فهرس المكتبة
منهج أهل السنة والجماعة في الدعوة إلى الله
لفضيلة الدكتور الشيخ العلامة:
محمد أمان بن علي الجامي -رحمه الله تعالى-
1349 هـ ـ 1416هـ
عميد كلية الحديث الشريف ورئيس شعبة العقيدة بالدراسات العليا
بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سابقا
تفريغ: محمد مصطفى الشامي
فلسطين- 1427هـ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أنْ لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102 )
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء: 1 ).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71)
أما بعد:
فإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي، هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشرَّ الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالةٍ في النار.
ثم أما بعد:
أيها الإخوة الحضور أحييكم بتحية الإسلام، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته فحديثي كما سمعتم بهذا العنوان:
منهج أهل السنة والجماعة في الدعوة إلى الله
هذا المنهج هو المنهج الأصيل الذي نرجو من الله أن يثبتنا عليه.(1/1)
معنى المنهج الطريق الواضح الذي لا غموض فيه ولا الْتِوَاء، المنهج والمنهاج والنهج بِمَعَنى واحد، نهج، ينهج، نهجاً، ومنهجاً، ومنهاجاً أي سلك الطريق الواضح الذي لا غموض فيه ولا الْتِوَاء ولا ظلام، هذا هو المنهج، منهج أهل السنة.
أما أهل السنة والجماعة فمعروفون وهو اصطلاح قديم، اصطلاح أهل السنة والجماعة واصطلاح السلفيون واصطلاح الخلفيون، اصطلاح قديم، كانتْ الناس قبل أن يَطْرأَ الاختلاف على المسلمين أي في عهد السلف الصالح فِي عهد الصحابة والتابعين إلى أواخر أيام الأُمويين، الناس كلهم سلف على منهج واحد مُوَحَّد لا اختلاف بينهم؛ لذلك لا يُتصَوَّر أن يُوجد عند الأولين هذه الألقاب سلفي أو خلفي أو هذا من أهل السنة والجماعة وهذا أثري، لا معنى لِهذه الألقاب عند تلك الجماعة الأولى، وهي الجماعة التي نعتز بإتباعها الجماعة الأولى التي اجتمعت على الهدى، على الحق، على الخير، الجماعة التي شهد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيرية:(خير الناس قرني ثم الذي يلونهم ثم الذين يلونهم)، الجماعة التي قال فيهم بعض الخلف:
وكل خير في إتباع من سلف
وكل شر في ابتداع من خلف
هؤلاء السلف كانوا جماعة، فإذا قِيلَ بعد ذلك، بَعْدَ تفرق المسلمين إلى فِرَقٍ وَوُجِدَ بينهم أصحاب الفرق والأهواء والطوائف، أُطلق على الذين بقوا على الخط ولازموا الخط أنهم أهل السنة والجماعة أي أنهم هم المتبعون للجماعة الأولى وهم المتمسكون بالسنة، المراد بالسنة هنا الطريقة والهديُّ أي المتبعون لطريقة رسول الله عليه الصلاة والسلام وهديه الذين لم يغيروا ولم يبدلوا يقال: لهم أهل السنة والجماعة ويقال لهم: السلفيون ويقال لهم: الأثريون الذين يتبعون الأثر ويتبعون السنة هؤلاء أهل السنة والجماعة وهؤلاء هم السلفيون أي المنتسبون إلى السلف.(1/2)
السلف كل من سبقك من آبائك وأجدادك فَهُمْ سلفك وسلفنا أولئك السادة الذين سبقونا إلى الإيمان إلى إتباع هديِ رسول الله عليه الصلاة والسلام واتبعناهم، هم سلفنا، مَنْ جاء من بعدهم فلم يغير ولم يبدل واتبع منهجهم يقال لهم السلفيون أي المنتسبون إلى السلف المتبعون لهم ومن خالفهم فيقال لهم خلْفيون أو خلَفيون { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ.. } (مريم: 59) ،في لغة القرآن يقال لهم: خلْف وخلَف هذه أقسام الناس.
وعندما نقول منهج أهل السنة والجماعة في الدعوة إلى الله، نريد أن نبحث كيف دعا إلى الله سلفُنا؟؟ ونحن المنتسبون إلى السلف يجب أن نسلك مسلكهم في الدعوة إلى الله، الدعوة إلى الله واجب كل مسلم عرف شيئا من الإسلام، عرف العقيدة والشريعة وعَمِل بها؛ فيجب عليه أن يدعوا إلى الله، كلُّ في حدود استطاعته ومعرفته ولكن؛ كيف دعا أهل السنة والجماعة وسلف هذه الأمة كيف دعوا إلى الله؟؟ ما طريقتهم؟؟
طريقتهم تؤخذ من قوله تعالى: { ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } (النحل: 125 ).
طريقتهم ومنهجهم تؤخذ من قوله تعالى: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي } (يوسف: 108 )، منهج القوم وطريقتهم في الدعوة إلى الله تؤخذ من هذه النصوص:( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) هذه النصوص توضح لنا طريقة سلفنا في الدعوة إلى الله.(1/3)
أولاً يكون الإنسان الداعية على بصيرة، على علم ومعرفة، لا ينزل ميدان الدعوة إلى الله إلا وقد تعلم واكتسب البصيرة بِدِراسة ما تيسَّر له من كتاب الله ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام وكلام السلف الصالح ومعرفة منهجهم، يكون على بصيرة ليكون من أتباع رسول الله عليه الصلاة والسلام حقاً وصدقا، يبدأ دعوته إلى الله باستعمال الحكمة وبالموعظة الحسنة.
الحكمة وضع الشيء موضعه، الحكمة قد تكون شدة وقد تكون لِينَاً، إنْ كان المقام يستدعي الشدة، الشدة هي الحكمة، ومِن حكمة الله تعالى أنْ شَرَع القصاص والحدود، فيها الشدة وفيها القوة وفيها القضاء على الإنسان وفي تلك الحدود قضاء على بعض أعضاء ابن آدم لكن؛ الحكمة تقتضي ذلك، الحكمة وضع الشيء في موضعه، وضع القوة في موضعها، واللين في موضعه، هذه هي الحكمة وليست الحكمة دائما اللين بل اللين في موضع القوة مخالفة للحكمة وكذلك العكس، بمعنى الداعية يعرف متى يجهر ومتى يسكت ومتى لا يجهر ومتى يتكلم ومتى يشتد ومتى يستعمل اللين، يعرف كل ذلك، يعرف واقع الأمة وواقع المنطقة التي هو فيها وواقع الجماعة الذين هو فيهم، يعرف ذلك ليستعمل ما يناسب من الأساليب، هذه هي الحكمة.(1/4)
ويستعمل الموعظة الحسنة التي لا تجريح فيها ويجادل بالتي هي أحسن، الجدال نوعان: جدال بالباطل وهذا محرم ومن صفات المنافقين، الذي يجادل بالباطل ليقلب الحق باطلاً والباطل حقاً وليظهر شخصيته ويكتسب الشهرة ويلفت أنظار الناس إلى نفسه بالجدال وبالمناقشة العقيمة التي لا تنتج ولكن؛ الداعية من دعاة الحق يستعمل الجدال بالتي هي أحسن يناقش ليصل إلى الحق ولينصر الحق وليظهر الحق، ولو أدى النقاش إلى نوع من التصريح وإلى نوع من التجريح أحياناً، طالما غرضه نصرة الحق وإظهار الحق والدفاع عن الحق فليؤدِّ النقاش والجدال والأخذ والرد إلى تَجريح من يَسْتحق التجريح، من الحكمة ومن الجدال بالتي هي أحسن هذه طريقة أهل السنة والجماعة في الدعوة إلى الله.
ومن أهم صفاتهم الحرص على البيان وعدم الكتمان وعدم التلبيس وعدم التضليل، ليس مِن صفات أهل السنة والجماعة وليس من أسلوب دعوتهم أن يُلَبِّسُوا على الناس وأن يكتموا الحق وأن يحاولوا تجميع الناس على الجهل، يسوقوهم سوق القطيع.
بل يعتمدون على التربية والتعليم من أساليب أهل السنة والجماعة التربية الصالحة، التربية التي يختار فيها المعلم الصالح والمنهج الصالح، إذا اجتمع لطالب العلم المنهج الصالح و المعلم الصالح تلك سعادة طالب العلم.(1/5)
من أساليب أهل السنة والجماعة الحرص على التعليم والتركيز عند التعليم على العقيدة، التركيز على العقيدة، إنْ كانت الدعوة موجهة إلى غير المسلمين يحاولون تأسيس العقيدة وبناء العقيدة في نفوس الناس، العقيدة التي هي معرفة الله ومعرفة أسمائه وصفاته ومعرفة دينه ومعرفة نبيه ومعرفة ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام، التركيز على تثقيف الناس وتعليم الناس وتربية الناس على العقيدة السليمة من شوائب الشرك في باب العبادة، العقيدة السليمة من التحريف والتعطيل والتشبيه والتمثيل في باب الأسماء والصفات، العقيدة السليمة من استيراد الأحكام غير أحكام الله التي أنزلها في كتابه، هذه التربية هي التربية الصحيحة السليمة التي يستعملها أتباع السلف السلفيون منذ أنْ وفقهم الله وتمكنوا من نشر العلم، من نشر العقيدة، من نشر الأحكام بين الناس، يسلكون هذا المسلك، يركزون على تعليم الناس ويركزون في تعليمهم على العقيدة ثم على تصحيح العبادات لِتَسْلَمَ عباداتهم من الابتداع وتصحيح معاملاتهم وتصحيح قياساتهم والمحافظة على اقتصادهم الإسلامي، دعوة شاملة بدءاً من العقيدة ومروراً على العبادة والأحكام والمعاملات والاقتصاد والسياسة والأخلاق، دعوة عامة شاملة، دعوة متحركة حية، يظهر أثرها في أعمال الناس حتى لا يوجد من يشرك بالله ومن يستغيث بغير الله ومن يذبح لغير الله، حتى لا يوجد من يَعْبُدُ الله بخلاف ما جاء بِهِ محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام، حتى لا يوجد من يستورد الأحكام الوضعية من خارج دور الإسلام، ولا يوجد من يضع القوانين الوضعية المحلية، أي لا فرق بين الكفر المستورد وبين الكفر المحلي، لا فرق بين أن يطلب إنسان أو دولة أو جهة فيستوردوا أحكاما وقوانين شرقية أو غربية وبين أن يضعوها محليا على يد من سموهم برجال التشريع وفي مجالس البرلمان ومجلس الشعب ومجلس الأمة، كل ذلك كفر بكتاب الله وخروج على شريعة الله واعتقاد وجود(1/6)
المشرعين في الإسلام جريمة لا تغتفر إلا بالتوبة منهج أهل السنة والجماعة وطريقتهم هذه الدعوة العامة الشاملة التي لا تُجَزِّء الدين بل تأخذ الدين كاملاً بعقيدته وعبادته وتشريعه، هذه طريقة أهل السنة والجماعة.
فإذا كانت الدعوة موجهة إلى المسلمين الذين انحرفت عقيدتهم وأُصِيبَتْ عبادتهم بالابتداع وأصيبت أحكامهم بتطبيق تشريع غير إسلامي وأصيب اقتصادهم ومعاملاتهم بأمور تتنافى والإسلام، يُوَجِّهُون دعوتهم دعوة تصحيح، وليست دعوة تأكيد، إذن دعوة القوم تلاحق المجتمع الذي توجه إليهم الدعوة هل الدعوة توجه إلى مجتمعٍ غير إسلامي أو إلى مجتمعٍ إسلامي ولكن؛ في إسلامهم دَخَن وليس إسلاماً خالصاً، إسلامهم مدخول، أُصِيبت عقيدتهم بنوع من الانحراف والشرك والإلحاد والتعطيل والتشبيه وأصيبت عباداتهم بالابتداع وأصيبت أحكامهم بشيء من المخالفات، هؤلاء لهم أسلوب فالدعوة الموجهة إلى هؤلاء دعوة تصحيح هكذا نفرق بين الأسلوبين وبين المقامين.(1/7)
وكثيرٌ من المجتمعات الإسلامية اليوم أُصِيبَتْ في عقيدتها، تَسَرَّبَ الإشراك بالله في شعائر العبادة، وقع كثير من المجتمعات في أنواع من الإشراك بالله ومع ذلك أنا لا اسميهم المجتمعات الجاهلية ولكن؛ اسميهم مجتمع إسلامي في إسلامهم خبط وخلط ودخن، عندما ندعو هؤلاء إلى الإسلام، إلى الرجوع إلى الحق الكامل ليس من الحكمة أن أقف وسطهم وأقول لهم هذا مجتمع جاهلي، وليس من الحكمة أن أقف وسطهم وهم يصومون ويصلون ويحجون ويظهرون محبتهم للإسلام ولكنهم؛ جهلوا كثيراً من تعاليم الإسلام، ليس من الحكمة ولا من النصح أنْ أقف وسطهم فأقول إنَّ الإسلام قد توقف منذ زمن طويل لا وجود للإسلام ولا للدين وكل من سَمَّى أنفسهم بالمسلمين ليسوا بمسلمين نستهدف إلى إنشاء إسلامٍ من جديد، هذا أسلوب الدعوة؟؟ لا ، هذا أسلوب منفر (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا) نعم إنَّ أولئك القوم وتلكم المجتمعات جهلت كثيراً وكثيراً من الإسلام، من الحكمة أن يجلس الداعية المصلح إلى أولئك في مساجدهم فيبدأ علاج مشكلتهم وجهلهم في الإسلام بتصحيح عقائدهم وتصحيح عباداتهم وتصحيح أحكامهم ويتلطف معهم ويجاملهم ويداريهم ويقربهم؛ ليبلغهم عن قرب، يقربهم إلى نفسه، إلى دعوته، إلى منهجه؛ ليبلغهم عن قرب لا عن بعد.(1/8)
أما أن يكتب كاتب فيقول:"لا وجود للإسلام اليوم في جميع أنحاء الأرض"، بهذه العبارة، أيَّ أرض بدون استثناء وتُعْتَبَرُ ذلك عند كثير من أتباعه دعوة إسلامية وإصلاحا، ويُعتبر هو الداعية المسلم الوحيد و أمثاله، هذه مِن الأخطاء التي يجب أن تُعَالجَ تلكم المجتمعات، أنا لا أخاطب المجتمع الذي أجلس وسطه، هذا المجتمع في نظري و في تصوري مجتمع مسلم بدون تردد وإن وُجِد ودَخَل فِي إسلامهم من الناحية التطبيقية نقص في التطبيق، نقص في الأداء، نقص في الإيمان، ليس إيماننا كإيمان سلفنا الصالح ولا تطبيقنا كتطبيقهم ولا أداؤنا كأدائهم، نحن معترفون بذلك فينا نقص فِي مجتمعنا وفي حكامنا لَسْنَا كَسَلَفِنَا فِي كل شيء، في تصورنا وفي تمسكنا وفي تطبيقنا ومَعَ ذلك مجتمع مسلم ودولة مسلمة وشباب مسلمون بل هم مثالا نسبياً بالنسبة لغيرهم، المجتمع الذي أريد أن أتحدث عنه لا يجوز أن يطلق عليهم مجتمعات جاهلية وأن الإسلام لا وجود له فيهم، تلك المجتمعات التي هي في خارج حدودنا التي أعرضت في الغالب الكثير عن تعاليم الإسلام وعن العقيدة الإسلامية وعن أحكام الإسلام لكن؛ بصفتنا دعاة مصلحين ليس من الحكمة أبداً ولا من الإصلاح أن أنادي بأعلى صوتي وأكتب فيما أكتب بأن الإسلام قد وَلَّى وتوقف منذ زمن طويل ونحن نستهدف اليوم إلى إيجاد إسلام من جديد، أولاً هذا التصريح العام الذي لا استثناء فيه، تصريح خاطئ ومُشَوَّش والكاتب الذي أشير إليه كاتب معروف وكتبه معروفة وموجودة في أسواقنا وموجودة بأيدي شبابنا الصغار الذين خَلَّيْنَا بينهم وبين تلك الكتب وبينهم وبين أولئكم الكُتَّاب، عندما يسمعوا عدم وجود الإسلام في جميع أنحاء الأرض بما في ذلك أرضهم هذه، كيف يكون موقف الشاب الصغير؟؟ يرتبك فيبحث، إذن أين الإسلام وإذا قال الكاتب:"نستهدف إلى إيجاد إسلام من جديد" يبحث الشاب ما نوع ذلك الإسلام الذي يسعى هذا الكاتب لإيجاده؟؟ ما هو؟ هل غير هذا(1/9)
الإسلام الذي نحن عليه؟؟ وهل هذا هو إسلام أو غير إسلام؟؟ وهل نحن مسلمين أو غير مسلمين؟؟ هذا المجتمع مجتمع إسلامي أم مجتمع جاهلي؟؟ وهل هذه الدولة التي أعيش تحت رايتها التي تحمل "لا إله إلا الله محمد رسول الله" وتطبق الأحكام وتنفذ الحدود، هل هي دولة إسلامية أم لا؟؟ هكذا يتسائل هذا الشاب الصغير المخدوع المهيج يتسائل هذا التسائل، هذا ما يعيشه شبابنا اليوم بين هذه الكتب المهيجة المثيرة المشككة.
إذن على دعاة الحق الذين ينهجون منهج السلف الصالح ويدعون إلى الله على بصيرة، على علم، على فقه وَبِتَأَنٍّ وبتريثٍ وعدم تنفير، عليهم أن يأخذوا بأيدي شبابنا؛ فشبابنا على مفترق طرق ما يدرون أين الصواب، يقرؤون ويسمعون خلاف ما هم عليه، يقرؤون من يتهجم على هذه الكتب التي يدرسونها في العقيدة، يقرؤون كتب تهاجم هذه العقيدة وتهاجم الكتب التي في أيديهم، وفي معاهدهم وفي جامعاتهم وفي مدارسهم، كتب تهاجم هذه العقيدة وتصفها بأنها فيها الجفاف وغير صالحة وأن معظم شباب المسلمين زهدوا فيها والشاب الصغير يتلفت يمين ويسار: الناس زهدت في هذا الكتاب الذي في أيدي وهو غير صالح وفيه الجفاف، يعلل الكاتب فيقول:"لأنها؛ نصوص وأحكام" زاد الطين بِلَّة لأنها؛ نصوص، عيبها أنها نصوص إذا كانت النصوص معيبة، المراد بالنصوص آيات من كتاب الله وأحاديث صحيحة من رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا كانت هذه الآيات معيبة ونصوص السنة معيبة فأين الكمال؟؟ أين توجد العقيدة التي ليست نصوصا؟؟ تلك عقيدة أهل الكلام، العقيدة الأشعرية وعقيدة المعتزلة وعقيدة الجهمية لأن؛ أولئك زعموا بأن نصوص الكتاب والسنة دلالاتها دلالة ظنية وأن العقيدة لا تثبت إلا بالأدلة العقلية والأدلة العقلية هي الأدلة القطعية عندهم، إذا كنتم لم تفهموا ما يعنيه محمد سرور في كتابه منهاج الأنبياء عندما قال هذا الكلام في كتب العقيدة، عندنا يعني ترك النصوص والإحمال على الأدلة(1/10)
العقلية في باب العقيدة وهذا ليس موضوعا جديدا لكن؛ بالنسبة لشبابنا أمر جديد لأن شبابنا نشئوا في الخير فعرفوا الخير فقط ولم يعرفوا الشر، عرفوا واستبانوا سبيل المؤمنين ولم يستبينوا سبيل المجرمين، ومِمَّا هو خطر على كثير من شبابنا عدم استبانة السبيلين معا وإنما يسلم المرء ا ذا استبان سبيل المسلمين وسبيل المجرمين على حد سواء، أريد أن اشرح هذا الكلام فأقول من درس العقيدة على منهج السلف إثبات بلا تشبيه تنزيه بلا تعطيل، إثبات ما أثبت الله لنفسه من صفات الكمال، إثبات ما اثبت له رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام إثباتا لا يؤدي إلى التشبيه وتنزيها لا يؤدي إلى التعطيل على ضوء قوله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } (الشورى: 11)، دَرَسَ العقيدة على هذا المنهج في باب الأسماء والصفات ودرس كتب العقيدة في باب العبادة، عَرَف توحيد الله، عرف الشرك، عرف التوحيد عرف العقيدة وعرف التشبيه والتعطيل وكفى لم يعرف أن غيره من الأشاعرة والمعتزلة وغيرهم من العقائد التي تسربت اليوم إلى هذا البلد إنما تعتمد على الأدلة العقلية ولا تقيم وزنا للأدلة النقلية، يصرحون بأن هذا الباب باب العقيدة باب خطير، هذه المقدمة ظاهرها السلامة "باب خطير" صحيح ومثل هذا الباب لا يثبت إلا بالأدلة القطعية، المقدمة الثانية أيضاً ظاهر السلامة والصحة، النتيجة الدليل القطعي هو الدليل العقلي إذا سلمت للمقدمة الأولى والثانية ووصلت إلى النتيجة من الصعب أن تتراجع.(1/11)
إذن إذا كنت على بصيرة ومستبينا لسبيل المؤمنين وسبيل المجرمين تتوقف وتستفسر عند المقدمة الأولى والثانية حتى لا تُسَلِّمَ للنتيجة فإذا؛ وصلت إلى النتيجة سوف يلزمك بأنك استسلمت وقبلت المقدمتين فيقول لك أدلة الكتاب والسنة أدلة ظنية غير قطعية لا تصلح في هذا الباب فليكن الاستدلال بالدليل العقلي وأنت لست بخبير ولست بمطلع على هذه الدراسة لعلم الكلام، هنا يأتي الارتباك، انتهز محمد سرور وأمثاله جهل شبابنا بعلم الكلام والفلسفة والمنطق وسبيل المجرمين، استغل فيهم الطيبة وسلامة الصدر وقال لهم إن هذه الكتب التي بأيديهم كُتبت فيغير وقتنا لا تصلح لهذا الوقت لان فيها جفاف، السبب أنها نصوص والنصوص لا تصلح في هذا الباب هذا تحليل لكلام محمد سرور.
أعود مرة أخرى فأقول إن دعاة الحق تركهم شبابنا وتركهم وشانهم مع هذه الكتب ومع الكتاب أمر لا تبرأ به الذمة أبدا، نتحمل نحن طلاب العلم مسئولية ارتباك شبابنا، مسئولية تردد شبابنا وشكهم في عقيدتهم شك، ثم إذا قال الآخر من الجانب الآخر أن الإسلام قد توقف منذ زمان طويل في جميع أنحاء الأرض كما قلت يستبق مرة ثانية في الإسلام كله، إذن الإسلام غير موجود فيبحث عن الإسلام ولا يجده ولن يجده لأن؛ من يبحث الموجود كأنه معدوم يتعب، الموجود موجود لا يحتاج إلى البحث، إذن علينا أن نقول لشبابنا إن هذه الكتب التي بأيديهم هي كتب العقيدة الصحيحة السليمة وهذه الكتب أُلفت دفاعا عن العقيدة، عقيدة المسلمين سابقاً تؤخذ من الكتاب والسنة مباشرة.(1/12)
قبل عهد الإمام أحمد لا يوجد كتاب واحد أي قبل عهد الخليفة السادس من خلفاء بني العباس المأمون، قبله لا توجد كتب تؤلف باسم كتب العقيدة لأن القوم قريبو عهد بالوحي يأخذون عقيدتهم من كتاب الله ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام فلما دبَّ الخلاف ونشأت المعتزلة وقَرُبوا من المأمون فضحكوا عليه فأثروا فيه لأنهم كانوا بطانة سوء للمأمون، من هنا بدأت فتنة علم الكلام وشُتِّتَ السلفيون في أنحاء الدنيا حتى كادَ المنهج السلفي يُجْهَل كما يقول المقريزي إلى أن ظهر شيخ الإسلام بدمشق في القرن السابع والثامن فجددت العقيدة من جديد وجدد المنهج، بعد ذلك نشط التأليف في كتب العقيدة بكثرة وأكثر من ألف في العقيدة شيخ الإسلام لأنه عانى ما لم يعانِ غيره من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة وغيرهم، كتب العقيدة الموجودة بأيدينا كتب دفاعية وإنْ كانت أحيانا كتب هجومية ككتب ابن القيم كتب هجومية أحيانا وفي الغالب الكثير دفاعية.(1/13)
والطعن في هذه الكتب ومحاولة تنفير الشباب من هذه الكتب جريمة لا تغتفر إلا بالتوبة ثم قوله بأن معظم شباب المسلمين زهدوا فيها كلام باطل وباطل جدا وينبغي التركيز عليه وبيانه لأن محمد سرور ليس مؤهلاً لِيُقَيِّمَ هذا التقييم، لِيُقَيِّمَ شباب المسلمين فِي أنحاء الدنيا ويحكم بأنهم اعرضوا عن هذه الكتب التي بأيدينا، بينما الواقع بخلاف ذلك هذه الكتب في أول الأمر عندما قامت المعارضة العالمية ضد هذه الدعوة المباركة باسم الوهابية هذه الكتب كانت مطروحةٌ ومنفرٌ عنها ويُنْظَرُ إليها وكأنها كتب غير إسلامية، أما اليوم في تلك المناطق وفي تلك الأقطار تُطْلَبُ هذهِ الكتب فَتُدْرَسُ فَتُحْفَظُ كتب المجدد الرسائل الصغار الأصول الثلاثة كشف لشبهات كتاب التوحيد مع الأربعين النووية و البيقونية، هذه الرسائل استمعنا إليها من شباب المسلمين في أقصى أفريقيا وفي باكستان يحفظونها حفظا، فَتُطْلَبُ هذه الكتب في أنحاء الدنيا ونحن نعجز لتأمين هذه الكتب لشباب المسلمين في أنحاء الدنيا هذا واقعنا، نحن الذين نستطيع أن نُقَيِّمَ.
نعيش مع شباب المسلمين في الجامعة الإسلامية الذين ينتمون إلى نحو مائة دولة ومائة جنسية وأكثر وكل عام في ازدياد، هؤلاء الشباب يَدْرُسُون هذه الكتب فيرجعون إلى بلادهم ويحملون هذه العقيدة إلى تلك الأقطار وينشئون مدارس أهلية هناك فيأخذون المنهج من هنا، الدعوة انتشرت والكتب انتشرت وبهذه المناسبة وُفِّقَتْ مؤسستان عظيمتان كل التوفيق في هذا البلد الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية التي تخرِّج بالعشرات في كل عام، ثم إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد التي تأخذ من هؤلاء الخريجين فتبعثهم في أنحاء الدنيا ليعلموا الناس وينشروا العقيدة والدين هناك، التعاون والتنسيق بين المؤسستين جعلت الدعوة تسير سيراً حثيثا في العالم اليوم وهذا شيء يعلمه كل من له علاقة بالعالم الخارجي.(1/14)
أُحَدِّثُكُمْ عما شاهدت لأني زُرتُ أكثر من عشرين دولة ينشرون هذه العقيدة ويدرسون هذه الكتب التي فيها الجفاف بزعم سرور، لا جفاف فيها، كتبنا كلها خير وبركة ودعوة وآيات من كتاب الله وأحاديث صحيحة من رسول الله عليه الصلاة والسلام رغم ما قاله.
إذن أعود فأقول ليس مؤهلا لأن يقيم:
أولا: ليس بعالم، مثقف عادي.
ثانيا: ليس مشتغلاً بتدريس العقيدة.
ثالثا:لم يختلط بشباب المسلمين كما اختلطنا بهم حيث جمعهم الله من أكثر دول العالم في الجامعة الإسلامية وخالطناهم وعرفناهم ونحن - تَحَدُّثَاً بنعمة الله - نحن المؤهلون أن نُقَيِّمَ شباب المسلمين، هذا هو الواجب - مسألة اضطررت إلى أن أقولها- نعم نحن مؤهلون لذلك تحدثا بنعمة الله خلاف ما يقوله سرور وليس له أدنى أهلية لهذا التقييم.(1/15)
إذن على جميع الدعاة والمحاضرين والخطباء الصالحين وأصحاب هذه الأقلام السيالة أن يدافعوا عن هذه العقيدة ويوقفوا سرور وأمثاله عند حده ويوقفوا الذين يزعمون بأنه لا إسلام، اليوم الإسلام موجود حتى في أرضه، حيث قال وهو يكتب، فالإسلام موجود هناك يحتاج إلى التطبيق يحتاج إلى الدعوة الحكيمة، ولو أن هذا الكاتب وأمثاله جلسوا في مساجد المسلمين هناك ليدعوا الناس إلى العقيدة السليمة والعبادة الصحيحة، جلسوا ليصححوا للناس عقائدهم وعباداتهم وأحكامهم لنجحوا كما نجحت هذه الدعوة، أما مجرد التصريحات المتناقضة، التصريحات الجوفاء والتشكيك ليس من الدعوة في شيء وليس من أسلوب الدعوة بالحكمة، ليسوا بدعاة، هم بحاجة إلى من يدعوهم إلى الإسلام من جديد، الذي يتصور أن ما نحن عليه ليس بإسلام لم يفهم الإسلام؛ فليفهم هو من جديد الإسلام، دلَّ على ذلك عدد من الخريجين الأزهريين الذين تخصصوا في علم الكلام والمنطق والفلسفة فأرادوا أن يكتبوا ضد دعاة الحق ضد بعض المجددين فدرسوا كتبهم ليردوا عليهم وجعل الله في دراستهم لتلك الكتب فتحاً عظيماً عليهم فتابوا وأنابوا وأعلنوا أنهم لم يفهموا الإسلام بالمفهوم الصحيح إلا؛ بعد دراسة كتب ابن تيمية الذي كان هذا الشيخ يقرأ ليرد عليه فكتب في مدحه رسالة في دكتوراة ابن تيمية السلفي كان يريد الرد عليه، هذا دليل من الأدلة الواقعية التي تدلكم أيها الشباب المفهوم الصحيح للعقيدة هو الذي أنتم عليه، المفهوم الصحيح للإسلام هو الذي أنتم عليه ومجتمعكم هذا مجتمع إسلامي لا تَشُكُّوا فِي إسلامه، لا يجوز لمسلم أن يَشُكَّ في إسلامه في عقيدته وهؤلاء المهيجون يريدون أن يشككوكم في عقيدتكم وفي دينكم وفي إسلامكم وفي مجتمعكم وفي حكومتكم، كل ذلك تضلل وإفساد وليس بدعوة وليس بإصلاح، هذا ما يجب أن يكون في هذه الأيام لأنني أحس بحكم اختلاطي بالشباب في بعض المدن، أدركتُ بأن شبابنا هُيِّجِوا وبأن شبابنا ارتبكوا(1/16)
وبأن شبابنا تأثروا بهذه الدعايات المضللة ولا يُلَامُون على ذلك، بل نحن الذين نُلام لأننا؛ لم نقاوم هذا التيار ولم نرد هذه الشُّبَه، تركنا شبابنا مع هذه الشُّبه إلى أنْ وقعوا فريسة لهذه الدعايات المضللة، فمن الآن فصاعداً فليشتغل دعاة الحق بمقاومة هذا التيار وإيقافه عند حده وإيقاف هذا التهييج السياسي المهلك حتى؛ يبقى المجتمع متماسكاً كما كان ويبقى شبابنا متحابون يشتغلون بتحصيل العلم وينصرفون من هذا الاتجاه الخطير وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على آله وصحبه.
بعد هذا الحديث معكم أجيب على بعض ما تيسر من الأسئلة
?1? سائل يسال فيقول: هل هناك فرق بين المنهج والعقيدة، مع الدليل إن كان هناك تفريق؟
الجواب: المنهج كما سمعتَ الطريق، إذا قيل منهج أهل السنة في العقيدة أي طريقهم أو طريقتهم في العقيدة، وطريقتهم في العقيدة كما ترى إثبات ما أثبت الله لنفسه وما أثبته له رسوله عليه الصلاة والسلام وأَخْذُ العقيدة من الكتاب والسنة رأساً والاهتداء بهدي سلف هذه الأمة، هذه عقيدة أهل السنة والجماعة ولا فرق بين المنهج وبين العقيدة، المحاولة للتفريق بين العقيدة والمنهج محاولة غير سليمة تدل على عدم الفهم.
?2? سائل يسال ما نصيحتك للشباب الذين ينتقصون كبار العلماء ويصفونهم بعدم فقه الواقع وأنهم علماء حيض ونفاس؟؟(1/17)
الله المستعان، نصيحتي لمن بلغ به الحال إلى هذه الدرجة أن يراقب الله في كل شيء ويعلم بأن الله يراه ويسمعه عندما يقول هذا الكلام، كبار العلماء خصوصا في هذا البلد علماء عالميون وليسوا بمحليين كلكم تعلمون ذلك بمعنى: علماء يستفيد من علمهم وفتواهم كل مسلم حيث ما هو بواسطة ما ينشرون وما يذيعون من فتاويهم في "نور على الدرب" وكلًّ مَنِ اسْتَمَعَ إلى هذا البرنامج وما يرد فيه من الأسئلة وإجابة العلماء على ذلك، ومَنْ يعلم بأن قُضَاتَنَا هم القضاة الوحيدون الذين يصدرون الأحكام ويقولون عند إصدار الأحكام: قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يوجد، الحكام عند غيرنا عندما يصدرون الأحكام الوضعية يقولون: اعتمادا على قانون مادة (50) الصادر في (30) أكتوبر مثلاً، وبحمد الله لا عندنا أكتوبر ولا نوفمبر، عندنا قال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل العلماء الذين يحكمون بين المسلمين بهذه الأحكام المأخوذة من كتاب الله ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، العلماء الذين يشتغلون ليل نهار بالفتوى للمسلمين والإجابة على أسئلتهم يقال لهم: إنهم علماء الحيض والنفاس!!! وأن مهمتهم انحسرت في إعلان دخول شهر رمضان وخروجه، هذا ما وصل به الأمر بالنسبة بعض شبابنا للأسف الشديد في النيل من مشايخهم بعد أن تعلموا عليهم وتخرجوا على أيديهم:
أُعَلِّمَهُ الرمايةً كُلَّ يَوْمٍ
وَلَمَّا اسْتَدَّ ساعدُه رَمَانِي([1])
هذا يَصْدُقُ على هؤلاء الذين ينتقصون كبار العلماء بعد أن تعلموا عليهم وتخرجوا على أيديهم عفا الله عنهم ويردهم إلى الصواب.
?3? سائل يسال في سؤال طويل ملخصه في حكم تكفير الْمُعَيَّن.(1/18)
الإطلاق بأنه لا يجوز تكفير الْمُعَيَّن خطأ وإطلاق تكفير المعين أيضا خطأ لابد من التفصيل: لا يمنعك من التكفير كونه معيناً ولكن اعلم أنه عندما ارتكب مُكَفِّرَاً أنه كان عالما بأن ما فعله مكفر وليست له شبهة وأنه يعيش حيث لا يمكن أن يعذر بالجهل، يعيش بمثل هذا البلد بين العلماء بين الموحدين فإذا هو لما اشتدت عليه كربة فإذا هو:" يقول يا سيدي يا فلان أغثني ما لي سواك" أين لله؟؟ هذا كفر بواح هذا الشخص الذي يعيش بين المسلمين في بيئة إسلامية ولا يعذر مثله بالجهل يُكَفَّرُ وهو معين،كونه معين لا يمنعك من التكفير إذا ارتكب مكفرا ما يَكْفُرُ به كُفْرَاً بواحا وليس بمعذور وليس له شبهة، لو وقف هذا الموقف شخص ما في بلد ما حيث لا يوجد من الإسلام إلا اسمه ويسمع أن من محبة الصالحين الاستغاثة بهم ويسمون له ويزينون له أو يجد من يزين له ويسمي الاستغاثة بالتوسل بالصالحين، وقف هذا الموقف ظناً منه أن هذا توسل وليس باستغاثة وليس بعبادة والبيئة التي يعيش فيها بيئة جاهلية أو بيئة في جهلٍ كثير إذن؛ مثل هذا يعذر بمعنى قد يقول إنسانٌ كفراً فيكفر وقد يقول آخر كفرا فلا يكفر، ولابد من التفريق ولابد من التفصيل أما كونه معينا لا يمنع.
الذي لا يجوز مطلقا لَعْنُ المعين، لا يجوز أن تلعن مُعَيَّنَاً ولو كافرا إلا بصفة عامة، فلعنة الله على الكافرين على الظالمين على الفاسقين، أما لعن المعين فلا لأنك؛ لا تدري بما يَخْتِمُ الله له بعد أن كان كافرا، مشركا، منافقا، علمانيا؛ قد يتوب الله عليهم فيتوب فيموت مسلماً لذلك لا يجوز لك أن تلعن معينا لأن؛ اللعن هو الإبعاد من رحمة الله.(1/19)
وبعد بهذه المناسبة، بمناسبة ذكر علماني وردني سؤال غير مرة أن بعض الناس بدؤوا يستعملون كلمة علماني على كل من يخالفهم، شخص اختلف معه في الرأي فكرهه يقول:"هذا علماني"، هذه مسألة خطيرة جداً إذا قلتَ لمسلم علماني وأنت تعرف بأنه مسلم هو كقولك هذا كافر يهودي أو نصراني تماما لا فرق بينهما، أي كَفَّرْتَ مُسْلِمَاً لأن العلمانية رَفْضَ جميع الديانات السماوية، العلمانية كافرة بجميع الأديان السماوية، العلمانية أمُّ الخبائث، العلمانية وجهها السياسي الديمقراطية ووجهها الاقتصادي الاشتراكية، إذن هي أُمُّ الخبائث مشتملة على الاشتراكية والديمقراطية، ولا يجوز لك بأن تقول لمسلم بأنه علماني؛ إِنَّكَ كَفَّرْتَ إن كان كافرا وإلا عاد عليك الكفر وهذا خطر على إيمانك.
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد، ونواصل إجابتنا على الأسئلة على كثرتها، نجيب على ما تيسر وما لم يتيسر سوف آخذها معي أجيب عليها في بعض الجلسات إن شاء الله وتأتيكم الإجابة بأشرطة هذا ما نفعله بهذه الأيام إذا كَثُرَتِ الْأسئلة، أما الآن فنجيب على سؤالٍ فقهي:
?4? يقول السائل إنه اقسم بالله على شيء وبعد ذلك تراجع، أي بَدَا لَهُ أن يفعل ما أقسم عليه، ما الحكم؟
الحكم مَنْ حلف على فعل شيء أو على ترك شيء فَبَدَا له أن غيره خير منه فليأتِ الذي هو خير فليكفِّر عن يمينه، ما عليه إلا؛ كفارة اليمين.
?5? سائل يسأل ما هو الطريق الصحيح الذي أستطيع أن أسلكه ويستطيع أن يسلكه من أراد العلم في العقيدة الصحيحة؟؟؟(1/20)
اسأل الله أن يمن عليك وعلى شبابنا بمعرفة الطريق الصحيح في تعلم العقيدة، الطريق الصحيح هو الخط الذي كنتم عليه فلا تحيدوا عنه، الطريق الصحيح لتعلم العقيدة هي الطريقة التي سلكها مشايخنا ونحن من بعدهم بأن نحفظ كتب العقيدة، المتون الصغار أولا وقبل كل شيء تبدأ بحفظ الأصول الثلاثة كتيب عظيم مشتمل على العقيدة و بعض العبادة و بعض الشروط والواجبات كما تعلمون، حِفْظُ طالب العلم لهذه الرسالة ثم كتاب التوحيد وكشف الشبهات ثُم الواسطية ثم الحموية والتدمرية حتى يتدرج في العقيدة، أو إذا استصعب هذه الكتب التي ذكرتها قد لخص هذه الكتب هذه الأيام بعض الفضلاء من زملائنا ومشايخنا كالشيخ ابن عثيمين والدكتور الفوزان لهم ملخصات مفيدة جدا في باب العقيدة فعليك بها، احفظ المتون ثم تَعْرِضُ هذه المتون التي حفظتها مع الشروط على الشيوخ على طلاب العلم ما أكثرهم اليوم!!!
وفيما مضى يسافر المرء من مكان إلى مكان، من منطقة إلى منطقة ومن بلد إلى بلد ليبحث شيخا يدرس عليه أما اليوم وفي كل محكمة وفي كل مكتب وفي كل مسجد شيخ أو في أكثر المساجد مشايخ، عليكم أن تدرسوا على هؤلاء المشايخ وتبتعدوا من التهييج السياسي هذا يَحُولُ بينكم وبين العلم.
أيها السائل - أنت وزملاؤك - قبل أن تبدأ في هذه الدراسة صكوا آذانكم من هذا التهييج، لا تسمع، خَلِّيهِم يصرخون وكأنك لا تسمع، إِحْفَظْ هذهِ المتون واطلب العلم واجتهد في التحصيل واجمع المعلومات السياسية وحركات التهييج، اجمعها خَلِّيهَا فيما بعد حتى؛ تنضج فإذا نضجتَ إنْ انتهى التهييج وانطفأت الفتنة فذاك والحمد الله وإلا بعد ذلك تشترك في العلاج في الإصلاح، أما الآن لستَ أهلا للإصلاح ولست أهلا للكلام في السياسة - غير مؤهل-.(1/21)
فأنت الآن طالب علم صغير عليك أن تبدأ في العقيدة هكذا وفي الوقت نفسه تحفظ متونا في السنة وفي مصطلح الحديث والأربعين النووية والمنظومة البيقوينة وعمدة الأحكام وتكون على اتصال بالعلماء دائما وأبداً - إياك ثم إياك أنْ تُحاول أنْ تأخذ العلمَ مِن بطون الكتب مِن عند نفسك، هذا خطأ يَكْثُرُ خطؤك، يكون خطؤك أكثر من صوابك إنْ اعتمدتَ على نفسك وذكائك - لتستفيد من الكتب حتى تنضجَ فإذا نضجتَ وصِرْتَ فِي مُستوى الطُّلاب الجامعيين أو أخذت ماجستير هنا يستطيع طالب علمٍ أن ينظر في كتب أهل العلم ويستفيد ولو لم يأخذْ على المشايخ وإن كانت الناس تختلف في فهمها وذكائها.
?6? سائل يسأل فيقول ما رأيكم فيمن يقول في السلفيين أنتم متشددون وليس عندكم حكمة في دعوة الناس، إذ لابد من مخالطة الناس وإن لزم الأمر بإقرار باطل وذلك لإزالته- إقرار باطل ثم إزالته!!!- مثلا تقر التدخين أو التلفاز في مجلس بحجة الإنكار فيما بعد والدعوة بالحكمة؟؟
قبل أن أجيب على سؤالك أيها السائل أو من نقلت عنه هذه الفكرة، وهل استعمالك هذا الأسلوب من الحكمة؟؟ أنت في نفسك، كَوْنُ الناس يلقبون بعضهم بعضاً، أنتم السلفيون كذا، ما هو مقابل السلفيين؟؟ خلفي، أنتم الخلفيون كذا، أنتم السلفيون كذا، أنتم السروريون كذا، أنتم الإخوانيون كذا، أنتم التبليغيون كذا، أسالكم بالله أيها العقلاء أليس هذا الموقف موقف يتنافى مع العقل؟؟ مجتمع إسلامي يدرس منهجا موحدا شريعة واحدة، عقيدة واحدة، مجتمع واحد، من أين جئتكم هذه الألقاب؟؟ من أين أتتكم هذه الألقاب؟؟ غير موجودة ،قبل عدة سنوات عندما كنا طلابا لا نسمع شيئا من هذه الألقاب.(1/22)
السلفي لا يضطر إلى أن يقول إنه سلفي إلا إذا وُجِدَ غيره، لا يوجد المقابل، ولكن؛ عند دراسة علم الكلام صحيح يقال سلفي وخلفي كما تقدم لكن؛ في هذا المجتمع بالذات نترك المجتمعات الأخرى، أليس من العيب ومن العار أن نحدث فيما بيننا هذه الألقاب؟؟، ينبذ بعضنا البعض الآخر بالألقاب ويعيب بعضنا البعض بالألقاب عيب قبل أن أقول حرام، وعلى العقلاء أن يتراجعوا ويوقفوا هذه الفتنة عند حدها ولعل أكثركم - أنتم الشباب- لا تحسبون أنها فتنة بل هي فتنة، هذه الشرارة الأولى للفتنة، تلك الفتن التي تدمر البلاد والعباد التي تسمعون ليل نهار في الإذاعات وتقرؤون في الصحف ما يجري في الجزائر، وما يجري هنا وهناك في تلك الأقطار والتي لا داعي للتنفيس على أسمائها، هكذا بدأت في التحزبات بإيجاد الطائفية، بوجود الجماعات والانتماءات ثم تطورت إلى حركات سياسية متنافسة متناحرة فذهبت الأرواح والأموال مَدَمَّرَة بسبب تلك الحركات التي تزعم أنها تدعو إلى الإسلام وليس لديها إسلام.
أقول مرة أخرى أخاطب العلماء والعقلاء، لا يجوز السكوت على هذه البداية السيئة، قبل عشرين سنة في هذا البلد لا تسمع شيئا مِن هذا أبدا لكن؛ بدأت همساتها ونحن طلاب في المرحلة الجامعية فبدأت خيطا.. خيطا إلى أن انفجرت الفتنة وصلت إلى هذا المستوى، شباب مجتمعون في جامعة أو في مؤسسة وهم متفرقون متنافرون فيما بينهم لأن، هذه الانتماءات وزعتهم فصاروا جماعات.
وأما بالنسبة للسؤال إذا كان معنى التشديد الوقوف أمام هذا التيار فَنِعْمَ التشديد فهذا التشديد هو الحكمة، إذا كان المراد بالتشديد الوقوف أمام هذا التيار وهذا التهييج وتنبيه الناس إلى ذلك هذا مطلوب تشديد مطلوب لأنه؛ وُضِعَ موضعه.
وأما ما قلتَ في آخر السؤال تترك الباطل لتزيله فيما بعد هذا خطأ في التصور إذا خالطت صاحب الباطل وأقررته عليه ثم رجعت لتنكر هو ينتقصك قبل غيره.(1/23)
إذن من الواجب عملا بظاهر قوله عليه الصلاة والسلام:(من رأى منكم منكرا فليغيره..) بمجرد أن ترى المنكر وتتأكد أنه منكر تستعمل الدرجة التي أنت فيها، إن كنت صاحب سلطة تزيل المنكر بيدك، وإن لم تكن له سلطة حيث وجدت المنكر تنكره بلسانك، وإذا كنت تخاف على نفسك حتى من الإنكار باللسان تنكره بقلبك، تبدأ بإنكار المنكر بمجرد أن تعلم بأنه منكر، أما ما ذكر السائل أسلوب غير سليم.
?7? سائل يسال: ملخص السؤال أنه إذا قرأ في بعض كتب العقيدة في باب الأسماء والصفات في إثبات صفات الله تعالى كإثبات الاستواء وإثبات النزول وإثبات المجيء يوم القيامة وإثبات الوجه والدين... الخ قد يخطر بباله خاطر شيطاني وربما يخطر في باله نوع من التشبيه وإن فر من التشبيه فوقع في التعطيل، ما هي الطريقة الصحيحة وبما تنصحه؟؟
ننصحه بأنه إذا وجد في نفسه هذا الخاطر واستعظمه واستثقله بحيث لا يستطيع أن يمسك به فذلك محض الإيمان هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام، فمن يرى في نفسه خاطرا شيطانيا لا يستطيع أن ينطق به نحو رب العالمين وأسمائه وصفاته، خاطر شيطاني، كونه يكره هذا الخاطر ويستعظم نطقه ويتضايق منه هذا دليل على إيمانه وتعظيمه لربه فليستعذْ بالله.
وأما في باب الإثبات والتنزيه فليجعل نصب عينيه دائما قوله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } (الشورى: 11 ) أي تثبت صفات الله تعالى وتعتقد أن سمعه ليس كسمعنا وبصره ليس كبصرنا واستواءه على عرشه ليس كاستوائنا ونزوله ليس كنزولنا بل هو مخالف لنا في كل شيء، في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله وقضائه وقدره: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } (الشورى:11) ومع ذلك كُنْ على اتصال دائما بالعلماء الربانيين الذين يشتغلون بالعقيدة ويربون الشباب على العقيدة عليك أن تتصل بهم مرة أخرى مع الابتعاد عن التهييج.(1/24)
?8? سائل يسال فيقول ما رأيكم فيمن يقول:"التوحيد أمرٌ مُسَلَّمٌ بِهِ وَلا داعي للإكثار من الكلام حول التوحيد، عليكم بتوجيه الناس حول الصلاة وتحذيرهم مما يحاول أعداء المسلمين من الغرب من الحرب على الإسلام من الحرب الفكري وغيره"؟؟
شنشنة نعرفها، هذه الشنشنة لا تؤثر فينا، أقول التوحيد مُسَلَّمٌ به مع ذلك يجب أن يُدْرَس، ثم أقول مرة أخرى بينكم - يا أصحاب التوحيد أهل التوحيد يا أهل العقيدة - مسلمون وفدوا عليكم لكونكم أهل عقيدة وأهل إسلام وهم مسلمون وفدوا إلى بلادكم وهم بحاجة إلى أن تعلموهم التوحيد وتعلموهم العبادة الصحيحة، استقدمتم العمال يعملون في مؤسساتكم وفي بيوتكم وبعد سنتين أو ثلاث سنوات يرجعون إلى بلادهم لم تعلموهم التوحيد والعقيدة والعبادة والأخلاق الإسلامية، انتم مسئولون أمام الله.
الإكثار من قراءة التوحيد وتمكين العقيدة من قلوب شبابنا أمر مطلوب لأننا؛ نعيش في زمن الأهواء زمن الفتن زمن البلاء يقول النبي عليه الصلاة والسلام:(ما من عام إلا والذي بعده شر منه) ونحن نعيش في الشر.
يجب أن نركز على تدريس العقيدة وكتب التوحيد لشبابنا قبل غيرهم ثم نرجوا أن نوفق لنعلم هذا التوحيد وهذه العقيدة لغيرنا ممن هم بين أيدينا وكان الواجب أن نسافر إلى بلادهم لندعهم إلى الله ولنعلمهم، فهاهم قد جاؤوا فلنقدر هذه المسؤولية.(1/25)
أما تحذير الناس مِنْ تَرْكِ الصَّلاة فَمُسَلَّمٌ، وأما الكلام حول الغرب والشرق من الكفار الذين يحاربون الإسلام والمسلمين لم تقصر الدول الإسلامية، وفي مقدمتها دولتك هذه واقفة مع المسلمين المضطهدين والمحاربين في أرضهم في كل مكان، أنتم بحمد الله مساعداتكم تصل إليهم وعونكم يصل إليهم وموقف حكوماتكم معروف لدى العالم وحكامكم، أول من يبادر إلى نصرة الإسلام والمسلمين حيثما كانوا وحيثما يضطهدون ويحاربون، هذا أمر مُسَلَّمٌ، ليس معنى ذلك نترك الدعوة والإصلاح ومقاومة التيارات الحديثة ومقاومة التهييج، نتكلم دائما في الحرب وفي الغرب وفي الشرق.. هذا أسلوب يحاول أن يصرف الدعاة عن الدعوة إلى الله وعن تأكيد العقيدة وإصلاحها أسلوب سيء.
?9? سائل يسأل شخص لعله حريص إن شاء الله على الدعوة الله لكنه؛ اخطأ فيقول:"لا بد من الدعوة ولو كان بدون علم"(!!!!)
تصور خطير جدا تدعو إلى الله بدون علم، إلى أي شيء تدعوا؟؟ إلام تدعوا؟؟، { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ } (يوسف: 108 ) البصيرة العلم.
أما خروج بعض الناس إلى البوادي إلى خارج البلاد إلى الهند إلى باكستان إلى إفريقيا بدعوى الدعوة إلى الله بغير علم يقول بعضهم:"يكفي أن ندخل الناس المساجد" طيب دخلوا المساجد فإذا دخلوا المساجد ماذا يفعلون؟؟ يدخلون ويجلسون فقط في المسجد فقط!!!، هذا هو الإسلام؟؟ لا يا أخ الإسلام تَعَلَّمْ أولاً "العلم قبل القول والعمل" تَعَلَّمْ ثم اعمل ثم ادعُ وإذا كنتَ حريصاً هذا الحرص أبشرك بأن دعاة الحق لطلبة العلم يكفونك المئونة، اجلس تعلم، لا تستعجل طلاب العلم انتشروا في العالم يدعون إلى الله والعلم انتشر والعقيدة انتشرت والدعوة انتشرت وإن كانت بدأت تحارب اليوم في عقر دارها هنا بأساليب ملتوية وأما في الخارج فهي منتشرة والدعاة في الخارج يعتبرونكم ظهرا لهم فاعلموا هذه المكانة لأنفسكم.(1/26)
وأيها الحريص على الدعوة لا يجوز لك أبدا أن تخرج إلى الناس فتدعوا بزعمك من دون علم، تفسد ولا تصلح لذلك من الواجب أن تتعلم ولا تشتغل بالدعوة حتى تتعلم.
وعلى آله وصحبه وبعد:
?10? سائل يسال وهو جزاه الله خيرا يرحب وأنا أرحب بسؤاله وأسأل الله لي وله ولإخواننا الحاضرين وغير الحاضرين التوفيق والثبات بعد مقدمة قدمها لا استحسن قراءتها لأن فيها نوع من الثناء بما لا استحق أنا لأنه لا يعلم مني شيئا.
يقول حَدِّثْنَا عن قرب عن جماعة السرورية و عقيدتها و أهدافها وما تدعوا إليه وما هي كتبهم التي ينشرونها أو يستقون منها؟؟ ومن هم مشايخهم؟ وأين الخطأ عندهم؟ وكيف التصحيح؟ وما هي النصيحة؟ وهل فعلاً لديهم بيعة؟ فهارس طويلة تحتاج إلى الكتابة.
زادك الله حرصا وعُدْ إلى طلب العلم ولا تكسل.(1/27)
سبق لي أن تحدثت غير مرة عن محمد سرور وأنا عندما أصرح باسم هذا الرجل وأكرر التصريح باسمه أنا متعمد لذلك وأعني ما أقول وليس ذلك عبثا بل أرى إنه عملٌ وأيُّ عمل لأني؛ لاحظت - في جولتي في هذه المنطقة وفي المنطقة الوسطى وفي المنطقة الغربية- لاحظت أن معظم شبابنا تأثروا بالدعابات التي ينشرها هذا الرجل وهو في بريطانيا والعجب كل العجب أن شبابنا أو معظمهم لا يعرفون عن الرجل إلا بواسطة مجلاته التي تحمل تلك الأسماء الطيبة "السنة" و"البيان" وكتابه الذي يحمل ذلك العنوان الْخَدَّاع "منهاج الأنبياء في الدعوة إلى الله" انخدع معظم شبابنا بهذه العناوين مع ما يقوم به من المدح والتلميع، بعض المخدوعين الذين خُدِعُوا مِنْ قِبَلِه وبدؤوا يخدعون صغار الشباب، بكل ذلك صار للرجل في قلوب بعض شبابنا مكانة وأيُّ مكانة، معرضين عن مشايخنا وعلمائنا وعن الكتب النافعة التي توزع عليهم مجانا، الكتب الدراسية والمراجع العلمية والمكتبات الحافلة بالكتب النافعة كل ذلك تركوها، ووقعوا، إنهم يتبادلون مجلة البيان والسنة ومنهاج الأنبياء والعدالة الاجتماعية وما في معنى هذه الكتب التي تدمر العقيدة وتحارب الإسلام باسم الإسلام، أقول: تحارب الإسلام باسم الإسلام، زِدْ على ذلك الكتب الحديثة التي بدأ يكتبها الدكتور الترابي وأشرطته التي زادت الطين بلة [الذي يريد]([2]) إسلاما جديدا بعقيدته وبشريعته، إسلاما يرفض أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام إلا إذا وافقت الهوى بدعوى موافقة العقل كل هذه الكتب وكل هؤلاء الأشخاص شغلوا بعض شبابنا وصرفوهم عن علمائهم وعن الكتب النافعة.(1/28)
السرورية نسبة إلى هذا الرجل، أما عقيدته في باب الأسماء والصفات فهو أشعري العقيدة كما أن صاحب العدالة الاجتماعية أشعري العقيدة، وأهدافه هدف سياسي لأنه رجل سياسي عاش في بعض المناطق في هذا البلد ثم خرج إلى الكويت ثم لجا إلى بريطانية، كل هذه حركات سياسية إنه سياسي طموح يعشق الكرسي ولما عجز عن الوصول إلى الكرسي الحكم لجأ إلى بريطانيا ليعيش هناك ويبث سمومه من هناك بين شبابنا.
يدعو دعوة تشبه دعوة الخوارج الذين زعموا أن من أصولهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومعنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند الخوارج الخروج على الحكام ومحمد سرور يعلم شبابنا للأسف السب واللعن والبذاءة وإطلاق لفظة الطواغيت على كل حاكم ولو كان يحكم بالإسلام "بالتعميم إن جميع الحكام طواغيت الجميع دون استثناء" هذه دعوته وهذا أسلوبه أسلوب سيء لذلك نخشى على شبابنا أن يتأثروا بهذا الأسلوب ويتعلموا البذاءة، أعيذكم أن تذهبوا هذا المذهب وأن تسلكوا هذا المسلك فهو مسلك غير إسلامي يقول النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام:(ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء) والرجل يعلم الشباب في مجلاته البذاءة وطول اللسان والنيل من الناس وخصوصا الحكام.
أنتم بالنسبة لحكامكم لستم بحاجة لأكرر عليكم، كما أنتم مسلمون ومجتمعكم مجتمع إسلامي وحكامكم مسلمون، لست بحاجة لأكرر هذا الكلام غير مرة وأما بالنسبة للمجتمعات الأخرى موقفكم موقف الدعوة والإصلاح إلى ما انتم عليه إلى عقيدتكم إلى أحكامكم إلى شريعتكم دون سبٍ أو لعن.(1/29)
وليس من الدعوة في شيء أن تطلق لفظة الطواغيت على الحكام ولو حكموا غير شريعة الله تعالى ويصدق عليهم لفظ الطواغيت لكنك؛ في أسلوب وفي مقام الدعوة أنت تدعو ولا تجرح ولا تلعن ولا تنفر، تدعوا بالحكمة، ليس من الحكمة أن تقف هناك بين تلك الشعوب فتطلق عليهم انهه مجتمع جاهلي وأن الحكام طواغيت، هل دعوت أم سببتَ؟؟!! وإذا سببتَ وشتمتَ ثم أخذتَ شنطتك وشردت ماذا استفاد الإسلام والمسلمون من سبك وشتمك؟؟ ماذا استفدت أنت؟؟ ماذا استفاد الشباب؟؟ ماذا استفاد المجتمع؟؟؟ ما هي الفائدة؟؟؟ أسأت إلى نفسك وإلى مجتمعك وإلى شبابك كلك إساءة، هذه ليست دعوة، لا تحسبوا بأن هذه هي الدعوة، ولا تحسبوا بأن هذه هي الشجاعة، هذا تهور، الشجاعة إذا وُضِعَتْ فِي غير موضعها اسمها التَّهَوُّر، وما يقوم به سرور وأمثاله تَهَوُّرٌ وليس بشجاعة.
بعض الشباب يحبون الشجاعة لأن؛ الشجاعة محبوبة الشجاعة والكرم من الأخلاق المحبوبة، يحسبون عندما يطلق هؤلاء هذه الكلمات الناري من على المنابر وفي محاضراتهم وفي مجلاتهم يقولون:"ما شاء الله هؤلاء الشجعان"، لا، هذا تهور وليس بشجاعة لذلك أعيذكم أن تتخلقوا بأخلاق هؤلاء، أخلاقٌ غير إسلامية وصفات بعيدة عن الإسلام.
يسأل السائل عن الكتب التي يستقون منها حتى لو علمت ما ذكرت لك لا اعلمها لكن؛ لو علمتُ ما ذكرتُ لك، لا حاجة بك إلى الكتب يعني تريد أن تستقي منها وتستفيد منها وتذهب مذهبهم أَمْ ماذا تريد؟؟ لا داعي لأن تسال عن الكتب التي استفادوا منها، استفاد بعضهم من بعض وهذا الكلام يجرنا إلى كلام كثير وطويل وإننا ننال من غيرهم من الذين تأثروا بهم وبكتبهم ولا داعي إلى ذلك.(1/30)
وأين الخطأ عندهم؟ عجبا!!!! ما ظهر لك خطأهم حتى الآن، ما سمعت ما قاله في كتب العقيدة التي تدرسها وما سمعت ما قاله في حكامك وفي علمائك، سموا حكامكم سادة وعلماؤكم عبيدا، العلماء عبيد - علماء السعودية عبيد- والحكام سادة هذا أسلوب محمد سرور زين العابدين ما أحسن هذا الاسم!! وما أسوأ المسمى!!
أما التصحيح إن هداه الله واستعد للتصحيح يوجد من يصحح له خطأه ويدعوه إلى الرشد والهدى لكن؛ لست أدري هل هو مستعد لذلك أم لا.
أما النصيحة له إني قد طلبت من بعض الشباب في أول محاضرة انتقدتُ فيه طريقته هذه طلبت منهم إرسال شريطي إليه وطلبت منه الرد مع العلم أني اعلم أن رده شتم وسباب، ليس رد علمي أنا متأكد، لو رَدًّ رُدُودَه سُبَابٌ وشَتَائم مقدما لأنه؛ ليس طالب علم يقرأ الدليل بالدليل يقول الإمام الشافعي وهو الأصولي المعروف يقول:" ما ناظرت عالما إلا غلبته ولا ناظرت جاهلا إلا غلبني"، لو رد سوف يغلبني بالسب والشتم وقد سب وشتم - عبيد وسادة - هذا موقفنا منه وموقفه منا ولكن؛ النصيحة هنا إنما توجه إلى المخدوعين المهيجين، إلى بعض الشباب الذين خدعوا وهيجوا.
والعجب كل العجب وقعت في يدي عدة صفحات فيها شروط للمخدوعين ولعل هذه الشروط ليست من السروريين لعلها من الإخوانيين، يسمون المخدوع ملتزما فكتبوا شروطا للملتزمين، ذكرت في المحاضرة الفائتة شرطا واحدا واقف عنده الليلة عن ذلك الشرط.(1/31)
الشرط السرية الكاملة أن يحافظ الملتزم(المخدوع) أن يحافظ على السرية الكاملة لدعوته السرية الكاملة ممن؟؟ أنت مسلم تعيش بين المسلمين مسلم ابن مسلم تعيش بين المسلمين وهذه السرية إلى متى؟؟ وهل انتم في دار أرقم؟؟!! يوم كانت الدعوة سرية لحاجة لغرض ضرورة، الدعوة اليوم إن كانت إسلامية لا تحتاج إلى سرية حتى في أوروبا وأمريكا وفي جميع الدنيا، دعوتنا اليوم جهرا، دعاتنا هناك يجهرون بهذه العقيدة في بلاد الكفر في فرنسا في بريطانيا وينشئون مُدُنا يحولونها إلى مدن إسلامية.
الدعوة اليوم جهرية في كل مكان حيث كان يضرب دعاة الحق قبل عشرين سنة في داخل المساجد اليوم يدعوا الدعاة إلى هذه الدعوة جهرا وعلنا على المنابر، وهنا المهيجون يقولون لبعض الشباب الذين سموهم ملتزمين عليكم بالسرية.
إذن هذه دعوة غير إسلامية إذن هذه عقيدة غير عقيدتنا واتجاه غير اتجاهنا طالما هناك سرية كاملة ويقول الطريق بعيد.. بعيد جدا معنى ذلك نَمْ لا تعمل شيء.
ويتناقض مرة أخرى فيقول أيها الشباب الملتزمون الفجر قريب في توقعاتي إن الفجر قريب يعني عن قريب تصلون إلى ما تريدون، هكذا بهذه الهمسات وبهذه التصريحات وبهذه الشروط يضللون الشباب هذا التضليل، أعود فأقول المسؤولية مسؤوليتنا ولا عتاب على شبابنا لأننا تركناهم فريسة للمهيجين فاسأل الله لي ولكم الثبات أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويزقنا الإخلاص فيما نقول وان يحفظ علينا ديننا وعقيدتنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
---
(1) قال الشيخ (ولما اشتد) بالشين المعجمة والصواب ما أثبته (استد) لان استد معناها استقام الشيء أي صار مستقيما ساعده وصار يسدد تسديدا دقيقا ويصوب بدقة فأصاب عليَّ سهمه فلذا فتنبه، هذا وقد تأتي(اشتد) أي قوي الساعد ورماني من ناحية بقوة ولكن المعنى الأول أولى وأفصح. يُنْظَر مختار الصحاح للشيخ محمد الرازي (167) طبعة دار الحديث.(1/32)
(1) توقف هنا الشريط الأول وانقطع الكلام ولعل الذي يريده الشيخ هو أن الترابي يريد إسلاما جديدا فارجع إلى محاضرة "الرد على حسن الترابي" التفريغ السابق لهذه المحاضرة.(1/33)