هذا إلى الله ليس إلى ، فاتهموه ، وخرجوا من عنده فأنزل الله ] قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ ( إن عصيته ) أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ [ ( في على ) قلت : هذا تنزيل قال : نعم ثم قال توكيدا : ] وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ( في ولاية على ) فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا[ قلت " حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا " يعنى بذلك القائم وأنصاره ، قلت " واصبر على ما يقولون" قال: يقولون فيك
] وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا [ ] وَذَرْنِي ( يا محمد ) وَالْمُكذِّبِينَ ( بوصيك ) أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا [ قلت :إن هذا تنزيل ؟ قال : نعم .. إلخ (836[134]) .
وفي " باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية " (436 ـ 438) ، يذكر تسع روايات يستفاد منها أن ولاية أئمة الجعفرية الإمامية الرافضة ولاية الله تعالى جاء بها كل الأنبياء ، وكتبت فى جميع صحفهم ، ويؤمن بها ما لا يحصى من الملائكة ، منكرها كافر ، وجاهلها ضال ، ومن اتخذ معهم أئمة آخرين كان مشركاً ، ومن جاء بهذه الولاية دخل الجنة .
وفى " باب فى معلافتهم أولياءهم والتفويض إليهم " ( ص 438 ـ 439 ) ، يذكر ثلاث روايات هى :
1-عن أبي عبد الله : إن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين وقال له : إني أحبك وأتولاك ، فكذبه . فكرر ثلاثا فقال له : كذبت ما أنت كما قلت ، إن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام ، ثم عرض علينا المحب لنا ، فوالله ما رأيت روحك فيمن عرض ، فأين كنت ؟ فسكت الرجل عند ذلك ولم يراجعه".
وفي رواية أخرى قال ابو عبد الله : كان في النار .(2/194)
2- عن أبي حعفر : إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق . 3-عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله قال سألته عن الإمام فوض الله إليه كما فوض إلى سليمان بن داود ؟ فقال نعم . وذلك أن رجلا سأله عن مسألة فأجابه فيها ، وسأله آخر عن تلك المسألة فأجابه بغير جواب الأول ، ثم سأله آخر فأجابه بغير جواب الأولين ثم قال :( هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ ( أعط ) بِغَيْرِ حِسَابٍ ((837[135]) وهكذا هي فى قراءة على .. إلخ .
وفي أبواب التاريخ " يذكر الكلينى روايات نرى في الحاشية رفضا لبعضها وطعنا في سندها ، ولكن أثر الإمامه يبدو كذلك فيما لم يطعن ، فيه ، مثال هذا ما رواه أن أبا جعفر المنصور أمر بإحراق دار الإمام جعفر الصادق ، فخرج يتخطى النار، ويمشى فيها ، ويقول : أنا ابن أعراق الثرى ، أنا ابن إبراهيم خليل الله (838[136]) .
وفي " باب ما جاء في الاثنى عشر والنص عليهم (ص252-535) يذكر الكلينى عشرين رواية ، نذكر هنا نص إحدى الروايات :
عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ، قال : قال أبي لجابر بن عبد الله الأنصاري :إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها ؟ فقال له جابر : أى الأوقات أحببته ، فخلا به في بعض الأيام فقال له : يا جابر أخبرنى عن اللوح الذى رأيته في يد أمي فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما أخبرتك به أمي أنه في ذلك اللوح المكتوب ؟ فقال جابر : أشهد بالله أنى دخلت على أمك فاطمة عليها السلام في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم فهنيتها بولادة الحسن ورأيت في يديها لوحا أخضر ، ظننت أنه من زمرد ، ورأيت فيه كتابا أبيض ، شبه لون الشمس ، فقلت لها : بأبي وأمي يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا اللوح ؟(2/195)
فقالت هذا لوح أهداه الله إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيه اسم أبي واسم بعلى واسم ابنى واسم الأوصياء من ولدى ، وأعطانيه أبي ليبشرنى بذلك . قال جابر : فأعطتنيه أمك فاطمة عليها السلام فقرأته واستنسخته . فقال له أبي : فهل لك ياجابر أن تعرضه على ؟ فقال : نعم فمشى معه أبي إلى منزله فأخرج صحيفة من رق فقال : يا جابر انظر في كتابك لأقرأ أنا عليك . فنظر جابر في نسخته فقرأه فما خالف حرف حرفا فقال جابر : فأشهد بالله أنى هكذا رأيته في اللوح مكتوبا .
ونص الكتاب هو :
بسم الله الرحمن الرحيم(2/196)
هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نبيه ونوره وسفيره وحجابه ودليله نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين ، عظم يا محمد أسمائى ، واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي ، إني أنا الله لا إله إلا أنا ، قاصم الجبارين ومديل المظلومين وديان الدين ، إني أنا الله لا إله إلا أنا فمن رجا غير فضلي ، أو خاف غير عدلي ، عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين . فإياى فاعبد وعلىّ فتوكل ، إنى لم أبعث نبياً فأكملت أيامه وانقضت مدته إلا جعلت له وصيا . وإنى فضلتك على الأنبياء وفضلت وصيك على الأوصياء وأكرمتك بشبليك وسبطيك حسن وحسين ، فجعلت حسنا معدن علمى بعد انقضاء مدة أبيه ، وجعلت حسينا خازن وحيي ، وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة ، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة . جعلت كلمتى التامة معه وحجتي البالغة عنده ، بعترته أثيب وأعاقب ، أولهم على سيد العابدين ، وزين أوليائي الماضين ، وابنه شبه جده المحمود : محمد الباقر علمى والمعدن لحكمتى ، سيهلك المرتابون في جعفر الراد عليه كالراد على ، حق القول منى لأكرمن مثوى جعفر ولأسرنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه ، أتيحت بعد موسى فتنة عمياء حندس لأن خيط فرضى لاينقطع ، وحجتي لا تخفي ، وأن أوليائي يسقون بالكأس الأوفي ، من جحد واحداً منهم فقد جحد نعمتي ، ومن غير آية من كتابي فقد افترى على ، ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة موسى عبدى وحبيبي ، وخيرتي في على ، وليي وناصري ، ومن أضع عليه أعباء النبوة ، وأمتحنه بالاضطلاع بها ، يقتله عفريت مستكبر يدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلقي ـ حق القول منى لأسرنه بمحمد ابنه وخليفته من بعده ووارث علمه ، فهو معدن علمي وموضع سري ، وحجتي علي خلقي . لا يؤمن عبد به إلا جعلت الجنة مثواه ، وشفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار ، وأختم بالسعادة لابنه على وليي وناصري والشاهد في خلقي وأمينى على وحيي ، أخرج(2/197)
منه الداعي إلى سبيلي ، والخازن لعلمي الحسن وأكمل ذلك بابنه " م ح م د " رحمة للعالمين ، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب فيذل أوليائي في زمانه ، وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم ، فيقتلون ويحرقون ، ويكونون خائفين مرعوبين ، وجلين تصبغ الأرض بدمائهم ، ويفشو الويل والرنة في نسائهم ، أولئك أوليائي حقا ، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس ، وبهم أكشف الزلازل و أدفع الآصار والأغلال ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون .
قال عبد الرحمن بن سالم : قال أبو بصير : لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك فصنه إلا عن أهله (839[137]).
وفى " باب صلة الإمام " ( ص537-538) يذكر سبع روايات منها :
عن أبى عبدالله :ما من شئ أحب إلى الله من إخراج الدراهم إلى الإمام وأن الله ليجعل له الدرهم فى الجنة مثل جبل أحد ، ثم قال : إن الله يقول فى كتابه : ] مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً [(840[138]) .
قال : هو والله فى صلة الإمام خاصة .
وعنه : درهم يوصل به الإمام أفضل من ألفى درهم فيما سواه من وجوه البر .
وفى " باب الفىء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه " ( 538-549) يكتب الكلينى صفحة عن الباب ، ثم يذكر ثمانياً وعشرين رواية منها :
عن الإمام الصادق " نحن قوم فرض الله طاعتنا ، لنا الأنفال ، ولنا صفو المال " (841[139]) .
ويفسر ابنه موسى الكاظم ـ كما يزعم الكلينى ـ صفو المال بقوله : " للإمام صفو المال : أن يأخذ من هذه الأموال صفوها ، الجارية الفارهة ، والدابة الفارهة ، والثوب والمتاع بما يحب أو يشتهى ، فذاك له قبل القسمة وقبل إخراج الخمس " (842[140]).
وعن الإمام الصادق أيضاً : " من أين دخل على الناس الزنى ؟.. من قبل خمسنا أهل البيت إلا شيعتنا الأطيبين ، فإنه محلل لهم لميلادهم " (843[141]) .(2/198)
وبانتهاء هذا الباب ينتهى كتاب الحجة .
وإذا نظرنا فى بقية الجزء الأول فإنا نراه لا يخلو من التأثر بعقيدة الإمامة . مثال هذا :
ما يطالعنا فى خطبة الكتاب " دعوا ما وافق القوم فإن الرشد فى خلافهم " (844[142]) ، وفى كتاب فضل العلم " يغدو الناس على ثلاثة أصناف : عالم ومتعلم وغثاء ، فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء " (845[143]) ، والرواية عن الإمام الصادق .
وعن ابنه موسى " لعن الله أبا حنيفة ، وكان يقول : قال على ، وقلت " (846[144]) ، وعن الإمام على : " ذلك القرآن فاستنطقوه .. ولن ينطق لكم ،أخبركم عنه .. إلخ " (847[145]) .(2/199)
وعن سليم بن قيس الهلالى قال : قلت لأميرالمؤمنين : إنى سمعت من سلمان والمقداد وأبى ذر شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبى الله صلى الله عليه وسلم غير ما فى أيدى الناس ، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ، ورأيت فى أيدى الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبى الله صلى الله عليه وسلم أنتم تخالفونهم فيها ، وتزعمون أن ذلك كله باطل ، أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم متعمدين ، ويفسرون القرآن بآرائهم ، قال فأقبل على فقال : قد سألت فافهم الجواب ، إن فى أيدى الناس حقاً وباطلاً ، وصدقاً وكذباً ، وناسخاً ومنسوخاً ، وعاماً وخاصاً ، ومحكماً ومتشابهاً ووهماً ، وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده حتى قام خطيباً فقال : أيها الناس قد كثرت على الكذابة ، كمن كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ، ثم كذب عليه من بعده ، وإنما آتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس : رجل منافق يظهر الإيمان متصنع بالإسلام لا يتأثر ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم متعمداً ، فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه وسمع منه وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ، ووصفهم بما وصفهم ، فقال عز وجل : ]وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ [ ( 4 : المنافقون ) ، ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا ، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله ، فهذا أحد الأربعة .
ورجل سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يحمله على وجهه ووهم فيه ولم يتعمد كذباً .(2/200)
ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا أمر به ، ثم نهى عنه ، وهو لا يعلم - أو سمعه ينهى عن شئ ، ثم أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ.
وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع ، لم يزد فيه ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ .. وقد كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم دخلة ، وكل ليلة دخلة ، فيخلينى فيها أدور معه حيث دار ، وقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيرى (848[146]) .
وتنظر مثلا فى باب النوادر من كتاب التوحيد (ص 143-146) تجد ما يأتى : عن الحارث بن المغيرة النصرى قال : سئل أبو عبدالله عن قول الله تبارك وتعالى ] كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [ (88 : القصص ) فقال : ما يقولون فيه ؟ قلت يقولون يهلك كل شىء إلا وجه الله ، فقال : سبحان الله ! لقد قالوا قولاً عظيماً ، إنما عنى بذلك وجه الله الذى يؤتى منه .
وعن أبى جعفر : " نحن المثانى الذى أعطاه الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم ، ونحن وجه الله نتقلب فى الأرض بين أظهركم ، ونحن عين الله فى خلقه ، ويده المبسوطة بالرحمة على عباده ،عرفنا من عرفنا ، وجهلنا من جهلنا وإمامة المتقين " .
وعن أبى عبدالله فى قول الله عز وجل : ]وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [ (180: الأعراف ) قال : نحن والله الأسماء الحسنى التى لا يقبل الله من العباد عملاً إلا بمعرفتنا .(2/201)
وعنه : إن الله خلقنا فأحسن خلقنا وصورنا فأحسن صورنا ، وجعلنا عينه فى عباده ، ولسانه الناطق فى خلقه ، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة ، ووجهه الذى يؤتى منه وبابه الذى يدل عليه وخزانه فى سمائه وأرضه ، بنا أثمرت الأشجار، وأينعت الثمار ، وجرت الأنهار ،وبنا نزل غيث السماء وينبت عشب الأرض ، وبعبادتنا عبدالله ، ولولا نحن ما عبدالله .
وعن أسود بن سعيد قال : كنت عند أبى جعفر فأنشأ يقول ابتداء منه من غير أن أسأله : نحن حجة الله ، ونحن باب الله ، ونحن لسان الله ، ونحن وجه الله ونحن عين الله فى خلقه ، ونحن ولاة الله فى عباده .
وعن أمير المؤمنين : أنا عين الله وأنا يد الله ، وأنا جنب الله وأنا باب الله .
وعن أبى الحسن موسى : ] يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ[ (الزمر :56) قال : جنب الله أمير المؤمنين ، وكذلك ما كان بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع إلى أن ينتهى الأمر إلى آخرهم .
وعن أبى جعفر : بنا عبدالله وبنا عرف الله وبنا وحد الله تبارك وتعالى ومحمد حجاب الله تبارك وتعالى .
وعن أبى جعفر : ] وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [(57 : البقرة ، 160: الأعراف ) قال : إن الله تعالى أعظم وأعز وأجل وأمنع من أن يظلم ولكن خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه وولايتنا ولايته حيث يقول : ]إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ [ ( 55 : المائدة ) يعنى الأئمة منا .
ثانياً : الجزء الثانى من أصول الكافى(2/202)
بعد عرضنا للجزء الأول أعتقد أننا لسنا في حاجة إلى أن نطيل الحديث عن الجزء الثانى ، ذلك أن هذا الجزء يتحدث في جملته عن الإيمان والكفر ، والجزء السابق بين مفهوم الإيمان والكفر عند الكلينى ، وأمثاله من غلاة الفرقة الضالة وزنادقتهم . كما رأينا في كثير من رواياته ، فقد ربط الإيمان والكفر بإمامة الجعفرية الإمامية فالمؤمن بها هو المؤمن ، ومنكرها كافر ، إلى غير ذلك مما رأينا . فهذا الجزء إذن يعتبر امتدادا للجزء الأول ، فيكفى أن نورد بعض الأمثلة لنرى أن الكلينى ظل سائرا في نفس الطريق الذى رسمه لنفسه تأثراً بعقيدته في الإمامة .(2/203)
من هذه الأمثلة ما رواه عن أبى جعفر قال : " إن الله تبارك وتعالى حيث خلق ماء عذبا وماء أجاجا فامتزج الماءان ، فأخذ طينا من أديم الأرض فعركه عركا شديداً ، فقال لأصحاب اليمين وهم كالذريدبون : إلى الجنة بسلام ، وقال لأصحاب الشمال : إلى النار ولا أبالى ، ثم قال : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى شهدنا ، أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ، ثم أخذ الميثاق على النبيين ، فقال : ألست بربكم وأن هذا محمد رسولى ، وأن هذا على أمير المؤمنين ؟ قالوا : بلى فثبت لهم النبوة . وأخذ الميثاق على أولى العزم أننى ربكم ، ومحمد رسولى ، وعلى أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعده ولاة أمرى وخزان علمى - عليهم السلام - ، وأن المهدى أنتصر به لدينى ، وأظهر به دولتى ، وانتقم به من أعدائى ، وأعبد به طوعا وكرها . قالوا : أقررنا يارب وشهدنا . ولم يجحد آدم ولم يقر ، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة فى المهدى ، ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به وهو قوله عز وجل : ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ( قال : إنما هو فترك (849[147]). ثم أمر نارا فأججت ، فقال لأصحاب الشمال : ادخلوها ، فهابوها . وقال لأصحاب اليمين : ادخلوها فدخلوها فكانت عليهم بردا وسلاما . فقال أصحاب الشمال : يارب أقلنا فقال قد أقلتكم اذهبوا فادخلوها فهابوها ، ثم ثبتت الطاعة والولاية والمعصية (850[148]).(2/204)
وعنه أيضاً قال : " إن الله عز وجل خلق الخلق فخلق من أحب مما أحب ، وكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة ، وخلق من أبغض مما أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار . ثم بعثهم في الظلال . فقلت . وأى شئ الظلال ؟ فقال : ألم تر إلى ظلك في الشمس شيئا وليس بشئ . ثم بعث منهم النبيين فدعوهم إلى الإقرار بالله عز وجل : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ( (851[149]) ثم دعوهم إلى الإقرار بالنبيين فأقر بعضهم وأنكر بعض .
ثم دعوهم إلى ولايتنا ، فأقر بها والله من أحب وأنكر من أبغض وهو قوله : (فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ ( (852[150]) .
ثم قال أبو جعفر رضي الله عنه : كان التكذيب ثم (853[151]) .
وعنه كذلك قال : " بنى الإسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشئ كما نودى بالولاية " (854[152]) .
وفى رواية أخرى زاد : فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه ، يعنى الولاية (855[153]) .
وعن عجلان أبى صالح قال : " قلت لأبى عبدالله رضي الله عنه : أوقفنى على حدود الإيمان . فقال الخمس وأداء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت ، وولاية ولينا ، وعداوة عدونا ، والدخول مع الصادقين " (856[154]).
وعن زرارة عن أبى جعفر قال : " بنى الإسلام على خمسة أشياء : على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية . قال زرارة : قلت وأى شئ من ذلك أفضل ؟ فقال : الولاية أفضل ، لأنها مفتاحهن ، والوالى هو الدليل عليهن .
أما لو أن رجلا قام ليله ، وصام نهاره ، وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ، ولم يعرف ولاية ولى الله فيواليه ، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه ، ما كان له على الله جل وعز حق في ثوابه ، ولا كان من أهل الإيمان " (857[155]).(2/205)
والكلينى لا يكتفى بربط الإيمان والكفر بالإمامة ولكن يربطهما كذلك بمبادئ الجعفرية ، استمع إليه مثلا وهو يروى عن الإمام الصادق : " إن تسعة أعشار الدين في التقية ، ولا دين لمن لا تقية له " " التقية من دين الله " ، " والله ما عبدالله بشئ أحب إليه من الخبء . قلت : وما الخبء ؟ قال التقية " ، " التقية من دينى ودين آبائى ولا إيمان لمن لا تقية له " (858[156]) .
وكتاب الإيمان والكفر في أصول الكافى يبدأ من أول الجزء الثانى إلى صفحة 464 ، وعدد رواياته 1609 ، وباقى الجزء يقع في 210 صفحة ويتناول ثلاثة كتب ، منها كتاب فضل القرآن ، ونورد هنا بعض الروايات التي ذكرها الكافى في هذا الكتاب .
روى عن سعد الخفاف قال : قلت " جعلت فداك يا أبا جعفر ، وهل يتكلم القرآن ؟ فتبسم ثم قال : رحم الله الضعفاء من شيعتنا ، إنهم أهل تسليم ثم قال لهم : يا سعد والصلاة تتكلم ولها صورة وخلق تأمر وتنهى . قال سعد : فتغير لذلك لونى وقلت : هذا شئ لا أستطيع أنا أتكلم به في الناس . فقال أبو جعفر : وهل الناس إلا شيعتنا ؟ فمن لم يعرف الصلاة فقد أنكر حقنا . ثم قال يا سعد أسمعك كلام القرآن ؟ قال سعد : فقلت : بلى صلى الله عليك فقال : إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر " فالنهى كلام ، والفحشاء والمنكر رجال ونحن ذكر الله ، ونحن أكبر " (859[157]) .
وعن أبى عبدالله قال : " لا والله لا يرجع الأمر والخلافة إلى آل أبى بكر وعمر أبدا ، ولا إلى بنى أمية أبدا ، ولا في ولد طلحة والزبير أبدا ، وذلك أنهم نبذوا القرآن وأبطلوا السنن ، وعطلوا الأحكام . وما عدل أحد عن القرآن إلا إلى النار " (860[158]).
ويروى الكلينى عن أبى عبدالله أيضاً : " إن القرآن نزل أربعة أرباع : ربع حلال ، وربع حرام ، وربع سنن وأحكام ، وربع خبر ما كان قبلكم ونبأ ما يكون بعدكم وفصل ما بينكم " (861[159]).(2/206)
إلا أنه يروى عن أبى جعفر : " نزل القرآن أربعة أرباع : ربع فينا ، وربع في عدونا ، وربع سنن وأمثال ، وربع فرائض وأحكام " (862[160]) .
ويروى عن أمير المؤمنين : " نزل القرآن أثلاثا : ثلث فينا وفى عدونا ، وثلث سنن وأمثال ، وثلث فرائض وأحكام " (863[161]) .
وروى عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبى عبدالله رضي الله عنه : " إن الناس يقولون : إن القرآن نزل على سبعة أحرف . فقال : كذبوا أعداء الله ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد " (864[162]) .
وروى الكلينى أن أبا عبدالله قال : " نزل القرآن بإياك أعنى واسمعى يا جارة " (865[163]) .
وعن أحمد بن محمد بن أبى نصر قال : " دفع إلى أبو الحسن رضي الله عنه مصحفا وقال : لا تنظر فيه ، ففتحته وقرأت فيه " لم يكن الذين كفروا " فوجدت فيه اسم سبعين رجلا من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم . قال : فبعث إلى : ابعث إلى بالمصحف " (866[164]) .
وعن سالم بن سلمة قال : " قرأ رجل على أبى عبدالله رضي الله عنه وأنا أستمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس ، فقال أبو عبدالله رضي الله عنه : كف عن هذه القراءة ، اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم ، فإذا قام القائم رضي الله عنه قرأ كتاب الله عز وجل على حده ، وأخرج المصحف الذى كتبه على رضي الله عنه وقال : أخرجه على رضي الله عنه إلى الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم : هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم وآله ، وقد جمعته من اللوحين . فقالوا : هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن لا حاجة لنا فيه ، فقال : أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبدا ، وإنما كان على أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه " (867[165]).
ويختم الكلينى كتاب فضل القرآن برواية عن أبى عبدالله جعفر الصادق أنه قال : " إن القرآن الذى جاء به جبرئيل رضي الله عنه إلى محمد صلى الله عليه وسلم وآله سبعة عشر آلف آية " (868[166]) .(2/207)
بعد هذا أعتقد أن هذه الأمثلة ـ على قلتها ـ تكفى لبيان ما أردنا إيضاحه .
ثالثاً : روضة الكافى
بعد الانتهاء من الأصول يجىء دور الجزء الثامن من الكافى وهو الروضة وننظر في هذه المسماة بالروضة فنرى الكلينى مواصلا السير يخبط في ظلمات جهالته وضلاله ، يدفعه غلوه في عقيدته في الإمامة .
فالكلينى يظل مصرا على قوله بتحريف القرآن ، ونراه هنا ، وهو يزعم نسبة هذا الافتراء للأئمة الكرام ، يتخذ من الأساليب ما يؤيد فريته ، فمثلا يصور أحد الأئمة قارئا لآية تخالف ما بين الدفتين ، فيأتى الراوى المذكور في السند ليقول : " جعلت فداك ، إنا نقرؤها هكذا " فيجيب الإمام على حد زعمه قائلاً :
" هكذا والله نزل به جبرئيل على محمد صلى الله عليه وسلم ولكنه فيما حرف من كتابالله " (869[167]) .
أو قائلا : " هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمد صلى الله عليه وسلم ، وهكذا والله مثبت في مصحف فاطمة عليهما السلام " (870[168]) .
أو يزعم أنه قال : " هذا مما أخطأت فيه الكتاب " (871[169]) .
أو قال " هكذا نقرؤها وهكذا تنزيلها " (872[170]).
وأحياناً يذكر تعليلا ليثبت التحريف (873[171]) أو يؤيد أن كلمة موجودة في الآية وهى غير موجودة (874[172]).
وأحياناً يأتى بافتراء ليثبت التحريف بصفة عامة ، استمع إليه وهو ينسب حديثا لأحد الأئمة قال: لا تلتمس دين من ليس من شيعتك ولا تحبن دينهم ، فإنهم الخائنون الذين خانوا الله ورسوله ، وخانوا أماناتهم . وتدرى ما خانوا أماناتهم ؟ ائتمنوا على كتاب الله فحرفوه ، وبدلوه ، ودلوا على ولاة الأمر منهم فانصرفوا عنهم ، فأذاقهم الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون (875[173]).
هذا بالنسبة للتحريف في نص القرآن الكريم ، أما التحريف في المعنى فإنا لا نكاد نجد آية تعرض لها الكلينى إلا حرف معناها ، ولذلك فهو يضع قاعدة عامة تؤيد هذا التحريف ، فينسب لأحد الأئمة أنه قال :(2/208)
" ما من آية نزلت تقود إلى الجنة ، وتذكر أهلها بخير ، إلا وهى فينا وفى شيعتنا ، وما من آية نزلت تذكر أهلها بشر ، وتسوق إلى النار ، إلا وهى في عدونا ومن خالفنا ..
ليس على مالة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا ، وسائر الناس من ذلك براء " (876[174]).
عن أبى عبدالله في قوله تعالى : ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ( قال : قتل على بن أبى طالب وطعن الحسن (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ( قال : قتل الحسين ( فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا( : فإذا جاء نصر دم الحسين ( بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ( قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم ، فلا يدعون وترا لآل محمد إلا قتلوه ( وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً ( خروج القائم ، ( ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ( خروج الحسين في سبعين من أصحابه ، عليهم البيض المذهب ، لكل بيضة وجهان ، المؤدون إلى الناس أن الحسين قد خرج حتى لا يشك المؤمنون فيه ، وأنه ليس بدجال ولا شيطان ، والحجة القائم بين أظهرهم ، فإذا استقرت المعرفة في قلوب المؤمنين أنه الحسين جاء الحجة الموت ، فيكون الذى يغسله ويكفنه ويحنطه ويلحده فى حضرته الحسين بن على ، ولا يلى الوصى إلا الوصى (877[175]).(2/209)
وعن عبدالله بن النجاش قال : سمعت أبا عبدالله رضي الله عنه يقول في قول الله عز وجل :( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا ( يعنى الله فلانا وفلانا (878[176]).(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا( يعنى والله النبى صلى الله عليه وسلم وآله وعليا رضي الله عنه " مما صنعوا " (879[177]) أى لو جاءوك بها يا على فاستغفروا الله مما صنعوا ، واستغفر لهم الرسول ، لوجدوا الله توابا رحيما ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ (فقال أبو عبدالله : هو والله على بعينه ( ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ ( على لسانك يا رسول الله (880[178]) ، يعنى به من ولاية على ( وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا( لعلى (881[179]) .
وينسب الكلينى للإمام على خطبا يبرأ منها الإمام ، ويبرأ ممن وضعها افتراء عليه .
انظر إلى " خطبة الوسيلة " (882[180]) ، تجد غلوا في الأئمة وتكفيرا لمن أنكر إمامتهم ، واتهاما للصديق والفاروق ولصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبيان أن إمهال الله لهم كإمهاله سبحانه لعاد وثمود وأضرابهم ، وأن المصير واحد .
وانظر إلى " خطبة الطالوتية " (883[181]) تجد اتهاما للصحابة الكرام الذين سينزل بهم على حد زعمه ما نزل بالأمم من قبلهم ، لصدهم عن الحق ، وتركهم الوصى الذى به أمروا . وتجد قوله : " أما والله لو كان لى عدة أصحاب طالوت أو عدة أهل بدر وهم أعداؤكم - لضربتكم بالسيف حتى تئولوا إلى الحق " (884[182]).(2/210)
وتجد بعد هذا : " ثم خرج من المسجد فمر بصيرة فيها نحو ثلاثين شاه فقال : والله لو أن لى رجالا ينصحون لله عز وجل ولرسوله بعدد هذه الشياه لأزلت ابن أكلة الذبان عن ملكه " (885[183]) .
وتجد كذلك : " لولا عهد عهده إلى النبى الأمى - صلى الله عليه وسلم - لأوردت المخالفين خليج المنية ولأرسلت عليهم شآبيب صواعق الموت ، وعن قليل يعلمون " (886[184]) .
وانظر إلى خطبته بعد مقتل ذى النورين تجد حديثا عن الجبابرة وهامان وفرعون وعثمان(887[185]) وتجد القول : قام الثالث (888[186])كالغراب ، همه بطنه ، ويله لو قص جناحاه وقطع رأسه كان خيرا له : شغل عن الجنة ، والنار أمامه (889[187]) .
والكلينى لا يقتصر على خطب وأقوال تفترى على سيدنا على - رضى الله تعالى عنه - ولكنا نرى أثرا للغلو كذلك في الحديث عن الإمام على ، مثال هذا :
إنه كان في يوم ميلاد الرسول الكريم بشر أبو طالب زوجته بقوله : أما إنك ستلدين غلاما يكون وصى هذا المولود (890[188]).
وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال " إن عليا يحملكم على الحق ، فإن أطعتموه ذللتم ، وإن عصيتموه كفرتم بالله " (891[189]).
وأن حرب على شر من حرب الرسول صلى الله عليه وسلم (892[190]).
وأن من يشهد للأنبياء جعفر وحمزة ، أما على فهو أعظم منزلة من ذلك (893[191])وأن عليا كتم وبايع مكرها (894[192]) ، وأنه أشار إلى الأرض عندما اضطربت وقال لها : اسكنى مالك، ثم التفت إلى أصحابه وقال : أما إنها لو كانت التي قال الله عز وجل لأجابتنى ولكن ليست بتلك(895[193]) ، وأنه أعتق ألف مملوك (896[194]) .
وفى الحديث عن إمامهم الثانى عشر يروى الكلينى عن الإمام الباقر أنه قال : إن الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أيامه (897[195]).(2/211)
وعنه أيضاً : " إذا قام القائم عرض الإيمان على كل ناصب فإن دخل فيه بحقيقة وإلا ضرب عنقه ، أو يؤدى الجزية كما يؤديها اليوم أهل الذمة ، ويشد على وسطه الهميان ويخرجهم من الأمصار إلى السواد " (898[196]).
وعن أبى عبدالله الصادق ، " إن قائمنا إذا قام مد الله عز وجل لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتى لايكون بينهم وبين القائم يريد أن يكلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه " (899[197]) .
وعنه أيضاً عندما سئل : متى فرج شيعتكم ؟ فقال : إذا اختلف ولدا العباس ، ووهى سلطانهم ، وطمع فيهم من لم يكن يطمع فيهم ، وخلعت العرب أعنتها ، ورفع كل ذى صيصية صيصيته ، وظهر الشامى وأقبل اليمانى وتحرك الحسنى وخرج صاحب هذا الأمر من المدينة إلى مكة بتراث رسول الله صلى الله عليه وسلم " (900[198]).
والكلينى يكثر من الحديث عن الجعفرية الإمامية ومخالفيهم ونستطيع أن نعرف الطابع العام لهذا الحديث ما دمنا قد عرفنا أنه ربط الإيمان بالولاية .
فالإمامية الرافضة كلهم يدخلون الجنة ولا يدخل النار منهم أحد (901[199]) ، وهم وحدهم دون غيرهم المغفور لهم (902[200]) وغير الجعفرى كافر (903[201]) ولا توبة بغير الولاية (904[202]) والناصب شر ممن ينتهك المحارم كلها (905[203]) لا يبالى صلى أم زنى (906[204]) وأبو حنيفة ناصب (907[205]) .
وحضور مساجد غير الجعفرية الاثنى عشرية والمشى إليها كفر بالله العظيم إلا من مشى إليها وهو عارف بضلالهم (908[206]) .
ويروى الكلينى عن الإمام الكاظم : " إلينا إياب هذا الخلق وعلينا حسابهم فما كان لهم من ذنب بينهم وبين الله عز وجل حتمنا على الله في تركه لنا فأجبنا إلى ذلك ، وما كان بينهم وبين الناس استوهبناه منهم ، وأجابوا إلى ذلك ، وعوضهم الله عز وجل " (909[207])
ويروى عن أبى جعفر بأن على بن أبى طالب ينزل أهل الجنة منازلهم ويزوجهم ، ويدخل أهل النار النار ، وأبواب الجنة والنار إليه (910[208]).(2/212)
وبمثل هاتين الروايتين يريد الكلينى أن يؤكد ما ذهب إليه من حديثه عن الجعفرية ومخالفيهم .
والكلينى الذى سلك مسلك شيخه القمى فى محاولة التشكيك فى كتاب الله تعالى ، والطعن فى الصحابة الكرام ، نراه هنا يعود مرة أخرى للطعن فى نقلة الشريعة ، وحملة رسالة الإسلام بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد مر شىء منه فى الصفحات السابقة ، ولكن المتصفح لروضة الكافى يجد الكثير من هذا الطعن ، مثال هذا :
ما رواه من أن المسلمين ارتدوا بعد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة هم : المقداد وأبو ذر وسلمان ، وأنهم أصبحوا أهل جاهلية ، وبمثابة من عبد العجل ، وكل حاكم قبل القائم فهو طاغوت يعبد من دون الله (911[209]).
وما رواه من أن الشيخين كافران منافقان سخرا من الرسول صلى الله عليه وسلم واستهزءا به ورمياه بالجنون وأنهما صنما هذه الأمة (912[210]) .
وما رواه كذلك هذا المفترى الضال الزنديق : من أن أبا بكر أضمر وهو فى الغار أن الرسول صلى الله عليه وسلم ساحر ، وأن أول عداوة بدت منه للرسول صلى الله عليه وسلم فى على ، وأول خلاف منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بقبا فى الهجرة ، وأول من بايعه إبليس حيث جاء على هيئة شيخ كبير (913[211]) .
وإلى جانب ما سبق نرى الكلينى متأثراً بعقيدته الباطلة فى الإمامة عندما يأتى بروايات لها صلتها بالموضوعات التاريخية ، فإلى جانب الحديث عن البيعة أو النص على الأئمة كما رأينا نرى موضوعات أخرى فمثلاً :
ذكرنا فى الجزء السابق شيئاً عن خرافة السفيانى (914[212]) ونجد هنا ذكراً له فى عدد من الروايات (915[213]).
والشيعة الإمامية يسمون الرافضة لسبب تاريخى معروف (916[214]) ولكن الكلينى يروى أن الله تعالى سماهم بهذا الاسم (917[215]) .(2/213)
واسم الجعفرية نسبة إلى الإمام جعفر ، فنرى الكلينى هنا يرى أن الجنة فيها نهر يقال له جعفر على شاطئه الأيمن درة بيضاء فيها ألف قصر ، فى كل قصر ألف قصر لمحمد وآل محمد صلى الله عليه وسلم (918[216]) .
وهكذا نرى روضة الكافى لا تكاد تقل عن أصوله تأثراً بعقيدة الإمامة .
وبعد هذا العرض لأصول الكافى وروضته نستطيع أن نقول :
1 ـ إن الكلينى اتخذ من السنة بمفهومها عنده وسيلة لإثبات عقيدته فى الإمامة ورأيه فى الأئمة وما يتصفون به . ووسيلة كذلك لبيان بطلان ما ذهب إليه غير الجعفرية الذين لم يأخذوا بعقيدته فى الإمامة ، وأنهم مهما تعبدوا فهم فى النار ، فعبادتهم غير مقبولة فى زعم الكلينى ، على حين أن الجعفرية جميعاً بغير استثناء سيدخلون الجنة ولا تمسهم النار مهما ارتكبوا من الموبقات والآثام ، ومهما كان خطؤهم فى حق الله تعالى أو فى حق عباده .
والكلينى من أجل هذا كله نراه يفترى آلاف الروايات وينسبها للرسول صلى الله عليه وسلم ولآل بيته الأطهار .
وفى بحثنا للإمامة فى الجزء الأول عندما وصلنا إلى دلالة السنة اعتمدنا على ثمانية كتب لم نضم إليها كتاب الكافى ، وأظننى الآن لست فى حاجة لتأييد وجهة نظرى .
2 ـ والكلينى اتخذ من السنة كذلك وسيلة لتحريف كتاب الله تعالى نصاً ومعنى ، وقد نهج هنا منهج شيخه على بن إبراهيم القمى ، صاحب التفسير الضال المضل الذى تحدثنا عنه فى الجزء السابق ، ونهج منهجه كذلك فى الطعن فى الصحابة الكرام : نقلة الشريعة وحملة رسالة الإسلام بعد الرسول صلى الله عليه وسلم . وخص بمزيد من الطعن الذين تولوا الخلافة الراشدة قبل الخليفة الرابع الإمام على رضى الله تعالى عنهم أجمعين وأرضاهم .
3 ـ والكلينى أقدم على ما لا يقل خطورة وضلالاً عن القول بتحريف القرآن الكريم ونقصه حيث افترى على الله الكذب فزعم أنه جل شأنه أنزل كتباً من السماء بخط إلهى تؤيد فرقته الجعفرية .(2/214)
4 ـ والكلينى يضمن كتابه بعض الأحداث التاريخية ، ويذكرها بحسب هواه ، ويفسرها بما يشتهى ، وبما يشبع غيه وضلاله .
رابعاً ـ فروع الكافى وبقية الكتب
قلنا إن الفروع من الكافى تشتمل على الروايات المتصلة بالأحكام الفقهية وهى بهذا تلتقى مع كتاب الصدوق " فقيه من لا يحضره الفقيه " وكتابى الطوسى " التهذيب والاستبصار " .
وبعد أن انتهينا من الحديث عن أثر عقيدة الإمامة فى أصول الكافى وروضته لسنا فى حاجة إلى التوسع فى بيان أثر الإمامة فى الفروع والكتب الثلاثة ما دامت هذه كلها متعلقة بالفقه ، فالفقه خصصناه بالجزء الرابع ، والآراء التى تأثرت بالإمامة تعتمد بصفة عامة على ما جاء فى هذه الكتب . إذن يمكن القول بأن أثر الإمامة فى الفقه يبين إلى حد كبير أثر الإمامة فى فروع الكافى والكتب الثلاثة الأخرى .
ولنأخذ مثلاً أثر الإمامة فى " كتاب الحج " كما نراه فى الفقه وفى كتب الحديث الأربعة عند الجعفرية .
فأما الفقه فنجد أنهم يرون أن غير الجعفرى الإمامى إذا حج ثم صار جعفرياً فيستحب أن يعيد الحج . ولا يصح للجعفرى أن ينوب فى الحج عن غير الجعفرى إلا إذا كان أباه ، وفى الزيارة يستحب استحباباً مؤكداً زيارة الأئمة ، وفى الدعاء يستحب أن يكون بالأدعية المأثورة ، إلى غير ذلك مما سيظهر من دراستنا للحج فى الجزء اللاحق .
وننظر إلى ما كتبه المحمدون الثلاثة ـ أصحاب الكتب الأربعة فى كتاب الحج من كتبهم فنراهم يذكرون ما يدل على هذه الأحكام:
فيروى الثلاثة عن الإمام الصادق : عن رجل حج ولا يدرى ، ولا يعرف هذا الأمر ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة به أعليه حجة الإسلام ؟ فقال : قد قضى فريضة الله عزوجل والحج أحب إلي (919[217]) .
وفى " باب الحج عن المخالف " (920[218]) يروى الكلينى عن وهب قال : قلت لأبى عبد الله : " أيحج الرجل عن الناصب ؟ فقال : لا ، فقلت : فإن كان أبى ؟ قال : فإن كان أباك فنعم " .(2/215)
ويروى أن الإمام الهادى كتب " لا يحج عن الناصب ولا يحج به " .
وفى فضل الزيارة وثوابها يروى الكلينى والقمى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للحسن : يا بنى من زارنى حياً أو ميتاً ، أو زار أباك أو زار أخاك أو زارك كان حقاً علي أن أزوره يوم القيامة فأخلصه من ذنوبه (921[219]) .
ويرويان عن أبى جعفر أنه قال : " من تمام الحج لقاء الإمام " (922[220]) .
ويروى الكلينى والطوسى عن يونس بن أبى وهب قال : " دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله فقلت : جعلت فداك ، أتيتك ولم أزر أمير المؤمنين ؟ قال : بئس ما صنعت ، لولا أنك من شيعتنا ما نظرت إليك ، ألا تزور من يزوره الله مع الملائكة ، ويزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون " (923[221]) .
ويروى القمى والطوسى عن الإمام الصادق قال : " إن الله تبارك وتعالى يبدأ إلى زوار قبر الحسين بن على بن أبى طالب عشية عرفة ، قيل له : قبل نظره إلى أهل الموقف ؟ قال نعم ، قيل وكيف ذلك ؟ قال : لأن فى أولئك أولاد زنى وليس فى هؤلاء أولاد زنى " (924[222]) .
ويروى القمى عن البيزنطى قال : قرأت كتاب أبى الحسن الرضا : أبلغ شيعتى أن زيارتى تعدل عند الله تعالى ألف حجة . قال : قلت لأبى جعفر ـ يعنى ابنه ـ ألف حجة ؟ قال : إى والله وألف ألف حجة لمن زاره عارفاً بحقه (925[223]) .
ويروى الثلاثة عن الإمام الصادق : يا سدير تزور قبر الحسين فى كل يوم ؟ قلت : جعلت فداك لا . قال : فما أجفاكم ! قال : فتزورونه فى كل جمعة ؟ قلت : لا قال : فتزورونه فى كل شهر ؟ قلت لا : قال فتزورونه فى كل سنة : قلت قد يكون ذلك . قال : يا سدير ما أجفاكم للحسين ! أما علمت أن لله عزوجل ألفى ألف ملك شعث غبر يبكون ويزورونه لا يفترون ؟ وما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين فى كل جمعة خمس مرات وفى كل يوم مرة ؟(2/216)
قلت : جعلت فداك إن بيننا وبينه فراسخ كثيرة . فقال لى : اصعد فوق سطحك ثم تلتفت يمنة ويسرة ثم ترفع رأسك إلى السماء ثم تنحو نحو القبر وتقول : السلام عليك يا أبا عبد الله السلام عليك ورحمة الله وبركاته . تكتب لك زورة ، والزورة حجة وعمرة (926[224]).
وروى الكلينى عن بشير الدهان قال : قلت لأبى عبد الله : " ربما فاتنى الحج فأعرف (927[225])عند قبر الحسين فقال : أحسنت يا بشير ، أيما مؤمن أتى قبر الحسين عارفاً بحقه فى غير يوم عيد كتب الله له عشرين حجة وعشرين عمرة مبرورات مقبولات ، وعشرين حجة وعمرة مع نبى مرسل أو إمام عدل ، ومن أتاه فى يوم عيد كتب الله مائة حجة ومائة عمرة ومائة غزوة مع نبى مرسل أو إمام عدل . (928[226]) قال : قلت له : كيف لى بمثل الموقف ؟ قال : فنظر إلى شبه المغضب ثم قال لى : يا بشير إن المؤمن إذا أتى قبر الحسين يوم عرفة واغتسل من الفرات ثم توجه إليه كتب الله له بكل خطوة حجة بمناسكها ، ولا أعلمه إلا قال : وغزوة (929[227]).
وذكر الكلينى بعد هذا عشر روايات لم يقل فضل زيارة قبر الحسين فى إحداها عن عشرين حجة ، وفى أكثر من رواية قال : من أتى قبر أبى عبد الله عارفاً بحقه ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (930[228]) .
وبالنسبة للأدعية المأثورة روى الثلاثة فيما يقال عند زيارة قبر أمير المؤمنين :(2/217)
السلام عليك يا ولى الله ، أنت أول مظلوم ، وأول من غصب حقه .. جئتك عارفاً بحقك ، مستبصراً بشأنك معادياً لأعدائك ومن ظلمك .. لعن الله من خالفك ، ولعن الله من افترى عليك وظلمك ، ولعن الله من غصبك ، ولعن الله من بلغه بذلك فرضى به ، أنا إلى الله منهم برىء . لعن الله أمة خالفتك وأمة جحدتك وجحدت ولايتك ، وأمة تظاهرت عليك ، وأمة قتلتك ، وأمة حادت عنك وخذلتك . الحمد لله الذى جعل النار مثواهم وبئس الورد المورود ، وبئس ورد الواردين ، وبئس الدرك المدرك . اللهم ألعن قتلة أنبيائك ، وقتلة أوصياء أنبيائك بجميع لعناتك ، وأصلهم حر نارك ، اللهم العن الجوابيت والطواغيت والفراعنة واللات والعزى والجبت وكل ند يدعى من دون الله ، وكل مفتر . اللهم العنهم وأشياعهم وأتباعهم وأولياءهم وأعوانهم ومحبيهم لعناً كثيراً .
أشهد أنك جنب الله ، وأنك باب الله ، وأنك وجه الله الذى يؤتى منه ، وأنك سبيل الله .
أشهد أن من قاتلكم وحاربكم مشركون ، ومن رد عليكم فى أسفل درك من الجحيم (931[229]) .
ومما رواه القمى عند زيارة قبر الحسين :
" بكم تنبت الأرض أشجارها وبكم تخرج الأشجار أثمارها ، وبكم تنزل السماء قطرها ، وبكم يكشف الله الكرب ، وبكم ينزل الله الغيث ، وبكم تسبح الأرض التى تحمل أبدانكم . لعنت أمة قتلتكم ، وأمة خالفتكم ، وأمة جحدت ولايتكم ، وأمة ظاهرت عليكم ، وأمة شهدت ولم تنصركم ، الحمد لله الذى جعل النار مأواهم وبئس الورد المورود " (932[230]) .
هذه بعض روايات كتاب الحج التى بدا فيها أثر الغلو فى عقيدة الإمامة . وكان لهذه الروايات صداها فى الفقه الجعفرى ، ولكن نجد روايات أخرى يبدو فيها هذا الأثر ، أثر الغلو فى العقيدة ، ولا أثر لها فى الفقه . مثال هذا ما رواه الكلينى عن الحارث عن أبى جعفر قال :(2/218)
" كنت دخلت مع أبى الكعبة ، فصلى على الرخامة الحمراء بين العمودين فقال : بهذا الموضع تعاقد القوم إن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قتل ألا يردوا هذا الأمر فى أحد من أهل بيته أبدا .
قال : قلت : ومن كان ؟ قال : كان الأول والثانى وأبو عبيدة بن الجراح وسالم بن الحبيبة (933[231]) .
وما رواه أيضاً عن حسان الجمال قال : حملت أبا عبد الله من المدينة إلى مكة ، فلما انتهينا إلى مسجد الغدير نظر إلى ميسرة المسجد فقال : ذلك موضع قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : من كنت مولاه فعلى مولاه . ثم نظر إلى الجانب الآخر فقال : ذلك موضع فسطاط أبى فلان وفلان وسالم مولى أبى حذيفة وأبى عبيدة الجراح .
فلما رأوه رافعاً يديه قال بعضهم : انظروا إلى عينيه تدور كأنهما عينا مجنون ، فنزل جبرئيل بهذه الآية : ( وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ( (934[232]).
وبعد : فهذه الأمثلة القليلة توضح الاتجاه العام لتأليف هذه الكتب تأثراً بعقيدة الإمامة ؛ وما يقال عن أثر الإمامة فى الفقه الجعفرى أقل مما يقال عن أثرها فى هذه الكتب الأربعة ، ففى الكتب مزيد من التأثر بالغلو فى عقيدة الإمامة ، ومزيد من الكفر والضلال والزندقة .
وإذا كان هؤلاء أعداء الإسلام الذين أرادوا هدمه من الداخل كما يتضح بجلاء من كتبهم وآرائهم ومعتقداتهم فمن الواضح البين أنهم اتخذوا شعار حب آل البيت الأطهار ستاراً لهدفهم وعدائهم ، ومن اللازم الذى لا ينفك أبداً أن عداءهم للإسلام وأهله يستتبع عداءهم لآل البيت الأطهار ، وهذا العداء يظهر من وقت لآخر من حيث أرادوا كتمانه :(2/219)
انظر مثلاً إلى زواج عمر بن الخطاب ابنة على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم ، وما سبق من قولهم " ذاك فرج غصبناه " ، وقولهم بأن علياً وافق خوفاً من تهديد عمر!
إن أمة الإسلام تعرف علياً الشجاع المقدام الذى لا يخشى أحداً إلا الله عزوجل ، والرافضة يصورونه هنا جباناً ذليلاً مهاناً !! وانظر إلى عثمان بن عفان ذى النورين ، وهو من آل البيت ، وزواجه من ابنتى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ، فلم يراع الرافضة مكانتهما من أبيهما صلى الله عليه وسلم ، وأخذوا يتحدثون عنهما بعبارات ساقطة ، بل شكوا فى نسبهما كما بينا فى الجزء الأول .
ثم انظر إلى حب آل البيت الأطهار للخلفاء الراشدين الثلاثة رضى الله تعالى عنهم :
فهذا على بن أبى طالب يختار أسماء الثلاثة لثلاثة من أبنائه ، وهم أبو بكر الذى قتل بين يدى أخيه الحسين ، وعمر ، وعثمان الذى قتل أيضاً مع أخيه الحسين .
ومن أحفاد على بن أبى طالب :
أبو بكر بن الحسن الذى قتل بين يدى عمه الحسين ، وعمر بن الحسن الذى قتل كذلك مع أخيه وعمه الحسين .
وعمر بن الحسين الذى قتل بين يدى أبيه .
( انظر معجم رجال الحديث للخوئى ، ففيه ترجمة هؤلاء جميعاً ) .
أفترى رافضة الأمس أو اليوم يسمون أحد أسماء هؤلاء الثلاثة ؟ أم أنهم ـ لعنهم الله تعالى ـ لا يذكرون أى اسم من الأسماء الثلاثة إلا مع اللعن والتكفير ؟!
كسر الصنم
أو
تحطيم الصنم
العالم الشيعى المعروف آية الله العظمى البرقعى هاله موقف إخوانه الشيعة من كتاب الكافى ، على الرغم مما فيه .
وقد بينت أنه قائم على هدم الإسلام كله ، بكتابه الكريم ، وسنته المشرفة المطهرة ، وحماته الصحابة الكرام البررة ، متخذاً منهج ابن سبأ اللعين .
فآية الله العظمى البرقعى هاله تقديس إخوانه الشيعة لهذا الكتاب ، فألف كتاباً كبيراً أسماه :
كسر الصنم ، أو تحطيم الصنم(2/220)
والمقصود بالصنم هنا كتاب الكافى ، ولقد أحسن كثيراً فى اختيار العنوان ؛ فالرافضة بالنسبة لهذا الكتاب كعبدة الأصنام بالنسبة للصنم ، فكما حطمت الأصنام يجب أن يحطم هذا الكتاب الصنم ! (935[233])
فلعل الشيعة يثوبون إلى رشدهم ، ويتنبهون إلى هذا الخطر بعد أن نبههم عالم من أكبر علمائهم ، نسأل الله جلت قدرته أن يتوب عليهم ليتوبوا .
مقدمة
الحمد لله الذي خلق السموات والأرض ، وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون .
والحمد لله الذى لا يؤدى شكر نعمة من نعمه إلا بنعمة منه ، توجب على مؤدى ماضى نعمه بأدائها : نعمة حادثة يجب عليه شكره بها . ولا يبلغ الواصفون كنه عظمته . الذى هوكما وصف نفسه ، وفوق ما يصفه به خلقه .أحمده حمداً كما ينبغى لكرم وجهه وعز جلاله . وأستعينه استعانة من لا حول ولا قوة إلا به .
وأستهديه بهداه الذى لا يضل من أنعم به عليه .
وأستغفره لما أزلفت وأخرت ، استغفار من يقر بعبوديته ، ويعلم أنه لا يغفر ذنبه ولا ينجيه منه إلا هو .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله (936[234]) .
أما بعد : فقد نزل القرآن الكريم مفرقاً فى ثلاث وعشرين سنة ، قال تعالى فى سورة الإسراء: ( وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً ((937[235]).
والرسول ـ صلى الله عليه وسلم . عندما يقرأ القرآن الكريم على الناس فإنما يقرأ ، ويبين مراد الله تعالى .(2/221)
وكان منهج الصحابة . رضى الله تعالى عنهم ـ كما قال ابن مسعود : " كنا لا نتجاوز عشر آيات حتى نعلم ما بهن ، ونعمل بهن ، فتعلمنا العلم والعمل جميعاً . " وكانوا يأخذون عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يخفى عليهم من هذا العلم .وفى العهد المكى الذى نزلت فيه سورة الإسراء ، نزل قوله تعالى فى الآية التاسعة والثمانين من سورة النحل :( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ ( .وفى الآية الرابعة والأربعين من سورة النحل أيضاً نزل قوله عز وجل : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ( . فما البيان الذى جاء به القرآن الكريم ؟ وما بيان الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ وما العلاقة بين البيانين ؟
بيان الكتاب والسنة
أولاً : من القرآن الكريم ما جاء البيان نصاً لا يحتاج إلى بيان آخر : كقوله تبارك وتعالى :
( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ( (938[236]) .
فحرف الواو كما يأتى للجمع قد يأتى للإباحة ، فيحتمل أن يكون المتمتع مخيراً بين صيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجع ، فمنع هذا الاحتمال بمزيد البيان ( تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ( .
ومثل هذه الآية الكريمة ما يعرف فى أصول الفقه : بالمحكم ، أو المفسر . إذا كان التفسير من القرآن الكريم نفسه ، وهو كثير . وما كان قطعى الدلالة لا يحتمل التأويل ، وهو أكثر .
ثانياً : فى الآية الكريمة السابقة ذكر العمرة والحج ، ولكن كيف نؤديهما ؟(2/222)
فى قوله عز وجل : ( وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ( بيان أن الصلاة مفروضة، وأن الزكاة مفروضة ولكن ما عدد الصلوات المفروضة ؟ وكيف تؤدى؟ وما مواقيتها ؟ إلى غير ذلك مما يتعلق بالصلاة ، وكذلك ما يتعلق بالزكاة.
كل هذا بينه الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عزوجل ـ الذكر بإحكام الفرض ، وترك للرسول صلى الله عليه وسلم بيان ما أنزل . وهذا أمر واضح جلى لا يحتاج إلى وقفة ؛ فلا يستطيع أحد أن ينكره .
ومثل هذا بيان ما كان ظنى الدلالة ، محتملاً للتأويل ، كمطلق يقيد ، وعام يخصص ، إلى غير ذلك مما هو معلوم مشهور .
ثالثاً : جاءت السنة المطهرة بما ليس فيه نص من كتاب الله تبارك وتعالى ، وبيان الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هو عن الله تعالى ؛ فقد بين القرآن الكريم وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم .
" فكل من قَبِل عن الله فرائضه فى كتابه ، قبل عن رسول الله سننه ، بفرض الله طاعة رسوله على خلقه ، وأن ينتهوا إلى حكمه . ومن قبل عن رسول الله فعن الله قبل ، لما افترض الله من طاعته . فيجمع القبولُ لما فى كتاب الله ولسنة رسول الله ، القبولَ لكل واحد منهما عن الله ، وإن تفرقت فروع الأسباب التى قبل بها عنهما " (939[237]).
والآيات الكريمة التى تبين وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنها من طاعة الله عزوجل ، وتحذر من مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، هذه الآيات كثيرة ، نكتفى هنا بذكر بعضها .
القرآن الكريم يأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ويحذر من معصيته
قال الله سبحانه وتعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا( . ( 7 : الحشر ) .(2/223)
وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا ( ( 59 النساء ) .
وقال:( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا( ( 36 : الأحزاب ) .
وقال : ( مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ ( ( 80 : النساء ) .
وقال : ( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ( ( 10 : الفتح ) .
وقال : ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ( ( 65 : النساء ) .
وقال : ( لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( ( 63 : النور ) .
وقال : ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ( ( 51 ـ 52 : النور )(2/224)
فهذه الآيات الكريمة فرضت طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم مقرونة بطاعة الله عزوجل ، ومذكورة وحدها ، وحذرت من يعصى أمر رسول الله ، وحكمت عليه بالضلال المبين ، وبعدم الإيمان ، فطاعة الرسول الكريم طاعة الله تبارك وتعالى . إذن بيان لسنة من بيان كتاب الله العزيز.
السنة وحى
ولا يكون مثل هذا للرسول صلى الله عليه وسلم إلا إذا كان معصوماً لا ينطق عن الهوى ، وهو ما بينه القرآن الكريم حيث قال : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ( ( 3 ، 4 : النجم ) .
وقال : ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ ( ( 52 ، 53 : الشورى ) .
وفى آيتين كريمتين : إحداهما تخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم ، والأخرى تخاطب المؤمنين ، جاء البيان بأن الله سبحانه وتعالى أنزل الكتاب والحكمة ، وسيأتى فى كلام للإمام الشافعى إثبات أن الحكمة هى السنة .
والآيتان هما قوله تعالى : ]وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ( ( 113 : النساء ).
وقوله عزوجل: ( وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ ( ( 231 : البقرة ) .
وإذا كان القرآن الكريم وحياً منزلاً أمرنا باتباعه ، والتعبد به وتلاوته ، فإن السنة المطهرة من الوحى المنزل الذى أمرنا باتباعه دون التعبد والتلاوة . وروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يبين وجوب طاعته ، ويحذر من معصيته .
فقد روى أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجه والحاكم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمرى ، مما أمرت به أو نهيت عنه ، فيقول : لا أدرى ، ما وجدنا فى كتاب الله اتبعناه " .(2/225)
وفى رواية لهم أيضاً : " يوشك أن يقعد الرجل منكم على أريكته ، يحدث بحديثى ، فيقول : بينى وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه ، وما وجدنا فيه حراماً حرمناه ، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله " (940[238]) .
وفى خطبته الشريفة فى حجة الوداع حث على التمسك بالكتاب والسنة حيث قال : " وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً ، أمراً بيناً ، كتاب الله وسنة نبيه " (941[239]).
وروى أبو داود فى مراسيله عن حسان بن عطية قال : " كان جبريل عليه السلام ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن ، ويعلمه إياها كما يعلمه القرآن " (942[240]).
وروى الدارمى عن محمد بن كثير ، عن الأوزاعى ، عن حسان قال : " كان جبريل ينزل على النبى صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينزل عليه القرآن " (943[241] ) ورواه الخطيب البغدادى فى الكفاية ( ص 12 ) بسنده عن حسان بن عطية أيضاً .
اعتصام السلف بالسنة
كان السلف الصالح متمسكاً بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم تمسكهم بالقرآن الكريم ، فالكل وحى واجب الاتباع .
ففى صحيح البخارى نجد " كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة " ومما جاء فى هذا الكتاب : " وكانت الأئمة بعد النبى صلى الله عليه وسلم يستشيرون الأمناء من أهل العلم فى الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها ، فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره ، اقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم " .
ويوضح ما سبق ما رواه الإمام الدارمى فى باب التورع من الجواب فيما ليس فيه كتاب ولا سنة .(2/226)
من هذه الروايات أن أبا بكر الصديق ـ رضى الله تعالى عنه ـ كان إذا ورد عليه الخصم نظر فى كتاب الله ، فإن وجد فيه ما يقضى بينهم قضى به ، وإن لم يكن فى الكتاب وعلم من رسول الله فى ذلك الأمر سنة قضى به ، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين وقال : أتانى كذا وكذا ، فهل علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فى ذلك بقضاء ؟ فربما اجتمع إليه النفر كلهم يذكر من رسول الله فيه قضاء ، فيقول أبو بكر : الحمد لله الذى جعل فينا من يحفظ عن نبينا .فإن أعياه أن يجد فيه سنة من رسول الله جمع رءوس الناس وخيارهم فاستشارهم ، فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به .
وموقف الصديق من ميراث الجدة معلوم مشهور ، حيث توقف " لا أجد لك فى كتاب الله شيئاً " إلى أن بلغه حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأعطاها السدس .
ومن روايات سنن الدارمى أيضاً أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، كتب إلى شريح " إذا جاءك شىء فى كتاب الله فاقض به ولا يلتفتك عنه الرجال ، فإن جاءك ما ليس فى كتاب الله فانظر سنة رسول الله فاقض بها ، فإن جاءك ما ليس فى كتاب الله ولم يكن فيه سنة من رسول الله فانظر ما اجتمع عليه الناس فخذ به ".
ومنها أن ابن عمر لقى جابر بن زيد فقال له : " يا أبا الشعثاء إنك من فقهاء البصرة ، فلا تفت إلا بقرآن ناطق أو سنة ماضية ، فإنك إن فعلت غير ذلك هلكت وأهلكت " .
ومنها أن عبد الله بن مسعود قال : " أتى علينا زمان لسنا نقضى ولسنا هنالك ، وإن الله قد قدر من الأمر أن قد بلغنا ما ترون ، فمن عرض له قضاء بعد اليوم فليقض فيه بما فى كتاب الله عز وجل ، فإن جاءه ما ليس فى كتاب الله فليقض بما قضى به رسول الله ، فإن جاءه ما ليس فى كتاب الله ولم يقض به رسول الله فليقض بما قضى به الصالحون " .(2/227)
ومما يبين ما جاء فى كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة من صحيح البخارى ما رواه هو ومسلم وأحمد وغيرهم ، أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : أذكر الله امرأ سمع النبى صلى الله عليه وسلم فى الجنين شيئاً ؟ فقام حمل بن مالك بن النابغة ، فقال : كنت بين جارتين لى ، يعنى ضرتين ، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح ، فألقت جنيناً ميتاً ، فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة ، فقال عمر : لو لم أسمع فيه لقضينا بغيره . وقال غيره : إن كدنا أن نقضى فى مثل هذا برأينا .
وروى الإمام الشافعى بسنده عن سعيد بن المسيب : " أن عمر بن الخطاب قضى فى الإبهام بخمس عشرة ، وفى التى تليها بعشر ، وفى الوسطى بعشر ، وفى التى تلى الخنصر بتسع ، وفى الخنصر بست " .
ثم قال الشافعى : لما كان معروفاً ـ والله أعلم ـ عند عمر أن النبى قضى فى اليد بخمسين ، وكانت اليد خمسة أطراف مختلفة الجمال والمنافع ، نزلها منازلها ، فحكم لكل واحد من الأطراف بقدره من دية الكف ، فهذا قياس على الخبر.
فلما وجدنا كتاب آل عمرو بن حزم ، فيه : أن رسول الله قال : " وفى كل إصبع مما هنالك عشر من الإبل " ، صاروا إليه ولم يقبلوا كتاب آل عمرو بن حزم ـ والله أعلم ـ حتى يثبت لهم أنه كتاب رسول الله .
وفى الحديث دلالتان :
أحدهما : قبول الخبر والآخر : أن يقبل الخبر فى الوقت الذى يثبت فيه ، وإن لم يمض عمل من الأئمة بمثل الخبر الذى قبلوا.
ودلالة على أنه لو مضى أيضاً عمل من أحد من الأئمة ، ثم وجد خبر عن النبى صلى الله عليه وسلم يخالف عمله ، لترك عمله لخبر رسول الله .
ودلالة على أن حديث رسول الله يثبت بنفسه ، لا بعمل غيره بعده .
ولم يقل المسلمون قد عمل فينا عمر بخلاف هذا بين المهاجرين والأنصار ، ولم تذكروا أنتم أن عندكم خلافه ولا غيركم ، بل صاروا إلى ما وجب عليهم من قبول الخبر عن رسول الله ، وترك كل عمل خالفه .(2/228)
ولو بلغ عمر هذا صار إليه ، إن شاء الله ، كما صار إلى غيره فيما بلغه عن رسول الله ، بتقواه لله ، وتأديته الواجب عليه فى اتباع أمر رسول الله ، وعلمه ، وبأن ليس لأحد مع رسول الله أمر ، وأن طاعة الله فى اتباع أمر رسول الله .
ثم أيد الإمام الشافعى قوله السابق ، فروى بسنده أن عمر بن الخطاب كان يقول : " الدية للعاقلة ، ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا " ، حتى أخبره الضحاك بن سفيان أن رسول الله كتب إليه : " أن يورث امرأة أشيم الضبابى من ديته ، فرجع إليه عمر " (944[242]).ولمكانة السنة عند الصحابة الكرام ، وجدنا منهم من يرحل لطلب حديث واحد .
روى البخارى فى الأدب المفرد بسنده عن ابن عقيل ، " أن جابر بن عبد الله حدثه ، أنه بلغه حديث عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم . فابتعت بعيراً ، فشددت إليه رحلى شهراً ، حتى قدمت الشام . فإذا عبد الله بن أنيس ، فبعثت إليه أن جابراً بالباب . فرجع الرسول فقال : جابر بن عبد الله ؟ فقلت : نعم . فخرج فاعتنقنى . قلت : حديث بلغنى لم أسمعه ، خشيت أن أموت أو تموت ... إلخ " (945[243]).
وروى الحميدى فى مسنده ( 1 / 189 ) ، وبسنده عن عطاء بن أبى رباح قال : خرج أبو أيوب إلى عقبة بن عامر ، وهو بمصر ، يسأله عن حديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يبق أحد سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره وغير عقبة ، فلما قدم أتى منزل مسلمة بن مخلد الأنصارى ، وهو أمير مصر ، فأخبر به ، فجعل فخرج إليه فعانقه ، ثم قال : ما جاء بك يا أبا أيوب ؟(2/229)
فقال : حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يبق أحد سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرى وغير عقبة ، فابعث من يدلنى على منزله . قال : فبعث معه من يدله على منزل عقبة ، فأخبر عقبة به فعجل فخرج إليه فعانقه ، وقال : ما جاء بك يا أبا أيوب ؟ فقال : حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يبق أحد سمعه غيرى وغيرك فى ستر المؤمن . قال عقبة : نعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من ستر مؤمناً فى الدنيا على خزية ستره الله يوم القيامة " .
فقال له أبو أيوب : صدقت . ثم انصرف أبو أيوب إلى راحلته فركبها راجعاً إلى المدينة ، فما أدركته جايزة مسلمة بن مخلد إلا بعريش مصر .
هذان مثلان ، فيهما من الدلالة ما يكفى ويغنى ، والرحلة فى طلب الحديث معلومة مشهورة .
حوار الإمام الشافعى لفرقة ضلت
إذن كان السلف الصالح متمسكاً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تمسكهم بكتاب الله العزيز ، غير أن فرقة شذت فى عصر الإمام الشافعى ، فردت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورأت أنها لا تقدم مع الكتاب الذى أنزله الله تبياناً لكل شىء . وأشار الإمام الشافعى إلى هذه الفرقة ، وذكر حواره مع واحد منها فى كتاب جماع العلم ، فى الجزء السابع من كتابه الأم ( ص 250 ) .…
وقد بدأ الإمام كتاب جماع العلم بقوله :(2/230)
لم أسمع أحداً نسبه الناس ، أونسب نفسه إلى علم ، يخالف فى أن فرض الله عز وجل اتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتسليم لحكمه ، بأن الله عز وجل لم يجعل لمن بعده إلا اتباعه . وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن ما سواهما تبع لهما ، وأن فرض الله تعالى علينا ، وعلى من بعدنا وقبلنا ، فى قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحد لا يختلف فى أن الفرض والواجب قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا فرقة سأصف قولها إن شاء الله تعالى .ثم قال رحمه الله وجزاه خيراً :
باب حكاية قول الطائفة التى ردت الأخبار كلها
قال الشافعى رحمه الله تعالى : قال لى قائل ينسب إلى العلم بمذهب أصحابه : أنت عربى ، والقرآن نزل بلسان من أنت منه ، وأنت أدرى بحفظه ، وفيه لله فرائض أنزلها ، لو شك شاك ـ قد تلبس عليه القرآن بحرف منها ـ استتبته ، فإن تاب وإلا قتلته .وقد قال الله عز وجل فى القرآن : ( تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ ( . فكيف جاز عند نفسك ، أو لأحد فى شىء فرض الله ـ أن يقول مرة : الفرض فيه عام ، ومرة : الفرض فيه خاص، ومرة : الأمر فيه فرض ، ومرة : الأمر فيه دلالة ، وإن شاء : ذو إباحة ؟
وأكثر ما فرقت بينه من هذا عندك حديث ترويه عن رجل عن آخر عن آخر ، أو حديثان أو ثلاثة ، حتى تبلغ به رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد وجدتك ومن ذهب مذهبك لا تبرءون أحداً لقيتموه وقدمتموه فى الصدق والحفظ ، ولا أحداً لقيت ممن لقيتم ـ : من أن يغلط وينسى ويخطئ فى حديثه . بل وجدتكم تقولون بغير واحد منهم : أخطأ فلان فى حديث كذا ، وفلان فى حديث كذا . ووجدتكم تقولون ، لو قال رجل لحديث أحللتم به وحرمتم من علم الخاصة : لم يقل هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنما أخطأتم أو من حدثكم ، وكذبتم أو من حدثكم ـ : لم تستتيبوه ، ولم تزيدوا : على أن تقولوا : بئس ما قلت .(2/231)
أفيجوز أن يفرق بين شىء من أحكام القرآن ، وظاهره واحد عند من سمعه ـ : يخبر من هو كما وصفتم فيه ؟ وتقيمون أخبارهم مقام كتاب الله ، وإنكم تعطون بها وتمنعون بها ؟
قال : فقلت : إنما نعطى من وجه الإحاطه ، أو من جهة الخبر الصادق ، وجهة القياس . وأسبابها عندنا مختلفة ، وإن أعطينا بها كلها فبعضها أثبت من بعض .
قال : ومثل ماذا ؟
قلت : إعطائى من الرجل بإقراره ، وبالبينه ، وإبائه اليمين وحلف صاحبه . والإقرار أقوى من البينة ، والبينة أقوى من إباء اليمين ويمين صاحبه . ونحن وإن أعطينا عطاء بها واحداً فأسبابها مختلفة .
قال : وإذا قمتم على أن تقبلوا أخبارهم ، وفيهم ما ذكرت من أمركم بقبول أخبارهم ، وما حجتكم فيه على من ردها ؟
فقال : لا أقبل منها شيئاً إذا كان يمكن فيه الوهم ، ولا أقبل إلا ما أشهد به على الله ، كما أشهد بكتابه ، الذى لا يسع أحداً الشك فى حرف منه . أو يجوز أن يقوم شئ مقام الإحاطة وليس بها ؟
فقلت له : من علم اللسان الذى به كتاب الله وأحكام الله ، دله علمه بهما على قبول أخبار الصادقين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والفرق بين ما دل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفرق بينه من أحكام الله . وعلم بذلك مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم . إذ كنت لم تشاهده خبر الخاصة وخبر العامة .
قال : نعم .
قلت : فقد رددتها إذ كنت تدين بما تقول !
قال : أفتوجدنى مثل هذا ، مما تقوم بذلك الحجة فى قبول الخبر ؟ فإن أوجدته كانت أزيد فى إيضاح حجتك ، وأثبت للحجة على من خالفك ، وأطيب لنفس من رجع من قوله لقولك .
ـ فقلت : إن سلكت سبيل النصفة ، كان فى بعض ما قلت دليل على أنك مقيم من قولك على ما يجب عليك الانتقال عنه . وأنت تعلم أن قد طالت غفلتك فيه عما لا ينبغى أن تغفل من أمر دينك .
قال : فاذكر شيئاً إن حضرك ؟(2/232)
قلت : قال الله عزوجل : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ( .
قال : فقد علمنا أن الكتاب كتاب الله ، فما الحكمة ؟
قلت : سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال : أفيحتمل أن يكون يعلمهم الكتاب جملة ، والحكمة خاصة ، وهى أحكامه ؟
قلت : تعنى بأن يبين لهم عن الله عزوعلا مثل ما بين لهم فى جملة الفرائض ، من الصلاة والزكاة والحج وغيرها ، فيكون قد أحكم فرائض من فرائضه بكتابه ، وبين كيف هى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم .
قال : إنه ليحتمل ذلك .
قلت : فإن ذهبت هذا المذهب فهى فى معنى الأول قبله ، الذى لا تصل إليه إلا بخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال : فإن ذهبت مذهب تكرير الكلام ؟
قلت : وأيهم أولى به إذا ذكر الكتاب والحكمة : أن يكونا شيئين أو شيئاً واحداً ؟
قال : يحتمل أن يكونا كما وصفت ، كتاباً وسنة ، فيكونا شيئين ، ويحتمل أن يكونا شيئاً واحداً .
قلت : فأظهرهما أولاهما فى القرآن دلالة على ما قلنا ، وخلاف ما ذهبت إليه .
قال : وأين هى ؟
قلت : قول الله عزوجل : ( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ( فأخبر أنه يتلى فى بيوتهن شيئان .
قال : فهذا القرآن يتلى ، فكيف تتلى الحكمة ؟
قلت : إنما معنى التلاوة أن ينطق بالقرآن والسنة ، كما ينطق بها .
قال : فهذه أبين فى أن الحكمة غير القرآن من الأولى .
وقلت : افترض الله علينا اتباع نبيه صلى الله عليه وسلم .
قال : وأين ؟
قلت : قال الله عزوجل : ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ( .(2/233)
وقال عزوجل : ( مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ ( .
وقال : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( .
قال : ما من شئ أولى بنا أن نقوله فى الحكمة : من أنها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو كان بعض ما قال أصحابنا : أن الله أمر بالتسليم بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحكمته إنما هو مما أنزله ـ لكان من لم يسلم ، له أن ينسب إلى التسليم لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قلت : لقد فرض الله عزوجل علينا اتباع أمره فقال : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ( .
قال : إنه لبين فى التنزيل أن علينا فرضاً أن نأخذ الذى أمرنا به ، وننتهى عما نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال : قلت : والفرض علينا وعلى من هو من قبلنا ومن بعدنا واحد ؟
قال : نعم .
قلت : فإن كان ذلك علينا فرضاً فى اتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم :أنحيط أنه إذا فرض علينا شيئاً فقد دلنا على الأمر الذى يؤخذ به فرضه ؟
قال : نعم .
قلت : فهل تجد السبيل إلى تأدية فرض الله عزوجل فى اتباع أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو أحد قبلك أو بعدك ، ممن لم يشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وإن فى أن لا آخذ ذلك إلا بالخبر لما دلنى على أن الله أوجب على أن أقبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
*****
قال : وقلت له أيضاً : يلزمك هذا فى ناسخ القرآن ومنسوخه .
قال : فاذكر منه شيئاً ؟
قلت ـ قال تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ ( .(2/234)
وقال فى الفرائض : ( وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ ( .
فزعمنا بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آية الفرائض نسخت الوصية للوالدين والأقربين . فلو كنا ممن لا يقبل الخبر فقال قائل : الوصية نسخت الفرائض ، هل نجد الحجة عليه إلا بخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ !
قال : هذا شبيه بالكتاب والحكمة ، والحجة لك ثابتة بأن علينا قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد صرت إلى : قبول الخبر لزم للمسلمين ، لما ذكرت وما فى مثل معانيه من كتاب الله . وليست تدخلنى أنفة من إظهار الانتقال عما كنت أرى إلى غيره ، إذا بانت الحجة فيه ، بل أتدين بأن على الرجوع عما كنت أرى إلى ما رأيت الحق .
ولكن أرأيت العام فى القرآن ، كيف جعلته عاماً مرة ، وخاصاً أخرى ؟
قلت له : لسان العرب واسع . وقد تنطق بالشىء عاماً تريد به الخاص فيبين فى لفظها . ولست أصير فى ذلك بخبر إلا بخبر لازم . وكذلك أنزل فى القرآن ، فبين فى القرآن مرة ، وفى السنة أخرى .
قال : فاذكر منها شيئاً ؟
قلت : قال الله عزوجل : ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ( . فكان مخرجاً بالقول عاماً يراد به العام .
وقال : ( إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ( . فكل نفس مخلوقه من ذكر وأنثى فهذا عام يرادبه العام .
وفيه الخصوص : وقال : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ( . فالتقوى وخلافها لا تكون إلا للبالغين غير المغلوبين على عقولهم .(2/235)
وقال : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ( . وقد أحاط العلم أن كل الناس فى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يدعون من دونه شيئاً ، لأن فيهم المؤمن . ومخرج الكلام عاماً فإنما أريد من كان هكذا .
وقال :( واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعدُونَ فِي السَّبْتِ ( دل على أن العادين فيه أهلها دونها .
وذكرت له أشياء مما كتبت فى ( كتابى ) (946[244]) .
فقال : هو كما قلت كله . ولكن بين لى العام الذى لا يوجد فى كتاب الله أنه أريد به خاص ؟
قلت فرض الله الصلاة . ألست تجدها على الناس عاماً ؟
قال : بلى .
قلت : وتجد الحيض مخرجات منه ؟
قال : نعم .
وقلت : وتجد الزكاة على الأموال عامة ، وتجد بعض الأموال مخرجاً منها ؟
قال : بلى .
قلت : وتجد الوصية للوالدين منسوخة بالفرائض ؟
قال : نعم .
قلت : وفرض المواريث للآباء وللأمهات والولد عاماً ، ولم يورث المسلمون كافراً من مسلم ، ولا عبداً من حر ، ولا قاتلاً ممن قتل : بالسنة ؟
قال : نعم . ونحن نقول ببعض هذا .
قلت : فما دلك على هذا ؟
قال : السنة . لأنه ليس فيه نص قرآن .
قلت : فقد بان لك فى أحكام الله تعالى فى كتابه فرض الله طاعة رسوله ، والموضع الذى وضعه الله عز وجل به ، من الإبانة عنه : ما أنزل خاصاً وناسخاً ومنسوخاً ؟
قال : نعم . وما زلت أقول بخلاف هذا ، حتى بان لى خطأ من ذهب هذا المذهب . ولقد ذهب فيه أناس مذهبين : أحد الفريقين لا يقبل خبراً ، وفى كتاب الله البيان .
قلت : فما لزمه ؟(2/236)
قال : أفضى به ذلك إلى عظيم من الأمر ، فقال : من جاء بما يقع عليه اسم " صلاة " وأقل ما يقع عليه اسم " زكاة " فقد أدى ما عليه ، لا وقت فى ذلك ، ولو صلى ركعتين فى كل يوم ، أو قال : فى كل أيام ! وقال : ما لم يكن فيه كتاب الله فليس على أحد فيه فرض !
وقال غيره : ما كان فيه قرآن يقبل فيه الخبر! فقال بقريب من قوله فيما ليس فيه قرآن . فدخل عليه ما دخل على أو قريب منه . ودخل عليه أن صار إلى قبول الخبر بعد رده . وصار إلى أن لا يعرف ناسخاً ولا منسوخاً ، ولا خاصاً ولا عاماً.
والخطأ ومذهب الضلال فى هذين المذهبين واضح ، لست أقول بواحد منهما.
ولكن هل من حجة فى أن تبيح المحرم بإحاطة بغير إحاطة ؟
قلت : نعم .
قال : ما هو ؟
قلت : ما تقول فى هذا ، لرجل إلى جنبى ، أمحرم الدم والمال ؟
قال : نعم .
قلت : فإن شهد عليه شاهدان بأنه قتل رجلاً وأخذ ماله ، فهو هذا الذى فى يديه ؟
قال : أقتله قوداً ، وأدفع ماله الذى فى يديه إلى ورثة المشهود له .
قال : قلت : أو يمكن فى الشاهدين أن يشهدا بالكذب والغلط ؟
قال : نعم .
قلت : فكيف أبحت الدم والمال ، المحرمين بإحاطة ـ : بشاهدين ، وليسا بإحاطة ؟
قال : أمرت بقبول الشهادة .
قلت : أفتجد فى كتاب الله تعالى نصاً أن تقبل الشهادة على القتل ؟
قال : لا . ولكن استدلالاً أنى لا أؤمر بها إلا بمعنى .
قلت : أفيحتمل ذلك المعنى أن يكون لحكم غير القتل ، ما كان القتل يحتمل القود والدية ؟
قال : فإن الحجة فى هذا : أن المسلمين إذا اجتمعوا أن القتل بشاهدين فقلنا : الكتاب محتمل لمعنى ما أجمعوا عليه ، وأن لا تخطئ عامتهم معنى كتاب الله ، وإن أخطأ بعضهم .
فقلت له : أراك قد رجعت إلى قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والإجماع دونه ؟ !
قال : ذلك الواجب على .
وقلت له : أتجدك إذا أبحت الدم والمال المحرمين بإحاطة ـ : بشهادة ، وهى غير إحاطة ؟
قال : كذلك أمرت .(2/237)
قلت : فإن كنت أمرت بذلك على صدق الشاهدين فى الظاهر ، فقبلتهما على الظاهر ، ولا يعلم الغيب إلا الله ، وإنا لنطلب فى المحدث أكثر مما نطلب فى الشاهد ، فنجيز شهادة بشر لا نقبل حديث واحد منهم .
ونجد الدلالة على صدق المحدث وغلطه ممن شركه من الحفاظ ، وبالكتاب والسنة . ففى هذا دلالات . ولا يمكن هذا فى الشهادات .
قال : فأقام على ما وصفت من التفريق فى رد الخبر ، وقبول بعضه مرة ورد مثله أخرى ، مع ما وصفت فى بيان الخطأ فيه ، وما يلزمهم اختلاف أقاويلهم.
وفيما وصفنا ههنا ، وفى الكتاب قبل هذا ـ دليل على الحجة عليهم وعلى غيرهم .
فقال لى : قد قبلت منك أن أقبل الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلمت أن الدلالة على معنى ما أراد بما وصفت من فرض الله وطاعته ، فأنا إذا قبلت خبره فعن الله قبلت ما أجمع عليه المسلمون فلم يختلفوا فيه ، وعلمت ما ذكرت من أنهم لا يجتمعون ولا يختلفون إلا على حق ، إن شاء الله تعالى ... إلخ .
*****
بعد الإمام الشافعى
هذا هو حوار الإمام الشافعى الذى هدى من حاوره بعد ضلال ، ولكن هداية هذا الرجل لا تعنى عدم ضلال الطائفة .
ويأتى القرن الثالث ، الذى توفى الإمام الشافعى فى العام الرابع من بدايته ، ليكون العصر الذهبى لجمع السنة وتنقيتها وتدوينها ، حيث دون مسند الإمام أحمد ، والصحيحان ، وكتب السنن الأربعة ، وغيرها من الكتب الأخرى : كسنن سعيد بن منصور ، والدارمى ، ومسانيد إسحاق بن راهويه ، وبقى بن مخلد ، والبزار ، وأبى يعلى . غير أن ذاك القرن ضم أيضاً من حاول هدم السنة المطهرة .(2/238)
ننظر مثلاً إلى كتاب تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة المتوفى سنة 276 هـ، فنراه جعل كتابه فى الرد على أعداء أهل الحديث ، والجمع بين الأخبار التى ادعوا عليها التناقض والاختلاف ، والجواب عما أوردوه من الشبه على بعض الأخبار المتشابهة أو المشكلة بادئ الرأى . ولا يكتفى ابن قتيبة بالرد على الشبه ، وبيان سوء فهم من أثاروا تلك الشبه ، وإنما يتحدث عن الأشخاص أنفسهم الذين أثاروها حتى يعرف القارئ سبب عدائهم لأهل الحديث .
فيذكر منهم النظام ويقول : وجدنا النظام شاطراً من الشطار ، يغدو على سكر ، ويروح على سكر ، ويبيت على جرائرها ، ويدخل فى الأدناس ، ويرتكب الفواحش والشائنات ... إلخ .
وذكر أن النظام خرج على إجماع الأمة ، وطعن فى أبى بكر وعمر وعلى وابن مسعود وأبى هريرة ، ثم عقب ابن قتيبة بعد هذا بقوله : هذا هو قوله ـ أى النظام ـ فى جلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورضى عنهم ، كأنه لم يسمع بقول الله عز وجل فى كتابه الكريم : ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ( إلى آخر السورة ، ولم يسمع بقوله تعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ( (947[245]) .
وبعد حديثه عن النظام ، ورده عليه يقول : ثم نصير إلى قول أبى هذيل العلاف فنجده كذاباً أفاكاً... إلخ .
وهكذا استمر ابن قتيبة فى كتابه .
وكان أسوأ وأشد خطراً من هؤلاء الذين تحدث عنهم ، قوم اتخذوا لأنفسهم سنة خاصة تختلف عن مفهوم السنة عند الأمة ، فأشركوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم فى العصمة ووجوب الاتباع أشخاصاً اعتبروهم أئمة طائفتهم ، ووضعوا الأخبار فى ظلمات هذا المفهوم ، وفى ظلماته أيضاً كتبوا فى الجرح والتعديل .(2/239)
شهد القرن الثالث ثلاثة من كتب هؤلاء ، وبالرجوع إليها نجد أنها تطعن فى خير الناس : صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رضى الله عنهم ورضوا عنه ، وتذكر أن القرآن الكريم حرف نصاً ومعنى ، وجاء الطعن والقول بالتحريف فى روايات مفتراه ، اعتبروها صحيحة بمقياسهم .
وألف كتاب رابع لتلميذ لأحد أصحاب الكتب الثلاثة ، واعتبر هذا الكتاب الكتاب الأول فى الحديث عندهم ، وعندما قرأته وجدت صاحبه قد ضل ضلالاً بعيداً ، ووضع من المفتريات ما لا يستطيع أن يتصوره أى مسلم .وعندما رجعت لكتب الجرح والتعديل عندهم وجدت آثار هذه الظلمات : فصاحب الكتاب الرابع ثقة الإسلام ! وشيخه ليس ثقة فحسب ، بل كل من وثقهم وروى عنهم فهم ثقات ! ولا يعتبر الحديث صحيحاً إلا إذا كان الرواة كلهم جميعاً من طائفتهم .
والجرح عندهم سيئ للغاية ، ولذلك أكتفى بالإشارة السريعة . فأذكر هذه النماذج :
عثمان بن عفان الأموى خليفة العامة : ضعيف .
عبد الله بن عمر بن الخطاب : الخبيث ، ضعيف .
عبد الرحمن بن عوف : من أضعف الضعفاء .
المغيرة بن شعبة : صحابى فى غاية الضعف .
محمد بن أبى بكر بن أبى قحافة : من أجلاء الثقات ، وتربى فى بيت سوء .
معاوية بن أبى سفيان : زندقته أشهر من كفر إبليس .
هذه نماذج قليلة ، نجد منها أكثر من عشرة آلاف فى كتاب واحد ، وهى مع قلتها تكشف ضلال هؤلاء فى جرحهم وتعديلهم .
وأذكر هنا أن أحد هذه الكتب الثلاثة التى رزئ بها القرن الثالث وصل إليه المستشرقون ، فاعتمدوا عليه فى طعنهم فى القرآن الكريم ، وهكذا أخذ أعداء الله سلاحهم فى الطعن فى الإسلام من قوم انتسبوا للإسلام .(2/240)
وأذكر أيضاً أن معاوية بن أبى سفيان ، وهو من الأمناء ، أحد كتاب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، قام ابن الوزير اليمانى من الشيعة الزيدية ، بتتبع أحاديثه ، فوجد أن ما صح عنه من أحاديث الأحكام ثلاثون حديثاً كلها صحيحة مروية من طرق أخرى ليس فيها معاوية ، كما لم يصح أى حديث عنه ، فيه طعن فى على بن أبى طالب ـ رضى الله تعالى عنهم جميعاً . ولعل فى هذا ما يدمغ أولئك الطاعنين .
*****
فى عصر السيوطى
وفى هذه العجالة التى لا تهدف إلى الحصر والاستقصاء ، ننتقل من القرن الثالث إلى القرن التاسع ، فنرى الإمام السيوطى يؤلف كتاباً تحت عنوان " مفتاح الجنة فى الاحتجاج بالسنة " . وبين سبب تأليف كتابه فقال :
اعلموا ـ يرحمكم الله ـ أن من العلم كهيئة الدواء ، ومن الآراء كهيئة الخلاء ، لا تذكر إلا عند داعية الضرورة ، وإن مما فاح ريحه فى هذا الزمان وكان دارساً ـ بحمد الله تعالى ـ منذ أزمان وهو أن قائلاً رافضياً زنديقاً أكثر فى كلامه أن السنة النبوية والأحاديث المروية ـ زادها الله علواً وشرفاً ـ لا يحتج بها ، وأن الحجة فى القرآن خاصة ، وأورد على ذلك حديث : " ما جاءكم عنى من حديث فاعرضوه على القرآن , فإن وجدتم له أصلاً فخذوا به وإلا فردوه . " (948[246])
هكذا سمعت الكلام بجملته منه ، وسمعه منه خلائق غيرى ، فمنهم من لا يلقى لذلك بالاً ، ومنهم من لا يعرف أصل هذا الكلام ، ولا من أين جاء .
فأردت أن أوضح للناس أصل ذلك ، وأبين بطلانه ، وأنه من أعظم المهالك .
فاعلموا ـ رحمكم الله ـ أن من أنكر كون حديث النبى صلى الله عليه وسلم قولاً كان أو فعلاً بشرطه المعروف فى الأصول حجة ، كفر وخرج عن دائرة الإسلام وحشر مع اليهود والنصارى ، أو مع من شاء الله من فرق الكفرة .(2/241)
روى الإمام الشافعى ـ رضى الله عنه ـ يوماً حديثاً ، وقال إنه صحيح ، فقال له قائل : أتقول به يا أبا عبد الله ؟ فاضطرب وقال : يا هذا ! أرأيتنى خارجاً من كنيسة ؟ أرأيت فى وسطى زناراً ؟ أروى حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أقول به ؟
وأصل هذا الرأى الفاسد أن الزنادقة وطائفة من الرافضة ذهبوا إلى إنكار الاحتجاج بالسنة والاقتصار على القرآن ، وهم فى ذلك مختلفو المقاصد ، فمنهم من كان يعتقد أن النبوة لعلى وأن جبريل ـ عليه السلام ـ أخطأ فى نزوله إلى سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً ، ومنهم من أقر للنبى صلى الله عليه وسلم بالنبوة ، ولكن قال : إن الخلافة كانت حقاً لعلى ... إلخ .
ثم قال السيوطى بعد ذلك :
وهذه آراء ما كنت أستحل حكايتها ، لولا ما دعت إليه الضرورة من بيان أصل هذا المذهب الفاسد الذى كان الناس فى راحة منه من أعصار .
وقد كان أهل هذا الرأى موجودين بكثرة فى زمن الأئمة الأربعة فمن بعدهم ، وتصدى الأئمة الأربعة وأصحابهم فى دروسهم ومناظراتهم للرد عليهم ،وسأسوق إن شاء الله جملة من ذلك ، والله الموفق (949[247]) .
والكتاب طبع فى ستين ومائة صفحة ، فارجع إليه .
الطاعنون فى العصر الحديث
وننتقل بعد هذا إلى عصرنا الحديث ، حيث زادت الطامة ، وكثر الطاعنون ، وهم أصناف :
فمنهم بقايا الفرق ، وأشرت إلى بعضهم آنفاً . وهم لا يكتفون بما فى كتبهم من ضلال . ولكنهم من وقت لآخر يثيرون ما يريدون به هدم السنة : كالطعن فى صحابى جليل راوية ، أو راو أجمعت الأمة على توثيقه . أو كتاب صحيح تلقته الأمة بالقبول ... إلخ(2/242)
ومنهم من يطعن لجهله ما يتصل بالسنة ، فيتشكك ويشكك فى ثبوتها.وهو لا يدرى أن البشرية كلها فى تاريخها الطويل لم تعرف علماً نقل من جيل إلى جيل بالدقة التى نقل بها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولو رجع إلى كتب مصطلح الحديث ، وعلم الرجال ، وشروح السنة لاستراح وأراح .
ومنهم من دفعه هذا الجهل إلى القول بأن القرآن الكريم وحده يكفى ، مستدلاً بقوله تعالى : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ ( ، وقوله : ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ( .
وهذا جهل بالكتاب والسنة معاً ، ووقوع فيما حذر منه الله عز وجل ، ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وردة إلى قول الطائفة التى ذكرها الإمام الشافعى . ولو أن هؤلاء قرأوا حوار الشافعى ، وتدبروا ما ذكرنا من آيات كريمة ، وأحاديث شريفة ، لأدركوا مدى ضلالهم وبعدهم عن سواء السبيل . والعجيب أن هؤلاء أسموا أنفسهم بالقرآنيين ، والقرآن نفسه يشهد على بطلان دعواهم .
ومنهم من جعل عقله حكماً لرفض أحاديث صحت سنداً ومتناً ، بل فى أرقى مراتب الصحاح ، كالأحاديث الثابتة المتعلقة بالغيبيات مثل الجنة، والنار ، وعلامات الساعة ، والملائكة ، والجن . ومن المعلوم أن النقل الصحيح لا يتعارض مع العقل السليم ، ولكن كيف نقيس الغائب على الشاهد ، وكيف نحكم العقل فى أمور لا نعرف شيئاً عنها ، إلا بالنقل الصحيح ، فمتى ثبت النقل لزم التسليم . أحيانا ترى جاهلاً مغروراً يقف أمام حديث متفق عليه ويقول : هذا مرفوض عقلا ! وكان عليه أن يسأل نفسه : أكان البخارى ومسلم وأحمد وغيرهم بلا عقول ؟ بل أعاشت الأمة أربعة عشر قرناً بغير عقل حتى جاء بعقله ليستدرك عليها ؟ !
ومن أسوأ الطاعنين فى عصرنا المستشرقون ، وأشد منهم خطراً تلامذتهم المقلدون التابعون لهم .(2/243)
والمستشرقون طعنوا فى القرآن الكريم نفسه كما أشرت من قبل ، أما السنة فقد أنكروا وجود سنة يتصل سندها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقالوا بأن أقصى اتصال الأسانيد ينقطع ويتوقف عند نهاية القرن الأول . ومعنى ذلك أن السنة بحسب زعمهم تعتبر اختراعاً من اختراعات المسلمين المتأخرين ، أرادو أن يثبتوا أحكاماً فنسبوها للرسول صلى الله عليه وسلم . ثم لم ينسوا أن يطعنوا فيمن كان لهم دور كبير فى السنة ، فمثلا طعنوا فى أبى هريرة الصحابى الجليل رضى الله تعالى عنه ، الذى روى عنه أكثر من ثمانمائة من الصحابة والتابعين ، وهو كما قال الإمام الشافعى " أثبت من روى الحديث فى دهره " ، وطعنوا فى ابن شهاب الزهرى ، الإمام الحجة الثبت ، أول من استجاب لعمر بن عبد العزيز فى جمع السنة .... وهكذا .
ثم ظهر اتجاه آخر عندهم ، اعتبره بعضهم هدماً للفكر الاستشراقى ، ولذلك ثاروا على القائلين به ، مع أنه فى النهاية يصل إلى البهتان نفسه .
ويقوم هذا الاتجاه الخبيث على الاعتراف أولاً بأن السنة لها أصل ، وذلك حتى يضلل جهلة المسلمين بالتظاهر بأنه لا ينكر وجود أصل للسنة ، ولكن بعد هذا الاعتراف تأتى محاولة الهدم ، فيقولون : إن المدارس الإسلامية الأولى لم تستطع أن تحدد ما يعتبر من أقوال محمد وما لا يعتبر من أقواله ، لأن السند لم يكن معروفاً عندهم ، فكانت كلمة سنة تعنى الرأى المقبول لدى جمهور علماء المدرسة ، ثم نسبوا هذه الأقوال المقبولة لدى المدرسة إلى الصحابة حتى تكون أكثر قبولاً ، ثم نسبوها بعد ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم (950[248]) .
ومعنى هذا أنهم يريدون أن يصلوا فى النهاية إلى التشكيك فى السنة كلها.(2/244)
هؤلاء القوم لا يعرفون الإسناد ، فكتبهم المقدسة ذاتها بغير إسناد ، ولذلك فهى محرفة مزورة ، ولكن لا شك أنهم قرأوا عن جمع السنة وتنقيتها ، وشروط رجال الحديث ، وعرفوا أن الأمة الإسلامية فاقت الخلق جميعاً بهذا الإسناد ، ولكن ماذا ننتظر من مستشرق يهودى أو صليبى حاقد على الإسلام وأهله ، مريد هدمه ما استطاع إلى ذلك سبيلا ؟
فلا ننتظر من أعداء الإسلام إلا مثل هذه المحاولات ، وإن كنا مطمئنين تماماً إلى أنهم لن يصلوا إلى ما يريدون ، فالله عز وجل لم يترك حفظ القرآن الكريم كما ترك غيره للأحبار والرهبان فضيعوه ، وإنما تعهد بحفظه( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ( كما تعهد ببيانه ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ . فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ . ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ( ، ومن تمام حفظ القرآن الكريم حفظ السنة المطهرة وهى المبينة له .
أهذا مفكر إسلامى ؟ !
الأمر العجيب الغريب حقاً أن نجد من المسلمين من يردد قول المستشرقين ، ومن يصبح لهم تبعاً ، ومن يعجب بأقوالهم فيذكرها منسوبة إليهم ، أو يذكرها وينسبها لنفسه !
ذكر المرحوم الدكتور مصطفى السباعى أن الدكتور على حسن عبد القادر عندما ألف كتاباً ، وذكر فيه شبه المستشرقين ، وطعنهم فى الإمام الزهرى ، فثار عليه الأزهر ، قال له الأستاذ أحمد أمين : " إن الأزهر لا يقبل الآراء العلمية الحرة ، فخير طريقة لبث ما تراه مناسباً من أقوال المستشرقين ألا تنسبها إليهم بصراحة ، ولكن ادفعها إلى الأزهريين على أنها بحث منك ، وألبسها ثوباً رقيقاً لا يزعجهم مسها ، كما فعلت أنا فى فجر الإسلام وضحى الإسلام " !(2/245)
والشيخ السباعى رحمه الله ناقش المستشرقين وأتباعهم ، وبين تهافت وسخف أقوالهم فى كتابه " السنة ومكانتها فى التشريع الإسلامى " ، غير أنه لم يعش ليرى ثمرة غرس أحمد أمين ، فقد ربى أبناءه فى هذه البيئة التى تتضح من نصيحته الدكتور عبد القادر ، ولا شك أنه نصح ابنه نصائح أدهى وأمر ، ولذلك جاء الابن أسوأ بكثير من أبيه . أخذ حسين بنصيحة أبيه أحمد أمين فى سرقة كلام المستشرقين ، لكنه لم يختر ما يراه مناسباً بل لم يتردد فى أخذ أى شىء عندهم ، ولا مانع من أن يزيد : ولذلك نراه يطعن فى القرآن الكريم وفى عقائد المسلمين ، وهذا ما لم يفعله أبوه .
وفى السنة يقول ما قاله المستشرقون تماماً ! ويضيف إضافات تدل على جهله التام ، وافترائه إلى غير حد .
ولنذكر شيئاً قليلاً مما قاله :
أولاً : زعمه أن الشريعة قاصرة وأن الرسول غير معصوم !!
للكاتب مقالات منشورة فى مجلات لها اتجاهات معلومة ، وجمع أكثر هذه المقالات فى كتاب ، إذا حملت نفسك على قراءته ، وتصبرت ولم تقف عند المقدمات الخادعة ، أدركت يقيناً أنك أمام مؤامرة خبيثة لئيمة لهدم الإسلام :
وإن كنت ممن رزئ بقراءة هذا الكتاب ، غير أننى سأقتصر على ذكر نماذج منه تكفى لكشف المؤامرة ، وبيان حقيقة التآمر . وما جاء فى الكتاب لا يحتاج إلى مناقشة ؛ فهو بعيد عن المنهج العلمى ، والكاتب ينسب نفسه للإسلام ثم ينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة ، فكيف يناقش ؟
مع غير المسلمين طالت المناقشات التى أثبتت حقائق الإسلام ، ودمغت أباطيل خصومه ، ودحضت شبههم ، ولكن كيف تكون مثل هذه المناقشات مع من أطلق عليه المزيفون " المفكر الإسلامى ، والكاتب الإسلامى"؟!
أيمكن أن نتصور مسلماً يقول : إن القرآن الكريم جاء بشريعة قاصرة لا تصلح لكل زمان ومكان ، وأرسل بها رسول غير معصوم ؟(2/246)
قال الكاتب فى ص 43 : قد كان هذا القرآن وحده كافياً لأن يحكم أوضاع المجتمع الإسلامى فى صورته الأولى ، وأن ينظم شئونه الدينية والاجتماعية والسياسية ، بيد أنه ما انقضت فترة وجيزة على وفاة النبى حتى كان العرب قد انطلقوا من بيدائهم ... وباتوا يحكمون شعوباً شديدة التباين فى عاداتها وأخلاقها وبيئاتها وحضارتها عن أهل شبه الجزيرة ، وأسسوا مدناً جديدة ، أو سكنوا مدناً قائمة تزخر بسكان هم الآن فى حاجة إلى شريعة أكثر تعقيداً ، وأوفى تفصيلاً من تلك التى كانت صالحة لأن تحكم مجتمعاً فى بساطة مجتمع مكة والمدينة
وعن اتخاذ السنة مصدراً ثانياً للشريعة قال فى ص 44 :
إزاء هذا التوسع الجغرافى الهائل ، وإزاء ضغط الظروف التاريخية الجديدة دائبة التغير ، واختلاف المكان والزمان ، تلمس المسلمون وفقهاؤهم الدليل الهادى ...
ومع أن الرسول لم يدع قط أنه معصوم من الخطأ إلا حين يملى أو يتلو آيات ربه ، بل ونبهه القرآن ذاته إلى أخطاء بدرت منه ، فقد افترض أنصار الالتزام بالسنة أن العناية الإلهية إنما كانت توجه كل عمل أتى به ، وكل كلمة صدرت عنه منذ بعثه الله رسولاً إلى قومه إلى أن مات . ومن ثم فقد رأوا أن أحكام السنة ملزمة فى الحالات التى لم يرد بصددها حكم قرآنى .
ومما ذكره الكاتب هنا تظهر آراؤه الآتية :
1 ـ إنكار صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان ، فالقرآن الكريم جاء بشريعة قاصرة ، لا تصلح لغير المجتمع الأول فى مكة والمدينة .
2 ـ الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل إلى قومه ، أى أنه لم يرسل إلى الناس كافة .
3 ـ الرسول صلى الله عليه وسلم غير معصوم ، فلا يجب اتباعه .
4 ـ الذين رأوا وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هم طائفة فقط من المسلمين أسماهم الكاتب " أنصار الالتزام بالسنة " .
وهذه الآراء تعارض الكتاب والسنة ، وتنكر ما أجمعت عليه خير أمة أخرجت للناس ، وما هو معلوم من الدين بالضرورة .(2/247)
والدراسة الموجزة السابقة فيها ما يكفى لبيان هذا ، ومناقشة علماء الأمة لأعدائنا أبطلت مثل هذه المفتريات ، ولكن العجب كل العجب أن تصدر هذه الآراء ممن ينسب نفسه أو ينسبه أحد إلى الإسلام !
ثانياً : التشكيك فى كتاب الله المجيد
يقول الكاتب فى ص 38 : صحيح أننا نعلم أن الصحابى عبد الله بن مسعود ـ وكان يعتبر نفسه أحد الثقات الكبار فى القرآن ـ ذهب إلى أن نسخة القرآن التى أقرها الخليفة عثمان بن عفان محرفة غير كاملة ، واتهم زيد بن ثابت وأصحابه ممن جمعوا القرآن باستبعاد آيات تلعن الأمويين ، غير أن هذا الاتهام غير مقبول ، فقد كان على بن أبى طالب والكثيرون غيره من الصحابة أحياء وقت قيام زيد بمهمته ، ولم نسمع أن أحدهم أيد زعم ابن مسعود ، واحتج على استبعاد آيات .
ثم يقول فى ص 48 :وقد اتهمه ـ أى عثمان بن عفان رضى الله عنه ـ هؤلاء الخصوم بأنه قد حذف من مصحفه خمسمائة كلمة أوردتها مصاحف أخرى كمصحف الصحابى الجليل عبد الله بن مسعود .
وفى الصفحة ذاتها يقول :وقد حكى عن عبد الله بن مسعود أنه كان شديد الخشية من أن يغير من نص كلمات الرسول ، فكان لا يحدث عنه إلا أضاف قوله : " والحديث إما فوق ذلك وإما قريب من ذلك ، وإما دون ذلك ."
ثم يقول فى ص 83 :وقد أبى بعض مفكرى اليونان وروما الأقدمين ـ مثل فيثاغورث ونومابومبيليوس ـ أن يخلفوا نصوصاً تكبل فكر التابعين ، فأحرقوا قبيل وفاتهم ما كتبوا أو أوصوا بأن تدفن كتاباتهم معهم ، حتى يتيحوا لكل جيل فى كل قطر أن يخرج بفكر يناسب عصره وبيئته .
وقد يقال إن نبى الإسلام أيضاً لم يأمر بجمع القرآن ، بدليل أن الخليفة أبا بكر تردد حين عرض ابن الخطاب عليه الفكرة ، قائلاً لعمر إنه لايستطيع أن يقدم علي ما لم يقدم عليه النبى ، ولا أوصى به قبل وفاته.غير أن الافتراض الأساسى فى الدين ـ أى دين ـ هو أن تعاليمه الواردة في النص المقدس صالحة للكافة في كل زمان ومكان.(2/248)
ويقول فىالصفحات من131 إلى 133 :كان الشكل الغالب للملكية فى شبه جزيرة العرب فى الجاهلية وفى زمن رسول الله عليه السلام هو الملكية المنقولة دون العقارية . وكان يمكن للبدوى أن يحمل راحلته كل ما يملكه وينتقل به من موطن إلى موطن سعياً وراء الماء والكلأ . وبالتالى فقد كان الاعتداء على السارى فى الصحراء بسرقة ناقته بما تحمل من ماء وغذاء وخيمة وسلاح ، فى مصاف قتله . لذلك كان من المهم للغاية أن تقرر الشريعة عقوبة حازمة رادعة بالغة الشدة لجريمة السرقة فى مثل هذا المجتمع . أما وقد دخل الإسلام مجتمعات تعرف شكلاً من الملكية أهم من الملكية المنقولة ، وأصبح سلب الرجل قربة مائة لا يعنى أمراً جللاً ، فقد يجد المجتمع عقوبة لجريمة السرقة غير العقوبة فى المجتمع البدوى ، دون أن يكون اختياره للعقوبة الثانية خروجاً على الإسلام وروحه . بالعكس ، فإن الالتزام بروح الإسلام يقتضى منا اختيار هذه العقوبة الثانية ، حيث إنها ـ فى المجتمع غير البدوى ـ تحقق نفس النتائج المرجوة التى توخاها الإسلام فى المجتمع البدوى .
إن الشاعر يقول :
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
بمعنى أن المعاملة الواحدة فى حالتين مختلفتين ستسفر حتماً عن نتيجتين متنافرتين . فى حين يعلم أى معلم صبيان مثلاً أن هناك وسائل متباينة لمعاملة صبية مختلفى الطباع والمستوى ، للوصول إلى نتيجة واحدة ، وهى التلقى الحسن للعلم .
وكذلك بالنسبة للحجاب الذى فرض فى المدينة حيث كان النساء يلقين من المتسكعين من شبان المدينة كل مضايقة وعبث كلما خرجن وحدهن إلى الخلاء ، فنزلت آية ( يَا أَيُّها النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ( ( سورة الأحزاب 59 ) ، وذلك حتى يميز الشبان بين المحصنات وغير المحصنات .(2/249)
وقد يعزز من رأيى هذا :أن أحكاماً قرآنية معينة نسختها أحكام قرآنية تالية ، حين تغيرت أوضاع المسلمين بالهجرة وانتشار الإسلام والفتح ، وغير ذلك من التطورات التى حدثت خلال أقل من ربع قرن ، واستلزمت مع ذلك نسخاً لبعض الأحكام .
إن تسليمنا بأن روح الإسلام هى التى ينبغى أن تكون الهادى للسلوك ، لن يدع مجالاً لاتهام الإسلام بمنافاة مقتضيات العصر والتطورات التاريخية التى حدثت بعد القرن السابع الميلادى . كذلك لن تكون الحكومات والفقهاء حينئذ فى حاجة إلى النفاق والمداراة ، والالتواء والسفسطة ، وغض الطرف عن تفسير ما يقعون فيه من تناقض حين يقررون مثلاً إلغاء الرق الذى أباحه الإسلام ، أو يستبدلون عقوبة الحبس بعقوبة قطع يد السارق التى نصت عليها أحكام الشريعة .
كذلك سيؤدى الأخذ بهذا المنحى من التفكير إلى الحد من عدد المتخلين من أبنائنا المثقفين عن الإسلام بأسره بدعوى أن الديانات والتقاليد إنما هى للمتاحف والسياح لا لمواجهة احتياجات العصر ، وسيكون من الأسهل إقناعهم بأن هذه الديانات والتقاليد ليست عقبة فى سبيل التقدم ، وإنما يمكن أن تكون وسيلته" أ.هـ .
هذه أقوال الكاتب منقولة بنصها ، ومنها نلحظ ما يأتى :
1 ـ أنه لجأ إلى التشكيك فى كتاب الله العزيز بطريقة خبيثة خادعة :
فهو فى الصفحة الثامنة والثلاثين ينسب لابن مسعود القول بالتحريف ، ونسبة هذا لابن مسعود من المفتريات التى لا أصل لها ، فهو كغيره من الصحابة _ رضى الله تعالىعنهم وأرضاهم ـ يعرف كيف كتب الوحى بعد نزوله مباشرة بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وإملائه ، ويعرف معنى قوله تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ( ( 9 : الحجر) ، وقوله عزوجل : ( لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ( ( 64 : يونس ) .(2/250)
وقوله تبارك وتعالى : ( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ . لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ( ( 41 ـ 42 : فصلت ) .
وقوله جلت قدرته : ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ . إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ . فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ . ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ( ( 16 ـ 19 القيامة ) .
ويعرف ابن مسعود كغيره كيف جمع القرآن الكريم بعد الرسولصلى الله عليه وسلم من السطور والصدور ليكون بين دفتين فى مصحف واحد.
ومن المعلوم من الدين بالضرورة أن القرآن الكريم وصلنا متواتراً كما أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم ، دون تغيير أو تحريف أو تبديل ، أوإسقاط أو زيادة .من أنكر هذا فقد كذب كتاب الله العزيز نفسه.
ولكن الكاتب يورد الكذب على ابن مسعود كأنه شىء ثابت مسلم حيث يقول " صحيح أننا نعلم... إلخ " .
ثم بعد هذه الفرية يظهر نفسه كأنه مدافع عن كتاب الله تعالى رافض( لزعم ) ابن مسعود .
وبعد عشر صفحات يذكر أن مصحف الصحابى الجليل عبد الله بن مسعود فيه خمسمائة كلمة ليست فى مصحف عثمان ، وهو الذى نقل منه مصاحف المسلمين اليوم ، ثم يضيف أن هذا الصحابى الجليل كان شديد الخشية من أن يغير من نص كلمات الرسولصلى الله عليه وسلم .
وهكذا يحاول أن يصل إلى هدفه ، فابن مسعود بلا شك له مكانته عند المسلمين قاطبة . وهو إذا كان يتحرى الدقة بالنسبة لكلمات الرسولصلى الله عليه وسلم فمن باب أولى أن يكون موقفه من القرآن الكريم ، ولذلك فعنده خمسمائة كلمة ليست عند المسلمين اليوم .(2/251)
وظهور الكاتب كالمدافع فى المرة الأولى يساعده فى الوصول الى هدفه ، فهو أولاً يحاول أن يبعد عن نفسه تهمة الكفر والردة إذا ظهر مشككاً فى كتاب الله تعالى غير مؤمن به فألصق التهمة بالصحابى الجليل ، تهمة التشكيك ، فإذا أخذ أى مسلم بروايات الكاتب فليس عليه من حرج أن يكون كالصحابى الجليل ابن مسعود الذى يعرف من قوله " كنا لا نتجاوز عشر آيات حتى نعلم ما بهن , ونعمل بهن ، فتعلمنا العلم والعمل جميعا "
وإذا قال أحد : القرآن محرف أو سقط منه ما سقط فعلى مسلمى العصر أن يقبلوا قوله ، فهو منسوب لصحابى يجلونه، وليس لهم أن يكفروا القائل ، أو أن يحكموا بردته ، وإلا كان حكماً بكفر وردة الصحابى الجليل
2 ـ ماذكره فى الصفحة الثالثة والثمانين يكشف عن خبيئة نفسه تجاه النصوص : فالنصوص تكبل فكر التابعين ، لذلك أحسن أولئك المفكرون صنعاً بإحراق الكتابات أو دفنها حتى يتيحوا لكل جيل فى كل قطر أن يخرج بفكر يناسب عصره وبيئته .
وإذا كان لايستطيع أن يصرح بوجوب إحراق أو دفن القرآن الكريم حتى لانتكبل بالنص ، ونشرع لأنفسنا ما يناسب عصرنا وبيئتنا ، إذا كان لا يستطيع هذا ( المسلم ) أن يصرح بهذا ، فإنه يقوله بطريقته الملتوية الخبيثة : وقد يقال إن نبى الإسلام أيضاً لم يأمر بجمع القرآن ...إلخ ، فهذا موقف المفكرين ، ومثله موقف الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالاعتصام بالكتاب العزيز ، فضلاً عن السنة المطهرة ، السبب فى أننا لم نستطع أن نختار ما يناسب جيلنا وبيئتنا ، حيث كبلتنا النصوص .(2/252)
ومن قبل ذكر أن القرآن الكريم جاء بشريعة ناقصة غير عامة ، فلم تستطع أن تسير المجتمع خارج مكة والمدينة ، وهنا يقول قولته ، وبعد هذا يصرح بوجوب ترك أحكام شرعية نص عليها القرآن الكريم ، وهكذا يحاول أن يصل إلى الهدف ولكن كما جاء فى ص 143 " هذه المواقف تبدو عند تسطيرها للنشر وقد تقنعت بألف قناع ، وإذا هذه الآراء وقد أقدمت على إيصالها إلى جمهور المؤمنين تظهر مقمطة فى قماط المومياء ، تقدم رجلاً وتؤخر أخرى ، وكأنما هى تسعى فى آن واحد إلى أن تكشف عن نفسها وتستتر ، وتسفر عن وجهها وتحتجب "
ثم يحاول أن يهدم إيمان المسلمين بأن الإسلام الذى جاء بخير كتاب أنزل صالح لكل زمان ومكان ، فيقول " غير أن الافتراض الأساسى فى الدين ـ أى دين ـ هو أن تعاليمه الواردة فى النص المقدس صالحة للكافة فى كل زمان ومكان " ومعلوم أن هذا الافتراض غير صحيح إلا فى الإسلام ، فكل نبى جاء إلى قومه خاصة وجاء خاتم النبيين إلى الناس عامة ، والكاتب يسوى بين الإسلام وغيره ، ويجعل الصلاحية مجرد افتراض فى جميع الديانات .
3 ـ فى الصفحات الثلاث الأخيرة بعد أن مهد بأباطيله السابقة ، يصل إلى ما يرمى إليه وهو ترك العمل بكتاب الله تعالى ، ولكن لا يريد أن يعلن أنه خرج عن الإسلام كلية . وإنما هو مصلح دينى ثائر ، ولذلك يظل حريصاً على اللجوء إلى الخداع والأساليب الملتوية الخبيثة ، فهو عندما يأتى إلى حد السرقة ، وأمرالله تعالى القطعى الثبوت القطعى الدلالة ، فلا مجال فيه لاجتهاد مجتهد ولا تأويل متأول ، نراه يتحدث عن البدوى والملكية المنقولة دون العقارية ويترك مجتمع مكة والمدينة الذى تحدث عنه من قبل . وكأن الإسلام جاء بهذا الحكم للسرقات التى هى فى مصاف القتل فى المجتمع البدوى ، وأما غيره فحكم الله لا يصلح ولا يتناسب . تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .(2/253)
ولو أن الكاتب لم ينسب نفسه للإسلام لنبهناه إلى منهج القرآن الكريم حيث ينص على مبادئ عامة كلية لا جزئية فيما يتغير تبعاً للزمان والمكان كالمبادئ التى تتصل بالحكم ، ويفصل فيما هو ثابت لا يتغير كأحكام الميراث وبعض ما يتصل بالزواج والفرقة بين الزوجين ، والحدود والقصاص وغير ذلك مما يعرفه المسلمون .
فالسارق هو السارق فى أى زمان وأى مكان ، وقطع الرسول صلى الله عليه وسلم فى مجن لا تصل قيمته إلى دينار واحد ، وليس المجن فى ذاته أمراً جللاً ولكن ذات السرقة هى الأمر الجلل ، والمرأة المخزومية التى سرقت لم تسرق مثل ما تحدث عنه وأراد أن يبرر به إبطال حكم الله تعالى . ومما يؤكد عموم الحكم المعلوم قول الرسول صلى الله عليه وسلم " وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها " ثم أمر بقطع يد المخزومية . وتنفيذ حكم الله تعالى يعنى صلاح الناس ودرء المفاسد ، فهو الخالق سبحانه وتعالى ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ( ولو أن حكم السرقة كان لمجتمع محدود فى زمن محدود لما جاء بهذا العموم والتأكيد ، فالله عزوجل الذى أرسل خاتم رسله كافة للناس بشيراً ونذيراً كان يعلم مدى انتشار الإسلام إلى يوم القيامة ، والبيئات التى سيدخلها هذا الدين .
ولو أن الكاتب لم ينسب نفسه للإسلام لبينا له الفرق بين الحد والتعزير , وكيف أن الحدود وضعت لهذا العدد القليل من الجرائم للحفاظ على الضرورات التى كفلها الإسلام ولا تقوم حياة ولاتصلح بغيرها ، أما ماعدا هذه الجرائم فقد شرع الإسلام لها العقوبة التعزيرية ، وهذه العقوبة التى شرعها القرآن الكريم وبينتها السنة النبوية المطهرة ، وطبقها سلفنا الصالح ، ومن تبعهم بإحسان ، هذه العقوبة التعزيرية هى التى يمكن أن تختلف تبعاً لاختلاف الأحوال والزمان والمكان .(2/254)
وقول الكاتب " فقد يجد المجتمع عقوبة لجريمة السرقة غير العقوبة فى المجتمع البدوى " يبين أن الحكم ليس لله عز وجل ، فليس هو المشرع وحده ، وإنما المجتمع هو الذى يصنع الأحكام لنفسه ، وأن هذا الحكم للمجتمع البدوى فقط ، وليس حكماً إلهياً لكل الناس فى كل زمان ومكان . ومع أن هذا كفر صريح ، حاول الكاتب أن يوهم المسلمين بأن هذا هو الإسلام ، فأضاف " دون أن يكون اختياره للعقوبة الثانية خروجاً عن الإسلام وروحه ، وبالعكس فإن الالتزام بروح الإسلام يقتضى منا اختيار هذه العقوبة الثانية " .
وإذا كان الكاتب يعتبر نفسه من المسلمين فإنا نسأله : ما ضوابط الإسلام ؟ وعلى أى أساس تختار العقوبة الثانية ؟ ومن الذى يختارها ؟
ولماذا جعل الله عز وجل لعقوبة السرقة حداً ولم يجعلها من العقوبات التعزيرية مثل معظم العقوبات ؟
وإذا قال ربنا عز وجل : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ ( وقال أحد : لا ، لا نقطع ، فهل يكون مؤمناً بالله خاضعاً لحكمه ؟ ولو جاز هذا فى السرقة ، أفليس من الجائز أن يقال فى أى حكم آخر ؟ وإذا كانت أحكام الله لا تنفذ فما الفرق بيننا وبين الكفار والمشركين الذين لا يتلقون حكماً من الله تعالى وإنما يضعون الأحكام لأنفسهم ؟
4 ـ فى حديثه عن الحجاب يؤكد ما أراده آنفاً ، وهو ترك العمل بكتاب الله المجيد ، فيذكر سبب نزول الآية التاسعة والخمسين من سورة الأحزاب ، وكأنى به لا يدرى أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، سواء أجهل هذا أم تجاهله فقد أراد إبطال العمل بكتاب الله العزيز : فجعل حكم السرقة لا يتعدى المجتمع البدوى فى زمن قصير محدود ، والحجاب لا يتعدى مجتمع المدينة فى زمن محدود أيضاً ، فالافتراض الذى ذكره من قبل ليضل به ، وهو افتراض الصلاحية لكل زمان ومكان ، يأتى هنا ليؤكد بطلان هذا الافتراض .(2/255)
والآية الكريمة التى ذكرها تتحدث عن التغطية بالجلباب ، وهو الرداء فوق الخمار ، وفسرها ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ بقوله : أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن فى حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ، ويبدين عيناً واحدة .
ولم يشر الكاتب إلى الآية الكريمة التى ذكرت الخمار ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ( ، وأظنه قرأ تفسيرها وعرف ما فعلته الصحابيات ـ رضى الله تعالى عنهن ـ من الاستجابة الفورية لأمر الله عز وجل ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا (.والصحابيات ـ رضى الله تعالى عنهن ، خير جيل عرفته البشرية ، وضعن الخمر على رءوسهن ونحورهن عندما نزل الأمر الإلهى ، وغطين الوجوه من فوق رءوسهن بالجلابيب . ونهاهن الرسول صلى الله عليه وسلم عن لبس النقاب والقفازين أثناء الإحرام ، فكن يلبسن هذا وهن غير محرمات ، فإذا أحرمن خلعن النقاب والقفازين.وروى أبو داود تحت باب فى المحرمة تغطى وجهها عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها قالت :
" كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات ، فإذا جاوزنا كشفناه " .
والأمر بالحجاب واضح وصريح ، وطبقته الصحابيات فور نزوله ، وأجمعت عليه أمة الإسلام خلال أربعة عشر قرناً من الزمان ، ووقع الخلاف فقط فى الجزء المعفو عنه (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ( ولكن الخلاف لا يتعدى الوجه والكفين فى هذا الاستثناء .(2/256)
ومع هذا أراد الكاتب أن يشكك فى هذا الأمر المستقر نصاً وإجماعاً فقال فى حاشية ص 131 " وقد اختلف المفسرون حول آيات الحجاب وما إذا كانت تخاطب نساء النبى وحده ، أم تلزم المسلمات طرا " ولا أدرى من أين اختلق هذا الاختلاق ؟ وهل عمى عن قراءة الآية الكريمة التى ذكرها هو نفسه عند الحديث هنا عن الحجاب وفيها ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ ( نعم( فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (. ثم يضيف فرية أخرى حيث يقول فى حاشيته " وعلى أى الأحوال فقد كانت كل من سكينة بنت الحسين بن على وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله من السافرات " ، هكذا يقول هذا المفترى ، ولو كان مسلماً حقاً وقرأ خبراً ساقطاً مثل هذا لكان عليه أن يرد هذا الإفك لكنه يأتى به كشىء مؤكد لينتقل منه إلى إفك جديد ، فيهاجم المفسرين الأولين ، ويذكر أنهم هم الذين فرضوا على كل نساء المسلمين ما فرضه القرآن على نساء النبى وبناته ، ومرة أخرى أعمى هذا المفترى الكذاب عن قراءة ]وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ ( بعد قوله تعالى ( قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ ( ؟!
وإذا كان هذا ( المسلم ) حزيناً لأن المرأة المسلمة التزمت بحجاب فرضه عليها ـ بحسب إفكه ـ المفسرون ، وليس الوحى المنزل ، فما الذى يريده حتى يذهب حزنه ؟
نرى الإجابة على هذا السؤال فى بداية حديثه عن الموضوع الذى ذكر فيه الحجاب ، وهو تحت عنوان" فرص نجاحنا فى إقامة مجتمعنا على أسس إسلامية ".
قال فى ص 124 : " كان تطوير الحضارة الأوربية ، بصفة عامة تطوراً متصلاً متجانساً " .(2/257)
ثم قال فى ص 126 : " لقد جاء تحرير المرأة فى الغرب ـ حريتها الجنسية ( أى والله هكذا قال : الجنسية ! ) وحقوقها السياسية واستقلالها الاقتصادى ـ ثمرة لقرون طويلة من التطور والكفاح ، وجاء فى مجتمعاتنا الإسلامية لا نتيجة لفكر أصيل عميق الجذور ...... إلخ .
ثم يضرب مثلاً لحرية المرأة العربية التى وصلت إليها دون تطور متصل متجانس ودون فكر أصيل عميق الجذور ، ولذلك فهى حرية بعيدة عن روح الحضارة الغربية ، يضرب هذا المثل بالفتاة العربية المرتدية البكينى على شاطىء البحر !! هكذا تتضح إجابة السؤال . والمسلمون يعرفون أن المرأة فى الإسلام شرع لها ربها كل ما يناسبها من الحقوق ، فأخذت من الاستقلال الاقتصادى ما لم تصل إليه المرأة فى الغرب ، وأخذت من الحقوق السياسية ما يتناسب معها ولا يخرجها عن طبيعهتا ، غير أنها لم تأخذ ـ لا هى ولا الرجل ـ الحرية الجنسية التى أخذها سادة الكاتب الغربيون بل أربابه .
والإسلام أوصل عقوبة الزنى إلى حد الرجم ، ولما ترك الناس شرع الله عز وجل ووضعوا لأنفسهم القوانين ، لم يروا الزنى جريمة فى ذاته ، فالمتزوجة مثلاً إذا زنت فإنها لا تعاقب بأى عقوبة فضلاً عن الرجم ما دام الزوج رضى بمعاشرتها ، أما إذا لم يرض ورغب فى عقوبتها ، فأقصى حكم هو أن تحبس سنتين ، وغير المتزوجة إذا زنت فهى لم تعتد على حقوق أحد ، ولم ترتكب جريمة ، وإنما لها حريتها الجنسية !!
هكذا اختار الناس ما يناسب عصرهم ، ولا يمكن أن يكون هذا باسم الإسلام إلا إذا أحرقت النصوص ودفنت حتى لا تكبل مثل هذا ( المفكر الإسلامى والمصلح الدينى !! ) فيعيدها جاهلية باسم روح الإسلام ، بل كان أهل الجاهلية أقل فجوراً ، وفسقاً من سادته الغربيين ، وما زلنا نذكر القول المشهور : أو تزنى الحرة ؟!
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول " تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا أبداً ، كتاب الله وسنة نبيه " .(2/258)
ليس عجيباً أن نجد من ينادى بالحرية الجنسية ، فقد وجدنا من ينادى بحرية الشذوذ الجنسى ، ولكن العجيب الغريب أن نجد من يجعل هذا من الأسس الإسلامية التى يريد أن يقوم عليها مجتمعنا الحديث ، والأشد غرابة ونكراً أن ينسب القائل نفسه أو أن ينسبه أحد إلى الإسلام ، فما بالك إذا قيل بأنه مفكر إسلامى ؟! إلا إذا كانت المعانى اضطربت ، فأريد باللقب أنه مفكر فى هدم الإسلام ومحاربته وإفساد المجتمع المسلم .
5 - معلوم أن النسخ لا يكون إلا بأمر الله عزوجل ، ولا نسخ بعد انقطاع الوحى .
والكاتب بعد حديثه عن حرق النصوص أو دفنها يأتى إلى نسخها ، والنتيجة واحدة ، وهى ترك العمل بكتاب الله العزيز ما دام النسخ ليس من حق الله وحده . ويحاول أن يزين هذا الضلال ، ضلال ترك العمل بكتاب الله العزيز بقوله " إن تسليمنا بأن روح الإسلام هى التى ينبغى أن تكون الهادى للسلوك لن يدع مجالاً لاتهام الإسلام بمنافاة مقتضيات العصر والتطورات التاريخية التى حدثت بعد القرن السابع الميلادى " .
ومعنى هذا أن نصوص القرآن لا تصلح بعد ذلك القرن فقد فقدت صلاحيتها منذ ثلاثة عشر قرناً ، وعلينا أن نحل مكانها ما أسماه بروح الإسلام ، وحينئذ يكون حكماً إسلامياً شرعياً استبدال عقوبة الحبس بعقوبة قطع يد السارق التى نصت عليها أحكام الشريعة .
لا يخفى علينا ما كتبه بعض أعلام المسلمين عن صلاحية الإسلام للتطبيق فى كل زمان ومكان ، وعن الحدود وأثر تطبيقها فى المجتمع ، وعن حقائق الإسلام وأباطيل خصومه ، ورد الشبهات التى أثارها أعداء الإسلام ، ولكن هذا الكاتب لا يسلك مسلك المسلمين ، بل يردد أقوال أعداء الإسلام وخصومه بل أكثر مما قاله الأعداء ! وانظر إلى إشارته إلى الرق ، وإلى إشارته الأخيره من أن الإسلام الذى استمدت أحكامه من النصوص ، إنما هو للمتاحف والسياح لا لمواجهة احتياجات العصر ، مما جعل الكثير من المسلمين المثقفين يتخلون عن الإسلام بأسره .(2/259)
فهو لا يريد الإسلام الذى ارتضاه الله لنا ديناً ، وإنما يريد إسلاماً عصرياً ، يبيح مثلاً الحرية الجنسية لا الاستعفاف ، والبكينى لا الحجاب . والرد عليه يطول جداً ، وهو مسطور فى كتب كثيرة ، ولكن الذى أريده هنا أن أبين موقفه من القرآن الكريم .
وبعد هذا البيان لنا أن نتساءل : أمسلم هو ؟ أم أنه حزين لأن الله عزوجل قد حفظ القرآن وحفظ دينه ؟ ولنا أيضاً أن نتساءل : لمصلحة من النفخ فيمن يحاول أن يهدم الإسلام ؟ وكيف بمجلات تصدر فى بلاد الإسلام تفسح صدورها وصفحاتها لمثله وتلقبه بالمفكر الإسلامى ؟!
ثالثاً : موقفه من السنة المطهرة :
أوامر الله تبارك وتعالى جاءتنا فى كتابه الكريم ، وعلى لسان رسوله الأمين ، والسنة وحى ، وهى كالقرآن فى وجوب الاتباع ، وذكرت ما بين هذا من قبل .
والمستشرقون من اليهود والصليبيين والملاحدة ، والحاقدون على الإسلام والمسلمين ، حاولوا أن يدكوا صرح الإسلام بالطعن فى الوحى من الكتاب والسنة ، وأهداف هؤلاء واضحة معلومة فلا عجب من مسلكهم ،ولكن إن تعجب فعجب أن تجد ممن ينتسبون إلى الإسلام من مدهم بمعاول الهدم ، ومن أصبح لهم تابعاً وبوقاً يردد أقواهم على أنها العلم الصحيح لا البهتان العظيم .
فذلك على بن إبراهيم القمى ، المتوفى سنة 307 هـ ، وهو من الفرق الإسلامية ، له كتاب فى التفسير ، بينت ما به من ضلال وزيغ فى الباب السابق ، وعندما طعن المستشرقون فى كتاب الله العزيز اعتمدوا على تفسير القمى كما صرح بهذا المستشرق اليهودى جول تسيهر . وهذا كاتبنا يردد أقوال سادته ، ولكن لأن الأمر يتعلق بكتاب الله المجيد لجأ إلى طريقته التى أشرت إليها آنفاً .
وأحمد أمين لم يأخذ بأقوال المستشرقين فى القرآن الكريم ، ولكن أخذ شيئاً من أقوالهم فى السنة المطهرة ونسبه لنفسه كما صرح فى نصيحته للدكتور على حسن عبد القادر .(2/260)
أما شجرته الخبيثة ، ابنه حسين ، فقد كان أسوأ من المستشرقين وأشد خطراً . ولم يتورع أن يأخذ عنهم أى شىء قالوه فى السنة ، بل أضاف من الأكاذيب والمفتريات ما لا يليق بذى بقية من دين ، أو مسكة من عقل .
وقد رأينا فريته بأن الشريعة الإسلامية قاصرة ، والرسول غير معصوم ، وهذا القول بداية حديثه عن السنة ، ولو صح فلا سنة إذن عند المسلمين !
ولا حاجة لكتبها ، ولا وزن للصحيحين ولا لكتب السنن الأربعة ولا لغيرها ، فالحديث إذا ثبت ثبوت التواتر ، وقطعنا بأنه قول الرسول الكريم ، فما قيمة هذا الحديث إذا كان لرجل غير معصوم ؟
وإذا كان الكفار لا يرونه معصوماً لأنهم لا يرونه رسولاً ، فكيف ينطق بهذا الكفر من ينسب نفسه أو ينسبه أحد إلى الإسلام ؟
والله عزوجل تعهد بحفظ كتابه المجيد نصاً وبياناً ، وكان من تمام حفظ الكتاب حفظ السنة ، ولهذا هيأ الله تبارك وتعالى من يحفظ سنة رسوله المصطفى ، فلم تعرف البشرية فى تاريخها علماً نقل من جيل إلى جيل بالدقة التى نقلت بها السنة المطهرة . قال الإمام مسلم فى كتاب التمييز ( ص171 ) وهو كتابه فى العلل :
" واعلم ، رحمك الله ، أن صناعة الحديث ، ومعرفة أسبابه من الصحيح والسقيم ، إنما هى لأهل الحديث خاصة ، لأنهم الحفاظ لروايات الناس العارفين دون غيرهم . إذ الأصل الذى يعتمدون لأديانهم السنن والآثار المنقولة ، من عصر إلى عصر من لدن النبى صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا هذا . فلا سبيل لمن نابذهم من الناس ، وخالفهم فى المذهب ، إلى معرفة الحديث ومعرفة الرجال من علماء الأمصار فيما مضى من الأعصار ، من نقال الأخبار وحمال الآثار .(2/261)
وأهل الحديث هم الذين يعرفونهم ويميزونهم حتى ينزلوهم منازلهم فى التعديل والتجريح . وإنما اقتصصنا هذا الكلام ، لكى ننبه من جهل مذهب أهل الحديث ممن يريد التعلم والتنبه ، على تثبيت الرجال وتضعيفهم ، فيعرف ما الشواهد عندهم ، والدلائل التى بها ثبتوا الناقل للخبر من نقله ، أو سقطوا من أسقطوا منهم ، والكلام فى تفسير ذلك يكثر " ا . هـ .
بمثل هذا نقل إلينا الكثير من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأصحاب كتب الحديث منهم من لم يلتزم بالوقوف عند الصحيح ، وإنما نقل الصحيح وغير الصحيح ، وفى بعض الكتب نجد أحاديث موضوعة ، ولكن الجهابذة من الأئمة الأعلام وضعوا من الشروط وألفوا من الكتب ما يجعل علماء أى عصر يستطيعون معرفة درجة كل حديث ، وأى مسلم يستطيع أن يدرك هذه الحقائق متى عرف كيف دونت السنة من قبل عصر التدوين إلى ما بعده ، وبالاطلاع على ما كتب فى علوم الحديث ، والجرح والتعديل . والذين أثاروا الشبه حول السنة تصدى لهم من بين زيفها وبطلانها ، ورأينا كلام الإمام الشافعى الممتع المقنع الذى هدى الله تعالى به من حاوره بعد الضلال .
وفى عصرنا بين كثير من العلماء أباطيل المستشرقين ، أما الكاتب فنراه يأخذ بهذه الأباطيل ، ويأخذ أيضاً بنصيحة أبيه ، فيسطو على أقوالهم وينسبها لنفسه . بل سطا على أبيه ( !! ) فيما أخذه عنه عن المستشرقين ، فلم يرده لأبيه ولا للمستشرقين .(2/262)
وأقوال المستشرقين التى أشرت إليها من قبل يرددها حيث يقول : " وقد شرع الجيل التالى للصحابة ، جيل التابعين ، يجمع روايات أقوال النبى وأفعاله . مما كان شائعاً فى عصره ، واتخذ من هذه السنة مصدراً ثانياً للشريعة " ويقول بعد هذا :" ثم بذلت المحاولات بعد ذلك من أجل رفع أحكام السنة إلى مصاف الأحكام القرآنية فيما يتصل بالتشريع ، وقيل إن النبى إنما استنها بأمر من الله تعالى ، وأنها نزلت عليه كما أنزلت آيات الذكر " ـ ثم يقول : "أدرك الفقهاء أنه ما من فرصة أمام الرأى لأن يصادف القبول لدى جمهور المؤمنين ما لم يستند إلى سنة متواترة ، أو يزعم أن له أصلاً فى الحديث ، ومن ثم فقد لجأ الفقهاء والعلماء إلى تأييد كل رأى يرونه صالحاً ومرغوباً فيه بحديث يرفعونه إلى النبى " .
هكذا ردد الكاتب أباطيلهم فرحاً بنسبتها لنفسه ، منفذاً بحمق وجهل وصية أبيه ، وهذا المسلم أما عرف موقف الصحابة الكرام من السنة المطهرة ، وكيف أن أبا بكر الصديق توقف فى أحكام حتى وجدها فى السنة كمسألة الجدة .
والفاروق عدل من أحكام عندما بلغته السنة ؟ وغير الشيخين من الصحابة رضى الله عنهم ورضوا عنه ، الذين اعتصموا بالكتاب والسنة معاً ، فلا إسلام بدونهما ، ولا حكم إلا لهما ، فكيف إذن يقول مسلم بأن السنة ليست مصدراً من مصادر التشريع وإنما لجأ إلى هذا التابعون ، والفقهاء والعلماء هم الذين كذبوا على الله ورسوله فاختلقوا السنة ؟ !كيف يقول هذا مسلم ؟ ولكن لا غرابة بعد أن عرفنا رأيه فى القرآن الكريم نفسه .
ولوضع الأحاديث واستباحة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أسباب كثيرة تحدث عنها العلماء. وكان من نتائج هذا ما رأيناه من جهود الأئمة الأعلام لحفظ السنة المطهرة ، وتنقيتها من هذا الزيف . ومنذ وقت مبكر بدأ النظر فى الإسناد ، فكما قال ابن سيرين : ما كانوا يسألون عن الإسناد ، فلما وقعت الفتنة قالوا : سموا لنا رجالكم .(2/263)
أى أن الإسناد بدأوا ينظرون فيه فى عهد الخليفة الثالث ذى النورين رضى الله عنه عندما وقعت الفتنة ، فإذا كان الراوى من ذوى الأهواء أو المجروحين لم يؤخذ عنه الحديث . وقال ابن سيرين أيضاً : لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء .
فليس الأمر كما قال المستشرقون وأبواقهم من أن السنة وضعت فى القرن الثانى ، فالواقع العملى وكتب السنة ، تشهد بكذبهم ، ومن فضل الله سبحانه وتعالى على المسلمين أن وفق هؤلاء الأئمة ، فكشفوا الوضّاعين ، وبينوا علامات الوضع فى السند ، وعلاماته فى المتن ، وذكروا لنا كثيراً من هذه الأحاديث الموضوعة أفردت لها مؤلفات للتحذير منها ، ونبه على بعضها فى مؤلفات أخرى جمعت بين الموضوع وغيره .
والكاتب لا يسلك المنهج العلمى فى كلامه عن أسباب الوضع ، وإنما يأخذ شيئاً قليلاً من الأسباب الحقيقية ويخلطه بكلام المستشرقين ، فيطعن فى أئمة أثبات أعلام ، بل فى صحابة كرام بررة ، ويبدو مضطرباً كاللص وهو يأخذ من هنا وهناك ، فيضرب أمثلة للوضع بأحاديث موضوعة وأخرى صحيحة ، قد تصل إلى أعلى مراتب الصحيح ، بعضها وصل إلى مرتبة التواتر ، وفى موضع يطعن فى الإسناد ويقول : كان الاهتمام بالمتن ، وفى موضع آخر يطعن فى المتن ، ويقول : كان الاهتمام بالإسناد دون المتن . ويتحدث عن تزييف الأسانيد الصحيحة ، وأن أى أحد يستطيع أن يقوم بهذا ، وهو كلام يدل على جهل تام بعلم الإسناد ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .
والرد على ما بثه الكاتب من سموم وأكاذيب ومفتريات ، يحتاج إلى سفر ضخم ، ولكن بحسبنا أن نكشف حقيقته ، ونبين موقفه من السنة الشريفة عند الله وعند المؤمنين ، كما بينا موقفه المخزى من كتاب الله المجيد .(2/264)
ويمكن أن يذكر هنا أقوال علماء الإسلام فى السنة المطهرة ، وأقوال المعاصرين منهم فى الرد على المستشرقين الذين سرق الكاتب أكاذيبهم وشبههم ، وواضح أن هذا يطول جداً ، ولذلك نكتفى بذكر بعض الأمثلة ، ونكتفى أيضاً بأخذ هذه الأمثلة من كتاب السنة ومكانتها فى التشريع الإسلامى للشيخ الدكتور مصطفى السباعى رحمه الله ، فقد أبطل باطل المستشرقين وأحمد أمين أبى الكاتب وناصحه الأمين .
بدأ الدكتور السباعى حديثه عن السنة مع المستشرقين بعرض تاريخى لأغراض المستشرقين ، وبين مدى خطر هؤلاء وأثرهم السيئ على من خدع بهم من المثقفين المسلمين .
ثم قال رحمه الله :ننتقل من هذه المقدمة الضرورية إلى بيان موقف المستشرقين من السنة وشبههم التى أثاروها حولها ، والتى تأثر بها كثير من الكتاب المسلمين كما رأيت ، ولعل أشد المستشرقين خطراً وأوسعهم باعاً ، وأكثرهم خبثاً وإفساداً فى هذا الميدان ، هو المستشرق اليهودى المجرى " جولد تسيهر " .
وذكر خلاصة قوله فى السنة وتشكيكه بها ، ثم أخذ يفصل الجواب لهذه الخلاصة ، دون تتبع لكل فقرة من الفقرات . فإن كتابه كما قال ـ يضيق عن الرد التفصيلى ، وللعلم فإن الكتاب اقترب من خمسمائة صفحة .
هل كان الحديث نتيجة لتطور المسلمين ؟
قال الدكتور السباعى رحمه الله تحت عنوان : هل كان الحديث نتيجة لتطور المسلمين : " يقول جولد تسيهر : إن القسم الأكبر من الحديث ليس إلا نتيجة للتطور الدينى والسياسى والاجتماعى للإسلام فى القرنين الأول والثانى ! ولا ندرى كيف يجرؤ على مثل هذه الدعوى ، مع أن النقول الثابتة تكذبه " وأخذ يثبت كذب هذا المفترى الحاقد .أما ابن أحمد أمين فقد أخذ الفرية وصاغها بأسلوبه كأنه صاحبها .
الأمويون وعلماء المدينة :
وانتقل الدكتور السباعى بعد هذا للرد على افتراءات اليهودى الحاقد حول دور الأمويين وعلماء المدينة فى وضع الأحاديث ، وأن العلماء الأتقياء استجازوا الكذب دفاعاً عن الدين .(2/265)
والمفتريات الذى ذكرها الدكتور السباعى وبين بطلانها وتهافتها أخذها ( المفكر الإسلامى ) كأنها من بنات أفكاره .
الإمام الزهرى :
قبل أن يتحدث الدكتور السباعى عن الإمام الزهرى ومكانته فى التاريخ ، ليدفع الباطل قال رحمه الله : ـ
وهنا نجد من حقنا وواجبنا أن نزيح الستار عن مؤامرة هذا اليهودى المستشرق على أكبر إمام من أئمة السنة فى عصرة ، بل على أول من دون السنة من التابعين ، لنرى ما فيها من لؤم وخبث ودس وتحريف ، وإنها لخطة مبيتة من هذا المستشرق أن يهاجم أركان السنة واحداً بعد الآخر ، فلقد هاجم أكبر صحابى روى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أبو هريرة رضى الله عنه .
وسترى كيف ناقشنا هذه الاتهامات التى أوردها الأستاذ أحمد أمين فى فجر الإسلام وتابع فيها المستشرق احتساباً لغير وجه الله تعالى ، حتى إذا فرغ من تهديم أبى هريرة على زعمه جاء هنا لهدم ركن السنة فى عصر التابعين ، حتى إذا تم له انهارت السنة بعد أن وجه إليها المعاول من ناحيتين ، ناحية رواتها وأئمتها ، وناحية الشك بها جملة ، كما ترى صنيعه هنا ، ولكن الله غالب على أمره ، ولابد للحق من هزيمة الباطل مهما أوى الباطل إلى ظل ظليل وركن متين " ( ص 206 ) .
والمؤامرة التى دبرها المستشرق وتابعه أحمد أمين فى جزء منها ، أعادها كاملة غير منقوصة ( المصلح الدينى ! ) ابن أحمد أمين " والله يعلم المصلح من المفسد " .(2/266)
حديث لا تشد الرحال : المثل الذى أراد الكاتب أن يصل به إلى هدفه السيئ فى الطعن فى الإمام الزهرى ، العلم الثبت الحجة العدل الضابط الذى لم يطعن فيه أحد قبل اليهودى المستشرق ، وهو حديث " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ... " وقال : حين أراد الخليفة عبد الملك بن مروان بن الحكم صد الناس عن الحج إلى مكة خشية أن يجبر عدوه عبد الله بن الزبير الحجاج الوافدين من الشام على مبايعته خليفة للمسلمين ، أسند إلى الزهرى ـ وهو الفقيه التقى الصالح ـ مهمة البحث عن حديث ( أو اختلاق حديث ) يضع الحج إلى بيت المقدس ، بمثابة الحج إلى مكة ، فكان إذا اشتكى الناس من خطر الحج إلى مكة أجابهم عبد الملك بقوله : هذا ابن شهاب الزهرى يحدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تشد الرحال .. إلخ .
واختلاق أن الإمام ابن شهاب الزهرى ـ وحاشاه ـ اختلق هذا الحديث هو من كلام اليهودى الخبيث المفترى ، وذكر الدكتور السباعى هذه الفرية وقال : " فهذا لعمرى عجب من أعاجيب الافتراء والتحريف والتلاعب بحقائق التاريخ " ثم أخذ يفند هذا الافتراء بأدلة منها سن الزهرى آنذاك ، وأن نصوص التاريخ قاطعة بأنه فى عهد الزبير لم يكن يعرف عبد الملك ولا رآه بعد ، وأهم من هذا أن الحديث روته كتب السنة كلها ، وهو مروى عن طرق مختلفة غير طريق الزهرى : فقد أخرجه البخارى عن أبى سعيد الخدرى من غير طريق الزهرى ، ورواه مسلم من ثلاث طرق إحداها من طريق الزهرى ، وثانيتها من طريق جرير عن ابن عمير عن قزعه عن أبى سعيد ، وثالثتها عن طريق ابن وهب عن عبد الحميد بن جعفر ابن عمران بن أبى أنس عن سلمان الأغر عن أبى هريرة ، أى أن الإمام الزهرى لم ينفرد برواية الحديث كما زعم المستشرقون .(2/267)
ومع أن هذه الأدلة وغيرها تثبت سخف هذا الافتراء الذى اختلقه اليهودى ، إلا أن هذا المسلم ابن أحمد يذكر الفرية كحقيقة مسلمة دون نسبتها لمفتريها الأول ، ودون نظر إلى الأدلة الواضحة البينة ، ودون أن يعبأ بعقول المسلمين ومشاعرهم تجاه إمام أجمعت الأمة على إمامته وعلمه وفضله .
حديث اتخاذ الكلب للزرع : ـ
روى ابن عمر رضى الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية انتقص من أجره كل يوم قيراطان ، فقيل لابن عمر : إن أبا هريرة رضى الله عنهـ يزيد فى الرواية ( أو كلب زرع ) ، فقال ابن عمر : " إن لأبى هريرة زرعاً " . اعتبر جولد قول ابن عمر نقداً لأبى هريرة ، وقال أحمد أمين : " وهذا نقد من ابن عمر لطيف فى الباعث النفسى " .
وذكر الدكتور السباعى حديث أبى هريرة الذى ذكر فيه اتخاذ الكلب للزرع ، وأشار إلى الكتب التى أخرجته كالصحيحين وغيرها ، ثم قال : قد تعرض الشراح لزيادة أبى هريرة ومن وافقه فيها ، وبينوا مراد ابن عمر من مقالته تلك فى أبى هريرة . قال الحافظ ابن حجر فى " فتح البارى " بعد أن بين أن مراد ابن عمر تثبيت رواية أبى هريرة : " وقد وافق أبا هريرة على ذكر الزرع سفيان بن زهير وعبد الله بن مغفل ، وهو عند مسلم . "(2/268)
وقال النووى عند قول ابن عمر ، إن لأبى هريرة زرعا : " ليس هذا توهيناً لرواية أبى هريرة ولا شكا فيها ، بل معناه أنه لما كان صاحب زرع وحرث اعتنى بذلك وحفظه وأتقنه ، والعادة أن المبتلى بشىء يتقنه عن غيره ويتعرف من أحكامه ما لا يعرف غيره ، وقد ذكر مسلم هذه الزيادة وهى اتخاذه للزرع من رواية ابن مغفل ومن رواية سفيان بن زهير . وذكرها أيضا من رواية ابن الحكم واسمه عبد الرحمن بن أبى نعيم البجلى عن ابن عمر . فيحتمل أن ابن عمر لما سمعها من أبى هريرة وتحققها عن النبى صلى الله عليه وسلم رواها عنه بعد ذلك ، وزادها فى حديثه الذى كان يرويه بدونها ، ويحتمل أنه تذكر فى وقت أنه سمعها من النبى صلى الله عليه وسلم فرواها ، ونسيها فى وقت ، فتركها . والحاصل أن أبا هريرة ليس منفردا بهذه الزيادة ، بل وافقه جماعة من الصحابة فى روايتها عن النبى صلى الله عليه وسلم ، ولو انفرد بها لكانت مقبولة مرضية مكرمة . " .
وقال الدكتور السباعى بعد بيان الإمام النووى :هذا هو الوضع الصحيح للمسألة ، ومنه تعلم أنه ليس فيها تكذيب ابن عمر لأبى هريرة فى تلك الزيادة ، وبيان الباعث النفسى على اختلاقها ونسبتها إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، وكيف يتصور هذا من ابن عمر وهو الذى اعترف بأن أبا هريرة كان أحفظهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وسيأتى معنا مزيد بيان لمكان أبى هريرة فى نفس ابن عمر ونفوس الصحابة جميعاً . أم كيف يذكرالأئمة قول ابن عمر ويخرجونه فى صحاحهم لو كان تكذيباً منه لأبى هريرة ؟ أم كيف يعمل الفقهاء برواية أبى هريرة ويبنون عليها أحكامهم لو كان مراد ابن عمر تكذيبها وإنكارها ؟ .(2/269)
الواقع أنه ليس فى الأمر شىء من هذا ، ولكن أمانة صاحب " فجر الإسلام " أبت عليه إلا أن يرى فيما صنع ابن عمر نقداً لطيفاً ... لأبى هريرة ... وبياناً للباعث له على هذه الزيادة ، وتأبى عليه أمانته العلمية أيضا إلا أن يرشدنا إلى موضوع هذا النقد من كتب الحديث ، فيقول فى ذيل الصحيفة " انظر النووى على مسلم " ، وأنت سمعت كلام النووى فهل سمعت فيه رائحة التكذيب من ابن عمر لأبى هريرة ؟ بل ألم تره يرد على ما قد يخطر بالبال ردا قوياً واضحاً ؟ ولك أن تتساءل بعد هذا : أهو لم يفهم عبارة النووى ؟ أم فهمها ولكنه آثر رأى المستشرق اليهودى جولد تسيهر ؟ ( ص 287 ـ 289 ) . وابن أحمد أمين الذي ترعرع في هذه البيئة ، جاء بعد كل هذا ليقول:
روى البخارى حديثاً يأمر النبى فيه بقتل كل الكلاب إلا كلاب الصيد، فلما قيل لعبد الله بن عمر : إن أبا هريرة يضيف إلى الحديث عبارة " أو الزرع " رد ساخراً بأن أبا هريرة إنما أضافها بعد أن أصبح صاحب مزرعة !
كذب الصالحين وتدليس المحدثين : ـ
ذكر الدكتور السباعى هنا كلاماً للمستشرق اليهودى ، ثم فنده ، ومما قاله : " أما ما نقله جولد تسيهر من قول وكيع عن زياد بن عبد الله البكائى من أنه كان مع شرفه فى الحديث ـ كذوباً ـ فهذه إحدى تحريفات هذا المستشرق الخبيث ، فأصل العبارة كما وردت فى التاريخ الكبير للإمام البخارى : وقال ابن عقبة السدوسى عن وكيع : هو ( أى زياد بن عبد الله ) أشرف من أن يكذب . فأنت ترى أن وكيعا ينفى عن زياد بن عبد الله الكذب مطلقاً لا فى الحديث فحسب ، وأنه أشرف من أن يكذب ، فحرفها هذا المستشرق اليهودى إلى أنه كان مع شرفه فى الحديث كذوباً . وهكذا تكون أمانة هذا المستشرق .هذا ما قاله الدكتور السباعى رحمه الله ، أما حسين أحمد أمين فيقول :(2/270)
تحدث وكيع عن زياد بن عبد الله قائلاً : " إنه كان يكذب فى الحديث مع شرفه " . " وحسين لم ينسب هذا لليهودى حتى يمكن أن يقال مثلاً بأنه لم ينتبه لتحريفه وتضليله ، ولكنه يذكر هذا كحقيقة يعرفها هو . فما أعظم أمانة اليهودى المستشرق وحسين معاً ! وما أنبل هدفهما !!
وذكر الدكتور السباعى ما نقله المستشرق عن يزيد بن هارون " إن أهل الحديث بالكوفة فى عصره ما عدا واحداً كانوا مدلسين " .
ثم أخذ الشيخ يبين المراد باصطلاح التدليس عند المحدثين ، والمقبول منه والمرفوض ، والكلام فى التدليس مفصل فى كتب مصطلح الحديث ، والمدلسون معروفون ، والكلام عنهم مفصل فى كتب الجرح والتعديل .
وهذا المفكر المسلم كان أسوأ وأقبح من اليهودى اللعين ، ويبدو أنه يجهل مفهوم التدليس ، فبنى على ما قرأه لسيده المستشرق اليهودى قولاً يهدم ـ فى زعمه ـ كل صحيح ثابت ثبوت الجبال فى زعمه .
فقال : " أما الإسناد الذى من شأنه أن يكسب القول وقاراً وينيله التصديق ، فكان أمره هيناً وشكلياً محضاً ، فبوسع أى مختلق أن يدلس حديثاً ويصدره بسلسلة ذهبية من الإسناد ، يراعى فيها الاتصال بين المحدث وكاتب الحديث ، أو حتى دون أن يراعيه " . ( ص 51 )(2/271)
فالكاتب يريد أن يهدم الإسناد الذى فاق به المسلمون البشرية جمعاء فيذكر هذا القول الجاهل . فالسلسلة الذهبية هى ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر ، ولا تكون ذهبية إلا إذا كان من سمع من الإمام مالك عدلاً ضابطاً ثقة ، وعادة لا يكون واحداً هو الذى سمع وإنما يكون الإمام أثبته فى الموطأ أو حدث به تلامذته ، أو مجموعة من المسلمين . وإذا جاء مختلق ـ كما يقول الجاهل ( المفكر المسلم !! ) وقال : حدثنى مالك ، فإن الحديث يكون موضوعاً غير مقبول لوجود هذا المختلق ، فالحديث يحمل على أقل درجة فى رجال الإسناد . فإذا وجدنا حديثاً متصل الإسناد ، وكل رواته فى أعلى مراتب التوثيق والعدالة والضبط ما عدا واحداً ؛ وهذا الواحد مختلق ، فالحديث يحمل على هذه الدرجة السفلى ، فيحكم عليه علماء الحديث بأنه موضوع لا يجوز الاحتجاج به ولا يحل كتابته إلا على سبيل التحذير .
وإذا كان الإسناد غير متصل وخلا من الوضاعين ، فالحديث مع هذا لا يكون صحيحا ، فما بالك إذا كان فيه مختلق .
وبعد : فلعل فى هذا ما يكفى لبيان موقف هذا الكاتب من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، واشتراكه فى المؤامرة الدنيئة التى حاكها المستشرقون ، وأنه قام بدوره بغير هدى ولا علم ولا إسلام .
رابعاً : موقفه من عقائد المسلمين
موقف غير المسلمين من عقائدنا معلوم معروف ، سواء أكانوا كفاراً أم يهود أم نصارى ، أما أن نتحدث عن موقف كاتب من عقائدنا وهو منسوب لنا فهذا أمر غريب حقاً .
ولكن ماذا نقول والإسلام فى تاريخه الطويل رزئ بمن انتسب إليه وحاول أن يهدمه من الداخل . وكان هؤلاء خطرهم أشد ممن عادى الإسلام صراحة ، ومن هنا ندرك قول الحق تبارك وتعالى :
( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ( .
وما سبق يبين موقفه من عقيدة المسلمين في كتاب ربهم ، وسنة نبيهم ، والشريعة التامة الكاملة العامة .(2/272)
ومن العقائد الأساسية في الإسلام الإيمان بالقضاء والقدر، ولكنه يتحدث عن هذا الإيمان كنزعة لا عقيدة إسلامية ، ثم يرد هذه النزعة عند البدوي إلي حياته في الصحراء وليس إلي إيمانه بالله عز وجل ، أما هذه النزعة عند غير البدوي فيفسرها بقوله الفاجر : " ليس المسئول عن ذلك وحده اتصال الغازي البدوي به ، وإنما لابد من إرجاعه كذلك إلي شكل الحكم الاستبدادي الذي ساد كافة الأقطار الإسلامية ، والذي خلق للريفي وقاطن المدينة موقفاً شبيهاً بالموقف الذي يتعرض له البدوي في الصحراء " . ( ص136 ) .
فالإيمان بقضاء الله تعالي وقدره لا يراها هذا ( المصلح الديني ! ) عقيدة إسلامية مردها دخول الإيمان في القلوب ، وإنما هي أثر من آثار سوء طبيعة البادية ، وسوء الحكم في غيرها .
ومعني هذا أنه لا يري الإيمان بقضاء الله ولا قدره متي عاش الإنسان في بيئه غير بدوية ، وفي ظل حكم غير مستبد .
ولعله هنا ينظر إلي سادته الغربيين فيقرهم علي عدم إيمانهم بالقضاء والقدر . ولذلك يقول بعد قليل في صفحة 139 :
" قد يكون بوسع الألماني أو السويسري أن يخطط من الآن لإجازة سنوية يقضيها في جزيرة مايوركا بعد خمس سنوات خلال النصف الثانى من شهر حزيران . أما عن عباد الله في أقطارنا ، فلا تقولن لشئ إنى فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله " .
ولا أدري ممن يسخر وهو يذكر آيات كريمة يرددها عباد الله ، وهي قوله تعالى في سورة الكهف ( 23 : 24 ) : ( وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ ( .
وهل الإيمان بالمشيئة الإلهية يمنع التخطيط ؟ وهل التخطيط يمنع المشيئة الإلهية ؟ ويبقي أن نسأل : أيعتبر مسلماً من يستهزئ بقول الله تعالي ، ولا يؤمن بمشيئته ولا بقضائه وقدره ؟
خامساً : قوله الكذب بوثنية المسلمين !!
الإسلام دين التوحيد الخالص ، تلك حقيقة يعرفها كل مسلم ، وكل من يدرس الإسلام دراسة صحيحة .(2/273)
ولكن كاتبنا المسلم يرى غير هذا !
اقرأ معى قوله في صفحة 84 :
" وقد كان أشق ما فرضته عليهم الأديان السماوية تجريد مفهوم الرب :
فالعبادة في العالم القديم لم تكن بالتى يمكن تحليلها دون وثن أو صورة ، وكانت آلهة الأقدمين دوماً محسوسة مجسدة ، صنماً كانت أو كوكباً أو ملكاً أو ظاهرة طبيعية . فكان لابد إذن من مرور قرون طويلة حتى يرسخ هذا المفهوم الجديد للإله في الأذهان .
غير أن الإحساس ظل قائماً لدى عامة البشر بالفجوة الهائلة التي باتت تفصل بينهم وبين إلههم ، حتى إن صور لهم هذا الإله على أنه أب لهم ، أو أقرب إليهم من حبل الوريد . وكان أن نشأت لديهم حاجة ( وثنية ) ملحة إلى ملء هذه الفجوة بأية وسيلة ، أو اجتيازها بأية حيلة ، وهى حاجة نفسية رأى بعض رجال الدين من الحكمة أن يستجيبوا لها بقدر محدود خشية أن تنصرف العامة عن الدين بأسره ، أو حرصاً على بقاء سلطانهم ، وسرعان ما حلت التماثيل الدينية والأيقونات مكان الوثن ، وتقديس الأولياء محل عبادة الآلهة والملوك والأسلاف " .
هذا ما قاله بالنص ! وفكر في قوله : " فكان لابد إذن من مرور قرون طويلة حتى يرسخ هذا المفهوم الجديد للإله في الأذهان " ، وما دام الأمر يحتاج إلى مرور قرون طويلة فعلى أقل تقدير يكون الصحابة رضى الله عنهم وأرضاهم ، والتابعون لهم بإحسان ، يكون خير الناس هؤلاء وثنيين !
فإذا شهد الله سبحانه وتعالى وهو يخاطب هؤلاء المسلمين ? كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ? .
قال الكاتب : لا ، بل كانت عندهم حاجة وثنية ملحة ، وهى حاجة نفسية ! التخلص منها يحتاج إلى مرور قرون طويلة حتى يؤمنوا بإله واحد أحد فرد صمد لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار .(2/274)
وطعنه في سلفنا الصالح لا يعنى أنه يريد أن يبرئ الخلف ، وأن الوثنية انتهت بعد هذه القرون الطويلة ، وإنما ينتقل من فرية إلى فرية ، ليصل إلى ما رسمه لنفسه إرضاء لسادته ، أو ما رسمه له سادته من أعداء الإسلام فيتحدث عن الذين دخلوا فى دين الله أفواجاً فى البلاد التى فتحها المسلمون ، ويصور الجزيه كما صورها الأعداء ، ويرى أن الذين دخلوا فى الإسلام دخلوا بمعتقداتهم القديمة ، وخدعوا المسلمين الفاتحين ، بل أثروا في الدين نفسه ، وأقرهم عدد من الفقهاء على وثنيتهم ، وعلى هدم أركان إسلامية .
وهذا الكاتب عنده جرأة عجيبة على الكذب والافتراء على الأموات وعلى الأحياء على السواء ، اقرأ مثلاً قوله في صفحة 98 : " فإن نحن قلنا بعد كل هذا إن شطراً من العامة في صعيد مصر يرى أن الطواف سبع مرات بقبر الشيخ القناوى بقنا ( وهو طواف يبادر إليه الكثيرون فور وصولهم إلى تلك المدينة ) ، فيه غناء عن أداء فريضة الحج إلى بيت الله الحرام ، وإن قلنا إن عدداً من الفقهاء قد أيد هذا الرأى استنكاراً منه لفكرة أن يفقر البعض نفسه بتحميل ما لايطيق من نفقات الحج إلى مكة ، ثم إن نحن افترضنا بعد ذلك أن هذا الشيخ أسطورة ، وأن القبر إنما أقيم على طلل معبد إله من آلهة القدماء المصريين ، لوصلنا إذن إلى نتيجة غربيه وهى أن العامة قد أحلت محل ركن من أركان الإسلام الخمسة طقساً وثنياً خالصاً يرجع إلى زمن الفراعنة . وبهذا تكون شعوب الأقطار المفتوحة قد أفلحت في خداع الفاتحين "
هذا كلامه عن أمر لا يزال موجوداً ! ونسأل هنا : أين الكثيرون الذين يطوفون بالقبر سبعاً ؟
ومَنْ مِنْ المسلمين رأي أن هذا يغني عن الحج ؟ وما أسماء هؤلاء الفقهاء الذين أيدوا هذا الرأي وأحلوا الطقس الوثني محل ركن من أركان الإسلام ؟ بل ما اسم فقيه واحد من هذا العدد ؟(2/275)
أي قارئ يستطيع أن يدرك مدى صفاقة هذا الكاتب في اختلاقه للأكاذيب ووضعه للإفك ، ولكن انظر إلي ما يكشف عن خبيئة نفسه عندما يقول " استنكاراً منه لفكرة أن يفقر البعض نفسه بتحمل ما لا يطيق من نفقات الحج إلي مكة " .
ومعلوم أن الحج فرض علي المستطيع فقط ( وَلِلّهِ عَلَى الناسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ( .
فكان يكفى أن يبين هذا العدد من الفقهاء حكم الله تعالي ، ولكن المفتري يري أنهم استنكروا فكرة الحج المكلف ، فاستبدلوا به الطقس الوثنى . ومن كلام هذا الكاتب يتضح هدفه ، فلا إسلام في أى عصر : فالعرب ظلوا علي وثنيتهم بعد دخولهم في الإسلام ، والبلاد التي دخلها الإسلام ظل أهلها علي وثنياتهم القديمة وإن خدعوا الفاتحين وتظاهروا باعتناق الإسلام ، ويضرب مثلاً لذلك بعامة من المصريين ، وعدد من فقهائهم ، لا يزالون علي وثنيتهم الفرعونية حتي عصرنا الحاضر .
وهكذا يرضى الكاتب سادته وأربابه من دون الله ، ويسخط الله ورسوله والمؤمنين .
أبو هريرة رضي الله تعالي عنه
وجدنا مؤامرة المستشرقين في محاولة هدم السنة المطهرة ، وذلك بالتشكيك فيها جملة ، والطعن في رواتها من الأئمة الأعلام .
والكاتب غذي بهذا التضليل ، فردده وزاد عليه . ورأينا فريته بأن الفقهاء والعلماء بعد عصر الصحابة هم الذين اخترعوا السنة . ولكن شياطينه زينت له أن هذا وحده لا يكفي ، فأراد أن يطعن في خير جيل من خير أمة أخرجت للناس ، شهد الله تعالي لهم ، وشهد الرسول صلى الله عليه وسلم . ولذلك أراد أن يكون الطعن هنا بأسلوبه الملتوي الخبيث . أثني علي بعضهم وشهد لهم ، ولكن هذا يذكرنا بقول الله عز وجل :
( إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ( .(2/276)
وانتقل الكاتب من هذا الثناء إلي الطعن في بقية الصحابة الكرام ليقول بأنهم هم جذور المأساة : مأساة وضع واختلاق الأحاديث ، أي أن هذا الجيل المثالي الغرة في جبين البشرية كلها ، هو الذي بدأ الكذب علي الرسول صلى الله عليه وسلم !! ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ( .
وهذا الكذاب الأشر لا يجد ما يؤيد به كذبته إلا ما ذكره المستشرق اليهودى ، ثم أبوه أحمد أمين بعد هذا ، وهو حديث كلب الزرع الذي سبق بيان ما يتصل به . وراوية الإسلام الأول كثير في عصرنا من سلك مسلك اليهودى المستشرق في الطعن فيه .
وفي المؤتمر الثانى لجمعية إحياء التراث الإسلامي الذي عقد بالكويت في شوال سنة 1405 هـ ، وخصص للسنة المطهرة ، ألقيت محاضرة عن منزلة السنة وشبهات حول الحديث ، وبعد المحاضرة ظهر أثر حملات التشكيك في أسئلة الحاضرين ، وظهرت الحيرة فيما يتصل بهذا الصحابى الجليل .
ولا أستطيع هنا أن أقدم ترجمة له ، فسيرته العطرة أفردها أكثر من عالم في كتاب أو أكثر ، وأكتفي بذكر بعض الحقائق من باب الذكرى ، فإنها تنفع المؤمنين ، حتي يعرف القارئ الكريم من قال فيهم الإمام ابن خزيمة " إنما يتكلم في أبي هريرة لدفع أخباره من قد أعمي الله قلوبهم فلا يفهمون معاني الأخبار ".
إسلامه :
عاش أبو هريرة أكثر من ثلاثين سنة قبل إسلامه . ثم هداه الله عزوجل وشرح صدره للإسلام فى عام خيبر . والمعروف أن الرسول صلى الله عليه وسلم صار إلى خيبر فى المحرم ، وتم فتحها فى صفر فى العام السابع من الهجرة ، وقد شهدها أبو هريرة وأسهم له الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومعنى هذا أن أبا هريرة رضى الله عنه أسلم فى بداية العام السابع . وقد عاش فى الإسلام خمسين عاماً ، أو يزيد ؛ لأنه مات سنة 59 هـ على الأشهر ، وقيل بأنه مات قبل هذا بعام أو عامين .
عريف أهل الصفة :(2/277)
عندما أسلم لزم الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفارقه مدة أربع سنوات إلا قليلاً . وساعد على هذه الملازمة أنه كان من أهل الصفة ، ذلك المكان المظلل فى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم الذى كان يعتبر أول مدرسة فى المدينة المنورة ، ومثوى لفقراء المسلمين .
وبارك الله عزوجل لأبى هريرة فى هذه الفترة الزمنية القصيرة التى صحب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحفظ الكثير من الحديث النبوى الشريف حتى أصبح أشهر من لجأ إلى الصفة وأعلم من تخرج فى تلك المدرسة وعريفها ، بفضل دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتفرغه وإخلاصه وجده فى طلب العلم .
قال ابن عبد البر فى الاستيعاب ( 4 / 208 ) :
" أسلم أبو هريرة عام خيبر ، وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم لزمه وواظب عليه رغبة فى العلم ، راضياً بشبع بطنه ، فكانت يده مع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يدور معه حيث دار . وكان من أحفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان يحضر ما لا يحضر سائر المهاجرين والأنصار ؛ لاشتغال المهاجرين بالتجارة ، والأنصار بحوائطهم .
فقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه حريص على العلم والحديث . وقال له : يا رسول الله ، إنى قد سمعت منك حديثاً كثيراً ، وأنا أخشى أن أنسى . فقال : ابسط رداءك . قال فبسطته ، فغرف بيده فيه ، ثم قال : ضمه ، فضممته ، فما نسيت شيئاً بعد " .
حديث بسط الرداء :
وحديث بسط الرداء ذكره البخارى فى كتاب المناقب من صحيحه ، فى باب ملحق بباب علامات النبوة ، ولفظ الحديث الشريف : " قلت : يا رسول الله ، إنى سمعت منك حديثاً كثيراً فأنساه . قال : فأبسط رداءك ، فبسطته ، فغرف بيده فيه ، ثم قال : ضمه ، فضممته ، فما نسيت حديثاً بعد " .
وذكره الحميدى فى مسنده ( 2 / 483 ) ، وزاد : " وقام آخر فبسط رداءه ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : سبقك بها الغلام الدوسى " .(2/278)
روى الشيخان وغيرهما عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال : " إنكم تقولون إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وتقولون : ما بال المهاجرين والأنصار لا يحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل حديث أبى هريرة ؟ وإن إخوتى من المهاجرين كان يشغلهم الصفق فى الأسواق ، وكنت ألزم الرسول صلى الله عليه وسلم على ملء بطنى ، فأشهد إذا غابوا ، وأحفظ إذا نسوا . وكان يشغل إخوتى من الأنصار عمل أموالهم ، وكنت امرأ مسكيناً من مساكين الصفة أعى حين ينسون ؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديث يحدثه : إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضى مقالتى هذه ثم يجمع إليه ثوبه إلا وعى ما أقول ، فبسطت نمرة على ، حتى إذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته جمعتها إلى صدرى ، فما نسيت من مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك من شئ " . وفى رواية " فما نسيت شيئاً سمعته بعد " .
ويعقب الحافظ ابن حجر على هذا الخبر فيقول : " وهو من علامات النبوة ، فإن أبا هريرة كان أحفظ من كل من يروى الحديث فى عصره ، ولم يأت عن أحد من الصحابة كلهم ما جاء عنه " .
وفى موضع آخر يقول : " والحديث المذكور من علامات النبوة ، فإن أبا هريرة كان أحفظ الناس للأحاديث النبوية فى عصره " . ( انظر قوله الأول فى تهذيب التهذيب 12 / 266 ، والآخر فى الإصابة 4 / 268 ، وراجع شرحه : فتح البارى ) .
شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم :(2/279)
أما شهادة خير البشر صلى الله عليه وسلم لأبى هريرة التى أشار إليها ابن عبد البر فإنا نرى ما يبينها فى حديث شريف . ففى الجزء الثالث من المستدرك ( ص 509 ) نقرأ ما يأتى : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا العباس بن محمد الدورى ، ثنا أبو النضر ، ثنا أبو الأحوص ، عن زيد العمى ، عن ابى الصديق الناجى ، عن أبى سعيد الخدرى ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " أبو هريرة وعاء العلم "
ولم يتكلم الحاكم على الحديث ، قال الذهبى فى تلخيص المستدرك ( 1 / 3 ) : " لم أره يتكلم عن أحاديث جمة ، بعضها جيد وبعضها واه " .
والذهبى الذى تعقب الحاكم فى كثير من الأحاديث ، وبين أنها ضعيفة أو موضوعه ، لم يشر إلى أى وهى فى إسناد هذا الحديث الشريف . وربما كان هذا كافياً لقبوله ، حيث إنه من أحاديث الفضائل ؛ فقد ثبت عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أنهم قالوا: "إذا روينا فى الحلال والحرام شددنا ، وإذا روينا فى الفضائل ونحوها تساهلنا " .
( راجع ص 11 من كتاب : القول المسدد فى الذب عن المسند لابن حجر ).والذهبى نفسه قال فى سير أعلام النبلاء ( 2 / 594 ) : " كان حفظ أبى هريرة الخارق من معدودات النبوة " ، واستدل باحاديث أشار إلى صحتها ، وذكر من الأدلة ما يثبت ما ذهب إليه هو وغيره من الأئمة ، ثم ذكر هذا الحديث الشريف ولكن بلفظ : " أبو هريرة وعاء من العلم " بزيادة " من " وهذا يدل على قبوله وعدم رفضه ، وإن لم ينص على صحته (951[249]) .
ومن النظر فى رجال الإسناد نرى أن الحديث صحيح أو حسن على الأقل عند بعض الأئمة ، وعند أكثرهم يعتبر ضعيفاً لا يحتج به فى الحلال والحرام ، ولكن يكتب ، وموضع الخلاف مرده إلى وجود زيد العمى ، ومثله إن لم يحتج بحديثه ، أخذ به فى الفضائل ونحوها ، أى أن هذا الحديث يقبل من حيث الإسناد .(2/280)
أما المتن فله ما يعضده ، ويشهد بصحته ، وقد يكفى ما سبق من الأحاديث الشريفة الأخرى ، وما بينته من الدلالات ، وما أثبته الأئمة من أن حفظ أبى هريرة من علامات النبوة ، ولكن فلنزد الأمر وضوحاً وتأكيداً .
فى كتاب العلم فى صحيح البخارى نجد " باب حفظ العلم " . ونقرأ أحاديث الباب فنراها كلها تتعلق بحفظ أبى هريرة وحده .
ويأتى الحافظ فى الفتح ليفسر مسلك الإمام البخارى فيقول : " لم يذكر فى الباب شيئاً عن غير أبى هريرة ، وذلك لأنه كان أحفظ الصحابة للحديث ، قال الشافعى رضى الله عنه : أبو هريرة أحفظ من روى الحديث فى عصره وقد كان ابن عمر يترحم عليه فى جنازته ويقول : كان يحفظ على المسلمين حديثالنبى صلى الله عليه وسلم .
هكذا فليكن الحفظ :
ومما يثبت حفظه ما رواه الحاكم بسنده : " حدثنا الزعيزعه كاتب مروان بن الحكم ، أن مروان دعا أبا هريرة ، فأقعدنى خلف السرير، وجعل يسأله ، وجعلت أكتب حتى إذا كان عند رأس الحول دعا به فأقعده وراء الحجاب ، فجعل يسأله عن ذلك ، فما زاد ولا نقص ، ولا قدم ولا أخر " .
وصحح الحاكم الخبر ، ووافقه الذهبى . ( انظر المستدرك 3 / 510 ) . وذكره الذهبى فى سير أعلام النبلاء ( 2 / 598 ) ثم عقب بقوله : " قلت : هكذا فليكن الحفظ . قال الشافعى : أبو هريرة ... إلخ . " .
وذكره ابن حجر فى الإصابة ( 4 / 205 ) ، وابن كثير فى البداية والنهاية ( 8 / 106 ) .
وبين لنا زيد بن ثابت رضى الله تعالى عنه سبب حفظ أبى هريرة رضى الله تعالى عنه :(2/281)
حدث محمد بن قيس بن مخرمة أن رجلاً جاء إلى زيد بن ثابت رضى الله تعالى عنه يسأله عن شئ فقال له زيد : " عليك بأبى هريرة فإنى بينما أنا وأبو هريرة وفلان فى المسجد ذات يوم ندعو الله تعالى ونذكره ، إذ خرج علينا النبى صلى الله عليه وسلم حتى جلس إلينا ، فسكتنا فقال : عودوا للذى كنتم فيه . قال زيد : فدعوت أنا وصاحبى قبل أبى هريرة ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمن على دعائنا ، ثم دعا أبو هريرة فقال : اللهم إنى اسألك ما سألك صاحباى ، وأسألك علماً لا ينسى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : آمين . فقلنا يا رسول الله ونحن نسأل الله تعالى علماً لا ينسى ، فقال : سبقكم بها الغلام الدوسى " . قال ابن حجر : " أخرجه النسائى بسند جيد فى العلم من كتاب السنن " . (الإصابة 4 / 208 ، وذكره فى التهذيب 12 / 266 ) وأخرجه الحاكم فى المستدرك ( 3 / 508 ) وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه . ولكن الحاكم رواه عن طريق حماد بن شعيب ، فتعقبه الذهبى وقال : قلت : حماد ضعيف . وفى سير أعلام النبلاء ( 2 / 600 ) ذكر هذا الخبر وقال : " أخرجه الحاكم ، لكن حماد ضعيف " .
وفى موضع آخر من السير ( 2 / 616 ) ذكر الخبر بإسناد آخر ، فيه الفضل بن العلاء بدلاً من حماد ، ثم قال : " تفرد به الفضل بن العلاء ، وهو صدوق " . وفى موضع ثالث ( 2 / 68 ) قال الذهبى : " وفى سنن النسائى أن أبا هريرة دعا لنفسه : اللهم إنى أسألك علماً لا ينسى . فقال النبى صلى الله عليه وسلم . آمين " .
شهادة ابن عمر :
وابن عمر رضى الله تعالى عنهما بين حفظ أبى هريرة وعلمه وفضله ، أما الذين ذكروا أنه كذبه وسخر منه فقد وقعوا فى خطأ جسيم ، حيث أخذوا من الأخبار ما يشتهون وتركوا منها ما يثبت ما لا يريدون .(2/282)
ولننظر مثلاً إلى هذا الخبر الصحيح عن ابن عمر نفسه ، فإنه : مر بأبى هريرة وهو يحدث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط ، فإن شهد دفنها فله قيراطان ، القيراط أعظم من أحد . فقال له ابن عمر : أبا هر ، انظر ما تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم !!
فقام إليه أبو هريرة ، حتى انطلق به إلى عائشة ، فقال لها : يا أم المؤمنين ، أنشدك بالله ، أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط ، فإن شهد دفنها فله قيراطان ؟ فقالت : اللهم نعم . فقال أبو هريرة : إنه لم يكن يشغلنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس الودى ولا صفق بالأسواق ، إنى إنما كنت أطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة يعلمنيها ، وأكلة يطعمنيها .
فقال له ابن عمر : أنت يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأعلمنا بحديثه ".
( انظر الخبر ، وبيان الشيخ شاكر لصحة إسناده ، فى المسند للإمام أحمد ج 6 ص 213 ، حديث رقم 4453 ط دار المعارف ) .
والخبر انتهى بشهادة ابن عمر ، ولكن الطاعنين يذكرون الجزء الأول فقط !! أما غيرهم فإما أن يذكر الخبر كاملاً ، أو يكتفى بذكر الشهادة ، فهى المقصود من إيراد الخبر .
فالحاكم يذكر الخبر كاملاً فى المستدرك ( 3 / 510 ـ 511 ) ، ويقول : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .(2/283)
والذهبى فى تلخيص المستدرك يكتفى بشهادة ابن عمر ، ويعقب بقوله :" صحيح " وفى سير أعلام النبلاء ، يذكر الخبر بتمامه ، ويقول : رواته ثقات ( 2 / 617 ) . وفى موضع آخر ( 2 / 629 ) يذكر الشهادة وحدها . ويضيف ابن حجر شهادة أخرى ، وهى قول ابن عمر : " أبو هريرة خير منى وأعلم بما يحدث " . ( الإصابة 4 / 208 ، وتهذيب التهذيب 12 / 267 ) . وذكر أيضاً أن ابن عمر قال : " أكثر أبو هريرة . فقيل لابن عمر : هل تنكر شيئاً مما يقول ؟ قال : لا ، ولكنه اجترأ وجبنا . فبلغ ذلك أبا هريرة فقال : ما ذنبى إن كنت حفظت ونسوا " . ( انظر الإصابة 4 / 209 ) .
حفظ ونسوا
ومراجعة بعض الصحابة الكرام لأبى هريرة يرجع فى الغالب الأعم إلى حفظ أبى هريرة ونسيان غيره ؛ فحفظه من معجزات النبوة كما رأينا ، ويرجع إلى أنه سمع ما لم يسمعوه .
روى الحاكم بسنده عن محمد بن عمرو بن حزم : أنه قعد فى مجلس فيه أبو هريرة ، يحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ينكره بعضهم ، ويعرفه البعض ، حتى فعل ذلك مراراً ، فعرفت يومئذ أن أبا هريرة أحفظ الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .ولم يعقب الذهبى على هذا الخبر . ( انظر المستدرك 3 / 511 ) .
ولكن الذهبى فى سير أعلام النبلاء ( 2 / 617 ) ذكر الخبر وقال : رواه البخارى فى تاريخه ، وهو عن محمد بن عمارة بن حزم الأنصارى ، وفيه : " أنه قعد فى مجلس فيه أبو هريرة ، وفيه مشيخة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بضعة عشر رجلاً ، فجعل أبو هريرة يحدثهم عن النبى صلى الله عليه وسلم بالحديث ، فلا يعرفه بعضهم ، ثم يتراجعون فيه ، فيعرفه بعضهم ، ثم يحدثهم بالحديث ، فلا يعرفه بعضهم ، ثم يعرفه ، حتى فعل ذلك مراراً قال : فعرفت يومئذ أنه أحفظ الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
وروى الترمذى والحاكم أن طلحة رضى الله تعالى عنه سئل عن كثرة أحاديث أبى هريرة فقال :(2/284)
" والله ما نشك أنه قد سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع وعلم ما لم نعلم . إنا كنا قوماً أغنياء لنا بيوتات وأهلون ، وكنا نأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفى النهار ثم نرجع ، وكان هو مسكيناً لا مال له ولا أهل ، وإنما كانت يده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يدور معه حيثما دار ، فما نشك أنه قد علم ما لم نعلم وسمع ما لم نسمع " .
وهذا الخبر ذكره أيضاً البخارى فى التاريخ وأبو يعلى ( انظر تحفة الأحوذى 4 / 353 ) والذهبى فى السير ( 2 / 605 ، 606 ، وفى حاشية 606 بيان لصحة الإسناد ) وابن كثير فى البداية والنهاية ( 8 / 109 ) ، وابن حجر فى أكثر من كتاب ، وزاد فى الإصابة ( 4 / 209 ) قول طلحة : " قد سمعنا كما سمع ، ولكنه حفظ ونسينا " . وقال ابن كثير فى البداية والنهاية ( 8 / 109 ) : " قال شعبة ، عن أشعث بن سليم ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا أيوب يحدث عن أبى هريرة ، فقيل له : أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتحدث عن أبى هريرة ؟ ! فقال : إن أبا هريرة قد سمع ما لم نسمع ، وإنى إن أحدث عنه أحب إلى من أحدث عن رسول صلى الله عليه وسلم يعنى ما لم أسمعه منه " . والخبر أخرجه الحاكم فى المستدرك ( 3 / 512 ) ، وذكره الذهبى فى السير ( 2 / 606 ) . وقال ابن حجر فى الإصابة ( 4 / 205 ) : قال وكيع فى نسخته : حدثنا الأعمش عن أبى صالح قال : كان أبو هريرة أحفظ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم . وأخرجه البغوى من رواية أبى بكر بن عياش عن الأعمش بلفظ : ما كان أفضلهم ولكنه كان أحفظ . ( وانظر المستدرك 3 / 509 ، سير أعلام النبلاء 2 / 597 ) وابن حجر بعد أن ذكر عدة أخبار تبين حفظ وفضل هذا الصحابى الجليل ، قال : والأخبار فى ذلك كثيرة ( الإصابة 4 / 208 ) .(2/285)
وابن كثير ذكر قول أبى صالح بلفظ : " كان أبو هريرة من أحفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولم يكن بأفضلهم " . ( البداية 8 / 106 ) . وفى موضع سابق ( 8 / 104 ) قال ابن كثير : " قد لزم أبو هريرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إسلامه فلم يفارقه فى حضر ولا سفر ، وكان أحرص شىء على سماع الحديث منه وتفقه عنه ، وكان يلزمه على شبع بطنه " . ثم ذكر حديثاً رواه الإمام أحمد وفيه : " قلت : يا رسول الله ، ادع الله أن يحببنى وأمى إلى عباده المؤمنين ، فقال : اللهم حبب عبدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين ، وحببهم إليهما ، قال أبو هريرة : فما خلق الله من مؤمن يسمع بى ولا يرانى أو يرى أمى إلا وهو يحبنى " .
ثم عقب الحافظ ابن كثير على هذا الحديث بقوله :
وقد رواه مسلم من حديث عكرمة عن عمار نحوه . وهذا الحديث من دلائل النبوة ، فإن أبا هريرة محبب إلى جميع الناس . قد شهر الله ذكره بما قدره أن يكون من روايته من إيراد هذا الخبر عنه على رؤوس الناس في الجوامع المتعددة في سائر الأقاليم في الإنصات يوم الجمعة بين يدى الخطبة والإمام على المنبر ، وهذا من تقدير الله العزيز العليم ، ومحبة الناس له رضى الله عنه .
من أسباب كثرة مروياته :(2/286)
وهكذا نرى أن أبا هريرة رضى الله تعالى عنه قد بورك في الفترة الزمنية القصيرة التي شرف فيها بصحبة خير البشر صلى الله عليه وسلم ، وإلى جانب هذا فقد بارك الله سبحانه وتعالى له في باقى عمره في الإسلام حيث استطاع أن يعوض كثيراً مما فاته ، فلم يكتف بالرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عن كبار الصحابة الذين أدركهم مثل : أبى بكر الصديق وعمر الفاروق وأبى بن كعب - أستاذ مدرسة التفسير بالمدينة في عصر التابعين - وأسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين عائشة ، وغيرهم من الصحابة الكرام البررة رضى الله تعالى عنهم ، وكان هذا من أسباب كثرة مروياته ، حيث امتد عمره بعد عصر النبوة ، واحتاج الناس إلى علمه .
أما الذين رووا عنه فما أكثرهم !!!
قال الإمام البخارى : روى عنه نحو من ثمانمائة رجل أو أكثر من أهل العلم من الصحابة والتابعين وغيرهم . ( سير أعلام النبلاء 2/ 568 ، والبداية والنهاية 8 /103 ، والاستيعاب 4 /209 ، والإصابة 4 /205 ، وأضاف ابن حجر : وكان أحفظ من روى في عصره ) .
ترى : أيمكن أن يروى عنه مثل هذا العدد ، وأن يثقوا به ويلجأوا إليه ما لم يجدوا عنده العلم الصحيح النافع . والكلم الطيب الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وليس هذا فحسب ، فإنه وجد في عصر لم يشع فيه التدوين ، وقل من دون السنة الشريفة ، ومع هذا بالبحث نجد أن عشرة قد دوَّنوا بعض ما سمعوا منه ، وأول صحيفة كاملة وصلتنا هي صحيفة همام بن منبه كتبها عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه .( انظر من كتب عنه في ص 97 : 99 من كتاب الدكتور محمد الأعظمى : دراسات في الحديث النبوى ) .(2/287)
ونتيجة لهذا الاهتمام المشكور بالرواية عن هذا الصحابى الجليل وصلنا من الأخبار التي رويت عنه (5374) ، روى الإمام أحمد بن حنبل في مسنده من هذه الأخبار (3848) ، واتفق الشيخان على (325) ، وانفرد الإمام البخارى بثلاثة وتسعين ، والإمام مسلم بتسعة وثمانين ومائة.
وهذه الروايات التي زادت على خمسة آلاف إنما هي بالمكرر ، وذكر الدكتور الأعظمى في كتابه : أبو هريرة في ضوء مروياته ( ص76) بأن أحاديثه في المسند والكتب الستة هي 1336 حديثاً فقط ، وذلك بعد حذف الأسانيد المتكررة .
وهذا القدر يستطيع طالب عادى أن يحفظه في أقل من عام ، فما بالك بمن كان حفظه من معجزات النبوة .
والفرق بينهما أن الطالب يبذل مجهوداً ليحفظ ، ثم من طبيعته النسيان ، أما الإعجاز فظهر في الحفظ بالسماع وعدم النسيان .
من شهادات الأئمة
أحب أن أختم هذه الكلمة الموجزة بذكر شئ من أقوال بعض الأئمة والحفاظ:
قال الإمام الشافعى فى الرسالة ( ص 281 ) : " أبو هريرة أحفظ من روى الحديث فى دهره " .
وقال الحاكم فى مستدركه ( 3 / 512 ) : " قد تحريت الابتداء من فضائل أبى هريرة رضى الله عنه ؛ لحفظه لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وشهادة الصحابة والتابعين له بذلك ، فإن كل من طلب حفظ الحديث من أول الإسلام وإلى عصرنا هذا فإنهم من أتباعه وشيعته ، إن هو أولهم ، وأحقهم باسم الحفظ " .
ثم قال : وفى الصفحة التالية ذكر اسماء الصحابة الذين رووا عنه ، وعددهم ثمانية وعشرون ، منهم : زيد بن ثابت ، وأبو أيوب الأنصارى ، وأبى بن كعب ، وغيرهم من أكابر الصحابة رضى الله عنهم .
وقال بعد ذكرهم(2/288)
" فأما التابعون فليس فيهم أجل ولا أشهر وأشرف وأعلم من أصحاب أبى هريرة ، وذكرهم فى هذا الموضع يطول لكثرتهم ، والله يعصمنا من مخالفة رسول رب العالمين ، والصحابة المنتخبين ، وأئمة الدين من التابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين ، رضى الله عنهم أجمعين ، فى أمر الحافظ علينا شرائع الدين أبى هريرة رضى الله عنه " .
وقال الذهبى فى سير أعلام النبلاء
" كان حفظ أبى هريرة الخارق من معجزات النبوة " . ( 2 / 594 ) " احتج المسلمون قديماً وحديثاً بحديثه " ( 2 / 609 ) " إليه المنتهى فى حفظ ما سمعه من الرسول صلى الله عليه وسلم وأدائه بحروفه." ( 2 / 619 )
" قد كان أبو هريرة وثيق الحفظ ، ما علمنا أنه أخطأ فى حديث " . ( 2 / 621 )
" ... فهو رأس فى القرآن ، وفى السنة ، وفى الفقه " . ( 2 / 627 )
وقال ابن كثير فى البداية والنهاية ( 8 / 110 )
" قد كان أبو هريرة من الصدق والحفظ والديانة والعبادة والزهادة والعمل الصالح على جانب عظيم " .
خاتمة
هذا هو أبو هريرة وعاء العلم ، فكيف نجد فى عصرنا من ينسب نفسه للإسلام ويعرض عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والصحابة والتابعين ، والأئمة الأعلام الهداة المهديين ، ويأخذ بقول الضالين المضلين ؟ !
هذا المسلك يفسره العلامة المرحوم الشيخ أحمد شاكر فيقول :(2/289)
" وقد لهج أعداء السنة ، أعداء الإسلام ، فى عصرنا ، وشغفوا بالطعن فى أبى هريرة ، وتشكيك الناس فى صدقه وفى روايته . وما إلى ذلك أرادوا ، وإنما أرادوا أن يصلوا ـ زعموا ـ إلى تشكيك الناس فى الإسلام ، تبعاً لسادتهم المبشرين . وإن تظاهروا بالقصد إلى الاقتصار على الأخذ بالقرآن ، أو الأخذ بما صح من الحديث ـ فى رأيهم ، وما صح من الحديث فى رأيهم إلا ما وافق أهواءهم وما يتبعون من شعائر أوربة وشرائعها . ولن يتورع أحدهم عن تأويل القرآن ، إلى ما يخرج الكلام عن معنى اللفظ فى اللغة التى نزل بها القرآن ، ليوافق تأويلهم هواهم وما إليه يقصدون !!
وما كانوا فى أول من حارب الإسلام من هذا الباب ، ولهم فى ذلك سلف من أهل الأهواء قديماً . والإسلام يسير فى طريقه قدماً ، وهم يصيحون ما شاءوا ، لا يكاد الإسلام يسمعهم ، بل هو إما يتخطاهم لا يشعر بهم ، وإما يدمرهم تدميراً .
ومن عجب أن تجد ما يقول هؤلاء المعاصرون ، يكاد يرجع فى أصوله ومعناه إلى ما قال أولئك الأقدمون ! بفرق واحد فقط : أن أولئك الأقدمين ، زائغين كانوا أم ملحدين ، كانوا علماء مطلعين ، أكثرهم ممن أضله الله على علم !!
أما هؤلاء المعاصرون ، فليس إلا الجهل والجرأة ، وامتضاغ ألفاظ لا يحسنونها ، يقلدون فى الكفر ، ثم يتعالون على كل من حاول وضعهم على الطريق القويم !! " ا . هـ . ( المسند للإمام أحمد بشرحه 12 / 84 ـ 85 )
رحم الله تعالى أبا هريرة جزاء ما قدم للإسلام وأهله وجعلنا من محبيه ، وجمعنا معه فى واسع جنته .
هذا الصوت نعرفه
هذا الكاتب لم يكتف بما جنته يداه ، وما سطره فى كتابه من كفر صريح ، بل استمر فى غيه وضلاله ، وركز هجومه على أحكام الله تعالى التى شرعها لعباده ورضيها لهم بنص كتابه المجيد . فسخر من آيات الله عزوجل ، وما جاءت به من أحكام ، كجعل شهادة الرجل كشهادة امرأتين .(2/290)
والذين تصدوا لبيان ضلال الكاتب منهم من ذكر اسمه متأذياً ، ومنهم من رأى ألا يذكر اسم اللعين .
وقد اعجبتنى كلمة الأستاذ ثروت أباظة تحت عنوان :
" هذا الصوت نعرفه " ، وأحب أن أختم الموضوع بذكر شىء منها .
بدأ الأستاذ كلمته بقوله :
تصبح الشهرة عند بعض الناس نشيدة حياه ، وأملاً يتخطفهم الموت فى سبيلها ، ويبذلون من أجل رنينها كل ما يشرف الإنسان أن يتحلى به ، حتى إذا أعيتهم الوسائل ، ووقفت دون مقاصدهم العراقيل ، بذلوا دينهم وإيمانهم ، وأعلنوا إلحادهم مجاهرين به غير مخافتين .. صارخين به غير هامسين ، يحدوهم الأمل الحقير أن يعود عليهم الكفر بما لم يدركوه فى ستار الإيمان .
ولقد نعرف بعض هؤلاء اليوم ، ولقد عرفنا أشباهاً لهم من قبل . ومنهم من عاصرناه . ومنهم من أكرمنا الله بعدم رؤيته ، أو العيش معه فى زمن واحد .
وربما لا يكون هؤلاء الملحدون شيوعيين . فالقاعدة المنطقية تقول : إن كل شيوعى ملحد وليس كل ملحد شيوعياً . فقد يكون الملحد إذن غير شيوعى ، بل قد يكون رأسمالياً متطرفاً . ولكنه يظل مع ذلك ملحداً كافراً زنديقاً .
وقد يصيب الملحد بإلحاده نصيباً من الشهرة ، ولكنه ينسى أن الشهرة ليست فى ذاتها نوعاً من الشرف ، بل قد تكون لوناً من حقارة الشأن وتفاهة الفكر وهوان الشأن .
إن نوع الشهرة هو الذى يدعو الجمهور إلى احترام الشهير وليست الشهرة فى ذاتها ..
فالناس لا تحترم القاتل الشهير ولا اللص الحقير مهما يكن بعيد الصيت .. ولا المرتشى الوضيع مهما يكن ذا منصب خطير . ونصيب الملحد ذى الشهرة أن يدوسه الناس بالأقدام ، ويرجموه بالحجارة ... ...
ثم قال :(2/291)
ومن هؤلاء من أدرك أن الهجوم على العباد مهما يكونوا أعلاماً خفاقة لن يصل بهم إلى الشهرة التى بها يحلمون وبمجدها يهيمون ، فقالوا وما لنا لا نهاجم الدين نفسه ونعلن عدم إيماننا بكلام الله وهو الله ؟ فما دامت مهاجمة الكتاب لم تأت لنا إلا بالشهرة المؤقته فلابد أن مهاجمة كلام الله ستأتى لنا بالشهرة الثابتة !
وظهرت كتب ملحدة صريحة فى إلحادها ، وثار بها الناس وأصاب أصحابها الشهرة ، ولكنها كانت شهرة نجسة بخيسة مرغت أسماءهم فى الدنس أياماً ثم زالت عنهم الشهرة وبقى لهم الدنس .
وتعلم الملحدون ألا يعلنوا إلحادهم ، واستفادوا من الدرس الذى رأوه رأى العين فيمن سبقهم .. ..
ثم قال :
ولكن رأينا فى الزمن الأخير بعض من لا نذكره ، ومن يعف القلم عن أن يخط حروف اسمه ، يعلن إلحاده فى وقاحة نعرفها لسابقيه فى الإلحاد .
وانتقل الأستاذ ثروت أباظة بعد هذا لما أثاره هذا الكاتب فقال :
والقضية التى ساقها هذا الملحد ليعلن بها عن إلحاده قضية متهاوية لا تحتمل أى نقاش . فالأمر فيها واضح غاية الوضوح ، وقد شرحها الله تعالى بمحكم آياته...
ولكنه الملحد الجاهل يهاجم النص القرآنى فى جهالة رعناء ساذجة سذاجة ينفر منها الأطفال . ولو أننا قبلنا أن نناقش القضية لعقدنا مقارنة لا تنعقد بين كلام الله ـ وهو الله ـ وبين رأى فطير حقير لا يجوز له أن يذكر أو يناقش .
وقد نسى هذا الجاهل فى حمأة جنونه بالشهرة أن هذا القرآن مر بألف وأربعمائة عام وتزيد ، وحفظه مئات الملايين ، وناقشه الأئمة الهداة .. وناقشه أيضاً الملحدون الباحثون عن الشهرة وتهجموا على قدسيته ، فإذا بالقرآن الكريم يقف شامخاً سابقاً ميسوراً على الهداة ، متأنياً إباء الجبال الشم على الملحدين الزنادقة ، لم يستطيعوا أن يهزوا حرفاً من حروفه بتشكيك ، أو يهزوا كلمة من محكم كلامه لأى أثر من حيرة .(2/292)
ومن هؤلاء الذين قرأوا القرآن علماء فى شتى ألوان العلوم : منهم علماء فى اللغة ومنهم علماء فى الفقه .. ومنهم علماء فى المنطق ، ومنهم علماء فى علم الكلام ، ومنهم من ولى القضاء ، ومنهم رجال الشرع .. وهيهات أن يحيط بالباحثين فى كتاب الله تحديد .. إنه معروض على الأزمان وعلماء هذه الأزمان على مدى ألف وأربعمائة عام .
أولم يقدر هذا الملحد الجديد أن الذى عرض له تعرض لملايين البحوث ، ولم يقل واحد منهم بما قال ، لهوان ما قال وضآلته أن يثبت لتفكير على قدر ضئيل من الاستقامة .
ومهما يكن مقدار جهلك فأنت تعلم هذا علم يقين .. ومهما يكن مقدار جهلك فأنت تعلم مقدار سخافة الرأى الذى سقته .. وأنت لا شك تقدر مدى الغضب الذى أثرته فى نفوس المسلمين كافة بما تقول .. وأنت أيضاً لا شك أردت أن تثير هذا الغضب بأمل منك سقيم أن تنال به ما تهفو إليه نفسك المريضة الساقطة من شهرة .. وقسماً لن أنيلك ما تصبو إليه من الشهرة المريضة وأنا أكتب هذا الحديث متوجهاً إلى علمائنا الأفاضل ألا يحاول أحد منهم أن يجعل منك صاحب رأى فيناقشه ، فما تبقى أنت إلا أن يناقشك كرام الفقهاء وينزلوا بك سخطهم لتنال به شهرتك .
وقد تفضل عالم جليل وتنازل وتناول رأيك بالتفنيد دون أن يذكر اسمك أو اسم مجلتك الحمراء الرعناء . وإنى أرى أنك أهون من هذا الذى فعل الشيخ الجليل . وعلى كل حال فحسبك هذا النقاش بل هو فوق الحسب .. وإنى أكاد أثق أن الفقهاء لن يذكروك بعد ذلك أبداً فإنهم ـ لا شك ـ أدركوا مقصدك ، وإنهم من الذكاء واللماحية بحيث يجعلونك تعود من جولتك الملحدة بالخيبة وسوء المآب (952[250]).(2/293)
ولا شك أنك تعلم أن مثلك لا غفران له عند الله ، فقد أشركت وما لمشرك غفران ، ولو لم تنل إلا بعدك عن رحمة لكان هذا فى ذاته أوفى عقاب لو كنت تملك من العقل صبابة .. ولكن من أين لك بها ؟ ! وهل لمن يقدم على ما أقدمت عليه أى نصيب من عقل أو إحساس أو منطق أو فكر أو خلق ؟
لقد صدمت الشعور العام لكل المسلمين ، ولو أنك فعلت هذا وقلت شيئاً يستحق النقاش لقلنا ملحد ولكنه يحاول أن يفكر ، أما أن تصنع هذا من أجل الشهرة وحدها بعد أن أخطأتها في كل ميدان سعيت إليها فيه فتلك إذن كبرى الكبائر .. وليكونن عقابك في الدنيا خزياً وفى الآخرة ناراً لا تموت فيها ولا تحيا .
ربنا سبحانك وتعاليت وتقدست أسماؤك ... وما هم إلا عبادك وأنت وحدك تعلم الكافر منهم ، وتعلم من اهتدى ... وأنت العدل المطلق القاهر على العباد الواحد القيوم الحق ... سبحانك لا تحاسبنا بما أتى السفهاء منا ، فإنهم يا الله لا يعلمون ... وأنت وحدك سبحانك من يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور ... تعاليت..
الكتاب الثاني
القسم الأول
التفسير وأصوله عن أهل السنة
التفسير وأصوله
إن الحمد كله لله ، نحمده سبحان وتعالى ، ونستعينه ونستهديه ، ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، ونسأله عز وجل أن يجنبنا الزلل في القول والعمل ، ونصلى ونسلم على رسله الكرام ، وعلى أولهم خاتم الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين .
أما بعد : فهذا الجزء الثاني من كتابنا الذي يبين حقيقة الشيعة الاثنى عشرية، حيث كان الجزء الأول دراسة مقارنة في عقيدة الإمامة والعقائد التابعة ، وجاء هذا الجزء في التفسير وأصوله ، وهو دراسة مقارنة أيضاً ، ولذلك جعلته قسمين :
القسم الأول : تحدثت فيه عن التفسير وأصوله عند أهل السنة .
القسم الثاني : جعلته لبيان التفسير وأصوله عند الشيعة .(2/294)
والقسم الأول يضم ثمانية فصول ، والقسم الثاني سبعة فصول .
وهذا الجزء طبع من قبل في كتاب مفرد ، ولم أجد فيه ما يحتاج إلى الحذف أو الإضافة ، غير أن خاتمته عرضت موجزا للبحث ، وأشارت إلى نتائجه ، فلا حاجة هنا إذن إلى إثبات ما كتبته في الخاتمة .
نسأل الله تعالى أن يجعل عملنا خالصا لوجهه ، وأن يتقبله منا ، إنه نعم المولى ونعم النصير ، وهو المستعان ، وله الحمد في الأولى والآخرة .? سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ?.
علم التفسير
التفسير في اللغة :
التفسير في اللغة راجع إلى معنى الإظهار والكشف والبيان ، ومنه قوله تعالى : ( وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ( (953[1]) فكلمة : " تفسيرا " هنا يراد بها البيان والوضوح .
التفسير في الاصطلاح :
قال الزركشى في البرهان التفسير في الاصطلاح : هو علم نزول الآية وسورتها وأقاصيصها ، والإشارات النازلة فيها . ثم ترتيب مكيها ومدنيها ، ومحكمها ومتشابهها ، وناسخها ومنسوخها ، وخاصها وعامها ، ومطلقها ومقيدها ، ومجملها ومفسرها . وزاد فيها قوم فقالوا : علم حلالها وحرامها ، ووعدها ووعيدها ، وأمرها ونهيها ، وعبرها وأمثالها 954[2] .
وما ذكره الزركشى يحدد ما يقوم به المفسر لكتاب الله المجيد ، فعليه أن يبين كل ما ذكر ، ويوضحه ويكشف عنه .
التأويل :
وقد يطلق على التفسير التأويل ؛ فتفسير الطبري سماه " جامع البيان عن تأويل أي القرآن " ، وعند تفسير الآيات الكريمة يقول : القول في تأويل كذا ، أو اختلف أهل التأويل ، أو اتفق أهل التأويل ... إلخ .
وفى لسان العرب : أول الكلام وتأوله : دبره وقدره ، وأوله وتأوله : فسره .(2/295)
وممن ذهب إلى عدم التفرقة بين التفسير والتأويل : أبو عبيد ، وأبو العباس أحمد ابن يحيى ، وابن الأعرابى ، وثعلب : غير أنه قال : التفسير والتأويل واحد ، أو هو كشف المراد عن المشكل ، والتأويل رد أحد المحتملين إلى ما يطابق الظاهر(955[3]) .
وأصل التأويل في اللغة من الأول وهو الرجوع لعاقبة الأمر ، ومعنى قولهم : ما تأويل هذا الكلام ؟ أي : إلام تئول العاقبة في المراد به ؟ ويقال : آل الأمر إلى كذا : أي صار إليه ؛ والمآل : هو العاقبة والمصير.
وتقول : أولته فآل : أي صرفته فانصرف ، فكأن التأويل صرف الآية إلى ما تحتمله من المعاني .
وقيل : أصل التأويل من الإيالة ، وهى السياسة ، فكأن المؤول للكلام يسوى الكلام ويسوسه ، ويضع المعنى فيه موضعه .
والمعنى اللغوى للتأويل لا يمنع من إطلاقه على التفسير ، ولكن قوماً ذهبوا إلى التفرقة بين التفسير والتأويل : فالماتريدى الذي سمى تفسيره " تأويلات أهل السنة " ، مما يرجح أنه لا يفرق بينهما ، قال :
التفسير : القطع على أن المراد من اللفظ هذا ، والشهادة على الله ـ سبحانه وتعالى ـ أنه عنى باللفظ هذا . والتأويل : ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة .
وقال ابن حبيب النيسابورى والبغوى وغيرهما : التأويل صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وما بعدها ، تحتمله الآية ، غير مخالف للكتاب والسنة ، من طريق الاستنباط . والتفسير هو الكلام في أسباب نزول الآية وشأنها وقصتها .
وقال ابن الأثير : المراد بالتأويل : نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأصلى إلى ما يحتاج إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ .
وقال الراغب الأصفهانى :التفسير أعم من التأويل ، وأكثر استعماله في الألفاظ ومفرداتها ، وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجمل ، وأكثر ما يستعمل في الكتب الإلهية ، والتفسير يستعمل في الكتب الإلهية وغيرها .(2/296)
وقال السيد الشريف على بن محمد الجرجانى : التفسير علم يبحث فيه عن أحوال كلام الله المجيد من حيث دلالته على مراده، وينقسم إلى تفسير : وهو ما لا يدرك إلا بالنقل ؛ كأسباب النزول ، والقصص ، فهو ما يتعلق بالرواية ، وإلى تأويل : وهو ما يمكن إدراكه بالقواعد العربية ، وهو ما يتعلق بالدراية ، فالقول في الأول بلا نقل خطأ ، وكذا القول في الثاني بمجرد التشهى وإن أصاب فيهما (956[4]) .
وأمام هذا الخلاف ننظر إلى معنى التأويل كما يفهم من الكتاب والسنة .
كلمة تأويل في القرآن الكريم : كلمة تأويل ذكرت في القرآن الكريم سبع عشرة مرة ، ففى سورة آل عمران ( آية 7 ) ( هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا (
والمعنى هنا أن الذين في قلوبهم زيغ ، أي ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل ، يصرفون المتشابه عن معناه الذي يوافق المحكم إلى ما يوافق أغراضهم وباطلهم ، ولا يعلم تأويله الحق الذي يحمل عليه وتفسيره الصحيح إلا الله ، والعلماء الثابتون في علمهم المتمكنون يرجعون المتشابه إلى المحكم ، ويقولون : كل من المحكم والمتشابه من عند ربنا ، فلا يمكن أن يخالف بعضه بعضا .
فكلمة تأويله الأولى تعنى تحريف المعنى ، ولهذا يأخذون من القرآن الكريم " المتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة ، وينزلوه عليها ، لاحتمال لفظه لما يصرفونه ، فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه لأنه دافع لهم وحجة عليهم " (957[5]) .(2/297)
وكلمة تأويله الثانية تعنى التأويل الحق الذي يحمل عليه المتشابه ، وهو المعنى الصحيح الذي لا يتعارض مع المحكم . وفى سورة النساء آية 59 : ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ( أحسن تأويلا : أحسن عاقبة ومآلا .
وفى سورة الأعراف آية 53 : ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ (والتأويل هنا معناه : عاقبة أمره ، وما يئول إليه ما أخبر به سبحانه وتعالى من الوعد والوعيد .
وفى سورة يونس آية 39 : ( بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُه ُ( أي : مآله وعاقبة أمره ، وهو خذلانهم في الدنيا ، وخلودهم في النار في الآخرة. وفى سورة يوسف وردت الكلمة في ثمانى آيات ، أرقامها : 6 ، 21 ، 36 ، 37 ، 44 ، 45 ، 100 ، 101 .
ومن هذه الآيات الكريمة : ( وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ ( أي : بيان الرؤيا ، وهو تفسيرها وعبارتها .
ومنها : ( وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا (
والأولى تعني تعبير الرؤيا ، والثانية : نبأتكما بتأويله : أي أخبرتكما بأحواله التي سيكون عليها وماهي .
فالتأويل هنا بيان ما هيته وكيفيته (958[6]) ،(2/298)
وقال ابن كثير: يخبرهما يوسف عليه السلام أنهما مهما رأيا في منامهما من حلم فإنه عارف بتفسيره ، ويخبرهما بتأويله قبل وقوعه (959[7]) .
ومن هذه الآيات الكريمة أيضا : ( قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ ( . ومنها : ( وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ ( .
وفى سورة الإسراء آية 35 : ( وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ( أي : مآلا في الآخرة .
وفى سورة الكهف آية 78 : ( قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (.
وفيها أيضاً آية 82 : ( ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرً ( والتأويل هنا هو ما ذكره الخضر ـ ـ تفسيراً للأحداث التي رآها موسى ـ ـ وأنكرها ، وهى : خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار .
كلمة تأويل في السنة المطهرة :
وننظر بعد هذا في كتب السنة :
1 ـ روى الإمام أحمد والطبرانى عن ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا له فقال : " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل " .
وعند البزار : " اللهم علمه تأويل القرآن " .
وعند أحمد من وجه آخر عن عكرمة : " اللهم اعط ابن عباس الحكمة وعلمه التأويل " (960[8]) .
2 ـ وروى الشيخان أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :
" بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون على وعليهم قمص ، منها ما يبلغ الثدي ، ومنها ما دون ذلك . وعرض على عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره . قالوا : فما أولت ذلك يا رسول الله ؟ قال : الدين " (961[9]) .
3 ـ وفى رواية جابر لحجة الرسول صلى الله عليه وسلم قال :(2/299)
" نظرت إلى مد بصري من بين يديه ، بين راكب وماش ، وعن يمينه مثل ذلك ، وعن يساره مثل ذلك ، ومن خلفه مثل ذلك ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن ، وهو يعرف تأويله ، ما عمل به من شيء عملنا به ...... "(962[10]).
4 ـ وروى الإمام البخاري عن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده :
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ، يتأول القرآن " (963[11])
تعنى أنه مأخوذ من قوله تعالى : ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ (
5 ـ وفى صحيح البخاري أيضاً:... فكان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يقول:لا يرث المؤمن الكافر.
قال ابن شهاب : وكانوا يتأولون قول الله تعالى " 72 : الأنفال " : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ( الآية (964[12]) .
قال ابن حجر : قوله " قال ابن شهاب : وكانوا يتأولون إلخ " أي كانوا يفسرون قوله تعالى: ( بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ( بولاية الميراث ، أي يتولى بعضهم بعضا في الميراث وغيره (965[13]) .
6 ـ ومن حديث رواه الإمام أحمد أن الرسول قال : " يتعلمون القرآن فيتأولونه على غير ما أنزل الله عزوجل " (966[14]) .
7 ـ روى الإمام مالك عن كعب الأحبار ، أن رجلاً نزع نعليه ، فقال :
لم خلعت نعليك ؟ لعلك تأولت هذه الآية( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى( قال : ثم قال كعب للرجل : أتدرى ما كانت نعلا موسى ؟ ... إلخ(967[15])
8 ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت : الصلاة أول ما فرضت ركعتين ، فأقرت صلاة السفر ، وأتمت صلاة الحضر . قال الزهرى : فقلت لعروة : ما بال عائشة تتم ؟ قال : تأولت ما تأول عثمان (968[16]) .(2/300)
أراد بتأويل عثمان ـ رضي الله عنه ـ ما روى عنه أنه أتم الصلاة بمكة في الحج ، والخلاف حول تأويل عثمان يطول ذكره (969[17]) .
بعد هذا العرض لما جاء في القرآن الكريم ، وفى كتب السنة النبوية المطهرة، نرى أن إطلاق تأويل القرآن على تفسيره لا يتعارض مع ما جاء من استعمال كلمة تأويل في هذين المصدرين ، إضافة إلى ما رأيناه من قبل من المعنى اللغوى ، مع عدم إغفال أن التأويل منه ما هو باطل فاسد ، ومنه ما هو حق صحيح ، وكذلك التفسير .
التفرقة بين التفسير والتأويل :
والذين رأوا التفرقة بين التفسير والتأويل نرى أن فيما ذهبوا إليه نظراً :
1 ـ فكلام الماتريدى يجعل التفسير قاصراً على قول المعصوم صلى الله عليه وسلم ، وعلى ما لا يحتاج إلى تفسير ! ولعل هذا هو الذي جعله يسمى تفسيره " تأويلات أهل السنة " .
ويتعارض هذا مع ما جاء في السنة من أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعرف تأويل القرآن الكريم ، وأنه يتأول القرآن .
2 ـ ما ذهب إليه النيسابوري والبغوي وغيرهما من قصر التفسير على الكلام في أسباب نزول الآية وشأنها وقصتها غير مسلم ، فالتفسير بمعناه المفهوم لا يتم بهذا وحده ، وإنما لابد من النظر والاستنباط حتى يتم التوضيح والإظهار والبيان ، أي التفسير ، فما ذكروه من أنه تأويل هو أيضا تفسير ، ومثله ما ذكره ابن الأثير .
3 ـ كلام الراغب الأصفهاني لا يمنع اطلاق التأويل على التفسير .
4 ـ كلام الشريف الجرجاني يشير إلى نوعى التفسير المعروفين ، وهما : التفسير المأثور أو النقلي ، وهو يتعلق بالرواية ، والتفسير العقلي ، وهو يتعلق بالدراية ، وما ذكره عن كل منهما صحيح ، غير أنه سمى أحدهما تفسيراً والآخر تأويلاً ، وتفسير القرآن الكريم يجمع الاثنين .(2/301)
وقد بين ابن تيمية سبب الخلاف في فهم المراد بالتأويل فقال : " أصل ذلك أن لفظ التأويل فيه اشتراك بين ما عناه في القرآن ، وبين ما كان يطلقه طوائف من السلف ، وبين اصطلاح طوائف من المتأخرين فبسبب الاشتراك في لفظ التأويل اعتقد كل من فهم منه معنى بلغته أن ذلك هو المذكور في القرآن"(970[18]) ثم بين أن معاني التأويل ثلاثة ، فقال : " التأويل في عرف المتأخرين من المتفقهة والمتكلمة والمحدثة والمتصوفة ونحوهم : هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به ، وهذا هو التأويل الذي يتكلمون عليه في أصول الفقه ومسائل الخلاف ...
وأما التأويل في لفظ السلف فله معنيان :
أحدهما : تفسير الكلام وبيان معناه ، سواء وافق ظاهره أو خالفه ، فيكون التأويل والتفسير عند هؤلاء متقاربا أو مترادفا ، وهذا ـ والله أعلم ـ هو الذي عناه مجاهد أن العلماء يعلمون تأويله ، ومحمد بن جرير الطبري يقول في تفسيره : القول في تأويل قوله كذا وكذا ، واختلف أهل التأويل في هذه الآية ، ونحو ذلك ، ومراده التفسير .
والمعنى الثاني في لفظ السلف ، وهو الثالث من مسمى التأويل مطلقاً ، هو نفس المراد بالكلام ، فإن الكلام إن كان طلبا كان تأويله نفس الشئ المخبر به(971[19]) .
التفسير والتأويل والمعنى :
وقد يطلق على التفسير أيضاً المعنى ؛ فالفراء ـ مثلاً ـ سمى تفسيره " معاني القرآن " ، وسئل أبو العباس أحمد بن يحيى عن التأويل فقال : التأويل والمعنى والتفسير واحد ، وقال مثل هذا ابن الأعرابي (972[20]) .
وروى عن ابن مسعود أنه قال : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن ، والعمل بهن (973[21]) .
وعلى هذا يمكن القول : تفسير الآية كذا ، أو تأويلها ، أو معناها ، وكل هذا تعبير صحيح .(2/302)
غير أننا إذا جئنا إلى العلم القائم بذاته ، الذي له نشأته وتطوره ، وكتبه ورجاله ، فإننا لا نكاد نجد إلا اسماً واحداً تعارف عليه الجميع وهو : " علم التفسير " .
تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم
بيان السنة للقرآن :
قال سبحانه وتعالى : ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ( (974[22]) .
وقال عزوجل : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ( (975[23])
وقال جلت قدرته : ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ( (976[24])
فالله سبحانه وتعالى كما تكفل بحفظ القرآن الكريم ، تكفل كذلك ببيانه . والرسول صلى الله عليه وسلم قد فهم القرآن الكريم جملة وتفصيلا ، فلم يعزب عنه شئ من علمه . ثم كان عليه أن يبين لصحابته الكرام ما يغيب عنهم .
وتفسير الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن الكريم فيه بيان للمجمل ، وقد يقيد المطلق أو يطلق المقيد ، وقد يخصص العام أو يعمم الخاص ، كل ذلك بوحى من الله وأمره ، وتعليمه وتوفيقه جلت عظمته كما قال تعالى : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ( (977[25]) .
القسم الثاني
التفسير وأصوله عند الشيعة الاثني عشرية
ثلاثة وجوه :
قال الإمام الشافعى رضي الله عنه : فلم أعلم من أهل العلم مخالفا في أن سنن النبي صلى الله عليه وسلم من ثلاثة وجوه :
فأجمعوا منها على وجهين , والوجهان يجتمعان ويتفرقان . أحدهما ما أنزل الله فيه نص كتاب , فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما نص الكتاب . والآخر مثل ما أنزل فيه جملة كتاب , فبين عن الله تعالى معنى ما أراده .
وهذان الوجهان اللذان لم يختلفوا فيهما .(2/303)
والوجه الثالث : ماسن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ليس فيه نص كتاب . فمنهم من قال : جعل الله سبحانه له بما افترض من طاعته وسبق في علمه من توفيقه لرضاه، أن سن فيما ليس له فيه نص كتاب . ومنهم من قال : لم يسن سنة قط إلا ولها أصل في الكتاب ، كما كانت سنته لتبيين عدد الصلاة وعملها على أصل جملة فرض الصلاة ، وكذلك ما سن فيه من البيوع وغيرها من الشرائع لأن الله قال : ( وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ ( ، وقال : ( وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحرَّمَ الرِّبَا(
وأورد الإمام الشافعى قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " ما تركت شيئاً مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به ، ولا تركت شيئا مما نهاكم الله عنه إلا وقد نهيتكم عنه " (978[26]) .
عدم كثرة ما يتصل بالتفسير من السنة :
ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين كثيرا من أحكام العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية ، وغير ذلك مما لم يبين في القرآن الكريم ، ولا سبيل إلى معرفته إلا بهذا البيان النبوى ، غير أن هذا البيان من الأحاديث المتصلة بالتفسير ، والتى صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليس كثيراً . وسبب هذا أن الصحابة الكرام كانوا أعلم الناس بالقرآن الكريم ؛ فبلغتهم نزل ، وهم أفصح العرب ، وعاشوا أسباب النزول ، فعرفوا ظواهر القرآن الكريم ، وتعلموا الأحكام وطبقوها :فعن ابن مسعود قال : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن ، والعمل بهن .
وعن أبى عبد الرحمن قال : حدثنا الذين كانوا يقرءوننا أنهم كانوا يستقرءون من النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل ، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا (979[27]) .(2/304)
قال ابن خلدون : " أما التفسير فاعلم أن القرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم ، فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه . وكان ينزل جملا جملا ، وآيات آيات ، لبيان التوحيد والفروض الدينية بحسب الوقائع . ومنها ما هو في العقائد الإيمانية ، ومنها ما هو في أحكام الجوارح ، ومنها ما يتقدم ومنها ما يتأخر ويكون ناسخاً لها . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبين المجمل ، ويميز الناسخ من المنسوخ ، ويعرفه أصحابه فعرفوه ، وعرفوا سبب نزول الآيات ومقتضى الحال منها " (980[28]) .
جمع أحاديث التفسير :
وأورد هنا بعض الأحاديث الصحيحة والحسنة المتصلة بالتفسير التي أمكننى جمعها ما استطعت بحول الله تعالى وقدرته وتوفيقه ، وأعتمد هنا أساساً على هذه الكتب :
أولا : صحيح البخاري ـ وشرحه فتح الباري ـ حيث أخرج الكثير من الأحاديث في كتاب التفسير ، قال ابن حجر في نهاية هذا الكتاب في فتح الباري :
" اشتمل كتاب التفسير على خمسمائة حديث وثمانية وأربعين حديثا من الأحاديث المرفوعه وما في حكمها ، الموصول من ذلك أربعمائة حديث وخمسة وستون حديثاً ، والبقية معلقة وما في معناه . المكرر من ذلك فيه وفيما مضى أربعمائة وثمانية وأربعون حديثاً ، والخالص منها مائة حديث وحديث ، وافقه مسلم على تخريج بعضها ولم يخرج أكثرها لكونها ليست ظاهرة في الرفع ، والكثير منها من تفاسير ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، وهى ستة وستون حديثا " .
وبعد أن ذكر هذه الأحاديث قال :
" وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم خمسمائة وثمانون أثراً " .
فصحيح البخاري إذن فيه الكثير من الأحاديث المرفوعة وما في حكمها ، ومن الآثار كذلك ، والأخذ منه يغنينا عن النظر في السند ، وإن كنا هنا سنقتصر على الأحاديث المرفوعة فقط .
يضاف إلى هذا أن ابن حجر في شرحه يذكر ما يتصل بالموضوع من الأحاديث برواياتها المختلفة ، وكذلك الرواة .(2/305)
ثانيا : صحيح مسلم ، ومختصره للحافظ المنذرى . وإن كان الإمام مسلم لم يخرج الكثير(981[29])، غير أننا نأخذ مما أخرجه لكونه من الصحيح .
ثالثا : الإتقان في علوم القرآن لجلال الدين السيوطي : قال بعد أن تحدث عن طبقات المفسرين ، وأوشك على الانتهاء من كتابه :
" وإذ قد انتهى بنا القول فيما أردناه من هذا الكتاب فلنختمه بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من التفاسير المصرح برفعها إليه " .
وبعد أن ذكر قدراً كبيراً من الأحاديث قال :
" فهذا ما حضرنى من التفاسير المرفوعة المصرح برفعها ، صحيحها وحسنها ، وضعيفها ومرسلها ومعضلها ، ولم أعول على الموضوعات والأباطيل" .
وإذ نستعين بما أورده السيوطي في الإتقان إلا أنا لا نأخذ منه إلا الصحيح والحسن سواء أكان ما ذكره مأخوذاً من كتب السنة أم من كتب التفسير .
رابعاً : الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي أيضا : وهذا الكتاب يختلف عن سابقيه ، فهو في ستة أجزاء من الحجم الكبير ، وفيه من الأحاديث الضعيفة والموضوعة أكثر مما فيه من الأحاديث الصحيحة .
فلا نزعم أنا قرأناه كله ، ولكننا رجعنا إليه في تفسير بعض الآيات الكريمة لأنه يتوسع كثيرا في ذكر الروايات المختلفة ، والإشارة إلى من رواها من رجال الحديث والتفسير .
خمسة وثلاثون حديثاً :
بعد هذا لنبدأ في ذكر أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعدد ما جمعته بلغ خمسة وثلاثين حديثا .(2/306)
1 ـ عن أبى سعيد بن المعلى قال : " كنت أصلى في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه ، فقلت : يا رسول الله ، إني كنت أصلى ، فقال : ألم يقل الله : ( اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم ( ؟ ثم قال لي : لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ، ثم أخذ بيدى ، فلما أراد أن يخرج قلت له : ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن ؟ قال : ( الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (هي السبع المثانى والقرآن العظيم الذي أوتيته ". [البخاري ـ كتاب التفسير ـ باب ما جاء في فاتحة الكتاب . وأخرجه الترمذى بسند آخر في فضائل القرآن : باب ما جاء في فضل فاتحة الكتاب ، وقال : حسن صحيح . وأخرجه كذلك ابن خزيمة والحاكم : انظر فتح الباري 8 / 157 ] .
2 ـ قال صلى الله عليه وسلم : " اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضلال " . [ أخرجه الترمذى في أبواب التفسير : سورة فاتحة الكتاب ، وأخرجه أحمد وابن حبان : انظر فتح الباري 8 / 159 .وذكر السيوطي أخبارا كثيرة ثم قال : قال ابن أبى حاتم : لا أعلم خلافا بين المفسرين في تفسير المغضوب عليهم باليهود والضالين بالنصارى ـ انظر الدر المنثور 1 / 16 ] .
3 ـ قال صلى الله عليه وسلم : " الكمأة من المن ، وماؤها شفاء للعين " . [ البخاري ـ كتاب التفسير ـ سورة البقرة ـ باب : ( وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ( وفى رواية " من المن الذي أنزل على بنى إسرائيل " انظر فتح الباري 8 / 164 ] .(2/307)
4 ـ قال صلى الله عليه وسلم : " قيل لبنى إسرائيل ( ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ( فبدلوا فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم وقالوا : حبة في شعرة ".[ أخرجه الشيخان في كتابي التفسير في صحيحيهما ، واللفظ لمسلم ، وفى سنن الترمذي دخلوا متزحفين على أوراكهم أي منحرفين . وانظر روايات أخرى في الدر المنثور 1 / 71 ] .
5 ـ قال صلى الله عليه وسلم : " يدعى نوح يوم القيامة فيقول : لبيك وسعديك يا رب ، فيقول : هل بلغت ؟ فيقول : نعم . فيقال لأمته : هل بلغكم ؟ فيقولون : ما أتانا من نذير ، فيقول : من يشهد لك ؟ فيقول : محمد وأمته ، فيشهدون أنه قد بلغ ، ويكون الرسول عليكم شهيداً فذلك قوله جل ذكره ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدً (والوسط : العدل " . [ أخرجه البخاري في كتاب التفسير ـ سورة البقرة : باب : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ... ( وأخرجه أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه ، وزيد في رواية : " فيقال : وما علمكم ؟ فيقولون : أخبرنا نبينا أن الرسل قد بلغوا فصدقناه " : انظر فتح الباري 8 / 172 ] .
6 ـ عن عدى بن حاتم رضي الله عنه قال : " قلت : يا رسول الله ، ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، أهما الخيطان ؟ قال : إنك لعريض القفا إن أبصرت الخيطين . ثم قال : لا ، بل هو سواد الليل وبياض النهار " .
[ البخاري : باب : ( وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ ... ( وأخرجه الترمذى في تفسير الآية الكريمة بلفظ " إنما ذلك بياض النهار من سواد الليل " وقال : هذا حديث حسن صحيح ] .(2/308)
7 ـ عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى :( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حرْثَكُمْ إني شِئْتُمْ ( يعنى صماماً واحداً .[ أخرجه الترمذى وقال : هذا حديث حسن صحيح ، ويروى : في صمام واحد ]. وعن ابن عباس قال : " جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هلكت ، قال : وما أهلكك ؟ قال : حولت رحلى الليلة . قال : فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ، قال : فأنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ إني شِئْتُمْ ( أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة " .
[ أخرجه الترمذى وقال : حسن غريب . وقال ابن حجر في الفتح " 8 / 191 " : أخرجه أحمد والترمذى من وجه صحيح .
وراجع كثيراً من الأخبار المرفوعة والموقوفة في الدر المنثور 1 / 261 ـ 267 ] .
8 ـ قال صلى الله عليه وسلم يوم الخندق : " حبسونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس ، ملأ الله قبورهم وبيوتهم ـ أو أجوافهم ـ نارا " " شك يحيى بن سعيد القطان أحد الرواه " .
[ البخاري ـ سورة البقرة : باب " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطىـ وأخرج مسلم عدة روايات في كتاب الصلاة : باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر ، وفى بعضها " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر " ، وعند الترمذى " صلاة الوسطى صلاة العصر " وقال : حسن صحيح ، ورواه غيرهم : انظر فتح الباري 8 / 195 ، والإتقان 2 / 192 ، والدر المنثور 1 / 300 ـ 305 ] .
9 ـ عن أبى هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ليس المسكين الذي ترده التمرة و التمرتان ، ولا اللقمة ولا اللقمتان . إنما المسكين الذي يتعفف . اقرءوا إن شئتم ـ يعنى قوله تعالى ( لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً (.(2/309)
[ البخاري ـ سورة البقرة ـ باب ( لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً ( وروى أحمد وأبو داود والنسائى وصححه ابن خزيمة وابن حبان من طريق عبد الرحمن بن أبى سعيد عن أبيه مرفوعاً " من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف " ، وفى رواية ابن خزيمة " فهو ملحف " ، والأوقية أربعون درهما .
ولأحمد من حديث عطاء بن يسار عن رجل من بنى أسد رفعه " ومن سأل وله أوقية أوعدلها فقد سأل إلحافاً " .
ولأحمد والنسائى من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه " من سأل وله أربعون درهما فهو ملحف " انظر فتح الباري 8 / 202 ـ 203 ، والدر المنثور 1 / 358 ـ 363 ] .
10 ـ قال صلى الله عليه وسلم : " من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له ماله شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ، يأخذ بلهزمتيه : يعنى بشدقيه ـ يقول : أنا مالك ، أنا كنزك . ثم تلا هذه الآية (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ ( إلى آخر الآية
[ البخاري ـ سورة آل عمران : باب :( وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ( ، وعند الترمذى : " ما من رجل لا يؤدى زكاة ماله إلا جعل الله يوم القيامة في عنقه شجاعا " ، وقال : حسن صحيح . ورواه أيضاً أحمد والنسائى وابن خزيمة. انظر فتح الباري 8 / 230 ] .
11 ـ قام أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ( ، وإنكم تضعونها على غير موضعها ، وإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب . [ أخرجه ابن أبى شيبة وأحمد وعبد بن حميد والحميدى في مسانيدهم وأبو داود والترمذى وصححه والنسائى وابن ماجه وغيرهم ـ انظر الدر المنثور 2 / 339 ، والإتقان 2 / 193 ] .(2/310)
12 ـ قال صلى الله عليه وسلم : مفاتح الغيب خمس : ( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (وفى رواية أخرى قال : مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله : لا يعلم ما في غد إلا الله ، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ، ولا يعلم متى يأتى المطر أحد إلا الله ، ولا تدرى نفس بأى أرض تموت ، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله .
[ انظر البخاري : سورة الأنعام . باب : ( وَعِندَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ( وسورة الرعد باب : ( اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ ( وسورة لقمان ـ باب : ( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ? .
وروى أحمد والبزار وصححه ابن حبان والحاكم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : خمس لا يعلمهن إلا الله ( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَة ( الآية . انظر فتح الباري 8 / 514 ، والدر المنثور 3 / 15 ] .
13 ـ قال صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا رآها الناس آمن من عليها ، فذاك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل .
وفى رواية أخرى قال : لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون ، وذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها . ثم قرأ الآية .
[ انظر البخاري ـ سورة الأنعام : باب ( قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءكُمُ ( ، وباب: ( لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا (.
ورواه مسلم وأحمد والترمذى وغيرهم ، انظر الإتقان 2 / 194 ، وفى رواية لمسلم : ثلاث إذا خرجن ( لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ( : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض .(2/311)
راجع كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم ـ سورة الأنعام باب في قوله تعالى : ( لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ ( واقرأ أخباراً كثيرة في الدر المنثور 3 / 57 ـ 62 ] .
14 ـ قال صلى الله عليه وسلم : ينادى مناد : إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً ، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً ، وإن لكم أن تنعموا فلا تبتئسوا أبداً ، فذلك قوله عزوجل : ( وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ( .
[ مختصر مسلم ـ سورة الأعراف ـ باب في قوله تعالى ( وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ( .
وأخرجه ابن أبى شيبة وأحمد وعبد بن حميد والدارمى والترمذى والنسائى وآخرون ـ انظر الدر المنثور 3 / 85 ] .
15 ـ عن أبى سلمة بن عبد الرحمن قال : مر بى عبد الرحمن بن أبى سعيد الخدرى ـ رضي الله عنه ، قال : قلت له : كيف سمعت أباك يذكر في المسجد الذي أسس على التقوى ؟ قال : قال أبى : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه ، فقلت : يا رسول الله أي المسجدين الذي أسس على التقوى ؟ قال : فأخذ كفاً من حصباء فضرب به الأرض ، ثم قال : هو مسجدكم هذا " لمسجد المدينة " . قال : فقلت : أشهد بأنى سمعت أباك هكذا يذكره .
[ مختصر صحيح مسلم ـ كتاب الصلاة باب في المسجد الذي أسس على التقوى ، وكتاب الحج باب بيان المسجد الذي أسس على التقوى ، وأخرجه ابن أبى شيبة وأحمد والترمذى والنسائى وغيرهم .
و في إحدى الروايات : اختلف رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي أسس على التقوى ، فقال أحدهما : هو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقال الآخر هو مسجد قباء ، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه ، فقال : هو مسجدى هذا .
انظر الدر المنثور 3 / 277 ، والإتقان 2 / 195 .(2/312)
ومن المعلوم أن الآية الكريمة إنما نزلت في مسجد قباء ، ولكن إذا كان هذا المسجد أسس على التقوى من أول يوم ، فمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بتسميته بذلك .
راجع ما قاله ابن تيمية وابن كثير في كتابى : آية التطهير بين أمهات المؤمنين وأهل الكساء : ص 26 ] .
16 ـ عن صهيب ـ رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية ( لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ( قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، نادى مناد : يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه ، فيقولون : وما هو ؟ ألم تثقل موازيننا ، وتبيض وجوهنا ، وتدخلنا الجنة ، وتزحزحنا عن النار ؟ قال : فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه ، فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من النظر إليه ولا أقر لأعينهم .
[ أخرجه أحمد ومسلم والترمذى وابن ماجه وغيرهم ، وفى رواية : الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الرحمن . انظر الدر المنثور 3 / 305 والإتقان 2 / 195 ] .
17 ـ عن الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ( قال : هي في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها العبد الصالح أو ترى له،وفى الآخرة الجنة .
وفى رواية : الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ، فهى بشراه في الحياة الدنيا ، وبشراه في الآخرة الجنة .
[ أخرجه سعيد بن منصور وابن أبى شيبة وأحمد والترمذى وحسنه وغيرهمـ انظر الدر المنثور 3 / 311 والإتقان 2 / 195 ـ 196 ] .
18ـ قال صلى الله عليه وسلم : يدنى المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه : تعرف ذنب كذا ؟ يقول : أعرف ، يقول : رب أعرف " مرتين " . فيقول : سترتها في الدنيا ، وأغفرها لك اليوم . ثم تطوى صحيفة حسناته .
وأما الآخرون ـ أو الكفار ـ فينادى على رءوس الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم .(2/313)
[ البخاري ـ سورة هود ـ باب ( وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (.
وفى مسلم : يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه عزوجل حتى يضع عليه كنفه ، فيقرره بذنوبه ، فيقول : هل تعرف ؟ فيقول : أي رب أعرف .قال : فإنى قد سترتها عليك في الدنيا ، وإنى أغفرها لك اليوم ، فيعطى صحيفة حسناته ، وأما الكفار والمنافقون ، فينادى بهم على رءوس الخلائق : هؤلاء الذين كذبوا على الله .
راجع مختصر صحيح مسلم ـ كتاب التوبة وقبولها ـ باب في النجوى وتقرير العبد بذنوبه .
وأخرجه ابن المبارك وابن أبى شيبة وابن جرير وغيرهم ـ انظر الدر المنثور 3 / 325 ] .
19 ـ قال صلى الله عليه وسلم : إن الله ليملى للظالم ، حتى إذا أخذه لم يفلته . ثمقرأ : ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ( .
[ البخاري ـ سورة هود ـ باب ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ( .
وفى مسلم : إن الله عزوجل يملى للظالم ، فإذا أخذه لم يفلته ، ثم قرأ ... انظر مختصر صحيح مسلم ـ كتاب الظلم ـ باب في الإملاء للظالم .
وأخرج الحديث : الترمذى والنسائى وابن ماجه وغيرهم ـ انظر الدر المنثور 3 / 349 ] .
20 ـ عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن رجلاً أصاب من إمرأة قبلة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، فأنزلت عليه ( وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ( قال الرجل : أَِلىَ هذا ؟ قال : لمن عمل بها من أمتى .(2/314)
[ البخاري ـ سورة هود ـ باب : ( وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ( .
وفى مسلم : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني عالجت أمرأة في أقصى المدينة ، وإنى أصبت منها ما دون أن أمسها ، فأنا هذا ، فاقض في ما شئت . فقال له عمر : لقد سترك الله ، لو سترت نفسك . قال : فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ، فقام الرجل فانطلق ، فأتبعه الرسول صلى الله عليه وسلم رجلاً دعاه ، وتلا عليه هذه الآية :
( أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ( فقال رجل من القوم : يا نبي الله : هذا له خاصة ؟ قال : بل للناس كافة.
سورة هود ـ باب في قوله تعالى ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ (.
وأخرجه أحمد والترمذى والنسائى وغيرهم ـ انظر الدر المنثور 3 / 352 ] .
21 ـ عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أخبرونى بشجرة تشبه أو كالرجل المسلم لا يتحات ورقها ولا ولا ولا ، تؤتى أكلها كل حين ، قال ابن عمر : فوقع في نفسى أنها النخلة ، ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان ، فكرهت أن أتكلم . فلما لم يقولوا شيئاً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي النخلة .....
[ البخاري ـ سورة إبراهيم ـ باب : ( كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ( .
ورواه الترمذى والنسائى والحاكم وابن حبان وأحمد باختلاف يسير عن البخاري ـ انظر الإتقان 2 / 197 ، وراجع كذلك الدر المنثور 4 / 76 ـ 77
وفى مسلم : أخبرونى بشجرة شبه أو كالرجل المسلم لا يتحات ورقها ، تؤتى أكلها كل حين .(2/315)
مختصر مسلم : كتاب الإيمان ـ باب مثل المؤمن ..... ] .
22 ـ قال صلى الله عليه وسلم : المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فذلك قوله : ( يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ( .
[ البخاري ـ سورة إبراهيم باب :( يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ (ورواه غير البخاري كثير من الأئمة ـ انظر الإتقان 2 / 197 والدر المنثور 4 / 78 ] .
23 ـ عن أبى هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فضل صلاة الجمع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة ، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الصبح .
يقول أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم :( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (.
[ البخاري ـ سورة الإسراء ـ باب ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ( .
وأخرجه عبد الرزاق ومسلم وابن جرير وغيرهم . وأخرج أحمد والترمذى وصححه والنسائى وابن ماجه وآخرون عن أبى هريرة في قوله تعالى : ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ( قال : تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار تجتمع فيها .
انظر الدر المنثور 4 / 196 ، والإتقان 2 / 198 ] .
24 ـ قال صلى الله عليه وسلم : إن موسى قام خطيباً في بنى إسرائيل ، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا . فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه ، فأوحى الله إليه : إن لي عبداً بمجمع البحرين هو أعلم منك . قال موسى : يا رب فكيف لي به ؟ قال : تأخذ معك حوتاً فتجعله في مكتل ، فحيثما فقدت الحوت فهو ثم . فأخذ حوتاً فجعله في مكتل ثم انطلق ، وانطلق معه فتاه يوشع بن نون ... إلخ .(2/316)
[ انظر الخبر بتمامه ، وأخباراً أخرى للبخارى وغيره في فتح الباري 8 / 409 ـ 425 ، وانظر الدر المنثور 4 / 229 ـ 240 ومختصر صحيح مسلم ـ كتاب ذكر الأنبياء وفضلهم ـ باب في قصة موسى مع الخضر عليهما السلام] .
25 ـ عن المغيرة بن شعبة قال : بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران ، فقالوا : أرأيت ما تقرءون ( يَا أُخْتَ هَارُونَ ( ؟ وموسى قبل عيسى بكذا أوكذا قال : فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم .
[ أخرجه ابن أبى شيبة وأحمد وعبد بن حميد ومسلم والترمذى والنسائى وغيرهم ـ انظر الدر المنثور 4 / 270 والإتقان 2 / 198 ] .
26 ـ عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا أحب الله عبداً نادى جبريل : إني قد أحببت فلاناً فأحبه ، فينادى في السماء ، ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض ، فذلك قول الله ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ( .
[ أخرجه الشيخان وغيرهما ـ انظر الدر المنثور 4 / 287 ، والإتقان 2 / 199 ] .
27 ـ عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن رجلاً قال : يا نبي الله ، يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة ؟ قال : أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادراً على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة .
[ البخاري ـ سورة الفرقان باب : ( الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا ( .
قال ابن حجر : وفى حديث أبى هريرة عند البزار " يحشر الناس على ثلاثة أصناف : صنف على الدواب ، وصنف على أقدامهم ، وصنف على وجوههم . فقيل : فكيف يمشون على وجوههم " الحديث .
ويؤخذ من مجموع الأحاديث أن المقربين يحشرون ركبانا ، ومن دونهم من المسلمين على أقدامهم ، وأما الكفار فيحشرون على وجوههم . فتح الباري 8 / 492 .(2/317)
وروى الحديث مسلم وغيره ـ انظر الإتقان 2 / 198 .
ومختصر مسلم ـ كتاب صفة القيامة ـ باب حشر الكافر على وجهه يوم القيامة ] .
28 ـ عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : لما نزلت هذه الآية ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ (شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : أينا لم يلبس إيمانه بظلم ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه ليس بذاك ، ألا تسمع إلى قول لقمان لابنه ( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (.
[ البخاري سورة لقمان باب ( لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (
ورواه أحمد ومسلم وغيرهما ـ انظر الإتقان 2 / 193 ، والدر المنثور 3 / 26 . ومختصر صحيح مسلم : كتاب التفسير ـ سورة الأنعام ـ باب في قوله تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ ( ] .
29 ـ عن فروه بن مسيك المرادى ـ رضي الله عنه ـ قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ألا أقاتل من أدبر من قومى بمن أقبل منهم ؟ فأذن لي في قتالهم وأمرنى ، فلما خرجت من عنده أرسل في أثرى فردنى ، فقال : ادع القوم فمن أسلم منهم فاقبل منه ، ومن لم يسلم فلا تعجل حتى أحدث إليك ، قال وأنزل في سبأ ما أنزل . فقال رجل : يا رسول الله ، وما سبأ ؟ أرض أم امرأة ؟ قال : ليس بأرض ولا امرأة ، ولكنه رجل ولد عشرة من العرب ، فتيامن منهم ستة، وتشاءم منهم أربعة ، وأما الذين تشاءموا : فلخم وجذام وغسام وعاملة ، وأما الذين تيامنوا فالأزد والأشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار .
فقال رجل : يا رسول الله ، وما أنمار ؟ قال : الذين منهم خثعم وبجيلة .
أخرجه أحمد وعبد بن حميد والبخارى في تاريخه والترمذى وحسنه وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه .(2/318)
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والطبرانى وابن أبى حاتم وابن عدى والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبأ : أرجل هو أم امرأة أم أرض ؟ فقال : بل هو رجل ولد عشرة : فسكن اليمن منهم ستة ، وبالشام منهم أربعة . فأما اليمانيون : فمذحِج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير ، وأما الشاميون : فلخم وجذام وعاملة وغسان .
[ الدر المنثور 5 / 231 ، وانظر الإتقان 2 / 200 ] .
30 ـ عن أبى هريرة ـ رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : " ما بين النفختين أربعون . قالوا : يا أبا هريرة ، أربعون يوماً ؟ قال : أبيت . قال : أربعون سنة ؟ قال : أبيت . قال : أربعون شهرا ؟ قال : أبيت . ويبلى كل شئ من الإنسان إلا عجب ذنبه ، فيه يركب الخلق .
وفى رواية أخرى . ما بين النفختين أربعون . قال : أربعون يوماً ؟قال: أبيت . قال : أربعون شهراً ؟ قال : أبيت . قال : أربعون سنة ؟ قال :أبيت. قال : ثم ينزل الله من السماء ماء ، فينبتون كما ينبت البقل ، ليس من الإنسان شئ إلا يبلى ، إلا عظماً واحداً . وهو عجب الذنب ، ومنه يركب الخلق يوم القيامة .
[ البخاري ـ سورة الزمر ـ باب( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ (وسورة النبأ ـ باب : ( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ( .
وقوله : أبيت : أي امتنعت عن القول بتعيين ذلك لأنه ليس عندى في ذلك توقيف . ولابن مردويه عن الأعمش في هذا الحديث فقال " أعييت " من الإعياء وهو التعب ، وكأنه أشار إلى كثرة من يسأله عن تبيين ذلك فلا يجيبه .
وفى حديث أبى سعيد عند الحاكم وأبى يعلى : قيل : يا رسول الله ما عجب الذنب ؟ قال : مثل حبة خردل .(2/319)
والعجب . عظم لطيف في أصل الصلب ، وهو رأس العصعص ، وهو مكان رأس الذنب من ذوات الأربع .
وقال العلماء . هذا عام يخص منه الأنبياء ، لأن الأرض لا تأكل أجسادهم . (انظر فتح الباري 8 / 552 ـ 553 . وانظر الحديث في مختصر صحيح مسلم ـ كتاب الفتن ـ باب ما بين النفختين أربعون ويبلى الإنسان إلا عجب الذنب . وأخرج الحديث أحمد والترمذى وابن ماجه وآخرون . انظر الدر المنثور 5 / 336 ) .
31 ـ قال صلى الله عليه وسلم : ( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ( حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه .
[ البخاري ـ سورة المطففين ـ باب ( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ( .
وقوله : " في رشحه " : بفتحتين أي عرقه لأنه يخرج من البدن شيئا بعد شىء كما يرشح الإناء المتحلل الأجزاء .
وفى رواية أخرى : حتى إن العرق يلجم أحدهم إلى أنصاف أذنيه .
وفى رواية لمسلم : تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل ، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق : فمنهم من يكون إلى كعبيه ، ومنهم من يكون إلى ركبتيه ، ومنهم من يكون إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً .
انظر فتح الباري : 8 / 696 . ومختصر صحيح مسلم : كتاب صفة القيامةـ باب دنو الشمس من الخلق يوم القيامة . والإتقان : 2 / 203 . وأخرجه مالك وعبد بن حميد والترمذى وغيرهم : انظر الدر المنثور 6 / 324 ] .
32 ـ عن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله تعالى عنها ـ قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس أحد يحاسب إلا هلك . قالت : قلت : يا رسول الله جعلنى الله فداءك ، أليس يقول الله عزوجل ( فَأَمَّا مَنْ أُوتيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ( ؟ قال : ذاك العرض يعرضون ، ومن نوقش الحساب هلك .
[ البخاري ـ سورة الانشقاق ـ باب ( فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ((2/320)
ومختصر مسلم ـ كتاب التفسير ـ سورة الانشقاق ـ باب في قولة تعالى : ( فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ( .
وأخرجه أحمد وعبد بن حميد والترمذى وغيرهم : انظر الدر المنثور 6 / 329 ، والإتقان 2 / 203 ] .
33 ـ عن عبد الله بن زمعة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ، وذكر الناقة والذى عقر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا ( إنبعث لها رجل عزيز عارم، منيع في رهطه مثل أبى زمعه عم الزبير بن العوام .
[ البخاري ـ سورة الشمس ، وانظر فتح الباري 8 / 705 ـ 706 .
وأخرج الحديث : سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد ومسلم والترمذى والنسائى وآخرون ـ انظر الدر المنثور 6 / 357 ] .
34 ـ عن على بن أبى طالب ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال : كنا في جنازة في بقيع الغرقد ، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقعد وقعدنا حوله ، ومعه مخصرة، فنكس فجعل ينكت بمخصرته ، ثم قال : ما منكم من أحد ، وما من نفس منفوسة ، إلا كتب مكانها من الجنة والنار ، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة . قال رجل : يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل ، فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى أهل السعادة ، ومن كان منا من أهل الشقاء فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة ؟ قال : أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة ، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاء ، ثم قرأ ( فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ( الآية .
وفى رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم : " اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة ، وأما من كان من أهل الشقاء فييسر لعمل أهل الشقاوة ، ثم قرأ ( فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ( الآية .
[ انظر البخاري ـ سورة الليل ـ من الباب الثالث إلى الباب السابع ، وهو الأخير .
والحديث : أخرجه الجماعة وغيرهم ـ انظر الدر المنثور 6 / 359 ] .(2/321)
35 ـ عن أنس رضي الله عنه قال : لما عرج بالنبى صلى الله عليه وسلم إلى السماء قال : أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ مجوف ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر .
[ البخاري ـ سورة الكوثر ـ الحديث الأول ] .
وذكر الإمام البخاري حديثين آخرين :
أحدهما : عن أبى عبيدة عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قال : سألتها عن قوله تعالى : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ( قالت : هو نهر أعطيه نبيكم صلى الله عليه وسلم ، شاطئاه عليه در مجوف آنيته كعدد النجوم .
والحديث الآخر عن أبى بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في الكوثر : هو الخير الذي أعطاه الله إياه . قال أبو بشر : قلت لسعيد بن جبير : فإن الناس يزعمون أنه نهر في الجنة ، فقال سعيد : النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه .
وفى رواية للنسائى لحديث السيدة عائشة : هو نهر أعطيه نبيكم في بطنان الجنة . قلت : ما بطنان الجنة ؟ قالت : وسطها .(2/322)
وقال ابن حجر تعقيباً على الحديث الثالث للبخارى : هذا تأويل من سعيد بن جبير جمع به بين حديثى عائشة وابن عباس . وقد أخرج الترمذى من طريق ابن عمر رفعه : " الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب ومجراه على الدر والياقوت " الحديث : قال : إنه حسن صحيح . وفى صحيح مسلم : " بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ غفا إغفاءه ، ثم رفع رأسه مبتسماً . فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : نزلت على سورة . فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم . (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ( إلى آخرها ، ثم قال : أتدرون ما الكوثر ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : فإنه نهر وعدنيه ربى عليه خير كثير ، وهو حوض ترد عليه أمتى يوم القيامة " الحديث . وحاصل ما قاله سعيد بن جبير أن قول ابن عباس أنه الخير الكثير لا يخالف قول غيره أن المراد به نهر في الجنة ، لأن النهر فرد من أفراد الخير الكثير ، ولعل سعيداً أومأ إلى أن تأويل ابن عباس أولى لعمومه ، لكن ثبت تخصيصه بالنهر من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم فلا معدل عنه .
[ انظر فتح الباري 8 / 732 ، وراجع مجموع الأحاديث المتصلة بالموضوع في الدر المنثور 6 / 401 ـ 403 ] .
نتائج الجمع :
هذه هي الأحاديث الشريفة في التفسير التي أمكن جمعها . وأشرنا من قبل إلى دور السنة بالنسبة للقرآن الكريم ، فلا حاجة للإعادة ، ولكن نذكر هنا بعض الملاحظات ، في ضوء هذه الأحاديث :
1 ـ بين الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة الكرام ما لا علم لهم به ، ولا طريق إلى معرفته إلا بهذا البيان النبوى ، مثل الأمور المتعلقة بالأمم السابقة ، وأنبيائهم ، أو الأمور الغيبية كبعض ما سيحدث يوم القيامة وأشار إليه القرآن الكريم ، واحتاج إلى بيان .(2/323)
2 ـ ونلاحظ كذلك أن بعض الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فهموا بعض الآيات الكريمة فهما خاطئاً ، فصحح لهم الرسول صلى الله عليه وسلم ما فهموا ، وبين لهم مراد الله تعالى ، وذلك مثل قوله تعالى : ( وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ( . وقوله عزوجل : ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ (.
3 ـ بين الرسولصلى الله عليه وسلم ما قد يغيب عن الصحابة كلهم أو بعضهم ، مثل : تعريف المسكين ، والصلاة الوسطى ، ومفاتح الغيب ..إلخ .
4 ـ كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسأل أحيانا صحابته ليتأكد من صحة فهمهم ، كما سأل عن الشجرة الطيبة ، والصحابة بدورهم كانوا يسألونه صلى الله عليه وسلم فيما غاب عنهم ، كالسؤال عن " الذين يحشرون على وجوههم " ، وعن (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ( مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " من نوقش الحساب هلك " .
5 ـ لعل هذه الأحاديث الشريفة هي أكثر ما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم في تفسير آيات من كتاب الله العزيز ، إلى جانب بيانه صلى الله عليه وسلم لما أجمل في القرآن الكريم من أحكام العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية وغيرها .
وهذه الأحاديث قليلة بلا شك ، وهى وما يصح مثلها تعتبر وحدها عند جمهور المسلمين الحجة التي لا ترد ، لأنها قول المعصوم صلى الله عليه وسلم . وهنا يظهر الفرق جلياً بين جمهور المسلمين والشيعة الجعفرية ، فالشيعة يعتبرون أئمتهم جميعاً معصومين ، فأقوالهم كأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم ولهم ما للرسول صلى الله عليه وسلم من بيان مجمل الكتاب ، أو تقييد مطلقه ، أو تخصيص عامة ، لأن أقوالهم تدخل ضمن مفهوم السنة كمصدر من مصادر التشريع ، ولها دورها بالنسبة للقرآن الكريم .(2/324)
ولهذا عندما ندرس كتب التفسير عندهم فإنا سنجد أن بعض التفاسير تعتبر في معظمها حجة عندهم ، لأنهم يرون أنها مأخوذة عن الأئمة
تفسير الصحابة رضي الله عنهم
أعلم الناس بالقرآن :
بعد تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم يأتى تفسير الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، فهم ـ كما أشرنا من قبل ـ كانوا أعلم الناس بالقرآن الكريم ؛ فبلغتهم نزل ، وهم أفصح العرب ، وعاشوا أسباب النزول ، فعرفوا ظاهر القرآن الكريم ، وتعلموا الأحكام وطبقوها .
الموقوف والمرفوع :
وكثير من التفسير المأثور عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يعتبر في حكم المرفوع وإن لم يكن مرفوعاً . وسبق من قبل كلام ابن حجر في اشتمال كتاب التفسير من صحيح البخاري على خمسمائة حديث وثمانية وأربعين حديثاً من الأحاديث المرفوعة وما في حكمها ، وعلى خمسمائة وثمانين أثراً من آثار الصحابة التي لا تأخذ حكم الرفع . فما ينتهى إلى الصحابة إذن قد يأخذ حكم المرفوع وقد يعتبر موقوفاً عليهم . على أن الإمام مسلماً لم يوافق الإمام البخاري على تخريج أكثر أحاديثه لكونها ليست ظاهرة في الرفع . واتفق الشيخان على أن تفسير الصحابى يأخذ حكم المرفوع إذا كان التفسير يتعلق بسبب نزول آية أو نحوه مما لا يمكن أن يؤخذ إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا مدخل للرأى فيه : ومشى على هذا الحاكم في علوم الحديث ، وابن الصلاح وغيرهما (982[30]) .
بعض ما صح من تفسيرهم :
وكى نأخذ صورة واضحة لتفسير الصحابة رضي الله عنهم ، ننقل هنا بعض ما جاء في كتاب التفسير من صحيح البخاري .
1 ـ " 4495 " - حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال : قلت لعائشة ـ رضي الله عنهاـ زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنا يومئذ حديث السن :(2/325)
أرأيت قول الله تبارك وتعالى : ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ( فما أرى على أحد شيئاً أن لا يطوف بهما .
فقالت عائشة : كلا ، لو كانت كما تقول كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ، إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار : كانوا يهلون لمناة ، وكانت مناة حذو قديد ، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة ، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فأنزل الله : ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ( (983[31]).
2 ـ " 4498 " حدثنا الحميدى ، حدثنا سفيان ، حدثنا عمرو ، قال : سمعت مجاهداً قال : سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول : " كان في بنى إسرائيل القصاص ، ولم تكن فيهم الدية ، فقال الله تعالى لهذه الأمة
( كُتِبَ عَليْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ( فالعفو أن يقبل الدية في العمد ( فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ( يتبع بالمعروف ويؤدى بإحسان( ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ( مما كتب على من كان قبلكم ( فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ? قتل بعد قبول الدية " .
3 ـ " 4505 " حدثنى إسحاق ، أخبرنا روح ، حدثنا زكريا بن إسحاق ، حدثنا عمرو بن دينار ، عن عطاء ، سمع ابن عباس يقرأ : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ( قال ابن عباس : ليست بمنسوخة ، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فليطعمان مكان كل يوم مسكيناً .(2/326)
4 ـ " 4506 " حدثنا عياش بن الوليد ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه قرأ ( فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ( قال : هي منسوخة .
5 ـ " 4507 " حدثنا قتيبة ، حدثنا بكر بن معز ، عن عمرو بن الحارث ، عن بكير بن عبد الله ، عن يزيد مولى سلمة بن الأكوع ، عن سلمة قال : " لما نزلت ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ( كان من أراد أن يفطر ويفتدى ، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها " .
6 ـ " 4512 " حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبى إسحاق ، عن البراء قال : كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتو البيت من ظهره فأنزل الله ?وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا (.
7 ـ " 4521 " حدثنى محمد بن أبى بكر ، حدثنا فضيل بن سليمان ، حدثنا موسى بن عقبة ، أخبرنى كريب ، عن ابن عباس قال : " يطوف الرجل بالبيت ما كان حلالا حتى يهل بالحج ، فإذا ركب إلى عرفة فمن تيسر له هديه من الإبل أو البقر أو الغنم ما تيسر له من ذلك أي ذلك شاء ، غير إن لم يتيسر له فعليه ثلاثة أيام في الحج وذلك قبل يوم عرفة ، فإن كان آخر يوم من الأيام الثلاثة يوم عرفة فلا جناح عليه ، ثم لينطلق حتى يقف بعرفات من صلاة العصر إلى أن يكون الظلام ثم ليدفعوا من عرفات ، فإذا أفاضوا منها يبلغوا جمعاً الذي يتبرز فيه ، ثم ليذكروا الله كثيراً ، أو أكثروا التكبير والتهليل قبل أن تصبحوا ، ثم أفيضوا فإن الناس كانوا يفيضون ، وقال الله تعالى :( ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( حتى ترموا الجمرة " .(2/327)
8 ـ " 4528 " حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان ، عن ابن المنكدر ، سمعت جابراً رضي الله عنه ، قال : " كانت اليهود تقول إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول فنزلت ( نسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ إني شِئْتُمْ ( .
9 ـ " 4568 " حدثنى إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام ، أن ابن جريج أخبرهم ، عن ابن أبى مليكة ، أن علقمة بن وقاص خبره ، أن مروان قال لبوا به : اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل : لئن كان امرئ فرح بما أوتى وأحب أن يحمد بما لم يعمل معذباً لنعذبن أجمعون . فقال ابن عباس : ما لكم ولهذه ؟ إنما دعا النبي صلى الله عليه وسلم يهود فسألهم عن شئ فكتموه إياه ، وأخبروه بغيره فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه عنه فيما سألهم ، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم . ثم قرأ ابن عباس ( وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ (كذلك حتى قوله : ( يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ ( .
10 ـ " 4573 " حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام ، عن ابن جريج قال : أخبرنى هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها : " أن رجلاً كانت له يتيمة فأنكحها ، وكان لها عذق ، وكان يمسكها عليه ولم يكن لها من نفسه شئ ، فنزلت فيه ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى ( أحسبه قال : كانت شريكته في ذلك العذق وفى ماله " .(2/328)
11 ـ " 4574 " حدثنى عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب قال : " أخبرنى عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى ( فقالت : يا بن أختى ، هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله ويعجبه مالها وجمالها ، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهوا عن أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا لهن أعلى سنتهن في الصداق ، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن . قال عروة : قالت عائشة : وإن الناس استفتوا رسول الله بعد هذه الآية فأنزل الله (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء ( قالت عائشة : وقول الله تعالى في آية أخرى(وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ ( رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة المال والجمال ، قالت : فنهوا أن ينكحوا عن من رغبوا في ماله وجماله في يتامى النساء إلا بالقسط ، من أجل رغبتهم عنهن إذا كن قليلات المال والجمال "
12 ـ " 4590 " حدثنا آدم بن أبى إياس ، حدثنا شعبة ، حدثنا مغيرة بن النعمان قال : سمعت سعيد بن جبير قال : " آية اختلف فيها أهل الكوفة ، فرحلت فيها إلى ابن عباس فسألته عنها فقال : نزلت هذه الآية ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ ( هي آخر ما نزل وما نسخها شئ " .
13 ـ " 4600 " حدثنا عبيد بن اسماعيل ، حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها ? وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ ( إلى قوله ( وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ ( قالت عائشة : " هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووارثها فأشركته في ماله حتى في العذق فيرغب أن ينكحها ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في ماله بما شركته فيعضلها فنزلت هذه الآية " .(2/329)
14 ـ " 4601 " حدثنا محمد بن مقاتل ، أخبرنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا ( قالت : الرجل تكون عنده المرأة ليس بمستكثر منها يريد أن يفارقها فتقول : أجعلك من شأنى في حل ، فنزلت هذه الآية في ذلك " .
15 ـ " 4613 " حدثنا على بن سلمة ، حدثنا مالك بن سعير ، حدثنا هشام ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها : " أنزلت هذه الآية( لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ ( في قول الرجل : لا والله وبلى والله " .
16 ـ " 4682" حدثنى إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام ، عن ابن جريج ، وأخبرنى محمد بن عباد بن جعفر أن ابن عباس قرأ : ( أَلا إِنَّهُمْ تَثْنُونىَ صُدُورَهُمْ( قلت : يا أبا العباس ما تثنونى صدورهم ؟ قال : كان الرجل يجامع امرأته فيستحى أو يتخلى فيستحى فنزلت ( أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ( .
] تثنونى : بفوقانية ، وسكون المثلثة ، وفتح النون ، وسكون الواو ، وكسر النون بعدها ياء ، على وزن تفعو عل ، وهو بناء مبالغة كاعشوشب ، لكن جعل الفعل للصدور ـ قاله ابن حجر في الفتح [ .
17 ـ " 4683 " حدثنا الحميدى حدثنا سفيان حدثنا عمرو قال : " قرأ ابن عباس ( أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ( وقال غيره عن ابن عباس " يستغشون " يغطون رءوسهم " سىء بهم " ساء ظنه بقومه " وضاق بهم " بأضيافه " بقطع من الليل " بسواد " إليه أنيب " أرجع " .(2/330)
18 ـ " 4695 " حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن صالح ، عن ابن شهاب قال : " أخبرنى عروة بن الزبير ، عن عائشة رضي الله عنها قالت له وهو يسألها عن قول الله تعالى : ( حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ ( قال : قلت : أكذبوا أم كذّبوا ؟ قالت عائشة : كذبوا . قلت : فقد استيقنوا بذلك أن قومهم كذبوهم ، فما هو بالظن . قالت : أجل لعمرى ، لقد استيقنوا بذلك . فقلت لها : وظنوا أنهم قد كذبوا ؟ قالت : معاذ الله ، لم تكن الرسل تظن ذلك بربها . قلت : فما هذه الآية ؟ قالت : هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم ، فطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر ، حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم ، وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم ، جاءهم نصر الله عند ذلك " .
19 ـ " 4700 " حدثنا على بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن عطاء سمع ابن عباس : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا ( قال : " هم كفار أهل مكة " .
20 ـ " 4705 " حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ( قال : هم أهل الكتا ب جزءوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه " .
21 ـ " 4706 " حدثنى عبيد الله بن موسى ، عن الأعمش ، عن أبى ظبيان، " عن ابن عباس رضي الله عنهما : ( كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ ( قال : آمنوا ببعض وكفروا ببعض ، اليهود والنصارى " .
22 ـ " 4714 " حدثنى عمرو بن على ، حدثنا يحيى ، حدثنا سفيان ، حدثنى سليمان ، عن إبراهيم ، عن أبى معمر ، عن عبد الله : " إلى ربهم الوسيلة " قال : " كان ناس من الإنس يعبدون ناسا من الجن ، فأسلم الجن ، وتمسك هؤلاء بدينهم " زاد الأشجعى ، عن سفيان ، عن الأعمش : ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم (.(2/331)
23 ـ " 4716 " حدثنا على بن عبد الله ، حدثنا سفيان عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ? وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ ( قال : هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ ( قال : شجرة الزقوم .
24 ـ " 4722 " حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، حدثنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا ( قال : نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة ، كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن ، فإذا سمع المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به ، فقال الله تعالى لنبيه ( وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ ( أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن ( وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا ( عن أصحابك فلا تسمعهم ( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ( .
25 ـ " 4732 " حدثنا الحميدى ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبى الضحى ، عن مسروق ، قال : سمعت خبابا قال : جئت العاص بن وائل السهمى أتقاضاه حقاً لي عنده ، فقال : لا أعطيك حتى تكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم . فقلت : لا ، حتى تموت ثم تبعث . قال : وإنى لميت ثم مبعوث ؟ قلت : نعم . قال : إن لي هناك مالاً وولداً فأقضيك ، فنزلت هذه الآية : ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا ( . رواه الثورى وشعبة وحفص وأبو معاوية ووكيع عن الأعمش .(2/332)
26 ـ " 4753 " حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا يحيى ، عن عمر بن سعيد ابن أبى حسين قال : حدثنى ابن مليكة قال : استأذن ابن عباس ـ قبيل موتها ـ على عائشة وهى مغلوبة ، قالت : أخشى أن يثنى على ، فقيل : ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن وجوه المسلمين ، قالت : ائذنوا له . فقال : كيف تجدينك ؟ قال : بخير إن اتقيت . قال : فأنت بخير إن شاء الله تعالى ، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم ينكح بكرا غيرك ، ونزل عذرك من السماء .
ودخل ابن الزبير خلافه ، فقالت : دخل ابن عباس فأثنى على ، وددت إني كنت نسياً منسياً " .
27 ـ " 4806 " حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا غندر ، حدثنا شعبة ، عن العوام قال : سألت مجاهداً عن السجدة في ص فقال : سئل ابن عباس فقال : ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ( ، وكان ابن عباس يسجد فيها .(2/333)
28 ـ سورة حم السجدة . قال المنهال ، عن سعيد قال : قال رجل لابن عباس : إني أجد في القرآن أشياء تختلف على ، قال ( فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ ( ، ( وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ( ، ( وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا ـ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ( فقد كتموا هذه الآية . وقال : ( أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا ( إلى قوله ( دَحَاهَا ( فذكر خلق السماء قبل خلق الأرض ، ثم قال? أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ( إلى ( طَائِعِينَ ( فذكر في هذه خلق الأرض قبل السماء وقال تعالى : ? وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ـ عَزِيزًا حَكِيمًا ـ سَمِيعًا بَصِيرًا ( فكأنه كان ثم مضى ، فقال : ( فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ ( في النفخة الأولى ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ( ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ ( ثم في النفخة الأخرى ( وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ( وأما قوله ( مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ـ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ ( فإن الله يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم. وقال المشركون : تعالوا نقول لم نكن مشركين ، فختم على أفواههم فتنطق أيديهم. فعند ذلك عرف أن الله لا يكتم حديثاً . وعنده ( يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ ( الآية وخلق الأرض في يومين ثم خلق السماء ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين ثم دحا الأرض ، ودحوها أن أخرج منها الماء والمرعى وخلق الجبال والآكام وما بينهما في يومين آخرين فذلك قوله " دحاها " وقوله ( خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ( فجعلت الأرض وما فيها من شئ في أربعة أيام وخلقت السماوات في يومين .(2/334)
( وَكَانَ اللهُ غَفُورًا ( سمى نفسه ذلك ، وذلك قوله ، أي لم يزل كذلك فإن الله لم يرد شيئاً إلا أصاب به الذي أراد . فلا يختلف عليك القرآن ، فإن كلا من عند الله .
29 ـ " 4818 " حدثنى محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عبد الملك بن ميسرة قال : سمعت طاوساً عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله ( إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى (فقال سعيد بن جبير : قربى آل محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال ابن عباس : عجلت ، إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان فيهم قرابة ، فقال : إلا أن تصلوا ما بينى وبينكم من القرابة .
30 ـ " 4822 " حدثنا يحيى ، حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبى الضحى ، عن مسروق قال : دخلت على عبد الله فقال : إن من العلم أن تقول لما لا يعلم : الله أعلم . إن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ( إن قريشاً لما غلبوا النبي صلى الله عليه وسلم واستعصوا عليه قال : اللهم أعنى عليهم بسبع كسبع يوسف ، فأخذتهم سنة أكلوا فيها العظام والميتة من الجهد حتى جعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجوع ( قَالوا رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ( فقيل له : إن كشفنا عنهم عادوا ، فدعا ربه ، فكشف عنهم فعادوا ، فانتقم الله منهم يوم بدر ، فذلك قوله تعالى ( يَوْمَ تَأْتي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ( إلى قوله جل ذكره ( إِنَّا مُنتَقِمُونَ ( .
31 ـ " 4933 " حدثنا عمرو بن على ، حدثنا يحيى ، أخبرنا سفيان ، حدثنى عبد الرحمن بن عابس : " سمعت ابن عباس رضي الله عنهما : ( تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ( : كنا نعمد إلى الخشبة ثلاثة أذرع وفوق ذلك فنرفعه للشتاء فنسميه القصر ( كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ ( حبال السفن ، تجمع حتى تكون كأوساط الرجال " .(2/335)
32 ـ 4940 " حدثنا سعيد بن النضر ، أخبرنا هشيم ، أخبرنا أبو بشر جعفر بن أياس ، عن مجاهد قال : قال ابن عباس : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ (: حالاً بعد حال ، قال هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم .
33 ـ " 4969 " حدثنا عبد الله بن أبى شيبة ، حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبى ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : " أن عمر رضي الله عنه ـ سألهم عن قوله تعالى ( إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ( قالوا : فتح المدائن والقصور ، قال : ما تقول يا بن عباس ؟ قال : أجل أو مثل ضرب لمحمد صلى الله عليه وسلم ، نعيت له نفسه " .
خصائص تفسيرهم :
هذا بعض ما جاءنا من تفسير الصحابة رضي الله عنهم ، ونكتفى بهذا القدر ؛ ففيه بيان لمعالم هذا التفسير .
ونلاحظ هنا ما يأتى :
1 ـ الصحابة الكرام لم يتعرضوا لتفسير القرآن الكريم كله آية آية ، وإنما فسروا القليل من الآيات الكريمة التي لم يدرك معناها بعض المسلمين .
2 ـ وإذا كانوا ـ رضي الله عنهم ـ لم يفسروا إلا القليل من الآيات الكريمة، فإنهم فسروا كثيرا من الكلمات ، ويبدوا هذا واضحاً جلياً لمن يقرأ كتاب التفسير من صحيح البخاري .
3 ـ تحدثوا عن أسباب النزول ، ونحن ندرك العلاقة بين سبب النزول والمعنى المراد .
وأشرنا إلى أن مثل هذا التفسير يأخذ حكم المرفوع .
4 ـ تكلموا كذلك عن الناسخ والمنسوخ .(2/336)
5 ـ الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ليسوا سواء في فهم القرآن الكريم وإدراك معانيه ؛ وإنما برز منهم من اشتهر بالتفسير كالخلفاء الراشدين الأربعة ، وبن عباس ، وابن مسعود ، وأبى بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وغيرهم ، وهؤلاء كما كان لهم دورهم في بيان بعض ما أنزل الله تعالى ، كان لهم كذلك دور آخر في تصحيح ما يظهر من فهم خاطئ لبعض الآيات الكريمة ، سواء أكان ذاك الخطأ فردياً أم جماعياً ، وإن كانت تلك الأخطاء قليلة . وهؤلاء الكرام البررة كانوا يستجيبون لكل من يطلب علمهم ، وكانت تشد إليهم الرحال . وقام بعضهم بدور كبير في عصر التابعين كما سنرى إن شاء الله سبحانه .
6 ـ قد نجد شيئاً من الاختلاف أو التعارض في بعض ما ثبت من تفسير الصحابة رضي الله عنهم ، غير أن هذا قليل نادر .
التدوين :
من المعلوم أن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ لم يدونوا من التفسير إلا ما كان يكتبه بعضهم في مصاحفهم الخاصة ، وهو جد قليل ، حتى أخطأ بعض المتأخرين فظنوه من وجوه القرآن الكريم التي نزل بها من عند الله عز وجل .
ويذكر أن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ له كتاب في التفسير(984[32]) ، وقد يكون هذا صحيحا ، إلا أن مثل هذا الكتاب لم يصلنا ، ولم نسمع عن كتاب آخر لأى أحد من الصحابة الكرام ، فكيف إذن وصلنا ما أثر عنهم من تفسير ؟
تفسير الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ جاءنا عن طريق رجال الحديث ، وعن طريق أصحاب التفاسير الذين عنوا بالتفسير المأثور ؛ فعندما جاء عصر التدوين ، الذي يبدأ من القرن الثاني الهجرى ، أخذ علماء الحديث يجمعون ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخذوا كذلك يدونون ما أثر عن الصحابة الكرام . وفى بحثهم دونوا ما يتصل بأمور العقيدة ، وفروع الشريعة ، ودونوا كذلك ما يتصل بالتفسير، فقد اعتبروه باباً من أبواب السنة .(2/337)
وإلى جانب التسليم بأن الصحابة ـ رضي الله تعالى عنهم ـ أفهم الناس بكتاب الله تعالى ، فإن رجال الحديث يعتبرون بعض ما يثبت من التفسير عن الصحابة الكرام في حكم المرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كما أشرنا في بداية الحديث عن تفسير الصحابة .
أما رجال التفسير فإنهم يعلمون أن ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم من التفسير قليل، فغاية ما يطمحون إليه أن يجدوا من الآثار ما يصل إلى الصحابة رضي الله عنهم.
كتاب تنوير المقباس :
وبين أيدينا كتاب " تنوير المقباس من تفسير ابن عباس " لأبى طاهر محمد ابن يعقوب الفيروز ابادى صاحب القاموس ، وهو يحتوى على تفسير القرآن الكريم كله ، أفحقاً وصلنا تفسير جميع أي القرآن الكريم عن ابن عباس رضي الله عنهما ؟
لنقرأ أولاً شيئاً مما جاء في هذا التفسير .
قراءة الكتاب :
في سورة الفاتحة فسر البسملة كما يلى :
" الباء " بهاء الله وبهجته وبلاؤه وبركته ، وابتداء اسمه بارئ.
" السين " سناؤه وسموه أي ارتفاعه ، وابتداء اسمه سميع .
" الميم " ملكه ومجده ومننه على عباده الذين هداهم الله تعالى للإيمان ، وابتداء اسمه مجيد .
" الله " معناه الخلق يألهون ويتألهون إليه أي يتضرعون إليه عند الحوائج ونزول الشدائد .
" الرحمن " العاطف على البر والفاجر بالرزق لهم ودفع الآفات عنهم .
" الرحيم " خاصة على المؤمنين بالمغفرة وإدخالهم الجنة ، ومعناه الذي يستر عليهم الذنوب في الدنيا ، ويرحمهم في الآخرة فيدخلهم الجنة (985[33]).
وفى سورة البقرة قال بأنها مدنية ويقال مكية ، ثم بدأ تفسيرها بما يأتى :
( ألم ( يقول : ألف الله ، لام جبريل ، ميم محمد ، ويقال : ألف آلاؤه ، لام لطفه ، ميم ملكه ، ويقال : ألف ابتداء اسمه الله ، لام ابتداء اسمه لطيف ، ميم ابتداء اسمه مجيد ، ويقال: أنا الله أعلم ، ويقال : قسم أقسم به .(2/338)
( ذَلِكَ الْكِتَابُ ( : أي هذا الكتاب الذي يقرأ عليكم محمد صلى الله عليه وسلم ( لاَ رَيْبَ فِيهِ ( لا شك فيه أنه من عندى ، فإن آمنتم به هديتم ، وإن لم تؤمنوا به عذبتم . ويقال ذلك الكتاب يعنى اللوح المحفوظ ، ويقال : ذلك الكتاب الذي وعدتك يوم الميثاق به أن أوحيه إليك ، ويقال : ذلك الكتاب : يعنى التوراة والإنجيل ، لا ريب فيه : لا شك فيه أن فيهما صفة محمد ونعته (986[34]) .
نتيجة القراءة :
هذا بعض ما جاء في هذا التفسير المنسوب لابن عباس ، ونلاحظ هنا ما يأتى :
1 ـ بادئ ذى بدء نذكر بأن الثابت عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في التفسير لا يكاد يزيد عن مائة حديث كما قال الإ مام الشافعى (987[35]) ، وهذا الكتاب فيه تفسير لكل آيات القرآن الكريم !
2 ـ في هذا التفسير ـ كما نرى ـ ما لا يصح عن ابن عباس أو غيره من مفسري الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، أو أي أحد من الراسخين في العلم ، وإنما بعضه أقرب إلى التفسير الباطني والإشاري الذي لا يستند إلى أي أساس علمي صحيح . وبعضه الآخر غير مقبول : كاحتمال أن تكون سورة البقرة مكية ، وأن يكون المراد من ( ذَلِكَ الْكِتَابُ ( شيئاً غير القرآن الكريم .
3 ـ قال الحافظ ابن كثير في فضل ( بسم الله الرحمن الرحيم ( : روى الحافظ ابن مردويه من طريقين عن إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن مسعر ، عن عطية ، عن أبى سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى بن مريم عليه السلام أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه ، فقال له المعلم : اكتب . فقال : ما أكتب ؟ قال : بسم الله . قال له عيسى : وما باسم الله ؟ قال المعلم : وما أدرى . قال له عيسى : الباء : بهاء الله ، والسين : سناؤه ، والميم : مملكته ، والله إله الآلهة ، والرحمن رحمن الدنيا والآخرة ، والرحيم رحيم الآخرة " .(2/339)
وقد رواه ابن جرير من حديث إبراهيم بن العلاء الملقب بابن زبريق ، عن إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبى مليكة ، عمن حدثه عن ابن مسعود ، ومسعر ، عن عطية ، عن أبى سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
وقال ابن كثير بعد هذا : وهذا غريب جداً ، وقد يكون صحيحاً إلى من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد يكون من الإسرائيليات لا من المرفوعات والله أعلم (988[36]) .
وفى سورة البقرة قال ابن كثير في تفسير ( ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ... (: قال ابن جريج قال ابن عباس : ذلك الكتاب أي هذا الكتاب ، وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والسدى ومقاتل بن حيان وزيد بن أسلم وابن جريج .
ثم قال : وقد ذهب بعض المفسرين فيما حكاه القرطبى وغيره أن " ذلك " إشارة إلى القرآن الذي وعد الرسول صلى الله عليه وسلم بإنزاله عليه ، أو التوراة أو الإنجيل ، أو نحو ذلك في أقوال عشرة ، وقد ضعف هذا المذهب كثيرون والله أعلم .
والكتاب القرآن ، ومن قال : إن المراد بذلك الكتاب الإشارة إلى التوراة والإنجيل كما حكاه ابن جرير وغيره فقد أبعد النجعة وأغرق في النزع ، وتكلف ما لا علم له به (989[37]) .
وفى كتاب " الدر المنثور في التفسير بالمأثور " قال السيوطي : أخرج ابن جرير ، وابن عدى في الكامل ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في الحلية ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ، والثعلبى ، بسند ضعيف جداً عن أبى سعيد الخدرى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى بن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه." وذكر ما نقلناه من قبل (990[38]) .
وهذا الخبر الذي رفضه ابن كثير والسيوطى يرويه عطية عن أبى سعيد الخدرى : وعطية هذا هو " عطية بن سعد بن جنادة العوفى " .(2/340)
تحدث عنه الإمام أحمد بن حنبل ، وعن روايته عن أبى سعيد ، فقال بأنه ضعيف الحديث ، وأن الثورى وهشيماً كانا يضعفان حديثه ، وقال : بلغنى أن عطية كان يأتى الكلبى فيأخذ عنه التفسير ، وكان يكنيه بأبى سعيد ، فيقول : قال أبو سعيد فيوهم أنه الخدرى .
وقال ابن حبان : سمع عطية من أبى سعيد الخدرى أحاديث ، فلما مات جعل يجالس الكلبى ، فإذا قال الكلبى : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا ، فيحفظه ، وكناه أبا سعيد ، وروى عنه ، فإذا قيل له : من حدثك بهذا ؟ فيقول : حدثنى أبو سعيد ، فيتوهمون أنه يريد أبا سعيد الخدرى ، وإنما أراد الكلبى .
قال : لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب (991[39]) .
وتفسير تنوير المقباس يرويه الكلبى ، مما يؤيد استبعاد أن يكون هذا الخبر لأبى سعيد الخدرى ، ويؤكد ما ذكر عن عطية من أنه أخذ التفسير عن الكلبى الذي كناه بأبى سعيد ليوهم أنه الخدرى .
وفى تفسير الطبري . الذي حققه وعلق حواشيه أستاذنا العلامة محمود محمد شاكر ، وراجعه وخرج أحاديثه أخوه الأكبر الشيخ أحمد - رحمهما الله - ، نجد الخبر المتعلق بالبسملة المذكور آنفاً ، وفى الحاشية نجد في التخريج " هذا حديث موضوع ، لا أصل له " ، ثم تفصيلاً لبيان هذا الوضع ، وإشارة وتعليقاً على ما ذكره ابن كثير والسيوطى (992[40]) .
ونخرج من هذا إلى أن بعض ما جاء في كتاب تنوير المقباس ساقط بالمرة ، لا تصح نسبته إلى حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وبعضه ينقضه ويرده ما روى عن ابن عباس نفسه في التفسير من طرق مقبولة.
سلسلة الكذب :
الفيروز ابادى روى التفسير بإسناده عن محمد بن مروان ، عن الكلبى ، عن أبى صالح ، عن ابن عباس : وإذا نظرنا في هذا السند تبين لنا موضع الكذب على الصحابى الجليل عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما . فمحمد بن مروان هو السدى الأصغر ، كوفى :
قال عبد السلام بن حازم ، عن جرير بن عبد الحميد : كذاب .(2/341)
وقال الدورى ، عن ابن معين : ليس بثقة .
وقال ابن نمير : ليس بشئ .
وقال يعقوب بن سفيان : ضعيف غير ثقة .
وقال صالح بن محمد : كان ضعيفا ، وكان يضع .
وقال أبو حاتم : ذاهب الحديث ، متروك الحديث ، لا يكتب حديثه ألبتة .
وقال ابن عدى : الضعف على رواياته بين .
وقال الجوزجانى : ذاهب .
وقال ابن حبان : لا يحل كتب حديثه إلا اعتباراً ، ولا يحتج به بحال .
وقال أبو جعفر الطبري : لا يحتج بحديثه .
وقال عبد الله بن نمير : كان السدى كذاباً ، ذكره ابن شاهين في الضعفاء.
وقال الساجى : لا يكتب حديثه .
هذا بعض ما جاء في ترجمته (993[41]) ، ولا خلاف حول جرحه ، ومثل هذا الراوى يكفى لرد ما يروى عن طريقه ، فما بالك إذا روى عن الكلبى ؟
والكلبى هو محمد بن السائب بن بشر بن عمرو بن عبد الحارث بن عبد العزى ، أبو النضر الكوفى .
اتفق ثقات أهل النقل على ذمه وترك الرواية عنه في الأحكام والفروع . قال الإمام أحمد : لا يحل النظر في تفسير الكلبى .
وقال الحاكم أبو عبد الله : روى عن أبى صالح أحاديث موضوعة .
وقال الجوزجانى : كذاب ساقط .
وقال ابن حبان : وضوح الكذب فيه اظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه . روى عن أبى صالح التفسير ، وأبو صالح لم يسمع من ابن عباس ؛ لا يحل الاحتجاج به .
وقال أبو صالح : إني لم أقرأ على الكلبى من التفسير شيئاً ! ويبدو أن الكلبى نفسه في وقت من حياته أحس بفداحة جرمه ، ولذلك قال فيما رواه عنه سفيان الثورى :
ما حدثت عن أبى صالح عن ابن عباس فهو كذب ، فلا ترووه .
وقال ليث بن أبى سليم : كان بالكوفة كذابان : أحدهما الكلبى (994[42]) ، والآخر السدى !
فسلسلة الكذب (995[43]) إذن قد اجتمعت في إسناد هذا التفسير الذي طبع مرات وانتشر بين المسلمين !! غير أن الأستاذ الشيخ محمد حسين الذهبى ـ رحمه الله ـ قد نبه من قبل ، وبين هذا الكذب (996[44]) .(2/342)
والكتاب على أي حال لا تصح نسبته إلى ابن عباس ، ولا يمثل التفسير في عصر الصحابة رضي الله عنهم .
موقف الشيعة من تفسير الصحابة :
ويبقى هنا أن نقول بأننا قد عرفنا منزلة التفسير الذي يثبت عن الصحابة الكرام عند جمهور المسلمين ، وأن بعض هذا التفسير قد يأخذ حكم المرفوع .
أما موقف الشيعة فلا يتفق مع الجمهور .
فإذا كان الصحابة من أئمتهم الاثنى عشر فتفسيرهم كتفسير الرسول صلى الله عليه وسلم دون أدنى فرق ، لأن لهم ما للرسول صلى الله عليه وسلم من العصمة ، وما يثبت عنهم يعتبر داخلاً في مفهوم السنة عند الجعفرية كما ذكرنا في نهاية الحديث عن تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم .
وينطبق هذا على ثلاثة من الصحابة هم : على بن أبى طالب ، وابناه الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهم .
ولا خلاف حول هذا الحكم بين الجعفرية ، فهم مجمعون عليه ، أما الخلاف فواقع بالنسبة لغير الثلاثة :
فبعض المفسرين يذكر آراء الصحابة ويروى عنهم ، وهؤلاء قلة نادرة ، أما أكثر مفسرى الجعفرية فإنهم يطعنون في الصحابة الكرام ، بل يكفرون من رضي الله عنهم ورضوا عنه كما سيأتى بالتفصيل في تناولنا لكتب التفسير عندهم ، وإنما أردنا إشارة سريعة قبل ترك الحديث عن تفسير الصحابة . ولعل هذا الأمر يزداد وضوحاً عندما نتحدث عن الجرح والتعديل عند الجعفرية ، فعلى سبيل المثال : إذا نظرنا في كتاب تنقيح المقال في أحوال الرجال ، وهو من أشهر كتب الجرح والتعديل عندهم ، ولمؤلفه عبد الله المامقانى منزلة وأى منزلة ! إذا نظرنا في هذا الكتاب رزئنا بالآتى :
عثمان بن عفان الأموى خليفة العامة ـ أي عامة المسلمين غيرهم ـ ضعيف.
عبد الله بن عمر بن الخطاب : خبيث ، ضعيف .
عبد الرحمن بن عوف من أضعف الضعفاء .
المغيرة بن شعبة : في غاية الضعف .
معاوية بن أبى سفيان : زندقته أشهر من كفر إبليس .
نعمان بن بشير الأنصارى : من أضعف الضعفاء .
خالد بن الوليد : صحابى لعين ...(2/343)
وهكذا !! (997[45])
تفسير التابعين
حاجة التابعين إلى التفسير :
التابعون ـ رضي الله عنهم ـ جاءوا بعد عصر التنزيل فكانوا أكثر حاجة إلى التفسير ممن شهدوا نزول القرآن الكريم ، وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين لهم ما نزل إليهم .
فكان على التابعين أن يتعلموا من الصحابة ـ رضي الله تعالى عنهم ـ ما أخذوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما شاهدوه من أسباب النزول ، وما فهموه وعملوا به من أي الذكر الحكيم .
والصحابة الكرام بدورهم ما كانوا ليكتموا علماً تعلموه ، أو فهماً فهموه ، سواء منهم من استقر في مواطن التنزيل ، ومن رحل إلى الأمصار الإسلامية التي فتحت .
جلس التابعون يستفسرون من الصحابة رضوان الله عليهم ، حتى أن بعضهم كان يجلس إلى الصحابى ومعه الألواح يستفسر عن كل ما هو في حاجة إليه من فاتحة الكتاب الكريم إلى نهاية آياته البينات (998[46]) . قال مجاهد بن جبر : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات ، أقف عند كل آية منه ، وأسأله عنها فيما نزلت وكيف كانت (999[47]) .
مدارس التفسير :
واشتهر في ذلك العصر ثلاث مدارس للتفسير ، إحداها بمكة المكرمة ، والثانية بالمدينة المنورة ، والثالثة بالكوفة .
قال ابن تيمية : " أما التفسير فإن أعلم الناس به أهل مكة لأنهم أصحاب ابن عباس ، كمجاهد ، وعطاء بن أبى رباح ، وعكرمة مولى ابن عباس ، وغيرهم من أصحاب ابن عباس كطاووس ، وأبى الشعثاء ، وسعيد بن جبير وأمثالهم . وكذلك أهل الكوفة من أصحاب ابن مسعود ، ومن ذلك ما تميزوا به على غيرهم . وعلماء أهل المدينة في التفسير مثل زيد بن أسلم الذي أخذ عنه مالك التفسير ، وأخذه عنه أيضاً ابنه عبد الرحمن " (1000[48]) .
وشهرة هذه المدارس لا يعنى أن باقى الصحابة الكرام لم يجلسوا إلى تابعيهم يعلمونهم ، أو أن التابعين لم يلجئوا لباقى الصحابة .
نواة التدوين :(2/344)
مع أن التفسير ظل يحمل طابع التلقى والرواية ، إلا أن نواة التدوين ظهرت في بعض الجهود الفردية ، حيث كان بعض التابعين يكتب ما يسمع ، وما يفهم نتيجة تمكنه من اللغة ، ومعرفته بأساليب القول .
وتفسير التابعين نراه مبثوثاً في كتب التفسير التي جاءت بعد ذلك كتفسير الطبري ، وفى بعض كتب السنة . والمشهور أن لكل من سعيد بن جبير ، ومجاهد ابن جبر ، تفسيراً مدوناً (1001[49]) . غير أن الأول لم يصلنا تفسيره هذا حتى الآن ، أما مجاهد فعثر على مخطوطة لتفسيره ، ونسخت في القرن السادس الهجرى ، وهيأ الله تعالى لها من يحققها ، ويخرجها كتاباً للناس (1002[50]) .
ولعلنا بدراسة هذا التفسير نأخذ صورة عامة لما كان عليه التفسير في عهد التابعين .
تفسير مجاهد :
من دراسة التفسير نلاحظ ما يأتى :
أولا : التفسير ، وإن تناول السور الكريمة كلها تقريبا (1003[51]) غير أنه لم يفسر إلا بعض الآيات فقط وهى ليست كثيرة وإن كانت أكثر مما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ، وهذه نتيجة متوقعة ، فكلما بعد الناس عن عصر التنزيل كلما احتاجوا إلى المزيد من التفسير والبيان .
ثانيا : معظم ما في التفسير بيان لمعانى كلمات ، وهذا يعنى أن التابعين كما كانوا لا يفسرون الآيات التي يظنونها واضحة المعنى ، كانوا كذلك يتناولون الآيات التي يرون الحاجة إلى تفسيرها ، ويكتفون ببيان معاني الكلمات التي يتوقف عليها فهم المعنى .
على أنا نجد أن بعض الكلمات القرآنية المفسرة أوضح معنى بالنسبة لنا من كلمات التفسير . مثال هذا ما جاء في تفسيره لسورة الذاريات :
عن مجاهد قال : " المحروم " : المحارف .
وعنه : " فجاء بعجل " يقول : حسيل .
ولعل هذا يرجع إلى أن بعض الكلمات تشيع في عصر دون عصر ، ككلمتى : المحارف وحسيل ، شاعتا في عصره وكادتا لا تظهران في عصرنا .(2/345)
ثالثا : في تفسير بعض الآيات الكريمة وتوضيح معناها نرى الحديث عن أسباب النزول ، مثال هذا ما جاء في تفسير سورة الرعد :
عن مجاهد : قال كفار قريش ، يا محمد ، سير لنا جبالنا فتتسع لنا أرضنا فإنها ضيقة ، أو قرب لنا الشام فإنا نتجر إليها ، أو أخرج لنا آباءنا من القبور نكلمهم ، فأنزل الله عزوجل ( وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ( إلى آخر الآية .
وعن مجاهد في قوله تعالى : ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ ( قال : قالت قريش حين أنزل ( وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ ( ما نراك يا محمد تملك من شئ ، ولقد فرغ من الأمر ، فنزلت : ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ ( تخويفاً ووعيداً لهم ، أي إن شئنا أحدثنا له من أمرنا ما شئنا ، ويحدث في كل شهر رمضان فيمحو ما يشاء ، ويثبت ما يشاء : أرزاق الناس ، ومصائبهم ، وما يقسم لهم .
رابعا : وفى التفسير نرى أحياناً الإشارة الى النسخ : ففى سورة النساءمثلاً :
عن مجاهد في قوله : " فئاذوهما " يعنى سبَّاً ، ثم نسختها (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ ( " 2 : النور " .
خامسا : في بعض الحالات نرى خلافاً بين مجاهد وأستاذه ابن عباس ، أو بين مجاهد وغيره من التابعين .(2/346)
سادسا : يتعرض التفسير أحيانا لبعض الأحكام الفقهية ، مثال هذا ما جاء في سورة النساء من الحديث عن صلاة الخوف وهو ما يلى : عن مجاهد في قوله تعالى : ( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ ( وذلك يوم كان النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان ، والعدو بضحنان ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه الظهر أربع ركعات ، ركوعهم وسجودهم وقيامهم وقعودهم جميعاً ، فهم بهم المشركون أن يغيروا على أمتعتهم وأثقالهم إذا قاموا للعصر ، فأنزل الله عزوجل : ( وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ ( إلى آخر الآية . فصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه خلفه صفين ، ثم كبر بهم وكبروا جميعاً ، ثم سجد الأولون بسجود النبي صلى الله عليه وسلم ، والآخرون قيام ، ثم سجد الآخرون ، ثم كبر بهم وكبروا جميعاً ، فتقدم الصف الآخر واستأخر الصف الأول ، فتعاقبوا السجود كما فعلوا أول مرة ، وقصرت صلاة العصر ركعتين .
سابعا : بدت الإسرائيليات واضحة في هذا التفسير ! وأكثرها يتصل بنبيين هما : موسى وسليمان ـ عليهما السلام .
هذا ما بدا لي عندما قرأت تفسير مجاهد ، ثم أتحفنى زميلى المفضال الدكتور محمد عبد السلام برسالته للدكتوراه " تفسير مجاهد بن جبر " وفى هذه الرسالة جعل الباب الثاني لبيان منهج مجاهد في التفسير .
أشار في بداية الباب أن المفسرين من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ لم يفسروا القرآن الكريم كله ، وإنما تناولوا قدراً يسيراً من آياته ، وأنهم كانوا يقتصرون على توضيح المعنى اللغوى بأوجز لفظ ، مع ندرة ما يستنبط من الأحكام الفقهية ، وذكر لسبب النزول ، وأخذ عن أهل الكتاب في حدود ما سمح به.
ثم قال :
وهذا كان منهج ابن عباس كبير مفسرى الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، فإذا نحن تتبعنا تفسير تلميذه مجاهد ، وجدناه ينهج هذا النهج ، ويزيد عليه بما يلى:(2/347)
1 ـ زيادة القدر المفسر من الأحكام .
2 ـ كثرة ما استنبط من الأحكام .
3 ـ بذر نواة المذاهب الفقهية والكلامية ، ولذا وجدنا الشافعى يعتمد على مجاهد في فقهه ، والمعتزلة أيضاً يعتمدون عليه فيما ذهبوا إليه من القول بعدم رؤية الله عز وجل .
4 ـ التوسع في الاتصال بأهل الكتاب وسؤالهم .
قال : والمدقق في تفسير مجاهد يجده قد أفاد كثيراً من أستاذه ابن عباس ، واقتفى أثره ووافقه في تفسير العديد من الآيات ، كما أنه كان يخالفه أحياناً ، وأبرز تلك المخالفة قول مجاهد بالرأى في بعض الآيات فمنهج مجاهد هو :
توضيح المعنى اللغوى بأوجز عبارة ، مع ذكر سبب النزول ، واستنباط الأحكام ، والأخذ عن أهل الكتاب ، والقول بالرأى في حدود ما سمح به . ا . هـ.
وإن كان لتفسير التابعين منزلته غير أنه ليس بحجة إلا عند إجماعهم ، فإذا اختلفوا فليس قول بعضهم حجة على بعض ، ولا على من جاء بعدهم .
والشيعة الاثنا عشرية يجعلون العصمة لاثنين من التابعين ، هما : على بن الحسين زين العابدين ، المتوفى سنة 95 ، وابنه محمد : أبو جعفر الباقر ، المتوفى سنة 114 ، أما غير أئمتهم فلا وزن لتفسيرهم عند الشيعة .
أحسن طرق التفسير
بعد أن انتهينا من الحديث عن تفسير التابعين ، وقد ذكر الأخذ عن أهل الكتاب ، والتفسير بالرأى ، نرى أن نقف هنا وقفة عند أحسن طرق التفسير كما يراه غالب الجمهور .
وفى هذه الوقفة بيان لقيمة التفسير المأثور عن التابعين ، وحديث عن الإسرائيليات ، والتفسير بالرأى ، وهو ما كان يلزمنا أن نبينه بعد الحديث عن تفسير التابعين ، فهذه الوقفة إذن تغنينا عن التكرار . ولعل أنسب ما نثبته هنا هو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وهو أيضاً" ما قاله الحافظ ابن كثير ، وحاول الالتزام به في تفسيره .
قال ابن تيميه رحمه الله تعالى في مقدمة التفسير من فتاواه "ص363: 375 " وطبعت المقدمة كاملة في كتاب مستقل :
فإن قال قائل : فما أحسن طرق التفسير ؟(2/348)
تفسير القرآن بالقرآن وبالسنة :
فالجواب : إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن ؛ فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر ، وما اختصر من مكان فقد بسط في موضع آخر ، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له ؛ بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعى : كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن ، قال الله تعالى:( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا (وقال تعالى: ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (
وقال تعالى : ( وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( ، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إلا إني أوتيت القرآن ومثله معه " يعنى السنة .
والسنة أيضاً تنزل عليه بالوحى كما ينزل القرآن ؛ لا أنها تتلى كما يتلى ، وقد استدل الإمام الشافعى وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك .
والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه ، فإن لم تجده فمن السنة ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : " بم تحكم ؟ قال : بكتاب الله قال : فإن لم تجد ؟ قال بسنة رسول الله . قال : فإن لم تجد ؟ قال أجتهد رأيى . قال : فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله " ، وهذا الحديث في المسانيد والسنن بإسناد جيد.
أقوال الصحابة :(2/349)
وحينئذ إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة ، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن ، والأحوال التي اختصوا بها ؛ ولما لهم من الفهم التام ، والعلم الصحيح ، والعمل الصالح ؛ لا سيما علماؤهم وكبراؤهم ، كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين ، والأئمة المهديين : " مثل عبد الله ابن مسعود " ، قال الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري : حدثنا أبو كريب ، قال أنبأنا جابر بن نوح ، أنبأنا الأعمش عن أبى الضحى ، عن مسروق قال : قال عبد الله ـ يعنى ابن مسعود : والذى لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت ، ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله منى تناوله المطايا لأتيته . وقال الأعمش أيضاً ، عن أبى وائل ، عن ابن مسعود قال : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن .(2/350)
ومنهم الحبر البحر " عبد الله بن عباس " ، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمان القرآن ، ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له حيث قال : " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل " . وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار ، أنبأنا وكيع ، أنبأنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق قال : قال عبد الله ـ يعنى ابن مسعود : نعم ترجمان القرآن ابن عباس . ثم رواه عن يحيى بن داود ، عن إسحاق الأزرق، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن مسلم بن صبيح أبى الضحى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود أنه قال : نعم الترجمان للقرآن ابن عباس . ثم رواه عن بندار عن جعفر بن عون عن الأعمش به كذلك ، فهذا إسناد صحيح إلى ابن مسعود أنه قال عن ابن عباس هذه العبارة ، وقد مات ابن مسعود في سنة ثلاث وثلاثين على الصحيح ، وعمر بعده ابن عباس ستاً وثلاثين سنة ، فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود ؟ وقال الأعمش ، عن أبى وائل : استخلف على عبد الله بن عباس على الموسم فخطب الناس فقرأ في خطبته سورة البقرة ـ وفى رواية سورة النورـ ففسرها تفسيراً لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا .
الإسرائيليات :
ولهذا غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدى الكبير في تفسيره عن هذين الرجلين : ابن مسعود وابن عباس ، ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : " بلغوا عنى ولو آية ، وحدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو ؛ ولهذا كان عبد الله بن عمرو قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب ، فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك ، ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد ، فإنها على ثلاثة أقسام :
" أحدها " ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح .(2/351)
و " الثاني " ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه .
و " الثالث " ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل ، فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته لما تقدم ، وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر دينى ، ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيراً ، ويأتى عن المفسرين خلاف بسبب ذلك ، كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف ، ولون كلبهم ، وعدتهم ، وعصا موسى من أي الشجر كانت ، وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم ، وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة ، ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى ، إلى غير ذلك مما أبهمه الله في القرآن مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم ، ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز ، كما قال تعالى : ( سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا ( .
وقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام ، وتعليم ما ينبغى في مثل هذا . فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ، ضعف القولين الأولين ، وسكت عن الثالث ، فدل على صحته ؛ إذ لو كان باطلاً لرده كما ردهما ، ثم أرشد إلى أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته ، فيقال في مثل هذا :( قُل رَّبِّي أَعْلَمُبِعِدَّتِهِم ( فإنه ما يعلم بذلك إلا قليل من الناس ممن أطلعه الله عليه ؛ فلهذا قال:( فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِرًا ( أي لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته ، ولا تسألهم عن ذلك، فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب .(2/352)
فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف : أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام ، وأن ينبه على الصحيح منها ، ويبطل الباطل ، وتذكر فائدة الخلاف وثمرته ؛ لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته ، فيشتغل به عن الأهم ، فأما من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص ؛ إذ قد يكون الصواب في الذي تركه أو يحكى الخلاف ويطلقه ، ولا ينبه على الصحيح من الأقوال فهو ناقص أيضاً ، فإن صحح غير الصحيح عامداً فقد تعمد الكذب ، أو جاهلا فقد أخطأ ، كذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته ، أو حكى أقوالا متعددة لفظاً ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنى فقد ضيع الزمان ، وتكثر بما ليس بصحيح فهو كلابس ثوبى زور ، والله الموفق للصواب .
أقوال التابعين :
إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ، ولا وجدته عن الصحابة ، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين " كمجاهد بن جبر " فإنه كان آية في التفسير ، كما قال محمد بن إسحاق : حدثنا إبان بن صالح عن مجاهد قال : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمتة ، أوقفه عند كل آية منه ، وأسأله عنها ، وبه قال الترمذى ، قال : حدثنا الحسين بن مهدى البصرى ، حدثنا عبد الرزاق عن معمر ، عن قتادة .قال : ما في القرآن آية إلا وقد سمعت فيها شيئاً ، وبه إليه قال : حدثنا ابن أبى عمر ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الأعمش ، قال : قال مجاهد : لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود لم احتج أن أسأل ابن عباس عن كثير من القرآن مما سألت . وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب قال : حدثنا طلق بن غنام ، عن عثمان المكى ، عن ابن أبى مليكة،قال: رأيت مجاهداً سأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه ، قال : فيقول له ابن عباس : اِكتب ، حتى سأله عن التفسير كله ، ولهذا كان سفيان الثورى يقول : إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به .(2/353)
وكسعيد بن جبير ، وعكرمة مولى ابن عباس ، وعطاء بن أبى رباح ، والحسن البصرى ، ومسروق بن الأجدع ، وسعيد بن المسيب ، وأبى العاليه ، والربيع بن أنس ، وقتادة ، والضحاك بن مزاحم ، وغيرهم من التابعين وتابعيهم ومن بعدهم ، فتذكر أقوالهم في الآية ، فيقع في عباراتهم تباين في الألفاظ يحسبها من لا علم عنده اختلافاً ، فيحكيها أقوالا ، وليس كذلك ، فإن منهم من يعبر عن الشىء بلازمه أو نظيره ، ومنهم من ينص على الشىء بعينه ، والكل بمعنى واحد في كثير من الأماكن ، فليتفطن اللبيب لذلك ، والله الهادي .
وقال شعبه بن الحجاج وغيره : أقوال التابعين في الفروع ليست حجة ، فكيف تكون حجة في التفسير ؟ يعنى أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم ، وهذا صحيح ، أما إذا أجمعوا على الشىء فلا يرتاب في كونه حجة ، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ، ولا على من بعدهم ، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو السنة ، أو عموم لغة العرب ، أو أقوال الصحابة في ذلك .
التفسير بمجرد الرأى حرام :
فأما " تفسير القرآن بمجرد الرأى فحرام ، حدثنا مؤمل ، حدثنا سفيان ، حدثنا عبد الأعلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار " .
حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن عبد الأعلى الثعلبى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار " . وبه إلى الترمذى قال : حدثنا عبد بن حميد ، حدثنى حسان بن هلال قال : حدثنا سهيل ـ أخو حزم القطعى ، قال : حدثنا أبو عمران الجونى ، عن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ " ، قال الترمذى هذا حديث غريب وقد تكلم بعض أهل الحديث في سهل بن أبى حزم .(2/354)
وهكذا روى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أنهم شددوا في أن يفسر القرآن بغير علم ، وأما الذي روى عن مجاهد وقتادة وغيرهما من أهل العلم أنهم فسروا القرآن فليس الظن بهم أنهم قالوا في القرآن وفسروه بغير علم ، أو من قبل أنفسهم ، وقد روى عنهم ما يدل على ما قلنا أنهم لم يقولوا من قبل أنفسهم بغير علم ، فمن قال في القرآن برأيه فقد تكلف ما لا علم له به ، وسلك غير ما أمر به ، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ ؛ لأنه لم يأت بالأمر من بابه ، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر ؛ لكن يكون أخف جرماً ممن أخطأ ، والله أعلم . وهكذا سمى الله تعالى القذفة كاذبين ، فقال : ( فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ( فالقاذف كاذب ، ولو كان قد قذف من زنى في نفس الأمر ؛ لأنه أخبر بما لا يحل له الإخبار به ، وتكلف ما لا علم له به . والله أعلم .
ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به ، كما روى شعبة عن سليمان عن عبد الله بن مرة عن أبى معمر ، قال : قال أبو بكر الصديق : أي أرض تقلنى وأى سماء تظلنى إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم ؟!
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : حدثنا محمود بن يزيد ، عن العوام بن حوشب ، عن إبراهيم التيمى ، أن أبا بكر الصديق سئل عن قوله :
( وَفاكِهَةً وَأَبًّا ( فقال : أي سماء تظلنى ، وأى أرض تقلنى ، إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم ؟ ـ منقطع .
وقال أبو عبيد أيضاً : حدثنا يزيد ، عن حميد ، عن أنس ، أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر : ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ( فقال : هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب ؟ ثم رجع إلى نفسه فقال : إن هذا لهو التكلف يا عمر .(2/355)
وقال عبد بن حميد : حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا حماد بن يزيد ، عن ثابت ، عن أنس قال : كنا عند عمر بن الخطاب ، وفى ظهر قميصه أربع رقاع ، فقرأ : ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ( فقال : ما الأب ؟ ثم قال : إن هذا لهو التكلف ، فما عليك أن لا تدريه ؟ .
وهذا كله محمول على أنهما ـ رضي الله عنهما ـ إنما أرادا استكشاف علم كيفية الأب ، وإلا فكونه نبتاً من الأرض ظاهر لا يجهل ؛ لقوله تعالى : ? فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ غُلْبًا ( .
وقال ابن جرير : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية عن أيوب ، عن ابن أبى مليكة ، أن ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها فأبى أن يقول فيها . إسناده صحيح . وقال أبو عبيد : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن ابن أبى مليكه ، قال : سأل رجل ابن عباس عن : ( يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ ( فقال له ابن عباس : فما( يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ( ؟ فقال الرجل إنما سألتك لتحدثنى فقال ابن عباس ، هما يومان ذكرهما الله في كتابه ، الله أعلم بهما ، فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم . وقال ابن درير : حدثنى يعقوب ـ يعنى ابن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن مهدى بن ميمون ، عن الوليد بن مسلم ، قال : جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبد الله فسأله عن آية من القرآن . فقال أحرج عليك إن كنت مسلماً لما قمت عنى ، أو قال: أن تجالسنى ، وقال مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب أنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال إنا لا نقول في القرآن شيئاً .(2/356)
وقال الليث ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، أنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن . وقال شعبة عن عمرو بن مرة قال : سأل رجل سعيد ابن المسيب عن آية من القرآن ، فقال : لا تسألنى عن القرآن ، وسل من يزعم أنه لا يخفى عليه منه شىء ، يعنى عكرمة . وقال ابن شوذب : حدثنى يزيد بن أبى يزيد قال : كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام ، وكان أعلم الناس ، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع .
وقال ابن جرير : حدثنى أحمد بن عبده الضبى ، حدثنا حماد بن زيد حدثنا عبيد الله بن عمر ، قال : لقد أدركت فقهاء المدينة وأنهم ليعظمون القول في التفسير ، منهم سالم بن عبد الله ، والقاسم بن محمد ، وسعيد بن المسيب ، ونافع . وقال أبو عبيد : حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث ، عن هشام بن عروة قال : ما سمعت أبى تأول آية من كتاب الله قط . وقال أيوب وابن عون وهشام الدستوائى ، عن محمد بن سيرين قال : سألت عبيدة السلمانى عن آية من القرآن ، فقال : ذهب الذين كانوا يعلمون فيما أنزل من القرآن ، فاتق الله وعليك بالسداد .
وقال أبو عبيد : حدثنا معاذ ، عن ابن عون عن عبيد الله بن مسلم بن يسار ، عن أبيه ، قال : إذا حدثت عن الله فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده . حدثنا هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه . وقال شعبة، عن عبد الله بن أبى السفر ، قال : قال الشعبى : والله ما من آية إلا وقد سألت عنها ، ولكنها الرواية عن الله . وقال أبو عبيد : حدثنا هشيم ، أنبأنا عمر بن أبى زائدة ، عن الشعبى ، عن مسروق قال : اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله.
التفسير بالرأى عن علم :(2/357)
فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به ، فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعاً فلا حرج عليه ؛ ولهذا روى عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير ، ولا منافاة ؛ لأنهم تكلموا فيما علموه ، وسكتوا عما جهلوه ، وهذا هو الواجب على كل أحد ، فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به فكذلك يجب فيما سئل عنه مما يعلمه ؛ لقوله تعالى : ( لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ ( ، ولما جاء في الحديث المروى من طرق : " من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامه بلجام من نار " .
وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا مؤمل ، حدثنا سفيان عن أبى الزناد ، قال : قال ابن عباس : التفسير على أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب من كلامها ، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلا الله . والله سبحانه وتعالى أعلم . " انتهى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية "
التفسير في القرن الثاني
وفى القرن الثاني الهجرى بدأ عصر التدوين . ونحن نعلم أن خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز أمر بجمع السنة وتدوينها ، وخلافته كانت في العام التاسع والتسعين من القرن الأول ، وتوفى في العام الأول من القرن الثاني ، وأول من استجاب له ابن شهاب الزهرى المتوفى سنة 124 هـ ، وتبعه آخرون ، وشاع التدوين في الطبقة التي تلى طبقته، وكان التفسير كما عرفنا باباً من أبواب السنة ، ومن هنا كان جمعه وتدوينه . ولم يصلنا مما دُوِن في ذلك القرن إلا القليل : كموطأ الإمام مالك ، ومسند الإمام الشافعى ، ومسند أبى داود الطيالسى المتوفى سنة204هـ ، وكتاب الآثار لمحمد بن الحسن الشيبانى صاحب الإمام أبى حنيفة .(2/358)
غير أن هذا القرن شهد التفسير كعلم قائم بذاته ، ونتحدث هنا عن ثلاثة كتب هي : التفسير الكبير لمقاتل بن سليمان المتوفى سنة 150 هـ ، وتفسير يحيى بن سلام المتوفى سنة 200 هـ ، ومعانى القرآن لأبى زكريا يحيى بن زياد الفراء المتوفى سنة 207 هـ .
أولاً : تفسير مقاتل بن سليمان
هذا أول تفسير يصلنا حتى الآن يفسر جميع أي القرآن الكريم ، والراجح أن أحداً لم يسبقه في هذا المجال . وسفيان الثورى الذي توفى بعد مقاتل بأحد عشر عاماً طبع تفسيره في مجلد واحد ، وهو أقرب ما يكون إلى تفسير مجاهد (1004[52]) ، مما يرجح أن طريقة تفسير بعض الآيات والكلمات هي التي كانت لا تزال سائدة في القرن الثاني ، وعلى الأخص في النصف الأول منه قبل أن ينتهى عصر التابعين .
في القرن الثاني ، وعلى الأخص في النصف الأول منه قبل أن ينتهى عصر التابعين .
ومع سبق مقاتل ، وضخامة تفسيره الذي يقع في أربعة مجلدات ، إلا أن هذا التفسير لم يحتل مكانة علمية عند جمهور العلماء ، وذلك لأن مقاتلاً مجروح ؛ متهم بالكذب ، والتجسيم ، وكثرة النقل عن أهل الكتاب .
وليس لهذا التفسير من قيمة إلا بمقدار صحة ما فهمه هو من معاني الآيات الكريمة ، ولهذا قال الذهبى عنه : متروك الحديث ، وقد لطخ بالتجسيم مع أنه كان من أوعية العلم ، بحراً في التفسير . ويروى عن الشافعى ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : الناس كلهم عيال على ثلاثة : مقاتل بن سليمان في التفسير ، وعلى زهير ابن أبى سلمى في الشعر ، وعلى أبى حنيفة في الكلام (1005[53]) .
ثانياً : تفسير يحيى بن سلام
المؤلف والكتاب : يحيى بن سلام بن أبى ثعلبة التميمى ـ مولى لهم ـ يكنى أبا ذكريا ، بصرى ، قدم مصر وصار إلى إفريقيا وسكنها ، وحج منها ، وتوفى بمصر بعد رجوعه من الحج في صفر سنة مائتين .
قال ابن الجزرى في ترجمته ليحيى :
صاحب التفسير . روى الحروف عن أصحاب الحسن البصرى عن الحسن ابن دينار وغيره .(2/359)
وله اختيار في القراءه من طريق الآثار .
روى عن حماد بن سلمة ، وهمام بن يحيى ، وسعيد بن أبى عروبة .
قال الدانى : ويقال أنه أدرك من التابعين نحواً من عشرين رجلاً وسمع منهم ، وروى عنهم .
نزل المغرب ، وسكن أفريقيا دهراً ، وسمع الناس بها كتابه في تفسير القرآن، وليس لأحد من المتقدمين مثله ، وكتابه الجامع .
وكان ثقة ثبتاً ، ذا علم بالكتاب والسنة ، ومعرفة اللغة العربية ، وكان صاحب سنة ، وسمع منه بمصر عبد الله بن وهب ، ومثله من الأئمة (1006[54]) .
وفى ترجمته في لسان الميزان قال ابن حجر :
حدث بالمغرب عن سعيد بن أبى عروبة ومالك وجماعة .
ضعفه الدارقطنى . وقال ابن عدى : يكتب حديثه مع ضعفه ، روى عنه بحر ابن نصر وغيره ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : ربما أخطأ . وقال سعيد بن عمرو البردعى : قلت لأبى زرعة في يحيى بن سلام المغربى : فقال : لا بأس به ، ربما وهم . وقال أبو حاتم الرازى : كان شيخا بصرياً وقع إلى مصر ، وهو صدوق . وقال أبو العرب في طبقات القيروان : كان مفسراً ، وكان له قدر ومصنفات كثيرة في فنون العلم ، وكان من الحفاظ ، من خيار خلق الله (1007[55]) .
نقرأ ما سبق عن يحيى وعن تفسيره ، ولكن أين هذا التفسير ؟ وما منهجه ؟ ولماذا قيل : ليس لأحد من المتقدمين مثله ؟
ما كنت أدرى عن هذا التفسير شيئاً .(2/360)
ونحن نعرف أن القرن الثاني شهد طائفة من الأئمة تكلموا في الجرح والتعديل ، وكان لهذا أثره في جمع الأخبار ، مع التصحيح والتضعيف والترجيح ، ولكن ما كنت أعرف أحداً سبق محمد بن جرير الطبري إلى هذا في مجال التفسير كعلم مستقل ، مع أن الطبري عاش في القرن الثالث وتوفى أوائل الرابع" 224 : 310 " غير إني عندما قرأت كتاب " التفسير ورجاله " لعالم تونس الشيخ محمد الفاضل بن عاشور وجدته يتحدث عن تفسير يحيى بن سلام . وأورد هنا ما كتبه ذلك العالم الفاضل ليستفيد القارئ كما استفدت ، وحتى تكون الحلقة متصلة عندما نأتى للحديث عن تفسير الطبري .
منهج التفسير في النصف الثاني من القرن الثاني :
تحدث الشيخ عن منهج التفسير في النصف الثاني من القرن الثاني الهجرى فقال :
كانت أول التفاسير ظهوراً في النصف الثاني من القرن الثاني بعد كتاب عبد الملك بن جريج ـ التفاسير المتوخيه طريقة جمع الأقوال ـ بحسب ما انتهى إلى مؤلفيها من طرق الإسناد .
وقد اقتضى ذلك لا محالة اشتمال الكتاب الواحد ، في الآية الواحدة على أخبار متخالفة ، وآثار متفاوتة الدرجات من حيث مظنة الثبوت لقوة الأسانيد وضعفها . فتطلب ذلك رجوعاً إلى تلك الأخبار بالنقض والتمحيص ، ليوضع منها ما يوضع على بساط الطرح والتزييف ، ويثبت منها ما يثبت على مدرجة الاعتماد والتحصيل .
لا سيما وقد انتهى الكثير منها إلى المؤلفين متبعاً لتعاليق نقدية اتصلت بها وصارت ذيولا لها ، منذ أن كانت متناقلة بالطريق الشفهى ، قبل أن تدخل حيز التدوين .(2/361)
فأصبح موقف المؤلفين حيال تلك الأخبار ، مثل موقف مصنفى السنة من مختلف الحديث ، وموقف الفقهاء من متعارض فتاوى فقهاء الصحابة والتابعين ، موقفاً يستدعى إدخال عناصر جديدة من المعارف المتصلة بتوضيح البحث ، ثم إدخال عنصر شخصى من النقد والتقدير ، والإسقاط والتحصيل ، أو الجمع والتأويل ، ينتهى إلى حكم موضوعى فاصل بحسب اجتهاد المؤلف ، وتقديره ، تتخذ له تلك الأخبار المتخالفة أسانيد ومقومات للاستنتاج كما يتخذ مجموع البينات المتعارضة مع ما يتصل بها من وسائل الإثبات سنداً لقضاء القاضى .
وكانت أهم العناصر المرجوع إليها ، بالإضافة إلى عنصر الروايات الواردة، عنصرين يتصلان مباشرة باللفظ القرآنى : هما عنصر القراءة وعنصر الإعراب.
حلقة الاتصال بين القرنين الأول والثالث :
وبعد أن تحدث عن العنصرين ، وصلة كل منهما بالتفسير، قال :
" وإنه لمما يجدر التنبيه إليه في هذا المقام : أن الذين يشيرون إلى هذه الطريقة وخصائصها من الكاتبين حديثاً في تاريخ التفسير ، يبادرون إلى ضرب المثل بتفسير محمد بن جرير الطبري ، فيقطعون بذلك اتصال سلسلة التطور في الأوضاع التفسيرية بين القرن الأول والقرن الثالث بإضاعة الحلقة من تلك السلسلة التي تمثل منهج التفسير في القرن الثاني ، لأن تفسير ابن جرير الطبري ألف في أواخر القرن الثالث ، وصاحبه توفى أوائل القرن الرابع ، والحال أن الحلقه التي يتم بها اتصال السلسلة وضاعت عن الكاتبين المحدثين في تاريخ التفسير : من المستشرقين وغير المستشرقين ، هي حلقة أفريقية تونسية ، بالوقوف عليها يتضح كيف تطور فهم التفسير عما كان عليه في عهد ابن جريج، إلى ما أصبح عليه في تفسير الطبري ، ويتضح لمن كان الطبري مديناً له بذلك المنهج الأثرى النظرى الذي درج عليه في تفسيره العظيم .(2/362)
وإنما نعنى بهذا تفسيراً جليلاً من صميم آثار القرن الثاني ، وهو أقدم التفاسير الموجودة اليوم على الإطلاق ، ألف بالقيروان وروى فيها ، وبقيت نسخته الوحيده بين تونس والقيروان ، وهو الذي يعتبر مؤسس طريقة التفسير النقدى ، أو الأثرى النظرى التي سار عليها بعده ابن جرير الطبري واشتهر بها.
ذلك هو تفسير يحيى بن سلام التميمى البصرى الأفريقى المتوفى سنة 200، وهو تفسير يقع في ثلاثين جزءاً من التجزئة القديمة ، أي في ثلاث مجلدات ضخمة ، مبنى على إيراد الأخبار مسندة ، ثم تعقبها بالنقد والاختيار . فبعد أن يورد الأخبار المروية مفتتحاً إسنادها بقوله : " حدثنا " يأتى بحكمه الاختيارى مفتتحاً بقوله : " قال يحيى " ، ويجعل مبنى اختياره على المعنى اللغوى ، والتخريج الإعرابى ، ويتدرج من اختيار المعنى إلى اختيار القراءة التي تتماشى وإياه ، مشيراً إلى اختياراته في القراءة بما يقتضى أن له رواية أو طريقاً لا يبعد أن تكون راجعة إلى قراءة أبى عمرو بن العلاء البصرى ، لأن يحيى بن سلام بصرى النشأة ، وإلى طريقه المختار في القراءة يشير في تفسيره بقوله : " والذى في مصحفنا " .
وقد نص ابن الجزرى على أن هذا الكتاب سمع من مؤلفه بإفريقيا ، وشهد بأنه كتاب ليس لأحد من المتقدمين مثله ، وكذلك نقل عن إمام القراءات أبى عمرو الدانى أنه قال : " ليس لأحد من المتقدمين مثل تفسير ابن سلام " . وذلك ينطق بسبقه إلى طريقه ، وابتكاره منهجاً . وقد تلقى هذا التفسير عن مؤلفه فقيه أفريقى هو أبو داود العطار المتوفى سنة 244 .(2/363)
وتوجد من هذا التفسير لبلادنا التونسية نسخة عظيمة القدر موزعة الأجزاء ، نسخت منذ ألف عام تقريبا ، منها : مجلد يشتمل على سبعة أجزاء بالمكتبة العبدلية بجامع الزيتونة الأعظم ، وآخر يشتمل على عشرة أجزاء بمكتبة جامع القيروان ، ومن مجموعهما يتكون نحو الثلثين من جملة الكتاب . ويوجد جزء آخر لعله يتمم بعض نقص النسخة ، هو من المقتنيات الخاصة لبعض العلماء الأفاضل .
ولعل فذاذة هذه النسخة التونسية هو الذي يعتذر به للذين أهملوا شأن ابن سلام في مراحل التفسير ، وإن كان التعريف بها حاصلاً منذ أكثر من خمسين سنة، في الجزء الأول من الفهرس التفصيلى للمكتبة العبدلية ، وقد أخذت عنها صور لمعهد المخطوطات العربية ، وكثير من دور الكتب في المشرق والمغرب " ا . هـ.
من كلام الشيخ محمد الفاضل بن عاشور نرى أن التفسير في النصف الثاني من القرن الثاني لم يختلف عن الحديث في الاستفادة من الجرح والتعديل ، وسلك منهج التصحيح والتضعيف والترجيح . ونسأل الله تعالى أن يهيئ لكتاب التفسير هذا من يحققه ويخرجه للمسلمين .
ثالثاً : معاني القرآن للفراء
الفراء وإملاء الكتاب :
الفراء وهو أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمى ، ولد بالكوفة سنة 144 هـ ، ونشأ بها وتربى على شيوخها ، ومنزلته العلمية معروفة : لقب بأمير المؤمنين في النحو ، وكان زعيم الكوفيين بعد الكسائى . واستقر به المقام في بغداد ، وتوفى سنة 207 هـ .
وفى بداية الكتاب يقول راويه أبو عبد الله محمد بن الجهم بن هارون السمرى:
" هذا الكتاب فيه معاني القرآن ، أملاه علينا أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء ـ يرحمه الله ـ عن حفظه من غير نسخة ، في مجالسه أول النهار من أيام الثلاثاوات والجمع في شهر رمضان ، وما بعده من سنة اثنتين ، وفى شهور سنة ثلاث ، وشهور من سنة أربع ومائتين . قال : حدثنا محمد بن الجهم ، قال : حدثنا الفراء ، قال :(2/364)
تفسير مشكل إعراب القرآن ومعانية " ا . هـ .
الهدف والمنهج :
ومن العنوان الذي اختاره الفراء يتضح الهدف من أماليه ، فهو لا يريد تفسير القرآن الكريم آية آية ، وإنما يقف عند بعض الآيات الكريمة ليفسر مشكل الإعراب والمعانى . ولذلك رأينا الكتاب يزخر بمناقشات نحوية مستفيضة ، ووقفات لغوية .
وهذا التفسير يعتمد على تمكن صاحبه من اللغة ، ومعرفته بأساليبها ، وإمامته في النحو ، ومعرفته بلهجات العرب ، وبالقراءات المختلفة .
ولا نكاد نجد فيه اهتماماً بذكر الأخبار المروية عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو الصحابة أو التابعين .
ومثل هذا التفسير لا يعد من التفسير المأثور ، ولعله أول كتاب يصلنا في التفسير العقلى ، وقيمته العلميه تستند إلى مدى التزامه بالمنهج العلمى المقبول لمثل هذا النوع من التفسير ، وتمكنه من أدواته ووسائله . ولنذكر شيئا من هذا التفسير يوضح منهجه .
بعد قول الفراء السابق " تفسير مشكل إعراب القرآن ومعانيه " قال :
فأول ذلك اجتماع القراء وكتاب المصاحف على حذف الألف من
( بسم الله الرحمن الرحيم ( وفى فواتح الكتب،وإثباتهم الألف في قوله: ( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (وأخذ يبين سبب هذا ، ثم انتقل إلى تفسير أم الكتاب فقال : قوله تعالى : ( الْحَمْد للّهِ ( .
اجتمع القراء على رفع الحمد . وأما أهل البدو فمنهم من يقول : (الْحَمْدَ للّهِ ( ومنهم من يقول( الْحَمْدِ للّهِ (. ومنهم من يقول( الْحَمْدُ للّهِ ( . فيرفع الدال واللام .
وقال : " فأما من نصب ... " وبين وجه كل من الحالات المذكورة .
ثم قال : " عليهُم " و " عليهِم " : وهما لغتان ، لكل لغة مذهب في العربية.
وفصل في بيان سبب ضم الهاء وكسرها ، ثم قال :
وقوله تعالى : ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( .
بخفض " غير " لأنها نعت للذين .
وبعد أن بين سبب ضبط كلمة " غير " قال :(2/365)
وأما قوله تعالى : ( وَلاَ الضَّالِّينَ ( فإن معنى " غير " معنى " لا " ، فلذلك ردت عليها " ولا " ... إلخ .
وهكذا سار الفراء في تفسيره لفاتحة الكتاب (1008[56]) .
وعند تفسير سورة النور قال :
ومن سورة النور بسم الله الرحمن الرحيم : قوله : ( سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا ( ترفع السورة بإضمار هذه سورة أنزلناها . ولا ترفعها براجع ذكرها لأن النكرات لا يبتدأ بها قبل أخبارها ، إلا أن يكون ذلك جواباً ؛ ألا ترى أنك لا تقول : رجل قام ، إنما الكلام أن تقول : قام رجل . وقبح تقديم النكرة قبل خبرها أنها توصل ثم يخبر عنها بخبر سوى الصلة . فيقال : رجل يقوم أعجب إلىّ من رجل لا يقوم : فقبح إذ كنت كالمنتظر للخبر بعد الصلة . وحسن في الجواب ؛ لأن القائل يقول : من في الدار ؟ فتقول : رجل ، وإن قلت : رَجُلٌ فيها فلا بأس ؛ لأنه كالمرفوع بالرد لا بالصفة .
ولو نصبت السورة على قولك : أنزلناها سورة وفرضناها كما تقول : مجرداً ضربته كان وجهاً . وما رأيت أحداً قرأ به (1009[57]) .
وفى سورة النمل قال الفراء :
وقوله : ( إِنِّي لَا يخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ( ثم استثنى فقال : ( إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ ( فهذا مغفور له . فيقول القائل كيف صُير خائفاً ؟ قلت : في هذه وجهان : أحدهما أن تقول : إن الرسل معصومة مغفور لها آمنة يوم القيامة . ومن خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً يخاف ويرجو : فهذا وجه . والآخر أن تجعل الاستثناء من الذين تُركوا في الكلمة ؛ لأن المعنى : لا يخاف المرسلون إنما الخوف على غيرهم .
ثم استثنى فقال : إلا من ظلم فإن هذا لا يخاف ، يقول : كان مشركاً فتاب وعمل حسناً فذلك مغفور له ليس بخائف .(2/366)
وقد قال بعض النحويين : إن " إلا " في اللغة بمنزلة الواو ، وإنما معنى هذه الآية : لا يخاف لدى المرسلون ولا من ظلم ثم بدل حسناً ، وجعلوا مثله قول الله : ( لِئلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ ( أي ولا الذين ظلموا . ولم أجد العربية تحتمل ما قالوا ، لأنى لا أجيز قام الناس إلا عبد الله ، وهوقائم ؛ إنما الاستثناء أن يخرج الاسم الذي بعد إلا من معنى الأسماء قبل إلا . وقد أراه جائزاً أن تقول : عليك ألف سوى ألف آخر ، فإن وضعت " إلا " في هذا الموضع صلحت وكانت " إلا " في تأويل ما قالوا . فأما مجردة قد استثنى قليلها من كثيرها فلا . ولكن مثله مما يكون في معنى إلا كمعنى الواو وليست بها .
قوله : ( خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ( هو في المعنى : إلا الذي شاء ربك من الزيادة . فلا تجعل إلا " في منزلة " الواو ولكن بمنزلة سوى . فإذا كانت سوى في موضع إلا صلحت بمعنى الواو ؛ لأنك تقول : عندى مال كثير سوى هذا ، أي وهذا عندى ؛ كأنك قلت : عندى مال كثير وهذا . وهو في سوى أنفذ منه في إلا لأنك قد تقول : عندى سوى هذا ، ولا تقول : إلا هذا (1010[58]) .
وفى سورة سبأ :
وقوله : ( وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ( " 17 " هكذا قرأه يحيى وأبو عبد الرحمن أيضاً . والعوام : ( وَهَلْ يُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ( . وقوله : ( ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم ( موضع " ذلك " نصب بـ " جزيناهم " .(2/367)
يقول القائل : كيف خص الكفور بالمجازاة والمجازاة للكافر وللمسلم وكل واحد ؟ فيقال : إن جازيناه بمنزلة كافأناه والسيئة للكافر بمثلها وأما المؤمن فيجزى لأنه يزاد ويتفضل عليه ولا يجازى . وقد يقال : جازيت في معنى جزيت ، إلا أن المعنى في أبين الكلام على ما وصفت لك ؛ ألا ترى أنه قد قال ( ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم ( ولم يقل ( جاَزَيْنَاهُم ( وقد سمعت جازيت في معنى جزيت وهى مثل عاقبت وعقبت ، الفعل منك وحدك . وبناؤها ـ يعنى ـ فاعلت على أن تفعل ويفعل بك (1011[59]) .
وأكتفى بهذا القدر ، ولعله ـ مع قلته ـ يبين منهج الفراء في تفسيره ، وقيمته العلمية .
*****
القرن الثالث وتفسير الطبري
القرن الثالث الهجرى يعتبر العصر الذهبى بالنسبة لتدوين السنة ؛ فقد شهد ميلاد مسند الإمام أحمد والصحيحين : صحيح البخاري وصحيح مسلم ، وسنن أبى داود ، والترمذى ، وابن ماجه ، والنسائى ، وغيرها من كتب السنة .
ومع أننا رأينا التفسير علماً قائماً بذاته ، إلا أن رجال الحديث كانوا يدونون الأخبار المتصلة بالتفسير مع غيرها من الأخبار ، فكان هذا خيراً عظيماً بالنسبة للتفسير .
وإلى جانب هذا فإن أعظم كتاب في التفسير ظهر في هذا القرن ، وهو تفسير أبى جعفر محمد بن جرير الطبري ، المسمى " جامع البيان عن تأويل أي القرآن ".
الطبري : علمه وكتبه :
الطبري هو : محمد بن جرير بن يزيد بن كثير . وهو ـ كما قال الذهبى ـ الإمام العالم المجتهد ، عالم العصر ، صاحب التصانيف البديعة ، من أهل آمل طبرستان . مولده سنة أربع وعشرين ومئتين ، وطلب العلم بعد الأربعين ومئتين ، وأكثر الترحال ، ولقى نبلاء الرجال ، وكان من أفراد الدهر علماً ، وذكاء ، وكثرة تصانيف ، قل أن ترى العيون مثله (1012[60]) .
كان ثقة ، صادقاً ، حافظاً ، رأساً في التفسير ، إماماً في الفقه والإجماع والاختلاف ، علامة في التاريخ وأيام الناس ، عارفاً بالقراءات وباللغة ، وغير ذلك (1013[61]) .(2/368)
ونقل الذهبى وابن كثير وابن حجر قول الخطيب في تاريخه عن الطبري: كان أحد أئمة العلماء ، يحكم بقوله ، ويرجع إلى رأيه بمعرفته وفضله . وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره : فكان حافظاً لكتاب الله ، عارفاً بالقراءات ، بصيراً بالمعانى ، فقيهاً في أحكام القرآن ، عالماً بالسنن وطرقها ، صحيحها وسقيمها ، ناسخها ومنسوخها ، عارفاً بأقوال الصحابة والتابعين ، عارفاً بأيام الناس وأخبارهم ، وله الكتاب المشهور في " أخبار الأمم وتاريخهم " ، وله كتاب : " التفسير " لم يصنف مثله ... إلخ (1014[62]) .
وقال ابن كثير : روى الكثير عن الجم الغفير ، ورحل إلى الآفاق في طلب الحديث ، وصنف التاريخ الحافل ، وله التفسير الكامل الذي لا يوجد له نظير ، وغيرهما من المصنفات النافعة في الأصول والفروع ، ومن أحسن ذلك تهذيب الآثار ... إلخ (1015[63]) .
وقال السيوطي : رأس المفسرين على الإطلاق ، أحد الأئمة ، جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره ...
ثم قال : وله التصانيف العظيمة ، منها : " تفسير القرآن " ، وهو أجل التفاسير ، لم يؤلف مثله كما ذكره العلماء قاطبة ، منهم النووى في تهذيبه ، وذلك لأنه جمع فيه بين الرواية والدراية ، ولم يشاركه في ذلك أحد لا قبله ولا بعده .. إلخ (1016[64]) .
والطبرى ـ رأس المفسرين والمؤرخين ـ نجد في ترجمته (1017[65]) الحديث عن كتبه ، ما تم منها وما لم يتم . وأهم كتبه التي مات قبل تمامها كتابه " تهذيب الآثار"، وهو مطبوع ميسر الرجوع إليه والحمد لله تعالى (1018[66]) .
عقيدة الطبري :
الحديث عن الطبري وعن كتبه يطول كثيراً ، والذى يعنينا أساساً هو تفسيره، ولكن ونحن في مجال التفسير المقارن بين الشيعة وأهل السنة نرى من اللازم بيان عقيدة هذا الإمام التي وقع ضجاج كبير حولها ، حيث رماه بعضهم بأنه من الشيعة الإمامية ، غير أن كتبه تثبت براءته .(2/369)
لما بلغه أن أبا بكر بن أبى داود تكلم في حديث غدير خم ، عمل كتاب : " الفضائل " ، فبدأ بفضل أبى بكر ، ثم عمر ، وتكلم على تصحيح حديث غدير خم ، واحتج لتصحيحه ، ولم يتم الكتاب .
وفى الباب السابق ذكرت الروايات المختلفة لهذا الحديث ، وبينت ما هو صحيح منها ، وما هو مختلف فيه ، وما هو ضعيف أو موضوع مصنوع في دار الضرب بالكوفة . ولا أدرى ما الذي صح عند الطبري ؟ وربما صحح ما بينت ضعفه أو وضعه . وعندما رجعت لتهذيب الآثار رأيت عدم استبعاد هذا الاحتمال :
ففى مسند على رضي الله عنه ـ يذكر حديث " أنا دار الحكمة وعلى بابها "، ويقول : " وهذا خبر عندنا صحيح سنده " ولكنه يضيف قوله " وقد يكون على مذهب الآخرين سقيماً غير صحيح لعلتين " ثم يذكر تأييداً له حديثاً عن ابن عباس : " أنا مدينة العلم وعلى بابها ، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها "(1019[67]).
وتصحيح مثل هذه الآحاديث لا يعنى أنه من الإمامية وإلا لما تحدث عن فضل أبى بكر وعمر ، فضلاً عن أن يبدأ بهما . ونراه في مسند على يروى أن قاتل الزبير استأذن على على فقال : ليدخل النار ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لكل نبي حوارى وإن حوارى الزبير بن العوام " (1020[68]) ونحن نعرف تكفير الشيعة لمن قاتل علياً ، وما رواه الطبري ينقض قولهم . وكان الطبري يكلم ابن صالح الأعلم، وجرى ذكر على رضي الله عنه ، ثم قال الطبري : من قال إن أبا بكر وعمر ليسا بإمامى هدى ، أيش هو ؟ قال : مبتدع . فقال ابن جرير إنكاراً عليه : مبتدع ! مبتدع ! هذا يقتل ، من قال إن أبا بكر وعمر ليسا بإمامى هدى يقتل يقتل (1021[69]) .
وقال الذهبى في ميزان الاعتدال " 3 / 498 " في ترجمة الطبري : . " ثقة صادق ، فيه تشيع يسير ، وموالاة لا تضر .(2/370)
أقذع أحمد بن على السليمانى الحافظ ، فقال : كان يضع للروافض ، كذا قال السليمانى : وهذا رجم بالظن الكاذب ، بل ابن جرير من كبار أئمة الإسلام المعتمدين ، وما ندعى عصمته من الخطأ ، ولا يحل لنا أن نؤذيه بالباطل والهوى، فإن كلام العلماء بعضهم في بعض ينبغى أن يتأنى فيه ، ولا سيما في مثل إمام كبير ، فلعل السليمانى أراد الآتى :
محمد بن جرير بن رستم ، أبو جعفر الطبري . رافضى ... " .
وعقب ابن حجر فقال : " ولو حلفت أن السليمانى ما أراد إلا الآتى لبررت ، والسليمانى حافظ متقن ، كان يدرى ما يخرج من رأسه ، فلا أعتقد أنه يطعن في مثل هذا الإمام بهذا الباطل ، والله أعلم . وإنما رمى بالتشيع لأنه صحح حديث غدير خم ، وقد اغتر شيخ شيوخنا أبو حيان بكلام السليمانى ..." (1022[70]) .
هذه كلمة موجزة عن الطبري ، وبعد حياة بارك الله تعالى فيها توفى سنة عشر وثلاثمائة ، ودفن ببغداد .
تفسير الطبري
الثناء على الكتاب :
ذكرنا آنفا بعض ما جاء في ترجمة أبى جعفر عن تفسيره القيم .
ومما جاء عن هذا الكتاب أيضاً أن ابن جرير قال لأصحابه : هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا ؟ قالوا : كم قدره ؟ فذكر نحو ثلاثين ألف ورقة ، فقالوا : هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه ! فقال : إنا لله ! ماتت الهمم . فاختصر ذلك في نحو ثلاثة آلاف ورقة .
ولما أراد أن يملى التفسير قال لهم نحواً من ذلك ، ثم أملاه على نحو من قدر التاريخ .
وقال الحاكم : سمعت أبا بكر بن بالويه يقول : قال لي أبو بكر بن خزيمة : بلغنى أنك كتبت التفسير عن محمد بن جرير ؟ قلت : بلى ، كتبته عنه إملاء . قال: كله ؟ قلت : نعم . قال : أي سنة ؟ قلت : من سنة ثلاث وثمانين إلى سنة تسعين ومئتين . قال : فاستعاره منى أبو بكر ، ثم رده بعد سنين ، ثم قال : لقد نظرت فيه من أوله إلى آخره ، وما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير .(2/371)
وقال أبو محمد الفرغانى : لو ادعى عالم أن يصنف من كتاب التفسير لابن جرير عشرة كتب ، كل كتاب منها يحتوى على علم مفرد مستقصى لفعل .
وقال أبو حامد الإسفرايينى : لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل تفسير محمد بن جرير لم يكن كثيراً .
وقال السيوطي في الإتقان " 2 / 190 " : " . . . وبعدهم ابن جرير الطبري، وكتابه أجل التفاسير وأعظمها ، ثم ابن أبى حاتم ، وابن ماجه ، والحاكم ، وابن مردويه ، وأبو الشيخ ابن حبان ، وابن المنذر ، في آخرين ، وكلها مسندة إلى الصحابة والتابعين وأتباعهم ، وليس فيها غير ذلك ، إلا ابن جرير ؛ فإنه يتعرض لتوجيه الأقوال ، وترجيح بعضها على بعض ،والإعراب ، والاستنباط ، فهو يفوقها بذلك " .
هذه بعض الأقوال التي تبين قيمة هذا الكتاب ، ولكنها لا تغنى عن النظر في الكتاب نفسه لنبين منهجه وقيمته العلمية ، فلننظر فيه .
بيان الطبري لمنهجه :
ذكر الطبري في مقدمة التفسير " ص 6 " ما يلى :
" ونحن ـ في شرح تأويله ، وبيان ما فيه من معانيه ـ منشئون إن شاء الله ذلك ، كتاباً مستوعباً لكل ما بالناس إليه الحاجة من علمه ، جامعاً ، ومن سائر الكتب غيره في ذلك كافياً ، ومخبرون في كل ذلك بما انتهى إلينا من اتفاق الحجة فيما اتفقت عليه منه ، واختلافها فيما اختلفت فيه منه . ومبينو علل كل مذهب من مذاهبهم ، وموضحو الصحيح لدينا من ذلك ، بأوجز ما أمكن من الإيجاز في ذلك ، وأختصر ما أمكن من الاختصار فيه " .
وفى المقدمة أيضا " ص 73 " نجد " القول في الوجوه التي من قبلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن " ، ويذكر تحت هذا العنوان ما يبين أن مما أنزل الله تعالى من القرآن ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن منه ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار ، وأن منه مايعلم تأويله كل ذى علم باللسان الذي نزل به القرآن .(2/372)
ثم يذكر أبو جعفر بعد هذا بعض الأخبار التي رويت بالنهى عن القول في تأويل القرآن بالرأى ، ويعقب عليها " ص 77 : 79 " وبعده نجد " ذكر الأخبار التي رويت في الحض على العلم بتفسير القرآن ومن كان يفسره من الصحابة " " ص 80 " .
ثم نجد " ذكر الأخبار عن بعض السلف ، فيمن كان من قدماء المفسرين محموداً علمه بالتفسير ، ومن كان منهم مذموماً علمه به " " ص 90 " وبعد الأخبار نجد ما يأتى :
قال أبو جعفر : قد قلنا فيما مضى من كتابنا هذا في وجوه تأويل القرآن ، وأن تأويل جميع القرآن على أوجه ثلاثة :
أحدها لا سبيل إلى الوصول إليه ، وهو الذي استأثر الله بعلمه ، وحجب علمه عن جميع خلقه ، وهو أوقاتُ ما كان من آجال الأمور الحادثة ، التي أخبر الله في كتابه أنها كائنة ، مثل : وقت قيام الساعة ، ووقت نزول عيسى ابن مريم ، ووقت طلوع الشمس من مغربها ، والنفخ في الصور ، وما أشبه ذلك .
والوجه الثاني : ما خص الله بعلم تأويله نبيه صلى الله عليه وسلم دون سائر أمته ، وهو ما فيه مما بعباده إلى علم تأويله الحاجة ، فلا سبيل لهم إلى علم ذلك إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم لهم تأويله .
والثالث منها : ما كان علمهُ عند أهل اللسان الذي نزل به القرآن ، وذلك علم تأويل عربيته وإعرابه ، لا يُوصل إلى علم ذلك إلا من قبلهم .(2/373)
فإذا كان ذلك كذلك ، فأحق المفسرين بإصابة الحق ـ في تأويل القرآن الذي إلى علم تأويله للعباد السبيلُ ـ أوضحهم حجة فيما تأول وفسر ، مما كان تأويله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دون سائر أمته من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابته عنه : إما من جهة النقل المستفيض ، فيما وُجد فيه من ذلك عنه النقل المستفيض ، وإما من جهة نقل العدول الأثبات ، فيما لم يكن فيه عنه النقل المستفيض ، أو من جهة الدلالة المنصوبه على صحته ؛ وأصحهم برهاناً ـ فيما ترجم وبين من ذلك ـ ممّا كان مُدركاً علمُه من جهة اللسان : إما بالشواهد من أشعارهم السائرة ، وإما من منطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة ، كائناً من كان ذلك المتأول والمفسر ، بعد أن لا يكون خارجاً تأويله وتفسيره ما تأول وفسر من ذلك ، عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة ، والخلف من التابعين وعلماء الأمة " . " ص 92 : 93 " .
تفسير الطبري لختام فاتحة الكتاب :
هذا بعض ما جاء في مقدمته المستفيضة ، ولعله يوضح المنهج الذي ارتضاه الطبري لتفسيره .
وأضيف هنا شيئاً من هذا التفسير قبل الحديث عنه ، وقد يبدو ما أنقله غير مناسب لكثرة صفحاته ، غير أنه تفسير آية كريمة واحدة هي الأخيرة من سورة الفاتحة ، وما ذكره بعد تفسيرها ، وأريد أن يشترك القارئ في الاستنباط حيث يجد نصاً بين يديه ، ولهذا أهميته في مجال التفسير المقارن ، وما أكثر ما في هذا النص من العلم والنفع !
كما رأيت أن أذكر في الحاشية تخريج الأحاديث للشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى ، ولكن سأكتفى بالنتائج دون التفصيل حتى لا يزداد المنقول . وإليك ما ذكره الطبري في تفسير قوله تعالى : ( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ( .(2/374)
القول في تأويل قوله : ( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( : وقوله : ( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( ، إبانة عن الصراط المستقيم ، أي الصراط هو ؟ إذ كان كل طريق من طرق الحق صراطاً مستقيماً . فقيل لمحمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد : أهدنا يا ربنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك ، من ملائكتك وأنبيائك والصديقين والشهداء والصالحين . وذلك نظير ما قال ربنا جلّ ثناؤه في تنزيله : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْراً عَظِيمًا وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ ( " سورة النساء : 66 : 69 " .
قال أبو جعفر : فالذى أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأمته أن يسألوا ربهم من الهداية للطريق المستقيم ، هي الهداية للطريق الذي وصف الله جل ثناؤه صفته . وذلك الطريق ، هو طريق الذين وصفهم الله بما وصفهم به في تنزيله ، ووعد من سلكه فاستقام فيه طائعاً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، أن يورده مواردهم ، والله لا يخلف الميعاد .
وبنحو ما قلنا في ذلك رُوى الخبر عن ابن عباس وغيره :
188 ـ حدثنا محمد بن العلاء ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس :( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( يقول : طريق من أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك من الملائكة والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، الذين أطاعوك وعبدوك (1023[71]) .(2/375)
189 ـ حدثنى أحمد بن حازم الغفارى ، قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، عن أبى جعفر ، عن ربيع : ( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( ، قال : النبيون(1024[72]).
190 ـ حدثنى القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنى حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس : ( أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( قال : المؤمنين (1025[73]) .
191 ـ حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : قال وكيع: ?أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ? ، المسلمين .
192 ـ حدثنى يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال عبد الرحمن بن زيد في قوله ( صرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( ، قال : النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه (1026[74]) .
قال أبو جعفر : وفى هذه الآية دليل واضح على أن طاعة الله جل ثناؤه ، لا ينالها المطيعون إلا بإنعام الله بها عليهم ، وتوفيقه إياهم لها . أوَلا يسمعونه يقول : ( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( ، فأضاف كل ما كان منهم من اهتداء وطاعة وعبادة إلى أنه إنعام منه عليهم ؟
فإن قال قائل : وأين تمام هذا الخبر ؟ وقد علمت أن قول القائل لآخر :( أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( مقتض الخبر عما أنعم به عليه ، فأين ذلك الخبر في قوله ( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( ؟ وما تلك النعمة التي أنعمها عليهم ؟(2/376)
قيل له : قد قدمنا البيان ـ فيما مضى من كتابنا هذا ـ عن اجتزاء العرب في منطقها ببعض من بعض ، إذا كان البعض الظاهر دالاً على البعض الباطن وكافياً منه . فقوله ( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( من ذلك . لأن أمرَ الله جل ثناؤه عباده بمسألته المعونة ، وطلبهم منه الهداية للصراط المستقيم ، لما كان متقدماً قوله ( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( ، الذي هو إبانه عن الصراط المستقيم وإبدال منه ـ كان معلوماً أن النعمة التي أنعم الله بها على من أمرنا بمسألته الهداية لطريقهم ، هو المنهاج القويم والصراط المستقيم ، الذي قد قدمنا البيان عن تأويله آنفاً . فكان ظاهرُ ما ظهر من ذلك ـ مع قرب تجاور الكلمتين ـ مغنياً عن تكراره.
كما قال نابغة بنى ذبيان :
كأنك من جمال بنى أُقْيشٍ يُقَعْقَعُ خلف رِجْليه بِشَن
يريد : كأنك من جمال أقيش ، جمل يقعقع خلف رجليه بشن ، فاكتفى بما ظهر من ذكر " الجمال " الدال على المحذوف ، من إظهار ما حذف .
وكما قال الفرزدق بن غالب :
ترى أرباقَهُمْ مُتقَلدِيهاإذا صَدِى الحديدُ عَلَى الكُمَاةِ
يريد : متقلديها هم ، فحذف " هم " ، إذ كان الظاهر من قوله أرباقهم ، دالاً عليها . والشواهد على ذلك من شعر العرب وكلامها أكثر من أن تحصى . فكذلك ذلك في قوله ( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( .
******
القول في تأويل قوله : ( غَيرِ المَغضُوبِ عَليهِمْ ( :
قال أبو جعفر : والقراءة مجمعة على قراءة " غير " بجر الراء منها والخفض يأتيها من وجهين :(2/377)
أحدهما : أن يكون " غير " صفة لـ " الذين " ونعتاً لهم فتخفضها . إذ كان " الذين " خفضاً ، وهى لهم نعت وصفة . وإنما جاز أن يكون " غير " نعتاً لـ " الذين " ، و" الذين " ، معرفة و " غير " نكرة ، لأن " الذين " بصلتها ليست بالمعرفة الموقته كالأسماء التي هي أماراتّ بين الناس ، مثل زيد وعمرو وما أشبه ذلك ، وإنما هي كالنكرات المجهولات ، مثل الرجل والبعير وما أشبه ذلك . فلما كان " الذين " كذلك صفتها ، وكانت " غير " مضافة إلى مجهول من الأسماء ، نظير " الذين " ، في أنه معرفة غير مؤقته ، كما " الذين " معرفة غيرمؤقتة ـ جاز من أجل ذلك أن يكون ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( نعتاً لـ ( الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( كما يقال : " لا أجلس إلا إلى العالم غير الجاهل " ، يراد : لا أجلس إلا إلى من يعلم ، لا إلى من يجهل . ولو كان ( الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( معرفة موقتة ، كان غير جائز أن يكون ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( لها نعتاً . وذلك أنه خطأ في كلام العرب ـ إذا وصفت معرفة موقتة بنكرة ـ أن تلزم نعتها النكرة إعراب المعرفة المنعوت بها ، إلا على نية تكرير ما أعرب المنعوت بها . خطأ في كلامهم أن يقال : " مررت بعبد الله غير العالم " ، فتخفض " غير " إلا على نية تكرير الباء التي أعربت عبد الله . فكان معنى ذلك لو قيل كذلك : مررت بعبد الله ، مررت بغير العالم . فهذا أحد وجهى الخفض في ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( .
والوجه الآخر من وجهى الخفض فيها : أن يكون " الذين " بمعنى المعرفة الموقتة ، وإذا وُجِّه إلى ذلك ، كانت " غير " مخفوضةٌ بنية تكرير " الصراط " الذي خُفض " الذين " عليها ، فكأنك قلت : صراط الذين أنعمت عليهم ، صراط غير المغضوب عليهم .(2/378)
وهذان التأويلان في ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( ، وإن اختلفا في اختلاف معربيهما ، فإنهما يتقارب معناهما . من أجل أن من أنعم الله عليه فهداه بدينه الحق، فقد سلم من غضب ربه ، ونجا من الضلال في دينه .
فسواء ـ إذ كان سبب قوله ( اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( غير جائز أن يرتاب ، مع سماعه ذلك من تاليه ، في أن الذين أنعم الله عليهم بالهداية للصراط غير غاضب ربهم عليهم ، مع النعمة التي قد عظمت منته بها عليهم في دينهم ؛ ولا أن يكونوا ضلآلا ، وقد هداهم الحق ربهم . إذ كان مستحيلا في فطرهم اجتماع الرضا من الله جل ثناؤه عن شخص والغضب عليه في حال واحدة ، واجتماع الهدى والضلال له في وقت واحد ـ أًوُصِفَ القوم؛ مع وصف الله إياهم بما وصفهم به من توفيقه إياهم وهدايته لهم ، وإنعامه عليهم بما أنعم الله به عليهم في دينهم ، بأنهم غير مغضوب عليهم ولا هم ضالون ؛ أم لم يوصفوا بذلك . لأن الصفة الظاهرة التي وصفوا بها ، قد أنبأت عنهم أنهم كذلك ، وإن لم يصرح وصفهم به .
هذا ، إذا وجهنا ( غَيرِ ( إلى أنها مخفوضة على نية تكرير ( الصِّرَاطَ ( الخافض ( الَّذِينَ ( ، ولم نجعل ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ( من صفة (الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ( ، بل إذا جعلناهم غيرهم . وإن كان الفريقان لا شك منعماً عليهما في أديانهما .
فأما إذا وجهنا ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ( إلى أنها من نعت ، ( الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِم ( ، فلا حاجة بسامعه إلى الاستدلال ، إذ كان الصريح من معناه قد أغنى عن الدليل .(2/379)
وقد يجوز نصب ( غَيرِ ( في ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( ، وإن كنت للقراءة بها كارهاً لشذوذها عن قراءة القراء . وإن ما شذ من القراءات عما جاءت به الأمة نقلا ظاهراً مستفيضاً ، فرأى للحق مخالف ، وعن سبيل الله وسبيل رسوله صلى الله عليه وسلم وسبيل المسلمين متجانف .وإن كان له ـ لو كان جائزاً القراءة به ـ في الصواب مخرج .
وتأويل وجه صوابه إذا نصبت : أن يوجه إلى أن يكون صفة للهاء والميم اللتين في ( عَلَيهِمْ ( ، العائدة على ( الَّذِينَ ( . لأنها وإن كانت مخفوضة بـ ( عَلَي ( فهى في محل نصب بقوله ( أَنعَمتَ ( . فكان تأويل الكلام ـ إذا نصبت ( غَيرِ ( التي مع ( المغضُوبِ عَلَيهِمْ ( ـ : صراط الذين هديتهم إنعاما منك عليهم ، غير مغضوب عليهم ، أي لا مغضوبا عليهم ولا ضالين . فيكون النصب في ذلك حينئذ ، كالنصب في ( غَيرِ ( في قولك : مررت بعبد الله غير الكريم ولا الرشيد ، فتقطع " غير الكريم " من " عبد الله " ، إذ كان " عبد الله " معرفة موقتة ، و " غير الكريم " نكرة مجهولة .
وقد كان بعض نحويى البصريين يزعم أن قراءة من نصب ( غَيرِ ( في ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( ، على وجه استثناء ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( من معاني صفة ( الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( ، كأنه كان يرى أن معنى الذين قرأوا ذلك نصباً : ( اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ( إلا المغضوبَ عليهم ـ الذين لم تنعم عليهم في أديانهم ولم تهدهم للحق ـ فلا تجعلنا منهم . وكما قال نابعة بنى ذبيان :
وقفت فيها أصيلا لا أسائلها عيت جواباً ، وما بالربع من أحد
إلا أوارى لأياً ما أبينها والنؤى كالحوض بالمظلومة الجلد
والأوارى معلوم أنها ليست من عداد " أحد " في شىء . فكذلك عنده ، استثنى ( غَيرِ المَغضوبِ عَلَيهِمْ ( من ( الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( ، وإن لم يكونوا من معانيهم في الدين في شىء .(2/380)
وأما نحويو الكوفيين ، فأنكروا هذا التأويل واستخفوه . وزعموا أن ذلك لو كان كما قاله الزاعم من أهل البصرة ، لكان خطأ أن يقال ( وَلاَ الضَّالِّينَ ( ، لأن " لا " نفى وجحد ، ولا يعطف بجحد إلا على جحد . وقالوا : لم نجد في شىء من كلام العرب استثناء يعطف عليه بجحد ، وإنما وجدناهم يعطفون على الاستثناء بالاستثناء وبالجحد على الجحد ، فيقولون في الاستثناء : قام القوم إلا أخاك وإلا أباك . وفى الجحد : ما قام أخوك ولا أبوك . وأما : قام القوم إلا أباك ولا أخاك . فلم نجده في كلام العرب . قالوا : فلما كان ذلك معدوماً من كلام العرب ، وكان القرآن بأفصح لسان العرب نزوله ، علمنا ـ إذ كان قوله ( وَلاَ الضَّالِّينَ ( معطوفا على قوله ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( ـ أن ( غَيرِ ( بمعنى الجحد لا بمعنى الاستثناء ، وأن تأويل من وجهها إلى الاستثناء خطأ .
فهذه أوجه تأويل ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( ، باختلاف أوجه إعراب ذلك.
وإنما اعترضنا بما اعترضنا في ذلك من بيان وجه إعرابه ـ وإن كان قصدنا في هذا الكتاب الكشف عن تأويل أي القرآن لما في اختلاف وجوه إعراب ذلك من اختلاف وجوه تأويله ، فاضطرتنا الحاجة إلى كشف وجوه إعرابه ، لتنكشف لطالب تأويله وجوه تأويله ، على قدر اختلاف المختلفة في تأويله وقراءته.
والصواب من القول في تأويله وقراءته عندنا ، القول الأول ، وهو قراءة ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( بخفض الراء من ( غَيرِ( ، بتأويل أنها صفة لـ ( الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( ونعت لهم ـ لما قدمنا من البيان ـ إن شئت ، وإن شئت فبتأويل تكرير ( صِرَاطَ ( كل ذلك صواب حسن .
فإن قال قائل : فمن هؤلاء المغضوب عليهم ، الذين أمرنا الله جل ثناؤه بمسألته أن لا يجعلنا منهم ؟(2/381)
قيل : هم الذين وصفهم الله جل ثناؤه في تنزيله فقال : ( قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ ( " سورة المائدة : ستين " . فأعلمنا جل ذكره ثمة ، ما أحل بهم من عقوبته بمعصيتهم إياه . ثم علمنا، منة منه علينا ، وجه السبيل إلى النجاة من أن يحل بنا مثل الذي حل بهم من المثلات ، ورأفة منه بنا .
فإن قال : وما الدليل على أنهم أولاء الذين وصفهم الله وذكر نبأهم في تنزيله، على ما وصفت ؟
قيل :
193 ـ حدثنى أحمد بن الوليد الرملى ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الرقى ، قال : حدثنا سفيان بن عيينه ، عن إسماعيل بن أبى خالد ، عن الشعبى ، عن عدى ابن حاتم ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : المغضوب عليهم ، اليهود (1027[75]) .
194 ـ حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك بن حرب ، قال : سمعت عباد بن حبيش يحدث ، عن عدى بن حاتم ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن المغضوب عليهم اليهود (1028[76]).
195 ـ حدثنى على بن الحسن ، قال : حدثنا مسلم بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا محمد ابن مصعب ، عن حماد بن سلمة ، عن سماك بن حرب ، عن مرى ابن قطرى ، عن عدى بن حاتم ، قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( قال : هم اليهود (1029[77]) .
196 ـ حدثنا حميد بن مسعدة السامى ، قال : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا الجريرى ، عن عبد الله بن شقيق : أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر وادى القرى ، فقال : من هؤلاء الذين تحاصر يا رسول الله ؟ قال : هؤلاء المغضوب عليهم اليهود (1030[78]) .(2/382)
197 ـ حدثنى يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن سعيد الجريرى ، عن عروة ، عن عبد الله بن شقيق : أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه .
198 ـ حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أنبأنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن بديل العقيلى ، قال : أخبرنى عبد الله بن شقيق : أنه أخبره من سمع النبي صلى الله عليه وسلم ـ وهو بوادى القرى ، وهو على فرسه ، وسأله رجل من بنى القين فقال : يا رسول الله ، من هؤلاء ؟ ـ قال : المغضوب عليهم . وأشار إلى اليهود (1031[79]) .
199 ـ حدثنا القاسم بن الحسن ، قال : حدثنا الحسين ، قال حدثنا خالد الواسطى، عن خالد الحذاء ، عن عبد الله بن شقيق : أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه.
200 ـ حدثنا أبو كريب ، قال حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : " غير المغضوب عليهم " يعنى اليهود الذين غضب الله عليهم (1032[80]) .
201 ـ حدثنى موسى بن هرون الهمدانى ، قال : حدثنا عمرو بن طلحة ، قال: حدثنا أسباط بن نصر ، عن السدى في خبر ذكره ، عن أبى مالك وعن أبى صالح عن ابن عباس ـ وعن مرة الهمدانى عن ابن مسعود ـ وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( ، اليهود .
202 ـ حدثنا ابن حميد الرازى ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن مجاهد ، قال : ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( ، قال : هم اليهود .
203 ـ حدثنا أحمد بن حازم الغفارى ، قال : حدثنا عبد الله ، عن أبى جعفر ، عن ربيع : ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( ، قال : اليهود .
204 ـ حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين : قال : حدثنى حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس : ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( قال : اليهود .(2/383)
205 ـ حدثنى يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : ( غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ( ، اليهود .
206 ـ حدثنى يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : حدثنى ابن زيد عن أبيه، قال : المغضوب عليهم اليهود .
قال أبو جعفر : واختلف في صفة الغضب من الله جل ذكره :
فقال بعضهم : غضب الله على من غضب عليه من خلقه ، إحلال عقوبته بمن غضب عليه ، إما في دنياه وإما في آخرته ، كما وصف به نفسه جل ذكره في كتابه فقال : ( فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ( " سورة الزخرف: 55 " .
وكما قال : ( قُلْ هَلْ أُنَبِّئكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ ( " سورة المائدة : 60 " .
وقال بعضهم : غضب الله على من غضب عليه من عباده ، ذم منه لهم ولأفعالهم ، وشتم لهم منه بالقول .
وقال بعضهم : الغضب منه معنى مفهوم كالذي يعرف من معاني الغضب ، غير أنه ـ وإن كان كذلك من جهة الإثبات ـ فمخالف معناه منه معنى ما يكون من غضب الآدميين الذين يزعجهم ويحركهم ويشق عليهم ويؤذيهم . لأن الله جل ثناؤه لا تحل ذاته الآفات ، ولكنه له صفة ، كما العلم له صفة ، والقدرة له صفة ، على ما يعقل من جهة الإثبات ، وإن خالفت معاني ذلك معاني علوم العباد ، التي معارف القلوب ، وقواهم التي توجد مع وجود الأفعال وتعدم مع عدمها .
القول في تأويل قوله : ( وَلاَ الضَّالِّينَ ( :
قال أبو جعفر : كان بعض أهل البصرة يزعم أن : " لا " مع " الضالين " أدخلت تتميما للكلام ، والمعنى إلغاؤها ، ويستشهد على قيله ذلك ببيت العجاج :
ما كَانَ يَرْضَى رَسُولُ اللهِ فعلَهُمُ وَالطيبَان أبو بَكْرِ وَلا عُمَرُ
فجاز ذلك ، إذ كان قد تقدم الجحد في أول الكلام .(2/384)
قال أبو جعفر : وهذا القول الآخر أولى بالصواب من الأول ، إذ كان غير موجود في كلام العرب ابتداء الكلام من غير جحد تقدمه بـ " لا " التي معناها الحذف ، ولا جائز العطف بها على " سوى " ولا على حرف الاستثناء . وإنما لـ " غير " في كلام العرب معان ثلاثة ، أحدهما : الاستثناء ، والآخر : الجحد ، والثالث : سوى . فإذا ثبت خطأ أن تكون " لا " بمعنى الإلغاء مبتدأ ، وفسد أن يكون عطفا على " غير " التي مع " المغضوب عليهم " لو كانت بمعنى " إلا " التي هي استثناء ، ولم يجز أيضا أن يكون عطفا عليها لو كانت بمعنى " سوى " ، وكانت " لا " موجودة عطفا بالواو التي هي عاطفة لها على ما قبلها ـ صح وثبت أن لا وجه لـ " غير " التي مع " المغضوب عليهم " ، يجوز توجيهها إليه على صحة ، إلا بمعنى الجحد والنفى ، وأن لا وجه لقوله " ولا الضالين " إلا العطف على " غير المغضوب عليهم " .
فتأويل الكلام إذا ـ إذ كان صحيحا ما قلنا بالذى عليه استشهدنا ـ اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ، لا المغضوب عليهم ولا الضالين .
فإن قال لنا قائل : ومن هؤلاء الضالون الذين أمرنا الله بالاستعاذة بالله أن يسلك بنا سبيلهم ونضل ضلالهم ؟
قيل : هم الذين وصفهم الله في تنزيله فقال : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ ( " سورة المائدة : 77 " .
فإن قال : وما برهانك على أنهم أولاء ؟
قيل :
207 ـ حدثنا أحمد بن الوليد الرملى ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن إسماعيل بن أبى خالد ، عن الشعبى ، عن عدى بن حاتم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولا الضالين " ، قال : النصارى(1033[81]) .(2/385)
208 ـ حدثنا محمد بن المثنى ، أنبأنا محمد بن جعفر ، أنبأنا شعبة ، عن سماك ، قال : سمعت عباد بن حبيش يحدث ، عن عدى بن حاتم ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الضالين النصارى .
209 ـ حدثنى على بن الحسن ، قال : حدثنا مسلم بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا محمد بن مصعب ، عن حماد بن سلمة ، عن سماك بن حرب ، عن مرى بن قطرى ، عن عدى بن حاتم ، قال : سألت النبيصلى الله عليه وسلم عن قول الله : ( وَلاَ الضَّالِّينَ ( ، قال : النصارى هم الضالون .
210 ـ حدثنا حميد بن مسعدة السامى ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا الجريرى ، عن عبد الله بن شقيق أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر وادى القرى ، قال : قلت : من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الضالون ، النصارى .
211 ـ حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن سعيد بن الجريرى، عن عروة ـ يعنى ابن عبد الله بن قيس ، عن عبد الله بن شقيق ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بنحوه (1034[82]) .
212 ـ حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر، عن بديل العقيلى ، قال : أخبرنى عبد الله بن شقيق : أنه أخبره من سمع النبي صلى الله عليه وسلم ـ وهو بوادى القرى ، وهو على فرسه ، وسأله رجل من بنى القين ، فقال : يا رسول الله ، من هؤلاء ؟ ـ قال : هؤلاء الضالون ، يعنى النصارى .
213ـ حدثنا القاسم ، قال حدثنا الحسين ، قال : حدثنا خالد الواسطى ، عن خالد الحذاء ، عن عبد الله بن شقيق : أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم وهو محاصر وادى القرى ، وهو على فرس : من هؤلاء ؟ قال : الضالون . يعنى النصارى.
214 ـ حدثنا محمد بن حميد : قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن مجاهد : " ولا الضالين " قال : النصارى .(2/386)
215 ـ حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، عن بشر بن عُمارة قال: حدثنا أبو رَوْق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : " ولا الضالين " قال : وغير طريق النصارى الذين أضلهم الله بِفِرْيَتهمْ عليه . قال : يقول : فألهِمنا دينك الحق ، وهو لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، حتى لا تغضب علينا كما غضبت على اليهود ، ولا تضلنا كما أضللت النصارى ، فتعذبنا بما تعذبهم به . يقول : امنعنا من ذلك برفقك ورحمتك وقدرتك .
216 ـ حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنى حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس : الضالين ، النصارى .
217 ـ حدثنى موسى بن هرون الهمذانى ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال: حدثنا أسباط بن نصر ، عن إسماعيل السدّىّ في خبر ذكره عن أبى مالك ، وعن أبى صالح ، عن ابن عباس ـ وعن مرة الهمذانى ، عن ابن مسعود ـ وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " ولا الضالين " ، هم النصارى .
218 ـ حدثنى أحمد بن حازم الغفارى ، قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، عن أبى جعفر ، عن ربيع : " ولا الضالين " ، النصارى .
219 ـ حدثنى يونس بن عبد الأعلى ، قال : اخبرنا ابن وهب ، قال : قال عبد الرحمن بن زيد : " ولا الضالين " ، النصارى .
220 ـ حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه ، قال : الضالين ، النصارى .
*****
قال أبو جعفر : فكلّ حائد عن قصد السبيل ، وسالك غير المنهج . القويم ، فضالٌ عند العرب لإضلاله وجه الطريق . فلذلك سمى الله جل ذكره النصارى ضُلالاً . لخطئهم في الحق منهج السبيل . وأخذهم من الدين في غير الطريق المستقيم .
فإن قال قائل : أو ليس ذلك أيضاً من صفة اليهود ؟
قيل : بلى .
فإن قال : كيف خصَّ النصارى بهذه الصفة ، وخصَّ اليهود بما وصفهم به من أنهم مغضوب عليهم ؟(2/387)
قيل : كلا الفريقين ضلاّل مغضوبٌ عليهم ، غيَر أن الله جل ثناؤه وسَم كل فريق منهم من صفته لعباده بما يعرفونه به ، إذا ذكرهُ لهم أو أخبرهم عنه . ولم يسم ِّواحداً من الفريقين إلا بما هو له صفةٌ على حقيقته ، وإن كان له من صفات الذم زيادات عليه .
فيظن بعض أهل الغباء من القدرية أن في وصف الله جل ثناؤه النصارى بالضلال ، بقوله " ولا الضالين " ، وإضافته الضلال إليهم دون إضافة إضلالهم إلى نفسه ، وتركه وصفهم بأنهم المضللون ، كالذي وصف به اليهود أنهم المغضوب عليهم ـ دلالة على صحة ما قاله إخوانه من جهلة القدرية ، جهلاً منه لسعة كلام العرب وتصاريف وجوهه .
ولو كان الأمر على ما ظنّه الغبي الذي وصفنا شأنه ، لوجب أن يكونَ شأنُ كل موصوفٍ بصفةٍ أو مضاف إليه فعل ، لا يجوز أن يكون فيه سبب لغيره ، وأن يكون كل ما كان فيه من ذلك لغيره سبب ، فالحق فيه أن يكون مضافاً إلى مسببه . ولو وجب ذلك ، لوجب أن يكون خطأ قول القائل : " تحركت الشجرة " ، إذْ حَّركتها الريح ؛ و" اضطربت الأرض " ، إذ حركتها الزلزلة ، وما أشبه ذلك من الكلام الذي يطول بإحصائه الكلام .(2/388)
وفى قول الله جل ثناؤه : ( حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم (" سورة يونس : 22 " بإضافته الجرى إلى الفلك ، وإن كان جريها بإجراء غيرها إياها ـ ما دل على خطأ التأويل الذي تأوله من وصفنا قوله في قوله " ولا الضالين" ، وادعائه أن في نسبة الله جل ثناؤه الضلالة إلى من نسبها إليه من النصارى ، تصحيحاً لما ادعى المنكرون : أن يكون لله جل ثناؤه في أفعال خلقه سبب من أجله وجدت أفعالهم ، مع إبانة الله عز ذكره نصاً في أي كثيرة من تنزيله، أنه المضل الهادي ، فمن ذلك قوله جل ثناؤه : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ( " سورة الجاثية : 23 " . فأنبأ جل ذكره أنه المضل الهادي دون غيره .
ولكن القرآن نزل بلسان العرب على ما قدمنا البيان عنه في أول الكتاب ، ومن شأن العرب إضافة الفعل إلى من وجد منه ـ وإن كان مسببه غير الذي وجد منه ـ أحياناً ، وأحياناً إلى مسببه ، وإن كان الذي وجد منه الفعل غيره . فكيف بالفعل الذي يكتسبه العبد كسباً ، ويوجده الله جل ثناؤه عيناً منشأة ؟ بل ذلك أحرى أن يضاف إلى مكتسبه ؛ كسباً له ، بالقوة منه عليه ، والاختيار منه له ـ وإلى الله جل ثناؤه ، بإيجاد عينه وإنشائها تدبيراً .
مسألة يسأل عنها أهل الإلحاد الطاعنون في القرآن :(2/389)
إن سألنا منهم سائل فقال : إنك قد قدمت في أول كتابك هذا في وصف البيان : بأن أعلاه درجة وأشرفه مرتبة ، أبلغه في الإبانة عن حاجة المبين به عن نفسه ، وأبينه عن مراد قائله ، كلام الله جل ثناؤه ، لفضله على سائر الكلام بارتفاع درجته على أعلى درجات البيان ، فما الوجه ـ إذ كان الأمر على ما وصفت ـ في إطالة الكلام بمثل سورة أم القرآن بسبع آيات ؟ وقد حوت معاني جميعها منها آيتان ، وذلك قوله ( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ( ، إذ كان لا شك أن من عرف ملك يوم الدين ، فقد عرفه بأسمائه الحسنى وصفاته المثلى . وأن من كان لله مطيعاً ، فلا شك أنه لسبيل من أنعم الله عليه في دينه متبع ، وعن سبيل من غضب عليه وضل منعدل . فما في زيادة الآيات الخمس الباقية من الحكمة التي لم تحوها الآيتان اللتان ذكرنا ؟
قيل له : إن الله تعالى ذكره جمع لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولأمته ـ بما أنزل إليه من كتابه ـ معاني لم يجمعهن بكتاب أنزله إلى نبي قبله ، ولا لأمة من الأمم قبلهم . وذلك أن كل كتاب أنزله جل ذكره على نبي من أنبيائه قبله ، فإنما أنزله ببعض المعاني التي يحوى جميعها كتابه الذي أنزله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . كالتوراة التي هي مواعظ وتفصيل ، والزبور الذي هو تحميد وتمجيد ، والإنجيل الذي هو مواعظ وتذكير ـ لا معجزة في واحد منها تشهد لمن أنزل إليه بالتصديق . والكتاب الذي أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، يحوى معاني ذلك كله ، ويزيد عليه كثيراً من المعاني التي سائر الكتب غيره منها خال . وقد قدمنا ذكرها فيما مضى من هذا الكتاب .(2/390)
ومن أشرف تلك المعاني التي فضل بها كتابنا سائر الكتب قبله ، نظمه العجيب ورصفه الغريب وتأليفه البديع ؛ الذي عجزت عن نظم مثل أصغر سورة منه الخطباء ، وكلت عن وصف شكل بعضه البلغاء ، وتحيرت في تأليفه الشعراء، وتبلدت كسوراً عن أن تأتى بمثله ـ لديه أفهام الفهماء ، فلم يجدوا له إلا التسليم والإقرار بأنه من عند الواحد القهار . مع ما يحوى ، مع ذلك ، من المعاني التي هي ترغيب وترهيب . وأمرٌ و زجرٌ ، وقصص وجدل ومثل ، وما أشبه ذلك من المعاني التي لم تجتمع في كتاب أنزل إلى الأرض من السماء .
فمهما يكن فيه من إطالة ، على نحو ما في أم القرآن ، فلما وصفت قبل من أن الله جل ذكره أراد أن يجمع ـ برصفه العجيب ونظمه الغريب ، المنعدل عن أوزان الأشعار وسجع الكهان وخطب الخطباء ورسائل البلغاء ، العاجز عن رصف مثله جميع الأنام ، وعن نظم نظيره كل العباد ـ الدلاله على نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وبما فيه من تحميد وتمجيد وثناء عليه ـ تنبيه العباد على عظمته وسلطانه وقدرته وعظم مملكته ، ليذكروه بآلائه ، ويحمدوه على نعمائه ، فيستحقوا به منه المزيد ، ويستوجبوا عليه الثواب الجزيل ؛ وبما فيه من نعت من أنعم عليه بمعرفته ، وتفضل عليه بتوفيقه لطاعته ـ تعريف عباده أن كل ما بهم من نعمة ، في دينهم ودنياهم ، فمنه ، ليصرفوا رغبتهم إليه ، ويبتغوا حاجاتهم من عنده دون ما سواه من الآلهة والأمداد ؛ وبما فيه من ذكره ما أحل بمن عصاه من مَثُلاته ، وأنزل بمن خالف أمره من عقوبته ـ ترهيب عباده عن ركوب معاصيه ، والتعرض لما لا قبل لهم به من سخطه ، فيسلك بهم في النكال والنقمات سبيل من ركب ذلك من الهُلاك.
فذلك وجه إطالة البيان في سورة أم القرآن ، وفيما كان نظيراً لها من سائر سور الفرقان . وذلك هو الحكمة البالغة والحجة الكاملة .(2/391)
221ـ حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا المحاربى ، عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثنى العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب ، عن أبى السائب مولى زهره ، عن أبى هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا قال العبد : ( الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( ، قال الله : " حمدنى عبدى " . وإذا قال : ( الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ( ، قال : " أثنى علىّ عبدى " . وإذا قال : ( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ( ، قال : " مجدنى عبدى . فهذا لي " وإذا قال : ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ( إلى أن يختم السورة ، قال : " فذاك له " (1035[83]) .
222 ـ حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبدة ، عن ابن اسحق ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبى السائب ، عن أبى هريرة ن قال : إذا قال العبد : " الحمد لله " ، فذكر نحوه ، ولم يرفعه (1036[84]) .
223 ـ حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو أسامة ، قال : حدثنا الوليد بن كثير ، قال : حدثنى العلاء بن عبد الرحمن مولى الحُرقة عن أبى السائب ، عن أبى هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله (1037[85]) .
224 ـ حدثنى صالح بن مسمار المروزى ، قال : حدثنا زيد بن الحُباب ، قال : حدثنا عنبسة بن سعيد ، عن مطرف بن طريف ، عن سعد بن إسحق بن كعب بن عجرة ، عن جابر بن عبد الله الأنصارى ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله عزوجل : " قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين ، وله ما سأل " . فإذا قال العبد : ( الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( قال الله : " حمدني عبدي ، وإذا قال : ( الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (، قال : " أثنى على عبدي " وإذا قال : ( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ( قال : " مجدني عبدي " قال : " هذا لي ، وله ما بقى " (1038[86]) .
" آخر تفسير سورة فاتحة الكتاب "
مدى التزام الطبري بمنهجه :(2/392)
هذا هو تفسير الطبري للآية الأخيرة من سورة الفاتحة ، وذكرنا من قبل بعض ما جاء في المقدمة عن المنهج الذي ارتضاه لتفسيره ، وخلاصة هذا المنهج هو ما يأتى :
أولاً : الاستيعاب لكل ما بالناس إليه الحاجة بحيث يكون كتابه في التفسير جامعاً يكفى عن سائر الكتب غيره .
ثانياً : نقل ما اتفق عليه المفسرون ، وما اختلفوا فيه ، وبيان علل كل مذهب من مذاهبهم ، وتوضيح ما صح لديه من ذلك .
ثالثاً : ذكر الطبري أن تأويل جميع القرآن على أوجه ثلاثة :
أحدها : لا سبيل إلى الوصول إليه .
الوجه الثاني : لا يعلم إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم .
الثالث : ما كان علمه عند أهل اللسان .
والوجه الأول يدخل في نهى الطبري عن القول في تأويل القرآن بالرأى .
والوجه الثاني يعتمد فيه على صحة النقل .
والوجه الثالث : يعتمد فيه على الشواهد من أشعار العرب السائرة ، ومنطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة ، ويضع الطبري هنا قيداً له أهميته وهو ألا يخرج التأويل عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة ، والخلف من التابعين وعلماء الأمة.
هذا هو المنهج الذي رأى الطبري الأخذ به لتأليف كتابه في التفسير ، فإلى أي مدى التزم بهذا المنهج ؟(2/393)
إذا نظرنا لتفسيره لختام فاتحة الكتاب نراه قسم الآية الكريمة ثلاثة أجزاء ، وفى كل جزء يسترشد بكتاب الله تعالى لتوضيح المعنى ، فالقرآن الكريم يفسر بعضه بعضاً ، ثم يسهب في ذكر الأخبار المسندة التي تؤيد هذا المعنى ، وهذه سمة غالبة في تفسيره كله . ومن الإشارة إلى تخريج الأخبار وجدنا منها الصحيح وغير الصحيح . والطبرى عند اختلاف أهل التأويل نراه غالباً يختار ويرجح ، ويصحح ويضعف : مثال هذا ما نقلته من تفسيره في الباب الأول عند الحديث عن الغدير ، فتعقيباً على الروايات التي ذكرت في تفسيره لقوله تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ( قال الطبري : " وأولى الأقوال في وقت نزول الآية القول الذي روى عن عمر بن الخطاب : أنها نزلت يوم عرفة يوم جمعة ، لصحة سنده ، ووهى أسانيد غيره " (1039[87]) .
ونذكر مثلا آخر يبين هذا المنهج ؛ ونراه عند تفسيره لقوله تعالى : ( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ( (1040[88]) .
حيث فسر الآية الكريمة ، وقال : " وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل" .
ثم قال : " ثم اختلفوا في مدة الحين الذي ذكره الله في هذا الموضع : ما هي ؟ وما نهايتها ؟ " .
وذكر الأقوال المختلفة ، ثم عقب بقوله :
" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله أعلم المشركين المكذبين بهذا القرآن أنهم يعلمون نبأه بعد حين من غير حد منه لذلك الحين بحد ، وقد علم نبأه من أحيائهم الذين عاشوا إلى ظهور حقيقته ، ووضوح صحته في الدنيا ، ومنهم من علم حقيقته ذلك بهلاكه ببدر ، وقبل ذلك ، ولا حد عند العرب للحين ، لا يجاوز ولا يقصر عنه .
فإذ كان ذلك كذلك فلا قول فيه أصح من أن يطلق كما أطلقه الله من غير حصر ذلك على وقت دون وقت .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل " .
وأيد ما ذهب إليه بخبر عن عكرمة .(2/394)
ومع هذا نرى الطبري أحيانا يأخذ بأخبار غير صحيحة ، ونرى هذا مثلا عند تفسير قوله تعالى : ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ( (1041[89]) ، ولهذا قال الحافظ ابن كثير في تفسيره للآية الكريمة : " ذكر ابن أبى حاتم وابن جرير ههنا آثارا . عن بعض السلف ـ رضي الله عنهم ـ أحببنا أن نضرب عنها صفحا لعدم صحتها ، فلا نوردها " (1042[90]) .
وأخذ الطبري بمثل هذه الأخبار لا يمثل المنهج الذي ارتضاه لنفسه ، وإنما يشير إلى الخطأ عند التطبيق .
ولقد حاول الطبري أن يلتزم بمنهجه ، ومما يبين حرصه على الالتزام بالمنهج ما ذكره عند القول في تأويل قوله تعالى : ( وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ( " 35 : البقرة " ، حيث قال :
" اختلف أهل التأويل في عين الشجرة التي نهى عن أكل ثمرها آدم ، فقال بعضهم : هي السنبلة . ذكر من قال ذلك " (1043[91]) .
وذكر الطبري اثنى عشر خبرا ، ثم قال :
" وقال آخرون : هي الكرمة . ذكر من قال ذلك " .
وذكر عشرة أخبار ، وقال :
" وقال آخرون هي التينة . ذكر من قال ذلك " .
وذكر خبرا واحدا ، ثم عقب بقوله :
" والقول في ذلك عندنا أن الله جل ثناؤه أخبر عباده أن آدم وزوجه أكلا من الشجرة التي نهاهما ربهما عن الأكل منها ، فأتيا الخطيئة التي نهاهما عن إتيانها بأكلهما ما أكلا منها ، بعد أن بين الله جل ثناؤه لهما عين الشجرة التي نهاهما عن الأكل منها ، وأشار لهما إليها بقوله :? وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ? ، ولم يضع الله جل ثناؤه لعباده المخاطبين بالقرآن ، دلالةً على أي أشجار الجنة كان نهيه آدم أن يقربها ، بنص عليها باسمها ، ولا بدلالة عليها . ولو كان لله في العلم بأى ذلك من أي رضا ، لم يخل عباده من نصب دلالة لهم عليها يصلون بها إلى معرفة عينها ، ليطيعوه بعلمهم بها ، كما فعل ذلك في كل ما بالعلم به له رضا .(2/395)
فالصواب في ذلك أن يقال : إن الله جل ثناؤه نهى آدم وزوجته عن أكل شجرة بعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها ، فخالفا إلى ما نهاهما الله عنه ، فأكلا منها كما وصفهما الله جل ثناؤه به ولا علم عندنا بأى شجرة كانت على التعيين ، لأن الله لم يضع لعباده دليلا على ذلك في القرآن ، ولا في السنة الصحيحة . فأنى يأتى ذلك ؟ وقد قيل : كانت شجرة البر ، وقيل : كانت شجرة العنب وقيل : كانت شجرة التين ، وجائز أن تكون واحدة منها ، وذلك علم ، إذا علم لم ينفع العالم به علمه ، وإن جهله جاهل لم يضره جهله به " ا . هـ .
هذا كلام الطبري وهو يؤكد ما ذكره في منهجه .
وهذا يتصل بوجهين من أوجه التأويل الثلاثة التي ذكرها ، وهما :
الوجه الأول : الذي لا سبيل إلى الوصول إليه .
والثاني : الذي لا يعلم إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم .
أما الوجه الثالث ، وهو ما كان علمه عند أهل اللسان ، فيتضح في تفسيره السابق للآية الأخيرة من فاتحة الكتاب عندما تحدث عما يتصل بمحذوف وهو تمام الخبر عن النعمة التي أنعمها عليهم ، حيث أشار إلى اجتزاء العرب في منطقها ببعض من بعض ، واستدل ببيتين ، ثم قال :
والشواهد على ذلك من شعر العرب وكلامها أكثر من أن تحصى .
ويتضح أيضاً في بيانه لقراءة " غير " ، وذكره للخلاف بين أهل البصرة وبعض نحويى الكوفة في القول بإلغاء " لا " .
ومما يسترعى الانتباه أنه بعد أن ذكر جواز نصب كلمة " غير " ، رفض القراءة بالنصب قائلا :
" وإن كنت للقراءة بها كارها لشذوذها عن قراءة القراء . وإن ما شذ من القراءات عما جاءت به الأمة نقلا ظاهرا مستفيضا ، فرأى للحق مخالف ، وعن سبيل الله وسبيل رسوله صلى الله عليه وسلم متجانف . وإن كان له ـ لو كان جائزا القراءة به ـ في الصواب مخرج ´(2/396)
وقول الطبري يؤيد التزامه بالقيد الذي ذكره في هذا الوجه الثالث ، حيث اشترط لقبول التأويل ألا يخرج عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة ، والخلف من التابعين وعلماء الأمة .
ويؤيد هذا أيضا قوله في تأويل قول الله( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ ( (1044[92]) .
حيث قال : قوله تعالى : ( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ( يأتيه الرفع من وجهين ، والنصب من وجهين .
وبعد أن بين الأوجه الأربعة قال : " والقراءة التي هي القراءة ، الرفع دون النصب ، لأنه ليس لأحد خلاف رسوم مصاحف المسلمين . وإذا قرئ نصبا كانت قراءة مخالفة رسم مصاحفهم " (1045[93]) .
ونرى الطبري قبيل الانتهاء من تفسير آخر الفاتحة يرد على القدرية ، ثم نراه بعد هذا يقول : " مسألة يسأل عنها أهل الإلحاد الطاعنون في القرآن " ، ويذكر المسألة ، ويرد على هؤلاء الطاعنين .
ويختم الطبري تفسير فاتحة الكتاب بذكر بعض الأخبار في فضلها . وهى أخبار صحيحة الإسناد .
ولعل هذا يرينا ما أراده من أن يكون تفسيره مستوعبا لكل ما بالناس إليه الحاجة ، جامعا يكفى عن سائر الكتب غيره . ويبين ما نقلناه من قبل في فضل هذا الكتاب القيم ، وقيمته العلمية .
موقف الطبري من الإسرائيليات :
وقبل أن نختم هذه الكلمة الموجزة عن تفسير الطبري نريد أن نعرف موقفه من الإسرائيليات .
ولعل أحسن ما نثبته هنا هو ما قاله أستاذنا العلامة الشيخ محمود محمد شاكر- رحمه الله ، الذي قضى سنوات من عمره المبارك في تحقيق هذا الكتاب . فبعد أن وصل أستاذنا مع الطبري إلى الآية الثلاثين من سورة البقرة ، وانتهى من قول الطبري في تأويل قوله تعالى " خليفة " ، والأخبار التي ذكرها في هذا التأويل كتب أستاذنا الكلمة التالية:
" تذكرة "(2/397)
تبين لي مما راجعته من كلام الطبري ، أن استدلال الطبري بهذه الآثار التي يرويها بأسانيدها ، لا يراد به إلا تحقيق معنى لفظ ، أو بيان سياق عبارة . فهو قد ساق هنا الآثار التي رواها بإسنادها ليدل على معنى " الخلافة " ، و " الخليفة " ، وكيف اختلف المفسرون من الأولين في معنى " الخليفة " . وجعل استدلاله بهذه الآثار ، كاستدلال المستدل بالشعر على معنى لفظ في كتاب الله . وهذا بين في الفقرة التالية للأثر رقم : 605 ، إذ ذكر ما روى عن ابن مسعود وابن عباس ، وما روى عن الحسن في بيان معنى " الخليفة " ، واستظهر ما يدل عليه كلام كل منهم . ومن أجل هذا الاستدلال ، لم يبال بما في الإسناد من وهن لا يرتضيه . ودليل ذلك أن الطبري نفسه قال في إسناد الأثر : 465 عن ابن مسعود وابن عباس، فيما مضى ص : 353 " فإن كان ذلك صحيحا ، ولست أعلمه صحيحا ، إذ كنت بإسناده مرتابا ... " ، فهو مع ارتيابه في هذا الإسناد ، قد ساق الأثر للدلالة على معنى اللفظ وحده ، فيما فهمه ابن مسعود وابن عباس ـ إن صح عنهما ـ أو ما فهمه الرواه الأقدمون من معناه . وهذا مذهب لا بأس به في الاستدلال . ومثله أيضا ما يسوقه من الأخبار والآثار التي لا يشك في ضعفها ، أو في كونها من الإسرائيليات ، فهو لم يسقها لتكون مهيمنة على تفسير أي التنزيل الكريم ، بل يسوق الطويل الطويل ، لبيان معنى لفظ ، أو سياق حادثة ، وإن كان الأثر نفسه مما لا تقوم به الحجة في الدين ، ولا في التفسير التام لآى كتاب الله .(2/398)
فاستدلال الطبري بما ينكره المنكرون ، لم يكن إلا استظهارا للمعانى التي تدل عليها ألفاظ هذا الكتاب الكريم ، كما يستظهر بالشعر على معانيها . فهو إذن استدلال يكاد يكون لغويا . ولما لم يكن مستنكرا أن يستدل بالشعر الذي كذب قائله، ما صحت لغته ؛ فليس بمستنكر أن تساق الآثار التي يرتضيها أهل الحديث ، والتى لا تقوم بها الحجة في الدين ، للدلالة على المعنى المفهوم من صريح لفظ القرآن ، وكيف فهمه الأوائل ـ سواء كانوا من الصحابة أو من دونهم .
وأرجو أن تكون هذه تذكرة تنفع قارىء كتاب الطبري ، إذا ما انتهى إلى شىء مما عده أهل علم الحديث من الغريب والمنكر . ولم يقصر أخى السيد أحمد شاكر في بيان درجة رجال الطبري عند أهل العلم بالرجال ، وفى هذا مقنع لمن أراد أن يعرف علم الأقدمين على وجهه ، والحمد لله أولا وآخرا . " 1 / 453 ، 454 " . ا . هـ .
وفى الآية الكريمة ذاتها عند قول الطبري في تأويل قوله جل ثناؤه خبرا عن ملائكته : ( قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء ( .
ذكر الطبري خبراً فيه كثير من الإسرائيليات (1046[94]) ، ثم نقده ، فعقب أستاذنا بقوله : نقد الطبري دال أيضا على ما ذهبنا إليه من الاستدلال بالآثار كاستدلال المستدل بالشعر . وأنت تراه ينقض هذا الخبر نقضا ، ويبين الخطأ في سياقه ، وتناقضه في معناه . وهذا بين إن شاء الله (1047[95]) .
ثم قال الطبري : " وأخشى أن يكون بعض نقلة هذا الخبر هو الذي غلط على من رواه عنه من الصحابة " وبين الطبري بعد هذا تأويل الخبر ، ثم قال :
" وهذا الذي ذكرنا هو صفة منا لتأويل الخبر ، لا القول الذي نختاره في تأويل الآية " فعقب أستاذنا أيضا بقوله :(2/399)
" وهذا أيضا دليل واضح على أن استدلال الطبري بالأخبار والآثار ، ليس معناه أنه ارتضاها ، بل معناه أنه أتى بها ليستدل على سياق تفسير الآية مرة ، وعلى بيان فساد الأخبار أنفسها مرة أخرى ؛ وقد أخطأ كثير ممن نقل عن الطبري في فهم مراده وتحامل عليه آخرون لم يعرفوا مذهبه في هذا التفسير "(1048[96]) .
ومما يؤيد ما ذكره أستاذنا الشيخ شاكر ما يأتى :
في تأويل قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا ( (1049[97])، نرى الطبري يذكر أخبارا ، ولكنه لا يأخذ بها (1050[98]) .
وفى تأويل قوله عز وجل( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا ( (1051[99]) ، نرى الطبري في ذكره للمراد بالأمانة يثبت أخبارا مختلفة، ثم يأخذ بغير الإسرائيليات (1052[100]) .
ومثل هذا ما ذكرناه من قبل عند بيان منهجه في قبول الأخبار أو رفضها.
ومع هذا كله نراه أحيانا يذكر الإسرائيليات ولا يرفضها ، مثل الإسرائيليات التي ذكرها عند تأويل قول الحق تبارك وتعالى( وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَينَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدً اً ( (1053[101]) .
ويمكن أن يقال هنا ما قلناه عند الحديث عن زواج الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأخذ الطبري بأخبار لا تصح .
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب .
******
كتب التفسير بعد الطبري
لا يتسع المجال للحديث عن كتب التفسير المختلفة بعد الطبري ، فإن هذا يطول كثيراً . ويكفى أننا عرفنا ما يتصل بالتفسير منذ النشأة في عصر الرسالة لآخر القرن الثالث الهجرى ، ورأينا أحسن طرق التفسير وما يقبل وما يرفض من التفسير المأثور والتفسير العقلى .
وهذا الجزء إنما ألف أساساً في مجال التفسير المقارن بين الجمهور ، وهم أهل السنة والجماعة ، وبين الشيعة الجعفرية الاثنى عشرية .(2/400)
وما سبق من دراسة يبين أصول التفسير ، والاتجاهات المختلفة إلى حد كبير. والتفسير بعد هذه القرون يمكن وضع الضوابط لقبوله أو رفضه في ضوء ما سبق من هذه الدراسة .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية : أي التفاسير أقرب إلى الكتاب والسنة ؟ الزمخشرى أم القرطبى ؟ أم البغوى ؟ أو غير هؤلاء ؟ فأجاب : الحمد لله ...
أما التفاسير التي في أيدى الناس فأصحها " تفسير محمد بن جرير الطبري " فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة ، وليس فيه بدعة ، ولا ينقل عن المتهمين، كمقاتل بن بكير والكلبى .
والتفاسير غير المأثورة بالأسانيد كثيرة ، كتفسير عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، ووكيع ، وابن أبى قتيبة ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه .
وأما التفاسير الثلاثة المسئول عنها فاسلمها من البدعة والأحاديث الضعيفة " البغوى " لكنه مختصر من " تفسير الثعلبى " ، وحذف منه الأحاديث الموضوعة ، والبدع التي فيه ، وحذف أشياء غير ذلك .
وأما " الواحدى " فإنه تلميذ الثعلبى ، وهو أخبر منه بالعربية ، لكن الثعلبى فيه سلامة من البدع وإن ذكرها تقليداً لغيره . وتفسيرة و" تفسير الواحدى : البسيط والوسيط والوجيز " فيها فوائد جليلة ، وفيها غث كثير من المنقولات الباطلة وغيرها .
وأما " الزمخشرى " فتفسيرة محشو بالبدعة ، وعلى طريقة المعتزلة ... وأصولهم خمسة ... وهذه الأصول حشا بها كتابه بعبارة لا يهتدى أكثر الناس إليها ولا لمقاصده فيها ، مع ما فيه من الأحاديث الموضوعة ، ومن قلة النقل عن الصحابة والتابعين .
و " تفسير القرطبى " خير منه بكثير ، وأقرب إلى طريقة أهل الكتاب والسنة، وأبعد عن البدعة ، وإن كان كل من هذه الكتب لابد أن يشتمل على ما ينقد ، لكن يجب العدل بينها ، وإعطاء كل ذى حق حقه .(2/401)
و " تفسير ابن عطية " . خير من تفسير الزمخشرى ، وأصح نقلاً وبحثاً ، وأبعد عن البدع ، وإن اشتمل على بعضها ، بل هو خير منه بكثير ، بل لعله أرجح هذه التفاسير ، لكن تفسير ابن جرير أصح من هذه كلها .
وثم تفاسير كثيرة جداً ، كتفسير ابن الجوزى ، والماوردى " (1054[102]) . ا . هـ.
من هذا نرى شيخ الإسلام وهو يعطى صورة مجملة للتفاسير ، يذكر في البداية ، ثم يؤكد في النهاية أن أصحها تفسير الطبري .
أما ابن عطية ، الذي اثنى ابن تيمية على تفسيرة ، فإنا نجده يشير إلى تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعدد من الصحابة والتابعين تحت " باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن ، والجرأة عليه ، ومراتب المفسرين " ، ثم يقول : " ثم حمل تفسير كتاب الله تعالى عدول كل خلف ، وألف الناس فيه : كعبد الرزاق ، والمفضل ، وعلى بن أبى طلحة ، والبخارى ، وغيرهم .
ثم إن محمد بن جرير الطبري رحمه الله جمع على الناس أشتات التفسير ، وقرب البعيد ، وشفا في الإسناد " (1055[103]) .
وابن الجوزى في تفسيره نقل عن مصادر " في طليعتها تفسير ابن جرير ، وكتب الحديث ، وكتابا ابن قتيبة : مشكل القرآن ، وغريب القرآن ، وكتب معاني القرآن ، ولا سيما كتابا الفراء والزجاج ، والحجة : لأبى على الفارسى ، ومجاز القرآن : لأبى عبيدة ، وكتب ابن الأنبارى في القرآن ، وأسماء الله الحسنى : للخطابى ، وغيرها " (1056[104]) .
ومعنى هذا أن ما صح من تفسير مأثور عند ابن الجوزى فهو مستمد من مصدرين رئيسين ، هما : تفسير الطبري ، وكتب الحديث .
ولم يخل تفسيره من الاستشهاد ببعض الأحاديث المنكرة التي لا تصح ... إلخ " (1057[105]) .
والماوردى في تفسيره يذكر الأخبار دون ذكر الأسانيد ، ومثله ابن عطية وابن الجوزى ، ولذلك وجدت من حقق هذه التفاسير الثلاثة حاولواتخريج هذه الأخبار (1058[106]) .(2/402)
والذين سبقوا هؤلاء ، كالسمرقندى والثعلبى ، الأخبار في تفسيرهم غير مسندة . والبغوى الذي اختصر تفسير الثعلبى لم يذكر الأسانيد أيضاً (1059[107]).والخبر إنما يكون حجة إذا كان مسنداً صحيحاً .
وأهم كتاب في التفسير بعد الطبري هو تفسير الحافظ ابن كثير ، ومنهجه في التفسير هو منهج شيخه ابن تيمية . وينقل عن شيخ المفسرين ابن جرير ، وعن كتب السنة ، غير أنه لا يكتفى بالنقل ، بل يبين الصحيح وغيره وما يقبل وما يرفض ويحذر من الإسرائيليات وينبه عليها . وهو من أكثر الكتب فائدة وانتشاراً .
والسيوطى في كتابه : الدر المنثور في التفسير بالمأثور ، يكتفى بنقل الأخبار، ونسبتها لأصحابها ، دون تمييز بين غث وسمين . والتفسير النقلى الذي يعتبر حجة ، وحاكماً للتفسير العقلى ، يمكن القول بأنه بعد شيخ المفسرين إلى عصرنا يستمد من رافدين رئيسين ، هما : كتب السنة ، وتفسير الطبري . لذا رأيت أن أقف عنده لأنتقل للقسم الثاني من الكتاب ، وهو بيان التفسير عند الشيعة الجعفرية الاثنى عشرية ، والله المستعان ، وهو نعم المولى ونعم النصير. تحدثت في الجزء السابق عن عقيدة الإمامة عند الشيعة الاثنى عشرية ، رأيناهم يجعلون الإمام كالنبى صلى الله عليه وسلم في عصمته وصفاته وعلمه ، ويرون أن الإمامة كالنبوة في كل شئ باستثناء الوحى عند جمهورهم ؛ حيث يقولون بأن الأئمة لا يوحى إليهم كالنبى صلى الله عليه وسلم ، وإنما يقوم الإلهام مقام الوحى في عصمة الإمام وعدم خطئه ، وذهب بعضهم إلى أن أحد الملائكة كان يلازم الرسول صلى الله عليه وسلم ، ليسدده ويرشده ويعلمه ، فلما انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ظل الملك بعده ، ولم يصعد ليؤدى الوظيفة نفسها مع الأئمة . ومع هذا الخلاف في القول بالوحى ، غير انهم لم يختلفوا في القول بعصمة الأئمة .(2/403)
وبمراجعة التفسير عندهم ، أصوله وكتبه ، رأيت أن عقيدتهم في الإمامة كان لها أكبر الأثر في وضع الأصول ، وفى تناولهم لكتاب الله تعالى ، ولعل بيان هذا الأثر كاف شاف في مجال التفسير المقارن بين السنة والشيعة ، فحيث لا يوجد أثر لعقيدتهم في الإمامة يصبح تفسيرهم كتفسير غيرهم ، وبقدر وجود هذا الأثر بقدر افتراقهم عمن سواهم .
والشيعة الاثنا عشرية ليسوا سواء ، فمنهم من ينهج منهجا فيه شىء من الاعتدال والابتعاد عن الغلو ، وصيانة كتاب الله المجيد ، ومنهم الغالى المفترى الكذاب ، الذي حاول أن يؤيد عقيدته في الإمامة بتحريف كتاب الله تعالى نصاً ومعنى ، وجعل القرآن العظيم كأى كتاب من كتب الفرق الضالة المضلة .
وفى هذا القسم الثاني من الجزء الثاني ننتقل للحديث عن التفسير وأصوله عند الشيعة : فنبين أولاً أصول التفسير عندهم ببيان دور الإمام بالنسبة للقرآن المجيد ، ثم ننتقل للدراسة التطبيقية ، فننظر في كتب التفسير عندهم . وما دام الشيعة ليسوا سواء فإن الدراسة تشمل الكتب التي تمثل الاتجاهات المختلفة ، ونبدؤها بدراسة ثلاثة كتب ظهرت في القرن الثالث الهجرى تعتبر مصادرهم الرئيسة للتفسير المأثور ، وإن كانت كلها تمثل أقصى درجة في الغلو والتطرف ، والضلال والتضليل . ونتبع هذه الثلاثة نماذج من الكتب الأخرى التي تبين اتجاهات التفسير بعد القرن الثالث إلى العصر الحديث .
واستكمالاً للبيان والتوضيح رجعت إلى كتاب " الذريعة إلى تصانيف الشيعة "، فوجدت عشرات الكتب التي يدل العنوان نفسه على غلو المؤلف وضلاله ، وكتباً أخرى يظهر فيها هذا الأثر عندما يتحدث عنها صاحب كتاب الذريعة ، فرأيت أن أثبت شيئاً مما جاء في كتاب الذريعة هذا .
فالقسم الثاني إذن يبين أصول التفسير الشيعى ، ويقدم دراسة لبعض كتبهم، وهى ستة عشر كتاباً من القرن الثالث إلى العصر الحديث ، ثم نشير إلى عشرات الكتب التي تبين تأثر أصحابها بعقيدة الإمامة .(2/404)
فإذا ضممنا هذا القسم إلى القسم الأول اتضحت الصورة في مجال التفسير المقارن ، والله عزوجل هو المستعان .
القرآن الصامت والقرآن الناطق
الإمام كالنبي :
ذكرنا من قبل قول الجعفرية بأن الإمام كالنبى في عصمته وصفاته وعلمه،ولذلك فهم يشيرون إلى القرآن الكريم والإمام بقولهم : ذلك القرآن الصامت وهذا القرآن الناطق ، فالإمام هو ـ في رأيهم ـ القرآن الناطق (1060[108]) ، ودوره بالنسبة للقرآن الصامت كدور النبي صلى الله عليه وسلم سواء بسواء .
مذهب الإخباريين :
وما دام القرآن الكريم صامتاً فلابد من الرجوع إلى القرآن الناطق حتى يوضح مراد الله تعالى ، ولهذا قال الإخباريون من الجعفرية (1061[109]) : لا يجوز العمل
بظاهر القرآن الكريم !! وقال جمهور الجعفرية ـ وهم الأصوليون ـ بحجية الظواهر ولكنهم قالوا : لا يجوز الاستقلال في العمل في بظاهر الكتاب بلا مراجعة الأخبار الواردة عن الأئمة . 1062[110]
قول الأصوليين :
وناقش الأصوليون الإخباريين فيما ذهبوا إليه : قال صاحب فوائد الأصول بعد أن بين حجية الظواهر :
" نسب إلى الإخباريين عدم جواز العمل بظاهر الكتاب العزيز ، واستدلوا على ذلك بوجهين ، الأول : العلم الإجمالى بتقييد وتخصيص كثير من المطلقات والعمومات الكتابية ، والعلم الإجمالى كما يمنع عن جريان الأصول العملية ، يمنع عن جريان الأصول اللفظية من أصالة العموم والإطلاق التي عليها مبنى الظهورات . الثاني : الأخبار الناهية عن العمل بالكتاب .(2/405)
ولا يخفى ما في كلا الوجهين ، أما الأول فلأن العلم الإجمالى ينحل بالفحص عن تلك المقيدات والمخصصات ، والعثور على مقدار منها يمكن انطباق المعلوم بالإجمال عليها ... وأما الثاني فلأن الأخبار الناهية عن العمل بالكتاب وإن كانت مستفيضة ، بل متواترة ، إلا أنها على كثرتها بين طائفتين : طائفة تدل على المنع عن تفسير القرآن بالرأى والاستحسانات الظنية ، وطائفة تدل على المنع عن الاستقلال في العمل بظاهر الكتاب من دون مراجعة أهل البيت الذين نزل الكتاب في بيتهم صلوات الله عليهم ، ولا يخفى أن مفاد كل من الطائفتين أجنبى عما يدعيه الإخباريون " (1063[111]) .
فالإخباريون يمنعون العمل بظاهر الكتاب ، والأصوليون يمنعونه كذلك إلاَّ بعد الرجوع إلى أقوال الأئمة ، ويندرج تحت هذا الظاهر مثل العام والمطلق وغيرهما مما هو ظاهر في معنى ومحتمل لمعنى آخر ، فالعام ظاهر في العموم مع احتمال التخصيص ، والمطلق ظاهر في الإطلاق مع احتمال التقييد (1064[112]) فيرون إذن وجوب الرجوع إلى الأئمة وما روى عنهم بمعرفة مراد الله عزوجل.
قال أحد علمائهم المعاصرين (1065[113]) : " لا يجوز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص " ، ويوضح هذا بقوله : " لا شك في أن بعض عمومات القرآن الكريم والسنة الشريفة لها مخصصات منفصلة شرحت المقصود من تلك العمومات ، وهذا معلوم من طريقة صاحب الشريعة ، والأئمة الأطهار ـ عليهم الصلاة والسلام . حتى قيل ما من عام إلا وقد خص . ولذا ورد عن أئمتنا ذم من استبدوا برأيهم في الأحكام ، لأن في الكتاب المجيد والسنة عاماً وخاصاً ، ومطلقاً ومقيداً ، وهذه الأمور لا تعرف إلا من طريق آل البيت ، وصاحب البيت أدرى بالذى فيه .(2/406)
وهذا ما أوجب التوقف في التسرع بالأخذ بعموم العام قبل الفحص ، واليأس من وجود المخصص ، لجواز أن يكون هذا العام من العمومات التي لها مخصص موجود في السنة أو الكتاب لم يطلع عليه من وصل إليه العام . وقد نقل عدم الخلاف بل الإجماع على عدم جواز الأخذ بالعام قبل الفحص واليأس ". ا. هـ .
والسنة ـ عند الجعفرية تتسع لتشمل أقوال أئمتهم ، وهم مجمعون على الأخذ بما ورد من كلام الأئمة مخصصا لكثير من عمومات القرآن الكريم ، ومقيداً لكثير من مطلقاته ، وما قام قرينة على صرف جملة من ظواهره ، ويعتبرون هذا من الأمور القطعية التي لا يشك فيها أحد (1066[114]) . ولكن المخصصات التي ترد عن الأئمة أتعتبر من باب النسخ أم التخصيص ؟ خلاف وقع بين الجعفرية !
النسخ بعد عصر النبوة :
1 ـ فمنهم من ذهب إلى أن المخصصات ناسخة لحكم العمومات ، لأن العام لما ورد وصل وقت العمل به بحسب الغرض ، فتأخير الخاص عن وقت العمل لو كان مخصصاً ومبيناً لعموم العام يكون من باب تأخير البيان عن وقت الحاجة . وهو قبيح من الحكيم ، لأن فيه إضاعة للأحكام ولمصالح العباد بلا مبرر . فوجب أن يكون ناسخا للعام ، والعام باق على عمومه يجب العمل به إلى حين ورود الخاص ، فيجب العمل ثانيا على طبق الخاص (1067[115]) .
وكيف يمكن النسخ بعد عصر النبوة وانقطاع الوحى ؟
قيل " إن إنقطاع الوحى لا يلازم عدم تحقق النسخ بعده صلى الله عليه وسلم لأنه يمكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد أودع الحكم الناسخ إلى الوصي ، وأودع الوصي إلى وصى آخر إلى أن يصل زمان ظهوره وتبليغه . وقد وردت أخبار عديدة في تفويض دين الله تعالى إلى الأئمة ، وعقد في الكافى باب في ذلك ، وبعد هذا لا يصغى إلى شبهة عدم إمكان تحقق النسخ بعد النبي صلى الله عليه وسلم " (1068[116]) .(2/407)
ومن المعلوم أن حلآل محمد صلى الله عليه وسلم حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه صلى الله عليه وسلم حرام إلى يوم القيامة ، وهم يروون هذا أيضا عن أئمتهم ، فأنى يتحقق النسخ ؟
يقول السيد أبو القاسم الخوئى ـ مرجعهم السابق بالعراق : " الظاهر منه ـ أي من الخبر ـ عرفاً بيان استمرار الشريعة المقدسة ، وأنها لا تنسخ بشريعة أخرى ، فالمراد منه أن كل ما يكون إلى يوم القيامة متصفاً بالحلية أو الحرمة فهو حلال محمد صلى الله عليه وسلم أو حرامه ، فأحكامه صلى الله عليه وسلم مستمرة إلى يوم القيامة ، ولا تنسخ بشريعة أخرى " (1069[117]) .
التخصيص :
2 ـ ومن الجعفرية من جعل هذه المخصصات كاشفة عن اتصال كل عام بمخصصه ، فهى ليست تخصيصاً طارئاً بعد عصر النبوة ، وإنما اختفت تلك المخصصات المتصلة ووصلت إليهم المخصصات المنفصلة .
وقال الشيخ الطوسى : " لكثرة الدواعى إلى ضبط القرائن والمخصصات المتصلة ، واهتمام الرواة إلى حفظها ونقلها ، فمن المستحيل عادة أن تكون مخصصات متصلة بعد المخصصات المنفصلة وقد خفيت كلها علينا . وأجيب عن هذا بأنه لا وجه لهذه الاستحالة ، فإنا نرى أن كثيراً من المخصصات المنفصلة المروية من طرقنا عن الأئمة مروية عن العامة ـ أي جمهور المسلمين - بطرقهم عن النبي صلى الله عليه وسلم فيكشف ذلك عن اختفاء المخصصات المتصلة علينا " (1070[118]) .
كتمان الحكم تقية أو للتدرج :(2/408)
3 ـ ومن الجعفرية من ذهب إلى التخصيص كذلك ، ولكن على أساس أن هذه المخصصات " هي المخصصات حقيقة ، ولا يضر تأخرها عن وقت العمل بالعام ، لأن العمومات المتقدمة لم يكن مفادها الحكم الواقعى ، بل الحكم هو الذي تكفل المخصص المنفصل ببيانه . وإنما تأخر بيانه لمصلحة كانت هناك في التأخير، وإنما تقدم العموم ليعمل به ظاهراً إلى أن يرد المخصص ، فيكون مفاد العموم حكماً ظاهرياً ، ولا محذور في ذلك ، فإن المحذور إنما هو تأخر الخاص عن وقت العمل بالعام إذا كان مفاد العام حكماً واقعياً لا حكماً ظاهرياً " (1071[119]) .
ويوضح عالم آخر هذا الرأى فيقول : " العام يجوز أن يكون وارداً لبيان حكم ظاهرى صورى لمصلحة اقتضت كتمان الحكم الواقعى ، ولو لمصلحة التقية ، أو لمصلحة التدرج في بيان الأحكام كما هو معلوم من طريقة النبيصلى الله عليه وسلم في بيان أحكام الشريعة ، مع أن الحكم الواقعى التابع للمصالح الواقعية الثابتة للأشياء بعناوينها الأولية إنما هو على طبق الخاص . فإذا جاء الخاص يكون كاشفاً عن الحكم الواقعى ، فيكون مبيناً للعام ومخصصاً له ، وأما الحكم العام الذي ثبت أولاً ، ظاهراً وصورة ، إن كان قد ارتفع وانتهى أمره ، فإنه إنما ارتفع لارتفاع موضوعه، وليس هو من باب النسخ " (1072[120]) .
ثم يعقب على هذا بقوله : " وإذا جاز أن يكون العام وارداً على هذا النحو من بيان الحكم ظاهراً وصورة : فإن ثبت ذلك كان الخاص مخصصاً ، أي كان كاشفاً عن الواقع قطعاً . وإن ثبت أنه في حدود بيان الحكم الواقعى للمصالح الواقعية الثابتة للأشياء بعناوينها الأولية ، فلا شك في أنه يتعين كون الخاص ناسخاً له . وأما لو دار الأمر بينهما ، إذ لم يقم دليل على تعيين أحدهما ، فأيهما أرجح في الحمل ؟ فنقول الأقرب إلى الصواب هو الحمل على التخصيص " (1073[121]).
ومع هذا الترجيح فقد رأى غيره أن هذه الحالة لا يجوز حملها إلا على النسخ (1074[122]) .(2/409)
وكتمان الحكم الواقعى تقية هذا أمر غير معروف عن النبيصلى الله عليه وسلم وما أظن الشيعة يقولون به ، فما يجوز لمسلم أن يعتقده ، فلعلهم أرادوا التقية بالنسبة للأئمة ؛ بمعنى أن الإمام يكتم هذا الحكم ، لأنه لو أظهره خشى على نفسه وعلى شيعته ، ومن هنا تكون التقية . وهذا الرأى وإن كان غير مقبول أصلاً ، إلا أنه يتمشى مع عقيدة الجعفرية .
أما التدرج في بيان الأحكام الذي يعتقده الجعفرية فيوضحه عالمهم المشهور محمد الحسين آل كاشف الغطاء بقوله : " يعتقد الإمامية أن لله بحسب الشريعة الإسلامية من كل واقعة حكما حتى أرش الخدش ، وما من عمل من أعمال المكلفين من حركة أو سكون إلا ولله فيه حكم من الأحكام الخمسة : الوجوب ، والحرمة ، والندب ، والكراهة ، والإباحة .وما من معاملة على مال ، أو عقد نكاح ، ونحوها إلا وللشرع فيه حكم صحة أو فساد . وقد أودع الله سبحانه جميع تلك الأحكام عند نبيه خاتم الأنبياء ، وعرفها النبي بالوحى من الله أو الإلهام ، ثم إنه ـ سلام الله عليه ـ حسب وقوع الحوادث أو حدوث الوقائع أو حصول الابتلاء ، وتجدد الآثار والأطوار ، بين كثيرا منها للناس ، وبالأخص لأصحابه الحافين به ، الطائفين كل يوم بعرش حضوره ، ليكونوا هم المبلغين لسائر المسلمين في الآفاق ( لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ( (1075[123]) وبقيت أحكام كثيرة لم تحصل الدواعى والبواعث لبيانها ، إما لعدم الابتلاء بها في عصر النبوة ، أو لعدم اقتضاء المصلحة لنشرها .. والحاصل أن حكمة التدرج اقتضت بيان جملة من الأحكام ، وكتمان جملة ، ولكنه ـ سلام الله عليه ـ أودعها عند أوصيائه ، كل وصى يعهد به إلى الآخر لينشره في الوقت المناسب له حسب الحكمة من عام مخصص ، أو مطلق مقيد ، أو مجمل مبين ، إلى أمثال ذلك ، فقد يذكر النبي عاماً ويذكر مخصصه بعد برهة من حياته ، وقد لا يذكره أصلا ، بل يودعه عند وصيه(2/410)
إلى وقته " (1076[124]) .
من الواضح البين بعد هذا أن ما ذكره الجعفرية بالنسبة للقرآن الناطق- أي الإمام ـ أثر من آثار عقيدتهم في الإمامة ، فأقوالهم هنا لا تصح إلا بصحة عقيدتهم حتى يكون للإمام ما للنبى صلى الله عليه وسلم من البيان والتخصيص والتقييد ، بل النسخ، وحتى لا ينتهى التدرج بانقطاع الوحى وانتقال صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ، وإنما يبقى دور لمن جعلوهم شركاءه صلى الله عليه وسلم في الرسالة .
وما ذكره الشيعة هنا ليس مسألة نظرية ، وإنما يبين أصول التفسير ، والتشريع أيضاً ، وسنرى تطبيقاً عملياً لها في كتبهم التي تناولت بالدراسة كتاب الله تعالى ، وعند الحديث عن كتبهم سنرى ثلاثة كتب في التفسير ظهرت في القرن الثالث الهجري ، وأن هذه الكتب جعلت كتاب الله تعالى أشبه بكتاب من كتب الشيعة ، فأكثر الآيات خاصة بالأئمة وولايتهم ، وكفر من ينكر هذه الولاية ، إلى غير ذلك من الغلو والضلال كما سيتضح ، وسنرى هذا في عشرات من كتب التفسير الشيعى الأخرى .
والجعفرية لم يبدأوا التفكير في علم الأصول إلا في القرن الرابع الهجري ، ولم يدخل هذا العلم دور التصنيف والتأليف إلا في القرن الخامس (1077[125]). إذا عرفنا هذا أمكن القول بأن ما ذكره الشيعة هنا من علم الأصول إنما كان استنتاجاً من تلك الكتب الثلاثة ، أو تبريراً لها ، حيث إنها كانت تعتمد على روايات تزعم نسبتها للأئمة .
*****
الظاهر والباطن
حجية الظواهر :
ذكرنا آنفاً موقف الإخباريين من ظاهر القرآن الكريم ، ورد جمهور الجعفرية عليهم . فهم يرون حجية الظهور . قال مرجعهم السابق بالعراق عن حجية ظواهر القرآن :(2/411)
" لاشك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخترع لنفسه طريقة خاصة لإفهام مقاصده ، وأنه كلم قومه بما ألفوه من طرائق التفهيم والتكلم ، وأنه أتى بالقرآن ليفهموا معانيه ، وليتدبروا آياته ، فيأتمروا بأوامره ويزدجروا بزواجره ، وقد تكرر في الآيات الكريمة ما يدل على ذلك ، كقوله تعالى : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ( " 47 : 24 " (1078[126]) وقوله تعالى : ( وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( " 39 : 27 " .
وقوله تعالى : ( وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( " 26 / 192 " .
( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِين( " 193 : 194 " .
( بِلِسَانٍ عَرَبيٍّ مُّبِينٍ ( " 195 " . وقوله تعالى : ( هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ( " 3 : 138 " . وقوله تعالى : ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( " 44 : 58 " . وقوله تعالى : ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ( " 54 : 17 " . وقوله تعالى : ( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ( " 4 : 82 " . إلى غير ذلك من الآيات الداله على وجوب العمل بما في القرآن ، ولزوم الأخذ بما يفهم من ظواهره .(2/412)
ومما يدل على حجية ظواهر الكتاب ، وفهم العرب لمعانيه ، أن القرآن نزل حجة على الرسالة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد تحدى البشر على أن يأتوا ولو بسورة من مثله ، ومعنى هذا أن العرب كانت تفهم معاني القرآن من ظواهره ، ولو كان القرآن من قبيل الألغاز لم تصح مطالبتهم بمعارضته ، ولم يثبت لهم إعجازه ، لأنهم ليسوا ممن يستطيعون فهمه ، وهذا ينافى الغرض من إنزال القرآن ، ودعوة البشر إلى الإيمان به ... إلخ " (1079[127]) .
وقال عالم آخر عن حجية الظواهر (1080[128]) :
"هي أوضح من أن يطال فيها الحديث مادام البشر في جميع لغاته قد جرى على الأخذ بظواهر الكلام ، وترتيب آثارها ولوازمها عليها ، بل لو أمكن أن يتخلى عنها لما استقام له التفاهم بحال ، لأن ما كان نصاً في مدلوله مما ينتظم في كلامه لا يشكل إلا أقل القليل .
وبالضرورة أن عصر النبي صلى الله عليه وسلم ما كان بدعاً من العصور ، لينفرد به الناس في أساليب تفاهمهم بنوع خاص من التفاهم لا يعتمد الظهور ركيزة من ركائزه ، وما كان للنبى صلى الله عليه وسلم طريقة خاصة في التفاهم انفرد بها عن معاصريه ، وإلا لكانت أحدوثة التاريخ ، فالقطع بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لطريقتهم في التفاهم كاف في إثبات حجية الظواهر .
وقد نزل القرآن بلغة العرب ، وتبنى طريقتهم في عرض أفكاره ، وكان لكلامه ظاهر يفهمونه ويسيرون على وفقه " (1081[129]) .
اللجوء للتأويل تأييداً للعقيدة :(2/413)
ومع القول بحجية الظاهر ، إلا أنهم ـ كما رأينا من قبل ـ جعلوا للإمام ما للنبى صلى الله عليه وسلم من بيان المراد من قول الله تعالى ، وتخصيص عامه ، وتقييد مطلقه . وفى الجزء الأول وجدنا أنهم لما لم يجدوا من ظاهر القرآن الكريم ما يؤيد عقيدتهم لجئوا إلى التأويل ، وناقشناهم فيما ذهبوا إليه فلم نجد لهم دليلا يمكن الاحتجاج به . وإذا كانت العقيدة من أساسها ليس لها ما يؤيدها من كتاب الله تعالى فكيف بما يتبعها من عقائد وتفريعات ؟
الباطن :
والشيعة الاثنا عشرية لم يقفوا عند حد التأويل الذي أشرنا إليه ، فهم ينسبون للنبى صلى الله عليه وسلم وللأئمة أنهم قالوا : إن للقرآن ظهراً وبطناً ، ولبطنه بطنا إلى سبعة أبطن، أو إلى سبعين بطناً !(1082[130]) وهم لا ينفردون بالقول بأن للقرآن الكريم ظاهرا وباطنا ، فقد قيل به قديماً وحديثاً . قال أستاذنا الجليل المرحوم على حسب الله تحت عنوان ظاهر القرآن وباطنه : " إذا سمع المرء كلاماً عربياً تبادر إلى ذهنه ما يدل عليه الكلام بحسب وضعه العربى ، فإذا تدبره فقد يفهم منه مقاصد مطوية وأغراضاً خفية ، فالمتبادر الأول هو ظاهر الكلام ، ويكاد يدركه كل عارف باللغة. والمفهوم الثاني هو باطنه وهو لا يدرك إلا بشىء من التدبر . وللقرآن ظاهر وباطن بهذا المعنى ، وكلاهما مراد ، غير أن الثاني لا يعتد به إلا إذا لم يكن مناقضاً للأول ، وكان له شاهد من مقاصد الدين ومراميه " (1083[131]) .
والإمام الغزالى من قبل أفاض في الحديث عن الظاهر والباطن ، وقسم الباطن إلى خمسة أقسام :
القسم الأول : أن يكون الشىء في نفسه دقيقاً تكل أكثر الأفهام عن دركه ، فيختص بدركه الخواص .
القسم الثاني : من الخفيات التي يمتنع الأنبياء والصديقون عن ذكرها ، ما هو مفهوم في نفسه لا يكل الفهم عنه ، ولكن ذكره يضر بأكثر المستمعين ولا يضر بالأنبياء والصديقين .(2/414)
القسم الثالث : أن يكون الشىء بحيث لو ذكر صريحاً لفهم ولم يكن فيه ضرر، ولكن يكنى عنه على سبيل الاستعارة والرمز .
القسم الرابع : أن يدرك الإنسان الشىء جملة ثم يدركه تفصيلاً بالتحقيق والذوق .
القسم الخامس : أن يعبر بلسان المقال عن لسان الحال ، فالقاصر الفهم يقف على الظاهر ويعتقده نطقاً ، والبصير بالحقائق يدرك السر فيه (1084[132]) .
ثلث القرآن في الأئمة ! ! وثلثه في عدوهم ! ! :
فالجعفرية إذن لم ينفردوا بالقول بالباطن جملة ، ولكن أثر عقيدتهم في الإمامة ـ إلى جانب ما سبق ـ ظهر في التوسع في القول بالباطن إلى غير حد ، حتى أن بعضهم ـ كما سيأتى ـ اعتبر ثلث القرآن فيهم ، وثلثه في عدوهم ، وبعضهم جعل الربع لا الثلث ، وهؤلاء وأولئك نسبوا هذا الضلال للأئمة الأطهار افتراء عليهم ، حتى يضلوا غيرهم ، وبذلك أخضعوا كتاب الله تعالى لأهوائهم ، وحرفوه ليصبح أقرب ما يكون إلى كتاب من كتب الفرق ، ولم يفترقوا كثيراً عن الإسماعيلية الباطنية (1085[133]) .
وعند تناولنا لكتبهم سنرى أنهم مختلفون ، فمن ناشد للاعتدال نسبيا مقترب منه ، إلى راغب في الضلال هابط إلى الغلو . وقبل الحديث عن هذه الكتب نتحدث عن موضوع جد خطير ، حيث يتعلق بصيانة القرآن الكريم من النقص والتحريف.
القرآن الكريم والتحريف
لماذا قالوا بالتحريف ؟
بالرجوع إلى كتب الجعفرية نجد جدلاً حول التحريف بين معتدليهم نسبيا وغلاتهم ، ونتعرض لهذا الأمر بإيجاز قدر المستطاع قبل الحديث عن كتبهم بشىء من التفصيل :(2/415)
فمن المقطوع به عند جمهور المسلمين أنه ( لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ((1086[134]) وأن الله تعالى هو الذي تعهد بحفظ القرآن الكريم : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ((1087[135])، ولذا هيأ له ، وسيهيئ له من يحفظه إلى يوم القيامة . وقد كتب على عهد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، وجمع ما كتب عند الصديق ثم الفاروق، ثم كان المصحف الإمام الذي كتب في خلافة ذى النورين كما هو معلوم، فحفظ في السطور والصدور على مر القرون ، وكلما أصاب المسلمون تقدماً وجهوه قدر استطاعتهم لحفظ كتاب الله تعالى ، هذا ما نلمسه جميعا بغير خلاف .
والذين حاولوا هدم الإسلام وجهوا مردة شياطينهم للطعن في القرآن المجيد ، لكن هيهات ، فباءوا بمرارة الفشل ، وبغضب ممن علم القرآن . ولا عجب في مسلك هؤلاء الكفار ، ولكن العجب كل العجب أن نجد ممن ينتمى إلى الإسلام من يضل ضلال هؤلاء الكفار ! فغلاة الاثنى عشرية عز عليهم أن يخلو القرآن الكريم من نصوص ظاهرة صريحة تؤيد عقيدتهم في الإمامة ، فلم يكتفوا بالتأويلات الفاسدة كما سنرى ، بل أقدموا على جريمة مدبرة ، فطعنوا في الصحابة الأكرمين،
وعلى الأخص الخلفاء الراشدون الذين سبقوا الإمام علياً ، وأرادوا من هذا الطعن الافتراء عليهم بأنهم غير أمناء على تنفيذ الشريعة ونقلها ، وحفظ كتاب الله العزيز، ولذا انتهوا من هذا الطعن إلى أنهم اغتصبوا الخلافة ، وحرفوا القرآن الكريم حتى لا يفتضح أمرهم ، ولا يظهر حق على في الخلافة والأئمة من بعده ! !
كتاب فصل الخطاب :
ومن أشهر كتب هؤلاء الغلاة كتاب " فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب " ، قال مؤلفه حسين بن محمد تقى النورى الطبرسي (1088[136]) في ص 2 " هذا كتاب لطيف وسفر شريف ، عملته في إثبات تحريف القرآن ، وفضايح أهل الجور والعدوان " .(2/416)
وذكر روايات كثيرة تفيدالتحريف منها : " لما انتقل سيد البشر محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من دار الفناء ، وفعلا صنما قريش ما فعلا من غصب الخلافة الظاهرية ، جمع أمير المؤمنين عليه السلام القرآن كله ووضعه في إزار ، وأتى به إليهم وهم في المسجد ، فقال لهم : هذا كتاب الله سبحانه ، أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أعرضه عليكم لقيام الحجة عليكم يوم العرض بين يدى الله تعالى . فقال فرعون هذه الأمة ونمرودها : لسنا محتاجين إلى قرآنك .. فنادى ابن أبى قحافة بالمسلمين وقال لهم : كل من عنده قرآن من آية أو سورة فليأت بها ، فجاءه أبو عبيدة بن الجراح وعثمان ، وسعد بن أبى وقاص ، ومعاوية بن أبى سفيان ، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله ، وأبو سعيد الخدرى ، وحسان بن ثابت ، وجماعات المسلمين ، وجمعوا هذا القرآن ، أسقطوا ما كان فيه من المثالب التي صدرت عنهم بعد وفاة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، فلذا ترى الآيات غير مرتبطة !! والقرآن الذي جمعه أمير المؤمنين عليه السلام بخطه محفوظ عند صاحب الأمر عجل الله فرجه ، فيه كل شىء حتى أرش الخدش " (1089[137]) .
ومنها ما نسب للإمام الصادق " لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتمونا فيه مسمين " (1090[138]) .
سورة الولاية في كتاب دبستان المذاهب :
ونقل عن صاحب كتاب دبستان المذاهب قوله : " بعضهم يقولون إن عثمان أحرق المصاحف ، وأتلف السور التي كانت في فضل على وأهل بيته ، منها هذه السورة ? بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ?وذكر سورة كاملة مفتراة ، ثم عقب عليها بقوله : " ظاهر كلامه أنه أخذها من كتب الشيعة ، ولم أجد لها أثراً فيها ، غير أن الشيخ محمد بن على بن شهر أشوب المازندرانى ذكر في كتاب المثالب ، على ما حكى عنه ، أنهم أسقطوا من القرآن تمام سورة الولاية ، ولعلها هذه السورة " (1091[139]) .(2/417)
هذه نماذج قليلة ذكرناها بنصها ، والكتاب كله يخبط في ظلام هذا الضلال ، ثم يفترى هذا على أهل البيت الأطهار ، فمن أولئك الغلاة المفترون ؟
من القائلون بالتحريف ؟
قال مؤلف الكتاب السابق : " وقوع التغيير والنقصان فيه هو مذهب الشيخ الجليل على بن إبراهيم القمي شيخ الكلينى ، في تفسيره صرح بذلك في أوله ، وملأ كتابه من أخباره ، مع التزامه في أوله بأن لا يذكر فيه إلا مشايخه وثقاته . ومذهب تلميذه ثقة الإسلام الكلينى رحمه الله على ما نسبه إليه جماعة لنقله الأخبار الكثيرة الصريحة في هذا المعنى في كتاب الحجة ، خصوصاً كتاب النكت والنتف من التنزيل ، وفى الروضة ، ومن غير تعرض لردها أو تأويلها (1092[140]) .
واستظهر المحقق السيد محسن الكاظمى في شرح الوافية مذهبه من الباب الذي عقده فيه وسماه " باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة عليهم السلام " ، فإن الظاهر من طريقته أنه إنما يعقد الباب لما يرتضيه . قلت : وهو كما ذكره ، فإن مذاهب القدماء تعلم غالباً من عناوين أبوابهم ، وبه صرح أيضاً العلامة المجلسى في مرآة العقول . وبهذا يعلم مذهب الثقة الجليل محمد بن الحسن الصفار في كتاب البصائر من الباب الذي له أيضاً فيه ، وعنوانه هكذا " باب في الأئمة أن عندهم لجميع القرآن الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، وهو أصرح في الدلالة مما في الكافى ، ومن باب " أن الأئمة محدثون " .(2/418)
وهذا المذهب صريح الثقة محمد بن إبراهيم النعمانى ، تلميذ الكلينى صاحب كتاب الغيبة المشهور ، في تفسيره الصغير الذي اقتصر فيه على ذكر الآيات وأقسامها ، وهو بمنزلة الشرح لمقدمة تفسير على بن إبراهيم ، وصريح الثقة الجليل سعيد بن عبد الله القمي في كتاب ناسخ القرآن ومنسوخه كما في المجلد التاسع عشر من البحار ، فإنه عقد فيه باباً ترجمته " باب التحريف في الآيات التي هي خلاف ما أنزل الله عزوجل مما رواه مشايخنا رحمة الله عليهم من العلماء من آل محمد " (1093[141]) .
واستمر المؤلف في ذكر القائلين بالتحريف (1094[142]) إلى أن قال : " ومن جميع ما ذكرناه ونقلناه بتتبعى القاصر ، يمكن دعوى الشهرة العظيمة بين المتقدمين ، وانحصار المخالف فيهم بأشخاص معينين يأتى ذكرهم . قال السيد المحدث الجزائرى في الأنوار ما معناه أن الأصحاب قد أطبقوا على صحة الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاماً ومادة وإعراباً والتصديق بها " (1095[143]) .
ثم قال : " ومن جميع ذلك ظهر فساد ما ذكره المحقق الكاظمى من انحصار القائل به في على بن إبراهيم والكلينى ، أو مع المفيد وبعض متأخرى المتأخرين " (1096[144]) .
ثم اتهم الصحابة ـ خير أمة أخرجت للناس ـ بالكفر والعناد والجبروت والغباء ، ليصل إلى أنهم ليسوا أهلاً لجمعه كما أنزل (1097[145]) .
وأكثر من ذكر الروايات كرواية الكلينى عن الإمام الصادق :
" إن القرآن الذي جاء به جبريل عليه إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشرألف آية " (1098[146]) .
وقال : " إن الأخبار الدالة على ذلك ـ أي التحريف ـ تزيد على ألفى حديث، وادعى لاستفاضتها جماعة كالمفيد والمحقق والداماد والعلامة المجلسى وغيرهم (1099[147]) .(2/419)
ثم قال : " واعلم أن تلك الأخبار منقولة من الكتب المعتبرة التي عليها معول أصحابنا في إثبات الأحكام الشرعية ، والآثار النبوية ، إلا كتاب القراءات لأحمد بن محمد السيارى ، فقد ضعفه أئمة الرجال ، فالواجب علينا ذكر بعض القرائن الدالة على جواز الاستناد لهذا الكتاب " (1100[148]) .
وقال أحد مفسرى الجعفرية (1101[149]) : " أما اعتقاد مشايخنا رحمهم الله في ذلك فالظاهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكلينى ـ طاب ثراه ـ أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن ، لأنه روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافى، ولم يتعرض لقدح فيها ، مع أنه ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه ، وكذلك أستاذه على بن إبراهيم القمي ، فإن تفسيره مملو منه ، وله علو فيه ، وكذلك الشيخ أحمد بن أبى طالب الطبرسي قدس سره ، فإنه أيضاً نسج على منوالهما في كتاب الاحتجاج " .
وقال أحد كتابهم المعاصرين في مقدمة كتبها لتفسير القمي : " هذا التفسير ، كغيره من التفاسير القديمة ، يشتمل على روايات مفادها أن المصحف الذي بين أيدينا لم يسلم من التحريف والتغيير ، وجوابه أنه لم ينفرد المصنف بذكرها ، بل وافقه فيه غيره من المحدثين المتقدمين والمتأخرين عامة وخاصة " (1102[150]) .
ثم ذكر القائلين بالتحريف فقال بأنهم " الكلينى والبرقى ، والعياشى والنعمانى، وفرات بن إبراهيم ، وأحمد بن أبى طالب الطبرسي صاحب الاحتجاج ، والمجلسى، والسيد الجزائرى ، والحر العاملى ، والعلامة الفتونى ، والسيد البحرانى ، وقد تمسكوا في إثبات مذهبهم بالآيات والروايات التي لا يمكن الإغماض عنها .
والذى يهون الخطب أن التحريف اللازم على قولهم يسير جداً مخصوص بآيات الولاية ، فهو غير مغير للأحكام ولا للمفهوم الجامع الذي هو روح القرآن ، فهو ليس بتحريف في الحقيقة ، فلا ينال لغير الشيعة أن يشنع عليهم من هذهالجهة " (1103[151]) .
معتدلو الشيعة يتصدون لحركة الغلاة :(2/420)
هذه حركة من حركات التشكيك والتضليل قام بها غلاة الشيعة الاثنى عشرية، وسنعود للحديث عن بعض هؤلاء الغلاة عند تناولنا لكتبهم ، ولكن المهم هنا هو أن المعتدلين - إلى حد ما - من إخواننا الجعفرية قد تصدوا لهذه الحركة قديماً وحديثاً، وكشفوا القناع عن هذا الباطل ، وفندوا مزاعم القائلين بالتحريف ، وبينوا أن ما ذكر من روايات منسوبة لأهل البيت ـ تمسك بها القائلون بالتحريف ـ منها ما يحتمل التأويل ولا يفيد وقوع التحريف ، والباقى يضرب به عرض الحائط . وأشهر من تصدى منهم لحركة التضليل في القديم محمد بن بابويه القمي ، الملقب بالصدوق صاحب كتاب " من لا يحضره الفقيه " ، أحد كتب الحديث الأربعة المعتمدة عند الجعفرية ، والسيد الشريف المرتضى ، وتلميذه الشيخ الطوسى : صاحب تفسير التبيان ، وصاحب كتابين من كتب الحديث الأربعة السابقة ، وشيخ مفسرى الجعفرية أبى على الفضل بن الحسن الطبرسي (1104[152]) .
ومما ذكره السيد المرتضى قوله : " القرآن معجزة النبوة ، ومأخذ العلوم الشرعية ، والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتى عرفوا كل شىء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد " (1105[153]) .(2/421)
وقال : " إن القرآن كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجموعاً مؤلفاً على ما هو عليه الآن ، واستدل على ذلك بأن القرآن كان يدرس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان حتى عين على جماعة من الصحابة في حفظهم له ، وأن كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم ويتلى عليه ، وأن جماعة من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وأبى بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم عدة ختمات ، وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعاً مرتباً غير مبتور ولا مبثوث ، وذكر أن من خالف في ذلك من الإمامية والحشوية لا يعتد بخلافهم ، فإن الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث نقلوا أخبارا ضعيفة ظنوا صحتها لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته " (1106[154]) .
وقال الشيخ الطوسى : " أما الكلام في زيادته ونقصانه فمما لا يليق به أيضاً، لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها ، والنقصان منه فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه ، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا ، وهو الذي نصره المرتضى ، وهو الظاهر في الروايات . غير أنه رويت روايات كثيرة ، من جهة الخاصة والعامة ، بنقصان كثير من أي القرآن ، ونقل شىء منه من موضع إلى موضع ، طريقها الآحاد التي لا توجب علماً ولا عملا ، والأولى الإعراض عنها ، وترك التشاغل بها ، لأنه يمكن تأويلها . ولو صحت لما كان ذلك طعنا على ما هو موجود بين الدفتين ، فإن ذلك معلوم صحته ، لا يعترضه أحد من الأمةولا يدفعه "(1107[155]) .
وقال الصدوق : " اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم هو ما بين الدفتين : وهو ما في أيدى الناس ، وليس بأكثر من ذلك ... ومن نسب إلينا أنا نقول أنه أكثر من ذلك فهو كاذب " (1108[156]) .(2/422)
هذا موقف المعتدلين نسبيا في القديم ، أما في الحديث فأكثر شيعة اليوم يتفقون في الظاهر مع جمهور المسلمين في أن القرآن الكريم هو ما بين الدفتين بلا زيادة أو نقصان ، ومن شذ برأيه منهم ، حتى كاد يخرج عن الإسلام ، فلا يعتد به، ولذا قال محمد الحسين آل كاشف الغطاء : يعتقد الشيعة الإمامية " أن الكتاب الموجود في أيدى المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله إليه ـ أي إلى محمد صلى الله عليه وسلم ـ للإعجاز والتحدى ، ولتعليم الأحكام ، وتمييز الحلال من الحرام ، وأنه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة ، وعلى هذا إجماعهم ، ومن ذهب منهم أو من غيرهم من فرق المسلمين إلى وجود نقص فيه أو تحريف فهو مخطئ بنص الكتاب العظيم ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ( ، والأخبار الواردة من طرقنا أو طرقهم الظاهرة في نقصة أو تحريفة ضعيفة شاذة ، وأخبار آحاد ، لا تفيد علماً ولا عملاً ، فإما أن تؤول بنحو من الاعتبار ، أو يضرب بها الجدار " (1109[157]) .(2/423)
وعندما خرج صاحب فصل الخطاب بكتابه تصدى له كثير من علماء الشيعة وسفهوا رأيه ، وبينوا خطأ ما جاء به جملة وتفصيلاً . منهم ـ على سبيل المثال ـ السيد أبو القاسم الخوئى مرجعهم السابق بالعراق (1110[158]) والشيخ محمد جواد البلاغى النجفى (1111[159]) والشيخ محمد تقى الحكيم (1112[160]) . فلسنا في حاجة إذن إلى ذكر شبهات الضالين ، وبيان بطلانها ، فقد تكفل إخواننا الجعفرية بهذا ، بل إن الإخباريين الذين يرون صحة جميع الأخبار الواردة عن أهل البيت ، ولذا ذهبوا إلى القول بالتحريف ، وجدنا منهم من ينكر هذا التحريف . قال مرجعهم السابق بالكويت : " مذهبنا ـ ومذهب كل مسلم ـ بأن القرآن الكريم المتداول بين أيدينا ليس فيه أي تحريف بزيادة أو نقصان ، وما ذكر في بعض الأحاديث بأن فيه تحريفاً ونقصاناً فهو مخالف لعقيدتنا في القرآن الذي هو الذكر المحفوظ ، والذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " (1113[161]) .
هذا اتجاه طيب ، وهداية مرجوة ، فلعل الله عزوجل يهدى باقى إخواننا الجعفرية الصراط المستقيم ، وإن كان هؤلاء الذين يمثلون جانب الاعتدال إلى حد ما في المذهب الجعفرى عز عليهم أن يكون الغلاة الضالون القائلون بالتحريف جعفريين ، ولذا حاولوا إبعاد هذه التهمة عمن له مكانة عالية بينهم ، وإلصاقها بجمهور المسلمين ! ومن المقطوع به أن جمهور المسلمين ليس منهم من يقول بالتحريف.
فلا نعرف أحداً من جمهور المسلمين يقول بأن الصحابة الكرام أسقطوا شيئاً من القرآن الكريم كما قال غلاة الجعفرية ، والجعفرية يدركون هذا تماماً ولذا حاولوا نسبة هذا الجرم الشنيع لغيرهم بقولهم بأن القول بنسخ التلاوة قول بالتحريف، ليصلوا من هذا إلى أن أكثر أهل السنة قائلون بالتحريف !(2/424)
ونسخ التلاوة يعنى أن آيات نزلت ، ثم أمر الله تعالى برفعها ، وقد أتى الله تعالى بمثلها أو بخير منها ( مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ( " 106 : البقرة " أي أن الشارع الحكيم هو الذي أمر بهذا الرفع. فهذا النسخ لو سلمنا بوجوده فإنه كما يقول أستاذنا الجليل المرحوم الدكتور مصطفى زيد " لا يعتبر مطعناً ولا شبه مطعن في القرآن الكريم الذي تكفل الله ـ عزوجل ـ بحفظه من التغيير والتبديل ، وهو الذي جمع بين دفتى المصحف ، ولا يعتبر مطعناً ولا شبه مطعن كذلك في الوحى الذي تنزل به جبريل على قلب محمد ، ما دام المرفوع منه قد رفع في عهد التنزيل ، ولم ترفع منه كلمة واحدة بعد أن انتقل الرسول صلى الله عليه وسلمـ إلى الرفيق الأعلى . " النسخ في القرآن الكريم 1 / 282 : 283 " .
فما بين الدفتين هو القرآن الكريم الذي أمرنا بتلاوته وتدبره ، وتنفيذ أحكامه ، بغير زيادة أو نقصان ، فكيف يقال بأن النسخ تحريف ؟
على أن الجعفرية الذين تصدوا لحركة التضليل في الماضى قائلون بهذا النسخ ، بل مدافعون عنه ، فكيف غاب هذا عن شيعة اليوم وهم يخلطون بين النسخ والتحريف ليصلوا إلى مأربهم !
ولنذكر مثلاً شيخ الطائفة الطوسى ، قال في تفسيره التبيان " 1 / 13 " : " لا يخلو النسخ في القرآن الكريم من أقسام ثلاثة ، أحدها : نسخ حكمه دون لفظه .. الثاني ما نسخ لفظه دون حكمه كآية الرجم ، فإن وجوب الرجم على المحصنة لا خلاف فيه ، والآية التي كانت متضمنه له منسوخة بلا خلاف وهى قوله ( والشيخ والشيخة إذا زنيا ) .. والثالث : ما نسخ لفظه وحكمه ، وذلك نحو ما رواه المخالفون عن عائشة أنه كان فيما أنزل الله عشر رضعات " .
وقال في موضع آخر " 1/ 394 " : " وقد أنكر قوم جواز نسخ القرآن ، وفيما ذكرناه دليل على بطلان قولهم ، وجاءت أخبار متظافرة بأنه كانت أشياء في القرآن نسخت تلاوتها ".(2/425)
والنوع الثالث لأن روايته عن المخالفين ـ أي غير الجعفرية ـ قال عنه الطوسى بأنه " مجوز وإن لم يقطع بأنه كان " ، أما النوع الثاني فإنه يؤيده برواية الشيخ والشيخة ، ويقول بأنها رواية مشهورة ، فهذه الرواية من روايات الجعفرية كذلك ، ورواها أيضا على بن إبراهيم القمي الذي ينسب رواياته إلى الإمامين الباقر والصادق " انظر تفسيره 2 / 95 ، وانظر كذلك مجمع البيان 1 / 180 ـ 181 لترى اتفاق الطبرسي مع الطوسى في النسخ " .
ولسنا بهذا نؤيد إمكان وقوع هذا النسخ أو عدم إمكانه ، ولكنا نبين لإخواننا الجعفرية أن شيخ طائفتهم الذي دافع عن القول بعدم التحريف ، دافع عن القول بنسخ التلاوة ، لأن النسخ من الشارع الحكيم والتحريف من البشر بعد عصر التنزيل ، فالنسخ والتحريف مختلفان تماماً ، فكيف إذن يغيب هذا عن مرجع الجعفرية السابق بالعراق فيقول : " غير خفى أن القول بنسخ التلاوة هو بعينه القول بالتحريف والإسقاط " " البيان ص 244 " ثم يستمر ليقول : " وعلى ذلك فيمكن أن يدعى أن القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنة ! لأنهم يقولون بجواز نسخ التلاوة " ثم يقول في ص 225 : " قد عرفت أن القول بعدم التحريف هو المشهور ، بل المتسالم عليه بين علماء الشيعة ومحققيهم ! " ويشير إلى ما ذكره الطبرسي في مجمع البيان " ج 1 ص 15 " من الاستدلال على بطلان القول بالتحريف . ولو استمر مرجع الجعفرية إلى ص 180 لوجد استدلال الطبرسي كذلك على نسخ التلاوة ! وما الرأى عند السيد فيمن ذكروا من الضالين القائلين بالتحريف ؟ أليسوا من علماء الشيعة ؟ أولا يعد أكثرهم عند الشيعة من المحققين ؟ كالقمى ، والعياشى ، والكلينى ، والنعمانى ، والمجلسى وغيرهم .(2/426)
أفلا يذكر السيد الخوئى ما ذهب إليه في كتابه معجم رجال الحديث " ج 1 ص 3 - 64 " من صحة تفسير على بن إبراهيم القمي ، شيخ الكلينى ، وأن روايات كتاب التفسير هذا " ثابتة وصادرة من المعصومين عليهم السلام ، وأنها انتهت إليه بوساطة المشايخ والثقات من الشيعة " ؟ أو لم يقرأ السيد تلك الروايات ليرى فيها النص على القول بتحريف القرآن الكريم ؟ وقد حكم هو بصحتها !
وإذا صدر هذا منه فماذا تنتظر من غيره ؟! (1114[162])
وبعد : فقد أوجزت هنا سائلاً الله تعالى ألا أكون تركت ما يجب ذكره ، أو ذكرت ما يجب تركه .
كتب التفسير الشيعي في القرن الثالث
ذكرت من قبل أن الجعفرية درجات بين الاعتدال النسبى والغلو فليسوا سواء، وإنا نرى لزاماً علينا الرجوع إلى كتبهم المختلفة لنرى إلى أي مدى أثرت عقيدة الإمامة عندهم في تناولهم لكتاب الله تعالى .
وعندما رجعت إلى الكثير من كتبهم وجدت أن القرن الثالث ظهر فيه ثلاثة كتب هي التفسير المنسوب للإمام العسكرى ـ إمامهم الحادى عشر ـ وتفسيرا العياشى ، والقمى ، وهذه الثلاثة تمثل جانب التطرف في المذهب الجعفرى .
ثم يأتى شيخ الطائفة الطوسى " المتوفى سنة 460 هـ " فيخرج كتابه التبيان الذي يمثل جانبا من الاعتدال ، ويليه الطبرسي شيخ مفسريهم . والجعفرية بعد هذا منهم من سلك أحد المسلكين ، ومنهم من جمع بينهما ، أو اقترب من أحدهما .
ونتحدث في هذا الفصل عن الكتب الثلاثة التي ظهرت في القرن الثالث ، ثم نتحدث عن باقى الكتب في الفصول الأخرى .
*****
الكتاب الأول
تفسير الحسن العسكرى
قصة إملاء الكتاب :
التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكرى يرويه أبو يعقوب يوسف بن محمد ابن زياد ، وأبو الحسن على بن محمد بن سيار (1115[163]) ، ويقولان : إن الإمام أملى عليهما هذا التفسير ، ويذكران قصة لهذا الإملاء (1116[164]). وهو تفسير لم يكمل ، وإنما يتناول الفاتحة وسورة البقرة إلى قبيل خاتمتها بأربع آيات .(2/427)
غلو وضلال :
وهو كتاب يبين عقيدة الإمامة ، وما يتصل بها عند غلاة الجعفرية ، ويخضع الآيات الكريمة لهذه العقيدة الفاسدة ، ذاكراً ما يأباه ديننا الحنيف ، وكل عقل سليم لم يمرضه الهوى والضلال . والكتاب مملوء بالافتراء على الله تعالى ، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى أهل البيت الأطهار . فالكتاب إذن ليس تفسيراً بالمعنى الصحيح ، وإنما هو كتاب من كتب الفرق الضالة ، ولنضرب لذلك الأمثال حتى يحكم القارىء بنفسه .
كفر من أنكر ولاية على :
جاء في تفسير قوله تعالى : ( والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ( " 4 : البقرة " .
قال الإمام : " قال الحسن بن على : من دفع فضل أمير المؤمنين على جميع من بعد النبي فقد كذب بالتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وسائر كتب الله المنزلة ، فإنه ما نزل شىء منها إلا وأهم ما فيه ـ بعد الأمر بتوحيد الله تعالى والإقرار بالنبوة ـ الاعتراف بولاية على والطيبين من آله .
ولقد حضر رجل عند على بن الحسين فقال له : ما تقول في رجل يؤمن بما أنزل الله على محمد ، وما أنزل على من قبله ، ويؤمن بالآخرة ، ويصلى ويزكى، ويصل الرحم ، ويعمل الصالحات ، ولكنه مع ذلك يقول ما أدرى الحق لعلى أو لفلان ، فقال له على بن الحسين : ما تقول أنت في رجل يفعل هذه الخيرات كلها إلا إنه يقول : لا أدرى : النبي محمد أو مسيلمة ؟ هل ينتفع بشىء من هذه الأفعال؟ فقال : لا . فقال : وكذلك قال صاحبك هذا ، كيف يكون مؤمنا بهذه الكتب من لا يدرى : أمحمد النبي أم مسيلمة الكذاب ؟ وكذلك (1117[165]) كيف يكون مؤمناً بهذه الكتب، أو منتفعا به ، من لا يدرى أعلى محق أم فلان " (1118[166]) .
شهادة البساط والسوط والحمار للوصى :(2/428)
وفى قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ? " 6 : البقرة " قال الإمام : " فلما ذكر هؤلاء المؤمنين ، ومدحهم بتوحيد الله وبنبوة محمد رسول الله ، ووصيه على ولى الله ، ذكر الكافرين المخالفين لهم في كفرهم فقال : إن الذين كفروا بما آمن به هؤلاء المؤمنون بتوحيد الله تعالى ، وبنبوة محمد رسول الله ، وبوصيه على ولى الله ، وبالأئمة الطاهرين الطيبين ، خيار عباده الميامين ، القوامين بمصالح خلق الله تعالى ، سواء عليهم ءأنذرتهم وخوفتهم أم لم تنذرهم ولو تخوفهم فهم لا يؤمنون . قال محمد بن على الباقر : إن رسول الله لما قدم المدينة ، وظهرت آثار صدقه ، وآيات حقه ، وبينات نبوته ، كادته اليهود أشد كيد : وقصدوه أقبح قصد ، يقصدون أنواره ليطمسوها ، وحججه ليبطلوها ، وكان ممن قصده للرد عليه وتكذيبه مالك بن الصيف ، وكعب بن الأشرف ، وحيى بن الأخطب ، وأبو ياسر بن الأخطب ، وأبو لبابة بن عبد المنذر ، وشيبة . فقال مالك لرسول الله : يا محمد تزعم أنك رسول الله ؟ قال رسول الله : كذلك قال الله خالق الخلق أجمعين . قال : يا محمد لن نؤمن أنك رسوله حتى يؤمن لك هذا البساط الذي تحتنا ، ولن نشهد لك أنك من الله جئتنا حتى يشهد لك هذا البساط . وقال أبو لبابة بن عبد المنذر : لن نؤمن لك يا محمد أنك رسول الله ، ولا نشهد لك به ، حتى يؤمن ويشهد لك به هذا السوط الذي في يدى . وقال كعب الأشرف : لن نؤمن لك أنك رسول الله ولن نصدقك به حتى يؤمن لك هذا الحمار الذي أركبه ، فقال رسول الله : إنه ليس للعباد الاقتراح على الله تعالى ، بل عليهم التسليم لله ، والانقياد لأمره ، والاكتفاء بما جعله كافيا . أما كفاكم أن أنطق التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم بنبوتى ، ودل على صدقى ، وبين فيها ذكر أخى ووصيى وخليفتى في أمتى ، وخير ما أتركه على الخلايق من بعدى ، على بن(2/429)
أبى طالب ؟
فلما فرغ رسول الله من كلامه هذا أنطق الله البساط فقال :أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،إلهاً واحداً أحداً صمداً قيوماً أبداً ، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً ، ولم يشرك في حكمه أحداً . وأشهد أنك يا محمد عبده ورسوله ، أرسلك بالهدى ودين الحق ليظهرك على الدين كله ولو كره المشركين . وأشهد أن على بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أخوك ووصيك ، وخليفتك في أمتك وخير من تركته على الخلايق بعدك ، إن من والاه فقد والاك ، ومن عاداه فقد عاداك ،ومن أطاعه فقد أطاعك ، ومن عصاه فقد عصاك " (1119[167]).
وتستمر القصة لتبين أن البساط تحرك وأوقع من عليه ، وأنه نطق ثانياً ليبين أن الله تعالى أنطقه ليشهد هذه الشهادة ، وأنه لا يجلس عليه إلا المؤمنون . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسلمان والمقداد وأبى ذر وعمار : قوموا فاجلسوا عليه ، فإنكم بجميع ما شهد به هذا البساط مؤمنون ، فجلسوا عليه . وبمثل هذا شهد السوط ، ثم الحمار ، ثم قال : فلما انصرف القوم من عند رسول الله ولم يؤمنوا أنزل الله يا محمد : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ( الآية (1120[168]) .
قصص خرافية :
وفى الحديث عن قوله تعالى : ( خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ ( الآية 7 : البقرة " قصص خرافية عن على : كسائل طلب منه مساعدته لقضاء دينه فنادته الملائكة من السماء ليخبر السائل بأن يضع يده على ما يشاء لتكون ذهباً ، ففعل وقضى دينه، وبقى له كذا وكذا ... إلخ (1121[169]) .
يوم الغدير ومابعده :(2/430)
وفى تفسير : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ( "8 : البقرة " يقول : قال الإمام : قال العالم موسى بن جعفر : "إن رسول الله لما أوقف أمير المؤمنين في يوم الغدير موقفه المشهور " وذكر صاحب التفسير هنا أخذ البيعة من الصحابة وأولهم أبو بكر وبعده عمر ، ثم قال : "ثم إن قوماً من متمرديهم وجبابرتهم تواطئوا بينهم لئن كانت لمحمد كائنة ليدفعن هذا الأمر من على ، ولا يتركونه له ، فعرف الله ذلك من قبلهم ، وكانوا يأتون رسول الله ويقولون : لقد أقمت علينا أحب خلق الله إلى الله وإليك وإلينا ، فكفيتنا به مؤنة الظلمة لنا والجبارين في سياستنا ، وعلم الله من قلوبهم خلاف ذلك من مواطأة بعضهم لبعض، أنهم على العداوة مقيمون ، ولدفع الأمر عن مستحقه مؤثرون ، فأخبر الله ـ عز وجل ـ محمداً عنهم فقال : يا محمد ، ومن الناس من يقول آمنا بالله الذي أمرك بنصب على إماماً وسايساً لأمتك ومدبراً ،وماهم بمؤمنين بذلك ، ولكنهم تواطئوا على إهلاكك وإهلاكه ، يوطنون أنفسهم على التمرد على علىّ إن كانت بك كائنة " (1122[170]) .
اتهام الشيخين والصحابة بالنفاق والكذب والكفر !!(2/431)
ثم يستمر الكتاب بعد ذلك في جعل الآيات متصلة ببيعة الصحابة للإمام على،واتهام الصحابة الأكرمين ـ وفى مقدمتهم الصديق والفاروق ـ بالنفاق والكذب والكفر !! فعند الحديث عن قوله تعالى : ( يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ ( " 9 : البقرة " يقول : " قال الإمام : قال موسى بن جعفر : لما اتصل ذلك من مواطأتهم ، وقيلهم في على ، وسوء تدبيرهم عليه ، برسول الله فدعاهم وعاقبهم ، فاجتهدوا في الإيمان ، وقال أولهم : يا رسول الله ، والله ما اعتددت بشىء كاعتدادى بهذه البيعة ، ولقد رجوت أن يفتح الله بها لي في قصور الجنان ، ويجعلنى فيها من أفضل النزال والسكان . وقال ثانيهم : بأبى أنت وأمى يا رسول الله ، ما وثقت بدخول الجنة والنجاة من النار إلا بهذه البيعة ، والله ما يسرنى أن نقضتها أو نكثت بعد ما أعطيت من نفسى ما أعطيت ، وأن لي طلاع ما بين الثرى إلى العرش . وقال ثالثهم : يا رسول الله ، لقد صرت من الفرح والسرور بهذه البيعة والفتح من الآمال في رضوان الله ، وأيقنت أنه لو كانت ذنوب أهل الأرض كلها على لمحصت عنى بهذه البيعة . ثم تتابع بمثل هذا الاعتذار من بعدهم من الجبابرة والمتمردين . فقال الله عزوجل لمحمد : يخادعون الله : يعنى يخادعون رسول الله بائتمان خلاف ما في جوانحهم ، والذين آمنوا كذلك أيضاً ، الذين سيدهم وفاضلهم على بن أبى طالب . ثم قال : وما يخادعون ما يضرون من تلك الخديعة إلا أنفسهم ، فإن الله غنى عنهم وعن نصرتهم ، ولولا إمهاله لهم لما قدروا على شئ من فجورهم وطغيانهم ، وما يشعرون أن الأمر كذلك ، وأن الله يطلع نبيه على نفاقهم وكذبهم وكفرهم ، ويأمره بلعنهم في لعنة الظالمين الناكثين ، وذلك اللعن لا يفارقهم في الدنيا ، ويلعنهم خيار عباد الله ، وفى الآخرة يبتلون بشدائد عقاب الله " (1123[171]) .
زعمه بأن الصحابة لا يؤمنون بأى دين !!(2/432)
وهو يرى بأن هؤلاء الصحابة ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ لا يؤمنون بأى دين !! فمثلاً عند الحديث عن قوله تعالى : ( وَإِذَا قيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ ( " 11 - 12 البقرة " يقول : " قال العالم موسى بن جعفر : إذا قيل لهؤلاء الناكثين للبيعة في يوم الغدير، لا تفسدوا في الأرض بإظهار نكث البيعة بعباد الله المستضعفين ، فتشوشون عليهم دينهم ، وتحيرونهم في مذاهبهم ، قالوا : إنما نحن مصلحون ، لأنا لا نعتقد دين محمد ولا غير دين محمد ... إلخ (1124[172]) .
دعوة موسى لولاية على !!
والكتاب كله تقريباً يدور حول الإمامة وما يتصل بها ، وكأن القرآن الكريم ما نزل إلا لدعوة الناس إلى إمامة الإمام على !
ثم إن هذه الدعوة ليست قاصرة على أمة محمد ـ صلوات الله عليه ـ فعند قوله تعالى : ( وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ? " 53 : البقرة " يقول : " لما أكرمهم الله بالكتاب والإيمان به والانقياد له ، أوحى الله بعد ذلك إلى موسى ... يا موسى : تأخذ على بنى إسرائيل أن محمداً خير النبيين وسيد المرسلين، وأن أخاه ووصيه علياً خير الوصيين ، لعلكم تهتدون : أي لعلكم تعلمون أن الذي شرف العبد عند الله ـ عزوجل ـ هو اعتقاد الولاية كما شرف به أسلافكم " (1125[173]) .
قصص خرافية تصلح للأطفال :(2/433)
والكتاب لا يكتفى بهذا الضلال في تحريف القرآن الكريم ليتفق مع هواه وغيه، وإنما يذكر من الخرافات ما يذكرنا بالقصص الخرافية للأطفال ! فمثلاً عندما يتحدث عن سبب نزول قوله تعالى : ( في قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ( " 10 : البقرة " يقول : " قال الإمام : قال موسى بن جعفر : إن رسول الله لما اعتذر هؤلاء المنافقون إليه بما اعتذروا ، وتكرم عليهم بأن قبل ظواهرهم ، ووكل بواطنهم إلى ربهم ، لكن جبريل أتاه فقال: يا محمد ، إن العلى الأعلى يقرئك السلام ويقول : أخرج بهؤلاء المردة الذين اتصل بك عنهم في على نكثهم لبيعته ، وتوطيهم نفوسهم على مخالفتهم علياً ، ليظهر من عجايب ما أكرمه الله به من طواعية الأرض والجبال والسماء له ، وسائر ما خلق الله ، لما أوقفه موقفك وأقامه مقامك ، ليعلموا أن ولى الله علياً غنى عنهم ، وأنه لا يكف عنهم انتقامه منهم إلا بأمر الله الذي له فيه وفيهم التدبير الذي هو بالغه " (1126[174]).
وذكر أنه خرج صلى الله عليه وسلم ، وهؤلاء وعلى ، حيث استقر عند سفح بعض جبال المدينة ، فسأل ربه فانقلبت ذهباً ، ثم فضة ، ثم انقلبت الأشجار إلى رجال شاكى السلاح ، وأسود ونمور وثعابين ، وكلها ناجت وصى رسول الله بأنها تحت أمره ... إلخ . فمرضت قلوب القوم لما شاهدوا من ذلك . مضافاً إلى ما كان من مرض حسدهم لعلى بن أبى طالب ، فقال الله عند ذلك :
( فِي قلُوبِهِم مَّرَضٌ ( الآية (1127[175]) .
معجزات الإمام علي :(2/434)
وعند تفسير قوله تعالى : ( وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( " 23 : البقرة " يتحدث عن المعنى ـ وهو متصل بالولاية كسائر الآيات ـ ثم يتحدث عن معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومعجزات الإمام على ، ومن هذه المعجزات التي ذكرها :
الغمامة التي أظلت الرسول الكريم في تجارته للشام ، وكان مكتوباً عليها " لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أيدته بعلى سيد الوصيين ، وشرفته بأصحابه الموالين له ولعلى ولأوليائهما ، والمعادين لأعدائهما " (1128[176]) .
ومنها : تسليم الجبال والصخور والأحجار على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتبشيره بوصيه وباب مدينة علمه على بن أبى طالب (1129[177]) .
ومنها : أن شجرتين تلاصقتا ليقضى الرسول حاجته ، وأن نظير هذا كان لعلى بن أبى طالب لما رجع من صفين ، حيث تلاصقت شجرتان كان بينهما أكثر من فرسخ (1130[178]) .
صكوك الغفران :
وحتى يغرر بضعاف العقول ، وجهلة القوم ، ليؤمنوا بهذه الخرافات ، ويسيروا في ظلمات هذا الضلال ، يصدر صكوك الغفران ! وقد بين أن جهنم اعدت للكافرين بولاية على ، المنافقين في اظهار الرضا عن البيعة كما أشرنا من قبل . ثم يتعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون للصك قيمته حتى يمكن التأثير على هذا الصنف من الناس . اقرأ مثلاً ما كتب عن قوله تعالى :(2/435)
? أُوْلَئِكَ الذِينَ اشْتَرُوُاْ الضلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ( " 16 : البقرة " ، فإنك تجد الحديث عن البيعة ، والافتراء على الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه قال : " أما إن من شيعة على لمن يأتى يوم القيامة وقد وضع له في كفة ميزانه من الآثام ما هو أعظم من الجبال الرواسى ، والبحار الثبار ، يقول الخلائق : هلك هذا العبد ، فلا يشكون أنه من الهالكين ، وفى عذاب الله من الخالدين . فيأتيه النداء من قبل الله عزوجل : يأيها العبد الخاطى الخانى هذه الذنوب الموبقات ، فهل بإذائها حسنات تكافيها فتدخل جنة الله برحمة الله ، أو تزيد عليها فتدخلها بوعد الله؟ يقول العبد : لا أدرى ، فيقول منادى ربنا عزوجل : فإن ربى يقول ناد إلى عرضات القيامة : ألا إني فلان بن فلان ، من أهل بلد كذا وكذا ، وقرية كذا وكذا، قد رهنت بسيئات كأمثال الجبال والبحار ، ولا حسنات لي بإزائها ، فأى أهل هذا المكان لي عنده يد أو عارفة فينعتنى بمجازاتى عنها ، فهذا أوان أشد حاجتى إليها . فينادى الرجل بذلك ، فأول من يجيبه على بن أبى طالب : لبيك لبيك ، أيها الممتحن في محبتى ، المظلوم بعداوتى ، ثم يأتى هو ومعه عدد كثير وجمع غفير ، وإن كانوا أقل عدداً من خصمائه الذين لهم قبله الظلامات ،فيقول ذلك العدد : يا أمير المؤمنين ، نحن إخوانه المؤمنون ، كان بنا باراً ولنا مكرماً ، وفى معاشرته إيانا مع كثرة إحسانه إلينا متواضعاً ، وقد بذلنا له جميع طاعاتنا ، وبذلناها له . فيقول على : فبماذا تدخلون جنة ربكم ؟ فيقولون : برحمته الواسعة التي لا يعدمها من والاك يا أخا رسول الله ، فيأتى النداء من قبل الله عزوجل : يا أخا رسول الله ، هؤلاء إخوانه المؤمنون قد بذلوا له ، فأنت ماذا تبذل له ؟ فإنى أنا الحاكم ما بينى وبينه من الذنوب ، قد غفرتها له بموالاته إياك ، وما بينه وبين عبادى من الظلامات فلابد من فصل(2/436)
الحكم بينه وبينهم . فيقول على : يا رب أفعل ما تأمرنى . فيقول الله عزوجل : يا على ، اضمن لخصمائه تعويضهم عن ظلاماتهم قبله ، فيضمن لهم على ذلك ، ويقول لهم : اقترحوا على ما شئتم اعطيكموه عوضاً عن ظلاماتكم قبله . فيقولون : يا أخا رسول الله تجعل لنا ... ثواب نفس من أنفاسك ليلة بيوتك على فراش محمد رسول الله . فيقول على : قد وهبت ذلك لكم . فيقول الله عزوجل : فانظروا يا عبادى الآن إلى ما نلتموه من على بن أبى طالب فدى لصاحبه من ظلاماته ، ويظهر لكم ثواب نفس واحد في الجنان من عجايب قصورها وخيراتها : ثم قال رسول الله : أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم المعدة لمخالفى أخى ووصيي على بن أبى طالب " (1131[179]) .
بعد هذا العرض أظن أن القارئ قد تأكد بنفسه مما قلته من أن هذا الكتاب ليس تفسيراً بالمعنى الصحيح ، وإنما هو كتاب من كتب الفرق الضالة التي رزئ بها الإسلام ، وأنه أثر من آثار الغلو في عقيدة الإمامة .
لمن هذا الكتاب ؟
يبقى هنا أن نتساءل : لمن هذا الكتاب ؟ أهو فعلاً للإمام الحسن العسكرى ؟ أظن لا ، بل أكاد أقطع بهذا ؛ فهذا الرجل الطاهر الصالح ليس كافراً وليس ضالاً ، وإنما كفر وضل أولئك الذين غالوا فيه ، وفى آبائه الكرام البررة .
ومن الشيعة أنفسهم من يرى عدم صحة نسبة الكتاب للإمام ، ويطعن في السند ، ويرى أنه مشتمل على المناكير . وأشار إلى هذا صاحب كتاب الذريعة عند حديثه عن هذا التفسير ، غير أنه أطال في محاولة إثبات أن هذا الكتاب من إملاء الإمام ، وسود بهذا تسع صفحات في الجزء الرابع " ص 285 : 293 " ، وقال عن المناكير التي ذكرنا شيئاً منها : ليس فيه إلا بعض غرائب المعجزات مما لا يوجد في غيره !(2/437)
والكتب التي اطلعت عليها لغير غلاة الشيعة لا تشير إلى هذا التفسير ، ولا تنقل عنه ، فلو كان عندهم كتاب إمام يرونه القرآن الناطق ، لالتزموا بما جاء فيه. ولكن هذا في رأيي لا يكفى ، فكان الواجب الإشارة إلى الكتاب وما به من كفر وضلال .
ويبقى أن بعض شيعة الأمس واليوم من المتطرفين الغلاة يعتقدون صحة نسبة هذا التفسير للإمام العسكرى ، وبعض مفسريهم نقله كاملاً .
*****
الكتاب الثاني
تفسير القمي
منزلة الكتاب وصاحبه عند الشيعة :
ثانى هذه الكتب الثلاثة تفسير القمي : لأبى الحسن على بن إبراهيم بن هاشم القمي ، وهو يشمل القرآن الكريم كله . وصاحب الكتاب (1132[180]) كان في عصر الإمام العسكرى ، وعاش إلى سنة 307 ، وهو ثقة عند الشيعة ، يعتبر من أجل الرواة عندهم ، وقد أكثر من النقل عنه تلميذه محمد بن يعقوب الكلينى في كتابه الكافى ، الكتاب الأول في الحديث عند الجعفرية الاثنى عشرية .
وقال آقابزرك الطهرانى ـ صاحب الذريعة ـ عن الكتاب بأنه أثر نفيس وسفر خالد مأثور عن الإمامين أبى جعفر الباقر وأبى عبد الله الصادق (1133[181]) .
وقال السيد طيب الموسوى الجزائرى في مقدمته عنه (1134[182]) بأنه " تحفة عصرية، ونخبة أثرية لأنها مشتملة على خصائص شتى قلما تجدها في غيرها ، فمنها :
1 - أن هذا التفسير أصل أصوله للتفاسير الكثيرة .
2 - أن رواياته مروية عن الصادقين عليهما السلام مع قلة الوسائط والإسناد، ولهذا قال في الذريعة : " إنه في الحقيقة تفسير الصادقين عليهما السلام ".
3 - مؤلفه كان في زمن الإمام العسكرى .
4 - أبوه الذي روى هذه الأخبار لابنه كان صحابياً للإمام الرضا .
5 - أن فيه علماً جماً من فضائل أهل البيت عليهم السلام التي سعى أعداؤهم لإخراجها من القرآن .
6 - أنه متكفل لبيان كثير من الآيات القرآنية التي لم يفهم مرادها تماماً إلا بمعونة إرشاد أهل البيت التالين للقرآن (1135[183]) .(2/438)
وبادئ ذى بدء أحب أن أسجل الدهشة والعجب ! فكيف يحتل الكتاب وصاحبه هذه المكانة عند إخواننا الجعفرية وهو من أوائل الغلاة الضالين الذين قادوا حركة القول بتحريف القرآن الكريم ؟ !
ونقلنا هذا من قبل ، ونقلنا كذلك ما ذكره الجزائرى في مقدمته للكتاب من ذهاب القمي إلى القول بتحريف القرآن الكريم ودفاع الجزائرى عنه وعن هذا التحريف (1136[184]) !!
والقمى في مقدمته لتفسيره يذكر هذا الذي يذهب إليه ، ويضرب له أمثلة ببعض آيات يرى أنها محرفة (1137[185]) ، والكتاب كله بعد ذلك مملوء بالضلال المضل من ذكر التحريف ، والجدل لتخطئة بعض آيات الله تعالى ، أو الزعم بفساد الترتيب والنظم (1138[186]) .
مظاهر الغلو والضلال
أثر عقيدة الإمامة في الكتاب يظهر فيما يأتى :
أولاً : القول بتحريف القرآن الكريم :
ما ذكرناه آنفاً من القول بالتحريف ، وبينا من قبل أن عقيدة أولئك الغلاة هي التي دفعتهم إلى ما ذهبوا إليه (1139[187]) ونزيد ذلك بياناً بقليل من الأمثلة التي ما أكثرها في هذا التفسير!!
نسب للإمام ابى جعفر أنه قال : ?وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ يا على فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًاً( هكذا نزلت .ثم قال : ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ( (1140[188]).(2/439)
وفى سورة الزخرف قال تعالى : ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ ( (1141[189]) . وواضح ان الآيات تتحدث عن المسيح ، ولكنه يذكر الآية الأخيرة هكذا " إن على إلا عبد ... " ثم يقول : " فمحى اسمه من هذا الموضع " (1142[190]) .
وفى سورة محمد يروى أن اسم على أسقط في موضعين ذكرهما في كتابه(1143[191]).
ثانياً : الطعن في الصحابة :
نتيجة لما ذكرته من التلازم بين القول بالتحريف والطعن في خير أمة أخرجت للناس صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين تحملوا معه أعباء الرسالة ونشرها ، والدفاع عنها والتضحية من أجلها بالنفس والأهل والمال والوطن ، نتيجة هذا التلازم نرى القمي يقدم على هذا الجرم ، فيطعن في الصحابة الأكرمين ، ويتهمهم بالكفر والنفاق والإشراك ليصل إلى القول بالتحريف ، وإسقاط أسماء الأئمة ، واغتصاب الخلافة ! ولنذكر بعض الأمثلة :
في سورة المائدة " الآية السابعة " : ( وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ ( يقول القمي : " لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الميثاق عليهم بالولايه قالوا سمعنا وأطعنا ، ثم نقضوا ميثاقهم " .
ثم يقول عن قوله تعالى : ( فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ ((1144[192]) يعنى نقض عهد أمير المؤمنين (1145[193]) .(2/440)
وسورة القصص : ( طسم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ( (1146[194]) وهذه الآيات الكريمة بالنص تتحدث عن موسى وفرعون ( نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ ( ولكن القمي يقول عن فرعون وهامان وجنودهما : " هم الذين غصبوا آل محمد حقهم وقوله " منهم " أي من آل محمد " ما كانوا يحذرون " أي من القتل والعذاب ، ولو كانت هذه الآية . نزلت في موسى وفرعون لقال : ونرى فرعون وهامان وجنودهما منه ما كانوا يحذرون أي من موسى ، ولم يقل منهم " (1147[195]) .
وفى سورة الزمر : ( وَقَالَ لَهمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ ( (1148[196]) يقول : " أي طابت مواليدكم لأنه لا يدخل الجنة إلا طيب المولد : قال أمير المؤمنين : إن فلاناً وفلاناً غصبوا حقنا واشتروا به الإماء ، وتزوجوا به النساء ، ألا وإن قد جعلنا شيعتنا من ذلك في حل لتطيب مواليدهم " (1149[197]) .
وفى سورة الزخرف يقول : نزلت هاتان الآيتان هكذا قول الله تعإلى :(2/441)
? حَتَّى إِذَا جَاءنَا ( - يعنى فلاناً وفلاناً ـ يقول أحدهما لصاحبه حين يراه - ( يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ( فقال الله لنبيه : قل لفلان وفلان واتباعهما ( وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ آل محمد حقهم أَنَّكمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ( ثم قال الله لنبيه: ( أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ(، ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ ( يعنى من فلان وفلان ، ثم أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم : ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ في على إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ( يعنى إنك على ولاية على ، وعلى هو الصراط المستقيم(1150[198]) .
وسورة محمد كلها تقريباً تدور حول الطعن والتحريف فأولها : ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعمَالَهُمْ ( يقول القمي : " نزلت في الذين ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وغصبوا أهل بيته حقهم ، وصدوا عن أمير المؤمنين وعن ولاية الأئمة ، أضل أعمالهم : أي أبطل ما كان تقدم منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجهاد والنصرة " (1151[199]) .
ثم يقول : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ في على وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (، هكذا نزلت . " ثم يقول : نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الآية هكذا ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ في على فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ( .(1152[200]) وهكذا يستمر في ضلاله .(2/442)
وسورة الرحمن كلها تقريباً تسير على هذا النمط ، وإن ركز فيها على اتهام الشيخين بالكفر ودخول النار (1153[201]) .
هذه نماذج كافية لبيان ما أردنا حتى لا يطول بنا الحديث ، نذكره مضطرين، ونسأله تعالى أن يحفظ العقل والدين .
ثالثاً : جعل الأئمة هم المراد من كلمات الله :
إلى جانب التحريف نجده يؤول كلمات بأن المراد منها الأئمة ـ كلهم أو بعضهم ـ مع أنه لا ذكر لهم ولا إشارة إليهم من قريب أو بعيد في تلك المواضع ، بل إن بعضها مختص بالله تعالى :
كقوله تعالى في سورة الزمر " الآية 69 " : ( وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا( أي بنور الله عزوجل ، ولكن الكتاب يقول : " قال أبو عبد الله : رب الأرض يعنى إمام الآرض ، فقلت فإذا خرج يكون ماذا ؟ قال : إذاً يستغنى الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ، ويجتزون بنور الإمام ! " (1154[202]) .
وقوله تعالى في سورة الرعد " الآية 28 " : ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ ... ( يقول القمي : " الذين آمنوا : الشيعة ، وذكر الله : أمير المؤمنين والأئمة " ( 1 / 365 ) .
وفى موضع آخر يفسر الذكر بولاية على في قوله تعالى : ( الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي ( ( 2 / 47 ، والآية هي 101 : الكهف ) .
ويفسر الشرك بأنه " من أشرك بولاية على " في قوله تعالى في سورة الشورى " الآية 13 " : ( كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ( ولذا يفسر " ما تدعوهم إليه " بقوله " من ولاية على " ( 2 / 105 ) .
وفى آخر الرحمن ( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجلَالِ وَالْإِكْرَامِ ( يروى عن أئمته " نحن جلال الله وكرامته " ( 2 / 346 ) .
وبعض الآيات تختص بالقرآن الكريم كمفتتح سورة البقرة ( ألم . ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ( ، فيقول القمي بأن المراد بالكتاب هنا على بن أبى طالب ! ( 1 / 30 ) .(2/443)
وفى سورة يونس ( الآية 15 ) ( ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ ( يقول القمي : " أو بدله " يعنى أمير المؤمنين على بن أبى طالب ، (قلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ( يعنى في على بن أبى طالب . ( 1 / 310 ) .
وفيها أيضاً ( الآية 64 ) ( لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ( فيقول : " أي لا يغير الإمامة " ( 1 / 314 ) .
وقوله تعالى في سورة الإسراء ( الآية 73 ) : ( وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ( قال القمي : " يعنى أمير المؤمنين " ( 2 / 24 ) .
وفى سورة الحج ( الآية 55 ) : ( وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ ( أي من القرآن الكريم ، فيقول القمي : " أي في شك من أمير المؤمنين " .
ويقول كذلك عن ( الآية 57 ) ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ( بأن معناها " ولم يؤمنوا بولاية أمير المؤمنين والأئمة " (1155[203]) .
وفى سورة الطور ( الآية 33 ) : ( أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ ... ( يتحدث عنها القمي فيقول : أم يقولون ـ يا محمد تقوله : يعنى أمير المؤمنين ، بل لا يؤمنون أنه لم يتقوله ولم يقمه برأيه ، ثم قال : فليأتوا بحديث مثله : أي برجل مثله من عند الله (1156[204]) .
وقد رأينا من قبل أن آيات كريمة خاصة بالرسول وبالمسيح صلوات الله عليهما ، حرفها القمي ليجعلها للإمام على .
وهناك كذلك ما هو متصل بيوم القيامة فجعل للإمام ، جاء في تفسيره ( 2 / 112 ) ما يأتى : " إن الليل والنهار اثنتا عشرة ساعة ، وإن على بن أبى طالب ، أشرف ساعة من اثنتى عشرة ساعة ، وهو قول الله تعالى (1157[205]) : ? بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا ( .(2/444)
وهو لا يكتفى بهذا ، وإنما يحاول أن يجعل الإمام هو المراد من كثير من آيات الله تعالى دون نظر إلى ما هو مختص بالله تعالى ورسله وكتبه واليوم الآخر كما رأينا ، وما هو مختص بالحيوان أو الجماد حتى يكاد يحط من قدر الإمام وهو يحاول أن يرفعه ! انظر مثلاً إلى قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ... ( (1158[206]) ، فإنك تعجب وقد حاول القمي من قبل أن يرفع الإمام على إلى مرتبة الألوهية ، ينزل به هنا إلى مرتبة الحشرات الضارة حيث يجعله المراد من كلمة " بعوضة " (1159[207]) .
بعد هذا لا يستبعد منه أن يجعل الإمام المراد من أي آية يظن أنها تدل على الاهتمام والرفع من قيمة الإمام . ويوضح الجزائرى في مقدمته للكتاب سر هذا التأويل فيقول : " الله تعالى كان عالماً بأعمال أمة نبيه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، بأنهم يلعبون بالدين ، ويهتكون بنواميس حماته في كل حين ... فحينئذ لم يؤمن منهم أن لا يبقوا أسامى الأئمة أو فضائلهم في القرآن ، فلذا لم يكن بد إلا أن يبينها الله تعالى بالكناية والاستعارة كما هو دأب القرآن وأسلوبه في أكثر آياته ، فإن له ظاهراً يتعلق بشىء وباطناً بشىء آخر " (1160[208]) .
ثم يقول : " ومن هنا قال أبو جعفر : إن القرآن نزل أثلاثاً : ثلث فينا وفى أحبائنا ، وثلث في أعدائنا وعدو من كان قبلنا ، وثلث سنة ومثل " (1161[209]) .
ثم عقب على هذا بقوله : " فانكشف مما ذكرنا أن كل ما ورد في القرآن من المدح كناية وصراحة فهو راجع إلى محمد وآله الطاهرين ، وكل ما ورد فيه من القدح كذلك فهو لأعدائهم أجمعين ، السابقين منهم واللاحقين ، ويحمل عليه جميع الآيات من هذا القبيل وإن كان خلافاً للظاهر " (1162[210]) .
فهذا التأويل الفاسد إذن نتيجة للقول بالتحريف ، والطعن في الصحابة الكرام.
رابعا : ما يتصل بعقيدة الإمامة
1 ـ الرجعة :(2/445)
القمي يرى أشياء تتصل بعقيدته في الإمامة ، ولذا يضمنها تفسيره .فهو مثلا يؤمن بالرجعة ، أي رجعة الأئمة قبل يوم القيامة ، ورجعة من غصبوهم حقهم ـ على حد زعمه ـ ليقتص الأئمة من أعدائهم . وعلى هذا جعل من الأمور الأساسية التي اشتمل عليها القرآن الكريم الرد على من أنكروا الرجعة .
واستدل بقوله تعالى : ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا ( فقال : " أيحشر الله في القيامة من كل أمة فوجاً ويدع الباقين " ؟ ثم قال : ومثله كثير نذكره في مواضعه (1163[211]) .
ومن هذا الذي ذكره قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ? (1164[212]) . قال : يعنى الرجعة . يرجع إليكم نبيكم صلى الله عليه وسلم وأمير المؤمنين والأئمة (1165[213]) .
وفى سورة " ق " ( الآية 41 ) يقول : ( وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمنَادِ ( باسم القائم واسم أبيه .. والصيحة ـ صيحة القائم من السماء ..والخروج الرجعة (1166[214]) .
وفى سورة النحل ( الآية 22 ) ( فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ ( قال القمي : يعنى أنهم لا يؤمنون بالرجعة أنها حق ( قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ ( يعنى أنها كافرة( وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ ( يعنى أنهم عن ولاية على مستكبرون (1167[215]) .
ويستمر في تفسيره للسورة الكريمة فيقول : ( فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ ( من العذاب في الرجعة .. ( وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ( قال القمي : الكفار كانوا لا يحلفون بالله ، وإنما أنزلت في قوم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قيل لهم ترجعون بعد الموت قبل القيامة فحلفوا أنهم لا يرجعون (1168[216]) .
2 ـ نزول الوحى على الأئمة :(2/446)
والقمى ممن ذهب إلى أن الوحى لم ينقطع بانتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى ، لأن الإمام يقوم مقامه ! فعند تفسيره لسورة القدر يقول : معنى ليلة القدر أن الله يقدر فيها الآجال والأرزاق ، وكل ما يحدث من موت أو حياة ، أو خصب أو جدب ، أو خير أو شر ، كما قال الله فيها ( فِيهَا يُفرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ( إلى سنة .
وقال تعالى : ( تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ( تنزل الملائكة وروح القدس على إمام الزمان ، ويدفعون إليه ما قد كتبوه من هذه الأمور(1169[217]) .
ونسب للإمام أبى جعفر أنه سئل : " تعرفون ليلة القدر ؟ فقال : وكيف لا نعرف ليلة القدر والملائكة يطوفون بنا فيها " (1170[218]) .
3 ـ الأئمة يعلمون الغيب :
وهو يرى أن الأئمة يعلمون الغيب ، ولهذا نراه عند تفسير قوله تعالى : ( عَالِمُ الْغَيبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ ((1171[219]) . يقول : يعنى علياً المرتضى من الرسول صلى الله عليه وسلم وهو منه (1172[220]) .
فعلم الغيب ليس خاصاً بالله تعالى والمصطفين من الرسل الكرام ، وإنما هوـ حسب افترائه ـ خاص بالإمام على مع الله عز وجل !
وحتى يظهر أن علم الأئمة يحيط بكل شىء يأتى بأشياء لا سبيل إلى العلم بها في ذلك الوقت ، وإن اكتشف بعضها في عصر الكشوف العلمية للكون ومظاهره .
وإذا كان كثير من الكشف العلمى يأتى بوجوه جديدة من وجوه الإعجاز القرآنى ، ويستحيل التناقض بين نظرية علمية صحيحة وبين القرآن الكريم ، إلا أن هذه الكشوف كشفت عن كذب القمي ومفترياته .
فهو ينسب للإمام على أنه قال : " الأرض مسيرة خمسمائة عام ، والشمس ستون فرسخاً في ستين فرسخاً ، والقمر أربعون فرسخاً في أربعين فرسخاً ، بطونهما يضيئان لأهل السماء ، وظهورهما يضيئان لأهل الأرض ، والكواكب كأعظم جبل على الأرض " (1173[221]) !(2/447)
ويزعم أن الإمام على بن الحسين بين علة كسوف الشمسين بوجود بحر بين السماء والأرض ، إذا كثرت ذنوب العباد ، وأراد الله أن يستعتبهم بآية ، أمر الملائكة الموكلين فجعلوا الشمس أو القمر في ذاك البحر (1174[222]) .
وفى موضع آخر ينسب للأئمة أن الأرض على الحوت ، والحوت على الماء، والماء على الصخرة ، والصخرة على قرن ثور أملس ، والثور على الثرى (1175[223]).
وفى أول سورة الشورى ( حم عسق ( يقول : " قاف جبل محيط بالدنيا من زمرد أخضر ، فخضرة السماء من ذلك الجبل " (1176[224]) .
4 ـ نفى العلم عمن اشتهروا به من غيرهم :
والقمى لا يكتفى بمثل هذه المفتريات ليبين إحاطة الأئمة بكل شىء علماً ، ولكن تحدث عن غيرهم ممن لهم مكانتهم العلمية لينفى عنهم ما اشتهروا به من العلم ، حتى لا يبقى في المجال العلمى إلا أئمة الجعفرية !
فمثلا ابن عباس اشتهر بأنه حبر الأمة وترجمان القرآن ، انظر إلى هذا القمي وهو يتحدث عن ابن عباس ، بل عن أبيه عم الرسول صلى الله عليه وسلم :
نسب للإمام أبى جعفر الباقر أنه قال : جاء رجل إلى أبى على بن الحسين فقال : إن ابن عباس يزعم أنه يعلم كل آية نزلت في القرآن في أي يوم نزلت ، وفيمن نزلت ، فقال أبى : سله فيمن نزلت ، ( وَمَن كَانَ فِي هذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ( (1177[225]) وفيمن نزلت : ( وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ ( (1178[226]) وتستمر الرواية لتذكر بأن الرجل ذهب إلى ابن عباس فسأله ، فلم يجبه ، بل أورد أسئلة أخرى ، فبين الإمام سبب النزول بقوله : بأن الآية الأولى نزلت في ابن عباس وفى أبيه ، والثانية نزلت في أبيه (1179[227])! !
5 ـ أحكامهم الفقهية كالمتعة والخمس :(2/448)
ثم لا ينسى القمي ما ارتبط بعقيدته من الأحكام الفقهية ، فيعرضها بطريقة يأباها كتاب الله تعالى ، ففى سورة مريم " الآية 83 " : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ( قال : نزلت في مانعى الخمس والزكاة (1180[228]).
وفى سورة ق " الآية 26 " : ( الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ( قال : "هو ما قالوا نحن كافرون بمن جعل لكم الإمامة والخمس " (1181[229]) .
وفى سورة النساء يحرف الآية الرابعة والعشرين فيقول ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمى فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ( ويعقب بقوله : فهذه الآية دليل على المتعة (1182[230]) .
خامساً : أسباب النزول :
في ذكر القمي لأسباب النزول نرى أثر الإمامة واضحاً ، ولنضرب بعض الأمثلة :
1 ـ تحالف الصحابة مع إبليس :
في سورة سبأ " الآية 20 " ( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ ( قال : لما أمر الله نبيه أن ينصب أمير المؤمنين للناس في قوله ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ في على ( (1183[231]) بغدير خم فقال : " من كنت مولاه فعلى مولاه " ، فجاءت الأبالسة إلى إبليس الأكبر ، وحثوا التراب على رءوسهم ، فقال لهم إبليس : ما لكم؟ فقالوا : إن هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة لا يحلها شىء إلى يوم القيامة . فقال لهم إبليس : كلا ، إن الذين حوله قد وعدونى فيه عدة لن يخلفونى ، فأنزل الله على رسوله ( وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ( الآية (1184[232]) .
2 ـ البيعة يوم الغدير :(2/449)
وعن البيعة أيضاً عند قوله تعالى : ( فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى ( (1185[233]) يقول : كان سبب نزولها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا إلى بيعة علىّ يوم غدير خم ، فلما بلغ الناس وأخبرهم في على ما أراد الله أن يخبره ، رجعوا الناس فاتكأ معاوية على المغيرة بن شعبة وأبى موسى الأشعرى ، ثم أقبل يتمطى نحو أهله ويقول : ما نقر لعلى بالولاية أبداً ، ولا نصدق محمداً مقالته .. فصعد رسول الله المنبر وهو يريد البراءة منه ، فأنزل الله ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ( (1186[234]) فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسمه (1187[235]) .
3 ـ مصير من غصبوا الولاية :
وفى قوله تعالى : ( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ( (1188[236])، قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الذين غصبوا آل محمد حقهم ، فيعرض عليهم أعمالهم ، فيحلفون به أنهم لم يعملوا فيها شيئاً كما حلفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا أن لا يردوا الولاية في بنى هاشم ، وحين هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة !! فلما أطلع الله نبيه وأخبره ، حلفوا له أنهم لم يقولوا ذلك ، ولم يهموا به ، حتى أنزل الله على رسوله (1189[237]) : ( يحلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ ( (1190[238]) .
4 ـ القائم يطالب بدم الحسين :(2/450)
وفى سورة الحج ( الآية : 39 ) : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ( .. قال : إن العامة ـ أي جمهور المسلمين ـ يقولون نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أخرجته قريش من مكة ، وإنما هي للقائم إذا خرج يطلب بدم الحسين (1191[239]) .
ولا يقتصر أثر عقيدة الإمامة ـ على مثل ما سبق مما يتصل بالإمامة والأئمة ، وإنما يتعداه إلى اتهام غيرهم ، ومحاولة سلب فضائلهم ، ولنذكر لهذا المثل التالى :
5 ـ حادث الإفك اتهام لأم المؤمنين لا تبرئة إلهية لها !!
حادث الإفك معروف مشهور ، ونزل القرآن الكريم بتبرئة أم المؤمنين السيدة عائشة ، فعز على القمي أن يبرئ الله تعالى صلحبه الجمل ، وابنة أبى بكر أول من اغتصب الخلافة في رأيه ! ولهذا قام القمي بإفك جديد ، فجعل من الحديث عن الإفك اتهاماً للسيدة عائشة لا تبرئة لها !! فعند قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ( (1192[240]) الآية قال : فإن العامة رووا أنها نزلت في عائشة ، وما رميت به في غزوة بنى المصطلق من خزاعة ، وأما الخاصة فإنهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية ، وما رمتها به بعض النساء المنافقات " .
ثم ذكر رواية عن الإمام أبى جعفر أنه قال : " لما مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حزن عليه حزناً شديداً ، فقالت منافقة : ما الذي يحزنك عليه ؟ فما هو إلا ابن جريج ! فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وأمره بقتله " (1193[241]) .
وفى سورة الحجرات ذكر قصة اتهام فلانة لمارية ، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم علياً بأن يقتل جريجاً ، وأن هذا كان سبب نزول قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ( الآية (1194[242]) .(2/451)
وفى سورة التحريم قال عن كلمة " أبكاراً " التي جاءت في ختام الآية الخامسة " عرض عائشة لأنه لم يتزوج ببكر غير عائشة " (1195[243]) .
وبعد هذا في نفس الصفحة ورد ما يأتى : " ثم ضرب الله مثلا فقال ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ((1196[244]) فقال : والله ما عنى بقوله فخانتاهما إلا الفاحشة ، وليقيمن الحد على فلانة فيما أتت في طريق ... وكان فلان يحبها ، فلما أرادت أن تخرج إلى ... قال لها فلان : لا يحل لك أن تخرجى من غير محرم ، فزوجت نفسها من فلان " (1197[245]) .
وإذا كان القمي ذكر بأن الخاصة ـ أي الشيعة ـ رووا أن فلانة ، وهى إحدى المنافقات ، جاءت بالإفك ، ولم يصرح باسمها ، فإن غيره من الجعفرية قد صرح باسمها وقال بأنها عائشة (1198[246]) . وضرب المثل بامرأة نوح وامرأة لوط يعتبره الجعفرية تعريضاً بالسيدتين عائشة وحفصة من أمهات المؤمنين (1199[247]) ، والقمى هنا يؤكد أن الخيانة المرادة هي الفاحشة ، ثم مهد لإلصاقها بمن برأها الله تعالى !
سادساً : القرآن كتاب تاريخ اثنى عشرى !!
عندما آلت الخلافة إلى الإمام على كرم الله وجهه ـ لم تسلم له ، وخاض عدة معارك ، ولاقى الشيعة بعد ذلك ما لاقوا في ظل الحكم الأموى . وقد تحدثت كتب التاريخ عن ذلك مفصلاً ، ولكن القمي يحاول أن يغير من طبيعة القرآن الكريم ليصله بكتب التاريخ عند الجعفرية ، فتسمع عن البصرة والجمل وبنى أمية من وجهة النظر الجعفرى ، ولنضرب لذلك الأمثال .
1 ـ أصحاب الجمل والبصرة :(2/452)
في سورة الأعراف ( الآية 40 ) :( إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ( ولن يلج الجمل في سم الخياط ، فالكفار إذن لن يدخلوا الجنة ، ولكن القمي إذا به يقول " نزلت هذه الآية في طلحة والزبير والجمل جملهم " (1200[248]) !
ويقول أيضا : إن أصحاب الجمل نزلت فيهم ( الآية : 12 ) من سورة التوبة ( وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ ( الآية (1201[249]) .
وفى سورة النجم يقول بأن المؤتفكة هي البصرة ، وقال : ائتفكت بأهلها مرتين ، وعلى الله تمام الثالثة ، وتمام الثالثة في الرجعة (1202[250]) .
وفى سورة الحاقة يقول بأن البصرة أيضاً هي المؤتفكات (1203[251]) .
2 ـ بنو أمية :
أما بنو أمية فإنا نصادفهم كثيراً ونحن نقرأ هذا التفسير العجيب ، وما دام ثلث القرآن في أعداء الجعفرية ـ كما زعموا ـ فلابد إذن أن يكون للأمويين نصيب كبير ! انظر مثلا تفسيره لقوله تعالى : ( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ( (1204[252]) .
يقول : نزلت في بنى أمية ، فهم أشر خلق الله ، هم الذين كفروا في باطن القرآن ، فهم لا يؤمنون (1205[253]) .
ولهذا نجد كثيرا من الآيات التي تتناول الكفار يجعلها لبنى أمية (1206[254]) .
3 ـ بنو السباع :
والقمى عاش في العصر العباسى الأول ، والعلويون رأوا الحكم يذهب لغيرهم ، ثم لم يسلموا من ظلم ذوى القربى ، فالعباسيون ـ من وجهة النظر الجعفرية ـ لا يفترقون كثيراً عن الأمويين ، ولكن القمي لا يستطيع أن يصرح بهم عند الحديث عن كفرهم فيسميهم بنى السباع بدلاً من بنى العباس (1207[255]) .
4 ـ الاتفاق على قتل على !(2/453)
وعندما تناول بعض الأحداث التاريخية الأخرى وضع قصصاً خيالية غريبة ، فمثلا عند قوله تعالى : ( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ( (1208[256]) نراه يتحدث عن ذلك في خمس صفحات ، ويأتى بقصيدة يقول بأن السيدة فاطمة الزهراء ـ رضي الله تعالى عنها ـ احتجت بها على الصديق ، وكذلك احتج الإمام على ، وخاف الصديق من ضياع الحكم نتيجة هذا الموقف ، فبعث إلى الفاروق الذي أشار بقتل على ! وأمر خالد بن الوليد بقتله فوافق خالد ، إلى آخر تلك الخرافة (1209[257]) .
5 ـ كفر أصحاب بيعة الرضوان :
وعندما تحدث عن صلح الحديبية قال " فلما . أجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلح أنكر عامة أصحابه ، وأشد ما كان إنكاراً فلان ، فقال يا رسول الله ، ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ فقال : بلى ! قال : فنعطى الذلة في ديننا ؟ قال : إن الله وعدنى ولن يخلفنى . قال لو أن معى أربعين رجلاً لخالفته " (1210[258]).
والمعروف أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ صاحب الجزء الأول من هذه المناقشة ، فافترى القمي هذه الزيادة المنكرة " لو أن معى أربعين رجلا لخالفته " ، وقال بأن عامة أصحابه الذين أنكروا الصلح أكثروا القول على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم : إن لم تقبلوا الصلح فحاربوهم . ويزيد فريته بأنهم حاربوا فعلاً، وهزموا هزيمة قبيحة ، إلى أن قام على بسيفه فتراجعت قريش (1211[259]) .
ثم يستمر ليقول بأن عامة الصحابة هؤلاء هم الذين عناهم الله تعالى بقوله : ( وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ( (1212[260]) .(2/454)
وهكذا يستمر هذا القمي ليجعل عامة أصحاب بيعة الرضوان من أصحاب النار ، وهم الذين رضي الله عنهم بنص القرآن الكريم ، ويطعن في ترتيب آيات سورة الفتح ليصل إلى ضلاله (1213[261]) !
6 ـ الفرق الأخرى :
ونراه كذلك يخضع القرآن الكريم للحديث عن الفرق الأخرى ، فمثلا عند قوله تعالى ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُسْوَدَّوههُم مُّةٌ ( (1214[262]) يقول : " من ادعى أنه إمام وليس بإمام يوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة .... وإن كان علوياً فاطمياً " (1215[263]) .
7 ـ القائم وجيش السفيانى :
وكثير من فرق الشيعة قالت بعودة بعض الأئمة قبل يوم القيامة ، ومنهم من وقف عند إمام معين ، وقال بأنه لم يمت وإنما أظهر موته تقية ، إلى غير ذلك مما تذكره كتب التاريخ . وكان من صدى هذا أن بعض الأمويين قالوا بعودة رجل منهم أسموه السفيانى : فزاد بعض الجعفرية خرافة أخرى وهى أن المهدى عندما يرجع سيقابل جيش السفيانى ويهزمه ! وإذا بنا نجد هذا في تفسير القمي !
فعند قوله تعالى ( وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ( (1216[264]) قال : هم والله أصحاب القائم ، يجتمعون والله إليه في ساعة واحدة ، فإذا جاء إلى البيداء يخرج إليه جيش السفيانى ، فيأمر الله الأرض فتأخذ أقدامهم ، وهو قوله ( وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ ( (1217[265]) يعنى بالقائم(1218[266]) .
وفى قوله تعالى : ( أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا( (1219[267]) قال يعنى ما يحدث من أمر القائم والسفيانى (1220[268]) .
وبهذا يصبح تفسير القمي مرجعاً من مراجع التاريخ لغلاة الجعفرية !
سابعا : طرق التغرير والتضليل :(2/455)
والقمى قد خالف ظاهر القرآن الكريم ، وحرف معانيه إلى جانب القول بتحريف نصه ، وأتى بما لا يحتمله كتاب الله تعالى بل يعارضه ، وخالف ما أجمعت عليه الأمة في أكثر الآيات وما يتعلق بها ، وجعل أكثرها ـ مكية ومدنية ـ متعلقة ببيعة غدير خم التي قال الجعفرية أنفسهم بأنها بعد حجة الوداع . وزعم أن صفوة هذه الأمة كفار ومشركون ومنافقون ، إلى غير ذلك مما يبرأ منه الإسلام والعقل السليم .
ورأينا من قبل كيف حاول صاحب التفسير المنسوب للإمام العسكرى أن يغرر بضعاف العقول ، وجهلة القوم ، ليؤمنوا بخرافاته ، ويسيروا في ظلمات ضلاله . والقمى هو الآخر قد حاول القيام بنفس الدور فسلك لذلك عدة طرق :
1 ـ جل آرائه نسبها للأئمة وعلى الأخص الإمامان الباقر والصادق . كما أشرنا في مقدمة الحديث عن الكتاب .
2 ـ ذهب إلى أن القرآن الكريم لا يفهم معناه ولا يدرك مراده إلا عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وهؤلاء الأئمة .
نسب للإمام على ـ كرم الله وجهه ـ أنه قال : " ذلك القرآن فاستنطقوه ، فلن ينطق لكم ، أخبركم عنه ، إن فيه علم ما مضى وعلم ما يأتى إلى يوم القيامة ، وحكم ما بينكم ، وبيان ما أصبحتم فيه مختلفين ، فلو سألتمونى عنه لأخبرتكم عنه لأنى أعلمكم " (1221[269]) ونسب للإمام الصادق أنه قال : إن الكتاب لم ينطق ، ولن ينطق، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم . هو الناطق بالكتاب ، قال الله ( هَذَا بكتابنا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ( فقال أحدهم : إنا لا نقرؤها هكذا ، فقال الإمام : هكذا والله نزل بها جبريل على محمد ، ولكنه فيما حرف من كتاب الله تعالى (1222[270]) .
ونسب للإمام الباقر أنه قال : " القرآن ضرب فيه الأمثال للناس ، وخاطب الله نبيه به ونحن ، فليس يعلمه غيرنا " (1223[271]) .
وذهب إلى أن من لا يقبل تأويل الكتاب فهو مشرك كافر (1224[272]) .(2/456)
3 - وضع أسساً غريبة للتفسير ، فإلى جانب القول بأن القرآن أصابه التحريف ، ولا يؤخذ تأويله إلا عن طريقهم ، نراه يذهب إلى أن هناك آيات لا يعرف تأويلها إلا بعد وقت نزولها ! ويتحدث عن هذا النوع فيقول : " وأما ما تأويله بعد تنزيله فالأمور التي حدثت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وبعده من غصب آل محمد حقهم ، وما وعدهم الله به من النصر على أعدائهم ، وما أخبر الله به من أخبار القائم وخروجه ، وأخبار الرجعة والساعة " (1225[273]) .
ويذهب إلى أن هناك آيات " مما خاطب الله به نبيه صلى الله عليه وسلم والمعنى لأمته ، وهو قول الصادق : إن الله بعث نبيه صلى الله عليه وسلم بإياك أعنى واسمعى يا جارة " (1226[274]) .
وذهب إلى ما هو أبعد من هذا ، فقال بأن هناك " ما هو مخاطبة لقوم ومعناه لقوم آخرين ! فقوله ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ أنتم يا معشر أمة محمد فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ( ، فالمخاطبة لبنى إسرائيل ، والمعنى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم (1227[275]) " .
وبهذه الأسس استطاع أن يحرف القرآن الكريم نصاً ومعنى ليصل إلى ضلاله .
4 - وقد ذهب إلى تكفير غير المعتنقين عقيدته في الإمامة ، الرافضين لتحريفه ، لم ينس ـ من وقت لآخر في تفسيره ـ بيان أن الشيعة سيدخلون الجنة حتى فساقهم العصاة !
فمثلاً في قوله تعالى: ( وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ ( (1228[276]) الآية ، يقول بأن الله سبحانه وتعالى يدفع بمن يعمل كل فريضة من الشيعة عمن لا يعملها ، ولو أجمعوا على الترك لهلكوا (1229[277]) . وفى سورة طه " الآية 108 " ( وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ( يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع لعصاة الشيعة ، فكلهم يدخل الجنة (1230[278]) .(2/457)
وفى سورة المؤمنون " الآية : 100 " : ( وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ( يقول : البرزخ هو أمر بين أمرين ، وهو الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة .. وهو قول الصادق : والله ما أخاف عليكم إلا البرزخ ، فأما إذا صار الأمر إلينا فنحن أولى بكم (1231[279]) .
وفى سورة غافر " الآية الثالثة " ( غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ ( قال : ذلك خاصة لشيعة أمير المؤمنين (1232[280]) .
وفى سورة ق " الآية 24 " : ( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ( يقول بأن الآية الكريمة مخاطبة للنبى صلى الله عليه وسلم وعلى ، ويبين أنهما في منزلة خاصة دون الخلق جميعا ؛ وأن رضوان يأتى بمفاتيح الجنة فيأخذها الرسول صلى الله عليه وسلم ويعطيها علياً وكذلك يفعل مالك بمفاتيح جهنم ، فيأخذ على المفاتيح ويقعد إلى شفير جهنم ، فتنادى : ياعلى جزنى ، قد أطفأ نورك لهيبى ! فيقول لها على : ذرى هذا وليى ، وخذى هذا عدوى ! فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلى من غلام أحدكم لصاحبه (1233[281]) .
وفى سورة الرحمن " الآية 39 " : ( فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ ( قال : " منكم " ، يعنى من الشيعة . معناه أنه من تولى أمير المؤمنين ، وتبرأ من أعدائه عليهم لعائن الله ، وأحل حلاله ، وحرم حرامه ، ثم دخل في الذنوب ولم يتب في الدنيا ، عذب لها في البرزخ ، ويخرج يوم القيامة وليس له ذنب يسأل عنه يوم القيامة (1234[282]) .
وفى سورة الحاقة " الآية 19 " : ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ( قال : كل أمة يحاسبها إمام زمانها ، ويعرف الأئمة أولياءهم وأعداءهم بسيماهم ، وهو قوله تعالى ( وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ ( (1235[283]) ، وهم الأئمة ( يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ ( فيعطون أولياءهم كتابهم بيمينهم فيمرون إلى الجنة بلا حساب ، ويعطون أعداءهم كتابهم بشمالهم فيمرون إلى النار بلا حساب " (1236[284]) .(2/458)
*****
الكتاب الثالث
تفسير العياشى : منزلة العياشى كالقمى
تلك أهم آثار الإمامة في تفسير القمي الذي يمثل جانب الغلو والتطرف في هذه العقيدة كتفسير العسكرى .
والتفسير الثالث الذي طالعنا به القرن الثالث هو تفسير العياشى ، لمحمد بن مسعود العياشى ، المتوفى في حدود سنة 320 هـ ، والذى يعد من الثقات عند الشيعة الاثنى عشرية (1237[285]).
وفى صدر التفسير كتب محمد حسين الطباطبائى (1238[286]) مقدمة حول الكتاب ومؤلفه ، قال فيها :
" وقد بعث الله رجالاً من أولى النهى والبصيرة ، وذوى العلم والفضلة ، على الاقتباس من مشكاة أنوارهم - أي الأئمة - والأخذ والضبط لعلومهم وآثارها،وإبداع ذخائرها في كتبهم ،وتنظيم شتاتها في تأليفهم ، ليذوق بذلك الغائب من منهل الشاهد ، ويرد به اللاحق مورد السابق .
وإن من أحسن ما ورثناه من ذلك كتاب التفسير المنسوب إلى شيخنا العياشى رحمه الله ، وهو الكتاب القيم الذي يقدمه الناشر اليوم إلى القراء الكرام.
فهو لعمرى أحسن كتاب ألف قديماً في بابه ، وأوثق ما ورثناه من قدماء مشايخنا من كتب التفسير بالمأثور .
أما الكتاب فقد تلقاه علماء هذا الشأن منذ ألّف إلى يومنا هذا - ويقرب من أحد عشر قرناً - بالقبول من غير أن يذكر بقدح أو يغمض فيه بطرف .
وأما مؤلفه الشيخ الجليل أبو النضر محمد بن مسعود بن العياش التميمى الكوفى السمرقندى ، من أعيان علماء الشيعة ، وأساطين الحديث والتفسير بالرواية، من عاش في أواخر القرن الثالث من الهجرة النبوية .
أجمع كل من جاء بعده من أهل العلم على جلالة قدره وعلو منزلته وسعة فضله ، وإطراء علماء الرجال متسالمين على أنه ثقة عين صدوق في حديثه ، ومن مشايخ الرواية ، يروى عنه أعيان المحدثين : كشيخنا الكشى صاحب الرجال وهو من تلامذته ، وشيخنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشى وهو ولده ... إلخ " .
منهج العياشى وأهدافه كالقمى :(2/459)
من هذا نرى أن العياشى وتفسيره عند الشيعة في منزلة تشبه منزلة القمي وتفسيره .
بدراسة تفسير العياشى يظهر لنا أنه كان يسير مع القمي في طريق واحد ، فلا فرق بينهما في المنهج والأهداف ، والغلو والتطرف والضلال ، وما أخذناه على تفسير القمي يتسم به أيضاً تفسير العياشى ، وإليك البيان :
أولاً : القول بتحريف القرآن الكريم
يشترك العياشى مع القمي في محاولة التشكيك في كتاب الله العزيز ، والدعوة إلى القول بتحريفه . ولذلك وجدنا صاحب كتاب " فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب " يذكر العياشى مع القائلين بالتحريف ، ويقول بأنه روى في أول تفسيره أخباراً عامة صريحة في التحريف ، وأن نسبة القول بالتحريف إلى العياشى كنسبة القول به إلى على بن إبراهيم القمي ، بل صرح بنسبته إلى العياشى جماعة كثيرة (1239[287]).
وينقل عن العياشى بعض الأخبار التي استدل بها على التحريف .
منها ما رواه عن الإمام الصادق أنه قال : " لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتمونا فيه مسمين " (1240[288]).
ومنها ما رواه عن الإمام الباقر أنه قال : تنزل جبرائيل بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وسلم هكذا : ( بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ في علي بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ( (1241[289])
وفى تفسير العياشى نجد كثيراً من مثل هذا الضلال :
فتحت عنوان " ما عنى به الأئمة من القرآن " (1/13) يذكر عدة أخبار ، منها الخبر السابق عن الإمام الصادق ، ويرويه أيضاً عن الإمام الباقر ، كما يروى عن الإمام الباقر أنه قال أنه قال : " لولا أنه زيد في كتاب الله ونقص منه ما خفى حقنا على ذى حجى ، ولو قد قام قائمنا فنطق صدقه القرآن " .
وعن الإمام الصادق : " إن القرآن قد طرح منه أي كثيرة ، ولم يزد فيه إلاَّ حروف ، وقد أخطأت بها الكتبة ، وتوهمتها الرجال " .(2/460)
وفى أول سورة البقرة يروى العياشى عن الصادق أنه قال : (كتاب على لا ريب فيه ).
وعن عمر بن يزيد ، قال : سألت أبا عبد الله عن قول الله :? مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا? ، فقال : كذبوا ، ما هكذا هي ! إذا كان ينسى وينسخها أو يأتى بمثلها لم ينسخها . قلت : هكذا قال الله . قال : ليس هكذا قال تبارك وتعالى . قلت : فكيف قال ؟ قال : ليس فيها ألف ولا واو ، قال : ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها مثلها ، يقول : ما نميت من إمام أو ننسه ذكره نأت بخير منه من صلبه مثله (1242?????).
وفى تفسير العياشى لسورة النساء يذكر الرواية التالية :
عن جابر قال : قلت لمحمد بن على : قول الله في كتابه ( الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ( قال : هما والثالث والرابع وعبدالرحمن وطلحة ، وكانوا سبعة عشر رجلاً . قال : لما وجّه النبي صلى الله عليه وسلم علىّ بن أبى طالب رضي الله عنه وعمّار بن ياسر رحمه الله إلى أهل مكة قالوا : بعث هذا الصبى ، ولو بعث غيره يا حذيفة إلى أهل مكة ؟ وفى مكة صنايدها ، وكانوا يسمّون عليَّا الصبى لأنه كان اسمه في كتاب الله الصبى لقول الله : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وهو صبى وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ( (1243?????) فقالوا : والله الكفر بنا أولى مما نحن فيه ، فساروا فقالوا لهما ، وخوَّفوهما بأهل مكة ، فعرضوا لهما وغلَّظوا عليهما الأمر ، فقال علىّ صلوات الله عليه : حسبنا الله ونعم الوكيل ، ومضى ، فلما دخلا مكَّة أخبر الله نبيه بقولهم لعلىّ وبقول علىّ لهم ، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه ، وذلك قول الله ( ألم تر إلى الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ( (1244?????) إلى قوله :(2/461)
( وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ( وإنما نزلت ألم تر إلى فلان وفلان لقوا عليُّا وعماراً فقال إنَّ أبا سفيان وعبدالله بن عامر وأهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، وهما اللذان قال الله : ( الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ( 'إلى آخر الآية ، فهذا أول كفرهم .. والكفر الثاني قول النبي عليه وعلى آله السلام : يطلع عليكم من هذا الشعب رجل فيطلع عليكم بوجهه ؛ فمثله عندالله كمثل عيسى ، لم يبق منهم أحد إلاَّ تمنى أن يكون بعض أهله ، فإذا بعلىّ قد خرج وطلع بوجهه وقال : هو هذا ، فخرجوا غضاباً وقالوا : ما بقى إلاَّ أن يجعله نبيَّا ، والله الرجوع إلى آلهتنا خير ممّا نسمع منه في ابن عمّه ، وليصدّنا علىّ إن دام هذا ، فأنزل الله ( وَلَمَّا ضرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ( إلى آخر الآية فهذا الكفر الثاني. وزاد الكفر بالكفر حين قال الله( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ( فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا علىُّ أصبحت وأمسيت خير البريَّة ، فقال له الناس : هو خير من آدم ونوح ومن إبراهيم ومن الأنبياء ، فأنزل الله ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ ( إلى ( سَمِيعٌ عَلِيمٌ( قالوا : فهو خير منك يا محمد ؟ قال الله : ( قُلْ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ( ولكنَّه خير منكم وذريَّته خير من ذريتكم ، ومن اتَّبعه خير ممَّن اتبعكم ، فقاموا غضاباً وقالوا : زيادة الرجوع إلى الكفر أهون علينا مما يقول في ابن عمه ، وذلك قول الله ( ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا ( .
وفى تفسير سورة النحل يروى العياشى عن أبى جعفر أنه قال : نزل جبرائيل هذه الآية هكذا : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ في على قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ( (1245?????)(2/462)
ويروى عن إسماعيل الحريرى قال : قلت لأبى عبدالله : قول الله :
((إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ( قال البغى : اقرأ كما أقول لك يا إسماعيل ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى حقه ( قلت : جعلت فداك إنَّا لا تقرأ هكذا في قراءة زيد ، قال ولكنّا نقرأها هكذا في قراءة علىّ ، قلت ، فما يعنى بالعدل ؟ : شهادة أن لا إله إلاَّ الله ، قلت : والإحسان ؟ قال : شهادة أن محمداً رسول الله ، قلت : فما يعنى بإيتاء ذى القربى حقّه ، قال : أداء إمامة إلى إمام بعد إمام ، (وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ ( قال : ولاية فلان وفلان (1246?????).
ثانياً الطعن في الصحابة الكرام :
الرواية التي ذكرتها دون اختصار من تفسير العياشى لسورة النساء لبيان موقفه من تحريف القرآن الكريم توضح أمرين آخرين ، هما طعنه في خير أمة أخرجت للناس ، الصحابة الكرام الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وعلى الأخص من بشر منهم بالجنة غير على رضي الله عنه ، كالشيخين ، وذى النورين، وطلحة والزبير ، والأمر الآخر موقفه من أسباب النزول ، ومفتريات هذا الضال الممجوجة ليتفق سبب النزول مع ضلاله .
وإذا كانت الرواية وضعها العياشى ليقول بأن الخلفاء الراشدين الثلاثة ، وغيرهم من خيرة الصحابة ، كفروا في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه يرى ويروى أن الصحابة الكرام جميعاً ارتدوا عن الإسلام بعد الرسول صلى الله عليه وسلم إلاَّ ثلاثة هم : المقداد وأبو ذر وسلمان الفارسى (1247?????).
وتفسيره مملوء محشو بالطعن في الصحابة وتكفيرهم ، ونذكر بعض الأمثلة:
يروى عن جابر قال : سألت أبا عبدالله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :
( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ ( قال :(2/463)
فقال هم أولياء فلان وفلان (1248?????)، اتخذوهم أئمة من دون الإمام الذي جعل الله للناس ، فلذلك قال الله تبارك وتعالى :( وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَاب إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ (إلى قوله : ( وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ( قال : ثم قال أبو جعفر : والله يا جابر هم أئمة الظلم وأشياعتهم (1249?????).
وفى رواية أخرى : أعداء على هم المخلدون في النار أبد الآبدين ، ودهر الداهرين (1250?????).
وروى عن عبدالله النجاشى قال : سمعت أبا عبدالله يقول :(أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا( يعنى والله فلاناً وفلاناً ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ( إلى قوله ( تَوَّابا رَّحِيمًا( يعنى والله النبي وعليًّا بما صنعوا ، أي لو جاءوك بها يا علىّ فاستغفروا مما صنعوا ، ( وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ( ثم قال أبو عبدالله : هو والله على بعينه (ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ( على لسانك يا رسول الله يعنى به ولاية علي ( وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ( لعلى بن أبى طالب (1251?????).
وروى عن أبى عبدالله قال : والله لو أن قوماً عبدوا الله وحده لا شريك له ، وأقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وحجوا البيت ، وصاموا شهر رمضان ، ثم لم يسلموا إلينا لكانوا بذلك مشركين (1252?????).(2/464)
وروى عن جابر عن أبى جعفر قال : سألته عن هذه الآية( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ( قال : اَّلذين يدعون من دون الله الأول والثاني والثالث ، كذَّبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : والوا علياً واتبعوه ، فعادوا علياً ولم يوالوه ، ودعوا الناس إلى ولاية أنفسهم ، فذلك قول الله : ( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ ( قال : وأما قوله : ( لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا( فإنه يعنى : لايعبدون شئياً ، ( وَهُمْ يُخْلَقُونَ (، فإنه يعنى وهم يعبدون ، وأما قوله ( أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء( يعنى كفارغير مؤمنين ، وأما قوله : ( وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ( فإنه يعنى أنهم لا يؤمنون ، أنهم يشركون ، ( إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ( فإنه كما قال الله ، وأما قوله ( فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ( فإنه يعنى لايؤمنون بالرجعة أنها حق، وأما قوله ( قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ ( فإنه يعنى قلوبهم كافرة ، وأما قوله :(وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ( فإنه يعنى عن ولاية على مستكبرون ، قال الله لمن فعل ذلك وعيداً منه (لاَ جَرَمَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ عن ولاية على ((1253?????).
ثالثاً جعل الأئمة هم المراد من كلمات الله :
في أصول التفسير عند العياشى نجد العنوان التالي (1254?????) "في ما أنزل القرآن " وتحت هذا العنوان يذكر روايات منها :
عن أبى جعفر قال : نزل القرآن على أربعة أرباع . ربع فينا ، وربع في عدونا ، وربع فرايض وأحكام ، وربع سنن وأمثال ، ولنا كرائم القرآن .
وعن أمير المؤمنين قال : نزل القرآن أثلاثاً : ثلث فينا وفى عدونا ، وثلث سنن وأمثال ، وثلث فرايض وأحكام .(2/465)
ونجد عنواناً آخر ، وهو : " ما عنى به الآئمة من القرآن " (1255?????) وأشرنا إلى هذا العنوان من قبل ، وذكرنا بعض رواياته لبيان التحريف .
وأضيف بعض الروايات الأخرى :
عن أبى عبدالله قال : من لم يعرف أمرنا من القرآن لم يتنكب الفتن .
وعن أبى جعفر قال : لنا حق في كتاب الله المحكم من الله ، لومحوه فقالوا ليس من عندالله ، أو لم يعلموا ، لكان سواه .
وعنه أيضاً : إذا سمعت الله ذكر أحداً من هذه الأمة بخير فنحن هم ، وإذا سمعت الله ذكر قوماً بسوء ممن مضى فهم عدونا .
وعن على بن أبى طالب رضي الله عنه قال : سموهم بأحسن أمثال القرآن ، يعنى عترة النبي صلى الله عليه وسلم : هذا عذب فرات فاشربوا ، وهذا ملح أجاج فاجتنبوا.
وعن عمر بن حنظلة ، عن أبى عبدالله ، عن قول الله ( قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ( ؟ فلما رآنى أتتبع هذا وأشباهه من الكتاب قال : حسبك ، كل شئ في الكتاب من فاتحته إلى خاتمته مثل هذا فهو في الأئمة عنى به.
هذه بعض الأصول التي وضعها العياشى ، ونسبها للأئمة الأطهار حتى يحكم فريته . وفى ظلماتها يمكن معرفة ما عليه هذا التفسير من جعل الأئمة هم المراد من كثير من كلمات القرآن الكريم ، وحصر هذا يطول ذكره ، ويكفى أن نذكر بعض الأمثلة :
يروى العياشى عن سلام عن أبى جعفر في قوله :( آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا ( قال : إنما عنى بذلك عليَّا والحسن والحسين وفاطمة ، وجرت بعدهم في الأئمة . قال : ثم يرجع القول من الله في الناس فقال : ( فَإِنْ آمَنُواْ ( يعنى الناس (بِمِثْلِ مَآ آمَنتُم بِهِ( يعنى عليَّا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من بعدهم (فَقَدِ اهْتدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ( (1256?????).(2/466)
وعن أبى عبدالله في قول الله ( صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً ( قال: الصبغة معرفة أمير المؤمنين بالولاية في الميثاق (1257?????).
وعن بريد بن معوية العجلى عن أبى جعفر قال : قلت له( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ( قال نحن الأمَّة الوسطى ، ونحن شهداء الله على خلقه ، وحجّتْه في أرضه (1258?????).
وعن أبى عبدالله في قوله تعالى : ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ (، قال : أتمهن بمحمد وعلى والأئمة من ولد على (1259?????).
وعن أبى جعفر أن الولاية هي المراد من قوله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ ( (1260?????)
وعن أبى عبدالله ، وعن أبيه ، أن أصحاب القائم - أي الإمام الثاني عشر-هم الأمة المعدودة التي قال الله في كتابه : ( وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ( (1261?????).
وعن أبى جعفر أن علياً هو المراد من كلمة النور في قوله تعالى :( فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ ((1262?????).
وعن أبى عبدالله في قوله تعالى : ( وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ(، قال : هم الأئمة (1263?????).
وعن أبى جعفر : ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ( : وهو محمد ، (وَالإِحْسَانِ ( : وهو على ، (وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى( : وهو قرابتنا . أمر الله العباد بمودتنا وإيتائنا ، ونهاهم عن الفحشاء والمنكر : من بغى على أهل البيت ، ودعا إلى غيرنا (1264[312]).
والعياشى يرفع الأئمة لمرتبة الألوهية كالقمى :(2/467)
فعند تفسير قوله تعالى ( لاَ تَتَّخِذُواْ إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ (يروى العياشى عن أبى عبدالله أنه قال : يعنى بذلك : ولا تتخذوا إمامين إنما هو إمام واحد (1265?????).
وعند قوله عز وجل : (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ ( (1266?????) ، بقوله : طائعين للأئمة .
وفى قوله سبحانه : ( فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا( (1267?????) ، يروى العياشى أن العمل الصالح : المعرفة بالأئمة ، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا : التسليم لعلى ، ولا يشرك معه في الخلافة من ليس له ذلك ، ولا هو من أهله(1268?????).
هذه نماذج كافية لبيان أن العياشى كالقمى في هذا الضلال ، وكل ما قيل عن القمي يمكن أن نراه من خلال هذه النماذج ، وأختمها بما ختمت به دراستى عن العياشى في كتاب " أثر الإمامة في الفقه الجعفرى وأصوله : ص 208 ، 209 ":(2/468)
وفى سورة هود يتحدث عن سبب نزول آيات من 12 إلى 24 فيقول : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمير المؤمنين في آخر صلاته ، رافعاً بها صوته يسمع الناس ، يقول اللهم هب لعلى المودة في صدور المؤمنين ، والهيبة والعظمة في صدور المنافقين فأنزل الله ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا( (1269?????) بنى أمية . فقال رمع(1270?????) : والله لصاع من تمر في شن بال أحب إلى مما سأل محمد ربه ، أفلا سأله ملكاً يعضده ؟ أو كنزاً يستظهر به على فاقته ؟ فأنزل الله فيه عشر آيات من هود أولها (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ ( إلى( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ( ولاية على (قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ (إلى ( فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ(في ولاية على ( فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ( لعلى ولايته ( مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ( يعنى فلاناً وفلاناً (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ ( رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ( أمير المؤمنين( وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً ( قال : كان ولاية على في كتاب موسى ( أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ ( في ولاية على ( إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ( إلى قوله : ( وَيَقُولُ الأَشْهَادُ ( (هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ ( إلى قوله : ( هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ( (1271[319]).
*****(2/469)
الفصل الخامس
التبيان للطوسي وتفاسير الطبرسي
أصول التفسير عند الطوسى والطبرسى :
وننتقل بعد هذا الحديث عن أولئك الذين يمثلون شيئا من الاعتدال عند مفسرى الجعفرية ، وأول هؤلاء شيخ الطائفة في زمانه أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسى (1272[320]) . وإذا كان الصدوق والشريف المرتضى من الجعفرية الذين سبقوا للتصدى لحركة التضليل والتشكيك في كتاب الله تعالى ، فإن الطوسى أول من تصدى لهذه الحركة بطريقة عملية ، حيث ألف تفسيره الكبير" التبيان " ، فبين أن القرآن الكريم هو ما بين الدفتين بغير زيادة أو نقصان كما نقلنا من قبل ، ثم وضع أسساً للتفسير ، وطبقها في تفسيره ، فصان كتاب الله تعالى من التحريف في المعنى إلى درجة كبيرة . وننقل هنا ما ذكره الطوسى فيما يتعلق بالتفسير . قال في كتابه التبيان " 1 / 4 - 6 " : " اعلم أن الرواية ظاهرة في أخبار أصحابنا بأن تفسير القرآن لا يجوز إلاَّ بالأثر الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن الأئمة - رضي الله عنهم، الذين قولهم حجة كقول النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن القول بالرأى فيه لا يجوز والذى نقول في ذلك : إنه لا يجوز أن يكون في كلام الله تعالى وكلام نبيه تناقض وتضاد .(2/470)
وقد قال الله تعالى( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ( (1273[321]) وقال (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (?(1274[322]) وقال : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلسَانِ قَوْمِهِ ( )1275[323]) وقال : ( وفيه تبيان كل شئ ((1276[324]) ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ( (1277[325]) ، فكيف يجوز أن يصفه بأنه عربى مبين ، وأنه بلسان قومه ، وأنه بيان للناس ، ولا يفهم بظاهره شىء . وهل ذلك إلاَّ وصف له باللغز والمعمى الذي لا يفهم المراد به إلاَّ بعد تفسيره وبيانه . وذلك منزه عنه القرآن . وقد مدح الله أقواماً على استخراج معاني القرآن فقال : ( لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ( (1278[326])، وقال في قوم يذمهم حيث لم يتدبروا القرآن ولم يتفكروا في معانيه :( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا( (1279?????) ،وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إني مخلف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتى أهل بينى " ، فبين أن الكتاب حجة ،كما أن العترة حجة ، وكيف يكون حجة ما لايفهم به شىء ؟ وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا جاءكم عنى حديث ، فاعرضوه على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فاقبلوه ، وما خالفه فاضربوا به عرض الحائط " وروى مثل ذلك عن أئمتنا ? رضي الله عنهم ، وكيف يمكن العرض على كتاب الله، وهو لا يفهم به شىء ؟ وكل ذلك يدل على أن ظاهر هذه الأخبار متروك .
والذى نقول به : إن معاني القرآن على أربعة أقسام :(2/471)
أحدها : ما اختص الله تعالى بالعلم به ، فلا يجوز لأحد تكلف القول فيه ولا تعاطى معرفته ، وذلك مثل قوله تعالى : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ((1280?????) ، ومثل قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ( (1281[329]) إلى آخرها . فتعاطى معرفة ما اختص الله تعالى به خطأ .
وثانيها : ما كان ظاهره مطابقاً لمعناه فكل من عرف اللغة التي خوطب بها عرف معناها ، مثل قوله تعالى : " وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ " (1282?????) ، ومثل قوله تعالى : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ((1283?????) ، وغير ذلك .
وثالثها : ما هو مجمل لا ينبئ ظاهره عن المراد به مفصلاً ، مثل قوله تعالى : ? وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ( (1284?????) ، ومثل قوله تعالى ( وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ( (1285?????) ، ( وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ( (1286?????) ، وقوله ( وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعلُومٌ( (1287?????) ، وما أشبه ذلك . فإن تفصيل أعداد الصلاة وعدد ركعاتها ، وتفصيل مناسك الحج وشروطه ، ومقادير النصاب في الزكاة لا يمكن استخراجه إلاَّ ببيان النبي صلى الله عليه وسلم ، ووحى من جهة الله تعالى ، فتكلف القول في ذلك خطأ ممنوع منه ، يمكن أن تكون الأخبار متناولة له .
ورابعها : ما كان اللفظ مشتركاً بين معنيين فما زاد عنهما ، ويمكن أن يكون كل واحد منهما مراداً . فإنه لا ينبغى أن يقدم أحد به فيقول : إن مراد الله فيه بعض ما يحتمل لأمور ، وكل واحد يجوز أن يكون مراداً على التفصيل ، والله أعلم بما أراد .(2/472)
ومتى كان اللفظ مشتركاً بين شيئين ، أو ما زاد عليها ، ودل الدليل على أنه لايجوز أن يريد إلاَّوجهاً واحداً ، جاز أن يقال : إنه هو المراد .
ومتى قسمنا هذه الأقسام نكون قد قبلنا هذه الأخبار ، ولم نردها على وجه يوحش نقلتها والمتمسكين بها ، ولا منعنا بذلك من الكلام في تأويل الآى جملة.
وقال في موضع آخر : " ينبغى لمن تكلم في تأويل القرآن أن يرجع إلى التاريخ ، ويراعى أسباب نزول الآية على ما روى ، ولا يقول على الآراء والشهوات " (1288?????)
الفرق بينهما وبين الجمهور :
هذا ما ذكره الشيخ الطوسى ، وهو يتفق مع جمهور المفسرين فيما عدا حديثه عن المشترك ، حيث جعل للأئمة ما للنبى صلى الله عليه وسلم ، ولكن هذا ليس بمستغرب منه ، لأنه يتفق مع عقيدته في الإمامة . ولم يجعل للصحابة الكرام دوراً في التفسير ، وهم الذين تلقوه عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
والقرن الذي تلاه - أي القرن السادس الهجرى - ظهر فيه إمام المفسرين عند الجعفرية أبو على الفضل بن الحسن الطبرسي (1289?????)الذي أخرج كتاباً في التفسير هو " مجمع البيان " ، ثم ألف كتاباً آخر أصغر منه أسماه " جوامع الجامع " ، وله كتاب ثالث (1290?????).
وقد سلك مسلك الشيخ الطوسى ، وتأثر به إلى حد كبير ، فهما يمثلان جانب الاعتدال النسبى عند مفسرى الجعفرية في القديم كما أشرنا من قبل . ومع أنهما يمثلان شيئا من الاعتدال ، إلاَّ أن تناولهما لكتاب الله تعالى لم يسلم من التأثر بعقيدتهما في الإمامة ، وأهم مظاهر التأثر نراها فيما يأتى :
أولاً : اللجوء لتأويل بعض آيات الكتاب المجيد للاستدلال على عقيدة الإمامة :(2/473)
فالذين ذهبوا إلى القول بنحريف القرآن المجيد لم يضطروا للاستدلال على عقيدتهم عن طريق التأويل ما دام هؤلاء الغلاة قد زعموا أن القرآن الكريم نص على الإمامة التي يعتقدونها ، أما هما فقد وقفا طويلاً أمام بعض آيات الله تعالى : يؤولان ويجادلان لإثبات عقيدتهم ، مثال هذا ما نقلناه عنهما في الجزء الأول، وذلك عند الحديث عن آية الولاية والتطهير وعصمة الأئمة .
ثانياً : ذكرهما لبعض القراءات الموضوعة والشاذة ذات الصلة بالمذهب :
مثال هذا ما جاء في تفسير سورة آل عمران عند قوله تعالى :
( إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ( (1291?????) ، فإنهما يذكران أن قراءة أهل البيت " وآل محمد على العالمين " (1292?????).
وفى سورة الفرقان عند قوله تعالى : ( وَاجْعَلْنَا للْمُتَّقِينَ إِمَامًا ( (1293?????) ، يفسرها الطوسى بقوله : " بأن يجعلهم ممن يقتدى بأفعالهم الطاعات " ، ولكنه يذكر أن قراءة أئمتهم ( وَاجْعَلْ لنَا من الْمُتَّقِينَ إِمَامًا ( (1294?????) .
والطبرسى يذكر للإمام الصادق أقوالاً في هذه الآية الكريمة يجعلها خاصة بأئمة الجعفرية . كقول الإمام فيها : " إيانا عنى " وقوله : " هذه فينا " . ولا يكتفى بهذا بل يذكر ما يتفق مع الغلاة القائلين بالتحريف ، فيخطئ ما جاء بالمصحف الشريف ليصل إلى القراءة التي ذكرها الطوسى ، والرواية هي : " عن أبى بصير قال : قلت : واجعلنا للمتقين إماماً ، فقال :- أي الإمام الصادق: " سألت ربك عظيماً ، إنما هي : واجعل لنا من المتقين إماماً " (1295?????).
وفى قوله تعالى : (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ( (1296?????) ، يقول الطوسى : " بالريح والملائكة " ، وقيل بعلى ، وهى قراءة ابن مسعود ، وكذلك هو في مصحفه " (1297?????) .(2/474)
وقال الطبرسي : " وكفى الله المؤمنين القتال بالريح والجند ، وعن ابن مسعود أنه كان يقرأ : وكفى الله المؤمنين القتال بعلى " (1298?????).
وفى قوله تعالى : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ((1299?????) ، يذكران قراءة لتأييد رأى فقهى ارتبط بالمذهب الجعفرى ، وهو إباحتهم لزواج المتعة ، هذه القراءة هي زيادة " إلى أجل مسمى " بعد " فما استمعتم به منهن " (1300?????) .
ثالثاً : أسباب النزول :
في ذكرهما لبعض أسباب النزول يبدو أثر الإمامة واضحاً ، فمثلاً عند قوله تعالى : ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ((1301?????) ، يذكر الطوسى سبب النزول فيقول : روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوماً لعلى : " لولا إني أخاف أن يقال فيك ما قالت النصارى في عيسى لقلت فيك قولاً لا تمر بملأ إلاَّ أخذوا التراب من تحت قدميك ، أنكر ذلك جماعة من المنافقين وقالوا : لم يرض أن يضرب له مثلاً إلاَّ بالمسيح ، فأنزل الله الآية " (1302[350]) .
أما الطبرسي فيذكر سبباً آخر ، قال : " المروى عن أهل البيت أن أمير المؤمنين قال : جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فوجدته في ملأ من قريش ، فنظر إلى ثم قال : يا على ، إنما مثلك في هذه الأمة مثل عيسي ابن مريم ، أحبه قوم وأفرطوا في حبه فهلكوا ، وأبغضه قوم وأفرطوا في بغضه فهلكوا ، واقتصد فيه قوم فنجوا، فعظم ذلك عليهم وضحكوا ، فنزلت الآية " (1303?????)(2/475)
وفى سورة النحل " الآية 91 " : ( وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ( قال الطبرسي بأن الإملم الصادق قال : " نزلت هذه الآية في ولاية على والبيعة له حين قال النبي صلى الله عليه وسلم سلموا على علىّ بإمرة المؤمنين (1304?????)
وفى سورة القلم قال الطبرسي : " لما رأت قريش تقديم النبي صلى الله عليه وسلم علياً قالوا : افتتن به محمد صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى : ( ن وَالْقَلَمِ ( إلى قوله : ( بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ( ، وهم النفر الذين قالوا ما قالوا ، ( وَهُوَ أَعلَمُ بِالْمُهْتَدِين( ، على بن أبى طالب " (1305?????)
وسورة عبس سبب نزولها معروف مشهور ، ولكن الطوسى يرفض ما ذكره المفسرون (1306?????) ،ويذهب إلى أنها " نزلت في رجل من بنى أمية كان واقفاً مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أقبل ابن مكتوم تنفر منه وجمع نفسه وعبس في وجهه ، وأعرض بوجهه عنه ، فحكى الله تعالى ذلك وأنكر معاقبة على ذلك " (1307?????)
وإذا وجدنا بين أسباب النزول ما يتصل بالإمام على وبيعته ، وهو لم يصح من طريق ، ويقطع برفضه كون النزول في مكة ، وسياق الآيات الكريمة كذلك ، إلاَّ أنا نجد الأمر يختلف بالنسبة لغير أبى الحسن ، مثال هذا ما جاء في سورة الليل: فالطبرسى يورد رواية تبين أن أبا الدحداح هو المراد من قوله تعالى : ( فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى( ثم يقول ... " وعن ابن الزبير قال : إن الآية نزلت في أبى بكر، لأنه اشترى المماليك الذين أسلموا مثل بلال وعامر بن فهيرة وغيرهما ، وأعنقهم ، والأولى أن تكون الآيات محمولة على عمومها في كل من يعطى حق الله من ماله " (1308?????) أما الطوسى فإنه لا يذكر سبباً للنزول(1309?????).
رابعاً : جعل الأئمة هم المراد من كلمات الله :(2/476)
ذكرنا من قبل أن أولئك الغلاة الذين عز عليهم خلو القرآن من ذكر الأئمة ووجوب ولايتهم ، ذهبوا إلى القول بالتحريف وإسقاط أسماء الأئمة وآيات الولاية . وهنا نجد الدافع نفسه يدفع الطوسى والطبرسى إلى شئ آخر هو اللجوء إلى تأويل كثير من أي القرآن الكريم حتى يكون للأئمة والولاية ذكر ، ولنضرب لذلك بعض الأمثلة التي ما أكثرها !
في سورة النساء " الآية 83 " ( وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً( ، يروى الطبرسي عن أئمته أن " فضل الله ورحمته النبي وعلى عليهما السلام " (1310[358]) .
وفى نفس السورة " الآية 159 " ( وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بهِ قَبْلَ مَوْتِه ( ، يروى الطبرسي عن الإمامين الباقر والصادق : " حرام على روح امرئ أن تفارق جسدها حتى ترى محمداً وعلياً بحيث تقر عينها أو تسخن " (1311[359]) .
وفى سورة الأعراف " الآية 44 " ( وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ( ، فينقل الطبرسي عن تفسير القمي ، عن الإمام الرضا أنه قال : المؤذن أمير المؤمنين على . ويذكر كذلك أن الإمام عليا قال : أنا ذلك المؤذن ، وعن ابن عباس : إن لعلى في كتاب الله أسماء لا يعرفها الناس . ويقول الطبرسي أيضاً : فهو المؤذن بينهم يقول : ألا لعنة الله على الذين كذبوا بولايتى واستخفوا بحقى (1312[360]).
وعند الحديث عن أصحاب الأعراف في الآيات التالية يقول الطوسى بأن علياً قسيم الجنة والنار ، ويزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يا على ، كأنى بك يوم القيامة وبيدك عصا موسى ، تسوق قوماً إلى الجنة وآخرين إلى النار " (1313[361]) .(2/477)
ويروى الطبرسي عن أمير المؤمنين قال : " نحن نوقف يوم القيامة بين الجنة والنار ، فمن نصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة ، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار " (1314[362]).
وفى سورة النمل " الآية 82 " : (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ ( ، يذكر الطبرسي أن الإمام علياً هوهذه الدابة ، وينقل عن تفسير العياشى ما يفيد هذا (1315[363])
وفى سورة محمد " الآية 30 " : ( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ( يروى الطبرسي أن لحن القول بغضهم على بن أبى طالب (1316[364])
وفى سورة ق " الآية 24 " :( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ(، يزعم الطبرسي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كان يوم القيامة يقول الله لي ولعلى : " ألقيا في النار من أبغضكما ، وأدخلا في الجنة من أحبكما " . وذلك قوله عز اسمه : ( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ( (1317[365]).
ونجد الطوسى والطبرسى لا يقتصران في التأويل على ذكر الإمام على ، فقد جعلا لغيره من الأئمة نصيباً ، ومن أمثلة هذا ما نقرؤه عند تأويلهما لقوله تعالى في سورة البقرة " الآية 37 " : ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ(، فالطوسى بعد أن ذكر الروايات المختلفة في تأويل الكلمات يقول : " في أخبارنا توسله - أي آدم- بالنبى صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ، وكل ذلك جائز " (1318[366]) .
والطبرسى بعد ذكره لتلك الروايات يقول : " قيل - وهى رواية تختص بأهل البيت عليهم السلام - إن آدم رأى مكتوباً على العرش أسماء معظمة مكرمة ، فسأل عنها ، فقيل له : هذه الأسماء أجل الخلق منزلة عند الله تعالى ، والأسماء : محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين ، فتوسل آدم عليه السلام إلى ربه بهم في قبول توبته ورفع منزلته " (1319[367]) .(2/478)
ونجد الزعم كذلك بأن الأئمة هم حبل الله (1320[368]) في قوله تعالى في سورة آل عمران " الآية 103 " : ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ( .
وهم المخاطبون في قوله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ ( (1321[369]) فيرويان عن أئمتهما أن هذا أمر لكل واحد من الأئمة أن يسلم الأمر إلى ولى الأمر بعده (1322[370]).
وهم أولو الأمر في الآية التي تلتها ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ( (1323[371])
وفى الآية الثالثة والثمانين من نفس السورة : ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ ( (1324[372]).
وهم أهل الذكر(1325[373])( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ( " الأنبياء : 7 ".وهم المصطفون (1326[374]) ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا( " فاطر : 32 " .
وهم من أذن له الرحمن (1327[375]) ( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا( " النبأ : 38 " .
والأئمة الذين ورد ذكرهم كثيراً في هذين التفسيرين نجد لولايتهم حظاً من التأويل ، فعند قوله تعالى في سورة البقرة " الآية 208 " : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ( ، يرويان عن أصحابهما أن السلم الدخول في الولاية (1328[376]).
وفى الآية السابعة من سورة المائدة : ( وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ( . يرويان دخول الولاية في المراد بالميثاق (1329[377]) .(2/479)
وفى سورة طه " الآية 82 " : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى( ، يرويان أن الاهتداء إلى الولاية (1330[378]).
وسورة محمد " الآية 26 " : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ( ، روى الطبرسي أن ما نزل الله في الولاية (1331[379]).
وإمامهم الثاني عشر - الإمام المهدى - نجد له ذكراً خاصاً .
فعند قوله تعالى في سورة البقرة " الآية الثالثة " : ( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ( ، نراهما يدخلان في الإيمان بالغيب ما رواه أصحابهما من زمان غيبة المهدى ووقت خروجه (1332[380]).
وفى سورة الأنبياء " الآية : 105 " : ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ( ، يروى الطبرسي عن الإمام الباقر ، أن هؤلاء الوارثين هم أصحاب المهدى في آخر الزمان (1333[381]).
وفى سورة النور " الآية 55 " : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ( ، يرويان عن أئمتهم " هم والله شيعتنا أهل البيت ، يفعل ذلك بهم على يد رجل منا ، وهو مهدى هذه الأمة "(1334[382]). وفى سورة الفتح " الآية 28 " : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ( ، يذكر " أنه إذا خرج المهدى صارالإسلام في جميع البشر ، وتبطل الأديان كلها " (1335[383]).(2/480)
وبعد : فهذه أهم آثار الإمامة في تفسير هذين الشيخين : الطوسى والطبرسى ، وإن كان الثاني (- كما يظهر (- أكثر تأثراً من شيخ الطائفة ، وهما وإن لم يجنبا كتاب الله تعالى هذه الناحية الطائفية -التي ليس لها مستند من كتاب ولا سنة كما أثبتنا - إلاَّ أنهما مع هذا من أكثر الشيعة اعتدالاً ، أو أقلهم غلواً . ويبدو البون شاسعاً عند المقارنة بينهما وبين من سبقهما من الغلاة .ولذلك جاء القول بالاعتدال النسبى أو إلى حد ما نتيجة المقارنة بغلاتهم الضالين ، وإلا فجانب الغلو والتطرف فيهم ، وفى أمثالهم ، واضح بين !
الفصل السادس
التفسير بعد الطوسي والطبرسي
أولاً : تفسير الصافى :
ذكرنا من قبل أن الشيعة بعد هذا في تناولهم لكتاب الله تعالى منهم من سلك منهجا فيه شئ من الاعتدال ، أو سلك مسلك الغلو ، ومنهم من جمع بين المسلكين أو اقترب من أحدهما .
ومن الكتب التي اطلعت عليها : تفسير الصافى ، لمحمد بن مرتضى المدعو بمحسن . انتهى مؤلفه من كتابته سنة 1075 هـ . وقد حاول أن يأتى بكل ضلالة جاءت في الكتب الثلاثة التي رزئ بها القرن الثالث الهجرى ، والتي تحدثنا عنها ، وهى تفاسير الحسن العسكرى والعياشى والقمى ، وزاد كذلك في النقل عن بعض الكتب الأخرى كروايات التحريف والتأويلات الفاسدة التي رواها الكلينى في كتابه الكافى . فهذا الكتاب إذن يمثل جانب الغلو والتطرف ، ويعد استمراراً لحركة التضليل والتشكيك ، ولذلك نقرأ فيه القول بتحريف القرآن الكريم ، ومهاجمة الصحابة الأكرمين ، والتأويلات التي تجعل من كتاب الله تعالى كتاباً من كتب فرق الغلاة ، وغير ذلك مما ذكرناه عند تناولنا للكتب الثلاثة .(2/481)
فهو يرى أن تفسير القرآن الكريم لا يصح إلاَّ عن طريق أئمة الجعفرية " فكل ما لايخرج من بيتهم فلا تعويل عليه " (1336[384]) والرسول صلى الله عليه وسلم فسره لرجل واحد هو الإمام على (1337[385]) ، ويهاجم من يأخذ التفسير المروى عن الصحابة لأن " أكثرهم كانوا يبطنون النفاق ، ويجترئون على الله ، ويفترون على رسول الله في عزة وشقاق " (1338[386]) .
وهو يرى أن جل القرآن إنما نزل في أئمة الجعفرية ، وفى أوليائهم ، وأعدائهم (1339[387]). ويذكر روايات كثيرة في تحريف القرآن الكريم (1340[388]) ، بل يزعم أن في القرآن الكريم من التنافر والتناكر ما يدل على التحريف .
مثال هذا ما نصه : " وأما ظهورك على تناكر قوله : ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء ( (1341[389]) ، وليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء ، ولا كل النساء أيتاماً ، فهو مما قدمت ذكره من إسقاط المنافقين من القرآن ، وبين القول في اليتامى وبين نكاح النساء من الخطاب والقصص أكثر من ثلث القرآن " (1342[390]) .
وصاحب الصافى يعقب على روايات التحريف بقوله : " المستفاد من مجموع هذه الأخبار ، وغيرها من الروايات عن طريق أهل البيت ، أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله ، ومنه ما هو مغير محرف ، وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة ، منها اسم علىّ في كثير من المواضع ، ومنها لفظْة آل محمد غير مرة . ومنها أسماء المنافقين في مواضعها ، ومنها غير ذلك . وأنه ليس أيضاً على الترتيب المرضى عند الله وعند رسوله " (1343[391]) .
و لا يكتفى بذكر هذه الروايات ، والتعقيب عليها ، ولكن يذكر آراء الطبرسي والصدوق والطوسى في عدم التحريف ، ويرد عليهم بما يبين مدى غلو هذا الضال المضل (1344[392]).(2/482)
ومن أحاديثه عن الصحابة - رضوان الله تعالى عنهم ، أنهم كانوا أهل ردة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاَّ ثلاثة هم : المقداد وأبو ذر وسلمان الفارسى ! وأن أربعة اجتمعوا على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسم ، هم : أبو بكر وعمر وابنتاهما عائشة وحفصة (1345[393]) !!
والكتاب كله يسير في ظلمات الضلال ، ولنزد ذلك بياناً ببعض الأمثلة :
في أول سورة البقرة :( الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ( ينقل عن العياشى عن الإمام الصادق أنه قال : " كتاب على لا ريب فيه " ، ويعقب على هذا بقوله : " ذاك تفسيره ، وهذا تأويله ، وإضافته الكتاب إلى على بيانية ، يعنى أن ذلك إشارة إلى على . والكتاب عبارة عنه ، والمعنى أن ذاك الكتاب الذي هو على لا مرية فيه " . ثم يفسر المتقين بأنهم الشيعة ، ويقول : " وإنما خص المتقين بالاهتداء به لأنهم المنتفعون به " (1346[394]).
وعند قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ( (1347[395]) يقول : " كابن أبى وأصحابه ، وكالأول والثاني وأضرابهما من المنافقين ، الذين زادوا على الكفر الموجب للختم والغشاوة والنفاق ، ولا سيما عند نصب أمير المؤمنين للخلافة والإمامة " (1348[396]). ثم يذكر ما نقلناه من قبل عن تفسير الحسن العسكرى لهذه الآية الكريمة ، وذكره للغدير ، وخيانة خير أمة أخرجت للناس (1349[397]).(2/483)
وفى تفسيره لسورة القدر نراه يتفق مع القمي وينقل عنه ما ذكرناه من قبل ، بل يزيد عنه بأن وجود القرآن متعلق بوجود الإمام !! وكلامه بالنص بعد أن ذكر رواية عن الإمام أبى عبدالله بأنه لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن : " وذلك لأن في ليلة القدر ينزل كل سنة من تبيين القرآن وتفسيره ما يتعلق بأمور تلك السنة إلى صاحب الأمر ، فلو لم يكن ليلة القدر لم ينزل من أحكام القرآن ما لا بد منه في القضايا المتجددة ، وإنما لم ينزل ذلك إذا لم يكن من ينزل عليه ، وإذا لم يكن من ينزل عليه لم يكن قرآناً ، لأنهما متصاحبان لن يفترقا حتى يردا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حوضه كما ورد في الحديث المتفق عليه "(1350[398]) .
إذن يمكن القول بأن تفسير الصافى لا يقل غلواً عن التفاسير الثلاثة بل زاد عنها .
ثانياً: البرهان في تفسير القرآن
وممن عاصر صاحب الصافى السيد هاشم البحرانى " توفى سنة 1107 أو سنة 1109 " وله كتاب " البرهان في تفسير القرآن " جمع فيه كثيراً من الروايات الجعفرية في تفسير القرآن الكريم (1351[399]).
والكتاب لا يختلف كثيراً عن تفسير الصافى ، فهو يسير في طريق الضلال نفسه ، يحرف كتاب الله تعالى نصاً ومعنى ، ويطعن في حفظة الكتاب الكريم ، وحملة الشريعة من الصحابة الكرام الأطهار ، ويذكر من الروايات المفتراة ما يؤيد ضلاله .
ونستطيع أن ندرك منهج هذا التفسير الضال المضل ، وأثر الإمامة فيه ، من الأبواب التي نراها في الجزء الأول قبيل البدء في تفسير السور الكريمة ، ومن الأخبار التي أثبتها البحرانى في هذا الكتاب ، فلنضرب بعض الأمثلة.
ذكر البحرانى " باب في أن القرآن لم يجمعه كما أنزل إلاَّ الأئمة ، وعندهم تأويله " . وتحت هذا الباب نجد ستة وعشرين خبراً (1352[400]).(2/484)
وفى " باب فيما نزل عليه القرآن من الأقسام "(1353[401]) يذكر عن أمير المؤمنين أنه قال : نزل القرآن أثلاثاً : ثلث فينا وفى عدونا ، وثلث سنن وأمثال ، وثلث فرائض وأحكام . وعن أبى عبدالله : إن القرآن نزل على أربعة أرباع .
ويذكر " باب في أن القرآن نزل بإياك أعنى واسمعى يا جارة " (1354[402]) و" باب فيما عنى به الأئمة في القرآن " ، وفيه ، لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتنا فيه مسمين كما سمى من قبلنا (1355[403]).
ويقول البحرانى :
وأما ما هو على خلاف ما أنزل الله فهو قوله : ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (... وأما ما هو محرف منه قوله : ( لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ الله إِلَيْكَ في على( كذا نزلت(1356[404]) .
وأما ما تأويله بعد تنزيله : فالأمور التي حدثت في عصر النبيصلى الله عليه وسلم ، وبعده ، في غصب آل محمد صلى الله عليه وسلم حقهم ، وما وعدهم الله تعالى من النصرة على أعدائهم ، وما أخبر الله سبحانه به نبيه من أخبار القائم وخروجه ، وأخبار الرجعة (1357[405]).
وأما ما هو مخاطبة لقوم ومعناه لقوم آخرين فقوله : ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ ( أنتم يا معشر أمة محمد (1358[406]).
وأما الرد على من أنكر الرجعة فقوله : ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا ( (1359[407])
ومن هذا يتضح منهج هذا البحرانى ، ونزيد لك بياناً بشئ مما جاء في تفسيره للآيات الكريمة .
مما جاء في تفسيره للفاتحة :" غير المغضوب عليهم النصاب ، والضالين : الشكاك الذين لا يعرفون الإمام " .
ويروى عن أبى جعفر أنه قال : " إن الله عز وجل خلق جبلاً محيطاً بالدنيا ، زبرجدة خضراء ، وإنما خضرة السماء من خضرة ذلك الجبل ، وخلق خلفه خلقاً لم يفترض عليهم شيئاً مما افترض على خلقه من صلاة وزكاة ، وكلهم يلعن رجلين من هذه الأمة سماهما " .(2/485)
ويروى عنه أيضاً أنه قال : " من وراء شمسكم هذه أربعون عين شمس ، ما بين عين شمس إلى عين شمس أربعون عاماً ، فيها خلق كثير ، ما يعلمون أن الله تعالى خلق آدم أو لم يخلقه . وإن من وراء قمركم هذا أربعون قرصاً ، وبين القرص إلى القرص أربعون عاماً ، فيها خلق كثير لا يعلمون أن الله - عز وجل- خلق آدم أو لم يخلقه ، قد ألهموا كما ألهمت النحلة لعنة الأول والثاني في كل الأوقات ، وقد وكل بهم ملائكة متى لم يلعنوا عذبوا " (1360[408]).
وفى أول سورة البقرة يذكر ما رأيناه من قبل في تفسير الصافى فيقول " كتاب على لا ريب فيه " (1361[409]).
وهكذا نرى من هذه الأمثلة القليلة (1362[410]) أن هذا التفسير كسابقه يسير في طريق الضلال ، ويعتبر امتداداً للحركة التي منى بها القرن الثالث ، ويمثل جانب الغلو والتطرف .
ثالثاً: بحار الأنوار
وممن عاصر صاحبى الصافى والبرهان المولى محمد باقر المجلسى ، المتوفى سنة 1111 ، وهو من أشهر علماء الجعفرية ، وله مكانته عندهم . وللمجلسى موسوعته الكبرى " بحار الأنوار " ، تحدث فيها عن أشياء كثيرة ، يعنينا منها هنا ما يتصل بكتاب الله تعالى ، وأثر الإمامة فيه والمجلسى لم يؤلف بحاره للتفسير ، وإنما لخدمة المذهب الجعفرى الاثنى عشرى ، فالحديث عن القرآن الكريم جاء من هذا الباب . وقد جعل كتاباً للإمام تحته مئات الأبواب ، ضمتها مجموعة من أجزاء البحار. ومن هذه الأبواب " أبواب الآيات النازلة فيهم " : أي في الأئمة كما يزعم ، وهى تقع في أكثر من ستمائة صفحة في جزأين (1363[411]). ومنها كذلك " أبواب الآيات النازلة في شأنه الدالة على فضله وإمامته " ، أي في شأن الإمام على ، وهى تقع فيما يقرب من أربعمائة وخمسين صفحة في جزأين كذلك (1364[412]).
ويكفى أن نذكر عناوين بعض هذه الأبواب ليظهر مدى غلو هذا الضال ، فمن أبوابه :(2/486)
باب أنهم - أي الأئمة - آيات الله وبيناته وكتابه (1365[413]) ، وأن الأمانة في القرآن الإمامة (1366[414]) ، وأنهم أنوار الله تعالى وتأويل آيات النور فيهم (1367[415]) ، وتأويل المؤمنين والإيمان والمسلمين والإسلام بهم وبولايتهم... والكفار والمشركين والكفر والشرك والجبت والطاغون واللات والعزى والأصنام بأعدائهم ومخالفيهم (1368[416]) ، وأنهم خير أمة وخير أئمة أخرجت للناس (1369[417])، وأنهم جنب الله ووجه الله ويد الله وأمثالها(1370[418])، وأنه - أي الإمام علياً - المؤمن والإيمان والدين والإسلام والبينة والسلام وخير البرية في القرآن الكريم ... وأعداؤه " الكفر والفسوق والعصيان"(1371[419])، وأنه أنزل فيه - صلوات الله عليه - الذكر والنور والهدى والتقى في القرآن(1372[420]) ، وأنه النبأ العظيم والآية الكبرى(1373[421]) .
والمجلسى ينقل عن التفاسير الثلاثة الضالة التي ظهرت في القرن الثالث الهجرى ، وعن غيرهما من كتب غلاة الشيعة ، ولكنه لا يكتفى بالنقل ، وإنما كثيراً ما يذكر رأيه سواء في هذه الأجزاء أو في غيرها من كتابه البحار .
وإذا كان تأليف الأبواب على هذه الصورة يدل على فساد عقيدته التي تنزل به إلى درك الغلاة ، فإن ذكر الآراء يكشف عن حقيقته بوضوح يمنع المماحكة وخلق الأعذار ، وهاك بعض ما جاء في كتابه .(2/487)
نقل عن الكافى ثلاث روايات عن الإمام أبى جعفر قال : نزل جبريل بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وسلم : ( بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ( في على " بَغْيا"" وقال : نزل جبرائيل بهده الآية على محمد صلى الله عليه وسلم هكذا :( وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا( في على (فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ ( وقال: نزل بهذه الآية هكذا : ( يَا أَيُّهَآ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا أنَزَّلْنَا( في علىّ ( نُورًا مُّبِينًا(
وبعد هذه الروايات قال المجلسى (1374[422]):
بيان : قوله : " على عبدنا في على ع " لعله كان شكهم فيما يتلوه صلى الله عليه وسلم في شأن على " ع " ، فرد الله عليهم بأن القرآن معجزة ، ولا يمكن أن تكون من عند غيره . وأما الأية الثالثة فصدرها في أوائل سورة النساء هكذا : ( يَا أَيهَآ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم ( وآخرها في آخر تلك السورة هكذا :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا( ، ولعله سقط من الخبر شئ ، وكان اسمه " ع " في الموضعين ، فسقط آخر الأولى وأول الثانية من البين ، أو كان في مصحفهم عليهم السلام إحدى الآيتين كذلك ، ولا يتوهم أن قوله( مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم ( في الأولى ينافى ذلك ، إذ يمكن أن يكون على هذا الوجه أيضاً الخطاب إلى أهل الكتاب ، فإنهم كانوا مبغضين لعلى " ع " لكثرة ما قتل منهم ، وكان اسمه " ع" مثبتاً عندهم في كتبهم كاسم النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذا قوله ( أُوتُواْ الْكِتَابَ ( ، وإن احتمل أن يكون المراد بالكتاب القرآن .
وذكر المجلسى بعد هذا روايات أخرى عن الكافى أيضاً فيها آيات محرفة كذلك ، وقال عن التحريف في بعضها :(2/488)
" يحتمل التنزيل والتأويل " ، واحتمل في موضع آخر وجود الآيات المحرفة في مصحف خاص بأئمتهم كما ذكر من قبل (1375[423]).
ثم أورد المجلسى ثلاث روايات من الكافى عن الإمام أبى عبدالله جعفر الصادق هي (1376[424]) :
عنه في قول الله عز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ ( قال : نزلت في فلان وفلان وفلان وفلان : آمنوا بالنبىصلى الله عليه وسلم في أول الأمر، وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية حين قال النبي صلى الله عليه وسلم : من كنت مولاه فعلى مولاه ، ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين رضي الله عنه ، ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقروا بالبيعة ، ثم ازدادوا كفراً بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم ، فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شيء .
وعنه في قول الله تعالى " 25 : محمد " : ( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى ( فلان وفلان وفلان ، ارتدوا عن الإيمان في ترك ولاية أمير المؤمنين رضي الله عنه ، قلت : قوله تعالى " 26 : محمد "(2/489)
( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ( قال : نزلت والله فيهما وفى أتباعهما ، وهو قول الله عز وجل الذي نزل به جبرائيل " ع " على محمد صلى الله عليه وسلم ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ( في على ( سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ( قال : دعوا بنى أمية إلى ميثاقهم ألا يصيروا الأمر فينا بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يعطونا من الخمس شيئاً ، وقالوا : إن أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شئ ، ولا يبالوا ألاَّ يكون الأمر فيهم ،فقالوا : سنطيعكم في بعض الأمر الذي دعوتمونا إليه ، وهو الخمس ألا نعطيهم منه شيئاً ، وقوله " كرهوا ما نزل الله " والذى نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين ، وكان معهم أبو عبيدة ، وكان كاتبهم ، فأنزل الله : ( أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم ( " 79 : 80 الزخرف " .
والرواية الثالثة أنه قال في قوله تعالى " 25 : الحج " : ( وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ( ، نزلت فيهم : حيث دخلوا الكعبة ، فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم ، وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين رضي الله عنه ، فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول ووليه ، فبعداً للقوم الظالمين .
وبعد هذه الرواية قال المجلسى :(2/490)
بيان : قوله : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ( أقول : الآية في سورة النساء (1377[425])هكذا : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً( ، وفى سورة آل عمران (1378[426]) هكذا ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ( ، ولعله - ضم جزءاً من إحدى الآيتين إلى جزء من الأخرى لبيان اتحاد مفادها ، ويحتمل أن يكون في مصحفهم " ع " هكذا ، والظاهر أن المراد بالإيمان في الموضعين الإقرار باللسان فقط ، وبالكفر الإنكار باللسان أيضاً ، كما صرح به في تفسير على بن إبراهيم .
قوله : بأخذهم من بايعه بالبيعة : لعل المراد بالموصول أمير المؤمنين رضي الله عنه ، والمستتر في قوله : بايعه راجع إلى أبى بكر ، والبارز إلى الموصول ، ويحتمل أن يكون المستتر راجعاً إلى الموصول ، والبارز إليه ، أي أخذواالذين بايعوا أمير المؤمنين يوم الغدير بالبيعة لأبى بكر ، ولعله أظهر .
قوله : فلان وفلان وفلان : هذه الكنايات يحتمل وجهين : الأول أن يكون المراد بها بعض بنى أمية كعثمان وأبى سفيان ومعاوية ، فالمراد بالذين كرهوا ما نزل الله أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ، إذ ظاهر السياق أن فاعل " قالوا " الضمير الراجع إلى " الذين ارتدوا " والثاني أن يكون المراد بالكنايات أبا بكر وعمر وأبا عبيدة ، وضمير " قالوا " راجعاً إلى بنى أمية بقرينة كانت عند النزول ، والمراد بالذين كرهوا الذين ارتدوا ، فيكون من قبيل وضع المظهر في موضع المضمر . نزلت والله فيهما : أي في أبى بكر وعمر ، وهو تفسير للذين كرهوا . وقوله : وهو قول الله : تفسير لما نزل الله ، وضمير " دعوا " راجع إليهما وأتباعهما ، " وقالوا " أي هما وأتباعهما .(2/491)
قوله ، في بعض الأمر : لعلهم لم يجترئوا أن يبايعوهم في منع الولاية فبايعوهم في منع الخمس ، ثم أطاعوهم في الأمرين جميعاً ، ولا يبعد أن تكون كلمة " في " على هذا التأويل تعليلية ، أي نطيعكم بسبب الخمس لتعطونا منه شيئا . وقوله : " كرهوا ما نزل الله " إعادة للكلام السابق لبيان أن ما نزل الله في على هو االولاية ، إذ لم يظهر ذلك مما سبق صريحاً ، ولعله زيدت الواو في قوله: " والذى " من النساخ ، وقيل : قوله مرفوع على قول الله من قبيل عطف التفسير ، فإنه لا تصريح في المعطوف عليه ، بأن النازل فيهما في أتباعهما كرهوا أم قالوا (1379[427]).
وبعد أن انتهى المجلسى من بيانه السابق ذكر عشرات الروايات التي تحمل التحريف لكتاب الله تعالى ، والتكفير لمن رضي الله عنهم ورضوا عنه من الصحابة الكرام البررة ، ثم قال :
اعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد إمامة أمير المؤمنين والأئمة من ولده " ع " وفضل عليهم غيرهم ، يدل على أنهم كفار مخلدون في النار (1380[428]) . ثم أورد ما يؤيد به رأيه ، فقال : " قال الشيخ المفيد قدس الله روحه - في كتاب المسائل : اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة ، وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة ، فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار، وقال في موضع آخر : اتفقت الإمامية على أن أصحاب البدع كلهم كفار ، وأن على الإمام أن يستتيبهم عند التمكن بعد الدعوة لهم ، وإقامة البينات عليهم ، فإن تابوا من بدعهم ، وصاروا إلى الصواب وإلا قتلهم لردتهم عن الإيمان، وأن من مات منهم على ذلك فهو من أهل النار " .
ومن هذا نرى أن كتاب بحار الأنوار للمجلسى يعتبر امتداداً لحركة التضليل والتشكيك في كتاب الله العزيز ، ويمثل جانب الغلو والتطرف عند الجعفرية الاثنى عشرية (1381[429]).
رابعاً : تأويل الآيات الباهرة(2/492)
والمجلسى ليس أول من عنى بجمع الآيات التي أجرم الضالون من طائفته بتحريفها في اللفظ أو المعنى ، فمن قبله مثلاً شرف الدين بن على النجفى الذي ألف كتاباً أسماه " تأويل الآيات الباهرة في فضل العترة الطاهرة " ، ونقل المجلسى عنه بعض رواياته(1382[430]) .
والكتاب لا يجمع الآيات تحت أبواب - كما فعل المجلسى ، وإنما يسير بترتيب السور الكريمة .
وفى ذكره لبعض آيات سورة البقرة يجمع أكثر ما جاء به من التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكرى . والتحريف في النص يكثر نقله عن القمي ، وتلميذه الكلينى .
ولسنا في حاجة لذكر أمثلة ، فالكتاب كله صورة واضحة لهذا الضلال والإضلال (1383[431]).
وسيأتى ذكر لكثير من كتبهم مثل هذا الكتاب .
خامساً : تفسير شبر :
ويبدو أن حركة التضليل والتشكيك كانت أقوى من الحركة المضادة ، ذلك أن الكتب الضالة التي ظهرت في القرن الثالث منها كتاب ينتسب إلى إمام ، وآخر لمفسر يوثقونه كل توثيق ، أحد تلاميذه هو الكلينى ، صاحب كتاب الحديث الأول عند الجعفرية ، وقد نقل عن شيخه القمي مئات الروايات في التحريف والتكفير وغير ذلك ، والثالث للعياشى وهو في مكانة القمي عندهم ، ولهذا ما وجدت أو قرأت من كتاب من كتب التفسير الجعفرى يصل إلى كتاب التبيان للطوسى في اعتداله النسبى أو قلة غلوه(1384[432]) . ولكن ظهر بعض التفاسير التي لم ترتفع إلى هذا المستوى ، ولم تنزل إلى ذلك الدرك الأسفل . ومن هذه الكتب تفسير القرآن الكريم للسيد عبدالله شبر (1385[433]).
ولنتبين أهم آثار الإمامة في هذا التفسير ومدى غلوه نعرض ما يأتى :
أولا ً :
بالنسبة للقول بتحريف القرآن الكريم أو عدم تحريفه لم أجد لشبر نصاً صريحاً ، ولكن يبدو أنه يميل إلى القول بالتحريف ، ويظهر هذا الترجيح مما يكثر منه على أنه من القراءات ، ومن هذه القراءات .(2/493)
في سورة آل عمران الآيات 102 ، 104 ، 110 ، فالآية الأولى هي : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ( ولكن شبراً يذكر أنها قرئت " تقية " و " مسلّمون " وواضح أن تحريف التقوى بالتقية لتأييد مبدأ من مبادئ الجعفرية ، وأما الكلمة الأخرى فيقول عنها شبر " وقرئ بالتشديد أي منقادون للرسول ثم للإمام من بعده " (1386[434]).
والآية الثانية ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( يبدل كلمة " أمة " بأئمة (1387[435])أي أئمة الجعفرية .
وكذلك فعل في الآية الثالثة ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ( فيقول : " هم آل محمد عليهم السلام، وقرئ كنتم خير أئمة " (1388[436]).
وفى سورة الحجر " الآية 41 " : ( قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتقِيمٌ( يبدل الجار والمجرور باسم الإمام على فيقول " صراط عَلِىٍّ بالإضافة (1389[437]).
وفى سورة الحج " الآية 52 " : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ( يقول شبر : " وعنهم أي أئمته أو محدث بفتح الدال ، هو الإمام يسمع الصوت ولا يرى الملك (1390[438]). وغير هذا كثير(1391[439]) .
ومما يرجح كذلك انضمام شبر إلى القائلين بالتحريف ، موقفه من الآية التاسعة من سورة الحجر ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ( حيث أولها بقوله : " وإنا له لحافظون عند أهل الذكر واحداً بعد واحد إلى القائم أو في اللوح ... وقيل الضمير للنبى " (1392[440]).(2/494)
ثانياً : نجد شبراً ممن يطعن في الصحابة الأبرار ، وأمهات المؤمنين الطاهرات : فمثلاً آيات سورة النور التي تحدثت عن الإفك لتبرئة أم المؤمنين السيدة عائشة - رضي الله عنها ، نرى شبراً يجعل فيها اتهاماً لمن برأها الله تعالى فيقول : ( وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ ( تحمل معظمه ( مِنْهُمْ( من الآفكين ( لَهُ عذَابٌ عَظِيمٌ( في الآخرة . أو في الدنيا بجلدهم ، نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عائشة من أنها حملت بإبراهيم من جريج القبطى ، وقيل في عائشة"(1393[441]).
وفى سورة التوية " الآية 40 " : ( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ... ( يعز على شبر أن ينزل من السماء تكريم لأبى بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه ولا يكتفى بنفى هذا التكريم ، بل يفترى على الله تعالىمرة أخرى ، ويجعل من الآية الكريمة اتهاماً لأفضل المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذلك يقول :(إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ ( ولا مدح فيه إذ قد يصحب المؤمن الكافر كما : ( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ( (1394[442]) ( لاَ تَحْزَنْ ( : فإنه خاف على نفسه ، وقبض واضطرب حتى كاد أن يدل عليهما ، فنهاه عن ذلك ( إِنَّ اللّهَ مَعَنَا( عالم بنا ( ( فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ (طمأنينة (عَلَيْه(ِ على الرسول ، وفى إفراده صلى الله عليه وسلم بها ههنا مع اشتراك المؤمنين معه حيث ذكرت ما لايخفى(1395[443]).(2/495)
ثالثاً : نجد شبراً يغالى في أئمته ، ويخضع القرآن الكريم لهذا الغلو ، فيضيف إلى التحريف في النص تحريفاً في المعنى . انظر مثلاً تأويله لسورة القدر حيث يقول : ( تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ( : جبرائيل أو خلق أعظم من الملائكة (بِإِذْنِ رَبِّهِم ( يأمره كل سنة إلى النبي وبعده إلى أوصيائه ، ( مِّن كُلِّ أَمْرٍ( : بكل أمر قدر في تلك السنة أو من أجله ، ( سَلَامٌ هِيَ ( : قدم الخبر للحصر أي ما هي إلاَّ سلامة أو سلام ؛ لكثرة سلام الملائكة فيها على ولى الأمر (1396[444]) .
وفى سورة المعارج ، بعد أن ذكر أنها مكية ، يقول :
( سَأَلَ سَائِلٌ ( : دعا داع ، ( بِعَذَابٍ وَاقِعٍ( : نزلت لما قال بعض المنافقين يوم الغدير : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، فرماه الله بحجر فقتله (1397[445]).
وفى الآية الثامنة من سورة هود يقول :
(وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ( : أوقات قليلة ، قال الصادق : هي أصحاب المهدى عدة أصحاب أهل بدر (1398[446]).
هذا بعض ما جاء في تفسير شبر ، وأظنه يكفى لبيان أثر الإمامة فيه ، وهو وإن كان في منزلة بين المنزلتين ، إلاَّ أنه إلى الغلو أقرب ، وعن الاعتدال أكثر بعداً .
سادساً : كنز العرفان
وبعد الانتهاء من النظر في تلك الكتب ، نأتى إلى لون آخر من التفاسير ، وهى تختص بآيات الأحكام فقط ، رجعت إلى كتابين أحدهما يمثل جانب الاعتدال النسبى ، والآخر سار في طريق الغلاة .
الكتاب الأول هو " كنز العرفان في فقه القرآن " ، لمقداد بن عبدالله السيورى الحلى (1399[447]) ، والكتاب ينتصر للأحكام التي استقر عليها رأى الشيعة الجعفرية ، مخالفين بها كل المذاهب أو بعضها ، فمثلاً عند قوله تعالى :(2/496)
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ( (1400[448]) ، نراه يقف طويلاً عند عجز الآية، محاولاً إثبات أن الواجب مسح الرجلين لا غسلهما (1401[449]) .
وعند قوله عز وجل ( وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ( (1402[450]) ، حاول أن يثبت وجوب رد السلام في أثناء الصلاة (1403[451]).
والانتصار للفقه الشيعى الجعفرى من باحث جعفرى أمر متوقع ، بل لا ينتظر غيره ، ولكنه ينتهى أحياناً إلى آراء أثر الإمامة يبدو فيها واضحاً ، ومن أمثلة هذه الأراء ما يأتى :
عند قوله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ( (1404[452]) ينتهى إلى أن في الآية أحكاماً هي :
أن المشركين أنجاس نجاسة عينية لا حكمية ، وأن آثارهم وكل ما باشروه برطوبة نجس أيضاً ، وأنه لا يجوز دخولهم المسجد الحرام ، وكذا باقى المساجد لنصوص الأئمة . ثم يقول : " لا فرق بينهم وبين الكفار عندنا في جميع ما تقدم للإجماع المركب ، فإن كل من قال بنجاستهم عيناً قال بنجاسة كل كافر ، ولأن أهل الذمة مشركون " (1405[453]) . وبالبحث عن باقى الكفار عندهم نجد أن الجعفرية توسعوا في مفهوم الكفر فحكموا بكفر كثير من المسلمين ، حتى أن بعضهم اعتبر غير الجعفرى كافراً مشركاً (1406[454]) .(2/497)
وفى قوله عز وجل : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا( (1407[455]) : يذكر مشروعية الصلاة على الآل تبعاً للنبى صلى الله عليه وسلم، وجواز الصلاة عليهم " لا تبعاً له بل إفراداً كقولنا اللهم صلى على آل محمد ، بل الواحد منهم لا غير " ، وأن الصلاة عليهم واجبة في الصلاة ، ومستحبة في غيرها، ثم يقول : " والذين يجب الصلاة عليهم في الصلاة ، هم الأئمة المعصومون لإطباق الأصحاب على أنهم هم الآل ، ولأن الأمر بذاك مشعر بغاية التعظيم المطلق الذي لا يستوجبه إلاَّ المعصومون ، وأما فاطمة عليها السلام فتدخل أيضاً لأنها بضعة منه صلى الله عليه وسلم " .
ويذكر كذلك أن أئمته هم القائمون مقام الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن مقام إمامتهم اغتصب (1408[456]).
وفى قوله سبحانه : (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ( (1409[457]).
ينتهى إلى أحكام منها قوله : " وجوب القصر ، وإن كان عاماً لظاهر الآية، لكنه عندنا مخصوص بما عدا المواضع الأربعة : مسجد مكة ، والمدينة ، وجامع الكوفة ، والحاير الشريف ، وعليه إجماع أكثر الأصحاب ، لأن الإتمام فيها أفضل، لكونها مواضع شريفة تناسب التكثير من العبادة فيها " (1410[458]) .
سابعا ً: زبدة البيان
ذلك هو الكتاب الأول ، أما الكتاب الثاني فهو " زبدة البيان في أحكام القرآن" ، لأحمد بن محمد الشهير بالمقدسى الأردبيلى (1411[459]) ولنتبين مدى غلوه ، وأثر الإمامة فيه نعرض ما يأتى :-
في كتاب الطهارة ذكر أن الإيمان المطلق عند الجعفرية يدخل فيه التصديق والإقرار " بالولاية والإمامة والوصاية لأهل البيت ( ع ) بخصوص كل واحد واحد " (1412[460]) .(2/498)
ثم قال : فلنشر إلى ما يدل على كون أمير المؤمنين " ع " إماماً ، وهو غير محصور ، ونقتصر على نبذ منه . منه قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ( (1413[461]).
ومما قاله في الآية الكريمة : " ظاهر أنها في أمير المؤمنين وأصحابه الذين ارتدوا بعده من الخوارج ، ومحاربيه يوم الجمل وصفين وغيره " .
واستمر لبيان أنها فيه ، واستدل بأحاديث لا تصلح للاستدلال هنا ، وبأخرى موضوعة ، إلى أن قال : وبالجملة الأوصاف كلها موجودة فيه ، ويؤيد كونها فيه قوله تعالى متصلاً بالآية المذكورة :
( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ( مع إجماع المفسرين على أنها في شأنه (1414[462]) .
وفى كتاب الصلاة عاد الأردبيلى للحديث عن الآية الخامسة والخمسين من سورة المائدة ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ( ليستدل بها على إمامة أمير المؤمنين ، والأئمة الأحد عشر من ولده الذين تصدقوا في حال ركوعهم كذلك (1415[463]).
وفى كتاب الطهارة ذكر قوله تعالى : ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ( (1416[464]) ، واستدل بها على وجوب عصمة الأئمة (1417[465]) .
وفى كتاب النكاح : ذكر أول سورة التحريم ، وتحدث عن أسباب النزول ، ثم قال : " وفى السبب شئ عظيم لحفصة ، ولعائشة أعظم ، حيث كذبت وغدرت وفتنت ، وأمرت بهذه المناكير ، وحصل الأذى للنبى صلى الله عليه وسلم بذلك(1418[466]).(2/499)
واستدلالاً بالآية الخامسة ( عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا( قال : " وبالجملة هذه تدل على عدم اتصافهما بهذه الصفات ، واتصاف غيرهما بها(1419[467]) .
وبعد ذلك تحدث عن ضرب المثل بامرأة نوح وامرأة لوط ، ثم قال :" ولعل فيه تسلية للنبى وغيره من المؤمنين ، بأنه لا يستبعد حصول امرأة غير صالحة للنبى وغيره ، ودخولها النار ، مع كون جسدها مباشراً لجسده ، ووجود الزوجية ، وهى صريحة في ذلك ، والمقصود واضح فافهم . وكذا رجاء من يتقرب بتزويجه وزوجيته صلى الله عليه وسلم ، ولهذا كانت أم حبيبة بنت أبى سفيان أخت معاوية أيضاً عنده صلى الله عليه وسلم ، وهى أحدى زوجاته ، وأبوها كان أكبر رءوس الكفار ، وصاحب حروبه صلى الله عليه وسلم وأخرى صفية بنت حيى بن أخطب بعد أن أعتقها ، وقد قتل أبوها على الكفر ، وأخرى سودة بنت زمعة ، وكان أبوها مشركاً ومات عليه ، وقيل : قد زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنتيه قبل البعثة بكافرين يعبدان الأصنام"(1420[468]) .
بعد هذا لسنا في حاجة إلى ذكر المزيد لبيان أن هذا الكتاب يمثل جانب الغلو والتطرف والضلال .
ثامناً: الميزان
بعد الحديث عن كتب للجعفرية الاثنى عشرية ظهرت في القرون السابقة أرى أن ننظر فيما كتب علماؤهم المعاصرون ، لنرى إلى أي مدى لا يزال التأثر بعقيدة الإمامة في تناولهم لكتاب الله العزيز .
ومن أكثر الكتب انتشاراً وشهرة ، ولها مكانتها عند شيعة اليوم كتاب " الميزان في تفسير القرآن " : للسيد محمد حسين الطباطبائى (1421[469]) . وأهم آثار الإمامة في هذا الكتاب تبدو فيما يأتى :-(2/500)
أولا ً:عندما ينتصر لعقيدته في الإمامة ، أو لشئ متصل بها ، يقف من التحريف موقفاً غير حميد ، ففى الحديث عن آية التطهير سبق أن أوردت قوله الذي يفيد احتمال وضع الصحابة للآيات في غير موضعها حيث قال " 16 / 330 " : " الآية لم تكن بحسب النزول جزءاً من آيات نساء النبي ، ولا متصلة بها ، وإنما وضعت بينها : إما بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عند التأليف بعد الرحلة " (1422[470]).
وعند الحديث عن موقف شبر من التحريف ذكرت ما نسبه لأئمته من زيادة كلمة " أو محدث " بعد قوله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ ( ، وذكرت كذلك تفسير شبر للمحدث بأنه الإمام يسمع الصوت ولا يرى الملك . وصاحب الميزان نراه يقول : " الروايات في معنى المحدث عن أئمة أهل البيت كثيرة جداً ، رواها في البصائر والكافى والكنز والاختصاص وغيرها. وتوجد في روايات أهل السنة أيضاً " (1423[471]) .
وإذا كان قوله ينحصر في معنى المحدث ، إلاَّ أن روايات أئمته التي أشار إليها تتناول زيادة الكلمة في الآية الكريمة ومعناها (1424[472]) .
أما روايات أهل السنة فنجدها في الصحيحن وغيرهما : ففى البخاري " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون ، فإن يك في أمتى أحد فإنه عمر " (1425[473]) .
وفى مسلم : عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : " قد كان يكون في الأمم قبلكم محدثون ، فإن يك في أمتى منهم أحد فإن عمر بن الخطاب منهم . قال ابن وهب : تفسير محدثون ملهمون " (1426[474]) .
وفى الترمذى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : " قد كان يكون الأمم محدثون ، فإن يك في أمتى أحد فعمر بن الخطاب " وزاد الترمذى : " قال سفيان بن عيينة : محدثون يعنى مفهون " (1427[475]) .
فهذه الروايات إذن ليس فيها تحريف للقرآن الكريم ، أو زعم استمرار الوحى وسماع صوته .(3/1)
وعند قوله : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ( (1428[476]) .
روى عن أئمته بأنها إنما نزلت ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمى فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ( ، ثم يعقب بقول عام يبين رأيه في هذه الرواية وأمثالها حيث يقول :
" لعل المراد بأمثال هذه الروايات الدلالة على المعنى المراد من الآية دون النزول اللفظى " (1429[477]) .
فهو إذن لا يجزم بالتحريف أو عدمه ، أي أنه في منزلة بين القمي والطوسى .
ثانياً : بينا لجوء الطوسى والطبرسى لتأويل بعض أي القرآن الكريم للاستدلال على عقيدة الإمامة ، وهنا نجد صاحب الميزان يزيد عنهما غلواً وافتراء ، فمثلاً آية الولاية التي تحدثنا عنها في الجزء الأول ، نرى الطباطبائى يتناولها في أكثر من عشرين صفحة محاولاً أن يثبت بها الولاية ، وضلال من لا يشاركه عقيدته ، ويذكر أن علياً حاج أبا بكر بها فاعترف بأن الولاية لعلى (1430[478]) .(3/2)
وعند قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ( (1431[479]) . نراه يقول : " على الناس أن يطيعوا الرسول فيما بينه بالوحى ، وفيما يراه من الرأى ، وأما أولو الأمر منهم - كائنين من كانوا - لا نصيب لهم من الوحى ، وإنما شأنهم الرأى الذي يستصوبونه ، فلهم افتراض الطاعة نظير ما للرسول في رأيهم وقولهم، ولذلك لما ذكر وجوب الرد والتسليم عند المشاجرة لم يذكرهم بل خص الله والرسول " . (1432[480]) ثم قال : " وبالجملة لما لم يكن لأولى الأمر هؤلاء خيرة في الشرائع ، ولا عندهم إلا ما لله ورسوله من الحكم - أعنى الكتاب والسنة - لم يذكرهم الله سبحانه وتعالى ثانيا ، عند ذكر الرد .فلله تعالى إطاعة واحدة وللرسول وأولى الأمر إطاعة واحدة " (1433[481]) . ويبدو الاعتدال هنا في اختصاص الوحى بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ولكنه جعل رأى أولى الأمر كرأى الرسول سواءبسواء ، وطاعتهم داخلة في طاعة الرسول ، لينتهى من هذا إلى وجوب عصمتهم والنص عليهم ، وأنهم هم أئمة الجعفرية ! وذكر روايات تؤيد ما ذهب إليه ، فأحال كتاب الله تعالى إلى كتاب من كتب الإمامة عند الجعفرية .(3/3)
ونكتفى هنا بذكر إحدى رواياته ، وتعقيبه عليها ، ليتضح مدى الغلو والافتراء ، وهاك نص الرواية : " في تفسير البرهان عن ابن بابويه ، بإسناده عن جابر بن عبدالله الأنصارى. لما أنزل الله عز وجل على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم : " "" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ "" " قلت : يا رسول الله عرفنا الله ورسوله ، فمن أولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك ؟ فقال : هم خلفائى ياجابر ، وأئمة المسلمين من بعدى ، أولهم على بن أبى طالب ، ثم الحسين ، ثم على بن الحسين ، ثم محمد بن على المعروف في التوراة بالباقر ، ستدركه ياجابر ، فإذا لقيته فأقرئه منى السلام ، ثم الصادق جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم على بن موسى ، ثم محمد بن على ، ثم على بن محمد ، ثم الحسين بن على ، ثم سميى محمد وكنيى ، حجة الله في أرضه ، وبغيته في عباده ، ابن الحسن ابن على ، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها ، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه بالإيمان .
قال جابر : فقلت له : يارسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : أي والذى بعثنى بالنبوة إنهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلاها سحاب ، يا جابر هذا من مكنون سر الله ومخزون علم الله فاكتمه إلا عن أهله ! " ثم عقب الطباطبائى بقوله : " وعن النعمانى .. عن على ما في معنى الرواية السابقة ، ورواها على بن إبراهيم بإسناده عن سليم عنه ، وهناك روايات أخر من طرق الشيعة وأهل السنة ! ومنها ذكر إمامتهم بأسمائهم ، من أراد الوقوف عليها فعليه بالرجوع إلى كتاب ينابيع المودة ، وكتاب غاية المرام للبحرانى ، وغيرهما " (1434[482]).(3/4)
ثالثاً :وهو يتحدث عن منهجه في التفسير ، واستدلاله بالروايات قال : " وضعنا في ذيل البيانات متفرقات من أبحاث روائية ، نورد فيها ما تيسر لنا إيراده من الروايات المنقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأئمة أهل البيت عليهم السلام ، من طرق العامة والخاصة . وأما الروايات الواردة عن مفسرى الصحابة والتابعين فإنها على ما فيها من الخلط والتناقض لا حجة فيها على مسلم " (1435[483]) .
وبالاطلاع على هذه الأبحاث الروائية وجدنا أنه لا يفترق كثيراً عن القمي والعياشى وأضرابهما ، وعنهم أخذ أكثر رواياته ، ولنضرب بعض الأمثلة:
من هذه الروايات " أن آدم لما أكرمه الله تعالى بإسجاد ملائكته له ، وبإدخاله الجنة ، قال : هل خلق الله بشراً أفضل منى ؟ فعلم الله عز وجل ما وقع في نفسه فناداه ، ارفع رأسك يا آدم ، وانظر إلى ساق العرش ، فنظر إلى ساق العرش فوجد عليه مكتوباً : لا إله إلاَّ الله ، محمد رسول الله ، على بن أبى طالب أميرالمؤمنين ، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين ، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة . فقال آدم : يا رب من هؤلاء ؟ فقال عز وجل : يا آدم ، هؤلاء ذريتك ، وهم خير منك ومن جميع خلقى ، ولولاهم ما خلقتك ، ولا الجنة ولا النار ، ولا السماء ولا الأرض ، فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد ، فأخرجك عن جوارى ، فنظر إليهم بعين الحسد وتمنى منزلتهم ، فتسلط عليه الشيطان حتى أكل من الشجرة التي نهى عنها ، وتسلط على حواء فنظرت إلى فاطمة بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم ، فأخرجهما الله تعالى من جنته ، وأهبطهما من جواره إلى الأرض " .
ثم عقب صاحب الميزان بقوله : " وقد ورد هذا المعنى في عدة روايات ، بعضها أبسط من هذه الرواية وأطنب ، وبعضها أجمل وأوجز " (1436[484]).(3/5)
وروى عن الكلينى في قوله تعالى " 37 : البقرة " : ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ ( قال : " سأله بحق محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين " . وعقب يقوله : " وروى هذا المعنى أيضاً الصدوق والعياشى والقمى وغيرهم " (1437[485]).
وروى عن الكلينى أيضاً : " إن الله أعز وأمنع من أن يظلم ، أو ينسب نفسه إلى الظلم ، ولكنه خلطنا بنفسه ، فجعل ظلمنا ظلمه ، وولايتنا ولايته ، ثم أنزل الله بذلك قرآناً على نبيه فقال : ( وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ((1438[486])
وعن الكافى كذلك : " إذا جحدوا ولاية أمير المؤمنين فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " (1439[487]).
وعن العياشى أن الإمام الصادق قال : " الذين باءوا بسخط من الله هم الذين جحدوا على وحق الأئمة منا أهل البيت ، فباءوا بسخط من الله " (1440[488]) .
وعنه كذلك في قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ( (1441[489]) عن الإمام الصادق : نحن نعنى بها ، والله المستعان ، إن الواحد منا إذا صارت إليه لم يكن له أو لم يسعه إلاَّ أن يبين للناس من يكون بعده (1442[490]) .
وعن العياشى أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول : " لا دين لمن لا تقية له " (1443[491]).
وعن القمي والكافى في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ ( ، رويا أنها نزلت في ولاية الإمام على(1444[492]).
ومن هذا كله يتضح أثر الإمامة في هذا التفسير ، وهو بلا شك أكثر غلواً من تفسير الطوسى ، بل من الطبرسي ، وأبحاثه الروائية نقلها من القمي والعياشى والكلينى وغيرهم ، فهو في هذا لا يكاد يفترق عن باقى الضالين .(3/6)
تاسعاً : التفسير الكاشف
إذا كان التبيان للطوسى - كما رأينا - هو أكثر الكتب اعتدالاً أو أقلها غلواً، فإن عصرنا شهد بعض الكتب في التفسير الشيعى لا تقل عنه اعتدالا ، ولا تزيد عنه غلوا . من هذه التفاسير كتابان : أحدهما " التفسير الكاشف " للعالم الجعفرى اللبنانى المشهور : محمد جواد مغنية ، ومظاهر الاعتدال نراها فيما يأتى :
أولاً : في بيانه لمنهجه في التفسير ، حيث يقول :
اعتمدت - قبل كل شىء - في تفسير الآية وبيان المراد منها على حديث ثبت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم لأنها ترجمان القرآن ، والسبيل إلى معرفة معانيه : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ( (1445[493]).
فإذا لم يكن حديث من السنة اعتمدت ظاهر الآية ، وسياقها ، لأن المتكلم الحكيم يعتمد في بيان مراده على ما يفهمه المخاطب من دلالة الظاهر ، كما أن المخاطب بدوره يأخذ بهذا الظاهر ، حتى يثبت العكس .
وإذا أوردت آية ثانية في معنى الأولى ، وكانت أبين وأوضح ، ذكرتهما معاً، لغاية التوضيح ، لأن مصدر القرآن واحد ، ينطق بعضه ببعض ، ويشهد بعضه على بعض .
وإذا تعارض ظاهر اللفظ مع حكم العقل وبداهته ، أولت اللفظ بما يتفق مع العقل باعتباره الدليل والحجة على وجوب العمل بالنقل .
وإذا تعارض ظاهر اللفظ مع إجماع المسلمين في كل عصر ومصر على مسألة فقهية حملت الظاهر على الإجماع ، كقوله تعالى ( إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ( (1446[494]) ، حيث دلت " فاكتبوه " على الوجوب ، والإجماع قائم على استحباب كتابة الدين ، فأحمل الظاهر على الاستحباب دون الوجوب .(3/7)
أما أقوال المفسرين فلم أتخذ منها حجة قاطعة ، ودليلاً مستقلاً ، بل مؤيداً ومرجحاً لأحد الوجوه إذا احتمل اللفظ لأكثر من معنى ، فلقد بذل المفسرون جهوداً كبرى للكشف عن معاني القرآن وأسراره وإبراز خصائصه وشوارده ، وأولوا كتاب الله من العناية ما لم يظفر بمثلها كتاب في أمة من الأمم قديمها أو حديثها .
وإن في المفسرين أئمة كباراً في شتى علوم القرآن التي كانت الشغل الشاغل للمسلمين في تاريخهم الطويل ، فإذا لم تكن أقوال هؤلاء الأقطاب حجة ، كقول المعصوم ، فإنها تلقى ضوءاً على المعنى المراد ، وتمهد السبيل إلى تفهمه (1447[495]).
ثانياً : في التزامه بهذا المنهج إلى حد كبير :
مثال هذا ما ذكره في تفسير الفاتحة عند قوله تعالى : ( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ( قال : " جاء في بعض الروايات أن المغضوب عليهم هم اليهود ، والضالين هم النصارى ، ولكن لفظ الآية عام لا تخصيص فيه ، ولا استثناء ، فكل مطيع تشمله نعمة الله ورحمته ، وكل عاص ضال ومغضوب عليه " (1448[496]).
وعند تفسير الآيات من " 111 إلى 113 " من سورة البقرة ، أشار إلى أن اليهود والنصارى يكفر بعضهم بعضاً ، ثم وضع عنواناً نصه : " أيضاً المسلمون يكفر بعضهم بعضاً " ، وتحت هذا العنوان قال :
وإذا كان اليهود بحكم الطائفة الواحدة ، لأن التوراة تعترف بعيسى ، والإنجيل يعترف بموسى ، فبالأولى أن تكون السنة والشيعة طائفة واحدة ، حقيقة وواقعة : لأن كتابهم واحد ، وهو القرآن ، لا قرءانان ، ونبيهم واحد ، وهو محمد ، لا محمدان ، فكيف إذن يكفر بعض من الفريقين إخوانهم في الدين؟(3/8)
ولو نظرنا إلى هذه الآية : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ( (1449[497]) ، ولو نظرنا إليها بالمعنى الذي بيناه ، واتفق عليه جميع المفسرين ، ثم قسنا من يرمى بالكفر أخاه المسلم ـ لو نظرنا إلى الآية ، وقسنا هذا بمقياسها لكان أسوأ حالاً ألف مرة من اليهود والنصارى ..(لقد كفر اليهود النصارى وكفر النصارى اليهود ، ( وَهُمْ يتْلُونَ الْكِتَابَ( أي التوراة والإنجيل ، فكيف بالمسلم يكفر أخاه المسلم ، وهو يتلو القرآن ؟ فليتق الله الذين يلوون ألسنتهم بالكتاب ، وقلوبهم عمى عن معانيه ومراميه (1450[498]) .
وفى تفسير سورة الأنفال " الآيات 72 : 75 " تحدث عن المهاجرين والأنصار فقال : ما قرأت شيئاً أبلغ من وصف الإمام زين العابدين " ع " للمهاجرين والأنصار وهو يناجى ربه ، ويطلب لهم الرحمة والرضوان بقوله :
" اللهم أصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا ، وأبلوا البلاء الحسن في نصره، وكاتفوا وأسرعوا إلى وفادته ، وسابقوا إلى دعوته ، واستجابوا له ، حيث أسمعهم حجة رسالاته ، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته ، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته ، وانتصروا به ، ومن كانوا منطوين على محبته ، يرجون تجارة لن تبور في مودته ... فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك ... وكانوا مع رسولك لك إليك " .
وبعد أن ذكر الشيخ مغنية قول الإمام قال :
ملحوظة : هذه المناجاة جاءت في الصحيفة السجادية التي تعظمها الشيعة ، وتقدس كل حرف منها ، وهى رد مفحم لمن قال : إن الشيعة ينالون من مقام الصحابة (1451[499]).(3/9)
وفى تفسير سورة الرعد " الآيات 35 : 38 " قال تحت عنوان " الشيعة الإمامية والصحابة " : دأب بعض المأجورين والجاهلين على إثارة الفتن والنعرات بين المسلمين لتشتيت وحدتهم وتفريق كلمتهم ، دأبوا على ذلك عن طريق الدس والافتراء على الشيعة الإمامية ، وذلك بأن نسبوا إليهم النيل من مقام الصحابة ، وتأليه على ، والقول بتحريف القرآن الذي يهتز له العرش ... وما إلى ذلك من الكذب والبهتان ... ? وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ? (1452[500]) قال الطبرسي : " يريد الله سبحانه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين آمنوا به ، وصدقوه وأعطوا القرآن ، وفرحوا بإنزاله " ... ولو كانوا ينالون من مقام الصحابة لاتجه شيخهم الطبرسي في تفسير هذه الآية إلى غير هذا الوجه(1453[501]).
وفى تفسير سورة التحريم يقول عن الآية الرابعة : ( إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ( : أي مالت إلى الحق ، ثم يقول مشيراً إلى حفصة وعائشة من أمهات المؤمنين : فإن تابتا وأصلحتا فقد مال قلباهما إلى أمر الله والإخلاص لرسوله ، وإن أصرتا على التعاون ضد الرسول فإن الله وليه وناصره ، وأيضاً يعينه ويؤازره جبريل ، وجميع الملائكة والمؤمنين الصالحين (1454[502]) .
وبعد تفسير سورة الليل يقول : قال الشيخ محمد عبده : روى المفسرون هنا أسبابأ للنزول ، وأن الآيات نزلت في أبى بكر ، ومتى وجد شىء من ذلك في الصحيح لم يمنعا من التصديق به مانع ، ولكن معنى الآيات لا يزال عاماً (1455[503]).
من هذا نرى أن الشيخ مغنية في تفسيره يمثل جانب الاعتدال النسبى عند الجعفرية في المنهج والتطبيق ، وبالطبع لا يخلو تفسيره من التأثر بعقيدته في الإمامة ، فعلى سبيل المثال :(3/10)
نراه ينسب لأمير المؤمنين على بن أبى طالب - رضي الله عنه - أنه قال: " ذاك القرآن الصامت وأنا القرآن الناطق "(1456[504]) ، وناقشنا هذا من قبل(1457[505]) .
كما نراه يتحدث عن عصمة أهل البيت (1458[506]) ، وعن الإمامة وفكرة العصمة (1459[507]). ويتحدث عن المهدى المنتظر في أكثر من موضع (1460[508]) ، غير أنه كان يذكر بعض الأحاديث التي صحت عن طريق أهل السنة(1461[509]).
ويتحدث عن التقية ويقول : " من خص التقية بالشيعة فقط ، وشنع بها عليهم ، فهو إما جاهل ، وإما متحامل " (1462[510]) .
ويفصل القول في الحديث عن الخمس ، ويهاجم أبا سفيان وحفيده يزيد ، ذاكرا قول الشاعر :
فابن حرب للمصطفى وابن هند
لعلى وللحسين يزيد(1463[511])
وفى تفسير سورة آل عمران " الآيات 33 : 37 " يضع هذا العنوان : " فاطمة ومريم " ، ويذكر تحته حقاً وباطلاً ، ويشير إلى أن فاطمة كمريم ، وعلى كزكريا ، كان كلما دخل عليها وجد عندها رزقاً من عند الله تعالى (1464[512]) .
وفى تفسير سورة النساء " الآيتين 95 ، 96 " يتحدث عن تفسير الآيتين ، وتحت عنوان : " على وأبو بكر " ، يجادل ليصل إلى أفضلية على بحهاده وعلمه ، وفى آخر جدله العقيم يقول : منزلة على من العلم لا تدانيها منزلة واحد من الصحابة على الإطلاق ، وكفى شاهداً على ذلك ما تواتر عن الرسول الأعظم " أنا مدينة العلم وعلى بابها " . وقد حفظ التراث الإسلامى من علم على ما لم يحفظه لأبى بكر ، ولا لغيره من الصحابة (1465[513]) .(3/11)
وفى سورة المائدة : وعند تفسير الآية الثالثة من السورة ، تحت عنوان " إكمال الدين وإتمام النعمة " ، نراه يتظاهر بأنه يعرض رأى كل من الشيعة والسنة فقط ، لينتهى من هذا إلى خلافة على ! ويشير إلى كتاب الغدير ككتاب قيم ، وأن هذا الكتاب ذكر رواة حديث الغدير ، وهم 120 صحابياً ، 840 تابعاً ، 360 إماماً وحافظاً للحديث ، وفيهم الحنفى والشافعى وغيرهما ، كل ذلك نقله عن كتب السنة (1466[514]).
وعند تفسير الآية الخامسة والخمسين من السورة ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ( يذكر كغيره أنها نزلت في على بن أبى طالب (1467[515]).
ثم يعود إلى الغدير عند تفسير الآية السابعة والستين من سورة المائدة أيضاً ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ...(ويذكر أن الشيعة استدلوا بأحاديث رواها أهل السنة (1468[516]).
وعند تفسير الآية الثالثة والثلاثين من سورة الأحزاب :(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا( يذكر ما ذهب إليه الشيعة ، وبين أدلتهم ، محاولاإثبات صحة ما ذهبوا إليه (1469[517]).
وفى سورة الشورى ، عند تفسير الآية الثالثة والعشرين : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ( ، يقول عن البحر المحيط : هم على وفاطمة والحسن والحسين ، ويقول أيضاً : ونقل بعض المفسرين رواية ، في سندها معاوية ، ومؤدى هذه الرواية أن معنى الآية : قل يا محمد لقريش : ناشدتكم الرحم أن لا تؤذونى . ثم أخذ يناقش ليثبت أنها في الأربعة (1470[518]) .(3/12)
هذه بعض الأمثلة التي تبين أثر الإمامة في هذا التفسير ، ومع هذا كله فالشيخ مغنية يمثل جانب الاعتدال إلى حد ما في عصرنا الحديث ، وتفسيره يبين منهجه الذي يمثل الحق في بعض جوانبه ، غير أنه لا يخلو من الغلو والضلال.
عاشراً : البيان
والكتاب الثاني الذي يمثل جانب الاعتدال ، والبعد عن الغلو إلى حد ما ظهر في عصرنا هذا ، هو " البيان " في تفسير القرآن " ألفه السيد أبو القاسم الموسوى الخوئى " ، المرجع السابق للجعفرية بالعراق . ومع أن الكتاب لم يظهر منه إلاَّ المجلد الأول الذي يشمل المدخل وتفسير الفاتحة ، إلاَّ أننا انتهينا إلى هذا الرأى لما يأتى :
أولا ً: جاء في مقدمة الكتاب : " سيجد القارئ إني لا أحيد في تفسيرى هذا عن ظواهر الكتاب ومحكماته ، وما ثبت بالتواتر أو بالطرق الصحيحة من الآثار الواردة عن أهل بيت العصمة من ذرية الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما استقل به العقل الفطرى الصحيح الذي جعله الله حجة باطنة كما جعل نبيه - صلى الله عليه وعلى آله-وأهل بيته المعصومين عليهم السلام حجة ظاهرة ، وسيجد القارئ أيضاً إني كثيراً ما أستعين بالآية على فهم أختها ، وأسترشد القرآن إلى إدراك معاني القرآن ، ثم أجعل الأثر المروى مرشداً إلى هذه الاستفادة (1471[519]).وفى بيانه لأصول التفسير قد فصل ما أجمله هنا (1472[520]).
ثانيا : أنه قد أسهب وأفاض في إثبات صيانة القرآن الكريم من التحريف(1473[521]) ، وهو لا يكفر المخالفين لطائفته ، بل يرى ويروى أن الإسلام يدور مدار الإقرار بالشهادتين (1474[522]).
ثالثاً : أنه أفاض كذلك في الحديث عن حجية ظواهر القرآن (1475[523]).
رابعاً : أنه التزم بمنهجه هذا في تفسيره لفاتحة الكتاب ، والقارئ لتفسيره يلمس هذا بوضوح .(3/13)
ومع هذا فأثر الإمامة نراه في قوله بصحة إطلاق الأسماء الحسنى على الأئمة(1476[524]) ، وبوجوب طاعتهم والخضوع لهم والتوسل بهم (1477[525])، وفضل السجود على التربة الحسينية (1478[526]) وجواز تقبيل قبورهم وتعظيمها (1479[527]) ، وأن عبادتهم لله تعالى لا يرقى إليها إلاَّ المعصوم (1480[528])، وأنهم المأذون لهم في الشفاعة فيشفعون للشيعة ، فلا يردهم ربهم عز وجل (1481[529]) .
هذا ما جاء في ثنايا تفسيره تأثراً بعقيدته ، وهو لا ينزله عن مرتبة الطوسى في تبيانه . وبالطبع نتمنى أن يجعلوا ما يتصل بالإمامة في كتب أخرى غير كتب التفسير ، ولكن السيد الخوئى إذا أتم تفسيره على المنهج الذي بينه فإنه أفضل بكثير من الكتب المنتشرة في الوسط الجعفرى الآن .
وبعد : فهذه الكتب تمثل منهجين مختلفين في التفسير عند شيعة اليوم ، يبين أحدهما أن الوسط الجعفرى لما يتطهر من أولئك الذين يخضعون كتاب الله العزيز لأهوائهم وشهواتهم تأثراً بعقيدتهم في الإمامة ، ويكشف الآخر عن وجود من ينشد الاعتدال ، ويحكم العقل لا الهوى إلى حد ما ، وإن لم يخل من الغلو والضلال .
الفصل السابع
نظرة عامة لباقي كتب التفسير
بعد الدراسة السابقة لستة عشركتابا من كتب التفسير الشيعى ننظر في " الذريعة إلى تصانيف الشيعة " لأقابزرك الطهرانى ، لمزيد من التوضيح .
في كتاب الذريعة نجد الإشارة إلى عدد كبير جداً من كتب التفسير الشيعى ، ونجد عنوان بعض هذه الكتب يغنى عن النظر فيها ، فهى مثل ما ذكرته من قبل عند الحديث عن كتاب " تأويل الآيات الباهرة في فضل العترة الطاهرة ".
وبعض هذه الكتب لا يظهر أثر الإمامة في العنوان ولكن يظهر هذا الأثر عند الإشارة إلى موضوع الكتاب , ونذكر هنا عدداً من هذه الكتب التي حاول أصحابها إخضاع كتاب الله المجيد لأهوائهم ، كما نثبت شيئاً من تعليق صاحب كتاب الذريعة . وترتيب الكتاب ألفبائى ، فلا حاجة لذكر الأجزاء والصفحات .(3/14)
(1) آيات الأئمة :
فارسى ، في بيان الآيات المتعلقة بالإمامة ، وفضائل الأئمة ، لمؤلفه مير محمد على الأريجانى الطهرانى المتوفى بها سنة 1323.
(2) آيات الأئمة :
وذكر في حرف التاء بعنوان " تفسير آيات الأئمة " فارسى . قال صاحب الذريعة : في ذكر آيات تستخرج منها بالزبر والبينات أسماء الأئمة ، وبعض أوصافهم وخصوصياتهم ، للعالم الكامل ميرزا على نقى الهمدانى ، المتوفى عام 1297.
(3) الآيات البينات :
أو : بيان الآيات بالزبر والبينات : قال : للمولى المعاصر يوسف بن أحمد بن يوسف الجيلانى النجفى ، استخرج فيه بالزبر والبينة أسامى المعصومين الأربعة عشر ، وبعض خصوصياتهم من ستين آية من آيات القرآن .
قلت : مراده بالمعصومين الذين أشركهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، الأئمة الاثنا عشر ، والسيدة فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها . ونلاحظ ثناءه على الضالين ، ورضاه وإعجابه بضلالهم ، ومشاركته لهم في الغلو والتضليل ، وهذا واضح بيّن ملازم لصاحب الذريعة ، وسيأتى ما يؤكد هذا .
(4) آيات الحجة والرجعة :
قال : في تفسير الآيات المتعلقة بهم ، مع بيان واف ، والنكات الدقيقة ، وذكر الروايات المروية عنهم في تفسيرها وتأويلها للعلامة الشيخ محمد على بن المولى حسن على الهمدانى الحاير ، المولود سنة 1293 . رأيت النسخة الأصلية عنده ، استخرج فيها 313 آية من القرآن الشريف على عدد أصحاب الحجة وأنصاره وقت ظهوره .
قلت : يشير هنا إلى خرافة الإمام الثاني عشر التي ذكرتها في الجزء السابق ، ومثل هذا كتاب " ما نزل من القرآن في صاحب الزمان " لأبى عبدالله الجوهرى أحمد بن محمد " انظر إيضاح المكنون 2 /421 " ، وغير هذا كتب أخرى سيأتى ذكرها .
(5) الآيات النازلة في ذم الجائرين على أهل البيت :
للمولى حيدر على الشروانى .
(6) الآيات النازلة في فضائل العترة الطاهرة :(3/15)
قال : وهى 500 آية من القرآن في فضائل أمناء الرحمن ، جمعها مع تفسيرها وبيانها الشيخ تقى الدين عبدالله حاجى ... ويأتى في حرف الميم كتب كثيرة تحت عنوان ما نزل في أهل البيت ، أو في على ، أو في صاحب الزمان ، كلها في هذا الموضوع .
(7) آيات الولاية :
فارسى ، لميرزا أبى القاسم بن محمد الشيرازى .
قال : فسر فيه إحدى وألف آية من كتاب الله العزيز النازلة : خمسمائة منها في حق أهل البيت وولايتهم باتفاق المفسرين - هكذا قال المفترون ! - والباقى حسب تفاسير أهل البيت الذين نزل فيهم القرآن ، وهم أعرف به ، من طرق أصحابنا الإمامية خاصة .
قلت : إذن يقصد اتفاق المفسرين جميعاً لا مفسرى فرقته خاصة ! قدرة عجيبة على الافتراء !!
(8) تأويل الآيات :
لأبى إسحاق بن مجير الأصفهانى .
وآخر : للسيد الأمير روح الأمين الحسينى الأصفهانى .
(9) تأويلات القرآن :
لكمال الدين أبى الغنائم عبدالرزاق الكاشانى ، المتوفى سنة 730 .
(10) تأويل الآيات التي تعلق بها أهل الضلال :
للمولى عبدالرشيد بن الحسينى بن محمد الإسترابادى .
قال : وله كتاب " مناقب النبي والأئمة " .
قلت : ماذا يريد بأهل الضلال ؟ لعله يقصد خير أمة أخرجت للناس كما سيظهر من موقفهم من قوله تعالى في سورة الليل ( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَىالَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى( ، حيث إنها نزلت في أبى بكر الصديق رضي الله تعالى عنه .
(11) تأويل الآيات الباهرة في فضل العترة الطاهرة :
فارسى ، لمحمد تقى بن محمد باقر الطهرانى الأصفهانى ، المتوفى سنة 1322 .
قلت : سبق الحديث عن كتاب بالعربية يحمل العنوان نفسه .
(12) تأويل الآيات الظاهرة في فضل العترة الطاهرة :
للسيد شرف الدين على الحسينى الإسترابادى ، المتوفى سنة 940 .(3/16)
قال : جمع فيه تأويل الآيات التي تتضمن مدح أهل البيت ، ومدح أوليائهم ، وذم أعدائهم من طرقنا ، وطرق أهل السنة ـ هكذا قال ! ! وينقل فيه عن كنز الفوائد للشيخ الكراكجى المتوفى سنة 449 ، وعن كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت لابن الجحام ، الذي سمع منه الدلعكبرى سنة 328 ، وعن كشف الغمة للأربلى المتوفى سنة 692 ، وعن كتب العلامة الحلى .
(13) تأويل الآيات النازلة :
قال : في فضل أهل البيت وأوليائهم ، يقرب من عشرين ألف بيت لبعض الأصحاب ... قال الفيض في أول كتاب الصافى : إن جماعة من أصحابنا صنفوا كتباً في تأويل القرآن على هذا النحو ، جمعوا فيها ما ورد عنهم في تأويل آيه : إما بهم ، أو بشيعتهم ، أو بعدوهم ، على ترتيب القرآن ، وقد رأيت منها كتاباً يقرب من عشرين ألف بيت .
(14) تأويل ما نزل في النبي وآله .
(15) تأويل ما نزل في شيعتهم .
(16) تأويل ما نزل في أعدائهم :
قال : هذه الثلاثة كلها لأبى عبدالله محمد بن العباس المعروف بابن الجحام ، الذي سمع منه الدلعكبرى سنة 328.
وذكر الشيخ - أي الطوسى - في رجاله ثمانية كتب أخرى له أيضاً ، لكن النجاشى لم يذكر منها إلا كتاب " المقنع " و " والدواجن " و " ما نزل من القرآن في أهل البيت " ، وهذا الكتاب هو الذي مر أنه ينقل عنه السيد شرف الدين على في كتابه " تأويل الآيات الظاهرة " أحاديث كثيرة .
(17) تفسير الآيات البينات النازلة في فضائل أهل بيت سيد الكائنات :
فارسى ، للسيد مصطفى بن أبى القاسم الموسوى النجفى - ولد سنة 1320.
(18) تفسير الأئمة لهداية الأمة :
لمحمد رضا بن عبدالحسين النصيرى الطوسى ، عاش في القرن الحادى عشر. قال : وتفسيره هذا كبير ، يقال إنه في ثلاثين مجلداً .(3/17)
وديدن هذا المفسر أن يذكر عدة آيات ، مع ترجمتها إلى الفارسية ، ثم يشرع في تفسير الآيات على ما هو المأثور ، وترجمة الأحاديث بالفارسية ، ثم تفسيرها بالعربية . وينقل غالباً عن تفسيرى العياشى والبيضاوى ،وينقل عن كتب الاحتجاج للطبرسى ، وتمام تفسير الإمام العسكرى ، وتمام تفسير القمي ...إلخ .
و" مختصر تفسير الأئمة " .
لمؤلف الأصل ، وهو فارسى محض ، في ست مجلدات .
(19) تفسير أبى الجارود :
قال : اسمه زياد بن منذر ، المتوفى سنة 150 ، وتنسب إليه الزيدية الجارودية، ويروى تفسيره عن الإمام الباقر أيام استقامته .
قلت : يقصد قبل أن يصبح زيدياً ، ولعل الصواب : أيام ضلاله البعيد ،والإمام الباقر رضي الله عنه برىء مما في هذا التفسير ؛ فالقمى أخرجه في تفسيره الذي تحدثنا عنه بالتفصيل .
(20) تفسير الحافظ محمد بن مؤمن النيسابورى :
ذكر المؤلف أنه استخرج تفسيره من اثنى عشر تفسيراً
قال صاحب الذريعة : ويأتى كتاب : " نزول القرآن في شأن على " للشيخ محمد بن مؤمن الشيرازى ، والظاهر أنه هو الحافظ المذكور .
(21) تفسير المصابيح بما نزل من القرآن في أهل البيت :
لأبى العباس أحمد بن الحسن الإسفرائينى .
(22) تفسير المنشى :
قال : لعله للأمير محمد رضا الحسينى منشى الممالك ، المعاصر للشيخ الحر ، والساكن بأصفهان حين تأليف " الأمل " سنة 1097 ، وصفه فيه بأنه كبير أكثر من ثلاثين مجلداً ، عربى وفارسى ، جمع فيه الأحاديث وترجمتها ، ويظهر من بعض هذه الخصوصيات أنه غير تفسير الأئمة السابق ذكره ، وإن شاركه في بعضها .
(23) تفسير النعمانى :
قال : هو أبو عبدالله محمد بن إبراهيم بن جعفر ، تلميذ ثقة الإسلام الكلينى . جعل مقدمة تفسيره روايات رواها بإسناده إلى الإمام الصادق ، وهى التي دونت مفردة مع خطبة مختصرة وتسمى بـ " المحكم والمتشابه " ، طبعت في إيران ، وقد أوردها بتمامها العلامة المجلسى في مجلد القرآن من البحار .(3/18)
قلت : الكلينى ، الذي يراه الشيعة ثقة الإسلام ، بينت مدى ضلاله وافترائه في الجزء الثالث ، وهو تلميذ القمي الذي سبق الحديث عن تفسيره ، ويأتى النعمانى ليكمل سلسلة الضلال ، وعلامتهم المجلسى تحدثنا عنه في هذه الدراسة من قبل ، ويبقى تقديرنا وإجلالنا للعالم العابد المجتهد الإمام الصادق ، المبرأ مما نسبه إليه هؤلاء الضالون .
(24) تفسير ميرزا هادى :
قال : ابن السيد على ، من احفاد مير كلان الهروى البجستانى الخراسانى الحائرى المعاصر، وهو تكميل لتفسير على بن إبراهيم القمي بإيراد الأحاديث المروية ، من طرق العامة - أي غير فرقته - المطابقة لروايات الأئمة المذكورة في تفسير القمي .
قلت : وأى روايات تطابق ما جاء في تفسير هذا الضال ما لم تكن من الروايات الموضوعة ؟
(25) تفسير آية ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ( " 124 : سورة البقرة " :
قال : للمولى محمد رفيع الكيلانى ، المتوفى بها سنة 1161 ، وتفسيره هذا جزء لطيف في الإمامة ، وإثبات عصمة الإمام .
قلت : ذكرت أقوالهم في هذه الآية الكريمة ، وبينت بطلان ما ذهبوا إليه في الجزء السابق ، وبينت أن العصمة التي جعلوها لأئمتهم لم يصل إليها خير البشر وهم رسل الله عليهم الصلاة والسلام .
(26) تفسير آية ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ( " 69: آل عمران " :
لميرزا محمد التنكابنى ، قال في قصصه إنه يقرب من ألف بيت .
قلت : قد يبدو عجيباً أن نورد هذا الكتاب في هذا الموضع ، فما علاقة الإمامة بالحديث عن بيت الله الحرام بمكة المكرمة ـ زاده الله تعظيماً وتشريفاً ؟!
ولكنى وجدتهم يقولون هنا : " وفيه بيان تأويله بكربلاء " !
فذكرنى هذا بقول شاعر هؤلاء القوم الذي ذكره صاحب كتاب الأرض والتربية الحسينية :
ومن حديث كربلا والكعبة
بان لكربلا علو الرتبة(3/19)
ولنا أن نسأل : أفيكون التقريب وداره بالقاهرة لنؤمن بهذا الكفر الصراح ؟ أم يجب أن يكون في طهران لتنقية عقيدتهم حتى يكونوا مثلنا ؟
(27) تفسير آية التطهير( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا( " 33 : الأحزاب " :
ذكر صاحب الذريعة أربعة كتب بهذا العنوان ، أحدها فارسى . وقولهم في هذه الآية الكريمة ناقشته بتوسع في الجزء السابق .
(28) تفسير آية ""وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى"" :
ذكر صاحب الذريعة كتابين بهذا العنوان .
قلت : الذي دفعهم للكتابة هو ما روى أن الآية الكريمة وما بعدها نزلت في أبى بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ، كما روى البزار عن ابن الزبير ، والحاكم عن الزبير ، وابن أبى حاتم عن عروة . وخير البشر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما ثبت بالتواتر عن على نفسه رضي الله عنهما - يعتبر في نظر هؤلاء القوم مغتصباً للخلافة ، ولذلك جعلوه تحت الآيات التي تتحدث عن الكفار والمنافقين ، والجبت والطاغوت ، وأرادوا أن يبعدوا عنه هذه الآيات الكريمة من سورة الليل .
(29) تفسير آية الكرسى :
لعطاء الله بن محمود الحسينى .
قلت : لا يبدو أي نوع من الربط بين آية الكرسى التي يتحدث فيها رب العزة عن نفسه ، وبين الإمامة ، غير أننى وجدت في الذريعة القول بأن في هذا التفسير دلالة على تشيع المؤلف ، وقوة فهمه ، وكثرة علمه ، وأنه لا يبعد أن يكون من علماء الدولة الصفوية . ورأينا من قبل أن بعض هؤلاء رفع الأئمة لمرتبة الألوهية ، كما أننا نعرف ما أصاب الإسلام على يد الدولة الصفوية الشيعية .
(30) تفسير آية ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ( " 110 : آل عمران " :
لحسين بن دلدار على .
قلت : مر من قبل تحريفهم لهذه الآية الكريمة ، حيث ذكروا أنها نزلت هكذا " كنتم خير أئمة ..." ، وجعلوها لأئمتهم .
*****(3/20)
هذه بعض كتب التفسير التي ذكرها صاحب الذريعة في الهمزة تحت كلمة " آيات " ، وفى التاء تحت كلمتى " تأويل " و " تفسير " . ونجد غير هذه الكتب في مواضع أخرى ، فمثلاً نراه يقول في الجزء الرابع ص 318 : " تفسير نور الأنوار ومصباح الأسرار " ، و " نور التوفيق " ، و " نور الثقلين " ، كلها تأتى - أي تأتى في النون . ويقول في الجزء نفسه " ص 268 " : " تفسير تنزيل الآيات الباهرة " ، وكذا " التنزيل " متعددا ، و " التنزيل في أمير المؤمنين " ، و " التنزيل من القرآن " ، و " التنزيل والتعبير " ، يأتى الجميع بعنوان : " التنزيل " .
وقال في الجزء الثالث بعد الحديث عن " تأويل الآيات الباهرة في فضل العترة الطاهرة " :(3/21)
قد ذكرنا في الجزء الأول آيات الأئمة ، وآيات الفضائل ، والآيات النازلة في فضائل العترة الطاهرة ، وآيات الولاية ، وغيرها . ويأتى في حرف الميم ما يقرب من عشرين كتاباً من تأليفات قدماء المحدثين ، بعنوان ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين ، أو في أهل البيت ، أو في الحجة ، أو في الخمسة وغيرها ، وكل واحد من هذه الكتب يصح أن يعد من كتب الحديث ، لأنه دون فيه نوع خاص من الأحاديث ، أي خصوص ما روى عنهم عليهم السلام في بيان الآيات التي نزلت في فضائل أهل البيت عليهم السلام ومناقبهم ، ويصح أن يعد من كتب التفسير : لأنه يذكر فيه تفسير تلك الآيات وتأويلها ، وشرحها ، وبيان المراد منها ، ولا سيما مع ترتيب تلك الآيات في أكثر هذه الكتب على ترتيب سور القرآن من سورة فاتحة الكتاب إلى سورة الناس كما هو الترتيب في كتب التفاسير . والداعى إلى إفراد القدماء والمتأخرين هذا النوع من الأحاديث واستقلالها بالتأليف هو تخصيص النصف أو الثلث أو الربع من الآيات الشريفة التي وردت أخبار كثيرة على اختلافها في التعبير بأنها نزلت في أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم ومواليهم وأعدائهم ، وقد أورد الفيض بعضها بالمقدمة الثالثة في أول الصافى ، وذكر وجه عدم التنافى بينها ، ودون كل منهم ما وصل إليه من هذا النوع من الحديث ليعرف الناس تفاصيلها .
قلت : سبق الحديث عن كتاب الصافى ، وبيان ما وصل إليه من ضلال وتضليل . وما يقوله صاحب الذريعة هنا يؤكد ما قلته عن صاحب تفسير الصافى وأمثاله من غلاة الشيعة الاثنى عشرية . ومن يقرأ الذريعة يلحق مؤلفها بهؤلاء الغلاة الضالين ، وقوله آنفاً خير شاهد .(3/22)
وبعد كل ما سبق أعتقد أن معالم التفسير الشيعى الاثنى عشرى قد اتضحت إلى حد كبير ، فدراستنا لستة عشر كتاباً من القرن الثالث إلى العصر الحديث بينت اتجاهات التفسير خلال هذه القرون . ونظرتنا إلى ثلاثين كتاباً مما جاء في كتاب الذريعة ، جعلت الصورة أكثر وضوحاً ، وهذه الكتب منها ما كان في النصف الأول من القرن الثاني ، وهو تفسير أبى الجارود ، ومنها ما هو في العصر الحديث . وتفسير أبى الجارود الذي نقله القمي يشير إلى أن حركة التشكيك والتضليل بدأت مع بداية عصر التدوين ، والتفاسير الحديثة الكثيرة تشير إلى استمرار هذه الحركة الضالة ، وعدم توقفها .
وإلى جانب الثلاثين كتاباً ، ذكرت إشارة صاحب الذريعة لعشرين كتاباً في موضع واحد ، وتعليقه على ما جاء بها ، وهذا يدل على ضخامة هذه الحركة الضالة ، وربما يعطى السمة الغالبة للتفسير الشيعى ، نسأل الله تعالى الهداية والرشاد .
الحمد لله الذي أعاننا ، وهدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله .
وبعد أن تم بتوفيق الله - عز وجل - ما أردنا من بيان التفسير وأصوله عند أهل السنة ، وعند الشيعة الاثنى عشرية ، أقدم هنا موجزاً للبحث ، وأشير إلى نتائجه .
قسمت هذا البحث قسمين :
القسم الأول : تحدثت فيه عن التفسير وأصوله عند أهل السنة.
والقسم الثاني : جعلته لبيان التفسير وأصوله عند الشيعة.
والقسم الأول يضم ثمانية فصول :
في الفصل الأول تحدثت عن علم التفسير ، وبينت المراد من التفسير والتأويل.
وفى الفصل الثاني تحدثت عن تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالسنة المطهرة هي المبينة للقرآن الكريم ، وجمعت أحاديث التفسير ، الصحيح منها والحسن ، دون الضعيف والموضوع ، فبلغت خمسة وثلاثين ، وذكرت بعض الملاحظات في ضوء ما جمعت ، وأشرت إلى أن الشيعة أشركوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم في العصمة من رأوهم أئمة لهم ، فجعلوا أقوالهم كأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم بلا أدنى فرق .(3/23)
وفى الفصل الثالث تحدثت عن تفسير الصحابة ، أعلم الناس بالقرآن ، وأشرت إلى ما يأخذ حكم المرفوع من تفسيرهم ، ثم جمعت بعض ما صح من تفسيرهم ، وبينت خصائصه ، ثم تحدثت عن التدوين ، وأثبت أن كتاب تنوير المقباس ليس صحيح النسبة لابن عباس ، ومن الخطأ شيوعه ، وطبعه مرات على أنه تفسير ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما ، وختمت الفصل بإشارة سريعة لموقف الشيعة من
ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما ، وختمت الفصل بإشارة سريعة لموقف الشيعة من تفسير الصحابة الكرام .
وجعلت الفصل الرابع لتفسير التابعين ، فبينت أنهم أكثر حاجة للتفسير من الصحابة ، وأشرت إلى مدارس التفسير في عصرهم ، وإلى بدء التدوين ، ثم تحدثت عن تفسير مجاهد ، وبينت خصائص تفسير التابعين من خلال النظر في تفسيره .
ثم رأيت أن يكون الفصل الخامس وقفه لبيان أحسن طرق التفسير عند الجمهور ، وفى هذه الوقفة بيان لقيمة التفسير المأثور عن التابعين ، وحديث عن الإسرائيليات ، والتفسير بالرأى ، وهو ما كان يلزمنا أن نبينه بعد الحديث عن تفسير التابعين ، فأغنت الوقفة عن التكرار . ورأيت أن أنسب ما أثبته في هذا الفصل هو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وهو أيضاً ما قاله الحافظ ابن كثير ، وحاول الالتزام به في تفسيره .
وفى الفصل السادس : تحدثت عن التفسير في القرن الثاني ، وبينت منهجه ، وتناولت ثلاثة كتب ظهرت في هذا القرن ، وهى : تفسير مقاتل بن سليمان ، ولم أقف عنده ؛ حيث إن مؤلفه مجروح ، وتفسير يحيى بن سلام ، الذي يعتبر حلقة الاتصال بين القرنين الأول والثالث ، ومعانى القرآن للفراء ، الذي يعد نموذجاً للتفسير العقلى .
والفصل السابع : جعلته للقرن الثالث ، وتفسير الطبري ، وقد وقفت طويلاً عند شيخ المفسرين الإمام الطبري ، وعند كتابه الذي يعتبر أفضل ما كتب في مجال التفسير .(3/24)
والفصل الثامن أشرت فيه إلى كتب التفسير بعد الطبري . وبينت إمكان الاستغناء عن الوقوف عندها ، لا لأنه يطول جداً فقط ، ولكن أيضاً لأن التفسير المأثور - بعد الطبري - الذي هو حجة يستمد أساساً من مصدرين رئيسين ، هما : كتب الحديث والآثار ، وكتاب تفسير الطبري . وكان هذا الفصل ختاماً للقسم الأول في التفسير وأصوله عند أهل السنة .
وانتقلت بعد هذا إلى القسم الثاني الذي جعلته للتفسير وأصوله عند الشيعة الاثنى عشرية ، وتحت هذا القسم سبعة فصول ، تسبق بكلمة تمهيدية فيها إشارة إلى أننى بمراجعة التفسير عندهم ، أصوله وكتبه ، رأيت أن عقيدتهم في الإمامة كان لها أكبر الأثر في وضع الأصول ، وفى تناولهم لكتاب الله العزيز ، وأن بيان هذا الأثر يكفى في مجال التفسير المقارن ؛ فحيث لا يوجد أثر لعقيدتهم في الإمامة يصبح تفسيرهم كتفسير غيرهم ، وبقدر وجود هذا الأثر بقدر افتراقهم عمن سواهم.
والفصل الأول جعلت عنوانه : " القرآن الصامت والقرآن الناطق " ، حيث جعلوا القرآن الكريم صامتاً لا ينطق ! والإمام هو القرآن الناطق ، فلا يؤخذ القرآن إلاَّ عن طريقه ! والإمام كالنبى في عصمته وعلمه ! وأشرت إلى مذهب الإخباريين الذين يقفون عند الأخبار دون إعمال للعقل ، والأصوليين منهم الذين خالفوا الإخباريين ، وذكرت قول بعضهم بالنسخ بعد عصر النبوة ، وأن الحكم يمكن ألاَّ يبين في وقته من باب التقية ، أو من باب التدرج في التشريع ، فيمكن - بحسب زعمهم - ألاَّ يبين الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الأحكام ، ويتركها لأئمتهم الاثنى عشر لبيانها في وقتها المناسب !! هكذا زعموا !(3/25)
والفصل الثاني جعلته للظاهر والباطن ، فأشرت إلى الخلاف عندهم حول حجية الظواهر ، وإلى اللجوء للتأويل تأييداً للعقيدة ، وإلى حقيقة الباطن عندهم ، وقرب قولهم من الإسماعيلية الباطنية ، وبعده عن قول الجمهور ، ثم أشرت إلى قولهم بأن ثلث القرآن ، أو ربعه ، في الأئمة ، وثلثه ، أو ربعه ، في مخالفيهم !
والفصل الثالث أو جزت فيه الحديث عن قول غلاتهم بتحريف القرآن الكريم، فبينت سبب لجوئهم لهذا القول ، حيث عز عليهم أن يخلو كتاب الله المجيد من ذكر أئمتهم وعقيدتهم ، وتحثدت عن أشهر كتاب عندهم في هذا المجال ، وهو " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " ، وذكرت بعض أسماء القائلين بالتحريف ، ويدخل فيهم - بكل أسف - أكبر علمائهم الأعلام ! كالقمى ، صاحب كتاب من أهم كتب التفسير عندهم ، يرون صحة كل ما جاء به ، وتلميذه الكلينى ، صاحب الكافى ، كتاب الحديث الأول عندهم كالبخارى عندنا ، والعياشى، وغيرهم . وبينت أن من أنفسهم من - الشيعة تصدوا لحركة الغلاة قديماً وحديثاً ، غير أن المحدثين منهم وقعوا في تناقض عجيب أشرت إليه .
وبدأت بعد هذا في دراسة كتب التفسير الشيعى ، فجعلت الفصل الرابع لكتب القرن الثالث ، وهى أقدم كتب وصلت إليها ، وتغنى عما سبقها : مثال هذا تفسير أبى الجارود الذي يعدونه تفسير الإمام الباقر - وحاشاه ، والذى كان في أواخر القرن الأول وأوائل الثاني ، هذا التفسير لم أعثر عليه ، غير أن القمي في القرن الثالث نقله في تفسيره .
وتحدثت في هذا الفصل عن ثلاثة كتب :(3/26)
الكتاب الأول : تفسير الحسن العسكرى ، وهو يمثل الغلو والضلال والخرافات ، فهو يكفر الصحابة الكرام ، وعلى الأخص أبو بكر وعمر ، ويتهمها والصحابة بالنفاق والكذب إلى جانب الكفر ، ويذكر أن منكر ولاية على كافر ، وأن موسى دعا لهذه الولاية ، ويذكر أن علياً له معجزات كثيرة ، ويأتى بقصص خرافية لا تصلح إلاَّ للأطفال ليبين ما زعمه من معجزات ، ثم يصدر صكوك الغفران لمن آمن بخرافاته وضلاله وسار خلفه في ظلمات هذا الكفر .
ولذلك ذكرت تنزيه الإمام العسكرى - فيما أرى - من أن يكون صاحب هذا الكتاب ، وأشرت إلى أن هذا الرأى يراه أيضاً بعض الشيعة ، ولكن شيعة الأمس واليوم منهم من يرى صحة نسبة الكتاب للإمام !
ولو صحت النسبة لقلنا بكفره لا بإمامته .
والكتاب الثاني هو تفسير القمي ، وقد أطلت الوقوف عند هذا الكتاب ، فله ولصاحبه المنزلة العليا عند الشيعة ، غلاتهم ومعتدليهم ، الإخباريين والأصوليين ، في عصرنا وما قبله ، وهذا أمر نجد له ما يبرره عند الغلاة الضالين ، ولكن لم نجد له تفسيراً عند المعتدلين نسبيا ودعاة التقريب .
فالكتاب محشو بتحريف القرآن الكريم نصاً ومعنى ، تنزيلاً وتأويلاً ، والطعن في الصحابة ، وجعل الأئمة هم المراد من كلمات الله البينات ، وما يتصل بعقيدة الإمامة كالرجعة ، ونزول الوحى على الأئمة وعلمهم للغيب .
وفى أسباب النزول يزعم تحالف الصحابة مع إبليس ، ويشير إلى البيعة يوم الغدير ، ومصير من غصبوا الولاية بزعمه ، وأن القائم سيطالب بدم الحسين ، ويجعل حادث الإفك اتهاماً لأم المؤمنين لا تبرئة إلهية لها ، ونراه يحيل كتاب الله تعالى إلى كتاب في التاريخ للشيعة الاثنى عشرية ، فترى أصحاب الجمل والبصرة ، وتسمع عن بنى أمية وبنى السباع ؛ أي العباس ، والاتفاق على قتل علىّ ، وكفر أصحاب بيعة الرضوان ، وتجد الحديث عن الفرق الأخرى ، وعن القائم وجيش السفيانى .(3/27)
ثم تراه يسلك طرقاً مختلفة للتغرير بضعاف العقول ، وإضلال خلق الله من جهلة القوم .
وهذا الكتاب الذي جمع كل هذه المصائب والرزايا يعتبر من أهم مصادر التفسير المأثور عند الشيعة الاثنى عشرية ، فانظر وتأمل وقارن !!
وهو الذي وقع في أيدى المستشرقين فاتخذوه سلاحاً لضرب الإسلام ، والطعن في المعجزة الكبرى ، ومع هذا فصاحب التفسير ينتسب للإسلام !!
والكتاب الثالث هو تفسير العياشى ، وهذا الكتاب كسابقه منزلة ومنهجاً وأهدافاً ، وقد بينت هذا .
وبعد الفصل الرابع جعلت الفصل الخامس لتفسير التبيان للطوسى ، وتفاسير الطبرسي .
والطوسى والطبرسى يمثلان جانب الاعتدال النسبى والبعد عن الغلو إلى حد ما بينت أصول التفسير عندهما ، والفرق بينهما وبين الجمهور ، ومع الاعتدال النسبى ، ظهر أثر الإمامة في اللجوء للتأويل استدلالاً للعقيدة ، وفى ذكرهما للقراءات الموضوعة والشاذة ذات الصلة بالمذهب ، وفى روايتهما لأسباب النزول ، وفى جعلهما الأئمة هم المراد من كلمات الله تعالى عند تأويل بعض الآيات ، ورأيت أن شيخ الطائفة الطوسى أكثر اعتدالاً وأقل غلواً من الطبرسي.
والفصل السادس جعلته للحديث عن كتب التفسير بعد الطوسى والطبرسى ، تحدثت فيه عن عشرة كتب تمثل الاتجاهات المختلفة للتفسير ، فبعد الطوسى والطبرسى وجدنا منهم من يسير في طريق الغلو والضلال ، ويستمد التفسير من كتب القرن الثالث الثلاثة ، وما شابهها ككتاب الكافى للكلينى ، ومنهم من سلك طريق الاعتدال النسبى والبعد عن الغلو والتطرف إلى حد ما ومنهم من اقترب من أحد الطريقين مبتعداً عن الآخر .
والكتب العشرة تبين هذه الاتجاهات ، وثلاثة منها تبين اتجاه التفسير في العصر الحديث .(3/28)
وختمت هذا القسم بالفصل السابع الذي خصصته لنظرة عامة لباقى كتب التفسير من خلال كتاب " الذريعة إلى تصانيف الشيعة " ، وذلك حتى نستكمل ما أردنا بيانه . وجدت في الذريعة عشرات من كتب التفسير الشيعى يدل العنوان نفسه على غلو المؤلف وضلاله ، وكتباً أخرى يظهر فيها هذا الأثر عندما يتحدث عنها صاحب كتاب الذريعة . وهذا القدر الهائل من الكتب الضالة يشير إلى ضخامة حركة الغلاة ، ومدى تأثيرها في الوسط الشيعى الاثنى عشرى ، بل ربما يعطى السمة الغالبة للتفسير الشيعى ، وقد أشرت لهذا في ختام الفصل .
بعد هذا كله أعتقد أن الصورة أصبحت واضحة تماماً ، ولسنا في حاجة إلى مزيد بيان .
ومما أمرنا بتلاوته :
? رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ?
" 89 : الأعراف "
(1[1]) استدلال الخوئى هنا على أصل التشيع والرفض يأتي أثناء ذكر الأدلة ومناقشتها في هذا الجزء الأول .
(1) من بينها مثلا : أمة يؤمه إذا قصده كما جاء في الآية الكريمة الثانية من سورة المائدة
? ولا آمين البيت الحرام ? انظر مادة " أمم " في لسان العرب والقاموس المحيط .
(2) البقرة : 124.
(3) الأنبياء : 73.
(2[2] ) التوبة 12
(3[3] ) القصص :41
(4[4] ) تاريخ المذاهب الإسلامية 1/21 . والمعروف أن الخليفة الأول رضي الله عنه خلف النبي ? ، وبعده كل خليفة يخلف من سبقه .
(5[5] ) الملل والنحل 1/24.
6[6] - سورة النساء : الآية 65 .
(7[7] ) انظر الرواية رقم 2374 بالجزء الرابع من مسند الإمام أحمد تحقيق وتخريج الشيخ أحمد شاكر . وانظر هذه الرواية بسند صحيح آخر رقم 299 ج 5 من المسند .
(8[8] ) المرجع السابق ج3 رواية رقم 859 وهى صحيحة الإسناد.(3/29)
(9[9] ) صحيح البخاري - كتاب المحاربين - باب رجم الحبلى ، وراجع المسند تحقيق شاكر ج1 رواية رقم 391 قوله : تغرة أن يقتلا : أي خوف وقوعهما في القتل . يحضوننا : يخرجوننا : زورت : هيأت وحسنت والتزوير : إصلاح الشيء ، وكلام مزور: أي محسن . جذيلها المحكك : الجذيل تصغير جذل ، وهو العود الذي ينصب للإبل الجربى لتحتك به ، وهو تصغير تعظيم ، أي أنا ممن يستشفى برأيه كما تستشفى الإبل الجربى بالاحتكاك بهذا العود ، وقيل : أراد أنه شديد البأس صلب المكسر . المرجب من الترجيب ، وهو أن تعمد النخلة الكريمة ببناء إذا خيف عليها - لطولها وكثرة حملها - أن تقع . ( انظر المسند ففيه المزيد ) .
(10[10] ) المسند ج6 رواية رقم 4380 ، وانظر كذلك ج7 رواية رقم 4832 ، ج8 الروايتين 5677 ، 6121 ، ج13 الروايتين 7304 ، 7547.
(11[11] ) في فتح البارى بعد الحديث عن الرواية السابقة قال ابن حجر : قد صحح ابن حبان وغيره من حديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه أن علياً بايع أبا بكر في أول الأمر . وأما ما وقع في مسلم عن الزهرى أن رجلاً قال له : لم يبايع على أبا بكر حتى ماتت فاطمة رضي الله عنها قال : لا ولا أحد من بنى هاشم . فقد ضعفه البيهقي بأن الزهرى لم يسنده ، وأن الرواية الموصولة عن أبى سعيد أصح . وجمع غيره بأنه بايعه بيعة ثانية مؤكدة للأولى لإزالة ما كان وقع بسبب الميراث . وحينئذ يحمل قول الزهرى لم يبايعه على في تلك الأيام على إرادة الملازمة له والحضور عنده ، وما أشبه ذلك ، فإن في انقطاع مثله عن مثله يوهم من لا يعرف باطن الأمر أنه بسبب عدم الرضا بخلافته ، فأطلق من أطلق ذلك ، وبسبب ذلك أظهر على المبايعة التي بعد موت فاطمة لإزالة هذه الشبهة.
(12[12]) سورة النساء - الآية 58.
(13[13]) سورة الشورى : الآية 38 .
(14[14]) آل عمران - الآية 159.
(15[15]) انظر تاريخ المذاهب الإسلامية 1/93: 109 ، والفرق بين الفرق ص 210 -212.(3/30)
(16[16]) انظر الملل والنحل 1/25 ، وجاء في كتاب الاستخلاف " إني استعملت عليكم عمر بن الخطاب ، فإن بر وعدل فذلك علمى به ورأيى فيه ، وإن جار وبدل فلا علم لي بالغيب ، والخير أردت . ولكل امرئ ما اكتسب . وسيعلم الذي ظلموا أي منقلب ينقلبون " ( الكامل للمبرد 1/8) .
(17[17]) عبقرية الصديق ص 164.
(18[18]) الستة هم : على وعثمان والزبير وطلحة وسعد بن أبى وقاص وعبدالرحمن بن عوف . قال عبدالرحمن : اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم . فقال الزبير : قد جعلت أمرى إلى على . فقال طلحة : قد جعلت أمرى إلى عثمان . وقال سعد : قد جعلت أمرى إلى عبدالرحمن بن عوف .
(19[19] ) البخاري - كتاب الأحكام - باب كيف يبايع الإمام الناس ، وراجع فتح الباري - كتاب المناقب - باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان رضي الله عنه .
(20[20]) سورة الأنفال : الآية رقم 25 .
(21[21]) الشيعة معناها الأتباع والأنصار والفرقة ، ولكن غلب هذا الاسم على كل من يتولى علياً وأهل بيته حتى صار اسماً لهم خاصاً ، وجمعه أشياع وشيع . ( انظر مادة شيع في القاموس المحيط).(3/31)
وقد ورد هذا اللفظ في القرآن الكريم بمعناه في عدد من آياته كقوله تعالى :-?وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ? ( القصص آية "15" ).وقوله عز وجل في سورة الأنعام (الآية 159 ): ? إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ? . وقيل : إن ظهور هذا اللقب كان عام سبع وثلاثين من الهجرة ، وقيل بل بعد أن قبض معاوية على زمام السلطة (انظر مختصر التحفة ص 5 وروح الإسلام ص 313 ). وقال الدكتور طه حسين : الشيء الذي ليس فيه شك فيما أعتقد هو أن الشيعة بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة عند الفقهاء والمتكلمين ومؤرخى الفرق لم توجد في حياة على وإنما وجدت بعد موته بزمن غير طويل . وإنما كان معنى كلمة الشيعة أيام على هو نفس معناها اللغوى القديم الذي جاء في القرآن ( على وبنوه ص 173 ) . وتحدث بعد ذلك (ص 187 - 189) عن عودة الحسن من الكوفة إلى المدينة بعد الصلح مع معاوية ، وعن مجىء وفد من أشراف الكوفة ومعاتبتهم له ، وطلبهم إليه أن يعيد الحرب ، وموقفه منهم . وقال الدكتور طه حسين بعد ذلك : "وأعتقد أن اليوم الذي لقى الحسن فيه هؤلاء الوفد من أهل الكوفه ، فسمع منهم ما سمع وقال لهم ما قال ورسم لهم خطتهم ، هو اليوم الذي أنشئ فيه الحزب السياسى المنظم لشيعة على وبنيه ، نظم الحزب في* *المدينة في ذلك المجلس وأصبح الحسن له رئيساً ، وعاد أشراف أهل الكوفة إلى من وراءهم ينبئونهم بالنظام الجديد والخطة المرسومة " (ص 189-190) .(3/32)
(22[22]) هذه البقية من الإباضية ، وهم أكثر الخوارج اعتدالا وأقربهم إلى الجماعة الإسلامية تفكيراً ، فهم أبعدهم عن الشطط والغلو ولذلك بقوا ، ولهم فقه جيد ، وفيهم علماء ممتازون ، ويقيم طوائف منهم في بعض واحات الصحراء الغربية ، وبعض آخر في بلاد الزنجبار. ويقولون عن مخالفيهم إنهم كفار نعمة لا كفار في الاعتقاد ، وذلك لأنهم لم يكفروا بالله تعالى ، ولكنهم قصروا في جنب الله عز وجل (انظر ص 91من الجزء الأول من تاريخ المذاهب الإسلامية ) كما يقيم طوائف منهم في عمان والجزائر وتونس.
(23[23]) الفرق بين الفرق ص 45 ، واقرأه إلى ص 67 للتعرف على الخوارج وآرائهم ، وراجع كذلك : الملل والنحل 1/114 -138 والخطط المقريزية ج4 ص 178-180وفجر الإسلام 1/314 ، 325 ، وتاريخ المذاهب الإسلامية 1/96 -92.
(24[24]) الفرق بين الفرق ص 65: 66 .
(25[25]) الملل والنحل 1/155.
(26[26]) الفرق بين الفرق ص 25 ، وانظر الملل والنحل 1/155.
(27[27]) انظر المرجع الأول ص22 ، والملل والنحل 1/157 -158 .
(28[28]) انظر الملل والنحل 1/159 -162 ، والفرق بين الفرق ص 24، وفرق الشيعة ص 20 -21 ، ص 55 ، والفصل في الملل والأهواء والنحل ص 92-93.
(29[29] ) الفرق بين الفرق ص39 .
(30[30]) انظر الملل والنحل 1/191-192.
(31[31]) انظر أقوالهم في المراجع الآتية :
عقائد الأمامية ص 80:65 - أصل الشيعة وأصولها ص 41:33 - كشف المراد شرح تجريد الاعتقاد : المقصد الخامس : الإمامة ص284 وما بعدها - بحار الأنوار : باب جامع في صفات الإمام وشرائط الإمامة 25/115 : 175 وباب أنه جرى لهم ( أي للأئمة ) من الفضل والطاعة مثل ما جرى للرسول ?وأنهم في الفضل سواء .انظر نفس الجزء من ص 352 إلى363 .(3/33)
(32[32] ) ) انظر أصول الكافى : باب فيه ذكر الأرواح التي في الأئمة (1/271-272) وباب الروح التي يسدد الله بها الأئمة (1/273-274) وهذا الباب فيه ستة أخبار منها عن أبى * *عبد الله ?وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ? قال : خلق من خلق الله عز وجل أعظم من جبرائيل وميكائيل ، كان مع رسول الله ? يخبره ويسدده ، وهو مع الأئمة من بعده. وفى الباب الأسبق ذكر أن روح القدس خاصة بالأنبياء ، فإذا قبض النبي انتقل روح القدس فصار إلى الإمام . وروح القدس لاينام ولا يغفل و لايلهو و لا يزهو والإمام يرى به ، وفيه الحاشية فسر الرؤية بقوله : يعنى ماغاب عنه في أقطار الأرض وما في عنان السماء ! وبالجملة ما دون العرش إلى ما تحت الثرى ! وانظر بحار الأنوار ( 47/25-99 ) باب الأرواح التي فيهم ( أي في الأئمة ) وأنهم مؤيدون بروح القدس . وقال ابن بابويه القمي في رسالته ( ص 108-109 ) : " اعتقادنا في الأخبار الصحيحة عن الأئمة أنها موافقة لكتاب الله ، متفقة المعانى ، غير مختلفة ، لأنها مأخوذة من طريق الوحي عن الله سبحانه وتعالى " وهذا القمي صاحب كتاب " فقيه من لايحضره الفقيه " : أحد كتب الحديث الأربعة المعتمدة عند الجعفرية . وقال المجلسى : أصحابنا أجمعوا على عصمة الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم من الذنوب الصغيرة والكبيرة. عمداً وخطأ ونسيانّا قبل النبوة والإمامة وبعهدهما ، بل من وقت ولادتهما إلى أن يلقوا الله تعالى . ولم يخالف في ذلك إلا الصدوق محمد بن بابويه وشيخة ابن الوليد ، فإنهما جوزا الإسهاء من الله تعالى لا السهو الذي يكون من الشيطان في غير ما يتعلق بالتبليغ وبيان الأحكام " ( بحار الأنوار : 25/350-351) .وقال الطوسي: " لا يجوز عليهم- أي على الأئمة - السهو والنسيان فيما يؤدونه عن الله . فأما غير ذلك فإنه يجوز أن ينسوه أو يسهوا عنه ما لم(3/34)
يؤد ذلك إلى الإخلال بكمال العقل .وكيف لا يجوز عليهم ذلك وهم ينامون ويمرضون ويغشى عليهم . والنوم سهو ، وينسون كثيراً من تصرفاتهم أيضاً ، وما جرى لهم فيما مضى من الزمن " (التبيان 4/165-116) . والطوسى يلقبونه بشيخ الطائفة ، وهو صاحب كتابين من كتب الحديث الأربعة .
(33[33] ) سورة المائدة - الآية 55 .
(34[34] ) سورة آل عمران - الآية 61 .
(35[35] ) سورة الأحزاب - الآية 33 .
(36[36] ) سورة البقرة - الآية 124.
(37[37] ) سورة المائدة - الآية 67.
(38[38] ) أصل الشيعة وأصولها ص 134 ، وفيه " يا أيها النبي " و " اللهم نعم " .
(39[39] ) الآية الثالثة من سورة المائدة .
(40[40] ) انظر الغدير 1/11 .
(41[41] ) أول سورة المعارج .
(42[42] ) الغدير 1/240 .
(43[43] ) راجع تأويلات الجعفرية للآية الكريمة ، والروايات التي ذكروها لتأييد ما ذهبوا إليه في المراجع التالية:التبيان 3/558 - 564 . ومجمع البيان 6/126 -130 ، والميزان 6/2 -24 ، وزبدة البيان ص 107 -110 ، وكشف المراد ص 289 ، ومصباح الهداية ص 179 -181 ، وتفسير شبر ص141
(44[44]) انظر تفسير الطبري ، تحقيق شاكر 10/424 - 425
(45[45]) انظر المرجع السابق ج 5 حاشية ص 224.
(46[46]) نفس المرجع ج10 حاشية ص 426.
(47[47]) الموضع السابق من المرجع ذاته .
(48[48]) انظر تفسيره 2/71 .
(49[49] ) راجع أيضا ما ذكر عن الإمام على في مفتاح كنوز السنة ، فلا توجد إشارة لمثل هذه الرواية
(50[50] ) انظر تفسير الآلوسى 2/331 .
(51[51] ) انظر مادة ركع في لسان العرب ، وتاج العروس ، وأساس البلاغة ، وانظر كذلك تفسير الطبري 1/ 574 -575 ، وتفسير الألوسى 2 / 330 .
(52[52] ) الكشاف : 1/624 ، ولزهم إلى كذا : اضطرهم .
(53[53]) راجع تفسيره 2/332 .
(54[54]) سورة النساء - الآية 89 .
(55[55]) نفس السورة - الآية 139.
(56[56]) سورة التوبة - الآية 71 .(3/35)
(57[57]) راجع الآيات القرآنية التي تبين ما ذكر مستعيناً بما جاء في مادة " ولى " من المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم .
(58[58]) سورة المائدة - الآية 51 .
(59[59]) السورة السابقة - الآية 57 .
(60[60] ) تفسير الآلوسى 2/330 .
(61[61] ) كشف المراد ص 304 ،وانظر مصباح الهداية ص 99-103
(62[62]) قال ابن قيم الجوزية تحت عنوان : " تولية الرسّول? الأنفع على من هو أفضل منه " : وبهذا مضت سنة رسول الله ? ، فإنه يولى الأنفع للمسلمين عى من هو أفضل منه ، كما ولى خالد بن الوليد من حين أسلم على حروبه لنكايته في العدو ، وقدمه على بعض السابقين من المهاجرين والأنصار . وكان أبو ذر من أسبق السابقين وقال له : ( ياأبا ذر ، إنى أراك ضعيفاً ، وأحب لك ما أحبه لنفسى ، لا تؤمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم ) . وأمر عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل ، لأنه كان يقصد أخواله بنى عذرة ، فعلم أنهم يطيعونه ما لايطيعون غيره للقرابة .... إلخ - انظر أعلام الموقعين 1/114 -115.
(63[63]) سورة النور - الآية 12.
(64[64]) سورة البقرة - الآية 54 .
(65[65]) نفس السورة - الآية 84 .
(66[66]) المنتقى ص 17 - حاول أحد الجعفرية نقض كلام ابن تيمية فقال : " فلولا إذ سمعتموه ظن كل مؤمن بنفسه خيراً ، وظنت كل مؤمنة بنفسها خيراً ، لا أن كل مؤمن ظن بأخيه خيراً " ( منهاج الشريعة 2/287 ) ويكفى هنا أن نذكر ما قاله الطوسي شيخ الطائفة في تفسيره :
" هلا حين سمعتم هذا الإفك من القائلين ظن المؤمنون بالمؤمنين الذين هم كأنفسهم - خيراً ، لأن المؤمنين كلهم كالنفس الواحدة فيما يجرى عليها من الأمور ، فإذا جرى على أحدهم محنة ،* *فكأنه جرى على جماعتهم وهو كقوله : " فسلموا على أنفسكم " وهو قول مجاهد .... إلخ " ( انظر التبيان 7/416) .(3/36)
(67[67]) تفسير الكشاف 1/434 - وقال أحد مفسري الجعفرية : " والمباهلة والملاعنة وإن كانت بحسب الظاهر كالمحاجة بين رسول الله ? وبين رجال النصارى ، لكن عممت الدعوة للأبناء والنساء ليكون أدل على اطئنان الداعى بصدق دعواه ، وكونه على الحق ، لما أودعه الله سبحانه في قلب الإنسان من محبتهم والشفقة عليهم ، فتراه يقيهم بنفسه ، ويركب الأهوال والمخاطرات دونهم ، وفى سبيل حمايتهم والغيرة عليهم والذب عنهم . ولذلك بعينه قدم الأبناء على النساء لأن محبة الإنسان بالنسبة إليهم أشد وأدوم " . الميزان (3/244) .
(71) سورة الأحزاب - الآيتان 28،29 .
(72) الآيات الخمسة من نفس السورة وهى :
? يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ??.
(70[70]) انظر أدلتهم في : التبيان 8/339 -340 ، ومجمع البيان ط مكتبة الحياة 22/137 -139 ، وجوامع الجامع ص 372 ، والميزان 16/330-331 ، ومصباح الهداية ص 103-109.
(71[71]) سورة هود ـ الآية 73 .(3/37)
(72[72]) سورة القصص - الآية 29 .
(73[73]) السورة السابقة - الآية 12.
(74[74]) سورة العنكبوت - الآية 33 .
(75[75]) سورة يوسف - الآية 29 .
(76[76]) انظر مادة " أهل " في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ، وارجع إلى الآيات التي اشتملت على هذه الكلمة.
(77[77]) نيل الأوطار 2/ 324 -326 .
(78[78]) صحيح البخاري - كتاب التفسير - باب " لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ..." .
(79[79]) انظر المادة في معاجم اللغة .
(83) تفسير الطبري ط الحلبي 22/6 .
(84) انظر نفس المرجع 22/6 -8 .
(85) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب وميزان الاعتدال ، وسيأتي الحديث عنه مفصلاً في روايات الغدير في بحث قادم إن شاء الله .
(86) انظر تفسير ابن كثير 3/483 .
(87) الخزيرة : لحم يقطع قطعاً صغاراً ثم يطبخ بماء كثير وملح ، فإذا اكتمل نضجه ذر عليه الدقيق وعصد به ، ثم أٌدم بأي إدام . وتطلق الكلمة أيضاً على الحساء من الدسم والدقيق.
(88) أي جعل الكساء يغطيهم .
(89) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب .
(90) قد يقال : كيف لا يحتج به وهو من شيوخ البخاري ؟ فنقول : من الثابت أن له مناكير كما قال الإمام أحمد بن حنبل ، والإمام البخاري يعرف متى يكتب ومتى يترك ولذا جاء في كتاب توجيه النظر ( ص 103 ) في الحديث عن خالد بن مخلد :
" أما المناكير فقد تتبعها أبو أحمد بن عدى من حديثه وأوردها في كامله ، وليس فيها شىء مما أخرجه له البخاري ، بل أم أر له عنده من أفراده سوى حديث واحد وهو حديث أبى هريرة : من عادى لي وليا - الحديث "
وما ذكره الجزائرى هنا هو قول ابن حجر ( انظر هدى الساري ص 400) .
(91) انظر الترجمة في تهذيب التهذيب .
(92) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب .
(93) الشيعة يستندون في استدلالهم على ما روى عن أم سلمة - انظر مراجعهم السابق ذكرها.
(94) كتاب المناقب - باب مناقب أهل بيت النبي (
(95) انظر تفسيره 3/483-486 .(3/38)
(96) الرواية الأولى ذكرت بطريقين آخرين أيضاً - انظر الرواية في صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل على بن أبى طالب ، رضي الله تعالى عنهم جميعاً.
(97) المسند 4/366-367 .
(95[95]) انظر المنتقى ص 168 - 169.
(96[96]) راجع تفسيره 14/182-184.
(100) انظر كتابه 1/332-339.
(101) وذكر القرطبى عن القشيرى قال : قالت أم سلمة : أدخلت رأسى في الكساء وقلت : أنا منهم يا رسول الله ؟ قال : نعم . (انظر تفسيره 14/183) وقال الزمخشري : " أهل البيت" نصب على النداء أو على المدح . وفى هذا دليل بين على أن نساء النبي ( من أهل بيته " . ( انظر الكشاف 3/260) .
(99[99] ) الميزان 16/330
(103) مجمع البيان 2/139 ط مكتبة الحياة .
(104) يطلق عليه الجعفرية لقب " شيخ الطائفة " .
(105) مجمع البيان 22/139 ط مكتبة الحياة .
(106) حديث رقم 571 ج 2 من المسند ، وانظر في التعليق بيان المرحوم الشيخ أحمد شاكر لصحة الإسناد ، والروايات الأخرى الصحيحة لهذا الحديث .
(107) حديث رقم 705 ج 2 من المسند ، وإسناده صحيح .
(108) سورة المائدة - الآية رقم 6.
(109) سورة النساء - الآية 26 .
(107[107]) سورة النساء - الآية 28 .
(108[108]) انظر المنتقى ص 168 ، وانظر ص 428.
(109[109]) وبهذا أيضا استدل العالم المعاصر محمد تقى الحكيم ، وذهب إلى أن الإرادة تكوينية لا تشريعية (انظر الأصول العامة للفقه المقارن ص 150) .
(113) انظر التبيان 1/449 ، ومجمع البيان 1/202 ، ومصباح الهداية 60-63 .
(111[111]) نظر تفسير الماتريدى : ص 279 ، والطبرى تحقيق شاكر 3/18- 24 ، وابن كثير1/167 ، والآلوسى 1/306 -308 ، والبحر المحيط 1/374 -379 ، والقرطبى 2/107-109 .
(112[112]) سورة الصافات - الآية 113.(3/39)
(116) اللص المتغلب والخليفة الذي ذكره الزمخشري هو هشام بن عبدالملك ، وأما الدوانيقى فهو المنصور أخو السفاح ، سمى بذلك قيل لبخله ، وقد ذكر يعض المصنفين أنه لم يكن بخيلاً ( البحر المحيط 1/378) .
(114[114]) الكشاف 1/309 وقال القرطبى (2/109) قال بن خويزمنداد : وكل من كان ظالماً لم يكن نبياً ولا خليفة ، ولا حاكماً ، ولا مفتياً ولا إمام صلاة ، ولا يقبل عنه ما يرويه عن صاحب الشريعة ، ولا تقبل شهادته في الأحكام .
(115[115]) رواه ابن ماجة وابن أبى عاصم ،ورجاله ثقات ، وصححه ابن حبان والحاكم وغيرهما، وقال النووى في الروضة وفى الأربعين أنه حسن . ووقع في كتب كثيرين من الفقهاء والأصوليين بلفظ " رفع " بدل " وضع " ، وحول الحديث كلام يطول ذكره ، انظر المقاصد الحسنة ص 228 - 230 وكشف الخفاء 1/433-434 .
(116[116]) روى الامام مسلم وغيره ما يفيد استجابة ربنا عز وجل لهذا الدعاء ، وروى كذلك عند الجعفرية : انظر مجمع البيان 2/404 ، وانظر كذلك تفسير بن كثير 1/342-343 ، والقرطبى 3/431-432 والكشاف 1/408.
(117[117]) انظر تفسير الآلوسى 1/307 - 308 .
(118[118]) انظر فقه الشيعة الإمامية ومواضع الخلاف بينه وبين المذاهب الأربعة ج1 ص 37:18.
(119[119]) سورة آل عمران - الآية رقم 110 .
(120[120]) انظر التبيان 1/158 ، والآية المذكورة هي رقم 18 من سورة هود .
(124) سورة المائدة - الآية 67.
(125) التبيان 3/587-588 .
(126) انظر البيان ط مكتبة الحياة 6/152 -153 ، والميزان 6/42 -64 وتفسير شبر ص 143 ، والغدير 1/214 -229 ، ومصباح الهداية 190-198.
(127) تفسير الطبري تحقيق شاكر 10/467.(3/40)
(128) صاحب كتاب الغدير ذكر أن الطبري يرى أن الآية الكريمة نزلت في الغدير كما يذهب الجعفرية (امظر كتابه 1/214 -216 -223-225 ) وما قاله الطبري يتفق مع أهل التأويل - كما نص هو على هذا - وإن اختلفوا في السبب الذي من أجله نزلت ، ومعنى هذا أن أهل التأويل متفقون على صحة ما ذهب إليه الجعفرية لو صح ما ذكره صاحب الغدير ! قول غريب نعود إليه في الحديث عن الآية التالية .
(126[126]) المائدة الآية- 67 .
(127[127]) أي الدية .
(128[128]) تفسير ابن كثير 2/77 -78 .
(129[129]) المرجع السابق 2/97 .
(130[130]) انظر الرواية وتخريجها ، وبيان صحة سندها في المسند ج 3 رواية رقم 1977 تحقيق المرحوم الشيخ أحمد شاكر ، وأشار إلى روايات أخرى مؤيدة . وفى التعليق تفسير للجزء الأخير بأن الخيل كانت في بنى هاشم قليلة فأحب ( أن تكثر فيهم .
(131[131]) تفسير الآلوسى 2/349.
(132[132]) انظر مثل ما ذكره الآلوسى هنا في الكشاف 1/631 ، والبحر المحيط 3/530 .
(133[133]) انظر مثل ما ذكره الآلوسى هنا في الكشاف 1/631 ، والبحر المحيط 3/530 .
(134[134]) جزء من الآية الثالثة.
(138) انظر تفسير الآية الكريمة في الطبري تحقيق شاكر 9/517 ـ 531 وابن كثير 2/12 ـ 14 والكشاف 1/593 ، و الآلوسى 2/248 ـ 249 والقرطبى 6/61 ـ 63 ، والبحر المحيط 3/426.
(139) راجع للجعفرية : التبيان 3/435 -436، ومجمع البيان ط مكتبة الحياة 6/25 ـ 26 ، وجوامع الجامع ص 104 ، وتفسير شبر ص 133 ، ومصباح الهداية ص 204 ـ 205 .
(140) الرواية صحيحة الإسناد ، ورواها الإمام أحمد بسند صحيح أخر ، وانظر الروايتين رقم 188 ، 272 في الجزء الأول من المسند .(3/41)
(141) المروى في الصحاح الستة عن طريق معاوية في الأحكام ثلاثون حديثاً ، ذكرها ابن الوزير - من علماء الزيدية - في كتابه الروض الباسم ، وأثبت صحتها ثم صحة باقي الأحاديث المروية عن طريقه في غير الأحكام ، وأشار إلى أنه لم يرد حديث واحد عن طريق معاوية في ذم الإمام على " انظر كتابه 2/114 -119" .
(139[139]) من العجيب الغريب أن الروايات التي ينكرها هنا يستدل بها هي ذاتها في مكان آخر بشيء آخر ، فذكر قول اليهودى " لو نزلت فينا هذه الآية لاتخذنا يوم نزولها عيداً " ثم قال : وصدر من عمر ما يشبه التقرير لكلامه . وانتهى من هذا إلى أن يوم نزولها عيد وهو عيد الغدير ! ولم يشر إلى يوم عرفة ! ( انظر الغدير 1/283) .
(140[140]) المرجع السابق 1/230 .
(141[141]) انظر المرجع المذكور 1/214-216 .
(142[142]) راجع قوله في ج1 ص 223-225.
(143[143]) قد بحثت عن الكتاب المذكور فلم أجده ، وبحثت عن أسماء الكتب المنسوبة للطبرى فوجدت ما يزيد عن مائة كتاب منها كتاب فضائل على بن أبى طالب رضي الله تعالى عنه . قال ياقوت الرومى في كتابه إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب 6/452 بأن الطبري تكلم في أوله بصحة الأخبار الواردة في غدير خم ، ثم تلاه بالفضائل ، ولم يتم ، فالطبرى إذن لم يتم كتابه وهو - مع عشرات الكتب الأخرى - غير موجود ، فلعل أحداً استغل هذا فأخرج كتاباً بعنوان الولاية ونسبه للطبرى . والرواية التي ذكرها صاحب كتاب الغدير عن زيد بن أرقم نقلا عن كتاب الولاية لا تصح بحال ، وقد ذكرنا من قبل الروايات الصحيحة عن زيد بن أرقم كما رواها الإمامان أحمد ومسلم . فإذا كان الطبري قد صحح الأخبار الواردة في غدير خم كما قال ياقوت فإنها لا تزيد عما أخرجه مسلم ، وما صح من مسند أحمد ، أما أن يصح عنده مالا يؤمن به ، بل لا يقول به إلا الغلاة فهذا أمر مرفوض قطعاً .*(3/42)
*ومن المعاصرين لشيخ المفسرين عالم شيعي اسمه محمد بن جرير بن رستم الطبري ويكنى أبا جعفر ، وله كتاب المسترشد في الإمامة (انظر الفهرست للطوسى ص 158 ـ 159) فلعله صاحب كتاب الولاية ، واستغل التشابه بين الاسمين والكنيتين في نسبة الكتاب لشيخ المفسرين ، وهو بلا أدنى شكل براء مما جاء به .
(147) سبق ذكر روايتهم في بداية الفصل .
(145[145]) انظر التبيان 10/112 -113 .
(146[146]) المرجع السابق 10/350 .
(147[147]) انظر مقدمة جوامع الجامع ففيها بيان سبب التأليف ، ومما جاء في هذه المقدمة ص 3 : " وحثني وبعثنى عليه أن خطر ببالى وهجس بضميرى ، بل ألقى في روعى ، محبة الاستمداد من كلام جار الله العلامة ولطائفه ، فإن لألفاظه لذة الجدة ورونق الحداثة " .
(148[148]) انظر المرجع السابق ص 508-509 .
(152) الميزان 4/76-88 .
(153) مقدمة في أصول التفسير ص 20 .
(154) ولد في المدينة سنة 85 هـ ، ثم خرج إلى العراق وأقام ببغداد حتى توفى . ووفاته محصورة بين سنة 150 وبين 153 هـ . قيل إنه كان يتشيع ، ولم يتخلف في الرواية عنه الثقات والأئمة ، أخرج له مسلم في المتابعات ، واستشهد به البخاري في مواضع ، وروى له أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه . وقال الدارقطنى:اختلف الأئمة فيه وليس بحجة إنما يعتبر به . (انظر ترجمته في السيرة النبوية لابن هشام : مقدمة الناشرين ص 13 : 17 ، وراجع ترجمته كذلك في تهذيب التهذيب ) .
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال بعد أن ذكر ترجمته : فالذى يظهر لي أن ابن إسحاق حسن الحديث ، صالح الحال صدوق . وما انفرد به ففيه نكارة ، فإن في حفظه شيئاً . وقد احتج به الأئمة ، والله أعلم .
(152[152]) السيرة النبوية 4/602 .
(156) ورجب مضر : إنما قال لأن ربيعة كانت تحرم رمضان ، وتسميه رجباً ، فبين عليه الصلاة والسلام أنه رجب مضر لا رجب ربيعة ، وأنه الذي بين جمادى وشعبان .
(157) عوان : جمع عانية وهى الأسيرة .(3/43)
(158) السيرة النبوية 4/603 -604.
(159) انظر حجة النبي ( لمحمد ناصر الدين الألبانى ص 40-45 ، ص 77-79 .
(160) انظر مفتاح كنوز السنة - باب الميم فيما ذكره عن محمد ? .
(158[158]) كتاب النهى عن القول بالقدر ، وهذا الحديث الشريف وصلة ابن عبدالبر من حديث كثير ابن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده (انظر تنوير الحوالك 2/208) .*
*وقال ابن عبدالبر كذلك : مرسلات مالك كلها صحيحة مسندة (1/38) . وقال جلال الدين السيوطى : " ما من مرسل في الموطأ إلا وله عاضد أو عواضد ... فالصواب إطلاق أن الموطأ صحيح لا يستثنى منه شىء " ( نفس المرجع 1/6) .
(162) سورة الحشر - آية 7 .
(163) سورة النساء - آية 80 .
(164) سورة النساء - آية 65 .
(165) البخاري - كتاب المناقب - باب مناقب رسول الله ? وانظر كذلك الرواية رقم 55 بالجزء الأول من المسند ، وسندها صحيح .
(166) البخاري - كتاب المناقب - باب مناقب الحسن والحسين .
(167) انظر مناقب أهل بيت النبي ( في أبواب المناقب من سننه .
(168) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب ، وميزان الاعتدال .
(169) انظر المسند تحقيق شاكر - طلائع الكتاب 1/75 .
(170) ص 11 من القول المسدد .
(171) راجع صحيح مسلم - كتاب فضائل الصحابة - باب من من فضائل على بن ابى طالب رضي الله تعالى عنهم ، والمسند 4/366-367 .
(172) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب .
(170[170]) الأعمش هو سليمان بن مهران الأسدي الكاهلى ، مولاهم أبو محمد الكوفي . انظر ترجمته وترجمة حبيب في تهذيب التهذيب . وميزان الاعتدال .
(171[171]) هو عبد الله بن عبد الله الضبى النيسابورى .ولد سنة 321 هـ وجاوز الثمانين حيث توفى سنة 405 هـ . قال عنه ابن حجر في لسان الميزان : إمام صدوق ولكنه يصحح في مستدركه أحاديث ساقطة فيكثر من ذلك ، فما أدرى هل خفيت عليه ؟ فما هو ممن يجهل ذلك . وإن علم فهو خيانة عظيمة(3/44)
ثم هو شيعي مشهور بذلك من غير تعرض للشيخين . والحاكم أجل قدراً وأعظم خطراً وأكبر ذكراً من أن يذكر في الضعفاء . ولكن قيل في الاعتذار عنه أنه عند تصنيفه للمستدرك كان في أواخر عمره . وذكر بعضهم أنه حصل له تغير وغفلة في آخر عمره ، ويدل على ذلك أنه ذكر جماعة في كتاب الضعفاء له ، وقطع بترك الرواية عنهم ، ومنع من الاحتجاج بهم ، ثم أخرج أحاديث بعضهم في مستدركه وصححها .
(172[172]) انظر المستدرك 3/109 - 110 .
وهذا الحديث من الأحاديث التي أنكرها عليه أصحاب الحديث ، ولم يلتفتوا إلى تصحيحه . ( راجع ترجمته بشئ من التفصيل في التذكرة التي كتبت في صدر كتابه معرفة علوم الحديث للدكتور السيد معظم حسين ) .
(173[173]) انظر المسند ج 5 التعليق على الرواية 3605 ، وهذه غير روايات العترة .
(174[174]) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب .
(175[175]) في الحديث عن أحد الرواة قال العلامة المرحوم أحمد شاكر : " نقل الحافظ في التهذيب أن البخاري ذكره في الضعفاء ، ولم أجد فيه " . وهذا يؤيد أنه لم يسمع بكتاب الضعفاء الكبير للبخاري - انظر قوله في الحديث عن الرواية رقم 646 بالجزء الثانى من المسند .
(176[176]) يطلق البخاري " منكر الحديث " على من لا تحل الرواية عنه ، أما عند غيره فمنكر الحديث في درجة ضعيف الحديث - انظر : قواعد في علوم الحديث للتهانوى ص 258 ، وانظر كذلك تدريب الراوى 1/349 وحاشية ص 347 وميزان الاعتدال 1/6.
(177[177]) نظر ترجمته في تهذيب التهذيب ، وميزان الاعتدال .
(178[178]) راجع صحيح مسلم - كتاب الحج - باب حجة النبي ( .
(179[179]) انظر حجة النبي ( كما رواها جابر بن عبد الله ص 40-45 .
(183) منهاج السنة النبوية 4/105 .
(184) انظر صحيح الجامع الصغير 2/217- حديث رقم 2454 .(3/45)
(182[182]) كلام الشيخ صحيح ، ولذلك فقد جمعت كل ما استطعت جمعه والنظر فيه من الروايات ، وقد أرشدني إلى هذا المنهج ، وساعدني في التطبيق منذ سنوات العلامة الثبت المحقق الأستاذ محمود شاكر - رحمه الله رحمة واسعة .
(183[183]) راجع ما ذكرناه من قبل عن الحاكم ومستدركه ، وعن روايتيه لهذا الحديث .
(187) ومع هذا الضعف جاء في كتاب المراجعات للموسوي بأنها متواترة ! (ص 51) ونسب للشيخ سليم البشرى أنه تلقى هذا القول بالقبول ! ( ص 54) وأنه طلب المزيد ، وذكر صاحب المراجعات روايات أخرى أشد ضعفاً ، ونسب للشيخ البشرى أنه أعجب بها ، ورآها حججاً ملزمة ! (ص 55-61) وسيأتي الحديث مرة أخرى عن هذا الكتاب .
(188) راجع البخاري - كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة - باب الاقتداء بسنن الرسول ( .
(189) النساء - الآية 59 .
(190) انظر الروايات وتخريج المرحوم شاكر لها في المسند ج 2 ، وأرقامها على التوالى 641 ، 670 ، 950 ، 951 ، 961 ، 964 ، 1310 .
(191) انظر كشف الخلفاء 2/274 , والرواية الساسة تتفق مع كثير من الروايات فيما عدا زيادة إنكار بعض الصحابة ودعاء الأمير عليهم ، وهى ضعيفة السند بحمد الله تعالى ، فاتفق هذا الضعف مع هذه الزيادة التي لم تأت في رواية صحيحة على الإطلاق ، والتي لا تستقيم مع ماعرف عن الصحابة الكرام ، فليس بمؤمن من يكتم شهادة حق ، وهذه شهادة معروفة لا ضرر في إظهارها ولا خير في إنكارها ، فلو كان هؤلاء ممن نافقوا لا من المؤمنين فلم يقدمون على هذا الكتمان ؟ وأنى هذا إذا كان الجرم ينسب لأنس بن مالك وزيد بن أرقم وبراء بن عازب وغيرهم من أجلاء الصحابة ! ثم أنى لمن تربى في بيت النبوة وتخلق بخلقها أن يدعو عليهم بدلاً من أن يدعو لهم ! ولكن هذه الاتهامات لخير قرن ـ مع ضعفها ـ تعجب بعض الشيعة فيلتقطونها من أي مصدر لتأييدها وترويجها . ( انظر مثلاً الغدير 1/191-195) .
(192) انظر المسند ط الميمنية 4/368 - 373 .(3/46)
(193) للإمام على خطب كثيرة تبين تخاذل هؤلاء الشيعة ، يمكن الرجوع إليها في نهج البلاغة - وعندما أغار سفيان بن عوف بجنده على الأنبار ، ثم انصرفوا وافرين ، خطب الإمام خطبة منها : " فقبحاً لكم وترحاً حين صرتم غرضاً يرمى ، يغار عليكم ولا تُغيرون ، وتُغزَون ولا تَغزُون ، ويعصى الله وترضون ! فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الصيف قلتم : هذه حمارةّ القيظ ، أمهلنا يُسَّبح عنا الحر ، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم: هذه صبارة القر ، أمهلنا ينسلخ عنا البرد ، كل هذا فراراً من الحر والقر ، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون فأنتم والله من السيف أفر !
يا أشباه الرجال و لا رجال ! حلوم الأطفال ، وعقول ربات الحجال ، لوددت أنى لم أركم ولم أعرفكم ! معرفة والله جرت ندماً ، وأعقبت سدماً ، قاتلكم الله ! لقد ملأتم قلبى قيحاً ، وشحنتم صدرى غيظاً ، وجرعتمونى نغب التهمام أنفاساً ، وأفسدتم على رأيى بالعصيان والخذلان ، حتى قالت قريش : إن ابن أبى طالب رجل شجاع ، ولكن لا علم له* *بالحرب " (نهج البلاغة ص 53 -54) (ترحاً : هماً و حزناً أو فقراً - حمارة القيظ : شدة الحر - سبخ عنا الحر : خفف - صبارة الشتاء : شدة برده - القر بالضمة : البرد - ربات الحجال : النساء - السدم : الهم مع أسف أو غيظ - النغب : جمع نغبة كجرعة لفظاً ومعنى - التهمام : الهم - أنفاساً : أي جرعة بعد جرعة ) .
(194) ذكر صاحب كتاب المراجعات أن الشيخ سليم البشرى لم يقتنع فقط بقول الجعفرية في تفسير كلمة المولى التي وردت في روايات الغدير ، بل كتب يخاطبه (ص 220) : " لو كان المراد الناصر أو نحوها ما سأل سائل بعذاب واقع ، فرأيكم في المولى ثابت مسلم ! " .(3/47)
ولا أدرى أكان علامة زمانه شيخ الجامع الأزهر يجهل ما ذهب إلى جمهور المفسرين بلا خلاف من مكية سورة المعارج ؟ لقد ذكرت من قبل ما ذهب إليه جمهور المفسرين ، وموافقة الطوسي لهم ، وهو شيخ طائفة الجعفرية، وكذلك إمام المفسرين عند الجعفرية ، أكان شيخ الأزهر والمالكية جعفرياً أكثر من شيخ طائفتهم وإمام مفسريهم فاتخذ من السورة الكريمة ما يؤيد رأي صاحب المراجعات ؟ أم أن هذا نُسب كذباً لشيخ الأزهر - ولم يطبع الكتاب إلا بعد وفاته - كدأب كثير من أصحاب الفرق عند البحث عن طريق يسلكونها لتأييد مذهبهم ؟ وقد رأينا من قبل ما نسبه صاحب الغدير لشيخ المفسرين الطبري ! وسبق في ص 137 ما نسب للشيخ البشرى ، المسألة إذن تحتاج إلى نظر ! وقد دعانى هذا إلى تأليف كتاب " المراجعات المفتراة على شيخ الأزهر البشرى " أثبت به يقيناً براءة الشيخ البشرى مما نسب له ، وبينت بالأدلة ضلال عبدالحسين مؤلف المراجعات ، بل كفره وزندقته .
(192[192]) تفسير الآلوسى 2/351 .
(193[193]) المسند ط الميمنية 4/438 ، والترمذى - كتاب المناقب - باب مناقب على بن أبى طالب رضي الله عنه .
(194[194]) المسند 5 / 365 .
(198) انظر ترجمة كل منهما في تهذيب التهذيب .
(199) راجع البخاري - كتاب المناقب - باب مناقب على بن أبى طالب- وصحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل على بن أبى طالب واللفظ لمسلم ، والمسند ج 3 رواية رقم 1463 وتخريج الشيخ شاكر لها .
(200) استخلف الرسول ( على المدينة ابن أم مكتوم لما خرج لحرب بنى النضير ، وفى غزوة الخندق ، وعثمان بن عفان لما خرج لغزوة ذات الرقاع ، وأبا لبابة بن عبدالمنذر لما سار لغزوة بدر ( انظر المنتقى ص 53، 212) .
(198[198]) المراجعات ص 152.
(199[199]) لفصل في الملل والأهواء والنحل ص 94، وانظر المنتقى حاشية ص 213 .
(200[200]) كتاب الأحكام من صحيحه - باب الاستخلاف .(3/48)
(201[201]) راجع مسلم - كتب الإمارة - باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش .
(202[202]) راجع سنن أبى داود - كتاب المهدى .
(203[203]) كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة - باب كراهية الخلاف .
(204[204]) راجع صحيح البخاري - باب مرض النبي ( ووفاته .
(205[205]) المسند ج 3 رواية رقم 1935 ،وانظر تخريج الشيخ شاكر وشرحه لها .
(206[206]) كتاب الوصية - باب ترك الوصية ، وفى كتاب الجهاد والسير من صحيح البخاري - باب جوائز الوفد - جاءت رواية أخرى اختلفت النسخ في متنها (انظر طبعة مطابع الشعب سنة 1378 هـ ) ففي إحدى النسخ أسند الهجر إلى الرسول الكريم بغير استفهام ، ولكن في نسختين أخريين أثبتت همزة الاستفهام ، ولعلهما هنا أصح ، وهذا يتفق مع الروايات الأخرى ، وفى صحيح مسلم كانت الروايات بلفظ " أهجر" ولكن رواية جاءت بلفظ " إن رسول الله ( يهجر " هكذا بغير استفهام بل بأداة تأكيد ! وصاحب فتح البارى تحدث عن المراد بقولهم " أهجر " فقال : المراد به هنا ما يقع من كلام المريض الذي لا ينتظم ولا يعتد به لعدم* *فائدته ، ووقوع ذلك من النبي ( مستحيل ، لأنه معصوم في صحته ومرضه لقوله تعالى (3 : النجم )? وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى? ، ولقوله ( : " إنى لا أقول في الغضب والرضا إلا حقاً". وإذا عرف ذلك فإنما قاله من قاله منكراً على من توقف في امتثال أمره بإحضار الكتف والدواة، فكأنه قال : كيف تتوقف ؟ أتظن أنه كغيره يقول الهذيان في مرضه ؟ ويحتمل أن بعضهم قال ذلك عن شك عرض له ، ولكن يبعده أن لا ينكره الباقون عليه من كونهم من كبار الصحابة ولو أنكروه عليه لنقل . ويحتمل أن يكون الذي قال ذلك صدر عن دهش وحيرة كما أصاب كثيراً منهم عند موته . ويحتمل أن يكون قائل ذلك أراد أنه اشتد وجعه فأطلق اللازم وأراد الملزوم ، لأن الهذيان الذي يقع للمريض ينشأ من شدة وجعه . وقيل : قال ذلك لإرادة سكوت الذين لغطوا ورفعوا أصواتهم عنده ، فكأنه قال(3/49)
: إن ذلك يؤذيه ويفضى في العادة إلى ما ذكره " .
ثم قال : وأوصاهم بثلاث أي في تلك الحالة ، وهذا يدل على أن الذي أراد أن يكتب لم يكن أمراً متحتماً ، لأنه لو كان مما أمر بتبليغه لم يكن يتركه لوقوع اختلافهم ، ويعاقب الله من حال بينه وبين تبليغه ، ولبلغه لهم لفظاً كما أوصاهم بإخراج المشركين وغير ذلك وقد عاش بعد هذه المقالة أياماً ، وحفظوا عنه أشياء لفظاً ، فيحتمل أن يكون مجموعها ما أراد أن يكتبه والله أعلم . ( انظر باب مرض النبي ? ووفاته ) .
(207[207]) جاء في الموضع السابق من فتح البارى : " قال الداودى : الثالثة الوصية بالقرآن ، وبه جزم ابن التين . وقال المهلب : بل هو تجهيز جيش أسامة ، وقواه ابن بطال بأن الصحابة لما اختلفوا على أبى بكر في تنفيذ جيش أسامة قال لهم أبو بكر إن النبي ? عهد بذلك عند موته . وقال عياض : يحتمل أن تكون هو قوله ( ولا تتخذوا قبرى وثنا ) فإنها ثبتت في الموطأ مقرونة بالأمر بإخراج اليهود . ويحتمل أن يكون ما وقع في حديث أنس أنها قوله : الصلاة وما ملكت أيمانكم .
(208[208]) انظر ما كتب عنه في الغدير 1/65.(3/50)
(209[209]) قال ابن تيمية : " من توهم أن هذا الكتاب كان بخلافة على فهو ضال باتفاق عامة الناس من علماء السنة والشيعة ، وأما أهل السنة فمتفقون على تفضيل أبى بكر وتقديمه . وأما الشيعة القائلون بأن علياً كان هو المستحق للإمامة فيقولون أنه قد نص على إمامته قبل ذلك نصاً جلياً ظاهراً معروفا ، وحينئذ فلم يكن يحتاج إلى كتاب ، وإن قيل : إن الأمة جحدت النص المعلوم المشهور فلأن تكتم كتاباً حضره طائفة قليلة أولى وأحرى , وأيضاً فلم يكن يجوز عندهم تأخير البيان إلى مرض موته ، ولا يجوز له ترك الكتاب لشك من شك ، فلو كان ما يكتبه في الكتاب مما يجب بيانه وكتابته لكان النبي ( يبينه ويكتبه ولا يلتفت إلى قول أحد فإنه أطوع الخلق له ( أي للواجب ) . فعلم أنه لما ترك الكتاب لم يكن الكتاب واجباً ولا كان فيه من الدين ما تجب كتابته حينئذ ، إذ لو وجب لفعله (المنتقى ص 349-350) .
وقال العقاد : " أما القول بأن عمر هو الذي حال بين النبي ? والتوصية باختيار على للخلافة بعده فهو قول من السخف بحيث يسىء إلى كل ذى شأن في هذه المسألة ،ولا تقتصر مساءته على عمر ومن رأي في المسألة مثل رأيه . فالنبي ? لم يدع بالكتاب الذي طلبه ليوصى بخلافة على أو خلافة غيره ، لأن الوصية بالخلافة لا تحتاج إلى أكثر من كلمة تقال ، أو إشارة كالإشارة التي فهم منها إيثار أبىبكر بالتقديم ، وهى إشارته إليه أن يصلى بالناس ، وقد عاش النبي بعد طلب الكتاب فلم يكرر طلبه ، ولم يكن بين على وبين لقائه حائل ،وكانت السيدة فاطمة زوج على عنده إلى أن فاضت نفسه الشريفة ، فلو شاء لدعى به وعهد إليه . وفضلاً عن هذا السكوت الذي لا إكراه فيه ، نرجع إلى سابقة من سنن النبي في تولية الولاة ، فنرى أنه كان يجنب آله الولاية ويمنع وراثة الأنبياء ، وهذه السنة مع هذا السكوت لا يدلان على أن محمداً ? أراد خلافة على فحيل بينه وبين الجهر بما أراد " . (عبقرية عمر ص 209-210) .(3/51)
(213) انظر ج 2 - رواية رقم " 859" - وراجع بيان الشيخ شاكر لصحة الإسناد.
(214) ذكر صاحب كتاب الغدير (1/12) الجزء الأخير فقط " وإن تؤمروا علياً " ولم يشر إلى الصاحبين ، وبذلك يتغير مدلول الحديث ليتفق مع عقيدته !
(212[212]) راجع البخاري - كتاب الأحكام : باب الاستخلاف ، ومسلم : كتاب الإمارة باب الاستخلاف وتركه ، واللفظ للبخاري .
(213[213]) انظر الموضع السابق من صحيح مسلم ، وروى أبو داود عن ابن عمر أيضاً قال : قال عمر : إنى إن لا أستخلف ، فإن رسول الله ( لم يستخلف ، وإن استخلف فإن أبا بكر قد استخلف ، قال : فوالله إلا أن ذكر رسول الله ( وأبا بكر فعلمت أنه لا يعدل برسول الله ? أحداً، وأنه غير مستخلف . ( انظر سنن أبى داود - كتاب الخراج والفىء والإمارة - باب في الخليفة يستخلف ) .
ددد
(217) انظر المسند ج 2 الروايتين 1078 ، 1339 ، وبالحاشية بيان الشيخ شاكر لصحة الإسناد .
(218) انظر الرواية وصحة إسنادها بالمسند ج 2 رقم 1206.
(219) راجع صحيح البخاري - باب مرض النبي ? ووفاته ، وكتاب التفسير : باب من قال لم يترك النبي ( إلا ما بين الدفتين ، وباب الوصاة بكتاب الله عز وجل - وراجع كذلك مسلم كتاب الوصية : باب ترك الوصية . والمسند حـ 5 روايات 3189 ، 3355 ،3356 .
(220) البخاري - كتاب الأحكام - باب الاستخلاف.
(221) مسلم كتاب الفضائل - باب من فضائل أبى بكر الصديق .
(219[219]) انظر المسند حـ 6 ص 47 ، 106 ، 144 و ذكر استاذ الفلسفة الدكتور أحمد محمود صبحى الرواية الأخيرة لهذا الحديث الشريف ، ولم يذكر مصادره بل اكتفى بنسبته لبعض أهل السنة ، ثم قال " و لا شك أن الوضع ظاهر في هذا الحديث ، وأنه أريد به معارضة حديث الشيعة في أمر كتاب النبي الذي ينسب إلى عمر* *أنه منعه ، ولو صح كتاب النبي إلى أبى بكر لكان نصاً جلياً لأبى بكر ، وهو ما لم يقل به جمهور المسلمين "(3/52)
ورجل الفلسفة أقحم نفسه هنا فيما لا يعرف ، فحديث يرويه الشيخان والإمام أحمد بسند صحيح كيف يقال أنه موضوع بلا شك ؟ ! ومن المتهم بالوضع إذن ؟
والشيخان والإمام أحمد رووا الحديث الذي ظنه حديث الشيعة في أمر كتاب النبي وقال:بأن هذا وضع لمعارضته ! ورواية البخاري تدل أن الرسول ? هم ولكنه لم يرسل ، فلا نصاً جلياً هنا لأبى بكر حتى يرفض الحديث لعدم صحة المتن .
والمؤلف كذلك اعتبر حديث التمسك بالكتاب والعترة من الأحاديث المتفق على صحتها عند أهل السنة ، مع أن رواياته لم تصح منها واحدة كما بينا من قبل . ( انظر كتابه نظرية الإمامة ص 235-236) .
(223) راجع صحيح البخاري - كتاب الصلاة : باب الخوخة والممر في المسجد .
(224) راجع المسند جـ 4 رواية رقم 2432 . والترمذى : كتاب المناقب : باب مناقب أبى بكر الصديق .
(225) انظر المسند ج 1 رواية رقم 133 ، وانظر كذلك ج 5 الروايتين 3765 ، 3842 وانظر سنن النسائي - كتاب الإمامة ، واللفظ لأحمد .
(226) ذكر سيدى عبدالقادر الجيلانى -الذي ينتهى نسبه إلى الحسن بن على بن أبى طالب رضي الله عنهم - أن خلافة أبى بكر رضي الله عنه كانت باتفاق المهاجرين والأنصار وفيهم* *الإمام على ، وذكر قول عمر في إمامة الصلاة التي رواها الإمام أحمد ، ثم قال : " قيل في النقل الصحيح : لما بويع أبو بكر الصديق قام ثلاثاً يقبل على الناس يقول : ياأيها الناس أقلتكم بيعتى ، هل من كاره ؟ فيقوم على في أوائل الناس فيقول : لا نقيلك و لا نستقيلك أبداً ، قدمك رسول الله ? فمن يؤخرك ؟ وبلغنا عن الثقات أن علياً - رضي الله عنه - كان أشد الصحابة قولاً في إمامة أبى بكر رضي الله عنه . وروى أن عبد الله بن الكواء دخل على على بعد قتال الجمل وسأله : هل عهد إليك رسول الله ? في هذا الأمر شيئاً ؟ فقال : نظرنا في أمرنا فإذا الصلاة عضد الإسلام ، فرضينا لدنيانا بما رضي الله ورسوله لديننا ، فولينا الأمر أبا بكر ".(3/53)
انظر الغنية 1/68 ، وراجع كذلك القول في عدم تأخر الإمام على عن المبايعة فيما نقلناه عن فتح البارى في حاشية ص 18 من فصل الإمامة عند الجمهور والفرق المختلفة .
(227) انظر البخاري كتاب الأحكام : باب الاستخلاف ، ومسلم كتاب فضائل الصحابة : باب من فضائل أبى بكر الصديق ، واللفظ للبخاري .
(228) سئل أستاذنا العلامة المحقق محمود محمد شاكر عن المهدى قال : الحديث عن المهدى متصل بالمسيح والمسيح الدجال ، فالثلاثة من علامات الساعة ، وسيكونون في وقت واحد ، ومن هنا يظهر خطأ من يجعل المهدى منفصلاً عن غيره . وسيكون المهدى حاكماً كسائر الحكام ، ثم يهديه الله - سبحانه وتعالى - ويصلحه في ليلة . وأشار سيادته إلى خطأ الشيعة وأمثالهم ، وخطأ المنكرين لأحاديث المهدى صحيحة . وفى صحيح مسلم قول الرسول ( : " لا تزال طائفة من أمتى يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة . قال : فينزل عيسى بن مريم ? فيقول أميرهم : تعال صل لنا ، فيقول : لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمه الله هذه الأمة " .وعقب الشيخ ناصر الدين الألبانى على كلمة " أميرهم " بقوله : " هو المهدى محمد بن عبد الله ? كما تظاهرت بذلك الأحاديث بأسانيد بعضها صحيح ، وبعضها حسن ، وقد خرجت شيئاً منها في ( الأحاديث الضعيفة ) " . انظر مختصر صحيح مسلم - حديث رقم 2061 .
(229) انظر روايات المسند وتخريجها : جـ 2 ، جـ 5 ، جـ 6 ، : روايات 645 ، 773 ، 3571 ، 3572 ، 3573 ، 4098 ، 4279 .
(230) انظر الترمذي - كتاب الفتن : باب ما جاء في المهدى ، وفى سنن ابن ماجة " يكون في أمتى المهدى ، إن قصر فسبع ، وإلا فتسع ". (كتاب الفتن - باب خروج المهدى ، وانظر سنن أبى داود - كتاب المهدى ) .
(231) ذهبت فرقة الشيخية - التي خرجت على الجعفرية - إلى أن المهدى سيوجد بالولادة مما أثار غضب الاثنى عشرية . (انظر المهدية في الإسلام ص 241) .(3/54)
(232) فالمهدى إذن اسمه محمد بن عبد الله وليس محمد بن الحسن ، وينتهى نسبه إلى الحسن لا إلى الحسين رضي الله عنهما .( انظر عون المعبود شرح سنن أبى داود - كتاب المهدى 11 / 370 ، 371 ، 381 ، 382 ) وفى التفسير الكاشف للعالم الجعفرى محمد جواد مغنية أشار إلى المهدى وأحاديثه وقال : وفى هذا المعنى أحاديث كثيرة وصحيحة ، منها ما رواه أبو داود في كتاب السنن - و هو أحد الصحاح السته : " قال رسول الله : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمى واسم أبيه اسم أبى " ... ( 5/302 ) .
ولا ندرى لم ذكر هذا الحديث الشريف واعترف بصحته مع أنه يخالف عقيدته !
(233) تخلف عثمان على امرأته رقية بنت رسول الله ـ ( ـ ، وكانت مريضة ، فتوفيت وجاءت البشرى بالفتح حين دفنت ، فضرب له رسول الله ـ ( ـ بسهمه من الغنيمة ، وبأجره من المشهد ، فهو بدرى ـ جوامع السيرة النبوية لابن حزم ص 88.
(234) صحيح البخاري ـ كتاب التفسير ـ باب " لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم .." .
(235) التحريم - 01
(233[233]) بحار الأنوار جـ 22 ص 33 .
(234[234] ) انظر كتابى : بين الشيعة والسنة . دراسة مقارنة في التفسير وأصوله ، ص 255 .
(238) 72 : الإسراء .
(239) 34 : هود ، وانظر فرية القمي في تفسيره 2 / 23 .
(240) سيأتي الحديث عن موقف هذه الفرقة من القرآن الكريم في الجزء الثانى .
(241) انظر بيان قرابته من الرسول ( في كتاب " ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه " للشيخ محب الدين الخطيب : ص 5 ، 6 .
(242) انظر ترجمة أبى العاص في باب الكنى من الجزء الرابع من الإصابة لابن حجر ، ص 121 : 123 ترجمة رقم 692 .
(240[240]) انظر زبدة البيان ـ حاشية ص 575 .
(244) منهاج الشريعة 2 / 289 .
(245) المرجع نفسه 2 / 290 .
(246) منهاج الشريعة 2 / 291 .(3/55)
(247) السدم : الهم . والنُّغَب : جمع نغبة كجرعة وجُرع . والتهمام : الهم .
(248) البقرة : الآية 207.
(249) انظر تهذيب التهذيب لابن حجر 10 / 271 ـ 272 ، والجرح والتعديل لابن أبى حاتم 8 / 316 ـ 317 ، والمغنى في الضعفاء للذهبى 2 / 320 .
(250) انظر : سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1 / 84 ـ 85 .
(248[248]) انظر الأحاديث الثلاثة ورد شيخ الإسلام في منهاج السنة النبوية : 3 / 444 ، 7 / 142، 7 / 395 ، وما بعد الصفحات المذكورة .
(249[249]) مقدمة منهاج السنة للدكتور محمد رشاد سالم1 / 95،وانظر قول ابن تيمية في7 / 414 .
(253) ، (254) إغاثة اللهفان ، ص 601 .
(255) المرجع السابق ، ص 600 .
( (253[253] انظر المراجعة 110 ، ص 342 .
(254[254]) أي على الرسول ? .
(255[255]) انظر كتاب الصواعق ص 35 : 39 .
(259) ذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق أن " أصله من اليمن وابن أمة سوداء ، وكان يهوديا فأظهر الإسلام وطاف بلاد المسلمين ليلفتهم عن طاعة الأئمة ويدخل بينهم الشر ودخل دمشق لذلك . وأفاض فيه ابن جرير في تاريخه وهو الذي قال بالنص على الخلافة في على وأبنائه وأحدث القول برجعة على ، وأنه فيه الجزء الإلهي وأنه هوالذى يجئ في السحاب ـ قال المقريزى : ومن ابن سبأ تشعبت أصناف الغلاة من الرافضة ـوذكر أنه كان يتنقل من الحجاز إلى أمصار المسلمين يريد إضلالهم ، فلم يطق ذلك فرجع إلى كيد الإسلام وأهله ، ونزل البصرة سنة ثلاث وثلاثين ، فطرده عبد الله بن عامر منها لسوء مقالته ، فخرج إلى الكوفة ، فأخرج منها ، فنزل بمصر واستقر بها وبث دعاته في الأمصار ، وكاتب من مال إليه منهم بالعيب في ولاتهم . انظر " من عبر التاريخ للكوثرى " . وراجع ما سبق عن ابن سبأ في بداية الجزء الأول .
(260) جوامع الكلم 1 / 8 .
(261) انظر تلخيص الشافى ص 318 ، وجوامع الكلم جـ 1 صفحات : 7 ، 8 ، 19 ، 20.
(262) انظر أصل الشيعة وأصولها ص 102 .(3/56)
(263) جوامع الكلم 1 / 20 .
(264) الدعوة الإسلامية ص 253 .
(265) جوامع الكلم 1 / 18.
(266) المرجع السابق 1 / 19 .
(267) المرجع السابق 1 / 24 .
(268) المرجع السابق 1 / 25 ، والمعروف أن الرسول الكريم لم يعبد الأصنام قط ، ولذلك فالمراد بقوله " من عبادتها " أنه ( أذنب ـ من وجهة نظر الكفار ـ لأنه قصر في عبادة الأصنام فلم يتخذها آلهة .
(269) جوامع الكلم 1 / 26 .
(270) نفس المرجع 1 / 27 .
(271) جوامع الكلم 1 / 32 .
(269[269]) سورة الحجر : الآية التاسعة .
(270[270]) " لا تجتمع أمتى على ضلالة " : رواه أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجه وغيرهم ، واختلف في إسناده فتحدث السخاوى عن رواياته المختلفة ثم قال : " حديث مشهور المتن ، ذو أسانيد كثيرة ، وشواهد متعددة في المرفوع وغيره " . المقاصد الحسنه للسخاوى ص 460 .
(271[271]) راجع الخطبة في السيرة النبوية لابن إسحاق التي جمعها ابن هشام 4 ، 603 ـ 604 . والحديث رواه الإمام مالك في الموطأ ، مرسلا ، ووصله ابن عبد البر . ( انظر تنوير الحوالك 2 / 208 ) ، ورواه الحاكم عن ابن عباس ، وعن أبى هريرة ، وبين صحة الحديث ووافقه الذهبي ـ ( انظر المستدرك وتلخيصه 1 / 93 ) .
(272[272]) جامع الرسائل 1 / 273 ـ 275 .
(273[273]) المرجع السابق 1 / 263 .
(274[274]) سورة النساء : الآية السادسة .
(275[275]) سورة البقرة : الآية 124 .
(276[276]) وقع بهذا اللفظ في كتب كثيرين من الفقهاء والأصوليين . له شاهد جيد أخرجه أبو القاسم الفضل بن جعفر التميمى المعروف بأخى عاصم في فوائده ، بسنده عن ابن عباس بلفظ : رفع الله . ورواه ابن ماجه وابن أبى عاصم بلفظ : وضع بدل رفع ، ورجاله ثقات ، ولذا صححه ابن حبان والحاكم وغيرهما وقال النووى في الروضة وفى الأربعين أنه حسن ( انظر المقاصد الحسنة للسخاوى ص 228 ـ 230 ) .
(277[277]) سورة يونس : الآية 35 .
(278[278]) سورة يونس : الآيتان 34 ، 35.(3/57)
(279[279]) الآيتان 23 ، 24 .
(280[280]) سورة البقرة : الآيات : 35 ، 36 ، 37 .
(281[281]) الآيتان : 22 ، 23 .
(282[282]) الآيتان : 121 ، 122.
(283[283]) جوامع الكلم 1 / 26 .
(284[284]) جامع الرسائل 1 / 275 .
(285[285]) انظر عصمة الأنبياء ص 12 ـ 13 .
(286[286]) سورة القصص ، الآيتان : 15 ، 16 .
(287[287]) الآية : 67.
(288[288]) الآيتان : 42 ، 43.
(289[289]) الآية 37 .
(290[290]) الآيات من 1 : 10 .
(291[291]) سورة غافر الآية : 55 .
(292[292]) سورة محمد الآية 19 .
(293[293]) سورة الفتح ، الآيتان 1 ، 2 .
(294[294]) سورة الانشراح ، الآيتان 2 ، 3 .
(295[295]) جوامع الكلم 1 / 25.
(296[296]) سورة فاطر ، الآية : 18 .
(297[297]) سورة الزلزلة ، الآيتان : 7 ، 8 .
(298[298]) المنتقى ص 84 ـ 85 .
(299[299]) عصمة الأنبياء ص 4 ، وانظر الآراء المختلفة حول العصمة في الصفحتين الثانية والثالثة .
(300[300]) المرجع السابق ص 1 .
(301[301]) راجع صحيح البخاري : كتاب المناقب . باب مناقب على بن أبى طالب ، وصحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة . باب من فضائل على بن أبى طالب .
(302[302]) انظر الوشيعة ص م ط وما بعدها ففيه تحليل مفصل لهذا الحديث ، وبيان بطلان استدلال الإمامية ، وانظر الفصل في الملل ص 94 ـ 95 ، ومختصر التحفة ص 162 ـ 164، والمنتقى ص 468 ـ 470 .
(303[303]) صحيح البخاري : " كتاب المناقب - باب مناقب المهاجرين ، وصحيح مسلم : كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل أبى بكر الصديق ، واللفظ للبخاري .
(304[304]) المرجعيين السابقين ، وفى مسلم " فإن لم ..." بزيادة الفاء .
(305[305]) راجع صحيح البخاري في كتاب المناقب ، وصحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة .
(306[306]) جامع الرسائل 1/276 .
(307[307]) صحيح البخاري ، كتاب المناقب - باب مناقب المهاجرين .
(308[308]) جامع الرسائل 1/261 .(3/58)
(309[309]) ولذلك حارت فرقة من أصحابه وقالت : قد اختلف علينا فعل الحسن وفعل الحسين ، فشكوا في إمامتها ، ورجعوا عنها : انظر فرق الشيعة - ص 25-26.
(313) انظر مادة (بدو ) في القاموس المحيط ولسان العرب .
(314) سورة الزمر : الآية 47 .
(315) سورة البقرة : الآية 284 .
(316) سورة يوسف : الآية 35 .
(314[314]) انظر : الوشيعة ص 110 - 120 ، والتحفة الاثنا عشريه ص 315 وما بعدها ، والنسخ في القرآن الكريم لأستاذنا الدكتور مصطفى زيد رحمه الله ص19-26 جـ 1: وشيخنا لم يذكر الإمامية بالذات ، والبداء الذي أنكره لم تقل به الإمامية وإنما ذهبت إليه فرق أخرى من الشيعة كالبدائية ، فقد زعمت أن الله سبحانه قد يريد بعض الأشياء ثم يبدو له ، ويندم لكونه خلاف المصلحة ! وحملت خلافة الثلاثة ومدحهم في الآيات الكريمة على ذلك ! انظر مختصر التحفة ص 16.
(315[315]) انظر : الدين والإسلام ص 171.
(316[316]) ص 148 .
(317[317]) عقب أستاذنا الشيخ محمد أبو زهرة - رحمه الله - على نسبة مثل هذه الأخبار إلى الإمام الصادق بقوله : إن هذه الأخبار في مجموعها تدل على أن البداء في نظر الصادق هو أن يظهر للناس ما أكنه الله تعالى في علمه ، وذلك لا ينافى علم الله تعالى " . ( الإمام الصادق ص 236).
(318[318]) الدين والإسلام ص 173، وانظر كذلك قول الشيخ محمد جواد مغنية في كتابه " الشيعة والتشيع " ص 53-54 ففيه بيان أن البداء لا يستدعى الجهل وحدوث العلم لذات الله سبحانه .
(319[319]) انظر صحيح البخاري - الجزء الرابع - كتاب بدء الخلق : باب ما ذكر عن بنى إسرائيل.
(320[320]) راجع باب البداء من كتاب الكافى .
(321[321]) انظر : الدين والإسلام ص 172 وما بعدها ، وانظر كذلك : جوامع الكلم ص 145 من الرسالة القطيفية ، والدعوة الإسلامية ص 35 وما بعدها .
(322[322]) لهذا وقع الخلاف بين الإمامية في الإخبار : أيجوز أم لا ؟ ( انظر الدعوة الإسلامية ص 37-38) .(3/59)
(323[323]) انظر : النسخ في القرآن الكريم 1/25 -26 ، وضحى الإسلام 1/354 ، والإمام الصادق ص : 234 ، والملل والنحل للشهرستانى 1/132-133.
(324[324]) فرق الشيعة ص 70 .
(325[325]) ص 147 من الكتاب المذكور ج 1.
(326[326]) سورة آل عمران : الآية 179.
(327[327]) سورة الأعراف : الآية 188 .
(328[328]) الأنعام : الآية 50 .
(329[329]) انظر : الشيعة والتشيع : ص 43، 48 .
(330[330]) في تفسير البداء اعتراف بعلم الغيب ، وكذلك يرى أكثر الشيعة أن الأئمة يعلمون الغيب: انظر مثلا حديث السيد كاظم الكفائى في تعقيبه على الأخبار التي تنسب علم الغيب للأئمة . (الحديث آخر هذه الموسوعة ) ، وراجع رأي عبدالحسين شرف الدين في ردى على مراجعاته .
(334) انظر : جوامع الكلم 1/12 .
(335) انظر : المرجع السابق ص 13 ، 41 ، والشيعة والتشيع ص 55 ، ضحى الإسلام 3/242 ، والإمام الصادق ص 240 .
(336) انظر جوامع الكلم 1/13، 41 والشيعة والتشيع ص 55 ، وضحى الإسلام 3/242 ، والإمام الصادق ص 240 .
(334[334] ) راجع مناقشة هذه العقيدة ، وبيان بطلانها بالأدلة العقلية والنقلية في كتاب : مختصر التحفة الاثنى عشرية ص 200-203
(338) انظر القاموس المحيط ولسان العرب مادة " وقى " .
(339) آل عمران : الآية 28 .
(340) انظر : تفسير البيضاوى ص 70 ، وإملاء ما من به الرحمن للعكبرى 1/130.
(341) الشيعة والتشيع ص 49.
(342) سورة النحل : الآية 106 .
(343) انظر : الدعوة الإسلامية ص 38 - 39 وأصل الشيعة وأصولها : ص 192 -195، والشيعة والتشيع ص 48-53 .
(344) أصل الشيعة : ص193.
(345) انظر : الأصول من الكافى ج 2 باب التقية ص 217-221 .(3/60)
(346) يقول المؤرخ الهندى سيد أمير على : " إلا أن هذه التقية ، وهى الابن الطبيعى للاضطهاد والخوف ، قد غدت عادة متأصلة في نفوس الفرس الشيعيين إلى درجة أنهم أصبحوا يمارسونها حتى في الظروف التي لا تكون ضرورية فيها " ص 336 من كتابه : روح الإسلام .
(347) انظر : الاستبصار : باب كيفية التيمم : ص 170-171 ج1.
(348) انظر : المغنى : 2/174 .
(349) انظر : الاستبصار : ص 420 ج1.
(350) انظر المغنى 2 / 373 .
(351) الاستبصار ج 1 : ص 479، وانظر ص 498 .
(352) انظر : الاستبصار ج1 : باب أكثر أيام النفاس : ص 151 وما بعدها .
(350[350]) الإمام الصادق : ص 245.
(351[351]) انظر : مفتاح الكرامة - كتاب الطهارة : ص 145.
(352[1]) استدلال الخوئى هنا على أصل التشيع والرفض يأتي أثناء ذكر الأدلة ومناقشتها في هذا الجزء الأول .
(1) من بينها مثلا : أمة يؤمه إذا قصده كما جاء في الآية الكريمة الثانية من سورة المائدة
? ولا آمين البيت الحرام ? انظر مادة " أمم " في لسان العرب والقاموس المحيط .
(2) البقرة : 124.
(3) الأنبياء : 73.
(353[2] ) التوبة 12
(354[3] ) القصص :41
(355[4] ) تاريخ المذاهب الإسلامية 1/21 . والمعروف أن الخليفة الأول رضي الله عنه خلف النبي ? ، وبعده كل خليفة يخلف من سبقه .
(356[5] ) الملل والنحل 1/24.
357[6] - سورة النساء : الآية 65 .
(358[7] ) انظر الرواية رقم 2374 بالجزء الرابع من مسند الإمام أحمد تحقيق وتخريج الشيخ أحمد شاكر . وانظر هذه الرواية بسند صحيح آخر رقم 299 ج 5 من المسند .
(359[8] ) المرجع السابق ج3 رواية رقم 859 وهى صحيحة الإسناد.(3/61)
(360[9] ) صحيح البخاري - كتاب المحاربين - باب رجم الحبلى ، وراجع المسند تحقيق شاكر ج1 رواية رقم 391 قوله : تغرة أن يقتلا : أي خوف وقوعهما في القتل . يحضوننا : يخرجوننا : زورت : هيأت وحسنت والتزوير : إصلاح الشيء ، وكلام مزور: أي محسن . جذيلها المحكك : الجذيل تصغير جذل ، وهو العود الذي ينصب للإبل الجربى لتحتك به ، وهو تصغير تعظيم ، أي أنا ممن يستشفى برأيه كما تستشفى الإبل الجربى بالاحتكاك بهذا العود ، وقيل : أراد أنه شديد البأس صلب المكسر . المرجب من الترجيب ، وهو أن تعمد النخلة الكريمة ببناء إذا خيف عليها - لطولها وكثرة حملها - أن تقع . ( انظر المسند ففيه المزيد ) .
(361[10] ) المسند ج6 رواية رقم 4380 ، وانظر كذلك ج7 رواية رقم 4832 ، ج8 الروايتين 5677 ، 6121 ، ج13 الروايتين 7304 ، 7547.
(362[11] ) في فتح البارى بعد الحديث عن الرواية السابقة قال ابن حجر : قد صحح ابن حبان وغيره من حديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه أن علياً بايع أبا بكر في أول الأمر . وأما ما وقع في مسلم عن الزهرى أن رجلاً قال له : لم يبايع على أبا بكر حتى ماتت فاطمة رضي الله عنها قال : لا ولا أحد من بنى هاشم . فقد ضعفه البيهقي بأن الزهرى لم يسنده ، وأن الرواية الموصولة عن أبى سعيد أصح . وجمع غيره بأنه بايعه بيعة ثانية مؤكدة للأولى لإزالة ما كان وقع بسبب الميراث . وحينئذ يحمل قول الزهرى لم يبايعه على في تلك الأيام على إرادة الملازمة له والحضور عنده ، وما أشبه ذلك ، فإن في انقطاع مثله عن مثله يوهم من لا يعرف باطن الأمر أنه بسبب عدم الرضا بخلافته ، فأطلق من أطلق ذلك ، وبسبب ذلك أظهر على المبايعة التي بعد موت فاطمة لإزالة هذه الشبهة.
(363[12]) سورة النساء - الآية 58.
(364[13]) سورة الشورى : الآية 38 .
(365[14]) آل عمران - الآية 159.
(366[15]) انظر تاريخ المذاهب الإسلامية 1/93: 109 ، والفرق بين الفرق ص 210 -212.(3/62)
(367[16]) انظر الملل والنحل 1/25 ، وجاء في كتاب الاستخلاف " إني استعملت عليكم عمر بن الخطاب ، فإن بر وعدل فذلك علمى به ورأيى فيه ، وإن جار وبدل فلا علم لي بالغيب ، والخير أردت . ولكل امرئ ما اكتسب . وسيعلم الذي ظلموا أي منقلب ينقلبون " ( الكامل للمبرد 1/8) .
(368[17]) عبقرية الصديق ص 164.
(369[18]) الستة هم : على وعثمان والزبير وطلحة وسعد بن أبى وقاص وعبدالرحمن بن عوف . قال عبدالرحمن : اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم . فقال الزبير : قد جعلت أمرى إلى على . فقال طلحة : قد جعلت أمرى إلى عثمان . وقال سعد : قد جعلت أمرى إلى عبدالرحمن بن عوف .
(370[19] ) البخاري - كتاب الأحكام - باب كيف يبايع الإمام الناس ، وراجع فتح الباري - كتاب المناقب - باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان رضي الله عنه .
(371[20]) سورة الأنفال : الآية رقم 25 .
(372[21]) الشيعة معناها الأتباع والأنصار والفرقة ، ولكن غلب هذا الاسم على كل من يتولى علياً وأهل بيته حتى صار اسماً لهم خاصاً ، وجمعه أشياع وشيع . ( انظر مادة شيع في القاموس المحيط).(3/63)
وقد ورد هذا اللفظ في القرآن الكريم بمعناه في عدد من آياته كقوله تعالى :-?وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ? ( القصص آية "15" ).وقوله عز وجل في سورة الأنعام (الآية 159 ): ? إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ? . وقيل : إن ظهور هذا اللقب كان عام سبع وثلاثين من الهجرة ، وقيل بل بعد أن قبض معاوية على زمام السلطة (انظر مختصر التحفة ص 5 وروح الإسلام ص 313 ). وقال الدكتور طه حسين : الشيء الذي ليس فيه شك فيما أعتقد هو أن الشيعة بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة عند الفقهاء والمتكلمين ومؤرخى الفرق لم توجد في حياة على وإنما وجدت بعد موته بزمن غير طويل . وإنما كان معنى كلمة الشيعة أيام على هو نفس معناها اللغوى القديم الذي جاء في القرآن ( على وبنوه ص 173 ) . وتحدث بعد ذلك (ص 187 - 189) عن عودة الحسن من الكوفة إلى المدينة بعد الصلح مع معاوية ، وعن مجىء وفد من أشراف الكوفة ومعاتبتهم له ، وطلبهم إليه أن يعيد الحرب ، وموقفه منهم . وقال الدكتور طه حسين بعد ذلك : "وأعتقد أن اليوم الذي لقى الحسن فيه هؤلاء الوفد من أهل الكوفه ، فسمع منهم ما سمع وقال لهم ما قال ورسم لهم خطتهم ، هو اليوم الذي أنشئ فيه الحزب السياسى المنظم لشيعة على وبنيه ، نظم الحزب في* *المدينة في ذلك المجلس وأصبح الحسن له رئيساً ، وعاد أشراف أهل الكوفة إلى من وراءهم ينبئونهم بالنظام الجديد والخطة المرسومة " (ص 189-190) .(3/64)
(373[22]) هذه البقية من الإباضية ، وهم أكثر الخوارج اعتدالا وأقربهم إلى الجماعة الإسلامية تفكيراً ، فهم أبعدهم عن الشطط والغلو ولذلك بقوا ، ولهم فقه جيد ، وفيهم علماء ممتازون ، ويقيم طوائف منهم في بعض واحات الصحراء الغربية ، وبعض آخر في بلاد الزنجبار. ويقولون عن مخالفيهم إنهم كفار نعمة لا كفار في الاعتقاد ، وذلك لأنهم لم يكفروا بالله تعالى ، ولكنهم قصروا في جنب الله عز وجل (انظر ص 91من الجزء الأول من تاريخ المذاهب الإسلامية ) كما يقيم طوائف منهم في عمان والجزائر وتونس.
(374[23]) الفرق بين الفرق ص 45 ، واقرأه إلى ص 67 للتعرف على الخوارج وآرائهم ، وراجع كذلك : الملل والنحل 1/114 -138 والخطط المقريزية ج4 ص 178-180وفجر الإسلام 1/314 ، 325 ، وتاريخ المذاهب الإسلامية 1/96 -92.
(375[24]) الفرق بين الفرق ص 65: 66 .
(376[25]) الملل والنحل 1/155.
(377[26]) الفرق بين الفرق ص 25 ، وانظر الملل والنحل 1/155.
(378[27]) انظر المرجع الأول ص22 ، والملل والنحل 1/157 -158 .
(379[28]) انظر الملل والنحل 1/159 -162 ، والفرق بين الفرق ص 24، وفرق الشيعة ص 20 -21 ، ص 55 ، والفصل في الملل والأهواء والنحل ص 92-93.
(380[29] ) الفرق بين الفرق ص39 .
(381[30]) انظر الملل والنحل 1/191-192.
(382[31]) انظر أقوالهم في المراجع الآتية :
عقائد الأمامية ص 80:65 - أصل الشيعة وأصولها ص 41:33 - كشف المراد شرح تجريد الاعتقاد : المقصد الخامس : الإمامة ص284 وما بعدها - بحار الأنوار : باب جامع في صفات الإمام وشرائط الإمامة 25/115 : 175 وباب أنه جرى لهم ( أي للأئمة ) من الفضل والطاعة مثل ما جرى للرسول ?وأنهم في الفضل سواء .انظر نفس الجزء من ص 352 إلى363 .(3/65)
(383[32] ) ) انظر أصول الكافى : باب فيه ذكر الأرواح التي في الأئمة (1/271-272) وباب الروح التي يسدد الله بها الأئمة (1/273-274) وهذا الباب فيه ستة أخبار منها عن أبى * *عبد الله ?وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ? قال : خلق من خلق الله عز وجل أعظم من جبرائيل وميكائيل ، كان مع رسول الله ? يخبره ويسدده ، وهو مع الأئمة من بعده. وفى الباب الأسبق ذكر أن روح القدس خاصة بالأنبياء ، فإذا قبض النبي انتقل روح القدس فصار إلى الإمام . وروح القدس لاينام ولا يغفل و لايلهو و لا يزهو والإمام يرى به ، وفيه الحاشية فسر الرؤية بقوله : يعنى ماغاب عنه في أقطار الأرض وما في عنان السماء ! وبالجملة ما دون العرش إلى ما تحت الثرى ! وانظر بحار الأنوار ( 47/25-99 ) باب الأرواح التي فيهم ( أي في الأئمة ) وأنهم مؤيدون بروح القدس . وقال ابن بابويه القمي في رسالته ( ص 108-109 ) : " اعتقادنا في الأخبار الصحيحة عن الأئمة أنها موافقة لكتاب الله ، متفقة المعانى ، غير مختلفة ، لأنها مأخوذة من طريق الوحي عن الله سبحانه وتعالى " وهذا القمي صاحب كتاب " فقيه من لايحضره الفقيه " : أحد كتب الحديث الأربعة المعتمدة عند الجعفرية . وقال المجلسى : أصحابنا أجمعوا على عصمة الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم من الذنوب الصغيرة والكبيرة. عمداً وخطأ ونسيانّا قبل النبوة والإمامة وبعهدهما ، بل من وقت ولادتهما إلى أن يلقوا الله تعالى . ولم يخالف في ذلك إلا الصدوق محمد بن بابويه وشيخة ابن الوليد ، فإنهما جوزا الإسهاء من الله تعالى لا السهو الذي يكون من الشيطان في غير ما يتعلق بالتبليغ وبيان الأحكام " ( بحار الأنوار : 25/350-351) .وقال الطوسي: " لا يجوز عليهم- أي على الأئمة - السهو والنسيان فيما يؤدونه عن الله . فأما غير ذلك فإنه يجوز أن ينسوه أو يسهوا عنه ما(3/66)
لم يؤد ذلك إلى الإخلال بكمال العقل .وكيف لا يجوز عليهم ذلك وهم ينامون ويمرضون ويغشى عليهم . والنوم سهو ، وينسون كثيراً من تصرفاتهم أيضاً ، وما جرى لهم فيما مضى من الزمن " (التبيان 4/165-116) . والطوسى يلقبونه بشيخ الطائفة ، وهو صاحب كتابين من كتب الحديث الأربعة .
(384[33] ) سورة المائدة - الآية 55 .
(385[34] ) سورة آل عمران - الآية 61 .
(386[35] ) سورة الأحزاب - الآية 33 .
(387[36] ) سورة البقرة - الآية 124.
(388[37] ) سورة المائدة - الآية 67.
(389[38] ) أصل الشيعة وأصولها ص 134 ، وفيه " يا أيها النبي " و " اللهم نعم " .
(390[39] ) الآية الثالثة من سورة المائدة .
(391[40] ) انظر الغدير 1/11 .
(392[41] ) أول سورة المعارج .
(393[42] ) الغدير 1/240 .
(394[43] ) راجع تأويلات الجعفرية للآية الكريمة ، والروايات التي ذكروها لتأييد ما ذهبوا إليه في المراجع التالية:التبيان 3/558 - 564 . ومجمع البيان 6/126 -130 ، والميزان 6/2 -24 ، وزبدة البيان ص 107 -110 ، وكشف المراد ص 289 ، ومصباح الهداية ص 179 -181 ، وتفسير شبر ص141
(395[44]) انظر تفسير الطبري ، تحقيق شاكر 10/424 - 425
(396[45]) انظر المرجع السابق ج 5 حاشية ص 224.
(397[46]) نفس المرجع ج10 حاشية ص 426.
(398[47]) الموضع السابق من المرجع ذاته .
(399[48]) انظر تفسيره 2/71 .
(400[49] ) راجع أيضا ما ذكر عن الإمام على في مفتاح كنوز السنة ، فلا توجد إشارة لمثل هذه الرواية
(401[50] ) انظر تفسير الآلوسى 2/331 .
(402[51] ) انظر مادة ركع في لسان العرب ، وتاج العروس ، وأساس البلاغة ، وانظر كذلك تفسير الطبري 1/ 574 -575 ، وتفسير الألوسى 2 / 330 .
(403[52] ) الكشاف : 1/624 ، ولزهم إلى كذا : اضطرهم .
(404[53]) راجع تفسيره 2/332 .
(405[54]) سورة النساء - الآية 89 .
(406[55]) نفس السورة - الآية 139.
(407[56]) سورة التوبة - الآية 71 .(3/67)
(408[57]) راجع الآيات القرآنية التي تبين ما ذكر مستعيناً بما جاء في مادة " ولى " من المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم .
(409[58]) سورة المائدة - الآية 51 .
(410[59]) السورة السابقة - الآية 57 .
(411[60] ) تفسير الآلوسى 2/330 .
(412[61] ) كشف المراد ص 304 ،وانظر مصباح الهداية ص 99-103
(413[62]) قال ابن قيم الجوزية تحت عنوان : " تولية الرسّول? الأنفع على من هو أفضل منه " : وبهذا مضت سنة رسول الله ? ، فإنه يولى الأنفع للمسلمين عى من هو أفضل منه ، كما ولى خالد بن الوليد من حين أسلم على حروبه لنكايته في العدو ، وقدمه على بعض السابقين من المهاجرين والأنصار . وكان أبو ذر من أسبق السابقين وقال له : ( ياأبا ذر ، إنى أراك ضعيفاً ، وأحب لك ما أحبه لنفسى ، لا تؤمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم ) . وأمر عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل ، لأنه كان يقصد أخواله بنى عذرة ، فعلم أنهم يطيعونه ما لايطيعون غيره للقرابة .... إلخ - انظر أعلام الموقعين 1/114 -115.
(414[63]) سورة النور - الآية 12.
(415[64]) سورة البقرة - الآية 54 .
(416[65]) نفس السورة - الآية 84 .
(417[66]) المنتقى ص 17 - حاول أحد الجعفرية نقض كلام ابن تيمية فقال : " فلولا إذ سمعتموه ظن كل مؤمن بنفسه خيراً ، وظنت كل مؤمنة بنفسها خيراً ، لا أن كل مؤمن ظن بأخيه خيراً " ( منهاج الشريعة 2/287 ) ويكفى هنا أن نذكر ما قاله الطوسي شيخ الطائفة في تفسيره :
" هلا حين سمعتم هذا الإفك من القائلين ظن المؤمنون بالمؤمنين الذين هم كأنفسهم - خيراً ، لأن المؤمنين كلهم كالنفس الواحدة فيما يجرى عليها من الأمور ، فإذا جرى على أحدهم محنة ،* *فكأنه جرى على جماعتهم وهو كقوله : " فسلموا على أنفسكم " وهو قول مجاهد .... إلخ " ( انظر التبيان 7/416) .(3/68)
(418[67]) تفسير الكشاف 1/434 - وقال أحد مفسري الجعفرية : " والمباهلة والملاعنة وإن كانت بحسب الظاهر كالمحاجة بين رسول الله ? وبين رجال النصارى ، لكن عممت الدعوة للأبناء والنساء ليكون أدل على اطئنان الداعى بصدق دعواه ، وكونه على الحق ، لما أودعه الله سبحانه في قلب الإنسان من محبتهم والشفقة عليهم ، فتراه يقيهم بنفسه ، ويركب الأهوال والمخاطرات دونهم ، وفى سبيل حمايتهم والغيرة عليهم والذب عنهم . ولذلك بعينه قدم الأبناء على النساء لأن محبة الإنسان بالنسبة إليهم أشد وأدوم " . الميزان (3/244) .
(71) سورة الأحزاب - الآيتان 28،29 .
(72) الآيات الخمسة من نفس السورة وهى :
? يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ??.
(421[70]) انظر أدلتهم في : التبيان 8/339 -340 ، ومجمع البيان ط مكتبة الحياة 22/137 -139 ، وجوامع الجامع ص 372 ، والميزان 16/330-331 ، ومصباح الهداية ص 103-109.
(422[71]) سورة هود ـ الآية 73 .(3/69)
(423[72]) سورة القصص - الآية 29 .
(424[73]) السورة السابقة - الآية 12.
(425[74]) سورة العنكبوت - الآية 33 .
(426[75]) سورة يوسف - الآية 29 .
(427[76]) انظر مادة " أهل " في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ، وارجع إلى الآيات التي اشتملت على هذه الكلمة.
(428[77]) نيل الأوطار 2/ 324 -326 .
(429[78]) صحيح البخاري - كتاب التفسير - باب " لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ..." .
(430[79]) انظر المادة في معاجم اللغة .
(83) تفسير الطبري ط الحلبي 22/6 .
(84) انظر نفس المرجع 22/6 -8 .
(85) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب وميزان الاعتدال ، وسيأتي الحديث عنه مفصلاً في روايات الغدير في بحث قادم إن شاء الله .
(86) انظر تفسير ابن كثير 3/483 .
(87) الخزيرة : لحم يقطع قطعاً صغاراً ثم يطبخ بماء كثير وملح ، فإذا اكتمل نضجه ذر عليه الدقيق وعصد به ، ثم أٌدم بأي إدام . وتطلق الكلمة أيضاً على الحساء من الدسم والدقيق.
(88) أي جعل الكساء يغطيهم .
(89) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب .
(90) قد يقال : كيف لا يحتج به وهو من شيوخ البخاري ؟ فنقول : من الثابت أن له مناكير كما قال الإمام أحمد بن حنبل ، والإمام البخاري يعرف متى يكتب ومتى يترك ولذا جاء في كتاب توجيه النظر ( ص 103 ) في الحديث عن خالد بن مخلد :
" أما المناكير فقد تتبعها أبو أحمد بن عدى من حديثه وأوردها في كامله ، وليس فيها شىء مما أخرجه له البخاري ، بل أم أر له عنده من أفراده سوى حديث واحد وهو حديث أبى هريرة : من عادى لي وليا - الحديث "
وما ذكره الجزائرى هنا هو قول ابن حجر ( انظر هدى الساري ص 400) .
(91) انظر الترجمة في تهذيب التهذيب .
(92) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب .
(93) الشيعة يستندون في استدلالهم على ما روى عن أم سلمة - انظر مراجعهم السابق ذكرها.
(94) كتاب المناقب - باب مناقب أهل بيت النبي (
(95) انظر تفسيره 3/483-486 .(3/70)
(96) الرواية الأولى ذكرت بطريقين آخرين أيضاً - انظر الرواية في صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل على بن أبى طالب ، رضي الله تعالى عنهم جميعاً.
(97) المسند 4/366-367 .
(446[95]) انظر المنتقى ص 168 - 169.
(447[96]) راجع تفسيره 14/182-184.
(100) انظر كتابه 1/332-339.
(101) وذكر القرطبى عن القشيرى قال : قالت أم سلمة : أدخلت رأسى في الكساء وقلت : أنا منهم يا رسول الله ؟ قال : نعم . (انظر تفسيره 14/183) وقال الزمخشري : " أهل البيت" نصب على النداء أو على المدح . وفى هذا دليل بين على أن نساء النبي ( من أهل بيته " . ( انظر الكشاف 3/260) .
(450[99] ) الميزان 16/330
(103) مجمع البيان 2/139 ط مكتبة الحياة .
(104) يطلق عليه الجعفرية لقب " شيخ الطائفة " .
(105) مجمع البيان 22/139 ط مكتبة الحياة .
(106) حديث رقم 571 ج 2 من المسند ، وانظر في التعليق بيان المرحوم الشيخ أحمد شاكر لصحة الإسناد ، والروايات الأخرى الصحيحة لهذا الحديث .
(107) حديث رقم 705 ج 2 من المسند ، وإسناده صحيح .
(108) سورة المائدة - الآية رقم 6.
(109) سورة النساء - الآية 26 .
(458[107]) سورة النساء - الآية 28 .
(459[108]) انظر المنتقى ص 168 ، وانظر ص 428.
(460[109]) وبهذا أيضا استدل العالم المعاصر محمد تقى الحكيم ، وذهب إلى أن الإرادة تكوينية لا تشريعية (انظر الأصول العامة للفقه المقارن ص 150) .
(113) انظر التبيان 1/449 ، ومجمع البيان 1/202 ، ومصباح الهداية 60-63 .
(462[111]) نظر تفسير الماتريدى : ص 279 ، والطبرى تحقيق شاكر 3/18- 24 ، وابن كثير1/167 ، والآلوسى 1/306 -308 ، والبحر المحيط 1/374 -379 ، والقرطبى 2/107-109 .
(463[112]) سورة الصافات - الآية 113.(3/71)
(116) اللص المتغلب والخليفة الذي ذكره الزمخشري هو هشام بن عبدالملك ، وأما الدوانيقى فهو المنصور أخو السفاح ، سمى بذلك قيل لبخله ، وقد ذكر يعض المصنفين أنه لم يكن بخيلاً ( البحر المحيط 1/378) .
(465[114]) الكشاف 1/309 وقال القرطبى (2/109) قال بن خويزمنداد : وكل من كان ظالماً لم يكن نبياً ولا خليفة ، ولا حاكماً ، ولا مفتياً ولا إمام صلاة ، ولا يقبل عنه ما يرويه عن صاحب الشريعة ، ولا تقبل شهادته في الأحكام .
(466[115]) رواه ابن ماجة وابن أبى عاصم ،ورجاله ثقات ، وصححه ابن حبان والحاكم وغيرهما، وقال النووى في الروضة وفى الأربعين أنه حسن . ووقع في كتب كثيرين من الفقهاء والأصوليين بلفظ " رفع " بدل " وضع " ، وحول الحديث كلام يطول ذكره ، انظر المقاصد الحسنة ص 228 - 230 وكشف الخفاء 1/433-434 .
(467[116]) روى الامام مسلم وغيره ما يفيد استجابة ربنا عز وجل لهذا الدعاء ، وروى كذلك عند الجعفرية : انظر مجمع البيان 2/404 ، وانظر كذلك تفسير بن كثير 1/342-343 ، والقرطبى 3/431-432 والكشاف 1/408.
(468[117]) انظر تفسير الآلوسى 1/307 - 308 .
(469[118]) انظر فقه الشيعة الإمامية ومواضع الخلاف بينه وبين المذاهب الأربعة ج1 ص 37:18.
(470[119]) سورة آل عمران - الآية رقم 110 .
(471[120]) انظر التبيان 1/158 ، والآية المذكورة هي رقم 18 من سورة هود .
(124) سورة المائدة - الآية 67.
(125) التبيان 3/587-588 .
(126) انظر البيان ط مكتبة الحياة 6/152 -153 ، والميزان 6/42 -64 وتفسير شبر ص 143 ، والغدير 1/214 -229 ، ومصباح الهداية 190-198.
(127) تفسير الطبري تحقيق شاكر 10/467.(3/72)
(128) صاحب كتاب الغدير ذكر أن الطبري يرى أن الآية الكريمة نزلت في الغدير كما يذهب الجعفرية (امظر كتابه 1/214 -216 -223-225 ) وما قاله الطبري يتفق مع أهل التأويل - كما نص هو على هذا - وإن اختلفوا في السبب الذي من أجله نزلت ، ومعنى هذا أن أهل التأويل متفقون على صحة ما ذهب إليه الجعفرية لو صح ما ذكره صاحب الغدير ! قول غريب نعود إليه في الحديث عن الآية التالية .
(477[126]) المائدة الآية- 67 .
(478[127]) أي الدية .
(479[128]) تفسير ابن كثير 2/77 -78 .
(480[129]) المرجع السابق 2/97 .
(481[130]) انظر الرواية وتخريجها ، وبيان صحة سندها في المسند ج 3 رواية رقم 1977 تحقيق المرحوم الشيخ أحمد شاكر ، وأشار إلى روايات أخرى مؤيدة . وفى التعليق تفسير للجزء الأخير بأن الخيل كانت في بنى هاشم قليلة فأحب ( أن تكثر فيهم .
(482[131]) تفسير الآلوسى 2/349.
(483[132]) انظر مثل ما ذكره الآلوسى هنا في الكشاف 1/631 ، والبحر المحيط 3/530 .
(484[133]) انظر مثل ما ذكره الآلوسى هنا في الكشاف 1/631 ، والبحر المحيط 3/530 .
(485[134]) جزء من الآية الثالثة.
(138) انظر تفسير الآية الكريمة في الطبري تحقيق شاكر 9/517 ـ 531 وابن كثير 2/12 ـ 14 والكشاف 1/593 ، و الآلوسى 2/248 ـ 249 والقرطبى 6/61 ـ 63 ، والبحر المحيط 3/426.
(139) راجع للجعفرية : التبيان 3/435 -436، ومجمع البيان ط مكتبة الحياة 6/25 ـ 26 ، وجوامع الجامع ص 104 ، وتفسير شبر ص 133 ، ومصباح الهداية ص 204 ـ 205 .
(140) الرواية صحيحة الإسناد ، ورواها الإمام أحمد بسند صحيح أخر ، وانظر الروايتين رقم 188 ، 272 في الجزء الأول من المسند .(3/73)
(141) المروى في الصحاح الستة عن طريق معاوية في الأحكام ثلاثون حديثاً ، ذكرها ابن الوزير - من علماء الزيدية - في كتابه الروض الباسم ، وأثبت صحتها ثم صحة باقي الأحاديث المروية عن طريقه في غير الأحكام ، وأشار إلى أنه لم يرد حديث واحد عن طريق معاوية في ذم الإمام على " انظر كتابه 2/114 -119" .
(490[139]) من العجيب الغريب أن الروايات التي ينكرها هنا يستدل بها هي ذاتها في مكان آخر بشيء آخر ، فذكر قول اليهودى " لو نزلت فينا هذه الآية لاتخذنا يوم نزولها عيداً " ثم قال : وصدر من عمر ما يشبه التقرير لكلامه . وانتهى من هذا إلى أن يوم نزولها عيد وهو عيد الغدير ! ولم يشر إلى يوم عرفة ! ( انظر الغدير 1/283) .
(491[140]) المرجع السابق 1/230 .
(492[141]) انظر المرجع المذكور 1/214-216 .
(493[142]) راجع قوله في ج1 ص 223-225.
(494[143]) قد بحثت عن الكتاب المذكور فلم أجده ، وبحثت عن أسماء الكتب المنسوبة للطبرى فوجدت ما يزيد عن مائة كتاب منها كتاب فضائل على بن أبى طالب رضي الله تعالى عنه . قال ياقوت الرومى في كتابه إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب 6/452 بأن الطبري تكلم في أوله بصحة الأخبار الواردة في غدير خم ، ثم تلاه بالفضائل ، ولم يتم ، فالطبرى إذن لم يتم كتابه وهو - مع عشرات الكتب الأخرى - غير موجود ، فلعل أحداً استغل هذا فأخرج كتاباً بعنوان الولاية ونسبه للطبرى . والرواية التي ذكرها صاحب كتاب الغدير عن زيد بن أرقم نقلا عن كتاب الولاية لا تصح بحال ، وقد ذكرنا من قبل الروايات الصحيحة عن زيد بن أرقم كما رواها الإمامان أحمد ومسلم . فإذا كان الطبري قد صحح الأخبار الواردة في غدير خم كما قال ياقوت فإنها لا تزيد عما أخرجه مسلم ، وما صح من مسند أحمد ، أما أن يصح عنده مالا يؤمن به ، بل لا يقول به إلا الغلاة فهذا أمر مرفوض قطعاً .*(3/74)
*ومن المعاصرين لشيخ المفسرين عالم شيعي اسمه محمد بن جرير بن رستم الطبري ويكنى أبا جعفر ، وله كتاب المسترشد في الإمامة (انظر الفهرست للطوسى ص 158 ـ 159) فلعله صاحب كتاب الولاية ، واستغل التشابه بين الاسمين والكنيتين في نسبة الكتاب لشيخ المفسرين ، وهو بلا أدنى شكل براء مما جاء به .
(147) سبق ذكر روايتهم في بداية الفصل .
(496[145]) انظر التبيان 10/112 -113 .
(497[146]) المرجع السابق 10/350 .
(498[147]) انظر مقدمة جوامع الجامع ففيها بيان سبب التأليف ، ومما جاء في هذه المقدمة ص 3 : " وحثني وبعثنى عليه أن خطر ببالى وهجس بضميرى ، بل ألقى في روعى ، محبة الاستمداد من كلام جار الله العلامة ولطائفه ، فإن لألفاظه لذة الجدة ورونق الحداثة " .
(499[148]) انظر المرجع السابق ص 508-509 .
(152) الميزان 4/76-88 .
(153) مقدمة في أصول التفسير ص 20 .
(154) ولد في المدينة سنة 85 هـ ، ثم خرج إلى العراق وأقام ببغداد حتى توفى . ووفاته محصورة بين سنة 150 وبين 153 هـ . قيل إنه كان يتشيع ، ولم يتخلف في الرواية عنه الثقات والأئمة ، أخرج له مسلم في المتابعات ، واستشهد به البخاري في مواضع ، وروى له أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه . وقال الدارقطنى:اختلف الأئمة فيه وليس بحجة إنما يعتبر به . (انظر ترجمته في السيرة النبوية لابن هشام : مقدمة الناشرين ص 13 : 17 ، وراجع ترجمته كذلك في تهذيب التهذيب ) .
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال بعد أن ذكر ترجمته : فالذى يظهر لي أن ابن إسحاق حسن الحديث ، صالح الحال صدوق . وما انفرد به ففيه نكارة ، فإن في حفظه شيئاً . وقد احتج به الأئمة ، والله أعلم .
(503[152]) السيرة النبوية 4/602 .
(156) ورجب مضر : إنما قال لأن ربيعة كانت تحرم رمضان ، وتسميه رجباً ، فبين عليه الصلاة والسلام أنه رجب مضر لا رجب ربيعة ، وأنه الذي بين جمادى وشعبان .
(157) عوان : جمع عانية وهى الأسيرة .(3/75)
(158) السيرة النبوية 4/603 -604.
(159) انظر حجة النبي ( لمحمد ناصر الدين الألبانى ص 40-45 ، ص 77-79 .
(160) انظر مفتاح كنوز السنة - باب الميم فيما ذكره عن محمد ? .
(509[158]) كتاب النهى عن القول بالقدر ، وهذا الحديث الشريف وصلة ابن عبدالبر من حديث كثير ابن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده (انظر تنوير الحوالك 2/208) .*
*وقال ابن عبدالبر كذلك : مرسلات مالك كلها صحيحة مسندة (1/38) . وقال جلال الدين السيوطى : " ما من مرسل في الموطأ إلا وله عاضد أو عواضد ... فالصواب إطلاق أن الموطأ صحيح لا يستثنى منه شىء " ( نفس المرجع 1/6) .
(162) سورة الحشر - آية 7 .
(163) سورة النساء - آية 80 .
(164) سورة النساء - آية 65 .
(165) البخاري - كتاب المناقب - باب مناقب رسول الله ? وانظر كذلك الرواية رقم 55 بالجزء الأول من المسند ، وسندها صحيح .
(166) البخاري - كتاب المناقب - باب مناقب الحسن والحسين .
(167) انظر مناقب أهل بيت النبي ( في أبواب المناقب من سننه .
(168) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب ، وميزان الاعتدال .
(169) انظر المسند تحقيق شاكر - طلائع الكتاب 1/75 .
(170) ص 11 من القول المسدد .
(171) راجع صحيح مسلم - كتاب فضائل الصحابة - باب من من فضائل على بن ابى طالب رضي الله تعالى عنهم ، والمسند 4/366-367 .
(172) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب .
(521[170]) الأعمش هو سليمان بن مهران الأسدي الكاهلى ، مولاهم أبو محمد الكوفي . انظر ترجمته وترجمة حبيب في تهذيب التهذيب . وميزان الاعتدال .
(522[171]) هو عبد الله بن عبد الله الضبى النيسابورى .ولد سنة 321 هـ وجاوز الثمانين حيث توفى سنة 405 هـ . قال عنه ابن حجر في لسان الميزان : إمام صدوق ولكنه يصحح في مستدركه أحاديث ساقطة فيكثر من ذلك ، فما أدرى هل خفيت عليه ؟ فما هو ممن يجهل ذلك . وإن علم فهو خيانة عظيمة(3/76)
ثم هو شيعي مشهور بذلك من غير تعرض للشيخين . والحاكم أجل قدراً وأعظم خطراً وأكبر ذكراً من أن يذكر في الضعفاء . ولكن قيل في الاعتذار عنه أنه عند تصنيفه للمستدرك كان في أواخر عمره . وذكر بعضهم أنه حصل له تغير وغفلة في آخر عمره ، ويدل على ذلك أنه ذكر جماعة في كتاب الضعفاء له ، وقطع بترك الرواية عنهم ، ومنع من الاحتجاج بهم ، ثم أخرج أحاديث بعضهم في مستدركه وصححها .
(523[172]) انظر المستدرك 3/109 - 110 .
وهذا الحديث من الأحاديث التي أنكرها عليه أصحاب الحديث ، ولم يلتفتوا إلى تصحيحه . ( راجع ترجمته بشئ من التفصيل في التذكرة التي كتبت في صدر كتابه معرفة علوم الحديث للدكتور السيد معظم حسين ) .
(524[173]) انظر المسند ج 5 التعليق على الرواية 3605 ، وهذه غير روايات العترة .
(525[174]) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب .
(526[175]) في الحديث عن أحد الرواة قال العلامة المرحوم أحمد شاكر : " نقل الحافظ في التهذيب أن البخاري ذكره في الضعفاء ، ولم أجد فيه " . وهذا يؤيد أنه لم يسمع بكتاب الضعفاء الكبير للبخاري - انظر قوله في الحديث عن الرواية رقم 646 بالجزء الثانى من المسند .
(527[176]) يطلق البخاري " منكر الحديث " على من لا تحل الرواية عنه ، أما عند غيره فمنكر الحديث في درجة ضعيف الحديث - انظر : قواعد في علوم الحديث للتهانوى ص 258 ، وانظر كذلك تدريب الراوى 1/349 وحاشية ص 347 وميزان الاعتدال 1/6.
(528[177]) نظر ترجمته في تهذيب التهذيب ، وميزان الاعتدال .
(529[178]) راجع صحيح مسلم - كتاب الحج - باب حجة النبي ( .
(530[179]) انظر حجة النبي ( كما رواها جابر بن عبد الله ص 40-45 .
(183) منهاج السنة النبوية 4/105 .
(184) انظر صحيح الجامع الصغير 2/217- حديث رقم 2454 .(3/77)
(533[182]) كلام الشيخ صحيح ، ولذلك فقد جمعت كل ما استطعت جمعه والنظر فيه من الروايات ، وقد أرشدني إلى هذا المنهج ، وساعدني في التطبيق منذ سنوات العلامة الثبت المحقق الأستاذ محمود شاكر - رحمه الله رحمة واسعة .
(534[183]) راجع ما ذكرناه من قبل عن الحاكم ومستدركه ، وعن روايتيه لهذا الحديث .
(187) ومع هذا الضعف جاء في كتاب المراجعات للموسوي بأنها متواترة ! (ص 51) ونسب للشيخ سليم البشرى أنه تلقى هذا القول بالقبول ! ( ص 54) وأنه طلب المزيد ، وذكر صاحب المراجعات روايات أخرى أشد ضعفاً ، ونسب للشيخ البشرى أنه أعجب بها ، ورآها حججاً ملزمة ! (ص 55-61) وسيأتي الحديث مرة أخرى عن هذا الكتاب .
(188) راجع البخاري - كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة - باب الاقتداء بسنن الرسول ( .
(189) النساء - الآية 59 .
(190) انظر الروايات وتخريج المرحوم شاكر لها في المسند ج 2 ، وأرقامها على التوالى 641 ، 670 ، 950 ، 951 ، 961 ، 964 ، 1310 .
(191) انظر كشف الخلفاء 2/274 , والرواية الساسة تتفق مع كثير من الروايات فيما عدا زيادة إنكار بعض الصحابة ودعاء الأمير عليهم ، وهى ضعيفة السند بحمد الله تعالى ، فاتفق هذا الضعف مع هذه الزيادة التي لم تأت في رواية صحيحة على الإطلاق ، والتي لا تستقيم مع ماعرف عن الصحابة الكرام ، فليس بمؤمن من يكتم شهادة حق ، وهذه شهادة معروفة لا ضرر في إظهارها ولا خير في إنكارها ، فلو كان هؤلاء ممن نافقوا لا من المؤمنين فلم يقدمون على هذا الكتمان ؟ وأنى هذا إذا كان الجرم ينسب لأنس بن مالك وزيد بن أرقم وبراء بن عازب وغيرهم من أجلاء الصحابة ! ثم أنى لمن تربى في بيت النبوة وتخلق بخلقها أن يدعو عليهم بدلاً من أن يدعو لهم ! ولكن هذه الاتهامات لخير قرن ـ مع ضعفها ـ تعجب بعض الشيعة فيلتقطونها من أي مصدر لتأييدها وترويجها . ( انظر مثلاً الغدير 1/191-195) .
(192) انظر المسند ط الميمنية 4/368 - 373 .(3/78)
(193) للإمام على خطب كثيرة تبين تخاذل هؤلاء الشيعة ، يمكن الرجوع إليها في نهج البلاغة - وعندما أغار سفيان بن عوف بجنده على الأنبار ، ثم انصرفوا وافرين ، خطب الإمام خطبة منها : " فقبحاً لكم وترحاً حين صرتم غرضاً يرمى ، يغار عليكم ولا تُغيرون ، وتُغزَون ولا تَغزُون ، ويعصى الله وترضون ! فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الصيف قلتم : هذه حمارةّ القيظ ، أمهلنا يُسَّبح عنا الحر ، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم: هذه صبارة القر ، أمهلنا ينسلخ عنا البرد ، كل هذا فراراً من الحر والقر ، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون فأنتم والله من السيف أفر !
يا أشباه الرجال و لا رجال ! حلوم الأطفال ، وعقول ربات الحجال ، لوددت أنى لم أركم ولم أعرفكم ! معرفة والله جرت ندماً ، وأعقبت سدماً ، قاتلكم الله ! لقد ملأتم قلبى قيحاً ، وشحنتم صدرى غيظاً ، وجرعتمونى نغب التهمام أنفاساً ، وأفسدتم على رأيى بالعصيان والخذلان ، حتى قالت قريش : إن ابن أبى طالب رجل شجاع ، ولكن لا علم له* *بالحرب " (نهج البلاغة ص 53 -54) (ترحاً : هماً و حزناً أو فقراً - حمارة القيظ : شدة الحر - سبخ عنا الحر : خفف - صبارة الشتاء : شدة برده - القر بالضمة : البرد - ربات الحجال : النساء - السدم : الهم مع أسف أو غيظ - النغب : جمع نغبة كجرعة لفظاً ومعنى - التهمام : الهم - أنفاساً : أي جرعة بعد جرعة ) .
(194) ذكر صاحب كتاب المراجعات أن الشيخ سليم البشرى لم يقتنع فقط بقول الجعفرية في تفسير كلمة المولى التي وردت في روايات الغدير ، بل كتب يخاطبه (ص 220) : " لو كان المراد الناصر أو نحوها ما سأل سائل بعذاب واقع ، فرأيكم في المولى ثابت مسلم ! " .(3/79)
ولا أدرى أكان علامة زمانه شيخ الجامع الأزهر يجهل ما ذهب إلى جمهور المفسرين بلا خلاف من مكية سورة المعارج ؟ لقد ذكرت من قبل ما ذهب إليه جمهور المفسرين ، وموافقة الطوسي لهم ، وهو شيخ طائفة الجعفرية، وكذلك إمام المفسرين عند الجعفرية ، أكان شيخ الأزهر والمالكية جعفرياً أكثر من شيخ طائفتهم وإمام مفسريهم فاتخذ من السورة الكريمة ما يؤيد رأي صاحب المراجعات ؟ أم أن هذا نُسب كذباً لشيخ الأزهر - ولم يطبع الكتاب إلا بعد وفاته - كدأب كثير من أصحاب الفرق عند البحث عن طريق يسلكونها لتأييد مذهبهم ؟ وقد رأينا من قبل ما نسبه صاحب الغدير لشيخ المفسرين الطبري ! وسبق في ص 137 ما نسب للشيخ البشرى ، المسألة إذن تحتاج إلى نظر ! وقد دعانى هذا إلى تأليف كتاب " المراجعات المفتراة على شيخ الأزهر البشرى " أثبت به يقيناً براءة الشيخ البشرى مما نسب له ، وبينت بالأدلة ضلال عبدالحسين مؤلف المراجعات ، بل كفره وزندقته .
(543[192]) تفسير الآلوسى 2/351 .
(544[193]) المسند ط الميمنية 4/438 ، والترمذى - كتاب المناقب - باب مناقب على بن أبى طالب رضي الله عنه .
(545[194]) المسند 5 / 365 .
(198) انظر ترجمة كل منهما في تهذيب التهذيب .
(199) راجع البخاري - كتاب المناقب - باب مناقب على بن أبى طالب- وصحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل على بن أبى طالب واللفظ لمسلم ، والمسند ج 3 رواية رقم 1463 وتخريج الشيخ شاكر لها .
(200) استخلف الرسول ( على المدينة ابن أم مكتوم لما خرج لحرب بنى النضير ، وفى غزوة الخندق ، وعثمان بن عفان لما خرج لغزوة ذات الرقاع ، وأبا لبابة بن عبدالمنذر لما سار لغزوة بدر ( انظر المنتقى ص 53، 212) .
(549[198]) المراجعات ص 152.
(550[199]) لفصل في الملل والأهواء والنحل ص 94، وانظر المنتقى حاشية ص 213 .
(551[200]) كتاب الأحكام من صحيحه - باب الاستخلاف .(3/80)
(552[201]) راجع مسلم - كتب الإمارة - باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش .
(553[202]) راجع سنن أبى داود - كتاب المهدى .
(554[203]) كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة - باب كراهية الخلاف .
(555[204]) راجع صحيح البخاري - باب مرض النبي ( ووفاته .
(556[205]) المسند ج 3 رواية رقم 1935 ،وانظر تخريج الشيخ شاكر وشرحه لها .
(557[206]) كتاب الوصية - باب ترك الوصية ، وفى كتاب الجهاد والسير من صحيح البخاري - باب جوائز الوفد - جاءت رواية أخرى اختلفت النسخ في متنها (انظر طبعة مطابع الشعب سنة 1378 هـ ) ففي إحدى النسخ أسند الهجر إلى الرسول الكريم بغير استفهام ، ولكن في نسختين أخريين أثبتت همزة الاستفهام ، ولعلهما هنا أصح ، وهذا يتفق مع الروايات الأخرى ، وفى صحيح مسلم كانت الروايات بلفظ " أهجر" ولكن رواية جاءت بلفظ " إن رسول الله ( يهجر " هكذا بغير استفهام بل بأداة تأكيد ! وصاحب فتح البارى تحدث عن المراد بقولهم " أهجر " فقال : المراد به هنا ما يقع من كلام المريض الذي لا ينتظم ولا يعتد به لعدم* *فائدته ، ووقوع ذلك من النبي ( مستحيل ، لأنه معصوم في صحته ومرضه لقوله تعالى (3 : النجم )? وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى? ، ولقوله ( : " إنى لا أقول في الغضب والرضا إلا حقاً". وإذا عرف ذلك فإنما قاله من قاله منكراً على من توقف في امتثال أمره بإحضار الكتف والدواة، فكأنه قال : كيف تتوقف ؟ أتظن أنه كغيره يقول الهذيان في مرضه ؟ ويحتمل أن بعضهم قال ذلك عن شك عرض له ، ولكن يبعده أن لا ينكره الباقون عليه من كونهم من كبار الصحابة ولو أنكروه عليه لنقل . ويحتمل أن يكون الذي قال ذلك صدر عن دهش وحيرة كما أصاب كثيراً منهم عند موته . ويحتمل أن يكون قائل ذلك أراد أنه اشتد وجعه فأطلق اللازم وأراد الملزوم ، لأن الهذيان الذي يقع للمريض ينشأ من شدة وجعه . وقيل : قال ذلك لإرادة سكوت الذين لغطوا ورفعوا أصواتهم عنده ، فكأنه قال(3/81)
: إن ذلك يؤذيه ويفضى في العادة إلى ما ذكره " .
ثم قال : وأوصاهم بثلاث أي في تلك الحالة ، وهذا يدل على أن الذي أراد أن يكتب لم يكن أمراً متحتماً ، لأنه لو كان مما أمر بتبليغه لم يكن يتركه لوقوع اختلافهم ، ويعاقب الله من حال بينه وبين تبليغه ، ولبلغه لهم لفظاً كما أوصاهم بإخراج المشركين وغير ذلك وقد عاش بعد هذه المقالة أياماً ، وحفظوا عنه أشياء لفظاً ، فيحتمل أن يكون مجموعها ما أراد أن يكتبه والله أعلم . ( انظر باب مرض النبي ? ووفاته ) .
(558[207]) جاء في الموضع السابق من فتح البارى : " قال الداودى : الثالثة الوصية بالقرآن ، وبه جزم ابن التين . وقال المهلب : بل هو تجهيز جيش أسامة ، وقواه ابن بطال بأن الصحابة لما اختلفوا على أبى بكر في تنفيذ جيش أسامة قال لهم أبو بكر إن النبي ? عهد بذلك عند موته . وقال عياض : يحتمل أن تكون هو قوله ( ولا تتخذوا قبرى وثنا ) فإنها ثبتت في الموطأ مقرونة بالأمر بإخراج اليهود . ويحتمل أن يكون ما وقع في حديث أنس أنها قوله : الصلاة وما ملكت أيمانكم .
(559[208]) انظر ما كتب عنه في الغدير 1/65.(3/82)
(560[209]) قال ابن تيمية : " من توهم أن هذا الكتاب كان بخلافة على فهو ضال باتفاق عامة الناس من علماء السنة والشيعة ، وأما أهل السنة فمتفقون على تفضيل أبى بكر وتقديمه . وأما الشيعة القائلون بأن علياً كان هو المستحق للإمامة فيقولون أنه قد نص على إمامته قبل ذلك نصاً جلياً ظاهراً معروفا ، وحينئذ فلم يكن يحتاج إلى كتاب ، وإن قيل : إن الأمة جحدت النص المعلوم المشهور فلأن تكتم كتاباً حضره طائفة قليلة أولى وأحرى , وأيضاً فلم يكن يجوز عندهم تأخير البيان إلى مرض موته ، ولا يجوز له ترك الكتاب لشك من شك ، فلو كان ما يكتبه في الكتاب مما يجب بيانه وكتابته لكان النبي ( يبينه ويكتبه ولا يلتفت إلى قول أحد فإنه أطوع الخلق له ( أي للواجب ) . فعلم أنه لما ترك الكتاب لم يكن الكتاب واجباً ولا كان فيه من الدين ما تجب كتابته حينئذ ، إذ لو وجب لفعله (المنتقى ص 349-350) .
وقال العقاد : " أما القول بأن عمر هو الذي حال بين النبي ? والتوصية باختيار على للخلافة بعده فهو قول من السخف بحيث يسىء إلى كل ذى شأن في هذه المسألة ،ولا تقتصر مساءته على عمر ومن رأي في المسألة مثل رأيه . فالنبي ? لم يدع بالكتاب الذي طلبه ليوصى بخلافة على أو خلافة غيره ، لأن الوصية بالخلافة لا تحتاج إلى أكثر من كلمة تقال ، أو إشارة كالإشارة التي فهم منها إيثار أبىبكر بالتقديم ، وهى إشارته إليه أن يصلى بالناس ، وقد عاش النبي بعد طلب الكتاب فلم يكرر طلبه ، ولم يكن بين على وبين لقائه حائل ،وكانت السيدة فاطمة زوج على عنده إلى أن فاضت نفسه الشريفة ، فلو شاء لدعى به وعهد إليه . وفضلاً عن هذا السكوت الذي لا إكراه فيه ، نرجع إلى سابقة من سنن النبي في تولية الولاة ، فنرى أنه كان يجنب آله الولاية ويمنع وراثة الأنبياء ، وهذه السنة مع هذا السكوت لا يدلان على أن محمداً ? أراد خلافة على فحيل بينه وبين الجهر بما أراد " . (عبقرية عمر ص 209-210) .(3/83)
(213) انظر ج 2 - رواية رقم " 859" - وراجع بيان الشيخ شاكر لصحة الإسناد.
(214) ذكر صاحب كتاب الغدير (1/12) الجزء الأخير فقط " وإن تؤمروا علياً " ولم يشر إلى الصاحبين ، وبذلك يتغير مدلول الحديث ليتفق مع عقيدته !
(563[212]) راجع البخاري - كتاب الأحكام : باب الاستخلاف ، ومسلم : كتاب الإمارة باب الاستخلاف وتركه ، واللفظ للبخاري .
(564[213]) انظر الموضع السابق من صحيح مسلم ، وروى أبو داود عن ابن عمر أيضاً قال : قال عمر : إنى إن لا أستخلف ، فإن رسول الله ( لم يستخلف ، وإن استخلف فإن أبا بكر قد استخلف ، قال : فوالله إلا أن ذكر رسول الله ( وأبا بكر فعلمت أنه لا يعدل برسول الله ? أحداً، وأنه غير مستخلف . ( انظر سنن أبى داود - كتاب الخراج والفىء والإمارة - باب في الخليفة يستخلف ) .
ددد
(217) انظر المسند ج 2 الروايتين 1078 ، 1339 ، وبالحاشية بيان الشيخ شاكر لصحة الإسناد .
(218) انظر الرواية وصحة إسنادها بالمسند ج 2 رقم 1206.
(219) راجع صحيح البخاري - باب مرض النبي ? ووفاته ، وكتاب التفسير : باب من قال لم يترك النبي ( إلا ما بين الدفتين ، وباب الوصاة بكتاب الله عز وجل - وراجع كذلك مسلم كتاب الوصية : باب ترك الوصية . والمسند حـ 5 روايات 3189 ، 3355 ،3356 .
(220) البخاري - كتاب الأحكام - باب الاستخلاف.
(221) مسلم كتاب الفضائل - باب من فضائل أبى بكر الصديق .
(570[219]) انظر المسند حـ 6 ص 47 ، 106 ، 144 و ذكر استاذ الفلسفة الدكتور أحمد محمود صبحى الرواية الأخيرة لهذا الحديث الشريف ، ولم يذكر مصادره بل اكتفى بنسبته لبعض أهل السنة ، ثم قال " و لا شك أن الوضع ظاهر في هذا الحديث ، وأنه أريد به معارضة حديث الشيعة في أمر كتاب النبي الذي ينسب إلى عمر* *أنه منعه ، ولو صح كتاب النبي إلى أبى بكر لكان نصاً جلياً لأبى بكر ، وهو ما لم يقل به جمهور المسلمين "(3/84)
ورجل الفلسفة أقحم نفسه هنا فيما لا يعرف ، فحديث يرويه الشيخان والإمام أحمد بسند صحيح كيف يقال أنه موضوع بلا شك ؟ ! ومن المتهم بالوضع إذن ؟
والشيخان والإمام أحمد رووا الحديث الذي ظنه حديث الشيعة في أمر كتاب النبي وقال:بأن هذا وضع لمعارضته ! ورواية البخاري تدل أن الرسول ? هم ولكنه لم يرسل ، فلا نصاً جلياً هنا لأبى بكر حتى يرفض الحديث لعدم صحة المتن .
والمؤلف كذلك اعتبر حديث التمسك بالكتاب والعترة من الأحاديث المتفق على صحتها عند أهل السنة ، مع أن رواياته لم تصح منها واحدة كما بينا من قبل . ( انظر كتابه نظرية الإمامة ص 235-236) .
(223) راجع صحيح البخاري - كتاب الصلاة : باب الخوخة والممر في المسجد .
(224) راجع المسند جـ 4 رواية رقم 2432 . والترمذى : كتاب المناقب : باب مناقب أبى بكر الصديق .
(225) انظر المسند ج 1 رواية رقم 133 ، وانظر كذلك ج 5 الروايتين 3765 ، 3842 وانظر سنن النسائي - كتاب الإمامة ، واللفظ لأحمد .
(226) ذكر سيدى عبدالقادر الجيلانى -الذي ينتهى نسبه إلى الحسن بن على بن أبى طالب رضي الله عنهم - أن خلافة أبى بكر رضي الله عنه كانت باتفاق المهاجرين والأنصار وفيهم* *الإمام على ، وذكر قول عمر في إمامة الصلاة التي رواها الإمام أحمد ، ثم قال : " قيل في النقل الصحيح : لما بويع أبو بكر الصديق قام ثلاثاً يقبل على الناس يقول : ياأيها الناس أقلتكم بيعتى ، هل من كاره ؟ فيقوم على في أوائل الناس فيقول : لا نقيلك و لا نستقيلك أبداً ، قدمك رسول الله ? فمن يؤخرك ؟ وبلغنا عن الثقات أن علياً - رضي الله عنه - كان أشد الصحابة قولاً في إمامة أبى بكر رضي الله عنه . وروى أن عبد الله بن الكواء دخل على على بعد قتال الجمل وسأله : هل عهد إليك رسول الله ? في هذا الأمر شيئاً ؟ فقال : نظرنا في أمرنا فإذا الصلاة عضد الإسلام ، فرضينا لدنيانا بما رضي الله ورسوله لديننا ، فولينا الأمر أبا بكر ".(3/85)
انظر الغنية 1/68 ، وراجع كذلك القول في عدم تأخر الإمام على عن المبايعة فيما نقلناه عن فتح البارى في حاشية ص 18 من فصل الإمامة عند الجمهور والفرق المختلفة .
(227) انظر البخاري كتاب الأحكام : باب الاستخلاف ، ومسلم كتاب فضائل الصحابة : باب من فضائل أبى بكر الصديق ، واللفظ للبخاري .
(228) سئل أستاذنا العلامة المحقق محمود محمد شاكر عن المهدى قال : الحديث عن المهدى متصل بالمسيح والمسيح الدجال ، فالثلاثة من علامات الساعة ، وسيكونون في وقت واحد ، ومن هنا يظهر خطأ من يجعل المهدى منفصلاً عن غيره . وسيكون المهدى حاكماً كسائر الحكام ، ثم يهديه الله - سبحانه وتعالى - ويصلحه في ليلة . وأشار سيادته إلى خطأ الشيعة وأمثالهم ، وخطأ المنكرين لأحاديث المهدى صحيحة . وفى صحيح مسلم قول الرسول ( : " لا تزال طائفة من أمتى يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة . قال : فينزل عيسى بن مريم ? فيقول أميرهم : تعال صل لنا ، فيقول : لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمه الله هذه الأمة " .وعقب الشيخ ناصر الدين الألبانى على كلمة " أميرهم " بقوله : " هو المهدى محمد بن عبد الله ? كما تظاهرت بذلك الأحاديث بأسانيد بعضها صحيح ، وبعضها حسن ، وقد خرجت شيئاً منها في ( الأحاديث الضعيفة ) " . انظر مختصر صحيح مسلم - حديث رقم 2061 .
(229) انظر روايات المسند وتخريجها : جـ 2 ، جـ 5 ، جـ 6 ، : روايات 645 ، 773 ، 3571 ، 3572 ، 3573 ، 4098 ، 4279 .
(230) انظر الترمذي - كتاب الفتن : باب ما جاء في المهدى ، وفى سنن ابن ماجة " يكون في أمتى المهدى ، إن قصر فسبع ، وإلا فتسع ". (كتاب الفتن - باب خروج المهدى ، وانظر سنن أبى داود - كتاب المهدى ) .
(231) ذهبت فرقة الشيخية - التي خرجت على الجعفرية - إلى أن المهدى سيوجد بالولادة مما أثار غضب الاثنى عشرية . (انظر المهدية في الإسلام ص 241) .(3/86)
(232) فالمهدى إذن اسمه محمد بن عبد الله وليس محمد بن الحسن ، وينتهى نسبه إلى الحسن لا إلى الحسين رضي الله عنهما .( انظر عون المعبود شرح سنن أبى داود - كتاب المهدى 11 / 370 ، 371 ، 381 ، 382 ) وفى التفسير الكاشف للعالم الجعفرى محمد جواد مغنية أشار إلى المهدى وأحاديثه وقال : وفى هذا المعنى أحاديث كثيرة وصحيحة ، منها ما رواه أبو داود في كتاب السنن - و هو أحد الصحاح السته : " قال رسول الله : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمى واسم أبيه اسم أبى " ... ( 5/302 ) .
ولا ندرى لم ذكر هذا الحديث الشريف واعترف بصحته مع أنه يخالف عقيدته !
(233) تخلف عثمان على امرأته رقية بنت رسول الله ـ ( ـ ، وكانت مريضة ، فتوفيت وجاءت البشرى بالفتح حين دفنت ، فضرب له رسول الله ـ ( ـ بسهمه من الغنيمة ، وبأجره من المشهد ، فهو بدرى ـ جوامع السيرة النبوية لابن حزم ص 88.
(235) صحيح البخاري ـ كتاب التفسير ـ باب " لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم .." .
(235) التحريم - 01
(584[233]) بحار الأنوار جـ 22 ص 33 .
(585[234] ) انظر كتابى : بين الشيعة والسنة . دراسة مقارنة في التفسير وأصوله ، ص 255 .
(238) 72 : الإسراء .
(239) 34 : هود ، وانظر فرية القمي في تفسيره 2 / 23 .
(240) سيأتي الحديث عن موقف هذه الفرقة من القرآن الكريم في الجزء الثانى .
(241) انظر بيان قرابته من الرسول ( في كتاب " ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه " للشيخ محب الدين الخطيب : ص 5 ، 6 .
(242) انظر ترجمة أبى العاص في باب الكنى من الجزء الرابع من الإصابة لابن حجر ، ص 121 : 123 ترجمة رقم 692 .
(591[240]) انظر زبدة البيان ـ حاشية ص 575 .
(244) منهاج الشريعة 2 / 289 .
(245) المرجع نفسه 2 / 290 .
(246) منهاج الشريعة 2 / 291 .(3/87)
(247) السدم : الهم . والنُّغَب : جمع نغبة كجرعة وجُرع . والتهمام : الهم .
(248) البقرة : الآية 207.
(249) انظر تهذيب التهذيب لابن حجر 10 / 271 ـ 272 ، والجرح والتعديل لابن أبى حاتم 8 / 316 ـ 317 ، والمغنى في الضعفاء للذهبى 2 / 320 .
(250) انظر : سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1 / 84 ـ 85 .
(599[248]) انظر الأحاديث الثلاثة ورد شيخ الإسلام في منهاج السنة النبوية : 3 / 444 ، 7 / 142، 7 / 395 ، وما بعد الصفحات المذكورة .
(600[249]) مقدمة منهاج السنة للدكتور محمد رشاد سالم1 / 95،وانظر قول ابن تيمية في7 / 414 .
(253) ، (254) إغاثة اللهفان ، ص 601 .
(255) المرجع السابق ، ص 600 .
( (604[253] انظر المراجعة 110 ، ص 342 .
(605[254]) أي على الرسول ? .
(606[255]) انظر كتاب الصواعق ص 35 : 39 .
(259) ذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق أن " أصله من اليمن وابن أمة سوداء ، وكان يهوديا فأظهر الإسلام وطاف بلاد المسلمين ليلفتهم عن طاعة الأئمة ويدخل بينهم الشر ودخل دمشق لذلك . وأفاض فيه ابن جرير في تاريخه وهو الذي قال بالنص على الخلافة في على وأبنائه وأحدث القول برجعة على ، وأنه فيه الجزء الإلهي وأنه هوالذى يجئ في السحاب ـ قال المقريزى : ومن ابن سبأ تشعبت أصناف الغلاة من الرافضة ـوذكر أنه كان يتنقل من الحجاز إلى أمصار المسلمين يريد إضلالهم ، فلم يطق ذلك فرجع إلى كيد الإسلام وأهله ، ونزل البصرة سنة ثلاث وثلاثين ، فطرده عبد الله بن عامر منها لسوء مقالته ، فخرج إلى الكوفة ، فأخرج منها ، فنزل بمصر واستقر بها وبث دعاته في الأمصار ، وكاتب من مال إليه منهم بالعيب في ولاتهم . انظر " من عبر التاريخ للكوثرى " . وراجع ما سبق عن ابن سبأ في بداية الجزء الأول .
(260) جوامع الكلم 1 / 8 .
(261) انظر تلخيص الشافى ص 318 ، وجوامع الكلم جـ 1 صفحات : 7 ، 8 ، 19 ، 20.
(262) انظر أصل الشيعة وأصولها ص 102 .(3/88)
(263) جوامع الكلم 1 / 20 .
(264) الدعوة الإسلامية ص 253 .
(265) جوامع الكلم 1 / 18.
(266) المرجع السابق 1 / 19 .
(267) المرجع السابق 1 / 24 .
(268) المرجع السابق 1 / 25 ، والمعروف أن الرسول الكريم لم يعبد الأصنام قط ، ولذلك فالمراد بقوله " من عبادتها " أنه ( أذنب ـ من وجهة نظر الكفار ـ لأنه قصر في عبادة الأصنام فلم يتخذها آلهة .
(269) جوامع الكلم 1 / 26 .
(270) نفس المرجع 1 / 27 .
(271) جوامع الكلم 1 / 32 .
(620[269]) سورة الحجر : الآية التاسعة .
(621[270]) " لا تجتمع أمتى على ضلالة " : رواه أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجه وغيرهم ، واختلف في إسناده فتحدث السخاوى عن رواياته المختلفة ثم قال : " حديث مشهور المتن ، ذو أسانيد كثيرة ، وشواهد متعددة في المرفوع وغيره " . المقاصد الحسنه للسخاوى ص 460 .
(622[271]) راجع الخطبة في السيرة النبوية لابن إسحاق التي جمعها ابن هشام 4 ، 603 ـ 604 . والحديث رواه الإمام مالك في الموطأ ، مرسلا ، ووصله ابن عبد البر . ( انظر تنوير الحوالك 2 / 208 ) ، ورواه الحاكم عن ابن عباس ، وعن أبى هريرة ، وبين صحة الحديث ووافقه الذهبي ـ ( انظر المستدرك وتلخيصه 1 / 93 ) .
(623[272]) جامع الرسائل 1 / 273 ـ 275 .
(624[273]) المرجع السابق 1 / 263 .
(625[274]) سورة النساء : الآية السادسة .
(626[275]) سورة البقرة : الآية 124 .
(627[276]) وقع بهذا اللفظ في كتب كثيرين من الفقهاء والأصوليين . له شاهد جيد أخرجه أبو القاسم الفضل بن جعفر التميمى المعروف بأخى عاصم في فوائده ، بسنده عن ابن عباس بلفظ : رفع الله . ورواه ابن ماجه وابن أبى عاصم بلفظ : وضع بدل رفع ، ورجاله ثقات ، ولذا صححه ابن حبان والحاكم وغيرهما وقال النووى في الروضة وفى الأربعين أنه حسن ( انظر المقاصد الحسنة للسخاوى ص 228 ـ 230 ) .
(628[277]) سورة يونس : الآية 35 .
(629[278]) سورة يونس : الآيتان 34 ، 35.(3/89)
(630[279]) الآيتان 23 ، 24 .
(631[280]) سورة البقرة : الآيات : 35 ، 36 ، 37 .
(632[281]) الآيتان : 22 ، 23 .
(633[282]) الآيتان : 121 ، 122.
(634[283]) جوامع الكلم 1 / 26 .
(635[284]) جامع الرسائل 1 / 275 .
(636[285]) انظر عصمة الأنبياء ص 12 ـ 13 .
(637[286]) سورة القصص ، الآيتان : 15 ، 16 .
(638[287]) الآية : 67.
(639[288]) الآيتان : 42 ، 43.
(640[289]) الآية 37 .
(641[290]) الآيات من 1 : 10 .
(642[291]) سورة غافر الآية : 55 .
(643[292]) سورة محمد الآية 19 .
(644[293]) سورة الفتح ، الآيتان 1 ، 2 .
(645[294]) سورة الانشراح ، الآيتان 2 ، 3 .
(646[295]) جوامع الكلم 1 / 25.
(647[296]) سورة فاطر ، الآية : 18 .
(648[297]) سورة الزلزلة ، الآيتان : 7 ، 8 .
(649[298]) المنتقى ص 84 ـ 85 .
(650[299]) عصمة الأنبياء ص 4 ، وانظر الآراء المختلفة حول العصمة في الصفحتين الثانية والثالثة .
(651[300]) المرجع السابق ص 1 .
(652[301]) راجع صحيح البخاري : كتاب المناقب . باب مناقب على بن أبى طالب ، وصحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة . باب من فضائل على بن أبى طالب .
(653[302]) انظر الوشيعة ص م ط وما بعدها ففيه تحليل مفصل لهذا الحديث ، وبيان بطلان استدلال الإمامية ، وانظر الفصل في الملل ص 94 ـ 95 ، ومختصر التحفة ص 162 ـ 164، والمنتقى ص 468 ـ 470 .
(654[303]) صحيح البخاري : " كتاب المناقب - باب مناقب المهاجرين ، وصحيح مسلم : كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل أبى بكر الصديق ، واللفظ للبخاري .
(655[304]) المرجعيين السابقين ، وفى مسلم " فإن لم ..." بزيادة الفاء .
(656[305]) راجع صحيح البخاري في كتاب المناقب ، وصحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة .
(657[306]) جامع الرسائل 1/276 .
(658[307]) صحيح البخاري ، كتاب المناقب - باب مناقب المهاجرين .
(659[308]) جامع الرسائل 1/261 .(3/90)
(660[309]) ولذلك حارت فرقة من أصحابه وقالت : قد اختلف علينا فعل الحسن وفعل الحسين ، فشكوا في إمامتها ، ورجعوا عنها : انظر فرق الشيعة - ص 25-26.
(313) انظر مادة (بدو ) في القاموس المحيط ولسان العرب .
(314) سورة الزمر : الآية 47 .
(315) سورة البقرة : الآية 284 .
(316) سورة يوسف : الآية 35 .
(665[314]) انظر : الوشيعة ص 110 - 120 ، والتحفة الاثنا عشريه ص 315 وما بعدها ، والنسخ في القرآن الكريم لأستاذنا الدكتور مصطفى زيد رحمه الله ص19-26 جـ 1: وشيخنا لم يذكر الإمامية بالذات ، والبداء الذي أنكره لم تقل به الإمامية وإنما ذهبت إليه فرق أخرى من الشيعة كالبدائية ، فقد زعمت أن الله سبحانه قد يريد بعض الأشياء ثم يبدو له ، ويندم لكونه خلاف المصلحة ! وحملت خلافة الثلاثة ومدحهم في الآيات الكريمة على ذلك ! انظر مختصر التحفة ص 16.
(666[315]) انظر : الدين والإسلام ص 171.
(667[316]) ص 148 .
(668[317]) عقب أستاذنا الشيخ محمد أبو زهرة - رحمه الله - على نسبة مثل هذه الأخبار إلى الإمام الصادق بقوله : إن هذه الأخبار في مجموعها تدل على أن البداء في نظر الصادق هو أن يظهر للناس ما أكنه الله تعالى في علمه ، وذلك لا ينافى علم الله تعالى " . ( الإمام الصادق ص 236).
(669[318]) الدين والإسلام ص 173، وانظر كذلك قول الشيخ محمد جواد مغنية في كتابه " الشيعة والتشيع " ص 53-54 ففيه بيان أن البداء لا يستدعى الجهل وحدوث العلم لذات الله سبحانه .
(670[319]) انظر صحيح البخاري - الجزء الرابع - كتاب بدء الخلق : باب ما ذكر عن بنى إسرائيل.
(671[320]) راجع باب البداء من كتاب الكافى .
(672[321]) انظر : الدين والإسلام ص 172 وما بعدها ، وانظر كذلك : جوامع الكلم ص 145 من الرسالة القطيفية ، والدعوة الإسلامية ص 35 وما بعدها .
(673[322]) لهذا وقع الخلاف بين الإمامية في الإخبار : أيجوز أم لا ؟ ( انظر الدعوة الإسلامية ص 37-38) .(3/91)
(674[323]) انظر : النسخ في القرآن الكريم 1/25 -26 ، وضحى الإسلام 1/354 ، والإمام الصادق ص : 234 ، والملل والنحل للشهرستانى 1/132-133.
(675[324]) فرق الشيعة ص 70 .
(676[325]) ص 147 من الكتاب المذكور ج 1.
(677[326]) سورة آل عمران : الآية 179.
(678[327]) سورة الأعراف : الآية 188 .
(679[328]) الأنعام : الآية 50 .
(680[329]) انظر : الشيعة والتشيع : ص 43، 48 .
(681[330]) في تفسير البداء اعتراف بعلم الغيب ، وكذلك يرى أكثر الشيعة أن الأئمة يعلمون الغيب: انظر مثلا حديث السيد كاظم الكفائى في تعقيبه على الأخبار التي تنسب علم الغيب للأئمة . (الحديث آخر هذه الموسوعة ) ، وراجع رأي عبدالحسين شرف الدين في ردى على مراجعاته .
(334) انظر : جوامع الكلم 1/12 .
(335) انظر : المرجع السابق ص 13 ، 41 ، والشيعة والتشيع ص 55 ، ضحى الإسلام 3/242 ، والإمام الصادق ص 240 .
(336) انظر جوامع الكلم 1/13، 41 والشيعة والتشيع ص 55 ، وضحى الإسلام 3/242 ، والإمام الصادق ص 240 .
(685[334] ) راجع مناقشة هذه العقيدة ، وبيان بطلانها بالأدلة العقلية والنقلية في كتاب : مختصر التحفة الاثنى عشرية ص 200-203
(338) انظر القاموس المحيط ولسان العرب مادة " وقى " .
(339) آل عمران : الآية 28 .
(340) انظر : تفسير البيضاوى ص 70 ، وإملاء ما من به الرحمن للعكبرى 1/130.
(341) الشيعة والتشيع ص 49.
(342) سورة النحل : الآية 106 .
(343) انظر : الدعوة الإسلامية ص 38 - 39 وأصل الشيعة وأصولها : ص 192 -195، والشيعة والتشيع ص 48-53 .
(344) أصل الشيعة : ص193.
(345) انظر : الأصول من الكافى ج 2 باب التقية ص 217-221 .(3/92)
(346) يقول المؤرخ الهندى سيد أمير على : " إلا أن هذه التقية ، وهى الابن الطبيعى للاضطهاد والخوف ، قد غدت عادة متأصلة في نفوس الفرس الشيعيين إلى درجة أنهم أصبحوا يمارسونها حتى في الظروف التي لا تكون ضرورية فيها " ص 336 من كتابه : روح الإسلام .
(347) انظر : الاستبصار : باب كيفية التيمم : ص 170-171 ج1.
(348) انظر : المغنى : 2/174 .
(349) انظر : الاستبصار : ص 420 ج1.
(350) انظر المغنى 2 / 373 .
(351) الاستبصار ج 1 : ص 479، وانظر ص 498 .
(352) انظر : الاستبصار ج1 : باب أكثر أيام النفاس : ص 151 وما بعدها .
(701[350]) الإمام الصادق : ص 245.
(702[351]) انظر : مفتاح الكرامة - كتاب الطهارة : ص 145.
(703[1]) نقلت ما سبق من مقدمة الإمام الشافعي لكتابه " الرسالة " .
(704[2]) الآية : 106 .
(705[3]) 196 : سورة البقرة .
(706[4]) الرسالة للإمام الشافعى : ص 33 .
(707[5]) انظر الروايتين وبيان الشيخ أحمد شاكر لصحة الإسناد في الرسالة ص 89 : 91 .
(708[6]) راجع الخطبة في السيرة النبوية لابن اسحاق التي جمعها ابن هشام 4 / 603 - 604 والحديث رواه الإمام مالك في الموطأ مرسلا ووصله ابن عبدالبر (انظر تنوير الحوالك 2 / 208 ) ورواه الحاكم عن ابن عباس وعن أبى هريرة وبين صحة الحديث ووافقه الذهبى (انظر المستدرك وتلخيصه 1 / 93 ) .
(709[7]) انظر قواعد التحديث للقاسمى ما روى أن الحديث من الوحى - ص 59 وراجع حكم مراسيل أبى داود في رسالته إلى أهل مكة في وصف سننه ص 24 - 25 ، 32 .
(710[8]) سنن الدارمى 1 / 117 .
وهذه الروية من المراسيل عن حسان أيضاً ، وهو ثقة . قال خالد بن نزار : قلت للأوزاعى : حسان بن عطية عن من قال ؟ فقال لى : مثل حسان كنا نقول له : عن من ؟ ( انظر تهذيب التهذيب 2 / 251 ) .(3/93)
والحديث ذكره السيوطى في كتابه مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة - ص 31 وقال : أخرجه البيهقى بسنده عن حسان بن عطية وأخرجه الدارمى .*
*وفى الحاشية أضاف المعلق : نعيم بن حماد في زوائده ، وابن نصر في السنة ، والخطيب في الفقيه والمتفقة ، وفى الكفاية ، وابن عبدالبر في الجامع وغيرهم . ثم قال : وإسناده صحيح .
(711[9]) انظر الرسالة ص 422 : 426 ، واقرأ في الحاشية تعليق الشيخ أحمد شاكر وتخريجه للروايات .
(712[10]) انظر الأدب المفرد 2 / 433 ، باب المعانقة . ورواه الحاكم في المستدرك ( 4 / 574 - 575 ) ، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبى على التصحيح .
(713[11]) راجع بيان عدم صحة باقي الأحاديث التي تنهى عن كتابة العلم في كتاب دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه للدكتور محمد مصطفى الأعظمى ، ص 76 ، وما بعدها .
(714[12]) انظر 2 / 252 حديث رقم 1861 ، وتعليق الشيخ الألباني ، والحافظ المنذرى ذكره في كتاب العلم لا الزهد ، واختلف اسم الباب أيضاً .
(715[13]) انظر الأحاديث من رقم 315 إلى 319 ، وتخريجها ص 364 : 365 .
(716[14]) المسند ـ بشرح الشيخ شاكر جـ 10 ، رواية رقم 6510 ، وفى الحاشية بيان صحتها .
(2) ، (3) ، (4) حـ 11 ، وأرقام الروايات هي : 6802 ، 6930 ، 7020 ، وفى الحاشية بين الشيخ شاكر صحة هذه الروايات .
(720[18]) اختصر الإمام النووى كتاب ابن الصلاح فى كتابه " الإرشاد " ثم اختصره فى " التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير والنذير " وهو الذى شرحه السيوطى فى كتابه " تدريب الراوى فى شرح تقريب النواوى " . وفى الجزء الثانى من كتاب السيوطى ( ص 64 ) بدأ الحديث عن كتابة الحديث وضبطه ، وفى شرحه فصل القول فى اختلاف السلف من الصحابة والتابعين ، والجمع بين حديث النهى والأحاديث الأخرى . ( انظر كتابه إلى ص 68 ) .(3/94)
(721[19]) انظر كتابه " مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوى والخلافة الراشدة " وانظر صور كتب النبي ? . في الطبعة الخامسة ص 102 ، 108 ، 123 ، 137 ، 141 ، 147 ، 162 ، 225 .
وانظر كذلك : ما جمعه من كتب في عهد الخلفاء الراشدين رضى الله تعالى عنهم .
(722[20]) انظر ص 95 رقم 6 .
(723[21]) انظر ص 96 رقم 8 .
(724[22]) انظر ص 108 رقم 22 .
(725[23]) انظر ص 125 رقم 39 .
(726[24]) راجع ما كتبه بالتفصل ص 131 : 139 .
(727[25]) صحيح مسلم 1 / 72 . وقال النووى : أبو الزناد اسمه عبدالله بن ذكوان ، وكان الثورى يسميه : أمير المؤمنين في الحديث .
(728[26]) انظر ص 79 .
(729[27]) سورة يوسف : الآية 80 .
(730[28]) انظر الأخبار المتصلة بجابر في صحيح مسلم 1 / 85 - 87 . ووفاته كانت سنة 128 هجرية في عصر الإمام الصادق ، والأخبار التي وضعها افتراء على الأئمة لا تذكر أسماء من يأتى بعده ، ولذلك ذكر عليا في السحاب ، ولم يذكر اسم من يخرج من ولده ، أما الذين وضعوا الروايات بعد إمامهم الثانى عشر في النصف الثانى من القرن الثالث وما بعدها فإنهم ذكروا* *خروجه . وللرجعة معنى آخر أيضاً عند الشيعة كما سبق بيانه في الفصل الخامس من الجزء الأول .
(731[29]) ذكرت ما يتصل بجابر لنقارن بين ما قاله الأئمة الأعلام من طعن فيه وبيان لأكاذيبه ، وبين ما يقوله الشيعة الاثنا عشرية :
فهم يعتبرونه من اصحاب الأصول الأربعمائة التي نتحدث عنها في القسم الثانى ، وجاء في ترجمته عندهم ما يأتى:(3/95)
وثقه بن الغضايرى وغيره ، وروى الكشى وغيره أحاديث كثيرة تدل على مدحه وتوثيقه وروى فيه ذم يأتى ما يصلح جوابا عنه في زرارة ، وضعفه بعض علمائنا ، والأرجح توثيقه . وقال الشيخ : له أصل ، وروى أنه روى سبعين ألف حديث عن الباقر ، وروى مائة وأربعين ألف حديث ، والظاهر أنه ما روى أحد بطريق المشافهة عن الأئمة أكثر مما روى جابر ، فيكون عظيم المنزلة عندهم لقولهم : اعرفوا منازل الرجال منا على قدر رواياتهم عنا ( وسائل الشيعة : 20 / 151 ) .
وترجمة زرارة بن أعين التي أشار إليها صاحب الوسائل هنا جاء فيها ما يأتى : ... وروى أحاديث في ذمه ينبغى حملها على التقية ، بل يتعين ،وكذا ما ورد في حق أمثاله من أجلاء الإمامية بعد تحقق المدح من الأئمة ( وسائل الشيعة ك 20 / 196 ) . وجاء في حاشية الوسائل ( 19 / 338 ) . جابر بن يزيد الجعفى من أصحاب الإمامين الباقر والصادق ، تابعى روى عنهما ، مات أيام الصادق سنة 128 هجرية ، له كتب وأصل ، وروى أن الصادق ترحم عليه ، وقال : إنه كان يصدق علينا ، وكان باب الإمام الباقر ، وفيه أحاديث كثيرة رواها الكشى وغيره تدل على مدحه وعظيم شأنه .
(732[30]) انظر مقدمة صحيح مسلم ص 105 .
(733[31]) التلاوة ( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا ( النساء : 115 .
(734[32]) راجع حديثه عن النظام ، ومناقشته له في ص 17 : 42 .
(735[33]) ذكر الإمام الشافعى في رسالته ، تحت باب العلل في الأحاديث ، قول قائل : أفتجد : حجة على من روى النبي ? قال : " ما جاءكم عنى فاعرضوه على كتاب الله ، فما وافقه فأنا قلته وما خالفه فلم أقله " ؟
وأجاب : " فقلت له : ما روى هذا أحد يثبت حديثه في شيء صغر ولا كبر ، فيقال لنا : قد ثبتم حديث من روى هذا فى شئ " ( الرسالة : 224 ـ 225 ) .(3/96)
وقال السخاوى في تخريج الحديث : قال الدار قطنى : إن أشعث تفرد به . انتهى .
وهو شديد الضعف ، والحديث منكر جداً ، استنكره العقيلى وقال : إنه ليس له إسناد يصح . ( المقاصد الحسنة 1 / 36 ) .
وذكر العجلونى قول السخاوى ، وقال : قال الصغائى : هو موضوع ( انظر كشف الخفاء 1 / 86 ) .
وقال ابن حزم في رواية لحديث عرض السنة على القرآن : رواه الحسين بن عبدالله ، وهو ساقط متهم بالزندقة ( الأحكام : المجلد الأول ص 250 ) . وفى رواية أخرى رواها أشعث قال : أشعث بن بزار كذاب ساقط لا يؤخذ حديثه (252 ) وتتبع الروايات المختلفة للحديث ،*
* وبين سبب رفضه لها ، ثم قال : أول ما نعرض على القرآن الحديث الذى ذكرتموه ، فلما عرضناه وجدنا القرآن يخالفه ، قال الله تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ( ، وقال تعالى : ( مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ ( ، وقال تعالى : ( لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيما ( .
ونسأل قائل هذا القول الفاسد : في أى قرآن وجد أن الظهر أربع ركعات ؟ وأن المغرب ثلاث ركعات??.?..? إلخ ص (252 ـ 253) ، ثم قال ابن حزم " ولو أن امرأ قال : لا نأخذ إلا ما وجدنا في القرآن لكان كافراً بإجماع الأمة ، ولكان لا يلزمه إلا ركعة ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل ، وأخرى عند الفجر ، لأن ذلك هو أقل ما يقع عليه اسم صلاة ، ولا حد للأكثر في ذلك ، وقائل هذا كافر مشرك حلال الدم والمال ، وإنما ذهب إلى هذا بعض غالية الرافضة ممن قد اجتمعت الأمة على كفرهم " . ( ص 253 ـ 254 من الإحكام المجلد الأول).(3/97)
وقال الشيخ شاكر في تخريج الحديث : هذا المعنى لم يرد فيه صحيح ولا حسن ، بل وردت فيه ألفاظ كثيرة ، كلها موضوع أو بالغ الغاية في الضعف حتى لايصلح شئ منها للاحتجاج أو الاستشهاد . ثم أفاض في بيانه -? انظر حاشية ص 224 ?- 225 من الرسالة .
(737[35]) انظر الكتاب المذكور : ص 11 - 12 .
(738[36]) بين هذا الاتجاه مفصلا الأستاذ الدكتور محمد سليم العوا في إحدى محاضرات رئاسة المحاكم الشرعية بدولة قطر لعام 1405 هـ .
(739[37]) اقرأ هذا القول المنسوب لأمير المؤمنين في الفصل السادس ص 154 ، 155 واقرأ في الرواية ذاتها : " إن عندنا علم ما كان ، وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة ... وما يحدث بالليل والنهار ، الأمر من بعد الأمر ، والشىء بعد الشىء إلى يوم القيامة " ومعلوم أن الإمام علياً - رضى الله عنه - لم يختص بعلم دون سائر الأمة ولا ادعى هذا لنفسه فضلا عن أن يزعم أنه يعلم ما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى . ولكن إذا وجد من أله عليا ، فليس بمستغرب أن يوجد من ينسب هذا العلم له .
(740[38]) أصول الفقه لمحمد رضا المظفر 3 /51 -52 . وانظر : الأصول العامة للفقه المقارن ص 122 ، واقرأ فيه كذلك : سنة أهل البيت ص 145 وما بعدها ، وراجع تجريد الأصول ص 47 ، وضياء الدراية ص 14 .
(741[39]) تنقيح المقال في أحوال الرجال ص 183 .
(742[40]) انظر ضياء الدراية : ص23 .
(743[41]) المرجع السابق : ص 17 .
(744[42]) انظر حاشية الصفحة السابقة من نفس المرجع .
(745[43]) انظر الأصول العامة للفقه المقارن : ص 196 .
(746[44]) مقباس الهداية في علم الدراية ص 33 ، وضياء الدراية ص 21 .
(747[45]) انظر الموضع السابق من مقباس الهداية .
(748[46]) تهذيب الوصول إلى علم الأصول ص 77 - 78 .(3/98)
(749[47]) هو صاحب كتاب تنقيح المقال في علم الرجال ، وكتاب مقباس الهداية في علم الدراية وله مكانته عند الجعفرية وعلى الأخص في هذا المجال ، والنقل من كتابه الأول ص 207 .
(750[48]) 6 : الحجرات .
(751[49]) مقباس الهداية : ص 34 ، ضياء الدراية : ص23 .
(752????) أنظر في ألفاظ الذم والقدح ، والمذاهب الفاسدة في نظر الجعفرية : ضياء الدراية : ص 50 : 53 .
(753????) مقباس الهداية : ص 35 ، وراجع ضياء الدراية : 24 -25 .
(754[52]) حاشية 24 .
(755[53]) قد جرى على ألسنة أهل الفن وصف بعض الرجال بكونه شيخ الإجازة وآخر بأنه شيخ الرواية ، وفرق صاحب التكملة بينهما بأن الأول من ليس له كتاب يروى ولا رواية تنقل ، بل يجيز برواية كتاب غيره ، ويذكر في السند لمجرد اتصال السند قال : فلو كان ضعيفاً لم يضر ضعفه . والثانى : هو من تؤخذ الرواية منه ويكون في الأغلب صاحب كتاب بحيث يكون هو أحد من تستند إليه الرواية وهذا تضر جهالته في الرواية وتشترط في قبولها عدالته ، وانظر كذلك ضياء الدراية ص 57 : 59 .
(756[54]) انظر : تنقيح المقال : ص 210 ـ 211 .
(757[55]) مقباس الهداية : 35 ، وراجع ضياء الدراية : ص 25 .
(758[56]) وجدنا من شيعة اليوم من يرى النظر إلى ذوات الرواة لا إلى مذاهبهم ولكنهم لما يغيروا شيئاً . نسأل الله تعالى أن يوفقهم للعمل بما ينفع الإسلام والمسلمين .
(759[57]) 60 : النساء .
(760[58]) يقصد الباقر والصادق .
(761[59]) الكافى 1 / 67 - 68 .
(762[60]) أصول الفقه للمظفر : 3 / 217 ويعنى بالمشايخ الثلاثة أصحاب كتب الحديث عندهم وهم : الكلينى والصدوق والطوسى .
(763[61]) المرجع السابق : 3 / 219 .
(764[62]) نفس المرجع : 3 /223 .
وقال السيد حسين الموسوى : لو فرضنا أن الحق كان مع العامة في مسألة ماذا يجب علينا أن نأخذ بخلاف قولهم ؟(3/99)
أجابني السيد محمد باقر الصدر مرة فقال : فنعم يجب الأخذ بخلاف قولهم ، لأن الأخذ بخلاف قولهم . وإن كان خطأ فهو أهون من موافقتهم ، على افتراض وجود الحق عندهم في تلك المسألة . " كشف الأسرار ص 92 " .
(765[63]) فوائد الأصول : 4 / 291 وقال المظفر بعد حديث عن المفاضلة بين المرجحات : " والنتيجة أنه لا قاعدة هناك تقتضي تقديم أحد المرجحات على الآخر ، ما عدا الشهرة التي دلت المقبولة على تقديمها " ( أصول الفقه 3 /227 ) .
(766[64]) ص 227 من الكتاب المذكور وهو ينقل هذا عن ضال مثله ثم أخذ يؤيده ، راجع ما ذكرناه عن هذا الكتاب في الجزء السابق .
(767[65]) الحاشية على الكفاية 2 / 203 .
(768[66]) فوائد الأصول 4 / 293 .
(769[67]) الحاشية على الكفاية 2 / 190 .
(770[68]) المرجع السابق 2 /193 .
(771[69]) الكافى 1 /65 ، على أنا نرى عدم صدور هذا من سيدنا الباقر رضى الله تعالى عنه ، فمتن الرواية يعنى أنه يفتى بغير دليل من كتاب أو سنة بل يتعمد المخالفة والتضليل فى أحكام الله تعالى : فهذه الرواية كأختها المقبولة المرفوضة .
(772[70]) ص 8 .
(773[71]) ص 19 .
(774[72]) ص 20 .
(775[73]) دراسات في الكافى للكلينى والصحيح للبخاري لهاشم معروف الحسنى ص 43 .
(776[74]) المرجع السابق : ص 126 والأصول الأربعمائة يراد بها ما اشتمل على كلام الأئمة ، أو روى عنهم بلا واسطة كما يعتقد الجعفرية ، ويعتقدون كذلك أن ما في هذا الأصول قد جمع في الكتب الأربعة المعتمدة عندهم . ( انظر ضياء الدراية الباب العاشر ص 71 وما بعدها وص 86 ، وراجع الفصل الأول من هذا القسم ) .(3/100)
(777[75]) في ضياء الدراية : قد يقال للموثق (القوى ) لقوة الظن بجانبه بسبب توثيقه ، قال المامقانى : وهو وإن كان صحيحاً لغة ولكنه خلاف الاصطلاح . ونقل عن غيره أن القوى هوالمروى الإمامي غير الممدوح ولا المذموم . وعرفه غير أحد من المتأخرين ، بأنه ما خرج عن الأقسام المذكورة ولم يدخل في الضعيف . ثم قال :
وكيف ما كان عده الأكثر من أقسام الموثق ، وبعضهم جعله أصلاً مستقلاً ( انظر ص 25) .
(778[76]) ويبقى ثمانية وستون بغير ذكر ؟
(779[77]) دراسات في الكافى : ص 129 - 130 وراجع ما كتب آنفاً عن الترجيح وعلى الأخص مخالفة العامة التي لم يشر لها هنا .
(780[78]) مقدمة الروضة ص 9 .
(781[79]) راجع الجز ءالثانى من هذا الكتاب .
(782[80]) الآية الكريمة نصها : ? وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ? ( 52 : الحج ) وحرفها الكلينى ليصل إلى أن الإمام مرسل يوحى إليه .
(783[81]) انظر ص 177 .
(784[82]) ومعنى هذا أن إمامهم الثانى عشر يقوم بهذا الدور الآن .
(785[83]) ص 180 .
(786[84]) ص 181 .
(787[85]) ص 187 ، وانظر الباب : ص 185: 190.
(788[86]) التغابن : 8 .
(789[87]) النور : 35 .
(790[88]) يقصد الكلينى بالأول والثاني والثالث الخلفاء الراشدين رضى الله تعالى عنهم ، وفى الآية التى ذكرها من سورة النور " 40 " ، ولكنه ذكر أجزاء منها ونصها ? أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ? ، ومع ظهور زندقة الكلينى وموقفه من خير البشر بعد الرسول -? ، يطلق عليها الرافضة : حجة الإسلام .
(791[89]) الحديد : 12 .
(792[90]) الصف : 8 .(3/101)
(793[91]) التغابن : 8 .
(794[92]) مما جاء في الحاشية .
صاحب العصا : أى عصا موسى التي صارت إليه من شعيب ، وإلى شعيب من آدم ، يعنى هي عندى أقدر بها على ما قدر عليه موسى .
الميسم : المكواة ، لما كان بحبه وبغضه يتميز المؤمن من المنافق ، فكأنه كان يسم على جبين المنافق بكى النفاق . المنايا والبلايا : آجال الناس ومصائبهم فلم يفتنى ما سبقنى : أى علم ما مضى . ما غاب عنى : أى علم ما يأتى .
(795[93]) في الحاشية فسرها بقوله : أى الرجعات إلى الدنيا .
(796[94]) آل عمران : 68 .
(797[95]) الروم : 56 .
(798[96]) القصص : 68 .
(799[97]) الأحزاب : 36 .
(800[98]) القلم : 36 ـ 41 .
(801[99]) النساء : 59 .
(802[100]) النساء : 51 ـ 54 .
(803[101]) التوبة : 119 .
(804[102]) الإسراء : 71 .
(805[103]) التوبة : 105 .
(806[104]) في الحاشية لم يرفض هذا الافتراء البين ، وإنما علق على الرواية : يعنى علياً وأولاده الأئمة " وانما خص علياً بالذكر لأنه كان خاصة الموجود في زمان المأمورين بالعمل مشافهة .
(807[105]) في الحاشية : مولد الإسلام : أى يعلمون كل من يولد هل يموت على الإسلام أو على الكفر ، وقيل موضع تولده ومحل ظهوره .
(808[106]) الشورى : 13 ، والآية محرفة ، فنصها ? كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ? .
(809[107]) هو إمامهم السابع موسى بن جعفر .
(810[108]) النمل : 75 .
(811[109]) فاطر : 32 .
(812[110]) ومعنى هذا أنه ما من غائبة في السماء والأرض إلا يعلمها أئمة الجعفرية ، فالكلينى هنا يجعل علمهم فوق مستوى المخلوقات ويسويهم برب العالمين .
(813[111]) راجع الجزء الثانى من هذا الكتاب .
(814[112]) قال العالم الشيعى المعتدل السيد حسين الموسوى :(3/102)
وعندما نقرأ في كتبنا المعتبرة نجد فيها عجباً عجاباً ، قد لا يصدق أحدنا إذا قلنا : إنَّ كتبنا معاشر الشيعة - تطعنُ بأهل البيت عليهم السلام ، وتطعن بالنبى صلى الله عليه وآله وإليك البيان :
وذكر هذه الرواية ثم قال : هذه الرواية تفيدنا بما يأتى :
1- الحمار يتكلم (
2- الحمار يخاطب رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله : فداك أبى وأمى( مع أنّ المسلمين هم الذين يفدون رسول الله صلوات الله عليه بآبائهم وأمهاتهم لا الحمير .
3- الحمار يقول : " حدثنى أبى عن جدى إلى جده الرابع " ( مع أن بين نوح ومحمد ألوف السنين ، بينما يقول الحمار إنّ جده الرابع كان مع نوح في السفينة . كنا نقرأ " أصول الكافى " مرة مع بعض طلبة الحوزة في النجف على الإمام الخوئى ، فرد الإمام الخوئى قائلاً :
انظروا إلى هذه المعجزة ، نوح سلام الله عليه يخبر بمحمد? وبنبوتّه قبل ولادته بألوف السنين .
بقيت كلمات الإمام الخوئى تتردد في مسمعى مدة وأنا أقول في نفسى :
كيف يمكن أن تكون هذه معجزة وفيها حمارُ يقول لرسول الله صلى الله عليه وآله : بأبى أنت وأمى ؟( وكيف يمكن لأمير المؤمنين سلام الله عليه أن ينقل مثل هذه الرواية ؟ (
لكنى سكت كما سكت غيرى من السامعين ا . هـ .
(815[113]) أى فى المسائل إذا سئلوا عنها ، وقوله: والحق فيه يعنى في الجفر وهو خلاف ما يقولون. وقوله فليخرجوا إلخ يعنى ليس عندهم ولا يدرون ما فيه من ذلك ( الحاشية) .
(816[114]) 4 : الأحقاف ، والآية هكذا : ( اِئْتُونِي بِكِتَابٍ ( .
(817[115]) معنى هذا جواز القول بنبوة أئمة الجعفرية . فالقول لا يتعدى حكم الكراهة !
(818[116]) في الحاشية فسر الجزء الأخير بقوله " يعنى ما غاب عنه في أقطار الأرض وما في عنان السماء وبالجملة ما دون العرش إلى ما تحت الثرى " .
(819[117]) الشورى : 52 .
(820[118]) الإسراء : 85 .
(821[119]) 58 : النساء .(3/103)
(822[120]) أراد الكلينى من هذه الرواية إبطال ما ذهبت إلية الطائفة الأخرى من الأمامية وهى طائفة الإسماعيلية .
(823[121]) أي مكتوبا بخط إلهي مشاهد من عالم الأمر كما أن جبرئيل ( كان ينزل عليه في صورة آدمي مشاهد من هناك ( هذا تفسير الحاشية ) .
(824[122]) 15-16 : التكوير .
(825[123]) ص 341 .
(826[124]) أنظر ص 348 .
(827[125]) أنظر ص 353 .
(828[126]) أنظر ص 353 .
(829[127]) في الحاشية : ( مرة للتصديق وأخرى للقول بالبداء ) .
(830[128]) ولذلك فهم يرون أن الإمام الثاني عشر عندما يموت يكون الحسين قد رجع إلي الحياة فيقوم بغسله ...!
(831[129]) ص 387 .
(832[130]) 18 -21 المطففين .
(833[131]) 7- 9 المطففين .
(834[132]) وليس بشريعة محمد ( !! الحنين إلى عبد الله بن سبأ ، اليهودى أول من قال بفكرة الوصى بعد النبى !!
(835[133]) الآية الكريمة في سورة الأعراف (172) والجزء الأخير " وأن محمدا رسولي وأن عليا أمير المؤمنين " زيادة من الكلينى ليثبت ضلاله " الله سماه وهكذا أنزل في كتابه " .
(836[134]) لترى التحريف راجع سورة : التغابن (8) ، والمنافقين (1،3،5،6) والحاقة (43،46، 48 ، 52) والجن (21،24) ، والمزمل (10،11) .
(837[135]) 39 سورة ص ، ولكنه حرفها فجعل ( أعط ) بدلا من ( أمسك ) .
(838[136]) أنظر ص 473 .
(839[137]) ذكرنا من قبل في هذا الفصل أن الكلينى خرج بطريقة جديدة في الافتراء على الله عز وجل . عندما ذكر روايات تفيد أن جبريل نزل على محمد - عليهما السلام - بكتاب مختوم ، كل إمام يفك خاتما ، وينفذ ما بالجزء الذي يخصه من الكتاب ، وهنا يعود الكلينى مرة أخرى إلى هذا النوع من الافتراء وأرى إبداء الملاحظات الآتية :(3/104)
1ـ هذا الافتراء لايقل ضلالا عن القول بتحريف القرآن الكريم ، فالقرآن الكريم نزل مشافهة، والكلينى - وقد أعظم الفرية - يزعم أن تعيين أئمة الجعفرية الاثنى عشرية نزل مكتوبا بخط إلهي ، فتضييع الأمر الإلهي المكتوب بخط الله تعالي لا يقل عن تضييع الأمر الإلهي غير المكتوب ، والأمة التي تضيع أمرا مكتوبا غير أمينه على نقل أمر غير مكتوب ، ومن هنا يتضح هدف الكلينى وهو تقويض البناء الإسلامى من أساسه ولكن هيهات .
2 ـ وقف بعض الجعفرية من القول بتحريف القرآن الكريم موقفا محمودا كما رأينا ، ولكنهم لم يقفوا نفس الموقف من افتراء الكلينى الذي لا يقل خطورة عن القول بالتحريف والنقصان من القرآن المجيد . ولعل بعضهم وقف نفس الموقف ولم أطلع عليه ، وذكرت رواية الكلينى المفتراة لصديقنا العالم الجعفرى السيد طالب الرفاعى فقال " إننا ندين الله تعالى بهذا " ، ومعنى هذا أن الجعفرية متفقون على قبول رواية الكلينى الضالة المضلة .
3- بعد أن بين الخوئى المرجع الأعلى بالعراق أن احتمال وقوع التحريف من الشيخين مقطوع بعدمه قال : وأما احتمال وقوع التحريف من عثمان فهو أبعد من الدعوى الأولى ، لأن الإسلام قد انتشر فى زمان عثمان على نحو ليس فى إمكان عثمان أن ينقص من القرآن شيئا ، ولا فى إمكان من هو أكبر شأناً من عثمان ، ولأن تحريفه إن كان للآيات التى لا ترجع إلى الولاية ولا تمس زعامة سلفه بشىء ، فهو بغير سبب موجب ، وإن كان للآيات التى ترجع إلى شىء من ذلك فهو مقطوع بعدمه ،لأن القرآن لو اشتمل على شىء من ذلك وانتشر بين الناس لما وصلت الخلافة إلى عثمان ... ( البيان ص 237) .(3/105)
ونقول لإخواننا الجعفرية : ألا ينطبق كلام السيد أبى القاسم الخوئى على رواية الكلينى المفتراة ؟ فلو صحت لما خرجت الإمامة عن أئمة الجعفرية ، ولما استطاع أحد أن يمنع الأمة الإسلامية من تنفيذ أمر مكتوب بخط إلهى ، وكان يكفى الإمام عليا إظهار الكتاب والمطالبة بتنفيذه.*
* 4 ـ قال تعالى فى سورة النساء (الأية 153) ?يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ? وقال عز وجل فى الأية السابعة من سورة الأنعام:? وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ? وقال سبحانه فى سورة الإسراء ( 90-93) ?وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً ? .
فالذين طلبوا من الرسول ? إنزال صحيفة مكتوبة من السماءهم أهل الكتاب والكفار ، ولم يجابوا لهذا المطلب ، ويوضح شيخ طائفتهم الطوسى سبب عدم إنزال الكتاب بقوله فى تفسير آية الأنعام :(3/106)
" أخبر الله تعالى فى هذه الآية أنه لو نزل على نبيه كتاباً - يعنى صحيفة مكتوبة - فى قرطاس حتى يلمسوه بأيدهم ويدركوه بحواسهم ، لأنهم سألوا النبى ? أن يأتيهم بكتاب يقرءونه من الله إلى فلان بن فلان أن آمن بمحمد وأنه لو أجابهم إلى ذلك لما آمنوا ، ونسبوه إلى السحر لعظم عنادهم وقساوة قلوبهم ، وعزمهم على أن لايؤمنوا على كل حال ، وعرفه أن التمساهم هذه الآيات ضرب من العنت ، ومتى فعلوا ذلك اصطلمهم واستأصلهم ، وليس تقتضى المصلحة ذلك لما علم فى بقائهم من مصلحة المؤمنين ، وعلمه بمن يخرج من أصلابهم من المؤمنين ، وأن فيهم من يؤمن فيما بعد " . ( التبيان 4 /82) . فلو نزل مثل هذا الكتاب لما كان التعبيربقوله تعالى ? وَلَوْ نَزَّلْنَا ? ولكان هذا كافياً لأهل الكتاب والكفار فضلا عن المسلمين وداعياً لاصطلام المكذبين واستئصالهم ، ولكن شيئا من هذا لم يحدث ، إنما أراد الكلينى بفريته أن يصور خير أمة أخرجت للناس بأنها أكثر كفراً وتكذيباً من أهل الكتاب والكفار حتى أن أمراً إلهياً مكتوباً نزل وكذبته .
5- فات الكلينى أن الإمامة بعد الصادق كانت لابنه إسماعيل فلما مات فى حياة أبيه انتقلت إلى موسى ، وظل الإسماعيلية على الرأى الأول ، وقال الجعفرية بالبداء هنا ، فهو لم يحكم الفرية حيث لم يشر لهذا وإنما جعلها لموسى مباشرة ، ولكن لم يفته أن يجعل بعض الألقاب كالباقر* *بتسمية من الله تعالى ، وأن يجعل الإمام الأخير بحروف منفصلة حتى لا يذكر اسمه حسب ما يذهب إليه الجعفرية. ( انظر الكافى 1/332 باب فى النهى عن الاسم) ويبقى من الملاحظات الكثير ، ومن شاء فلينظر فى الكتاب المفترى وفى كتاب الله العزيز المعجزة الكبرى .(3/107)
(840[138]) 245 : البقرة ، والآية الحادية عشرة من سورة الحديد ? مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ? يروى الكلينى كذلك أنها نزلت فى صلة الإمام خاصة . وما يوصل به الإمام يوصل به علماء الجعفرية بعد عصر الأئمة .
(841[139]) ص 546 .
(842[140]) ص 540 .
(843[141]) ص 546 .
(844[142]) ص 8 ، راجع المقبولة التى نقلناها من هذا الجزء وناقشناها فى الحديث عن الترجيح .
(845[143]) ص 34 .
(846[144]) ص 56 .
(847[145]) انظر ص 61 ، وراجع ما كتبناه عن القرآن الناطق .
(848[146]) ص 62 : 64 ، وفى الحاشية ( ص63) " أى أئمة الضلال بسبب وضع الأخبار أعطوا هؤلاء المنافقين الولايات ، وسلطوهم على الناس " فالكلينى هنا يريد بافترائه اتهام الخلفاء الراشدين الثلاثة بأنهم أئمة ضلال والذين تولوا الإمارة فى عهدهم من الصحابة الكرام ، كانوا منافقين ، وصلوا إلى الإمارة بتعمد الكذب على رسول الله ? فشجعهم الخلفاء على هذا الكذب بجعلهم عمالا لهم .وأراد الكلينى إيجاد سند يؤيد غلاة الجعفرية الذين انفصلوا عن الأمة الإسلامية بإسناد الرواية للإمام على كرم الله وجهه وبرأه مما قال زنادقة الرافضة .
(849[147]) جاء في الحاشية : أى معنى النسيان هنا الترك ، لأن النسيان غير مجوز على الأنبياء عليهم السلام . أو كان في قراءتهم عليهم السلام فترك مكان فنسى ، ولعل السر في عدم عزم آدم على الإقرار بالمهدى استبعاده أن يكون لهذا النوع الإنسانى اتفاق على أمر واحد " والآية الكريمة في سورة طه : 115 .
(850[148]) ص 8 .
(851[149]) الزخرف : 87 .
(852[150]) يونس : 74 .
(853[151]) ص10 .
(854[152]) ص 18 .
(855[153]) ص 18 .
(856[154]) ص18 .
(857[155]) ص 18-19 .
(858[156]) انظر هذه الروايات في ص 217-219 .
(859[157]) ص 598 وانظر الخبر من بدايته ص 596 .
(860[158]) ص 600 -601 .
(861[159]) ص 627 .(3/108)
(862[160]) ص 628 .
(863[161]) ص 627 .
(864[162]) ص 630 .
(865[163]) ص 631 .
(866[164]) ص 631 .
(867[165]) ص 633 ، ومعنى هذا - بحسب فرية الكلينى - أن للشيعة مصحفا آخر ، أشرنا إلى ضلاله المبين عند الحديث عن القرآن الكريم والتحريف في الجزء الثانى .
(868[166]) ص 634 ، والمعروف أن القرآن الكريم لا يصل إلى سبعة الآف آية ، فأين الباقى أيها الكلينى ؟!
(869[167]) ص 50 .
(870[168]) ص 58 .
(871[169]) ص 205 .
(872[170]) ص 387 .
(873[171]) انظر ص 316 .
(874[172]) انظر ص 205 .
(875[173]) ص 124-125 ولاحظ هذا الربط بين التحريف وترك الولاية .
(876[174]) ص 36 .
(877[175]) ص 206 ، والآيات المذكورة من سورة الإسراء (4-6) .
(878[176]) " فلانا وفلانا " يقصد هذا الكلينى الشيخين : الصديق والفاروق .
(879[177]) " مما صنعوا " زيادة ليست من الآية الكريمة .
(880[178]) هذه زيادة أيضاً وجعل " قضيت " للمتكلم لا للمخاطب لتناسب هذا التحريف وجاء في الحاشية : " الظاهر أنه كان في مصحفهم عليهم السلام على صيغة المتكلم ويحتمل أن يكون بيانا لحاصل المعنى ، أى المراد بقضاء الرسول ما يقضى الله على لسانه " .
(881[179]) ص 336 والآيات المذكورة هي 63-65 : من سورة النساء وانظر مثل هذا التحريف في صفحات 35-36-50-51-57-58-107-128-160-179-184-200-224-230-286-302-304-313-330-334-338.
(882[180]) ص 18 :30 .
(883[181]) ص 31 :33 .
(884[182]) ص 32 .
(885[183]) جاء في الحاشية ( ص 33) : " الذبان : جمع ذباب ، وكنى بابن أكلتها عن سلطان الوقت فإنهم كانوا في الجاهلية يأكلون من كل خبيث نالوه " والمراد بسلطان الوقت الصديق خير من خلف الرسول ( .
(886[184]) ص 33 وهذا القول : إلى جانب ما فيه من الضلال يحمل التناقض البين . وفى الخطبة السابقة كذلك تناقض حاول في الحاشية إزالته بأن الإمام كان يعلم ما سيكون ( انظر ص 27) .
(887[185]) انظر ص 67 .(3/109)
(888[186]) يقصد الخليفة الثالث الذى بشره الصادق الأمين بالجنة .
(889[187]) ص 68 .
(890[188]) ص 302 .
(891[189]) ص 66 .
(892[190]) انظر ص 252 .
(893[191]) انظر ص 267 .
(894[192]) انظر ص 295 .
(895[193]) ص 255 .
(896[194]) انظر ص 163 ، 165، 364 ، وواضح أن أبا الحسن لم يكن له دور في مجال الاعتاق وأن الدور الكبير كان لأبى بكر في مكة ، ومن هنا جاء اختلاق هذا الخبر .
(897[195]) ص 18 .
(898[196]) ص 227 والهميان : شداد السراويل والمنطقة وكيس للنفقة يشد في الوسط .
(899[197]) ص 240 .
(900[198]) ص 224 والكلينى هنا يجعل ظهور إمامهم الثانى عشر بعد ضعف الدولة العباسية التي عاش أثناء حكمها ، وقد مضى على سقوطها لا ضعفها أكثر من سبعة قرون حتى وقتنا هذا ، والكلينى كان يدرك أن أكذوبته لا ينكشف أمرها إلا بعد موته ، إذن فليكذب ولا حرج !!
ومن أكاذيبه التي كشفت كذلك : رواياته عن الأرض ، ومظاهر الطبيعة كهبوب الرياح والحر والبرد .
راجع ص 89 ، 271، 306 وراجع مثل هذه الروايات التي نقلناها عن شيخه القمى في الجزء السابق .
وانظر تفسير القمى ( ص 89) تجد تعليقا على رواية أن الأرض على حوت والحوت على الماء والماء على صخرة ... إلخ والتعليق هو : " في هذا الحديث رموز إنما يحلها من كان من أهلها . وذلك لأن حديثهم صعب مستعصب " .
فالله سبحانه وتعالى يسر القرآن للذكر والرسول ( بين ما نزل إلينا ، أما أئمة الجعفرية فحديثهم صعب مستعصب ! فإذا افترى عليهم من الأقوال ما يناقض الواقع أو العقل أو الشرع فلتقبل هذه الأقوال بدلا من أن يضرب بها وبراويها عرض الحائط ، ولنتشكك نحن في عقولنا وفهمنا لأن حديثهم صعب مستعصب !!
(901[199]) راجع ص : 36، 78، 141، 366 .
(902[200]) راجع ص 33-34 .
(903[201]) انظر ص 107 ، 254 ، 270 ، 337 وراجع مثلا حديثه عن الشيعة ومخالفيهم في صفحات : 146، 212 ، 224 ، 236، 237 ، 244 ، 285 ، 333.(3/110)
(904[202]) انظر ص 128 .
(905[203]) ص 101 .
(906[204]) ص 160 .
(907[205]) ص 292 .
(908[206]) ص 389 ولذلك فالجعفرية لهم مساجدهم الخاصة نتيجة للدور الذى قام به الكلينى وأمثاله.
(909[207]) ص 162 .
وانظر إلى قول الكلينى وإلى قول الله عز وجل في نهاية سورة الغاشية ( إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ( .
(910[208]) انظر ص 159 .
(911[209]) انظر ص 125 ، 245 ، 253 ، 295 ، 296 .
(912[210]) انظر ص 28 ، 102 ، 103 ، 124 ، 189 ، 216 ، 245 ، 318 ، 334 ، 336 ، 387 .
(913[211]) راجع ص : 263 ، 340 ، 343 ، 344 .
(914[212]) راجع حديثنا عن تفسير القمى .
(915[213]) راجع ص 209 ، 264 ، 274 ، 310 ، 331 .
(916[214]) كان الإمام زيد بن على بن الحسين يثنى على أبى بكر وعمر ، وقال : إنى لا أقول فيهما إلا خيراً ، وما سمعت أبى يقول فيهما إلا خيراً ، وإنما خرجت على بنى أمية الذين قاتلوا جدى الحسين " فعندما سمع شيعة الكوفة قوله فارقوه ورفضوا مقالته حتى قال لهم : رفضتمونى ، ومن يومئذ سموا " رافضة " . انظر الفرق بين الفرق ص 25 ، والملل والنحل 1 / 155 .
(917[215]) انظر ص 34 .
(918[216]) انظر ص 152 .
(919[217]) انظر فقيه من لا يحضره الفقيه 2 / 263 والاستبصار 2 / 145 .
(920[218]) راجع الكافى 4 / 209 .
(921[219]) انظر الفقيه 2 / 354 .
(922[220]) انظر الكافى 4 / 580 .
(923[221]) الفقيه 2 / 347 .
(924[222]) المرجع السابق 2 / 349 .
(925[223]) انظر الكافى 4 / 589 والفقيه 2 / 361 ـ 362 .
(926[224]) انظر الكافى 4 / 589 والفقيه 2 / 361 ـ 362 .
(927[225]) عرف : أى وقف بعرفات ولكنه هنا جعله عند قبر الحسين .
(928[226]) فى هذا حث على ترك الحج وزيارة قبر الحسين ، وسيأتى أنه يمكن أن تسقط فريضة الحج بزيارة قبر الحسين .
(929[227]) الكافى 4 / 580 .
(930[228]) انظر الكافى 4 / 580 : 583 .(3/111)
(931[229]) انظر الكافى 4 / 569 والفقيه 2 / 252 .
(932[230]) الفقيه 2 / 359 .
(933[231]) الكافى 4 / 454 . والمراد بالأول والثانى الخليفتان الصديق والفاروق .
(934[232]) الكافى 4 / 566 ـ 567 والآيتان آخر سورة القلم .
(935[233]) أكبر لقب عند الشيعة هو " آية الله العظمى " ، والذين يحملون هذا اللقب خمسة فقط ، فمن مات منهم يختارون بدلا منه أحدا ممن يلقب بلقب " آية الله " ، وعددهم أربعون . وعندما سجن الخمينى في أيام الشاه ، ومات أحد الخمسة ، رأى الأربعة ـ ومنهم البرقعى ـ اختيار* *الخمينى حتى يخرج من سجنه ؛ لأن القانون لا يسمح بسجن من يحمل لقب " آية الله العظمى "، ولكن يمكن أن تحدد إقامته .
البرقعى رأى أن يقرأ ما كتبه ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهما ممن يهاجمهم الشيعة ، فشرح الله ـ عزوجل ـ صدره ، وبدأ يصرح بهذا لإخوانه . ويظهر ما اقتنع بأنه الحق ، ويبطل الباطل الذى نشأ عليه ، ومن هنا جاء تأليف كتابه كسر الصنم ، وترجم بعض ما كتبه ابن تيمية إلى الفارسية . ولأنه آية الله العظمى فلا يسجن حددت إقامته حتى مات . وقد حدثنى بهذا أحد الإخوة الكرام الذين عاشوا فى إيران .
(936[234]) نقلت هذا من مقدمة الإمام الشافعى لرسالته فى أصول الفقه .
(937[235]) الآية : 106 .
(938[236]) الآية 196 : سورة البقرة .
(939[237]) الرسالة للإمام الشافعى ص 33 .
(940[238]) انظر الروايتين ، وبيان الشيخ أحمد شاكر لصحة الإسناد ، فى الرسالة ص 89 : 91 .
(941[239]) راجع الخطبة فى السيرة النبوية لابن إسحاق التى جمعها ابن هشام 4 / 603 ـ 604 ، والحديث رواه الإمام مالك فى الموطأ مرسلاً ، ووصله ابن عبد البر ـ ( انظر تنوير الحوالك 2 / 208 ) . ورواه الحاكم عن ابن عباس ، وعن أبى هريرة ، وبين صحة الحديث ووافقه الذهبى . ( انظر المستدرك وتلخيصه 1 / 93 ) .(3/112)
(942[240]) انظر قواعد التحديث للقاسمى ـ ما روى أن الحديث من الوحى ـ ص 59 ، وراجع حكم مراسيل أبى داود فى رسالته إلى أهل مكة فى وصف سننه ـ ص 24 ـ 25 ، 32 .
(943[241]) سنن الدارمى 1 / 117 . وهذه الرواية من المراسيل عن حسان أيضاً ، وهو ثقة . قال خالد بن نزار : قلت للأوزاعى : حسان بن عطيه عن من قال ؟ فقال لى : مثل حسان كنا نقول له : عن من ؟ ! ( انظر تهذيب التهذيب 2 / 251 ) . والحديث ذكره السيوطى فى كتابه " مفتاح الجنة فى الاحتجاج بالسنة ـ ص 31 " وقال : أخرجه البيهقى بسنده عن حسان بن عطيه ، وأخرجه الدارمى ـ وفى الحاشية أضاف المعلق : نعيم بن حماد فى زوائده ، وابن نصر فى السنة ، والخطيب فى الفقيه والمتفقه ، وفى الكفاية ، وابن عبد البر فى الجامع ، وغيرهم ، ثم قال : وإسناده صحيح .
(944[242]) انظر الرسالة ص 422 : 426 ، واقرأ فى الحاشية تعليق الشيخ أحمد شاكر وتخريجه للروايات .
(945[243]) انظر الأدب المفرد 2 / 433 ـ باب المعانقة . و رواه الحاكم فى المستدرك (4 /574 ـ575 ) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبى على التصحيح .
(946[244]) مراد الإمام الشافعى بكتابه : الرسالة . قال فى ص 62 : " فابتدأ جل ثناؤه ذكر الأمر بمسألتهم عن القرية الحاضرة البحر ، فلما قال : ( إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ ( الآية ـ :دل ذلك على أنه إنما أراد أهل القرية ، لأن القرية لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان فى السبت ولا غيره ، وأنه إنما أراد بالعدوان أهل القرية الذين بلاهم بما كانوا يفسقون " .
(947[245]) راجع حديثه عن النظام ، ومناقشته له فى ص 17 : 42 .(3/113)
(948[246]) ذكر الإمام الشافعى فى رسالته ، تحت باب العلل فى الأحاديث ، قول قائل : أفتجد حجة على من روى أن النبى ( قال : " ما جاءكم عنى فاعرضوه على كتاب الله ، فما وافقه فأنا قلته ، وما خالفه فلم أقله " ؟ وأجاب : فقلت له : ما روى هذا أحد يثبت حديثه فى شئ صغر ولا كبر ، فيقال لنا : قد ثبتم حديث من روى هذا فى شىء . ( الرسالة 224 ـ 225 ). وقال السخاوى فى تخريج الحديث : قال الدارقطنى : إن أشعث تفرد به . انتهى(3/114)
وهو شديد الضعف ، والحديث منكر جداً . استنكره العقيلى وقال : إنه ليس له إسناد يصح . ( المقاصد الحسنة 1 / 36 ) . وذكر العجلونى قول السخاوى ، وقال: قال الصغائى: هو موضوع ( انظر كشف الخفاء 1 / 86 ) . وقال ابن حزم فى رواية لحديث عرض السنة على القرآن : رواه الحسين بن عبد الله ، وهوساقط متهم بالزندقة . ( الإحكام المجلد الأول ص 250 ) وفى رواية أخرى رواها أشعث قال : أشعث بن بزار كذاب ساقط لا يؤخذ حديثه . ( ص 252 ) وتتبع الروايات المختلفه للحديث ، وبين سبب رفضه لها ، ثم قال : أول ما نعرض على القرآن الحديث الذى ذكرتموه ، فلما عرضناه وجدنا القرآن يخالفه ، قال الله تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ( . وقال تعالى : ( مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ ( . وقال تعالى : ( لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ ( . ونسأل قائل هذا القول الفاسد : فى أى قرآن وجد أن الظهر اربع ركعات ؟ وأن المغرب ... إلخ ( ص 252 ـ 253 ) ثم قال ابن حزم : ولو أن امرأ قال : لا نأخذ إلا ما وجدنا فى القرآن لكان كافراً بإجماع الأمة ، ولكن لا يلزمه إلا ركعه ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل ، وأخرى عند الفجر ؛ لأن ذلك هو أقل ما يقع عليه اسم صلاة ، ولا حد للأكثر فى ذلك ، وقائل هذا كافر مشرك حلال الدم والمال ، وإنما ذهب إلى هذا بعض غالية الرافضة ممن قد اجتمعت الأمة على كفرهم " . ( ص 253 ـ 254 من الإحكام المجلد الأول ) . *وقال الشيخ شاكر فى تخريج الحديث : هذا المعنى لم يرد فيه حديث صحيح ولا حسن ، بل وردت فيه ألفاظ كثيرة ، كلها موضوع أو بالغ الغاية فى الضعف ، حتى لا يصلح شىء منها للاحتجاج أو الاستشهاد . ثم أفاض فى بيانه ـ انظر حاشية ص 224 ، 225 من الرسالة .
(949[247]) انظر الكتاب المذكور ص 11 ـ 12 .(3/115)
(950[248]) بين هذا الاتجاه مفصلاً الأستاذ الدكتور محمد سليم العوا فى إحدى محاضرات رئاسة المحاكم الشرعية ( لعام 1405 هـ ) بدولة قطر .
(951[249]) ومع هذا فلننظر إلى الإسناد ، ونعرف برجاله . رجال الإسناد :
1 ـ أبو العباس محمد بن يعقوب :هو الأصم الإمام المفيد الثقة ، محدث عصره بلا مدافعة ، تفرد فى الدنيا بإجازته أبو نعيم الحافظ ، لم يختلف فى صدقه .( انظر تذكرة الحفاظ للذهبى 3 / 860 ، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 354 ) .
2 ـ العباس بن محمد الدورى : هو أبو الفضل البغدادى الحافظ ، متفق على عدالته . قال الأصم لم أر فى مشائخى أحسن حديثاً منه .
قال ابن أبى حاتم : " سمعت منه مع أبى ، وهو صدوق . نا عبد الرحمن قال : سئل أبى عنه فقل : صدوق ( الجرح والتعديل 6 / 216 ) .
روى عنه أصحاب السنن الأربعة وغيرهم ، ووثقه النسائى ومسلمة وابن حبان ، ولم يذكر فى ترجمته أى جرح له .
( انظر ترجمته فى تهذيب التهذيب ، وتذكرة الحفاظ 2 / 579 ، وطبقات الحفاظ ص 527 ) .
3 ـ ابو النضر : هو الإمام الحافظ شيخ الإسلام محمد بن محمد بن يوسف الطوسى . كان أحد الأعلام . لم أقرأ فى ترجمته ما يجرحه ، أثنى عليه الحاكم والذهبى والسيوطى . ( انظر تذكرة الحفاظ 3 / 893 ، وطبقات الحفاظ ص 365 ) . وقال الحافظ ابن كثير فى البداية والنهاية عند الحديث عنه ( 11 / 229 ) : كان عالماً عابداً ، رحل فى طلب الحديث إلى الأقاليم النائية والبلدان المتباعدة .
4 ـ أبو الأحوص : هو محمد بن الهيثم بن حماد بن واقد الثقفى البغدادى القنطرى ، قاضى عكبراء . قال ابن عقدة عن ابن خراش : كان من الأثبات المتقنين . وقال الدارقطنى : كان من الثقات الحفاظ . وقال أيضاً ثقة مأمون حافظ . * وقال الخطيب : كان من أهل الفضل والرحلة .
وذكره ابن حبان فى الثقات ، وقال : مستقيم الحديث .(3/116)
وقال مسلم بن قاسم : ثقة .( انظر ترجمته فى تهذيب التهذيب ، وتذكرة الحفاظ 2 / 605 ، وطبقات الحفاظ ص 263 ) .
5 ـ زيد العمى : هو زيد بن الحوارى أبو الحوارى العمى البصرى قاضى هراة . مختلف فيه : قال الحسن بن سفيان : ثقة . وقال أحمد بن حنبل : صالح ، روى عنه سفيان وشعبه وهو فوق يزيد الرقاشى ، وفوق فضل بن عيسى . وقال الدارقطنى والبزار : صالح . وقال السعدى والجوزجانى : متماسك . وقال ابن معين : صالح . وقال مرة : لا شىء ، ضعيف الحديث ، يكتب حديثه ولا يحتج به ، كان شعبة لا يحمد حفظه .
وقال أبو حاتم وابن عدى : ضعيف ، يكتب حديثه ولا يحتج به . وقال الآجرى عن أبى داود : حدث عنه شعبة وليس بذاك .وقال الآجرى ايضاً : سألت أبا داود عنه فقال : ما سمعت إلا خيراً . وضعفه النسائى : وابن سعد ، وابن المدينى ، والعجلى. (انظر ترجمته فى ميزان الاعتدال ، وتهذيب التهذيب ، والجرح والتعديل 3 / 560 ) .
6 ـ أبو الصديق الناجى : هو بكر بن عمرو ، وقيل : ابن قيس . جاء فى ترجمته فى تهذيب التهذيب ( 1 / 486 ) . قال ابن معين ، وأبو زرعة ، والنسائى : ثقة . قلت : وذكره ابن حبان فى الثقات . وقال الذهبى فى الميزان ( 4 / 539 ) . صدوق . قال ابن سعد : يتكلمون فى أحاديثه يستنكرونها . وقال غيره : ثقة ، تابعى ، واحتج به فى الصحاح .* وأبو الصديق الناجى يروى الحديث الشريف عن الصحابى الجليل أبى سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه .
(952[250]) هذا رأى وجيه ، ولكن كيد اللعين لا يزال مستمراً لم يتوقف ، وخدع الكثير من المسلمين ، ودعى إلى مؤتمر إسلامى كمفكر إسلامى !! وجعلته إحدى الإذاعات شاهد عصر ! لذا أرى أن يكشف ويعرى ، والله سبحانه وتعالى هو الأعلم بالصواب .
(953[1]) 33 : الفرقان .
(954[2] ) انظر البرهان : 2 / 148 .(3/117)
955[3]) ) راجع التفسير والتأويل في لسان العرب ، والقاموس المحيط ، وكشف الظنون : علم التأويل 1 / 334 , وعلم التفسير 1 / 427 .
(956[4]) انظر حاشيته على تفسير الكشاف للزمخشرى 1 / 15 .
(957[5]) تفسير ابن كثير 1 / 345 ، وانظره إلى ص 347 .
(958[6]) انظر الكشاف 2 / 320 .
(959[7])انظر تفسيره 2 / 478 .
(8) انظر فتح الباري 7 / 100 ـ كتاب فضائل الصحابة ـ باب ذكر ابن عباس رضي الله عنهما .
961[9]) ) البخاري ـ كتاب الإيمان ـ باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال ، ومسلم ـ كتاب فضائل الصحابة ـ باب من فضائل عمر رضي الله عنه .
962[10]) ) سنن ابن ماجه ـ كتاب المناسك ـ باب حجة رسول الله ( ، ورواه أبو داود والنسائى .
963[11]) ) البخاري ـ كتاب الأذان ـ باب التسبيح والدعاء في السجود .
964[12]) ) البخاري ـ كتاب الحج ـ باب توريث دور مكة وبيعها .
965[13]) ) فتح البارى 3 / 452 .
966[14]) ) المسند 4 / 155 .
967[15]) ) الموطأ ـ كتاب اللباس ـ باب ما جاء في الانتعال . والآية الكريمة المذكورة هي رقم 12 من سورة طه .
(968[16]) البخاري ـ كتاب تقصير الصلاة ـ باب يقصر إذا خرج من موضعه .
969[17]) ) انظر فتح البارى 3 / 570 ـ 572 .
(970[18]) دقائق التفسير الجامع لتفسير الإمام ابن تيمية 1 / 106 .
971[19]) ) المرجع السابق ص 109 ـ 110 .
(972[20]) راجع لسان العرب ، مادتى " فسر " و " أول " .
973[21]) ) انظر تفسير الطبري تحقيق شاكر 1 / 80 .
974[22]) ) 17 ـ 19 : القيامة .
975[23]) ) 44 : النحل .
(976[24]) 2 : يوسف .
977[25]) ) 3 ـ 5 النجم .
(978[26]) انظر الرسالة للإمام الشافعى : ص 28 ـ 29 .
والآيتان الكريمتان المذكورتان هما : رقم 188 من سورة البقرة ، ورقم 275 من السورة نفسها .
979[27]) ) انظر الخبرين في تفسير الطبري 1 / 80 تحقيق شاكر .(3/118)
980[28]) ) مقدمة ابن خلدون 3 / 996 .ونلحظ أن الدقة تنقصه في قوله " فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه " ، وسنرى ـ على سبيل المثال ـ أن بعض الصحابة فهموا بعض الآيات فهما خاطئا ، وأن أشياء غابت عن االصحابه كلهم أو بعضهم .
(981[29]) أخرج في كتاب التفسير سبعة وخمسين حديثاً ، واتفق مع البخاري منها في أربعة عشر حديثاً .
(982[30]) انظر : تدريب الراوى 1 / 192 ـ 194 ، والإتقان 1 / 31 .
(983[31]) نقلنا الأخبار بأرقامها التي وضعها المرحوم محمد فؤاد عبد الباقى كما جاءت في فتح البارى طبع المطبعة السلفية . وكتاب التفسير يقع في الجزء الثامن .
(984[32]) راجع ترجمة ابن عباس في طبقات المفسرين للداودى ، ومعجم المؤلفين 6 / 66 .
(985[33]) انظر الصفحة الثانية من التفسير المذكور .
(986[34]) انظر الصفحة الثالثة .
(987[35]) انظر الإتقان 2 / 189 .
(988[36]) انظر تفسير ابن كثير 1 / 17 .
(989[37]) انظر المرجع السابق 1 / 39 .
(990[38]) انظر الدر المنثور 1 / 8 .
(991[39]) انظر ترجمة عطية في تهذيب التهذيب ، وميزان الاعتدال . وراجع ما كتبته عن عطية في الفصل الثالث من الباب السابق عند مناقشة روايات التمسك بالكتاب والعترة.
(992[40]) انظر الكتاب المذكور 1 / 121 ـ 122 .
(993[41]) انظر ترجمته في تهذيب 9 / 436 ، ترجمة رقم 719 والسدى نسبة إلى سدة مسجد الكوفة ، ومن الرواة السدى الكبير ، وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبى كريمة : أحسن حالاً من الصغير ، متكلم فيه ؛ وثقه بعضهم وضعفه وآخرون .
(994[42]) انظر ترجمة الكلبى في تهذيب التهذيب ، وميزان الاعتدال ووفيات الأعيان 4 / 309 ـ 311 ، وطبقات المفسرين للداودى ـ ترجمة رقم 491 .(3/119)
ومما جاء في ترجمته أنه كان من أتباع عبد الله بن سبأ الذين يقولون إن علياً لم يمت ، وإنه راجع إلى الدنيا يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً ، وإن رأوا سحابة قالوا : أمير المؤمنين فيها ! *
* وفيها أنه اعترف بأنه سبئى ، وقال : كان جبرائيل يملى الوحي على النبي ( ، فلما دخل النبي ( الخلاء جعل يملى على على !!
(995[43]) تحدث السيوطي عن جيد الطرق عن ابن عباس ، ثم قال : " وأوهى طرقه طريق الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس ، فإن انضم إلى ذلك رواية محمد بن مروان السدى الصغير فهى سلسلة الكذب " " الإتقان 2 / 189 " .
(996[44]) راجع كتابه " التفسير والمفسرون " 1 / 82 .
(997[45]) راجع ترجمة هؤلاء وغيرهم في الكتاب المذكور ، وبإذن الله جلت عظمته سنتحدث بالتفصيل عن الجرح والتعديل عند الجعفرية في الباب التالى عن السنة المطهرة .
(998[46]) عن ابن أبى مليكة قال : رأيت مجاهداً سأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه ، فيقول له ابن عباس : " اكتب " ، حتى سأله عن التفسير كله . انظر دقائق التفسير 1 / 81 .
(999[47]) انظر الإتقان 2 / 189 .
(1000[48]) دقائق التفسير 1 / 57 . ورجح المرحوم الشيخ الذهبى قيام مدرسة المدينة على أبى بن كعب ـ راجع ما كتبه بإسهاب عن المدارس الثلاث ، وعن أشهر المفسرين من التابعين الذين أخذوا التفسير عن أساتذة هذه المدارس من الصحابة ، في كتابة " التفسير والمفسرون " 1 / 100 ـ 127 .
(1001[49]) ويذكر أن لغيرهما كذلك تفاسير ، منهم : رفيع بن مهران أبو العالية الرياحى ، والضحاك ابن مزاحم ، والحسن البصرى ، وعطاء بن أبى رباح ، وأبو جعفر الباقر ، وغيرهم من التابعين كما نرى في تراجمهم .
" راجع ترجمة من سبق وغيرهم في طبقات المفسرين للداودى " .
(1002[50]) حقق هذه المخطوطة الأستاذ عبد الرحمن الطاهر بن محمد السورتى " مجمع البحوث الإسلامية بباكستان " .(3/120)
وحققها كذلك الأخ الصديق الأستاذ الدكتور محمد عبد السلام .
واعتمد كل من المحققين على نسخة واحدة لم يعثرا على غيرها ، وذكرت لزميلى الدكتور محمد بأن دار الكتب المصرية فيها نسختان ولعل كلا من الأخوين يرجع إلى النسخة الثانية ليستفاد منها في طبعات تالية إن شاء الله تعالى .
(1003[51]) قال الدكتور محمد عبد السلام في وصف المخطوطة :
ليست كلها عن مجاهد وإنما بها قدر غير يسير عن غيره ، بل هناك سور بتمامها لم يذكر شئ عن مجاهد في تفسيرها ، وهى : المعارج ، نوح ، المدثر ، القيامة ، الدهر ، التكاثر ، القارعة . ولم يأت بالمخطوطة تفسير للفاتحة ، ولا لسورة " الكافرون " .
(1004[52]) عبد الرحمن السورتى محقق تفسير مجاهد كثيراً ما نراه يشير إلى تفسير سفيان الثورى في الحاشية .
(1005[53]) انظر ترجمة مقاتل بن سليمان في تهذيب التهذيب 10 / 279 : 285 وطبقات المفسرين للداودى 2 / 330 ـ 331 .
(1006[54]) غاية النهاية في طبقات القراء لشمس الدين أبى الخير محمد بن محمد ابن الجزرى 2 / 373 ترجمة رقم 3848 . وانظر طبقات المفسرين للداودى 2 / 371 ترجمة رقم 685.
(1007[55]) انظر ترجمته أيضاً في ميزان الاعتدال للذهبى .
(1008[56]) راجع التفسير في ج 1 ص 3 ـ 8 .
(1009[57]) راجع ص 243 ، 244 .
(1010[58]) ج 2 ص 287 ـ 288 .
(1011[59]) ج 2 ص 359 .
(1012[60]) سير أعلام النبلاء 14 / 267 .
(1013[61]) المرجع السابق 14 / 270 .
(1014[62]) انظر المرجع السابق 14 / 269 ، والبداية والنهاية 11 / 145 ، ولسان الميزان 5 / 100 .
(1015[63]) انظر البداية والنهاية 11 / 145 .
(1016[64]) انظر طبقات المفسرين للسيوطي : ص 95 ، 96 .
(1017[65]) انظر ترجمته في المراجع السابقه ، وأخص سير أعلام النبلاء ، وفى غيرها من المراجع مثل : تاريخ بغداد 2 / 162 ، وطبقات المفسرين للداودى 2 / 106 .(3/121)
(1018[66]) طبع بتحقيق الدكتور ناصر الرشيد وآخر ، ثم حققه شيخنا العلامة محمود محمد شاكر ، محقق تفسير الطبري ، جزاه الله خيراً .
(1019[67]) انظر تهذيب الآثار 1 / 89 ـ 90 ـ والحديث الأول رواه الترمذى في الباب الخامس من مناقب على بن أبى طالب ، وقال : " هذا حديث غريب منكر " والثاني قال عنه البخاري : " منكر " وقال بوضعه ابن معين وابن الجوزى والذهبى وغيرهم ، وصححه الحاكم !! وافتى بحسنه ابن حجر ـ انظر فيض القدير 3 / 46 ـ 47 ، والمقاصد الحسنة 97 ، وكشف الخفاء 1 / 235 .
(1020[68]) تهذيب الآثار 1 / 140 .
(1021[69]) انظر سير أعلام النبلاء 14 / 275 ، ولسان الميزان 5 / 101 ، وفيه زياده العبارة الأخيرة : " من قال إن ... " .
(1022[70]) لسان الميزان 5 / 100 .
(1023[71]) ضعبف الإسناد .
(1024[72]) أبوجعفر هو الرازى التميمى : ثقة ، تكلم فيه بعضهم .
(1025[73]) هذا الخبر منقطع بين ابن جريج وابن عباس .
(1026[74]) عبد الرحمن بن زيد : متأخر من أتباع التابعين ، وهو ضعيف جداً .
(1027[75]) إسناده صحيح .
(1028[76]) إسناده صحيح .
(1029[77]) صحيح الإسناد .
(1030[78]) هذا الإسناد مرسل ، وسيأتى مرسلاً أيضاً 197 ، 199 ، ولكنه سيأتى موصولاً 198 .
(1031[79]) إسناد صحيح ، وسيأتى تفسير " الضالين" بهذه الأسانيد 210 ، 211 ، 212 ، 213.
(1032[80]) لم يخرجوه .
(1033[81]) هذه الأحاديث والأخبار والآثار 207 ـ 220 ، في تفسير " الضالين " ، سبقت أوائلها في تفسير " المغضوب عليهم " ، مع تخريجها ، في الأرقام 193 ـ 206 ، مع شئ من التقديم والتأخير .
(1034[82]) الحديث 211 ـ سبق هذا الإسناد 197 .
(1035[83]) صحيح الإسناد .
(1036[84]) و (3) صحيح الإسناد ، وهذا الحديث ـ بإسناديه الموقوفين ـ مرفوع حكماً .
(1038[86]) صحيح الإسناد .(3/122)
(1039[87]) انظر تفسير الطبري للآية الثالثة من سورة المائدة في كتابه بتحقيق شاكر 9/517ـ531، وراجع ما كتبته عن الغدير في الفصل الثاني من الباب الأول ، وعبارة الطبري تجدها في ص 104 .
(1040[88]) الآية 88 من سورة ص ، وراجع تفسيرها في كتابه 23 / 188 ـ 189 وانظر أيضاً تفسير قوله تعالى : ( وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ ... ( " 51 : سبأ " فقد ذكر الأخبار المختلفة ، ثم رجح الصحيح منها ـ انظر 22 / 106 ـ 109 .
(1041[89]) 37 : الأحزاب .
(1042[90]) تفسير ابن كثير 3 / 491 .
(1043[91]) تفسير الطبري بتحقيق شاكر 1 / 516 ، وانظره إلى ص 521 .
(1044[92]) 18 : سورة البقرة .
(1045[93]) تفسير الطبري بتحقيق شاكر 1 / 330 .
(1046[94]) انظر الخبر رقم 607 ج 1 ص 458 ، 460 ، وقول الطبري بعده .
(1047[95]) 1 / 462 بالحاشية .
(1048[96]) تفسير الطبري ـ الحاشية 1 / 462 .
(1049[97]) 69 : الأحزاب .
(1050[98]) انظر تفسيره 22 / 50 وما بعدها .
(1051[99]) 72 : الأحزاب .
(1052[100]) انظر تفسيره 22 / 54 وما بعدها .
(1053[101]) 34 : سورة " ص " ، وانظر تأويلها في تفسير الطبري 23 / 156 وما بعدها . ورفض الحافظ ابن كثير هذه الإسرائيليات ـ انظر تفسيره 4 / 34 ـ 36 .
(1054[102]) مجموع فتاوى ابن تيمية 13 / 385 ـ 388 .
(1055[103]) تفسير ابن عطية 1 / 31 ، وابن عطية توفى سنة 541 هـ .
(1056[104]) ، (3) زاد المسير في علم التفسير لأبى فرج عبد الرحمن بن الجوزى المتوفى سنة 596 ـ انظر مقدمة المحقق ص 4 ، 5 .
(1058[106]) انظر التفاسير الثلاثة : النكت والعيون للماوردى المتوفى سنة 450 هـ نشرة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت ، والمحرر الوجيز لابن عطية طبع في دولة قطر على نفقة أميرها ، وتفسير ابن الجوزى نشره المكتب الإسلامى .(3/123)
(1059[107]) السمرقندى توفى سنة 373 هـ ، والثعلبى سنة 427 ، أما البغوى فتوفى سنة 510 . انظر ما كتبه المرحوم الدكتور الذهبى عن هذه التفاسير في كتابه القيم التفسير والمفسرون ج 1 ص 224 ، 227 ، 234 .
(1060[108]) انظر الشيعة والتشيع ص 45 ، ويزعمون أن الإمام علياً قال : " ذلك القرآن فاستنطقوه فلن ينطق لكم ، أخبركم عنه . إن فيه علم ما مضى وعلم ما يأتى إلى يوم القيامة ، وحكم ما بينكم ، وبيان ما أصبحتم فيه مختلفين . فلو سألتمونى عنه لأخبرتكم عنه لأنى أعلمكم " . ( ص 3 من مقدمة تفسير القمي ، وانظر الكافى 1 / 61 ، 8 / 50 ) . ويزعمون كذلك أن الإمام الصادق قال : " إن الكتاب لم ينطق ولن ينطق " وأن أباه الباقر قال : " القرآن ضرب فيه الأمثال للناس ، وخاطب الله نبيه به ونحن ، فليس يعلمه غيرنا " . ( تفسير القمي 2 / 295 ، 425 ) .
(1061[109]) ينقسم الجعفرية إلى أصوليين وإخباريين : الأصوليون يعتمدون على الاستنباط والاجتهاد وإعمال العقل ، فهم يبحثون ويفكرون بذهنية أصولية ، وهم أصحاب علم أصول الفقه عند الجعفرية . والإخباريون لا يعتمدون إلا على متون الأخبار التي تروى عن أئمتهم . ويرى الأصوليون أن الحركة الإخبارية ظهرت في أوائل القرن الحادى عشر على يد الميرزا محمد أمين الاسترابادى ، واستفحل أمرها بعده وبخاصة في أواخر القرن الحادى عشر وخلال القرن الثاني عشر ، على حين يرى الإخباريون أن الاتجاه الإخبارى كان هو الاتجاه السائد بين الفقهاء الإمامية إلى نهاية عصر الأئمة ولم يتزعزع هذا الاتجاه إلا في أواخر القرن الرابع وبعده ـ*(3/124)
1062[110]*حين بدأ جماعة من علماء الإمامية ينحرفون عن الخط الإخبارى ، ويعتمدون على العقل في استنباطهم ، ويربطون البحث الفقهى بعلم الأصول تأثراً بالطريقة السنية في الاستنباط ، ثم أخذ هذا الانحراف ـ كما يقولون ـ في التوسع والانتشار . والإخباريون الآن قلة قليلة بالنسبة للأصوليين ، والقسم الكثير منهم في البحرين ، وهم أيضاً عدد قليل ( انظر المعالم الجديدة للأصول ص 76 ـ 82 ، وفقه الشيعة الإمامية 1 / 48 ـ 50 وانظر كذلك موقف الإخباريين من علم الأصول في الحاشية للقمى 2 / 211 ) .
(1063[111]) فوائد الأصول 3 / 48 ، وانظر كذلك الأصول العامة للفقه المقارن ص 102 ـ 105 وأصول الفقه للمظفر 3 / 130 : 134 ، 138 ، 141 .
(1064[112]) تحدث أحد علمائهم عن الأصول اللفظية وحددها بخمسة هي : أصالة الحقيقة ـ أي الأصل أن تحمل الكلام على معناه الحقيقى ، وأصالة العموم ، واصالة الإطلاق ، وأصالة عدم التقدير ، والأصل الخامس هو أصالة الظهور ، وقال عن هذه الأصالة : " موردها ما إذا كان اللفظ ظاهراً في معنى خاص لا على وجه النص فيه الذي يحتمل معه الخلاف ، بل كان يحتمل إرادة خلاف الظاهر ، فإن الأصل حينئذ أن يحمل الكلام على الظاهر فيه . وفى الحقيقة أن جميع الأصول المتقدمة راجعة إلى هذا الأصل ، لأن اللفظ مع احتمال المجاز ـ مثلاً ـ ظاهر في الحقيقة ، ومع احتمال التخصيص ظاهر في العموم ، ومع احتمال التقييد ظاهر في الإطلاق ، ومع احتمال التقدير ظاهر في عدمه ، فمؤدى أصالة الحقيقة نفس مؤدى أصالة الظهور في مورد احتمال التخصيص ، وهكذا في باقى الأصول المذكورة ، فلو عبرنا بدلاً عن كل من هذه الأصول بأصالة الظهور كان التعبير صحيحاً مؤدياً للغرض ، بل كلها يرجع اعتبارها إلى اعتبار أصالة الظهور ، فليس عندنا في الحقيقة إلا أصل واحد هو أصالة الظهور " . ( أصول الفقه للمظفر ، 1 / 31 ـ 32 ) .(3/125)
(1065[113]) هو الشيخ محمد رضا المظفر ، من كبار علمائهم . انظر كتابه أصول الفقه 1 / 136 . وهو الذي نقلنا عنه الأصول اللفظية آنفاً .
(1066[114]) انظر أصول الفقه للمظفر 1 / 141 : 142 .
(1067[115]) المرجع السابق 1 / 143 : 144 وعند أهل السنة إذا قصر العام على بعض أفراده يعتبر تخصيصاً عند جمهور الأصوليين ، لأن المراد بالتخصيص عندهم بيان أن المراد بالعام* *بعض أفراده ، لا فرق بين أن يكون البيان متصلا بالمبين أو منفصلاً عنه ما دام لم يتأخر عن وقت الحاجة إليه ، فإذا تأخر كان نسخاً ، ولا يكون حينئذ إلاَّكلاماً مستقلاً . أما الحنفية فإنهم يفرقون بين المتصل والمنفصل من الكلام المستقل ، فيجعلون الأول مخصصاً ومبيناً ، والثاني ناسخاً ، لأن الشارع إذا أراد بالعام ـ من أول الأمر بعض أفراده قرنه بما يدل على مراده من المخصصات حتى لا يقع التجهيل الذي يتنزه الشارع الحكيم عنه ، فإذا أورد العام من غير مخصص ومبين دل هذا على أن الشارع يريد جميع أفراده ابتداء . فإذا جاء بعد ذلك نص يخرج من العام بعض ما كان داخلاً فيه كان ناسخاً لا مخصصاً ، فالخارج من العام بالتخصيص لم يدخل فيه ابتداء ، والخارج منه بالنسخ دخل فيه ابتداء ثم أخرج . " انظر أصول التشريع ص 244 "
وهذا التخصيص أو النسخ عند الحنفية لا يكون إلا إذا وصل الحديث عن رسول الله ( إلى حد التواتر أو الشهرة : أما إن كان خبر واحد فلا يخصصه ولا ينسخه إلا إذا كان عام الكتاب قد خص قبل بقطعى حتى صار بذلك التخصيص ظنياً ، ويرى الجمهور أن خبر الواحد يخص عام الكتاب " انظر أصول الفقه للخضرى 184 " .
(1068[116]) فوائد الأصول 4 / 274 .
(1069[117]) أجود التقريرات ص 512 .
(1070[118]) فوائد الأصول 4 / 274 .
(1071[119]) المرجع السابق 4 / 274 .
(1072[120]) أصول الفقه المظفر 1 / 144 .
(1073[121]) المرجع السابق 1 / 144 .(3/126)
(1074[122]) انظر الآراء المختلفة والترجيحات في الحاشية على الكفاية 2 / 198 : 199 ، وفوائد الأصول 4 / 273 ، وأجود التقريرات ص 506 : 512 والبيان ص 424 : 428 .
(1075[123]) 143 : سورة البقرة .
(1076[124]) أصل الشيعة وأصولها ص 145 ـ 146 .
(1077[125]) راجع التصنيف في علم الأصول ص 54 وما بعدها من كتاب المعالم الجديدة للأصول .
(1078[126]) يقصد المؤلف بالرقم الأول رقم السورة وهى سورة محمد ، وباقى السور التي أشار إلى أرقامها هي على الترتيب : الزمر ، الشعراء ، آل عمران ، الدخان ، القمر ، النساء .
(1079[127]) البيان للخوئىص 281 : 282 ، وراجعه إلى ص 291 .
(1080[128]) هو العالم محمد تقى الحكيم ، أستاذ الأصول والفقه المقارن في كلية الفقه بالنجف بالعراق . انظر كتابه الأصول العامة ص 102 : 107 .
(1081[129]) المرجع السابق ص 102 : 103 وانظر كذلك للجعفرية في حجية الظواهر : فوائد الأصول 3 / 47 : 48 ، وأصول الفقه للمظفر 1 / 24 ، 30 : 32 ، جـ 3 / 129 : 130 ، 134 ، 141 ، والمعالم الجديدة للأصول ص 139 : 145 .
(1082[130]) انظر الميزان 1 / 5 ، وانظر الكافى 1 / 374 .
(1083[131]) أصول التشريع الإسلامى ص 25 ـ 26 .
(1084[132]) راجع هذه الأقسام بالتفصيل ، والحديث عن الظاهر والباطن في إحياء علوم الدين : 1 / 171 ـ 180 ، والصوفية لهم حظ معلوم من التأويل ! وانظر ما كتبه أستاذنا العلامة المرحوم أبو زهرة عن ظاهر القرآن وباطنه عند الجعفرية ، والموازنة بين كلامهم وكلام الغزالى " الإمام الصادق ص 305 ـ 315 " . وراجع الفرق بين قولهم وما ذهب إليه جمهور المفسرين في " التفسير والمفسرون 2 / 28 ـ 32 " . وانظر كذلك أعلام الموقعين " 4 / 310 ـ 320 " ففيه بحث قيم عن التأويل ، وراجع فيه رأى ابن رشد ، ومهاجمته للغزالى ولغيره من المتأولة .(3/127)
(1085[133]) مما رواه الإسماعيلية عن النبي ( أنه قال " ما نزلت على من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن " ومما رووه عن الإمام الصادق ـ وهو آخر إمام يجمعهم بالجعفرية ـ أنه قال " إنا نتكلم في الكلمة الواحدة سبعة أوجه ، فقال الرجل متفكراً : سبعة يا بن رسول الله ؟ فقال : نعم .. وسبعين ولو استزادنا لزدناه " . " انظر أساس التأويل ص 30 ، 37 " وقالوا : " من معجزات وغرائب تأليفه ـ أي القرآن الكريم ـ أنه يأتى بالشىء الواحد وله معنى في ظاهره ومعنى في باطنه ، فجعل عزوجل ظاهره معجزة رسوله ، وباطنه معجزة الأئمة من أهل بيته ، لا يوجد إلا عندهم ، ولا يستطيع أحد أن يأتى بباطنه غير الأئمة من ذريته ، وهو علم متوافر بينهم مستودع فيهم ، يخاطبون كل قوم منه بمقدار ما يفهمون ، ويعطون كل أهل حد منه ما يستحقون ، ويمنعون منه ما يجب منعه ، ويدفعون عنه من استحق دفعه " . " ص 31 ـ 32 أساس التأويل " .
وإذا كان هذا المنهاج مختصاً بالإسماعيلية الباطنية ، فإنا سنرى من دراستنا لكتب الجعفرية أن منها ما لا يرتفع عن هذا الدرك الأسفل ، وكل يخضع كتاب الله تعالى لهواه ، هذا يجعله إسماعيلياً ، وذاك يحرف مثله ولكن ليجعله جعفرياً اثنى عشرياً .
(1086[134]) 64 : يونس .
(1087[135]) 9 : الحجر .
(1088[136]) ولد سنة 1254 هـ بإحدى كور طبرستان ، وتوفى بالكوفة سنة 1320 هـ ، وهو صاحب كتاب مستدرك وسائل الشيعة الذي طبع بالقاهرة مع الوسائل للحر العاملى .
(1089[137]) ص 9 ـ 10 ، ويقصد الضالون بصنمى قريش الصديق والفاروق وفرعون هذه الأمة ونمرودها الفاروق ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تخرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ( " 5 : الكهف " ويراد بصاحب الأمر إمامهم الثاني عشر ، وفى روايات أخرى يطلق هؤلاء الضالون على الراشدين الثلاثة : عجل هذه الأمة وفرعونها وسامريها انظر ص 155 ، 156 ، 218 من الكتاب المذكور .
(1090[138]) ص 14 .(3/128)
(1091[139]) انظر ص 156 ، 157 من فصل الخطاب .
(1092[140]) انظر دراستنا لكتاب الحجة من الجزء الأول لأصول الكافى ، وكذلك دراستنا لروضة الكافى ، في كتاب أثر الإمامة في الفقه الجعفرى وأصوله ص 296 : 355 ، وفى الجزء الثالث من هذه الموسوعة.
(1093[141]) فصل الخطاب ص 25 ـ 26 .
(1094[142]) وممن ذكرهم محمد بن مسعود العياشى صاحب أحد تفاسيرهم المشهورة ، انظر ص 26.
(1095[143]) المرجع السابق ص 30 .
(1096[144]) المرجع السابق ص 31 ـ 32 .
(1097[145]) انظر ص 82 .
(1098[146]) الكتاب نفسة ص 211 ، ومعلوم أن القرآن الكريم آياته لا تصل إلى ستة آلاف وثلاثمائة، ومعنى رواية الكلينى أن أكثر من عشرة آلاف آية حذفت . " جاء في البرهان للزركشى " 1 / 251 " : عدد آياته في قول على رضي الله عنه ـ ستة آلاف ومائتان وثمان عشرة . وعطاء : ستة آلاف ومائة وسبع وسبعون . وحميد : ستة آلاف ومائتان واثنتا عشرة . وراشد : ستة آلاف ومائتان وأربع " .
(1099[147]) ص : 227 .
(1100[148]) ص : 228 .
(1101[149]) هو محمد بن مرتضى المدعو بمحسن ، انظر كتابه الصافى ج 1 الورقة 19 .
(1102[150]) انظر المقدمة المذكورة ص 22 .
(1103[151]) تفسير القمي ـ المقدمة نفسها ص 23 ـ 24 .
(1104[152]) وفاة هؤلاء على الترتيب : 381 ، 436 ، 460 ، 548 هـ .
(1105[153]) مقدمة مجمع البيان ص 15 .
(1106[154]) المقدمة السابقة ص 15 وانظر رأى الطبرسي في الصفحة ذاتها .
(1107[155]) التبيان 1 / 3 .
(1108[156]) رسالته في الاعتقادات : ص 93 .
(1109[157]) أصل الشيعة وأصولها ص 133 .(3/129)
(1110[158]) انظر كتابه البيان ص 215 ـ 278 وبعد بحثه قال تحت عنوان " النتيجة " ص 278 : " ومما ذكرناه : قد تبين للقارئ أن حديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال ، لا يقول به إلا من ضعف عقله ، أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل ، أو من ألجأه إليه بحب القول به ، والحب يعمى ويصم ، وأما العاقل المنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه وخرافته " .
(1111[159]) انظر مقدمته لتفسير شبر ص 16 : 19 .
(1112[160]) راجع كتابه الأصول العامة للفقه المقارن ص 107 : 117 .
(1113[161]) تعليق على مقال ص 13 .
(1114[162]) بعد قليل يأتى الحديث عن تفسيرى القمي والعياشى الضالين ، وانظر ما كتبته عن الكافى للكلينى في كتاب أثر الإمامة في الفقه الجعفرى وأصوله .
(1115[163]) الراويان من الثقات عند الجعفرية ـ انظر ترجمتيهما في تنقيح المقال للمامقانى .
(1116[164]) انظر الصفحة الثانية وما بعدها .
(1117[165]) في الأصل " كك " .
(1118[166]) ص 32 : 33 .
(1119[167]) ص 34 .
(1120[168]) انظر ص 34 : 36 .
(1121[169]) انظر ص 36 : 41 .
(1122[170]) ص : 41 ـ 42 .
(1123[171]) ص : 42 .
(1124[172]) ص 44 .
(1125[173]) ص 100 .
(1126[174]) ص 42 : 43 .
(1127[175]) انظر ص 43 : 44 .
(1128[176]) انظر ص 60 .
(1129[177]) انظر ص 61 .
(1130[178]) انظر ص 64 .
(1131[179]) ص : 48 ـ 49 .
(1132[180]) انظر ما كتبه الجزائرى عنه في مقدمته لهذا التفسير ص 8 .
(1133[181]) انظر كلمته : ج 1 ص 5 ـ 6 من تفسير القمي ، وراجع ما ذكره عن تفسير القمي في الذريعة 4 / 302 : 309 .
(1134[182]) راجع ص 15 .
(1135[183]) انظر ص 20 .
(1136[184]) انظر ص 23 ـ 24 من المقدمة المذكورة .
(1137[185]) راجع مقدمة تفسيره ص 10 ـ 11 .
(1138[186]) انظر مثلاً : ج 1 ص 110 ، 118 ، 122 ، 125 ، 126 ، 272 .... إلخ .
(1139[187]) راجع ص 153 من هذا الفصل .(3/130)
(1140[188]) 1 / 142 ، والآيتان من سورة النساء " 64 ـ 65 " ، والخطاب فيهما للرسول الكريم ، فجعله القمي للإمام على فزاد " يا على " مرتين ، أي أن هذه الزيادة حذفت من القرآن الكريم ، وهذا يذكرنا بالفرقة الغرابية ـ من غلاة الشيعة ـ التي قالت بأن الرسالة كانت لعلى فأخطأ جبريل ونزل على محمد !!
(1141[189]) الآيات 57 ـ 59 .
(1142[190]) 2 / 286 .
(1143[191]) انظر 2 / 301 ـ 302 .
(1144[192]) المائدة : الآية : 13 والآية السابقة لها هي ، ( وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ ... ( فجعلها القمي لولاية الإمام على ، وجعل اللعن للصحابة الأبرار بأنهم نقضوا عهد أمير المؤمنين .
(1145[193]) 1 / 163 .
(1146[194]) من أول السورة إلى الآية السادسة .
(1147[195]) 2 / 133 ، ومعلوم أن ضمير الجمع كضمائر الجمع السابقة تعود على قوم موسى لا عليه هو .
(1148[196]) الآية 73 .
(1149[197]) 2 / 254 ، والمراد بفلان وفلان الشيخان الصديق والفاروق حيث اعتبر خلافتهما غصباً، وهذا الافتراء طعن للإمام نفسه ، فقد زوج ابنته سيدنا عمر .
(1150[198]) 2 / 286 ، وما ذكره هنا فيه جمع بين الطعن في الشيخين والصحابة وذكر للتحريف ، ونص الآيات الكريمة هو : ( حَتَّى إِذَا جَاءنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ( " 38 : 43 " .
(1151[199]) 2 / 300 .
(1152[200]) 2 / 302 .(3/131)
(1153[201]) انظر 2 / 344 ، 346 ، وهو هنا يستخدم أكثر من رمز من الرموز التي يبدو أنها كانت متداولة بين حزبه السرى في هذا الوقت ، فالدولة العباسية التي حكمت عصر القمي ما كانت لتسمح للعلويين بالظهور والمجاهرة بآرائهم . ولعل ظلم الأمويين للشيعة وما لاقوه على أيدى أبناء عمومتهم العباسيين ، ساعد على هذا التطرف والضلال ، ولكنه لا يبرره .
(1154[202]) 2 / 253 ، وهذا القول قريب من أولئك الذين قالوا بألوهية على في حياته فأحرقهم بالنار، فعلى شيعته ومحبيه ـ إن كانوا صادقين أن يحرقوا الكتاب ، ويبينوا ضلال صاحبه ، لا أن يرفعوه مقاماً عليا .
(1155[203]) 2 / 86 .
(1156[204]) 2 / 333 .
(1157[205]) 11 : الفرقان .
(1158[206]) سورة البقرة ـ الآية 26 .
(1159[207]) ص 19 .
(1160[208]) انظر التفسير 1 / 34 .
(1161[209]) ص 21 من المقدمة المذكورة .
(1162[210]) انظر مقدمته للتفسير ص 24 ، 25 .
(1163[211]) الموضع السابق ص 24 .
والآية هي رقم 83 : النمل ومعناها أنهم يحشرون فوجاً ، أي زمراً ، فلا يبقى أحد ، ونحن مأمورون بالإيمان بيوم القيامة ، لا بيومين : يوم لأئمة الجعفرية ويوم للقيامة .
(انظر مناقشة هذه العقيدة وبيان بطلانها بالأدلة العقلية والنقلية في مختصر التحفة الاثنى عشرية ص 200 : 203 ) .
(1164[212]) 85 : القصص .
(1165[213]) 2 / 147 .
(1166[214]) 2 / 327 .
(1167[215]) 1 / 383 .
(1168[216]) 1 / 385 .
(1169[217]) انظر 2 / 431 . والآية الكريمة التي استدل بها هي الرابعة من سورة الدخان . ونصها ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ( وليس فيها " إلى سنة " كما ذكرها .
(1170[218]) 2 / 432 .
(1171[219]) 26 / 27 : الجن .
(1172[220]) 2 / 390 .
(1173[221]) 2 / 17 .
(1174[222]) انظر 2 / 14 ـ 15 .
(1175[223]) انظر 2 / 58 ـ 59 .(3/132)
(1176[224]) 2 / 268 ، وفى سورة " ق " قال " ق : جبل محيط بالدنيا من وراء يأجوج ومأجوج " ( 2 / 323 ) .
ومما يضحك ـ ومن شر البلية ما يضحك ـ أن نجد في عصرنا من يؤمن بهذه الخرافات والأكاذيب ، بل يتخذ منها دليلاً على علم الأئمة وعصمتهم !! " انظر مثلاً ج 2 حاشية ص 15 ـ 16 ، 58 ـ 59 " والروايات لو ثبتت لأثبتت لأهل البيت وحاشاهم ـ الجهل والافتراء ! ولكن ما أكثر المتظاهرين بحب آل البيت وآل البيت منهم براء !
(1177[225]) 72 : الإسراء .
(1178[226]) 34 : هود .
(1179[227]) انظر 2 / 23 .
وأظن أن هنا كذلك سبباً دفيناً ، فالتاريخ يذكر لنا تنازعاً حدث بين العباس وابن أخيه على ـ رضي الله تعالى عنهما ، ويذكر لنا أيضاً أن ابن عباس تولى إمارة البصرة في خلافة ابن عمه الإمام على ، ثم ترك البصرة مغاضباً ، وتبادل مع ابن عمه رسائل اتهامات : فلعل القمي سمع بهذا فرأى أن يأتى بهذه الفرية ليهاجم من تجرأ على المعصوم أبى الأئمة !
] انظر متنازع العباس وابن أخيه في صحيح مسلم ـ كتاب الجهاد والسير باب حكم الفئ . وانظر الكتب المتبادلة بين الإمام على وابن عمه في أنساب الأشراف للبلاذرى 1 / 192 ـ 194، وفى " على وبنوه " لطه حسين ص 125 ـ 128 ، وانظر أحد كتب الإمام هذه في نهج البلاغة ص 323 ـ 324 [ .
(1180[228]) 2 / 53 .
(1181[229]) 2 / 326 .
(1182[230]) 1 / 136 ، ونص الآية الكريمة ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ( .
(1183[231]) " في على " زيادة من تحريفهم ، وقد ضمت الرواية إلى التحريف اتفاق الصحابة الكرام مع إبليس على نقض البيعة .
(1184[232]) 2 / 201 .
(1185[233]) الآية 31 من سورة القيامة ، وهى وسبأ مكيتان ، وموقف الغدير بلا خلاف حتى بين الشيعة أنفسهم كان بعد حجة الوداع .(3/133)
(1186[234]) سورة القيامة الآية 16 وهى تتحدث عن القرآن الكريم ، فالآيات التالية لها هي ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ? .
(1187[235]) 2 / 397 .
(1188[236]) 18 : المجادلة .
(1189[237]) 74 : التوبة .
(1190[238]) 2 / 358 .
(1191[239]) 2 / 84 ـ 85 .
(1192[240]) سورة النور آية : 11 .
(1193[241]) 2 / 99 .
(1194[242]) انظر 2 / 318 ـ 319 والآية هي " 6 " .
(1195[243]) 2 / 377 .
(1196[244]) 10 : التحريم .
(1197[245]) منقول بالنص وفيه النقط .
(1198[246]) انظر تفسير شبر ص 338 .
(1199[247]) بل يعتبره بعضهم تصريحاً لكفرهما ، قال المجلسى : " لا يخفى على الناقد البصير والفطن الخبير ما في تلك الآيات من التعريض بل التصريح بنفاق عائشة وحفصة وكفرهما ! " . " بحار الأنوار 22 / 33 " .
(1200[248]) 1 / 230 .
(1201[249]) انظر 1 / 283 ، وتكملة الآية الكريمة ( وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ( .
(1202[250]) انظر 2 / 340 ـ 341 .
(1203[251]) انظر 2 / 384 .
(1204[252]) الأنفال : الآية 55 .
(1205[253]) 1 / 279 .
(1206[254]) انظر مثلاً : ج 1 ص 156 ، 196 ، 211 ، 371 ، و ج 2 ص 68 ، 80 ، 123 ، 242 ، 243 ، 255 ، 384 .
(1207[255]) انظر 2 / 242 .
(1208[256]) سورة الروم الآية 38 .
(1209[257]) انظر 2 / 155 : 159 .
(1210[258]) 2 / 311 ـ 312 . وفى الأصل : فقال نعم !
(1211[259]) انظر 2 / 312 .
(1212[260]) انظر 2 / 315 ، والآية الكريمة ـ هي السادسة من سورة الفتح .
(1213[261]) انظر 2 / 315 .
(1214[262]) 60 : الزمر .
(1215[263]) 2 / 251 .
(1216[264]) 8 : هود .
(1217[265]) سبأ : 51 / 52 .
(1218[266]) 2 / 205 .
(1219[267]) 113 : طه .
(1220[268]) 2 / 65 .
(1221[269]) المقدمة ص 3 .(3/134)
(1222[270]) انظر 2 / 95 ، ونص الآية الكريمة ( هَذَا كتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ( " الجاثية : 29 " فحرف الآية الكريمة لأنها تعارضت مع ما ذهب إليه .
(1223[271]) 2 / 425 .
(1224[272]) انظر 2 / 260 .
(1225[273]) مقدمة تفسيرة ص 14 .
(1226[274]) مقدمة تفسيرة ص 14 .
(1227[275]) نفس المقدمة ص 16 ، والآية هي الرابعة من سورة الإسراء ، والتحريف واضح .
(1228[276]) 40 : الحج .
(1229[277]) 1 / 83 .
(1230[278]) انظر 2 / 64 : 65 .
(1231[279]) 2 / 94 .
(1232[280]) 2 / 254 .
(1233[281]) انظر 2 / 324 ـ 326 .
(1234[282]) 2 / 345 .
(1235[283]) 46 : الأعراف .
(1236[284]) 2 / 384 .
ذكرنا من قبل عند الحديث عن التحريف قول السيد أبى القاسم الخوئى ـ المرجع الأعلى للجعفرية بالعراق : إن الروايات التي ذكرها القمي في تفسيره صحيحه ، فهى ثابتة وصادرة من الأئمة المعصومين ، وانتهت إليه بوساطة المشايخ والثقات من الشيعة ! ولا ندرى كيف يمكن الجمع بين هذه الروايات الصحيحة في نظر السيد الخوئى وبين ما ذهب إليه هو من القول بعدم تحريف القرآن الكريم ، وغير ذلك مما يتعارض مع هذه الروايات ؟ !
(1237[285]) هو أبو النضر محمد بن مسعود بن عياش السلمى السمرقندى ، المعروف بالعياشى - انظر ترجمته في تنقيح المقال ، وهدية العارفين 2/32 ، ومعجم المؤلفين 12/20 .
وفى كتاب " بهجة الآمال في شرح زبدة المقال " ذكره المؤلف ضمن علماء الجعفرية الذين يرجع إلى أقوالهم في الجرح والتعديل ، وقال عنه : " جليل القدر ، واسع الأخبار ، بصير بالرواية ، مطلع بها ، ثقة صدوق ، من عيون هذه الطائفة وكبارها ... إلخ " انظر ص 43.
(1238[286]) صاحب كتاب الميزان في تفسير القرآن - سيأتى الحديث عن كتابه .
(1239[287]) انظر فصل الخطاب ص 26 .
(1240[288]) المرجع السابق ص 14 .(3/135)
(1241[289]) المرجع نفسه ص 232 ، والآية الكريمة هي رقم 90 من سورة البقرة ، وحرفها بزيادة " في علي " .
(1242[290]) الآية الكريمة هي رقم 106 من سورة البقرة ، وحرفها ليصل إلى تأويله الذي يعد تحريفاً آخر .
(1243[291]) الآية 33 من سورة فصلت ، وحرفها بزيادة " وهو صبى " .
(1244[292]) 173 : آل عمران ، وتبدأ بقول ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ (بدون : ( ألم تر إلى ( ، وقول العياشى " وإنما نزلت ... " فيه تحريف يذكرنا بكلام مسيلمة الكذاب.
(1245[293]) 2/257 ، والآية الكريمة رقم 24 من سورة النحل ، وحرفها بزيادة " في على " .
(1246[294]) 2/267 ، والآية الكريمة هي التسعون في سورة النحل ، وحرفها بزيادة " حقه " ، ثم جاء التأويل الذي ذهب إليه ليكون تحريفاً آخر ، وطعناً في الصديق والفاروق ، والصحابة الكرام لأنهم بايعوا كلاً منهما ، وهو قول هذا الضال : " ولاية فلان وفلان " .
(1247[295]) انظر تفسير الصافى ج 1 ورقة 148.
(1248[296]) يقصد الخلفاء الراشدين الثلاثة ، ومن بايعهم .
(1249[297]) تفسير العياشى 1/72 ، والآيات الكريمة في سورة البقرة من 165/167 ، ومن الواضح أنها تتحدث عن المشركين عبده الأوثان " ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً...." ، فجعلها العياشى : من دون الإمام .
(1250[298]) 1/73 .
(1251[299]) ، (2) ا /255 ، والآيات الكريمة من سورة النساء : من 63 إلى 65 ، وقبل هذه الآيات جاء قوله تعالى : ? وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا ? ، فجعل العياشى النفاق لخير الناس بعد الرسول ? ،وهما أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما .(3/136)
(1253[301]) 2/256 : 257 ، والآيات الكريمة في سورة النحل : من 20إلى 23 ، وحرفها بزيادة " عن ولاية على " ويقصد بالأول والثاني والثالث : الخلفاء الراشدين المهديين ، وبدلاً من أن يستحل دم هذا العياشى أجمعت طائفته على توثيقه وعلو منزلته !! وما وجدنا أحداً من دعاة التقريب يطعن فيه ! فماذا يراد بالتقريب إذن ؟!
(1254[302]) تفسير العياشى 1 / 9 .
(1255[303]) 1/13 .
(1256[304]) 1 / 62 ، والآيتان الكريمتان في سورة البقرة : 136، 137 ، وقبلهما ( وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(?.
(1257[305]) 1/62 ، والآية الكريمة هي رقم 138 من سورة البقرة ، أي بعد الآيات السابقة .
(1258[306]) 1/62 ، والآية الكريمة هي رقم 143 من السورة نفسها .
(1259[307]) 1/57 ، الآية الكريمة هي رقم 124 من السورة نفسها أيضاً.
(1260[308]) 1 /330 ، والآية الكريمة هي رقم 66 من سورة المائدة .
(1261[309]) 2/140 ، 141 ، والآية الكريمة الثامنة من سورة هود .
(1262[310]) 2 / 31 ، والآية الكريمة هي رقم 157 من سورة الأعراف .
(1263[311]) 2 / 256 ، والآية الكريمة هي رقم 16 من سورة النحل .
(1264[312]) 2 / 267 ، وسبق من قبل ذكر رواية أخرى عن أبى عبدالله في التحريف لهذه الأية.
(1265[313]) 2 / 261 ، والآية الكريمة هي رقم 51 من سورة النحل .
(1266[314]) 238 : البقرة .
(1267[315]) 110 : سورة الكهف .
(1268[316]) انظر ما سبق في كتابى : أثر الإمامة في الفقه الحعفرى وأصوله - ص 205 .
(1269[317]) 96، 97 : سورة مريم .
(1270[318]) قال المجلسى : " رمع كناية عن عمر لأنه مقلوبه " بحار الأنوار 36/101 " .
(1271[319]) بحار الأنوار 36 / 100-101 ، والآيات ثلاث عشرة لا عشر آيات.(3/137)
(1272[320]) ولد الطوسى سنة 385 هـ ، وهاجر إلى العراق فهبط بغداد ، ثم انتقل إلى الكوفة والنجف، كان ينتمى أولاً إلى مذهب الشافعى ، ثم أخذ الكلام والأصول عن الشيخ المفيد رأس الإمامية . له كثير من الكتب . توفى سنة 460.
راجع ترجمته في هدية العارفين 2 / 72 " جعل له تفسيري الطبرسي ! " ومعجم المؤلفين 9/202 .
(1273[321]) الزخرف : 3 .
(1274[322]) الشعراء : 195 .
(1275[323]) إبراهيم : 4 .
(1276[324]) نص الآية ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ( " النحل : 89 " .
(1277[325]) الأنعام : 38 .
(1278[326]) النساء : 83 .
(1279[327]) محمد : 24 .
(1280[328]) الأعراف : 187 .
(1281[329]) لقمان : 34 .
(1282[330]) النعام : 151 .
(1283[331]) أول سورة الإخلاص .
(1284[332]) البقرة : 43 .
(1285[333]) آل عمران : 97 .
(1286[334]) الأنعام : 141 .
(1287[335]) المعارج : 24 .
(1288[336]) التبيان 9 / 325 - 326 .
(1289[337]) توفى سنة 548 هـ .
(1290[338]) قال صاحب الذريعة " 4 / 310 " : تفسير الكاف الشاف من كتاب الكشاف ، أو الوجيز، هو ثالث تفاسير الطبرسي . والكتاب المذكور وجدته في مكتبة لندن .
(1291[339]) الآية 33 .
(1292[340]) انظر التبيان 2 / 441 ، ومجمع البيان 2 / 433 .
(1293[341]) الآية 74 .
(1294[342]) انظر التبيان 7 /512 .
(1295[343]) انظر جوامع الجامع ص 326 .
(1296[344]) سورة الأحزاب الآية 25 .
(1297[345]) التبيان 8 / 331 .
(1298[346]) جوامع الجامع ص 370.
(1299[347]) النساء : الآية 24 .
(1300[348]) انظر التبيان 6 / 166 ، وجوامع الجامع ص 83 - 84 وراجع تحريف القمي لها الذي ذكرناه في ص 188.(3/138)
وقد روى الشيعة - وغيرهم - أن حمزة أحد القراء السبعة ، قرأ على الإمام جعفر الصادق " انظر مجمع البيان 1 /12 " . وفى غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزرى ذكر أن جعفر ابن محمد لم يخالف حمزة في شىء من قراءته إلاَّ في عشرة أحرف . وبمراجعة هذه الأحرف لا نجد قراءة مما ذكره معتدلو الشيعة فضلاً عن غلاتهم ، ولا نجد فيها أي أثر للإمامة . ونجد بعد الأحرف قول الإمام جعفر : " هكذا قراءة على بن أبى طالب ". " انظر الكتاب المذكور 1 / 196 " .
(1301[349]) 57 : الزخرف ، والسورة الكريمة مكية ، فكيف غاب هذا عن الطوسى وهو يذكر هذه الرواية ، ويتحدث عن المنافقين ! أوجدت جماعات المنافقين في العهد المكى !!
(1302[350]) التبيان 9 / 209 -210 .
(1303[351]) جوامع الجامع ص 436 ، وانظر مجمع البيان 9 / 53 .
(1304[352]) جوامع الجامع ص 249 ، وسورة النحل نزلت في العهد المكى كذلك ، والبيعة المزعومة قالوا إنها كانت بعد حجة الوداع !
(1305[353]) المرجع السابق ص 504 ، وسورة القلم ليست مكية فحسب ، بل من أوائل ما نزل ، فهى بعد العلق : أول سور القرآن الكريم نزولاً ، وقت أن كان على بن أبى طالب - رضي الله تعالى عنه - صبياً !
(1306[354]) انظر التبيان 10 /268 .
(1307[355]) المرجع السابق 10 / 269 .
(1308[356]) انظر مجمع البيان 10 / 501 - 502 .
(1309[357]) انظر التبيان 10 / 363 وما بعدها ، وحمل الآيات على عمومها لا ينفى سبب النزول ، فكما هو معلوم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وشتان بين موقفهما هنا وموقفهما من الآيات التي وضع المفترون أسباباً لنزولها تتصل بأئمتهم .
(1310[358]) جوامع الجامع ص 92 ، ولكن الطوسى لم يشر لعلى . انظر التبيان 3 / 274 .(3/139)
(1311[359]) نفس المرجع ص 101 ، وأنكر الطوسى هذا قائلاً " لم يجر لمحمد ? ذكر فيما تقدم ، ولا ها هنا ضرورة موجبة لرد الكناية عليه ، وما هذه صورته لا تجوز الكناية عنه " التبيان 3 /387 .
(1312[360]) انظر مجمع البيان ط مكتبة الحياة 8 / 63 ، والآية الكريمة التالية التي تحدثت عن أولئك الظالمين هي " الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً وهم بالأخرة كافرون " . ولا ندرى أين على وولايته هنا ؟ على أن الطوسى لم يذكر علياً هنا . انظر التبيان 4 / 406.
(1313[361]) التبيان 4 / 411 ، ومن المعلوم - كما نص القرآن الكريم في أكثر من موضع - أن مثل هذا الأمر يكلف به الملائكة .
(1314[362]) جوامع الجامع ص 146 .
(1315[363]) انظر مجمع البيان ط مكتبة الحياة 20 / 251 ، والطوسى أشار إلى أنها من الإنس ولكنه لم يذكر علياً و لا غيره . انظر التبيان 8 / 119 -120 .
(1316[364]) انظر مجمع البيان 9 / 106 ولكن الطوسى لم يشر لهذا ، انظر التبيان 9 / 305 .
(1317[365]) مجمع البيان 9 / 147 ولكن الطوسى أيضاً لم يذكر هذا - انظر التبيان 9 / 366 - 367 .
(1318[366]) التبيان 1 / 169 .
(1319[367]) مجمع البيان 1 / 89 .
(1320[368]) ذكر الطبرسي في المراد بحبل الله ثلاثة أقوال : أحدها بأنه القرآن ، وثانيها أنه دين الإسلام ، وثالثها أنه أئمة الجعفرية ، ثم قال : والأولى حمله على الجميع ، وأيد قوله بإحدى روايات الغدير التي أثبتنا عدم صحتها في أكثر من كتاب - انظر مجمع البيان 2 / 482 . أما الطوسى فلم يذكر القول الثالث : انظر التبيان 2 / 545 - 546 .
(1321[369]) 58 : النساء .
(1322[370]) انظر التبيان 3 / 234 ، جوامع الجامع ص 89 .
(1323[371]) راجع التبيان 3 / 236-237 ، وجوامع الجامع ص 89 .
(1324[372]) راجع التبيان 3 / 273 ، وجوامع الجامع ص 89 .
(1325[373]) انظر التبيان 7 / 232 ، وجوامع الجامع ص 289 .(3/140)
(1326[374]) انظر التبيان 8 / 243 ، وجوامع الجامع ص 389.
(1327[375]) انظر مجمع البيان 9 / 427 ، والطوسى لم يشر لهذا - انظر التبيان 10 / 249.
(1328[376]) راجع التبيان 2 / 185 ، ومجمع البيان 2 / 302 .
(1329[377]) راجع التبيان 3 / 459 - 460 ، وجوامع الجامع ص 106.
(1330[378]) انظر التبيان 7 / 196 ، وجوامع الجامع ص 284.
(1331[379]) انظر مجمع البيان 1 / 105 ، والطوسى لم يشر للولاية " انظر التبيان 9 / 304 - 305 ".
(1332[380]) انظر التبيان 9 / 255 ، ومجمع البيان 1 / 38.
(1333[381]) جوامع الجامع ص 296 ، وروى الطوسى عن الإمام نفسه قال : " إن ذلك وعد للمؤمنين بأنهم يرثون جميع الأرض " " التبيان 7 / 284 " .
(1334[382]) جوامع الجامع ص 318 ، وانظر التبيان 7 / 457 .
(1335[383]) التبيان 9 / 336 ، وانظر مجمع البيان 9 / 127 .
(1336[384]) تفسير الصافى ج 1 ورقة 2 .
(1337[385]) انظر التفسير المذكور ج 4 ورقة 11 ، وانظر ج 1 ورقات 6 ، 7 ، 8 " نبذ مما جاء في أن علم القرآن كله إنما هو عند أهل البيت " .
(1338[386]) تفسير الصافى ج 1 ورقة 2 .
(1339[387]) انظر ج 1 الورقة الثامنة وما بعدها .
(1340[388]) انظر ج 1 الورقة إلى 18 ، والتفسير كله مملوء بذكر آيات كثيرة محرفة .
(1341[389]) 3 : النساء .
(1342[390]) ج 1 الورقتان 17 ، 18 .
قال ابن كثير في تفسير الآية الكريمة " إذا كان تحت حجر أحدكم يتيمة وخاف ألا يعطيها مهر مثلها فليعدل إلى ما سواها من النساء ، فإنهن كثير ، ولم يضيق الله عليه " . وذكر سبب النزول كما رواه الإمام البخاري ، عن عائشة رضي الله عنها : " أن رجلاً كانت له يتيمة فنكحها، وكان لها عذق ، وكان يمسكها عليه ، ولم يكن لها من نفسه شئ ، فنزلت فيه ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى ( أحسبه قال : كانت شريكته في ذلك العذق وفى ماله .(3/141)
ثم ذكر عن الإمام البخاري أن عروة بن الزبير سأل عن الآية الكريمة فقالت : " يابن أختى ، هذه اليتيمة تكون في حجر وليها ، تشركه في ماله ، ويعجبه مالها وجمالها ، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهوا أن ينكحوهن إلاَّ أن يقسطوا إليهن ، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق ، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن " (انظر تفسيره 1 / 449 ـ 450) .
(1343[391]) ج 1 الورقة 18 .
(1344[392]) انظر ج 1 الورقتين 19 ، 20 ، ومن رده يظهر اعتقاده بأن عندهم قرآناً غير القرآن الكريم الذي بأيدى المسلمين ، وأن ما بين الدفتين هو المحرف ، وأما قرآنهم فليس بمحرف!! والعجيب أن هذا المتظاهر بالإسلام وحب آل البيت ? بدلاً من أن يستباح دمه وتحرق كتبه ? نراه احتل مكاناً عالياً عند كثير من الشيعة الاثنى عشرية ! . وتفسيره مطبوع ومنتشر في الوسط الشيعى !
(1345[393]) انظر هذه المفتريات العجيبة في ج 1 ورقة 148 ، ج 4 ورقة 133 .
(1346[394]) ج 1 ورقة 30 .
(1347[395]) ج 1 ورقة 31 - ويريد بالأول والثاني الخليفتين - رضي الله تعالى عنهما . أفضل المسلمين بعد رسول الله ? ، كما ثبت في النص المتواتر عن الإمام على كرم الله وجهه .
(1348[396]) راجع ص 168 .
(1349[397]) انظر ج 4 ورقة 177.
(1350[398]) ج 1 ورقة 23 - والحديث الذي أشار إليه هو الذي أثبتنا عدم صحته من أي طريق .
(1351[399]) راجع اتجاه التأليف في تلك الفترة ص 82 - 83 من كتاب المعالم الجديدة للأصول.
(1352[400]) انظر ص 15-17 .
(1353[401]) انظر ص 21 .
(1354[402]) انظر ص22 .
(1355[403]) انظر ص 22 ، 23 .
(1356[404]) ص 34 ، والآية الكريمة التي حرفها هذا المفترى الضال نصها هو " لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه " (166: سورة النساء ) " .
(1357[405]) ص 35 .
(1358[406]) ص 36 ، والآية الكريمة المذكورة هي الرابعة من سورة الإسراء.(3/142)
(1359[407]) ص 37 ، والآية الكريمة في سورة النمل 83 ? وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُون? .
(1360[408]) انظر ص 47 ، ولاحظ بها أخباراً أخرى متشابهة . ويقصد هذا الضال بالأول والثاني خير الناس بعد الرسول ? ، الخليفتين الراشدين أبا بكر وعمر .
(1361[409]) انظر ص 53 .
(1362[410]) راجع أيضاً الخبر ، الذي نقلناه من تفسير الميزان نقلاً عن هذا التفسير ص 260 .
(1363[411]) الجزءان هما : ج 23 من ص 167 إلى أخر الجزء ص 393 ، وج 24 كله وعدد صفحاته 402 .
(1364[412]) ج 35 من ص183 إلى آخر الجزء ص 436 ، و ج 36 من أوله إلى ص 192.
(1365[413]) باب 11 ج 23 ص 206 - 211 .
(1366[414]) باب 16 ج 23 ص 273 - 283 .
(1367[415]) باب 18 ج 3 ص 204 - 205 .
(1368[416]) باب 21 ج 23 ص 354 - 390 .
(1369[417]) باب 46 ج 24 ص 153-158.
(1370[418]) باب 53 ج 24 ص 191- 203 .
(1371[419]) باب 13 ج 35 ص 336 - 352 .
(1372[420]) باب 20 ج 35 ص 394 - 407 .
(1373[421]) باب 25 ج 36 ص 1-4 .
(1374[422]) انظر الروايات وبيانه في ج 23 ص 372 - 373 ، ويظهر من السند المذكور أن الكلينى - صاحب الكافى - نقل هذه الروايات الثلاث عن شيخه على بن إبراهيم القمي .
والتحريف الأول في الأية 90 من سورة البقرة ، والثاني في الأية 23 من السورة ذاتها .
أما الرواية الثالثة فإنها أخذت صدر الأية 47 من سورة النساء مع وضع كلمة " أنزلنا " بدلاً من " نزلنا " ثم وضع التحريف ، ثم كان الختام هو عجز الآية 174 من نفس السورة ! ومع هذا فالقمى والكلينى والمجلسى من علماء الشيعة الاثنى عشرية الأعلام !! المعتدلون منهم والمتطرفون على السواء ، يثنون على الثلاثة كل الثناء ! حتى دعاة التقريب ! ما وجدنا أحداً منهم يقول في الثلاثة إلاَّ ما قاله شيعتهم ! فكيف يكون التقريب ؟ أنؤمن بهذا الكفر ونتبع هؤلاء الضالين ؟!(3/143)
(1375[423]) انظر 23 / 374 .
(1376[424]) راجعها في 23 / 375 - 376 .
(1377[425]) الآية 137 .
(1378[426]) الآية التسعين .
(1379[427]) 23 / 376 - 378 .
(1380[428]) 23 / 390 ، وفى موضع آخر عقد المجلسى باباً كاملاً أسماه " باب كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم " ويعنى بالثلاثة الخلفاء الراشدين !! ( انظر كتابة 8 / 208 إلى 252 طبع حجر " .
(1381[429]) الشيخ محمد جواد عالم شيعى معاصر ، له مؤلفاته في فقه المذاهب الخمسة ، حيث اعتبر المذهب الجعفرى مذهباً خامساً ، ونرى شيئاً من الاعتدال في كثير من مؤلفاته . أشارهذا العالم إلى بعض " المؤلفات الشيعية التي بحثت التراث الإسلامي والديني والسياسي على أساس العلم ، ونطقت بالصدق وكلمة " الحق " هكذا قال بالنص ، ومن تلك المؤلفات بحار الأنوار للمجلسى !! ترى : أيدرى ما في البحار أم لا يدرى ؟!
" انظر فضائل الإمام على ص 247 ".
(1382[430]) انظر مثلاً بحار الأنوار 23 / 168 .
(1383[431]) الكتاب مخطوط بدار الكتب المصرية تحت رقم 38 مواعظ شيعة ، ومصور بمكتبة جامعة الدول العربية تحت رقم 97 تاريخ .
(1384[432]) ربما ظهر شئ في السنوات الأخيرة لا علم لي به ، وسيأتى الحديث عن التفسير الكاشف لمغنيه ، وتفسير البيان لمرجعهم الحالى بالعراق .
(1385[433]) توفى سنة 1242 هـ .
(1386[434]) تفسير شبر ص 96 .
(1387[435]) انظر تفسيره ص 96 .
(1388[436]) ص 97 .
(1389[437]) تفسيره ص 264 .
(1390[438]) ص 328 ، ومعنى هذا التحريف أن الإمام مرسل يوحى إليه !
(1391[439]) راجع مثلاً ص 146 ، 212 ، 353 ، 425.(3/144)
(1392[440]) قال الأستاذ محمد حسين الذهبى رحمه الله : " نجد شبراً يعتقد بأن القرآن بدل وحرف ، ولما اصطدم بقوله تعالى في الآية التاسعة من سورة الحجر ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ( نجده يتفادى هذا الاصطدام بالتأويل " ثم نقل تأويله للآية الكريمة . " انظر التفسير والمفسرون 2 / 191 " .
(1393[441]) ص 238 ، وراجع ما ذكرناه عن الإفك الذي جاء به القمي ص 190 .
(1394[442]) 37 : الكهف .
(1395[443]) ص 204 ومن الواضح البين أن صحبة الكافر غير صحبة الصاحب المختار ، فالاتهام هنا اتهام لمن اختاره صاحباً . ومن الواضح البين كذلك أن أي مؤمن يقل إيمانه عن الصديق بدرجات ودرجات يدرك أن موته يعنى موت رجل ، وأن موت الرسول الكريم يعنى موت رسالة ، وما أكثر الذين ضحوا في سبيل الرسالة والرسول ! فكيف يخاف الصديق على نفسه و لا يخاف على من أرسل رحمة للعالمين ! وخوف أبى بكر - رضي الله عنه _ على الرسول* *الأكرم كان ظاهراً عندما سبقه إلى الغار ليستبرئه ، وعندما كان يتقدمه ويتأخر عنه ... إلخ - أما ذكر إنزال السكينة عليه وليس عليهما فيكفى أن نذكر ما قاله أحد علمائهم عند قوله تعالى ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ( " 37 : البقرة
قال الطبرسي : إنما قال " فتاب عليه " ولم يقل عليهما لأنه اختصر وحذف للإيجاز والتغليب ، كقوله سبحانه وتعالى : " 62 التوبة : ( وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضوهُ ( ، ومعناه أن يرضوهما ، وقوله " آخر الجمعة " : ( وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَ ? وكقول الشاعر :
رمانى بأمر كنت منه ووالدى بريا ومن حول الطوى رمانى
وقول الآخر :
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأى مختلف
فكذلك معنى الآية : فتاب عليهما . " مجمع البيان 1 / 89 ، وراجع نقض ابن تيمية لما ذهب إليه أمثال شبر في ص 557 من المنتقى " .(3/145)
(1396[444]) ص 562 .
(1397[445]) ص 531 .
(1398[446]) ص 228 .
(1399[447]) عاش إلى أوائل القرن التاسع الهجرى .
(1400[448]) سورة المائدة : 6 .
(1401[449]) انظر ص 9 ، 10 .
(1402[450]) سورة النساء : 86 .
(1403[451]) انظر ص 70 - 71 .
(1404[452]) التوبة : 28 .
(1405[453]) انظر ص : 21 - 22 .
(1406[454]) انظر حكم سؤر الآدمى في الجزء الرابع من هذه الموسوعة ، وراجع كذلك آراء من سبق الحديث عنهم من غلاة مفسريهم ، وانظر ما كتبناه عن أصول الكافى وروضته في الجزء التالي.
(1407[455]) سورة الأحزاب : الآية 56 .
(1408[456]) انظر كتابه ص 58 - 61 .
(1409[457]) النساء : الآية 101.
(1410[458]) ص 88 ، وجامع الكوفة فيه محراب أمير المؤمنين على رضي الله عنه ، وفيه ضربه بالسيف الشقى اللعين عبدالرحمن بن ملجم . " راجع ما كتب عن المسجد ونظرة الشيعة في الجزء الرابع " . والمسجد الرابع هو الحاير الحسينى بكربلاء .
(1411[459]) توفى سنة 993 هـ .
(1412[460]) ص 10 .
(1413[461]) سورة المائدة : الآية 54 .
(1414[462]) انظر الكتاب ص 10 - 14 ، وراجع ما كتبته عن آية الولاية في الجزء الأول .
(1415[463]) انظر ص 107 - 110 .
(1416[464]) سورة البقرة : الآية 124.
(1417[465]) انظر 47 - 48 .
(1418[466]) ص 565 .
(1419[467]) ص : 571 .
(1420[468]) ص 575 ، وجاء في الحاشية : " قيل هما رقية وزينب كانتا بنتى هالة أخت خديجة ، ولما مات أبوهما ربيتا في حجر رسول الله ? ، فنسبتا إليه كما كانت عادة العرب في نسبة المربى إلى المربى . وهما اللتان تزوجهما عثمان بعد موت زوجيهما " .(3/146)
وفى كتاب منهاج الشريعة ، الذي ألفه محمد مهدى للرد على منهاج السنة النبوية لابن تيمية ، جاء الحديث عن أختى الزهراء - رضي الله عنهن - في أكثر من موضع ، ومما قاله : " ما زعمه - أي ابن تيمية - من أن تزويج بنتيه لعثمان فضيلة له من عجائبه من حيث ثبوت المنازعة في أنهما بنتاه " " 2 / 289 " .
وقال : " لم يرد شئ من الفضل في حق من زعموهن شقيقاتها بحيث يميزن به ولو عن بعض النسوة " " 2 / 290 " .
وقال : " قد عرفت عدم ثبوت أنهما بنتا خير الرسل ? ، وعدم وجود فضل لهما تستحقان به الشرف والتقدم على غيرهما " ( 2 / 291 ).
ولا أدرى كيف يستطيع من يهاجم بنات النبي ? أن يزعم أنه محب لآل البيت ؟ وكيف يقبل إخواننا الشيعة وجود أمثال هؤلاء بينهم ؟
(1421[469]) سبق ثناؤه على تفسير العياشى - الضال المضل - بدلاً من أن يكفره ، مما يبين اتجاه صاحب تفسير الميزان هذا : فلم ينكر تحريفه للقرآن الكريم ، ولا تكفيره للصحابة الكرام ، ولا غير ذلك من ضلاله الذي بيناه .
(1422[470]) راجع ما كتب عن آية التطهير في الجزء الأول.
(1423[471]) الميزان 3 / 240.
(1424[472]) انظر الكافى 1 / 176 - 177 " باب الفرق بين الرسول والنبى والمحدث " .
(1425[473]) انظر كتاب المناقب - باب مناقب عمر بن الخطاب .
(1426[474]) انظر كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل عمر .
(1427[475]) راجع أبواب المناقب - باب مناقب عمر .
(1428[476]) سورة النساء : الآية 24 .
(1429[477]) 4 / 308.
(1430[478]) راجع تفسيره 6 / 2 : 24 .
(1431[479]) سورة النساء : الآية 59 .
(1432[480]) 4 / 413 .
(1433[481]) 4 / 414 ، وانظره إلى ص 439.
(1434[482]) 4 / 435 - 436 ، وانظر تفسيره إلى ص 439 تجد روايات أخرى موضوعة كذلك - لتأييد ما ذهب إليه من عقيدة أثبتنا بطلانها في أكثر من كتاب .
(1435[483]) 1 / 11 -12 .
(1436[484]) 1 / 144- 145 .
(1437[485]) 1 / 149 .(3/147)
(1438[486]) 1 / 193 ، والآية هي رقم 57 من سورة البقرة ، 160 : الأعراف.
(1439[487]) 1/ 219 .
(1440[488]) 4 /73 .
(1441[489]) البقرة : الآية 159 .
(1442[490]) الميزان : 1 / 397 .
(1443[491]) 3 / 174 .
(1444[492]) انظر 9 / 59 - 60 ، والآية الكريمة في سورة الأنفال : الآية 24 .
(1445[493]) سورة الحشر : الآية 7 .
(1446[494]) 282 : سورة البقرة ، والآية كتبت في التفسير الكاشف خطأ حيث سقط منها " إلى أجل مسمى " .
(1447[495]) 1 / 16 .
(1448[496]) 1 / 35 .
(1449[497]) سورة البقرة : الآية 113 .
(1450[498]) 1 / 180 .
(1451[499]) 3 / 515 .
(1452[500]) سورة الرعد : الآية 36 .
(1453[501]) 4 / 412 .
نلاحظ على إخواننا الشيعة الذين يتجهون نحو الاعتدال والابتعاد عن الغلو ، أنهم يتجاهلون الواقع ويقعون في التناقض ، والصحابة الكرام ، رضي الله عنهم ورضوا عنه ، لهم مقام معلوم عند الله تعالى ، وعند جمهور المسلمين . وما نقله الشيخ مغنية مدحاً في الصحابة هو عين الحق بلا أدنى ريب ، ولكننا نلاحظ أن ما ذكره في تفسير سورتى الأنفال والرعد كأنما جاء للدفاع عن الشيعة لا الصحابة ! فالشيخ مغنية نفسه أثنى على كتاب بحار الأنوار للمجلسى أيما ثناء ، ورأينا من قبل في دراستنا لهذا الكتاب أن صاحبه يرى تحريف القرآن الكريم ، ويكفر الصحابة وعلى الأخص الخلفاء الراشدون الثلاثة . وأشرت من قبل بعد دراسة تفسير القمي الضال المضل إلى التناقض الذي وقع فيه السيد أبو القاسم الخوئى - مرجع الشيعة السابق بالعراق - حيث ذهب إلى صحة جميع روايات هذا التفسير ، والخوئى يقطع بعدم تحريف القرآن الكريم ، والقمى يجزم بتحريفه ، ويكفر الصحابة ويلعنهم ، والكلينى صاحب كتاب الكافى أعظم كتاب عندهم - ذهب مذهب شيخه القمي في التكفير والتحريف .(3/148)
فكان على الشيخ مغنية - وأمثاله ممن ينشدون الاعتدال - ألا يتجاهلوا الواقع ، وألا يقعوا في التناقض ، كان عليهم إذن أن يهاجموا القمي والكلينى والعياشى والمجلسى وأمثالهم ، ويبينوا أن هؤلاء ليسوا من شيعة الإمام زين العابدين ، وغيره من الأئمة الأطهار ، فضلاً عن أن يكونوا من أعلام الشيعة الثقات ، كان عليهم هذا بدلاً من أن يهاجموا من يذكر الواقع والحقيقة !!
(1454[502]) 7 / 364 .
(1455[503]) 7 / 576 .
(1456[504]) 1 / 10 ، 1 /39 .
(1457[505]) راجع ص 135 وما بعدها .
(1458[506]) انظر 1 /88 .
(1459[507]) 1 / 196 - 199 .
(1460[508]) انظر 1 / 206 ، 5 / 57 ، 5/ 302 .
(1461[509]) ومن هذه الأحاديث ما رواه أبو داود في سننه ، واعترف الشيخ مغنية بصحته ، وهو : " قال رسول الله ? : لو لم يبق من الدنيا إلاَّ يوم واحد ، لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من أهل بيتى ، يواطئ اسمه اسمى ، واسم أبيه اسم أبى ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً " " 5/302 " ، والشيخ مغنية هنا وقع في التناقض الذي أشرنا إليه من قبل ، لأن هذا الحديث الشريف يخالف عقيدته في المهدى ، حيث يعتقد أنه محمد بن الحسن العسكرى ، وليس محمد بن عبدالله الذي سيبعث قبيل الساعة .
(1462[510]) وانظر بحث التقية والأسباب التي جعلتها مبدأ خاصاً بالشيعة في الفصل الخامس من الجزء السابق.
(1463[511]) انظر 3 / 482-484 .
(1464[512]) انظر 2 / 50-51 .
(1465[513]) انظر 2 / 414 - 416.
والحديث الذي ذكر أنه متواتر ، قال عنه الدار قطنى في العلل : هذا حديث مضطرب غير ثابت ، وقال الترمذى : منكر ، وقال البخاري : ليس له وجه صحيح ، وقال يحيى بن معين : كذب لاأصل له ، وذكره ابن الجوزى في الموضوعات " انظر كشف الخلفاء 1 /203 - 205 وراجع فيه الآراء المختلفة حول هذا الحديث ، وانظر أيضاً : فيض القدير 3/47046 ، والمقاصد الحسنة 97 ، وذكرت تخرج الحديث من قبل .*(3/149)
*وروى الإمام البخاري بسنده عن محمد بن الحنفية قال : " قلت لأبى : أي الناس خير بعد رسول الله ? ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال " ثم عمر " قال ابن تيمية : قد روى هذا عن على من نحو ثمانين طريقا ، وهو متواتر عنه . " انظر جامع الرسائل1 / 261 " واذكر هذا هنا من باب التذكير ، فليس هنا مجال لمناقشة مثل هذه الآراء .
(1466[514]) انظر 3 /13-15 ، وراجع ما كتبته فيما سبق عن الغدير في الفصل الثالث من الجزء الأول ، وفيه إشارة لكتاب الغدير المذكور ، وبعض أكاذيبه وافتراءاته ، وإثبات أن حديث الغدير في التمسك بالكتاب والعترة كوفى المنشأ ! ! ليس له طريق إلاَّ عن المجروحين من شيعة الكوفة!
(1467?????) انظر 3 / 81 ?83 وانظر مناقشة ما ذهبوا إليه في الجزء السابق .
(1468[516]) انظر 3 / 96 - 99 .
(1469[517]) انظر 6 / 216 - 218 .
(1470[518]) انظر 6 /522 -523 .
وما ذكره عن البحر المحيط لا يمثل رأى أبى حيان ، ولا يبين أنه يرى صحة هذا الخبر ، فأبو حيان جمع أخباراً - صحيحة أو غير صحيحة - وأثبتها في تفسيره ، ومنها هذا الخبر الذي لا يقبل ، فالسورة مكية ، أي أنها نزلت قبل أن يولد الحسن والحسين بسنوات ، أما إذا أردنا أن نبحث عن الصحيح فإنا نرى الإمام البخاري يروى في صحيحه بسنده عن ابن عباس - رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله ? إلا المودة في القربى ? فقال سعيد بن جبير : قربى آل محمد ? ، فقال ابن عباس : عجلت ، إن النبي?(لم يكن بطن من قريش إلاَّ كان له فيهم قرابة ، فقال: إلاَّ أن تصلوا ما بينى وبينكم من القرابة ، " كتاب التفسير ? سورة حم عسق ? باب ? إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ?.(3/150)
وقال ابن حجر في فتح البارى في شرحه لهذا الخبر : قال ابن عباس : عجلت : أي أسرعت في التفسير ، وهذا الذي جزم به سعيد بن جبير قد جاء عنه من روايته عن ابن عباس مرفوعاً، فأخرج الطبري وابن أبى حاتم ، من طريق قيس بن الربيع ، عن الأعمش عن سعيد بن جبير ،* * عن ابن عباس قال : لما نزلت قالوا : يا رسول الله ، من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ الحديث ، وإسناده ضعيف ، وهو ساقط لمخالفته هذا الحديث الصحيح .
أما ذكر الشيخ مغنية لمعاوية ، يريد أن يلمزه ، ففيه بعد عن الحق ، فعلى الرغم مما حدث بينه وبين سيدنا على لم يرد عن طريقه حديث واحد فيه طعن للإمام على ، وكل الأحاديث التي صحت عن طريق معاوية ليس فيها أي مطعن ، وقد جمع ابن الوزير- وهو من علماء الشيعة الزيدية - ما روى عن طريق معاوية في الصحاح الستة ، وأثبت صحته من طرق ليس فيها معاوية . رضي الله عنه ." انظر الروض الباسم في الذب عن سنة أبى القاسم 2/114 - 119" .
(1471[519]) ص 22 .
(1472[520]) انظر ص 421 : 427 .
(1473[521]) راجع ص 215 : 278 .
(1474[522]) راجع ص 509 ، 563 ، 564 .
(1475[523]) انظر ص281 -291 .
(1476[524]) انظر ص 461 .
(1477[525]) راجع ص 499 ، 501 ، 502 .
(1478[526]) راجع ص 505 .
(1479[527]) انظر 508 .
(1480[528]) انظر ص 510 .
(1481[529]) انظر ص 515 .
??
??
??
??
( موقع البينة www.albainah.net )(3/151)