذه الفرقة من حيث الأصل ضمن جماعة أهل السنة الملتزمين بالمذهب الحنفي. وهذا خطأ حيث يرى بعض الدارسين أن أسرة مؤسس الفرقة كانت شيعية ثم أظهرت تسننها تقية (*)، لكنهم مزجوا عقائدهم بعقائد أخرى ودأبوا على الاحتفال بالمولد النبوي على غرار الاحتفالات بعيد رأس السنة الميلادية. وهم يغلون في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم بما يوازي الخرافات المنسوبة إلى عيسى عليه الصلاة والسلام.
• وبسبب عيشهم ضمن القارة الهندية ذات الديانات المتعددة فلقد انتقلت أفكار من الهندوسية والبوذية لتمازج عقيدتهم الإسلامية.
• لقد أضفوا على النبي (*) صلى الله عليه وسلم وعلى الأولياء (*) صفات تماثل تلك الصفات التي يضفيها الشيعة (*) على أئمتهم المعصومين في نظرهم.
• كما انتقلت إليهم عقائد غلاة المتصوفة والقبوريين وشركياتهم ونظرياتهم في الحلول (*) والوحدة والإتحاد (*) حتى صارت هذه الأمور جزءاً من معتقداتهم.
هذا ويؤخذ على البريلوية:
• التطرف الشديد والغلو في الرسول (*) صلى الله عليه وسلم ومزج ذلك بعقائد المشركين.
• مجانبتهم الصواب في هجومهم وافتراءاتهم على شيخ الإسلام ابن تيمية وعلى الإمام محمد بن عبد الوهاب وعلى كل دعاة التوحيد الخالص من أفاضل علماء الأمة الإسلامية.
• إطلاق العنان لألسنتهم في تكفير (*) المسلمين لمجرد مخالفتهم في الرأي.(/6)
• سعيهم الدؤوب لتفريق كلمة المسلمين وتوهين قوتهم.
• على الرغم مما سبق فإن هذه الفرقة ونظيراتها تحتاج إلى من ينير لها الطريق بالحكمة والموعظة الحسنة ويزيل عن أعين أصحابها ومريديها أوهام الجهل والخرافة والتخلف حتى تكون على الجادة المستقيمة، كما حصل بالفعل في بعض الأماكن.
الانتشار ومواقع النفوذ:
• انطلقت الدعوة من بريلي بولاية أوترابرديش بالهند، لتنتشر في القارة الهندية كلها (الهند والباكستان وبنجلاديش وبورما سريلانكا).
• لهم وجود في انجلترا، كما لهم نفوذ في جنوب أفريقيا وكينيا ومورشيوس وعدد من البلدان في قارة أفريقيا.
ويتضح مما سبق:
إن البريلوية فرقة صوفية نشأت في شبه القارة الهندية الباكستانية إبان الاستعمار (*) البريطاني، وهم يغلون (*) في الأنبياء (*) والأولياء (*)، ويحاربون دعاة التوحيد الخالص، ويعتقدون أن الرسول صلى الله عليه وسلم له قدرة يتحكم بها في الكون، وأنه صلى الله عليه وسلم والأولياء من بعده لهم قدرة على التصرف في الكون، ولديهم عقيدة اسمها عقيدة الشهود فيعتقدون أن النبي صلى الله عليه وسلم حاضر وناظر لأعمال الخلق في كل زمان ومكان، وهم ينكرون بشريته صلى الله عليه وسلم ويحثون أتباعهم على الاستغاثة بالأنبياء ويشيدون القبور ويعمرونها وينيرونها بالشموع والقناديل.
----------------------------------------------------
مراجع للتوسع:
ـ البريلوية:عقائد وتاريخ، إحسان إلهي ظهير ـ ط 1 ـ 1403هـ/1983م ـ إدارة ترجمان السنةـ لاهور ـ باكستان.
ـ البريلوية، رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ـ كلية أصول الدين.
ـ الأمن والعلى لناعتي المصطفى، أحمد رضا خان ـ قادري بكديو ـ بريلي ـ الهند.
ـ أبناء المصطفى، أحمد رضا خان ـ مطبعة صبح صادق ـ بديوان الهند 1318هـ.
ـ أنوار رضا، جماعة من المؤلفين ـ لاهور ـ 1397هـ.(/7)
ـ بهار شريعت، أمجد علي الأعظمي ـ دلهي ـ الهند.
ـ تجانب أهل سنت، حشمت علي خان ـ بريس بيلي بهيت ـ الهند.
ـ جاء الحق وزهق الباطل، أحمد يارخان نعيمي ـ كانفور ـ الهند.
ـ حدائق بخش، أحمد رضا خان ـ مراد آباد ـ الهند.
ـ خالص الاعتقاد، أحمد رضا خان ـ بريلي ـ الهند 1328هـ.
ـ سلطنت مصطفى، أحمد يارخان ـ كانفور ـ الهند.
ـ مجلة صراط مستقيم، محمود أحمد ميرفوري ـ برمنجهام ـ بريطانيا ـ أغسطس 1980م.
ـ ملفوظات، أحمد رضا خان ـ لاهور ـ باكستان.
ـ الكوكبة الشهابية في كفريات أبي الوهابية، أحمد رضا خان ـ عظيم آباد ـ الهند ـ 1316هـ.
ـ تسكين الخواطر في مسألة الحاضر والناظر، أحمد سعيد ـ طبعة سكر ـ باكستان.
فرق ومذاهب
مذاهب وفرق
الملل والنحل
مواقع اسلامية(/8)
من طرق الصوفية : التيجانية
إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي
التعريف:
التيجانية: فرقة صوفية يؤمن أصحابها بجملة الأفكار والمعتقدات الصوفية ويزيدون عليها الاعتقاد بإمكانية مقابلة النبي (*) صلى الله عليه وسلم، مقابلة مادية واللقاء به لقاءً حسيًّا في هذه الدنيا، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد خصهم بصلاة (الفاتح لما أُغلق) التي تحتل لديهم مكانة عظيمة.(/1)
التأسيس وأبرز الشخصيات:
• المؤسس هو: أبو العباس أحمد بن محمد بن المختار ابن أحمد بن محمد سالم التيجاني، وقد عاش مابين (1150-1230هـ) (1737 ـ 1815م) وكان مولده في قرية عين ماضي من قرى الصحراء بالجزائر حاليًّا.
ـ حفظ القرآن الكريم ودرس شيئًا من الخليل.
ـ درس العلوم الشرعية، وارتحل متنقلاً بين فاس وتلمسان وتونس والقاهرة ومكة والمدينة ووهران.
ـ أنشأ طريقته عام ( 1196هـ) في قرية أبي سمغون وصارت فاس المركز الأول لهذه الطريقة، ومنها تخرج الدعوة لتنتشر في أفريقيا بعامة.
ـ أبرز آثاره التي خلَّفها لمن بعده زاويته التيجانية في فاس، وكتابه جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التيجاني الذي قام بجمعه تلميذه علي حرازم.
من مشاهيرهم بعد المؤسس:
ـ علي حرازم أبو الحسن بن العربي برادة المغربي الفاسي وقد توفي في المدينة النبوية.
ـ محمد بن المشري الحسني السابحي السباعي (ت1224هـ) صاحب كتاب الجامع لما افترق من العلوم وكتاب نصرة الشرفاء في الرد على أهل الجفاء.(/2)
ـ أحمد سكيرج العياشي 1295 ـ 1363هـ ولد بفاس، ودرس في مسجد القرويين، وعين مدرسًا فيه، تولى القضاء، وزار عددًا من مدن المغرب، وله كتاب الكوكب الوهاج وكتاب كشف الحجاب عمن تلاقى مع سيدي أحمد التيجاني من الأصحاب.
ـ عمر بن سعيد بن عثمان الفوتي السنغالي: ولد سنة 1797م في قرية الفار من بلاد ديمار بالسنغال حاليًّا، تلقى علومه في الأزهر بمصر، ولما رجع إلى بلاده أخذ ينشر علومه بين الوثنيين (*)، وكانت له جهود طيبة في مقاومة الفرنسيين. وقد كانت وفاته سنة 1283هـ، وخلفه من بعده اثنان من أتباعه، وأهم مؤلفاته رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم الذي كتبه سنة 1261 ـ 1845م.
ـ محمد عبد الحافظ بن عبد اللطيف بن سالم الشريف الحسني التيجاني المصري 1315 ـ 1398هـ وهو رائد التيجانية في مصر، وقد خلف مكتبة موجودة الآن في الزاوية التيجانية بالقاهرة وله كتاب الحق والخلق، وله الحد الأوسط بين من أفرط ومن فرط، وشروط الطريقة التيجانية كما أسس مجلة طريق الحق سنة 1370 ـ 1950م.
الأفكار والمعتقدات:
• من حيث الأصل هم مؤمنون بالله سبحانه وتعالى إيمانًا يداخله كثير من الشركيات.
• ينطبق عليهم ما ينطبق على الصوفية بعامة من حيث التمسك بمعتقدات المتصوفة وفكرهم وفلسفتهم ومن ذلك إيمانهم بوحدة الوجود، انظر جواهر المعاني1/259، وإيمانهم بالفناء (*) الذي يطلقون عليه اسم (وحدة الشهود (*)) انظر كذلك جواهر المعاني 1/191.
• يقسمون الغيب إلى قسمين: غيب مطلق استأثر الله بعلمه، وغيب مقيد وهو ما غاب عن بعض المخلوقين دون بعض. ورغم أن هذا في عمومه قد يشاركهم فيه غيرهم من المسلمين إلا أنهم يتوسعون في نسبة علم الغيب إلى مشايخهم.(/3)
ـ يزعمون بأن مشايخهم يكشفون (*) عن بصائرهم، فهم يقولون عن شيخهم أحمد التيجاني: (ومن كماله رضي الله عنه نفوذ بصيرته الربانية وفراسته النورانية التي ظهر بمقتضاها في معرفة أحوال الأصحاب، وفي غيرها إظهار المضمرات وإخبار بمغيبات وعلم بعواقب الحاجات وما يترتب عليها من المصالح والآفات وغير ذلك من الأمور الواقعات"(انظر الجواهر 1/63).
• يدعي زعيمهم أحمد التيجاني بأنه قد التقى بالنبي (*) صلى الله عليه وسلم لقاءً حسيًّا ماديًّا وأنه قد كلمه مشافهة، وأنه تعلم من النبي صلى الله عليه وسلم صلاة (الفتح لما أغلق). ـ صيغة هذه الصلاة: "اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، الهادي إلى صراطك المستقيم، وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم" ولهم في هذه الصلاة اعتقادات نسوق منها ما يلي:
ـ أن الرسول (*) صلى الله عليه وسلم أخبر بأن المرة الواحدة منها تعدل قراءة القرآن ست مرات.
ـ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبره مرة ثانية بأن المرة الواحدة منها تعدل من كل ذكر ومن كل دعاء كبير أو صغير، ومن قراءة القرآن ستة آلاف مرة؛ لأنه كان من الأذكار. (انظر الجواهر 1/136).
ـ أن الفضل لا يحصل بها إلا بشرط أن يكون صاحبها مأذوناً بتلاوتها، وهذا يعني تسلسل نسب الإذن حتى يصل إلى أحمد التيجاني الذي تلقاه عن رسول الله ـ كما يزعم.
ـ أن هذه الصلاة هي من كلام الله تعالى بمنزلة الأحاديث القدسية، (انظر الدرة الفريدة 4/128).
ـ أن من تلا صلاة الفاتح عشر مرات كان أكثر ثواباً من العارف الذي لم يذكرها، ولو عاش ألف ألف سنة.
ـ من قرأها مرة كُفِّرت بها ذنوبه، ووزنت له ستة آلاف من كل تسبيح ودعاء وذكر وقع في الكون.. إلخ (انظر كتاب مشتهى الخارف الجاني 299 ـ 300).(/4)
• يلاحظ عليهم شدة تهويلهم للأمور الصغيرة، وتصغيرهم للأمور العظيمة، على حسب هواهم، مما أدى إلى أن يفشو التكاسل بينهم والتقاعس في أداء العبادات والتهاون فيها وذلك لما يشاع بينهم من الأجر والثواب العظيمين على أقل عمل يقوم به الواحد منهم.
• يقولون بأن لهم خصوصيات ترفعهم عن مقام الناس الآخرين يوم القيامة ومن ذلك:
ـ أن تخفف عنهم سكرات الموت.
ـ أن يظلهم الله في ظل عرشه.
ـ أن لهم برزخًا يستظلون به وحدهم.
ـ أنهم يكونون مع الآمنين عند باب الجنة حتى يدخلوها في الزمرة الأولى مع المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه المقربين.
• يقولون بأن النبي (*) صلى الله عليه وسلم قد نهى أحمد التيجاني عن التوجه بالأسماء الحسنى، وأمره بالتوجه بصلاة الفاتح لما أغلق وهذا مخالف لصريح الآية الكريمة: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) [سورة الأعراف، الآية: 180].
ـ يقولون بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر أحمد التيجاني بالتوجه بصلاة الفاتح لما أغلق، وأنه لم يأمر بها أحدًا قبله، وفي ذلك افتراء بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد كتم عن الأمة المسلمة شيئًا مما أوحي إليه من ربه، وقد ادخره حتى حان وقت إظهاره حيث باح به لشيخهم أحمد التيجاني.
• هم كباقي الطرق الصوفية يجيزون التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم وعباد الله الصالحين، ويستمدون منه ومنهم ومن الشيخ عبد القادر الجيلاني ومن أحمد التيجاني ذاته، وهذا مما نهى عنه شرع الله الحكيم.
• تتردد في كتبهم كثير من ألقاب الصوفية كالنجباء (*) والنقباء (*) والأبدال (*) والأوتاد (*)، وتترادف لديهم كلمتا الغوث (*) والقطب (*) (الذي يقولون عنه بأنه ذلك الإنسان الكامل الذي يحفظ الله به نظام الوجود!!
• يقولون بأن أحمد التيجاني هو خاتم الأولياء (*) مثلما أن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء.(/5)
• يقول أحمد التيجاني (من رآني دخل الجنة). ويزعم أن من حصل له النظر إليه يومي الجمعة والاثنين دخل الجنة. ويؤكد على أتباعه بأن النبي صلى الله عليه وسلم ذاته قد ضمن له ولهم الجنة يدخلونها بغير حساب ولا عقاب.
• ينقلون عن أحمد التيجاني قوله: "إن كل ما أعطيه كل عارف بالله أعطي لي".
• وكذلك قوله: إن طائفة من أصحابه لو وزنت أقطاب (*) أمة محمد ما وزنوا شعرة فرد من أفرادهم، فكيف به هو !!.
• وقوله: "إن قَدَميَّ هاتين على رقبة كل ولي من لدن خلق الله آدم إلى النفخ في الصور".
• لهم ورد يقرؤونه صباحًا ومساءً، ووظيفته تقرأ في اليوم مرة صباحًا أو مساءً، وذكر ينعقد بعد العصر من يوم الجمعة على أن يكون متصلاً بالغروب، والأخيران الوظيفة والذكر يحتاجان إلى طهارة مائية، وهناك العديد من الأوراد الأخرى لمناسبات مختلفة.
• من أخذ وردًا فقد ألم نفسه به ولا يجوز له أن يتخلى عنه وإلا هلك وحلت به العقوبة العظمى !!.
• نصَّب أحمد التيجاني نفسه في مقام النبوة (*) يوم القيامة إذ قال: "يوضع لي منبر من نور يوم القيامة، وينادي مناد حتى يسمعه كل من في الموقف: يا أهل الموقف هذا إمامكم الذي كنتم تستمدون منه من غير شعوركم" (انظر الإفادة الأحمدية ص 74).
الجذور الفكرية والعقائدية:
• مما لا شك فيه بأنه قد استمد معظم آرائه من الفكر الصوفي وزاد عليها شيئًا من أفكاره.
• وقد نهل من كتب عبد القادر الجيلاني وابن عربي والحلاج وغيرهم من أعلام المتصوفة.
• وخلال فترة تشكله قبل تأسيس الطريقة قابل عددًا من مشايخ الصوفية وأخذ إذناً وأورادًا عنهم وأبرز تلك الطرق القادرية والخلوتية.
• واستفاد من كتاب المقصد الأحمد في التعريف بسيدي أبي عبد الله أحمد تأليف أبي محمد عبد السلام بن الطيب القادري الحسيني والمطبوع بفارس سنة 1351هـ.
• كان لانتشار الجهل أثر كبير في ذيوع طريقته بين الناس.(/6)
الانتشار ومواقع النفوذ:
• بدأت هذه الحركة (*) من فاس وما زالت تنتشر حتى صار لها أتباع كثيرون في بلاد المغرب والسودان الغربي (السنغال) ونيجيريا وشمالي أفريقيا ومصر والسودان وغيرها من أفريقيا.
• صاحب كتاب التيجانية علي بن محمد الدخيل الله يقدر في عام 1401هـ ـ 1981م عدد التيجانيين في نيجيريا وحدها بما يزيد على عشرة ملايين نسمة.
ويتضح مما سبق:
أن التيجانيين مبتدعون في عباداتهم وكل بدعة (*) ضلالة؛ لأنهم ذهبوا إلى تخصيص أدعية بذاتها غير واردة في الشرع، وألزموا الناس بعبادات معينة في أوقات مخصوصة لا تستند إلى أساس، فضلاً عن أن لهم معتقدات تخرج بمن يعتنقها عن الملة (*) كالقول بالحلول (*) والاتحاد.
------------------------------------------------------
مراجع للتوسع:
ـ الهداية الهادية إلى الطائفة التيجانية، الدكتور محمد تقي الدين الهلالي ـ دار الطباعة الحديثة بالدار البيضاء، ط. 2. 1397هـ ـ 1977م.
ـ كتاب مشتهى الخارف الجاني في رد زلقات التيجاني الجاني، محمد الخضر ابن سيدي عبد الله بن مايابي الجكني الشنقطي ـ طبع بمطبعة دار إحياء الكتب العربية بمصر.
ـ التيجانية، علي بن محمد الدخيل الله، نشر وتوزيع دار طيبة ـ الرياض ـ دار مصر للطباعة 1401 هـ ـ 1981م.
ـ الأنوار الرحمانية لهداية الفرقة التيجانية، عبد الرحمن بن يوسف الأفريقي ـ ط. 4، توزيع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة 1396هـ ـ 1976م.
ـ جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس، التيجاني، وبهامشه رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم، قام بجمعه علي حرازم (وهو في جزأين) مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، 1380هـ ـ 1961م.
ـ المقتصد الأحمد في التعريف بسيدنا أبي عبد الله أحمد، أبو محمد عبد السلام بن الطيب القادري الحسيني ـ المطبعة الحجرية بفاس ـ طبع سنة 1351هـ.(/7)
ـ الدرة الخريدة شرح الياقوتة الفريدة، محمد بن عبد الواحد السوسي النظيفي، طبعة 1398هـ ـ 1978م.
ـ بغية المستفيد بشرح منية المريد، محمد العربي السائح ـ دار العلوم للجميع ـ 1393هـ ـ 1973م.
ـ أقوى الأدلة والبراهين على أن أحمد التيجاني خاتم الأقطاب المحمديين بيقين، جمعه حسين حسن الطائي التيجاني، دار الطباعة المحمدية ـ القاهرة.
ـ أعداد مجلة طريق الحق، وهي خاصة بالطريقة التيجانية ـ تصدر بالقاهرة.
ـ الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة، عبد الرحمن عبد الخالق، الطبعة الثانية ـ مكتبة ابن تيمية، الكويت.
فرق ومذاهب
مذاهب وفرق
الملل والنحل
مواقع اسلامية(/8)
من طرق الصوفية : السنوسية
إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي
التعريف:
السنوسية دعوة إسلامية مشوبة بالصوفية ؛ ظهرت في ليبيا، وعمت مراكزها الدينية شمالي أفريقيا والسودان والصومال، وبعض البلاد الإسلامية.(/1)
التأسيس وأبرز الشخصيات:
• تأسست الدعوة السنوسية في ليبيا في القرن الثالث عشر الهجري (التاسع عشر الميلادي)، بعد شعور مؤسسها بضعف المسلمين وتأخرهم دينيًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا، فأنشأ حركته (*) التجديدية .
ومن أبرز شخصياتها :
ـ الشيخ محمد بن علي السنوسي 1202هـ ـ 1276هـ (1787 ـ 1859م) وهو المؤسس للدعوة السنوسية، وتنسب السنوسية لجده الرابع.
وُلد في مستغانم في الجزائر، ونشأ في بيت علم وتُقىً. وعندما بلغ سن الرشد تابع دراسته في جامعة مسجد القرويين بالمغرب، ثم أخذ يجول في البلاد العربية يزداد علماً فزار تونس وليبيا ومصر والحجاز واليمن ثم رجع إلى مكة وأسس فيها أول زاوية لما عُرِف فيما بعد بالحركة السنوسية.
وله نحو أربعين كتاباً ورسالة منها: الدرر السنية في أخبار السلالة الإدريسية وإيقاظ الوسنان في العمل بالحديث والقرآن.
ـ الشيخ المهدي محمد بن علي السنوسي 1261 ـ 1319هـ (1844 ـ 1902م) خلف والده في قيادة الدعوة السنوسية وعمره اثنا عشر عاماً.(/2)
ـ الشيخ أحمد الشريف السنوسي ابن عم المهدي ـ ولد سنة 1290هـ (1873م) تلقى تعليمه على يد عمه شخصيًّا، وعاصر هجمة الاستعمار (*) الأوروبي على شمال إفريقيا وهجوم إيطاليا على ليبيا فاستنجد في عام 1917م بالحكومة العثمانية، فلم تنجده خوفاً من على مركزها الديني. وقد وقف مع (مصطفى كمال أتاتورك) ظناً منه أنه حامي الدين ـ كما كان يطلق عليه ـ ولصد الهجمة الغربيَّة على تركيا.. ولما تبين له مقاصده الحقيقية المعادية للإسلام غادر الشيخ أحمد تركيا إلى دمشق عام 1923م، وعندما شعرت فرنسا بخطره على حكومة الانتداب طلبته فهرب بسيارة عبر الصحراء إلى الجزيرة العربية.
ـ الشيخ عمر المختار 1275 ـ 1350هـ (1856 ـ 1931م) وهو البطل المجاهد، أسد القيروان، الذي لم تحل السنوات السبعون من عمره بينه وبين الجهاد (*) ضد الإيطاليين المستعمرين لليبيا، حيث بقي عشر سنوات يقاتل قوى الاستعمار أكبر منه بعشرات المرات، ومجهزة بأضخم الأسلحة في ذلك العصر، إلى أن تمكن منه الاستعمار (*) الإيطالي الغاشم، ونفَّذ فيه حكم الإعدام وذلك في يوم الأربعاء السادس عشر من أيلول (سبتمبر) 1931م ويرجى أن يكون شهيداً في سبيل الله.
الأفكار والمعتقدات:
• السنوسية حركة تجديدية (*) إسلامية .
ـ تأثَّر السنوسيُّ بالإمام أحمد بن حنبل وابن تيمية وأبي حامد الغزالي ومحمد بن عبد الوهاب وبحركته السلفية (*) في مجال العقيدة بوجه خاص.
ـ وتأثر السنوسيُّ أيضاً بالتصوف الخالي من الشركيات والخرافات، كالتوسل بالأموات والصالحين، ووضع منهجاً للارتقاء بالمسلم.
ـ تتشدد السنوسية في أمور العبادة، وتتحلى بالزهد في المأكل والملبس. وقد أوجب السنوسيون على أنفسهم الامتناع عن شرب الشاي والقهوة والتدخين.
ـ تدعو السنوسية إلى الاجتهاد (*) ومحاربة التقليد (*). وعلى الرغم من أن السنوسيِّ مالكيُّ المذهب، إلا أنه يخالفه إن جاء الحق مع غيره.(/3)
ـ الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والابتعاد عن أسلوب العنف واستعمال القوة.
ـ الاهتمام بالعمل اليدويِّ لجاد من تعاليم السنوسية. وكان السنوسي يقول دائمًا: "إن الأشياء الثمينة توجد في غرس شجرة وفي أوراقها" لذلك ازدهرت الزراعة والتجارة في الواحات الليبية حيث مراكز الدعوة السنوسية.
ـ "الجهاد (*) الدائم في سبيل الله ضد المستعمرين الصليبيين وغيرهم"، هذا هو الشعار الدائم للسنوسية. وقد دفع ثمن ذلك آلاف في جهادهم ضد الاستعمار الإيطالي (*) يرجى ألا يحرموا أجر الشهادة في سبيل الله.
الجذور الفكرية والعقائدية:
• إن تربية السنوسي الإسلامية وقوة إخلاصه وحماسه للإسلام فضلاً عن ذكائه وصلابته ـ كل ذلك كان من الدوافع الأساسية للحركة السنوسية بشكل عام.
• أما المؤثِّرات والجذور الفكرية والسلوكية التي أثرت في دعوته فنجملها فيما يلي:
ـ تأثره الشديد بتعاليم الإمام أحمد بن حنبل وابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وخاصة أفكارهم السلفية في مجال العقيدة، وقد اكتسب هذا التأثر أثناء زيارته للحجاز لأداء فريضة الحج عام 1254هـ (1837م) التي كانت نقطة البداية للحركة السنوسية. وأخذ السنوسيُّ من الصوفية أساليب البيعة (*) ودرجات التزكية الروحية مثل درجة المنتسب ثم درجة الإخوان ثم درجة الخواص.
الانتشار ومواقع النفوذ:
ـ تعد واحة (جغبوب) في الصحراء الليبية بين مصر وطرابلس مركز الدعوة السنوسية، ففي هذه القرية كان يتعلم كل عام مئات من الدعاة، ثم يرسلون إلى كافة أجزاء أفريقيا الشمالية، دعاة للإسلام.
• وقد بلغت زوايا السنوسية الفرعية 121 زاوية تتلقى من زاويتهم الرئيسية التعليمات والأوامر في كل المسائل المتعلقة بتدبير وتوسيع أمر الدعوة السنوسية التي أصبحت تضم المسلمين من جميع الأجناس.(/4)
• وانتشرت الدعوة السنوسية في أفريقيا الشمالية كلها، وقد امتدت زواياها من مصر إلى مراكش. ووصلت جنوبًا إلى الصحراء في السودان والصومال وغرباً إلى الجزائر وكذلك انتشرت الدعوة السنوسية في خارج أفريقية حيث وصلت إلى أرخبيل الملايو في الشرق الأقصى.
• وقد استطاعت السنوسية أن تنشر الإسلام في القبائل الوثنيَّة (*) الإفريقية وتؤسس المدارس التعليمة والزوايا. ولم يقتصر التعليم على الذكور بل امتد التعليم إلى النساء والأطفال من الجنسين، واستعانت الدعوة بالنساء لنشر الإسلام بين نساء القبائل الوثنية.
ويتضح مما سبق:
أن السنوسية حركة دعوة إسلامية إصلاحية تجديدية (*) تعتمد في معظم أمورها على الكتاب والسُّنة مع تأثر بالتصوف ، وقد ظهرت في ليبيا في القرن الثالث عشر الهجري، ومنها انتشرت إلى شمال أفريقيا والسودان والصومال وبعض البلاد العربية. وقد تأثرت هذه الحركة الدعوة بالإمام أحمد بن حنبل وشيخ الإسلام ابن تيمية وأبي حامد الغزالي والشيخ محمد بن عبد الوهاب وحركته السلفية (*) في مجال العقيدة. كما تأثرت هذه الحركة بالتصوف الخالي من الشركيات والخرافات كالتوسل بالأموات والصالحين ولها منهج متكامل للارتقاء بالمسلم. ومؤسس هذه الحركة هو محمد بن علي السنوسي 1202 ـ 1276هـ الذي تأثر بالمذهب المالكي إلا أنه يخالفه إن جاء الحق مع غيره. وتعتمد الحركة في الدعوة إلى الله على أسس الحكمة والموعظة الحسنة والابتعاد عن العنف. وهي تهتم بالعمل اليدوي الجاد والجهاد (*) الدائم في سبيل الله ضد المستعمرين والصليبيين وغيرهم.
------------------------------------------------------
مراجع للتوسع:
ـ الإسلام في القرن العشرين، عباس محمود العقاد.
ـ حركة التجديد الإسلامي في العالم العربي الحديث، جمال الدين عبد الرحيم مصطفى.
ـ محاضرات عن الحركات الإصلاحية ـ جمال الدين الشيَّال.(/5)
ـ محاضرات عن تاريخ العالم الإسلامي المعاصر، د. عبد الفتاح منصور.
ـ محمد بن عبد الوهاب، أحمد عبد الغفور عطار.
ـ قادة فتح المغرب العربي، محمود شيت خطاب.
ـ حاضر العالم الإسلامي، لوثروب ستودارد ـ تعليق شكيب أرسلان.
ـ الأعلام، للزركلي.
ـ الإسلام في النظرية والتطبيق، المهدية مريم جميل.
فرق ومذاهب
مذاهب وفرق
الملل والنحل
مواقع اسلامية(/6)
بسم الله الرحمن الرحيم
مِنْ فضائع الصوفية ... وأقوال علماء الإسلام فيهم
جرى نقاش في أحد المنتديات ، فانبرى من يُدافع عن دراويش الصوفية ، وبعض رموزها ، فطُلب مني آنذاك أن أكتب بشيء من البسط حول هذا الموضوع .
فقلت :
سأبدأ برأس الهرم ! وأُس التصوّف ورأسه !
شيخ الطريقة الصوفية رجل مُلحد . بل قال بما لم يقله إبليس .
(( ولا تعجلوا عليّ )) حتى تنتهوا من قراءة ما كتبت .
شيخ الطريقة يَصِفُهُ غير واحد من علماء الإسلام بالإلحاد والزندقة .
حتى من مُحبّيه ومؤيديه ، كما سيأتي .
حتى قالوا عن بعض كلامه : لا يحتمل سوى الإلحاد !!!!!
هذا الشيخ هو ابن عربي الطائي الصوفي ، وهو الذي يُسمّونه [ الكبريت الأحمر ] يعني نادر الوجود !!
كما يُسمونه الشيخ الأكبر محيي الدين !
وكان أحد الفضلاء يُسمّيه الشيخ الأكفر محيي الشرك !!
وفرق بينه وبين عالم أهل السنة القاضي ابن العربي المالكي .
فالأول ( ابن عربي ) صوفي ، والثاني ( ابن العربي ) سني .
ومن مشايخ الصوفية ابن الفارض والحلاج الذي قُتِل على الزندقة .
وسيأتي شيء من أخبارهم وأقوالهم .
قال الإمام الذهبي رحمه الله عن سيد الصوفية (( الحلولي ))
أعني ابن عربي الطائي
قال عنه :
وكان ذكيا كثير العلم كتب الإنشاء لبعض الأمراء بالمغرب ثم تزهد وتفرد وتعبد وتوحد وسافر وتجرد وأتهم وأنجد وعمل الخلوات ، وعلِق شيئا كثيرا في تصوف أهل الوحدة ، ومن أردإ تواليفه كتاب (( الفصوص ))فإن كان لا كفر فيه فما في الدنيا كفر!!! نسأل الله العفو والنجاة . فواغوثاه بالله ، وقد عظمه جماعة وتكلفوا لما صدر منه ببعيد الاحتمالات . انتهى .
وتُنظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ( جـ 23 ص 48 )
ثم إن ابن عربي الصوفي لم يكتفِ بتأليف كتابا ينضح بالكفر والإلحاد الصريح
بل لم يستحِ أن ينسب ذلك الكفر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم(/1)
فقد قال في مقدمة كتابه ( فصوص الحِكم ) : أما بعد فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيده كتاب فقال لي : هذا فصوص الحكم ! خُذه ! واخرج به إلى الناس ينتفعون به ... !!
وقديما قيل : ((( كذبٌ له قرون ))) !!!!
هاهو ابن عربي ينفض جُبّته ويقول : ما في الجُبّة إلا الله .
هل يحتمل سوى معتقد الحلول الذي كان يدين به ابن عربي والحلاج وغيرهم من مشايخ وأساطين الصوفية ؟؟
وهو الذي يقول : لولا سريان الحق في المخلوقات ما كان للعالم وجود !
وهو القائل في فص حكمة !! ، وهو يُخاطب الله :
فأنت عبد وأنت رب *** لمن له فيه أنت عبد
وأنت رب وأنت عبد *** لمن له في الخطاب عهد
وهو القائل في فصوصه بأن قوم نوح ما عبدوا سوى الله في صورة الأصنام !!!
وأن بني إسرائيل لما عبدوا العجل ما عبدوا إلا الله الذي حلّ في العجل !!!
وعلى هذا فدعوات الأنبياء وبعثتهم عبث في عبث !
وفصوصه تنضح بأن الله سبحانه عين كل شئ مادي أو روحي !!!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وذكر ابن عربي أنه دخل على مريد له في الخلوة وقد جاءه الغائط فقال : ما أبصر غيره أبول عليه ّ ، فقال له شيخه : فالذي يخرج من بطنك من أين هو ؟ قال : فرّجت عنّي .
ومرّ شيخان منهم التلمسانى والشيرازى على كلب أجرب ميت ، فقال الشيرازى للتلمسانى : هذا أيضا من ذاته ؟ ( أي من ذات الله ) فقال التلمسانى : هل ثمّ شئ خارج عنها . انتهى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - .
وقال في بيان تلبيس الجهمية :(/2)
فطوائف من الجهمية يقولون : إنه ( سبحانه ) بذاته في كل مكان ، وقد ذكر الأئمة والعلماء ذلك عن الجهمية وردوا ذلك عليهم ، وطوائف أخر يقولون : إنه موجود الذات في كل مكان وأنه على العرش كما نقله الأشعري عن زهير وأبي معاذ ، وأيضا هؤلاء الاتحادية يصرحون بذلك تصريحا لا مزيد عليه حتى يجعلونه ( سبحانه ) عين الكلب والخنزير والنجاسات لا يقولون إنه مخالط لها بل وجودها عين وجوده . وهذا من أعظم الكفر . انتهى كلامه - رحمه الله - .
---
وابن عربي هو القائل في فصوصه : فالأدنى من تخيّل فيه ( أي في كل معبود ) الألوهية ، فلولا هذا التخيل ما عُبد الحجر ولا غيره ... ) إلى آخر كلامه الذي ينضح بالكفر الصريح .
قال ابن العربي المالكي - رحمه الله - : وعلى هذا المعنى يحوم ابن الفارض .
وابن الفارض هو صاحب القصيدة التائية الشركية
وهو القائل في قصيدة له :
ولا غرو إن صلى الأنام إليّ أن **** ثَوت بفؤادي وهي قبلة قبلتي !!!
قال القاضي ابن العربي المالكي ( القاضي العَلَم المعرفة عالم من علماء السنة ) رحمه الله :
وكذلك نقطع بتكفير كل من كَذّب ، وأنكر قاعدة من قواعد الشرع ... ثم قال :
وأجمع فقهاء بغداد أيام المقتدر من الماليكة وقاضي قضاتها أبو عمرو المالكي على قتل الحلاّج وصلبه لدعواه الإلهية ، والقول بالحلول ، وقوله : أنا مع الحق . مع تمسّكه في الظاهر بالشريعة ، ولم يقبلوا توبته . انتهى .
والحلاج شيخ الصوفية هو الذي يقول : أنا الحق ! وصاحبي وأستاذي إبليس وفرعون .
أقول : صدق في آخر كلامه ، وهو كذوب !!
وأول من قال بالفرق بين الشريعة والحقيقة هم غلاة الصوفية
وهم من فرق الباطنية الذين جعلوا للدين ظاهرا وباطنا
وممن كفّر ابن عربي بعينه شيخ الإسلام زين الدين العراقي صاحب كتاب طرح التثريب وكتاب ألفية العراقي وشرحها .
فقال لما سُئل عن قول ابن عربي الصوفي في نوح وقومه(/3)
قال العراقي - رحمه الله - : وأما قوله فهو عين ما ظهر ، وعين ما بطن ، فهو كلام مسموم ، ظاهره القول بوحدة الوجود المطلقة ، وأن جميع مخلوقاته هي عينه !
ثم قال - رحمه الله - : وقائل ذلك والمعتقد له كافرٌ بإجماع العلماء . انتهى .
ولولا خشية الإصابة بالغثيان لأوردت أمثلة يشيب لها الولدان .
ووالله لولا أن علماء الإسلام نقلوا ذلك لما تحدثت به .
ولولا أنه مما استفاض واشتهر نقله في كتب السلف لما نقلته .
ولولا أن هناك من يُنافح ويدافع عن أمثال هؤلاء لما أوردت ما أوردته .
وما تركت من الأقوال والفظائع أكثر مما أوردت .
ونسأل الله السلامة والعافية .
وهؤلاء المخرّفين قد رد عليهم علماء الإسلام
ومن أكثر من جرّدهم وكشف عوارهم وفضحهم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله – في مجموع الفتاوى ، فلذلك يَشنّ عليه الصوفية وعشاق الخرافة هجمات شرسة .
---
دفاعٌ عن ابن عربي
أبعد كل هذه الفظائع التي هي قطرة مِن بحر الصوفية وغُلاتها يأتي من يُدافع عن أمثال ابن عربي ، ويلتمس له الأعذار ، وهو لا يلتمس الأعذار لعلماء الإسلام الكبار !!!
الدكتور البوطي وابن عربي الصوفي
وممن التمس العذر لابن عربي الصوفي الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي ، ووالده من قبله .
فقد قال الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي منافحاً عن ابن عربي :
لا يجوز تكفيره بموجب كلامه الذي فيه ((( الإلحاد الصريح ))) !!! حتى يُعلم ما في قلبه هل يعتقد ما يقول أو لا ؟ انتهى كلام الدكتور .
وقد رد على هذا الهراء الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة
فقال :(/4)
ولو صحّ قول الدكتور هذا ما كَفَرَ أحد بأي قول أو فعل مهما بلغ من القبح والشناعة والكفر والإلحاد حتى يُشقّ عن قلبه ، ويُعلم ما فيه من اعتقاد ، وعلى هذا فَعَمل المسلمين على قتال أهل الكفرة وقتل المرتدين خطأ على لازم قول الدكتور ! لأنهم لم يعلموا ما في قلوبهم ، وهل هم يعتقدون ما يقولون وما يفعلون من الكفر أو لا ؟ انتهى كلامه حفظه الله .
قال القاضي ابن العربي المالكي - رحمه الله - :
ولا يُقبل ممن اجترأ على مثل هذه المقالات القبيحة أن يقول : أردت بكلامي هذا خلاف ظاهره ، ولا نؤول له كلامه ، ولا كرامة . انتهى .
أقول ليت الدكتور البوطي عامَل شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ومحمد بن عبد الوهاب بنفس الأسلوب والطريقة !
ولكنه الدفاع المستميت عن مشايخ الضلالة ودراويش الطرقية وملحدي الصوفية .
والدكتور البوطي يُدافع عن محمد علوي المالكي الذي صدر تكفيره من قبل جماعة من علماء المملكة ، والذي يُعدّ من غُلاة الصوفية في الوقت الحاضر .
بل قال البوطي : محمد علوي المالكي من أهل السنة والجماعة !!! ولم يقرأ الناس في تأليفه وكتاباته ولم يروا من واقع حاله إلا ما يزيدهم ثقة باستقامته وصلاح حاله وسلامة عقيدته . انتهى كلام الدكتور .
مرة ثانية أقول :
ليت البوطي يكيل بنفس المكيال لشيخ الإسلام ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب رحمهم الله
والدكتور البوطي حاول جاهدا الدفاع عن ذلك الزنديق الملحد ابن عربي الصوفي
( وليس قول الملحد الزنديق هو من مخترعاتي بل قول عامة علماء الإسلام )
[[ ويُنظر لذلك على سبيل المثال تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي للعلامة برهان الدين البقاعي المتوفى سنة 885 هـ رحمه الله . ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ]]
وقد حاول الدكتور البوطي الدفاع عن كلمة ابن عربي ( ما في الجبة إلا الله )
وعن قول الصوفية : ما عبدتك خوفا من نارك ، ولا طمعا في جنتك(/5)
وقد رد عليه العلامة الشيخ صالح الفوزان فقال :
فإن قول القائل : ( ما في الجبة إلا الله ) صريح في الحلول والاتحاد ، وقوله : ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك . مخالف لهدي الأنبياء جميعا حيث وصفهم الله بأنهم يدعونه رغبا ورهبا ، ومخالف لصفة المؤمنين الذين يدعون ربهم خوفا وطمعا ...
كما حاول الدكتور البوطي التماس العذر للصوفية وتبرير اصطلاحات الصوفية التي منها تفريقهم بين الشريعة والحقيقة .
وقد رد عليه الشيخ الفوزان حفظه الله فقال :
هل هناك حقيقة تخالف الشريعة ؟؟ حتى يُقال الحقيقة والشريعة ؟؟ إلا في اصطلاح الصوفية أن الشريعة للعوام والحقيقة للخواص ! وهذا إلحاد واضح ، وليت الدكتور لم يدخل هذه المجاهل المخيفة . انتهى كلام الشيخ الفوزان .
ومما نقله الشيخ الفوزان عن الدكتور البوطي – وهو من شطحاته – أن قال البوطي :
يجب التأكد من صحة النصوص الواردة والمنقولة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرآنا كانت أو سنة ؟؟؟
فرد عليه الشيخ الفوزان بقوله : هل القرآن يحتاج إلى تأكد من صحته ؟؟ أليس هو متواتر تواترا قطعيا ؟؟ انتهى المقصود من كلام الشيخ .
ولمعرفة حقيقة دوافع الدكتور البوطي يُقرأ ما قاله هو
قال : إن التمذهب بالسلفية بدعة !!!
عجيب يا دكتور اتباع السلف بدعة
والتصوّف والدروشة طاعة وقُربة وسُنة ؟؟؟؟؟
وقد قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله عن الدكتور البوطي :
هل الذي حمله على ذلك ( القول ) كراهيته للبدع فظن أن التمذهب بالسلفية بدعة فكرهه لذلك ؟
كلا ليس الحامل له كراهية البدع ؛ لأننا رأيناه يؤيد في هذا الكتاب كثيرا من البدع : يؤيد الأذكار الصوفية المبتدعة ، ويؤيد الدعاء الجماعي بعد صلاة الفريضة وهو بدعة ويؤيد السفر لزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وهو بدعة .(/6)
فاتضح لنا – والله أعلم – أن الحامل له على شن هذه الحملة هو التضايق من الآراء السلفية التي تناهض البدع والأفكار التي يعيشها كثير من العالم الإسلامي اليوم وهي لا تتلاءم مع منهج السلف . انتهى كلام الشيخ الفوزان .
[[ كل كلام الشيخ الفوزان المتقدم نقلا عن كتاب بعنوان : نظرات وتعقيبات على ما في كتاب السلفية لمحمد سعيد رمضان .. من الهفوات ]]
وقد نقل الدكتور البوطي عن أبيه أنه كان يُجلّ الشيخ ابن عربي !! ولا يذكره إلا بنعته الأكبر !! ولم يكن يسمح لأحد أن ينتقص من مكانته في مجلسه قط !!
وكذلك بقية الذين فاهوا أو نُقل عنهم بعض الشطحات ، كأبي يزيد البسطامي الذي نُقل عنه قوله : ما في الجُبّة إلا الله ، وقوله : سبحاني ما أجل شأني ! ، وكابن الفارض في بعض ما جاء على لسانه في تائيته الكبرى ... كان رحمه الله يجلّهم إجلالاً كبيراً .
كما ذكر عن أبيه أنه ربما جنح إلى حسن الظن بالحلاّج !!
يقول الدكتور البوطي عن أبيه :
وبالجملة فقد كان رحمه الله يُجلّ هؤلاء العلماء !! ويعدهم أئمة في الإرشاد وإصلاح النفوس !! وكان يُحذرني بين الحين والآخر من الخوض في شأنهم وإساءة الظن بهم !!
هذا بعض دفاع البوطي ( الأب والابن ) عن أمثال ابن عربي وابن الفارض والحلاّج !!
---
وختاما أعلم أني أطلت ، ولكن بقيت نقطة أشارت إليها إحدى الأخوات التي جرى معها النقاش حول مسألة تعقيد التوحيد .
حيث تقول : عقدتم التوحيد !!
فأقول :
ليست المسألة كما يُزعم ويُدّعى أننا عقدنا التوحيد
بل المسألة أن حال هؤلاء المتكلمين كما قال ابن القيم رحمه الله حينما قال :
ثقُل الكتاب عليهم لما رأوا **** تقييده بشرائع الإيمان
واللهو خف عليهم لما رأوا **** ما فيه من طرب ومن ألحان
ومن المقصود بهذا وأمثاله إلا الصوفية وأضرابهم ؟؟؟؟
أصحاب قرع الطبول والموالد والبدع المتتالية !
وأصحاب (( هو .. هو .. هو .. )) !!
وأهل (( الله .. الله .. الله )) !!(/7)
[[ هذا يعتبرونه ذِكر ]] !!!
بل إن الدكتور البوطي نفسه يذكر هذا عن أبيه وعن نفسه ، أنهم يقولون في صباح كل يوم مائة مرة ( الله ) !! مستدلا بقوله تعالى :( وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلا ) !
[ كما في كتاب ( هذا والدي ) للدكتور البوطي ]
أقول :
هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ؟
فأين هذا الذِّكر من سنة وسيرة من أُنزلت عليه هذه الآية ؟
وهل هم أولى بفهم هذه الآية ممن نزلت عليه ، وهو أفصح من نطق بالضاد عليه الصلاة والسلام ؟
لقد نزلت هذه الآية على نبي الله صلى الله عليه وسلم وأُِمر بذلك ، فهل ذكر الله بالاسم المفرد ( الله ) ؟؟؟
كما يذكر الدكتور البوطي عن أبيه أنه كان يدخل المكتبة التي يُزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولِد فيها ليتبرّك بتلك المكتبة !!
كما يذكر عن ابنه أنه يتوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله لشفاء والده المريض !!
ويذكر عن والده أنه كان يحضر مجالس ( الحضرة ) ، وهي مجالس يُقال فيها الذِّكر على هيئة أناشيد ويتمايل الناس فيها !!!
أي ذِكر هذا ؟
وأقول :
إن كثيراً من المتكلمين وإن كان حاز الشهادات العالية إلا أنه لا يفهم معنى لا إله إلا الله
فأذكر أني سمعت دكتوراً يُشار إليه بالبنان يُفسّر معنى لا إله إلا الله بأنه لا معبود إلا الله !
ثم أخذ يشرح فهمه لها ، فقال :
يعني لا خالق ولا رازق ولا نافع ولا ضار إلا الله !
هذا كان يُقرّ به أهل الجاهلية الأولى بنصّ القرآن
قال سبحانه : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ )
والآيات في هذا المعنى كثيرة .
بل كان أهل الجاهلية يُقرّون بما يُخالفه الصوفية أو بعضهم من اعتقاد تدبير الأمر ، فيعتقد أهل الجاهلية أن الله هو الذي يُدبّر الأمر ، بينما يعتقد بعض الصوفية أن الأقطاب هم الذين يُدبّرون الأمر !!(/8)
قال جل جلاله : ( قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ )
ولمعرفة حقيقة هذا يُراجع كتاب ( كيف نفهم التوحيد ) للشيخ محمد أحمد با شميل .
---
ومن الكتب التي فضحت الصوفية وبيّنت عوارها :
كتاب برهان الدين البقاعي المتوفَّى سنة 885 هـ ، وعنوانه :
مصرع التصوّف
أو ( تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي )
بتحقيق تلميذ الصوفية (سابقاً ) الشيخ عبد الرحمن الوكيل
ومن الكتاب المعاصرين الشيخ عبد الرحمن الوكيل
له أكثر من رسالة حول الصوفية
له كتيّب بعنوان ( صوفيات )
وآخر بعنوان ( هذه هي الصوفية )
والكاتب عاش ردحاً من الزمن في خرافات ودروشة الصوفية !!
وكتاب للشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق بعنوان :
الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة .
وقد ضمّنه قصة توبة الشيخ الدكتور تقي الدين الهلالي من الطريقة التيجانية ورجوعه إلى مذهب أهل السنة والجماعة .
كما ضمّنه قصة توبة الشيخ عبد الرحمن الوكيل ورجوعه كذلك إلى مذهب أهل السنة والجماعة .
وأعلم أن هذا القول ربما لا يروق لكثير من المنتسبين للتصوّف أو من مُحبيه
كما أنه لن يروق للمتنفّعين ، والمنتفعين بالتزهّد والدروشة !
ولكني أرجو أن أنال به رضا مولاي سبحانه وجل جلاله وتقدّست أسماؤه .
والله يتولانا بولايته ، ويرحمنا برحمته .
كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم
assuhaim@al-islam.com
الصفحة الرئيسة(/9)
موقف ابن عابدين الفقيه
من الصّوفية والتصوّف
Mawqif Ibn Abideen Min al-Sufiyya wa’t-Tassawwuf
***
دراسة تحليلية وانتقادية حول مضمون رسالة
»سلِّ الحُسام الهندي في نُصرة مولانا خالد النقشبندي«
لمؤلّفها: الشيخ محمد أمين المعروف بابن عابدين
***
كتبه:
فريد الدين بن صلاح بن عبد الله بن محمد الهاشمي
Feriduddin AYDIN
البريد الألكتروني للشيخ فريد الدين
ferid@maktoob.com
أسطنبول – 1993م. الطبعة النانية -2003م.
Süleymaniye Vakf? ?lmî ara?t?rmalar Merkezi Yay?nlar?
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمّا بعد،
فهذه دراسةٌ تحليليّةٌ حول مضمون رسالة سلِّ الحُسامِ الهندي في نصرة مولانا خالد النّقشبندي، لمؤلّفها: الشيخ محمد أمين المعروف بابن عابدين.(1) فقمتُ بهذه الدّراسةِ بناءً على طلبٍ من العالم الفاضل الفقيه الكامل الدكتور الشيخ عبد العزيز أبي محمد سلجوق بَايِنْدِرْ، رئيسِ هيئة الفتوى بدار الإفْتاءِ الشَّريفةِ بمدينة إسطنبول.
__________
(1) ابن عابدين: محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي (1784-1836). فقيه الدّيار الشّاميةِ وإمام الحنفيةِ في عصرهِ. مولده ووفاته في دمشق. له (ردّ المحتار على درّ المختار)، خمس مجلّدات، يُعرَف بحاشية ابن عابدين. و(رفع الأنظار عما أورده الحلبيّ على الدر المختار)، و(العقود الدّرية في تنقيح الفتاوي الحامدية)، جزْآن؛ و(نسمات الأسحار على شرح المنار)، أصول؛ وحاشية على المطوّل، في البلاغة؛ والرّحيق المختوم في الفرائض؛ وحواشي على تفسير البيضاوي، التزم فيها أن لا يذكر شيئًا ذكره المفسّرون؛ ومجموع رسائل، مجلّدان؛ وهي 32 رسالة، وعقود الّلآلي (الأعلام-خير الدين الزركلي)(/1)
فطالعتُ هذه الرسالةَ بإلْمَامٍ واهتمامٍ. فهي تتضمّنُ مقالةً ردِّيَّةً كَتَبَهَا الفقيه محمد أمين المعروف بابن عابدين؛ ردَّ فيها على تُهَمٍ قُصِدَ بِها الشّيخ خالدٌ البغداديُّ النقشبنديُّ. (1778-1826م.). فنقلتُ مقاطِعَ هامّةً من هذه الرّسالةِ وأتْبَعْتُ كُلَّ فقرةٍ بملاحظاتٍ مناسبةٍ، ثم اختتمتُ كلامي بالحُكمِ النّهائِيِّ في مضمون هذه الرسالةِ على سبيل الإجمال وفي ضوء الكتاب والسّنةِ.
أسأل الله تعالى أن يجعلها لوجهه الكريمِ، وأن يُرشِدَ بِهَا كُلَّ مَنْ يبحث عن الحقيقة وهو يهدي السّبيل.
فأقول مستعينًا بالله تعالى؛ قال ابنُ عابدين: »فَأَلَّفَ بَعْضُهُمْ رِسَالَةً...إلخ.«. (ص/2). ولم يذكر اسم المؤلّفِ في البداية على سبيل الاحتقار، ثم قال مشيرًا إلى الشيخ خالد البغداديِّ: »الإمام الشهير، والعارف الكبير...إلخ.«. وبالغ في تعظيمه إلى أن قال: »وهو الإمام الأوحدُ، والْعَلَمُ المفردُ، والهمامُ الماجدُ، حضرة سيّدي الشيخ خالد...إلخ.«. وأضاف إلى ذلك ما لا يستسيغُهُ الفقهاءُ ولا يستحسنه العلماءُ ممّا يُزَعْزِعُ ثقة المسلم المثقّف أن يجعله في عداد الفضلاءِ العدول.(/2)
قال: »وَاشْتَهَرَ به الطّريقةُ النّقشبنديّةُ الواضحةُ الجليّةُ...إلخ.« (ص/3)، فإظهر بمثل هذا الإمتداح انحيازه إلى طائفةٍ من الفِرَقِ الْباطنيةِ (وهي النقشبنديةُ) فأظهَرَ بذلِكَ أنّه غيرُ مُحَايِدٍ على أقلِّ تَقْديرٍ. بل هو متعصّبٌ لأهل الطُّرُقِ الصُّوفيّةِ ومخالفٌ لموقف علماء الإسلامِ من الباطنيةِ وأباطيلهم. وفضلاً عن هذا، فقد أطنب ابن عابدين بمدائح متواصلة لهذا الشيخ تعظيمًا وتوقيرًا له؛ ولم يقف عند هذا الحدِّ، بل ازْدَادَ مجاملةً، فتصنّع بمدح سلطان زمانه تَزلُّفًا إليه دونما قرينةٍ، وتكلّفَ في مداهنته له بعباراتٍ خلاَّبةٍ، وخطاباتٍ برّاقةٍ تَمَلَّقَ فيهَا من غير مناسبةٍ كقوله: »أدام الله طلعته السّعيدة في أفق الزّمان كوكبًا منيرًا، وخلّد ذَا لآراء السّديدة في باهي مملكته عضدًا ووزيرًا...إلخ.« فخالف بهذه اللّهجة المتصنّعة الموقِفَ المستنكفَ المتأنّفَ لعلماء الإسلام من أهل السّلطةِ والمناصِبِ. ثمّ تابع ابن عابدين كلامَهُ بأسلوب العوامّ يذبُّ عن هذا الشَّيخ إلى أن استدلَّ بشهادةِ مفتي دمشق السّيّد حسين أفندي، وَأسهب في مدحه باستعاراتٍ وتعبيراتٍ مجازيةٍ استعرض فيها بلاغتَهُ وباعَهُ الطّويلَ في العلوم العربية وآدابها وقواعدها على غرار ملالي(1) الأكرادِ، حتّى غدا كأنّه امتدح نفسَهُ بمدح غيره، وكفى بذلك ملامة أن يقال: »إنَّ هذا قد أثنى على نفسه. «لأنه ما ادّعى أحدٌ علمًا أو قصد ذلك بطريقة ماّ إلاَّ رُمِيَ بالجهل. ثمّ قال ابن عابدين: »فبادرتُ إلى التّوجّهِ والإقبال على الطّاعةِ والامتثال لسؤالهِ (أي المفتي)، بلا إهمالٍ ولا إمهال، فجمعتُ هذه الأوراق...« إلى أن قال: »شَهِدَتْ بِبَرَاءَةِ سَاحَتِهِ المحتَرَمَةِ (الضمير راجع إلى الشيخ خالد)، عامّةُ أهل البلادِ من
__________
(1) مَلاَليِ: جمعُ مَلاَّ، وهي صفةٌ تُطْلَقُ علىَ رجال الدينِ في اللغة الكردية والفارسيةِ بمعنى الشّيخ في اللغة العربية.(/3)
النّاس... منهم مفتي الأنام في دمشق الشَّام، السّيد حسين أفندي...إلخ.« وتفنّن ابن عابدين بعد ذلك في صياغة مدح هذا المفتي، ثمّ انتقل إلى سرد ما هو بصدده، فقال: »اعْلَمْ أنّي أُريد أن أكشفَ لك الغطا، وأنبِّهَكَ على بعضِ ما وقع في تلك الرسالة من الْخَطَا، لأَلاَّ تَزِلَّ بِكَ الْخُطىَ (بضمّ الخاء المعجمة، وهي جَمعُ خُطْوَةٍ)،
كُلُّ هَذِهِ الصِّيَغُ المسجَّعَةُ تدلّ على اهتمام ابن عابدين بالقشرِ وليس باللُّبِّ. إذْ نشاهد من خلال كلامه أنّه مفتتنٌ بزخارف القول ليسحر بها العقول وهو منهمك في الدّفاع عن خالد البغداديّ لسببٍ غيرِ شديدٍ، إذ ينقل من كلامِ الشخص الّذي نال من خالد، فَعَادَ يُهَاجَمُهُ بقولِهِ:
قال ذلك الزاعم المزاعم: (كلاهما اسم فاعل من أصل واحد، والموالاة دلالةٌ على التّشْديد). ومن جملة ما نقل ابنُ عابدين من كلام هذا الشخصِ الّذي لَمْ يُسَمِّهِ في البداية، يفيد: أنّ الشيخَ خالدًا يقوم بتسخير الجنِّ، ويستعين بالأرواح الأرضية الخبيثة، ويدّعي علمَ الغيبِ عن إخْبار الجانِّ له، ويدّعي أنّه قَتَلَ وَرَبَطَ كثيرًا من العفاريت والجانِّ، كلّ ذلك بإقراره مع أنّه يدّعي الولايةَ والإرشَادَ في الوقتِ نَفْسِهِ.
ثمّ يستطردُ هذا الشخصُ قائلاً: »فلمّا كان السُّؤَالُ متعلِّقًا برجُلٍ مُشَخَّصٍ مُعَيَّنٍ مذكورٍ باسمه، اقتضى التوقّف والتفحّص عن أحواله ليتحقّق عندي جميعُ ما في السّؤال...«
فيدلّ كلامُ (هذا الشخص المجهولِ) الّذي استرسلَ فيه أنّه قد فَحَصَ وفتّشَ الأمرَ وَبَحَثَ، حتّى شهدتْ جماعةٌ بكلِّ ما قد سَجّله من أمر هذا الشيخِ، وذكر أسماء بعض المعروفين من هؤلاء الشهود، وهم: الشيخ إسماعيل النقشبندي، والشيخ أحمد علي آغازاده الكردي، والشريف أفندي الدياربكري.(/4)
كما أنّه بعد وصفِهِ أتباعَ الشيخ خالد بـ (الفرقة الخالدية الضَّالة المضلّة)، أضاف قائِلاً: »بِأنّه لم يُنْكِرْ ولم يَكْتُمْ أحدٌ من هؤُلاءِ ما نُقِلَ عن شيخهم؛ بل أقرّوا بِأنَّ الشيخَ خالدًا نفسهُ يفتخر بما يظهر منه من هذه الأمورِ ويعدُّهُ من جُملَةِ خوارِقِهِ وعلامةِ ولايتِهِ«.
ثمّ لخّصَ هذا الشخص مقالته فقال: »فَثَبَتَ عندي صدقُ ما في السؤالِ (...)، فبادرتُ إلى الجواب (...) ومن كتم علمًا أُلجِمَ بلجَامٍ من النار. فأجبتُ متوكّلاً على الله التوّاب قائلاً بِأنّه ساحرٌ بِالإجماعِ. أي باتّفاق المحقّقين من علماءِ المذاهب الأربعةِ«.
قال ابن عابدين: هذا تصّ كلامِهِ. (ص/5)
***
بعد هذه النقولات، بدأ ابن عابدين بمعاتبة هذا الرجلِ ورميه بالتعسُّفِ والمجانبةِ عن طريق الإنصافِ من جهةٍ، كما وقف بجانب الشيخ خالد موقف المدافع المتحمّسِ المفتدي من جهةٍ أخرى.
ومن الغريب أن ابن عابدين الفقيه يعبّر عن فائِقِ إعجابِهِ بالشيخ خالد الصّوفيِّ بقوله:
»فإنّ الّذي شاهدناه من حالتِهِ البديعةِ (...) إحْيَاؤُهُ بُقَعَ الْمَسَاجِدِ والخَلَوَاتِ بإقامة الأذْكَارِ والأورادِ والصّلواتِ...إلخ.« كأنّ إحياء المساجد مقصورةٌ على صلوات الصوفيةِ وأورادِهِم وأذكارهم الّتي أكثرها مستحدثاتٌ وبِدَعٌ وحفلاَتٌ سرِّيَّةٌ وحلقاتٌ شيطانيةٌ وشطحاتٌ وخرافاتٌ إسرائيليةٌ وضجيجٌ ومبالغاتٌ وهذياناتٌ مستورثةٌ من البوذيةِ والمانويةِ والشامانيةِ وغيرها من الأديان الوثنيةِ ومن التيارات الفلسفيةِ. كلّها مخالفةٌ لأذكار رسول الله صلى اله عليه وسلم، وَمُنَافِيَةٌ لِمَجَالِسِهِ وأحوالهِ ومناسكهِ ونوافله الطيِّبةِ الشّريفةِ الثابتةِ في سنّتِهِ النّبوية الطاهرةِ البيضاءِ. ثمّ يدّعي ابن عابدين: أنّ هذا الشيخَ كان له بعض مريدين قد طردهم فتطاولوا عليهِ بالفريةِ. (س/6)(/5)
أمّا مسألةُ الطردِ عند النقشبنديةِ، فليس أمرًا بسيطًا كما هو شائعٌ بين الناس. إذ أنّ الطردَ عند العامّةِ هو الإبعاد المحض. أي إذا طردتَ شخصًا من مكانٍ تكون قد أبْعَدْتَهُ من تلك الساحة بخلافِ ما قد اصطلحتْه الصوفيّةُ. أمّا عندهم، فالمريدُ إذا طرده الشيخُ أصبح مطرودًا ومبعودًا من باب اللهِ أيضًا، ومن باب رسوله... وهو شقيٌّ من أهل النار بعد ذلك على التأبيد. ويحرم عليه الجنّةُ وإن قضى جميعَ حيَاتهِ ساجدًا لله تائبًا إليهِ ومستغْفرًا؛ فلا ينفعه عملٌ صالحٌ حتىَّ يرضى عنه شيخُهُ (!) وهذَا أشبه ما يكون بقرارات بابا (الزعيم الروحيّ للمذهب الكاثوليكي) المعروفةِ بالأفوروز Aphorose ضدّ العصاة المسيحيّينَ
هذا، وليس من الأمور الخفية ما قد جرتْ من مشاحناتٍ مريرةٍ وصراعٍ متواصلٍ بين مشايخ الطرق الصوفيةِ في المنطقة الشرقية من تركيا بسبب اتّهام بعضهم البعض الآخر بأنّه مطرودٌ من قِبَلِ شيخه وأنّه لا يجوز الإنابة إليه. وكمثال على ذلك: فإنّ أسرة الشيخ محمد الكُفرويّ ألْصَقَتْ هذه التُّهمةَ بالشيخ صبغة الله الحيزانيّ، فأفضى ذلك إلى عداءٍ شديدٍ بين هاتين الأسرتين حتّى كانت جماعاتٌ من مريدي الشيخ محمد الكُفرويّ تقصد من مدينة آغري A?R? وتصل إلى ضواحي مدينة بدليس B?TL?S (1)
__________
(1) بدليس: ولايةٌ من المدنِ الواقعةِ في شرقي تركيا. وهي على مقربةٍ من بحيرةِ وَانْ Wan. عدد سكانها: 300843 حسب إحصائيّاتِ عام 1985م. يختلف أهلُ المدينةِ بين أكثريةٍ من الأكرادِ وقلّةٍ من الأتراك. إلاّ أنّ جميعَ العشائرِ القاطنةِ بضواحيها أكرادٌ ما عدا قبيلتين عربيتين، وهما: قبيلة شَيْبُو والقبيلةُ الْبَدرِيَّةُ. وما زال أبناء هاتين القبيلتين يتكلّمون باللغةِ العربيةِ، إلاّ أنّ لَهْجَتَهُمَا قد تأثّرت باللغةِ الكرديةِ إلى حدٍّ بعيدٍ، كما أنهم يجهلون القراءةَ والكتابةَ بالعربيةِ.
أمّا المسافةُ بين مدينتي بَدْلِيسْ وآغْريِ، فتُقَدّرُ بثلاثمائة كم. لقد كان لِمشَايخِ الطرق الصوفية تأثيرًا كبيرًا على سُكّانِ هذهِ المنطقةِ إلى السنين الأخيرة. وكان الصراع قائمًا بين أتباعهم بسبب المنافسة في طلب الشهرة والرياسة. إلاَّ أنّ هذا التأثيرَ بدأ في التردّي منذ أن انتشرت النزعة القومية بين صفوف الجيل الصاعد للأكراد. كما قد اضطرّ كثيرٌ من هؤلاء الشيوخ بعد الأحداث الدامية الأخيرةِ أن يرحلوا إلى مناطقَ أخرى من الجهة الغربية للبلاد.(/6)
بشقّ الأنفس، حيث بها ضريح الشيخ صبغة الله وخليفته الشيخ عبد الرحمن التاغي المعروف بين معارضيه بالشيخ الطاغي، كانوا يقومون بمثل هذا السفر الذي يكلّفهم، لِمُجَرَّدِ أن يبصقوا على قبورهم وأن يصبّوا على أرواحِ المدفونين في هذهِ المقبرةِ جامَ غضبهم بأنواع السّبِّ والشّتمِ واللّعنِ! وما زالت هذه العداوةُ قائمةً بين الأسرتين منذُ مائةٍ وخمسينَ عامًا. كلُّ ذلك أسفر عن ادّعاء الكُفروِيّينَ: أنّ الشيخَ صبغةَ اللهِ الحيزانيَّ اغتصب منصبَ الخلافةِ في الطريقة النقشبندية، وادّعى وراثةَ عبد الله الهكّاريّ من غير استحقاق، بينما كان هو في الحقيقة خليفةَ خليفتِهِ (الشيخ طه) الذي طرده من الطريقة، وأعلن أنّه دعيٌّ منتحلٌ كذَّابٌ. ومعنى ذلك: أنّ الشيخ صبغةَ اللهِ الحيزانيَّ نازع الشيخ الكفرويَّ على منصبه في الطريقة وعلى رتبته في السلسلة النقشبندية بهذا الإدّعاء. تلك السلسلة التي يزعمون أنها متّصلة برسول الله صلّى الله عليه وسلّم(!)
ويعود الخلاف بين هذين الخصمين إلى أنّ كلاهما كانا خليفتي الشيخ طه الهكّاري، والقصّة طويلة لا محلّ لها من الإعراب.
هكذا فإنّ مفهوم الطّردِ عند ابن عابدين العلاّمة الفقيه (!) لا يختلف عن مفهومه عند الباطنيةِ. ونستنتج من هذا: أنّ مَن كان قد طرده الشيخُ خالدٌ، فإنّه كان مطرودًا عند الله في اعتقاد ابن عابدين...(/7)
إنّ مسألةَ الطردِ عند المقشبنديّينَ، تتّضح بكلِّ ما فيها من دجلٍ وتضليلٍ عَبْرَ كلماتِ خالِدِ البغداديِّ بالذّات، في رسالةٍ بَعَثَهَا إلى مريديه في إسطنبول، يحذِّرُهُمْ فيها مخالطةَ رَجُلٍ طَرَدَهُ من طريقتِهِ،(1) وَيُهَدِّدُهُم أنّه سوفَ يقطعُ هِمَّتَهُ منهم، أي أنّه لن يَمُدَّهم بكراماتِهِ في الدنيا ولا بشفاعَتِهِ عند اللهِ يومَ القيامةِ إنْ خالَطوهُ واتَّبَعوُهُ، كما يخبِرُهُم بأنّ ذلك الرجلَ مطرودٌ. وأمّا مفهوم الهمّةِ عند النقشبنديّين فإنّه مُعْتَقَدٌ هامٌّ جداًّ في طريقتهم، وقد ذكروا منها ما لا يُحصى من حكايات عريبةٍ من طيِّ الأرضِ لهم، ومشيِهم على البحر، وطيرانِهم على أجنهة السُحُبِ وأمثالِ ذلك على سبيل الاستشهاد بكراماتهم... ومعنى الهمّةِ عندهم: أنّ الشيخ يمدُّ مريدَهُ متى أصابته نازلةٌ فناداه، يقطع مسافاتٍ شاسعةً فيحضر عند مريدِهِ ويُنقِذُهُ مماّ حلّ به من البلاءِ.
وهذا مقطعٌ من نصِّ كلامِ خالد البغداديِّ في صدد همّتِهِ، ورد ذلك في رسالةِ ابن عابدين.
يقول البغداديُّ:
»فألآنَ أُخْبِرُكُمْ بِأَنّي وَجَميِعَ رِجَالِ السِّلسِلَةِ تَبَرَّأْنَا مِنْ عَبْدِ الْوَهَّاب، فَهُوَ مَطروُدٌ عَنِ الطَّريِقَةِ، فَكُلُّ مَنْ تَصَادَقَ مَعَهُ لأَجْلِ الطَّريِقَةِ فَلْيَتْرُكْ مُصَادَقَتَهُ وَمُكَاتَبَتَهُ، وَإلاَّ فَهُوَ بَريءٌ مِنْ إِمْدَادِ هَذَا الْفَقيِرِ، وإمْدَادِ السَّادَاتِ الكِرَامِ، ولاَ أرّضىَ أنْ يُكَاتِبَنيِ وَلاَ أنْ يَسْتَمِدَّ هِمَّتيِ بَعْدَ وُصوُلِ هَذَا الْمَكتوُبِ إِلَيْهِ...«(2)
__________
(1) هو عبد الوهّاب السوسي، موصوعِ هذه العُجالةِ.
(2) عبد المجيد بن محمد بن محمد بن عبد الله الخاني، الحدائق الوردية في حقائق أجلاّءِ النقشبندية، ص/232(/8)
نعم، فإنّ ابن عابدين العلاّمة الفقيه (!) أيضًا كان يعتقد بهذه الخذعبلات. ولعل هذا هو من الأسباب التي دفع ابنَ عابدين إلى هذا الميدان حتّى اصبح جنديًّا يدافع عن قلعة الصوفية.
يستطرد ابن عابدين قائلاً:
»فَعَلِمْنَا أنّ ما ذَكَرَ (أي هذا الرّجلُ المطرودُ) كذبٌ وافتراءٌ. ويستبعد ابن عابدين بهذا الرّأي الجازم أن يكون الشيخ خالد قد قال شيئًا ممّا نُسِبَ إليه (أنّه يقوم بتسخير الجنِّ، ويستعين بالأرواح الأرضية الخبيثة، ويدّعي علمَ الغيبِ عن إخْبار الجانِّ له، ويدّعي أنّه قتل وربط كثيرًا من العفاريت والجانِّ...). إذ أنّه لو لم يكن يخشى الله لخشي العباد أن ينحطّ قدره على الأقل«. (ص/6)
كان هذا لفظ ابن عابدين بالذّات!
ثمّ أشار إلى »هذه الإدّعاءات الباطلهِ« على حدّ وصفه إيّاها: »فإنّه ممّا تأنفه الأسماع وتمجحه الطباع«
وبالاختصار يقول ابن عابدين: إنّ الشيخ إسماعيل المذكور لم يقل كما أخبر عنه كاتب الرسالةِ، وإنّما أفاد أنّه كان يسمع أصواتًا خفيّةً، ولم ير أحدًا أثناء الذكر والحلقة التي يسمّونها: التّوجُّه. (ص/7)
فأنا تذكّرتُ هنا أمرًا بهذه المناسبة، وهي أنّ مشايخ الطريقة النقشبندية بالمنطقة الشرقية في تركيا كانوا يقيمون طقوسًا غريبةً لا يعرفها المسلمون ولا يعترفون بها، ومن جملة هذه الطقوس أنّهم كانوا يعقدون حلقةً خاصّةً تختلف عن حفلة (ختم خواجكان)، ويسمونها التوجُّه. ومن الغريب أن مشايخ هذه الطريقة بالمنطقة الغربية لا يعرفون عن هذه العادة شيئًا، رغم ما يدّعون أنّهم يتّصلون بتلك السلسلة المزعومة، ورغم اتّحادهم معهم في الطريقة والمشرب والمُعتقد. وهذا من الحجج التي تدلّ على عدم استقرارهم وبطلان دعواهم التي لا تقوم على أساس من الحقّ.(/9)
ثم يسجّل ابن عابدين نصَّ رسالةٍ كتبها الشيخ إسماعيل المذكور، يتبرّأ فيها كاتبها عمّا أُسنِدَ إليه، كما يعتزّ بشيخه خالد النقشبنديّ، ويمتدحه مدحًا طويلاً، ثمّ يتبرّأ من كلّ مَنْ يتوهّم السحر أو الكفرَ أو الفسقَ أو البدعة في حقّ شيخه. كذلك يتبرّأ خاصّةً من كاتب الرسالة التي طعن بها في شيخه، وسمّاه هنا، بعد أن امتنع من ذلك عبر حديثه، فقال: »لاسيّما من المنكر المطرود الذي اسمه عبد الوهّاب...«. (ص/8)
لقد كنتُ في قلقٍ منذ بدأت أتصفّح رسالة (سلّ الحسام الهندي)، هذه التي تَنَاوَلْتُهَا، وَاتَّخَذْتُهَا موضوعًا لِبَحثي ودراستي حول الطريقة النقشبندية، كنتُ في قلقٍ لأتعرّفَ على اسم هذا الشخص الذي سلّ ابن عابدين الْحُسَامَ عليه لينتقمَ منه عن خالد البغداديّ، ولكنّه لم يذكره ألاَّ بالضمائر استخفافًا به، حتّى وصلتُ إلى هذا المقطع من الكتاب، فوجدتُ اسمَهُ مذكورًا في رسالةٍ أُخْرىَ منقولةٍ ضمنَ سطورِ ابن عابدين. وهذا يعني أنّ ابنَ عابدين، بلغ منه الغضبُ على هذا الشخص حتّى جعله يكره أن يذكر اسمه في كتابٍ لم يدوّنه إلاّ ليملأه باللّعن عليه. وبذا عرفنا أنّ ذلك الشخص الّذي اصبح غرضًا لسيف ابن عابدين اسمه (عبد الوهّاب السوسي).
ويدّعي الشيخ إسماعيل (على حدّ قولِهِ): أنّ عبد الوهّاب، هذا الطاعن في خالد البغدادي: »قد بنى فضولَهُ على خبرِ قصّةِ الشيخ إسماعيل بالذّات عليه (أي على عبد الوهّاب السوسي)، فيكون عبد الوهّاب قد تصرّف فيما نُقِلَ إليهِ. فزاد عليه أو حرّفهُ بألاستعانةِ بأحد الأشخاص المطرودين من باب الشيخ خالد، حيث كان هذا الشخص مع الشيخ إسماعيل في حجرةٍ مغلّة البابِ، فسمع أصوات الأجنّةِ تذكر اللهَ. فلمّا قصّ هذا الخبر على عبد الوهّاب استغلّ هذه القصّة فزاد فيه ما زاد.«(/10)
ثمّ عثرتُ على اسم هذا الرجل في رسالة أخرى مدوّنةٍ باللغة التركيةِ ألّفها شخصيةٌ من كبار الأعلام في تركيا اسمه قَسِيم كُفْرَويِ، يتطرّق فيها إلى نفس النزاع، فيقول: »إنّ عبد الوهّاب السوسي كان من خلفاء خالد البغداديّ. فكلّفه شيخه خالدٌ بنشر دعوته في إسطنبول. ولماّ بلغه أن عبد الوهّاب يأمر الناس بالرابطة لنفسه، طرده من طريقته بعد أن جرت بينهما مشاجرات ومساجلات...«. كذلكَ وردت هذه القصّةُ في عددٍ أخرى من الرسائل والكُتُبِ للنقشبنديّينَ وغيرهم. فمن أراد المزيد من المعلومات حول هذه القصّةِ، يكفيه مراجعة (الحدائق الوردية في حقائق أجلاّء النقشبنديةِ) لِعبد المجيد الخاني.(1)
أمّا (الرابطة): فهي صلاة في الديانة النقشبنديةِ مأخوذةٌ من معتقدات مجوس الهند، ويغلب أنها مقتَبَسَةٌ من كتاب السطرايات للراهب الهندي المعروف باسم (باتانجالي Patanjali). تنشب أحيانًا بسبب هذه البدعة فتن بين المسلمين والنقشبنديين في تركيا.
أودّ هنا أن أشير بالمناسبةِ إلى أنّه ظهر لي أثناء مطالعةِ رسالة (سلّ الحسام الهندي) لابن عابدين، أنّ المؤلّفَ كان متأثرًا إلى حدودٍ بعيدةٍ بظروف عصره والبيئة التي نشأ فيها. وتشهد على ذلك كلماته المسجّعةُ وما يبدو من خلالها من تكلُّفٍ وتصنُّعٍ وتشدُّقٍ. كلّ ذلك ليُظهِرَ به مهارتَهُ في تنسيق العبارات واتقانَهُ في التعبير بسحر الكلمات.
__________
(1) Kas?m Kufral?, Nak?ibendîli?in Kurulu? ve yay?l???, s. 185. Türkiyat Enstitüsü No.337(/11)
لقد كان عصرُ ابن عابدين مرحلةً خطيرةً انتشرتْ فيها الفتنُ وعمَّ فيها الفسادُ، وساد الاضطراب على الحياة الاجتماعية في جميع أرجاء المعمورة، خاصّةً العالم الإسلامي شهد انهيارًا بالغًا في الأخلاق والسلوك، فأدّي ذلك إلى ضياع الرُّشْدِ وغياب القِيَمِ الساميةِ والفصائل، حتّى احتلّتْ مكانها بِدَعُ الصوفيةِ وخرافاتُ السحرةِ والمشعوذين. نشاهد موقفَ ابن عابدين الغافلَ عن أحداثِ وتطوّرات عصرِهِ في كلّ كلمة من عباراته. ونجده في سُباَتِهِ العميق كَجَهَلَةِ زمانه لا يفطَنُ إلى شيءٍ بدتْ أماراتُهُ، بل استخدم عِلْمَهُ ومعرفته واستهلك وقته في الرّدّ على شخصٍ هاجم شيخًا من شيوخ الصوفية وهو في غنىً عن ذلك، بينما كان عليه أن يستخدم علمه في إيقاظ المسلمين وإثارة مشاعرهم للوقوف أمام التيارات الهدّامة والفلسفات الماكرة من التصوّف والفرمسونية وأشكال غريبة من الزندقة والكفريات التي أماتت الحميّةَ والغيرةَ الإيمانيةَ في قلب الرجل المسلم وجعلتْ العالمَ الإسلاميَّ فريسةً للأمم الكافرةِ بمدّةٍ قليلةٍ بعد موت ابن عابدين، فانهارت دولة المسلمين، فسقطوا بأيدي أعداءهم، وزحف الغربُ على الوطن الإسلاميّ بكامله فاستعمره، وترك فيها من خبائثه يوم غادره. ثمّ بنوا على أنقاض هذه الدولة العظيمة دويلاتٍ قَزَمَةً وفرّقوا بذلك صفوف المسلمين وشتّتوا شملهم وجعلوهم شيعًا وأحزابًا، كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون.
ولكن لم يستطع شيوخ الصوفية المدرّعون بدفاع ابن عابدين وأمثالِهِ أن يُنْقِذوا المسلمين من هذه البلايا على الرغم من تعظيم ابن عابدين لهم وما يعتقد فيهم من البركة والكرامة والتصرّفات المعنوّية.(/12)
ثمّ سجّل ابن عابدين في رسالته (ص/8)، مقطعًا آخر من كلام عبد الوهّاب السوسي، جاء فيه بالاختصار: أنّ عبد الوهّاب استشعر أنه سيصبح هدفًا للأغراضِ على استشهاده بمن هو عدوٌّ لنفسِ الشخص الذي يعاديه، فعابه ابن عابدين بمثل هذا الاستشهاد وبحججٍ أخرى يدلّ كلامه على سعة علمه وكمال معرفته بطرق الاستدلالِ، على الرغم من غفلته عن واقع عصره. إلاّ أنّه نقل شيئًا من كلام ابن حجر الهيتمي الذي تدلّ ألفاظه على انتصاره للصوفية وتساهُلِهِ مع الباطنيةِ على طريقة ابن عابدين، ممّا يسبّب ذلك عدم الثقة برأيهما. ويُستَغرَبُ من مثلهما هذا الموقف.
ثمّ ينهال ابن عابدين على هذا الطاعن في الشيخ خالد بالتكذيب المتواصل، مستدلاًّ بآياتٍ كريماتٍ عدّةٍ، ويرميه بالحسدِ والافتراء والزور، كما يحاول إبراءَ ساحة الشيخ خالد من الكفر والزّندقةِ بدلائلَ منقولةٍ من كُتُبِ الرّجالِ كابن حجر الهيتمي وابن شحنة... ويعزّزها بطائفةٍ من الأخبار والأشعار.
ثمّ بعد كلّ هذه المقدّمات والتعليلات، والحُكْمٍ على عبد الوهّاب، والإجابةِ على سؤالٍ مفروض بأنّ »القاعدةَ الّتي عليها التّعويل بين أهل التفريع والتأصيل: أنّ الجرح مقدّمٌ على التعديل«.
سلك ابنُ عابدين نفسُهُ خلاف هذه القاعدةِ بحجة:»أنَّ هذه في غير مَن اشتهرت عدالته وظهرت ديانته، وفي غير مَن عُلِمَ أنّ التّكلُّمَ فيه ناشئٌ عن عداوةٍ... إلخ«. (ص/12)
ثمّ انتقل ابنُ عابدين بعد ذلك إلى شرح أمورٍ متعلّقةٍ بموضوع الطعن فقال: »ولنشرح لك هذا المقالَ تتميمًا للمرام في أربعةِ فصولٍ«. (ض/14)
»الفصل الأوّل: في بيان حقيقة الكرامة«
»الفصل الثاني: في بيان حقيقة الجنّ والفرق بينهم وبين الشياطين، وجواز رؤيتهم والاجتماع بهم«
»الفصل الثالث: في بيان السحر وأقسامه وأحكامه...«
»الفصل الرابع: في بيان دعوى علم الغيب إلى آخره...إلخ«(/13)
وربما يكون ابنُ عابدين قد أصاب في توضيحاته الّتي أوردها ضمن الفصول الثلاثة الأولى، وقد بذل جهدًا بالغًا في الكشف عن أسرار مفهوم الكرامةِ والسحرِ والاستدراج وأمثالها من الخوارق. ولله درّه في شرح مسائلها وبيان الفوارق الموجودةِ بينها. ونقل ما يتعلّق بها من آياتٍ وأخبارٍ وآراءٍ للعلماءِ. كذلكَ حسنُ ترتيبه لهذه الفصولِ وتبويبه لكلّ مسألةٍ على حدةٍ، وأسلوب استدلاله. كلّ ذلكَ جدير بالتقدير مما يدلّ على معرفته الواسعةِ وباعه الطويل في مختلف العلومِ. ومع هذا المستوى الرفيع والعقل الراجح والحرص المتزايد في استنباط الحقائق فقد انثنى ابنُ عابدين عن منهج العلماء المحقّقين عندما تدخّل في دعوى علم الغيب. فعلى الرغم من وجود النصوص القاطعةِ في كتاب الله بأنّه وحده تعالى منفرد بعلم الغيبِ » وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُو«.(الأنعام59). » قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُون«.(الأنعام/50). »قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُون«.(الأعراف/188).
فقد أغضى ابنُ عابدين عن كلّ هذه البراهين القاطعةِ وتكلّف في تأويل الآية الكريمة: » فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ«. (الجن/26-27)، وتمسّك بالقيل والقال بُغْيَةَ أن يُشْمِلَ هذه الآيةَ على غير الرّسلِ من البشر من أولئك الّذين يحظون الشهرةَ بِالْتِفَافِ الرَّعَاعِ حولهم، وبإطلاقِ بعض الناسِ صفةَ الولايةِ عليهم وإن لم يدعوها لأنفسهم.(/14)
ثم أنهى ابن عابدين رسالته هذه »بخاتمة مشتملة على نبذة يسيرة« وليست بيسيرة في الحقيقةِ وذلك »عن بعض العلماء الأعلامِ من معاصري هذا الإمام الذين شهدوا له بالفضل التامّ وبأنّه من العلماءِ العاملين والأولياء الكرام« على حدّ قوله وطبقا لذوقه السقيم وعقله المتخلّف القديم، فلا يستحق أن نهتمّ به لبساطة إطلاقه وخلطه ومراوغته ومجازفته...
أمّا بعد هذه الدراسة السريعة لرسالة ابن عابدين المسماة »سلّ الحُسام الهندي...«، فأقول مستعينًا بالله سبحانه على سبيل الإيجاز: أنّ في هذه الدراسة أمورًا بجب الوقوف عليها بامعانٍ وتحليلها في ضوء الكتاب والسنة:
أوّلها: أنّ ابن عابدين –غفر الله لنا وله- قد دوّن هذه العجالةَ ردّا على شخصٍ اسمُهُ عبد الوهّاب، ولم نعثر على شيءٍ من آثارِهِ إلاَ ما ذكرناه. وتَجِبُ الإشارةُ هنا إلى أنّ عبد الوهّاب هذا الرجل المستهدف ليس هو محمد بن عبد الوهّاب (1703-1792م.) الزعيم النجدي الذي تُنسَبُ إليه الطائفة الوهّابيةُ، تفاديًا للاشتباه.
وثاني هذه الأمور: هو أنه ثبت لي من خلال عباراته أن ابنَ عابدين غاضبٌ أشدّ الغضب على هذا الشخصِ بسبب تطاوله على الشيخ خالد البغداديِّ، وكأنّه يرى نفسَهُ مُكَلَّفًا بالدفاع عن هذا الشيخ خاصّةً وأكثر من أي فردٍ آخر من جمهور الناس المتهافتين حول هذا الشيخ! فاستغربتُ هذا الموقفَ منه، وودِدْتُ لو عرفتُ السببَ المعقول لهذه المحاولة، كما تمنّيتُ لو عرفتُ نسبتَهُ إلى هذا الشيخ وقرابتَه التي دفعتْهُ إلى هذا الميدان حتّى أخذ على عاتقه أن يقوم بمثل هذه المهمة وأن يتّخذ من هذا الأسلوب الحماسي في الدفاع عنه(!) وقد انتابني الاستغرابُ أيضًا بأشدّ ما يكون، عندما تصفّحتُ أواخرَ كتابِهِ وقرأتُ الفصل الرابعَ من مقالتِهِ إذ يقول للقارئِ بأسلوبه المسجّعِ على سبيل التّنبيه:(/15)
»قد ظهر لكَ وبانَ، ممّا قرّرناه في هذا الشأن، أنّ مَن كان من أهل العلم والعرفان، وأخبر عن أمرٍ حَدَثَ أو سيحدثُ في الزمان، ممّا أطلعه عليه الملك المنّان، لا يحلّ لمسلمٍ ذي دينٍ وإيمان، أنّ يتّهمهُ بأنّ ذلك عن إخبار الجانِّ، وبأنّه ساحر وشيطان، وأن يحكم عليه بالكفر والزندقةِ والإلحادِ بمجرّدِ داءِ الحسدِ والافتراءِ والعنادِ؛ فإنّ سهامَهُ ترجع إليهِ، ودعاويهِ تعودُ عليهِ، ويظهر منه خبث العقيدةِ، وأنّ آراءه غيرُ سديدةٍ، ويخشى عليه سرعة الانتقامِ وسوء الختام والعياذ بالله«.(ص/45-46)
نعم هكذا ابن عابدين الفقيه الموقَّر بين جماهير الأحناف بل وعند كثير من علماء أهل السّنةِ! قد انحطّ إلى هذا الدرك الّذي يأسف عليه كلّ ذي علمٍ بالحلال والحرام، وكلّ ومطّلعٍ على العقيدة في الإسلام. فنسأل الله تعالى أن يكون قد ندم وتاب عن هذه الفضيحةِ بعد أن سجّل هذه التُّرَّهات. ولعلّ بعض الأقلام المسمومة قد جرت على حسابه والله أعلم بالخفايا.
أمّا الشيخ خالد البغداديُّ هذا الّذي اختلفت الأقلامُ بين طاعن فيه ومدافع عنه، فقد أوردتُ ترجمته في الفصل الرابع ضمن كتاب ألّفتُهُ تحت عنوان (الطريقة النقشبندية بين ماضيها وحاضرها)؛ ولكنّني أرى أن أذكر هنا أيضًا نبذةً من أحوال هذا الشخص الخطير الّذي جاءَ بنظرةٍ روحانية جديدةٍ أشغل بها عقول ملايين الناسِ في عبادة اللهِ منذ قرنين. فحدث بذلك تغيّرُ جذريُّ في عقائد المنتسبين إليه، وانتشرت بدعته خاصّةً بين الأتراك والأكراد على الساحة التركية.(/16)
خالد البغداديُّ رجل من أكراد العراق ينتمي إلى العشيرة الميكائيلية القاطنة بضواحي مدينة السليمانية. وُلِدَ البغداديُّ عام 1778 للميلاد، ونشأ في المنطقة نفسها. درس على جماعة من الملالي الّذين جرت العادةُ على تسميتهم بالعُلماءِ وهم في الحقيقة لم يكونوا من العلماءِ. إذ لا شكّ أنّ العلم هَجَرَ أرض المسلمين منذ قرونٍ وحلَّتْ بهم حقبةٌ مظلمةٌ بعد القرن الثالث من الهجرة النبوية عليه السلام ودامت إلى هذه الأونة. بهذا طبعًا لا يجوز إطلاقُ صفة العلمِ على البغداديِّ أيضًا ولا على أحدٍ من الملالي وشيوخ الصوفيةِ. إذ أنّهم طبقة من أهل الرهبنةِ والجهل والعمى، لا حظَّ لهم من العلوم والمعارف والثقافةِ المعتَرَفِ بها في العالَمِ المتحضِّرِ؛ بل كانوا ولا يزالون يدرسون ركامًا من الكتب ذات الورق الأصفر التي حشاها نفر من شيوخ العجم بعباراتهم المعقّدةِ، كتبوها في عصور الظلامِ مثل كتاب العزِّيِّ في الصرفِ وكتاب الإظهار والنتائج وحلّ المعاقد والفوائد الضيائيةِ في النحوِ. وعدد أخر من كتبهم مدوّنةٌ باللغة الكرديةِ مثل كتاب الظروفِ والتركيبِ في النحو العربيِّ. كلُّ هذه الكتب خالية من القيمة العلمية لا فائدة فيها، عباراتها غامضةٌ ومعقّدةٌ، لم ينجح مؤلِّفوها في الأسلوب والتبويب. فضلاً عما حشدوا فيها من شروحٍ وحواشي مطوّلةٍ زادتها غموضًا فحوّلتها إلى ألغازٍ أعيتْ مَنْ تناولها من الطلبة والمدرّسينَ، فأشغلتهم عن الانفتاح الّذي يشهده العالَمُ المتحضِّر وعن الصحو الّذي بفضله قطع جماهير المثقّفين شوطًا بعيدًا في مضمار العلوم والفنون. كما أنّ هذه الكتب غير معروفة في البلاد العربية. والطّامّة الكبرى أن التلاميذ كانوا يحفظون هذه الكتبَ طوال مدة لا تقلّ عن خمسة عشر عامًا. ثم تعود عليهم بالخسران والندم حين يتخرّجونَ وهم غيرُ ذي كفاءةٍ لأيّ عملٍ. لذا منهم مّن يمارس الشعوذةَ، ومنهم مّن يصبح ذيلاً للصوفيةِ طلبًا(/17)
لرغيفٍ يُشبِعُ به بطنَه.
كان خالد البغداديُّ من أبناء هذه البيئة المتخلِّفَةِ. ولكنّه كان لَبِقًا نشيطًا جريئًا متلوّنًا يتقلّبُ مع الظروفِ بصبرٍ وينسجمُ مع كل مَنْ يرجو منه المصلحةَ ويستغلُّ الفرصة في حينها. ساعدته هذه الطبيعة حتى استطاع أن يحقق جميع أهدافه ويصبح رجلاً مرموقًا يتهافت عليه الآلافُ، وإن كانوا من الأوغاد والرعاعِ. ذلك أن مِنْ واقع الحياة الاجتماعية أن الإنسانَ متى حظي من الشهرة واحتفل به الناسُ وخاصّةً إذا كانوا صادقين في ولاءهم له، هانت عليه صعاب الأمورِ ودانت له الرقاب. هذا ما حصل للبغداديّ حتى طارت شهرته إلى الآفاق. فلم يحتمل لأحد، حتّى للعلماء أن يدققوا النظر في دعوته الجديدة، عَمَّا إذا تُوَافِقُ أصولَ الدّيِنِ أم هي بدعةٌ أو سلسلةٌ من معتقداتِ الديانة البوذية والهندوكيةِ!
كان خالدٌ ماهرًا في استمالة قلوب الناسِ والتحكّم في رقابهم. نَجَحَ بذلك في جمعِ نُخْبَةٍ من رجالاتِ الأكرادِ تحت زعامته، ونفذ إلى قرارة نفوسهم بسحره حتّى غدوا عبيدًا يعكفون على أعتابه وهو يسيطر على نفوسهم وعقولهم بعد أن عوّدهم على صلاة الرابطةِ وهي شطرٌ هامٌّ من طقوسهم، ومبدأٌ أساسيٌّ تقوم عليه هذه الطريقةُ الصوفيةُ اقتبستها من الديانة البوذيةِ. يكمُنُ سرُّ الطريقة النقشبندية في هذا المبدأ الخطير الّذي يجعل من المريد عبدًا ذليلاً أمام شيخه، مُتَفَانيًا فيه، يطيعه في كلِّ ما يأمره، ولو كان محرَّمًا بنصِّ الكتابِ والسُّنَّةِ!(/18)
لعب خالدٌ دوره في نشر طريقته على جميعِ أرجاء المملكةِ العثمانيةِ بجهود أنصارِهِ من ملالي الأكرادِ وعلى رأسهم: عبد الرحمن الكرديّ الْعَقْريّ، وعبد الفتاح الكرديّ العقريّ، ومصطفى الكُلْعَنْبَريّ، والملا عباس الكوكيّ، والملا هداية الله الأربليّ، وملاّ عثمان الكرديّ الطويليّ، وخالد الكرديّ، وعبد القادر الديملانيّ، ومحمّد المجذوب العماديّ، ومحمّد الفراقيّ الكرديّ، ومحمد بن عبد الله الخاني، وإسماعيل الأنارانيّ... لقد حاول هؤلاء ومئاتٌ آخرونَ من ملالي الأكراد والأتراك بكل ما في طاقتهم، وبذلوا أقصى جهودهم في نشر دعوة هذا الرجل إلى الآفاق دون أن يتأمّلوا هل أنه على حقٍّ أم على باطل، حتّى أصبحت حكومة الدولة العثمانيةِ تتهيّبُه وتعترف بمركزه وتحسب له حسابها. فكانت من نتائج هذا التحفّظ أن اتَّبَعَتْ الدولةُ سياسةً خاصّةً سايرته بها واستغلّتْه في حرب الوهّابيّةِ. إذ وافقتْ هذه السياسةُ أهدافَ الدّولةِ وأهدافَ خالدٍ في الوقتِ ذاتِهِ. لأنّ الدّولةَ كانت في حاجةٍ إلى موافقة الرعيّةِ في هذه الحربِ، فحصّلتْها بتأييدِ خالدٍ.(/19)
إنّ الصوفيةَ عامّةً والنقشبنديةَ خاصّةً يكرهونَ أهل التوحيدِ، ويرمونهم بإساءة الأدبِ إلى ذَاتِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام، وإلى الشخصيات المعروفين بينهم بالأولياءِ، كما أنّ أهل التوحيدِ (بما فيهم الوهّابية)، يكرهون سائر القبوريينَ. ولمّا كانت معتقدات معظم الأتراك والأكراد مشوبةً بالوثنيةِ، نالتْ دعوةُ خالدٍ البغداديّ رغبةً عظيمةً بين الطّائفتين، وانتشرت الطريقة النقشبنديةُ على كامل الساحة العثمانية في فترة أقل من ثلاثة أعوام. وصلت دعوة هذه النحلة إلى أقصى بقاعِ شبه جزيرة البلقان غربًا، وإلى تخوم دولة الروس في جبال قوقاز شرقًا، واجتاحتْ منطقةَ كُرْدِسْتَان والأناضول بتمامها في حياة خالد البغداديِّ. كانت هذه التطوّرات في الحقيقة انتصارًا عظيمًا للوثنية الجديدة على أرض الإسلام. وما زال هذا الخطرُ المتنكِّرُ في لباسِ الزُّهدِ والتَّقوى يهدّد الدين الحنيف على هذه الساحة، كما أنّ القلّة من المؤمنين الحنفاءَ من أبناء الْقَوْمَيْنِ التركيِّ والكرديِّ يعانونَ اضطهادًا شديدًا في هذه الآونة الأخيرةِ من جرَّاء التحالُفِ العلمانيِّ-النقشبنديّ.(/20)
مات خالدٌ عام 1826 للميلاد وهو نَادِمٌ على ما جاء به من البدع، وألفاظه شاهدة على هذه الندامة إذ يردّد الآية الكريمة {يَا حَسْررَتىَ عَلىَ مَا فَرَّطْتُ فيِ جَنْبِ اللهِ...}(1) قُبيلَ أن يلفظ أنفاسَه الأخيرةَ. ولعلّ مَن يقول معترضًا أن كلَّ مؤمن يحظى من الصحوة الإيمانيةِ ، لا بدّ وأن يُكثر من الاستغفارِ وأن يُظهِرَ الندامةَ وهو على الرمق الأخير. هذا كلام صحيح لا شكّ فيه. ولكنه لا يصلح أن يُحتَجَّ به لإبراء ساحةِ خالد. لأنّه بالذّات يعترف في وصيته بسلبياتٍ صدرت منه على سبيل الإيجاز وهو مضطرٌّ للاختصارِ آنئذٍ حتمًا في تلك الظروف الخطيرة التي حلّت به إذ كان قد أصابه الطاعون، والله سبحانه أعلم به أنه لو كان على كمال الصحّةِ لربما اعترف بأضعافِ ذلك. وهذه كلماته الأخيرة: »لا تزيدوا التكايا عما في عهدي. ومن أراد الإحداث فليعمّر جامع العدّاس«.(2) فقولوا بالله، أيُّ شيخٍ من شيوخ الطرق الصوفيةِ أوصى حتّى الآن بمثل هذا الأمر، ونهى أصحابه عن أن يزيدوا في عدد التكايا؟! هذا أمرٌ لا يستقيم مع المنطق السليم. إذ أنّ النهيّ عن إقامة التكايا معناه النهي عن ممارسة طقوس الصوفيةِ. وهذا قد صدر عن خالد البغدادي بصراحةٍ بالغةٍ من خلال كلماته المنقولة آنفًا. والله تعالى غنيٌّ عن عذابه وعذابنا، كما نَتَمَنَّى أن يشملنا جميعًا غُفْرَانُهُ، إلاَّ أنَّ تأثيرَ هذا الرجل لا يزال يوجّه ملايين الناس في ازدياد التكايا، وإسرَارِهِمْ على بِدَعِهِ، فضلاً عن الاضطهاد الذي يمارسه أنصارُ طريقتِهِ ضد المؤمنين الحنفاءِ في تركيا اليوم.
__________
(1) سورة الزمر/56.
(2) راجع ترجمته بالتفصيل في كتاب "علماء دمشق وأعيانها في قرن الثالث عشر الهجري للمؤلّفَين: محمّد مطيع الحافظ ونزار أباظه، الجزء الأول ص/ 311. دار الفكر-دمشق.(/21)
وعلى ضوء ما أوردتُ في هذه العجالة من معلومات هامّةٍ أريد أن أختتم كلامي بنبذة من الوصايا للقرّاءِ الكرام، وخاصّةً منهم القائمينَ بإرشاد الناسِ أن يلتزموا جانب الحيطةَ في ثلاثة أمور:
أوّلها، أن يتمسّكوا بمذهب السلف الصالح في التعامل مع كتاب الله العزيز. وأمّا مذهبُ السلف، فهو تركُ التأويل، وعدمُ المبالغة في التفسير، والتفويضُ إلى الله تبارك وتعالى في المتشابهات بلا تعطيل. {وَمَا يَعْلَمُ تَأْويِلَهُ إلاَّ اللهُْ...}. إنّ الاقتحام في هذا الأمر عدول عن جادّة الصوابِ، كما لا يخفى تمييع أهل التأويل للعقيدة الحنيفةِ ممّا أسفر ذلكَ عن مُعتَقَدَاتٍ باطلةٍ افتتنتْ بها الناسُ وتغذَّت بها النفوس المريضةُ، وقامت على أساسها فِرَقٌ بَاطنيةٌ وأحزابٌ شريرةٌ ضربت الإسلامَ من الدَّاخلِ. ولا يزال المسلمون في شتاتٍ واختلافٍ وتناحُرٍ من جرّائها.
أمّا ثانيها، أن يحذّروا المسلمين من مخالطة الصوفيةِ الّذينَ يظهرون للناسِ في لباس الزهدِ والتّقوىَ، وهم في الحقيقة زائغون عن المنهج الّذي رسمه الله لعباده بأن لا يسلكوا غيره في العبادةِ له تعالى. ولكنّهم أَبَوْا إلاَّ أنْ يخالفوا هذا المنهج، فاختلقوا من تلقاءِ أنفسهم أشكالاً غريبةً من المناسك والتعبّدِ وربما اقتبسوها من طقوس المشركين واليهود والنصارى أسوةً بعبدة الأوثانِ، وتقرُّبًا إلى اللهِ بما يُسخِطُهُ، ورهبانيةً ابتدعوها ما كتب الله عليهم، وما أنزل الله بها من سلطان.(/22)
إلاَّ أنّ الأمرَ لا ينبغي أن يكونَ مجرّدَ تحذيرٍ من منطلقِ الحقدِ عليهم والبغض لهم، لأنّ ذلك يثيرهم، فلا يجدي بما هو المطلوب. إذ ليس من المعقول أن يُرجى هدايةُ من يُكرَهُ على الطاعةِ ولو كانت الدعوة إلى الحقِّ الّذي لا مريةَ فيهِ. لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم. (البقرة/256). وقد يكون التشدّد في الدعوة سببًا لتطوُّر الخلافِ بين أصناف الناسِ. إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين.(القصص/56). ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين.(النحل/125). لأنّ التشدّدَ في الدعوةِ ربما يؤدّي إلى تفاقم الفتنةِ والشغبِ، والفتنة نائمةٌ يحرم إيقاظها.(/23)
هذا فإنّ مِنْ طبيعةِ عوامّ الناسِ، أنّهم يغترّون دائمًا بظواهر الأمور ويعتمدون على الشكل، لعجزهم عن الإطلاعِ على المقصود به. خاصّةً فإنّ الطبقة العامّية في تركيا معروفة بإفراطها في التقليد. هذه الخصلة أوقعت كثيرًا منهم في الزندقة والبِدعِ باتباعهم شيوخَ الصوفيةِ والمنتحلين. فمتى وجد أحدهم شيخًا مُعمَّمًا وعليه لباس المتنسّكين علقت به نفسه، خاصّةً إذا وجد حولَهُ جماعةً ركن إليه وافتتن به. هذا التقليد الأعمى هو الّذي حمل الناس في هذا البلدِ منذ القديم على اتباعِ شيوخ الصوفيةِ والمبالغة في تعظيمهم وتوقيرهم. حتّى عدّوهم من أولياء الله رجمًا بالغيب، ووصفوهم بما ليس فيم من خصالٍ جليلةٍ، واعتقدوا فيهم ما يستحيل عليهم. وقد بلغ تعلّقهم بمثل هؤلاءِ حتّى إذا تصدّى لهم أحدٌ وأنكر علهم ما يعتقدون في شيخهم من علم الغيبِ والخوارق على أنها من كراماته، تعرّضَ لسخطهم، وربما ناله خطرهم. وقد يشجّعهم موقف شيخهم منهم. لأنّ شيوخ الصوفيةِ يسكتونَ على كل ما يعتقد فيهم أنصارهم مما حرّمه الله، أو ما يستحيل عليهم عقلاً. وربما يثيرونهم على المناوئين.(/24)
وليس من القليل ما وجدنا من هذا القبيل، خاصّةً وأنّ المناطقَ التي يسكنها المسلمون من غير العربِ، فإنّ هؤلاءِ الأشخاصَ المستغلّينَ هم أكثر حظًّا في إضلالِ الناسِ وأقدرُ على ذلك في تلك المناطق. كما لا يخفى أنّ الصوفيةَ لا أثر لهم يستحقّ الذكرَ في المناطق العربيةِ. أمّا بقيةُ المسلمين من الأكرادِ والأتراك والشراكسةِ وغيرهم من الأقلّيات العجميةِ، فإنّ العامّةَ منهم تشعر نقصًا بالغًا في نفسِها أمامهم. إذ ينشأُ هذا الشعور من جهلِها بالأمورِ الدقيقةِ في الدين من جهةٍ، كما أنّ الدّياناتِ القديمةَ التي كانت هذه الشعوبُ تعتنقُها في ما سبق، لَها آثارٌ ظلّتْ في نفوسِ البعضِ منهم، ثم تفاقمت وشاعت مع الزمان بعد أن أُجْرِيَتْ عليها تعديلاتٌ وتمّ عرضُها باسمِ الإسلامِ من جهةٍ أخرى. وما دامتْ اللغَةُ العربيةُ هو المفتاح الوحيد الذي لا يمكن الوصولُ إلى الإسلامِ إلاَّ بِها، فإنه لابدّ لهذه الشعوبِ أن تهتمّ بهذ اللغةِ لِتُقِيمَ صلَتَها مع الإسلامِ من جدبد وبصورةٍ صحيحةٍ. وإلاَّ فلا يكاد المجتمع يتخلَّصُ من الإضطراب والفوضى السائد على المعتقدات والأفكار في هذا البلد.(/25)
كذلك، فإنَّ للشيعةِ أثرٌ كبيرٌ على معتقدات الأكراد السنّيين القاطنينَ في شرق البلاد (المنطقة الواقعةِ على الحدود الإيرانية التُّركيةِ)، وذلك بحكم الجوار. ولهذا الأثرِ ملامح ظاهرةٌ على الحياة الدينية للأكراد. كاعتقادهم بالأئمّةِ الاثنى عشر على غرار الشيعةِ. ويشهد على ذلك ما تتضمّنُهُ رسالةُ (نوبهار) للشيخ أحمد الخاني التي قد ألّفها باللغة الكردية (وأخيرًا قد تمّ تصحيحُها وتنقيتُها من آثار المعتقدات الدخيلةِ)؛ وكاعتقادهم بما يُنسَبُ إلى شيوح الطُرُقِ الصوفيةِ من علم الغيبِ والتصرُّفِ في القدرِ. لذا يتواضعونَ لهم تواضعَ العبد الرقيق لسيِّدِهِ على غرار أهل الرفضِ لآياتهم، بل يبلُغُ هذا التّواضُعُ منهم أحيانًا إلى تذلُّلِ الكلبِ لِصاحِبِهِ. وقد أصبحتْ هذه العادةُ شائعةً بين الجماعات الصوفيةِ كما يشهد على هذه الحقيقةِ ما نقلَهُ ابنُ عابِدين في رسالتِهِ (سَلُّ الحُسامِ الهندي...) من كلامِ الشيخ خالد البغداديِّ المعروفِ بين أتباعِهِ بِـ (ذي الجناحين)، أنّهُ يقول:»أنا مِن كِلاَبِ السَّادَاتِ« (ص/37)(/26)
أمّا شيوخ الطرق الصوفيةِ في الحقيقةِ ليسوا على علمٍ تامٍّ بِلُبِّ العقيدةِ الإسلاميَّةِ والتوحيد الخالِصِ لأسباب كثيرةٍ تعود إلى الظروف الاجتماعيةِ التي تحيط بهم والبيئة التي يتربَّونَ فيها والمناهج التعليمية الوعرة المتطرّفةِ التي تُطَبَّقُ في مدارسِهم. لذا لا يكادُ أحدٌ منهم يُتقِنُ لُغَةَ الضَّادِ نُطْقًا وكِتابةً، بل يقتصرونُ على حفظِ قواعِدِ الصَّرفِ والنحوِ، ويضرِبونَ مثالاً شيطانِيًّا في العِنَادِ بهذه المحاولَةِ دونَ أن يتذوّقوا حلاوةَ هذه اللغةِ، ولا أن يفطنوا إلى أنّها أداةٌ للتعبيرِ عن كُلِّ ما يُقصَدُ به مِنْ سلبٍ وإيجابٍ. لذا فإنَّ معرفتَهم متفاوتةٌ فيها، بل قليلةٌ غالِبًا، حيث لا يكادُ أحدٌ منهم يكتُبُ وينطِقُ بالعربيةِ حتّى بأدنى ما يدور في خلدِهِ ويدبُّ في ذهنِهِ من أمورٍ بسيطةٍ؛ إلاَّ مَنْ كانَ منهم من أبناءِ أسرةٍ عربيةٍ. كذلكَ إنّهم جهلةٌ بواقع العصرِ والتطوُّراتِ الخطيرةِ بما يعانونَ من الفقر العلميِّ والفكريِّ؛ يأخذُ بعضُهم من البعضِ الآخرِ دونَ معرفةٍ، وينقُلُ منهُ دونَ رويَّةٍ، يقلِّدونَ صناديدَهم بلا وعيٍ، ويعبدونَ الله على غيرِ بصيرةٍ، وإنّما يقتصرُ همُّهُمْ على جمعِ الناسِ حولَهم بطُرُقٍ شَتّىَ وأساليبَ ماكِرَةٍ، وقد تدعمهم الحكوماتُ والسُّلُطاتُ لإبعادِ الناسِ عن الحياةِ السِّياسِيَّةِ حتّى تخلُوَ لَها الجوُّ، وتصفُوَ لَها الأمورُ لِيَتَهَنّىَ رِجالُ السِّياسَةِ والطائِفَةُ الحاكِمَةُ بِما شَاءَتْ لَهم أنفُسُهم.(/27)
كذلك، فإنَّ شيوخَ الطُّرُقِ الصُّوفِيَّةِ هم في غفلتِهِمْ يعمهمن، وبأباطيلهم يشتغلونَ. لا يهمّهم ما يحلُّ بالمسلمينَ من عدوانِ أهلِ الكفرِ، وما يتعرَّضونَ له اليومَ في مختلفِ انحاءِ العالَمِ على أيدي اليهودِ والنصارى والمجوسِ من تشريدٍ، وقهرٍ، وظلمٍ، واضطهادٍ، وقتلٍ، وقمعٍ، وإبادةٍ... أمّا الشيوخ، فإنّهم لا يكادونَ يتقلَّبونَ في حياةٍ موهومةٍ غافلينَ عن كُلِّ ما يجريِ حولَهم من صِراعٍ، وحروبٍ، وتطوُّراتٍ، واكتِشافاتٍ، وأحداثٍ غَريبَةٍ، وانقِلاَبَاتٍ خطيرةٍ، يتأثَّرُ بِها المسلمونَ؛ بل إنّهم زيادةً على هذه الغفلَةِ يتقوّلونَ على اللهِ بِتأويلِ آياتِهِ وحملِها على غيرِ ما أرادَهُ اللهُ، وإنْ كانَ القليلُ منهم يتعمّدونَ التَّلبيسَ والتّدليسَ في ذلِكَ. كما أن أكثرِيَّةَ المعاصرينَ منهم أيضًا غافلون عمّا وقع فيه أسلافُهم من الضّلالةِ على جهلٍ، لعجزِهم عن دركِ الحقيقةِ، وهذا هو السبَبِ الأساسيّ لافتنان الأخلافِ بساداتهم الأوّلينَ وكبراءهم الذينَ أضَلّوا السَّبيلَ، وأفسدوا عليهم الفهمَ الصَّحيحَ. ذلك أنّ إفراطَهُمْ في تعظيم شيوخم هو المصيبةُ الكبرى لِهؤلاء الأخلافِ. لأنّ شدّةَ اعتقادَهم في أسلافِهم وصلَ بهم إلى درجةٍ من اليقينِ المؤكَّد في كمالِهم حتّى آمنوا بِأنّه يستحيل عليهم الوقوع في الخطأ اطلاقًا. ولهذا يقدِّسونَ شيوخَهم، وينقادونَ إليهم في كُلِّ ما قد وَرَدَ عنهم من أراجيفِ عَبَدَةِ الأوثانِ، وقد يزيدونَ عليها ما تهوي إليهِ نفوسُهم مِنْ كُلِّ بدعَةٍ وهرطَقَةٍ. فَيَتَنَاقَلُهَا جيِلٌ عن جيلٍ. كما أنَّ غالِبَ الناسِ مِمَّنْ هُوَ أعمىَ قلبًا منهم، مُغْتَرّونَ بهم اليومَ. وقد دأبوا لأنفُسِهم أورادًا وأذكارًا ومناسِكَ، أخذوا جُزئِياتِها من الإسلامِ، فركّبوا منها أشكالاً غريبةً، وسَمّوها بأسماءَ مزيجةٍ بالفارسيةِ، مثل: »خَتمِ خواجكان، و هُوشْ دَردَم، و سَفَرْ دَرْ وَطَنْ، و(/28)
خَلْوَتْ دَرْ أنْجُمَنْ، و يَادْكَردْ، و بَازْكَشْتْ و نِكَاه دَاشتْ، و يَادْ دَاشْت...« وغير ذلك. وقد اختلقوا صِيَغًا غريبةً من الدعاءِ والمديحِ يُرَدِّدونَها ويؤَلِّهونَ بِها غير اللهِ، ويبالِغونَ بِها في مدائِحِ ساداتِهم كقولِهم: »قطب العارفين، وغوث الواصلين، وإمام المتّقين، وتاج الكاملين، ونور السماوات والأرضين...«! وعندما يذكرونَ اسمًا من أسماءِ ساداتِهم، يُعَظِّمونَهُ بِدُعاءٍ غريِبٍ. يبدو من هذا الدّعاءِ أنّهم لا يرونه في حاجةٍ إلى رحمة الله، بل يرونه عنيًّا عنها، فيقولونَ: »قَدّسَ اللهُ سِرَّهُ العزيز« أو »قَدَّسَ الله أسرارَهُ، وأفاضَ علينا بِرَّهُ وَبَرَكَتَهُ وَأنوارَهُ...« إلى غير ذلك مِن شِرْكِيَّاتٍ، وخزعبلاتٍ وإسرائيلِيّاتٍ مخالفةٍ لأسلوبِ دُعاءِ المسلمينَ. إذ لا يستنكِفُ المسلِمُ أن يطلُبَ من الله الرحمةَ سواءٌ كانَ لِنَفسِهِ أو لِغيرِهِ من المؤمنينَ ولو كانَ نبيًّا.
في الحقيقةِ إنّهم يواجهونَ ردًّا عنيفًا ودِفاعًا شديدًا من علماء المسلمينَ في كُلِّ عصرٍ، ولا يبرحونَ في ضيقٍ وحرجٍ لما اقترفوا من الجناياتِ على الإسلامِ بأنواع المُفْتَرَيَاتِ، ويزعمونَ أنَ المسلمينَ لا يعتقدونَ بالشفاعةِ والتّوسُّلِ وكراماتِ الأولياءِ، لأنَّ الصوفيةَ يَعُدّوُنَ صَنَاديدَهم فحسب من الأولياءِ دون غيرِهم، رجمًا بالغيبِ، بينما المسلمونَ لا يعترفونَ بهم. ومِنْ خُرافِيَّاتِهِمُ التي لا حصر لها: أن الولايةَ متسلسلةٌ عند بعضهم في سُلاَلاَتٍ معيّنةٍ من مشائخ الطُّرُقِ؛ فهي عائلاتٌ مقدّسَةٌ عندهم.(/29)
ولهذه الأسبابِ كُلِّها يجب الاحتياطُ في معاملة الصوفيةِ، وإرشادٍهم إلى الحقِّ، ومجادلتهم بالّتي هي أحسن؛ لأنّهم أشدّ الناسِ تعصُّبًا وتعنّتًا وحمقًا واغترارً. فإنَّ إقناعَ الأحمقِ والمغترِّ والمكابِرِ مِنْ أشَدِّ الأمورِ تعقيدًا. وقد قال تعالى بشمولٍ وعموم: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ...(الأعراف/146).
هذا، ومن خصائص شيوخَ النقشبندية أنّ أكثرهم يرفضونَ الحوارَ، لذا يستحيل تبادل الرأي والمناقشةِ معهم؛ ذلك لفرط عنادهم، ولإعجابهم بعقيدتهم، واغترارهم بمن أفسدوا عليهم سُبُلَ الهدى وَأَلْبَسُوا عليهم الحقَّ بالباطلِ، واعتزازهم بمن حولَهم من الأنصارِ والمؤيِّدينَ؛ خَاصَّةً فإنَّ الأمرَ يتأكّدُ حذرًا وحيطةً مع الشيوخ الذينَ يتمتّعونَ بكثرةِ رجالِهم، الجَهَلَةِ من المريدين الذينَ هم رهن إشارتهم، ليفتدوا بأموالِهم وأنفسهم في سبيلِ أدنى غرضٍ من أغراض الشيخِ. إنَّ هذا الرصيدَ من القوَّةِ العمياءِ مع العقليةِ الحمقاءِ، هو الذي جعل رجالَ السياسةِ يسايرونهم في هذه البلادِ، ليستغلّوا تأييدَهم في كلّ موسمٍ للإنتخاباتِ. ولله درّ مَن قال:
إذا كانَ الزمانُ زَمَانَ حُمقٍ * فإنّ العقلَ حِرمانٌ وشُؤْمٌ.
فَكُنْ حُمْقيِ مَعَ الحُمْقىَ فإِنّيِ * أرىَ الدُّنيا بدولَتِهِم تَدوُمُ.(/30)
وممّا يجبُ معرِفَتُها على النّاهِضِ لمُقَارَعَتِهِمْ أن يعلمَ: إنّ دينَ التصوُّفِ يأمر بأشياءَ كثيرةٍ قد أمرَ بِها الإسلامُ قبلَ هذا الدّينِ المستحدَثِ؛ كالزُّهدِ، والتّقوىَ، والعِفَّةِ، والقناعَةِ، والحِلمِ، وصفاءِ السَّريرَةِ، والاستقامةِ والكَرَمِ، والإيثارِ، ومحبَةِ اللهِ ومحبَّةِ رَسولِهِ والصالِحِنَ، وملاَزَمَةِ ذكر اللهِ، والمواظبةِ على النوافِلِ، والشَفَقَةِ على خَلقِ اللهِ، والصَّبرِ، والتَّوَكُّلِ على اللهِ، إلى غيرِ ذلِكَ من الخصالِ الحميدةِ، والأعمالِ الصَّالِحَةِ، والسُّلوُكِ الرَّفيعِ. فليتأكّد المناهضُ لهم بأنّهم يتوارونَ بهذه الأعمالِ والخصالِ في ظاهرهم، ويدافعونَ بِها عن أباطيلِهم.(/31)
أمَّا في الواقِعِ فإنَّ هذه الأمورَ كلَّها جُزئِياتٌ من صميم الإسلامِ، وليس لها ادنى صلة بدين التصوُّفِ ولا بالطُّرُقِ الصوفيةِ التي هي في الحقيقةِ مُنظَّماتٌ مشبوهةٌ مُختَلِفَةٌ ذاتُ عَقَائِدَ مَزيجَةٍ بين تعاليم الإسلامِ والأديانِ الوثنيةِ. ذلكَ، أنّ الصوفيةَ قد أقتبسوا مفاهيمَ كثيرةًً من الإسلامِ فاستغلّوها، وتقمّصوا بها عن حظِّ نفسِ، ثمَّ أضافوا إليها ما ليسَ من الإسلامِ في شيءٍ، واختلقوا طقوسًا ومفاهيمَ ومُعتَقَدَاتٍ ما أنزل الله بها من سلطانٍ. كحلقاتِ الّذكرِ، وحَفَلاتٍ سرِّيةٍ (بالسمِ التوجُّهِ والصحبةِ)، ومناسِكَ دَجَلِيَّةٍ مُقَلَّدَةٍ من مناهلِ الشرك والوثنيةِ، (كَرَابِطَةِ الشَّيخِ، وعَدِّ الأذكارِ بالحَصىَ)، واستِعرَاضاتٍ غريبةٍ (كالسّماعِ، والرقصِ، والحركاتِ الموزونَةِ جماعةً وَفُرَادىَ، والعزفِ على آلاتِ الموسيقى، والترنُّماتِ المطربةِ، وطعن الأسياخِ في الجسمِ، وابتلاعِ الموادِّ القاطعةِ، كالزجاجِ وقِطَعِ الأمواسِ، ومَسِّ النَّارِ)... ولهم أحوالٌ، وأقوالٌ، وأطوارٌ، وَبِدَعٌ مثيرَةٌ كالوثبِ، والقفزِ، والشطحاتِ، ودعوى علم الغيبِ واعتقادِ ذلك في المتنسِّكينَ والمتزمّتينَ من أولياءهم، وقولهم بالمكاشفاتِ، والاتحادِ والحلوليةِ...(/32)
كلُّ ذلكَ مأخوذةٌ من الزرادشتيةِ، والهندوكيةِ، والمانويةِ والغنوصيةِ وأمثالِها من الأديانِ المحرَّفةِ والعقائد الوثنيةِ، والفلسفةِ اليونانيةِ... خاصَّةً فإنَّ لِكُلٍّ من اليهوديةِ والمسيحيةِ تأثيرٌ كبيرٌ على دين التصوُّفِ؛ وبذلكَ قد مزّج الصوفيةُ ضروبًا شتّى من الأباطيلِ بتعاليم الإسلامِ. خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، ولكنهم لم يعترفوا بذنوبهم وما اقترفوا من جناياتٍ على الإسلامِ، بل أصرّوا دائمًا بأنّهم على الحقِّ وغيرهم على الباطل، قصدوا بذلِك أهلَ التوحيد الخالِصِ ومَن نهاهم عن الشركِ من أئمّةِ المسلمينَ، واعتمدوا على تأويل المتشابهاتِ من الآياتِ كما أشارت لهم أنفسهم، كتأويلهم لقوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. زعموا »أن في ذلكَ اشارةً إلى التوسُّلِ بالأولياءِ والاستمداد من روحانيّتم والتشفُّعِ بهم« (المائدة/35)، كذلك تأويلهم لقوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ. زعموا أنّ في هذه الآيةِ الكريمةِ اشارةً إلى اتخاذِ شيخٍ من الصوفيةِ والقيامِ برابطتِهِ، وهي شكلٌ من أشكالِ العبادةِ عندهم.
هكذا تجرّأوا على تأويل الآياتِ من كتاب اللهِ. فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا الله، وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُوْلُوا الألْبَابِ. فركّبوا منها دينًا سمّوه التصوّفَ، ورتّبوا منها طرقًا متباينةً، فسقوا بها الناسَ السّمَّ في العسلِ.(/33)
هذا وليس من السهلِ لأحدٍ أنْ ينتبِهَ إلى هذه الحِيَلِ المتمثِّلَةِ في التصوُّفِ، ولا أن يكافحَ هذا الخطر الذي يتربّصُ بالمسلمينَ ليَجرِفَهم إلى جهنّمَ وهم يصلّونَ ويصومونَ ويتنفّلونَ ويتبتّلونَ ويذكرونَ اللهَ!!! إلاَّ إذا كان الله قد أقدَرَهُ على ذلكَ وألهَمَهُ رُشْدَهُ، وهداهُ إلى الحقِّ، وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.
فريد صلاح الهاشمي
Feriduddin AYDIN
ferid@maktoob.com
الطبعة النانية -2003م.(/34)
موقف الرازي الأشعري من القبوريين
أبو عمر الدوسري (المنهج)(/1)
وذهب الرازي إلى أن المشركين (وضعوا هذه الأصنام والأوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم ، وزعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل فإن أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله تعالى. [أضاف] :
ونظيره في هذا الزمان: اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر على اعتقادهم أنهم إذا عظموا قبورهم فإنهم يكونون لهم شفعاء عند الله) أهـ
[أنظر تفسير الرازي17/59]
أعده:
أبو عمر الدوسري(المنهج) - شبكة الدفاع عن السنة
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/2)
مولى الصوفية الأكبر جلال الدين الرومي [يكفر من خالفه]
عجبت من اتهامي الصوفية للغير بأنهم (تكفيرية!!) لا تتقبل الآخر .. إلى غير ذلك من الاتهامات .. وفوجئت حينما قرأت فتاوى صوفية شاذلية ونقشبندية لتكفير الطريقة التيجانية!!!
ووجدت كذلك كتب نقشبندية في تكفير بعض مشايخ الصوفية!!(/1)
وأشتد عجبي أنه لم يسلم منهم ومن شرهم وتكفيرهم الدكتور يوسف القرضاوي؟!!
بل صعقت حينما رأيتهم يكفرون الداعية عمرو خالد؟!!
وكفروا الدكتور يوسف وعمرو خالد بقضايا هما الذين أصابوا الحق، وأصحاب التكفير من الصوفية والأشاعرة هم من جانبوا الحق فيها كمسألة العلو والاستغاثة!!
وقلتُ:
لابد أن لهذا الشوك من جذور، وقد وقفت على بعض هذه الجذور، وأظهرت بعضها، ونحن في هذا المقال نبين عن أصل من أصول هذه [المدرسة التكفيرية] الإقصائية!! وهو علمهم ومولاهم ووليهم جلال الدين الرومي:
" قال الأفلاكي: سأل الشيخ المحترم أوحد الدين الخوئي مولانا [يعني جلال الدين الرومي]: من هو الكافر؟؟
فقال مولانا: أرني المؤمن كي يَبِينَ الكافر!
فقال الشيخ أوحد الدين: أنت هو المؤمن!!
فقال مولانا: في تلك الحال فكل من يضادُّنا فهو الكافر!!"
[الأفلاكي، مناقب العارفين ج1 ص515 نقلاً عن أخبار جلال الدين الرومي ص228]
علق على هذا أبو الفضل محمد القونوي:
ويؤيد نهج الجلال في الإكفار، والعنف، واستحلال إراقة دم المخالف قوله في المثنوي ج2 (3072):
وأي حلال ذلك يا من غدوت من أهل الضلال
إنني لست أرى حلالاً سوى دمك!!
وقوله في ج6 رقم (2064):
أين هو نسل موسى؟ هلا جاؤوا فأراقوا(/2)
دماء عباد العجل هؤلاء!! واأسفاه
كتبه
أبو عمر الدوسري (المنهج) – شبكة الدفاع عن السنة
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/3)
نظرة الصوفية إلى الجهاد
أجاب عليه:د. علي بن حسن الألمعي
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أرجو من العلماء الأفاضل أن يخبروني بالتفصيل عن (موقف الصوفية من الجهاد الإسلامي المتعارف عليه عند أهل السنة والجماعة)، مع تزويدي ببعض المراجع حتى يتسنى لي التوسع بها. وجزاكم الله خير اً.(/1)
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الصوفية منذ نهاية القرن الثالث فما بعد قد تطورت في بدعها وخرافاتها، وأصبحت مرتعاً لكل مبطل ومنحرف، وأصبحت طرقها مشاعة بين جميع أهل الأهواء والبدع، فدخل فيها الزنادقة والخرافيون، وأهل الشطحات، والكلمات المريبة، وعمت فيها القبورية الضالة، وقد وقف أكثر الصوفية من فريضة الجهاد العظيمة موقف المعطل لها قولاً وعملاً، ودعا أكثرهم إلى صرف الناس عنها، حتى أن منهم من فسر قوله تعالى: "اصبروا وصابروا ورابطوا" [آل عمران: 20] فقال: لم يكن في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- غزو يربط فيه الخيل، ولكنه انتظار الصلاة بعد الصلاة، فالرباط لجهاد النفس، والمقيم في الرباط مجاهد لنفسه!!، انظر هذا في عوارف المعارف وهو مطبوع على من هامش الإحياء، وكثيراً ما يرد على ألسنتهم وفي كتبهم، (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر)، قال الإمام ابن تيمية وأما الحديث الذي يرويه بعضهم - وذكره - فلا أصل له ولم يروه أحد من أهل المعرفة بأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم- وأفعاله.(/2)
ولهذا فإن من شأن الصوفية عبر التاريخ – في الأغلب الأعم- التثبيط عن الجهاد بحجة محاربة النفس وهواها والوقوف عند ذلك، ولم نجد لهم عبر التاريخ اهتماماً بالوقوف في وجه العدو، وعندما كان الأفرنج يغيرون على المنصورة في مصر سنة: (647هـ) تنادى الصوفية ليقرؤوا الرسالة القشيرية، ويتجادلوا في كرامات الأولياء!!.
وتاريخ الصوفية معروف بالقعود والانعزال في الزوايا والتكايا، ومشهور بالتثبيط عن جهاد الأعداء، ولهذا نجد حتى في عصرنا هذا بأن الأعداء يأنسون إليهم، ويرتاحون منهم لعلمهم بأنه لا هم لهذه الطرق بإحياء فريضة الجهاد التي تعد من أعظم الفرائض وهي ذروة سنام الإسلام، ووالله ما تركت الأمة الجهاد في سبيل الله إلا ذلت وهانت على الأعداء، وهزمت وأصبحت في خور وضعف وذلة ومهانة، ولقد قال – صلى الله عليه وسلم-: "إذا تبايعتم بالعينة وتبعتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم." أبو داود(3462)، وأحمد(4987)، وصححه الألباني.
والمقصود أن فريضة الجهاد عند الصوفية أتى عليها ما أتى على غيرها من الفرائض التي وقف منها أهل الأهواء ومنهم الصوفية مواقف منحرفة عن المنهج الصحيح فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل، نسأل الله أن يصلح حال المسلمين وأن يرزقنا البصيرة في الدين، ويمنحنا الإخلاص لرب العالمين،وأوجه أخي السائل – حفظه الله- ومن يطلع على جوابي هذا إلى كتب الشيخين ابن تيمية في المجلد(11) من مجموع الفتاوى، ابن القيم – رحمه الله- في كتابه مدارج السالكين ففيه ردود على الصوفية، وإلى كتاب التصوف بين الحق والخلق محمد فهد شقفة،وكتاب هذه هي الصوفية، عبد الرحمن الوكيل،وكتاب أبو حامد الغزالي، والتصوف للمؤلف عبد الرحمن دمشقية ص393، فما بعدها هذا الكتاب مهم جداً وفيه نقد لمسالك الصوفية والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
أرباب الطريقة
منوعات(/3)
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/4)
نماذج من كرامات ومكاشفات الصوفية المزعومة
إن من أكثر الأمور التي يتفاخر بها الصوفية،ويتناقلونها في مجالسهم،ومنتدياتهم،قديماً وحديثاً،موضوع الأولياء والكرامات التي تحصل لأوليائهم،وسنذكرُ شيئاً من ذلك كنماذج وأمثلة لكبار أوليائهم المزعومين.(/1)
وهذه الكرامات لا ينكرها أحد من المتصوفة،حتى يومنا هذا،لأنها مستقاة من كتب الثقات عندهم كإمامهم الشعراني،ومؤرخهم النبهاني،وحجتهم الغزالي،وغيرهم.
فهم يوردونها دون أي تعليق عليها،لاعتقادهم بصحتها؛بل إنهم يترضون عنهم ويسوقونها على أنها كرامات اختص الله تعالى بها الأولياء،فهم "يعتقدون أن من اتصل بالله وبلغ الغاية في الفناء خضع لهُ الكون وقوانينه،وجرى على يديه خَرْق العادات بما يسمى الكرامات،مقابل ما كان للأنبياء من معجزات ... ومحبة الله -عندهم- هي كل شيء،والسيئات معها تهون،وهذا ما جعلهم يحلون لأنفسهم كل ممنوع،فاجترحوا اللذات ووقعوا في الموبقات" الموسوعة العربية العالمية15/203.
والعجب -ولا عجب في الصوفية- أن هذه الكرامات المزعومة،لا تنطلي على السذج فحسب؛بل على "أساتذة في الجامعات،أساتذة في الطب،والفيزياء،والكيمياء،تكون عقولهم سليمة عند البحث العلمي،وتمسخ عند الحديث عن الولي الفلاني" ثقافتنا لزكي نجيب72.
وقبل أن أعرض شيئاً من تلك الخزعبلات والخرافات التي يسمونها كرامات،آمل أن تعذرني -أخي الكريم- حينما أذكر بعض النماذج التي يذوب المرء معها حياءً وخجلاً،وإنما أنقلها من كتب القوم ومصنفاتهم المعتمدة؛لتقف على بعض اعتقاداتهم ومدى ما وصلت إليه عقولهم.(/2)
ومن ذلك –مثلاً- ما يذكرهُ الشعراني في طبقاتهِ –التي تعتبر أصلاً من أصول كتبهم- في معرض ذكرهِ لأحد أوليائهم،فيقول:
" ... ومنهم أبو محمد عبدالرحمن المغربي القناوي-رضي الله عنه- وهو من أجلاء مشايخ مصر المشهورين،وعظماء العارفين،صاحب الكرامات الخارقة،والأنفاس الصادقة،حُكي أنهُ نزلَ يوماً في حلقة الشيخ شبحٌ من الجو،لا يدري الحاضرين من هو،فأطرق الشيخ ساعة ثم ارتفع الشبح إلى السماء.فسألوا:فقال:هذا مَلَك،وقعت منهُ هفوة،فسقط علينا يستشفع بنا،فقُبِلَ شفاعتنا فيه،فارتفع ... !!!
ومرّ عليه كلب،فقام لهُ إجلالاً!!،فقيل لهُ في ذلك،فقال:رأيتُ في عُنقِهِ خيطاً أزرق من زي الفقراء"1/157.
وقال أيضاً:
"ومنهم الشيخ إبراهيم العريان رضي الله تعالى عنه ورحمه،وكان رضي الله تعالى عنه،يطلع المنبر ويخطبهم عُرياناً،فيقول:السلطان،ودمياط،باب اللوق،بين الصورين،وجامع طولون،الحمد لله رب العالمين،فيحصل للناس بسط عظيم.وكان يُخرج الريح،بحضرةِ الأكابرِ ثم يقول: هذه (ضرطة) فلان،ويحلف على ذلك فيخجل ذلك الكبير منه"1/129.!!
"ومنهم عبدالله بن عون رضي الله تعالى عنه كان يخلو في بيته صامتاً متفكراً وما دخل حماماً قط"1/64.!!
وقال أيضاً:
"ومنهم الشيخ حسين أبو علي رضي الله عنه ورحمه،كان هذا الشيخ –رضي الله عنه- من كُمّل العارفين وأصحاب الدوائر الكبرى،وكان كثير التطورات،تدخل عليه بعض الوقت تجدهُ جُنديا،ثم تدخل عليه فتجدهُ سبعاً،ثم تدخل فتجدهُ فيلاً ثم تدخل عليه فتجدهُ صبياً،وهكذا،فمكث نحو أربعين سنة في خلوة مسدود بابها،ليس لهُ غير طاقةٍ يدخلُ منها الهواء!! ...(/3)
وكان الشيخ عبيد أحد أصحابهِ (وهو الذي مدفون عنده الآن) مثقوب اللسان،لكثرة ما ينطق به من الكلمات التي لا تأويل لها،وأخبرني بعض الثقات أنه كان مع الشيخ عبيد في مركب فوحلت،فلم يستطع أحد أن يزحزحها،فقال الشيخ عبيد:اربطوها في بيضتي [أي في خصيته] بحبل،وأنا أنزل أسحبها،ففعلوا،فسحبها ببيضتهِ،حتى تخلصت من الوحل"2/87.!!
قال أيضاً:
"وقال الشيخ شرف الدين أبو بكر بن عبدالمحسن: كنّا مع السيد أحمد الصيادي،قُدس سره،وكنا كلما مررنا على نهرِ ماء،استقلبه السمك من النهر إلى الشاطئ وازدحم على قدميهِ،وكذلك الدواب،والهوام،والغزلان،في البر الأقفر،حتى إن الحيوانات التي نراها تقف له على حافتي الطريق!! ...
ومات أحد إخوانه فجأة،فجاءت إليه أم الميت،وهو ساجد في صلاة الضحى فتأخر سجوده،فقالت:وحقك!!لو بقيت إلى يوم القيامة ساجداً لما تركتك إلا بولدي!!فرفع رأسه الشريف باكياً،وإذ بالمريد قد قام حياً!!فسجد شكراً لله على نعمتهِ التي أنعمها عليه.
وذكر المناوي:أنه سجد سجدة واحدة،فامتد سجوده سنة كاملة،ما رفع رأسه حتى نبت العشب على ظهره"كما في قلادة الجواهر 340.!!
ويتحدث محمد عثمان البرهاني في كتابهِ: (تبرئة الذمة في نصح الأمة)!!عن"مناقب السيد البدوي فيقول:أنه دعا الله بثلاثِ دعواتٍ،فأجاب الله دعوتين وأبطل الثالثة؛دعا الله أن يشفّعهُ في كل من زار قبره،فأجابَ الله ذلك،ودعا الله أن يكتب حجة وعمرة لكل من زار قبره،فأجاب الله ذلك،ودعا الله أن يدخله النار،فرفض الله ذلك.
فسألوا البدوي:لماذا رفض الله أن يدخلك النار؟ قال:لأني لو دخلتها فتمرغت فيها تصير حشيشاَ أخضر،وحقٌّ على الله أن لا يعذّب بها الكافرين" الصوفية والوجه الآخر 61 !!
ويقول أحد الصوفية الأقطاب: "لولا الحياء من الله لبصقتُ على نارهِ فانقلبت جنة" الصوفية والوجه الآخر 61 !!(/4)
ومن كراماتهم المزعومة –أيضاً- ما يذكرهُ الشعراني عن أحد أوليائهم فيقول:
" ... وكان الشيخ علي وحيش -رضي الله عنه- يقيم عندنا في خان بنات الخطا،وكان كل من خرج [أي بعد اقتراف الفاحشة] يقول لهُ:قف حتى أشفع فيك عند الله،قبل أن تخرج،فيشفع فيه.
وكان إذا رأى شيخ بلد أو غيرهُ،ينزله من على (الحماره) ويقول له:امسك رأسها لي حتى أفعل فيها،فإن أبى شيخ البلدِ،تسمرَ في الأرضِ لا يستطيع أن يمشي خطوة،وإن سمحَ،حصل لهُ خجل عظيم،والناس يمرون عليه" الطبقات الكبرى 2/149-150 !!
فهذه نماذج من كرامات الصوفية المزعومة
نقله أبو عمر المنهجي - شبكة الدفاع عن السنة
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/5)
أكثر من ( 20 ) عالماً من علماء الشافعية يردون على الجفري
نواقض الإسلام القولية والعملية من خلال أقوال علماء الشافعية(/1)
الإمام محمّد بن إدريس الشافعيّ . ت : 204هـ
إمام الحرمين عبدالملك بن عبدالله الجوَينيّ(الشافعيّ)ت:478هـ
عمادُ الدِّين عليُّ بن محمَّد الكِيا الهرَّاسي(الشافعيّ).ت:504هـ
محيي الدين يحيى بن شرف النوويّ (الشافعيّ). ت:676هـ
زين الدين عمر بن مظفر الوردي (الشافعي). ت:749هـ
تقيّ الدِّين عليُّ بن عبد الكافي السبكيّ (الشافعيّ).ت:756هـ
محمَّد بن عبد الرحمن العثمانيّ (الشافعيّ) . ت:بعد 780هـ
سعد الدِّين مسعود بن عمر التفتازانيّ (الشافعيّ). ت:792هـ
بدر الدين بن محمَّد بهادر الزَّركشيّ (الشافعيّ). ت:794هـ
جلال الدِّين محمَّد بن أحمد المحليّ (الشافعيّ). ت:864هـ
محمَّد بن أحمد بن عماد الأقفهسي (الشافعيّ) . ت:867هـ
محمَّد بن أحمد المنهاجيّ الأسيوطيّ (الشافعيّ). ت:880هـ
محمَّد بن قاسم الغزِّي (الشافعيّ). ت:918هـ
زكريَّا بن محمَّد الأنصاريّ (الشافعيّ). ت:926هـ
شهاب الدِّين أحمد البرلُّسي (عميرة) (الشافعيّ). ت:957هـ
أحمد بن محمَّد بن حجر الهيتميّ (الشافعيّ). ت:973هـ
زين الدِّين بن عبد العزيز المليباري (الشافعيّ). ت:987هـ
محمَّد عبد الرؤوف المناويّ (الشافعيّ). ت:1031هـ
أحمدُ بن أحمدَ شهاب الدِّين القليوبيّ (الشافعيّ). ت:1070هـ
سليمان بن عمر العُجيليّ (الجمل ) (الشافعيّ). ت:1204هـ
سليمان بن محمَّد بن عمر البجيرميّ (الشافعيّ). ت :1221هـ
عبد الله بن حجازي (الشرقاويّ) (الشافعيّ). ت:1227هـ(/2)
إبراهيم بن محمَّد بن أحمد البيجوريّ (الشافعيّ). ت:1277هـ
عثمان بن محمد شطا البكريّ (الشافعيّ). ت:1302هـ
* * *
1/ الإمام محمّد بن إدريس الشافعيّ . ت : 204هـ
(( سئل عمَّن هزل بشيءٍ من آيات الله تعالى أنَّه قال : هو كافرٌ واستدل بقوله تعالى : )قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ؟ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمانِكُم( .
2/ إمام الحرمين عبدالملك بن عبدالله الجوَينيّ (الشافعيّ)ت:478هـ
قال الهيتميّ في "الزواجرعن اقتراف الكبائر" :
((نقل إمام الحرمين عن الأصوليّين أَنَّ من نطق بكلمة الرِّدَّة، وزعم أَنَّه أضمر توريةً كَفَرَ ظاهراً وباطناً ، وأقرَّهم على ذلك ))
3/ عمادُ الدِّين عليُّ بن محمَّد الكِيا الهرَّاسي (الشافعيّ). ت:504هـ
قال في "أحكام القرآن" عند تفسير قوله تعالى : )وَلئِنْ سَأَلْتَهُمْ ليَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ، قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ؟ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ((1): ((فيه دلالةٌ على أنَّ اللاَّعب والخائض سواءٌ في إظهار كلمة الكفر على غير وجه الإكراه ، لأَنَّ المنافقين ذكروا أَنَّهم قالوا ما قالوه لَعِباً ، فأخبر الله تعالى عن كفرهم باللَّعِب بذلك ، ودلَّ أنَّ الاستهزاءَ بآياتِ الله تعالى كفرٌ )).
4/ محيي الدين يحيى بن شرف النوويّ (الشافعيّ). ت:676هـ
قال في "روضة الطالبين" في كتاب الرِّدَّة :(/3)
((هي قطع الإسلام ، ويحصل ذلك تارةً بالقول الذي هو كفرٌ ، وتارةً بالفعل ، والأفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن تعمُّد واستهزاءٍ بالدِّين صريحٌ ، كالسُّجود للصَّنم أو للشمس ، وإلقاء المصحف في القاذورات . والسِّحر الذي فيه عبادة الشمس ونحوها ، قال الإمام : في بعض التعاليق عن شيخي أَنَّ الفعل بمجرَّده لا يكون كفراً ، قال : وهذا زَلَل عظيم من المعلِّق ذكرته للتَّنبيه على غلَطِه ، وتحصل الرِّدَّة بالقول الذي هو كفرٌ، سواء صدر عن اعتقادٍ أو عِنادٍ أو استهزاءٍ )) .
وقال في "شرح صحيح مسلم" عند الكلام عن حكم السِّحر :
(( ومنه ما يكون كفراً ، ومنه ما لا يكون كفراً بل معصيةً كبيرة ، فإِنْ كان فيه قولٌ أو فعلٌ يقتضي الكفر ، فهو كفرٌ وإلاَّ فلا ، وأما تعلُّمَه وتعليمَه فحرامٌ ، فإنْ كان فيه ما يقتضي الكفر كفِّر واسْتُتيبَ منه …)) .
5/ زين الدين عمر بن مظفر الوردي (الشافعي). ت:749هـ
قال في البهجة :" ( بَابُ الرِّدَّةِ)
أَفْحَشُ كُفْرٍ ارْتِدَادُ مُسْلِمِ=مُكَلَّفٍ بِفِعْلٍ أَوْ تَكَلُّمِ
مَحْضٍ عِنَادًا وَبِالاسْتِهْزَاءِ=وَبِاعْتِقَادٍ مِنْهُ ،كَالإِلْقَاءِ
لِلْمُصْحَفِ الْعَزِيزِ فِي الْقَاذُورَةِ=وَسَجْدَةٍ لِكَوْكَبٍ وَصُورَةِ"
6/ تقيّ الدِّين عليُّ بن عبد الكافي السبكيّ (الشافعيّ). ت:756هـ
قال في "الفتاوى" : (( التَّكفير حكمٌ شرعيٌّ سببه جَحْد الرُّبوبيَّة أو الوحْدانيّة ، أو الرِّسالة ، أو قول أو فعل حكمَ الشَّارعُ بأنَّه كفر وإِنْ لم يكنْ جَحْداً))
7/ محمَّد بن عبد الرحمن العثمانيّ (الشافعيّ) . ت:بعد 780هـ
((الرِّدَّة هي قطعُ الإسلام بقولٍ ، أو فعلٍ ، أو نيَّةٍ )) .
8/ سعد الدِّين مسعود بن عمر التفتازانيّ (الشافعيّ). ت:792هـ(/4)
(( ( قوله : فيكون ) أيّ : الهازل بالرِّدَّة مرتدَّاً بنفس الهزل لا بما هزَل به لما فيه من الاستخفاف بالدِّين، وهو من إمارات تبدُّل الاعتقاد بدليل قوله تعالى حكايةً )إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ( الآية، وفي هذا جوابٌ عمَّا يقال إِنَّ الارتداد إِنَّما يكون بتبدُّل الاعتقاد، والهزل ينافيه لعدم الرِّضا بالحكم )) .
9/ بدر الدين بن محمَّد بهادر الزَّركشيّ (الشافعيّ). ت:794هـ
((قال تعالى : ) قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ(65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ ( فمن تكلَّم بكلمة الكفرِ هازِلاً ، ولم يقصدِ الكفرَ كفر، وكذا إذا أخذَ مال غيره ( مازحاً) ولم يقصدِ السَّرِقَة حرُم عليه )) .
10/ جلال الدِّين محمَّد بن أحمد المحليّ (الشافعيّ). ت:864هـ
قال في "شرح منهاج الطالبين للنووي" في تعريف الرِّدَّة : (( (هي قطع الإسلام بنيةِ) كفرٍ (أو قولِ كفرٍ أو فعلٍ) مكفِّر، (سواء) في القول (قاله استهزاءً أو عناداً أو اعتقاداً) )) .
11/ محمَّد بن أحمد بن عماد الأقفهسي (الشافعيّ) . ت:867هـ
قال في "الإرشاد" في باب الثلاثة : باب الرِّدَّة ((نعوذ بالله منها. تحصُل بأحد ثلاثة أشياء : النِّيَّة، والقول، والفعل.
فلو نوى قطع الإسلام بقلبه ولم يتلفَّظ ، أو نطق بكلمة كفر ، أو سجد لصنمٍ أو شمسٍ فمرتدٌّ . وسواءً قال ذلك أو فعله اعتقاداً ، أو استهزاءً ، أو عناداً.
واعلم أَنَّ القول والفعل تارةً يستويان ، وتارةً يكون الفعل أقوى وتارةً يكون القول أقوى.
فالأوَّل: كالرِّدَّة، وإِنَّما تحصل بالقول والفعل كما ذكرنا...)) .
12/ محمَّد بن أحمد المنهاجيّ الأسيوطيّ (الشافعيّ). ت:880هـ
((الرِّدَّة: وهي قطع الإسلام بنيَّةٍ أو قولِ كفرٍ أو فعلٍ، سواء قاله استهزاءً أو عناداً أو اعتقاداً)).
13/ محمَّد بن قاسم الغزِّي (الشافعيّ). ت:918هـ(/5)
قال في تعريف الردة ((.. وشرعاً قطع الإسلام بنيَّةِ كفرٍ، أو قولِ كفرٍ، أو فعلِ كفرٍ، كسجود لصنمٍ سواءً كان على جهة الاستهزاء أو العناد أو الاعتقاد )).
14/ زكريَّا بن محمَّد الأنصاريّ (الشافعيّ). ت:926هـ
قال : في "منهج الطلاب":
((كتاب الرِّدَّة: هي قطع من يصحُّ طلاقُه الإسلام بكفرٍ عزماً أو قولاً أو فعلاً استهزاء أو عناداً أو اعتقاداً، كنفي الصَّانع أو نبيٍّ أو تكذيبه أو جَحْد مجمَعٍ عليه معلوم من الدِّين ضرورةً بلا عذرٍ، أو تردُّد في كفرٍ أو إلقاء مصحفٍ بقاذورة أو سجودٍ لمخلوقٍ )) .
15/ شهاب الدِّين أحمد البرلُّسي (عميرة) (الشافعيّ). ت:957هـ
نقل كلام شرح الجلال المحلِّي على منهاج النوويّ: ((الرِّدَّة (هي قطع الإسلام بنيَّةِ) كفرٍ (أو قولِ كفرٍ أو فعلٍ) مكفِّر (سواء) في القول (قاله استهزاء أو عنادا أو اعتقاداً))).
ثم قال: ((قوله (الرِّدَّة) هي لغة: الرُّجوع عن الشيء، وشرعاً: ما قاله المصنِّف)) .
16/أحمد بن محمَّد بن حجر الهيتميّ (الشافعيّ). ت:973هـ
((فمن أنواع الكفر والشِّرك أَنْ يعزِم الإنسان عليه في زمنٍ بعيدٍ أو قريبٍ أو يعلِّقه باللَّسان أو القلب على شيءٍ ولو محالاً عقليَّاً فيما يظهر فيكفر حالاً، أو يعتقد ما يوجبه، أو يفعل أو يتلفَّظ بما يدلُّ عليه سواءً أصَدَر عن اعتقادٍ أو عنادٍ أو استهزاءٍ …)) .
17/ محمَّد بن أحمد الخطيب الشربينيّ (الشافعيّ). ت:977هـ(/6)
"كتاب الرِّدَّة: أعاذنا الله تعالى منها (هي) لغةً: الرُّجوع عن الشيء إلى غيره، وهي أفحشُ الكفر وأغلظُه حكماً، محبطةٌ للعمل.. وشرعاً (قطع) استمرار (الإسلام) ودوامه، ويحصل قطعه بأمور: (بنيَّةِ) كفرٍ… (أو) قطع الإسلام بسبب (قولِ كفرٍ أو فعلٍ ) مُكَفِّرٍ… ثم قسم القول ثلاثة أقسام بقوله: (سواء قاله استهزاء أو عناداً أو اعتقاداً) لقوله تعالى: )قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ(65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ(2)( وكان الأَوْلى تأخيرُ القول في كلامه عن الفعل، لأَنَّ التَّقسيم فيه وخرج بذلك من سبق لسانُه إلى الكفر، أو أُكْرِه عليه، فإنَّه لا يكون مرتدَّاً… (والفعل المكفِّر ما تعمَّده) صاحبه (استهزاء صريحاً بالدِّين أو جحوداً له كإلقاء مصحف)… (وسجودٌ لصنمٍ)…)) .
18/ زين الدِّين بن عبد العزيز المليباري (الشافعيّ). ت:987هـ
((الرِّدَّة لغةً: الرُّجوع وهي أفحش أنواع الكفر ويحبط بها العمل… وشرعاً (قطعُ مكلَّف) مختار فتلغو من صبي ومجنون ومكره عليها إذا كان قلبه مؤمناً (إسلاماً بكفرٍ عزماً) حالاً أو مآلاً فيكفر به حالاً (أو قولاً أو فعلاً، باعتقادٍ) لذلك الفعل أو القول أي معه (أو) مع (عنادٍ) من القائل أو الفاعل (أو) مع (استهزاءٍ ) أي استخفافٍ، بخلاف ما لو اقترن به ما يخرِجُه عن الرِّدَّة كسبق لسانٍ أو حكاية كفرٍ أو خوف )) .
19/ محمَّد عبد الرؤوف المناويّ (الشافعيّ). ت:1031هـ
((الرِّدَّة لغةً: الرُّجوع عن الشَّيء إلى غيره. وشرعاً قطع الإسلام بنيّةٍ أو قولٍ أو فعلٍ مُكَفِّر )) .
20/ أحمدُ بن أحمدَ شهاب الدِّين القليوبيّ (الشافعيّ). ت:1070هـ
نقل كلام "شرح الجلال المحليّ على منهاج النوويّ": ((الرِّدَّة (هي قطع الإسلام بنيَّةِ) كفرٍ (أو قولِ كفرٍ أو فعلٍ) مكفِّر (سواءً) في القول (قاله استهزاءً أو عناداً أو اعتقاداً) )).(/7)
ثم قال : ((كتاب الرِّدَّة أعاذنا الله وسائر المسلمين منها بمنِّهِ وجزيل كرمِهِ وهي لغةً: المرَّة من الرُّجوع وشرعاً ما ذكره المصنِّف - يعني المحليّ -)) .
21/ سليمان بن عمر العُجيليّ (الجمل ) (الشافعيّ). ت:1204هـ
(( (كتاب الرِّدَّة ) (هي) لغةً الرُّجوع عن الشيء إلى غيره وشرعا (قطع من يصحُّ طلاقه الإسلامَ بكفرٍ عزماً)، ولو في قابل (أو قولاً أو فعلاً استهزاءً ) كان ذلك (أو عناداً أو اعتقاداً) بخلاف ما لو اقترن به ما يخرجه عن الرِّدَّة كاجتهادٍ أو سَبْق لسانٍ أو حكايةٍ أو خوفٍ ...)) .
22/ سليمان بن محمَّد بن عمر البجيرميّ (الشافعيّ). ت :1221هـ
قال في شرحه على متن الخطيب الشربينيّ :(/8)
((فصلٌ : في الرِّدَّة … وهي أفحشُ أنواع الكبائر … قوله: (بِنِيَّة) هي العزم على الكفر … قوله : ( أو قولٍ مكفِّرٍ ) لو قدَّمه على ما قبله لكان أَوْلى ; لأَنَّه أغلبُ من الفعل وقوله أو قولٍ مكفِّرٍ أي: عمداً فيخرج من سبق لسانُه إليه ولغير نحو تعليم اهـ. قوله: ( سواء أقاله ) أي المذكور من النيَّة والفعل والقول فهو راجع لكلٍّ من الثلاثة كما في شرح (م ر) ولو قال :كما في المنهج استهزاءً كان ذلك لكان أولى اهـ. لأَنَّ النيَّة والفعل ليسا قولاً . قوله : ( استهزاءً ) أي تحقيراً واستخفافاً … قال الحصنيّ : ومن صور الاستهزاء ما يصدُر : من الظَلَمة عند ضربهم فيستغيث المضروبُ بسيِّد الأولين والآخِرين رسولِ الله فيقول خلِّ رسولَ الله يخلِّصك ونحو ذلك . ا هـ . (م د) . قوله : ( أم عناداً ) أي معاندةَ شخصٍ ومراغمَةً له ومخاصمةً له كأنْ أنْكَر وجوبَ الصَّلاة عليه عناداً وقوله : (أو اعتقاداً ) بأن قال لشخصٍ : يا كافر معتقداً أنَّ المخاطبَ متصفٌ بذلك حقيقةً وظاهر كلام الشارح أَنَّ هذا التَّعميم راجعٌ للقول فقط ولكنَّ بعضه رجعه لما قبله وهو ممكن في الفعل بعيدٌ في النِّيَّة فافهمْ . وقد يُجابُ بحمل الفعل على ما يشمل فعلَ القلب والاعتقاد ويعدُّ فعلاً وإنْ كان في التَّحقيق كيفيَّة قاله (سم). … قوله : ( أو كذب رسولاً ) بخلاف من كذب عليه فلا يكون كفراً بل كبيرةً فقط ا هـ (ع ش) . … قوله : ( أو سبَّه ) أو قصدَ تحقيَره ولو بتصغير اسمه أو سبَّ الملائكة أو ضلَّل الأمَّة . قوله : ( أو استخَفَّ ) أي تهاون به أو باسمه كأن ألقاه في قاذورةٍ أو صغَّره . بأنْ قال محيمد … قوله : ( وسجودٌ لمخلوقٍ كصنمٍ ) إلاَّ لضرورةٍ بأَنْ كان في بلادهم مثلاً وأمروه بذلك وخاف على نفسه )) .
23/ عبد الله بن حجازي (الشرقاويّ) (الشافعيّ). ت:1227هـ
قال في "حاشيته على التَّحرير" لزكريَّا الأنصاريّ:(/9)
((الرِّدَّة قطع من يصحُّ طلاقُه الإسلامَ بكفرٍ نيَّةً أو قولاً أو فعلاً استهزاءً كان كلُّ ذلك أو عناداً أو اعتقاداً) قوله (بكفرٍ نيَّةً أو قولاً أو فعلاً) فمثالُ النِّيَّة أَنْ يعزِم على الكفر ولو في قابلٍ
…والفعل أنْ يسجدَ لمخلوقٍ كصنمٍ وشمسٍ بلا ضرورة ، أو يُلقي مصحفاً أو كتب علمٍ شرعيٍّ أو ما عليه اسمٌ معظمٌ ، في قاذورةٍ …قوله (استهزاءً) أي استخفافاً قوله (أو عناداً) بأنْ عرف الحقَّ باطناً وامتنع أنْ يُقِرَّ به قوله (أو اعتقاداً) )).
24/ إبراهيم بن محمَّد بن أحمد البيجوريّ (الشافعيّ). ت:1277هـ
قال في "حاشيته على ابن قاسم الغزِّيّ" في تعريف الردة: ((وشرعاً قطع الإسلام بنيةِ كفرٍ ، أو قولِ كفرٍ ، أو فعلِ كفرٍ ، كسجودٍ لصنمٍ سواءً كان على جهة الاستهزاء أو العناد أو الاعتقاد) . قوله (سواءً كان الخ…) تعميمٌ في قطع الإسلامِ بنيَّةِ الكفر أو قوله أو فعله لكن لا يظهر الاستهزاء في النِّيَّة وإِنَّما يظهر في القول والفعل . وقوله (جهة الاستهزاء) أي جهة هي الاستهزاء. قال تعالى : )قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ(65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ (وقوله (أو العناد) أي كأن يقول : اللهُ ثالثُ ثلاثة عناداً لمن يخاصمه مع اعتقادِه أن الله واحدٌ فيكفر بذلك …)).
25/ عثمان بن محمد شطا البكريّ (الشافعيّ). ت:1302هـ((وحاصل الكلام على أنواع الرِّدَّة أَنَّها تنحصر في ثلاثة أقسامٍ : اعتقاداتٍ وأفعالٍ وأقوالٍ ، وكلّ قسمٍ منها يتشعَّب شُعَباً كثيرة )) .
لا تعليق ... ورحم الله من عرف قدر نفسه
* استفدته من كتاب ( التوسط والإقتصاد ) للشيخ ( علوي السقاف ) .
كتبه
أبو أمامة - منتديات الصوفية
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية(/10)
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/11)
هداية الشيخ تقي الدين الهلالي من الطريقة التيجانية
شيخ التوحيد في بلاد المغرب والذي كان صوفيا (تيجانيا) فأكرمه الله بدعوة التوحيد, يقول عن سبب خروجه من الطريقة التيجانية:(/1)
"لقد كنت في غمرة عظيمة وضلال مبين وكنت أرى خروجي من الطريقة التيجانية كالخروج من الاسلام ولم يكن يخطر لي ببال ان اتزحزح عنها قيد شعرة, وجرت مناظرة حول ادعاء الشيخ التيجاني في انه رأي النبي يقظة, وقد ثبت بطلان ذلك "يمكن الرجوع للمناظرة بكاملها في كتاب (الفكر الصوفي ص 474) وكذلك يذكر انه اجتمع بالشيخ عبدالعزيز بن ادريس واوضح له بطلان الطريقة التيجانية".(/2)
وأما في العصر الحديث فإن التصوف على الرغم من انتشاره في غفلة من المسلمين عن علوم الكتاب والسنة، فإن الله سبحانه وتعالى قيض للمسلمين في العصر الحديث الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب الذي كان لدعوته المباركة في الجزيرة العربية الفضل في إيقاظ الأمة من سباتها العميق، واطلاعها على حقيقة التصوف الضال فانتشرت دعوة التوحيد شرقاً وغرباً، وقام الرجال المخلصون بملاحقة فلول التصوف في كل صقع من أصقاع الأرض حتى انزاحت الغمة أو كادت بفضل الله ورحمته بعد أن كان الظلام والشر قد عم الأرض كلها إلا القليل القليل من أهل الدين الحق والتوحيد. وأحب في هذا الباب من هذا الكتاب المبارك إن شاء الله تعالى أن أسوق شهادتين لرجلين مشهورين من رجال العصر الحاضر ممن أكرمهم الله بالنجاة من التصوف الخاسر إلى رحاب التوحيد والإيمان وهما الدكتور تقي الدين الهلالي شيخ التوحيد والسنة في بلاد المغرب، بل في العالم الإسلامي كله، والذي كان صوفياً (تجانياً) فأكرمه الله بدعوة التوحيد فلما رأى النور والخير كتب كتابه (الهدية الهادية إلى الطريقة التجانية). وأما الرجل الآخر الذي ننقل شهادته فهو الشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله، وكيل جماعة أنصار السنة بمصر، والذي جرّد قلمه السيال لبيان فرية التصوف الكبرى فكتب كتابه المشهور (هذه هي الصوفية).
شهادة الدكتور الشيخ تقي الدين الهلالي:
"الحمد لله الذي أرسل خاتم النبيين وإمام المرسلين، محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين بشيراً لمن آمن به، واهتدى بهديه، بالفوز المبين ونذيراً لمن كفر به وخالف سنته بالعذاب المهين، وصل اللهم على محمد وأزواجه وذرياته كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذرياته كما باركت على إبراهيم، صلاة تشمل آله ومن تمسك بسنته إلى يوم الدين.(/3)
فيقول أفقر العباد إلى الغني الكبير المتعال، محمد تقي الدين بن عبدالقادر الحسيني الهلالي غفر الله ذنبه وستر عيبه:
نشأت في بلاد سجلمانة، وحفظت القرآن وأنا ابن اثنتي عشرة سنة، ورأيت أهل بلادنا مولعين بطرائق المتصوفة لا تكاد تجد واحداً منهم لا عالماً ولا جاهلاً إلا وقد انخرط في سلك إحدى الطرق، وتعلق بشيخها تعلق الهائم الوامق، يستغيث به في الشدائد ويستنجد به في المصائب، ويلهج دائماً بشكره والثناء عليه فإن وجد نعمة شكره عليها، وإن أصابته مصيبة اتهم نفسه بالتقصير في محبة شيخه والتمسك بطريقته، ولا يخطر بباله أن شيخه يعجز عن شيء في السماوات ولا في الأرض فهو على كل شيء قدير، وسمعت الناس يقولون: من لم يكن له شيخ فالشيطان شيخه. وينشدون قول ابن عاشور في أرجوزته التي نظمها في عقيدة الأشعرية، وفي فروع المالكية، وفي مبادئ التصوف:
يصحب شيخاً عارف المسالك يقيه في طريقه المهالك
يذكره الله إذا رآه ويوصل العبد إلى مولاه
ورأيت الطرق المنتشرة في بلادنا قسمين:
1- قسم ينتمي إليه العلماء وعلية القوم.
2- وقسم ينتمي إليه السوقة وعامة الناس.
فمالت نفسي إلى القسم الأول، وسمعت أبي وهو من علماء بلدنا مراراً يقول: لولا أن الطريقة التجانية تمنع صاحبها من زيارة قبور الأولياء والاستمداد منهم وطلب الحاجات إلا قبر النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، وإلا قبر الشيخ التجاني، وقبور من ينتمي إلى طريقته من الأولياء، قال أبي: لولا ذلك لأخذت ورد الطريقة التجانية، لأني لا أستطيع أن أترك زيارة جدنا عبدالقادر بن هلال، وجدنا كان مشهوراً بالصلاح وله قبر يزار وهو معدود من جملة الأولياء في ناحية الغرفة من القسم الشرقي الجنوبي في بلاد المغرب.(/4)
والطريقة التجانية، والدرقاوية، والكتانية، وإن كان أهلها في بلادنا قليلاً، تؤلف القسم الأول، فاشتاقت نفسي إلى أخذ ورد الطريقة التجانية وأنا قد ناهزت البلوغ فذهبت إلى المقدم وقلت له: يا سيدي أريد منك أن تعطيني ورد الطريقة التجانية، ففرح كثيراً، وقال لي: تأخذ الورد على صغر سنك؟ قلت: نعم، فقال: بخ بخ أفلحت ونجحت، فأعطاني الورد وهو:
ذكر لا إله إلا الله مائة مرة، والاستغفار مائة مرة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأي صيغة مائة مرة، لكن صيغة الفاتح لما أغلق هي أفضل الصيغ، وسيأتي إن شاء الله ذكر فضلها (الفضل المزعوم عندهم) في هذا الكتاب بعون الله وتوفيقه، وأعطاني كذلك الوظيفة وهي أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ثلاثين مرة، وصلاة الفاتح لما أغلق خمسين مرة، ولا إله إلا الله مائة مرة، وجوهره الكمال وهي: اللهم صل وسلم على عين الرحمة الربانية.. الخ، وسيأتي ذكر ألفاظها اثنتي عشر مرة، وهذه الصلاة لا تذكر إلا بطهارة مائية، فمن كان فرضه التيمم فعليه أن يذكر بدلها صلاة الفاتح عشرين مرة، قال: وإنما اشترطت الطهارة المائية على ذاكرها لأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين يحضرون مجلس كل من يذكرها ولا يزالون معه ما دام يذكرها.
ويجب ذكر الورد مرة في الصباح ومرة في المساء بطهارة تامة كما يشترط في الصلاة، ويكون الذاكر جالساً كجلسة التشهد على الأفضل مغمضاً عينيه مستحضراً صورة الشيخ أحمد التجاني وهو رجل أبيض مشرب بحمرة ذو لحية بيضاء، ويتصور في قلبه أن عموداً من النور يخرج من قلب الشيخ ويدخل في قلب المريد.
أما الوظيفة فيجب أن تذكر جماعة بصوت واحد، إن كان للمريد إخوان في بلده، فإن لم يكن له إخوان تجانيون في بلاده جاز له أن يذكرها وحده مرة في كل يوم.(/5)
وأخبرني المقدم الشيخ عبدالكريم المنصوري ببعض فضائل هذا الورد وسأذكرها فيما بعد إن شاء الله واستمررت على ذكر الورد والوظيفة بإخلاص ملتزماً الشروط مدة تسع سنين، وهناك ذكر آخر يكون يوم الجمعة متصلاً بغروب الشمس وهو: لا إله إلا الله ألف مرة، والأفضل أن يكون معه سماع قبله أو بعده، وهو إنشاد شيء من الشعر بالغناء والترنم جماعة ثم يقولون جميعاً: الله حي، والمنشد ينشدهم وهم قيام حتى يخلص عند تواجدهم إلى لفظ آه، آه، آه، ويسمون هذه الحالة العمارة، وقد تركوها منذ زمان طويل لأن أبناء الشيخ التجاني لا يستعملون هذه العمارة، وهم يأتون من الجزائر إلى المغرب وقد أشاروا على المغاربة أن يتركوا العمارة لأنهم لا يستحسنونها، ولكن في كتب الطريقة أنها فعلت أمام الشيخ أحمد التجاني وبرضاه وإقراره.(/6)
وكنت كلما أصابتني مصيبة أستغيث بالشيخ فلا يغيثني، فمن ذلك أني كنت في الجزائر مسافراً من ناحية (بركنت) بقرب حدود المغرب إلى (المشرية)، وكان لي رفيق له جمل فعلقه وأوصاني بحراسته وتركني في خيمة وقلنا فيها من خيام أهل البادية، فانحل عقال الجمل وانطلق في البرية فتبعته فأخذ يستهزئ بي، وذلك أنه يبقى وقفاً إلى أن أكاد أضع يدي على عنقه ثم يجفل مرج واحدة ويجري مسافة طويلة ثم يقف ينتظرني إلى أن أكاد أقبضه ثم يهرب مرة أخرى وذلك في نحر الظهيرة وشدة الحر، فقلت في نفسي: هذا وقت الاستغاثة بالشيخ فتضرعت إليه وبالغت في الاستغاثة أن يمكنني في قبض الجمل وإناخته فلم يستجب، فعدت على نفسي باللوم واتهمتها بعدم الإخلاص والتقصير في خدمة الطريقة ولم أتهم الشيخ البتة بعجز عن قضاء حاجتي، ومع أن شيوخ الطريقة يوصون المريد أن لا يطالع شيئاً من كتب التصوف إلا كتب الطريقة التجانية وقع في يدي مجلد من كتاب (الإحياء) للغزالي فطالعته فأثر في نفسي واجتهدت في العبادة والتزمت قيام الليل في شدة البرد، فبينما أن ذات ليلة أصلي قيام الليل أمام خيمتي الصغيرة التي كنت جالساً فيها يكاد رأسي يمس سقفها إذ رأيت غماماً أبيض سد الأفق كالجبل المرتفع من الأرض إلى السماء وأخذ ذلك الغمام يدنو مني آتياً من جهة الشرق -وهي قبلة المصلي في المغرب والجزائر- حتى وقف بعيداً مني وخرج منه شخص وتقدم حتى قرب مني ثم شرع يصلي بصلاتي مؤتماً بي، وثيابه تشبه ثياب جارية بنت خمس عشرة سنة، ولم أستطع أن أميز وجهه بسبب الظلام.(/7)
ولما شرع يصلي معي كنت أقرأ في سورة ألم السجدة ففزعت وخفت خوفاً شديداً، فخرجت منها إلى سورة أخرى أظنها سورة سبأ، ولم أستطع قراءة القرآن مع شدة حفظي له بسبب الرعب الذي أصابني، فتركت السور الطوال وأخذت أقرأ بالسور القصار التي لا تحتاج قراءاتها إلى رباطة جأش واستحضار فكر. فصلى معي ست ركعات، ولم أرد أن أكلمه، لأن كتب الطريقة توصي المريد أن لا يشتغل بشيء مما يعرض له في سلوكه حتى يصل إلى الله، وتنكشف له الحجب فيشاهد العرش والفرش، ولا يبقى شيء من المغيبات خافياً عليه، ولما طال علي زمان الاضطراب دعوت الله في سجود الركعة السادسة فقلت: يا رب إن كان في كلام هذا الشخص خير فاجعله هو يكلمني، وإن لم يكن في كلامه خير فاصرفه عني، فلما سلمت من التشهد بعد الركعة السادسة سلم هو أيضاً، ولم أسمع له صوتاً ولكني رأيته التفت عند السلام إلى جهة اليمين كما يفعل المصلي المنفرد على مذهب المالكية، فإنه يسلم مرة واحدة عن يمينه، السلام عليكم دون أن يضيف إليها رحمة الله وبركاته، وإن كان مؤتماً بإمام يسلم ثلاث تسليمات إن كان بيساره مصل تسليمة عن يمينه وهي تسليمة التحليل وتسليمة أمامه للإمام، وتسليمة ثالثة عن شماله للمصلي الذي يجلس عن شماله وقد ثبت في الحديث الذي رواه أبو داود وصححه الحافظ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وهذا هو الذي ينبغي لكل مصل أن يعتمد عليه سواء أكان إماماً أو مأموماً أو منفرداً.(/8)
وبعد السلام انصرف ومشى على مهل حتى دخل في الغمام الأبيض الذي كان قائماً في مكانه الذي كان ينتظره، وبعد دخوله في الغمام فوراً أخذ الغمام يتقهقر إلى جهة الشرق حتى اختفى عن بصري وكان في قبيلة (حميان) شيخ شنقيطي صالح ما رأيت مثله في الزهد والورع ومكارم الأخلاق وسأذكره فيما بعد، فسافرت إليه وحكيت له تلك الحادثة فقال لي: يمكن أن يكون ذلك شيطاناً لو كان ملكاً ما أصابك فزع ولا رعب، فظهر لي أن رأيه صواب.
وبعد ذلك بزمن طويل أخذت أدرس علم الحديث، فرأيت كتاب (صحيح البخاري) ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه جبريل وهو في غار حراء، فظهر لي أن رأي ذلك الشيخ رحمه الله غير صحيح وبقيت المشكلة بلا حل إلى الآن وكنت حينئذ مشركاً أستغيث بغير الله وأخاف غير الله. ومن هذا تعلم أن ظهور الخوارق وما في عالم الغيب ليس دليلاً على صلاح ما ظهرت له تلك الخوارق ولا على ولايته لله البتة فإن كل مرتاض رياضة روحية تظهر له الخوارق على أي دين كان وقد سمعنا وقرأنا أن العباد الوثنيين من أهل الهند تقع لهم خوارق عظام.(/9)
وبعد ذلك بأيام رأيت في المنام رجلاً نبهني وأشار إلى الأفق فقال لي: انظر فرأيت ثلاثة رجال فقال لي إن الأوسط منهم هو النبي صلى الله عليه وسلم فذهبت إليه فلما وصلت إليه انصرف الرجلان اللذان كانا معه فأخذت يده وقلت يا رسول الله خذ بيدي إلى الله فقال لي اقرأ العلم ففكرت وعلمت أني في بلاد الجزائر وكان الفرنسيون مسؤولين عليها وكان فقهاء بلدنا يكفرون كل من سافر إلى الجزائر وإذا رجع من سفره يأمرونه بالاغتسال والدخول في الإسلام من جديد ويعقدون له عقداً جديداً على زوجته فقلت في نفسي هذا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني بطلب العلم، وأنا في بلاد يحكمها النصارى، فإما أن أكون عاصياً أو كافراً فكيف يجوز لي أن أطلب فيها العلم. هذا كله وقع في لحظة وأنا لا أزال واقفاً أمام النبي صلى الله عليه وسلم فقلت في بلاد المسلمين أم في بلاد النصارى، فقال لي البلاد كلها لله، فقلت يا رسول الله ادع الله أن يختم لي بالإيمان فرفع اصبعه السبابة إلى السماء وقال لي عند الله.(/10)
وبعدما خرجت من الطريقة التجانية على أثر المناظرة التي سأذكرها فيما بعد إن شاء الله بزمان رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى في المنام على صورة تخالف الصورة التي رأيته عليها في المرة المذكورة، ففي الأولى كان طويلاً أبيض نحيفاً مشرباً بحمرة، لحيته بيضاء، أما في هذه المرة فكان ربعة من الرجال إلى الطول أقرب ولم يكن نحيفاً، ولحيته سوداء، وبياض وجهه وحمرته أقرب إلى ألوان العرب من المرة الأولى، وكانت رؤيتي له في فلاة من الأرض وكنت بعدما خرجت من الطريقة التجانية توسوس نفسي أحياناً بما في كتاب جواهر المعاني مما ينسب إلى الشيخ التجاني أنه قال: (من ترك ورده وأخذ وردنا وتمسك بطريقتنا هذه الأحمدية المحمدية الإبراهيمية الحنفية التجانية فلا خوف عليه من الله ولا من رسوله ولا من شيخه أياً كان من الأحياء أو من الأموات أما من أخذ وردنا وتركه فإنه يحل به البلاء وأخرى ولا يموت إلا كافراً قطعاً وبذلك أخبرني سيد الوجود صلى الله عليه وسلم يقظة ومناماً) وقال لي سيد الوجود صلى الله عليه وسلم فقراؤك فقرائي وتلاميذك تلاميذي وأنا مربيهم. وسيأتي من هذه الأخبار وأمثالها إن شاء الله كثير في ذكر فضائل الأوراد والأصحاب فكنت أدفع هذا الوسواس بأدلة الكتاب والسنة، وأرجم شيطانه بأحجارها فيخنس ثم يخسأ ويدبر فأراً منهزماً فلما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المرة خطر ببالي ذلك فعزمت على أن أبدأ الكلام مع النبي صلى الله عليه وسلم بأن أسأله أن يدعو الله لي أن يختم لي بالإيمان، وأظن القارئ لم ينس أني سألته في المرة الأولى فلم يدع لي ولكنه رفع إصبعه السبابة إلى السماء وقال عند الله، فقلت يا رسول الله، ادع الله أن يختم لي بالإيمان، فقال لي ادع أنت وأنا أؤمن على دعائك، فرفعت يدي وقلت اللهم اختم لي بالإيمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم آمين وكان رافعاً يديه فزال عني ذلك الوسواس ولكني لم آمن مكر الله تعالى(/11)
فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، والرؤيا تبشر ولا تغر، وبين هذه الرؤيا التي دعا لي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يختم الله لي بالإيمان بتأمينه على دعائي والرؤيا التي قدمت ذكرها ولم يدع لي فيها، عشرون سنة، وتأولت اختلاف الصورة وعدم الدعاء في الرؤيا الأولى والدعاء في الرؤيا الثانية بما كنت عليه من الشرك في العبادة وبما صرت إليه من توحيد الله تعالى واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم.
سبب خروجي من الطريقة التجانية:(/12)
لقد كنت في غمرة عظيمة، وضلال مبين، وكنت أرى خروجي من الطريقة التجانية كالخروج من الإسلام. ولم يكن يخطر لي ببال أن أتزحزح عنها قيد شعرة، وكان الشيخ عبدالحي الكتاني عدواً للطريقة التجانية لأنه كان شيخاً رسمياً للطريقة الكتانية، وإنما قلت رسمياً لأن أهل (سلا) أعني الكتانيين أنصار الشيخ محمد بن عبدالكبير الكتاني، مؤسس الطريقة الكتانية، لا يعترفون به أي بالشيخ عبد الحي ويقولون إن الاستعمار الفرنسي هو الذي فرضه على الكتانيين فرضاً، والذي حدثني بذلك هو العالم الأديب النبيل الشيخ عبدالله بن سعيد السلوي فإنه كان حامل لواء نصرة الشيخ محمد بن عبدالكبير الكتاني، وكان يعادي أخاه عبدالحي عداوة شديدة ويرميه بالعظائم والكبائر التي لا يسوغ ذكرها هنا والاستطراد بذكر أسباب العداوة بين الشيخين الكتانيين الأخوين يخرج بنا عن الموضوع، أقول مر بنا الشيخ عبد الحي في (وجدة) وأنا عند العالم الأديب الشاعر المتفنن في علوم كثيرة الشيخ أحمد سكيرج، قاضي القضاة بناحية (وجدة)، معلماً لولده الأديب السيد عبدالكريم وابن أخيه السيد عبدالسلام، كنت أعلمهما الأدب العربي بدعوة من الشيخ أحمد سكيرج، فمدحت عبدالحي بقصيدة ضاعت مني ولا أذكر شيئاً منها، ولكنه أعجب بها أيما إعجاب، حتى قال لي عاهدني أنك إذا قدمت (فاساً) تنزل عندي ضيفاً فعاهدته على ذلك. ففي ربيع الأول من سنة أربعين من هذا القرن الهجري سافرت إلى فاس ونزلت عنده. وولد له في تلك الأيام سماه عبدالأحد فالتمس مني نظم أبيات في التهنئة وتاريخ مولده فنظمتها ولا أذكر منها شيئاً، وفي اليوم السابع من مولده عمل مأدبة عظيمة دعا لها خلقاً كثيراً وبعد ما أكلوا وشربوا قاموا (للعمارة) (ذكر بالرقص والتمايل) التي تقدم ذكرها ودعوني أشاركهم في باطلهم فامتنعت لأن من شروط التجاني المخلص أن لا يذكر مع طريقة أخرى ذكرهم وأن لا يرقص معهم. وفي كتاب البغية للشيخ العربي ابن السايح وهو(/13)
شرح المنية للتجاني ابن بابا الشنقيطي حكاية في وعيد شديد لمن يشارك أصحاب الطرائق الأخرى في أورادهم وأذكارهم وحاصلها أن شخصاً تجانياً ذهب إلى زاوية طريقة أخرى لغرض دنيوي فاستحى أن يبقى منفرداً عنه وهم يذكرون وظيفتهم فشاركهم في الذكر فلما فتح فاه ليذكر معهم أصابه الشلل في فكيه فبقي فاه مفغوراً ولم يستطع سده حتى مات. ولكن الجماعة ألحوا علي وجروني جراً حتى أوقفوني في حلقتهم فرأيت أفواهاً مفغورة من وجوه بعضها فيه لحية سوداء، وبعضها فيه لحيةخطها الشيب، وبعضها أمرد ليس له لحية من الغلمان الذين لم يلتحوا بعد، أما حلق اللحى فلم يكن موجوداً في ذلك الزمن إلا عند الفرنسيين المستعمرين وقليل جداً من حواشيهم وسمعت أصواتاً تنبعث من تلك الأفواه ليس لها معنى في أي لغة بعضها آآآ وبعضها آه آه آه، وبعضها أحن أح أح فاستنكرت تلك الهيئة وقلت في نفسي إن الله لا يرضى بهذه الحالة أن تكون عبادة له لبشاعتها ثم ندمت على ذلك ندامة الكسعي أو الفرزدق حين طلق نوار فقال:
ندمت ندامة الكسعي لما عدت مني مطلقة نوار
وكانت جنتي فخرجت منها كآدم حين أخرجه الضرار(/14)
وقلت في نفسي كيف يسوغ لي أن أنكر شيئاً حضر مثله خاتم الأولياء القطب سيدي أحمد التجاني فتبت من ذلك الخاطر ولكن جاءني امتحان آخر وذلك أن الشيخ عبد الحي الكتاني قال لي منتقداً: إن الطريقة التجانية مبنية على شفا جرف، وأنه لا ينبغي لعاقل أن يتمسك بها فقلت له: (والطريقة الكتانية التي أنت شيخها)؟ فقال لي كل الطرائق باطلة، وإنما هي صناعة للاحتيال على أكل أموال الناس بالباطل وتسخيرهم واستعبادهم، فقلت إذن أنت تستحل أموال الناس بالباطل وتسخرهم وتستعبدهم، قال: أنا لم أؤسس الطريقة وإنما أسسها غيري، وهذه الأموال التي آخذها منهم أنفقتها في مصالح لا ينفقونها هم فيها. ثم قلت له: ومن الذي حملك على الطعن في الطرائق وما دليلك على بطلانها؟ قال لي: ادعاء كل من الشيخين أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر بذاته وظيفة أصحابه حين يذكرونها وهذه قلة حياء منهما، وعدم تعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم كيف تكلفونه أن يخرج من قبره ويقطع هذه المسافات من البر والبحر ليجلس أمامكم فأنتم تبسطون له ثوباً أبيض ليجلس عليه وأصحابنا يقومون ويذهبون إلى الباب ليتلقوه، فقلت: إذاً أنت لا تعتقد صحة طريقك؟ فقال: لا أعتقدها أبداً وقد أخبرتك أنها صناعة لأكل أموال الناس بالباطل. وأزيدك على ذلك اعتماد طريقتكم على كتاب (جواهر المعاني) الذي تزعمون أن شيخكم أحمد التجاني أملاه على علي حرازم نصفه مسروق، فأحد المجلدين وهو الأول مسروق بالحرف وهو تأليف لمحمد عبدالله المدفون بكذا وكذا بفاس، وسمى ناحية نسيتها الآن، قال وأنا قابلت الكتابين من أولهما إلى آخرهما فوجدت المجلد الأول من (جواهر المعاني) مسروقاً كله من كلام الشيخ المذكور ففارقته. وبعد أيام كنت جالساً عند الشيخ عمر بن الخياط بائع الكتب بقرب القرويين فقال لي: هل اجتمعت بالأستاذ الشيخ محمد بن العربي العلوي، فقلت :لا، فقال لي: هذا الرجل من أفضل علماء فاس وعنده خزانة كتب لا يوجد مثلها(/15)
في فاس وأثنى عليه بالعلم والأدب فقلت له أنا لا أجالس هذا الرجل ولا أجتمع به لأنه يبغض الشيخ أحمد التجاني ويطعن في طريقته فقال لي: إن طالب العلم يجب أن يتسع فكره وخلقه لمجالسة جميع الناس وبذلك يتسع علمه وأدبه ولا يجب عليه أن يقلدهم في كل ما يدعون، يأخذ ما صفا ويدع ما كدر، وإن لم تجتمع بهذا الرجل يفوتك علم وأدب كثير فذهبت إليه لأجتمع به، وكان قاضياً في محكمة فاس الجديدة فنظمت أربعة أبيات لا أحفظ منها إلا شطر البيت الرابع وهو (وهذا مدى قصدي وما أنا مستجد).. أعني أن غرضي بالاجتماع بك المذاكرة العلمية فهي غاية قصدي وإن اعتبرنا ما موصولة يكون المعنى والذي أستجديه أي أطلبه وإن اعتبرناها نافية تميمية يكون المعنى ولست مستجدياً أي طالباً مالاً، فلما خرج من المحكمة وأراد أن يركب بغلته التي كانت على باب المحكمة ولجامها بيد خادمه تقدمت إليه وأعطيته الصحيفة التي فيها الأبيات فلما قرأها رحب بي، وقال لطالب كان يرافقني وهو الحاج محمد بن الشيخ الأراري: أنت تعرف بيتنا، فقال: نعم، قال: فأتى به على الساعة التاسعة صباحاً، فخرجت مع الرفيق المذكور من مدرسة الشراطين، وكان يسكن فيها على الساعة الثامنة والنصف، لنصل إلى الشيخ على الساعة التاسعة، وكان ذلك اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، وهو عيد عند المغاربة وكثير من البلدان الإسلامية وفي المغرب طائفة يسمون (العيساويين) أتباع الشيخ بن عيسى المكناسي، وهؤلاء لهم موسم في كل سنة يجتمعون فيه في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول ويأتون من جميع أنحاء المغرب، فيضربون طبولهم ومزاميرهم، ويترنمون بأناشيدهم إلى أن يظهر للناس أنهم أصيبوا بالجنون وحينئذ يفترسون الغنم والدجاج بدون زكاة بل يقطعونه بأظافرهم ويأكلون لحمه نيئاً والدم يسيل منه وقد ملأوا أزقة فاس وهي ضيقة في ذلك الزمن، وحتى في هذا الزمن، فلم نستطع أن نصل إلى بيت الشيخ إلا بعد مضي ساعتين ونصف من شدة الزحام(/16)
فلما وصلنا وأخبرنا بوابه ذهب ثم رجع إلينا وقال: إنكما لم تجيئا في الموعد المضروب والشيخ مشغول عنده حكام فرنسيون فارجعا إليه بعد صلاة العصر فرجعنا وقلت لصاحبي: لا نرجع إليه فقد كفانا الله شر لقائه لأنه مبغض لشيخنا وطريقته فالخير في ما اختاره الله تعالى. فقال لي ليس الشيخ بملوم وقد اعتذر بعذر قائم والصواب أن نرجع إليه، فرجعنا إليه بعد العصر، ووجدت عنده من الترحيب والبشاشة والإكرام والتواضع ما لم أجده عند الشيخ الكتاني ولا عند أحد من علماء فاس.(/17)
وأخذنا في أحاديث أدبية وكان يقوم ويأتي بالكتب ويضعها أمامي. ووجدته كما قال السيد عمر بن الخياط. ولما كادت الشمس تغرب استأذنته في الانصراف فقال لي: أين تذهب، أنت غريب في هذا البلد وهذا المكان معد للضيوف لا نحتاج إليه فامكث، وبت هنا؛ وقبلت دعوته، وبعد أن صلينا المغرب جاء أصحابه، أذكر منهم الشيخ عبدالسلام الصرغيني، والشيخ المهدي العلوي، وهو لا يزال في قيد الحياة؛ أما الأول فقد مات فأخذ بعضهم يلعب الشطرنج وهو يراهم ولا ينكر عليهم فقلت في نفسي هذا دليل على أنه من العلماء الذين لا يعملون بعلمهم فهو جدير أن ينكر على أولياء الله ما خصهم الله به من كرامة. ثم تركوا الشطرنج وأخذوا ينتقدون الطريق الكتانية ويستهزئون بها ويسخرون من أهلها وكل منهم يحكي حكاية. فقال الشيخ عندي حكاية هي أعجب وأغرب مما عندكم؛ جاءني شاب كان متمسكاً بالطريقة الكتانية تمسكاً عظيماً فقال لي: أريد أن أتوب على يدك من الطرائق كلها وتعلمني التمسك بالكتاب والسنة، فقلت له: وما الذي دعاك إلى الخروج من طريقتك التي كنت مغتبطاً بها. فقال لي: إنه أمس شرب الخمر وزنا وترك صلاة العصر والمغرب والعشاء فمر بالزاوية الكتانية وسمع المريدين يرقصون ويصيحون بأصوات عالية والمنشد ينشدهم، وكانت بقية سكر لا تزال مسيطرة عليه، فهم أن يدخل الزاوية، ويرقص معهم، ولكنه أحجم عن ذلك لأنه جنب ولم يصل شيئاً من الصلوات في ذلك النهار، إلا أن سكره غلب على عقله فدخل الزاوية ووجد الشيخ محمد بن عبدالكبير في صدر الحلقة، والمريدون يرقصون فاشتغل معهم في الرقص، وكان أنشطهم فلما فرغوا من رقصهم دعاه الشيخ وقبله في فمه وقال (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قبلك فاقتديت به)! قال ولما دعاني خفت خوفاً شديداً وظننت أنه انكشف له حالي وهو يريد أن يوبخني على ذنوبي فلما قال لي أيقنت أنه كاذب في كل ما يدعيه ويدعو إليه وإلا كيف يرضى عني النبي صلى الله عليه وسلم ويقبلني(/18)
في فمي مع تلك الكبائر التي ارتكبتها في ذلك اليوم. قال: فهذا سبب مجيئي إليك لأتوب إلى الله من الطرائق كلها وأتبع طريقة الكتاب والسنة.
ولما رأيتهم أنا يعيبون الطريقة الكتانية ويستهزئون بها أصابني خوف شديد وندمت على زيارتي للشيخ فقلت لنفسي هذا الذي كنت أخافه وقد وقعت فيه فكيف الخلاص؟
وذكرت قول التجاني ابن بابا في منيته:
ومن يجالس مبغض الشيخ هلك وضل في مهامة وفي حلك
وشدد النهى لنا الرسول في ذاك فلتعمل بما أقول
والشيخ قال هو سم يسري يحل من فعله في خسر(/19)
ومعنى ذلك أن الشيخ أحمد التجاني قال قال لي سيد الوجود صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً قل لأصحابك لا يجالسوا المبغضين لك فإن ذلك يؤذيني فصممت على أن أخرج من ذلك المجلس. فقمت فقال لي الشيخ إلى أين؟ فقلت: إلى بيت الخلاء، كذبت عليه، فلما وصلت إلى الباب منعني البواب من الخروج، وقال لي: وهل أذن لك الشيخ في الخروج، فقلت: نعم، فقال لي: هذا محال لأنك غريب والقانون الفرنسي يقضي بأن التجول بعد الساعة العاشرة ليلاً فيه خطر، فإنك لا تمشي خطوات حتى يقبضوا عليك وتؤخذ إلى السجن، وتبقى فيه إلى ضحى الغد وحينئذ ينظر في إطلاق سراحك. وقال لي: أنا لا أفتح لك الباب إلا إذا سمعت الإذن من الشيخ، فقلت له: إذا أرجع. ورجعت وجلست في مكاني، ولم تخفى حالي عن الشيخ فقال لي أراك منقبضاً؛ فما سبب انقباضك؟ فقلت سببه أنكم انتقلت من الطعن في الطريقة الكتانية إلى الطريقة التجانية، وأنا تجاني لا يجوز لي أن أجلس في مجلس أسمع فيه طعن في شيخي وطريقته. فقال لي: لا بأس عليك، أنا أيضاً كنت تجانياً وخرجت من الطريقة التجانية لما ظهر لي بطلانها، فإن كنت تريد أن تتمسك بهذه الطريقة على جهل وتقليد فلك علي ألا تسمع بعد الآن في مجلس انتقاداً لها أو طعناً فيها. وإن كنت تريد أن تسلك مسلك أهل العلم فهلم إلى المناظرة، فإن ظهرت علي رجعت إلى الطريقة، وإن ظهرت عليك خرجت منها كما فعلت أنا. فأخذتني النخوة ولم أرض أن أعترف أني أتمسك بها على جهل فقلت قبلت المناظرة.
مناظرة حول ادعاء الشيخ التجاني في أنه رأى النبي في اليقظة:(/20)
قال الشيخ أريد أن أناظرك في مسألة واحدة إن ثبتت ثبتت الطريقة كلها، وإن بطلت بطلت الطريقة كلها، قلت ما هي؟ قال: ادعاء التجاني أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً، وأعطاه هذه الطريقة بما فيها من الفضائل فإن ثبتت رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة وأخذه منه الطريقة فأنت على حق وأنا على باطل والرجوع إلى الحق، وإن بطل ادعاؤه فأنا على حق وأنت على باطل فيجب عليك أن تترك وتتمسك بالحق. ثم قال: تبدأ أنت أو أبدأ أنا؟ فقلت: ابدأ أنت، فقال: عندي أدلة كل واحد منها كاف في إبطال دعوى التجاني. قلت: هات ما عندك وعلي الجواب، فقال:
الأول: إن أول خلاف وقع بين الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كان بسبب الخلافة؛ قالت الأنصار للمهاجرين منا أمير ومنكم أمير، وقال المهاجرون: إن العرب لا تذعن إلا لهذا الحي من قريش. ووقع نزاع شديد بين الفريقين حتى شغلهم عن دفن النبي صلى الله عليه وسلم فبقي ثلاثة أيام بلا دفن صلاة الله وسلامه عليه فكيف لم يظهر لأصحابه ويفصل النزاع بينهم ويقول الخليفة فلان فينهي النزاع؟ كيف يترك هذا الأمر العظيم لو كان يكلم أحداً يقظة بعد موته لكلم أصحابه وأصبح بينهم، وذلك أهم من ظهوره للشيخ التجاني ألف ومائتي سنة، ولماذا ظهر؟ ليقول له أنت من الآمنين، ومن أحبك من الآمنين، ومن أخذ وردك يدخل الجنة بلا حساب ولا عقاب هو ووالده وأزواجه لا الحفدة، فكيف يترك النبي صلى الله عليه وسلم الظهور يقظة والكلام لأفضل الناس بعده في أهم الأمور ويظهر لرجل لا يساويهم في الفضل ولا يقاربهم لأمر غير مهم فقلت له:(/21)
إن الشيخ رضي الله عنه قد أجاب عن هذا الاعتراض في حياته فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلقى الخاص للخاص والعام للعام في حياته، أما بعد وفاته فقد انقطع إلقاء العام للعام وبقي إلقاء الخاص للخاص لم ينقطع بوفاته وهذا الذي ألقاه إلى شيخنا من إعطاء الورد والفضائل هو من الخاص للخاص. فقال أنا لا أسلم في أن الشريعة خاصاً وعاماً لأن أحكام الشرع خمسة وهذا الورد وفضائله إن كان من الدين فلا بد أن يدخل في الأحكام الخمسة لأنه عمل أعد الله لعامله ثواباً؛ فهو إما واجب أو مستحب ولم ينتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى حتى بين لأمته جميع الواجبات والمستحبات. وفي صحيح البخاري عن علي بن أبي طالب أنه قيل له هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم معشر أهل البيت بشيء فقال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما خصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء إلا فهماً يعطاه الرجل في كتاب الله، وإلا ما في هذه الصحيفة ففتحوها فإذا فيها العقل وفكاك الأسير وألا يقتل مسلم بكافر فكيف لا يخص النبي صلى الله عليه وسلم أهل بيته وخلفاءه بشيء ثم يخص رجلاً في آخر الزمان بما يتنافى مع أحكام الكتاب والسنة. فقلت: إن الشيخ عالم بالكتاب والسنة وفي جوابه مقنع لمن أراد أن يقنع. قال احفظ هذا.(/22)
الثاني: اختلاف أبي بكر مع فاطمة الزهراء رضي الله عنهما على الميراث فلا يخفى أن فاطمة طلبت من أبي بكر الصديق رضي الله عنه حقها من ميراث أبيها واحتجت عليه بأن إذا مات هو يرثه أبناؤه، فلماذا يمنعها من ميراث أبيها، فأجابها أبو بكر الصديق بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة. وقد حضر ذلك جماعة من الصحابة فبقيت فاطمة الزهراء مغاضبة لأبي بكر حتى ماتت بعد ستة أشهر بعد وفاة أبيها صلى الله عليه وسلم. فهذا حبيبان لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه قال: فاطمة بضعة مني يسؤني ما ساءها، أو كما قال عليه الصلاة والسلام وصرح بأن أبا بكر الصديق أحب الناس إليه، وقال ما أحد أمنّ علي في نفس ولا مال من أبي بكر الصديق رواه البخاري. وهذه المغاضبة التي وقعت بين أبي بكر وفاطمة، تسوء النبي صلى الله عليه وسلم، فلو كان يظهر لأحد بعد وفاته لغرض من الأغراض لظهر لأبي بكر الصديق وقال له: إني رجعت عما قلته في حياتي فأعطها حقها من الميراث، أو لظهر لفاطمة وقال لها يا ابنتي لا تغضبي على أبي بكر فإنه لم يفعل إلا ما أمرته به فقلت له ليس عندي من الجواب إلا ما سمعت قال احفظ هذا.(/23)
الثالث: الذي وقع بين طلحة والزبير وعائشة من جهة، وعلي بين أبي طالب من جهة أخرى واشتد النزاع بينهما حتى وقعت حرب الجمل، في البصرة فقتل فيها خلق كثير من الصحابة والتابعين وعقر جمل عائشة فكيف يهون على النبي صلى الله عليه وسلم سفك هذه الدماء ووقوع هذا الشر بين المسلمين بل بين أخص الناس به، وهو يستطيع أن يحقن هذه الدماء بكلمة واحدة، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى في آخر سورة التوبة برأفته ورحمته بالمؤمنين وأنه يشق عليه كل ما يصيبهم من العنت، وذلك في قوله تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} فقلت له ليس عندي من الجواب إلا ما سمعت وظهوره وكلامه للشيخ التجاني فضل من الله، والله يؤتي فضله من يشاء. قال احفظ هذا وفكر فيه.
الرابع: خلاف علي مع الخوارج وقد سفكت فيه دماء كثيرة، ولو ظهر النبي صلى الله عليه وسلم لرئيس الخوارج وأمره بطاعة إمامه لحقنت تلك الدماء، فقلت الجواب هو ما سمعت، فقال لي: احفظ هذا وفكر فيه، فإني أرجو أنك بعد التفكير ترجع إلى الحق.
الخامس: النزاع الذي وقع بين معاوية وعلي، وقد قتل في الحرب التي وقعت بينهما خلق كثير، منهم عمار بن ياسر، فكيف يترك النبي صلى الله عليه وسلم الظهور لأفضل الناس بعده وفي ظهوره هذه المصالح المهمة من جمع كلمة المسلمين وإصلاح ذات بينهم وحقن دمائهم، وهو خير المصلحين بقوله تعالى: {وأصلحوا ذات بينكم} وقوله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} ثم يظهر للشيخ التجاني في آخر الزمان لغرض غير مهم وهو في نفسه غير معقول لأنه مضاد لنصوص الكتاب والسنة.(/24)
فلم يجد عندي جواباً غير ما تقدم ولكني لم أسلم له فقال فكر في هذه الأدلة وسنتباحث في المجلس الآخر، فعقدنا بعد هذا المجلس سبعة مجالس كل منها كان يستمر من بعد صلاة المغرب إلى ما بعد العشاء بكثير. وحينئذ أيقنت أنني كنت ضلال، ولكن أردت أن أزداد يقيناً فقلت له (من معك من العلماء هنا في المغرب على هذه العقيدة وهي أن مسألة في العقائد أو في الفروع يجب أن نعرضها مع قصر باعنا وقلة اطلاعنا على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ظهر لنا أنه موافق لهما قبلناه وما ظهر لنا أنه مخالف رددناه) فقال لي يوافقني على هذا أكبر مقدم للطريقة التجانية في المغرب كله وهو الشيخ الفاطمي الشرادي، فكدت أكذبه لأن المشهور في جميع أنحاء المغرب أن هذا الرجل من كبار العلماء، وهو أكبر مقدم للطريقة التجانية، ولم أقل أكبر شيخ لأن الشيخ التجاني لا يبيح أن يكون شيخاً للطريقة سواه، لأن تلقيبه بالشيخ قد يفهم منه أنه يجوز لغيره أن يتصرف في أوراد الطريقة وفضائلها وعقائدها وذلك ممنوع لأن الذي أعطى هذه الطريقة هو النبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً كما تقدم والمتلقي الأول لها هو الشيخ أحمد التجاني والنبي صلى الله عليه وسلم سماه شيخاً لهذه الطريقة، وكل ناشر للطريقة وملقن لأورادها يسمى مقدماً فقط فالطريقة لها مصدر واحد وشيخ واحد ولا يجوز تعدد المصدر ولا تعدد الشيخ حسبما في كتب الطريقة.
مع الشيخ الفاطمي الشرادي:(/25)
فتوجهت إلى الشيخ الفاطمي رحمه الله وكان الوقت ضحى وقد أوصاني شيخنا محمد بن العربي ألا أسأله إلا في خلوة فوجدت عنده جماعة فانصرف بعضهم وجاء آخرون وبقيت عنده أنتظر أن أخلو به حتى صلينا الظهر وجاء الغداء فلم أستطع أن أخلو به وكان ثلاثة ممن كانوا في مجلسه حاضرين فقلت له إن الشيخ محمد بن العربي العلوي يقول يجب علينا أن نعرض جميع المسائل أصولاً وفروعاً على كتاب الله وسنة رسوله فما وافق في نظرنا القاصر قبلناه وما خالف رددنا ولو قال به الإمام مالك أو الشيخ أحمد التجاني، فأشار إلي بيده يستمهلني، وكان جلوسي عنده قد طال فانصرفت إلى مدرسة الشراطين حيث كنت نازلاً قبل لقائي بالشيخ العلوي، وفي ذلك اليوم بعد صلاة العشاء جاءني بواب المدرسة وقال لي إن الشيخ الفاطمي الشرادي أرسل إليك عبده وبغلته يطلب أن تزوره فتعجبت كثيراً لأمرين، أحدهما أن الوقت ليس وقت زيارة، وثانيهما أنه لم تجر العادة أن كبار العلماء الطاعنين في السن، يبعثون الدابة للركوب إلا لمن هو مثلهم في السن والعلم وأنا شاب فركبت البغلة وسار العبد أمامي حتى وصلت إليه وسلمت عليه فرد أحسن رد ورحب بي وقال لي يا ولدي أنا رجل كبير طاعن في السن ليس لي قدرة على القتال، أما سيدي محمد بن العربي العلوي فهو شاب مستعد للقتال وأنت سألتني أمام الناس عن مسألة مهمة لا يسعني أن أكتم جوابها، ولا أستطيع أن أصرح به أمام الناس، فأعلم أن ما قال لك سيدي محمد بن العربي العلوي هو الحق الذي لا شك فيه، وقد أخذت الطريقة القادرية وبقيت فيها زماناً، ثم أخذت الطريقة الوزانية وبقيت فيها زماناً، ثم أخذت الطريقة التجانية والتزمتها حتى صرت مقدماً فيها فلم أجد في هذه الطرائق فائدة، وتركتها كلها ولم يبق عندي من التصوف إلا طلب الشيخ المربي على الكتاب والسنة علماً وعملاً، ولو وجدته لصاحبته وصرت تلميذاً له، وأنت تريد أن تسافر إلى الشرق فإن ظفرت بشيخ مرب متخلق بأخلاق(/26)
الكتاب والسنة علماً وعملاً فاكتب إلي وأخبرني به حتى أشد الرحال إليه فازددت يقيناً بالنتيجة التي وصلت إليها في مناظرتي مع الشيخ العلوي. ولو كان عندي من العلم مثل ما عندي الآن لقلت له إن ضالتك المنشودة هي أقرب إليك من كل قريب فإن هذا الشيخ الذي تطلبه وتريد أن تشد الرحال إليه ولو بعدت الدار وشط المزار هو أنت نفسك. بشرط أن يكون عندك العزم التام على العمل بالكتاب والسنة وطرح التقليد جانباً كيفما كان الأمر فجزاهم الله خيراً وتغمدهما برحمته.
مع الشيخ عبدالعزيز بن إدريس:
وبعد ذلك بعشرين سنة اجتمعت مع الشيخ عبدالعزيز بن إدريس من علماء تطوان وهو أحد تلامذة الشيخ الفاطمي فذكرت له الحكاية السالفة فقال لي وأنا أيضاً وقع لي ما يشبه هذا فإني بعد إتمام دراستي في جامع القرويين ذهبت إليه وهو أفضل شيوخي فقلت له أيها الشيخ أريد أن أرجع إلى وطني تطوان فأريد أن تزودني بدعائك الصالح وأن تلقنني ورد الطريقة التجانية، فقال لي يا أسفي عليك، أنت تحفظ كتاب الله وقد درست العلوم الإلهية التي تمكنك من فهم كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يكفك ذلك كله حتى تطلب الهدى في غيره، والطريقة لا شيء فعليك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فكشف الله عني بفضله ظلام الشرك والبدعة، وفتح لي باب التوحيد والاتباع فله الحمد والمنة نسأله أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة إنه الهادي إلى الصراط المستقيم (الهدية الهادية من ص7-21) انتهى منه بلفظه.
كتبه
أبو عمر الدوسري
العائدون
العائدون إلى العقيدة
موقع صحوة الشيعة
موقع مهتدون
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/27)
هذه هي الصوفية بقلم أحد المتصوفة الذين رأوا الحق فاتبعوا السنة
إن هذه الطرق الصوفية المنتشرة في الناس اليوم تروج الكفر والوثنية والدجل وتعمل جاهدة لتأليه الدجالين واعتصار دماء الجماهير لتتضخم جيوب شيوخها أولياء الشيطان وتنشر في الناس ظلمات الجاهلية الأولى وتحارب الله ورسوله وتهيء الأمة الإسلامية بهذه الجاهلية العمياء وهذه التقاليد الخرافية وهذه الغباوة البهيمية لتكون لقمة سهلة الهضم للأعداء،هذه الطرق الصوفية هي المعول الذي هدم به اليهود والفرس صرح الإسلام،هذه الطرق الصوفية هي اليد الأثيمة التي مزقت رقعة الدولة الإسلامية،وشيوخ الطرق الصوفية هم الذين يمكنون المستعمرين في مراكش وتونس والجزائر والهند وفي السودان وفي مصر وفي كل مكان من البلاد الإسلامية وهم سماسرة المستعمر وخدمه المخلصون في خدمته إذلال المسلمين واستغلالهم.
ولقد كُنتُ واحداً منهم وعرفت دخائل أمورهم وخبايا زواياهم وسيء مكرهم وخبث قصدهم،فالحمد لله الذي أنقذني وهداني إلى الإسلام الحق الذي بعث الله به رسله ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور،وإني بكيدهم وكفرهم ووثنيتهم أعرف،ولذلك أنا أشد حرباً عليهم ولا أزال حرباً عليهم ما بقي فيَّ عرق ينبض بالحياة مُستعيناً بربي وحده،متأسياً بالرسولِ الكريم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم صابراً على كل ما يكيد به أعداء أنفسهم من حزبِ الشيطان،أعداء الرحمن مؤمناً بأن العاقبة للمتقين وأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
مُقتطف من جُملة أحاديث للمُهتدي إلى مُعتقدِ أهل السنة والجماعة بعد تركه لضلالات المبتدعة أصحاب الطُرق الصوفية..
الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله.
مؤسس جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر.
وأحد العُلماء المحققين الأثبات.
من كتاب:
جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر.(/1)
هل الجمهوريون من الفرق المارقة؟
د. عبد الحي يوسف
السؤال هل يعتبر الجمهوريين (جماعة محمود محمد طه) من الفرق المارقة؟ وهل يجوز الأكل معهم أو الزواج منهم؟
الإجابة الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإن الفكر الجمهوري الذي كان داعيته والمنظِّر له الهالك المذموم (محمود محمد طه) قد حوى جملة من المصائب والطامات التي تجعل الحكم عليه بيِّناً واضحاً، ومن ذلك:
أولاً: قول زعيمهم بوحدة الوجود حيث دندن حول هذا المعنى في كثير من مؤلفاته، وهو في ذلك سارق لأفكار من قبله من الغلاة من أمثال محيي الدين بن عربي في (فصوص الحكم)، يقول محمود في كتابه (أسئلة وأجوبة) ج2 ص44: (هذا استطراد قصير أردت به إلى تقرير حقيقة علمية دقيقة يقوم عليها التوحيد، وهي أن الخلق ليسوا غير الخالق، ولا هم إياه، وإنما هم وجه الحكمة العملية، عليه دلائل وإليه رموز) ويقول في كتابه (الرسالة الثانية) ص 164ـ165: فهو حين يدخل من مدخل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله يجاهد ليرقى بإتقان هذا التقليد حتى يرقى بشهادة التوحيد إلى مرتبة يتخلى فيها عن الشهادة، ولا يرى إلا أن الشاهد هو المشهود، وعندئذ يقف على الأعتاب ويخاطب كفاحاً بغير حجاب قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون وفي ص90 يقول: (ويومئذ لا يكون العبد مسيَّراً، إنما هو مخيَّر قد أطاع الله حتى أطاعه الله معارضة لفعله، فيكون حياً حياة الله، وقادراً قدرة الله، ومريداً إرادة الله ويكون الله). ويقول في كتابه (أدب السالك في طريق محمد) ص8: فالله تعالى إنما يعرف بخلقه، وخلقه ليسوا غيره، وإنما هم هو في تنزل، هم فعله ليس غيره وقمة الخلق وأكملهم في الولاية هو الله وهو الإنسان الكامل وهو صاحب مقام الاسم الأعظم (الله) فالله اسم علم على الإنسان الكامل.أ.هـ تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.(/1)
ثانياً: تفسيره للواجبات الشرعية بغير المعاني التي أجمع عليها المسلمون وعرفوها منذ أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى يومنا هذا، فالصلاة عند محمود بالمعنى القريب: هي الصلاة الشرعية ذات الحركات المعروفة، والصلاة بالمعنى البعيد: هي الصلة مع الله بلا واسطة، أو هي صلاة الأصالة كتاب (الصلاة) ص70، وقد ظهر نفاقه على أيام رواج الشيوعية فقال في كتابه (الرسالة الثانية) ص145: وبنفس هذا القدر الزكاة ذات المقادير ليست اشتراكية، وإنما هي رأسمالية.. وآيتها (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم) ليست أصلاً وإنما هي فرع، والغرض وراءها إعداد الناس نفسياً ومادياً ليكونوا اشتراكيين، وحين يجيء أوان الاشتراكية) إلى أن يقول في ص147:فالشيوعية تختلف عن الاشتراكية اختلاف مقدار فكأن الاشتراكية إنما هي طور مرحلي نحو الشيوعية، ولقد عاش المعصوم الشيوعية في قمتها).
ثالثاً: إنكاره لأمور قد عُلمت من دين الإسلام بالضرورة كوجوب الحجاب على المرأة ووجوب الزكاة وإباحة تعدد الزوجات والطلاق، وقد ألف منشوراً جعل عنوانه (الجهاد ليس أصلاً في الإسلام) وآخر (الزكاة ليست أصلاً في الإسلام) وثالث (الطلاق ليس أصلاً في الإسلام) عليه من الله ما يستحق.(/2)
رابعاً: سوء أدبه مع الله وأنبيائه ورسله ودينه وقد طفحت بذلك منشوراته ومؤلفاته، حيث وصف رب العالمين جل جلاله بالحقد حين يخلِّد الكفار في النار فقال في كتابه الرسالة الثانية ص87: (وما من نفس إلا خارجة من العذاب في النار وداخلة الجنة حين تستوفي كتابها من النار وقد يطول هذا الكتاب وقد يقصر حسب حاجة كل نفس إلى التجربة ولكن لكل قدر أجل ولكل أجل نفاد، والخطأ كل الخطأ في ظن أن العقاب في النار لا ينتهي إطلاقاً فجعل بذلك الشر أصلاً من أصول الوجود، وما هو بذلك، وحين يصبح العقاب سرمدياً يصبح انتقام نفس حاقدة) وأصدر كتاباً بعنوان (الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين) وبلغ به عرام الكفر أن يقول في منشوره الأخير (هذا أو الطوفان): إن شريعة طبقها المعصوم في القرن السابع لا تملك حلاً لمشاكل القرن العشرين.
خامساً: بلغ من زندقته وفساد عقله أنْ ظنَّ أن أحكام الإسلام موقوتة وأن اختلاف الزمان يأتي على أصلها ويغير حقيقتها وفحواها فأصدر منشوراً بعنوان: (تطوير الأحوال الشخصية) ذكر فيه آيات القرآن في شأن الميراث والشهادة ثم قال معللاً تلك الأحكام: فقد كانت المرأة في القرن السابع قاصرة عن شأو الرجال وليس القصور ضربة لازب وإنما هو مرحلة تقطع مع الزمن والصيرورة إلى الرشد حتم.
وأحسن تصوير لفكر الرجل ما قاله الشيخ العلامة محمد نجيب المطيعي رحمه الله تعالى في كتابه (حقيقة محمود محمد طه)ص27: والحقيقة التي استخلصناها من دعوة هذا الرجل هي أنها مزبلة تاريخية إذ تراكمت فيها كل جيف الفكر القديم والدعوات الهدامة على مدى التاريخ، وهي مزبلة عصرية إذ تراكمت فيها كل أفانين الفكر الهابط من دهرية ووجودية وشيوعية وفرويدية ولا معقولية وهيبزية)(/3)
هذا وقد أفتت هيئات شرعية ومجامع فقهية ومحاكم إسلامية معتبرة بردة الرجل وفساد فكره، وأن هذا الحكم ينسحب على كل من يؤمن بأفكاره تلك ويتابعه في هرطقته وزندقته، فصدرت فتوى المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في 5/ربيع أول 1395هـ بردته وأنه يجب على المسلمين أن يعاملوه معاملة المرتدين، وصدرت كذلك فتوى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بتاريخ 5/6/1972م بأن كلام محمود كفر صراح لا يصح السكوت عليه، وصدر الحكم بردة محمود من المحكمة الشرعية يوم 27/شعبان/ 1388هـ الموافق 18/11/1968م ثم صدر حكم آخر من المحكمة الجنائية رقم 4 بأم درمان بتاريخ 8/1/1985م ثم قرار محكمة الاستئناف الجنائية بالخرطوم الصادر في 15/1/1985م وقد أراح الله العباد والبلاد من شره بعدما نُفذ فيه حكم الإعدام في يوم الجمعة 27/ربيع الثاني/1405هـ (فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين).
وإذا تبين مروق هذه الفرقة من دين الإسلام فإنه لا يحل لمسلم أن يتزوج من نسائهم؛ لقوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم) ولو استبان لزوج أن امرأته تعتنق هذا الفكر لوجب عليه فراقها إن لم تتب؛ لقوله تعالى (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) ولا يحل لمسلمة كذلك أن تتزوج رجلاً يعتنق هذا الفكر؛ لقوله تعالى (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم) والله تعالى أعلم.(/4)
هل كان إسلام الصحابة والتابعين صحيحا........بدون أن يتصوفوا؟؟
نبيل هلال
في العصر الذي تتحقق فيه الرفعة والمنعة بالعلم والتكنولوجيا والبحث العلمي والتعليم، يرى المتصوفة، وهم مؤثرون بأفكارهم فى قطاعات عريضة من المسلمين، يرون أن تحصيل العلوم يكون بانقطاع المرء عن الدنيا تماماً، والاختلاء بالنفس في مكان قصي: زاوية أو خانقاه، ثم يؤدى فروض الصلاة فقط، ويصرف همه دون ذلك حتى أنه لا يقرأ القرآن، ويعطل عقله حتى عن التأمل والتفكر، وعليه فقط ترديد لفظ الجلاله : الله .. الله .. الله - على طريقة دراويش حلقات الذكر، وبعد ذلك تنفك له فجأة مغاليق المعارف والعلوم.(/1)
أليس ذلك مما لا نزال نراه فى حلقات الذكر والموالد ؟ وذلك في عصر الكمبيوتر والإنترنت وغزو الفضاء. ففى كتابه إحياء علوم الدين، يرى أبو حامد الغزالى أن تحصيل العلوم يكون " بأن يقطع الإنسان همه عن الأهل والمال والولد والعلم، ويخلو بنفسه في زاوية، ويقتصر على الفرائض والرواتب، ولا يقرن همه بقراءة القرآن، ولا بالتأمل في نفسه، ولا يكتب حديثاً ولا غيره، ولا يزال يقول: الله .. الله .. الله، إلى أن ينتهى إلي حال يترك تحريك اللسان ثم يمحى عن القلب صورة اللفظ "
.
وكيف تكون رياضة النفس حسبما يرى المتصوفة، تكون بالخلوة في مكان مظلم، وإن تعذر الظلام والوحشة، يخفى المرء رأسه في ثيابه وينتظر حتى يسمع نداء الحق ويشهد حضرة الربوبية !!، (قال أبو حامد الغزالى في كتابه الإحياء: ومقصود رياضة النفس هو تفريغ القلب وليس ذلك إلا بخلوة في مكان مظلم، فإن لم يكن مظلم فيلقى المرء رأسه في جبته أو يتدثر بكساء أو إزار.(/2)
ففى مثل هذه الحالة يسمع نداء الحق ويشاهد جلال حضرة الربوبية.
وانظر إلى هذه الترتيبات والعجب كيف تصدر من فقيه عالم، ومن أين له أن الذى يسمعه نداء الحق وأن الذى يشاهده جلال الربوبية، وما يؤمنه أن يكون ما يجده من الوساوس والخيالات الفاسدة". وفى حين أن العقل هو حجة الله تعالى على خلقه، يذكر الغزالى في كتابه الإحياء حديثاً موضوعاً مؤداه أن (أكثر أهل الجنة من البٌله)، أي أن إغفال العقل هو الطريق إلى الجنة، وأن السلامة والهدى فى البلاهة، والصلاح في احتجاب العقل. وتأثرت العوام، فى ظل الأمية والجهل، بالغلاة والجهلة مما جعل الانحرافات العقلية والدينية والسياسية هى المعتقدات الفاعلة فى زمانهم والآن وكل آن. فغالب العامة جهلة، ترى منهم من يترك الفريضة ويزيد في النافلة.(/3)
ولما كان تقدم المجتمع رهن بما تقدمه الطبقة المتوسطة من كوادر متعلمة ومواهب إبداعية، فقد عجزت هذه الطبقة، طبقة عموم الناس، عن تقديم وإفراز مثل هذه الكوادر بعد أن غابت العقول قرونا وقرونا فى ظلام وجهالة كان غثاء التراث يعمل عمله خلالها، فتم تسفيه العقل، وتشويه الدين، واعتناق ملة الصوفية، وطمس قيم العمل والعلم والتعلم. فبينما كان الغزالى ينصح الناس بتغطية رؤسهم فى الجبة طلباً للحقيقة كان الفرنجة "الكفرة" يلتمسونها فى المختبرات، وفى حين طلب من الناس الجلوس فى خلوة فى مكان مظلم انتظاراً للوحى كان الآخرون فى أوروبا ينشئون الجامعات الحديثة ويدرسون العلوم العقلية التى يحتقرها الصوفية، وانتهى الأمر بنا وبهم إلي ما نحن عليه الآن : أسياد وعبيد ولكن فى شكل جديد . ويقول وليب هير: (إن التجربة الشخصية للغزالى هى التى دعته إلى الاعتقاد بأن المذهب الصوفي فى الدين الإسلامي هو الوسيلة المجدية لمعرفة الحقيقة الإلهية رغم أن ذلك لم يمكن المؤمن من معرفة أي شئ عن الله أو الحقيقة الإلهية يزيد على ما هو متواجد بالفعل في القرآن الكريم، وهو بذلك حاول أن يضع التجربة الصوفية في داخل نطاق الشريعة الإسلامية"
.وماذا قدم التصوف للإسلام، وهل اكتمل إسلام الصحابة والتابعين دون اعتناق التصوف؟ وهل تم دين السابقين دون كتب ابن عربى وكفريات أبى يزيد البسطامى وابن الفارض؟ .
وإذا حذفنا من كتب الصوفيين الخرافات والأباطيل التى يتنصل معاصروهم منها، لن يتبقى من كتبهم شئ، فكلها إفك وكفريات ما سئلوا عنها في أى عصر إلا قالوا إنها أكاذيب دسها عليهم آخرون(/4)
.إذن لماذا يقدسون هذه الكتب ويعيدون طباعتها كاملة غير منقوصة بما فى ذلك ما ادعوا أنها أكاذيب مدسوسة عليهم؟ وادعاء الدس ليس جديداً على الصوفية، فكثيراً ما يلجأون إليه لإغلاق باب المناقشة حول أى موضوع يرون أن الحق قد جانبهم فيه .وألَّف أبو حامد الغزالي كتاباً أسماه (المضنون به على غير أهله)، زعم فيه أن هناك أسراراً إسلامية جُعلت للخاصة دون العامة، وهذه الشرائع والأسرار مضنون بها على أمة الإسلام كافة، سوى الصوفيين، فهو يرى أن في الدين طبقية وتفاضل أقوام على أقوام، الأمر الذى أغرى الصوفيين بزعم اختصاصهم بالتوصل إلى حقائق أخرى، والحصول على العلم اللدنى بالكشف والإلقاء فى الروع ووحياً مباشرة من الله تعالى .(/5)
ولم يقل لنا الصوفيون ما هو هذا العلم اللدنى الذى حصلوا عليه بالكشف، وما هى الحقائق التى توصلوا إليها دون باقى خلق الله، ولماذا لم يسجلوا في كتبهم هذه الحقائق التى اختصهم بها الله مثلما سجلوا في كتبهم الأكاذيب والأضاليل؟ وإذا كان ما أتاهم الشيطان من كفريات ظنوا أنها من الدين وتتمة للملة والعقيدة، فكيف يستقيم ذلك مع كلام الله تعالى الذى قال فى محكم آياته: (اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتى، ورضيت لكم الإسلام دينا)، هكذا فى وضوح وحسم، فالدين قد اكتمل دون خزعبلات الصوفية وبدعهم، والدين بهذه الصورة هو مارضيه الله تعالى لعباده من دين، هكذا دون زيادة أو نقصان، وما زعموه إضافة إلى الدين إنما هو محض اختلاق وضلال، إذ لا يضاف إليه إلا باطل، فليس بعد الحق إلا الباطل، وليس بعد الهدى إلا الضلال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك). ويقول الإمام مالك: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة، لأن الله يقول : اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا). صدق الله العظيم.
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/6)
بسم الله الرحمن الرحيم
هَلْ لِلصُّوفِيَّةِ دَوْرٌ يُذْكَرُ فِي الجِهَادِ ضِدَّ المُسْتَعْمِرِ ؟
الحَمْدُ للهِ وَبَعْدُ ؛
يَتَشَدَّقُ الصُّوفِيَّةُ وَمِنْهُمُ الطَاغُوْتُ الجِفرِي بِأَنَّ لَهُمْ تَارِيْخاً فِي جِهَادِ أَعْدَاءِ الإِسْلاَمِ ، وَهَذِهِ دَعوَى مُجَرَّدَة عَنِ الدَّلِيْلِ ، بَلِ الدَّلِيْلُ بضِدِّها ، فَهُم كَانُوا اليَدَ اليُمْنَى لِلغَرْبِ الصَّلِيْبِي ، وَلِذَلِكَ نَرَى عُبَّادَ الصَّليبِ يُشَجِعُونَ الطُّرَقَ الصُّوفِيَّةِ لِعِلْمِهِم أَنَّهَا سَبِيْلٌ إِلَى تَخدِيرِ الأُمَّةِ ، وَقَتلِ رُوْحِ الجِهَادِ فِيْهَا .
قَدْ يَقُوْلُ البَعْضُ : " إِنَّكَ تُبالِغُ " ، فَأَقُوْلُ : " تَعَالَوْا مَعِي أُبَيِّنُ لَكُمْ بِالدَّلِيْلِ وَالبُرهَانِ " .
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الوُكَيِّل فِي " هَذِهِ هِي الصُّوفِيَّةُ " ( ص 170 - 171 ) : " وَيَزْعُمُوْنَ أَنّ الصُّوفِيَّةَ جَاهَدْتْ حَتَّى نَشَرَتْ الإِسْلاَمَ فِي بِقَاعٍ كَثِيْرَةٍ ، وَلَقَدْ عَلِمْت مَا دِيْنُ الصُّوفِيَّةِ ؟ فَمَا نَشَرُوا إِلا أَسَاطِيْرَ حَمْقاء ، وَخُرَافَاتٍ بَلْهاء ، وَبِدْعاً بَلْقاء شَوْهَاء ... " .ا.هـ.
نَأْخُذُ زَعِيمَ الصُّوفِيَّةِ أَبَا حَامِدٍ الغزَالِيَّ مِثالاً ، فَقَدْ عاصَرَ الحُرُوْبَ الصَّليبِيةَ وَلم يُشِرِ الغزَالِيُّ إِلَيْهَا ، وَلا أَظْهَرَ اهتمَاماً بِهَا .
قَالَ ابْنُ كَثِيْرٍ فِي " البِدَايَةِ والنِّهايَةِ " (12/166 - 167) وَهُو يَصِفُ مَا فَعَلَهُ الفِرَنْجُ فِي بَيْتِ المَقْدِسِ فِي شَعْبَانَ ، سَنَةَ 492 هـ : " أخذت الفرنجُ - لعنهم اللهُ - بيتَ المقدسِ - شرفهُ اللهُ - ، وكانوا في نحو ألفِ ألفِ مقاتلٍ ، وقتلوا في وسطهِ أزيدَ من ستين ألفِ قتيلٍ من المسلمين ، وجاسوا خلالَ الديارِ ، وتبروا ما علوا تتبيراً .(/1)
قال ابنُ الجوزي : وأخذوا من حولِ الصخرةِ اثنين وأربعين قنديلاً من فضةٍ ، زنةُ كل واحد منها ثلاثة آلاف وستمائة درهم ، وأخذوا تنوراً من فضة زنته أربعون رطلاً بالشامي ، وثلاثة وعشرين قنديلاً من ذهب ، وذهب الناس على وجوههم هاربين من الشام إلى العراق ، مستغيثين على الفرنج إلى الخليفة والسلطان ، منهم القاضي أبو سعد الهروي ، فلما سمع الناس ببغداد هذا الأمر الفظيع هالهم ذلك وتباكوا ، وقد نظم أبو سعد الهروي كلاماً قرئ في الديوان وعلى المنابر ، فارتفع بكاء الناس ، وندب الخليفة الفقهاء إلى الخروج إلى البلاد ليحرضوا الملوك على الجهاد ، فخرج ابن عقيل وغير واحد من أعيان الفقهاء فساروا في الناس فلم يفد ذلك شيئاً ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
فقال في ذلك أبو المظفر الأبيوردي شعراً :
مزجنا دمانا بالدموع السواجم * * * فلم يبق منا عرضة للمراجم
وشر سلاح المرء دمع يريقه * * * إذا الحرب شبت نارها بالصوارم
فأيهاً بني الإسلام إن وراءكم * * * وقائع يلحقن الذرى بالمناسم
وكيف تنام العين ملء جفونها * * * على هفوات أيقظت كل نائم
وإخوانكم بالشام يضحي مقيلهم * * * ظهور المذاكي أو بطون القشاعم
تسومهم الروم الهوان وأنتم * * * تجرون ذيل الخفض فعل المسالم
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الوُكَيِّل فِي " هَذِهِ هِي الصُّوفِيَّةُ " ( ص 170 - 171 ) تَعْلِيْقاً : " لقد عاش الغزاليُّ بعد ذلك ثلاثةَ عشر عاماً ، إذ مات سنة 505 هـ فما ذرف دمعةً واحدةً ، ولا استنهض همةَ مسلمٍ ، ليذوذ عن الكعبةِ الأولى ، بينما سواهُ يقولُ :
أحل الكفرُ بالإسلامِ ضيماً * * * يطولُ عليه للدينِ النحيبُ
وكم من مسجدٍ جعلوه ديراً * * * على محرابهِ نصب الصليبُ
دمُ الخنزيرِ فيه لهم خلوف * * * وتحريقُ المصاحفِ فيه طيب
أهزَّ هذا الصريخُ الموجعُ زعامة الغزالي ؟(/2)
كلا ، إذ كان عاكفاً على كتبهِ يقررُ فيها أن الجمادات تخاطب الأولياءَ ، ويتحدثُ عن الصحو والمحو ، دون أن يقاتلَ ، أو يدعو حتى غيرهُ إلى قتالٍ ! " .ا.هـ.
وَقَالَ الدكتور زكي المبارك في " الأخلاق عند الغزاليّ " ( ص 25 ) : " أتدري لماذا ذكرتُ لك هذه الكلمةَ عن الحروبِ الصليبيةِ ؟ لتعرف أنه بينما بطرسُ الناسكُ يقضي ليله ونهاره في إعدادِ الخطبِ وتحبيرِ الرسائلِ لحث أهلِ أوروبا على امتلاكِ أقطارِ المسلمين ، كان الغزاليُّ " حجةُ الإسلامِ " غارقاً في خلوتهِ ، منكباً على أورادهِ ، لا يعرفُ ما يجبُ عليه من الدعوةِ والجهادِ " .ا.هـ.
وَقَالَ الدكتور عُمرُ فروخ في " التصوف في الإسلام " ( ص 109 ) : ألا يعجبُ القارىء إذا علم أن حجةَ الإسلامِ أبا حامدٍ الغزالي شهد القدس تسقطُ في أيدي الفرنجةِ الصليبين ، وعاش اثنتي عشرة سنة بعد ذلك ولم يشر إلى هذا الحادثِ العظيمِ ، ولو أنه أهاب بسكانِ العراقِ وفارس وبلادِ التركِ لنصرةِ إخوانهم في الشامِ لنفر مئاتُ الألوفِ منهم للجهادِ في سبيلِ اللهِ ... وما غفلةُ الغزالي عن ذلك إلا لأنه كان في ذلك الحين قد انقلب صوفياً ، واقتنع على الأقل بأن الصوفيةَ سبيلٌ من سبلِ الحياةِ بل هي أسدى تلك السبلِ وأسعدها " .ا.هـ.
نَخْتِمُ بِسُؤَالٍ مُهِمٍ وَهُو : " بِمَاذَا يُعَلِّلُ الصُّوفِيَّةُ سُكُوْتَهُم وَرِضَاهُم عَنِ المَصَائِبِ الَّتِي تُصِيْبُ الأُمَّةَ ؟
يُجِيْبُ الدكتور عُمرُ فروخ بِقَوْلِهِ : " ولكن المتصوفة يعللون سكوتهم ورضاهم بما ينزلُ بقومهم من المصائبِ بأن هذه المصائب عقابٌ من الله للمذنبين من خلقهِ ، فإذا كان اللهُ قد سلط على قومٍ ظالماً فليس لأحدٍ أن يقاومَ إرادةَ اللهِ أو أن يتأففَ منها " .ا.هـ.
------------(/3)
تَعَالَوْا نَعِيْشُ مَعَ التَّارِيْخِ المُعَاصِرِ ، وَفِي فَتْرَةٍ كَانَ الاستِعمارُ جاثِماً عَلَى صَدْرِ الأُمَّةِ الإِسلاَمِيَةِ فِي كَثِيْرٍ مِنْ بِلادِها ، وَكَيْفَ تَعَامَلتِ الطُّرُقُ الصُّوفِيَّةُ مَعَ المُستَعمِرِ ؟
ذَكَرَ مُصْطَفَى كَامِل فِي كِتَابِهِ " المَسْأَلَة الشَّرْقِيَّة " قِصَّةً غَرِيْبَةً عَجِيْبَةً ، َأَوْرَدَهَا الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الوُكَيِّل فِي " هَذِهِ هِي الصُّوفِيَّةُ " ( ص 170 ) فَقَالَ : " وَمِنَ الأُمُوْرِ المَشْهُوْرَةِ عَنِ احتِلالِ فَرنسا لِلقَيْرَوَان فِي تُوْنُسَ أَنّ رَجُلاً فَرنسياً دَخَلَ الإِسْلاَمَ ، وَسَمَّى نَفْسَهُ سَيِّد أَحْمَد الهَادِي ، وَاجْتَهَدَ فِي تَحْصِيْلِ الشَّرِيْعَةِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى دَرَجَةٍ عَالِيَةٍ ، وَعُيِّنَ إِمَاماً لِمَسْجِدٍ كَبِيْرٍ فِي القَيْرَوَان .
فَلَمَّا اقْتَرَبَ الجُنُوْدُ الفَرنسِاوِيونَ مِنَ المَدِيْنَةِ اسْتَعَدَّ أَهْلُهَا لِلدِّفاعِ عَنْهَا ، وَجَاؤُوا يَسْأَلُوْنَهُ أَنْ يَسْتَشِيْرَ لَهُم ضَرِيحَ شَّيْخٍ فِي المَسْجِدِ يَعْتَقِدُوْنَ فِيْهِ ، فَدَخَلَ سَيِّد أَحْمَد الضَرِيحَ ، ثُمَّ خَرَجَ مُهَوِلاً لَهُم بِمَا سَيَنَالُهُمْ مِنْ المَصَائِبِ ، وَقَالَ لَهُم بِأَنّ الشَّيْخَ يَنْصَحُكُم بِالتَّسْلِيْمِ ، لِأَنّ وُقُوْعَ البِلاَدِ صَارَ مُحَتماً ، فَاتَّبعَ القَوْمُ البُسَطَاءُ قَوْلَهُ ، وَلَم يُدَافِعُوا عَنْ مَدِيْنَةِ القَيْرَوَان أَقَلُّ دِّفاعٍ بَل دَخَلَهَا الفَرنسِاوِيونَ آمِنِيْنَ فِي 26 أكتوبر سَنَةَ 1881 م " .ا.هـ.(/4)
وَخِدْمَةُ الصُّوفِيَّةِ لِلاستِعمَارِ الفرنسي فِي مِصْرَ مَعْرُوْفَةٌ ، وَكَذَلِكَ خَدَمْتُهُمْ لِلإنجليز - وَالكَلاَمُ عَنْ مَجَلَّةِ التَّوْحِيْدِ المِصْرِيَةِ - السَّبَبُ الحَقِيقيُّ فِي هَزِيْمَةِ عُرَابِي فِي مِصْرَ ؛ فَقَدْ شَغَلَ الصُّوفِيَّةُ الجُنُوْدَ فِي التَّلِّ الكَبِيْرِ فِي أَذْكَارٍ حَتَّى نِصْفِ اللَّيْلِ ، ثُمَّ نَامَ الجُنُوْدُ ، فَدَخَلَ الإنجليزُ فِي الفَجْرِ .
---------
وَجَاءَ فِي كِتَابِ : " كُتُبٌ لَيْسَتْ مِنَ الإِسْلاَمِ " للإِستانبولي ( ص 78 ) : " إِنّ الفرنسيين إبّانَ استعمارهم لِتُوْنُس كَانُوا يَجِدُوْنَ مُعَارَضَةً شَدِيْدَةً مِنَ النَّاسِ ، فَتَفَاهَم الفرنسيون مَعَ شَّيْخِ الصُّوفِيَّةِ عَلَى أَنْ يَدْخُلُوا البِلاَدَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ الصَّبَاحُ قَعَدَ الشَّيْخُ مُطْرِقاً رَأْسَهُ وَهُو يَقُوْلُ : " لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ " ، فَلَمَّا سَأَلَهُ أَتْبَاعُهُ عَنِ الأَمْرِ الَّذِي يُقْلِقُهُ ، قَالَ لَهُمْ : " لَقَدْ رَأَيْتُ الخَضِرِ وَسَيِّدِي أَبَا العَبَّاسِ الشَّاذلِي وَهُمَا قَابِضَانِ بِحصَانِ جِنرالِ فرنسا ، ثُمّ أَوكَلا الجِنرالَ أَمرَ تُوْنُس . يَا جَمَاعَة ؛ هَذَا أَمرُ اللهِ فَمَا العَمَلُ ؟ فَقَالُوا لَهُ : " إِذَا كَانَ سَيِّدِي أَبُو العَبَّاسِ رَاضِياً ، وَنَحْنُ نُحَاربُ فِي سَبِيْلَهِ ، فَلا دَاعِي لِلْحَرْبِ ، ثُمّ دَخَلَ الجَيْشُ الفرنسي تُوْنُس دُوْنَ مُقَاومَةٍ .
قَالَ أَبُو رُقَيْبَةَ : " إِنَّنِي اطَّلَعْتُ عَلَى المِيزَانِيةِ الفرنسيةِ ، فَوَجَدْتُ فِيهَا مُخَصَّصَاتٍ ضَخْمَةً للطُّرُق الصُّوفِيَّةِ ، لأَنَّهَا تُخْدَرُ المُسْلِمِيْنَ عَنِ الجِهَادِ " .ا.هـ.
------------(/5)
بَيْنَمَا كُنْتُ أُقَلِّبُ فِي بَعْضِ الكُتُبِ الَّتِي تَكَلَّمْتَ عَنْ دَوْرِ الصُّوفِيَّةِ فِي الجِهَادِ ضِدَّ الاسْتِعْمَارِ ، وَقَعْتُ عَلَى بَحثٍ فِي كِتَابِ " الانْحِرَافَاتُ العَقَدِيةُ وَالعِلْمِيَّةُ فِي القَرْنين الثَّالِث عَشَر وَالرَّابِع عَشَر " (1/537 - 546) عُنْوانُهُ : " الصُّوفِيَّةُ وَالجِهَادُ وَمُقَاومَةُ الاسْتِعْمَارِ " أَقتَصِرُ عَلَى ذِكرِ بَعْضِ مَا فِيْهِ .
قَالَ عَلِيُّ بنُ بَخَيْتٍ الزَّهْرَانِيُّ مُؤَلِّف الكِتَابِ : " أما بالنسبةِ لموقفِ الصوفيةِ من الجهادِ ومقاومةِ الاستعمارِ ، فإنهُ موقفٌ متباينٌ ، يسودهُ التذبذبُ والاضطرابُ ، فبينما نرى طائفةً منهم أعلنتِ الجهادَ وقاومتِ الاستعمارَ ، وأقضت مضاجعَ المستعمرين ، نرى على النقيضِ الآخر طائفةً أخرى نكصت عن الجهادِ ونكلت عنِ الحربِ ، وانزوت على نفسها فَرقاً وهرباً .
وبين هاتين الطائفتين طائفتان أخريان ، الأولى منها حاربت المستعمرَ وقاومتهُ ردحاً من الزمنِ ، فلما طال أمدُ القتالِ ، ولم تفلح في طردِ المستعمر ، بل كان هو الظاهرُ عليها في كثير من الوقائعِ ، استسلمت له في نهايةِ المطافِ ، ولم تكتف بالاستسلامِ للمستعمرِ ، وإبرامِ المعاهداتِ المخزيةِ معه ، بل صارت تشنعُ على من يحاولُ رفع رايةِ الجهادِ ضده من جديدٍ ، وينقضُ ما أبرمتهُ من معاهداتٍ ، والطائفةُ الثانيةُ ، وهي شرُ طوائفِ الصوفيةِ جميعاً ، وهي الطائفةُ التي وقفت معهُ منذُ البدايةِ جنباً إلى جنبٍ ، تؤازرهُ ، وتناصرهُ ، وتقاتلُ في صفوفهِ ، وتحت رايتهِ ، وتدعو الناسَ إلى الرضوخِ له ، وتحذرُ من مغبةِ مقاومتهِ .(/6)
ومن الطائفةِ الأولى يعتبرُ أتباعُ الطريقةِ السنوسيةِ الذين جاهدوا الاستعمارَ الإيطالي في ليبيا من أوضحِ الأمثلةِ على ذلك . ويقابلهم في الناحية الأخرى كثيرٌ من المتصوفةِ الذين كانوا يعيشون في غير واقعهم ، ولا يرون الانشغال بغير الذكرِ والزهدِ .
أما الطائفةُ التي قاتلت ثم نكلت ، وجاهدت ثم نكصت ، فأوضحُ من يمثلها هو الأمير " عبد القادر الجزائري " ... أما الطائفةُ التي والتِ المستعمرَ ، وقاتلتِ المسلمين في سبيلهِ ، فكثيرٌ من زعماءِ الطريقةِ التيجانيةِ يعتبرون من أبرزِ الأمثلةِ عليها .
... فأما الأميرُ عبدُ القادرِ الجزائري فقد بايعهُ الجزائريون بعد دخولِ الفرنسيين الجزائر ، فقادهم إلى جهادِ الفرنسيين طيلةَ سبعة عشر عاماً ، ولكنه استسلم في آخرِ الأمرِ ، وسلم نفسهُ إلى الفرنسيين فنفوهُ إلى خارجِ البلادِ ، ثم أطلقوا سراحهُ ، بعد أن اشترطوا عليه أن لا يعودَ إلى الجزائرِ ، ورتبوا له مبلغاً من المالِ يأخذهُ كل عامٍ ، وزار باريس ، ثم استقر في دمشق حتى توفي بها .
وحين انهزمت فرنسا سنة 1870 م أظهر كمالَ الأسفِ ، وتزين بنيشيانها الأكبر ، وكان قد أهدي له لدى زيارته باريس سنة 1867 م ، إظهاراً لاعترافِ مصادقتها ، وتخلى عن ملاقاة الناسِ مدةً . واعتبر السنوسي ذلك من أخبارِ وفائهِ ، وكان الأولى بهِ أن يعتبرها من أخبارِ ضعفِ ولائهِ وبرائهِ .
وحين قام ابنهُ محي الدين بإعلانِ الجهادِ ضد الفرنسيين مرةً أخرى ، واتفق مع بعضِ زعماءِ القبائلِ في الجزائرِ ، تبرأ عبدُ القادر منهُ ، وكان ذلك سبباً في انفضاضِ القبائلِ عنه ، وفشل حركته " .ا.هـ.(/7)
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ بَخَيْتٍ الزَّهْرَانِيُّ فِي كِتَابِ " الانْحِرَافَاتُ العَقَدِيةُ وَالعِلْمِيَّةُ فِي القَرْنين الثَّالِث عَشَر وَالرَّابِع عَشَر " (1/541) : " وكان شيوخُ الطرقِ الخائنون يقومون بكتابةِ عرائض بتوقيعاتهم ، وتوقيعاتِ أتباعهم ، يملؤونها بالثناءِ والشكرِ لفرنسا ، التي كانت تعتبرهم ممثلين للشعبِ ...
وفي عامِ 1870 م حمل سيدي أحمد تشكرات الجزائريين ، وبرهن على ارتباطه بفرنسا ، فتزوج " أوريلي بيكار " وبفضلها تحولت منطقةُ " كودران " من أرضٍ صحراويةٍ إلى قصرٍ منيفٍ رائعٍ ، وهو أولُ مسلمٍ تزوج بأجنبيةٍ ...
وقد كافأتها السلطاتُ الفرنسيةُ لقاء ما قدمتهُ من خدماتٍ بوسامِ جوقة الشرف ، وقالت عنها في براءةِ التوجيه : " إن هذه السيدةَ قد أدارات الزاويةَ التيجانية إدارةً حسنةً كما تحبُ فرنسا وترضى ، وساقت إلينا حنوداً مجندةً من أحبابِ هذه الطريقة ومريديها ، يجاهدون في سبيل فرنسا كأنهم بنيانٌ مرصوصٌ " .ا.هـ.
وقالَ الرئيسُ فيليب فواندس المستعمرُ الفرنسي في " الاستعمار الفرنسي في أفريقيا السوداء " ( ص 52 ) : " لقد اضطر حكامنا الإداريون وجنودنا في أفريقيا إلى تنشيطِ دعوةِ الطرقِ الدينيةِ الإسلاميةِ لأنها أطوعُ للسلطةِ الفرنسيةِ وأكثرُ تفهماً وانتظاماً من الطرقِ الوثنيةِ " .
وقال مؤلفوا كتاب ِ " تاريخِ العربِ الحديثِ والمعاصرِ " ( ص 373 ) تحت عنوانِ : " المتعاونون مع فرنسا في الجزائرِ " : " وتتألفُ هذهِ الفئةُ من بعضِ الشبابِ الذين تثقفوا في المدارسِ الفرنسيةِ ، وقضى الاستعمارُ على كلِ صلةٍ لهم بالعروبةِ يضافُ إليهم بعضُ أصحابِ الطرقِ الصوفيةِ الذين أشاعوا الخرافاتِ والبدعَ وبثوا روحَ الانهزاميةِ والسلبيةِ في النضالِ فاستعملهم الاستعمارُ كجواسيس ثم فئةٌ من الموظفين والنوابِ والعسكريين الذين شاركوا الإدارةَ الفرنسيةَ في أعمالها " .(/8)
وقالَ الشيخُ طنطاوي جوهري في كتابهِ " الجواهر في تفسيرِ القرآنِ " (9/137 - 138) : " إن كثيراً من الصوفيةِ قد تنعموا وعاشوا في رغدٍ من العيشِ ، وأغدق الناسُ عليهم المالَ من كلٍ جانبٍ ، وحُببت إليهم الثمراتُ وهوت إليهم القلوبُ لما ركز في النفوسِ من قربهم إلى اللهِ فلما رأو الفرنجةَ أحاطوا بالمسلمين لم يسعهم إلا أن يسلموا لهم القيادةَ ليعيشوا في أمنٍ وسلامٍ ، وهذا هو الذي حصل في أيامنا ، وذكرهُ الفرنسيون في جرائدهم قبل الهجومِ على مراكش ، وقرأنا نحن فيها ؛ إذ صرحوا بأن المسلمين خاضعون لمشائخِ الطرقِ ، وأن الشرفاءَ القائمين في تلك البلادِ ورجالَ الصوفيةِ هم الذين يسلموننا البضاعةَ فعلى رجالِ السياسيةِ أن يغدقوا النعمَ على مشائخِ الطرقِ ، وعلى الشريفِ الذي يملكُ السلطةَ في تلك البلادِ " .
وقالوا هكذا بصريحِ العبارةِ :
" إن هؤلاءِ جميعاً متمتعون بالعيشِ الهنيء ، ورغد المعيشةِ في ظلالِ جهلِ المسلمين وغفلتهم ، فمتى أكرمناهم وأنعمنا عليهم فهم يكونون معنا ، ويشاركوننا في جر المغنمِ ، وبصريحِ العبارةِ يكونون أشبهَ بالغربانِ والنسورِ والعقبان التي تأكلُ ما فضل من فرائسِ الآسادِ والنمورِ " .ا.هـ.
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
الصفحة الرئيسة | صفحة الشيخ(/9)
هل مشايخ الصّوفية متصلون بالله
السؤال:
ما هو مكان الصوفية في الإسلام ؟ ما صحة القول بأن هناك عبّاد وأولياء يتّصلون بالله ، بعض الناس يعتقدون بهذه الظاهرة وأنّ هناك ما يُثبت ذلك في الأديان المختلفة والأنحاء المختلفة في الأرض .
كيف تمكن رؤية الذين يدعون بأنهم صوفية أو تابعين للصوفيين ؟
أليست الصلاة والذكر نوع من الاتصال بالله سبحانه وتعالى ؟(/1)
الجواب:
الحمد لله
لم يعرف الإسلام اسم الصوفية في زمن الرسول وصحابته والتابعين حتى جاء جماعة من الزهاد لبسوا الصوف فأطلقوا هذا الاسم عليهم ، وقيل مأخوذ من كلمة صوفيا ومعناها الحكمة باليونانية وليست مأخوذة من الصفاء كما يدعي بعضهم لأن النسبة إلى الصفاء صفائي وليست صوفي .
وظهور هذا الاسم الجديد والطائفة التي تحمله زاد الفرقة في المسلمين ، وقد اختلف الصوفية الأوائل عن الصوفية المتأخرة التي انتشرت فيها البدع بشكل أكبر وعمّ فيهم الشرك الأصغر والأكبر وبدعهم مما حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. رواه الترمذي وقال حسن صحيح
وفيما يلي مقارنة بين معتقدات الصوفية وطقوسها وبين الإسلام المبني على القرآن والسنّة :
الصوفية : لها طرق متعددة كالتيجانية والقادرية والنقشبندية والشاذلية والرفاعية وغيرها من الطرق التي يدعي أصحابه أنهم على الحق وغيرهم على الباطل والإسلام ينهى عن التفرق ويقول الله تعالى { ...ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون } ( سورة الروم الآيات 31-32).(/2)
الصوفية : عبدوا غير الله من الأنبياء والأولياء الأحياء والأموات فهم يقولون ( يا جيلاني ويا رفاعي ويا رسول الله غوثاً ومدد ، ويا رسول الله عليك المعتمد ) .
والله ينهى عن دعاء غيره فيما لا يقدر عليه إلا هو ويعدّه شركاً إذ يقول { ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك من الظالمين } سورة يونس ،آية 106 .
الصوفية : تعتقد أن هناك أبدالاً وأقطاباً وأولياء سلّم الله لهم تصريف الأمور وتدبيرها والله يحكي جواب المشركين حين يسألهم :{ ومن يدبر الأمر فسيقولون الله } سورة يونس : 31 . فمشركو العرب أعرف بالله من هؤلاء الصوفية .
والصوفية يلجأون لغير الله عند نزول المصائب والله يقول : { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير } .
بعض الصوفية : يعتقد بوحدة الوجود فليس عندهم خالق ومخلوق فالكل خلق والكل إله .
الصوفية : تدعو إلى الزهد في الحياة وترك الأخذ بالأسباب وعدم الجهاد والله تعالى يقول { وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا } ( سورة القصص ،آية 77).
{ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } ( سورة الأنفال ،آية 60) .
الصوفية : تعطي مرتبة الإحسان إلى شيوخهم وتطلب من المريدين أن يتصورا شيخهم عندما يذكرون الله حتى في صلاتهم وكان بعضهم يضع صورة شيخه أمامه في الصلاة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ". رواه مسلم .
الصوفية : تبيح الرقص والدف والمعازف ورفع الصوت بالذكر والله تعالى يقول { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } ( سورة الأنفال ، آية 3 ) .(/3)
ثم تراهم يذكرون بلفظ الجلالة : الله فقط فيقولون الله ، الله ، الله وهذه بدعة وكلام غير مفيد لمعنى شرعي بل يصلون إلى حدّ التلفظ بكلمة ( أهـ ، أهـ ) . أو هو ، هو . والإسلام والسنة أن يذكر المسلم ربّه بكلام مفيد صحيح يُؤجر عليه كقوله : سبحان الله والحمد له ولا إله إلا الله والله أكبر ونحو ذلك .
الصوفية تتغزل باسم النساء والصبيان في مجالس الذكر فيرددون اسم الحب والعشق والهوى وغيرها وكأنهم في مجلس طرب فيه الرقص وذكر الخمر مع التصفيق والصياح وكلّ هذا من عادة المشركين وعبادتهم قال الله تعالى : { وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية } سورة الأنفال آية 35 .( المكاء : الصفير ، والتصدية : التصفيق ) .
بعض الصوفية يضرب نفسه بسيخ حديد قائلاً ( يا جداه ) فتأتيه الشياطين ليساعدوه على فعله لأنه استغاث بغير الله ، قال الله تعالى : { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين } سورة الزخرف ، آية 36 .
الصوفية : تدعي الكشف وعلم الغيب والقرآن يكذبهم : قال عزّ وجلّ : { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } . ( سورة النمل آية 65 ) .
الصوفية : تزعم أن الله خلق الدنيا لأجل محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن يكذبهم قائلاً { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } (سورة الذرايات آية 56) .
وخاطب الله سبحانه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } سورة الحجر آية 99).
الصوفية : تزعم رؤية الله في الدنيا والقرآن يكذبهم حين قال على لسان موسى :{ رب أرني أنظر إليك قال لن تراني } (سورة الأعراف ، آية 143) .
الصوفية : تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة فهل هم أفضل من الصحابة ؟
الصوفية : تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم فيقولون : حدثني قلبي عن ربي .(/4)
الصوفية : تقيم الموالد والاجتماع باسم مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهم يخالفون تعاليمه حينما يرفعون أصواتهم في الذكر والأناشيد والقصائد التي فيها الشرك الصريح . وهل احتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمولده أو أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ والأئمة الأربعة وغيرهم فمن أعلم وأصحّ عبادة هؤلاء أم الصوفية .
الصوفية : تشد الرحال إلى القبور للتبرك بأهلها أو للطواف حولها أو الذبح عندها مخالفين قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى " متفق عليه .
الصوفية : تتعصب لشيوخها ولو خالفت قول الله ورسوله ، والله تعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } سورة الحجرات آية 1 .
الصوفية : تستعمل الطلاسم والحروف والأرقام لعمل الاستخارة والتمائم والحجب وغير ذلك .
الصوفية : لا تتقيد بالصلوات الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بل يبتدعون صلوات فيها التبرك الصريح والشّرك الفظيع الذي لا يرضاه الذي يصلون عليه .
أما السؤال عن صحة اتصال مشايخ الصوفية فهي صحيحة لكنها مع الشياطين وليس مع الله
فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا قال تعالى : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه } الأنعام (112) . وقال تعالى : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم } الأنعام /121) .
وقال تعالى : { هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم ) الشعراء 121/222) . فهذا هو الاتصال الذي يحدث حقيقة ، لا الاتصال الذين يزعمونه زوراً وبهتاناً من اتصالهم بالله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا ، يُنظر معجم البدع : 346- 359(/5)
واختفاء بعض مشايخ الصوفية فجأة عن أنظار أتباعهم هو نتيجة لهذا الاتّصال مع الشياطين حتى لربما حملوهم إلى أماكن بعيدة وعادوا بهم في اليوم نفسه أو الليلة نفسها إضلالا للبشر من أتْباعهم .
ولذلك كانت القاعدة العظيمة أننا لا نزن الأشخاص بالخوارق التي تظهر على أيديهم وإنما بحسب بعدهم وقربهم والتزامهم بالكتاب والسنّة ، وأولياء الله حقّا لا يُشترط أن تظهر لهم خوارق بل هم الذين يعبدون الله بما شرع ولا يعبدونه بالبدع ، أولياء الله الذين ذكرهم ربنا في الحديث القدسي الذي رواه البخاري في الصحيح 5/2384 عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه " . والله الموفق والهادي إلى طريق الصّواب .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/6)
هل يجب على الإنسان أن يسلك طريقة معينة من طرق الصوفية
الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله
المقدم
الرسالة التالية من الجمهورية العراقية، الموصل، وباعثها أحد الأخوة من هناك يقول : فؤاد محمد علي الرملة، أخونا يسأل ويقول : سؤالي عن بعض الطرق الصوفية التي تنتشر في بلادنا، ويقول العلماء يجب على كل مسلم أن يسلك طريقة صوفية معينة، وإلا فهو على ضلالة من أمره ويقولون من ذاق عرف ومن لم يذق انحرف، أي من ذاق الإيمان عن طريق الصوفية، وكما يوجد رجل يقال له خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسميه الشيخ عبد العزيز لا أدري هل من المصلحة تسميته، نعم، فلان النقشبندي، وطريقته تسمى النقشبندية، ومنتشرة بشكل واسع في بلادنا، ويقول العلماء من لم يسلك هذه الطريقة فهو خاسر، وكما ينكرون أكثر أقوال علماء السلف الصالح وخاصة في العقيدة، أفيدونا مأجورين، جزاكم الله خير الجزاء، وآسف لطول السؤال هذا من كلامه هو؟(/1)
الشيخ
الواجب على كل مسلم أن يسلك طريق نبينا محمد( صلى الله عليه وسلم) الذي درج عليه أصحابه رضي الله عنهم، ثم سلف الأمة من التابعين وأتباعهم من الأئمة الأربعة رضي الله عنهم، هذا هو الواجب.(/2)
أما الطرق التي أحدثها الناس ويسمونها الطرق الصوفية، هذه لا يجب سلوكها، ولا يجوز سلوكها، ولا يلزم أحداً سلوكها، لا نقشبندية ولا قادرية ولا تيجانية، ولا خلوتية، ولا شالية ولا غير ذلك، جميع الطرق لا يجب سلوك شيء منها، لأنها محدثة. ما أشار الصحابة قبلها على ما عليه رسول الله( صلى الله عليه وسلم) قبل أن تحدث هذه الطرق، وهكذا من بعدهم من أئمة السلف إذا كانوا خاسرين لأنهم ما سلكوها تركوها، كانوا ناجحين وكانوا سعداء، وكانوا هم على الحق والطريق القويم وعلى صراط الله المستقيم. فأنت يا عبد الله قدم نفسك معهم، وأنت كأنك موجود قبل هذه الطريقة فهل يضرك عدم وجود هذه الطريقة هذه مما أحدثها الناس، والنبي( صلى الله عليه وسلم) قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد أي مردود وقال عليه السلام من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد .(/3)
فلا يلزمك أن تسلك الطريقة النقشبندية أو التيجانية أو القادرية أو الشاذلية أو البراهنية أو نحو ذلك، عليك أن تسلك طريق محمد عليه الصلاة والسلام، طريقة هذه الأمة بأن تعبد الله وحده، وتستقيم على دينه، وتحافظ على الصلوات الخمس، وتؤدي الزكاة وتصوم رمضان، وتحج البيت الحرام مع الاستطاعة تبر والديك، تصل أرحامك، تحفظ وجهك عما حرم الله، تحفظ جوارحكم عما حرم الله ، تجتهد في ذكر الله وطاعته، والتقرب إليه بجميع أنواع الطاعات من صلاة النافلة، وصوم النافلة، والصدقات، والإكثار من ذكر الله والاستغفار ولا تلتفت إلى هذه الطرق التي أحدثها الناس، وتنصح إخوانك أن يتجنبوها، ما كان فيها من خير وافق شرع الله يؤخذ، وما كان فيها من شيء جديد يترك، يقول مالك رحمه الله - ابن أنس إمام دار الهجرة في زمانه يقول "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها" وهكذا قال العلماء جميعهم مثل قوله، لا صلاح هذه الأمة إلا بما صلح به الصحابة ومن بعدهم إلا بالسير على طريق محمد( صلى الله عليه وسلم)، والتمسك بصراط الله المستقيم الذي قال فيه جلا وعلا وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيل ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون وقال عز وجل في سورة الفاتحة اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم هذا هو الصراط المستقيم، هو دين الله هو الإسلام، هو ما جاء به الرسول( صلى الله عليه وسلم) من الأعمال والأقوال، هو الصراط المستقيم ، وهو صراط من أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وهم أهل العلم والعمل ، لمن عرفوا دين الله وعملوا به هذا هو الصراط المستقيم أن تعرف دين الله، وأن تفقه في دين الله من القرآن والسنة، وأن تعمل بذلك، على النهج والطريق الذي سلكه رسول الله( صلى الله عليه وسلم) وسلكه أصحابه رضي الله عنهم وأتباعه، وإياك أن تترك ذلك من أجل قول الشيخ فلان أو الشيخ فلان أو الشيخ فلان، ويقول من لا شيخ(/4)
له فالشيطان إمامه أو شيخه، كل هذا باطل ، لكن أهل العلم يستعان بكلامهم ويستفاد من كلامهم في تفسير القرآن في السنة بيان الأحكام، لكن لا تقدم آرائهم المخالفة لشرع الله على ما قاله الله ورسوله. لكن قول العلماء المعروفين بالسنة والاستقامة هؤلاء يستفاد بكلامهم، وينظر في كتبهم سواء كانت من كتب الشافعية، أو الحنفية أو المالكية، أو الحنابلية أو الظاهرية، أو كتب أهل الحديث الموثقة المتقدمين، كل هؤلاء يستفاد من كتبهم وينظر فيها، ويستعان بها على فهم كلام الله، وعلى فهم كلام رسوله( صلى الله عليه وسلم)، ويدعا لهم، ويترحم عليهم لفضلهم وعلمهم، لكن لا يجوز لأحد أن يقول الطريقة التي أحدثها فلان أو فلان هي الطريقة المنجية وما عداها فهو خطاء، لا. الواجب عليك أن تتبع طريقة رسول الله( صلى الله عليه وسلم) ولهذا قال عليه الصلاة والسلام ستختلف أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة وهي الجماعة التي صارت على نهج النبي( صلى الله عليه وسلم)، وفي رواية الترمذي: يا رسول الله : من؟ قال : من كان على ما أنا عليه وأصحابي الذين ينجون عند الصراط وعند التغير هم الذين سلكوا مسلك النبي( صلى الله عليه وسلم)، وصاروا على نهجه واتبعوا صحابته بما كانوا عليه، هؤلاء هم الناجون، فعليك بلزوم هذا الطريق، لزوم طريق أصحاب النبي( صلى الله عليه وسلم)، وأتباعهم من أئمة الإسلام كمالك والشافعي وأحمد وغيرهم من أئمة الإسلام، وأن تكون على طريقهم الطيب، وأما ما اختلف فيه الناس أو تنازع فيه الناس من بعض المسائل، فإنه يرد إلى كتاب الله، وإلى سُنة رسوله محمد( صلى الله عليه وسلم)، فما وافق كتاب ربنا أو سنة نبينا وجب الأخذ به والسير عليه، وفي كلام أهل العلم ما يعينك على ذلك إذا نظرت فيه وتأملته، دلك الله عليه. نعم.
http://www.binbaz.org.sa/RecDisplay.asp?f=n-03-1408-0200003.htm
أرباب الطريقة(/5)
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/6)
والد إمام الحرمين الإمام عبدالله الجويني من الشك إلى الطمأنينة
هو أبو محمد عبدالله بن يوسف الجويني والد إمام الحرمين المتوفى سنة 438هـ، وقد كان إماماً في التفسير والفقه والأصول؛ بل له يد طولى في أكثر العلوم المعروفة في زمانه، وقد تخرج على يده خلق كثير وفي مقدمتهم ولده إمام الحرمين..
وقد ألف في كثير من العلوم، وأما الذي يهمنا هنا فرسالته اللطيفة وهي عظيمة الفائدة تحت عنوان (رسالة في إثبات الاستواء والفوقية ومسألة الحرف والصوت في القرآن المجيد، وتنزيه البارئ عن الحصر والتمثيل والكيفية) هكذا بهذا العنوان الطويل وهي ليست طويلة؛ بل صغيرة جداً لا تتجاوز (15) صفحة ولكنها تعالج وتحقق نقاطاً تعجز عن تحقيقها بل عن تصورها كثير من الموسوعات على سعتها.(/1)
والرسالة المذكورة تعالج صفة الفوقية والاستواء وصفة الكلام، وهاتان الصفتان قد ضل فيهما كثير من علماء الكلام واضطرابهم فيها أسوأ من اضطرابهم فيما عداهما، وقد وصف المؤلف الحيرة التي استولت عليه عندما ظهر له الحق في هاتين الصفتين وغيرهما من الصفات الخبرية التي يصعب على أهل الكلام سماعها فضلاً عن إثباتها كما سنرى عندما ننقل منها بعض النقول لنستشهد بها على ما نقول حول عقيدته وموقفه من علم الكلام بعد رجوعه.
وميزة هذا الإمام أنه لم يمنعه التعصب والتقليد من إتباع الحق لما تبين له الحق؛ بل اتبعه وأعلن به ودعا إليه، وجادل فيه شيوخه وهو موقف لا يوفق له كل من عرف الحق.(/2)
ولقد كانت دعوته ومناقشته لشيوخه تحمل في طياتها الشفقة عليهم والتلطف بهم دون أن يتهجم عليهم أو يهاجمهم ويعنف عليهم وهو ديدن العلماء العاملين الذين همهم بيان الحق والدعوة إليه دون تجريح أو تنفير عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام: ((يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا)) رواه البخاري، ولهذا المعنى الذي أشرت إليه والميزة التي نوهت بها أود أن أورد مقتطفات من كلامه ومختارات من عباراته في رسالته الموجهة إلى شيوخه وإخوانه.
يقول الإمام الجويني (الأب) رحمه الله بعد مقدمة مستفيضة، سرد منها كثيراً من صفات الله، وأسمائه:
وبعد: فهذه نصيحة كتبتها إلى إخواني في الله أهل الصدق والصفاء والإخلاص والوفاء، لما تعين عليَّ من محبتهم في الله، ونصيحتهم في صفات الله –عز وجل-، فإن المرء لا يكمل إيمانه حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وفي الصحيح عن جرير بن عبدالله البجلي. قال: ((با يعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على إقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ والنُّصْح لكلِّ مُسلمٍ)).
وعن تميم الدَّاريِّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدِّينُ النَّصيحةُ ثلاثاً)). قلنا: لمَنْ؟ قال: ((لله ولكتابهِ ولرسُولهِ ولأئمَّةِ المسلمينَ وعامَّتهم)).(/3)
أعرفهم أيدهم الله تعالى بتأييده، ووفقهم لطاعته ومزيده، أنني كنت برهة من الدهر متحيراً في ثلاث مسائل: مسألة الصفات، ومسألة الفوقية، ومسألة الحرف والصوت في القرآن المجيد، وكنت متحيراً في الأقوال المختلفة الموجدة في كتب أهل العصر في جميع ذلك من تأويل الصفات وتحريفها، أو إمرارها والوقوف فيها، أو إثباتها بلا تأويل، ولا تعطيل، ولا تشبيه، ولا تمثيل فأجد النصوص في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ناطقة منبئة بحقائق هذه الصفات، وكذلك في إثبات العلو والفوقية، وكذلك الحرف والصوت، ثم أجد المتأخرين من المتكلمين في كتبهم منهم من يؤول الاستواء بالقهر والاستيلاء، ويؤول النزول بنزول الأمر، ويؤول اليدين بالقدرتين أو النعمتين، ويؤول القدم بقدم الصدق عند ربهم، وأمثال ذلك، ثم أجدهم مع ذلك يجعلون كلام الله تعالى معنى قائم بالذات بلا حرف ولا صوت، ويجعلون هذه الحروف عبارة عن ذلك المعنى القائم.
وممن ذهب إلى هذه الأقوال وبعضها قوم لهم في صدري منزلة، مثل طائفة من فقهاء الأشعرية الشافعيين لأني على مذهب الشافعي– رضي الله عنه- عرفت فرائض ديني وأحكامه، فأجد مثل هؤلاء الشيوخ الأجلة يذهبون إلى مثل هذه الأقوال، وهم شيوخي ولي فيهم الاعتقاد التام، لفضلهم وعلمهم، ثم إنني مع ذلك أجد في قلبي من هذه التأويلات حزازات لا يطمئن قلبي إليها، وأجد الكدر والظلمة منها، وأجد ضيق الصدر، وعدم انشراحه مقروناً بها، فكنت كالمتحير المضطرب في تحيره، المتململ من قلبه وتغيره.(/4)
وكنت أخاف من إطلاق القول بإثبات العلو والاستواء، والنزول مخافة الحصر والتشبيه، ومع ذلك فإذا طالعت النصوص الواردة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أجدها نصوصاً تشير إلى حقائق هذه المعاني، وأجد الرسول صلى الله عليه وسلم قد صرح بها مخبراً عن ربه، واصفاً لها بها، وأعلم بالاضطرار أنه صلى الله عليه وسلم كان يحضر في مجلسه الشريف، العالم، والجاهل، والذكي والبليد، والأعرابي، والجافي، ثم لا أجد شيئاً يعقب تلك النصوص التي كان يصف ربه بها، لا نصاً ولا ظاهراً مما يصرفها عن حقائقها، ويؤولها كما تأولها مشايخي الفقهاء المتكلمين مثل تأويلهم الاستيلاء بالاستواء، ونزول الأمر للنزول، وغير ذلك، ولم أجد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يحذر الناس من الإيمان بما يظهر من كلامه في صفته لديه من الفوقية، واليدين، وغيرهما، ولم ينقل عنه مقالة تدل على أن لهذه الصفات معاني أُخر باطنة غير ما يظهر من مدلولها، مثل فوقية المرتبة، ويد النعمة، والقدرة وغير ذلك، وأجد الله- عز وجل- يقول: {الرحمن على العرش استوى}. {خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش، يعلم}. {ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور، أم أمنتم من في السماء يرسل عليكم حاصباً}.
وسرد آيات كثيرة كلها تدل على فوقية الله وعلوه على خلقه إلى أن قال:(/5)
ثم أجد الرسول صلى الله عليه وسلم لما أراد الله تعالى أن يخصه بقربه عرج به من سماء إلى سماء حتى كان قاب قوسين أو أدنى، ثم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح للجارية: ((أين الله؟)) فقالت: في السماء.. فلم ينكر عليها بحضرة أصحابه كيلا يتوهموا أن الأمر على خلاف ما هو عليه؛ بل أقرَّها وقال: ((اعتقها فإنها مؤمنة)). وفي حديث جبير بن مطعم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله فوق عرشه فوق سماواته، وسماواته فوق أرضه مثل القبة، وأشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده مثل القبة)) وساق عدة أحاديث، وسيأتي ذكرها في موضعها.
إلى أن قال: لا ريب إنا نحن وإيَّاهُم مُتَّفِقون على إثبات صِفاتِ الحياةِ، والسَّمْع، والبَصَر، والعِلْم، والقُدْرَة، والإرادة، والكلامِ لله، ونحن قَطْعاً لا نَعْقل من الحياة إلا هذا العَرضْ الذي يقوم بأجسامنا وكذلك لا نعقل مِنَ السمعِ والبصرِ إلا أعراضاً تقوم بجوارحنا فكما إنهم يقولون حياته ليست بعَرَضٍ وعِلْمهُ كذلك وبَصَرُهُ كذلك هي صِفاتٌ كما تَليقُ به لا كما تَليقُ بنا فكذلك نقولُ نحن حياتهُ معلومةٌ وليست مكيَّفه وعلمهُ معلومٌ وليس مكيَّفاً وكذلك سمعه وبصرُهُ معلومان ليس جميع ذلك أعراضاً بل هو كما يليقُ به.(/6)
ومثلُ ذلك بِعيْنهِ فوقيته واستواؤه ونُزُله.ففوقيته مَعْلومةٌ أعني ثابتة كثبوت حقيقة السمع، وحقيقة البصر، فإنهما معلومان ولا يكيفان، كذلك فوقيته معلومة ثابتة غير مكيفة كما يليق به، واستواؤه على عرشه معلومٌ غير مُكيّف بحركة، أو انتقالٍ يليقُ بالمخلوقِ، بل كما يليقُ بعظمتهِ وجلالةِ صفاتِهِ معْلُومة مِنْ حيثُ الجُملةِ والثبوت غيرُ معقولة من حيثُ التَّكييفِ والتحديد، فيكون المؤمنُ بها مُبْصِراً من وَجه، أعمى من وجه، مبصراً من حيثُ الإثباتِ والوجودِ، أعمى من حيث التَّكييف والتَّحديد، وبهذا يحصل الجمع بين الإثبات لما وصَفَ الله تعالى نفسه به، وبين نفي التَّحريف والتَّشْبيه والوقوفِ، وذلك هو مُرادُ الرَّبِّ تعالى منا في إبراز صفاته لنا لنعرفه به ونُؤمن بحقائقها، وننفي عنه التشبيه، ولا نعطلها بالتحريفِ، والتأويلِ ولا فرق بين الاستواء، والسمع، ولا بين النزول، والبصر، الكل ورد في النص.
فإن قالوا لنا: في الاستواء شبهتم، نَقُول لهم: في السمع شبَّهتم ووصفتُم ربَّكُم بالعَرَضِ، فإن قالوا: لا عَرَضَ بل كما يليقُ به، قُلنا: في الاستواء والفوْقية لا حَصْر بل كما يليقُ به فجميع ما يلزمُونا به في الاستواء، والنِّزُول، واليد، والوجهِ، والقَدَم، والضَّحكِ، والتَّعجبِ من التَّشبيه نُلزِمُهم به في الحياةِ، والسمعِ، فكما لا يجْعَلونها هم أعراضاً كذلك نحن لا نجعلها جوارح، ولا ما يُوَصَفُ به المخلوق، وليس من الإنصاف أن يفهموا الاستواء، والنزول، والوجه، واليد صفات المخلوقين فيحتاجوا إلى التَّأويل والتَّحْريف.(/7)
فإن فَهِموا في هذه الصفات ذلك فيلزمهم أن يفهموا في الصفات الشَّبْعِ(1) صفات المخلوقين من الأعراضِ، فما يلزمونا في تلك الصفات من التشبيه والجسمية نلزمهم به في هذه الصفات من العرضية، وما ينزهوا ربهم به في الصفات السبع وينفون عنه عوارض الجسم فيها، فكذلك نحن نعمل في تلك الصفات التي ينسبونا فيها إلى التشبيه سواء بسواء، ومن أنصف عرف ما قلنا اعتقده وقبل نصيحتنا ودان الله بإثبات جميع صفاته هذه وتلك،ونفى عن جميعها التشبيه، والتعطيل، والتأويل، والوقوف، وهذا مراد الله تعالى منا في ذلك لأن هذه الصفات وتلك جاءت في موضع واحد، وهو الكتاب والسنة، فإذا أثبتنا تلك بلا تأويل، وحرفنا هذه وأوّلناها كُنَّا كمنْ آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض، وفي هذا بلاغ وكفاية إن شاء الله تعالى.
هكذا نصح هذا الإمام الصادق في نصحه الإمام الجويني شيوخه الذين عاش معهم برهة من الزمن في التأويل والتحريف لصفات الله تعالى كلها أو التصرف فيها بإثبات بعضها وتأويل البعض الآخر، ثم تاب الله عليه فتاب وكتب هذه (النصيحة) التي انتخبنا منها بعض النقاط من أولها وآخرها [وقد نشرناها في مكتبة صيد الفوائد] وقد ناقشهم فيها بالأدلة النقلية والعقلية معاً وطالبهم بالإنصاف –والإنصاف من الإيمان- وأوضح لهم أنه لا يوجد ما يفرق بين ما أولوه وحرفوا فيه الكلام وبين ما أثبتوه من الصفات لأن هذه وتلك جاءت في موضع واحد وهو الوحي من كتاب أو سنة، ودرج على عدم التفريق بينها سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وعلماء الحديث.
ثم أوضح السبب الذي حمل علماء الكلام على تأويلهم صفات الله تعالى عامة والصفات الخبرية السمعية خاصة. وهو أنهم فهموا منها خطأ، المعاني التي لا تليق بالمخلوق، قم أرادوا تصحيح ذلك المفهوم الخاطئ فوقعوا في التأويل أي شبهوا أولاً ثم عطلوا ثانياً، هذه هي حقيقة القوم وعقيدتهم.(/8)
فنسأل الله تعالى أن يجزل المثوبة لهذا الإمام وأمثاله على هذه النصيحة الهادئة والصادقة، إنه سميع قريب.
فليهنأ أبو محمد الجويني بهذا التوفيق وهذه الهداية، ولعل الله علم من الرجل الإخلاص في علمه وجهاده الذي بذله في البحث عن الحق في فترة (حيرته وتردده) تلك الفترة الصعبة على قصرها- فيما أحسب- فهداه الله ووفقه مصداقاً لقوله تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}، ولقد كاد حبه وتقديره لشيوخه أن يخلداه إلى أرض التقليد ليحولا بينه وبين راية الحق واتباعه (ولكن الله سلم) ووفقه وأخذ بيده إلى بر السلامة، فسلم ونحمد الله على ذلك.
إذ قارن الإمام بين ما يخوض فيه شيوخه من التأويل وبين ما ينطق به الكتاب المبين والسنة المطهرة من إثبات حقائق الصفات، فتأكد أن شيوخه لم يفهموا نصوص الصفات الفهم الصحيح لا سيما الصفات الخبرية، بل لم يفهموا منها إلا ما يليق بالمخلوق ولذلك تورطوا في التحريف والتعطيل أو الوقوف دون محاولة للفهم، لذا بادر الإمام أبو محمد بتوجيه تلك النصيحة فور توبته وسلوكه مسلك السلف على بصيرة من ربه.
لم أجد قلمي كعادته يجري للحديث عن هذا الجبل؛ بل وجدت أن هناك أحد العلماء قد صور ما سبق، فما كان مني إلا أن نقلته بحذافيره بتصرف قليل جداً، وقمت بصف الرسالة على ملف word ، فجزى الله الشيخ الجامي خير الجزاء على تصويره لواقع الجويني، وجزى الله الجويني صاحب النفس الأوابة خير الجزاء، ورفع منزلتهما في عليين..
هكذا هي النفوس الكبيرة فقط، تتحرر من أغلال التقليد الأعمى، وتبحث في الدليل، حتى تصل بتوفيقه الله إلى طريق الهداية، وإتباع السنة ..
أعده
المنهج - شبكة الدفاع عن السنة
العائدون
العائدون إلى العقيدة
موقع صحوة الشيعة
موقع مهتدون
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/9)
ومضات من كلام الأئمة الأعلام والدعاة الكرام في الصوفية (2)
أحد أعلام الصوفية (الحارث المحاسبي) رحمه الله -وكما بين ابن الجوزي رحمه الله في بشر نقول في الحارث "ولا يهولنك اسمه فالله يعفو عنه"
قال الحافظ أبو عثمان سعيد بن عمرو البردعي:
"شهدتُ أبا زرعة -وقد سُئل عن الحارث المحاسبي وكتبه- فقال للسائل:
إياك وهذه الكتب،هذه كتب بدع وضلالات،عليك بالأثر،فإنك تجد فيه ما يغنك عن هذه الكتب.قيل لهُ:في هذه الكتب عبرة.
فقال:من لم يكن لهُ في كتاب الله عبرة فليس لهُ في هذه الكتب عبرة،بلغكم أن مالك بن أنس وسفيان الثوري والأوزاعي والأئمة المتقدمين صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس وهذه الأشياء؟! هؤلاء خالفوا أهل العلم .. ثم قال:ما أسرع الناسِ إلى البدع" كتاب الضعفاء لأبي زرعة نقلاً عن أبي زرعة الرازي وجهود في السنة 2/561-562.
قال الذهبي مُعلقاً على كلام أبي زرعة في ميزان الاعتدال 1/431:
" وأين مثل الحارث؟فكيف لو رأى أبو زرعة تصانيف المتأخرين كالقوت لأبي طالب،وأين مثل القوت!كيف لو رأى بهجة الأسرار لابن جهضم،وحقائق التفسير للسلمي لطار لُبُّه.
كيف لو رأى تصانيف أبي حامد الطوسي في ذلك على كثرة ما في الإحياء من الموضوعات؟!! (يعني كتاب أبو حامد الغزالي الطوسي الإحياء)
كيف لو رأى الغنية للشيخ عبدالقادر!كيف لو رأى فصوص الحكم والفتوحات المكية؟!
بلى لما كان لسان الحارث لسان القوم في ذلك العصر كان معاصره ألف إمام في الحديث،فيهم مثل أحمد بن حنبل وابن راهويه،ولما صار أئمة الحديث مثل ابن الدخميس،وابن حانه كان قطب العارفين كصاحب الفصوص وابن سفيان.نسأل الله العفو والمسامحة آمين."
قال الشيخ ربيع في منهج أهل السنة 135-136:
"رحم الله الإمام الذهبي كيف لو رأى مثل (الطبقات) للشعراني،وجواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض ابن عباس التيجاني لعلي ابن حزام الفاسي؟!
كيف لو رأى خزينة الأسرار لمحمد حقي النازلي؟!!(/1)
كيف لو رأى نور الأبصار للشنجلي؟!
كيف لو رأى شواهد الحق في جواز الاستغاثة بسيد الخلق وجامع الكرامات للنبهاني؟!
كيف لو رأى تبليغي نصاب وأمثاله من مؤلفات أصحاب الطرق الصوفية؟!
.... "
قلتُ:
رحم الله الأئمة كيف لو رأى حال صوفية اليوم الذي انجرفت بهم الطرق لأشد ما كان عليه سابقيهم..
وهكذا البدعة يحبها الشيطان وينفخ فيها فتزل الأقدام عن الهدي،فتهوي في مستنقعٍ تغوص أقدامهم فلا يخرج منهم إلا من يعود للقرآن والسنة ويحكمهما!!وأنظر حديث السبل وتأمله!
قال ابن القيم في النونية،بعد ذكره لبعض أقوال أهل البدع:
"يا من يظن بأننا حفنا عليـ ..... ـهم كتبهم تنبيك عن ذا الشان
فانظر ترى لكن نرى لك تركها ... حذراً عليك مصائد الشيطان
فشباكها والله لم يَعْلَق بها .. من ذي جناح قاصر الطيرانِ
ألا رأيت الطير في قفص الرّدى .. يبكي له نوحٌ على الأغصان
ويظلّ يخبط طالباً لخلاصه .... فيضيق عنه فرجة العيدان
والنب ذنب الطير خلّى أطيب الثمـ ... ـرات في عالٍ من الأفنان
وأتى إلى تلك المزابل يبتغي الـ ... ـفضلات كالحشرات والديدان
يا قوم والله العظيم نصيحة ... من مشفق وأخٍ لكم معوان"
.....
إن علماء أهل السنة والجماعة رصدوا هذه الحركة منذ نشأتها الزهدية،وحتى تحولاتها الصوفية والتي بدأت تتخبط وتبتعد عن الهدي النبوي وتتشبه برهبانية النصارى،ومن أوائل من نقل هذا الفكر الرهباني النصراني مالك بن دينار رحمه الله،فلقد دعا بأمورٍ عجيبة،ليست -والله- من السنة،بل رهبانية ابتدعوها!!!(/2)
فمن آرائهم التجرد من الزواج،وكان يقول: "لا يبلغ الرجل منزلة الصديقين حتى يترك زوجته أرملة ويأوي إلى مزابل الكلاب" سير أعلام النبلاء 8/156،حلية الأولياء 2/359،نقلاً عن محمد العبدة يقول الشيخ محمد: "وقد علق مُحقق السير الشيخ شعيب(يعني شعيب الأرناوط) على هذا الكلام فقال: "منزلة الصديقين لا تنال بهذا المسلك الأعجمي المخالف لما صح عنه صلى الله عليه وسلم من ترك التبتل والرهبنة"
قلتُ: ومن لم يكن متبعاً لقدوتنا فلا خير في اتباع بدعه!!خاصة أن لنا سند في إنكار قول مالك بن دينار رحمه الله بعدد من الآيات والأحاديث!!وأخص بحديث الثلاثة نفر الذي قال أحدهم لا تزوج النساء لأنه يريد أن لا يجعلها أرملة!!لتفرغه للعبادة،وأنظر ما كتبه الشيخ محمد جميل غازي رحمه الله في الصوفية والوجه الآخر فقد أجاب عن وضع المرأة عند الصوفية بأنها كالأرملة!!-ولولا خشية الإطالة لأوردت بعض أقوالهم-.
يقول محمد العبدة: "وكثيراً ما يقول:قرأت في بعض الكتب!!قرأتُ في التوراة!! ويروي عيسى عليه السلام!!: (بحق أقول لكم،إن أكل الشعير والنوم في المزابل مع الكلاب لقليل في طلب الفردوس) أو وله: (أوحى الله إلى نبي من الأنبياء) أو (قرأتُ في الزبور ..) أنظر حلية الأولياء 2/357.
فمن الواضح ومن خلال قراءة ترجمته في كتب الطبقات أنه متأثر بما ترويه الكت القديمة عن الزهاد والرهبان .. ومن الواضح أن هذه الكتب قد حُرفت ولسنا مأمورين بقرائتها بل منهيون عن الأخذ منهم وتقليدهم" الصوفية نشأتها وتطورها محمد العبدةوطارق عبدالحليم.
قلتُ:
أنظر وتأمل!!
فوالله إن هذا لكافي!!
"أمتهوكٌ فيها يا ابن الخطاب؟!!" لما رأى معه بعض الصفحات!!وأنظر هو يقرأها ويطبقها -أعني مالك- وهنا النهي ففي شرعنا كفاية!!
وهذا أكبر دليل بانحراف الزهاد والصوفية ونقاط التحول إلى بدعية رهبانية متأثره بالنصرانية!!
......(/3)
ومن أقطاب المرحلة الإنتقالية "ربما يكون عبدالواحد بن زيد ورابعة العدوية من أقطاب هذه المرحلة الإنتقالية،واستحدثت كلمة العشق للتعبير عن المحبة بين العبد والرب ويرددون أحاديث باطلة في ذلك مثل: (إذا كان الغالب على عبدي الإشتغال بي جعلت نعيمه وذكره ولذته في ذكري عشقني وعشقته!!!) .
وبدأ الكلام حول العبادة لا طمعاً في الجنة ولا خوفاً من النار،وإنما قصد الحب الإلهي،وهذا مخالف للآية الكريمة: {يدعوننا رغباً ورهباً} .
ومثل قول رابعة لرجلٍ رأته يضم صبياً من أهله ويقبله: "ما كنت أحسب أن في قلبك موضعاً فارغٌ لمحبة غيره تبارك اسمه!) [أنظر سير أعلام النبلاء 8/156] وهذا تعمقٌ وتكلف لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يُقبل أولا ابنته ويحبهم". الصوفية 21-22.
قلتُ:
هل تأملت هذا الضلال!!! هو مرحلة من مراحل التخبط والإنحراف..
وعلقت على الأخير،فهل هي متفوقة على روسل الله عليه السلام بموقفها هذا؟؟!!!أعوذ بالله من ذلك!وللمعلومية فإن رابعة العدوية "تكلم فيها أبو داود السجستاني [صاحب السنن أحد الكتب الستة] واتهمها بالزندقة!! ،فلعله بلغه عنها أمر،توفيت بالقدس سنة 185هـ.انظر ابن كثير/البداية والنهاية 10/186.قال ابن تيمية:قال بعضهم مَنْ عَبَدَ اله بالحب وحده فهو زنديق،ومَنْ عَبَدَ الله بالخوف وحده فهو حروري،ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ،ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن.انظر الفتاوى 10/81" المصدر السابق.
قلتُ:
وهذا كلام من أبي داود يجب أن يتأمل!!!
وكلام شيخ الإسلام نفيس!!!وهو مطرقة في رأسِ أهل الأهواء من الصوفية وغيرهم!!(/4)
وعد إلى كتاب د-محمد جميل غازي رحمه الله الصوفية والوجه الآخر الجولة الرابعة [يعني بالجولة الصحفية] رابعة العدوية الشخصية والأسطورة من ص46 إلى ص55 يقول الشيخ "لقد رووا عن رابعة نفسها: أن سفيان الثوري -على حد ما زعموا- سألها: (يا رابعة هل تكرهين الشيطان؟!! فقالت: ان حبي لله لم يترك في قلبي كراهية لأحد!!"أعوذ بالله ولا الشيطان الذي أمرنا ببغضه هو وأوليائه؟!!
...
"يقول ابن تيمية ملاحظاً هذا التطور:
(في أواخر عصر التابعين حدث ثلاثة أشياء:الرأي، والكلام ،والتصوف ،فكان جمهور الرأي في الكوفة، كان جمهور أهل الكلام والتصوف في البصرة، فإنه بعد موت الحسن وابن سيرين ظهر عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وظهر أحمد بن علي الهجيمي [ "كان تلميذ شيخ البصرة عبدالواحد بن زيد(ذكر آنفاً في مرحلة البعد عن الهدي السني) وكان يتكلم في القدر،وقف داراً بالبصرة للمتعبدين.قال الدارقطني:متروك الحديث.قال الذهبي:ما كان يدري الحديث،ولكنه عبد صالح وقع في القدر نعوذ بالله من ترهات الصوفية.توفي سنة200هـ انظر سير أعلام النبلاء 9/408" من كتاب الصوفية22] وبنى دويرة للصوفية وهي أول ما بني في الإسلام (أي دار خاصة للإلتقاء على ذكر وسماع) وصار لهم من التعبد المحدث طريق يتمسكون به،مع تمسكهم بغالب التعبد المشروع،وصار لهم السماع والصوت،وكان أهل المدينة أقرب من هؤلاء في القول والعمل،وأما الشاميون فكان غالبهم مجاهدين) الفتاوى 10/359.
...
كما لخص هذا التطور ابن الجوزي فقال:
( وفي عصر الرسول صلى الله عليه وسلم كانت كلمة مؤمن ومسلم،ثم نشأت كلمة زاهد وعابد،ثم نشأ أقوام تعلقوا بالزهد والتعبد واتخذوا في ذلك طريقة تفردوا بها،هكذا كان أوائل القوم ولبَّس عليهم إبليس أشياء ثم على من بعدهم إلى أن تمكن من المتأخرين غاية التمكن) تلبيس إبليس 161."
قلتُ:
ووالله لما سبق في بيان كافي!!(/5)
تأمل رصد شيخ الإسلام وابن الجوزي رحمهما الله،رصد دقيق للإنحراف!!وتفريق للقوم وأنهم دركات(والدركة هي من السفل والبعد) فالبعض ضل،والبعض وقع في القدر والبعض كان في الغالب يعبد على المشروع(هؤلاء الأوائل!!فكيف بمن تلاهم؟؟!!فكيف بزماننا هذا؟؟!!الأغلب وفيهم هنات!!تأمل قوله "وصار لهم من التعبد المحدث طريق يتمسكون به"
وتأمل كلام ابن الجوزي رحمه الله حين قال: "،ثم نشأ أقوام تعلقوا بالزهد والتعبد واتخذوا في ذلك طريقة تفردوا بها،هكذا كان أوائل القوم ولبَّس عليهم إبليس أشياء ثم على من بعدهم إلى أن تمكن من المتأخرين غاية التمكن"
أقول لعل في هذا البيان كفاية -لمن تجرد طالباً الحق- لخط إنحراف الصوفية ونقول كما قال ابن الجوزي ولبَّس عليهم إبليس أشياء ثم على من بعدهم إلى أن تمكن من المتأخرين غاية التمكن
....
أما مسألة العلم فهي والله مضحكة!!فأي علمٍ تعني!!تفريقكم للشريعة والحقيقة،وهذا بلا شك مبثوث في كتب أهل العلم كشيخ الإسلام والشاطبي وغيرهم..
ثم ما العلم الذي تتبجح به!!!
أهو قول [الزنادقة من المتصوفة] حدثني قلبي عن ربي] أم هي [الكشوفات]!! لا أدري هل يسمى هذا علماً!!!!
أقول تأمل -يا منصف- كلام القرطبي التالي لتفسير الصوفية للعلم،يقول القرطبي رحمه الله في الجامع لأحكام القرآن (4/21) :
"لعل جُهّال المتصوفة وزنادقة الباطنية،يتشبثون بقوله تعالى:
{وهب لنا من لدنك رحمة} وأمثالها،فيقولون:
العلم ما وهبه الله ابتداءً من غير كسب،والنّظرُ في الكتب والأوراق حجاب.
وهذا مردود.
ومعنى الآية:
هب لنا نعيماً صادراً عن الرحمة،لأن الرحمة راجعة إلى صفة الذات،فلا يتصور فيها الهبة."
وكذلك قال الإمام القرطبي مثل هذا في كتابه -سابق الذكر- (11/40-41) :(/6)
"أن من قال: يأخذ عن قلبه،وأن ما يقع فيه هو حكم الله تعالى،وأنه يعمل بمقتضاه،وأنه لا يحتاج مع ذلك إلى كتاب ولا سنة،فقد أثبت لنفسه خاصّة النبوة،فإن هذا نحو مما قاله عليه الصلاة والسلام: ((إن روح القدس نفثَ في روعي ..)) الحديث"
ولا أريد أن أطيل فأقول عد إلى كلام ابن الجوزي في صيد الخاطر وفي تلبيس إبليس فستجد أمراً عجباً..
....
يقول ابن الجوزي في الصيد ص231 وعد إليه ففيه خوف الشيطان من أهل العلم من الفقهاء وفرحه بالجهال!!وتلاعبه بالصوفية:
( وكان من أعجب تلاعبه أن حسن لأقوام ترك العلم ثم لم يقنعوا بهذا حتى قدحوا في المتشاغلين به.
وهذا لو فهموه قدحٌ في الشريعة (أنظر ابن الجوزي يتعذر لهم بالجهل الذي أوردهم المهالك!!) فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بلغوا عني)) وقد قال له ربه عز وجل {بلغ} .
فإذا لم يتشاغل بالعلم فكيف يبلغ الشريعة إلى الخلق.
ولقد نقل مثل هذا عن كبار الزهاد كبشر الحافي،فإنه قال لعباس عبدالعظيم: لا تجالس أصحاب الحديث،وقال لإسحاق بن الضيف: إنك صاحب حديث فأحب أن لا تعود إليّ.
ثم اعتذر فقال:إنما الحديث فتنة إلاّ لمن أراد الله به،وإذا لم يعمل به فتركهُ أفضل (!!!) .
وهذا عَجَب منه!!!
من أين له أن طلابه لا يردون الله به،وأنهم لا يعملون به؟
أوليس العمل به على ضربين:عمل بما يجب،وذلك لا يسع أحداً تركهُ،والثاني نافلة ولا يلزم.
والتشاغل بالحديث أفضل من التنفل بالصوم والصلاة (لأن نفع العلم متعدي) .
وما أظنه أراد إلا طريقه في دوام الجوع والتهجد،وذلك شيء لا يلام تاركه.
فإن كان يُريدُ أن لا يوغل في علوم الحديث فهذا خطأ لأن جميع أقسامهِ محمودة.
أفترى لو ترك الناس طلب الحديث كان بشرٌ يفتي.
فالله الله في الالتفات إلى قول من ليس بفقيه،ولا يهولنك اسمه فالله يعفو عنه)
قلتُ:
عفا الله عن بشر الحافي فقد أخطأ وبرر خطأه بخطأ أفحش منه!!(/7)
وهذه مصيبة التعبد والتعمق وترك العلم حتى قد يُعبد الله على جهل وعلى غير هُدى!!
وتأمل نصيحة ابن الجوزي في مجانبة قول من ليس بفقيه ولا يهولنك اسمه!!!!
بشر أو غير بشر القياس على الكتاب والسنة!!
طلب الحديث أصبح فتنة!!والرسول يأمر بطلبه!!
....
لذلك كان شيخ الإسلام يتعقبهم كثيراً الذين يسمون (بالعارفين) أنظر مثلاً الفتاوى 11/384.يقول نقلاً عن الصوفية للعبدة وعبدالحليم:
(قال بعض العارفين:أول المعرفة حيرة وآخرها حيرة وذكروا حديثاً باطلاً "زدني فيك تحيراً" ؟!!! قال ابن تيمية:هذا حديث كذب والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "ربي زدني علماً".
أقول ولذلك دائماً ينتشر عند الصوفية الكذب على نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم نبي الهدى الذي حذر من الكذب عليه فقال: ((من كذب عليّ متعمداً فليتأبوا مقعده من النار)) وأنظر لأحاديث الكذب "لو أحسن أحدكم ظنهُ بحجر لنفعه" وهو كلام أهل الشرك يقول السوري محمد العبدة:"وقد سمعنا بعض مشايخ الصوفية في هذا العصر يحدث به ويعتقده" قلتُ: هذا واضحٌ جداً،وواقعٌ ملموس،وفي القصة السابقة للشيخ محمد جميل زينو مع الشاذلية -يوم أن كان شاذلياً- بينه في اعتقاد جواز وضع الأنداد لغير الله!!
....
والنماذج عديدة ولكن يكفي أن ذكرنا بعضها!
ولذا كان بعض أئمة بلاد المغرب يأمورن بإحراق كُتب للصوفية كالإحياء للغزالي ونقل هذا كثيراً..
لذلك قال أبو بكر الطرطوشي: "شحن أبو حامد كتاب الإحياء بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم،وما على بسيط الأرض أكثر كذباً منه شبكه بمذهب الفلاسفة ومعاني رسائل إخوان الصفا" الرسائل3/137.
وقد حرقه علي بن يوسف بن تاشفين وكان ذلك بإجماع الفقهاء الذين كانو عنده أنظر المعيار المعرب 12/185.
....
نموذج آخر صاحب (قوت القلوب) أبو طالب المكي:(/8)
يقول ابن كثير: (كان رجلاً صالحاً لهُ كتاب قوت القلوب،ذكر فيه أحاديث لا أصل لها،بدّعهُ الناس وهجروه) البداية والنهاية 11/319.
اختارها وجمعها
أبو عمر المنهجي - شبكة الدفاع عن السنة(/9)
ومضات من كلام الأئمة الأعلام والدعاة الكرام في الصوفية (1)
هذا بيان [لبعض] الأعلام .. من [بعضِ] كلامهم .. عن الصوفية ..
فلن أجمع كل ما قالوا ... لا فقط بيان لأقوالهم رحمهم الله ..
إذاً هي ((( ومضات ))) لتجلية من يحاول إخفائه الصوفية أصحا الجهل والضلال
وهي ردٌ على ما يفترونه دوماً على الأئمة الأعلام
يا باغي الحق!!
هذا الحق أبلج .. والباطل لجلج
فاتبع أقوالهم تنجوا .. وإن صددت عنها فأنت الخاسر!
والله يعلم الظاهر وما تخفي السرائر
فجرد نفسك عن الهوى واتبع الحق
{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }
....
يقول الإمام الشافعي،بعد تجربة مر بها مع هؤلاء الصوفية-اسمع فهو كلام إمام خبير-:
"لو أن رجلاً تصوف أول النهار، لا يأتي الظهر حتى يصير أحمق،وما لزم الصوفية أربعين يوماً فعاد إليه عقله" تلبيس إبليس لابن الجوزي 371.
وهذه والله كافية..
لكن من حال القوم-الصوفية- أحدثوا في العراق التغبير فقال الإمام الشافعي رحمه الله:
"تركت بالعراق شيئاً يقال له (التغبير) ،أحدثه الزنادقة،ويصدُّون الناس عن القرآن" روى ذلك الخلال في الأمر بالمرعوف والنهي عن المنكر 36،وأبو نعيم في الحلية 9/146،وابن الجوزي 244-249) وقال الألباني إسناده صحيح،وكذلك ابن القيم في الإغاثة (1/229).
والتغبير هو ما يقوم به الوفية من شعر يزهد في الدنيا يغني به مغن فيضرب الحاضرين على نطع أو مخده على توقيع غنائه،كما قال ابن القيم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد هذه الكلمة:(/1)
"وما ذكره الشافعي رضي الله عنه من أنه من إحداث الزنادقة كلام إمام خبير بأصول الإسلام،فإن هذا السماع لم يرغب فيه ودعو إليه في الأصل إلا من اتهم بالزندقة....إلى آخر كلامه رحمه الله" 11/570 ..وبعدها بدأ بالحديث عن أئمة الصوفية وموقفهم كالفارابي وأبو عبدالرحمن السلمي ومخالفتهم للكتاب..
وهم إلى هذا اليوم ينشدون الأغاني ويضربون الدفوف .. ومنهم من يرقص .. وقصائد شركية وغيرها.
يقول هذا لمن ينشد أشعار ليست محرمة .. لكن أناشيد مطربة ودفوف؟!!
فأنظر كيف لقبهم بالزنادقة!!!!
أقول هذا شيءٌ من حديث الإمام الشافعي رحمه الله..
....
الإمام أحمد يكفي أن أنقل الثابت الصحيح!! من كلامه في أحد أئمة الصوفية في عهده:
فتكلم في أحد الصوفية وتأثيره فذهب إليه،فلم جلس وبدأ يعظ -لعله الحارث الوهم مني- فبكى الشيخ.فقال تلاميذه كنت تحذرنا منه وتبكي؟؟!!!قال: لا تجالسوه فإن على غير السنة!!
فكيف إذا علمت أن هذا الذي يُحذر منهُ إمام السنة قامع البدعة هو الشيخ الصوفي أبو المحارث المحاسبي رحمه الله ..
والمأخذة عليه أنه يتكلم بخيالات عن الجنة والنار بدون استناد للأدلة لأجل الوعظ وبكاء الناس..
فكيف بالإمام أحمد إذا جاء وشاهد ما يفعله زنادقة العصر من الفسق والفجور والشركيات ؟؟!!
لا شك أنه سيكون له موقفٌ آخر؟!!
...
وهذا من على مذهبه ابن عقيل الحنبلي يقول كلاماً متيناً ينتظر أن يفهمه من لبس عليه الشيطان ليعود إلى طريق السنة والفلاح:
"ما على الشريعة أضر من المتكلمين والمتصوفيين،فهؤلاء المتكلمون يفسدون عقائد الناس بتوهمات شبهات العقول،وهؤلاء المتصوفة يفسدون الأعمال ويهدمون قوانين الأديان.فالذي يقول:حدثني قلبي عن ربي فقد استغنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،وقد خبرت طريقة الفريقين فغاية هؤلاء المتكلمين الشك،وغاية هؤلاء المتصوفة الشطح" تلبيس إبليس 375.(/2)
أقول وهم في الحاضر قد جمعوا [حشفاً وسوء كيلاً] فهم متصوفون وأخذوا من المتكلمين وإلا السنة فلم يقربوها!!هداهم الله للحق..
وسبب أتياني بابن عقيل عن غيره هو أن ابن عقيل قد اقترب من الفريقين وعايشهم فكان هذا حصيلة ما عايش..
...
بل العباس بن منصور الحنبلي رحمه الله قال في كتابه البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان: "ولم يشذ أحد منهم -أي أهل السنة والجماعة- سوى فرقة واحدة تسمت بالصوفية يتقربون لأهل السنة وليسوا منهم وقد خالفوهم في الإعتقاد والأفعال".
....
أقول ومر بنا -مسبقاً- رأي الإمام الطرطوشي المالكي وفتواه في الصوفية..وإقرار الإمام القرطبي لها ؛بل وللقرطبي نصائح كثيرة لهؤلاء الضلال..وهذه مقدمة فتوى الطرطوسي.
"يرحمك الله،مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة،وما الإسلام إلا الكتاب الله،وسنة رسوله..." إلى آخر الفتوى تجدها على هذا الرابط والتي نقلها لنا الإمام الحبر القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (11/237-238) وكذلك العلم المحدث عثمان الزبيدي التونسي في مرآة الضلالات.
رابط فتوى الإمام الطرطوشي رحمه الله نقلاً عن الإمام القرطبي رحمه الله:
فتوى الطُّرْطوشي في الصوفية
سئل الإمام أبو بكر الطُّرْطوشي رحمه الله:
ما يقول سيدنا الفقيه في مذهب الصوفية؟
وأعلم-حرس الله مدته-أنه اجتمع جماعة من رجال،فيكثرون من ذكر الله تعالى،وذكر محمد صلى الله عليه
وعلى آله وسلم،ثم إنهم يوقعون بالقضيب على شيءٍ من الأَديم،ويقوم بعضهم يرقص ويتواجد،حتى يقع مغشيّاً عليه،ويحضرون شيئاً يأكلونه.
هل الحضور معهم جائز أم لا؟
أفتونا مأجورين،يرحمكم الله.
وهذا القول الذي يذكرونه:
يا شيخُ كفَّ عن الذُّنوبْ ..... قبلَ التَّفرُّق والزَّللْ
واعْمَلْ لنفْسِكَ صالحاً ....... ما دام ينفعك العْملْ
أما الشبابُ فقد مَضَى ...... ومَشيْب رأسكَ قد نَزَلْ
وفي مثل هذا ونحوه.
الجواب:(/3)
يرحمك الله،مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة،وما الإسلام إلا الكتاب الله،وسنة رسوله،وأما الرقص والتواجد،فأَوّل مَنْ أَحثه أصحاب السامريّ،لما اتخذ لهم عجلاً جسداً له خوار,قاموا يرقصون حواليه ويتواجدون,فهو دين الكفار,وعبّاد العجل.
وأما القضيب فأوّل مَن اتخذه الزَّنادقة،ليشغلوا به المسلمين عن كتابِ الله تعالى.وإنما كان يجلس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع أصحابه،كأنما على رؤوسهم الطير من الوقار،فينبغي للسلطان ونوّابه أن يمنعهم من الحضور في المساجد وغيرها،ولا يحلّ لأَحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم،ولا يعينهم على باطلهم،هذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة المسلمين،وبالله التوفيق.
المرجع:
كتاب الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي: (11/237-238)
قال العالم المُحدث عثمان بن المكي التَّوزري الزبيدي-رحمه الله- أحد عُلماء جامع الزيتونة بتونس في كتابِهِ النفيس [المرآة إظهار الضلالات] ناقلاً فتوى أخرى للطرطوشي وجامعاً لها بعض أقوال أهل العلم:
(وفي المعيار:من البدع المنكرة المحرمة،الرقص بالذكر.
قال الأستاذ أبو بكر الطرطوشي:
"مذهب الصوفية بطالة،وجهالة،وضلالة، فما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم،وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري،فإنهم لما عبدوا العجل صاروا يرقصون حوله ويتواجدون،فهو دين الكفار وعباد العجل،فينبغي للسلطان أو نائبه أن يمنعهم من الحضور في المساجدِ وغيرها،ولا يحل لأحدٍ يؤمن بالله واليومِ الآخر أن يحضرَ معهم،ولا يعينهم على باطلهم وهذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة المسلمين رضي الله عنهم أجمعين".
وقال شيخ الإسلام ابن وهبان[عبدالوهاب بن أحمد بن وهبان الدمشقي الحنفي ت-768هـ] في منظومتهِ الوهبانية:
ومن يستحلّ الرقص قالوا بكفره ... ولا سيما بالدفِ يلهو ويزمر )
...(/4)
وفي المعيار المعرب (11/29) :
سُئل الشيخ عزالدين بن عبدالسلام عن جماعة من أهل الخير والصلاح والورع يجتمعون في وقت فينشدُ لهم مُنشد:
فأجاب:
الرقص بدعة لا يتعاطاه إلا ناقص عقل،ولا يصلح إلا للنساء ..
وهي كذلك في فتاويه ص163 كما نقل ذلك الشيخ عبدالله الصالح البراك
....
قال العالم المُحدث عثمان بن المكي التَّوزري الزبيدي-رحمه الله- أحد عُلماء جامع الزيتونة بتونس في كتابِهِ النفيس [المرآة إظهار الضلالات] ناقلاً فتوى أخرى للطرطوشي وجامعاً لها بعض أقوال أهل العلم:
(وفي المعيار:من البدع المنكرة المحرمة،الرقص بالذكر.
قال الأستاذ أبو بكر الطرطوشي:
"مذهب الصوفية بطالة،وجهالة،وضلالة، فما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم،وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري،فإنهم لما عبدوا العجل صاروا يرقصون حوله ويتواجدون،فهو دين الكفار وعباد العجل،فينبغي للسلطان أو نائبه أن يمنعهم من الحضور في المساجدِ وغيرها،ولا يحل لأحدٍ يؤمن بالله واليومِ الآخر أن يحضرَ معهم،ولا يعينهم على باطلهم وهذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة المسلمين رضي الله عنهم أجمعين".
وقال شيخ الإسلام ابن وهبان[عبدالوهاب بن أحمد بن وهبان الدمشقي الحنفي ت-768هـ] في منظومتهِ الوهبانية:
ومن يستحلّ الرقص قالوا بكفره ... ولا سيما بالدفِ يلهو ويزمر )
...
وهذا ابن الجوزي يبن رحمه الله في صيد الخاطر ما الدخل الذي دخل على الإسلام للإفساد فيقولص117:
"ثم إن من الدَّخل الذي دخل بيننا طريق المتصوفة فإنهم سلكوا طُرقاً تنافي الشريعة،وأهل التدين منهم يقللون ويخفقون.
وهذا ليس بشرع،حتى إن رجلاً كان قريباً من زماني يقال له كثير،دخل إلى جامع المنصور وقال:عاهدت الله عهداً ونقضته،فقد ألزمت نفسي أن لا تأكل أربعين يوماً.
فحدثني من رآه بعد عشرة أيام ثم في العشر الرابع،أشرف على الموت.(/5)
قال:فما انقضتْ حتى تفرغ فصب في حلقه ماء فسمعنا له نشيشاً كنشيش المقلاة ثم مات بعد أيام.
فانظروا إلى هذا المسكين وما فعله به جهله.!!!
ومنهم من فسخ لنفسه في كل ما يحب من التنعم واللذات واقتنع من التصوف بالقميص والفوطة والعمامة اللطيفة،ولم ينظر من أين يأكل ولا من أين يشرب،وخالط الأمراء من أرباب الدنيا،ولباس الحرير،وشراب الخمور،حفظاً لماله وجاهه.
ومنهم أقوام عملوا سُنناً لهم تلقوها من كلمات أكثرها لا يثبت.
ومنهم من أكب على سماع الغناء والرقص واللعب ثم انقسم هؤلاء،فمنهم من يدعي العشق فيه،ومنهم من يقول بالحلول،ومنهم من يسمع على وجه الهوى واللعب.
وكلا الطريقين يفسد العوام.
وهذا الشرح يطول وقد صنفت كتباً ترى فيها البسط الحسن إن شاء الله تعالى،منها [تلبيس إبليس] .
والمقصود أن تعلم أن الشرع تام كامل فإن رُزقْتَ فهماً لهُ فأنتَ تتبع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه،وتترك بنيات الطريق ولا تقلد في دينك الرجال."
أقول رحم الله ابن الجوزي فقد بين الداء والدواء..
وهذا هو عمل الأئمة رحمه الله..
...
بقول العلامة محمود الألوسي مفتي بغداد الذي كشف أن الصوفية أصحاب كذب وتدجيل،عندهم تقية كتقية الروافض،فيقول كم في تفسيره 11/72-73 في تفسير آية {لهو الحديث} :
"وأشنع من ذلك ما يفعله أبالسة المتصوفة ومردتهم،ثم إنهم -قبحهم الله تعالى-إذا اعترض علهم بما اشتمل عليه نشيدهم من الباطل يقولون:نعني بالخمر:المحبة الإلهية،أو بالسكر:غلبتها،أو بميّة وليل وسعدى مثلاً:المحبوب الأعظم وهو الله عز وجل!
وفي ذلك من سوء الأدب ما فيه {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه} "(/6)
وف ص75 قال:"ومن السماع المحرم سماع متصوفة زماننا؛وإن خلا عن رقص،فإنَّ مفاسده أكثر من أن تحصى،وكثير ما ينشدون من الأشعار من أشنعِ ما يتلى،ومع هذا يعتقدونه قُربة،ويزعمون أنَّ أكثرهم رغبة فيه أشدهم رغبة أو رهبة،قاتلهم الله أنى يؤفكون"
إلى كلام طويل لعلي أنقلهُ لوحده..
وهذا فيه بيان الإلحاد الصوفي في أسماء الله،وفيه بيان أن الصوفية أهل تحريف،وكذب ومخادعة..وهذا سبب تغيري عليك..فقد بان لي كذبك..
اختارها وجمعها
أبو عمر المنهجي - شبكة الدفاع عن السنة(/7)
ومضات من كلام الأئمة الأعلام والدعاة الكرام في الصوفية (3)
تفسير أبو عبدالرحمن السلمي ،وقبل هذا فأنظر تفسيرات القوم عند محمد حسين الذهبي رحمه الله وتقبله الله شهيداً أحد أعلام مِصر فله كتاب نفيس اسمه [الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن الكريم دوافعها ودفعها] وهو صاحب المصنفات الرائعة كالتفسير والمفسرون وغيرها.
قال محمد الذهبي: "لهُ كتاب يُقال لهُ (حقائق التفسير) وليته لم يصنفه!! فإنه تحريف وقرمطه،ودونك الكتاب فسترى العجب" التفسير والمفسرون 2/386.
قال الواحدي: "فإن كان اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر" المصدر السابق.
...
وقد نقل محمد الذهبي في الاتجاهات المنحرفة كلاماً من تفسيراتهم الباطلة نقلها من السيوطي راجع 82:
"فمن ذلك الهراء ما نقله السيوطي في الإتقان ج2 ص184 عن بعض جهلة المتصوفة أنه فسر قوله تعالى في الآية255 من سورة البقرة {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} فقال:معناه: (من ذل) من الذل (ذي) إشارة النفس، (يشف) من الشفاء(ع) من الوعي)."
وغيرها من الترهات والتفسير الإشاري ولهذا أشار إلى سوء صنيعهم عدد من أهل العلم،ومن ذلك الموضوع الذي وضعناهُ ومازلنا في إتمامه -اسأل اله أن يعيننا على ذلك، القرطبي والتصوف،فقد أشار إشارات إلى هذا الخلل الذي حرف القرآن ويحرفون الكلم عن مواضعه في أماكن عدة انتقى لنا الشيخ مشهور حسن آل سلمان من أبناء فلسطين مقاطع لكتاب القرطبي والتصوف،فليرجع إليه.
وهل تريد العلم الذي هو أذكارهم!!
هل تريد ورد التيجانية الذي يعدل القرآن!!
أم تريد خلوات الرفاعية!!
أم تريد غيرهم!!!
...
فهذا علم القوم وهذه كتبهم،أنظر إلى أبي يزيد عبدالرحمن بن محمد المعروف بان خلدون المالكي،يقول:(/1)
"وأما حكم هذه الكتب المتضمنة لتلك العقائد المضلّة،وما يوجد من نسخها بأيدي الناس،مثل (الفصوص) و(الفتوحات) لابن عربي،و(البُدّ) لابن سبعين،و(خلع النعلين) لابن قيسي،و(عقد اليقين) لابن بَرَّجان،وما أجدر الكثير من شعر ابن الفارض،والعفيف التلمساني،وأمثالهما،أن تُلحق بهذه الكتب،وكذا شرح ابن الفرغاني للقصيدة التائية من نظم ابن الفارض،فالحكم في هذه الكتب كلها وأمثالها،إذهاب أعيانها متى وجدت بالتحريق النار والغسل بالماء،حتى ينمحي أثر الكتابة،لما في ذلك من المصلحة العامة في الدين،بمحو عقائد المضلة." أنظر العقد الثمين للفاسي2/180-181.
....
وكذلك شرف الدين عيسى الزواوي المالكي المتوفى عام 743هـ قال:
"ويجب على ولي الأمر إذا سمع بمثل هذا التصنيف (أي مؤلفات ابن عربي كالفصوص والفتوحات المكية) البحث عنه وجمع نسخه حيث وجدها وإحراقها،وأدب من اتهم بهذا المذهب (يعني مذهب ابن عربي) "العقد الثمين2/176-177
...
وقد ألف الشيخ برهان الدين البقاعي (تنبيه الغبي لتكفير ابن عربي) وهو كتاب أنبأ عن ضلال الرجل وبيان مخالفاتهِ للإسلام!!والصوفية ما زالوا معظمين للرجل!!أنظر هذه هي الصوفية لمن اهتديى إلى السنة الشيخ المصري عبدالرحمن الوكيل وكلامه عن الصوفية وأخص عن ابن عربي والصوفية..
...
وأختم بكلمة ذهبية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"لكن المقصود أن يعرف أن الصحابة خير القرون وأفضل الخلق بعد الأنبياء.
فما ظهر فيمن بعدهم مما يُظَنَّ أنّها فضيلة للمتأخرين ولم تكن فيهم فإنها من الشيطان وهي نقيصة لا فضيلة ، سواءً كانت من جنس العلوم أو من جنس العبادات، أو من جنس الخوارق والآيات أو من جنس السياسة والملك؛بل خير الناس بعدهم أتبعهم لهم" الفتاوى 10/117.
ونكمل بإذن الله في وقتٍ آخر..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(/2)
هذا من مقال سابق لي من قولي (إن علماء أهل السنة .. إلى هنا) وقبل هذا الرد كان هناك نقول جليلة قد أثبتها في أعلى الصفحة قبل هذا الموضوع ..
ومن كان باحثاً عن الحقِ مُريداً لهُ سيوفق بإذن الله ,
....
وروى البيهقي في شعب الإيمان عن محمد بن عبد الله السراري يقال : نظر أبو عبد الله بن حصيف يوما إلى ابن مكتوم وجماعة من أصحابه يكتبون شيئا فقال : ما هذا ؟ فقالوا : نكتب كذا وكذا . فقال : اشتغلوا بتعلم شيء ، ولا يغرنكم كلام الصوفية ، فإني كنت أجي بحبرتي في جيب موقعتي والكاغد في حجزة سراويلي ، وكنت أذهب خفياً إلى أهل العلم ، فإذا علموا بي خاصموني وقالوا : لا يصلح ! ثم احتاجوا إلي بعد ذلك .
وقد أورده الذهبي في السير ثم قال : قلت قد كان هذا الشيخ قد جمع بين العلم والعمل وعلو السند .
فهل أتاه هذا العلم وعلو الإسناد من تراقص الصوفية ؟!!
أم أنهم كانوا يُحاربون العِلم ؟!!
.....
وروى الخطابي في كتاب العزلة عن علي بن يحيى الوراق قال :كان الشافعي رحمة الله عليه رجلا عطرا وكان يجيء غلامه كل غداة بغالية فيمسح بها الأسطوانة التي يجلس إليها ، وكان إلى جنبه إنسان من الصوفية ، وكان يُسمى الشافعي البطال ! يقول : هذا البطال ! وهذا البطال ! قال : فلما كان ذات يوم عمد إلى شاربه فوضع فيه قذراً ثم جاء إلى حلقة الشافعي ، فلما شم الشافعي الرائحة أنكرها ، وقال فتشوا نعالكم . فقالوا : ما نرى شيئا يا أبا عبد الله . قال : فليفتش بعضكم بعضا . فوجدوا ذلك الرجل ، فقالوا : يا أبا عبد الله هذا . فقال له : ما حملك على هذا ؟ قال : رأيت تجبرك فأردت أن أتواضع لله عز وجل ! قال : خذوه فاذهبوا به إلى عبد الواحد ، وكان على الشرطة ، فقولوا له : قال لك أبو عبد الله : اعتقل هذا إلى وقت ننصرف . قال : فلما خرج الشافعي دخل إليه فدعا به فضربه ثلاثين درة أو أربعين درة . قال : هذا إنما تخطيت المسجد بالقذرة ، وصليت على غير الطهارة !(/3)
هذا فقه الصوفية !!
....
في عمدة القارئ للعيني في شرح حديث جابِرَ بنَ عبْدِ الله رضي الله تعالى عنهُما قال : كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الأضَاحِي علَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلى المَدِينَةِ .
قال : ويستفاد منه أشياء : الأول فيه دليل على مشروعية التزود في السفر مطلقاً ، وفيه رد على ما يدعيه أهل البطالة من الصوفية والمخرّفة على الناس باسم التوكل !
وقال في موضع آخر : وفيه جواز ادخار الرجل لنفسه وأهله قوت سنة ، وهو خلاف جهلة الصوفية المنكرين للادخار ، الزاعمين أن من ادّخر لغد فقد أساء الظن بربه ، ولم يتوكل عليه حق توكله .
وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي – في شرح حديث " مَن كذب عليّ مُتعمداً .. " قال :
قال القارىء : وبهذا يندفع زعم من جوّز وضع الأحاديث للتحريض على العبادة ، كما وقع لبعض الصوفية الجهلة في وضع أحاديث في فضائل السور ، وفي الصلاة الليلية والنهارية وغيرهما .
....
وقال السيوطي في شرح سنن النسائي - في شرح حديث جبريل ، وفيه تعريف الإحسان - :
وأقدم بعض غلاة الصوفية على تأويل الحديث بغير علم ، فقال : فيه إشارة إلى مقام المحو والفناء ، وتقديره فإن لم تكن ، أي فإن لم تصر شيئا وفنيت عن نفسك حتى كأنك ليس بموجود فإنك حينئذ تراه .
وهذا من خرافات الصوفية !
اختارها وجمعها
أبو عمر المنهجي - شبكة الدفاع عن السنة(/4)
ومضات من كلام الأئمة الأعلام والدعاة الكرام في الصوفية (4)
ويكفي ختاماً ما قاله يونس بن عبد الأعلى حيث قال : ما رأيت في الصوفية عاقلا إلا إدريس الخولاني .
وبقول يوسف ابن الحسين حيث قال : نظرت في آفات الخلق فعرفت من أين أوتوا ، ورأيت آفة الصوفية في صحبة الأحداث ، ومعاشرة الأضداد ، وإرفاق النسوان !
هذه الفوائد القيمة من قولي رواه البيهقي بعد مقالتنا جنيتها من شيخنا عبدالرحمن السحيم حفظه الله
http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/130.htm
....
قول الشيخ عبدالعزيز الحسيني في كتابه التوحيد:
دور الصوفية في إفسادِ عقائدِ كثير من المسلمين
إن خطورة (الفكر الصوفي) لا تكمن في كونهِ انحرافاً عقدياً –فحسب- وإنما خطورتهُ تكمنُ في تغلغلهِ المخيف،وانتشارهِ الواسع،في كثير من مجتمعاتِ المسلمين،وبدخولهِ حصلَ اختلال عظيم واضطراب جسيم،في معظم عقائد المسلمين وأفكارهم وتصوراتهم،حتى أصبح الدين في نظر السوادِ الأعظمِ من المسلمين هو ما عليه المتصوفة اليوم.
وبالمثالِ يتضح المقال،فإليكَ شيئاً من ذلك على سبيل الإجمال:
· لا يخفى أن العقيدة الإسلامية تؤكد: أن الله –جلت قدرتهُ- هو خالق المخلوقات من العدم،لا من ذاتهِ سبحانه،وأن المخلوقات غير الخالق.وبهذا نزل القرآن الكريم،وبينته السنة النبوية.
وجاءت الصوفية ...
· وتؤكد العقيدة الإسلامية: على أن الله –سبحانهُ وتعالى- فوق السماوات مستو على العرش،وذلك بنصوص –لا تخفى- من القرآن والسنة.
وجاءت الصوفية ...
فحولت أتباعها إلى عقيدة وثنية تؤمن أن كلَّ ما نراه وما نحسبه هو الله،أو هو جزء منه –سبحانه وتعالى عما يشركون-،ومن تأويلهم لهذه العقيدة قولهم المنتشر على ألسنتهم: (إن الله في كل مكان) ،وقولهم بتكفير من يقول بالجهة،ويعنون بالجهة (العلو) !!
· وتقرر العقيدة الإسلامية: أن النبوة فل من الله يؤتيه من يشاء من عباده.
وجاءت الصوفية ...(/1)
فحولت أتباعها عن هذه العقيدة إلى عقيدة وثنية:أن النبوة نتيجة لممارسة الرياضة الإشراقية،حتى قال ابن سبعين:لقد ضيَّق ابن آمنة واسعاً عندما قال:لا نبي بعدي!!
· وتقرر العقيدة الإسلامية: أن محمداً،ومثلهُ جميع الأنبياء –صلوات الله عليهم أجمعين- هم بشر مثل سائر البشر،ولكن الله اصطفاهم،وفضلهم عندما اختارهم،فالله أعلم بحيث يجعل رسالته.
وجاءت الصوفية ...
فحولت أتباعها عن هذه العقيدة إلى عقيدة وثنية.تجعل محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم المُجلي الأعظم للذاتِ الإلهية،منه تنبثق المخلوقات،وتعود إليه في حركة مستمرة (النور المحمدي)،وأطلقت عليه أسماء وصفات،هي من أسماء الله سبحانه وصفاته.
· وللعقيدة الإسلامية في الإسلام: مصدران فقط،لا ثالث لهما:القرآن والسنة.
وجاءت الصوفية ...
فجعلت للعقائد مصدرا ثالثاً،هو الكشف والفيض،وجعلوهما –عملياً- المصدر الأساس للعقائد،وأنكروا ذلك نظرياً.أما القرآن والسنة،فما وافق الكشف قرروه،وما خالفهُ أولوه،ليتفق مع الكشف!!وقد صرحَ بذلك حجتهم الغزالي في كتابهِ: (أحياء علوم الدين) [انظر مثلاً:1/31،3/21،3/25] وكلهم بدون استثناء يقدسون الغزالي و(وإحياءه)،وهذا الكتاب وغيره كثير من كتب الصوفية المنحرفة،تدرّس في معظم مساجدِ المسلمين وينشأ عليها كثير من شباب المسلمين،حتى صاروا يعتقدون أنها قمة الإسلام،وقمة العلم،وقمة التقوى،وسبيل النجاة،بينما هي –في الحقيقة- فيها الكثير من الخرافة التي جاء الإسلام ليحاربها ويهدمها.
· والعقيدة الإسلامية جاءت: لتحارب الشرك والأوثان،كعبادة الشيوخ والأولياء،والاستغاثة بالقبور والأموات،وتقديس الأضرحة،والعتبات،والقبب،وسائر أنواع الشرك.
وجاءت الصوفية …
فجعلت هذه الأضرحة وما شابهها،عبادات يتقربون بها إلى الله!! [انظر:الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ،محمود القاسم،ص818-822](/2)
· والعقيدة الإسلامية قررت: أنه لا يعلم الغيب إلا الله تعالى: {قل لا يعلم الغيب من في السماوات والأرض الغيب إلا الله}
وجاءت الصوفية …
فأوحت لأتباعها،أن مشايخ الطرق يلمون الغيب،عن طريق (الكشف)،وأنهم ورثوا مفاتيح الغيب عن محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ،وهذه العقيدة مبثوثة في كتبهم،وهي أشهر من أن تذكر.
----
وغير ذلك مما لا أستطيع جمعهُ في مثل هذا البحث الوجيز.
ولنا عودة مع بحث التوحيد للشيخ عبدالعزيز الحسيني وفق الله وسدد خطاه.
.....
هذه هي الصوفية بقلم أحد المتصوفة الذين رأوا الحق فاتبعوا السنة
إن هذه الطرق الصوفية المنتشرة في الناس اليوم تروج الكفر والوثنية والدجل وتعمل جاهدة لتأليه الدجالين واعتصار دماء الجماهير لتتضخم جيوب شيوخها أولياء الشيطان وتنشر في الناس ظلمات الجاهلية الأولى وتحارب الله ورسوله وتهيء الأمة الإسلامية بهذه الجاهلية العمياء وهذه التقاليد الخرافية وهذه الغباوة البهيمية لتكون لقمة سهلة الهضم للأعداء،هذه الطرق الصوفية هي المعول الذي هدم به اليهود والفرس صرح الإسلام،هذه الطرق الصوفية هي اليد الأثيمة التي مزقت رقعة الدولة الإسلامية،وشيوخ الطرق الصوفية هم الذين يمكنون المستعمرين في مراكش وتونس والجزائر والهند وفي السودان وفي مصر وفي كل مكان من البلاد الإسلامية وهم سماسرة المستعمر وخدمه المخلصون في خدمته إذلال المسلمين واستغلالهم.(/3)
ولقد كُنتُ واحداً منهم وعرفت دخائل أمورهم وخبايا زواياهم وسيء مكرهم وخبث قصدهم،فالحمد لله الذي أنقذني وهداني إلى الإسلام الحق الذي بعث الله به رسله ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور،وإني بكيدهم وكفرهم ووثنيتهم أعرف،ولذلك أنا أشد حرباً عليهم ولا أزال حرباً عليهم ما بقي فيَّ عرق ينبض بالحياة مُستعيناً بربي وحده،متأسياً بالرسولِ الكريم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم صابراً على كل ما يكيد به أعداء أنفسهم من حزبِ الشيطان،أعداء الرحمن مؤمناً بأن العاقبة للمتقين وأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
مُقتطف من جُملة أحاديث للمُهتدي إلى مُعتقدِ أهل السنة والجماعة بعد تركه لضلالات المبتدعة أصحاب الطُرق الصوفية..
الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله.
مؤسس جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر.
وأحد العُلماء المحققين الأثبات.
من كتاب:
جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر.
....
أحوال تنسب للتصوف
أجاب عليه:د. عبد الله بن عمر الدميجي
السؤال:(/4)
كنت في السابق في جماعة صوفية، وكنت أعمل فيها خيراً، لكني رأيت أن صاحب هذه الطريقة يقوم بأفعال لا تتفق مع الشرع، فكان يشرب المخدرات، وكان لا يصلي في الجامع حتى صلاة الجمعة، لكنه كان يأمرنا بالذكر، وكنت أراه في المنام كثيراً، وكذلك غيري، وكان يتحدث دوماً في أشياء يقول عنها: إنها علم التحقيق، لكنه كان غير عالم بالكتاب والسنة، ولا يحفظ القرآن الكريم، كما أن سلوكه كان مريباً، كما كان يدعونا إلى أن نطلب المدد منه ومن آل البيت، ويدعونا إلى زيارة القبور، لكني ولله الحمد تركت هذا الطريق لما علمت أنه يؤدي للشرك بالله، وحاولت مع أصدقائي أن أجعلهم يتركوا هذا الطريق فلم يستمع إلي منهم إلا اثنان، أما الباقي فهم يعتقدون أن الشيطان ضحك علينا وأنه ليست لدينا القدرة لأن نعيش في عالمهم، وهو عالم الباطن الذي يعتبرون فيه أن السيدة زينب رئيسة الدواوين وصاحبة الشورى، وعندما أكلمهم وأحاول معهم أن أثنيهم عن هذا الطريق يقسمون لي بالله العظيم أنهم رأوا الرسول -صلى الله عليه وسلم - في المنام وهم مجتمعون معه، هم وشيخ الطريقة الذي يسمي نفسه قطب الأقطاب، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يتحدث معهم حسب زعمهم، فما هي حقيقة هذه الروايات التي يرونها؟ علماً بأني قد شاهدت عندما كنت في هذه الطريقة -الرسول صلى الله عليه وسلم- في المنام، لكني لم أسلم عليه لإحساسي أنه ليس الرسول -صلى الله عليه وسلم-، علما أنه كان هناك أناس يقولون لي في هذا المنام إنه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهل تنصحوني بأن أقطع صلتي بهؤلاء الأصدقاء إذا لم يستمعوا لي؟ أتمنى أن تردوا على استفساراتي فإني بحاجة ماسة إليها، وجزاكم الله خيراً.
الجواب:
فنحمد الله –تعالى-، أن أنقذك من هذا الضلال، ونسأله –تعالى-: أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يهدي أصدقاءك، ويرد ضال المسلمين.
أخي العزيز:(/5)
الأمر كما ذكرت؛ بل أفظع، فالقول بأن الدين ينقسم إلى حقيقة وشريعة، وإلى ظاهر وباطن، كما يقول هؤلاء هو من أخطر وسائل الكفر والضلال، - والعياذ بالله-، وهم بهذا يعدون الأنبياء وأتباعهم وعلى رأسهم نبينا – صلى الله عليه وسلم- من أهل الشريعة والظاهر، وهم من أهل الحقيقة والباطن، ونحن نعلم يقيناً أنه لا نجاة إلا باتباعه – صلى الله عليه وسلم- سائلين المولى –عز وجل- أن يحشرنا في زمرته مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين، والشهداء، والصالحين، لا مع الباطنيين الزنادقة الملحدين، أما ما ذكرته من رؤى يرى فيها الرسول – صلى الله عليه وسلم- أو زينب أو غيرها؛ فإن هذا من تلبيس الشيطان عليهم وتلاعبه بهم، فيأتيهم الشيطان في المنام ويزعم أنه الرسول – صلى الله عليه وسلم- أو زينب أو غير ذلك مما يكون سبباً في الضلال والانحراف.وهؤلاء الطرقية وخاصة الغلاة منهم كالذي ذكرت أحواله ممن يستعينون بالجن ويتعاطون السحر والشعوذة، لذلك يلبسون على ضعاف العقول بمثل هذه الأحابيل، نعم النبي –صلى الله عليه وسلم- قد يُرى في المنام، وقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من رآني في المنام فقد رآني على فإن الشيطان لا يتمثل بي" رواه البخاري (6993)، ومسلم (2266)، واللفظ له من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه- وفي رواية: "من رآني في المنام فقد رأى الحق إن الشيطان لا يتشبه بي" (عند أحمد في مسنده 7553)، وغيره، ومعناه: من رآه في صورته التي هو عليها – صلى الله عليه وسلم- لا أن يخرج في صورة غير صورته – عليه الصلاة والسلام- ثم يدعي أنه الرسول فهذا ممكن، وما ذكرته أنت هو من هذا القبيل.(/6)
وقد أجمع المسلمون على أنه قد انقطع الوحي من السماء بموت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه لا تؤخذ من الرؤى أحكام مهما كان الرائي، وأن الرؤى ليست من مصادر الشريعة، فالأحكام الشرعية التي يُعمل بها هي ما أخبرنا به النبي – صلى الله عليه وسلم- في اليقظة قبل موته، أما بعد موته – صلى الله عليه وسلم- فقد انقطع الوحي، وكون الإنسان يرى من يزعم أنه النبي – صلى الله عليه وسلم- ثم يأمره وينهاه بأمر يخالف ما صح عن النبي – صلى الله عليه وسلم- في حياته؛ فهذا دليل قاطع على كذب هذا المدعي وعلى أنه ليس هو النبي – صلى الله عليه وسلم- كما حصل لبعض السلف، وكما في السير، وعليه فأنصحك بالابتعاد عن هذا الضال المضل، وأن تسعى لهداية إخوانك، فإن أجابوك وإلا فاحذرهم وابتعد عنهم، وأنصحك بقراءة كتاب (هذه هي الصوفية) لعبد الرحمن الوكيل؛ لتعرف خطر القوم، ثبتنا الله وإياك على دينه، وحشرنا في زمرة نبيه – صلى الله عليه وسلم-، والله أعلم، - وصلى الله عليه وسلم وبارك على نبينا محمد-.
......
يقول الإمام القرطبي رحمه الله:
فأما طريقة الصوفيّة:
أن يكون الشيخ منهم يوماً وليلة،وشهراً،مفكّراً،لا يفتر، فطريقةٌ بعيدة عن الصواب،غير لائقة بالبشر،ولا مستمرة على السنن.
من كلام الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: (4/315) .
ويقول رحمه الله:
وهذا السجود المنهيّ عنه،قد اتخذه جُهَّالُ المتصوّفة،عادةً في سماعهم،وعند دخولهم على مشايخهم واستغفارهم،فيرى الواحد منهم إذا أَخذه الحال بزعمه،يسجد للأقدام لجهله،سواء أكان للقبلة أم غيرها،جهالة منه،ضَلَّ سَعْيُهم،وخاب عملهم.
من كلام الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: (1/293-294)
....
وهذه بعض أقوال الشيخ رحمه الله في نُصح الصوفية ونقدهم وتوجيههم التوجيه السليم والتحذير من بعض الأخطاء:(/7)
قال الشيخ مُعلقاً على قوله تعالى: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً} الآيتين من سورة المؤمنين وذكر من المسائل عليها:
"الخامسة:الأمر بالأكل من الطيبات،ففيه ردّ على الغلاة الذين يمتنعون عنها،وفيه ردّ على الجفاة الذين لا يقتصرون عليها.
السادسة:الأمر بإصلاح العمل مع الأكل من الطيبات،ففيه رد على ثلاث طوائف:
أولهم:الآكلون الطيبات بلا شكر،والشكر هو العمل المرضي.
وثانيهم:من يعمل العمل غير الخالص مثل المرائي وقاصد الدنيا.
وثالثهم: الذي يعمل مخلصاً لكنه على غير الأمر."
من (مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب) القسم الرابع/التفسير/تفسير سورة المؤمنين/ص269-270.
قلتُ:
والشيخ ينكر على الصوفية هذه الأمور كثيراً،وهي تحريم الحلال،ومنها تحريم الطيبات والتضييق على النفس.
وقد ذكر مثل هذا العمل الشيخ في مسائل الجاهلية يرجع لمجموع العقيدة وهي في رسالة مفرده :
فذكر من مسائل الجاهلية:
"الحادية والسبعون: تعبدهم بترك الطيبات من الرزق.
الثانية والسبعون: تعبدهم بترك زينة الله."
في مسائل الجاهلية التي خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عليه أهل الجاهلية.
علقَ شيخنا العلامة صالح الفوزان أطال في عمره على خير على المسألتين:
"أي تقربهم إلى الله بترك الطيبات من الرزق،وترك لباس الزينة، وهذا عن النصارى ومن شابههم من الصوفية المنتسبين للإسلام، يتركون الطيبات تعبداً لله عز وجل،فلا يتزوجون النساء،ولا يأكلون من الطيبات،ويتقشفون في المآكل والمشارب والملابس،يزعمون أن هذا عبادة لله؛ ولهذا قال الله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعبادهِ والطيبات من الرزق} وقال:{يا أيها الذين آمنوالا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم.
.....................
فتحريم الطيبات من دين النصارى الرهبان،ومن دين الجاهلية.(/8)
ومن حرّم حلالاً مجمعاً على حِلِّه ارتد عن دين الإسلام،فإذا أضاف إلى ذلك اعتبار هذا من التعبد لله عز وجل،فهذا افتراء على الله؛لأن الله لم يشرع لعباده ترك الطيبات بل أمرهم بالأكل منها }يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً}،ولما هَمَّ جماعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا،غضب عليهم النبي صلى الله عليه وسلم.
............" إلخ حديثه حفظه الله فليرجع إليه ويُستفاد منه..
قلتً:
وهذا ليس عجيب عليهم،وقد صدق الشيخ،وحتى يتضح لك بعض الأمر خذ على سبيل من هم أفضل الصوفية وأنظر كيف يقعون في طوام من هذا النوع:
اقتباس:
--------------------------------------------------------------------------------
ثم علماء أهل السنة والجماعة رصدوا هذه الحركة منذ نشأتها الزهدية،وحتى تحولاتها الصوفية والتي بدأت تتخبط وتبتعد عن الهدي النبوي وتتشبه برهبانية النصارى،ومن أوائل من نقل هذا الفكر الرهباني النصراني مالك بن دينار رحمه الله،فلقد دعا بأمورٍ عجيبة،ليست -والله- من السنة،بل رهبانية ابتدعوها!!!
فمن آرائهم التجرد من الزواج،وكان يقول: "لا يبلغ الرجل منزلة الصديقين حتى يترك زوجته أرملة ويأوي إلى مزابل الكلاب" سير أعلام النبلاء 8/156،حلية الأولياء 2/359،نقلاً عن محمد العبدة يقول الشيخ محمد: "وقد علق مُحقق السير الشيخ شعيب(يعني شعيب الأرناوط) على هذا الكلام فقال: "منزلة الصديقين لا تنال بهذا المسلك الأعجمي المخالف لما صح عنه صلى الله عليه وسلم من ترك التبتل والرهبنة"(/9)
قلتُ: ومن لم يكن متبعاً لقدوتنا فلا خير في اتباع بدعه!!خاصة أن لنا سند في إنكار قول مالك بن دينار رحمه الله بعدد من الآيات والأحاديث!!وأخص بحديث الثلاثة نفر الذي قال أحدهم لا تزوج النساء لأنه يريد أن لا يجعلها أرملة!!لتفرغه للعبادة،وأنظر ما كتبه الشيخ محمد جميل غازي رحمه الله في الصوفية والوجه الآخر فقد أجاب عن وضع المرأة عند الصوفية بأنها كالأرملة!!-ولولا خشية الإطالة لأوردت بعض أقوالهم-.
يقول محمد العبدة: "وكثيراً ما يقول:قرأت في بعض الكتب!!قرأتُ في التوراة!! ويروي عيسى عليه السلام!!: (بحق أقول لكم،إن أكل الشعير والنوم في المزابل مع الكلاب لقليل في طلب الفردوس) أو وله: (أوحى الله إلى نبي من الأنبياء) أو (قرأتُ في الزبور ..) أنظر حلية الأولياء 2/357.
فمن الواضح ومن خلال قراءة ترجمته في كتب الطبقات أنه متأثر بما ترويه الكتب القديمة عن الزهاد والرهبان .. ومن الواضح أن هذه الكتب قد حُرفت ولسنا مأمورين بقرائتها بل منهيون عن الأخذ منهم وتقليدهم" الصوفية نشأتها وتطورها محمد العبدةوطارق عبدالحليم.
قلتُ:
أنظر وتأمل!!
فوالله إن هذا لكافي!!
"أمتهوكٌ فيها يا ابن الخطاب؟!!" لما رأى معه بعض الصفحات!!وأنظر هو يقرأها ويطبقها -أعني مالك- وهنا النهي ففي شرعنا كفاية!!
وهذا أكبر دليل بانحراف الزهاد والصوفية ونقاط التحول إلى بدعية رهبانية متأثره بالنصرانية!!
--------------------------------------------------------------------------------
الوقفة الثانية:
والشيخ-رحمه الله- دائماً ينصح ويوجه جميع الناس،ومن الناس أهل البدع،ومنهم الصوفية.
والشيخ يفرق بين الصوفية،فهو يعلم بأنهم [[فِرق]] وأحزاب {كل حزب بما لديهم فرحون} وأنهم جميعاً "دركات" -الدركة من البعد والسفلة- فبعضهم قريب للحق وبعضهم قريب للشرك وعدد منهم مشركون..
وهم (الصوفية) الذين فرقوا دينهم وصاروا شيعاً 00(/10)
فوقتنا التالية مع بعض الغلاة في مقام التوكل 00 فإلى كلام الشيخ:
"قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى:هذه مسائل مستنبطة من سورة اقرأ.
الثانية: الجمع بين التوكل والسبب،خلافاً لغلاة المتفقهة وغلاة المتصوفة."
من (مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب) القسم الرابع/التفسير/تفسير سورة العلق/ص369.
قلتُ:
رحم الله الشيخ،فها هو ينكر على الصوفية تواكلهم ومخالفتهم للهدي السني-كما سيأتي- فالنبي صلى الله عليه وسلم قدوتنا في ذلك يأخذ بالأسباب ويربط بين التوكل والسبب..
وهذا إنصاف الشيخ حين يقول (غلاة) فليس كل المتصوفة عندهم هذه البلية والمخالفة للسنة النبوية.
وأرى أن نبسط البيان بكلام الإمام القرطبي -رحمه الله- في هذه المسألة لعل فيها نصيحة وتوجيه لمن في قلبه بذرة الخير وبصيص الفطرة ليتحرك وفق السنة:
"إن التوكل على الله هو الثقة بالله والإيقان بأن قضاءه ماض،واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم في السَّعي فيما لا بدّ منه من الأسباب من مَطْعمٍ ومَشْرَبٍ وتحرّزٍ من عدوٍّ،وإعدادِ الأسلحة،واستعمال ما تقتضيه سنة الله تعالى المعتادة.
وإلى هذا ذهب محققو الصوفية،لكنه لا يستحق اسم التوكل عندهم مع الطمأنينة إلى تلك الأسباب والالتفات إليها بالقلوب،فإنها لا تجلب نفعاً،ولا تدفع ضراً؛بل السبب والمسبب فعل الله تعالى،والكلُّ منه وبمشيئتهِ،ومتى وقع من المتوكِّل ركونٌ إلى تلك الأسباب فقد انسلخ عن ذلك الاسم.
ثم المتوكلون على حالين:
الأول: حال المتمكِّن في التوكُّل،فلا يلتفتُ إلى شيءٍ من تلك الأسباب بقلبه،ولا يتعاطاه إلا بحكم الأمر.
الثاني:حال غير المتمكِّن،وهو الذي يقع له الالتفات إلى تلك الأسباب أحياناً،غير أنه يدفعها عن نفسه بالطرق العلميّة،والبراهين القطعيّة،والأذواق الحالية،فلا يزال كذلك،إلى أن يُرَقِّيَه الله بجُودهِ
إلى مقام المتوكلين المتمكنين،ويلحقه بدرجات العارفين"(/11)
من الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 4/189-190.
"وهذا هو التوكل الحقيقي،الذي لا يشوبه شيء وهو فراغ القلب مع الربّ،رزقنا الله إياه،ولا أحالنا على أحدٍ سواه،بمنِّهِ وكرمه"
المرجع السابق 17/43.
"وقالت طائفة من المتصوفة:
لا يستحقه إلا مَنْ لم يخالط قلبَهُ خوفُ غير الله مِنْ سَبُعٍ أو غيره،وحتى يترك السعي في طلب الرِّزق،لضمان الله تعالى"
المرجع السابق 4/253.
وفي قوله تعالى: {أينما تكونوا يدرككم الموت] جواز:
"اتخاذ البلاد وبنائها،ليُمتَنَع بها في حفظ الأموال والنفوس،وهي سُنَّة الله في عباده.وفي ذلك أدل دليل على ردّ قول من يقول:التوكُّلُ ترك الأسباب،فإن اتخاذ البلاد من أكبر الأسباب وأعظمها،وقد أمرنا بها،واتخذها الأنبياءُ،وحفروا حولها الخنادق عُدَّةً وزيادةً في التمنُّع.
وقد قيل للأحنف: ما حكمة السُّوْر؟ فقال: ليردع السفيه حتى يأتي الحكيم فيحميه."
المرجع السابق 5/283.
وفي قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم}:
"مع الأحاديث التي ذكرناها ما يردّ قول من ينكر طلب الأقوات بالتجارات والصناعات من المتصوفة الجهلة،لأن الله تعالى حرّم أكلها بالباطل،وأحلها بالتجارة،وهذا بيّن."
المرجع السابق 5/156.
قلتُ:
وكلام القرطبي في هذا طويل،ود أحسن جامعها الشيخ مشهور آل سلمان وفقه الله في رسالته الطيبة [القرطبي والتصوف] ..
ومن أراد مزيد من كلام الشيخ فليعد للرسالة..
ويحسن بنا الآن أن ننظر واقع الصوفية وكلام علمائهم في ذلك 00 ليتبين لمن يُريد النجاة بأن كل إنسان يأخذ من قوله ويرد إلا محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام 00 فلنتبع ولا نبتدع 00 فإن هذه البدعة الشنيعة قذف لنبينا بأن بعيد عن التوكل!! والحقيقة أنه سيد وقدوة المتوكلين 00 فعليك بسنته تنجو 00
لنأخذ بعض الأمثلة:(/12)
قال الشيخ محمد الكردي: "قال ذو النون المصري:التوكل ترك التدبير والانخلاع من الحول والقوة،وقال إبراهيم الخواص:لقيني الخضر عليه السلام فسألني عن الصحبة فخشيت أن يفسد عليّ توكلي بسكوتي إليه ففارقته" تنوير القلوب 482 والرسالة القشيرية 77.
وحكى أن أحد مشايخ هذه الطائفة كان يسافر بلا زاد ولا راحلة فكانوا إذا نزلوا منزلاً تأتيهم الموائد من الغيب الأنوار القدسية204،المواهب السرمدية224،جامع كرامات الأولياء1/389.
وكان أحد مشايخهم واسمه عبدالله الدهلوي يقول: كما أن طلب الحلال فرض على المؤمنين كذلك ترك الحلال فرض على العارفين!!.المواهب السرمدية240،الأنوار القدسية213.أعوذ بالله من تحريم الحلال؟؟!!!!!
إذاً ما موقفهم من هذه الأحاديث؟؟!!وما موقفهم من هؤلاء؟؟!!
((اعقلها وتوكل)) فهذا يخالف أصلهم!!
(( دلوني على السوق)) وهو من كلام عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه ،فعندهم هذا الصحابي الجليل غير متوكل!!
لما قام أبو بكر الصديق يتاجر بعد تولي الخلافة!!عندهم أنه غير متوكل؟!!
سعيد بن المسيب كان بتجر بالزيت،فهو عند الصوفية ليس متوكلاً!!
أبو حنيفة النعمان كان يتجر بالقماش فهو غير متوكل عندهم؟!!
عن عطاء بن السائب قال: لما استخلف أبو بكر رضي الله عنه أصبح غادياً إلى السوق وعلى رقبته أثواب يتجر بها فلقيه عمر وأبو عبيدة فقالا:أين تريد؟ فقال:السوق.قالا:تصنع ماذا؟وقد وُليّت أمور المسلمن؟ قال:فمن أين أطعم عيالي؟فنهياه عن مزاولة التجارة لأنه تولى أمر المسلمين وفرضوا له في كل سنة ستة آلاف درهم"تاريخ الطبري3/54،طبقات ابن سعد3/184،تاريخ الخلفاء للسيوطي78،تلبيس إبليس282
قال ابن الجوزي عقب هذه القصة:
"لو قال رجل للصوفية من أين أطعم عيالي لقالوا قد أشركت ولو سئلوا عمن يخرج إلى التجارة لقالوا ليس بمتوكل ولا موقن وكل هذا لجهلهم بمعنى التوكل واليقين "تلبيس إبليس282.(/13)
بعدها أنظر إلى أبي حامد الغزالي حين يقول بأن الموت من الجوع من أعلى مقامات التوكل .. وأدنى مراتب التوكل توكل أبي بكر الصديق:فالتوكل عندهُ ثلاث مقامات:
المقام الأول: (مقام الخواص) وهو أعظم المقامات الثلاثة عند الغزالي وأعلاها منزلة،وهو مقام من يدور ف البوادي بغير زاد،ثقة بفضل الله تعالى عليه في تقويته على الصبر أسبوعاً أو تيسر حشيش له أو قوت أو تثبيته على الرضا بالموت إن لم يتيسر شيء من ذلك" الإحياء 4/268.
ولا يصحتوكله إلا أن يطيب نفساً بالموت إن لم يأتيه رزقه علماً بأن رزقه الموت والجوع".
المقام الثاني:أن يقعد في بيته أو في مسجد،ولكنه في القرى والأمصار،وهذا لكنه أيضاً متوكل لأنه تارك للكسب والأسباب الظاهرة"الإحياء4/272-273.
تأمل الفرق بين الأول والثاني أن المقام الثاني لم يعرض نفسه للموت بخلاف الأول،أما من حيث ترك التكسب فلا فرق بين المقامين!فإن الإثنين معرضان عن التكسب.
المقام الثالث:أن يخرج ويكتسب،فإن المكتسب مكتسباً لعيالهِ أو ليفرق بين المساكين،فهو ببدنه مكتسب وبقلبهِ عنه مقطوع،ولا يجوز تكليف العيال الصبر على الجوع،ولا يمكن أن يقرر عندهم الإيمانبالتوحيد،وإن الموت على الجوع رزق مغبوط عليه"
إذن لا يمكنه في حقهم إلا أدنى درجات التوكل وهو المقام الثالث:"كتوكل أبي بكر الصديق رضي الله عنه إذ خرج للكسب" الإحياء4/272.
تأمل كلام ابن الجوزي رحمه الله السابق ثم تفكر بما وصل إليه حجة الصوفية أبي حامد الغزالي رحمه الله..
ونزول الرجل إلى السوق عند الصوفية دليل وعلامة على أنه ليس من أهلاً لسلوكِ طريق التصوف-وهذا عام غالب على هذه الطرق- فقد نظر أبو تراب النخشبي إلى صوفي جائع مد يده إلى قشر البطيخ ليأكله بعد ثلاث أيام من التوكل،فقال لهُ: "لا يصلح لك التوصف إلزم السوق" الرسالة القشيرية208.(/14)
ومن توكل هذا أبو تراب النخشبي أنه خرج "إلى البراري على التواكل فنهشته السباع التي خرجت طلباً للرزق مع الأخذ بالأسباب وكانت بذلك أصح توكلاً منه ومن أمثاله من البطالين فرزقها الله هذا الصوفي المتواكل" من كلام دمشقية.
وفي مواضع أخرى تجد هذا في الإحياء!!
لست هنا على سبيل التقصي إنما المُراد محاولة الإصلاح والنصح.
....
الوقفة الثالثة والرابعة:كلام الإمام محمد بن عبدالوهاب في قصيدة البردة
لما نظرت واقع الصوفية مع هذه القصيدة الشركية وشبه إجماعهم على قبولها وإنشادها وحفظها والعمل بها،وجب التحذير منها،وهذا ما قام به عدد من أهل العلم ومنهم الشيخ الإمام.
وهذه هي الوقفة الثالثة وهي التحذير من هذه القصيدة وبيان الشرك الذي احتوته عدد من هذه الأبيات.
وهي كذلك في سِفر التفسير.
والوقفة الرابعة وهي أشد العجب ليس من الجاهليين والذين ليس عندهم الهدى؛ولكن أشد العجب ممن عنده الكتاب والسنة؛بل ويشرح بعضها ويفسر بعض الآيات الناهية عن الشرك والغلو ثم هو يقع فيها فما يدري ما يخرج من رأسه!!!
قال : الإمام محمد بن عبدالوهاب : تفسير سورة الفاتحة من مؤلفات الإمام محمد بن عبدالوهاب ص 13 المجلد الخامس-وقد دلني عليها أخي الحبيب الدر المنثور- :
"وأما الملك فيأتي الكلام عليه ، وذلك أن قوله: ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) وفي القراءة الأخرى ( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) فمعناه عند جميع المفسرين كلهم ما فسره الله به في قوله ك ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ {17} ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ {18} يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ {19} ([ سورة الانفطار الآيات: 17/19].(/15)
فمن عرف تفسير هذه الآية ، وعرف تخصيص الملك بذلك اليوم ، مع أنه سبحانه مالك كل شيء ذلك اليوم وغيره، عرف أن التخصيص لهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي بسبب معرفتها دخل الجنة من دخلها ، وسبب الجهل بها دخل النار من دخلها، فيالها من مسألة لو رحل الرجل فيها أكثر من عشرين سنة لم يوفها حقها، فأين هذا المعني والإيمان بما صرح به القرآن ، مع قوله صلى الله عليه وسلم : (( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاُ )) [ أخرجه البخاري في صحيحة: كتاب الوصايا، باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب رقم: 2753 ، والنسائي في سننه: كتاب الوصايا إذا أوصى لعشيرته الأقربين (6/ 248-250) رقم : 3644، 3646، 3647، من حديث أبي هريرة.
من قول صاحب البردة:
ولن يضيق رسول الله جاهك بي ***** اذا الكريم تحلي بأسم منتقم
فإن لي ذمة منه بتسميتي ***** محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يازلة القدم
فليتأمل من نصح نفسه هذه الأبيات ومعناها ، ومن فتن بها من العباد، وممن يدعى أنه من العلماء واختاروا تلاوتها على تلاوة القرآن .
هل يجتمع في قلب عبد التصديق بهذه الأبيات والتصديق بقوله: ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله) وقوله: : (( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاُ )) لا والله ، لا والله لا والله إلا كما يجتمع في قلبه أن موسى صادق ، وأن فرعون صادق ، وأن محمداً صادق على الحق ، وأن أبا جهل صادق على الحق . لا والله ما استويا ولن يتلاقيا حتى تشيب مفارق الغربان.(/16)
فمن عرف هذه المسألة وعرف البردة ، ومن فتن بها عرف غربة الإسلام وعرف أن العدل واستحلال دمائنا وأموالنا ونسائنا، ليس عن التكفير والقتال ، بل هم الذين بدءونا بالتكفير وعند قوله: ( فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ) [سورة الجن الآية : 18].وعند قوله: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) [سورة الإسراء: الآية : 57]. وقوله: ( لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ) [سورة الرعد الآية: 14].
فهذا بعض المعاني في قوله : ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) بإجماع المفسرين كلهم ،وقد فسرها الله سبحانه في سورة ( إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ ) ( الإنفطار : 1 ) كما قدمت لك. "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في أحد رسائلهِ الشخصية –كما في الدرر السنية 2/44- إلى الأخ حسن:
" وأما ما ذكرت من أهل الجاهلية كيف لم يعرفوا الالهية إذا أقروا بالربوبية هل هو كذا أو كذا أو غير ذلك.فهو لمجموع ما ذكرت وغيره.
وأعجب من ذلك ما رأيت وسمعت ممن يدعي أنه أعلم الناس،ويفسر القرآن،ويشرح الحديث بمجلدات،ثم يشرح (البردة) ويستحسنها،ويذكر في تفسيره وشرحه للحديث أنه شرك،ويموت ما عرف ما خرج من رأسه،هذا هو العجب العجاب!!أعجب بكثير من ناس لا كتاب لهم ولا يعرفون جنة ولا ناراً،ولا رسولاً ولا إلهاً."
......
الوقفة الخامسة: رد الشيخ على متصوفة يجرون مع القدر هم شر من القدرية:
يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مُلحق المصنفات-هذه مسائل لخصها من كلام شيخ الإسلام رحمه الله- ص14:(/17)
" 18- قال في الرد على متصوفة ينتسبون إلى التحقيق والتوحيد ويجرون مع القدر سبب ذلك أنه ضاق نطاقهم عن كون العبد يؤمر بما يقدر عليه خلافه ، كما ضاق نطاق القدرية عنه ، فأثبتوا الأمر والنهي فقط ، وأولئك أثبتوا القضاء فقط ، وفي حق من شهد القدر ، وهؤلاء شر من القدرية ، ولهذا لم يكن في السلف من هؤلاء أحد ، ولا ريب أن المشركين يترددون بين بدعة تخالف الشرع وبين احتجاج بالقدر على مخالفة الأمر .. فهؤلاء الأصناف فيهم شبه من المشركين ، وفيهم من يجمع بين الأمرين ، كما قال تعالى: {وإذا فعلوا فاحشة} .. الآية .. وقد ذكر عن المشركين ما ابتدعوا من الدين الذي فيه تحليل الحرام ، والعبادة التي لم تشرع في الأنعام والأعراف ، وعمدة الكل اتباع آرائهم وأهوائهم ، وجعلهم ذلك حقيقة نظير جعل المتكلمين ما ابتدعوا حقائق عقلة وأصل ضلال الكل تقديم القياس على النص ، واختيار الهوى على اتباع الأمر."
....
الوقفة السادسة: دعوى المحبة مع مخالفة الشريعة وهي كثير في الذين اتبعوا شيئاً من الزهد والعبادة يعني الصوفية
يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مُلحق المصنفات-هذه مسائل لخصها من كلام شيخ الإسلام رحمه الله- ص15-19:
" 20- العبادة يدخل فيها الدين كله .. ولهذا كانت ربوبية الله سبحانه عامة وخاصة ولهذا كان الشرك أخفى من دبيب النمل ، وفي الصحيح تعس عبدالدينار .. إلخ. ووصفه بأنه إذا أعطى رضي ، وإذا منع سخط .. وهذا في المال والجاه والصور .. وغير ذلك قال الخليل عليه اللام: {فابتغوا عند الله الرزق .. الآية} .
............ قال تعالى: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} .. وإذا قلت:المحبة استلزمت إرادة المحبوبات ، فإن قدر عليها حصلها ، وإن فعل المقدور عليه .. فله كأجر الفاعل (كمن دعي إلى هدر) .. وكقوله: ((إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مسيراً إلا وهم معكم حبسهم العذر)) .(/18)
فإذا ترك المقدور من الجهاد دل على ضعف المحبة ، ومعلوم أن المحبوبات لا تنال إلا احتمال المكروهات ، كما في أهل الرياسة والمال.
ومن المعلوم أن المؤمن أشد حباً لله .. والإسلام أن يستسلم العبد لله لا لغيره ، فمن أسلم لله ولغيره فمشرك ، ومن لم يسلم فمستكبر .. والكبر ينافي العبودية كما قال: ((العظمة إزاري ، والكبرياء ردائي ، فمن نازعني في واحد منها عذبته)) فهما من خصائص الربوبية ، والكبرياء أعلى من العظمة .. فلهذا جعلها كالرداء.
وفي الصحيح لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً . إلخ. قاله قبل موتهِ بأيام ، وذلك تمام رسالته ، فإن فيه من تمام تحقيق مخالته لله التي أصلها محبة الله العبد خلافاً للجهمية ، ومن ذلك تحقيق توصية الله رداً على أشباه المشركين وفه رد على من بخس الصديق حقه (وهم أضل) المنتسبين إلى القبلة وهم شر البشر.(/19)
والحديث الذي فيه ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان .. إلخ. جعله بثلاثةِ أمور تحكم المحبة ، وتفريغها ، ودفع ضدها ، وكره من كره من أهل العلم مجالسة أقوام يكثرون الكلام في المحبة بلا خشية .. ولهذا وجد في المتأخرين من (أفضى به) ذلك إلى ما ينافي العبودية ، ومديد إلى نوع من الربوبية ، ويدَّعي أحدهم ما يتجاوز حدود الأنبياء ، ويطلب من غير الله ما لا يصلح إلا الله ، وسببه ضعف تحقيق العبودية التي بينها الرسل ، وحررها الأمر والنهي الذي جاءوا به ، بل ضعف العقل الذي به يعرف العبد حقيقته ، وهو شبيه بقول اليهود والنصارى {نحن أبناء الله وأحباؤه} .. فإن تعذيبهم بذنوبهم يقتضي أنهم غير محبوبين .. لأن من أحبه الله استعمله فيما يحبه ، لأن فعل الكبائر واحد [المعنى أنه لا تفريق في فعل الكبائر بين أحد من الناس .. بل الله يبغض فعل الكبائر من كل أحد] .. فإن الله يبغض منه ذلك ، ومن ظن أن الذنوب لا تضره لكون الله يحبه ، فهو كمن ظن أن السم لا يضره من مداومته عليه لصحة مزاجه .. ولو تدبر الأحمق ما قصه الله في كتابه من توبة الأنبياء ، وما جهر لهم من البلاء الذي فيه تطهير لهم (دل) على ضرر الذنوب بأصحابها ، ولو كانوا أفرع الناس.
واتباع الشريعة والقيام بالجهاد من أعظم الفروق بين أهل محبة الله ، وبين من يدعي محبة الله ناظراً إلى عموم ربوبيته أو متبعاً لبعض البدع .. فإن دعوى هذه محبة من جنسِ دعوى اليهود والنصارى .. بل قد تكون شراً منها .. بل فيهم من النفاق الذي كون به في الدرك الأسفل من النار.(/20)
وفي التوراة والإنجيل من ذكر محبة الله ما هم متفقون عليه حتى أن عندهم [أن] ذلك من أعظم وصايا الناموس .. ففي الإنجيل أن المسيح قال: أعظم وصايا المسيح أن تحب الله بكل قلبك وعقل ونفسك .. والنصارى يدعون قيامهم بهذه المحبة لما فيه من الزهد والعبادة وهم برءاء من محبة الله إذ لم يتبعوا ما أحب الله ، بل اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم.
وكثيراً من الذين اتبعوا أشياء من الزهد والعبادة وقعوا في بعض ذلك من دعوى المحبة مع مخالفة الشريعة وترك الجهاد ، ويتمسكون في الدين الذي يتقربون به إلى الله بنحو ما تمسك به النصارى من الكلام المتشابه ، والحكايات التي لا يعرف صدق قائلها ولو صدق لم يكن معصوماً ، وكل عمل أُريد به غير الله لم يكن لله ، وكل عملٍ لم يوافق شرعهُ ، لم يكن لهُ ، بل لا يكون لله إلا ما جمع الوصفين .. قال تعالى: {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن .. } الآية.
وقال صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) .. وقال: ((إنما الأعمال بالنيات)) .. وهذا الأصل هو أصل الدين ، وبحسبه تحقيقه يكون تحقيق الدين وبه أرسل الله الرسل ، وأنزل الكتب ،وهي قطب الدين الذي تدور عليه رحاه.
والشرك غالب على النفوس ، كما في الحديث أخفى من دبيب النمل ، وكثير ما يخالط النفوس من الشهوات ما يفسد عليها تحقيق ذلك ، كما قال شداد بن أوس: "أخوف ما أخاف عليكم الرياء والشهوة الخفية" ، قال أبو داود هي حب الرياسة وفي الحديث: (ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه)) .
يبين أن الدين السليم لا يكون فيه هذا الحرص ، وذلك أن القلب ذاق حلاوة الإخلاص لم كن شيء أحب إليه منه ، فيصير القلب منيباً إلى الله خائفاً منه ، كما قال تعالى: {من خشي الرحمن وجاء بقلبٍ منيبْ ...(/21)
وإذا أخلص العبد اجتباهُ ربه فأحيى قلبه ، وجذبه إليه ، بخلاف القلب الذي لم يخلص ،فإن فيه طلباً وإرادة ، تارة إلى الرياسة فترضيه الكلمة ولو كانت باطلاً وتغيظه الكلمة ولو كانت حقاً وتارة إلى الدرهم والدينار ، وأمتثال ذلك فيتخذ إلهه هواهُ ومن لم يكن مخلصاً لله بحيث يكون أحب إليه مما سواه ، (وإلا) استعبدته الكائنات واستولت على قلبه الشياطين .. وهذا أمر ضروري لا حيلة فيه ، فالقلب إن لم يكن حنيفاً وإلا كان مشركاً {فأقم وجهك للدين حنيفاً} .. الآيتين ..
وقد جعل الله آل إبراهيم أئمة للحنفاء ، كما جعل آل فرعون أئمة للمشركين المتبعين أهوائهم."
اختارها وجمعها
أبو عمر المنهجي - شبكة الدفاع عن السنة(/22)
ومضات من كلام الأئمة الأعلام والدعاة الكرام في الصوفية (5)
الوقفة السابعة:أن أهل الأهواء هم أهل التفرقة ومنهم الصوفية:
يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مُلحق المصنفات-هذه مسائل لخصها من كلام شيخ الإسلام رحمه الله- ص19-20:
"21- بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم إلى ذي أهواء متفرقة وقلوب متشتتة ، فألف الله به بين القلوب ، وجمع به الشمل ، ثم إنه سبحانه بين أن هذا الأصل وهو الجماعة عماد لدينه ، فقال: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} .. {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} إلى قوله: {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا إلى قوله خالدون} .. وفي الآية الأخرى: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء} ..
فبرأ الله نبيه منهم وقد كره صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم من المجادلة ما يفضي إلى الاختلاف والتفرق ، فخرج على قوم من أصحابه وهم يتجادلون في القدر فكأنما فقيء في وجهه حب الرمان وقال: أبهذا أمرتم أم إلى هذا دعيتم .. إلخ. ثم ذكر ثلاثاً وسبعين فرقة ثم قال:في صف الفرقة الناجية بأنهم المستمسكون بسنته وأنهم هم الجماعة".
.....
الوقفة الثامنة:أن أهل الأهواء والمذاهب الباطلة لا ينقلون مذهبهم بصورته الحقيقية ومنهم الصوفية:
يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مُلحق المصنفات-هذه مسائل لخصها من كلام شيخ الإسلام رحمه الله- ص26:
"31- أعلم أن المذهب إذا كان باطلاً في نفسه لم يكن الناقل أن ينقله على وجه متصور تصوراً حقيقياً فإن هذا لا يكون إلا الحق ، فأما القول الباطل فبيانه يظهر فساده ، حتى يقال كيف اشتبه على أحد ويتعجب من اعتقاده ، ولا ينبغي للإنسان أن يتعجب فما من شيء يتخيل من أنواع الباطل إلا وذهب إليه فريق ، ولهذا وصف الله أهل الباطل بأنهم أموات ، وأنهم صم بكم ، وأنهم في قول مختلف ، وأنهم لا يعقلون."
.....(/1)
الورقة الأخيرة
المشهد الأخير من رحيل الألباني .. رحمه الله
د . محمد محمود أبو رحيم
لقد ذكرني المشهد الأخير من جنازة الشيخ أبى عبد الرحمن بأول لقاء معه رحمه الله قبل ثلاثين عاما ؛ حيث كنت يومها متدثرا بلباس التصوف ، أمرغ الخد
على أعتاب أشياخه .
يومها كان الجهل قد غرر كانون2 بكسب كان للأشياخ نصيبا مفروضا في
صناعته ، لم يكن جهلا بالحلق والذكر والخلوات البدعية ؛ فقد أتقنها حتى غاليت
في بعضها ، فوجدتني قد نذرت للرحمن صوما إلا عن شيخي في الطريقة الذي ولد
في نفسي قدرته المزعومة على فتح المغاليق إلى ملك لا يبلى .
يومها كنت جاهلا بما يدور حولي ، وحول من تدور عليهم دعاوى التجهيل
والتضليل ؛ فكان ما كان مني نحو الشيخ أبي عبد الرحمن ومنهجه من كوامن ضدية
دفعتني لسؤاله وأنا تحت تأثير خلفيات التحدي : لماذا تحارب الأئمة الأربعة ؟ هكذا
كان يشيع من لم يرقهم طريقته السلفية .
لم يكد يخرج السؤال من بين شفتي وأنا شاب في السنة الأولى في كلية
الشريعة حتى وجدت برد كفه الناهم يأخذ بكفي نحو مقعد جانبي يحاورني بكل هدوء .
خرجت من عنده وقد علتني دهشة دفعني فضولها إلى مواصلة لفائه والتعرف
على ما عنده رحمه الله فإذا كانون2 أقف على عالم متخصص ، ومحاور عنيد ،
يحيي السنة ويميت البدع ، داعية إلى التوحيد الخالص ، حرب على الشرك بأنواعه ، تعلوه نضرة الحديث .
---
من مقال لهُ بمجلة البيان
والشيخ أردني
......
يقول السيد محمد رشيد رضا رحمه الله في المنار وصفاً ما شاهده عند الصوفية يوم أن كان صوفياً خرافياً نقشبندياً:
"الوليات يفضن الخيرات والبركات على الناس ، بواسطة المصافحة والتقبيل والعناق .
ويذعن –عند ذلك- بألفاظ من الفحش لا يليق أن تُحكى فضلاً عن أن تسطر في الأوراق."
ويردف قائلاً:(/2)
""رأى كاتب هذه الكلمات بعينه ولية منهنّ صبيحة الوجه ، وفي معصمها أسورة ، وفي أصابعها خواتيم ، وفي عنقها عقود ، وقد جم رأسها إلى رأسي رَجُلين ، والتفتف الأيدي على الأعناق فكان عناقاً مثلثاً ...
ورأى منهنّ فتاة مدت يدها لمصافحته ، فأعرض عنها فوثبت عليه كالثعبان وقبلتهُ في وجهه قبلات متتابعة.
وفعلت ذلك مع غيره أيضاً."
المنار 1/84.
قلتُ –أي المنهج- :
أجل هذه أخلاق ولياتكم يا صوفية؟؟!!
الآن يُعرف السبب في تشبثكم في مذهبكم وتكذيبكم لما يكتب ويبين عنكم؟؟!!
وكل ما قي شيء..مدسوس على كتبنا أو مأول...
إذاً هذه القبلات والعناق المثلث .. وخطوات الذهاب للفراش .. لالا ليست مدسوسة بل مشاهدة!!
نعم ما أقبح ذكركم؟؟!!!
هذه طريقة لذكر الله تقبيل وعناق و ...
يقول الداعية الكويتي المعروف أحمد القطان:
بأنه زار مصر يوم المولد وكان ذاك الوقت شيوعياً ..
يقول فشاهد صوفي يقول لشاب أمرد قل لا إله إلا الله فقالها..
فقال هذا الصوفي :
حي حي !!
إنها كلمة التوحيد..
دعني أقبل شفتين تكلمت بالتوحيد..
قلتُ:
هذه بعض أخلاق هؤلاء القذرين..
والتاريخ يشهد والواقع يصدق..
وكتبكم تروي..
فهل هذه مدسوسة أم مأوله أم مكذوبة؟؟!!
لأن كتبكم كلها كذب في كذب ويجب عليكم أن تتبعوا ولا تبتدعوا..
فالأمام في كتاب الله عز مجل وسنة نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم ((الصحيحة)) وإذا قلنا السنة فنحن نعني بالصحيح!!وللأسف الصوفيون يضربون بالأحاديث الصحيحة عرض الحائط ويقبلون ويرون المكذوبات فضلاً عن الضعيف؟!!وكأن مسندهم السلسلة الضعيفة أم الموضوعات لابن الجوزي
.........
سؤال للصوفية في سبب تعدد الطُرقِ الصوفية؟!!(/3)
إن للصوفية طُرقاً كثيرة ومنتشرة في أنحاء العالم،فلماذا لا يتفق هؤلاء المتصوفة على طريقة واحدة وهي التي جاء بها الإسلام إن كانوا يعلمون لخدمة الإسلام –كما يزعمون- ولكن هذا لم يكن لأن لكل مشيخة دخولاً ومنتفعين وأموراً تتعلق بالمال وصناديق النذور "1" ...
تقول الصوفية:
"إذا سلط على قومٍ ظالماً فليس لأحدٍ أن يقاوم إرادة الله أو يتأفف منها" .
إذن فلا غرابة في دعم الاستعمار لهذه الفرقة وتقريب مشايخها المحسوبين على الإسلام والدفاع عنهم وتسهيل مهمتهم مُستغلين هذا المُعتقد الفاسد عندهم. "2"
---
1- اقتباساً من مجلة التوحيد.
2- من كتاب كشف الستار للشيخ محمد الناصر العريني-حفظه الله-.
....
محمد جميل زينو
ومن لا يعرف الشيخ السوري محمد جميل زينو
صاحب المؤلفات البديعة
يذكر كيف أهتدى من النقشبندية -وهي طريقة صوفية- إلى السنة وأصبح موحداً
كنت نقشبندياً:(/4)
لقد كنت منذ الصغر أحضر الدروس وحلقات الذكرِ في المساجد،وقد شاهدني شيخ الطريقة النقشبندية فأخذني إلى زاوية المسجد،وبدأ يعطيني أوراد الطريقة النقشبندية؛ولكن لصغر سني لم أستطع أن أقوم بها،لكني كنت أحضر مجالسهم مع أقاربي في الزوايا،وأستمع إلى ما يردّدونهُ من أناشيد وقصائد،وحينما يأتي ذكر اسم الشيخ كانوا يصيحون بصوتٍ مرتفعٍ،فيزعجني هذا الصوت المفاجئ،ويسبب لي الرعب والهلع،وعندما تقدمت بي السن بدأ قريب لي يأخذني إلى مسجدِ الحيّ لأحضر معه ما يسمى بالختمِ،فكنا نجلسُ على شكلِ حلقةٍ فيقوم أحد الشيوخ ويوزع علينا الحصى،ويقول: "الفاتحة الشريفة،الإخلاص الشريف" ،فنقرأ بعدد الحصى سورة الفاتحة والإخلاص،والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالصيغةِ التي يحفظونها،ويجعلون ذلك آخر ذكرهم.ثم يقول الشيخ ذكرهم،لأن الشيخ –بزعمهم- هو الذي يربطهم بالله؛فيهمهمون،ويصيحون،ويعتريهم الخشوع،حتى إن أحدهم ليقفز فوق رؤوس الحاضرين كأنّه البهلوان من شدّة الوجد ... إلى آخر ما كانوا يفعلونهُ من البدعِ المحدثةِ التي ما أنزل الله بها من سلطان.
كيف اهتديت إلى التوحيد؟
كُنتُ أقرأ على شيخي الصوفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما،وهو قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا سألتَ فاسألِ الله،وإذا استعنتَ فاستعِنْ بالله)) .
فأعجبني شرح النووي حين قال:
"ثم إن كانت الحاجة التي يسألها،لم تجر العادة بجريانها على أيدي خلقه،كطلبِ الهداية والعلم .. وشفاء المرض وحصول العافية سأل ربه ذلك.وأما سؤال الخلق والاعتماد عليهم فمذموم".
فقلت للشيخ:
هذا الحديث وشرحه يُفيدان عدم جواز الاستعانة بغير الله فيما لا يقدر عليهِ إلا الله.
فقال لي:
بل تجوز!!
قلت:
وما الدليل؟
فغضب الشيخ وصاح قائلاً:(/5)
إن عَمتي تقول يا شيخ سعد (وهو من الأولياء المزعومين الأموات) ،فأقول لها: يا عمتي وهل ينفعك الشيخ سعد؟ فتقول:أدعوه فيتدخل على الله فيشفيني!!
فقلت لهُ:
إنك رجل عالم قضيت عمرك في قراءة الكتب،ثُم تأخذ عقيدتك من عمتك الجاهلة!!
فقال لي:
عندك أفكار وهابية! (نسبة إلى الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله)
وكُنتُ لا أعرف شيئاً عن الوهابية إلا ما أسمعه من المشايخ:فيقولون عنهم:إنهم مخالفون للناس،لا يؤمنون بالأولياء وكراماتهم المزعومة،ولا يحبون الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم .. إلى غير ذلك من التهم الكثيرة الكاذبة التي لا حقيقة لها.
فقلت في نفسي:
إذا كانت الوهابية تؤمن بالاستعانة بالله وحده،وأن الشافي هو الله وحده،فيجب أن أتعرّف عليها.
وبحثت عن هذه الجماعة،فاهتديت إليها.كان لهم لقاء مساء كل خميس يتدارسون فيه التفسير والفقه والحديث ،فذهبت إليهم بصحبةِ أولادي وبعض الشباب المثقّف .. فدخلنا غرفة كبيرة .. وجلسنا ننتظر الدرس .. وبعد برهة من الزمن دخل الشيخ،فسلَّم علينا،ثم جلس على مقعده،ولم يقم لهُ أحد؛فقلتُ في نفسي:هذا الشيخ مُتواضعٌ،لا يُحِب القيام.
بدأ الشيخ درسه بقوله:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره .. إلى آخرِ الخطبة التي كان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفتتح بها خطبه ودروسه ،ثم بدأ يتكلم باللغة العربية الفصحى،ويورد الأحاديث،ويبين صحتها وراويها،ويصلي على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كلما ذكر اسمه.وفي ختامِ الدرسِ وجهت لهُ الأسئلة؛فكان يُجيبُ عليها بالدليل من القرآن والسنة،ويناقش بعض الحاضرين فلا يرد سائلاً أو متكلماً،ثم قال في آخر درسه:الحمد لله على أننا مسلمون وسلفيون،وبعض الناس يقولون: إننا وهابيون،فهذا تنابز بالألقاب،وقد نهانا الله عن هذا بقوله: {ولا تنابزوا بالألقابِ} .
ولما انتهى الشيخ من درسهِ، خرجنا ونحن مُعجبين بعلمهِ وتواضعهِ،وسمعت أحد الشبابِ يقول:(/6)
هذا هو الشيخ الحقيقي.
ومن هنا بدأت رحلتي إلى التوحيدِ الخالصِ،والدعوةِ إليهِ،ونشرهِ بين الناس اقتداء بسيدِ البشرِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم.وإني لأحمد الله –عز وجل- الذي هداني لهذا،وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله،والحمد لله أولاً وآخراً.
نقل هذا الأستاذ محمد المسند في كتابهِ العائدون إلى الله 6 .
.....
ما زالت كتبهم تشهد بمشاهد لوطية وقبلات خبيثة..
يحدثنا الداعية أحمد القطان:يقول زرت مصر قبل سنوات عديدة أيام المولد -وكنت على غير هدى- فلما كنا في الساحة، وإذ بمشايخ الصوفية يأمرون أحد المردان أن يقول لا إله إلا الله .. قال فقالها: فرد الشيخ الصوفي كريه الشكل والهيئة فقال:حي إنها كلمة التوحيد،دعني أُقبلُ شفتي قالت كلمة التوحيد!!!!
......
اختارها وجمعها
أبو عمر المنهجي - شبكة الدفاع عن السنة(/7)
ومضات من كلام الأئمة الأعلام والدعاة الكرام في الصوفية (8)
لقد أكَّد الشيخ حسن كافي رحمه الله أحد كبار علماء البوسنة والهرسك في موقفه من أهل الأهواء و البدع على عدة أمور ، تعتبر بحقٍ معالم رئيسة في ما يعتقده الشيخ في هذا الباب ، ينكر رحمه الله على غلاة الصوفية و جهالهم ، فساد أحوالهم و فعالهم ، مع زعمهم أنهم أهل كرامة ، و سالكون سبل الولاية ، و هم في غاية البعد عنه ، فيقول رحمه الله :
(( أما الذين يتعبَّدون بالرياضات و الخلوات ، و يتركون الجمع و الجماعات فهم من الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا ، و هم يحسبون أنهم يحسنون صُنعاً ، قد طبع الله على قلوبهم ، و كذلك الذين يُصعقون عند سماع الأنغام الحسنة مبتدعون ضالُّون ، إذ ليس للإنسان أن يستدعي ما ما يكون سبب زوال عقله ، و لم يكن في الصحابة من يفعل ذلك و لو عند سماع القرآن )) .
و كلُّ من ادعى الكرامة ، و لم يسلك سبيل الاستقامة ، فهو دعيٌّ ، لأنه (( لا يصل أحد إلى الله و رضوانه و جنته و كرامته ، إلا بمتابعته الرسول ظاهراً و باطناً فمن لم يكن مصدقاً له فيما أخبر ، و ملتزماً لطاعته فيما أمر ، في الأمور الباطنة التي في القلوب ، و الظاهرة التي على الأبدان ، لم يكن مؤمناً ، فضلاً عن أن يكون وليَّاً و لو طار في الهواء ، و مشى على الماء ، و أنفق من الغيب ، و أخرج الذهب من الجيب ، فإنه من الأحوال الشيطانية ، المبعدة لصاحبها عن الله تعالى ، المقرِّبة من سخطه و عذابه )) .
و هؤلاء المتنكبون عن طريق الهدى ، يجب أن لا يُغترَّ بما قد يجري على أيديهم من أحوال ظاهرها خرق العادة ، فهم إلى الأحوال الشيطانية مستدرجون ، و عن الشريعة الربَّانية زائغون ، و على هذا المعنى يَحمل الشيخ حسن كافي رحمه الله قول عبد الله بن المبارك :
و هل أفسد الدين إلاَّ الملوك *** و أحبار سوءٍ و رهبانها(/1)
فيقرر أن الرهبانية في هذه الأمَّة ، يمثلها أهل الجهالة و الضلالة من المتصوفة ، بقوله :
(( الرهبان هم جهَّال الصوفيَّة ، المعترضون على حقائق الإيمان و الشرع بالأذواق ، و المواجيد ، و الخيالات الفاسدة ، و الكشوفات الباطلة الشيطانية ، المتضمنة شرع دين لم يأذن به الله ، و إبطال دينه الذي شرعه على لسان نبيِّه … و قد قال أصحاب الذوق : إذا تعارض الذوق و الكشف ، و ظاهر الشرع قدَّمنا الذوق و الكشف . نعوذ بالله أن نكون من الجاهلين ، و العصمة بالله ربِّ العالمين )) .
.....
و يُعرِّف الشيخ حسن كافي " الولي " فيقول :
(( هو العارف بالله و صفاته ، حسب ما أمكن ، المواظب على الطاعات ، المتجنب للمعاصي و الانهماك في اللذات و الشهوات )) ، و الوليُّ في نظره (( إنما يستحق الولاية و الكرامة باتباعه نبيَّه صلى الله عليه وسلم و اقتدائه به في طاعة الله تعالى على شريعته )) .
أما أدعياء الكرامة ، و زاعموا الولاية ، فقد عرف عن الشيخ صلابة موقفه ، في التصدي لهم ، و كشف ضلالهم ، و بيان فساد ماهم عليه ، حيث وضع الميزان الشرعي لتقييم ما هم عليه ، بعرضه على الكتاب و السنة ، فقال :(/2)
(( الواجب عرضُ أفعالهم و أحوالهم على الشريعة المحمدية ، فما وافقها قُبِل ، و ما خالفها رُدَّ … فلا طريقة إلاَّ طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم ، و لا حقيقة إلاَّ حقيقته ، و لا شريعة إلا شريعته ، و لا عقيدة إلا عقيدته ، و لا يصل أحد إلى الله و رضوانه ، و جنته و كرامته ، إلا بمتابعة الرسول ظاهراً و باطناً فمن لم يكن مصدقاً له فيما أخبر ، و ملتزماً لطاعته فيما أمر ، في الأمور الباطنة التي في القلوب ، و الظاهرة التي على الأبدان ، لم يكن مؤمناً ، فضلاً عن أن يكون وليَّاً و لو طار في الهواء ، و مشى على الماء ، و أنفق من الغيب ، و أخرج الذهب من الجيب ، فإنه من الأحوال الشيطانية ، المبعدة لصاحبها عن الله تعالى ، المقرِّبة من سخطه و عذابه )) .
و يقول رحمه الله في بيان حال و حكم أدعياء الكرامة و الولاية من غلاة الصوفية و غيرهم :
(( أما الذين يتعبَّدون بالرياضات و الخلوات ، و يتركون الجمع و الجماعات فهم من الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا ، و هم يحسبون أنهم يحسنون صُنعاً ، قد طبع الله على قلوبهم ، و كذلك الذين يُصعقون عند سماع الأنغام الحسنة مبتدعون ضالُّون ، إذ ليس للإنسان أن يستدعي ما ما يكون سبب زوال عقله ، و لم يكن في الصحابة من يفعل ذلك و لو عند سماع القرآن )) .
و الشيخ الآقحصاري يرى أن الولاية و العداوة ، قد تجتمعان في الشخص الواحد ، و كذلك الحب و الكره ، فيقول : (( إنَّ العبد قد يجتمع فيه سبب الولاية و سبب العداوة ، و سبب الحب و سبب البُغض ، فيكون محبوباً من وجه ، و مبغوضاً من وجه ، و الحكم للغالب )) .
كما حذر رحمه الله من المقالات الفاسدة و أهلها الذين ابتليت بهم الأمة عبر التاريخ ، و بالغ في التحذير منهم ، و حكم بكفر من قال بخلق القرآن ، و خروجه من الملة ، و كذلك من أتى بغيرها من البدع المكفرة .
.....
سؤال رقم: 20375
العنوان: الطرق الصوفية وحكم الانضمام إليها(/3)
الجذر > العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >
السؤال:
في الطرق الصوفية يوجد طريقة تسمى : سياريا (syari'a) ، طريقة ، حقيقة ، معرفة ، هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم علَّم أصحابه هذه الطرق وبنفس ما تعنيه هذه الطرق لدى الصوفية ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا بد أن نعلم أن النسبة إلى الصوفية هي إلى لبس الصوف لا إلى شيء آخر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
واسم الصوفية هو نسبة إلى لباس الصوف هذا هو الصحيح ، وقد قيل إنه نسبة إلى صفوة الفقهاء ، وقيل إلى صوفة بن أد بن طانجة قبيلة من العرب كانوا يعرفون بالنسك ، وقيل إلى أهل الصُّفة ، وقيل إلى الصفا ، وقيل إلى الصفوة ، وقيل إلى الصف المقدم بين يدي الله ؛ وهذه الأقوال : ضعيفة فإنه لو كان كذلك لقيل صفي أو صفائي أو صفوي أو صفي ولم يقل صوفي .
" مجموع الفتاوى " ( 11 / 195 ) .
ولم يظهر التصوف إلا بعد القرون الثلاثة التي أثنى علها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله :" خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم …." - رواه البخاري ( 2652 ) ، ومسلم ( 2533 ) من حديث ابن مسعود - .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
وأما لفظ الصوفية فإنه لم يكن مشهوراً في القرون الثلاثة وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك .
" مجموع الفتاوى " ( 11 / 5 ) .
وهذه الطريقة ومثيلاتها من الطرق المبتدعة المخالفة للكتاب والسنَّة ولما كان عليه خير القرون ، فقد اخترع كل شيخٍ لهذه الطرق ورداً وحزباً وطريقة في العبادة يُميِّز بها نفسه عن غيره ، مخالفاً للشرع ، ومفرقاً للصف .
وقد امتن الله على الأمَّة بأن أكمل لها دينها وأتمَّ عليه نعمته ، فكل من جاء بعبادة وطريقة لم يأتِ بها الشرع فهو مكذب بما قاله الله تعالى متهم للنبي صلى الله عليه وسلم بالخيانة .(/4)
وقد يكون مع ابتداعهم هذا كذبٌ أيضاً بأن زعم زاعمهم أنهم تلقوا طريقتهم هذه من النبي صلى الله عليه وسلم أو أنهم على طريق وهدي الخلفاء الراشدين .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة :
هل يوجد في الإسلام طرق متعددة مثل : الطريقة الشاذلية ، والطريقة الخلوتية ، وغيرهما من الطرق ، وإذا وجدت هذه الطرق فما هو الدليل على ذلك ؟ وما معنى قول الحق تبارك وتعالى { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } الأنعام / 153 ، وما معنى قوله أيضاً : { وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } النحل / 9 ، ما هي السبل المتفرقة ، وما هو سبيل الله ، ثم ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي رواه عنه ابن مسعود أنه خط خطّاً ثم قال : " هذا سبيل الرشد " ثم خطَّ عن يمينه وعن شماله خطوطاً ثم قال : " هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه " ؟ فأجابوا :(/5)
لا يوجد في الإسلام شيء من الطرق المذكورة ، ولا من أشباههما ، والموجود في الإسلام هو ما دلت عليه الآيتان والحديث الذي ذكرتَ وما دلَّ عليه قوله صلى الله عليه وسلم : " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فِرقة ، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فِرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فِرقة ، كلها في النار إلا واحدة " ، قيل : من هي يا رسول الله ؟ قال : " من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي " ، وقوله عليه الصلاة والسلام : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ، لا يضرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " ، والحق هو اتباع القرآن الكريم والسنَّة النبويَّة الصحيحة الصريحة ، وهذا هو سبيل الله ، وهو الصراط المستقيم ، وهو قصد السبيل ، وهو الخط المستقيم المذكور في حديث ابن مسعود ، وهو الذي درج عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وعن أتباعهم من سلف الأمَّة ومن سار على نهجهم ، وما سوى ذلك من الطرق والفِرق هي السبل المذكورة في قوله سبحانه وتعالى : { وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } الأنعام / 153 .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 283 ، 284 ) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
.....
سؤال رقم: 4983
العنوان: هل مشايخ الصّوفية متصلون بالله
الجذر > العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >
السؤال:
ما هو مكان الصوفية في الإسلام ؟ ما صحة القول بأن هناك عبّاد وأولياء يتّصلون بالله ، بعض الناس يعتقدون بهذه الظاهرة وأنّ هناك ما يُثبت ذلك في الأديان المختلفة والأنحاء المختلفة في الأرض .
كيف تمكن رؤية الذين يدعون بأنهم صوفية أو تابعين للصوفيين ؟
أليست الصلاة والذكر نوع من الاتصال بالله سبحانه وتعالى ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله(/6)
لم يعرف الإسلام اسم الصوفية في زمن الرسول وصحابته والتابعين حتى جاء جماعة من الزهاد لبسوا الصوف فأطلقوا هذا الاسم عليهم ، وقيل مأخوذ من كلمة صوفيا ومعناها الحكمة باليونانية وليست مأخوذة من الصفاء كما يدعي بعضهم لأن النسبة إلى الصفاء صفائي وليست صوفي .
وظهور هذا الاسم الجديد والطائفة التي تحمله زاد الفرقة في المسلمين ، وقد اختلف الصوفية الأوائل عن الصوفية المتأخرة التي انتشرت فيها البدع بشكل أكبر وعمّ فيهم الشرك الأصغر والأكبر وبدعهم مما حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. رواه الترمذي وقال حسن صحيح
وفيما يلي مقارنة بين معتقدات الصوفية وطقوسها وبين الإسلام المبني على القرآن والسنّة :
الصوفية : لها طرق متعددة كالتيجانية والقادرية والنقشبندية والشاذلية والرفاعية وغيرها من الطرق التي يدعي أصحابه أنهم على الحق وغيرهم على الباطل والإسلام ينهى عن التفرق ويقول الله تعالى { ...ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون } ( سورة الروم الآيات 31-32).
الصوفية : عبدوا غير الله من الأنبياء والأولياء الأحياء والأموات فهم يقولون ( يا جيلاني ويا رفاعي ويا رسول الله غوثاً ومدد ، ويا رسول الله عليك المعتمد ) .
والله ينهى عن دعاء غيره فيما لا يقدر عليه إلا هو ويعدّه شركاً إذ يقول { ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك من الظالمين } سورة يونس ،آية 106 .
الصوفية : تعتقد أن هناك أبدالاً وأقطاباً وأولياء سلّم الله لهم تصريف الأمور وتدبيرها والله يحكي جواب المشركين حين يسألهم :{ ومن يدبر الأمر فسيقولون الله } سورة يونس : 31 . فمشركو العرب أعرف بالله من هؤلاء الصوفية .(/7)
والصوفية يلجأون لغير الله عند نزول المصائب والله يقول : { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير } .
بعض الصوفية : يعتقد بوحدة الوجود فليس عندهم خالق ومخلوق فالكل خلق والكل إله .
الصوفية : تدعو إلى الزهد في الحياة وترك الأخذ بالأسباب وعدم الجهاد والله تعالى يقول { وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا } ( سورة القصص ،آية 77).
{ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } ( سورة الأنفال ،آية 60) .
الصوفية : تعطي مرتبة الإحسان إلى شيوخهم وتطلب من المريدين أن يتصورا شيخهم عندما يذكرون الله حتى في صلاتهم وكان بعضهم يضع صورة شيخه أمامه في الصلاة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ". رواه مسلم .
الصوفية : تبيح الرقص والدف والمعازف ورفع الصوت بالذكر والله تعالى يقول { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } ( سورة الأنفال ، آية 3 ) .
ثم تراهم يذكرون بلفظ الجلالة : الله فقط فيقولون الله ، الله ، الله وهذه بدعة وكلام غير مفيد لمعنى شرعي بل يصلون إلى حدّ التلفظ بكلمة ( أهـ ، أهـ ) . أو هو ، هو . والإسلام والسنة أن يذكر المسلم ربّه بكلام مفيد صحيح يُؤجر عليه كقوله : سبحان الله والحمد له ولا إله إلا الله والله أكبر ونحو ذلك .
الصوفية تتغزل باسم النساء والصبيان في مجالس الذكر فيرددون اسم الحب والعشق والهوى وغيرها وكأنهم في مجلس طرب فيه الرقص وذكر الخمر مع التصفيق والصياح وكلّ هذا من عادة المشركين وعبادتهم قال الله تعالى : { وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية } سورة الأنفال آية 35 .( المكاء : الصفير ، والتصدية : التصفيق ) .(/8)
بعض الصوفية يضرب نفسه بسيخ حديد قائلاً ( يا جداه ) فتأتيه الشياطين ليساعدوه على فعله لأنه استغاث بغير الله ، قال الله تعالى : { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين } سورة الزخرف ، آية 36 .
الصوفية : تدعي الكشف وعلم الغيب والقرآن يكذبهم : قال عزّ وجلّ : { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } . ( سورة النمل آية 65 ) .
الصوفية : تزعم أن الله خلق الدنيا لأجل محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن يكذبهم قائلاً { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } (سورة الذرايات آية 56) .
وخاطب الله سبحانه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } سورة الحجر آية 99).
الصوفية : تزعم رؤية الله في الدنيا والقرآن يكذبهم حين قال على لسان موسى :{ رب أرني أنظر إليك قال لن تراني } (سورة الأعراف ، آية 143) .
الصوفية : تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة فهل هم أفضل من الصحابة ؟
الصوفية : تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم فيقولون : حدثني قلبي عن ربي .
الصوفية : تقيم الموالد والاجتماع باسم مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهم يخالفون تعاليمه حينما يرفعون أصواتهم في الذكر والأناشيد والقصائد التي فيها الشرك الصريح . وهل احتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمولده أو أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ والأئمة الأربعة وغيرهم فمن أعلم وأصحّ عبادة هؤلاء أم الصوفية .
الصوفية : تشد الرحال إلى القبور للتبرك بأهلها أو للطواف حولها أو الذبح عندها مخالفين قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى " متفق عليه .(/9)
الصوفية : تتعصب لشيوخها ولو خالفت قول الله ورسوله ، والله تعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } سورة الحجرات آية 1 .
الصوفية : تستعمل الطلاسم والحروف والأرقام لعمل الاستخارة والتمائم والحجب وغير ذلك .
الصوفية : لا تتقيد بالصلوات الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بل يبتدعون صلوات فيها التبرك الصريح والشّرك الفظيع الذي لا يرضاه الذي يصلون عليه .
أما السؤال عن صحة اتصال مشايخ الصوفية فهي صحيحة لكنها مع الشياطين وليس مع الله
فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا قال تعالى : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه } الأنعام (112) . وقال تعالى : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم } الأنعام /121) .
وقال تعالى : { هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم ) الشعراء 121/222) . فهذا هو الاتصال الذي يحدث حقيقة ، لا الاتصال الذين يزعمونه زوراً وبهتاناً من اتصالهم بالله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا ، يُنظر معجم البدع : 346- 359
واختفاء بعض مشايخ الصوفية فجأة عن أنظار أتباعهم هو نتيجة لهذا الاتّصال مع الشياطين حتى لربما حملوهم إلى أماكن بعيدة وعادوا بهم في اليوم نفسه أو الليلة نفسها إضلالا للبشر من أتْباعهم .(/10)
ولذلك كانت القاعدة العظيمة أننا لا نزن الأشخاص بالخوارق التي تظهر على أيديهم وإنما بحسب بعدهم وقربهم والتزامهم بالكتاب والسنّة ، وأولياء الله حقّا لا يُشترط أن تظهر لهم خوارق بل هم الذين يعبدون الله بما شرع ولا يعبدونه بالبدع ، أولياء الله الذين ذكرهم ربنا في الحديث القدسي الذي رواه البخاري في الصحيح 5/2384 عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه " . والله الموفق والهادي إلى طريق الصّواب .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
..........
سؤال رقم: 5638
العنوان: بعضهم يزعم أنّ هناك آية تؤيّد مذهب الصوفية
الجذر > العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >
السؤال :
هل يمكن أن تشرح آية 69 من سورة 4 ؟ البعض قال بأن هذه الآية هي التي سوغت للناس الصوفية.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
الآية التي تسأل عنها هي قول الله تعالى : ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) سورة النساء 69 . قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره : ( أي من عمل بما أمره الله و رسوله ، وترك ما نهاه الله عنه ورسوله ، فإن الله عز و جل يسكنه دار كرامته ، ويجعله مرافقا للأنبياء ثم لمن بعدهم في الرتبة ، وهم الصديقون ، ثم الشهداء ، ثم عموم المؤمنين وهم الصالحون الذين صلحت سرائرهم وعلانيتهم . ثم أثنى عليهم تعالى فقال : ( وحسن أولئك رفيقا ) .(/11)
وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من نبي يمرض إلا خيّر بين الدنيا و الآخرة ) وكان في شكواه الذي قبض فيه ، فأخذته بحة شديدة ، فسمعته يقول : ( مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ) فعلمت أنه خيّر ) . تفسير ابن كثير
ثم ذكر رحمه الله تعالى بعض ما روي في سبب نزول الآية ، ثم قال : ( وأعظم من هذا كله بشارة : ما ثبت في الصحاح والمسانيد وغيرهما من طرق متواترة عن جماعة من الصحابة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم ؟ أي لم يصل إلى مرتبتهم في العمل الصالح ، فقال صلى الله عليه و سلم : ( المرء مع من أحب ) قال أنس بن مالك رضي الله عنه : فما فرح المسلمون فرحهم بهذا الحديث ، إني أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأحب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وأرجو أن يبعثني الله معهم و إن لم أعمل بعملهم ) . انتهى
فليس في الآية كما ترى أي مسوغ للصوفية أو لمذهبهم .(/12)
وإن كان الصوفية صادقين فليطيعوا الله ورسوله ويلتزموا بشرعه - كما نصّت عليه الآية - ليكونوا من الفائزين ، أما أن يدّعوا معرفة الأولياء بالغيب الذي لا يعلمه إلا الله ويجعلوا الطّواف بالقبور والطلب من الموتى عبادة وقُربة وهو في الحقيقة استغاثة بغير الله وكفر وشرك ، ويقولون إنّ الله يوحي إلينا بأمور يُلقيها في قلوبنا زائدة على ما في القرآن والسنّة ، وأنّ الخواص ليسوا ملزمين بشريعة الإسلام المفروضة على العوام ، ويبتدعون أذكارا يواظبون عليها ليست في الكتاب ولا في سنّة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثمّ بعد هذا كله يريدون أن يكونوا من الفائزين ومع النبيين والصّديقين فهيهات هيهات بل هم مع الشياطين والمشركين ، نسأل الله السلامة والعافية ، رزقنا الله وإياك حب نبيه صلى الله عليه وسلم وحب صحابته الكرام وجمعنا بهم في مقعد صدق عنده إنه مليك مقتدر .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
........
حكم ما يفعله الصوفية عنوان الفتوى
عبد العزيز بن باز اسم المفتى
9940 رقم الفتوى
14/04/2003 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال
سائل من سوريا يقول : يوجد ناس عندنا يقولون إننا أبناء الشيخ عيسى أو أبناء غيره من الشيوخ المعروفين عندنا ،ويأتون يسألون الناس وقد لبسوا لباسا أخضر على رءوسهم من حرير ، في أيديهم أسياخ من حديد إذا أعطيتهم أرضيتهم ، وإذا لم تعطهم غضبوا وضربوا أنفسهم بهذا الحديد في بطونهم وفي رءوسهم؟
نص الفتوى
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وبعد:
هؤلاء من بعض الطوائف التي تسمى الصوفية . وهؤلاء يلعبون على الناس ويخدعونهم ، بزعمهم أنهم أولاد فلان ، أو فلان ويزعمون أنهم يستحقون على الناس المساعدة ، وهؤلاء ينبغي منعهم من هذا العمل وتأديبهم عليه من جهة الدولة ، لما في ذلك من كف شرهم عن الناس على السؤال بهذه الطريقة المنكرة .(/13)
ولا يعطى مثل هؤلاء لأن عطاءهم يشجعهم . . وإذا ضربوا أنفسهم فلا حرج عليك من ذلك ، وإنما الحرج عليهم . والواجب نصيحتهم وتحذيرهم من هذا العمل المنكر . وهو من التشويش والتلبيس الذي يخدعون به الناس ، وهم في الحقيقة يعملون هذه الأمور الشيطانية بتزيين من الشيطان ، وتلبيس منه ، وهو ما يسمى بالتقمير ، وهو من أنواع السحر ، يفعلون هذا الشيء في رأي الناظر ، وهم لا يفعلونه في الحقيقة ، ولو فعلوه حقيقة لضرهم . لأن السلاح والحديد وأشباه ذلك يضر الإنسان إذا ضرب به نفسه ، ولكنهم يسحرون العيون بما يفعلون ، كما ذكر الله عن سحرة فرعون ، حيث قال سبحانه وتعالى في سورة الأعراف : {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} وقال تعالى في سورة طه : {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} فلا ينبغي لأهل الإسلام أن يساعدوا مثل هؤلاء لأن مساعدتهم معناها مساعدة على المنكر وعلى التلبيس وعلى الشعوذة وعلى إيذاء المسلمين وخداعهم .
فالواجب منع هؤلاء والقضاء على منكرهم هذا ، وحسم مادتهم بالأدب البليغ ، أو السجن من جهة الدولة ، حتى يرتدعوا عن هذا العمل . . وفق الله قادة المسلمين لكل ما فيه رضاه وصلاح عباده .
.....
التيجانية والطرق الصوفية عنوان الفتوى
صالح الفوزان اسم المفتى
12112 رقم الفتوى
08/05/2003 تاريخ الفتوى على الموقع
نص السؤال(/14)
تنتشر عندنا كثير من الطرق الصوفية لدرجة أنه يعتقد الكثير منا أنه لابد أن يسلك منهجًا من هذه المناهج وأن يتبع طريقة من هذه الطرق ويقلد شيخها وقد انتشرت بعض الكتب في ذلك منها كتاب "السؤال والجواب لاختصار أحكام الطريقة الفضلى التيجانية الأحمدية" فما رأيكم في هذه الطرق وفي مثل هذه الكتب هل هي صحيحة ونعتقد ما فيها ونؤمن به أو أنها غير ذلك ويجب علينا أن نبتعد عنها ونحاربها؟
نص الفتوى
الحمد لله
يقول الله سبحانه وتعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الأعراف: 3]، ويقول جل وعلا: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: 59]، ويقول سبحانه وتعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} [النساء: 80].
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبه وأحاديثه: (إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
والنصوص من الكتاب والسنة في هذا كثيرة تلزم المسلم بأن يعمل بما يدل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وألا يلتفت إلى ما أحدث من البدع والخرافات، ومن ذلك الطرق الصوفية فإنها طرق مبتدعة محدثة ليست من دين الإسلام، بل هي من دس أعداء الإسلام، وتلقفها كثير من الجهال أو من الضلال الذين يريدون أن يحتالوا بها على الناس ويتزعموا بها على الناس بالباطل.(/15)
فالطرق الصوفية طرق محدثة وطرق فاسدة وطرق ضالة مخالفة لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لما سئل عن الفرقة الناجية التي هي أهل السنة والجماعة قال عليه الصلاة والسلام: (هي من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي). وليست الطرق الصوفية مما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والقرون المفضلة.
ومن ذلك الطريقة التيجانية فإنها من أضل الطرق الصوفية وأفسدها ولها عقائد كفرية، وقد أنقذ الله منها بعض معتنقيها فردوا عليها وكتبوا في بيان كفرها وضلالها الكتابات الطيبة المفيدة، وهي مطبوعة ومتداولة، ولله الحمد.
ومن عقائدهم الباطلة: ما قالوه في "جواهر المعاني "وفي كتبهم في الورد الذي اختاروه قالوا: إن هذا الورد ادخره رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعلمه أحد من أصحابه إلى أن قال: لعلمه صلى الله عليه وسلم بتأخير وقته وعدم وجود من يظهره الله على يديه.
وقال في "جواهر المعاني" : إن المرة الواحدة من صلاة الفاتح ـ وهي صلاة اخترعوها يزعمون أنهم يصلون بها على النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: إن المرة الواحدة من هذه الصلاة ـ تعدل كل تسبيح وقع في الكون وكل ذكر وكل دعاء كبير وصغير، وتعدل تلاوة القرآن ستة آلاف مرة.
فهل بعد هذا الكفر كفر؟! وهل بعد هذا الضلال ضلال؟!
ومن عقائدهم: ما قالوا في كتاب "الإفادة": من لم يعتقد أنها (أي: صلاة الفاتح) من القرآن لم يصب الثواب فيها.
وأي ضلال أعظم من هذا أن يجعل من القرآن ما ليس منه؟
ومن عقائدهم الفاسدة: قولهم في "الإفادة الأحمدية" (ص74): إن رئيسهم يقول بوضع منبر من نور يوم القيامة، وينادي منادي حتى يسمعه كل من في الموقف: يا أهل الموقف! هذا إمامكم الذي كنتم تستمدون منه من غير شعوركم، وذكره أيضًا في كتابهم "بغية المستفيد".(/16)
وعقائدهم من هذا النوع كثيرة، وإنما ذكرت نموذجًا منها ليعرف المسلمون أي فرقة هذه الفرقة، وأي طريقة هذه الطريقة حتى يكونوا على حذر منها. والله الموفق للصواب.
..........
يقول مالك بن نبي رحمه الله
" عندما يكون الفكر الإسلامي في حالة أفول ـ كما هو حاله في الوقت الحاضر ـ فإنه يغرق في التصوف وفي المبهم وفي المشوش , وفي النزعة إلى التقليد الأعمى ".
......
قال الشيخان السوريان محمد العبدة وطارق عبدالحليم في كتابهما الرائع [الصوفية نشأتها وتطورها] :
( عندما نتكلم عن الصوفية فإنما نقصد المعنى الاصطلاحي, أي الصوفية التي جاءت بكتب ومصطلحات خاصة, فيها إشكالات وبعد عن المنهج الإسلامي الصحيح أدت فيما بعد إلى أمور خطيرة مثل الإتحاد والحلول, فهذا لا شك أنه تفرق وبعد عن خط أهل السنة والجماعة, وأما الذين يقولون: إنما نعني بالصوفية السلوك الإسلامي وترقيق القلوب والزهد في الدنيا فيقال لهم: لماذا تسمون هذه الأشياء صوفية وقد أصبحت علماً على رموز وأشكال تخالف الإسلام فهلاّ ابتعدتم عن الشبهات وتركتم هذه الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان " والزهد لم يذمه أحد وقد ذموا التصوف" .
"والذين اكتفوا بحسن الخلق والزهد في الدنيا والتأدب بآداب الشرع لقبوا بالنساك والقراء والزهاد والعباد, والذين أقبلوا على دراسة النفوس وآفاتها وما يرد على القلب من خواطر وحرصوا على الصيغة المذهبية لقبوا بالصوفية" .(/17)
فالقضية ليست قضية سلوك وإنما هي أساليب مستحدثة مخترعة أعجمية في الرياضات الروحية أدت إلى الشطح والقول على الله بغير على فغاية الصوفية الاتصال بالله ـ بزعمهم ـ والبعد عن الناس, وهذا مضاد لمنهج الأنبياء الذين لم يبعثوا إلا ليهزوا أركان العالم ويوقظوا الناس من سباتهم, ولذلك فنحن لا نعتبر أعلام الزهاد والعباد كإبراهيم بن أدهم والفضيل بن عياض وأمثالهم داخلين في الصوفية بهذا المعنى الذي نقرره , فضلاً عن أن نعتبر أمثال الحسن البصري ومن قبله كما يحاول الصوفية أن يقرروا وبدون حياء كما يصفهم ابن الجوزي, وكل فرقة تحاول التمويه على الناس وتنسب إليها أعلام أهل السنة, فكل الأحاديث الباطلة والمضحكة عند الشيعة الإمامية تنسب إلى جعفر الصادق وهو بريء منها وهو من أئمة أهل السنة.
اختارها وجمعها
أبو عمر المنهجي - شبكة الدفاع عن السنة(/18)
ومضات من كلام الأئمة الأعلام والدعاة الكرام في الصوفية (9)
كلام أبو الريحان البيروني في الصوفية
والآن سأستعرض -إن شاء الله- بعضَ الكتب التي تدل على أصل التصوف ، مثل كتاب البيروني تحقيق ماللهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة ، الكتاب ألَّفه أبو الريحان البيروني ، وهو ليس مِن أئمَّة أهل السنة والجماعة ، وإنما هو رجلٌ، مسلمٌ، مؤرِّخٌ، تستطيع أن تقول -بالأحرى- إنه جغرافيٌّ، ومتكلمٌ، ومتفلسفٌ، ذهب إلى الهند يبحث عن أديانها، وعقائدها، ويكتب عن جغرافيتها، وأرضها، وعلومها.
هذا الرجل ألَّف الكتاب، وذكر فيه حقائق لا يمكن أن يُتهم بأنَّه تواطأ فيها مع أهل السنة والجماعة .
فمثلاً: يقول في صفحة (24) من هذا الكتاب '' ومنهم مَن كان يرى الوجودَ الحقيقي للعلة الأولى فقط، لاستغنائها بذاتها فيه، وحاجة غيرها إليه، وأنَّ ما هو مفتقر في الوجود إلى غيره، فوجوده كالخيال غير حقٍّ، والحقُّ هو الواحد الأول فقط، وهذا رأي السوفية - كتبها بالسين - وهم الحكماء، فإنَّ سوف باليونانية: [الحكمة] وبها سمي الفيلسوف: بيلاسوفا، أي: محب الحكمة، ولما ذهب في الإسلام قوم إلى قريبٍ مِن رأيهم -أي: رأي حكماء الهند -سُمُّوا باسمهم- أي: الصوفية - ولم يَعرف اللقبَ بعضُهم فنسبهم للتوكل إلى الصُفَّة وأنَّهم أصحابها في عصر النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمَّ صُحِّفَ بعد ذلك، فصُيِّر مِن صوف التيوس...! إلخ ''.
ويقول بعد ذلك: '' إنَّ المنصرف بكليته إلى العلة الأولى متشبهاً بها على غاية إمكانه: يتحد بها عند ترك الوسائط، وخلع العلائق، والعوائق ''.
ويقول -في هذه الوحدة "وحدة الوجود"-: '' وهذه آراء يذهب إليها الصوفية لتشابه الموضوع ''.
يتكلم عن ديانات الهند ، وعن فلاسفة الهند -هؤلاء الملاحدة- ثم يذكر أنَّ الصوفية يذهبون إليها لتشابه الموضوع.(/1)
فالرجل يقول: إن الصوفية هم حكماء الهند ، وأنَّ اسمهم هو "السوفية"، وأنَّ ما يُطلق عليهم مِن الأسماء، أو ما حدث للاسم مِن التصحيف - فقيل: إنَّه مِن الصوف أو غير ذلك - هذا ليس له حقيقة.
والقشيري 1 ذكر في كتابه الرسالة '' أنه ليس لهذا الاسم أصل في اللغة العربية '' 2 -و القشيري مِن أئمَّة الصوفية له كتاب الرسالة - وهو صادقٌ في ذلك.
ويقول صاحب دائرة المعارف الإسلامية -كما سمَّاها المستشرقون- وهي دائرة معارف استشراقية: ذكروا أنَّ كلمة "الثيوصوفيا" -الكلمة اليونانيَّة- يقولون: '' هذه هي الأصل كما ينقل كاتبها ماسنيوم عن عدد المستشرقين؛ بأنَّ أصل التصوف : هو مشتق مِن الثيوصوفية '' وهذه الثيوصوفية كما يذكر -أيضاً- عبد الرحمن بدوي ، وينقل عن مستشرق ألماني فول هومر قوله: '' إن هناك علاقة بين الصوفية ، وبين الحكماء العراة مِن الهنود '' ويكتب باللغة الإنجليزية جانيوسوفستز و"سوفستز" يعني: الصوفيين، هؤلاء إذا ربطنا هذه مع الثيوصوفية -أي: الصوفية - التي نقول "الثيو" معناها في لغتهم: الله عز وجل، فمثلاً الحكم الثيوقراطي يعنى: الحكم الإلهي، والثيوصوفية أي: عشاق الله، أو محبو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الفيلسوفي هذا: عاشق الحكمة "فيلا" معناها: حكمة، أو محب الحكمة.
عاشق الله -كما يدَّعون، وكما يزعمون- يسمَّى: الصوفي.
إذاً الصوفية نستطيع أن نقول: إننا الآن أمام أساس -وسيأتي عرض آخر يبين هذه القضية- هذه الكلمة وأنَّه غير إسلامي أصلاً، وغير عربي أصلاً، وإنَّما هو دينٌ آخر.
ولنرجع إلى كتاب البيروني ؛ يقول في صفحة [51]: '' إذا كانت النَّفس مرتبطةً في هذا العالم... والخلاص -خلاص النفس- مِن العالم... وانقطاعها عنه،... كيف أنَّ الهنود يحاولون أن ينقطعوا عن الدنيا، وأن يتحدوا بالجوهر الأسمى -وهو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- '' يتحدث عن هذا الموضوع بكلام فيه صعوبة.(/2)
إنَّما المقصود من ذلك: أنَّه يقول: '' إن هناك كتاباً هندوسياً اسم الكتاب بانتجل '' وأنا قد سألت بعض إخواننا الهنود عن كتاب بانتجل ، فقالوا: إنَّ الكتاب معروف إلى الآن، وأنَّه مِن كتب الأديان عند الهندوس، وفي إمكانكم أنْ تسألوا إذا كان لكم إخوة، أو ناس في أمريكا -حتى من الهندوس- أنْ تسألوهم عن الكتاب.
يقول البيروني -بعد أن تكلم عن قضية الاتحاد هذه-: '' وإلى مثل هذا إشارات الصوفية في العارف إذا وصل إلى مقام المعرفة؛ فإنَّهم يزعمون - أي: الصوفية - أنَّه يحصل له روحان: قديمة لا يجري عليها تغير، أو اختلاف، بِها يعلم الغيب، ويفعل المعجز! وأخرى بشرية للتغير، والتكوين، ما يبعد عن مثله أقاويل النصارى ''.
لاحظ أنَّ البيروني يربط بين كلام الصوفية ، وبين أقاويل النصارى، وأنَّهم يقولون: إنَّ العارف له روحان: روح أزليَّة ثابتة، وروح حادثة، وهي التي تعتريها البشرية، أي: كما قال النصارى في عيسى بن مريم عليه السلام!!
وأنا في إمكاني الآن أنْ أقرأ عليك ما يدل على هذه العقيدة عند الصوفية :
يقول إبراهيم الدسوقي 3 المتوفى سنة (676هـ) وهو مِن أكبر الطواغيت الصوفية المعبودين حالياً في مصر ، وهو وصل عندهم إلى درجة القطبية العظمى -وسنشرح لك إن أمكن ما معنى القطب الأعظم، وما هي خصائصه- كما في ترجمته من طبقات الشعراني 4 : '' قد كنتُ أنا، وأولياء الله تعالى أشياخاً في الأزل، بين يدي قديم الأزل، وبين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن الله عز وجل خلقني مِن نور رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -أي: في الأزل- وأمرني أن أخلع على جميع الأولياء، فخلعتُ عليهم بيدي -أي: ألبسهم- فقال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا إبراهيم أنت نقيبٌ عليهم -أي:على الأولياء- ''.(/3)
يقول: '' فكنتُ أنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخي عبد القادر -أي: عبد القادر الجيلاني شيخ القادرية - خلفي، وابن الرفاعي -أي: أحمد الرفاعي شيخ الرفاعية - خلف عبد القادر ، ثم التفت إليَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال:يا إبراهيم ! سر إلى مالك -خازن النيران- وقل له يغلق النيران، وسر إلى رضوان -خازن الجنة- وقل له يفتح الجنان، ففعل مالك ما أُمر به، وفعل رضوان ما أُمر به!! ''...إلى آخر ما ذكره من الكلام.
نعود إلى البيروني يقول [ص:16]: وإلى طريق بانتجل -هذا الهندي الذي سبق ذكره- ذهبت الصوفية في الاشتغال بالحق، فقالوا: مادمتَ تشير فلستَ بموحدٍ؛ حتى يستولي الحقُّ على إشارتك بإثنائه عنك، فلا يبقى مشيرٌ، ولا إشارةٌ ''. -أي: وحدة الوجود الكاملة-.
ويقول: '' ويوجد في كلامهم ما يدل على القول بالاتحاد؛ كجواب أحدهم عن الحقِّ، وكيف لا أتحقق مَن هو أنا بالإنيَّة، ولا أنا بالأَيْنِيَّة ''.
هذا كلام أحد أئمَّة التصوف سئل عن الله فأجاب بأنه هو يقصد نفسه!
ومن الأدلة التي ذكرها البيروني على قول الحلولية بالحلول قول أبي بكر الشبلي 5 - وهو مِن أئمَّة التصوف - : '' اخلع الكلَّ تصل إلينا بالكلية فتكون ولا تكون إخبارك عنا وفعلك فعلنا '' .
أي: الكلام الذي تقوله هو عنَّا.
'' وكجواب أبي يزيد البسطامي ، وقد سُئل: بم نلت ما نلت؟
قال: "إنِّي انسلختُ مِن نفسي، كما تنسلخ الحيَّةُ مِن جلدها، ثم نظرتُ إلى ذاتي فإذا أنا هو>
وقالوا في قول الله تعالى: فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا [البقرة:73] : إنَّ الأمر بقتل الميت لإحياء الميت: إخبارٌ أنَّ القلب لا يحيا بأنواع المعرفة إلا بإماتة البدن بالاجتهاد، حتى يبقى رسماً لاحقيقة له، وقلبك حقيقة ليس عليه أثر مِن المرسومات.(/4)
وقالوا: إنَّ بين العبد وبين الله ألف مقام مِن النُّور والظلمة، وإنَّما اجتهد القوم في قطع الظلمة إلى النُّور، فلمَّا وصلوا إلى مقامات النُّور: لم يكن لهم رجوعٌ '' 6 البيروني .
وهو يقول: إن هذا الكلام بعينه هو كلام الهنود وهو الذي سار عليه أئمة التصوف .
أول من أسس دين التصوف
أقول: إنَّ الثابتَ مِن الكتب التي كتبها كثيرٌ مِن المعاصرين عن الصوفية ، ومِن القدماء: أنَّ أولَّ مَن أسَّس التصوف هم: الشيعة ، وأنَّ هناك -بالذات- رجليْن كانا لهما دورٌ في ذلك:
الأول: يسمَّى عبدك ، والثاني: يسمَّى أبو هاشم الصوفي المتوفى سنة (150هـ)، أو أبو هاشم الشيعي ، فعبدك ، وأبو هاشم هؤلاء هما اللذان أسَّسا دين التصوف 1 .
عندما نريد أن نتحدث عن عبدك ، وعن أبي هاشم : ننتقل إلى مصدرٍ مهمٍّ جدّاً مِن مصادر الفِرَق الإسلاميَّة وهو كتاب التنبيه والرد لأبي الحسين الملطي الشافعي رحمه الله.
الإمام الملطي يحكي ما قاله الإمام خشيش بن أصرم في الزنادقة
ومِن المهم جدّاً مِن الناحية الوثائقيَّة أنْ نعرف أنَّ كتاب الملطي هذا منقولٌ من كتاب الإمام خشيش بن أصرم -وهذا رجلٌ، عالِمٌ، إمامٌ، ثقةٌ، وهو شيخ الإمام أبي داود ، والنسائي ، وهو مِن الأئمَّة المعاصرين للإمام أحمد توفى سنة (253هـ)- وهذا يعطي كتابَه أهميَّة كبيرة؛ لأنَّه متقدم في الفترة المبكرة جدّاً التي لم تكن كلمة صوفي فيها قد شاعت وانتشرت، فماذا قال الإمام خشيش بن أصرم رحمه الله عن هذه الفرقة -كما نقل عنه الملطي - وماذا قال عن عبدك ، وعن أبي هاشم ، وعن جابر بن حيان 1 ، الذي يقال له: جابر الكيميائي ، وهو أيضاً ممن نُسب إليه أنَّه أول مَن أسَّس التصوف وقد قرأت له مجموعة رسائل طبعها أحد المستشرفين يظهر فيها بجلاء أنَّ الرجل شيعي تماماً، وقد عاش جابر في القرن الثاني!!
أقسام الزنادقة(/5)
قال أبو الحسين الملطي رحمه الله تعالى: '' قال أبو عاصم خشيش بن أصرم -والإسناد عنه في أول الكتاب- في افتراق الزنادقة: فافترقت الزنادقة على خمس فرق، وافترقت منها فرقة على ست فرق... -إلى أن يقول-: ومنهم -أي:من أقسام الزنادقة- العبدكية ، زعموا أنَّ الدنيا كلَّها حرامٌ محرَّم، لا يحل الأخذ منها إلا القوت، من حين ذهب أئمَّة العدل، ولا تحل الدنيا إلا بإمام عادل، وإلا فهي حرام، ومعاملة أهلها حرام، فحِلٌّ لك أن تأخذ القوت من الحرام، مِن حيث كان!
وإنَّما سمُّو العبدكية ؛ لأنَّ عبدك وضع لهم هذا، ودعاهم إليه، وأمرهم بتصديقه ''.
يقول: '' ومنهم الروحانية ، وهم أصناف، وإنَّما سمُّوا الروحانية ؛ لأنَّهم زعموا أنَّ أرواحهم تنظر إلى ملكوت السموات، وبها يعاينون الجِنان - أي: الجنات - ويجامعون الحور العين، وتسرح أرواحهم في الجنة.
وسمُّوا أيضاً: الفكرية لأنَّهم يتفكرون -زعموا- في هذا حتى يصلون إليه، فجعلوا الفكر بهذا غاية عبادتهم، ومنتهى إرادتهم، ينظرون بأرواحهم في تلك الفكرة إلى هذه الغاية فيتلذذون بمخاطبة الله لهم، ومصافحته إياهم، ونظرهم إليه -زعموا- ويتمتعون بمجامعة الحور العين، ومفاكهة الأبكار، على الأرائك متكئين، ويسعى عليهم الولدان المخلَّدون بأصناف الطعام، وألوان الشراب، وطرائف الثمار... ''إلى آخره.(/6)
يقول:'' ومنهم صنف مِن الروحانية زعموا أنَّ حُبَّ الله يغلب على قلوبهم، وأهوائهم، وإرادتهم حتى يكون حبُّه أغلب الأشياء عليهم؛ فإذا كان كذلك عندهم: كانوا عنده بهذه المنزلة، وقعت عليهم الخُلة مِن الله فجعل لهم السرقة، والزنا، وشرب الخمر، والفواحش كلها على وجه الخُلة التي بينهم وبين الله لا على وجه الحلال -يعني: تحل لهم على وجه أنَّهم أخلاء لله، وسيأتي على هذا نقولٌ كثيرةٌ وشواهد تدل على ذلك عند الصوفية - كما يحل للخليل الأخذ مِن مال خليله بغير إذنه، ومنهم: رباح وكُليب ، كانا يقولان بهذه المقالة ويدْعُوَان إليها '' وهؤلاء أيضاً ممن ذُكر أنَّهم مِن أئمَّة التصوف القدامى.
يقول: '' ومنهم صنفٌ مِن الروحانية زعموا أنَّه ينبغي للعباد أنْ يدخلوا في مضمار الميدان حتى يبلغوا إلى غاية السبقة، من تضمير أنفسهم-يعني: تجميعها- وحملها على المكروه، فإذا بلغت تلك الغاية؛ أعطى نفسَه كلَّ ما تشتهي وتتمنى، وإنَّ أكْلَ الطيبات كأكْل الأراذلة مِن الأطعمة، وكان الصبر والخبيث عنده بمنزلة، وكان العسل والخل عنده بمنزلة! فإذا كان كذلك؛ فقد بلغ غاية السبقة، وسقط عنه تضمير الميدان، وأتْبع نفسه ما اشتهت، منهم ابن حيان كان يقول هذه المقالة ''.
ويقول رحمه الله : '' ومنهم صنف يقولون: إنَّ ترك الدنيا إشغال للقلوب، وتعظيم للدنيا، ومحبة لها، ولمَّا عظُمت الدنيا عندهم: تركوا طيِّب طعامها، ولذيذ شرابها، ولين لباسها، وطيب رائحتها؛ فأشغلوا قلوبهم بالتعلق بتركها، وكان من إهانتها مُواتات الشهوات عند اعتراضها حتى لا يشتغل القلب بذكرها، ويعظم عنده ما ترك منها ''.
قال: '' ورباح وكليب كانا يقولان هذه المقالة ''.(/7)
وكلام الإمام خشيش بن أصرم رحمه الله المكتوب قبل منتصف القرن الثالث الهجري - حوالي (240هـ) هو كما لاحظنا عقيدة الصوفية ، حبُّ الله -كما يدَّعون- وتحريم الدنيا، وتحريم الحلال، ودعوى أنَّهم يرون الله، ويخاطبونه في الدنيا، وأنَّه يحدِّثهم... إلى غير ذلك مِن الدعاوى: هي دين الصوفية ، لكن لاحظ أنَّ الإمام خشيش لم يقل: الصوفية ؛ إنما قال: الزنادقة -قال: '' هذه مذاهب قوم مِن الزنادقة ''- وصدق هذا هو مذهب الزنادقة في حقيقته.
أبو الحسن الأشعري وموقفه من الصوفية
ننتقل إلى مصدر بعده، وهو من أوثق المصادر في الخلافات والفرق: وهو كتاب مقالات الإسلاميين للإمام أبي الحسن الأشعري رحمه الله الذي رجع إلى مذهب أهل السنة والجماعة ، وإن كان الأشاعرة ما يزالون يتَّبعون ما كان عليه قبل رجوعه، نسأل الله أن يهديهم إلى الحق.
يقول - في صفحة [288] ط الثالثة- : '' هذه حكاية قومٍ مِن النُّساك، والنساك: اسم عبَّاد الهند ، وهي مأخوذة مِن النسك التعبد.
وهذا هو الذي ترجم به عبد الله بن المقفع صوفية الهند ، وسمَّاهم: "النُّساك" في كتاب كليلة ودمنة '' فيسمَّى العابد: النَّاسك.
يقول: '' وفي الأمَّة قوم ينتحلون النُّسك، يزعمون أنَّه جائزٌ على الله سبحانه الحلول في الأجسام، وإذا رأوا شيئاً يستحسنونه قالوا: لا ندري لعله ربنا!! ومنهم من يقول: إنَّّه يرى الله سُبْحَانَهُ في الدنيا على قدر الأعمال! فمَن كان عمله أحسن: رأى معبوده أحسن! ومنهم مَن يجوِّز على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى المعانقة، والملامسة، والمجالسة في الدنيا، وجوزوا مع ذلك على الله تعالى -عن قولهم- أنْ نلمسه، ومنهم مَن يزعم أنَّ الله سبحانه ذو أعضاء، وجوارح، وأبعاض ولحم ودم على صورة الإنسان له ما للإنسان مِن الجوراح تعالى ربُّنا عن ذلك علوّاً كبيراً ''.(/8)
وهذا القول الذي ذكره الأشعري هنا هو قول أبي هاشم المشبِّه، الصوفي، الشيعي، مؤسِّس هذا الدين، أو مِن مؤسِّسيه كما قلنا .
يقول الإمام الأشعري : '' وكان في الصوفية رجلٌ يُعرف بأبي شعيب : يزعم أنَّ الله يُسرُّ ويَفرح بطاعة أوليائه، ويغتمُّ، ويحزن إذا عصَوْه '' يعني: كَفَرح المخلوقين وكغَمِّهم.
يقول: '' وفي النُّساك قومٌ يزعمون أنَّ العبادة تبلغ بهم إلى منزلةٍ تزول عنهم العبادات، وتكون الأشياء المحظورات على غيرهم من الزنا، وغيره مباحات لهم.
وفيهم من يزعم: أنَّ العبادة تبلغُ بهم إلى أنْ يروا الله سُبْحَانَهُ، ويأكلوا مِن ثمار الجنَّة، ويعانِقوا الحورَ العين في الدنيا، ويحارِبوا الشياطين.
ومنهم مَن يزعم: أنَّ العبادة تبلغ بهم إلى أن يكونوا أفضلَ مِن النَّبيِّين، والملائكة المقرَّبين ''.
وكلام الإمام الأشعري ، هذا يؤكِّد ما قاله الإمام خشيش ، ويذكر عنهم قضية سقوط التكاليف وسقوط التعبدات، وأنَّ الإنسان يترقَّى، كما تقول الصوفية أنَّ الله تعالى يقول: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99]، فإذا جاء اليقين أو إذا وصلت إلى الحقيقة: سقطتْ عنك الشريعة؛ لأنَّ الصوفي عندهم يبدأ مُريداً، ثمَّ سالكاً، ثم واصلاً، والواصل: أي: الذي وصل إلى الحقيقة، وسقطت عنه التكاليف، وسقطت عنه التعبدات.
هذا الكلام يقوله الإمام الأشعري -وهو المتوفى سنة (324 هـ)- وهو ما يزال متقدماً بالنِّسبة لانتشار الصوفية ، ولم يذكر أنَّ هؤلاء صوفية أبداً، إنَّما قال: "هؤلاء نساك"، وهذا القول لاشك أنَّه قول زنادقةٍ، وكفَّارٍ، سيحكيه على أنَّهم قومٌ يدَّعون، أو ينتسبون إلى هذه الأمَّة، وليسوا مِن أمَّة الإسلام، أمَّة محمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلنرى كيف أنَّ هذا القول أصبح ديناً عند المتأخرين من المسلمين المنتسبين للإسلام من الصوفية ، ويدَّعون مع ذلك أنَّهم هم أهل السنة والجماعة !!(/9)
تقسيم الإمام الرازي الصوفية
ونحن نتابع المسألة بتطور الزمن فلا نقف عند الأشعري ، وإنَّما -أيضاً- ننتقل إلى إمامٍ مِن المؤلِّفين في الفرق، وهو فخر الدين الرازي -وقد توفي سنة (606 هـ)، ونحن نتابع المسألة بتطور الزمن- وهو مِن أكبر أئمَّة الأشاعرة ، يعني: الرجل ليس مِن أئمَّة أهل السنة والجماعة ، بل هو مِن أئمَّة الأشاعرة الذي ألَّف كتاب أساس التقديس ، وردَّ عليه شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية في كتاب بيان تلبيس الجهمية ، فهو مِن أكبر الأشاعرة ، وأقواله عندهم مِن أهمِّ الأقوال، وسنذكر بعض كلامه في هؤلاء الصوفية ، ما كان فيه مدح، وما كان فيه ذم.
يقول: '' اعلم أنَّ أكثر مَن قصَّ فِرَق الأمَّة لم يذكر الصوفية ؛ وذلك خطأ؛ لأنَّ حاصل قول الصوفية : إنَّ الطريق إلى معرفة الله تعالى: هو التصفية، والتجرد مِن العلائق البدنيَّة، وهذا طريقٌ حسنٌ! وهم فِرقٌ.
الأولى: أصحاب العادات، وهم قومٌ منتهى أمرِهم وغايتهم: تزيين الظاهر كلبس الخرقة، وتسوية السجادة.
الثانية: أصحاب العبادات، وهم قومٌ يشتغلون بالزهد، والعبادة، مع ترك سائر الأشغال.
الثالثة: أصحاب الحقيقة، وهم قومٌ إذا فرغوا مِن أداء الفرائض لم يشتغلوا بنوافل العبادات؛ بل بالفكر وتجريد النَّفس عن العلائق الجسمانية -أي: كما قلنا عن جماعة بانتجل في أقوال البيروني - وهم يجتهدون ألا يخلو سرُّهم وبالهُم عن ذكر الله تعالى، وهؤلاء خير فرق الآدميين! '' -وهذا متعاطف معهم-.
'' الرابعة: النُّوريَّة، وهم طائفة يقولون: الحجاب حجابان: نوري، وناري، أمَّا النوري: فالاشتغال باكتساب الصفات المحمودة كالتوكل، والشوق، والتسليم، والمراقبة، والأُنس، والوحدة، والحالة.
أمَّا الناري فالاشتغال بالشهوة، والغضب، والحرص، والأمل؛ لأنَّ هذه الصفات: صفات نارية، كما أنَّ إبليس لما كان ناريّاً فلا جرم وقع في الحسد ''.(/10)
هذه النظرية اليونانية التي تُروى عن قدماء اليونان أرسطو وجماعته: أنَّ الكون يتركب مِن أربعة عناصر: الماء، والتراب، والنار، والهواء...إلى آخره!! رتَّبوا هذه على تلك.
يقول: '' الخامسة -مِن فِرقهم-: الحلوليَّة، وهم طائفةٌ مِن هؤلاء القوم الذين ذكرناهم، يرَوْن في أنفسهم أحوالاً عجيبة، وليس لهم مِن العلوم العقليَّة نصيبٌ وافر، فيتوهَّمون أنَّه قد حصل لهم الحلول أو الاتحاد -أي: بالله تعالى- يقول: فيدَّعون دعاوى عظيمة، وأوَّل مَن أظهر هذه المقالة في الإسلام الروافض؛ فإنَّهم ادَّعوا الحلول في حقِّ أئمَّتهم ''.
هنا فائدة مهمة وهي: أنَّ الرازي يربط الصوفية بالشيعة ، وهو ربط مؤكد -كما سبق أن قلنا- يقول الرازي :
'' السادسة: المباحية، وهم قوم يحفظون طامَّاتٍ لا أصل لها، وتلبيساتٍ في الحقيقة، وهم يدَّعون محبة الله تعالى وليس لهم نصيبٌ مِن شيءٍ مِن الحقائق؛ بل يخالفون الشريعة، ويقولون: إن الحبيب رُفع عنه التكليف، وهم الأشرُّ مِن الطوائف، وهم في الحقيقة على دين مزدك ، كما سنذكر بعد هذا ''. وهذا الدين هو أصل الشيوعية ، ودين مزدك كما تكلم عنه هو يقول: '' إن المزدكية هم أتباع مزدك بن موبذان ، وكان موبذان في زمن قباز بن فيروز والد أنوشروان العادل، ثمَّ ادَّعى النُّبوة، وأظهر دين الإباحة، وانتهى أمره إلى أن ألزم قبَّاز أن يبعث امرأته ليتمتع بها غيره!! فتأذى أنوشروان مِن ذلك الكلام -أي: تأذى مِن كلامه- وقال لوالد الملك: اترك بيني وبينه لأناظره؛ فإنْ قطعني طاوعته، وإلا قتلته، فلمَّا تناظر مع أنوشروان : انقطع مزدك - يعني: انقطع في المناظرة وأفحم - وظهر عليه أنو شروان ، فقتله وأتباعه، وكلُّ مَن هو على دين الإباحة في زماننا هذا فهم بقية أولئك القوم ''.(/11)
هذا كلامه عن المزدكية ، ويقول: الصوفية ، والفرقة المسمَّاة المباحية منهم على دين مزدك ، الذي هو أصل الشيوعية ، وأصل نظريَّة كارل ماركس الذي كما ذكر هؤلاء الخرافيون يقولون: أنتم مشتغلون بالردِّ على المسلمين، وتتركون الشيوعية !!
فهذا الرازي ، وهو إمامٌ مِن أئمَّة الأشاعرة وكتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين مطبوع موجود، يقول: إنَّ الصوفية تلتقي بالمزدكية بمعنى أن: الشيوعية والصوفية تلتقي عند مزدك ، فهذا هو كلامهم، وليس كلامنا نحن.
الإمام عباس السكسكي وموقفه من الصوفية
ومن الرازي -المتوفى سنة (606 هـ)- ننتقل إلى أحد الأئمَّة مِن علماء اليمن ، يسمَّى عباس بن منصور السكسكي قيل: إنَّه كان حنبليّاً -وهذا غريب في أئمَّة اليمن - وقيل: إنَّه شافعيٌّ، وعلى كل حال يمكن مراجعة ترجمته في كتاب الأعلام [3/268، ط 4]
هذا الإمام السكسكي المتوفى سنة (683هـ)، وهو أيضاً من المتقدمين -كتب كتاباً اسمه: البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان ، وهذا الكتاب مطبوع.
يقول في آخر الكتاب: ''قد ذكرتُ هذه الفرقة الهادية، المهديَّة -أي: أهل السنة - وأنَّها على طريقةٍ متَّبعةٍ لهذه الشريعة النبويَّة...وغير ذلك مما هو داخل تحت الشريعة المطهرة، ولم يشذ أحدٌ منهم عن ذلك سوى فرقة واحدةٍ تسمَّت بالصوفية ، ينتسبون إلى أهل السنة ، وليسوا منهم، قد خالفوهم في الاعتقاد، والأفعال، والأقوال.
أمَّا الاعتقاد: فسلكوا مسلكاً للباطنية الذين قالوا: إن للقرآن ظاهراً، وباطناً، فالظاهر: ما عليه حملة الشريعة النبويَّة، والباطن: ما يعتقدونه، وهو ما قدَّمتُ بعض ذكره.(/12)
فكذلك أيضاً فرقة الصوفية ، قالت: إنَّ للقرآن والسنَّة حقائق خفيَّة باطنة غير ما عليه علماء الشريعة مِن الأحكام الظاهرة التي نقلوها خَلَفاً عن سلف، متصلة بالنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأسانيد الصحيحة، والنقلة الأثبات، وتلقته الأمَّة بالقبول، وأجمع عليه السواد الأعظم، ويعتقدون أنَّ الله عز وجل حالٌّ فيهم!! ومازج لهم!! وهو مذهب الحسين بن منصور الحلاج المصلوب في بغداد في أيام المقتدر -الذي قدمتُ ذكره الروافض في فصل فرقة الخطابيَّة - ولهذا قال: أنا الله -تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً- وأنَّ ما هجس في نفوسهم، وتكلموا به في تفسير قرآنٍ، أو حديثٍ نبويٍّ، أو غير ذلك مما شَرَعوه لأنفسهم، واصطلحوا عليه: منسوب إلى الله تعالى، وأنَّه الحق، وإِنْ خالف ما عليه جمهور العلماء، وأئمَّة الشريعة، وفسَّرتْه علماء أصحابه، وثقاتهم، بناءً على الأصل الذي أصَّلوه مِن الحلول، والممازجة، ويدَّعون أنَّهم قد ارتفعت درجتُهم عن التعبدات اللازمة للعامَّة، وانكشفت لهم حجب الملكوت، واطَّلعوا على أسراره، وصارت عبادتهم بالقلب لا بالجوارح.(/13)
وقالوا: لأنَّ عمل العامة بالجوارح سُلَّمٌ يؤدِّي إلى علم الحقائق، إذ هو المقصود على الحقيقة، وهي البواطن الخفيَّة عندهم، لا عملٌ بالجوارح، قد وصلنا، واتصلنا، واطَّلعنا على علم الحقائق الذي جهلته العامَّة، وحملة الشرع، وطعنوا حينئذٍ في الفقهاء والأئمَّة والعلماء، وأبطلوا ما هم عليه، وحقَّروهم وصغَّروهم عند العوام والجهَّال، وفي أحكام الشريعة المطهرة، وقالوا: نحن العلماء بعلم الحقيقة، الخواص الذين على الحق، والفقهاء هم العامة؛ لأنَّهم لم يطلعوا على علم الحقيقة، وأعوذ بالله من معرفة الضلالة، فلمَّا أبطلوا علم الشريعة، وأنكروا أحكامها: أباحوا المحظورات، وخرجوا عن إلزام الواجبات، فأباحوا النظر إلى المردان، والخلوة بأجانب النسوان، والتلذذ بأسماع أصوات النساء والصبيان، وسماع المزامير والدفاف والرقص والتصفيق في الشوارع والأسواق بقوة العزيمة، وترك الحشمة، وجعلوا ذلك عبادة يتدينون بها، ويجتمعون لها، ويؤثرونها على الصلوات، ويعتقدونها أفضل العبادات، ويحضرون لذلك المغاني من النساء، والصبيان، وغيرهم مِن أهل الأصوات الحسنة للغناء بالشبابات، والطار، والنقر، والأدفاف المجلجلة، وسائر الآلات المطربة، وأبيات الشعر الغزلية التي توصف فيها محاسن النِّسوان، ويذكر فيها ما تقدم من النساء التي كانت الشعراء تهواها، وتشبب بها في أشعارها، وتصف محاسنها كليلى، ولبنى، وهند، وسعاد، وزينب، وغيرهنَّ، ويقولون: نحن نكنِّي بذلك عن الله عز وجل!! ونَصرف المعنى إليه'' .(/14)
أقول: إن كتاب إغاثة اللهفان للإمام ابن القيم -رحمه الله- فصَّل هذه الأمور تفصيلاً مفيداً، لكن آثرت أن لا أنقل عنه حتى لا يقال: إن هؤلاء لا يعرفون إلاَّ ابن تيمية ، أو ابن القيم ، فإن هذا قبل ابن القيم ، وابن تيمية ، وليس ممن له شهرة أنَّه حارب التصوف باسم أنَّه -كما يقولون-: سلفي، أو تيمي، أو وهَّابي؛ بل هو قبل أولئك جميعاً، ويكتب بموضوعيَّة، وينقل مِن مصادر كثيرة، وسوف أواصل كلامه لتنظروا بعض مصادره.
''يقول: فقد ذكر الفقيه موسى بن أحمد ذلك في الرسالة التي ردَّ بها عليهم، وبيَّن فيها فساد مذهبهم، فقال في بيت شعر أنشده فيهم:
يُكنُّون عن ربِّ السماء بزينب وليلي ولبنى والخيال الذي يسري
وتختلط الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، ويتنادى الرجال والنساء، ويتصافحون، وإذا حصل فيهم الطرب وقت السماع من الأصوات الشجية، والآلات المطربة: طربوا، وصرخوا، وقاموا، وقفزوا، وداروا في الحلقة؛ فإذا دارت رءوسهم، واختلطت عقولهم من شدة الطرب، وكثرة القفز والدوران: وقعوا على الأرض مغشيّاً عليهم، ويسمُّون ذلك "الوجد"، أي: أنَّ ذلك مِن شدة ما يجدون مِن شدة المحبَّة، والشوق، قالوا: فأمَّا الخوف، والرجاء: فنحن لا نخاف من النَّار، ولا نرجو دخول الجنَّة؛ لأنَّهما ليست عندنا شيئاً؛ فلا نعبده خوفاً مِن النَّار، ولا طمعاً في الجنة!!''
أقول: احفظوا هذه الكلمة التي يقولها هذا الإمام لنجد شواهد عليها فيما بعد، وهي قولهم: "لا نعبده خوفاً مِن النَّار، ولا طمعاً في الجنة".
يقول: ''هذا مخالفٌ للكتاب، والسنَّة، والإجماع، ومجوِّزات العقول، ثمَّ إنَّهم يَحملون الأشياء كلها على الإباحة، فيقولون: كلُّ ما وقع في أيدينا مِن حلالٍ، أو حرامٍ: فهو حلالٌ لنا، ولا يبالون هل أكلوا مِن حلالٍ أو حرامٍ.(/15)
قال الإمام أبو عبد الله محمد بن علي القلعي في كتاب أحكام العصاة : وهذان الصنفان في الكفر، والإضلال أشدُّ وأضرُّ على الإسلام وأهله مِن غيرهما، وجميعهم ممن يساق إلى النَّار مِن غير مسألةٍ ولا محاسبةٍ ولا خُلُوصَ لهم منها أبد الآبدين، يعني: هذه الفرقة التي ذكرتُها مِن الصوفية ، وفرقة مِن الإسماعيلية الباطنية ، وهم قوم منهم يدَّعون أنَّهم قد اطلعوا على أسرار التكليف، وأحاطوا علماً بموجبه، وأنَّه إنَّما شرع ذلك للعامَّة ليرتدعوا عن الأهواء المؤدِّية إلى سفك الدماء، فيُحفظ بذلك نظام الدنيا، وذلك للمصالح العظمى التي لم يطَّلع عليها الأنبياء، ومَن قام مقامهم في السياسة، قالوا: ولهذا اختلفت الشرائع لاختلاف مصالح النَّاس باختلاف الأزمنة بهمَّتنا، وقوَّة رأينا، وفي أحلامنا ما نستغني به عن التزام سياسة غيرنا، والانتظام في سلك المبايعة لغيرنا فلا حظر علينا ولا واجب، فإذا سئلوا لأيِّ شيءٍ تُصلُّون وتصومون، وتأتون بما يأتي به المسلمون مِن الواجبات؟ قالوا: لرياضة الجسد، وعادة البلد، وصيانة المال والولد -أي: مِن القتل- ولأنَّ هذين الصنفين متفقان في أصل الاعتقاد وإن اختلفا في التأويل إلاَّ مَن عصمة الله تعالى منهم أعني: مِن فرق الصوفية ، والتزم أحكام الشريعة، والعمل بها، وحقَّ العلماء والفقهاء - يعني: اعترف لهم بالحق - ولم يَدخل في شيءٍ مِن هذه الخزعبلات والأباطيل التي دخلوا فيها؛ فصحَّ اعتقاده، وصفت سريرته: فإنَّه مُبرَّأ مما هم عليه'' .
وإلى هنا ينتهي كلام الإمام.
ومعنى كلامه باختصار: إنَّ مَن انتسب إلى التصوف اسماً ولم يكن مثلهم على هذه الأشياء فهو لا يأخذ حكمهم، وهذا صحيح، وكما سبق أن قلنا: إن هناك كثير مِن النَّاس مخدوعين بهم.(/16)
فالخلاصة أننا: قد سمعنا كلام الإمام خشيش ، وكلام الإمام الأشعري ، وكلام السكسكي ، وكلام الرازي ، وكلام البيروني ؛ من مصادر -والحمد لله- وهذه المصادر موجودة، وموثقة، ومطبوعة.
وأيضاً: هناك مِن المعاصرين أناسٌ كثيرٌ: كتب عنهم عبد الرحمن بدوي 1 وكتب عنهم طلعت غنَّام ، وكتب عنهم آخرون -لا داعي لاستعراضهم-.
المصدر من محاضرة: الرد على الخرافيين
المحاضر الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
http://www.alhawali.com/index.cfm?f...s&contentID=986
اختارها وجمعها
أبو عمر المنهجي - شبكة الدفاع عن السنة(/17)
الرئيسية
اعرف نبيك
العلماء وطلبة العلم
أفكار دعوية
مكتبة صيد الفوائد
المكتبة الصوتية
الأنشطة الدعوية
زاد الداعية
العروض الدعوية
للنساء فقط
ملتقى الداعيات
رسائل دعوية
الفلاشات - القصص
مقالات - فتاوى
واحة الأدب
منوعات - مختارات
الملل والنحل
الطبيب الداعية
بحوث علمية
تربية الأبناء
جهاد المسلمين
محمد بن عبدالوهاب
صفحات مهمة
مختارات ملتقى العلماء والدعاة تراجم العلماء والدعاة هواتف العلماء والدعاة أرقام مكاتب الدعوة وقفة مع الأحداث تبرئة المناهج دعاوى المناوئين لأبن تيمية الأسهم المالية حتى لا تغرق السفينة لقاءات عبر الشبكة مختارات من منتدىالملل المنهجية في طلب العلم للشباب فقط سلاح المقاطعة كل شيء عن العلمانية الرد على حسن المالكي
صفحات مميزة قصص مؤثرة الفلاش الدعوي الفيديو الدعوي الجوال الدعوي المعارض الدعوية الباوربوينت الدعوية المواقع الإباحية وأثرها وقفة تأمل ومحاسبة يا روادَ منتديات الحوار البيت السعيد الشرح الفقهي المصور
الأنشطة الدعوية زاد الداعية المعلم الداعية المرأة الداعية الطبيب الداعية المراكز الصيفية الدورات العلمية تفعيل العمل الخيري دعوة الجاليات المسابقات الثقافية المخيمات الدعوية الألعاب الحركية والذهنية الرحلات الدعوية حلقات تحفيظ القرآن الدعوة في المنتديات أفكار دعوية ساهم في نشر الإسلام تربية الأبناء
زاد الداعية شحذ الهمّة للدعوة الى الله فن الدعوة ووسائل التأثير أفكار وادارية للدعوة معوقات في طرق الدعوة رسائل ومقالات دعوية قصص من آثار الدعاة رسالة عاجلة للدعاة أفكار دعوية تربية الأبناء الأنشطة الدعوية(/1)
موسميات فضائل بعض الشهور مختارات نهاية العام فضل شهر الله المحرم مختارات رمضانية مختارات الحج استغلال الإجازات الشتاء أحكام وآداب حكم المولد النبوي عيد الحب وقفات مع العيد التحذير من أعياد الكفار
ومضات من كلام الأئمة الأعلام والدعاة الكرام في الصوفية (10)
قال ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص: 446
وباسناد عن عبد الملك بن زياد النصيبي قال كنا عند مالك فذكرت له صوفيين في بلادنا فقلت له يلبسون فواخر ثياب اليمن ويفعلون كذا قال ويحك ومسلمين هم قال فضحك حتى استلقى قال فقال لي بعض جلسائه يا هذا ما رأينا أعظم فتنة على هذا الشيخ منك ما رأيناه ضاحكا قط
وباسناد عن يونس بن عبد الأعلى قال سمعت الشافعي يقول لو أن رجلا تصوف أول النهار لا يأتي الظهر حتى يصير أحمق وعنه أيضا أنه قال ما لزم أحد الصوفية أربعين يوما فعاد عقله اليه أبدا
وأنشد الشافعي
ودعوا الذين إذا أتوك تنسكوا *** وإذا خلوا كانوا ذئاب حقاف
وبإسناد عن حاتم قال حدثنا أحمد بن أبي الحواري
قال قال أبو سليمان ما رأيت صوفيا فيه خير إلا واحدا عبد الله بن مرزوق قال وأنا أرق لهم
وبإسناد عن يونس بن عبد الأعلى يقول ما رأيت صوفيا عاقلا إلا إدريس الخولاني قال السلمي هو مصري من قدماء مشايخهم قبل ذي النون
وبإسناد عن يونس بن عبد الأعلى يقول صحبت الصوفية ثلاثين سنة ما رأيت فيهم عاقلا إلا مسلم الخواص وبإسناد عن احمد بن أبي الحواري يقول حدثنا وكيع قال سمعت سفيان يقول سمعت عاصما يقول ما زلنا نعرف الصوفية بالحماق إلا أنهم يستترون بالحديث
وبإسناد عن سفيان عن عاصم يقول قال لي وكيع لم تركت حديث هشام قلت صحبت قوما من الصوفية وكنت بهم معجبا فقالوا ان لم تمح حديث هشام قاطعناك فأطعتم قال إن فيهم حمقا
وبإسناد عن يحيى بن يحيى قال الخوارج أحب إلي من الصوفية(/2)
عن يحيى بن معاذ يقول اجتنب صحبة ثلاثة أصناف من الناس العلماء الغافلين والفقراء المداهنين والمتصوفة الجاهلين
وقد ذكرنا في أول ردنا على الصوفية من هذا الكتاب ان الفقهاء بمصر أنركوا على ذي النون ما كان يتكلم به وببسطام عن أبي يزيد وأخرجوه وأخرجوا أبا سليمان الداراني وهرب من أيديهم احمد بن أبي الحواري وسهل التستري وذلك لأن السلف كانوا ينفرون من أدنى بدعة ويهجرون عليها تمسكا بالسنة
ولقد حدثني أبو الفتح بن السامري قال جلس الفقهاء في بعض الأربطة للعزاء بفقيه مات فأقبل الشيخ أبو الخطاب الكلوذاني الفقيه متوكئا على يدي حتى وقف بباب الرباط وقال يعز علي لو رآني بعض أصحابنا ومشايخنا القدماء وأنا أدخل هذا الرباط قلت على هذا كان أشياخنا فأما في زماننا هذا فقد أصطلح الذئب والغنم
قال ابن عقيل نقلته من خطه وأنا أذم الصوفية لوجوه يوجب الشرع ذم فعلها منها :
أنهم اتخذوا مناخ البطالة وهي الأربطة فانقطعوا إليها عن الجماعات في المساجد فلا هي مساجد ولا بيوت ولا خانات وصمدوا فيها للبطالة عن أعمال المعاش وبدنوا أنفسهم بدن البهائم للأكل والشرب والرقص والغناء وعولوا على الترقيع المعتمد به التحسين تلميعا والمشاوذ بألوان مخصوصة أوقع في نفوس العوام والنسوة من تلميع السقلاطون بألوان الحرير(/3)
واستمالوا النسوة والمردان بتصنع الصور واللباس فما دخلوا بيتا فيه نسوة فخرجوا إلا عن فساد قلوب النسوة على أزواجهن ثم يقبلون الطعام والنفقات من الظلمة والفجار وغاصبي الأموال كالعداد والأجناد وأرباب المكوس ويستصحبون المردان في السماعات يجلبونهم في الجموع مع ضوء الشموع ويخالطون النسوة الأجانب ينصبون لذلك حجة إلباسهن الخرقة ويستحلون بل يوجبون أقتسام ثياب من طرب فسقط ثوبه ويسمون الطرب وجدا والدعوة وقتا واقتسام ثياب الناس حكما ولا يخرجون عن بيت دعوا إليه إلا عن إلزام دعوة أخرى يقولون أنها وجبت واعتقاد ذلك كفر وفعله فسوق ويعتقدون أن لغناء بالقضبان قربة وقد سمعنا عنهم أن الدعاء عند حدو الحادي وعند حضور المخذة مجاب اعتقادا منهم أنه قربة وهذا كفر أيضا لأن من اعتقد المكروه والحرام قربة كان بهذا الإعتقاد كافرا والناس بين تحريمه وكراهيته ويسلمون أنفسهم إلى شيوخهم فان عولوا إلى مرتبة شيخه قيل الشيخ لا يعترض عليه فحد من حل رسن ذلك الشيخ وانحطاطه في سلك الأقوال المتضمنة للكفر والضلال المسمى شطحا وفي الأفعال المعلومة كونها في الشريعة فسقا فان قبل أمردا قيل رحمة وإن خلا بأجنبية قيل بنته وقد لبست الخرقة وإن قسم ثوبا على غير أربابه من غير رضا مالكه قيل حكم الخرقة وليس لنا شيخ نسلم إليه حاله إذ ليس لنا شيخ غير داخل في التكليف وأن المجانين والصبيان يضرب على أيديهم وكذلك البهائم والضرب بدل من الخطاب ولو كان لنا شيخ يسلم إليه حاله لكان ذلك الشيخ أبا بكر الصديق رضي الله عنه وقد قال إن اعوججت فقوموني ولم يقل فسلموا إلي ثم أنظر إلى الرسول صلوات الله عليه كيف اعترضوا عليه فهذا عمر يقول ما بالنا نقصر وقد أمنا وآخر يقول تنهانا عن الوصال وتواصل وآخر يقول أمرتنا بالفسخ ولم تفسخ ثم إن والله تعالى تقول له الملائكة أتجعل فيها ويقول موسى أتهلكنا بما فعل السفهاء منا وإنما هذه الكلمة جعلها الصوفية ترفيها لقلوب(/4)
المتقدمين وسلطنة سلكوها على الأتباع والمريدين كما قال تعالى فاستخف قومه فأطاعوه ولعل هذه الكلمة من القائلين منهم بأن العبد إذا عرف لم يضره ما فعل وهذه نهاية الزندقة لأن الفقهاء أجمعوا على أنه لا حالة ينتهي إليها العارف إلا ويضيق عليه التكليف كأحوال الأنبياء يضايقون في الصغائر فالله الله في الإصغاء إلى هؤلاء الفرغ الخالين من الإثبات وإنما هم زنادقة جمعوا بين مدارع العمال مرقعات وصوف وبين أعمال الخلعاء الملحدة أكل وشرب ورقص وسماع وإهمال لأحكام الشرع ولم تتجاسر الزنادقة أن ترفض الشريعة حتى جاءت المتصوفة فجاؤا بوضع أهل الخلاعة فأول ما وضعوا أسماء وقالوا حقيقة وشريعة وهذا قبيح لأن الشريعة ما وضعه الحق لمصالح الخلق فما الحقيقة بعدها سوى ما وقع في النفوس من إلقاء الشياطين وكل من رام الحقيقة في غير الشريعة فمغرور مخدوع وإن سمعوا أحدا يروي حديثا قالوا مساكين أخذوا علمهم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت فمن قال حدثني أبي عن جدي قلت حدثني قلبي عن ربي فهلكوا وأهلكوا بهذه الخرافات قلوب الأغماز وأنفقت عليهم لأجلها الأموال لأن الفقهاء كالأطباء في ثمن الدواء صعبة والنفقة على هؤلاء كالنفقة على المغنيات وبغضهم الفقراء أكبر الزندقة لأن الفقهاء يخطرونهم بفتاويهم عن ضلالهم وفسقهم والحق يثقل كما تثقل الزكاة وما أخف البذل على المغنيات وإعطاء الشعراء على المدائح وكذلك بغضهم لأصحاب الحديث وقد أبدلوا إزالة العقل بالخمر بشيء سموه الحشيش والمعجون والغناء المحرم سموه السماع والوجد والتعرض بالوجد المزيل للعقل حرام كفى الله الشريعة شر هذه الطائفة الجامعة بين دهمثة في اللبس وطيبة في العيش وخداع بألفاظ معسولة ليس تحتها سوى إهمال التكليف وهجران الشرع ولذلك خفوا على القلوب ولا دلالة على أنهم أرباب باطل أوضح من محبة طباع الدنيا لهم كمحبتهم أرباب اللهو والمغنيات قال ابن عقيل فان قال قائل هم أهل(/5)
نظافة ومحاريب وحسن سمت وأخلاق قال فقلت لهم لو لم يضعوا طريقة يجتذبون بها قلوب أمثالكم لم يدم لهم عيش والذي وصفتهم به رهبانية النصرانية ولو رأيت نظافة أهل التطفيل على المواتد ومخانيث بغداد ودماثة المغنيات لعلمت أن طريقهم طريقة الفكاهة والخداع وهل يخدع الناس إلا بطريقة أو لسان فاذا لم يكن للقوم قدم في العلم ولا طريقة فبم ذا يجتذبون به قلوب أرباب الأموال واعلم أن حمل التكليف صعب ولا أسهل على أهل الخلاعة من مفارقة الجماعة ولا أصعب عليهم من حجر ومنع صدر من أوامر الشرع ونواهيه وما على الشريعة أضر من المتكلمين والمتصوفين فهؤلاء يفسدون عقائد الناس بتوهيمات شبهات العقول وهؤلاء يفسدون الأعمال ويهدمون قوانين الأديان يحبون البطالات وسماع الأصوات وما كان السلف كذلك بل كانوا في باب العقائد عبيد تسليم وفي الباب الآخر أرباب جد قال ونصيحتي إلى إخواني أن لا يقرع أفكار قلوبهم كلام المتكلمين ولا تصغي مسامعهم إلى خرافات المتصوفين بل الشغل بالمعاش أولى من بطالة الصوفية والوقوف على الظواهر أحسن من توغل المنتحلة وقد خبرت طريقة الفريقين فغاية هؤلاء الشك وغاية هؤلاء الشطح قال ابن عقيل والمتكلمون عندي خير من الصوفية لأن المتكلمين قد يزيلون الشك والصوفية يوهمون التشبيه فأكثر كلامهم يشير إلى إسقاط السفارة والنبوات فاذا قالوا عن أصحاب الحديث قالوا أخذوا علمهم ميتا عن ميت فقد طعنوا في النبوات وعولوا على الواقع ومتى أزرى على طريق سقط الأخذ به ومن قال حدثني قلبي عن ربي فقد صرح انه غني عن الرسول ومن صرح بذلك فقد كفر فهذه كلمة مدسوسة في الشريعة تحتها هذه الزندقة ومن رأيناه يزري على النقل علمنا أنه قد عطل أمر الشرع وما يؤمن هذا القائل حدثني قلبي عن ربي أن يكون ذلك من إلقاء الشياطين فقد قال الله عز وجل وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم وهذا هو الظاهر لأنه ترك الدليل المعصوم وعول على ما يلقي في قلبه الذي لم(/6)
يثبت حراسته من الوساوس وهؤلاء يسمون ما يقربهم خاطرا قال والخوارج على الشريعة كثير إلا أن الله عز وجل يؤيدها بالنقلة الحفاظ الذابين عن الشريعة حفظها لأصلها وبالفقهاء لمعانيها وهم سلاطين العلماء لا يتركون لكذاب رأسا ترتفع 0000
---------------------------------
فالأئمة السابقون من الأئمة الأربعة وغيرهم كانوا يذمون الصوفية وينكرون عليهم بدعهم
كتبه
الشيخ عبدالرحمن بن عمر الفقيه الغامدي
مكة
aralfaqeeh@hotmail.com
اختارها وجمعها
أبو عمر المنهجي - شبكة الدفاع عن السنة
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/7)
الرئيسية
اعرف نبيك
العلماء وطلبة العلم
أفكار دعوية
مكتبة صيد الفوائد
المكتبة الصوتية
الأنشطة الدعوية
زاد الداعية
العروض الدعوية
للنساء فقط
ملتقى الداعيات
رسائل دعوية
الفلاشات - القصص
مقالات - فتاوى
واحة الأدب
منوعات - مختارات
الملل والنحل
الطبيب الداعية
بحوث علمية
تربية الأبناء
جهاد المسلمين
محمد بن عبدالوهاب
صفحات مهمة
مختارات ملتقى العلماء والدعاة تراجم العلماء والدعاة هواتف العلماء والدعاة أرقام مكاتب الدعوة وقفة مع الأحداث تبرئة المناهج دعاوى المناوئين لأبن تيمية الأسهم المالية حتى لا تغرق السفينة لقاءات عبر الشبكة مختارات من منتدىالملل المنهجية في طلب العلم للشباب فقط سلاح المقاطعة كل شيء عن العلمانية الرد على حسن المالكي
صفحات مميزة قصص مؤثرة الفلاش الدعوي الفيديو الدعوي الجوال الدعوي المعارض الدعوية الباوربوينت الدعوية المواقع الإباحية وأثرها وقفة تأمل ومحاسبة يا روادَ منتديات الحوار البيت السعيد الشرح الفقهي المصور
الأنشطة الدعوية زاد الداعية المعلم الداعية المرأة الداعية الطبيب الداعية المراكز الصيفية الدورات العلمية تفعيل العمل الخيري دعوة الجاليات المسابقات الثقافية المخيمات الدعوية الألعاب الحركية والذهنية الرحلات الدعوية حلقات تحفيظ القرآن الدعوة في المنتديات أفكار دعوية ساهم في نشر الإسلام تربية الأبناء
زاد الداعية شحذ الهمّة للدعوة الى الله فن الدعوة ووسائل التأثير أفكار وادارية للدعوة معوقات في طرق الدعوة رسائل ومقالات دعوية قصص من آثار الدعاة رسالة عاجلة للدعاة أفكار دعوية تربية الأبناء الأنشطة الدعوية(/1)
موسميات فضائل بعض الشهور مختارات نهاية العام فضل شهر الله المحرم مختارات رمضانية مختارات الحج استغلال الإجازات الشتاء أحكام وآداب حكم المولد النبوي عيد الحب وقفات مع العيد التحذير من أعياد الكفار
ومضات من كلام الأئمة الأعلام والدعاة الكرام في الصوفية (11)
موقف الإمام أحمد من المتصوفة والصوفية
الوقفة الأولى: موقفه من حارث المحاسبي أحد رؤوس الصوفية:
وقال علي بن أبي خالد: قلت لأحمد بن حنبل –رحمه الله- : إن هذا الشيخ –لشيخ حضر معنا- هو جاري ، وقد نهيته عن رجل ، ويحب أن يسمع قولك فيه: حارث القصير –يعني حارثاً المحاسبي- وكنت رأيتني معه منذ سنين كثيرة ، فقلت لي: لا تجالسه ، فما تقول فيه؟:
فرأيت أحمد قد احمرّ لونه ، وانتفخت أوداجه وعيناه ، وما رأيته هكذا قط ، ثم جعل ينتفض ، ويقول: " ذاك؟ فعل الله به وفعل ، ليس يعرف ذاك إلا من خَبَره وعرفه ، أوّيه ، أوّيه ، أوّيه ،ذاك لا يعرفه إلا من قد خبره وعرفه ، ذاك جالسه المغازلي ويعقوب وفلان ، فأخرجهم إلى رأي جهم ، هلكوا بسببه .
فقال له: يا أبا عبدالله يروي الحديث ، ساكنٌ خاشعٌ ، من قصته ومن قصته؟
فغضب أبو عبدالله ، وجعل يقول: لا يغرّك خشوعه ولِينه ، ويقول: لا تغتر بتنكيس رأسه ، فإنه رجل سوء ذاك لا يعرفه إلا من خبره ، لا تكلمه ، ولا كرامة له ، كل من حدّث بأجاديثِ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وكان مبتدعاً تجلس إليه؟! لا ، ولا كرامة ولا نُعْمَى عين ، وجعل يقول:ذاك ، ذاك "
طبقات الحنابلة (1/234)
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله فقد عرفت حقيقة هؤلاء القوم ، نعم لا يغرنك الزخارف والصور الظاهرة وعليك بالحقائق الثابتة؟!
وتأمل قول علي بن أبي خالد –رحمه الله تعالى- " وكنت رأيتني معه منذ سنين كثيرة" وهذا يؤكد أن هذا الإمام ما تلكأ من التحذير من هذا الصوفي وغيره .(/2)
وتأمل قول علي " وما رأيته هكذا قط" وهذا يبين أن الإمام قد اشتد في نكيره بعد هذه السنوات لما بان له من انغماس المحاسبي بالبدع!!وإضلاله لعدد ممن اغتر به!
الوقفة الثانية: أمره بالتحذير بشدة من حارث المحاسبي:
نقل شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في كتابه [الاستقامة] من كتاب [ السنة ] للخلال الآتي:
" قال الخلال: فأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال: جاءني كتاب من الثغر في أمر رجل تكلَّم بكلام ، وعرضته على أبي عبدالله فيه: لما خلق الله الحروف سجدت إلا الألف ، فغضب أبو عبدالله غضباً شديداً حتى قال: هذا كلام الزنادقة ، وَيْلَهُ هذا جهمي.
وكان في الكتاب الذي كتب به أن هذا الرجل قال: لو أن غلاماً من غلمان حارث –يعني المحاسبي- لخبَّر أهل طرطوس.
فقال أبو عبدالله: أشد ما ها هنا قوله: لو أن غلاماً من غلمان حارث لخبَّر أهل طرطوس ، ما البلية إلا حارث ، حذِّروا عنه أشد التحذير"
( ص 205-206)
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله ، صدقت فما البلية إلا حارث وأمثال حارث من الصوفية أهل الخطرات والوساوس والكلام!!
وما ضل من ضلَّ إلا من حارث وأمثاله فحذروا منهم أشد التحذير.
الوقفة الثالثة: موقفه ممن أضله المحاسبي المغازلي أحد الصوفية:
قال أبو داود في مسائله للإمام أحمد: " ورأيت أحمد سلّم عليه رجل من أهل بغداد –قال أبو داود: بلغني أنّه أبو بكر المغازلي- ممن وقف فيما بلغني ، فقال له: أُغرب لا أرينّك تجيء إلى بابي –في كلام غليظ- ولم يرد عليه السلام ، وقال له: ما أحوجك أن يصنع بك ما صنع عمر بصَبيغ – أفهمني(عمر بصبيغ) بعض أصحابنا- فدخل بيته وردّ الباب"
( ص 355) برقم: 1707
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله ، قوة في الحق ، وقوة في أخذه {يا يحيى خذ الكتب بقوة} ومن حاد عن الكتاب والسنة بزخارف الأقوال وباطل الاستدلال فليس له إلا الهجر!(/3)
وتأمل كيف وصل الحال بالرجل بسبب إضلال المحاسبي المتخشع المتنسك والأصل هو الاعتقاد وإتباع السنة!!
وهذا الموقف يبين خطورة التمييع مع أهل البدع ، فكيف الحال بصوفية اليوم الذي سقط عدد كبير منها بالشرك -والعياذ بالله-
الوقفة الرابعة: موقفه من كشف الصوفية:
يقول ابن رجب الحنبلي: " ذكر طائفة من أصحابنا أنَّ الكشف ليس بطريق للأحكام ، وأخذه القاضي أبو يعلى من كلام أحمد في ذمِّ المتكلِّمين في الوساوس والخطرات "
جامع العلوم والحكم (ص 482)
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله ، لقد سددت الباب في وجه القوم.
لا كشوف ولا إلهامات!! عندنا ما إن تمسكنا به لن نضل كتاب ربنا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام!! أما عالم الصوفية التي يؤزهم الشيطان أزاً فلا والله!
الوقفة الخامسة: موقفهم الخطرات والوساوس:
يقول ابن رجب الحنبلي –رحمه الله تعالى- : " ذكر طائفة من أصحابنا أنَّ الكشف ليس بطريق للأحكام ، وأخذه القاضي أبو يعلى من كلام أحمد في ذمِّ المتكلِّمين في الوساوس والخطرات .... وإنما ذمَّ أحمدُ وغيره المتكلمين على الوساوس والخطرات من الصوفية حيث كان كلامُهم حيث كان كلامُهم في ذلك لا يستند إلى دليل شرعيٍّ ؛ بل إلى مجرد رأي وذوقٍ "
جامع العلوم والحكم (ص 482)
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله ، لقد أحكمت الباب في وجه أي دخيل يُريد إفساد الدين ، وهل رأينا ضلال الصوفية إلا من هذه الأبواب؟!!
الوقفة السادسة: رفع الصوت بالذكر والدعاء:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- :(/4)
" أن رفع الأصوات في الذكر المشروع لا يجوز إلا حيث جاءت به السنة ، كالأذان والتلبية ونحو ذلك. كما ثبت في الصحيح عن أبي موسى أنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا إذا علونا كبَّرنا فارتفعت أصواتنا ، فقال: (( يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً ، إنما تدعون سميعاً قريباً ، إن الذي تدعون أقرب من عنق راحلته))
وقد قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وخُفْيَةً إنَّهُ لا يُحِبُ المُعْتَدين } وقال عن زكريا: { إذ نادى ربه نداء خفياً } وقال تعالى: { واذكر ربَّكَ في نفسك تضرعاً وخفية ودون الجهر من القولِ بالغدوِّ والآصال ولا تكن من الغافلين }.
وفي هذا من الآثار عن سلف الأمة وأئمتها ما ليس هذا موضعه. كما قال الحسن البصري: رفع الصوت بدعة. وكذلك نصَّ عليه أحمد بن حنبل وغيره. "
الاستقامة لابن تيمية (1/322-323)
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله ، ما نصصت عليه هو السنة ، فأين هذا من حال الصوفية من صراخ وأذكار جماعية؟!!
لا يجوز تسويغ البدع بأي حجة كانت.
الوقفة السابعة: موقفه من الزهاد المبتدعة (الصوفية) :
قال الإمام أحمد –رحمه الله تعالى-:
" قبور أهل السنة من أهل الكبائر روضة ، وقبور أهل البدعة من الزهاد حفرة ، فسّاق أهل السنة أولياء الله ، وزهاد أهل البدع أعداء الله"
طبقات الحنابلة (1/184)
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله ، صدقت فولاية فساق أهل السنة لله ، أما المبتدع فقد بارز الله بالعداء ببدعته!! ومن ذلك الصوفية حين يخترعون عبادات وتنسكات ما أمر الله بها ؛ بل ربما حذر الشارع منها ، وهم بهذا قد أصبحوا أعداء الله!!
الوقفة الثامنة: موقفه من أهل القصص والحكايات:
قال الإمام أحمد –رحمه الله تعالى- : " أكذب الناس القصاص والسؤَّال قيل له: أكنت تحضر مجالسهم؟ قال: لا"
البدع والحوادث للطرطوشي ص(109-112)(/5)
قلتُ:
صدقت ، فما أكذب أصحاب الأقاصيص والحكايات كالصوفية ، فإنهم يتعبدون الله بهذه القصص ؛ بل وتكون أدلتهم وحججهم؟!! فكم سمعنا قال أعرابي وفعل رجل وقام فلان بشخصيات مبمهمة وأسانيد مبتورة وحكايا مخالفة لأمر شارعنا.
الوقفة التاسعة: موقفه من السماع:
قال الخلال: أخبرنا إسماعيل بن إسحاق الثقفي أن أبا عبدالله سئل عن سماع القصائد. فقال: أكرهه.
وقال أيضاً أخبرني محمد بن موسى ، قال: سمعت عبدان الحذاء ، قال سمعت عبدالرحمن المتطبب ، قال سألت أحمد بن حنبل ، قلت: ما تقول في أهل القصائد؟ قال: بدعة لا يجالسون "
المسائل والرسائل (2/276)
وسئل عنه أحمد؟ فقال: "بدعة" ، وفي رواية: "فكرهه ونهى عن استماعه" وقال: "إذا رأيت إنساناً منهم في طريق فخذ في طريق أُخرى"
رواه الخلال أيضاً من طريق عنه والزيادة من مسألة السماع ص(124) نقلاً عن تحريم الآلات الطرب للألباني.
قلتُ:
صدق –رحمه الله- فأهل السماع مبتدعة لا يجالسون!!
وسماعه مكروه ، والكراهة عند السلف يعني التحريم!!
والسماع هو إنشاد القصائد والتغني بها ، وقد يصحب ذلك ضرب لنطع أو عود أو ناي أو غير ذلك.
الوقفة العاشرة: موقفه من كبار الزهاد في عصر التابعين:
يقول شيخ الإسلام أحمد بن تيمية-رحمه الله- :
" المقصود هنا أن المشايخ المعروفين الذين جمع الشيخ أبو عبدالرحمن أسماءهم في كتاب "طبقات الصوفية" وجمع أخبارهم وأقوالهم ، دع من قبلهم مِنْ أئمة الزهّاد من الصحابة والتابعين الذين جمع أبو عبدالرحمن وغيره كلامهم في كتب معروفة ، وهم الذين يتضمن أخبارهم كتاب "الزهد" للإمام أحمد وغيره ، لم يكونوا على مذهب الكلابية الأشعرية ، إذ لو كانت كذلك لما كان أبو عبدالرحمن يلعن الكلابية. "
الاستقامة لابن تيمية (1/106-107)
وقال شيخ الإسلام:(/6)
" ولهذا يميزون في أهل الخير والزهد والعبادة بين ثابت البناني والفضيل بن عياض ونحوهما ، وبين مالك بن دينار وفرقد السبخي وحبيب العجمي وطبقتهم ، وكل هؤلاء أهل خيرٍ وفضلٍ ودينٍ ، والطبقة الأولى يدخل حديثها في الصحيح"
الاستقامة لابن تيمية (1/202)
قلتُ:
وهذا الحق ليس به خفاء ** فدعنا من بنيات الطريق
الزهاد الأوائل كانوا على السنة ، ولم يتسموا إلا بالسنة ، أما من أتى بعدهم فإنهم حادوا عن السنة ، وتسموا بالصوفية ، وغلبت عليهم العقيدة الكلابية الأشعرية!!
وهذا الفرق بين الجنيد وأمثاله من زهاد السلف ، وبين ابن عربي والحلاج والشاذلي من زنادقة الخلف!!
والإمام أحمد حذر من بعض الزهاد المتصوفة كحارث بينما لم نجد هذا التحذير البتة من زهاد ساروا على السنة!!
كما أن عين الإنصاف تقتضي التفريق بينهم فهل يوضع مالك بن دينار في صف الفضيل؟!! لا فالطبقة الأولى كانوا من أهل الحديث ، والطبقة الثانية بدأ يدب فيهم الضعف ودخول بعض الأخطاء على منهجهم الزهدي!!
فإن الزهاد والعباد انقطعوا لأنواع من العبادات ، وترك أصل ما يؤخذ منه العبادة العلم!! لذا فإن طلبوه .. طلبوه للبركة!! ولذا تجد أكثر من يتهم بالكذب هم العباد ، نظراً لعدم اهتمامهم بالعلم وطلبه وحفظه وضبطه ، فتجد يحيى بن سعيد يقول: " ما رأينا الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث" ويقول أيوب السختياني: "إن من جيراني لمن أرجو بركة دعائهم في السحر ، ولو شهد عندي على جزرة بقل لما قبلت شهادته" وهذا واضح.
الوقفة الحادية عشر: موقفه من زاهد كان يثني عليه فوجد له كلاماً قبيحاً في وعظه:
قال شيخ الإسلام:
" أن الإمام أحمد ذكر له عن السرى السقطى أنه ذُكر عن بكر بن حبيش العابد أنه قال: لما خلق الله الحروف سجدت له ، إلا الألف ، فقالت: لا أسجد حتى أُومر. فقال أحمد: هذا كفر"
الاستقامة لابن تيمية (1/201)(/7)
" ثم إن هذه الحكاية المعروفة عن السرى لما بلغت الإمام أحمد أنكرها غاية الإنكار ، حتى توقَّف عن مدح السرى ، مع ما كان يذكر من فضله وورعه ، ونهى عن أن يذكر عنه مدحه حتى يظهر خطأه في ذلك"
الاستقامة (1/205)
قلتُ:
هذا هو أحمد ، من ورعه أنه تورع عن الثناء عن هذا الزاهد لما بدر منه ، وكم في الصوفية من يقوم فيتكلم بأمور منكرة بدعوى الوعظ والتأثير؟!! وإذ به يصل لمقولات لو اعتقدها أخرجته من الملة؟!!
وتأمل أن الورع والزهد شيء طيب ؛ إذا ضبط بعلم وعلى السنة ، فالورع لباس وحكم اللباس على أصله لا على مظهره؟!! وهذا لا يفقه إلا السني!!
الوقفة الثانية عشر: موقفه من الشاذ من العلم:
" قال أبو بكر الطَّالقانيّ صاحب ابن المبارك [لأبي عبدالله]: قد روى ابن المبارك عن عمر بن عليّ. فقال: هكذا؟ فقال: نعم. فقال ماذا روى عنه؟ فقال: قال أبنا عمر بن عليّ ، عن سفيان بن حسين ، عن إياس بن معاوية: إياك والشاذ من العلم.
قال أبو عبدالله: ما كان أحسن عقله –يعني عمر بن علي- "
من سؤالات أبي بكر الأثرم ص(47)
قلتُ:
صدق رحمه الله ، ما أحسن عقله ، فإننا نرى من يتتبع شواذ العلم ؛ بل ورأينا أقواماً يخترعون أموراً ما كانت على عهد رسول الله علم الحقيقة وغيرها .. فإياك والشاذ من العلم ، وعليك بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ففيها والله الكفاية ، فهي أسلم وأعلم وأحكم.
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/8)
الرئيسية
اعرف نبيك
العلماء وطلبة العلم
أفكار دعوية
مكتبة صيد الفوائد
المكتبة الصوتية
الأنشطة الدعوية
زاد الداعية
العروض الدعوية
للنساء فقط
ملتقى الداعيات
رسائل دعوية
الفلاشات - القصص
مقالات - فتاوى
واحة الأدب
منوعات - مختارات
الملل والنحل
الطبيب الداعية
بحوث علمية
تربية الأبناء
جهاد المسلمين
محمد بن عبدالوهاب
صفحات مهمة
مختارات ملتقى العلماء والدعاة تراجم العلماء والدعاة هواتف العلماء والدعاة أرقام مكاتب الدعوة وقفة مع الأحداث تبرئة المناهج دعاوى المناوئين لأبن تيمية الأسهم المالية حتى لا تغرق السفينة لقاءات عبر الشبكة مختارات من منتدىالملل المنهجية في طلب العلم للشباب فقط سلاح المقاطعة كل شيء عن العلمانية الرد على حسن المالكي
صفحات مميزة قصص مؤثرة الفلاش الدعوي الفيديو الدعوي الجوال الدعوي المعارض الدعوية الباوربوينت الدعوية المواقع الإباحية وأثرها وقفة تأمل ومحاسبة يا روادَ منتديات الحوار البيت السعيد الشرح الفقهي المصور
الأنشطة الدعوية زاد الداعية المعلم الداعية المرأة الداعية الطبيب الداعية المراكز الصيفية الدورات العلمية تفعيل العمل الخيري دعوة الجاليات المسابقات الثقافية المخيمات الدعوية الألعاب الحركية والذهنية الرحلات الدعوية حلقات تحفيظ القرآن الدعوة في المنتديات أفكار دعوية ساهم في نشر الإسلام تربية الأبناء
زاد الداعية شحذ الهمّة للدعوة الى الله فن الدعوة ووسائل التأثير أفكار وادارية للدعوة معوقات في طرق الدعوة رسائل ومقالات دعوية قصص من آثار الدعاة رسالة عاجلة للدعاة أفكار دعوية تربية الأبناء الأنشطة الدعوية(/1)
موسميات فضائل بعض الشهور مختارات نهاية العام فضل شهر الله المحرم مختارات رمضانية مختارات الحج استغلال الإجازات الشتاء أحكام وآداب حكم المولد النبوي عيد الحب وقفات مع العيد التحذير من أعياد الكفار
ومضات من كلام الأئمة الأعلام والدعاة الكرام في الصوفية (11)
موقف الإمام أحمد من المتصوفة والصوفية
الوقفة الأولى: موقفه من حارث المحاسبي أحد رؤوس الصوفية:
وقال علي بن أبي خالد: قلت لأحمد بن حنبل –رحمه الله- : إن هذا الشيخ –لشيخ حضر معنا- هو جاري ، وقد نهيته عن رجل ، ويحب أن يسمع قولك فيه: حارث القصير –يعني حارثاً المحاسبي- وكنت رأيتني معه منذ سنين كثيرة ، فقلت لي: لا تجالسه ، فما تقول فيه؟:
فرأيت أحمد قد احمرّ لونه ، وانتفخت أوداجه وعيناه ، وما رأيته هكذا قط ، ثم جعل ينتفض ، ويقول: " ذاك؟ فعل الله به وفعل ، ليس يعرف ذاك إلا من خَبَره وعرفه ، أوّيه ، أوّيه ، أوّيه ،ذاك لا يعرفه إلا من قد خبره وعرفه ، ذاك جالسه المغازلي ويعقوب وفلان ، فأخرجهم إلى رأي جهم ، هلكوا بسببه .
فقال له: يا أبا عبدالله يروي الحديث ، ساكنٌ خاشعٌ ، من قصته ومن قصته؟
فغضب أبو عبدالله ، وجعل يقول: لا يغرّك خشوعه ولِينه ، ويقول: لا تغتر بتنكيس رأسه ، فإنه رجل سوء ذاك لا يعرفه إلا من خبره ، لا تكلمه ، ولا كرامة له ، كل من حدّث بأجاديثِ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وكان مبتدعاً تجلس إليه؟! لا ، ولا كرامة ولا نُعْمَى عين ، وجعل يقول:ذاك ، ذاك "
طبقات الحنابلة (1/234)
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله فقد عرفت حقيقة هؤلاء القوم ، نعم لا يغرنك الزخارف والصور الظاهرة وعليك بالحقائق الثابتة؟!
وتأمل قول علي بن أبي خالد –رحمه الله تعالى- " وكنت رأيتني معه منذ سنين كثيرة" وهذا يؤكد أن هذا الإمام ما تلكأ من التحذير من هذا الصوفي وغيره .(/2)
وتأمل قول علي " وما رأيته هكذا قط" وهذا يبين أن الإمام قد اشتد في نكيره بعد هذه السنوات لما بان له من انغماس المحاسبي بالبدع!!وإضلاله لعدد ممن اغتر به!
الوقفة الثانية: أمره بالتحذير بشدة من حارث المحاسبي:
نقل شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في كتابه [الاستقامة] من كتاب [ السنة ] للخلال الآتي:
" قال الخلال: فأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال: جاءني كتاب من الثغر في أمر رجل تكلَّم بكلام ، وعرضته على أبي عبدالله فيه: لما خلق الله الحروف سجدت إلا الألف ، فغضب أبو عبدالله غضباً شديداً حتى قال: هذا كلام الزنادقة ، وَيْلَهُ هذا جهمي.
وكان في الكتاب الذي كتب به أن هذا الرجل قال: لو أن غلاماً من غلمان حارث –يعني المحاسبي- لخبَّر أهل طرطوس.
فقال أبو عبدالله: أشد ما ها هنا قوله: لو أن غلاماً من غلمان حارث لخبَّر أهل طرطوس ، ما البلية إلا حارث ، حذِّروا عنه أشد التحذير"
( ص 205-206)
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله ، صدقت فما البلية إلا حارث وأمثال حارث من الصوفية أهل الخطرات والوساوس والكلام!!
وما ضل من ضلَّ إلا من حارث وأمثاله فحذروا منهم أشد التحذير.
الوقفة الثالثة: موقفه ممن أضله المحاسبي المغازلي أحد الصوفية:
قال أبو داود في مسائله للإمام أحمد: " ورأيت أحمد سلّم عليه رجل من أهل بغداد –قال أبو داود: بلغني أنّه أبو بكر المغازلي- ممن وقف فيما بلغني ، فقال له: أُغرب لا أرينّك تجيء إلى بابي –في كلام غليظ- ولم يرد عليه السلام ، وقال له: ما أحوجك أن يصنع بك ما صنع عمر بصَبيغ – أفهمني(عمر بصبيغ) بعض أصحابنا- فدخل بيته وردّ الباب"
( ص 355) برقم: 1707
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله ، قوة في الحق ، وقوة في أخذه {يا يحيى خذ الكتب بقوة} ومن حاد عن الكتاب والسنة بزخارف الأقوال وباطل الاستدلال فليس له إلا الهجر!(/3)
وتأمل كيف وصل الحال بالرجل بسبب إضلال المحاسبي المتخشع المتنسك والأصل هو الاعتقاد وإتباع السنة!!
وهذا الموقف يبين خطورة التمييع مع أهل البدع ، فكيف الحال بصوفية اليوم الذي سقط عدد كبير منها بالشرك -والعياذ بالله-
الوقفة الرابعة: موقفه من كشف الصوفية:
يقول ابن رجب الحنبلي: " ذكر طائفة من أصحابنا أنَّ الكشف ليس بطريق للأحكام ، وأخذه القاضي أبو يعلى من كلام أحمد في ذمِّ المتكلِّمين في الوساوس والخطرات "
جامع العلوم والحكم (ص 482)
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله ، لقد سددت الباب في وجه القوم.
لا كشوف ولا إلهامات!! عندنا ما إن تمسكنا به لن نضل كتاب ربنا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام!! أما عالم الصوفية التي يؤزهم الشيطان أزاً فلا والله!
الوقفة الخامسة: موقفهم الخطرات والوساوس:
يقول ابن رجب الحنبلي –رحمه الله تعالى- : " ذكر طائفة من أصحابنا أنَّ الكشف ليس بطريق للأحكام ، وأخذه القاضي أبو يعلى من كلام أحمد في ذمِّ المتكلِّمين في الوساوس والخطرات .... وإنما ذمَّ أحمدُ وغيره المتكلمين على الوساوس والخطرات من الصوفية حيث كان كلامُهم حيث كان كلامُهم في ذلك لا يستند إلى دليل شرعيٍّ ؛ بل إلى مجرد رأي وذوقٍ "
جامع العلوم والحكم (ص 482)
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله ، لقد أحكمت الباب في وجه أي دخيل يُريد إفساد الدين ، وهل رأينا ضلال الصوفية إلا من هذه الأبواب؟!!
الوقفة السادسة: رفع الصوت بالذكر والدعاء:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- :(/4)
" أن رفع الأصوات في الذكر المشروع لا يجوز إلا حيث جاءت به السنة ، كالأذان والتلبية ونحو ذلك. كما ثبت في الصحيح عن أبي موسى أنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا إذا علونا كبَّرنا فارتفعت أصواتنا ، فقال: (( يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً ، إنما تدعون سميعاً قريباً ، إن الذي تدعون أقرب من عنق راحلته))
وقد قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وخُفْيَةً إنَّهُ لا يُحِبُ المُعْتَدين } وقال عن زكريا: { إذ نادى ربه نداء خفياً } وقال تعالى: { واذكر ربَّكَ في نفسك تضرعاً وخفية ودون الجهر من القولِ بالغدوِّ والآصال ولا تكن من الغافلين }.
وفي هذا من الآثار عن سلف الأمة وأئمتها ما ليس هذا موضعه. كما قال الحسن البصري: رفع الصوت بدعة. وكذلك نصَّ عليه أحمد بن حنبل وغيره. "
الاستقامة لابن تيمية (1/322-323)
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله ، ما نصصت عليه هو السنة ، فأين هذا من حال الصوفية من صراخ وأذكار جماعية؟!!
لا يجوز تسويغ البدع بأي حجة كانت.
الوقفة السابعة: موقفه من الزهاد المبتدعة (الصوفية) :
قال الإمام أحمد –رحمه الله تعالى-:
" قبور أهل السنة من أهل الكبائر روضة ، وقبور أهل البدعة من الزهاد حفرة ، فسّاق أهل السنة أولياء الله ، وزهاد أهل البدع أعداء الله"
طبقات الحنابلة (1/184)
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله ، صدقت فولاية فساق أهل السنة لله ، أما المبتدع فقد بارز الله بالعداء ببدعته!! ومن ذلك الصوفية حين يخترعون عبادات وتنسكات ما أمر الله بها ؛ بل ربما حذر الشارع منها ، وهم بهذا قد أصبحوا أعداء الله!!
الوقفة الثامنة: موقفه من أهل القصص والحكايات:
قال الإمام أحمد –رحمه الله تعالى- : " أكذب الناس القصاص والسؤَّال قيل له: أكنت تحضر مجالسهم؟ قال: لا"
البدع والحوادث للطرطوشي ص(109-112)(/5)
قلتُ:
صدقت ، فما أكذب أصحاب الأقاصيص والحكايات كالصوفية ، فإنهم يتعبدون الله بهذه القصص ؛ بل وتكون أدلتهم وحججهم؟!! فكم سمعنا قال أعرابي وفعل رجل وقام فلان بشخصيات مبمهمة وأسانيد مبتورة وحكايا مخالفة لأمر شارعنا.
الوقفة التاسعة: موقفه من السماع:
قال الخلال: أخبرنا إسماعيل بن إسحاق الثقفي أن أبا عبدالله سئل عن سماع القصائد. فقال: أكرهه.
وقال أيضاً أخبرني محمد بن موسى ، قال: سمعت عبدان الحذاء ، قال سمعت عبدالرحمن المتطبب ، قال سألت أحمد بن حنبل ، قلت: ما تقول في أهل القصائد؟ قال: بدعة لا يجالسون "
المسائل والرسائل (2/276)
وسئل عنه أحمد؟ فقال: "بدعة" ، وفي رواية: "فكرهه ونهى عن استماعه" وقال: "إذا رأيت إنساناً منهم في طريق فخذ في طريق أُخرى"
رواه الخلال أيضاً من طريق عنه والزيادة من مسألة السماع ص(124) نقلاً عن تحريم الآلات الطرب للألباني.
قلتُ:
صدق –رحمه الله- فأهل السماع مبتدعة لا يجالسون!!
وسماعه مكروه ، والكراهة عند السلف يعني التحريم!!
والسماع هو إنشاد القصائد والتغني بها ، وقد يصحب ذلك ضرب لنطع أو عود أو ناي أو غير ذلك.
الوقفة العاشرة: موقفه من كبار الزهاد في عصر التابعين:
يقول شيخ الإسلام أحمد بن تيمية-رحمه الله- :
" المقصود هنا أن المشايخ المعروفين الذين جمع الشيخ أبو عبدالرحمن أسماءهم في كتاب "طبقات الصوفية" وجمع أخبارهم وأقوالهم ، دع من قبلهم مِنْ أئمة الزهّاد من الصحابة والتابعين الذين جمع أبو عبدالرحمن وغيره كلامهم في كتب معروفة ، وهم الذين يتضمن أخبارهم كتاب "الزهد" للإمام أحمد وغيره ، لم يكونوا على مذهب الكلابية الأشعرية ، إذ لو كانت كذلك لما كان أبو عبدالرحمن يلعن الكلابية. "
الاستقامة لابن تيمية (1/106-107)
وقال شيخ الإسلام:(/6)
" ولهذا يميزون في أهل الخير والزهد والعبادة بين ثابت البناني والفضيل بن عياض ونحوهما ، وبين مالك بن دينار وفرقد السبخي وحبيب العجمي وطبقتهم ، وكل هؤلاء أهل خيرٍ وفضلٍ ودينٍ ، والطبقة الأولى يدخل حديثها في الصحيح"
الاستقامة لابن تيمية (1/202)
قلتُ:
وهذا الحق ليس به خفاء ** فدعنا من بنيات الطريق
الزهاد الأوائل كانوا على السنة ، ولم يتسموا إلا بالسنة ، أما من أتى بعدهم فإنهم حادوا عن السنة ، وتسموا بالصوفية ، وغلبت عليهم العقيدة الكلابية الأشعرية!!
وهذا الفرق بين الجنيد وأمثاله من زهاد السلف ، وبين ابن عربي والحلاج والشاذلي من زنادقة الخلف!!
والإمام أحمد حذر من بعض الزهاد المتصوفة كحارث بينما لم نجد هذا التحذير البتة من زهاد ساروا على السنة!!
كما أن عين الإنصاف تقتضي التفريق بينهم فهل يوضع مالك بن دينار في صف الفضيل؟!! لا فالطبقة الأولى كانوا من أهل الحديث ، والطبقة الثانية بدأ يدب فيهم الضعف ودخول بعض الأخطاء على منهجهم الزهدي!!
فإن الزهاد والعباد انقطعوا لأنواع من العبادات ، وترك أصل ما يؤخذ منه العبادة العلم!! لذا فإن طلبوه .. طلبوه للبركة!! ولذا تجد أكثر من يتهم بالكذب هم العباد ، نظراً لعدم اهتمامهم بالعلم وطلبه وحفظه وضبطه ، فتجد يحيى بن سعيد يقول: " ما رأينا الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث" ويقول أيوب السختياني: "إن من جيراني لمن أرجو بركة دعائهم في السحر ، ولو شهد عندي على جزرة بقل لما قبلت شهادته" وهذا واضح.
الوقفة الحادية عشر: موقفه من زاهد كان يثني عليه فوجد له كلاماً قبيحاً في وعظه:
قال شيخ الإسلام:
" أن الإمام أحمد ذكر له عن السرى السقطى أنه ذُكر عن بكر بن حبيش العابد أنه قال: لما خلق الله الحروف سجدت له ، إلا الألف ، فقالت: لا أسجد حتى أُومر. فقال أحمد: هذا كفر"
الاستقامة لابن تيمية (1/201)(/7)
" ثم إن هذه الحكاية المعروفة عن السرى لما بلغت الإمام أحمد أنكرها غاية الإنكار ، حتى توقَّف عن مدح السرى ، مع ما كان يذكر من فضله وورعه ، ونهى عن أن يذكر عنه مدحه حتى يظهر خطأه في ذلك"
الاستقامة (1/205)
قلتُ:
هذا هو أحمد ، من ورعه أنه تورع عن الثناء عن هذا الزاهد لما بدر منه ، وكم في الصوفية من يقوم فيتكلم بأمور منكرة بدعوى الوعظ والتأثير؟!! وإذ به يصل لمقولات لو اعتقدها أخرجته من الملة؟!!
وتأمل أن الورع والزهد شيء طيب ؛ إذا ضبط بعلم وعلى السنة ، فالورع لباس وحكم اللباس على أصله لا على مظهره؟!! وهذا لا يفقه إلا السني!!
الوقفة الثانية عشر: موقفه من الشاذ من العلم:
" قال أبو بكر الطَّالقانيّ صاحب ابن المبارك [لأبي عبدالله]: قد روى ابن المبارك عن عمر بن عليّ. فقال: هكذا؟ فقال: نعم. فقال ماذا روى عنه؟ فقال: قال أبنا عمر بن عليّ ، عن سفيان بن حسين ، عن إياس بن معاوية: إياك والشاذ من العلم.
قال أبو عبدالله: ما كان أحسن عقله –يعني عمر بن علي- "
من سؤالات أبي بكر الأثرم ص(47)
قلتُ:
صدق رحمه الله ، ما أحسن عقله ، فإننا نرى من يتتبع شواذ العلم ؛ بل ورأينا أقواماً يخترعون أموراً ما كانت على عهد رسول الله علم الحقيقة وغيرها .. فإياك والشاذ من العلم ، وعليك بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ففيها والله الكفاية ، فهي أسلم وأعلم وأحكم.
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/8)
الرئيسية
اعرف نبيك
العلماء وطلبة العلم
أفكار دعوية
مكتبة صيد الفوائد
المكتبة الصوتية
الأنشطة الدعوية
زاد الداعية
العروض الدعوية
للنساء فقط
ملتقى الداعيات
رسائل دعوية
الفلاشات - القصص
مقالات - فتاوى
واحة الأدب
منوعات - مختارات
الملل والنحل
الطبيب الداعية
بحوث علمية
تربية الأبناء
جهاد المسلمين
محمد بن عبدالوهاب
صفحات مهمة
مختارات ملتقى العلماء والدعاة تراجم العلماء والدعاة هواتف العلماء والدعاة أرقام مكاتب الدعوة وقفة مع الأحداث تبرئة المناهج دعاوى المناوئين لأبن تيمية الأسهم المالية حتى لا تغرق السفينة لقاءات عبر الشبكة مختارات من منتدىالملل المنهجية في طلب العلم للشباب فقط سلاح المقاطعة كل شيء عن العلمانية الرد على حسن المالكي
صفحات مميزة قصص مؤثرة الفلاش الدعوي الفيديو الدعوي الجوال الدعوي المعارض الدعوية الباوربوينت الدعوية المواقع الإباحية وأثرها وقفة تأمل ومحاسبة يا روادَ منتديات الحوار البيت السعيد الشرح الفقهي المصور
الأنشطة الدعوية زاد الداعية المعلم الداعية المرأة الداعية الطبيب الداعية المراكز الصيفية الدورات العلمية تفعيل العمل الخيري دعوة الجاليات المسابقات الثقافية المخيمات الدعوية الألعاب الحركية والذهنية الرحلات الدعوية حلقات تحفيظ القرآن الدعوة في المنتديات أفكار دعوية ساهم في نشر الإسلام تربية الأبناء
زاد الداعية شحذ الهمّة للدعوة الى الله فن الدعوة ووسائل التأثير أفكار وادارية للدعوة معوقات في طرق الدعوة رسائل ومقالات دعوية قصص من آثار الدعاة رسالة عاجلة للدعاة أفكار دعوية تربية الأبناء الأنشطة الدعوية(/1)
موسميات فضائل بعض الشهور مختارات نهاية العام فضل شهر الله المحرم مختارات رمضانية مختارات الحج استغلال الإجازات الشتاء أحكام وآداب حكم المولد النبوي عيد الحب وقفات مع العيد التحذير من أعياد الكفار
ومضات من كلام الأئمة الأعلام والدعاة الكرام في الصوفية (12)
نص السؤال :
الشيخ عثمان اني احبك في الله وقد اثلجت صدور اهل السنه في مناظرتك للشيعه فلله درك فضيلة الشيخ المتتبع لحال الساحة الاسلاميه يلاحظ عودة قوية للصوفية متمثلة في مدرسة الشيخ الحبيب الجفري والحبيب عمر بن حفيظ وسواهما ونرى انجذابا قويا من الناس لهؤلاء ونرى عندهم من البدع والمنكرات الشيء الكثير لكنهم يأتون بالشبه ويدلسون على الناسفما قولك في هؤلاء خاصة ان الجفري دعا السلفيين الى المناظره اجيبونا حفظكم الله ونتمنى منكم اجابة المذكور الى المناظرة حتى يتبين للناس كذبه حفظكم الله وثبتكم
الجواب:
أحبك الله الذي احببتنا فيه
أما بالنسبة للصوفية فأمرهم واضح جلي في الضلال والبعد عن الصراط السوي ، وأما المناظرات معهم فالأصل فيها المنع كما هو الحال بالنسبة لغيرهم إلا إذا اضطر الإنسان إلى ذلك .
وأما بالنسبة لي فأشكرك على حسن ظنك واعلم أن غيري كثيرون ممن هم أفضل مني وأعلم يمكنهم الرد على أمثال هؤلاء .
الشيخ عثمان الخميس - الكويت
........
العالم العلامة عبد الرحمن بن مهدي التصوف يودي إلى الجنون أو الزندقة
قال الخلال أخبرني أبو بكر احمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة ثنا اسحق بن داود بن صبيح قال قلت لعبد الرحمن بن مهدي يا أبا سعيد إن ببلدنا قوما من هؤلاء الصوفية فقال لا تقرب هؤلاء فانا قد رأينا من هؤلاء قوما أخرجهم الأمر إلى الجنون وبعضهم أخرجهم إلى الزندقة
تلبيس ابليس الباب العاشر .
نقلهُ لنا الأخ الفاضل حنبل
.........(/2)
لله در بن الجوزي انظرو كيف لخص التصوف فى هذه الكلمات : حديث ضيعف او موضوع او فهم ردئ
قال بن الجوزي ((وإنما قلت علوم هؤلاء فتكلموا بآرائهم الفاسدة فان أسندوا فالى حديث ضعيف أو موضوع أو يكون فهمهم منه رديئا ولقد عجبت لأبي حامد الغزالي الفقيه كيف نزل مع القوم من رتبة الفقه إلى مذاهبهم ))
الخلاصة :
- الصوفية قليلي العلم .
- جل استدلال الصوفية بالحديث الضعيف و الموضوع .
- غالبا ما يكون فهم الصوفية للادلة ردئ و غير صحيح .
- الفقه و التصوف لا يجتمعان .
- من تفقه و صلح حالة تغير الى الاسؤا إذا تصوف .
وهذا الموضوع من اختيارات أخي حنبل سدده الله
.........
شهد شاهد من اهلها القشيري يعترف : لسنا اصحاب نقل او اثر و لا اصحاب عقل او فكر
قال بن الجوزي (( أنبأنا عبد المنعم بن عبد الكريم القشيري قال حدثنا أبي قال حجج الصوفية أظهر من حجج كل أحد وقواعد مذهبهم أقوى من قواعد كل مذهب لأن الناس اما أصحاب نقل وأثر وأما أرباب عقل وفكر وشيوخ هذه الطائفة ارتقوا عن هذه الجملة والذي للناس غيب فلهم ظهور فهم أهل الوصال والناس أهل الاستدلال فينبغي لمريدهم أن يقطع العلائق وأولها الخروج من المال ثم الخروج من الجاه وأن لا ينام إلا غلبة وأن يقلل غذاءه بالتدريج
قال المصنف - بن الجوزي - رحمه الله قلت من له أدنى فهم يعرف أن هذا الكلام تخليط فان من خرج عن النقل والعقل فليس بمعدود في الناس وليس أحد من الخلق إلا وهو مستدل وذكر الوصال حديث فارغ فنسأل الله عز وجل العصمة من تخليط المريدين والأشياخ والله الموفق ))
تلبيس ابليس الباب العاشر .
من اختيارات حبيبنا حنبل جعله الله سهماً في نحر المبتدعة
.......
صوفيان آخران يشهدان بأن قواعد التصوف قواعد فلسفية معتزليه(/3)
كثير ما يغضب الصوفية عند مصارحتهم بأن اصل مذهبهم الملل و الفرق المخالفة للاسلام و قد اعترف كثيرا من المستشرقين الذين درسوا هذا الفكر بذلك و نصحو دولهم المستعمرة بنشر هذا الفكر إذا ارادوا ان تطول فترة استعمارهم للدول .
و يأبى الله إلا ان يظهر هذه الحقائق على السنه علمائهم فنجد ان عالمهم الشعراني يطلقها مدوية فى كتابه الطبقات 1/10 أن قواعد الصوفية قواعد فلسفية و معتزليه بحته . (( و كان سيدى أفضل الدين يقول :
كثير من كلام الصوفية لا يتمشى ظاهره إلا على قواعد المعتزلة و الفلاسفة ))
وهذه كذلك من اختيارات الأخ الفاضل حنبل زاده الله توفيقاً
.............
قال الشيخ مُحَمَّد بن الأَمِين بُوخُبْزَة من علماء المغرب:
( التصوف ، هذا الأخطبُوط والسرطان الفتَّاك، هو المسؤول الأول ـ بعد فشل كلّ محاولة في محاربته والقضاء عليه – عن تأخُّر المسلمين وقعودهم عن اللَّحاق بركب الحضارة السليمة الصالحة، والتقدم العلمي الذي لا حياةَ كريمة بدونه، بما بثَّه ويبثُّه في النفوس والعقول من الخنوع والخضوع والخمولِ والذل، وإلغاءِ وظيفةِ العقل، والغُلو في البشر وتألِيهِهم وما إلى ذلك مما تطفح به مصادرُه القديمة والحديثة من مصائبَ وتعاليمَ وثنية على رأسها: عقيدة الاتحاد والحلول، ووحدة الوجود، التي لا تصوفّ بدونها، والتي يُدَندِنُ حولها جميعُ مشايخ الصوفية المشهورين، وزاد الطينَ بَلَّةً سكوتُ العلماء عن هذا البَلاء الماحق، بل وتأييدُ عدد كبير منهم لهم ـ شفقةً من الإرهاب الفكري الذي يمارسه عليهم الصوفية ويتواصون به ـ ومن الكلمات الشائعة بين العامة في هذا المجال قولُهم:" سلَّم للخَاوي تنْج من العَامِر " )
...........
يقول المفكر المصري الكبير الدكتور صابر طعيمة:
ولعلنا نفيدك أيها القارئ الكريم ببعض فوائد هذا الباحث الكبير في بعض الفرق حيث يقول في مجلس آخر:(/4)
" ثم روج الفكر الباطني لمدرستين كبيرتين شاعتا في العالم الإسلامي وهما: مدرسة الأشعرية، ومدرسة التصوف.
وتواكبت المدرستان معاً بشكل عجيب ملفتٍ للنظر انطلاقاً من أن المدرسة الأشعرية لابد لها لكي يستقيم مذهبها في التناول من التأويل اللغوي!! الأمر الذي أدى إلى إحلال مفاهيم فاسدة في العقيدة.
والمدرسة الصوفية التي تأثرت بالفكر المسيحي اليهودي، كان لابد لها هي الأخرى أن تنهج بمنهج التأويل حتى انتهت هي الأخرى إلى تفكيرٍ معطلٍ فاسد"
[من شريط الفرق المعاصرة للدكتور صابر]
وقال في موضع آخر:
" [الذي] يقول أن النصوص الشريعة لا يمكن أن تؤخذ على ظاهرها إلى أي حد يتطاول على قدرة الله في كلامه كما قال.
إن النص الشرعي الذي بين آي الذكر الحكيم عندما يقول الله في كتابه كذا إن الله لا يريد ذلك اللفظ؛ ولكنه يريد دلالة أخرى.
أي تطاول على الله يكون ذلك الذي نصب نفسه مُفسراً لما أراده الله، ولا دي للنص، وممتطياً الآية إلى أهداف باطنية لا تسعفه المفردة اللغوية التي تضمنها النص بالتحديد"
[من شريط الفرق المعاصرة للدكتور صابر]
..........
رأي الدكتور محمد قطب في الصوفية والتصوف (1)
وفي الجاهلية يأنس الناس للوسطاء ؛ لأنهم – في هبوطهم وانغلاقهم – يحسون بالوحشة من الإله المنزه الذي لا تركه الأبصار ، فيأنسون للكائنات الوسيطة ، التي يتصورنها ذات طبيعة مزدوجة : ناسوت ولاهوت . . جانب بشري وجانب إلهي . . يلتقون مع البشر بجانبهم البشري ، ويلتقون بجانبهم الإلهي مع الإله ! ويكونون "محطة" في الطريق ، يتزود الناس فيها بالطاقة اللازمة لرحلة "الفضاء" ، إلى الأزلي اللانهائي الذي لا تدركه الحواس ولا تحده الحدود !!(/5)
من أجل هذه الانحرافات كلها، التي تشمل العقيدة والشعيرة والشريعة (1) . . ركز المنهج القرآني على تحديد هذه القضية تحديداً حاسماً ، وتنزيه العبادة من كل لون من ألوان الشرك يمكن أن يهجس في بال الإنسان . .
وقد رأينا – من تجربة الواقع – أن هذه الهواجس قد ألمت بالأمة الإسلامية ذاتها ، بعد فترة من تنزيه العبادة ، والارتفاع بها إلى المستوى اللائق بجلال الله ، واللائق بالإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقويم ..
فقد جاءت الصوفية ببدع كثيرة تفسد صفاء العقيدة وصفاء العبادة . .
ولا نتحدث هنا عن الخبل الواضح في فكرة الإتحاد ، والحلول ، ووحدة الوجود ، مما يتنافى تنافياً كاملاً مع التوحيد الذي جاء به الرسل جميعاً ، وعلى رأسهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، وهذا التفكير – في حقيقته – نتاجٌ وثني صريح جاء من الهند أو من فارس أو من أي مكان في الأرض . .
إنما نتحدث عن بدع آخرى نشأت مع الصوفية ، هي عبادة الأضرحة والأولياء ، وتضخيم الشيخ في حس المريد حتى يصبح وسيطاً بينه وبين الله . . وتوجيه ألوان من العبادة إلى أولئك " المشايخ" أحياء وأمواتاً لا يجوز توجيهها لغير الله .
إنها ردة جاهلية . .
صحيح أن الناس لا يعبدون صنماً منحوتاً كما كان يفعل المشركون يومذاك . . ولكن كيف نسمي التمسح بالأضرحة التماساً للبركة ، والدعاء عنده رجاء الاستجابة ، وطلب المعونة من صاحب الضريح ، والاستغاثة به من الكرب ، والإيمان بأنه ذو حظوة عند الله ، يستطيع بها أن يغير مجرى الأقدار ؟ ! أو الإيمان بأن الله قد عهد إلى الأقطاب والأبدال أن يتصرفوا في ملك الله ، فإذا استعطفهم مريدهم وتضرعوا إليهم صرّفوا الأمور لصالحهم ، وحموهم من الأخطار . .
ألم يكن مشركو الجزيرة يقولون : { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلا الله زلفى } (2) ؟ ! أي : لا نعبدهم لذواتهم ولكن لما لهم من حظوة عند الله ؟ !(/6)
أما الشيخ والمريد فبدعة أخرى من بدع الصوفية الخطيرة . .
ولا يعنينا هنا أن نذكر كيف بدأت البدعة ، ولا أن العامة قد ارتموا في أحضان الصوفية لقلة العلماء المربين الذين يعلمون الناس دينهم على المنهج القرآني الواضح السهل البليغ المؤثر ، وعلى منهج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذي يقرب الحقائق للناس حتى يتشربوها في يسر ، وترسخ في نفوسهم فلا يمحى أثرها . . إنما وجد العامة بدلاً من ذلك من يتكلم عن العقيدة كأنها معاظلات ذهنية تجريدية - وخاصة فيما يتعلق بالذات الإلهية والأسماء والصفات – تجهد الذهن ولا تحرك القلب ، ووجدوا المتخصصين في الفقه يتحدثون فيه لا على أنه " دين " نزل لينظم حياة البشر على الأرض ، ويربط قلوبهم بالله وهم يأتمرون بأمره وينفذون تعاليمه ، ولكن كأنه قضايا جافة مبتوتة الصلة بالوجدان الحي . . لذلك هرب العامة من معاظلات علم الكلام في العقيدة ، ومن جفاف الدراسات الفقيهة ، إلى الملجأ الذي رأوه يشبع وجدانهم الروحي الظامئ ن وجدوا راحتهم النفسية التي افتقدوها هنا وهناك . .
ذلك يفسر ولا يبرر . . فلا شئ يبر الانحراف عن طريق الله القويم:
{وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} (3) .
جاء الإسلام ؛ ليغلى كل واسطة بين البشر وربهم ، وليعقد الصلة مباشرةً بين العبد والرب :
{ وقال ربكم ادعوني استجب لكم } (4) .
{ وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعان} (5) .
وجاءت الصوفية ؛ لتجعل بين العبد وربه وسطاء وشفعاء ، سواء كانوا من الأموات أو الأحياء .
وجاء الإسلام ؛ ليخرج من هذه الأمة "علماء" و " فقهاء" يعلمون الناس أمر دينهم :
{ إنما يخشى الله من عباده العلماء } (6) .
{ وما كان المؤمنون لينفروا كافة ، فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } (7) .(/7)
وجعل أولئك العلماء والفقهاء أئمة ومعلمين ومربين ، وقدوة للناس ، ولم يجعلهم "كهنة" يختصون "بالطقوس" . . ذلك أنه لم يكن عقيدة وشعائر فحسب . . إنما كان عقيدة وشريعة ومنهجاً كاملاً للحياة ، لذلك يحتاج الناس في ظله إلى علماء وفقهاء يعلمونهم أصول دينهم ومحتوياته ومتطلباته . . أما حين يكون عقيدة فحسب ، وطقوساً تتعلق بالعقيدة ، فهنا يظهر "الكهنة" ؛ ليكونوا وسطاء بين الناس وربهم ويظل الوسيط يتضخم في حسهم حتى يخرج عن طبيعته البشرية الخالصة ، ويصبح حسهم مزدوج الطبيعة فيه ناسوت ولاهوت!
جاء الإسلام ؛ ليجعل الدين خالصاً لله ، وجاءت الصوفية ؛ لتحوّل الشيخ في حس المريد إلى وسيط بين الناس وربهم ، بحجة أنه مبارك عند الله ، ترجى بركته ؛ ليقرب الناس إلى الله زلفى ، وليجعل الله يحيطهم برحمته ، فكأنما له شركة في الأمر مع الله ، مع أن الله قال لرسوله الحبيب - صلى الله عليه وسلم - : {ليس لك من الأمر شئ} (8) !
وجاء الإسلام ؛ ليقرر بشرية الرسول – صلى الله عليه وسلم - ، بشرية خالصة ، لا يخالطها شئ من "اللاهوت"، فغلت الصوفية في حبه وتعظيمه ، حتى جعلت كأنما خلق الله الخلق ؛ ليشاهدوا الأنوار المحمدية ، وليس أن الله بعث رسوله – صلى الله عليه وسلم – لهداية البشرية :
{ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } (9) .
ثم جعلوا من هذا التعظيم ذاته وسيلة لتضخيم الشيخ في حس المريد ، بدعوى أن الشيخ يرى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في منامه ، ويلتقي منه مباشرة كلاماً يقوله للناس !! (10) .
المصدر: كتاب "لا إله إلا الله عقيدة وشريعة ومنهاج حياة" ص 57 - 60
___________________________________
(1) سنتكلم في الفقرة القادمة (ثالثاً) عن المقتضى التشريعي للا إله إلا الله .
(2) الزمر: 3 .
(3) الأنعام: 153 .
(4) غافر: 60 .
(5) البقرة: 186 .
(6) فاطر : 28 .
(7) التوبة: 122 .
(8) آل عمران: 128 .(/8)
(9) الأنبياء: 107 .
(10) ينبغي أن نذكر - للحق - أن ليس كل من ينتمي للصوفية تقع منه هذه الانحرافات ، وأن هناك ممن ينتسبون للصوفية من كان سليم العقيدة وعاملاً في الأرض بمقتضى الشريعة ومجاهداً في سبيل الله ، وهؤلاء في الحقيقة من "الزهاد" وغن أخذوا سمت الصوفية .
اختارها وجمعها
أبو عمر الدوسري (المنهج) - شبكة الدفاع عن السنة
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/9)
الرئيسية
اعرف نبيك
العلماء وطلبة العلم
أفكار دعوية
مكتبة صيد الفوائد
المكتبة الصوتية
الأنشطة الدعوية
زاد الداعية
العروض الدعوية
للنساء فقط
ملتقى الداعيات
رسائل دعوية
الفلاشات - القصص
مقالات - فتاوى
واحة الأدب
منوعات - مختارات
الملل والنحل
الطبيب الداعية
بحوث علمية
تربية الأبناء
جهاد المسلمين
محمد بن عبدالوهاب
صفحات مهمة
مختارات ملتقى العلماء والدعاة تراجم العلماء والدعاة هواتف العلماء والدعاة أرقام مكاتب الدعوة وقفة مع الأحداث تبرئة المناهج دعاوى المناوئين لأبن تيمية الأسهم المالية حتى لا تغرق السفينة لقاءات عبر الشبكة مختارات من منتدىالملل المنهجية في طلب العلم للشباب فقط سلاح المقاطعة كل شيء عن العلمانية الرد على حسن المالكي
صفحات مميزة قصص مؤثرة الفلاش الدعوي الفيديو الدعوي الجوال الدعوي المعارض الدعوية الباوربوينت الدعوية المواقع الإباحية وأثرها وقفة تأمل ومحاسبة يا روادَ منتديات الحوار البيت السعيد الشرح الفقهي المصور
الأنشطة الدعوية زاد الداعية المعلم الداعية المرأة الداعية الطبيب الداعية المراكز الصيفية الدورات العلمية تفعيل العمل الخيري دعوة الجاليات المسابقات الثقافية المخيمات الدعوية الألعاب الحركية والذهنية الرحلات الدعوية حلقات تحفيظ القرآن الدعوة في المنتديات أفكار دعوية ساهم في نشر الإسلام تربية الأبناء
زاد الداعية شحذ الهمّة للدعوة الى الله فن الدعوة ووسائل التأثير أفكار وادارية للدعوة معوقات في طرق الدعوة رسائل ومقالات دعوية قصص من آثار الدعاة رسالة عاجلة للدعاة أفكار دعوية تربية الأبناء الأنشطة الدعوية(/1)
موسميات فضائل بعض الشهور مختارات نهاية العام فضل شهر الله المحرم مختارات رمضانية مختارات الحج استغلال الإجازات الشتاء أحكام وآداب حكم المولد النبوي عيد الحب وقفات مع العيد التحذير من أعياد الكفار
ومضات من كلام الأئمة الأعلام والدعاة الكرام في الصوفية (12)
نص السؤال :
الشيخ عثمان اني احبك في الله وقد اثلجت صدور اهل السنه في مناظرتك للشيعه فلله درك فضيلة الشيخ المتتبع لحال الساحة الاسلاميه يلاحظ عودة قوية للصوفية متمثلة في مدرسة الشيخ الحبيب الجفري والحبيب عمر بن حفيظ وسواهما ونرى انجذابا قويا من الناس لهؤلاء ونرى عندهم من البدع والمنكرات الشيء الكثير لكنهم يأتون بالشبه ويدلسون على الناسفما قولك في هؤلاء خاصة ان الجفري دعا السلفيين الى المناظره اجيبونا حفظكم الله ونتمنى منكم اجابة المذكور الى المناظرة حتى يتبين للناس كذبه حفظكم الله وثبتكم
الجواب:
أحبك الله الذي احببتنا فيه
أما بالنسبة للصوفية فأمرهم واضح جلي في الضلال والبعد عن الصراط السوي ، وأما المناظرات معهم فالأصل فيها المنع كما هو الحال بالنسبة لغيرهم إلا إذا اضطر الإنسان إلى ذلك .
وأما بالنسبة لي فأشكرك على حسن ظنك واعلم أن غيري كثيرون ممن هم أفضل مني وأعلم يمكنهم الرد على أمثال هؤلاء .
الشيخ عثمان الخميس - الكويت
........
العالم العلامة عبد الرحمن بن مهدي التصوف يودي إلى الجنون أو الزندقة
قال الخلال أخبرني أبو بكر احمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة ثنا اسحق بن داود بن صبيح قال قلت لعبد الرحمن بن مهدي يا أبا سعيد إن ببلدنا قوما من هؤلاء الصوفية فقال لا تقرب هؤلاء فانا قد رأينا من هؤلاء قوما أخرجهم الأمر إلى الجنون وبعضهم أخرجهم إلى الزندقة
تلبيس ابليس الباب العاشر .
نقلهُ لنا الأخ الفاضل حنبل
.........(/2)
لله در بن الجوزي انظرو كيف لخص التصوف فى هذه الكلمات : حديث ضيعف او موضوع او فهم ردئ
قال بن الجوزي ((وإنما قلت علوم هؤلاء فتكلموا بآرائهم الفاسدة فان أسندوا فالى حديث ضعيف أو موضوع أو يكون فهمهم منه رديئا ولقد عجبت لأبي حامد الغزالي الفقيه كيف نزل مع القوم من رتبة الفقه إلى مذاهبهم ))
الخلاصة :
- الصوفية قليلي العلم .
- جل استدلال الصوفية بالحديث الضعيف و الموضوع .
- غالبا ما يكون فهم الصوفية للادلة ردئ و غير صحيح .
- الفقه و التصوف لا يجتمعان .
- من تفقه و صلح حالة تغير الى الاسؤا إذا تصوف .
وهذا الموضوع من اختيارات أخي حنبل سدده الله
.........
شهد شاهد من اهلها القشيري يعترف : لسنا اصحاب نقل او اثر و لا اصحاب عقل او فكر
قال بن الجوزي (( أنبأنا عبد المنعم بن عبد الكريم القشيري قال حدثنا أبي قال حجج الصوفية أظهر من حجج كل أحد وقواعد مذهبهم أقوى من قواعد كل مذهب لأن الناس اما أصحاب نقل وأثر وأما أرباب عقل وفكر وشيوخ هذه الطائفة ارتقوا عن هذه الجملة والذي للناس غيب فلهم ظهور فهم أهل الوصال والناس أهل الاستدلال فينبغي لمريدهم أن يقطع العلائق وأولها الخروج من المال ثم الخروج من الجاه وأن لا ينام إلا غلبة وأن يقلل غذاءه بالتدريج
قال المصنف - بن الجوزي - رحمه الله قلت من له أدنى فهم يعرف أن هذا الكلام تخليط فان من خرج عن النقل والعقل فليس بمعدود في الناس وليس أحد من الخلق إلا وهو مستدل وذكر الوصال حديث فارغ فنسأل الله عز وجل العصمة من تخليط المريدين والأشياخ والله الموفق ))
تلبيس ابليس الباب العاشر .
من اختيارات حبيبنا حنبل جعله الله سهماً في نحر المبتدعة
.......
صوفيان آخران يشهدان بأن قواعد التصوف قواعد فلسفية معتزليه(/3)
كثير ما يغضب الصوفية عند مصارحتهم بأن اصل مذهبهم الملل و الفرق المخالفة للاسلام و قد اعترف كثيرا من المستشرقين الذين درسوا هذا الفكر بذلك و نصحو دولهم المستعمرة بنشر هذا الفكر إذا ارادوا ان تطول فترة استعمارهم للدول .
و يأبى الله إلا ان يظهر هذه الحقائق على السنه علمائهم فنجد ان عالمهم الشعراني يطلقها مدوية فى كتابه الطبقات 1/10 أن قواعد الصوفية قواعد فلسفية و معتزليه بحته . (( و كان سيدى أفضل الدين يقول :
كثير من كلام الصوفية لا يتمشى ظاهره إلا على قواعد المعتزلة و الفلاسفة ))
وهذه كذلك من اختيارات الأخ الفاضل حنبل زاده الله توفيقاً
.............
قال الشيخ مُحَمَّد بن الأَمِين بُوخُبْزَة من علماء المغرب:
( التصوف ، هذا الأخطبُوط والسرطان الفتَّاك، هو المسؤول الأول ـ بعد فشل كلّ محاولة في محاربته والقضاء عليه – عن تأخُّر المسلمين وقعودهم عن اللَّحاق بركب الحضارة السليمة الصالحة، والتقدم العلمي الذي لا حياةَ كريمة بدونه، بما بثَّه ويبثُّه في النفوس والعقول من الخنوع والخضوع والخمولِ والذل، وإلغاءِ وظيفةِ العقل، والغُلو في البشر وتألِيهِهم وما إلى ذلك مما تطفح به مصادرُه القديمة والحديثة من مصائبَ وتعاليمَ وثنية على رأسها: عقيدة الاتحاد والحلول، ووحدة الوجود، التي لا تصوفّ بدونها، والتي يُدَندِنُ حولها جميعُ مشايخ الصوفية المشهورين، وزاد الطينَ بَلَّةً سكوتُ العلماء عن هذا البَلاء الماحق، بل وتأييدُ عدد كبير منهم لهم ـ شفقةً من الإرهاب الفكري الذي يمارسه عليهم الصوفية ويتواصون به ـ ومن الكلمات الشائعة بين العامة في هذا المجال قولُهم:" سلَّم للخَاوي تنْج من العَامِر " )
...........
يقول المفكر المصري الكبير الدكتور صابر طعيمة:
ولعلنا نفيدك أيها القارئ الكريم ببعض فوائد هذا الباحث الكبير في بعض الفرق حيث يقول في مجلس آخر:(/4)
" ثم روج الفكر الباطني لمدرستين كبيرتين شاعتا في العالم الإسلامي وهما: مدرسة الأشعرية، ومدرسة التصوف.
وتواكبت المدرستان معاً بشكل عجيب ملفتٍ للنظر انطلاقاً من أن المدرسة الأشعرية لابد لها لكي يستقيم مذهبها في التناول من التأويل اللغوي!! الأمر الذي أدى إلى إحلال مفاهيم فاسدة في العقيدة.
والمدرسة الصوفية التي تأثرت بالفكر المسيحي اليهودي، كان لابد لها هي الأخرى أن تنهج بمنهج التأويل حتى انتهت هي الأخرى إلى تفكيرٍ معطلٍ فاسد"
[من شريط الفرق المعاصرة للدكتور صابر]
وقال في موضع آخر:
" [الذي] يقول أن النصوص الشريعة لا يمكن أن تؤخذ على ظاهرها إلى أي حد يتطاول على قدرة الله في كلامه كما قال.
إن النص الشرعي الذي بين آي الذكر الحكيم عندما يقول الله في كتابه كذا إن الله لا يريد ذلك اللفظ؛ ولكنه يريد دلالة أخرى.
أي تطاول على الله يكون ذلك الذي نصب نفسه مُفسراً لما أراده الله، ولا دي للنص، وممتطياً الآية إلى أهداف باطنية لا تسعفه المفردة اللغوية التي تضمنها النص بالتحديد"
[من شريط الفرق المعاصرة للدكتور صابر]
..........
رأي الدكتور محمد قطب في الصوفية والتصوف (1)
وفي الجاهلية يأنس الناس للوسطاء ؛ لأنهم – في هبوطهم وانغلاقهم – يحسون بالوحشة من الإله المنزه الذي لا تركه الأبصار ، فيأنسون للكائنات الوسيطة ، التي يتصورنها ذات طبيعة مزدوجة : ناسوت ولاهوت . . جانب بشري وجانب إلهي . . يلتقون مع البشر بجانبهم البشري ، ويلتقون بجانبهم الإلهي مع الإله ! ويكونون "محطة" في الطريق ، يتزود الناس فيها بالطاقة اللازمة لرحلة "الفضاء" ، إلى الأزلي اللانهائي الذي لا تدركه الحواس ولا تحده الحدود !!(/5)
من أجل هذه الانحرافات كلها، التي تشمل العقيدة والشعيرة والشريعة (1) . . ركز المنهج القرآني على تحديد هذه القضية تحديداً حاسماً ، وتنزيه العبادة من كل لون من ألوان الشرك يمكن أن يهجس في بال الإنسان . .
وقد رأينا – من تجربة الواقع – أن هذه الهواجس قد ألمت بالأمة الإسلامية ذاتها ، بعد فترة من تنزيه العبادة ، والارتفاع بها إلى المستوى اللائق بجلال الله ، واللائق بالإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقويم ..
فقد جاءت الصوفية ببدع كثيرة تفسد صفاء العقيدة وصفاء العبادة . .
ولا نتحدث هنا عن الخبل الواضح في فكرة الإتحاد ، والحلول ، ووحدة الوجود ، مما يتنافى تنافياً كاملاً مع التوحيد الذي جاء به الرسل جميعاً ، وعلى رأسهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، وهذا التفكير – في حقيقته – نتاجٌ وثني صريح جاء من الهند أو من فارس أو من أي مكان في الأرض . .
إنما نتحدث عن بدع آخرى نشأت مع الصوفية ، هي عبادة الأضرحة والأولياء ، وتضخيم الشيخ في حس المريد حتى يصبح وسيطاً بينه وبين الله . . وتوجيه ألوان من العبادة إلى أولئك " المشايخ" أحياء وأمواتاً لا يجوز توجيهها لغير الله .
إنها ردة جاهلية . .
صحيح أن الناس لا يعبدون صنماً منحوتاً كما كان يفعل المشركون يومذاك . . ولكن كيف نسمي التمسح بالأضرحة التماساً للبركة ، والدعاء عنده رجاء الاستجابة ، وطلب المعونة من صاحب الضريح ، والاستغاثة به من الكرب ، والإيمان بأنه ذو حظوة عند الله ، يستطيع بها أن يغير مجرى الأقدار ؟ ! أو الإيمان بأن الله قد عهد إلى الأقطاب والأبدال أن يتصرفوا في ملك الله ، فإذا استعطفهم مريدهم وتضرعوا إليهم صرّفوا الأمور لصالحهم ، وحموهم من الأخطار . .
ألم يكن مشركو الجزيرة يقولون : { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلا الله زلفى } (2) ؟ ! أي : لا نعبدهم لذواتهم ولكن لما لهم من حظوة عند الله ؟ !(/6)
أما الشيخ والمريد فبدعة أخرى من بدع الصوفية الخطيرة . .
ولا يعنينا هنا أن نذكر كيف بدأت البدعة ، ولا أن العامة قد ارتموا في أحضان الصوفية لقلة العلماء المربين الذين يعلمون الناس دينهم على المنهج القرآني الواضح السهل البليغ المؤثر ، وعلى منهج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذي يقرب الحقائق للناس حتى يتشربوها في يسر ، وترسخ في نفوسهم فلا يمحى أثرها . . إنما وجد العامة بدلاً من ذلك من يتكلم عن العقيدة كأنها معاظلات ذهنية تجريدية - وخاصة فيما يتعلق بالذات الإلهية والأسماء والصفات – تجهد الذهن ولا تحرك القلب ، ووجدوا المتخصصين في الفقه يتحدثون فيه لا على أنه " دين " نزل لينظم حياة البشر على الأرض ، ويربط قلوبهم بالله وهم يأتمرون بأمره وينفذون تعاليمه ، ولكن كأنه قضايا جافة مبتوتة الصلة بالوجدان الحي . . لذلك هرب العامة من معاظلات علم الكلام في العقيدة ، ومن جفاف الدراسات الفقيهة ، إلى الملجأ الذي رأوه يشبع وجدانهم الروحي الظامئ ن وجدوا راحتهم النفسية التي افتقدوها هنا وهناك . .
ذلك يفسر ولا يبرر . . فلا شئ يبر الانحراف عن طريق الله القويم:
{وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} (3) .
جاء الإسلام ؛ ليغلى كل واسطة بين البشر وربهم ، وليعقد الصلة مباشرةً بين العبد والرب :
{ وقال ربكم ادعوني استجب لكم } (4) .
{ وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعان} (5) .
وجاءت الصوفية ؛ لتجعل بين العبد وربه وسطاء وشفعاء ، سواء كانوا من الأموات أو الأحياء .
وجاء الإسلام ؛ ليخرج من هذه الأمة "علماء" و " فقهاء" يعلمون الناس أمر دينهم :
{ إنما يخشى الله من عباده العلماء } (6) .
{ وما كان المؤمنون لينفروا كافة ، فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } (7) .(/7)
وجعل أولئك العلماء والفقهاء أئمة ومعلمين ومربين ، وقدوة للناس ، ولم يجعلهم "كهنة" يختصون "بالطقوس" . . ذلك أنه لم يكن عقيدة وشعائر فحسب . . إنما كان عقيدة وشريعة ومنهجاً كاملاً للحياة ، لذلك يحتاج الناس في ظله إلى علماء وفقهاء يعلمونهم أصول دينهم ومحتوياته ومتطلباته . . أما حين يكون عقيدة فحسب ، وطقوساً تتعلق بالعقيدة ، فهنا يظهر "الكهنة" ؛ ليكونوا وسطاء بين الناس وربهم ويظل الوسيط يتضخم في حسهم حتى يخرج عن طبيعته البشرية الخالصة ، ويصبح حسهم مزدوج الطبيعة فيه ناسوت ولاهوت!
جاء الإسلام ؛ ليجعل الدين خالصاً لله ، وجاءت الصوفية ؛ لتحوّل الشيخ في حس المريد إلى وسيط بين الناس وربهم ، بحجة أنه مبارك عند الله ، ترجى بركته ؛ ليقرب الناس إلى الله زلفى ، وليجعل الله يحيطهم برحمته ، فكأنما له شركة في الأمر مع الله ، مع أن الله قال لرسوله الحبيب - صلى الله عليه وسلم - : {ليس لك من الأمر شئ} (8) !
وجاء الإسلام ؛ ليقرر بشرية الرسول – صلى الله عليه وسلم - ، بشرية خالصة ، لا يخالطها شئ من "اللاهوت"، فغلت الصوفية في حبه وتعظيمه ، حتى جعلت كأنما خلق الله الخلق ؛ ليشاهدوا الأنوار المحمدية ، وليس أن الله بعث رسوله – صلى الله عليه وسلم – لهداية البشرية :
{ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } (9) .
ثم جعلوا من هذا التعظيم ذاته وسيلة لتضخيم الشيخ في حس المريد ، بدعوى أن الشيخ يرى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في منامه ، ويلتقي منه مباشرة كلاماً يقوله للناس !! (10) .
المصدر: كتاب "لا إله إلا الله عقيدة وشريعة ومنهاج حياة" ص 57 - 60
___________________________________
(1) سنتكلم في الفقرة القادمة (ثالثاً) عن المقتضى التشريعي للا إله إلا الله .
(2) الزمر: 3 .
(3) الأنعام: 153 .
(4) غافر: 60 .
(5) البقرة: 186 .
(6) فاطر : 28 .
(7) التوبة: 122 .
(8) آل عمران: 128 .(/8)
(9) الأنبياء: 107 .
(10) ينبغي أن نذكر - للحق - أن ليس كل من ينتمي للصوفية تقع منه هذه الانحرافات ، وأن هناك ممن ينتسبون للصوفية من كان سليم العقيدة وعاملاً في الأرض بمقتضى الشريعة ومجاهداً في سبيل الله ، وهؤلاء في الحقيقة من "الزهاد" وغن أخذوا سمت الصوفية .
اختارها وجمعها
أبو عمر الدوسري (المنهج) - شبكة الدفاع عن السنة
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/9)
يا أتباع الطرق الصوفية، أين أنتم من الطريقة المحمدية؟
الشيخ الأمين محمد الحاج - السودان
يا أتباع الطرق الصوفية، أين أنتم من الطريقة المحمدية، لقد جاءكم بها نبيكم بيضاء نقية، لماذا آثرتم المتسخة الردية؟ لماذا استبدلتم الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ لماذا فضلتم طاعة مشايخكم على طاعة رسولكم المعصوم عن الزلل؟ لماذا أصبحتم فرقاً وطوائف وأحزاباً كل حزب بما لديهم فرحون، وكل طريقة بما عندها مغترة، وكل طائفة ترى أنها أهدى من أختها؟(/1)
ما هذا التفرق والتشرذم والتحزب؟ لماذا هذا قادري، وهذا سماني، وهذا تجاني، وهذا ختمي، وهذا دندراوي، إلخ؟ هل أثرت هذه الطرق عن أحد من السلف المقتدى بهم؟ لم يكن السلف الصالح إلا حنفاء مسلمين، ولا يرد على ذلك اختلاف أهل المذاهب السنية، ولا الجماعات السلفية، لأن اختلافهم في الجملة سائغ، ومن غلا منهم وتعصب فهو آثم وأمره إلى الله.
هل ما ابتدعه مشايخكم من الأوراد والأحزاب أفضل مما جاءكم به نبيكم؟ إن قلتم نعم فقد كفرتم، وإن قلتم لا فقد ضللتم، فأنتم تتقلبون بين ضلالتين، وتترددون بين سوأتين.(/2)
ألم يأمركم ربكم بطاعة أولي الأمر من العلماء؟ لِمَ تقدِّمون طاعة مشايخكم الجهلاء على العلماء؟ هل أمر نبيكم أن يكون المريد مع شيخه كالميت بين يدي مغسله؟ هل صح عن رسولكم أنه قال: لا تعترض فتطرد؟ ألم يقل صلى الله عليه وسلم: "إنما الطاعة في المعروف"؟ هل أمر ربكم بالاستغاثة بالأموات، والاستعانة بهم لقضاء الحاجات؟ هل قصر عنكم ربكم حتى تشكوه إلى الموتى؟ ألم يقل: "ادعوني أستجب لكم"؟ كيف يعتقد جلكم أن الولي يحضر عند محاسبة مريده في القبر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "يا فاطمة، يا عباس، يا صفية، سلوني من مالي ما شئتم، والله لا أغني عنكم من الله شيئاً"؟ أوكما قال.
ما جواب من يعتقد أن صلاة الفاتح لِمَا أغلق تعدل القرآن ستة آلاف مرة؟ ما هي حجتك إذا قال لك رسولك لِمَ تركتَ الصلاة التي شرعتها لك، والأذكار التي رتبتها لك، واتبعت غيرها؟
هل يعتقد مسلم أن أقل مرتبة الولاية أن يقول الشيخ للشيء كن فيكون، كما قرر ذلك الشعراني في طبقاته، ونقل ذلك عنه ود ضيف الله في طبقاته، وصاغ ذلك الشيخ المكاشفي في قصيدته "جل جلاله":
بُهَاري بَهَر بنور الكون *** من الله محروس بالصَّون *** أوتي الحرف الكاف والنون
ماذا دهاكم أيها المسلمون؟ لماذا يكون المشركون الأوائل خيراً منكم وأعقل؟ حيث كانوا عند الشدة يدعون الله، وعند الرخاء يدعون الأصنام؟ لماذا تدعون هؤلاء الشيوخ أحياء وأمواتاً، في الشدة والرخاء، وتنسون خالق الأرض والسماء؟ هل أنتم أعلم من عمرعندما طلب من العباس أن يدعو لهم في السقيا ولم يذهب إلى قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو أفضل من العباس حياً وميتاً؟
هل الله سبحانه محتاج إلى من يعينه من الأغواث والأقطاب والأبدال كما يعتقد جلكم؟ ومن لا يعتقد لا ينكر على غيره، فأنتم في الإثم سواء.(/3)
هل من الإسلام في شيء أن يعتقد بعض الصوفية إن لم نقل كلهم أوجلهم في الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله أنه "سيد السموات والأرض"، و"النفاع الضرار"، و"المتصرف في الأكوان"، و"المطلع على أسرار الخليقة"، و"المحيي المميت"، و"مبرئ الأعمى والأبرص والأكمه"، و"دافع البلاء"، و"الرافع الواضع"، و"صاحب الشريعة"1 ، وفي غيره كما يقول عبد الرحيم البرعي السماني السوداني في لحوق الشيخ لمريده عند الاحتضار والقبر:
يحضر مريده في النزع والقبير *** للحجة يلقن بأحسن التعبير
وله يؤانس في الوحدة والشبير *** في جنان الخلد شاهده مولاه الكبير
ويقول في قصيدة مصر المؤمنة، وهي قصيدة شركية تغنى في الإذاعة والتلفزيون وتحيى بها الحفلات، وتشغل مسجلات الحافلات والأمجاد والرقشات:
ندعووك بالأربعة *** والكتب الأربعة
والفقهاء السبعة *** وأقطابنا الأربعة
أوتاد الأرض *** في القبل الأربعة
الأبدال والنقبة *** العشرة في أربعة
ويقول البرعي عن الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله:
هو القطب والغوث الكبير هو الذي *** أفاض على الأكوان بالبحر والسيل
وعند ظهور الحال يخطو على الهوى *** ويظهر شيئاً ليس يدرك بالعقل
بأكفان من قد مات إن كتب اسمه *** يكون له ستراً من النار والهول
وكل ولي عنقه تحت رجله *** بامر رسول الله يا لها من رجل
ينوب عن المختار في حضرة العلا *** ويحكم بالإحسان والحق والعدل
هل هذه العقائد جاء بها رسول الهدى ونبي الرحمة؟ إن لم يكن هذا هو الشرك الأكبر فلا يوجد شرك في الوجود أبداً.
ألم تعلموا أن على رأس كل فرقة من هذه الفرق وغيرها داعٍ يدعو من اتبعه إلى نار جهنم، كما أخبر الصادق المصدوق، لأنها مخالفة للطريقة المثلى، والحنيفية السمحة التي تركنا عليها الحبيب المصطفى، التي أولها عندنا وآخرها في الجنة.(/4)
اعلم أخي الحبيب أن من مات وهو معتقد لواحدة من هذه العقائد أوما شابهها مات على غير ملة الإسلام بحكم الصادق المصدوق، فعليك أن تبادر بتجديد إيمانك، وبالتوبة من هذ العقائد الكفرية، وأن تتخلى عن هذه الممارسات الوثنية قبل فوات الأوان ونزول الكرب العظام، فإني والله لك ناصح أمين، وعلى خيرك ومصلحتك من الحادبين، فما لم يكن في ذاك اليوم ديناً فلن يكون اليوم ديناً، كما قال مالك رحمه الله، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، فلن يضر واللهِ إلا نفسه.
واعلم كذلك أن نطقك بالشهادتين وأداءك للصلاة وغيرها من الأركان وانتهاءك عن المحارم والآثام لن يغني عنك شيئاً مع هذه النواقض العظام والطوام الجسام.
اللهم من كان من هذه الأمة يظن أنه على الحق وهو ليس عليه اللهم فرده إلى الحق رداً جميلاً حتى يكون من أهله.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين، وعنا معهم بعفوك وفضلك وإحسانك يا أكرم الأكرمين، ويا أرحم الراحمين.
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلى العقيدة
الملل والنحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية(/5)
أزاهير الرياض
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ، وبعد:
طابت الشيخ عبد المحمود قرية تقع في شمال الجزيرة ، تعتبر من أهم معاقل الطريقة السمانية في السودان ، ومن معالمها قبة على قبر الشيخ عبد المحمود نور الدائم شيخ الطريقة السمانية ، والتي تسمت هذه القرية باسمه.
من أشهر كتب الشيخ عبد المحمود نور الدائم كتاب "أزاهير الرياض" ومما جاء فيه.
البدوي يفرج الهموم
قال عبد المحمود نور الدائم في هذا الكتاب صفحة [155] وهو يدعو الناس إلى دعاء البدوي!! : ((من حصل به هم فليقل يا أحمد البدوي فلا يرى هما بعد هذا))
ويقول عبد المحمود في صفحة: [156] : ((ذكر سيدي الشعراني في ترجمة الشيخ محمد الزينبي قال: لما ضعف ولده وأشرف على الموت حضر عزرائيل لقبض روحه فقال الشيخ: للملك ارجع إلى ربك فراجعه فإن الأمر قد نسخ , فرجع عزرائيل ولم يقبض)) انتهى.
من رأى الشيخ أو رأى سرته لن تمسه النار!!!
ويقول أيضا صفحة [183] عن الشيخ أحمد الطيب: ((ومن ذلك ما أخبر به الشيخ فضل الضحاوي قال كنت أطلب رؤية سرة الشيخ عندما سمعت أن من رآها لم تأكله النار , فذات يوم ركب الشيخ إلى محل بالقرب فمحلت نعليه ماشيا خلفه وفي نفسي ذلك الخاطر فالتفت إلي وقال: يا فلان إن من رآني لم تأكله النار )) انتهى.
سبحان الله أي سخافة النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل أن رؤيته فكيف حاز هذا الفضل المزعوم من دون سيد الخلق أجمعين ونحن لازلنا في حيرة من أمر الصوفية من هو أفضل مشايخهم أم أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم. ؟؟!
سحر وشعوذة
ويقول في الصفحة [231] : ((ومنها قوله رضي الله عنه: يكتب لمن به حمى هذه الأسماء: شكش شكموش نمو شلخ راع المنخ أبو نوخ العجل الساعة)).
نعوذ بالله من الضلال.
زيارة أحمد الطيب هي الحج الأكبر!!!(222/1)
ويقول عبد المحمود في الصفحة: [74] : ((وكان الولي الصالح الزاهد الفقيه الأمين ولد دفين أبي عشر قد سمع رجلاً بحضرته يقول : زيارة سيدي الشيخ الطيب هي الحج الأصغر فقال له: ليس كما قلت بل زيارته الحج الأكبر, هكذا سمعته من شيخي)).
إحياء الموتى!!
قال عبد المحمود نور الدائم في بداية الفصل الثاني في كتابه أزاهير الرياض: (( اعلم أن إحياء الأولياء للموتى مشهور , وهو من خصائص وحدة الصفات , ولا يكون للولي إلا إذا فني من صفته الحادثة)).(222/2)
أقوال العلماء في كتاب الإحياء والإمام الغزالي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
الله يعلم أن قلبي ـ وأنا أجمع هذه الأقوال في هذا العالم الجليل ـ ينبض بالحب لهذا الإمام ، ولساني يلهج له بالمغفرة ، وما دفعني إلى هذا إلا تبيين الحق بعد أن رأيت الميل والغلو في هذا الإمام ، فوجب علي تقديم العلم والمصلحة على الحب ، وأنا أسألك يا الله أن تغفر لي وللإمام الغزالي ، وأن تجمعني معه على حوض نبيك صلى الله عليه وسلم ، اللهم اغفر لي وله ، اللهم اغفر لي وله ، اللهم اغفر لي وله.
قال القاضي عياض اليحصبي المتوفى سنة (544هـ): ((والشيخ أبو حامد ذو الأنباء الشنيعة، والتصانيف الفظيعة غلا في طريقة التصوف، وتجرد لنصر مذاهبهم، وصار داعيةً في ذلك، وألف فيه تواليفه المشهورة، أُخذ عليه فيها مواضع، وساءت به ظنون أمه ، والله أعلم بسره، ونفذ أمر السلطان عندنا بالمغرب وفتوى الفقهاء بإحراقها والبعد عنها، فامتُثل ذلك)) (سير أعلام النبلاء 327/19).
وقال الإمام ابن الجوزي المتوفى سنة (597هـ): ((اعلم أن في كتاب الإحياء آفات لا يعلمها إلا العلماء، وأقلها الأحاديث الباطلة الموضوعة، وإنما نقلها كما اقتراها ـ جمعها ـ لا أنه افتراها ، ولا ينبغي التعبد بحديث موضوع والاغترار بلفظ مصنوع، وكيف أرتضي لك أن تصلي صلوات الأيام والليالي، وليس فيها كلمة قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف أوثر أن يطرق سمعك من كلام المتصوفة الذي جمعه وندب إلى العمل به ما لا حاصل له من الكلام في الفناء، والبقاء، والأمر بشدة الجوع، والخروج إلى السياحة في غير حاجة، والدخول في الفلاة بغير زاد، إلى غير ذلك مما قد كشفت عن عواره في كتابي تلبيس إبليس)) (مختصر منهاج القاصدين: 16-17).(223/1)
وقال أيضاً: ((وجاء أبو حامد الغزالي فصنف لهم - أي للصوفية - كتاب الإحياء على طريقة القوم، وملأه بالأحاديث الباطلة وهو لا يعلم بطلانها، وتكلم في علم المكاشفة، وخرج عن قانون الفقه، وجاء بأشياء من جنس كلام الباطنية)) (تلبيس إبليس: 217 بتصرف يسير).
وقال: ((سبحان الله من أخرج أبا حامد من دائرة الفقه بتصنيفه كتاب الإحياء فليته لم يقل فيه مثل هذا الذي لا يحل، والعجب منه أنه يحكيه ويستحسنه ويسمي أصحابه أرباب أحوال ))
وقال أيضا: (( ..فما أرخص ما باع أبو حامد الغزالي الفقه بالتصوف..))
وقال الإمام الذهبي المتوفى سنة (748 هـ): ((أما الإحياء ففيه من الأحاديث الباطلة جملة، وفيه خير كثير لولا ما فيه من آداب ورسوم وزهد من طرائق الحكماء، ومنحرفي الصوفية، نسأل الله علماً نافعاً، تدري ما العلم النافع؟ هو ما نزل به القرآن، وفسره الرسول صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً. فعليك يا أخي بتدبر كتاب الله، وبإدمان النظر في الصحيحين، وسنن النسائي، ورياض النووي، وأذكاره تفلح وتنجح. وإياك وآراء عباد الفلاسفة، ووظائف أهل الرياضات، وجوع الرهبان، وخطاب طيش رؤوس أصحاب الخلوات، فكل الخير في متابعة الحنيفية السمحة، فواغوثاه بالله، اللهم اهدنا صراطك المستقيم)) (سير أعلام النبلاء: 339/19-340).
وقال أيضاً: ((وقد ألّف الرجل في ذمِّ الفلاسفةِ كتابَ "التهافت"، وكَشَفَ عوارَهم، ووافقهم في مواضعَ ظنًّا منه أن ذلك حقٌّ أو موافقٌ للملَّةِ، ولم يكن له علمٌ بالآثار، ولا خبرةٌ بالسنَّةِ النبويَّةِ القاضيةِ على العقلِ، وحُبِّبَ إليه إدمانُ النظرِ في كتابِ "رسائل إخوان الصفا" ، وهو داءٌ عضالٌ، وجَربٌ مردٍ، وسمٌّ قتَّال، ولولا أنَّ أبا حامد مِن كبار الأذكياء، وخيار المخلصين لتلِف، فالحذار الحذار مِن هذه الكتب، واهربوا بدينكم من شُبَه الأوائل وإلا وقعتم في الحيرة...)) (سير أعلام النبلاء: 19/328).(223/2)
وقال الإمام أبو بكر بن العربي رحمه الله: ((شيخُنا أبو حامد: بَلَعَ الفلاسفةَ، وأراد أن يتقيَّأهم فما استطاع)) (سير أعلام النبلاء: 19/327).
وقام الملك علي بن يوسف بن تاشفين ملِك المرابطين، بإحراق كتاب الإحياء ، قال الذهبي: وكان شجاعاً مجاهداً عادلاً ديِّناً ورعاً صالحاً، معظماً للعلماء مشاوراً لهم)). اهـ (سير أعلام النبلاء:20/124)
((وقد حرقه ـ أي كتاب الإحياء ـ علي بن يوسف بن تاشفين ، وكان ذلك بإجماع الفقهاء الذين كانو عنده)). ( المعيار المعرب: 12/185).
وقال الإمام المازري المتوفى سنة (536 هـ): ((ثم يستحسنون ـ أي: بعض المالكيَّة ـ مِن رجلٍ ـ أي: الغزالي رحمه الله ـ فتاوى مبناها على ما لا حقيقةَ له، وفيه كثيرٌ مِن الآثار عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لفَّق فيه الثابت بغير الثابت، وكذا ما أورد عن السلف لا يمكن ثبوته كله، وأورد مِن نزعاتِ الأولياءِ، ونفثاتِ الأصفياء ما يجلُّ موقعه، لكن مزج فيه النافع بالضار؛ كإطلاقاتٍ يحكيها عن بعضهم لا يجوز إطلاقها لشناعتها، وإِنْ أُخذتْ معانيها على ظواهرها: كانت كالرموز إلى قدح الملحدين..)).ا.هـ .
قال الذهبي رحمه الله: ولصاحب الترجمة - أي: المازري- تأليف في الرد على "الإحياء" وتبيين ما فيه مِن الواهي والتفلسف أنصف فيه، رحمه الله. اهـ (سير أعلام النبلاء:20/107).(223/3)
وقال محمد بن علي بن محمد بن حَمْدِين القرطبي المتوفى سنة ( 508هـ): ((إنَّ بعضَ من يعظ ممن كان ينتحل رسمَ الفقهِ ثم تبرأ منه شغفاً بالشِّرعةِ الغزّالية والنحلةِ الصوفيَّةِ أنشأ كرَّاسةً تشتمل على معنى التعصب لكتاب "أبي حامد" إمام بدعتهم. فأين هو مِن شُنَع مناكيرِه، ومضاليلِ أساطيِره المباينةِ للدين؟ وزعم أنَّ هذا مِن علم المعاملة المفضي إلى علم المكاشفةِ الواقعِ بهم على سرِّ الربوبيَّةِ الذي لا يسفر عن قناعه، ولا يفوز بإطلاعه إلا مَن تمطَّى إليه ثبج ضلالته التي رفع لها أعلامها، وشرع أحكامها )). (سير أعلام النبلاء: 19ـ332).
وممن انتقد الغزالي أيضاً الإمام ابن عقيل الحنبلي ، والذي قال فيه كلاماً لا أجيز نقله هنا.
(غاية الأماني: 2ـ369).
وقال الحافظ ابن كثير المتوفى سنة (774 هـ): ((وصنف في هذه المدة كتابه إحياء علوم الدين وهو كتاب عجيب يشتمل على علوم كثيرة من الشرعيات ، وممزوج بأشياء لطيفة من التصوف وأعمال القلوب ، لكن فيه أحاديث كثيرة غرائب ومنكرات وموضوعات ، كما يوجد في غيره من كتب الفروع التي يستدل بها على الحلال والحرام ، فالكتاب الموضوع للرقائق والترغيب والترهيب أسهل أمراً من غيره ، وقد شنع عليه أبو الفرج ابن الجوزي ثم ابن الصلاح في ذلك تشنيعاً كثيراً ، وأراد المازري أن يحرق كتابه إحياء علوم الدين ، وكذلك غيره من المغاربة ، وقالوا: هذا كتاب إحياء علوم دينه ، وأما ديننا فإحياء علومه كتاب الله وسنة رسوله ، كما قد حكيت ذلك في ترجمته في الطبقات ، وقد زيف ابن سكرة مواضع إحياء علوم الدين ، وبين زيفها في مصنف مفيد)). البداية والنهاية (12/174)
وقال الذهبي: ((ولأبي الحسن ابن سكرة رد على الغزالي في مجلد سماه: إحياء ميت الأحياء في الرد على كتاب الإحياء)). (سير أعلام النبلاء: 19ـ327).(223/4)
وروى راشد بن أبي راشد الوليدي المالكي ، المتوفي سنة (675 هـ) ، في كتابه الحلال والحرام ، أنه سمع الإمام عبد الله بن موسى الفشتالي المالكي يقول: ((لو وجدت تآليف القشيري لجمعتها وألقيتها بالبحر ، قال: وكذلك كتب الغزالي قال: وسمعته يقول: إني لأتمنى على الله أن أكون يوم الحشر مع أبي محمد بن أبي زيد ـ أي القيرواني ـ لا مع الغزالي)). (نيل الابتهاج بتطريز الديباج: 117)
وقال الإمام أبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي المتوفى سنة (520 هـ) في رسالة له إلى ابن المظفر ، يتكلم فيها عن الغزالي رحمه الله: ((...... ثم تصوَّف فهجر العلوم وأهلها، ودخل في علوم الخواطر، وأرباب القلوب، ووساوس الشيطان، ثم شابها بآراء الفلاسفة ورموز الحلاَّج، وجعل يطعن على الفقهاء والمتكلمين، ولقد كاد ينسلخ من الدين، فلما عَمِل (الإحياء) عمد يتكلم في علوم الأحوال، ومرامز الصوفية، وكان غير دري بها ولا خبير بمعرفتها!! فسقط على أم رأسه، فلا في علماء المسلمين قر، ولا في أحوال الزاهدين استقر ، ثم شحن كتابه بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا أعلم كتاباً على وجه البسيطة - في مبلغ علمي - أكثر كذباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ، سبكه بمذاهب الفلاسفة، ومعاني رسائل أخوان الصفا، وما مثل من قام لينصر دين الإسلام بمذاهب الفلاسفة، وآرائهم المنطقية، إلا كمن يغسل الماء بالبول، ثم يسوق الكلام سوقاً، يرعد فيه ويبرق، يُمَنّي ويشوق حتى إذا تشوفت له النفوس، قال: "هذا من علم المعاملة، وما وراءه من علم المكاشفة، ولا يجوز تسطيره في كتاب"، أو يقول: "هذا من سر القدر الذي نهينا عن إفشائه" ، وهذا فعل الباطنية، وأهل الدغل والدخل، وفيه تشويش للعقائد، وتوهين لما عليه كلمة الجماعة ، فإن كان الرجل يعتقد ما سطره في كتابه لم يبعد تكفيره، وإن كان لا يعتقده فما أقرب تضليله)) (المعيار المعرب 186ـ12)، وانظر: (تاريخ الإسلام للذهبي 122)،(223/5)
و (طبقات الشافعية الكبرى: 6ـ243). (الرسائل 3ـ137).
أمثلة على بعض ما في كتاب الإحياء من الأخطاء:
قال الغزَّالي غفر الله له: ((قال أبو تراب النخشبي يوماً لبعض مريديه: لو رأيتَ أبا يزيدٍ -أي: البسطامي- فقال: إني عنه مشغولٌ، فلمَّا أكثر عليه "أبو تراب" مِن قوله "لو رأيتَ أبا يزيد" هاج وجد المريد، فقال: ويحك، ما أصنع بأبي يزيد؟ قد رأيتُ الله فأغناني عن أبي يزيد!! قال أبو تراب: فهاج طبعي ولم أملك نفسي، فقلتُ: ويلك تغترُّ بالله، لو رأيتَ أبا يزيد مرةً واحدةً كان أنفعَ لك مِن أن ترى الله سبعين مرَّةً! قال: فبُهتَ الفتى من قوله وأنكره، فقال: وكيف ذلك؟ قال له: ويلك أما ترى الله عندك فيظهر لك على مقدارك، وترى أبا يزيد عند الله قد ظهر له على مقداره)) (الإحياء:4/305).
وقال غفر الله له: ((فاعلم أن الغناء أشد تهييجاً للوجد من القرآن من سبعة أوجه: الوجه الأول: أن جميع آيات القرآن لا تناسب حال المستمع ولا تصلح لفهمه ...... )).
(الإحياء: 2ـ298)
وقال غفر الله له: ((فإذا القلوب وإن كانت محترقة في حب الله تعالى ، فإن البيت ـ يعني من الشعر ـ الغريب يهيج منها ما لا تهيج تلاوة القرآن ، وذلك لوزن الشعر ومشاكلته للطباع)).
(الإحياء: 2ـ301)
وقال غفر الله له: ((قال "سهل التستري": إن لله عباداً في هذه البلدةِ لو دَعَوْا على الظالمين لم يُصبحْ على وجهِ الأرضِ ظالم إلا مات في ليلةٍ واحدةٍ... حتى قال: ولو سألوه أن لا يقيم الساعة لم يقمْها!))
وعلَّق على هذا فقال: ((وهذه أمورٌ ممكنةٌ في نفسِها، فمَن لم يحظَ بشيءٍ منها؛ فلا ينبغي أنْ يخلو عن التصديق والإيمان بإمكانها، فإنَّ القدرةَ واسعةٌ، والفضلَ عميمٌ، وعجائبَ الملك والملكوت كثيرةٌ، ومقدورات الله تعالى لا نهاية لها، وفضله على عباده الذين اصطفى لا غاية له!))
(الإحياء: 4/305).(223/6)
وأورد الغزالي غفر الله له في الإحياء ، المجلد الثالث ، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قصة مراسلات بين الخليفة هارون الرشيد وسفيان الثوري ، وما فيها من مواعظ وقصص وكذب، وخفي عليه وهو القريب من زمانهما ، أن الثوري مات قبل خلافة هارون الرشيد بعشر سنوات ، مما يظهر بعده أيضاً عن التحقق ، وقبوله لأي شيء يرد.
وقال غفر الله له: ((قال سهل بن عبد الله التستري وسُئل عن سرِّ النفسِ؟ فقال: النفسُ سرُّ الله، ما ظهر ذلك السرُّ على أحدٍ مِن خلقِهِ إلا على فرعون! فقال: أنا ربُّكم الأعلى!)).
(الإحياء: 4/61).
وقال غفر الله له: ((قال الجنيد: أُحبُّ للمريدِ المبتدئ" أنْ لا يَشغلَ قلبَه بثلاثٍ، وإلا تغيَّر حاله! التكسُّب وطلب الحديث والتزوج. وقال -(أي: الجنيد)-: أُحبُّ للصوفي أن لا يكتبَ ولا يقرأَ، لأنه أجمع لهمِّه)) (الإحياء: 4/206).
وقال غفر الله له: ((… وعن بعضهم أنه قال: أقلقني الشوقُ إلى "الخضر" عليه السلام، فسألتُ الله تعالى أن يريَني إياه ليعلِّمَني شيئاً كان أهمَّ الأشياءِ عليَّ، قال: فرأيتُه فما غلبَ على همي ولا همتي إلا أنْ قلتُ له: يا أبا العباس! علِّمْني شيئاً إذا قلتُه حُجبْتُ عن قلوبِ الخليقةِ، فلم يكن لي فيها قدْرٌ، ولا يعرفني أحدٌ بصلاحٍ ولا ديانةٍ؟، فقال: قل " اللهمَّ أَسبِل عليَّ كثيف سترك، وحطَّ عليَّ سرادقات حجبك، واجعلني في مكنون غيبك، واحجبني عن قلوب خلقك " قال: ثم غاب فلم أره، ولم أشتقْ إليه بعد ذلك، فما زلتُ أقول هذه الكلمات في كلِّ يومٍ، فحكى أنَّه صار بحيث يُستذلُ ويُمتهنُ، حتى كان أهلُ الذمَّةِ يسخرون به، ويستسخرونه في الطرق يحمل الأشياء لهم لسقوطه عندهم، وكان الصبيانُ يلعبون به، فكانت راحته وركود قلبه واستقامة حاله في ذلك وخموله.)) (الإحياء: 4/306).
وعلَّق الغزالي غفر الله له فقال: ((وهكذا حال أولياء الله تعالى ففي أمثال هؤلاء ينبغي أن يطلبوا.))(223/7)
وقال غفر الله له: ((ومنهم من تأتي الكعبة إليه وتطوف هي به وتزوره)) (الإحياء 1/269).
وقال غفر الله له: ((وكان أبو يزيد وغيره يقول: ليس العالِم الذي يحفظ من كتاب، فإذا نسي ما حفظه صار جاهلاً، إنما العالِم الذي يأخذ علمَهُ من ربِّه أيّ وقتٍ شاء بلا حفظٍ ولا درسٍ!)) (الإحياء: 3/24).
وقال غفر الله له: ونسأل الله أن يغفر لنا نقلنا هذا , لما فيه من اتهام الله بالظلم تعالى ربنا له الأسماء الحسنى والصفات العلا- ((قرَّبَ الملائكةَ مِن غيرِ وسيلةٍ سابقةٍ، وأبعدَ إبليسَ مِن غيرِ جريمةٍ سالفةٍ!)) (الإحياء: 4/168).(223/8)
الإنسان الكامل للجيلي
الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل تأليف عبد الكريم الجيلي (805 هـ) الطبعة الرابعة: (1401 هـ) البابي الحلبي.
يعتبر كتاب الإنسان الكامل من أهم المراجع عند الصوفية ، وهو الكتاب الذي طبع آلاف المرات وتناقلته وتهادته ألآف المشايخ والمجالس.
وكذلك قطبهم ((الغوث)) مؤلف الكتاب عبد الكريم الجيلي الذي قل كتاب ومرجع للصوفية إلا وفيه نقل عنه ، وهاكم إخواني بعض النقول من كتاب ((الإنسان الكامل)) لكي تعرفوا تراث الصوفية وما يحوي.
جاء منه صفحة (52) ما نصه: ((ولقد اجتمعت بأفلاطون الذي يعدونه أهل الظاهر كافراً ، فرأيته وقد ملأ العالم الغيبي نوراً وبهجة ، ورأيت له مكانة لم أرها إلا لآحاد الأولياء ، فقلت له من أنت.؟ قال: أنا قطب الزمان وواحد الأوان)).
وجاء في الصفحة (61) ما نصه: ((فصل: اعلم أن الله تعالى لما خلق النفس المحمدية من ذاته، وذاتُ الحق جامعة للضدين ، خلق الملائكة العالين من حيث صفات الجمال والنور والهدى من نفس محمد صلى الله عليه وسلم كما سبق بيانه ، وخلق إبليس وأتباعه من حيث صفات الجلال والظلمة والضلال من نفس محمد صلى الله عليه وسلم ، وكان اسمه عزازيل ، وقد عبدَ الله تعالى قبل أن يخلق الخلق بكذا كذا ألف سنة ، وكان الحق قد قال له يا عزازيل لا تعبد غيري ، فلما خلق الله آدم عليه السلام وأمر الملائكة بالسجود له ، التبس الأمر على إبليس ، فظن أنه لو سجد لآدم كان عابداً لغير الله ، ولم يعلم أن من سجد بأمر فقد سجد لله ، فلهذا امتنع ، وما سمي إبليس إلا لنكتة هذا التلبس الذي وقع فيه فافهم ، وإلا فاسمه قبل ذلك عزازيل وكنيته أبو مرة)).
وجاء في الصفحة (62ـ63) في شرحه لقوله تعالى: {وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين}:(224/1)
((فإذا انقضى يوم الدين فلا لعنة عليه لارتفاع حكم الظلمة الطبيعية يوم الدين ..... وأما بعد ذلك فإن الطبائع تكون لها من جملة الكمالات ، فلا لعنة بل قرب محض ، فحينئذ يرجع إبليس إلى ما كان عليه عند الله من القرب الإلهي ، وذلك بعد زوال جهنم ، لأن كل شيء خلقه الله لا بد أن يرجع إلى ما كان عليه ، هذا أصل مقطوع فيه ، فافهم)).(224/2)
الجواهر في مناقب الشيخ أبي بكر بن سالم تاج الأكابر
جاء في صفحة (100) من كتاب الجواهر: ((والفضل الكبير عند أهل الكشف ظهور الحقيقة الإنسانية والهداية والأسرار الإلهية ، ويؤيد هذه الأنفاس قول أمير المؤمنين ورئيس الموحدين باب مدينة العلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه في خطبة كان يخطبها فقال: أنا نقطة باء بسم الله الرحمن الرحيم ، وأنا جنب الله الذي فرطتم فيه ، وأنا العرش ، وأنا الكرسي ، وأنا السماوات والأرضون)).
قلت: بقي أن تعلم أخي القارئ أن تنقيط المصحف لم يكن إلا بعد وفاة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.(225/1)
الجوهر الشفاف في مناقب وكرمات السادة الأشراف
الجوهر الشفاف كتاب لأبي محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن علي بن الشيخ محمد بن الشيخ الإمام علي بن محمد الخطيب الأنصاري.
وجاء فيه (1ـ103): ((روى المشايخ رضي الله عنهم أن شيخ شيوخنا الشيخ الفقيه محمد بن علي رضي الله عنه قال: تخلفت سنة من السنين عن زيارة قبر النبي هود على نبينا وعليه السلام ، فبينما أنا جالس في مكان متعال سننه إذ دخل علي النبي هود عليه السلام وهو مطأطئ رأسه كيلا يصيبه السقف ، فلما وصل إلي قال لي: يا شيخ إن لم تزرنا زرناك ، فقلت له: من أين أتيت هذه الساعة قال من عند ابني هادون)).
وجاء فيه (1ـ79): ((ومن جملة ما كتب شيخ شيوخنا الشيخ محمد بن علي بن أبي علوي أنه عرج بي إلى سدرة المنتهى سبع مرات في ليلة واحدة ، وفي رواية سبع وعشرين ، وفي رواية سبعين مرة)).
وجاء فيه (1ـ95): ((وعن الشيخ الكبير العارف بالله تعالى فضل بن عبد الله رضي الله عنه أنه كان يقول: دابة الفقيه محمد بن علي تعرف طرق السماء كما تعرف طرق الأرض)).(226/1)
الحِكَم العطائية
ورد إلى موقع (إسلام اليوم) السؤال التالي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد:
كل عام وأنتم بخير ، شيخنا الفاضل: ما رأيكم في كتاب (الحِكَم العطائية) ؟ وهل هو صحيح بأنه لو صحَّت الصلاة بغير القرآن لصحت بهذه الحكم؟.
الجواب من الدكتور: علي بن بخيت الزهراني.
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتَّبع هداه وبعد:
فـ (الحِكَم العطائية) كتيب لتاج الدين أحمد بن محمد بن عطاء الله الإسكندري المتوفى في القاهرة سنة (709) هـ، من كبار المتصوِّفة في عصره، وكان ممن قام على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وتسبب مع جماعة من الصوفية في حبسه ظلماً بمصر سنة (707) هـ، حيث ادعى عليه أشياء لم يثبت منها شيء (البداية والنهاية 14/47).
وأما الكتاب فهو مؤلف في توحيد الصوفية، وبيان أحوالهم ومسالكهم ...
وقد احتفل به الصوفية بالشرح والتعقيب، وأشهر شروحه: شرح ابن عبَّاد النفزي الرندي، المسمى: غيث المواهب العلية في شرح الحكم العطائية.
والكتاب في الجملة يدور على عقائد المتصوفة الفاسدة، وفيه كلام يكاد يصرِّح فيه مؤلفه بما تظافر المتصوفة على تسميتها بالحقيقة، وهي عقيدة وحدة الوجود التي ترى أن كل موجود هو الله، ولا وجود لسواه على الحقيقة، وفيها من الكفر ما هو أكفر من عقائد اليهود والنصارى، كما صرح بذلك علماء أهل السنة والجماعة..
ومن ذلك قوله :" ما حجبك عن الله وجود موجود، ولكن حجبك عنه توهم موجود معه".
وقال شارحه ابن عباد :" تقدم أن لا موجود سوى الله تعالى على التحقيق، وأن وجود ما سواه إنما هو وهم مجرد".
وقوله:" سبحان من ستر سر الخصوصية بظهور البشرية..".(227/1)
قال شارحه ابن عباد:" سر الخصوصية هو: حقيقة المعرفة التي اختص بها أهل ولاية الله – تعالى- بحيث لا يبقى معها وجود لغير ولا كون، فمن لطيف حكمة الله تعالى أن ستر ذلك بما أظهره من البشرية التي من لوازمها وجود الغير والكون ، ولولا هذا الستر لكان سر الله مبتذلاً غير مضمون".
وفيه – عدا ما تقدم - عبارات هي محل نظر كقوله:" طلبك منه (أي من الله) اتهام له .."
يقوله شارحه:" فطلبه من الله تهمة له؛ إذ لو وثق في إيصال منافعه إليه من غير سؤال لما طلب منه شيئاً..".
فسؤال العبد لله ربه ودعاؤه له مذموم عند هؤلاء الصوفية ؛لأنه بزعمهم صادر عن عدم ثقة بالله ، مع أن أنبياء الله ورسله -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- قد سألوا ربهم وطلبوا منه أموراً، والكتاب العزيز مليء بذلك..
وكذلك بعض العبارات التي حملها الشارح على ذم التمتع بالطيبات من الرزق الحلال، وترك الزواج والنسل، والتشنيع على من يأخذ بالأسباب، وغير ذلك مما لا شك أنه على خلاف سنة سيد الخلق -صلى الله عليه وسلم-.
ومع ذلك فالكتاب لا يخلو من حكم نافعة ووصايا جامعة، ولكن يفسد ذلك أمران:
الأول : اشتماله على عبارات باطلة، وكلمات موهمة..
الثاني: إفساد النافع منه من قبل من تولى شرحه من المتصوفة بإغراقه في لجج خرافات الصوفية، وأحوالهم غير الشرعية..
وأما شرح البوطي فلم أطلع عليه، والبوطي كما هو معروف من أشد المتصوفة في هذا العصر تعصباً على الدعوة السلفية، وأكثرهم تمجيداً للصوفية ودعوة لها..
والعبارة المذكورة عبارة منكرة لا يحل التكلم بها، ولا يقولها إلا جاهل ، أو أحد من غلاة المتصوفة، وبمثل هذه الكلمة الجائرة التي يفوح منها رائحة الغلو والفساد فضلت هذه الحكم والعبارات على سنة سيد الأنبياء والمرسلين..
فلم يقل أحد مثل ذلك عن حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي أوتي جوامع الكلم، أيقال ذلك عن كلام غيره من البشر.. سبحانك هذا بهتان عظيم.(227/2)
نسأل الله -عز وجل- أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..(227/3)
الرسالة القشيرية
يقول الإمام ابن الجوزي رحمه الله: ((صنف لهم ـ أي للصوفية ـ القشيري كتاب "الرسالة" فذكر فيها العجائب من الكلام والغناء والبقاء والقبض والبسط .... إلى غير ذلك من التخليط الذي ليس بشيء ، وتفسيره ـ لطائف الإشارات ـ أعجب منه)). (تلبيس إبليس: 165).
قلت: إليك بعض هذه التخليطات والعجائب:
فقد ورد فيها (صفحة 391) في ترجمة إبراهيم بن أدهم ((كان من أبناء الملوك , فخرج يوما يتصيد , فأثار ثعلبا أو أرنبا , وهو في طلبه , فهتف به هاتف: يا إبراهيم , ألهذا خلقت؟ أم بهذا أمرت ؟ ثم هتف به: ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت.
ورأى ـ إبراهيم بن أدهم ـ في البادية رجلاً علمه اسم الله الأعظم , فدعا به بعده فرأى الخضر عليه السلام , وقال: إنما علمك أخي داوود اسم الله الأعظم. قال إبراهيم بن بشار: صحبت إبراهيم بن أدهم فقلت أخبرني عن بدء أمرك فذكر هذا)).
وورد في ترجمة أبو يزيد البسطامي (صفحة 395) ((وسئل عند ابتدائه وزهده , فقال: ليس للزهد منزلة , فقيل له: لماذا ؟ فقال: لأني كنت خلال ثلاثة أيام في الزهد , فلما كان اليوم الرابع خرجت منه , ففي اليوم الأول زهدت في الدنيا وما فيها , وفي اليوم الثاني زهدت في الآخرة وما فيها , وفي اليوم الثالث زهدت فيما سوى الله تعالى , فلما كان اليوم الرابع لم يبق لي سوى الله تعالى فَهِمْتُ , فسمعت قائلا يقول: يا أبا يزيد لا تقو معنا , فقلت: هذا الذي أريد , فسمعت قائلا يقول: وجدت وجدت.
قيل لأبي يزيد: ما أشد ما لقيت في سبيل الله ؟ فقال: لا يمكن وصفه , فقيل له: ما أهون ما لقيت نفسك منك ؟ قال: أما هذا فنعم , دعوتها إلى شيء من الطاعات فلم تجبني فمنعتها الماء سنة)).(228/1)
وورد في ترجمة سهل التستري (صفحة 400): ((خرجت إلى عبادان إلى رجل يعرف بأبي حبيب حمزة بن عبد الله العباداني فسألته عنها – أي مسألة وقعت له – فأجابني , وأقمت عنده مدة أنتفع بكلامه وأتأدب بآدابه , ثم رجعت إلى تستر , فجعلت قوتي اقتصارا على أن أشتري بدرهم من الشعير الفرق فيطحن ويخبز لي , فأفطر عند السحر كل ليلة على أوقية واحدة بحتا بغير ملح ولا أدم , فكان ذلك الدرهم يكفيني سنة , ثم عزمت على أن أطوي ثلاث ليال , أفطر ليلة , ثم خمسا , ثم سبعا. ثم خمسا وعشرين ليلة ـ هذا تدريج للمريد تسهيلاً لانتقاله من شيء إلى ما هو أولى منه ـ وسرت على هذا النظام عشرين سنة , ثم خرجت أسيح في الأرض سنين , ثم رجعت إلى تستر)).
وورد في ترجمة بشر الحافي (صفحة 404): ((وسمعت بلال الخواص يقول: كنت في تيه بني إسرائيل فإذا رجل يماشيني , فتعجبت منه , ثم ألهمت أنه الخضر عليه السلام فقلت له: بحق الحق من أنت ؟ فقال: أخوك الخضر. فقلت له: أريد أن أسألك. فقال: سل , فقلت: ماذا تقول في الشافعي رحمه الله تعالى ؟ فقال: هو من الأوتاد (هم الذين يحفظ بهم الدين والشافعي رضي الله عنه منهم) فقلت: ماذا تقول في أحمد بن حنبل رضي الله عنه ؟ قال: رجل صديق (أي نظرا لما قاساه من الضرب والهوان عندما طلب منه القول بخلق القرآن الكريم فأبى ولم ينطق بكلمة يتخلص بها مما هو فيه) قلت: فماذا تقول في بشر بن الحارث الحافي ؟ فقال: لم يخلق مثله بعده. فقلت: بأية وسيلة رأيتك ؟ فقال: ببرك لأمك)).
وورد في ترجمة أبي سليمان عبد الرحمن الداراني (صفحة 412): ((وقال أبو سليمان: كنت في ليلة باردة في المحراب ، فأقلقني البرد فخبأت إحدى يدي من البرد ، وبقيت الأخرى ممدودة فغلبتني عيناي ، فهتف بي هاتف: يا أبا سليمان ، قد وضعنا في هذه ما أصابها ، ولو كانت الأخرى لوضعنا فيها. فآليت على نفسي أن لا أدعو إلا ويداي خارجتان)).(228/2)
وأورد (صفحة 412) في ترجمة أحمد بن محمد الدينوري (توفي بعد 340 هـ): ((وقال لقد نقضوا أركان التصوف , وهدموا سبيله , وغيروا معانيه بأسماء أحدثوها , فقد سموا الطمع زيادة , وسوء الأدب إخلاصا , والخروج عن الحق شطحا , والتلذذ بالمذموم طيبة , واتباع الهوى ابتلاء , والرجوع إلى الدنيا وصولا , وسوء الخلق صولة , والبخل جلادة , والسؤال عملا , وبذاءة اللسان ملامة.... وما كان هذا طريق القوم)).
وأورد (صفحة 416) في ترجمة أحمد بن محمد الروذاباري (توفي 322 هـ): ((وسئل أبو علي عن من يستمع للملاهي ويقول: هي لي حلال لأني وصلت إلى درجة لا تؤثر في اختلافات الأحوال, فقال: نعم , لقد وصل ولكن إلى سقر)).
وروى عن سهل بن عبد الله أنه قال: ((من زهد في الدنيا أربعين يوماً , صادقاً من قلبه مخلصاً في ذلك , ظهرت له الكرامات , و من لم تظهر له فلعدم الصدق في زهده. فقيل لسهل: كيف تظهر له الكرامة ؟ قال: يأخذ منها ما يشاء , كما يشاء , من حيث يشاء)). (صفحة 356)
رؤية الله بالأبصار:
وقال القشيري: ((فإن قيل: هل تجوز رؤية الله بالأبصار في الدنيا على وجه الكرامة ؟ فالجواب عنه: أن الأقوى فيه أنه لا يجوز , لحصول الإجماع عليه , ولقد سمعت الإمام أبا بكر بن فورك رضي الله عنه يروي عن أبي موسى الأشعري أنه قال: في ذلك قولان , و ذلك في كتاب "الرؤية الكبير")). (صفحة 360)
وأورد (صفحة 169) ((قيل جاع أحمد النوري في البادية , فهتف به هاتف: أيهما أحب إليك سبب أو كفاية ؟ فقال: الكفاية , ليس فوقها نهاية , فبقي سبعة عشر يوماً لم يأكل)).(228/3)
وقال القشيري (صفحة 172): ((يقول أبو سعيد الخراز: دخلت البادية مرة بغير زاد فأصابتني فاقة , فرأيت المرحلة من بعيد , فسررت بأني وصلت , ثم فكرت في نفسي أني سكنت و اتكلت على غيره , فآليت أن لا أدخل المرحلة إلا أن أحمل إليها , فحفرت لنفسي في الرمل حفرة , وواريت جسدي فيها إلى صدري , فسمعوا صوتاً في نصف الليل عالياً: يا أهل المرحلة إن لله تعالى ولياً حبس نفسه في هذا الرمل فالحقوه , فجاءني جماعة فأخرجوني وحملوني إلى القرية.
قال أبو حمزة الخراساني: حججت سنة من السنين , فبينما أنا أمشي في الطريق , إذ وقعت في بئر , فنازعتني نفسي أن أستغيث فقلت: لا و الله , لا أستغيث , فما استتممت هذا الخاطر , حتى مر برأس البئر رجلان , فقال أحدهما للآخر: تعال نسد رأس هذا البئر لئلا يقع فيه أحد , فأتوا بقصب وبارية وطموا رأس البئر , فهممت أن أصيح ثم قلت في نفسي: أصيح إلى من هو أقرب منهما وسكنت , فبينما أنا بعد ساعة إذا أنا بشيء جاء وكشف رأس البئر , وأدلى رجله وكأنه يقول لي: تعلق بي في همهمة له كنت أعرف ذلك منه , فتعلقت به فأخرجني فإذا هو سبع , فمر , وهتف بي هاتف: يا أبا حمزة أليس هذا أحسن , نجيناك من التلف بالتلف)).
وقال أيضاً (صفحة 179): ((يروى عن أبي جعفر الحداد قال: رآني أبو تراب النخشبي و أنا في البادية جالسا أمام بركة ماء , و لي ستة عشر يوما لم آكل و لم أشرب , فقال لي: ما جلوسك ؟ فقلت: أنا بين العلم واليقين أنتظر من يغلب فأكون معه , يعني: إن غلب العلم شربت , وإن غلب اليقين مررت . فقال: سيكون لك شأن)).(228/4)
وقال القشيري (صفحة 181): ((قال إبراهيم الخواص: لقيت غلاما في التيه (اسم مكان) كأنه سبيكة فضة , فقلت: إلى أين يا غلام؟ فقال: إلى مكة حرسها الله , فقلت: هل تسير بلا زاد ولا راحلة ولا نفقة ؟ فقال لي: يا ضعيف اليقين , الذي يقدر على حفظ السموات والأرض , ألا يقدر أن يوصلني إلى مكة المكرمة بلا علاقة؟ قال: فلما دخلت مكة المكرمة حرسها الله فإذا أنا به في الطواف)).
وأورد أيضاً (صفحة 182): ((يقول إبراهيم الخواص: طلبت المعاش لأكل الحلال , فاصطدت السمك , و ذات يوم وقعت في الشبكة سمكة فأخرجتها و طرحت الشبكة في الماء فوقعت فيها سمكة أخرى فرميت بها ثم عدت , فهتف بي هاتف: لم تجد معاشاً إلا أن تأتي من يذكرنا فتقتلهم , قال: فكسرت القصبة و تركت الصيد)).
وأورد أيضاً (صفحة: 77): ((قال ذو النون المصري: التوكل ترك التدبير والانخلاع من الحول والقوة، وقال إبراهيم الخواص: لقيني الخضر عليه السلام فسألني الصحبة ، فخشيت أن يفسد عليّ توكلي بسكوني إليه ففارقته)).
وحكى القشيري (صفحة 92) عن أبي بكر الوراق قوله: ((آفة المريد ثلاث: التزوج وكتابة الحديث والأسفار. وذكر أن أحد الصوفية سئل عن سوء أدب الفقير – أي الصوفي – فقال: انحطاطه من الحقيقة إلى العلم)).(228/5)
الطراز المعلم والسر الملهم
جاء في كتاب الطراز المعلم والسر الملهم المسمى "السلسلة القدوسية المتصلة بالخرقة العيدروسية المتعلقة بكبار أئمة الصوفية المتصلة إلى سيد البرية"
في الصفحة: (276): ((اجتمعت بالشيخ عبد الله العيدروس ، وقلت له: وددت الاجتماع بك جهاراً في عدن فلم تأت. فقال: قد كان. فقلت: متى.؟ قال: أما تذكر يوم أتاك السائل إلى المكان الفلاني في اليوم الفلاني وقت الضحى ، وسألك أن تعطيه كذا وكذا ، فانتهرته وذهبت عنه فتبعك فانتهرته ثانياً ، وغدوت إلى أصحابك وشكوته إليهم وهو يضحك. فقلت: نعم. فقال رضي الله عنه: أنا ذلك الفقير أتيتك في صورة السائل. فقلت: لم لا آتيتني ظاهراً في صورتك هذه.؟ فقال: لو فعلت مسكتني وأعلمت الناس بي.
قلت: ولا تستبعد ذلك منه رضي الله عنه ، إذ هو القائل لو أردت أن أنظر إلى مشارق الأرض ومغاربها من حلقة خاتمي هذا لفعلت ، ولو أردت أن أدخل في حلقة خاتمي هذا وأدخل في وسط كل حضرة لفعلت ، والقائل أيضاً: ما يخفى عليّ باطن أحد من الخلق وديارهم وغيرها ، وما يجتمع اثنان إلا وأنا ثالثهما)).
هنا يجب علي أن أتوقف عن النقل من هذا الكتاب ، علماً أن الباقي مثله أو يزيد ، ولكن الذي لا يفهم المقصود من هذا النقل الذي مر ، ليس بحاجة إلى مزيد نقل ، والله الهادي إلى سواء السبيل ، والحمد لله رب العالمين.(229/1)
الفيوضات الربانية
اللهم صل على محمد وآله محمد كما صليت على إبراهيم وآله إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، أما بعد:
ليس القصد الطعن بالشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله ، بل تبيين مدى انحراف الصوفية وغلوهم في هذا العالم الجليل ، جاء في كتاب الفيوضات الربانية صفحة: 72 ما يلي:
((فائدة في الاستغاثة بواسطة حضرة الغوث قدس سره
وهي إذا كان لك مهم أيها الطالب الصادق الراغب وكان ذلك المهم دنيويا أو أخرويا فانهض في ليلة الثلاثاء قبل الفجر وأسبغ الوضوء وصل لله تعالى ركعتين بنية صلاة الحاجة وتقرأ في الأولى بعد الفاتحة الكافرون إحدى عشرة مرة وفي الثانية بعد الفاتحة الإخلاص إحدى عشرة مرة وبعد السلام تقرأ الإخلاص أيضا إحدى عشرة مرة وتذكر حضرة الغوث قدس سره إحدى عشرة مرة بهذه الصفة يا سيدي عبد القادر محيى الدين وتخطو إلى جهة الشرق إحدى عشرة خطوة وتقول في كل خطوة يا شيخ عبد القادر يا جيلاني ثم تكرر البيتين ثلاث مرات وهما:
أيُدرِكني ضيمٌ وأنت ذخيرتي وأُظلمُ في الدنا وأنت نصيري
وعارٌ على راعي الحِمى وهو في الحمى إذا ضاع في البيدا عقال بعيري )).
ومما جاء في هذا الكتاب أن للشيخ عبد القادر الجيلاني أكثر من تسعين اسماً.
وأنا أسأل عقلاء الصوفية:
ما جاء في الاسم رقم: 11 "يا فارج الكرب" ، من هو فارج الكرب عندكم ؟
ما جاء في الاسم رقم: 17 "يا صاحب الملك والملوك" ، ومن هو صاحب الملك والملوك ؟
ما جاء في الاسم رقم: 20 "يا محيي الرميم" ، ومن هو محيي الرميم ؟
ما جاء في الاسم رقم: 27 "يا مبدي جمال الله" ، وما هو قصدهم بهذا الاسم ؟
ما جاء في الاسم رقم: 28 " يا نائب رسول الله" ومن كان نائب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل ولادة الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله؟
ما جاء في الاسم رقم: 39 "يا راحم الناس" ، ومن هو راحم الناس ؟(230/1)
ما جاء في الاسم رقم: 40 "يا مذهب الباس" ، ومن هو مذهب الباس؟
ما جاء في الاسم رقم: 43 "يا كعبة الواصلين" ، وماذا يقصدون بكعبة الواصلين ، هل يوجبون على الواصل أن يحج لقبره أو ماذا ؟
ما جاء في الاسم رقم: 44 "يا وسيلة الطالبين" ، وماذا كان حال الطالبين قبل ولادته وماذا يقصدون بوسلية الطالبين ؟
ما جاء في الاسم رقم: 49 "يا إمام المتقين" ، وهل تقصدون أن الشيخ اتقى من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته والتابعين ؟
ما جاء في الاسم رقم: 68 "يا منتهى الأمل حين ينقطع العمل" على ماذا يدل ؟!
ما جاء في الاسم رقم: 76 "يا فرجاً في الشدائد" ، ومن هو مفرج الشدائد عندكم ؟!
ما جاء في الاسم رقم: 81 "يا غافر الأوزار" ، ومن هو غافر الأوزار عندكم ؟!
ما جاء في الاسم رقم: 90 "يا مقبول رب الجنات" ، أليس في هذا تقوّل على الله تعالى ؟!
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ،والحمد لله رب العالمين.(230/2)
الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
من المصائب أن يضيع عمرك وأن ترد على مفتر لا قيمة لوقته ، ولا ينظر إلى أثر عمله ، يؤلف التآليف ويخلط بها الغث بالسمين ويسود الورق.
منذ فترة اطلعت على كتاب ضخم من القياس الكبير في جزأين تجاوزت أوراقه (700) اسمه "الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية" للمؤلف السوري "يوسف خطار محمد" فأخذت أقلب بالكتاب ويشهد الله العظيم أنني وبعد النظر في الصفحة الأولى للكتاب والفهرس ، وفي أول ورقة وقعت عليها وجدت الكاتب "يوسف خطار محمد" يكتب مدافعاً عن ابن عربي وناقلاً عن الحافظ ابن حجر في مدح لابن عربي النص التالي:
((عدَّ طائفة من العلماء كتبه الصوفية من إشارات العارفين ورموز السالكين وعدها طائفة من متشابه القول وأن ظاهرها كفر وباطنها حق وعرفان وأنها صحيحة في نفسها كبيرة القدر والصواب أنه مات على الحق فقد كان عالما بالآثار والسنن قوي المشاركة في العلوم وقولي أنا([1]) فيه: يجوز أن يكون من أولياء الله تعالى الذين اجتذبهم الحق إلى جناته عند الموت وختم لهم بالحسنى)).
ــــــــ
([1]) المقصود: هو الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني راجع لسان الميزان (5/311) وما بعدها.
قلت: وإليكم العبارة الموجودة في كتاب لسان الميزان:(231/1)
((وصنف التصانيف في تصوف الفلاسفة وأهل الوحدة فقال أشياء منكرة عدها طائفة من العلماء مروقاً وزندقة وعدها طائفة من العلماء من إشارات العارفين ورموز السالكين وعدها طائفة من متشابه القول وأن ظاهرها كفر وضلال وباطنها حق وعرفان وأنه صحيح في نفسه كبير القدر وآخرون يقولون قد قال هذا الباطل والضلال فمن الذي قال إنه مات عليه فالظاهر عندهم من حاله أنه رجع وتاب إلى الله فإنه كان عالماً بالآثار والسنن قوي المشاركة في العلوم وقولي أنا فيه: إنه يجوز أن يكون من أولياء الله الذين اجتذبهم الحق إلى جنابه عند الموت وختم لهم بالحسنى فأما كلامه فمن فهمه وعرفه على قواعد الاتحادية وعلم محط القوم وجمع بين أطراف عباراتهم تبين له الحق في خلاف قولهم وكذلك من أمعن النظر في فصوص الحكم وأمعن التأمل لاح له العجب فإن الذكي إذا تأمل من ذلك الأقوال والنظائر والأشباه فهو يعلم بأنه أحد رجلين: إما من الاتحادية في الباطن وإما من المؤمنين بالله الذين يعدون أن هذه النحلة من أكفر الفكر نسأل الله العافية وأن يكتب الإيمان في قلوبنا وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة فوالله لأن يعيش المسلم جاهلاً خلف البقر لا يعرف من العلم شيئاً سوى سور من القرآن يصلي بها الصلوات ويؤمن بالله واليوم الآخر خير له بكثير من هذا العرفان وهذه الحقائق ولو قرأ مائة كتاب أو عمل مائة خلوة. انتهى)).
وهي بحرفها موجودة أيضاً في كتاب ميزان الاعتدال (6ـ270)
وإليكم بيان التزوير والافتراء على الأئمة:
أولاً ـ انظروا إلى هذا المزور "يوسف خطار" كيف زاد في النص المنقول عبارة ((كتبه الصوفية)) لكي يستقيم المعنى بعد أن حذف السطر الذي قبلها وهو: ((وصنف التصانيف في تصوف الفلاسفة وأهل الوحدة فقال أشياء منكرة عدها طائفة من العلماء مروقاً وزندقة)).(231/2)
ثانياً ـ انظروا إلى هذا المزور "يوسف خطار" كيف زاد في النص المنقول عبارة ((والصواب أنه مات على الحق فقد ...)) لكي يستقيم المعنى الذي يريده بعد أن حذف السطر الذي قبلها وهو: ((وآخرون يقولون قد قال هذا الباطل والضلال فمن الذي قال إنه مات عليه فالظاهر عندهم من حاله أنه رجع وتاب إلى الله فإنه)).
ثالثاً ـ انظروا كيف زاد تأنيث العبارة ((وأنها صحيحة في نفسها كبيرة)) في النص المنقول ، ليرجع الضمير إلى كتب ابن عربي ، ليوهم القراء أن الحافظ ابن حجر "رحمه الله" يزكي كتب ابن عربي والتي أجمع من به عقل على فوران الكفر منها فواراً.
قال الإمام الذهبي "رحمه الله" عن ابن عربي: ((ومِن أردئ تواليفه كتاب "الفصوص" فإن كان لا كفر فيه فما في الدنيا كفر ، نسأل الله العفو والنجاة. فوا غوثاه بالله)).
(سير أعلام النبلاء: 23ـ 48)
رابعاً ـ لتعلموا جهل صاحب "الموسوعة" المزور "يوسف خطار" وأنه جمع إلى التزوير جهلاً قبيحاً ، انظروا إليه كيف وقف وبكل ثقة شارحاً ومبيناً ، فقال معلقاً على العبارة المنقولة: ((وقولي أنا([1]) فيه .....))
([1]) المقصود: هو الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني راجع لسان الميزان (5/311) وما بعدها.
قلت يا صاحب الموسوعة ألم تعلم أن أصل كتاب لسان الميزان هو كتاب ميزان الاعتدال للحافظ الذهبي.؟؟ ألم تعلم أن الإمام الذهبي قد مات قبل ولادة الحافظ ابن حجر بربع قرن ، فكيف ساغ أن ينقل الذهبي في كتابه عبارة تنسبها أنت للحافظ ابن حجر؟؟.!!
يا من ظلمت نفسك ألم تر كلمة ((انتهى)) في آخر النص الذي تنقله.
يا صاحب الموسوعة ألم تر أن أول العبارة التي نقلتها معزوة إلى خط أبي الفتح اليعمري كما قال الحافظ الذهبي.
وإليكم الآن قول الحافظ ابن حجر في ابن عربي(231/3)
قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: ((سألت شيخنا الإمام سراح الدين البُلقيني عن ابن عربي ، فبادر الجواب: بأنه كافر. فسألته عن ابن الفارض فقال: لا أحب أن أتكلم فيه. قلت: فما الفرق بينهما والموضع واحد.؟ وأنشدته من التائية فقطع علي بعد إنشاء عدة أبيات بقوله: هذا كفر هذا كفر)). (لسان الميزان: 4ـ364).
وقال الحافظ ابن حجر: ((ولا أرى يتعصب للحلاج إلا من قال بقوله الذي ذُكر أنه عين الجمع فهذا هو قول أهل الوحدة المطلقة ولهذا ترى ابن عربي صاحب الفصوص يعظمه ويقع في الجنيد ، والله الموفق)).
(لسان الميزان: 2ـ315)
مباهلة الحافظ ابن حجر أتباع ابن عربي في حال شيخهم
قال السخاوي في الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر العسقلاني: ومع وفور علمه (يعني شيخه الحافظ ابن حجر العسقلاني) وعدم سرعة غضبه، فكان سريع الغضب في الله ورسوله ... إلى أن قال: واتفق كما سمعته منه مراراًً أنه جرى بينه وبين بعض المحبين لابن عربي منازعة كثيرة في أمر ابن عربي، أدت إلى أن نال شيخنا من ابن عربي لسوء مقالته. فلم يسهل بالرجل المنازع له في أمره، وهدَّده بأن يغري به الشيخ صفاء الذي كان الظاهر برقوق يعتقده، ليذكر للسلطان أن جماعة بمصر منهم فلان يذكرون الصالحين بالسوء ونحو ذلك. فقال له شيخنا: ما للسلطان في هذا مدخل، لكن تعالَ نتباهل؛ فقلما تباهل اثنان، فكان أحدهما كاذباً إلا وأصيب. فأجاب لذلك، وعلَّمه شيخنا أن يقول: اللهم إن كان ابن عربي على ضلال، فالعَنِّي بلعنتك، فقال ذلك.
وقال شيخنا: اللهم إن كان ابن عربي على هدى فالعنِّي بلعنتك. وافترقا.(231/4)
قال: وكان المعاند يسكن الروضة، فاستضافه شخص من أبناء الجند جميل الصورة، ثم بدا له أن يتركهم، وخرج في أول الليل مصمماً على عدم المبيت، فخرجوا يشيعونه إلى الشختور، فلما رجع أحسَّ بشيءٍ مرَّ على رجله، فقال لأصحابه: مرَّ على رجلي شيء ناعم فانظروا، فنظروا فلم يروا شيئاً. وما رجع إلى منزله إلا وقد عمي ، وما أصبح إلا ميتاً.
وكان ذلك في ذي القعدة سنة سبع وتسعين (وسبع مئة)، وكانت المباهلة في رمضان منها. وكان شيخنا عند وقوع المباهلة عرَّف من حضر أن من كان مبطلاً في المباهلة لا تمضي عليه سنة. انتهى (3/1001-1002)
وكذلك نقل قصة المباهلة صاحب العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين (2ـ 198).
ـــــــــــــــ
الحلقة الثانية من تزوير يوسف خطار(231/5)
يذكر مزور الصوفية "يوسف خطار" في كتابه "الموسوعة اليوسفية في أدلة الصوفية" في معرض دفاعه عن ابن عربي العلماء الذين دافعوا عن ابن عربي فيقول: ((وكان سراج الدين المخزومي شيخ الإسلام بالشام يقول: إياكم والإنكار على شيء من كلام الشيخ محي الدين، فإن لحوم الأولياء مسمومة، وقد أثنى عليه العلماء أمثال الشيخ قطب الدين الحموي وممن أثنى عليه الحافظ أبو عبد الله الذهبي والشيخ قطب الدين الشيرازي وكان مؤيد الدين الخجنيدي يقول: ما سمعنا بأحد من أهل الطرق اطلع على ما اطلع عليه الشيخ محي الدين ، وكذلك كان يقول الشيخ شهاب الدين السهروري ، والشيخ كمال الدين الكاشي ، مع أن هؤلاء الأشياخ كانوا من أشد الناس إنكاراً على من يخالف ظاهر الشريعة ، وممن أثنى عليه أيضا الشيخ فخر الدين الرازي وقال: كان الشيخ محي الدين ولياً عظيماً ، وسئل الإمام محي الدين النووي عن الشيخ محي الدين بن عربي فقال: تلك أمة قد خلت ، ولكن الذي عندنا أنه يحرم على كل عاقل أن يسيء الظن بأحد من أولياء الله عز وجل ويجب عليه أن يؤول أقوالهم وأفعالهم ما دام لم يلحق بدرجتهم ولا يعجز([1]) عن ذلك إلا قليل التوفيق ، قال في شرح المهذب: (ثم إذا أوَّل فليؤول كلامهم إلى سبعين وجها ولا نقبل تأويلا واحدا).
وممن أثنى عليه الشيخ محمد المغربي الشاذلي شيخ الجلال السيوطي وقد صنف الشيخ سراج الدين المخزومي كتابا في الرد عن الشيخ محي الدين وأما قاضي القضاة المالكي فقد ترك القضاء وتبع طريقة الشيخ وانقطع لخدمته وبالجملة فما أنكر على الشيخ إلا الفقهاء الذين لا حظ لهم في شرب المحققين ([2]) ... )). انتهى بحرفه من الموسوعة اليوسفية.
ــــــــ
([1]) العجز: العف وهو من باب ضرب وسمع.
([2]) اليواقيت والجواهر للإمام الشعراني ط (البابي الحلبي 1959) ص (7) وما بعدها.
ولبيان التزوير والدجل إليكم
ترجمة ابن عربي من خط الإمام الذهبي(231/6)
قال الإمام الذهبي "رحمه الله" في كتابه "سير أعلام النبلاء":
العلامة صاحب التواليف الكثيرة محيي الدين أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن أحمد الطائي الحاتمي المرسي ابن عربي، نزيل دمشق.
ذُكر أنه سمع من ابن بشكوال وابن صاف، وسمع بمكة من زاهر ابن رستم، وبدمشق من ابن الحرستاني، وببغداد.
وسكن الروم مدة، وكان ذكياً كثير العلم ، كتب الإنشاء لبعض الأمراء بالمغرب، ثم تزهد وتفرد، وتعبد وتوحد، وسافر وتجرد، وأتهم وأنجد، وعمل الخلوات وعلق شيئاً كثيراً في تصوف أهل الوحدة.
ومن أردإ تواليفه كتاب "الفصوص" فإن كان لا كفر فيه فما في الدنيا كفر، نسأل الله العفو والنجاة فواغوثاه بالله !
وقد عظمه جماعة وتكلفوا لما صدر منه ببعيد الاحتمالات.
وقد حكى العلامة ابن دقيق العيد شيخنا أنه سمع الشيخ عز الدين ابن عبد السلام يقول عن ابن عربي: شيخ سوء كذاب ، يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجاً.
قلت: إن كان محيي الدين رجع عن مقالاته تلك قبل الموت، فقد فاز، وما ذلك على الله بعزيز. توفي في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وست مئة.
وقد أوردت عنه في "التاريخ الكبير" .
وله شعر رائق، وعلم واسع، وذهن وقاد، ولا ريب أن كثيرا من عباراته لها تأويل إلا كتاب " الفصوص" اهـ سير أعلام النبلاء (23ـ49)
وبعد أن بينت التزوير في قول الصوفي "يوسف خطار" الظالم لنفسه ، أقول: وقد ألف العلامة برهان الدين البقاعي تلميذ الحافظ ابن حجر العسقلاني ، والمتوفى سنة (885 هـ) كتاباً سمّاه: "تنبيه الغبي على تكفير ابن عربي" ذكر فيه أسماء جماعة من أكابر العلماء الذين صرحوا بكفر ابن عربي ، أو ذمه ذماً شنيعاً ، منهم:
العلامة بدر الدين بن جماعة.
والعلامة شمس الدين محمد بن يوسف الجزري.
وحفيده إمام القرّاء محمد بن محمد الجزري صاحب الجزرية.
وعلي بن يعقوب البكري.
ومحمد بن عقيل البالسي.
وابن هشام , صاحب مغني اللبيب.
وشمس الدين محمد العيزري.
وعلاء الدين البخاري الحنفي.(231/7)
وعلي بن أيوب.
والعز بن عبد السلام.
وشرف الدين عيسى بن مسعود الزواوي المالكي.
وشمس الدين الموصلي.
وزين الدين عمر الكتاني.
وبرهان الدين السفاقيني.
وسعد الدين الحارثي الحنبلي.
ورضي الدين بن الخياط.
وشهاب الدين أحمد ابن علي الناشري.
وتقي الدين السبكي فقد قال: ((ومن كان من هؤلاء الصوفية المتأخرين كابن عربي وغيره, فهم ضلال جهالٌ , خارجون عن طريقة الإسلام , فضلاً عن العلماء)).
ومحمد بن علي النقاش, فقد قال: ((وهو مذهب الملحدين كابن عربي وابن سبعين وابن الفارض)).
قلت: وكذلك منهم علاء الدولة أحمد بن محمد السمناني المفسر الصوفي. كما في (الدرر الكامنة: 1ـ250)
ومنهم: أبو حيان الأندلسي صاحب التفسير, فقد قال في تفسير سورة المائدة عند قوله تعالى: ?لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم? (صفحة: 142-143): ((ومن بعض اعتقاد النصارى استنبط من أقر بالإسلام ظاهراً , وانتمى إلى الصوفية حلولَ الله في الصور الجميلة , وذهب من ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة كالحلاج , والشعوذي , وابن أحلى , وابن عربي المقيم بدمشق , وابن الفارض , وأتباع هؤلاء كابن سبعين)). وعد جماعة ثم قال: ((وإنما سردت هؤلاء نصحاً لدين الله وشفقة على ضعفاء المسلمين .وليحذروا , فإنهم شر من الفلاسفة الذي يكذبون الله ورسله, ويقولون بقدم العالم, وينكرون البعث , وقد أولع جهلة ممن ينتمي إلى التصوف بتعظيم هؤلاء, وادعائهم أنهم صفوة الله!!)).
ومنهم العلامة ابن المقرئ اليمني الشافعي "رحمه الله" حيث أفتى بأن من اطلع على حال ابن عربي ولم يكفره فقد كفر.
قلت: كذلك النقل عن الإمام النووي "رحمه الله" الذي أورده هذا المزور "يوسف خطار" فأنا أتحداه ومن وراءه أن يثبتوا هذا الكلام عن الإمام النووي من كتبه كلها فضلاً أن يخرجوه من كتاب المجموع شرح المهذب ، وقد قيل : إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت. والله المستعان.(231/8)
النبي صلى الله عليه وسلم يأمر الصوفية بشرب "الدخان" والعياذ بالله
جاء في كتاب جواهر البحار لإمام الصوفية في القرن الحادي عشر يوسف النبهاني ، عند ذكره شيئاً من سير إمام الصوفية في وقته عبد الغني النابلسي ، قال: ومن جواهر العارف النابلسي ، قوله رضي الله عنه في رحلته الحجازية المذكورة : جاء إلى مجلسنا السيد عبد القادر أفندي على عادته ، وكان يقرأ علينا في مختصر صحيح البخاري في أواخره فقرأ الحديث الذي أخرجه البخاري ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي " فتكلمنا على هذا الحديث بما تيسر ، وذكرنا رسالة الشيخ السيوطي التي سماها إنارة الحلك في إمكان رؤية النبي والملك ، وذكرنا بعض قصص وآثار فأخبرنا السيد عبد القادر المذكور بأن هذه الرسالة عنده ، وجاء بها إلينا بعد ذلك في ضمن مجموع.
ثم جرت معه مذاكرة في شرب الدخان فأخبرنا عن الشيخ أحمد بن منصور العقربي عن شيخنا الشريف أحمد بن عبد العزيز المغربي أنه كان يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم مراراً عدة ، وأنه مرض مرضاً شديداً فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شرب الدخان فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرد له الجواب ، ثم أمره باستعماله. اهـ
(كتاب جواهر البحار في فضائل النبي المختار جزء 4 صفحة: 100)
اللهم عليك بمن يشوه هذا الدين وينسب له هذا الفحش.
اللهم عليك بمن يفتري الكذب على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.
اللهم لا تعاملنا بما فعل السفهاء منا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.(232/1)
النبي صلى الله عليه وسلم يوزع على الصوفية "القات" والعياذ بالله
الدرة الفريدة
جاء في كتاب الدرة الفريدة للشيخ أحمد عثمان مطير شيخ الطريقة القادرية في محافظة الحديدة باليمن: ((وبمناسبة ذكر القات أنقل ما ذكره الكاتب شيخي العلامة أحمد عبد الباري عاموه ـ رحمه الله تعالى ـ قال ما لفظه:
(فائدة) نُقل عن الشيخ الكبير عبد القادر الجنيد أنه نام ذات ليلة فرأى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وبين أيديهم شيء من القات ، قال: فناولني النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً من القات ، ففزعت من النوم وأنا قابض على القات في يدي ، ومعي ندم عظيم لما لم أسأله عن فائدة القات ، فرجعت إلى منامي فرأيته صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه على ما هم عليه فسألته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عبد القادر إنه نزل به جبريل الآن ! يا عبد القادر كُلْ مِنْه فإن آكله لا ينطق إلا بالصواب ..
وكانت الرؤيا في سنة 953 هـ قال شيخنا: ورؤيتُهُ صلى الله عليه وسلم حقٌ ومن رآه مناماً فكأنما رآه يقظة ) اهـ ..
من كتاب : الدرة الفريدة في تاريخ محافظة الحديدة صفحة (41) طبعة دار المصباح (الحديدة اليمن).
مؤلف الكتاب : أحمد بن عثمان مطير ؛ يقولون في ترجمتهم له في بداية كتابه المذكور آنفاً: صاحب الفنون الكثيرة والعلوم الغزيرة الشاعر الأديب الحافظ النحوي والأصولي الفرضي والفقيه الألمعي !!
من شيوخ الطريقة القادرية في محافظة الحديدة في زمانه، وكما ذكر هو في هذا الكتاب.
فانظروا إخواني إلى دجل وافتراء الصوفية على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، كيف بهم يفترون وينسبون له الفواحش عياذاً بالله تعالى.
وانظروا إلى مناهجهم في الكذب كيف أنهم كلما أرادوا تشريع أمر وتيسير رذيلة طوعوا لها الرؤى عن سيد ولد آدم فداه أبي وأمي صلى الله عليه وسلم.(233/1)
ولمن لا يعرف ما هو القات نقول: تتكون نبتة القات من مركبات عضوية أهمها "الكاثين" و"النوربسيدو إفيدرين" وهي مواد تتشابه في تركيبها مع الأمفيتامين، ولهذه المواد تأثير على الجهاز العصبي، حيث تتسبب إفراز بعض المواد الكيميائية التي تعمل على تحفيز الخلايا العصبية مما يقلل الشعور بالإجهاد والتعب، ويزيد القدرة على التركيز في الساعات الأولى للتعاطي ، ففي الساعات الأولى لتعاطي القات يبدأ المتعاطون (المخزنون) في الحديث بنشاط وبحيوية في قضايا كثيرة ومتشعبة ليس بينها رابط، حيث تتقافز إلى أذهانهم الأفكار بسرعة كبيرة، وفي الساعتين التاليتين تسود حالة من الصمت والهدوء، بعد ذلك يشعر المدمنون بالخمول والكسل والاكتئاب وعدم الرغبة في القيام بأي مجهود عضلي أو ذهني وتسيطر على المتعاطي حالة من الشعور بالقلق ، وحالة من الشرود الذهني والنوم المتقطع .
والقات يؤثر على الجهاز الهضمي، وهو مسبب رئيسي في عمليات عسر الهضم، وأمراض البواسير، بسبب وجود مادة التانين، ويعزى السبب كذلك إليه في فقدان الشهية وسوء التغذية لدى المتعاطين.
وقد لاحظ الأطباء ارتباطاً بين ازدياد حالات سرطانات الفم والفك وبين إدمان هذا النبات المخدر، خاصة في السنوات الخمس الأخيرة إذ انتشرت عمليات استخدام مواد كيميائية غير مسموح بها عالمياً ترش على هيئة بودرة أثناء زراعته .
ومن أضراره الفسيولوجية : صعوبة التبول، والإفرازات المنوية اللاإرادية بعد التبول وفي أثناء المضغ، وذلك لتأثير القات على البروستات والحويصلة المنوية، وما يحدثه من احتقان وتقلص.
كذلك يتحدث الأطباء عن الضعف الجنسي كأحد نتائج إدمان القات، وذكرت المجلة الطبية الأمريكية أن القات يجعل أغلب الرجال غير قادرين علي ممارسة الجنس أو ضعيفين في ذلك ، وتناول القات بشكل مزمن قد يؤدي إلي العنة ( الضعف الجنسي ) وهذا خلاف ما يعتقده البعض.(233/2)
وأيضا للقات تأثير على زيادة نسبة السكر في الدم، مما يجعل متعاطيه أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري، كما يقلل نسبة البروتين في الدم، مما يؤثر على نمو الجسم، ولعل هذا ما يفسر الهزال وضعف البنية لدى غالبية المتعاطين ويختلف تأثير القات من شخص لآخر وفقا لعدة عوامل منها نوعية القات ومدة التعاطي وعمر الشخص المتعاطي.
والقات نبات مخدر أدرجته منظمة الصحة العالمية عام (1973) ضمن قائمة المواد المخدرة، بعدما أثبتت أبحاث المنظمة التي استمرت ست سنوات احتواء نبتة القات على مادتي نوربسيدو فيدرين والكاثين المشابهتين في تأثيرهما للأمفيتامينات .
وتناول تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية عام (1979) القات جاء فيه أن باحثيها توصلوا إلى حصر أربعين مادة من أشباه القلويات في نبتة القات، صنفوها ضمن مجموعة الكاثيديولين، ومعظمها يتشابه مع الكوكايين والأمفيتانيات في تأثيرها على المتعاطي، تؤدي هذه المواد إلى زيادة ضربات القلب والنشاط الحركي وزيادة استهلاك الأوكسجين.
وبناء على المعلومات السابقة صدر قرار (المؤتمر الإسلامي العالمي لمكافحة المسكرات والمخدرات) بشأن القات في التوصية التاسعة عشرة كما يلي: " يقرر المؤتمر بعد استعراضه ما قدم إليه من بحوث حول أضرار القات الصحية والنفسية والخلقية والاجتماعية والاقتصادية أنه من المخدرات المحرمة شرعاً ولذلك فإنه يوصي الدول الإسلامية بتطبيق العقوبة الإسلامية الشرعية الرادعة على من يزرع أ و يروج أو يتناول هذا النبات الخبيث…".(233/3)
تاج الأعراس على مناقب صالح بن عبد الله العطاس
تأليف علي بن حسين بن محمد بن حسين بن جعفر العطاس
طبع في مطبعة منارة قدس ، أندونيسيا ، الطبعة الأولى
جاء في الصفحة (1ـ 47) من كتاب تاج الأعراس: ((أخبرني الشيخ الثقة عبد القادر بن عمر بايزيد ، قال: كنت مجاوراً بمكة المحمية أيام إقامة الحبيب صالح بها ـ يعني صاحب المناقب ـ وكان يساررني بما يقع له في سلوكه ، فقال لي مرة: إني خرجت إلى المسجد الحرام في بعض الليالي وطفت بالكعبة فحصل لي الإسراء إلى السماء)).
وجاء في الصفحة (1ـ361): ((وكانت مدة إقامتي عند الحبيب المذكور سنة كاملة وجعل وظيفتي الخاصة حراسة المكان الذي ينام فيه ليلاً ، وكان من عادته أنه إذا انتهى السمر أول الليل يختم ذلك بالذكر ، ثم يدخل إلى سريره ... حتى يظهر عمود الفجر الصادق فيرتعش عند ذلك وتتحرك جثته في سريره ، فيهلل ثم يقوم ويبتدي في تفقد شؤون المنزل وترتيب أهل الوظائف والحراثة ، ولم أره يصلي ظاهراً على أعين الناس ، فلما أخبرت أخي صالح ـ يعني صاحب المناقب ـ بذلك قال لي: إنه ـ أي الحبيب محمد المذكور ـ من الذين تتجزأ أشخاصهم ، شخص يعبد الله ، وآخر يقوم بخدمة وإصلاح شؤونه ووظائفه العادية ، وهذا مقام معروف عند الأولياء)).
وجاء في الصفحة (303): أن صاحب الترجمة أشعل النار في نفسه داخل غرفته فدخلوا عليه فوجدوه ((جالساً على مصلاه مبتسماً وهو يقول: يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم ، فسألوه عن الحادثة ، فقال: إني أسمع الناس يقولون إني ولي فأردت أن أتحقق ذلك من نفسي لا غير)).(234/1)
وجاء في الصفحة (2ـ341): ((لما طلع الحبيب عبد الرحمن بن مصطفى العيدروس هو والحبيب شيخ بن محمد الجفري والشيخ عبد الله بن محمد باغريب إلى المدينة المنورة وتعاهدوا على العمل بما في (بداية الهداية) عند ضريح المصطفى صلى الله عليه وسلم فلما علم صلى الله عليه وسلم صدقهم ، خرج إليهم عياناً وجلس بينهم ، وقال لهم: حصل الفتح أنت يا شيخ رح لملبار وبايكون فتحك هناك ، وأنت يا باغريب اخرج إلى حضرموت وبايكون فتحك هناك ، وأنت يا عبد الرحمن رح إلى مصر وسيفتح الله عليك هناك ، فقال الحبيب عبد الرحمن: سمعاً وطاعة ولكن هذه مصر وفيها علماء كثير كيف أعمل إذا سألونا ، قل سيدي عبد القادر: يقال في ذلك الوقت أن فيها نحو ثلاثمائة عالماً في رتبة الإفتاء في الأزهر فقط ، فناوله الحبيب الأعظم صلوات الله وسلامه عليه سفينة وقال له: ما مع علماء مصر كله في هذه السفينة فإذا أشكل عليك شيء فانظر فيها تجده.(234/2)
ودخل مصر آخر العشية فسأل عن علمائها فقيل له: إنهم عند شيخ الإسلام في ضيافة ، فسار إليهم ، وكان الشيخ منزل الناس في منازلهم ، ...... فلما حضرت صلاة المغرب أو العشاء خرجوا إلى المسجد للصلاة فتنازعوا على الإمامة وكأنهم ما يجتمعون كلهم على صلاة إلا في مثل هذا الاجتماع فقال شيخ الإسلام: من عد مائة سنة لتكبيرة الإحرام فقط فهو أحق بها ، فعجزوا عن ذلك ، فقال لهم سيدنا عبد الرحمن أنا أعد لكم ثلاثمائة سنة ، وأخذ يعد لهم حتى بلغ المائتين ، فقال له شيخ الإسلام: أنت أحق فتقدم وصلى بهم ، وبعد الصلاة اجتمعوا عليه للسؤال حسداً منهم ، فأخرج لهم السفينة وأخذ يجيبهم منها فسألوه أن ينظروها فامتنع ، فاختلسوها عليه وأخذوها ، فداخلته حالة عظيمة فأخذ قناديل المسجد كلها بنارها وابتلعها وكذا الكتب والقطف ، فردوا إليه السفينة وأخذوا يتلطفون به ويعتذرون إليه ، فلم يشعربهم إلا بعد حين فلما رجع إلى رشده قال: ما فعلت؟ فقيل له: كان الأمر كذا وكذا وها نحن في الظلمة ، فقال: أين سفينتي.؟ فقالوا: هي هذه فأخذ يناولهم القناديل من فيه واحداً بعد واحد حتى ردوها في محالها ، وقال: أما القطف والكتب فخذوها من المكان الفلاني ، فراحوا إليه ووجدوها فيه ، فأذعنوا له)).(234/3)
تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس
هذا الكتاب لأبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد الكريم المعروف بابن عطاء الله السكندري الشاذلي المالكي المتوفى بالقاهرة سنة (709 هـ)
يقول ابن عطاء الله في كتابه تاج العروس (صفحة: 36) طبعة دار ابن القيم دمشق الطبعة الأولى سنة: (1999 م) ما نصه: ((كل من كان مراعياً لحق الله تعالى ، لا يُحدِثُ اللهُ حدثاً في المملكة إلا أعلمه. نظر بعضهم إلى جماعة فقال لهم: هل فيكم من إذا أحدث الله سبحانه وتعالى في المملكة حدثاً أعلمه.؟ قالوا: لا. فقال لهم: ابكوا على أنفسكم)).
وقال ابن عطاء في الصفحة (75) ما نصه: ((عن الشيخ مكين الدين الأسمر رضي الله عنه أنه قال: كنتُ بالإسكندرية فرأيت شمساً قد طلعت مع الشمس فتعجبت من ذلك ، فدنوت منه فإذا هو شاب قد خط عِذارُه ـ أي بداية نبت شعر لحيته ـ قد غلب نوره على نور الشمس ، فسلمت عليه فرد علي السلام ، فقلت له: من أين.؟ فقال: صليت الصبح في المسجد الأقصى ببيت المقدس ، وأصلي الظهر عندكم ، والعصر بمكة ، والمغرب بالمدينة.!! فقلت له: تكون ضيفي ، قال: لا سبيل إلى ذلك ، ثم ودعني وانصرف)).(235/1)
قلت: قال في الفتاوى الهندية ـ من أهم مراجع المذهب الحنفي ـ قسم الفتاوى البزازية ، الطبعة الثالثة ، تركية الجزء الرابع ، صفحة (348): ((وسئل الزعفراني عمن يزعم أنه رأى ابن أدهم يوم التروية بالكوفة ، ورآه أيضاً في ذلك اليوم بمكة ، قال: كان ابن مقاتل يكفره ، ويقول: ذلك من المعجزات لا من الكرامات ... ، وقال محمد بن يوسف: يكفر ... ، وقد ذكر علماؤنا: أن ما هو من المعجزات الكبار كإحياء الموتى ، وقلب العصا حية ، وانشقاق القمر ، وإشباع الجمع من الطعام القليل ، وخروج الماء من بين الأصابع ، لا يمكن إجراؤه بطريق الكرامة للولي ، وطيُّ المسافات من قبيل المعجزات ، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((زويت لي الأرض)) فلو جاز لغيره أيضاً لم يبق فائدة التخصيص ، أو لأنه كالإسراء بالجسم وذلك خاصيته عليه الصلاة والسلام)). ا.هـ
وقال ابن عطاء في الصفحة (47) ما نصه: ((كان لبعضهم زوجة ، فقالت له يوماً: لا أقدر على أن تغيب عني ولا أن تشتغل بغيري. فَنُودِيَ: إذا كانت هذه لا خالقةً ولا موجدة ، وهي تحب أن تجمع قلبك عليها ، فكيف لا أحب أنا أن تجمع قلبك عليَّ.؟)).
قلت: واضح من العبارة أن المتكلم هو الله ، مما يفيد أن ابن عطاء يقول بأن الأولياء يتكلم معهم الله ، ومن البديهي أن الكلام منه سبحانه وتعالى وحي ، فهل يصح مثل هذا.؟!!!!
وقال ابن عطاء صفحة: (30) ما نصه: ((الأحمق من مات ولده وجعل يبكي عليه ، ولا يبكي على ما فاته من الله عز وجل ، فكأنه يقول بلسان حاله: أنا أبكي على ما كان يشغلني عن ربي ، بل كان ينبغي له الفرح بذلك ، ويُقبل على مولاه لأنه أخذ منه ما كان يشغله عنه ، وقبيح بك أن تشيب وأنت طفلُ العقل صغيرهُ)).(235/2)
قلت: إذا تكلمنا بمقياس الفطرة التي فطر الناس عليها من حب الولد والبكاء على فقده ، سيقول لنا المتصوفة: هذا حال النقص وحال العامة وربما قيل: حال المحروم والمطرود .... ، ولكنني سأستدل هنا بحال سيد ولد آدم بأبي وأمي هو صلى الله عليه وسلم ، فقد روى البخاري ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه قال: دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبراهيم عليه السلام ـ أي ابن رسول الله من مارية القبطية ـ فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبله وشمه. ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان ، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال: ((يا ابن عوف ؟ إنها رحمة)). ثم أتبعها بأخرى فقال: ((إن العين لتدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما نرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون )).
وأنا أبرأ إلى الله تعالى، من أن يوصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بأي وصف فيه نقص ، ولكنني أردت أن أظهر مدى المخالفة التي وقع فيها ابن عطاء غفر الله له ، عندما نسب ما نسب للرجل يبكي على موت ولده ، وما هذا الذي وصل إليه ابن عطاء إلا نتيجة البعد عن السنة والغلو فيما يظنه تربية وتزكية ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولقد وقعت على أضعاف ما أوردت ، ولكنني وجدت الخير في عدم الإطالة ، وقد ظهر المراد ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين.(235/3)
تذكير الناس بكلام أحمد العطاس
كتاب تذكير الناس ، من أهم كتب صوفية حضرموت ، طبعه سقاف علي عمر شيخ الكاف ، وفي هذا الكتاب من الطوام والشطحات ما لا تجده ربما في غيره ، والغريب أن الصوفية يعتبرون هذا الشطح من كراماتهم ، وسوف نترككم مع الكتاب لكي تحكموا بأنفسكم.
جاء منه في الصفحة (48) ما نصه: ((وقال رضي الله عنه: بلغنا أن السيد حاتم الأهدل كان حريصاً على مجلس الإخوان في الله ، ويشق عليه فراقهم ، وكان له مملوك أمَرَه أن يجلس بالباب ، فإذا أراد أحد من إخوانه قضاء الحاجة والخلاء ، نظر إلى ذلك العبد فينتقل الحدث إليه فيروح العبد إلى الخلاء وينوب عنه)).
وجاء في الصفحة (119) ما نصه: ((وذكر رضي الله عنه عن شيخه الحبيب أبي بكر بن عبد الله العطاس أنه قال: كان السيد أحمد بن علي القُديمي يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة ، فقال: يا رسول الله أريد أن أسمع منك حديثاً بلا واسطة. فقال له صلى الله عليه وسلم: أحدثك بثلاثة أحاديث: الأول: ما زال ريح قهوة البن في فم الإنسان تستغفر له الملائكة ، الثاني: من اتخذ سبحة ليذكر الله بها كتب من الذاكرين الله كثيراً إن ذكر بها أو لم يذكر ، الثالث: من وقف بين يدي ولي لله حي أو ميت فكأنما عبد الله في زوايا الأرض حتى تقطع إرباً إرباً.
قال سيدي رضي الله عنه: وكان الحبيب أبو بكر بن عبد الله العطاس يقول: إن المكان الذي يترك خالياً يسكنون فيه الجن ، والمكان الذي تفعل فيه القهوة لا يسكنونه الجن ولا يقربونه)).(236/1)
وجاء في الصفحة (231) ما نصه: ((وبلغنا أن الشيخ علي باراس ، قال: لما مرض نبي الله هادون خرجنا به إلى هدون ، أنا والخضر وإلياس ، ورابع معنا ولما وصلنا الخربة جلسنا تحت حصاة قريباً من خرابة ، والحصاة معروفة الآن قريباً من دار باصمد ، وفي الخرابة امرأة جاءت لنا بماء ، فدعا نبي الله هادون بأن يبارك الله في تلك الخربة ، فيرون أن بركة الخرببة من تلك الدعوة ، ثم لما مات حملوه فدفنوه بمكانه المشهور بهدون ، وأوصى الشيخ علي باراس بأن يدفنوه في محله المعروف ، وقال لهم: تجدون عصاً خضراء في محل القبر ، أنا دفنتها في ذلك الوقت ، لما جئنا بنبي الله هادون إلى دوعن ، ولما مات حفروا قبره في ذلك المحل فوجدوا تلك العصا)).
وجاء في الصفحة (263): ((قال سيدي - يقصد أحمد العطاس - واستشار الحبيبَ عمرَ بن عبد الرحمن العطاس تلميذُه الشيخُ عليٌ باراس في الحج ، فقال له الحبيبُ عمر: قربة ماء تأتي بها لأولادي خير لك من ستمائة حجة وعمرة مقبولة)).(236/2)
جامع كرامات الأولياء
قال يوسف بن إسماعيل النبهاني في كتابه "جامع كرامات الأولياء" (1ـ39) طبعة البابي الحلبي ، وكذلك المكتبة الشعبية بيروت: ((قال سيدنا أبو السعود بن الشبل البغدادي رضي الله عنه عاقل زمانه ، وقد سأله بعض من لا يكتمه من حاله شيئاً: هل أعطاك الله التصرف ـ التصرف بالكون ـ وهو أصل الكرامات.؟ فقال: نعم منذ خمسة عشر سنة ، وتركناه تظرفاً ، فالحق يتصرف لنا)).
وقال (1ـ40): ((وفي حين تقييدي هذا الوجه من هذه النسخة ، خاطبني الحق في سري: من اتخذني وكيلاً فقد ولاني ، ومن ولاني فله مطالبتي ، وعلي إقامة الحساب فيما ولاني فيه)).
وعندما ترجم لابن عربي (1ـ199): ترضى عنه ووصفه بسيده الشيخ الأكبر .... وذكر من كراماته أنه ((اقتلع رأس الشريف بيده ، وصار الشريف ينظر إلى جثة نفسه بلا رأس ، ثم بعد ساعة قال الشيخ ـ ابن عربي ـ ولله رجال يقول أحدهم بسم الله الرحمن الرحيم هكذا ، ورد رأس الشريف إلى جثته ، فقال الشريف: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وأنك ولي الله)).(237/1)
وقال في نفس الكتاب (2ـ264) في ترجمة عبد الله بن علوي الحداد: ((وله كرامات كثيرة ، منها أن أحد تلامذته وهو الشيخ حسين بن محمد بافضل كان معه حين حج ، واتفق أنه لما وصل إلى المدينة مرض مرضاً شديداً أشرف فيه على الموت ، وكشف السيد عبد الله المذكور أن حياة الشيخ حسين قد انقضت ، فجمع جماعة من أصحابه واستوهب من كل واحد منهم شيئاً من عمره فأول من وهبه السيد عمر أمين فقال: وهبته من عمري ثمانية عشر يوماً ، فسئل عن ذلك فقال: مدة السفر من طيبة إلى مكة اثنا عشر يوماً وستة أيام للإقامة بها ، ولأنها عدة اسمه تعالى حي ، ووهبه الآخرون شيئاً من أعمارهم ، وكذلك صاحب الترجمة وهب له من عمره ، فجمع ذلك وكتبه في ورقة وتوجه إلى القبر النبي صلى الله عليه وسلم وسأله الشفاعة في ذلك ، وحصل له أمر عظيم ، ثم انصرف وهو مشروح الصدر قائلاً: قد قضى الله الحاجة واستجاب ، يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ، فشفي الشيخ حسين من ذلك المرض وعاش تلك المدة الموهوبة له ، حتى أن السيد عبد الله المذكور أشار وهو بتريم إلى أن الشيخ حسين يموت في هذا العام ، فمات كذلك في مكة المشرفة)).(237/2)
وقال في نفس الكتاب (2ـ 396): ((شيخنا الشيخ علي العمري ، الشاذلي الطرابلسي ، أشهر أولياء هذا العصر ، وأكثرهم كرامات وخوارق عادات …. ومن كراماته رضي الله عنه ما أخبرني به الحاج إبراهيم المذكور قال: دخلت في هذا النهار إلى الحمام مع شيخنا الشيخ علي العمري ، ومعنا خادمه محمد الدبوسي الطرابلسي ، وهو أخو إحدى زوجات الشيخ ، ولم يكن في الحمام غيرنا ، قال: فرأيت من الشيخ كرامة من أعجب خوارق العادات وأغربها ، وهي أنه أظهر الغضب على خادمه محمد هذا وأراد أن يؤدبه ، فأخذ الشيخ إحليل نفسه – أي: ذَكَرَه – بيديه الاثنتين من تحت إزاره فطال طولاً عجيباً بحيث إنه رفعه على كتفه ، وهو زائد عنه، وصار يجلد به خادمه المذكور ، والخادم يصرخ من شدة الألم ، فعل ذلك مرات ثم تركه ، وعاد إحليله إلى ما كان عليه أولاً ، ففهمت أن الخادم قد عمل عملاً يستحق التأديب ، فأدبه بهذه الصورة العجيبة ، ولما حكى لي ذلك الحاج إبراهيم ، حكاه بحضور الشيخ ، وكان الشيخ واقفاً ، فقال لي الشيخ: لا تصدقه وانظر ، ثم أخذ بيدي بالجبر عني ، ووضعها على موضع إحليله ، فلم أحس بشيء مطلقاً ، حتى كأنه ليس برجل بالكلية ، فرحمه الله ورضي عنه ما أكثر عجائبه وكرماته!!)). اهـ
قلت: اطلعت على الكتاب ووجدت فيه من الكذب والدجل والخرافة ، أنواعاً وأشكالاً ، وعجز قلمي عن الكتابة ، وعجزت عبارتي عن الوصف ، وما قدمته الله يشهد أنه غيض من فيض، ففي الكتاب أن الأولياء يحيون الأموات ، ويعلمون الغيب ، ويرجعون بعد الموت ، وفيه ما لا يخطر على بالك ، ووالله إن المرء ليخجل أن يكون في مكتبته مثل هذا الكتاب ، فضلاً على أن يكون مرجعاً له ، كما هو الحال عند الصوفية ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.(237/3)
داعية التصوف علي الجفري يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم
مقتبسات من كتاب "إلى أين أيها الحبيب الجفري" للدكتور خلدون الحسني. حفظه الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
لقد كان فيما مضى داعية التصوف على الجفري يروي الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأم اليوم فقد بلغ به الحال أن يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده.
يقول داعية التصوف علي الجفري في كتابة "معالم السلوك للمرأة المسلمة" صفحة (73):
""ما هو دعاء الحاجة ؟
صلاة الحاجة ، التي مرت عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه .. يصلي الإنسان ركعتين بنية الحاجة ويقول : (( اللهم إني أتوجه إليك وأتوسل إليك بنبيك محمد بني الرحمة ، يا محمد ، يا أحمد ، يا أبا القاسم إني أتوجه بك إلى الله في أن يقضي حاجتي)) ، تذكر حاجتها ثم تقول: ((اللهم شفعه في بجاهه عندك)) " (1) . "" انتهى بحروفه
ثم كتب الجفري في حاشية كتابه مخرجاً للحديث:
(1) رواه الترمذي في (الحديث :3578) وابن ماجه في (الحديث :1385) .
وإليكم أولاً لفظ الترمذي في سننه:
عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلي الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني ، قال: (( إن شئت دعوت ، وإن شئت صبرت فهو خير لك)) قال: فادعه ، قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء , (( اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي اللهم فشفعه فيّ)).
ولفظ ابن ماجه في سننه:
عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلي الله عليه وسلم فقال: ادع الله لي أن يعافيني ، فقال: ((إن شئت أخرت لك وهو خير وإن شئت دعوت)) فقال: ادعه ، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء ، ((اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بمحمد نبي الرحمة يا محمد إني قد توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى اللهم فشفعه فيّ)).(238/1)
والحديث هو في مسند الإمام أحمد بن حنبل (4 /138). ((اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى ، وتُشَفِّعُني فيه ، وتُشَفِّعُهُ فيَّ )) قال فكان يقول هذا مراراً. ثم قال بعدُ: أحسبُ أن فيها: أن تُشَفِّعني فيه. قال ففعل الرجل ، فَبَرأ. انتهى
هذه أطول رواية صحيحة للحديث وفيها كل الزيادات. ومع ذلك فهي لا تكفي عند الجفري ولا تفي بالغرض حتى يزيد فيها :" اللهم إني أتوجه إليك وأتوسّل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ،يا محمد ، يا أحمد ، يا أبا القاسم إني أتوجه بك إلى الله في أن يقضي حاجتي ، اللهم شفّعه فيَّ بجاهه عندك)) انتهى
وإذا رجعتم إلى كل روايات الحديث عند الترمذي وابن ماجه والحاكم والطبراني وابن خزيمة وأبي نُعيم لن تجدوا هذه الزّيادات الجفريّة الواضح ما هو الغرض منها .
وأقول للجفري إذا كنتَ تريد الدفاع عن أمرٍ تفعله أنتَ وقومك فافعل ، ولكن لا تكذب على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم !!
والسؤال الذي يطرح نفسه
لماذا يتكرر الكذب من داعية التصوف علي الجفري في النصوص الشرعية التي تدور على مسائل الخلاف بين التصوف ومخالفيه ؟؟!!!!!!!!!!
1ـ يكذب الجفري على صحيح البخاري ، ويعزو إليه أن ابن عمر كان يتمسح برمانة المنبر والحديث ليس في البخاري ولا باقي الكتب الستة. وهو من أحاديث التوسل.
2ـ يكذب الجفري على صحيح مسلم ، ويعزو إليه أن الصحابة كانوا يريدون دفن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند المنبر ، والحديث غير موجود فيه ، ولا في باقي الكتب الستة. وهو من أحاديث القبور.
3ـ يكذب الجفري على الهيثمي في مجمع الزوائد ، ويقول بأنه صحح حديثاً فيه لأبي أيوب الأنصاري بأنه كان يسجد علي قبر نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو من أحاديث القبور.(238/2)
4ـ يكذب الجفري على الهيثمي في مجمع الزوائد ، ويقول بأنه صحح حديثاً أن النبي صلى الله عليه وسلم توسل بحقه وحق الأنبياء ، والهيثمي في نفس الكتاب قد ضعفه. وهو من أحاديث التوسل.
5 ـ يكذب الجفري على صحيح ابن خزيمة وينسب له حديث أن بلال بن الحارث أتى القبر وطلب الاستسقاء ، وليس فيه ، ويقول الجفري أيضاً أنه بإسناد صحيح . وهو من أحاديث التوسل.
6ـ يكذب على الحاكم وينسب له حديث أن بلال بن الحارث أتى القبر وطلب الاستسقاء ، وليس فيه أيضاً ، ويقول الجفري أيضاً بإسناد صحيح . وهو من أحاديث التوسل.
7ـ يكذب على الحاكم وينسب له حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حياتي خير لكم ومماتي خير لكم ، وهو من الأحاديث الاستغاثة.
8 ـ يكذب الجفري على الإمام النووي ، في شرح صحيح مسلم في أن والدي المصطفى ناجيان ، والنووي يصرح بأنهما مشركين وأن قرابتهما للنبي صلى الله عليه وسلم لا تنفعهما ، يعني كذب (180 درجة) ، وهذه من أهم مسائل الخلاف مع الصوفية.
9ـ وكانت فضيحة الكذب الصارخة ، عندما حذف الجفري من وسط حديث أبي بصرة الغفاري أسطراً تقلب معنى الحديث من حجة عليه إلى حجة له. وهو في مسألة شد الرحل
وبعد اليوم أقول لداعية التصوف: بئس المقام مقامك ، فلقد دون التاريخ اسمك بين واضعي الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.(238/3)
دلائل الخيرات
يعتبر كتاب دلائل الخيرات من أشهر كتب الصوفية ، لمحمد بن سليمان الجزولي ، وهو كتاب مشتمل على عدة صلوات على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مخترعة , وفيها غلو وانحراف واضح ، كذلك فقد اشتمل الكتاب على أحاديث مكذوبة عليه صلى الله عليه وسلم، ومشتمل أيضاً على عبارات استغاثة ودعاء من الضلال والكفر.
ومما ورد من هذا الضلال قول مؤلفه (صفحة: 162) نقلاً عن عبد السلام بن مشيش: ((اللهم ...... واقذف بي على الباطل فأدمغه ، وزج بي في بحار الأحدية ، وانشلني من أوحال التوحيد ، وأغرقني في عين بحر الوحدة ، حتى لا أرى ولا أسمع ولا أجد ولا أحس إلا بها)).
قلت: وهذا الكلام صريح القول بالحلول والاتحاد بالله ، وهو معتقد الحلاج وابن عربي والغلاة من الصوفية ، وهذا القول كفر بإجماع الأمة التي إقامة الحد على الحلاج فقتلته.
ومما ورد فيه أيضاً من الكيفيات المنكرة للصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم قول مؤلفه: ((اللهم صل على محمد وعلى آل محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء, وارحم محمداً وآل محمدٍٍ حتى لا يبقى من الرحمة شيء, وبارك على محمد وآل محمد حتى لا يبقى من البركة شيء, وسلم على محمد وعلى آل محمد حتى لا يبقى من السلام شيء)).
وفي قوله: (حتى لا يبقى من الصلاة والرحمة والبركة والسلام شيء) , من أسوأ الكلام وأبطل الباطل, لأن هذه الأفعال لا تنتهي, وكيف يقول: حتى لا يبقى من الرحمة شيء, والله سبحانه وتعالى يقول: {ورحمتي وسعت كل شيء}؟
وقال في (صفحة: 71): ((اللهم صل على سيدنا محمد بحر أنوارك, ومعدن أسرارك, ولسان حجتك, وعروس مملكتك, وإمام حضرتك, وطراز ملكك, وخزائن رحمتك....إنسان عين الوجود, والسبب في كل موجود....)).
وقال في (صفحة: 64): ((اللهم صل على من تفتّقت من نوره الأزهار ...اللهم صل على من اخضرت من بقية وضوئه الأشجار, اللهم صل على من فاضت من نوره جميع الأنوار...)).(239/1)
وفي قوله: عين الوجود ، وقوله: والسبب في كل موجود ، وقوله: فاضت من نوره جميع الأنوار. التصريح بأن كل مخلوق هو من جنس سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذا القول مصرح به في أغلب كتب الصوفية ، ويعتمدون فيه على حديث جابر المكذوب ((أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر)) وهذا المعتقد من الباطل ، الذي يقول بأن كل شيء مخلوق من سيدنا رسول الله ، وأن رسول الله مخلوق من نور الله ، وعليه فإن كل شيء هو عين الله ـ والعياذ بالله مما أكتب ـ وقد أجمع العلماء على كفر هذا المعتقد.
ومجرد القول بأنه صلى الله عليه وسلم أول الخلق ، مع كونه حديث مكذوب ، هو خلاف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب قال رب وماذا أكتب قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة)). رواه أبو داود والترمذي.
ومما ورد فيه من الأحاديث الموضوعة:
قوله في (صفحة: 15): ((وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "من صلى علي صلاة تعظيماً لحقي خلق الله عز وجل من ذلك القول ملكاً له جناح بالمشرق والآخر بالمغرب, ورجلاه مقرورتان في الأرض السابعة السفلى, وعنقه ملتوية تحت العرش يقول الله عز وجل له: صل على عبدي كما صلى على نبيي, فهو يصلي عليه إلى يوم القيامة")).
وقال في (صفحة: 16): ((وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من عبد صلى علي إلا خرجت الصلاة من فيه, فلا يبقى بر ولا بحر ولا شرق ولا غرب إلا وتمر به وتقول: أنا صلاة فلان بن فلان صلى على محمد المختار خير خلق الله, فلا يبقى شيء إلا وصلى عليه, ويخلق من تلك الصلاة طائراً له سبعون ألف جناح, وفي كل جناح سبعون ألف ريشة, وفي كل ريشة سبعون ألف وجه,في كل وجه سبعون ألف فم, في كل فم سبعون ألف لسان, يسبح الله تعالى بسبعين ألف لغة, ويكتب الله له ثواب ذلك كله")).(239/2)
وقد ورد فيه الكثير غير هذا ، ولكن بما أوردت يحصل المطلوب ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين.(239/3)
طبقات الخواص
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد:
يعتبر كتاب "طبقات الخواص" من أهم مراجع الصوفية في ذكر قصصهم وتراجم شيوخهم ، وهو كتاب ملئ بالكذب والضلال.
مؤلف الكتاب هو أحمد بن أحمد بن عبد اللطيف الزبيدي ، المتوفى سنه (893 هـ) وهو صاحب كتاب "التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح".
يقول الزبيدي في كتابه "طبقات الخواص" (صفحة: 98) في ترجمة إسماعيل بن محمد ابن ميمون الحضرمي: ((ومن ذلك – أي كراماته – أنه قد اشتهر بين الناس أن من قبّل قدم الفقيه إسماعيل دخل الجنة)) ، ثم ذكر رؤيا رآها أحد الأشخاص في أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول ذلك !! ، قال اليافعي: وكان الجلّة من العلماء يقبلون قدمه.
وقال الزبيدي في ترجمة: محمد بن يعقوب المعروف بأبي حربة (صفحة: 276): ((صاحب الدعاء المشهور الذي قيل أنه كان يدعو به عند إنشائه وهو ينظر في اللوح المحفوظ)) وقال أيضاً: ((وقبره هناك مشهور يزار ويتبرك به ويقصد من الأماكن البعيدة ، وقبور أولاده وذريته... وتربتهم هنالك من الترب المشهورة المقصودة للزيارة والتبرك من الأماكن البعيدة ، ما قصدهم ذو حاجة إلاّ قضيت حاجته ، ومن استجار بهم لا يقدر أحد أن يناله بمكروه من أرباب الدولة والعرب وغيرهم)).
وذكر الزبيدي (صفحة: 97) أن من ألقاب إسماعيل الحضرمي: موقف الشمس ، حيث تأخر عن دخول مدينة زبيد ، وخشي أن تقفل الأبواب من دونه ، فأشار إلى الشمس أن تقف ، فوقفت حتى قدم المدينة والباب مفتوح !.
ونقل الزبيدي (صفحة: 100) أنه قال: ((وُضع الكون بين يديّ وقيل لي: يا إسماعيل اختر ، فاخترت الآخرة على الدنيا ، واخترت الله عوضاً عنها وعن نفسي)).(240/1)
ويقول أبو الحسن علي الأهدل: ((قال لي سيدي ـ يعني الله ـ : من خالف كلامك أحرقته بناري)). قال الزبيدي معلّقاً: ((فكان إذا أراد أن يأمر الفقراء بشيٍ يقول: أريد كذا وكذا ، ولا يقول لهم: اعملوا كذا وكذا ، ويقول: أخاف عليهم النار إن خالفوني)) (صفحة: 198).
وذكر الزبيدي (صفحة: 102) في ترجمة إسماعيل الجبرتي: ((إن الشيخ حضر مرة سماعاً ، فلما كان في أثناء السماع إذا به قد صرخ صرخات كثيرة ، وجعل يجري في الطابق وهو يقول: الجلبة ، الجلبة، ثم استقام وأخذ يشير بيده كالذي يمسك شيئاً ، ثم وقف ما شاء الله كذلك ، ثم رجع إلى السماع ، فلما كان بعد ليالٍ وصل الشيخ يعقوب المخاوي من السفر وأخبر أنه حصل عليهم في البحر ليلة كذا ريح عاصف وتغير البحر حتى أشرفوا على الهلاك ، وقال: فقلت: يا شيخ إسماعيل الغارة يا أهل يس ، قال: فرأيته والله بعيني وقد أقبل على وجه الماء كالطائر ، وأمسك الجلبة بيده حتى استقرت ، وسلمنا الله تعالى ببركته)).
قال الزبيدي: ((وكان الشيخ يعقوب كثير السفر ، فشكا إلى الشيخ كثرة ما يحدث عليه من أهوال البحر !! ، فقال الشيخ قل: يا أهل يس)).
وذكر الزبيدي (صفحة: 275) في ترجمة محمد بن يعقوب الكميت المعروف بأبي حربة أنه ركب البحر مع جماعة فتغيرت عليهم الريح في بعض الأيام وانكسر الدقل وسقط الشراع وأشرفوا على الغرق ، فتعلقوا بالفقيه ، ولازموه في كشف ذلك عنهم ، فقام إلى الدقل و وضع يده على موضع الكسر وقال: يا رسول الله: اشعب ، فالتأم الدقل بإذن الله تعالى وارتفع الشراع وساروا سالمين.
قال الزبيدي: ويحكى عنه أنه كان يقول: ما استغثت برسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ أجاب ، وأراه بعيني الشحمية)).(240/2)
وقال في ترجمة عيسى الهتار (صفحة: 251): ((وقبره هناك مشهور يقصد للزيارة والتبرك من الأماكن البعيدة !!! ، ومن استجار به لا يقدر أحد أن يتعرض له بمكروه ، ومن تعدى ذلك عوجل بالعقوبة ، والقرية كلها محترمة ببركته)).
وقال في ترجمة: أبي الخطاب عمر الهمداني (صفحة: 235-236): ((وتربته في موضعه من الترب المشهورة في الجبال يقصدها الناس من كل ناحية للزيارة والتبرك ، ومن استجار به لا يقدر أحد أن يناله بمكروه ، بل وقريته كلها من سكن فيها أمِن من كل ما يخاف ، ومن قصدها بسوء أو تعرض لأحدٍ من المستجيرين بها عوقب أشد العقوبة معجلاً)).
وقال في ترجمة أبي الخطاب عمر بن محمد بن رشيد (صفحة: 236): ((وقبره... مشهور مقصود للزيارة والتبرك ، وهو أحد السبعة الذين يقال فيهم: إن من واظب على زيارتهم سبعة أيام متوالية قضيت حاجته)).
وقال في ترجمة أبي العباس أحمد بن علوان الصوفي (صفحة: 71): ((وقبره بها ظاهر معروف مقصود للزيارة والتبرك من الأماكن البعيدة لا سيما في آخر جمعة من شهر رجب !!.... وقرية الشيخ المذكور محترمة !! ، ومن استجار بها لا يقدر أحد أن يناله بمكروه)).
وقال في ترجمة: جوهر الصوفي (صفحة: 121): ((وتربته هنالك من أكبر الترب المشهورة المقصودة للزيارة والتبرك ، ومن استجار به لا يقدر أحد أن يناله بمكروه ، ومن تعدى إلى ذلك عوقب عقوبة معجلة)).
وقال في ترجمة: سفيان الأبيني (صفحة: 149): ((وتربته هنالك من الترب المشهورة المقصودة للزيارة والتبرك ، ومن استجار به لا يقدر أحدٌ أن يناله بمكروه أبداً ، ومن تعدى شيئاً من ذلك عوقب أشد العقوبة من غير إمهال)).(240/3)
وقال في ترجمة: طلحة الهتار الذي يُزعم أنه كان يرى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة ، (صفحة: 165): ((وبني عليه قبة معظمة ، وتربته هنالك من أشهر الترب وأكثرها قصداً للزيارة والتبرك ، ومن استجار به لا يقدر أحد أن يناله بمكروه وعند تربته قرية كبيرة تنسب إليه يقال لها: الطليحية كلها مجللة محترمة .... وله في زبيد زاوية محترمة من استجار بها لا يقدر أحد أن ينالها بمكروه ، وانتفع بها الناس نفعاً عظيماً لكونها داخل البلد ، ومن نابه شي فزع إليها ويكون كأنه في بيته يقوم بمصالحه وحوائجه وهو في أمنٍ ودعه وذلك باقٍ مع أولاده وأولادهم إلى الآن)).
وقال في ترجمة: ابن الغريب (صفحة: 209): ((وتربته في القرية من الترب المشهورة المعظمة المقصودة من الأماكن البعيدة للزيارة والتماس الخير والبركة ، ومن استجار به لا يقدر أحد أن يناله بمكروه ، ومن تعدى ذلك عوقب أشد العقوبة من غير مهلة)).
وقال الزبيدي في ترجمة: فرج النوبي (صفحة: 258): ((وقبره بها مشهور يزار ويتبرك به ، قلّما قصد تربته ذو حاجة إلاّ قضيت حاجته)).
وقال الزبيدي في ترجمة: محمد بن أبي بكر الحكمي (صفحة: 267): ((وتربة الشيخ والفقيه من الترب المعظمة المشهورة المقصودة للزيارة والتبرك من الأماكن البعيدة ، ومن استجار هنالك أمِن من كل ما يخاف ، ولا يقدر أحد أن يناله بمكروه من الدولة والعرب وغيرهم)).(240/4)
وقال الزبيدي (صفحة: 308) في ترجمة محمد بن موسى بن عجيل أن صاحبه ماتت زوجته ، وكان يحبها حباً شديداً ، قال الزبيدي: ((فأسف عليها أسفاً كثيراً ، فقصد الفقيه محمد بن موسى ، وشكا عليه حاله ، وقال: مرادي أن أراها وأعلم ما صارت إليه ، فاعتذر منه الفقيه، فلم يقبل منه وقال: ما أرجع إلاّ بقضاء حاجتي ، وكان له محل عند الفقيه ، فامتهله ثلاثة أيام ، ثم طلبه ذات يوم ، وقال له: ادخل هذا البيت إلى امرأتك ، فدخل فوجدها على هيئة حسنة وعليها لباس حسن ، وسألها عن حالها فأخبرته أنها على خير ، فسر لذلك ، ثم خرج إلى الفقيه مسروراً طيب النفس ، وقد سكن ما كان يجده من الأسف)).
قلت: في هذه النقول كفاية للتعريف بالكتاب وصاحبه ، ومن احتاج إلى المزيد فلا عليه أن يقرأ بعد اليوم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، والحمد لله رب العالمين.(240/5)
طبقات الشاذلية
جاء في كتاب طبقات الشاذلية في ترجمة "الأستاذ تاج الدين النخال" صفحة: (113) ما نصه: ((وكان الشيخ رضي الله عنه إذا دخل الخلوة وذكر الله سبحانه وتعالى ، يتجلى عليه الحق ، فيذوب كما يذوب الملح في الماء ، ويفنى حتى لم يبق منه إلا النطفة ، فلما دخل عليه ولده وهو جالس في المحراب حطّ يده على رأس أبيه ، فسقطت العمامة على الثياب ، فنزلت في أعين الأستاذ ـ أي العمامة على أعين الأستاذ من النطفة ـ فعورتهما ، فلما أفاق الأستاذ من غيبته ، قام كفيفاً ، لم يجد عينيه فخرج على أهله ، وقال لهم: من دخل عليّ في خلوتي قصمَه الله تعالى، فسكتوا ، قال: فإذا بالولد صرخَ صرخة ووقع ميتاً ، فقالوا له بعد ذلك: هذا ولدك الذي دخل عليك. فقال: نفذ أمر الله ، وغسله وكفنه رحمه الله ، وعاش الأستاذ بعد ذلك كفيفاً)).
وجاء أيضاً عنه أنه كان يقول: ((إنّي لأعلم أزقة السموات السبع أكثر من أزقة الأرضين ، وما تركت فيهن بقعةً إلا ولي فيها ركعة.
وكان رضي الله عنه يقول: من جاء إليَّ عامداً متعمداً لا ينوي في نهاره إلا زيارتي ، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وقد سألت ربيّ في ذلك فأجابني إلى ذلك.
وكان رضي الله عنه يقول: إن حصلت لك شدة ، وكنتَ في أي جهة فتوجه إلى مصر وقل: يا شيخ تاج الدين يا نخال. فإن كنتُ في المشرق أو في المغرب آتيك بأسرع ما يمكن)).(241/1)
قلت: قد يتساءل القارئ: لماذا يذكر التوجه إلى مصر ، فسماع الشيخ لمن يستغيث به بعد الموت خارق للعادة ، والحضور من المغرب إلى المشرق وبالعكس أيضاُ خارق للعادة ، فلماذا يكون السبب وهو التوجه إلى مصر ، مع كل هذه الخوارق ، وهل مَنْ لديه كل هذه الخوارق بحاجة إلى سبب التوجه إلى مصر حتى يغيث.؟ والجواب: نعم هو بحاجة إلى التوجه حتى يظفر الشيطان الذي يوحي هذه الأقوال والأفعال ، بكامل الكفر من فاعله ، وحتى لا يخطر ببال الفاعل رب العزة والجلال ، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقد وقعت على كثير من هذه الأفعال في مثل هذه الحكايات الشيطانية ، منها أن من يريد أمراً أن يخطو ثلاث خطوات نحو جهة قبر الجيلاني ثم يسأل ....... .
كذلك توقفت عند قوله: وما تأخر من ذنبه ، وهذا معناه أن من زار قبر الشيخ تاج الدين النخال قد أصبح من أهل الجنة ، وهذا محض افتراء وكذب ودجل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.(241/2)
طبقات الشعراني
يعتبر كتاب الشعراني هذا ، من أهم مراجع الخرافة في كتب الصوفية ، وهم ينفون عن الشعراني ويدعون أن هذه الخرافات التي يواجهون بها نقلاً من كتاب الطبقات ، هي مما زيد على الكتاب ودس على الشعراني بغير علمه.
وعلى فرض ثبوت هذا ، فهناك مشكلتان:
الأولى ـ أن الصوفية أصبحوا إذا وجهوا بالخرافة قالوا مدسوسة ، وإذا خلوا إلى بعضهم رووا هذه التخريفات.
الثانية ـ أن الكتاب بأكمله إلا النزر القليل جداً ، ينضح ويفور بالخرافة ، فلا نعلم أيها المدسوس الحق القليل أم التخريف الكثير. وللتوثيق إليك فيض من غيض:
قال الشعراني في الطبقات (2ـ 87) طبعة دار العلم للجميع: ((الشيخ حسين أبو علي رضي الله عنه ،كان هذا الشيخ رضي الله عنه من كمل العارفين وأصحاب الدوائر الكبرى ، وكان كثير التطورات تدخل عليه بعض الأوقات تجده جنديا ، ثم تدخل فتجده سبعاً ، ثم تدخل فتجده فيلاً ، ثم تدخل فتجده صبياً وهكذا ، ومكث أربعين سنة في خلوة مسدودة بابها ليس لها غير طاقة يدخل منها الهواء وكان يقبض من الأرض ويناول الناس الذهب والفضة ، وكان من لا يعرف أحوال الفقراء يقول هذا كيماوي سيماوي)).
وقال أيضاً: ((فدخلوا على الشيخ فقطعوه بالسيوف وأخذوه في كيس ورموه على الكوم وأخذوا على قتله ألف دينار ثم أصبحوا فوجدوا الشيخ حسيناً رضي الله عنه جالساً فقال لهم: غركم القمر. وكانت النُّمُوس تتبعه حيث مشى في شوارع وغيرها فسموا أصحابه بالنموسية
وكان رضي الله عنه بريئاً من جميع ما فعله أصحابه من الشطح الذي ضربت به رقابهم في الشريعة)).(242/1)
وقال أيضاً في الطبقات: (2ـ 66) في ترجمة يوسف العجمي الكوراني: ((وكان رضي الله عنه إذا خرج من الخلوة يخرج وعيناه كأنهما قطعة جمر تتوقد فكل من وقع نظره عليه انقلبت عينه ذهباً خالصاً ، ولقد وقع بصره يوماً على كلب فانقادت إليه جميع الكلاب ، إن وقف وقفوا وإن مشى مشوا)). إلى أن قال: ((ووقع له مرة أخرى أنه خرج من خلوة الأربعين فوقع بصره على كلب فانقادت إليه جميع الكلاب ، وصار الناس يهرعون إليه (إلى الكلب) في قضاء حوائجهم ، فلما مرض ذلك الكلب اجتمع حوله الكلاب يبكون ويظهرون الحزن عليه ، فلما مات أظهروا البكاء والعويل ، وألهم الله تعالى بعض الناس فدفنوه فكانت الكلاب تزور قبره حتى ماتوا)).
قال الشعراني: ((فهذه نظرة إلى كلب فعلت ما فعلت ، فكيف لو وقعت على إنسان؟!!!)).
وقال أيضاً في ترجمة شمس الدين محمد الحنفي (2ـ88): ((ومنهم سيدنا ومولانا شمس الدين الحنفي رضي الله تعالى عنه ورحمه)). إلى أن قال: ((ولما دنت وفاته بأيام كان لا يغفل عن البكاء ليلاً ولا نهاراً وغلب عليه الذلة والمسكنة والخضوع حتى سأل الله تعالى قبل موته أن يبتليه بالقمل والنوم مع الكلاب ، والموت على قارعة الطريق ، وحصل له ذلك قبل موته فتزايد عليه القمل حتى صار يمشي على فراشه ، ودخل له كلب فنام معه على الفراش ليلتين وشيئاً ، ومات على طرف حوشه ، والناس يمرون عليه في الشوارع)).
قال: ((وقال له سيدي علي بن وفا: ما تقول في رجل رحى الوجود بيده يدورها كيف شاء.؟ فقال له سيدي محمد رضي الله عنه: فما تقول فيمن يضع يده عليها فيمنعها أن تدور؟)).(242/2)
وقال أيضاً في ترجمة أبي الخير الكليباتي في الطبقات (2ـ143): ((كان رضي الله عنه من الأولياء المعتقدين وله المكاشفات العظيمة مع أهل مصر وأهل عصره ، وكانت الكلاب التي تسير معه من الجن ، وكانوا يقضون حوائج الناس ، ويأمر صاحب الحاجة أن يشتري للكلب منهم إذا ذهب معه لقضاء حاجته رطل لحم ، وكان أغلب أوقاته واضعاً وجهه في حلق الخلاء في ميضأة جامع الحاكم ، ويدخل الجامع بالكلاب فأنكر عليه بعض القضاة فقال: هؤلاء لا يحكمون باطلاً ولا يشهدون زوراً)).
وقال أيضاً في الطبقات (2ـ144): ((ومنهم سيدي سعود المجذوب رضي الله عنه كان رضي الله عنه من أهل الكشف التام ، وكان له كلب قدر الحمار لم يزل واضعاً بوزه (فمه) على كتفه)).
وقال أيضاً في ترجمة بركات الخياط (2ـ144): ((وكان دكانه منتناً قذراً لأن كل كلب وجده ميتاً أو قطاً أو خروفاً يأتي به فيضعه داخل الدكان وكان لا يستطيع أحد أن يجلس عنده)).
وقال أيضاً في الطبقات (2ـ 184): الشيخ الصالح عبد القادر السبكي أحد رجال الله تعالى كان من أصحاب التصريف بقرى مصر رضي الله عنه: ((وكان كثير الكشف لا يحجبه الجدران والمسافات البعيدة من اطلاعه على ما يفعله الإنسان في قعر بيته.... وخطب مرة عروساً فرآها فأعجبته فتعرى لها بحضرة أبيها ، وقال: انظري أنت الأخرى حتى لا تقولي بعد ذلك بدنه خشن ، أو فيه برص أو غير ذلك ، ثم أمسك ذكره وقال: أنظري هل يكفيك هذا ، وإلا فربما تقولي: هذا ذكره كبير لا أحتمله ، أو يكون صغيراً لا يكفيني ، فتقلقي مني ، وتطلبي زوجاً أكبر آلة مني)).
وقال أيضاً: الشيخ علي أبو خودة الطبقات (2ـ135): ((وكان رضي الله عنه إذا رأى امرأة أو أمرداً راوده عن نفسه ، وحسس على مقعدته ، سواء كان ابن أمير ، أو ابن وزير ، ولو كان بحضرة والده ، أو غيره ، ولا يلتفت إلى الناس ، ولا عليه من أحد)).(242/3)
وقال أيضاً في الطبقات (2 ـ185): ((الشيخ شعبان المجذوب رضي الله عنه ، كان من أهل التصريف بمصر المحروسة ، وكان يخبر بوقائع الزمان المستقبل وأخبرني سيدي علي الخواص رضي الله عنه أن الله تعالى يطلع الشيخ شعبان على ما يقع في كل سنة من رؤية هلالها ، فكان إذا رأى الهلال عرف جميع ما فيه مكتوباً على العباد)).
وقال: ((وكان يقرأ سورا غير السور التي في القرآن على كراسي المساجد يوم الجمعة وغيرها فلا ينكر عليه أحد ، وكان العامي يظن أنها من القرآن لشبهها بالآيات في الفواصل)).
وقال: ((وقد سمعته مرة يقرأ على باب دار، على طريقة الفقهاء الذين يقرؤون في البيوت فأصغيت إلى ما يقول فسمعته يقول: "وما أنتم في تصديق هود بصادقين ، ولقد أرسل الله لنا قوماً بالمؤتفكات يضربوننا ويأخذون أموالنا وما لنا من ناصرين" ثم قال: اللهم اجعل ثواب ما قرأناه من الكلام العزيز في صحائف فلان وفلان إلى آخر ما قال)).
وقال أيضاً في الطبقات (2ـ142): ((الشيخ إبراهيم العريان رضي الله عنه ،كان يُخرج الريح بحضرة الأكابر ثم يقول: هذه ضرطة فلان ، ويحلف على ذلك ، فيخجل ذلك الكبير منه ، مات رضي الله عنه سنة نيف وثلاثين وتسعمائه)).
((وكان رضي الله عنه يطلع المنبر ويخطب عرياناً ...... فيحصل للناس بسط عظيم)).
وقال أيضاً: ((شيخنا أبو علي هذا كان من جماعته: الشيخ عبيد: وأخبرني بعض الثقات أنه كان مع الشيخ عبيد في مركب فوحلت ، فلم يستطع أحد أن يزحزحها ، فقال الشيخ عبيد: اربطوها في بيضي (الخصيتين) بحبل وأنا أنزل اسحبها ففعلوا ، فسحبها ببيضه حتى تخلصت من الوحل إلى البحر ، مات رضي الله عنه في سنة نيف وتسعين وثمانمائه)).(242/4)
وقال أيضاً في الطبقات (2ـ 87): ((سيدي الشيخ محمد الغمري ، أحد أعيان أصحاب سيدي أحمد الزاهد رضي الله عنه ، كان من العلماء العاملين والفقراء الزاهدين المحققين سار في الطريق يسيرة صالحة وكانت جماعته في المحلة الكبرى وغيرها يضرب بهم المثل في الأدب والاجتهاد ، قال: ودخل عليه سيدي محمد بن شعيب الخيسي يوماً الخلوة فرآه جالساً في الهواء وله سبع عيون فقال له: الكامل من الرجال يسمى أبا العيون)).
وقال أيضاً في الطبقات (2ـ88): ((سيدنا ومولانا شمس الدين الحنفي كان رضي الله عنه من أجلاء مشايخ مصر وسادات العارفين صاحب الكرامات الظاهرة والأفعال الفاخرة والأحوال الخارقة والمقامات السنية)) إلى أن قال: ((وهو أحد من أظهره الله تعالى إلى الوجود ، وصرفه في الكون)). إلى أن قال: ((قال الشيخ أبو العباس: وكنت إذا جئته وهو في الخلوة أقف على بابها فإن قال لي ادخل دخلت ، وإن سكت رجعت فدخلت عليه يوما بلا استئذان فوقع بصري على أسد عظيم فغشي علي فلما أفقت خرجت واستغفرت الله تعالى من الدخول عليه بلا إذن ". ثم قال" وقد مكث في خلوته سبع سنين تحت الأرض ابتدأها وعمره أربع عشرة سنة".
"قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: ولم يخرج الشيخ من تلك الخلوة حتى سمع هاتفا يقول: يا محمد اخرج انفع الناس ثلاث مرات ، وقال له في الثالثة: إن لم تخرج وإلا هيه. فقال الشيخ: فما بعد هيه إلا القطيعة ، قال الشيخ فقمت وخرجت إلى الزاوية فرأيت على السقيفة جماعة يتوضؤون فمنهم من على رأسه عمامة صفراء ومنهم زرقاء ، ومنهم من وجهه وجه قرد ، ومنهم من وجهه وجه خنزير ، ومنهم من وجهه كالقمر ، فعلمت أن الله أطلعني على عواقب أمور هؤلاء الناس ، فرجعت إلى خلفي وتوجهت إلى الله تعالى فستر عني ما كشف لي من أحوال الناس وصرت كآحاد الناس)).(242/5)
وقال أيضاً في ترجمة علي وحيش في الطبقات (2ـ149): ((كان رضي الله عنه من أعيان المجاذيب أرباب الأحوال ...وله كرامات وخوارق واجتمعت به يوماً)). إلى أن قال: ((وكان إذا رأى شيخَ بلدٍ أو غيرَه ينزله مِن على الحمارة ويقول له: أمسِك رأسَها حتى أفعل فيها! فإن أبى الشيخ تسمَّر في الأرض لا يستطيع أن يمشي خطوةً، وإن سمح حصل له خجلٌ عظيمٌ والناس يمرُّون عليه)).
ويقول الشعراني عن نفسه في كتابه "الطبقات: ((إنَّ سبَبَ حضوري مولد "أحمد البدوي" كلَّ سَنَةٍ أنَّ شيخي العارف بالله تعالى "محمد الشناوي" رضي الله عنه! أحدَ أعيان بيته رحمه الله، قد كان أخذ عليّ العهد في القبة تجاه وجه سيدي أحمد رضي الله عنه، وسلَّمني بيده، فخرجت اليد الشريفة من الضريح! - بين الشعراني والبدوي نحو أربعة قرون! -وقبضت على يدي. وقال: يا سيدي يكون خاطرك عليه، واجعله تحت نظرك! فسمعتُ "سيدي أحمد" من القبر يقول: نعم.
ولما دخلتُ بزوجتي فاطمة أم عبد الرحمن وهي بكرٌ، مكثتُ خمسةَ شهورٍ لم أقرب منها
فجاءني وأخذني وهي معي، وفرش لي فراشاً فوق ركن القبة التي على يسار الداخل، وطبخ لي
الحلوى، ودعا الأحياء والأموات إليه! وقال: أزِل بكارتها هنا! فكان الأمر تلك الليلة))
الطبقات (1ـ161).(242/6)
غرر البهاء الضوي
لمحمد بن علي باعلوي ، الطبعة الأولى ، طبعة أحفاد المؤلف.
جاء فيه صفحة (373) أثناء كلامه عن مناقب الإمام علوي بن الفقيه المقدم.
((فإنه رضي الله عنه اجتمع هو والشيخ عبد الله بن محمد عباد بمسجد تريم ، فقال الشيخ عبد الله للشيخ علوي: أخبرني بما ظهر لك من الكرامات. فقال الشيخ علوي ظهر لي ثلاث خصال: أحيي وأميت بإذن الله ، وأقول للشيء كن فيكون بإذن الله ، وأعرف السعيد من الشقي بإذن الله)).
وقال في الصفحة: (101): ((وذكر لي الشيخ عبد الرحمن بن علي أن الفقيه أحمد بن محمد باعيسى ، من المشاهير ، مقبور بزنبل تربة آل أبي علوي ، قرب ضريح الشيخ محمد بن حسن المعلم وأبيه وجده ، وأخبرني أنه قال: من زارني بصدق نية في قبري ، وطلب حاجته في زيارته فإن لم تقض فأنا ولد زنا)).
وجاء في الصفحة: (435): ((فرجعت إلى عدن فرأيت في المنام وأنا في البحر النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، وكأنه أمسك رأسي وقال: أنت تعبت يوم ما زرت.؟ عادتك تزور زيارة حسنة ونحن راضون عنك ، وقد قبلناك ، وبش بي بشاشة عظيمة ، مع كلام لطيف وتحنن منه عليه الصلاة والسلام واعزاز ، ونلت بذلك لذة عظيمة حتى أني احتلمت ، وأنا قليل الاحتلام ، وبعد لما أردت الحجة الثانية ركبت من عدن ....)).(243/1)
قوت القلوب
الاسم الكامل للكتاب: (قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد) طبع "المطبعة المصرية" الطبعة الأولى /1351 هـ.
وصاحب الكتاب هو: محمد بن علي بن عطية أبو طالب المكي. توفي سنة (386 هـ) ببغداد، ويعتبر هذا الكتاب من أهم المراجع التي نقل عنها الغزالي رحمه الله في كتابه الإحياء.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: ((قال العتيقي كان رجلاً صالحاً مجتهداً في العبادة وصنف كتاباً سماه قوت القلوب ، وذكر فيه أحاديث لا أصل لها وكان يعظ الناس في جامع بغداد وحكى ابن الجوزي أن أصله من الجبل وأنه نشأ بمكة وأنه دخل البصرة بعد وفاة أبي الحسن بن سالم فانتمى إلى مقالته ودخل بغداد فاجتمع عليه الناس وعُقد له مجلس الوعظ بها فغلط في كلام ، وحفظ عنه أنه قال: ليس على المخلوقين أضر من الخالق. فبدعه الناس وهجروه ، وامتنع من الكلام على الناس وقد كان أبو طالب هذا يبيح السماع فدعا عليه عبد الصمد بن علي ودخل عليه فعاتبه على ذلك)). (البداية والنهاية:11ـ319).
ويؤخذ على الكتاب عدة نواح منهجية وحديثية ، فقد جاء (قوت القلوب 2ـ70) من الكتاب:
قول المؤلف غفر الله له: ((وأوحى الله تعالى إلى بعض أوليائه: كم من ذنب رأيته منك قد أهلكت بدونه أمة من الأمم.؟))
ويقول أيضا: ((وحدثونا عن إبراهيم بن أدهم قال: طفت ذات ليلة بالبيت وكانت ليلة مظلمة ذات مطر ورعد فخلا الطواف فلما انتهيت إلى الباب قلت: اللهم اعصمني حتى لا أعصيك أبداً ، قال: فسمعت قائلاً يقول من جوف البيت: يا إبراهيم أنت تسألني أن أعصمك ، وكل عبادي يسألوني العصمة ، فإذا عصمتهم فعلى من أتفضل ولمن أغفر)).
(قوت القلوب 3ـ91).
مما يؤخذ على الكتاب كذلك الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي كثيرة جداً منها: كما في (1ـ42):(244/1)
عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى يوم الاثنين عند ارتفاع النهار ، ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب ، مرة ، وآية الكرسي ، مرة ، وقل هو الله أحد ، والمعوذتين ، مرة مرة ، فإذا سلم ، استغفر الله عشر مرات ، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ، عشر مرات ، غفر الله تعالى له ذنوبه كلها)). وهذا حديث مكذوب.
قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء (2ـ2ـ164): حديث منكر.
ومنها: كما في (1ـ42):
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى يوم الأربعاء اثنتي عشرة ركعة ، عند ارتفاع النهار ، يقرأ في كل ركعة ، فاتحة الكتاب ، وآية الكرسي ، مرة ، وقل هو الله أحد ، ثلاث مرات، والمعوذتين ، ثلاث مرات ، نادى مناد عند العرش: يا عبد الله ، استأنف العمل ، فقد غفر لك ما تقدم من ذنبك ، ورفع الله سبحانه عنك عذاب القبر ، وضيقه وظلمته ، ورفع عنك شدائد القيامة ، ورفع له من يومه عمل نبي)). وهو حديث مكذوب.
قال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (2ـ2ـ165): فيه محمد بن حميد الرازي أحد الكذابين.
ومنها: كما في (1ـ43):
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى يوم السبت أربع ركعات ، يقرأ في كل ركعة، فاتحة الكتاب ، مرة ، وقل يا أيها الكافرون ، ثلاث مرات ، فإذا فرغ ، قرأ آية الكرسي ، كتب الله له بكل حرف ، حجة وعمرة ، ورفع له بكل حرف أجر سنة ، صيام نهارها ، وقيام ليلها ، وأعطاه الله عز وجل بكل حرف ، ثواب شهيد ، وكان تحت ظل عرش الله مع النبيين والشهداء)).
وقد أحصيت عليه في تصفح قليل للكتاب المذكور العشرات من الأحاديث الموضوعة ، ولولا أن المقام مقام اختصار لأوردت له أضعاف هذا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد والحمد لله رب العالمين.(244/2)
كتاب الإبريز
الحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله. وبعد:
يعتبر كتاب الإبريز من أشهر كتب الصوفية في بلاد الشام ، والمغرب ، وهو الكتاب الذي طبع عدة طبعات وحقق أكثر من تحقيق ، وقدمت له ثلة من كبار مشايخ التصوف في مصر والشام والمغرب، ولولا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أذكروا محاسن موتاكم)). لسميتهم ولعَرّفت بهم ، والله يغفر لضال المسلمين ومذنبهم ، والذي أردته من ذكر هذا أن الكتاب لم يطعن به أحد من مشايخ التصوف ، لكي لا يقال: مدسوس ، محرف ، مزاد.
وللتعريف بهذا الكتاب وما يحويه ، أقدم لكم بعض نصوصه تُعرّف به:
جاء في كتاب الإبريز (1ـ84) المطبعة العلمية بدمشق ، الطبعة الأولى / 1404 هـ
ما برويه المريد محمد بن أحمد بن حنين:
((ومنها ـ يعني من كرامات الشيخ عبد العزيز الدباغ ـ أنّي خلوت ذات ليلة بإحدى زوجاتي ، وكانت مستلقية ، فكنت أمازحها حتى حصل مني النظر إلى عورتها قصداً وعمداً ، فلما قدمت عليه للزيارة ، وكان بيني وبينه مرحلتان ، جعل يمازحني ، حتى قال: ما تقولون أنتم أيها العلماء في النظر إلى عورة المرأة.؟ فقلت له ما قالت العلماء ، فقال لي: وهل تفعله.؟ فقلت: لا ـ نسياناً لما وقع مني ـ فقال: حتى في الليلة الفلانية.؟)).
وفي الصفحة (1ـ84)(245/1)
((ومنها: أني جمعت بين زوجتيَّ ، ذات ليلة في مبيت واحد ، لعذر منع إحداهما من مبيتها بمسكنها ، فباتت كل واحدة منهما على فراش وحدها ، وبت أنا على فراش وحدي ، وبقي فراش رابع في البيت لم يبت عليه أحد ، ثم دعتني نفسي إلى وطء إحدى الزوجتين ، فوطئتها ، ظناً مني أن الأخرى نائمة ، ثم لما نمت شيئاً قليلا قمت وطئت الأخرى ، ظناً مني أن الأولى نائمة أيضاً ، ثم لما قدمت لزيارته ، جعل ذات يوم يمازحني ، حتى قال: ما تقولون في جمع المرأتين في مسكن واحد مع وطئهما.؟ فعلمت أنه أشار إلى ما وقع مني ، فقلت: سيدي وكيف علمت ذلك.؟ فقال: ومن نام على الفراش الرابع.؟؟؟؟؟)).
وفي الصفحة (1ـ86)
((ومنها أني لما أردت أن أتزوج الزيرارية ، وكنت غير عارف بصفتها ، فوصفها لي بما وجدتها عليه ، وذكر لي فيها أموراً لا يعلمها إلا الله ، ثم لما عزمت الدخول ، قال لي: أنا ليلة الدخول أكون عندكم ، فقلت له: وبم أعلم ذلك يا سيدي ، فقال: إني أفعل لك علامة)).
وفي الصفحة (1ـ94)
يروي المريد علي بن عبد الله الصباغي من كرامات شيخه عبد العزيز الصباغ:
((ومنها أنه رضي الله عنه وصف لي زوجتي من رأسها إلى قدمها عضواً عضواً ، ما ظهر منها وما خفي ، وكانت كما وصفها رضي الله عنه ، لم يزد ولم ينقص ، حتى لو كلفت أنا بوصفها ما وصفتها كما وصف رضي الله عنه ، فلو حضرت والله بين يديه ما زاد فيها معرفة ، وكانت منه على مسيرة أربعة أيام ، ولم يرها قط)).
وفي الصفحة (1ـ95):
((ومنها: أني كنت رجلاً كثير الملاعبة لزوجتي ، وأنوّع لها في الملاعبة أنواعاً ، فذكرت بعض ذلك لبعض الأخلاء من الإخوان ، فذكر ذلك للشيخ رضي الله عنه ، فضحك الشيخ رضي الله عنه وقال: إنما ذكر لك بعضَ ما يفعل ، وبقي مما يفعل ، أنه يفعل كيتَ وكيت ، حتى ذكر له كل ما أفعل ، وأنا أسمع ، ولا يقدر أحد يبوح به لأحد ، ولا يطلع عليه أحد إلا الله تعالى)).
وفي الصفحة (1ـ98):(245/2)
((ومنها: قال سيدي عبد الرحمن: قصدت الشيخ للزيارة ، فلما جلست بين يديه قال لي: أي شيء كنت تفعل ليلة الأحد.؟ فقلت: وأي شيء يا سيدي.؟ فقال: حيث كنت تجامع أهلك ، وقد أجلست ولدك على الوسادة حيث أبى النوم ، وحيث كان القنديل على الصندوق ، أوما علمت أنّي حاضر معك)).
بقي أن تعلم أخي أن هذه النقول من خلال صفحات تبدأ من (84) إلى (98) ، ولن أعلق عليها. لأنه وكما قيل: إن من أعضل المعضلات تبيين الواضحات.
ولكن أشير إلى أنني أستغفر الله العظيم في البدء ، والختام ، على هذه النقول ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه ، والحمد لله رب العالمين.(245/3)
كنوز السعادة الأبدية
كنوز السعادة الأبدية ، جمع وترتيب محسن بن عبد الله بن محسن بن علوي السقاف.
جاء في كتاب كنوز السعادة الأبدية (152) ما نصه: ((إن الشيخ عبد القادر الجيلاني رأى شخصاً يطوف بالكعبة على رجل واحدة ، فقال من هذا الطائف على رجل.؟ فقالت له أنا إمرأة من بغداد جئت أطوف بالبيت وتركت بنتي نائمة على الرجل الأخرى ، فتعجب من كونها في بغداد ولم يعلم بها ، فقال لها: أنا أتصفح اللوح المحفوظ كل يوم كذا كذا مرة ، وما رأيتك فيه.؟!! فقالت له: اللوح المحفوظ لك ولأمثالك وأما أنا فقبلك في أم الكتاب)).
وجاء في الصفحة (128) ما نصه: ((كان الشيخ عبد العزيز يقول: إن تصريفي يصل حتى إلى الجنان ، وإن الحور لا يفعلن شيئاً إلا بأمر مني . وهو الذي قال مرة لمريده: إن كنت تعتقد أن البِس ـ يعني القط ـ في جميع أقطار الأرض يأكل الفأر بغير إذن مني ، فما أحسنت الأدب معي)).(246/1)
معالم السلوك للمرأة المسلمة
يعتبر "علي الجفري" الوجه الجديد المعاصر لمشيخة التصوف ، وبعد أن ظننا أن دوامة وسلسلة الخرافة والكذب ستقف في كتب الصوفية ، بسبب انتشار الوعي والعلم بفضل الله عند القراء في زماننا ، طالعنا "الجفري" بباكورة كتاباته ، وبعد أن وجه له الكثير من الإخوة النصح والنقد ، وأثبتوا له كيف كانت منه الروايات المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما في موقع (المجهر) جزى الله القائمين عليه خيراً ، جاءنا الجفري بكتابه الذي يفيض بالروايات المكذوبة والخرافات ، منها:
الجفري يروي الكذب على الله.
يقول علي الجفري في كتابه ("معالم السلوك للمرأة المسلمة" صفحة: 81): ((قال الله في الحديث القدسي: "يا دنيا من خدمنا فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه" فقد أمرها الله ...)).
قلت: من أعياه البحث عن هذا الحديث ولم يجده ،فليبحث في موضوعات ابن الجوزي (3ـ136).وكذلك في تاريخ بغداد (4100ـ8ـ44) وقال الخطيب البغدادي: تفرد به الحسين بن داود البلخي وهو موضوع. أي كذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
الجفري يكذب على البخاري ومسلم.
ويقول أيضاً في صفحة: 155): ((صاحب الشفاعة العظمى يقول: "إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد ، وأجلس كما يجلس العبد" .. "لن يدخل الجنة أحد بعمله ، ولكن برحمة الله" قالوا: ولا أنت يا رسول الله.؟ قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته" وبكى صلى الله عليه وسلم: "لو آخذني الله وابن مريم بما كسبت هاتين" يديه ، يقول: "لعذبنا عذاباً شديداً" رواه البخاري في (الحديث: 5673) ، ومسلم في (الحديث: 7047).
قلت: هذه طريقة جديدة للكذب على الصحيحين ، حيث يروي الجفري قطعة حديث من الصحيحين ويضم لها ما قبلها وما بعدها زوراً ، والصحيحان بين أيديكما فلتخرجوا هذا الحديث.
وفي نفس الطريقة السابقة: الجفري يكذب على الترمذي والإمام أحمد.(247/1)
فيقول أيضاً في الصفحة: (184ـ185) بعد أن ساق قصة مكذوبة: ((ولله در السيدة عائشة . ..... "يا عائشة الويل لمن لا يراني يوم القيامة" قالت: ومن ذا الذي لا يراك يوم القيامة يا رسول الله.؟ قال: "من ذكرت عنده فلم يصل عليّ" رواه الترمذي في (الحديث: 3546) والإمام أحمد في (الحديث: 1/201). )).
جبريل عليه السلام يحترق قلبه على الشقي لأنه يطيع الله تعالى ولا يعصيه.
ويقول أيضاً (صفحة: 104): ((قالوا إن بعض الصالحين عَبَدَ الله في صومعته عبادة كثيرة كبيرة من بني إسرائيل وكان مجتهداً ليله ونهاره .. ونظر جبريلُ عليه السلام فوجد الرجل شقياً في اللوح المحفوظ ، فاستأذن من الله بعد أن تعجب من هذا الأمر أن يخبر الرجل فأذن له الله فنزل وقال: يا فلان إني جبريل. فرد عليه السلام ، قال: إني وجدت اسمك في اللوح المحفوظ فلان بن فلان شقي ، فأحببت أن أخبرك ما دمت شقياً ستذهب إلى النار تمتع قليلاً بالدنيا بدل أن تضيع حياتك ، قال: الحمد لله على ذلك ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم ، وعاد إلى عبادته لم ينقص مما سبق شيئاً ، تعجب جبريل أكثر ، نزل قال: أنا قلت لك أنك شقي.!! قال: نعم إنا لله وإنا إليه راجعون ، ولله المراد. قال: فمالك لازلت في عبادتك وإعراضك عن الدنيا وعدم التمتع بها.؟ قال: يا هذا خلقني وأمرني بعبادته ولم يُوكل إلي أكون شقياً أو سعيداً مهمتي أن أعبده والأمر إليه بعد ذلك ، فازداد تعجب جبريل فصعد ووجد في اللوح المحفوظ: سعيد سعيد سعيد {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد:39])). اهـ
يقول الدكتور خلدون الحسني في كتابه ((إلى أين أيها الحبيب الجفري))
رداً على كلام الجفري هذا:
انظر في هذا التحقيق ! يذكُرُ لك رقم الآية ، ويتغافل عن ذكر مصدر هذه القصّة الخرافية المنافية للدين !(247/2)
لو روى هذه القصّة شخص يريد الاستهزاء بالدين الإسلامي لكان ذلك مفهوماً ، أمّا أن يرويها من ينصّب نفسه مدافعاً عن الإسلام فهذا أمرٌ لا يقبله عاقل !
جبريل يطالع في اللوح المحفوظ ؟
والله يأذن له أن يخبر الرجل الصالح بما في اللوح ؟
ثمّ جبريل يطلب من الرجل ترك العبادة والتمتّع بالشهوات ؟ والرجل لا يأبه له ويخاطبه بعد أن عرفه فيقول له : يا هذا !! وجبريل جادٌّ في طلبه من الرجل تركَ التعبّد لله !! و....
وهل يجوز عند الجفري أن ينسب لجبريل عليه السلام هذه الأفعال ؟؟ جبريل عليه السلام يستأذن الله تعالى في إخبار ذلك العابد أنه مكتوبٌ في اللوح المحفوظ شقياً ، فليترك العبادات وليستمتع بالدنيا !!! فيأذنُ الله له !!!!!!
إنّ هذا الطلب لا يليق بفسّاق الناس فكيف ينسبه الجفري إلى جبريل وبإذن الله ؟؟!! سبحانك هذا بهتانٌ عظيم !
أتدري يا جفري على مَنْ تَتَقوَّل ؟ إنّك تَتَقوَّل على ربِّ العالمين ! وتجعل الخرافة المنافية للدين ديناً ! وهذا تزويرٌ للشريعة وتحريفٌ لها ، ثمّ بعد ذلك تقول : إنّ كتَابَكَ مثالٌ للتصوّف الصحيح "فهل تجدون فيه ما يُنافي الدين ؟"
ونقولُ لك : إذا كان التَّقوُّل على الله عزّ وجلّ أمراً سائغاً مُغْتَفَراً فما هو الأمر المنافي للدين في رأيك ؟!
ولقد كان الأولى بالجفري بدل الدّعوة إلى المبالغة في العبادات والدعوة إلى تضييق دائرة المباحات بل وإلى الاستغفار من بعض الطّاعات كما يقول: كان الأولى به أن يتحاشى السقوط في الإثم العظيم المتوعّدِ عليه بالنار ، حيث يقول الرسول الأعظم في الحديث المتواتر ((مَنْ كذبَ عليَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار)) وقوله عليه السلام فيما رواه مسلم وغيره ((مَنْ حدَّث عنّي بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذِبَين)) وقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم ((كفى بالمرء كذِباً أن يُحدِّثَ بكل ما سمع)) .(247/3)
مكتوبات السرهندي
يعتبر السرهندي من أكابر رجال الطريقة النقشبندية ، حتى إن بعضهم قد نسب الطريقة في إحدى مراحلها إليه فسميت بالطريقة الفاروقية ، وهو عند الصوفية مجدد الألفية الأولى.
وسوف نُعَرّف بهذا الرجل من أقواله ومكتوباته الموثقة ، ليظهر لنا مدى غلو وانحراف الصوفية عن الشرع والعلم ، فأقول والله يغفر لي ولجميع المسلمين.
يقول السرهندي عن نفسه: ((إن معتقد الفقير ـ يقصد نفسه ـ من الصِغر كان مشرب أهل التوحيد الوجودي يعني توحيد الوجود وكان والد الفقير قدس سره في ذلك المشرب بحسب الظاهر ، وكان مشغولاً بهذا الطريق على سبيل الدوام مع وجود حصول التوجه التام بحسب الباطن إلى مرتبة اللاكيفية ، وبحكم ابن الفقيه نصف الفقيه، كان للفقير أيضاً حظ وافر من هذا المشرب بحسب العلم ، وحصلت لي منه لذة عظيمة إلى أن أوصلني الله بمحض كرمه إلى جناب حضرة معدن الإرشاد مظهر الحقائق والمعارف مؤيد الدين الرضي شيخنا ومولانا وقبلتنا محمد الباقي قدسنا الله بسره ، فَعَلَّم الفقيرَ الطريقة النقشبندية ، وبذلَ التوجهَ البليغ في حق هذا المسكين فانكشف التوحيد الوجودي في مدة يسيرة بعد ممارسة هذه الطريقة العليه ..... ولاحت دقائق علوم الشيخ محي الدين بن عربي ومعارفه ، وشُرفتُ بالتجلي الذاتي الذي بينه صاحب الفصوص ، واعتقد أنه نهاية العروج ، وقال في حقه: وما بعد هذا إلا العدم المحض))
(مكتوبات السرهندي: الصفحة: 41 ، المكتوب: 31). دار الكتب العلمية.
قلت: ثم إن السرهندي أظهر في آخر المكتوب تراجعه عن القول بوحدة الوجود.(248/1)
وقال السرهندي: ((قد مضت مدة من استفسار الأصحاب عن أحوال الخضر على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، ولما لم يكن للفقير اطلاع على أحواله كما ينبغي ، كنت متوقفاً في الجواب ، فرأيت اليوم في حلقة الصبح أن إلياس والخضر عليهما السلام ، حضرا في صورة الروحانيين ، فقال الخضر بالإلقاء الروحاني: نحن من عالم الأرواح ، قد أعطى الحق سبحانه أرواحنا قدرة كاملة بحيث تتشكل وتتمثل بصور الأجسام ويصدر عنها ما يصدر عن الأجسام من الحركات والسكنات الجسمانية ، والطاعات والعبادات الجسدية ، فقلت له في تلك الأثناء: أنتم تصلون الصلاة بمذهب الإمام الشافعي. فقال: نحن لسنا مكلفين بالشرائع ، ولكن لما كانت كفاية مهمات قطب المدار مربوطة بنا ، وهو على مذهب الإمام الشافعي ، نصلي نحن أيضاً وراءه بمذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه. فعلم في ذلك الوقت أنه لا يترتب الجزاء على طاعتهم ، بل تصدر عنهم الطاعة والعبادة موافقة لأهل الطاعة ، ومراعاة لصورة العبادة ، وعلم أيضاً أن كمالات الولاية موافقة لفقه الشافعي ، وكمالات النبوة ، موافقة للفقه الحنفي ، فعلم في ذلك الوقت حقيقة كلام الخواجة محمد بارسا قدس سره ، حيث ذكر في الفصول الستة ، نقلاً أن عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، يعمل بعد نزوله بمذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه ، فوقع في الخاطر في ذلك الوقت أن نستمد بهما ، وأن نطلب منهما الدعاء)).
( مكتوبات السرهندي: الصفحة 305 ، المكتوب 282). دار الكتب العلمية.
ويقول السرهندي: ((واعلم أن جميع من في العالم من كفار الإفرنج والزنادقة والملاحدة أفضل مني بوجوه ، وشر الجميع أنا)).
(مكتوبات السرهندي الصفحة 17 المكتوب 11). دار الكتب العلمية.(248/2)
ويقول السرهندي بعد النقل السابق: ((ولما وصلت إلى المقام الذي فوق المقام السابق ، بعد التوجه بالإنكسار وإظهار الافتقار ، تبين لي أنه مقام حضرة ذي النورين رضي الله عنه ، وللخلفاء الباقين عبور من ذلك المقام ، وهذا المقام مقام التكميل والإرشاد أيضاً في هذه المرتبة ، وكذلك المقامان اللذان يذكران بعد ، ثم وقع النظر على مقام فوقه ، ولما وصلت إليه تبين لي أنه مقام حضرة الفاروق رضي الله عنه ، وللخلفاء الباقين عبور من ذلك المقام ، ثم ظهر فوقه مقام الصديق الأكبر رضي الله عنه ، ووصلت إليه أيضاً ، ووجدت الخواجة بهاء الدين النقشبند قدس سره رفيقاً لي من بين المشايخ في جميع المقامات ، ولسائر الخلفاء عبور من هذا المقام ، لا تفاوت إلا في العبور والمقام والمرور والثبات ، ولا يرى فوقه مقام أصلاً إلا مقام خاتم النبيين والمرسلين عليه من الصلوات أكملها ومن التحيات أتمها)).
(مكتوبات السرهندي الصفحة 17 المكتوب 11). دار الكتب العلمية.(248/3)
من أفتى بحرمة الدخان فهو زنديق
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ، وبعد: أقدم بين أيديكم إخواني الكرام وثيقة تظهر جانباً من ضلال الصوفية هداهم الله.
توطئة:
يعتبر الشيخ عبد الغني النابلسي القادري النقشبندي الحنفي الدمشقي ، من كبار صوفية وقته، حيث كان يوصف بالعارف بالله ، وبقطب الشام ، ولد سنة (1050 هـ)، وتوفي بدمشق سنة (1143هـ) له مؤلفات عديدة في الفقه والأدب والفلسفة والتجويد والتاريخ والتصوف.
كان النابلسي مولعاً بعادة التدخين ، وكانت المشايخ في وقته تكثر من الإنكار عليه في هذا، مما دعا به إلى تأليف كتاب خاص في هذا الموضوع بين فيه أدلة إباحة شرب الدخان ، وسماه (الإصلاح بين الإخوان في إباحة شرب الدخان).
وفي زيارة قام بها النابلسي إلى دار الخلافة في الآستانة ، التقى النابلسي بشيخ الإسلام سنان أفندي مفتي دار الخلافة والذي يلقب بـ (التي برمق) وهي كلمة تركية.
كان شيخ الإسلام التي برمق من كبار فقهاء الحنفية ، وكان يشغل منصب الإفتاء في دار الخلافة ، وهو المنصب الذي يطلق على من يتبوأه بشيخ الإسلام ، وكان وقد علم من حال النابلسي وكتابه في شأن الدخان ، فأنكر على النابلسي هذا الفعل فقاما فتناظرا ، فما كانت إلا جويلات حتى قام شيخ الإسلام التي برمق معتذراً إلى (العارف بالله) النابلسي مقراً له في إباحته للدخان ، وصرح بأن للدخان أسراراً وأن من حرمه فهو زنديق وأنشد قائلاً:
جهول منكر الدخان أحمق ******** عديم الذوق بالحيوان ملحق
مليح ما به شيء حرام ******** ومن أبدى الخلاف فقد تزندق
ألا يا أيها الصوفي ميلاً ******** إلى الدخان علك أن توفق
ولولا أن في الدخان سراً ******** ما فاحت روائحه وعبق
ففي الدخان سر الله يبدو ******* وشاهده المحقق التي برمق.(249/1)
وهنا تجدر الإشارة إلى الكيفية التي يستدل بها الصوفية لأحكامهم الشرعية ، فهناك قاعدة أساسية عندهم للاستدلال وهي الكشف الصوفي ، ومن طرق الكشف الصوفي عندهم: أن يلتقي الصوفي برسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة أو مناماً فيسأله فيفتيه ، وهذا ما استدل به (الفقيه العارف بالله) عبد الغني النابلسي في إباحته الدخان ، فقد نسب إباحته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما في كتاب (جواهر البحار في فضائل النبي المختار) للنبهاني ، صفحة: (100)(249/2)
مناقب العارفين في أخبار جلال الدين الرومي
كتاب "مناقب العارفين في أخبار جلال الدين الرومي" تأليف شمس الدين أحمد الأفلاكي.
وقد قام الشيخ الفاضل أبو الفضل القونوي حفظه الله ومد في عمره وأثره ، بترجمة بعضاً منه لكي يظهر فساد ما عليه الصوفية ، وسماه "المنتخب من مناقب العارفين في أخبار جلال الدين الرومي".
ومما جاء في هذا الكتاب من قلة الأدب والكفر والعياذ بالله ، ما نقله الأفلاكي عن عارف جلبي حفيد ابن الرومي ، قال: ((وزارت حضرة عارف ذات يوم امرأة درويشة عالمة من أهل القلوب ، وقد جلبت معها كثيراً من الهدايا والنعم والثياب ، وبعد جلسة وحديث وإقرار بانتسابها طويل ، سألته فقالت: ما مصير أمثالنا من المسكينات يوم القيامة؟ ما هي عاقبتنا في ذلك العالم؟
فقال عارف: " وعدَّ لها من نعيم الجنة وما أُعدَّ لأهلها ، وكلما سكت سألته المرأة وماذا بعد؟ وماذا بعد؟ كل ذلك وهو يجيب بنعمة من نعمها........ حتى سألته فقالت: وأي شيء بعد؟
فقال حضرة عارف: ستكون آخر النعم في علِّيّين (.......) خُلقت من القدرة ، في طول مئذنة تشبع شهوات الفقيرات من الأرامل ومن مُلِئن بالدلال والغنج منهن ، وسيتلذذن بما ورد في آية: {ولدينا مزيد} ويبلُغْن الراحة ، فهل ثمَّ شيء بعد أطيب من هذا؟
فلما سمعت المرأة المخلصة هذا سجدت لتوها ، وأهدت ما تلبسه للمغنيات والمغنين وولت فرحة جذلى)).
(الأفلاكي ج2 ص 558 - 559)
ويقول الأفلاكي عن حفيد ابن الرومي عارف جلبي: ((قال الأمير نجم الدين قائد قلعة كواله: أقبل حضرة عارف يوماً إلى دير الحكيم أفلاطون ، فأعلمونا ذلك ، فجئنا الدير في خمسة وأربعين رجلاً ، فمكث عارف ثلاثة أيام بلياليهن يشرب الخمر مع رهبان ذلك الدير ، فمر بخاطري أن الاشتغال بهذا إلى هذا الحد في العاشر من شهر ذي الحجة في الأيام المباركة هذه ، وبخاصة محادثة ومجالسة الرهبان أمر جدٌ عجيب ، فصرخ عارف لتوِّه فيَّ وقال:(250/1)
لا تشارك الرب في التصرُّف وأنت على طريقه
لا تفتح عينيك على عيوب الناس
فالله أعلم بأسرار قلوب كل العباد ، عليك نفسك ولا تُثَرثِرْ
ثم رمى في غضب شديد القدح من يده المباركة على المَرمَر رمية غشي علينا من هيبتها ، فدار القدح وتدحرج وهو مليء إلى حافته ثم عاد ووقف أمام عارف ، لم يتكسَّر أو يُهراق ما فيه !!
فقال عارف لو تكسَّر هذا القدح أو اُهريق ما فيه ، لكنت وضعت لشربي نهاية وخاتمة !!
ولذكرنا أيامنا هذه بتحسُّر واحترام لنجم الدين ، ولكن الحق ينبغي أن يعلم ، وهو أن الله قد بارك هذه الأيام وأعزَّها لوجود الأعزاء المباركين ، ولولا وجودهم لما لمَعَتْ الدنيا والآخرة ، ولعدمتِ الكعبة والمسجد قيمتَهُما ونورهما ، ثم أنشد شعراً.
يقول الراوي: فاستغفرت بإخلاص كامل وأصبحت عبداً له !!)).
(الأفلاكي ج2 ص 500 - 501)
ويقول الأفلاكي عن سماع جلال الدين الرومي: ((كان يذهب إليهن بعد صلاة المغرب وحيداً ، فيجلس وسطهن ويجلسن حوله في حلقة ، وينثرن عليه أوراق الورد بكثرة حتى يغرقنه فيها ، ثم يجمعن هذه الورود بعدُ ويعتبرنها فألاً حسناً.
فينصحهن مولانا إلى نصف الليل ، وبعدها تغني الجواري ويضربن بالدفوف وينفخن بالناي ، ويقوم مولانا للسماع ، فَيَعُدْن في حالة - كما صرح الأفلاكي - لا يعرفن رؤوسهن من أرجلهن ، ثم يملأن حذائيه بالذهب والجواهر ، ولكنه لا يلتفت إليه ، فيصلي معهن الصبح ويذهب.
ويقول الأفلاكي: لم تقع هذه العادة في عصر أي نبي أو ولي ، إلا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، عندما كانت تأتيه نساء العرب لتعَلُّم أحكام الشريعة والإفادة منه ، فلذلك هي حلال ، وهي من خصوصيات حضرة مولانا)).
(الأفلاكي ج2 ص 380)
ويقول الأفلاكي عن أزواج النساء اللاتي كان يجلس معهن ابن الرومي: ((أما أزواج هؤلاء النسوة فيبقون خارج البيت يتحدثون ويرقبون حذارً وخشيةً أن يطَّلع على هذه الأسرار الغرباء)).
(الأفلاكي ج1 ص 723 - 724)(250/2)
ويقول الأفلاكي: ((طلب الشمس التبريزي يوماً من مولانا أن يهبه محبوباً جميلاً يخدمه ، فقدم له الجلال الرومي زوجته كيرا خاتون ـ زوجة ابن الرومي ـ.
إلا أن الشمس رفض قائلاً: هذه شقيقة روحي ، هذه لا تصلح أريد لخدمتي غلاماً جميلاً.
فأهدى له الجلال لتوه ولده سلطان ولد ،الذي وصف في الخبر بالفارسية بـ (يوسف يوسفان) ، قائلاً : آمل أن يكون هذا عبداً لك يقلب نعليك ويخدمك.
فقال الشمس: هذا هو ابني الذي ربط قلبي. أريد الآن خمرة أشربها بدلاً من الماء لا أقدر على فقدها. فقام مولانا من فوره وملأ إبريقاً بالخمرة من حي اليهود ورجع ووضعه أمامه.
فلما رأى الشمس ذلك صرخ صرخة وشق ثوبه وجثا على قدمي مولانا إعجاباً وحيرة من طاعته لأمره هذا.
ثم قال بعد مديح له: إنما فعلت ذلك لأعلم درجة حلمه ، وقال: إن عالم الجلال الداخلي من السعة يضيق عنه نطاق الرواية والكلام)).
(الأفلاكي ج2 ص 197)
ويذكر الأفلاكي : ((أن مريداً لمولانا - يقصد جلال الدين الرومي - كان يشكو من ثقل في رأسه وكثرة نومه ، فوصف له أن يشرب السائل الحليبي المستخرج من الخشخاش)).
(الأفلاكي ج1 ص 654)
ويذكر الأفلاكي عن سيريانوس وهو رومي يزعمون أن ابن الرومي شفع له عند السلطان لئلا يقتله ثم أسلم بعد ذلك سيريانوس الرومي وصار مولوياً..!!
وسماه ابن الرومي علاء الدين سيريانوس..!!
(الأفلاكي ج1 ص 470)
يقول الأفلاكي: سأل مولانا - يقصد ابن الرومي - سِيريانوس يوماً : ماذا يقول علماء النصارى في حقيقة عيسى؟
فأجابه سيريانوس: يقولون : عيسى هو الله.
فقال مولانا: بعد الآن قل لهم: محمدنا آلَهُ من الله (أو أعظم ألوهية من الله) قالها ثلاثاً.
(الأفلاكي ج1 ص 471)
قال الأفلاكي: ((كان سِيريانوس يطلق على مولانا أنه إلهه وربه. فشكاه بعض الفقهاء إلى القاضي سراج الدين الأرموي ، فسأله القاضي: أأنت الذي يقول أن مولانا إلهك؟؟))(250/3)
وفي نهاية الخبر أنه - أي سيريانوس - حكى ما جرى له مع القاضي إلى مولانا ، فقال له : ((قل للقاضي الويل لك إن لم تصرْ أنت إلهاً أيضاً)).
(الأفلاكي ج1 ص 471)
ويقول الأفلاكي: ((وسئل سِيريانوس : لماذا تقول لمولانا إلهك؟؟
فقال: ما وجدت كلمة هي أعظم من الإله وأجلُّ كي أطلقها عليه ، ولو وجدتها لأطلقتها عليه)).
ويعلق الأفلاكي على هذه المقولة بقوله: ((مهما قال المريد المخلص في شيخه ، فإن ذلك جائز في طريقة أهل الحقيقة ، ومن ثمَّ لا يُنتقد على ما قال)).
(الأفلاكي ج1 ص 473)
وينقل الأفلاكي قول شاعرهم مؤيد الدين الجندي (ت 699هـ): ((بأنه قال مدحاً في مولانا ـ يعني ابن الرومي ـ:
لو كان فينا للألوهة صورة........ هو أنت لا أكني ولا أتردد))
(الأفلاكي ج1 ص 573)
ويقول الأفلاكي عن مجلس سماع كان فيه ابن الرومي: ((في ذلك اليوم كان حضرة مولانا قد انْسَجَم بكُلَّيَّتِه في السماع إنسجاماً خيف من روعته وجماله أن تدور السماء كجمل يرقص فتقع على الأرض !!
وبينا هو يدور ويرقص ، وفي المجلس رجل اسمه سيد شرف الدين ، جالس في ناحية ينتقد هو وآخرون من الموسوسين المشككين مريدي مولانا ، إذا بمولانا قد التَفَتَ فجأة إليه قائلاً : يا أخا القحـ....!!!
ألم تقرأ في كلام الله: {أيحب أحدكم أن يأكل لحم أحيه ميْتاً} فولى الرجل هارباً ولزم بيته.
(الأفلاكي ج1 ص 402 – 403)
ويقول الأفلاكي: بينا يقرأ كلام لفريد العطار، إذا قال أحد من لا أدب عنده من الحضور: هذا كلام العطار !؟
فتفضل مولانا قائلاً: يا أخا القحـ... فمن ذا أكون أنا؟؟))
(الأفلاكي ج1 ص 678)(250/4)
ويقول الأفلاكي: ((هيَّأ البروانة معين الدين مجلس سماع في زاوية صدر الدين القونوي ، وبينا مولانا غارق في السماع والهياج إذا بأمير المحفل يجلس ـ واسمه كمال الدين ـ قرب البروانة ثم شُغلا بانتقاد مولانا وأتباعه ، فقالوا عجيب أمر مريدي مولانا ، أكثرهم من الطبقة السفلى أصحاب مهن وصناعة، فلا تكاد تجد بينهم من الملأ من أعيان القوم أحداً ، وما تجد خياطاً أو بقالاً إلا ومولانا يقبله مريداً له.
وفجأة أُعلم ذاك السلطان ـ يعني مولانا ـ بهذا الحوار، فصرخ صرخة أُغشي لها الجميع، وقال: يا أخا القحـ..!!
ألم يكن منصورنا حلاجاً؟ ألم يكن أبو بكر البخاري نساجاً؟ وهذا وذاك من الكاملين ، ألم يكونوا زجَّاجين؟))
(الأفلاكي ج1 ص 328)
ويقول الأفلاكي: قال الحاج بكداش: ((..... في ذلك اليوم نفسه دخل عليّ مولانا كأسد مزمجر، وأخذ بمخنقي وقال:
يا أخا القحـ.. ، إن هياجنا مصدره العشق والسعادة.
(الأفلاكي ج1 ص 599)
وقال لمريد: ((قد فعلت كل هذا بإرشاد من شيخك ، فماذا فعل شيخك أخو القحـ... من أجلك؟))
(الأفلاكي ج1 ص 514)
ويقول الأفلاكي: ((كان مولانا إذا احتد غضبه على شخص ما ، وتجاوز عناد هذا الشخص الحدّ، يقول له: غرخواهر (بالفارسية) وتعني أخا الزانية أو القحبة ، ويبلغ الغاية في إخزائه ، وذاك أن هذه السَّبة هي سبة الخرسانيين)).
(الأفلاكي ج1 ص 329)
ويقول الأفلاكي: ((وجاءه يهودي من حاخاماتهم فسأله : أدينكم خير أم ديننا؟
فقال حضرة مولانا : بل دينكم !!
فقال الأفلاكي أن اليهودي أسلم من فوره)).
(الأفلاكي ج1 ص 716)
يقول الأفلاكي: ((وأراد راهب أن يزور مولانا الرومي ، فالتقيا في الطريق فسجد الراهب للجلال ثلاث سجدات، فلما رفع رأسه من السجود رأى مولانا وقد سجد له أيضاً ، بل وكرر السجود ثلاث وثلاثين مرة!! فدهش الراهب وأصبح مولوياً)).
(الأفلاكي ج1 ص 574)
ويقول الأفلاكي: ((قال أحد الفقهاء الذين استهتروا باللهو وغرقوا في الملذات:(250/5)
ما ينبغي أن يُسجَدَ لمخلوق ، قال هذا وأساء القول في الأصحاب ـ يعني المولوية الذين كانوا يسجدون لابن الرومي ـ فقال مولانا: يا أخا القحـ.. ، لم لا أسجد وأُقدِّم نفسي فداء لمن أنقذني من حيلة الشيطان ، ويسَّر لي طريق حريتي ووهب لي الحياة من جديد)).
(الأفلاكي: ج1 ص 75)
وينقل الأفلاكي محادثة بين سلطان ولد ، وهو ابن جلال الدين الرومي ، مع أبيه: ((قال سلطان ولد: اشتكى أحد الأصدقاء إلى مولانا من سؤال بعضهم له: كيف يسمي مولانا المثنوي قرآنا؟
فقال عبدكم هذا لهم: لأنه تفسير للقرآن !!
فعند ذلك سكت أبي هنيهة ثم قال:
يا كلب لم لا يكون قرآناً؟
يا حمار، لم لا يكون قرآناً؟
يا أخا القحـ.. لم لا يكون قرآناً؟
وما هو – أي كتاب المثنوي – إلا نور أسرار الحق)).
(الأفلاكي ج1 ص 490)
ويقول الأفلاكي: قال بعض المريدين ذات يوم: نحن عُصاة مساكين، لا نقدر أن نجيء فنخدم مولانا.
فقال مولانا: ينبغي أن تجيئوا لأنكم مذنبون محتاجون ، ثم أضاف فقال : أيما أمرؤ يسمع معاني المثنوي ثم لا يعمل بها ، فإنه يكون ممن ذكروا في آية: {سمعنا وعصينا} ، ولا يكون ممن ذكروا في آية: { سمعنا وأطعنا}.
(الأفلاكي ج1 ص 514)
ويقول الأفلاكي: ((سأل كُتّاب المثنوي وحُفَّاظُهُ ذات يوم مولانا: هل تتفاضل أجزاء المثنوي فيفضل بعضها بعضاً؟
فتفضل مولانا قائلاً: يفضل جزء المثنوي القاني جزءه الأول كما تفضل السماء الثانية الأولى ، ويفضل ثالثه ثانيه كما تفضل السماء الثالثة الثانية، ويفضل خامسه رابعه كما تفضل السماء الخامسة الرابعة ، ويفضل سادسه خامسه كما تفضل السماء السادسة الخامسة ، ألا ترى أن عالم الجبروت يفضل الملكوت ، وهكذا التفاضل في تلك العوالم يطول ويطول)).
(الأفلاكي ج1 ص 411)(250/6)
ويقول الأفلاكي: ((روى من هو من أولياء الله الصرحاء المثنوي خوان سراج الدين عن الجلبي حسام الدين أنه بينا كان يروم أن يُحلِف أحد مريديه على أن لا يعمل عملاً يخالف الشريعة * فوضع لذلك أمامه على تخت الكتابة ديوان الشاعر سنائي (إلهي نامة) وهو مغطى بغطاء ، إذا بمولانا يدخل عليهم فيسألهم :
ما هذا التَّحلِيف؟
فتفضل حسام الدين فقال: خِفتُ أن يخفر يمينه ، فلم أُحَلِّفه على المصحف ، فسترت ديوان (إلهي نامة) وأردته أن يحلف عليه!!
فتفضل مولانا قائلاً: الحلف على ديوان (إلهي نامة) أوثق وأقوي من الحلف على القرآن!!! لأن مَثَل القرآن مَثَل اللََّبَن ، أما معاني (الشاعر) سنائي فهي بمثابة الزُبد والقشدة !!!)).
(الأفلاكي ج1 ص 411)
يقول الأفلاكي: ((بينا مولانا جالس في مدرسته، إذ بحكيم الزمان الأمير بهاء الدين القانعي يدخل عليه ومعه جماعة لزيارته ، وبعد أسئلة وأجوبة قال القانعي: إني لا أحب سنائي أدنى محبة ، لأنه لم يكن مسلماً!
فتفضل مولانا قائلاً: وأي شيء تعني (لم يكن مسلماً) هذه؟
فقال القانعي: لأنه يخلط شعره بآيات من القرآن المجيد ويتخذها قوافي وأشطاراً لشعره.
فغضب مولانا أشَّد الغضب ، وزجره قائلاً: اسكت.
ما معنى الإسلام؟
إن كان الإسلام رأى عِظَمَ سنائي فستسقط قلنسوته من رأسه (أي الإسلام) أفيكون هو غير مسلم وأنت وآلاف من أمثالك مسلمون؟
إن إسلامه قد قُبِل منه في الدنيا والآخرة !!
أما هو فقد زيَّن أسررا القرآن وبيانه بذاك الصنيع ، وصحيح أن يقال في حقه : غَرَفنا من البحر وعلى البحر أرقناه....))
(الأفلاكي ج1 ص 409)(250/7)
ويقول الأفلاكي عن ابن الرومي: ((فخرج من السماع ، فبينا هو يمرُ باب حانة ـ خمارة ـ في رأس المحلة ، إذا بعزف ربابة يطرق أذنه المباركة ، فوقف هنيهة ثم جعل يدور وهو مظهر غاية السعادة ، وظل يطلق الصيحات إلى أن سمع صياح ديكة الفجر فخرج الرعاع والسوقة ، وجثوا بين قدمي مولانا فخلع عنه كل ملابسه وأعطاها لهم ، فيقولون: إن جميع الرعاع كانوا من الأرمن ، فلما كان اليوم التالي ، أقبل هؤلاء الأرمن إلى المدرسة وأعلنوا إسلامهم وغدوا مريدين له ثم قاموا إلى السماع)).
(الأفلاكي ج1 ص 722)
ويقول الأفلاكي: ((سألت جماعة مولانا ـ ابن الرومي ـ قائلين: قد كان مألوفاً من القديم أن يوجد القُرَّاء والمؤذنون في الجنازة ، فأي معنى لوجود المُغَنيّن والضاربين بالدف فيها في زمانك؟
أما علماء الأمة وفقهاء الشريعة فَيُسِيْئون القول في هذا، ويقولون: هو بدعة.
فأجاب مولانا قائلاً: أما وجود القراء والحفَّاظ والمؤذنين في الجنازة فهي شهادة منهم على أن الميت مؤمن مات على شريعة الإسلام ، وأما وجود مغنينا فهو شهادة منهم على أن الميت مسلم ومؤمن وعاشق !!
وفوق هذا فخروج الروح من سجن الدنيا وبئر الطبيعة وصندوق البدن وانطلاقها وخلاصها فجأة من هذا الأسار بلطف الله لترجع إلى أصلها ، ألا يوجب هذا الفرح والسماع والشكر؟!))
(الأفلاكي ج2 ص 122)(250/8)
أبو الحسن الأشعري وموقفه من الصوفية
في كتاب مقالات الإسلاميين للإمام أبي الحسن الأشعري رحمه الله ، يقول - في صفحة [288] ط الثالثة- هذه حكاية قومٍ مِن النُّساك، والنساك: اسم عبَّاد الهند ، وهي مأخوذة مِن النسك التعبد.
يقول: (( في الأمَّة قوم ينتحلون النُّسك، يزعمون أنَّه جائزٌ على الله سبحانه الحلول في الأجسام، وإذا رأوا شيئاً يستحسنونه قالوا: لا ندري لعله ربنا!! ومنهم من يقول: إنَّّه يرى الله سُبْحَانَهُ في الدنيا على قدر الأعمال! فمَن كان عمله أحسن: رأى معبوده أحسن! ومنهم مَن يجوِّز على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى المعانقة، والملامسة، والمجالسة في الدنيا، وجوزوا مع ذلك على الله تعالى - عن قولهم - أنْ نلمسه، ومنهم مَن يزعم أنَّ الله سبحانه ذو أعضاء، وجوارح، وأبعاض ولحم ودم على صورة الإنسان له ما للإنسان مِن الجوراح تعالى ربُّنا عن ذلك علوّاً كبيراً )) .
يقول الإمام الأشعري : (( وكان في الصوفية رجلٌ يُعرف بأبي شعيب: يزعم أنَّ الله يُسرُّ ويَفرح بطاعة أوليائه، ويغتمُّ، ويحزن إذا عصَوْه )) يعني: كَفَرح المخلوقين وكغَمِّهم.
يقول: ((وفي النُّساك قومٌ يزعمون أنَّ العبادة تبلغ بهم إلى منزلةٍ تزول عنهم العبادات، وتكون الأشياء المحظورات على غيرهم من الزنا، وغيره مباحات لهم.
وفيهم من يزعم: أنَّ العبادة تبلغُ بهم إلى أنْ يروا الله سُبْحَانَهُ، ويأكلوا مِن ثمار الجنَّة، ويعانِقوا الحورَ العين في الدنيا، ويحارِبوا الشياطين.
ومنهم مَن يزعم: أنَّ العبادة تبلغ بهم إلى أن يكونوا أفضلَ مِن النَّبيِّين، والملائكة المقرَّبين )).(251/1)
وكلام الإمام الأشعري ، هذا يؤكِّد ما قاله الإمام خشيش ، ويذكر عنهم قضية سقوط التكاليف وسقوط التعبدات، وأنَّ الإنسان يترقَّى، كما تقول الصوفية أنَّ الله تعالى يقول: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99]، فإذا جاء اليقين أو إذا وصلت إلى الحقيقة: سقطتْ عنك الشريعة؛ لأنَّ الصوفي عندهم يبدأ مُريداً، ثمَّ سالكاً، ثم واصلاً، والواصل: أي: الذي وصل إلى الحقيقة، وسقطت عنه التكاليف، وسقطت عنه التعبدات.
هذا قول الإمام الأشعري -وهو المتوفى سنة (324 هـ)- وهو ما يزال متقدماً بالنِّسبة لانتشار الصوفية.(251/2)
أبو الريحان البيروني
والآن سأستعرض -إن شاء الله- بعضَ الكتب التي تدل على أصل التصوف ، مثل كتاب البيروني تحقيق ماللهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة ، الكتاب ألَّفه أبو الريحان البيروني ، وهو ليس مِن أئمَّة أهل السنة والجماعة ، وإنما هو رجلٌ، مسلمٌ، مؤرِّخٌ، تستطيع أن تقول -بالأحرى- إنه جغرافيٌّ، ومتكلمٌ، ومتفلسفٌ، ذهب إلى الهند يبحث عن أديانها، وعقائدها، ويكتب عن جغرافيتها، وأرضها، وعلومها.
هذا الرجل ألَّف الكتاب، وذكر فيه حقائق لا يمكن أن يُتهم بأنَّه تواطأ فيها مع أهل السنة والجماعة .
فمثلاً: يقول في صفحة (24) من هذا الكتاب : (( ومنهم مَن كان يرى الوجودَ الحقيقي للعلة الأولى فقط، لاستغنائها بذاتها فيه، وحاجة غيرها إليه، وأنَّ ما هو مفتقر في الوجود إلى غيره، فوجوده كالخيال غير حقٍّ، والحقُّ هو الواحد الأول فقط، وهذا رأي السوفية - كتبها بالسين - وهم الحكماء، فإنَّ سوف باليونانية: [الحكمة] وبها سمي الفيلسوف: بيلاسوفا، أي: محب الحكمة، ولما ذهب في الإسلام قوم إلى قريبٍ مِن رأيهم -أي: رأي حكماء الهند -سُمُّوا باسمهم- أي: الصوفية - ولم يَعرف اللقبَ بعضُهم فنسبهم للتوكل إلى الصُفَّة وأنَّهم أصحابها في عصر النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمَّ صُحِّفَ بعد ذلك، فصُيِّر مِن صوف التيوس...! إلخ )) .
ويقول بعد ذلك: (( إنَّ المنصرف بكليته إلى العلة الأولى متشبهاً بها على غاية إمكانه: يتحد بها عند ترك الوسائط، وخلع العلائق، والعوائق )) .
ويقول -في هذه الوحدة "وحدة الوجود"-: (( وهذه آراء يذهب إليها الصوفية لتشابه الموضوع )) .
يتكلم عن ديانات الهند ، وعن فلاسفة الهند -هؤلاء الملاحدة- ثم يذكر أنَّ الصوفية يذهبون إليها لتشابه الموضوع.(252/1)
فالرجل يقول: إن الصوفية هم حكماء الهند ، وأنَّ اسمهم هو "السوفية"، وأنَّ ما يُطلق عليهم مِن الأسماء، أو ما حدث للاسم مِن التصحيف - فقيل: إنَّه مِن الصوف أو غير ذلك - هذا ليس له حقيقة.
والقشيري ذكر في كتابه الرسالة : (( أنه ليس لهذا الاسم أصل في اللغة العربية )) . -و القشيري مِن أئمَّة الصوفية له كتاب الرسالة - وهو صادقٌ في ذلك.
ويقول صاحب دائرة المعارف الإسلامية -كما سمَّاها المستشرقون- وهي دائرة معارف استشراقية: ذكروا أنَّ كلمة "الثيوصوفيا" -الكلمة اليونانيَّة- يقولون: (( هذه هي الأصل كما ينقل كاتبها ماسنيوم عن عدد المستشرقين؛ بأنَّ أصل التصوف : هو مشتق مِن الثيوصوفية )) وهذه الثيوصوفية كما يذكر -أيضاً- عبد الرحمن بدوي ، وينقل عن مستشرق ألماني فول هومر قوله: (( إن هناك علاقة بين الصوفية ، وبين الحكماء العراة مِن الهنود )) ويكتب باللغة الإنجليزية جانيوسوفستز و"سوفستز" يعني: الصوفيين، هؤلاء إذا ربطنا هذه مع الثيوصوفية -أي: الصوفية - التي نقول "الثيو" معناها في لغتهم: الله عز وجل، فمثلاً الحكم الثيوقراطي يعنى: الحكم الإلهي، والثيوصوفية أي: عشاق الله، أو محبو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الفيلسوفي هذا: عاشق الحكمة "فيلا" معناها: حكمة، أو محب الحكمة.
عاشق الله -كما يدَّعون، وكما يزعمون- يسمَّى: الصوفي.
إذاً الصوفية نستطيع أن نقول: إننا الآن أمام أساس -وسيأتي عرض آخر يبين هذه القضية- هذه الكلمة وأنَّه غير إسلامي أصلاً، وغير عربي أصلاً، وإنَّما هو دينٌ آخر.
ولنرجع إلى كتاب البيروني ؛ يقول في صفحة [51]: (( إذا كانت النَّفس مرتبطةً في هذا العالم... والخلاص -خلاص النفس- مِن العالم... وانقطاعها عنه،... كيف أنَّ الهنود يحاولون أن ينقطعوا عن الدنيا، وأن يتحدوا بالجوهر الأسمى -وهو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- )) يتحدث عن هذا الموضوع بكلام فيه صعوبة.(252/2)
إنَّما المقصود من ذلك: أنَّه يقول: (( إن هناك كتاباً هندوسياً اسم الكتاب بانتجل , وأنا قد سألت بعض إخواننا الهنود عن كتاب بانتجل ، فقالوا: إنَّ الكتاب معروف إلى الآن، وأنَّه مِن كتب الأديان عند الهندوس، وفي إمكانكم أنْ تسألوا إذا كان لكم إخوة، أو ناس في أمريكا -حتى من الهندوس- أنْ تسألوهم عن الكتاب )).
يقول البيروني -بعد أن تكلم عن قضية الاتحاد هذه-: (( وإلى مثل هذا إشارات الصوفية في العارف إذا وصل إلى مقام المعرفة؛ فإنَّهم يزعمون - أي: الصوفية - أنَّه يحصل له روحان: قديمة لا يجري عليها تغير، أو اختلاف، بِها يعلم الغيب، ويفعل المعجز! وأخرى بشرية للتغير، والتكوين، ما يبعد عن مثله أقاويل النصارى )).
لاحظ أنَّ البيروني يربط بين كلام الصوفية ، وبين أقاويل النصارى، وأنَّهم يقولون: إنَّ العارف له روحان: روح أزليَّة ثابتة، وروح حادثة، وهي التي تعتريها البشرية، أي: كما قال النصارى في عيسى بن مريم عليه السلام!!
وأنا في إمكاني الآن أنْ أقرأ عليك ما يدل على هذه العقيدة عند الصوفية :
يقول إبراهيم الدسوقي المتوفى سنة (676هـ) كما في ترجمته من طبقات الشعراني : (( قد كنتُ أنا، وأولياء الله تعالى أشياخاً في الأزل، بين يدي قديم الأزل، وبين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن الله عز وجل خلقني مِن نور رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -أي: في الأزل- وأمرني أن أخلع على جميع الأولياء، فخلعتُ عليهم بيدي -أي: ألبسهم- فقال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا إبراهيم أنت نقيبٌ عليهم -أي:على الأولياء- )).(252/3)
يقول: (( فكنتُ أنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخي عبد القادر -أي: عبد القادر الجيلاني شيخ القادرية - خلفي، وابن الرفاعي -أي: أحمد الرفاعي شيخ الرفاعية - خلف عبد القادر ، ثم التفت إليَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال:يا إبراهيم ! سر إلى مالك -خازن النيران- وقل له يغلق النيران، وسر إلى رضوان -خازن الجنة- وقل له يفتح الجنان، ففعل مالك ما أُمر به، وفعل رضوان ما أُمر به!! ))...إلى آخر ما ذكره من الكلام.
نعود إلى البيروني يقول [ص:16]: وإلى طريق بانتجل -هذا الهندي الذي سبق ذكره- ذهبت الصوفية في الاشتغال بالحق، فقالوا: مادمتَ تشير فلستَ بموحدٍ؛ حتى يستولي الحقُّ على إشارتك بإثنائه عنك، فلا يبقى مشيرٌ، ولا إشارةٌ . -أي: وحدة الوجود الكاملة-.
ويقول: (( ويوجد في كلامهم ما يدل على القول بالاتحاد؛ كجواب أحدهم عن الحقِّ، وكيف لا أتحقق مَن هو أنا بالإنيَّة، ولا أنا بالأَيْنِيَّة )).
هذا كلام أحد أئمَّة التصوف سئل عن الله فأجاب بأنه هو يقصد نفسه!
ومن الأدلة التي ذكرها البيروني على قول الحلولية بالحلول قول أبي بكر الشبلي 5 - وهو مِن أئمَّة التصوف - : اخلع الكلَّ تصل إلينا بالكلية فتكون ولا تكون إخبارك عنا وفعلك فعلنا .
أي: الكلام الذي تقوله هو عنَّا.
وكجواب أبي يزيد البسطامي ، وقد سُئل: بم نلت ما نلت؟
قال: "إنِّي انسلختُ مِن نفسي، كما تنسلخ الحيَّةُ مِن جلدها، ثم نظرتُ إلى ذاتي فإذا أنا هو>
وقالوا في قول الله تعالى: فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا [البقرة:73] : إنَّ الأمر بقتل الميت لإحياء الميت: إخبارٌ أنَّ القلب لا يحيا بأنواع المعرفة إلا بإماتة البدن بالاجتهاد، حتى يبقى رسماً لاحقيقة له، وقلبك حقيقة ليس عليه أثر مِن المرسومات.(252/4)
قالوا: (( إنَّ بين العبد وبين الله ألف مقام مِن النُّور والظلمة، وإنَّما اجتهد القوم في قطع الظلمة إلى النُّور، فلمَّا وصلوا إلى مقامات النُّور: لم يكن لهم رجوعٌ )) البيروني .
وهو يقول: إن هذا الكلام بعينه هو كلام الهنود وهو الذي سار عليه أئمة التصوف .(252/5)
أبو العباس القرطبي صاحب المفهم
يقول رحمه الله: ((وأما ما ابتدعه الصوفية في ذلك فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه ، لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن ينسب إلى الخير ، حتى لقد ظهرت من كثير منهم فعلات المجانين والصبيان ، حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة ، وانتهى التواقح بقوم منهم ، إلى أن جعلوها من باب القرب ، وصالح الأعمال ، وأن ذلك يثمر سني الأحوال ، وهذا على التحقيق من آثار الزندقة ، وقول أهل المخرفة ، والله المستعان)) . اهـ
قال الحافظ ابن حجر: وينبغي أن يعكس مرادهم ويقرأ سيء الأحوال.
فتح الباري (جزء2صفحة442).(253/1)
أبو الوفا علي بن محمد بن عقيل العقيلي الحنبلي
كان ابن عقيل رحمه الله صاحباً للغزالي ، وبعد أن خبر حال الصوفية قال: ((ما على الشريعة أضر من المتكلمين والمتصوفين , فهؤلاء (المتكلمون) يفسدون عقائد الناس بتوهمات شبهات العقول , وهؤلاء ـ المتصوفة ـ يفسدون الأعمال ، ويهدمون قوانين الأديان. فالذي يقول: حدثني قلبي عن ربي فقد استغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقد خبرت طريقة الفريقين فغاية هؤلاء ـ المتكلمين ـ الشك, وغاية هؤلاء ( المتصوفة ) الشطح)).
( تلبيس إبليس لابن الجوزي: 375 )
وقال رحمه الله: ((كفى الله شر هذه الطائفة الجامعة بين دهثمة في اللباس وطيبة في العيش وخداع بألفاظ معسولة ليس تحتها سوى إهمال التكليف وهجران الشرع ، ولذلك خفّوا على القلوب ، ولا دلالة على أنهم أرباب باطل أفضح من محبة طباع الدنيا لهم ؛ كمحبتهم أرباب اللهو والمغنيات)). (تلبيس إبليس لابن الجوزي: 374).
ونقل ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس في الباب العاشر قول ابن عقيل واصفاً الصوفية ورقصهم وغنائهم: ((إنما خدعكم الشيطان فصرتم عبيد شهواتكم ولم تقفوا حتى قلتم هذه الحقيقة وأنتم زنادقة في زي عباد شرهين في زي زهاد مشبهة تعتقدون أن الله عز وجل يُعشق ويُهام فيه ويؤلف ويؤنس به وبئس التوهم)).
وقال: ((والمتكلمون عندي خير من الصوفية لأن المتكلمين قد يزيلون الشك ، والصوفية يوهمون التشبيه)) ( المصدر السابق : 375 ) .
وقال: ((إنما هم زنادقة جمعوا بين مدارع العمال ، ومرقعات الصوف ... ولم تتجاسر الزنادقة أن ترفض الشريعة حتى جاءت المتصوفة فجاؤا بوضع أهل الخلاعة)) ( المصدر السابق : 374 )
وقال: ((والناس يقولون: إذا أحب الله خراب بيت تاجر عاشر الصوفية. قال: وأنا أقول: وخراب دينه لأن الصوفية قد أجازوا لبس النساء الخرقة من الرجال الأجانب ، فإذا حضروا السماع والطرب فربما جرى في خلال ذلك مغازلات واستخلاء بعض الأشخاص ببعض))(254/1)
(المصدر السابق: 376 ).(254/2)
أبو الوليد ابن رشد
الفيلسوف أبو الوليد ابن رشد ، قال في كتابه (مناهج الأدلة في عقائد الملة) صفحة: ((181)) يعدد الفرق التي انحرفت عن السنة:
((وهذه هي حال الفرق الحادثة في الشريعة مع الشريعة ، وذلك أن كل فرقة منهم تأولت في الشريعة تأويلاً غير التأويل الذي تأولته الفرقة الأخرى ، وزعمت أنه الذي قصده صاحب الشرع ، حتى تمزق الشرع كل ممزق ، وبعُد جداً عن موضوعه الأول ، ولما علم صاحب الشرع أن مثل هذا يعرض ولا بد في شريعته قال : "ستفترق أمتي على ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة" يعني بالواحدة : التي سلكت ظاهر الشرع ولم تؤوله ، وأنت إذا تأملت ما عرض في هذه الشريعة في هذا الوقت من الفساد العارض فيها من قبل التأويل تبينت أن هذا المثال صحيح ، وأول من غير هذا الدواء الأعظم هم:
الخوارج ، ثم المعتزلة بعدهم ، ثم الأشعرية ، ثم الصوفية ، ثم جاء أبو حامد فطم الوادي على القرى)).(255/1)
أبو بكر الطرطوشي
سئل الإمام أبو بكر الطُّرْطوشي رحمه الله:
ما يقول سيدنا الفقيه في مذهب الصوفية؟
وأعلم-حرس الله مدته- أنه اجتمع جماعة من رجال،فيكثرون من ذكر الله تعالى،وذكر محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم إنهم يوقعون بالقضيب على شيءٍ من الأَديم،ويقوم بعضهم يرقص ويتواجد،حتى يقع مغشيّاً عليه،ويحضرون شيئاً يأكلونه.
هل الحضور معهم جائز أم لا؟
أفتونا مأجورين،يرحمكم الله.
الجواب:
يرحمك الله، مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة، وما الإسلام إلا كتاب الله، وسنة رسوله، وأما الرقص والتواجد، فأَوّل مَنْ أَحثه أصحاب السامريّ، لما اتخذ لهم عجلاً جسداً له خوار, قاموا يرقصون حواليه ويتواجدون, فهو دين الكفار, وعبّاد العجل.
وأما القضيب فأوّل مَن اتخذه الزَّنادقة، ليشغلوا به المسلمين عن كتابِ الله تعالى.
وإنما كان يجلس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع أصحابه، كأنما على رؤوسهم الطير من الوقار، فينبغي للسلطان ونوّابه أن يمنعهم من الحضور في المساجد وغيرها، ولا يحلّ لأَحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم، ولا يعينهم على باطلهم، هذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة المسلمين،وبالله التوفيق.
المرجع:
كتاب الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي: (11/237-238)(/1)
أبو زرعة الرازي
قال البرذعي : سئل أبو زرعة عن المحاسبي وكتبه ، فقال للسائل : إياك وهذه الكتب ، هذه كتب بدع وضلالات ، عليك بالأثر فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب. قيل له : في هذه الكتب عبرة ، فقال : من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه عبرة ، بلغكم أن مالك بن أنس أو سفيان الثوري أو الأوزاعي أو الأئمة صنفوا كتباً في الخطرات والوساوس وهذه الأشياء ، هؤلاء قوم قد خالفوا أهل العلم ....... ثم قال: ما أسرع الناس إلى البدع.
"تهذيب التهذيب" (2ـ135)
قال الذهبي مُعلقاً على كلام أبي زرعة في ميزان الاعتدال (1ـ431):
(( وأين مثل الحارث؟ فكيف لو رأى أبو زرعة تصانيف المتأخرين كالقوت لأبي طالب، وأين مثل القوت! كيف لو رأى بهجة الأسرار لابن جهضم ، وحقائق التفسير للسلمي لطار لُبُّه.
كيف لو رأى تصانيف أبي حامد الطوسي في ذلك على كثرة ما في الإحياء من الموضوعات؟!! (يعني كتاب أبو حامد الغزالي الطوسي الإحياء)
كيف لو رأى الغنية للشيخ عبد القادر!كيف لو رأى فصوص الحكم والفتوحات المكية؟!
بلى لما كان لسان الحارث لسان القوم في ذلك العصر كان معاصره ألف إمام في الحديث، فيهم مثل أحمد بن حنبل وابن راهويه، ولما صار أئمة الحديث مثل ابن الدخميس، وابن حانه كان قطب العارفين كصاحب الفصوص وابن سفيان. نسأل الله العفو والمسامحة آمين)).(/1)
أبو عبد الله محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي
رأيت أكثر العباد على غير الجادة فمنهم من صح قصده ، ولا ينظرون في سيرة الرسول وأصحابه ولا في أخلاق الأئمة المقتدى بهم ، بل قد وضع جماعة من الناس لهم كتباً فيه رقائق قبيحة ، وأحاديث غير صحيحة ، وواقعات تخالف الشريعة ، مثل كتب الحارث المحاسبي وأبي عبد الله الترمذي وأبي طالب المكي)).
(الفروع: 6 ـ381).(/1)
ابن الحاج
الإمام ابن الحاج المالكي ، أحد العلماء الذين أكثر النقل عنهم الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري ، من أشهر كتبه كتاب المدخل ، والذي رد فيه كثير من بدع الصوفية.
قال رحمه الله في كتابه (المدخل: 3ـ99) وهو يتكلم عن الصوفية وبدعة الغناء والرقص.
((وقد ذكر أن بعض الناس عمل فتوى في سنة إحدى وستين وستمائة ومشى بها على الأربع مذاهب و لفظها: " ما تقول السادة الفقهاء أئمة الدين و علماء المسلمين وفقهم الله لطاعته وأعانهم على مرضاته في جماعة من المسلمين وردوا إلى بلد فقصدوا إلى المسجد وشرعوا يصفقون ويغنون ويرقصون تارة بالكف وتارة بالدفوف والشبابة فهل يجوز ذلك في المساجد شرعاً أفتونا مأجورين يرحمكم الله تعالى"
فقالت الشافعية: السماع لهو مكروه يشبه الباطل من قال به ترد شهادته و الله اعلم .
وقال المالكية: يجب على ولاة الأمور زجرهم و إخراجهم من المساجد حتى يتوبوا و يرجعوا والله أعلم .
وقالت الحنابلة: فاعل ذلك لا يصلى خلفه ولا تقبل شهادته ولا يقبل حكمة وإن كان حاكما وإن عقد النكاح على يده فهو فاسد والله أعلم .
وقالت الحنفية: الحصر التي يرقص عليها لا يصلى عليها حتى تغسل والأرض التي يرقص عليها لا يصلى عليها حتى يحفر ترابها ويرمى ، والله اعلم)).(/1)
ابن قدامة المقدسي
سئل ابن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى:
ما تقول السادة الفقهاء - أحسن الله توفيقهم - فيمن يسمع الدف والشبابة والغناء ويتواجد ، حتى إنه يرقص . هل يحل ذلك أم لا ؟ مع اعتقاده أنه محب لله ، وأن سماعه وتواجده ورقصه في الله؟.
وفي أي حال يحل الضرب بالدف ؟ هل هو مطلق ؟ أو في حالة مخصوصة ؟.
وهل يحل سماع الشعر بالألحان في الأماكن الشريفة ، مثل المساجد وغيرها ؟
قال الإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله: إن فاعل هذا مخطئ ساقط المروءة ، والدائم على هذا الفعل مردود الشهادة في الشرع ، غير مقبول القول ، ومقتضى هذا: أنه لا تقبل روايته لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا شهادته برؤية هلال رمضان ، ولا أخباره الدينية.
وأما اعتقاده محبة الله عز وجل ، فإنه يمكن أن يكون محباً لله سبحانه ، مطيعاً له في غير هذا ، ويجوز أن يكون له معاملة مع الله سبحانه ، وأعمال صالحة في غير هذا المقام . وأما هذا فمعصية ولعب ، ذمه الله تعالى ورسوله ، وكرهه أهل العلم ، وسموه: بدعة ، ونهوا عن فعله ، ولا يُتقرب إلى الله سبحانه بمعاصيه ، ولا يُطاع بارتكاب مناهيه ، ومن جعل وسيلته إلى الله سبحانه معصيته ، كان حظه الطرد والإبعاد ، ومن اتخذ اللهو واللعب دينا ، كان كمن سعى في الأرض الفساد ، ومن طلب الوصول إلى الله سبحانه من غير طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته فهو بعيد من الوصول إلى المراد .
وقد روى أبو بكر الأثرم قال : سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يقول : " التغبير محدث " ـ ومنه قوم يغبرون بذكر الله ، أي يهللون ويرددون الصوت بالقراءة ونحوها ـ .
وقال أبو الحارث : سألت أبا عبد الله عن التغبير وقلت: إنه ترق عليه القلوب. فقال: " هو بدعة " وروى غيره أنه كرهه ، ونهى عن إسماعه .(/1)
وقال الحسن بن عبد العزيز الجروي: سمعت الشافعي محمد بن إدريس يقول: " تركت بالعراق شيئاً يقال له التغبير ، أحدثته الزنادقة ، يصدون الناس به عن القرآن " .
وقال يزيد بن هارون : " ما يغبر إلا فاسق ، ومتى كان التغبير ؟ " .
وقال عبد الله بن داود : " أرى أن يضرب صاحب التغبير " . والتغبير: اسم لهذا السماع ، وقد كرهه الأئمة كما ترى . ولم ينضم إليه هذه المكروهات من الدفوف والشبابات ، فكيف به إذا انضمت إليه واتخذوه ديناً؟ فما أشبههم بالذين عابهم الله تعالى بقوله: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} قيل المكاء التصفير ، والتصدية: التصفيق . وقال الله سبحانه لنبيه: {وذر الذين اتخذوا دينهم لعباً ولهواً وغرتهم الحياة الدنيا} .
فأما تفصيل هذه المسموعات من الدف والشبابة وسماع كل واحد منهما منفرداً: فإن هذه جميعها من اللعب ، فمن جعلها دأبه ، أو اشتهر بفعلها أو استماعها ، أو قصدها في مواضعها ، أو قصد من أجلها فهو ساقط المروءة ، ولا تقبل شهادته، ولا يعد من أهل العدالة ، وكذلك الرقاص . وأغلظها الشبابة ، فإنه قد روي فيها الحديث الذي يرويه سليمان بن موسى عن نافع قال : كنت مع ابن عمر في طريق فسمع صوت زامر يرعى ، فعدل عن الطريق وأدخل إصبعيه في أذنيه ثم قال : يا نافع ، هل تسمع؟ هل تسمع ؟ قلت : نعم ، فمضى ثم قال: يا نافع ، هل تسمع؟ قلت: لا ، فأخرج يديه من أذنيه ، قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل. رواه الخلال في " جامعه " عن عوف بن محمد المصري عن مروان الطاطري عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى. ورواه أيضاً عن عثمان بن صالح الأنطاكي عن محمود بن خالد عن أبيه عن المطعم بن المقدام عن نافع .(/2)
وسئل أحمد عن هذا الحديث ، فقال: يرويه سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر . وهذا مبالغة من النبي صلى الله عليه وسلم في تحريمه ، لسد أذنيه وعدوله عن الطريق ولم يكتف بأحدهما عن الآخر . ولأنها من المزامير ، وما بلغنا عن أحد من العلماء الرخصة في المزمار ، فهي كالطنبور، بل هي أغلظ ؛ فإنه ورد فيها ما لم يرد فيه . وأما الغناء فقد اختلف العلماء فيه . وكان أهل المدينة يرخصون فيه ، وخالفهم كثير من أهل العلم ، وعابوا قولهم . قال عبد الله بن مسعود: " الغناء ينبت النفاق في القلب " . وقال مكحول: " من مات وعنده مغنية لم يصل عليه " . وقال معمر: " لو أن رجلا أخذ بقول أهل المدينة في السماع - يعني الغنا - ، وإتيان النساء في أدبارهن - وبقول أهل مكة في المتعة والصرف ، وبقول أهل الكوفة في المسكر ، كان شر عباد الله " . وسئل مالك بن أنس عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء فقال: " إنما يفعله عندنا الفساق " ، وكذلك قال إبراهيم بن المنذر الخزامي . وعلى كل حال فهو مكروه وليس من شأن أهل الدين . فأما فعله في المساجد فلا يجوز ، فإن المساجد لم تبن لهذا . ويجب صونها عما هو أدنى منه ، فكيف بهذا الذي هو شعار الفساق ومنبت النفاق؟! وأما الدف فهو أسهل هذه الخصال . وقد أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في النكاح وجاءت الرخصة فيه في غير النكاح أيضاً . ولا يتبين لي تحريمه إلا أن يكون الضارب به رجلا يتشبه بالنساء ، فيحرم لما فيه من تشبه الرجال بالنساء . أو يضرب به عند الميت ، فيكون ذلك إظهاراً للسخط بقضاء الله والمحاربة له ، فأما إن خلا من ذلك فلست أراه حراماً بحال .(/3)
وقد كان أصحاب عبد الله بن مسعود يخرقون الدفوف ويشددون فيها ، وذكره أحمد عنهم ولم يذهب إليه ؛ لأن السنة وردت بالرخصة فيه ، وهي أحق ما اتبع . فقد روي عن عياض بن غنم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقد شهد عيداً بالأنبار - فقال: ما أراكم تقلسون؟ كانوا يقلسون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلونه . قال يزيد بن هارون: التقليس: ضرب الدف .
وقال أنس بن مالك : مر النبي صلى الله عليه وسلم بجوار من بني نجار وهن يضربن بدف لهن وهن يقلن : نحن جوار من بني النجار وحبذا محمد من جار . فقال : "الله يعلم أني أحبكم". وروي أن امرأة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : إني نذرت إن سلمك الله أن أضرب على رأسك بالدف ، فقال : " إن كنت نذرت فافعلي و إلا فلا " متفق عليه .
وفي الجملة فإنه وإن رخص فيه للاعب ، فإنا نعتقده لعباً ولهواً . فأما من يجعله ديناً ، ويجعل استماعه واستماع الغناء قربة وطريقاً إلى الله سبحانه ، فلا يكاد يوصله ذلك إلا إلى سخط الله ومقته وربما انضم إلى ذلك النظر إلى النساء المحرمات أو غلام جميل يسلبه دينه ، ويفتن قلبه، ويخالف ربه في قوله سبحانه {وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} فكان دليلاً على تسامحه في المخالفة لقوله {ويحفظوا فروجهم} ولم يكن ذلك أزكى لهم .
وقد قال بعض التابعين : " ما أنا بأخوف على الشاب الناسك من سبع ضار أكثر من الغلام الأمرد يقعد إليه .
وقال أبو سهل : " سيكون في هذه الأمة قوم يقال لهم : اللائطون على ثلاثة أصناف : صنف ينظرون ، وصنف يصافحون ، وصنف يعملون ذلك العمل " .
وقال الحسن بن ذكوان أنه قال : " لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإن لهم صوراً كصور النساء وهم أشد فتنة من العذارى "
وقال الفضيل بن عياض : " الغناء رقية الزنى " ، فإذا اجتمعت رقية الزنى وداعيته ورائده فقد استكملت أسبابه .(/4)
وقد روي عن عمر بن عبد العزيز انه قال : " إنه بلغني عن الثقات من حملة العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشب الماء " .(/5)
ابن وهبان
ومن البدع المنكرة المحرمة، الرقص بالذكر.
قال شيخ الإسلام ابن وهبان (عبد الوهاب بن أحمد بن وهبان الدمشقي الحنفي ت-768هـ) في منظومتهِ الوهبانية:
(ومن يستحلّ الرقص قالوا بكفره ... ولا سيما بالدفِ يلهو ويزمر)(/1)
الأديب الشاعر مصطفى المنفلوطي
الأديب الشاعر مصطفى لطفي المنفلوطي الذي ولد بمنفلوط بصعيد مصر سنة: (1876 م). درس في الأزهر ، واتصل بكبار مشايخ وقته ، له مجموعة مقالات في الدفاع عن المثل العليا للثقافة العربية الإسلامية ونقد الرذائل الاجتماعية ، وله ديوان شعر رائق، توفي "رحمه الله" سنة: (1924 م).
ومما يظهر موقفه من التصوف ، ما كتبه "رحمه الله" في مقالته "دمعة على الإسلام" حيث قال:
((رسالة وصلتني من الهند ويعلم الله أني ما أتممتها حتى دارت بي الأرض وأظلمت الدنيا....
كتب إلي أحد علماء الهند كتاباً يقول فيه: إنه اطلع على مؤلف ظهر حديثاً بلغة (التاميل) ـ وهي لغة الهنود الساكنين بناقور وملحقاتها ـ موضوعه: تاريخ حياة السيد عبد القادر الجيلاني وذكر مناقبه وكراماته، فرأى فيه من الصفات والألقاب التي وصف بها الكاتب السيد عبد القادر ولقبه بها صفات وألقابا هي بمقام الألوهية أليق منها بمقام النبوة ، فضلاً عن مقام الولاية كقوله (سيد السموات والأرض) و (النفاع الضرار) و (المتصرف في الأكوان) و (المطلع على أسرار الخليقة) و (ومحيي الموتى) و (ومبرئ الأعمى والأبرص والأكمه) و (أمره من أمر الله) و (ماحي الذنوب) و (دافع البلاء) و (الرافع الواضع) و (صاحب الشريعة) و (صاحب الوجود التام) إلى كثير من أمثال هذه النعوت والألقاب!
ويقول الكاتب: أنه رأى في ذلك الكتاب فصلا يشرح فيه المؤلف الكيفية التي يجب أن يتكيف بها الزائر لقبر السيد عبد القادر الجيلاني يقول فيه:
((أول ما يجب على الزائر أن يتوضأ وضوءاً سابغاً، ثم يصلي ركعتين بخشوع واستحضار، ثم يتوجه إلى تلك الكعبة المشرفة؛ وبعد السلام على صاحب الضريح المعظم يقول: يا صاحب الثقلين ، أغثني وأمدني بقضاء حاجتي وتفريج كربتي. أغثني يا محيي الدين عبد القادر، أغثني يا ولي عبد القادر ، أغثني يا سلطان عبد القادر ، أغثني يا بادشاه عبد القادر، أغثني يا خوجة عبد القادر.(/1)
يا حضرة الغوث الصمداني، يا سيدي عبد القادر الجيلاني، عبدك ومريدك مظلوم عاجز محتاج إليك في جميع الأمور في الدين والدنيا والآخرة)).
ويقول الكاتب أيضا: إن في بلدة (ناقور) في الهند قبرا يسمى (شاه الحميد)، وهو أحد أولاد السيد عبد القادر – كما يزعمون – وأن الهنود يسجدون بين يدي ذلك القبر سجودهم بين يدي الله، وأن في كل من بلدان الهنود وقراها مزارا يمثل مزار السيد عبد القادر، فيكون القبلة التي يتوجه إليها المسلمون في تلك البلاد والملجأ الذي يلجأون في حاجاتهم وشدائدهم إليه، وينفقون من الأموال على خدمته وسدانته، وفي موالده وحضراته ما لو أنفق على فقراء الأرض جميعاً لصاروا أغنياء.
هذا ما كتبه إلي هذا الكاتب؛ ويعلم الله أني ما أتممت قراءة رسالته حتى دارت بي الأرض الفضاء وأظلمت الدنيا في عيني، فما أبصر ممن حولي شيئا حزنا وأسفا على ما آلت إليه حالة الإسلام بين أقوام نكروه بعدما عرفوه، ووضعوه بعدما رفعوه، وذهبوا به مذاهب لا يعرفها، ولا شأن له بها.
أي عين يجمل بها أن تستبقي في محاجرها قطرة واحدة من الدمع، فلا تريقها أمام هذا المنظر المؤثر المحزن، منظر أولئك المسلمين، وهم ركع سجد على أعتاب القبور.
أي قلب يستطيع أن يستقر بين جنبي صاحبه ساعة واحدة، فلا يطير جزعا حينما يرى المسلمين أصحاب دين التوحيد أكثر من المشركين إشراكا بالله؛ وأوسعهم دائرة في تعدد الآلهة؛ وكثرة المعبودات!.
لم ينقم المسلمون التثليث من المسيحيين؟ لم يحملوا لهم في صدورهم تلك الموجدة وذلك الضغن؟ علام يحاربونهم؟ وفي ما يقاتلونهم وهم لم يبلغوا من الشرك بالله مبلغهم، ولم يغرقوا فيه إغراقهم!؟.
يدين المسيحيون بآلهة ثلاثة، ولكنهم يشعرون بغرابة هذا التعدد وبعده عن العقل، فيتأولون فيه، ويقولون إن الثلاثة في حكم الواحد.
أما المسلمون فيدينون بآلاف الآلهة، أكثرها جذوع أشجار، وجثث أموات، وقطع أحجار، من حيث لا يشعرون!(/2)
كثيرا ما يضمر الإنسان في نفسه أمرا، وهو لا يشعر به، وكثيرا ما تشتمل نفسه على عقيدة خفية لا يحس باشتمال نفسه عليها. ولا أرى مثلا لذلك أقرب من المسلمين الذين يلتجئون في حاجاتهم ومطالبهم إلى سكان القبور ويتضرعون إليهم تضرعهم للإله المعبود.
فإذا عتب عليهم في ذلك عاتب، قالوا: إنا لا نعبدهم، وإنما نتوسل بهم إلى الله، كأنهم يشعرون أن العبادة ما هم فيه، وأن أكبر مظهر لألوهية الإله المعبود أن يقف عباده بين يديه ضارعين خاشعين، يلتمسون إمداده ومعونته، فهم في الحقيقة عابدون لأولئك الأموات من حيث لا يشعرون.
هذه صورة من صور نفوس المسلمين في عصر التوحيد. أما اليوم وقد داخل عقيدتهم ما داخلها من الشرك الباطن تارة والظاهر أخرى، فقد ذلت رقابهم، وخفقت رؤوسهم، وضرعت نفوسهم، وفترت حميتهم، فرضوا بخطة الخسف، واستناموا إلى المنزلة الدنيا، فوجد أعدائهم السبيل إليهم، فغلبوا على أمرهم، وملكوا عليهم نفوسهم، وأموالهم، ومواطنهم، وديارهم، فأصبحوا من الخاسرين.
والله، لن يسترجع المسلمون سالف مجدهم، ولن يبلغوا ما يريدون لأنفسهم من سعادة الحياة وهناءتها، إلا إذا استرجعوا قبل ذلك ما أضاعوه من عقيدة التوحيد. وإن طلوع الشمس من مغربها، وانصباب ماء النهر في منبعه، أقرب من رجوع الإسلام إلى سالف مجده، مادام المسلمون يقفون بين يدي الجيلاني كما يقفون بين يدي الله ويقولون للأول كما يقولون للثاني: ((أنت المتصرف في الكائنات، أنت سيد الأرضين والسموات)).
إن الله أغير على نفسه من أن يسعد أقواما يتخذونه وراءهم ظهرياً. فإذا نزلت بهم جائحة، أو ألمت بهم ملمة.ذكروا الحجر قبل أن يذكروه، ونادوا الجذع قبل أن ينادوه.(/3)
بمن استغيث؟ وبمن استنجد؟ ومن الذي أدعوه لهذه الملمة الفادحة؟ أأدعو علماء مصر وهم الذين يتهافتون على (يوم النكسة) تهافت الذباب على الشراب؟ أم علماء الآستانة وهم الذين قتلوا جمال الدين الأفغاني فيلسوف الإسلام ليحيوا أبا الهدى الصيادي شيخ الطريقة الرفاعية؟ أم علماء العجم الذين يحجون إلى قبر الإمام كما يحجون إلى البيت الحرام؟ أم علماء الهند و بينهم أمثال مؤلف هذا الكتاب؟.
يا قادة الأمة ورؤساءها عذرنا العامة في إشراكها، وفساد عقائدها، وقلنا: إن العامي أقصر نظراً، وأضعف بصيرة من أن يتصور الألوهية إلا إذا رآها ماثلة في النصب، والتماثيل، والأضرحة والقبور. فما عذركم أنتم وأنتم تتلون كتاب الله، وتقرأون صفاته ونعوته، وتفهمون معنى قوله تعالى: {قل لا يعلم من السموات والأرض الغيب إلا الله} [النمل: 65] وقوله مخاطبا نبيه: {قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً} [الأعراف: ?88]. وقوله: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} [الأنفال: ??] ؟
إنكم تقولون في صباحكم ومسائكم وغدوكم ورواحكم: (كل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف) فهل تعلمون أن السلف الصالح كانوا يجصصون قبراً، أو يتوسلون بضريح؟
وهل تعلمون أن واحداً منهم وقف عند النبي صلى الله عليه وسلم، أو قبر أحد من أصحابه أوآل بيته، يسأله قضاء حاجة، أو تفريج هم؟.
وهل تعلمون أن الرفاعي والجيلاني والبدوي أكرم عند الله وأعظم وسيلة إليه من الأنبياء والمرسلين، والصحابة والتابعين؟.
وهل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما نهى عن إقامة الصور والتماثيل، نهى عنها عبثاً ولعباً ـ حاشا وكلا ـ، أم مخافة أن تعيد للمسلمين جاهليتهم الأولى؟ وأي فرق بين الصور والتماثيل وبين الأضرحة والقبور، مادام كل منها يجر إلى الشرك ويفسد عقيدة التوحيد؟.(/4)
والله، ما جهلتم شيئا من هذا، ولكنكم آثرتم الحياة الدنيا على الآخرة، فعاقبكم الله على ذلك بسلب نعمتكم، وانتقاض أمركم، وسلط عليكم أعداءكم يسلبون أوطانكم، ويستعبدون رقابكم، ويخربون دياركم، والله شديد العقاب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. اهـ
مختصراً من مقال "دمعة على الإسلام" للأديب مصطفى لطفي المنفلوطي
مؤلفات مصطفى لطفي المنفلوطي الموضوعة الكاملة صفحة: ((311-316)).(/5)
الإمام أبو الفرج ابن الجوزي
وأما الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي البغدادي المتوفي سنة 597هـ فقد كتب كتاباً فريداً سماه (تلبيس إبليس) خص الصوفية بمعظم فصوله وبين تلبيس الشيطان عليه وكان مما ذكره هذه الصفحات:
"وكان أصل تلبيسه عليهم أنه صدهم عن العلم وأراهم أن المقصود العمل فلما أطفأ مصباح العلم عندهم تخبطوا في الظلمات. فمنهم من أراه أن المقصود من ذلك ترك الدنيا في الجملة فرفضوا ما يصلح أبدانهم. وشبهوا المال بالعقارب، ونسوا أنه خلق للمصالح وبالغوا في الحمل على النفوس حتى إنه كان فيهم من لا يضطجع. وهؤلاء كانت مقاصدهم حسنة غير أنهم على غير الجادة. وفيهم من كان لقلة علمه يعمل بما يقع إليه من الأحاديث الموضوعة وهو لا يدري. ثم جاء أقوام يتكلمون لهم في الجوع والفقر الوساوس والحظوات وصنفوا في ذلك مثل الحارث المحاسبي. وجاء آخرون فهذبوا مذهب التصوف وأفردوه بصفات ميزوه بها من الاختصاص بالمرقعة والسماع والوجد والرقص والتصفيف وتميزوا بزيادة النظافة والطهارة. ثم مازال الأمر ينمى والأشياخ يضعون لهم أوضاعاً ويتكلمون بواقعاتهم. ويتفق بعدهم عن العلماء لا بل رؤيتهم ما هم فيه أو في العلوم حتى سموه العلم الباطن وجعلوا علم الشريعة العلم الظاهر.(/1)
ومنهم من خرج به الجوع إلى الخيالات الفاسدة فادعى عشق الحق والهيمان فيه كأنهم تخايلوا شخصاً مستحسن الصورة فهاموا به، وهؤلاء بين الكفر والبدعة، ثم تشعبت بأقوام منهم الطرق، ففسدت عقائدهم، فمن هؤلاء من قال بالحلول ومنهم من قال بالاتحاد. وما زال إبليس يخبطهم بفنون البدع حتى جعلوا لأنفسهم سنناً، وجاء أبو عبد الرحمن السلمي فصنف لهم كتاب السنن، وجمع لهم حقائق التفسير، فذكر عنهم فيه العجب في تفسيرهم القرآن بما يقع لهم من غير إسناد ذلك إلى أصل من أصول العلم. وإنما حملوه على مذاهبهم. والعجب من ورعهم في الطعام وانبساطهم في القرآن. وقد أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: قال لي محمد بن يوسف القطان النيسابوري، قال: كان أبو عبد الرحمن السلمي غير ثقة، ولم يكن سمع من الأصم إلا شيئاً يسيراً فلما مات الحاكم أبو عبد الله بن البيع حدث عن الأصم بتاريخ يحيى بن معين وبأشياء كثيرة سواه. وكان يضع للصوفية الأحاديث.(/2)
قال المصنف: وصنف لهم أبو نصر السراج كتاباً سماه لمع الصوفية ذكر فيه من الاعتقاد القبيح والكلام المرذول ما سنذكر منه جملة إن شاء الله تعالى. وصنف لهم أبو طالب المكي قوت القلوب فذكر فيه الأحاديث الباطلة ومالا يستند فيه إلى أصل من صلوات الأيام والليالي وغير ذلك من الموضوع وذكر فيه الاعتقاد الفاسد. وردد فيه قول - قال بعض المكاشفين- وهذا كلام فارغ وذكر فيه عن بعض الصوفية أن الله عز وجل يتجلى في الدنيا لأوليائه. أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: قال أبو طاهر محمد بن العلاف. قال: دخل أبو طالب المكي إلى البصرة بعد وفاة أبي الحسين بن سالم فانتمى إلى مقالته وقدم بغداد فاجتمع الناس عليه في مجلس الوعاظ فخلط كلامه فحفظ عنه أنه قال: ليس على المخلوق أضر من الخالق. فبدعة الناس وهجروه فامتنع من الكلام على الناس بعد ذلك، قال الخطيب: وصنف أبو طالب المكي كتاباً سماه قوت القلوب على لسان الصوفية وذكر فيه أشياء منكرة مستشبعة في الصفات.
قال المصنف: وجاء أبو نعيم الأصبهاني فصنف لهم كتاب الحلية. وذكر في حدود التصوف أشياء منكرة قبيحة ولم يستح أن يذكر في الصوفية أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً وسادات الصحابة رضي الله عنهم. فذكر عنهم فيه العجب وذكر منهم شريحاً القاضي والحسن البصري وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وكذلك ذكر السلمي في طبقات الصوفية وإبراهيم بن أدهم ومعروفاً الكرخي وجعلهم من الصوفية بأن أشار إلى أنهم من الزهاد.(/3)
فالتصوف مذهب معروف يزيد على الزهد ويدل على الفرق بينهما أن الزهد لم يذمه أحد وقد ذموا التصوف على ما سيأتي ذكره وصنف لهم عبد الكريم بن هوازن القشيري كتاب الرسالة فذكر فيها العجائب من الكلام في الفناء والبقاء، والقبض، والبسط، والوقت، والحال والوجد والوجود، والجمع، والتفرقة، والصحو، والسكر، والذوق، والشرب، والمحو، والإثبات، والتجلي، والمحاضرة، والمكاشفة، واللوائح، والطوالع، واللوامع، والتكوين، والتمكين والشريعة، والحقيقة، إلى غير ذلك من التخليط الذي ليس بشيء وتفسيره أعجب منه، وجاء محمد بن طاهر المقدسي فصنف لهم صفة التصوف فذكر فيه أشياء يستحي العاقل من ذكرها سنذكر منها ما يصلح ذكره في مواضعه إن شاء الله تعالى.
وكان شيخنا أبو الفضل بن ناصر الحافظ يقول: كان ابن طاهر يذهب مذهب الإباحة، قال: وصنف كتاباً في جواز النظر إلى المراد أورد فيه حكاية عن يحيى بن معين، قال: رأيت جارية بمصر مليحة صلى الله عليها. فقيل له تصلي عليها، فقال صلى الله عليها وعلى كل مليح، قال شيخنا ابن ناصر: وليس ابن طاهر بمن يحتج به، وجاء أبو حامد الغزالي فصنف لهم كتاب الإحياء على طريقة القوم وملأه بالأحاديث الباطلة وهو لا يعلم بطلانها، وتكلم في علم المكاشفة وخرج عن قانون الفقه. وقال: إن المراد بالكوكب والشمس والقمر اللواتي رآهن إبراهيم صلوات الله عليه أنوار هي حجب الله عز وجل ولم يرد هذه المعروفات. وهذا من جنس كلام الباطنية. وقال في كتابه المفصح بالأحوال: إن الصوفية في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتاً ويقتبسون منهم فوائد، ثم يترقى الحال من مشاهدة الصورة إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق.(/4)
قال المصنف: وكان السبب في تصنيف هؤلاء مثل هذه الأشياء قلة علمهم بالسنن والإسلام والآثار وإقبالهم على ما استحسنوه من طريقة القوم. وإنما استحسنوها لأنه قد ثبت في النفوس مدح الزهد وما رأوا حالة أحسن من حالة هؤلاء القوم في الصورة ولا كلاما أرق من كلامهم. وفي سير السلف نوع خشونة، ثم إن ميل الناس إلى هؤلاء القوم شديد لما ذكرنا من أنها طريقة ظاهرها النظافة والتعبد وفي ضمنها الراحة والسماع والطباع تميل إليها. وقد كان أوائل الصوفية ينفرون من السلاطين والأمراء فصاروا أصدقاء (أي بعد أن صار التصوف حرفة وتكسباً صاحبوا الأمراء والسلاطين).
وجمهور هذه التصانيف التي صنفت لهم لا تستند إلى أصل وإنما هي واقعات تلقفها بعضهم عن بعض ودونوها وقد سموها بالعلم الباطن. والحديث بإسناد إلى أبي يعقوب إسحق بن حية قال سمعت أحمد بن حنبل وقد سئل عن الوساوس والخطرات. فقال: ما تكلم فيها الصحابة ولا التابعون.
قال المصنف: وقد روينا في أول كتابنا هذا عن ذي النون نحو هذا، وروينا عن أحمد بن حنبل أن سمع كلام الحارث المحاسبي. فقال لصاحب له. لا أرى لك أن تجالسهم. وعن سعيد بن عمرو البردعي، قال شهدت أبا زرعة، وسئل عن الحارث المحاسبي وكتبه، فقال للسائل: إياك وهذه الكتب. هذه الكتب كتب بدع وضلالات، عليك بالأثر فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب. وقيل له. في هذه الكتب عبرة. قال: من لم يكن له في كتاب الله عز وجل عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة. بلغكم أن مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والأئمة المتقدمة، صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس وهذه الأشياء هؤلاء قوم خالفوا أهل العلم يأتوننا مرة بالحارث المحاسبي ومرة بعبد الرحيم الدبيلي ومرة بحاتم الأصم ومرة بشقيق، ثم قال: ما أسرع الناس إلى البدع.(/5)
أخبرنا محمد بن عبد الباقي ثنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: أول من تكلم في بلدته في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية ذو النون المصري فأنكر عليه ذلك عبد الله بن عبد الحكم وكان رئيس مصر وكان يذهب مذهب مالك وهجره لذلك علماء مصر لما شاع خبره أنه أحدث علماً لم يتكلم فيه السلف حتى رموه بالزندقة. قال السلمي: وأخرج أبو سليمان الداراني من دمشق. وقالوا إنه يزعم أنه يرى الملائكة وأنهم يكلمونه، وشهد قوم على أحمد بن أبي الحواري: إنه يفضل الأولياء على الأنبياء فهرب من دمشق إلى مكة، وأنكر أهل بسطام على أبي يزيد البسطامي ما كان يقول حتى إنه ذكر للحسين بن عيسى أنه يقول: لي معراج كما كان للنبي صلى الله عليه وسلم معراج فأخرجوه من بسطام، وأقام بمكة سنتين ثم رجع إلى جرجان فأقام بها إلى أن مات الحسين بن عيسى ثم رجع إلى بسطام، قال السلمي: وحكى رجل عن سهلي بن عبد الله التستري أنه يقول: إن الملائكة والجن والشياطين يحضرونه وإنه يتكلم عليهم فأنكر ذلك عليه العوام حتى نسبوه إلى القبائح فخرج إلى البصرة فمات بها، قال السلمي: وتكلم الحارث المحاسبي في شيء من الكلام والصفات فهجره أحمد بن حنبل فاختفى إلى أن مات.
قال المصنف: وقد ذكر أبو بكر الخلال في كتاب السنة عن أحمد بن حنبل أنه قال: حذروا من الحارث أشد التحذير، الحارث أصل البلية يعني في حوادث كلام جهم ذاك جالسه فلان وفلان وأخرجهم إلى رأي جهم ما زال مأوى أصحاب الكلام، حارث بمنزلة الأسد المرابط انظر أي يوم يثب على الناس" (تلبيس إبليس 167/163).
وقال في كتابه تلبيس إبليس، بعد أن ذكر تلبيس إبليس على الصوفية في السماع والرقص والوجد: (( قال الفقهاء من أصحابنا لا تقبل شهادة المغني والرقاص والله الموفق)) .(/6)
الإمام أحمد بن حنبل
وأما الإمام أحمد بن حنبل فقد كان لهم بالمرصاد فقد قال عندما بدأ الحارث المحاسبي يتكلم في هذه الخطرات: ((ما تكلم فيها الصحابة ولا التابعون". وحذر من مجالسة الحارث المحاسبي وقال لصاحب له: "لا أرى لك أن تجالسهم)).
وذكر أبو بكر الخلال في كتاب السنة عن أحمد بن حنبل أنه قال: ((حذروا من الحارث أشد التحذير!! الحارث أصل البلبلة ـ يعني في حوادث كلام جهم ـ ذاك جالسه فلان وفلان وأخرجهم إلى رأي جهم ما زال مأوى أصحاب الكلام. حارث بمنزلة الأسد المرابط انظر أي يوم يثب على الناس!!" (تلبيس إبليس 166-167).
وهذا الكلام من الإمام أحمد يكشف فيه القناع أيضاً عن أن الحارث المحاسبي الذي تسربل ظاهراً بالزهد والورع والكلام في محاسبة النفس على الخطرات والوساوس كان هو المأوى والملاذ لأتباع جهم بن صفوان المنحرفين في مسائل الأسماء والصفات والنافين لها، وهكذا كان التصوف دائماً هو الظاهر الخادع للحركات والأفكار الباطنية.
ولذلك وقف الإمام أحمد لهؤلاء الأشرار الظاهرين منهم والمتخفين بالزهد والورع وأمر بهجر الحارث المحاسبي وشدد النكير عليه فاختفى الحارث إلى أن مات. (تلبيس إبليس 167).
وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: ((قبور أهل السنة من أهل الكبائر روضة ، وقبور أهل البدعة من الزهاد حفرة ، فسّاق أهل السنة أولياء الله ، وزهاد أهل البدع أعداء الله)).اهـ طبقات الحنابلة (1/184) الفروع (2/149).(/1)
الإمام ابن حزم الأندلسي
قال الإمام أبو محمد ابن حزم الأندلسي - رحمه الله - في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل" عن التصوف والصوفية ، صفحة (30ـ31):
ادعت طائفة من الصوفية أن في أولياء الله تعالى من هو أفضل من جميع الأنبياء والرسل ، وقالوا: من بلغ الغاية القصوى من الولاية سقطت عنه الشرائع كلها ، من الصلاة والصيام والزكاة وغير ذلك ، وحلت له المحرمات كلها من الزنا والخمر وغير ذلك.
واستباحوا بهذا نساء غيرهم ، وقالوا: إننا نرى الله ونكلمه ، وكل ما قذف في نفوسنا فهو حق. ورأيت لرجل منهم يعرف بابن شمعون كلماً نصه: إن الله تعالى ماية اسم وأن الموفي ماية هو ستة وثلاثون حرفاً ليس منها في حروف الهجاء شيء إلا واحد فقط وبذلك الواحد يصل أهل المقامات إلى الحق ، وقال أيضاً: أخبرني بعض من رُسم لمجالسة الحق أنه مد رجله يوماً فنودي: ما هكذا مجالس الملوك.!! فلم يمد رجله بعدها ، يعني أنه كان مديماً لمجالسة الله تعالى.
وقال أبو حاضر النصيبي ـ من أهل نصيبين ـ وأبو الصياح السمرقندي وأصحابهما: إن الخلق لم يزالوا مع الله تعالى. وقال أبو الصياح: لا تحل ذبائح أهل الكتاب ، وخطأ فعل أبي بكر الصديق رضي الله عنه في قتال أهل الردة ، وصوب قول الصحابة الذين رجعوا عنه في حربهم.
وقال أبو شعيب القلال: إن ربه جسم في صورة إنسان ، لحم ودم ، ويفرح ويحزن ، ويمرض ويفيق.
وقال بعض الصوفية: إن ربه يمشي في الأزقة ، حتى أنه يمشي في صورة مجنون يتبعه الصبيان بالحجارة حتى تدموا عقبيه.
فاعلموا رحمكم الله: إن هذه كلها كفرات صلع وأقوال قوم يكيدون الإسلام .
وقال أيضاً: واعلموا أن كل من كفر هذه الكفرات الفاحشة ممن ينتمي إلى الإسلام فإنما عنصرهم الشيعة والصوفية ، فإن من الصوفية من يقول: إن من عرف الله تعالى سقطت عنه الشرايع ، وزاد بعضهم واتصل بالله تعالى.(/1)
وبلغنا أن بنيسابور اليوم في عصرنا هذا رجلاً يكنى أبا سعيد أبا الخير هكذا معاً من الصوفية مرة يلبس الصوف ومرة يلبس الحرير المحرم على الرجال ومرة يصلي في اليوم ألف ركعة ومرة لا يصلي لا فرضية ولا نافلة وهذا كفر محض ونعوذ بالله من الضلال .(/2)
الإمام الذهبي
صور من إنكار الإمام الذهبي على الصوفية ، وبيان مخالفتهم لطريقة أهل الزهد والتنسك من المتقدمين ، وتمحيص ما عند المتقدمين من خلل:
قال رحمه الله في ترجمة "حاتم الأصم" من كتابه سير أعلام النبلاء: (11ـ487) بعد أن ذكر قول حاتم الأصم: ((لو أن صاحب خبر جلي إليك لكنت تتحرز منه وكلامك يعرض على الله لا تحترز. فقال الذهبي: قلت: هكذا كانت نكت العارفين وإشاراتهم لا كما أحدث المتأخرون من الفناء والمحو والجمع الذي آل بجهلتهم إلى الاتحاد وعدم السوى)).
وقال الذهبي رحمه الله في السير (22ـ368): ((قال ابن هلال: جلست عنده ـ يعني: أبا الجناب أحمد بن عمر الخوارزمي ـ في الخلوة مراراً, وشاهدت أموراً عجيبة, وسمعت من يخاطبني بأشياء حسنة.
فقال الذهبي معلقاً: قلت: لا وجود لمن خاطبك في خلوتك مع جوعك المفرط, بل هو سماع كلام في الدماغ الذي قد طاش وفاش وبقي قرعة كما يتم للمبرسم والمغمور بالحمى والجنون, فاجزم بهذا, واعبد الله بالسنن الثابتة تفلح)).
وذكر الذهبي في ترجمة "أبي حامد الغزالي" من السير: (19ـ322): قول الغزالي: (وذهبت الصوفية إلى العلوم الإلهامية دون التعليمية فيجلس فارغ القلب مجموع الهم يقول: الله .... الله.... الله... على الدوام ، فليفرغ قلبه ولا يشتغل بتلاوة ولا كتب حديث !! ، قال: فإذا بلغ هذا الحد التزم الخلوة في بيت مظلم وتدثر بكسائه فحينئذ يسمع نداء الحق !!!: (يا أيها المدثر) و (يا أيها المزمل) !!!)).
قال الذهبي معقباً: ((قلت: سيد الخلق إنما سمع: {يَا أيُّهَا المُدَّثِرِ} (المدثر: 1) من جبريل عن الله ، وهذا الأحمق لم يسمع نداء الحق أبدا !! ، بل سمع شيطاناً أو سمع شيئا لا حقيقة من طيش دماغه ، والتوفيق في الاعتصام بالسنة والإجماع) انتهى كلامه رحمه الله .(/1)
ونقل كلاما "للطرطوشي" قال فيه: ((وقال محمد بن الوليد الطرطوشي في رسالة له إلى ابن مظفر فأما ما ذكرت من أبي حامد فقد رأيته وكلمته فرأيته جليلا من أهل العلم واجتمع فيه العقل والفهم ومارس العلوم طول عمره وكان على ذلك معظم زمانه ثم بدا له عن طريق العلماء ودخل في غمار العمال ثم تصوف وهجر العلوم وأهلها ودخل في علوم الخواطر وأرباب القلوب ووساوس الشيطان ثم شابها بآراء الفلاسفة ورموز الحلاج وجعل يطعن على الفقهاء والمتكلمين ولقد كاد أن ينسلخ من الدين فلما عمل " الإحياء " عمد يتكلم في علوم الأحوال ومرامز الصوفية أنيس بها ولا خبير بمعرفتها فسقط على أم رأسه وشحن كتابه بالموضوعات)).
قال الذهبي: ((قلت أما " الإحياء " ففيه من الأحاديث الباطلة جملة وفيه خير كثير لولا ما فيه من آداب ورسوم وزهد من طرائق الحكماء ومنحرفي الصوفية نسأل الله علما نافعا تدري ما العلم النافع هو ما نزل به القرآن وفسره الرسول صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا ولم يأت نهي عنه قال عليه السلام من رغب عن سنتي فليس مني فعليك يا أخي بتدبر " كتاب الله " وبإدمان النظر في " الصحيحين " و " سنن النسائي " و " رياض " النواوي و " أذكاره " تفلح وتنجح ، وإياك وآراء عباد الفلاسفة ، ووظائف أهل الرياضات ، وجوع الرهبان ، وخطاب طيش رؤوس أصحاب الخلوات فكل الخير في متابعة الحنيفية السمحة ، فواغوثاه بالله اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم)).
وقال في ترجمة "سعيد بن عبد العزيز الحلبي" (14ـ62) لما ذكر قول أبي نعيم الحافظ فيه من قوله: ((تخرج به جماعة من الأعلام كإبراهيم بن المولد وكان ملازماً للشرع متبعاً له.
قال الذهبي: قلت: يعني أنه كان سليماً من تخبيطات الصوفية وبدعهم)).(/2)
وقال الذهبي في ترجمة "ابن الأعرابي" (15ـ407ـ412) في التمييز بين التصوف المحدث ، والتنسك والتعبد الشرعي: ((قلت: إي والله دققوا وعمقوا وخاضوا في أسرار عظيمة ما معهم على دعواهم فيها سوى ظن وخيال ولا وجود لتلك الأحوال من الفناء والمحو والصحو والسكر إلا مجرد خطرات ووساوس ما تفوه بعباراتهم صديق ، ولا صاحب ، ولا إمام من التابعين ، فان طالبتهم بدعاويهم مقتوك ، وقالوا: محجوب ، وإن سلمت لهم قيادك تخبط ما معك من الإيمان ، وهبط بك الحال على الحيرة والمحال ، ورمقت العباد بعين المقت ، وأهل القرآن والحديث بعين البعد ، رجاء مساكين محجوبون ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، فإنما التصوف والتأله والسلوك والسير والمحبة ما جاء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من الرضا عن الله ولزوم تقوى الله والجهاد في سبيل الله والتأدب بآداب الشريعة من التلاوة بترتيل وتدبر والقيام بخشية وخشوع وصوم وقت وإفطار وقت وبذل المعروف وكثرة الإيثار وتعليم العوام والتواضع للمؤمنين والتعزز على الكافرين ومع هذا فالله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، والعالم إذا عري من التصوف والتأله فهو فارغ كما أن الصوفي إذا عري من علم السنة زل عن سواء السبيل) .
قال الذهبي رحمه الله عن سيد الصوفية "ابن عربي الطائي" (23 ـ 48): ((وكان ذكياً كثير العلم كتب الإنشاء لبعض الأمراء بالمغرب ثم تزهد وتفرد وتعبد وتوحد وسافر وتجرد واهتم وأنجد وعمل الخلوات ، وعلِق شيئا كثيرا في تصوف أهل الوحدة ، ومن أردإ تواليفه كتاب ((الفصوص)) فإن كان لا كفر فيه فما في الدنيا كفر!!! نسأل الله العفو والنجاة . فواغوثاه بالله ، وقد عظمه جماعة وتكلفوا لما صدر منه ببعيد الاحتمالات)). انتهى .(/3)
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (4ـ472): ((وإذا رأيت المتكلم المبتدع يقول: دعنا من الكتاب والأحاديث الآحاد، وهات العقل فاعلم أنه أبو جهل، وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول: دعنا من النقل ومن العقل، وهات الذوق والوجد، فاعلم أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر، أو قد حل فيه، فإن جبنت منه فاهرب، وإلا فاصرعه وابرك على صدره، واقرأ عليه آية الكرسي واخنقه)).
وقال الذهبي في ترجمة "الحكيم الترمذي" (13ـ442): ((كذا تُكلم في السُلمي من أجل تأليفه كتاب حقائق التفسير فياليته لم يؤلفه ، فنعوذ بالله من الإشارات الحلاجية ، والشطحات البسطامية ، وتصوف الاتحادية ، فواحزناه على غربة الإسلام والسنة)).(/4)
الإمام الشافعي
وأما الإمام الشافعي فقد أدرك بدايات التصوف وكان من أكثر العلماء والأئمة إنكاراً على الصوفية ، ورويت عنه أقوال كثيرة منها:
روى البيهقي في مناقب الشافعي (2 ـ208) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا محمد جعفر بن محمد بن الحارث يقول: سمعت أبا عبد الله: الحسين بن محمد بن بحر يقول: سمعت يونس بن عبد الله الأعلى يقول: سمعت الشافعي يقول: لو أن رجلاً تصوَّف من أول النهار لم يأت عليه الظهر إلا وجدته أحمق .
أخبرنا محمد بن عبد الله قال: سمعت أبا زرعة الرازي يقول: سمعت أحمد بن محمد بن السندي يقول: سمعت الرَّبيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي يقول: ما رأيت صوفياً عاقلاً قط إلا مسلم الخوَّاص.
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: سمعت أبا عبد الله الرازي يقول: سمعت إبراهيم بن المولد يحكي عن الشافعي أنه قال: لا يكون الصوفي صوفياً حتى يكون فيه أربع خصال كسول أكول نئوم كثير الفضول.
وروى ابن الجوزي (تلبيس إبليس صفحة: 371) عن الشافعي قوله: "ما لزم أحد الصوفيين أربعين يوماً فعاد عقله أبداً.
وقال رحمه الله: ((تركت بالعراق شيئاً يقال له (التغبير) ، أحدثه الزنادقة، ويصدُّون الناس عن القرآن" روى ذلك الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ((36))، وأبو نعيم في الحلية ((9ـ146)) وابن الجوزي ((244-249))
وروى أبو بكر الأثرم قال : سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يقول : " التغبير محدث " ـ ومنه قوم يغبرون بذكر الله ، أي يهللون ويرددون الصوت بالقراءة ونحوها ـ .
وقال أبو الحارث : سألت أبا عبد الله عن التغبير وقلت: إنه ترق عليه القلوب. فقال: " هو بدعة " وروى غيره أنه كرهه ، ونهى عن إسماعه .
وقال يزيد بن هارون : " ما يغبر إلا فاسق ، ومتى كان التغبير ؟ " .
وقال عبد الله بن داود : " أرى أن يضرب صاحب التغبير "(/1)
روى الخطابي في كتاب العزلة عن علي بن يحيى الوراق قال: كان الشافعي رحمة الله عليه رجلاً عطراً ـ أي يحب الطيب ـ وكان يجيء غلامه كل غداة بغالية ، فيمسح بها الأسطوانة التي يجلس إليها ، وكان إلى جنبه إنسان من الصوفية ، وكان يُسمى الشافعي البطال ! يقول: هذا البطال ! وهذا البطال ! قال: فلما كان ذات يوم عمد إلى شاربه فوضع فيه قذراً ثم جاء إلى حلقة الشافعي ، فلما شم الشافعي الرائحة أنكرها ، وقال فتشوا نعالكم . فقالوا : ما نرى شيئا يا أبا عبد الله. قال: فليفتش بعضكم بعضاً. فوجدوا ذلك الرجل ، فقالوا: يا أبا عبد الله هذا. فقال له: ما حملك على هذا؟ قال: رأيت تجبرك فأردت أن أتواضع لله عز وجل ! قال: خذوه فاذهبوا به إلى عبد الواحد ، وكان على الشرطة ، فقولوا له: قال لك أبو عبد الله: اعتقل هذا إلى وقت ننصرف. قال: فلما خرج الشافعي دخل إليه فدعا به فضربه ثلاثين درة أو أربعين درة. قال: هذا إنما تخطيت المسجد بالقذرة ، وصليت على غير الطهارة !(/2)
الإمام الشوكاني
الحمدُ للهِ والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد.
هذه أبياتٌ للإمامِ الشوكانيِّ من كتابِ " الصوارمِ الحدادِ القاطعةِ لعلائقِ مقالاتِ أربابِ الاتحادِ " ، وهذا الكتابُ نقل فيه أقوالَ العلماءِ أهلِ السنةِ في الحُكمِ على ما تضمنتهُ الكتب الصوفية من الضلالِ والإضلال ، مثل الفصوص ، والفتوحات لابن عربي ، والبد لابن سبعين ، والإنسان الكامل لعبد الكريم الجيلي ، والتلمساني ، وشعر ابن الفارض المسمى بالقصيدةِ التائيةِ ، وغير ذلك .
قال الإمام الشوكاني في الأبياتِ :
فهمُ الذين تلاعبوا بين الورى ** بالدينِ وانتدبوا لقصد خرابه
وقد نهج الحلاجُ طرقَ ضلالهم ** وكذاك محيي الدين لا حيا به
وكذاك فارضهم بتائياتهِ ** فرض الضلال عليهم ودعا به
وكذا ابن سبعين المهين فقد عدا ** متطوراً في جهلهِ ولعابهِ
رام النبوءة لالعاً لعثورهِ ** روم الذبابِ مصيره كعقابهِ
وكذلك الجيلي أجال جوادهُ ** في ذلك الميدانِ ثم سعى به
إنسانهُ إنسان عين الكفر لا *** يرتاب فيه سابح بعبابه
والتلمساني قال قد حلت له ** كلُّ الفروجِ فخذ بذا وكفى به
نهقوا بوحدتهم على رؤوس الملا ** ومن المقال أتوا بعينِ كذابه
إن صح ما نقل الأئمةُ عنهم ** فالكفر ضربة لازب لصحابه
لا كفر في الدنيا على كلِّ الورى ** إن كان هذا القول دون نصابهِ
قد ألزمونا أن ندين بكفرهم ** والكفر شرُّ الخلقِ من يرضى به
فدعِ التعسفَ في التأولِ لا تكن ** كفتى يغطي جيفةً بثيابهِ
قد صرحوا أن الذي يبغونهُ ** هو ظاهرُ الأمر الذي قلنا بهِ
هذي فتوحاتُ الشؤومِ شواهدٌ ** إن المراد له نصوص كتابهِ(/1)
الإمام الصنعاني
قال الإمام محمد بن الأمير الصنعاني - رحمه الله - في كتابه الشهير "تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد" يبين حال التصوف والصوفية:
أما المتسمون بالمجاذيب الذين يلوكون لفظ الجلالة بأفواههم ويقولونها بألسنتهم ويخرجونها عن لفظها العربي فهم من أجناد إبليس اللعين، ومن أعظم حمر الكون الذين ألبستهم الشياطين حلل التلبيس والتزيين، فإن إطلاق الجلالة منفرداً عن إخبار عنها بقولهم ( الله الله) ليس بكلام ولا توحيد، وإنما هو تلاعب بهذا اللفظ الشريف بإخراجه عن لفظه العربي ثم إخلاؤه عن معنى من المعاني ولو أن رجلاً عظيماً صالحاً يسمى بزيد وصار جماعة يقولون (زيد زيد) لعُد ذلك استهزاء وإهانة وسخرية، ولا سيما إذا زادوا إلى ذلك تحريف اللفظ.
ثم انظر هل أتى في لفظة من الكتاب والسنة ذكر الجلالة بانفرادها وتكريرها؟ أو الذي في الكتاب والسنة هو طلب الذكر والتوحيد والتسبيح والتهليل، وهذه أذكار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدعيته وأدعية آله وأصحابه خالية عن هذا الشهيق والنهيق والنعيق الذي اعتاده الذي من هو عن الله وعن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته ودله في مكان سحيق. ثم قد يضيفون إلى الجلالة الشريفة أسماء جماعة من الموتى، مثل (ابن علوان) و (أحمد بن الحسين) و(عبد القادر) و(العيدروس) بل قد انتهى الحال إلى أنهم يفرون إلى أهل القبور من الظلم والجور كعلي رومان وعلي الأحمر وأشباههما وقد صان الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم وأهل الكساء وأعيان الصحابة عن إدخالهم في أفواه هؤلاء الجهلة الضلال، فيجمعون أنواعاً من الجهل والشرك والكفر.
فإن قلت : إنه قد يتفق من هؤلاء الذين يلوكون الجلالة ويضيفون عليها عمل أهل الخلاعة والبطالة خوارق عادات وأموراً تظن كرامات ، كطعن أنفسهم بالآلات الحادة وحملهم لمثل الحنش والحية والعقرب وأكلهم النار ومسهم غياها بالأيدي وتقلبهم فيها بالأجسام .(/1)
قلت : هذه أحوال شيطانيه وإنك لملبس عليك أن ظننتها كرامات للأموات أو حسنات للأحياء لما هتف هذا الضال بأسماءهم وجعلهم أنداداً وشركاء لله تعالى في الخلق والأمر فهؤلاء الموتى أنت تفرض أنهم أولياء الله تعالى فهل يرضى ولي الله أن يجعله المجذوب أو السالك شريكاً له تعالى وندا؟ أن زعمت ذلك فقد جئت شيئا إدا، وصيرت هؤلاء الأموات مشركين وأخرجتهم وحاشاهم ذلك عن دائرة الإسلام والدين، حيث جعلتهم أندادا لله راضين فرحين، وزعمت أن هذه كرامات لهؤلاء المجاذيب الضلال المشركين التابعين لكل باطل، المنغمسين في بحار الرذائل الذين لا يسجدون لله سجدة ولا يذكرون الله وحده. فإن زعمت هذا فقد أثبت الكرامات للمشركين الكافرين وللمجانين وهدمت بذلك ضوابط الإسلام وقواعد الدين المبين والشرع المتين.
وإذا عرفت بطلان هذين الأمرين علمت أن هذه أحوال شيطانية وأفعال طاغوتية وأعمال إبليسية يبعلها الشياطين لإخوانهم من هؤلاء الضالين، معاونة من الفريقين على إغواء العباد، وقد ثبت في الأحاديث أن الشياطين والجان يتشكلون بأشكال الحية والثعبان وهذا أمر مقطوع بوقوعه فهم الثعابين التي يشاهدها الإنسان في أيدي المجاذيب. وقد يكون ذلك من باب السحر وهو أنواع، وتعلمه ليس بالعسير، بل بابه الأعظم الكفر بالله وإهانة ما عظمه الله من جعل مصحف في كنيف ونحوه.
فلا يغتر من يشاهد ما يعظم في عينية من أحوال المجاذيب من الأمور التي يراها خوارق، فإن للسحر تأثيرا عظيما في الأفعال. وهكذا الذين يقلبون الأعيان بالأسحار وغيرها.
وقال الأمير الصنعاني "رحمه الله" في قصيدة يمدح شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب:
ويعمر أركان الشريعة هادما **** مشاهد ضل الناس فيها عن الرشد
أعادوا بها معنى سواع ومثله ******* يغوث و ود بئس ذلك من ودِ
وقد هتفوا عند الشدائد باسمها *** كما يهتف المضطر بالصمد الفرد
وكم عقروا في سوحها من عقيرة *** أهلت لغير الله جهرا على عمد(/2)
وكم طائف حول القبور مقبّل ******* ومستلم الأركان منهن باليدِّ
وللأمير الصنعاني "رحمه الله" كتاب نفيس في هذا المجال ، تحت عنوان " الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف "(/3)
الإمام القرافي
يقول الإمام القرافي "رحمه الله" في كتابه الفروق ، معلقاً على احدى انحرافات الصوفية العقدية ، وهي إدعائهم أن أوليائهم لهم القدرة على التصرف في الكون ، وأنهم يقولون للشيء كن فيكون:
((وقد وقع ذلك لجماعة من جُهَّال الصوفية فيقولون: فلانٌ أُعطي كلمة ( كن ) ويَسْأَلون أن يُعْطَو كلمة ( كن ) التي في قوله تعالى {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} وما يعلمون معنى هذه الكلمة في كلام الله تعالى ، ولا يعلمون ما معنى إعطائها ، إنْ صحَّ أنها أُعطيت، وهذه أغوارٌ بعيدة الرَّوْم على العلماء المُحَصِّلين فضلاً عن الصوفيّة المُتَخَرِّصين فيهلكون من حيث لا يشعرون ويعتقدون أنّهم إلى الله تعالى مُتَقَرِّبون وهم عنه مُتَباعدون ، عصَمَنا الله تعالى مِنَ الفتن وأسبابها ، والجهالات وشُبهها .
.... وكذلك قال الله تعالى في كتابه العزيز حكايةً عن نوح عليه الصلاة والسلام {إنّي أعوذ بِكَ أنْ أسأَلَك ما ليس لي به علم} أي بجواز سؤاله ، فاشترطَ العلم بالجواز قبل الإقدام على الدّعاء وهو يدل على أنَّ الأصل في الدُّعاء التحريم إلا ما دلَّ الدليل على جوازه ، وهذه قاعدة جليلة يتَخرّجُ عليها كثيرٌ من الفروع الفقهيّة ، وقد تقدَّم بسطها في الفروق)) انتهى
كتاب الفروق: (4ـ 1408) الفرق (272).(/1)
الإمام المفسر أبو حيان الأندلسي
قال الإمام أبو حيّان الأندلسي في كتابه (التفسير الكبير المسمّى بالبحر المحيط) وفي ذيله أيضاً المسمّى (النهر المادّ) الجزء: 3 صفحة: 448 ، في تفسير سورة المائدة عند قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم }: ((و مِنْ بعضِ اعتقادِ النصارى استنبطَ مَنْ تستّر بالإسلام ظاهراً وانتمى إلى الصوفية حُلولَ الله تعالى في الصور الجميلة ، ومن ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة ، كالحلاج والشوذي وابن أحلى وابن عربي المقيم بدمشق وابن الفارض ، وأتباع هؤلاء كابن سبعين وتلميذه التستري وابن المطرّف المقيم بمرسية والصفّار المقتول بغرناطة وابن لباج وابن الحسن المقيم بلوزقة ، وممن رأيناه يُرمى بهذا المذهب الملعون العفيف التلمساني وله في ذلك أشعار كثيرة ، وابن عيّاش المالقي الأسود القطيع المقيم بدمشق ، وعبد الواحد بن المؤخر المقيم بصعيد مصر والأيكي العجمي الذي كان تولى المشيخة بخانقاه سعيد السعداء بالقاهرة من ديار مصر وأبو يعقوب بن مبشّر تلميذ التستري المقيم بحارة زويلة بالقاهرة ، والشريف عبد العزيز المنوني وتلميذه عبد الغفّار القوصي ؛ وإنما سردت أسماء هؤلاء نصحاً لدين الله ، يعلم الله ذلك ، وشفقة على ضعفاء المسلمين ليحذروهم فهم شرٌّ من الفلاسفة الذين يكذّبون الله ورسوله ويقولون بقدم العالم ، وينكرون البعث ؛ وقد أُولِعَ جهلة ممن ينتمي للتصوف بتعظيم هؤلاء ، وادّعائهم أنهم صفوة الله وأولياؤه، والردّ على النصارى والحلولية والقائلين بالوحدة هو من علم أصول الدين)). ا.هـ(/1)
وقال أبو حيان في تفسيره (البحر المحيط: 4ـ145) عند تفسير قوله تعالى {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو} : ((ولقد يظهر من هؤلاء المنتسبة إلى الصوف أشياء من ادعاء علم المغيبات و الاطلاع على علم عواقب أتباعهم وأنهم معهم في الجنة يخبرون على رؤوس المنابر ولا ينكر ذلك أحد هذا مع خلوهم من العلوم يوهمون أنهم يعلمن الغيب. !!!!!)).
وقال في (2ـ93): ((فلو عاش قتادة إلى هذا العصر وسمع ما أحدث هؤلاء المنسوبون إلى الصوف من الدعاوى والكلام المبهرج الذي لا يرجع إلى كتاب الله ولا إلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم و التجري على الإخبار الكاذب عن المغيبات لقضي من ذلك العجب)).
وقال رحمه الله تعالى في تفسير سورة "الأعراف": ((وقد ظهر في هذا الزمان العجيب ناس يتسمون بالمشايخ ، يلبسون ثياب شهرة عند العامة بالصلاح ، ويتركون الاكتساب ، ويرتبون أذكاراً لم ترد في الشريعة ، يجهرون بها في المساجد ، ويجمعون لهم خدّاماً يجلبون الناس إليهم لاستخدامهم ، ونتش أموالهم ، ويذيعون عنهم كرامات ، ويرون الوصول إلى الله تعالى بأمور يقررونها في خلوات ، وأذكارٍ لم يأت بها كتاب منزل ، ولا نبي مرسل ، ويتعاظمون على الناس بالانفراد على سجادة ، ونصب أيديهم للتقبيل ، وقلة الكلام ، وإطراق الرؤوس ، وتعيين خادم يقول: الشيخ مشغول في الخلوة . ورسم الشيخ. قال الشيخ . الشيخ له نظر إليك . الشيخ كان البارحة يذكرك . إلى نحو هذه الألفاظ التي يحشدون العامة ، ويجلبون بها عقول الجهلة ، هذا إن سلم الشيخ من الاعتقاد الذي غلب على متصوفة هذا الزمان: من الحلول ، والقول بوحدة الوجود ، فإذ ذاك: يكون منسلخاً عن شريعة الإسلام بالكلية ، والعجب لمثل هؤلاء كيف ترتب لهم الرواتب ، وتبنى لهم الرُّبط ، وتوقف عليهم الأوقاف ، وتخدمهم الناس مع عدولهم عن سائر الفضائل)).(/2)
الإمام عبيد الله بن بطة العكبري
قال الإمام الذهبي عنه: الإمام القدوة العابد المحدث شيخ العراق أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري.
كان أمّاراً بالمعروف لم يبلغه خبر منكر إلا غيره ، توفي سنة (387 هـ).
كما في كتابه "سير أعلام النبلاء" (16ـ 529)
وقال الإمام ابن الجوزي "رحمه الله" أخبرنا محمد بن ناصر حدثنا عبد الرحمن بن أبي الحسين بن يوسف حدثنا محمد بن علي العبادي قال: قال أبو عبد الله بن بطة العكبري: ((سألني سائل عن استماع الغناء فنهيته عن ذلك وأعلمته أنه مما أنكرته العلماء واستحسنه السفهاء وإنما تفعله طائفة سمو بالصوفية وسماهم المحققون الجبرية أهل همم دنيئة وشرائع بدعية يظهرون الزهد وكل أسبابهم ظلمة يدعون الشوق والمحبة بإسقاط الخوف والرجاء يسمعونه من الأحداث والنساء ويطربون ويصعقون ويتغاشون ويتماوتون ويزعمون أن ذلك من شدة حبهم لربهم وشوقهم إليه . تعالى الله عما يقوله الجاهلون علواً كبيراً)).
(تلبيس إبليس: صفحة: 270 -271).(/1)
الإمام مالك بن أنس
روى الإمام ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس صفحة: (392) عن عبد الملك بن زياد النصيبي قال: كنا عند مالك فذكرت له صوفيين في بلادنا ، فقلت له: يلبسون فواخر ثياب اليمن ، ويفعلون كذا. قال: ويحك ومسلمين هم.!؟ قال: فضحك حتى استلقى. قال فقال لي بعض جلسائه: يا هذا ما رأينا أعظم فتنة على هذا الشيخ منك ما رأيناه ضاحكا قط.
ورواها القاضي عياض رحمه الله في كتابه "ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك" (2ـ54) عن عبد الله بن يوسف التنيسي ، وكان أحد الحاضرين لهذه القصة ، وهو من مشاهير أصحاب الإمام مالك.
قال التنيسي: كنا عند مالك وأصحابه حوله فقال رجل من أهل نصيبين: يا أبا عبد الله عندنا قوم يقال لهم الصوفية يأكلون كثيراً ثم يأخذون في القصائد ثم يقومون فيرقصون.
فقال مالك: أصبيان هم? قال: لا.
قال: أمجانين? قال: لا ، قوم مشائخ وغير ذلك عقلاًء.
قال مالك: ما سمعت أن أحداً من أهل الإسلام يفعل هذا.
قال الرجل: بل يأكلون ثم يقومون فيرقصون نوائب ويلطم بعضهم رأسه وبعضهم وجهه. فضحك مالك ثم قام فدخل منزله.
فقال أصحاب مالك للرجل: لقد كنت يا هذا مشؤوماً على صاحبنا، لقد جالسناه نيفاً وثلاثين سنة فما رأيناه ضحك إلا في هذا اليوم.(/1)
الحافظ ابن حجر
يقول الحافظ "رحمه الله" نقلاً عن القرطبي "رحمه الله": ((وأما ما ابتدعه الصوفية في ذلك فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه ، لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن ينسب إلى الخير ، حتى لقد ظهرت من كثير منهم فعلات المجانين والصبيان ، حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة ، وانتهى التواقح بقوم منهم ، إلى أن جعلوها من باب القرب ، وصالح الأعمال ، وأن ذلك يثمر سني الأحوال ، وهذا على التحقيق من آثار الزندقة ، وقول أهل المخرفة ، والله المستعان)) . اهـ
قال الحافظ ابن حجر: وينبغي أن يعكس مرادهم ويقرأ سيء الأحوال.
فتح الباري (جزء2صفحة442).
وقال السخاوي في حديث: لبس الخرقة الصوفية وكون الحسن البصري لبسها من علي.
قال ابن دحية وابن الصلاح: إنه باطل، وكذا قال شيخنا ـ أي الحافظ ابن حجر ـ: إنه ليس في شيء من طرقها ما يثبت ولم يرد في خبر صحيح ولا حسن ولا ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم ألبس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية لأحد من أصحابه ولا أمر أحداً من أصحابه بفعل ذلك، وكل ما يروى في ذلك صريحاً فباطل، قال: ثم إن من الكذب المفترى قول من قال: إن علياً ألبس الخرقة الحسن البصري فإن أئمة الحديث لم يثبتوا للحسن من علي سماعاً فضلاً عن أن يلبسه الخرقة)). المقاصد الحسنة (1ـ 176)
مباهلة الحافظ ابن حجر أتباع ابن عربي صاحب الفتوحات(/1)
قال السخاوي في الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر العسقلاني: ((ومع وفور علمه ـ يعني شيخه الحافظ ابن حجر العسقلاني ـ وعدم سرعة غضبه، فكان سريع الغضب في الله ورسوله ... إلى أن قال: واتفق كما سمعته منه مراراًً أنه جرى بينه وبين بعض المحبين لابن عربي منازعة كثيرة في أمر ابن عربي، أدت إلى أن نال شيخنا من ابن عربي لسوء مقالته. فلم يسهل بالرجل المنازع له في أمره، وهدَّده بأن يغري به الشيخ صفاء الذي كان الظاهر برقوق يعتقده، ليذكر للسلطان أن جماعة بمصر منهم فلان يذكرون الصالحين بالسوء ونحو ذلك. فقال له شيخنا: ما للسلطان في هذا مدخل، لكن تعالَ نتباهل؛ فقلما تباهل اثنان، فكان أحدهما كاذباً إلا وأصيب. فأجاب لذلك، وعلَّمه شيخنا أن يقول: اللهم إن كان ابن عربي على ضلال، فالعَنِّي بلعنتك، فقال ذلك.
وقال شيخنا: اللهم إن كان ابن عربي على هدى فالعنِّي بلعنتك. وافترقا.
قال: وكان المعاند يسكن الروضة، فاستضافه شخص من أبناء الجند جميل الصورة، ثم بدا له أن يتركهم، وخرج في أول الليل مصمماً على عدم المبيت، فخرجوا يشيعونه إلى الشختور، فلما رجع أحسَّ بشيءٍ مرَّ على رجله، فقال لأصحابه: مرَّ على رجلي شيء ناعم فانظروا، فنظروا فلم يروا شيئاً. وما رجع إلى منزله إلا وقد عمي ، وما أصبح إلا ميتاً.
وكان ذلك في ذي القعدة سنة سبع وتسعين (وسبع مئة)، وكانت المباهلة في رمضان منها. وكان شيخنا عند وقوع المباهلة عرَّف من حضر أن من كان مبطلاً في المباهلة لا تمضي عليه سنة)). انتهى
الجواهر والدرر (3ـ1001 ـ1002)
وكذلك نقل قصة المباهلة صاحب العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين (2ـ 198).(/2)
الحافظ زين الدين العراقي صاحب كتاب طرح التثريب وصاحب الألفية وشرحها
لما سُئل عن قول ابن عربي صاحب الفتوحات والفصوص ، في نوح عليه الصلاة والسلام وقومه.
قال: ((وأما قوله فهو عين ما ظهر ، وعين ما بطن ، فهو كلام مسموم ، ظاهره القول بوحدة الوجود المطلقة ، وأن جميع مخلوقاته هي عينه)).
ثم قال رحمه الله: ((وقائل ذلك والمعتقد له كافرٌ بإجماع العلماء)).(/1)
الدكتور عمر سليمان الأشقر
يقول الدكتور عمر سليمان الأشقر: ((ومن المناهج المخالفة للمنهج الإسلامي المنهج الصوفي الذي يُغْرِقُ في التَّعبد، ويَسْتَحدِثُ أنماطاً من العبادات لم يشرعها الله تبارك وتعالى.
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا المنهج كما في سنن أبي داود عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تُشَدِّوُا على أنفسكم فُيشدَّدَ عليكم، فإنَّ قوماً شَدَّدُوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم"
وقد قوَّم الرسول صلى الله عليه وسلم توجه كثير من أصحابه الذين أرادوا قيام الليل كله، وصيام الدهر أبداً، أو أرادوا الانقطاع إلى العبادة واعتزال النساء أو تحريم اللحم، وبين لهم أنَّ ذلك كلَّه مخالف لسنته صلى الله عليه وسلم، وأن مَنْ رَغَب عن سنته فليس منه)). اهـ
من كتاب "نحو ثقافة إسلامية أصيلة" (94-95)
وقال في رسالته "نظرة في تاريخ العقيدة": ((وإنني ألفت نظر رجال الفكر إلى خطورة ما يقوم به المستشرقون وبعض الذين غرر بهم من أبناء المسلمين من أحياء الفكر المعتزلي الكلامي هنا وهناك ، وتحبيب الناشئة من أبناء المسلمين به ، وهناك فريق آخر يحاول أن يحيي الفكر الفلسفي الاستشراقي الذي ينادي بوحدة الوجود والمتمثل في كتب ابن عربي والحلاج وابن الفارض وابن سبعين وغيرهم.
إن المنهج الفلسفي الكلامي والمنهج الفلسفي الصوفي كلاهما لم يستطيعا أن يقيما الأمة من عثارها في الماضي ؛ بل كانا من أسباب البلاء الذي أصاب الفكر الإسلامي ، وقد أحدثا شرخاً هائلاً في هذا الفكر ، وقد أحدث علماء الكلام في الماضي من الخلاف والفرقة والانقسام ما يكفي بعضه لهجر هذا المنهج ، وقد أقعد المنهج الصوفي المسلمين عن الجهاد ومحاربة الشر وكان من أسباب الضياع الذي أصاب المسلمين.(/1)
لم يفلح المنهجان في إصلاح حال الأمة ، ولم يستطيعا أن يصدا هجمات الخصوم الفكرية والعقائدية ، فأحرى بهما أن لا يستطيعا إصلاح حال الأمة في الحاضر ، وأن لا يستطيعا مواجهة العقائد التي يموج بها القرن العشرين في شرق العالم وغربه.
إن الذين يحاربون المنهج الإيماني القرآني النبوي الذي يتمثل في المنهج السلفي أحد رجلين:
إما جاهل بهذا المنهج لا يعلم حقيقته.
وإما عدو حاقد لا يريد بالأمة خيراً)).(/2)
الدكتور محمد حسين الذهبي
هو الدكتور الشيخ محمد حسين الذهبي العالم المفسر ، صاحب التآليف النافعة ، ووزير الأوقاف في مصر سابقاً ، توفي في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي "رحمه الله"، أجرت جريدة الأهرام المصرية في يوم الجمعة 19 ديسمبر 1975 مع فضيلته حواراً فدحض من خلال ردوده بدع الصوفية وخرافاتهم.
ومن ضمن الأسئلة التي وجهت إليه:
متى يبدأ إلغاء الموالد ما دام الرأي الصحيح أن هذه الموالد لا يقرها الإسلام ؟
فأجاب: يحتاج الأمر إلى جرأة ، لأن الذي يتقدم لإلغاء هذه الموالد سوف يواجه بعاصفة قوية جداً من المعارضة من المنتفعين بهذه الموالد والمروجين للبدع والمدافعين عنها.
الأمر إذن أن البدعة تنتصر على الحقيقة؟
هو كذلك ، فالعادات إذا استحكمت أصبحت جزءً من عقائد الناس، والعادة يمكن أن تصبح عند الناس ضربا من ضروب العبادة، وهناك جماهير واسعة تتحمس لهذه الموالد، ومواجهتها ليس بالأمر الهين، المسألة تحتاج إلى سياسة حكيمة، وهذا ما نرجو أن نصل إليه حتى نقضي على هذه المظاهر التي تشوه الإسلام.
إذا كانت الخرافة تنتصر على الحقيقة، فكيف نسكت وكيف نرضى بذلك ؟
أقول لك قصة مما في كتب التراث الصحيح تكفي لتفهم ما أريد أن أقول:
فقد سافر عامر الشعبي، وهو من التابعين، من العراق إلى الشام، وفي طريقه دخل مسجداً، فوجد رجلاً يقص على الناس مجموعة من الخرافات، منها مثلاً أن لله عز وجل صورين يُنفخ فيها يوم القيامة، وبعد انتهاء الدرس قال له عامر الشعبي: كيف نقول هذا، ولله صور واحد وفي القرآن: ((يوم ينفخ في الصور))، فصاح الرجل فيه أمام العامة: يا هذا، أقول لك لله صوران فتقول صور واحد، استكثرت ذلك على الله.
يقول عامر الشعبي: فقام الناس يضربونني فما أنجاني منهم إلا أن قلت لهم: والله، إن لله سبعين صوراً.
هكذا تنتصر الخرافة على الحقيقة، وينتصر الضلال على الهدى.(/1)
الشيخ حسن البنا
يقول الشيخ حسن البنا -رحمه الله- في الأصول العشرين التي اشتهرت عنه ووصى بها:
13-ومحبة الصالحين واحترامهم والثناء عليهم بما عُرِف من طيب أعمالهم قربة إلى الله- تبارك وتعالى- والأولياء هم المذكورون بقوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ? (يونس: 63)، والكرامة ثابتة بشرائطها الشرعية، مع اعتقاد أنهم- رضوان الله عليهم- لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرّاً في حياتهم أو بعد مماتهم، فضلاً عن أن يهبوا شيئاً من ذلك لغيرهم.
14- وزيارة القبور أيّاً كانت سنة مشروعة بالكيفية المأثورة؛ ولكن الاستعانة بالمقبورين أيّاً كانوا، ونداؤهم لذلك، وطلب قضاء الحاجات منهم عن قرب أو بعد، والنذر لهم، وتشييد القبور وسترها وإضاءتها، والتمسح بها، والحلف بغير الله، وما يلحق بذلك من المبتدعات كبائر تجب محاربتها، ولا نتأول لهذه الأعمال سدّاً للذريعة.(/1)
الشيخ راشد الغنوشي
جاء في برنامج "زيارة خاصة" على قناة الجزيرة الفضائية ، لقاء مع راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة التونسي.
سامي كليب مقدم البرنامج يقول: في العودة إلى الانتماء حضرتك في البداية طبعا درست أو أُجبِرت على الدرس في مدارس قرآنية دفعك الوالد دفعا ولكن على ما يبدو في خلال مرورك بجامعة الزيتونة لم تكن شديد الإعجاب بشيوخ الجامعة وكنت تشكك أيضا وتطرح أسئلة يعني حول الدين حول الله حول العبادة وما إلى ذلك ولم تكن متحمساً جداً للدين الإسلامي أو ربما لهذا النوع من الممارسة الإسلامية على العكس تماماً حاولت أن تبعد عن ذلك ما هو السبب في ذلك شيوخ الزيتونة أم طريقة التعليم؟
راشد الغنوشي: في عهد الرئيس برقيبة كان أول قرار من قرارات الاستقلال إغلاق جامع الزيتونة ، هذا ما يمنع أن جامع الزيتونة لم يتعرض للأمراض التي تعرضت لها الأمة الإسلامية فهو جزء من هذا الكيان..
سامي كليب: ولكن أنت تقول أنك تخرجت من جامعة الزيتونة لا يشدني إلى الإسلام إلا بعض ما تلقيته من والدي أما فكرياً فقد كنت أقرب إلى الشك والتمرد على القديم.
راشد الغنوشي: هذا وصف صحيح لأن مناهج التعليم في جامع الزيتونة كانت مناهج أصابها قدر كبير من التخلف والحياة كما وصف أحد الدارسين أظنه عياض بن عاشور: كانت تونس قد غُربت وظل جامع الزيتونة مُشَرقاً يعني ونحن جزء من هذا تونس التي اتجهت إلى الغرب ولكننا كنا عندما ندخل جامع الزيتونة كأننا ندخل متحف تاريخي يعني نخرج إلى العالم نجد لا صلة بين ما ندرسه وبين الحياة الجديدة في تونس فقد كان جيل ممزق جيلنا كان ممزق بين حياة تغربت وبين دراسة لا تمثل جسراً بين الإسلام وبين العالم الحديث.(/1)
سامي كليب: تقول إنه كنا ندخل إلى جامع الزيتونة كأننا ندخل إلى متحف، اليوم بعض التوانسة يقولون عنك نفس الشيء حين ندخل أو نشاهد أو نقرأ أفكار حركة النهضة نشعر وكأننا نعيش في متحف وأنها باتت من العصر القديم يعني يجب أن تحدث نفسها أن تتعاطى مع العصر الحديث أن تتبنى خطابا حدثياً جديداً يلائم المجتمع؟
راشد الغنوشي: أحسب أني أنا هنا في المهجر ليس بسبب أن فكري قد رُفِض من الشعب التونسي بل العكس هو الصحيح أنه قوبل بأكثر من اللازم لمعارضة لأنه عندما اضطر النظام البورقيبي أن يقبل معارضة حدد لها حجم أن يكون سامعوها بحجم معين يكونوا فقط جزء من الديكور.
سامي كليب: في البداية قبلتم بهذا الحجم؟
راشد الغنوشي: الحركة الإسلامية مشكلتها ليس أنها معزولة عن الشعب وإنما مشكلتها الأساسية أنها خرجت عن الحيز المقدر للمعارضة في نظام تونسي نظام فردي بوليسي إذ النظام التونسي يستجلب ما قبل الإصلاح الإسلامي ، يستجلب الحضرات يعني الحضرة الصوفية ويشجع حركة الخرافة لأنه يريد إسلاماً متحفياً لا يستطيع أن يتخاطب مع الحداثة، المشكلة أنه نحن أحسنا التخاطب مع الحداثة ولذلك لم يكن من سبيل للتعاون معنا إلا بالقمع.
من برنامج زيارة خاصة من قناة الجزيرة الفضائية بتصرف في 10/6/2006.(/2)
الشيخ سيد سابق
يقول الشيخ سيد سابق "رحمه الله": ((وكم قد سرى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها مفاسد يبكى لها الإسلام . .. منها اعتقاد الجهلة فيها كاعتقاد الكفار في الأصنام وعظموا ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الشر فجعلوها مقصداً لطلب قضاء الحوائج وملجأ لنجاح المطالب وسألوا منها ما يسأل العباد من ربهم و شدوا لها الرحال وتمسحوا بها واستغاثوا ، وبالجملة إنهم لم يدعوا شيئاً مما كانت الجاهلة تفعله بالأصنام إلا فعلوا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ومع هذا المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا تجد من يغضب لله ويغار حمية للدين الحنيف لا عالماً ولا متعلماً، ولا أميراً ولا وزيراً ولا ملكاً، وقد توارد إلينا من الأخبار ما لا شك معه أن كثيراً من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بالله فاجراً ، فإذا قيل له بعد ذلك ؛ بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني تلعثم وتلكأ وأبى واعترف بالحق ، وهذا من أبين الأدلة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال: إنه تعالى ثاني اثنين أو ثالث ثلاثه.
المصدر : فقه السنة 1/402(/1)
الشيخ عبد الحميد كشك
نشأ الشيخ عبد الحميد كشك "رحمه الله" في بيئة صوفية صرفة ، وتلقى علومه على بعض مشايخ التصوف ، وكان "رحمه الله" هيناً ليناً يحسن الظن في المشتبهات ، ويدع المجال للنصح والتصحيح ، ولكنه في البينات الواضحات من الضلال كان كالسيف ، فقد وصف أعمال الصوفية وضلالها في كثير من محاضراته وكتبه منها:
جاء في كتابه "في ظلال الإيمان", طبعة مكتبة التراث الإسلامي.
1- تحت باب "إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم" قال: ((..فهذا كتاب تناولت فيه القاعدة الأساسية في الإسلام وهي أن القرآن هو الأساس في العصمة من الزلل وهو المنجي إذا احتدمت الفتن وهو المنقذ من الضلال والهادي إلى النور إذا ادلهمت الخطوب.
((تناولت فيه الآيات الدالة على توحيد الأسماء والصفات كما تناولت إخلاص العبادة بأنواعها..)) صفحة: 66
ثم قسم الشيخ أنواع العبادات إلى عبادات قلبية: وهي ما ترجع إلى عمل القلب مثل الخوف والحب والإخلاص والتوكل وغيرها… وعبادات قولية: وهي ما يتعلق باللسان وهي كثيرة جداً وعبادات بدنية: وهي ما يتعلق بالجوارح وهي أيضاً كثيرة ومعلومة فأفضلها الصلاة وعبادات مالية: وهي التي تعبد الله عباده بها في أموالهم من زكاه وذبائح ونذور. .... إلخ
وكلامه فيها رائع مهم جاء فيه:
2- قال في الخوف: ((ومن هنا يعلم ضلال من زعم من الصوفية أنه لا يعبد الله خوفاً من ناره ولا طمعاً في جنته كما يذكرون ذلك عن رابعة..)) ا.هـ المقصود(/1)
3- وقال في التوكل: ((فالتوكل لا يقوم على إهمال الأسباب ولكن يقوم على إعمالها واحترامها كونها أسباباً إنما بمشيئة الله وحكمته ومن هنا يعلم أن ما يدعيه الجهلة من المتصوفة وغيرهم من أن الأخذ بالأسباب ينافي التوكل وأن كمال التوكل في القعود وترك العمل ولقد كان فهم التوكل بهذا المعنى الصوفي الأحمق سبباً كبيراً في تأخرهم وانحطاطهم في العصور المتوسطة التي فشا فيها الجهل والتقليد وراج فيها الدجل الصوفي الخبيث)). صفحة: 73
4- قال في الاستغاثة : ((وهي طلب الغوث والنجدة ولا يصح أن يستغاث بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فإن ذلك شرك…)) صفحة: 83
5- ثم قال الشيخ: ((ومما تقدم يعلم أن ما يجري على ألسنة العوام من دعاء لغير الله أو استغاثة به أو غلو في مدحه أو استشفاع وتوصل به أو حلف باسمه أو طلب المدد والبركة منه ، كل ذلك شرك يجب على العلماء أن ينبهوا الناس إلى عظيم خطره وسوء عاقبته بدلاً من أن يلهوا عقولهم بذكر حكايات الصوفية كرابعة العدوية وغيرها) )) صفحة: 84
رحم الله الشيخ الكشك وأسكنه فسيح جناته وغفر له وجزاه خير الجزاء.(/2)
الشيخ عبد المجيد سليم
الشيخ عبد المجيد سليم شيخ الأزهر ، ولد رحمه الله في قرية " ميت شهالة " ، وهي تابعة لمدينة الشهداء بالمنوفية في 13 أكتوبر سنة 1882 م ، وحفظ القرآن وجوده ، ثم التحق بالأزهر ، وكان متوقد الذكاء مشغوفاً بفنون العلم ، متطلعاً إلى استيعاب جميع المعارف ، نال شهادة العالمية من الدرجة الأولى سنة 1908 م .
مناصبه:
تقلد العديد من المناصب ، فدرّس بالمعاهد الدينية ، ثم بمدرسة القضاء الشرعي ، كما ولي القضاء وتدرج فيه حتى وصل إلى عدة مناصب .
وفي 2 من ذي الحجة سنة 1346 هـ الموافق 22 من مايو سنة 1928 م عُين فضيلته مفتياً للديار المصرية ، وظل يباشر شئون الإفتاء قرابة عشرين سنة.
مشيخة الأزهر:
تولى مشيخة الأزهر أول مرة في 26 ذي الحجة سنة 1369 هـ الموافق 8 أكتوبر سنة 1950 م ، ثم أعفي من منصبه في 4 سبتمبر سنة 1951 م لاعتراضه على الحكومة عندما خفضت من ميزانية الأزهر ، ثم تولى المشيخة للمرة الثانية في 10 فبراير سنة 1952 م ، واستقال في 17 سبتمبر سنة 1952 م .
وفاته:
انتقل إلى رحمة ربه في 7 أكتوبر سنة 1954 م الموافق 10 من صفر سنة 1374 هـ .
مما قال في التصوف:
قال الشيخ عبد المجيد سليم: ((والصواب أنه اسم أعجمي قديم كان ولا يزال معروفاً عند وثني الهند وأصله عند قدماء اليونان "ثيو صوفي" ومعناه المتجرد لطلب الحقيقة الأولى التي انبثق عنها الوجود وهي عندهم الحقيقة الإلهية أو نحو هذا ولهذا كانت الصوفية ديناً آخر غير الإسلام دخيلٌ عليه)).
كما في كتاب الفتاوى (التسهيل) للإمام أبي عبد الله محمد بن علي الحنبلي البعلي تحقيق الشيخ عبد المجيد سليم صفحة: (611) .(/1)
الشيخ محمد أبو زهرة
الشيخ محمد أبو زهرة أحد كبار العلماء في القرن الماضي ، كان "رحمه الله" أحد الذين قاموا بحركة إصلاحية كبيرة في المجتمع المصري ، وخلف وراءه تراثاً علمياً كبيراً.
قال الشيخ محمد أبو زهرة "رحمه الله" في [حقيقة الصوفية في ضوء الكتاب والسنة نقلا عن كتاب ابن تيمية صفحة: 197- 198] عن التصوف ما يلي:
1ـ الينبوع الأول: هو انصراف بعض العبّاد المسلمين إلى الزهد في الدنيا والانقطاع للعبادة وقد ابتّدأ ذلك في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فكان من الصحابة من اعتزم أن يقوم الليل مصلياً مجتهداً ولا ينام، ومنهم من يصوم ولا يفطر، ومنهم من ينقطع عن النساء فلما بلغ أمرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما بال أقوام يقولون كذا وكذا)) لكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني.
لقد نهى القرآن عن بدعة الرهبنة فقال تعالى: {ورهبانية ابتدعوها} [سورة الحديد الآية 27].ولكن بعد أن انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ودخل في الإسلام ناس كثيرون من أهل الديانات السابقة، كثر الزهاد الذين غالوا في الزهادة في الدنيا ونعيمها، وفي وسط تلك النفوس وجد التصوف مكانه إذ وجد أرضاً خصبة.
2ـ والينبوع الثاني: الذي وجه النفوس هو ما سرى إلى المسلمين من فكرتين إحداهما فلسفية والأخرى من الديانات القديمة.
أما الفكرة الأولى فهي فكرة الإشراقيين من الفلاسفة وهم الذين يرون أن المعرفة تُقذف في النفس بالرياضة الروحية والتهذيب النفسي.
والفكرة الثانية: فكرة الحلول الإلهي في النفوس الإنسانية أو حلول اللاهوت في الناسوت وتلك الفكرة قد ابتدأت تدخل في الطوائف التي كانت تنتمي كذباً إلى الإسلام في الصدر الأول عندما اختلط المسلمون بالنصارى وقد ظهرت تلك الفكرة في السبئية وبعض الكيسانية ثم القرامطة ثم في بعض الباطنية ثم ظهرت في لونها الأخير في بعض الصوفية.(/1)
وهناك معين آخر أخذت منه فيما يظهر النزعات الصوفية وهو قول النصوص والأحكام (أي نصوص القرآن والسنة) لها ظاهر وباطن، ويظهر أن المتصوفة قد استفادوا واستعاروا ذلك التفكير من الباطنية.(/2)
الشيخ محمد الغزالي
قال الشيخ محمد الغزالي "رحمه الله" في كتابه عقيدة المسلم صفحة (72) :
((ولماذا نستحي من وصف القبوريين بالشرك ، مع أن الرسول وصف المرائين به ، فقال: ((الرياء شرك)).
وإن واجب العالم أن يرمق هذه التوسلات النابية باستنكار ، ويبذل جهده في تعليم ذويها طريق الحق ، لا أن يفرغ وسعه في التمحل والاعتذار.
ولستُ ممن يحب تكفير الناس بأوهى الأسباب ، ولكن حرام أن ندع الجهل بالعقائد ونحن شهود)) . اهـ
وقال "رحمه الله": ((إنني ألفت النظر إلى أن المواريث الشائعة بيننا تتضمن أموراً هي الكفر بعينه . .
لقد اطلعت على مقتطفات من الفتوحات المكية لابن عربي فقلت: كان ينبغي أن تسمى الفتوحات الرومية! فإن الفاتيكان لا يطمع أن يدسَّ بيننا أكثر شراً من هذا اللغو . . .
يقول ابن عربي في الباب ((333)) بعد تمهيد طويل: " إن الأصل الساري في بروز أعيان الممكنات هو التثليث! والأحد لا يكون عنه شيء البتة ! وأول الأعداد الاثنان ، ولا يكون عن الاثنين شيء أصلاً ، ما لم يكن ثالث يربط بعضها ببعض فحينئذ يتكون عنها ما يتكّون ، فالإيجاد عن الثلاثة والثلاثة أول الأفراد . . "
لم أقرأ في حياتي أقبح من هذا السخف ، ولا ريب أن الكلام تسويغ ممجوج لفكرة الثالوث المسيحي ، وابن عربي مع عصابات الباطنية والحشاشين الذين بذرتهم أوربا في دار الإسلام أيام الحروب الصليبية الأولى ؛ كانوا طلائع هذا الغزو الخسيس . .
من قال: إن الواحد لا يكون منه شيء أصلاً؟ " الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل له مقاليد السموات والأرض. . " وفي دنيا الناس يسأل كل واحد عما يفعل ويترك ، ويتفاوت آحاد البشر في قدراتهم وخبراتهم حتى يقول ابن دريد:
والناس ألف منهم كواحد****وواحد كالألف إن أمر عنى !(/1)
ومن قال: إن أول العدد الاثنان ؟ وهل تكَّون الاثنان إلا من ازدواج الواحد ؟ ! ثم من قال: إن الاثنين لا يكون عنهما شيء أصلاً ؟ وإذا كان هو لم ينشأ من أمه وأبيه معاً فمم نشأ ؟ ! ! .
ولكن ابن عربي يمضى في سخافاته فيقول – عن عقيدة التثليث -: من العابدين من يجمع هذا كله في صورة عبادته وصورة عمله ، فيسرى التثليث في جميع الأمور لوجوده في الأصل !! .
ويبلغ ابن عربي قمة التغفيل عندما يقول: إن الله سمى القائل بالتثليث كافراً أي ساتراً بيان حقيقة الأمر فقال: "لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة" فالقائل بالتثليث ستر ما ينبغي أن يكشف صورته ، ولو بيّن لقال هذا الذي قلناه . . " ! ! .
واكتفى الأحمق بذكر الجملة الأولى من الآية ، ولم يُردفْها بالجملة الثانية: "وما من إله إلا إله واحد" وذلك للتلبيس المقصود ! .هذا الكلام المقبوح موجود فيما يسمَّى بالتصوف الإسلامي ! وعوام المسلمين وخواصهم يشعرون بالمصدر النصراني الواضح لهذا الكلام . .
ومما يلفت النظر أن معهد الدراسات الإسلامية بجامعة السوربون قد اتفق مع إحدى عواصم العربية على طبع الفتوحات وإخراجها في بضعة وثلاثين جزءاً .
لحساب مَنْ يتم هذا العمل في هذه الأيام العصبية ؟ على أي حال نحن نريد العودة بأمتنا إلى ينابيعها العلمية الوثيقة ، ونناشدها ألا تقبل من التوجيهات إلا ما اعتمد على الوحي الصادق ، ولدينا ولله الحمد كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وسنة توافر الحفاظ والفقهاء على ضبطها على نحو لم يقع نظيره لتراث بشر )). اهـ
المصدر: تراثنا الفكري في ميزان الشرع والعقل ص 60 – 61 .
وقال الشيخ محمد الغزالي "رحمه الله" : ((انتشرت مع التصوف الدخيل على الأمة الإسلامية صور من الرهبانية وظلال من الجهل بالحياة الدنيا، والعزوف عن أعبائها ومباهجها جميعاً.(/2)
وأصبحت الفكرة الشائعة عن الدين أنه عدو للحياة. وأن وظيفته الأولى هي إعداد الناس لاستقبال الدار الآخرة بأنواع المراسم وأشكال الطاعات .
وأنه – إن لم يزهد أتباعه في هذه الحياة – فهو لا يبالى بتجهيلهم فيها وانصرافهم عنها، وربما يعد ذلك من كمال التقوى وأمارات حب الله .. !!
وهذه التصورات كلها خيال مرضى .
والذي يطالع القرآن والسنة وسيرة الخلافة الراشدة وكتب الأئمة المتبوعين يدرك أن الإسلام أبعد ما يكون عن هذا الحمق)).
المصدر: حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة صفحة: 220 .
وقال الشيخ الغزالي "رحمه الله": ((ينبغي لهذه الأمة أن تكون مثلاً عالياً في إسلام الوجه لله وإفراده بالنية والعمل.
بيد أننا نلحظ – آسفين – أن هناك مسالك شائعة بين الجماهير الغفيرة من المسلمين، لها دلالتها الخطيرة على فساد التفكير وضلال الاتجاه واضطراب المقصد .
ولا نحب أن نوارب في الكشف عن هذه العلة، فإن أي خلل في دعائم التوحيد معناه الخبل الذي يدرك موطن القيادة الفكرية في هذا الدين الحنيف.
إذا التوحيد في الإسلام حقيقة وعنوان، وساحة وأركان، وباعث وهدف، ومبدأ ونهاية .
ولسنا – كذلك – ممن يحب تصيد التهم للناس، ورميهم بالشرك جزافاً، واستباحة حقوقهم ظلماً وعدواناً ، ولكننا أمام تصرفات توجب علينا النظر الطويل، والنصح الخالص، والمصارحة بتعاليم الكتاب والسنة كلما وجد عنها أدنى انحراف.
لقد اهتمت حكومة إنجلترا – في سبيل مكافحة الشيوعية – بالحالة الدينية في مصر ، فكان مما طمأنها على إيمان المصريين (!) أن ثلاثة ملايين مسلم زاروا ضريح أحمد البدوي بطنطا هذا العام .
والذين زاروا الضريح ليسوا مجهولين لديّ ، فطالما أوفدت رسمياً لوعظهم ، فكنت أشهد من أعمالهم ما يستدعي الجلد بالسياط لا ما يستدعي الزجر بالكلام، وكثرتهم الساحقة لا تعرف عن فضائل الإسلام وأنظمته وآدابه شيئاً.(/3)
ولو دعوا لواجب ديني صحيح لفروا نافرين ، وإن كانوا أسرع إلى الخرافة من الفراش إلى النار.
وحسبك من معرفة حالهم : أنهم جاؤوا الضريح المذكور للوفاء بالنذور والابتهال بالدعاء! ولمن النذور؟ ولمن الدعاء؟ إنه أول الأمر للسيد.
فإذا جادلت القوم قالوا: إنه لله عن طريق السيد البدوي.
وأكثر أولئك المغفلين لغطاً يقول لك: نحن نعرف الله جيداً ، ونعرف أن أولياءه عبيده ، وإنما نتقرب بهم إليه ، فهم أطهر منا نفساً وأعلى درجة.
وهذا الكلام – على فرض مطابقته لواقع القوم – غلط في الإسلام .
فإن الله سبحانه وتعالى لم يطلب منا أن نجيء معنا بالآخرين ليحملوا عنا حسناتنا، أو ليستغفروا لنا زلاتنا ، {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}. بل المعروف من بديهيات الإسلام الأولى أن الطلب ووسيلته جميعاً يجب أن يكونا من الله. {إياك نعبد وإياك نستعين}. ((إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله)) .
أليس من المضحك أن نستجد بقوم يطلبون لأنفسهم النجدة ، وأن نتوسل بمن يطلب هو كل وسيلة ليستفيد خيراً أو يستدفع شراً؟ . {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب، ويرحمون رحمته ويخافون عذابه}.
إن المسلمين لما طال عليهم الأمد نسوا الحق .
والمرء قد يعذر إذا ذهل عن شأن تافه، أو فاته استصحاب شيء هّين، أما أن يذهل عن كيانه وإيمانه فهنا الطامة .
وأحسب أن القرآن الكريم يقصد إلى التنديد بهذا اللون من إفساد التوحيد عندما قال:
{ويوم نحشرهم وما يعبدون من دون الله، فيقول: أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء ، أم هم ضلوا السبيل ، قالوا: سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوماً بوراً}.
أجل ! لقد نسوا الذكر، وما قام عليه الذكر من توحيد شامل.(/4)
وليس يغني في الدفاع عن أولئك الجهلة من العوام أنهم يعرفون الله، ويعرفون أنه وحده مجيب كل سؤال، وباعث كل فضل، وأن من دونه لا يملكون من ذلك شيئاً .
فإن هذه المعرفة لا تصلح ولا تقبل إلا إذا صحبها إفراد الله بالدعاء والتوجيه والإخلاص، فإن المشركين القدماء كانوا يعرفون الله كذلك .{قل من يرزقكم من السماء والأرض ، أمن يملك السمع والأبصار ، ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ، ومن يدبر الأمر ، فسيقولون الله}.
ومع أنهم يقولون ((الله)) بصراحة وجلاء فلم يحسبوا بهذا القول مؤمنين، لأن الإيمان – إذا عرفت الله حقاً – ألا تعرف غيره فيما هو من شؤونه .
ولذلك يستطرد القرآن في مخاطباً هؤلاء: {فقل أفلا تتقون ، فذلكم ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون ، كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون}.
إن العامة عندما يشدّون الرّحال إلى قبور تضم رفات بعض الناس، وعندما يهرعون بالنذور والحاجات والأدعية إلى من يظنونهم أبواباً لله، إنما يرتكبون في حق الإسلام مآثم شنيعة .
ومحبة الصالحين وبغض الفاسدين من شعائر الإسلام حقاً ، ومظاهر الحب والبغض معروفة ... هي مصادقة للأحياء أو منافرة، واستغفار للموتى أو لعنة.
وأين من عواطف الحب والبغض هذا الذي يصطنعه المسلمون اليوم؟
إن الواحد منهم قد يصادق أفسق الناس، وقد يقطع والديه – وهما أحياء – ثم تراه مشمّراً مجداً في الذهاب إلى قبر من قبور الصالحين، لا ليدعو له ويطلب من الله أن يرحم ساكن هذا القبر، بل ليسأل صاحب القبر من حاجات الدنيا والآخرة ما هو مضطر إليه. وذلك ضلال مبين!.
وبناء المعابد على قبور الصالحين تقليد قديم، وقد ذكر القرآن ما يدل على شيوعه في الأمم السابقة.
وفي قصة أهل الكهف تسمع قوله عز وجل: {فقالوا ابنوا عليهم بنياناً. ربهم أعلم بهم . قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً}.(/5)
ويظهر أنّ اتخاذ المساجد على القبور كبناء التماثيل، لم يكن محظوراً أول أمره إذ لم تكن له دلالة مثيرة.
غير أن البشر سفهوا أنفسهم، فالأحجار التي نحتوها للعظماء عبدوها، أو – على حد تعبيرهم – اتخذوها إلى الله زلفى.
والمعابد التي أقاموها على قبور الصالحين قدّسوها وسلكوها مسلك الأصنام في الشرك. فلما جاء الإسلام أعلن على هذين المظهرين من مظاهر الوثنية حرباً شعواء، وشدد تشديداً ظاهراً في محق هذه المساخر المنافقة.
وقد رأينا كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل علي بن أبي طالب وأمره أن يسوي بالأرض كل قبر وأن يهدم كل صنم، فجعل الأضرحة العالية والأصنام المنصوبة سواء في الضلالة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم – في البيان عن سفاهة القدامى وفي التحذير من متابعتهم -: (( لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) ، (( ألا لا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن هذا )).
وكان يرفع الخمرة عن وجهه في مرض الموت ويكرر هذا المعنى، وكأنه توجس شراً مما يقع به فدعا الله: (( اللهم لا تجعل قبري من بعدي وثناً يعبد)).
ومع كثرة الدلائل التي انتصبت في الإسلام دون الوقوع في هذا المحظور، أقبل المسلمون على بناء المساجد فوق قبور الصالحين.
وتنافسوا في تشييد الأضرحة، حتى أصبحت تبنى على أسماء لا مسميات لها ، بل قد بنيت على ألواح الخشب وجثث الحيوانات.
ومع ذلك فهي مزارات مشهورة معمورة، تقصد لتفريج الكرب، وشفاء المرضى ، وتهوين الصعاب!
وأحب ألا أثير فتنة عمياء بهدم هذه الأضرحة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم امتنع عن هدم الكعبة وإعادة بنائها على قواعد إبراهيم لأن العرب كانوا حديثي عهد بشرك.
وجماهير العامة الآن ينبغي أن تساق سوقاً رفيقاً إلى حقائق الإسلام، حتى تنصرف – في هدوء – عن التوجه إلى الأضرحة وشدّ الرحال إلى ما بها من جثث.(/6)
وإخلاص المعلّم وأسلوبه في الدعوة، عليهما معول كبير في تمحيص العقيدة مما علق بها من شوائب وعلل.
وقد تكون لدى البعض شبه في معنى التوسل.
فلنفهم أولئك القاصرون أن التوسل في دين الله، إنما هو بالإيمان الحق والعمل الصالح ، وقد جاء في السنة. (( اللهم إني أسألك بأنك الله الذي لا إله إلا هو، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد )) فهذا توسل بالإيمان بذات الله.
وجاء – كذلك توسل بالعمل الصالح في حديث الثلاثة الذين آواهم الغار.
وجاء توسل بمعنى دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب، ودعاء المسلم للمسلم مطلوب على أية حال.
ولا نعرف في كتاب الله ولا في سنّة رسوله توسلاً بالأشخاص مهما علت منزلتهم – سواء كانوا أحياء أو أمواتاً – على هذا النحو الذي أطبق عليه العامة وحسبوه من صميم الدين، ودافعوا عنه بحرارة وعنف ضد المنكرين والمستغربين )) اهـ.
المصدر: عقيدة المسلم - دار القلم - دمشق - الطبعة السابعة - ص 64 -69
فتوى الشيخ الغزالي بالحضرة الصوفية
نص السؤال:
طائفة من العباد يجتمعون على ذكر الله بأسمائه الحسنى كلها أو بعضها، وقد يتمايلون أو يهتزون، فما حكم هذه العبادة؟
الجواب:
هذه بدعة قديمة استحدثها بعض أصحاب المشاعر المضطربة، وقد سماها بعض الصحافيين الأجانب "الرقص الديني" وهي تسمية يحس المسلم بالخزي إذا سمعها، لأنها تجعل الإسلام أشبه بالعبادات التي يمارسها الزنوج في أفريقية وهذه فتنة مزعجة، وإهانة شديدة للإسلام . .
والغريب هو ظهورها من قديم! فقد سئل الحسن البصري عن هذه المجالس فنهى عنها أشد النهي ! وقال: لم يكن ذلك من عمل الصحابة ولا التابعين، وكل ما لم يكن من عمل الصحابة ولا التابعين فليس من الدين – يقصد في شئون العبادات – وقد كان السلف حراصا على الخير وقافين عند حدود الله، وكانوا أحرص على الخير من هؤلاء، فنعلم أن ما تركوه ليس من الدين وقد قال تعالى : " اليوم أكملت لكم دينكم" . .(/7)
قال الإمام مالك بن أنس تعقيباً على كلام الحسن البصري: "فما لم يكن يومئذ دينا لن يكون اليوم دينا، وإنما يعبد الله بما شرع، وهذا التجمع بالذكر والتمايل فيه لم يشرع قط فلا يصح أن يعبد الله به" . .
وحكى عياض عن التنيسي قال: كنا عند مالك وأصحابه حوله، فجاء رجل من أهل "نصيبين" يقول: يا أبا عبد الله عندنا قوم من الصوفية يأكلون كثيرا، ثم يأخذون في إنشاد القصائد، ثم يقومون فيرقصون! فقال مالك: أصبيان هم؟ قال: لا ! قال: أمجانين هم؟ قال لا، قوم مشائخ يذكرون الله! قال مالك: ما سمعت أحدا من أهل الإسلام يفعل هذا؟ . .
وقال أبو إسحاق الشاطبي: إن الاجتماع على ذكر الله بصوت واحد من البدع المحدثة التي لم تكن في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا في عصر السلف، ولا عرفت قط في شريعة محمد وفي الحديث الصحيح " إنّ خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" . .
الواقع أن هذا المسلك انحراف ديني مرفوض، ونحن هنا نتساءل: ما الذي حمل عليه، ودفع جماعة من العابدين إليه؟؟
المصدر: مائة سؤال عن الإسلام صفحة: 366(/8)
العز بن عبد السلام
جاء في كتاب المعيار المُعَرّب (11/29):
سُئل الشيخ عز الدين ابن عبد السلام عن جماعة من أهل الخير والصلاح والورع يجتمعون في وقت فينشدُ لهم مُنشد:
فأجاب: ((الرقص بدعة لا يتعاطاه إلا ناقص عقل، ولا يصلح إلا للنساء ..))
وهي كذلك في فتاويه صفحة (163) وقد نقلها وأثبتها الحافظ التونسي الزبيدي رحمه الله ، في كتابِه (المرآة إظهار الضلالات).
يدّعي بعض الصوفيّة أن الإمام العز ابن عبد السلام كان يتواجد ويرقص في مجالس السماع ، ويتّخِذُون من ذلك حجّة على إباحة الرقص في مجالس الذكر عندهم . والحقيقة أن الذي ادّعوه غير صحيح ، وكل من يعرف سيرة الإمام العز ابن عبد السلام ، يدرك تماماً أن هذا الكلام كذب عليه ، وأن إلصاق هذه التهمة بهذا الإمام إنما هو للتغرير بالعامّة من الناس.
وأكبر دليل على كذب الصوفية ، أن العز رحمه الله ، قد نصَّ في أهم كتبه على تحريم ذلك فقال: ((وأما الرقص و التصفيق فَخِفَّةٌ ورعونة ، مُشْبِهَةٌ لرعونة الإناث لا يفعلها إلا راعن أو متصنع كذّاب ، كيف يتأتى الرقص المتَّزن بأوزان الغناء ، ممن طاش لُبُّه وذهب قلبه ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "خير الناس قرني ، ثمّ الذين يلونهم ،ثم الذين يلونهم". متفق عليه، ولم يكن واحد من هؤلاء الذين يقلدونهم يفعل شيئاً من ذلك)). انتهى
(قواعد الأحكام في مصالح الأنام: 2ـ 186).
ومن شعر الشيخ عز الدين ابن عبد السلام في وصف الصوفية:
ذهبَ الرجال وحالَ دون مَجَالهم زُمَرٌ من الأوباش والأنذال
زعموا بأنهم على آثارهم ساروا ولكن سيرة البَطَّال
لبسوا الدلوق مرقعاً وتقشَّفوا كتقشّف الأٌطاب والأبدال
قطعوا طريق السالكين و أظلموا سُبُلَ الهدى بجَهالةٍ وضَلال
عَمَروا ظَواهرهم بأثواب التقى وحشَوا بواطنهم من الأدغال
إن قلت قال الله قال رسوله همزوك همز المنكر المتغالي
ويقول قال لي قلبي عن خاطري عن سرِّ سري عن صفا أفعالي(/1)
عن حضرتي عن فكرتي عن خلوَتي عن جَلْوَتي عن شاهدي عن حالي
عن صفْوِ وقتي عن حقيقة حكمتي عن ذات ذاتي عن صفا أفعالي
دعوى إذا حققتها أَلْفَيْتَها ألقاب زور لُفِّقَت بمحال
تركوا الشرائع والحقائق واقتدوا بطرائق الجهَّال والضُلال
جعلوا المِرَا فتحاً ، وألفاظ الخنا شطحاً وصالوا صولة الإدلال
انظر الفكر السامي للشيخ محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي ج3 صـ69(/2)
العلامة الأخضري
منظومة في التصوف للعلامة عبد الرحمن بن سعيد الأخضري المغربي رحمه الله ، مجموعة الرسائل المنيرية
وهي منظومة طويلة نجتزئ منها هذه الأبيات:
يقول راجي رحمة المقتدر * المذنب العبد الذليل الأخضري
بحمد رب العالمين أبتدي * ثم صلاته على محمد
يا طالبا علا كمال قدسه * وقاصدا إلى علاج نفسه
إلى أن قال في معرض حديثه عن الصوفية
والرقص والصراخ والتصفيق * عمداً بذكر الله لا يليق
وإنما المطلوب في الأذكار * الذكر بالخشوع والوقار
فقد رأينا فرقةً إن ذكروا * تَبَدَّعوا وربما قد كفروا
وصنعوا في الذكر صنعاً منكراً * صعباً فجاهدهم جهاداً أكبرا
خلّوا من اسم الله حرف الهاء * فألحدوا في أعظم الأسماء
لقد أتوا والله شيئاً إدا * تخرمنه الشامخات هدا
والألف المحذوف قبل الهاء * قد أسقطوه وهو ذو إخفاء
وزعموا أن لهم أحوالا * وأنهم قد بلغوا الكمالا
والقوم لا يدرون ما الأحوال * فكونها لمثلهم محال
حاشا بساط القدس والكمال * تطؤه حوافر الجهال
والجاهلون كالحمير الموكفه * والعارفون سادة مشرفة
وقال بعض السادة المتبعة * في رجز يهجو به المبتدعة
ويذكرون الله بالتغيير * ويشطحون الشطح كالحمير
وينبحون النبح كالكلاب * طرقهم ليست على صواب
وليس فيهم من فتى مطيع * فلعنة الله على الجميع
قد ادَّعوا مراتباً جليلة * والشرع قد تجنبوا سبيله
قد نبذوا شرعة الرسول * والقوم قد حادوا عن السبيل
لم يدخلوا دائرة الحقيقة * كلا ولا دائرة الطريقة
لم يقتدوا بسيد الأنام * فخرجوا عن ملة الإسلام
لم يدخلوا دائرة الشريعة * وأولعوا ببدعٍ شنيعة
لم يعملوا بمقتضى الكتاب * وسنة الهادي إلى الصواب
قد ملكت قلوبهم أوهام * فالقوم إبليسٌ لهم إمام
كفاك في جميعهم خيانة * أن أخلطوا الدنى بالديانة
وانتهكوا محارم الشريعة * وسلكوا مسالك الخديعة
من كان في نيل الكمال راجيا * وعن شريعة الرسول نائيا
فإنه ملبَّسٌ مفتون * أو عقله مخبَّل مجنون(/1)
وقال بعض السادة الصّوفيَّة * مقالةً جليلةً صفيَّة
إذا رأيت رجلاً يطير * أو فوق ماء البحر قد يسير
ولم يقف عند حدود الشرع * فإنه مستدرجٌ وبدعي
والشرع ميزان الأمور كلها * وشاهد بفرعها وأصلها
يا صاح لا تعبأ بهؤلاء * ذوي الخنا والزور والأهواء
باؤا بسخطٍ وضلالٍ وقلى * لم يبلغوا مراتب المجد إلى
أن تنظر البهموت بالعرش يناط * أو يلج الجمل في سم الخياط
هذا زمانٌ كثرت فيه البدع * واضطربت عليه أمواج الخدع
والدين قد تهدمت أركانه * والزور طابَقَ الهوى دخانه
لم يبق من دين الهدى إلا اسمه * ولا من القرآن إلا رسمه
هيهات قد غاضت ينابيع الهدى * وفاض بحر الجهل والزيغ بدا
أين دعاة الدين أهل العلم * قد سلفوا والله قبل اليوم
وهاجت الطائفة الدجاجلة * السالكون للطريق الباطلة
وكثرت أهل الدعاوى الكاذبة * وصارت البدعة فيهم غالبة
فالقوم إذ زاغوا أزاغ الله * قلوبهم فانسلخوا وتاهوا
وجاء في الحديث عن خير الورى * لن يخرج الدجال أعني الأكبرا
حتى تقوم قبله دجاجلة * كل يلوذ بطريقٍ باطلة
إلى أن قال وهو يذكر الطرق السليمة فأطال فيها ولم نذكر منها سوى اليسير اليسير:
فهذه طريقة الرجال * وآل أمرها إلى الزوال
وكثر الملبسون فيها * وصار ذو البدعة يدَّعيها
وآ أسفاً على الطريق السابله * أفسدها الطائفة الدجاجلة
قد أحدثوا طريقةً بدعية * وأفسدوا الطريقة الشرعية
يا عجباً لرافض الشريعة * ويدعي درجةً رفيعة
وكيف يرقى سلم الحقيقة * مخالفاً لسيد الخليقة
وا حسرتا على الطريق المستقيم * قد ادَّعاه كلُّ أفاكٍ أثيم
قد أشرفوا على كهوف الكفر * وستروا بدعتهم بالفقر
واتخذوا مشايخاً جهالا * لم يعرفوا الحرام والحلالا
فنفروهم من دعاة الدين * أولي التقى والعلم واليقين
فأعرضوا عن سبل الرحمن * واتبعوا مسالك الشيطان
وهدموا قواعد الإسلام * واعتبروا خرائف الأوهام
وعكسوا حقائق الأمور * ونصبوا حبائل الفجور(/2)
وجعلوا ملء البطون أصلهم * بنوا عليه أمرهم وسبلهم
بعداً لقومٍ ألحدوا في الدين * واشتغلوا بطاعة اللعين
وأولعوا بالإفك والتلبيس * تأسياً بشيخهم إبليس
وا أسفاه على حماة الدين * أولي الذكا والعم والتمكين
آه على طريقة الكمال * أفسدها طوائف الضلال .(/3)
العلامة الفقيه أحمد حماني
يقول فضيلة الشيخ العلامة الفقيه أحمد حماني (رحمه الله) رئيس المجلس الإسلامي الأعلى سابقا بالجزائر، رداً على سؤال ورده:
فحوى السؤال :
كنّا نزور المشايخ بنّية خالصة ونتبرك بآثار الصالحين ونتمسّح بقبورهم ونتوسّل بهم ونقيم الزردات والوعدات كلّما اشتدّت بنا المحن فنظفر بالمنن وتفرج علينا، حتّى جاء البادسيّون وقطعوا علينا هذه الاحتفالات البهيجة وغابت علينا وغضب علينا ديوان الصالحين.
أفليس من الخير أن نعود إلى الزردة والوعدة ونحيي ما اندثر، فإنّ ذلك عادات الآباء والأجداد، زيادة على الرجاء في تبديل الأحوال، وانصراف الأهوال وإرضاء الرجال وعسى أن تنفرج عنّا المحن وتكثر المنن.
هذا ما يقوله بعض الناس ويودّ أن تُسَبِّح الأمّة فتذهب الغمّة وما علينا في الزردة والوعدة وقضاء زمن كثير في الأفراح والأيّام والليالي الملاح والقَصْبَة والبَنْدِير، والتهويل والشخير والنحير، وما رأيكم دام فضلكم ؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتّبع هداه.
أوّلا : سؤال محيّر لا ندري أصاحبه جادّ به أم هازل ؟ فإن كان جادّا أجبناه بعلمنا ولا عتب علينا وإن كان هازلا بنا فإنّا نعوذ بالله أن نكون من الهازلين.(/1)
فقول السائل : "كنا نزور المشايخ بنية صالحة" الصواب كنّا نزورهم بغفلة فاضحة، أعيننا مغفلة وعقولنا معطّلة. فالشيوخ كانوا عاطلين عن كلّ ما يؤهّلهم للزيارة ! فلا علم ولا زهد ولا صلاح ولكن نسب مرتاب في صحّته فكنّا – كما قيل – نعبدهم ونرزقهم. والزيارة الشرعية تكون للشيخ إذا كان من ذوي العلم والفهم والصلاح فيكتسب منه الزائر العلم والدين والصلاح ويأخذ منه المنقول والمعقول ويرجع بفوائده جمّة، كما كان عالم المدينة بها وأبو حنيفة في العراق، هذه الزيارة هي المأذون فيها وكانت تضرب إليه آباط الإبل، فأمّا إذا كان الشيخ كالصنم فماذا يستفيد منه الزائر ؟ أعلما أم زهدا أم صلاحا أم نصيحة وعقلا ؟ إنّ المشايخ كانوا خلوا من كلّ ذلك، وفاقد الشيء لا يعطيه. والذين كان لا يمكن الاستفادة من علمهم لم يَرِدُوا في سؤالكم ولا يمكن أن يخطروا ببالكم مثل ابن باديس والتبسي رحمهما الله، فقد كان يزورهم الطلاب ويرجعون من عندهم بعلم وفير ونصائح جمّة أفادت الوطن والأمّة.
وإنّما حكمت بأنّك لا تريد هذا الصنف المقيّد من العلماء لأنّك ذكرت مع زيارتهم، البركة والتمسّح بالقبور والزردة والوعدة ونسيت الهردة والوخدة والفجور والخمور، فقد أنقذوا الأمة من هذه الشرور وخلّصوها من قبضة مشايخ الطرق، فكان ذلك مقدمة لتحريرها ورفع رايتها، ولم يكن لغالب مشايخ الطرق إلا قضية النسب الشريف وهو مظنون، وإن صحّ ففي الحديث : "من بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه" (رواه مسلم)، وأمّ الشرفاء قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا فاطمة لا أغني عنك من الله شيئا" (رواه البخاري ومسلم) فإذا أردت أخذ البركة من المشايخ فاقصدهم للعلم والفضل والصلاح والزهد واقتد بهم واعمل عملهم تنتفع وتحصل لك أنواع من البركة الحقيقية لا المتخيّلة.(/2)
ثانيا : وأمّا قولك "نتمسّح بقبورهم" فإنّ مثل هذا التمسّح نوع من الشرك ولا يكون إلاّ للحجر الأسود بالكعبة فقط مع التوحيد الخالص لله وقد قال له عمر يخاطبه : "والله ما أنت إلا حجر لا تنفع ولا تضر ولولا أنّي رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك" (متفق عليه). فإن كنت مع الحجر الأسود كما قال عمر فلا بأس أن تقبّله، أمّا غيره فلا يجوز لك التمسّح به فإنّ التمسّح به وتقبيله شرك يتنَزّه عنه المؤمن الموحّد. إنّ المؤمن يعلم – كما علم عمر – أنّه حجر والله يقول في مثله من الجماد الذي كان يفتن العباد : "إنْ تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشركِكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ" [فاطر: 14]. فالبركة المستفادة من هذا التمسّح هي الرجوع إلى عهد الجاهلية والشرك بالله.
هذا هو التمسّح بالقبور، فإنّها أجداث، فإن قصدت ساكني القبور فإنّ ذلك منك أضلّ ألم تر أنّ صاحب القبر كان حيّا يرزق ثم جاءه الموت، والموت كريه لا يحبّ زيارته أحد من الأحياء، فلم يستطع دفعه عن نفسه واستسلم مكرها ولو استطاع أن يفتدي منه لبذل له الدنيا وما فيها.(/3)
فمن رجا الخير من ميّت أو دفع الضرّ المتوقّع فلا أضلّ منه، فادع في كلّ ما يصيبك الحيّ الذي لا يموت فإنّه النافع الضّار وحده والله يوصي عباده فيقول : "ومِنْ آيَاتِِهِ اللَّيْلُ والنَّهَارُ والشَّمسُ والقَمَرُ لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ واسْجُدُوا لله الذي خَلَقهُنَّ إنْ كُنتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُون" [فصلت: 37]. ثالثا : فأمّا قولك "كنّا نتوسّل بهم" فإنّ التوسّل الشائع بين الناس وهو الدعاء – الدعاء هو مخ العبادة – شرك محض، فالتوحيد أن تدعو الله الذي خلقك – ولو عظمت ذنوبك – فإنه معك يسمع دعاءك فإن كان لا بدّ من التوسّل فتوسّل بصالح أعمالك كما فعل الثلاثة أصحاب الغار حينما نزلت عليهم الصخرة وسدّته عليهم، فاستجاب لهم من يعلم شدّتهم. هذا هو التوسّل الصحيح وغيره قد يوقع صاحبه في الشرك، فلا تحم حوله.(/4)
رابعا : وأمّا قولك "كنّا نقيم الزردات والوعدات كلما اشتدّت بنا المحن" فإنّ هذه الزردات كانت من آثار غفلتنا منافية ليقظتنا وكان علماؤنا رحمهم الله يسمونها (أعراس الشيطان)، لما يقع فيها من سفه وتبذير وعهر وخمر واختلاط وفجور، وإنّما كان يشّد إليها الرحال من تونس حتّى المغرب الغافلون منّا المستهترون بالدين والأخلاق ممن نامت ضمائرهم وكانت من أعظمها زردة (سيدي عابد) بناحيتكم، يأتيها الفسّاق من تونس والمغرب وما بينهما، وسل الشيوخ عن الأحياء ينبئونك، وكانت هذه الزردة كثيرة لأنّ لكلّ قوم لإلههم من أصحاب القبور من حدود تبسة إلى مغنية، كانت القبور تعبد من دون الله ولكلّ قوم من يقدسونه. فـ(سيدي سعيد) في تبسة، و(سيدي راشد) في قسنطينة و(سيدي الخير) بالسطيف و(سيدي بن حملاوي) بالتلاغمة، و(سيدي الزين) بسكيكدة و(سيدي منصور) بولاية تيزي وزو و(سيدي محمد الكبير) في البليدة، و(سيدي بن يوسف) بمليانة و(سيدي الهواري) بوهران و(سيدي عابد) بغليزان و(سيدي بومدين) بتلمسان و(سيدي عبد الرحمن) بالجزائر ويزاحمه (سيدي امحمد) وليعذرني الإخوة ممن لم أذكر آلهة بلدانهم وهم ألوف.
ففعل هؤلاء القوم مع هؤلاء المشايخ يشبه فعل الجاهلية مع هبل واللات والعزّى وخصوصا إقامة الزردة حولها والذبح لها والتمسح بالقبور،أفترانا نحيي آثار الشرك ونحن الموحدون ؟
لقد وقف العلماء وقفة صادقة ضدّ هذه المناكير في الزرد، لا فرق بين علماء الإصلاح وغيرهم ممن كان يناصر جمعية العلماء ومن كان خارجها حتّى قضوا على الزردة وساء ذلك الدوائر الاستعمارية فأرادت أن تحييها وتحافظ عليها، وفي علمي أنّ آخر زردة قسنطينة، أقامها سياسي فشل في سياسته الإدماجية فعادى العلماء واتّهمهم وأقام زردة بثيران المعمون وأخرافهم وأين مدينة قسنطينة عرين أسد الإصلاح لكنّه دفن نفسه ولم تقم له قائمة.(/5)
فمن يريد أن يسير اليوم بإحياء الزردة والوعدة فبشره بخيبة تصيبه مثل خيبة الأمس فاحذر يا صاحب السؤال.
خامسا : ثم إنّ الطعام واللحم المقدّم في الزردة لا يحلّ أكله شرعا لأنّه مما نصّ القرآن على حرمة أكله فإنه سبحانه وتعالى يقول : "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ والدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ" [المائدة: 3]. فاللحم من القسم الرابع أي مما أهل لغير الله، أي ذبح لغير الله بل للمشايخ.
فزردة (سيدي عابد) أقيمت له وهكذا (سيدي أحمد بن عودة) و(سيدي بومدبن)الخ.. أقيمت له الزردة ليرضى وينفع ويدفع الضّر، وتقول إنّ هذه الذبائح قد ذكر اسم الله عليها، فأقول : ولو ذكر اسم الله فإنَّ النّية الأولى وهي تقديمها إلى صاحب المقام، يجعلها لغير الله.
برهان ذلك، فعل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، مع والد الفرزدق وسحيم، فإنّ سحيما علم أنّ غالبا نحر ليطعم الناس فنحر، فسمح به غالب فنحر عشرات، فغالبه سحيم ونحر مثله وكثر المنحور حتىّ عدّ بالمئات، يريدان به الفخر، فلما جاء الأمر إلى علي رضي الله عنه نهى الناس على أكل لحمها واعتبرها مما أهلّ لغير الله، ولا شكّ أنّ ناحريها قد ذكروا عند نحرها اسم الله، لكنّ الناحرين قصدا بذلك التباهي والافتخار، فكانت مما أهل به لغير الله.(/6)
فلحم الزردة حرام، وطعامها حرام لأنّه صنع بذلك اللحم والحضور في الزردة حرام، لأنه تكثير لأهل الباطل ولو كان الذي حضر إماما أو رئيس أئمة أو دكتور أو عالما فإنّه عار أن نزرد بأموال الدولة ونحن غارقون في الديون، وقد شاهدنا في تلفزتنا ما يحبّ الأوروبيون أن نكون عليه من اللعب بالثعابين. فكلّ من أحيا فينا الغفلة التي كنّا فيها بالأمس ليس بناصح لنا بل غاشّ ولن يفلح في مقاصد وسيكون كما قال الله في مثله ممن جعلوا المال للكيد بالمسلمين : "فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ" [الأنفال: 36].
وهذا وعد من الله صادق ولن يخلف وعده.
سادسا : وأمّا قولك "حتى جاء البادسيّون" فالحق أنّ ابن باديس وأصحابه إنّما دقّوا الجرس فاستيقظ الشعب ورأى الخطر المحدق به فانفضّ عنهم ولم يأت ابن باديس بدين جديد ولا بطريق جديد وإنما تلا كتاب الله وحدّث بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسار بسيرة السلف الصالح رضي الله عنه أجمعين وكفى ابن باديس أن أيقظ المسلمين.
سابعا : إذا أردنا أن تزول المحن عنّا فلنجتنبها ونخالف طريقها : نعبد الله وحده ونطيع الله ورسوله ونوحّد الكلمة فيما بيننا ونعتصم بحبل الله المتين ونجتنب الخلاف والنزاع ونؤمن بالله ونستقيم ونعمل الصالحات فلا بدّ من العمل المتواصل لأنّ الله يأمر به "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ والْمُؤْمِنُونَ" [التوبة: 105]، هذه وسائل النجاح وليست إقامة الوعدات والزردات ودعاء غير الله فهذا عمل الخاسرين. فإن طلبنا النجاح وزال المحن بغير هذه الطريقة فنحن في ضلال وخسران كما أقسم على ذلك ربّ الناس.
{وَالعَصْرِ إنْ الإنْسَانَ لفِي خُسْرٍ إلاَّ الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وتَوَاصَوْا بِالحَقِّ وتَواصَوْا بِالصَّبْرِ}
أحمد حماني (رحمه الله)
(من جريدة الشعب اليومية : الاثنين 18/11/1991 رقم 9 – رياض الإسلام)(/7)
العلامة صالح بن المهدي المقبلي
يقول العلامة صالح بن المهدي المقبلي اليمني ، في كتابه العلم الشامخ في تفضيل الحق على الآباء والمشايخ:
(واعلم أن من أشد الخلاف ظلالا وأعمه بلاء وأدقه ممسكا وأكثره هلكه ومعتركا ،أنه تزهد جماعة من الصحابة –رضي الله عنهم – برفض الدنيا فقط تابعين لنصيحة الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،مع كونهم من آحاد عصابة المسلمين وماتوا طيبين ،ثم نشأ بعدهم زهاد كذلك لكنهم قالوا :لا سلامة إلا بالعزلة عن الناس ،هربا من الفتن وصيانة للقلوب من العوارض ،ومضوا لسبيلهم ،وقد صوروا صورة العزلة وليست مطلق العزلة وليست مطلق العزلة ببدعة إن لم تشابه الرهبانية المنهي عنها ،ولكن ماجاوز حده جانس ضده ،ثم صار مسلكا متميزا ،حتى قيل :صوفيه ،وصار اسم مدح قد تقصده بعض النفوس ،ثم أثارت لهم تلك الخلوات مواعظ وكلمات أسرع في جذب القلوب من خطاطيف الحديد ،ثم اخترعت طرائق السلوك ،واصطلحت اصطلاحات ،وابتدعت رموزا وإشارات ،ثم قالوا :هاهنا شريعة وطريقة ،ورسوم وحقيقة ،وتفسير وتأويل ،وظاهر وباطن ،ثم ترأس قوم في هذا المعنى وابتلوا بحظ في الوعظ شهرهم
ثم ظهر منهم كلمات ودعاوى قال قائلهم:
خضت بحرا وقف الأنبياء بساحله.
أسرجت وألجمت.
وطفت في أقطار البسيطة ثم ناديت ،هل من مبارز؟! فلم يخرج إلي أحد.
رجلي على رقبة كل ولي.
لو تحركت نملة سوداء فوق صخرة صماء في ليلة ظلماء في أقصى الصين ،ولم أسمعها لقلت: إني مخدوع.
ما الجنة هل هي إلا لعبة صبيان ؟
سبحاني.
إلى طامات لا تحصى ،الأخرى أكبر من الأولى ،يزداد الهول في كل قرن إلى أن انتهى الشأن إلى ابن الفارض وابن سبعين وأضرا بهم لم يقنعوا بتلك الدعاوى الشنيعة
ولا ساغ لهم احترام الشريعة وهذه كتبهم (الفتوحات) و(الإنسان الكامل ) و(الفصوص ) وأشعار ابن الفارض التائية والخمريات وغير ذلك ) 456
ثم يقول –رحمه الله-:(/1)
(وهب أنك رجل حسن الظن بهم أو تظن أنك متورع ،زن حال هؤلاء بميزان الصحابة –رضي الله عنهم- فما وجدته من أخلاق الصحابة فأبقه عليهم ،وما لم يكن من أخلاقهم فاعلم أنه ظلالة إن كنت قد استيقنت اصابة الصحابة ،وإلا فقد زللت بأول قدم وجف في شقاوتك القلم )457
ثم يقول -رحمه الله-: (ولما من الله علينا بالمجاورة في مكة المشرفة وجدنا الأمر فيها هو شطر الدين ،بل هو الدين كله ،فإنك إنما ترى وتسمع الرقص والتغريد بالأصوات في الصوامع وجوانب المسجد ،وأما رباط عبد القادر ومشهد العيدروس واجتماع الإخوان فأمر عجيب ،ولقد مكثت مدة أظن أن الذي أسمع في هذه المواطن لهو لكثر اللهو وعمومه للأحوال والأشخاص حلاله وحرامه عند علمائهم وجهالهم ،فصبيانهم في العقل مثل شيوخهم حتى نبهتني بعض الجواري وقالوا ما تفرق بين الذكر واللعب
وذلك أنهم يسيرون مع أنا مخصوصين من بيوت الصوفية من ذوي الرياسة جماعة جماعة بالطار والغناء في المسجد الحرام إلى مولد النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المولد الذي جعله عيداأعم من البدع فشوا ،وكان الصحابة –رضي الله عنهم- أشد فرحا بما من ألله عليهم من وجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم،ولم يجعلوا ذلك عيدا لأنه لم يشرعه لهم وهم واقفون على الحد ) 468
باختصار يسير من كتاب العلم الشامخ في تفضيل الحق على الآباء والمشايخ.(/2)
العلامة صنع الله الحنفي
العلامة الفقيه صنع الله بن صنع الله الحلبي الحنفي المتوفى سنة (1120 هـ) "رحمه الله" قال في كتابه "سيف الله على من كذب على أولياء الله": ((هذا وإنه قد ظهر الآن فيما بين المسلمين ، جماعات يدعون أن للأولياء تصرفات في حياتهم ، وبعد الممات ، ويستغاث بهم في الشدائد والملمات ، وبهم تكشف المهمات ، فيأتون إلى قبورهم ، وينادونهم في قضاء الحاجات ، مستدلين على أن ذلك منهم كرامات.
وقرّرهم على ذلك من ادعى العلم بمسائل، وأمدهم بفتاوى ورسائل، وأثبتوا للأولياء – بزعمهم- الإخبار عن الغيب بطريق الكشف لهم بلا ريب، أو بطريق الإلهام أو منام!
وقالوا: منهم أبدال ، ونقباء ، وأوتاد ، ونجباء ، وسبعة وسبعون ، وأربعة وأربعون ، والقطب هو الغوث للناس ، وعليه المدار بلا التباس ، وجوزوا لهم الذبائح والنذور، وأثبتوا لهم فيهما الأجور.
وهذا الكلام فيه تفريط وإفراط ، بل فيه الهلاك الأبدي ، والعذاب السرمدي ، لما فيه من روائح الشرك المحقق ، ومضادة الكتاب العزيز المصدق ، ومخالف لعقائد الأئمة ، وما اجتمعت عليه الأمة)). اهـ
((سيف الله على من كذب على أولياء الله ، صفحة: 15-16)).(/1)
العلامة عباس بن منصور السكسكي
المتوفى سنة (683هـ)، له كتاب اسمه: البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان .
يقول في آخر الكتاب: ((قد ذكرتُ هذه الفرقة الهادية المهديَّة -أي: أهل السنة - وأنَّها على طريقةٍ متَّبعةٍ لهذه الشريعة النبويَّة... وغير ذلك مما هو داخل تحت الشريعة المطهرة، ولم يشذ أحدٌ منهم عن ذلك سوى فرقة واحدةٍ تسمَّت بالصوفية ، ينتسبون إلى أهل السنة ، وليسوا منهم، قد خالفوهم في الاعتقاد، والأفعال، والأقوال.
أمَّا الاعتقاد: فسلكوا مسلكاً للباطنية الذين قالوا: إن للقرآن ظاهراً، وباطناً، فالظاهر: ما عليه حملة الشريعة النبويَّة، والباطن: ما يعتقدونه، وهو ما قدَّمتُ بعض ذكره.
فكذلك أيضاً فرقة الصوفية ، قالت: إنَّ للقرآن والسنَّة حقائق خفيَّة باطنة غير ما عليه علماء الشريعة مِن الأحكام الظاهرة التي نقلوها خَلَفاً عن سلف، متصلة بالنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأسانيد الصحيحة، والنقلة الأثبات، وتلقته الأمَّة بالقبول، وأجمع عليه السواد الأعظم، ويعتقدون أنَّ الله عز وجل حالٌّ فيهم!! ومازج لهم!! وهو مذهب الحسين بن منصور الحلاج المصلوب في بغداد في أيام المقتدر -الذي قدمتُ ذكره الروافض في فصل فرقة الخطابيَّة - ولهذا قال: أنا الله -تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً- وأنَّ ما هجس في نفوسهم، وتكلموا به في تفسير قرآنٍ، أو حديثٍ نبويٍّ، أو غير ذلك مما شَرَعوه لأنفسهم، واصطلحوا عليه: منسوب إلى الله تعالى، وأنَّه الحق، وإِنْ خالف ما عليه جمهور العلماء، وأئمَّة الشريعة، وفسَّرتْه علماء أصحابه، وثقاتهم، بناءً على الأصل الذي أصَّلوه مِن الحلول، والممازجة، ويدَّعون أنَّهم قد ارتفعت درجتُهم عن التعبدات اللازمة للعامَّة، وانكشفت لهم حجب الملكوت، واطَّلعوا على أسراره، وصارت عبادتهم بالقلب لا بالجوارح.(/1)
وقالوا: لأنَّ عمل العامة بالجوارح سُلَّمٌ يؤدِّي إلى علم الحقائق، إذ هو المقصود على الحقيقة، وهي البواطن الخفيَّة عندهم، لا عملٌ بالجوارح، قد وصلنا، واتصلنا، واطَّلعنا على علم الحقائق الذي جهلته العامَّة، وحملة الشرع، وطعنوا حينئذٍ في الفقهاء والأئمَّة والعلماء، وأبطلوا ما هم عليه، وحقَّروهم وصغَّروهم عند العوام والجهَّال، وفي أحكام الشريعة المطهرة، وقالوا: نحن العلماء بعلم الحقيقة، الخواص الذين على الحق، والفقهاء هم العامة؛ لأنَّهم لم يطلعوا على علم الحقيقة، وأعوذ بالله من معرفة الضلالة، فلمَّا أبطلوا علم الشريعة، وأنكروا أحكامها: أباحوا المحظورات، وخرجوا عن إلزام الواجبات، فأباحوا النظر إلى المردان، والخلوة بأجانب النسوان، والتلذذ بأسماع أصوات النساء والصبيان، وسماع المزامير والدفاف والرقص والتصفيق في الشوارع والأسواق بقوة العزيمة، وترك الحشمة، وجعلوا ذلك عبادة يتدينون بها، ويجتمعون لها، ويؤثرونها على الصلوات، ويعتقدونها أفضل العبادات، ويحضرون لذلك المغاني من النساء، والصبيان، وغيرهم مِن أهل الأصوات الحسنة للغناء بالشبابات، والطار، والنقر، والأدفاف المجلجلة، وسائر الآلات المطربة، وأبيات الشعر الغزلية التي توصف فيها محاسن النِّسوان، ويذكر فيها ما تقدم من النساء التي كانت الشعراء تهواها، وتشبب بها في أشعارها، وتصف محاسنها كليلى، ولبنى، وهند، وسعاد، وزينب، وغيرهنَّ، ويقولون: نحن نكنِّي بذلك عن الله عز وجل!! ونَصرف المعنى إليه )). ( الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد 59 / 60 ) .(/2)
العلامة عبد الحيّ اللّكنوي
سُئِلَ العلاّمة الشيخ عبد الحيّ اللّكنوي "رحمه الله" ؛ فخرُ متأخّري المذهب الحنفي ، المتوفّى سنة 1304هـ صاحب التّصانيف الكثيرة الشهيرة ، عن الإستغاثات الصوفية والتي فيها قولهم: يا عبد القادر الجيلاني شيئاً لله.
فقال رحمه الله : (( إنّ الاحترازَ عن مثلِ هذا الوِرد لازم.
أولاً ـ لأنّ هذا الورد متضمّن كلمة "شيئاً لله" وقد حَكَمَ بعضُ الفقهاء بكفرِ من قاله ،
وثانياً ـ لأنّ هذا الورد يتضمّنُ نداء الأموات مِنْ أمكنة بعيدة ، ولم يثبت شرعاً أنّ الأولياء لهم قدرةٌ على سماع النداء من أمكنة بعيدة ، إنما ثبَتَ سماع الأموات لتحيّة من يزور قبورهم ، ومَنْ اعتقدَ أنّ غير الله سبحانه وتعالى حاضرٌ وناظر ، وعالمٌ للخفيّ والجليّ في كلّ وقت وفي كلّ آن ، فقد أشرك ، والشيخ عبد القادر وإن كانت مناقبه وفضائله قد جاوزت العدّ والإحصاء ، إلاّ أنه لم يثبت أنه كان قادراً على سماع الاستغاثة والنداء من أمكنة بعيدة ، وعلى إغاثة هؤلاء المستغيثين ، واعتقادُ أنه رحمه الله كان يعلم أحوالَ مريديه في كلّ وقت ، ويسمع نداءهم ، مِنْ عقائد الشِّرك ، والله أعلم )).
مجموع فتاوى العلاّمة عبد الحي اللّكنوي (ج1/264).(/1)
العلامة عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة
هو العلامة شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة ، كان من أئمة الفقهاء الشافعية في بلاد الشام ، درّس وصنف وسارت باسمه الركبان.
توفي "رحمه الله" في دمشق سنة: (665 هـ) ، من مؤلفاته كتاب "الباعث على إنكار البدع والحوادث" والذي رد فيه على بدع الصوفية وغيرهم ، وعدد فيه الكثير من بدعهم وانحرافهم ، ومن أهم ما يميز هذا الكتاب أن صاحبه رحمه الله من المتقدمين ، حيث عاش في القرن السابع الهجري ، وهو ما يفيد من قدم الانحراف والبدع في الأمة.
قال في الكتاب المذكور صفحة: (100-101): فصل (البدع المستقبحة)
((ثم هذه البدع والمحدثات المستقبحة، تنقسم إلى قسمين: قسم تعرفه العامة والخاصة أنه بدعة، إما: محرمة وإما مكروهة. وقسم يظنه معظمهم ـ إلا من عصم ـ عبادات وقرباً وطاعات وسنناً.
فأما القسم الأول: فلا نطول بذكره، إذ كفينا مؤنة الكلام فيه، لاعتراف فاعله أنه ليس من الدين لكن نبين من هذا القسم ما قد وقع فيه جماعة من جهال العوام، النابذين لشريعة الإسلام، التاركين للاقتداء بأئمة الدين من الفقهاء، وهو ما يفعله طوائف من المنتمين إلى الفقر ـ إي إلى التصوف ـ الذي حقيقته الافتقار من الإيمان ، من مؤاخاة النساء الأجانب والخلوة بهن، واعتقادهم في مشايخ لهم ضالّين مضلّين، يأكلون في نهار رمضان من غير عذر، ويتركون الصلاة، ويخامرون النجاسات، غير مكترثين لذلك، فهم داخلون تحت قوله تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله}.
وبهذه الطرق وأمثالها، كان مبادىء ظهور الكفر من عبادة الأصنام وغيرها.(/1)
ومن هذا القسم أيضاً: ما قد عم الابتلاء به من تزيين الشيطان للعامة تخليق الحيطان والعمد، وسرج مواضع مخصوصة في كل بلد، يحكي لهم حاك أنه رأى في منامه بها أحداً ممن شهر بالصلاح والولاية، فيفعلون ذلك، ويحافظون عليه مع تضييعهم فرائض الله تعالى وسننه، ويظنون أنهم متقربون بذلك، ثم يتجاوزون هذا إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم، فيعظمونها،ويرجون الشفاء لمرضاهم، وقضاء حوائجهم بالنذر لها، وهي من بين عيون وشجر وحائط وحجر.
وفي مدينة دمشق - صانها الله تعالى من ذلك- مواضع متعددة: كعوينة الحمى خارج باب توما، والعمود المخلّق داخل باب الصغير، والشجرة الملعونة اليابسة خارج باب النصر في نفس قارعة الطريق سهّل الله قطعها واجتثاثها من أصلها، فما أشبهها بذات أنواط الواردة في الحديث الذي رواه محمد بن إسحاق وسفيان ابن عيينة عن الزهري عن سنان بن أبي سنان عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال:"خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى حنين" وذكر بقية الحديث)).
وقال في موضع آخر : ((ومن زعم من جهلة الصوفيه أنه يرى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة أو أنه يحضر المولد أو ما شابه ذلك فقد غلط أقبح غلط ولبس عليه غاية التلبيس ووقع في خطأ عظيم وخالف الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم لأن الموتى إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة لا في الدنيا كما قال الله سبحانه وتعالى {ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون} ......))(/2)
العلامة محمد بن الأمين بوخبزة
العلامة الشيخ محمد بن الأمين بوخبزة ، مد الله في عمره وأمتع به ، أحد كبار علماء المغرب العربي ، ومرجع طلبة العلم فيه ، له اليد الطولى في نشر العلوم الشرعية ، وإحياء ما فقد منها في بطون مكتبات المخطوطات ، كان للشبكة الإسلامية هذا الحوار الممتع مع الشيخ حفظه الله .
- فضيلة الشيخ ؛ ...............
- .................
- من خلال أبوتكم الروحية لكثير من طلبة العلم في المغرب والعالم الإسلامي ؛ هل لكم أن تنصحوا طلبة العلم حول أهم ما يجب أن يلتزموه مع مشايخهم وعلمائهم ومربيهم ؟
- أهم ما يجب أن يلتزمه الطلبةُ مع مَشايخهم وعلمائهم عموماً: هو الاعتدال وعدمَ الغلُو، فإذا عَلم الطالب أن شيخَه وغيره من العلماء ، غيرُ معصومين، وأنه يُتوقع منهم الخطأُ والجهلُ والنسيان ، وربما تَبدُر منهم بوادرُ لا يجوز السكوتُ عنها ، ففي هذه الحالة يَجب الجهرُ بالحق والتنبيهُ على الخطأ، مع مراعاة الحمد والأدب، أما إذا كان الطالبُ ينظر إلى شيخه نظرةَ تقديس، وأنه فوق النقد اللاّزم، فهذا قد اختار الضلال ونالتْه لوثةُ صوفية.
- لكم جهاد كبير ـ شيخناـ في محاربة التصوف الغالي والبدعة بكل أنواعها ؛ فهل تعتقدون أن المحيط الإسلامي يستجيب لدعاة الإصلاح والالتزام بنهج النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل ترون الدعاة قد قاموا بواجبهم تجاه نصرة السنة ؟(/1)
- التصوف ، هذا الأخطبُوط والسرطان الفتَّاك، هو المسؤول الأول ـ بعد فشل كلّ محاولة في محاربته والقضاء عليه – عن تأخُّر المسلمين وقعودهم عن اللَّحاق بركب الحضارة السليمة الصالحة، والتقدم العلمي الذي لا حياةَ كريمة بدونه ، بما بثَّه ويبثُّه في النفوس والعقول من الخنوع والخضوع والخمولِ والذل، وإلغاءِ وظيفةِ العقل، والغُلو في البشر وتألِيهِهم وما إلى ذلك مما تطفح به مصادرُه القديمة والحديثة من مصائبَ وتعاليمَ وثنية على رأسها: عقيدة الاتحاد والحلول، ووحدة الوجود، التي لا تصوفّ بدونها، والتي يُدَندِنُ حولها جميعُ مشايخ الصوفية المشهورين، وزاد الطينَ بَلَّةً سكوتُ العلماء عن هذا البَلاء الماحق، بل وتأييدُ عدد كبير منهم لهم ـ شفقةً من الإرهاب الفكري الذي يمارسه عليهم الصوفية ويتواصون به ـ ومن الكلمات الشائعة بين العامة في هذا المجال قولُهم:" سلَّم للخَاوي تنْج من العَامِر ".
واستجابةُ الناس ـ ولا سيما الشباب ـ للدُّعاة الصالحين محدودةٌ لأسباب كثيرة على رأسها تأييدُ بعض ذوي الشأن للصوفية لحاجة في نفس يعقوبَ، وفيما يتعلق بالشباب: غِِرَّتُه والبطالةُ واستيلاءُ اليأْس عليه، فهو بين أمرين: إما الثورة على الكُل والإلحادُ والتحررُ من الدين والقيمِ ، أو الارتماء في أحضان الزوايا والشيوخ الذين يبشرونَه بنعيم الولاية والعرفان، ولكن بعد الخلوة وفقدان العقل والإيمان، ولله عاقبة الأمور..
وأنا أقول هذا بعد تجربة شخصية، ودراسة ميدانية، ومعرفة كافية بالتصوف، ومخالطة لطرق شتَّى منه ولأهلها، ولا يغرنَّك ما يردده المغفلون من التحلية والتخلية، والأحوال الربانية، فإن الصالح من ذلك هو مقام الإحسان الذي جاء في حديث جبريل، وهو من الدين الإسلامي الخالص، وقد كان هذا مضمن البعثة المحمدية قبل أن يُخلق التصوف اللَّقيط.
الأحد : 26/01/2003 م(/2)
العلامة محمود شكري الألوسي
العلامة محمود الألوسي مفتي بغداد الذي كشف أن الصوفية أصحاب كذب وتدجيل، عندهم تقية كتقية الروافض، فيقول كم في تفسيره 11/72-73 في تفسير آية {لهو الحديث} :
(( وأشنع من ذلك ما يفعله أبالسة المتصوفة ومردتهم، ثم إنهم -قبحهم الله تعالى- إذا اعترض علهم بما اشتمل عليه نشيدهم من الباطل يقولون: نعني بالخمر: المحبة الإلهية، أو بالسكر: غلبتها، أو بميّة وليل وسعدى مثلاً: المحبوب الأعظم وهو الله عز وجل!
وفي ذلك من سوء الأدب ما فيه {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه } .
وفي صفحة ((75)) قال: (( ومن السماع المحرم سماع متصوفة زماننا؛ وإن خلا عن رقص، فإنَّ مفاسده أكثر من أن تحصى، وكثير ما ينشدون من الأشعار من أشنعِ ما يتلى، ومع هذا يعتقدونه قُربة، ويزعمون أنَّ أكثرهم رغبة فيه أشدهم رغبة أو رهبة، قاتلهم الله أنى يؤفكون )) .(/1)
القاضي أبو اليسر البزدوي
قال الحافظ الذهبي في ترجمة الإمام البزدوي: القاضي الصدر العلامة شيخ الحنفية بعد أخيه الكبير أبو اليسر محمد بن محمد بن الحسين بن المحدث عبد الكريم بن موسى النسفي البزدوي.
قال عمر بن محمد: كان أبو اليسر إمام الأئمة على الإطلاق والموفود إليه من الآفاق ملأ الكون بتصانيفه في الأصول والفروع وولي قضاء سمرقند أملى الحديث مدة.
توفي ببخارى في تاسع رجب سنة ثلاث وتسعين وأربع مائة. وكان مولده سنة إحدى وعشرين وأربع مائة.
(سير أعلام النبلاء: 19ـ49).
تلقى البزدوي العلم على يد أبيه، الذي أخذه عن جده عبد الكريم تلميذ أبي منصور الماتريدي، قرأ كتب الفلاسفة أمثال الكندي، وغيره، وكذلك كتب المعتزلة أمثال الجبائي، والكعبي، والنّظام، وغيرهم، وقال فيها: "لا يجوز إمساك تلك الكتب والنظر فيها؛ لكي لا تحدث الشكوك، وتوهن الاعتقاد". كما اطلع على كتب الأشعري، وكذلك اطلع على كتابي التأويلات، والتوحيد للماتريدي ، فعمد إلى إعادة ترتيبه وتبسيطه مع ذكر بعض الإضافات عليه في كتاب أصول الدين.
أخذ عن الشيخ أبو اليسر البزدوي جمٌّ غفير من التلاميذ؛ ومن أشهرهم: ولده القاضي أبو المعاني أحمد، ونجم الدين عمر بن محمد النسفي صاحب العقائد النسفية، وغيرهما.
من أقوله في الصوفية:
كلام القاضي البزدوي له أهمية كبيرة نظراً لمكانته العلمية ، وكونه من المتقدمين الذين تكلموا في انحراف الصوفية ببسط وتفصيل.
قال البزدوي "رحمه الله" في كتابه (أصول الدين) عند التعريف بالتصوف: ((وأما الصوفية فأكثرهم من أهل السنة والجماعة ، وفيهم من يكون صاحب الكرامة ، إلا أنه قد ظهر فيهم مذاهب ردية أكثرها ضلال وبدعة.(/1)
منهم (الحبية) يقولون: إن الله تعالى إذا أحب عبداً رفع عنه الخطاب فيحل له كل النعم ويسقط عنه العبادات ولا يبقى في حقه حظر فلا يصلون ولا يصومون ولا يسترون العورة، ولا يمنعون عن الزنا وشرب الخمر، ولا عن اللواطة ولا عن محظور ما.
ومنهم (الأوليائية) يقولون: إن الولي أفضل من النبي والرسول من الآدميين والملائكة جميعاً. ويقولون: إن الرسول دون المرسل إليه ودون المرسل، على هذا رأينا عادات الأكابر.
وهؤلاء يقولون أيضاً: إذا بلغ الإنسان في العبادة الدرجة القصوى وفي الولاية الرتبة العليا لا يبقى في حقه خطاب الإيجاب ولا خطاب الحظر ويحل له كل شيء.
ومنهم (الإباحتية) يقولون: الأموال كلها على الإباحة، وكذا الفروج وليس للملاك إلا مجرد الاكتساب، ويستبيحون أموال الناس وفروج نسائهم.
ومنهم (الحلولية) وهم قوم يستبيحون الرقص والغناء والنظر إلى الشاب الأمرد المليح الصبيح، ويقولون قد حلت بهذا الأمرد الصبيح صفة من صفات البارئ، فنحن نحبه ونعانقه لأجل تلك الصفة.
ومنهم (الحورية) يقولون باستباحة الرقص والغناء والمبالغة في الرقص حتى يسقطون على الأرض من كثرة الإتعاب في الرقص، ثم يقومون ويغتسلون ويقولون إن الحور العين يحضرن ونجامعهن وكأن إبليس جامعهم لشر صنيعتهم.
وفي الصوفية قوم يدعون الإلهام يقولون: حدثني قلبي عن ربي، ثم يذكرون بعض ما وضعه القرامطة من الإشارات الفاسدة بالألفاظ الهائلة يغرون بهم العامة، وجعلوا ذلك مكسبة لأنفسهم وأنكروا الشرائع أجمع ، شر خليقة الله تعالى، وواحد من هؤلاء الصوفية حضر بلدة بخارى سنة ثمان وسبعين وأربع مائة، وجمع الصوفية وبعض أصحاب الشافعي على نفسه.(/2)
وقد أخبرني واحد من فقهائنا أنه سأل هذا المبتدع لم تركت مذهب أبي حنيفة وترفع اليدين عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع، فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه صلى الله عليه وسلم وغيرهم ويرفعون أيديهم عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع فقال: قلت له رأيت في المنام قال: بل في اليقظة)).(/3)
القاضي ابن العربي
قال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله:
(( وكذلك نقطع بتكفير كل من كَذّب ، وأنكر قاعدة من قواعد الشرع ... ثم قال: وأجمع فقهاء بغداد أيام المقتدر من الماليكة وقاضي قضاتها أبو عمرو المالكي على قتل الحلاّج وصلبه لدعواه الإلهية ، والقول بالحلول ، وقوله: أنا مع الحق. مع تمسّكه في الظاهر بالشريعة ، ولم يقبلوا توبته )) . انتهى.
وقال رحمه الله: ((شيخُنا أبو حامد ـ يعني الغزالي ـ: بَلَعَ الفلاسفةَ، وأراد أن يتقيَّأهم فما استطاع))
(سير أعلام النبلاء: 19/327).(/1)
القاضي عياض
الإمام العلامة الحافظ شيخ الإسلام القاضي أبو الفضل عياض بن موسى اليحصبي الأندلسي المالكي ، ولد سنة (476 هـ). وتوفي "رحمه الله" سنة (544 هـ).
كان "رحمه الله" محباً للعلم مشتغلاً به ، محباً للسنة شديداً على الصوفية ، منكراً عليهم، لم تمنعه مكانة الشيخ أبي حامد الغزالي العلمية وديانته وقبوله عند العامة من أن يحذر الناس من انحرافه في جانب التصوف ، فقال: (( الشيخ أبو حامد ذو الأنباء الشنيعة ، والتصانيف الفظيعة غلا في طريق التصوف وتجرد لنصر مذهبهم وصار داعية في ذلك وألّف فيه تواليفه المشهورة . أُخذ عليه فيها مواضع وساءت به ظنون أمّة ، والله أعلم بسره. ونفذ أمر السلطان عندنا بالمغرب وفتوى الفقهاء بإحراقها والبعد عنها فامتثل ذلك )) .
(سير أعلام النبلاء: 19ـ327)
وفي شرح المدونة قال "رحمه الله" شارحاً قول الإمام مالك: " وأكرَهُ الإجارة على تعليم الشعر والنوح وعلى كتابة ذلك".
قال القاضي عياض "رحمه الله" : معناه نوحُ المُتَصوِّفة وإنشادهم على طريق النوح والبكاء ، فمن اعتقد في ذلك أنّه قُرْبة لله تعالى فهو ضالٌ مُضِلّ ، وَلا يعْلَمُ المسكين أنّ الجنّة حُفّت بالمكاره ، وأنّ النار حُفّت بالشهوات ، والله تعالى لم يَبعَث أحداً منَ الأنبياء باللهو والرّاحة والغِناء ، وإنّما بُعِثوا بالبِرِّ والتقوى وما يُخالف الهوى . قال تعالى : {وأمّا مَنْ خَافَ مقامَ رَبِّهِ ونهى النَّفْسَ عنِ الهوى فإنَّ الجنّة هي المأوى} . فالباطل خفيفٌ على النفوس ، ولذلك خفّ في الميزان ، والحقُّ ثقيلٌ ، ولذلك ثَقُلَ في الميزان ، قال تعالى : {إنّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قوْلاً ثَقيلاً}.(/1)
وقال الفقيه الصالح أبو عبد الله الحفار المالكي : إن هذه الطائفة المنتمية للتصوف في هذا الزمان وفي هذه الأقطار ، قد عظُم الضرر بهم في الدين ، وفشت مفسدتهم في بلاد المسلمين ولا سيما في الحصون والقرى البعيدة عن الحضرة هنالك ، يُظهرون ما انطوى عليه باطنهم من الضلال ، من تحليل ما حرم الله، والافتراء عليه وعلى رسوله . وبالجملة فهم قوم استخلفهم الشيطان على حَلِّ عُرى الإسلام وإبطاله ، وهدم قواعده)). انتهى
(المعيار المعرب للونشريسي: 11 ـ42).
وروى القاضي عياض "رحمه الله" في كتابه "ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك" (2ـ54) عن الإمام مالك "رحمه الله" عن عبد الله بن يوسف التنيسي ، وكان أحد الحاضرين لهذه القصة ، وهو من مشاهير أصحاب الإمام مالك.
قال التنيسي: كنا عند مالك وأصحابه حوله فقال رجل من أهل نصيبين: يا أبا عبد الله عندنا قوم يقال لهم الصوفية يأكلون كثيراً ثم يأخذون في القصائد ثم يقومون فيرقصون.
فقال مالك: أصبيان هم? قال: لا.
قال: أمجانين? قال: لا ، قوم مشائخ وغير ذلك عقلاًء.
قال مالك: ما سمعت أن أحداً من أهل الإسلام يفعل هذا.
قال الرجل: بل يأكلون ثم يقومون فيرقصون نوائب ويلطم بعضهم رأسه وبعضهم وجهه. فضحك مالك ثم قام فدخل منزله.
فقال أصحاب مالك للرجل: لقد كنت يا هذا مشؤوماً على صاحبنا، لقد جالسناه نيفاً وثلاثين سنة فما رأيناه ضحك إلا في هذا اليوم.(/2)
القرطبي أبو عبد الله ، صاحب التفسير
يقول الإمام القرطبي رحمه الله: فأما طريقة الصوفيّة أن يكون الشيخ منهم يوماً وليلة، وشهراً، مفكّراً، لا يفتر، فطريقةٌ بعيدة عن الصواب، غير لائقة بالبشر، ولا مستمرة على السنن.
الجامع لأحكام القرآن: (4/315).
ويقول رحمه الله: وهذا السجود المنهيّ عنه، قد اتخذه جُهَّالُ المتصوّفة، عادةً في سماعهم، وعند دخولهم على مشايخهم واستغفارهم، فيرى الواحد منهم إذا أَخذه الحال بزعمه، يسجد للأقدام لجهله، سواء أكان للقبلة أم غيرها، جهالة منه، ضَلَّ سَعْيُهم، وخاب عملهم.
الجامع لأحكام القرآن: (1/293-294).
قال ابن عطيّة: استدلَّ العُبَّادُ في تأديب أَنفسهم بالبأساء في تفريق الأَموال، والضراء في الحمل على الأَبدان بالجوع والعُري بقوله تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42)} .
قُلتُ- أي الإمام القُرطبي -:
هذه جهالة ممن فعلها، وجعل هذه الآية أصلاً لها، هذه عقوبة من الله لمن شاء من عباده أن يمتحنهم بها، ولا يجوز لنا أن نمتحن أَنفسنا ونكافئها قياساً عليها، فإنها المطية التي نبلغ عليها دار الكرامة، ونفوز بها من أَهوالِ يومِ القيامة، وفي التنزيل: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً} .
وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } (267) .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }(/1)
فأمرَ المؤمنين بما خاطب بهِ سيد المرسلين، وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأَصحابه يأكلون الطيبات، ويلبسون أحسنَ الثياب، ويتجمّلونَ بها، وكذلك التابعون بعدهم إلى هلمّ جراً.
ولو كان كما زعموا واستدلوا، لما كان في امتنان الله تعالى بالزّروع والجنّات وجميع الثمار والنبات والأنعام التي سخرها، وأَباح لنا أكلها وشرب ألبانها والدفء بأصوافها،إلى غير ذلك مما امتنّ به، كبير فائدة، فلو كان ما ذهبوا إليه فيه الفضل لكان أولى به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه ومن بعدهم من التابعين والعلماء.
الجامع لأحكام القرآن: (6/424-425) .(/2)
الكاتب الأمريكي استودارد
يقول الكاتب الأمريكي لوثرب استيوارد في كتابه "حاضر العالم الإسلامي" عن واقع المسلمين الذي ظهرت الصوفية فيه: ((وأما الدين فقد غشيته غاشية سوداء، فألبست الوحدانية التي علمها صاحب الرسالة للناس -وهو النبي صلى الله عليه وسلم- سجفاً من الخرافات وقشور الصوفية ، وخلت المساجد من أرباب الصلوات، وكثر عدد الأدعياء الجهلاء، وطوائف الفقراء والمساكين يخرجون من مكان إلى مكان يحملون في أعناقهم التمائم والتعاويذ والسبحات، ويوهمون الناس بالباطل والشبهات، ويرغبونهم بالحج إلى قبور الأولياء، ويزينون للناس التماس الشفاعة من دفناء القبور.
وغابت عن الناس فضائل القرآن. فصار يشرب الخمر والأفيون في كل مكان وانتشرت الرذائل وهتكت ستر الحرمات على غير خشية ولا استحياء.
ونال مكة المكرمة والمدينة المنورة ما نال غيرهما من سائر مدن الإسلام ، فصار الحج المقدس الذي فرضه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على من استطاعه ضرباً من المستهزءات.
وعلى الجملة فقد بدل المسلمون غير المسلمين وهبطوا مهبطاً بعيد القرار فلو عاد صاحب الرسالة إلى الأرض في ذلك العصر ورأى ما كان يدهي الإسلام لغضب وأطلق اللعنة على من استحقها من المسلمين كما يلعن المرتدون وعبدة الأوثان)).
حاضر العالم الإسلامي ، ترجمة: منيرا البعلبكي ، تعليق: الأمير شكيب أرسلان ، دار الفكر (ج 1 ـ 259).(/1)
برهان الدين البقاعي المتوفي سنة 885هـ:
ألف هذا الإمام كتاباً فذاً فريداً سماه (تنبيه الغبي بتكفير عمر بن الفارض وابن عربي) قال في خطبة هذا الكتاب عن ابن عربي:
"وكان كفره في كتابه الفصوص أظهر منه في غيره، أحببت أن أذكر منه ما كان ظاهراً، حتى يعلم حاله، فيهجر مقاله، ويعتقد انحلاله، وكفره وضلاله، وأنه إلى الهاوية مآله ومآبه، امتثالاً لما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)). "(/1)
تقي الدين الحصني الشافعي
تقي الدين بن أبي بكر بن محمد الحسيني الدمشقي الشافعي ، من كبار علماء الشافعية في القرن التاسع الهجري.
قال رحمه الله تعالى في كتابه " كفاية الأخيار " ج1 صـ 159 وهو من الكتب المعتمدة في المذهب، في كتاب الزكاة ؛ عند بيان الأصناف التي تُدفع إليهم الزكاة: " ... الأراذل من المتصوّفة الذين قد اشتهر عنهم أنهم من أهل الصلاح المنقطعين لعبادة ربّهم ، قد اتخذ كل منهم زاوية أو مكاناً يُظهر فيه نوعاً من الذكر ، وقد لفَّ عليهم من له زي القوم وربّما انتمى أحدهم إلى أحد رجال القوم كالأحمدية والقادرية ، وقد كذبوا في الانتماء ، فهؤلاء لا يستحقّون شيئاً من الزكوات ، ولا يحلُّ دفع الزكاة إليهم ، ومَنْ دفعها إليهم لم يقع الموقع وهي باقية في ذمّته ، وأمّا بقيّة الطوائف وهم كثيرون كالقلندرية والحيدرية فهم أيضاً على اختلاف فرقهم فيهم الحلولية والملحدة ، وهم أكفر من اليهود والنصارى ، فمن دفع إليهم شيئاً من الزكوات أو من التطوعات فهو عاصٍ بذلك ، ثم يلْحَقُه بذلك من الله العقوبة إن شاء ، ويجب على كل من يقدر على الإنكار أن يُنكر عليهم ، وإثمهم متعلّق بالحكام الذين جعلهم الله تعالى في مناصبهم لإظهار الحق ، وقمع الباطل وإماتة ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بإماتته والله أعلم " .انتهى
وقال رحمه الله أيضاً في كفاية كتاب الوصية: لو أوصى مسلم ببناء بقعة لبعض المعاصي كما إذا أوصى شخص بشراء بقعة ليقام فيها سماع فقراء الرجس الذي يتضلعون من أموال الظلمة ويتقربون إلى اللَّه تعالى بالرقص على آله اللَّهو مع الأحداث والنساء ويتواجدون بسبب ذلك فهذه الوصية باطلة كما لو أوصى ببناء كنيسة حتى لو حكم بصحة ذلك نقض.(/1)
وقال في أحكام الوقف: يشترط في صحة الوقف انتفاء المعصية لأن الوقف معروف وبر والمعصية عكس ذلك فيحرم الوقف على شراء آلة لقطع الطريق وكذا الآلات المحرمة كسائر آلات المعاصي كما يصنعه أهل البدع من صوفية الزوايا بأن يوقفوا آلة لهو لأجل السماع ويقولون: لا سماع إلا من تحت قناع ولا يأتي ذلك إلا فاسد الطباع وهؤلاء قد نص القرآن على إلحادهم وليس في كفرهم نزاع.
وقال رحمه الله أيضاً في كفاية الأخيار ج2 صـ225 كتاب الأقضية عند ذكر من لا تُقبَل شهادتهم: " ... فلا تُقبل شهادة القمّام ، وهو الذي يجمع القمامة أي الكناسة ويحملها ، وكذا القيّم في الحمّام ، ومَنْ يلْعب بالحمام يعني يُطيّرها لينظر تقلّبها في الجو ، وكذا المغنّي سواء أتى الناس أو أتوه ، وكذا الرّقاص كهذه الصوفيّة الذين يسعون إلى ولائم الظلمة والمكسة ، ويُظهرون التواجد عند رقصهم ، وتحريك رؤوسهم ، وتلويح لحاهم الخسيسة كصنع المجانين ، وإذا قُرئ القرآن لا يستمعون له ، ولا يُنصتون ، وإذا نعق مزمار الشيطان صاح بعضهم على بعض بالوسواس قاتلهم الله ما أفسقهم وأزهدهم في كتاب الله ، وأرغبَهم في مزمار الشيطان وقرن الشيطان ، عافانا الله من ذلك " . انتهى(/2)
سئل الدكتور يوسف القرضاوي
- ما حقيقة الصوفية والتصوف؟ وما موقف الإسلام منه؟ نسمع أن من الصوفيين من خدم الإسلام بالعلم والعمل ، ونسمع أن منهم من هدم الإسلام بالبدع والضلالات ، فما الفرق بين هؤلاء وأولئك ؟
أجاب الدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي فقال:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
التصوف: اتجاه يوجد في كل الأديان تقريبًا . . اتجاه إلى التعمق في الجانب الروحاني، وزيادة الاهتمام به.
يوجد هذا في بعض الأديان أكثر منه في أديان أخرى.
في الهند . . هناك فقراء الهنود، يهتمون بالناحية الروحية اهتماما بالغًا، ويجنحون إلى تعذيب الجسد من أجل ترقية الروح وتصفيتها بزعمهم.
وكذلك في المسيحية . ولا سيما في نظام الرهبانية.
وفي فارس، كان هناك مذهب ماني.
وعند اليونان ظهر مذهب الرواقيين.
وفي بلاد أخرى كثيرة، ظهرت النزعات الروحية المتطرفة، على حساب الناحية الجسدية أو المادية.
والإسلام حينما جاء، جاء بالتوازن بين الحياة الروحية والحياة الجسدية والحياة العقلية.
فالإنسان - كما يتصوره الإسلام - جسم وعقل وروح . ولابد للمسلم أن يعطي كل جانب من هذه الجوانب حقه.
وحينما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من أصحابه من يغالي في ناحية من النواحي زجره، كما حدث لعبد الله بن عمرو بن العاص، فقد كان يصوم ولا يفطر، ويقوم فلا ينام، وترك امرأته وواجباته الزوجية . فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: " يا عبد الله إن لعينك عليك حقًّا، وإن لأهلك عليك حقًا، وإن لزوجك عليك حقًا، وإن لبدنك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه ".(/1)
وحينما ذهب فريق من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون أزواجه عن عبادته، فكأنهم تقالوها، فقال بعضهم لبعض " وأين نحن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر، وقال الثاني: وأنا أقوم الليل فلا أنام، وقال الثالث: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج . فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - مقالتهم فجمعهم وخطب فيهم وقال: " أما إني أعلمكم بالله وأخشاكم له، ولكني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء . فمن رغب عن سنتي فليس مني ".
فمن هنا جاء الإسلام بالتوازن في الحياة، يعطي كل ناحية حقها، ولكن الصوفية ظهروا في وقت غلب على المسلمين فيه الجانب المادي والجانب العقلي.
الجانب المادي، نتج عن الترف الذي أغرق بعض الطبقات، بعد اتساع الفتوحات، وكثرة الأموال، وازدهار الحياة الاقتصادية، مما أورثت غلوا في الجانب المادي . مصحوبًا بغلو آخر في الجانب العقلي، أصبح الإيمان عبارة عن " فلسفة " و" علم كلام " " وجدل "، لا يشبع للإنسان نهمًا روحيًا، حتى الفقه أصبح إنما يعني بظاهر الدين لا بباطنه، وبأعمال الجوارح . لا بأعمال القلوب وبمادة العبادات لا بروحها.
ومن هنا ظهر هؤلاء الصوفية ليسدوا ذلك الفراغ، الذي لم يستطع أن يشغله المتكلمون ولا أن يملأه الفقهاء، وصار لدى كثير من الناس جوع روحي، فلم يشبع هذا الجوع إلا الصوفية الذين عنوا بتطهير الباطن قبل الظاهر، وبعلاج أمراض النفوس، وإعطاء الأولية لأعمال القلوب وشغلوا أنفسهم بالتربية الروحية والأخلاقية، وصرفوا إليها جل تفكيرهم واهتمامهم ونشاطهم . حتى قال بعضهم: التصوف هو الخلق، فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في التصوف.
وكان أوائل الصوفية ملتزمين بالكتاب والسنة، وقافين عند حدود الشرع، مطاردين للبدع والانحرافات في الفكر والسلوك.(/2)
ولقد دخل على أيدي الصوفية المتبعين كثير من الناس في الإسلام وتاب على أيديهم أعداد لا تحصى من العصاة وخلفوا وراءهم ثروة من المعارف والتجارب الروحية لا ينكرها إلا مكابر، أو متعصب عليهم.
غير أن كثيرًا منهم غلوا في هذا الجانب، وانحرفوا عن الطريق السوي، وعرفت عن بعضهم أفكار غير إسلامية، كقولهم بالحقيقة والشريعة، فمن نظر إلى الخلق بعين الشريعة مقتهم، ومن نظر إليهم بعين الحقيقة عذرهم . وكان لهم كلام في أن الأذواق والمواجيد تعتبر مصدرًا من مصادر الحكم . . أي أن الإنسان يرجع في الحكم إلى ذوقه ووجدانه وقلبه . . وكان بعضهم يعيب على المحدّثين، لأنهم يقولون: حدثنا فلان قال وحدثنا فلان . . . ويقول الصوفي: حدثني قلبي عن ربي .
أو يقول: إنكم تأخذون علمكم ميتًا عن ميت، ونحن نأخذ علمنا عن الحي الذي لا يموت . . أي أنه متصل - بزعمه - بالسماء مباشرة.
فهذا النوع من الغلو، ومثله الغلو في الناحية التربوية غلوا يضعف شخصية المريد كقولهم: إن المريد بين يدي شيخه كالميت بين يدي غاسله، ومن قال لشيخه: لم ؟ لا يفلح . ومن اعترض " انطرد ".
هذه الاتجاهات قتلت نفسيات كثير من أبناء المسلمين، فسرت فيهم روح جبرية سلبية كاعتقادهم القائل: أقام العباد فيما أراد . . . دع الملك للمالك، واترك الخلق للخالق ..
يعني بذلك أن يكون موقفه سلبيًا أمام الانحراف والفساد وأمام الظلم والاستبداد، وهذا أيضًا من الغلو والانحرافات التي ظهرت عند الصوفية.(/3)
ولكن كثيرًا من أهل السنة والسلف قوّم علوم الصوفية، بالكتاب والسنة، كما نبه على ذلك المحققون منهم، ووجدنا رجلاً كابن القيم يزن علوم القوم بهذا الميزان الذي لا يختل ولا يجور، ميزان الكتاب والسنة . فكتب عن التصوف كتابًا قيمًا، هو كتاب: " مدارج السالكين إلى منازل السائرين " . ومدارج السالكين هذا عبارة عن شرح لرسالة صوفية صغيرة اسمها " منازل السائرين إلى مقامات: إياك نعبد وإياك نستعين " لشيخ الإسلام إسماعيل الهروي الحنبلي.
هذا الكتاب من ثلاثة مجلدات، يرجع فيه إلى الكتاب والسنة، ونستطيع أن نقرأه ونستفيد منه باطمئنان كبير ..
والحقيقة أن كل إنسان يؤخذ من كلامه ويترك، والحكم هو النص المعصوم من كتاب الله ومن سنة رسوله.
فنستطيع أن نأخذ من الصوفية الجوانب المشرقة، كجانب الطاعة لله . وجانب محبة الناس بعضهم لبعض، ومعرفة عيوب النفس، ومداخل الشيطان، وعلاجها، واهتمامهم بما يرقق القلوب، ويذكر بالآخرة.
نستطيع أن نعرف عن هذا الكثير عن طريق بعض الصوفية كالإمام الغزالي مع الحذر من شطحاتهم، وانحرافاتهم، وغلوائهم، ووزن ذلك بالكتاب والسنة، وهذا لا يقدر عليه إلا أهل العلم وأهل المعرفة.
ولهذا أنصح الرجل العادي بأن يرجع في معارفه إلى المسلمين العلماء السلفيين المعتدلين الذين يرجعون في كل ما يقولون إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. والله أعلم.
قلت: جزى الله الدكتور يوسف كل الخير ، وأنبه أن كلمة الصوفية كانت تطلق على الزهاد المتعبدين الصالحين ، واليوم كلمة الصوفية تطلق على أتباع الطرق والتي لم تكن معروفة قبل القرن الخامس الهجري ، وشتان بين الفضيل والجنيد .... وبين الطرقيين الذين يسمون اليوم بالصوفية، فاحذر أخي المسلم وتنبه ، والله المستعان.(/4)
شرف الدين الزواوي
شرف الدين عيسى الزواوي المالكي المتوفى عام 743هـ قال:
(( ويجب على ولي الأمر إذا سمع بمثل هذا التصنيف (أي مؤلفات ابن عربي كالفصوص والفتوحات المكية) البحث عنه وجمع نسخه حيث وجدها وإحراقها، وأدب من اتهم بهذا المذهب (يعني مذهب ابن عربي) )) (العقد الثمين 2/176-177).(/1)
ظهير الدين قاضي السَّلّاميَّة
ظهير الدين أبو إسحاق إبراهيم بن نصر بن عسكر ظهير الدين قاضي السَّلّاميَّة في الموصل ، المتوفى سنة (610) هـ
قال عنه الحافظ ابن كثير: الفقيه الشافعي الأديب ، ذكره العماد في الجريدة وابن خلكان في الوفيات وأثنى عليه. البداية والنهاية [جزء 13- صفحة 66].
كان دائم التصدي للصوفية وانحرافها ، وكان يجد منهم الأذى ، وحصل له يوماً أن هجا مكي شيخ زاوية الصوفية بالبوازيخ، البلدة القريبة من السَّلّاميَّة، فقال:[المتقارب]
أَلا قُل لِمَكّي قَوْلَ النَّصُوحِ **** فَحقُّ النصيحة أن تُستَمَعْ
متى سمع النَّاسُ في دِيِنهم **** بأَنَّ الغِنا سُنّةٌُ تُتَّبعْ
وَأَنْ يَأْكُلَ المَرْءُ أَكلَ البَعِيْرِ **** وَيَرْقُصَ في الجَمْع حتَّى يَقَعْ
وَلَوْ كَانَ طاوي الحَشَا جائعاً **** لما دار من طَرَبٍ واسْتَمعْ
وقَالوا سَكُرْنا بحبُّ الإِلهِ **** وَمَا أسْكَرَ القَوْمَ إلا القِصَع
كذاك الحميرُ إذا أخصْبتْ **** يُهَيِّجُها رِيّها وَالشَّبَعْ
تراهم يهزوا لحاهم إذا **** ترنم حاديهم بالبدع
فيصرخُ هذا وهذا يئنُ **** ويبسَ لو تلين ما انصدع
البداية والنهاية [جزء 13- صفحة 66].(/1)
عبد الرحمن بن محمد أبو يزيد المعروف بابن خلدون المالكي
يقول ابن خلدون "رحمه الله" في معرض كلامه عن المهدي واعتقاد الصوفية فيه: ((ثم حدث أيضاً عند المتأخرين من الصوفية الكلام في الكشف وفيما وراء الحس.
وظهر في كثير منهم القول على الإطلاق بالحلول والوحدة، فشاركوا فيها الإمامية والرافضة لقولهم بألوهية الأئمة وحلول الإله فيهم.
وظهر منهم أيضاً القول بالقطب والأبدال، وكأنه يحاكي مذهب الرافضة في الإمام والنقباء.
وأشربوا أقوال الشيعة، وتوغلوا في الديانة بمذاهبهم، حتى لقد جعلوا مستند طريقهم في لبس الخرقة، أن علياً رضي الله عنه ألبسها الحسن البصري وأخذ عليه العهد بالتزام الطريقة. واتصل ذلك عنهم بالجنيد من شيوخهم. ولا يعلم هذا عن علي من وجه صحيح.
ولم تكن هذه الطريقة خاصة بعلي كرم الله وجهه، بل الصحابة كلهم أسوة في طرق الهدى، وفي تخصيص هذا بعلي دونهم رائحة من التشيع قوية، يفهم منها ومن غيرها مما تقدم دخولهم في التشيع، وانخراطهم في سلكه.
وظهر منهم أيضاً القول بالقطب وامتلأت كتب الإسماعيلية من الرافضة، وكتب المتأخرين من المتصوفة بمثل ذلك في الفاطمي المنتظر.
وكان بعضهم يمليه على بعض ويلقنه بعضهم من بعض، وكأنه مبني على أصول واهية من الفريقين.
وربما يستدل بعضهم بكلام المنجمين في القرانات، وهو من نوع الكلام في الملاحم، ويأتي الكلام عليها في الباب الذي يلي هذا.
وأكثر من تكلم من هؤلاء المتصوفة المتأخرين في شأن الفاطمي، ابن عربي الحاتمي في كتاب عنقاء مغرب ، وابن قسي في كتاب خلع النعلين ، وعبد الحق بن سبعين ، وابن أبي واطيل تلميذه في شرحه كتاب خلع النعلين.
وأكثر كلماتهم في شأنه ألغاز وأمثال)).
مقدمة ابن خلدون (صفحة: 178)(/1)
وقال أيضاً: ((وأما حكم هذه الكتب المتضمنة لتلك العقائد المضلّة، وما يوجد من نسخها بأيدي الناس، مثل (الفصوص) و(الفتوحات) لابن عربي، و(البُدّ) لابن سبعين، و(خلع النعلين) لابن قسي، و(عقد اليقين) لابن بَرَّجان، وما أجدر الكثير من شعر ابن الفارض، والعفيف التلمساني ، وأمثالهما، أن تُلحق بهذه الكتب،وكذا شرح ابن الفرغاني للقصيدة التائية من نظم ابن الفارض، فالحكم في هذه الكتب كلها وأمثالها، إذهاب أعيانها متى وجدت التحريق بالنار والغسل بالماء، حتى ينمحي أثر الكتابة، لما في ذلك من المصلحة العامة في الدين، بمحو عقائد المضلة)).
(العقد الثمين للفاسي: 2ـ180).
وقال ابن خلدون: ((هذا العِلم - السِّحْر - حَدث في المِلَّة بعد صدر منها ، وَعنْد ظُهور الغُلاَة من المتصوفة ، الحلاَّج ، ابن عربي ، العَفيف التِّلِمْساني ، ابْن سَبعين ، ابن الفارض
وجنوحهم إلى كشف حجاب الحس ، وظهور الخوارق على أيديهم والتصرفات في عالم العناصر ، وتدوين الكتب والاصطلاحات ومزاعمهم في تنزل الوجود عن الواحد وترتيبه. وزعموا أن الكمال الأسمائي مظاهر أرواح والأفلاك والكواكب وأن طبائع الحروف وأسرارها سارية في الأسماء فهي سارية في الأكوان )).
مقدمة ابن خلدون (صفحة:930)
ويقول ابن خلدون في مقدمته: (( ...... وتبعهم ابن عربي وابن سبعين وتلميذهما ابن العفيف وابن الفارض والنجم الإسرائيلي في قصائدهم. وكان سلفهم مخالطين للإسماعيلية المتأخرين من الرافضة الدائنين أيضا بالحلول وإلهية الأئمة مذهبا لم يعرف لأولهم فأشرب كل واحد من الفريقين مذهب الآخر.
واختلط كلامهم و تشابهت عقائدهم. وظهر في كلام المتصوفة القول بالقطب ومعناه رأس العارفين. يزعمون أنه لا يمكن أن يساويه أحد في مقامه في المعرفة حتى يقبضه الله. ثم يورث مقامه لآخر من أهل العرفان.(/2)
وقد أشار إلى ذلك ابن سينا في كتاب الإشارات في فضول التصوف منها فقال: جل جناب الحق أن يكون شرعة لكل وارد أو يطلع عليه إلا الواحد بعد الواحد. وهذا كلام لا تقوم عليه حجة عقلية، ولا دليل شرعي ، وإنما هو من أنواع الخطابة ، وهو بعينه ما تقوله الرافضة ودانوا به.
ثم قالوا بترتيب وجود الأبدال بعد هذا القطب كما قاله الشيعة في النقباء. حتى إنهم لما أسندوا لباس خرقة التصوف ليجعلوه أصلا لطريقتهم ونحلتهم رفعوه إلى علي رضي الله عنه وهو من هذا المعنى أيضا. وإلا فعلي رضي الله عنه لم يختص من بين الصحابة بتخليه ولا طريقة في لباس ولا حال. بل كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أزهد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم عبادة. ولم يختص أحد منهم في الدين بشيء يؤثر عنه في الخصوص بل كان الصحابة كلهم أسوة في الدين و الزهد و المجاهدة. تشهد بذلك سيرهم و أخبارهم، نعم إن الشيعة يخيلون بما ينعلون من ذلك اختصاص علي رضي الله عنه بالفضائل دون من سواه من الصحابة ذهابا مع عقائد التشيع المعروفة لهم.
والذي يظهر أن المتصوفة بالعراق، لما ظهرت الإسماعيلية من الشيعة، وظهر كلامهم في الإمامة وما يرجع إليها ما هو معروف، اقتبسوا من ذلك الموزانة بين الظاهر والباطن وجعلوا الإمامة لسياسة الخلف في الانقياد إلى الشرع، وأفردوه بذلك أن لا يقع اختلاف كما تقرر في الشرع. ثم جعلوا القطب لتعليم المعرفة بالله لأنه رأس العارفين، وأفردوه بذلك تشبيها بالإمام في الظاهر وأن يكون على وزانه في الباطن وسموه قطبا لمدار المعرفة عليه، وجعلوا الأبدال كالنقباء مبالغة في التشبيه فتأمل ذلك.
مقدمة ابن خلدون: (صفحة: 473).(/3)
عبد الله بن موسى الفشتالي
روى الإمام راشد بن أبي راشد الوليدي المالكي ، المتوفي سنة (675 هـ) ، في كتابه الحلال والحرام ، أنه سمع الإمام عبد الله بن موسى الفشتالي المالكي يقول: ((إن التائب إذا اقتصر على ما عند علماء الظاهر أولى وأسلم له ، بل لا يجوز اليوم اتخاذ شيخ لسلوك طريق المتصوفة أصلاً ، لأنهم يخوضون في فروعها ويهملون شروط صحتها ، وهو باب التوبة إذ لا يصح بناء فرع قبل تأسيس أصله. قال: وسمعته يقول: لو وجدت تآليف القشيري لجمعتها وألقيتها في البحر ، قال: وكذلك كتب الغزالي. قال: وسمعته يقول: إني لأتمنى على الله أن أكون يوم الحشر مع أبي محمد بن أبي زيد ـ أي القيرواني ـ لا مع الغزالي)). (نيل الابتهاج بتطريز الديباج: 117)(/1)
عبد المجيد الزنداني
يقول الشيخ عبد المجيد الزنداني "حفظه الله": ((ولقد وقع بعض المسلمين فيما وقع فيه مَنْ قبلهم من الأمم ، الذين أخذوا يرفعون من مقام الأولياء والأنبياء والصلحاء ، من درجة العبودية لله تعالى إلى درجة تقارب الألوهية ، وتصل إلى مقامها ، وذلك باعتقاد أن الأولياء أو الأنبياء أو الصلحاء يتصفون بصفات لا تكون إلا لله: مثل القدرة على الإعانة الغيبية ، وكشف الضر ، ومنح الأولاد ، والإغاثة بقوة غيبية تخرج عن السنن والقوانين التي يسير عليها الكون ، مما يدفعهم ذلك إلى القيام بين أيديهم ، أو على قبورهم بشعائر التكريم أو التعظيم مما يكاد يكون تألهاً وقنوتاً ، ولقد نعى القرآن الكريم على الذين يسلكون هذا المسلك الباطل ، قال تعالى: {ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أءنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل* قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء} [الفرقان: 17-18]
ولقد قال الطبري في تفسيره لهذه الآية: يقول تعالى ذكره: ويوم نحشر هؤلاء المكذبين بالساعة العابدين الأوثان ، وما يعبدون من دون الله من الملائكة والإنس والجن ..
ولا يغيبنّ عن ذهنك أن أولياء الله أول من يرفض هذه المكانة التي يرفعهم إليها ، كما أنهم يجب أن يكونوا قدوة لنا نتبع طريقهم ، وننهج نهجهم في عبادتهم لربهم فإن لأولياء الله الدرجة العالية عند الله ولهم البشرى في الحياة الدنيا ويوم القيامة وهو السالمون من الخوف والحزن ، قال تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم} [يونس : 62-64]
وأنت ترى من الآية أن الولي هو المؤمن حقاً ، والمتقى حقاً ، والإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل ، والعمل هو اتباع ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه.(/1)
المصدر: كتاب توحيد الخالق للشيخ عبد المجيد الزنداني (2/63-64)(/2)
فتوى العلامة الدكتور وهبة الزحيلي
زعم أحد مشايخ الطرق الصوفية في مدينة الباب قرب مدينة حلب السورية أن هناك من رجالات وأولياء الطرق الصوفية من يقول للشيء كن فيكون.
فكتب فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي "حفظه الله" رسالة يرد فيها عليه ، مضمونها:
السلام على من اتبع الهدى وبعد:
فإن الله تعالى في قرآنه حصر بأداة الحصر ((إنما)) نفسه في الخلق والإيجاد والإبداع التكويني ليس لغيره سبحانه وتعالى ، ودون أن يشاركه أحد من المخلوقات بهذا ، لا نبي ولا ملك ولا ولي ، فقال: {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} وآيات كثيرة في معناها ، فاستغفر الله وتب أيها الأخ من سوء الفهم وضلال الاعتقاد والكفر بالله ، هذه نصيحتي ، فإن أصررت على غير ذلك بتأويلات صوفية غير مقبولة ، فقد خسرت الدنيا والآخرة والله يهديك إلى سواء السبيل.
13 من صفر 1418
23 ـ 6 ـ 1997
الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي
رئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه بجامعة دمشق.(/1)
فتوى مجموعة من العلماء
السؤال:
(السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: فإن في بلادنا قبور رجال صالحين، مرفوعة ببناء فوق الأرض، فيها حفرة صغيرة، بداخلها تراب يتبرك به ويستشفى به، وتقام لهذه القبور زيارات سنوية موسمية في شهر رجب الحرام وغيره، يُذبح فيها الكباش لأصحاب القبور، ويجتمع عندها الرجال والنساء والباعة والألعاب، ويحتفل بهذه الزيارات كالاحتفال بيوم العيد، وتهان فيها القبور أيما إهانة.
فما هو قول السادة العلماء والأئمة الفضلاء في رفع القبور بالبناء؟ وما حكم هذه الزيارات؟ وهل هي الزيارات الشرعية التي حث عليها أبو القاسم محمد صلى الله عليه وسلم؟ أفتونا مأجورين. نفع الله بكم الإسلام والمسلمين.
وقد تفضل أصحاب الفضيلة العلماء بالإجابة على هذه الاستفتاء، ننشر هنا خلاصة إجاباتهم:
(( أولاً: أوضح العلماء في فتاواهم على أنه لا أحد من الخلق لا ملك ولا نبي ولا ولي يضر أو ينفع، وأن الأموات لا ينفعون الأحياء ولا يغنون عنهم من الله شيئاً ،بل الأموات بحاجة إلى دعاء الأحياء لهم، والاستغفار لهم، وإذا كان سيد الأولين والآخرين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، فكيف يملك ذلك غيره ممن هو دونه، وعليه فلا يجوز اعتقاد النفع والضر في أصحاب القبور مطلقاً؛ لأنه من الشرك الأكبر المخرج من ملة الإسلام .
ثانياً: أوضح العلماء أن شد الرحال إلى القبور بدعة محدثة منكرة وقد جاء الشرع بالنهي عن شد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى". أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما.
ثالثاً: أكد العلماء على حرمة رفع القبور أكثر من شبر لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : "لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته". أخرجه مسلم.(/1)
رابعاً: أكد العلماء على حرمة البناء على القبور مطلقاً، وتجصيصها، والكتابة عليها، والقعود عليها، لحديث جابر بن عبدالله: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقعد على القبر، وأن يجصص أو يبنى عليه". أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وفي رواية: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُكتب على القبر شيء". أخرجه أبو داود وابن ماجه.
خامساً: بيّن العلماء الفرق بين الزيارة الشرعية للقبور، التي تكون للعظة، والاعتبار، وتُذكر الآخرة، والدعاء والاستغفار للميت. وبين الزيارات البدعية والشركية التي يُتقرب فيها إلى أصحاب القبور، بالذبائح والنذور، والاستغاثات، وما إلى ذلك من أمور الشرك الأكبر المخرج عن ملة الإسلام، وأن هذه الأمور لا تكون إلا لله عز وجل وحده لا شريك له، لقوله تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) ولقوله تعالى: (فصل لربك وانحر) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من ذبح لغير الله" أخرجه مسلم.
سادساً: أكد العلماء على أن وضع حفرة على القبر وجعل التراب فيها للتبرك والاستشفاء به من وسائل الشرك الأكبر المخرج عن ملة الإسلام.
سابعاً: أكد العلماء على تحريم، وخطورة ما يجري في هذه الزيارات، من الاختلاط بين الرجال والنساء، وخروج الباعة، والطبول، وما يجره من الفتن، والفواحش والموبقات، علماً أن النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن زوَّرات القبور" أخرجه أحمد والترمذي.
ثامناً: أوضح العلماء تحريم تخصيص شهر من السنة، لزيارات قبور الأولياء، خاصة في شهر رجب الحرام، وأن ذلك وسيلة من وسائل الشرك، الذي لا يغفره الله عز وجل، إن مات صاحبه عليه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تجعلوا قبري عيداً" أخرجه أبو داود.
وإليك أسماء بعض العلماء والمشايخ الذين أفتوا ووقعوا على هذه الفتوى.(/2)
(1) محمد بن إسماعيل العمراني (2) مقبل بن هادي الوادعي (3) د. إبراهيم القريبي (4) د. عبد الوهاب الديلمي (5) محمد الصادق مغلس (6) عبدالمجيد الزنداني (7) عبدالعزيز الدبعي (8) عبد المحسن ثابت (9) عبد المجيد الريمي (10)عقيل المقطري (11) محمد بن عبدالوهاب الوصابي (12) د. أحمد محمد زبيلة (13) أحمد حسن المعلم (14) إسماعيل العنسي (15) محمد المهدي (16)عبدالرحمن بن عبد الله شميلة (17) حسين بن محفوظ (18) عمر أحمد سيف (19) عبدالقادر الشيباني (20) صالح الوادعي (21) طارق عبد الواسع (22) عبدالله الحاشدي (23) ناصر الكريمي (24) عيسى شريف (25) أحمد حسان (26) علي بارويس ( 27) علي بن فتيني ( 28) عبدالله الحميري ( 29) أحمد أهيف (30) أمين جعفر (31) عمار ناشر (32) محمد الوادعي (33) عارف أنور (34) علي مقبول الأهدل (35) محمد سالم الزبيدي (36) محمد سعد الحطامي (37) حسن صغير الأهدل ( 38) مراد القدسي ( 39) إسماعيل عبدالباري (40) حسن الزومي ( 41) حاكم زبيد : عبدالكريم النعماني (42) محمد المعمري ( 43) عبدالله فيصل الأهدل ( 44) عمر سقيم .(/3)
محمد قطب
يقول الشيخ محمد قطب: ((وفي الجاهلية يأنس الناس للوسطاء ؛ لأنهم – في هبوطهم وانغلاقهم – يحسون بالوحشة من الإله المنزه الذي لا تدركه الأبصار ، فيأنسون للكائنات الوسيطة ، التي يتصورنها ذات طبيعة مزدوجة: ناسوت ولاهوت ، جانب بشري وجانب إلهي ، يلتقون مع البشر بجانبهم البشري ، ويلتقون بجانبهم الإلهي مع الإله ! ويكونون "محطة" في الطريق ، يتزود الناس فيها بالطاقة اللازمة لرحلة "الفضاء" ، إلى الأزلي اللانهائي الذي لا تدركه الحواس ولا تحده الحدود !!
من أجل هذه الانحرافات كلها، التي تشمل العقيدة والشعيرة والشريعة ، ركز المنهج القرآني على تحديد هذه القضية تحديداً حاسماً ، وتنزيه العبادة من كل لون من ألوان الشرك يمكن أن يهجس في بال الإنسان.
وقد رأينا – من تجربة الواقع – أن هذه الهواجس قد ألمت بالأمة الإسلامية ذاتها ، بعد فترة من تنزيه العبادة ، والارتفاع بها إلى المستوى اللائق بجلال الله ، واللائق بالإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقويم.
فقد جاءت الصوفية ببدع كثيرة تفسد صفاء العقيدة وصفاء العبادة.
ولا نتحدث هنا عن الخبل الواضح في فكرة الإتحاد ، والحلول ، ووحدة الوجود ، مما يتنافى تنافياً كاملاً مع التوحيد الذي جاء به الرسل جميعاً ، وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا التفكير – في حقيقته – نتاجٌ وثني صريح جاء من الهند أو من فارس أو من أي مكان في الأرض.
إنما نتحدث عن بدع أخرى نشأت مع الصوفية ، هي عبادة الأضرحة والأولياء ، وتضخيم الشيخ في حس المريد حتى يصبح وسيطاً بينه وبين الله ، وتوجيه ألوان من العبادة إلى أولئك "المشايخ" أحياء وأمواتاً لا يجوز توجيهها لغير الله.
إنها ردة جاهلية.(/1)
صحيح أن الناس لا يعبدون صنماً منحوتاً كما كان يفعل المشركون يوم ذاك ، ولكن كيف نسمي التمسح بالأضرحة التماساً للبركة ، والدعاء عنده رجاء الاستجابة ، وطلب المعونة من صاحب الضريح ، والاستغاثة به من الكرب ، والإيمان بأنه ذو حظوة عند الله ، يستطيع بها أن يغير مجرى الأقدار ؟ ! أو الإيمان بأن الله قد عهد إلى الأقطاب والأبدال أن يتصرفوا في ملك الله ، فإذا استعطفهم مريدهم وتضرعوا إليهم صرّفوا الأمور لصالحهم ، وحموهم من الأخطار.
ألم يكن مشركو الجزيرة يقولون: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلا الله زلفى} الزمر:3.؟ ! أي: لا نعبدهم لذواتهم ولكن لما لهم من حظوة عند الله ؟!
أما الشيخ والمريد فبدعة أخرى من بدع الصوفية الخطيرة.
ولا يعنينا هنا أن نذكر كيف بدأت البدعة ، ولا أن العامة قد ارتموا في أحضان الصوفية لقلة العلماء المربين الذين يعلمون الناس دينهم على المنهج القرآني الواضح السهل البليغ المؤثر ، وعلى منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقرب الحقائق للناس حتى يتشربوها في يسر ، وترسخ في نفوسهم فلا يمحى أثرها ، إنما وجد العامة بدلاً من ذلك من يتكلم عن العقيدة كأنها معاظلات ذهنية تجريدية - وخاصة فيما يتعلق بالذات الإلهية والأسماء والصفات – تجهد الذهن ولا تحرك القلب ، ووجدوا المتخصصين في الفقه يتحدثون فيه لا على أنه "دين" نزل لينظم حياة البشر على الأرض ، ويربط قلوبهم بالله وهم يأتمرون بأمره وينفذون تعاليمه ، ولكن كأنه قضايا جافة مبتوتة الصلة بالوجدان الحي ، لذلك هرب العامة من معاظلات علم الكلام في العقيدة ، ومن جفاف الدراسات الفقيهة ، إلى الملجأ الذي رأوه يشبع وجدانهم الروحي الظامئ ، وجدوا راحتهم النفسية التي افتقدوها هنا وهناك.
ذلك يفسر ولا يبرر ، فلا شيء يبر الانحراف عن طريق الله القويم: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} الأنعام: 153.(/2)
جاء الإسلام ؛ ليلغي كل واسطة بين البشر وربهم ، وليعقد الصلة مباشرةً بين العبد والرب: {وقال ربكم ادعوني استجب لكم} غافر: 60.{وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعان} البقرة: 186.
وجاءت الصوفية ؛ لتجعل بين العبد وربه وسطاء وشفعاء ، سواء كانوا من الأموات أو الأحياء ، وجاء الإسلام ؛ ليخرج من هذه الأمة علماء وفقهاء يعلمون الناس أمر دينهم: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} فاطر: 28.{وما كان المؤمنون لينفروا كافة * فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} التوبة: 122.
وجعل أولئك العلماء والفقهاء أئمة ومعلمين ومربين ، وقدوة للناس ، ولم يجعلهم كهنة يختصون بالطقوس ، ذلك أنه لم يكن عقيدة وشعائر فحسب ، إنما كان عقيدة وشريعة ومنهجاً كاملاً للحياة ، لذلك يحتاج الناس في ظله إلى علماء وفقهاء يعلمونهم أصول دينهم ومحتوياته ومتطلباته. أما حين يكون عقيدة فحسب ، وطقوساً تتعلق بالعقيدة ، فهنا يظهر الكهنة ؛ ليكونوا وسطاء بين الناس وربهم ويظل الوسيط يتضخم في حسهم حتى يخرج عن طبيعته البشرية الخالصة ، ويصبح حسهم مزدوج الطبيعة فيه ناسوت ولاهوت!
جاء الإسلام ؛ ليجعل الدين خالصاً لله ، وجاءت الصوفية ؛ لتحوّل الشيخ في حس المريد إلى وسيط بين الناس وربهم ، بحجة أنه مبارك عند الله ، ترجى بركته ؛ ليقرب الناس إلى الله زلفى ، وليجعل الله يحيطهم برحمته ، فكأنما له شركة في الأمر مع الله ، مع أن الله قال لرسوله الحبيب صلى الله عليه وسلم: {ليس لك من الأمر شيء} آل عمران: 128.(/3)
وجاء الإسلام ؛ ليقرر بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم ، بشرية خالصة ، لا يخالطها شيء من "اللاهوت"، فغلت الصوفية في حبه وتعظيمه ، حتى جعلت كأنما خلق الله الخلق ؛ ليشاهدوا الأنوار المحمدية ، وليس أن الله بعث رسوله صلى الله عليه وسلم لهداية البشرية: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} الأنبياء: 107.
المصدر: كتاب "لا إله إلا الله عقيدة وشريعة ومنهاج حياة" صفحة: (57 – 60)
ويقول الشيخ محمد قطب: ((حين أهمل الناس "الدنيا" بتأثير الصوفية أهملوا كذلك "العلم" المتعلق بالحياة الدنيا، من طب، وفلك، ورياضيات، وفيزياء، وكيمياء، فتأخرت الصناعة تبعاً لذلك، وتأخرت كذلك فنون الحرب وأدواته . . فمنذ القدم كانت فنون الحرب تعتمد في جانب مهم منها على التقدم العلمي والصناعي .
وحين كان المسلمون يهملون علومهم وصناعاتهم، ويتأخرون في فنون القتال، كانت أوربا - بما تعلمته من علوم المسلمين - تتقدم علميًّا، وصناعيًّا، وتستجد للحرب أدوات جديدة لا يعرفها المسلمون .
وحين كانت أوربا "تتخذ الأسباب" للتمكين في الأرض، كانت الأمة الإسلامية "تتخذ الأسباب" لإهمال الحياة الدنيا والبعد عن التمكين!
وحين تلاقت الفئتان كانت النتيجة معروفة!
بدأت الدول الصليبية تنهش في جسم الدولة العثمانية، وتبتلع من الأرض الإسلامية قطعة وراء قطعة، والأمة مشغولة "بالذكر" لا على المنهج القرآني الذي يذكّر بمقتضيات لا إله إلا الله، فيدفع إلى القوة والتمكين، ولكن على منهج الصوفية الذي يهرب من المواجهة في عالم الشهادة زاعماً أنه يتوغل في عالم الغيب . . يتوغل حتى يصل إلى " الفناء"!!
وبدأ "الرجل المريض" يترنح من توالي الضربات . .(/4)
هزيمة هنا وفتنة هناك . . وما يكاد يقضي على فتنة في أحد الأرجاء حتى تكون قد برزت فتنة جديدة في مكان جديد . . والصليبية الصهيونية تخطط وتُحْكِمُ الكيد، والأمة مشغولة بأضرحتها وأوليائها ومشايخها تستغيث بهم ليكشفوا عنها الضر، ويصدوا عنها العدو الذي يكتسح في كل يوم جزءاً من الأرض التي رواها الأجداد بالدماء .
المصدر: دروس من محنة البوسنة والهرسك للشيخ محمد قطب ص 39 -41
وقال أيضاً: والعامة بصفة خاصة – حين يفقدون إشباع وجدانهم الديني عند الفقهاء، وعند علماء العقيدة العقلانيين – ما أسهل أن ينزلقوا إلى الصوفية يجدون عندها ما يخيل إليهم أنه مهرب دافئ من برودة الدراسات ذات الصبغة العقلية الجافة، وبرود من يتصدون لتعليم العقيدة من خلال قضايا علم الكلام ومعاظلاته الذهنية . .
وأيا كانت الأسباب التي أدت إلى انتشار الصوفية فهي انحراف من أخطر ما وقع في العالم الإسلامي من انحرافات، سواء من ناحية الأفكار الإلحادية الهندية والفارسية التي تسربت إليها كنظرية الحلول ووحدة الوجود، أو من ناحية سلبيتها وتواكلها وقعودها عن العمل الإيجابي في واقع الحياة.
وحين تراكمت هذه الانحرافات وبلغت مداها خلال أربعة قرون أو خمسة، جاء الصليبيون، ثم جاء التتار !
المصدر: كيف نكتب التاريخ الإسلامي للشيخ محمد قطب صفحة: 150 - 151(/5)
أبو الوفا علي بن محمد بن عقيل العقيلي الحنبلي
كان صوفياً وصاحباً للغزالي ((وقعت له قضايا منها ترداده إلى أبي الوليد وأبي البيان شيخي المعتزلة ، وكان يعظمهم ويترحم على الحلاج ، ثم بعد ذلك أظهر التوبة , وكتب بخطه: إن الحلاج قتل بإجماع آلاف علماء المسلمين ، وأصابوا في ذلك وأخطأ هو ، و إني أستغفر الله تعالى وأتوب إليه من مخالطة المعتزلة والمبتدعة)). (المقصد الأرشد: 2ـ245)
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: ((في يوم الخميس حادي عشر المحرم حضر إلى الديوان أبو الوفا علي بن محمد بن عقيل العقيلي الحنبلي ، وقد كتب على نفسه كتابا ، يتضمن توبته من الاعتزال ، وأنه رجع عن اعتقاد كون الحلاج من أهل الحق والخير ، وأنه قد رجع عن الجزء الذي عمله في ذلك ، وأن الحلاج قد قتل بإجماع علماء أهل عصره على زندقته ، وأنهم كانوا مصيبين في قتله وما رموه به ، وهو مخطئ واشهد عليه جماعة من الكتاب ، ورجع من الديوان إلى دار الشريف أبي جعفر فسلم عليه وصالحه واعتذر إليه فعظمه)). (البداية والنهاية: 12ـ105)
وبعد أن خبر حال الصوفية قال: ((ما على الشريعة أضر من المتكلمين والمتصوفين , فهؤلاء (المتكلمون) يفسدون عقائد الناس بتوهمات شبهات العقول , وهؤلاء ـ المتصوفة ـ يفسدون الأعمال ، ويهدمون قوانين الأديان. فالذي يقول: حدثني قلبي عن ربي فقد استغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقد خبرت طريقة الفريقين فغاية هؤلاء ـ المتكلمين ـ الشك, وغاية هؤلاء ( المتصوفة ) الشطح)).
( تلبيس إبليس لابن الجوزي: 375 )
وقال رحمه الله: ((كفى الله شر هذه الطائفة الجامعة بين دهثمة في اللباس وطيبة في العيش وخداع بألفاظ معسولة ليس تحتها سوى إهمال التكليف وهجران الشرع ، ولذلك خفّوا على القلوب ، ولا دلالة على أنهم أرباب باطل أفضح من محبة طباع الدنيا لهم ؛ كمحبتهم أرباب اللهو والمغنيات)). (تلبيس إبليس لابن الجوزي: 374).(251/1)
ونقل ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس في الباب العاشر قول ابن عقيل واصفاً الصوفية ورقصهم وغنائهم: ((إنما خدعكم الشيطان فصرتم عبيد شهواتكم ولم تقفوا حتى قلتم هذه الحقيقة وأنتم زنادقة في زي عباد شرهين في زي زهاد مشبهة تعتقدون أن الله عز وجل يُعشق ويُهام فيه ويؤلف ويؤنس به وبئس التوهم)).
وقال: ((والمتكلمون عندي خير من الصوفية لأن المتكلمين قد يزيلون الشك ، والصوفية يوهمون التشبيه)) ( المصدر السابق : 375 ) .
وقال: ((إنما هم زنادقة جمعوا بين مدارع العمال ، ومرقعات الصوف ... ولم تتجاسر الزنادقة أن ترفض الشريعة حتى جاءت المتصوفة فجاؤا بوضع أهل الخلاعة)) ( المصدر السابق : 374 )
وقال: ((والناس يقولون: إذا أحب الله خراب بيت تاجر عاشر الصوفية. قال: وأنا أقول: وخراب دينه لأن الصوفية قد أجازوا لبس النساء الخرقة من الرجال الأجانب ، فإذا حضروا السماع والطرب فربما جرى في خلال ذلك مغازلات واستخلاء بعض الأشخاص ببعض))
(المصدر السابق: 376 ).(251/2)
الدكتور أحمد حجازي السقا المصري
يقول الدكتور عن نفسه:
(( كنت ... ضد المذهب السلفي لدرجة أنني سخرت من الشيخ ابن تيمية في كتابي
(الله وصفاته في اليهودية والنصرانية والإسلام) .. وكنت ضد المذهب السلفي لأن جمهور المسلمين ضده ، الشيعة والمعتزلة والخوارج وطائفة من أهل السنة تلقب "بالخلف" تميزاً لها عن "السلف" كل هؤلاء ضد المذهب السلفي.
وذات ليلة كنت جالساً أتأمل في السماء وما فيها من عجائب فأدى ذلك التأمل إلى البحث في ذات الله وصفاته ، وهداني الله -عز وجل- إلى أن المذهب السلفي في ذات الله وصفاته هو الحق المبين ، وسوف إن شاء الله أُفرد بحثاً خاصاً في كتاب)
( الخوارج الحروريون ومقارنة مبادئهم بمبادئ الفرق الإسلامية ص77)
وبعد عودة الدكتور للحق أثبت شهادته الحقيقية لعلماء المملكة العربية السعودية فقال:
(( وأنا أشهد أن علماء الدين في المملكة العربية السعودية على تقوى من الله ورضوان .. أنهم يخشون الله ويعملون على إرضائه دائماً ويراقبونه في السر و العلانية ))
ثم يبكي ويرثي حال العلماء في أقطار العالم فيقول:
(( وليت علماء الدين في العالم كعلماء الدين في السعودية ، إذاً تصلح الحياة الدنيا ))
( الخوارج الحروريون ومقارنة مبادئهم بمبادئ الفرق الإسلامية ص81)(252/1)
الدكتور الشيخ تقي الدين الهلالي
يقول الدكتور الهلالي عن نفسه: (( نشأت في بلاد سجلمانة، وحفظت القرآن وأنا ابن اثنتي عشرة سنة، ورأيت أهل بلادنا مولعين بطرائق المتصوفة لا تكاد تجد واحداً منهم لا عالماً ولا جاهلاً إلا وقد انخرط في سلك إحدى الطرق، وتعلق بشيخها تعلق الهائم الوامق، يستغيث به في الشدائد ويستنجد به في المصائب، ويلهج دائماً بشكره والثناء عليه فإن وجد نعمة شكره عليها، وإن أصابته مصيبة اتهم نفسه بالتقصير في محبة شيخه والتمسك بطريقته، ولا يخطر بباله أن شيخه يعجز عن شيء في السماوات ولا في الأرض فهو على كل شيء قدير، وسمعت الناس يقولون: من لم يكن له شيخ فالشيطان شيخه. وينشدون قول ابن عاشور في أرجوزته التي نظمها في عقيدة الأشعرية، وفي فروع المالكية، وفي مبادئ التصوف:
يصحب شيخاً عارف المسالك يقيه في طريقه المهالك
يذكره الله إذا رآه ويوصل العبد إلى مولاه
ورأيت الطرق المنتشرة في بلادنا قسمين:
1- قسم ينتمي إليه العلماء وعلية القوم.
2- وقسم ينتمي إليه السوقة وعامة الناس.
فمالت نفسي إلى القسم الأول، وسمعت أبي وهو من علماء بلدنا مراراً يقول: لولا أن الطريقة التجانية تمنع صاحبها من زيارة قبور الأولياء والاستمداد منهم وطلب الحاجات إلا قبر النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، وإلا قبر الشيخ التجاني، وقبور من ينتمي إلى طريقته من الأولياء، قال أبي: لولا ذلك لأخذت ورد الطريقة التجانية، لأني لا أستطيع أن أترك زيارة جدنا عبد القادر بن هلال، وجدنا كان مشهوراً بالصلاح وله قبر يزار وهو معدود من جملة الأولياء في ناحية الغرفة من القسم الشرقي الجنوبي في بلاد المغرب.(253/1)
والطريقة التجانية، والدرقاوية، والكتانية، وإن كان أهلها في بلادنا قليلاً، تؤلف القسم الأول، فاشتاقت نفسي إلى أخذ ورد الطريقة التجانية وأنا قد ناهزت البلوغ فذهبت إلى المقدم وقلت له: يا سيدي أريد منك أن تعطيني ورد الطريقة التجانية، ففرح كثيراً، وقال لي: تأخذ الورد على صغر سنك؟ قلت: نعم، فقال: بخ بخ أفلحت ونجحت، فأعطاني الورد وهو:
ذكر لا إله إلا الله ، مائة مرة، والاستغفار مائة مرة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأي صيغة مائة مرة، لكن صيغة الفاتح لما أغلق هي أفضل الصيغ، وسيأتي إن شاء الله ذكر فضلها ( الفضل المزعوم عندهم ) في هذا الكتاب بعون الله وتوفيقه، وأعطاني كذلك الوظيفة وهي ( أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ثلاثين مرة) وصلاة الفاتح لما أغلق خمسين مرة، ولا إله إلا الله مائة مرة، وجوهرة الكمال وهي: اللهم صل وسلم على عين الرحمة الربانية.. الخ، وسيأتي ذكر ألفاظها اثنتي عشر مرة، وهذه الصلاة لا تذكر إلا بطهارة مائية، فمن كان فرضه التيمم فعليه أن يذكر بدلها صلاة الفاتح عشرين مرة، قال: وإنما اشترطت الطهارة المائية على ذاكرها لأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين يحضرون مجلس كل من يذكرها ولا يزالون معه ما دام يذكرها.
ويجب ذكر الورد مرة في الصباح ومرة في المساء بطهارة تامة كما يشترط في الصلاة، ويكون الذاكر جالساً كجلسة التشهد على الأفضل مغمضاً عينيه مستحضراً صورة الشيخ أحمد التجاني وهو رجل أبيض مشرب بحمرة ذو لحية بيضاء، ويتصور في قلبه أن عموداً من النور يخرج من قلب الشيخ ويدخل في قلب المريد.
أما الوظيفة فيجب أن تذكر جماعة بصوت واحد، إن كان للمريد إخوان في بلده، فإن لم يكن له إخوان تجانيون في بلاده جاز له أن يذكرها وحده مرة في كل يوم.(253/2)
وأخبرني المقدم الشيخ عبد الكريم المنصوري ببعض فضائل هذا الورد وسأذكرها فيما بعد إن شاء الله واستمررت على ذكر الورد والوظيفة بإخلاص ملتزماً الشروط مدة تسع سنين، وهناك ذكر آخر يكون يوم الجمعة متصلاً بغروب الشمس وهو: لا إله إلا الله ألف مرة، والأفضل أن يكون معه سماع قبله أو بعده، وهو إنشاد شيء من الشعر بالغناء والترنم جماعة ثم يقولون جميعاً: الله حي، والمنشد ينشدهم وهم قيام حتى يخلص عند تواجدهم إلى لفظ آه، آه، آه، ويسمون هذه الحالة العمارة، وقد تركوها منذ زمان طويل لأن أبناء الشيخ التجاني لا يستعملون هذه العمارة، وهم يأتون من الجزائر إلى المغرب وقد أشاروا على المغاربة أن يتركوا العمارة لأنهم لا يستحسنونها، ولكن في كتب الطريقة أنها فعلت أمام الشيخ أحمد التجاني وبرضاه وإقراره.(253/3)
وكنت كلما أصابتني مصيبة أستغيث بالشيخ فلا يغيثني، فمن ذلك أني كنت في الجزائر مسافراً من ناحية (بركنت) بقرب حدود المغرب إلى (المشرية)، وكان لي رفيق له جمل فعقله وأوصاني بحراسته وتركني في خيمة وكنا فيها من خيام أهل البادية، فانحل عقال الجمل وانطلق في البرية فتبعته فأخذ يستهزئ بي، وذلك أنه يبقى واقفاً إلى أن أكاد أضع يدي على عنقه ثم يجفل مرة واحدة ويجري مسافة طويلة ثم يقف ينتظرني إلى أن أكاد أقبضه ثم يهرب مرة أخرى وذلك في نحر الظهيرة وشدة الحر، فقلت في نفسي: هذا وقت الاستغاثة بالشيخ فتضرعت إليه وبالغت في الاستغاثة أن يمكنني في قبض الجمل و إناخته فلم يستجب، فعدت على نفسي باللوم واتهمتها بعدم الإخلاص والتقصير في خدمة الطريقة ولم أتهم الشيخ البتة بعجز عن قضاء حاجتي، ومع أن شيوخ الطريقة يوصون المريد أن لا يطالع شيئاً من كتب التصوف إلا كتب الطريقة التجانية وقع في يدي مجلد من كتاب (الإحياء) للغزالي فطالعته فأثر في نفسي واجتهدت في العبادة والتزمت قيام الليل في شدة البرد، فبينما أنا ذات ليلة أصلي قيام الليل أمام خيمتي الصغيرة التي كنت جالساً فيها يكاد رأسي يمس سقفها إذ رأيت غماماً أبيض سد الأفق كالجبل المرتفع من الأرض إلى السماء وأخذ ذلك الغمام يدنو مني آتياً من جهة الشرق -وهي قبلة المصلي في المغرب والجزائر- حتى وقف بعيداً مني وخرج منه شخص وتقدم حتى قرب مني ثم شرع يصلي بصلاتي مؤتماً بي، وثيابه تشبه ثياب جارية بنت خمس عشرة سنة، ولم أستطع أن أميز وجهه بسبب الظلام.(253/4)
ولما شرع يصلي معي كنت أقرأ في سورة ألم السجدة ففزعت وخفت خوفاً شديداً، فخرجت منها إلى سورة أخرى أظنها سورة سبأ، ولم أستطع قراءة القرآن مع شدة حفظي له بسبب الرعب الذي أصابني، فتركت السور الطوال وأخذت أقرأ بالسور القصار التي لا تحتاج قراءاتها إلى رباطة جأش واستحضار فكر. فصلى معي ست ركعات، ولم أرد أن أكلمه، لأن كتب الطريقة توصي المريد أن لا يشتغل بشيء مما يعرض له في سلوكه حتى يصل إلى الله، وتنكشف له الحجب فيشاهد العرش والفرش، ولا يبقى شيء من المغيبات خافياً عليه، ولما طال علي زمان الاضطراب دعوت الله في سجود الركعة السادسة فقلت: يا رب إن كان في كلام هذا الشخص خير فاجعله هو يكلمني، وإن لم يكن في كلامه خير فاصرفه عني، فلما سلمت من التشهد بعد الركعة السادسة سلم هو أيضاً، ولم أسمع له صوتاً ولكني رأيته التفت عند السلام إلى جهة اليمين كما يفعل المصلي المنفرد على مذهب المالكية، فإنه يسلم مرة واحدة عن يمينه، السلام عليكم دون أن يضيف إليها رحمة الله وبركاته، وإن كان مؤتماً بإمام يسلم ثلاث تسليمات إن كان بيساره مصل تسليمة عن يمينه وهي تسليمة التحليل وتسليمة أمامه للإمام، وتسليمة ثالثة عن شماله للمصلي الذي يجلس عن شماله وقد ثبت في الحديث الذي رواه أبو داود وصححه الحافظ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وهذا هو الذي ينبغي لكل مصل أن يعتمد عليه سواء أكان إماماً أو مأموماً أو منفرداً.(253/5)
وبعد السلام انصرف ومشى على مهل حتى دخل في الغمام الأبيض الذي كان قائماً في مكانه الذي كان ينتظره، وبعد دخوله في الغمام فوراً أخذ الغمام يتقهقر إلى جهة الشرق حتى اختفى عن بصري وكان في قبيلة (حميان) شيخ شنقيطي صالح ما رأيت مثله في الزهد والورع ومكارم الأخلاق وسأذكره فيما بعد، فسافرت إليه وحكيت له تلك الحادثة فقال لي: يمكن أن يكون ذلك شيطاناً لو كان ملكاً ما أصابك فزع ولا رعب، فظهر لي أن رأيه صواب.
وبعد ذلك بزمن طويل أخذت أدرس علم الحديث، فرأيت كتاب (صحيح البخاري) ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه جبريل وهو في غار حراء، فظهر لي أن رأي ذلك الشيخ رحمه الله غير صحيح وبقيت المشكلة بلا حل إلى الآن وكنت حينئذ مشركاً أستغيث بغير الله وأخاف غير الله. ومن هذا تعلم أن ظهور الخوارق وما في عالم الغيب ليس دليلاً على صلاح من ظهرت له تلك الخوارق ولا على ولايته لله ألبتة فإن كل مرتاض رياضة روحية تظهر له الخوارق على أي دين كان وقد سمعنا وقرأنا أن العباد الوثنيين من أهل الهند تقع لهم خوارق عظام.(253/6)
وبعد ذلك بأيام رأيت في المنام رجلاً نبهني وأشار إلى الأفق فقال لي: انظر فرأيت ثلاثة رجال فقال لي إن الأوسط منهم هو النبي صلى الله عليه وسلم فذهبت إليه فلما وصلت إليه انصرف الرجلان اللذان كانا معه فأخذت يده وقلت يا رسول الله خذ بيدي إلى الله فقال لي اقرأ العلم ففكرت وعلمت أني في بلاد الجزائر وكان الفرنسيون مسؤولين عليها وكان فقهاء بلدنا يكفرون كل من سافر إلى الجزائر وإذا رجع من سفره يأمرونه بالاغتسال والدخول في الإسلام من جديد ويعقدون له عقداً جديداً على زوجته فقلت في نفسي هذا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني بطلب العلم، وأنا في بلاد يحكمها النصارى، فإما أن أكون عاصياً أو كافراً فكيف يجوز لي أن أطلب فيها العلم. هذا كله وقع في لحظة وأنا لا أزال واقفاً أمام النبي صلى الله عليه وسلم فقلت في بلاد المسلمين أم في بلاد النصارى، فقال لي البلاد كلها لله، فقلت يا رسول الله ادع الله أن يختم لي بالإيمان فرفع إصبعه السبابة إلى السماء وقال لي عند الله.(253/7)
وبعدما خرجت من الطريقة التجانية على أثر المناظرة التي سأذكرها فيما بعد إن شاء الله بزمان رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى في المنام على صورة تخالف الصورة التي رأيته عليها في المرة المذكورة، ففي الأولى كان طويلاً أبيض نحيفاً مشرباً بحمرة، لحيته بيضاء، أما في هذه المرة فكان ربعة من الرجال إلى الطول أقرب ولم يكن نحيفاً، ولحيته سوداء، وبياض وجهه وحمرته أقرب إلى ألوان العرب من المرة الأولى، وكانت رؤيتي له في فلاة من الأرض وكنت بعدما خرجت من الطريقة التجانية توسوس نفسي أحياناً بما في كتاب جواهر المعاني مما ينسب إلى الشيخ التجاني أنه قال: (من ترك ورده وأخذ وردنا وتمسك بطريقتنا هذه الأحمدية المحمدية الإبراهيمية الحنفية التجانية فلا خوف عليه من الله ولا من رسوله ولا من شيخه أياً كان من الأحياء أو من الأموات أما من أخذ وردنا وتركه فإنه يحل به البلاء وأخرى ولا يموت إلا كافراً قطعاً وبذلك أخبرني سيد الوجود صلى الله عليه وسلم يقظة ومناماً) وقال لي سيد الوجود صلى الله عليه وسلم : فقراؤك فقرائي وتلاميذك تلاميذي وأنا مربيهم. وسيأتي من هذه الأخبار وأمثالها إن شاء الله كثير في ذكر فضائل الأوراد والأصحاب فكنت أدفع هذا الوسواس بأدلة الكتاب والسنة، وأرجم شيطانه بأحجارها فيخنس ثم يخسأ ويدبر فأراً منهزماً فلما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المرة خطر ببالي ذلك فعزمت على أن أبدأ الكلام مع النبي صلى الله عليه وسلم بأن أسأله أن يدعو الله لي أن يختم لي بالإيمان، وأظن القارئ لم ينس أني سألته في المرة الأولى فلم يدع لي ولكنه رفع إصبعه السبابة إلى السماء وقال عند الله، فقلت يا رسول الله، ادع الله أن يختم لي بالإيمان، فقال لي ادع أنت وأنا أؤمن على دعائك، فرفعت يدي وقلت اللهم اختم لي بالإيمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم آمين وكان رافعاً يديه فزال عني ذلك الوسواس ولكني لم آمن مكر الله تعالى(253/8)
فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، والرؤيا تبشر ولا تغر، وبين هذه الرؤيا التي دعا لي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يختم الله لي بالإيمان بتأمينه على دعائي والرؤيا التي قدمت ذكرها ولم يدع لي فيها، عشرون سنة، وتأولت اختلاف الصورة وعدم الدعاء في الرؤيا الأولى والدعاء في الرؤيا الثانية بما كنت عليه من الشرك في العبادة وبما صرت إليه من توحيد الله تعالى و اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم.
سبب خروجي من الطريقة التجانية:(253/9)
لقد كنت في غمرة عظيمة، وضلال مبين، وكنت أرى خروجي من الطريقة التجانية كالخروج من الإسلام. ولم يكن يخطر لي ببال أن أتزحزح عنها قيد شعرة، وكان الشيخ عبد الحي الكتاني عدواً للطريقة التجانية لأنه كان شيخاً رسمياً للطريقة الكتانية، وإنما قلت رسمياً لأن أهل (سلا) أعني الكتانيين أنصار الشيخ محمد بن عبدالكبير الكتاني، مؤسس الطريقة الكتانية، لا يعترفون به أي بالشيخ عبد الحي ويقولون إن الاستعمار الفرنسي هو الذي فرضه على الكتانيين فرضاً، والذي حدثني بذلك هو العالم الأديب النبيل الشيخ عبد الله بن سعيد السلوي فإنه كان حامل لواء نصرة الشيخ محمد بن عبد الكبير الكتاني، وكان يعادي أخاه عبد الحي عداوة شديدة ويرميه بالعظائم والكبائر التي لا يسوغ ذكرها هنا والاستطراد بذكر أسباب العداوة بين الشيخين الكتانيين الأخوين يخرج بنا عن الموضوع، أقول مر بنا الشيخ عبد الحي في (وجدة) وأنا عند العالم الأديب الشاعر المتفنن في علوم كثيرة الشيخ أحمد سكيرج، قاضي القضاة بناحية (وجدة)، معلماً لولده الأديب السيد عبدالكريم وابن أخيه السيد عبدالسلام، كنت أعلمهما الأدب العربي بدعوة من الشيخ أحمد سكيرج، فمدحت عبدالحي بقصيدة ضاعت مني ولا أذكر شيئاً منها، ولكنه أعجب بها أيما إعجاب، حتى قال لي عاهدني أنك إذا قدمت (فاساً) تنزل عندي ضيفاً فعاهدته على ذلك. ففي ربيع الأول من سنة أربعين من هذا القرن الهجري سافرت إلى فاس ونزلت عنده. وولد له في تلك الأيام سماه عبد الأحد فالتمس مني نظم أبيات في التهنئة وتاريخ مولده فنظمتها ولا أذكر منها شيئاً، وفي اليوم السابع من مولده عمل مأدبة عظيمة دعا لها خلقاً كثيراً وبعد ما أكلوا وشربوا قاموا (للعمارة) (ذكر بالرقص والتمايل) التي تقدم ذكرها ودعوني أشاركهم في باطلهم فامتنعت لأن من شروط التجاني المخلص أن لا يذكر مع طريقة أخرى ذكرهم وأن لا يرقص معهم. وفي كتاب البغية للشيخ العربي ابن السايح(253/10)
وهو شرح المنية للتجاني ابن بابا الشنقيطي حكاية في وعيد شديد لمن يشارك أصحاب الطرائق الأخرى في أورادهم وأذكارهم وحاصلها أن شخصاً تجانياً ذهب إلى زاوية طريقة أخرى لغرض دنيوي فاستحى أن يبقى منفرداً عنه وهم يذكرون وظيفتهم فشاركهم في الذكر فلما فتح فاه ليذكر معهم أصابه الشلل في فكيه فبقي فاه مفغوراً ولم يستطع سده حتى مات. ولكن الجماعة ألحوا علي وجروني جراً حتى أوقفوني في حلقتهم فرأيت أفواهاً مفغورة من وجوه بعضها فيه لحية سوداء، وبعضها فيه لحية خطها الشيب، وبعضها أمرد ليس له لحية من الغلمان الذين لم يلتحوا بعد، أما حلق اللحى فلم يكن موجوداً في ذلك الزمن إلا عند الفرنسيين المستعمرين وقليل جداً من حواشيهم وسمعت أصواتاً تنبعث من تلك الأفواه ليس لها معنى في أي لغة بعضها ( آآآ ) وبعضها ( آه آه آه ) وبعضها ( أحن أح أح ) فاستنكرت تلك الهيئة وقلت في نفسي إن الله لا يرضى بهذه الحالة أن تكون عبادة له لبشاعتها ثم ندمت على ذلك ندامة الكسعي أو الفرزدق حين طلق نوار فقال:
ندمت ندامة الكسعي لما غدت مني مطلقة نوار
وكانت جنتي فخرجت منها كآدم حين أخرجه الضرار(253/11)
وقلت في نفسي كيف يسوغ لي أن أنكر شيئاً حضر مثله خاتم الأولياء القطب سيدي أحمد التجاني فتبت من ذلك الخاطر ولكن جاءني امتحان آخر وذلك أن الشيخ عبد الحي الكتاني قال لي منتقداً: إن الطريقة التجانية مبنية على شفا جرف، وأنه لا ينبغي لعاقل أن يتمسك بها فقلت له: (والطريقة الكتانية التي أنت شيخها)؟ فقال لي كل الطرائق باطلة، وإنما هي صناعة للاحتيال على أكل أموال الناس بالباطل وتسخيرهم واستعبادهم، فقلت إذن أنت تستحل أموال الناس بالباطل وتسخرهم وتستعبدهم، قال: أنا لم أؤسس الطريقة وإنما أسسها غيري، وهذه الأموال التي آخذها منهم أنفقتها في مصالح لا ينفقونها هم فيها. ثم قلت له: ومن الذي حملك على الطعن في الطرائق وما دليلك على بطلانها؟ قال لي: ادعاء كل من الشيخين أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر بذاته وظيفة أصحابه حين يذكرونها وهذه قلة حياء منهما، وعدم تعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم كيف تكلفونه أن يخرج من قبره ويقطع هذه المسافات من البر والبحر ليجلس أمامكم فأنتم تبسطون له ثوباً أبيض ليجلس عليه وأصحابنا يقومون ويذهبون إلى الباب ليتلقوه، فقلت: إذاً أنت لا تعتقد صحة طريقك؟ فقال: لا أعتقدها أبداً وقد أخبرتك أنها صناعة لأكل أموال الناس بالباطل. و أزيدك على ذلك اعتماد طريقتكم على كتاب (جواهر المعاني) الذي تزعمون أن شيخكم أحمد التجاني أملاه على علي حرازم نصفه مسروق، فأحد المجلدين وهو الأول مسروق بالحرف وهو تأليف لمحمد عبد الله المدفون بكذا وكذا بفاس، و سمى ناحية نسيتها الآن، قال وأنا قابلت الكتابين من أولهما إلى آخرهما فوجدت المجلد الأول من (جواهر المعاني) مسروقاً كله من كلام الشيخ المذكور ففارقته. وبعد أيام كنت جالساً عند الشيخ عمر بن الخياط بائع الكتب بقرب القرويين فقال لي: هل اجتمعت بالأستاذ الشيخ محمد بن العربي العلوي، فقلت :لا، فقال لي: هذا الرجل من أفضل علماء فاس وعنده خزانة كتب لا يوجد(253/12)
مثلها في فاس وأثنى عليه بالعلم والأدب فقلت له أنا لا أجالس هذا الرجل ولا أجتمع به لأنه يبغض الشيخ أحمد التجاني ويطعن في طريقته فقال لي: إن طالب العلم يجب أن يتسع فكره وخلقه لمجالسة جميع الناس وبذلك يتسع علمه وأدبه ولا يجب عليه أن يقلدهم في كل ما يدعون، يأخذ ما صفا ويدع ما كدر، وإن لم تجتمع بهذا الرجل يفوتك علم وأدب كثير فذهبت إليه لأجتمع به، وكان قاضياً في محكمة فاس الجديدة فنظمت أربعة أبيات لا أحفظ منها إلا شطر البيت الرابع وهو (وهذا مدى قصدي وما أنا مستجد).. أعني أن غرضي بالاجتماع بك المذاكرة العلمية فهي غاية قصدي وإن اعتبرنا ما موصولة يكون المعنى والذي أستجديه أي أطلبه وإن اعتبرناها نافية تميمية يكون المعنى ولست مستجدياً أي طالباً مالاً، فلما خرج من المحكمة وأراد أن يركب بغلته التي كانت على باب المحكمة ولجامها بيد خادمه تقدمت إليه وأعطيته الصحيفة التي فيها الأبيات فلما قرأها رحب بي، وقال لطالب كان يرافقني وهو الحاج محمد بن الشيخ الأراري: أنت تعرف بيتنا، فقال: نعم، قال: فأتى به على الساعة التاسعة صباحاً، فخرجت مع الرفيق المذكور من مدرسة الشراطين، وكان يسكن فيها على الساعة الثامنة والنصف، لنصل إلى الشيخ على الساعة التاسعة، وكان ذلك اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، وهو عيد عند المغاربة وكثير من البلدان الإسلامية وفي المغرب طائفة يسمون (العيساويين) أتباع الشيخ بن عيسى المكناسي، وهؤلاء لهم موسم في كل سنة يجتمعون فيه في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول ويأتون من جميع أنحاء المغرب، فيضربون طبولهم ومزاميرهم، ويترنمون بأناشيدهم إلى أن يظهر للناس أنهم أصيبوا بالجنون وحينئذ يفترسون الغنم والدجاج بدون زكاة بل يقطعونه بأظافرهم ويأكلون لحمه نيئاً والدم يسيل منه وقد ملأوا أزقة فاس وهي ضيقة في ذلك الزمن، وحتى في هذا الزمن، فلم نستطع أن نصل إلى بيت الشيخ إلا بعد مضي ساعتين ونصف من شدة(253/13)
الزحام فلما وصلنا وأخبرنا بوابه ذهب ثم رجع إلينا وقال: إنكما لم تجيئا في الموعد المضروب والشيخ مشغول عنده حكام فرنسيون فارجعا إليه بعد صلاة العصر فرجعنا وقلت لصاحبي: لا نرجع إليه فقد كفانا الله شر لقائه لأنه مبغض لشيخنا وطريقته فالخير في ما اختاره الله تعالى. فقال لي ليس الشيخ بملوم وقد اعتذر بعذر قائم والصواب أن نرجع إليه، فرجعنا إليه بعد العصر، ووجدت عنده من الترحيب والبشاشة والإكرام والتواضع ما لم أجده عند الشيخ الكتاني ولا عند أحد من علماء فاس.(253/14)
وأخذنا في أحاديث أدبية وكان يقوم ويأتي بالكتب ويضعها أمامي. ووجدته كما قال السيد عمر بن الخياط. ولما كادت الشمس تغرب استأذنته في الانصراف فقال لي: أين تذهب، أنت غريب في هذا البلد وهذا المكان معد للضيوف لا نحتاج إليه فامكث، وبت هنا؛ وقبلت دعوته، وبعد أن صلينا المغرب جاء أصحابه، أذكر منهم الشيخ عبدالسلام الصرغيني، والشيخ المهدي العلوي، وهو لا يزال في قيد الحياة؛ أما الأول فقد مات فأخذ بعضهم يلعب الشطرنج وهو يراهم ولا ينكر عليهم فقلت في نفسي هذا دليل على أنه من العلماء الذين لا يعملون بعلمهم فهو جدير أن ينكر على أولياء الله ما خصهم الله به من كرامة. ثم تركوا الشطرنج وأخذوا ينتقدون الطريق الكتانية ويستهزئون بها ويسخرون من أهلها وكل منهم يحكي حكاية. فقال الشيخ عندي حكاية هي أعجب وأغرب مما عندكم؛ جاءني شاب كان متمسكاً بالطريقة الكتانية تمسكاً عظيماً فقال لي: أريد أن أتوب على يدك من الطرائق كلها وتعلمني التمسك بالكتاب والسنة، فقلت له: وما الذي دعاك إلى الخروج من طريقتك التي كنت مغتبطاً بها. فقال لي: إنه أمس شرب الخمر وزنا وترك صلاة العصر والمغرب والعشاء فمر بالزاوية الكتانية وسمع المريدين يرقصون ويصيحون بأصوات عالية والمنشد ينشدهم، وكانت بقية سكر لا تزال مسيطرة عليه، فهم أن يدخل الزاوية، ويرقص معهم، ولكنه أحجم عن ذلك لأنه جنب ولم يصل شيئاً من الصلوات في ذلك النهار، إلا أن سكره غلب على عقله فدخل الزاوية ووجد الشيخ محمد بن عبد الكبير في صدر الحلقة، والمريدون يرقصون فاشتغل معهم في الرقص، وكان أنشطهم فلما فرغوا من رقصهم دعاه الشيخ وقبله في فمه وقال (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قبلك فاقتديت به)! قال ولما دعاني خفت خوفاً شديداً وظننت أنه انكشف له حالي وهو يريد أن يوبخني على ذنوبي فلما قال لي أيقنت أنه كاذب في كل ما يدعيه ويدعو إليه و إلا كيف يرضى عني النبي صلى الله عليه وسلم ويقبلني(253/15)
في فمي مع تلك الكبائر التي ارتكبتها في ذلك اليوم. قال: فهذا سبب مجيئي إليك لأتوب إلى الله من الطرائق كلها وأتبع طريقة الكتاب والسنة.
ولما رأيتهم أنا يعيبون الطريقة الكتانية ويستهزئون بها أصابني خوف شديد وندمت على زيارتي للشيخ فقلت لنفسي هذا الذي كنت أخافه وقد وقعت فيه فكيف الخلاص؟
وذكرت قول التجاني ابن بابا في منيته:
ومن يجالس مبغض الشيخ هلك وضل في مهامة وفي حلك
وشدد النهى لنا الرسول في ذاك فلتعمل بما أقول
والشيخ قال هو سم يسري يحل من فعله في خسر(253/16)
ومعنى ذلك أن الشيخ أحمد التجاني قال: قال لي سيد الوجود صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً قل لأصحابك لا يجالسوا المبغضين لك فإن ذلك يؤذيني فصممت على أن أخرج من ذلك المجلس. فقمت فقال لي الشيخ إلى أين؟ فقلت: إلى بيت الخلاء، كذبت عليه، فلما وصلت إلى الباب منعني البواب من الخروج، وقال لي: وهل أذن لك الشيخ في الخروج، فقلت: نعم، فقال لي: هذا محال لأنك غريب والقانون الفرنسي يقضي بأن التجول بعد الساعة العاشرة ليلاً فيه خطر، فإنك لا تمشي خطوات حتى يقبضوا عليك وتؤخذ إلى السجن، وتبقى فيه إلى ضحى الغد وحينئذ ينظر في إطلاق سراحك. وقال لي: أنا لا أفتح لك الباب إلا إذا سمعت الإذن من الشيخ، فقلت له: إذا أرجع. ورجعت وجلست في مكاني، ولم تخفى حالي عن الشيخ فقال لي أراك منقبضاً؛ فما سبب انقباضك؟ فقلت سببه أنكم انتقلت من الطعن في الطريقة الكتانية إلى الطريقة التجانية، وأنا تجاني لا يجوز لي أن أجلس في مجلس أسمع فيه طعن في شيخي وطريقته. فقال لي: لا بأس عليك، أنا أيضاً كنت تجانياً وخرجت من الطريقة التجانية لما ظهر لي بطلانها، فإن كنت تريد أن تتمسك بهذه الطريقة على جهل وتقليد فلك علي ألا تسمع بعد الآن في مجلس انتقاداً لها أو طعناً فيها. وإن كنت تريد أن تسلك مسلك أهل العلم فهلم إلى المناظرة، فإن ظهرت علي رجعت إلى الطريقة، وإن ظهرت عليك خرجت منها كما فعلت أنا. فأخذتني النخوة ولم أرض أن أعترف أني أتمسك بها على جهل فقلت قبلت المناظرة.
مناظرة حول ادعاء الشيخ التجاني في أنه رأى النبي في اليقظة:(253/17)
قال الشيخ أريد أن أناظرك في مسألة واحدة إن ثبتت ثبتت الطريقة كلها، وإن بطلت بطلت الطريقة كلها، قلت ما هي؟ قال: ادعاء التجاني أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً، وأعطاه هذه الطريقة بما فيها من الفضائل فإن ثبتت رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة وأخذه منه الطريقة فأنت على حق وأنا على باطل والرجوع إلى الحق، وإن بطل ادعاؤه فأنا على حق وأنت على باطل فيجب عليك أن تترك وتتمسك بالحق. ثم قال: تبدأ أنت أو أبدأ أنا؟ فقلت: ابدأ أنت، فقال: عندي أدلة كل واحد منها كاف في إبطال دعوى التجاني. قلت: هات ما عندك وعلي الجواب، فقال:
الأول: إن أول خلاف وقع بين الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كان بسبب الخلافة؛ قالت الأنصار للمهاجرين منا أمير ومنكم أمير، وقال المهاجرون: إن العرب لا تذعن إلا لهذا الحي من قريش. ووقع نزاع شديد بين الفريقين حتى شغلهم عن دفن النبي صلى الله عليه وسلم فبقي ثلاثة أيام بلا دفن صلاة الله وسلامه عليه فكيف لم يظهر لأصحابه ويفصل النزاع بينهم ويقول الخليفة فلان فينهي النزاع؟ كيف يترك هذا الأمر العظيم لو كان يكلم أحداً يقظة بعد موته لكلم أصحابه وأصبح بينهم، وذلك أهم من ظهوره للشيخ التجاني بعد ألف ومائتي سنة، ولماذا ظهر؟ ليقول له أنت من الآمنين، ومن أحبك من الآمنين، ومن أخذ وردك يدخل الجنة بلا حساب ولا عقاب هو ووالده وأزواجه لا الحفدة، فكيف يترك النبي صلى الله عليه وسلم الظهور يقظة والكلام لأفضل الناس بعده في أهم الأمور ويظهر لرجل لا يساويهم في الفضل ولا يقاربهم لأمر غير مهم فقلت له:(253/18)
إن الشيخ رضي الله عنه قد أجاب عن هذا الاعتراض في حياته فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلقى الخاص للخاص والعام للعام في حياته، أما بعد وفاته فقد انقطع إلقاء العام للعام وبقي إلقاء الخاص للخاص لم ينقطع بوفاته وهذا الذي ألقاه إلى شيخنا من إعطاء الورد والفضائل هو من الخاص للخاص. فقال: أنا لا أسلم في أن الشريعة خاصاً وعاماً لأن أحكام الشرع خمسة وهذا الورد وفضائله إن كان من الدين فلا بد أن يدخل في الأحكام الخمسة لأنه عمل أعد الله لعامله ثواباً؛ فهو إما واجب أو مستحب ولم ينتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى حتى بين لأمته جميع الواجبات والمستحبات. وفي صحيح البخاري عن علي بن أبي طالب أنه قيل له هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم معشر أهل البيت بشيء فقال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما خصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء إلا فهماً يعطاه الرجل في كتاب الله، و إلا ما في هذه الصحيفة ففتحوها فإذا فيها العقل وفكاك الأسير وألا يقتل مسلم بكافر فكيف لا يخص النبي صلى الله عليه وسلم أهل بيته وخلفاءه بشيء ثم يخص رجلاً في آخر الزمان بما يتنافى مع أحكام الكتاب والسنة. فقلت: إن الشيخ عالم بالكتاب والسنة وفي جوابه مقنع لمن أراد أن يقنع. قال احفظ هذا.(253/19)
الثاني: اختلاف أبي بكر مع فاطمة الزهراء رضي الله عنهما على الميراث فلا يخفى أن فاطمة طلبت من أبي بكر الصديق رضي الله عنه حقها من ميراث أبيها واحتجت عليه بأن إذا مات هو يرثه أبناؤه، فلماذا يمنعها من ميراث أبيها، فأجابها أبو بكر الصديق بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة. وقد حضر ذلك جماعة من الصحابة فبقيت فاطمة الزهراء مغاضبة لأبي بكر حتى ماتت بعد ستة أشهر بعد وفاة أبيها صلى الله عليه وسلم. فهذا حبيبان لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه قال: فاطمة بضعة مني يسؤني ما ساءها، أو كما قال عليه الصلاة والسلام وصرح بأن أبا بكر الصديق أحب الناس إليه، وقال ما أحد أمنّ علي في نفس ولا مال من أبي بكر الصديق /رواه البخاري/. وهذه المغاضبة التي وقعت بين أبي بكر وفاطمة، تسوء النبي صلى الله عليه وسلم، فلو كان يظهر لأحد بعد وفاته لغرض من الأغراض لظهر لأبي بكر الصديق وقال له: إني رجعت عما قلته في حياتي فأعطها حقها من الميراث، أو لظهر لفاطمة وقال لها يا ابنتي لا تغضبي على أبي بكر فإنه لم يفعل إلا ما أمرته به فقلت له: ليس عندي من الجواب إلا ما سمعت قال احفظ هذا.(253/20)
الثالث: الذي وقع بين طلحة والزبير وعائشة من جهة، وعلي بين أبي طالب من جهة أخرى واشتد النزاع بينهما حتى وقعت حرب الجمل، في البصرة فقتل فيها خلق كثير من الصحابة والتابعين وعقر جمل عائشة فكيف يهون على النبي صلى الله عليه وسلم سفك هذه الدماء ووقوع هذا الشر بين المسلمين بل بين أخص الناس به، وهو يستطيع أن يحقن هذه الدماء بكلمة واحدة، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى في آخر سورة التوبة برأفته ورحمته بالمؤمنين وأنه يشق عليه كل ما يصيبهم من العنت، وذلك في قوله تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} فقلت له ليس عندي من الجواب إلا ما سمعت وظهوره وكلامه للشيخ التجاني فضل من الله، والله يؤتي فضله من يشاء. قال احفظ هذا وفكر فيه.
الرابع: خلاف علي مع الخوارج وقد سفكت فيه دماء كثيرة، ولو ظهر النبي صلى الله عليه وسلم لرئيس الخوارج وأمره بطاعة إمامه لحقنت تلك الدماء، فقلت الجواب هو ما سمعت، فقال لي: احفظ هذا وفكر فيه، فإني أرجو أنك بعد التفكير ترجع إلى الحق.
الخامس: النزاع الذي وقع بين معاوية وعلي، وقد قتل في الحرب التي وقعت بينهما خلق كثير، منهم عمار بن ياسر، فكيف يترك النبي صلى الله عليه وسلم الظهور لأفضل الناس بعده وفي ظهوره هذه المصالح المهمة من جمع كلمة المسلمين وإصلاح ذات بينهم وحقن دمائهم، وهو خير المصلحين بقوله تعالى: {وأصلحوا ذات بينكم} وقوله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} ثم يظهر للشيخ التجاني في آخر الزمان لغرض غير مهم وهو في نفسه غير معقول لأنه مضاد لنصوص الكتاب والسنة.(253/21)
فلم يجد عندي جواباً غير ما تقدم ولكني لم أسلم له فقال فكر في هذه الأدلة وسنتباحث في المجلس الآخر، فعقدنا بعد هذا المجلس سبعة مجالس كل منها كان يستمر من بعد صلاة المغرب إلى ما بعد العشاء بكثير. وحينئذ أيقنت أنني كنت ضلال، ولكن أردت أن أزداد يقيناً فقلت له: من معك من العلماء هنا في المغرب على هذه العقيدة وهي أن مسألة في العقائد أو في الفروع يجب أن نعرضها مع قصر باعنا وقلة اطلاعنا على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ظهر لنا أنه موافق لهما قبلناه وما ظهر لنا أنه مخالف رددناه) فقال لي يوافقني على هذا أكبر مقدم للطريقة التجانية في المغرب كله وهو الشيخ الفاطمي الشرادي، فكدت أكذبه لأن المشهور في جميع أنحاء المغرب أن هذا الرجل من كبار العلماء، وهو أكبر مقدم للطريقة التجانية، ولم أقل أكبر شيخ لأن الشيخ التجاني لا يبيح أن يكون شيخاً للطريقة سواه، لأن تلقيبه بالشيخ قد يفهم منه أنه يجوز لغيره أن يتصرف في أوراد الطريقة وفضائلها وعقائدها وذلك ممنوع لأن الذي أعطى هذه الطريقة هو النبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً كما تقدم والمتلقي الأول لها هو الشيخ أحمد التجاني والنبي صلى الله عليه وسلم سماه شيخاً لهذه الطريقة، وكل ناشر للطريقة وملقن لأورادها يسمى مقدماً فقط فالطريقة لها مصدر واحد وشيخ واحد ولا يجوز تعدد المصدر ولا تعدد الشيخ حسبما في كتب الطريقة.
مع الشيخ الفاطمي الشرادي:(253/22)
فتوجهت إلى الشيخ الفاطمي رحمه الله وكان الوقت ضحى وقد أوصاني شيخنا محمد بن العربي ألا أسأله إلا في خلوة فوجدت عنده جماعة فانصرف بعضهم وجاء آخرون وبقيت عنده أنتظر أن أخلو به حتى صلينا الظهر وجاء الغداء فلم أستطع أن أخلو به وكان ثلاثة ممن كانوا في مجلسه حاضرين فقلت له إن الشيخ محمد بن العربي العلوي يقول يجب علينا أن نعرض جميع المسائل أصولاً وفروعاً على كتاب الله وسنة رسوله فما وافق في نظرنا القاصر قبلناه وما خالف رددنا ولو قال به الإمام مالك أو الشيخ أحمد التجاني، فأشار إلي بيده يستمهلني، وكان جلوسي عنده قد طال فانصرفت إلى مدرسة الشراطين حيث كنت نازلاً قبل لقائي بالشيخ العلوي، وفي ذلك اليوم بعد صلاة العشاء جاءني بواب المدرسة وقال لي إن الشيخ الفاطمي الشرادي أرسل إليك عبده وبغلته يطلب أن تزوره فتعجبت كثيراً لأمرين، أحدهما أن الوقت ليس وقت زيارة، وثانيهما أنه لم تجر العادة أن كبار العلماء الطاعنين في السن، يبعثون الدابة للركوب إلا لمن هو مثلهم في السن والعلم وأنا شاب فركبت البغلة وسار العبد أمامي حتى وصلت إليه وسلمت عليه فرد أحسن رد ورحب بي وقال لي يا ولدي أنا رجل كبير طاعن في السن ليس لي قدرة على القتال، أما سيدي محمد بن العربي العلوي فهو شاب مستعد للقتال وأنت سألتني أمام الناس عن مسألة مهمة لا يسعني أن أكتم جوابها، ولا أستطيع أن أصرح به أمام الناس، فأعلم أن ما قال لك سيدي محمد بن العربي العلوي هو الحق الذي لا شك فيه، وقد أخذت الطريقة القادرية وبقيت فيها زماناً، ثم أخذت الطريقة الوزانية وبقيت فيها زماناً، ثم أخذت الطريقة التجانية والتزمتها حتى صرت مقدماً فيها فلم أجد في هذه الطرائق فائدة، وتركتها كلها ولم يبق عندي من التصوف إلا طلب الشيخ المربي على الكتاب والسنة علماً وعملاً، ولو وجدته لصاحبته وصرت تلميذاً له، وأنت تريد أن تسافر إلى الشرق فإن ظفرت بشيخ مرب متخلق بأخلاق الكتاب(253/23)
والسنة علماً وعملاً فاكتب إلي وأخبرني به حتى أشد الرحال إليه فازددت يقيناً بالنتيجة التي وصلت إليها في مناظرتي مع الشيخ العلوي. ولو كان عندي من العلم مثل ما عندي الآن لقلت له إن ضالتك المنشودة هي أقرب إليك من كل قريب فإن هذا الشيخ الذي تطلبه وتريد أن تشد الرحال إليه ولو بعدت الدار وشط المزار هو أنت نفسك. بشرط أن يكون عندك العزم التام على العمل بالكتاب والسنة وطرح التقليد جانباً كيفما كان الأمر فجزاهم الله خيراً وتغمدهما برحمته.
مع الشيخ عبد العزيز بن إدريس:
وبعد ذلك بعشرين سنة اجتمعت مع الشيخ عبد العزيز بن إدريس من علماء تطوان وهو أحد تلامذة الشيخ الفاطمي فذكرت له الحكاية السالفة فقال لي وأنا أيضاً وقع لي ما يشبه هذا فإني بعد إتمام دراستي في جامع القرويين ذهبت إليه وهو أفضل شيوخي فقلت له أيها الشيخ أريد أن أرجع إلى وطني تطوان فأريد أن تزودني بدعائك الصالح وأن تلقنني ورد الطريقة التجانية، فقال لي يا أسفي عليك، أنت تحفظ كتاب الله وقد درست العلوم الإلهية التي تمكنك من فهم كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يكفك ذلك كله حتى تطلب الهدى في غيره، والطريقة لا شيء فعليك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فكشف الله عني بفضله ظلام الشرك والبدعة، وفتح لي باب التوحيد والاتباع فله الحمد والمنة نسأله أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة إنه الهادي إلى الصراط المستقيم. (الهدية الهادية من ص7-21)(253/24)
الدكتور عبد الله الشارف
هذه قصة حقيقية حدثت لأستاذي الذي درسني مادة الفلسفة في مرحلة الماجستير وهو الدكتور عبد الله الشارف أستاذ التعليم العالي بكلية أصول الدين بجامعة القرويين بالمغرب وقد طلبت منه شخصياً أن يرويها لي بلسانه وطلبت الإذن في نشرها وقد دونها بكتابه الموسوم: «تجربتي الصوفية في ميزان الكتاب والسنة»، وقد حدثت أثناء دراسته الدكتوراه في جامعة السوربون بفرنسا، وحاولت تلخيصها ليعرف القراء فساد وضلال الصوفية وانحرافهم عن الدين الصحيح.
بدأ طفولته منتظماً ومريداً في سلك الطريقة العيساوية الشاذلية بزاوية بحي من أحياء مدينة تطوان يسمى حي العيون ، وهي فرع عن الزاوية الأصلية الكائنة بمدينة مكناس حيث يرقد جثمان الشيخ الكامل محمد بن عيسى وإليه تنسب الطريقة المذكورة.
وكان صاحب التجربة من خدام الزاوية وله ورد رسمي للمؤيدين يسمى بـ «حزب سبحان الدائم» كل يوم بعد صلاة المغرب بطريقة جماعية، وعلى رأس كل سنة هجرية يحتفل الفقراء بـ «الليلة الكبيرة»، حيث يذبح عجل، ويباع لحمه داخل الزاوية على طريقة المزاد العلني الدلالة ويتسابق الناس على شراء نصيبهم من اللحم لبركة الزاوية ، مع اجتماع وتوافد جل أتباع الزوايا الأخرى مثل الزاوية التيجانية والزاوية الدرقاوية والقادرية لحضور الحفل.
ومما لا شك فيه أن هذا المناخ الذي عاشه الدكتور المفعم بالسعادة الروحية الناتجة عن ممارسة الذكر الصوفي والاحتكاك بالفقراء كان له اثر عميق في كيانه ، فأوقد فيه محبة الصوفية في قلبه ولم يصل بعد سن البلوغ.
وهذه من أحد العوامل الأساسية وغير المباشرة في اقتحامه التجربة الصوفية لاحقاً عند التحاقه بمدينة باريس بفرنسا لإكمال دراسته العليا.
وقبل ذلك بعد حصوله على الباكلوريا ـ أي: الثانوية العامة ـ، انتقل إلى مدينة فاس لمتابعة دراسته الجامعية، فاختار شعبة الفلسفة، لولوعه بالفكر والفلسفة والثقافة الإسلامية.(254/1)
وكما قلت: قصد فرنسا من اجل التحصيل العلمي، فولج جامعة السوربون في شعبة علم الاجتماع تخصص الانتربولوجيا الاجتماعية والثقافية.. ومن العوامل التي يسرت ومهدت للخلوة الصوفية، يقول:
1ـ جو الحرية والإباحية في العاصمة الفرنسية.
2ـ ربط علاقات الصداقة بفرنسيين متصوفة.
3ـ معاناته الروحية والنفسية.
ثم إن الدكتور حصلت له قناعة، مع طول تأمل وبحث في بطون كتب الفلسفة وعلم النفس بالإضافة إلى كتب التصوف ، أنه لا يمكن لإنسان فهم نفسه حق الفهم دون امتلاك أداة الذوق، لان اجتياز العتبة ودخول المنزل أمر متوقف على الذوق، فبدأ الدكتور يكثر من الرياضة الروحية، ويكثر من الصيام، فصام أربعين يوماً متتالية مع الاجتهاد في الذكر والعبادة، ثم التقليل من كمية الأكل ما يقرب سنة إلى أن هزل جسمه وصار يشعر بخفة نفس وصفاء ذهن كما صار يتحسس خمود القوى النفسية الحيوانية كالغضب والشهوة.. وهذا ما عبر عنه هو بقوله: «الولادة الثانية، الولادة المعنوية في حياة الصوفية الجديدة، وهي طريق صوفي باطني تطهيري يصل بصاحبه إلى درجة الفناء».(254/2)
فباتت مسألة الخلوة تؤرقه وهي ما يصطلح عليها الصوفية بالخلوة الأربعينية، واغتر فيها كما يقول بحديث منسوب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- «من أخلص لله أربعين يوماً أجرى الله ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه» (حديث موضوع لا يصح. انظر موسوعة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 176/9). فتأثر به وظنه صحيحاً ولم يتحمل عناء البحث عن مدى صحة الحديث كما هو شأن معظم الصوفية.. وكانت البداية فاشترى ثلاثة أو أربعة كيلو غرامات من الدقيق، ولتراً واحداً من الزيت وقليلاً من السكر والعنب المجفف والملح، وبعض العلب من الحليب، ودخل مسكنه في الحي الجامعي بمدينة انطوني وكان يهيئ طعامه، يجعل جزءاً منه للإفطار بعد صلاة المغرب، وجزءاً آخر احتفظ به لوقت السحور وهو عبارة عن رغيف كان يصنعه لنفسه، واعتمد طريقة الإقلال حتى صار بعد أسبوعين يكتفي بربع الرغيف في المغرب وربع آخر في السحور مع حبات الزبيب المجفف، ثم يوزع وقته بين الصلاة والتلاوة والذكر والتأمل والتدبر..
وفي بداية الأسبوع الثاني عزم على ممارسة الذكر بالاسم المفرد الله.. الله.. الله..لم يكد يمر يومان حتى حصل ما لم يستطع تحمله في الساعات الأولى كما يقول: «فوجئت بموسيقا تنفجر في دماغي وكانت ألذ ما سمعت أذناي..!! ولها شبه بمقاطع السنفونيات الشهيرة..»(254/3)
وثم بدأ يكثر تلاوة القرآن وكان هذا في الأسبوع الثالث حتى أصبح قلبه مشغوفا بالقرآن كما يقول: «كلما شرعت في قراءته أجهشت بالبكاء.. فأشعر ببرد اليقين والأمن والطمأنينة.. أجد أثرها اللذيذ في صدري وجوارحي وسائر أعضائي..» ثم يسرد قائلا: إنه في ليلة من الليالي يقرأ سورة لقمان وفي منامه تلك الليلة زاره رجل يناهز السبعين فاخبره أنه «الحكيم الترمذي» فقال له: أنا أتيتك لأفسر لك سورة لقمان وأعلمك الحكمة، ثم انطلق يفسرها له تفسيرا باطنياً غريباً فأخبره بعد انتهائه من تفسيرها قائلا: يا عبد الله: فإنك بدأت معراجك الروحي وإنك الآن في السماء الثانية على قدم عيسى؟!! ومرة أخرى رأى في منامه رجلاً عرفه بنفسه: أنا «محي الدين ابن عربي» جئت أعلمك كلمات واحتفظ صاحب التجربة بعبارات منها: «ولسان حالي قول روحي أنا لم أكن يوماً هنا أو في مكان..!!» ولا يخفى على ذي بصيرة أن العبارة لها علاقة بنظرية وحدة الوجود الصوفية.
ولما أشرف على نهاية أيام الخلوة أيقن الدكتور بأن ما يغمره من السعادة الباطنية والطمأنينة وما يسمعه من ألوان الذكر والموسيقا وما يحس به من حلاوة روحية واعتزال الناس، فغدا عقله مشغولاً كيف يحتفظ بهذه اللذة والكنز الثمين.
فعقد العزم على الإعراض عن الزواج والتفكير فقط في الانشغال بالذكر والعبادة والخلوة، إلى أن فكر في الهجرة إلى الهند أو تركيا ليعيش في فضاء الروح والتنعم بنسيم الإشراقات والإلهامات..؟ حيث يمكنه أن يحيا حياة صوفية بعيداً عن الأقارب والأحباب والأصدقاء لكن يقول: إن مشيئة الله تدخلت وحلت عنايته وانتشلته من أيدي الشياطين التي كانت على وشك الإلقاء به في أودية الهلاك والضلال.(254/4)
والخلاصة كما يقول صاحب التجربة: إن الحالة النفسية التي كان يعيشها أشبه بالأحوال التي تعتري الصوفية وكثيراً ما تطغى الحال على العقل والعلم عند أهل التصوف.. ومن هاهنا دخل الداخل على أكثر السالكين وانعكس سيرهم حيث أحالوا العلم على الحال وحكموه عليه.
ثم يحمد الله أن طهره من أدران وشوائب هذا المنهج المنحرف في العبادة والسلوك ويقول: قد أعاد الله الإرادة إلى مجراها الطبيعي حيث العبودية لله ونهج المصطفى عليه الصلاة والسلام إلى عقيدة أهل السنة والجماعة.
كتبه: أحمد عبد الرحمن الكوس(254/5)
الشيخ بهجة البيطار
( ومن أعجب العجب ، أن والد الشيخ بهجة كان صوفياً من غلاة الصوفية ، القائلين بوحدة الوجود، على مذهب ابن عربي ، وابن سبعين والحلاج ...) ((رجال من التاريخ ص416-417))
علامة الشام محمد بهجة البيطار من بيت غلاة الصوفية ثم تركه
محمد بهجة بن محمد بهاء الدين البيطار ، العالم الفقيه ، والمصلح الأديب ، والمؤرخ الخطيب ، ولد بدمشق في أسرة دمشقية عريقة ، جدها الأعلى من الجزائر.
كان والده من شيوخ دمشق ، ومن غلاة الصوفية ، يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله:
( ومن أعجب العجب ، أن والد الشيخ بهجة كان صوفياً من غلاة الصوفية ، القائلين بوحدة الوجود، على مذهب ابن عربي ، وابن سبعين والحلاج ...) ((رجال من التاريخ ص416-417))
نشأ في حجره ، وتلقى عليه مبادئ علوم الدين واللغة .. ثم درس على يد أعلام عصره ، مثل: الشيخ جمال الدين القاسمي ، والشيخ محمد الخضر حسين ، والشيخ محمد بن بدران الحسني، والشيخ محمد رشيد رضا وغيرهم ، رحمهم الله جميعاً.
وكان تأثره بالشيخ جمال الدين القاسمي كبيراً ، قال عاصم البيطار ولد الشيخ بهجة:
(( وكان والدي ملازماً للشيخ جمال الدين ، شديد التعلق به ، وكان للشيخ – رحمه الله- أثر كبير ، غرس في نفسه حب السلفية ونقاء العقيدة ، والبعد عن الزيف والقشور ، وحسن الانتفاع بالوقت والثبات على العقيدة ، والصبر على المكاره في سبيلها ، وكم كنت أراه يبكي وهو يذكر أستاذه القاسمي ))
والحمد لله أسهم الشيخ في نشر العقيدة الصحيحة .. وتولى عدداً من المناصب العلمية ..
وقد اختير الشيخ ((بهجة البيطار)) في جمعية العلماء ، ثم في رابطة العلماء في دمشق.
وتولى الخطابة والإمامة والتدريس في جامع ((القاعة)) في الميدان خلفاً لوالده ، ثم في جامع ((الدقاق)) في الميدان أيضاً ، استمر فيه حتى وفاته.(255/1)
تنقل في وظائف التدريس في سوريا والحجاز ولبنان ، كما أنه درّس في الكلية الشرعية بدمشق: التفسير والأخلاق ، ودرّس كذلك في دار المعلمين العليا وفي كلية الآداب في دمشق .. وبعد التقاعد قصر نشاطه على المحاضرات الجامعية والتدريس الديني.
وكان الشيخ عضواً في المجمع العلمي العربي ، ومشرفاً على مجلته.
سافر للحجاز وحضر مؤتمر العالم الإسلامي في مكة المكرمة عام 1345هـ ، وأبقاه الملك عبد العزيز فجعله مديراً للمعهد العلمي السعودي في مكة ، ثم ولاه القضاء ، فاشتغل به مدة ثم استعفاه ، فولاه وظائف تعليمية ، وجعله مدرساً في الحرم ،وعضواً في مجلس المعارف .. ثم دعي الشيخ لإنشاء دار التوحيد في الطائف ..
وكان خطيباً بارعاً يخطب ارتجالاً ..
وقد كان سبباً في هداية عدد كبير من طلبة العلم والمثقفين والأدباء إلى العقيدة الإسلامية الصحيحة ..
ومنهم الشيخ الأديب علي الطنطاوي حيث يقول عن تلكم الحوارات: (( لقد وجدت أن الذي أسمعه منه يصدم كل ما نشأت عليه ، فقد كنت في العقائد على ما قرره الأشاعرة والماتريدية ، وهو شيء يعتمد في تثبيت التوحيد من قريب أو بعيد على الفلسفة اليونانية ، وكنت موقناً بما ألقوه علينا ، وهو أن طريقة السلف في توحيد الصفات أسلم ، وطريقة الخلف أحكم ، فجاء الشيخ بهجة يقول: (بأن ما عليه السلف هو الأسلم ، وهو الأحكم) ... وكنت نشأت على النفرة من ابن تيمية والهرب منه ؛ بل وبغضه ، فجاء يعظمه لي ، ويحببه إليّ ، وكنت حنفياً متعصباً للمذهب الحنفي ، وهو يريد أن أجاوز حدود التعصب المذهبي ، وأن أعتمد على الدليل ، لا على ما قيل ... وتأثرت به ، وذهبت مع الأيام مذهبه مقتنعاً به ، بعد عشرات من الجلسات والسهرات في المجادلات والمناظرات ... )) ( رجال من التاريخ لعلي الطنطاوي صفحة (414)) .(255/2)
ثم يقول الشيخ علي الطنطاوي ، رحمه الله تعالى: (( وكان اتصالي بالشيخ بهجة قد سبب لي أزمة مع مشايخي ، لأن أكثر مشايخ الشام ممن يميلون إلى الصوفية ، وينفرون من الوهابية ، وهم لا يعرفونها ولا يدرون أنه ليس في الدنيا مذهب اسمه الوهابية ، وكان عندنا جماعة من المشايخ يوصفون بأنهم من الوهابيين ، على رأسهم الشيخ محمد بهجة البيطار ... ))
رجال من التاريخ لعلي الطنطاوي صفحة (416).
ولقد ترك عدة مؤلفات قيمة منها:
1 – مسائل الإمام أحمد:أبو داود ((تعليق))
2 – أسرار العربية: لابن الأنباري ((تحقيق))
3 – قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث: محمد جمال الدين القاسمي ((تحقيق وتعليق))
4 – الإسلام والصحابة الكرام بين السنّة والشيعة
5 – تفسير سورة يوسف
6 – حياة شيخ الإسلام ابن تيمية: محاضرات ومقالات ودراسات
7 – الرحلة النجدية الحجازية: صور من حياة البادية
8 – حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر/ لجده عبد الرزاق البيطار ((تحقيق وتقديم))
9 – الفضل المبين على عقد الجوهر الثمين ، وهو شرح الأربعين العجلونية: تأليف جمال الدين القاسمي ((تقديم وتحقيق))
10 – كلمات وأحاديث ، كان بعنوان: الثقافتان الصفراء والبيضاء.
توفي رحمه الله غرة جمادى الآخرة 1369هـ في دمشق ..
رحم الله الشيخ محمد بهجة البيطار ، فقد كان يحمل لواء الدعوة السلفية في الشام حينما كانت الصوفية سائدة ، والتعصب للمذاهب الفقهية غالباً.
كتاب (عُلماء الشام في القرن العشرين) .(255/3)
الشيخ شمس الدين بن محمد أشرف البشتوني الأفغاني
ولد في بلاد الأفغان عام (1372هـ) ..
درس على يد والده القرآن ومبادئ النحو والصرف وشيئاً من الفقه الحنفي .. ثم واصل دراسته الثانوية والعالية حتى أكمل "الدرس النظامي" الذي وضعه الشيخ نظام الدين السهالوي الهندي الحنفي الصوفي ..
وحصل على شهادة "المولوي" وشهادة "الفاضل العربي" وشهادة "المنشئ الفاضل الفارسي" من جامعة بشاور .
وقد درس على أيدي علماء النقشبندية منهم محمد طاهر بن آصف الفنجفيري الحنفي النقشبندي الديوبندي .. والشيخ عبد الرحيم الشترالي .. والعلامة نقيب الرباطي والذي صار سلفياً ..
ثم وفقه الله إلى الهداية على يد الشيخ عبد الظاهر الأفغاني ..
ثم درس الشيخ في الجامعة الإسلامية وحصل على درجة "الليسانس" وشهادة "ماجستير" وشهادة "الدكتوراه" ودرس على يد عدد من كبار العلماء من أقطار العالم منهم شيخ العرب والعجم بديع الدين السندي والعلامة عبد العزيز بن باز والمحدث الألباني والفقيه محمد العثيمين والعلامة حماد الأنصاري المالي والمُحدث عبد المحسن العباد والحافظ محمد الجوندلوي وعمر الفلاني وعبد الله التهكالي البشاوري وعبد الظاهر الأفغاني وعلي الفقيهي وعبد الكريم الأثري وعبد الله الغنيمان وصالح العبود ... وغيرهم كثير ..
هاجر هوتين مرتين ، وجاهد باللسان والبنان والسنان وشارك المجاهدين لقتال الشيوعيين في أفغانستان ..
وأسس الجامعة الأثرية بسوات .. وألف عدداً كبيراً من المؤلفات .. وتفانى في نشر العقيدة السلفية وقمع الشرك والبدع والفتن .. وأوذي في الله مرات وكرات وأُرِيدَ اغتياله فنجاه الله.
ولهُ مؤلف في نقض عقيدته السابقة [ عداء الماتريدية للعقيدة السلفية * الماتريدية وموقفهم من الأسماء والصفات الإلهية ] وهي رسالة "الماجستير" الجامعية العالمية ..
يقول الشمس السلفي الأفغاني:(/1)
(( أشكر الله سبحانه وتعالى وأحمده على أن هداني إلى الإسلام الصحيح الصافي المتضمن للعقيدة السلفية التي عليها سلف هذه الأمة ، وأئمة السنة ))
وقال عن ( مكانة الماتريدية في صدري ) :
(( لقد وجهت نقدي -وأنا طويلب صغير ، وباعي قصير- إلى أناس أعرف قدرهم ومنزلتهم في العلوم ، فإذا أنظر إلى عُلو مكانتهم ، وأرْفَعُ رأسي لأنظر إلى رفيع درجتهم -تسقط قلنسوتي، وأكاد أسقط على ظهري- ولهم في صدري احترام لما عندهم من علوم جمة غزيرة ، وزهد وتقوى ، وتأله ، وحسن النية والإخلاص ، والاجتهاد في الوصول إلى الحق ، وموافقتهم الحق في كثير من المسائل ، وخدمتهم للإسلام في كثير من الجوانب. كيف لا ، وقد تعلمت فرائض ديني على أيديهم ، وهم شيوخي في العلوم الشرعية: من التفسير والفقه ، والأصول ، والعربية: من النحو والصرف والأدب والمعاني والبيان والبديع ، والعقلية: من الكلام والمنطق والفلسفة والمناظرة.غير أن هذا لا يَصُدَّنَّنِيْ عن أن أصارحهم بالحق. وأنصحهم بالذي أحب لنفسي ولهم من الرجوع إلى العقيدة السلفية ونبذ العقائد البدعية. أو أن أزن عقائدهم بميزان الكتاب والسنة ، وأبين أخطاءهم ، لهم خاصة ، ولغيرهم عامةً. وقد تصديت لهم بعد أن استخرت الله تعالى ، وظننت أني سأوفي الموضوع حقه ؛ لما كنت من خلطائهم برهة من الدهر في كثير من بدعهم ، وخرافاتهم ، وعرفت كثيراً من بجرهم و عجرهم ، كما عرفت كثيراً من أسرارهم تحت أستارهم ، وكثيراً من خباياهم في زواياهم ، ونصبهم العداء للعقيدة السلفية وحامليها. وصاحب البيت أدرى بما فيه ، وأهل مكة أعرف بشعابها. وعلمت أن من واجبي ، وأنه من أفضل الجهاد في سبيل الله. ولنعم ما قيل:
من الدين كشف العيب عن كل كاذب ** وعن كل بدعي أتى بالمصائب)
وقد أبان عن اعتقاد الماتريدية ورد عليهم بثلاث مجلدات كبار ونصر العقيدة السلفية .. فجزاه الله خيراً ..
وختم كتابه 3/319 بالحمد ثانية على الهداية فقال:(/2)
(( الحمد لله تعالى حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى ، وأشكره سبحانه وتعالى على ما أسبغ عليَّ نعمه الظاهرة والباطنة. وأهمها هدايتُهُ تعالى إياي إلى الإسلام الصحيح المتضمن للعقيدة السلفية ، ومنها سلوكُه تعالى بهذا العبد الفقير إليه سبحانه طريق العلم النافعِ ، ومنها توفيقه سبحانه إياي لإتمام هذا الكتاب وتَيسيره عَليّ))(/3)
الشيخ عبد الرحمن الوكيل
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله محمد خاتم النبيين وسيد ولد آدم أجمعين، وبعد: فإنه كانت لي بالتصوف صلة هي صلة العبر بالمأساة، فهنالك -حيث يدرج بي الصبا في مدارجه السحرية، وتستقبل النفس كل صروف الأقدار بالفرحة الطرب، وتستثني الروح ربا الجمال والحب من كل معاني الحياة- هنالك تحت شفوف الأسحار الوردية من ليالي القرية الوادعة الحالمة، وفي هيكل عبق بغيوم البخار، جثم على صدره صنم صغير يعبده كثير من شيوخ القرية، هنالك في مطاف هذه الذكريات الولهى: كان يجلس الصبي بين شيوخ تغضضت منهم الجباه، وتهدلت الجفون، ومشى الهرم في أيديهم خفقات حزينة راعشة، وفي أجسادهم الهضمية تحولاً ذابلاً، يتراءون تحت وصوصة السراج الخافت أوهام ضيعته الخيبة، وبقايا آمال عصف بها اليأس.
وتتهدج ترانيم الشيوخ تحت السحر -نواحاً بينها صوت الصبي- بالتراتيل الوثنية، وما زال الصبي يذكر أن صلوات ابن مشيش، ومنظومة الدردير كانتا أحب التراتيل إلى أولئك الشيوخ، وما زال يذكر أن أصوات الشيوخ كانت تشرق بالدموع، وتئن فيها الآهات حين كانوا ينطقون من الأولى: "اللهم انشلني من أوحال التوحيد!!" ومن الثانية "وجدلي بجمع الجمع منك تفضلاً" يا للصبي الغرير التعس المسكين!! فما كان يدري أنه بهذه الصلوات المجوسية يطلب أن يكون هو الله هوية وماهية وذاتاً وصفة!! ما كان يدري ما التوحيد الذي يضرع إلى الله أن ينشله من أوحاله!! ولا ما جمع الجمع الذي يبتهل إلى الله أن يمن به عليه.(/1)
ويشب الصبي، فيذهب إلى طنطا ليتعلم، وليتفقه في الدين. وثمة يسمع الكبار من شيوخه يقسمون له، ولصحابه: أن "البدوي" قطب الأقطاب، يصرف من شئون الكون، ويدبر من أقداره وغيوبه الخفية!! ويجرؤ الشاب مرة فيسأل خائفاً مرتعداً: وماذا يفعل الله؟! ويهدر الشيخ غضباً، ويزمجر حنقاً، فيلوذ الشاب بالرعب الصامت، وقد استشعر من سؤاله، وغضب الشيخ، أنه لطخ لسانه بجريمة لم تكتب لها مغفرة!! ولم لا؟ والشيخ هذا كبير جليل الشأن والخطر، وما كان يستطيع الشاب أبداً أن يفهم أن مثل هذا الخبر الأشيب –الذي يسائل عنه الموت- يرضى بالكفر، أو يتهوك مع الضلال والكذب. فصدق الشاب شيخه وكذب ما كان يتلو قبل من آيات الله {10:3 ثم استوى على العرش، يدبر الأمر، ما من شفيع إلا من بعد إذنه}! ثم يقرأ الشاب في الكتب التي يدرسها: أن الصوفي فلاناً غسلته الملائكة، وأن فلاناً كان يصلي كل أوقاته في الكعبة، في حين كان يسكن جبل قاف، أو جزائر واق الواق!! وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مد يده من القبر وسلم على الرفاعي!! وأن فلاناً عذبته الملائكة، لأنه حفظ القرآن والسنة وعمل بما فيهما، ولكنه لم يحفظ كتاب الجوهرة في التوحيد!!! وأن مذهبنا في الفقه هو الحق وحده، لأنه أحاديث حذفت أسانيدها!! ويصدق الشاب بكل هذا، ويؤمن، وما كان يمكن إلا أن يفعل هذا.
إذ قال في نفسه: لو لم تكن هذه الكتب حقاً، ما درست في الأزهر، ولا درسها هؤلاء الهرمون من الأحبار ولا أخرجتها المطبعة!! وهل كان يمكن أن يسأل نفسه مثلاً مثل هذا السؤال: أين من الحق البين من كتاب الله، هذا الباطل العربيد في هذه الكتب؟! لا، فلقد جيء به إلى طنطا ليتفقه في الدين على هؤلاء الشيوخ، وهاهو فقه الدين يسمعه من الشيوخ، ويقرؤه في الكتب، وحسبه هذا!!(/2)
وتموج طنطا بالوفود، وتعج بالآمين بين الطاغوت الأكبر من كل حدب، ويجلس الشاب في حلقة يذكر فيها الصوفية اسم الله بخنات الأنوف، ورجات الأرداف ووثنية الدفوف، وثمة يسمع منشد القوم يصيح راقصاً: "ولي صنم في الدير أعبد ذاته" فتتعالى أصوات الدراويش طروبة الصيحات: "إيوه كده اكفر، اكفر يا مربي" ويرى الشاب على وجوه القوم فرحاً وثنياً راقص الإثم بما سمعوا من المنشد الكافر، فيسأل شيخنا ممن وفدوا من أهل قريته: يا سيدي الشيخ، ما ذلك الصنم المعبود؟! فيزم الشيخ شفتيه، ثم يجود على الشاب الواله الحيرة بقوله: "انته لسه صغير"!! ويسكت الشاب قليلاً، ولكن الكفر يضج في النعيق، فيسمع المنشد يقيء "سلكت طريق الدير في الأبدية" "وما الكلب والخنزير إلا إلهنا" ويطوي الشاب نفسه على فزع وعجب يسائل الذهول: ما الكلب؟ ما الخنزير؟ ما الدير وأنى للذهول بأن يجيب؟! ولقد خشي أن يسأل أحد الشيوخ ما دام قد قيل له: "انته لسه صغير" ثم إنه رأى بعض شيوخه الكبار يطوفون بهذه الحمآت، يشربون "القرفة" ويهنئون الأبدال والأنجاب والأوتاد بمولد القطب الغوث سيدهم البدوي!!!
وتكفن دورات الفلك من عمر الشاب سنوات، فيصبح طالباً في كلية أصول الدين فيدرس أوسع كتب التوحيد -هكذا تسمى- فيعي منها كل شيء إلا حقيقة التوحيد، بل ما زادته دراستها إلا قلقاً حزيناً، وحيرة مسكينة. ويجلس الشاب ذات يوم هو وصديق من أصدقائه مع شيخ صوفي أمي. فيسأله عن معاني بعض تهاويل ابن عطاء السكندري "إرادتك التجريد مع إقامة الله إياك في الأسباب من الشهوة الخفية، وإرادتك الأسباب، مع إقامة الله إياك في التجريد، انحطاط على الهمة العلية". ويحار الطالبان، ولا يدريان بم يجيبان هذا الأمي عن هذه الحكم المزعومة -وقد عرفا بعد أنها تهدف إلى تقرير أسطورة رفع التكليف- فتمتلئ نفساهما بالغم المهموم، إذ رسبا في امتحان عقده لهما أمي صوفي؟!(/3)
ويدور الزمن فيصبح الشاب طالباً في شعبة التوحيد والفلسفة، ويدرس فيها التصوف، ويقرأ في كتاب صنفه أستاذ من أساتذته، رأي ابن تيمية في ابن عربي. فتسكن نفس الشاب قليلاً إلى ابن تيمية، وكان قبل يراه ضالاً مضلاً. فهذا البهتان الأثيم نعته الدردير!!
وكانت عنده لابن تيمية كتب، بيد أنه كان يرهب مطالعتها، خشية أن يرتاب في الأولياء، كما قال له بعض شيوخه من قبل!!
وخشية أن يضل ضلال ابن تيمية.. ويقرأ الشاب، ويستغرق في القراءة، ثم ينعم القدر على الشاب يصبح مشرق يهتك عنه حجب هذا الليل، فيقر به سراه المضني عند جماعة أنصار السنة المحمدية، فكأنما لقي بها الواحدة الندية السلسبيل بعد دوي ملتهب الهجير. لقد دعته الجماعة على لسان منشئها فضيلة والدنا الشيخ محمد حامد الفقي إلى تدبر الحق والهدى من الكتاب والسنة، فيقرأ الشباب ويتدبر ما يقرأ وثمة رويداً رويداً ترتفع الغشاوة عن عينيه، فيبهره النور السماوي، وعلى أشعته الهادية يرى الحقائق، ويبصر القيم. يرى النور نوراً والإيمان إيماناً، والحق حقاً، والضلال ضلالاً، وكان قبل -بسحر التصوف- يرى في الشيء عين نقيضه، فيؤمن بالشرك توحيداً، وبالكفر إيماناً، وبالمادية الصماء من الوثنية: روحانية عليا، ويدرك الشاب -وهو لا يكاد يصدق- أن التصوف دين الوثنية والمجوسية، دين ينسب الربوبية والإلهية إلى كل زنديق، وكل مجرم، وكل جريمة!! دين يرى في إبليس، وفرعون، وعجل السامري، وأوثان الجاهلي، يرى في كل هؤلاء الذين لعنتهم كتب الله، بل لعنتهم حتى العقول، يرى فيهم أرباباً وآلهة تهيمن على القدر في أزله وأبده، دين يرى في كل شيء إلهاً يجب أن يعبد. ورباً يخلق ما يشاء ويختار، دين يقرر أن حقيقة التوحيد الأسمى: هي الإيمان بأن الله -سبحانه- عين كل شيء. دين لا تجد فيه فيصلاً بين القيم، ولا بين حقائق الأشياء، ولا بين الضد وضده، ولا بين النقيض ونقيضه. دين يقول عن الجيف - يتأذى منها النتن، وعن(/4)
الميكروبات تفتك سمومها بالبشرية - إنها هي الإله، وسبحان ربنا!! دين يقول عن القاتل، عن السارق، عن الباغي، عن كل وغد تسفل في دناءته، عن كل طاغية بغى في تجبره. يقول عن كل هؤلاء: إنهم عينات الذات الإلهية!! فأي إله هذا الذي يقتل، ويبغي، ويفسد في الأرض؟ أي إله هذا الذي يدب تحت جنح الليل تتلظى في عينيه، وعلى يديه الإثم والجريمة الضارية؟ أي إله هذا الذي يلعق دم الضحايا يبرد به غلته، ويخضب بدماء الأعراض التي سفحها يديه الظالمتين؟ أي إله هذا الذي مشى في أيام التاريخ ولياليه بطشاً وظلماً وجبروتاً يدمر، ويخرب، ويصنع القصة الأولى لكل جريمة خاتلة؟! ومن يكون إلا إله الصوفية الذي ابتدع أسطورته سلف ابن عربي، وابن الفارض وغيرهما!!؟.
أيتها البشرية التي تهاب القانون، أو ترهب السماء!! ها هو دين التصوف يناديك ملحاً ملهوف النداء: أن تنحدري معه إلى حيث تترعين من كل خمرة مخمورة، وتتلطخين بكل فسق، وتتمرغين في أوحال الإثم!! وأنتم أيها العاكفون في المساجد؛ لا حاجة بكم إلى الصلاة والصوم والحج والزكاة، بل لا حاجة بكم إلى رب تحبونه وتخافونه، وترجونه، ولا إله تعبدونه.
لم هذا الكدح والجهاد والنصب والعبودية؟ لم هذا وكل فرد منكم في حقيقته هو الرب، وهو الإله كما يزعم الصوفية!!؟ ألا فأطلقوا غرائزكم الحبيسة، ودعوها تعش في الغاب والدخل وحوشاً ضارية، وأفاعي فتاكة! وأنتم يا بني الشرق! دعوا المستعمر الغاصب يسومكم الخسف والهوان، ويلطخ شرفكم بالضعة، وعزتكم بالذل الهين، ويهيمن على مصائركم بما يهوى بطشه الباغي، وبغية الظلوم. دعوه يهتك ما تحمون من أعراض، ويدمر ما تشيدون من معال، وينسف كل ما أسستم من أمجاد، ثم الثموا ضارعين خناجره وهي تمزق منكم الحشاشات، واهتفوا لسياطه، وهي تشوي منكم -أذلاء- الجلود. فما ذلك المستعمر عند الصوفية سوى ربهم، تعين في صورة مستعمر.(/5)
دعوا المواخير مفتحة الأبواب، ممهدة الفجاج. ومباءات البغاء تفتح ذراعيها الملهوفتين لكل شريد من ذئاب البشر، وحانات الخمور تطغى على قدسية المساجد، وأقيموا ذهبي الهياكل للأصنام، وارفعوا فوق الذرى منتن الجيف، ثم خروا ساجدين لها، مسبحين باسم ابن عربي وأسلافه وأخلاقه فقد أباح لكم أين تعبد الجيفة، وأن تتوسلوا إلى عبادتها بالجريمة!!
ذلكم هو دين التصوف في وسائله وغاياته وتلك هي روحانيته العليا!!.
ألا فاسمعوها غير هيابة ولا وجلة، واصغوا إلى هتاف الحق يهدر بالحق من أعماق الروح: إن التصوف أدنأ وألأم كيد ابتدعه الشيطان ليسخر معه عباد الله في حربه لله، ولرسله، إنه قناع المجوسي يتراءى بأنه رباني، بل قناع كل عدو صوفي، العداوة للدين الحق، فتش فيه تجد برهمية، وبوذية ، وزرادشتية، ومانوية وديصانية، تجد أفلوطينية، وغنوصية، تجد يهودية ونصرانية، ووثنية جاهلية، تجد فيه كل ما ابتدعه الشيطان من كفر، منذ وقف في جرأة الصوفية يتحدى الله، ويقسم بعزته أنه الذي سيضل غير المخلصين من عباده. تجد فيه كل هذا الكفر الشيطاني، وقد جعل منه الشيطان كفراً جديداً مكحول الإثم متبرج الغواية، متقتل الفتون، ثم سماه للمسلمين: (تصوفاً) وزعم لهم -وأيده في زعمه القدامية والمحدثون من الأحبار والرهبان- أنه يمثل أقدس المظاهر الروحية العليا في الإسلام!! أقولها عن بينة من كتاب الله، وسنة خير المرسلين صلوات الله وسلامه عليه، وبعون من الله، سأظل أقولها، لعلي أعين الفريسة التعسة على أن تنجو من أنياب هذا الوحش الملثم بوشاح الدعة الحانية العطوف.(/6)
ولكن الصوفية سوداً وبيضاً، خضراً وحمراً، سلوهم: ما ردكم على هذا الصوت الهادر من أعماق البحر؟ سيقولون ما قالت وثنية عاد (إن نراك إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء) وآلهتهم هي قباب أضرحة الموتى وأعتابها!! دمغناهم بالحق، فراحوا يعوون عواء اللص الحذر، وقع فجأة في قبضة الحارس، وجأروا بالشكوى الذليلة إلى النيابة، فلم تر النيابة فيمن يمسك بالبريء إلا مجرماً، وشكوا إلى رئيس حكومة سابق، وختموا الشكاة بهذه الضراعة الذليلة: "والله نسأل لمقامكم الرفيع الخير والسؤدد في ظل حامي الدين حضرة صاحب الجلالة المعظم صان عرشه، وأيد حكومته الرشيدة وألهمها التوفيق" (قدموا هذه الشكوى بتاريخ 4 أغسطس سنة 1951م)، فلم يرى الرئيس السابق فيمن يثرم أنياب الرقطاء مجرماً. وطاح الحق ببغي إلههم وملاذهم حامي دينهم، كما كانوا يلقبونه.
وما زلنا -بعون من الله-نستلهمه- بكتاب الله نتحداهم، وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نحاججهم، والله على كل شيء شهيد، وهو حسبنا ونعم الوكيل.(/7)
سيقول الناعمون -من ذوي الألسنة التي استمرأت كلمات الذل والعبودية، وليونة النفاق، وممن يتملقون الجماهير على حساب الحق، ويزعمون أنهم لا يحبون إثارة شقاق، أو جدال، ولا الطعن على أحد -سيقول هؤلاء: ما هكذا يكون النقد، ولا هكذا يكون البحث العلمي!! لا. أيها المدللون الخانعون للأساطير، فإنا لسنا أمام جماعة مسلمة، فنخشى إثارة الشقاق بينهم، ولو خشي الرسول مثل هذا لمالأ قريشاً على حساب الحق، ولكنه صلى الله عليه وسلم أطاع أمر ربه {94:15 فاصدع بما تؤمر، وأعرض عن المشركين} ووعى قلبه - المشرق المؤمن الطهور التقي- موعظة ربه فيما قاله له العلي الكبير {9:68 ودوا لو تدهن فيدهنون} وفيما قال له {75:17 وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك، لتفتري علينا غيره، وإذا لاتخذوك خليلاً، ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً، إذا لأذقناك ضعف الحياة، وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً} فكان سيد ما يستغفر به الرسول الكريم الأمين ربه: [اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت] فكيف بنا نحن اليوم الذين أمرنا أن جعل الرسول وحده لنا الأسوة؟!
ولسنا كذلك أمام فئة تحترم العقل، بل تزدريه وتحقره، ثم تهب في قحة طاغية الجراءة لتشتم الله، وتذود عن إبليس وفرعون وعباد العجل والوثن، داعية المسلمين إلى اتخاذ هؤلاء أرباباً وآلهة، وسيرد على القارئ عشرات النصوص من نصوص ابن عربي وتائية بن الفارض شهيدة عليهم بما ذكرت، وابن عربي وابن الفارض قطبا التصوف، وإماما الصوفية المعاصرة. فكيف يعاب علينا أننا ندافع عن دين الله، وأنا نقول للشيطان: إنك أنت الشيطان؟
ما نقول عن رجل –وهو ابن عربي- يفتري أدنأ البهتان على الله، فيصوره في صورة رجل وامرأة يقترفان الإثم، مؤكداً لأتباعه أن الجسدين الآثمين هما في الحقيقة ذات الله، سبحانه؟! وسبحان رب العزة عما يصف الإثم.(/8)
فلا نلام إذا هتكنا القناع عن وجه هذا الرجل، ليبصره المخدوعون به، ليبصره مسخاً ثانياً للشيطان؟ إننا في ميدان مستعر الأتون، يقاتلنا فيه عدو دنيء يتراءى أنه الأخ الشقيق الحنو، الندي الرحمة، فلا أقل من أن نحاربه بما يدفع ضره وشره، ويحول بينه وبين الفضاء على الرمق الذابل من عقائد المسلمين، وبين تشتيت الحشاشة الباقية من الجماعة الإسلامية. (مقدمة كتاب تنبيه الغبي إلى كفر ابن عربي من ص3-10، بقلم عبد الرحمن الوكيل).(/9)
الشيخ عبد القادر الأرناؤوط
ولد الشيخ عبد القادر حفظه الله ، بقرية فريلا من إقليم كوسوفا من بلاد الأرنؤوط سنة 1347 هـ 1928 م .
وهاجر إلى دمشق بصحبة والده وبقية عائلته وسنه عندئذ ثلاث سنوات من جراء اضطهاد المحتلين الصرب ـ أذلهم الله ـ للمسلمين الألبان.
فطلب العلم من مدرس دمشق: درس في مدرسة الأدب الإسلامي مدة سنتين ؛ ثم في مدرسة الإسعاف الخيري إلى أن أنهى المرحلة الابتدائية .
ثم طلب العلم على يد الشيخ عبد الرزاق الحلبي ، وكذلك على يد الشيخ محمد صالح الفرفور من علوم العربية والمعاني والبيان والبديع والفقه والتفسير ما يقارب العشر سنوات.
وأخذ عن الشيخ سليمان غاوجي الألباني شيئاً من الفقه وعلم الصرف ، وقرأ القرآن وجوده على الشيخ صبحي العطار، وأعاده تجويدا على الشيخ محمود فايز الدير عطاني المقرئ تلميذ شيخ القراء محمد الحلواني ، وأعلى من هؤلاء كلهم أخذه عن علامة الشام الشيخ بهجة البيطار رحمه الله تعالى.
وكان يقول: كنا نجلس إلى شيخ صوفي اسمه عبد الله الهرري الحبشي (وهو غير الحبشي المعروف في لبنان) وما كان أحد منا يعرف بيته ، وكان دائماً يعظنا ويذكرنا بالزهد والتقليل من الطعام .... ، وذات يوم وفي يوم عيد استدل أحد الإخوة على بيته فذهبنا نزوره في بيته أنا وبعض الإخوة ، وهناك كانت المفاجأة ، حيث ظهر لنا ما بهرنا من الإسراف والبذخ ......، فكانت مفارقتنا له ، والحمد لله.
قصة طرده من مجلس الشيخ صالح الفرفور ، رحمه الله.
لقد كان الشيخ عبد القادر تلميذاً كما أسلفنا للشيخ صالح الفرفور قرأ عليه كعامة من كان يقرأ في معهد الفتح ، قرأ من علوم العربية والمعاني والبيان والبديع والفقه والتفسير الكثير في مدة تقرب من عشر سنوات .
وكان مما قرأه من كتب الفقه الحنفي:(/1)
حاشية ابن عابدين ، وحاشية الطحاوي ، ونور الإيضاح ، ومراقي الفلاح ، وغيرها. وكان أثناء قراءته على الشيخ صالح في الحاشية لابن عابدين ، تمرُّ بهم أحاديث ، فيسأل الشيخ عبد القادر عنها صحة وضعفاً ونحو ذلك ، فكانت الكلمة المشهورة المتداولة على ألسنة المشايخ بدمشق تخرج من فم الشيخ صالح الفرفور ـ سامحه الله ـ كالسهم: (لا تعترض فتنطرد) .
وفي إحدى المرات اشترى الشيخ عبد القادر كتاب (الوابل الصيب) لابن القيم من إحدى المزادات بدمشق ، ولما لم يكن له مكتبة يومئذ ، و كان الشيخ عبد الرزاق الحلبي متميزاً في ذلك ، حيث كانت له مكتبة خاصة في جامع فتحي ، أراد الشيخ أن يلحقه بمكتبته ، فعلم بذلك الشيخ رمزي البزم ، وكان أكبرهم سناً - يعني في طلاب الشيخ صالح الفرفور - فقال بعد أن سمع بوضع شيخنا للكتاب بمكتبة الحلبي - بعد أن أنهى الشيخ صالح الفرفور درسه بالجامع الأموي: (عبد القادر !!! الليلة عندك محاكمة) هكذا مع إحداث ضجة في حلقة الدرس ...
وفعلا أشار إليه الشيخ صالح الفرفور وإلى الشيخ عبد الرزاق الحلبي وإلى الشيخ رمزي البزم أن قوموا إلى مكتبة الشيخ عبد الرزاق ، و هنا جرت المحاكمة و هذا سياقها:
قال الشيخ صالح الفرفور للشيخ عبد القادر: لمَ جئت بالكتاب - يريد : الوابل الصيب - ؟؟
قال الشيخ عبد القادر: لأني قرأت في مقدمته: في الذكر مئة فائدة ، ثم سردها .....
قال الشيخ صالح الفرفور: هل تعرف ابن القيم تلميذ من ؟
قال الشيخ عبد القادر: تلميذ ابن تيمية.
قال الشيخ صالح الفرفور ـ غفر الله له ـ: نحن نقرأ لابن تيمية.؟!!
قم وخذ صاحبك معك - يعني الشيخ شعيباً الأرناؤوط-(/2)
وكان فيما بعد الشيخ الأرناؤوط حفظه الله يقول: «التصوف عندي هو ما كان بمعنى الرقائق التي تُليِّن القلوب وتهذِّب النفوس أمثال كتب ابن القيم – رحمه الله –. وإن أوّلَ مَنْ أثَّر في نفسي في أول طلب العلم هو الإمام ابن القيم عندما قرأت كتابه "الوابل الصيب من الكلم الطيب". وأما كتب الصوفية البعيدة عن منهج الحق، فلا أعمل بها وأنتقدها...».
فرحمة الله على الشيخ صالح الفرفور والشيخ رمزي البزم والشيخ عبدالقادرالاناؤوط، وأمد الله لنا في عمر الشيخ عبد الرزاق الحلبي ، والشيخ شعيب ، ونسأل الله لنا ولهم حسن الختام والرد إلى ما كان عليه نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، والحمد لله رب العالمين.(/3)
الشيخ عبد القادر بن أحمد بن مصطفى بن بدران الدمشقي
ولد رحمه الله تعالى عام (1280–1346هـ) في بلدة "دوما" وعاش في بيئة كانت فيها الصوفية منتشرة ، والجهل فيها متفشٍ ، وقد قرأ على بعض الشيوخ الذين كان مسلكهم صوفياً ، وصرح بفضل الله عليه ، وأنه اتبع منهج السلف ، الذي هو أحكم والقرون المفضلة ، ومنهج الأئمة المصلحين.
يقول في هذا الصدد: (( إنني لما مَنَّ عليَّ بطلب العلم ، هجرت له الوطن والوسَن ، وكنت أطوف المعاهد لتحصيله وأذهب كل مذهب ... فتارة أطوح بنفسي فيما سلكه ابن سينا ... وتارة أتلقف ما سكبه أبو نصر الفارابي من صناعة المنطق ... ثم أجول في ميادين العلوم مدة – فارتدَّ إليَّ الطرف خاسئاً وهو حسير ... فلما هِمْتُ في تلك البيداء ، ناداني منادي الهدي الحقيقي: "هلمّ الشرف والكمال ، ودع نجاة ابن سينا الموهمة إلى النجاة الحقيقية ، وما ذلك إلا بأن تكون على ما كان عليه السلف الكرام من الصحابة والتابعين ، والتابعين لهم بإحسان ... ) فهنالك هَدأَ روعي ، وجعلت عقيدتي كتاب الله ، أكِلُ علم صفاته إليه بلا تجسيم ولا تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل ، وانجلى على ما كان على قلبي من رَيْن أورثَته قواعدُ أرسطوطاليس ، وقلت ما كان إلا من النظر في تلك الوساوس والبدع والدسائس ... إن مَن اتبع هواه هام في كل وادٍ ، ولم يبالِ بأي شِعب سلك ولا بأي طريق هلك ... )) (المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل لابن بدران ص42-43) .
هذا جانب من عقيدته ، وهناك جانب آخر لا يقلّ عنه أهمية ، ألا وهو نبذ الخرافة والبدع المنكرة من الصوفية ، التي تختلق الكرامات وتنقلها عن أقطابها.
ومن ذلك قوله ـ رحمه الله ـ: ((أقول إن نقل الكرامات أصبح أمراً عسيراً ، لأن أصحاب الرجل (الولي والشيخ) يستعملون الغلو دائماً ، والأخبار تحتمل الصدق والكذب ... )) ثم ينقل عن المتصوفة قصصاً وأخباراً عجيبة في هذا المجال (منادمة الأطلال ومسامرة الخيال)(/1)
يقول الشيخ محمد بن ناصر العجمي متحدثاً عن عقيدة ابن بدران:
وحدثني الأديب الكبير علي الطنطاوي ، حينما سألته عن العلامة ابن بدران فقال: ((كانت الوهابية تُعَدُّ تهمة خطيرة مخيفة ، وكانوا يحذروننا من الاجتماع بهم ، فوقفت مرة في حلقة ابن بدران ، العالم الحنبلي المعروف ، وكان هناك طلاب يمرّون في الأسواق ، فرأوني في حلقة ابن بدران وقدّموا فيّ تقريراً إلى المشايخ ، فضُربت (فلقة) في رجلي)) (علامة الشام:عبد القادر بن بدران ص22)
وسبب ذلك أن ابن بدران كان على منهج السلف ، ودمشق آنذاك ، وكذلك أكثر المدن السورية ، كانت على جمود المتصوفة ، والبعد عن مرونة العلماء المجتهدين في أيام الدولة العثمانية.
فقد كان ابن بدران يظهر تعلقه بأئمة السلف: ابن تيمية وابن القيم الجوزية ، فيقول: ((كان ابن تيمية على منهاج ما كان عليه الصحابة والتابعون بإحسان ، ويناهض حصون العادات السيئة والبدع ، فيدُكّها ولا يخشى في الله لومة لائم .. فهبّ قوم قصروا عن مداه ، فعاندوه حسداً وبغياً .. ولاشك أنه بلغ رتبة الاجتهاد المطلق ، فعليه رحمة الله)) (الفتاوى القازانية ص207)
أما مذهبه فقال محمد بن سعيد الحنبلي: ((... وكان شافعياً ثم تحنبل )) ، وسبب ذلك – كما قاله بعض المقربين عنه:
((كنت في أول عمري ملازماً لمذهب الإمام الشافعي –رحمه الله- سالكاً فيه سبيل التقليد ، ثم منَّ الله عليّ فحبب إليّ الاطلاع على كتب التفسير والحديث وشروحها ، وأمهات كتب المذاهب الأربعة ، وعلى مصنفات شيخ الإسلام وتلميذه الحافظ ابن القيم ، وعلى كتب الحنابلة ، فما هو إلا أن فتح الله بصيرتي وهداني من غير تحزب لمذهب دون مذهب ، فرأيت أنَّ مذهب الحنابلة ، أشد تمسكاً بمنطوق الكتاب العزيز والسنَّة المطهرة ومفهومها ، فكنت حنبلياً من ذلك الوقت)) (نبذة من ترجمة ابن بدران في آخر كتاب المدخل)
وقد عُينَّ مُفتياً للحنابلة ، ومُدرساً بالجامع الأموي .. وغير ذلك ..(/2)
وقد ابتلي كثيراً ، من الحكام ومشايخ الدولة ، والصوفية ، والجهلة الأغمار ، وكان يشتكي من التعدي والحسد ، وتألبهم عليه ، يقول البارودي: " الشيخ ابن بدران أحد فقهاء قصبة دوماء ، وهو من العلماء المجددين . كان جريئاً لا يهاب أحداً ... " ثم ذكر أن من جرأته اعترض على بعض مخالفات رئيس بلدية دوما صالح طه ، فأصدر صالح طه أمراً من الوالي بإبعاد الشيخ ابن بدران عن دوما ، فانتقل إلى دمشق مدة سنتين حتى انتهت مدة نفيه ، وقد أفاد أهل دمشق وانتشرت دعوته الإصلاحية السلفية ، وخدم تاريخ دمشق بتهذيب تاريخ دمشق ، وألف (الروض الباسم في تراجم المفتين بدمشق الشام).
توفي رحمه الله في ربيع الثاني 1346. ودفن في مقبرة الباب الصغير بدمشق.(/3)
الشيخ محمد الشايقي
في (جلاس) احدى قرى السودان، وبالتحديد سنة 1321هـ، رزق عمر بن عبد الهادي الشايقي ولداً، فشكر الله وسماه (محمد) .. ولما بدأ الطفل يعقل، أدخله في أحد الخلاوي ليحفظ القرآن الكريم، فتم لهُ ذلك، نظراً لهمة الطفل (محمد).
أفاق محمد على واقعٍ مؤلم في هذه القرية، دروشة صوفية خلوتية، قد أنكرها بفطرته وبما علم من كلام ربه، واستنكر بقلبه طقوس البدعة، وما يفعله بعض الجهلة من شركيات ووثنيات وبدع؛ ولكن أين الهدى؟!! وهو لا يعلم من الدنيا إلا هؤلاء الدراويش؟!! فمنذ ولد وهو بين هؤلاء الخلوتين .. فلما تضايق منهم ومما كان يرى أنكر.. فاستنكر عليه .. فعزم على طلب الحق .. لكن أين؟!
بدأ يسأل ويتساءل .. حتى رأى بصيص نورٍ أتى من بعيد، فما أن وجد ضالته إلا وهبَّ مسرعاً يحثُ الخطى إليه .. فعقد العزم على الذهاب إليه .. فأعلن رغبته بالحج وعقد العزم على الهجرة إلى النور ..
وفي عام 1337هـ والشاب في سنه السابعة عشر حج بمفرده، فلما انتهى من المناسك، بحث حتى يرتوي من معين كاد يهلك بدونه، فأنقذه الله، ورأى من ذلك البصيص النور، فعكف طالباً للعلم، ثم شد رحله إلى المدينة ليطلب العلم على علماء المدينة النبوية، فاستقر بها ولازم الشيخ محمد الطيب الأنصاري "رحمه الله" ولازمه ملازمة طويلة، ثم عاد إلى مكة المكرمة واستقر بها والتحق بدار الحديث ودرس بها .. وراسل أهل بلده في السودان وناصحهم .. ثم عين مدرساً بها ، ثم وكيلاً لمحمد حمزة الأزهري، ثم مديراً لها، ثم بعد التقاعد مشرفاً عليها ..
ومن أعماله الجليلة في ميدان العلم تصحيح بعض الكتب منها شرح البيقونية الذي شرحه محمد أمين الأثيوبي، أحد زملائه ..
وفي ميدان الدعوة والتعليم فقد لازم التعليم والدعوة منذ التحاقه بدار الحديث بمكة المكرمة، طالباً وداعية ومعلماً.
وكان من ثمرات دعوته الإصلاحية في الحجاج السودانيين الشيخ محمد هاشم الهدية ـ حفظه الله ـ.(/1)
توفي رحمه الله في 4/10/1416هـ
اسأل الله أن يرفع منزلته في عليين، مع الشهداء والصديقين والنبيين .. وصلى الله على الهادي البشير، والسراج المنير، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم.(/2)
الشيخ محمد جميل زينو
يقول حفظه الله عن نفسه: ولدتُ في مدينةِ حلب بسورية، ولما بلغت العاشرة من عمري التحقتُ بمدرسة خاصة تعلمت فيها القراءة والكتابة، ثم التحقت بمدرسة دار الحفّاظ لمدّة خمس سنين حفظتُ خلالها القرآن الكريم كاملاً ولله الحمد، ثم التحقت بما يسمى آنذاك بالكلية الشرعية التجهيزية ـ وهي الآن الثانوية الشرعية ـ وهي تابعة للأوقافِ الإسلامية، وهذه المدرسة تجمع بين تدريس العلوم الشرعية والعصرية.
وأذكر أنّني درست فيها علم التوحيد في كتاب اسمه: ((الحصون الحميدية)) ،والذي يقرّر فيه مؤلفهُ توحيد الربوبية، وأن لهذا العالم رباً وخالقاً! وتبين لي في ما بعد خطأ هذا المنهج في تقرير العقيدة، فإن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كانوا مقرين بأن الله هو الخالق الرازق: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ..}، بل إن الشيطان الذي لعنه الله كان مقراً بذلك، {قال رب بما أغويتني ..}، أما توحيد الإله الذي هو الأساس والذي به ينجو المسلم، فلم أدرسه ولا كنت أعلم عنهُ شيئاً.
كنت نقشبندياً:(/1)
لقد كنت منذ الصغر أحضر الدروس وحلقات الذكرِ في المساجد، وقد شاهدني شيخ الطريقة النقشبندية فأخذني إلى زاوية المسجد، وبدأ يعطيني أوراد الطريقة النقشبندية؛ ولكن لصغر سني لم أستطع أن أقوم بها، لكني كنت أحضر مجالسهم مع أقاربي في الزوايا،وأستمع إلى ما يردّدونهُ من أناشيد وقصائد،وحينما يأتي ذكر اسم الشيخ كانوا يصيحون بصوتٍ مرتفعٍ، فيزعجني هذا الصوت المفاجئ،ويسبب لي الرعب والهلع، وعندما تقدمت بي السن بدأ قريب لي يأخذني إلى مسجدِ الحيّ لأحضر معه ما يسمى بالختمِ،فكنا نجلسُ على شكلِ حلقةٍ فيقوم أحد الشيوخ ويوزع علينا الحصى،ويقول: "الفاتحة الشريفة،الإخلاص الشريف" ،فنقرأ بعدد الحصى سورة الفاتحة والإخلاص،والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالصيغةِ التي يحفظونها،ويجعلون ذلك آخر ذكرهم. ثم يقول الشيخ ذكرهم، لأن الشيخ –بزعمهم- هو الذي يربطهم بالله؛ فيهمهمون، ويصيحون، ويعتريهم الخشوع، حتى إن أحدهم ليقفز فوق رؤوس الحاضرين كأنّه البهلوان من شدّة الوجد ... إلى آخر ما كانوا يفعلونهُ من البدعِ المحدثةِ التي ما أنزل الله بها من سلطان.
كيف اهتديت إلى التوحيد؟
كُنتُ أقرأ على شيخي الصوفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وهو قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِنْ بالله)) .
فأعجبني شرح النووي حين قال: "ثم إن كانت الحاجة التي يسألها،لم تجر العادة بجريانها على أيدي خلقه،كطلبِ الهداية والعلم .. وشفاء المرض وحصول العافية سأل ربه ذلك.وأما سؤال الخلق والاعتماد عليهم فمذموم".
فقلت للشيخ: هذا الحديث وشرحه يُفيدان عدم جواز الاستعانة بغير الله فيما لا يقدر عليهِ إلا الله.
فقال لي: بل تجوز!!
قلت: وما الدليل؟(/2)
فغضب الشيخ وصاح قائلاً: إن عَمتي تقول يا شيخ سعد (وهو من الأولياء المزعومين الأموات) ، فأقول لها: يا عمتي وهل ينفعك الشيخ سعد؟ فتقول:أدعوه فيتدخل على الله فيشفيني!!
فقلت لهُ: إنك رجل عالم قضيت عمرك في قراءة الكتب،ثُم تأخذ عقيدتك من عمتك الجاهلة!!
فقال لي: عندك أفكار وهابية! (نسبة إلى الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله) وكُنتُ لا أعرف شيئاً عن الوهابية إلا ما أسمعه من المشايخ:فيقولون عنهم:إنهم مخالفون للناس،لا يؤمنون بالأولياء وكراماتهم المزعومة، ولا يحبون الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم .. إلى غير ذلك من التهم الكثيرة الكاذبة التي لا حقيقة لها.
فقلت في نفسي: إذا كانت الوهابية تؤمن بالاستعانة بالله وحده،وأن الشافي هو الله وحده،فيجب أن أتعرّف عليها.
وبحثت عن هذه الجماعة، فاهتديت إليها.كان لهم لقاء مساء كل خميس يتدارسون فيه التفسير والفقه والحديث ،فذهبت إليهم بصحبةِ أولادي وبعض الشباب المثقّف .. فدخلنا غرفة كبيرة .. وجلسنا ننتظر الدرس .. وبعد برهة من الزمن دخل الشيخ، فسلَّم علينا، ثم جلس على مقعده، ولم يقم لهُ أحد؛فقلتُ في نفسي: هذا الشيخ مُتواضعٌ، لا يُحِب القيام ......... ومن هنا بدأت رحلتي إلى التوحيدِ الخالصِ، والدعوةِ إليهِ، ونشرهِ بين الناس اقتداء بسيدِ البشرِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وإني لأحمد الله ـ عز وجل ـ الذي هداني لهذا،وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله،والحمد لله أولاً وآخراً.(/3)
الشيخ محمد علي الطنطاوي
وكان هناك طلاب يمرّون في الأسواق ، فرأوني في حلقة ابن بدران وقدّموا فيّ تقريراً إلى المشايخ ، فضُربت (فلقة) في رجلي)) ( علامة الشام:عبد القادر بن بدران ص22) .
محمد علي الطنطاوي
من لا يعرف الشيخ الأديب الأريب الخطيب محمد علي الطنطاوي –رحمه الله تعالى- .. الذي جاهد بنفسه وماله وأهله لخدمة هذا الدين .. إنه نبراس في الاقتداء في جانب الجهاد والتعبئة للمشاعر الدينية .. وهو أسوة في الأدب المحتشم الملتزم .. وهو قدوة في الاستكبار على الهوى واستصغار النفس لتقبل الحق شاءت أم أبت إذا بان له الحق بدليله ..
فمن لا يعرف هذا الشيخ؟!!
إن المنابر لتذكر خطبه المجلجلة .. والمساجد تذكر ركعاته الخاشعة المتأنية .. والصحف تذكر سيفه إذا سله .. والإذاعة لتذكر صوته الأخاذ بتلابيب القلوب ..
علي الطنطاوي .. هذا الشيخ .. ولد في بيت صالح .. لكنه تربى على غير اعتقاد أهل السنة .. وسلك طريقة يخالف الجماعة ..
كيف؟!!
هل تريد أن تعرف الخبر؟!!
الخبر يخبرك به الشيخ علي الطنطاوي –رحمه الله تعالى- حيث يقول:(/1)
(( إنه نشأ أول أمره في وسط صوفي ، إذ كان والده نقشبندياً مثل أكبر المشايخ ، فتعلم منه كره ابن تيمية وكره الوهابية ، حتى إذا شخص إلى مصر ، وصحب خاله المرحوم الأستاذ محب الدين الخطيب ، بدأ ينظر إلى ذلك الموضوع بروح جديدة دفعته إلى إعادة النظر في أمر القوم .. بيد أنه لم ينته إلى الاستقرار إلا بعد اتصاله بالشيخ بهجة البيطار ، فمن هناك بدأت استقامتهُ على الطريقة والتزام الجادة ، وكان من أثر ذلك كتاباه اللذان أخرجهما عن حياة الشيخ محمد بن عبدالوهاب .. إلا أن هذا الاستقرار لم يأت بالمجان ؛ بل كلفه وأخاه عبدالغني –كما يقول- طويلاً من النقاش مع الشيخ بهجة ، غفر الله لنا وله ، فقد دخلا معه في معركة جدال حادة ، بلغت بهما حدَّ إغضابه ، وهو المعروف بوقار العلم وسعة الصدر ، والبعد عن التعصب ، حتى لم يعد لهما حجة يصح الاعتداد بها بعد أن اتضحت معالم الحق في أجلى بيان )) .
(كتاب علماء ومفكرين عرفتهم 3/192)
ويتحدث الشيخ علي الطنطاوي –رحمه الله تعالى- عن كيفية انتقاله من عقيدة الأشاعرة والماتريدية إلى عقيدة أهل السنة والجماعة ، يقول عن شيخه الذي اهتدى على يديه محمد بهجة البيطار –رحمه الله تعالى-:(/2)
(( لقد وجدت أن الذي أسمعه منه يصدم كل ما نشأت عليه ، فقد كنت في العقائد على ما قرره الأشاعرة والماتريدية ، وهو شيء يعتمد في تثبيت التوحيد من قريب أو بعيد على الفلسفة اليونانية ، وكنت موقناً بما ألقوه علينا ، وهو أن طريقة السلف في توحيد الصفات أسلم ، وطريقة الخلف أحكم ، فجاء الشيخ بهجة يقول: (بأن ما عليه السلف هو الأسلم ، وهو الأحكم) ... وكنت نشأت على النفرة من ابن تيمية والهرب منه ؛ بل وبغضه ، فجاء يعظمه لي ، ويحببه إليّ ، وكنت حنفياً متعصباً للمذهب الحنفي ، وهو يريد أن أجاوز حدود التعصب المذهبي ، وأن اعتمد على الدليل ، لا على ما قيل ... وتأثرت به ، وذهبت مع الأيام مذهبه مقتنعاً به ، بعد عشرات من الجلسات والسهرات في المجادلات والمناظرات ... ))
( رجال من التاريخ لعلي الطنطاوي ص 414 )
ثم يقول الشيخ علي الطنطاوي-رحمه الله تعالى-:
(( وكان اتصالي بالشيخ بهجة قد سبب لي أزمة مع مشايخي ، لأن أكثر مشايخ الشام ممن يميلون إلى الصوفية ، وينفرون من الوهابية ، وهم لا يعرفونها ولا يدرون أنه ليس في الدنيا مذهب اسمه الوهابية ، وكان عندنا جماعة من المشايخ يوصفون بأنهم من الوهابيين ، على رأسهم الشيخ محمد بهجة البيطار ... ))
( المرجع السابق: ص416 )
ويقول الشيخ محمد بن ناصر العجمي متحدثاً عن عقيدة ابن بدران:
وحدثني الأديب الكبير علي الطنطاوي ، حينما سألته عن العلامة ابن بدران فقال: ((كانت الوهابية تُعَدُّ تهمة خطيرة مخيفة ، وكانوا يحذروننا من الاجتماع بهم ، فوقفت مرة في حلقة ابن بدران ، العالم الحنبلي المعروف ، وكان هناك طلاب يمرّون في الأسواق ، فرأوني في حلقة ابن بدران وقدّموا فيّ تقريراً إلى المشايخ ، فضُربت (فلقة) في رجلي)) ( علامة الشام:عبد القادر بن بدران ص22) .(/3)
الشيخ محمد محمود أبو رحيم
لم يكد يخرج السؤال من بين شفتي وأنا شاب في السنة الأولى في كلية الشريعة حتى وجدت برد كفه الناعم يأخذ بكفي نحو مقعد جانبي يحاورني بكل هدوء .
محمد محمود أبو رحيم
يقول الشيخ أبو رحيم يحفظه الله: لقد ذكرني المشهد الأخير من جنازة الشيخ أبي عبد الرحمن بأول لقاء معه رحمه الله قبل ثلاثين عاما ؛ حيث كنت يومها متدثرا بلباس التصوف ، أمرغ الخد على أعتاب أشياخه .
يومها كان الجهل قد غرر بكسب كان للأشياخ نصيبا مفروضا في صناعته ، لم يكن جهلا بالحلق والذكر والخلوات البدعية ؛ فقد أتقنها حتى غاليت في بعضها ، فوجدتني قد نذرت للرحمن صوما إلا عن شيخي في الطريقة الذي ولد في نفسي قدرته المزعومة على فتح المغاليق إلى ملك لا يبلى .
يومها كنت جاهلا بما يدور حولي ، وحول من تدور عليهم دعاوى التجهيل والتضليل ؛ فكان ما كان مني نحو الشيخ أبي عبد الرحمن ومنهجه من كوامن ضدية دفعتني لسؤاله وأنا تحت تأثير خلفيات التحدي : لماذا تحارب الأئمة الأربعة ؟ هكذا كان يشيع من لم يرقهم طريقته السلفية .
لم يكد يخرج السؤال من بين شفتي وأنا شاب في السنة الأولى في كلية الشريعة حتى وجدت برد كفه الناعم يأخذ بكفي نحو مقعد جانبي يحاورني بكل هدوء .
خرجت من عنده وقد علتني دهشة دفعني فضولها إلى مواصلة لقائه والتعرف على ما عنده رحمه الله فإذا أنا أقف على عالم متخصص ، ومحاور عنيد ، يحيي السنة ويميت البدع ، داعية إلى التوحيد الخالص ، حرب على الشرك بأنواعه ، تعلوه نضرة الحديث .
شهوده زواجي من فتاة سورية اختارتها لي زوجته خديجة قادري ، وشهد لي بمتابعة الدراسة العالية في جامعة أم القرى شهادة مكتوبة حفظت في ملفي الشخصي .
انقطعت لطلب العلم ، ولم انقطع عن الشيخ رحمه الله وفي أثناء ذلك وجدت الشيخ قد اصطدم بثلاث فئات من الناس :(/1)
الفئة الأولى : فئة العلماء الذين يقرون له بالفضل والسبق في العلم ؛ حيث ناقشوه مناقشة العالم للعالم ، لم يخرجهم خلافهم معه عن حسن الأدب للتقدير للشيخ رحمه الله كان منهم : الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله والشيخ الأنصاري ، والشيخ عمر فلاتة ، وغيرهم كثر .
الفئة الثانية : فئة المتسلقين من الأصاغر الذين وجدوا في كتف الشيخ رحمه الله ورعايته وتوجيهه مخرجا مقنعا لهم وفجوة يعبرون من خلالها لتحقيق أحلامهم وتعويض إخفاقهم على مقاعد الدراسة .
الفئة الثالثة : فرق الضلال وأهل الانحراف فقد أوجعوه تجديعا ، يحدوهم التعصب والهوى والتقليد الأعمى ، فصال عليهم رحمه الله بحجته : قال الله ، قال رسوله . فبدد شمل أدلتهم ، وبين قصر فهمهم ، وأعاد الراحلة إلى جادة الطريق .
استغل هؤلاء والحاسدون بعض كبوات الشيخ رحمه الله ظنا منهم أن الفارس قد هوى ، وغاب عنهم أن اجتهاد العالم مأجور عليه غير مأزور ؛ لكنه العمى أطفأ نور الحق من الصدور فغابت عنهم أشياء وأشياء .
وقبل انسدال المشهد الأخير من حياة الشيخ دفعني الشوق إلى عيادته في مرض موته مع جمع من أهل العلم والفضل ، فرأيت جسدا قد علته صفرة الرحيل وغلبه النحول وتمكن داء الهرم ، قبلت يده ورأسه فرد بصوت خافت هادئ ينبئ عن ذهن حاضر لم يختلط ، حمل بعضنا أمانة إبلاغ سلامة إلى أحبابه ، وما هي إلا أيام معدودة حتى فاضت روحه فأدركته يوم الدفن ، وانسدل الستار على جسد إمام من أئمة المسلمين ليلحق بمن سبقه من علماء الأمة العاملين .
اللهم ارحم عبدك الألباني ، وأكرم نزله ووسع قبره مد بصره ، وتجاوز عما بدر منه اجتهادا أخطأ فيه ؛ إنك سميع مجيب الدعاء .(/2)
العلامة أحمد بن خالد الناصري
العلامة المؤرخ أبو العباس أحمد بن خالد الناصري المتوفى سنة (1310 هـ) نشأ رحمه الله تعالى في مجتمع صوفي مغرق ، التقى بكبار مشايخهم ، ودرس عليهم والتزم مجالسهم ، ثم التزم زاوية العلامة محمد بن ناصر الدرْعي الذي أسس في القرن الحادي عشر زاويته الشهيرة ببلدة (تامَكْرُوتْ) وهي من الزوايا القليلة التي كانت تعمل على إحياء السنة وتدرس منهجها ، والتي كان ينتسب إليها السلطان أبو الربيع سليمان بن محمد بن عبد الله العلوي رحمهم الله ، ومنها سرى فيه حب السنة والدعوة لها ، وكذلك كان الحال مع أبي العباس الناصري رحمه الله.
رحل أبو العباس في طلب العلم ، وتصدى للتدريس والإفتاء مبكراً ، وبعد أن اشتد عوده شرع في التصنيف وأخذ ينقلب على مجتمعه الصوفي وأعلن حرباً على صوفية المغرب فصنف كتابه "الاستقصا لتاريخ المغرب الأقصا"، وكتابه "تمام المنة في الذب عن السنة" وهو كتاب كبير مهم في بابه ، جمع فيه الكثير من ضلالات الصوفية وبدعهم.
وقد أكثر في كتابه "الاستقصا لتاريخ المغرب الأقصا" من ذكر القبورية في المغرب وانتشارها فيه ، ونقل كلاماً رائعا في نقدها وبيان ضلالها ، كما أنه نصر مذهب السلف في العقيدة في عدة مواضع من كتابه ، ورد على الأشعرية المنتشرة هناك في ذلك الوقت.
توفي "رحمه الله" بعد أن ترك خلفه معالم كبيرة للصحوة والتجديد في المغرب ، تجلت في العديد من طلبة العلم الذين تتلمذوا عليه.(/1)
العلامة عبد الله بن إدريس السنوسي
العلامة المحدث أبو سالم عبد الله بن إدريس السنوسي "رحمه الله تعالى" والمتوفى سنة (1350هـ) نشأ صوفياً طرقياً ، وأخذ العلم بالقرويين في المغرب ، برع في كثير من العلوم ، وتقلد مجالس التدريس والإفتاء.
ثسافر إلى الحرمين والتقى بعلمائها ، وتأثر بالحركة الإصلاحية النجدية هناك ، ولقي أهل الحديث من الهنديين ، فتأثر بإمامهم السيد نذير حسين المحدث الدهلوي "رحمه الله تعالى".
عاد للمغرب زمن السلطان الحسن بن محمد بن عبد الرحمن ، فأعلن بقوة نبذ التعصب للمذهب والعمل بالدليل ، ورد على الأشاعرة ، وأفتى بضلال الصوفية وطرقها ، فثارت ثائرة العوام عليه ، ولكن ما لبث أن رسخ دعوته وانقادت له العامة ، وجمع أنصاره.
استقر به المقام في طنجة حيث أقام دروس العلم ونشر السنة ، وتكفله السلطان عبد العزيز بن الحسن بعدما عزل من الملك. وقد تأثر به خلق كثير من طلبة العلم واستجازوه ومنهم جملة من أصحاب الشيخ المحدث أبو شعيب الصديقي الدكالي.
من تعليقات العلامة أبي محمد الحسن بن علي الكتاني الحسني على كتاب "عبد الله التليدي: العلامة المربي، والمحدث الأثري" بتصرف.(/1)
العلامة محمد المكي بن عزوز
الكاتب:الشيخ سليمان الخراشي
كان الشيخ التونسي محمد المكي بن عزوز "رحمه الله" - الذي يقول عنه الكتاني في فهرس الفهارس 3/856 : " كان مُسند أفريقية ونادرتها ، لم نر ولم نسمع فيها بأكثر اعتناء منه بالرواية والإسناد والإتقان والمعرفة ومزيد تبحر في بقية العلوم .. الخ مدحه –
كان "رحمه الله" في بداية شبابه - أيام عيشه بتونس زمن الدولة العثمانية ، من دعاة القبورية المناوئين لدعوة الكتاب والسنة , وقد ألف - حينها - عدة كتب ، منها كتابه " السيف الرباني في عنق المعترض على الغوث الجيلاني " يرد فيه على من أنكر كرامات الشيخ الشهير عبد القادر الجيلاني وما نُسب إليه من خرافات ـ هو بريء منها بإذن الله ـ . وقد تهجم في كتابه هذا على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وجوّز الاستغاثة بالأموات . كما في ( صفحة 35 ) .
ثم حرص على توزيع كتابه هذا في أنحاء بلاد المسلمين ، فوقعت نسخة منه بيد علامة العراق الشيخ محمود شكري الألوسي "رحمه الله" الذي بادر بعد قراءته للكتاب إلى مناصحة صاحبه بإرسال خطاب وعظي رفيق ، دون أن يكتب اسمه عليه ، مرفقٌ به أحد كتب علماء الدعوة السلفية . ولعل هذه الهدية قد صادفت قلبًا متجردًا من ابن عزوز قادته - بإذن الله - إلى الحق ، حيث تغيرت أحواله بعد انتقاله من تونس إلى الأستانة بتركيا .
يقول علامة الشام جمال القاسمي في رسالته إلى الألوسي - ولم يدرِ برسالة الألوسي السابقة لابن عزوز - : " إن حضرة العالم النحرير، سليل العلماء الأفاضل السيد محمد المكي بن عزوز التونسي نزيل الأستانة كان من أشداء المتعصبين للجهميين والقبوريين ، ثم بصّره الله تعالى الحق فاعتنقه، وأصبح يدافع عنه.(/1)
وهذا الفاضل لشهرة بيته ونباهة أمره يُعدُّ بألوف، وقد هاجر من نحو اثني عشر عاماً من تونس إلى الأستانة، وكان رد على الصيادي في تأليف سماه: "السيف الرباني في الرد على القرماني" .. ثم إن الأستاذ الكبير صفينا البيطار لما زار الأستانة هذا العام مع الوفد الدمشقي زار السيد وجرَّ البحث إلى مسائل سلفية، ثم إن الأستاذ كاتبه من شهر فأجابه الآن بجواب نقلت محل الشاهد منه، وأشرت إلى طالب عندنا فنقل صورة ما نقلته وترونه طي هذا الكتاب. وإذا كان لمولانا أيده الله أصدقاء في الأستانة يكاتبهم فلا بأس بمكاتبة السيد المنوَّه به، وإني في هذا البريد سأكتب له بما أرسلت لفضيلتكم من كلامه، وأُعرفه بسامي مقامكم، عساه يزداد بصيرة ونوراً، فالحمد لله على توفيق هذا السيد وهدايته لما هُدي له " .
وقد أورد القاسمي نص رسالة ابن عزوز للبيطار ، وهي : " كتبتُ إلى حبيب لي في المدينة المنورة ما نصه: سؤال خصوصي: أخبرني بإنصاف، واعلم أنك مسؤول في عرصات القيامة عن ذلك، أخبرني عن الوهابية الذين ترون: معاملاتهم، وحالتهم مع السنة، والحضرة النبوية، فأنا إلى الآن ما اجتمعت بوهابي، وقد تناقضت عندي المسموعات بالأذن والمرئيات في الكتب بالأعين؟ وبيان التناقض نقرِّره لك يا حبيب لتعرف كيف تجيبني، فإن المقام خطير:
بعض الناس يقولون: الوهابية يحقرون المقام النبوي، ولا يرون فرقاً بينه وبين بقعة خالية في الأرض، ويقولون لمن شرب الدخان أشركت بالله، وهذا لا معنى له، ويضللون من أثنى على رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنارة، ويكفرون من زار قبراً ودعا الله عنده ويستحلون دمه.(/2)
وهؤلاء القادحون فيهم يقولون على سبيل القدح: هم تابعون ابن تيمية أحمد تقي الدين، فهنا جاء التناقض، فإن ابن تيمية إمام في السنة كبير، وطود عظيم من أطواد العرفان، حافظ للسنة النبوية، ومذهب السلف، يذب عن الدين، ويقمع المارقين ؛ كالمعتزلة والقدرية، والرافضة والجهمية، ما فارق سبيل الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة قيد أنملة، وإن كان حنبلياً في الفروع، فهو في أصول الدين جامع لمذاهب الأربعة الأئمة، والأربعة الخلفاء الراشدين ومن سلك سبيلهم.
فإن كان الوهابية حقيقة على منهج ابن تيمية وابن القيم ونحوهما من فقهاء الحنابلة السنية فهم أسعد الناس بالشريعة؛ لأن ابن تيمية وأصحابه لم يُسيء القول فيهم إلا القاصرون عن درجاتهم، علماً وتحقيقاً، والراسخون في العلم شهدوا بعلو مكانتهم.
وإن كان الوهابية مُتَّصفين بالصفات الذميمة المشار إليها أولاً، فأول خصم لهم ابن تيمية ونظراؤه من أئمة الحنابلة، فليسوا بتابعيهم.
وبعض الناس يقولون: الوهابية هم القائمون بالسنة، المتجنبون للبدع، المتبعون للحديث الشريف، وعلى مذهب أحمد بن حنبل وطريقة السلف في الاعتقاد.
وقد كنت طالعت الرسائل المؤلفة من محمد بن عبد الوهاب وأصحابه، ورأيت ما كتبه الجبرتي في "تاريخه" من عقائدهم وسيرتهم، فما هي إلا طريق السنة ليس فيها ما يُنكر.
ورأيت رسائل القادحين فيهم ينسبون لهم الدواهي والعظائم، والوهابية ينفون ذلك عن أنفسهم، لا يحتجون لحسن تلك القبائح. تنبه للفرق بين قول المتنصل مما نُسب إليه وقول محسِّن ما نُسبَ إليه: فالأول منسلخ من اعتقاد ذلك وفعله، معترفٌ بقبحه، مكذب لمن وصفه به.
والثاني معترف باتصافه. تأمل هذه النقطة، وفي الحقيقة: {تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسئلون عما كانوا يعملون} .(/3)
فأنا أسألك عن الوهابية الحاضرين في عصرنا، فإن رجلاً أخبرني أنهم يكونون مقيمين في المدينة، ويأتون إلى المسجد ولا يقفون على القبر الشريف يسلمون عليه وعلى الصاحبين ونحو ذلك، فإن صح هذا فما أشبه هذا الجفاء بالعداوة لصاحب القبر الشريف.
فأريد منك أن تجتمع بفلان وفلان في محل لا رابع لكم إلا الله، فإن زدتم آخر تعرفونه مثلكم فيما ألاحظه منكم، فذلك عُهدته عليكم، وتقرأون كتابي هذا بتأمل، وتجيبونني بما تحصَّل لكم، ذاكرين قوله تعالى: {وإذا قلتم فاعدوا}. واعملوا أن من البلايا المتسلطة على الدين وإيمان المسلمين أنه صار الذي يصدع بالحديث النبوي الصحيح مقدماً له على عصارة المتفقهين يقال له: أنت وهابي.
وأحكي لكم لطيفة: كنت سألت بعض متفقهة مكة الحنفية عن رجل أعرفه من أكبر الفضلاء قلت له: كيف حال فلان؟ فقال لي: ذلك وهابي. فقلت له: كيف وهابي؟ قال: يتبع البخاري !! فلما حكيتها للسيد عبد الرحمن الجزولي عليه الرحمة والرضوان ـ وأنا نزيل عنده إذ ذاك ـ ضحك وقال: هل البخاري شيخ الوهابية؟ وقد سمعت كثيراً من الناس يقولون: من يتبع الحديث فهو وهابي، ومن يعتقد عقيدة السلف فهو وهابي، فقلت لهم: أنا لا أعرف الوهابية، وكلامكم يدل على أنهم سنيون صرفاً؛ فقد مدحتموهم مدحاً كبيراً من حيث قدحتم فيهم، نتمنى أن يكون مقلدة المذاهب كلهم هكذا إن كنتم صادقين فيما تقولون، لكن الجاهل يهرف بما لا يعرف، ولذلك يقال له {سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} ، وقال تعالى: {وأعرض عن الجاهلين}. وليكن جوابكم بما شاهدتموه لا بما ينقله المغفلون والأعداء المتعصبون، هدانا الله وإياكم للقول السديد ..(/4)
وما أشرتم إليه في مكتوبكم من السير على منهاج الكتاب والسنة وعقيدة السلف، فأنفث نفثة مصدور مغتم القلب بما يرى ويسمع من قلب حقائق الأمور. أنتم منَّ الله عليكم بجلساء موافقين لمشربكم في التماس الحقائق، والتزام أقوم الطرائق، ذوق وإنصاف، واتصاف بأجمل الأوصاف، كرفقائكم الذين شرَّفوا منزلنا وأكرمونا بتلك الأخلاق الكريمة، وكالأستاذ الجمال القاسمي وغيرهم ممن لم نحظ برؤيتهم فبلِّغوهم سلامي، وخلوص غرامي، وأما الحقير هنا -أي في الأستانة- فكما قال القائل:
ما أكثر الناس لا بل ما أقلَّهم **** الله يعلم أني لم أقل فندا
إني لأفتح عيني حين أفتحها *** على كثير ولكن لا أرى أحداً
فلا أجد من أطارحه مسائل العلم الصحيح؛ لأن الناس بالنظر إلى هذا المقام على قسمين:
جاهل لم يزاول العلم أصلاً، فهو لا يفقه ما نقول، وحسبه إن سأل أن أجيبه بزبدة الحكم، وهو أحب إليَّ ممن عرف بعض العلم إن لم يفتنه فاتن؛ لأنه وإن لم أستفد منه مذاكرة تُفكِّه عقلي، وتنقح نقلي، فقد أفادني من الله أجراً، وقد يكون لغيره سلسبيل تلك الإفادة أجرى.
والقسم الثاني: طالب علم زاول العلم فشمَّ رائحته، وجمد على ما عهد من شيخ مثله، فهذا أحسن أخلاقه أن لا يسمع لقولك ولا يتحدث بما يؤذي، وإنما قلت أحسن، لأن غيره من أهل العناد الحمقى يضللون من خالف ما اعتادوه.
سئلت مرة في مجلس: هل تجوز الاستغاثة بأولياء الله؟ فقلت: لا يستغاث إلا بالله. وفي المجلس شيخ كبير ممن يعاني تدريس العلم عارضني بأنه يجوز، فقلت له: ما دليلك؟ فقام مغضباً قائلاً وهو ذاهب: دليلي قول اللقاني:
وأثبتن للأوليا الكرامه ***** ومن نفاها فانبذن كلامه
فانظروا الدليل وتنزيله على الاعتراض، هؤلاء لا يفرقون بين معنى الاستغاثة، ومعنى الكرامة ، وهو من الضروريات.(/5)
ومما أتعجب منه وأتأسف، ما رأيته في نتائج مخالطاتي لأهل العلم ومناظراتي ومذاكراتي: أني أجد الشبان والطلبة الصغار أقرب قبولاً للحق، وذوقاً للصواب، وسروراً بالدليل من الشيوخ، وأكثر الشيوخ جامدون على ما ألفوه، ومن أحبارهم ورهبانهم عرفوه، ولا أدري: هل ذلك لطول قعودهم في أرض التقليد صاروا كمن دُقت له أوتاد والتحمت تلك الأوتاد بالأرض، فلا يستطيعون النهوض منها؟ أم لأن غالب الشيوخ أكبر مني سناً؟ فهم يأنفون من أن يستفيدوا ممن هو أصغر منهم؟ أم كيف الحال؟
وعلى كل حال أتذكر عند ذلك قول الشاعر:
إن الغصون إذا قوَّمتها اعتدلت ****** ولن تلين إذا كانت من الخشب
وإني أحمد الله تعالى على أن أنقذني من أسر التقليد، وصرت إذا رأيت تعنتهم واتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله أتلو قوله تعالى مذكراً لنفسي آلاء الله: {كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم} ، لأني كنت أرى قول فقيه: المعتمد كذا، أو استظهر شيخنا كذا، كأنه بين دفَّتي المصحف، والله بل آكد "أستغفر الله"؛ لأني أقول: الآية لا أفهمها مثله، ونظن كل كلمة قالها مالكي فهي من مقولات مالك أو حنفي فأبو حنيفة أو شافعي...إلخ ، والخروج عن الأربعة كالكفر ولو أيده ألف حديث. والحمد لله الذي عافانا مع بقاء احترامهم ومحبتهم في قلوبنا.
وأخبركم أني لما بدأت في الاستضاءة بنور الحديث ووزن خلافات الأئمة والفقهاء بالأدلة، وصرت أصلي بالقبض والرفع...إلخ، وذلك سنة ست عشرة وثلاثمائة وألف، ألقي لي في المنام قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله} ، وقمت بها من المنام على لساني. ولا تنسونا من الدعاء، ودمتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في ذي الحجة سنة 1327 حافظ ودكم . محمد المكي بن عزوز التونسي " .(/6)
انتهت رسالة ابن عزوز للبيطار . ( نقلتها من كتاب : الرسائل المتبادلة بين القاسمي والألوسي ، للأستاذ محمد العجمي ، صفحة 101-110 ) .
***********************
فأجاب الألوسي على رسالة القاسمي السابقة بقوله : " سرّني ما كان من المراسلة بين السيد محمد المكي وبين السلفيين في دمشق. وهذا الرجل أعرفه منذ عدة سنين ؛ فإن كتابه "السيف الرباني" لما طُبع في حضرة تونس أرسل منه لنقيب بغداد عدداً كثيراً من نسخه، فأعطاني النقيب يومئذ نسخة منه، فطالعتها فرأيت الرجل من الأفاضل، غير أنه لم يقف على الحقائق، فلذلك استحكمت الخرافات في ذهنه فتكلم على السلفيين، وصحح بعض الأكاذيب التي يتعلق بها مبتدعة الصوفية ، وغير ذلك من تجويز الاستغاثة، والتوسل بغير الله، وإثبات التصرف لمن يعتقد فيهم الولاية، والاستدلال بهذيان ابن دحلان ونحوه... كما ترى بعضاً من ذلك في الورقة المنقولة عن كتابه. فأرسلت له كتاب "منهاج التأسيس" مع التتمة المسماة "بفتح الرحمن"، وذلك سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة وألف، وكان إذ ذاك في تونس لم يهاجر بعد، ولم أعلمه بالمرسل، ويخطر لي أني كتبت له كتاباً أيضاً التمست منه أن يطالع الكتاب كله مع التمسك بالإنصاف، ولم أذكر أسمي ولا ختمته بختمي، وأرسلت كل ذلك إليه مع البريد الإنكليزي. وبعد ذلك بمدة هاجر إلى القسطنطينية، وكان يجتمع كثيراً مع ابن العم علي أفندي ويسأله عن كتب الشيخين ويتشوق إليها.
وقد اجتمع به ابن العم في هذا السفر الأخير وأخبرني عنه أنه الآن تمذهب بمذهب السلف قولاً وفعلاً وأصبح يجادل أعداءه، ويخاصم عنه . ولم يزل يتحفني بسلامه، ويتفضل علي بالتفاته". ( المرجع السابق ، صفحة 113-115 ) .
***********************(/7)
قلت : وقد أرسل ابن عزوز بعد هدايته للسلفية رسالة إلى الشيخ الكويتي عبد العزيز الرشيد صاحب مجلة "الكويت" قال فيها : " دخل علي السرور ما الله به عليم في التعرف بكم وظفري بصاحب مثلكم، وذلك أن قلبي موجع من غربة العلم والدين وأهله وقلة أنصاره. وإيضاح هذا: أني لست أعني بالدين الدين الذي قنع به أكثر طلبة العصر والمنتسبين إلى العلم في الشرق والغرب من كل مذهب من مذاهب أهل السنة.
سارت مشرِّقة وسرت مغرباً ***** شتان بين مُشرِّق ومغرِّب
ولكني أعني بالعلم والدين علم السنة، وما الدين إلا اتباعها وإيثارها على عصارات الآراء وهجومة المتفقهة، وما التوحيد إلا توحيد السلف الصالح، وأما غيره فأشبه بالضلالات وزلقات الهفوات... إننا نجد فقيهاً تقياً محباً للسنة ومبغضاً للبدعة، متعففاً من تناول الحرام، واقفاً موقف النصح والإرشاد للخلق، حسن النية، لكنه جاهل بعبادات النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه في شؤونه كلها.(/8)
وقد يكون عارفاً بها أو ببعضها، ويترك المتابعة النبوية عمداً، لأنها خالفت قول فقهائه، ولو تخبره بإصلاح عبادة أو تحرير حكم شرعي بنص نبوي ينفر منك نفرته من العدو، ورآك مخادعاً ، ولربما اتخذك عدواً مبيناً بعد المحبة والصحبة ويحكم بضلالك ، كل ذلك لغلوه في التقليد، ولا يخفى أن أولئك لا يقال لهم علماء إلا مجازاً خلاف في ذلك كما قاله ابن عبد البر وغيره، وتجد آخر متفنناً بعدة علوم، وربما يكون مطلعاً على دواوين الحديث نبيهاً، له همة تنبو به عن التقليد، يبالغ في تتبع الأدلة، فينقلب عن الدين وغيرته في اعتقاد تأثير الطبيعة، حتى ينكر معجزات الأنبياء، وينكر كونها خارقة للعادة ونحو ذلك من القول بنفي حشر الأجساد في الآخرة ونفي تناسل البشر من آدم وحواء. الخ. وإياها أعني في عدة مباحث من (العقيدة الإسلامية) التي رأيتموها بجدة، وبعض هؤلاء أيضاً لهم حسن نية في تعديهم الحدود، فهذان الفريقان اللذان هما على طرفي نقيض، أحدهما مُفرط، والآخر مُفَرط، كلاهما يعدهما المغفلون من علماء الدين، ولكل منهما أتباع وأنصار. (انعق بما شئت تجد اتباعاً) .(/9)
والقسم الثالث: وهم الأوسطون الذين تفقهوا بفقه الأئمة رضوان الله عليهم، واعتنوا بالحديث الشريف مع تفنن في الأصول والعلوم العربية، ودققوا مسائلهم الدينية، فما كان من الفقه سالماً من مصادمة سنة بقوا عليه، وما صادمها نبذوه وعذروا قائله بعدم بلوغ الخبر له، هذا فيما يتعلق بالعلم العملي، وأما الاعتقادي فهو معذور في الابتداء في كتب المتكلمين، ثم يترقى بطريقة السلف ، ولا تؤخذ حقيقتهما إلا من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وصاحبه الذي هو نسخة صحيحة لا تحريف فيها الشمس ابن القيم، فيعتقد ما هناك بأدلة متينة وإيمان راسخ، فيصبح من الفرقة الناجية التي عرّفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم على ما كان عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهذا القسم الثالث الذي هو على الصراط المستقيم، المدعو بالهداية إليه في الفاتحة بكل ركعة، قليل في الوجود مع الأسف، قال الله تعالى: {وقليل من عبادي الشكور} فأنا أنظر شرقاً وغرباً فأرى كما قيل:
ما أكثر الناس لا بل ما أقلهم **** الله يعلم أني لم أقل فندا
إني لأفتح عيني حين أفتحها **** على كثير ولكن لا أرى أحداً
وربما أجد في مليون من الخلق واحداً، فأنا أشد فرحاً من ولادة ولد ذكر لابن الستين الفاقد البنين، ولهذا سررت بكم بعدما تتبعت كتابكم الذي أهديتموه لي، لأني طالما انخدعت للمدعين بطريقة السلف اعتقاداً وتحري السنة تفقهاً، فأجد من آثارهم عند إمعان النظر، أنهم ليسوا الذين أريد، ولذلك وقفت النظر في كتابكم، وأنا معذور، إذ لم يسبق بيننا تعارف ولا مذاكرة، فوجدتكم والحمد لله من الضالة التي أنشدها، وأيده كتابكم الخصوصي الذي أرسلتموه لي، فجزى الله علامة العراق خيراً السيد شكري، حيث دلكم على إجراء وسيلة التعارف بيننا، وكذلك صديقنا الكامل السني السيد محمد نصيف في اطلاعكم على رسالتنا التوحيدية، وهذا كله يظهر مصداق الحديث الشريف ((الأرواح جنود مجندة)) الخ..(/10)
(ومنها بعد كلام طويل وسطور كثيرة) .. أحبابنا غرّوكم بالعاجز، فكما أنه لا يقبل قدح العدو في عدوه، فكذلك لا يقبل إطراء الحب لحبيبه، والذي نفسي بيده إني لخال مما تظن ويظنون فلا علم ولا عمل ولا صلاح ولا إخلاص، ووالله ما هو من هضم الأفاضل أنفسهم تواضعاً بل الإنسان على نفسه بصيرة، وأحمق الناس من ترك يقين نفسه لظن الناس، وأنا أحكي لكم مقدار بضاعتي تحقيقاً كأنكم ترونني رأي العين، والله على ما نقول وكيل. أما الأصل والنسب فلا نتعرض له كما قيل:
إن الفتى من يقول ها أنا ذا **** ليس الفتى من يقول كان أبي
فأنا قد ربيتُ في معهد العلم من صغري، وقد وسّع الله علينا من رزقه، ما سهل به القراءة زمان التعلم والإقراء على شيوخ عديدة على اختلاف مشاربهم وتفاوت درجاتهم تفنناً وأخلاقاً، وارتحلت إلى بلدان عديدة، فجمعت بعض ما كان متفرقاً من العلوم والحمد لله، ولكن لهو الشباب حال بيني وبين الاستكمال في العلم والتهذيب، وأيضاً لا نعرف في بلادنا المغربية إلا التقليد الأعمى، فقد كنا نعد الفتوى بحديث البخاري ومسلم ضلالاً، وكما شدد علينا شيوخنا في ذلك، شددنا على تلاميذنا هناك، فالتاجر كما اشترى يبيع ويزيد المكسب، فمن ذلك أني عند سفري إلى المشرق استعار مني ابن أختي الخضر ابن الحسين الذي لقيتموه في المدينة (نيل الأوطار) للشوكاني، فما تركته حتى أقسم لي بالله أنه لا يتبعه فيما يقول، ومن ذلك أني وجدت في عام 1300 كتاب (الروضة الندية) للسيد صديق حسن خان يباع عند كتبي في مكسرة ، اسمه الشيخ الأخضر السنوسي العقبي، فنهرته وزجرته، وقلت له: حرام عليك تبيع الروضة الندية، فصار يعتذر بمسكنة كأنه فعل خيانة، أما تصانيف ابن تيمية وابن القيم فو الله ما نظرت فيها سطراً لنفرة قلوبنا منها، ومن جهل شيئاً عاداه.(/11)
لكن في العاجز رائحة استعداد وشوق للدليل، فلما ارتحلت إلى المشرق سنة 1316، واطلعت على كتب أهل هذا الشأن باستغراق الوقت لا واشي ولا رقيب، وأمعنت النظر بدون تعصب، فتح الله على القلب بقبول الحقيقة، وعرفت سوء الغشاوة التي كانت على بصري، وتدرجت في هذا الأمر حتى صارت كتب الشوكاني وصديق خان وشروح بلوغ المرام وما والاها أراها من أعز ما يطالع ، أما كتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم فمن لم يشبع ولم يرو بها فهو لا يعرف العلم.
ويلحق بها كتب السفاريني، وجلاء العينين للسيد نعمان، وآثار إبراهيم الوزير ونحوهم، ومنذ عرفت الحقائق، استرذلت الحكم بلا دليل والحمد لله (وإنا لنرجو فوق ذلك مظهراً) .
ومن اللطائف أن في الشهر الأول والثاني من انفتاح البصيرة، ألقي إلي في مبشرة منامية قوله تعالى: { سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}.
والحاصل فما ذكر لكم من تلك المناقب لم ألبس منها ثوباً قط، وإنما أنا محب لأهلها، وذاب عنهم، وناصر لهم، ولعله يشملني حديث ((المرء مع من أحب)) فمن وصفني بما زاد على ذلك، فقد استسمن ذا ورم، ونفخ في غير ضرم "
(المرجع : مجلة الكويت ، الجزء 10 العدد الأول ، ورسالة : المكي بن عزوز - حياته وآثاره ، للأستاذ على الرضا الحسيني) .
تعليق
1- رحم الله الشيخ ابن عزوز الذي حرص على معرفة الحق ، وبذل السبب في السؤال عنه ، ولم يركن إلى تقليد المغرضين ؛ حتى شرح الله صدره له ، وهكذا الموفق إذا ما تشوف قلبه للحق أدركه بحول الله .
2- ورحم الله العلماء ( البيطار والألوسي والقاسمي والرشيد ) الذين بذلوا النصح له ، وراسلوه بالأسلوب الحسن ، وأخذوه بالرفق ؛ حتى يسر الله رجوعه .(/12)
3- في مراسلة الألوسي له فائدة ؛ وهي أن يجتهد العلماء وطلبة العلم في مراسلة المعرضين والجاهلين ؛ خاصة من الرؤوس والمشاهير ، مع إتحافهم بالهدايا من الكتب والأشرطة النافعة التي ترشدهم ، وتبين لهم الحق ، ولا يزهدوا في هذا الأمر ، فربّ رسالة أو كتاب أو شريط قادت إلى نفع عظيم للإسلام والمسلمين . والله الهادي ..(/13)
العلامة محمد حامد الفقي
قال الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله: عندما رأيته يدرس في مكة عند باب علي قلت هذا ضالتي وكانت حلقته أول حلقة أجلس فيها في الحرم و كان ذلك عام 1367 هـ .
و قال الشيخ أبو تراب الظاهري رحمه الله: كان رحمه الله إذا صعد المنبر لخطبة الجمعة يقول بأعلى صوته: كفرت بالطاغوت.. كفرت بالبدوي .. كفرت بكذا... ولقد كان يجتمع في حلقته في المسجد الحرام خلق كثير يجتمعون حوله ما بين قاعد و قائم .
وأما قصته تلك فيحكيها الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله و هو أحد تلاميذه فيقول ، قلت للشيخ: يا شيخ أنا عندي سؤال؟
فقال: ما هو سؤالك يا ولدي؟
فقلتُ لهُ: كيفَ صرتَ موحداً وأنت درست في الأزهر؟ (وأنا أريدُ أن أستفيد والناس يسمعون)
فقال الشيخ: والله إن سؤالك وجيه.
قال: أنا درست في جامعة الأزهر ، ودرست عقيدة المتكلمين التي يدرِّسونَها ، وأخذت شهادة الليسانس ... وذهبت إلى بلدي لكي يفرحون بنجاحي ...
وفي الطريق مررتُ على فلاّح يفلح الأرض ، ولما وصلت عندَه .. قال: يا ولدي اجلس على الدكّة .. وكان عندهُ دكة إذا انتهى من العمل يجلس عليها ، وجلستُ على الدكة وهو يشتغل ، ووجدت بجانبي على طرفِ الدكة كتاب ، فأخذت الكتاب ونظرت إليه ... فإذا هو كتاب ((اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية)) لابن القيم ؛ فأخذت الكتاب أتسلى به ، ولما رآني أخذت الكتاب وبدأت أقرأ فيه .. تأخر عني ... حتى قدّر من الوقت الذي آخذ فيه فكرة عن الكتاب .
وبعد فترة من الوقت وهو يعمل في حقلِهِ وأنا أقرأ في الكتاب جاء الفلاّح وقال:
السلام عليكم يا ولدي ، كيف حالك؟ ومن أين جئت؟ فأجبتهُ عن سؤالهِ.
فقال لي: والله أنت شاطر، لأنك تدرجت في طلبِ العلم حتى توصلت إلى هذه المرحلة ؛ ولكن يا ولدي أنا عندي وصية.
فقلتُ: ما هي؟
قال الفلاّح: أنت عندك شهادة تعيشك في كل الدنيا في أوربا في أمريكا ، في أيِّ مكان.(/1)
ولكنها ما علمتك الشيء الذي يجب أن تتعلمه أولاً.
قلتُ: ما هو؟!
قال: ما علمتك التوحيد!
قُلتُ لهُ: التوحيد!!
قال الفلاّح: توحيد السلف.
قلتُ لهُ: وما هو توحيد السلف؟!!
قال لهُ: انظر كيف عرف الفلاّح الذي أمامَك توحيد السلف.
هذه هي الكتب:
كتاب "السنة" للإمام أحمد الكبير.
وكتاب "السنة" للإمام أحمد الصغير.
وكتاب "التوحيد" لابن خزيمة.
وكتاب "خلق أفعال العباد" للبخاري.
وكتاب "اعتقاد أهل السنة" للحافظ اللالكائي.
وعدَّ لهُ كثيراً من كتب التوحيد.
وذكر الفلاّح كتب التوحيد للمتأخرين.
وبعد ذلك كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القِّيم.
وقال لهُ: أنا أدلك على هذه الكتب إذا وصلت إلى قريتك ورأوك وفرحوا بنجاحك .. لا تتأخر ارجع رأساً إلى القاهرة .. فإذا وصلت القاهرة .. ادخل (دار الكتب المصرية) ستجد كل هذه الكتب التي ذكرتُها كلها فيها ..ولكنها مكدّسٌ عليها الغبار .. وأنا أريدك تنفض ما عليها من الغبار وتنشرها.
ثم إنني استوقفت الشيخ وسألتُهُ: كيف عرف الفلاّح كل ذلك؟!
قال الشيخ حامد: لقد عرفَهُ من أُستاذِهِ (الرمال) .. هل تسمعون بـ (الرمال)؟
قلتُ لهُ: أنا لا أعرف (الرمَّال) هذا .. ما هي قصتُهُ؟
قال: (الرمَّال) كان يفتش عن كتب سلفه .. ولما وجد ما وجد منها .. بدأ بجمع العمال والكنّاسين .. وقام يُدرّس لهم .. وكان لا يُسمح لهُ أن يُدرسَ علانية .. وكان من جُملَتِهم هذا الفلاّح .. وهذا الفلاّح يصلح أن يكون إماماً من الأئمة .. ولكنهُ هناك في الفلاحة .. فمن الذي يصلح أن يتعلم؟!
ولكن ما زال الخيرُ موجوداً في كُلّ بلدٍ حتى تقوم الساعة.
المرجع: المجموع للشيخ حماد الأنصاري (1/294-297)
تصوفه :
لماذا أقسو على الصوفية؟!
هذه الأسطر القادمة ..
هي بيان من الشيخ موجز عن خلاصة ما وصل إليه عن الصوفية وتصوفهم..
الشيخ الذي كان يوماً من الأيام مع هؤلاء الضلال الجهال ..
نزع غشاوة الظلمة بنور الاتباع قامعاً ظلمات الابتداع ..(/2)
فهو هنا ناصحاً وموجهاً ومعلماً ومحذراً ..
وأيضاً فهو يبرر أن كان قد أحسوا منه شدة ..
فإنه قد عاش وضاق طعم المرارة ..
فأراد أن لا يذوقها غيره ..
فإلى كلماتهِ وتوجيهاته رحمه الله:
إن هذه الطرق الصوفية المنتشرة في الناس اليوم تروج الكفر والوثنية والدجل وتعمل جاهدة لتأليه الدجالين واعتصار دماء الجماهير لتتضخم جيوب شيوخها أولياء الشيطان وتنشر في الناس ظلمات الجاهلية الأولى وتحارب الله ورسوله و تهيئ الأمة الإسلامية بهذه الجاهلية العمياء وهذه التقاليد الخرافية وهذه الغباوة البهيمية لتكون لقمة سهلة الهضم للأعداء،هذه الطرق الصوفية هي المعول الذي هدم به اليهود والفرس صرح الإسلام،هذه الطرق الصوفية هي اليد الأثيمة التي مزقت رقعة الدولة الإسلامية،وشيوخ الطرق الصوفية هم الذين يمكنون المستعمرين في مراكش وتونس والجزائر والهند وفي السودان وفي مصر وفي كل مكان من البلاد الإسلامية وهم سماسرة المستعمر وخدمه المخلصون في خدمته إذلال المسلمين واستغلالهم.
ولقد كُنتُ واحداً منهم وعرفت دخائل أمورهم وخبايا زواياهم وسيء مكرهم وخبث قصدهم، فالحمد لله الذي أنقذني وهداني إلى الإسلام الحق الذي بعث الله به رسله ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، وإني بكيدهم وكفرهم ووثنيتهم أعرف، ولذلك أنا أشد حرباً عليهم ولا أزال حرباً عليهم ما بقي فيَّ عرق ينبض بالحياة مُستعيناً بربي وحده، متأسياً بالرسولِ الكريم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم صابراً على كل ما يكيد به أعداء أنفسهم من حزبِ الشيطان، أعداء الرحمن مؤمناً بأن العاقبة للمتقين وأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
مُقتطف من جُملة أحاديث للمُهتدي إلى مُعتقدِ أهل السنة والجماعة بعد تركه لضلالات المبتدعة أصحاب الطُرق الصوفية..(/3)
العلامة محمود المراكبي
خادم السنة المبرمج الكاتب الداعية المهندس العلامة محمود عوض المراكبي ، ولد في القاهرة 1945 م ، نشأ في بيئة محافظة متدينة ، وظهرت عليه علامات النبوغ منذ الصغر فكان يتفوق على أقرانه في شتى المجالات ، حبب إليه التدين فسلك في الطريقة الميرغنية الختمية لمدة تزيد على الخمسة عشر عاماً ، التزم خلالها صحبة كبار مشايخها ، حتى انتهى به المقام أن أصبح من مشايخها والدعاة لها.
شرع في الإطلاع على المكتبة الإسلامية ، وتنوعت دراساته لتشمل أهم فروع المعارف الإسلامية: القرآن والتفسير، والحديث، والتاريخ الإسلامي، والتصوف، والفرق الإسلامية ، إلى أن تبين له مخالفة كثير من معتقدات الصوفية لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مما حدى به إلى تأصيل تجربة التصوف، وإصدار سلسلة الظاهر والباطن لتحذير المريدين من الانخراط في الطرق المؤدية لمخالفة الكتاب والسنة.
وتبين له انتشار مجموعة من الأفكار والمعتقدات البعيدة كل البعد عن الكتاب والسنة ، ومن ذلك التصوف المنتشر في مصر ، وغيرها من البلدان الإسلامية ، فقام بكتابة مجموعة من الكتب التي تهدف إلى تصحيح مفاهيم الفكر الباطني ، وبيان فساد الصوفية ، وعرض مفاهيمها في ضوء الكتاب والسنة، حتى أن جماعة أنصار السنة طلبت منه أن يكتب مقالات شهرية في مجلة التوحيد ، وقد ساهمت هذه المقالات في ابتعاد عدد من الصوفية عن اتباع المشايخ والابتعاد عن الأضرحة ، وتعرض القائمة التالية بعض مؤلفاته:
• أحكام تلاوة القرآن الكريم (منشور - نفذت الطبعة الأولى)
• القول المبين لنفع السالكين (منشور - نفذت الطبعة الأولى)
• (موسى والخضر علما الظاهر والباطن) (الطبعة الثانية)
• (ظاهر الدين وباطنه)
• (تسرب الفكر الباطني إلى الشرائع السماوية)
• (جذور الشيعة وجيش المهدي) (الطبعة الأولى)
• (عقائد الصوفية في ضوء الكتاب والسنة) نفذت منه 40 ألف نسخة منذ نشره عام 1995(/1)