أقوال العلماء في محمد بن علوي المالكي
ماذا قال سماحةُ العلامةِ الشيخُ عبدُ العزيز بنُ باز - رحمهُ اللهُ - عن طاغوتٍ من طواغيتِ هذا الزمانِ ؟
اضغط هنا
http://saaid.net/Doat/Zugail/318.ram
الجواب الكافي لمن سأل عن محمد بن علوي المالكي
http://saaid.net/Minute/mm33.htm
الاستغاثة والرد على محمد علوي المالكي1
http://saaid.net/Doat/almuwahid/6.htm
الاستغاثة والرد على محمد علوي المالكي2
http://saaid.net/Doat/almuwahid/7.htm
الاستغاثة والرد على محمد علوي المالكي3
http://saaid.net/Doat/almuwahid/8.htm
الاستغاثة والرد على محمد علوي المالكي4
http://saaid.net/Doat/almuwahid/9.htm
مجدد ملة عمرو بن لحي وداعية الشرك في هذا الزمان
د . سفر بن عبدالرحمن الحوالي
http://www.saaid.net/Warathah/safar/sf14.zip
نصُ بيانِ هيئةِ كبارِ العلماءِ في محمد علوي مالكي
بيان هيئة كبار العلماء بالضال محمد علوي المالكي ، ونص قرارها المرقم 86 في 11|11|1401 هـ في الدورة السادسة عشرة المنعقدة بالطائف في شوال عام 1400 هـ :
نظر مجلس هيئة كبار العلماء فيما عرضه سماحة الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد ، مما بلغه من أن لمحمد علوي مالكي نشاطاً كبيراً متزايداً في نشر البدع والخرافات ، والدعوة الى الضلال والوثنية ، وأنه يؤلف الكتب ويتصل بالناس ، ويقوم بالأسفار من أجل تلك الأمور ، واطلع على كتابه الذخائر المحمدية ، وكتابه الصلوات المأثورة ، وكتابه أدعية وصلوات ، كما استمع الى الرسالة الواردة الى سماحة الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد ، من مصر ، وكان مما تضمنته :
( وقد ظهر في الأيام الأخيرة طريقة صوفية في شكلها لكنها في مضمونها من أضل ما عرفناه من الطرق القائمة الآن ، وإن كانت ملة الكفر واحدة.(1/1)
هذه الطريقة تسمي ( العصبة الهاشمية والسدنة العلوية والساسة الحسنية الحسينية ) ويقودها رجلٌ من صعيد مصر يسميه أتباعه ( الإمام العربي ) وهو يعتزل الناس في صومعة له ويمرون عليه صفوفاً ويسلمون عليه ، ويحدثونه ويمنحهم البركات ، ويكشف لهم المخبوء بالنسبة لكل واحد ، وهذا كله من وراء ستار ، فهم يسمعون صوته ولا يرون شكله ، اللهم إلا الخاصة من أحبابه وأصحابه ، فهم المسموح لهم بالدخول عليه ، وعددهم قليل جداً ، وهو لا يحضر مع الناس الجمع ، ولا الجماعات ، ولا يصلي في المسجد الذي بناه بجوار صومعته ، ويعتقد أتباعه أنه يصلي الفرائض كلها في الكعبة المشرفة جماعة خلف النبي صلى الله عليه وسلم.
ويعتقدون كذلك أنه من البقية الباقية من نسل الأئمة المعصومين ، وأن المهدي سيخرج بأمره ، وقد أنشأ لطريقته فروعاً في بعض مدن مصر ، يجتمع روادها فيها على موائد الأكل والشرب والتدخين ، ويأمرون مريديهم بحلق اللحي ، وعدم حضور الجماعة في المساجد ، وذلك تمهيداً لاسقاط الصلاة نفسها ، ويخشى أنهم امتداد لحركة باطنية جديدة ، فإن هناك وجه شبه بينهم وبين خصائص الباطنية ، فإنهم بالاضافة الى ما سبق محظور على أتباعهم إذاعة أسرارهم والسؤال عن أي شيء يرونه من شيوخهم ، كذلك الإسم الذي سموا به حركتهم والشعار الذي اتخذوه لها هو ( فاطمة علي الحسن الحسين ) ومما يؤيد هذا الظن أنهم يجاورون الضاحية التي دفن فيها ( أغا خان ) زعيم الاسماعيلية حيث لا تنقطع أتباع الاسماعيلية عن زيارة قبره ، والإتصال بالناس هناك ، وقد دفن أغا خان في مصر لهذه الغاية ، وقد ازداد أمر هؤلاء في نظرنا خطورة حين علمنا أن لهم اتصالات ببعض أفراد السعودية ، وقد هيأت لبعض أتباعهم فرص عمل في المملكة عن طريق هؤلاء الأفراد الذين لم نتعرف على أسمائهم بعد ، نظراً للسرية التي يحيطون بها حركتهم ، ونحن في سبيل ذلك إن شاء الله.(1/2)
ولكن الذي وقفنا عليه وعرفناه يقيناً لا يقبل الشك أن الشيخ ( محمد بن عباس المالكي المكي الحسني ) يتصل بهم اتصالاً مباشراً ويزور شيخهم المحتجب ويدخل عليه ويختلي به ويخرج من عنده بعد ذلك طائفاً بأتباعه في البلاد ، متحدثاً معهم محاضراً فيهم خطيباً بينهم ، كأنه نائب عن الشيخ المزعوم ، ثم يختم زيارته بالتوجه الى ضريح أبي الحسن الشاذلي الشيخ الصوفي المعروف ، المدفون في أقصى بلاد مصر ، ومعه بطانةٌ من دهاقنة التصوف في مصر ، وهو ينشر بينهم مؤلفاته التي اطلعنا على بعضها فاستوقفنا منها كتابه المسمى ( الذخائر المحمدية ) وتحت يدي الآن نسخة منه بل الجزء الأول ، وهو يقع في 354 صفحة من الحجم الكبير ذيالطباعة الفاخرة ، وطبع بمطبعة حسان بالقاهرة ، ولا يوزع عن طريق دار نشر وإنما يوزع بصفة شخصية ، وبلا ثمن.
والذي يقرأ هذا الكتاب يجد المؤلف هداه الله قد أورد فيه كل المعتقدات الباطلة في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن بطريق ملتوٍ فيه من المكر والدهاء ما فيه ، حتى لا يؤخذ على المؤلف خطأ شخصي ، فهو يذيع تلك العقائد ويشيعها عن طريق النقل من بعض الكتب التي أساءت الى الإسلام في عقيدته وشريعته ، والتي وصلت برسول الله صلى الله عليه وسلم الى درجة من الغلو ، ما قال بها كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، بل ورد بشأنها النهي الصريح عن مثل هذا الزيغ والزيف والضلال )
ثم ذكر أمثلة مما جاء في الكتاب من الضلال وختم رسالته بقوله ( نحن إنما نهتم بتعقب مثل هذه الأخطاء والخطايا من أجل أن ننبه الى خطورتها وخطرها من باب نصح المسلمين وإرشادهم وتحذيرهم مما يخشى منه على العقيدة الصحيحة والايمان الحق.(1/3)
وإنما نكتب لكم به كذلك لتتصرفوا حياله بما فيه الخير للاسلام والمسلمين ، فكما أن مصر مستهدفة من أعداء الإسلام بحكم عددها وعدتها وإجماعها من حيث الأصل على السنة ، فإن السعودية مستهدفة بنفس القدر إن لم يكن أكثر بحكم موقعها من قلوب المسلمين ، وبحكم عقيدتها القائمة على حماية جناب التوحيد ، وعلى توجيه الناس الى السنة الصحيحة ، واهتمامها بنشر هذه العقيدة في كل مكان.
فلا أقل من أن ننبه الى بعض مواطن الخطر لتعملوا على درئه ما استطعتم ، والظن بكم بل الاعتقاد فيكم سيكون في محله إن شاء الله ، فإن الأمر جد خطير كما رأيتم ، من بعض فقرات الكتاب. أهـ ).
وقد تبين للمجلس صحة ما ذكر من كون محمد علوي داعية سوء ويعمل على نشر الضلال والبدع وأن كتبه مملوءة بالخرافات والدعوة الى الشرك والوثنية.
ورأى أن يعمل على إصلاح حاله وتوبته من أقواله ، وأن يبذل له النصح ويبين له الحق ، واستحسن أن يحضر المذكور لدى سماحة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد ، رئيس المجلس الأعلى للقضاء ، وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد ، ومعالي الشيخ سليمان بن عبيد ، الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين ، لمواجهته بما صدر منه من العبارات الالحادية والصوفية ، وإسماعه الكتاب الوارد من مصر ومعرفة جوابه عن ذلك ، وما لديه حول ما ورد في كتبه.
وقد حصل هذا الاجتماع المذكور في المجلس الأعلى للقضاء يوم الخميس الموافق 17 |10| 1400 هـ.(1/4)
وأعد محضر بذلك الاجتماع تضمن إجابته بشأن تلك الكتب ، وما سأله عنه المشايخ مما جاء فيها. وجاء في المحضر الذي وقع فيه أن كتاب الذخائر المحمدية وكتاب الصلوات المأثورة له. أما كتاب أدعية وصلوات فليس له ، وأما الرجل الصوفي الذي في مصر فقد قال إنه زاره ومئات من أمثاله في الصعيد ، ولكنه ليس من أتباعه ويبرأ الى الله من طريقته ، وأنه لم يلق محاضرات في مصر ، وأنه أنكر عليه وعلى أتباعه ، وقد ذكر للمشايخ أنه له وجهة نظر في بعض المسائل ، أما الأمور الشركية فيقول إنه نقلها عن غيره ، وأنها خطأ فاته التنبيه عليه.
ولما استمع المجلس الى المحضر المذكور وتأكد من كون الكتابين له ، وعلم اعترافه بأنه جمع فيها تلك الأمور المنكرة ، ناقش أمره وما يتخذ بشأنه ، ورأى أنه ينبغي جمع الأمور الشركية والبدعية التي في كتابه الذخائر المحمدية مما قال فيها أنه خطأ فاته التنبيه عليه ، وتطبق على المحضر ، ويكتب رجوعه عنها ويطلب منه التوقيع عليه ، ثم ينشر في الصحف ويذاع بصوته في الاذاعة والتلفزيون ، فإن استجاب لذلك وإلا رفع لولاة الأمور لمنعه من جميع نشاطاته في المسجد الحرام ، ومن الاذاعة والتلفزيون ، وفي الصحافة ، كما يمنع من السفر الى الخارج ، حتى لا ينشر باطله في العالم الاسلامي ، ويكون سبباً في فتنة الفئام من المسلمين.(1/5)
وقد قامت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء بقراءة كتابيه المذكورين اللذين اعترف أنها له ومن إعداده وتأليفه ، وجمع الأمور الشركية والبدعية التي فيها وإعداد ما ينبغي أن يوجه له ، ويطلب منه أن يذيعه بصوته ، وبعث له عن طريق معالي الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين بكتاب سماحة الرئيس العام رقم 2788 وتاريخ 12| 11|1400 هـ ، فامتنع عن تنفيذ ما رآه المجلس ، وكتب رسالة ضمنها رأيه ، ووردت الى سماحة الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد مشفوعةً بكتاب معالي الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين ، رقم 2053|19 وتاريخ 26|12|1400 هـ.
وجاء في كتاب معاليه أنه اجتمع بالمذكور مرتين ، وعرض عليه خطاب سماحة الشيخ عبد العزيز ، وما كتبه المشائخ ، ولكنه أبدى تمنعاً عما اقترحوه ، وأنه حاول اقناعه ولم يقبل ، وكتب إجابة عما طلب منه مضمونها التصريح بعدم الموافقة على إعلان توبته .
وفي الدورة السابعة عشرة المنعقدة في شهر رجب عام 1401 هـ . في مدينة الرياض ، نظر المجلس في الموضوع وناقش الموقف الذي اتخذه حيال ما طلب منه ورأى أن يحاط ولاة الأمور بحاله والخطوات التي اتخذت لدفع ضرره وكف أذاه عن المسلمين ، وأعدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء بياناً يشتمل على جملة من الأمور الشركية والبدعية الموجودة في كتابه الذخائر المحمدية منها :
1 ـ نقل في ص 265 من الأبيات التي جاء فيها :
ولما رأيت الدهر قد حارب الورى * * * جعلت لنفسي نعل سيده حصنا
تحصنت منه في بديع مثالها * * * بسورٍ منيعٍ نلت في ظله الأمنا
2 ـ نقل قصيدة للبكري في الصفحتين 158 ـ 159 تتضمن أنواعاً من الشرك الأكبر وفيها إعراض عن الله عز وجل قال فيها :
ما أرسل الرحمن أو يرسل * * * من رحمة تصعد أو تنزلُ
في ملكوت الله أو ملكه * * * من كل ما يختص أو يشمل
إلا وطَه المصطفى عبده * * * نبيه مختاره المرسل(1/6)
واسطة فيها وأصل لها * * * يعلم هذا كل من يعقل
فلذ به من كل ما تشتكي * * * فهو شفيع دائماً يقبل
ولذ به من كل ما ترتجي * * * فإنه المرجع والموئل
وناده إن أزمةٌ أنشبت * * * أظفارها واستحكم المعضل
يا أكرم الخلق على ربه * * * وخير من فيهم به يسأل
كم مسني الكرب وكم مرةً * * * فرجت كرباً بعضه يذهل
فبالذي خصك بين الورى * * * برتبةٍ عنها العلا تنزل
عجل بإذهاب الذي أشتكي * * * فإن توقفت فمن ذا أسأل
3 ـ ذكر في ص 25 : أن ليلة مولده صلى الله عليه وسلم أفضل من ليلة القدر. وهذا خطأ واضح ، فليلة القدر أفضل الليالي بلا شك.
4 ـ ذكر في الصفحات الثالثة والأربعين والرابعة والأربعين والخامسة والأربعين قصيدةً لابن حجر الهيثمي فيها إثبات حياة النبي صلى الله عليه وسلم على الاطلاق ، وأنه يصلي الصلوات الخمس ويتطهر ، ويجوز أن يحج ويصوم ، ولا يستحيل ذلك عليه وتعرض عليه الأعمال.
ونقل عن الهيثمي استجارته بالرسول صلى الله عليه وسلم وأقره على ذلك ، والاستجارة بغير الله نوعٌ من الشرك الأكبر.
5 ـ أورد في ص 52 ـ ما نصه : من استغرق في محبة الأنبياء والصالحين حمله ذلك على الإذن في تقبيل قبورهم والتمسح بها ، وتمريغ الخد عليها. ونسب أشياء من ذلك الى بعض الصحابة ، وأقر ذلك ولم ينكره ، مع أن تلك الأمور من البدع ووسائل الشرك الأكبر ، ونسبتها الى بعض الصحابة باطلة.
6 ـ ذكر في ص 60 : أن زيارة قبره الشريف صلى الله عليه وسلم من كمال الحج ، وأن زيارته عند الصوفية فرضٌ ، وأن الهجرة الى قبره عندهم كالهجرة اليه حيا. وأقر ذلك ولم ينكره.
7 ـ ذكر عشر كرامات لزائر قبر النبي صلى الله عليه وسلم كلها رجم بالغيب وقول على الله بلا علم .(1/7)
8 ـ دعا الى الاستجارة به صلى الله عليه وسلم والاستشفاع به عند زيارته فقال ما نصه ( ويتأكد بتجديد التوبة في هذا الموقف الشريف وسؤال الله تعالى أن يجعلها لديه نصوحاً ، والاستشفاع به صلى الله عليه وسلم في قبولها والاكثار من الاستغفار والتضرع بتلاوة الآية المذكورة ، وأن يقول بعدها وقد ظلمت نفسي ظلما كثيراً ، وأتيت بجهلي وغفلتي أمراً كبيراً ، وقد وفدت عليك زائراً وبك مستجيراً.
ص 100 : ومعلوم أن الاستشفاع والاستجارة به بعد وفاته صلى الله عليه وسلم من أنواع الشرك الأكبر.
9 ـ ذكر في ص 10 ـ شعراً يقال مع الدعاء عند زيارة قبره صلى الله عليه وسلم ومنه :
هذا نزيلك أضحى لا ملاذ له * * * إلا جنابك يا سؤلي ويا أملي
ومنه :
ضيف ضعيف غريب قد أناخ بكم * * * ويستجير بكم يا سادة العرب
يا مكرم الضيف ياعون الزمان ويا * * * غوث الفقير ومرمى القصد والطلب
ونقل عن بعضهم في ص 102 شعراً تحت عنوان فضائل نبوية قرآنية :
أترضى مع الجاه المنيع ضياعنا * * * و نحن الى أعتاب بابك ننسب
أفضها علينا نفحة نبوية * * * تلم شتات المسلمين وترأب
وهذه الأبيات الخمسة من الشرك الأكبر والعياذ بالله.
10 ـ نقل في ص 54 : بيتاً من الهمزية هو :
ليته خصني برؤية وجه * * * زال عن كل من رآه العناء
وهذا كذبٌ وباطلٌ ، وقد رآه في حياته عليه الصلاة والسلام أقوامْ كثيرون ، فما زال عنهم عناؤهم ولا كفرهم .
11 ـ نقل في ص 157 غلوا في نعال الرسول صلى الله عليه وسلم في البيتين التاليين :
على رأس هذا الكون نعل محمد * * * سمت فجميع الخلق تحت ظلاله
لدي الطور موسي نودي اخلع * * * وأحمد الى العرش لم يؤمر بخلع نعاله
12 ـ ذكر في ص 166 قصيدة شركية للشيخ عمر الباقي الخلوتي منها :
يا ملاذ الورى وخير عيان * * * ورجاء لكل دان قصي
لك وجهي وجهت يا أبيض * * * الوجه فوجه اليه وجه الولي(1/8)
13 ـ نقل في كتابه الذخائر المحمدية ص 284 عن ابن القيم من كتابه جلاء الأفهام ما يوهم أن الطريق الى الله والى جنته محصور في اتباع أهل البيت يعني أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وتصرف في كلام ابن القيم فلم ينقله على حقيقته ، لأن ابن القيم في كتابه المذكور تكلم على ابراهيم الخليل وآله من الأنبياء ، وذكر أن الله سبحانه بعث جميع الأنبياء بعد ابراهيم من ذريته ، وجعل الطريق اليه مسدوداً إلا من طريقهم ، ومنهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. فترك الشيخ محمد علوي مالكي نقل أصل كلام ابن القيم رحمه الله وتصرف فيه ، فنقل ما يوهم القراء أن المراد أهل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا يخفي أن هذا الرأي هو مذهب الرافضة الاثني عشرية ، وأنهم يرون أن الأحاديث الواردة من غير طريق أهل البيت لا يحتج بها ولا يعمل بها ولو كان الراوي لها أبا بكر الصديق أو عمر أو عثمان وتدليسٌ شنيعٌ أراد به تحقيق مقصد سيئ خطير.
ومثل ما تقدم ما ذكره في الصفحتين الرابعة والخامسة من كتابه الصلوات المأثورة حيث يقول من جملة الدعاء الذي نقله ( وانشلني من أوحال التوحيد وأغرقني في عين بحر الوحدة ) وقوله : ( ولا شيء إلا هو به منوط ) يعني بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد رفع البيان الى صاحب السمو الملكي نائب رئيس مجلس الوزراء مشفوعاً بكتاب سماحة الرئيس العام رقم 1280|2 وتاريخ 28|7|1401 هـ.(1/9)
وفي الدورة الثامنة عشرة للمجلس ـ المنعقدة في شهر شوال عام 1401 هـ. أعيدت مناقشة موضوعه بناء على ما بلغ المجلس من أن شره في ازدياد ، وأنه لا يزال ينشر بدعه وضلالاته في الداخل والخارج ، فرأى أن الفساد المترتب على نشاطه كبير ، حيث يتعلق بأصل عقيدة التوحيد التي بعث الله الرسل من أولهم الى آخرهم لدعوة الناس اليها ، وإقامة حياتهم على أساسها ، وليست أعماله وآراؤه الباطلة في أمور فرعية اجتهادية يسوغ الاختلاف فيها ، وأنه يسعى الى عودة الوثنية في هذه البلاد وعبادة القبور والأنبياء ، والتعلق على غير الله ، ويطعن في دعوة التوحيد ويعمل على نشر الشرك والخرافات ، والغلو في القبور ، ويقرر هذه الأمور في كتبه ويدعو اليها في مجالسه ، ويسافر من أجل الدعوة لها في الخارج . انتهى .
صورة الفتوى :
http://saaid.net/Doat/Zugail/images/P1.jpg
http://saaid.net/Doat/Zugail/images/P2.jpg
http://saaid.net/Doat/Zugail/images/P3.jpg
http://saaid.net/Doat/Zugail/images/P4.jpg
http://saaid.net/Doat/Zugail/images/P5.jpg
http://saaid.net/Doat/Zugail/images/P6.jpg
http://saaid.net/Doat/Zugail/images/P7.jpg
http://saaid.net/Doat/Zugail/images/P8.jpg
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/10)
أَقْوَالُ أَهْلِ الْمِلَّةِ فِي حُكْمِ الْخَوَارِجِ الْمَارِقَةِ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
فإن مسالة تكفير الخوارج من المسائل التي تكلم فيها العلماء الذين ألفوا في كتب العقائد والفِرق بعد اتفاق الإمة على ذمهم وتضليلهم وعلى وجوب قتالهم .
ولقد وقع الخلاف في تكفير الخوارج بين العلماء والمشهور في ذلك قولان للعلماء .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ( 28/518 ) :
فَإِنَّ الْأُمَّةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى ذَمِّ الْخَوَارِجِ وَتَضْلِيلِهِمْ وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي تَكْفِيرِهِمْ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا نِزَاعٌ فِي كُفْرِهِمْ .
وَلِهَذَا كَانَ فِيهِمْ وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُمْ بُغَاةٌ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُمْ كُفَّارٌ كَالْمُرْتَدِّينَ ، يَجُوزُ قَتْلُهُمْ ابْتِدَاءً ، وَقَتْلُ أَسِيرِهِمْ ، وَاتِّبَاعُ مُدْبِرِهِمْ ، وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ اُسْتُتِيبَ كَالْمُرْتَدِّ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ .ا.هـ. كلامه
والغالب على الإمام أحمد التوقف عن تكفيرهم .
فالخلاصة مما سبق أن المسألة فيها ثلاثة أقوال وهذا أوان التفصيل لهذه الأقوال :
القولُ الأولُ :
الحكم بتكفيرهم .
واستدلوا بالأحاديث الواردة في حقهم ومن ذلك :(1/1)
عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ ، قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ ، يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ ، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
رواه البخاري (6930) ، ومسلم (1771) .
واستدلوا بحديث ذي الخويصرة عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ .
رواه البخاري (6933) ، ومسلم (1761) .
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح ( 12/313 ) جملة من العلماء الذين قالوا بتكفير الخوارج كالبخاري حيث قرنهم بالملحدين وأفرد عنهم المتأولين بترجمة قال فيها :
باب من ترك قِتال الخوارج للتألف ولئلا ينفرَ الناسُ عنه .
وممن يرى بتكفير الخوارج كما ذكر الحافظ أبوبكر بن العربي فقال الحافظ :(1/2)
وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ فَقَالَ : الصَّحِيح أَنَّهُمْ كُفَّار لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَام " وَلِقَوْلِهِ : " لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْل عَاد " ، وَفِي لَفْظ " ثَمُود " ، وَكُلّ مِنْهُمَا إِنَّمَا هَلَكَ بِالْكُفْرِ ، وَبِقَوْلِهِ : " هُمْ شَرُّ الْخَلْق " وَلَا يُوصَف بِذَلِكَ إِلَّا الْكُفَّار ، وَلِقَوْلِهِ : " إِنَّهُمْ أَبْغَضُ الْخَلْق إِلَى اللَّه تَعَالَى " ، وَلِحُكْمِهِمْ عَلَى كُلّ مَنْ خَالَفَ مُعْتَقَدهمْ بِالْكُفْرِ وَالتَّخْلِيد فِي النَّار فَكَانُوا هُمْ أَحَقَّ بِالِاسْمِ مِنْهُمْ .ا.هـ.
وكذلك ممن قال بتكفيرهم السبكي ، قال الحافظ :
وَمِمَّنْ جَنَحَ إِلَى ذَلِكَ مِنْ أَئِمَّة الْمُتَأَخِّرِينَ الشَّيْخ تَقِيّ الدِّين السُّبْكِيّ فَقَالَ فِي فَتَاوِيه :
اِحْتَجَّ مَنْ كَفَّرَ الْخَوَارِج وَغُلَاة الرَّوَافِض بِتَكْفِيرِهِمْ أَعْلَام الصَّحَابَة لِتَضَمُّنِهِ تَكْذِيب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهَادَته لَهُمْ بِالْجَنَّةِ ، قَالَ : وَهُوَ عِنْدِي اِحْتِجَاج صَحِيح .ا.هـ.
وكذا قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي " الْمُفْهِم " :
وَالْقَوْل بِتَكْفِيرِهِمْ أَظْهَرُ فِي الْحَدِيث .
وقال أيضا :
فَعَلَى الْقَوْل بِتَكْفِيرِهِمْ يُقَاتِلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَتُسْبَى أَمْوَالُهُمْ وَهُوَ قَوْل طَائِفَة مِنْ أَهْل الْحَدِيث فِي أَمْوَال الْخَوَارِج ، وَعَلَى الْقَوْل بِعَدَمِ تَكْفِيرهمْ يُسْلَك بِهِمْ مَسْلَك أَهْل الْبَغْي إِذَا شَقُّوا الْعَصَا وَنَصَبُوا الْحَرْب .ا.هـ.
وهذا يدل على أنه غير جازم بالحكم فيهم وإن كان يرى ترك تكفيرهم أسلم لقوله :
وَبَاب التَّكْفِير بَاب خَطِر وَلَا نَعْدِل بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا .(1/3)
وممن ذهب إلى تكفيرهم أيضا الحسن بن محمد بن علي ورواية عن الإمام الشافعي ورواية عن الإمام مالك وطائفة من أهل الحديث .
[ انظر الإبانة الصغرى 152 ، الشفا 2/1057 ، المغني 12/239 ]
وممن ذهب إلى تكفيرهم من المعاصرين سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - .
القولُ الثاني :
الحكم بعدم تكفير الخوارج واستدلوا بأمور وهي :
أولاً :
أنهم نطقوا بالشهادتين ودخلوا في الإسلام وهذا يمنع من تكفيرهم أو إلحاقهم بمن لايقر بذلك ، وتفسيقهم إنما كان لما عرف عنهم من تكفيرهم المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم .
وهذا الرأي هو لأكثر أهل الأصول من أهل السنة .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (12/314) :
وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْل الْأُصُول مِنْ أَهْل السُّنَّة إِلَى أَنَّ الْخَوَارِج فُسَّاق وَأَنَّ حُكْم الْإِسْلَام يَجْرِي عَلَيْهِمْ لِتَلَفُّظِهِمْ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَمُوَاظَبَتِهِمْ عَلَى أَرْكَان الْإِسْلَام ، وَإِنَّمَا فُسِّقُوا بِتَكْفِيرِهِمْ الْمُسْلِمِينَ مُسْتَنِدِينَ إِلَى تَأْوِيل فَاسِد وَجَرَّهُمْ ذَلِكَ إِلَى اِسْتِبَاحَة دِمَاء مُخَالِفِيهِمْ وَأَمْوَالهمْ وَالشَّهَادَة عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ وَالشِّرْك .ا.هـ.
ثانياً :
أنهم لم يصرحوا بالكفر وإن قالوا أقوالا تؤدي إليه لكن الحكم بالكفر لابد من قيام المقتضى له وانتفاء الموانع وسبب ذلك أنهم متأولون وكان قصدهم اتباع القرآن إلا أنهم اخطأوا التأويل ولهذا عندما ناظرهم عبدالله بن عباس رجع منهم الفان وخرج سائرهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (13/210) :(1/4)
فَإِنَّ الْخَوَارِجَ خَالَفُوا السُّنَّةَ الَّتِي أَمَرَ الْقُرْآنُ بِاتِّبَاعِهَا وَكَفَّرُوا الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَمَرَ الْقُرْآنُ بِمُوَالَاتِهِمْ وَلِهَذَا تَأَوَّلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ : " وَمَا يُضِلُّ بِهِ إلَّا الْفَاسِقِينَ . الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ " [ البقرة : 26 - 27 ] وَصَارُوا يَتَتَبَّعُونَ الْمُتَشَابِهَ مِنْ الْقُرْآنِ فَيَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ مِنْهُمْ بِمَعْنَاهُ وَلَا رُسُوخٍ فِي الْعِلْمِ وَلَا اتِّبَاعٍ لِلسُّنَّةِ وَلَا مُرَاجَعَةٍ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَفْهَمُونَ الْقُرْآنَ .ا.هـ.
ثالثاً :
مواظبتهم على أركان الإسلام ومحافظتهم عليها وعدم تفريطهم في شيء منها فمما لا شك فيه أن الخوارج أهل طاعة وعبادة فقد كانوا حريصين كل الحرص على التمسك بأهداب الدين وتطبيق أحكامه كاملة قال ابن عباس في وصفهم :
فَأَتَيْتهمْ فَدَخَلْت عَلَى قَوْم لَمْ أَرَ أَشَدَّ اِجْتِهَادًا مِنْهُمْ ، أَيْدِيهمْ كَأَنَّهَا ثِفَن الْإِبِل ، وَوُجُوههمْ مُعَلَّمَة مِنْ آثَار السُّجُود ....
رابعاً :
إحماع علماء المسلمين على أن الخوارج فرقة من فرق المسلمين لم يخرجهم أحد من تلك الفرق بصفة العموم وإن خرجت بعض طوائف منهم للقطع بكفرهم كاليزيدية والميمونية .
قال الخطابي فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر :
أَجْمَعَ عُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الْخَوَارِج مَعَ ضَلَالَتهمْ فِرْقَة مِنْ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَجَازُوا مُنَاكَحَتهمْ وَأَكْل ذَبَائِحهمْ ، وَأَنَّهُمْ لَا يُكَفَّرُونَ مَا دَامُوا مُتَمَسِّكِينَ بِأَصْلِ الْإِسْلَام .ا.هـ.
وقَالَ اِبْن بَطَّال :(1/5)
ذَهَبَ جُمْهُور الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّ الْخَوَارِج غَيْر خَارِجِينَ عَنْ جُمْلَة الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ " يَتَمَارَى فِي الْفُوق " لِأَنَّ التَّمَارِي مِنْ الشَّكّ ، وَإِذْ وَقَعَ الشَّكّ فِي ذَلِكَ لَمْ يُقْطَع عَلَيْهِمْ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْإِسْلَام ، لِأَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ عَقْد الْإِسْلَام بِيَقِينٍ لَمْ يَخْرُج مِنْهُ إِلَّا بِيَقِينٍ .ا.هـ.
وممن ذهب إلى هذا القول - وهو عدم تكفير الخوارج - رواية عن الإمام أحمد ورواية عن الإمام مالك وهو قول الشافعي في رواية .
قال الطالبي :
وأما الإمام الشافعي فإنه لم يفرق بين مذهب الخوارج وبين غيره من مذاهب الفرق الأخرى في عدم التكفير بها .ا.هـ.
وكذلك الإمام النووي في شرح مسلم (2/50) قال :
الْمَذْهَب الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ : أَنَّ الْخَوَارِجَ لَا يُكَفَّرُونَ كَسَائِرِ أَهْل الْبِدَعِ .ا.هـ.
وقال الإمام الشاطبي في الإعتصام (2/185) :
وقد اختلفت الأمة في تكفير هؤلاء أصحاب البدع العظمى ولكن الذي يقوى في النظر وبحسب الأثر عدم القطع بتكفيرهم والدليل عليه عمل السلف الصالح فيهم ....ا.هـ.
وقال ابن قدامة في المغني (8/106) :
الْخَوَارِجُ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالذَّنْبِ ، وَيُكَفِّرُونَ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ ، وَكَثِيرًا مِنْ الصَّحَابَةِ ، وَيَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَمْوَالَهُمْ ، إلَّا مَنْ خَرَجَ مَعَهُمْ ، فَظَاهِرُ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُمْ بُغَاةٌ ، حُكْمُهُمْ حُكْمُهُمْ .
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ ، وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ .ا.هـ.
والقول بعدم تكفيرهم هو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية .
قال شيخ الإسلام في منهاج السنة (5/247) :(1/6)
ومما يدل على أن الصحابة لم يكفروا الخوارج أنهم كانوا يصلون خلفهم وكان عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - وغيره من الصحابة يصلون خلف نجدة الحروري وكانوا أيضا يحدثونهم ويخاطبونهم كما يخاطب المسلم المسلم كما كان عبدالله بن عباس يجيب نجدة الحروري لما أرسل إليه يسأله عن مسائل وحديثه في البخاري ، وكما أجاب نافع بن الأزرق عن مسائل مشهورة وكان نافع يناظره في أشياء بالقرآن كما يتناظر المسلمان وما زالت سيرة المسلمين على هذا ما جعلوهم مرتدين كالذين قاتلهم الصديق .
هذا مع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتالهم في الأحاديث الصحيحة وما روي من أنهم شر قتلى تحت أديم السماء خير قتيل من قتلوه في الحديث الذي رواه أبو أمامة رواه الترمذي وغيره أي أنهم شر على المسلمين من غيرهم فإنهم لم يكن أحد شرا على المسلمين منهم لا اليهود ولا النصارى فإنهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم وقتل أولادهم مكفرين لهم وكانوا متدينين بذلك لعظم جهلهم وبدعتهم المضلة ومع هذا فالصحابة - رضي الله عنهم - والتابعون لهم بإحسان لم يكفروهم ولا جعلوهم مرتدين ولا اعتدوا عليهم بقول ولا فعل بل اتقوا الله فيهم وساروا فيهم السيرة العادلة .ا.هـ.
القولُ الثالثُ :
التوقف عن تكفير الخوارج وكما ذكرنا أنه الغالب على الإمام أحمد .
روى الخلال في السنة (ص145 رقم 111) بإسناده فقال :
وأخبرني يوسف بن موسى أن أبا عبدالله قيل له : أكقر الخوارج ؟
قال : هم مارقة .
قيل : أكفار هم ؟
قال : هم مارقة مرقوا من الدين .
قال المحقق د/ عطية الزهراني في الحاشية : إسناده حسن .
وروى الخلال أيضا بإسناده (ص 146 رقم 112) فقال :
وأخبرني محمد بن أبي هارون أن إسحاق حدثهم أن أبا عبدالله سئل عن الحرورية والمارقة : يكفرون ؟
قال : اعفني من هذا وقل كما جاء في الحديث .
قال المحقق : إسناده صحيح . وقد أخرجه ابن هاني في مسائله .(1/7)
وقال شيخ الإسلام في الفتاوى (12/486) :
وَأَمَّا " الْقَدَرِيَّةُ " الْمُقِرُّونَ بِالْعِلْمِ وَ " الرَّوَافِضُ " الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ الْغَالِيَةِ والجهمية وَالْخَوَارِجُ : فَيُذْكَرُ عَنْهُ ( أي الإمام أحمد )فِي تَكْفِيرِهِمْ رِوَايَتَانِ هَذَا حَقِيقَةُ قَوْلِهِ الْمُطْلَقِ مَعَ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ التَّوَقُّفُ عَنْ تَكْفِيرِ الْقَدَرِيَّةِ الْمُقِرِّينَ بِالْعِلْمِ وَالْخَوَارِجِ مَعَ قَوْلِهِ : مَا أَعْلَمُ قَوْمًا شَرًّا مِنْ الْخَوَارِجِ .ا.هـ.
وممن توقف فيهم أيضا أبوالمعالي عبدالملك بن يوسف إمام الحرمين
قال القاضي عياض في الشفا (2/1058) :
ولمثل هذا ذهب أبو المعالي ( أي التوقف ) رحمه الله في أجوبته لأبي محمد عبدالحق وكان سأله عن المسألة واعتذر له بأن الغلط فيها صعب لأن إدخال كافر في الملة أو إخراج مسلم عنها عظيم في الدين .ا.هـ.
وقد توقف في المسألة أيضا الباقلاني والغزالي قال الحافظ في الفتح (12/314) نقلا عن القاضي عياض :
وَقَدْ تَوَقَّفَ قَبْله الْقَاضِي أَبُو بَكْر الْبَاقِلَّانِيّ وَقَالَ : لَمْ يُصَرِّحْ الْقَوْم بِالْكُفْرِ وَإِنَّمَا قَالُوا أَقْوَالًا تُؤَدِّي إِلَى الْكُفْر .
وَقَالَ الْغَزَالِيّ فِي كِتَاب " التَّفْرِقَة بَيْن الْإِيمَان وَالزَّنْدَقَة " وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الِاحْتِرَاز عَنْ التَّكْفِير مَا وَجَدَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فَإِنَّ اِسْتِبَاحَة دِمَاء الْمُصَلِّينَ الْمُقِرِّينَ بِالتَّوْحِيدِ خَطَأ , وَالْخَطَأ فِي تَرْك أَلْف كَافِر فِي الْحَيَاة أَهْوَنُ مِنْ الْخَطَأ فِي سَفْك دَم لِمُسْلِمٍ وَاحِد ..ا.هـ.
الخاتمةُ :
هذه ثلاثة أقوال في المسألة نقلتها من كلام أهل العلم .
وهناك رأي قد يُجعل قولا رابعا ذكره د/ غالب عواجي في كتابه " الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها " وهذا القول ما ترجح لديه فقال (ص544) :(1/8)
والواقع أن الحكم بتكفير الخوارج على الإطلاق فيه غلو وأن الحكم بالتسوية بينهم وبين غيرهم من فرق المسلمين فيه تساهل .
ثم قال :
وفيما يظهر لي أن لا يعمم الحكم على جميع الخوارج بل يقال في حق كل فرقة بما تستحقه من الحكم حسب قربها أو بعدها عن الدين وحسب ما يظهر من اعتقادتها وآرائها أما الحكم عليهم جميعا بحكم واحد مدحا أو ذما فإنه يكون حكما غير دقيق .ا.هـ.
وفي الختام أسأل الله أن يكون في هذا القدر كفاية وأن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه جلا وعلا إنه سميع مجيب .
وأذكر بأن من كان لديه إضافة أو تعليق فلا يبخل بها وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@147.tgkLbHgyhw8^0@.ef15892
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/9)
القول المبين في حكم شاتم خاتم النبين
القول المبين في حكم شاتم خاتم النبين (1)
مقدمة :
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد .
الحمدلله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره أهل الشرك والعناد ولقد هدانا الله بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأخرجنا به من الظلمات إلى النور وآتانا ببركة رسالته ويمن سفارته خير الدنيا والآخرة وكان من ربه بالمنزلة العليا التي تقاصرت العقول والألسنة عن معرفتها ونعتها .
ولقد كفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم المستهزءين فقال الله تعالى : " إن كفيناك المستهزءين " (الحجر : 95) قال الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان (3/182) : بين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه كفى نبيه صلى الله عليه وسلم المستهزءين الذين كانوا يستهزئون به وهم قوم من قريش وذكر في مواضع أخر أنه كفاه غيرهم كقوله في أهل الكتاب : فسيكفيكهم الله . وقوله : أليس الله بكاف عبده .ا.هـ.
وقال تعالى : " إن شانئك هو الأبتر " (الكوثر : 3)
قال ابن كثير في تفسيره (8/504) : إن مبغضك - يا محمد - ومبغض ما جئت به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع ذكره . ا.هـ.
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال ؛ قدم كعب بن الأشرف مكة فقال له قريش : انت سيدهم ألا ترى هذا المُصنبر المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدنة وأهل السقاية فقال : أنتم خير منه قال : فنزلت : إن سانئك هو الأبتر . رواه البزار وقال ابن كثير إسناد صحيح وذكره الشيخ مقبل الوادعي في الصحيح المسند من أسباب النزول (ص175) .
وقال تعالى : " إن الذين يؤذن الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا " (الأحزاب : 57) .
فهذه الآيات تبين ما للرسول من منزلة ومقام عظيم عند الله .(1/1)
حكم سب النبي صلى الله عليه والاستهزاء به من الكتاب والسنة وأقوال السلف :
إن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستهزاء به من نواقض الإيمان التي توجب الكفر ظاهرا وباطنا سواء استحل ذلك أو لم يستحله قال تعالى : " ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم " (التوبة : 64-65) .
روى ابن أبي حاتم بإسناده عن عبدالله بن عمر قال : قال رجل في غزوة تبوك في مجلس يوما : ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء لا أرغب
بطونا ولا أكذب ألسنة ولا أجبن عند اللقاء فقال رجل في المجلس : كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن قال عبدالله : فأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة وهو يقول : يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أبالله ورسوله كنتم تستهزئون .
قال الشيخ مقبل في الصحيح المسند من أسباب النزول (ص78) : الحديث رجاله رجال الصحيح إلا هشام بن سعد فلم يخرج له مسلم إلا في الشواهد كما في الميزان وأخرجه الطبري من طريقه وله شاهد بسند حسن عند ابن أبي حاتم من حديث كعب بن مالك .
قال ابن حزم عند هذه الآية في الفصل (4/244) : فنص تعالى على أن الاستهزاء بالله تعالى أو بآياته أو برسول من رسله كفر مخرج من الإيمان ولم يقل تعالى في ذلك إني علمت أن في قلوبكم كفرا بل جعلهم كفارا بنفس الاستهزاء ومن ادعى غير هذا فقد قول الله تعالى ما لم يقل وكذب على الله .ا.هـ.
ويدخل في هذه الآية الاستهزاء بالمتمسكين بهذا الدين في مظهرهم ومخبرهم وأن السخرية بهم من الأمور الموقعة في الكفر نسأل الله السلامة والعافية .
أما ما جاء من نصوص السنة في هذه المسألة فإليك يا أخي المسلم جملة من النصوص لنعلم خطر هذا الأمر .(1/2)
- عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : أن أعمى كانت له أم ولد - أي غير مسلمة - تشتم النبي صلى الله عليه وتقع فيه فينهاها فلا تنتهي ويزجرها فلا تنزجر قال : فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وتشتمه فأخذ المعول - وهو سيف قصير - فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها فوقع بين رجليها طفل فلطخت ما هناك بالدم فلما أصبح ذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فجمع الناس فقال : انشد الله رجلا فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل - يعني يتحرك - حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أنا صاحبها كانت تشتمك وتقع فيك فأنهها فلا تنتهي وأزجرها فلا تنزجر ولي منها إبنان مثل اللؤلؤتين وكانت بي رفيقة فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك فأخذت المعول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الا اشهدوا : إن دمها هدر
رواه أبو داود وصحح إسناده الألباني في صحيح سنن أبي داود (3665) .
وقد بوب عليه أبو داود فقال : باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم .
فهذا الحديث نص في أن الذمي وهو غير المسلم الذي صالحناه وأعطيناه الأمان إذا سب النبي صلى الله عليه وسلم ينتقض عهده وأنه يجب قتله .
قال أسحاق بن راهوية : إن أظهروا سب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسُمع منهم ذلك أو تحقق عليهم قتلوا .
وكذلك نص الإمام أحمد على وجوب قتله وانتقاض عهده .
يتبع ..................
---
القول المبين في حكم شاتم خاتم النبين (2)
وقفنا في الحلقة الأولى عند حكم شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم من أهل الذمة وذكرنا ما جاء في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم من قصة الأعمى الذي قتل زوجته الذمية .
قال شيخ الإسلام في الصارم المسلول على شاتم الرسول (2/145) عند هذه القصة :(1/3)
وهذه المرأة إما أن تكون زوجة لهذا الرجل أو مملوكة له وعلى التقديرين فلو لم يكن قتلها جائزا لبين النبي صلى الله عليه له أن قتلها كان محرما وأن دمها كان معصوما ولأوجب عليه الكفارة بقتل المعصوم والدية إن لم تكن مملوكة له فلما قال : اشهدوا أن دمها هدر - والهدر الذي لا يضمن بقود ولا دية ولا كفارة - عُلم أنه كان مباحا مع كونها كانت ذمية فعلم أن السب أباح دمها لاسيما والنبي صلى الله عليه وسلم إنما أهدر دمها عقب إخباره بأنها قتلت لأجل السب فعلم أن الموجب لذلك والقصة ظاهرة الدلالة في ذلك .ا.هـ.
الحديث الثاني :
ومما جاء في السنة في قتل شاتم الرسول وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسقط حقه في قتل من سبه صلى الله عليه وسلم عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المِغْفَر - نوع من الدروع يكون على قدر الرأس - فلما نزعه جاء رجل فقال : ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال : اقتلوه .
رواه البخاري (1846) ومسلم (1357) وأبوداود (2685) والترمذي (1693) والنسائي (5/20
0) .
قال أبوداود : اسم ابن خطل عبد الله وكان أبو برزة الأسلمي قتله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم (2/265) :
وقد تقدم عند أهل المغازي أن جرمه أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمله على الصدقة وأصحبه رجلا يخدمه فغضب على رفيقه لكونه لم يصنع له طعاما أمره بصنعه فقتله فخاف ثَمَّ أن يُقتل فارتد واستاق إبل لبصدقة وأنه كان يقول الشعر يهجو به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأمر جاريتيه أن تغنيا به فهذا له ثلاث جرائم مبيحة للدم : قتل النفس والردة والهجاء .ا.هـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (4/73) :(1/4)
والسبب في قتل ابن خطل وعدم دخوله في قوله " من دخل المسجد فهو آمن " ما روى ابن إسحاق في المغازي " حدثني عبد الله بن أبي بكر وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة قال : لا يقتل أحد إلا من قاتل , إلا نفرا سماهم فقال : اقتلوهم وإن وجدتموهم تحت أستار الكعبة , منهم عبد الله بن خطل وعبد الله بن سعد , وإنما أمر بقتل ابن خطل لأنه كان مسلما فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا وبعث معه رجلا من الأنصار وكان معه مولى يخدمه وكان مسلما , فنزل منزلا , فأمر المولى أن يذبح تيسا ويصنع له طعاما , فنام واستيقظ ولم يصنع له شيئا , فعدا عليه فقتله ثم ارتد مشركا , وكانت له قينتان تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم . ا.هـ.
وقال شيخ الإسلام في رده على القائلين أنه قتل ردة (2/266) :
أنه كان مرتدا بلا خلاف بين أهل العلم بالسير وحتم قتله بدون استتابة مع كونه مستسلما منقادا قد ألقى السَّلَم كالأسير فعلم أن من ارتد وسب يقتل بلا استتابة بخلاف من ارتد فقط . يؤيده أن النبي صلى الله عليه وسلم أَمَّن عام الفتح جميع المحاربين إلا ذوي جرائم مخصوصة وكان ممن أهدر دمه دون غيره فعلم أنه لم يقتل لمجرد الكفر والحراب .ا.هـ.
الحديث الثالث :
ومما جاء في السنة أيضا قتل كعب بن الأشرف اليهودي الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لكعب بن الأشرف فإنه آذى الله ورسوله فقام محمد بن مسلمة فقال : أنا يا رسول الله أتحب أن أقتله ؟ قال : نعم . وقصة قتله في الصحيحين .
الحديث الرابع :(1/5)
ومما جاء في السنة قصة ابن أبي السرح عن سعد قال : لما كان يوم فتح مكة اختبأ عبدالله بن سعد بن أبي السرح عند عثمان بن عفان فجاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله بايع عبد الله فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ثلاث ثم أقبل على أصحابه فقال : أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين (حيث) رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله . فقالوا : ما ندري يا رسول الله ما في نفسك ألا أومات إلينا بعينك ؟ قال : إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين .
رواه أبو داود (4359) والحاكم (3/45) وقال : صحيح على شرط مسلم . ووافقه الذهبي . وقال الألباني - رحمه الله - في الصحيحة (4/300 برقم 1723) : وهو كما قالا إلا أن أسباط بن نصر وأحمد بن المفضل قد تكلم فيهما بعض الأئمة من جهة حفظهما لكن الحديث له شاهد يتقوى به ثم ذكره الشيخ .
والحديث جاء عند النسائي (4078) بأطول مما عند أبي داود عن سعد قال : لما كان يوم فتح مكة أمَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال : اقتلوهم وإن وجدتموهم مُتعلقين بأستار الكعبة عكرمة بن أبي جهل وعبدالله بن خطل ومَقِيس بن ضُبَابة وعبدالله بن سعد بن أبي السرح .
فأما عبد الله بن خطل فأُدرك وهو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إليه سعيد بن حُريب وعمار بن ياسر فسبق سعيد عمارا وكان أشب الرجلين فقتله .
وأما مَقِيس بن صُبابة فأدركه الناس في السوق فقتلوه .
وأما عكرمة فركب البحر فأصابهم عاصف فقال أصحاب السفينة : أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا ههنا فقال عكرمة : والله لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص لا ينجيني في البر غيره اللهم إن لك علي عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدا صلى الله عليه وسلم حتى أضع يدي في يده فلأجدنه عفوا كريما فجاء فأسلم .
وأما عبد الله بن سعد بن أبي السرح ....... فذكره بمثله .(1/6)
وقد صححه الألباني في صحيح سنن النسائي (3791) وقال في تعليقه على التنكيل (2/255) : ثم خرجت للحديث شاهدا حسنا في الصحيحة 1723.
ومعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين " كما ذكر الخطابي : أن يظمر بقلبه غير ما يظهره للناس .
وقال المعلمي في التنكيل (2/256) : وكره أن يومض لأن الايماض من شعار أهل الغدر والغدر لا ينبغي للأنبياء .
وعبد الله بن أبي السرح كان أخا لعثمان بن عفان من الرضاعة وكان عبد الله قد ارتد وافترى على النبي صلى الله عليه أنه يلقنه الوحي ويكتب له ما يريد .
قال شيخ الإسلام في الصارم (2/230) :
فوجه الدلالة أن عبد الله بن أبي السرح افترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يُتَمِّم له الوحي ويكتب له ما يريد فيوافقه عليه وأنه يصرفه حيث شاء ويغير ما أمره به من الوحي فيُقرُّه على ذلك وزعم أنه سينزل مثل ما أنزل الله إذ كان قد أوحي إليه في زعمه كما أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى كتابه والافتراء عليه مما يوجب الريب في نبوته قدر زائد على مجر الكفر به والردة في الدين وهو من أنواع السب .ا.هـ.
وكما نلاحظ في قصة عبد الله بن أبي السرح أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أسقط حقه ولم يقتل ابن أبي السرح .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا :
إن الذي عصم دم ابن أبي السرح عفو النبي صلى الله عليه وسلم وأنه بالإسلام وبالتوبة إنمحى عنه الإثم وبعفو النبي صلى الله عليه وسلم احتقن الدم .ا.هـ.
وللموضوع بقية ..........
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/7)
المِننُ فِي الردِّ على سَجَاح اليمنِ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
إن من أصولِ الدينِ عند أهلِ السنةِ والجماعةِ أن النبوةَ قد ختمت بالنبي محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم ، فلا نبي بعده صلواتُ الله وسلامهُ عليه ، فلو زعم شخصٌ أنه نبي فلا شك في كذبهِ وردتهِ ، لأنه قد عُلم من الدين بالضرورةِ أن النبوةَ ختمها اللهُ بمحمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم .
ولقد تناقلت بعضُ وسائلِ الإعلامِ خبراً عن امرأةٌ في اليمن اسمها ثريا منقوش ادَّعَتِ النبوةَ ، وأنهُ يوحى إليها ، وغير ذلك من الظلماتِ التي تكلمت بها – نسأل اللهَ السلامةَ والعافيةَ - ، والأمة لا تفيقُ من صفعةٍ إلا وتصفعُ بأخرى ، فلم نكد ننتهي من إمامةِ المرأةِ في أمريكا لتخرج علينا هذهِ المرأةُ لتقتفي سنةَ سَجَاح بنتِ الحارثِ مدعيةِ النبوة بعد موتِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم ، وهي دعوى ليست بالجديدةِ ، وإنما كيف يُتعاملُ مع مثلِ هذه الأخبارِ التي تتقيأ بها الفضائياتِ بين حينٍ وآخر ؟ وما هو الموقفُ الشرعي من مثل هذهِ الردةِ ولا أبا بكرٍ لها ؟ .
وسنقررُ في هذه الأسطرِ عقيدةَ ختمِ النبوةِ بمحمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم من خلالِ نصوصِ الكتابِ والسنةِ وإجماعِ الأمةِ ، وحكم من يدعي النبوةَ ؟ ، وغير ذلك من التقريراتِ المتعلقةِ بالبحثِ .
أدلةُ ختمِ النبوةِ بمحمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم من القرانِ :
قال تعالى : " مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا " [ الأحزاب : 40 ] .
قال الطبري في " جامع البيان " : وَلَكِنَّهُ رَسُول اللَّه وَخَاتَم النَّبِيِّينَ ، الَّذِي خَتَمَ النُّبُوَّة فَطُبِعَ عَلَيْهَا ، فَلَا تُفْتَح لِأَحَدٍ بَعْدَهُ إِلَى قِيَام السَّاعَة " .ا.هـ.(1/1)
وقال ابنُ كثيرٍ في " التفسيرِ " : " فَهَذِهِ الْآيَة نَصّ فِي أَنَّهُ لَا نَبِيّ بَعْده ، وَإِذَا كَانَ لَا نَبِيّ بَعْده فَلَا رَسُول بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى لِأَنَّ مَقَام الرِّسَالَة أَخَصّ مِنْ مَقَام النُّبُوَّة فَإِنَّ كُلّ رَسُول نَبِيّ وَلَا يَنْعَكِس ... فَمِنْ رَحْمَة اللَّه تَعَالَى بِالْعِبَادِ إِرْسَال مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ ، ثُمَّ مِنْ تَشْرِيفه لَهُمْ خَتْم الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسَلِينَ بِهِ وَإِكْمَال الدِّين الْحَنِيف لَهُ ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابه وَرَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّنَّة الْمُتَوَاتِرَة عَنْهُ أَنَّهُ لَا نَبِيّ بَعْده لِيَعْلَمُوا أَنَّ كُلّ مَنْ اِدَّعَى هَذَا الْمَقَام بَعْده فَهُوَ كَذَّاب أَفَّاك دَجَّال ضَالّ مُضِلّ وَلَوْ تَحَرَّقَ وَشَعْبَذَ وَأَتَى بِأَنْوَاعِ السِّحْر وَالطَّلَاسِم والنيرنجيات فَكُلّهَا مُحَال وَضَلَال عِنْد أُولِي الْأَلْبَاب " .ا.هـ.(1/2)
وقال القرطبي في " الجامع " : قَالَ اِبْن عَطِيَّة : هَذِهِ الْأَلْفَاظ عَنْهُ جَمَاعَة عُلَمَاء الْأُمَّة خَلَفًا وَسَلَفًا مُتَلَقَّاة عَلَى الْعُمُوم التَّامّ مُقْتَضِيَة نَصًّا أَنَّهُ لَا نَبِيّ بَعْده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّب فِي كِتَابه الْمُسَمَّى بِالْهِدَايَةِ : مِنْ تَجْوِيز الِاحْتِمَال فِي أَلْفَاظ هَذِهِ الْآيَة ضَعِيف . وَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيّ فِي هَذِهِ الْآيَة ، وَهَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابه الَّذِي سَمَّاهُ بِالِاقْتِصَادِ ، إِلْحَاد عِنْدِي ، وَتَطَرُّق خَبِيث إِلَى تَشْوِيش عَقِيدَة الْمُسْلِمِينَ فِي خَتْم مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النُّبُوَّةَ ، فَالْحَذَر الْحَذَر مِنْهُ ! وَاَللَّه الْهَادِي بِرَحْمَتِهِ . " .ا.هـ.
وقال ابنُ حزمٍ في " المحلى " : " وَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ ؛ بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : " مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ " .ا.هـ.
وقال أيضاً : " مَسْأَلَةٌ : وَأَنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ مُذْ مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَحْيَ لَا يَكُونُ إلَّا إلَى نَبِيٍّ ، وَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : " مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ " .ا.هـ.
ولو لم يكن في القرآنِ إلا هذه الآية الدالة على ختمِ النبوةِ بمحمدٍ صلى اللهُ عليه لكانت كافيةً .
أدلةُ ختمِ النبوة بمحمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم من السنةِ :(1/3)
وردت نصوصٌ كثيرةٌ من السنةِ توضحُ هذا الأمرَ توضيحاً لا شك ولا توقف فيه البتة ، وهي نصوصٌ متواترةٌ ، نأتي على بعضها ، ونركزُ على الأحاديثِ التي تنفي النبوةَ بعد محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم .
* عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ قَالَ : قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ ، فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي ، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ " ، قَالُوا : " فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ " ، قَالَ : " فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ " .
أخرجهُ البخاري (3455) ، ومسلم (1842) .
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ : " أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى ، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي " .
أخرجه مسلم (2404) .(1/4)
* فائدةٌ : نقل الإمامُ النووي عند شرحِ حديثِ سعدِ بن أبي وقاصٍ كلاماً عن القاضي عياض في الردِ على الرافضةِ فقال : قَالَ الْقَاضِي : هَذَا الْحَدِيث مِمَّا تَعَلَّقَتْ بِهِ الرَّوَافِض وَالْإِمَامِيَّة وَسَائِر فِرَق الشِّيعَة فِي أَنَّ الْخِلَافَة كَانَتْ حَقًّا لِعَلِيٍّ ، وَأَنَّهُ وَصَّى لَهُ بِهَا . قَالَ : ثُمَّ اِخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ ، فَكَفَّرَتْ الرَّوَافِض سَائِر الصَّحَابَة فِي تَقْدِيمهمْ غَيْره ، وَزَادَ بَعْضهمْ فَكَفَّرَ عَلِيًّا لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ فِي طَلَب حَقّه بِزَعْمِهِمْ ، وَهَؤُلَاءِ أَسْخَف مَذْهَبًا وَأَفْسَد عَقْلًا مِنْ أَنْ يُرَدَّ قَوْلهمْ ، أَوْ يُنَاظَرَ . وَقَالَ الْقَاضِي : وَلَا شَكَّ فِي كُفْرِ مَنْ قَالَ هَذَا ؛ لِأَنَّ مَنْ كَفَّرَ الْأُمَّةَ كُلّهَا وَالصَّدْر الْأَوَّل فَقَدْ أَبْطَلَ نَقْل الشَّرِيعَة ، وَهَدَمَ الْإِسْلَام ، وَأَمَّا مَنْ عَدَا هَؤُلَاءِ الْغُلَاة فَإِنَّهُمْ لَا يَسْلُكُونَ هَذَا الْمَسْلَكَ . فَأَمَّا الْإِمَامِيَّةُ وَبَعْض الْمُعْتَزِلَة فَيَقُولُونَ : هُمْ مُخْطِئُونَ فِي تَقْدِيم غَيْره لَا كُفَّار . وَبَعْض الْمُعْتَزِلَة لَا يَقُولُ بِالتَّخْطِئَةِ لِجَوَازِ تَقْدِيم الْمَفْضُول عِنْدهمْ .(1/5)
وَهَذَا الْحَدِيث لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ ، بَلْ فِيهِ إِثْبَات فَضِيلَة لِعَلِيٍّ ، وَلَا تَعَرُّض فِيهِ لِكَوْنِهِ أَفْضَل مِنْ غَيْره أَوْ مِثْله ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَة لِاسْتِخْلَافِهِ بَعْده ، لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ هَذَا لِعَلِيٍّ حِين اِسْتَخْلَفَهُ فِي الْمَدِينَة فِي غَزْوَة تَبُوك , وَيُؤَيِّد هَذَا أَنَّ هَارُون الْمُشَبَّه بِهِ لَمْ يَكُنْ خَلِيفَة بَعْد مُوسَى ، بَلْ تُوُفِّيَ فِي حَيَاة مُوسَى ، وَقَبْل وَفَاة مُوسَى بِنَحْوِ أَرْبَعِينَ سَنَة عَلَى مَا هُوَ مَشْهُور عِنْد أَهْل الْأَخْبَار وَالْقَصَص . قَالُوا : وَإِنَّمَا اِسْتَخْلَفَهُ حِين ذَهَبَ لِمِيقَاتِ رَبّه لِلْمُنَاجَاةِ . وَاَللَّه أَعْلَم .
قَالَ الْعُلَمَاء : وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى أَنَّ عِيسَى بْن مَرْيَم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ فِي آخِر الزَّمَان نَزَلَ حَكَمًا مِنْ حُكَّام هَذِهِ الْأُمَّة ، يَحْكُمُ بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا يَنْزِلُ نَبِيًّا " .ا.هـ.
* عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ ، وَحَتَّى يَعْبُدُوا الْأَوْثَانَ ، وَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي ثَلَاثُونَ كَذَّابُونَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ ، لَا نَبِيَّ بَعْدِي "
أخرجهُ الترمذي (2219) وقال : " حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ " .
والأحاديثُ في تقريرِ أنه لا نبي بعدهُ ولا شرع بعد شرعهِ متواترةٌ ، بل قد استقر هذا الأمرُ عند الصحابةِ رضي الله عنهم .(1/6)
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قُلْتُ لِابْنِ أَبِي أَوْفَى : " رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ، قَالَ : " مَاتَ صَغِيرًا ، وَلَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيٌّ عَاشَ ابْنُهُ ، وَلَكِنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ " .
أخرجهُ البخاري (6194) .
وفَهِم سلفُ الأمةِ من بعد الصحابةِ ذلك .
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ لِي أَسْمَاءً : أَنَا مُحَمَّدٌ ، وَأَنَا أَحْمَدُ ، وَأَنَا الْمَاحِي ، الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ ، وَأَنَا الْعَاقِبُ ، الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ أَحَدٌ ، وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ رَءُوفًا رَحِيمًا " ... وَفِي حَدِيثِ عُقَيْلٍ قَالَ قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ : " وَمَا الْعَاقِبُ ؟ " ، قَالَ : " الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ " .
أخرجهُ البخاري (3532) ، ومسلم (2354) واللفظ لمسلم .
وقد نقل التواترَ جمعٌ من العلماءِ – رحمهم اللهُ – أنه لا نبي بعده .
قال ابنُ حزمٍ في " الفصل " (1/68) : " وقد صح عن رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بنقلِ الكوافِ التي نقلت نبوتهُ وكتابهُ أنه أخبر أنه " لا نبي بعدهُ " .ا.هـ.
وقال عبد القاهر البغدادي في " أصولِ الدين " ( ص 158) : " وقد تواترتِ الأخبارُ عنه بقولهِ : " لَا نَبِيَّ بَعْدِي " .ا.هـ.(1/7)
وقال ابنُ كثيرٍ في " التفسير " : " وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابه وَرَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّنَّة الْمُتَوَاتِرَة عَنْهُ أَنَّهُ لَا نَبِيّ بَعْده لِيَعْلَمُوا أَنَّ كُلّ مَنْ اِدَّعَى هَذَا الْمَقَام بَعْده فَهُوَ كَذَّاب أَفَّاك دَجَّال ضَالّ مُضِلّ " .ا.هـ.
وقال الكتاني في " نظم المتناثر من الحديث المتواتر " : " ذكر غيرُ واحدٍ أنها ثابتةٌ بالتواترِ ودلالةِ القرآنِ ، وفي المواهبِ قد أخبر اللّهُ تعالى ورسولهُ صلى اللّهُ عليه وسلم في السنةِ المتواترةِ عنه أنهُ لا نبي بعده ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال ضال ولو تحذلق وتشعبذ وأتى بأنواع السحر والطلاسم والنيرنجيات فكلها محال وضلالة عند أولي الألباب " .ا.هـ.
الإجماعُ على ختمِ النبوةِ بمحمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم وكفرِ مدعيها :
أجمع العلماءُ على ختمِ النبوةِ بمحمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم ، وأنه لا نبي بعدهُ ، وعلى كفرِ مدعيها ، ونقل الإجماعَ غيرُ واحدٍ من العلماءِ ، وقد نقل الشيخُ عبدُ العزيز العبد اللطيف في " نواقضِ الإيمانِ القولية والعمليةِ " جملةً من النصوصِ ، أنقلُ بعضاً منها .
قال ابنُ حزمٍ في " مراتب الإجماع " ( ص 173 ) : " واتفقوا على أنه لا نبي مع محمد صلى الله عليه وسلم ولا بعده أبداً " .ا.هـ.
وقال في " الفصل (3/293) : " وأما من قال أن بعد محمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً غير عيسى ابن مريم ، فإنه لا يختلفُ اثنانِ في تكفيرهِ لصحةِ قيامِ الحجة بكل هذا على كلِ أحدٍ " .ا.هـ.(1/8)
وقال القاضي عياض في " الشفا " (2/1070 – 1071) : " وكذلك من ادعى نبوةَ أحدٍ مع نبينا صلى اللهُ عليه وسلم ، أو بعده كالعيسوية من اليهود ، القائلين بتخصيصِ رسالتهِ إلى العربِ ، وكالخرميةِ القائلين بتواترِ الرسلِ ، وكأكثرِ الرافضةِ القائلين بمشاركةِ عليٍّ في الرسالةِ للنبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم وبعده ، وكذلك كل إمامٍ عند هؤلاء يقومُ مقامهُ في النبوةِ والرسالةِ ... أو من ادعى النبوةَ لنفسهِ ، أو جوز اكتسابها ، والبلوغ بصفاءِ القلبِ إلى مرتبتها.
وكذلك من ادعى منهم أنهُ يوحى إليه ، وإن لم يدعِ النبوةَ.. فهؤلاء كلهم كفار مكذبون للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنهُ أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهُ خاتمُ النبيين لا نبي بعده ، وأخبر عن الله تعالى أنهُ خاتمُ النبيين ، وأنه أرسل كافة للناس .
وأجمعتِ الأمةُ على حملِ هذا الكلام على ظاهره ، وأن مفهومه المراد منه دون تأويلٍ ولا تخصيصٍ ، فلا شك في كفرِ هؤلاءِ الطوائفِ كلها قطعاً إجماعاً وسمعاً " .ا.هـ.
وقال ابنُ نجيم في " الأشباهِ والنظائر " ( ص 192 ) : " إذا لم يعرف أن محمداً صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء ، فليس بمسلم ؛ لأنه من الضروريات " .ا.هـ.
وقال ملا علي قاري في " شرح الفقه الأكبرِ " ( ص 244 ) : " ودعوى النبوة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم كفر بالإجماع " .ا.هـ.
وقال الألوسي في " روح المعاني " (22/41) : " وكونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين مما نطق به الكتاب ، وصدعت به السنة ، وأجمعت عليه الأمة ، فيكفر مدعي خلافه ، ويقتل إن أصر " .ا.هـ.
وقال النووي في " روضة الطالبين " (10/64 – 65) : " إذا ادعى النبوة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم، أو صدق مدعياً لها ... فكل هذا كفر " .ا.هـ.
للبحثِ بقيةٌ ...
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/9)
انحرافات المحققين
قال الشيخ سليمان الخراشي :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فيسعدني كثيرًا المشاركة في هذا المنتدى العلمي الرصين؛ طالباً للفائدة وعارضًا ما لديّ أمام إخواني طلبة العلم للنظر فيه وتقويمه أو الإضافة عليه. وقد أحببت أن تكون أولى مشاركاتي الحلقة الأولى من سلسلة حلقات قديمة عندي بعنوان (انحرافات المحققين)؛ وأعني بهم أهل الأهواء والبدع ممن حقق بعض الكتب العلمية فشوهها بتعليقات منحرفة زائغة عن الحق، تضليلاً للقراء وصرفًا لهم عن الصراط المستقيم. ويكون انحرافه ذلك من خلال طريقتين:
1- إما تلميع البدعة والدعوة إليها وتقريرها .
2- أو تشويه الحق وأهله.
أما تحريف المبتدعة وأهل الأهواء للنصوص فقد تولى بيانه الشيخ بكر أبو زيد –سلمه الله- في كتابه "تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء في الاستدلال"
واعلم أخيراً أني أركز على ذكر انحرافهم وأخطائهم في العقيدة، أما غير ذلك؛ كانحرافهم في علم الحديث أو الفقه فلعل غيري ممن هو أقدر مني يقوم به.
(1) شرح معاني الآثار : للطحاوي . وقد طبعت الطبعة الأولى لهذا الكتاب في لكنو بالهند عام 1300هـ في مجلدين بتصحيح: المولوي وصي أحمد وسلمة الصمد السورتي الحنفي. وقد أساء هذان لنفسيهما بطعنهما في شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وأنصار الدعوة السلفية رحمهم الله؛ حيث قالا تعليقاً على حديث "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة" قالا : "المفارق لدينه، قال الإمام النووي: هو عام في كل مرتد عن الإسلام بأي ردة كانت، فيجب قتله إن لم يرجع إلى الإسلام. قال العلماء، ويتناول أيضاً كل خارج عن الجماعة، ببدعة، أو بغي، أو خلاف إجماع وغيرهما، وكذا الخوارج. انتهى.(1/1)
أقول: ويتناول أيضاً الفرقة الجديدة الباغية المقلدة لمحمد بن عبد الوهاب النجدي الشهيرة ببلادنا بالوهابيين، فيجب على حاكم الإسلام استئصالهم كما استأصلهم سلطان الروم، وقد صرح صاحب رد المحتار على شرح الدر المختار، أنهم من الخوارج، وباقي التفصيل فيه إن شئت فارجع إليه. المولوي: وصى أحمد، سلمة الصمد).
قلت : وقد أحسن محقق الطبعة الثانية : الشيخ محمد زهري النجار في التعليق على هذا الكلام السيئ بقوله :
(يقول مصححه الراجي عفو ربه الستار، المحمدي السلفي، محمد زهري النجار: قد أظهر المولوي وصي أحمد –هنا- مذهب محمد بن عبد الوهاب، بصورة مشوهة، مع العلم بأنه حنبلي المذهب سلفي العقيدة، وذلك نتيجة لعدم دراسته مؤلفات ابن عبد الوهاب وأتباعه، وقد تبع في مسلكه هذا ابن عابدين، الذي لم تكن مؤلفات ابن عبد الوهاب قد انتشرت في زمانه، ولا درس شيئاً منها، ولم يذكر –حين قال ما قال- اسم الكتاب الذي نقل عنه ما قاله من كتب ابن عبد الوهاب، حتى يثق القارئ من كلامه، ويكون على بصيرة من أمره، ولكن الإشاعات السيئة التي قام بترويجها المبتدعة أعداء السنة، كونت لديه صورة مشوهة، فقال ما قال، ولو وقف على مؤلفات ابن عبد الوهاب وأتباعه علماء نجد الأعلام، وقرأها بنزاهة، لكان له الموقف المحمود تجاههم، لأنه من العلماء العاملين.
وآفة هذه الأمة علماء السوء الذين ينجرفون أمام المادة فيبذلون جهدهم في سبيل الحصول عليها، يرومون بذلك إطفاء نور الحق ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
تزلف هؤلاء الدجالون الظالمين من الحكام، فألفوا الرسائل المشحونة بالأباطيل والأقاويل ضد السنة وأهلها، ولكن الحق أبلج والباطل لجلج.(1/2)
فلما كثرت المطابع وانتشرت كتب محمد بن عبد الوهاب وأتباعه، ووقف عليها العلماء الأعلام بادروا إلى الانتصار له، ولا سيما المحدثون من علماء الهند، فطبعوها في بلادهم، كما طبع الكثير منها في مصر، فبذلك تمزقت حجب تلك الأوهام، التي قام بنسجها هؤلاء الدجاجلة، كما تبددت تلك السحب المظلمة التي أنشأها أنصار الباطل، فاستبان نور الحق رغم هؤلاء. فانهزمت جيوش الباطل وولت الأدبار أمام فيالق الحق. التي تحمل في يمينها كتاب الله وفي شمالها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. تدمغ بهما الباطل فتزهقه.
ومن يقرأ كتاب (التوحيد الذي هو حق الله على العبيد) وشرحه (فتح المجيد) يعلم بطلان كلام المولوي وصى أحمد وأمثاله وأن صفة الخوارج التي وسم بها محمد بن عبد الوهاب وأتباعه، بعيدة عنهم كل البعد. فلا ينطبق عليهم هذا الاسم بوجه من الوجوه.
ومن أراد الوقوف على حقيقة اعتقاد الوهابية، فليقرأ كتاب (الهدية السنية) يظهر له سلامة اعتقادهم وأنهم لم يخرجوا عن السنة قيد شعرة.
ولولا خوف الإطالة لأتينا بتفصيل من الكلام المشبع المقنع في مذهب هؤلاء الذين ظلمهم المولوي وصي أحمد وأمثاله. حتى استباحوا دماءهم وحكموا عليهم هذا الحكم الجائر). انتهى كلام النجار جزاه الله خيرًا على ذبه عن عرض هذا الإمام الموحد . والله المستعان .
---
الأخ الحبيب الشيخ سليمان الخراشي .
مرحبا بك بين إخوانك في هذا المنتدى ، وشكر الله جهودك في بيان المناهج الفكرية المنحرفة .
ولكن لمن لا يعرف الشيخ سليمان وجهوده المباركة إليكم رابط صفحة الشيخ جزاه الله خيرا .
http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/index.htm
إلى جانب مؤلفات الشيخ المعروفة مثل :
- محمد عمارة في ميزان أهل السنة والجماعة . مطبوع .
- فهمي هويدي في ميزان أهل السنة والجماعة . لم يطبع .
- القرضاوي في ميزان أهل السنة والجماعة . مطبوع .
- الطنطاوي في ميزان أهل السنة والجماعة . مطبوع .(1/3)
- شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن ناصبيا . مطبوع .
إلى جانب المؤلفات الأخرى التي لا تحضرني الآن .
فجزاه الله خيرا على جهوده الطيبة في فضح أصحاب المناهج الفكرية المنحرفة .
أما ما يتعلق بما طرحه الشيخ فعندي تعليقان لإنحرافات المحققين :
الأول : قال الفقيه المعروف ابن عابدين الحنفي في " رد المحتار على الدر المختار " (4/262) في باب البغاة تحت قول صاحب المتن ( ويكفرون أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم ) ما نصه :
علمت أن هذا غير شرط في مسمى الخوارج ، بل هو بيان لمن خرجوا على سيدنا علي رضي الله عنه ، وإلا فيكفي في اعتقادهم كفر من خرجوا عليهم كما وقع في زماننا في أتباع عبد الوهاب الذي خرجوا من نجد وتغلبوا على الحرمين ، وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة ، لكنهم اعتقدوا أنهم المسلمون ، وأن من خالف اعتقادهم مشركون ، واستباحوا بذلك قتل أهل الشر وقتل علمائهم حتى كسر الله تعالى شوكتهم وخرب بلادهم ، وظفر بهم عساكر المسلمين عام ثلاث وثلاثين ومائتين وألف " .ا.هـ.
والله المستعان .
الثاني : صاحب الهامش على سنن النسائي المطبوع في الهند في الطبعة النظامية سنة 1296 هـ حين قال في صفحة 412 :
ثم ليعلم أن الذين يدينون دين عبد الوهاب النجدي ، ويسلكون مسالكه في الأصول والفروع ويدعون في بلادنا باسم الوهابين وغير المقلدين ، ويزعمون أن تقليد الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم شرك ، وأن من خالفهم هم المشركون ، ويستبيحون قتلنا أهل السنة وسبي نسائنا وغير ذلك من العقائد الشنيعة التي وصلت إلينا بواسطة الثقات ، وسمعنا بعضا فهم أيضا فرقة من الخوارج ، وقد صرح به العلامة الشامي في كتابه ( رد المحتار ) يعني ابن عابدين .
والنقلان من كتاب " الإنحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر وآثارهما في حياة الأمة " تأليف علي بن بخيت الزهراني (1/220-221) .
رابط الموضوع(1/4)
http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4410
كتبه عَبْد اللَّه زُقَيْل
zugailam@yahoo.com(1/5)
تنبيهٌ ... لا يثبتُ عن أحدٍ من السلفِ في هذهِ المسألةِ قولٌ
ما نُسب إلى بعضِ السلفِ من القولِ بفناءِ النارِ لا يثبتُ .
قال العلامةُ الألباني في " تعليقهِ على الطحاويةِ " في الحاشيةِ ( ص 424 رقم 591) : " قلتُ : لم يثبت القولُ بفناءِ النارِ عن أحدٍ من السلفِ ، وإنما هي آثارٌ واهيةٌ لا تقومُ بها حجةٌ ، وبعضُ أحاديثهِ موضوعةٌ ، لو صحت لم تدل على الفناءِ المزعومِ ، وإنما على بقاءِ النارِ ، وخروجِ الموحدين منها ، وقد كنتُ خرجتُ بعض ذلك في " الضعيفةِ " برقم (606 ، 707) . ثم وقفتُ على رسالةٍ مخطوطةٍ في مكتبةِ المكتبِ الإسلامي للعلامةِ الأميرِ الصنعاني في هذه المسألةِ الخطيرةِ ردَّ فيها على ابن القيمِ رحمهُ اللهُ ، فعلقتُ عليها وخرجتُ أحاديثهما وقدمتُ لها بمقدمةٍ ضافيةٍ " .ا.هـ.
وقال الصنعانيُّ في الرسالةِ التي أشار إليها العلامةُ الألباني - رحم اللهُ الجميع - ( ص 116 ) : " وأقولُ : قد عرفت أنهُ نقل عن ستةٍ من الصحابةٍ عباراتٌ لا تدلُ على مدعاهُ ، وهو فناءُ النارِ بنوعٍ من الدلالاتِ كما أوضحناهُ ، ولا يصحُ نسبتهُ لتلك الدعوى إلى واحدٍ من أولئك الستةِ ، فلم يوجدْ لأحدٍ مما وجدنا عن واحدٍ من الصحابةٍ أنه يقولُ بفناءِ النارِ كما أنهُ لا يوجدُ قائلٌ من الصحابةِ أنه يقولُ بعدمِ فناءِ النارِ فإن هذه المسألةَ وهي فناءُ النارِ لا تعرفُ في عصرِ الصحابةِ ، ولا دارت بينهم ، فليس نفي ولا إثباتٌ ، بل الذي عرفوهُ فيها هو ما في الكتابِ والسنةِ من خلودِ أهلِ النارِ أبداً ، وأن أهلها ليسوا منها بمخرجين ، وعرفوا ما ثبت من خروجِ عصاةِ الموحدين .(1/1)
إذا عرفت هذا عرفت أن دعوى فناءِ النارِ أو عدمِ فنائها قولٌ للصحابةِ ، دعوى باطلةٌ ، إذ هذه الدعوى لا توجدُ في عصرهم ، حتى يجمعوا عليها نفياً أو إثباتاً . نعم القولُ الذي دل عليه القرآنُ من خلودِ النارِ أهلها فيها أبداً يتضمنُ القولَ عنهم بما تضمنهُ القرآنُ ودل عليه الأصلُ فيما أخبر اللهُ به عن الدارين الأخروينِ البقاء فلا يحتاجُ مدعي عدم الفناء إلى الدليلِ على ذلك الأصل " .ا.هـ.
الآثارُ الواردةُ عن السلفِ والحكمُ عليها :
1 - عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُمَرَ قَوْلُهُ : " لَوْ لَبِثَ أَهْل النَّار فِي النَّار عَدَدَ رَمْلِ عَالِجٍ لَكَانَ لَهُمْ يَوْم يَخْرُجُونَ فِيهِ " .
قال الحافظُ ابنُ حجرٍ في " الفتحِ " (11/429) : " أَخْرَجَهُ عَبْد بْن حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيره ... وَهُوَ مُنْقَطِعٌ " .
وقال الصنعاني في " رفعِ الأستار " ( ص 65 ) : " من حيثُ الروايةُ فإنهُ منقطعٌ ، لنصِ شيخِ الإسلامِ - يقصدُ ابنَ القيمِ - بأنهُ لم يسمعهُ الحسنُ من عمرَ ، واعتذارهُ بأنهُ لم يصح للحسنِ عن عمرَ لما جزم به يلزم أن يجري في كلِ مقطوعٍ يجزمُ بهِ راويهِ ولا يقولُ هذا أئمةُ الحديثِ كما عرفت في قواعدِ أصولِ الحديثِ ، بل الانقطاعُ عندهم علةٌ " .ا.هـ.
وقد ردّ العلامةُ الألباني - رحمه اللهُ - على تصحيحِ ابن القيمِ لهذا الأثرِ في " الضعيفةِ " (606) فقال : " وإن مما يجبُ الوقوفُ عنده ، وتحقيقُ القولِ فيه ما ذكرهُ ابنُ القيمِ في " حادي الأرواحِ إلى بلادِ الأفراحِ " من روايةِ عبدِ بنِ حميدٍ قال : " بإسنادين صحيحينِ له عن الحسنِ قال : قال عمرُ بنُ الخطابِ ... فذكرهُ .(1/2)
ذكر ذلك في تفسير قولهِ تعالى : " لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا " [ النبأ : 23 ] . وقال ابنُ القيمِ : " وحسبك بهذا الإسنادِ جلالةً ، والحسنُ وإن لم يسمع من عمرَ ، فإنما رواهُ عن بعضِ التابعين ، ولو لم يصح عنده ذلك عن عمرَ لما جزم به وقال : " قال عمرُ بنُ الخطابِ " .
قلتُ : هذا كلامٌ خطابيٌّ ، أستغربُ من صدورهِ من ابنِ القيمِ رحمهُ اللهُ . لأنه خلافُ ما هو مقررٌ عند أهلِ الحديثِ في تعريفِ الحديثِ الصحيحِ : أنهُ المسندُ المتصلُ بروايةِ العدلِ الضابطِ .
فإذا اعترف بإنقطاعهِ بين الحسنِ وعمرَ ، فهو منافٍ للصحةِ بله الجلالةِ ! وخلافُ المعروفِ عندهم من ردهم لمراسيلِ الحسنِ البصري خاصةً ، ولذلك قال الحافظُ ابنُ حجرٍ في أثرِ الحسنِ هذا نفسهِ : " فهو منقطعٌ ، ومراسيلُ الحسنِ عندهم واهيةٌ ، لأنه كان يأخذُ من كلِ أحدٍ ... " .ا.هـ.
وقال العلامةُ الألباني في تحقيقهِ لكتابِ " رفعِ الأستارِ " ( ص 65 ) : " قلتُ : إسنادهُ ضعيفٌ لانقطاعهِ " .
وقال الحافظُ ابنُ حجرٍ في " الفتحِ " (11/429) على فرضِ ثبوتِ الأثرِ عن عمر : " قُلْت : وَهَذَا الْأَثَر عَنْ عُمَر لَوْ ثَبَتَ حُمِلَ عَلَى الْمُوَحِّدِينَ " .ا.هـ.
2 - عَنْ اِبْن عَبَّاس : " قَالَ النَّار مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه إِنَّ رَبّك حَكِيم عَلِيم " قَالَ : " إِنَّ هَذِهِ الْآيَة آيَة لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُم عَلَى اللَّه فِي خَلْقه أَنْ لَا يُنْزِلَهُمْ جَنَّة وَلَا نَارًا " .
قال العلامةُ الألباني في تحقيقه لـ " رفعِ الأستارِ " ( ص 71 ) : " قلتُ : هذا أثرٌ منقطعٌ ، لأن علي بنَ أبي طلحةَ لم يسمع من ابنِ عباسٍ ، وإن كان معناهُ صحيحاً على ما سيبينهُ المؤلفُ رحمهُ الله تعالى ، ثم إن في الطريقِ إليه عبدَ الله بنَ صالحٍ وفيه ضعفٌ " .ا.هـ.(1/3)
وقد علق الصنعاني على الأثر بقولهِ : " وأقولُ : لا يخفى على ناظرٍ أنهُ لا دلالةَ في هذا الأثرِ ولا رائحةَ دلالةٍ على المدعى من فناءِ النارِ ، بل غايةُ ما يُفيدهُ الإخبارُ عن أنه لا يُجزمُ للمؤمنِ أنه من أهلِ الجنةِ ، ولا العاصِ من عصاةِ المؤمنين أنه من أهلِ النارِ . وهذا المعنى ثابتٌ في الأحاديثِ الصحيحةِ " .ا.هـ.
3 - عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرو قَالَ : " يَأْتِي عَلَى النَّارِ زَمَانٌ تَخفِقُ أَبْوَابُهَا وَلَيْسَ فِيْهِ أَحَدٌ . يَعْنِي مِنَ المُوحِّدين " .
قال العلامةُ الألباني - رحمهُ اللهُ - في " الضعيفةِ " (2/72) في الحكم على الأثر : " قال الحافظُ : " كذا فيهِ ، ورجالهُ ثقاتٌ ، والتفسيرُ لا أدري ممن هو ؟ وهو أولى من تفسيرِ المصنفِ " .
قلتُ : الظاهرُ أن التفسيرَ المذكورَ ، من مخرجهِ البزارُ ، فقد أخرجهُ الفسوي في " تاريخهِ " بسندِ البزارِ عينهُ عن أبي بلجٍ به ، وليس فيهِ التفسيرُ المذكورُ ، هكذا ذكرهُ الذهبي في ترجمة أبي بلجٍ . وكذا الحافظُ في " التهذيبِ " عن الفسوي وزاد : " قال ثابتٌ البناني : سألتُ الحسن عن هذا ؟ فأنكرهُ " .
وأبو بلجٍ هذا في نفسهِ ثقةٌ ، ولكنهُ ضعيفٌ من قبلِ حفظهِ ، ولذلك عد الذهبي هذا الأثر من بلاياه ! ثم قال : " وهو منكرٌ " .ا.هـ.
فوائد :
الفائدةُ الأولى : قال العلامةُ الألباني - رحمهُ اللهُ - في " رفعِ الأستارِ " ( ص 83 ) تعليقاً على تفسير " الكشاف " للزمخشري : " وكتابهُ " الكشاف عن حقائقِ التنزيلِ " أشهرُ من أن يذكر ، وقد اعتنى به العلماءُ من بعده شرحاً واختصاراً ونقداً وتجريحاً كما تراه مبيناً في " كشف الظنون " ، وهو محشوٌ بالبدعة وعلى طريقةِ المعتزلةِ في إنكارِ الصفاتِ والرؤيةِ والقولِ بخلقِ القرآنِ وغيرِ ذلك من أصولِ المعتزلةِ " .ا.هـ.(1/4)
الفائدةُ الثانيةُ : نقل العلامةُ الألباني - رحمهُ اللهُ - في المصدرِ الآنف ( ص 84 ) نصاً عن الشوكاني في ردهِ على الزمخشري أثناء غمزه في عبدِ اللهِ بنِ عمرو فقال : " وقد أحسن الرد عليه الإمامُ الشوكاني رحمه الله تعالى ، فقال في " فتح القدير " : " وأما الطعنُ على صاحبِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وحافظِ سنتهِ ، وعابدِ الصحابةِ عبدِ اللهِ بن عمرو رضي اللهُ عنه فإلى أين يا محمود ؟! أتدري ما صنعت ؟ وفي أي وادٍ وقعت ؟ وعلى أي جنبٍ سقطت ؟! ومن أنت حتى تصعدَ إلى هذا المكانِ ؟ وتتناول نجومَ السماءِ بيدك القصيرةِ ورجلك العرجاء ؟! أما كان لك في مكسري ! طلبتك من أهلِ النحو واللغةِ ما يردك عن الدخولِ فيما لا تعرف ، والتكلم بما لا تدري ؟! فيا لله العجب ما يفعلُ القصورُ في علم الروايةِ والبعدِ عن معرفتها إلى أبعدِ مكانٍ من الفضيحةِ لمن لم يعرف قدر نفسهِ ، ولا أوقفها حيثُ أوقفها اللهُ سبحانهُ " .ا.هـ.
---
هل قالَ الإمامُ ابنُ القيمِ بفناءِ النارِ ؟
رأيُ العلامةِ الألباني - رحمهُ اللهُ -
قال العلامةُ الألباني - رحمهُ اللهُ - في " الضعيفةِ " (2/74 - 75) في نسبةِ القولِ بفناءِ النارِ إلى الإمامِ ابنِ القيمِ - رحمهُ اللهُ - ما نصهُ : " ويؤسفني أن أقولَ : إن القاديانيةَ في ضلالهم المشارِ إليه آنفاً ( ص 73 ) يجدون متكئاً لهم في بعضِ ما ذهبوا إليهِ في بعضِ كتبِ أئمتنا من أهلِ السنةِ ، فقد عقد العلامةُ ابنُ القيمِ في كتابهِ " الحادي " فصلاً خاصاً في أبديةِ النارِ ، أطال الكلامَ فيه جداً ، وحكى في ذلك سبعةَ أقوالٍ ، أبطلها كلها ، سوى قولينِ منها :
الأولُ : أن النارَ لا يخرجُ منها أحدٌ من الكفارِ ، ولكن الله عز وجل يفنيها ، ويزولُ عذابها .
والآخرُ : أنها لا تفنى وأن عذابها أبدي دائمٌ .
وقد ساق فيه أدلةَ الفريقين وحججهم من المنقولِ والمعقولِ ، مع مناقشتها ، وبيان ما لها وما عليها .(1/5)
والذي يتأملُ في طريقةِ عرضه للأدلةِ ومناقشتهِ إياها ، يستشعر من ذلك أنه يميلُ إلى القولِ الأولِ ولكنهُ لم يجزم بذلك ، فراجع إن شئتَ الوقوفَ على كلامهِ مفصلاً الكتابَ المذكورَ .
ولكنني وجدتهُ يصرحُ في بعضِ كتبهِ الأخرى بأن نارَ الكفارِ لا تفنى وهذا هو الظنُ بهِ ، فقال رحمهُ اللهُ في " الوابلِ الصيبِ " ( ص 26 ) ما نصهُ : " وأما النارُ فإنها دارُ الخبثِ في الأقوالِ والأعمالِ والمآكلِ والمشاربِ ودارُ الخبيثين ، فاللهُ تعالى يجمعُ الخبيثَ بعضهُ إلى بعضٍ فيركمهُ كما يركمُ الشيء لتراكبِ بعضهِ على بعضِ ، ثم يجعلهُ في جهنمَ مع أهلهِ ، فليس فيها إلا خبيثٌ . ولما كان الناسُ على ثلاثِ طبقاتٍ : طيبٍ لا يشوبهُ خبثٌ ، وخبيثٍ لا طيبَ فيه ، وآخرون فيهم خبثٌ وطيبٌ كانت دورهم ثلاثةً : دار الطيبِ المحضِ ، ودار الخبثِ المحضِ ، وهاتان لا تفنيان .... " .ا.هـ.
---
السؤال الثالث عشر من الفتوى رقم ( 4264 )
س 13 : هل صح عن الإمام ابن القيم أنه أنكر شد الرحال إلى قبر الخليل وأين هذا القول ، وهل يجوز شد الرحال إلى قبر الخليل ، وإن كان يجوز فما الدليل عليه ؟ وهل قال ابن القيم بفناء النار . وأين هذا القول ؟
ج 13 : أولا : شد الرحال لا يجوز إلا إلى المساجد الثلاثة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، وهذا قول ابن القيم رحمه الله وشيخه شيخ الإسلام ابن تيمية وجمع كثير من أهل العلم ؛ عملا بالحديث المذكور ، وبذلك تعلم أنه لا يجوز في أصح قولي العلماء شد الرحال لقبر الخليل ولا غيره من القبور للحديث المذكور .
ثانيا : رأي ابن القيم في فناء النار يمكنك أن ترجع إليه في كتابه [ الوابل الصيب ] فقد صرح فيه بأن النار لا تفنى، كما هو قول جمهور أهل السنة والجماعة .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد ، وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(1/6)
الرئيس عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي
عضو عبد الله بن غديان
عضو عبد الله بن قعود
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/7)
حكم تعليق التمائم
الحمد لله وبعد ،
- تعريف التمائم :
هي جمع تميمة وهي كلُ ما علق من أجل دفع شر متوقع حصوله من مرض أو عين أو رفع شر وقع فعلا سواء كان المعلق خرزاتا أو أخشابا أو خيوطا أو أوراقا أو غير ذلك .
- التمائم في الجاهلية :
كان المذهب السائد عند أهل الجاهلية أن تعليق التمائم يدفع عنهم المقادير ويحميهم مما يتوقعونه من أخطار فتعلقوها لحماية أنفسهم ودوابهم من الأمراض وللتغلب على الأرواح الشريرة – بزعمهم – واتقاء الإصابة بالعين وغير ذلك من الأضرار .
- التمائم في الإسلام :
لما كان اعتقاد الجاهليين في تعليق التمائم فيه من اللجوء إلى غير الله في جلب الخير ودفع الضر بما لم يجعله الله سببا شرعيا لذلك واعتقاد هذا جهل وضلال وإشراك بالله إذ لا مانع ولا دافع غير الله .
ولما في ذلك من تعلق القلوب والغفلة عن الله سبحانه ولمنافاة هذا العمل للتوحيد أنكره الإسلام عليهم وزجرهم عنه وشدد وغلظ في هذا الموضوع لما فيه من الشرك وهذه بعض الأحاديث الواردة في المنع من هذا الأمر :
- عن قيس بن السكن الأسدي قال : دخل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه على امرأة فرأى عليها خرزا من الحمرة فقطعه قطعا عنيفا ثم قال : إن آل عبدالله عن الشرك أغنياء وقال : كان مما حفظنا عن النبي صلى الله عليه وسلم : إن الرُّقى والتمائم والتِّولة شرك .
رواه الحاكم وقال : صحيح الإسناد ووافقه الذهبي .
وذكره الألباني في الصحيحة برقم 331 .
الرقى جمع رقية والمقصود بأنها شرك هنا إذا كانت بغير ما ورد به الشرع كالاستعاذة بالجن أو لا يفهم معناها أما ما ورد به الشرع فليست من الشرك .(1/1)
والتمائم سبق تعريفها ويدخل في التمائم تعليق بعضهم نعل الفرس على باب الدار أو في صدر المكان وتعليق بعض السائقين نعلا في مقدمة السيارة أو مؤخرتها أو الخرز الأزرق على مرآة السيارة التي تكون أمام السائق من الداخل كل ذلك من أجل العين زعموا وغير ذلك مما عمَّ وطم َّ بسبب الجهل بالتوحيد وما ينافيه من الشركيات والوثنيات التي ما بُعثَ الرسل ولا أنزلت الكتب إلا من أجل إبطالها والقضاء عليها فإلى الله المشتكى من جهل المسلمين اليوم وبُعدِهم عن الدين .ا.هـ. كلام الألباني بتصرف .
والتِّوَلَة : شيء يعلقونه على الزوج يزعمون أنه يحبب الزوجة إلى زوجها والزوج إلى امرأته وهذا شرك ومثل ذلك الدبلة والدبلة خاتم يُشترى عند الزواج يوضع في يد الزوج وإذا ألقاه الزوج قالت المرأة : إنه لا يحبها فهم يعتقدون فيه النفع والضرر ويقولون : إنه ما دام في يد الزوج فإنه يعني أن العلاقة بينهما ثابتة والعكس بالعكس فإذا وجدت هذه النية فإنه من الشرك الأصغر وإن لم توجد هذه النية ففيه تشبه بالنصارى فإنها مأخوذة منهم .
متى تكون التمائم شركا أكبر ومتى تكون شركا أصغر ؟
التمائم الشركية تختلف حسب الأحوال وحسب المعلق لها فقد تكون شركا أكبر وقد تكون شركا أصغر فالذي يعلق شيئا ويعبده من دون الله فهذا يكون شركا أكبرا أما إذا اعتقد أنها سبب للسلامة من العين فهذا من الشرك الأصغر .
حكم التمائم من القرآن :
التمائم التي من الآيات القرآنية هي على أشكال مختلفة منها ما يكتب في أوراق ثم تحاط بجلد صغير ، ومنها مصاحف تطبع بحجم صغير جدا أحيانا تعلق في الرقبة ، ومن الناس من يحملها معه بدون تعليق ، ومنها كتابة بعض الآيات القرآنية في قطع ذهبية أو فضية أو غيرهما وغالبا ما تعلق في أعناق الصبيان وعلى السيارات وغير ذلك من الصور المختلفة .(1/2)
وهذا النوع من التمائم التي ليس فيها إلا قرآن قد أختلف العلماء في تعليقه فمنهم من منعه ومنهم من أجازه واليك أقوالهم :
القول الأول :
وهم القائلون بمنع التعليق لهذه التمائم واستدلوا بما يلي :
1- عموم النهي الوارد في تحريم التمائم ولم يأت ما يخصص هذا العموم .والقاعدة الأصولية تقول : إن العام يبقى على عمومه حتى يرد دليل بالتخصيص . قال صلى الله عليه وسلم : " من علق تميمة فقد أشرك " . رواه أحمد (4/156) . السلسة الصحيحة حديث (492) .
وقال : " إن الرقى والتمائم والتولة شرك " رواه أحمد .
السلسة الصحيحة حديث (331) .
قالوا : فهذه الأحاديث دلت بعمومها على منع التعليق مطلقا ولم يرد ما يخصص التمائم التي من القرآن أو غيره فالواجب حملها على عومها .
2- لو كان هذا العمل مشروعا لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته إذ البيان لا يؤخر عن وقت الحاجة والمتتبع للسنة يرى أن جميع الأحاديث الواردة في الأذكار والدعوات وردت بلفظ من قال كذا أو من قرأ كذا ولم يرد في حديث واحد من كتب كذا أو علق كذا .
وفي ذلك قال ابن العربي : وتعليق القرآن ليس من السنة وإنما السنة فيه الذكر دون التعليق .
3- سد الذرائع ، وهذا أمر عظيم في الشريعة ومعلوم أنا إذا قلنا بجواز تعليق التمائم التي من الآيات القرآنية والدعوات النبوية انفتح باب الشرك واشتبهت التميمة الجائزة بالممنوعة وتعذر التمييز بينهما إلا بمشقة عظيمة ، ولاستغل هذا الباب دعاة الضلال والخرافات وأيضا فإن هذه التمائم تعرض القرآن للنجاسات والأماكن التي يجب أن ينزه القرآن عنها ومن علقه يتعذر عليه المحافظة على ذلك خاصة عندما يعلق على الأطفال .
القول الثاني :
وهم القائلون بالجواز ، واستدلوا بما يلي :
1- بقوله صلى الله عليه وسلم : " من تعلق شيئا أكل عليه أو إليه "رواه أحمد
غاية المرام حديث (297) .(1/3)
وجه الدلالة : أن من علق التمائم الشركية وكل إليها ، ومن علق القرآن تولاه الله ولا يكله إلى غيره لأنه تعالى هو المرغوب إليه والمتوكل عليه في الاستشفاء بالقرآن . وأجيب عن ذلك صحيح أن المرغوب إليه والمتوكل عليه في الاستشفاء بالقرآن هو الله عز وجل ولكن يكون ذلك حسب ما ورد في الشرع والذي ورد هو الاستشفاء به عن طريق الرقى لا التعليق له ، وترجع الاستعاذة بالقرآن إلى الاستعاذة بالله حين يتلوه المسلم حق تلاوته فيؤمن به ويتبعه وينفذ شرائعه فيحصل له بذلك العافية الحقيقية والأمن والسلام ، ولا يكون ذلك بتعليق ورقه وجلده .
ولو كان من تعلق القرآن وكل إليه لكفانا إذا أن نتعلق بالقرآن وما جاء من أذكار الصباح والمساء ، ولا داعي لقراءته وقراءة تلك الأذكار وفي ذلك تعطيل لما ثبت في السنة من الرقى ثبوتا صحيحا بشيء لم يثبت أصلا . ونجد أن من تعلق القرآن طالما التفت قلبه عن الله فلو نزعت تلك التميمة التي عليه لتغير وخاف من حصول المكاره والأخطار فلو كان قلبه متعلق بالله لكان واثقا بالله تمام الثقة ولم يلجأ إلى شيء لم ترد السنة به فهو لم يتعلق بالقرآن حقيقة وإنما تعلق بتلك الأوراق وما عليها من الجلود.
بعد عرض الأدلة لكل من القولين يتبين لنا أن الراجح هو القول الأول القائل أصحابه بعدم جواز تعليق التمائم وذلك لقوة أدلتهم ولما فيه من حماية جناب التوحيد من أي شائبة تشوبه وهذا هو المقصد والغاية.
- علاقة الأسباب بالتمائم :
إن التميمة جماد لا تأثير له ولا علاقة له بالشفاء فعلى هذا فإن المعلق لها جعلها سببا شرعيا وضابط السبب الشرعي أن يثبت بالدليل وهذه التميمة لم يثبت دليل على أنها سبب شرعي .(1/4)
هذا ما جاء في هذا الموضوع المهم من مواضيع العقيدة ومن أراد المزيد فعليه بكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبدالوهاب والشروح لهذا الكتاب النفيس ومن الشرح لهذا الكتاب تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب وكتاب فتح المجيد للشيخ عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب وكتاب تحقيق التجريد للشيخ عبدالهادي بن محمد بن عبدالهادي البكري العجيلي وكتاب القول المفيد على كتاب التوحيد للشيخ محمد بن صالح العثيمين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/5)
دَاعِيَةُ ضَلَالَةٍ فَي قَنَاةٍ فَضَائِيَةٍ
الحمد لله وبعد ؛
قال تعالى : " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " [ البقرة : 204] .
قال القرطبي : وَقَالَ قَتَادَة وَمُجَاهِد وَجَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء : نَزَلَتْ فِي كُلّ مُبْطِن كُفْرًا أَوْ نِفَاقًا أَوْ كَذِبًا أَوْ إِضْرَارًا , وَهُوَ يُظْهِر بِلِسَانِهِ خِلَاف ذَلِكَ , فَهِيَ عَامَّة .ا.هـ.
و عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ : جَاءَ رَجُلَانِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا . رواه البخاري (5146) ، ومسلم (869) .
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في : فتح المجيد " ( ص 406) : هذا من التشبيه البليغ ، لكون ذلك يعمل عمل السحر ، فيجعل الحق في قالب الباطل ، والبطل في قالب الحق . فيستميل به قلوب الجهال ، حتى يقبلوا البطل وينكروا الحق ، ونسأل الله الثبات والاستقامة على الهدى .ا.هـ.
قال الشاعر :
تقول : هذا مُجاج النحل ، تمدحه **** وإن تشأ قلت : ذا قيء الزنابير
مدحا وذما وما جاوزت وصفهما **** والحق قد يعتريه سوء تعبير
بعد هذه المقدمة ، كنت في حوار مع زميل في العمل ، وهو رجل عامي ، وقد سألني عن رجل يدعى على الجفري ، يظهر في إحدى القنوات الفضائية ذكر لي اسمها ونسيتُ ، وأنا ولله الحمد والمنة لا يوجد في بيتي تلفزيون ، وهذا من باب التحدث بنعمة الله علي ، ثم بدأ يصف لي هذا الضال بأوصاف عجيبة ، وأن أسلوبه جميل ومقنع ومؤثر ، وقال أنه من شدة إعجابه به ذهب إلى التسجيلات الإسلامية يسأل عن أشرطته فلم يجد له أي أشرطة ... ولكم التعليق .
وبما أن هذا الضال بدأ يؤثر في عقول الناس بهذه الطريقة ، وجب علينا أهل السنة والجماعة التحذير منه ، وبيان ما عند الرجل من عقيدة فاسدة من الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم .(1/1)
فماذا فعلنا لبيان خطره ؟
وبما أن الرجل يُلبسُ على العامة من متابعي القنوات الفضائية ، ويزين الباطل ويجعله حقا ، كان لا بد من بيان ما لدى الرجل من غلو في النبي صلى الله عليه وسلم وذلك من خلال تسجيل صوتي له لكي تكون الأمة على حذر منه .
وداعية الضلالة علي الجفري له موقع في الإنترنت ينشر من خلاله أفكاره الضالة ، وانحرافاته المشينة في حق الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولولا خشية عمل الداعية لموقعه لوضعت الرابط .
فمن عنده علم بضلالات الرجل فليطرح ما عنده هنا وجزاه الله خيرا ، ولنحذر الأمة من خطر دعاةٍ على أبواب جهنم ، نسأل الله السلامة والعافية .
المقاطع الصوتية والكلام الذي معها منقولة بتصرف من كلام أبي معاذ السلفي sasb@ayna.com
1 – استمع إليه وهو يقول أن القاعدة أن الرسول صلى الله عليه وسلم يغيث بروحه من يستغيث به، ويمكن أن يغيث أيضاً بجسده، كما أن بإمكان الرسول صلى الله عليه وسلم أن يغيث بروحه مليون شخص في نفس اللحظة !!
http://www.geocities.com/abdullah_moslm/g1.ra
http://www.geocities.com/abdullah_moslm/g2.ra
2 – استمع له وهو يقول أنه لا يستغرب خروج روح الولي الميت لكي تنفع بإذن الله من يستغيث بها.
http://www.geocities.com/abdullah_moslm/g3.ra
3 – استمع له وهو يقول أن الأساس أن الأولياء الأموات يغيثون بارواحهم من يستغيث بهم، ولا يمنع في اعتقاده أن يخرج جسد من قبره !
http://www.geocities.com/abdullah_moslm/g4.ra
4 – استمع له وهو يصرح بأن هناك من الأولياء من فوضهم الله في إدارة أمور الكون!! وأن عندهم إذن مسبق في التصرف في الكون!! وأنه بإمكانهم بإذن الله الرزق والإحياء والإماتة !!
http://www.geocities.com/abdullah_moslm/g5.ra(1/2)
5 – استمع له وهو يصرح بأنه يمكن للولي الميت أن يدعو للحي ، وأن كرامات الأولياء لا حد لها إلا في مسألتين، وهما: أن ينزل عليه كتاب من الله. أن يوجد – أي يخلق – الولي طفل من غير أب . وأن مسألة خلق الطفل من غير أب مسألة خلافية بين العلماء – أي الصوفية - . وأن الولي يمكن أن تخرج روحه من الروضة التي يتنعم فيها ليغيث من استغاث به.
http://www.geocities.com/abdullah_moslm/g6.ra
6 – استمع له وهو يصرح أن العلماء عنده اختلفوا في مسألة إمكانية أن يخلق الولي لطفل من غير أب ، وأن السبب الذي جعل من يقول بإمتناع ذلك هو التحرز على الأنساب !! حتى لا تأتي امرأة حامل من الزنى فتدعي أن أحد الأولياء خلق هذا الطفل في بطنها ، وإلا في الأصل هم متفقون على ذلك – أي على إمكانية أن يخلق الولي طفل من غير أب - !!
http://www.geocities.com/abdullah_moslm/g7.ra
7 – استمع له وهو يصرح بإمكانية رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن بعين البصيرة وأن هناك من الأولياء من يجتمع بالرسول صلى الله عليه وسلم يقظة !
http://www.geocities.com/abdullah_moslm/g9.ra
8 – استمع له وهو يكذب على الشيخ عبد الرحمن دمشقية حفظه الله مؤلف كتاب "الرفاعية" حيث يزعم أن أحد مشايخه ناقش الشيخ دمشقية حول أحمد الرفاعي وذكر له أن الإمام الذهبي أثنى عليه، وأن الشيخ دمشقية كان يجهل هذا الأمر، ولهذا ذمه في كتاب الرفاعية ، مع أن الشيخ عبد الرحمن دمشقية قد ذكر ترجمة أحمد الرفاعي رحمه الله من "سير أعلام النبلاء" للإمام الذهبي رحمه الله وبراءه مما يعتقده فيه أتباعه !
http://www.geocities.com/abdullah_moslm/g10.ra
وفي الختام أقول قد يتعجب البعض من كلام الجفري السابق ولكن لو علم من هم مشايخ الجفري الذين تتلمذ عليهم لزال عنه العجب!(1/3)
فالجفري قد صرح في بعض اللقاءات الصحفية معه أنه تتلمذ على يد عبد القادر السقاف وهو رجل من كبار الصوفية في هذا العصر، وهو يعيش في جدة ! وكي تعلم مدى ضلال هذا الرجل فاستمع له وهو يستغيث ببعض الأموات الذين قام بزيارتهم في اليمن قبل عدة سنوات :
http://www.geocities.com/abdullah_moslm/g12.ra
ومن مشايخ الجفري الذين صرح بالأخذ عنهم داعية الشرك والخرافة محمد بن علوي المالكي .
وفي الختام لا تنسونا من دعوة صالحة في ظهر الغيب .
للفائدة : http://www.saaid.net/mktarat/Maoled/29.htm
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@25.CShOdu5jZV7.0@.1dd2e79d
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/4)
رحلةٌ سياحةٌ مع القبوريةِ . . . الحمدُ للمجيدِ على نعمةِ التوحيدِ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
يعتبرُ كتابُ " الانحرافاتِ العقديةِ والعلميةِ في القرنين الثالث عشر والرابع عشر وآثارهما في حياةِ الأمةِ " للشيخِ عليِّ بنِ بخيتٍ الزهراني مرجعاً رائعاً لفترةٍ من تاريخِ الأمةِ ، وخاصةً ما يتعلقُ بالجانبِ العقدي ، فقد أتى على كثيرٍ من انحرافاتِ القبوريةِ سواء من خلالِ مصادرِهم المعتمدةِ في ذلك أو من خلال الرادين عليهم .
وفي هذا المقال سأختارُ بعضاً من تلك الانحرافاتِ ليعلم الموحد نعمةَ اللهِ عليه ، وأن يسألَ اللهَ الثباتَ على التوحيد ، وأن يقبضهُ على التوحيد ، ولن أطيل في المقدمةِ ، وسندخلُ في الموضوعِ مباشرةً ، وقد اخترتُ عناوين جانبيةً لكلِّ فائدةٍ أجدها لكي تكون سهلةَ الرجوعِ إليها حين الحاجةِ لها .
ضريحٌ لراهبٍ مسيحي :
قال الشيخُ عليٍّ الزهراني في " الانحرافاتِ العقديةِ والعلمية " (1/290) : " وقد ذكر شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ أن بعضَ الشيوخِ المشهورين بالعلمِ والدين قالوا إنه قبرُ نصراني .
وليس ذلك بغريبٍ أبداً ، ففي الجزائرِ كان الشعبُ هناك يؤمُ ضريحاً في بعضِ المناطقِ الشرقيةِ ويتبركُ بأعتابهِ ثم اكتشف أن هذا القبر كان لراهبٍ مسيحي ولم يصدقِ الناسُ ذلك حتى عثروا على الصليبِ في القبرِ [ صفحاتٌ من تاريخِ الجزائر ( ص 324 ) ] " .ا.هـ.
الملوك والسلاطين يتسابقون في عمارةِ المشاهد والأضرحةِ :
قال أيضاً (1/299) : " بل لقد كان ذلك علامة على صلاحِ وعدلِ من يفعلهُ من الحكامِ والأمراءِ ، فمن كان منهم مكرماً للأولياءِ بزعمهم ، يبني الأضرحةَ على قبورهم ، ويشيدُ القباب عليها ، ويزور تربهم ويمرغُ خديه على عتباتهم فهو الحاكمُ الصالحُ المحبوبُ عند رعيتهِ ولو كان من أظلمِ الظالمين .(1/1)
ويذكرُ أحمدُ بنُ الخياط ( المتوفى سنة 1285 هـ ) أن الذي دفعه إلى تأليفِ كتابهِ " ترجمة الأولياء في الموصل الحدباء " هو ما رآه من والي الموصل في زمنه ( نجيب باشا ) ومحبته للأولياءِ ، وزياراتهِ المتكررةِ لمدافنهم ومشاهدهم ، وأن ذلك من توفيقِ الله له لأن من أحب قوماً فهو معهم ، وقد أهداه مؤلفهُ المذكورُ ...
وقد ذكر القاياتي مقامَ إبراهيم بنِ أدهم وما أُعد فيه من خلواتٍ لنومِ الغرباءِ ، ووصف بنائهُ ، وقال إن ملوكَ الزمانِ قد خدمتهُ .
وكثيراً ما يذكرُ في تراجمِ الحكامِ والأمراءِ - ضمن محاسنهم - تجديدُ الأضرحةِ وإقامةُ المشاهد ...
وعندما مات الصوفي المشهور خالد أبو البهاء ضياء الدين النقشبندي عام 1242 هـ بنى السلطانُ عبدُ الحميد خان على قبرهِ قبةً عظيمةً ، ومسجداً ، وعدة مقاصير للمريدين والمتجردين ، ومطبخاً ، وبركةً عظيمةً للماءِ " .ا.هـ.
الصعاليكُ وأصحابُ الرئاسةِ الدنيوية يبنى على قبورهم الأضرحةُ والقبابُ :
وقال أيضاً (1/300 - 301) : " ولما مات والي الشام أحمد حمدي باشا سنة 1303 هـ في بيروت ، أمر السلطانُ عبدُ الحميدِ الثاني بتعميرِ زاويةِ لمدفنهِ ، يصرفُ عليها من مالهِ الخاص أربعة وستون ألفاً صاغاً ...
ووصل الأمرُ أحياناً أن يُبنى على قبرٍ صعلوكٍ كان يقطعُ الطريقَ جامعٌ وقبةٌ ، كما صنع الخديوي إسماعيل سنة 1280 هـ برجلٍ يدعى صالح أبو حديد كان قاطعَ طريقٍ ، ويعملُ له حضرةً كلّ أسبوعٍ ومولد كل عامٍ ، وأوقف عليه أوقافاً تفي بإقامةِ شعائره المبتدعة .(1/2)
ويعلق صاحبُ الخطط التوقيفية عند الحديثِ عن هذا الجامعِ بقولهِ : " وهو جامعٌ عظيمٌ لم يبن لغيرهِ من الأفاضلِ ذوي المعارفِ والعلومِ الذين انتفع الكثيرُ بعلومهم ومعارفهم ، ولكن هذه عادةٌ قديمةٌ ألفها المصريون من قديمِ الزمنِ ، وطالما نبه عليها كثيرٌ من المؤلفين في كتبهم ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " [ وأصل قصة الشيخِ صالحٍ هذا أنه كان على رأسِ عصابةٍ تقطعُ الطريقَ وتقتلُ المارةَ وتسلبهم وعندما كُشف أمرهم فر صالحٌ إلى بيتِ مغنيةٍ مشهورةٍ وادعت أنه مجنونٌ ووضعت في رجليه قيداً من حديدٍ ، وقد اعتقل لسانهُ من شدةِ الخوفِ ، ثم شاع عنه بين الناس أن له كراماتٍ وأخباراً بالمغيباتِ وكان ذلك بفعلِ المجتمعين من حولهِ من الأوباشِ ، وأقبل الناسُ عليه بالهدايا والنذور لاستكشافِ المغيبات واستمر على هذا إلى أن مات وكان ما كان ] .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/3)
رَجُلٌ يَُؤْمِنُ بِوُجُودِ حَلٍ لِمُشْكِلَةِ المَوْتِ فِي المُسْتَقْبَلِ
الحمد لله وبعد ؛
قال تعالى في شأن الموت : " كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ " [ آل عمران : 185] .
وقال تعالى : " كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ " [ الأنبياء : 35 ] .
وقال تعالى : " كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ " [ العنكبوت : 57 ] .
وقال تعالى : " كُلّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْه رَبّك ذُو الْجَلَال وَالْإِكْرَام " [ الرحمن : 26 – 27 ] .
وقال تعالى : " الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ " [ الملك : 2 ]
وغير ذلك من الآيات في ذكر الموت ، وأنه نهاية كل حي .(1/1)
قال ابن كثير : يُخْبِر تَعَالَى إِخْبَارًا عَامًّا يَعُمّ جَمِيع الْخَلِيقَة بِأَنَّ كُلّ نَفْس ذَائِقَة الْمَوْت كَقَوْلِهِ تَعَالَى " كُلّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْه رَبّك ذُو الْجَلَال وَالْإِكْرَام " فَهُوَ تَعَالَى وَحْده الَّذِي لَا يَمُوت وَالْجِنَّ وَالْإِنْس يَمُوتُونَ وَكَذَلِكَ الْمَلَائِكَة وَحَمَلَة الْعَرْش وَيَنْفَرِد الْوَاحِد الْأَحَد الْقَهَّار بِالدَّيْمُومَةِ وَالْبَقَاء فَيَكُون آخِرًا كَمَا كَانَ أَوَّلًا وَهَذِهِ الْآيَة فِيهَا تَعْزِيَة لِجَمِيعِ النَّاس فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى أَحَد عَلَى وَجْه الْأَرْض حَتَّى يَمُوت فَإِذَا اِنْقَضَتْ الْعِدَّة وَفَرَغَتْ النُّطْفَة الَّتِي قَدَّرَ اللَّه وُجُودهَا مِنْ صُلْب آدَم وَانْتَهَتْ الْبَرِيَّة أَقَامَ اللَّه الْقِيَامَة وَجَازَى الْخَلَائِق بِأَعْمَالِهَا جَلِيلهَا وَحَقِيرهَا قَلِيلهَا وَكَثِيرهَا كَبِيرهَا وَصَغِيرهَا فَلَا يَظْلِم أَحَدًا مِثْقَال ذَرَّة .ا.هـ.
عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : خَرَجْنَا وَمَعَنَا غَالِبُ بْنُ أَبْجَرَ ، فَمَرِضَ فِي الطَّرِيقِ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ، وَهُوَ مَرِيضٌ فَعَادَهُ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ فَقَالَ لَنَا : عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْحُبَيْبَةِ السَّوْدَاءِ فَخُذُوا مِنْهَا خَمْسًا أَوْ سَبْعًا فَاسْحَقُوهَا ، ثُمَّ اقْطُرُوهَا فِي أَنْفِهِ بِقَطَرَاتِ زَيْتٍ فِي هَذَا الْجَانِبِ وَفِي هَذَا الْجَانِبِ فَإِنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْنِي أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ هَذِهِ الْحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا مِنْ السَّامِ " . قُلْتُ : " وَمَا السَّامُ ؟ قَالَ : الْمَوْتُ . رواه البخاري (5687) .(1/2)
وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ : " شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ " . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : " وَالسَّامُ الْمَوْتُ ، وَالْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ الشُّونِيزُ . رواه البخاري (5688) .
وبعد تقرير هذه المسألة المهمة من مسائل العقيدة ، فلنستمع إلى هذا الرجل ماذا يقول ؟ وكيف أنه يأمل أن يوجدَ حلٌ علميٌّ لمشكلة الموت ؟
نسأل الله السلامة والعافية
وأترك التعليق لكم
مقطع من لقاء مع عثمان العمير في برنامج إضاءات في mbc FM من تقديم تركي الدخيل
http://66.28.228.155/temp/omair.rm
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@69.4GAPejxeeRI.12@.1dd32942
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/3)
سماتُ المرجئةِ والخوارجِ وأهلِ الغلو
للشيخ علوي السقاف
الحمد لله وبعد .
لقد صدرت الطبعة الرابعة من شرح " العقيدة الواسطية " للعلامة محمد خليل هراس بتحقيق الشيخ علوي بن عبدالقادر السقاف وفيها إضافات وزيادات أهمها كما ذكر المحقق في المقدمة :
1 - إضافات في هوامش التعليق وبخاصة على الفرق الضالة .
2 - إضافات في مسائل الإيمان والكفر وعلامات الإرجاء والغلو .
3 - التشريع العام وعلاقته بمسألة الحكم بغير ما أنزل الله .
ومما قاله الشيخ تعليقاً على كلام شيخ الإسلام في مسائل الإيمان (ص263):
اعلم أن من قال بإحدى هذه العبارات فقد وقع في الإرجاء أو دخلت عليه شبهته :
1 - الإيمان تصديق بالقلب فقط . ( جهمية )
2 - الإيمان نطق باللسان فقط . ( كرَّامية )
3 - الإيمان تصديق بالقلب ونطق باللسان . (مرجئة الفقهاء)
4 - الإيمان تصديق بالقلب ، وقول باللسان، وعمل بالقلب دون الجوارح .
5 - الإيمان لا يزيد ولا ينقص والناس في أصله سواء .
6 - الكفر تكذيب فقط ( جهمية )
7 - الكفر لا يكون إلا بالاعتقاد أو الجحود والاستحلال ، ويستشهدون بقول الطحاوي رحمه الله في عقيدته : (( ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب، ما لم يستحله )) .
( والصواب أن يقال : الكفر يكون بالقول أو الفعل أو الاعتقاد، ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب –دون الشرك أو الكفر- ، مالم يستحله ) .
8 - ترك جميع أعمال الجوارح ( جنس الأعمال كما يسميه ابن تيمية ) ليس كفراً مخرجاً من الملة .
( ووجه كونه إرجاءً لأنه يلزم منه أن أعمال الجوارح ليست ركناً في الإيمان بل و لا عمل القلب كذلك ، وهذا باطل لارتباط الظاهر بالباطن فيمتنع وجود عمل القلب مع انتفاء عمل الجوارح ) .
9 - أعمال الجوارح شرط كمال في الإيمان وليست ركناً ولا شرط صحة .
( والصواب في هذا أن يقال : جنس أعمال الجوارح ركنٌ في الإيمان ، وآحادها – عدا الصلاة– من مكملاته )(1/1)
10 - الأقوال والأعمال الكفرية ليست كفراً ولكنها تدل على الكفر .
11 - المكفرات القولية والعملية المخرجة من الملة هي ما كان مضاداً للإيمان من كل وجه أو ما كانت دليلاً على الكفر ، وجَعْلُ مناط التكفير كونها مضادةً للإيمان من كل وجه أو كونها تدل على ذلك .
( والصواب أن يقال : المكفرات القولية والعملية المخرجة من الملة هي ما دل الدليل على كونها كذلك ، وهي مضادة للإيمان من كل وجه وتدل على كفر الباطن، ولا بد ) فتأمل الفرق .
12 - جعلهم الشهوة وعدم القصد من موانع التكفير .
( ووجه كونه إرجاءً أن مآله إلى حصر الكفر في الاعتقاد ، أما إن عُني بالقصد : العمد المقابل للخطأ فنعم ، فالخطأ من موانع التكفير ، لكن ليُعلم أنه يكفي أن يقصد ( يتعمد) عمل الكفر ، ولا يلزم منه أن يقصد الوقوع في الكفر )
13 - ترك الصلاة ليس كفراً لأنه من أعمال الجوارح، وعمل الجوارح شرط في كمال الإيمان .
( ووجه كونه إرجاءً أن قائله لا يكفِّر بالعمل وإنما الكفر عنده اعتقاد فقط، فمسألة الصلاة من أظهر المسائل التي أجمع الصحابة على كفر تاركها، أما لو رجَّح عدم كفر من يصلي تارة ويترك تارة لأدلة شرعية لديه –كما قد وقع من بعض السلف- أو أن الإجماع لم يبلغه ، فهذا لا صلة له بالإرجاء ) .
ومن هنا يُعلم خطأ ما يردده البعض من مقولةٍ لبعض السلف : (( من قال إن الإيمان قول وعمل واعتقاد ، وأنه يزيد وينقص ، فقد بريء من الإرجاء كله، أوله وآخره )) .(1/2)
وهي مقولة حق ولا شك ولكن على فهم قائليها ، وهو أنَّ العمل والقول والاعتقاد أركان في الإيمان لا يجزيء أحدها عن الآخر ، وإلا فمن قال ذلك وهو لا يرى أعمال الجوارح ركناً في الإيمان ، أو قال ذلك وهو يحصر الكفر في التكذيب والاستحلال فإنه قد نطق بما قاله السلف في تعريف الإيمان لكن لا على الوجه الذي أرادوه ، وهذه العبارة شبيهة بقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من قال لاإله إلا الله دخل الجنة " فما يقول هؤلاء فيمن قالها ولم ينطق بشطر الشهادة الآخر – محمد رسول الله - ، أو قالها وارتكب ناقضاً من نواقضها ، فهذه كتلك .
ولهذا حذَّر أهل العلم من بعض الكتب وأنها تدعو إلى مذهب الإرجاء ، مع تبنيها أن الإيمان قولٌ وعملٌ ، يزيد وينقص . والله أعلم.
وقال أيضاً تعليقاً على كلام شيخ الإسلام في مسائل الكفر ( ص267) :
اعلم أن هناك سماتٍ من اتسم بها أو ببعضها فهو خارجي ، أو وقع فيما وقعت فيه الخوارج من الغلو :
1 - تكفير صاحب الكبيرة .
2 - تكفير من وقع في معصية وأصر عليها .
3 - القول بأن الإيمان شيء واحد لا ينقص ، فإذا ذهب بعضه ذهب كله .
4 - جواز الخروج على الحاكم المسلم لجوره وظلمه، وإن لم يُرَ منه كفرٌ بواحٌ .
( ووجه كونه خارجية، أنه قد استقر رأي أهل السنة والجماعة على عدم جواز ذلك، وخالفت الخوارج )
5 - عدم العذر بالجهل مطلقاً .
6 - تكفير كل من حكم بغير ما أنزل الله ولو في قضية معينة .
والصواب : التفريق بين التشريع العام وجعله دينًا متبعًا وقانونًا ملزمًا وبين جعل الشريعة الإسلامية هي الدين المُلْزِم، ومخالفتها وعدم الحكم بها في قضية أو قضايا معينة. وانظر (ص316) .
7- التسرع في تكفير المعين دون مراعاةٍ لتحقق الشروط وانتفاء الموانع .انتهى النقل من الكتاب المذكور .(1/3)
وإني آمل أن تكون هذه الكلمات حاسمة وقاطعة للنزاع والخلاف الواقع بين طلبة العلم، وبها نميز من وقع في الإرجاء أو الخارجية أو الغلو ونسلك المسلك الوسط ، ومن كان قريباً من العلماء أو في شك من صحة ما ذكر الشيخ فليعرضه عليهم فإن أيدوه فهو للنزاع أحسم وأقطع وإن خالفوه فلا أظنه إلا رجاعاً للحق هذا ما نعلمه عنه والله حسيبه .
وكلمة أخيرة :
رجاء ألا يتسرع أحدٌ في الرد قبل أن يتأمل الكلام ونرى رأي العلماء فيه ، فقد كفانا ردود وجدال و تناحر وتفرق حتى ضحك علينا الرافضة والأباضية ، وشمت بنا العصرانيون أعداء السلفية ، واحتارت العامة وظهرت العصبيات والإصرار على الرأي ، وسفه العلماء وسخر طلاب العلم من بعضهم وجرح بعضهم بعضاً، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
والله اعلم
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
سلسلةُ الردِ على شبهِ الرافضةِ
شبهةٌ تعري النبي صلى الله عليه وسلم أثناء بناءِ الكعبةِ
في الصحيحين من جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ يُحَدِّثُ:" أَنَّ رَسُولَ اللّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمُ الْحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ، وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ. فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ، عَمَّهُ: يَا ابْنَ أَخِي! لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ، فَجَعَلْتَهُ عَلَى مَنْكِبِكَ، دُونَ الْحِجَارَة.قَالَ: فَحَلَّهُ، فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ، فَسَقَطَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ.قَالَ فَمَا رُؤيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ عُرْيَاناً" .
وبدأ أهل البدع يشنعون كيف تعرى النبي – صلى الله عليه وسلم – فهذا كذب على النبي – صلى الله عليه وسلم – كما يزعمون والرد على هؤلاء يكون بما يأتي :
أولا : هذا الحديث صحيح الإسناد لا غبار عليه فقد أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (364) كتاب الصلاة – باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها .
فهذا الحديث قبل بعثة النبي – صلى الله عليه وسلم – وقال الزهري – رحمه الله - :" لما بنت قريش الكعبة لم يبلغ النبي عليه الصلاة والسلام الحلم .
ثانياً : التعري عند أهل العلم يجوز إن كان لمصلحة شرعية راجحة ، كجواز التعري أثناء العلاج بل لا خلاف على جواز أن ينظر الطبيب إلى موضع المرض من المرأة عند الحاجة ضمن ضوابط شرعية مع تقوى الله وصلاح النية ، والضرورات تقدر بقدرها ، فتعري النبي – صلى الله عليه وسلم – كان قبل البعثة أولا وثانياً كان لمصلحة لكي يضع ثوبه على عاتقه لكي يتقوى بها على حمل الحجارة وعلى قربة يتقرب بها لله جل وعلا وهي بناء الكعبة .(1/1)
كما حدث لنبي الله موسى عليه السلام لما اتهمه قومه برجولته فبرأه الله مما قالوا وهذا كما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - قال: كَانَو بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى سوأة بَعْضٍ وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلا أَنَّهُ آدَرُ(أي ذو فتق) قال: فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ! فَجَمعَ مُوسَى فِي إِثْرِهِ يَقُول:ُ ثَوْبِي حَجَرُ! ثَوْبِي حَجَرُ!حَتَّى نَظَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى سوأة مُوسَى فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ فقام الحجر بعد حتىنظرإليه فأخذ مُوسَى فطفق ثَوْبَهُ بِالْحَجَرِضرباً؟ فوالله إِنَّ بِالْحَجَرَِنَدَباً سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ (1) .
وقد ثبت هذا الحديث عند الرافضة و رواه إمامهم ووصيهم السادس المعصوم كما يزعمون ، وقد أخرجه مفسرو الشيعة في تفاسيرهم أيضا .
- ففي تفسير القمي عن أبي بصير، عن أبي عبدالله(ع):" أن بني اسرئيل كانوا يقولون ليس لموسى ما للرجال وكان موسى إذا أراد الإغتسال ذهب إلى موضع لايراه فيه أحد من الناس فكان يوماً يغتسل على شط نهر وقد وضع ثيابه على صخرة فأمرالله الصخرة فتباعدت عنه حتى نظر بنو اسرائيل إليه فعلموا أنه ليس كما قالوا أنزل الله : " يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ ءَاذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَاللهِ وَجِيهًا " [ الأحزاب/69 ] (2) .(1/2)
ثم أن مفسرهم الطبرسي في مجمع البيان أثبت هذا الحديث فقال :" أن موسى عليه السلام كان حيياً ستيراً يغتسل وحده فقال ما يتستر منّا إلا لعيب بجلده أما برص وأما أدرة فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه علىحجر فمر الحجر بثوبه فطلبه موسى عليه السلام فرآه بنو اسرئيل عرياناً كأحسن الرجال خلقا فبرأه الله مما قالوا " (3) .
قال رئيس علمائهم نعمة الله الجزائري في قصصه(ص 250) : " قال جماعة من أهل الحديث لا استبعاد فيه بعد ورود الخبر الصحيح وإن رؤيتهم له على ذلك الوضع لم يتعمده موسى عليه السلام ولم يعلم إن أحد ينظر إليه أم لا وأن مشيه عرياناً لتحصيل ثيابه مضافاً إلى تبعيده عما نسبوه إليه ، ليس من المنفرات ".
ثالثاً : ونقول نحن كذلك أهل السنة والجماعة كما قال : لا استبعاد فيه بعد ورود الخبر الصحيح وإن رؤيته له على ذلك الوضع لم يتعمده النبي – صلى الله عليه وسلم - فليس ذلك من المنفرات .
رابعاً : ليس في الحديث أنه تعرى أمام الناس – صلوات ربي وسلامه عليه – فالتعري أمام الناس متعمداً من خوارم المروءة ، فأين الدليل أن النبي – صلى الله عليه وسلم – مشى أمام الناس عارياً لا لشيء وإنما من أجل التعري فقط وأن الكل ينظر إليه !! .
فليس في هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مشى وتعرى أمام الناس ، وهذا القول له شاهد عند الطبراني في كما ذكر ذلك الحافظ في " الفتح " : " لما بنت قريش الكعبة انفردت رجلين رجلين ينقلون الحجارة ، فكنت أنا وابن أخي ، جعلنا نأخذ أزرنا فنضعها على مناكبنا ونجعل عليها الحجارة ، فإذا دنونا من الناس لبسنا أزرنا ، فبينما هو أمامي إذ صرع فسعيت وهو شاخص ببصره إلى السماء قال فقلت لابن أخي : ما شأنك ؟ قال : نهيت أن أمشي عريانا قال فكتمته حتى أظهر الله نبوته " .(1/3)
خامساً : على افتراض أن التعري لمصلحة ظهرت لمن تعرى أنه ذنب ، ولكنه ليس من الكبائر ، وعقيدتنا أن الأنبياء معصومون من كبائر الذنوب ومن خوارم المروءة ، لذلك حينما تعرى أمام عمه فقط لم يقر على ذلك وأغشي عليه وما رؤي عريانا بعد ذلك .
سادساً : نقول للرافضة ما شأنكم وشأن كشف العورات ؟؟ فدينكم دين جنس ودعوة للتعري والفاحشة وهذه حقيقة وسأذكر بعض الأمور التي تؤكد هذا الادعاء :
1- يتهمون النبي بأنه كان ينظر إلى عورات النساء ويخون المؤمنين ، وينظر إلى امرأة رجل مسلم وهي تغتسل عريانة !!!
ففي بحار الأنوار (22/217) : " قال الرضا : إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قصد دار زيد بن حارثة في أمر أراده فرأى امرأته تغتسل فقال لها : " سبحان الذي خلقك " .
2- يروون عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : " كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا ينام حتى يضع وجهه بين ثديي فاطمة " وفاطمة امرأة كبيرة بالغة فكيف يضع النبي – صلى الله عليه وسلم – وجهه بين ثدييها – رضي الله عنها - .
3- يزعمون أن إمامهم المعصوم الثاني عشر الغائب لما يظهر أنه سيكون عارياً بدون ثياب !! وهذا ما رواه الشيخ الطوسي والنعماني عن الإمام الرضا : " أن من علامات ظهور المهدي أنه سيظهر عارياً أمام قرص الشمس " حق اليقين (ص 347) .
4- الرافضة عندهم الدبر ليس من العورة وهذا ما رواه الكليني في الكافي ( 6/512) عن أبي الحسن عليه السلام قال : " العورة عورتان القبل والدبر ، فأما الدبر مستور بالإليتين فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة " .
5- جواز النظر إلى العورات من غير المسلمين فعن جعفر الصادق قال : " النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل نظرك إلى عورة الحمار " الكافي (6/512) .(1/4)
6- يزعمون أن إمامهم المعصوم الخامس محمد الباقر كان يدخل الحمام ويكشف عورته أمام الناس ، فعن عبيد الله الدابقي قال : " دخلت حماما بالمدينة ... فقلت : لمن هذا الحمام ؟ فقال لأبي جعفر محمد بن علي عليه السلام فقلت : كان يدخله ؟ قال : نعم فقلت : كيف كان يصنع ؟ قال كان يدخل يبدأ فيطلي عانته وما يليها ثم يلف على طرف إحليله ويدعوني فأطلي سائر بدنه ، فقلت له يوماً من الأيام : الذي تكره أن أراه قد رأيته " - يقصد عورته المغلظة - .( الكافي 6/508) .
كتبهُ أبو عبد العزيز سعود الزمانان
----------------------------------
الحواشي :
(1) أخرجه البخاري في الغسل ، ومسلم في الفضائل ، وفي الحيض وفي الصلاة .
(2) القمي 2/ 179 ، و الصافي 4 /205 - 206 ، وكنز الدقائق 8 / 230 - 231 ، و بيان السعادة 3 / 257 ، والجوهر الثمين 5 / 165 ،ونور الثقلين 4 / 308، قصص الأنبياء ص 249 - 250 ، والبرهان 3/329 ، و الميزان 16/353، و الكاشف 6/243 ، وجوامع الجامع 2/339 ، و منهج الصادقين 4/321 لفتح الله الكاشاني .
(3) تفسير مجمع البيان للطبرسي 8/372 .
رابط الموضوع
http://alsaha2.fares.net/sahat?128@5.DcPLfvCnYdL.2@.1dd3fb3b
نقله
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/5)
طائفةِ البهرةِ
فتاى اللجنةِ الدائمةِ في " طائفةِ البهرةِ "
فتوى رقم 2289
س : كبيرُ علماءِ بوهرة يصرُ على أنهُ يجبُ على أتباعهِ أن يقدموا له سجدةً كلما يزورونهُ . فهل وجد هذا العملُ في زمنِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أو الخلفاءِ الراشدين ، وحديثاً نُشرت صورةٌ لرجلٍ بوهري يسجد لكبيرِ علماء بوهرة في جريدة - من - الباكستانية المعروفة الصادرة في 6/10/1977 م ولاطلاعكم عليها نرفقُ لكم تلك الصورة ؟
جـ : السجودُ نوعٌ من أنواعِ العبادةِ التي أمر الله بها لنفسهِ خاصةً ، وقربة من القربِ التي يجب أن يتوجه العبدُ بها إلى اللهِ وحده ، لعموم قولهِ تعالى : " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ " [ النحل : 36 ] ، وقولهُ : " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ " [ الأنبياء : 25 ] ، ولقوله تعالى : " وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ " [ فصلت : 37 ] ، فنهى سبحانهُ عباده عن السجودِ للشمسِ والقمرِ ، لكونهما آيتين مخلوقتين لله فلا يستحقان السجود ولا غيره من أنواعِ العباداتِ .(1/1)
وأمر تعالى بإفراده بالسجود لكونهِ خالقاً لهما ولغيرهما من سائرِ الموجودات ، فلا يصحُ أن يُسجدَ لغيرهِ تعالى من المخلوقات عامة ، ولقولهِ تعالى : " أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ . وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ . وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ . فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا " [ النجم : 59 - 62 ] فأمر بالسجودِ له تعالى وحدهُ ، ثم عم فأمر عباده أن يتوجهوا إليه وحدهُ بسائرِ أنواعِ العبادةِ دون سواه من المخلوقات ، فإذا كان حالُ البوهرةِ كما ذُكر في السؤالِ فسجودهم لكبيرهم عبادةٌ وتأليهٌ له ، واتخاذ له شريكاً مع الله أو إلهاً من دون اللهِ . وأمره إياهم بذلك أو رضاه به يجعلهُ طاغوتاً يدعو إلى عبادةِ نفسه فكلا الفريقين التابع والمتبوع كافرٌ باللهِ خارجٌ بذلك عن ملةِ الإسلامِ والعياذُ بالله .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
عبد الله بن قعود
عضو
عبد الله بن غديان
نائب رئيس اللجنة
عبد الرزاق عفيفي
الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فتاوى اللجنة الدائمة (2/272 - 273)
---
فتاوى اللجنةِ الدائمةِ في " طائفةِ البهرةِ "
س 2 : جميعُ النساءِ يقبلن يدهُ ورجلهُ فهل يجوزُ في الإسلامِ لرجلٍ غيرِ محرمٍ للنساءِ أن يلمسن أيدي كبيرِ العلماءِ ، وهذا العملُ ليس خاصاً بكبيرِ العلماءِ بل هو لكلِ فردٍ من أفرادِ أسرتهِ ؟
جـ : أولاً : ما ذُكر من تقبيلِ نساءِ البوهرةِ يد كبيرهم ورجلهِ وتقبيلهن يد كل فردٍ من أسرتهِ ورجلهِ لا يجوزُ ولم يُعرف ذلك مع النبي صلى اللهُ عليه وسلم ولا مع أحدٍ من الخلفاءِ الراشدين ، وذلك لما فيه من الغلو في تعظيمِ المخلوقِ ، وهو ذريعةٌ إلى الشركِ .(1/2)
ثانياً : لا يجوزُ للرجلِ أن يصافحَ امرأةً أجنبيةً منهُ ولا أن يمسَ جسدها ، لما في ذلك من الفتنةِ ولأنهُ ذريعةٌ إلى ما هو شرٌ منه من الزنا ووسائلهِ ، وقد ثبت عن عائشةَ رضي اللهُ عنها أنها قالت : " كان رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يمتحن من هاجرن إليه من المؤمنات بهذه الآيةِ بقولِ اللهِ : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ " إلى قوله : " غَفُور رَحِيم " [ الممتحنة : 12 ] قال عروةُ : قالت عائشةُ : " فمن أقر بهذا الشرطِ من المؤمناتِ قال لها رسولُ اللهُ صلى الله عليه وسلم : " قد بايعتك كلاماً ، ولا والله ما مست يدهُ يدَ امرأةٍ قط في المبايعةِ ، ما يبايعهن إلا بقولهِ : " قد بايعتك على ذلك " فإذا كان رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لم يبايع النساء مصافحةً بل بايعهن كلاماً فقط مع وجود المقتضى للمصافحةِ ومع عصمتهِ وأمن الفتنة بالنسبةِ له فغيرهُ من أمته أولى بأنه يجتنب مصافحة النساء الأجنبيات منه بل يحرمُ عليهِ ذلك فضلاً عن تقبيل يدهِ ورجلهِ وأيدي أفرادِ أسرتهِ وأرجلهم وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إني لا أصافحُ النساءِ " وقد قال الله عز وجل : " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " [ الأحزاب : 21 ] .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
عبد الله بن قعود
عضو
عبد الله بن غديان
نائب رئيس اللجنة
عبد الرزاق عفيفي
الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فتاوى اللجنة الدائمة (2/273 - 274)
---
زعيمُ البهرةِ محمدُ برهان الدين
زعيمُ فرقةِ الإسماعليةِ البهرةِ ملاجي محمد برهان الدين هو الزعيمُ الثاني والخمسون ، وقد استلم زمامَ الزعامةِ بعد وفاةِ الزعيم الحادي والخمسين طاهر سيف الدين ، وهذا الزعيمُ يعدُ من أغنياءِ العالمِ بما يحلبهُ من أتباعهِ .
فكيف يجني محمد برهان الدين الملايين منهم ؟؟؟(1/3)
مصادرُ الدخلِ عند داعي البهرةِ محمد برهان الدين :
يقولُ أحمد الحصين صاحب الكتاب الآنف (1/375) : " مصادرُ دخل داعي البهرةِ الدكتور محمد برهان الدين الذي أصبح الداعي رقم (52) في سلسلة الدعاة الإسماعلية الطيبية يبلغ دخلهُ السنوي (120) مليون روبية في السنة . وكلُ فردٍ من أفراد عائلتهِ يتقاضى (8000) روبية شهرياً . وتتكون عائلتهُ من (188) فرداً غير السيارات والمساكنِ الحديثةِ المكيفةِ .
ولكن كيف يحصلُ على هذه المبالغِ الطائلةِ وما هي مصادرُ دخلهِ ؟
يقولُ عبدُ الله الراشد : " تسنُ الحكومةُ البُهريةِ ضرائب إجبارية على أفرادِ الطائفةِ في حين أنها تدعي أنها تطوعية وقد اشترى عدةَ فنادق من هذه الضرائبِ التي يفرضها على أفراد طائفتهِ ، واشترى أيضاً مشروع المياه الغازيةِ – الكوكا كولا – في بومباي .
وبجانبِ ذلك فإنه عندما تقومُ العائلةُ المالكةُ بإنجازِ مشروعٍ أو أي عمل فالتبرعاتُ تصبحُ واجبةً على أفراد الطائفةٍ ، فعندما اشترت العائلةُ الحاكمةُ فندق – سندز هاوس – في بومباي فرض الداعي على كل فردٍ من أتباعهِ صغيراً كان أم كبيراً أن يدفعَ 10 روبيات لتغطيةِ النفقاتِ .
ويتاجرُ مع أفرادِ عائلتهِ بالذهبِ الذي يهربونهُ من أفريقيا وسيلان حيثُ استطاعوا تهريب ملايين المجوهرات والأحجار الكريمة .
وعندما ينمو الطفلُ ويكبرُ يفرضُ على أهلهِ أن يذهبوا بهِ إلى أحدِ أتباعهِ ممن يحملون لقب شيخ ليعمل له تعويذةً – حجاب – ويعلمهُ كلمةَ الشهادتين مقابل ضريبة معلومة .
والذي يريدُ أن يحوزَ رضى الداعي عليه أن يدفعَ الكثير حتى كلمة " بسم الله الرحمن الرحيم " من الداعي تكلفهم ما بين 500 – 50000 روبية كل حسب طاقته . كل ألف روبية تساوي حوالي 35 دينارا كويتياً .(1/4)
ومكتبُ ضريبةِ الدخلِ التابعِ للداعي متيقظٌ ويعرفُ بالضبطِ مكسب كل فردٍ طيلة أيامِ السنةِ حتى يستطيع جمع الضرائب منهم بدقةٍ . ويجبُ على كل فردٍ من أفرادِ الطائفةِ أن يشتري تذكرةً خاصةً بصلاةِ العيدِ يصدرها مكتبُ الداعي وتختلفُ قيمتها في الصف الأولِ عن قيمتها في الصف الأخير ، فالتذكرةُ في الصفِ الأولِ خلف الملاجي الدكتور محمد برهان الدين تكلفُهُ 1000 روبية ، و 800 روبية في الصفِ الثاني ، و 600 روبية في الصف الثالثِ . وكلما ابتعد عن الملا جي كلما خف الحمل عن جيبهِ ، وفي الصف الأخير يترواح ثمن التذكرةِ ما بين 5 بيزات إلى 100 روبية ، وجثةُ الميتِ منهم لا تدفن إلا بعد أن يدفع أقاربُ الميتِ ضريبةً مقابل ذلك لمكتب الداعي ، وبعدها يصدرُ الداعي صكَ غفرانٍ يسمى روكو شيتي لذلك الميتِ ويدفنُ معه في القبرِ !!!
وهذه الصكوكُ ثلاثةُ أنواعٍ :
فأقاربُ المتوفى الذين يدفعون أكثر من خمسين ألف روبية يحصلون على صك غفران أو شقة من الدرجة الأولى في الجنةِ ، أما من يدفع أقل من خمسين ألف روبية فيحصل على صك غفران أو شقة من الدرجة الثالة ، والذين يدفعون أقل من ألف روبية يأخذون صك غفران أو شقة من الدرجة الثانية .
ولقب " الشيخِ " يشترى بمبلغ 52 ألف روبية ، أما لقبُ " الملا " فيشترى بعشرة آلاف روبية فقط .
ومن الأمورِ الغريبةِ أن كل مولودٍ يولدُ على ذويه أن يحملوه للداعي أو نائبهِ كي يباركهُ ويسميهِ ، بمعنى أن أي فردٍ من أفرادِ الطائفةِ لا يملكُ أن يتسمى بما يشاء من الأسماء بل الداعي هو الذي يختارُ له الاسم لا والديه ، بوالطبع لا بد من الدفعِ في مثلِ هذه الحالة .
ومن العجيبِ أنه باع كثيراً من المساجدِ التي ارتفعت أثمانُ الأرضِ بجوارها حتى المقابر لم تسلم من أذى الداعي فقد باع مقبرةً كبيرةً في بلدةِ " برهان يو " بأغلى الأثمان بعد أن قسمها إلى قسائم .
ولكن أين تذهبُ كلُ هذه الأموال ؟(1/5)
إنه يدخرُ قسماً منها في البنوكِ السويسرية . وينفق الآخر في بناء قبورِ أعوانهِ المقربين وقبورِ آل البيت ، في حين أن الأحياءَ من أبناءِ طائفتهِ بحاجةٍ ماسةٍ للمساعدة .ا.هـ.
ولزعيمِ البهرةِ مراكزٌ في دولِ الخليج وفي كلِ دولةٍ ممثلٌ بهري يمثلُ الداعي محمد برهان الدين ، ويجعلُ في كلِ بلدٍ يعيشُ فيها جماعةُ البهرةِ رجلٌ من رجالِ الدينِ بشرط أن يكونَ متخرجاً من الجامعةِ " السيفية " ، ويطلقون عليه " عامل " ليقوم بجمعِ " الخمس " من كل فردٍ من أفراد طائفتهم ، ولو تأخر الدفعُ فإنه يُطردُ من الطائفةِ ، ويفرضُ عليه الحرمانُ .
القسوةُ في التعاملِ مع أتباعِ الطائفةِ :
زعيمُ البهرةِ محمد برهان الدين يعاملُ أفرادَ طائفتهِ كما يعاملُ السيدُ عبيدهُ ، قال أحمد الحصين في كتاب " ماذا تعرف عن : ... " (1/366) : " فما أن يبلغ أي فردٍ من أفرادِ الطائفةِ الرابعة عشرة من عمرهِ حتى يصبح خادماً طيعاً للداعي ... ومع أن الحياةَ الاجتماعيةَ والاقتصاديةَ قد تطورت وتغيرت في كثيرٍ من البلدان خلال المئة عام المنصرمة ... إلا أن الداعي ما زال يمارسُ عملية ابتزاز بشعة لأفراد طائفته " .ا.هـ.
وقد حصلت قصةٌ تبين مدى القسوة البالغةِ التي يعامل بها هذا الزعيم أتباعه .
قال الحصين في الكتابِ الآنف (1/367) : " ففي تاريخ 11/10/1977م توفيت سيدة عمرها 65 عاماً تدعى " سوجرابي " في مدينة جمناجر بولاية جوجارت ، ولم يسمح لأقاربها بدفنها ، لأن زوجها أكبر علي سليمان جي مكاتي والبالغ من العمر 73 عاماً قد شارك في مؤتمر للمصلحين قبل خمسة وعشرين عاماً ، مع أنه قدم الكثير من الاعتذارات إلا أن شبح " البارات " لا يزال يطارد باقي أفراد عائلته .(1/6)
وبعد تدخل عضوتي البرلمان المركزي في دلهي في الأمر وافق الداعي محمد برهان الدين على دفن الجثة بعد تفنها على ألا يحضر الجنازة كل من زوجها وأولادها ، أو أي فردٍ من أقارب المتوفاة ، وعلى أن تدفنَ دون أن تقام عليها صلاة الجنازة ، وأن تدفن من غير كفن ، ولم يستطع أي فرد أن يحتجَ أو يعارضَ أو يجادلَ في هذا الشأن " .ا.هـ.
ومن زندقته أنه يرغمُ أتباعهُ على السجودِ له ، جاء في نشرةٍ بلغةِ الأردو تسمى " غلامانة روش " والصادرة بتاريخ 6/10/1977م : " ومما يؤيدُ إصراره على سجود طائفته له ، بالإضافةِ إلى الصورةِ المرفقةِ بالمقالِ تلك المرثية التي رثى بها والدهُ طاهر سيف الدين حيث قال :
سجدتُ له دأباً وأسجدُ دائما *** لدى قبرهِ مستمتعا للرغائبِ
لدى قبرهِ أسجدُ ثم بلغ إلى أبي *** سلام ابنم في زرئه أي ناصب
وكذلك يفرضُ على النساءِ أن يقبلن يديه ورجليه لدى مقابلتهِ . ويعتبرُ نفسه أنه المالكُ المطلقُ لكلِ ممتلكاتِ طائفتهِ الماديةِ والمعنويةِ ، وكلُ خارجٍ على إرادتهِ أو مناهض لأفكارهِ وشعائرهِ فإنه يفرضُ عليه مقاطعةً جماعيةً . وأي واحدٍ من البهرةِ يخرجُ عن عقيدتهم يقتلُ ، ففي سنة 986 هـ قُتل على يدهم جمالُ الدينِ محمدُ طاهر الصديقي الهندي الفتني حين تاب إلى اللهِ ورجع عن عقائدهم الشيطانيةِ .
---
الإسماعيلية
التعريف :
الإسماعيلية فرقة باطنية ، انتسبت إلى الإمام إسماعيل بن جعفر الصادق ، ظاهرها التشيع لآل البيت ، وحقيقتها هدم عقائد الإسلام ، تشعبت فرقها وامتدت عبر الزمان حتى وقتنا الحاضر ، وحقيقتها تخالف العقائد الإسلامية الصحيحة ، وقد مالت إلى الغلو الشديد لدرجة أن الشيعة الإثنى عشرية يكفرونها !!! .
أبرز الشخصيات :
أولاً : الإسماعيلية القرامطية :(1/7)
· كان ظهورهم في البحرين والشام بعد أن شقوا عصا الطاعة على الإمام الإسماعيلي نفسه ونهبوا أمواله ومتاعه فهرب من سلمية في سوريا إلى بلاد ما وراء النهر خوفاً من بطشهم .
· ومن شخصياتهم :
- عبد الله بن ميمون القداح : ظهر في جنوبي فارس سنة 260ه .
- الفرج ين عثمان القاشاني (ذكرويه) : ظهر في العراق وأخذ يدعو للإمام المستور .
- حمدان قرمط بن الأشعث (278ه) : جهر بالدعوة قرب الكوفة .
- أحمد بن القاسم : الذي بطش بقوافل التجار والحجاج .
- الحسن بن بهرام (أبو سعيد الجنابي) : ظهر في البحرين ويعتبر مؤسس دولة القرامطة .
- ابنه سليمان بن الحسن بن بهرام (أبو طاهر) : حكم ثلاثين سنة ، وفي عهده حدث التوسع والسيطرة وقد هاجم الكعبة المشرفة سنة 319ه وسرق الحجر الأسود وأبقاه عنده لأكثر من عشرين سنة .
- الحسن الأعصم بن سليمان : استولى على دمشق سنة 360ه .
ثانياً : الإسماعيلية الفاطمية :
· وهي الحركة الإسماعيلية الأصلية وقد مرت بعدة أدوار :
- دور الستر : من موت إسماعيل سنة 143ه إلى ظهور عبيد الله المهدي ، وقد اختلف في أسماء أئمة هذه الفترة بسبب السرية التي انتهجوها .
- بداية الظهور : بدأ الظهور بالحسن بن حوشب الذي أسس دولة الإسماعيلية في اليمن سنة 266ه وامتد نشاطه إلى شمال أفريقيا واكتسب شيوخ كتامة ، يلي ذلك ظهور رفيقه علي بن فضل الذي ادعى النبوة وأعفى أنصاره من الصوم والصلاة .
- دور الظهور : يبدأ بظهور عبيد الله المهدي الذي كان مقيماً في سلمية بسوريا ثم هرب إلى شمال أفريقيا وأعتمد علىأنصاره هناك من الكتاميين .
· قتل عبيد الله داعيته أبا عبد الله الشيعي الصنعاني وأخاه أبا العباس لشكهما في شخصيته وأنه غير الذي رأياه في سلمية .
· أسس عبيد الله أول دولة إسماعيلية فاطمية في المهدية بإفريقية (تونس) واستولى على رقادة سنة 297ه وتتابع بعده الفاطميون وهم :
- المنصور بالله (أبو طاهر إسماعيل ) .(1/8)
- المعز لدين الله (أبو تميم معد) : وفي عهده فتحت مصر سنة 361ه وانتقل إليها المعز في رمضان سنة 362ه .
- العزيز بالله (أبو منصور نزار ) .
- الحاكم بأمر الله (أبو علي المنصور ) .
- الظاهر (أبو الحسن علي) .
- المستنصر بالله (أبو تميم ) .
· وبوفاته انقسمت الإسماعيلية الفاطمية إلى نزارية شرقية ومستعلية غربية والسبب في هذا الانقسام أن الإمام المستنصر قد نص على أن يليه ابنه نزار لأنه الابن الأكبر، لكن الوزير الأفضل بن بدر الجمالي نحى نزاراً وأعلن إمامة المستعلي وهو الابن الأصغر كما أنه في نفس الوقت ابن أخت الوزير ، وقام بإلقاء القبض على نزار ووضعه في سجن وسدَّ عليه الجدران حتى مات .
· استمرت الإسماعيلية الفاطمية المستعلية تحكم مصر والحجاز واليمن بمساعدة الصليحيين والأئمة هم :
- المستعلي (أبو القاسم أحمد) .
- الظافر (أبو المنصور إسماعيل) .
- الفائز (أبو القاسم عيسى ) .
- العاضد (أبو محمد عبد الله ) : من 555ه حتى زوال دولتهم على يدي صلاح الدين الأيوبي .
ثالثاً : الإسماعيلية الحشاشون :
· وهم إسماعيلية نزارية انتشروا بالشام ، وبلاد فارس والشرق ، ومن أبرز شخصياتهم :
- الحسن بن الصباح : وهو فارسي الأصل وكان يدين بالولاء للإمام المستنصر قام بالدعوة في بلاد فارس للإمام المستور ثم استولى على قلعة الموت وأسس الدولة الإسماعيلية النزارية الشرقية – وهم الذين عرفوا بالحشاشين لإفراطهم في تدخين الحشيش، وقد أرسل بعض رجاله إلى مصر لقتل الإمام الآخر بن المستعلي فقتلوه مع ولديه عام 525ه، وتوفي الحسن بن الصباح عام 1135م .
- كيابزرك آميد .
- محمد كيابزرك آميد .
- الحسن الثاني بن محمد .
- محمد الثاني بن الحسن .
- الحسن الثالث بن محمد الثاني .
- ركن الدين خورشاه: من سنة 1255ه إلى أن انتهت دولتهم وسقطت قلاعهم أمام جيش هولاكو المغولي الذي قتل ركن الدين فتفرقوا في البلاد وما يزال لهم اتباع إلى الآن .(1/9)
رابعاً : إسماعيلية الشام :
· وهم إسماعيلية نزارية، لقد أبقوا خلال هذه الفترة الطويلة عقيدتهم يجاهرون بها في قلاعهم وحصونهم غير أنهم ظلوا طائفة دينية ليست لهم دولة بالرغم من الدرو الخطير الذي قاموا به ولا يزالون إلى الآن في منطقة سلمية بالذات وفي مناطق القدموس ومصياف وبانياس والخوابي والكهف .
- ومن شخصياتهم (راشد الدين سنان) الملقب بشيخ الجيل، وهو يشبه في تصرفاته الحسن بن الصباح، ولقد كون مذهب السنانية الذي يعتقد اتباعه بالتناسخ إضافة إلى عقائد الإسماعيلية الأخرى .
خامساً : الإسماعيلية البهرة :
· وهم إسماعيلية مستعلية، يعترفون بالإمام المستعلي ومن بعده الآمر ثم ابنه الطيب ولذا يسمون بالطيبية، وهم إسماعيلية الهند واليمن، تركوا السياسة وعملوا بالتجارة فوصلوا إلى الهند واختلط بهم الهندوس الذين أسلموا وعرفوا بالبهرة، والبهرة لفظ هندي قديم بمعنى التاجر .
· الإمام الطيب دخل الستر سنة 525ه والأئمة المستورون من نسله إلى الآن لا يعرف عنهم شيئاً، حتى إن أسمائهم غير معروفة،وعلماء البهرة أنفسهم لا يعرفونهم .
انقسمت البهرة إلى فرقتين :
- البهرة الداوودية : نسبة إلى قطب شاه داود : وينتشرون في الهند وباكستان منذ القرن العاشر الهجري وداعيتهم يقيم في بومباي .
- البهرة السليمانية : نسبة إلى سليمان بن حسن وهؤلاء مركزهم في اليمن حتى اليوم .
سادساً : الإسماعيلية الأغاخانية :
· ظهرت هذه الفرقة في إيران في الثلث الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، وترجع عقيدتهم إلى الإسماعيلية النزارية، ومن شخصياتهم :
- حسن علي شاه : وهو الأغاخان الأول : الذي استعمله الإنجليز لقيادة ثورة تكون ذريعة لتدخلهم فدعا إلى الإسماعيلية النزارية، ونفي إلى أفغانستان منها إلى بومباي وقد خلع عليه الإنجليز لقب آغاخان،مات سنة1881م .
- أغا علي شاه وهو الأغاخان الثاني .(1/10)
- يليه ابنه محمد الحسيني : وهو الآغاخان الثالث : وكان يفضل الإقامة في اوروبا وقد رتع في ملاذ الدنيا وحينما مات أوصى بالخلافة من بعده لحفيده كريم مخالفاً بذلك القواعد الإسماعيلية في تولية الابن الأكبر .
- كريم : وهو الآغاخان الرابع وما يزال حتى الآن،وقد درس في إحدى الجامعات الإمريكية .
سابعاً : الإسماعيلية الواقفة :
· وهي فرقة إسماعيلية وقفت عند إمامة محمد بن إسماعيل وهو أول الأئمة المستورين وقالت برجعته بعد غيبته .
أهم العقائد :
· ضرورة وجود إمام معصوم منصوص عليه من نسل محمد بن إسماعيل على أن يكون الابن الأكبر وقد حدث خروج على هذه القاعدة عدة مرات .
· العصمة لديهم ليست في عدم ارتكاب المعاصي والأخطاء بل إنهم يؤولون المعاصي والأخطاء بما يناسب معتقداتهم .
· من مات ولم يعرف إمام زمانه ولم يكن في عنقه بيعة له مات ميتة جاهلية .
· يضفون على الإمام صفات ترفعه إلى ما يشبه الإله، ويخصونه بعلم الباطن ويدفعون له خُمس ما يكسبون .
· يؤمنون بالتقية والسرية ويطبقونها في الفترات التي تشتد عليهم فيها الأحداث .
· الإمام هو محور الدعوة الإسماعيلية، ومحور العقيدة يدور حول شخصيته .
· الأرض لا تخلو من إمام ظاهر مكشوف أو باطن مستور فإن كان الأمام ظاهراً جاز أن يكون حجته مستوراً، وإن كان الإمام مستوراً فلا بد أن يكون حجته ودعاته ظاهرين .
· يقولون بالتناسخ، والإمام عندهم وارث الأنبياء جميعاً ووارث كل من سبقه من الأئمة.
· ينكرون صفات الله تعالى أو يكادون لأن الله – في نظرهم – فوق متناول العقل، فهو لا موجود ولا غير موجود، ولا عالم ولا جاهل، ولا قادر ولا عاجز، ولا يقولون بالإثبات المطلق ولا بالنفي المطلق فهو إله المتقابلين وخالق المتخاصمين والحاكم بين المتضادين، ليس بالقديم وليس بالمحدث فالقديم أمره وكلمته والحديث خلقه وفطرته .
من عقائد البهرة :
· لا يقيمون الصلاة في مساجد عامة المسلمين .(1/11)
· ظاهرهم في العقيدة يشبه عقائد سائر الفرق الإسلامية المعتدلة .
· باطنهم شيء آخر فهم يصلون ولكن صلاتهم للإمام الإسماعيلي المستور من نسل الطيب بن الآمر .
· يذهبون إلى مكة للحج كبقية المسلمين لكنهم يقولون : إن الكعبة هي رمز على الإمام .
· كان شعار الحشاشين ( لا حقيقة في الوجود وكل أمر مباح ) ووسيلتهم الإغتيال المنظم والامتناع بسلسلة من القلاع الحصينة .
· يقول الإمام الغزالي عنهم : ( المنقول عنهم الإباحة المطلقة ورفع الحجاب واستباحة المحظورات، وإنكار الشرائع، إلا أنهم بأجمعهم ينكرون ذلك إذا نسب إليهم ) .
· يعتقدون أن الله لم يخلق العالم خلقاً مباشراً بل كان ذلك عن طريق العقل الكلي الذي هو محل لجميع الصفات الإلهية ويسمونه الحجاب، وقد حل العقل الكلي في إنسان هو النبي وفي الأئمة المستورين الذين يخلفونه فمحمد هو الناطق وعلي هو الأساس الذي يفسر .
الجذور العقائدية :
· لقد نشأ مذهبهم في العراق، ثم فروا إلى فارس وخراسان وما وراء النهر كالهند والتركستان فخالط مذهبهم آراء من عقائد الفرس القديمة والأفكار الهندية، وقام فيهم ذوو أهواء في انحرافهم بما انتحلوا من نحل .
· اتصلوا ببراهمة الهند والفلاسفة الإشراقيين والبوذيين وبقايا ما كان عند الكلدانيين والفرس من عقائد وأفكار حول الروحانيات والكواكب والنجوم واختلفوا في مقدار الأخذ من هذه الخرافات وقد ساعدتهم سريتهم على مزيد من الإنحراف .
· بعضهم اعتنق مذهب مزدك وزرادشت في الإباحية والشيوعية كالقرامطة مثلاً .
· ليست عقائدهم مستمدة من الكتاب والسنة فقد داخلتهم فلسفات وعقائد كثيرة أثرت فيهم وجعلتهم خارجين عن الإسلام .
أماكن الإنتشار :
· لقد اختلفت الأرض التي سيطر عليها الإسماعليون مداً وجزراً بحسب تقلبات الظروف والأحوال خلال فترة طويلة من الزمن، وقد غطى نفوذهم العالم الإسلامي ولكن بتشكيلات متنوعة تختلف باختلاف الأزمان والأوقات :(1/12)
- فالقرامطة سيطروا على الجزيرة وبلاد الشام والعراق وما وراء النهر .
- والفاطميون أسسوا دولة امتدت من المحيط الأطلسي وشمال أفريقيا، وامتلكوا مصر والشام، وقد اعتنق مذهبهم أهل العراق وخُطب لهم على منابر بغداد سنة 540ه ولكن دولتهم زالت على يد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله .
- والآغاخانية يسكنون نيروبي ودار السلام وزنجبار ومدغشقر والكنغو البلجيكي والهند وباكستان وسوريا ومركز القيادة لهم في مدينة كراتشي بباكستان .
- والبهرة استوطنوا اليمن والهند والسواحل القريبة المجاورة لهذين البلدين .
- وإسماعيلية الشام امتلكوا قلاعاً وحصوناً في طول البلاد وعرضها وما تزال لهم بقايا في مناطق سلمية والخوابي والقدموس ومصياف وبانياس والكهف .
- والحشاشون انتشروا في إيران واستولوا على قلعة آلموت جنوب بحر قزوين واتسع سلطانهم واستقلوا بإقليم كبير وسط الدولة العباسية السُنية، كما امتلكوا القلاع والحصون ووصلوا بانياس وحلب والموصل، وولي أحدهم قضاء دمشق أيام الصليبين وقد اندحروا أمام هولاكو المغولي .
- المكارمة وهم الآن مستقرون في مدينة نجران في جنوب الجزيرة العربية .
---
الإسماعيلية المكارمة
ممدوح الحربي
http://media.islamway.com/lessons/msahly///MkrimaH.rm
إسماعيلية العالم
ممدوح الحربي
http://media.islamway.com/lessons/msahly///ismaeleyyat.rm
للتحميل : حفظ باسم
---
ماذا تعرف عن جحافل البهرة الزاحفة إلى دبي ؟
http://alsaha2.fares.net/sahat?128@152.idvYk5TVU4e.0@.1dd54c9d
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/13)
قصةُ مكذوبةٌ على عمرَ بنِ الخطاب يستدلُ بها القبوريون
سؤال عن صحة هذه الأثر
احدهم نقل هذه الرواية
روى أبن أبي شيبة بإسناد يذكر صاحب المقالة أنه صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار ـ وكان خازن عمر ـ قال " أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا ، فأتى الرجل في المنام فقيل له : إئت عمر "
الحديث . وقد روى سيف في الفتوح أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة .
ما درجة صحة هذا الحديث ، خصوصا وان من يستدل بهذه الأحاديث هم السقاف ومن التف حوله ، وهم ثقة ولكن في التدليس والكذب
لكن مع ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال عن الشيطان في رواية أبي هريرة ( صدقك وهو كذوب )
الجواب :
الأخ محب آل البيت حفظه الله .
إليك تخريج القصة وكلام العلماء عليها أقول وبالله التوفيق :
هذه القصة يتشبث بها القبوريون على جواز دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته .
أما نص القصة :
قال ابن أبي شيبة في مصنفه (12/31) :
حدثنا أبومعاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن مالك الدار قال : وكان خازن عمر على الطعام قال : أصاب الناس قحط في زمن عمر ، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا ، فأُتي الرجل في المنام فقيل له : ائت عمر فأقرئه السلام ، وأخبره أنكم مسقيون وقل له : عليك الكَيس ! عليك الكَيس ! فأتى عمر فأخبره فبكى عمر ثم قال : يا رب لا آلو إلا ما عجزت عنه .
وقد أخرجها البيهقي في دلائل النبوة (7/47) .
وقد اغتر بعض الناس بكلام الحافظ ابن حجر في الفتح (2/575) الذي نصه : وقد روى سيف في الفتوح أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة .
وقد رد العلماء على الحافظ ابن حجر هذا القول .(1/1)
قال العلامة الألباني - رحمه الله - في التوسل (ص132) : لا حجة فيها ، لأن مدارها على رجل لم يسمَّ فهو مجهول أيضا ، وتسميته بلالا في رواية سيف لا يساوي شيئا ، لأن سيفا هذا هو ابن عمر التميمي ، متفق على ضعفه عند المحدثين بل قال ابن حبان فيه : يروي الموضوعات عن الأثبات وقالوا : إنه كان يضع الحديث ، فمن كان هذا شأنه لا تُقبل روايته ولا كرامة لاسيما عند المخالفة .ا.هـ.
وقد علق العلامة ابن باز - رحمه الله - على الفتح (2/575) على كلام الحافظ عند تصحيحه للأثر فقال :
هذا الأثر على فرض صحته كما قال الشارح ليس بحجة على جواز الاستسقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته لأن السائل مجهول ولأن عمل الصحابة رضي الله عنهم على خلافه وهم أعلم الناس بالشرع ولم يأت أحد منهم إلى قبره يسأله السقيا ولا غيرها بل عدل عمر عنه لما وقع الجدب إلى الاستسقاء بالعباس ولم يُنكر ذلك عليه أحد من الصحابة فعُلم أن ذلك هو الحق وأن ما فعله هذا الرجل منكر ووسيلة إلى الشرك بل قد جعله بعض أهل العلم من أنواع الشرك .
وأما تسمية السائل في رواية سيف المذكور بلال بن الحارث ففي صحة ذلك نظر ، ولم يذكر الشارح سند سيف ، وعلى تقدير صحته عنه لا حجة فيه ، لأن عمل كبار الصحابة يخالفه وهم أعلم بالرسول وشريعته من غيرهم والله أعلم .ا.هـ.
وفي كلام هذين العالمين كفاية لنسف القصة وردها ، نسأل الله أن يجنبنا وسائل الشرك وطرقه ، آمين ،،،،،،،،،،،،،،،،
عبدالله زقيل .
تعليق الأخ الذهبي :
الأخ الفاضل : محب أهل البيت ، لقد كفى أخي عبدالله في الإجابة على استفسارك .. و أحب أن أضيف شيء بسيطاً حول الموضوع ..
بالنسبة لاحتجاج القبوريين بتوثيق ابن حجر رحمه الله لمالك الدار بقوله : ( له إدارك ) أي معدود من الصحابة ..(1/2)
قلت : إن إيراد الحافظ لمالك الدار في كتابه الإصابة إنما هو في القسم الثالث من كتابه الإصابة ، و هو القسم الخاص في ذكر المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام ، ولم يرد في خبر قط أنهم اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا رأوه ، سواء أسلموا في حياته أم لا ، و هؤلاء ليسوا صحابة باتفاق من له أدنى علم بالحديث كما قال الحافظ نفسه في مقدمة الإصابة (1/4 ) .
و قد ساق الحافظ ابن كثير هذه الرواية من رواية البيهقي في دلائل النبوة وهي معلولة بعلل منها :-
1- عنعنة الأعمش و هو مدلس ، و المدلس لا يقبل من حديثه إلا ما قال فيه : حدثنا أو أخبرنا ونحوها ، دون قول : قال .. أو عن .. إذ احتمال أنه أخذه عن ضعيف يوهي الحديث بذكره كما هو معلوم في مصطلح الحديث ، مع أن الأعمش في الطبقة الثانية من المدلسين عند الحافظ وغيره ..
و قد صحح ابن كثير الإسناد على طريقته في توثيق مجاهيل كبار التابعين ، كما هو معروف عنه في تفسيره وغيره .. وإذا كان مجهولاً فلا علم لنا بتاريخ وفاته .
2 - أن أبا صالح وهو ذكوان - الراوي عن مالك لايعلم سماعه منه ولا إدراكه لمالك ، إذ لم نتبين وفاة مالك ، سيما وأنه رواه بالعنعنة فهو مظنة انقطاع لا تدليس . نقلاً عن كتاب : هذه مفاهيمنا للشيخ صالح آل شيخ .
3 - أنها مخالفة لما ثبت في الشرع من استحباب إقامة صلاة الاستسقاء لاستنزال الغيث من السماء ، كما ورد في أحاديث كثيرة ، و مخالفة لقوله تعالى { فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً }
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/3)
كاتبٌ بيننا منسق عملية خارطة الطريقِ إلى ... مع ... ادخل وستعجب !!!!!
الحمدُ لله ِ وبعدُ ؛
إنّ من المسلماتِ اجتماعُ أهلِ البدعِ بجميعِ طوائفهم ونحلهم على أهلِ السنةِ والجماعةِ ، وقد يأتي البعضُ ويشككُ في هذه القضيةِ ، فيبدأُ بالتشغيبِ والتشنيعِ على هذا الأمرِ فيقولُ : " كلٌ يدعي هذه الدعوى العريضة " أي أنه من أهلِ السنةِ والجماعةِ ، ولكننا نجدُ في حالِ التطبيقِ والرجوعِ إلى المسطورِ والمنقولِ البعدَ البائنَ لتلك الدعوى ، وكما قال الشاعرُ :
كلٌ يدعي وصلاً بليلى **** وليلى لا تقرُ لهم بذاك
بعد هذه المقدمةِ ، كنتُ قد كتبتُ مقالاً بعنوان : " ماذا يريدُ هؤلاءِ من البقيعِ في المدينةِ ؟ ادخل وسترى العجب" ، وهذا اربطهُ :
ماذا يريدُ هؤلاءِ من البقيعِ في المدينةِ ؟
وقد تفاجأتُ وصدمتُ أثناء تصفحي لموقعِ " البقيع " تحت رابطِ " رسائل البقيع " باسمِ كاتبٍ يكتبُ في الساحات ، وأترككم مع رسالةِ الكاتبِ :
رسالة من السيد شريف الحسيني
بسم الله الرحمن الرحيم
أي شيء يتعلق بالحجاز ، فلا بد من تنسيق العمل مع أهل الحجاز. لا يجوز بأي حال من الأحوال عدم اعتبار أهل الحجاز في أي شيء يتصل بالحجاز.
التنسيق والاتصال مع أهل الحجاز "أهل آل البيت وأصل معدنهم ...." فبدونهم لن تجدوا نصيرا في الحجاز.
السيد الشريف الحسيني
15/5/2003
http://albaqeea.com/sub_pages/20.htm
---
فهل يعقلُ أن يكونَ هو هو ؟؟!!
وأنا لا أستغربُ اجتماعَ الصوفيةِ والرافضةِ في خندقِ شركِ القبورِ والقبابِ والمساجدِ المبنيةِ عليها ، فهم - أي الصوفية والرافضة - ممن عرفوا بتعظيمِ المشاهدِ ، والبناءِ عليها ، وبنظرةٍ سريعةٍ في العالمِ الإسلامي - تنزلاً - من المشرقِ إلى المغربِ ، ومن الشمالِ إلى الجنوبِ نجدُ أن بناءَ المساجدِ على القبورِ ، وبناءَ القبابِ على قبورِ الأولياءِ متقاسمٌ بينهما .(1/1)
نعودُ إلى الكاتبِ المشارِ إليه ، وبتدقيقِ النظر في عباراتِ الكاتبِ نعرفُ صدقَ ما ذكرناه آنفاً .
فأقولُ لهذا الكاتبِ : لديك أمران :
الأولُ : إما أن تنفي عن نفسك ما سُطرَ في الأعلى ، وهذا النفي لا يكونُ إلا بأدلةٍ وحججٍ قويةٍ ، تقطعُ الشكَ باليقينِ .
الثاني : إذا ثبت الأمرُ عليك ، فلتتقِ اللهَ في نفسك ، ولا تظنُ أنك من آل بيتِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم فيجوز لك أن تفعلَ ما يحلو لك في سبيلِ الوصولِ إلى أمرٍ النبي صلى اللهُ عليه وسلم منه بريءٌ .
وهل تظنُ أن النبي صلى الله عليه وسلم يرضى بما يفعله الرافضةُ من شركٍ للهِ واللهُ أرسلهُ بدعوةِ التوحيدِ كما أرسل جميعُ الأنبياءِ بذلك ؟
ثم تأتي أنت وتريدُ أن تضعَ يدك في يدِ هؤلاءِ القومِ لكي تنقضَ رسالةَ التوحيدِ التي بعث بها من تنتسبُ إليه صلى الله عليه وسلم كما تزعمُ !!!!
وختاماً : أخشى أن تكونَ كما عنونتُ على المقالِ : " منسقُ عمليةِ خارطةِ الطريق إلى البقيعِ مع الرافضةِ " !!!
اللهم أرنا الحقَ حقاً وارزقنا اتباعهُ ، وأرنا الباطلَ باطلاً وارزقنا اجتنابهُ .
---
فوائدُ عن آلِ بيتِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم لا بد من معرفتها
موقفنا من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم
http://www.saaid.net/Doat/Althahabi/23.htm
التحذير من الانتساب إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا بحق
http://www.saaid.net/Doat/Althahabi/18.htm
وكتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/2)
ما دورنا في التحذيرِ من هذا الرجلِ ؟
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
يظهرُ في القنواتِ الفضائيةِ المشبوهةِ ... يسافرُ إلى بلادِ العالمِ ويستقبلُ استقبال الفاتحين ... يضربُ على وترِ محبةِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم وآل بيته ... له موقعٌ على الشبكةِ العنكبوتيةِ ينشرُ فيه فكرهُ ... لبس على عوامِ أهلِ السنةِ فاغتروا بعذوبةِ كلامهِ ولهجتهِ المميزةِ واللهُ تعالى يقولُ : " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " [ البقرة : 204] ...
و عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ : جَاءَ رَجُلَانِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا .
رواه البخاري (5146) ، ومسلم (869) .
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في : فتح المجيد " ( ص 406) : هذا من التشبيه البليغ ، لكون ذلك يعمل عمل السحر ، فيجعل الحق في قالب الباطل ، والبطل في قالب الحق . فيستميل به قلوب الجهال ، حتى يقبلوا البطل وينكروا الحق ، ونسأل الله الثبات والاستقامة على الهدى .ا.هـ.
قال الشاعر :
تقولُ : هذا مُجاجُ النحلِ ، تمدحهُ **** وإن تشأ قلت : ذا قيءُ الزنابيرِ
مدحاً وذماً وما جاوزت وصفهما **** والحقُ قد يعتريهِ سوءُ تعبيرِ
ولكن أبى اللهُ إلا أن يفضحَ هذا الضال ، ويبينَ عوارهُ .
انظروا وهو يحضرُ حضرةَ الصوفيةِ ، والتي فيها الهزُ والتمايلُ وكأنها من دينِ الله
http://www.almijhar.net/ra/vedio/takea.rm(1/1)
في نهاية المقطع المصور : وهم وقوف في الحضرة ، يوجد رجل يمني ، مرافق للجفري في أسفاره ، كان يقف عن يمينه يضع عمامة بيضاء ، ومن خلفه رجل يرتدي قميصاً أزرق هو من أصحاب البيت ، وعندما حميت الحضرة ووصلت إلى أح أح ، التفت الجفري إلى مرافقه وكلمه ، وبدوره التفت إلى صاحب القميص الأزرق وكلمه ، فإذا به ينطلق مسرعاً إلى مصور الحفل يأمره أن يقطع التصوير ، لكي لا يظهر الوجه الحقيقي للمتصوفة ، وهذه هي التقية بعينها.
فتوى
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله ، في فتح الباري (2/941) : قال القرطبي : وَأَمَّا مَا اِبْتَدَعَهُ اَلصُّوفِيَّة فِي ذَلِكَ فَمِنْ قَبِيلِ مَا لَا يُخْتَلَفُ فِي تَحْرِيمِهِ , لَكِنَّ اَلنُّفُوسَ اَلشَّهْوَانِيَّةَ غَلَبَتْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَى اَلْخَيْرِ , حَتَّى لَقَدْ ظَهَرَتْ مِنْ كَثِيرٍ مِنْهُمْ فِعْلَاتُ اَلْمَجَانِينِ وَالصِّبْيَان , حَتَّى رَقَصُوا بِحَرَكَاتٍ مُتَطَابِقَةٍ وَتَقْطِيعَاتٍ مُتَلَاحِقَة , وَانْتَهَى التَّوَاقُحُ بِقَوْمٍ مِنْهُمْ إِلَى أَنْ جَعَلُوهَا مِنْ بَابِ اَلْقُرَبِ وَصَالِح اَلْأَعْمَالِ , وَأَنَّ ذَلِكَ يُثْمِرُ سِنِيِّ اَلْأَحْوَالِ وَهَذَا - عَلَى اَلتَّحْقِيقِ - مِنْ آثَارِ اَلزَّنْدَقَةِ , وَقَوْل أَهْلِ اَلْمُخَرِّفَةِ وَاَللَّه اَلْمُسْتَعَان ا ه .
وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْكَسَ مُرَادهمْ وَيُقْرَأَ " سَيِّئ " عِوَض اَلنُّون اَلْخَفِيفَة اَلْمَكْسُورَة بِغَيْرِ هَمْزٍ بِمُثَنَّاة تَحْتَانِيَّة ثَقِيلَة مَهْمُوزًا . . اهـ
والسؤالُ المطروحُ بكلِ قوةٍ وصراحةٍ :
ما دورنا في التحذيرِ من هذا الرجلِ ؟
شارك بفكرةٍ أو اقتراحٍ لنشرِ الوعي بين أهلِ السنةِ في التحذيرِ منه ومن أفكارهِ
روابطٌ لها صلةٌ بالموضوعٍ :
دَاعِيَةُ ضَلَالَةٍ فَي قَنَاةٍ فَضَائِيَةٍ
موقعٌ يجمعُ جملةً من خزعبلاتِ وكذبِ وافتراءِ الضالِ بالصوتِ والصورةِ(1/2)
http://www.almijhar.net/index.htm
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/3)
ماذا تعرفُ عن البدوي وضريحهِ المزعوم ؟؟؟
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
شخصيةُ السيدِ البدوي وضريحه المزعوم من القضايا التي أشغلت المحققين من أهلِ العلمِ ، فمنهم من يثبتُ وجوده ، فقد ترجم لهُ المنوفي في " جمهرة الأولياءِ " (2/237) وقال : هو أبو العباسِ أحمدُ البدوي الشريف ، ولد بمدينةِ فاس بالمغرب ، ثم رحل أبوه إلى مكةَ ( 603 هـ ) وعمرهُ إذ ذاك سبع سنين ، وكان لكثرةِ ما يتلثم لقب بالبدوي ، وكانوا يسمونه في مكةَ " العطاب " ، فلما أحدث عليه حادث الوله تغيرت أحوالهُ ، واعتزل الناس ، ولازم الصمت ، ثم سافر إلى العراق ، ومنها إلى مصر ، واستقر في طنطا ، ت ( 686 هـ ) .ا.هـ.
وممن ترجم له أيضاً الزركلي في " الأعلام " (1/175) وتعقب الشيخُ بكرُ أبو زيد الزركلي في كتابه " المدخل المفصل " (1/468) فقال : احمدُ البدوي مترجمٌ في : «الأعلام : 1/75» وأن وفاته سنة «675» وذكر من أخباره وسيرته شيئا ، وليس فيها مصدرٌ لترجمتهِ في القرنِ السابعِ أو الثامنِ ، ولهذا فإن الشيخَ احمدَ بنَ محمد شاكر ت سنة «1377هـ» رحمه اللهُ تعالى ذكرَ لفتةً نفيسةً في : « مجلة الفتح » وهي في كتاب : « حكم الجاهلية : ص/166 ف » بعنوان : « بحث في تاريخ السيد البدوي » ، وهذا نصها :
«(1/1)
وبهذهِ المناسبةِ نريدُ أن نسألَ المؤرخين العارفين عن تاريخِ السيدِ أحمدَ البدوي الذي يقولُ بعضُهم بوجوده ، وينكره بعضهم ، واعني بهذا أنه هل وجد شخصٌ حقيقي بهذا الاسمِ هو المدفونُ في طنطا والذي نُسب إليه المسجدُ ؟ لأن الذين كتبوا في ترجمةِ حياتهِ إنما هم المتأخرون ، ويزعمون أنه توفي في منتصفِ القرنِ السابعِ الهجري . أي بين سنتي 600 و750 هجرية ، إنني لم أجد من ذكرهُ من المؤرخين السابقين الذين يوثق بنقلهم إلا جلال الدين السيوطي الحافظ رحمه الله وهو من رجال أواخرِ القرنِ الثامنِ ، لأنه مات سنة 911هـ » وبين التاريخين بونٌ شاسعٌ ، ولم يذكر السيوطي عمن تلقى خبرَ تاريخهِ .
والقاعدةُ الصحيحةُ عند علماءِ النقلِ وزعمائهِ وهم حفاظُ الحديثِ أن المرسلَ لا تقومُ به حجةٌ ، وهو ما يرويه شخصٌ عمن لم يدركه ولم يتلق عنه مباشرةً ، لما فيه من جهالةِ الواسطةِ ، فعلله غير ثقةٍ ، وهذا أمرٌ معروفٌ .
ولعل من يجيبنا عن هذا السؤالِ يذكرُ من أين نقل ؟ والكتاب الذي نقل منه ؟ على أنا لا نريد إلا التحقيقَ من هذا الأمرِ . ونسأل الله العون والتوفيق » .ا.هـ.
استمع لشريط هذا هو سيدهم البدوي لعبدالله بدر
http://www.islamway.com/bindex.php?section=lessons&lesson_id=9663&scholar_id=233
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/2)
موقف أهل السنة من مجادلة أهل البدع ومناظرتهم
الحمد لله وبعد :
لقد وضع أهل السنة والجماعة قواعد وضوابط في مجادلة أهل البدع ومناظرتهم ، وقبل أن أنقل هذه القواعد والضوابط لابد لنا من معرفة سمات أهل البدع .
فمن سماتهم :
1) الفرقة :
قال تعالى : " ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم " . (آل عمران :105) .
2) اتباع الهوى :
قال تعالى : " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم " . (الجاثية : 23) .
3) اتباع المتشابه :
قال تعالى : " ... فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله " . (آل عمران : 7) .
عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : " هوالذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله " .
قالت : فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم .
رواه البخاري 4547
4) معارضة السنة بالقرآن :
قال الإمام البربهاري : إذا سمعت الرجل يطعن على الآثار ، أو يرد الآثار ، أو يريد غير الآثار فاتهمه على الإسلام ، ولا تشك أنه صاحب هوى مبتدع .
شرح السنة (ص51)
5) بغض أهل الأثر :
عن أحمد بن سنان القطان قال : ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث .
رواه الصابوني في عقيدة السلف وأصحاب الحديث (ص300) .
6) إطلاق الألقاب على أهل السنة :
قال أبو حاتم الرازي :
علامة أهل البدع : الوقيعة في أهل الأثر .
وعلامة الزنادقة : تسميتهم أهل الأثر حشوية ، يريدون بذلك إبطال الآثار .
وعلامة القدرية : تسميتهم أهل السنة مجبرة .
وعلامة الجهمية : تسميتهم أهل السنة مشبهة .
وعلامة الرافضة : تسميتهم أهل الأثر نابتة ، وناصبة .(1/1)
قلت : وكل ذلك عصبية ، ولا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد وهو أصحاب الحديث .
رواه الصابوني في عقيدة أهل الحديث (ص304-305) .
ولنا وقفة يسيرة مع قول أبي حاتم الآنف الذكر .
فأهل البدع يلقبون أهل السنة يألقاب شتى ، فمن تلك الألقاب :
1) مُشَبِّهةٌ :
وهذا اللقب من أشنع الألقاب التي نبزهم بها مخالفوهم في باب الأسماء والصفات من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة .
أما الجهمية : روى الإمام اللالكائي عن إسحاق بن راهويه قال : علامة جهم وأصحابه دعواهم على أهل الجماعة وما أولعوا به من الكذب أنهم مشبهة .
شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/179) .
وأما المعتزلة : قال شيخ الإسلام في الفتاوى (5/110) : أن جل المعتزلة تدخل عامة الأئمة مثل مالك وأصحابه ، والثوري وأصحابه ، والأوزاعي وأصحابه ، والشافعي وأحمد وأصحابه ، وإسحاق بن راهويه وأبي عبيد وغيرهم في قسم المشبهة .
بل رمى بعضهم الأنبياء بأنهم مشبهة ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (5/110) : قال ثمامة بن الأشرس ... : ثلاثة من الأنبياء مشبهة موسى حيث قال : إن هي إلا فتنتك ، وعيسى حيث قال : تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ، ومحمد صلى الله عليه وسلم حيث قال : ينزل ربنا .
وأما الأشاعرة : فقد قال الجويني : وأعلموا أن مذهب أهل الحق أن الرب سبحانه وتعالى يتقدس عن شغل حَيِّز ، ويتنزه عن الاختصاص بجهة .
وذهب المشبهة إلى أن الله - تعالى عن قولهم - مختص بجهة فوق .
2) مُجْبِرَةٌ :
قال القاضي عبد الجبار في شرح الأصول الخمسة (ص775) :
والذين يثبتون القدر هم المجبرة فأما نحن فإنا ننفيه ، وننزه الله تعالى أن تكون الأفعال بقضائه وقدره .
3) نُقصانيَّة .
4) مُخَالِفَةٌ .
5) شُكَّاك .
روى الإمام اللالكائي عن أبي حاتم : وعلامة المرجئة تسميتهم أهل السنة مخالفة ونقصانية .
شرح أصول أهل السنة (1/179) .
وقال الإمام أحمد : فأما المرجئة : فيسمون أهل شكاكا ....
6) ناصبة :(1/2)
وهو من الألقاب الشنيعة التي رماهم بها الرافضة .
7) العامة ، والجمهور.
8) حَشْوِيَّةٌ .
وفي هذا القدر كفاية .
---
إن قول الله تعالى : " هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ " (آل عمران :7) أصل في تميز أهل السنة والجماعة عن غيرهم من أهل البدع والأهواء من جهة إتباعهم للمحكم وعدم خوضهم في المتشابه .
قال ابن كثير في تفسيره (2/10) :
" فأما الذين في قلوبهم زيغ " أي : ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل " فيتبعون ما تشابه منه " أي : إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة وينزلوه عليها ، لاحتمال لفظه لما يصرفونه ، فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه ، لأنه دامغ لهم وحجة عليهم .ا.هـ.
ولهذا جاء عن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : " هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله " .
قالت : فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم .
رواه البخاري (4547) ، ومسلم (2665) ، وأبو داود (4598) ، والترمذي (2994) ، وابن ماجة (47) .
قال الإمام النووي في شرح مسلم (16/218) :(1/3)
وفي هذا الحديث التحذير من مخالطة أهل الزيغ وأهل البدع ، ومن يتبع المشكلات للفتنة ، فأما من سأل عما أشكل عليه منها للاسترشاد وتلطف في ذلك فلا بأس عليه وجوابه واجب ، وأما الأول فلا يجاب بل يزجر ويعزر كما عزر عمر بن الخطاب رضي الله عنه صَبِيغ بن عِسْل حين كان يتبع المتشابه .ا.هـ.
وقصة صَبيغ بن عِسل من القصص العظيمة التي تبين كيف كان سلف هذه الأمة يعالجون أصحاب الشبه والتعنت ، وسأذكر القصة لما فيها من العبرة ، ولأنها داخلة فيما نحن بصدده من الكلام عن أهل البدع والأهواء .
روى اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (4/701 رقم 1136) بإسناده أن السايب بن يزيد أتى عمر بن الخطاب فقيل : يا أمير المؤمنين إنا لقينا رجلا يسأل عن تأويل القرآن ؟
فقال عمر : اللهم مكني منه .
قال فبينما عمر ذات يوم جالسا يغدي الناس إذ جاء عليه ثياب وعمامة فتغدا حتى إذا فرغ قال : يا أمير المؤمنين " والذاريات ذروا . فالحاملات وقرا " . فقال عمر : أنت هو ؟ فقام إليه وحسر عن ذراعيه فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته فقال : والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقا – يعني من الخوارج فإن سيماهم التحالق – لضربت رأسك البسوه ثيابا واحملوه على قتب ثم أخرجوه حتى تقدموا به بلاده ثم ليقم خطيبا ثم يقول : إن صبيغا ابتغى العلم فاخطأه فلم يزل وصبيغا في قومه حتى هلك وكان سيد قومه .
قال المحقق : رجاله ثقات رجال الشيخين ما عدا شيخ المؤلف وشيخه فهما ثقتان وجدا بعد الشيخين .ا.هـ.
والقصة لها روايات كثيرة ولكني أكتفي بهذه الرواية .
وقد بوب اللالكائي لهذا الأثر وغيره " سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين في مجانبة أهل القدر وسائر أهل الأهواء " .
وقال الصابوني في عقيدة السلف وأصحاب الحديث (ص236) :(1/4)
وروى يزيد بن هارون في مجلسه حديث إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله في الرؤية ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكم تنظرون إلى ربكم كما تنظرون إلى القمر ليلة البدر . فقال له رجل في مجلسه : يا أبا خالد ما معنى هذا الحديث ؟ فغضب وحرد وقال : ما أشبهك بصَبيغ وما أحوجك إلى مثل ما فعل به ويلك ومن يدري كيف هذا ومن يجوز له أن يجاوز هذا القول الذي جاء به الحديث ، أو يتكلم فيه بشيء من تلقاء نفسه إلا من سفه نفسه واستخف بدينه ؟ إذا سمعتم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعوه ولا تبتدعوا فيه فإنكم إن اتبعتموه ولم تماروا فيه سلمتم وإن لم تفعلوا هلكتم .
أما ما ورد عن السلف في عدم مجادلة أهل البدع فهو كثير جدا ، وقد اخترت بعضا منها فمن ذلك :
عن أبي قِلابة رحمه الله أنه قال : لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم .
وعن أيوب السختياني قال : قال لي أبوقلابة : يا أيوب ، احفظ عني أربعا : لا تقولون في القرآن رأيك ، وإياك والقدر ، وإذا ذكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فأمسك ، ولا تمكن أصحاب الأهواء من سمعك .
وعن الفضيل بن عياض قال : لا تجادلوا أهل الخصومات فإنهم يخوضون في آيات الله .(1/5)
وعن حنبل بن إسحاق قال : كتب رجل إلى أبي عبد الله ( يعني الإمام أحمد ) كتابا يستأذنه فيه أن يضع كتابا يشرح فيه الرد على أهل البدع وأن يحضر مع أهل الكلام فيناظرهم ، ويحتج عليهم ، فكتب إليه أبو عبد الله : بسم الله الرحمن الرحيم أحسن الله عاقبتك ، ودفع عنك كل مكروه ومحذور ، الذي كنا نسمع وأدركنا عليه من أدركنا من أهل العلم : أنهم كانوا يكرهون الكلام ، والجلوس مع أهل الزيغ ، وإنما الأمور في التسليم ، والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا في الجلوس مع أهل البدع والزيغ لترد عليهم ، فإنهم يلبسون عليك ولا هم يرجعون فالسلامة إن شاء الله في ترك مجالستهم والخوض معهم في بدعتهم وضلالتهم .
وهذا كلام نفيس للإمام اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/19) نحتاجه في هذه الأزمان يقول :
فما جنى على المسلمين جناية أعظم من مناظرة المبتدعة ، ولم يكن قهر ولا ذل أعظم مما تركهم السلف على تلك الجملة ، يموتون من الغيظ كمدا ودردا ولا يجدون إلى إظهار بدعتهم سبيلا ، حتى جاء المغرورون ففتحوا لهم إليها طريقا ، وصاروا إلى هلاك الإسلام دليلا ، حتى كثرت بينهم المشاجرات ، وظهرت دعوتهم بالمناظرة ، وطرقت أسماع من لم يكن عرفها من الخاصة والعامة حتى تقابلت الشبه في الحجج ، وبلغوا من التدقيق في اللجج فصاروا أقرانا وأخدانا ، وعلى المداهنة خلانا وإخوانا ، بعد أن كانوا في الله أعداء وأضدادا وفي الهجرة في الله أعوانا يكفرونهم في وجوههم عيانا ، ويلعنونهم جهارا ، وشتان ما بين المنزلتين وهيهات ما بين المقامين .ا.هـ
كتبه عَبْد اللَّه زُقَيْل
zugailam@yahoo.com(1/6)
مِنْ رَسَائِلِ الشَّيْخِ سَعْدِ بنِ حَمَدِ بنِ عَتِيقِ
من سعد بن حمد بن عتيق إلى الأخ المكرم فيصل بن عبد العزيز آل مبارك ، سلمه الله تعالى وهداه ، وجعله ممن اتّبع هداه .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد :
موجب الخط إبلاغ السلام والسؤال عن حالك ، لا زلت بخير وعافية ، وخطك وصل ، وصلك الله إلى رضاه ، وتأخير جواب السؤال لأجل كثرة الأشغال وعد الفراغ ، وهذا الجواب يصل إليك إن شاء الله تعالى ، كتبناه مع القصور وعد الأهلية ، ولكن الضرورة ألجأت إلى ذلك .
المسألة الأولى :
قول الطحاوي رحمه الله تعالى في عقيدته : لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات ، ما معناه ؟
الجواب :
أنَّ الجهات بالنسبة إلى المخلوق ست : قدام وخلف وفوق ، وتحت ويمين وشمال ، ومراد المصنف أن الله سبحانه لا يشبه خلقه في ذلك ولا في غيره من الصفات ، بل هو سبحانه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه عالٍ عليهم ، كما قال أعلم الخلق به صلى الله عليه وسلم : " أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ " [ رواه مسلم (2713) ] .
هذا مراد المصنف رحمه الله ، ولكن ذكر الجهة والتحيز ونحوهما من الألفاظ المجملة ، كالجسم والجوهر والعرض ونحوهما فيما يتعلق بذات الرب وصفاته تعالى ، لا يجوز إطلاقه على الرب سبحانه ، لا نفيا ولا إثباتا ، عند أهل السنة والجماعة ، بل عندهم أنه تعالى لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الإمام أحمد رحمه الله : " لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله ، لا يتجاوز القرآن والحديث " .(1/1)
ومثل هذه الألفاظ المجملة التي حقا وباطلا لا توجد ولا يوجد مثلها في كلام الربِّ سبحانه وتعالى ، ولا فيما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحدٍ من السلف الصالح المقتدى بهم في باب أسماء الرب سبحانه وتعالى وصفاته ، كما ذكر ذلك علماء السنة المقتدى بهم في هذا الباب ، كشيخ الإسلام وغيره ، وقد صرَّحوا بأن المتكلم بهذه الألفاظ ونحوهما فيما يتعلق بصفات الرب سبحانه مخطئ وإن كان قصده حسنا ، كما يقع ذلك في كلام كثير من المثبتين للصفات المتبعين للسلف الصالح ، والله أعلم .
---
الرسالةُ العاشرةُ
من سعد بن حمد بن عتيق إلى الأخ المكرم عبد العزيز بن محمد الشثري ، سلمه الله تعالى وهداه وحفظه وتولاه .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد :
موجب الخطِّ إبلاغك السلام والسؤال عن حالك ، لا زلت بخير وعافية ، وأحوال محبك من فضل الله على ما تحب ، جعلنا الله وإياك لنعمه شاكرين .
وخطُّك وصل ، وصلك الله ما يرضيه ، سرَّنا طيبُك وصحةُ حالك ، وما ذكرت من المسائل الثلاث ، فسؤال مثلي يدلُّ على انقراض العلم وانتقال أهله ؛ لما اتَّصفنا به من قلة العلم وقصور الفهم ، مع ما انضمَّ إلى ذلك من كثرة الأشغال وقلة الفراغ ، ولكن الأمر كما قيل :
ولكن البلاد إذا قشعرَّت ***** وصوح نبتها رعي الهشيم
ولما لم يكن بدٌّ من الجواب ، حررنا ما تراه ، فإن يكن صوابا ، فمن الله ، وإن يكنْ غير ذلك ، فاستغفر الله .
المسألة الأولى : قول السفاريني في عقيدته :
وليس ربنا بجوهر ولا ***** عرض ولا جسمٍ تعالى ذو العُلى
هل هذا موافق لمذهب أهل السنة أم لا ؟(1/2)
الجواب : إن إطلاق لفظ الجوهر والعرض والجسم على الرب سبحانه وتعالى إثباتا ونفيا ليس من عبارات السلف الصالح المقتدى بهم في باب أسماء الرب سبحانه وتعالى وصفاته ، ومثل ذلك لفظ الجهة والحيز وغير ذلك من الألفاظ المجملة التي تحتمل حقاً وباطلاً ، لا يوجد شيء من ذلك في كلام السلف الصالح رحمهم الله ، ومن نسب ذلك وما شابهه إلى السلف ، فهو مخطئ في ذلك ؛ لأن الطريقة المعلومة من السلف الصالح والجادة المسلوكة والمعتبرة عندهم في باب أسماء الربِّ وصفاته أنهم لا يتكلمون في ذلك إلا بما تكلم الله به أو تكلم به رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما قال الإمام أحمد رحمه الله : " لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله ، لا يتجاوز القرآن والحديث " .
ولفظ الجوهر والعرض والجسم فيما يتعلق بذات الرب تعالى وأسمائه وصفاته إثباتا ونفيا حرفةٌ مشؤومة وسجيه مذمومة ، وقد نص جماعة من أهل الحق والسنة على أن إطلاق مثل هذه الألفاظ في هذا الباب أمر مبتدع ، وكلام مخترع لا يجوز للمتشرع والمنتسب إلى الحق والسنة إطلاقه على الرب سبحانه وتعالى إثباتا ونفيا ، ولا يجوز نسبته إلى السلف الصالح .
ونحن نقتصر على ما وجنا من كلام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، ونذكره مختصرا مقتصرين على المقصود منه ، قال رحمه الله : وأمَّا ما لا يوجد عن الله ورسوله إثباته ونفيه ، مثل الجوهر والجسم والعرض والجهة وغير ذلك ، لا يثبتون ولا ينفون ، فمن نفاه فهو عند أحمد والسلف مبتدع ، ومن أثبته فهو عندهم مبتدع ، والواجب عندهم السكوت عن هذا النوع ؛ اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .(1/3)
هذا معنى كلام الإمام أحمد ، إلى أن قال : وأنا أذكر لك كلامَ الحنابلة في هذه المسألة ، قال الشيخ تقي الدين بعد كلام له على من قال إنه ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ، قال رحمه الله : فهذه الألفاظ لا يطلق إثباتها ولا نفيها كلفظ الجوهر والجسم والحيز والجهة ونحو ذلك ، إلى أن قال شيخ الإسلام : والمقصود أن الأئمة كأحمد وغيره ذكْرُهم أهل البدع لألفاظ الجملة كلفظ الجسم والجوهر والحيز لم يوافقهم ، لا على إطلاق الإثبات ولا على إطلاق النفي . انتهى كلام الشيخ تقي الدين .
وهذا ما نقلناه من رسالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، وقال في تلك الرسالة : ومن كلام أبي الوفاء بن عقيل قال : وأنا أقطع أن أبا بكر وعمر ما عرفا الجوهر والعرض . انتهى ،
وفي هذا كفاية لمن أراد الله هدايته ، والله أعلم .
المصدر :
المجموعُ المفيد من رسائل وفتاوى الشيخ سعد بن حمد بن عتيق
جمع وترتيب
إسماعيل بن سعد بن إسماعيل بن عتيق
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@148.AcYObhXEgLl^0@.ef1522b
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
هل أول الإمام مالك صفة نزول الرب جل وعلا ؟؟
الحمد لله وبعد ؛
قبل الخوض في هذه المسألة لابد لنا من ذكر الحديث الوارد في نزول الرب جلا وعلا .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ فَيَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ ، أَنَا الْمَلِكُ ؛ مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ؛ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ؛ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ .
رواه مالك في الموطأ (1/214) والبخاري (7494) ومسلم (1/522) .
وقد اختلفت الروايات في وقت النزول على ما يلي :
1) مطلقة .
2) الثلث الأول .
3) الثلث الآخر .
4) النصف .
ومع هذا الاختلاف في الروايات فمن العلماء من رجح رواية الثلث الآخر على غيرها من الروايات وهذا ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية فقال في الفتاوى (5/470) :
وإذا كان كذلك والنزول المذكور في الحديث النبوي على قائله أفضل الصلاة والسلام الذي اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم واتفق علماء الحديث على صحته هو إذا بقى ثلث الليل الآخر .
وأما رواية النصف والثلثين فانفرد بها مسلم في بعض طرقه ، وقد قال الترمذي : إن أصح الروايات عن أبى هريرة إذا بقى ثلث الليل الآخر .ا.هـ.
وقال أيضا بعد ترجيحه لرواية الثلث الأخير (5/470) :
فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر النزول أيضا إذا مضى ثلث الليل الأول وإذا انتصف الليل ، فقوله حق وهو الصادق المصدوق ، ويكون النزول أنواعا ثلاثة :
الأول : إذا مضى ثلث الليل الأول ، ثم إذا انتصف وهو أبلغ ، ثم إذا بقي ثلث الليل وهو أبلغ الأنواع الثلاثة .ا.هـ.
وجمع آخرون بين هذه الروايات ومنهم الحافظ ابن حجر فقال (3/38) :(1/1)
واختلفت الروايات عن أبي هريرة وغيره قال الترمذي : رواية أبي هريرة أصح الروايات في ذلك ويقوى ذلك أن الروايات المخالفة اختلف فيها على رواتها ، وسلك بعضهم طريق الجمع وذلك أن الروايات انحصرت في ستة أشياء :
أولها : هذه ثانيها : إذا مضى الثلث الأول ثالثها : الثلث الأول أو النصف رابعها : النصف خامسها : النصف أو الثلث الأخير سادسها : الإطلاق فأما الروايات المطلقة فهي محمولة على المقيدة ، وأما التي بأو فإن كانت أو للشك فالمجزوم به مقدم على المشكوك فيه ، وأن كانت للتردد بين حالين فيجمع بذلك بين الروايات بان ذلك يقع بحسب اختلاف الأحوال لكون أوقات الليل تختلف في الزمان وفي الآفاق باختلاف تقدم دخول الليل عند قوم وتأخره عن قوم ، وقال بعضهم يحتمل أن يكون النزول يقع في الثلث الأول ، والقول يقع في النصف ، وفي الثلث الثاني ، وقيل يحمل على أن ذلك يقع في جميع الأوقات التي وردت بها الأخبار ويحمل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بأحد الأمور في وقت فأخبر به ثم أعلم به في وقت آخر فأخبر به فنقل الصحابة ذلك عنه والله أعلم .ا.هـ.
وأكتفي بهذا القدر ، لنأتي على مسألتنا التي نحن بصددها .
وقبل البدء فيما نُقل عن الإمام مالك في صفة النزول ، لابد أن نعلم أن أهل الأهواء والبدع عندما يريدون أن يبرروا ما هم عليه من البدعة ، فإنهم يلجأون إلى النيل من أهل السنة ، ويرمونهم ببدعهم التي يتلبسون بها ، فيأخذون نصوصا لأئمة أهل السنة ويقولون : أئمتكم يقولون بقولنا ، والشاهد على ذلك النص الفلاني ، وقال به العالم الفلاني ، وأنّا لهم أن يفرحوا بهذه النصوص ، فقد بين أئمة أهل السنة وردوا هذه النصوص التي وردت عن أئمة أهل السنة بالرد الكافي والشافي ، ودافعوا عنهم دفاعا قويا بما يلقم أولئك القوم حجرا في أفواههم .(1/2)
ونحن نبين ما رد به علماء أهل السنة على هذه الفرية التي لم ولن يفرح بها أهل الأهواء والبدع . نص ما روي عن الإمام مالك :
الرواية الأولى :
روى الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء (8/105) :
وقال ابن عدي حدثنا محمد بن هارون بن حسان حدثنا صالح بن أيوب حدثنا حبيب بن أبي حبيب حدثني مالك قال : يتنزل ربنا تبارك وتعالى أمره فأما هو فدائم لا يزول .
أما هذه الرواية ففي إسنادها :
- حبيب بن أبي حبيب .
قال عنه يحي بن معين : ليس بشيء . وقال الإمام أحمد : ليس بثقة ، كان يحيل الحديث ويكذب وأثنى عليه شرا وسوء . وقال النسائي متروك الحديث . وقال ابن عدي : أحاديث كلها موضوعة عن مالك وعن غيره . وقال أيضا : وعامة حديث حبيب موضوع المتن مقلوب الإسناد ولا يحتشم في وضع الحديث على الثقات ، وأمره بين في الكذابين . وقال الحافظ ابن حجر : متروك كذبه أبو داود وجماعة .
- صالح بن أيوب الراوي عن حبيب بن أبي حبيب .
قال عنه الإمام في السير (8/105) للرواية السابقة : لا أعرف صالحا وحبيب مشهور . أي مشهور بالكذب .
فهذه الرواية لو لم يكن فيها إلا حبيب بن أبي حبيب لكفى لإسقاطها فكيف إذا اجتمع فيها مجهول وكذاب .
والعجيب أن هناك زيادة منكرة قبيحة جاءت من طريق حبيب بن أبي حبيب أوردها السبكي في السيف الصقيل (128) وهي :
وقد روى الضراب في كتابه الذي صنفه في فضائل مالك في هذا الكتاب ، قال : حدثنا عمر بن الربيع ، ثنا أبو أسامة ، ثنا ابن أبي زيد عن أبيه عن حبيب كاتب مالك بن أنس عن قول النبي صلى الله عليه وسلم : ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة ، قال ينزل أمره كل ليلة أما هو فهو دائم لا يزول " وهو بكل مكان " .ا.هـ.
فهل يعقل أن يكون الإمام مالك يعتقد معتقد الجهمية الحلولية !!! على فرض صحة الرواية وهي لم تصح أصلا .
سبحانك هذا بهتان عظيم .
الرواية الثانية :
قال الإمام ابن عبد البر في التمهيد (7/143) :(1/3)
وقد روى محمد بن الجَبُّلي ، وكان من ثقات المسلمين بالقيروان قال : حدثنا جامع بن سوادة بمصر ، قال حدثنا مطرف عن مالك بن أنس أنه سئل عن الحديث : عن الله ينزل في الليل إلى سماء الدنيا فقال مالك : ينزل أمره .
وهذه الرواية في إسنادها :
- محمد بن علي الجَبُّلي .
قال عنه الذهبي في الميزان (3/657) : الشاعر فصيح سائر القول روى عن عبدا لوهاب الكلابي ومدح أبا العلاء المعري فجاوبه بأبيات .
قال الخطيب : قيل : إنه كان رافضيا .
وقال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (5/303) : ولفظ الخطيب : قيل : إنه كان رافضيا شديد الرفض ، وكان ضريرا مات في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربع مائة ، والجبلي بفتح الجيم وضم الموحدة الثقيلة وتخفيف اللام المكسورة ، قال بن ماكولا : كان من المجيدين . مدح فخر الملك ، وله معرفة باللغة والنحو ، وذكره في شيوخه محمد بن المعلى الأزدي وروى عنه بن علي بن أحمد بن صالح وقالوا انه كان يفرط .
- جامع بن سودة .
قال عنه الذهبي في الميزان (1/387) : عن آدم بن أبي إياس بخبر باطل في الجمع بين الزوجين كأنه آفته . وذكر الحديث .
وجاء في ترجمة عبد الملك بن الحكم في الميزان : له عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعا : آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة يقال له جهينة فيقول أهل الجنة : عند جهينة الخبر اليقين . الحديث رواه جامع بن سوادة ، عن أحمد بن الحسين اللهبي عنه . قال الدارقطني جامع ضعيف ، وكذلك عبد الملك بن الحكم أيضا ، قال : والحديث باطل .
وقال الذهبي أيضا في المغني في الضعفاء (1/127) : عن آدم بن أبي إياس بخبر كذب في الجمع بين الزوجين كأنه وضعه .
فهذا إسناد لا يثبت أيضا .
فيتضح من هاتين الروايتين أن هذا الأمر لا يثبت عن الإمام – رحمه الله - .
العلماء الذين ضعفوا هاتين الروايتين :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (5/401) :(1/4)
رُويت من طريق كاتبه حبيب بن أبي حبيب ، لكن هذا كذاب باتفاق أهل العلم بالنقل ، لا يقبل أحدٌ منهم نقله عن مالك . ورُويت من طريق أخرى – يقصد رواية مطرف – ذكرها ابن عبد البر وفي إسنادها من لا نعرفه .ا.هـ.
وقال الإمام ابن القيم في مختصر الصواعق (ص453) :
وقد روي عنه – أي مالك – أنه تأول قوله : ينزل ربنا ، بمعنى نزول أمره وهذه الرواية لها إسنادان : أحدهما : من طريق حبيب كاتبه ، وحبيب هذا غير حبيب ، بل هو كذاب وضاع باتفاق أهل الجرح والتعديل ، ولم يعتمد أحد من العلماء على نقله ، والثاني : فيه مجهول لا يعرف حاله .ا.هـ.
وقال الإمام الذهبي في السير (8/105) على رواية حبيب : لا أعرف صالحا وحبيب مشهور . يقصد الإمام الذهبي أنه مشهور بالكذب .
ما ثبت عن الإمام في صفة النزول وغيرها :
لقد ثبت عن الإمام مالك - رحمه الله – أنه يقول بقول أهل السنة والجماعة في إثبات النزول لله من غير تحريف ولا تشبيه ولا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل .
روى ابن أبي زمنين في أصول السنة (1/341) عن زهير بن عباد قال :
كل من أدركت من المشايخ : مالك بن أنس ، وسفيان ، وفضيل بن عياض ، وعبد الله بن المبارك ، ووكيع بن الجراح ، يقولون : النزول حق .
وذكر الإمام ابن القيم في مختصر الصواعق (ص384) :
وفي رواية : أن مالكا قال في أحاديث الصفات : أمض الحديث كما ورد بلا كيف ولا تحديد إلا بما جاء في الكتاب ، قال تعالى : " فلا تضربوا لله الأمثال " ينزل كيف شاء بقدرته وعلمه وعظمته ، أحاط بكل شيء علما .
وهذا هو الثابت عن أمثال هؤلاء الأئمة ، ويكفي الإمام أنه قرر قاعدة عامة في جميع الصفات لله فقال :
الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول .
وهذه القاعدة تنطبق حتى على النزول لله تعالى .
هذا ما تمكنت من بيانه ، فإن أصبت فمن الله ، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان .
وإنني أعلم أن هذا الكلام قد لا يروق لبعض الرواد الذين يريدون أن يشككوا في أئمتنا .(1/5)
والله أعلم .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/6)
هل هذا الكلام فيه ما يخالف معتقد أهل السنة والجماعة
الأخت فاطمة الأثرية .
هذا الكلام فيه حق وفيه باطل ، وفيه الصحيح وفيه الضعيف ، وبيان ذلك فيما يلي :
- أولا :
قوله : فإن الصحابة رضوان الله عليهم يتبركون بآثار النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته ، ولا زال المسلمون بعدهم إلى يومنا هذا على ذلك .ا.هـ.
نعم ، كان الصحابة رضي الله يتبركون بآثار الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته ، وهذا الأمر مستمر إذا ثبت أنها بقيت إلى يومنا هذا .
وقد بين الدكتور ناصر الجديع في " التبرك . أنواعه وأحكامه " ( ص 256-260) إستحالة ثبوت نسبة ما يوجد الآن من هذه الآثار إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، بل فقدان الكثير من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم على مدى القرون والأيام بسبب الضياع ، أو الحروب والفتن .
وما تدعيه بعض الدول من وجود شعرات النبي صلى الله عليه وسلم ، والعناية بها ، ووضعها في صناديق أو قوارير وتُلف بقطع من الحرير ، ويحتفل بإخراجها مرة واحدة في العام فيحتاج إلى إثبات ذلك ، وهذا أمر مستبعد جدا .
قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في " التوسل " ( ص 146) : ونحن نعلم أن آثاره صلى الله عليه وسلم من ثياب ، أو شعر ، أو فضلات ، قد فقدت ، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شيء منها على وجه القطع واليقين .ا.هـ.
- ثانيا :
قوله : وذلك أنه صلى الله عليه وسلم قسّم شعره حين حلق في حجّة الوداع وأظفاره.ا.هـ.
أما الشعر فثابت ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى مِنًى ، فَأَتَى الْجَمْرَةَ ، فَرَمَاهَا ، ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى ، وَنَحَرَ ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ خُذْ وَأَشَارَ إِلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ .(1/1)
وفي رواية : قَالَ فَبَدَأَ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ فَوَزَّعَهُ الشَّعَرَةَ وَالشَّعَرَتَيْنِ بَيْنَ النَّاسِ ثُمَّ قَالَ بِالْأَيْسَرِ فَصَنَعَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ : هَا هُنَا أَبُو طَلْحَةَ فَدَفَعَهُ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ . رواه مسلم .
أما الأظفار سنأتي عليه .
- ثالثا :
قوله : فكانوا يتبركون به في حياته وبعد وفاته .ا.هـ.
هذا ثابت أيضا ، عَنْ عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ قَالَ : أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسٌ نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَيْنِ لَهُمَا قِبَالَانِ فَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ بَعْدُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمَا نَعْلَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رواه البخاري .
وغير ذلك من النصوص ، بل كان بعض التابعين يتبركون بآثار النبي صلى الله عليه وسلم .
عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ : قُلْتُ لِعَبِيدَةَ : عِنْدَنَا مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَبْنَاهُ مِنْ قِبَلِ أَنَسٍ أَوْ مِنْ قِبَلِ أَهْلِ أَنَسٍ فَقَالَ : لَأَنْ تَكُونَ عِنْدِي شَعَرَةٌ مِنْهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا . رواه البخاري .
ولسنا هنا في مقام تتبع جميع الأخبار ، وإنما نكتفي بالمثال فقط .
- رابعا :
قوله : وهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه كانت له قلنسوة وضع في طيّها شعرًا من ناصية رسول الله أي مقدّم رأسه لما حلق في عمرة الجعرانة، وهي أرض بعد مكة إلى جهة الطائف، فكان يلبسها يتبرك بها في غزواته. روى ذلك الحافظ ابن حجر في المطالب العالية عن خالد بن الوليد أنه قال: ”اعتمرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة اعتمرها فحلق شعره، فسبقت إلى الناصية، فاتخذت قلنسوة فجعلتها في مقدمة القلنسوة، فما وجهت في وجهة إلا فتح لي“ ا.هـ. وعزاه الحافظ لأبي يعلى .ا.هـ.
هذا خبرٌ لا يثبت ُ .(1/2)
رواه الحاكم (3/299) وصححه ، وتعقبه الذهبي بقوله : " منقطع " أي بين جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع وبين خالد بن الوليد ، جعفر لم يدرك خالد بن الوليد رضي الله عنه .
ورواه الطبراني في " الكبير " (4/104 رقم 3804) ، وقال الهيثمي في " المجمع " (9/349) : رواه الطبراني بنحوه وأبو يعلى ، ورجالهما رجال الصحيح ، وجعفر سمع من جماعة من الصحابة فلا أدري سمع من خالد أم لا ؟ .ا.هـ.
والعجيب أن محقق " سير أعلام النبلاء " (1/375) لم ينقل إعلال الذهبي للحديث عندما خرجه في الحاشية ، على الرغم من عزوه للحاكم ، وإنما اكتفى بالنقل عن البوصيري بقوله : رواه أبو يعلى بسند صحيح .
وقال الشيخ سعد آل حميد في تحقيقه لـ " مختصر المستدرك " لا بن الملقن (4/ 1954) : الحديث سكت عنه الحاكم ، وأعله الذهبي بالانقطاع لأن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان الأنصاري لم يسمع من خالد بن الوليد - كما يظهر من ترجمته في التهذيب (2/99 رقم 147) - فخالد بن الوليد رضي الله عنه توفي في خلافة عمر رضي الله عنه كما في ترجمته في الإصابة (2/256) ، أما جعفر فلا يروي إلا عن المتأخرين من الصحابة أمثال أنس رضي الله عنه وصغار الصحابة أمثال محمود بن لبيد ، ولذا حكم الذهبي على روايته بالانقطاع ، وهو عمدة في معرفة تواريخ الرواة ، ولم أجد له مخالفا .ا.هـ.
- خامسا :
قوله : وأما الأظفار فأخرج الإمام أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قلّم أظفاره وقسّمها بين الناس .ا.هـ.(1/3)
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَنْحَرِ ، وَرَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ ، وَهُوَ يَقْسِمُ أَضَاحِيَّ فَلَمْ يُصِبْهُ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَا صَاحِبَهُ فَحَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ فَأَعْطَاهُ فَقَسَمَ مِنْهُ عَلَى رِجَالٍ ، وَقَلَّمَ أَظْفَارَهُ فَأَعْطَاهُ صَاحِبَهُ قَالَ : فَإِنَّهُ لَعِنْدَنَا مَخْضُوبٌ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ . يَعْنِي شَعْرَهُ .
رواه أحمد (4/42) ، وابن خزيمة (2931 ، 2932) وقال ابن خزيمة : لم يقل أحد أن أباه حدثه غير عبد الصمد .
ولا يصح لعبد الله بن زيد إلا حديث الأذان فقط كما قرر ذلك الإمام الترمذ في " الجامع " (189) فقال : وَلاَ نَعْرِفُ لَهُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئاً يَصِحُّ إِلاَّ هَذَا الحَديثَ الوَاحِدَ في الأَذَانِ.ا.هـ.
وكذلك ابن عدي كما نقل الحافظ ابن حجر في " الإصابة " (4/72) فقال : وقال ابن عدي : ولا نعرف له شيئا يصح غيره .ا.هـ.
ونقل الحافظ أيضا في " التلخيص الحبير " (1/198) أنه قول البخاري أيضا .
والحافظ تعقب الترمذي فقال : وفيه نظر ، فإن له عند النسائي وغيره حديثا غير هذا في الصدقة وعند أحمد آخر في قسمة النبي صلى الله عليه وسلم شعره وأظفاره ، وإعطائه لمن لم تحصل له أضحية .ا.هـ.
وقال الحافظ في " الإصابة " (4/72) : قال الترمذي : لا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يصح إلا هذا الحديث الواحد .
وقال بن عدي لا نعرف له شيئا يصح غيره .
وأطلق غير واحد أنه ليس له غيره ، وهو خطأ فقد جاءت عنه عدة أحاديث ستة أو سبعة جمعتها في جزء مفرد .(1/4)
وجزم البغوي بأن ما له غير حديث الأذان ، وحديثه عند الترمذي من رواية ابنه محمد بن عبدالله ، وصححه ، وفي النسائي له حديث أنه تصدق على أبويه ثم توضأ .
وقد أخرج البخاري في التاريخ من طريق يحيى بن أبي كثير إن أبا سلمة حدثه أن محمد بن عبدالله بن زيد حدثه أن أباه شهد النبي صلى الله عليه وسلم عند المنحر وقد قسم النبي صلى الله عليه وسلم الضحايا فأعطاه من شعره الحديث .ا.هـ.
والذي يظهر أن كلام الأئمة البخاري ، والترمذي ، وابن عدي ، والبغوي ، مقدم على كلام الحافظ ابن حجر .
- سادسا :
قوله : وعن حنظلة بن حُذَيم قال: وفدْت مع جدّي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي بنين ذوي لحى وغيرهم هذا أصغرهم، فأدناني رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسح رأسي وقال: ”بارك الله فيك“، قال الذّيّال: فلقد رأيت حنظلة يؤتى بالرجل الوارم وجْهُه أو الشاة الوارم ضرعها فيقول: ”بسم الله على موضع كف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمسحه فيذهب الورم“ رواه الطبراني في الأوسط والكبير وأحمد في المسند، وقال الحافظ الهيثمي: ”ورجال أحمد ثقات“.ا.هـ.
الحديث أخرجه أحمد (5/67-68) بأطول مما ذُكر :(1/5)
عَنْ ذَيَّالُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ سَمِعْتُ حَنْظَلَةَ بَنَ حِذْيَمٍ جَدِّي : أَنَّ جَدَّهُ حَنِيفَةَ قَالَ لِحِذْيَمٍ : اجْمَعْ لِي بَنِيَّ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ فَجَمَعَهُمْ فَقَالَ : إِنَّ أَوَّلَ مَا أُوصِي أَنَّ لِيَتِيمِي هَذَا الَّذِي فِي حِجْرِي مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ الَّتِي كُنَّا نُسَمِّيهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ " الْمُطَيَّبَةَ " فَقَالَ حِذْيَمٌ : يَا أَبَتْ إِنِّي سَمِعْتُ بَنِيكَ يَقُولُونَ إِنَّمَا نُقِرُّ بِهَذَا عِنْدَ أَبِينَا فَإِذَا مَاتَ رَجَعْنَا فِيهِ قَالَ : فَبَيْنِي وَبَيْنَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ حِذْيَمٌ : رَضِينَا ، فَارْتَفَعَ حِذْيَمٌ وَحَنِيفَةُ وحَنْظَلَةُ مَعَهُمْ غُلَامٌ وَهُوَ رَدِيفٌ لِحِذْيَمٍ ، فَلَمَّا أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّمُوا عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا رَفَعَكَ يَا أَبَا حِذْيَمٍ ؟ قَالَ : هَذَا ، وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِ حِذْيَمٍ ، فَقَالَ : إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَفْجَأَنِي الْكِبَرُ أَوْ الْمَوْتُ فَأَرَدْتُ أَنْ أُوصِيَ وَإِنِّي قُلْتُ : إِنَّ أَوَّلَ مَا أُوصِي أَنَّ لِيَتِيمِي هَذَا الَّذِي فِي حِجْرِي مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ كُنَّا نُسَمِّيهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ " الْمُطَيَّبَةَ " ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رَأَيْنَا الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ وَكَانَ قَاعِدًا فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ : لَا ، لَا ، لَا ، الصَّدَقَةُ خَمْسٌ ، وَإِلَّا فَعَشْرٌ ، وَإِلَّا فَخَمْسَ عَشْرَةَ ، وَإِلَّا فَعِشْرُونَ ، وَإِلَّا فَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ ، وَإِلَّا فَثَلَاثُونَ ، وَإِلَّا فَخَمْسٌ وَثَلَاثُونَ ، فَإِنْ كَثُرَتْ فَأَرْبَعُونَ ، قَالَ : فَوَدَعُوهُ(1/6)
وَمَعَ الْيَتِيمِ عَصًا وَهُوَ يَضْرِبُ جَمَلًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَظُمَتْ هَذِهِ هِرَاوَةُ يَتِيمٍ ، قَالَ حَنْظَلَةُ : فَدَنَا بِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ لِي بَنِينَ ذَوِي لِحًى وَدُونَ ذَلِكَ وَإِنَّ ذَا أَصْغَرُهُمْ ، فَادْعُ اللَّهَ لَهُ فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَقَالَ : بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ ، أَوْ بُورِكَ فِيهِ .
قَالَ ذَيَّالٌ : فَلَقَدْ رَأَيْتُ حَنْظَلَةَ يُؤْتَى بِالْإِنْسَانِ الْوَارِمِ وَجْهُهُ أَوْ الْبَهِيمَةِ الْوَارِمَةِ الضَّرْعُ فَيَتْفُلُ عَلَى يَدَيْهِ وَيَقُولُ : بِسْمِ اللَّهِ ، وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَيَقُولُ عَلَى مَوْضِعِ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَمْسَحُهُ عَلَيْهِ ، وَقَالَ ذَيَّالٌ : فَيَذْهَبُ الْوَرَمُ .
وأخرجه الطبراني في " الأوسط " (6/412 رقم 3911 ، مجمع البحرين ) مختصرا ، وقال الطبراني عقبه : لا يروى عن حنظلة إلا بهذا الإسناد ، تفرد به أبو سعيد .
وأبو سعيد هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري مولى بني هاشم ، وهو شيخ الإمام أحمد في السند .
وقد تابع أبا سعيد مولى بني هاشم محمد بن عثمان القرشي عند الطبراني في " الكبير " (4/13) ، وقد ضعفه الأزدي ، وقال الدارقطني : مجهول .
- سابعا :
قوله : وعن ثابت قال : كنت إذا أتيت أنَسًا يُخْبَرُ بمكاني فأدخل عليه فآخذ بيديه فأقبّلهما وأقول : بأبي هاتان اليدان اللتان مسّتا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقبّل عينيه وأقول : بأبي هاتان العينان اللتان رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه أبو يعلى .ا.هـ.(1/7)
أخرجه أبو يعلى (6/211 رقم 3491) . وقال المحقق حسين سليم أسد : إسناده ضعيف ، عبد الله بن أبي بكر المقدمي قال ابن عدي : " ضعيف " ، وقال الذهبي في " الميزان " : وكان أبو يعلى كلما ذكره ضعفه ، وقال في " المغني " : ضعفوه .
- ثامنا :
قوله : روى ذلك الإمام أحمد عن داود بن أبي صالح قال : أقبل مروان (بن الحكم) يومًا فوجد رجلاً واضعًا وجهه على القبر فقال : أتدري ما تصنع ؟ فأقبل عليه أبو أيوب فقال : نعم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تبكوا على الإسلام إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله " . رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط
أخرجه أحمد (5/422) ، والحاكم (4/515) .
وضعفه العلامة الألباني – رحمه الله – في الضعيفة (373) ، وقال بعد تخريج الحديث :
وقد شاع عند المتأخرين الاستدلال بهذا الحديث على جواز التمسح بالقبر لوضع أبي أيوب وجهه على القبر ، وهذا مع أنه ليس صريحا في الدلالة على أن تمسحه كان للتبرك – كما يفعل الجهال – فالسند إليه بذلك ضعيف كما علمت فلا حجة فيه ، وقد أنكر المحققون العلماء كالنووي وغيره التمسح بالقبور وقالوا : إنه من عمل النصارى وقد ذكرت بعض النقول في ذلك في " تحذير الساجد عن اتخاذ القبور مساجد " .ا.هـ.
هذه هي المآخذ على الكلام المنقول ، وهناك قضايا أخرى تتعلق بالتبرك بالصالحين ، وقد بينها كتاب " التبرك " للدكتور ناصر الجديع الآنف الذكر ، فليرجع إليه . ومن كان لديه تعقيب أو تعليق فجزاه الله خيرا .
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5783
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
في ذي القعدة 1423 هـ
zugailam@islamway.net(1/8)
هل يرى الله عز وجل جميعُ أهل الجنة ..؟
السؤال :
- من المعلوم أن رؤية الله عز وجل في الجنة ثابتة في معتقد أهل السنة والجماعة .. ولكن هل هناك أدلة تثبت القول بأن رؤية أهل الجنة لله تتفاوت حسب منازلهم فمنهم من يراه ومنهم من لا يراه .. ؟؟!!
الجواب :
الثابتُ من الأحاديث الصحيحةِ أنهم متساون في رؤيةِ ربهم في الجنةِ ، وهذه من الغيبياتِ التي لا بد من ورودِ النصِ فيها .
قال الشيخُ محمدُ بنُ صالح العثيمين في " شرحِ الواسطيةِ " ( ص 104 ) : قولهُ : " كما يشاء " ؛ يعني : يرون اللهَ كما يشاءُ سبحانهُ وتعالى في كيفيةِ رؤيتهم إياه ، وكما يشاءُ اللهُ في زمنِ رؤيتهم إياه ، وفي جميعِ الأحوالِ ؛ يعني : على الوجهِ الذي يشاؤهُ عز وجل في هذه الرؤيةِ .
وحينئذٍ ؛ فإن هذه الرؤيةَ لا نعلمُ كيفيتها ، بمعنى أن الأنسانَ لا يعلمُ كيف يرى ربه ؟ ولكن معنى الرؤية معلومٌ ، أنهم يرون اللهَ كما يرون القمرَ ، لكن على أي كيفيةٍ ؟ هذه لا نعلمها ، بل كما يشاءُ اللهُ " .ا.هـ.(1/1)
إن كنتَ تريدُ الاستدلالَ بالحديثِ الذي أوردت فإليك تعليقُ الحافظِ ابنِ حجرٍ عليه كما في " الفتحِ " : " قوله ( باب قول الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) كأنه يشير إلى ما أخرجه عبد بن حميد والترمذي والطبري وغيرهم وصححه الحاكم من طريق ثوير بن أبي فاختة " عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه ألف سنة ، وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر في وجه ربه عز وجل في كل يوم مرتين " قال : ثم تلا ( وجوه يومئذ ناضرة ) قال بالبياض والصفاء ( إلى ربها ناظرة ) قال تنظر كل يوم في وجه الله ، لفظه الطبري من طريق مصعب بن المقدام عن إسرائيل عن ثوير ، وأخرجه عبد عن شبابة عن إسرائيل ولفظه : لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه وخدمه ونعيمه وسرره مسيرة ألف سنة ، وأكرمهم على الله تعالى من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية ، وكذا أخرجه الترمذي عن عبد .
وقال غريب ، رواه غير واحد عن إسرائيل مرفوعا ، ورواه عبد الملك بن أبجر عن ثوير عن ابن عمر موقوفا ، ورواه الثوري عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر موقوفا أيضا ، قال : ولا نعلم أحدا ذكر فيه مجاهدا غير الثوري بالعنعنة .
قلت: أخرجه ابن مردويه من أربعة طرق عن إسرائيل عن ثوير قال " سمعت ابن عمر " ومن طريق عبد الملك بن أبجر عن ثوير مرفوعا .
وقال الحاكم بعد تخريجه ثوير لم ينقم عليه إلا التشيع .
قلت : لا أعلم أحدا صرح بتوثيقه ، بل أطبقوا على تضعيفه .
وقال ابن عدي : الضعف على أحاديثه بين وأقوى ما رأيت فيه قول أحمد بن حنبل فيه ، وفي ليث بن أبي سليم ويزيد بن أبي زيد : ما أقرب بعضهم من بعض " .ا.هـ.
فالحديثُ لا يثبتُ مرفوعاً أو موقوفاً لأن في سندهِ ثويرَ بنَ أبي فاختة الذي أطبقوا على تضعيفهِ .
فيبقى الأمرُ على ما قررهُ القرآنُ والسنةُ من رؤيةَ المؤمنين لربهم في الجنةِ تكونُ عامةً لهم ، والله أعلم .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/2)
هل يقال لمن وصل إلى المدينة النبوية يسن له زيارة البقيع؟
قال الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله - في كتاب المنهج لمريد العمرة والحج :
" إذا أحب الحاج أن يزور المسجد النبوي قبل الحج أو بعده فلينو زيارة المسجد النبوي لا زيارة القبر ؛ فإن شد الرحل على وجه التعبد لا يكون لزيارة القبور وإنما يكون للمساجد الثلاثة المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى كما في الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى " رواه البخاري (1189) ومسلم (1397)
فإذا وصل المسجد النبوي قدم رجله اليمنى لدخوله وقال : بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم , ثم يصلي ما شاء .
والأولى أن تكون صلاته في الروضة وهي ما بين منبر النبي صلى الله عليه وسلم وحجرته التي فيها قبره لأن ما بينهما روضة من رياض الجنة , فإذا صلى وأراد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فليقف أمامه بأدب ووقار وليقل : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد , اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . أشهد أنك رسول الله حقا وأنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده , فجزاك الله عن أمتك أفضل ما جزى نبيا عن أمته .
ثم يأخذ ذات اليمين قليلا فيسلم على أبي بكر الصديق ويترضى عنه . ..
ثم يأخذ ذات اليمين قليلا أيضا فيسلم على عمر بن الخطاب ويترضى عنه وإن دعا له ولأبي بكر رضي الله عنهما بدعاء مناسب فحسن .(1/1)
ولا يجوز لأحد أن يتقرب إلى الله بمسح الحجرة النبوية أو الطواف بها ، ولا يستقبلها حال الدعاء بل يستقبل القبلة لأن التقرب إلى الله لا يكون إلا بما شرعه الله ورسوله ، والعبادات مبناها على الاتباع لا على الابتداع .
والمرأة لا تزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا قبر غيره لأن النبي صلى الله عليه وسلم لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ " رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (843) لكن تصلي وتسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهي في مكانها فيبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في أي مكان كانت ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : صلوا عليَّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ، وقال : إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام " رواه النسائي (1282) وصححه الألباني في صحيح النسائي (1215) .
( فائدة : زُوَّارات بمعنى زائرات ، لأن زُوَّارات جمع زُوّار أي زائر . انظر زايارة القبور للنساء ص 17 للشيخ أبو بكر أبو زيد ) .
وينبغي للرجل خاصة أن يزور البقيع وهو مقبرة المدينة فيقول : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم .
وإن أحب أن يأتي ( جبل أُحد ) ويتذكر ما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في تلك الغزوة من جهاد وابتلاء وتمحيص وشهادة ثم يسلم على الشهداء هناك مثل حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم فلا بأس بذلك فإن هذا قد يكون من السير في الأرض المأمور به والله أعلم "
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&postid=40192
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/2)
هَلْ لِلصُّوفِيَّةِ دَوْرٌ يُذْكَرُ فِي الجِهَادِ ضِدَّ المُسْتَعْمِرِ ؟
الحَمْدُ للهِ وَبَعْدُ ؛
يَتَشَدَّقُ الصُّوفِيَّةُ وَمِنْهُمُ الطَاغُوْتُ الجِفرِي بِأَنَّ لَهُمْ تَارِيْخاً فِي جِهَادِ أَعْدَاءِ الإِسْلاَمِ ، وَهَذِهِ دَعوَى مُجَرَّدَة عَنِ الدَّلِيْلِ ، بَلِ الدَّلِيْلُ بضِدِّها ، فَهُم كَانُوا اليَدَ اليُمْنَى لِلغَرْبِ الصَّلِيْبِي ، وَلِذَلِكَ نَرَى عُبَّادَ الصَّليبِ يُشَجِعُونَ الطُّرَقَ الصُّوفِيَّةِ لِعِلْمِهِم أَنَّهَا سَبِيْلٌ إِلَى تَخدِيرِ الأُمَّةِ ، وَقَتلِ رُوْحِ الجِهَادِ فِيْهَا .
قَدْ يَقُوْلُ البَعْضُ : " إِنَّكَ تُبالِغُ " ، فَأَقُوْلُ : " تَعَالَوْا مَعِي أُبَيِّنُ لَكُمْ بِالدَّلِيْلِ وَالبُرهَانِ " .
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الوُكَيِّل فِي " هَذِهِ هِي الصُّوفِيَّةُ " ( ص 170 - 171 ) : " وَيَزْعُمُوْنَ أَنّ الصُّوفِيَّةَ جَاهَدْتْ حَتَّى نَشَرَتْ الإِسْلاَمَ فِي بِقَاعٍ كَثِيْرَةٍ ، وَلَقَدْ عَلِمْت مَا دِيْنُ الصُّوفِيَّةِ ؟ فَمَا نَشَرُوا إِلا أَسَاطِيْرَ حَمْقاء ، وَخُرَافَاتٍ بَلْهاء ، وَبِدْعاً بَلْقاء شَوْهَاء ... " .ا.هـ.
نَأْخُذُ زَعِيمَ الصُّوفِيَّةِ أَبَا حَامِدٍ الغزَالِيَّ مِثالاً ، فَقَدْ عاصَرَ الحُرُوْبَ الصَّليبِيةَ وَلم يُشِرِ الغزَالِيُّ إِلَيْهَا ، وَلا أَظْهَرَ اهتمَاماً بِهَا .
قَالَ ابْنُ كَثِيْرٍ فِي " البِدَايَةِ والنِّهايَةِ " (12/166 - 167) وَهُو يَصِفُ مَا فَعَلَهُ الفِرَنْجُ فِي بَيْتِ المَقْدِسِ فِي شَعْبَانَ ، سَنَةَ 492 هـ : " أخذت الفرنجُ - لعنهم اللهُ - بيتَ المقدسِ - شرفهُ اللهُ - ، وكانوا في نحو ألفِ ألفِ مقاتلٍ ، وقتلوا في وسطهِ أزيدَ من ستين ألفِ قتيلٍ من المسلمين ، وجاسوا خلالَ الديارِ ، وتبروا ما علوا تتبيراً .(1/1)
قال ابنُ الجوزي : وأخذوا من حولِ الصخرةِ اثنين وأربعين قنديلاً من فضةٍ ، زنةُ كل واحد منها ثلاثة آلاف وستمائة درهم ، وأخذوا تنوراً من فضة زنته أربعون رطلاً بالشامي ، وثلاثة وعشرين قنديلاً من ذهب ، وذهب الناس على وجوههم هاربين من الشام إلى العراق ، مستغيثين على الفرنج إلى الخليفة والسلطان ، منهم القاضي أبو سعد الهروي ، فلما سمع الناس ببغداد هذا الأمر الفظيع هالهم ذلك وتباكوا ، وقد نظم أبو سعد الهروي كلاماً قرئ في الديوان وعلى المنابر ، فارتفع بكاء الناس ، وندب الخليفة الفقهاء إلى الخروج إلى البلاد ليحرضوا الملوك على الجهاد ، فخرج ابن عقيل وغير واحد من أعيان الفقهاء فساروا في الناس فلم يفد ذلك شيئاً ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
فقال في ذلك أبو المظفر الأبيوردي شعراً :
مزجنا دمانا بالدموع السواجم * * * فلم يبق منا عرضة للمراجم
وشر سلاح المرء دمع يريقه * * * إذا الحرب شبت نارها بالصوارم
فأيهاً بني الإسلام إن وراءكم * * * وقائع يلحقن الذرى بالمناسم
وكيف تنام العين ملء جفونها * * * على هفوات أيقظت كل نائم
وإخوانكم بالشام يضحي مقيلهم * * * ظهور المذاكي أو بطون القشاعم
تسومهم الروم الهوان وأنتم * * * تجرون ذيل الخفض فعل المسالم
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الوُكَيِّل فِي " هَذِهِ هِي الصُّوفِيَّةُ " ( ص 170 - 171 ) تَعْلِيْقاً : " لقد عاش الغزاليُّ بعد ذلك ثلاثةَ عشر عاماً ، إذ مات سنة 505 هـ فما ذرف دمعةً واحدةً ، ولا استنهض همةَ مسلمٍ ، ليذوذ عن الكعبةِ الأولى ، بينما سواهُ يقولُ :
أحل الكفرُ بالإسلامِ ضيماً * * * يطولُ عليه للدينِ النحيبُ
وكم من مسجدٍ جعلوه ديراً * * * على محرابهِ نصب الصليبُ
دمُ الخنزيرِ فيه لهم خلوف * * * وتحريقُ المصاحفِ فيه طيب
أهزَّ هذا الصريخُ الموجعُ زعامة الغزالي ؟(1/2)
كلا ، إذ كان عاكفاً على كتبهِ يقررُ فيها أن الجمادات تخاطب الأولياءَ ، ويتحدثُ عن الصحو والمحو ، دون أن يقاتلَ ، أو يدعو حتى غيرهُ إلى قتالٍ ! " .ا.هـ.
وَقَالَ الدكتور زكي المبارك في " الأخلاق عند الغزاليّ " ( ص 25 ) : " أتدري لماذا ذكرتُ لك هذه الكلمةَ عن الحروبِ الصليبيةِ ؟ لتعرف أنه بينما بطرسُ الناسكُ يقضي ليله ونهاره في إعدادِ الخطبِ وتحبيرِ الرسائلِ لحث أهلِ أوروبا على امتلاكِ أقطارِ المسلمين ، كان الغزاليُّ " حجةُ الإسلامِ " غارقاً في خلوتهِ ، منكباً على أورادهِ ، لا يعرفُ ما يجبُ عليه من الدعوةِ والجهادِ " .ا.هـ.
وَقَالَ الدكتور عُمرُ فروخ في " التصوف في الإسلام " ( ص 109 ) : ألا يعجبُ القارىء إذا علم أن حجةَ الإسلامِ أبا حامدٍ الغزالي شهد القدس تسقطُ في أيدي الفرنجةِ الصليبين ، وعاش اثنتي عشرة سنة بعد ذلك ولم يشر إلى هذا الحادثِ العظيمِ ، ولو أنه أهاب بسكانِ العراقِ وفارس وبلادِ التركِ لنصرةِ إخوانهم في الشامِ لنفر مئاتُ الألوفِ منهم للجهادِ في سبيلِ اللهِ ... وما غفلةُ الغزالي عن ذلك إلا لأنه كان في ذلك الحين قد انقلب صوفياً ، واقتنع على الأقل بأن الصوفيةَ سبيلٌ من سبلِ الحياةِ بل هي أسدى تلك السبلِ وأسعدها " .ا.هـ.
نَخْتِمُ بِسُؤَالٍ مُهِمٍ وَهُو : " بِمَاذَا يُعَلِّلُ الصُّوفِيَّةُ سُكُوْتَهُم وَرِضَاهُم عَنِ المَصَائِبِ الَّتِي تُصِيْبُ الأُمَّةَ ؟
يُجِيْبُ الدكتور عُمرُ فروخ بِقَوْلِهِ : " ولكن المتصوفة يعللون سكوتهم ورضاهم بما ينزلُ بقومهم من المصائبِ بأن هذه المصائب عقابٌ من الله للمذنبين من خلقهِ ، فإذا كان اللهُ قد سلط على قومٍ ظالماً فليس لأحدٍ أن يقاومَ إرادةَ اللهِ أو أن يتأففَ منها " .ا.هـ.
------------(1/3)
تَعَالَوْا نَعِيْشُ مَعَ التَّارِيْخِ المُعَاصِرِ ، وَفِي فَتْرَةٍ كَانَ الاستِعمارُ جاثِماً عَلَى صَدْرِ الأُمَّةِ الإِسلاَمِيَةِ فِي كَثِيْرٍ مِنْ بِلادِها ، وَكَيْفَ تَعَامَلتِ الطُّرُقُ الصُّوفِيَّةُ مَعَ المُستَعمِرِ ؟
ذَكَرَ مُصْطَفَى كَامِل فِي كِتَابِهِ " المَسْأَلَة الشَّرْقِيَّة " قِصَّةً غَرِيْبَةً عَجِيْبَةً ، َأَوْرَدَهَا الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الوُكَيِّل فِي " هَذِهِ هِي الصُّوفِيَّةُ " ( ص 170 ) فَقَالَ : " وَمِنَ الأُمُوْرِ المَشْهُوْرَةِ عَنِ احتِلالِ فَرنسا لِلقَيْرَوَان فِي تُوْنُسَ أَنّ رَجُلاً فَرنسياً دَخَلَ الإِسْلاَمَ ، وَسَمَّى نَفْسَهُ سَيِّد أَحْمَد الهَادِي ، وَاجْتَهَدَ فِي تَحْصِيْلِ الشَّرِيْعَةِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى دَرَجَةٍ عَالِيَةٍ ، وَعُيِّنَ إِمَاماً لِمَسْجِدٍ كَبِيْرٍ فِي القَيْرَوَان .
فَلَمَّا اقْتَرَبَ الجُنُوْدُ الفَرنسِاوِيونَ مِنَ المَدِيْنَةِ اسْتَعَدَّ أَهْلُهَا لِلدِّفاعِ عَنْهَا ، وَجَاؤُوا يَسْأَلُوْنَهُ أَنْ يَسْتَشِيْرَ لَهُم ضَرِيحَ شَّيْخٍ فِي المَسْجِدِ يَعْتَقِدُوْنَ فِيْهِ ، فَدَخَلَ سَيِّد أَحْمَد الضَرِيحَ ، ثُمَّ خَرَجَ مُهَوِلاً لَهُم بِمَا سَيَنَالُهُمْ مِنْ المَصَائِبِ ، وَقَالَ لَهُم بِأَنّ الشَّيْخَ يَنْصَحُكُم بِالتَّسْلِيْمِ ، لِأَنّ وُقُوْعَ البِلاَدِ صَارَ مُحَتماً ، فَاتَّبعَ القَوْمُ البُسَطَاءُ قَوْلَهُ ، وَلَم يُدَافِعُوا عَنْ مَدِيْنَةِ القَيْرَوَان أَقَلُّ دِّفاعٍ بَل دَخَلَهَا الفَرنسِاوِيونَ آمِنِيْنَ فِي 26 أكتوبر سَنَةَ 1881 م " .ا.هـ.(1/4)
وَخِدْمَةُ الصُّوفِيَّةِ لِلاستِعمَارِ الفرنسي فِي مِصْرَ مَعْرُوْفَةٌ ، وَكَذَلِكَ خَدَمْتُهُمْ لِلإنجليز - وَالكَلاَمُ عَنْ مَجَلَّةِ التَّوْحِيْدِ المِصْرِيَةِ - السَّبَبُ الحَقِيقيُّ فِي هَزِيْمَةِ عُرَابِي فِي مِصْرَ ؛ فَقَدْ شَغَلَ الصُّوفِيَّةُ الجُنُوْدَ فِي التَّلِّ الكَبِيْرِ فِي أَذْكَارٍ حَتَّى نِصْفِ اللَّيْلِ ، ثُمَّ نَامَ الجُنُوْدُ ، فَدَخَلَ الإنجليزُ فِي الفَجْرِ .
---------
وَجَاءَ فِي كِتَابِ : " كُتُبٌ لَيْسَتْ مِنَ الإِسْلاَمِ " للإِستانبولي ( ص 78 ) : " إِنّ الفرنسيين إبّانَ استعمارهم لِتُوْنُس كَانُوا يَجِدُوْنَ مُعَارَضَةً شَدِيْدَةً مِنَ النَّاسِ ، فَتَفَاهَم الفرنسيون مَعَ شَّيْخِ الصُّوفِيَّةِ عَلَى أَنْ يَدْخُلُوا البِلاَدَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ الصَّبَاحُ قَعَدَ الشَّيْخُ مُطْرِقاً رَأْسَهُ وَهُو يَقُوْلُ : " لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ " ، فَلَمَّا سَأَلَهُ أَتْبَاعُهُ عَنِ الأَمْرِ الَّذِي يُقْلِقُهُ ، قَالَ لَهُمْ : " لَقَدْ رَأَيْتُ الخَضِرِ وَسَيِّدِي أَبَا العَبَّاسِ الشَّاذلِي وَهُمَا قَابِضَانِ بِحصَانِ جِنرالِ فرنسا ، ثُمّ أَوكَلا الجِنرالَ أَمرَ تُوْنُس . يَا جَمَاعَة ؛ هَذَا أَمرُ اللهِ فَمَا العَمَلُ ؟ فَقَالُوا لَهُ : " إِذَا كَانَ سَيِّدِي أَبُو العَبَّاسِ رَاضِياً ، وَنَحْنُ نُحَاربُ فِي سَبِيْلَهِ ، فَلا دَاعِي لِلْحَرْبِ ، ثُمّ دَخَلَ الجَيْشُ الفرنسي تُوْنُس دُوْنَ مُقَاومَةٍ .
قَالَ أَبُو رُقَيْبَةَ : " إِنَّنِي اطَّلَعْتُ عَلَى المِيزَانِيةِ الفرنسيةِ ، فَوَجَدْتُ فِيهَا مُخَصَّصَاتٍ ضَخْمَةً للطُّرُق الصُّوفِيَّةِ ، لأَنَّهَا تُخْدَرُ المُسْلِمِيْنَ عَنِ الجِهَادِ " .ا.هـ.
------------(1/5)
بَيْنَمَا كُنْتُ أُقَلِّبُ فِي بَعْضِ الكُتُبِ الَّتِي تَكَلَّمْتَ عَنْ دَوْرِ الصُّوفِيَّةِ فِي الجِهَادِ ضِدَّ الاسْتِعْمَارِ ، وَقَعْتُ عَلَى بَحثٍ فِي كِتَابِ " الانْحِرَافَاتُ العَقَدِيةُ وَالعِلْمِيَّةُ فِي القَرْنين الثَّالِث عَشَر وَالرَّابِع عَشَر " (1/537 - 546) عُنْوانُهُ : " الصُّوفِيَّةُ وَالجِهَادُ وَمُقَاومَةُ الاسْتِعْمَارِ " أَقتَصِرُ عَلَى ذِكرِ بَعْضِ مَا فِيْهِ .
قَالَ عَلِيُّ بنُ بَخَيْتٍ الزَّهْرَانِيُّ مُؤَلِّف الكِتَابِ : " أما بالنسبةِ لموقفِ الصوفيةِ من الجهادِ ومقاومةِ الاستعمارِ ، فإنهُ موقفٌ متباينٌ ، يسودهُ التذبذبُ والاضطرابُ ، فبينما نرى طائفةً منهم أعلنتِ الجهادَ وقاومتِ الاستعمارَ ، وأقضت مضاجعَ المستعمرين ، نرى على النقيضِ الآخر طائفةً أخرى نكصت عن الجهادِ ونكلت عنِ الحربِ ، وانزوت على نفسها فَرقاً وهرباً .
وبين هاتين الطائفتين طائفتان أخريان ، الأولى منها حاربت المستعمرَ وقاومتهُ ردحاً من الزمنِ ، فلما طال أمدُ القتالِ ، ولم تفلح في طردِ المستعمر ، بل كان هو الظاهرُ عليها في كثير من الوقائعِ ، استسلمت له في نهايةِ المطافِ ، ولم تكتف بالاستسلامِ للمستعمرِ ، وإبرامِ المعاهداتِ المخزيةِ معه ، بل صارت تشنعُ على من يحاولُ رفع رايةِ الجهادِ ضده من جديدٍ ، وينقضُ ما أبرمتهُ من معاهداتٍ ، والطائفةُ الثانيةُ ، وهي شرُ طوائفِ الصوفيةِ جميعاً ، وهي الطائفةُ التي وقفت معهُ منذُ البدايةِ جنباً إلى جنبٍ ، تؤازرهُ ، وتناصرهُ ، وتقاتلُ في صفوفهِ ، وتحت رايتهِ ، وتدعو الناسَ إلى الرضوخِ له ، وتحذرُ من مغبةِ مقاومتهِ .(1/6)
ومن الطائفةِ الأولى يعتبرُ أتباعُ الطريقةِ السنوسيةِ الذين جاهدوا الاستعمارَ الإيطالي في ليبيا من أوضحِ الأمثلةِ على ذلك . ويقابلهم في الناحية الأخرى كثيرٌ من المتصوفةِ الذين كانوا يعيشون في غير واقعهم ، ولا يرون الانشغال بغير الذكرِ والزهدِ .
أما الطائفةُ التي قاتلت ثم نكلت ، وجاهدت ثم نكصت ، فأوضحُ من يمثلها هو الأمير " عبد القادر الجزائري " ... أما الطائفةُ التي والتِ المستعمرَ ، وقاتلتِ المسلمين في سبيلهِ ، فكثيرٌ من زعماءِ الطريقةِ التيجانيةِ يعتبرون من أبرزِ الأمثلةِ عليها .
... فأما الأميرُ عبدُ القادرِ الجزائري فقد بايعهُ الجزائريون بعد دخولِ الفرنسيين الجزائر ، فقادهم إلى جهادِ الفرنسيين طيلةَ سبعة عشر عاماً ، ولكنه استسلم في آخرِ الأمرِ ، وسلم نفسهُ إلى الفرنسيين فنفوهُ إلى خارجِ البلادِ ، ثم أطلقوا سراحهُ ، بعد أن اشترطوا عليه أن لا يعودَ إلى الجزائرِ ، ورتبوا له مبلغاً من المالِ يأخذهُ كل عامٍ ، وزار باريس ، ثم استقر في دمشق حتى توفي بها .
وحين انهزمت فرنسا سنة 1870 م أظهر كمالَ الأسفِ ، وتزين بنيشيانها الأكبر ، وكان قد أهدي له لدى زيارته باريس سنة 1867 م ، إظهاراً لاعترافِ مصادقتها ، وتخلى عن ملاقاة الناسِ مدةً . واعتبر السنوسي ذلك من أخبارِ وفائهِ ، وكان الأولى بهِ أن يعتبرها من أخبارِ ضعفِ ولائهِ وبرائهِ .
وحين قام ابنهُ محي الدين بإعلانِ الجهادِ ضد الفرنسيين مرةً أخرى ، واتفق مع بعضِ زعماءِ القبائلِ في الجزائرِ ، تبرأ عبدُ القادر منهُ ، وكان ذلك سبباً في انفضاضِ القبائلِ عنه ، وفشل حركته " .ا.هـ.(1/7)
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ بَخَيْتٍ الزَّهْرَانِيُّ فِي كِتَابِ " الانْحِرَافَاتُ العَقَدِيةُ وَالعِلْمِيَّةُ فِي القَرْنين الثَّالِث عَشَر وَالرَّابِع عَشَر " (1/541) : " وكان شيوخُ الطرقِ الخائنون يقومون بكتابةِ عرائض بتوقيعاتهم ، وتوقيعاتِ أتباعهم ، يملؤونها بالثناءِ والشكرِ لفرنسا ، التي كانت تعتبرهم ممثلين للشعبِ ...
وفي عامِ 1870 م حمل سيدي أحمد تشكرات الجزائريين ، وبرهن على ارتباطه بفرنسا ، فتزوج " أوريلي بيكار " وبفضلها تحولت منطقةُ " كودران " من أرضٍ صحراويةٍ إلى قصرٍ منيفٍ رائعٍ ، وهو أولُ مسلمٍ تزوج بأجنبيةٍ ...
وقد كافأتها السلطاتُ الفرنسيةُ لقاء ما قدمتهُ من خدماتٍ بوسامِ جوقة الشرف ، وقالت عنها في براءةِ التوجيه : " إن هذه السيدةَ قد أدارات الزاويةَ التيجانية إدارةً حسنةً كما تحبُ فرنسا وترضى ، وساقت إلينا حنوداً مجندةً من أحبابِ هذه الطريقة ومريديها ، يجاهدون في سبيل فرنسا كأنهم بنيانٌ مرصوصٌ " .ا.هـ.
وقالَ الرئيسُ فيليب فواندس المستعمرُ الفرنسي في " الاستعمار الفرنسي في أفريقيا السوداء " ( ص 52 ) : " لقد اضطر حكامنا الإداريون وجنودنا في أفريقيا إلى تنشيطِ دعوةِ الطرقِ الدينيةِ الإسلاميةِ لأنها أطوعُ للسلطةِ الفرنسيةِ وأكثرُ تفهماً وانتظاماً من الطرقِ الوثنيةِ " .
وقال مؤلفوا كتاب ِ " تاريخِ العربِ الحديثِ والمعاصرِ " ( ص 373 ) تحت عنوانِ : " المتعاونون مع فرنسا في الجزائرِ " : " وتتألفُ هذهِ الفئةُ من بعضِ الشبابِ الذين تثقفوا في المدارسِ الفرنسيةِ ، وقضى الاستعمارُ على كلِ صلةٍ لهم بالعروبةِ يضافُ إليهم بعضُ أصحابِ الطرقِ الصوفيةِ الذين أشاعوا الخرافاتِ والبدعَ وبثوا روحَ الانهزاميةِ والسلبيةِ في النضالِ فاستعملهم الاستعمارُ كجواسيس ثم فئةٌ من الموظفين والنوابِ والعسكريين الذين شاركوا الإدارةَ الفرنسيةَ في أعمالها " .(1/8)
وقالَ الشيخُ طنطاوي جوهري في كتابهِ " الجواهر في تفسيرِ القرآنِ " (9/137 - 138) : " إن كثيراً من الصوفيةِ قد تنعموا وعاشوا في رغدٍ من العيشِ ، وأغدق الناسُ عليهم المالَ من كلٍ جانبٍ ، وحُببت إليهم الثمراتُ وهوت إليهم القلوبُ لما ركز في النفوسِ من قربهم إلى اللهِ فلما رأو الفرنجةَ أحاطوا بالمسلمين لم يسعهم إلا أن يسلموا لهم القيادةَ ليعيشوا في أمنٍ وسلامٍ ، وهذا هو الذي حصل في أيامنا ، وذكرهُ الفرنسيون في جرائدهم قبل الهجومِ على مراكش ، وقرأنا نحن فيها ؛ إذ صرحوا بأن المسلمين خاضعون لمشائخِ الطرقِ ، وأن الشرفاءَ القائمين في تلك البلادِ ورجالَ الصوفيةِ هم الذين يسلموننا البضاعةَ فعلى رجالِ السياسيةِ أن يغدقوا النعمَ على مشائخِ الطرقِ ، وعلى الشريفِ الذي يملكُ السلطةَ في تلك البلادِ " .
وقالوا هكذا بصريحِ العبارةِ :
" إن هؤلاءِ جميعاً متمتعون بالعيشِ الهنيء ، ورغد المعيشةِ في ظلالِ جهلِ المسلمين وغفلتهم ، فمتى أكرمناهم وأنعمنا عليهم فهم يكونون معنا ، ويشاركوننا في جر المغنمِ ، وبصريحِ العبارةِ يكونون أشبهَ بالغربانِ والنسورِ والعقبان التي تأكلُ ما فضل من فرائسِ الآسادِ والنمورِ " .ا.هـ.
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/9)