إعداد الفقير إلى عفو ربه:
أبو يحيى
أشرف بن عبد الحميد بن محمد بارقعان
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، و نستغفره، ونعوذ بالله، من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله (.
يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ حَقّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مّسْلِمُونَ
يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوْا رَبَّكُمُ الَّذِيْ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيْراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوْا اللَّهَ الَّذِيْ تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيْباً
يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً.
أما بعد: فإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد (، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد: فإن الله عز وجل لما أمر المؤمنين بالدعاء وطلبِ الثبات على الصراط المستقيم حذرهم عن سبيل المشركين فقال عز وجل: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)(1)، فمن أهم مقتضيات الصراط المستقيم البعد عن سبيل المشركين.
…ولقد وقع عدد غير قليل من المسلمين اليوم في مشابهة أعداء الله من اليهود والنصارى وغيرهم إما في المعتقدات أو في العبادات أو تلقفوا بعض المذاهب الهدامة من الغرب ليستقوا منها مناهج عملية يسيرون عليها في حياتهم، وقد يجادل بعضهم في تأثير هذه الأفعال وتلك المعتقدات على عقيدة المسلمين.(1/1)
…هذا ومن ألقى نظرة فاحصة على تاريخ المسلمين في العصور السابقة لم يجد تهافتاً على التشبه بأعداء الله كتهافت بعض أهل هذا العصر، والله المستعان.
…كل ذلك مما كون لدي قناعة حول أهمية هذا الموضوع، والكتابة في صور التشبه بالكافرين في العصر الحديث وأثرها على عقيدة المسلم، ليكون هذا الموضوع جهداً ضئيلاً من تلك الجهود التي تدفع ذلك المد التقليدي للكفار.
…وعندها شرعت في كتابة الخطة، ومما لاحظته أن التشبه قد عم في العصر الحديث فدخل كل باب تقريباً، مما جعل الموضوع مترامي الأطراف يحتاج صاحبه إلى مضاعفة الجهد فخصصت جزءاً غير قليل في البحث عن المصادر والمراجع.
وجعلت عنوان الرسالة:-
((مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث وأثرها على المسلمين))(2).
أسباب اختياري لهذا الموضوع:-
1- شرف هذا الموضوع، حيث ذكره الله عز وجل في أعظم سورة من سور القرآن الكريم وحذر الناس عن الوقوع فيه، وذلك في معرض دعاء المؤمنين، حيث قال تعالى: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين).
2- عدم وجود كتابة علمية مستقلة عن هذا الموضوع - على حد ما توصل إليه علمي - مع أن جانب التوحيد له الحظ الأوفر من أبواب هذا البحث وفصوله.
3- ما يتسم به من الجِدة والابتكار خاصة في لفت أنظار المسلمين حول مظاهر التشبه بالكافرين عموماً في أبواب متعددة.
4- عرض هذا الموضوع بهذه الطريقة سوف يكشف الستار عن تلك المذاهب الفكرية التي كان لها الأثر الأكبر في تشبه المسلمين بالكافرين، فكل مسلك عملي وراؤه خلفية فكرية.
5- أنه موضوع عصري، وأعمال المسلمين وأفكارهم في هذا العصر شاهدة على فشو هذه الظاهرة، ظاهرة التشبه بالكافرين.
الأهداف المرجو تحقيقها من هذا البحث:-
- بيان موقف الإسلام من التشبه بالكافرين.
- بيان أثر التشبه بالكافرين على العقيدة.(1/2)
- التنبيه على أن التشبه بالكافرين لا يكون في العادات والمعاملات فحسب كما يظن بعض المسلمين، بل يتعدى ذلك إلى العبادات والعقائد.
- الوصول إلى بيان سبب الضلال في العقائد، وهو التشبه بالكافرين، حيث لم تدخل العقائد الفاسدة(3) والبدع في كثير من العبادات إلا عن طريق هذا الأصل الخطير من أصول الشر، والذي غفل عنه كثير من المسلمين.
- تنبيه المسلمين عن تدخل هذا الموضوع في أعظم الخصوصيات وفي أدقها وأصغرها.
- بيان الأمور التي وقع فيها التشبه بالكافرين بشكل عام مع ذكر بعض التفصيلات التي يتبين بها المقصود، والحكم على هذه الأفعال من ناحية أثرها على العقيدة.
- بيان أثر المناهج الفاسدة والمعتقدات الباطلة المأخوذة من الكفار على وقوع المسلمين في التشبه بالكافرين - فكل منهج من تلك المناهج له الأثر في وقوع المسلمين في مضاهاة الكافرين، سواءً أكان ذلك المنهج أو تلك النظرية العلمية متعلقة بالعقائد أو الأعمال - وبيان خطر تلك المناهج، فلا يخفى ما في وصف الفعل أو الاعتقاد المحرم بالتشبه بالكفار من التنفير منه، كما هو الحال بالنسبة للمناهج المنحرفة المأخوذة من الكفار، فوصف الفعل بكونه في مصاف الأفعال التي فيها تشبه بالكفار، من أنجع الطرق التي يمكن أن تقنع كل مسلم يجد في نفسه الغيرة على انتمائه الإسلامي _ ولكنه غير مقتنع بضلال هذا المنهج، وربما يجهل انتماء هذه الفكرة إلى الكفار، وصدورها عنهم _ فتكون هذه الطريقة مقنعة له لو كان في قلبه بقية باقية من غيرة على دينه وإيمانه، وهذا واقع في الأمة؛ فكم من أبناء هذه الأمة ممن ينتهج بعض المناهج المأخوذة في أصلها عن الكفار والتي تكون مضادة للشرع بشكل أو بآخر، وهو لا يعلم انتماء الفكرة التي يعتنقها إلى غير المسلمين، وأنها صادرة عن أعداء الملة والدين، وربما لو كان يعلم ذلك لاتخذ موقفاً آخر.
الدراسات السابقة:-(1/3)
لم تكتب في هذا الموضوع: مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث وأثرها على المسلمين - حسب علمي - دراسة علمية مستوفية لأصول البحث العلمي، ومن خلال بحثي عن الدراسات السابقة التي لها علاقة بالموضوع وقفت على ثلاث رسائل وجدتها تطرقت من نواح بعيدة إلى حد ما عن موضوع هذه الرسالة، مما يتوافق مع الأقسام التي قدمت لها هذه الرسائل .
كما كتب شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني _ رحمه الله _ كتابه العظيم: (اقتضاءُ الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم)، هذا السفر الجليل الذي كتبه إمام من أعظم أئمة أهل السنة والجماعة، فقد جمع فيه الكثير من التأصيل والفوائد والفرائد التي من قرأها ووعاها وعمل بها: فهم معنى التشبه في القرآن والسنة، وكان في خندق حصين من جميع أشكال الموالاة للكفار، فلله در هذا العالم الجليل، والكتاب طبع في مجلدين بتحقيق الشيخ: د. ناصر عبد الكريم العقل.
كما وقفت على دراسة مفيدة في هذا الجانب، بعنوان: (الإيضاح والتبيين لما وقع فيه الأكثرون من مشابهة المشركين)، للشيخ: حمود بن عبد الله بن حمود التويجري، فبدأ في كتابه بتأصيل الموضوع من الناحية الشرعية، ثم بدأ بالأمثلة على التشبه في العصر الحديث، مما يعتبر مقدمة لموسوعة علمية في العصر الحديث في التشبه بالكفار؛ فإنه أتى على أكثر أبواب التشبه العلمية منها والعملية.
…وأما الرسائل العلمية: فالرسالة العلمية الأولى كانت بعنوان: التشبه المنهي عنه في الفقه الإسلامي، للباحث: جميل حبيب المطيري، وهي رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في قسم الفقه بجامعة أم القرى، والثانية بعنوان: التدابير الواقية من التشبه بالكفار، للباحث: عثمان أحمد دوكري، وهي رسالة مقدمة لجامعة الإمام محمد بن سعود، قسم الدعوة.(1/4)
…ولقد تحدث مؤلف الرسالة الأولى عن القواعد الفقهية المتعلقة بالتشبه، فأصلها تأصيلاً جيداً، وأما الرسالة الثانية: فتحدث فيها مؤلفها عن جانب العلاج الواقي من التشبه بالكفار، كما لم يغفل ذكر مظاهر التشبه بالكفار، في العصر الحديث، كتقدمة لما يريد التحدث عنه من التدابير الواقية من التشبه بالكفار.
…وأما الرسالة الثالثة: فهي بعنوان السنن والآثار في النهي عن التشبه بالكفار، وهي رسالة علمية مقدمة للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام: (1401 هـ) قسم الحديث، للباحث سهيل عبد الغفار، وهي رسالة مقسمة إلى بابين، قام المؤلف بجمع عدد جيد من الأحاديث التي تبين حكم التشبه، مع بعض التعليقات التي توضح المقصود من الأحاديث وخاصة المشكل منها، هذا في الباب الثاني، وأما الباب الأول من الرسالة فضمنه تعريف التشبه، وقسم التشبه إلى تشبه ممنوع وتشبه مباح، وهل شرع من قبلنا شرعٌ لنا.
خطة البحث:-
لقد كانت خطة البحث قائمة على تقسيمه إلى مقدمة وبابين وخاتمة.
المقدمة: وذكرت فيها أهمية الموضوع والأسباب التي دفعتني لاختياره وما سبقه من دراسات.
الباب الأول:-
مفهوم التشبه بالكفار وأثره على المسلمين.
الفصل الأول:…تعريف التشبه بالكفار لغة وشرعاً، وأدرجت فيه بعض المسائل التي توضح معنى التشبه بالكفار، وتزيده بياناً، مستضيئاً بالكتاب والسنة وآراء أهل العلم.
الفصل الثاني:…حكم التشبه بالكفار:-
…المبحث الأول: موقف القرآن من التشبه بالكفار، وعرضت فيه لذكر الآيات التي حذرت من التشبه بالكفار، مستنيراً بأقوال أهل العلم في تفسيرها.
…المبحث الثاني: موقف السنة من التشبه بالكفار، قمت في هذا المبحث باستقراء ما ورد في السنة في هذا الباب مستعيناً بأقوال شراح الأحاديث، ومن له كلام من أهل العلم في هذه الأحاديث، وقد استفدت في هذا المبحث مما كتبه الباحث: سهيل عبد الغفار، في رسالته: (السنن والآثار في النهي عن التشبه بالكفار).(1/5)
…المبحث الثالث: موقف الصحابة من التشبه بالكفار، وأوردت فيه بعض المواقف التي وقفها الصحابة الكرام _ رضي الله عنهم _ حذروا فيها من التشبه بالكفار بأقوالهم وأفعالهم.
الفصل الثالث:…أثر التشبه بالكفار على العقيدة:- خصصت هذا المبحث لآثار التشبه بالكفار والتي تمس جانب العقيدة _ كالبحث في خروج المتشبه بهم من الإسلام وعلاقة التشبه بالكفار بالولاء والبراء وغير ذلك، وتطرقت أيضاً إلى غير ذلك من الآثار؛ من باب ذكر الشيء بالشيء، مما يؤدي بعضه إلى بعض. وقد احتوى هذا الفصل على مبحثين:-
…المبحث الأول: أثر التشبه بالكفار في عقائدهم.
…المبحث الثاني: أثر التشبه بالكفار في أعمالهم.
الباب الثاني:-
مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث.
وهو صلب البحث ومادته الأساسية التي تشتمل على جانب الأمثلة والمظاهر بعد أن تحدثت في الباب الأول على ما يتعلق بجانب التنظير والتقعيد ببيان موقف الإسلام من التشبه.
وهذا الباب يشتمل على تمهيد وثلاثة فصول، تكلمت في التمهيد حول التشبه بعد القرون المفضلة وقبيل العصر الحديث، وحول تحديد بداية العصر الحديث.
وجعلت عنوان الفصل الأول:…مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث في الجانب الاعتقادي. وقسمته إلى سبعة مباحث، وبعضها اشتمل على مطالب:-
…المبحث الأول: مظاهر التشبه بالكفار في توحيد المعرفة، وهو التوحيد العلمي الذي يشتمل على توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، ففي هذا المبحث أبين المذاهب الفاسدة التي أدت إلى خدش جانب هذا النوع من التوحيد، أو الإحاد فيه، وأبين مصادرها وأثر اعتناقها على عقائد المسلمين. وقد اشتمل هذا المبحث على عدة مطالب:-
المطلب الأول:…الفلسفة، أصولها وآثارها في العصر الحديث.
المطلب الثاني:…علم الكلام، أصوله وآثاره في العصر الحديث.
المطلب الثالث: الشيوعية، وأثرها على عقيدة وجود الله في العصر الحديث.(1/6)
المطلب الرابع:…الوجودية، وأثرها على عقيدة وجود الله في العصر الحديث.
…المبحث الثاني: مظاهر التشبه بالكفار في توحيد الطلب والقصد، وهو تعطيل للنوع الثاني من التوحيد (توحيد الطلب والقصد)، وفي هذا المبحث أعمل على حل الإشكال الذي شاع بين الناس فيه وهو الخلط بينه وبين توحيد الربوبية، وأبين أنه هو الذي جاء القرآن والسنة بنسبته إلى أهل الجاهلية.
…المبحث الثالث: أثر العلمانية في التحاكم إلى غير الله، أبين من خلال هذا المبحث علاقة التحاكم الوطيدة بالعقيدة، وأبين دور هذا المذهب الفكري في إقصاء التحاكم إلى الله في بلاد المسلمين، وإحلال القوانين الوضعية الكفرية بدلاً منه، ولا أفصل القول في آثار العلمانية الأخرى؛ وأرجئه إلى الفصل الثالث من هذا الباب لأتحدث عنها بشكل عام.
…المبحث الرابع:…مظاهر التشبه بالكفار في تحريف الكتب المنزلة، وفي هذا المبحث أذكر بعض النصوص التي تشهد على أن التحريف للكتب المنزلة من صفات الكفار، ثم أسوق بعض المظاهر لأولئك المنتسبين إلى الإسلام والذين حرفوا في النصوص القرآنية، ومن ثم قسمته إلى مطلبين:-
المطلب الأول:…تحريف النص.
المطلب الثاني:…تحريف معاني القرآن (المعنى).
…المبحث الخامس: مظاهر التشبه بالكفار في جانب النبوات، فالإيمان بالرسول ( وغيره من الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، يجب أن يكون على ما شرعه الله، لا على أساس ما أخذ من الكفار الذين تمسكوا بأحد الجانبين من إفراط أو تفريط في حق الأنبياء الذين أرسلوا إليهم، أو النبوة عموماً. ومن ثم قسمته إلى مطلبين:-
المطلب الأول:…الاستغاثة بالرسول ( أو (إطراء النبي ().
المطلب الثاني:…إدعاء النبوة.(1/7)
…المبحث السادس: مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث في الإيمان بالقدر، وهو سادس أركان الإيمان ولا يكمل الإيمان إلا به، فلذلك أفردت له مبحثاً في جانب العقيدة، مما يوضح بعض العقائد الكفرية التي أدخلت على هذا الركن الركين من أركان الإيمان.
…المبحث السابع: مظاهر التشبه بالكفار في الاختلاف في أصول الدين.
وهذا المبحث جعلته ضمن الجانب الاعتقادي لعلاقته الوطيدة بأصول الدين التي من أهمها أركان الإيمان، فأبين فيه أن الاختلاف في أصول الدين من طريقة الكافرين، ولأن القضايا التي يعتبر الاختلاف فيها من التشبه بالكفار غالباً ما تكون في الجانب الاعتقادي. وقد اشتمل على مطلبين:-
المطلب الأول:…تعريف الاختلاف المذموم.
المطلب الثاني:…ضابط الأصول التي لا يسوغ فيها الخلاف.
الفصل الثاني:…مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث في العبادات.
…وأفردت هذا الفصل لمظاهر التشبه العملية التي يقصد بها التعبد، أو هي في مظان التعبد، وإن لم يقصد بها ذلك.
…المبحث الأول:…الرهبانية والتصوف.
…المبحث الثاني: الأعياد المكانية.
…المبحث الثالث: الأعياد الزمانية.
الفصل الثالث:…المذاهب الفكرية المعاصرة، مصادرها وآثارها في الجانب العملي.
…وهذا الفصل أبين فيه أولاً كيف أن المذاهب الفكرية المعاصرة نشأت في بيئة كافرة، لا علاقة لها بالبيئة الإسلامية، وأبين كيف أنها دخلت إلى بلاد المسلمين، والأفكار التي تدخل تحت هذه المذاهب الفكرية والتي تعتبر من مظاهر التشبه بالكفار. وقسمته إلى ستة مباحث، وبعضها اشتمل على مطالب:-
…المبحث الأول: المذاهب الفكرية المعاصرة وعلاقتها بالغرب.
المطلب الأول: الصراع بين الدين والعلم في الغرب.
المطلب الثاني: قاعدة تأثر المغلوب بالغالب.
…المبحث الثاني: مظاهر تأثر المسلمين بالعلمانية في الجانب العملي.
…المبحث الثالث: مظاهر تأثر المسلمين بالشيوعية في الجانب العملي.(1/8)
…المبحث الرابع: مظاهر تأثر المسلمين بالعقلانية في الجانب العملي.
…المبحث الخامس: مظاهر تأثر المسلمين بالوجودية في الجانب العملي.
…المبحث السادس: القومية والوطنية وأثرها العملي في حياة المسلمين.
الخاتمة: وفيها نتائج البحث.
منهجي في البحث:-
(راجع النسخة المطبوعة).
الباب الأول
مفهوم التشبه بالكفار وأثره على المسلمين
الفصل الأول
تعريف التشبه لغة وشرعاً
المبحث الأول: تعريف التشبه لغة:
مادة: (ش ب هـ) جاءت في اللغة بمعنيين، الأول: المشابهة والمماثلة، والثاني: الالتباس والإشكال، قال ابن فارس: "(شبه) الشين والباء والهاء أصل واحد يدل على تشابه الشيء وتشاكله لوناً ووصفاً. يقال شَبِه وشَبَه وشبيه. والشَّبه من الجواهر: الذي يشبه الذهب، والمشبِّهات من الأمور: المشكلات. واشتبه الأمران إذا أشكلا"(4)، وقال ابن منظور: "وتشبه فلان بكذا. والتشبيه التمثيل"(5)،وقال المناوي: "التشبيه إقامة شيء مقام شيء لصفة جامعة بينهما ذاتية أو معنوية فالذاتية نحو هذا الدرهم كهذا الدرهم وهذا السواد كهذا السواد، والمعنوية نحو زيد كالأسد أو كالحمار، أي في شدته وبلادته، وزيد كعمرو أي في قوته وكرمه"(6)، وقال الزبيدي: "وأمور مشتبهة ومشبهة كمعظمة أي مشكلة ملتبسة يشبه بعضها بعضاً"(7).(1/9)
وتشبه على صيغة (تفعَّل) وهي من صيغ الزوائد(8)، وتأتي بعدة معانٍ، أولها: مطاوعة فعّل كقولك كسّرت الأقلام فتكسرت9، وثانيها: الاتخاذ(10) كتوسد ثوبه أي اتخذه وسادة، وثالثها: التكلف11، كقولك: تصبّرت، أي تكلّفت الصبر، ورابعها: التجنب12، مثل: تحرّج، أي تجنب الحرج، وخامسها: التدرج13، كقولك: تجرعت الماء، أي شربت الماء جرعة بعد جرعة , ومثله تحسيت، وسادسها:الصيرورة14، مثل: تزوج فلان إذا صار زوجاً، وسابعها: الإظهار، قال ابن المبرِّد: "وقوله: (تخلّق) يريد أظهر خلقاً مثل: (تجمَّل) يريد أظهر جمالاً وتصنَّع، وكذلك (تجبّر) إنما تأويله الإظهار"15، وثامنها: الطلب، قال ابن عقيل: "وجيء بناء تفعَّل للدلالة على الطلب، نحو تعظَّم وتيقَّن، أي: طلب أن يكون عظيماً وذا يقين"16 17.
والمعاني الصرفية التي تناسب فعل (تشبّه) هي ما يتعدى منها بالباء، وهي: التكلف والصيرورة والإظهار والطلب، فيقال: تشبه فلان بفلان، أي: طلب التشبه به وتكلفه بعد أن لم يكن من عادته، وأظهر ذلك فصار شبيهاً به.
ففي التشبه معنى تكلف الفعل، وعلى هذا فإن الذي وقع منه التشبه بدون تكلف الفعل ذاته لا يكون قد فعل التشبه، وإنما قد حصل منه مطلق المشابهة، فلا يدخل في التشبه بمعناه اللغوي. وفيه معنى الصيرورة من حال إلى حال، فلا يكون متشبهاً من كان يمارس ما هو معتاد بالنسبة له ولجنسه ونوعه. وفي التشبه معنى الإظهار فمن فعل ما فيه مشابهة لغيره مع إخفائه لا يعد تشبهاً بالمعنى اللغوي ما دام خفياً. وفي التشبه بمعناه اللغوي معنى الطلب فلا يكون الفعل الذي وقع من غير طلب تشبهاً، وإن كانت كل هذه الأفعال لا تخرج عن مطلق المشابهة.
المبحث الثاني: تعريف التشبه بالكفار اصطلاحاً: -(1/10)
لم أقف فيما قرأت للعلماء المتقدمين على تعريف للتشبه إلا على تعريف للغزي وآخر للمناوي رحمهما الله، فأما تعريف المناوي(18) فقد قال شارحاً حديث: ((من تشبه بقوم فهو منهم)): "أي تزيَّا في ظاهره بزيهم وفي تعرفه بفعلهم وفي تخلقه بخلقهم وسار بسيرتهم وهديهم في ملبسهم وبعض أفعالهم، أي وكأن التشبه بحق قد طابق فيه الظاهر الباطن"(19)، وهنا قصد المناوي تعريف التشبه الكامل الذي ينطبق على فاعله قوله صلى الله عليه وسلم: ((فهو منهم)) ولم يتعرض إلى تعريف التشبه الجزئي _ والذي لا يقع عليه وعيد الحديث كاملاً ولكنه لا يخلو من وقوعٍ في التشبه المحرم والمنهي عنه شرعاً _ فهو كالإمام الغزي عليه رحمة الله لم يدخل جزءاً مهماً من المعرف في التعريف ولعلهما قصدا التشبه الذي يقع عليه الوعيد الكامل في الحديث الشريف.(1/11)
وأما تعريف الإمام الغزي(20)_ رحمه الله _ فقد قال: "هو عبارة عن محاولة الإنسان أن يكون شبه المتشبه به، وعلى هيئته وحليته ونعته وصفته، أو هو عبارة عن تكلف ذلك وتقصده وتعلمه"(21)، وهنا نجد الإمام الغزي رحمه الله يعرف أيضاً التشبه الكامل الذي يكون صاحبه به قد شابه به الطرف الآخر من كل وجه، ولذلك قال: وعلى هيئته وحليته ونعته وصفته، أي: في كل أموره، وهذا يقصد به التشبه الذي ينطبق عليه قوله صلى الله عليه وسلم: ((من تشبه بقوم فهو منهم))(22)، فإن هذا النوع من التشبه هو الذي عليه الوعيد في قوله صلى الله عليه وسلم: ((فهو منهم))، وأما من كان تشبهه بهم تشبهاً جزئياً في شيء مما اختصوا به فإنه لا ينطبق عليه كامل وعيد الحديث ولكنه بلا شك لا يسلم من الإثم، قال شيخ الإسلام: "وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم"(23)، وعلى هذا فإن تعريفه لم يشمل التشبه الجزئي الذي لا يعدو أن يكون محرماً، كما يلاحظ على هذا التعريف أنه اشترط قصد التشبه أيضاً، والصحيح أن التشبه قد يكون بغير قصد كما سيأتي.
وأما التعريفات التي وقفت عليها للمعاصرين فقد عرفه الباحث عثمان دوكري في رسالته (التدابير الواقية من التشبه بالكفار) فقال: "هو تمثل المسلم بالكفار في عقائدهم أو عباداتهم أو أخلاقهم أو فيما يختصون به من عادات، أو خضوعه لهم بشكل من الأشكال"(24)، وهذا التعريف أشمل؛ حيث إنه أدخل الرابط: (أو) بين كل من العقائد والعبادات والأخلاق فأفاد أن التشبه المنهي عنه يقع بفعل أحدها، أو بفعلها كلها من باب أولى، ولكن يؤخذ عليه ذكره لخضوع المسلم للكافر _ والخضوع شكل من أشكال الموالاة _ فهذا الفعل (الخضوع للكفار) وإن اعتبر من موالاة أعداء الله فإنه لا يلزم اندراجه ضمن التشبه بهم، فموالاة الكفار أعم من مجرد التشبه بهم، وبينهما عموم وخصوص كلي.(1/12)
ومن التعاريف النافعة للتشبه ما أورده الشيخ الدكتور ناصر العقل حيث قال: "هو مماثلة الكافرين بشتى أصنافهم، في عقائدهم، أو عباداتهم، أو عاداتهم، أو في أنماط السلوك التي هي من خصائصهم"(25)، وفي الحقيقة فإن هذا التعريف من أشمل التعاريف حيث إنه أدخل التشبه بنوعيه الكلي والجزئي غير أنه لم يورد الفاعل للتشبه(26) وهو المسلِم _ ويدخل تحته من يدعي الإسلام بحكم أنه من المسلمين في الظاهر(27) _ وذلك ركن من أركان التشبه بالكفار، كما يؤخذ على هذا التعريف والتعاريف السابقة أنها لم تخرج التشبه المباح من التعريف، فاشتراط كونه من خصائص الكفار لا يخرج ما كان من الأمور المفيدة التي تقتضيها الحكمة الثابتة شرعاً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم عمل ببعض ما اختص به الكفار في زمنه كما فعل في قصة حفر الخندق28 الذي كان من خصائص الفرس، فلا بد من إدخال شرط في التعريف يخرج به التشبه المباح شرعاً، وعلى هذا فيمكن تعريف التشبه اصطلاحاً بأنه: مضاهاة المسلم للكفار لغير مصلحة معتبرة شرعاً، فكلمة مضاهاة تعني التشبه سواء أكان جزئياً أم كلياً وسواء أكان بقصد أو بغير قصد، وتخرج المعاني التي لا تعتبر تشبهاً _ وإن كانت من العلاقات المحرمة بالكفار _ كالولاء للكفار، كما ذُكر في التعريف ركنا التشبه وهما المسلمون والكفار، ثم أخرج التعريفُ التشبه المباح الذي قد يُتوهم دخوله في النوع المحرم وذلك بعبارة: لغير مصلحة معتبرة شرعاً، فما كان لمصلحة معتبرة شرعاً خرج عن كونه تشبهاً محرماً، وبهذا يكون التعريف جامعاًَ مانعاً.
…
وهنا مسألتان:
المسألة الأولى:مراعاة قصد التشبه:(1/13)
… إن للقصد في التشبه معنيان: أما الأول: فهو قصد ذات الفعل، مع علمه بأنه من خصائصهم، فلو لم يقصد ذات الفعل الذي يعتبر تشبهاً وقصد غيره مما لا علاقة له بالتشبه: لم يكن من التشبه المحظور، فإن العذر بعدم قصد ذات الفعل مرعي في الشريعة؛ فإنه من الخطأ الذي يعذر صاحبه، وعلى هذا المعنى ينطبق قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات))29، وهذا المعنى30 مراعىً _ في الحكم على كون الفعل تشبهاً أم لا _ بلا شك، فلا يمكننا أن نسمي من فعل فعلاً دون إرادته ودون سبق قصد منه _ كالجاهل والمكره والمخطئ والناسي والنائم والمجنون _ متشبهاً بحال من الأحوال.
والمعنى الثاني: قصد ذات الفعل مع علم الفاعل بأن الفعل من خصائصهم وذلك بأن يكون الفاعل فعل الفعل مع قصده إياه _ وهنا خرج عن كونه ناسياً أو مكرهاً...... إلخ _ بالإضافة إلى علمه بأن هذا الفعل من خصائصهم، فهنا حصل منه قصد ذات الفعل ولكنه لم يحصل منه ذلك التشوف والركون إلى الكفار، ومع ذلك يكون متشبهاً ؛ وذلك لقصده ذات الفعل الذي يعلم كونه من التشبه المنهي عنه والأمور بمقاصدها، فأما إذا زاد على ذلك إرادة التشبه وقصده فإنه عندئذ قد جاء بمحظور زائد على مجرد التشبه فإن فيه عملاً قلبياً يشعر بمحبتهم وإكنان المودة لهم، وهذا أخطر من مجرد التشبه العملي بهم، فإني لم أجد _ حسب اطلاعي _ عن أحد من السلف أنه لما نُهي عن مظهر من مظاهر التشبه اعتذر بأنه لم يقصد المشابهة، بل كانت حالهم - لو افترضنا وقوع أحدهم في ذلك- لا تخرج عن عدم العلم بأن الفعل المعني به من خصائص المشركين(31)، وعلى هذا فإنه يحرم عليه فعل التشبه سواء قصد التشبه أو لم يقصده، ما دام أنه قصد ذات الفعل الذي يعلم أنه من خصائص الكفار.(1/14)
…وأسوق هنا مثالاً من السنة لعله يؤكد ما سبق، عن أبي أمامة رضي الله عنه، في حديث طويل قال: قال عمرو بن عبسة السلمي(32) كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة وأنهم ليسوا على شيء وهم يعبدون الأوثان فسمعت برجل بمكة يخبر أخباراً فقعدت على راحلتي فقدمت عليه فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفياً...... إلى أن قال: فقلت يا نبي الله أخبرني عما علمك الله وأجهله، أخبرني عن الصلاة قال: ((صل صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع ؛ فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى يستقل الظل بالرمح(33)، ثم أقصر عن الصلاة فإن حينئذ تسجر جهنم(34) فإذا أقبل الفيء فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس؛ فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار))(35) ففي هذا الحديث لم يرِد أن النبي صلى الله عليه وسلم قيّد النهي عن المشابهة فيه بالقصد، قال شيخ الإسلام: "ومعلوم أن المؤمن لا يقصد السجود إلا لله تعالى، وأكثر الناس قد لا يعلمون أن طلوعها وغروبها بين قرني شيطان، ولا أن الكفار يسجدون لها، ثم إنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في هذا الوقت؛ حسماً لمادة المشابهة بكل طريق"(36).(1/15)
ولذلك يخطئ من يشترط قصد التشبه بالكفار ليكون فاعل التشبه متشبهاً بهم، كما جاء في كتاب: (رد المحتار على الدر المختار) أن التشبه لا يقع إلا مع قصد التشبه فقال في معرض الحديث عن التشبه بالكفار: "أي إن قصده، فإن التشبه بهم لا يكره في كل شيء بل في ما يقصد به التشبه"(37)، وتابعه على ذلك الباحث: جميل بن حبيب اللويحق المطيري في رسالته: التشبه المنهي عنه في الفقه الإسلامي، واحتج بحديث: ((إنما الأعمال بالنيات))(38)، وهذا الحديث إنما يستدل به على اشتراط قصد ذات الفعل كما ذكرت فيما سبق، وظاهر دلالة حديث أبي أمامة يفهم منها كون التشبه بهم لا يشترط له قصد التشبه مع قصد ذات الفعل.
…كما أن القصد قد يكون له تأثير فيما كان من الحكمة الأخذ به من اختراعات الكفار المأخوذة عنهم أصلاً، فالشرع قد أباحها كما تقدم، ولكن إذا اقترن بذلك قصد التشبه بالكفار والميل لهم ومحبتهم وتفضيل ما عندهم على ما عند المسلمين فإن هذه النية تعتبر من موالاة الكفار المحرمة(39)، وإن كان ظاهر الفعل جائزاً.(1/16)
وحديث عمرو بن عبسة _( _ السابق يفهم منه وجوب ترك العمل الذي فيه مشابهة للكفار، ولو كان مع عدم التشوف(40) والميل القلبي إلى ما عند الكفار وبه قال شيخ الإسلام كما سبق عرضه(41)، وقد قال ابن تيمية _ رحمه الله _ في موضع آخر: "ما كان في الأصل مأخوذاً عنهم، إما على الوجه الذي يفعلونه، وإما مع نوع تغيير في الزمان، أو المكان، أو الفعل، ونحو ذلك، فهو غالب ما يبتلى به العامة، في مثل ما يصنعونه في الخميس الحقير42 والميلاد ونحوهما، فإنهم قد نشؤوا على اعتياد ذلك، وتلقاه الأبناء عن الآباء وأكثرهم لا يعلمون مبدأ ذلك، فهذا يعرّف صاحبُه حكمَه فإن لم ينته وإلا صار من القسم الأول"43، يقصد بالأول ما لا شك في تحريمه من التشبه بهم، وقد فصله قبل هذا الكلام، ووجه الاستدلال بكلامه _ رحمه الله _ هنا: أن من عمل ما كان مأخوذاً عنهم في الأصل وهو لا يعلم أنه من عوائدهم؛ فهو بلا شك لا يقصد التشبه بهم، ومع ذلك أمر شيخ الإسلام بأن يعرَّف صاحب الفعل حكمه _ وهو التحريم _ ثم بعد ذلك إذا انتهى عن الفعل فبها ونعمت وأما إذا لم ينته فقد صار من القسم الأول المحرم، وفي هذه الحال لا يكون هذا قد قصد التشبه؛ لأنه كان يفعل الفعل ذاته قبل أن يعلم أنه من خصائصهم، وكذلك لم يقل شيخ الإسلام: يُسأل صاحبُه عن قصده، بل قال يعرَّف صاحبه حكمه، فلم يشترط أن يقصد التشبه، بل اشترط مجرد المعرفة بأن هذا الفعل من خصائص المشركين.(1/17)
قال شيخ الإسلام: "ومن هذا الباب أنه ( كان إذا صلى إلى عود أو عمود جعله إلى حاجبه الأيمن أو الأيسر ولم يصمد له صمداً44، ولهذا نهى عن الصلاة إلى ما عبد من دون الله في الجملة وإن لم يكن العابد يقصد ذلك، ولهذا ينهى عن السجود لله بين يدي الرجل وإن لم يقصد الساجد ذلك؛ لما فيه من مشابهة السجود لغير الله، فانظر كيف قطعت الشريعة المشابهة في الجهات وفي الأوقات، وكما لا يصلى إلى القبلة التي يصلون إليها كذلك لا يصلى إلى ما يصلون له بل هذا أشد"(45).
ومن تصريحات شيخ الإسلام الجلية في هذا الباب قوله رحمه الله: "وقد تقدم بيان أن ما أمرنا الله ورسوله به من مخالفتهم مشروع سواء كان ذلك الفعل مما قصد فاعله التشبه بهم أو لم يقصد، وكذلك ما نهى عنه من مشابهتهم يعم ما إذا قُصدت مشابهتهم أو لم تقصد فإن عامة هذه الأعمال لم يكن المسلمون يقصدون المشابهة فيها، وفيها مالا يُتصور قصد المشابهة فيه كبياض الشعر وطول الشارب(46) ونحو ذلك"(47).
وعلى هذا فإنه لا عبرة بادعاء عدم القصد؛ فإن من فعل ما هو تشبه بالمشركين، وهو يعلم حكمه فإنه قد وقع في التشبه المنهي عنه، ولو كان لا يقصد مشابهتهم فيه.
وأمر الشريعة بمخالفتهم مطلقاً دليل على عدم مراعاة قصد من وافقهم في فعلهم _ ما دام أنه يعلم بوجوب المخالفة _ قال شيخ الإسلام: "قوله صلى الله عليه وسلم: غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود(48). دليل على أن التشبه بهم يحصل بغير قصد منا، ولا فعل، بل بمجرد ترك تغيير ما خلق فينا، وهذا أبلغ من الموافقة الفعلية الاتفاقية"49.
وهذا الحديث الذي أورده شيخ الإسلام هنا يشبه الصريح من كلامه صلى الله عليه وسلم في تسمية ما هو مأخوذ عنهم: تشبهاً ولو كان بغير قصد.
المسألة الثانية: ما كان مأخوذاً عنهم في الأصل ثم صار من عوائد المسلمين، وما كان غير مأخوذ عنهم:
…(1/18)
إن ما كان مأخوذاً عن الكفار في الأصل هو مظهر من مظاهر التشبه ولو صار بعد ذلك من عوائد المسلمين، إذا تبين حكمه؛ فإن اعتياد المسلمين له لا يخرجه عن دائرة مضاهاتهم. قال شيخ الإسلام: "ما كان في الأصل مأخوذاً عنهم إما على الوجه الذي يفعلونه وإما مع نوع تغيير في الزمان أو المكان أو الفعل ونحو ذلك فهذا غالب ما يبتلى به العامة في مثل ما يصنعونه في الخميس الحقير(50) والميلاد ونحوهما فإنهم قد نشئوا على اعتياد ذلك وتلقاه الأبناء عن الآباء وأكثرهم لا يعلمون مبدأ ذلك فهذا يعرّف صاحبه حكمه فإن لم ينته وإلا صار من القسم الأول"51 يقصد بالقسم الأول: ما لا شك في تحريمه والذي قد يبلغ التحريم في بعضه إلى أن يكون من الكبائر، وقال ابن حجر في الفتح: "وقد كره بعض السلف لبس البُرنُس(52) لأنه كان من لباس الرهبان، وقد سئل مالك عنه فقال: لا بأس به، قيل: فإنه من لبوس النصارى قال كان يلبس ههنا"53، فبيَّن الإمام مالك _ كما نقل عنه ابن حجر _ أنه لم يبح لبسه إلا لأنه كان يلبس ههنا، _ أي عند المسلمين54 _ ولولا ذاك لحكم عليه بالتحريم ما دام أنه مأخوذ عن النصارى.(1/19)
وأما ما لم يكن في الأصل مأخوذاً عنهم ولكنهم يفعلونه أيضاً: فلا يكون ذلك من التشبه المنهي عنه، وكذلك ما فعله المسلمون من الأمور المباحة وفعله الكفار كذلك ولكن أحداً من المسلمين لم يأخذه عن الكفار في فعله إياه، فلا يكون ذلك من التشبه المحرم، ما لم ينص الشرع على كونه من التشبه بهم، فإن ما نص عليه الشارع له وضعه الخاص، ومما نص عليه الشرع ما يمكن أن يندرج تحت هذا النوع، فمن ذلك نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم الشريد الثقفي(55) عن قعدة المغضوب عليهم وهذا مما قد يكون من أفعال المسلمين التي لم يأخذوها عن الكفار بل فعلوها من عند أنفسهم، ولكن النص أخرجه فصار من التشبه المنهي عنه ولولا نهي الرسول ( لما زاد الحكم على استحباب مخالفتهم في هذا النوع من القعود56؛ لأنه لم يكن في الأصل مأخوذاً عنهم ولكنهم يفعلونه، قال شيخ الإسلام: "النوع الثاني(57): ما ليس في الأصل مأخوذاً عنهم لكنهم يفعلونه أيضاً، فهذا ليس فيه محذور المشابهة ولكن قد يفوت فيه منفعة المخالفة، فتتوقف كراهة ذلك وتحريمه على دليل شرعي وراء كونه من مشابهتهم، فأما استحباب تركه لمصلحة المخالفة إذا لم يكن في تركه ضرر؛ فظاهر لما تقدم من المخالفة، وهذا قد توجب الشريعة مخالفتهم فيه"(58).
وقد جمع شيخ الإسلام بين تقرير هذه المسألة ومسألة القصد _ السابقة _، في جملة واحدة فقال رحمه الله: "فمن انعطف على ما تقدم من الدلائل العامة نصاً وإجماعاً وقياساً تبين له الفرق بين ما بقينا فيه على عادتنا لم نحدث شيئاً نكون به موافقين لهم فيه وبين أن نحدث أعمالاً أصلها مأخوذ عنهم، قصدنا موافقتهم أو لم نقصد "(59).(1/20)
ويستثنى مما سبق: ما استفاض عند المسلمين حتى صار من شعارهم ولم يعد الكفار يفعلونه _ ما لم يكن في تحريمه نص؛ فإن ما نص عليه الشارع له وضعه الخاص فلا يتبدل ولا يتغير باختلاف الأزمنة والأماكن _ احتراماً للنص، وإيماناً بأن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان، قال ابن حجر في الفتح _ مبيناً أن ما استفاض عند المسلمين حتى صار من شعارهم لا يعد تشبهاً بالكفار حتى ولو كان مما يفعله الكفار _، في معرض حديثه عن حكم لبس الطيلسان: "وإنما يصلح الاستدلال بقصة اليهود في الوقت الذي تكون الطيالسة من شعارهم وقد ارتفع ذلك في هذه الأزمنة فصار داخلاً في عموم المباح، وقد يصير من شعائر قوم فيصير تركه من الإخلال بالمروءة"60، فهناك فرق بين أن نحدث أعمالاً نشابههم بها، وبين أن يباشر المسلمون ما استفاض عندهم حتى لم يعد يعتبر من شعار الكفار.
وكما أنه قد يصير الفعل من شعار المسلمين بعد أن كان شعاراً للكفار، فقد يصير الفعل تشبهاً بعد أن لم يكن كذلك، وذلك بأن يصير الفعل من شعار الكفار، يقول الذهبي عن زمنه: "ألا ترى أن العمامة الزرقاء والصفراء كان لبسهما لنا حلالاً قبل اليوم. وفي عام سبعمائة، فلما ألزمهم السلطان الملك الناصر حرمت علينا"61.
وقد يرد سؤال مفاده: هل فيما صح عن الأنبياء السابقين ويدين به اليهود أو النصارى ويفعله المسلمون اليوم ولم يرد في شريعتنا62، هل هذا يدخل ضمن التشبه المنهي عنه، أم لا ؟(1/21)
…وللإجابة على هذا السؤال: لا بد لنا من العلم بثبوت ذلك عن الأنبياء السابقين لمحمد عليه الصلاة والسلام قال ابن العربي _ رحمه الله _: "وإنما الخلاف فيما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنه من شرع من قبلنا من معرض المدح والثناء هل يلزم اتباعه أم لا"(63)، وذلك لا يكون إلا عن طريق الكتاب أو السنة في الغالب(64)، فإن ثبت ذلك _ كما في أفعال الأنبياء التي ختمها الله تعالى بقوله: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)65 _ فإن هذا ليس فيه تعارض مع ما سبق من تحريم التشبه بالمشركين، قال الآمدي(66): "اختلفوا في النبي عليه السلام وأمته بعد البعثة هل هم متعبدون بشرع من تقدم؟ فنقل عن أصحاب أبي حنيفة وعن أحمد في إحدى الراويتين عنه وعن بعض أصحاب الشافعي أن النبي عليه السلام كان متعبداً بما صح من شرائع من قبله بطريق الوحي إليه لا من جهة كتبهم المبدلة ونقْل أربابها"67، فإنه إنما نهينا عن التشبه بهم في ما لم يرد فيه نص يدل على كونه من هدي النبيين، بشرط أن لا يكون في شرعنا بيان خاص بالموافقة أو المخالفة فإن وجد ذلك في شرعنا لزم الاستغناء به عن غيره68، وأما إذا لم يثبت أن ذلك من هدي النبيين فإنه من التشبه المنهي عنه.
…وأما أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر فيه بشيء: فإن ذلك نسخ69 بأحاديث الأمر بالمخالفة، وعلى فرض أن ذلك لم ينسخ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك لمعرفته بالوحي فكان يعرف حقهم من باطلهم عن طريقه70.
الفصل الثاني
حكم التشبه بالكفار.
المبحث الأول: موقف القرآن من التشبه بالكفار:-(1/22)
…إن من دعاء المؤمنين في أول سورة من القرآن أن يهديهم الله الصراط المستقيم المخالف للكفار من اليهود والنصارى(71)، وهو الدعاء الذي يدعو به المسلمون في كل صلاة، والذي تضمنته أعظم سورة في القرآن والتي لا تصح الصلاة إلا بها فقد أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج(72) يقولها ثلاثا))73، وهذا الدعاء في قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)74، قال ابن كثير: "وهما طريقة اليهود والنصارى"75، وقال: "فإن طريقة أهل الإيمان مشتملة على العلم بالحق والعمل به واليهود فقدوا العمل والنصارى فقدوا العلم "وقد ورد في تفسير هذه الآية حديث عن عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضُلاّل))(76)، قال ابن كثير: "أخص أوصاف اليهود الغضب كما قال تعالى: (مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ)(77)، وأخص أوصاف النصارى الضلال كما قال تعالى عنهم: (قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سواءِ السَّبِيلِ)(78)، وبهذا جاءت الأحاديث والآثار"79.
والمتأمل في كتاب الله تعالى يجد موقفه من التشبه واضحاً جلياً، ألا وهو موقف النهي عن التشبه بالكفار80 بصيغ مختلفة وطرق متعددة، فينهى الله تبارك وتعالى عن التشبه عموماً في مواضع، وينهى عن اتباع أهواء الكفار في مواضع أخرى، وينهى أحياناً عن التشبه بهم في الاستمتاع بالشهوات المحرمة، وقد ينهى عن موافقتهم في ما هو جائز أحياناً أخرى سداً لذريعة التشبه، وينهى عن التشبه بهم في الحكم بين الناس بالباطل، ويبرئ نبيه صلى الله عليه وسلم منهم تبرئة تامة.
وتفصيل ذلك فيما يلي:-…(1/23)
1- فأما نهيه عن التشبه عموماً فقد قال تعالى في معرض إجابته لدعاء النبيين الكريمين موسى وهارون: () فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)81، قال الطبري في تفسيرها: "ولا تسلكا طريق الذين يجهلون حقيقة وعدي فتستعجلان قضائي فإن وعدي لا خالف له وإن وعيدي نازل بفرعون"82، فأمرهما بالاستقامة ونهاهما عن سلوك طريق الذين لا يؤمنون بوعد الله ووعيده، وجعل الاستقامة تنافي اتباع سبيل الكافرين، ولذلك كانت وصية موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لأخيه هارون بذلك: (وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)83.(1/24)
…2- وأما نهيه عن اتباع أهوائهم ففي قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ، إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ)(84), قال شيخ الإسلام: "وأهواؤهم هو ما يهوونه وما عليه المشركون من هديهم الظاهر الذي هو من موجبات دينهم الباطل، وتوابع ذلك فهم يهوونه وموافقتهم فيه اتباع لما يهوونه"(85)، (الذين لا يعلمون): قال الشوكاني: "وهم كفار قريش ومن وافقهم"(86)، وقال القرطبي: "قال ابن عباس: قريظة والنضير نزلت لما دعته قريش إلى دين آبائه"87، وقال:" قال ابن عباس: يريد أن المنافقين أولياء اليهود والله ولي المتقين"88، وهذا القول يقتضي أن التشبه بأعداء الله واتباع أهوائهم من صفات المنافقين _ أجارنا الله من حالهم _ وقال تعالى في النهي عن اتباع أهوائهم أيضاً: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ، وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ)89، قال الطبري رحمه الله في تفسيرها: "نهاه جل ثناؤه عن ترك ما أنزل إليه واتباع الأحزاب وتهدده على ذلك إن فعله فقال: ولئن اتبعت يا محمد أهواءهم _ أهواء هؤلاء الأحزاب ورضاهم ومحبتهم _ وانتقلت من دينك إلى دينهم ما لك من يقيك من عذاب الله إن عذبك على اتباعك أهواءهم"90، فلئن كان اتباع أهواء الكفار موجباً لسخط الله على نبيه، فإن ذلك العقاب يكون لمن اتبع أهواء الكفار من أمته(1/25)
من باب أولى، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالضمير في (أهواءهم) يعود والله أعلم إلى ما تقدم ذكره، وهم الأحزاب الذين ينكرون بعضه فدخل في ذلك كل من أنكر شيئاً من القرآن من يهودي أو نصراني وغيرهما وقد قال: (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) ومتابعتُهم فيما يختصون به من دينهم وتوابع دينهم: اتباع لأهوائهم، بل يحصل اتباع أهوائهم بما هو دون ذلك"91، فكل ما باين القرآن من أفعالهم فهو من أهوائهم التي توجب لمن اتبعها سخط الله وعذابه، وليس النهي عن هذا هو المقصود فحسب بل سيأتي النهي عما كان جائزاً بحكم القرآن من حيث الأصل ولكن نُهي عنه لمجرد سد ذريعة التشبه.
…3- ومن نهيه عن اتباع أهوائهم قوله تعالى: (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ)(92)، قال الطبري رحمه الله في تفسيرها: "(وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ): ولئن التمست يا محمد رضا هؤلاء اليهود والنصارى الذين قالوا لك ولأصحابك (كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا) فاتبعت قبلتهم يعني فرجعت إلى قبلتهم، ويعني بقوله: (مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ): من بعد ما وصل إليك من العلم بإعلامي إياك أنهم مقيمون على باطل وعلى عناد منهم للحق (إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) يعني أنك إذا فعلت ذلك من عبادي الظلمة أنفسهم المخالفين أمري والتاركين طاعتي وأحدهم وفي عدادهم"(93)، فوصف الظلم ملازم لمن اتبع أهواء الكفار ولو كان فعله ذلك من أجل أن يقرب بينه وبين الكفار _ سواءً أكان ذلك من أجل دعوتهم أو من أجل مصالح اقتصادية أو سياسية أو غير ذلك _ لعموم الآية، فلا يجوز أن يتنازل المسلم عن شيء من أصول دينه مجاراة للكفار ومداهنة لهم.(1/26)
…4- ومن نهيه تعالى عن التشبه بهم فيما هو محرم علينا قوله تعالى: (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)(94)، وهذه الآية من أقوى الآيات في التخويف من سلوك سبيل الكافرين، والتحذير من التشبه بهم، فقد جمع الله تبارك وتعالى فيها بين وصف المنافقين بالتشبه بهم في جانب الاعتقاد الفاسد والأهواء الباطلة وبين وصفهم بالاستمتاع بالنصيب الحرام من الشهوات، كما أن هذه الآية جاءت في سورة التوبة وهي التي تسمى الفاضحة لأنها فضحت المنافقين وجلّت صفاتهم،فقد روى البخاري أن ابن عباس سُئل عن سورة التوبة ؟ فقال: "التوبة هي الفاضحة ما زالت تنزل (ومنهم) حتى ظنوا أنها لن تبقي أحداً منهم إلا ذكر فيها"95، وما ذكره الله في هذه الآية هو بعض صفات المنافقين في هذه السورة العظيمة التي فضح الله فيها المنافقين بذكر صفاتهم العملية وكان منها صفة التشبه بالكفار، فيؤخذ منها أن التشبه بالكفار إنما هو من صفات المنافقين التي حذرت منها هذه السورة، قال الطبري رحمه الله: "(فاستمتعوا بخلاقهم) يقول فتمتعوا بنصيبهم وحظهم من دنياهم ودينهم ورضوا بذلك من نصيبهم في الدنيا عوضاً من نصيبهم في الآخرة وقد سلكتم أيها المنافقون سبيلهم في الاستمتاع (وخضتم) في الكذب والباطل على الله"(96)، فلم يكتف بذكر تحريم هذه الأفعال بل شبه مقارفتهم لها بفعل الذين كفروا من قبل مما زاد في قبحها ونكارتها، وعلى هذا فالفعل المنهي عنه إذا كان في الأصل من خصال الكفار فإنه يكون أعظم جرماً وأشد خطراً من فعل المحرم العادي.(1/27)
وجمع الله في هذه الآية ذم التشبه بالكفار في جانب الشبهات وفي جانب الشهوات المحرمة، قال شيخ الإسلام: "وجمع سبحانه بين الاستمتاع بالخلاق، وبين الخوض؛ لأن فساد الدين: إما أن يقع بالاعتقاد الباطل، والتكلم به، أو يقع في العمل بخلاف الاعتقاد الحق، والأول: هو البدع ونحوها، والثاني: فسق الأعمال ونحوها، والأول: من جهة الشبهات، والثاني: من جهة الشهوات"(97).
…ومما يندرج مع ما سبق قوله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماًً)(98) ، هذه الآية جاءت في وصف عباد الرحمن المتقين، ففسرها غير واحد من السلف بأن الزور99 هو أعياد المشركين، قال ابن كثير عليه رحمة الله: "وهذه أيضا من صفات عباد الرحمن أنهم لا يشهدون الزور، قال غير واحد من السلف: هو أعياد المشركين"100، وقال القرطبي رحمه الله: "وعن ابن عباس ( أنه أعياد المشركين"101، ونقل شيخ الإسلام _ رحمه الله _ عن غير واحد من أهل العلم كذلك قوله: أنه أعياد المشركين102، وهذا يعني أن صفات عباد الرحمن المتقين لا يمكن أن تكمل إلا بأن يكونوا في منأى عن صفات الكفار وشعائرهم الظاهرة، كالأعياد وغيرها.(1/28)
…ومما نهينا عن التشبه بهم فيما هو محرم علينا أصلاً: قسوة القلب بعد طول الأمد، قال تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ)103، قال الطبري عليه رحمة الله: "ويعني بقوله: (فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ): ما بينهم وبين موسى صلى الله عليه وسلم وذلك الأمد: الزمان"(104)، وقال: "(وَلاَ يَكُونُواْ): يعني الذين آمنوا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم (كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ) يعني: من بني إسرائيل ويعني بالكتاب الذي أوتوه من قبلهم: التوراة والإنجيل"(105)، وقد قال تعالى لبني إسرائيل: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ)(106)، وقال: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ)107، ولما كانت من صفات بني إسرائيل قسوة القلب صار يعد ذلك من التشبه المحرم، وقسوة القلب جاء تحريمها في قوله تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ)108، ولكن زاد في تحريمها ما فيها من مضاهاة للكفار من أهل الكتاب، فكل من كان في قلبه شيء من القسوة بعد طول الأمد ففيه من مشابهة الكفار حسب تلك القسوة.(1/29)
ومن ذلك قوله تعالى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ)109، قال الطبري رحمه الله: "هم أهل الكتاب نهى الله أهل الإسلام أن يتفرقوا ويختلفوا كما تفرق واختلف أهل الكتاب"110، وقد نهانا الله عز وجل عن الافتراق لأنه شر، وأخبرنا في كتابه أن النهي عن الافتراق يعتبر من أصول شرائع الأنبياء من أولي العزم من الرسل فقال: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)111، ونهانا عن مشابهة الذين خالفوا شرائع الأنبياء بالتفرق كما في آية آل عمران السابقة وكما في قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ)(112).
6- ومن موقف القرآن من التشبه: نهيه تعالى عن موافقة الكفار حتى فيما هو جائز بالنسبة للمسلمين من ناحية الأصل؛ سداً للذريعة وحسماً لمادة التشبه ...
(لتكملة المبحث: راجع النسخة المطبوعة).
المبحث الثاني: موقف السنة من التشبه بالكفار:(1/30)
لقد جاء موقف السنة، موافقاً للقرآن تماماً، وكما هي طريقة السنة مع القرآن أنها تبين عن خاصه وعامه وتفسر مبهمه(113) وتفصل مجمله، وتقيد مطلقه، وتشرح أحكامه(114)، ولقد جاء موقف السنة من التشبه ملفتاً لنظر الباحث إلى خطورة التشبه بالكافرين؛ فإنك تجد النبي صلى الله عليه وسلم قد سلك كل طريق ممكنة لبيان أهمية المفاصلة الكاملة بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وعمل بكل ما يقطع المشابهة بين من رضي بالله معبوداً وإلهاً، وبين من عبد الطاغوت(115) وكفر بمن حق له أن يكون معبوداً وإلهاً، فلم يترك أمراً يزيد المباينة بينهما إلا أمر به ورغب فيه، ولم ير شيئاً يقيم الصلة بينهما إلا نهى عنه وحذر منه. فمن الأحاديث ما جاء النهي فيها عن التشبه بالكفار نهياً صريحاً، دون ذكر سبب النهي، ومن الأحاديث ما جاء النهي فيه عن التشبه بهم مع التعليل بالمخالفة لهم، ومنها ما جاء فيه نسبة المتشبه بهم إلى الجاهلية، ومنها ما جاء فيه التحذير من التشبه بهم لأن ذلك ملحق بهم وحكم المتشبه بهم كحكمهم، ومن الأحاديث في السنة النبوية ما جاء فيه الترهيب من التشبه بهم لما حصل لهم من عقوبة الله، ومن الأحاديث ما ورد فيه النهي عن التشبه بهم على صيغة الإخبار عن حال المسلمين في المستقبل وانجرافهم وراء التشبه الأعمى بالكفار، هذا من ناحية الإجمال، وتفصيل ذلك فيما يلي:-(1/31)
…1- فمن الأحاديث التي جاء فيها النهي عن التشبه بالكفار نهياً صريحاً مجرداً عن ذكر سبب من الأسباب: ما جاء عن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ((ما هذان اليومان))، قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر)) (116)، قال شيخ الإسلام رحمه الله: "فوجه الدلالة: أن اليومين الجاهليين لم يقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة، بل قال: ((إن الله قد أبدلكم بهما يومين آخرين)) والإبدال من الشيء يقتضي ترك المبدل منه....وأيضا فقوله لهم ((إن الله قد أبدلكم)) لما سألهم عن اليومين فأجابوه ((إنهما يومان كانوا يلعبون فيهما في الجاهلية))، دليل على أنه نهاهم عنهما اعتياضاً بيومي الإسلام؛ إذ لو لم يقصد النهي لم يكن ذِكْر هذا الإبدال مناسباً؛ إذ أصل شرع اليومين الإسلاميين كانوا يعلمونه، ولم يكونوا ليتركوه لأجل يومي الجاهلية"(117)، وهنا وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدة جليلة من خلال هذا الحديث حيث استبدل ذانك اليومين بيومين آخرين، دون ذكر سبب ظاهر وهذا يدل على أن مخالفة الكفار من مقصود الشارع أصلاً، فسكوته عن ذكر سبب الاستبدال يشعر بكون المخالفة لهم مما لا نقاش فيه، وأنه مما عرف من طريقة الشارع.(1/32)
ومن النهي الصريح عن موافقة الكفار ما ورد أيضاً عن ابن عباس أنه سمع عمر رضي الله عنه يقول على المنبر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله))(118)، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الإطراء، ورفعه صلى الله عليه وسلم إلى منزلة فوق منزلته وهذا تحريمه معلوم من دين الإسلام، وبه جاء محمد صلى الله عليه وسلم وعنه دافع وصال وجال، ولكنه مع ذلك ذكر النصارى الذين وقعوا في الضلال، ففيه ترسيخ معنى أنهم ضُلاَّل وأنهم أمعنوا في الضلال، مما يرسخ بدوره وجوب مخالفتهم، وعندها ينقدح في الذهن أن الأصل في هؤلاء القوم: الضلال والانحراف عن الصراط المستقيم، والواجب مخالفتهم في جميع شؤونهم، إلا في عمل دل الدليل أو القياس الصحيح على جواز موافقتهم فيه.
2- وقد جاءت بعض الأحاديث بالأمر ببعض الأفعال أو النهي عن بعضها مع التعليل _ لذلك الأمر أو النهي _ بمخالفة أهل الكتاب منها:
ما رواه أبو عمير بن أنس(119) عن عمومة له من الأنصار قال: "اهتم النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة كيف يجمع الناس لها فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة فإذا رأوها آذن بعضهم بعضاً فلم يعجبه ذلك، قال فذكر له القنع _ يعني الشبور(120) _ فلم يعجبه ذلك وقال: ((هو من أمر اليهود))، قال: فذكر له الناقوس(121) فقال: ((هو من أمر النصارى))(122)، قال شيخ الإسلام: "وهذا يقتضي نهيه عن كل ما هو من أمر اليهود والنصارى"(123)، فهنا رفض النبي صلى الله عليه وسلم أن يستعمل شيئاً من الأدوات التي يستخدمها أهل الكتاب مع أنها لم تعرض عليه إلا من أجل الدعوة إلى الصلاة التي هي عمود الدين، وقد اشتملت على أعظم ما يميز المسلمين عن غيرهم من أهل الملل كالشهادتين، وغيرهما، ومع ذلك رفض النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وجعل علة تركه له أنه من فعل اليهود والنصارى.(1/33)
ومنها ما رواه جابر رضي الله عنه قال: اشتكى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ فصلينا وراءه وهو قاعد وأبو بكر يسمع الناس تكبيره، فالتفت إلينا فرآنا قياماً فأشار إلينا، فقعدنا فصلينا بصلاته قعوداً فلما سلم قال: ((إن كدتم آنفاً لتفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا ائتموا بأئمتكم إن صلى قائماً فصلوا قياماً وإن صلى قاعداً فصلوا قعوداً)) (124)، قال شيخ الإسلام: "وهذا تشديد عظيم في النهي عن القيام للرجل القاعد ونهى أيضاً عما يشبه ذلك وإن لم يقصد به ذلك، فهل بعد هذا في النهي عن مشابهتهم في مجرد الصورة غاية"(125)، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القيام عليه وهو قاعد، وعلل النهي بأن هذه الصورة تشبه صورة قيام فارس والروم على ملوكهم وهم قعود، مع أنهم لم يكونوا في صلاة حال قيامهم على ملوكهم، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أصحابه عن ذلك إمعاناً في البعد عن مشابهة الكفار.
ومن الأحاديث التي جاء فيها الأمر بفعل من الأفعال معللاً بمخالفة الكفار أيضاً: قوله صلى الله عليه وسلم: ((خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم))(126)، وهذا تصريح منه صلى الله عليه وسلم بالأمر بالمخالفة(127)، ثم أعقب ذلك بالأمر بلبس النعال أو الخفاف في حال الصلاة وكأن هذا الأمر لم يشرع إلا بعد معرفة حال اليهود في صلاتهم فكان من شأن الحنفاء المسلمين أن يخالفوهم، وهذا يشعر بأن مخالفة الكفار مشروعة لهم في شأنهم كله، وليس في هذا الشأن فحسب، فجاءت السنة بأحكام تكليفية مبناها الأساسي على مخالفة الكفار، وهكذا صارت مخالفة الكفار من مقاصد الشارع التي تبنى عليها بعض الأحكام الشرعية.(1/34)
ومن الأحاديث التي جاء فيها التصريح بالنهي عن فعل من الأفعال معللاً بمخالفة الكفار كذلك: ما جاء عن عمرو بن عبسة السلمي(128)_ في حديث طويل _: كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة وأنهم ليسوا على شيء وهم يعبدون الأوثان فسمعت برجل بمكة يخبر أخباراً فقعدت على راحلتي فقدمت عليه فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفياً...... إلى أن قال: فقلت يا نبي الله أخبرني عما علمك الله وأجهله، أخبرني عن الصلاة قال: ((صل صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع؛ فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة فإن حينئذ تسجر جهنم129 فإذا أقبل الفيء فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس؛ فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار))(130)، وهنا جاء النهي لعلة المشابهة(131)، مع كون الفعل عبادة لله، فكيف بما كان لا علاقة له بطاعة الله، وإنما هو من العادات التي أخذت عن الكفار، وقد تقدم بيان أن دلالة الحديث على تحريم المشابهة ولو كانت غير مقصودة إذا عرف المتشبه أنها من التشبه المحرم.(1/35)
…ومن نهيه صلى الله عليه وسلم المعلل بمخالفة الكفار ما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا لم يكن لأحدكم إلا ثوب واحد فليشد به حقوه(132) ولا يشتمل به اشتمال اليهود)) (133)، قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _ بعد إيراده الحديث: "وإنما الغرض أنه قال: ((ولا يشتمل اشتمال اليهود))، فإن إضافة المنهي عنه إلى اليهود دليل على أن لهذه الإضافة تأثيراً في النهي"(134)، وهذا يدل على وجوب مفارقة الكفار في الشكل الظاهر، حتى ولو كان المسلم متلبساً بالصلاة التي هي عمود الدين، والتي تشتمل على أعظم وجوه المخالفة للكفار من الشهادتين والإخلاص لله، وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم(135).
…هذا وإن من طريقة السنة فيما كان مشروعاً في الإسلام وفي شرائع من كان قبلنا من يهود أو نصارى في جانب العبادات: الأمر به مع مخالفتهم في صفته وهيئته(136).(1/36)
ومن الأوامر التي جاءت في السنة معللة بمخالفة أهل الكتاب _ في هيئة عباداتهم مع أن أصل العبادة مشروع عند المسلمين _ قوله صلى الله عليه وسلم: ((فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر))(137)، فهنا أمر منه صلى الله عليه وسلم بأن يكون صيامنا متميزاً عن صيام أهل الكتاب بأكلة السحر(138)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله _: "وهذا يدل على أن الفصل بين العبادتين أمر مقصود للشارع"(139)، فيستحب لنا السحور لإيقاع هذا التميز والمخالفة كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث(140)، "والمعنى أن السحور هو الفارق بين صيامنا وصيام أهل الكتاب لأن الله تعالى أباحه لنا إلى الصبح بعد ما كان حراماً علينا أيضاً في بدء الإسلام وحرمه عليهم بعد أن يناموا أو مطلقاً، ومخالفتنا إياهم تقع موقع الشكر لتلك النعمة"(141)، فهذا يدل على أن أكلة السحر لم يفعلها أهل الكتاب لأن عدم فعلها من شرائعهم الصحيحة التي لم تحرف (142)، فيؤخذ منه تحريم التشبه باليهود والنصارى حتى في شرائعهم التي ثبت أنه لم يدخلها التحريف _ وعلمنا عدم تحريفها بنص شرعي صحيح _؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يكون قد نهانا في هذا الحديث عن التشبه بهم فيما هو من شرائعهم الصحيحة الثابتة، وذلك إنما يكون مقيداً بما إذا جاءت الشريعة الإسلامية مخالفة لهم. كل هذا فيما كان من شرائعهم الصحيحة الثابتة _ فقد أُمرنا بمخالفتهم _، فكيف إذا كان التشبه بهم فيما لم يثبت أنه من شرائعهم بل ثبت قبحه بالشرع والعقل، كما يفعله بعض المسلمين اليوم، والله المستعان.(1/37)
…ومن الأحاديث التي جاء النهي فيه معللاً بالمخالفة ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر لأن اليهود والنصارى يؤخرون"(143)، والمقصود من الحديث: تحريم قصد التعبد بتأخير الإفطار مع ظنه بأن في ذلك أفضلية على التعجيل(144)، فهو تشبه بالمشركين وبدعة في الدين، ولئن كان ظهور البدع مؤذن بانطفاء جذوة السنن، فإن ظهور البدع التي يقصد بها التشبه بالكفار قد يشعر باندراس الدين كاملاً، هذا هو مفهوم الحديث، قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "وهذا نص في أن ظهور الدين حاصل بتعجيل الفطر هو لأجل مخالفة اليهود والنصارى وإذا كانت مخالفتهم سبباً لظهور الدين فإنما المقصود بإرسال الرسل أن يظهر دين الله على الدين كله فتكون نفس مخالفتهم من أكبر مقاصد البعثة"(145)، فجعل مخالفتهم من أسباب ظهور الدين وعلاماته، فتكون موافقتهم من أسباب ضعف الدين في قلوب الناس، ومظهراً من مظاهر ضياعه ونسيانه.(1/38)
…ومن ذلك ما جاء عن ليلى امرأة بشير بن الخصاصية(146) قالت: أردت أن أصوم يومين مواصلة فمنعني بشير وقال: إن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ نهى عنه وقال: ((يفعل ذلك النصارى))(147)، فعلل النهي عن الوصال بأن ذلك من فعل النصارى، وهنا يحتمل أن يكون المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم: ((يفعل ذلك النصارى)) أنه من شرائع النصارى الصحيحة، وشريعتنا جاءت بخلافه فوجب الاكتفاء بما أمرنا به دون زيادة أو نقص، ويحتمل أن يكون المقصود: أن ذلك من محدثات النصارى ورهبانيتهم التي ابتدعوها، وهو الأقرب؛ لأن أفعال النصارى جاءت في السنة غالباً على صفة الذم؛ فإنهم أهل بدع وضلال، كقوله (: ((والنصارى ضلاَّل))148؛ ولذلك _ والله أعلم _ لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: إن ذلك من شرع عيسى، ولم ينسبه إلى شيء من كتبهم، فلم يقل: إنه مما جاء في التوراة أو الإنجيل، بل نسبه إلى النصارى الذين وصفهم في أحاديث أخرى بالضلال، وهنا رجح شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله _ أن يكون المقصود من الحديث: أن ذلك من محدثات النصارى فقال: "فعلل النهي عن الوصال بأنه صوم النصارى وهو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويشبه أن يكون من رهبانيتهم التي ابتدعوها"149، ومعلوم أنه لو كان مقصود الحديث: أن الوصال من شرائع النصارى، فإنه لا يخرج عن الأمر بمخالفتهم كما سبق بيانه قريباً.(1/39)
…كما ورد أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم عاشوراء، فلما أخبر بأن اليهود يصومونه: عزم على صيام تاسوعاء مع صيام عاشوراء فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع))(150) قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال شيخ الإسلام: "فتدبر، هذا يوم عاشوراء يوم فاضل يكفر صيامه سنة ماضية صامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه ورغب فيه ثم لما قيل له قبيل وفاته إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى أمر بمخالفتهم بضم يوم آخر إليه وعزم على ذلك"(151)، وهذا يعني أن السنة لم تكتفِ بالأمر بالمخالفة والنهي عن التشبه المطلق بالكفار، بل جاءت بمخالفتهم حتى فيما هو من الشرع الحنيف الثابت أنه مما يحبه الله ويرضاه، كما هو شأن يوم عاشوراء فإنه قد ورد في فضل صيامه: أنه يكفر السنة الماضية(152)، ولكن مع ذلك لم يشفع هذا الفضل لصيامه مفرداً، لأن أهل الكتاب كانوا يصومونه على هذه الهيئة، فأمرنا بمخالفتهم بصيام يوم قبله حتى نخرج عن مشابهتهم، فلم نؤمر بصيامه مفرداً كما يفعل أهل الكتاب _ مع أن الفضل الوارد في صيامه لا في غيره _ منعاً من المشابهة لهم، ولم ينهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامه؛ حتى لا يفوتنا الأجر العظيم المترتب على صيامه، فكان من شأن الأمة الوسط أن تؤمر بصيامه مع صيام يوم قبله؛ لتتحقق المخالفة ويثبت الأجر.(1/40)
…ومن ذلك أيضاً ما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "إن المشركين كانوا لا يفيضون(153) حتى تطلع الشمس ويقولون: أَشرِقْ ثبير(154) كيما نغير(155) وأن النبي صلى الله عليه وسلم خالفهم ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس"(156)، وهنا خالفهم النبي صلى الله عليه وسلم مع أن في موافقتهم زيادة عبادة، فآثر عليه الصلاة والسلام مخالفتهم بالتبكير في الإفاضة من مزدلفة مع أن في مكثه بجمع زيادة في زمن العبادة، فعلم أن مخالفتهم أفضل ولو كان في موافقتهم زيادة طاعة لله عز وجل، ففضيلة المخالفة تقدم على فضيلة الطاعة في حالة تعارضهما(157).
…ولم يقتصر نهيه صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالكفار في جانب العبادات فحسب، بل جاء الأمر بالمخالفة حتى في جانب العادات(158)؛ لتكون المفارقة للكفار من سمات دينه صلى الله عليه وسلم، من ذلك على سبيل المثال ما يتعلق بحل الطعام أو حرمته، فعن قبيصة بن هلب(159) عن أبيه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طعام النصارى فقال: ((لا يتخلجن(160) في صدرك طعام ضارعت(161) فيه النصرانية))(162)، وفي رواية: ((شيء ضارعت فيه النصرانية))(163) فإن من بدع النصارى: أنهم لا يأكلون طعاماً وقع في قلوبهم شك في حله ترهباً منهم وابتداعاً، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مشابهتهم في ذلك.(1/41)
…ومن ذلك أيضاً ما ورد _ في وسيلة الذبح _ عن رافع بن خديج(164) قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة فأصاب الناسَ جوعٌ... _ إلى أن قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم _: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه ليس السن والظفر وسأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم وأما الظفر(165) فمدى الحبشة))(166)، فنهى عن الظفر لأنه من مدي الحبشة _ وكانوا كفاراً(167) _ مع أن هذه الأشياء تنهر الدم وتقوم بالمقصود من الذبح الذي هو التخلص من الدم الفاسد، ولكن لما كان في استعمال هذه الآلة من التشبه بالكفار(168) _ مع عدم ضررها _ نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن استعمالها في الذبح.(1/42)
ومما جاء فيه النهي عن التشبه بهم في جانب العادات كذلك: ما ورد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب))(169)، وفي رواية مسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((جزوا الشوارب وأرخوا اللحى(170) خالفوا المجوس))(171)، قال شيخ الإسلام: "فأمر بمخالفة المشركين مطلقاً ثم قال: احفوا الشوارب واعفوا اللحى وهذه الجملة الثانية بدل من الأولى"(172)، فإذا كانت مخالفة المشركين واجبة على المسلمين، وهي كما سبق من أسباب بقاء الدين ظاهراً، فإن كل فرد من أفراد النهي يأخذ حكم جنس التشبه في التحريم _ والله أعلم _ فمن أراد أن يسلك الصراط المستقيم الذي لا عوج فيه فعليه أن يجانب هدي المشركين في شأنه كله، بل في أدق شؤونه وأقربها إلى جانب العادات، وهذا معنى أمرِه صلى الله عليه وسلم لأمته بالمخالفة للكفار في هذا الحديث(173)، ومما يؤخذ من الحديث: أن مخالفة الكفار علة قد تقاس عليها بعض الأفعال الحادثة، قال شيخ الإسلام _ في معرض شرحه للحديث _: "فعقَّب الأمر بالوصف المشتق المناسب وذلك دليل على أن مخالفة المجوس أمر مقصود للشارع، وهو العلة في هذا الحكم أو علة أخرى أو بعض علة، وإن كان الأظهر عند الإطلاق أنه علة تامة، ولهذا لما فهم السلف كراهة التشبه بالمجوس في هذا وغيره كرهوا أشياء غير منصوصة بعينها عن النبي صلى الله عليه وسلم من هدى المجوس وقال المروذي(174) سألت أبا عبد الله _ يعني أحمد بن حنبل رحمه الله _ عن حلق القفا(175) فقال: هو من فعل المجوس ومن تشبه بقوم فهو منهم"(176)، فقد فهم السلف من هذه النصوص: تحريم التشبه بالكفار بأي حال ولو لم يرد في تعيين حكم التشبه بهم في ذلك الفعل المعين نص خاص؛ لأنه قد ثبت النهي عن مشابهتهم _ عموماًَ _ بأدلة شرعية مستفيضة.(1/43)
…ومن ذلك أيضاً ما جاء عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم))(177)، قال صاحب كتاب عون المعبود(178): " والحديث يدل على أن العلة في شرعية الخضاب هي مخالفة أهل الكتاب وبهذا يتأكد استحباب الخضاب"(179)، وكأني بشيخ الإسلام يفصل القول في كلام جميل له فيقول: "في هذا الحديث رتب الحكم على الوصف بحرف الفاء فيدل هذا الترتيب على أنه علة له من غير وجه حيث قال: ((إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم)) فإنه يقتضي أن علة الأمر بهذه المخالفة: كونهم لا يصبغون فالتقدير: اصبغوا لأنهم لا يصبغون، وإذا كان علة الأمر بالفعل عدم فعلهم له دل على أن قصد المخالفة لهم ثابت بالشرع"(180). ولو تأملنا هذا الحديث لوجدنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بمخالفتهم فيما يعتبر تركه مشابهة لهم، قال المناوي: "وإذا نهى عن التشبه بهم في بقاء بياض الشيب الذي ليس من فعلنا فلأن ينهى عن إحداث التشبه بهم أولى"(181)، أي أن النهي عن ما يكون تكلُّف فِعْلِه: تشبهاً، أولى من النهي عن ما يكون تركه على ما هو عليه تشبهاً بهم، وقد نهى عن الفعل الأخير، فيكون قد نهى عن المرجوح فالنهي عن الراجح _ وهو تكلف التشبه بهم _ أولى، وهو المطلوب في الشريعة الإسلامية.(1/44)
والأمر بالصبغ في الحديث إنما هو فرد من أفراد جنس المخالفة وليس خاصاً بالصبغ فحسب، بل هو أمر بالمخالفة في هذا الفعل؛ لأن طريقة الشريعة هي مخالفة المشركين بكل طريق، وهنا يسوق شيخ الإسلام مثالاً فيقول: "فإذا رؤي رجل هم بزنا فقيل له: اتق الله كان أمراً له بعموم التقوى داخلاً فيه الأمر بخصوص ترك ذلك الزنا؛ لأن سبب اللفظ العام لا بد أن يدخل فيه كذلك إذا قيل: إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم، كان أمراً بعموم المخالفة داخلاً فيه المخالفة بصبغ اللحية لأنه سبب اللفظ العام"(182)، ولذا يقرر الأصوليون أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب(183)، فقد يكون الحكم مسوقاً في قصة حديث من الأحاديث النبوية، فيكون _ الحكم _ شاملاً لتلك الحادثة، ولمثيلاتها إذا كانت تدخل في صورة تلك الحادثة وتندرج في عمومها.
ومن ذلك أيضاً ما جاء عن الشريد بن سويد(184) قال: مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالس هكذا _ وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على ألية(185) يدي _ فقال: ((أتقعد قعدة المغضوب عليهم))(186)، والمراد بالمغضوب عليهم: اليهود(187) كما تقدم، قال شيخ الإسلام: "وهذه مبالغة في مجانبة هديهم"(188)، وفي هذا الحديث نجد النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن مجرد جلسة تشبه طريقة جلوسهم، هذا مع أنه يحتمل أن الصحابي لم يكن يعلم أن هذه طريقتهم في الجلوس، كما أنه لم يكن يقصد التشبه بهم بلا شك، فهذا موقفه صلى الله عليه وسلم ممن هذا حاله، فما هو عسى أن يكون موقفه إذا رأى من يتشبه بهم وهو يقصد ذلك ويتكلفه(189).(1/45)
ومن ذلك أيضاًً ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل(190) شعره وكان المشركون يفرقون(191) رؤوسهم وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه"(192)، وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم مخالفة المشركين على مخالفة أهل الكتاب فيما لا يمكن العمل فيه إلا بأحد أمرين: إما موافقة المشركين فيكون بذلك مخالفاً لأهل الكتاب، وإما موافقة أهل الكتاب فيكون بذلك قد خالف المشركين، فكان يختار في ذلك مخالفة المشركين ولو كان في ذلك موافقة لأهل الكتاب؛ لأنه وإن كان أهل الكتاب على ضلال، فإن المشركين أبعد عن الحق وأضل، قال ابن حجر _ رحمه الله _: "والأقرب إلى الصواب: أن الحالة التي تدور بين الأمرين لا ثالث لهما إذا لم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم شيء كان يعمل فيه بموافقة أهل الكتاب؛ لأنهم أصحاب شرع بخلاف عبدة الأوثان فإنهم ليسوا على شريعة فلما أسلم المشركون انحصرت المخالفة في أهل الكتاب فأمر بمخالفتهم"(193)، فكان يعمل _ عليه الصلاة والسلام _ بمخالفة من هو أبعد الكفار عن الحق لأنه بين أمرين لا ثالث لهما: إما أن يوافق أهل الكتاب أو أهل الأوثان فاختار موافقة أهل الكتاب لأنهم أقرب إلى الحق من عبدة الأوثان، وهنا نجد النبي صلى الله عليه وسلم مع هيبته وجلالته وقدره يهتم بأمر قد لا يرعيه كثير من الناس انتباهاً، ألا وهو مخالفة الكفار في سدل شعره أو فرقه، ثم يحرص على أن يخالف أكثر الكفار بعداً عن الحق، فيسدل تارة عندما يكون الفرق شعار المشركين الذين هم أبعد عن الحق بلا شك من أهل الكتاب، ثم يفرق تارة أخرى عندما ينقاد المشركون إلى الإسلام مذعنين، وعندما لا يتبقى سوى مخالفة أهل الكتاب الذين قد وافقهم من قبل وهذا يدل على مدى حرصه الشديد صلى الله عليه(1/46)
وسلم على مخالفة الكفار.
ومما جاء من نهيه صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم في جانب التعامل مع الآخرين معللاً بالمخالفة: ما ورد عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تسليم الرجل بأصبع واحدة يشير بها فعل اليهود)) (194)، قال البيهقي(195) _ رحمه الله _: "ويحتمل والله أعلم أن يكون المراد به كراهية الاقتصار على الإشارة في التسليم دون التلفظ بكلمة التسليم"(196)، فهنا لم يرد النهي الصريح في الحديث، ولكن قد تكون الطريقة الواردة أبلغ من النهي الصريح، حيث إنه بين في الحديث أن التسليم بالأصبع الواحدة يشير بها من فعل اليهود، واكتفى بذلك، والمراد من الحديث بلا شك هو: النهي عن الفعل المذكور(197) لعلة كونه من فعل اليهود، وكأنه يقول: مادام أنه من فعل اليهود فيجب عليكم ترك هذه الطريقة في التسليم ؛ لوجوب مخالفتهم في شأنهم كله.
…كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم في جانب العادات الشخصية معلِلاً ذلك بالمخالفة: فقد ورد عن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة))(198)، وهذا تعليل صريح من النبي صلى الله عليه وسلم بأن سبب النهي هو أن هذه الأشياء إنما يستخدمها الكفار في الدنيا. ومن كمال هذا الدين أن جعل للمسلم: البديل الأخروي، فله أن يستمتع بهذه الأشياء في الآخرة(199)، واستمتاعه بها هنالك إنما هو نتيجة اجتنابه لها في الدنيا، والعلة الأساسية المنصوص عليها في الحديث: أنها من خصائص الكفار في الدنيا، فمن ترك التشبه بهم في الدنيا عوضه الله عن ذلك بالمتعة الحقيقية في الآخرة.(1/47)
…3- وأما الأحاديث التي جاء فيها نسبة المتشبه بالكفار إلى الجاهلية _ وفي ذلك وصف للمتشبه بهم بالجهل المستلزم لعدم العلم ونقص الإيمان وغير ذلك من الأمور التي كان عليها أهل الجاهلية(200) _:-
فمن ذلك ما ورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: ((أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية(201)، ومطَّلِبٌ دم امرئ بغير حق ليهريق دمه))(202)، قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "الابتغاء هو الطلب والإرادة، فكل من أراد في الإسلام أن يعمل بشيء من سنن الجاهلية: دخل في هذا الحديث، والسنة الجاهلية: كل عادة كانوا عليها فإن السنة هي العادة"(203)، فمن أبغض الناس إلى الله: المتشبه بالكفار، لأنه طلبَ العودةَ إلى الجهل والظلم الذي كان عليه أهل الجاهلية، فاتصف بالجهل الذي كانوا عليه، فاستحق أن يكون من أبغض الناس إلى الله، فتأمل كيف وصف _ رسول الله صلى الله عليه وسلم _ المتشبه بالكفار بالجهل الذي هو ضد العلم، ثم ترتب على ذلك بغض الله له، فصار من أبغض الناس له.(1/48)
…ومن ذلك أيضاً ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا))(204)، قال المناوي _ رحمه الله _: "إذا رأيتم الرجل يتعزى أي: ينتسب بعزاء الجاهلية، أي: بنسبها والانتماء إليها، يقال: اعتزى إليه أي انتسب وانتمى، وتعزى كذلك، فأعضوه، أي: اشتموه بهن أبيه، أي: قولوا له: اعضض بهن أبيك، أو بذكره، وصرحوا بلفظ الذكر ولا تكنوا عنه بالهن تنكيراً وزجراً"(205)، وهذه الطريقة من الشتم _ في مقابل الإساءة _ لم نعهدها من الشارع صلى الله عليه وسلم في كثير من المواضع وإنما جاءت هنا بهذا الأسلوب؛ لأن المسيء في هذه الحالة يجمع بين أمور، منها: أنه تبجح بذكر مآثر الجاهلية، وأنه استعلى على غيره من المسلمين، والأمر الأعظم: أنه تشبه بأهل الجاهلية وذلك بافتخاره بهم أمام المسلمين، فهو لم يتشبه بهم فحسب، بل استعلى بهم، وفي ذلك محبة للكفار وتفضيل لهم على إخوانه المسلمين.
…ومن ذلك ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عُِبِّيَّة(206) الجاهلية، وفخرها بالآباء مؤمن تقي، وفاجر شقي، أنتم بنو آدم، وآدم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونُنَّ أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن))(207)، فهنا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالكفار الذين في زمن الجاهلية، حيث كانوا يتفاخرون بالآباء والأجداد، ووصف هذه الصفة الذميمة بأنها من صفات أهل الجاهلية، ونسبها إلى الجهل، فمن تشبه بهم في هذه الصفة أو في غيرها من صفات أهل الجاهلية فقد وقع في المحظور الذي هو التشبه بالكفار، مع اتصافه بصفتهم التي هي الجهل. ثم بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم المقياس الصحيح للتفاضل بين الناس، ألا وهو التقوى.(1/49)
…من ذلك ما ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية))(208)، وهذا الحديث فيه براءة ممن فعل شيئاً من هذه الأفعال، قال ابن حجر _ رحمه الله _: "كأنه توعده بأن لا يدخله في شفاعته أصلاً"(209)، وهذا وإن كان ليس إخراجاً من الدين بالكلية ولكنه خطير، وقيل المقصود: ليس على ديننا الكامل(210)، ففي هذا الحديث وصَف التشبه بالكفار _ في النياحة على الميت _: بأنه من أفعال الجاهلية، وتبرأ من فاعله، فجمع بين البراءة من الفاعل وذمِّ الفعل بأنه من أفعال الجاهلية.
…ومن ذلك ما جاء عن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن؛ الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة))(211)، فهذه الصفات لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: إنها من صفات الكفر، وكان يكفي ذلك لبيان أنها من التشبه بالكفار، المحرم في الشريعة الإسلامية، ولكنه نسبها إلى الجاهلية التي عند الكفار قبل الإسلام، ولم ينسب هذه الأفعال إلى أوصاف محرمة كالكفر أو الفسق بل إلى أشخاص لهم صفة الكفر والجهل، وفي ذلك إضافة وصف المتلبس بها(212) بالجهل الذي هو ضد العلم وهذا الوصف مما يزجر عن التشبه بالكفار فكل من اتصف بشيء من صفات أهل الجاهلية فله نصيبه من ذلك الجهل الذي اتصفوا به، بقدر الصفات التي شاركهم فيها.(1/50)
…4- وأما ما ورد من الأحاديث وفيه الترهيب من التشبه بهم؛ لأن ذلك موجب لكون حكم المتشبه بهم كحكمهم، مما يقتضي خروجه عن دائرة المسلمين: فمن ذلك ما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً: ((بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده ولا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي(213) وجعل الذلة والصغار(214) على من خالف أمري، ومن تشبه(215) بقوم فهو منهم(216)))(217)، وهذا أشهر حديث في باب التشبه بالكفار، قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي: كفر المتشبه بهم، كما في قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)(218)، فقد يحمل هذا على التشبه المطلق(219) فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفراً أو معصيةً أو شعاراً للكفر أو للمعصية كان حكمه كذلك"(220)، وعلى كلا الاحتمالين فإن التشبه بهم _ تشبهاً كاملاً أو تشبهاً في بعض أفعالهم _ منهي عنه بنص الحديث، فهو إما معصية أو شعاراً للكفر أو يؤدي إلى معصية أو كفر. ولو تأملنا الحديث لوجدناه قد سيق في معرض ذكر من خالف أمره صلى الله عليه وسلم، ووصْفِه له بالذلة والصغار، فجعل أمره صلى الله عليه وسلم في مقابل التشبه بغيره _ وهُم جميع أصناف الكفار _ وفي هذا يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن شأنه مباين لشأن الكفار كل المباينة، فمن خالف أمره صلى الله عليه وسلم فهو متشبه بغيره _ وهم الكفار _ ومن تشبه بهم فهو منهم، وليس منه صلى الله عليه وسلم، وليس فعل التشبه من دينه صلى الله عليه وسلم، فإذا كان التشبه بالكفار مخالفة له صلى الله عليه وسلم، فإن الاستقامة على دينه صلى الله عليه وسلم لا تكون إلا بمخالفة الكفار، وبهذا تكون مخالفتهم من مقاصد دينه عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام.(1/51)
5- وأما ما ورد من الأحاديث مما فيه الترهيب من التشبه بهم حتى لا نشاركهم في العقوبات التي حلت بهم، فمن تلك العقوبات .......................................
(لتكملة المبحث: راجع النسخة المطبوعة).
المبحث الثالث: موقف الصحابة من التشبه بالكفار:-
لقد جاء موقف الصحابة من التشبه مشابهاً لموقف السنة، فإن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا ليخالفوا القرآن والسنة، وإنما نورد موقف الصحابة هنا لكونه إنما يجسد موقف القرآن والسنة، فالصحابة هم أقرب الناس إلى مقام الوحي وأعظم الناس تمسكاً بالكتاب وتطبيقاً للسنة، ولذلك فإننا نجد موقفهم لا يختلف عن موقف القرآن والسنة، وإنما هو تطبيق عملي لما جاء فيهما من أحكام بهذا الشأن، فالاستدلال بموقف الصحابة هنا يكون بطريقتين، كما قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "وهذا الباب فيه كثرة عن الصحابة، وهذه القضايا التي ذكرناها بعضها في مظنة الاشتهار وما علمنا أحداً خالف ما ذكرناه عن الصحابة رضي الله عنهم، من كراهة التشبه بالكفار والأعاجم في الجملة، كما أنهم مجمعون على اتباع الكتاب والسنة فعلم اتفاقهم على كراهة التشبه"(221)، فالاستدلال بموقف الصحابة يكون بالمسائل التي تكلموا فيها بأعيانها، وأنكروا فيها على من تشبه بالكفار، كما يكون بمعرفة أنهم أعظم الناس تمسكاً بالكتاب وتطبيقاً للسنة فهم مجمعون على ذلك، فلا يعقل أن يكون للسنة موقفاً معيناً من شيء معين، ويكون للصحابة موقفاً مغايراً ومبايناً لها، لأنهم أحرص الناس على تطبيق ما أمروا به في القرآن والسنة.
فأذكر هنا بعض المواقف للصحابة الأجلاء من أجل أن يتبين موقفهم الموافق للسنة، ومن أجل أن نعرف كيف فهم الصحابة ما جاء في القرآن والسنة في مسألة التشبه وكيف قاموا بتطبيق مافهموه:-(1/52)
فعن قيس بن أبي حازم(222) قال: دخل أبو بكر على امرأة من أحمس(223)، يقال لها زينب، فرآها لا تكلم فقال: ((ما لها لا تكلم؟)) قالوا: حجت مصمتة224، قال لها: ((تكلمي؛ فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية))225، قال شيخ الإسلام: "فأخبر أبو بكر أن الصمت المطلق لا يحل، وعقب ذلك بقوله: هذا من عمل الجاهلية، قاصداً بذلك عيب هذا العمل وذمه، وتعقيبُ الحكم بالوصف دليل على أن الوصف علة، فدل على أن كونه من عمل الجاهلية وصف يوجب النهي عنه والمنع منه"226، ففي هذا الموقف للصديق رضي الله عنه: أنكر على هذه المرأة هذا الفعل؛ لمجرد معرفته أنه من عمل أهل الجاهلية، ولم يستدل على حرمة هذا الفعل بنص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يُرو عن المرأة أنها سألته عن الدليل على تحريمه لذلك، مما يشعر بأن الفعل لو كان من خصائص أهل الجاهلية: فهو مما يُنهى عنه؛ لوجوب مفارقة أعمال أهل الجاهلية.(1/53)
ومن ذلك ما جاء في سنن البيهقي: عن عبد الرحمن بن غَنْم(227) قال: كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح أهل الشام: "بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين، من نصارى مدينة كذا وكذا:.... _ إلى أن قال _: ولا نتشبه بهم في شيء من لباسهم من قلنسوة(228) ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر ولا نتكلم بكلامهم ولا نتكنى بكناهم..."، إلى آخر ما ورد في العهد229، ففي هذا الأثر نجد أن عمر _ رضي الله عنه _ قد أمر كاتبه أن يشرط عليهم بلسانهم أن يتركوا زي المسلمين وأن يلزموا زيّ الصغار والمهانة، الذي لا يرتضيه الصحابة _ بلا شك _ لأحد من المسلمين، فأمره إياهم بأن لا يتشبهوا بأحد من المسلمين في لباسهم وهيئتهم يدل على أن التشبه بالمشركين إذا وقع من المسلمين فهو مذموم عندهم، وإلا فكيف يجوز أن يُنهى المشركون عن ذلك ثم يفعله المسلمون, سيكون ذلك من العبث المحض، وكما هو معلوم أن قصد عمر بذلك هو: المفارقة بينهم وبين المسلمين، فكيف يتشبه بهم أهل الإسلام، قال شيخ الإسلام: "فاتفق عمر والمسلمون معه، ومن وفقه الله تعالى من ولاة الأمور على منعهم من أن يظهروا في دار الإسلام شيئاً مما يختصون به، مبالغة في أن لا يظهروا في دار الإسلام خصائص المشركين، فكيف إذا عملها المسلمون وأظهروها"230.
…ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي عثمان النهدي(231) قال: كتب إلينا عمر ونحن بأذربيجان: ((يا عتبة بن فرقد(232) إنه ليس من كدك ولا من كد233 أبيك ولا من كد أمك، فأشبع المسلمين في رحالهم مما تشبع منه في رحلك، وإياكم والتنعم وزي234 أهل الشرك ولبوس الحرير...))235، وهذا الأمر من عمر رضي الله عنه ينص فيه على وجوب ترك زي أهل الشرك، وهو بذلك يقف الموقف الذي يوافق به السنة بالنهي عن التشبه بالمشركين ليُعلم أن التحذير من التشبه كما هو موقف السنة فهو كذلك موقف الصحابة رضي الله عنهم.(1/54)
…ومن ذلك ما ورد في مسند أحمد: أن عمر بن الخطاب _ رضي الله عنه _ قال لكعب أين ترى أن أصلي؟ فقال: إن أخذت عني صليت خلف الصخرة؛ فكانت القدس كلها بين يديك، فقال عمر _ رضي الله عنه _: ضاهيت236 اليهودية، لا ولكن أصلي حيث صلى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ فتقدم إلى القبلة فصلى. قال شيخ الإسلام رحمه الله: "فعمر رضي الله عنه عاب على كعب الأحبار مضاهاة اليهودية _ أي مشابهتها في مجرد استقبال الصخرة _؛ لما فيه من مشابهة من يعتقدها قبلة باقية، وإن كان المسلم لا يقصد أن يصلي إليها"237، فهنا جعل الفاروق رضي الله عنه مشابهة اليهودية من الأمور التي يجب أن تجتنب ويحتاط لها، ومع أن عادته رضي الله عنه: اتباع مشورة الصحابة والتابعين، ولكنه ترك المشورة هنا، بسبب أن في ذلك اتباعاً لما كان يفعله اليهود.
…ومن ذلك ما ورد عن علي رضي الله عنه أنه خرج فرأى قوماً يصلون قد سدلوا(238) ثيابهم فقال: ((كأنهم اليهود خرجوا من فُهُرِهم(239)))240، وهذا إنكار منه رضي الله عن لهذه الهيئة من اللباس في الصلاة، وإن كانت الصلاة هي نفسها قد اشتملت على ما يباين بين المسلمين واليهود241، بل لا بد من مخالفتهم من كل وجه ظاهراً وباطناً.(1/55)
…ومن ذلك ما ورد عن عبد الله بن مسعود _ رضي الله عنه _ أنه قال: ((إن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد فقست قلوبهم، اخترعوا كتاباً من عند أنفسهم، استهوته قلوبهم واستحلته ألسنتهم وكان الحق يحول بينهم وبين كثير من شهواتهم، حتى نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون فقال242: اعرضوا هذا الكتاب على بني إسرائيل، فإن تابعوكم عليه فاتركوهم وإن خالفوكم فاقتلوهم، قال: لا بل ابعثوا إلى فلان رجل من علمائهم فإن تابعكم لم يختلف عليكم أحد وإن خالفكم فاقتلوه، فلن يختلف عليكم أحد بعده فأرسَلوا إليه، فأخذ ورقة فكتب فيها كتاب الله، ثم أدخلها في قرن، ثم علقها في عنقه، ثم لبس عليها الثياب، ثم أتاهم فعرضوا عليه الكتاب، فقالوا: أتؤمن بهذا ؟ فأشار إلى صدره يعني الكتاب الذي في القرن، فقال: آمنت بهذا وما لي لا أومن بهذا، فخلوا سبيله، قال: وكان له أصحاب يغشَوْنه، فلما حضرته الوفاة أتوه فلما نزعوا ثيابه: وجدوا القرن في جوفه الكتاب فقالوا: ألا ترون إلى قوله: آمنت بهذا وما لي لا أومن بهذا فإنما عنى بهذا هذا الكتاب الذي في القرن، قال: فاختلفت بنو إسرائيل على بضع وسبعين فرقة خير مِللهم أصحاب ذي القرن))243، وإن كان هذا الموقف مما قد يكون من الإسرائيليات، ولكن الذي يهمنا أن الصحابي أورده مورد الذم للتشبه بهم والوقوع فيما وقعوا فيه، فقد ساقه من باب التحذير، فنعلم أن موقفه هو وجوب المخالفة للكفار، فهذا تحذير منه _ رضي الله عنه _ من أن نسلك ما سلكه كفار بني إسرائيل من اتباع الشهوات وقسوة القلب بعد طول الأمد.(1/56)
…ومن ذلك ما ورد في صحيح مسلم أن أبا موسى الأشعري _ رضي الله عنه _ بعث إلى قراء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرؤوا القرآن، فقال: ((أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم، فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم...)) إلى نهاية الأثر(244)، فهنا نجد الصحابي _ رضي الله عنه _ أراد أن يعظ هؤلاء القراء، فخوفهم من قسوة القلوب التي وقع فيها الذين من قبلنا من الأمم، وهذا يدل على أن ترك ما كان عليه الكفار: من المسلَّمات عند أبي موسى _ رضي الله عنه _ وعند من سمعه من هؤلاء الفقهاء، فكان بإمكانه _ رضي الله عنه _ أن يكتفي بالتحذير من قسوة القلب، ولكنه حذر من شيء آخر في هذه المعصية، ألا وهو التشبه بالكفار، فإن من قسى قلبه تشبه بأهل الكتاب الذين قست قلوبهم.
…ومن ذلك ما ورد عن معاوية _ رضي الله عنه _ قال: ((إن تسوية القبور من السنة(245) وقد رفعت اليهود والنصارى فلا تشبهوا بهما))246، فحذر _ رضي الله عنه _ من مخالفة السنة، ومع ذلك فقد زاد في التنفير من رفع القبور بذكر محذور آخر يعتبر _ كذلك _ منفراً من رفع القبور عن الأرض، ألا وهو التشبه باليهود والنصارى. وقد حذر من التشبه بهم قبل أن يقع من المسلمين، مما يُظهر خوف الصحابة _ رضي الله عنهم _ على الأمة من الوقوع في التشبه؛ فإنهم لم يكتفوا بالنهي عنه حال وقوعه، بل حذروا منه قبل أن يقع.(1/57)
…ومن ذلك ما ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص _ رضي الله عنه _ قال: ((من بنى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم247 وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة))(248)، وقد أورد شيخ الإسلام هذا الأثر في شرح حديث من تشبه بقوم فهو منهم، قال في شرح الحديث والأثر: "وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)(249)، وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه قال: ((من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة))، فقد يحمل هذا على التشبه المطلق؛ فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك وقد يحمل على أنه منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفراً أو معصية أو شعاراً للكفر أو للمعصية: كان حكمه كذلك، وبكل حال فهو يقتضي تحريم التشبه بهم بعلة كونه تشبهاً"250، وعليه فإن من تشبه بقوم تشبهاً تاماً بحيث بنى ببلادهم وساكنهم وصنع ما يصنعونه في أعيادهم فإنه هو المقصود الأكبر بهذا الحديث، وهو الذي عناه عبد الله بن عمرو _ رضي الله عنه _، وعلى هذا فيكون التشبه بهم لا يخرج عن كونه معصية على أقل الأحوال، وقد يصل إلى درجة الكفر، ولعل المعنى الأخير هو الذي عناه عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.
ومن ذلك أيضاً .................................................................
(لتكملة المبحث: راجع النسخة المطبوعة).
الفصل الثالث
أثر التشبه بالكفار على العقيدة
تمهيد:-(1/58)
إن نصوص الشرع جاءت بالأوامر لحكمة بالغة، ولم ينهانا الله جل جلاله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم عن فعل إلا لما يترتب عليه من الآثار الضارة في عاجل الأمر أو آجله، وهكذا جاء النهي عن التشبه بالكفار في الكتاب والسنة، وعلمنا موقف الصحابة من التشبه فقد كانوا ينهون عنه وينأون عنه كما سبق بيانه، فما هي الآثار المترتبة على التشبه بالكفار، والتي استطعنا أن نقف عليها لنفهم مقصود الشارع(251).
فمن تلك الآثار ما نص عليه الشرع من نتائج أفعال المتشبهين على أنفسهم، وذلك له علاقة بالآثار النفسية أو الاجتماعية أو السياسية مما له شواهده في العصر الحديث، الذي ظهرت فيه من آثار التشبه ما لم يظهر من قبل؛ وما ذلك إلا لكثرة وقوع التشبه في هذا العصر.
…إن سياق هذه الآثار وبيانها وتفصيلها إنما هو لبيان حكمة الباري جل وعلا في نهيه عن التشبه بالكفار، مما له أكبر الأثر على نفس المتشبِّه بهم، فيكون منفراً له عن ذلك رادعاً له عن الوقوع في هذا المحظور فإن المتشبه بهم قد يتهاون بالمحذور الذي يرتكبه؛ بسبب قلة الوازع الديني أو ضعف قاعدة التسليم للنص عنده، ولكن ذكر الأثر السيء المترتب على الفعل قد يزيد أو ينشىء النفور من ذلك الفعل كما أن بيان آثار هذه المخالفة على العقيدة وعلى الدين عموماً سيربط بين هذه المخالفة ومخالفات اعتقادية جليلة أو مخالفات عملية خطيرة قد تقدح في مسلمات دينية _ كالولاء والبراء _ لا سبيل للجدل حولها، مما يضطر المسلم للتسليم بخطورة هذا الفعل ومن ثم الحذر منه، مع الأخذ في الاعتبار أنه كما أن للتشبه بالكفار أثره الدنيوي المحسوس فإن له من الآثار على تدين المسلم بالإسلام الشيء الذي لا يستهان به، بل كل فعل للتشبه له أثره على الدين قبل أن يكون له أثر على المسلمين في دنياهم، وسأعرض فيما يلي لبعض الأمثلة للآثار المترتبة على التشبه على هذا الأساس، وبالله التوفيق.(1/59)
المبحث الأول: أثر التشبه بالكافرين في عقائدهم:
لقد جاءت السنة بإلحاق من تشبه بقوم بأولئك القوم وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: ((ومن تشبه بقوم فهو منهم))(252) قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "فقد يحمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفراً أو معصية أو شعاراً للكفر أو للمعصية كان حكمه كذلك"(253)، وهنا لا نجد شيخ الإسلام يفرق بين ما هو تشبه اعتقادي أو تشبه عملي، وعلى هذا فإن ما كان من اعتقادات الكفار كفراً في ذاته كان التشبه بهم فيه كفر كمن تشبه بهم في معتقد فيه تكذيب للوحي مثلاً، كمن يرى رأيهم في أن الوحي ظاهرة تخيلية. وأما ما كان من اعتقاداتهم ولم يكن كفراً في ذاته كمن تشبه بهم في اعتقاده بأن لمولد النبي صلى الله عليه وسلم فضلاً خاصاً _ فإن ذلك مأخوذ من عقيدة النصارى بأن لمولد عيسى عليه الصلاة والسلام فضلاً خاصاً254 _ فإن هذا النوع من الاعتقاد لا يعد كفراً مخرجاً من الملة، فلا يكون من تشبه بالكفار في عقائدهم كافراً على الإطلاق، فيحتاج هذا إلى ضابط، ولم أجد في نصوص الشرع ضابط التشبه المكفر لمجرد التشبه؛ فلزم أن نرد هذا النص255 إلى النصوص الأخرى التي نعلم بها كفْر من كفَر، وعلى هذا فلا يكون كافراً حتى يتشبه بهم في ناقض من نواقض الإسلام256، أو تشبه بهم تشبهاً كلياً، في جميع شؤونهم.
ومن التشبه بهم في عقائدهم مما هو كفر:-(1/60)
كمن اعتقد أن النبوة لم تنقطع بعد كما تعتقده بعض الفرق كالقاديانية257 وغيرها، وهو نفس اعتقاد اليهود بأن المسيح لم يرسل بعد، أو اعتقد أن الله عز وجل لا داخل الكون ولا خارجه، وهو اعتقاد أهل وحدة الوجود(258) تشبهاً منهم بمتصوفة الهند، أو اعتقد أن أحداً يمكنه التصرف مع الله في خلقه ولو بشيء يسير، كما يعتقده القبوريون في أوليائهم وهو اعتقاد مشركي العرب حيث كانوا يرون أن لآلهتهم تصرفاً مع الله فهي _ في اعتقادهم _ تمرض أو تشفي أو تحمي أو تضر أو تنفع، أو اعتقد أن هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه كالذين يفضلون الأحكام الوضعية على حكم الإسلام، ويعتقدون صحة الحكم بالقوانين المستوردة من عندهم ويستحلون الحكم بها، فهذا يكفر ولو لم يحكم بها(259)، كمن يعتقد ما يعتقده الكفار: أن إنفاذ حكم الله بقطع يد السارق، أو رجم الزاني المحصن لا يناسب العصر الحاضر: فإنه يكفر.
ولا نقول إنه كفر لأنه تشبه بهم في جانب العقيدة، بل لأمر آخر وهو أن فعله اشتمل على جحود ما أثبته الله تعالى؛ فإن من التشبه بالكافرين في عقائدهم ما لا يصل إلى درجة الكفر.
ومن التشبه بهم في عقائدهم مما لا يصل إلى درجة الكفر:-
كمن اعتقد جواز الاحتفال بمولد النبي (، فيكون من تشبه بهم فيما هو من عقائدهم التي ليست كفراً في ذاتها: ينطبق عليه كلام شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفراً أو معصية أو شعاراً للكفر أو للمعصية كان حكمه كذلك"(260)، والله أعلم.(1/61)
وأما خروج المسلم عن الدين بسبب التشبه بالكافرين فهو أجل آثار التشبه على الإطلاق؛ فليس بعد الكفر والخروج من الملة ذنب، ولكنه وإن كان جلياً في حال التشبه بهم في ما هو كفر من عقائدهم أو عباداتهم، فإنه قد يحصل في التشبه بهم فيما هو دون ذلك من خصائص الكفار على سبيل المآل؛ فإن التشبه قد يؤول إلى الكفر، وذلك إذا لم يتم التوقف فيه عند حد معين؛ فإن كل أمر يتشبه المسلم بهم فيه يترك مكانه سنة متبعة من سنن الإسلام، وفي النهاية قد يؤول الأمر إلى استبدال الكفر بالإيمان.
ولذلك لما دَأَبَ بعض المنتسبين إلى الإسلام على التشبه بالكفار من اليهود والنصارى، ومن ورائهم الغوغاء من الناس أتباع كل ناعق: انسلوا من دين الله (الحنيفية السمحة) شيئاً فشيئاً، فإنه لما قام هؤلاء بمداهنة الكفار، وتركوا ما أوجب الله عليهم من البراءة من أعداء الله، وكراهيتهم، فتخلوا عن هذه الشعيرة المهمة من شعائر الإيمان، وتشبهوا بالكفار في كل صغيرة وكبيرة: آل بهم الأمر إلى تصحيح أديان هؤلاء الكفار، حيث نبتت نابتة في عصرنا الحديث تدعو إلى تصحيح أديان اليهود والنصارى، وتدعو إلى بناء مسجد إسلامي وكنيسة نصرانية ودير يهودي في حائط واحد، وطباعة القرآن الكريم المحفوظ بحفظ الله، مع التوراة والإنجيل _ اللذين مستهما أيدي التحريف الآثمة _ في غلاف واحد(261).(1/62)
وقد كانت رائحة هذه الدعوى (دعوى التقارب بين الأديان) تفوح من بعض المسلمين، والعجيب أنها صدرت ممن يُظن بهم الخير والصلاح، يقول الشيخ حسن البنا _ رحمه الله _ حيث ألقى في: (5/3/1946م) كلمة أمام اللجنة الأمريكية البريطانية التي كانت تجول حول العالم العربي بخصوص تمييع قضية فلسطين، والعمل على تهجير اليهود إليها، ألقى الشيخ البنا كلمته أمام هذه اللجنة باعتباره ممثلاً للحركة الإسلامية، جاء فيها: "الناحية التي سأتحدث عنها نقطة بسيطة من الوجهة الدينية، إلا أن هذه النقطة قد لا تكون مفهومة في العالم الغربي، فأريد أن أوضحها باختصار فأقرر أن خصومتنا لليهود ليست دينية؛ لأن القرآن الكريم حض على مصافاتهم ومصادقتهم، والإسلام شريعة إنسانية قبل أن تكون قومية، وقد أثنى عليهم وجعل بيننا وبينهم اتفاقاً"(262)، ويقول في مؤتمر صحفي عقد في: (5/9/1948م) للاحتفال بمرور عشرين عاماً على إنشاء الجماعة: "وليست حركة الإخوان المسلمون موجهة ضد عقيدة من العقائد، أو دين من الأديان أو طائفة من الطوائف، إذ أن الشعور الذي يهيمن على نفوس القائمين بها أن القواعد الأساسية للرسالات جميعاً قد أصبحت مهددة الآن بالإلحادية، والإباحية وعلى الرجال المؤمنين بهذه الأديان أن يتكاتفوا ويوجهوا جهودهم إلى إنقاذ الإنسانية من هذين الخطرين الزاحفَين"(263).
"وقد تجددت الدعوة إلى وحدة الأديان(264) _ أو التقارب بين الأديان _ في السنوات الأخيرة، واتخذت أشكالاً مختلفة وتحت مسميات متعددة، منها:-
1. الدعوة إلى إقامة (صلاة روح القدس): وهي الصلاة المشتركة التي دعا إلى إقامتها البابا بولس في قرية (أسيس) بإيطاليا في يوم 27/10/1986م، واشترك فيها عدد من المسلمين إلى جانب اليهود والنصارى.(1/63)
2. الدعوة إلى عقد حوار (الوحدة الإبراهيمية)، وهو المؤتمر الذي دعا إلى عقده بمدينة قرطبة بإسبانيا (روجيه جارودي)، الفيلسوف الفرنسي المسلم(265)، وذلك بمناسبة افتتاح المعهد الذي أسسه (جارودي) لهذا الغرض، وسماه: (معهد قرطبة لوحدة الأديان)، ويهدف المعهد _ كما يقول مؤسسه _ إلى نشر تعاليم ونتائج الثقافات للأديان الثلاثة: اليهودية والنصرانية والإسلام. وقد حضر هذا اللقاء عدد من المسلمين، وهم: روجيه جارودي، وعبد الهادي بو طالب، المدير العالم لمنظمة الإيسيسكو، ومختار أمبو، الأمين العالم لليونسكو، والبروفسور عبد السلام، وهو قادياني يحمل جائزة نوبل للفيزياء، وبدر الدين أغاخان، وهو إسماعيلي.
3. تأسيس جماعة: (مؤمنون متحدون)، وهي جماعة تسعى لإذابة الفوارق الدينية ومسخ الشخصيات، وتدعو إلى صلاة مشتركة تسمى: (صلاة روح القدس)، يمارسها كل المؤمنين بالله مهما كانت ديانتهم، كما يضعون نشيداً واحداً يردده الجميع يسمى: (نشيد الإله الواحد: رب وابن)"(266).
4. كما ظهر من يقول بأن الجنة ليست حكرا على المسلمين الموحدين وأن الدين المنجي عند الله ليس الإسلام وحده ! فيتساءل لِمَ يعتقد أتباع كل دين أن الله يختصهم بالجنة ويذر غيرهم وأكثر الناس في النار؟ ثم يؤكد أن حقيقة الشرك هي العداء بين الأديان(267).(1/64)
ويلاحظ على هذه الدعوى في صياغاتها وشعاراتها المتنوعة أنها تميل إلى جانب الديانة النصرانية أكثر من غيرها، مما يدل على أن التوجه إليها على ما فيه من إخلال بالعقيدة الإسلامية، فهو جَرْيٌ وراء التشبه بالكفار، وعند تطبيقه سيكون أكبر مثال لأثر التدرج في التشبه بالكفار، وأن التشبه بهم سيوصل إلى تصحيح أديانهم يوماً ما، وذلك كفر بالإسلام؛ فإن الله عز وجل ذكر في كتابه تكفير النصارى الذين ادعوا له البنوة أو التعدد، فقال: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)(268)، وقال: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)(269)، وقال: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتهوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسن الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(270). كما ذكر كفر اليهود وأنهم ملعونين فقال: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)(271)، كما أخبر عنهم أنهم ادعوا لله الابن، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، قال تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)(272)، وأخبر عنهم أنهم افتروا على الله الكذب ووصفوه بالنقائص تجرأً عليه، نسأل الله السلامة والعافية، كما وصفهم في نفس الآية بأنهم يؤججون الحروب والفتن في الأرض فقال: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ(1/65)
كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)(273)، وبيَّن أن من طبيعتهم قتل الأنبياء، وتكذيبهم، فقال: (لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ)(274)، وقال: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ)(275)، وحذرنا ( من مكرهم فقال: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)(276).(1/66)
فبحجة التقريب بين الأديان رأوا إزالة الفوارق بين الأديان والله تعالى يقرر ويدعونا أن نقول لهم إن أرادوا ذلك: تعالوا جميعاً لنوحد الله التوحيد الصحيح(277)، قال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (278)، فإن تولوا وظلوا على كفرهم، فقولوا لهم: نحن مسلمون، ومفهوم ذلك أنكم يا من تركتم التوحيد الخالص إلى الشرك: كافرون بعيدون كل البعد عن الله، كما قال تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)(279)، وقال: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ)(280).
…فأنَّى لمؤمن يؤمن بالقرآن أن يتساهل معهم بتصحيح هذه العقائد الفاسدة، بعد هذا البيان التفصيلي عن عقائد أهل الكتاب وضلالهم، فضلاً عن أن يداهنهم في التخلي عن مسلمات دينية هي من أصول دين الإسلام، الإسلام يقول: اليهود والنصارى على ضلال مبين، وهذا يقول: هم على حق والواجب أن نعترف بأنهم على ملة إبراهيمية صحيحة!! لا يقول ذلك إلا من انخرط في سلكهم فصار منهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(281)، وقال تعالى: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(282).(1/67)
وماذا يريد أعداء الله من المسلمين أكثر من الدخول في مللهم المنحرفة، قال تعالى: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءاً)(283)، وقال: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)(284)، نعم إن هدى الله هو الهدى وهو الإسلام لا غير، ومن قال غير ذلك ومن اتبع أهواءهم بعد ما جاءته البينات، فهو بعيد عن ولاية الله ونصرته، ولن تنفعه موالاته للكفار.
كل ذلك أثر من آثار التشبه بالكفار والتدرجِ في مضاهاتهم في كل صغيرة وكبيرة، أوصل أصحابه إلى الانخراط في أديان الكفار والحكم بصحتها؛ فإن الزاوية الضيقة قد لا يكون لها ذكر في أول الأمر، ولكنها إذا سارت وامتدت إلى أميال: اتسعت حتى يصعب تداركها، والله المستعان.
المبحث الثاني: أثر التشبه بالكفار في أعمالهم:
التشبه بالكفار تدرج لاندراس الدين وذوبانه في أديان الكفار الأخرى(285)، وقد يوصل في النهاية إلى الانسلاخ من الدين بالكلية(286).
إذا تأملنا كلام العلماء في أثر التشبه بالكافرين، من جهة الحكم على من عمل ما يتشبه به بالكفار نجدهم يعلقون الحكم على ما قام بقلب هذا المتشبه من عقيدة287 أو استحسان دينهم الباطل288 أو المحبة289 فإن محبة غير الله كمحبة الله تجعله نداً لله كما قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ)290، فالقاعدة: أن الفعل إذا دل على انخرام هذا الأصل فهو كفر291.(1/68)
كما أن التشبه الكلي بالمشركين يصل إلى درجة الكفر لأنه بلا شك ملابس لما هو شرك من أعمالهم، وقد يكفر بعمل واحد من أعمال المشركين إذا كان متشبهاً بهم ومنحازاً إليهم وقلبه متشوف لهم ولما عندهم ويظن بأن ما عندهم خير من شرع الله فهو بهذا الاعتقاد يكفر لأنه لم يكتف بمجرد التشبه بل اعتقد ما يوجب كفره292، قال شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله _: "فقد يحمل هذا293 على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفراً أو معصية أو شعاراً للكفر أو للمعصية كان حكمه كذلك"(294)، فإذا كان الاعتقاد الذي صاحب فعل التشبه بهم كفراً فيكون ذلك الفعل كفراً كذلك، ولو لم يكن كفراً في ذاته؛ لمصاحبته لما هو كفرٌ.
فلم يحمله شيخ الإسلام على التشبه بهم في شيء من خصائصهم التي ليست بكفر في حد ذاتها؛ فإنه لم يكفر من فعله، بل حمله إما على التشبه المطلق، فيكون كافراً مثلهم لأنه صار نظيراً لهم، أو _ حمله _ على أنه يصير منهم في الفعل الذي تشبه بهم فيه، فإن كان كفراً فقد شاركهم في الكفر وإن كان معصية فإنه قد باء بإثم التشبه والمعصية، وإن لم يكن في حد ذاته منهياً عنه فإنه قد تحمل إثم التشبه؛ لأن التشبه بهم محرم ولو لم يكن معصية لو تفرد عن كونه تشبهاً.
ويؤيد هذا ما قاله شيخ الإسلام: "وهذا الحديث(295) أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)"296، فبين أن الحديث حكمه مشابه للحكم في الآية، فليس كل من تولى الكفار كان كافراً عند العلماء لمجرد أن الله جعل التولي لهم من دواعي كونه منهم297، ولكنه لا يسلم من الوقوع في المحرم؛ فإن أقل أحوال الآية أن تقتضي تحريم مطلق التولي للكفار(298)، كما أن أقل أحوال الحديث أن يقتضي تحريم التشبه بهم.(1/69)
ومن آثار التشبه بالكافرين في أعمالهم:
- أن ذلك يقود إلى المودة لهم، قال شيخ الإسلام رحمه الله: "والموالاة والموادة وإن كانت متعلقة بالقلب، لكن المخالفة في الظاهر أهون على المؤمن من مقاطعة الكافرين ومباينتهم ومشاركتهم في الظاهر إن لم تكن ذريعة أو سبباً قريباً أو بعيداً إلى نوع ما"299، فمشاركتهم في فعلهم الظاهر إما أن تكون سبباً موصلاً إلى المودة لهم وذريعة لذلك، وإما أن تكون عائقاً _ ولو خفيفاً _ لترك موالاتهم وموادتهم بالقلب، "ذلك أن التقليد بمختلف صوره يقود إلى محبة المقلَّد _ شاء المقلِّد أم أبى _ ولعل ذلك ما يفسر لنا حرص الإسلام الشديد على منع تشبه المسلمين بأعدائهم، أو تقليدهم لهم؛ فإن السبب الرئيسي في ذلك أن يبقى الجدار العدائي الفاصل بين المعسكرين قائماً صلباً فلا يتأثر موقف المسلم المتصل باعتزازه بما عنده ورفضه لما عند أعدائه أبداً ولم يضعف ولا يلين"(300).
- ومودة الكفار سبب قادح في الإيمان بالله واليوم الآخر، كما أن مجانبتهم وعدم مودتهم من دلائل الإيمان ومن أسباب التأييد من الله، قال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)(301).(1/70)
وكما أن التشبه بالكفار يدل على المودة الظاهرة لهم فإن المودة من أشكال الموالاة لهم(302)، وقد حذرنا الله تبارك وتعالى من مولاة الكفار، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ)(303)، ولقد سخط الله على بني إسرائيل لما تولوا الكفار: (تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ)(304)، فيعلم من ذلك أن التشبه بالكفار قد يؤدي في النهاية إلى سخط الله (.
كما أن الركون إلى الكافرين ومحبتهم بالتشبه بهم في أفعالهم سبب لفوات اتصاف المؤمنين بمحبة الله لهم؛ فقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسوفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)(305).(1/71)
- كما أن ذلك يقود إلى موافقة ما في الأخلاق والهدي الباطن، قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "المشاركة في الهدى الظاهر تورث تناسباً وتشاكلاً بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال وهذا أمر محسوس؛ فإن اللابس لثياب أهل العلم مثلاً يجد من نفسه نوع انضمام إليهم، واللابس لثياب الجند المقاتلة مثلاً يجد في نفسه نوع تخلق بأخلاقهم ويصير طبعه مقتضياً لذلك، إلا أن يمنعه من ذلك مانع، وكلما كان القلب أتم حياة وأعرف بالإسلام كان إحساسه بمفارقة اليهود والنصارى باطنا أو ظاهراً أتم وبعده عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين أشد ومنها أن مشاركتهم في الهدى الظاهر توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهراً بين المهديين المرضيين وبين المغضوب عليهم والضالين"(306)، "ذلك أن المحاكاة في الظاهر تؤدي إلى المحاكاة في الباطن ولو بعد حين، فالتقليد صلة روحية بين المقلِّد والمقلَّد، ووساطة انتقال لمعتقداته وأفكاره و(أيديولوجياته) إليه، إما بشكل مباشر وعنيف ودفعة واحدة كما حدث في تركيا على يد مصطفى كمال أتاتورك(307)، وإما بشكل تدريجي سريع أو بطيء كما يحدث في كل زمان ومكان بين كل مقلِّد ومقلَّد"(308).(1/72)
- كما أن ذلك يوجب الدخول في ما دخل فيه الهالكون من أهل الغضب والضلال من صفات؛ توجب في النهاية مشاركتهم في الهلاك الغضب والضلال مما يكون من نتائج أفعالهم فعن عروة عن عائشة رضي الله عنها: أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه أسامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتشفع في حد من حدود الله)) ثم قام فاختطب309 ثم قال: ((إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها))310، فمن شاركهم في هذه الصفة _ وهي التفريق في الحدود بين الشريف والضعيف _ فقد شاركهم في الهلاك الذي وقعوا فيه. كما أنهم لما شددوا على أنفسهم كان ذلك سبباً لتشديد الله عليهم إما قدراً أو شرعاً، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم فإن قوماً شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع والديار (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ)(311)))312، فمن تشبه بهم في هذا الفعل _ وهو التشديد على النفس _ فهو جدير بمشاركتهم في عقابه وهو تشديد الله عليه، قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "وفيه أيضاً تنبيه على أن التشديد على النفس ابتداءً يكون سبباً لتشديد آخر يفعله الله إما بالشرع وإما بالقدر فأما بالشرع فمثل ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخافه في زمانه من زيادة إيجاب أو تحريم كنحو ما خافه لما اجتمعوا لصلاة التراويح معه ولما كانوا يسألون عن أشياء لم تحرم، ومثل أن من نذر شيئاً من الطاعات وجب عليه فعله وهو منهيٌ عن نفس عقد النذر وكذلك الكفارات الواجبة بأسباب، وأما القدر فكثيراً ما قد رأينا وسمعنا(1/73)
من كان يتنطع في أشياء فيبتلى أيضاً بأسباب تشدد الأمور عليه في الإيجاب والتحريم مثل كثير من الموسوسين في الطهارات إذا زادوا على المشروع ابتلوا بأسباب توجب حقيقة عليهم أشياء فيها عظيم مشقة ومضرة، وهذا المعنى الذي دل عليه الحديث موافق لما قدمناه في قوله تعالى: ( وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)313 من أن ذلك يقتضي كراهة موافقتهم في الآصار والأغلال"314، فمن تشبه بهم في واحد من أفعالهم _ كالتشدد في الدين _ لحقته كل تلك الآصار والأغلال التي لحقتهم، وهذا إنما هو مثال، وكذلك سائر أفعالهم التي هي من خصائصهم لا يأمن المسلم على نفسه من عقاب الله الذي وقع عليهم أن يقع عليه.
- والتشبه بأعمال الكفار الظاهرة من علامات اندراس دين الله، والعكس صحيح: فإن مخالفتهم من عوامل ظهور دين الإسلام وتميزه عن الأديان الباطلة، فعن أبي هريرة _ رضي الله عنه _ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر لأن اليهود والنصارى يؤخرون))315، فربط النبي صلى الله عليه وسلم بين ظهور الدين ومخالفة اليهود والنصارى، وجعل ظهور الدين معلقاً بمخالفتهم ومباينتهم، ومفهومه أن خفاء الدين واندراسه متعلق بإظهار مشابهتهم، فإذا كان التشبه بهم يساهم في فقدان الدين وعدم ظهوره(316) وجبت مخالفتهم بكل حال.
ومن التشبه بالكافرين في أعمالهم: مشابهتهم في زيهم وطريقة معيشتهم، مما لا يُعد ذا مصلحة معتبرة شرعاً، كالتشبه بهم في قصات الشعر التي ابتلي بعض شباب المسلمين اليوم، بل وصل بهم الذل والتبعية إلى التشبه بقصات حيوانات الكفار(317).(1/74)
وكالتشبه بهم في عادة التدخين الدخيلة على بلاد المسلمين، وقد ذكر الباحثون أن أول من اكتشفها: الهولنديون وجاؤوا بها إلى أراضي الدولة العثمانية ضمن تجاراتهم، وهي عادة دخيلة وهي من أظهر أمثلة التشبه بالكافرين، فهي عادة كافرة لم يفعلها المسلمون من قبل.
ومن أمثلة التشبه بهم في ما يختصون به في الجانب العملي: اعتماد التاريخ الميلادي بدل التاريخ الهجري _ كما هو حال معظم الدول في العالم الإسلامي اليوم _ مما أدى إلى ضياع الصبغة الإسلامية عن التاريخ، ومما أدى _ في أحيان كثيرة _ إلى رؤية الوقائع التاريخية بمنظار غير إسلامي، لا سيما وأن التاريخ الميلادي تنصب فكرته على ميلاد المسيح عيسى بن مريم (، وليس لذلك أي علاقة بالدين، فأي فائدة يرجوها الناس من معرفة ميلاد النبي إذا لم يكونوا على بصيرة مما جاء به، هذا إذا ثبت أن ميلاده كان في التأريخ الذي حدده النصارى، بخلاف التأريخ الهجري الذي أرخ به عمر بن الخطاب (، فإنه يحمل في طياته تأريخ ملحمة النصر ودولة الفتح والبناء، إنه تاريخ بداية الدولة الإسلامية، إضافة إلى كون هذا التاريخ هو من سنة هذا الخليفة الراشد ( وأرضاه.
الباب الثاني
مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث
تمهيد
لم يتخذ التشبه بالكفار بعد القرون المفضلة وقبيل العصر الحديث مظهراً عاماً لدى المسلمين؛ وذلك لقرب عهد السلف الصالح _ رحمهم الله _ ولظهور الدول الإسلامية بشكل عام على دول الكفر، مما يشكل أنفة من التشبه بالكفار لدى عامة المسلمين، وما كان في تلك العصور من مظاهر التشبه بالكفار بشكل عام كان مسبوكاً في قالب إسلامي، وإن كان لا يزال مظهراً من مظاهر التشبه بالكفار، كانتشار علم الكلام الذي اعتمد على الفلسفة الإغريقية ثم صبغ بالصبغة الإسلامية وإن كان لم يزل معلماً من معالم التشبه بالكافرين.(1/75)
…بدأ دخول الفلسفة إلى بلاد المسلمين إبان الحكم العباسي حين ترجمت الكتب الإغريقية في عهد المأمون وكان لها أكبر الأثر في صياغة قواعد للوصول إلى العقائد تختلف عن الطرق الإسلامية الأصيلة مما أدخل إلى تصور العقيدة الإسلامية كثيراً من الغبش وعدم الوضوح، فباتت عقائد الناس في اضطراب واختلاف، وكثرت الفرق الكلامية وانتشرت في بلاد المسلمين، ولكن الله عز وجل قيض لها من يكشف زيفها، من علماء المسلمين من السلف الصالح في القرون الأولى، ثم كان لمدرسة شيخ الإسلام _ رحمه الله _ في القرن الثامن أثرٌ واضحٌ في التصدي لتلك العقائد المبتدعة.
…وأما في نظام الحكم فقد كانت الشريعة الإسلامية مطبقة في تلك الآونة بشكل عام، وما كان من مخالفة لها لا يعدو أن يكون تبعاً لأهواء شخصية تزول بزوالها أو زوال أصحابها، إلا ما كان من تحكيم للياسق، وكانت فيه أحكام تخالف الشريعة الإسلامية، ولكن تطبيق ذلك القانون لم يتعد تلك المرحلة من التاريخ، كما لم يتعد البقعة التي تأثرت بحكم المغول.
…وكان للشيعة والصوفية في نهاية القرون المفضلة وما بعدها أثر كبير في إدخال عقائد الأمم الكافرة.
هذا وإن الناظر في البدع عموماً يجد أن سببها الأساسي هو الاستمداد من مناهج كفرية, لا صلة لها بالكتاب والسنة, فمعظم البدع ضاربة أطنابها في جذور عقائد الأمم الغابرة ومناهجهم وأعمالهم، قال شيخ الإسلام بعد سياق قصة عمرو بن لحي الخزاعي: "فقد تبين لك أن من أصل دروس دين الله وشرائعه وظهور الكفر والمعاصي: التشبه بالكافرين"(318).(1/76)
بل كل فرقة من الفرق الإسلامية الضالة, وجودها في حد ذاته هو شكل من أشكال التشبه باليهود والنصارى, يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على اثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة _ يعني الأهواء _ كلهم في النار إلا واحدة وهي الجماعة))(319), فافتراق أهل الأهواء من أمة الإسلام فيه مشابهة لافتراق أهل الكتابين.
كل ذلك يدل دلالة واضحة على خطورة البدع وأنها سبب لافتراق الأمة ومشابهة الأمم الكافرة.
يؤيد ذلك قوله تعالى: (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)(320) فالخوض في الشريعة بلا علم من مضاهاة الأمم السابقة التي نهينا عن التشبه بها, وبهذا تكون كل تلك البدع سواءً كانت مأخوذة من الكفار أم لا, هي نوع من أنواع التشبه بالمشركين, والدخول في ذلك دخولاً كاملاً يوجب حبوط الأعمال في الدنيا والآخرة, والعياذ بالله.(1/77)
قال ابن كثير في تفسير قوله (: (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)(321): (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا) أي في الكذب والباطل (أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ) أي بطلت مساعيهم فلا ثواب لهم عليها لأنها فاسدة (فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) لأنهم لم يحصل لهم عليها ثواب, قال ابن جرير عن عمرو بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) الآية, قال ابن عباس: ما أشبه الليلة بالبارحة (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم لا أعلم إلا أنه قال: ((والذي نفسي بيده لتتبعنهم حتى لو دخل الرجل منهم حجر ضب لدخلتموه)) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع وباعاً بباع حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه)). قالوا ومن هم يا رسول الله؟ أهل الكتاب, قال: ((فمن))(322)، قال أبو هريرة: الخلاق: الدين (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا) قالوا يا رسول الله كما صنعت فارس والروم؟ قال فهل الناس إلا هم؟ وهذا الحديث له شاهد في الصحيح"(323).(1/78)
يقول الشيخ عبد الرؤوف المناوي(324) _ متحدثاً عن الفترة التي عاشها وما قبلها _ يقول عن أوضاع بعض المسلمين: "فقد اتبع كثير من أمته سنن فارس في شيمهم ومراكبهم وملابسهم وإقامة شعارهم في الحروب وغيرها وأهل الكتابين في زخرفة المساجد(325) وتعظيم القبور326 حتى كاد أن يعبدها العوام وقبول الرشا وإقامة الحدود على الضعفاء دون الأقوياء وترك العمل يوم الجمعة والتسليم بالأصابع وعدم عيادة المريض يوم السبت والسرور بخميس البيض327 وأن الحائض لا تمس عجيناً ذلك مما هو أشنع وأبشع حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم مبالغة في الاتباع فإذا اقتصروا في الذي ابتدعوه فستقتصرون وإن بسطوا فستبسطوا حتى لو بلغوا إلى غاية لبلغتموها حتى كانت تقتل أنبياءها فلما عصم الله رسوله قتلوا خلفاءه تحقيقاً لصدق الرسول("(328).
بداية العصر الحديث:(1/79)
وأما بالنسبة لتحديد بداية العصر الحديث فيرى عدد كبير من الباحثين أنه يبدأ بانتهاء العصور الوسطى(329) وبدايةِ عصر النهضة الحديثة(330) بالنسبة لأوربا، ويؤرخون لبداية العصر الحديث تحديداً بفتح القسطنطينية، على يد محمد الفاتح، فقد كان لفتح القسطنطينية أثرٌ كبيرٌ في تغيير مجرى التاريخ، يقول أحد الباحثين في هذا المجال: "منذ انتهى العصر الوسيط بدأ العصر الحديث مع فترة انتقالية بينهما تضاف لرصيد التاريخ الحديث هي ما يطلق عليها: (عصر النهضة)، وما زلنا نعيش جميعاً هذا العصر. ويبدأ العصر الحديث بإجماع عدد كبير من المؤرخين منذ سقوط القسطنطينية على يد محمد الفاتح سنة: (1453م)، ذلك الحدث الرهيب الذي قَرَعَت من أجله الكنائسُ أجراسَها، ولقد كان لطبيعة فتح القسطنطينية ما يؤكد ذلك. وأحداث التاريخ، كما نؤكد دائماً، لا تموت وإنما هي في الضمائر والقلوب والشعور واللاشعور، تؤثر في الإنسان والحضارة، وتحرك المشاعر واعية وغير واعية. لقد ظهر الجيش العثماني أمام أسوار القسطنطينية تحوطه دعوات العلماء وابتهالاتهم، وكانت الروح الدينية غالبة على الجند الذين كانوا يعتقدون أنهم يؤدون واجباً مقدساً، ولقد كانت المعارك تبدأ بصلاة السلطان، وكان الجيش كله يصلي، ورفض الإمبراطور البيزنطي التسليم أكثر من مرة مما دعا محمد الفاتح السلطان الشاب (22 سنة) إلى التوجه بجيشه قائلاً: لقد وقفت هذه المدينة أعواماً طوالاً في وجه الإسلام وتحالفت مع أعدائه لذلك فهي مباحة لكم، وبعد يوم واحد كانت المدينة في أيدي المسلمين، وعندما انتصف النهار دخل محمد الفاتح المدينة يمتطي صهوة جواده واتجه إلى الكنيسة الكبيرة (أيا صوفيا) ونزل عن جواده أمام بابها وعفر رأسه بالتراب تواضعاً وشكراً لله وقابله رجال الكنيسة فأمَّنَهُم، ثم أشار إلى من أذن للصلاة فأُذن لأول مرة في هذه الكنيسة الضخمة، ومن يومها أصبحَت مسجداً من أكبر مساجد الإسلام. لقد كان(1/80)
مطلع العصر الحديث (الله أكبر) تدوي في إحدى الكنائس"(331)، ومثل هذا الحدث يستحق فعلاً أن يكون بداية لتاريخ جديد، كما تشعر هذه البدايةُ العظيمةُ بأن هذا العصر الذي بدأ بالنصر والعزة والتمكين لدين الله _ تشعر _ بأنه ينبغي للمسلم أن يعيش فيه عزيزاً شامخاً بدينه، غير متأثر بأي نوع من أنواع الولاء لأعدء الله، متميزاً عنهم في كل شؤونه، قائلاً بلسان حاله لأعدائه: إن المجد الذي بناه أسلافنا في مطلع هذا العصر ما هو إلا لبنة من لبنات بناء العزة الإسلامية الشامخ، والذي سأعمل على إرسائه وإعلائه.
الفصل الأول
مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث في الجانب الاعتقادي(1/81)
لقد خلق الله الخلق موحدين، فإن آدم كان موحداً، ولم يطرأ الشرك إلا بعد ذلك بقرون، وما ذلك إلا لكون الاعتقاد الصحيح إنما يؤخذ من الله؛ فإن الله أعرف بنفسه وما يجب له من خلقه، وما ضلت البشرية بعد ذلك إلا من مجافاتها لطريق الوحي _ وهو الطريق الوحيد الذي يجب أن تؤخذ منه العقيدة _، وهذه قصة نسيان التوحيد، يقول ابن عباس (: "كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين"(332)، فمنهم من أخذ معتقده عن طريق الابتداع ومنهم من أخذ معتقده عن طريق التشبه بغيره من المبتدعة، ففي تفسير أول شرك حصل في البشرية وهو عبادة قوم نوح لود وسواع ويغوث ويعوق ونسراً، يقول الطبري _ رحمه الله _: "كانوا قوماً صالحين من بني آدم وكان لهم أتباع يقتدون بهم فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال: إنما كانوا يعبدونهم وبهم يُسقَوْن المطر فعبدوهم"(333)، فكان هؤلاء الذين ابتدعوا وتشبه خَلَفُهم بهم، وانتشر الشرك، فما من انحراف في تاريخ البشر من لدن آدم عليه السلام إلا بسبب آفة أخْذِ العقيدة عن غير مصدرها الصحيح النقي وهو مصدر الوحي، بالابتداع أو التشبه بمن ابتدع في دينه.
…(1/82)
وفي هذا الفصل أحاول أن أكشف الستار عن بعض المظاهر التي سببت الانحراف لدى المسلمين في الجانب الاعتقادي في العصر الحديث، وأخص منها المظاهر التي تقوم على التشبه بالكفار دون المظاهر التي تقوم على جانب الابتداع المحض، وإن كان هذا قليل جداً بالنسبة لسابقه؛ وذلك لكثرة تأثر مبتدعة هذه الأمة بغيرهم من الأمم؛ بسبب الداخلين في الإسلام من أهل الملل الأخرى، ممن علق لديهم بعض بقايا اعتقاداتهم السابقة، بخلاف الأمم السابقة وخاصة التي مثلنا بها من القرون التي كانت بين آدم ونوح؛ فإن مصدر الانحراف في تلك الأمم كان يغلب عليه جانب الابتداع أكثر من جانب التشبه بالكفار، وإن كان الابتداع يعقبه تشبه بالمبتدع.
والحاصل أنني سأعتني في هذا الفصل بذكر الاعتقادات _ التي تعني بذاتها مظهراً من مظاهر التشبه بالكفار في الجانب الاعتقادي _ خصوصاً، وبالمناهج _ المأخوذة من عند الكفار _ التي غذت هذه المظاهر عموماً.
المبحث الأول: مظاهر التشبه بالكفار في توحيد المعرفة
المطلب الأول: الفلسفة، أصولها وآثارها في العصر الحديث.
الفلسفة اسم يوناني معرب من كلمة (فيلاسوفيا)، ومعناه: إيثار الحكمة، وهو في لسانهم مركب من: (فيلا) و (سوفيا) و (فيلا): الإيثار، (وسوفيا): الحكمة(334)، والفيلسوف معناه: المؤثر للحكمة(335)، وذكر الشهرستاني في الملل والنحل قريباً من ذلك فقال: "الفلسفة باليونانية: محبة الحكمة والفيلسوف هو (فيلا)و(سوفا)، و(فيلا): هو المحب، و(سوفا): الحكمة، أي هو: محب الحكمة"336، والتعبير عن الفلسفة بمعنى إيثار الحكمة يستلزم أن تكون الحكمة التي يسعى إليها الفيلسوف المسلم موافقة للشرع القويم فإن الحكمة الحقيقية إنما تؤخذ من مشكاة النبوة، قال تعالى: (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)337.(1/83)
وجاء في الموسوعة العربية العالمية: "الفلسفة هي دراسة تسعى إلى فهم غوامض الوجود والواقع، كما تحاول أن تكتشف ماهية الحقيقة والمعرفة، وأن تدرك ماله أهمية أساسية وقيمة عظمى في الحياة، كذلك تنظر في العلاقات القائمة بين الإنسان والطبيعة، وبين الفرد والمجتمع"(338)، وهذا هو المعنى الواسع للفلسفة، وقد يعرفها بعضهم بتعريفات أخرى قد تحصرها في مجالات أضيق من التعريف السابق حسب منظور كل منهم، أو حسب الميادين التي اشتهرت بها الفلسفة، فقد جاء تعريفها في التعريفات: "الفلسفة: التشبه بالإله بحسب الطاقة البشرية لتحصيل السعادة الأبدية في الإحاطة بالمعلومات والتجرد عن الجسمانيات"339، وهنا نرى هذا التعريف قد خصها بأكثر ما اشتهرت به وهو النظر في الإلهيات، الناتج عنه إمكانية التخلق بأخلاق الإله، وهذا التعريف مشوب بعقيدة المتصوفة الذين استقوا هذا الفكر من البراهمة الذين يقومون بالعبادات من أجل الفناء في براهما340.
…ولكننا نجد الفلسفة جاءت في بعض نظرياتها بما يخالف الشرع مما جعل الكثير من أئمة الإسلام يقفون منها موقفاً معادياً341، ومن تلك النتائج التي توصل إليها الفلاسفة ما ذكره ابن القيم فقال: "وقد علمتم الاعتراضات التي اعترض بها أهل الفلسفة على كونه خالقاً للعالم في ستة أيام وعلى كونه يقيم الناس من قبورهم ويبعثهم إلى دار السعادة أو الشقاء ويبدل هذا العالم ويأتي بغيره"342.(1/84)
ومن تلك المواقف: سئل الإمام أبو حنيفة: ما تقول فيما أحدث الناس من الكلام في الأعراض والأجسام؟ فقال: "مقالات الفلاسفة، عليك بالأثر وطريقة السلف، وإياك وكل محدثة فإنها بدعة"343، وما ذلك إلا لانحرافهم عن سواء السبيل بتلك العقائد المستنبطة من نتاج الفكر الإنساني البسيط الذي لا يستغني بحال عن نور الوحي الإلهي، يقول الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي: "قال الطوفي(344): وقد اعترف أكثر أئمة أهل الكلام والفلسفة من الأولين والآخرين أن الطرائق التي سلكوها في أمور الربوبية بالأقيسة التي ضربوها لا تفضي بهم إلى العلم واليقين في الأمور الإلهية مثل تكلمهم بالجسم والعرض في دلائلهم ومسائلهم ومقالة أساطين الفلسفة من الأوائل أنهم قالوا: العلم الإلهي لا سبيل فيه إلى اليقين وإنما يتكلم فيه بالأولى والأحرى، قال: ولهذا اتفق كل من خبر مقالة هؤلاء المتفلسفة في العلم الإلهي أن غالبه ظنون كاذبة وأقيسة فاسدة وأن الذي فيه من العلم والحق قليل، انتهى. هذا والفلاسفة هم أرباب النهاية في العقول لكن العقول إذا لم تستند إلى الشرع المنقول وقعت في الحيرة والضلالات وطرأت عليها الخيالات والاستبعادات لما جاءت به الرسل ولهذا كانت الفلاسفة يعتقدون أن عندهم من العلوم والمعارف ما يستغنون به عن علم الأنبياء عليهم السلام، قال أبو حيان(345): وكانوا إذا سمعوا بوحي الله تعالى دفعوه وصغروا علم الأنبياء بالنسبة إلى علمهم"(346)، ومنهم من شرط شروطاً حاسمة للنظر في هذا العلم فقال: صاحب كشف الظنون: "تنبيه: اعلم أن النظر والمطالعة في علوم الفلسفة يحل بشرطين، أحدهما: أن لا يكون خالي الذهن عن العقائد الإسلامية بل يكون قوياً في دينه راسخاً على الشريعة الشريفة، والثاني: أن لا يتجاوز مسائلهم المخالفة للشريعة، وإن تجاوز فإنما يطالعها للرد لا غير، هذا إن ساعده الذهن والسن والوقت وسامحه الدهر عما يفضيه إلى الحرمان، وإن لا فعليه أن يقتصر على(1/85)
الأهم وهو قدر ما يحتاج إليه فيما يتقرب به إلى الله تعالى، وما لا بد منه في المبدأ والمعاد والمعاملات والعبادات والأخلاق والعادات"347،فشرط أن يكون متسلحاً بالعقيدة الصحيحة قبل أن يخوض في فلسفات القوم، وأن لا يدخل نفسه فيما لا ينفع من علومهم إلا للرد عليه.
…ولذلك لم يأخذ بتلك النظريات المخالفة للدين من المسلمين إلا أهل الفرق المنحرفة من المتكلمين والفلاسفة، فجاءت ردود علماء الإسلام عليهم ردوداً واضحة تجلو الغبار عن منهجهم الضال لتبين موقف الإسلام الصحيح من كل فكر دخيل يعارض قيم الإسلام وعقائده وأصوله348.
…ومع ذلك يرى بعض الباحثين أن الفلاسفة المسلمين تخيروا من الفلسفة ما يتناسب مع حقائق الدين فيقول: "تهيأ للمسلمين حظ موفور من معرفة أكثر المذاهب الفلسفية التي ذهب إليها فلاسفة اليونان، فاستنبطوا منها ما ينسجم مع الدين الإسلامي ويوافق الشريعة الإسلامية"(349)، وليس هذا بصحيح فلو كان الأمر كذلك لما أدى إلى الانشقاق والتفرق في الدين كما هو الحاصل بين الفلاسفة والعلماء من أهل السنة والجماعة(350)، ولو قال الكاتب إنهم استنبطوا منها ما ظنوه منسجماً مع الدين لربما كان مصيباً، وحينئذ نقول: إنهم ظنوا وأخطؤوا الظن، وكان الأولى بهم أن يستنبطوا من نصوص الشرع ما يفيدهم في دينهم ودنياهم، فإن أبوا إلا الفلسفة فليستدلوا بها على نصوص الشرع ويجعلوه الأساس الذي من أجله تؤول العقليات الظنية لا العكس، وأما القطعيات فلا تعارض بينها وبين الدين، فإن تُوُهِّمَ ذلك فليُتهم العقل.(1/86)
ولما جاءت الفلسفة بما يعارض الدين الصحيح كان ذلك من أسباب رفضها حتى عند بعض أصحاب الأديان السماوية السابقة أيضاً، جاء في أبجد العلوم: "وكانت الفلسفة ظاهرة في اليونانيين والروم قبل شريعة المسيح عليه السلام، فلما تنصرت الروم منعوا منها واحرقوا بعضها وخزنوا البعض؛ إذ كانت بضد الشرائع، ثم إن الروم عادت إلى مذهب الفلاسفة"351، وقال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "ولهذا لما ورد ناموس عيسى بن مريم عليه السلام على الروم انتقلوا عن الفلسفة اليونانية إلى دين المسيح"352، فإذا كان حال الأمم السابقة من النصارى الذين آمنوا بالإنجيل(353) الذي جاء به عيسى عليه السلام وصدقوا به: أنهم تركوا الفلسفات اليونانية؛ وما ذلك إلا لعلمهم بأنها تخالف الأديان والعقائد السماوية المشتملة على الأخبار الصادقة التي لا مرية فيها ولا تحير؛ ذلك بأنها ثقافات بشرية متحررة من ربقة الشرائع السليمة التي لا تحريف فيها، ولذلك لما حرف النصارى دينهم وأدخلوا فيه الأكاذيب والأباطيل المفتراة على الله رب العالمين وعلى رسوله عيسى عليه السلام عادوا إلى تلك الثقافات الضحلة مرة أخرى لأن الدين المحرف يرحب بكل ما هو مخالف لشرع الله القويم وصراطه المستقيم.
كما أن الفلسفة قد ساهمت مساهمة فعالة في إشعال الجدل والخصومات بين المسلمين وتشتتهم إلى فرق وأحزاب(354)، قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "وأما الخلاف الذي بين الفلاسفة فلا يحصيه أحد لكثرته ولتفرقهم"(355).(1/87)
…ويعتبر التوغل في علم الفلسفة _ بدون القاعدة الاعتقادية الراسخة والهدف الصحيح _: مظهراً من مظاهر التشبه بالكفار356، يشهد لذلك أصلها الإغريقي، فإن الفلسفة لم تكن بحال من الأحوال وليدة الفكر الإسلامي الصافي، فقد جاءت من بلاد اليونان357، وكان أصلها الشك، قال (ول ديورانت) مبيناً تاريخ الفلسفة من بداياته: "وربما كان التجار أول من اظهروا شكهم وريبتهم، فقد رأوا الكثير في أسفارهم وتعذر عليهم الاعتقاد بهذا الكثير، كما أن ميل التجار العام إلى تقسيم جميع الناس إلى حمقى أو أوغاد، جعلهم يميلون إلى استجواب كل عقيدة ومذهب"358، وهذا توقع منه لبداية نشوء الفلسفة؛ نظراً لطبيعة الفلسفة التي تقوم على الشك والريبة في العقائد؛ فإن أكثر من يتوقع منهم ذلك: هم التجار الذين يسافرون في أقطار الأرض غير متسلحين بسلاح الإيمان والعلم الصحيح مما يحدو بهم إلى الشك؛ لكثرة العقائد التي يمرون عليها من خلال تجوالهم في البلاد.
…وقد يقسم بعض الباحثين الفلسفة إلى قسمين:
1- الفلسفة الغربية القديمة: وهي جذور الفلسفة الغربية المتأخرة فمعتقدات الغرب المتعلقة بما وراء الطبيعة والعلم والمنطق والأخلاق في العصر الحديث هي تبع لرواد الفلسفة القديمة، وكان من روادها سقراط وأفلاطون وأرسطو.
2- الفلسفة الشرقية (الهندية، والصينية): فالفلسفة الهندية والتي تسمى (دَرْشانا) لها علاقة بتفاسير كتبهم المقدسة، والهدف الرئيسي منها: هو التحرر من العذاب والتوتر الناتجين عن البدن والحواس والكف عن التشبث بالدنيا وما فيها(359)، كما اشتهر الفكر الكونفوشي المأخوذ عن الفيلسوف كونفوشيوس (في الصين)، في القرن السادس ق.م (360).(1/88)
هنا نلاحظ أن القسمين _ وخاصة ما يتعلق منهما بما وراء الطبيعة وصفات الخالق _ بعيدان عن مصادر الدين الإسلامي، كما أن كثيراً من مباحث الفلسفة داخلة في ما هو من العقائد الغيبية التي لا يمكن لأحد أن يخبر عنها خبراً يقيناً إلا الله عز وجل، ولم يترك لنا الله عز وجل أمراً من الأمور الغيبية إلا وحدثنا عنه في كتابٍ جعله تبياناً لكل شيء فما هي الحاجة لأخذ العقيدة من مثل هذه العلوم القادمة من عند الكفار؟. ولذلك فقد بات من المجمع عليه تقريباً بين الباحثين أن الفلسفة علم دخيل على المسلمين من الأمم السابقة361، وطريقة في التفكير والتوصل إلى الحقائق لم تُعهد ولم يأت بها نبي من الأنبياء، بل هي مما أخذ عن الكفار لغير مصلحة معتبرة شرعاً، وقد نهينا عن التشبه بهم.
…ولكن مع أن هذا العلم من العلوم المستوردة من الكفار نجد من المسلمين من ولج فيه، وأخذ يستقي منه بعض العقائد، وأعرض عن كثير من نصوص الوحي، كما فعلت جموع من الفلاسفة في القرون الوسطى، ولا زالت العقائد المبنية على قواعد الفلسفة اليونانية تتوالى لتضرب في صميم وحدة الأمة، ونرى من الكتاب والمفكرين المعاصرين من يتأثر بهذا المنهج السقيم، يريد بذلك أن يصوغ منه فكراً اعتقادياً سليماً حراً _ على حد ما ينشد ويدعي _ معارضاً بذلك نصوص الوحي، ومتشبهاً بأعداء الملة والدين من الكفار الملحدين الضالين التائهين، فيتشبه بهم في حيرتهم وهم يهيمون على وجوههم، ليبحثوا عن العقيدة الصحيحة في إلههم وخالقهم، ظناً منهم أنهم لن يجدوها نقية خالصة إلا في أوحال الفلسفة الإغريقية، بعيداً عن القرآن والسنة، ثم تتم المعالجة لتلك النصوص الثابتة الصريحة من القرآن بالتأويل، ومن السنة بالرد والتعطيل، كل هذا من تبعات الاتجاه الفلسفي، علمه من علمه وجهله من جهله أو تجاهله.(1/89)
…فمع أن الفلسفة تعتبر علماً خارجاً على الوحي، وارداً من الأمم السابقة التي كفرت بالله أو غلب عليها الكفر، ومع أنها تتدخل في الغيبيات التي لا تحتاج إلى نظر واستدلال بل ينبغي أن لا تؤخذ إلا من الوحي؛ فإن من المسلمين في هذا العصر من يحاول المقارنة بينها وبين الوحي، فيقول أحد الباحثين، وهو يبين تلاقي النبوة والفلسفة: "والعلم الذي يجيء عن طريق الوحي، لا يختلف في نتائجه عن العلم الذي ينتهي إليه النظر العقلي والاستدلال المنطقي، وإن اختلف الطريق في كل منهما، ومن هنا تلاقت النبوة والفلسفة، إذ قيل إن المعرفة التي تجيء عن طريق الوحي، إن قابلها صاحبها بما عند العلماء من حقائق، ألفاها على اتفاق معها؛ لأن العلل والمبادئ واحدة، فإذا أخبر بها من وصل إليها من أسفل بالتفلسف، اتفق رأيهما وصدق أحدهما الآخر بالضرورة، وبادر الفيلسوف إلى قبول ما يأتي به النبي أو الكاهن، لأنهما على اتفاق والفرق بينهما أن أحدهما ارتقى من أسفل أما الآخر فقد انحط من علٍ، والمسافة بين السطح والقرار واحدة ولكنها بالإضافة إلى من بالقرار تسمى صعوداً وبالإضافة إلى من في السطح تسمى هبوطاً، والأنبياء في هذا كله متفاوتون، فقد يكشف أحدهم ما يطويه المستقبل بعد قرن ويكشف غيره ما تخفيه عشرة قرون تالية، كما يتفاوت الفلاسفة في معرفة الحقائق وسبر غورها"(362)، فلم يكتف بأن قارن بين الوحي والفلسفة بل قرن معهما التكهن، وجعل ما وصل إليه النبي هو نفسه ما يصل إليه الفيلسوف، وهذا مغاير للواقع المحسوس فإن الفلاسفة جاءوا بكثير من الأمور المشككة في الدين مما لا يخفى تعارضه مع الوحي بحال.
جاء في كتاب: (اعتقادات فرق المسلمين والمشركين) عن الفلاسفة: "وأكثرهم ينكرون علم الله تعالى وينكرون حشر الأجساد"(363).(1/90)
…كما أن القرآن والسنة كلاهما مليء بإثبات صفات الباري ( ولكن الفلاسفة اتفقوا على نفي الصفات(364)، يقول ابن سينا: "فإذا حققت تكون الصفة الأولى لواجب الوجود أنه موجود ثم الصفات الأخرى يكون بعضها المتعين فيه هذا الوجود مع إضافة، وبعضها هذا الوجود مع السلب وليس واحد منها موجباً في ذاته كثرة البتة ولا مغايرة"(365)، فهنا يحاول ابن سينا أن ينفي جميع الصفات ويردها إلى صفة الوجود، ويشرح هذا الاتجاه للفلاسفة الغزاليُّ، فيقول: "اتفقت الفلاسفة على استحالة إثبات العلم والقدرة والإرادة، للمبدأ الأول، وزعموا أن هذه الأسامي وردت شرعاً، ويجوز إطلاقها لغة، ولكن ترجع إلى ذات واحدة ولا يجوز إثبات صفات زائدة على ذاته كما يجوز في حقنا أن يكون علمنا وقدرتنا أوصافاً لنا زائدة على ذاتنا، وزعموا أن ذلك يوجب كثرة، لأن هذه الصفات لو طرأت علينا لكنا نعلم أنها زائدة على الذات، فكل شيئين إذا طرأ أحدهما على الآخر، وعلم أن هذا ليس ذاك، وذاك ليس هذا، فلو اقترنا أيضاً، لعقل كونها شيئين، فإذن لا تخرج هذه الصفات بأن تكون صفات مقارنة لذات الأول عن أن تكون أشياء سوى الذات، فيوجب كثرة في واجب الوجود. وهو محال فلهذا أجمعوا على نفي الصفات"(366)، فهذا أعظم ما جاءت به نصوص الوحي _ وهو إثبات صفات البارئ ( _ اختلفت عليه الفلاسفة اختلافاً عظيماً فكيف يقال: إن الفيلسوف والنبي لا تختلف نتائج ما توصلا إليه في النهاية!
…في الحقيقة أن المتفلسفة من المسلمين أشبهوا الفلاسفة القدماء الذين تصوروا الإله بما لا يليق أن يوصف به المعدوم فضلاً عن المخلوق(367)، وفارقوا ما كان عليه الوحي المنزل على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فهم باليونانين أشبه منهم بالنبيين.(1/91)
…لقد دخلت الفلسفة ضمن المؤثرات على عقيدة المسلمين وصارت مصدراً لبعضهم ليستقي منه العقيدة يقول مصطفى غالب(368) في مقدمة كتابه: فلاسفة من الشرق والغرب: "الحكمة العرفانية العقلانية، والبحث عن كنه الوجود والموجودات، غريزة بشرية تكونت منذ وجود العقل الإنسان، في هذا العالم الذي يمور بالأسرار والرموز والإشارات. وتمتد نشاطات الحكمة عبر الأكوان والموجودات إلى الأمور الماورائية، والعلة السببية والمسالك التوحيدية، والإشراقات(369) الروحانية السرمدية، الحكمة إذن هي ثمرة العقول الواعية وخلاصة التأمل والتفكير المبدع الخلاق"(370)، فجعل الفلسفة _ وهي ما عبر عنه بالحكمة _ جعلها مصدراً من مصادر تلقي العقيدة والأمور الماورائية _ على حد تعبيره _ بل بها تعلم المسالك التوحيدية، وقد اعترف أن هذه الحكمة المنشودة التي يتحدث عنها: إنما هي ثمرة العقول الواعية، مع أنه من المعلوم في ديننا الحنيف أنه لا تعارض بين العقل الصريح والنقل الصحيح، فإن تُوُهم التعارض بينهما؛ لقصر في العقل، لا يقدم العقل على شيء من النقل371، وقد جاء النقل بما يجيب عن كل الأسئلة في المسائل التوحيدية، فإن كان الأمر كذلك فما فائدة هذه الحكمة (الفلسفة) التي نأخذ منها التوحيد، وقد تتعارض مع النقول الصحيحة من الوحي، كما هو الحاصل في الواقع، فالاعتراض على كلامه من حيث أنه أطلق العنان للفلسفة أن تتدخل بإطلاق في الغيبيات والمسالك التوحيدية، بدون تقييد والصحيح أن الفلسفة لا يمكن أن نطلق لها العنان في هذا الباب؛ لأن الغيب لا يعلمه إلا علام الغيوب فالأصل فيه هو النص ولا تكون الاستدلالات العقلية فيه إلا من باب الرد على الخصوم.(1/92)
…ونرى على سبيل المثال بعض الباحثين يقرر صحة مذهب المعتزلة وعدم تناقضه، رغم أنهم يقولون بنفي الصفات وما ذلك إلا لتأثره بالمنهج الفلسفي اليوناني _ والذي استقى منه المعتزلة مذهبهم في الصفات372 بعد تحويره في قالب كلامي منطقي _ فيقول: "وأن قول المعتزلة بهذا الوجود العقلي، أو الصوري أو الإلهي للأشياء لا يعني قولهم بوجودها الفعلي، الحسي المادي في الخارج، وبذلك ينحل التناقض، وتبقى الوحدة الفكرية في مذهبهم، بحيث لا يوجد أي تناقض في منظورهم الميتافيزيقي(373)، حول الله والعالم"(374)، ومن المعلوم أن مذهب المعتزلة قائم على الفلسفة اليونانية، وهي التي جاء أصحابها بالبدع الاعتقادية الكبرى من نفي الصفات والقدر استناداً على مقدمات كلامية فاسدة مأخوذة عن اليونانيين، فهل يوصف مثل هذا المنهج الفكري بالوحدة الفكرية وعدم التناقض؟!375 فما الذي يحملنا على أخذ معلوماتنا حول الله في الأزل وأفعال الله وما يجب على الله من علم الكلام أو الفلسفة الواردة إلينا من الكفار، ونترك كلام الله الذي أنزله الله (تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ)376.
…وفي معرض الإعجاب بهذا الفن الدخيل على المسلمين قال في كتاب: (أسس الفلسفة) مقدمة مرتضى المطهري: "والإنسان - سواء نجح أم خاب- لا يستطيع أن يكف نفسه عن المحاولات الفكرية والنشاطات العقلية التي تدور حول بدء العالم وغاية الوجود ومبدئه وحول الحدوث والقدم، والوحدة والكثرة، والمتناهي واللامتناهي والعلة والمعلول، والواجب والممكن، وغيرها من الأمور التي هي من هذا القبيل. وهذه الحاجة الفطرية هي التي أوجدت الفلسفة.(1/93)
فالفلسفة تجعل الوجود بأجمعه ميداناً ليجول فيه الفكر البشري، وهي تحمل العقل الإنساني على جناحها وتحلق به إلى عوالم هي منتهى آماله وغاية طموحه"377، والجواب على ما قاله: أن الفكر الإنساني محدود بما هو من مقدوره فإذا تجاوز المقدور إلى ما يتعذر أن يأتي فيه العقل البشري بالنتائج الصحيحة _ كما هو الحال في الغيبيات _ توقفت مهمة العقل البشري ليترك الباقي لما هو أجدر أن يتبع ويفصل النزاع ألا وهو الوحي الإلهي.
…كما زعم أن الفلسفة ظهرت مع تاريخ ظهور الإنسانية، فقال في مقدمة كتابه أصول الفلسفة: "وتاريخ الفلسفة مع تاريخ الفكر البشري توأمان ولهذا فنحن لا نستطيع أن نعتبر قرناً معيناً ولا منطقة خاصة على أساس أنهما مبدأ ومنشأ ظهور الفلسفة على وجه الأرض. فالإنسان- بحكم رغبته الفطرية- لم يفوت أية فرصة أتيحت له في أي وقت وأي مكان للتفكير وإبداء الرأي حول النظام الكلي للعالم"(378)، وهذا زعم يحتاج إلى دليل، وهو ناتج عن الاقتناع الكامل بهذا المذهب الفكري الدخيل، فعلم المفلسفة مخترع من البشر وليس توأماً مع ظهور الإنسانية، فإن كان يقصد العقائد الإنسانية فإنه يلزمه أن يغير تعبيره إلى ما يفصح عن القصد، ولو قال: إن العقائد ظهرت مع ظهور الإنسانية بدلاً من إطلاق ذلك على الفلسفة، فإن العقائد التي علمها الله آدم شيءٌ والعقائد المستخلصة من الفلسفة شيء آخر، والفلسفة والعقائد الصحيحة المستندة إلى الوحي لا يخفى تناقضها في كثير من الأمور.(1/94)
…كما نجد الباحث أحمد صبحي في كتابه: الفلسفة الأخلاقية يقرر صحة الفلسفة التي سار عليها المعتزلة ويحاول مدحها لكونها تنشأ عنها أخلاقيات وإن كانت هذه الأخلاقيات ضمن إطار خلق العبد فعل نفسه فالمعتزلة فلسفتهم خير من فلسفة ابن عربي وفلسفة الجبرية(379) اللتان أطلقتا العنان للإنسان في تصرفاته خارجاً عن حدود الأخلاق؛ فإن المعتزلة يقولون بأن العبد يخلق فعل نفسه ومن ثم هو مسؤول عن كل ما يفعله من خير أو شر، ففي نظره أن فلسفة المعتزلة استطاعت أن تكون فلسفة أخلاقية تعين المسلم على التفريق بين الحسن والقبيح في تصرفاته(380).(1/95)
فصار المعيار عند الباحث في تقييم هذه الفلسفة أو تلك هو: مقدار مراعاتها لجانب الأخلاق، ولو كان ذلك على حساب العقيدة الإسلامية، فلا أدري كيف سمح الباحث لنفسه أن يمهد لبحثه ويكون له المادة التي تثبت أن للفلسفات الإسلامية بعداً أخلاقياً ولو كان ذلك مستقىً من الفلسفات اليونانية الضالة البعيدة عن نور الوحي، ولو كان ذلك على حساب صحة العقائد التي جاءت بها تلك الفلسفات من عدمها؛ فيقول في شرحه لفلسفة ابن عربي: "كمال الإنسان لدى أصحاب وحدة الوجود لأنه قد اجتمعت فيه كمالات، والوجود العقلي والروحي والمادي لا فرق في ذلك بين أي من هذه المظاهر، فليس سفك الدماء والفساد في الأرض بأدنى من البر والإحسان من حيث إن الأولى مظاهر لصفات الجلال الإلهي، ولا تفترق صفات الجلال عن صفات الجمال فالمعصية من العبد كمال أو هي جلال لأنها مظاهر لاسم المنتقم أو الجبار وهو من أسماء الله، فلا فرق بين الخير والشر، بين من يظهر بصورة العاصي ومن يظهر بصورة المطيع من حيث إن كلاهما هو مظهر لاسم من أسماء الله"(381)، ولم يجد طريقاً لنقد هذه النظرية إلا من حيث أنها أجحفت في جانب الأخلاق، فيقول: "وغني عن البيان أن نظرية كهذه تلغي القيم الخلقية وأحكام الشرائع وتفسر الخلق وحياة الإنسان وسلوكه ومآله بعد الممات تفسيراً وجودياً بحتاً لا أثر للأخلاقية فيه، إنها لا تقوض أصول الشرع وأحكامه فحسب بل إنها تعبث بكل تقييم ومن ثم فإنها إن صلح أن تلحق بالمذاهب الأنطولوجية التي تفسر الوجود فإنها لا يمكن أن تكون بحال ميتافيزيقا أخلاق، إنها وإن جعلت الإنسان ربانياً فإنها لم تكرمه، وأي تكريم ذلك الذي يستوي فيه الطيب مع الخبيث ويلحق فيه إبليس منزلة الرسول باسم صفتي الجمال والجلال"(382)، ويقول في شرحه لفلسفة الإنسان الكامل: "والنظرية شأنها شأن نظرية ابن عربي تفسر النشأة الإنسانية بالحديث المنسوب إلى الرسول، خلق الله آدم على صورته فالله قد خلق(1/96)
الإنسان على صورته وحلاه بأوصافه وسماه بأسمائه فهو الحي والإنسان حي وهو العليم والإنسان عليم وهو الموجود والإنسان موجود وله الربوبية للإنسان الربوبية"383، ثم يبدأ في نقده لهذه النظرية على أساس الأخلاق الذي من أجله صنف كتابه، وربما لو وجد في هذه النظرية أو تلك ما يعضد الأخلاق ويقومها لاعتبرها فلسفات إسلامية يعتز بها، ويشهد لذلك موقفه من فلسفة الاعتزال مع نفيها للصفات وقولهم في الحقيقة بخالقين في الكون، فيقول: "فالإنسان متصف بالكمال وفق هذه النظرية لا لسبب أخلاقي وإنما لنسبة إلهية من حيث هو صورة الحق أو بالأحرى لسبب وجودي محض، والنظرية في جملتها أنطولوجية لا تدع مجالاً للأخلاق بل لعلها تعبث بالقيم شأنها شأن نظرية وحدة الوجود حين تسوي بين الخير والشر كما تسوي بين الجنة والنار"(384).
…ثم إنه يدعو غيره إلى تطوير الفلسفة في الجانب الاعتقادي إلى فلسفات أخلاقية مبنية على نتائج مقدمات الفكر اليوناني لتشمل جوانب الحياة، فيبين _ في كتابه (الفلسفة الأخلاقية في الفكر الإسلامي) (385) _ أن الفلسفة التي عنيت بالنظر والاستدلال في الجانب الاعتقادي لا بد أن تكون لها أبعادها في الجانب الأخلاقي، فالعلوم التي أخذت من اليونان في الاعتقادات لا بد أن تفعل في جانب الأخلاق، وكأن المسلمين لا يجدون المنبع الإلهي السماوي للأخلاق، والاعتقادات من قبل !! فلا بد في نظره أن يكون من بين الدراسات المتعلقة بالإنسان التي يعنى بها المتكلمون: الدراسات في الجانب الأخلاقي386.(1/97)
…وكاتب آخر يطلق على بعض الكتب الفلسفية التي خلفها فلاسفة اليونان: (تراثنا الفلسفي)، ومن تراثنا الفلسفي الذي لا بد من نقده وتمحيصه: كتاب (فلوطرخس في الآراء الطبيعة التي يقول بها الحكماء)(387)، ومنها: الرسالة الذهبية للمعلم الأول أرسطوطاليس إلى الإسكندر في العالم والمخلوقات، وشرح مجموع من كتاب: (أناميلحس)، _كذا _ لوصايا فيثاغورس الفيلسوف، وهو شرح الوصايا الذهبية لفيثاغورس(388).
…وجاء في كتاب (مدخل إلى مبادئ التربية) بعد بيان معنى الفلسفة اليونانية وبيان مهمة الفيلسوف: "إن هناك علاقة وثيقة بين الفلسفة وطريقة حياة أي مجتمع إنساني؛ فالناس يعيشون حسب فلسفتهم في الحياة وقدرتهم على استيعاب ما يدور حولهم من مظاهر طبيعية واجتماعية، إن العقيدة الفلسفية في غاية الأهمية لمعتنقها؛ لأنها تنير له طريق الحياة"(389)، وفي الحقيقة فإن المسلم لا يحتاج أن يسلك طريقة الفيلسوف، الذي يعتمد في تقرير عقائده على العقل، خاصة إذا كانت المعطيات العقلية التي يرتكز عليها في معرفة عقيدته وفلسفته مفروضة عليه مسبقاً من قبل الكفار من اليونانيين وغيرهم.
…والدخول في علم الفلسفة أدى إلى تسرب بعض العقائد الفاسدة إلى العقيدة الإسلامية الصافية، لتكدر صفاءها؛ فإذا كانت الطريقة التي يتوصلون بها إلى معرفة الغيبيات: طريقة مأخوذة من الكفار الذين فسدت تصوراتهم، مع ترك السبيل الأمثل وهو سبيل القرآن والسنة، فإن النتيجة الحتمية ستكون هي الأخرى بعيدة عن منهاج الكتاب والسنة.
نظرية الفيض:(1/98)
ومن العقائد الفاسدة التي جاء بها هذا العلم: نظرية الفيض، وهي التي يقررها الفلاسفة وإن لم يقولوا بلوازمها، ويمكن تلخيص النظرية بملامحها العامة كما يلي: صدر العلم عن الله الواحد المختار أزلاً، بمعنى أن العلم قديم بالزمان حادث بالذات، والله واجب الوجود بذاته، والعلم ممكن الوجود بذاته، ولكنه لأنه متصل وجوداً وعدماً بإله، فهو واجب الوجود بغيره، فلأن الله لا يتغير، وعلمه وفعله شيء واحد، ولا يصدر عن الواحد مباشرة إلا واحد، فقد فاض عنه أزلاً وأولاً أولية مرتبية وبالذات العقل الأول، وعن هذا صدر عقل ثان، وجسم فلك وصورته (نفسه)؛ وذلك لثنائيته؛ لأنه ممكن بذاته، وواجب بغيره، وتفكيره بكل، وبالله ينتج عنه شيئان: عقل ثان وفلك بصورته وجسمه (الفيض هنا ثنائي)، أو عقل ثان ونفس وفلك (الفيض هنا ثلاثي) ويستمر الأمر هكذا حتى نصل إلى العقل العاشر، فيصدر عنه هيولي جميع الموجودات السفلية والبذور أو الصور أو النفوس والطبائع والخصائص المميزة لأشخاص وأجناس وأنواع الإنسان والحيوان والنبات والجماد. ومع أن الله فاعل مختار، فقد صدر عنه العالم أزلاً لأنه علة تامة لا يتأخر عنها فعلها ولاستحالة الترجيح بلا مرجح، ولقدم الهيولي بالزمان ولاستحالة حدوث الزمان واستحالة حدوث الحركة بعد أن لم تكن(390).(1/99)
…قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "فالإلهية عند القوم أمر مشترك بين الله وبين الملائكة وبين المعلمين ومن نقتدي به لكن إلهية الله أفضل وأكمل كما أن الوجود مشترك بين الموجودات لكن الوجود الواجب أكمل وهذا الشرك شر من شرك مشركي العرب فإن أولئك وإن أشركوا بالوسائط وقالوا: ( هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ)(391)، وقالوا: ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)(392)، فلم يكن التأله عندهم بمعنى التشبه والاقتداء، بل بمعنى العبادة والذل والمحبة، وهؤلاء مع عظيم شركهم بالله بمخلوقاته جعلوا التأله لنا هو التشبه بالإله لا أنه يُحب ويُعبد ويُدعى ويُسأل ولهذا لم تكن الآلهة مختصة بالله عندهم لأن التشبه مبناه على أن الأدنى يتشبه بالذي فوقه والذي فوقه يتشبه بمن فوقه حتى ينتهي إلى الغاية ولهذا سموه إله الآلهة ولهذا يقولون إن كل فلك يتحرك للتشبه بعقله ففلك القمر يتحرك للتشبه بالعقل العاشر والفلك التاسع يتحرك للتشبه بالعقل الثامن وبهذا الطريق أثبت أرسطو وأتباعه وجوده وقالوا إن الفلك يتحرك للتشبه به وشبهوه بتحريك المعشوق لعاشقه لكن العاشق يحب ذات المعشوق والفلك عندهم إنما يحب التشبه بالله وهو كتحريك الإمام للمصلين والمتبوع للتابعين فلم يثبتوا بهذا أن الله رب العالمين خلقه وأنشأه ولا أنه إله العالم الذي يحبه العبد ويرجوه ويخشاه"393، وعلى هذا فعبادتهم لله إنما هي تشبههم به، وهذا ما لم يقل به حتى مشركوا العرب، فإنهم يعلمون أن الله فوق خلقه في ذاته وصفاته وقهره، وإنما كان شركهم في الوسائط، فهؤلاء المتفلسفة قد أزروا بمنزلة الربوبية في قلوبهم، حتى صارت عقيدة الإله عند مشركي قريش خير من تصور الإله في أذهان هؤلاء الفلاسفة394، فلم يشبهوا بذلك سوى الذي حاج إبراهيم في ربه حين قال له إبراهيم: ( رَبِّيَ الَّذِي يُحْيي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ(1/100)
فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)395، فبهت الذي كفر لتعريه من الحجة التي يثبت بها ما يروج له من ضلال وكبر وإعجاب بنفسه، ولم تكن له طريق لإثبات تلك العقيدة الفاسدة لمن حوله، إلا التشبه بالإله في صورة سمجة عارية عن البرهان، فبهت الطاغوت وبهت كل من تشبه به ممن كابر المعقول وتنكف المنقول.(1/101)
…ويكاد يجمع الباحثون على أن الفارابي(396) هو أول من قال بنظرية الفيض في الإسلام(397)، وهذه النظرية (عقيدة صدور العالم عن الله) ليست من ميراث الفلسفة الإغريقية فحسب، بل هي مزيج من الفلسفة الإغريقية والعقائد النصرانية المحرفة، يقول المستشرق (دي بور): "وربما تجلى في أقوال الفارابي هذه أنه متأثر بالمعلمين النصارى؛ لما نلاحظ فيها من تقسيم ثلاثي، والاصطلاحات التي يستعملها الفارابي تؤيد ما نلاحظه من التأثر بأساتذته النصارى، غير أن هذا كله لا يعدو أن يكون ظاهر فلسفة الفارابي؛ أما الجوهر الذي تحويه فمرده إلى المذهب الأفلاطوني الجديد"398، وهنا يتوقع أن الفارابي جاء بهذا القول من أساتذته النصارى كما هو معروف من سيرته؛ حيث تلقى العلم في بداية أمره على يد شخصية لا يزال يكتنفها الغموض ويغلب على الظن أن أستاذه الأول كان نصرانياً399، ولأنه يقول بالصدور الثلاثي400، وهو يشبه ما يعتقده النصارى من عقيدة التثليث التي تقوم عليها فلسفتهم بوصف الإله بأنه مزيج متجانس من الآب والابن وروح القدس، وهنا قد يكون (دي بور) قد سلك هذا المسلك في تفسيره لمنشأ نظرية الفيض؛ بسبب انتمائه النصراني؛ ولكن يؤيده شيخ الإسلام في فكرته على وجه العموم، فيقول مبيناً أصل منبت أقوال الفارابي في الفيض: "والفارابي كان قد أخذ الفلسفة عن متى، ثم دخل إلى حران فأخذ ما أخذه منها عن أولئك الصابئة الذين كانوا بحران وكانوا يعبدون الهياكل العلوية، ويبنون هيكل العلة الأولى، هيكل العقل الأول، هيكل النفس الكلية، هيكل زحل، هيكل المشتري، هيكل المريخ، هيكل الشمس، هيكل الزهرة، هيكل عطارد، هيكل القمر، ويتقربون بما هو معروف عندهم من أنواع العبادات والقرابين والبخورات وغير ذلك"(401).(1/102)
…ومن الفرق المنتسبة إلى الإسلام في العصر الحديث والتي تقول بنظرية الفيض: الإسماعيلية(402)، يقول د. سليمان بن عبد الله السلومي: "إن مؤلفاتهم الفلسفية ونظرياتهم الاعتقادية تدور على هذا الفكر وتقوم عليه. وبالتالي فإن ترتيبهم للموجودات متفرع من ذلك حيث بعد المبدع - بكسر الدال - يأتي المبدع - بفتح الدال - وهو ما أسموه بالعقل الأول والسابق ووصفوه بصفات الله وأسمائه بعد نفيها عن الله عز وجل"(403).
يقول أحدهم واصفاً العقل الأول: "إن جميع صفات الشرف والجلالة وما يعبر به في جميع اللغات من الإشارات بنعوت الإلهية فإنها واقعة على العقل الأول"(404)، وعلة هذا القول عندهم: "أنه لما كانت حروف المعجم محدثة لم تكن تدل إلا على محدث مثلها وإذا كان القول كذلك كانت هذه الأسماء والصفات منفية عنه - أي المبدع - تعالى وتكبر وكانت واقعة على إبداعه الذي هو العقل الأول الموجود الأول والسابق وهو متنزه متعال"(405).
وأما العقل الثاني فيعتبر عند الإسماعيلية "أصلاً ثانياً مع العقل الأول ويأتي في الوجود والرتبة بعد السابق ولذلك أطلقوا عليه التالي؛ لأنه تلا العقل الأول في الأفضلية والوجود والأهمية وكثيراً ما أطلق الإسماعيلية على هذا العقل (النفس الكلية) وطبيعتها عقلية محضة وهي أقرب الموجودات من العقول العشرة إلى عالم الكون والمخلوقات"(406).(1/103)
وممن تأثر بهذه النظرية: بعض الصوفية، يقول أحد المتصوفة في العصر الحديث: "نحن نعرِّف النفس أنها ناطقة، ولقد مُيِّزت النفس الناطقة عن النفس الحيوانية بالنطق، والنطق فكرٌ، فكون الإنسان إنساناً وتميزه عن الحيوان إنما كان بسبب فكره. فالنفس كما قلنا صورة، والصورة فكر، والفكر إلهي. أفلوطين ذاته جعل أول الموجودات: العقل الأول، ووصف هذا العقل بأنه وجود. إذن أول الموجودات العقل وهو فكر. والنفوس الإنسانية أفكار، إذ لكل إنسان نفسه، أي صورته، أي فكره الخاص به، وأصل هذه الأفكار كلها الفكر الإلهي. فالنفوس كانت إذن أفكاراً في العقل الإلهي، ثم طبعت في صفحة الوجود المادي. فتشابهها حادث من قبيل كون الفكر فكراً، والفكر واحد مع تشعب في الصور، إذ الأفكار الجزئية مدرجة في أفكار كلية، والأفكار الكلية مشتقة من فكر أول هو العقل الأول قلنا إنه الماهية. فكل النفوس كانت في الواحد فكراً، ثم صارت في الكثرة كثرة، كل صورة، لها بالواحد المشع ارتباط، وهي بالتالي انعكاس لهذا الإشعاع. فالواحد موجود فيها كمصدر وهي محل للواحد باعتبار تجزئتها وبالإضافة فإن التعين يحمل في ذاته نورانية صافية مع قابلية للانطباع في المادة، ولهذا رأيت أن الصورة ستنزل إلى تحت، أي: ستفارق العالم النوراني المحض لتدخل العالم الظلماني، أي عالم المادة، وتنطبع فيه"(407).
…من هذا ومما قبله نعلم أن الاعتماد على الفلسفة في إثبات العقائد من مظاهر التشبه بأولئك الكفار الذين ضلوا وأضلوا غيرهم، هذا مع ما جرته إلينا الفلسفة من عقائد فاسدة، والتي منها عقيدة الفيض التي ترجمت بعض عقائد الأمم الكافرة من قبل، فما أشد غِنى المسلمين عن كل هذه المصادر بمصدر عزتهم وهو الوحي من كلام الله تعالى أو كلام نبيه صلى الله عليه وسلم.
المطلب الثاني:-
علم الكلام أصوله وآثاره في العصر الحديث:(1/104)
لقد وقفت من خلال هذه الدراسة على بعض التعريفات لعلم الكلام المستند على المنطق، فأقوم أولاً بتعريف المنطق: جاء في الموسوعة العربية العالمية: "هو علم يتناول بالدراسة مبادئ وطرائق المحاكمة العقلية؛ فهو يستكشف كيفيات التمييز بين المحاكمة القويمة والمحاكمة السقيمة، ويسمى المثال المستخدم في المحاكمة: البرهان والاستدلال"(408)، وعلى هذا التعريف فإن موضوع علم المنطق هو طريقة التفكير الصحيحة للوصول إلى النتائج السليمة عن طريق الدليل العقلي والحجة، وهو ما يعرف بالمنطق اليوناني، والمنطق اليوناني جزء من الفلسفة الإغريقية كما جاء في أبجد العلوم بالنسبة للفلسفة: "إنها ليست علماً برأسها، بل هي أربعة أجزاء: أما الهندسة والحساب فهما مباحان، وأما المنطق والطبيعيات فبعضها مخالفٌ الحق فهو جهل وليس بعلم وبعضها ليس كذلك"409، فجعل الفلسفة أقساماً منها المنطق، ثم حكم على تلك الأقسام بما رآه في أغلب الأحوال من واقعها.
وأما علم الكلام بالتحديد فقد جاء تعريفه كما في كتاب التعريفات: "علم الكلام: علم باحث عن الأعراض الذاتية للموجود من حيث هو على قاعدة الإسلام"410، فهنا عرفه بتعريف المنطق؛ فأدخل علم الكلام في سائر الموجودات دون تحديد للإلهيات، فعرفه بشكل عام، ولكنه قيده بما كان على قاعدة الإسلام، ولكن الحاصل أن علم المنطق هو أداة للتفكير لها طريقتها وأسسها ومصادرها، فقد تكون هذه الأداة على طريقة الإسلام وقد تستعمل بطريقة مخالفة للدين.(1/105)
وأما تعريف علم الكلام على اصطلاح أهله: فقد جاء في أبجد العلوم: "هو علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج عليها ودفع الشبه عنها وموضوعه عند الأقدمين: ذات الله تعالى وصفاته؛ لأن المقصود الأصلي من علم الكلام: معرفته تعالى وصفاته"(411)، وهو مشابه لتعريف الإمام الإيجي حيث قال: "والكلام علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبه"(412)،كما حذا حذوهما المناوي حيث قال: "والكلام علم يبحث فيه عن ذات الله وصفاته وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإسلام"413، بينما عرفه ابن خلدون في مقدمته: "علم الكلام هو علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية والرد على المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنة"414، وتعريف ابن خلدون تضمن معنى الدفاع عن العقيدة الصحيحة، وإن كان تقييده بأنه على مذهب السلف وأهل السنة فيه نظر _ كما سيأتي في موقف العلماء من أهل السنة من علم الكلام _ ويرد نفس الإشكال على وصف صديق حسن القنوجي لعلم الكلام حيث قال: "ثم إن علم الكلام شرطوا فيه أن تؤخذ العقيدة أولاً من الكتاب والسنة ثم تثبت بالبراهين العقلية"415، وإن كان قد يشكل في كلام القنوجي أمر آخر وهو أنه جعل من مهمة علم الكلام: الدفاع عن العقائد الثابتة بالكتاب والسنة أصلاً فجعل مهمة علم الكلام هو مجرد الدفاع وليس تقرير العقائد، وقد عرف علم الكلام في نفس الموضع من كتابه فقال: "هو علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج عليها ودفع الشبه عنها، وموضوعه عند الأقدمين: ذات الله تعالى وصفاته"416، فاعتبر علم الكلام مصدراً لإثبات العقائد الدينية، وهنا تكمن مغالطة هذا التعريف للواقع المحسوس؛ فهل يعتبر علم الكلام علم يدافع عن العقيدة الثابتة أصلاً؟ أم نعتبره هو نفسه مقرراً للعقائد الدينية؟ والواقع أن المتكلمين أخذوا هذا العلم على أنه أساس في(1/106)
تقرير العقيدة، ثم يستشهدون بعد ذلك بنصوص الشرع _ إذا كانت موافقة لما توصلوا إليه من نتائج كلامية _؛ فإنه لا يمكن أن نفسر نفيهم لصفات الباري جل وعلا الثابتة ثبوتاً واضحاً بالقرآن والسنة _ أو بعضها _ إلا بهذا التفسير(417)، ويعضد هذا التفسير ما قاله الشيخ محمد عبده في سبب تسمية علم الكلام بهذا الاسم: "إما لأن أشهر مسألة وقع فيها الخلاف بين علماء القرون الأولى هي أن كلام الله المتلو حادث أو قديم؛ وإما لأن مبناه الدليل العقلي وأثره يظهر من كل متكلم في كلامه وقلما يرجع فيه إلى النقل اللهم إلا بعد تقرير الأصول الأولى ثم الانتقال منها إلى ما هو أشبه بالفرع عنها وإن كان أصلا لما يأتي بعدها؛ وإما لأنه في بيانه طرق الاستدلال على أصول الدين أشبه بالمنطق في تبيينه مسالك الحجة في علوم أهل النظر وأبدل المنطق بالكلام للتفرقة بينهما"(418)، فبين أن استنادهم الأساسي إنما هو على الدليل العقلي وقلما يرجع فيه إلى النقل اللهم إلا بعد تقرير الأصول الأولى.
الفرق بين الفلسفة وعلم الكلام:-(1/107)
وبالنظر إلى تعريف الفلسفة وعلم الكلام فإننا نلاحظ أن علم الفلسفة عام بالنسبة للوجود والحياة، وأما علم الكلام فإنه خاص بالعقائد الدينية، وإن كان في الأصل هو تطور عن الفلسفة، وعن الفرق بين الفلسفة وعلم الكلام يقول الباحث سليمان الغصن: "يمكن التفريق بينها وبين علم الكلام بأن الفلسفة تبحث فن الحقيقة، وسواء أصابها الفيلسوف حقيقة دينية، أو غير دينية، فهي بحث عن الحقيقة، أي حقيقة"(419)، وفي شرح طريقة اختلاط هذين الفنين ببعضهما يقول صديق حسن القنوجي: "خلط المتأخرون من المتكلمين مسائل علم الكلام بمسائل الفلسفة لعروضها في مباحثهم وتشابه موضوع علم الكلام بموضوع الإلهيات ومسائله بمسائلها، فصارت كأنها فن واحد، ثم غيروا ترتيب الحكماء في مسائل الطبيعيات والإلهيات وخلطوهما فنا واحداً قدموا الحديث في الأمور العامة ثم أتبعوه بالجسمانيات وتوابعها إلى آخر العلم، كما فعله جمعٌ من علماء الكلام وصار علم الكلام مختلطاً بمسائل الحكمة(420) وكتبه محشوة بها، كأن الغرض من موضوعهما ومسائلهما واحد، والتبس ذلك على الناس وهو غير صواب؛ لأن مسائل علم الكلام إنما هي عقائد متلقاة من الشريعة كما نقلها السلف من غير رجوع فيها إلى العقل ولا تعويل عليه(421)، بمعنى أنها لا تثبت إلا به فإن العقل معزول عن الشرع، وما تحدث فيه المتكلمون من إقامة الحجج فليس بحثاً عن الحق فيها؛ فالتعليل بالدليل بعد أن لم يكن معلوماً هو شأن الفلسفة(422)، بل إنما هو(423) التماس حجة عقلية تعضد عقائد الإيمان ومذاهب السلف فيها وتدفع شبه أهل البدع عنها الذين زعموا أن مداركهم فيها عقلية وذلك بعد أن تفرض صحيحة بالأدلة النقلية كما تلقاها السلف واعتقدوها وكثيراً ما بين المقامين من التفاوت في ذلك، والمتكلمون إنما دعاهم إلى ذلك كلام أهل الإلحاد(424) في معارضات العقائد السلفية بالبدع النظرية فاحتاجوا إلى الرد عليهم من جنس معارضاتهم واستدعى ذلك الحجج(1/108)
النظرية والبطلان؛ فليس ذلك من موضوع علم الكلام ولا من جنس أنظار المتكلمين فاعلم ذلك لتميز به بين الفنين، فإنهما مختلطان عند المتأخرين في الوضع والتأليف والحق مغايرة كل منهما لصاحبه بالموضوع والمسائل، وإنما جاء الالتباس من اتحاد المطالب عند الاستدلال وصار احتجاج أهل الكلام كأنه إنشاء لطلب الاعتداد بالدليل وليس كذلك بل إنما هو ورد على الملحدين"(425)، يؤيد هذا الرأي ما قاله شيخ الإسلام: "وهؤلاء المتكلمون المتأخرون الذين خلطوا الفلسفة بالكلام كثر اضطرابهم وشكوكهم وحيرتهم بحسب ما ازدادوا به من ظلمة هؤلاء المتفلسفة الذين خلطوا الفلسفة بالكلام فأولئك(426) قلت ظلمتهم بما دخلوا فيه من كلام أهل الملل وهؤلاء كثرت ظلمتهم بما دخلوا فيه من كلام أولئك المتفلسفة"(427)، فاتضح أن الأصل في علم الكلام هو الرد على الشبه والمحدثات وليس البحث عن الدليل، ثم تأثر العلم بالفلسفة وصار أصحابه يبحثون عن الدليل ليعتقدوا ما هو صحيح، وإنما هذه هي طريقة الفلاسفة في الأصل وليست طريقة المتكلمين.
…وبعد بيان معنى علم الكلام عرفنا أنه يبحث عن العقائد الدينية الصحيحة بالطريقة العقلية والمسالك الفلسفية _ هذا على طريقة المتأخرين، وهي التي تعنينا في هذه الرسالة _ فقد كان موقف العلماء من علم الكلام مشابهاً لموقفهم من الفلسفة، وأسوق هنا جملة من مواقفهم: -
…قال أبو يوسف(428)_ رحمه الله _: "من طلب الدين بالكلام تزندق(429)"(430)، ولا شك أن هذه المقولة خطيرة جداً؛ حيث فيها وصف لمن طلب الدين بالكلام بالزندقة وهو من أوصاف المنافقين، ولا شك أن كلمة كهذه عندما تصدر من عالم كأبي يوسف _ رحمه الله _ فهي تسترعي الانتباه وتستدعي الوقوف والتأمل، وهي تعني أن علم الكلام لا حاجة له بالنسبة لعلم هذه الأمة؛ فالعلم الذي رزقها الله إياه كاف في إخراجها من الظلمات إلى النور، وخاصة في مجال العقائد.(1/109)
…ولما سئل الإمام الشافعي _ رحمه الله _ عمن يأخذ عقيدته عن طريق النظر العقلي والحجج الكلامية أجاب بعبارة قوية مؤثرة من إمام ذكي عظيم، قال: "حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال ويطاف بهم في القبائل والعشائر ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام"(431)، وقال _ رحمه الله _: " لأن يبتلي الله المرء بكل ذنب نهى الله عنه ما عدا الشرك خير له من الكلام"(432)، وإنما استثنى الشرك؛ لأنه أكبر الكبائر وجعل ما سوى ذلك من الذنوب أقل جرماً من الدخول في علم الكلام _ المبني على المقدمات الفلسفية _ والاستدلال به على العقائد، ولا يصدق هذا الوصف على ذنب إلا على البدعة الخطيرة في الدين، وعلى هذا فإن الشافعي _ رحمه الله _ يرى أن علم الكلام _ المبني على المقدمات الفلسفية _ من البدع التي هي أخطر من الكبائر كلها ما عدا الشرك.
…وكان موقف الإمام أحمد بن حنبل _ رحمه الله _ كموقف شيخه الشافعي فقد أثر عنه أنه قال: "لا تجالسوا أهل الكلام وإن ذبّوا عن السنة"(433)، وما ذلك إلا لأنه يعتبرهم من أهل البدع، فأوصى بعدم مجالستهم من باب هجر المبتدع؛ تأديباً له واتقاء العدوى منه، بل وصف الإمام أحمد علماء الكلام بما هو أشد من ذلك فقال: "لا يفلح صاحب كلام أبداً علماء الكلام زنادقة"(434)، وهذا تعميم من الإمام _ رحمه الله _ بأنه لا يفلح كل من اقتبس من هذا العلم، ثم بين حال من ولج فيه وعمل به وعلمه للناس، وهم علماؤه؛ فاعتبرهم زنادقة.
…وقال البربهاري(435)في شرح السنة: "واعلم أنها لم تكن زندقة ولا كفر ولا شكوك ولا بدعة ولا ضلالة ولا حيرة في الدين إلا من الكلام وأهل الكلام"(436)، وما كل هذا التحذير _ من هذا الإمام _ إلا من شدة ما رآه أهل السنة من آثار علم الكلام في ذلك الزمن.(1/110)
…ولذلك فقد ذم الكلام جموع من أهل العلم(437)، قال شيخ الإسلام: "كان مذموما ممنوعاً منه عند السلف والأئمة"(438)، بل قد نقل في موضع آخر إجماع أهل العلم على ذمه(439)، كما نقل الإجماع في ذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب(440)، وصنف الإمام أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة كتاباً سماه: (تحريم النظر في كتب الكلام)، ونقل فيه إجماع أهل العلم على تبديع أهله، فقال: "وقد بينا بما سبق فساد علم الكلام من أصله وذم أئمتنا له واتفاق أهل العلم على أن أصحابه أهل بدع وضلالة وأنهم غير معدودين من أهل العلم وأن من اشتغل به يتزندق ولا يفلح"(441)، وقال الإمام الفقيه مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي: "نصيحة اعلم وفقك الله أنه ليس للمرء أسلم في دينه من ترك الخوض في مثل هذا والإعراض عن الخوض في علم الكلام المذموم واقتفاء طريقة السلف فإنهم لم يخوضوا في شيء من هذا"(442).
ولقد كان من أهل العلم من خاض في بحر علم الكلام وأبحر فيه باحثاً عن فائدة ترجى منه، وكان أغلبهم يصف نفسه بعد عودته وتركه للكلام بالحيرة والريبة والشك، وأنه لم يستفد من كل تلك البحوث سوى التذبذب بين أهل الكلام وآرائهم، ومن هؤلاء العلامة ابن أبي الحديد المعتزلي وقد حكى كثرة بحثه في علم الكلام حتى قال في أبيات جميلة:
وأسائل الملل التي اختلفت… في الدين حتى عابدي الوثن
وحسبت أني بالغ أملي في… ما طلبت ومبرئ شجني
فإذا الذي استكثرت منه … هو الجاني على عظائم المحن
فضللت في تيه بلا علم … وغرقت في يم بلا سفن(443)
وقال الشهرستاني في نهاية الإقدام في علم الكلام:
لقد طفت في تلك المعاهد كلها…… وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعاً كف حائر على ذقن أو قارعاً سن نادم(444)(1/111)
ويروي شيخ الإسلام بعض الحكايات في ذلك فيقول: "وتجد عامة هؤلاء الخارجين عن منهاج السلف من المتكلمة والمتصوفة يعترف بذلك إما عند الموت وإما قبل الموت والحكايات في هذا كثيرة معروفة هذا أبو الحسن الأشعري نشأ في الاعتزال أربعين عاماً يناظر عليه ثم رجع عن ذلك وصرح بتضليل المعتزلة وبالغ في الرد عليهم وهذا أبو حامد الغزالي مع فرط ذكائه وتألهه ومعرفته بالكلام والفلسفة وسلوكه طريق الزهد والرياضة والتصوف، ينتهي في هذه المسائل إلى الوقف والحيرة ويحيل في آخر أمره على طريقة أهل الكشف، وإن كان بعد ذلك رجع إلى طريقة أهل الحديث، وصنف إلجام العوام عن علم الكلام. وكذلك أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي, قال في كتابه الذي صنفه في أقسام اللذات: لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلاً, ولا تروى غليلاً, ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن أقرأ في الإثبات (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)(445) (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)(446) وأقرأ في النفي (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(447)، (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)(448)، (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً)(449), ثم قال: ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي: وكان يتمثل كثيراً:-
نهاية إقدام العقول عقال وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا وحاصل دنيانا أذىً ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا …سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا(1/112)
وهذا إمام الحرمين ترك ما كان ينتحله ويقرره واختار مذهب السلف، وكان يقول يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام؛ فلو أني عرفت أن الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به وقال عند موته لقد خضت البحر الخضم وخليت أهل الإسلام وعلومهم ودخلت فيما نهوني عنه، والآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لابن الجويني، وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي _ أو قال _: عقيدة عجائز نيسابور"(450)، ومن هؤلاء: الغزالي _ رحمه الله _ يقول في قواعد العقائد في معرض حديثه عن علم الكلام: "فقد يظن أن فائدته كشف الحقائق ومعرفتها على ما هي عليه، وهيهات، فليس في الكلام وفاء بهذا المطلب الشريف، ولعل التخبيط والتضليل فيه أكثر من الكشف والتعريف، وهذا إذا سمعته من محدث أو حشوي ربما خطر ببالك أن الناس أعداء ما جهلوا، فاسمع هذا ممن خبر الكلام ثم قلاه بعد حقيقة الخبرة، وبعد تغلغل فيه إلى منتهى درجة المتكلمين، وجاوز ذلك إلى التعمق في علوم أخر تناسب نوع الكلام، وتحقق أن الطريق إلى حقائق المعرفة من هذا الوجه مسدود"(451)، ومن هؤلاء: الإمام محمد بن علي الشوكاني حيث يقول عن نفسه: "وها أنا أخبرك عن نفسي وأوضح لك ما وقعت فيه في أمسي، فإني في أيام الطلب وعنوان الشباب شغلت بهذا العلم الذي سموه تارة علم الكلام، وتارة علم التوحيد، وتارة علم أصول الدين، وأكببت على مؤلفات الطوائف المختلفة منهم، ورمت الرجوع بفائدة والعود بعائدة فلم أظفر من ذلك بغير الخيبة والحيرة وكان ذلك من الأسباب التي حببت إلي مذهب السلف على أني كنت قبل ذلك عليه ولكن أردت أن أزداد منه بصيرة وبه شغفاً"(452)، وما هذا الشك ولا تلك الحيرة التي توصل هؤلاء الجهابذة إليها إلا لكون هذا العلم من العلوم التي استغنى عنها المسلمون بما آتاهم الله من الوحي، ولذلك نجد أن كل من مل تلك الطرق لم يجد طريقاً يغنيه إلا طريق القرآن، بعد ما أرهقته طريقة اليونان.(1/113)
ولكن يستثنى من علم الكلام المذموم ما كان تعلمه من أجل الرد على العقائد المخالفة للقرآن والسنة(453)، وليس لإثبات العقائد الدينية، فإن ذلك طريقه الوحي، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله _: "والسلف لم يذموا جنس الكلام؛ فإن كل آدمي يتكلم، ولا ذموا الاستدلال والنظر والجدل الذي أمر الله به رسوله والاستدلال بما بينه الله ورسوله، بل ولا ذموا كلاما هو حق بل ذموا الكلام الباطل، وهو المخالف للكتاب والسنة وهو المخالف للعقل أيضاً، وهو الباطل، والحذاق العارفون تحقيقه علموا أنه باطل عقلا وشرعاً وأنه ليس بطريق موصل إلى المعرفة, بل إنما يوصل لمن اعتقد صحته إلى الجهل والضلال ومن تبين له تناقضه أوصله إلى الحيرة والشك؛ ولهذا صار حذاق سالكيه ينتهون إلى الحيرة والشك"(454).(1/114)
ولعلمهم بأن هذا العلم مأخوذ من عند الكفار ألف بعضهم كتباً في تحريم تعلم هذا العلم مطلقاً؛ وذلك لاستغناء المسلمين عنه من قبل، كما ألف في ذلك أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حذيفة(455): كتابه: تحريم النظر في كتب الكلام، نقل فيه اتفاق أهل العلم على أن أصحابه أهل بدع وضلالة وأنهم غير معدودين من أهل العلم فقال فيه: "وقد بينا بما سبق فساد علم الكلام من أصله وذم أئمتنا له واتفاق أهل العلم على أن أصحابه أهل بدع وضلالة وأنهم غير معدودين من أهل العلم وأن من اشتغل به يتزندق ولا يفلح"(456)، وقال صديق القنوجي: "العلماء المتقدمون كانوا إذا اطلعوا على شيء من ألفاظ الفلاسفة في أي كلام يَرِدُ عليهم اكتفوا في رده وإبطاله بكون فيه شيء من عبارة الفلاسفة, ولم يتشاغلوا ببيان بطلانه, وإن كثيراً من العلماء المتقدمين وكثيراً من المتأخرين نهوا عن الخوض فيه أشد النهي, وصنف الشيخ جلال الدين السيوطي كتاباً سماه: (القول المشرق في تحريم الاشتغال بالمنطق)، ولم يشتغل من اشتغل من المتأخرين؛ إلا لما كثر التعبير بقواعده من المخالفين؛ واستعانوا بالخوض فيه على تيسير الرد عليهم بالطريق التي سلكوها, وكان الأولى: السلوك في طريقة المتقدمين؛ لأن قواعد التعبير بعبارة المنطق كثيرة الغلط وخارجة عن عبارة الكتاب والسنة واللسان العربي مع أنه مفسدة في كل من الأديان"(457).
وما كان هذا الموقف الحاسم من كثير من علماء الإسلام تجاه هذا العلم إلا لما أدى إليه من مخالفة النصوص الشرعية، وتحريف لبعضها، واختلاف في أصول الدين، كما أنهم وجدوا أن أصوله مأخوذة من الكفار(458)الذين لا يعتبرون للنص أي اعتبار؛ ولِما توصلت إليه مقدمات هذا العلم من نتائج باطلة، مشابهةً لعقائد الكفار من الأمم السابقة.
مصادر علم الكلام:-(1/115)
إن المسلمين لما كانت عقائدهم مستقاة من المعين الصافي الأصيل المشرق ألا وهو الوحي _ القرآن والسنة _ وكلاهما من عند الله الذي خلق البشر وبين لهم ما يجب أن يعتقدوه وهو أعلم بنفسه وصفاته وما يجب نحوه _ لما كانوا كذلك _ كانت عقائدهم تجاه الباري جل وعلى عقائد مشرقة مضيئة، كيف لا وهم لم يتجاوزوا ذلك المنبع الصافي إلى غيره من المنابع، ولكن الأمر لم يستمر على ذلك الحال فلما ازدهرت حركة الترجمة في عهد المأمون(459) ترجمت أقوال الفلاسفة وبدأ بعض المسلمين يستقون منها العلم، ولكنهم لم يكتفوا في ذلك بالعلوم التطبيقية بل قاموا بترجمة حتى ما يتعلق بجانب العقائد، كما أن نقل تلك العلوم القائمة على علم الكلام كان على سواعد أناس لا يؤمن جانبهم؛ فإن مما يلفت الانتباه في أمر هؤلاء المترجمين أن أكثرهم _ فيما اطلعت _ كانوا منحرفي العقيدة، فهم ما بين زنديق حاقد، ونصراني متربص، ومرتزق متهالك، ومن نظر في أسمائهم وسيرهم بين له حقيقة أمرهم(460)، قال محمد بن إسحاق النديم وهو بصدد بيان بعض أسماء النقلة للكتب الأجنبية إلى اللسان العربي: "ونقل لخالد بن يزيد بن معاوية كتب الصنعة وغيرها: البطريق وكان في أيام المنصور, واقليدس بن ناعمة واسمه عبد المسيح بن عبد الله الحمصي الناعمي سلام الأبرش من النقلة القدماء في أيام البرامكة"(461), وهكذا تحمس هؤلاء الكفار لنقل هذه الكتب إلى العربية لعلهم لما وجدوا من الأعطيات الضخمة على أيدي الخلفاء؛ أو ربما لما وجدوا في هذه العلوم من إفساد للعقائد(462)، قال صديق حسن القنوجي: "وقد روي أن بعض الخلفاء العباسيين لما طلب الفلاسفة ليترجم علم المنطق باللغة العربية شاور كبيراً لهم، فقال: ترجموه لهم فإن علمنا هذا لا يدخل في دين إلا أفسده"(463)، يقول الباحث على بن بخيت الزهراني: "ومن عجائب الأمور أن حركة الترجمة هذه كان قد تولى العمل بها والإشراف عليها أناس ليسوا بمسلمين، من يهود(1/116)
ونصارى ومجوس وطوائف شتى، فما عسى أن تكون النتيجة حين أسندت حركة الترجمة إلى تلك الطوائف الحاقدة على الإسلام، التي انطلقت في ظل رعاية الدولة وفي كنف تشجيعها تتبارى في إخراج تلك السموم من مكامنها؛ لحقن فكر المسلمين وعقولهم بها؟ فإن تهافت هؤلاء المترجمين من أعداء الإسلام على القيام بترجمة هذه الفلسفة ليؤكد لنا أن هناك مؤامرة خفيةً أو اتفاقاً على الأقل بين هذه الفئات الحاقدة لتدمير المسلمين من الداخل، وغزوهم فكرياً بهذه السموم الخطيرة"(464), وعلى إثر ذلك كله قام المسلمون بتلقي كثير مما تُرجم لهم من هذه الكتب على وجه القبول، حتى ما كان منها في جانب العقائد؛ انبهاراً منهم بالعقول اليونانية فسلكوا بعضهم في الإلهيات مسلكهم, فأصابهم من ذلك المسلك ما أصابهم من الشك والريبة والاختلاف الذي أصاب من قبلهم من الأمم؛ لمّا ابتغوا غير نور الله ليوصلهم بزعمهم إلى الحق والنور، ولم يكن ما أصابهم من ذلك الاختلاف إلا لأنهم جعلوا طرائق العقول البشرية التي يعتريها الغي والضلال هي الأساس في تقرير العقائد وجعلوا الوحي هو المقرر لذلك؛ فالتعارض عندهم بينهما يتم فيه ترجيح العقل البشري على السمع الرباني(465).(1/117)
ولكننا ما زلنا نجد أن هذا العلم هو الأصل في تلقي العقيدة عند كثير من المعاصرين، بل وحتى بالنسبة إلى المعاهد الإسلامية الكبرى، يقول الباحث علي بن بخيت الزهراني: "أما المعاهد الإسلامية الكبرى كالأزهر وغيره فلم توفق إلى تدريس المذهب السلفي، أو حتى تحاول ذلك، وظلت كما هي عليه دوماً من تبنٍّ للمذاهب الكلامية وإعراض بل وعداء متوارث لمذهب السلف(466)"(467)، يقول الباحث سليمان الغصن: "كما حاول بعض الكتاب المحدثين إبراز أهمية الكلام، وإظهار دور المتكلمين، وبيان أهمية منهجهم العقلي في تناول القضايا، وفي المقابل نعوا على السلف مجابهتهم للمتكلمين من المعتزلة ونحوهم، وتمسكهم بالنصوص الشرعية، بل صرح بعضهم بأن من أكبر مصائب المسلمين موت المعتزلة"(468)، يقول الباحث حسن محمود عبد اللطيف: في مقدمة تحقيقه لكتاب غاية المرام في علم الكلام: "ولعل الدراسات الكلامية من أكثر جوانب التراث الإسلامي أصالة وخطراً؛ إذ هي قاعدته الأساسية، وفلسفته الفكرية، وأصوله العقدية التي عنها تنبثق أكثر القيم والعادات الأخلاقية والنظم الاجتماعية والقانونية، بل الاتجاهات الفنية والأدبية. ولكنها _ مع ذلك _ لم تحظ بعد بالعناية التي تستحقها، ولم يتوفر عليها العدد الكافي من الباحثين الذين يقومون على تجديدها وخدمتها؛ بنشر أصولها المخطوطة وتحقيقها، وبعض نظرياتها الهامة وتحليلها، ثم بالتأريخ لها وبنقدها وتقويمها أيضاً على ضوء من أصول الإسلام نفسه والتقدم العلمي المعاصر"(469)، فجعل الباحث الدراسات الكلامية _ التي عرفنا مصدرها _ هي القاعدة الأساسية للتراث الإسلامي، وعليها تبنى أكثر القيم الدينية، فيا ليت شعري ما تلك القيم التي سنبنيها على هذا التراث اليوناني بعد أن نجعل الدراسات الكلامية هي قاعدتنا الأساسية، بدلاً من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة؛ فإنه لم يقل: بأن علم الكلام قاعدة ثانوية، ولكنه اعتبره هو القاعدة(1/118)
الأساسية للتراث الإسلامي، ولا أدري ما هي أصول الإسلام التي يرى أن ننقد على أساسها تلك المخطوطات الكلامية، بعد أن نكون قد أسسنا تراثنا الإسلامي على الدراسات الكلامية، فكيف نتحاكم إلى من نريد أن نقاضيه، وكيف نضع القاضي _ بعد أن اعترفنا بمصداقيته _ في قفص الاتهام.
ولكن من قبل قال الإمام مالك: "لو كان الكلام علماً لتكلم فيه الصحابة والتابعون كما تكلموا في الأحكام والشرائع، ولكنه باطل يدل على باطل"(470)، فأما كونه باطلاً؛ فلأنه أُخذ عن الكفار، وقد استغنى المسلمون عنه في إثبات عقائدهم من قبل؛ فلم يكونوا ليأخذوها إلا من الكتاب والسنة(471)، وأما أنه يدل على باطل: فهو من جهة ما جره علم الكلام من العقائد الفاسدة على وجه العموم، وأقول: على وجه العموم؛ لما أثبته علم الكلام من بعض العقائد الصحيحة مؤيداً بذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن لا يشفع ذلك له؛ فقد استغنى السلف من قبل عن هذا النوع من الإثبات العقلي، بالإثبات الذي جاء به القرآن والسنة الصحيحة، ثم جاء علم الكلام من بعد؛ ليثبت بعض العقائد الصحيحة بناء على المعقولات المستوردة، وبناء على نظريات مأخوذة من اليونان، ثم أدى الاعتماد على نفس تلك النظريات إلى نفي بعض العقائد الثابتة الأخرى؛ مجاراة لتلك النظريات بحجة أنها أثبتت بعض العقائد الصحيحة، ولو كان ذلك على حساب البعض الآخر من العقائد الإسلامية الثابتة بالقرآن والسنة الصحيحة، ولم يفرق الوحي بين هذه العقائد أو تلك بل أثبتها جميعاً من قبل، فما أشد غنى المسلمين عن علم الكلام! وما أشد تعلق بعضهم به! والله المستعان.(1/119)
كل هذا الإصرار من بعض المسلمين في الماضي والحاضر على الاعتماد على علم الكلام في جانب العقائد أدى إلى وقوعهم في التشبه بالكفار، وذلك من جهتين: من جهة الوسيلة ومن جهة الغاية (وهي النتيجة)، فالوسيلة علم الكلام المأخوذ من عند الكفار، والنتيجة(472): هي الوقوع في بعض العقائد المشابهة لعقائد الكفار، وكل ذلك فيما يتعلق بالغيبيات التي لا ينبغي أن تؤخذ إلا ممن يعلم الغيب (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إلاَّ هُوَ)(473)، وهنا أعرض لذكر بعض تلك النتائج التي وقع فيها المتكلمون لما سلكوا هذا المسلك.
محاولة إثبات وجود الله:
موقف أهل السنة والجماعة من إثبات الباري أنه يمكن أن يكون ذلك عن طريق تصديق النبي أو الرسول ولا يلزم أن يكون التصديق بإثبات الباري عن طريق النظر، ولا يشتغلون بإثبات وجود الله أصلاً إلا فيما يتعلق بجانب الرد على المخالفين من الملحدين، أو في مناقشة المتشككين؛ لأن المسألة عندهم فطرية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه))(474) ، فلا يلزمون الناس بالاشتغال بإثبات وجود الله، إلا لمن وجد في نفسه شك من ذلك، أو كان في ذلك رد على المخالفين من الملحدين الذين ينكرون وجود الله أصلاً، وهنا مسألتين:-(1/120)
الأولى: أن أهل السنة لا يشتغلون بإثبات وجود الله؛ لأن ذلك أمر فطري قد جبلت عليه النفوس(475)، يقول الشيخ أحمد سعد حمدان _ حفظه الله _: "فما عُدَّت هذه المسألة من النظريات التي يقام عليها برهان. على صانع حكيم قادر عليم، (أَفِي اللَّهِ شَكّ)(476)، (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ)(477)، (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ)(478)، إن هم غفلوا عن هذه الفطرة في حال السراء فلا شك أنهم يلوذون إليها في حال الضراء: (دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين)(479)،(وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إلاَّ إِيَّاهُ)(480). ولهذا لم يرد التكليف بمعرفة وجود الصانع وإنما ورد بمعرفة التوحيد ونفي الشرك"481.
وأما من شوِّهت فطرته فكان في شك من وجود الله، فإن إيمانه بالنبي صلى الله عليه وسلم _ عن طريق أعلام النبوة _ سيدله بالضرورة إلى الإيمان بوجود الله ولا شك، قال الإمام الخطابي _ رحمه الله: "فأما مثبتوا النبوات فقد أغناهم الله تعالى عن ذلك وكفاهم كلفة المؤونة في ركوب هذه الطريقة المنعرجة التي لا يؤمن العنت على راكبها والانقطاع على سالكها"(482)؛ فإن إثبات النبوات يقتضي بالضرورة الإيمان بوجود الخالق المعبود، وعلى هذا فلا يجب على كل من آمن بالنبي ( أن يبحث عن إثبات وجود الله فإن إيمانه بالنبي ( يقتضي إيمانه بصدق أخباره وقد أخبر النبي ( بأنه جاء بالوحي من عند الله عز وجل.(1/121)
ولذلك فإن الله لما أرسل رسوله موسى _ عليه السلام _ إلى أحد منكري وجود الله في التاريخ (فرعون): وعظه بالنسبة لإنكاره لوجود الله فقال: (فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى،وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى)(483)، ولم يقنعه بآية لأن المسألة مفروغ منها عند فرعون وغيره، ولكنه حين أراد أن يثبت له صدق رسالته أتاه بالمعجزة من عند الله، (فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى)(484)، ومعلوم أن هذه الآية ليست لإثبات وجود الله بقدر ما هي لإثبات صدق الرسالة التي جاء بها الكليم عليه السلام.(1/122)
والثانية: أن هؤلاء المتكلمين يلزمون الناس بالبحث عن وجود الله أولاً، يقول الشيخ أحمد سعد حمدان _ حفظه الله _: "ولهذا فإن المتكلمين أول ما يوجبون على الشخص: ((المعرفة)) أي: معرفة الله عز وجل على اختلاف في بدايات المعرفة ويحكون على ذلك الوجوب: الإجماع لظنهم أن ذلك قضية إجماعية"(485)، يقول الإيجي: "قد اختلف في أول واجب على المكلف أنه ماذا فالأكثر ومنهم الشيخ أبو الحسن الأشعري على أنه معرفة الله تعالى إذ هو أصل المعارف والعقائد الدينية وعليه يتفرع وجوب كل واجب من الواجبات الشرعية كما مر وهو قبلها وهذا مذهب جمهور المعتزلة والأستاذ أبي إسحاق الأسفرائيني وقيل هو أول جزء من النظر لأن وجوب الكل يستلزم وجوب أجزائه فأول جزء من النظر واجب وهو متقدم على النظر المتقدم على المعرفة وقال القاضي واختاره ابن فورك وإمام الحرمين إنه القصد إلى النظر لأن النظر فعل اختياري مسبوق بالقصد المتقدم على أول أجزائه والنزاع لفظي إذ لو أريد الواجب بالقصد الأول أي لو أريد أول الواجبات المقصودة أو لا وبالذات فهو المعرفة اتفاقاً وإلا أي وإن لم يرد ذلك بل أريد أول الواجبات مطلقاً فالقصد إلى النظر لأنه مقدمة للنظر الواجب مطلقاً فيكون واجباً أيضا وقد عرفت أن وجوب المقدمة إنما يتم في السبب المستلزم دون غيره"(486)، وهذا إيجاب على المكلف بأن يعمد إلى النظر، بل جعلوه أول واجب على المكلف، وهو إيجابٌ لما لم يوجبه الله.
وهكذا فإن المتكلمين ألزموا الناس باستخدام طريقتهم في الاستدلال، رغم أن هذه الطريقة تسببت في أخطاء في العقيدة وفي الصفات بشكل أخص.(1/123)
قال الخطابي _ رحمه الله _ مؤكداً لما سبق: "إنا لا ننكر أدلة العقول والوصل بها إلى المعارف، ولكننا لا نذهب في استعمالها إلى الطريقة التي سلكتموها في الاستدلال بالأعراض وتعلقها بالجواهر وانقلابها فيها على حدوث العالم وإثبات الصانع، ونرغب عنها إلى ما هو أوضح بياناً وأصح برهاناً، وإنما هو الشيء أخذتموه عن الفلاسفة واتبعتموهم عليه، وإنما سلكت الفلاسفة هذه الطريقة؛ لأنهم لا يثبتون النبوات ولا يرون لها حقيقة فكان أقوى شيء عندهم في الدلالة على إثبات هذه الأمور ما تعلقوا به من الاستدلال بهذه الأشياء"(487).(1/124)
لقد كان المزلق الأول لمن أخذ بعلم الكلام: أنهم اقتنعوا ببدايات المتكلمين لما بدؤوا بإثبات الصانع فلم يكن عند اليونانيين وحي يقتنعون به يستقون منه العقيدة وكانوا يعيشون في ضلال فلا يعرفون رباً ولا إلهاً ولا يعرفون نبياً ولا رسولاً، ولكن الحاصل أن متكلمي المسلمين لما بدؤوا الكلام في ما يجب اعتقاده كانت بدايتهم هي نفس بداية الفلاسفة وهي إثبات وجود الخالق جل وعلا (488)، قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "وأصل ذلك أنهم طلبوا أن يقرروا ما لا ريب فيه عند المسلمين، من أن الله تعالى خلق السماوات والأرض، وأن العالم له صانع خالق خلقه"(489)، وكانت للمتكلمين طريقتان في إثبات الصانع(490): طريقة الجواهر والأعراض(491)أو طريقة الإمكان والوجوب(492)، وهي مبنية على ما شاهده المتكلمون من الشواهد الحاضرة أمامهم وما جبلت عليه من صفات، وللتمثيل على ذلك أسوق ما قاله الآمدي وهو يستدل على صفة الحياة للرب عز وجل فقد قال: "وإذا ثبت كونه قادراً مريداً عالماً وجب أن يكون حياً؛ إذ الحياة شرط هذه الصفات على ما عرف في الشاهد"(493)، فطريقتهم هي قياس الغائب على الشاهد(494) في تقرير صفات الباري عز وجل؛ وفي الحقيقة قياس الشاهد على الغائب بهذه الطريقة ليس بصحيح في هذا الباب؛ فإن الله عز وجل قد عرفنا بنفسه فقال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(495)، فلا ينبغي أن يقاس بأحد من خلقه من كل وجه، وإن كانت هذه الطريقة أثمرت بالنسبة لإثبات هذه الصفة، فسنرى كيف صارت هذه القاعدة عند المتكلمين قاعدة تنفي الكثير من الصفات الثابتة للباري جل وعلا بالقرآن والسنة؛ وذلك بسبب توهم تشبيه الخالق بالمخلوق في الصفات التي نسبت للمخلوق وهو ما يعبرون عنه بالحادث الذي تخالف صفاته صفات واجب الوجود، جاء في أبجد العلوم: "وتوصلوا إلى إبطال مسائل التوحيد؛ لأنهم جعلوا مسائل التوحيد مبنية على قياس الغائب على(1/125)
الشاهد(496)"(497)، قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "وأما الخوض في الأعراض والأجسام كما خاض فيه المتكلمون كقولهم ليس بجسم ولا عرض ونحو ذلك فأول من ابتدعه في الإسلام: الجهمية(498) وأتباعهم من المعتزلة، لا يعرف في هذه الأمة حدوث القول في الله بأنه ليس بجسم ولا جوهر ونحو ذلك إلا من جهة هؤلاء، وكذلك الاستدلال على حدوث العالم بطريق الجسم والعرض إنما ابتدعها في الإسلام هؤلاء، وهذا أصل علم الكلام"(499)، وأسوق هنا كلاماً جليلاً للإمام ابن قيم الجوزية، حيث يقول: "وهذا الطريق من الناس من يظنها من لوازم الإيمان. وأن الإيمان لا يتم إلا بها، ومن لم يعرف ربه بهذه الطريق لم يكن مؤمناً به ولا بما جاء به رسوله. ومن الناس من يقول: ليس الإيمان موقوفاً عليها ولا هي من لوازمه، وليست طريق الرسل، ويحرم سلوكها لما فيها من الخطر والتطويل، وإن لم يعتقد بطلانها. وهذا القول لأبي الحسن الأشعري نفسه، فإنه صرح بذلك في رسالته إلى أهل الثغر، وبين أنها طريق خطرة مذمومة محرمة، وإن كانت غير باطلة، ووافقه على هذا جماعة من أصحابه من أتباع الأئمة، وقالت طائفة أخرى: بل هي طريق في نفسها متناقضة مستلزمة لتكذيب الرسول لا يتم سلوكها إلا بنفي ما أثبته، وهي مستلزمة لنفي الصانع بالكلية، كما هي مستلزمة لنفي صفاته ونفي أفعاله، وهي مستلزمة لنفي المبدأ والمعاد؛ فإن هذه الطريق لا تتم إلا بنفي سمع الرب وبصره وقدرته وحياته وإرادته وكلامه، فضلاً عن نفي علوه على خلقه، ونفي الصفات الخبرية من أولها إلى آخرها، ولا تتم إلا بنفي أفعاله جملة وأنه لا يفعل شيئاً البتة"(500).(1/126)
يقول د. عبد القادر محمد عطا: "اعتبر شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله _ هذا الدليل _ دليل الأعراض وحدوث الأجسام _: "أعظم القواطع العقلية التي يعارضون بها الكتب الإلهية، والنصوص النبوية، وما كان عليه سلف الأمة وأئمتها"(501)؛ لذلك كان هدم هذه القواطع العقلية، والأصول الأساسية: هدماً لمذهب المبتدعة، واجتثاثاً له من جذوره؛ فإذا هدم الأصل، فلا عبرة بالفرع؛ كالشجرة تجتث من جذورها، أيّ حياة في أغصانها وفروعها"(502)، يقول الشيخ خليل هراس _ رحمه الله _: "ومن الحق أن نقرر أن ابن تيمية كان على صواب فيما عمد إليه من إفساد هذه الطرق والتحذير من سلوكها؛ فإنها طرق معتاصة يصعب تصورها على كثير من الناس وفي مقدمتها طول وخفاء ونزاع كثير بحيث لا يمكن إثباتها بطريق قطعي، فكيف تجعل سبيلاً لتحصيل أشرف المطالب وهو الإيمان بالله تعالى، وإن من أعظم الحرج أن نكلف العامة ومن لا قدرة لهم على النظر أصلاً بتحصيل معنى الإمكان والحدوث والتغير والجوهر والعرض وغير ذلك مما يدخل في تركيب هذه الأدلة، ثم نقول لهم إنكم لا يصح إيمانكم بالله إلا من هذه الطريق فنضيق عليهم رحمة الله ونصدهم عن سبيله ونكلفهم من الأمر ما لا يطيقون"(503).(1/127)
وهذا المسلك من مسالكهم في إثبات الصانع، وهو مأخوذ من الكفار في الأصل، وهي طريقة جالينوس، قال الإيجي في المواقف: "مذهب جالينوس في حدوث الأجسام مسالك، المسلك الأول وهو المشهور: الأجسام لا تخلو عن الحوادث وكل ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث"(504)، وقد أُلفَت بعض الكتب في بيان أصل هذه الطريقة في إثبات الخالق وأنها جاءتنا من عند الكفار، قال صديق القنوجي: "وللسيد الإمام العلامة محمد بن الوزير كتاب: (ترجيح أساليب القرآن لأهل الإيمان على أساليب اليونان، وبيان ذلك بإجماع الأعيان بأوضح التبيان)، وكتاب: (البرهان القاطع في إثبات الصانع وجميع ما جاءت به الشرائع) رد في هذين الكتابين على المتكلمين والكلام، وأثبت أن جميع مسائل هذا العلم تثبت بالسنة والقرآن، ولا يحتاج معهما إلى قوانين المتكلمين وقواعد الكلام وهما نفيسان جداً"(505)، فهذه البداية غير صحيحة، وفيها مشابهة لطريقة اليونان.(1/128)
ثم تدرجوا مع لوازم الدلائل التي استدلوا بها لإثبات الخالق مما أدى بهم إلى نفي بعض الصفات؛ حتى لا ينخرم دليل إثبات الصانع؛ فهي مبنية على ثلاث مقدمات كلها تعتمد على الأمور المحسوسة وعلى أساسها تم القياس بالنسبة للمغيبات وهذه المقدمات هي: الأعراض حادثة، والأجسام لا تخلو من الحوادث، وما لا يخلو من الحوادث فهو حادث(506)، فالأعراض المشاهدة حادثة والأجسام المشاهدة لا تخلو من الحوادث، فالأجسام كلها حادثة؛ ولذلك فلا يجوز للباري أن يتصف بصفات الحوادث بأن يكون محلاً لها؛ حتى لا ينخرم دليل وجود الصانع؛ ونفياً للتشبيه بالمخلوقات في زعمهم، وبذلك نفى بعض المتكلمين الأسماء والصفات(507)ونفى بعضهم بذلك الصفات508، ونفى بذلك بعضهم بعض الصفات وأولوا البعض الآخر(509)، بل أدى ببعضهم ممن تمادى في الغي والضلال إلى أن يقول بقول ظاهره نفي الذات حتى ينفي بذلك عن الخالق مطلق ما للحوادث من صفات(510)، وزعموا أنهم بذلك يرومون نفي التشبيه عن الخالق بالحوادث، فوقعوا بذلك في تشبيهه بالمعدومات، ووقعوا هم في التشبه بالملحدين الذين نفوا وجود الله أصلاً.
تعطيل صفات الباري:(1/129)
وبناءً على الأساس الذي وضعوه وهو أن سبيل إثبات الصانع إنما يكون عن طريق الحدوث فإن وصفه بما هو من خصائص الحوادث هو من التجسيم الذي يبطل به دليل الصانع عندهم؛ فإن المقدمة القائلة: ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث "تعني نفي جميع صفات الله عز وجل الفعلية كالاستواء والمجيء والنزول إلى سماء الدنيا والرضى والغضب ونحو ذلك مما وردت به النصوص لأنها عندهم: حوادث فلو جاز حلولها في ذات الله لكان مخلوقاً حسب القاعدة التي قعدوها لإثبات الخالق"(511)، وعلى أساس أن ما لا يسبق الحوادث فهو حادث "فما دام أن الأجسام لم توجد بمفردها قبل الأعراض والأكوان _ التي تسمى حوادث _فإذن الأجسام مخلوقة؛ لأنها لا تسبق الحوادث، وهذه القاعدة _ كذلك _ نفوا بسببها جميع الصفات الفعلية التي تقوم بذات الله عز وجل بمشيئته متى ما أراد"(512)، وليس كل المتكلمين ينفون جميع الصفات الإلهية؛ فإن منهم من أثبت الصفات التي توصلوا إليها عن طريق العقل، وأولوا ما سوى ذلك مما يتعارض مع العقل _ في زعمهم _ كصفة النزول، واليد والعين والاستواء وغير ذلك من الصفات الخبرية(513)التي لا تثبت إلا عن طريق السمع، يقول الآمدي: "وأما خبر النزول فإنه يحتمل أن يكون المراد النزول بمعنى اللطف والرحمة وترك ما يليق بعلو الرتبة وعظم الشأن والاستغناء الكامل المطلق"(514)، وهذا التأويل رد عليه العلماء من أهل السنة والجماعة في موضعه وسموه تعطيلاً؛ لأنه غاية ما يؤدي إليه قولهم.(1/130)
قال شيخ الإسلام: "ثم أصل هذه المقالة مقالة التعطيل للصفات إنما هي مأخوذة عن تلامذة اليهود والمشركين وضلال الصابئين فإن أول من حفظ عنه أنه قال هذه المقالة في الإسلام _ أعنى أن الله سبحانه وتعالى ليس على العرش حقيقة وأن معنى استوى بمعنى استولى ونحو ذلك _ هو الجعد بن درهم، وأخذها عنه الجهم ابن صفوان وأظهرها فنسبت مقالة الجهمية إليه، وقد قيل: إن الجعد أخذ مقالته عن أبان بن سمعان وأخذها أبان عن طالوت بن أخت لبيد بن الأعصم وأخذها طالوت من لبيد بن الأعصم اليهودي الساحر الذي سحر النبي، وكان الجعد بن درهم هذا فيما قيل من أهل حران، وكان فيهم خلق كثير من الصابئة والفلاسفة بقايا أهل دين نمرود، والكنعانيين الذين صنف بعض المتأخرين في سحرهم، ونمرود هو ملك الصابئة الكلدانيين المشركين كما أن كسرى ملك الفرس والمجوس وفرعون ملك مصر والنجاشي ملك الحبشة وبطليموس ملك اليونان وقيصر ملك الروم فهو اسم جنس لا اسم علم، فكانت الصابئة إلا قليلاً منهم إذ ذاك على الشرك وعلماؤهم هم الفلاسفة وإن كان الصابئ قد لا يكون مشركاً بل مؤمناً بالله واليوم الآخر كما قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(515)، لكن كثيراً منهم أو أكثرهم كانوا كفاراً أو مشركين كما أن كثيراً من اليهود والنصارى بدلوا وحرفوا وصاروا كفاراً أو مشركين فأولئك الصابئون الذين كانوا إذ ذاك كانوا كفاراً أو مشركين وكانوا يعبدون الكواكب ويبنون لها الهياكل"(516)، ولقد انتهج أكثر المتكلمين في تعطيل صفات الباري _ جل وعلا _ سبيل التأويل؛ ليخرجوا من تبعة رد النص القرآني، وادعوا أن نسبة الصفات إلى الرب _ عز وجل _ إنما هي على سبيل المجاز اللغوي، يقول الباحث أحمد(1/131)
الحربي: "والذي يغلب على الظن كما أن القول بنفي الصفات انتقل إلى الجهمية والمعتزلة من طريق اليهود والنصارى فكذا القول بالتأويل؛ إذ أن التأويل بهذا الاصطلاح كان معروفاً عند اليهود والنصارى قبل ظهوره على يد الجهمية والمعتزلة، ففي اليهودية ارتبط التأويل باسم (فايلو الإسكندراني)(517) الذي كان ينفي الصفات الخبرية التي وردت في التوراة(518)، ويؤكد على وجوب تفسيرها تفسيراً مجازياً وفق قوانين التأويل المجازي التي حددها هو بنفسه. وسار على نهج (فايلو) عدد من لاهوتي اليهود في العصور الإسلامية، منهم: سعدايا الفيومي(519)، وموسى بن ميمون(520)الذي أكد في كتابه (دلالة الحائرين) أن السبب الرئيس الذي أدى إلى ظهور التشبيه هو التمسك بظاهر الصفات الخبرية التي وردت في التوراة وتفسيرها بالحقيقة دون المجاز. وفي النصرانية ظهر القول بالتأويل المجازي على يد (كلمانت الإسكندري)(521) و(أوريجين)(522)، والقديس: (أوغسطين)(523)، واشتهر به أيضاً: (يوحنا الدمشقي)(524) الذي يعتبر من أكبر آباء الكنيسة الشرقية، وقد كان له دور كبير في ظهور الجدل العقلي بين المسلمين، بل يعده كثير من الباحثين المسؤول الأول عن ظهور الجدل العقلي في البيئة الإسلامية"(525).(1/132)
وطريقة المتكلمين في إنكار الصفات المبنية على صريح المعقول عندهم وإن كانت تلك الصفات قد ثبتت بالكتاب أو السنة أو الإجماع، ليست طريقة جديدة، بل سبقهم بها مشركوا العرب حينما حكَّموا عقولهم في نفي ما أثبته الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال القرآن من البعث بعد الموت، حيث قالوا _ كما جاء في القرآن _: (قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ)(526)، فعارضوا الوحي، في صريح ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من البعث بعد الموت، وطريقة المتكلمين فيها مشابهة لما سلكه مشركوا مكة حين صعب عليهم التصديق بما يخالف مشاهداتهم، فادعوا مخالفة صريح الوحي للحس والمشاهدة والمعقول، فكفروا بالوحي، لأنهم لم يجدوا مخرجاً إلا إنكار أحد المتناقضين على حسب ما توصلوا إليه، وأما المتكلمون الذين ادعوا مخالفة صريح الوحي للقطعيات العقلية حاولوا أن يخرجوا من هذا التعارض الذي في أذهانهم بتأويل النص أو بالطعن في ثبوته، فلم يكن من فرق بينهما إلا أن مشركي العرب عارضوا الوحي بالحس والمشاهدة، وهي بلا شك أقوى مما عارض به المتكلمون النص؛ فإنهم عارضوه بالمعطيات العقلية المبنية على مقدمات منطقية والمحسوسات أقوى بلا شك من المعقولات؛ فإن المعقولات لم تقم إلا بما هو محسوس ومشاهد؛ فأنّى لمن كان أعمى أصم أن يرتب مقدمات ليصل بها إلى نتائج صحيحة! وفرق آخر أن مشركي العرب قاموا بالكفر بالنص صراحة، وأما المتكلمون فطريقتهم هي محاولة الجمع بين النص وبين المعقول _ في نظرهم _ بما يزري على النص، ويبقي العقل شامخاً على حساب النص، والله المستعان، هذا هو الفرق بينهما في نظري، وإلا فإن هؤلاء اعترضوا على النص بحجة أنه مخالف للعقل وأولئك كذلك، وهؤلاء أزروا على النص وأولئك ردوه جملة وتفصيلاً، ولم تتهم كلتا الطائفتين ما توصلت إليه من المعقولات.(1/133)
وفي نفي المتكلمين لبعض الصفات اعتماداً على المنطق، يقول ابن الوزير(527): "وإنما كره علم الكلام؛ لما يؤدي إليه الخوض فيه من المحارات ومخالفة الضرورات أو المشهورات ألا تري أن المتكلمين لما توغلوا في هذه المباحث أدي ذلك طائفة منهم إلي القدح في الحكمة، وطائفة إلي القدح في القدرة على هداية العصاة، وطائفة إلي القدح في دوام العذاب، ورجحت كل طائفة تأويلها، أما غلاة الأشعرية الذين قدحوا في معني الحكمة فرجحوا ذلك؛ لصعوبة النظر في حكمة الله تعالى في جميع الشرور الدنيوية والأخروية؛ وعجز العقول عن درك ذلك، وأما غلاة المعتزلة فرجحوا قدحهم في القدرة(528) على اللطف أنه قد خاض في أمر معين يحتمل أنه محال ولا بد من إخراج المحال من المقدورات بالإجماع وإلا أدى إلي تجويز قلب القديم حادثاً والحادث قديماً، وغير ذلك مما يستقبح ذكره، وقد أشار الغزالي إلي مثل كلامهم في شرح الرحمن الرحيم من المقصد الأسنى، وأما الأشعرية فقدحوا في الحكمة بأسرها فكان ما ذهبت إليه المعتزلة أهون من هذه الجهة، وأما ابن تيمية وأصحابه فرأوا أن القدح في الحكمة والقدرة يتطرق إلي النقص في كمال الربوبية وذلك يحتمل الكفر ويضارعه أو يقرب منه"(529)، وإنما كان إنكار الأشاعرة للحكمة بسبب إرادتهم نفي الغرض عن الله؛ لتوهم التشبيه بالحوادث؛ لأن الغرض هو من الأعراض التي هي من خصائص الأجسام التي ثبت عندهم أنها حادثة، وذلك بالاعتماد على مقدماتهم المنطقية.(1/134)
وفي نفي الحكمة عن الله يقول الآمدي: "ونحن لا ننكر أن ذلك(530)مما يقع وإنما ننكر كونه مقصوداً بالتكليفات والأمر بالطاعات حتى يقال: إنه خلق لكذا أو لعلة كذا بل تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، بل ويكفى الخصم من سخف عقله وزيف رأيه أن عادت حكمة خلق السموات والأرض والنجوم والشجر والجبال وإظهار الآيات والدلائل والمعجزات وإيجاب الطاعات والعبادات وتصريف الخلائق بين المأمورات والمنهيات إلى لذة يجدها بعض المخلوقين في مقابلة طاعته تزيد على اللذة التي يجدها بطريق الابتداء والتفضل، مع أن الله تعالى قادر على أن يخلق له أضعاف تلك اللذة في التفضل الابتدائي من غير تعب ولا نصب إن الله على كل شئ قدير"(531)، وهنا يحاول الآمدي أن ينفي صفة الحكمة عن الله بحجة فهمه لمعنى الحكمة في القرآن(532)بأنها تشبه تلك اللذة الحاصلة لدى العبد المقدم على فعل له فيه مصلحة، وكان الأولى به أن ينزه الله تعالى عن العبث كما نزهه عن حصول اللذة له، فلا لذة ولا عبث تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، فإن نفي الحكمة عن الله والتي يسميها المتكلمون: الغرض _ تسمية ما أنزل الله بها من سلطان _ يوجب إثبات أن تكون مفعولات الله جل جلاله هي ضرب من العبث.(1/135)
وقد رد الله على كفار قريش بنفي العبث الذي ظنوه به، مع أن كفار قريش لم يصرحوا بأن الله عز وجل قد خلق الخلق لغير حكمة، وإنما جوزوا للعبد أن يعبد غير الله(533) _ مع علمهم بأن الله قد خلق الخلق وأنه هو المدبر لشؤونهم _ وظنوا أنه لا بعث ولا عقاب ولا ثواب(534)، فقالوا ما يلزم منه نفي الحكمة عن الله، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ)(535)، (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) (536)، (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ، مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)(537)، (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ، لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ)(538)، فرد الله عليهم قولهم: بعدم وجوب عبادة الله وعدم توقع البعث بعد الموت بأنه يلزم منه لازم باطل هو اتهام الله بالعبث، مع أنهم لم يتفوهوا بإلصاق ذلك النقص بالذات الإلهية، ولم ينفوا الحكمة عن الله جل جلاله صراحة، وإنما قالوا ما يلزم عنه ذلك.(1/136)
ولا يوصف الله تبارك وتعالى عند المتكلمين بأنه في العلو؛ لأن المكان يعتبر عرضاً والعرض من خصائص الأجسام التي هي في الحقيقة حادثة(539)، وما لا يخلو من الحوادث فهو حادث، فالله ليس في مكان معين ولا يشار إليه في رأيهم، والحقيقة أن هذا القول يلزمهم القول بوحدة الوجود أو الحلول، ومع أن لازم المذهب لا يلزم أن يكون مذهباً، ولكن الجهمية من المتكلمين لم يتورعوا عن ذلك والتزموا بهذا اللازم فإنهم زعموا "أن الله في كل مكان ولا يكون في مكان دون مكان"(540)، والحلول من عقائد الحرانيين(541) فإنهم يقولون: "ربما يكون حلول الصانع بحلول ذاته، وربما يكون بحلول جزء من ذاته، على قدر استعداد مزاج الشخص، وربما قالوا: إنما تشخص بالهياكل السماوية كلها وهو واحد"(542)، وإن كان هذا القول في الحقيقة ظاهره نفي وجود الله أصلاً، ولذلك يروي شيخ الإسلام حكاية مناظرة أحدهم للجهمية حيث قال له _ عندما صرح بالقول بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا يشار إليه: "فلو أردت تصف المعدوم، كيف كنت تصفه بأكثر من هذا؟ _ أو قال _ فرق لي بين هذا الرب الذي تصفه وبين المعدوم!"(543)، فلم يجد لهذا السؤال جواباً إلا بعد حين، وكان جوابه: "لو كان فوق العرش للزم أن يكون جسماً"(544)، وهكذا فإن هذه المسألة جرت إلى مشابهة الكفار، إما بأصحاب القول بالحلول ووحدة الوجود، وإما بالملاحدة الذين يقولون بنفي وجود الله، والله المستعان.
…
ومع ذلك فإننا نجد من المسلمين من يقول بهذا القول بل ما زال يتلى عند الشيعة الإمامية ما جاء في الكافي: "هُوَ أَيَّنَ الأيْنَ بِلا أَيْنٍ وَ كَيَّفَ الْكَيْفَ بِلا كَيْفٍ فَلا يُعْرَفُ بِالْكَيْفُوفِيَّةِ وَ لا بِأَيْنُونِيَّةٍ"(545).
المبحث الثاني: مظاهر التشبه بالكفار في توحيد الطلب والقصد:-
تعرف العبادة في اللغة: بمعنى التذلل والخضوع، فيقال طريق معبد أي: مذلل قد وطئته الأقدام(546).(1/137)
وخير تعريف للعبادة باعتبار المتعبد به _ وهو الاعتبار الذي يعنينا هنا _ هو التعريف الذي اختاره شيخ الإسلام حيث قال: "العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة"(547)، ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)(548)، فكل ما يدخل تحت هذا التعريف هو من أنواع العبادة التي لا يجوز صرفها لغير الله، فالصلاة والزكاة والصوم والحج والذبح والنذر والرغبة والرهبة والخوف والرجاء والاستعاذة والاستعانة والاستغاثة، كل ذلك من أنواع العبادة التي صَرْفُها لغير الله شرك بالله، وقد قال تعالى: (أَمَرَ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إِيَّاهُ)(549)، وقال: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)(550)، يقول الشيخ محمد خليل هراس _ رحمه الله _: "وإذا كان توحيد الإلهية يقوم كما ذكرنا آنفاً على صرف جميع العبادات لله والإخلاص له فيها بغير شائبة توجه بشيء منها إلى غيره أصلاً، فلا بد إذاً من معرفة أنواع العبادات التي تعبدنا الله عز وجل بها في العقائد والأقوال والأعمال التي يحبها ويرضاها والتي أمرنا أن نتقرب إليه بها، فإن بعض هذه الأمور قد التبس على كثير من الناس فلم يفقهوا معنى التعبد فيها فتوجهوا بها إلى غير الله عز وجل دون أن يشعروا بخطر ذلك على دينهم، وانخلاعهم به من ربقة الإسلام"(551).
وجه دخول عبادة غير الله في الجانب الاعتقادي:(1/138)
إن صرف العبادة لغير الله قد يكون في ظاهره عملياً، ولكنه إنما يكون تبعاً لاعتقاد أن شيئاً من خصائص الربوبية يكون لغير الله؛ فإن من عبد وثناً وصرف شيئاً من أنواع العبادة القلبية أو العملية له، لا يتصور منه إلا أنه يرى أن في هذا الصنم أو الوثن صفة توجب له هذا النوع من العبادة، فإنه "ليس من الطبيعي أن يتوجه إنسان إلى حجر أو شجر أو قبر أو أي مخلوق آخر بأشكال التقديس والتقرب، ولذا: فإن الصورة الساذجة المباشرة لهذه الأعمال لا يتصور أنها تنطلي من أول وهلة وبصورتها الساذجة على المخلوق المكرم بعقله، المميز بفطرته، إذ لا بد من وجود حجج وحيثيات تزين هذا الانحراف وتسوغه له، أي: لا بد من وجود (فلسفة) لهذا الأمر حتى ولو لم تظهر مصاحبة له، فهي في كثير من الأحيان تظهر في صورة أشبه ما تكون بالاتجاه النفسي(552) لدى المبتلين بهذا الداء، وهنا تكمن الصعوبة في هذا الجانب من البحث، لأننا نريد دخول منطقة (اللاوعي) عند القبوريين للخروج بالوعي الكامن الذي يحركهم ويدفعهم إلى هذه الأفعال التي من المفترض ألا يقبلها عقل راشد، بل كيف تمسكوا بها ودافعوا عنها ؟"(553). وفي الحقيقة: أن هذا الذي يدعو من دون الله إنما يعتقد فيه نوعاً من النفع أو الضر554، يقول الإمام الشوكاني _ رحمه الله _: "والبلية كل البلية ما صار يعتقده كثير من العوام، وبعض الخواص في أهل القبور، وفي المعروفين بالصلاح من الأحياء، من أنهم يقدرون على ما لا يقدر عليه إلا الله جل جلاله، ويفعلون ما لا يفعله إلا الله عز وجل، حتى نطقت ألسنتهم بما انطوت عليه قلوبهم، فصاروا يدعونهم تارةً مع الله، وتارةً استقلالاً، ويصرخون بأسمائهم ويعظمونهم تعظيم من يملك الضر والنفع، ويخضعون لهم خضوعاً زائداً على خضوعهم عند وقوفهم بين يدي ربهم في الصلاة والدعاء"(555)، ومنهم من يعتقد في المقبور قدرة على سماع الأصوات تشبه قدرة الله، أو يعتقد فيه معرفة لعلم الغيب(556)،(1/139)
قال الشوكاني: "فلولا اشتمال ضمائرهم على هذا الاعتقاد لم يدع أحد منهم ميتاً أو حياً عند استجلابه لنفع أو استدفاعه"(557) بل حتى مشركو العرب لم يعبدوا الأصنام لمجرد كونها حجارة أو أخشاباً، بل عبدوها "معتقدين أنها منازل الأرواح - كما بين الإخباريون -"(558) ومن هنا دخلت هذه التصرفات العملية في باب التشبه في جانب الاعتقاد؛ فإنه لا يتصور ممن ينادي ولياً من الأولياء، وهو في منأىً عنه أن يكون غير معتقد سماعه، وإجابته له، ولا يعقل أن من يقرب قرباناً لصاحب قبر يريد بذلك شفاء ولده إلا أنه يعتقد بصاحب القبر أنه يشفي كما يشفي الله، أو يسمع الصوت من المستغيث، كما يسمع الله، وهذه لوثة فكرية توجب لهذا الذي يمارس هذه الأعمال الخروج من الإسلام.
كما أن هذا الذي يدعو الأموات ويظن بهم الضر والنفع ظاهر فعله أنه مكذب بقوله تعالى: (أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)(559)، وقوله تعالى: (يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ)(560)، كما أنه لا يتصور ممن يتطلع إلى معرفة المستقبل من الكهان والعرافين والمنجمين إلا أنه يؤمن بكونه يعلم الغيب أو أنه مكذب بقوله تعالى: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ)(561)، وهذه لوثة اعتقادية أخرى توجب له الدخول في الكفر المخرج من الملة؛ لتكذيبه لكلام الله تعالى.
حقيقة توحيد العبادة:……(1/140)
توحيد العبادة هو الذي يعبر عنه العلماء بتوحيد الألوهية، وهو كما عرفه شيخ الإسلام: "أن يعبد الله وحده فيكون الدين كله لله ولا يخاف إلا الله ولا يدعى إلا الله ويكون الله أحب إلى العبد من كل شيء فيحبون لله ويبغضون لله ويعبدون الله ويتوكلون عليه"562، وعلى هذا فتوحيد العبادة يستوجب صرف العبادة لله وحده دون ما سواه؛ فهو المستحق للعبادة، ولذلك قال الله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)(563)، فعبادة الله تستلزم عدم إشراكه مع غيره في صرف شيء من أنواع العبادة، وبناء على الآية السابقة فإن من عبد الله وأشرك معه غيره لم يكن مستقيماً على ما أمر الله به، قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (564)، وقال: (وَمَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين) (565).(1/141)
…ويخطئ من يظن أن التوحيد الذي أمر الله به هو توحيد الله بأفعاله فقط، دون توحيد العبادة له _ عز وجل _، وأن التوحيد الذي جاءت به الرسل هو توحيد الربوبية الذي هو توحيد الله بأفعاله، بأنه لا خالق ولا مالك ولا متصرف إلا الله، فإن هذا التوحيد مستلزم لتوحيد العبادة وهو فطري، ولم يكابر فيه كفار قريش ولا غيرهم من الكفار، إلا من شذ، وأما التوحيد الذي بدأ به الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم فهو توحيد الألوهية، وهو توحيد الله بأفعال العباد، بأن لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له، قال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (566)، وقال: (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (567)، وقال: (إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ اللَّهَ)(568)، كل هذه الآيات تدل على أن التوحيد الذي جاءت به الرسل هو توحيد الإلهية، وإن كان توحيد الربوبية له مساس بالتوحيد الذي أمر به الرسل أقوامهم، كما سبق، فتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية، فمن عبد الله وحده ولم يشرك به شيئاً تضمن ذلك إيمانَه بأنه لا خالق ولا متصرف في الكون إلا الله.
حقيقة الشرك:
ولابد قبل الخوض في المظاهر أن نعرج على تعريف الشرك الأكبر، يقول الشيخ حافظ الحكمي(569) _ رحمه الله _: "وإذا عرفت أن توحيد الإلهية هو إفراد الله تعالي بجميع أنواع العبادة ونفي العبادة عن كل ما سوى الله تبارك وتعالى فضد ذلك هو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله عز وجل وهذا هو الغالب على عامة المشركين وفيه الخصومة بين جميع الرسل وأممها"(570).(1/142)
ويمكن تقسيم الشرك في الألوهية إلى قسمين رئيسيين:-
1- من عبد غير الله يظن فيه النفع والضر من دون الله، كما قال تعالى عن المشركين،: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(571)، وقال: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيراً)(572)، فعبادة غير الله شرك في الألوهية، مبني على اعتقاد خاطئ في جانب الربوبية، وهو اعتقاد النفع والضر بغير الله.
2- من عبد غير الله، يريد شفاعتهم عند الله، قال تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(573)، وقال: (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ)(574)، وهؤلاء كفروا بأحد ثلاثة وجوه _ ومنهم من قد جمع بين ذلك كله:-
الأول: عبادتهم لغير الله، وهذا شرك في الألوهية، قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)(575)، وهؤلاء أشركوا معه غيره، في جانب العبادة(1/143)
الثاني: اعتقادهم بأنهم يسمعونهم، ويستجيبون لهم _ في حال ندائهم للأموات _، وهذا شرك في الربوبية وتكذيب لله تعالى: (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)(576)، فوصف ما يقومون به بأنه شرك، بعد إخباره بحقيقة حالهم وهو عدم سماعهم للنداء، وقال عز وجل: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ)(577)، فمن ظن أنهم يسمعون النداء أو يستجيبون لمن يدعوهم فهو ضال لا أحد أضل منه، مكذب لكلام الله.(1/144)
الثالث: اعتقادهم أنهم بيدهم الوساطة المطلقة، والشفاعة التي لا ترد عند الله، ولكن الله تبارك وتعالى قد قيد الشفاعة، فقال: (لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى)(578)، وقال: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ)(579)، وقال: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلاَّ بِإِذْنِهِ)(580)، قال الرازي: "اعلم أن الكفار أوردوا على هذا الكلام سؤالاً فقالوا: نحن لا نعبد هذه الأصنام لاعتقاد أنها آلهة تضر وتنفع وإنما نعبدها لأجل أنها تماثيل لأشخاص كانوا عند الله من المقربين، فنحن نعبدها لأجل أن يصير أولئك الأكابر شفعاء لنا عند الله فأجاب الله تعالى بأن قال: (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ)(581)، وتقرير الجواب: أن هؤلاء الكفار: إما أن يطمعوا بتلك الشفاعة من هذه الأصنام أو من أولئك العلماء والزهاد الذين جعلت هذه الأصنام تماثيل لها، والأول باطل: لأن هذه الجمادات وهي الأصنام لا تملك شيئاً ولا تعقل شيئاً، فكيف يعقل صدور الشفاعة عنها؟ والثاني باطل: لأن في يوم القيامة لا يملك أحد شيئاً ولا يقدر أحد على الشفاعة إلا بإذن الله، فيكون الشفيع في الحقيقة هو الله الذي يأذن في تلك الشفاعة. فكان الاشتغال بعبادته أولى من الاشتغال بعبادة غيره"(582)، وهذا الاعتقاد: شرك في الربوبية، كما أن الفعل الذي انبنى عليه: شرك في الألوهية.(1/145)
وهذا النوع من الاعتقادات والأفعال هو الذي أشكل على القبوريين في العصر الحديث(583)، حيث ظنوا أن دعاء الأموات من ابتغاء الوسائل المشروع الذي أمر الله به في قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً)(584)، ولكن التفسير الصحيح لهذه الآية كما يقول الطبري رحمه الله: "القول في تأويل قوله تعالى (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً)(585): يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين يدعوهم هؤلاء المشركون أرباباً يبتغون إلى ربهم الوسيلة يقول يبتغي المدعوون أرباباً إلى ربهم القربة والزلفة لأنهم أهل إيمان به، والمشركون بالله يعبدونهم من دون الله، (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ): أيهم بصالح أعماله واجتهاده في عبادته أقرب عنده زلفة"586، وجاء في تفسير الجلالين: "الوسيلة: القربة بالطاعة"587، فهؤلاء الصالحون الذين يدعونهم الناس من دون الله ظناً منهم أنهم يسمعون الكلام والاستغاثة الموجهة إليهم وهم أموات في قبورهم، هم كانوا يعبدون الله ويبتغون إليه الوسيلة بالطاعات والقربات، فكيف تدعونهم من دون الله وتتخذونهم وسائط فيما بينكم وبين الله وهو الذي أمركم أن تدعوه دون واسطة، فلماذا لا تقتدون بهم وتدعون الله وتتقربون إليه بالصالحات كما كانوا يفعلون؟ هذا لو كانوا صالحين، فأما إن كانوا ممن يظن بهم الصلاح وليسوا كذلك فإنهم لا يصلحون أن يكونوا وسائط بينكم وبين الله، ثم إن سياق الآيات كان يتحدث عن دعاء غير الله فالآية التي قبل هذه الآية مباشرة هي قوله تعالى: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ(1/146)
وَلا تَحْوِيلاً)(588)، وفيها إقناع للمشركين بأن لا يشركوا بالله غيره في الدعاء بأن الذين يدعونهم من دون الله لا يملكون إزالة البلاء الذي أراده الله بعباده ولا يملكون تحويله عنهم، وكان من المناسب أن يكون الحديث بعد ذلك عن حال المدعوين من دون الله لكي يتم الاقتداء بهم في المسألة التي تم التنبيه عليها في الآية السابقة مباشرة، فلا داعي هنا لذكر حال أناس يبتغون الوسيلة إلى ربهم بدعاء الأولياء والصالحين؛ فإن هذا الكلام فضلاً عن كونه بعيداً عن سياق الحديث في الآية السابقة، فإن فيه تناقض معها فكيف ينعى على المشركين كونهم لا يستفيدون شيئاً من دعاء غيره من كشف ضر أو تحويله، ثم يبرز لهم قدوة أناساً يجعلون بينهم وبين الله في الدعاء وسائط.(1/147)
…يقول الباحث مبارك بن محمد الميلي _ فيما يتعلق بالذين يصرفون شيئاً من أنواع القربات إلى الأولياء _: "وربما مازوا أنفسهم من الجاهلية الأولى بأن وضعهم بالشرك جاء من قبل اعتقادهم في الجماد وغير الصالحين من العباد، أو أن أحداً غير الله يماثله في الخلق والإيجاد ويقولون نحن إنما نعتقد في الصالحين والأخيار أن الله جعل لهم النفع والضر في هذه الدار وتلك الدار فهم يعطون أو يمنعون وبأيديهم مفاتح غيبه، وتحت قبضتهم خزائن فضله، ينزلون الأمطار متى شاءوا ويعافون من أحبوا ويبتلون من أبغضوا، ويهبون لمن أرادوا ذكوراً أو إناثاً، أو يزوجونهم ذكراناً وإناثاً، ويجعلون من غضبوا عليه عقيماً"(589)، وربما قال قائلهم: الاختلاف في نوع الوسائط؛ فوسائط المشركين لا أصل لها من الصلاح، ووسائط المؤمنين هم عباد الله الصالحين، فالجواب: أن ذلك غير مسلَّم؛ فكيف نفى الله النفع الحاصل بالتوسط عموماً ولم لم يخصه بكون الوسائط هم أناس غير صالحين؟! والآية السابقة تدل على إنكار الله على المشركين عبادتهم لأوليائه الصالحين: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً)(590)، فبين أن دعاء المشركين لعباد الله الصالحين ابتغاءً للوسيلة، مردود عليه بكون هؤلاء الصالحين هم أنفسهم كانوا يبتغون الوسيلة الصحيحة إلى الله، كدعائه والتضرع إليه بأسمائه وصفاته، إلى غير ذلك من الوسائل المشروعة.(1/148)
ومن الآيات التي أنكر الله فيها على من عبد غيره ولو كان من أوليائه الصالحين، قوله(: (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً)(591)، قال ابن كثير: "قال عبد الله ابن عباس وغير واحد من علماء التفسير: وكان أول ما عبدت الأصنام أن قوماً صالحين ماتوا فبنى قومهم عليهم مساجد وصوروا صور أولئك فيها ليتذكروا حالهم وعبادتهم فيتشبهوا بهم فلما طال الزمان جعلوا أجساداً على تلك الصور فلما تمادى الزمان عبدوا تلك الأصنام وسموها بأسماء أولئك الصالحين وداً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسراً"(592).
وقوع الشرك في هذه الأمة:
…لقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن الشرك سوف يقع في هذه الأمة لا محالة قبل قيام الساعة، وذلك بطريقتين:-
الأولى: إخباره صلى الله عليه وسلم بأن المسلمين سيقع منهم التشبه باليهود والنصارى حذو القذة بالقذة كما في حديث أبي سعيد الخدري _ رضي الله عنه _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه593، قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن))594، قال ابن حجر _ رحمه الله _: "والذي يظهر أن التخصيص إنما وقع لجحر الضب لشدة ضيقه ورداءته ومع ذلك فإنهم لاقتفائهم آثارهم واتباعهم طرائقهم لو دخلوا في مثل هذا الضيق الرديء لتبعوهم"(595)، كما يعرف جحر الضب بالتوائه وعدم استقامته.(1/149)
وهذه الدقة في التمثيل بهذه الدابة تدل على أن هذه الأمة سيحصل من بعض أفرادها التشبه في كل شيء، وهذا عموم يدخل فيه التشبه بهم في عبادتهم لغير الله؛ حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى بأن اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد(596)، كما جاءت بعض الآيات تخبرنا عن وقوع الشرك في اليهود والنصارى، فمن الآيات قوله تعالى: (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ)(597)، وقوله: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) (598)، وقوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) (599).
والطريقة الثانية: التي أخبرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم بأن الشرك سوف يقع في هذه الأمة لا محالة قبل قيام الساعة: هي طريقة التصريح بذلك حيث ورد عن أبي هريرة _ رضي الله عنه _ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات600 نساء دوس حول ذي الخلصة))601، ومعنى ذلك أنه لن تقوم الساعة حتى ترحل نساء دوس إلى الصنم المعروف في أيام الجاهلية بذي الخلصة، يردن بذلك التعبد كما كان يفعله أهل الجاهلية. وعن عائشة _ رضي الله عنها _ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يذهب الليل والنهار حتى تُعبد اللات والعزى602))603.(1/150)
…كل هذه الأحاديث إنما جاءت على وجه التحذير من الوقوع في الشرك الذي وقع فيه أهل الكتاب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله _: "وهذا كله خرج منه مخرج الخبر عن وقوع ذلك والذم لمن يفعله، كما كان يخبر عما يفعله الناس بين يدي الساعة من الأشراط والأمور المحرمات"(604)،كما أن فيها علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم؛ حيث وقع ما أخبر به عليه الصلاة والسلام، على وجهه.
الشرك بين الأمس واليوم:
…يحاول بعض المعاصرين أن يفرق بين الصورة التي يحصل فيها الطلب من المقبورين اليوم، وبين الصورة التي عرفت عن كفار قريش في الجاهلية من عبادة الأوثان، والاستغاثة بهم وطلب كشف الكروب منهم(605).
…إن الكفار في زمن نوح عليه السلام كانوا يعبدون الأصنام، ولكن ماذا يقصدون بهذه الأصنام؟ إنها رموز لرجال صالحين، وهم: ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، كما سبق، وكفار قريش كانوا يعبدون الأصنام على أنها أسماء لرجال صالحين؛ فالصنم المسمى بـ (اللات) إنما هو رجل صالح سمى بهذا الاسم لأنه كان يلت السويق للحجاج، فلما مات، عبد من دون الله. والقبوريون اليوم يعبدون المقبورين الصالحين _ بغض النظر عن صحة نسبة القبور إلى أصحابها _، وهم يطلبون من هؤلاء الصالحين كل ما يطلبه الكفار من أصنامهم في السابق.
ولذلك فإن الصورة التي يفعلها بعض الناس اليوم من طلب الواسطة إلى الله من عباده الصالحين لا تختلف عما كانت عليه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم فهؤلاء يقولون: نريد من دعائهم التقرب إلى الله، وكفار قريش كانوا يعبدون الأصنام من أجل التقرب إلى الله كذلك، كما قال الله تعالى وهو يبين خطأ وضلال الكفار الذين يفعلون هذا الفعل: (مَا نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)606، فأي فرق بين الصورتين في الماضي والحاضر؟(1/151)
…كما أن الكفار في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يعتقدون بأن الله هو الخالق الشافي....، في أغلب أمرهم، حيث قال الله تعالى عنهم: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ)607،(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ)(608)، (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ)(609)، (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ)610، فهذه الآيات تقنع الكفار بوجوب عبادة الله وحده، بالاستناد إلى مسلمات عندهم، ألا وهي أن الله هو الخالق المدبر، وإلا فلا داعي لذكر خلق الله للكون وشفائه للمرضى، ولكان الاستناد إلى ذلك ضرب من العبث، وتعالى الله عن العبث، يقول الإمام الشوكاني _ رحمه الله _: "اعلم أن الله لم يبعث رسله، ولم ينزل كتبه لتعريف خلقه بأنه الخالق لهم، والرازق لهم،ونحو ذلك، فإن هذا يقربه كل مشرك قبل بعثة الرسل: (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله)(611) ولهذا نجد كل ما ورد في الكتاب العزيز في شأن خالق الخلق ونحوه، في مخاطبة الكفار مُعَنْوَناً باستفهام التقرير: (هل من خالق غير الله)(612) (أفي الله شك فاطر السموات والأرض ؟)(613) (أغير الله أتخذ ولياً فاطر السموات والأرض ؟) (614)"(615).(1/152)
فكانت مصيبة كفار قريش أنهم توسلوا إليه بالتوجه إلى غيره، ولم يشفع لهم اعتقادهم بأن الله هو الخالق المدبر616، بل وصفهم الله بالكفر ووعدهم بالنار، فأي فرق بين هؤلاء ومن يقدم القرابين في هذا الزمن لقبر يظن أنه لأحد من أولياء الله الصالحين لكي يقربه إلى الله ويشفع له، الدعوى نفسها، والطريقة نفسها، الدعوى هي التقرب إلى الله، والطريقة هي تقديم القرابين والدعوات والتوجه القلبي لغير الله، يقول الإمام الشوكاني _ رحمه الله _: "فإن قلت: إن هؤلاء القبوريين يعتقدون أن الله تعالى هو الضار النافع، والخير والشر بيده، وإن استغاثوا بالأموات قصدوا إنجاز ما يطلبونه من الله سبحانه، قلت: وهكذا كانت الجاهلية فإنهم كانوا يعلمون أن الله هو الضار والنافع، وأن الخير والشر بيده، وإنما عبدوا أصنامهم لتقربهم إلى الله زلفى، كما حكاه الله عنهم في كتابه العزيز"(617).(1/153)
…وهكذا فإن الفرق لا يكاد يذكر إلا في كون كفار قريش كانوا يعلمون أنهم مشركون بالله في ألوهيته618؛ فلم يلتزموا النطق بكلمة التوحيد التي جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم بها، والقبوريون اليوم ينطقون بهذه الكلمة مراراً وتكراراً، ولكنهم لا يعلمون أنها تستلزم منهم ترك التعلق بغير الله، يقول الباحث مبارك بن محمد الميلي: "ولقد سادت هذه الحالة العالم الإسلامي فانتهوا إلى جاهلية كجاهلية العرب في الدين لا في اللسان والبيان، فقد ارتقى العرب أيام جاهليتهم في معرفة معاني الكلام والإبانة عما في أنفسهم بالألفاظ المؤدية لأصل المعنى، ولكن المسلمين تشمل أخطاؤهم هذه الناحية أيضاً فلم يكونوا مثل أولئك العرب في فصاحة اللسان، ووضع الأسماء على مسمياتهم فتراهم يعتقدون في الغوث والقطب(619) وصاحب الكشف، والتصريف معنى الألوهية، وكان لا يسمونهم آلهة. ويخضعون لأوليائهم ويخشونهم كخشية الله أو أشد، ولا يسمون ذلك عبادة"(620)، ويقول وهو يبين الفرق بين الوثنية القديمة والوثنية في العصر الحديث: "لا فرق بينهما في الجهل بما ينافي التوحيد، ولا في الابتلاء بالمبتدعين والدجالين، ولا في التبرك بالآثار احتماءً من الأقدار، ولا في التقرب من الأحجار، والنفور من المرشدين الأخيار، ولا في عصيان من خلقهم وعبادة ما نحتوه"(621).(1/154)
…يقول الشيخ محمد خليل هراس _ رحمه الله _: " توحيد الربوبية وحده لا يكفي لتحقيق معنى التوحيد المطلوب شرعاً، والعبد لا يكون موحداً التوحيد الذي ينجي صاحبه في الدنيا من عذاب القتل والأسر، وفي الآخرة من عذاب النار بمجرد اعتقاده أن الله هو رب كل شيء وخالقه ومليكه وأنه المدبر للأمور جميعاً، فإن مثل هذا التوحيد كان يقر به المشركون الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتالهم، بل لابد مع ذلك من توحيد الإلهية الذي هو الغاية العظمى من بعثة الرسل عليهم الصلاة والسلام والذي من أجله خلق الله الخلق وجعل الجنة والنار وفرق الناس إلى شقي وسعيد(622).
…وفي مكابرة عجيبة يرى بعضهم أن ما ورد من النهي عن الشرك والتحذير من عاقبة المشركين إنما هو خاص بالمشركين دون من تشبه بهم من المسلمين، يقول الباحث مبارك الميلي: "رأى الطرقيون ومن لف لفهم أن القرآن فاضحهم وكاشف عوارهم؛ فتعللوا للتسلل منه بعلل شتى وما هي بنافعتهم، وكان من تعللهم: تقولهم أن ما جاء في قوم من المشركين وأهل الكتاب فهو خاص بهم لا يتناول المسلمين وإن جاءوا بما هو أشنع وأضل"(623).
وهذا مردود بأدلة كثيرة، منها:
- "قوله تعالى: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ)(624) فعطف على ضمير المخاطبين من المشركين من بلغه القرآن في زمنهم وبعد عصرهم.
- وقال: (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ)(625)، والذين يخافون الحشر هم المؤمنون، ومن هم مظنة الإيمان، ممن لم يطبع الله على قلوبهم.
- وقال:بعد حكاية حادثة قوم لوط: (وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)(626)، والمقصود هنا: مشركوا مكة أو ظالموا هذه الأمة"627.(1/155)
وبنفس المغالطة والمكابرة يرى بعضهم أن الالتجاء بأصحاب القبور لا يعد شركاً، فيقول: "الأحجار والأخشاب المعمولة للبناء عَلى قبور الأنبياء والأولياء والالتجاء إليهم لا يقاس بأفعال عبدة الأوثان، فإنهم يدعون أصنامهم، ويذبحون لها، والمستشفعون بالأنبياء لا يدعونهم، ولا يذبحون لهم، ولا يقولون: ما نعبدهم إ لاّ ليقربونا إ إلى الله زلفى"628، ولا أدري كيف جمع بين كونهم يلتجئون إليهم وكونهم لا يدعونهم، وكيف جمع بين كونهم لم يقولوا: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، وبين كونهم اتخذوهم شفعاء؛ فإن الالتجاء إليهم هو دعاؤهم، والاستشفاع بهم هو نفسه قول الكفار: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى.
فهذه الأفعال هي الشرك بعينه، يقول الشيخ خليل هراس في أصحاب هذه الأفعال: "وهذا إذا لم يكن شركاً فلا تدري ما هو الشرك، وإذا لم يكن كفراً فليس في الدنيا كفر"(629)، هذه العبارة جاءت من عالم جليل يدرك خطورة الشرك على هذه الأمة، ويدرك حقيقة ما كان عليه الكفار في الجاهلية ووجه التشابه بينه وبين أفعال بعض الناس اليوم، وفيما يلي أسوق بعض المظاهر الشركية التي تشبه فيها أهل هذا الزمن بمشركي العرب وغيرهم:-
دعاء غير الله:(1/156)
…الدعاء من أعظم العبادات التي يتقرب المسلم بها إلى الله عز وجل، وورد فضله والأمر به في آيات كثيرة، منها قوله تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً)(630)، (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَه)(631)، (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (632)، وقوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعا) (633)، الآيات السابقة دلت على أن الله عز وجل أمر بدعائه وطلب المعونة منه سبحانه، ومدح الذين يدعونه.(1/157)
…كما أن الله عز وجل أمر بدعائه وحده لا شريك له في آيات عديدة، ونهى عن دعاء غيره من المخلوقين في آيات عديدة: (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ)(634)، (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ) (635)(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)(636)، (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَر)(637)، (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ)(638)، (وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ)(639)، (وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(640)، (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً)(641)، هذه الآيات تدل على أهمية أن يكون الدعاء خالصاً لله وحده؛ حيث لم يكتف بالنهي عن الشرك عموماً بل خص الشرك في الدعاء بالنهي، مع دخوله في النهي العام، يقول الشيخ محمد خليل هراس: "فهذا النوع642 فيه من الرجاء والخشية، والرغبة والرهبة، والذل والعجز، والضراعة والاستكانة ما يجعله عبادة من أعظم العبادات ولهذا ورد الحث عليه في كثير من الآيات والأحاديث، وقد ورد في هذا الباب من الأدعية المأثورة في كل مقام ما يناسبه، وفيها غنية لمن يريد الدعاء عن هذه الأدعية الشركية المبتدعة التي تمتلئ بها كتب الصوفية، والتي يسمونها أوراداً ويريدون بها أن يصرفوا الناس عن أدعية الكتاب والسنة"(643).(1/158)
…ولذلك سمى الله الدعاء عبادة فقال: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)(644)، وقال حكاية عن إبراهيم الخليل عليه السلام: (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى ألاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً، فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاً جَعَلْنَا نَبِيّاً)(645)، فسمى دعاءهم أصنامهم: عبادة، يقول الباحث عبد الرحمن دمشقية: "ولما كان دعاء غير الله عند إبراهيم شركاً قال لهم: (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي)(646) فحكم عليهم في الآية التي تليها أن دعاءهم لها عبادة من دون الله: (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ)(647)، وأكد ذلك في آية واحدة فقال: (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)(648) وقد دلت الآية على أن دعاء غير الله عبادة تتعارض مع الإسلام لرب العالمين. ولو كان يعلم عنهم أنهم كانوا يعتقدون فيها النفع والضر لما حاجهم بذلك ولأجابوا عن سؤاله (قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ)(649) بقولهم: نعم، إنها تنفع وتضر. فلما عجزوا عن الإجابة قالوا: (قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ)(650) قال: (قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ)(651) فقال لهم أولاً (تَدْعُونً) ثم قال: (تَعْبُدُونَ) وفي آية أخرى (قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ)(652)"(653).(1/159)
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء هو العبادة))654، قال ابن حجر: "الدعاء من أعظم العبادة فهو كالحديث الآخر الحج عرفة أي: معظم الحج"655، وقال شارح سنن أبي داود: "أي هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة لدلالته على الإقبال على الله والإعراض عما سواه"656، قال الزبيدي: "لما حكم بأن الدعاء هو العبادة الحقيقية التي تستحق أن تسمى عبادة من حيث أنه يدل على أن فاعله مقبل بوجهه إلى الله تعالى، معرض عما سواه، لا يرجو ولا يخاف إلا منه: استدل عليه بالآية فإنها تدل على أنه أمر مأمور به إذا أتى به المكلف قبل منه لا محالة وترتب عليه المقصود ترتب الجزاء على الشرط وما كان كذلك كان أتم العبادة وأكملها ويمكن حمل العبادة على المعنى اللغوي أي الدعاء ليس إلا إظهار غاية التذلل والافتقار"(657).
كما قال عليه الصلاة والسلام: ((ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء))(658)، فالدعاء أكرم العبادات إلى الله، فهو الذي يستجيب للداع إذا دعاه، قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)(659)، فالله سبحانه وتعالى أمر بدعائه ووعد بالإجابة، وتوعد من دعا غيره، ومع ذلك نجد في هذا العصر من يدعو غيره.(1/160)
ومن الآيات الفاصلة في هذا المجال: قوله تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً)(660)" ما أوضح هذه الآية لطالب الحق، وهل بعدها مبرر للنزاع والجدل؟؛ فقوله: (أحداً) نكرة في سياق النهي تعم كل مدعو من دون الله. والمسجد ليس مكاناً للسجود فقط وإنما للدعاء أيضاً، فالصلاة التي تتضمن السجود تتضمن أكثر منه: وهو الدعاء فهل يجيز أحد دعاء غير الله في الصلاة؟ فما الذي يجعل دعاء غير الله داخلَ الصلاة محرماً وخارجها جائز؟"(661)، وهكذا فإن النهي العام هنا يدل على عدم جواز صرف الدعاء لغير الله, فمع أن الدعاء هو نوع عبادة، والعبادات منهي عن صرفها لغير الله عموماً، كما في قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)(662)، ولكن خص الله الدعاء بمزيد نهي عن صرفه لغير الله؛ لشرفه ولأنه أصل العبادات ومخها.
بعض مظاهر دعاء غير الله في العصر الحديث:
…تنوعت الصور التي يتوجه بها القبوريون في هذا العصر إلى أصحاب القبور بالدعاء فمنهم من يدعو صاحب القبر ويتوجه إليه بطلب الشفاء والإعانة في الشدائد(663)، ومنهم يتخذ أصحاب القبور شفعاء عند الله، وكل ذلك داخل في الشرك الأكبر المخرج من ملة الإسلام.
…ومنهم من جمع بين الدعاء والعبادة للمقبور، يقول الكاتب عثمان محمد سليمان: "وكذلك دعاء المقبور والاستعانة به والإلحاح عليه في الدعاء، فقد رأيت بعض الزائرين يجلس عند القبر ممسكاً بسياجه، ويلح في طلب حاجته، وأحياناً يصرخ، وبعضهم الآخر يدعو المقبور أثناء الطواف حول القبر، ومما يندى له الجبين أن امرأة شوهدت عند قبة(664) تحمل طفلاً، ترفعه بيديها وتهزه وهي تخاطب الشيخ المقبور راجية منها البركة في صغيرها، ثم تقول: (يا شيخ.. سمعت) لتتيقن سماعه وقضاء حاجتها!"(665).
…(1/161)
بل من هؤلاء القبوريين من يوجب دعاء غير الله وطلب الحوائج من المخلوقين يقول عبد الله الميرغني: "ولهذا يتبين لك (وجوب) التعلق بالوسائل والأسباب، وتأكد لزوم التزام الوسائط والأبواب، فتعلق بالوسائل والأسباب، والجأ واستغث، وتوجه لخواص الله والأحباب، واطرق لدى الخطوب ما شئت من الأبواب، تنل بذلك من فيض الوهاب ما لا يدخل في حساب"666
…حتى إن منهم من يستغيث بمن ثبت فجوره وإلحاده في صفات الله، يقول الشيخ: إسماعيل بن سعد بن عتيق: "محيي الدين بن عربي صاحب (فصوص الحكم) والمعتقد بوحدة الوجود والحلول والاتحاد(667) وزعيم الفلاسفة القائلين بهذه البدعة المكفرة، أقول إن مزاره وثن يعبد ويقدس في عاصمة دولة كانت عاصمة الخلافة الأموية، ولا يزال في أهلها الخير _ إن شاء الله _، غير أن الفتنة بهذا الوثن تزداد يوماً بعد يوم، وقفت على باب القبة لأرى وأعتبر، وكنت أحمل حذاءً في يدي، فأنكروا علي بالإجماع: كيف تقرب من المقام وفي يدك حذاؤك؟! احتراماً وتقديساً للولي!"668.
…ويقول أحد الزائرين لمدينة دمشق: لقد ذهبت إلى قبر ابن عربي في دمشق فوجدت فئاماً من الناس يغدون إليه ويروحون... وجدتهم يطوفون حوله ويتوسلون به ويعلنون دعاءهم له من دون الله.. وجدت المرأة تضع خدها على شباك الضريح وتمرغه وتنادي: أغثني يا محيي الدين... وجدت الصبايا البريئات يجئن إليه، ويمددن أمامه الأكف، ويمسحن الوجوه، ويخشعن، ويتضرعن وعلقت حوله من التعاويذ والقصائد الشيء الكثير، حفظت من بينها:
أن يكون المدح فيكم سيدي …لنجاة العبد أقوى السبب …
فأجرني من زمان جائر…لا يراعي حق أهل الأدب …
كم مصاب هاضه قيل له …أن تخف ناب ضواري النوب …
زر مقاماً بدمشق حرماً …ثم قل جئتك يا ابن العربي
تحظ بالأمن وغايات المنى وتعد منه بأقصى الأرب
ومن قصيدة أخرى:
هو منهل للسائلين ومقصد …للمذنبين وراحم المسكين
ما خاب راج قد دعاه مؤملاً…ألا المراد أتاه بالتسكين(1/162)
يمم حمى أعتابه وألثم ثرى …ترب شذي نفحاته النسرين
قد جئت قطب العارفين بذلة ……أرجوك يا عربي وفاء الدين"(669)
…وتروى في هذا الباب الأساطير والخرافات فيروى أن بعضهم سافر فضل الطريق، وكان ذلك في ليلة مظلمة حصل له كرب عظيم وضيق فنادى بأعلى صوته: يا سيدي أحمد أنقذني من هذه الحيرة، فما تم مقالته إلا وضوء أضاء له أبصر به الطريق، وفرج الله عنه ما به ببركة هذا الأستاذ من الهم والضيق670.
…وتفنن بعضهم في الطلب ممن هو دون الله، فذهب ينسج أبياتاً _ هي أوهى من نسج العنكبوت _ يستغيث فيها بالمقبور الذي لا يسمع ولا يستجيب، يقول محمد القاياتي بعد أن زار الضريح المنسوب إلى إبراهيم بن أدهم في بلدة جبلة بقرب اللاذقية: "ولقد أنشأ الفقير قصيدة استغاثية وشكوى حال واقعية وجعلتها في صورة عرض حال بسبب ما وقع لنا من الغربة والارتحال، وقدمته لجنابه، وألقيتها في رحابه، متوسلاً إلى الله بكل أحبابه، ومفاتيح أبوابه:
جئت والوقت بالمكارم أظلم…… أبتغي العيون من جناب ابن أدهم
مأمل الآملين في كل خير ……ملجأ الخائفين إن أفرط الهم ……
حرم الأمن كعبة اليمن لكن…بيته للوفود غير محرم
قطب غوث يغيث من حل فيه …ويحل المقود ما لم يحتم
وفؤادي على الضريح ينادي …ما لهذا الجريح غيرك مرهم
يا إمام العلو أتجد مريداً …هو بالحب في جنابك مغرم
فتحنن يا ابن الكرام علينا …علنا من حوادث الدهر نسلم
فتعطف يا قطب وارحم وادفع …عن نزيل وقل مرادك تم"(671)…
…يقول الإمام الشوكاني _ رحمه الله _: "وقد ذكر أهل العلم أنه يجب على كل مكلف أن يعلم أن لا غياث ولا مغيث على الإطلاق إلا الله سبحانه، وأن كل غوث من عنده، وإذا حصل شيء من ذلك على يد غيره فالحقيقة له سبحانه ولغيره مجاز. ومن أسمائه المغيث والغياث"(672).(1/163)
…ولقد انتشر دعاء غير الله بين المسلمين اليوم بشكل يندى له الجبين، وحتى في العالم العربي الذي يزخر بالعلم وبالقرب من الجامعات والمعاهد الإسلامية، وما سبب ذلك إلا قلة من يعمل على نشر العلم الصحيح الذي ينقذ الناس من خرافات الجهل وأوهام الضلالة، فهذا ضريح من يسمى بالسيد أحمد البدوي، في الجامع الأحمدي بطنطا بمصر "تجد حوله مظاهر متعددة للتوسل بالبدوي ومناجاته، ومطالبته بتفريج الكرب وقضاء الحوائج، وتبدو على وجوه الزائرين الثقة في أن البدوي سيجيب مطالبهم، وترى رفع الأكف بالدعاء في خشوع وذله والبكاء أحياناً"(673).
ويروي بعضهم أسطورة عن أحمد البدوي تقول هذه الأسطورة: "إن امرأة مات لها ولد صغير فجاءت إلى (سيدي أحمد البدوي) وهي باكية، وقالت: يا سيدي ما أعرف ولدي إلا منك، وهي تقول: توسلت إليك بالله ورسوله، أو قالت: سقت إليك الله ورسوله, فمد (سيدي أحمد البدوي) يده إليه ودعا له فأحياه الله تعالى فقال بعضهم مادحاً البدوي:
…أنت أحييت ميتاً وبعد أن قد …فتك الدود لحمه والبلاء(674)
…
ومن الغريب أنه قد يتوجه بعضهم إلى القبر من مكان بعيد ويدعو الميت ويجعل القبلة وراءه، بل هناك "من يسجد وهو مستقبل القبة(675)، نسأل الله السلامة"676، وهذا يفعله بجانب القبر ولا يستبعد أن يفعله من مكان آخر؛ فإن الضلال يقود إلى الضلال، ولا شك أن هذا الفعل غير مستبعد على مثل هذا؛ فإن التوجه القلبي إلى صاحب القبر سبق التوجه البدني عنده، ثم تلاه التوجه بالبدن، والجوارح جنود القلب، وهذا من الشرك الأكبر _ والعياذ بالله _ قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "ومن الناس من يتحرى وقت دعائه استقبال الجهة التي يكون فيها الرجل الصالح سواء كانت في المشرق أو غيره وهذا ضلال بين وشرك واضح"677.(1/164)
ولقد اتضح لي من خلال البحث أن من هؤلاء الذين يستغيثون بأصحاب القبور من خلط بين معنى التوسل بدعاء الصالحين، وبين الاستشفاع بأصحاب القبور وندائهم للتوسط عند الله، يقول الشيخ محمد حسنين مخلوف: "وهذا النوع من التوسل موضع الكلام ومحفل الإفهام وهو التوسل بالنبي أو الولي حياً أو ميتاً بإسناد الفعل إليه نحو يا نبي الله أو يا سيدي فلان اشف مريضي أو ارزقني أو أدخلني الجنة أو نجني من النار أو نحو ذلك مما شأنه أن يسند إلى الله تعالى ولا تتعلق به قدرة العبد باعتبار ذاته ضراً ولا نفعا وإنما أسند الفعل إليه ليتوجه إلى الله تعالى، وسأله أن يفعل ذلك بحيث لا يكون للنبي أو الولي إلا مجرد السعي في حصوله بالتوجه والطلب من الله تعالى أو ليرشده في يقظته أو منامه إلى ما فيه قضاء حاجته أو يدبر له علاجاً روحانياً أو طبياً أو نحو ذلك من طرق السعي التي يترتب عليها عادة فعل الله حتى يكون فعل النبي أو الولي وسيلة إلى فعله تعالى فهذا السعي وإن كان جائزاً وواقعاً لكثير من الأنبياء والأولياء فكم شفي مريض بتوجهاتهم وكم قضيت حاجات بإراداتهم وإرشاداتهم ومن أنكر ذلك فقد أنكر محسوساً، إلا أنه لا يجوز دعاء النبي أو الولي به ولا طلبه منه بمثل هذه الصيغة التي من شأنها أن تسند إلى الله تعالى لأنه في ذلك إيهام أن للنبي أو للولي شيئاً من صفات الألوهية وأنه معبود من دون الله حيث وجه ما شأنه أن يسند إلى الله تعالى إلى غيره من العباد"(678)، وهذا كلام خطير يتضمن تجويز دعاء غير الله؛ فهنا يلحظ أن هذا النوع من سؤال الأنبياء والأولياء إذا كانوا غائبين أو أمواتاً بطلب السعي منهم في مصلحة الداعي بالتوسط له عند الله لدخوله الجنة أو شفاء مريضه أو إسباغ الرزق عليه، فإن صورة هذا النوع من السؤال لا تختلف عن سؤال كفار قريش للصالحين الذين اتخذوهم وسائط عند الله وهم يعلمون أنهم لا يطيقون فعل ما ينفعهم أو يصلح حالهم، ولذلك قال تعالى(1/165)
واصفاً حالهم: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)(679).
…ويقول: "فالرسول صلى الله عليه وسلم بالنسبة لأمته شافع أي داع وسائل ربه أن يرحمهم ويغفر لهم أو يقضي حاجتهم ووسيلة بينهم وبين ربهم في كشف ما ينزل بهم من هول يوم القيامة داخلة في عموم قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ)(680)، وقوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ)(681)، مما يقرر ثبوت الشفاعة للأنبياء وغيرهم ولا ينافي طلبها منهم كما زعمه بعض المبتدعة ذاهباً إلى منع سؤال الشفاعة من النبي ( كأن يقول اشفع لي يا رسول الله أو أسألك الشفاعة قال وإنما يطلب ذلك من الله تعالى بأن يقول اللهم شفع فينا نبيك ولا تطلب من غيره محتجاً بهذه الآية وهو زعم باطل واحتجاج فاسد فإن القائل اشفع لي يا رسول الله لا يريد به أن يكون فاعلاً للغفران ودخول الجنة والنجاة من النار مثلاً فمعنى اشفع لي يا رسول الله : اطلب منك الشفاعة أي: سؤال الله تعالى أن يغفر لي ويدخلني الجنة"(682)، ولكن كون النبي ( يشفع لأمته يوم القيامة وأنهم يسألونه ذلك ويتوسلون إلى الله بدعائه تحت العرش وهو حي بينهم، يختلف تماماً عن سؤاله في حال كونه ميتاً (، فإن الله عز وجل قال عن الأموات : (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)(683)، كما أن هذا النوع من السؤال لم يؤثر عن أحد من الصحابة؛ فلم يصل إلينا أن أحداً من الصحابة ذهب إلى قبر النبي ( وطلب منه الشفاعة، ولو كان هذا هو تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسيلَةَ)(684)، لكان الصحابة أول الناس(1/166)
وأولاهم فهماً له وتطبيقاً لهذا النوع من الوسائل ولتواترت عنهم الأخبار في ابتغائها ولكنهم لم يكونوا يطلبون المغفرة وقضاء الحوائج إلا من الله وحده.
ولهذا فقد نسي فرقاً مهماً بين الصورتين، وهو أن في صورة التشفع _ التي مثل بها _ والتي أطلق عليها اسم (الشفاعة) طلبٌ من الميت، وهو نفس الطلب من الأموات الذي كان يفعله كفار قريش بنص القرآن الكريم، قال تعالى: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)(685)، وقال: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(686)، فسماه الله شركاً رغم تسمية الكفار له شفاعة، وأما قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً)(687)، ففيه توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وهو طلب من حي حاضر لا ينكره أحد على سبيل المبدأ، وليس فيه تلمس الحاجة ممن لا يقدر عليها، وليس فيه إضفاء للمطلوب منه صفةً من صفات الرب المنزه عن الشبيه والمثيل، بل وليس فيه تشبه بأهل الجاهلية، وهذا الأخير لا يختلف فيه مسلمان، وهو أن التشبه بالكفار مذموم في الشرع، وخاصة الكفار الذين ذمهم الله في القرآن، فكيف بالتشبه بهم في الأفعال التي ورد ذمهم وتكفيرهم في القرآن من أجلها.
اتخاذ القبور مساجد:
…(1/167)
جاءت السنة النبوية بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد وذلك بمنع الصلاة في مواضع التي فيها مقابر، ونقل شيخ الإسلام الإجماع على النهي عن اتخاذ القبور مساجد(688)، فقد جاء عن أبي سعيد الخدري _ رضي الله عنه _ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام))(689)، وجاء وصف اليهود بأنهم شرار الخلق عند الله بسبب اتخاذهم القبور مساجد فجاء عن عائشة وعبد الله بن عباس _ رضي الله عنهم _: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا))(690)، وجاء وصف النصارى بأنهم شرار الخلق عند الله ففي الصحيحين عن عائشة _ رضي الله عنها _: أن أم سلمة _ رضي الله عنها _ ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة يقال لها مارية، فذكرت له ما رأت فيها من الصور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله))(691)، وعن جندب قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك))(692).(1/168)
…كل هذه الأحاديث جاء فيها النهي عن اتخاذ القبور مساجد؛ حتى لا يكون ذلك ذريعة إلى عبادة المقبورين، وهو الظاهر من أقوال العلماء، قال ابن القيم _ رحمه الله _: "قال شيخنا(693): وهذه العلة التي لأجلها نهى الشارع عن اتخاذ المساجد على القبور هي التي أوقعت كثيراً من الأمم إما في الشرك الأكبر أو فيما دونه من الشرك فإن الشرك بقبر الرجل الذي يعتقد صلاحه أقرب إلى النفوس من الشرك بخشبة أو حجر، فلأجل هذه المفسدة حسم النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم مادتها حتى نهى عن الصلاة في المقبرة مطلقاً وإن لم يقصد المصلي بركة البقعة بصلاته، وأما إذا قصد الرجل الصلاة عند القبور متبركاً بالصلاة في تلك البقعة فهذا عين المحادة لله ولرسوله والمخالفة لدينه وابتداع دين لم يأذن به الله تعالى؛ فإن المسلمين قد أجمعوا على ما علموه بالاضطرار من دين رسول الله أن الصلاة عند القبور منهي عنها وأنه لعن من اتخذها مساجد. فمن(694) أعظم المحدثات وأسباب الشرك الصلاة عندها واتخاذها مساجد وبناء المساجد عليها وقد تواترت النصوص عن النبي عليه الصلاة والسلام بالنهي عن ذلك والتغليظ فيه فقد صرح عامة الطوائف بالنهي عن بناء المساجد عليها متابعة منهم للسنة الصحيحة الصريحة وصرح أصحاب أحمد وغيرهم من أصحاب مالك والشافعي بتحريم ذلك وطائفة أطلقت الكراهة والذي ينبغي أن تحمل على كراهة التحريم إحساناً للظن بالعلماء وأن لا يظن بهم أن يجوزوا فعل ما تواتر عن رسول الله لعن فاعله والنهي عنه"(695)، وقال الشوكاني _ رحمه الله _: "والأحاديث في هذا الباب كثيرة وفيها التصريح بلعن من اتخذ القبور مساجد مع أنه لا يعبد إلا الله، وذلك لقطع ذريعة التشريك، ودفع وسيلة التعظيم، وورد ما يدل على أن عبادة الله عند القبور بمنزلة اتخاذها أوثاناً تعبد" (696).(1/169)
ومما يزيد من التغليظ في التحريم هو إخباره صلى الله عليه وسلم عن اليهود والنصارى بأنهم فعلوا ذلك، وتعقيبه على ذلك بالنهي، فمن اتخذ القبور مساجد فقد تشبه باليهود والنصارى الذين لعنهم النبي صلى الله عليه وسلم، بل تشبه بهم في نفس الفعل الذي لعنوا من أجله، ألا وهو بناء المساجد على القبور، وكان ذلك ذريعة له إلى مشاركتهم في شركهم الذي وقعوا فيه، بسبب اتخاذهم القبور مساجد.
بعض مظاهر اتخاذ القبور مساجد في العصر الحديث:
…
إننا لو ألقينا نظرة على أحوال العالم الإسلامي اليوم لوجدنا الحال يرثى لها، فإن من المسلمين أداروا ظهورهم لهذه الأحاديث السالفة الذكر، إما جاهلين أو متجاهلين أو متبعين لفتوى ضالة مخالفة لما نهى الله عنه ورسوله، فمنذ نشأة الدولة العبيدية في مصر _ والمتسمية بالفاطمية _ وهذه المساجد ممتلئة بهذه القبور، إما أن يكون المسجد بني على قبر، وإما أن يكون القبر قد جعل في المسجد بعد بنائه، ولقد كان لتساهل الحكام العثمانيين في هذا الباب بل وولعهم أحياناً بالأضرحة والقباب أثر كبير في انتشار ذلك.
…ففي إسطنبول عاصمة السلطنة العثمانية كان يوجد (481) جامعاً يكاد لا يخلو جامع فيها من ضريح، أشهرها الجامع الذي بني على القبر المنسوب إلى أبي أيوب الأنصاري في الآساتانة (القسطنطينية)"697، ولم تكن الدولة العثمانية تعتني بهذا الجانب من صيانة التوحيد، فكان إهمالها لهذا الجانب من أعظم الأسباب التي كانت وراء انتشار هذه القبور في المساجد؛ فقد كان اتجاه الدولة آنذاك اتجاهاً صوفياً.(1/170)
…"ولقد تعلق أصحاب الطرق الصوفية بالقبور حتى إنك لا تكاد تجد طريقة صوفية إلا ولها ضريح، ومرجعهم في ذلك هو الرؤيا التي يستندون بها على بناء القبور، فبمجرد أن يرى أحد أوليائهم أن أحد الصالحين جاءه في المنام وأمره ببناء ضريح له في المكان الفلاني فإنه يستجيب لذلك ومن ثم يتخذ ذلك المكان مسجداً يعكف فيه، وهذه الطريقة هي طريقة النصارى الذين ما إن يرى أحد رهبانهم أو كهانهم رؤيا يعبرها بأن ثمة قبر الشهيد المعين فإنه يسارع لتلبية النداء ويقوم ببناء الضريح(698)، وهي طريقة اليهود أيضاً؛ فإنهم يعتمدون على ذلك في بناء قبورهم المقدسة(699)"700.
…ولقد حرص السلاطين العثمانيون على خدمة هذه الأضرحة والعمل على كسوتها "ففي سنة 1305هـ أمر السلطان عبد الحميد أيضاً بتبييض القبب وتعمير المسجد، وأمر أيضاً بكسوتين للضريحين701 (الزبير وعتبة بن غزوان) من الحرير الأحمر المفتخر المطرز بالفضة وأمر أيضاً بوضع مباخر وقماقم من الفضة عند الضريحين"702.
…"وفي بغداد كان يوجد أكثر من مئة وخمسين جامعاً في أوائل القرن الرابع عشر الهجري، وقل أن يخلو جامع منها من ضريح، وفي الموصل يوجد أكثر من ستة وسبعين ضريحاً مشهوراً كلها داخل جوامع، وهذا كله بخلاف الأضرحة الموجودة في المساجد والأضرحة المفردة703"704.(1/171)
ومن أشهر القباب الموجودة في العالم الإسلامي مما يتخذ مزارات أو أماكن للعبادة: قبة الشيخ: محمد عثمان عبده البرهاني (شيخ الطريقة البرهانية) في السودان، بالخرطوم - السوق الشعبي، وقبة الشيخ: قريب الله، بأم درمان، ودنوباوي، وقبة الشيخ: حمد النيل، بأم درمان، وقبة الشيخ: محمد بن عبد الله كريم الدين (شيخ الطريقة المحمدية الأحمدية الإدريسية). وفي إريتريا: ضريح الشيخ بن علي بقرية (أم بيرم) القريبة من مدينة مصوع الميناء الرئيسي لإريتريا، وضريح سيدي هاشم الميرغني وبنته الست علوية بمدينة مصوع. ولا يختلف الحال كثيراً في بلاد الهند ففي بنجلادش مثلاً تنتشر الأضرحة والمزارات خاصة في مدينة دكا (العاصمة)(705).
صرف العبادة لأهل القبور:(1/172)
لقد مر معنا آنفاً أن العبادة في اللغة هي التذلل والخضوع، ولذلك حرص الإسلام على عدم صرف أي نوع من التعظيم للمخلوق؛ حتى يصفو جانب العبودية لله رب العالمين، ولذلك لما مرض النبي ( وصلى بالناس قاعداً وصلى الصحابة خلفه قياماً: خشي أن يجلب لهم ذلك نوع تعظيم له كما يعظم الكفار ملوكهم ورؤساءهم، فقال: ((إن كدتم آنفاً لتفعلون فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم إن صلى قائماً فصلوا قياماً وإن صلى قاعداً فصلوا قعوداً))(706)، إلى هذا الحد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أن يبقى جانب العقيدة صافياً لا تشوبه أي مكدرات، رغم أن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا ليعظموا أحداً كتعظيم الله، بل كانوا في أشد أحوالهم تعظيماً لربهم، وهو حال الصلاة التي هي شعار الذل والعبودية والتعظيم لله جل وعلا، فلم يرض لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يعظموا غير الله خوفاً منه عليهم من أن يتشبهوا بالكفار، وحتى لا يكون في قلوبهم ذلة أو خضوع لغير الله، ولو كان هذا الذي يقام على رأسه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف بمن يسجد لغير الله تعظيماً له، ورجاء ما عنده من الخير، وما هو عسى أن يكون رأيه صلى الله عليه وسلم إذا رأى من يسجد لصاحب قبر من القبور، أو يقدم له نوعاً من الذبائح من أجل أن يشفي له مريضاً أو يرد له ضالة، أو يقضي له حاجة، إن هذا هو أخشى ما كان يخشاه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته حين نهاهم عن القيام على أئمتهم، ولذلك كان من كلامه صلى الله عليه وسلم: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد))707.
بعض مظاهر عبادة أهل القبور:
إن أعظم عبادة يؤديها المسلم لربه هي الصلاة، وهذا مما لا يختلف عليه مسلم، وأشرف وضع في الصلاة وأقرب ما يكون العبد من ربه: عندما يكون في وضع السجود، ولكننا نجد أن هذه العبادة العظيمة التي لا يجوز أن تصرف إلا لله: قد صرفها بعض الناس إلى غير الله.(1/173)
…إن السجود في هذه الشريعة محرم لغير الله ولو كان لغير التعظيم، فإنه ولو كان جائزاً في شريعة يوسف فإنه قد نسخ في شريعتنا، ولذلك لما سجد معاذ للنبي صلى الله عليه وسلم، قال له النبي (: ((ما هذا يا معاذ!؟)) قال: أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فلا تفعلوا))(708).
…ولقد غلا العوام في هذا الباب حتى إنه بدأ يعترض عليهم من كان يتولى كبرهم في تجويز بعض الأفعال لأصحاب القبور فيقول: أحمد بن محمد بن الصديق الغماري: "نرى بعض العوام بالمغرب يسجدون للشيخ عبد القادر الجيلاني ويقبلون الأرض بين يديه في حال سجودهم"، ثم ذكر بعض الأعمال والاعتقادات حيال القبور، وعقب بقوله: "فهذا كفر"(709).
وإن من أعظم القربات التي يحبها الله جل وعلا: الذبح له، ولذلك قرن بين الذبح والصلاة التي هي عمود الدين في موضعين من كتابه تعالى فقال: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)(710)، وقال: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي711 وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)(712)، ومع ذلك فإن من أهل هذا الزمن من يصرف هذا النسك الجليل لغير الله.
فنرى بعض منحرفي العقيدة من المسلمين يتجه نحو قبور الموتى بأفضل أنواع القرابين والتي لها من المواصفات ما لا يفكر في شرائه _ ربما _ لو أراد أن يحج إلى بيت الله العتيق، رغبة في أن يرزقهم الولي الذرية الصالحة، أو لكي يعيش الولد الذي جاء بعد حين، أو لغير ذلك من الأسباب(713).(1/174)
ومن العبادات التي يحبها الله تعالى وقد مدح أصحابها: النذر(714) فقال تعالى: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً)(715)، وهذه الآية جاءت في مدح الذين يوفون بالنذر بعد وقوعه منهم، ولكن هذه العبادة صارت في هذا الزمن تصرف عند بعضهم لأصحاب القبور، كالبدوي وغيره، يقول الباحث عبد الله صابر: "والشائع عند الذين ينذرون للبدوي أنهم لا بد أن يوفوا بنذورهم مهما كانت طبيعتهم في المطل وأكل الحقوق ؛ لاعتقادهم الخاطئ في بطش السيد وانتقامه، كيف لا وهو يسلط الأمراض على من لم يف بنذره ويميت عياله ويحرق غيطه ويكب زيته، إلى آخر هذه المعتقدات التي يروج لها مجموعة المنتفعين تحت سمع وبصر الحكام بل وبتشجيعهم وحمايتهم"(716).(1/175)
وتحصل بسبب هذه الاعتقادات أمور مخزية، وفي القصة التالية نموذج من تلك الأحداث الناجمة عن فساد الاعتقاد، والتي يرويها لنا أحد العائدين من خندق الخرافة بعد أن أنجاه الله منه، فيحدث عن أحد المعتقدين في السيد البدوي: "لقد عاد من طنطا مع زوجته إلى بلدهما، وحملا معهما بعض أجزاء من الخروف الذي كان قد ذبح على أعتاب ضريح السيد البدوي، فقد كانت تعاليم الجهالة تقضي بأن يعود ببعضه، التماساً لتوزيع البركة على بقية المحبين _ وأيضاً _ لكي يأكلوا من هذه الأجزاء التي لم تتوافر لها إجراءات الحفظ الصالحة ففسدت، وأصابت كل من أكل منها بنزلة معوية، وقد تصدى لها الكبار وصمدوا، أما الطفل فمرض، وانتظرت الأم بجهلها أن يتدخل السيد البدوي لكن ينقذ حالة الطفل التي ساءت وفي آخر الأمر ذهبت به إلى الطبيب الذي أذهله أن تترك الأم ابنها يتعذب طوال هذه الأيام؛ فقد استغرق مرضه أربعة أيام، وهز الطبيب رأسه، ولكنه لم ييأس وكتب العلاج، أدوية وحقن، ولكن الطفل اشتد عليه المرض، ولم يقو جسمه على المقاومة فمات!"717، إلى هذا الحد وصلت الثقة بالخرافات (الشركية) لدى تلك الأم، حتى استطاعت أن تضع عاطفة الأمومة تحت قدمها انتظاراً للشفاء من صاحب القبر، وكأنها تنتظر الوعد الإلهي: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)(718).
يقول الباحث مبارك بن محمد الميلي: "وقد أصبح الناس في جاهليتهم الحاضرة ينذرون لمن يعتقدون فيه من الأحياء والأموات والمزارات، الأموال والثياب والحيوانات والشموع والبخور والأطعمة وسائر المتمولات ويعتقدون أن نذرهم سبب يقربهم من رضى المنذور وأن لذلك المنذور دخلاً في حصول غرضهم. فإن حصل مطلوبهم ازدادوا تعلقاً بمن نذروا له واشتدت خشيتهم منه وبذلوا أقصى طاقتهم في الاحتفال بالوفاء له"(719).(1/176)
ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحلف بغير الله فقال: " من حلف بغير الله فقد أشرك"720، تجد كثيراً من المسلمين اليوم لا يتورع عن الحلف بالنبي ( وبمن دونه، كالحلف بالوالدين والحلف بكل ما هو معظم عندهم، بل قد يعظمون الحلف بغير الله أكثر من تعظيمهم للحلف بالله، يقول الباحث مبارك بن محمد الميلي: "وهكذا تراهم يعظمون الإيمان بأوليائهم ويخشون الحنث فيها أكثر من تعظيم اليمين بالله وخشية الحنث فيها. فيحلفون بالله كاذبين في استخفاف وعدم مبالاة ولا يقدمون على الحلف بمرابطيهم وشيوخ طرقهم كذباً، ولا يكذبون من حلف بهم، بل يمتقع لون الواحد منهم إذا حاول الحلف بهم أو سمع من أسرع إلى ذلك الحلف. وكم بلغنا أنهم يستحلفون بالله على الشيء فيسرعون إلى الحلف على خلاف الواقع، ثم يستحلفون بشيوخهم أو آبائهم على ذلك الشيء نفسه فتخرس ألسنتهم وتجف أرياقهم ويعترفون بكذبهم في اليمين بالله ولا يستحيون"(721).
يقول الباحث إدريس محمد إدريس واصفاً حال بعض المسلمين في القطر الإريتري: "ففي إريتريا: يقصد كثير من القبوريين الأضرحة حاملين معهم الأغنام والأبقار والسكر والقهوة والشاي وغيرها من أنواع الأطعمة إضافة إلى الأموال؛ ليقدموها قرباناً إلى صاحب الضريح، وقد يذبحون الأنعام تقرباً أيضاً للولي(722) أو الشيخ، ويطوفون بالقبر ويتمرغون بترابه، ويطلبون قضاء الحوائج وتفريج الكربات منه، كما يحصل من الفساد الأخلاقي حول الأضرحة ما يستحيي الإنسان من ذكر تفاصيله وخاصة الاختلاط وانتهاك الأعراض، وتكثر هذه الممارسات حول الأضرحة الشهيرة، كضريح الشيخ (بن علي)، وضريح سيدي هاشم الميرغني وبنته الست علوية، وضريح الشيخ عبد القادر الجيلاني، وضريح سيدي هاشم، وضريح أحمد النجاشي"(723).(1/177)
وهكذا يكاد القلب يتفطر على التوحيد الضائع، ورجوع بعض المسلمين إلى ما كان عليه المشركون الأوائل، من تنوع أشكال العبادة التي تصرف لغير الله، ويشاركنا في هذا التأسف أحد الغيورين على هذه الأمة فيقول: "وارجع البصر نحو أركان الإسلام الخمس، التي ليس في كونها عبادة لبس، هل تجد المسلمين يأتون بها على وجهها أم يخصون بها الخالق جل وعلا؟ إنك تجدهم يشهدون شهادة الإخلاص ثم لا يخلصون لله، بل يفزعون لأوليائهم، ويخشونهم خشية تأليه. وتراهم يصلون ولكن لا يخشعون، إلا بين يدي من به يتبركون، ويتساهلون في إخراج الزكوات ويتشددون في الوفاء بما ينذرون للمزارات والمقامات، بل يشحون بما هو منها واجب مشروع، ويسخون بالمقدار المبدوع، كالمكيال المقرر في الحبوب للشيخ عبد القادر الجيلاني. ويصومون رمضان معرضين عن الحجة الشرعية في ثبوته وانقضائه، متعمدين مخالفتها إلى أوامر رؤسائهم الروحيين من المرابطين والطرقيين ويصبرون على الجوع والعطش في زيارة هؤلاء الرؤساء ويألمون لذلك في الصيام لله ويحجون بقلة، ويزورون سادتهم بكثرة، ويطوفون ببعض المزارات، ويوقتون لها الأوقات، ويجعلون أعداداً منها تقوم مقام الحج إلى بيت الله الحرام فهل تفرق مع هذا بين جاهلية عصر الوحي، وجاهلية زمن الاستعباد والبغي"(724)، وهذا النوع من التشبه بالكفار هو من التشبه بهم فيما به كفروا ومن أجله ناصبهم أهل التوحيد العداء وتبرؤوا منهم، وحاربوهم باللسان والسنان، فأي تشبه بالكفار بعد هذا التشبه، الذي هو في أخص خصائصهم، وهو الفيصل والفرقان بينهم وبين المؤمنين، والله المستعان.
المبحث الثالث: أثر العلمانية في التحاكم إلى غير الله:-(1/178)
لقد كان من المقرر عند المسلمين ومن المسلمات البدهية لديهم ما للتحاكم إلى الشرع من منزلة عظيمة من الدين، فهو من أصول الدين التي لا تنفصل عن العقيدة الإسلامية بحال، ولم يحصل بين المسلمين اختلاف حول أهمية الحكم بالشرع الحنيف، وأنه لا بد وأن يحكم الحياة الدنيا بكامل فروعها، وأن الوحي هو المنهج المشرف لحياة المسلمين، ينظم حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لم يزل هذا التصور لا يغادر أذهان المسلمين وأنماط حياتهم حتى ما قبل عصرنا الحاضر، فإن كان في التاريخ الإسلامي انحراف عن تطبيق الوحي فلا يعدو عن كونه مجاراة لأهواء النفوس الضعيفة, والتي لا تملك أن تؤصل لذلك الانحراف وأن تجعل منه عملاً شرعياً ومقبولاً لدى المسلمين، حتى بذرت بين المسلمين بذور العلمانية القادمة من أعماق الغرب المظلم.
…إن التحاكم إلى شرع الله يمثل روح هذا الدين؛ فإن دين الله الذي رضيه للناس _ حيث قال جل جلاله: (وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً)(725)، _ لم ينزل ليظل معزولاً عن الحياة البشرية، إن دين الله نزل من عند الله ليكون شرعاً ومنهاج حياة، قال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)(726)، فالحياة التي من أجل الله لا بد أن تكون على شرع الله.(1/179)
…ولذلك جاءت الآيات مقررة لهذه المسألة، قال تعالى: ( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)(727)، فكما أن الخلق من خصائص الله وحده فكذلك الأمر له وحده، ومن ادعى أن للكون خالقاً غير الله فقد أشرك وكذلك من ادعى أن مع الله أحداً يحق له أن يأمر وينهى دون إذنه تعالى فقد أشرك كذلك، يقول د. صلاح الصاوي: "إن حقيقة الرضا بالله رباً تتمثل في الإقرار بالأمر بقسميه: الكوني والشرعي لله عز وجل وأن يقر له بالتفرد في كليهما فيرضى بشرعه كما يرضى يقدره ويسكن إلى تدبيره الشرعي كما يسكن إلى تدبير الكوني... ذلك أن الخلق والأمر من أخص خصائص الربوبية وأجمع صفاته, كما قال تعالى: (ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين) (728), ولهذا أجاب بهما موسى عليه السلام في مقام المحاجة مع فرعون عندما ابتدره سائلاً: (فمن ربكما يا موسى) (729), فكان جواب الكليم عليه السلام: (ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى)(730)"(731)
وقال تعالى: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ)(732)، وقال: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسن تَأْوِيلاً)(733).(1/180)
…ولقد ذم الله الذين تركوا حكم الله إلى حكم غيره فقال جل جلاله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً)(734)، فسمى ما ذهبوا إليه وتركوا حكم الله من أجله: طاغوتاً، واتهمهم في إيمانهم735. ونفى الله الإيمان عمن لم يسلِّم لحكم الله ورسوله، وأقسم على ذلك بنفسه، فقال: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(736). كما نفى الإيمان عن أهل الكتاب الذين تركوا العمل بحكم الله وأخذوا يتحاكمون إلى أهوائهم فقال: (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) (737).(1/181)
…ولما كان الحكم له سبحانه دون غيره كان الذي يأخذ أحكام الحلال والحرام من غير الله كمن اتخذه نداً لله؛ فإنه قد أشرك مع الله إلهاً آخر في الخصيصة الإلهية التي اختصها الله لنفسه ألا وهي التحليل والتحريم، ولذلك يقول تعالى عن اليهود والنصارى الذين أطاعوا علماءهم وقساوستهم في شؤون التحليل والتحريم، فصاروا يحلون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)(738)، وهنا وصف الله جل وعلا هؤلاء الرهبان والأحبار بأنهم صاروا بالنسبة لهؤلاء التابعين لهم: أرباباً من دون الله، وليس هذا الوصف لأنهم يعبدونهم فيسجدون لهم ويصلون، بل لأنهم أشركوهم مع الله في ما اختص به وحده من التشريع، ولذلك لما سمع عدي بن حاتم الطائي هذه الآية وقد كان في الجاهلية نصرانياً، قال: ((أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه))739.
ومظاهر التشريع البشري عند النصارى وقيامهم بتشريع ما لم يشرعه الله عز وجل قديمة قدم المجامع المسكونية740 والتي كان أولها المجمع الذي حرموا فيه الختان على غير اليهود، وأحلوا فيه أكل لحم الخنزير على خلاف شريعة موسى (، حين اجتمعوا في أورشليم سنة: 105م(741).
فمن أدار ظهره للوحي وأخذ الحلال والحرام من غير شرع الله، فقد أضاف إلى كونه اتخذ مع الله نداً في جانب التشريع: أنه تشبه باليهود والنصارى الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم مشرعين لهم من دون الله.(1/182)
…ووصف الله جل وعلا الذين يشرعون للناس ما هو بخلاف الدين الحق المنزل من عند الله بأنهم أضافوا إلى أنفسهم وصف الشراكة مع الله الذي لا شريك له في خلقه وأمره، قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(742)، فمن اتبع من شرع له ما لم يأذن به الله فقد اتخذه شريكاً مع الله، ولقد تقدم الكلام في قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)(743)744، وأن الحكم بغير ما أنزل الله منه ما هو كفر أكبر مخرج من الملة ومنه ما هو كفر أصغر745.
العلمانية نشأتها ودخولها إلى بلاد المسلمين:-
…تعرف العلمانية بأنها محاولة فصل الدين عن أحكام الحياة، يقول الشيخ محمد قطب: "هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالدنيا وحدها"(746).(1/183)
لقد عانت أوروبا من تسلط الدين المحرف على أشكال الحياة في العصور الوسطى747، وكان من الحتمي أن تطالب يوماً ما بالفصل بين هذا الدين المحرف الذي وقف عائقاً بينها وبين التقدم والعلم، وإن كان الدين لم يكن يحكم في الحقيقة كل ما يتعلق بشؤون الحياة، بل كان محصوراً في جانب معين(748)، "ولكن هكذا كانت الممارسة الدينية في ظل الجاهلية الكنسية المنحرفة, والتي من جرائها كان لرجال الدين كل ذلك النفوذ على عقول الناس وأرواحهم, فهم الوسطاء بين الناس وبين الدين ومفاهيمه, بل هم الوسطاء بين الناس وبين الله, والناس - علماء أو غير علماء - لا يبحثون في أي شأن من الشؤون ليكوّنوا فيه رأياً أو موقفاً. إنما يسألون رجال الدين ليدلوهم على الرأي أو الموقف الذي ينبغي عليهم اتخاذه، وكان رد الفعل أن الإنسان هو الذي ينبغي أن يستشار في الأمور كلها وليس الدين, وأن العقل البشري هو الذي ينبغي أن يكون صاحب القرار وليس الله.. ولو كان الأمر متعلقاً بالعقيدة أو الأمور الأخروية. وبمقدار ما كان العقل مكبوتاً ومحجوراً عليه, انطلق هذا العقل يريد أن يقتحم كل ميدان ولو كان خارجاً عن اختصاصه! يقتحمه بروح أنه هو صاحب الحق الذي كان ممنوعاً من حقه فهو يريد أن يؤكد هذا الحق. ويقتحمه بروح الشك, أو روح المحو لكل"(749)، ولو أن أوروبا اختارت الدين الصحيح الذي لا يشوبه أي تحريف لحصل الانسجام التام بين الدين والحياة. يقول الشيخ محمد قطب: "الذي تقصده أوروبا حين تطلق هذه الكلمة هو إبعاد ما فهمته هي من معنى الدين عن واقع الحياة, متمثلاً في "بعض" المفاهيم الدينية, وفي تدخل "رجال الدين" باسم الدين في السياسة والاقتصاد والاجتماع والفكر والعلم والأدب والفن.. وكل مجالات الحياة؛ ثم إقامة هذا كله بعيداً عن نفوذ الكنيسة من جهة, وبعيداً عن مفاهيم الدين كلها من جهة أخرى, بصرف النظر عن وجود الكنيسة أو عدم وجودها"(750)، وهكذا اختار الأوربيون تنحية(1/184)
الدين كاملاً بدلاً من الرجوع إلى الدين الصحيح.
وفي الحقيقة لم يكن هناك بديل في دينهم المحرف يمكن أن ترجع تلك الجموع الثائرة إليه، ولم يعد هناك وقت لديهم للبحث عن الدين الصحيح، ثم إن الأفكار قد تشبعت بكراهية الأديان بسبب ذلك التسلط، مما جعل الحل الوحيد هو نبذ الدين بالكلية، يقول الباحث محمد العرمابي: "ونتيجة لطغيان الكنيسة وتكميمها الأفواه ولذلك فقد سخط الناس عليها ونقموا نقماً لا هوادة فيه وانسحب هذا السخط على الدين وكل ما يمت به بصلة، بل كرهوا كل متدين، ومثل أمامهم ذلك الشيخ المخيف من الجلادين وفكروا بالخروج من وهدة العقل المتحجر. وبالتالي قرروا بل وفكروا في سبيل يخرجهم من هذا الدين الذي أيقنوا أنه والعلم نقيضان لا يجتمعان وخطان متوازيان لا يلتقيان، وعلى ذلك ولذلك عملوا بجد واجتهدوا في إبعاد الدين عن ساحة العقل المخترع وعن مجال البحث العلمي... وكان من أول نتاج وثمار أعمال الكنيسة أن انفجر ذلك البركان الذي كان يغلي داخل صدور العلماء خاصة والناس عامة، فقذف بحممه التي كانت هي الثورة الفرنسية(1789)م التي أقامت مبادئها وأنشأت أسسها على العلمانية بعيداً عن الدين ورهبانه"(751).
…ولكن مع ذلك فإن العلمانية بعد الثورة الفرنسية ما لبثت أن تشكلت إلى صورتين:-(1/185)
"الصورة الأولى: العلمانية الملحدة: وهي التي تنكر الدين كلية: وتنكر وجود الله الخالق البارئ المصور، ولا تعترف بشيء من ذلك، بل وتحارب وتعادي من يدعو إلى مجرد الإيمان بوجود الله"(752)، ولكن هذه الصورة لم تلق قبولاً واسعاً في النهاية، فإن الإنسان بطبيعته متدين، فظهر من يدعو إلى إبقاء الدين، ولكن لم ينسوا ما فعله بهم هذا الدين، وخشية على أنفسهم من تسلط رجال الدين مرة أخرى، قالوا بفصل الدين عن مظاهر الحياة، لتظهر بذلك صورة أخرى للعلمانية، سماها الباحث أحمد شاكر الشريف بالعلمانية غير الملحدة753، فيقول: "وهي علمانية لا تنكر وجود الله، وتؤمن به إيمانًا نظريًا: لكنها تنكر تدخل الدين في شؤون الدنيا، وتنادي بعزل الدين عن الدنيا، (وهذه الصورة أشد خطراً من الصورة السابقة) من حيث الإضلال والتلبيس على عوام المسلمين، فعدم إنكارها لوجود الله، وعدم ظهور محاربتها للتدين (754) يغطي على أكثر عوام المسلمين حقيقة هذه الدعوة الكفرية، فلا يتبينون ما فيها من الكفر لقلة علمهم ومعرفتهم الصحيحة بالدين، ولذلك تجد أكثر الأنظمة الحاكمة اليوم في بلاد المسلمين أنظمة علمانية، والكثرة الكاثرة والجمهور الأعظم من المسلمين لا يعرفون حقيقة ذلك"755، ولذلك فإن هذا النوع من العلمانية هو الذي انتشر وشاع بين الناس ووصل إلى المسلمين، وهو الذي عرفته في بداية الحديث عن العلمانية.(1/186)
…ولكن لما دخلت العلمانية (Secularism) إلى بلاد المسلمين، عربت تعريباً خاطئاً؛ فإن لفظ العلمانية ليس له علاقة بتعريفها فأصل هذا اللفظ باللاتينية هو الاسم: (secular)، وهو يعني ثلاثة معاني: 1- دنيوي، 2- غير ديني، 3- مدني(756)، يقول الشيخ محمد قطب: "وهي ترجمة مضللة لأنها توحي بأن لها صلة بالعلم, بينما هي في لغاتها الأصلية لا صلة لها بالعلم. بل المقصود بها في تلك اللغات هو إقامة الحياة بعيداً عن الدين, أو الفصل الكامل بين الدين والحياة"، فكان الأولى أن تكون الترجمة باسم: (اللادينية).
…ولقد كانت أول قصة دخول هذه الفكرة إلى البلاد الإسلامية في الدولة العثمانية، بأن تم إنشاء أول خلية تعمل على تغريب المسلمين، وهي جمعية الاتحاد والترقي بزعامة مدحت باشا، التي قامت بدورها بالتمهيد لعمل الدستور العلماني للبلاد، وإقحامه مكان الشرع الإسلامي(757)، وما زالت المؤامرات تحاك، والأحداث تتلاحق، حتى تم انتخاب مصطفى كمال رئيساً للجمعية الوطنية، فعمل على فصل السلطنة عن الخلافة عام: (1923م)، ثم ألغيت الخلافة الإسلامية في 3/3/1924م، كما ألغيت معها وزارتا الشريعة والأوقاف758، وكان يرى أن السلطة شيء والخلافة شيء آخر، وأن الخلافة قد أخذت السلطة من الشعب، وأن من حق الشعب أن يستردها، وفصل بين السلطنة والخلافة759. وهكذا قام الكماليون بترويج فكرة فصل الدين عن سياسة الحكم بغرض إبعاد الدولة عن الشريعة الإسلامية، وعملوا على إلغاء كل ما ينتمي إلى الإسلام من شؤون الحكم في تركيا، وأبطلوا المحاكم الشرعية، وألغوا الوزارة التي كان اسمها: مشيخة الإسلام وجعلوا مكانها دائرة صغيرة تابعة لنظارة الداخلية سموها: أمور الديانة، كما حذفوا من دستور760 تركيا المادة التي فيها أن الإسلام هو دين الجمهورية التركية761.
"وجاء قرار إعلان الجمهورية في 29 أكتوبر 1923م كالتالي:
1. شكل الدولة جمهوري و دينها الإسلام ولغتها التركية.(1/187)
2. رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة يتولى رئاسة المجلس الوطني ورئاسة الوزارة.
3. رئيس الجمهورية يختار رئيس الوزارة من أعضاء المجلس"(762).
"ومنذ هذه اللحظة بدأ "مصطفى كمال" مرحلة بناء تركيا على أسس جديدة, وقد أقيمت الاحتفالات بانتخابه في كل قرى ومدن تركيا, فيما عدا إستانبول التي قام ساستها وصحافيوها بالهجوم على مصطفى كمال لمحاولته القضاء على الخلافة وإبعاد تركيا عن العالم الإسلامي, وكانوا يرون ضرورة وجود الخليفة في الدولة كرمز لوحدة الأمة, إلا أن مصطفى كمال لم يعر اهتماماً لهذه الانتقادات بل بدأ بتشكيل أول حكومة في ظل النظام الجمهوري الجديد"(763).
"وفي هذا الوقت قامت الحكومة بدعوة السلطان عبد المجيد إلى احتفال بمناسبة فصل الدولة عن الدين وجعل الحكومة منفصلة عن الخلافة, على أن يكون السلطان عبد المجيد خليفة للمسلمين, وذلك في صلاة الجمعة. وقام عبد المجيد بالدعاء لمصطفى كمال وتهنئته برئاسة الحكومة, وقد فرحت أكثر البلاد الإسلامية بهذه المبايعة, وهنأت مصطفى كمال على إحيائه سنة الخلفاء الراشدين في إقامة الدولة والخلافة على أساس الشورى, وبايعت عبد المجيد للخلافة والإمامة الكبرى, وقامت بتلقيب عبد المجيد بلقب "أمير المؤمنين وخليفة رسول الله وحامي الحرمين الشريفين"وفي مقدمة هؤلاء المهنئين كان مسلمو الهند إلى جانب مسلمي مصر وأساتذة المدارس وعلماء الدين في الأزهر.
وعلى الرغم من هذا فقد كان الناس منقسمون بين من يقول بصحة هذه المبايعة في فصل الدين عن الدولة مثلما حدث في أوروبا من فصل بين الكنيسة والحكومة, وبين من يرفض هذه المبايعة, واعتبر أن هذه الخلافة ما هي إلا خلافة مشايخ الطرق وهي ليست من الإسلام(764).(1/188)
ولقد كانت الصوفية التي تنتهجها الدولة العثمانية من الممهدات لدخول العلمانية إلى الدولة، فإنها تشبه إلى حد ما الرهبانية التي كانت أوروبا عليها في بداية دخولهم في الدين النصراني؛ فإن السلبية التي أنتجتها الصوفية تجاه قضايا الأمة765، أورثت شعوراً بأن الدين له رجاله كما أن السياسة لها رجالها، وأوحت _ ولو عن بعد _ بأن الدين لا دخل له في السياسة. إن التصور المحرف لدين الله عند الأوربيين النصارى منذ اعتناقهم للنصرانية، أدى إلى نظرة تتهم الدين بالنقص مما هيأ النفوس إلى رفض تدخل الدين بالكلية؛ فلم يكن عندهم بديل يقتنعون به ويملأ أرواحهم وأفكارهم، ويواكب تطوراتهم بسبب التحريف، ولم يكن في الدين الذي عرفوه ما يحكم الحياة البشرية سوى بعض الأحوال الشخصية، فلم يكن بد عندهم من تنحية الدين، يقول الشيخ محمد قطب: "إن الفصل بين الدين والحياة وقع مبكراً جداً في الحياة الأوروبية, أو أنه - إن شئت - قد وقع منذ بدء اعتناق أوروبا للمسيحية, لأن أوروبا قد تلقت المسيحية عقيدة منفصلة عن الشريعة (بصرف النظر عما حدث في العقيدة ذاتها من تحريف على أيدي الكنيسة) ولم تحكم الشريعة شيئاً من حياة الناس في أوروبا إلا "الأحوال الشخصية" فحسب, أي أنها لم تحكم الأحوال السياسية ولا الأحوال الاقتصادية ولا الأحوال الاجتماعية في جملتها"766، فكما أن التصور المحرف لدين الله عند الأوربيين النصارى منذ اعتناقهم للنصرانية، أدى إلى نظرة تتهم الدين بالنقص مما هيأ النفوس إلى رفض تدخل الدين بالكلية، فكذلك الحال بالنسبة لتصور بعض المسلمين عن الدين الممزوج بالصوفية _ مع الفارق _ فإن الصوفية قلصت من بعض وظائف الدين الحقيقية لتجعل الدين محصوراً في بعض الأذكار والأوراد والعبادات بعيداً عن واقع الأمة، مما هيأ نفوس بعض المسلمين لتقبل العلمانية، وإن كان البديل لدى المسلمين موجود في الدين الصحيح النقي من المحدثات، بخلاف حال الأوربيين(1/189)
النصارى، وهذا من الفارق بينهما.
ثم حانت الفرصة ليحل القانون الغربي مكان الشريعة الإسلامية بشكل رسمي، ولذلك صرح كمال بذلك فقال: "نحن لا نريد شرعاً فيه قال وقالوا ولكن شرعاً فيه قلنا ونقول"767، ووقع اختيار مصطفى كمال على القانون السويسري، "وقد أكد مصطفى كمال رأيه في إحلال هذا القانون بقوله: "إن الأديان تعبر عن أحكام ثابتة بينما الحياة تتحول وتحتاج إلى تغيير. وأقر أن كل ما تعانيه تركيا يرجع إلى كونها تستمد أحكامها من الدين كما أكد مصطفى كمال أن مقتضيات الحياة تتطلب وضع قانون مدني متسق مع متطلبات المدنية الحديثة"(768).
"ويقع القانون السويسري الذي وضعته الحكومة الجديدة في 937 مادة مقسمة إلى خمسة وعشرين باباً ومقدمة تحوى أحكاماً عامة"(769)، وقد طبق كمال هذا القانون بكل ما يحويه بغض النظر عن عادات الشعب التركي، "فمن أحكام الرشد والزواج التي تضمنها القانون المدني السويسري:
1- يبدأ سن الرشد في تمام الثامنة عشرة.
2- سن الزواج السابعة عشرة للرجل والسادسة عشرة للمرأة.
3- لا يجوز لشخص أن يتزوج مرة ثانية.
4- لا يجوز للمرأة المتوفى زوجها أن تتزوج إلا بعد مرور ثلاثمائة يوم.
5- لكل من الزوجين الحق برفع قضية طلاق بسبب زنا الآخر أو بسبب محاولة الآخر اغتياله أو معاملته معاملة سيئة جداً أو بسبب العشرة بين الزوجين, وعلى الحاكم أن يحكم بالطلاق إذا ثبت صحة أسباب الطلاق.
6- تبني الأولاد لا يجوز إلا من قبل من كان عمره أربعين سنة فما فوق, والمتبني يتلقب بلقب متبنيه ويكون وريثاً له"(770).
ومما قام به أتاتورك أيضاً لهدم النظام الإسلامي أنه ألغى نظام تعدد الزوجات، كما منع نظام الإرث وأعلن المساواة التامة بين الذكر والأنثى في الميراث والحقوق السياسية والاجتماعية771.(1/190)
ومن ثم انتشرت هذه الفكرة بين المسلمين انتشار النار في الهشيم، ولقد كان من أسباب دخول العلمانية إلى العالم الإسلامي: تآمر المستعمرين على إدخالها إلى العالم الإسلامي، وفرضها كمنهج حياة772.
كما أن من الأسباب التي ساعدت على نشر هذه الفكرة: تآمر المنصرين الذين حرصوا على نشر كل ما يضعف شوكة الإسلام والمسلمين، "وبهذه الصلات الثقافية بين مسيحيي العرب وبين الثقافة الفرنسية والثقافة الإنجليزية من ناحية، وبهذا الكلف الجديد بالثقافة والدراسات الغربية من ناحية أخرى، فتحت عيونهم على عالمين جديدين خارج الكنيسة وخارج المدارس التبشيرية، وهيأت ذلك لظهور الفكر العلماني المعادي للكنيسة في كثير من كتاباتهم، في الوقت الذي لم يكن فيه لهذا الفكر أثر بين معاصريهم من كتاب المسلمين ومفكريهم، وقد أخذ هؤلاء النصارى ينشرون هذه الأفكار العلمانية في الصحف والمجلات، بل البعض ألف في ذلك مقالات تعد كتباً أو ضمن هذه المبادئ بعض فقرات مما كتبوا، وقد ساعدهم على ترويجها: الاستعمار الذي تناوش البلاد الإسلامية، ومن هنا فقد سرت هذه التيارات الخبيثة في العالم الإسلامي وإن وجهت سهامها الأولى صوب رباط المسلمين الأكبر الخلافة الإسلامية"(773).
وهكذا اتسعت دائرة هذه الفكرة لتصل إلى بلاد المسلمين الأخرى ومنها مصر، وكان ذلك بعد قدوم الخديوي إسماعيل من بلاد الغرب، وتسلمه السلطة في مصر، "وكانت فترة حكم الخديوي إسماعيل باشا (1863- 1879)م، كانت من أخطر المراحل في تدمير الشخصية الإسلامية لمصر وإذابتها وحل عروتها، وهدم شريعة الإسلام فيها جملة، هدماً غير مسبوق إليه في تاريخ البلاد"(774).
"ومن أخطر ما قام به الخديوي إسماعيل في مجال ضرب الشريعة الإسلامية: نقل وترجمة القوانين الفرنسية إلى اللغة العربية والعمل على تطبيقها"775.
موقف العلماء من القوانين الوضعية:(1/191)
لقد كان للعلماء العاملين موقفهم الصلب من دخول هذه القوانين الغربية إلى بلاد المسلمين، أذكر منهم على سبيل المثال، لا الحصر: مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ _ رحمه الله _ حيث أصدر كتابه المشهور بعنوان تحكيم القوانين ذكر فيه أنواعاً من الحكم بغير ما أنزل الله وبين أحكامها، حتى وصل إلى النوع الخامس وهو الحكم بالقوانين الوضعية، فقال: "الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقة لله ولرسوله، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعداداً وإمداداً وإرصاداً وتأصيلا، وتفرعاً وتشكيلاً وتنويعاً وحكماً وإلزاماً، ومراجع ومستندات. فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع مستمدات، مرجعها كلها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلهذه المحاكم مراجع، هي: القانون الملفق من شرائع شتى، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني، وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك. فهذه المحاكم الآن في كثير من أمصار الإسلام مهيأة مكملة، مفتوحة الأبواب، والناس إليها أسراب إثر أسراب، يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب، من أحكام ذلك القانون، وتلزمهم به، وتقرهم عليه، وتحتمه عليهم، فأي كفر فوق هذا الكفر، وأي مناقضة للشهادة بأن محمداً رسول الله بعد هذه المناقضة"776.(1/192)
ومن العلماء الذين تكلموا في هذا الشأن الشيخ أحمد شاكر _ عليه رحمة الله _، حيث يقول: "أفيجوز في شرع الله أن يحكم المسلمون في بلادهم بتشريع مقتبس عن تشريعات أوربا الوثنية الملحدة؟ بل بتشريع تدخله الأهواء والآراء الباطلة, يغيرونه ويبدلونه كما يشاءون, لا يبالي واضعه أوافق شرعه الإسلام أم خالفها. إن المسلمين لم يبلوا بهذا قط - فيما نعلم من تاريخهم - إلا في ذلك العهد عهد التتار... أفرأيتم هذا الوصف القوي من الحافظ ابن كثير - في القرن الثامن - لذلك القانون الوضعي, الذي صنعه عدو الإسلام جنكز خان؟ ألستم ترونه يصف حال المسلمين في هذا العصر, في القرن الرابع عشر؟... ثم كان المسلمون الآن أسوأ حالاً وأشد ظلماً وظلاماً منهم؛ لأن أكثر الأمم الإسلامية الآن تكاد تندمج في هذه القوانين المخالفة للشريعة, والتي هي أشبه شيء بذاك الياسق الذي اصطنعه رجل كافر ظاهر الكفر, هذه القوانين التي يصطنعها ناس ينتسبون للإسلام, ثم يتعلمها أبناء المسلمين, ويفخرون بذلك آباءً وأبناءً, ثم يجعلون مرد أمرهم إلى معتنقي هذا الياسق العصري, ويحقرون من يخالفهم في ذلك, ويسمون من يدعوهم إلى الاستمساك بدينهم وشريعتهم رجعياً وجامداً إلى مثل ذلك من الألفاظ البذيئة... إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس, هي كفر بواح, لا خفاء فيه"(777)، كما أن الحكم بالقوانين الوضعية فيها محذور آخر يجمع مع المحاذير الشرعية السابقة، حيث إن الحكم بالقوانين الوضعية المأخوذة من الكفار يعتبر مظهراً من مظاهر التشبه بالكفار ولا شك.(1/193)
وغيرهم كثير من علماء الإسلام الذين رأوا من واجبهم التحذير من هذا البلاء الذي جلبه بعض المسلمين إلى بلاد المؤمنين778، متشبهين في ذلك بالغرب الكافر، مغترين بدعاوى الديمقراطية المزعومة، ومستوردين لأنظمة حياتهم عن البشر، كما فعله أسلافهم من أهل الكتاب الذين قال الله تعالى فيهم: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)(779).
الديمقراطية وعلاقتها بالعلمانية:
لقد كان من المناسب للشعوب الغربية الثائرة التي تريد العدل والمساواة وإعادة الحقوق الضائعة والتحرر من ربقة العبودية للإقطاعيين، ووصاية الكنيسة ورهبانها، أن يكون نظامها ذا خاصيتين:
الخاصية الأولى: أن تكون السلطة بعيدة عن الكنيسة وأحكامها الجائرة، فتم تجريد السلطة من الوصاية الروحية.
والخاصية الثانية: أن تأخذ السلطة في اعتبارها غضب الجماهير من الطبقات الكادحة، الحاقدة على الطبقات الغنية المالكة للثروات.(1/194)
وهكذا تم اختيار سلطة يتم فيها توزيع الحكم على الشعب بالتساوي، عن طريق النيابة، بحيث ينيب كل واحد من الشعب من يرغب في إنابته ليقوم بالتصويت على التشريعات التي توافق رغبات الشخص المنيب. يقول الشيخ محمد قطب: "لذلك كانت الديمقراطية هي اللعبة المناسبة التي توفق بين رغبة الطبقتين الساعيتين إلى السلطة, إحداهما وهي الطبقة الرأسمالية تستولي على السلطان الحقيقي, والثانية وهي طبقة الشعب تشارك - بقدر - في ذلك السلطان وذلك فضلاً عن عنصرين آخرين إحداهما إيحاء الفكر الإغريقي القديم وتأثيره على المفكريين الغربيين منذ عصر النهضة(780), وهو فكر يحمل صورة "تذكارية" للديمقراطية من أيام أثينا وإسبرطة, والثاني هو الشعارات التي وضعتها الماسونية اليهودية للثورة الفرنسية وهي: الحرية والإخاء والمساواة, والديمقراطية هي المنطلق الأنسب لهذه الشعارات, ومن ورائها يحقق اليهود ما يحلو لهم من أهداف، وهكذا كانت نقطة الانطلاق, أو نقطتا الانطلاق في الحقيقة هما: أولاً: وجوب إشراف الشعب على أعمال الحكومة, أي إلغاء (الحق الإلهي المقدس) وإخضاع الحكومة لرقابة الشعب على تصرفاتهم, وفصل السلطات, وجعل الحكومة سلطة تنفيذية فحسب, لا سلطة تشريعية..وثانياً: إعطاء الشعب حقوقهم (الإنسانية) التي حرم منها أكثر من ألف عام في ظل نظام الإقطاع"(781).
…وهكذا تمت نشأة الديمقراطية، على أساس أن حكم الشعب للشعب، "فالديمقراطية إذن هي التعبير السياسي أو الوجه السياسي للعلمانية، كما أن الرأسمالية تعبير اقتصادي عن العلمانية"(782).(1/195)
…وفي الديمقراطية يتم اختيار الرئيس للدولة بناء على ما سبق بالانتخابات، وهي طريقة يتم فيها التصويت من قبل الشعب بأكمله، جاء في الموسوعة العربية العالمية بشأن الانتخابات: "الانتخاب عملية يدلي فيها الناس بأصواتهم للمرشح, أو الاقتراح الذي يفضلونه وتجري الانتخابات باختيار المسؤولين في كثير من التنظيمات مثل الجمعيات والنقابات والنوادي الرياضية والاجتماعية. يعتبر حق الانتخاب في الدول الديمقراطية من أهم الممارسات السياسية, فهي وسيلة لنقل السلطة بطريقة سلمية من شخص إلى شخص آخر وفي كثير من البلاد يجري أحياناً نوع آخر يعرف باسم الاستفتاء للبت في مسائل دستورية أو سياسية مهمة.
تختلف إجراءات ونظم الانتخابات من بلد لآخر إلا أن هناك أسساً معينة يجري العمل بها في كثير من البلدان. وفي الغالب , ينتخب رؤساء الدول والحكومات والهيئات التشريعية على فترات منتظمة. وإذا توفي عضو الهيئة التشريعية أو استقال, تعقد انتخابات فرعية لانتخاب بديل يحل محله.
وفي البلدان الديمقراطية يحق لكل المواطنين, فوق عمر محدد - عادة18أو21 سنة - الإدلاء بأصواتهم ما داموا مسجلين, ولم يفقدوا هذا الحق لسبب أو لآخر. ويستثنى من ذلك الذين يعانون من مرض عقلي ومرتكبي بعض أنواع الجرائم. تجرى انتخابات الهيئات التشريعية (البرلمانات) عادةً, بالاقتراع السري. فكل شخص حر في التصويت دون أن يتأثر بالآخرين. وتتحدث وسائل الإعلام التي تشمل: الإذاعة والتلفاز, والمجلات والصحف عن المرشحين وعن المسائل المهمة المطروحة في الانتخابات بحرية.
تختار الأحزاب السياسية في أكثر البلاد الديمقراطية مرشحيها لعضوية الهيئات التشريعية, وتقترح السياسات العامة. غير أنه في - بعض الدول النامية - تجرى الانتخابات المحلية على أسس غير حزبية, أي تظهر أسماء المرشحين بدون الإشارة إلى انتماءاتهم الحزبية.(1/196)
يختار المقترعون الموظفين الرسميين من بين المرشحين لتولي المناصب إما بالانتخاب المباشر أو غير المباشر. ففي الانتخاب المباشر يدلي الناس بأصواتهم بأنفسهم للمرشحين. أما في الانتخاب غير المباشر فيختار الناس ممثلين لهم ليكونوا هيئة انتخابية, ويقوم ممثلو الشعب بدورهم باختيار المرشحين وفقاً للاتجاه الشعبي الذي يمثلونه.
وفي ظل النظام البرلماني - ويطلق عليه أيضاً الحكم البرلماني - ينتخب المواطنون أعضاء الهيئة التشريعية أو البرلمان. ويختار الملك أو رئيس الجمهورية رئيس الوزراء من بين أعضاء الهيئة التشريعية. وفي أغلب البلاد يعين رئيس الدولة زعيم حزب الأغلبية في الهيئة التشريعية أو رئيس الائتلاف الحزبي رئيساً للحكومة"(783)، ولكن هل يستحق كل من كان فوق عمر 18 أو 21 أن يشارك في اختيار الرئيس للشعب بحجة الديموقراطية، إن هذا العموم سيدخل فيه ولا شك كل فرد من أفراد المجتمع مهما كانت انتماءاته، ومهما كانت ميوله وأخلاقه، وعندها سوف تكون الرئاسة من نصيب كل من يحقق رغبات الشعب، سواء كان هذا الشعب يريد الأخلاق أو كان منسلخاً من القيم والمفاهيم التربوية الصحيحة.(1/197)
هذا بالنسبة لانتخاب الرئيس في السلطة الديمقراطية، وأما عن تشريع القوانين والأنظمة فيتم عن طريق البرلمانات التشريعية، والبرلمان يتكون من مجموعة من الأعضاء الذين قام الشعب بانتخابهم لتمثيلهم في هذه المجالس التشريعية، جاء في الموسوعة العربية العالمية: "البرلمان: هو الهيئة الوطنية التي تشرع القوانين في البلدان التي تأخذ بالنظام الديمقراطي. وهناك برلمانات تتكون بالكامل من أفراد منتخبين وأعضاء معينين أو أعضاء يرثون عضويتهم"(784)، ولكن ما هي التشريعات التي ستكون مقررة من خلال هذه القوانين والأنظمة؟ هل ستكون على قدر كافٍ من المسؤولية، بحيث تفي بكل احتياجات الشعب، أم ستكون موجهة من أصحاب الثروات والأموال الذين لا تهمهم سوى مصلحتهم الشخصية، يقول الشيخ عبد الرحمن الميداني: "وغالباً ما يحرك هذه المجالس أفراد معدودون، ويوجهونها حسب أهوائهم بوسائلهم وأحابيلهم الشيطانية، هذا إذا لم يتم تزوير الانتخاب بتبديل الصناديق التي ألقى المقترعون فيها أوراق انتخابهم، بصناديق أخرى مشابهة لها في الظاهر، وما في بطنها مزور تزويراً كلياً. وكم حدث هذا في مزاعم انتخابات ديمقراطية وكانت الحصيلة: مئة في المئة، لصالح المزور أو الآمر به، أو 99،9 في المئة، أو نحو ذلك"(785).(1/198)
إن الصواب والخطأ في هذه الحياة لم يكن يوماً ما معياره الأكثرية منذ خلق الله البشر، قال تعالى: (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) (786)، إن الأكثرية لم تكن معياراً للصواب والخطأ سوى في هذه الديمقراطية التي يحكم فيها الشعب ويختار دستوره لنفسه، ترى هل سيكون الصواب هو ما صوبه علماء الطبيعة المنشغلون بدراساتهم بعيداً عن معاناة الشعوب، أم سيكون الصواب هو ما اختاره العمال الكادحون الذين يسعون وراء لقمة العيش، والذين لا يقدمون من الآراء سوى ما يحقق لهم ما يرومونه من الحياة السعيدة، أم سيكون الصواب هو الذي تراه الفئة الثرية التي لا يهمها سوى رواج ما تنتجه مصانعهم، مهما كانت المادة المنتجة، إن الجواب لدى الديمقراطية هو أن الصواب والخطأ سيختاره الأكثر والأغلب، بغض النظر عن الفئات الأخرى رضيت أم سخطت، وهنا تبدأ المشكلة التي لا نهاية لها، ويشعر الآخر بالظلم الدستوري؛ لأنه ضَمن حقوق المنافس ولم يضمن حقوقه، وتُسلك الطرق الملتوية للحصول على تغيير الدستور الظالم في نظر البعض والعادل في نظر الآخرين، إن الصواب والخطأ في المعاملات وغيرها لا يعرفه سوى خالق البشر، ولذلك قال تعالى: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)(787)، فعندما تكون الحرية للشعب في اختياره للشرع الذي يحكمه سيكون الأمر بيد الشعب، وإن كان الأمر لا ينبغي أن يكون إلا لمن كان له الخلق، يقول خير الدين التونسي وهو يصف الحرية في النظام الديمقراطي: "الحرية الشخصية، وهي إطلاق تصرف الإنسان في ذاته وكسبه مع أمنه على نفسه وعرضه وماله ومساواته بأبناء جنسه لدى الحكم، والحرية السياسية وهي حق الرعايا في التدخل وإبداء الرأي في مصالح الدولة، عن طريق المجالس النيابية. وحرية الرأي التي نسميها _ ترجمة للمصطلح الأوربي _ حرية المطبعة، وهي متحققة على درجات متفاوتة في البلاد الأوروبية"788، ولكن(1/199)
هذه الحرية ليست في الحقيقة سوى بعد عن تعاليم الوحي الرباني، ومشاركة الله في أحد خصائصه، يقول د. صلاح الصاوي: "إن الحالة التي تواجهها مجتمعاتنا المعاصرة هي حالة الإنكار على الإسلام أن تكون له صلة بشؤون الدولة، والحجر عليه ابتداءً أن تتدخل شرائعه لتنظيم هذه الجوانب، وتقرير الحق في التشريع المطلق في هذه الأمور للبرلمانات والمجالس التشريعية. إننا أمام قوم يدينون بالحق في السيادة العليا والتشريع المطلق لمجالسهم التشريعية، فالحلال ما أحلته، والحرام ما حرمته، والواجب ما أوجبته، والنظام ما شرعته، فلا يجرم فعل إلا بقانون منها، ولا يعاقب عليه إلا بقانون منها، ولا اعتبار إلا للنصوص الصادرة منها"(789)، فالحرية في عصر الديمقراطية ما هي إلا طاغوت يسلم له الأمر من دون الله الذي اختص بالخلق والأمر دون ما سواه.
فإذا كان هذا النظام الديمقراطي سيطبق لدى المسلمين الذين يقرون بأن الله هو خالقهم فإن ثمة تناقض في هذا الاختيار إلا إذا تشبهوا بالغرب الكافر في اعتقاداتهم، فإما أن يقولوا مثل ما قال الملحدون من العلمانيين بأنه لا خالق في الكون ولا رب يحكم، وإما أن يقولوا مثل ما يروي النصارى عن عيسى عليه السلام أنه قال: اعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله(790) _ وهو ما يدعيه العلمانيون الذين لم ينكروا الأديان بالكلية منهم _ وفي الحالتين سيكون تطبيق الديمقراطية في بلاد المسلمين من التناقض، إضافة على ما في ذلك من التشبه بالكفار.
فمن كان مقتنعاً بالقول الأول وهو أنه لا خالق في الكون، لم يكن مسلماً. ومن كان مقتنعاً بما نسبه النصارى للمسيح من تلك المقولة الجائرة _ إذا فهمناها على حسب فهمهم _ فهذا قد تشبه بالنصارى، وقد ألقى بالآيات القرآنية التي لا تتفق وتلك المقولة عرض الحائط، وكأن دينه دين النصارى، وهذا في الحقيقة تنصلَ من الإسلام، وتنكر لدينه الإسلامي، وذهب يأخذ دينه عن أساطير النصارى.(1/200)
فإن هذه العبارة هي من تحريفاتهم لدين الله _ خاصة لو فهمناها على حسب فهمهم _ يقول الشيخ سفر الحوالي: "إن هذه العبارة ظاهرها الأمر الصريح بالشرك (أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله)، فهي تجعل قيصر شريكاً لله في التوجه إليه بالعمل، ومن ينفذها على ظاهرها يقع حتماً في شرك الطاعة والاتباع وهو شرك أعظم، لتنافيه مع توحيد الألوهية، وهذه الدلالة تكفي لنفي صدور العبارة من المسيح عليه السلام، لأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما بعثوا لتحذير الجماعة البشرية من الشرك وتنفيرها منه جليله ودقيقه، فكيف يأمر نبي من أنبياء الله من أولي العزم بالشرك ويدعو إليه بهذه الصورة ؟، والواقع أنه ليس في استطاعة المسيح - عليه السلام - والقلة المسلمة معه و لا من منهج دعوته أن يرفضوا دفع الجزية للجاني الروماني الذي يجمعها من كل رعايا الإمبراطورية ويدفعها للطاغوت قيصر، ولكن هذا لا يعني أبداً أن المسيح عليه السلام يقر ذلك الواقع الظالم، ويعترف لقيصر بحق مساواة الله في خلقه ويجعله شريكاً له في ألوهيته كما فهمت الكنيسة. فالمسيح عليه السلام - لو صحت العبارة - وافق على إجراء مؤقت تقتضيه ضرورة الواقع وطبيعة الدعوة المرحلية. ولو قدر للمسيح عليه السلام أن تبلغ دعوته من القوة ما بلغت الدعوة الإسلامية عند الإذن بالجهاد لأذن لقومه بأن يرفضوا دفع الجزية لقيصر، بل لأمرهم بجهاد الرومان وإشهار عدواتهم. وبذلك يتضح أنه حتى في حالة ثبوت العبارة فإنها ذات مدلول جزئي مؤقت في مسألة فرعية، ولا يجوز أن يستنبط منه قاعدة أبدية عامة يفضي تطبيقها إلى إهمال شريعة الله، والتخلي عن إقامة دينه في واقع الحياة، وإقرار أحكام الطاغوت"(791)، وعلى هذا فالعبارة إما أن تكون مختلقة ليست من قول المسيح أو أن يكون لها معنى آخر لم يفهمه العلمانيون من النصارى، وسواء هذا أم ذاك فإن المسلم لا يمكن أن يحتج بهذه العبارة وأمثالها إلا إذا كان غارقاً في أوحال(1/201)
التشبه بالكفار، متنكراً لدينه ومصادره الأصيلة.
بعض مظاهر تأييد العلمانية في الحكم:
إن الاستشهاد بالنصوص لدى من يريد التبريح للعلمانية لا يأتي غالباً بنصوص التوراة والإنجيل؛ فإن ذلك يعتبر صاحبه ظاهرَ التشبه بالكفار، فينفر منه الجميع، ولكن المصيبة عندما يتم تطويع النصوص الشرعية لصالح الاتجاه العلماني، وإيجاد الشرعية للعلمانية في الحكم، وعندها لن يتنبه لهذا التلفيق سوى من كان متيقظاً لهذه الدعاوى وكان قد تسلح بسلاح العلم الشرعي، وهناك من الكتاب المسلمين من تأثروا بهذا النهج وبدؤوا يحاولون أن يجدوا للعلمانية في بلاد المسلمين مبررات شتى بحجة أن الإسلام لا دخل له في الحكم، وأن الرسول ( لم يأت بمنهج في التحاكم بل كان واعظاً ومخوفاً بالله، لا يعدو كونه كذلك(792)، يقول محمد شاكر الشريف: "ومن ذلك زعمهم أن الإسلام ليس فيه نظام سياسي، وأن الرسول ( لم يكن من عمله إقامة دولة وإدارتها، وأن عمله لم يتجاوز حدود البلاغ والإنذار المجرد من كل معاني السلطان، وأن الخلافة ليس لها سند من الدين، ومن هؤلاء: الشيخ على عبد الرازق القاضي الشرعي في كتابه: الإسلام وأصول الحكم، وممن قفا قفوه في إنكار النظام السياسي الإسلامي الكاتب: خالد محمد خالد(793) في كتابه: (من هنا نبدأ)"(794)، وهذا إنما يقوله قائله؛ لتأثره بالعلمانية والنظام الديموقراطي الغربي الذي يراد له أن يحل مكان النظام السياسي الإسلامي، ولا أدري كيف تجاهل نظام الحكم الإسلامي المطبق خلال قرون من الزمن وكيف جهل أو تجاهل سيرة الرسول ( والتي تنطق شاهداً على السياسة النبوية الحكيمة والتي رسمها النبي ( لأمته من بعده، وكيف جهل أو تجاهل ما ألفه علماء الإسلام من كتب مستنبطة من النظام النبوي(795)، وهذا القول واضح البطلان بما تقدم من بيان لمنزلة التحاكم في الشرع، وأن الإسلام منهج حياة شامل، قال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي(1/202)
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (796).
فالديمقراطية إذن منهج لا يتفق مع الإسلام بشكل من الأشكال، ولا يمكن أن نأخذ به ونقول: نجمع بينه وبين الإسلام، يقول الشيخ محمد قطب: "وفي العالم الإسلامي كتاب ومفكرون ودعاة مخلصون مخدوعون بالديمقراطية. يقولون نأخذ ما فيها من خير ونترك ما فيها من شرور. يقولون نقيدها بما أنزل الله. ولا نبيح الإلحاد ولا نبيح التحلل الخلقي والفوضى الجنسية! إنها إذن لن تكون الديمقراطية.. إنما ستكون الإسلام!!(1/203)
إن الديمقراطية هي حكم الشعب بواسطة الشعب. إنها تولى الشعب سلطة التشريع. فإذا ألغي هذا الأمر أو قيد بأي قيد فلن تكون هي الديمقراطية التي تقوم اليوم بهذا الاسم. واسألوا الديمقراطيين! قولوا لهم: نريد أن نحكم بما أنزل الله, ولا يكون للشعب ولا ممثله حق وضع القوانين إلا فيما ليس فيه نص من كتاب أو سنة أو إجماع من علماء المسلمين! قولوا لهم: نريد أن ننفذ حكم الله في المرتد عن دينه, وحكم الله في الزاني والسارق وشارب الخمر.. قولوا لهم: نريد أن نلزم المرأة بالحجاب, ونمنع التبرج, ونمنع العري على الشواطئ وفي الطرقات, ونريد في الوقت ذاته أن نكون ديمقراطيين! اسألوهم وانظروا ماذا يقولون! سيقولون على الفور: إن هذه ليست الديمقراطية التي نعرفها.. ففي الديمقراطية يشرع الناس في جميع الأمور لا يلتزمون في شيء منها بغير ما يريده الشعب (نظرياً على الأقل! وإن كانت الحقيقة أن الرأسماليين هم الذين يشرعون من وراء الستار!) سيقولون إن الديمقراطية لا تتدخل في(الحرية الشخصية) للأفراد! فمن شاء أن يرتد عن دينه فهو حر! ومن شاء أن يتخذ صديقة أو خليلة فهو حر. ومن شاءت أن تكشف عن صدرها أو ظهرها أو ساقيها فهي حرة! ومن شاءت أن تخون زوجها فهي حرة ما لم يشتك الزوج!"(797)، فلا يمكن الجمع بين الديمقراطية والإسلام بحال، لا يمكن أن نجمع بين النظام الرباني والنظام الطاغوتي، لا يمكن أن نجمع بين قول الله تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إلاَّ لِلَّهِ)(798)، وبين الحكم بالأنظمة والدساتير الغربية، إلا بالكفر بأحدهما، ولا يمكن أن نجمع بين العمل بالسنة النبوية التي يقول صاحبها (: ((ومن تشبه بقوم فهو منهم))(799)، وبين الارتماء في أحضان الغرب الكافر، نستقي منه نواتج معاركهم ومهاتراتهم وثوراتهم800.(1/204)
…إننا لا نعجب أن يلجأ الغرب إلى أطروحات العلمانية، أو أن يعجبوا بها ولكننا نعجب من بعض المسلمين الذين أعجبتهم الديمقراطية ورأوا فيها حلاً لمشكلات المجتمعات الإسلامية في التحاكم، يقول أحد الكتاب المعاصرين: "تعني الديموقراطية: أن تطلق الحريات في (التفكير) و(التعبير) والتجمع والتحزب، ويحرم شيء واحد فقط هو استخدام القوة والسلاح والإكراه لفرض الأفكار. ومنهج الأنبياء يقوم على (تراض منهم وتشاور) و لا إكراه في الدين، وهو يستخدم اللاعنف من طرف واحد حتى لو اعتمد الآخر على العنف; لأن التورط في العنف معناه الدخول في مذهب الآخر، والأنبياء دعوا إلى شق طريق جديد في تحرير الإنسان من علاقات القوة ووثنية الإكراه بأن لا تكون المرجعية الأساسية في المجتمع السلاح والعضلات والإكراه، فهذا هو لب التوحيد أن لا إله إلا الله وليست القوة هي الله وليس الحاكم هو الله رب الناس ملك الناس إله الناس، ولتحقيق هذا دعا الأنبياء الناس أن لا يقتلوا أحداً أو حاكماً لتغيير الأوضاع لأنه استبدال طاغوت بطاغوت ولكن أن يغيروا رصيد ما بنفوسهم بالتخلص من القابلية لعبادة القوة"801، هنا يحاول الكاتب أن يصل إلى أن الديمقراطية الصحيحة تقتضي عدم معارضة الحكم بالدستور بالعنف إذا أردنا أن نكون ديمقراطيين فعلاً، وربما تكون هذه القضية لها وجه من الصحة، والديمقراطية والتي يجب أن نسعى إليها ومن الشرف أن ننتمي إليها في نظره تسعى إلى الحرية في التعبير وعدم فرض الآراء بالقوة. ثم يحاول أن يقنع القارئ بأن الإسلام لا يعارض هذا التوجه الذي تسلكه الديمقراطية، فإنه لا إكراه في الدين، وعلى هذا يجب على الذين يريدون تغيير الحكم بهذه الدساتير أن ينتبهوا إلى أمور مهمة في نظره، وهي:-(1/205)
- أن الإسلام لا يشجع الإكراه بل هو مع الحوار والتشاور(البرلمانات)، هذه الطريقة الصحيحة التي يجب أن يسلكها كل من أراد أن يجمع بين الديمقراطية والإسلام، فالعلمانية تطالب بالحرية بلا عنف، والإسلام كذلك، والدليل قوله تعالى: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)(802)، والحقيقة أن هذه دعوى فضفاضة تحتاج إلى تفصيل، فالإسلام يكفل الحريات، ولكنه لا يتيح الحرية بحيث يستطيع أن يغير كل من شاء دينه الإسلامي إلى أي دين، وإذا أراد أن يثبت هذا النوع من الحرية المزعومة فعليه أن يبحث لها مسوغاً آخر غير الدين الإسلامي ولا يمكن أن يلصقها بالإسلام، فالنبي ( أكد على حد الردة فقال: ((من بدل دينه فاقتلوه))803.
- ادعى أن عدم الإكراه في الدين هو لب التوحيد، وهذه دعوى جديدة؛ فلب التوحيد هو الإخلاص لله وأما عدم الإكراه في الدين هو من أوامر الله.
- أن الحاكم في نظره ليس هو الله رب الناس وملك الناس، وهذه مخالفة صريحة لقول الله تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إلاَّ لِلَّهِ)(804)، وقوله: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ)(805)، فكيف لا يكون الحكم لله وهو رب الناس وملك الناس.
- يقول: "ولتحقيق هذا دعا الأنبياء الناس أن لا يقتلوا أحداً أو حاكماً لتغيير الأوضاع لأنه استبدال طاغوت بطاغوت"، والحقيقة أن الأنبياء جاءوا ليغيروا نظام حياة الناس، ولم يرض نبي من الأنبياء بحكم الطواغيت، ومنهم نبينا محمد ( فقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً)(806)، وغزوات النبي ( معلومة وكتب السيرة مليئة بتلك المحاولات النبوية المباركة لتغيير حكم الطواغيت، ولكنني أتعجب من قوله: "لأنه استبدال طاغوت بطاغوت"، فهل حكم الأنبياء يعتبر طاغوتاً؟!(1/206)
ويقول كاتب آخر: "ومن ثم فالديمقراطية، هي عملية تربية مجتمعية، تبدأ في المنزل والمدرسة والجامعة والمسجد والكنيسة والشارع والمؤسسات الوسيطة، وإذا لم تمارس الديمقراطية في هذه المؤسسات يكون صندوق الانتخابات عملية خادعة ومضللة يجيء بمن له قدرة على حشد الجماهير غير الواعية. فالطرح الذي يختزل الديمقراطية في صندوق الانتخابات، هو طرح خاطئ ومضلل، ولكن الديمقراطية غير ذلك كما قلت، فهي تعني وجود دولة مؤسسات، وتعني التربية والتنشئة السياسية، وتعني تنمية الوعي وتفعيله وتعميقه، وتعني إعلاماً تنويرياً وتعليماً يخاطب العقل، وتعني وضع الدين في مكانه الصحيح، ونتحدث بعد ذلك عن الانتخابات في شكلها النهائي، فهذه الانتخابات ستقذف بالإسلاميين إلى الحكم من خلال قدرتهم على حشد الجماهير البسيطة، ونتيجة لغياب الوعي الصحيح لدى المواطن الذي تعرضت إرادته السياسية للقهر. الديمقراطية الحقيقية إذا خلصت النوايا يمكن أن تتحقق وتكتمل خلال عدة سنوات، بشرط أن نبدأ بجدية وإخلاص وفقاً للمفهوم الحقيقي لديمقراطية المؤسسات، وليس مجرد تدشين هياكل ديمقراطية لخداع العالم وخداع الذات. الخطر يكمن في أن الديمقراطية بتعريفها المؤسسي تنسحب من مجتمعاتنا بشكل منتظم، وهذا يجعل خطر الانتخابات النهائية خطراً جسيماً، لأن وعي الفرد أصبح مشوهاً وباتت عقليته لا تستوعب أكثر من المصطلحات الدينية. ويبدو أن هناك تفاهماً ما في الوطن العربي بتحجيم الديمقراطية بمعناها الحقيقي، بل إن هناك بدعة الآن في الإعلام العربي، بأن الديمقراطية الغربية لا تناسبنا، وماذا عن الشعوب؟ إن شعباً يندفع وراء مشاعره الدينية فقط، ولا يعبأ بحريته، ولا يستثيره الاعتداء على كرامته الإنسانية، ويطارد المبدعين، ويخرج في مظاهرات صاخبة من أجل جملة في عمل إبداعي تم نزعها من سياقها، ولا يتظاهر من أجل الانتهاكات اليومية للديمقراطية ولحقوق الإنسان، هو شعب لم يكافح بعد من(1/207)
أجل الديمقراطية، ومن ثم لا يستحقها"(807)، فهو يطالب إذن بأن يوضع الدين في مكانه الصحيح، وهو أن يكون محكوماً لا حاكماً، وهو يعتقد كذلك أن الديمقراطية الغربية هي أفضل ما يمكن تطبيقه بالنسبة لنظام الحكم، كما أنه لم يسلم من قلمه حتى الإسلاميين الذين يتخذون الديمقراطية سلماً لتحقيق الفضيلة، والله المستعان.
المبحث الرابع:
مظاهر التشبه بالكفار في تحريف الكتب المنزلة
تمهيد:-
التحريف هو التغيير قال ابن منظور: "والتحريف في القرآن والكَلمة: تغيير الحرفِ عن معناه والكلمة عن معناها"(808)، ويطلق التحريف على الزيادة في النص أو النقص منه، قال الغزالي: "والتحريف في الزيادة والنقص"(809).
والتحريف نوعان: تحريف اللفظ وهو: تبديله، وتحريف المعنى وهو: صرف اللفظ عنه إلى غيره مع بقاء صورة اللفظ810.
…قال ابن القيم: "والتحريف: العدول بالكلام عن وجهه وصوابه إلى غيره وهو نوعان: تحريف لفظه، وتحريف معناه، والنوعان مأخوذان من الأصل عن اليهود؛ فهم الراسخون فيهما، وهم شيوخ المحرفين وسلفهم؛ فإنهم حرفوا كثيراً من ألفاظ التوراة وما غُلبوا عن تحريف لفظه حرفوا معناه، ولهذا وُصفوا بالتحريف في القرآن دون غيرهم من الأمم، ودرج على آثارهم الرافضة فهم أشبه بهم من القذة بالقذة، والجهمية فإنهم سلكوا في تحريف النصوص الواردة في الصفات مسالك إخوانهم من اليهود، ولما لم يتمكنوا من تحريف نصوص القرآن حرفوا معانيه وسطوا عليها، وفتحوا باب التأويل لكل ملحد يكيد الدين فإنه جاء فوجد باباً مفتوحاً وطريقاً مسلوكة، ولم يمكنهم أن يخرجوه من باب أو يردوه من طريق قد شاركوه فيها، وإن كان الملحد قد وسع باباً هم فتحوه وطريقاً هم اشتقوه"(811)، وسيأتي في هذا المبحث تفصيل كلام ابن القيم إن شاء الله تعالى.
المطلب الأول: تحريف النص.
…(1/208)
لقد أخبرنا الله عز وجل عن حفظه وصيانته لكتابه من التحريف فقال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(812)، قال ابن جرير الطبري: "يقول تعالى ذكره إنا نحن نزلنا الذكر وهو القرآن (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، قال: وإنا للقرآن لحافظون من أن يزاد فيه باطل ما ليس منه أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه"813، وقال القرطبي: "وإنا له لحافظون من أن يزاد فيه أو ينقص منه، قال قتادة وثابت البناني: حفظه الله من أن تزيد فيه الشياطين باطلاً أو تنقص منه حقاً فتولى سبحانه حفظه فلم يزل محفوظا وقال في غيره بما استحفظوا فوكل حفظه إليهم فبدلوا وغيروا"814، وهنا يشير القرطبي _ رحمه الله _ إلى قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ)(815)، فإن الله عز وجل وكل حفظ التوراة إلى الأحبار، ولم يتكفل بحفظها كما تكفل بحفظ القرآن.(1/209)
…ومن الأدلة كذلك على حفظ الله لكتابه عن التحريف قوله تعالى: (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تنزيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)(816)، روى الطبري _ رحمه الله _ بسنده عن قتادة قوله: "يقول تعالى ذكره وإن هذا الذكر لكتاب عزيز بإعزاز الله إياه وحفظه من كل من أراد له تبديلاً أو تحريفاً أو تغييراً من إنسي وجني وشيطان مارد"817، وقال القرطبي _ رحمه الله _: "قال ابن عباس: (عَزِيز) أي: ممتنع عن الناس أن يقولوا مثله (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ)، أي: لا يكذبه شيء مما أنزل الله من قبل ولا ينزل من بعده كتاب يبطله وينسخه"818، وفي قول ابن عباس هذا إشارة إلى من يدعي أن عنده كتاب ينسخ القرآن أو شيئاً منه أنه كاذب وأن ما جاء به باطل والقرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
…وقد صارت هذه المسألة _ مسألة حفظ الله للقرآن من الزيادة والنقصان _ مما ينص عليه أهل السنة ضمن اعتقاداتهم، قال البيهقي في كتابه: (الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد على مذهب السلف وأصحاب الحديث): "ونعتقد فيما أنزله الله تعالى على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن، ولم ينسخ رسمه في حياته وأنه بقي في أمته محفوظاً لم تجر عليه زيادة ولا نقصان"819.(1/210)
ومن هنا فإن الزعم بأن القرآن فيه زيادة أو نقص تكذيب لما سبق من الآيات، قال البيهقي: "فمن أجاز أن يتمكن أحد من زيادة شيء في القرآن أو نقصانه منه أو تحريفه فقد كذب الله في خبره وأجاز الخلف فيه"820، ومن جاء بشيء من عنده وزعم أنه سقط من القرآن فإنه قد افترى على الله كذباً بنص كلام الله؛ لأنه زعم أن الله لم يحفظ كتابه في ما سلف من الزمن حتى جاء هو بما عنده من السقط، فهذا الفعل يعتبر محاولة للتحريف في القرآن، وكذلك من حاول النقص من القرآن فإنه يقع تحت طائلة هذا التكذيب، بل كفر العلماء من قال بشيء من ذلك لتكذيبه ما جاء في القرآن من نفي الزيادة والنقصان821.
…
وتحريف الكتب السماوية جاء في القرآن بأنه من صفات اليهود، قال تعالى: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ)(822)، قال الطبري _ رحمه الله _: "يعني بذلك الذين حرفوا كتاب الله من بني إسرائيل وكتبوا كتاباً على ما تأولوه من تأويلاتهم مخالفاً لما أنزل الله على نبيه موسى صلى الله عليه وسلم ثم باعوه من قوم لا علم لهم بها ولا بما في التوراة جهال بما في كتب الله لطلب عرض من الدنيا خسيس فقال الله لهم فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون"(823)، فاليهود حرفوا نص كتابهم عمداً لمكاسب دنيوية، وأهواء شخصية.
…(1/211)
ومن الآيات التي ذكرت تحريف اليهود للنص في كتبهم قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا)(824)، قال ابن كثير في تفسيرها: "نزلت في اليهوديين اللذين زنيا وكانوا قد بدلوا كتاب الله الذي بأيديهم من الأمر برجم من أحصن منهم، فحرفوه واصطلحوا فيما بينهم على الجلد مئة جلدة والتحميم والإركاب على حمارين مقلوبين، فلما وقعت تلك الكائنة بعد الهجرة قالوا فيما بينهم: تعالوا حتى نتحاكم إليه فإن حكم بالجلد والتحميم فخذوا عنه واجعلوه حجة بينكم وبين الله، ويكون نبي من أنبياء الله قد حكم بينكم بذلك وإن حكم بالرجم فلا تتبعوه في ذلك.
وقد وردت الأحاديث بذلك فقال مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن اليهود جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تجدون في التوراة في شأن الرجم" فقالوا: نفضحهم ويجلدون، قال عبد الله بن سلام: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك فرفع يده فإذا آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله ( فرجما، فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة أخرجاه"(825)، وهذه محاولة من اليهود لإخفاء نص مما أنزله الله عليهم من التوراة، ولولا حكومة النبي صلى الله عليه وسلم الواعية لما طبق حكم الله في هذه القضية بناء على تحريفهم لكتابهم.(1/212)
…ولقد تبع اليهود في هذه الصفة الذميمة من التحريف لنصوص القرآن الكريم ثلاث طوائف من المنتسبين إلى الإسلام وهم الرافضة(826) والجهمية والقرامطة، قال ابن القيم _ رحمه الله _: "وكان عصبة الوارثين لهم في ذلك ثلاث طوائف الرافضة والجهمية والقرامطة فإنهم اعتمدوا في النصوص المخالفة لضلالهم هذه الأمور الثلاثة"827.
…ومن اعتقادات الرافضة إلى يومنا هذا أن القرآن الذي عند المسلمين فيه نقص كبير828، فقد صرح بذلك بعضهم، يقول أحدهم: "فإنهم بعد النبي( قد غيروا وبدلوا في الدين، كتغييرهم القرآن وتحريف كلماته وحذف ما فيه من مدائح آل الرسول والأئمة الطاهرين وفضائح المنافقين وإظهار مساويهم"829.(1/213)
ولهم في ذلك روايات، فيروي الكليني(830) عن أحدهم: "قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ هَاهُنَا أَحَدٌ يَسْمَعُ كَلامِي قَالَ فَرَفَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) سِتْراً بَيْنَهُ وَ بَيْنَ بَيْتٍ آخَرَ فَاطَّلَعَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ شِيعَتَكَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ رَسولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) عَلَّمَ عَلِيّاً (عليه السلام) بَاباً يُفْتَحُ لَهُ مِنْهُ أَلْفُ بَابٍ قَالَ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ عَلَّمَ رَسولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) عَلِيّاً (عليه السلام) أَلْفَ بَابٍ يُفْتَحُ مِنْ كُلِّ بَابٍ أَلْفُ بَابٍ قَالَ قُلْتُ هَذَا وَ اللَّهِ الْعِلْمُ قَالَ فَنَكَتَ سَاعَةً فِي الأَرْضِ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ وَ مَا هُوَ بِذَاكَ قَالَ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَ إِنَّ عِنْدَنَا الْجَامِعَةَ وَ مَا يُدْرِيهِمْ مَا الْجَامِعَةُ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا الْجَامِعَةُ قَالَ صَحِيفَةٌ طُولُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِ رَسولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) وَ إِمْلائِهِ مِنْ فَلْقِ فِيهِ وَ خَطِّ عَلِيٍّ بِيَمِينِهِ فِيهَا كُلُّ حَلالٍ وَ حَرَامٍ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ حَتَّى الأَرْشُ فِي الْخَدْشِ وَ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَيَّ فَقَالَ تَأْذَنُ لِي يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّمَا أَنَا لَكَ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ قَالَ فَغَمَزَنِي بِيَدِهِ وَ قَالَ حَتَّى أَرْشُ هَذَا كَأَنَّهُ مُغْضَبٌ قَالَ قُلْتُ هَذَا وَ اللَّهِ الْعِلْمُ قَالَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ وَ لَيْسَ بِذَاكَ ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ وَ إِنَّ عِنْدَنَا الْجَفْرَ وَ مَا(1/214)
يُدْرِيهِمْ مَا الْجَفْرُ قَالَ قُلْتُ وَ مَا الْجَفْرُ قَالَ وِعَاءٌ مِنْ أَدَمٍ فِيهِ عِلْمُ النَّبِيينَ وَ الْوَصِيينَ وَ عِلْمُ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ مَضَوْا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ قُلْتُ إِنَّ هَذَا هُوَ الْعِلْمُ قَالَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ وَ لَيْسَ بِذَاكَ ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ وَ إِنَّ عِنْدَنَا لَمُصْحَفَ فَاطِمَةَ (عليها السلام) وَ مَا يُدْرِيهِمْ مَا مُصْحَفُ فَاطِمَةَ (عليها السلام) قَالَ قُلْتُ وَ مَا مُصْحَفُ فَاطِمَةَ (عليها السلام) قَالَ مُصْحَفٌ فِيهِ مِثْلُ قُرْآنِكُمْ هَذَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَ اللَّهِ مَا فِيهِ مِنْ قُرْآنِكُمْ حَرْفٌ وَاحِدٌ"831، وهذه الرواية يزعمون أنه يقول فيها: إن عند آل البيت ثلاثة أسفار ليست عند بقية المسلمين: الجامعة والجفر(832) ومصحف فاطمة، وهذا المصحف هو من القرآن وليس من القرآن الذي بين أيدي المسلمين، وما هذا القرآن الذي عند المسلمين إلا ما يساوي ثلث المصحف المنسوب إلى فاطمة، ولكن أين هذا المصحف لم يظهر كل هذه السنين المتطاولة، وبغض النظر عن سند هذه الرواية، أليست هذه الرواية تعارض قول الله تبارك وتعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(833)، وما عارض القرآن كان خطأً بلا شك، فعلم أن هذا الذي يدعونه إنما هو من تلفيقهم وكذبهم؛ فلو كان هذا الذي يدعونه من القرآن لحفظه الله عز وجل بنص القرآن.(1/215)
…ويروي الكليني عن جعفر _ رحمه الله _ أنه قال: "مَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ جَمَعَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ كَمَا أُنْزِلَ إلاَّ كَذَّابٌ وَ مَا جَمَعَهُ وَ حَفِظَهُ كَمَا نَزَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى إلاَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) وَ الأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ (عليهم السلام)"834، فهل حفظه الله لعلي وحده، أم أنزله ليكون حجة على خلقه إلى يوم القيامة، وما فائدة هذا القرآن الذي أنزل على الثقلين ولا يعلمه إلا رجل من الإنس، ثم يخفى على كل الناس من بعده، وكلما سأل الناس عن بقية القرآن أجيبوا بأنهم لا يعلمون من القرآن إلا ثلثه، والباقي حفظه الله لكنه عند علي والأوصياء من بعده.(1/216)
…ولكي نعرف المزيد عن هذا المصحف المزعوم يروي الكليني رواية أخرى عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَال"سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَقُولُ تَظْهَرُ الزَّنَادِقَةُ فِي سنةِ ثَمَانٍ وَ عِشْرِينَ وَ مِائَةٍ وَ ذَلِكَ أَنِّي نَظَرْتُ فِي مُصْحَفِ فَاطِمَةَ (عليها السلام) قَالَ قُلْتُ وَ مَا مُصْحَفُ فَاطِمَةَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا قَبَضَ نَبِيَّهُ (صلى الله عليه وآله) دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ (عليها السلام) مِنْ وَفَاتِهِ مِنَ الْحُزْنِ مَا لا يَعْلَمُهُ إلاَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكاً يُسَلِّي غَمَّهَا وَ يُحَدِّثُهَا فَشَكَتْ ذَلِكَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فَقَالَ إِذَا أَحْسَسْتِ بِذَلِكِ وَ سَمِعْتِ الصَّوْتَ قُولِي لِي فَأَعْلَمَتْهُ بِذَلِكَ فَجَعَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) يَكْتُبُ كُلَّ مَا سَمِعَ حَتَّى أَثْبَتَ مِنْ ذَلِكَ مُصْحَفاً قَالَ ثُمَّ قَالَ أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْ ءٌ مِنَ الْحَلاَلَ وَ الْحَرَامِ وَ لَكِنْ فِيهِ عِلْمُ مَا يَكُونُ"835، ولكن أين هذا المصحف ولماذا لم يظهره علي رضي الله عنه وقت خلافته.(1/217)
…ويذكر علي بن إبراهيم القمي الشيعي في تفسيره بعض التحريفات للقرآن الكريم، منها: "قرأ قارئ قوله تعالى: ((كنتم خير أمة خرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)(836)، فقال أبو عبد الله عليه السلام لقارئ هذه الآية: (خير أمة) يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين بن علي عليهم السلام ؟ فقيل له: وكيف نزلت يا ابن رسول الله؟ فقال: إنما نزلت: ((كنتم خير أئمة أخرجت للناس)) ألا ترى مدح الله لهم في آخر الآية ((تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)) ومثله آية قرئت على أبي عبد الله عليه السلام: ((الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما (837))) فقال أبو عبد الله عليه السلام: لقد سألوا الله عظيما أن يجعلهم للمتقين إماما. فقيل له: يا ابن رسول الله كيف نزلت ؟ فقال: إنما نزلت: (الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعل لنا من المتقين إماما)) وقوله: ((له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله (838))) فقال أبو عبد الله: كيف يحفظ الشيء من أمر الله وكيف يكون المعقب من بين يديه فقيل له: وكيف ذلك يا ابن رسول الله ؟ فقال: إنما نزلت ((له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله)"(839).
…إن اليهود لما اخترعوا بعض الكلام من عند أنفسهم فقالوا هو من عند الله وما هو من عند الله، لم تكن إضافتهم سوى تحريفٍ لما جاء في التوراة، ولم ينسبوا إلى التوراة أضعافها كما فعلت الرافضة، فكان هؤلاء شر سلف لشر خلف، ولقد تعدى فعلهم فعل اليهود الذين هم أساتذة التحريف للنصوص.(1/218)
…ومن هؤلاء المحرفين لنص القرآن: الباطنية ومنهم القرامطة الذين ذكرهم الإمام ابن القيم رحمه الله آنفاً، وهم أصحاب "حركة باطنية هدامة تنتسب إلى شخص اسمه حمدان بن الأشعث ويلقب بقرمط لقصر قامته وساقيه وهو من خوزستان في الأهواز ثم رحل إلى الكوفة. وقد اعتمدت هذه الحركة التنظيم السري العسكري، وكان ظاهرها التشيع لآل البيت والانتساب إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وحقيقتها الإلحاد والإباحية وهدم الأخلاق والقضاء على الدولة الإسلامية"(840)، ومنها تتفرع بعض الفرق الباطنية في العصر الحديث، وعلى منوالهم درج البابية البهائية والقاديانية.
…والبهائية حركة نبعت من المذهب الشيخي(841) سنة 1260ه842، وهي تطورٌ عن البابية، التي أسسها الميرزا علي محمد رضا الشيرازي (1235_1266هـ)843، وهو الملقب بالباب الشيرازي، وممن أكمل مسيرة البهائية: حسين بن علي المازندراني، والذي لقب بعد ذلك بـ (بهاء الله)، وادعى نسخ الشريعة الإسلامية844، وادعى النبوة بعد ذلك، ووصل بعد ذلك إلى ادعاء الربوبية845، ومن تعليمات البهائية:-
1. وحدة الأديان.
2. وحدة الأوطان.
3. وحدة اللغة.
4. السلام العالمي، أو ترك الحروب.
5. مساواة الرجال بالنساء(846).
…ويدعي الشيرازي بأن عنده مصحف يسمى البيان أوحاه الله إليه وهو أفضل من القرآن(847) وناسخ له(848)، وفيه يتحدى الجن والإنس أن يأتوا بحرف من مثله، فيقول فيه _ بعبارة غاية في العجمة _: "إنا قد جعلناك جليلاً للجاللين وإنا قد جعلناك به عظيماً عظيماناً للعاظمين وإنا قد جعلناك نوراً نوراناً للنورين قد جعلناك رحماناً رحيماً للراحمين وإنا قد جعلناك تميماً للتامين _ إلى أن يقول _: قل إنا قد جعلناك مليكاناً مليكاً للمالكين قل إنا قد جعلناك عليناً علياً للعالين قل إنا قد جعلناك بشراناً بشيراً للباشرين"849.(1/219)
وقال متحدياً الإنس والجن على أن يأتوا بحرف منه: "يوم نكشف الساق عن ساقهم ينظرون إلى الرحمن وذكره في الأرض المحشر قريباً: فيقولون ياليتنا اتخذنا مع الباب سبيلاً إمامكم هذا كتابي قد كان من عند الله في أم الكتاب بالحق على الحق مشهود لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا الكتاب بالحق على أن يستطيعوا ولو كان أهل الأرض ومثلهم معهم على الحق ظهيراً فوربك الحق لن يقدروا بمثل بعض من حروفه ولا على تأويلاته من بعض السرقطميراً"850.
كما أن المازندراني تبع الشيرازي في دعوى النبوة، فإنه لم تفته دعوى إنزال الله عليه كتاباً مثل الشيرازي، فلفق كتابه: (الأقدس)، جاء فيه بدعاوى غريبة، حتى ادعى فيه بعض خصائص الربوبية، يقول في كتابه: "يا ملاء البيان إنا دخلنا مكتب الله إذا أنتم راقدون ولاحظنا اللوح إذ أنتم نائمون تالله الحق قد قرأناه قبل نزوله وأنتم غافلون"851، ويقول في بيانه لمنزلة كتابه: "لا تحسبن أنا أنزلنا لكم الأحكام بل فتحنا ختم الرحيق المختوم بأصابع القدرة والاقتدار يشهد بذلك ما نزل من قلم الوحي تفكروا يا أولي الأفكار"(852)، ويقول: "من يقرأ آية من آياتي لخير له من أن يقرأ كتب الأولين والآخرين هذا بيان الرحمن(853) إن أنتم من السامعين قل هذا حق العلم لو أنتم من العارفين"854.
فسبحان الذي حفظ كتابه عن مثل هذه الكلمات التافهة وجعله في صيانة عن أيدي العابثين وتحدى بحق فلم يحاول العرب الأقحاح من أهل الشعر الفصيح، من رثاء ومديح أن يأتوا بمثله، حتى انبهر أمام ذلك الإعجاز، أصحاب عكاظ وذي مجاز855.(1/220)
فهذه محاولات في العصر الحديث لتحريف القرآن تشبه أصحابها بأساتذة التحريف من اليهود، فلربما غلا بعضهم حتى غلب أستاذه في التحريف، ولا غرو فقد تشبهوا بهم في الانحطاط وقسوة القلوب، وقد قال الله عن اليهود: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسوةً)(856)، فزاد هؤلاء المغرضين على ما افتراه اليهود من التحريف في التوراة، حتى ادعى الواحد منهم قرآناً وفضله على كلام الله، وقال الله: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ)857.(1/221)
وأما الجهمية فلم أقف على تحريف لهم في نصوص القرآن في العصر الحديث، ولكن إنما وقع تحريفهم للقرآن من جهة المعنى، وسيأتي، ولكن ذكر ابن كثير _ رحمه الله _ رواية لأحدهم حاول أن يحرف شيئاً من القرآن ليتناسق مع اعتقاده وهو من المعتزلة858، قال ابن كثير: "وكان هذا من المعتزلة الذين ينكرون أن يكون الله كلم موسى عليه السلام أو يكلم أحداً من خلقه كما رويناه عن بعض المعتزلة أنه قرأ على بعض المشايخ وكلم اللهَ موسى تكليماً فقال له يا ابن اللخناء كيف تصنع بقوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ)(859) يعني أن هذا لا يحتمل التحريف ولا التأويل"860، ومحاولة التحريف من هذا القارئ إنما كانت لاعتقاده أن وصف الله بالكلام تشبيهٌ له بالمخلوق، أو لنفي تعدد القدماء، وهذا مبنى على لوثة كلامية861، وكفى بالآية التي استشهد بها هذا الشيخ دليلاً على خطأ هذا المسلك.
المطلب الثاني: تحريف المعاني:-
ومما يدخل في مسمى التحريف: تحريف المعاني(862)، والذي يسمى بتحريف التأويل(863)، وهو: صرف اللفظ عن ظاهره الراجح إلى معنى آخر مرجوح بقرينة تدل عليه864، وهذا النوع من التأويل لا يعتبر تحريفاً إلا باعتبار كون القرينة التي أول اللفظ من أجلها غير صحيحة، فإن كانت صحيحة لم يكن تحريفاً865.
وكما أن الله تبارك وتعالى وعد بحفظ نص كتابه فقال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(866)، فقد توعد ببيان معاني كتابه كذلك فلا يستطيع أحد أن يمنع بيانها الحقيقي الذي يرضاه الله عز وجل، قال تعالى: (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ)(867)، قال ابن كثير: "قال ابن عباس وعطية العوفي ثم إن علينا بيانه: تبيين حلاله وحرامه وكذا قال قتادة"868.(1/222)
وتختلف الأفهام في تفسير كلام الله تعالى، وهنا يكمن السؤال: أي فهم منها هو الفهم الصحيح؟ وما هي الطريقة التي يرضاها الله لنفهم كلامه الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم؟ والجواب الذي ينبني على التفكير السليم هو أن الذي أنزل القرآن أعلم بمراده بالقرآن فإن وجدنا في القرآن ما يفسر معناه من آيات أخرى كان أولى ما يفسر به القرآن، ثم إن الذي أُنزل عليه القرآن أعلم بمراده وهو النبي صلى الله عليه وسلم، فإن لم نجد تفسير القرآن في بعض آي القرآن وجب أن نبحث في السنة فهي أولى ما يفسر به القرآن، ثم إن أعلم الناس بعد ذلك بمراد الله هم الصحابة الكرام، وهم الذين شاهدوا نزول القرآن وعلموا من مناسبات آياته ما لم يعلمه غيرهم من الناس، فوجب الأخذ عنهم في تفسير ما لم نجد تفسيره في السنة من كلام الله تبارك وتعالى، هذا هو الترتيب العقلي الصحيح، ولا شك أنه أقرب طريق للصواب لمن أراد الحق بدون هوى، وبه قال علماء التفسير، وأنقل هنا كلاماً جيداً للمفسر المشهور ابن كثير في مقدمة تفسيره حيث يقول بهذا الصدد: "فإن قال قائل فما أحسن طرق التفسير فالجواب أن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن فما أجمل في مكان فإنه قد بسط في موضع آخر فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن قال الله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً)(869) وقال تعالى: (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(870) وقال تعالى: (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ(1/223)
الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(871)، والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه فإن لم تجده فمن السنة، وحينئذ إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح لا سيما علماؤهم وكبراؤهم كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين والأئمة المهتدين المهديين وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم"872، هذه الطريقة هي التي تضمن لكل من أراد الحق أن يقف على المقصود من كلام الله أو قريباً منه دون زيغ أو هوى أو تحريف لمعنى ما أراده الله من كلامه.
ولذلك قال ابن كثير _ رحمه الله _: "من قال في كتاب الله برأيه فأصاب فقد أخطأ، أي: لأنه قد تكلف ما لا علم له به ما أمر به فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ لأنه لم يأت الأمر من بابه، ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به كما قال أبو بكر الصديق (: أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم. وعن عمر بن الخطاب( أنه قرأ على المنبر (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً)(873) فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب ثم رجع إلى نفسه فقال إن هذا لهو التكلف يا عمر، وعن أنس قال كنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي ظهر قميصه أربع رقاع فقرأ: (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) فقال ما الأب؟ ثم قال: إن هذا لهو التكلف، فما عليك أن لا تدريه. وهذا كله محمول على أنه ( إنما أرادا استكشاف علم كيفية الأب وإلا فكونه نبتاً من الأرض ظاهر لا يجهل لقوله تعالى: (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً)(874)"(875).(1/224)
…وأكثر من اشتهر من أهل الأديان السابقة بتحريف معاني كلام الله هم اليهود، قال تعالى: (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسنتهمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إلاَّ قَلِيلاً)(876)، قال ابن جرير الطبري _ رحمه الله _: "وأما تأويل قوله: (يحرفون الكلم عن مواضعه): فإنه يقول: يبدلون معناها ويغيرونها عن تأويله، والكلم جماع كلمة، وكان مجاهد يقول: عنى بالكلم التوراة، وأما قوله: (عن مواضعه): فإنه يعني عن أماكنه ووجوهه التي هي وجوهه"877، فاليهود كانوا من أوائل من حرف معاني كلام الله عز وجل، قال ابن القيم _ رحمه الله _: "والتحريف: العدول بالكلام عن وجهه وصوابه إلى غيره، وهو نوعان تحريف لفظه وتحريف معناه والنوعان مأخوذان من الأصل عن اليهود؛ فهم الراسخون فيهما وهم شيوخ المحرفين وسلفهم؛ فإنهم حرفوا كثيراً من ألفاظ التوراة وما غلبوا عن تحريف لفظه حرفوا معناه ولهذا وصفوا بالتحريف في القرآن دون غيرهم من الأمم"878.(1/225)
…وممن تبعهم في ذلك من الأمم: النصارى قال ابن القيم _ رحمه الله _: "فالتأويل هو الذي فرق اليهود إحدى وسبعين فرقة والنصارى ثنتين وسبعين فرقة وهذه الأمة ثلاثاً وسبعين فرقة فأما اليهود فإنهم بسبب التأويلات التي استخرجوها بآرائهم من كتبهم صاروا فرقاً مختلفة بعد اتفاقهم على أصل الدين والإيمان بما في التوراة والزبور وكتب أنبيائهم التي يدرسونها ويؤمنون بها وبسبب التأويلات الباطلة مسخوا قردة وخنازير وجرى عليهم من الفتن والمحن ما قصه الله وبالتأويل الباطل عبدوا العجل حتى آل أمرهم إلى ما آل وبالتأويل الباطل فارقوا حكم التوراة واستحلوا المحارم وارتكبوا المآثم فهم أئمة التأويل والتحريف والتبديل والناس لهم فيه تبع فلا تبلغ فرقة مبلغهم فيه وبالتأويل استحلوا محارم الله بأقل الحيل وبالتأويل قتلوا الأنبياء فإنهم قتلوهم وهم مصدقون بالتوراة وبموسى وبالتأويل والتحريف حلت بهم المثلات وتتابعت عليهم العقوبات وقطعوا في الأرض أمما وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله وبالتأويل دفعوا نبوة عيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما وقد استهلت التوراة وكتب الأنبياء بالبشارة بهما وظهورهما ولا سيما البشارات بمحمد فإنها متظاهرة في كتبهم بحيث كان علماؤهم لما رأوه وشاهدوه عرفوه معرفتهم أبناءهم ومع هذا فسطوا على تلك البشارات بكتمان ما وجدوا السبيل إلى كتمانه وما غلبوا عن كتمانه حرفوا لفظه عن ما هو عليه وما عجزوا عن تحريف لفظه حرفوا معناه بالتأويل، وكانت حالهم فيما جنت عليهم التأويلات الباطلة أفسد حالا من اليهود؛ فإنهم لم يصلوا بتأويلهم إلى ما وصل إليه عباد الصليب من نسبة الرب تعالى إلى ما لا يليق به ثم دفعوا بالتأويلات إلى إبطال شرائع التوراة فأبطلوا الختان واستحلوا السبت واستباحوا الخنزير وعطلوا الغسل من الجنابة حتى آل أمرهم إلى ما آل إليه من انسلاخهم عن شريعة المسيح في التوحيد والعمليات"(879)، ما سبق(1/226)
من كلام ابن القيم هو بعض ما وقع فيه أهل الكتاب من معصية الله وتحريف دين الله؛ من جراء التأويل الفاسد(880).
…وكما أن تحريف الألفاظ قد سبقت إليه ثلاث طوائف وهم الرافضة والقرامطة والجهمية، فإن هذه الفرق الثلاث كان لها أكبر الأثر في نشر فكرة التأويل الفاسد، وذلك بتحريف معاني كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن تبعهم من الفرق التي شاركتهم بعد ذلك في قضية تحريف المعاني قد أخذوا عنهم وساروا على منوالهم، قال ابن القيم _ رحمه الله _: "ودرج الرافضة على آثار اليهود؛ فهم أشبه بهم من القذة بالقذة والجهمية فإنهم سلكوا في تحريف النصوص الواردة في الصفات مسالك إخوانهم من اليهود ولما لم يتمكنوا من تحريف نصوص القرآن حرفوا معانيه وسطوا عليها وفتحوا باب التأويل لكل ملحد يكيد الدين فإنه جاء فوجد باباً مفتوحاً وطريقاً مسلوكة ولم يمكنهم أن يخرجوه من باب أو يردوه من طريق قد شاركوه فيها وإن كان الملحد قد وسع باباً هم فتحوه وطريقاً هم اشتقوه"(881).
فكل من حرف معاني كلام الله وكلام رسوله ( وأوله تأويلاً باطنياً ليس له أي صلة بلغة العرب وقد اتضح فيه نصيب الهوى: فيه شبه من القرامطة الباطنية(882)، كالنصيرية والدروز والزنادقة وغيرهم، ومن حرف المعاني مجاراة للأهواء الفاسدة والعقائد المختلقة من الأديان السالفة، الشرقية منها على وجه الخصوص كالعقائد الهندية والفارسية، وتستر بحب آل البيت ففيه شبه من الرافضة، كالصوفية وغيرهم، وكل من حرف المعاني بسبب مجاراة العقائد الفلسفية اليونانية والمنطق الأرسطي فيه شبه من الجهمية، كالمعتزلة والماتريدية وغيرهم.
…وكل أولئك قد تشبهوا بالأساتذة الأُوَلِ _ من اليهود _ الذين رسموا المنهج وساروا في ركب الشيطان ليقتدي بهم إخوانهم من النصارى، ومن رغب في حالهم ومآلهم، ومن تشبه بقوم فهو منهم.(1/227)
…فالباطنية ومنهم النصيرية883 والدروز884 جاءوا بتأويلات للقرآن تعد تحريفاً خطيراً لمعانيه، فمن تحريفات النصيرية أنهم يزعمون أن الصلاة التي ورد ذكرها في القرآن ما هي إلا عبارة عن خمسة أسماء هي: علي وحسن وحسين ومحسن وفاطمة و(محسن) هذا هو: (السر الخفي) إذ يزعمون بأنه سقط طرحته فاطمة، وذكر هذه الأسماء يجزئ عن الغسل والجنابة والوضوء، كما يزعمون أن الصيام: هو حفظ السر المتعلق بثلاثين رجلاً وثلاثين امرأة عندهم، وأن الزكاة ما هي إلا رمز لشخصية سلمان الفارسي(885)، وأما الدروز فيرون أن لفظ الفحشاء والمنكر في القرآن الكريم وفي غيره تعني: أبا بكر وعمر(886)، هكذا يفسرون كلام الله كما تشاء أهواؤهم وأحقادهم وما ذلك إلا لإرادة هدم الدين، ولا تزال هذه الفرق الباطنية تعتقد ما سطره لها أسلافها من هذه التأويلات الشنيعة.
وممن شارك في تحريف معاني القرآن: (البابية والبهائية)، يقول الباب(887) مفسراً لسبب تحريفه لمعاني القرآن: (إن الحروف والكلمات كانت قد عصت واقترفت خطيئة في الزمن الأول، فعوقبت بخطيئتها بأن قيدت بسلاسل الإعراب، وحيث أن بعثتنا جاءت رحمة للعالمين؛ فقد حصل العفو عن جميع المذنبين والمخطئين حتى الحروف والكلمات، فأطلقت من قيدها تذهب إلى حيث تشاء من وجوه اللحن والغلط)(888).(1/228)
وأما الرافضة فقد أولوا الكثير من الآيات بأهوائهم، وخاصة ما يتعلق منها بالصحابة الكرام، فإنه لما لم يأت في القرآن ولا في السنة سوى مدحهم والثناء عليهم أرادوا أن يسيئوا إليهم عن طريق تحريف معاني القرآن ففسروا بعض الآيات على هذا الأساس، ومنها قوله تعالى: (فقاتلوا أئمة الكفر)(889) يفسرونها بأن أئمة الكفر هم طلحة والزبير(890)، ويفسرون الجبت والطاغوت الوارد في قوله سبحانه (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت..) (891).، يفسرونهما بصاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفتيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما (892)، ويفسرون الفحشاء والمنكر، في قوله (وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي) (893) بولاية أبي بكر وعمر وعثمان(894)، وهذه التأويلات التي انبنت على عقيدة العداء لبعض الصحابة عند الرافضة، لا تزال متبعة حتى العصر الحديث.(1/229)
وممن وقع في تحريف معاني القرآن الكريم: من تأثر بالمنهج العقلاني الأوروبي، وأضربُ على ذلك بمثال واحد _ منعاً للإطالة _: يرى الجنرال سياد بري(895) أن القرآن الكريم يخضع للتغيرات الاجتماعية ويسايرها, ويستدل على ذلك - على حد زعمه - بوجود التفاوت بين أنصبة الرجل والمرأة في الميراث، ويعلل ذلك بمسايرة الأوضاع التي كانت سائدة آنذاك؛ والتي كان وأد البنات خشية الإملاق متفشياً بين العرب في تلك الفترة، ولهذا جاء تشريع هذا التفاوت بين أنصبة الرجل وأنصبة المرأة في الميراث إرضاءً للطرفين، وتحقيقاً لمصلحة الجانبين، فهو من جهة فيه إرضاءٌ للرجل بأنه أفضل من البنت، وأنها لن تزاحمه في الميراث، وبالتالي فإن ذلك سيصرفه عن قتل أخته، وهو من الجهة الأخرى فيه مصلحة للبنت بحفظ حياتها وحمايتها من القتل من الرجال، وإذا تغيرت هذه الأوضاع وترك الناس عادة وأد البنات استنفذ تشريع التفاوت في الميراث أغراضه، وحان وقت تشريع المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة. ثم يضيف قائلاًُ: "إننا نجد في القرآن كما تعلمون أن خمسين بالمئة من الآيات القرآنية منسوخة أو متناقضة مع آيات أخرى، وإذا لم تكن التطورات الاجتماعية هي السبب الأساسي كما ذكرت؛ إذاً فما هو نسخ آية بآية أخرى"(896)، وليس هذا هو موضع الرد المفصل على هذه الشبهات غير أنه يكفي أن هذه القاعدة التي قررها هذا الرجل لم يسبقه إليها أحد من أهل العلم، لا سيما وأن تطبيقاتها التي مثل بها يظهر التأثر فيها بالغرب جلياً واضحاً، فإن عقدة المساواة بين الرجل والمرأة شغلت الغرب كثيراً ومع ذلك لم يتوصلوا إلى حل أفضل من الحل الإسلامي.(1/230)
…وأما المتكلمون فإنهم تأولوا بعض الآيات التي ورد فيها وصف الله عز وجل بصفات يرون أن إثباتها ينافي المسلمات العقلية، ويقصدون بالمسلمات العقلية تلك الحجج المنطقية اليونانية التي أثبتوا بها وجود الخالق، ثم طردوا على أساسها إثباتهم لصفات الخالق التي تتناسق مع تلك المسلمات المنطقية، وما تعارض معها من صفات الباري المثبتة في القرآن أولوه بدعوى تعارض العقل مع النقل.
…بل أسس الرازي قانوناً يسير عليه المتكلمون قال فيه: "إذا تعارضت الأدلة السمعية والعقلية أو السمع والعقل أو النقل والعقل أو الظواهر النقلية والقواطع العقلية أو نحو ذلك من العبارات، فإما أن يجمع بينهما وهو محال؛ لأنه جمع بين النقيضين، وإما أن يردا جميعاً، وإما أن يقدم السمع وهو محال؛ لأن العقل أصل النقل فلو قدمناه عليه كان ذلك قدحاً في العقل الذي هو أصل النقل والقدح في أصل الشيء قدح فيه فكان تقديم النقل قدحاً في النقل والعقل جميعاً، فوجب تقديم العقل ثم النقل إما أن يتأول وإما أن يفوض"(897)، وذلك لأنهم لم يتوصلوا إلى صدق القرآن والرسول إلا بعد ما توصلوا إلى وجود الخالق عن طريق المقدمات المنطقية التي كانت هي السبيل الوحيد إلى معرفة الحق عندهم، حتى إنه إذا تعارض معها القرآن وجب تأويله أو تفويضه.
…هذا غيض من فيض والمصاب الجلل أن تستمر عجلة التأويل في الدوران إلى عصرنا الحديث لتنحى منحى أكاديمياً، مع غض الطرف عن أصل علم الكلام، وعن آثاره على آيات القرآن؛ فالأصل من اليونان والأثر هو تأويل آي القرآن(898).
المبحث الخامس: مظاهر التشبه بالكفار في جانب النبوات
المطلب الأول: إطراء النبي ( والاستغاثة به:-(1/231)
الإطراء هو: مُجاوَزَةُ الحَدِّ في المَدْحِ والكَذِبُ فيه(899)، فالإطراء يكون بالأوصاف الزائدة على ما يستحقه الإنسان من المدح، وأما ما كان من الأوصاف منطبقاً على الموصوف فلا بأس به، وذلك كوصف النبي ( بما يليق به مما وصفه الله تعالى به، وما وصف به نفسه (، فقد وصفه الله تعالى بأنه خاتم الأنبياء، فقال: (وَلَكِنْ رَسولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيينَ)(900)، ووصفه بأنه سراج منير، فقال تعالى: (وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً)(901)، ووصف خلقه بأنه خلق عظيم، فقال: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)(902)، ووصفه بأنه أولى الناس بإبراهيم، فقال: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)(903)، وجعل الغضب وحبوط العمل على من رفع صوته بجواره فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ)(904).
وكما وصف النبي ( نفسه بأنه سيد ولد آدم كما روى عنه أبو هريرة قال قال رسول الله (: ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة))905، وكما سمى نفسه ( بأسماء حسنة فقال (: ((لي خمسة أسماء أنا محمد وأحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب))(906).
وكما أن للنبي ( أوصافاً لا ينبغي تعديها بوصفه بما ليس من صفاته مما فيه إطراء وغلو فيه، فكذلك له حقوق ينبغي أن تؤدى إليه من غير زيادة ولا نقصان؛ تجنباً للغلو والإطراء فمن حقوقه (:-(1/232)
حق محبته واحترامه، قال رسول الله (: ((لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين))(907)، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ، إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)(908).
وحق اتباعه ( واتخاذه قدوة، قال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)(909)، وقال: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسولٍ إلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ)(910)، وقال: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسولِ اللَّهِ أُسوةٌ حَسنةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)(911).
وحق الصلاة والسلام عليه كلما ذكر (؛ فقد قال (: ((البخيل الذي من ذكرت عنده فلم يصل علي))912.(1/233)
إلى غير ذلك من أوصافه وحقوقه ( الثابتة بالقرآن والسنة، فلا تجوز مجاوزة الحد فيها بإطرائه ( ووصفه بأوصاف فوق مستوى العبودية؛ حتى لا نقع فيما وقع فيه النصارى الذين تجاوزوا الحد في نبيهم عيسى ( فوصفوه بأوصاف الربوبية، ولقد حذرنا النبي ( من ذلك الإطراء الذي وقع فيه النصارى فقال: ((لا تطروني كما أطرت النصارى بن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله)) 913، وهذا الحديث أشمل حديث في هذا الباب، وفيه أن النصارى أطرت عيسى ( وكذبت في وصفه ومدحه، ورفعوه فوق المستوى اللائق به، ولو أمعنا النظر في الحديث لوجدنا أن الوصف اللائق بالنبي محمد ( وهو نفس الوصف اللائق بعيسى (، مذكور في الحديث؛ فإن النبي ( عقب على نهيه عن الإطراء بوصفه لنفسه بالعبودية لله رب العالمين، كما وصفه ربه ( بالرسالة، وهذا هو عين الاعتجال بالبعيد عن الإطراء والجفاء، فكان المقصود الأعظم من النهي عن الإطراء هو خوف النبي ( على أمته من أن يسلكوا نفس الطريق التي سلكها النصارى مع نبيهم عيسى ( حيث رفعوه وجاوزوا به منزلة العبودية إلى منزلة الربوبية، فجعلوه شريكاً لله في كل شيء، بل جعلوه هو الله نفسه.
ولو وجد النبي ( _ وهو الذي أوتي جوامع الكلم _ تعبيراً يكبح جماح الإطراء له غير التعبير بالعبودية لله لذكره، ولكن النبي ( وجد وصف العبودية لله هو خير وصف يحدد القدر اللائق به من المدح الجائز الذي لا يخرج عن حد الاعتدال.(1/234)
وهو نفس الوصف الذي ارتضاه له ربه جل وعلا في أسمى المقامات وأرفعها وأشرفها، فوصفه بالعبودية في "مقام التحدي ومقام الإسراء ومقام الدعوة فقال في التحدي (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)(914)، وقال في مقام الإسراء (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الذي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)(915)، وقال في مقام الدعوة: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً)(916)، وإذا تدافع أولو العزم الشفاعة الكبرى يوم القيامة يقول المسيح لهم: ((اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر))917 فنال ذلك المقام بكمال العبودية لله وكمال مغفرة الله له، فأشرف صفات العبد صفة العبودية"918.
ولذلك دعا النبي ( ربه عز وجل فقال: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد))919، وما ذلك إلا من خوفه على أمته أن يفعلوا به كما فعل الناس بقبور أنبيائهم، يقول ابن القيم في نونيته:-
ولقد نهى ذا الخلق عن إطرائه… …فعل النصارى عابدي الصلبان
ولقد نهانا أن نصير قبره عيداً …حذار الشرك بالرحمن
ودعا بأن لا يجعل القبر الذي… …قد ضمه وثناً من الأوثان920(1/235)
…والنبي ( لم يترك مظهراً من مظاهر إطرائه أو الغلو فيه إلا ونهى عنه وحذر منه؛ اهتماماً منه ( بهذا الجانب حتى لا يوصف بشيء مما ليس من خصائصه، ولما قدم معاذ من الشام سجد للنبي ( فقال: ((ما هذا يا معاذ؟))، قال: أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك، فقال رسول الله (: ((فلا تفعلوا فإني لو كنت آمراً أحد أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها))(921)، ولمَّا نسي النبي ( مرة في صلاة فلما سلم قيل له يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ قال: ((وما ذاك؟))، قالوا: صليت كذا وكذا، فثنى رجليه واستقبل القبلة فسجد سجدتين ثم سلم ثم أقبل عليهم بوجهه فقال: ((إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني))922، فأكد على بشريته ( بل أكد على ذلك بذكر لازم من لوازم البشرية وهو النسيان الذي لا ينبغي لمقام الربوبية.
وفي باب القضاء: النبي ( يقضي بين الناس بالظاهر، ولكنه لا يعلم من هو صاحب الحق الحقيقي _ ما لم يوح إليه بذلك _، فيقول ( مؤكداً على ذلك: ((إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وأقضي له على نحو مما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذ فإنما أقطع له قطعة من النار))923، فإن النبي ( في هذا الباب لا يختلف عن أحد من الناس؛ فما يقضيه إنما يكون على حسب المعطيات التي أعطيت له من المتخاصمين، فإن أخفى أحدهما شيئاً عنه فلا يعدو عن كونه يقضي في القضية بما أنزل الله، والله يتولى السرائر.
وما هذا الحرص منه ( إلا خوفاً على أمته أن تقع فيما وقع فيه النصارى الذين اتخذوا عيسى إلهاً مع الله.(1/236)
وذلك مثبت في تحريفاتهم للكتاب الذي أنزل على عيسى عليه السلام، كما أثبتوه في العهد الجديد، جاء في العهد الجديد(924): "1 بولس عبد ليسوع المسيح المدعو رسولا المفرز لإنجيل الله، 2 الذي سبق فوعد به بأنبيائه في الكتب المقدسة، 3 عن ابنه. الذي صار من نسل داود من جهة الجسد، 4 وتعيّن ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات. يسوع المسيح ربنا، 5 الذي به لأجل اسمه قبلنا نعمة ورسالة لا طاعة الإيمان في جميع الأمم، 6 الذين بينهم أنتم أيضاً مدعووا يسوع المسيح، 7 إلى جميع الموجودين في رومية أحباء الله مدعوين قديسين. نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح، 8 أولاً أشكر إلهي بيسوع المسيح من جهة جميعكم أن إيمانكم ينادى به في كل العالم"(925).
في النص السابق من العهد الجديد يؤكد بولس _ وهو رسول المسيح كما يزعم _ على عبوديته للمسيح الذي صار ابناً لله الأب من ناحية الجسد _ وهي عقيدة النصارى اليوم بأن الرب حل في جسد المسيح _ لتخليص الناس من الخطيئة التي ورثوها عن آدم، وفي هذا تقرير لربوبية المسيح.
وفي العهد الجديد جاء أيضاً: "1 بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة الله إلى القديسين الذين في أفسس والمؤمنون في المسيح يسوع، 2 نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح، 3 مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح"926، وفي هذا النص أيضاً يدعي بولس أن المسيح عيسى ابن مريم هو ابن الله ومنه تأتي البركات وتتنزل من السماوات، فكل بركة هي من الرب الأب والابن معاً، وهذا الإطراء للمسيح مما علم عن دين النصارى المحرف، وهو مما يصعب حصره، وما سقته آنفاً إنما هو على سبيل المثال لا الحصر.(1/237)
وما وقع النصارى في هذا الكفر البواح إلا بسبب إطرائهم لرسولهم عيسى (، قال تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتهوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(927).
ولقد حذرهم الله تعالى عاقبة إطرائهم لعيسى ( وغلوهم فيه فقال: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتهوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً)(928)، فبين لهم تعالى ذكره بأن المسيح ما هو إلا عبد جاء بكلمة منه هي كلمة كن، (إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)(929)، ولو كان من غير أب، فإن الله على كل شيء قدير.(1/238)
ولقد كان الحواريون(930) من أصحاب عيسى عليه السلام يعرفون أنه عبد الله ورسوله، فقد قالوا له حين طلبوا منه ما يثبت نبوته ورسالته: (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (931)، ولم يقولوا هل يستطيع أبوك أو هل تستطيع أنت، ثم دعا عيسى ربه الذي أرسله قائلاً: (اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)(932)، ولما جاء عيسى إلى بني إسرائيل قال لهم: (يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)(933)، ولكن أبى المحدثون من النصارى المحرفون لدين الله إلا الإطراء له أيما إطراء، جعلوه ابناً لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولداً ولم يكن له شريك في الملك.
ولقد افتتن النصارى بعيسى حيث جاء من أم بغير أب، ولكن الرد كان شافياً في القرآن الكريم: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(934)، وجاءتهم الوصفة الناجعة حين قال الله لهم: (مَا الْمَسيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إلاَّ رَسولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نبين لَهُمُ الآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)(935)، ومن احتاج إلى الطعام احتاج إلى ما يفرز ذلك الطعام لترشيح الغذاء، وذلك كله مما يتنزه عنه الرب جل وتقدس وعلا عما يقول الظالمون علواً كبيراً.(1/239)
وافتتنوا به _ أخرى _ حين جاءهم بمعجزات توهم الربوبية لدى من ليس له بصر ولا بصيرة؛ فإن عيسى عليه السلام لم ينسب إلى نفسه شيئاً من تلك المعجزات بل جاء بها من عند الله وبإذن الله الذي خلقه ثم أرسله، قال تعالى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي)(936)، فكل ما جاء به عيسى من عند الله وهو الذي أذن له فيه وهو الذي خلق تلك المعجزات ومن أتى بتلك المعجزات.
…وكان من أسباب هذا الإطراء منهم لرسولهم: التشبه بمن قبلهم من الأمم السابقة، كما أخبرنا الله بذلك فقال: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)(937)، قال الطبري _ رحمه الله _: "(يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ) يعني: قول اليهود عزير ابن الله، يقول نسبة قول هؤلاء في الكذب على الله والفرية عليه ونسبتهم المسيح إلى أنه لله ابن ككذب اليهود وفريتهم على الله في نسبتهم عزير إلى أنه لله ابن"938.(1/240)
والمسيح نفسه لا يرضى ولن يرضى يوماً ما عما قاله عنه أتباعه وما وصفوه به من الربوبية والمساواة بالله أو البنوة له قال تعالى عنه: (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ)(939)، فما المسيح إلا عبد من عباد الله معرض لثوابه إن أطاع ومعرض لعقابه إن عصى قال تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(940)، ولذلك لم يأمر قومه إلا بطاعته كأي نبي من الأنبياء، قال تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ)(941)، ويوم القيامة يشهد عليهم عندما يسأله الله عن حقيقة ما دعاهم إليه، يقول عز وجل: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَمُ الْغُيُوبِ)(942)، تلك حقيقة عيسى ( الذي غلا فيه أتباعه (ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ)(943).(1/241)
…فإن كانت شبهة النصارى في تأليههم لعيسى ( هي ولادته من غير أب، فما هي حجة من غلا من المسلمين في نبيهم محمد ( وهو الذي أخبرهم عنه ربهم فقال: (وَمَا مُحَمَّدٌ إلاَّ رَسولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ)(944)، وهو الذي حذر أمته مراراً وتكراراً من الغلو فيه، ونهاهم عن التشبه بالنصارى الذين تشبهوا باليهود في ذلك؛ خوفاً على أمته من الانخراط في سلسلة التشبه بالكفار من اليهود الذين لم يألوا النصارى جهداً في التشبه بهم والجري وراء مخططاتهم945.
…ولكن السنة الكونية جرت بأن التشبه حاصل من بعض هذه الأمة بالأمم السابقة من اليهود والنصارى كما أخبرنا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه946، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن))947.
…لقد ظهر من بين المسلمين من ينسب للنبي ( بعض خصائص الربوبية التي لا تليق إلا بالله عز وجل فقد أخذ الصوفية هذه اللوثة الفكرية من النصارى ولا غرو؛ فالمصدر النصراني في ممارسات الصوفية وعقائدهم ظاهر الملامح واسع المعالم، فلا ينكِر التشابه بين رهبانية النصارى ومسالك الصوفية من كان ذا اطلاع على كتب القوم وأحوالهم948، فمنهم من تكلم في الحقيقة المحمدية وأن النبي ( يتكون من حقيقتين إحداهما لاهوتية والأخرى ناسوتية(949)، كما قال النصارى في عيسى (، حتى إن "منهم من يعتقد أن الرسول ( هو قبة الكون وهو الله المستوي على العرش وأن السماوات والأرض والعرش والكرسي وكل الكائنات خلقت من نوره وأنه هو أول موجود وهو المستوي على عرش الله وهذه عقيدة ابن عربي ومن تبعه"(950)، يقول قائلهم: "إن الفيوض التي تفيض من ذات سيد الوجود ( تتلقاها ذوات الأنبياء"(951).(1/242)
…ويقول مؤسس الطريقة البريلوية أحمد رضا(952) وهو يصف شخص الرسول (: "إن رسول الله ( متصرف في كل مكان وهو مالك الأرضين، ومالك الناس"(953).
…ويبالغ بعض المعاصرين في إطرائه ( حتى يقول: "إن مجمع نوره لو وضع على العرش لذاب"(954).
…وتظهر تلك الإطراءات جلية في قصائد الصوفية التي تقرأ في الموالد وغيرها، فمن مدعي للنبي ( وصفاً من صفات الرب، ومن مستغيث بجنابه ( وهلم جراً، يقول أحدهم في مدح النبي (:-
لست أخشى ولي إليك التجاء……يا نبياً سمت به الأنبياء
كنت نوراً وكان آدم طيناً……فأضاءت بنوره الأرجاء
أيها المادحون طيبوا نفوساً……إن مدح النبي فيه الشفاء
ما رماني الزمان منه بسهم……أو دهتني الخطوب والضراء
وتوسلت بالمشفع إلا……داركتني الألطاف والسراء
يارفيع الجناب أنت المرجى……في المهمات إذ يعم البلاء
كن مجيري يا خير هاد لأني……ليس لي في الأمورعنك غناء955
…
ومن تلك المدائح الشركية، قول البوصيري(956) في البردة:-
فإن من جودك الدنيا وضرتها
………………ومن علومك علم اللوح والقلم(957)
…ومع ذلك فإن هذه القصيدة هي محط أنظار بعض المسلمين في العصر الحديث ومن أجلها تُعقد الدروس، وفي وصف هذا الاهتمام يقول صاحب كتاب المدائح النبوية في الأدب العربي: "وأما أثرها في الدرس، فيتمثل في تلك العناية التي كان يوجهها العلماء الأزهريون إلى عقد الدروس في يومي الخميس والجمعة لشرح البردة، وهي دروس كانت تتلقاها جماهير من الطلاب، وإنما كانوا يتخيرون يومي الخميس والجمعة، لأن مثل هذا الدرس لم يكن من المقررات فكانوا يتخيرون له أوقات الفراغ"(958).
ويقول البوصيري:-
……يا أكرم الرسل ما لي من ألوذ به ……سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي ……إذا الكريم تحلى باسم منتقم
……فإن لي ذمة منه بتسميتي ……محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم يكن في معادي آخذاً بيدي ……فضلاً وإلا فقل: يا زلة القدم(959)
…(1/243)
يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب _ معلقاً على هذه الأبيات _: " فتأمل ما في هذه الأبيات من الشرك منها أنه نفى أن يكون له ملاذاً إذا حلت به الحوادث إلا النبي ( وليس ذلك إلا لله وحده لا شريك له فهو الذي ليس للعباد ملاذ إلا هو، الثاني: أنه دعاه وناداه بالتضرع وإظهار الفاقة والاضطرار إليه وسأل منه هذه المطالب التي لا تطلب إلا من الله وذلك هو الشرك في الإلهية، الثالث: سؤاله منه أن يشفع له في قوله: ولن يضيق رسول الله... البيت، وهذا هو الذي أراده المشركون ممن عبدوه وهو الجاه والشفاعة عند الله وذلك هو الشرك، وأيضاً فإن الشفاعة لا تكون إلا بعد إذن الله فلا معنى لطلبها من غيره فإن الله تعالى هو الذي يأذن للشافع أن يشفع لأن الشافع لا يشفع ابتداء، الرابع: قوله: فإن لي ذمة... إلى آخره كذب على الله وعلى رسوله (؛ فليس بينه وبين من اسمه محمد ذمة إلا بالطاعة لا بمجرد الإشراك في الاسم مع الشرك، الخامس: قوله: إن لم يكن في معادي... في البيت تناقض عظيم وشرك ظاهر فإنه طلب أولاً أن لا يضيق به جاهه ثم طلب هنا أن يأخذ بيده فضلاً وإحساناً وإلا فيا هلاكه"(960).
…فماذا ترك هؤلاء من إطراء النصارى لرسولهم لم ينطقوا به في حق نبيناً محمد (.
المبحث السابع:-
مظاهر التشبه بالكفار في الاختلاف في أصول الدين:-
المطلب الأول: تعريف الاختلاف المذموم:-(1/244)
الاختلاف في اللغة يأتي بعدة معانٍ: منها المضادة، والمفارقة، وعدم الاتفاق، والفساد والترك وقصد الشيء بعد النهي عنه، قال ابن منظور: "والخلاف: المضادة وقد خالفه مخالفة و خلافاً، ويقال: خلف فلان بعقبي إذا فارقه على أمر فصنع شيئاً آخر، وخالفه إلى الشيء عصاه إليه أو قصده بعدما نهاه عنه وهو من ذلك وفي التنزيل العزيز (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ)(961)، وخلف فلان بعقبي وذلك إذا ما فارقه على أمر ثم جاء من ورائه فجعل شيئاً آخر بعد فراقه، وتخالف الأمران و اختلفا: لم يتفقا وكل ما لم يتساو فقد تخالف و اختلف وقوله عز وجل: (وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ)(962)، أي: في حال اختلاف أكله، ويقال: به خلفة أي بطن وهو الاختلاف وقد اختلف الرجل و أخلفه الدواء والمخلوف الذي أصابته خلفة ورقة بطن، والخلف والخالف والخالفة الفاسد من الناس الهاء للمبالغة والخوالف: النساء المتخلفات في البيوت، والخلوف: الحي إذا خرج الرجال وبقي النساء والخلوف: إذا كان الرجال والنساء مجتمعين في الحي وهو من الأضداد وقوله عز وجل: (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ)(963)، قيل مع النساء وقيل مع الفاسد من الناس، ويقال خلف فلان عن أصحابه إذا لم يخرج معهم وفي الحديث أن اليهود قالت لقد علمنا أن محمداً لم يترك أهله خلوفاً أي لم يتركهن سدى لا راعي لهن ولا حامي يقال حي خلوف إذا غاب الرجال وأقام النساء ويطلق على المقيمين والظاعنين ومنه حديث المرأة والمزادتين ونَفَرُنا خلوف964 أي رجالنا غُيَّب"(965). وقال المناوي: "اختلاف افتعال من الخلف وهو ما يقع من افتراق بعد اجتماع في أمر من الأمور"966.(1/245)
…وإنما أطلت في بيان معنى الاختلاف في اللغة؛ لأن ثمة معنى أريد أن أؤكد عليه وهو معنى الاختلاف على الشيء دون أن يستلزم وجود طرف آخر يختلف مع الطرف الثاني، فعلى المعنى الأول: يقال اختلفت اليهود على كتبهم، وعلى المعنى الثاني يقال: اختلفت اليهود مع بعضهم البعض، فالمعنى الأول يجهله كثير من الناس فيظن أن الاختلاف لابد أن يكون فيه طرفان وشيء مختَلف عليه، والواقع اللغوي: أن الاختلاف يكون كذلك، ويكون باختلاف على الشيء دون وجود طرف ثان. ذلك مما يعين على معرفة معنى الاختلاف في الشرع.
…ولو تدبرنا معنى الاختلاف الذي جاءت به الآيات الناهية عن التشبه بالكفار في الاختلاف الذي وقعوا فيه لوجدناه يتعلق بالاختلاف على نصوص الكتاب والسنة من النصوص الواضحات التي هي أصول لا ينبغي الخروج عنها، فقوله تعالى: (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ)(967)، وقوله: (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ)(968)، وقوله: (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ)(969)، وقوله: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ)(970)، كلها نصوص تربط بين الاختلاف والنصوص الشرعية، فالاختلاف المنهي عنه هو الاختلاف على النصوص الشرعية الواضحة الدلالة.(1/246)
…قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ)(971): يعني بذلك أهل الكتب المنزلة على الأمم قبلنا بعدما أقام الله عليهم الحجج والبينات تفرقوا واختلفوا في الذي أراده الله من كتبهم واختلفوا اختلافاً كثيراً"972.…كقوله تعالى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ)(973).
…ومن الآيات التي نهت عن الاختلاف: قوله تعالى: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ)(974). وقوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ)(975). وقوله تعالى: (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ)(976). وقوله: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ)(977). ففي هذه الآيات وغيرها لم يكن الذم فيها على مجرد الاختلاف الذي الناس فيه، ولكنه وقع على مخالفتهم للكتاب المنزل من عند الله عليهم، والذي أدى بعد ذلك إلى فرقتهم وتنازعهم، فيذكر الله تبارك وتعالى في هذه الآيات نعمته عليهم بإنزال الكتاب ويذكر بعدها كفرهم هذه النعمة باختلافهم على الكتاب ومخالفتهم له، فليس في مجرد مخالفتهم لبعضهم البعض معصية، كما قال تعالى: (وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ)(978) فهنا امتدح الله طائفة لأنها آمنت ووقفت على الحق وأخذت به، مع أنها خالفت الأخرى، فالمخالفة هنا هي مخالفة أهل الكتاب السابقين للكتاب الذي أنزل عليهم، وإن كان الافتراق من لوازم هذه المخالفة. فاللفظ يحمل على اللازم والملزوم.(1/247)
قال شيخ الإسلام: "ثم الاختلاف على الرسل بالمعصية كما أخبرنا الله عن بني إسرائيل من مخالفتهم أمر موسى: في الجهاد وغيره، وفي كثرة سؤالهم عن صفات البقرة. لكن هذا الاختلاف على الأنبياء هو - والله أعلم - مخالفة الأنبياء، كما يقول اختلف الناس على الأمير إذا خالفوه"979.
…قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ)(980) أي إنما استحقوا هذا العذاب الشديد لأن الله تعالى أنزل على رسوله محمد ( وعلى الأنبياء قبله كتبه بتحقيق الحق وإبطال الباطل وهؤلاء اتخذوا آيات الله هزواً، فكتابهم يأمرهم بإظهار العلم ونشره فخالفوه وكذبوه وهذا الرسول الخاتم يدعوهم إلى الله تعالى ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وهم يكذبونه ويخالفونه ويجحدونه ويكتمون صفته فاستهزءوا بآيات الله المنزل على رسلهم فلهذا استحقوا العذاب والنكال ولهذا قال: (ذَلِكَ بِأَنَّ الله نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ) (981)"(982)، ففسر ابن كثير الاختلاف هنا بمخالفة الكتاب ولم يذكر البتة مخالفة أهل الكتاب بعضهم البعض، وإن كان ذلك من لوازم الاختلاف على الكتاب(983).
…وفي قوله تعالى: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ)(984)، الرحمة واقعة على الطائفة التي استثناها الله في الآيات، ومفهوم ذلك أن العذاب واقع على الفرق الأخرى، وعلة العذاب في الفرق الأخرى هو الاختلاف على النصوص، وعلة الرحمة لدى الفرقة المستثناة: عدم الاختلاف على نصوص الوحي، وهذا النوع من الاختلاف _ وهو الاختلاف على نصوص الكتاب والسنة _ هو المذموم في الشرع وهو الذي وقع فيه أهل الكتاب من قبلنا.(1/248)
والنوع الثاني من الاختلاف هو: اختلاف الفرقة الناجية مع الفرق الأخرى التي جانبت القرآن والسنة، وهو اختلاف محمود، بخلاف النوع الأول: وهو الاختلاف على الكتاب والسنة.
فإذا قارنا بين وصف الله لهم في الآية السابقة بالرحمة إذا لم يختلفوا، وبين وصفه لهم في الآية الأخرى بأنهم اختلفوا فقال: (وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ)(985)، وقوله (: "وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة - يعني الأهواء - كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة"(986) علمنا أن الاختلاف هنا غير الاختلاف هناك، وأن الاختلاف الذي وقع من الفرقة الناجية مع غيرها من الفرق في الآية والحديث الأخيرين محمود بالنسبة للفرقة المؤمنة المتمسكة بالسنة، ومذموم بالنسبة للفرق الأخرى؛ وذلك لأنهم وقعوا في النوع الأول من الاختلاف وهو مفارقة الكتاب والسنة والاختلاف عليهما، كما في آيتي الأنعام وهود987.(1/249)
وتقرير هذا المعنى للاختلاف في الأحاديث والآيات، فيه رد على من يعيب على أهل السنة والجماعة والمتبعين لمنهج السلف الصالح اختلافهم مع بقية الفرق، فإن هذا الاختلاف محمود في حق الفرقة الناجية كما قال تعالى: (ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر)(988)، ومذموم في حق غيرها من الفرق، والذي يحدد موطن الذم من الحمد في هذا، هو الكتاب والسنة فمن فارق الكتاب واختلف على الرسول ( في هديه وعقيدته، فقد وقع في الاختلاف المذموم وهو الذي ذكره الله في قوله تعالى: (ولا يزالون مختلفين)(989) كما أن هذا المعنى فيه إنكار على من يجمع الناس، ابتعاداً عن الفرقة، فيجمعهم على غير عقيدة صحيحة، وهو بهذا يظن نفسه قد أبعد الناس بدعوته هذه عن الفرقة المذمومة في قوله تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء)(990)، ولم يعلم أن المفارقة الحقيقية والمقصودة في هذه الآية هي مفارقة الكتاب والسنة، فما الفائدة لو اجتمعت أجساد الناس وأعمالهم المادية، وإنجازاتهم وإخراجاتهم للمجتمع ولم تجتمع قلوبهم وعقائدهم على الكتاب والسنة. فالافتراق المذموم، هو الافتراق عن كتاب الله وسنة رسوله (، وإن كان من نتائج هذا الافتراق الحتمية: افتراق الناس مع بعضهم البعض ونشوء التنازع بينهم في أمر الدين.(1/250)
…ولذلك فسر ابن عباس قوله تعالى: (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسودُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسودَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ، وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)(991)، قال: "(يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسودُّ وُجُوهٌ) يعني يوم القيامة حين تبيض وجوه أهل السنة والجماعة وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة"992، ففسر اختلافهم من بعد ما جاءهم البينات هو بدعتهم التي خالفوا بها الكتاب والسنة حتى سودت وجوههم.(1/251)
…بل وحتى الألفاظ التي جاءت في القرآن بمعنى الاختلاف المنهي عنه بلفظ آخر _ غير لفظ الاختلاف _، جاءت بمعنى الاختلاف على الدين وأصول الشرع، فقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْء)ٍ(993)، قال الطبري _ رحمه الله _: "قرأها علي رضي الله عنه فارقوا دينهم وعن قتادة فارقوا دينهم وكأن علياً ذهب بقوله فارقوا دينهم خرجوا فارتدوا عنه من المفارقة، وقرأ ذلك عبد الله بن مسعود (فرقوا دينهم)، وكأن عبد الله تأول بقراءته ذلك كذلك أن دين الله واحد وهو دين إبراهيم الحنيفية المسلمة ففرق ذلك اليهود والنصارى فتهود قوم وتنصر آخرون فجعلوه شيعاً متفرقة والصواب من القول في ذلك أن يقال إنهما قراءتان معروفتان؛ وذلك أن كل ضال فلدينه مفارق وقد فرق الأحزاب دين الله الذي ارتضاه لعباده فتهود بعض وتنصر آخرون وتمجس بعض وذلك هو التفريق بعينه ومصير أهله شيعاً مجتمعين فهم لدين الله الحق مفارقون وله مفرقون"994، فهنا نرى الآية تكلمت عن معنى الافتراق، ونلحظ في تفسير الطبري _ رحمه الله _ أنه جعل الافتراق متعلق بالدين ففسره بمفارقة الدين والبعد عنه، أو تفريقه إلى شيع وأحزاب _ حسب القراءتين _، كما هو نص الآية: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ)(995).(1/252)
…وقال القرطبي _ رحمه الله _ في تفسير الآية: "قوله تعالى إن الذين فرقوا دينهم قرأه حمزة: فارقوا بالألف وهي قراءة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه من المفارقة والفراق على معنى أنهم تركوا دينهم وخرجوا عنه وكان علي يقول والله ما فرقوه ولكن فارقوه وقرأ الباقون بالتشديد إلا النخعي فإنه قرأ فرقوا مخففاً أي آمنوا ببعض وكفروا ببعض والمراد اليهود والنصارى في قول مجاهد وقتادة والسدي والضحاك وقد وصفوا بالتفرق قال الله تعالى (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ)(996)"997، فنلاحظ هنا القرطبي ساق قول علي ابن أبي طالب ( وهو يفسر الآية بمعنى المفارقة التي تنتج عن ترك الدين إلى غيره، وفسر القرطبي _ رحمه الله _ قراءة: (فرَّقوا)، بالإيمان ببعض المنزل وترك بعضه، فالمقصود ترك شيء من الدين، لا مجرد المخالفة.
…قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ)، بعد سياقه لبعض أقوال أهل العلم: "والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله وكان مخالفاً له، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وشرعه واحد لا اختلاف فيه ولا افتراق، فمن اختلف فيه (وَكَانُوا شِيَعاً) أي فرقاً كأهل الملل والنحل والأهواء والضلالات فإن الله تعالى قد برأ رسوله ( مما هم فيه، وهذه الآية كقوله تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ)(998) الآية"(999).
فهنا رجح ابن كثير أن الاختلاف هو مفارقة الكتاب ومفارقة دين الله، وهذا الاختلاف يؤدي بلا شك إلى التنازع بين الناس، وينشئ الفرق. ثم استشهد ابن كثير بقوله تعالى: (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)(1000)، فالتفرق هنا عكس إقامة الدين ولما أمر الله بإقامة الدين نهى عن التفرق فيه وهو مفارقته وعدم إقامته1001.(1/253)
…قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _مؤيداً لما سبق، بعد سياقه لآيات الفرقة في الدين والاختلاف فيه: "فما أنزل الله على رسله قد يقع التفريق والتبعيض في قدره وقد يقع في وصفه فالأول مثل قول اليهود نؤمن بما أنزل على موسى دون ما أنزل على عيسى ومحمد وهكذا النصارى في إيمانهم بالمسيح دون محمد فمن آمن ببعض الرسل والكتب دون بعض فقد دخل في هذا فإنه لم يؤمن بجميع المنزل وكذلك من كان من المنتسبين إلى هذه الأمة يؤمن ببعض نصوص الكتاب والسنة دون بعض فإن البدع مشتقة من الكفر وأما الوصف فمثل اختلاف اليهود والنصارى في المسيح هؤلاء قالوا إنه عبد مخلوق لكن جحدوا نبوته وقدحوا في نسبه وهؤلاء أقروا بنبوته ورسالته ولكن قالوا هو الله فاختلف الطائفتان في وصفه وصفته كل طائفة بحق وباطل ومن هنا تتبين الضلالات المبتدعة في هذه الأمة حيث هي من الإيمان ببعض ما جاء به الرسول دون بعض وإما ببعض صفات التكليم والرسالة والنبوة دون بعض وكلاهما إما في التنزيل وإما في التأويل"1002، فمدار كلام شيخ الإسلام حول النصوص والاختلاف عليها، إما في جانب التأويل بالتفسير الباطل، أو في جانب التنزيل بالتحريف، ولم يذكر الاختلاف بين الناس، وإن كان الاختلاف بين الناس مذموماً ولا شك، ولكن المذموم من مجموع المختلفين هم الذين كانوا أبعد عن النص وأقرب إلى الاختلاف على نصوص الشرع.(1/254)
…وقال تعالى: (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)(1003) فسرها ابن كثير بقول معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما _ "قال: إن رسول الله ( قال: ((إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة _ يعني الأهواء _ كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة، وإنه سيخرج في أمتي أقوام تجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب لصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله))"(1004).
ويؤيد ما سبق ما جاء عن أبي هريرة ( أن رسول الله ( قال: ((ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم))(1005)، فجعل الاختلاف المنهي عنه والذي يأتي بالهلاك هو الاختلاف على ما جاء به الأنبياء(1006)، لا مجرد الاختلاف بين الناس فإن الاختلاف بين الناس لا ضابط له.(1/255)
وقد يأتي الاختلاف في الشرع بلفظ الاختلاف مع الناس في الدين كما جاء عن عبد الله بن عمرو قال: "هجَّرت إلى رسول الله ( يوماً فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية فخرج علينا رسول الله ( يعرف في وجهه الغضب فقال: ((إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب))"1007، فهنا عبر الصحابي عن الخلاف الذي دار بين الصحابيين بلفظ الاختلاف، ولكن يجب أن يلاحظ أن النبي ( في هذا الحديث رتب هلاك من كان قبلنا على الاختلاف في الكتاب؛ ولا بد من تفسير القرآن بالشكل الصحيح، فلا يكون من فسره كما ينبغي ممن يدخل ضمن هذا الخلاف المؤدي للهلاك _ وإن كان قد خالف غيره ممن فسره على هواه أو بشبهة _، فهنا سمى الصحابي التنازع الذي دار بين هذين الصحابيين: اختلافاً؛ حيث قال الصحابي: "فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية" وذلك من تسمية الشيء بنتيجته، فهو في الأصل اختلاف على الكتاب؛ فإن أحد الصحابيين أو كلاهما كاد أن يقع في الاختلاف المذموم _ على الكتاب _ الذي حذر منه النبي (، لولا أنه تدراكه (.
…فينتج عندنا أن الاختلاف المنهي عنه في الآيات والأحاديث والذي يعتبر تشبهاً بأهل الكتاب هو: مخالفة الكتاب أو السنة بحيث يبعد كون المخالف مريداً للحق.
المطلب الثاني: ضابط الأصول التي لا يسوغ فيها الخلاف:-(1/256)
…إننا عندما نتحدث عن أصول لا ينبغي أن يتجاوزها أحد إلى غيرها، ولا ينبغي مخالفتها لا نقصد مسائل بعينها؛ فإن ذلك من ديدن المعتزلة الذين يقولون بأصولهم الخمسة، وأما أهل السنة والجماعة فإن أصولهم الثابتة التي لا يخالفونها إلى غيرها هي نصوص الكتاب والسنة وإجماع السلف المبني على الكتاب والسنة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله في كلام طويل وأسوقه هنا لأهميته وعلاقته بالمطلب _: "وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق وقد تكون عنده ولم تثبت عنده أو لم يتمكن من فهمها وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها، فمن كان من المؤمنين مجتهداً في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائناً ما كان سواء كان في المسائل النظرية أو العملية، هذا الذي عليه أصحاب النبي ( وجماهير أئمة الإسلام وما قسموا المسائل إلى مسائل أصول يكفر بإنكارها ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها فأما التفريق بين نوع وتسميته مسائل الأصول وبين نوع آخر وتسميته مسائل الفروع فهذا الفرق ليس له أصل لا عن الصحابة ولا عن التابعين لهم بإحسان ولا أئمة الإسلام وإنما هو مأخوذ عن المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع وعنهم تلقاه من ذكره من الفقهاء في كتبهم وهو تفريق متناقض فإنه يقال لمن فرق بين النوعين: ما حد مسائل الأصول التي يكفر المخطئ فيها؟ وما الفاصل بينها وبين مسائل الفروع؟ فإن قال: مسائل الأصول هي: مسائل الاعتقاد، ومسائل الفروع هي مسائل العمل، قيل له: فتنازع الناس في محمد هل رأى ربه أم لا؟ وفى أن عثمان أفضل من على أم على أفضل؟ وفى كثير من معاني القرآن وتصحيح بعض الأحاديث هي من المسائل الاعتقادية العلمية ولا كفر فيها بالاتفاق، ووجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج وتحريم الفواحش والخمر هي مسائل عملية والمنكر لها يكفر بالاتفاق، وإن قال: الأصول هي المسائل القطعية قيل له كثير من مسائل العمل قطعية(1/257)
وكثير من مسائل العلم ليست قطعية وكون المسألة قطعية أو ظنية هو من الأمور الإضافية وقد تكون المسألة عند رجل قطعية لظهور الدليل القاطع له كمن سمع النص من الرسول وتيقن مراده منه وعند رجل لا تكون ظنية فضلاً عن أن تكون قطعية؛ لعدم بلوغ النص إياه؛ أو لعدم ثبوته عنده؛ أو لعدم تمكنه من العلم بدلالته وقد ثبت في الصحاح عن النبي ( حديث الذي قال لأهله إذا أنا مت فاحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في اليم فوالله لئن قدر الله على ليعذبني الله عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين فأمر الله البَرَّ بردِّ ما أخذ منه والبحرَ بردِّ ما أخذ منه وقال ما حملك على ما صنعت؟ قال: خشيتك يا رب، فغفر الله له(1008) فهذا شك في قدرة الله وفى المعاد بل ظن أنه لا يعود وأنه لا يقدر الله عليه إذا فعل ذلك، وغفر الله له وهذه المسائل مبسوطة في غير هذا الموضع ولكن المقصود هنا أن مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والعين ولهذا حكى طائفة عنهم الخلاف في ذلك ولم يفهموا غور قولهم فطائفة تحكى عن أحمد في تكفير أهل البدع روايتين مطلقاً حتى تجعل الخلاف في تكفير المرجئة والشيعة المفضلة لعلى وربما رجحت التكفير والتخليد في النار، وليس هذا مذهب أحمد ولا غيره من أئمة الإسلام، بل لا يختلف قوله أنه لا يكفر المرجئة الذين يقولون الإيمان قول بلا عمل ولا يكفر من يفضل علياً على عثمان، بل نصوصه صريحة بالامتناع من تكفير الخوارج والقدرية وغيرهم، وإنما كان يكفر الجهمية المنكرين لأسماء الله وصفاته لأن مناقضة أقوالهم لما جاء به الرسول ظاهرة بينة ولأن حقيقة قولهم: تعطيل الخالق، وكان قد ابتلى بهم حتى عرف حقيقة أمرهم وأنه يدور على التعطيل. وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة، لكن ما كان يكفر أعيانهم فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقول به، والذي يعاقب مخالفه أعظم من الذي يدعو فقط والذي يكفر مخالفه أعظم من الذي يعاقبه ومع هذا فالذين(1/258)
كانوا من ولاة الأمور يقولون بقول الجهمية أن القرآن مخلوق وأن الله لا يرى في الآخرة وغير ذلك ويدعون الناس إلى ذلك ويمتحنونهم ويعاقبونهم إذا لم يجيبوهم ويكفِّرون من لم يجبهم _ حتى أنهم كانوا إذا أمسكوا الأسير لم يطلقوه حتى يقر بقول الجهمية أن القرآن مخلوق وغير ذلك _ ولا يولون متولياً ولا يعطون رزقاً من بيت المال إلا لمن يقول ذلك، ومع هذا فالإمام أحمد رحمه الله تعالى ترحَّم عليهم واستغفر لهم لعلمه بأنهم لمن يُبين لهم أنهم مكذبون للرسول ولا جاحدون لما جاء به، ولكن تأولوا فأخطؤوا وقلدوا من قال لهم ذلك. وكذلك الشافعي لما قال لأحدهم حين قال القرآن مخلوق: كفرت بالله العظيم، بين له أن هذا القول كفر ولم يحكم بردته بمجرد ذلك؛ لأنه لم يتبين له الحجة التي يكفر بها، ولو اعتقد أنه مرتد لسعى في قتله وقد صرح في كتبه بقبول شهادة أهل الأهواء والصلاة خلفهم"(1009).(1/259)
بل قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيداً"(1010)، وعلى هذا فلا يكون المخالف المجتهد آثماً ما دام أنه لم يبين له وجه مخالفته للكتاب والسنة، ولذلك قال النبي (: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب؛ فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ؛ فله أجر))1011، قال الشاطبي _ رحمه الله _: "فأما من صح كونه مجتهداً فالابتداع منه لا يقع إلا فلتة، وبالعرض لا بالذات، وإنما تسمى غلطة أو زلة ؛ لأن صاحبها لم يقصد اتباع المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويل الكتاب ؛ أي : لم يتبع هواه، ولا جعله عمدة، والدليل عليه : أنه إذا ظهر له الحق ؛ أذعن له، وأقرّ به ... لأنه بحسب ظاهر حاله فيما نقل عنه إنما اتبع ظواهر الأدلة الشرعية فيما ذهب إليه، ولم يتبع عقله، ولا صادم الشرع بنظره، فهو أقرب إلى مخالفة الهوى"(1012).
ومن الاختلاف السائغ الذي جاء به الشرع: اختلاف التنوع الذي لا تضاد فيه(1013)، مثاله ما جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رجلاً قرأ آية وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ خلافها فجئت به النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فعرفت في وجهه الكراهية وقال: ((كلاكما محسن ولا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا)) (1014).(1/260)
وغضب النبي ( في هذه الحادثة يشعر بأن الخلاف والفراق الذي لا حاجة له لا ينبغي بين الأمة، فعبد الله بن مسعود ( كان متأكداً من القراءة التي عنده، وسمع قراءة من رجل آخر ثقة، فلما جاء إلى النبي ( مخالفاً لصاحبه كره ذلك النبي (، لما فيه من الخلاف الذي لا ينبغي، فالقرآن نزل بهذا ونزل بهذا، وهذا النوع من الخلاف ليس من نوع الاختلاف الذي فيه مفارقة للكتاب والسنة؛ فكلا الرجلين مصيب، وإنما الخطأ الذي كرهه النبي ( هو المنازعة في أمرين كلاهما على صواب، ومع ذلك فإن النبي ( رتب على هذا النوع من الخلاف الهلاك، وبين أنه وقع في من كان قبلنا.
…وإن كان الأمر يعود إلى الاختلاف على القرآن؛ فإن كل واحد من الرجلين ينكر ما عند الآخر من القرآن وهذا يفضي إلى الكفر ببعض القرآن ومخالفته، فرجع الأمر إلى مخالفة الكتاب.(1/261)
…وهناك نوع من الخلاف لم يأت به الشرع بل هو من الاختلاف النسبي الذي يعتمد على أفهام الناس(1015)، وهو من اختلاف التضاد، فهذا إذا لم يكن فيه مخالفة لنصوص الكتاب والسنة فلا بأس به مع بقاء الأخوة الإسلامية، يقول د. محمد بازمول: "إن هذا الاختلاف؛ لما كان مما لم يأت به الشرع، ولما كان الشرع يدعو إلى الاتفاق؛ فإن السعي إلى إزالته من الأمور المستحبة، بل الواجبة، فإن بقي؛ فيبقى مع الود والصفاء، دون بغض أو عداء، والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية!"(1016)، فإن تناظر المختلفان في هذا النوع من المسائل، فينبغي أن يكون ذلك مع العدل والإنصاف، قال شيخ الإسلام _رحمه الله _: "والمناظرة والمحاجة لا تنفع إلا مع العدل والإنصاف وإلا فالظالم يجحد الحق الذي يعلمه وهو المسفسط والمقرمط أو يمتنع عن الاستماع والنظر في طريق العلم وهو المعرض عن النظر والاستدلال فكما أن الإحساس الظاهر لا يحصل للمعرض ولا يقوم للجاحد فكذلك الشهود الباطن لا يحصل للمعرض عن النظر والبحث بل طالب العلم يجتهد في طلبه من طرقه ولهذا سمى مجتهداً كما يسمى المجتهد في العبادة وغيرها مجتهداً كما قال بعض السلف ما المجتهد فيكم إلا كاللاعب فيهم وقال أبي بن كعب وابن مسعود اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة وقد قال النبي إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر وقال معاذ بن جبل ويروى مرفوعاً وهو محفوظ عن معاذ عليكم بالعلم فإن تعليمه حسنة وطلبه عبادة ومذكراته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة فجعل الباحث عن العلم مجاهداً في سبيل الله "(1017).(1/262)
ولذلك فإن الأصول التي لا يسوغ الاختلاف فيها هي النصوص الشرعية المحكمة، بمعنى النصوص التي لا شك في دلالتها على المقصود مما يبعد كون المخالف فيه مريداً للحق، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ)(1018)، قال ابن كثير: "منه آيات محكمات فيهن حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخصوم الباطل ليس لهن تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه، قال: والمتشابهات في الصدق ليس لهن تصريف وتحريف وتأويل، ابتلى الله فيهن العباد وكما ابتلاهم في الحلال والحرام ألا يُصرفن إلى الباطلِ ولا يُحرَّفنَ عن الحق" إلى أن قال: "كما لو احتج النصارى بأن القرآن قد نطق بأن عيسى روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وتركوا الاحتجاج بقوله: (إِنْ هُوَ إلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ)(1019) وبقوله: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(1020) وغير ذلك من الآيات المحكمة المصرحة بأنه خلق من مخلوقات الله وعبد ورسول من رسل الله"1021.(1/263)
ولكن يؤخذ في الاعتبار: كون المخالف لهذه النصوص متبع لهواه، وإلا لم يكن من المبتدعة المخالفين للنصوص، وفي هذا يقول الشاطبي(1022) _ رحمه الله _: "فالمبتدع من هذه الأمة، إنما ضل في أدلتها، حيث أخذها مأخذ الهوى والشهوة لا مأخذ الانقياد تحت أحكام الله. وهذا هو الفرق بين المبتدع وغيره؛ لأن المبتدع جعل الهوى أول مطالبه، وأخذ الأدلة بالتبع، ومن شأن الأدلة أنها جارية على كلام العرب، ومن شأن كلامها الاحتراز فيه بالظواهر، فكما تجد فيه نصاً لا يحتمل التأويل، تجد فيه ظاهراً يحتمل التأويل، حسبما قرره من تقدم في غير هذا العلم، وكل ظاهر يمكن فيه أن يصرف عن مقتضاه في الظاهر المقصود، ويُتأول على غير ما قصد فيه، فكأن المبتدع أغرق في الخروج عن السنة، وأمكن في ضلال البدعة، فإذا غلب الهوى أمكن انقياد ألفاظ الأدلة إلى ما أراد منها. والدليل على ذلك أنك لا تجد مبتدعاً ممن يُنسب إلى الملة إلا وهو يستشهد على بدعته بدليل شرعي، فيُنزله على ما وافق عقله وشهوته. لكن إنما ينساق لهم من الأدلة المتشابه منها لا الواضح، والقليل منها لا الكثير، فإن المعظم والجمهور من الأدلة إذا دل على أمر بظاهره، فهو الحق، فإن جاء على ما ظاهره الخلاف فهو النادر والقليل، فكان من حق الظاهر ردُّ القليل إلى الكثير والمتشابه إلى الواضح"(1023).
ولذلك فإن المخالف لأهل السنة والجماعة، هو في الحقيقة مخالف للآيات المحكمة من القرآن، أو الأحاديث الصريحة من السنة، ويكون قد غرَّه ظاهر آية مشتبه، وكان الأولى به أن يرد المتشابه إلى المحكم، ولكن ما منعه من ذلك إلا هواه المخالف للكتاب والسنة.(1/264)
ولذلك يقول الشاطبي _ رحمه الله _: "غير أن الهوى زاغ بمن أراد الله زيغه، بخلاف غير المبتدع، فإنه إنما جعل الهداية إلى الحق أول مطالبه، وأخر هواه _ إن كان _ فجعله بالتبع، فوجد جمهور الأدلة ومعظم الكتاب واضحاً في الطلب الذي بحث عنه، فوجد الجادة وما شذ له عن ذلك فإما أن يرده إليه، وإما أن يكله إلى عالمه، ولا يتكلف البحث عن تأويله. وفيصل القضية بينهما قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)(1024)، فلا يصح أن يسمى من هذه حاله مبتدعاً ولا ضالاَّ، وإن حصل في الخلاف أو خفي عليه. فأما أنه غير مبتدع: فلأنه اتبع الأدلة، ملقياً إليها حَكَمَةَ الانقياد باسطاً يد الافتقار مؤخراً هواه، ومقدماً لأمر الله. وأما كونه غير ضال؛ فلأنه على الجادة سلك، وإليها لجأ، فإن خرج عنها يوماً فأخطأ، فلا حرج عليه، بل يكون مأجوراً حسبما بينه الحديث الصحيح: ((إذا اجتهد الحاكم فأخطأ، فله أجر، وإن أصاب، فله أجران))"(1025).
ومما يستأنس به في الدلالة على أن النصوص الشرعية المحكمة هي المعول عليها في تحديد المخالفة المنهي عنها: أن الأسباب التي ذكرها العلماء في اختلاف الأئمة _ الذي لا بأس فيه _ ليس منها ما يتعلق بالنصوص المحكمة التي لا لبس فيها، ألف أبو محمد عبد الله بن السيد البطليوسي(1026) كتاباً في أسباب الاختلاف الواقع بين حملة الشريعة، وحصرها في ثمانية أسباب:
أحدها: الاشتراك الواقع في الألفاظ واحتمالها للتأويلات(1027).(1/265)
والثاني: دوران اللفظ بين الحقيقة والمجاز.
والثالث: الإفراد والتركيب.
والرابع: دوران الدليل بين الخصوص والعموم.
والخامس: الرواية والنقل.
والسادس: الاجتهاد فيما لا نص فيه.
والسابع: الناسخ والمنسوخ.
والثامن: الإباحة والتوسع1028.
…فنجد هذه الأسباب اختصت بما لم يكن فيه نص واضح جلي، ووقع فيها اشتباه في أمر من الأمور.
…قال ابن القيم _ رحمه الله _: "والصواب ما عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهرا مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ فيها إذا عدم فيها الدليل الظاهر الذي يجب العمل به الاجتهاد لتعارض الأدلة أو لخفاء الأدلة فيها وليس في قول العالم إن هذه المسألة قطعية أو يقينية ولا يسوغ فيها الاجتهاد طعن على من خالفها"1029.
…وأما قولهم: (لا إنكار في مسائل الخلاف)، إنما مرادهم به المسائل الخلافية الاجتهادية، أما المسائل التي ثبت فيها النص الذي لا معارض له، فهذه من خالف فيها النص ينقض قوله وينكر عليه إجماعاً(1030).(1/266)
قال الشافعي رحمه الله في محاورة له مع بعض أهل العلم: "قال فإني أجد أهل العلم قديما وحديثاً مختلفين في بعض أمورهم فهل يسعهم ذلك، قال فقلت له الاختلاف من وجهين أحدهما محرم ولا أقول ذلك في الآخر، قال فما الاختلاف المحرم، قلت كل ما أقام الله به الحجة في كتابه أو على لسان نبيه منصوصاً بيِّناً لم يحل الاختلاف فيه لمن علمه، وما كان من ذلك يحتمل التأويل ويدرك قياساً فذهب المتأول أو القايس إلى معنى يحتمله الخبر أو القياس وإن خالفه فيه غيره لم أقل أنه يضيق الخلاف في المنصوص. قال فهل في هذا حجة تبين فرقك بين الاختلافين قلت قال الله في ذم التفرق (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ)(1031)، وقال جل ثناؤه (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ)(1032)، فذم الاختلاف فيما جاءتهم به البينات"1033، فبين الإمام الشافعي _ رحمه الله _ أن الاختلاف نوعين: أحدهما محرم والآخر سائغ بين أهل العلم وجعل ضابط الاختلاف المحرم هو ما أقام الله فيه الحجة على خلقه في كتابه أو على لسان رسوله (، فلا يجوز الخلاف في فهم النصوص المبينة، لمن علم معناها، وأما ما كان يحتمل التأويل من النصوص التي لم ترق إلى منزلة النصوص المحكمة من ناحية الإحكام فالخلاف فيها سائغ، ما دام أنها ليست من البينات الواضحات واستدل بقوله تعالى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ)(1034)، فلا داعي للخلاف والفرقة مع وجود البينات.(1/267)
…وهو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله _ حيث قال: "والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل حديث صحيح لا معارض من جنسه فيسوغ له _ إذا عدم ذلك فيها _ الاجتهاد لتعارض الأدلة المتقاربة أو لخفاء الأدلة فيها"1035، فجعل الاختلاف السائغ هو الاختلاف الذي عدم فيه الدليل الذي يجب العمل به وجوباً ظاهراً.
…وهو رأي تلميذه المحقق ابن القيم _ رحمه الله _ حيث يقول: "الاجتهاد إنما يعمل به عند عدم النص فإذا تبين النص فلا اجتهاد إلا في إبطال ما خالفه"(1036).
وعلى هذا فإن الاختلاف إذا كان في ما لا نص فيه خرج عن كونه من الاختلاف المذموم إلا أن يكون الخلاف في مسألة مشكلة من أجل هوى في النفس، وعندها لن يكون هذا الخلاف من الاختلاف المنهي عنه في قوله تعالى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)(1037)، لأن شأن هذا الاختلاف _ الذي يكون في المسائل الفرعية التي لا نص فيها _ أنه ليس فيه مخالفة واضحة مع الكتاب والسنة فلا يحدث فرقة حتى لو كان دافع القائل بالقول الذي فيه بعد عن الصواب: هو الهوى؛ حيث يجب تقديم العذر للمخالف؛ لأن ظاهره الاجتهاد ما دامت المسألة اجتهادية وليست نصية، فلا يمكن التفريق بينه وبين المخالف المجتهد بلا هوى بسهولة، كما أن الاختلاف المنهي عنه في هذه الآية _ والذي يعتبر تشبهاً بأهل الكتاب _ هو الاختلاف بعد مجيء البينات والعلم، وهنا لا تعتبر هذه المسألة من البينات ما دامت ليست نصية بل هي اجتهادية.
وأما حديث: ((اختلاف أمتي رحمة))، فقد نص غير واحد من العلماء بأن هذا الحديث لا أصل له عن النبي (1038، كما بين العلامة الألباني _ رحمه الله _ أن هذا الحديث حديث باطل مكذوب(1039).(1/268)
…وأما ما قاله عمر بن عبد العزيز _ رحمه الله _: "ما يسرني أن لي باختلافهم حُمْرَ النعم"، وقوله: "ما أحب أن أصحاب رسول الله ( لم يختلفوا"1040، فهذان القولان يؤخذان على أن الاختلاف الذي حمده عمر بن عبد العزيز بين الصحابة، هو الاختلاف في المسائل الاجتهادية1041 التي لا نص فيها؛ فلا يتصور من الصحابة رضي الله عنهم أن يخالفوا ما جاء فيه نص من كتاب الله أو سنة رسوله (.
…ويشرح الإمام الشاطبي هذين القولين فيقول: "قد ثبت أن الشريعة لا اختلاف فيها، وإنما جاءت حاكمة بين المختلفين فيها وفي غيرها من متعلقات الدين؛ فكان ذلك عندهم عاماً في الأصول والفروع، حسبما اقتضته الظواهر المتضافرة والأدلة القاطعة، فلما جاءتهم مواضع الاشتباه؛ وكلوا ما لم يتعلق به عمل إلى عالمه على مقتضى قوله: (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ)(1042)، ولم يكن لهم بد من النظر في متعلقات الأعمال؛ لأن الشريعة قد كملت؛ فلا يمكن خلو الوقائع عن أحكام الشريعة، فتحروا أقرب الوجوه عندهم إلى أنه المقصود الشرعي، والفطر والأنظار تختلف؛ فوقع الاختلاف من هنا، لا من جهة أنه مقصود الشارع، فلو فرض أن الصحابة لم ينظروا في هذه المشتبهات الفرعية، ولم يتكلموا فيها - وهم القدوة في فهم الشريعة والجري على مقاصدها - ؛ لم يكن لمن بعدهم أن يفتح ذلك الباب؛ للأدلة الدالة على ذم الاختلاف، وأن الشريعة لا اختلاف فيها، ومواضع الاشتباه مظان الاختلاف في إصابة الحق فيها، فكان المجال يضيق على من بعد الصحابة، فلما اجتهدوا، ونشأ من اجتهادهم في تحري الصواب الاختلاف؛ سَهُل على من بعدهم سلوك الطريق، فلذلك - والله أعلم - قال عمر بن عبد العزيز: "ما يسرني أن لي باختلافهم حُمْرَ النعم"، وقال: "ما أحب أن أصحاب رسول الله ( لم يختلفوا"(1043).(1/269)
فالمُعَوَّل عليه في الأصول التي لا يسوغ فيها الخلاف هو النص المحكم، ويخطئ من يقول إن الأصول التي لا يسوغ الخلاف فيها هي العقائد عموماً، وأن السلف لم يختلفوا في شيء من العقائد؛ ظناً منه بأن العقائد هي الأصول فكل ما هو اعتقادي فهو من الأصول التي لا يسوغ فيها الخلاف، وهذا ليس بصحيح؛ فإن من العقائد ما اختلف فيه الصحابة، فعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قد خالفت الصحابة في أن النبي ( رأى ربه، وقالت: "من زعم أن محمداً رأى ربه؛ فقد أعظم على الله تعالى الفرية"1044، وجمهور الأمة على خلاف ذلك، مع أنهم لا يبدعون المانعين الذين وافقوا أم المؤمنين رضي الله عنها(1045).
…قال شيخ الإسلام: "وليس كل من خالف في شيء من هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكاً فإن المنازع قد يكون مجتهداً مخطئا يغفر الله خطأه"1046.
"والخطأ المغفور في الاجتهاد هو في نوعي المسائل الخبرية والعلمية، كمن اعتقد ثبوت شيء لدلالة آية أو حديث، وكان لذلك ما يعارضه ويبين المراد ولم يعرفه؛ مثل من اعتقد أن الذبيح إسحاق؛ لحديث اعتقد ثبوته. أو اعتقد أن الله لا يُرى؛ لقوله: (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ)(1047)، ولقوله: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ)(1048).
كما احتجت عائشة بهاتين الآيتين على انتفاء الرؤية في حق النبي (، وإنما يدلان بطريق العموم.(1/270)
وكما نقل عن بعض التابعين أن الله لا يُرى، وفسروا قوله: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَة، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة)(1049)؛ بأنها تنتظر ثواب ربها، كما نقل عن مجاهد وأبي صالح. أو من اعتقد أن الميت لا يعذب ببكاء الحي؛ لاعتقاده أن قوله: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)(1050)؛ يدل على ذلك، وان ذلك يقدم على رواية الراوي؛ لان السمع يغلط كما اعتقد ذلك طائفة من السلف والخلف. أو اعتقد أن الميت لا يسمع خطاب الحي؛ لاعتقاده أن قوله: (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى)(1051) يدل على ذلك. أو اعتقد أن الله لا يعجب؛ كما اعتقد ذلك شريح؛ لاعتقاده أن العجب إنما يكون من جهل السبب، والله منزه عن الجهل"(1052)، وبناء على ما سبق فليس كل اعتقادي هو من أصول الدين التي لا يسوغ الخلاف فيها، كما أنه ليس كل ما هو عملي يسوغ الخلاف فيه، فإن من الأمور العملية ما هو من الأصول التي لا يسوغ فيها الخلاف كوجوب الصلاة والزكاة وهي ليست من الاعتقاديات.
…وكل أمر حادثٍ مخالفٌ للكتاب والسنة؛ فالبدع والمحدثات هي أوضح شكل لمخالفة الكتاب والوقوع فيما وقع فيه أهل الكتاب1053.
سياق بعض مظاهر التشبه بالكفار بالخلاف في الأصول:-(1/271)
وبناء على ما سبق فإن الخلاف الذي يقع في هذه الأمة في الأصول من الكتاب أو السنة مما يبعد كون المخالف فيه مريداً للحق هو مظهر من مظاهر التشبه بالكفار، فالواجب في نصوص القرآن التي يظهر عليها التعارض: الجمع بينهما إن أمكن، ورد المتشابه منها إلى المحكم، كما قال تعالى: (والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا ألوا الألباب)(1054)، فضرب كتاب الله بعضه ببعض - وعدم الجمع بين آياته وعدم رد المتشابه إلى المحكم - من عمل الذين في قلوبهم زيغ كما في قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِه)(1055)، وهو سبب هلاك الأمم السابقة، فكل من تشبه بهم في الوقوع في الخلاف الذي لا ينبغي في نصوص الكتاب والسنة، فقد شاركهم في تعرضهم للهلاك؛ فقد قال النبي (: ((ولا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا))1056، وفي هذه الأمة ما ضلت الفرق وتنازع الناس إلا بالاختلاف على الكتاب أو ضرب بعضه ببعض.(1/272)
ومن الأمثلة على ذلك في العصر الحديث: ما يقع من الخلاف في إثبات بعض الصفات الواردة في القرآن الكريم وجاء بيانها في السنة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، من ذلك ما ورد في تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ)(1057)، فقد ورد تفسيرها في الحديث: ((يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى كل من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً))1058، ومع ذلك فإن من الناس من ينفي صفة الساق لله رب العالمين، يقول محمد علي الصابوني، في تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ)(1059): "أي اذكر يا محمد لقومك ذلك اليوم العصيب الذي يكشف فيه عن أمر فظيع شديد في غاية الهول والشدة، قال ابن عباس: هو يوم القيامة يوم كرب وشدة، قال القرطبي: والأصل فيه أن من وقع في شيء يحتاج فيه إلى الجد شمر عن ساقه، فاستعير الساق والكشف عنها في موضع الشدة كقول الراجز:
قد كشفت عن ساقها فشدوا……وجدَّت الحرب بكم فجدوا"1060
فهنا فسر المؤلف كشف الساق بأنها الشدة التي تقع يوم القيامة، رغم أن الحديث واضح في إثبات صفة القدم لله تعالى: ((يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى كل من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً))(1061)، فتفسير كشف الساق بالشدة مخالَفة بينة لهذا الحديث، وهو ينص على أن الله جل وعلا يكشف عن ساقه يوم القيامة، وقد نجد له العذر بعدم وصول الحديث إليه، أو أنه لا ينطبق على هذه الآية لولا أنه أورده بعد ذلك مباشرة في تفسير الآية نفسها، ولكنه بتره، فأورد ما يناسب عقيدته، واعرض عن الباقي.(1/273)
ومن الخلافات في العصر الحديث في ما لا يسوغ فيه الخلاف وهو امتداد للخلاف في بعض صفات الله الواردة في السنة النبوية، منها تفسير فرح الله بتوبة عبده بالرضى، جاء في كتاب: (نزهة المتقين شرح رياض الصالحين): "أفرح(1062): أي أشد فرحاً، والفرح بالنسبة للإنسان: السرور ولذة القلب بنيل ما يشتهي، وبالنسبة لله تعالى يراد: الرضى"1063، رغم أن الحديث نص على صفة الفرح لله تعالى، قال (: ((لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح))1064، فثبتت صفة الفرح لله تعالى بالدليل الشرعي، وتفسير هذه الصفة بالرضى، فيه نفي لصفة من صفات الله التي أثبتها له رسوله (، ومخالفة للنص الصحيح الصريح، مما ينتج الخلاف والفرقة في الصف الإسلامي.(1/274)
ومن مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث في جانب الاختلاف في أصول الدين في العصر الحديث(1065): ما نراه لدى الشيعة الاثني عشرية من سب للصحابة(1066) الذين ثبت النص بعدالتهم جميعاً، وأذكر على سبيل المثال من الآيات في تزكية الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم قوله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)(1067)، وقد تواترت النصوص بفضلهم على غيرهم من البشر، مما لا يتسع المقام لتفصيله، ومع ذلك نجد كتب الرافضة (الشيعة الاثناعشرية)، مملوءة بالتقرب إلى الله بسب هؤلاء الأفاضل من الناس، فكيف تأتي هذه الآيات بمدح هؤلاء وتأتي أسفار الرافضة لتقدح في عدالتهم وتتعبد الله بسبهم وتنقصهم(1068).(1/275)
يقول أحد الشيعة المعاصرين، وهو يذكر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما متهماً إياهما بتعمد إخفاء بعض ما أنزل الله في القرآن: "ولا ينبغي لأحد أن يقول: لو ورد ذكر الإمام في القرآن لما استساغ الشيخان أن يخالفاه، ولو خالفاه فرضاً لم يقبله المسلمون وقاموا ضدهما، فنحن نقول: إنه لا ينبغي القول بهذا، لأننا نعرف أنهما خالفا صريح القرآن جهراً وعلنا والناس لم يردوا عليهما، بل قبلوا مخالفتهما للقرآن"(1069)، ويقول: "ويعلم بهذا كله مخالفة أبي بكر وعمر القرآن في حضور المسلمين ولم يكن هذا الأمر ذا بال عندهم، بل كانوا هم معهما وفي حزبهما مناصرين مساعدين لهما في نيل المقصود، ويعرف بهذا كله أنه لو ورد ذكر الإمام في القرآن لم يكونوا تاركين للرئاسة لقول الله عز وجل، ولا معطين له أي اهتمام، وكما أن أبا بكر الذي كان خداعه ظاهراً وزائداً استطاع أن يحرم ابنة رسول الله (() من إرثها الثابت بالقرآن والعقل باختلاق حديث مكذوب، لم يكن مستبعداً من عمر أن يقول بأن الله أو جبريل أو الرسول أخطؤوا في ذكر اسم الإمام في القرآن وآياته، ولذلك لا ينظر إليه ولا يعمل به، وآنذاك قام حزب السنة وتابعوه على قوله وتركوا القرآن مهجوراً، كما أنهم تابعوه في جميع التغييرات التي أتى بها في دين الإسلام ورجحوا قوله على القرآن وآياته وقدموه على أحاديث رسول الإسلام (() وأقواله"(1070)، وفي هذا افتراء حتى على بقية الصحابة الذين داهنوا الشيخين _ على حد زعمه _ فلم يبق أحد من الصحابة بعد موت النبي ( إلا سكت على ذلك الكفر في زعمه، وليس المقصود هو تفصيل الرد عليه في هذا الموضع، ولكن المقصود هو بيان مخالفة الرافضة في العصر الحديث للكتاب والسنة الثابتين بتبرئة الصحابة من النفاق فضلاً على تبرئتهم من الاجتماع على كتمان شيء من القرآن، وفي هذا الزعم مخالفة للكتاب والسنة وإجماع الأمة على عدالة الصحابة.(1/276)
فأي مخالفة لنصوص الوحي وأصول الدين، أعظم من هذه المخالفة، وأي فُرقة أحدثها المخالفون في اجتماع الرأي الإسلامي من هذه الفُرقة، عندما يترضى المسلمون على هؤلاء الأخيار، الذين ثبتت عدالتهم في غير ما آية من كتاب الله الكريم، وفاضت كتب السنة بمآثرهم، ويأتي هؤلاء المخالفون للكتاب والسنة وإجماع المسلمين بما لا يليق ذكره في حقهم.
…وغير ذلك الكثير _ في العصر الحديث _ من أنواع مخالفة النصوص الشرعية الواضحة البينة، كلها تلبس لباس التشبه بأهل الكتاب الذين ما تفرقوا إلا من بعد ما جاءتهم البينة.
الفصل الثاني
مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث في العبادات
المبحث الأول: الرهبانية والتصوف:-(1/277)
عندما أرسل الله الرسل يأمرون الناس بعبادته وحده لا شريك له، أوحى إليهم بالشرائع التي تعبَّد الناسَ بها والتي رضيها لعباده، فعصيان الله فيما أمر به هو مما يغضبه، كما أن فعل ما نهاهم عنه هو مما يسخطه جل وعلا، كل ذلك من باب النقص والتقصير في حق هذه الشرائع، والزيادة على تلك الشرائع هو من الافتيات على الله جل وعلا فيما شرعه لعباده، فالله أعلم بما يصلح لعباده، ولو كانت هذه الزيادة خيراً لكانت شريعة الله المنزلة أولى بها، ولذلك لما جاء عباد النصارى بالرهبانية(1071) المبتدعة من عند أنفسهم ذمهم الله تعالى في كتابه الكريم حيث قال: (ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإنجيل وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ)(1072)، قال ابن كثير: "وهذا ذم لهم من وجهين أحدهما الابتداع في دين الله ما لم يأمر به الله والثاني في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى الله عز وجل"1073، ولم تكن الرهبانية مقبولة لدى جميع النصارى فإن منهم لم يقبلها ووجد فيها خروجاً عن تعاليم المسيح، يقول د. محمد أبو زهرة: "أنكر أولئك المصلحون لزوم الرهبنة التي يأخذ رجال الدين أنفسهم بها ويعتبرونها شريعة لازمة، يفقد رجل الدين صفته الكهنوتية أن تخلى عنها، ولقد رأوا ما أدى إليه ذلك الحظر من كبت للجسد الإنساني، وتعذيب له من غير ضرورة، ولا نص من الكتب قديمها وجديدها يفيد ذلك، بل لقد رأوا ما أدى إليه ذلك الكبت من انفجار غريزة الإنسان في رجل الدين فانطلق يكرع اللذة من شقتها الحرام بعد أن حرم على نفسه الحلال، وطفق يغترف من(1/278)
ورد معتكر(1074) بالآثام، وترك المنهل العذب الذي حللته الشرائع، ويتفق مع ناموس الاجتماع الإنساني"(1075).
والنصارى قد عرف عنهم الغلو ليس في العبادات فحسب، بل في العقيدة كذلك فقد نهاهم الله عن الاستمرار في الغلو في عيسى عليه السلام وإطرائه، فقال لهم: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتهوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً)(1076).
ولما نبتت نابتة الرهبنة في عهد رسول الله ( كان هو أول من نهى عنها، فعن أنس ( قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبداً وقال آخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال آخر أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني))(1077)، فبين الرسول ( أن الخشية لله هي لزوم طريق النبي وعدم الزيادة على ما شرعه الله تبارك وتعالى، وأن الزيادة هي انحراف عن السنة.(1/279)
ولقد حرم رسول الله ( الغلو في الدين والزيادة فيه في عدد من الأحاديث، من ذلك قوله (: "لا رهبانية في الإسلام"(1078)، وعن عبد الله بن عباس ( قال: قال رسول الله ( غداة العقبة وهو على ناقته: ((القط لي الحصى)) فلقطت له سبع حصيات، من حصى الخذف، فجعل ينفضهن في كفه ويقول: ((أمثال هؤلاء فارموا))، ثم قال: ((أيها الناس إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين))1079، قال شيخ الإسلام: "والغلو مجاوزة الحد بأن يزاد الشيء في حمده أو ذمه على ما يستحق ونحو ذلك"1080.
"ثم ظهر بعد ذلك أناس اتخذوا الزهد والورع والتقشف شعاراً لهم، وأطلق عليهم الصوفية"1081، ويظهر من اسم الصوفية علاقته بالزهد ولبس الصوف، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن الصوفية نسبة إلى لبس الصوف، وإنه أول ما ظهرت الصوفية من البصرة، وأول من بنى دويرة لصوفية بعض أصحاب عبد الواحد من أصحاب الحسن، وكان في البصرة من المبالغة في الزهد والعبادة والخوف ونحو ذلك ما لم يكن في سائر أهل الأمصار، ولهذا كان يقال: فقه كوفي، وعبادة بصرية"(1082)، وذهب البيروني إلى أنهم منسوبون إلى "السوفية" الحكماء القائلون بالوحدة، وأن الصوفية أول من أدخل ذلك في الإسلام فسموا باسمهم(1083).
ويبدو للمتأمل في أفعال الصوفية أن المصدر الأصيل لكثير من ممارساتهم هو رهبانية النصارى، يقول شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "كما أن كثيراً من زهاد الصوفية يشبه النصارى ويسلك في زهده وعبادته من الشرك والرهبانية ما يشبه سلوك النصارى ولهذا أمرنا الله تعالى أن نقول في صلاتنا اهدنا الصراط..."(1084).(1/280)
"ويبدو أن من أسباب ظهور طبقة العباد والزهاد في القرن الثاني الهجري هو إقبال الناس على الدنيا يجمعون منها ويتفاخرون(1085)، فكانت ردة الفعل عند البعض هي الابتعاد الكلي عنها، ولا بد أن هناك أسباباً أخرى قد تكون شخصية، وقد تكون من أثر إقليم معين أو مدينة معينة، فإن من الخطأ تفسير ظاهرة ما بسبب واحد. ثم حدثت مرحلة انتقالية بين هذا الزهد المشروع وبين التصوف حين أصبح له تآليف خاصة، ويمثل هذه النقلة مالك بن دينار(1086) فنراه يدعو إلى أمور ليست عند الزهاد السابقين، منها التجرد أي ترك الزواج، وهو نفسه امتنع عن الزواج وكان يقول: "لا يبلغ الرجل منزلة الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة ويأوي إلى مزابل الكلاب"(1087). ويقول: "إنه لتأتي علي السنة لا آكل فيها لحماً إلا في يوم الأضحى، فإني آكل من أضحيتي"(1088). وكثيراً ما يقول: قرأت في التوراة،(1089) ويروى عن عيسى عليه السلام: (بحق أقول لكم، إن أكل الشعير والنوم على المزابل مع الكلاب لقليل في طلب الفردوس"(1090)، أو "قرأت في الزبور..."(1091). فمن الواضح ومن خلال قراءة ترجمته في كتب الطبقات أنه متأثر بما ترويه الكتب القديمة عن الزهاد والرهبان.. ومن الواضح أن هذه الكتب قد حرفت ولسنا مأمورين بقراءتها بل منهيون عن الأخذ منهم وتقليدهم. وربما يكون عبد الواحد بن زيد ورابعة العدوية(1092) من أقطاب هذه المرحلة الانتقالية"(1093).
…وهكذا اتخذ التصوف مساراً خارجاً عن مسار الزهد الذي أمر به الإسلام إلى مسار يشبه الرهبانية لدى النصارى.(1/281)
…ولقد تنوعت أشكال التصوف في العصور الإسلامية، على أنه لم يخل قرن من القرون _ خلا القرون المفضلة _ من غلاة المتصوفة المتأثرين بالرهبانية النصرانية، وغيرها من الأديان الأخرى، كما سيأتي، على أن الأمر لو خلا من مشابهة المشركين وتفرد بالابتداع في الدين لكان مذموماً فكيف وقد جمعت الممارسات الصوفية بين الابتداع والتشبه بالمشركين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني _ رحمه الله _، بعد الكلام عن قصة عمرو بن لحي الخزاعي(1094): "فقد تبين لك أن من أصل دروس دين الله وشرائعه، وظهور الكفر والمعاصي: التشبه بالكافرين، كما أن من أصل كل خير: المحافظة على سنن الأنبياء وشرائعهم، ولهذا عظم وَقْعُ البدع في الدين، وإن لم يكن فيها تشبه بالكفار، فكيف إذا جمعت الوصفين"1095.
ولقد تنوعت تلك المظاهر التي استقاها الصوفية من الرهبانية النصرانية ومن الأديان الأخرى والتي منها أديان الهند القديمة، وهنا أذكر بعض تلك المظاهر والممارسات الصوفية التي أخذت من الأديان الأخرى، مع أن المنهج الصوفي الذي اتخذ طريقاً غير طريق الشرع في التعبد لله هو خارج عن السنة عموماً، موغل في التشبه بالنصارى الذين ابتدعوا الرهبانية التي ما كتبها الله عليهم، فالتشبه بالكفار من سمات التصوف عموماً، وهنا أذكر بعض المظاهر التي جاء بها المتصوفة بذاتها من الأديان الأخرى، فمن تلك المظاهر:
التعبد بالتضييق على النفس وحرمانها من متطلباتها والاعتكاف في الزوايا وترك مخالطة الناس:
وهي طريقة النصارى، فإن من ديدنهم التشديد على النفس(1096) وقد جاء في الحديث: ((لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم فإن قوماً شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع والديار (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ)(1097)))1098، يقول بولس في رسالته الأولى لأهل كورنثوس: "وأما من جهة الأمور التي كتبتم لي عنها فحسن للرجل أن لا يمسّ امرأة"1099.(1/282)
"وقد بلغت الرهبانية المسيحية ذروة عتوها في القرون الوسطى وبلغ تحريم الطيبات أشده عند هؤلاء الرهبان الذين كانوا يعدون بالألوف, حتى جعل بعضهم غسل الرجلين إثماً, ودخول الحمام شيء يجلب الأسف والحسر"(1100).
…ويرى بعض الباحثين أن من مصادر الرهبانية النصرانية بعضها مستقى من أديان الهند القديمة، ولو استعرضنا، طرائق بعض تلك الأديان لوجدنا التشابه الكبير في طريقة التعبد.
ففي الجينية مثلاً نجد أن طريقة مؤسسها قائمة على التشديد على النفس، فقد "صام مهاويرا يومين ونصف يوم، ونتف شعر جسمه، وبدأ يجوب البلاد حافياً ولجأ إلى الزهد والجوع والتقشف، وغرق في التفكير، واهتم بالرياضة الصعبة القاسية والتأملات النفسية العميقة، وبعد ثلاثة عشر شهراً من ترهبه خلع ملابسه دون حياء، إذ كان قد قتل في نفسه عواطف الجوع والإحساس والحياء وكان أحياناً يعتكف في المقابر وكان يغرق في المراقبة إلى حالة الذهول وعدم الإحساس بما حوله، وأفنى كل اتجاه مادي، فحصل من درجات العلم على الدرجة الخامسة (أعلى الدرجات)، وهي درجة العلم المطلق، ونيل البصيرة أو النجاة،وبعد سنة أخرى من الصراع والتأملات فاز بدرجة المرشد وبهذا بدأ مهاويرا مرحلة جديدة هي الدعوة لعقيدته"(1101). ويقول د. محمد ضياء الأعظمي(1102): "تحث الجينية على ترك العلاقات الدنيوية، والتمسك بالحياة الرهبانية، فتأثر بها النساك الهندوسيون والبوذيون وتركوا العلائق الدنيوية، واختاروا الحياة الرهبانية"1103، فهي ظلمات بعضها قد أخذ الظلمة عن بعض.
وفي الديانة الهندوسية لا يصل الراهب إلى الرهبانية الحقيقية حتى يتدرج في رياضة النفس والجسد، بأنواع من الرياضات، يقول (مانو) في شريعته: "والآن أذكر أحكام الرهبان وهم على أربع فئات:-
الفئة الأولى: (بَرَهْمَا جَاريا آشَرَمْ) يعني به دور التربية والتعليم.
الفئة الثانية: (كِرْهَسْتا آشَرَمْ) يعني به دور الحياة العائلية.(1/283)
الفئة الثالثة: (سنياسْ آشَرَمْ) يعني به دور التربية الجسدية والروحية.
الفئة الرابعة: (بَانبرَستَ آشَرَمْ) يعني به دور الحياة الرهبانية"1104.
وهنا أذكر بعض ما توصلت إليه الصوفية في العصر الحديث من الابتداع في الدين على منوال عباد تلك الأديان الباطلة أو المحرفة:
يقول الشيخ محمد الحجوري(1105): "حتى إنك إذا بحثت في أي مدينة أو قرية في غالب الممالك الإسلامية تجد زواياها أكثر من مساجدها ومن المدارس، ولا تكاد تجد عائلة إلا وهي آخذة طريقة من الطرق تتعصب لها برجالها ونسائها وصبيانها، على أنه ربما تجد في العائلة طالباً واحداً للعلم، ولا تجد فيها من يحسن الكتابة، حتى التجأت الدول الإسلامية أن تعتبر رؤساء الطرق بمنزلة الموظفين وتسميهم كما تسمي موظفيها، لتختار من لا يكون ضدها، وفي بعض الأقاليم تجعل رئيساً عاماً على جميع المشايخ تسميه شيخ المشايخ"(1106).
يقول أحد مفكري الهند: "لم تكن في الهند إلا فتنة التصوف الباطل، ولم تخل قرية أو مدينة من الزوايا"، ويقول: "ومن أكبر البليات في الهند أن العامة والخاصة كلهم كانوا مصطبغين بصبغة التصوف، حتى بلغ بهم الأمر إلى أنهم ما كانوا يقبلون شيئاً إلا إذا كان مسبوكاً في قالبه"(1107).
وفي المغرب العربي: كان بعضهم يخرج إلى الغابات كما كان يفعل الشيخ محمد المبارك المغربي الجزائري؛ إذ "كان في بداية أمره يأوي إلى غابة كثيرة الوحوش والسباع، يعبد الله فيها أياماً، ثم يرجع إلى أهله يتزود لمثلها ويرجع لمكانه، حتى نادته هواتف العنايات بلطائف الإشارات، وطابت سريرته واستنارت بصيرته، وتخلى من أوحاله، وتحلى بجميل أحواله... وبعد رجوعه لداره اتخذ لنفسه خلوة في منزله لا يخرج منها إلا لقضاء أوطاره، إلا يوم الخميس فإنه جعله لزيارة القاصدين ومذاكرة الواردين.... ثم يعود لخلوته ليلة السبت"(1108).(1/284)
"وفي مكة المكرمة مهبط الوحي كان المدعو بالسيد عمر بن عبد الله السقاف (المتوفى سنة 1305هـ) قد تلقى العلوم عن عدة مشايخ... ثم إنه أخذ الطريقة النقشبندية على الشيخ محمد مطهر، فعقب ذلك ترك الاشتغال بالتدريس بتاتاً، وتوجه لها(1109) واشتغل بها، وتقشف وانفرد عن الناس بالكلية"(1110).
بين وصاية الأب الروحي، ووصاية الشيخ على المريد:
لقد أعطت بعض الطرق الصوفية لمشائخ الطرق أوصافاً تصل إلى حد التقديس، بل رفع إلى مقام الربوبية أحياناً فله أن يحلل ويحرم(1111). "فالشيخ عند المتصوفة هو إله، وتسمى الطرق الصوفية كلها باسم مشايخها ومؤسسيها، ومع الزمن تتفرع الطريقة الواحدة إلى طرق كثيرة تحمل أسماء مشايخها الجدد"(1112)، وهذه الطريقة تشبه إلى حد كبير تقديس النصارى للرهبان والكنيسة، التي أعطيت الوصاية الروحية على النصارى، فلا اعتراض على ما تقره الكنيسة من عقائد أو ما تفرضه من أحكام(1113)، ولا يجوز للنصراني أن يسأل عن شيء من الدين بل عليه الإيمان المطلق بكل ذلك1114. بل حتى وصل من تسلط الكنيسة أنها صارت توزع صكوك الغفران.(1/285)
وهذه التبعية للرجال والانقياد لهم دون الانقياد للحق هي من صفات اليهود أيضاً، يقول شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "فوصف الله اليهود بأنهم كانوا يعرفون الحق قبل ظهور النبي الناطق به والداعي إليه1115 فلما جاءهم النبي الناطق به من غير طائفة يهوونها لم ينقادوا له فإنهم لا يقبلون الحق إلا من الطائفة التي هم منتسبون إليها مع أنهم لا يتبعون ما لزمهم في اعتقادهم وهذا يبتلى به كثير من المنتسبين إلى طائفة معينة في العلم أو الدين من المتفقهة أو المتصوفة أو غيرهم أو إلى رئيس معظم عندهم في الدين غير النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم لا يقبلون من الدين لا فقها ولا رواية إلا ما جاءت به طائفتهم ثم إنهم لا يعلمون ما توجبه طائفتهم مع أن دين الإسلام يوجب اتباع الحق مطلقاً رواية وفقها من غير تعيين شخص أو طائفة غير الرسول صلى الله عليه وسلم"1116
والعجيب أن الصوفية التي تبعت الرهبانية النصرانية _ في بادئ الأمر _ لم يتورع متأخروهم في الشطح على منوال الرهبان النصارى إلى أبعد درجة يمكن تصورها، فحرم على المريد أن يعترض على شيخه مهما وجد عليه من أمور ساقطة، "وقد وضع الصوفية قواعد عامة لتربية مريديهم، وكلها تحوم حول الخضوع التام من المريد للشيخ، بحيث يتحول التلميذ المسكين إلى انقياد أعمى(1117)، وحتى تتم هذه التربية الذليلة ألزموهم بلبس معين، ومشية معينة، وشيخ معين، وطريقة معينة، ومن هذه القواعد المتعارفة بينهم: كن بين يدي الشيخ كالميت بين يدي المغسل. لا تعترض فتنطرد. من قال: لشيخه لِمَ؟، لا يفلح"(1118). "وفي ظل الدولة العثمانية، انتشرت تلك المقولة العجيبة: من لا شيخ له فشيخه الشيطان! وأصبحت الصوفية - بالنسبة للعامة بصورة خاصة - هي مدخلهم إلى الدين وهي مجال ممارستهم للدين!!"(1119).(1/286)
وفي خلافة الدولة العثمانية اتخذ بعض الحكام العثمانيين مكانة في قلوب الناس توجته بها الصوفية، فقد "اعتنق السلطان عبد الحميد الثاني الطريقة الشاذلية(1120)، وحينما اعتلى عرش الخلافة أخذ أنصاره ينشطون في الدعوة إلى (الصوفية الإمامية) على اعتبار أن الخليفة ظل الله على الأرض، مما يوجب طاعته وطلب رضاه"(1121).
"والحقيقة أن النظرة للربط بين سلطة الحاكم وإرادة الخالق كانت على عهد الفراعنة القدماء الذين اعتبروا سلطة الفرعون مستمدة من سلطان السماء باعتباره - كما كانوا يعتقدون - ابن الإله، ثم نظر الفرس إلى أكاسرتهم باعتبارهم على صلة بالإله (أهورا - مزدا)، وحكم قيصر روما أوربا بالحق الإلهي قبل المسيحية باعتباره ابن السماء وبعدها باعتباره رئيس الكنيسة وحليف الكهانة، وحينما جاء الإسلام ألغي هذه النظرة على اعتبار أن العصمة للأنبياء وحدهم أما الخلفاء فهم بشر ولكل بشر شيطان وعلى الرعية أن تقوم الخليفة إذا أخطأ، كما أعلن ذلك أبو بكر منذ بدء الخلافة الإسلامية"(1122).
وحتى الآن يقوم نظام الحكم في بعض الدول على ما يسمى بنظام الملكية المقدسة، فإنهم يعتبرون ممثلين للذات الإلهية أمام شعوبهم، وتكون زعامتهم روحية وسياسية في آن واحد. وهذه النوعية من الملكية نادرة في الوقت الحاضر(1123).
رفع التكاليف المأخوذ عن عقيدة النرفانا:(1/287)
عرفت النرفانا في الهندوسية بأنها النجاة. يقول الباحث محمد ضياء الأعظمي: "النرفانا هي: حالة الروح التي بقيت صالحة في دورات تناسخية متعاقبة ولم تعد تحتاج إلى تناسخ جديد فيحصل له النرفانا (النجاة) من الجَوَلان وتتحد الروح بالخالق. فهذه العقيدة قائمة على أن الأرواح هي في حال تجول مستمر من جسد إلى آخر، ولا يحصل لها الاستقرار إلا بعد النجاة، وهذا التجوال هو ما يسمى في الهندوسية بالكارما(1124)، التي هي أصل عقيدة التناسخ(1125)"1126. "ولا يصل أحد إلى النرفانا إلا بعد أن يقضي على جميع شهواته الحيوانية، ورغباته المادية والجسدية، ويكون في النهاية في مرتبة: (لا شيء أريده) (WANTLESSNESS)"1127.
يقول (كرشنا)(1128): "من يعرف طبيعة ظهوري وأعمالي التجاوزية لا يولد ثانية عند تركه الجسد في العالم المادي، بل يدخل مقامي السرمدي"1129.
كما عُرفت هذه العقيدة لدى الديانة الجينية، يقول د. أحمد شلبي: "ولا بد للنجاة كذلك من قهر جميع المشاعر والعواطف والحاجات، ومؤدى هذا ألا يحس الراهب بحب أو كره، ولا بسرور أو حزن، ولا بحرٍّ أو برد، ولا بخوف أو حياء، ولا بجوع أو عطش، ولا بخير أو شر. والجيني بذلك يصل إلى حالة من الجمود والخمود والذهول فلا يشعر بما حوله، ودليل ذلك أن يتعرى فلا يحس بحياء وينتف شعره فلا يتألم، لأنه لو أحس بما في الحياة من خير وشر أو نظم متفق عليها، فمعنى هذا أنه لا يزال متعلقاً بها خاضعاً لمقاييسها"(1130).(1/288)
ولقد اتخذت عقيدة الفناء (النرفانا) عند الهندوس طابع التدرج كما هو الحال عند الصوفية؛ فلا يصل الفرد إلى الاتحاد بذات الخالق إلا بعد مروره بعدد من الرياضات التي تمكنه من الحلول في الذات المقدسة والفناء فيها، يقول د. محمد ضياء الأعظمي: "كانت هذه العقيدة سائدة في الهند منذ عهد بعيد. ويعتبر أرقى الناس في الهند وأعمقهم فكراً عند الهندوس من عرف حقيقة (AIRMEWADWITEA) يعني هو فقط لا ثاني له، وهذه هي غاية الفكر الهندي كما يوضح (الفيدانت):
الخطوة الأولى: أن تعرف الخالق بمعرفة مخلوقاته.
والخطوة الثانية: أن تميز بين الخالق وطبيعة الكون.
والخطوة الثالثة: أن ترى الوحدة بين الخالق وطبيعة الذرة التي خلق منها هذا الكون.
والخطوة الرابعة: وهي الغاية العظمى عند الهنادك أن ترى أن ذرة التخليق تتلاشى في ذات الخالق، لأنها هي هيولي الكائنات، ومصيرها الاتحاد بعلة العلل"1131.
ويؤكد د. محمد ضياء الأعظمي على تأثر الصوفية بهذه العقيدة الهندوسية، فيقول: "وأثرت هذه العقيدة على أفكار الصوفية في الهند أولاً، ثم انتقلت إلى البلاد المجاورة لها مثل تركستان، ومن هنا انتشرت في البلاد الأخرى، ومن هذا المعين يقول ابن عربي:
فما نظرت عيني إلى غير وجهه …وما سمعت أذني خلاف كلامه(1/289)
فإن الهدف الأسمى للحياة عند الهندوس هو التحرر من رق الأهواء والشهوات، فإن الروح إذا خرجت من جسم تنتقل إلى جسم آخر وهكذا تظل متنقلة من جسم إلى جسم حتى يحصل لها (النرفانا) وهو العودة إلى أصلها الذي صدرت عنه، والاتحاد والاتصال به وهو (برهما) وفي تعبير المتصوفين (الفناء)(1132). ومما لا شك فيه أن التصوف تأثر كثيراً بالعقائد الهندية، ففكرة الاتحاد أو وحدة الوجود عند الحلاج وابن عربي وغيرهما من المتصوفين مصدرها (الفيدانت) حيث ترجم في عهد المأمون في دار الحكمة، وبقي ابن عربي مدة من الزمن في الشرق بعد أن خرج من موطنه بلاد الأندلس، وكان يتلقى مبادئ التصوف من مشايخ الشرق وألف كتابه "الفتوحات المكية" بمكة المكرمة، وهو شبيه بتعليمات التصوف الهندي. أليس قول ابن عربي: الاعتقاد بصحة كل عقيدة حتى لو كانت عبادة الحجر والشجر. شبيه بفكرة (الفيدانت) القائلة: وفي النهاية كل هذه الأفكار توصل إلى ذات الله"(1133)، بلى.
ومما يتصل أيضاً بفكرة الاتحاد: عقيدة وحدة الوجود المأخوذة عن الفكر الهندي كذلك، والتي انتشر بسببها الفساد الأخلاقي بين الصوفية في العصور المتأخرة1134 فعقيدة وحدة الوجود - التي استفحلت عند متأخري الصوفية(1135) - شجعت على الإباحية "لأن الثواب والعقاب يصبح من المشكلات فمن الذي يثيبنا حين نحسن؟ ومن الذي يعاقبنا حين نسيء؟ إذا كان الإنسان جزأً من الله، إنها خطر على عالم الأخلاق، بل تأتي على قواعده من الأساس، ولذلك عاش بعض الصوفية عيشة التفكك والانحلال، وقد كان لابن الفارض وهو من شيوخ وحدة الوجود(1136)، كان له مغنيات بالقرب من قرية (البهنسا) يذهب إليهن فيغنين له بالدف والشبابة وهو يرقص ويتواجد(1137)"(1138).
ولقد كان مما انتقده الأزهر على الصوفية في مصر: ادعاء بعض مشائخ الطرق الصوفية إسقاط التكاليف الشرعية عنه1139.(1/290)
ولقد لقيت هذه العقيدة - عقيدة وحدة الوجود _ رواجاً حتى في عصرنا الحاضر "وهذا (أحمد السهسواني الهندي) (المتوفى سنة 1259هـ): كان من القائلين بوحدة الوجود له مصنفات منها: (البنيان المرصوص في شرح الفصوص لابن عربي)(1140). وكان تدريس كتابي (فصوص الحكم) و (الفتوحات المكية) لـ(ابن عربي) وغيرهما من كتب المتصوفة التي تطفح بعقيدتي وحدة الوجود والحلول هو شعار كبار العلماء من المتصوفة وغيرهم، وهو المنزلة العلمية التي لا يتبوؤها إلا الخاصة منهم، والمستوى العلمي الذي لا يرقى إليه إلا فحول العلماء. كما رأينا ذلك بوضوح عند الأمير (عبد القادر الجزائري)، وجمهور علماء (الشام)، ولم يكن الأمر مقتصراً على (الشام)، بل كان ذلك الانحراف واقعاً في غالب الأقطار"(1141).
ويذكر صاحب كتاب حلية البشر عن الشيخ: سعيد الخالدي الدمشقي أنه ممن ادعى سقوط التكاليف عنه، فيقول: "وأنكر العلم والعمل، وعن كثير من التكاليف اعتزل، وقال هذه واجبة على المحجوبين لا على المحبوبين... وصار لا يقول بواجب ولا مسنون، ويقول إن التمسك بذلك محض جنون، ومن دخل في الطريق، وترقى في المقامات، صارت ذاته عين الذات، وصفاته عين الصفات، وهل يجب على الله صلاة أو صيام بحال؟! وهل يقال في حقه عن شيء حرام أو حلال؟!
وقد وافقه على ذلك عدة أشخاص قد خرجوا من الدين ولات حين مناص، فتجاهروا بالآثام، ولم يتقيدوا بحلال أو حرام... وتبعهم على ذلك جملة قوية، حتى صاروا فرقة ذات متانة وحمية"(1142).
ويدعو أحد مشائخ الطرق مبتهلاً إلى الله أن يوصله إلى درجة الفناء، فيقول: "وزج بي في بحار الأحدية! وانشلني من أوحال التوحيد! وأغرقني في عين بحر الوحدة حتى لا أرى ولا أسمع ولا أجد ولا أحس إلا بها"(1143).
ويقول الشيخ (حسن رضوان)(1144), من منظومته الصوفية (روض القلوب المستطاب):
…وحسبك من ذلك المقصود …إشراق نور وحدة الوجود
…وكل ما سواه نجم آفل …بل في شهود العارفين باطل …(1/291)
…فليس إلا الله والمظاهر …لجملة الأسماء وهو الظاهر"(1145)
ويقول الشيخ (علي بن أحمد اليشرطي الشاذلي)(1146): "ما زال العبد يذكر الله حتى يستولي عليه الاسم، ومتى استولى عليه الاسم، انطوت العبدية بالربية وظهرت عليه صفات الرب، ولذة الرب تغيب العبد عن وجوده حساً ومعنى... ومن يرحم الفقير ربي يحسن إليه، وهذه وحدة الوجود لا يحصل عليها أي إنسان، فهي للأصفياء والأنبياء"(1147).
ويقول علي حرازم الفاسي: "إن جميع المخلوقات مراتب للحق، يجب التسليم له في حكمه وفي كل ما أقام خلقه، لا يعارض في شيء، ثم حكم الشرع من وراء هذا يتصرف فيه ظاهراً لا باطناً، ولا يكون هذا إلا لمن عرف وحدة الوجود فيشاهد فيها الوصل والفصل، فإن الوجود عين واحدة لا تجزؤ فيها على كثرة أجناسها وأنواعها ووحدتها، لا تخرجها عن افتراق أشخاصها بالأحكام والخواص، وهي المُعبر عنها عند العارفين أن الكثرة عين الوحدة والوحدة عين الكثرة، وهذا النظر للعارف فقط لا غيره من أصحاب الحجاب وهذا لمن عاين الحدة ذوقاً لا رسماً وهذا خارج عن القال"1148، كل ذلك يبين مدى انتشار عقيدة الحلول والاتحاد الهندوسية عند الصوفية في العصر الحديث.(1/292)
ولذلك فإن ما يقال اليوم على ألسنة المتأثرين بالمتصوفة(1149) من استحباب التخلق بأخلاق الإله هو لوثة من لوثات الفناء (النرفانا)، يقول شيخ الإسلام _ رحمه الله _ منكراً التلفظ بهذا اللفظ: "ولهذا ضل من سلك سبيل هؤلاء فصار مقصودهم هو التشبه بالله واحتجوا بما يروون تخلقوا بأخلاق الله وصنف أبو حامد شرح أسماء الله الحسنى وضمنه التشبه بالله في كل اسم من أسمائه وسماه التخلق حتى في اسمه الجبار والمتكبر والإله ونحو ذلك من الأسماء التي ثبت بالنص والإجماع أنها مختصة بالله وأنه ليس للعباد فيها نصيب كقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره ((يقول الله تعالى العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني واحداً منهما عذبته))(1150)، وسلك هذا المسلك ابن عربي وابن سبعين وغيرهما من ملاحدة الصوفية وصار ذلك مع ما ضموا إليه من البدع والإلحاد موقعاً لهم في الحلول والاتحاد وقد أنكر العلماء على أبي حامد ما ذكره في التخلق وبالغوا في النفي حتى قالوا ليس لله اسم يتخلق به العبد"(1151).
…وأما ما يسمى بالجذبة عند الصوفية فهي تشبه النرفانا من ناحية أنها اقتراب من ذات الله _ عندهم _، ولكنها تختلف من ناحية أن لها وقتاً محدداً، ولكنها لا تسلم من كونها مأخوذة من الأديان الأخرى، ولعلنا نأتي على تعريفها أولاً، الجذبة هي: أن من عبَد الله فإن الله يجذبه إليه بحيث يكشف له الغطاء الذي يجعله يرى أنه غير الله، والطريق الموصلة إلى هذه الجذبة هي الرياضة الروحية1152.
…يقول المستشرق جولد تسيهر: "فالأشكال الكثيرة للرياضات الدينية المتعلقة بالذكر في الجماعات الصوفية وكذا الوسائط التي تستخدم للوصول إلى الانجذاب والنشوة - نظام التنفس - أرجعها " كريمر " إلى أصولها الهندية التي أثبتت صدورها عنها"1153.(1/293)
ومن تلك الرياضات التي ترجع إلى أصول هندية: اليوغا، وتعرَّف بأنها: "اللغة الهندية المقدسة وتعني الاتحاد والاتصال بالله، أي الاتحاد بين الجسم والعقل والله، وهي توصل الإنسان إلى المعرفة والحكمة، وتطور تفكيره بتطوير معرفته للحياة، وتجنبه التحزب أو التعصب الديني وضيق الأفق الفكري وقصر النظر في البحث، وتجعله يحيا حياة راضية بالجسد والروح"(1154).
وجاء تعريفها في المعجم الفلسفي: "اليوغا: لفظ سنسكريتي معناه الاتحاد، ويطلق على الرياضة الصوفية التي يمارسها حكماء الهند في سبيل الاتحاد بالروح الكونية، فاليوغا ليست إذن مذهباً فلسفياً، وإنما هي طريقة فنية تقوم على ممارسة بعض التمارين التي تحرر النفس من الطاقات الحسية والعقلية، وتوصلها شيئاً فشيئاً إلى الحقيقة، واليوغي: هو الحكيم الذي يمارس هذه الطريقة"(1155).
وهذا يعني أن اليوغا ليست رياضة جسدية فحسب بل فيها ما يتصل بالروح، وهي عبارة عن طريقة للاتحاد والاتصال بالله، فهي طريقة مبتدعة للسمو بالروح، فهي لا تعدو أن تكون مأخوذة عن فكرة النرفانا، وهي كما سبق طريقة هندوكية ضالة تعتمد على وصول الإنسان إلى حالة الاتحاد في براهما، عن طريق الرياضة الروحية والجسدية.(1/294)
وبناءً على ذلك فإننا لا نستطيع أن نصف اليوغا بأنها رياضة عادية نافعة، ما دام أن لها هذه الغاية الملحدة، ولم أجد من عرف اليوغا تعريفاً مادياً بعيداً عن جانبها الروحي، فكل من عرفها لا بد أن يذكر الجانب الروحي لها وما تضفيه من صفاء الروح وطريقة التفكير، بل حتى من غالط في مفهوم اليوغا وادعى أنها ليست فلسفة(1156) نجده عرفها بأنها "رياضة جسدية نفسية فكرية فيها يخضع الإنسان جسده بوظائفه الإرادية طبعاً واللاإرادية بالسيطرة العصبية إلى محض إرادته، وبواسطتها تتصل روحه بروح الرب مسير الكون العظيم فهي أي اليوغا إذن (صلة الوصل) بين الإنسان وخالقه"(1157)، إذن فمن قال: إن اليوغا رياضة جسدية لا علاقة لها بالروح فقد غالط، أو لم يتعرف على اليوجا فهو على جهل بها.
كما أن اليوغا لها علاقة بفكرة وحدة الأديان، يقول د. أحمد شلبي: "وذوبان بوذا في آلهة الهندوس ليس إلا عوداً إلى تفكير الجنانا يوجا الذي يرى في كل الديانات وفي كل الفلسفات حقاً، ولكن هذا الحق ليس سوى ذرة من الحق الأعظم الكامل، فهذا المذهب لا يعترض على دين أو فلسفة، ويرى أن أي دين أو فلسفة ليس هو كل شيء وليس هو كل الحق، ومعتنق هذا التفكير لا ينتمي إلى دين أو مذهب لأنه يرى أتباع كل الديانات المختلفة إخوة له مهما اختلفوا، فجنانا يوجا مذهب يتسع لمعتقدات الجميع، ويأبى أن يتقيد بقيود أي منها، ويجب أن نقرر بشدة أن إثارة هذا المذهب والدعاية له ترمى إلى محاربة الإسلام بطريق غير مباشر، وقد رأيت هذه المحاولات في عدة بلاد، فالإسلام هو القوة التي قهرت المبشرين المسيحيين والبوذيين، فإذا صرفوا الناس عنه بطريق أو بآخر ولو باسم جنانا يوجا التي تتسع لكل المعتقدات ولا تتقيد بقيود أي منها، فإن هذا كسب لهم عظيم، وبعد أن يصرف المسلم عن الإسلام بهذه الحيلة البارعة يمكن نقله إلى التشكيك، فجذبه إلى دائرة أخرى، فليحذر المسلم اليوجا ومداخلها ودعاتها"(1158).(1/295)
كل ذلك مما يجعلنا نؤمن بخطر هذه الرياضة الروحية والتي تساعد في تسرب العقيدة الهندوسية الوثنية إلى المسلمين.
ولكننا نجد مظاهر الإعجاب بهذه الرياضة الدخيلة بدأت تنتشر، يقول د. أحمد شلبي: "وقد نشرت جريدة الأخبار الصادرة في 16/7/75 خبراً عن إنشاء مكتب بالقاهرة باسم تدريبات اليوجا، وكان المكتب من خلف هذه التدريبات يباشر نشاطاً دينياً لتمييع الأديان وللانتقاص من القيم الروحية التي تتضمنها، كما ثبت أنه يمول من جهات صهونية، ولهذا أصدرت وزارة الداخلية قراراً بإغلاق هذا المكتب وترحيل الأجانب الذين يعملون فيه"(1159).
ولكن هذه الفكرة لم تلبث أن وجدت لها سبلاً أخرى للدخول إلى بلاد المسلمين، يقول أحدهم في بيان قصة معرفته باليوجا وإعجابه بها: "وذهبت إلى بيت السفير في الموعد وكان في انتظاري ولكني فوجئت بأنه لم يكن ينتظرني في مكتبه أو في الصالون بل في غرفة المائدة.. وفوجئت أكثر إذ لم أجده يرتدي ملابسه الهندية التقليدية أو حتى رداءاً غربياً .. بل كان يلبس (شورت) وصدره عارياً .. يمارس تمارين اليوجا في أحد أركان الغرفة في مواجهة الشرفة المفتوحة. وكان هذا اللقاء بداية معرفتي الواسعة بـ (اليوجا) .. ودعاني السفير: (أبا بانت) إلى مشاركته في تمارينه فكانت أولى خطواتي في ممارسة تمرينات اليوجا .. وبعدها جلسنا إلى مائدة الإفطار .. مائدة عامرة بالصحون ولكنها كلها صحون نباتية تتفجر منها الفيتامينات. وعلى المائدة عرفت أن والد السفير (بهاوانراو بانت براتينهي) راجا ولاية (أونده) في الهند هو أحد أقطاب اليوجا على مستوى العالم كله. وبعد الإفطار أجريت الحديث المطلوب مع السفير. وافترقنا على موعد لأبدأ دروسي في اليوجا"، إلى أن يقول: "إنني أهدي هذا الكتاب إلى روح الراجا: (بهاوا نراو بانت براتيندهي)"(1160).
التعبد بما لم يشرع الله:-(1/296)
إن عبادة الله عز وجل ينبغي أن لا تكون إلا عن طريق ما شرعه سبحانه، فهو أعلم بما يجب له وما يُتقرب به إليه، وإلا فإن العمل سيخرج عن كونه صالحاً، قال تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)(1161)، فلا يكفي كون العمل خالصاً لله، بل لا بد من كونه صواباً، قال ابن كثير في تفسيره: "وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما أي يكون خالصاً صواباً والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون متابعاً للشريعة فيصح ظاهره بالمتابعة وباطنه بالإخلاص فمتى فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد فمتى فقد الإخلاص كان منافقاً وهم الذين يراءون الناس ومن فقد المتابعة كان ضالا جاهلاً ومتى جمعهما كان عمل المؤمنين"(1162).
…ولكننا نجد أن المتصوفة جاءوا بعبادات ما أنزل الله بها من سلطان، وبدأ الانحراف بزاوية ضيقة ثم اتسعت حتى صار ضلعا الزاوية أبعد ما بين المشرق والمغرب، وعظم بذلك بعدهم عن الشريعة؛ فحين ظهرت القصائد الدينية في الزهد، والترنم بها واتخاذها طريقاً لترقيق القلوب(1163)، لم ير الصوفية في ذلك غرواً، أو بعداً عن الحق، ولكن الأمر لم يقف إلى هذا الحد، بل تعداه حتى "تطور إلى ذكر الله بالرقص والدف والغناء، وعندما تقام الحضرة(1164) تبدأ التراتيل بذكر اسم الله المفرد (الله) بصوت واحد، ولكن عندما يشتد الرقص ويلعب الشيطان برؤوسهم يرفعون عقيرتهم أكثر ويتحول اسم الله إلى (هو) ثم لا تسمع بعدها إلا همهمة، وقد يجتمع مع هذا الصراخ والقفز في الهواء أخلاط الناس من النساء والأولاد لرؤية هذا (التراث الشعبي)"(1165).(1/297)
"وما يفعل في مصر من احتفالات مولد البدوي أو الحسين، حيث حفلات الرقص والطبل والزمر، وحيث الاختلاط بالنساء وتضيع الفرائض شيء يخجل منه أهل الإسلام ويتبرأ منه دينه وشرعه، والأزهر بجوارهم وما من منكر عليهم(1166)، وتقام الصلاة في مسجد الحسين ولا يدخلون للصلاة لأنهم جاءوا للاحتفال (بسيدنا الحسين) وليس للصلاة"(1167).
يقول الباحث علي بخيت الزهراني: "وبعضهم كان يقوم بتعليم الموسيقى، كما فعل الحاج عثمان بن الحاج عبد الله الطحان(1168)، ويا ليت أن هؤلاء المتصوفة اقتصروا على الولوع بالطرب والسماع والغناء، ولكنهم جعلوه إلى الله قربة، وعدوه طاعة تلين بها القلوب، وتشف بها الأرواح"(1169).
وتعبد الصوفية لله بالغناء والرقص والطبول يشبه تعبد المشركين (مشركي العرب) لله بالمكاء والتصدية1170، فما الفرق بينهما، هذا صوت وهذا صوت، وهذا بغير دليل ولا برهان والآخر كذلك، وكلاهما مما تجره الشهوات الضالة على بني آدم، لما فيه من الطرب المحرم، قال تعالى: (وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً)(1171).
قال شيخ الإسلام: "وقال سبحانه عن الضالين: (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ)(1172). وقد ابتلي طوائف من المسلمين من الرهبانية المبتدعة بما الله به عليم - إلى أن قال - ثم إن الضالين تجد عامة دينهم إنما يقوم بالأصوات المطربة، والصور الجميلة، فلا يهتمون بأمر دينهم بأكثر من تلحين الأصوات، ثم تجد( قد ابتليت هذه الأمة من اتخاذ السماع المطرب، بسماع القصائد، وإصلاح القلوب والأحوال به، ما فيه مضاهاة لبعض أحوال الضالين"1173.(1/298)
…ومما يلحق بهذا الباب ما تفعله بعض الجماعات الإسلامية التي جعلت الأناشيد ديدناً لها، وتقول: إنها تلين القلوب وتجذب الشباب، وهي نفس العلة التي علل بها الصوفية سماعهم. ولذلك قل أن تجد احتفالاً من احتفالاتهم إلا وقد طغت عليه هذه المادة على حساب غيرها مما هو مفيد، وجدير بالطرح.
وكل هذه التعبدات القائمة على الغناء والرقص والطبل فيها مضاهاة للأديان السابقة، يقول د. محمد ضياء الأعظمي: "إن الراهبات الهندوسيات يعبرن عن شوقهن وحبهن للإله المعبود بالرقص والغناء والموسيقى، واشتهرت منهن الراهبة (ميرابائي) المولودة سنة (1516-1546م) التي كانت تدور مع الرهبان والنساك في المعابد والخانقات، وتسحرهم وتسكرهم بصوتها الجميل، وألحانها الجذابة، وكانت تضرب (كرتال) (هو نوع من آلة الموسيقى) وترقص أمام تمثال (كرشنا) وتنتقل من معابد (برندا) و (داركا) (المدينتان اشتهرتا بتماثيل كرشنا). هكذا دخل الغناء والموسيقى في تكوين الفكر الهندوسي. وعلماء الهنادك وفلاسفتهم اتخذوا الموسيقى وسيلة للتعبير عن تخليق الكون ووجوده من عدمه، فهم يسمعون هذه الألحان في جميع أجزاء العالم. ولم تكن الفكرة السيخية(1174) في جانب من هذه الفلسفة، فقد كان مؤسسها (نانك) يجيد الموسيقى إلى حد الإعجاب، واتخذها وسيلة لنشر مبادئه حتى رتب كتابه (كروكرنتها صاحب) على ترتيب الألحان الغنائية التي بلغت واحداً وثلاثين لحناً. ونجد في آخر الكتاب فهرساً طويلاً لهذه الألحان، هذا هو الكتاب المقدس عند السيخيين"(1175).
وقد جاء في مزامير العهد القديم: "3 سبحوه بصوت الصور سبحوه برباب وعود. 4 سبحوه بدف ورقص. سبحوه بأوتار ومزمار. 5 سبحوه بصنوج التصويت سبحوه بصنوج الهتاف"(1176).
وفي العهد الجديد: "(19) مكلمين بعضكم بعضا بمزامير وتسابيح وأغاني روحية مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب - (20) شاكرين كل حين على كل شيء في اسم ربنا يسوع المسيح للّه والآب(1177)"(1178).(1/299)
ويعتمد كثير من الصوفية في معرفة الحلال والحرام على الرؤى، قال الشاطبي _ رحمه الله _: "وأضعف هؤلاء احتجاجاً قوم استندوا في أخذ الأعمال إلى المنامات، وأقبلوا وأعرضوا بسببها: فيقولون: رأينا فلاناً الرجل الصالح، فقال لنا: اتركوا كذا، واعملوا كذا. ويتفق مثل هذا كثيراً للمترسمين برسم التصوف، وحكى الغزالي عن بعض الأئمة: أنه أفتى بوجوب قتل رجل يقول بخلق القرآن، فروجع فيه، فاستدل بأن رجلاً رأى في منامه إبليس قد اجتاز بباب المدينة ولم يدخلها، فقيل: هل دخلتها؟ فقال: أغناني عن دخولها رجل يقول بخلق القرآن، فقام ذلك الرجل، فقال: لو أفتى إبليس بوجوب قتلي في اليقظة، هل تقلدونه في فتواه؟ فقالوا: لا! قال: فقوله في المنام لا يزيد على قوله في اليقظة. وربما قال بعضهم: رأيت النبي ( في النوم، فقال لي كذا، وأمرني بكذا، فيعمل بها، ويترك بها، معرضاً عن الحدود الموضوعة في الشريعة"(1179)، وبين الشاطبي _ رحمه الله _ خطأ هذه الطائفة وبين سبب ذلك فقال: "وهو خطأ؛ لأن الرؤيا من غير الأنبياء لا يحكم بها شرعاً على حال إلا أن تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية، فإن سوغتها عمل بمقتضاها، وإلا وجب تركها والإعراض عنها، وإنما فائدتها البشارة والنذارة خاصة وأما استفادة الأحكام، فلا، وأما الرؤيا التي يخبر فيها رسول الله ( الرائي بالحكم، فلا بد من النظر فيها أيضاً، لأنها إذا أخبر بحكم موافق لشريعته، فالعمل بما استقر, وإن أخبر بمخالف، فمحال، لأنه عليه السلام لا ينسخ بعد موته شريعته المستقرة في حياته، لأن الدين لا يتوقف استقراره بعد موته على حصول المرائي المنامية، لأن ذلك باطل بالإجماع، فمن رأى شيئاً من ذلك، فلا عمل عليه، وعند ذلك نقول: إن رؤياه غير صحيحة، إذ لو رآه حقاً، لم يخبره بما يخالف الشرع"(1180).(1/300)
ولم يقتصروا في أخذهم عن الرؤى والمنامات على أحكام الحلال والحرام، بل تعدوا ذلك إلى أصول العقائد والصفات الإلهية العليا، يقول أحد المعاصرين وهو ينقل لنا وصايا شيخه الثمينة _ في نظره _: "ما أعلمه هو ما رأيته في الرؤيا. وأنا لن أحدثك عن شيء إلا رأيته في رؤيا، وهذا ما يؤمن بها الصوفية فقط .. الكشف في اليقظة والكشف في المنام"(1181). وينقل مرة أخرى تأكيد شيخه التزام الصوفية بهذا المصدر من مصادر التشريع، ويعلل بأنه الأفضل والأقرب إلى الصواب، فيقول وهو يحاور أهل الشريعة _ ويسميهم: علماء الرسوم _ الذين أخذوا علمهم عن الأسانيد المتصلة إلى الرسول ( وتركوا العلم اللدني والكشوفات الصوفية: "أخذتم علمكم ميتاً عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت. والصوفيون لم يأتوا بشيء من عندياتهم، وإذا كان علماء الرسوم أنكروا عليهم شيئاً فلأن علماء الرسوم محجوبون، محجوبون حتى بحجاب الشريعة. أما علمنا فهو من تركة النبي [(]فهو العلم اللدني، والعلم اللدني هو الذي أثبت أن لنبينا هذه المكانة، ولقد سبق أن قلت لك إنني لن أقول شيئاً إلا وقد رأيته في رؤيا"(1182).
وأذكر هنا مثالاً واحداً لما يقصه الكاتب عن شيخه من تفسير بعض الرؤى بما فيه تعدي على الصفات الإلهية، يقول: "لقد رأيتني في رؤيا مع امرأة اسمها نجلاء رمضان واقفَين أمام فرن، ولقد صنعت المرأة خفين من عجين ووضعتهما على النار ثم أعطتهما لي، ثم وجدتني أنا وهي على سرير، ونظرت فإذا أنا في الفضاء ومن تحتي الأرض بعيدة، وأبصرت على الأرض امرأتين واحدة اسمها نهى والثانية أمل، وأخذني الخوف من البقاء على هذا الارتفاع فهبطت.(1/301)
والنجلاء: العين، ورمضان: أشد الأسماء الإلهية خصوصية؛ فالصيام لله ورمضان شهر العبادة على الحقيقة. إذن لقد كنت مع العين الإلهية أمام الفرن، والفرن مصنع الخبز، والخبز حياة لأنه مقوِّم للحياة وبه العيش، والإشارة إلى اسمه (الحي) تعالى. ولقد صنعت المرأة خفين من عجين ووضعتهما على النار، ولقد سبق أن تحدثنا عن مقام خلع النعلين: النفس والبدن أو الدنيا والآخرة، فالفاني استبدل بنعليه، أي: بوجوده النفسي والبدني وجوداً جديداً إلهياً أشير إليه بخفين مصنوعين من العجين الذي صنع من الذر اللطيف الإلهي (طحين). هذا هو مقام البقاء بالله يا بني، وهو مقام علوي فوق العقل، ولهذا رأيتني جالساً مع المرأة على سرير أي: على العرش أو الكرسي الإلهي الذي وسع السموات والأرض، ولهذا رأيت على الأرض امرأتين اسم إحداهما: (نهى) أي: العقل، والثانية: أمل، أي أن حلمي تحقق بزيادة في العقل أو ما سميناه العقل القدسي الآخذ عن الله بلا واسطة"(1183).
فنجده في تفسير هذه الرؤيا قد اخترع اسماً لله لم يدله عليه كتاب ولا سنة، وادعى أن هذا الاسم (رمضان) أشد الأسماء الإلهية خصوصية، ثم فسر المرأة التي اسمها نجلاء بالعين الإلهية، وهذا استنتاج غريب فيه إزراء بصفة العين لله تعالى، ثم ادعى لنفسه الجلوس على العرش الذي هو سقف المخلوقات وهو الذي استوى عليه ملك الملوك _ تبارك وتعالى وتقدس في علاه _ والعجيب أن هذا الموطن لم يصل إليه حتى رسول الله (، ثم يختم بادعاء أن رؤياه تحققت بزيادة في عقله الآخذ عن الله بلا واسطة، والحقيقة أنها نقص في العقل والدين، وتشبه بالنصارى في تحريفهم للدين.(1/302)
فهذه الطريقة في معرفة الحلال والحرام وتقرير العقائد عرفت لدى النصارى، فقد اشتهرت لديهم رؤيا يوحنا _ في العهد الجديد _ التي يعتمدون عليها في تبديل ما أنزل الله على المسيح _ ( _، قال الإمام القرطبي _ رحمه الله _: "فإن معظم معتمدهم في أمور دياناتهم إنما هو الإنجيل، ونقله غير متواتر لا سيما والأحداث عندهم في أكثر الأحيان بمنامات يدعونها، يجعلونها أصولاً يعولون عليها"(1184)، يقول د. محمد ضياء الأعظمي: "كتب هذا السفر(1185) صاحب الإنجيل يوحنا في عهد إمبراطور الدولة الرومانية الغربية عام 81م إلى 96م. وهو رؤيا منامية ادعاها يوحنا، وادعى أنه أوحى إليه فيها كثير من حقائق الديانة المسيحية، وأحداث المستقبل، وهي مشتملة على الأمور الآتية:
1- تقرير ألوهية المسيح.
2- تقرير سلطان المسيح في السماء، وإشرافه في عليائه على شؤون الكنيسة والقوّامين عليها، وبيان أعمال الملائكة في السماء، وخضوعهم للمسيح.
3- تقرير بأن الناس سيبعثون يوم القيامة ويعرضون على المسيح، وأنه هو الذي سيتولى حسابهم على أعمالهم فيجزي المحسن على إحسانه، والمسيء على إساءته.
4- ذكر طائفة من الأحداث التي ستحصل في العالم الإنساني على العموم، وفي العالم المسيحي بالخصوص في صورة رمزية مبهمة. ولم تعتمد الكنيسة هذه الرسائل إلا في حدود عام 363م"(1186).
فإذا كان ما توصل إليه النصارى من اتباع أصحاب الرؤى هو تحريف عقيدتهم من التوحيد إلى التثليث، فما هو يا ترى الشيء الذي سيجنيه الصوفية الذي يريدون أن يتشبهوا بالنصارى في مصدر التلقي.
المبحث الثاني: الأعياد المكانية:-(1/303)
يعرف العيد في اللغة بأنه: اسم لكل: "ما يَعتادُ من نَوْبٍ وشَوْقٍ وهَمَ ونحوه. وما اعتادَك من الهمِّ وغيره، فهو عِيدٌ"(1187)، وكذلك إذا أضيف العيد إلى المكان، قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "العيد إذا جعل اسماً للمكان فهو المكان الذي يقصد الاجتماع فيه وإتيانه للعبادة عنده أو لغير العبادة كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة جعلها الله عيداً مثابة للناس يجتمعون فيها وينتابونها للدعاء والذكر والنسك وكان للمشركين أمكنة ينتابونها للاجتماع عندها فلما جاء الإسلام محا الله ذلك كله"(1188).
وفي الشرع يعرف العيد المكاني بأنه: كل ما يعتاد من الأمكنة بقصد القربة أو التعظيم، فأما تقييده بقصد التقرب فهو لنهي النبي ( عن جعل قبره عيداً، وهذا لا يتصور إلا لقصد التقرب1189؛ فإن تخصيص قبر النبي ( بجعله عيداً _ عند من فعل ذلك _ لم يكن إلا لأجل التعبد، وأما تقييد العيد بما اعتيد قصده للتعظيم؛ فللآية: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)(1190)، فجعل التعظيم لتلك الأماكن من التقوى، ولا خلاف أنها من الأعياد.(1/304)
…إن الله _ جل وعلا _ جعل لبعض الأمكنة من المزايا ما لم يجعله لغيره من الأمكنة، كما هو معلوم من فضل مكة والمدينة وبيت المقدس(1191)، وندب إلى تكرار الحج والعمرة إلى مكة(1192)، فصارت من الأعياد المكانية التي يسن للمسلم أن يعتاد مجيئها وقصدها، وكل ما يقصد في الحج من الأمكنة هو من الأعياد المكانية المشروعة، كما قال عز وجل: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) (1193)، فجعل الصفا والمروة من شعائر الله التي يجوز للمسلمين أن يسافروا وفي نيتهم أن يسعوا بينهما، فتعظيم هذه الأعياد المكانية يعتبر من تقوى القلوب ومما يؤجر عليه الإنسان؛ لأنه مما شرعه الله وجعله من الشعائر الدينية التي تعبدنا بها، فتعظيم الأعياد المكانية الشرعية من تقديس الدين.
فإذا كانت الأعياد المكانية التي هي من دين الإسلام تعتبر تعظيماً للدين فإن الأعياد التي لها انتماءات أخرى هي تعظيم لتلك الانتماءات، سواء كانت دينية أو قومية أو غير ذلك.
…(1/305)
ولذلك جاء نهى رسول الله ( عن اتخاذ بعض الأماكن أعياداً _ ولو كانت لها خصيصة شرعية _؛ حتى لا تقاس على تلك الأعياد الشرعية، فقال: ((لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ولا تجعلوا قبري عيداً وصلوا على فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم))1194، ولذلك فقد اتفق العلماء على عدم جواز إتيان القبور من أجل الدعاء عندها1195، ولقد علل العلماء هذا النهي بما في ذلك من مشابهة الكفار بالصلاة عند القبور1196، قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "ويبين صحة هذه العلة: أنه ( لعن من يتخذ قبور الأنبياء مساجد، ومعلوم أن قبور الأنبياء لا تنبش ولا يكون ترابها نجساً، وقال صلى الله عليه وسلم عن نفسه: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد))1197، فعلم أن نهيه عن ذلك من جنس نهيه عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها1198"1199، ولذلك لا نجد في كتب السلف الحديث عن جواز ذلك فضلاً عن استحبابه(1200).
ومما يدخل في اتخاذ القبر عيداً شد الرحال إليه، يقول الشيخ صالح السدلان: "شد الرحل لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم غير مشروع ولا مأمور به وجميع الأحاديث المرغبة في ذلك ثبت وضعها وكذبها واختلاقها وبمثلها لا يجوز إثبات حكم شرعي باتفاق علماء الإسلام سلفاً وخلفاً"(1201).
كما ((أن عمر بن الخطاب أمر بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي ( ؛ لأن الناس كانوا يذهبون تحتها، فخاف عمر الفتنة عليهم))(1202)، ويؤخذ منه أنه لا فرق في الأعياد المكانية بين ما صح سبب اتخاذه عيداً وبين ما كان فيه خبرٌ لم يصح؛ فإن عمر قطع الشجرة التي صح عن النبي ( أنه بويع تحتها، فما لم يصح فيه خبر فالنهي عنه من باب أولى، وإنما ذكرت ذلك لأن بعض الناس يستدل بثبوت الخبر على صحة ذلك وهذا يكثر عند العوام، في هذا العصر.(1/306)
ويسوق شيخ الإسلام _ رحمه الله _ بعض آراء أهل العلم فيقول: "وقد اختلف العلماء رضي الله عنهم في إتيان تلك المشاهد فقال محمد بن وضاح(1203): كان مالك وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار التي بالمدينة ما عدا قبراً واحداً ودخل سفيان الثوري بيت المقدس وصلى فيه ولم يتتبع تلك الآثار ولا الصلاة فيها فهؤلاء كرهوها مطلقاً لحديث عمر رضي الله عنه هذا لأن ذلك يشبه الصلاة عند المقابر إذ هو ذريعة إلى اتخاذها أعياداً وإلى التشبه بأهل الكتاب ولأن ما فعله ابن عمر لم يوافقه عليه أحد من الصحابة فلم ينقل عن الخلفاء الراشدين ولا عن غيرهم من المهاجرين والأنصار أن أحداً منهم كان يتحرى قصد الأمكنة التي نزلها النبي صلى الله عليه وسلم والصواب مع جمهور الصحابة لأن متابعة النبي صلى الله عليه وسلم تكون بطاعة أمره وتكون في فعله بأن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعله فإذا قصد النبي صلى الله عليه وسلم العبادة في مكان كان قصد العبادة فيه متابعة له كقصد المشاعر والمساجد وأما إذا نزل في مكان بحكم الاتفاق لكونه صادف وقت النزول أو غير ذلك مما يعلم أنه لم يتحر ذلك المكان فإنا إذا تحرينا ذلك المكان لم نكن متبعين له فإن الأعمال بالنيات"1204، فإنه إنما يكون الاتباع في تحري ما تحراه النبي ( لا في تحري ما فعله رسول الله ( صدفة، فإننا إن جئنا للأصل _ بغض النظر عن فعل ابن عمر _ فإن تحري ما فعله ( اتفاقاً لا يعتبر متابعة بل هي المخالفة بعينها كما قال عمر بأبي هو وأمي (: ((هكذا هلك أهل الكتاب اتخذوا آثار أنبيائهم بيعاً من عرضت له منكم فيه الصلاة فليصل ومن لم تعرض له منكم فيه الصلاة فلا يصل))(1205).(1/307)
وقد يفرق العلماء بين الكثير الذي يعتبر عيداً وبين القليل الذي لا يعتبر عيداً، وذلك فيما ليس فيه مشابهة للمشركين كزيارة قبر بعينه، فلا بأس عندهم في زيارة بعض الأماكن التي غشيها النبي ( لا على وجه الاعتياد، ويرى شيخ الإسلام _ رحمه الله _ أن هذا التفصيل فيه جمع بين الآثار وأقوال الصحابة1206، ونقل في اقتضاء الصراط المستقيم: "سُئل الإمام أحمد عن الرجل يأتي هذه المشاهد يذهب إليها ترى ذلك قال أما على حديث ابن أم مكتوم أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته حتى يتخذ ذلك مصلى وعلى ما كان يفعله ابن عمر يتتبع مواضع النبي صلى الله عليه وسلم وأثره فليس بذلك بأس أن يأتي الرجل المشاهد إلا أن الناس قد أفرطوا في هذا جداً وأكثروا فيه"1207.(1/308)
وجاء عن عمر ( هذا الأثر: عن المعرور بن سويد(1208) قال خرجنا مع عمر في حجة حجها فقرأ بنا (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ)(1209)، (لإِيلافِ قُرَيْشٍ)(1210)، فلما قضى حجه ورجع والناس يبتدرون فقال: ما هذا؟! فقالوا مسجد صلى فيه رسول الله ( فقال: "هكذا هلك أهل الكتاب اتخذوا آثار أنبيائهم بيعاً، من عرضت له منكم فيه الصلاة فليصل ومن لم تعرض له منكم فيه الصلاة فلا يصل"1211، وهذا الأثر مما يؤكد التفريق السابق بين الأماكن التي لها أصل في الشرع _ كالمساجد التي صلى فيها رسول الله ( _، وبين غيرها من الأماكن التي لا أصل لها في الشرع (كالقبور)؛ فإن عمر (لم يأمر بتخريب هذه الأماكن التي صلى فيها النبي (، كما لو كان فيها قبر، ولم يحكم على ذات الفعل بأنه حرام بل قال: هكذا هلك، أي بمثل هذا إذا استشرى وكثر، ولم يفعل كما فعل بالشجرة(1212) رغم أنها من الآثار ولم يكونوا يشركون عندها، بل كانوا يفعلون عندها ما يفعلونه في المسجد من صلاة وغير ذلك؛ لأن الشجرة ليس لوجودهم عندها مسوغ سوى أنهم اعتبروها عيداً وأما المسجد فإنهم لهم مسوغ أن المساجد هي في الأصل أماكن للصلاة؛ فالمساجد قد لا يعتبر ذلك في حقها عيداً؛ لما ذكرته، والأشجار يعتبر ذلك في حقها من اتخاذها عيداً؛ لأنه لا توجد مناسبة شرعية لوجودهم عندها، ولا فضل لذلك المكان أصلاً بخلاف المسجد الذي له فضلٌ أصلاً.
كما لا يخفى ما في غشيان الناس للشجرة من مشابهة أفعال المشركين الذين كانوا يقدسون بعض الأشجار في الجاهلية1213، مع أن فعل الناس في ذلك الحين لم يكن إلا من أجل واقعة البيعة(1214) وليس من أجل فعل ما كان يفعله المشركون عند الأشجار التي كانوا يتبركون بها، فقطعها عمر ( قطعاً للمشابهة من كل وجه وسداً لذريعة الشرك.(1/309)
فكيف إذا كان العيد المكاني لا أصل له في الإسلام، عندها سيكون التحريم أشد؛ لأن المشابهة صارت في أصل نفس الفعل، ولذلك استفصل النبي ( من الرجل الذي جاءه فسأله إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة فقال النبي (: ((هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟)) قالوا: لا، قال: ((هل كان فيها عيد من أعيادهم؟))، قالوا: لا، قال رسول الله (: ((أوف بنذرك)) 1215، قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "فإذا كان صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يذبح بمكان كان الكفار يعملون فيه عيداً وإن كان أولئك الكفار قد أسلموا وتركوا ذلك العيد والسائل لا يتخذ المكان عيداً بل يذبح فيه فقط فقد ظهر أن ذلك سد للذريعة إلى بقاء شيء من أعيادهم خشية أن يكون الذبح هناك سبباً لإحياء أمر تلك البقعة وذريعة إلى اتخاذها عيداً"(1216).(1/310)
ولا يخفى شغف أهل الجاهلية ببعض الأماكن التي ما أنزل الله بها من سلطان، كالقبور والأعياد التي كانوا يذبحون فيها لأصنامهم، ولذلك أمر النبي ( بتسوية القبور التي كانت قد رفعت في زمن الجاهلية، فقد روى مسلم وغيره عن أبي الهياج الأسدي(1217) قال قال لي علي بن أبي طالب: ((ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ( أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته))1218، كما سبق1219 ذكر بعض الأحاديث التي ذكر فيها النبي ( أن ذلك من صفات أهل الكتاب: فجاء عن عائشة وعبد الله بن عباس _ رضي الله عنهما _: أن رسول الله ( قال: ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا))1220، وجاء وصف النصارى بأنهم شرار الخلق عند الله ففي الصحيحين عن عائشة _ رضي الله عنها _: أن أم سلمة _ رضي الله عنها _ ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة يقال لها مارية، فذكرت له ما رأت فيها من الصور فقال رسول الله (: ((أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله))1221، وعن جندب ( قال: سمعت النبي ( يقول: ((ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك))1222، وذلك يعتبر من أعظم أشكال اتخاذ القبور أعياداً، فالمساجد أظهر شكل من أشكال الاعتياد؛ فالمساجد يعتادها الناس أكثر من غيرها من المواطن.
وفي العصر الحديث نجد بعض المسلمين قد افتتنوا ببعض المشاهد، كالقبور التي أقيمت عليها الأضرحة لبعض الصالحين، في أماكن كثيرة من بلاد المسلمين.
ولو استعرضنا الأضرحة المقامة في المساجد في العالم الإسلامي _ والتي تعتبر أعظم شكل من أشكال اتخاذ القبور مساجد _ لوجدناها قد انتشرت انتشاراً يندى له الجبين:(1/311)
"ففي مصر تلقى الأضرحة احتراماً وتبجيلاً لدى كثير من الناس، حيث يندفع أكثرهم لا شعورياً للقيام ببعض الممارسات المتنوعة والمتعلقة بهذه الأضرحة، وتبدأ هذه الممارسات بالحرص على الصلاة في المسجد الذي به الضريح، ثم الحرص على زيارته وترديد بعض الكلمات والصلوات والدعوات"(1223)، ويعيد السبب إلى هذا التأثر بتلك الممارسات الوثنية الكاتب خالد أبو الفتوح في مجلة البيان إلى بعض العقائد التي كانت لها جذورها منذ فجر التاريخ فيقول: "ففكرة تشييد المساجد الجميلة فوق أجساد الموتى وتقديسهم تتصل بجذور الفكر الديني المصري منذ العصر الفرعوني، ولا سند لها في القرآن والسنة. وعلى ذلك نرى أن الطقوس التي كانت تقام داخل معبد الأقصر للإله (آمون) في عصر الفراعنة هي الطقوس ذاتها التي تتبع في مولد (أبي الحجاج الأقصري) والذي يقع ضريحه داخل معبد الأقصر نفسه، وأهم ظاهرة في هذا المولد: تلك المراكب التي يجرها جموع المريدين وسط صيحات التكبير والتهليل، مما يلقي بظلاله على ما كان يحدث في المهرجانات الدينية في عصور الفراعنة؛ حيث كان لمعظم الآلهة عدد من القوارب التي تلعب دوراً رئيساً في طقوس الاحتفالات الدينية، وإلى الآن يستمر هذا التقليد في مولد (أبي الحجاج الأقصري)، على الرغم من تأكيد أهالي الأقصر على أن هذه القوارب مرتبطة بمجيء أبي الحجاج من مكة، أو بحجه إليها، كما يتماثل أيضاً في مولد (عبد الرحيم القنائي) الذي أقيم قبره على طلل معبد إله من آلهة قدماء المصريين. ولعل منشأ كل ذلك عائد إلى التقديس الخاطئ للرموز الإسلامية إضافة إلى القياس الفاسد على من كانوا يعظمونهم في جاهليتهم، فقد يبدأ الأمر بالرغبة في تعظيم الرمز الإسلامي والزعم بأن الأولياء ليسوا بأقل من الذين كانوا يعظمونهم في جاهليتهم، فيعظمونهم بمثل ما كانوا يمارسونه مع معبوداتهم الوثنية"(1224)، وقد يُعترض على كون هذه الممارسات التي تُفعل اليوم _ في مصر _ هي(1/312)
بسبب التأثر بتلك العقائد الفرعونية الوثنية، وذلك لأن المد الإسلامي والفتح الذي قام به الصحابة قضى على كثير من رواسب الجاهلية الفرعونية القديمة. ولكن تلك الممارسات في الحقيقة فيها قدر كبير من المشابهة بتلك العقائد الوثنية والممارسات الفرعونية، تحكي واقع المشابهة بين المسلمين الذين يشهدون الشهادتين، وبين الوثنيين الذين لا دين لهم سوى ما اخترعوه من عند أنفسهم.
ولو تجولنا في العالم الإسلامي المترامي الأطراف لما وجدنا الأمر يختلف كثيراً(1225)، ففي العراق، وبلاد الهند في بنجلادش وغيرها تنتشر هذه الأمور، وفي بلاد المغرب العربي، وفي السودان قباب وأضرحة مزارات وأعياد شركية باطلة ما أنزل الله بها من سلطان(1226).
وما يسمى بـ (مرقد علي)1227 ( بالنجف1228 من الأماكن التي تحوز على كثير من اهتمام الزوار: "والروضة الحيدرية على شكل مربع يرقد في وسطها قبر الإمام علي وأرضها وجدرانها مكسوة بالرخام البديع وتقوم المرايا الملونة بالزخارف الهندسية فوق الرخام. للقبر قبة واسعة و12 شباكاً مزيناً بالقاشاني والمرايا وفوق القبر وضع صندوق من الخشب الساج المرصع بالعاج ونقشت عليه بعض الآيات القرآنية ويحيطها شباكان أجدهما من الفضة والآخر من الفولاذ وللروضة الحيدرية 6 أبواب، الأول يتوسط الإيوان ومعمول من الذهب مطعم بالميناء والأحجار الكريمة والباب الثاني والثالث يصلان إلى الرواق فالحرم وهما ذهبيان وفي داخل الحرم بابان فضيان أحدهما من جهة الشمال في الرواق نصب باب سادس محلى بالذهب. وللصحن خمسة أبواب ويتخلل الصحن الأواوين العديدة التي هي بالأصل غرف لرجال الدين، وتكتنف القبة مئذنتان شاهقتان مكسوتان بالذهب الخالص وتزين الضريح الهدايا الثمينة والمفروشات النادرة، وجوانب الضريح محلاة بالزخارف المعمولة من القاشاني الملون والمرايا والأشرطة الكتابية القرآنية بحيث تظهر وكأنها آية في الفن والإبداع"(1229).(1/313)
…كما أن مرقد الحسين رضي الله عنه في كربلاء(1230) يعتبر من أهم المزارات التي تقصد، ولدي تسجيل مرئي يظهر فيه أحد خطباء الرافضة يدعو إلى زيارة الضريح والبكاء عنده ولطم الخدود والضرب بالسلاسل، مستدلاً برواية مكذوبة من روايات الرافضة وهي أن السماء أمطرت دماً حين استشهد الحسين، فلا ينبغي _ في نظره _ أن يستقل المؤمن أن يقطر بعض القطرات من الدم، حزناً على من كانت هذه منزلته. وهذا الذي يأمر به هذا الخطيب هو نفسه الذي وجد منذ زمن الإمام أحمد بن حنبل وشيخ الإسلام ابن تيمية الحراني رحمهما الله، وهو الذي نهى عنه أئمة الدين، متبعين في ذلك نهج الرسول الكريم (، يقول شيخ الإسلام: "وفي الجملة هذا الذي يفعل عند هذه القبور هو بعينه الذي نهى عنه رسول الله ( بقوله: ((لا تتخذوا قبري عيداً))، فإن اعتياد قصد المكان المعين في وقت معين عائد بعود السنة أو الشهر أو الأسبوع هو بعينه معنى العيد ثم ينهى عن دق ذلك وجله وهذا هو الذي تقدم عن الإمام أحمد إنكاره قال وقد أفرط الناس في هذا جداً وأكثروا وذكر ما يفعل عند قبر الحسين"(1231)، فإذا كان النبي ( ينهى عن اتخاذ قبره عيداً فمن باب أولى أن يُنهى عن اتخاذ قبر غيره عيداً.
…وفي القدس يصف أحد الكتاب _ متأسفاً على ضياع ثرى الآباء والأجداد _ أحدَ الأضرحة في القدس وهو ضريح الشيخ أحمد الثوري(1232)، فيقول: "وكان الضريح على مدى القرون مزاراً لسكان القدس وزائريها يتبركون به. وقد زاره مشاهير السائحين المسلمين. وكان ضريح الشيخ مقصوداً للزيارة حتى سنة 1948م عندما احتل الإسرائيليون قمة الجبل"(1233).(1/314)
…وفي السودان تلقى بعض القباب عناية من القادة السياسيين، فقد "لوحظ على بعض القباب أنها حظيت برعاية بعض القادة السياسيين، مثل قبة الشيخ يوسف أبو سترة، التي شيدت برعاية الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري، وكذلك قبة الشيخ مدني السني، بمدينة ود مدني، كما لوحظ أيضاً عدم اقتصار اتخاذ القباب على قبور المعظمين في المسلمين، بل من شدة الجهل والغفلة اتخذت قبة على مقبرة (الرفيق) الصيني الشيوعي يانغ تشي تشنغ، ولوحظ كذلك: أن بعض هذه القباب يتوسط المساكن"1234.
ويذكر الشيخ محمد رشيد رضا صورة من هذا التشابه، فيقول: "في بنارس [في الهند] قبر أبي البشر آدم ـ عليه السلام ـ وقبر زوجه وقبر أمه! (ويقال: إنهم يعبرون بأمه عن الطبيعة) وقبور قضاته، وهي تحت قباب مصفحة بالذهب كقبة أمير المؤمنين علي في النجف وقباب غيره... وجميع هذه القبور تعبد بالطواف حولها والتمسح بها وتلاوة الأدعية والأوراد عندها كغيرها من تماثيل معبوداتهم، مع الخشوع وبذل الأموال والنذور لها ولسدنتها وكهنتها، فلا يحسبن الجاهل بالتاريخ وبعقائد الملل والنحل أو التعبدات فيها أن علماء وثنيي الهند يعتقدون أن هذه الأشياء تنفع وتضر بنفسها، وأنهم ليس لهم فلسفة في عبادتها"(1235).
بل وصل الأمر إلى تقديس أضْرِحة (دواب الأولياء) واتخاذها أعياداً، ففي اللاذقية بسورية حضرة يقال إنها مدفن الفرس التي كان يركبها الولي المغربي، لا تزال حتى اليوم تزار وتبخر(1236).
وفي جنوب الجزيرة(1237) "قام الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي بهدم قبة في الساحل بمشاركة بعض زملائه، وبقايا قبة على قبر الشريف حمود المكرمي في سامطة"1238.(1/315)
ويقول الشيخ محمد ناصر الدين الألباني: "ومن تلك الأشجار شجرة كنت رأيتها من عشر سنين شرقي مقبرة شهداء أحد، خارج سورها، وعليها خرق كثيرة، ثم رأيتها سنة 1371هـ قد استأصلت من أصلها، والحمد لله، وحمى المسلمين من شر غيرها من الشجر وغيره من الطواغيت التي تعبد من دون الله تعالى"1239.
المبحث الثالث: الأعياد الزمانية: -
سبق تعريف العيد وأنه كما قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "العيد اسم جنس يدخل فيه كل يوم أو مكان لهم فيه اجتماع وكل عمل يحدثونه في هذه الأمكنة والأزمنة، فليس النهي عن خصوص أعيادهم، بل كل ما يعظمونه من الأوقات والأمكنة التي لا أصل لها في دين الإسلام، وما يحدثونه فيها من الأعمال يدخل في ذلك"(1240).
…فالعيد الزماني: هو أي وقت يحصل له نوع تعظيم، أو يحصل فيه اجتماع معظم لأي فئة من البشر، فما ثبت من الأزمنة اعتباره عيداً في الشرع فهو تعظيم لدين الإسلام وما كان من أعياد غير المسلمين فهو تعظيم لسبب فعل العيد، سواء أكان السبب دينياً أو اجتماعياً أو قومياً.
…ولذلك جاء النهي عن الاحتفال بأعياد المشركين، قال تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً)(1241)، قال ابن كثير: "قال أبو العالية وطاووس وابن سيرين والضحاك والربيع بن أنس وغيرهم هو أعياد المشركين"1242، وقال رسول الله (: ((إن لكل قوم عيداً، وإن عيدنا هذا اليوم))(1243)، قال الإمام الذهبي _ رحمه الله _: "فهذا القول منه ( يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم، كما قال تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا)(1244)، فإذا كان للنصارى عيد، ولليهود عيد، مختصين بذلك، فلا يشركهم فيه مسلم، كما لا يشاركهم في شرعتهم، ولا في قبلتهم"(1245).(1/316)
وعن أنس ( قال: قدم رسول الله ( المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: ((ما هذان اليومان؟))، قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله ( ((إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر))1246، وفي هذا إلغاء للأعياد التي كانت في زمن الجاهلية، وإبدالها بأعياد إسلامية، فلم يقرهم النبي ( على أعيادهم في حال شرعه لعيدي المسلمين، بل ألغى احتفالهم بذينك اليومين فقد قال: أبدلكم والإبدال يقتضي ترك المبدل منه(1247)، فأشعر فعله ( هذا بأنه لا يمكن أن يكون في الإسلام أي عيد آخر غير العيدين الذين شرعاً لأهل الإسلام، أو ما أضيف إليهما بنص شرعي آخر، ولذلك قام بإلغاء الأعياد التي كانت أيام الجاهلية.
…وعن عمر بن الخطاب (، قال: ((لا تتعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخط ينزل عليهم))(1248)، وينقل لنا الإمام الذهبي _ رحمه الله _ رأي أهل العلم في حضور أعياد الكفار، فيقول: "قال العلماء: ومن موالاتهم التشبه بهم، وإظهار أعيادهم، وهم مأمورون بإخفائها في بلاد المسلمين، فإذا فعلها المسلم معهم، فقد أعانهم على إظهارها. وهذا منكر وبدعة في دين الإسلام، ولا يفعل ذلك إلا كل قليل الدين والإيمان، ويدخل في قول النبي (: ((من تشبه بقوم فهو منهم))(1249)"(1250).
ويشمل النهيُ الاحتفالَ بيوم أو ليلة لم يثبت أنها عيد من أعياد المسلمين ولو كان ذلك الاحتفال غير مأخوذ عن الكفار في الأصل، يقول شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "فيكفيه أن يعلم أنه لا أصل له في دين الإسلام فإنه إذا لم يكن له أصل فإما أن يكون قد أحدثه بعض الناس من تلقاء نفسه أو يكون مأخوذا عنهم فأقل أحواله أن يكون من البدع"1251.
أشكال الاحتفاء الذي تحصل به المشابهة:(1/317)
الضابط في حصول الاحتفاء المحرم بأعيادهم الذي هو شكل من أشكال المشابهة هو أن يبعثه وجود ذلك العيد إلى أي فعل من الأفعال، إلا فعلاً هو من أجل مخالفة أهل ذلك العيد، يقول شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "وإنما المحرك على إحداث ذلك: وجود عيدهم، ولولا هو لم يقتضوا ذلك، فهذا أيضاً من مقتضيات المشابهة"1252.
ومن الاحتفاء الذي لا ينبغي بأعياد الكفار: الفرح في يوم عيدهم1253، قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "ومن ذلك ترك الوظائف الراتبة من الصنائع أو التجارات أو حلق العلم أو غير ذلك واتخاذه يوم راحة وفرح واللعب فيه بالخيل أو غيرها على وجه يخالف ما قبله وما بعده من الأيام"(1254)، ومن الاحتفاء الذي لا يجوز كذلك: الاحتفاء والفرح بسبب العيد ولو لم يكن في وقت عيدهم، يقول شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "وكذلك حريم العيد وهو ما قبله وما بعده من الأيام التي يحدثون فيها أشياء لأجله أو ما حوله من الأمكنة التي يحدث فيها أشياء لأجله، أو ما حدث بسبب أعمال من الأعمال حكمها حكمه فلا يفعل شيء من ذلك، فإن بعض الناس قد يمنع من إحداث أشياء في أيام عيدهم، كيوم الخميس والميلاد، ويقول لعياله: إنما أصنع لكم ذلك في الأسبوع أو الشهر الآخر"1255.(1/318)
بل يرى شيخ الإسلام أنه لا تجوز إعانتهم في أي عيد من أعيادهم، يقول _ رحمه الله _: "وكما لا يتشبه بهم في الأعياد فلا يعان المسلم المتشبه بهم في ذلك بل ينهى عن ذلك فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تجب دعوته، ومن أهدى للمسلمين هدية في هذه الأعياد مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تقبل هديته خصوصاً إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم في مثل إهداء الشمع ونحوه في الميلاد أو إهداء البيض1256 واللبن والغنم في الخميس الصغير الذي في آخر صومهم وكذلك أيضا لا يهدى لأحد من المسلمين في هذه الأعياد هدية لأجل العيد لا سيما إذا كان مما يستعان بها على التشبه بهم كما ذكرناه ولا يبيع المسلم ما يستعين المسلمون به على مشابهتهم1257 في العيد من الطعام واللباس ونحو ذلك لأن في ذلك إعانة على المنكرات فأما مبايعتهم ما يستعينون هم به على عيدهم أو شهود أعيادهم للشراء فيها فقد قدمنا أنه قيل للإمام أحمد هذه الأعياد التي تكون عندنا بالشام مثل طور يانور أو دير أيوب وأشباهه يشهده المسلمون يشهدون الأسواق ويجلبون فيه الغنم والبقر والدقيق والبر وغير ذلك إلا أنه إنما يكون في الأسواق يشترون، ولا يدخلون عليهم بيعهم وإنما يشهدون الأسواق؟ قال: إذا لم يدخلوا عليهم بيعهم، وإنما يشهدون السوق فلا بأس"(1258).
ولقد ابتلي كثير من المسلمين في هذا العصر بالتشبه بالكفار في أعيادهم الزمانية وتنوعت انتماءات تلك الأعياد فمنها الدينية _ غير إسلامية _ ومنها الاجتماعية، وابتدئ الحديث أولاً عن الدينية منها لخطورة التشبه فيها:-
أعياد المجوس:(1/319)
…فإن للمجوس أعياداً منها: عيد المهرجان(1259) وعيد النيروز1260، يقول الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد: "فللمجوس الفرس أعياد متعددة جداً, وهم أكثر الناس أعياداً, منها: (عيد رأس السنة, وهو عندهم: (النيروز) وهو أول يوم تتحول فيه الشمس إلى برج الحمل, وقيل: هو أول يوم خلق الله فيه النور. وقيل: هو أول الزمان, وهو أول يوم من سنة القبط: ولفظ: (النيروز) معناه: (اليوم الجديد). ويسمى عند أهل مصر: (عيد شم النسيم). ومدة هذا العيد ستة أيام, تبدأ من اليوم السادس من شهر حزيران. (عيد المهرجان) وأصله: (مهركان) بالفارسية, وهو اسم للشهر الذي مات فيه أحد ملوك الفرس. وهو أول يوم تتحول فيه الشمس إلى برج الميزان, وهو يوافق السادس والعشرين من أكتوبر, ومدة إقامته ستة أيام"(1261).
وإذا كان من المحرم مشاركة الكفار في أعيادهم وإعانتهم عليها، وكل ما يفضي إلى ذلك، من أي فعل سبب حدوثه من المسلم هو وجود عيد للكفار، فكيف بأخذ اسم العيد ووصف بعض احتفالات المسلمين باسمه، ولو كان ذلك في غير وقت عيدهم المسمى بهذا الاسم، كما يفعل الناس اليوم من الاحتفالات أو المسابقات الثقافية أو الدعائية أو التخفيضات ويسمون ذلك بـ (مهرجان) كذا، و(مهرجان) كذا(1262)، لا شك أن هذا النوع من المشابهة هو أعظم ممن يبيع الشمع أو البيض لمن يستفيد منه في الاحتفال بالعيد.
الأعياد اليهودية:
لقد انتشر بين الناس اليوم ما يسمى بالاحتفال باليوبيل(1263)، ويقسمونه إلى عدد من الأنواع: "(عيد اليوبيل الفضي) بعد مضي خمسة وعشرين عاماً على ميلاد شخص, أو افتتاح مؤسسة, أو بناء دار, وهكذا، و(العيد الذهبي) بعد مضي خمسين عاماً، و(العيد الماسي) بعد مضي ستين عاماً"(1264).(1/320)
…وعيد اليوبيل هو من أعياد اليهود، يقول الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد: "و(اليوبيل): كلمة عبرية، معناها: قرن الكبش، الذي تصنع منه الأبواق، التي يستعملونها في أعيادهم، فيلقون به الألفاظ التي يهلون بها"(1265).
…وهو منصوص عليه في أسفارهم، فقد جاء في سفر اللاويين: "1 وكلم الرب موسى في جبل سيناء قائلا، 2 كلم بني إسرائيل وقل لهم. متى أتيتم إلى الأرض التي أنا أعطيكم تسبت الأرض سبتاً للرب. 3 ست سنين تزرع حقلك وست سنين تقضب كرمك وتجمع غلتهما. 4 وأما السنة السابعة ففيها يكون للأرض سبت عطلة سبتاً للرب. لا تزرع حقلك ولا تقضب كرمك. 5 زريع حصيدك لا تحصد وعنب كرمك المحول لا تقطف. سنة عطلة تكون للأرض. 6 ويكون سبت الأرض لكم طعاما. لك ولعبدك ولامتك ولأجيرك ولمستوطنك النازلين عندك. 7 ولبهائمك وللحيوان الذي في أرضك تكون كل غلتها طعاماً. 8 وتعدّ لك سبعة سبوت سنين. سبع سنين سبع مرات. فتكون لك أيام السبعة السبوت السنوية تسعاً وأربعين سنة. 9 ثم تعبر بوق الهتاف في الشهر السابع في عاشر الشهر في يوم الكفّارة تعبّرون البوق في جميع أرضكم. 10 وتقدسون السنة الخمسين وتنادون بالعتق في الأرض لجميع سكانها. تكون لكم يوبيلاً وترجعون كل إلى ملكه وتعودون كل إلى عشيرته. 11 يوبيلاً تكون لكم السنة الخمسون لا تزرعوا ولا تحصدوا زريعها ولا تقطفوا كرمها المحول. 12 أنها يوبيل. مقدسة تكون لكم. من الحقل تأكلون غلتها. 13 في سنة اليوبيل هذه ترجعون كل إلى ملكه"(1266).
…"فلفظ (اليوبيل) كما ترى, انتقل من معنى الآلة التي ينفخ فيها الكلام إلى ذلك اليوم الذي يتم فيه الاحتفال بالتحرير, والإطلاق, والخلاص, على مدد متفاوتة عند اليهود باسم: (عيد اليوبيل) وعند النصارى باسم: (عيد يوم الغفران) أو (عيد يوم الغفران الكامل العظيم)"(1267).(1/321)
ولذلك فإننا نجد أن هذه الاحتفالات باليوبيل أكثر من يحرص على دفع المسلمين على إقامتها: تلك المنظمات السرية أو العلنية اليهودية مثل: "(الماسونية) و (الروتاري) و (الليونز) و (الاكستشانج) و (المائدة المستديرة)، هذه النوادي وتلك الحركات الهدامة لا يمكن مطلقاً أن تغفل عن الاحتفال باليوبيل الفضي والذهبي لتلك النوادي, بل وتصر عليه, ومن الغريب أن فروع تلك النوادي في بلد عربي مسلم, يسافر منها أعضاء إلى الولايات المتحدة المقر الرئيسي لتلك النوادي كلها, لحضور اليوبيل الذهبي، والأغرب أن المقر الرئيسي للروتاري في الولايات المتحدة الأمريكية يبعث إلى أعضاء في منطقة الروتاري العربية, بتذاكر سفر بالطائرة بالدرجة الأولى, على نفقة منظمة الروتاري الأم, لمجرد حضور الاحتفال باليوبيل الفضي أو الذهبي, دون مناقشة أية موضوعات والهدف إبراز الاحتفال باليوبيل على أنه واجب مقدس لا يمكن تجاوزه أو نسيانه"(1268).
أعياد النصارى:
اشتهر عند النصارى ما يسمى بعيد الميلاد(1269) أي ميلاد المسيح عليه السلام ويبدأ من الخامس والعشرين من شهر ديسمبر، حتى منتصف ليلة 31 منه وهو المسمى عن الأوربيين اليوم باسم: (عيد الكرسمس)(1270).
…ويهنئ بعضُ مسلمي عصرنا النصارى في هذا العيد، وربما يشاركونهم الاجتماع والفرح به، وقد يحصل أحياناً أنهم "يعطلون الدوائر الحكومية والشركات تعظيماً لهذا اليوم، احتراماً له ويزورون أصدقاءهم النصارى ويرسلون لهم بطاقات التهنئة"1271(1/322)
…وقلد النصارى في ذلك الشيعةُ الفاطميون (الباطنية) الذي ابتدعوا في الإسلام عيد ميلاد النبي ( (1272) قياساً على ما عند النصارى من احتفال بمولد عيسى ( وكان ذلك عام: (363هـ)1273، ثم انتشر بعد ذلك بين المسلمين، وخاصة الصوفية الذين يزعمون أن ذلك من محبة النبي (، واستمرت هذه البدعة حتى عصرنا الحاضر، وانتشرت انتشاراً واسعاً حتى صار يوم عيد ميلاد النبي ( يوم عطلة رسمية في بعض الدول1274.
…ويعتبر بعض الناس هذا الاحتفال من الاحتفالات الإسلامية التي تعبر عن روح الإسلام _ جهلاً منهم بحقيقة مصدر هذا الاحتفال _ يقول بعضهم: "على أننا إذا احتفلنا بميلاد الرسول1275 فإننا نحتفل في الحقيقة بالإسلام الذي جاء به مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحتفل بالفكرة، بالمنهج، أيستطيع أحد أن يمنعنا من الفرح بشخص رسولنا، وبالهداية التي جاءت على يده وبالمنهج الذي أمرنا به"1276، والجواب على ذلك: أن الفرح الذي يكون بالدين وبنعمة الله بإرسال الرسول ( هو الفرح بما كان من الشريعة الحقة، وذلك بالعيدين الذين شرعهما الله عز وجل لنا بعد إكمال عبادتين من أعظم العبادات الصوم والحج، وهما عيدا: الفطر والأضحى، لا أن نحتفل بعيد استقيناه من عند الكفار الذين يقولون إن الله ثالث ثلاثة، ونقله إلينا من ثبت بغضهم للإسلام والمسلمين من الشيعة العبيديين!!(1/323)
…وقبل أن أصف للقارئ الكريم ماذا يدور في بعض احتفالات الموالد أنقل هذا الكلام عن أحد المعجبين بدور المولد في التربية على مكارم الأخلاق، يقول: "والاحتفال بعيد مولد الرسول صلى الله عليه وسلم هو احتفال بالإسلام، وتدل دراسة علم النفس والتربية الحديثة، أن العقيدة تثبت في نفوس الأطفال والعوام، بوسائل مختلفة، والاحتفال بالمولد من هذا الباب، بل نحن ندعو إلى استغلال الوسائل العلمية والتكنولوجية، للدعوة إلى الإسلام كما يفعل المبشرون الآن في بعض مجاهل إفريقيا وغيرها من بلاد العالم"(1277).
ينطلق الاحتفال بالمولد النبوي من الأضرحة التي تعتبر في الأصل أعياداً مكانية نهانا شرعنا القويم تشييدها، حيث يصف أحد الصحفيين المشهد الذي رآه في الاحتفال بالمولد النبوي في القاهرة فيقول: " سار موكب ممثلي الطرق الصوفية لمدة (45) دقيقة تقريباً مشياً على الأقدام حاملين الأعلام والرايات في جو من البهجة والاحتفال بدءاً من ضريح الشيخ صالح الجعفري بمنطقة الدرّاسة إلى مسجد الحسين، وهناك وجدوا في انتظارهم بعض المستقبلين، على رأسهم شيخ مشايخ الطرق الصوفية، فقاموا بالسلام عليه وقراءة الفاتحة والدعاء جماعيّاً. ويشهد هذا الاحتفال أيضاً كبار رجال الدولة أو ممثلون عنهم، وعلى رأسهم شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية ورئيس جامعة الأزهر ووزير الأوقاف ومحافظ القاهرة؛ حيث يلقي معظمهم كلمات في الاحتفال، كما يشهد حضوراً إعلاميّاً واضحاً من صحافة وإذاعة وتلفاز. وبعد نهاية الاحتفال الرسمي ينصرف أتباع الطرق الصوفية لإلقاء أناشيدهم ومدائحهم وأذكارهم في أماكن معدة لذلك سلفاً، ويستمرون في ذلك حتى منتصف الليل تقريباً"1278.(1/324)
ولبيان الأثر التربوي الذي نجنيه من الموالد المبتدعة أسوق هذا الوصف للمولد النبوي، يقول الكاتب عثمان محمد سليمان (من الخرطوم): "وقد تأصل هذا النوع من الاحتفالات حتى خصصت لها ميادين معينة، عرفت بميادين المولد؛ ففي كل مدينة ميدان يسمى ميدان المولد الكبير، وهو ساحة متسعة مخصصة لهذا الغرض، وتلتقي فيه كل الطرق الصوفية المشتركة في الاحتفال بالمولد، وتتم المشاركة فيه بعد الحصول على تصديق رسمي من الدولة يتم بموجبه السماح للطريقة المعينة بنصب سرادقها في المكان المخصص لها في ساحة المولد، وعمل تجهيزاتها اللازمة لها.. وتقوم كل طريقة بعمل الأذكار التي تخصها والمدائح المتعلقة بالمولد، كما تتم قراءة الكتب المؤلفة في المولد النبوي في شكل حلقات تشبه حلقات تلاوة القرآن، وعند مرورهم بمواطن معينة في هذه الموالد المؤلفة يقف الحاضرون اعتقاداً منهم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يحضر عند ذكر ولادته، ويرددون في صوت واحد عبارة (مرحباً بالمصطفى يا مرحبا...) وفي بعض المواضع من القراءة يضعون الأيدي على الرؤوس، وفي مواضع أخرى يضربونها أو يوجهونها نحو الأرض عند الاستعاذة من بعض الأمراض أثناء قراءة المولد. وفي المولد يضربون أيضاً على الطبول الكبيرة (النوبة) التي تصدر أصواتاً قوية، ويرددون معها القصائد الملحنة كنوع من الذكر الذي يُتقرب به إلى الله.. وكل هذا مع الحركة والاضطراب الشديد، وربما دار أحد الدراويش على رجل واحدة وهو (يترجم)، أي: يصدر أصواتاً لا تفهم، فيوصف بأنه غرق في الذكر. ويزداد الزحام في الليلة الأخيرة، ويكون الناس في هذه الساحات خليطاً من الرجال والنساء، وقد شاهدت في أحد الموالد نساءً يصفقن ويتحركن مع رجال يضربون هذه الدفوف (النوبة) حتى انتهين إلى أحد السرادقات المقامة وهن يصفقن على أصوات المديح، ويتحركن على صوت ضربات الطبول، إلى أن يستقبلهن شيخ ممسك بمسبحته وهو يهز رأسه استحساناً لهذا(1/325)
الصنيع"(1279).
وانتقلت بدعة الاحتفال بالمولد النبوي إلى الاحتفال بموالد الصالحين والأولياء حتى صار "من الصعب أن نجد _ على مدار السنة _ يوماً ليس فيه احتفال بمولد ولي بمكان بمصر"(1280)، ومما يذكر هنا أن مولداً للبدوي عام: (1996م) حضره حوالي ثلاثة ملايين زائر(1281).
الفصل الثالث
المذاهب الفكرية المعاصرة، مصادرها وآثارها في الجانب العملي
المبحث الأول:
المذاهب الفكرية المعاصرة وعلاقتها بالغرب.
…يتكون هذا المبحث من مطلبين: الأول: الصراع بين الدين والعلم في الغرب، وأبين فيه أن المذاهب الفكرية إنما نشأت عند الغرب، وأن السبب الأساسي لظهورها في الغرب، هو: العقد النفسية الناتجة عن الحياة البعيدة عن المنهج الرباني، فسميت هذا المطلب بأبرز العقد النفسية التي أنتجت المذاهب الفكرية المعاصرة في الغرب، وهو الصراع بين العلم والدين في الغرب.
…والمطلب الثاني: قاعدة تأثر المغلوب بالغالب، أشرح فيه انتقال المذاهب الفكرية الغربية إلى المنبهرين بالحضارة الغربية من أبناء المسلمين، وأن سبب ذلك هو الاقتناع بما لدى الغرب من حضارة مادية، تبع ذلك انبهارٌ بالمذاهب الفكرية الشائعة لديهم، ظناً من المنبهرين أن الحضارة المادية التي توصل إليها الغرب، ناتجة عن الأفكار والمذاهب التي اعتنقوها.
المطلب الأول: الصراع بين الدين والعلم في الغرب:
لا يدرك أحد ما يصلح للبشر من اعتقادات أو عبادات ومعاملات سوى خالق البشر، فعندما ينزل الله ديناً من الأديان أو شريعة من الشرائع على عباده تكون هي الشريعة الصالحة وهي العقيدة الصحيحة التي لا ينبغي أن يغادرها الناس إلى غيرها، فإن خالفوها وحرفوا ما أنزل الله عليهم، فقد وكلوا إلى ما اخترعوه من عند أنفسهم، ولن يكون أصلح مما أنزل الله بحال.(1/326)
…ولقد مر معنا فيما سبق إلى أي مدى تم تحريف الدين النصراني _ والعقيدة بالذات _، والقول بأن المسيح هو ابن الله أضفى إلى الكنيسة نوعاً من القداسة، "قائمة على أساس أن المسيح عليه السلام ذو طبيعتين إحداهما لاهوتية والأخرى ناسوتية, ومن ثم فهو إله وبشر في ذات الوقت, وهو على هذه الهيئة وسيط بين البشر ذوي الطبيعة الناسوتية الخاصة والإله ذي الطبيعة اللاهوتية الخالصة!! فهو ليس رسولاً يبلغ وحي الله للناس - كما هو الحقيقة - إنما هو حلقة وسيطة تمر بها مشاعر الناس وأعمالهم لكي تصل إلى الله, كما تمر من خلاله كلمة الله إلى الناس!
وقائمة - من بعد - على أساس أن الكنيسة هي وريثة المسيح, ومن ثم فإن لها ذات الوضع وذات السلطان الذي كان للمسيح, فهي مقدسة, و "قداسة" البابا - ومن يكل الأمر إليهم من الكرادلة وغيرهم - هم الوسطاء الذين تمر بهم مشاعر الناس وأعمالهم لكي تصل إلى الله, كما تمر من خلالهم كلمة الله إلى الناس!!"(1282)، وعلى هذا فكل ما تأمر به الكنيسة من الأوامر أو تنهى عنه من النواهي، وكل ما تقره من العقائد هو مستمد من تلك القداسة المستمدة في الأصل من عقيدة بنوة المسيح لله.
تلك القداسة التي اكتسبتها الكنيسة هي التي جرأتها على الطغيان الذي قامت به في ما يطلقون عليه (القرون الوسطى)، أو (عصور الظلمات)، وهو الوقت نفسه الذي كان المسلمون يتمتعون فيه بالحرية في التفكير، ووحدة الكلمة، والسمعة العالية بين شعوب الدنيا.
مارست الكنيسة تبعاً لذلك التفويض الإلهي الذي أعطاه بولس لها(1283) أنواعاً من الطغيان، فلم يقتصر الطغيان الذي مارسته على الطغيان الروحي المصرح لها به، بل مارست طغيانها في جميع أشكال الحياة المادية.(1/327)
فمن الناحية الدينية (الروحية) برزت وصاية الكنيسة على العقول النصرانية في أوروبا فلا مناقشة في أمور الدين، فلا يجوز السؤال عن العقيدة التي تمليها المجامع، الواجب هو الإيمان والتسليم دون اعتراض أو نقاش(1284)، الله هو الآب وهو الابن وهو روح القدس، واحد، وهو في نفس الوقت ثلاثة، والذي يسأل كيف؟: هذا خارج على تعاليم الكنيسة، كافر بالرب. كان هذا هو جزء من طغيان الكنيسة في الغرب على عقول الناس، وكان الناس _ وخاصة من اختلط منهم بالمسلمين _ يرون الفارق بين وضوح العقيدة لدى المسلمين، وتوحيد المشرع عندهم، وبين ممارسات الكنيسة، كانت المعاهد الإسلامية تدرس العقيدة وتطرحها طرحاً مبسطاً، ثم ترد على الشبهات الواردة في طريقة شرعية عقلية غير متسلطة، بغض النظر عن كونها مأخوذة عن الوحي _ وهو الغالب _ أو متأثرة بالعقليات الفاسدة كعلم الكلام أو الفلسفة أو غيرها؛ فإن الذي كان ينظر إليه الأوربيون ويعجبون به هو: تحرر العقيدة لدى المسلمين من وصاية1285 البشر.
…كما يهمنا في هذا الشأن تسلط الكنيسة و(رجال الدين) في الجوانب العلمية التجريبية والتي كانت تتوهم الكنيسة أنها تعارض الدين _ أو أنها تعارض دينهم المحرف فعلاً _، وبالفعل كانت معارضة الاكتشافات العلمية لبعض المسلمات الكنسية سبباً في ثورة الكنيسة على هذه العلوم وعلى أصحابها.(1/328)
…يقول أبو الحسن الندوي _ رحمه الله _: "من أعظم أخطاء رجال الدين في أوروبا، ومن أكبر جنايتهم على أنفسهم، وعلى الدين الذي كانوا يمثلونه، أنهم دسوا في كتبهم الدينية المقدسة معلومات بشرية، ومسلمات عصرية، وعن التاريخ والجغرافيا والعلوم الطبيعية، ربما كانت أقصى ما وصلوا إليه من العلم في ذلك العصر، وكانت حقائقَ راهنة لا يشك فيها رجال ذلك العصر. ولكنها ليست أقصى ما وصل إليه العلم الإنساني، وإذا كان ذلك في عصر من العصور غاية ما وصل إليه علم البشر، فإنه لا يؤمن عليه التحول والتعارض؛ فإن العلم الإنساني متدرج مترق، فمن بنى عليه دينه فقد بنى قصراً على كثيب مهيل من الرمل. ولعلهم فعلوا ذلك بنية حسنة، ولكنه كان أكبر جناية على أنفسهم وعلى الدين، فإن ذلك كان سبباً للكفاح المشؤوم بين الدين والعلم، الذي انهزم فيه ذلك الدين _ المختلط بعلم البشر الذي فيه الحق والباطل، والخالص والزائف _ هزيمة منكرة، وسقط رجال الدين سقوطاً لم ينهضوا بعده، وشر من ذلك وأشأم: أن أوروبا أصبحت لا دينية. ولم يكتف رجال الدين بما أدخلوه في كتبهم المقدسة، بل قدسوا كل ما تناقلته الألسن واشتهر بين الناس، وذكره بعض شراح التوارة والإنجيل ومفسريهما من معلومات جغرافية وتاريخية وطبيعية، وصبغوها صبغة دينية، وعدوها من تعاليم الدين وأصوله التي يجب الاعتقاد بها، ونبذ كل ما يعارضها، وألفوا في ذلك كتباً وتآليف، وسموا هذه الجغرافية التي ما أنزل الله بها من سلطان (الجغرافية المسيحية)، وعضوا عليها بالنواجذ، وكفَّروا كل من لم يَدِن بها"(1286).
…كما أن هناك سبباً آخر في تلك المعارضة من رجال الكنيسة للعلم ورجاله وهو أن العلم التجريبي الجديد قادم من الشرق وفي التسليم له إذعان للإسلام الذي هو دين العلماء الذين جاءوا بهذا العلم التجريبي.(1/329)
فقامت الكنيسة بممارساتها التعسفية، ضد كل من يحاول الطعن في الدين _ بزعمهم _ بعمل تلك التجارب، أو النظر عبر الأفلاك لاكتشاف الكون، فقتلت من قتلت، وأحرقت من أحرقت من العلماء(1287).
تقول (زغريد هونكه)(1288): "إن القسس كانوا يلعنون كل من قال بكروية الأرض، ومن تقبل التعليل بأسباب طبيعية لفيضان أو بزوغ كوكب، أو شفاء قدم مكسور"(1289).
"وقد اخترع رئيس بلدية في ألمانيا مصباحاً يعمل بالنفط، فحكمت الكنيسة بكفره بحجة أن الله خلق الليل مظلماً والنهار منيراً، وهذا الرجل يبدل في خلق الله، فيجعل الليل كالنهار"(1290).
"ويقدر أن من عاقبت الكنيسة يبلغ عددهم ثلاثمائة ألف، أحرق منهم اثنان وثلاثون ألفاً أحياء، كان منهم العالم الطبيعي (برونو)، نقمت منه الكنيسة آراءً من أشدها قوله بتعدد العوالم، وحكمت عليه بالقتل، واقترحت بأن لا تراق قطرة من دمه، وكان ذلك يعني أن يحرق حياً، وكذلك كان"(1291).(1/330)
و"كانت الكنيسة آخذة بنظرية (بطليموس) التي تجعل الأرض مركز الكون، وتقول: إن الأجرام السماوية جميعها تدور حولها. فجاء القسيس (كوبرنيق) بنظرية تقول بخلاف النظرية القديمة، التي جعلتها الكنيسة ضمن معارفها الدينية، وشرح نظريته في كتابه (حركات الأجرام السماوية). وطبع كتابه هذا، فثارت ثورة الكنيسة ضده، وقبل أن يساق إلى محكمة التفتيش أدركته منيته، فحرمت الكنيسة هذا الكتاب، ومنعت تداوله، وقالت: إن ما فيه هو وساوس شيطانية مغايرة لروح الإنجيل. وبعد عدة سنوات ظهر (جاليليو) الذي توصل إلى صنع المنظار الفلكي (التلسكوب) فأيد بمشاهداته نظرية (كوبرنيق) وقال بدوران الأرض. فسيق إلى محكمة التفتيش، وحكم عليه سبعة كرادلة بالسجن، وفرضوا عليه تلاوة مزامير الندم السبعة مرة كل أسبوع طوال ثلاث سنوات. ولما خاف (جاليليو) من المصير الذي انتهى إليه (برونو) أعلن توبته، ورجع عن رأيه، وركع أمام رئيس المحكمة قائلاً: أنا جاليليو وقد بلغت السبعين من عمري سجين راكع أمام فخامتك: والكتاب المقدس أمامي ألمسه بيدي، أرفض وألعن وأحتقر القول الإلحادي المخطئ بدوران الأرض. وتعهد للمحكمة بأن يبلغها عن كل ملحد يوسوس له الشيطان بتأييد هذا الزعم المضلل"(1292).
كل ذلك في الوقت الذي كان يزخر فيه الشرق الإسلامي بكل أنواع العلوم النافعة، وأوروبا على مرأىً ومسمع، والنفوس قد امتلأت كراهية لذلك الدين الذي يحبس الإنسان عن العلم والتطور والمضي في ركب الحضارة(1293).(1/331)
إن طبيعة الإنسان لا تقبل الوصاية العقلية أو الاعتقادية، أن تقوم الكنيسة بالتسلط على أموال الناس، قد يكون ذلك أمراً مقبولاً إذا اقتنع الناس بقداسة الكنيسة، أو أن تفرض الكنيسة سياستها على الأوربيين فرضاً، لا ضير في ذلك ما دامت أنها تستمد مصداقيتها من لاهوتية المسيح (ابن الله)، ولكن أن تقوم الكنيسة بفرض ما تفرضه من عقائد تقررها في المجامع الكنسية، ولا نقاش فيها، ذلك أمر فيه غضاضة، وأشد منه نفوراً أن تكون الكنيسة حائلاً بين عقول الناس وبين ما يرونه أمامهم من اكتشافات، وتقول لهم الكنيسة: كل ذلك حرام كل ذلك يبعد عن الله، فلا تطور ولا تقدم في سباق الحياة بين الشعوب، كل ذلك أحدث الصراع بين العلم والدين في الغرب.(1/332)
إن الصراع بين الدين والعلم في الغرب هو أحد الصراعات التي كانت قائمة بين الدين المحرف ومظاهر الحياة الغربية؛ فهناك الصراع بين الدين والحياة الاقتصادية، والصراع بينه وبين رجال السياسة، والصراع بين الدين المحرف وبين العقل الذي بدأ يحس بأن عليه أن يتحرر من ربقة العبودية الفكرية للكنيسة، ولكن طغيان الكنيسة العلمي يظل له أكبر الأثر على الأحداث بعده؛ فإن التقدم العلمي الهائل والسريع الناشئ عن التقاء الغرب بالحضارة الإسلامية(1294) كان له أكبر الأثر في كشف زيف المعطيات الكنسية، التي زادت في الدين وغلت في جوانب فيه،) وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ)(1295)، ولكن الكنيسة لما رأت ذلك التصادم بين العلم الحديث والذي قد يكون قائماً على مسلمات علمية جديدة: عملت على محاربة العلم، وفي الحقيقة لو كان الدين الذي يبشر به الرهبان في ذلك الوقت صحيحاً لكان من المستحيل أن يتصادم مع المسلمات العلمية؛ فإن ما جاء من عند الخالق لا يمكن أن يتصادم مع ما خلقه الخالق نفسه.(1/333)
والنتيجة الطبيعية لهذا الصراع هو الثورة... الثورة على الدين، ما دام أن الذي يقف حائلاً أمام العلم هو الدين متمثلاً في الكنيسة ورجالها وكل ما يأمر به رجالها، ولكنها كانت ثورة على الدين ككل؛ وذلك لأن الصراع في أوروبا بين العلم والدين أنشأ لدى الأوروبيين تصوراً قاتماً تجاه الدين، وهو أن الدين في مواجهة العلم دائماً، ولا يمكن تصور دين متفق مع العلم، ولم ينتبه الأوربيون الغاضبون إلى أن تلك البدهيات المدخلة إلى الدين والتي تعارضت مع العلم هي من صنع البشر، ومن تحريف الكنيسة لدين الله _ الذي كان يوماً من الأيام ديناً يصلح لمن أنزل عليهم من البشر _ كقضية السلطان اللاهوتي المعطى للكنيسة، وهو داهية الدواهي، فلم يفكر الغربيون بنزع ذلك السلطان، بقدر ما فكروا بنزع الدين نفسه من التطبيق في مجالات الحياة البشرية كلها بل بالكفر به تماماً.
يقول الشيخ محمد قطب: "ولقد بدأت نذر الثورة على الكنيسة ورجال الدين، وعلى الدين المزيف الذي تقدمه الكنيسة، بدأت منذ (عصر النهضة)(1296)، وبدأ الكتاب يتمردون على سلطان الكنيسة الطاغي ويهاجمون رجال الدين، بل يهاجمون كذلك خرافات ذلك الدين الكنسي ومعمياته. ولكنها كانت أصواتاً متناثرة، فظن القوم أنهم قادرون عليها وعلى إسكاتها. كانت هذه الأصوات تهز النائمين ليصحوا .. تزيل عنهم تبلد نفوسهم .. وتزيل (الأمر الواقع) من حسهم، وتشعرهم أن التغيير ممكن، وأن هذا الأمر الواقع ليست له صفة الخلود، ولا هو كذلك في منعة من النقد والتجريح.(1/334)
وبذلت الكنيسة جهدها في محاولة إسكات هذه الأصوات، مستخدمة في ذلك نفوذها على قلوب الناس وعقولهم وأرواحهم، وسلطانها (التقليدي)الذي كانت تأمر به فتطاع، وينظر إلى كلمتها على أنها موضع التقديس .. لأنها مرتبطة في حس الجماهير بالدين .. وما أعظم سلطان الدين على النفوس، كما استخدمت محاكم التفتيش حين اشتد فزعها وخافت على ما في يدها من السلطان. ولكن رويداً رويداً زادت الأصوات عدداً، وزادت جرأة، وزادت استخفافاً بالجبروت. علماء .. ومفكرون .. وفلاسفة .. مصلحون .. وحاقدون! حاقدون على سلطان الكنيسة الطاغي وما تتمتع به من المزايا بغير استحقاق .. وكان حجم الطغيان هائلاً مخيفاً، وكان له في الأرض تمكن طويل يبلغ عدة قرون. ولكن في النهاية حدث الانفجار! وكان بشعاً في شدة انفجاره، بشعاً في سرعة اكتساحه، بشعاً في قسوة الحمم الذي تفجر من بركانه.
واكتسحت الثورة الفرنسية في طريقها ما كان تراكم من المظالم خلال ألف وأربعمائة عام! وأزالت الطبقتين الحاكمتين الطاغيتين المتحالفتين! رجال الإقطاع (الأشراف!) ورجال الدين!"(1297).
وهكذا صار الدين نفسه عقدة في ضمائر الأوربيين(1298)، ومثلهم كمثل الذي أكل طعاماً رديئاً فسبب له تسمماً في معدته، فعالج نفسه بأن امتنع عن الطعام كلياً؛ لأنه أصابته عقدة التألم بسبب نوع رديء من الطعام الفاسد، فصمم هذا على ترك الطعام بكل أنواعه، إن هذا الشخص نلحظ فيه أمرين: الأول أن مرضه أورثه مرضاً نفسياً آخر، هو أعتى من المرض الذي كان يعاني منه، ويمكن أن نسميه: عقدة الألم. والثاني أن هذا الشخص لن يعيش طويلاً، فحاجته للطعام ماسة وعقدة الألم لن تشفع له في تخليصه من الجوع الذي واجهه أو سيواجهه، وسيموت، سيموت بفكرته الفاسدة، وتموت معه عقدته قريباً.(1/335)
فقامت الثورة الفرنسية(1299)، وكان شعارها: (اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس)، هذا الشعار يبين كذلك أثر الإقطاع(1300) _ الذي صادقت عليه الكنيسة _ على الشعوب الأوروبية، ويلاحظ في هذا الشعار حنق الناس على رجال الدين الذي زاد على حنقهم على الحكم الإقطاعي، الذي اضطرهم للعيش تحت مستوى الفقر(1301)؛ وذلك من خلال تقدم قتل القسيس على قتل الملك، فتم نبذ الدين قبل نبذ السياسة الظالمة المستمدة من الدين.
وما زالت عقدة الدين راسخة في عقول الغربيين يقول الشيخ محمد قطب: "فقد حدثني رجل إنجليزي متخرج في (أكسفورد)، ويعمل أخصائياً في مؤسسة اليونسكو، وهي مؤسسة ثقافية! زار مصر منذ سنوات، وجرت بيني وبينه عدة مناقشات، فقال : إنه لا يحب الروحانية لأنه يحب أن يستمتع بالسفر بالطائرة، والاستماع إلى المذياع !! فقلت له مدهوشاً: وماذا يحملك على ترك هذا المتاع حين تؤمن بالروحانية ؟ قال: أو ليس يقتضي ذلك أن أعود إلى الخيام ؟!"(1302)، فالتعارض بين العلم والدين وبين المدنية والتدين قائم في عقولهم، كما أن هناك تلازم _ في اعتقادهم _ بين التدين والتخلف الذي كان في عصر الإقطاع.(1/336)
إن اللادينية التي نشأت بعد الثورة الفرنسية(1303) هي ما يعبر عنه الناس اليوم بالعلمانية، فالعلمانية إقصاء للدين وكفر بالله، إن هذا الكفر وهذه الظلمات ما كانت لتنشأ عنها إلا الضلالات، فإن الذي يمشي في الظلام الدامس ليس كالذي يمشي ومعه مسكة من نور، وربما كان الدين النصراني المحرف على ما فيه من تحريف وتبديل يضيء بعض الطريق لهؤلاء فيقيهم شر التخبط، ولكن بعد الكفر بالأديان، لم يعد ثمة سوى التخبط والهذيان، فنشأت المذاهب الفكرية الكفرة التي ما أنزل الله بها من سلطان، لتسد الفراغ الروحي الذي أحدثه غياب الدين، وهكذا نشأت كثير من المذاهب الفكرية القائمة على فلسفات جديدة وقديمة، تحاول تلك الفلسفات أن تفسر الإنسان ووجوده والحياة التي يعيشها الإنسان، وكيف ينبغي أن يمارسها.
المطلب الثاني: تأثر المغلوب بالغالب:-(1/337)
في العصور الوسطى وهي التي تسمى بعصور الظلمات _ بالنسبة للغرب _ كان الشرق الإسلامي قد ازدهر بالعلم بشتى أشكاله، وأخذ الغرب ينهلون من علوم المسلمين، يقول الشيخ محمد قطب: "فحركات الإصلاح الديني التي تمردت على سلطان البابوية الطاغي كانت متأثرة بالإسلام.. وحركات التمرد على سلطان الإقطاع الطاغي، الذي يجعل أمير الإقطاعية هو السلطة التشريعية وهو السلطة التنفيذية وهو السلطة القضائية في آن واحد، كانت متأثرة بالإسلام. ومحاولة التجمع في أمة ذات قانون موحد يحكم في جميع أرجائها بالسوية، ويخضع الناس فيه لنظام موحد كانت متأثرة بالأمة الإسلامية الموحدة، وإن كانت أوربا لم تفلح في هذه المحاولة إلا في حدود القومية الضيقة، لا في حدود الأمة الموسعة. والنظام الجامعي الغربي مأخوذ من الجامعات الإسلامية بما فيه من ضرورة إشراف الأستاذ على الطالب حتى يتخرج على يديه، وتوجيهه للمراجع التي يرجع إليها، ومناقشته فيما حصل منها للاطمئنان على قدرته على التحصيل قبل إعطائه الإجازة التي تجيز له أن يبدأ في تعليم غيره، بل إن الروب الجامعي وغطاء الرأس المكمل له هما تقليد لعباءة الأستاذ المسلم وعمامته، كما تأثر الأدب وتأثرت العمارة حتى عمارة الكنائس ذاتها إذ نقشت في بعضها _ بغير علم _ عبارات منقولة من المساجد الإسلامية، وذلك كله فضلاً عن المنهج التجريبي في البحث العلمي وما أُحدث في أوربا من انقلاب كامل في طريقة التفكير"(1304).
وبعد انشغال المسلمين بالحروب والفتن التي وقعت بينهم، ضعف المد العلمي الذي كان يأتي من الشرق الإسلامي، فواصل الغرب العلماني عجلة السير العلمية.
وما اكتشفه الغربيون من العلوم كانوا مبتدئين فيه من حيث انتهى المسلمون؛ ولذلك كانت اكتشافاتهم متميزة بالسرعة، فالقاعدة العلمية موجودة والأصول مؤصلة، ولم يبق عليهم سوى إكمال المسيرة.(1/338)
وتمت الاكتشافات العلمية بأسرع مما كان يتصور العالم، وتقدم الغرب في شتى المجالات، ومنها المجالات الحربية والعسكرية، فحين كانت الآلة العسكرية العثمانية متمثلة في المدفعية العثمانية أقوى مدفعية في العالم(1305)، توقف المسلمون عن تطوير أجهزتهم الحربية لتتفوق أوروبا عليهم من الناحية العسكرية ولذلك منيت الجيوش العثمانية بهزائم كبيرة في شرق أوروبا وخسرت كثيراً من ممتلكاتها هناك.
وتفوقت أوروبا في أكثر النواحي حتى اقتسم الأوربيون أجزاء الدولة العثمانية الممزقة.
وابتعث المسلمون إلى هناك إلى حيث العلمانية اللادينية، إلى حيث المذاهب الفكرية التي لم تنشأ إلا على أنقاض الدين ولم تنشأ إلا بعد التنكر للخالق، والكفر به.
إن الحضارة الغربية كانت حينئذ في تقدم باهر، انبهر به أبناء المسلمين، حتى قال قائلهم: "سبيل النهضة واضحة بينة مستقيمة ليس فيها عوج، ولا التواء، وهي: أن نسير سيرة الأوروبيين ونسلك طريقهم لنكون لهم أنداداً، ولنكون لهم شركاء في الحضارة خيرها وشرها، حلوها ومرها، وما يُحب منها وما يكره، وما يحمد منها وما يعاب"(1306)، ويقول أحد دعاة العلمانية الأتراك: "إنا عزمنا على أن نأخذ كل ما عند الغربيين، حتى الالتهابات التي في رئيهم والنجاسات التي في أمعائهم"(1307).(1/339)
…ولا شك أن هذه العبارة لم تصدر إلا من نفسية متأثرة بالوضع الذي وصل إليه الغرب من علو في الأرض وإحساس بالغَلَبة وتفوُّقِ الآخر، وهو السبب لهذه التبعية العمياء، يقول الكاتب عبد المنعم النمر: "ويصحب هذا كله عامل نفساني قوي، كثيراً ما وَجَّهَنا في حياتنا توجيهاً قوياً بل إني لأستطيع أن أقول إنه العامل المسيطر علينا الآن المتحكم في آرائنا وأفعالنا وأعني به عامل التقليد وحب المحاكاة للغربيين وعدم المبالاة بتقاليدنا وآرائنا الدينية! وهذا العامل النفسي يسيطر على حياة الأمم الضعيفة المغلوبة على أمرها كما يسيطر على حياة الأفراد الضعفاء سيطرة تدفعهم إلى الفناء في شخصية القوي، ونحن نشاهد أن هذا العامل النفساني له تأثير كبير على حياتنا أكثر من أي عامل آخر، فنحن نخضع له خضوعاً لم يحظ به أي عامل آخر من دين أو دنيا, فالأفكار الغربية بل والسلع الغربية مفضلة عندنا على أفكارنا وسلعنا, ننظر إليها بمنظار حسن ونحيطها بسياج من الثقة والإكبار يدفعنا إلى التوفر عليها تاركين أفكارنا الخاصة، ومنتجاتنا الوطنية مهما كانت أفكارنا سليمة وبضاعتنا متينة، فالإلحاد وعدم الاعتراف بالدين ومبادئه طغى على أفكارنا أياماً حتى عد ذلك مظهراً من مظاهر الرقي والنهوض، وطابعاً من طابع التفكير الحديث السليم!! لأن ذلك كان طابعاً للغرب في وقت من الأوقات ونحن تصل إلينا منتجات الغرب أحياناً متأخرة، وتبادل الزوجات والأخوات للرقص معهن في الحفلات العامة أصبح من مميزات الرقى والنهوض في نظر بعض الطبقات؛ لأن الغربيين يعملون ذلك فلا بد أن نجاريهم ولو كان ذلك لطمة قوية لديننا وتقاليدنا, لأن الدين والتقاليد رجعية قديمة لا تليق بحضاراتهم! وتطويل الثياب وتقصيرها وطريقة تفصيلها راجع إلى تقاليد الغرب وبيوت (الموضات) فيه لا إلى الدواعي القويمة من ديننا وبيئتنا، فيمكن تطويل الثياب(1308) لأن ذلك وحي باريس أو لندن فقط ولا يمكن تطويلها لأن(1/340)
ذلك من وحي الإسلام والقرآن! وهكذا كل شأن من شئوننا يسيطر عليه عامل التقليد بشكل مخيف . التقليد لأناس لا يتفقون معنا في الدين أو اللغة أو الجنس أو البيئة"(1309).
فكان كل تقدم مقترن لدى المنبهرين بالغرب بما وصل إليه الغربيون من الحضارة المادية الباهرة، وكل خطوة يخطوها هؤلاء يكون الغرب الأسوة والمثل الأعلى فيه، والذي ترنوا إليه قلوبهم ونفوسهم بعد ما أشربت الذل والانقياد واقتنعت بأنها المغلوبة والتي لا بد أن تمشي في ركاب النهضة. ولذلك لما توصل كمال أتاتورك إلى الرئاسة "ألقى بعد انتخابه رئيساً للجمهورية خطاباً قال فيه: بفضل هذا النظام الجديد ستنجح أمتنا في أن تظهر مناقبها وخصائصها أمام العالم المتحضر, ولسوف تبرهن الجمهورية التركية, فعلاً لا قولاً, أنها جديرة بالمكانة التي تحتلها في العالم"(1310)، وعمل بعد ذلك على تغريب الدولة العثمانية التركية ومسخ هويتها الإسلامية جرياً وراء اللحاق بركب التقدم والحضارة.
والحقيقة أن المذاهب الفكرية الغربية إنما أنتجتها مجموعة من العقد والأمراض النفسية التي عاشها الغرب النصراني، إبان عصر الإقطاع، فكانت هناك صراعات اجتماعية داخلية عديدة يتزعمها رجال الدين والإقطاعيين من جهة، والعامة والعمال من جهة أخرى، فلا ينبغي أن نجعلها مشكلة لنا، وأن نتوهم أن لدينا من الأمراض الاجتماعية مثل ما عندهم.(1/341)
يقول سلامة موسى وهو يعرض مشكلة المجتمع الغربي ويخلط بينه وبين المجتمع الإسلامي والذي لا يعاني من شيء مما قال: "تعدد مشكلاتنا يوهم اختلافها في الأصل وأنها لا يتصل بعضها ببعض، ولكن المتأمل المفكر يستطيع أن يجد النقطة البؤرية لجميع هذه المشكلات والنقطة البؤرية الوحيدة هنا هي أن نظامنا الإقطاعي في نظرته للعائلة ومركز المرأة والأخلاق الأبوية والنظرة الاجتماعية، كل هذا يعود إلى مشكلة واحدة هي أن آراءنا الإقطاعية القديمة لم تعد تصلح للحياة العصرية وأن متاعبنا وأرزاءنا واصطداماتنا تنبع من هذا الكفاح الذي نكافحه نحو حياة ديموقراطية جديدة نتخلص بها من الحياة الإقطاعية القديمة"(1311)، وهذه في الأصل هي مشكلة المجتمع الإقطاعي الغربي وليست مشكلة الشرقيين المسلمين بحال، ولكنه هنا كمن يتظاهر بالمرض ويطلب الدواء؛ لا لشيء إلا لأنه رأى مريضاً (حقيقياً) يتناول دواءً _ ربما يشفيه وربما يزيد في مرضه _، وهو في ذلك كله لم يكن مريضاً حقيقياً من جهة الأصل، ثم إنه لم يحاول أن يعرض الدواء الذي يتناوله المريض الحقيقي على طبيب حاذق، والطبيب الحاذق الذي كان ينبغي أن يعرضه عليه _ هنا _ هو الوحي السماوي الصحيح الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
…فمن تبع الغرب من أبناء المسلمين في تبني المذاهب الفكرية المعاصرة المأخوذة عن الغرب، فقد تشبه بهم في الأمراض التي مرت بهم، وكان أخذه بتلك المذاهب الفكرية المعاصرة علاجاً وهمياً لها.
ولا زال بعض المسلمين يتغنى بما وصل إليه الغربيون من الحضارة التقدمية السريعة، وينادي بأفكارهم، اقتناعاً منهم بتلك الآراء والأفكار التي أحدثها الأوروبيون في حياتهم علاجاً لما وقعوا فيه من حيرة وتخبط، وكان يكفيهم أن يأخذوا بما توصل إليه الغرب من التقنية المادية، وترك ما عندهم من زبالة الأفكار والمذاهب الهدامة، التي لم تزدهم إلا حيرة وضلالاً.
المبحث الثاني:(1/342)
مظاهر تأثر المسلمين بالعلمانية في الجانب العملي:-
تقدم في الفصل الأول من هذا الباب تعريف العلمانية، وأنها اتخذت شكلين: العلمانية الملحدة (اللادينية)، والعلمانية التي تؤمن بوجود الله إيماناً ظاهراً وتحصر الدين في نطاق ضيق وتعمل على فصل الدين عن مظاهر الحياة، وكل ذلك نتيجة الصراع بين الإقطاع والكنيسة من جهة وبين الشعوب الغربية من جهة أخرى.
…إن العلمانية التي انتقلت إلى العالم الإسلامي، لم تعرف في العالم الغربي النصراني بهذا الاسم، ولكن لما دخلت العلمانية (Secularism) إلى بلاد المسلمين، عربت تعريباً خاطئاً؛ فإن لفظ العلمانية ليس له علاقة بتعريفها وأصل هذا اللفظ باللاتينية هو الاسم: (secular)، وهو يعني ثلاثة معاني: 1- دنيوي، 2- غير ديني، 3- مدني(1312)، فكان الأولى أن تسمى بـ (اللادينية)، وقد حاول دعاتها في المشرق محاكاة الغرب في اللادينية التي توصلوا إليها؛ فإن الأحداث التي وقعت في الغرب وأدّت إلى العلمانية، لم يكن لها نظير في العالم الإسلامي، ولذلك فالتعبير الأوضح والأقرب إلى الواقع أن نقول: (افتعلت) العلمانية في العالم الإسلامي؛ فإن العالم الإسلامي لم يمر يوماً من الأيام بنفس الظروف التي مر بها العالم الغربي ولم توجد العلمانية في العالم الإسلامي كردة فعل للشعوب الثائرة، بل افتعلت العلمانية بين المسلمين افتعالاً؛ فإن اسم العلمانية يوحي بأن السبب في مفارقة الدين والبعد عنه هو العلم المظلوم من الدين وهذا لم يحصل أبداً في العالم الإسلامي منذ فجر التاريخ؛ فإنه لم يحصل ثَمَّ صدام بين علماء المسلمين وبين العلم التجريبي لدى الباحثين المسلمين، إذن فما هو الشيء الذي انتقل من الغرب تحت غطاء اسم العلمانية ؟! إن الشيء الذي انتقل من بلاد الغرب إلى العالم الإسلامي _ من أطروحات العلمانية في الغرب _ هو اللادينية أو محاولة حصر الدين وإقصائه عن شؤون الحياة، وأما الصراع _ وهو أمر جوهري في(1/343)
العلمانية الغربية _ فلم ينتقل بل افتعل افتعالاً بعد أن انتقلت اللادينية بسبب الإعجاب بالغرب والانبهار بالحضارة الغربية، ولهذا فإذا كان من الصحيح أن نصف اللادينية الغربية بالعلم فنقول (علمانية)، فإنه ليس من الإنصاف أن نسميها بنفس الاسم في العالم الإسلامي، فهي في العالم الإسلامي لادينية وليست علمانية بشكل من الأشكال.
ولذلك فنحن إنما نعبر عن هذه اللادينية بلفظ العلمانية لشهرتها بهذا الاسم. والذي جعل أدعياء العلمانية في العالم الإسلامي يعبرون عنها بلفظ العلمانية _ دون لفظ (اللادينية) _ رغم أنه لا صراع بين العلم والدين في الإسلام؛ هو أنهم لما حاولوا نقل اللادينية الغربية إلى بلاد المسلمين لم يكونوا في موقف القوة إلى حد التعبير بلفظ (اللادينية)؛ فبعض بلاد المسلمين نجدها تحكم بالشريعة الإسلامية، وعلى هذا تكون الدعوة إلى اللادينية جهاراً نهاراً أمراً صعباً أو متعذراً، وإن كان ربما يعتبر ذلك أمراً مرحلياً، فقد تأتي على البلاد التي تحكم بالإسلام فترة ضعف، بسبب النخر اللاديني أو غيره من أسباب الضعف، وعندها ربما تكون تلك هي فرصة اللادينيين في التصريح باللادينية التي يعتنقونها، ويعبرون عنها بلفظ العلمانية.
كما أن الشعوب الإسلامية التي حكمت بالإسلام منذ قرون طويلة، لن تجد لفظ (اللادينية) لفظاً مقبولاً، وستجد جهود العلمانيين في الإصلاح المزعوم استهجاناً واسعاً ما دام أن الهدف المعلن هو (اللادينية)، فلذلك كله اتخذت تلك اللادينية الغربية من العلمانية شعاراً، وعملت على الظهور بأشكال متعددة قد تكون أشد قبولاً وأقل نفوراً من المسلمين.
ولذلك فقد ظهرت العلمانية في العالم الإسلامي بأشكال تبين مدى التأثر بالواقع الغربي زمن الثورة الفرنسية، وتحمل نفس العُقَد التي نشأت في أذهان الشعوب النصرانية إبان الحكم الإقطاعي والتسلط الكنسي، ومن تلك الأشكال التي تشكلت بها العلمانية في العالم الإسلامي: -(1/344)
افتعال صراع بين العلم والدين على النمط الغربي:-
…يقول بعض الذين يتوهمون الصراع بين العلم والدين من العلمانين المنتسبين إلى الإسلام: "كيف ألتزمُ النظرة العلمية الصارمة، لأساير عصري، وأن أظل مع ذلك تواقاً إلى غيب وراء الشهادة، يتحقق لي فيه الخلود والدوام، لأظل محتفظاً بهذه السمة الغريبة في نظري؟"(1313)، وهو بهذا في حيرة من أمره كيف يجمع بين العلم والدين، متوهماً وجود صراع بينهما، وما ذلك إلا بتأثره بمعطيات الغرب الفكرية القائمة في عصر النهضة الحديثة(1314) _ كما يسمونه _ على العداء المتوارث بين العلم والدين فعقدة الشعوب الأوربية المظلومة من اضطهاد الكنيسة تسللت إلى قلبه وفكره.
منذ بداية وصول العلوم الغربية إلى مصر "حاول محمد علي باشا(1315) في أول الأمر أن يدخل العلوم الحديثة ضمن مناهج الأزهر، إلاّ أنه خشي معارضة الأزهريين، فقام على الفور بإنشاء نظامه التعليمي الحديث، وهكذا انقسم التعليم في مصر إلى نظام ديني ونظام مدني حديث"(1316)، وفي الحقيقة ما كان الأزهر ليعارض التعليم الحديث إذا كان هذا العلم القادم من الغرب نقياً من الشوائب الاعتقادية والأخلاقية، وربما لم تكن لدى الأزهر الآلة التي تمكنه من تمحيص تلك العلوم البحتة من مما قد يشوبها من دنس الحضارة الغربية التي قامت على أساس لا ديني.(1/345)
…ولكن العلم القادم من الغرب كان فعلاً يعج بالنظريات الفاسدة، والأفكار الفلسفية المنحرفة، ولكنه كان يراد له أن يؤخذ على عجره وبجره، فإن تصفيته من الشوائب تلزمنا بالرجوع إلى معايير وأخلاقيات الإسلام، وهو الشيء الذي لم يكن يعجب المنبهرين بالحضارة الغربية اللادينية التي اكتوت بنار الدين المحرف، فقد نشأت في أذهانهم نفس العقدة، فحاولوا افتعال صراع آخر بين العلم والدين، ولكنه هذه المرة بين الدين الصحيح وبين العلم، يقول: (طه حسين): "سبيل النهضة بينة واضحة مستقيمة ليس فيها عوج، ولا التواء، وهي: أن نسير سيرة الأوروبيين ونسلك طريقهم لنكون لهم أنداداً، ولنكون لهم شركاء في الحضارة خيرها وشرها، حلوها ومرها، وما يُحب منها وما يكره، وما يحمد منها وما يعاب"(1317)، ويقول أحد دعاة العلمانية الأتراك: "إنا عزمنا على أن نأخذ كل ما عند الغربيين، حتى الالتهابات التي في رئيهم والنجاسات التي في أمعائهم"(1318)، هنا نلمس افتعالاً للصراع بين العلم والدين، وإلا فما هي الفائدة من أخذ كل ما عند الغربيين من خير أو شر مع الاعتراف بأن منها ما هو شر محض، ولا دليل على هذا الاعتراف أعظم من تسميته بالنجاسات، إن السبب الوحيد لعدم التفريق بين الخير والشر اللَّذين عند الغربيين وأخذهما معاً في إناء واحد وفي لقمة غير سائغة: أن معيار قياس الخير والشر الذي عندهم هو الدين الذي عند المسلمين، وهؤلاء _ العلمانيون _ لا يريدون الحديث عن الدين بل يريدون إقصاءه عن واقع الحياة، فإذا ميزنا ما عند الغربيين على أساس الدين لم يكن لإقصاء الدين معنى، ومن ثم لا يكون للادينية التي يرومونها وجود. ولذلك نلحظ أن مثل هذه العبارات التي تدعو إلى أخذ كل ما عند الغربيين من خير أو شر (بهذا الإطلاق) قلَّت بشكل ملحوظ؛ فلم يعد العلمانيون يحتاجون إليها بعد إدخال معايير أخرى ومقاييس صار المسلمون يقيسون بها الأمور لمعرفة الخير من الشر؛ فقد صارت هناك(1/346)
معايير أخرى كالعادات الاجتماعية والمصالح الوطنية والقومية والعقلانية والفلسفات الاقتصادية كالشيوعية وغيرها، وذلك بعد أن لم تكن لدى جمهور المسلمين معايير غير الدين المنزل من عند الله.
ولكن ما إن جاءت سنة 1961م حتى استطاع دعاة اللادينية أن يدخلوا التعليم المختلط على الأزهر نفسه(1319)، وبذلك تم الانتهاء من الخطوة الأولى في طريق علمنة الأزهر، ومن ثم بقية المؤسسات التعليمية الأخرى.
وهكذا صيغت قوانين تطويع الأزهر باسم تطويره(1320) تباعاً من عام 1936م إلى عام 1976م، وكان من نتيجة هذا التطوير "إلغاء (تخصص القضاء الشرعي) من كلية الشريعة، حتى تموت المحاكم الشرعية موتاً أبدياً في المستقبل لا حياة بعده"(1321).
وكان من نتيجته أيضاً "إدخال القانون الوضعي في صلب البرامج الدراسية لكلية الشريعة بجامعة الأزهر، وتسميتها: (كلية الشريعة والقانون) وكان يقصد بهذا العمل: تقريب الشقة بين الشريعة والقانون، وحل عقدة الرفض في الرؤوس والنفوس التي يخشى دائماً أن تنبعث منها قيادة فكرية جادة لحركة تحكيم الشريعة الإسلامية وإعادتها إلى التفرد بالهيمنة على شؤون الحياة"(1322).
والواقع أن هذا العمل لم يكن نتيجة قناعات بحثية وعلمية منصفة بقدر ما كان وهماً من أوهام الانبهار بالحضارة الغربية، ومظهراً من مظاهر التشبه بالكفار في مجال الفكر(1323).
"ومن هؤلاء أيضاً: سلامة موسى، ففي كتابه: (اليوم والغد) يدعو إلى حمل مصر على الحضارة الغربية وطبعها بها، وقطع صلتها بماضيها الإسلامي، وإقامة الحكم والوطنية على أساس مدني، لا دخل فيه للدين، وتطوير اللغة العامية على حساب اللغة الفصحى"(1324).
"وقد كان من أهداف أعداء الإسلام ما أوصى به مؤتمر القاهرة التنصيري المنعقد سنة 1906م من وجوب إنشاء جامعة علمانية على نمط الجامعة الفرنسية 1325 لمناهضة الأزهر والذي قالوا أنه ((يتهدد كنيسة المسيح بالخطر)) !.(1/347)
وقد قام الأذيال بتنفيذ المهمة إذ أنه بعد انتهاء المؤتمر بسنتين تقريباً أسس سعد زغلول وأحمد لطفي السيد وزملاؤهم الجامعة المصرية، وكان النص الأول من شروط إنشائها هو: ألا تختص بجنس أو دين بل تكون لجميع سكان مصر على اختلاف جنسياتهم وأديانهم فتكون واسطة للألفة بينهم))"(1326).
…وقبل ذلك في تركيا قام مصطفى كمال بتنفيذ خطة شاملة للثورة على الثقافة الإسلامية، فقام بإلغاء التعليم الديني عام 1350هـ 1931م، ثم وضع أنماطاً جديدة من التعليم تقوم على مناهج غربية بحتة(1327).
وفي الهند تزعم السيد أحمد خان(1328) الحركة العلمية الهادفة إلى تحويل التعليم الإسلامي إلى تعليم غربي(1329)، فبنى لهذا الغرض وبمساعدة الإنجليز مدرسة في (عليكرة) سماها في البداية: (مدرسة المحمديين) لتكون فخاً يصيدون به أبناء المسلمين لتربيتهم على الأفكار الغربية(1330).
وتم إدخال ما لا علاقة له بالعلم التجريبي إلى بعض الكليات والمعاهد في العالم الإسلامي كالرقص، والغناء، والموسيقى، والتمثيل، والنحت، تحت اسم (الفنون الجميلة)(1331)، وهي الأمور التي كان يمكن أن نخرجها من بين العلوم الغربية المفيدة لو طبقنا طريقة التمييز بين الخير والشر القادم من الغرب بمقياس الشرع حيالها.
يقول قاسم أمين: "لعل أكبر الأسباب في انحطاط الأمة المصرية تأخرها في الفنون الجميلة: التمثيل، والتصوير، والموسيقى... هذه الفنون ترمي جميعاً على اختلاف موضوعها إلى غاية واحدة هي تربية النفس على حب الكمال والجمال، فإهمالها هو نقص في تهذيب الحواس والشعور"(1332).(1/348)
…وفي إعجاب كبير بما توصل إليه الغرب بثورتهم على الأصولية (الدين)، وأذكر هذا الكلام بطوله لأنه يكفي في التعبير عن الإعجاب بالعلمانية، وماذا تعني العلمانية التي يعتنقها بعض من ينتمي إلى الإسلام في عصرنا، ومدى علاقتها بالعلمانية الغربية، وأنها صورة طبق الأصل منها، لقد قام الكاتب بشرح ذلك كله بإبداع فائق، كما أنه أعطانا صورة عن موقفه المتشبع بعشق العلمانية التي يسميها هو: (تنويرية)، ولكنها الظلام بحق، والله المستعان، يقول الكاتب هاشم صالح1333: "في وقت تسيطر فيه مشكلة الأصولية والأصوليين على العالم كله لا أجد لي عزاء إلا أن أغطس في الزمن وأعود إلى الوراء لكي أرى كيف حلت أوروبا مشكلتها مع أصوليتها. إن مشكلة الأصولية هي مشكلة المشاكل، أم المشاكل. ولن يستطيع المثقفون العرب أو المسلمون تشخيصها وعلاجها إلا بعد مرور زمن طويل. إنها سوف تستغرق خيرة جهودنا طيلة هذا القرن أو حتى منتصفه على الأقل. إنها من الضخامة والاتساع بحيث تتجاوز مقدرة جيل واحد، وإنما يلزمها مرور عدة أجيال من أجل الإجهاز عليها أو التخلص منها. ولكن هذا لا يبرر لجيلنا أن يقف مكتوف الأيدي أمام ما يحصل. فالمشكلة لن تنحل من تلقاء ذاتها، وإنما ينبغي أن يضطلع بها المفكرون من كافة الاختصاصات والمشارب. وإذا ما نظرنا إلى التجربة الأوروبية في التنوير(1334) وجدنا أنها كانت صعبة ومريرة. فالمعركة استغرقت ثلاثة قرون متتالية، كل فلاسفة أوروبا جيشوا طاقاتهم. إن كل مثقف عربي لا يعتبر مشكلة الأصولية بمثابة المشكلة الأساسية لعصرنا ليس مثقفاً ولا يستحق هذه التسمية بأي حال. فالمثقف هو ذلك الشخص الذي يشعر بأنه مهموم بقضايا شعبه وأمته. فبدلاً من القراءة المنغلقة، بل والإرهابية التي يقدمها المتزمتون عن تراثنا الإسلامي، كان ينبغي أن نولد قراءة جديدة لنفس التراث كما فعل فلاسفة التنوير الأوروبي مع تراثهم المسيحي. فلو أن هؤلاء الفلاسفة قالوا(1/349)
بينهم وبين أنفسهم: أن معظم شعبنا أصولي أو يتبع الأصوليين في تفسيرهم للدين، وبالتالي فينبغي علينا أن نلتحق بالشعب ونستسلم للمقادير.. لو قالوا ذلك لما حصل أي تطور في أوروبا. كانت أوروبا ستظل جاهلة، متخلفة، تتخبط في حروبها الأهلية والمذهبية حتى هذه اللحظة. فالوفاء للشعب يعني إنقاذ الشعب من تصوراته الخاطئة، والآن أطرحُ هذا السؤال: هل يستطيع مثقف عربي واحد أن يقول: إن العصر الذي نعيشه هو عصر مستنير؟ أقصد العصر العربي أو الإسلامي بالطبع وليس العصر الأوروبي، لأننا نعاصر الأوروبيين زمنياً لا فكرياً ولا عقلياً، من يجرؤ على ادعاء ذلك؟ لا، إنه عصر الأصولية الظافرة، عصر الضجيج والعجيج، عصر طالبان وبقية الجحافل الزاحفة على التاريخ. أكثر ما نستطيع قوله هو أننا نحضر لعصر تنويري عربي ـ إسلامي مقبل. ذلك أن الموجة الحالية سوف تنكسر أو تنحسر عما قريب. وبانحسارها سوف يبزغ نور جديد يكاد يخطف الأبصار،(1335) نور انتظرناه طويلاً: أي منذ عدة قرون!. ولكي نقدم مثالاً تطبيقياً على صحة هذا القول يكفي أن ننظر إلى القرن الذي سبق مباشرة عصر التنوير في أوروبا: أي القرن السابع عشر. فقد كان عصراً لاهوتياً خطيراً.. إنه العصر الذي شهد سيطرة التيار المضاد للإصلاح الديني، العصر الذي حاكم (غاليليو)، وأجبر (ديكارت) على الهرب من فرنسا، وأرعب (سبينوزا).. إنه عصر الحروب المذهبية والأهلية التي اجتاحت أوروبا. إنه عصر الإرهاب اللاهوتي الذي لا يقل جبروتاً عن إرهاب طالبان أو بقية الأصوليين الحاليين. ومع ذلك، فبعده بعشرين سنة فقط، دارت رحى المعركة بين التنويريين والظلاميين وكانت النتيجة لصالح التنوير: أي لصالح توليد تفسير جديد للدين. وهو تفسير تحريري، لا قمعي ولا ظلامي. هنا يكمن طريق الخلاص: بلورة فهم آخر للتراث الديني غير الفهم السائد والمسيطر منذ مئات السنين والذي يحاول الأصوليون إقناعنا بأنه هو وحده الممكن.. هكذا(1/350)
انتصرت أوروبا على نفسها، وحلت عقدتها التاريخية المزمنة المتمثلة بذلك الصدام المروع ما بين العقل اللاهوتي والعقل العلمي أو الفلسفي، كنت قد نبهت أكثر من مرة إلى خطورة لاهوت القرون الوسطى أو فقه القرون الوسطى، هذا اللاهوت الذي يسمح لأي جاهل بان يطلق فتاوى التكفير والتحريم والقتل والذبح..وقلت إن تفكيكه يمثل ضرورة ملحة وعاجلة بالنسبة لكل المجتمعات العربية والإسلامية.ولا يمكن لهذه المجتمعات أن تتقدم إلا إذا فككته لأنه يعرقل حركتها ويشعرها في كل خطوة تخطوها بالخطيئة والذنب(1336). كما أنه أصبح يشعرنا بالعار والخجل والحرج أمام لآخرين"(1337)، فهو يشبِّه الأصولية التي عاشتها أوربا في زمن ما قبل الثورة الفرنسية بالعودة الإسلامية والصحوة في العصر الحديث، ثم يعطينا الحل لمشكلة الأصولية (الصحوة الدينية) التي نعيشها، وذلك الحل المقترح هو أن نسلك نفس الطريق التي سلكتها أوربا في التخلص من التسلط الكنسي الذي عانت منه الأمرين، ثم يثني على جهود المفكرين الذين ساهموا في ذلك من مثل تلك الأسماء التي ذكرها في مقاله، وهم الذين جاءوا (بالتنوير)، ثم يحث كل مثقف عربي على سلوك تلك الطريق، فينبغي _ في نظره _ على كل مثقف عربي أن يسعى إلى قراءة التراث الإسلامي قراءة تحررية يفصل فيها بين الدين والدولة كما فعل التنويريون الأوروبيون مع تراثهم المسيحي، ونسي أن النور الحقيقي هو الذي جاء به هذا الدين، قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ)(1338)، وهذا خطاب لأهل الكتاب الذين منهم هؤلاء الذين زعم من التنويريين، وكان الأجدر بهم أنهم لما رأوا أن الدين الذي عندهم لا يقربهم إلى النور بل يبعدهم أن يتوجهوا إلى دين الله الحق الذي هو النور الحقيقي، ولكنهم أبوا(1/351)
إلا الابتعاد عن ظلام الخرافة الذي في ثناياه بصيص من نور الوحي إلى الظلام الدامس الذي لا نور فيه، قال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ)(1339)، وقال: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسيةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(1340).
وأما الذين يحاولون أن يقضوا على التدين والصحوة التي انبعثت في أعماق المسلمين اليوم فلا ينطبق عليه سوى قوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)(1341)، فالعودة إلى هذا الدين هي النور الحقيقي، وأهلها هم أهل التنوير الحقيقيين، فالواجب هو أن نعود لنطبق الإسلام الحقيقي لا على طريقة كانت(1342) وديوي(1343) وهيجل(1344) ونيتشه(1345)، بل على فهم الرسول ( وعلى فهم السلف الصالح، لا أن نتنكر لديننا كما فعل الأوربيون بكهنوتهم لما عانوا من الكنيسة الأمرين.
ومن أشكال ظهور العلمانية في العالم الإسلامي والتي تبين مدى التأثر بالواقع الغربي زمن الثورة الفرنسية، وتحمل نفس العُقَد التي نشأت في أذهان الشعوب النصرانية إبان الحكم الإقطاعي والتسلط الكنسي: -
التظاهر بالكبت ومن ثم نشدان الحرية:
لقد مرت أوروبا بأيام يملؤها البوس والشقاء والحرمان، في ظل حكم الإقطاعيين والكنيسة، ولذلك لما ثارت أوروبا، كانت تضع نصب عينيها مبدأ الحرية الذي حرمت منه عدة قرون، ولكن ما هو عسى أن يَنشده أدعياء العلمانية في العالم الإسلامي، إن الكبت الذي عانت منه أوروبا لم يمر عشر معشاره على المسلمين، وإن مر على العالم الإسلامي نوع من أنواع الظلم فهو على نطاق ضيق، ثم لا علاقة له بالدين.(1/352)
ربما كان يقع الظلم على بعض الأفراد من تسلط بعض الحكام ولكنه لا علاقة له بتنظير أو تقنين، لا من الشريعة ذاتها ولا من الحكام، فالشريعة الإسلامية لا تكتفي بالأمر بالعدل وتحريم الظلم(1346) فحسب، بل تقدم نماذج واقعية من التاريخ الإسلامي رجع فيها الحق إلى أصحابه حتى لو كان الظالم أميراً أو وزيرا ً، فتطمئن نفس المظلوم إلى أن الظلم الواقع عليه ليس إلا سحابة صيف ستمضي.
فما الذي يسعى إليه العلمانيون في العالم الإسلامي، إنه اللهث وراء الغرب، فإن كان الكبت الذي حصل للغربيين من جراء ممارسات الكنيسة أو الإقطاع داعياً لهم لكي ينشدوا الحرية التي قد حرموا منها، فما هو الداعي لنقل مرض الكبت إلى بلاد المسلمين الذين عاشوا بعيداً عن هذه الأمراض النفسية.
فحين كانت أوروبا تشكوا من القهر الواقع على شعوبها من الإقطاع الظالم كانت حياة المسلمين في ظل حكم الدولة الإسلامية، هي حياة نعيم وبسط من العيش، حتى كان المكلف بأداء الزكاة ليجد العناء في البحث عن من يستحقها.
ولكن العلمانيين مصممون على المحاكاة الممقوتة إلى حد التقليد الأعمى، فصاروا ينعقون بطلب الحرية الزائفة كما نعق أولئك، لا لأنهم فقدوا الحرية في ظل الإسلام، بل لأنهم يريدون محاكاة الغرب في كل صغيرة وكبيرة في عقلية جامدة تأبى ترشيح الخير من الشر، كعقلية: (طه حسين) عندما قال: "سبيل النهضة واضحة بينة مستقيمة ليس فيها عوج، ولا التواء، وهي: أن نسير سيرة الأوروبيين ونسلك طريقهم لنكون لهم أنداداً، ولنكون لهم شركاء في الحضارة، خيرها وشرها، حلوها ومرها، وما يُحب منها وما يكره، وما يحمد منها وما يعاب"(1347)، أو لأنهم يريدون هدم الإسلام ومحاربة شعائره بدعوى الحرية.(1/353)
ففي الوقت الذي أعطى الإسلام الحرية الكاملة للمرأة في ما لا يمس بحرمتها وكرامتها، نجد دعاة العلمانية يتهالكون على الدعوة إلى حرية المرأة، يقول حسين مؤنس: "وقد انهارت المجتمعات الشرقية كلها بسبب ظلمها للمرأة وحرمانها إياها من مكانها وحقها الطبيعيين، وهذه حقيقة لم يتنبه لها معظم من يدرسون تواريخ هذه الدول الشرقية من المشارقة ولكنها معروفة للدارسين من أهل الغرب لأن مجتمعهم ((يقوم على المرأة والرجل مجتمعين، ومن ثم فهم يعرفون أهمية المرأة في المجتمع الإنساني، ويشيرون إلى ذلك ويقررون أنه أساس تقدم مجتمعهم على غيره من المجتمعات، وهذه الحقيقة _ على ما يبدو من بساطتها _ تفرق بين مجتمع ومجتمع وحضارة وحضارة، بل هي الحد الفاصل بين الحضارات التي أينعت وعاشت والحضارات التي ذبلت وماتت)).(1/354)
والحضارة المصرية القديمة من الطراز الذي أعطى المرأة حقها واعترف بها ومنحها حقها كاملاً في البيت وفي ميدان العمل والحياة، بل إن عينك لا تقع على رسم مصري قديم إلا وجدت المرأة فيه إلى جانب الرجل ورأيتها رافعة الرأس تسير معه وتعمل معه... وحضارة مصر مشتركة من هذه الناحية الأساسية مع حضارتنا الراهنة وأنا أقول حضارتنا لأنك سترى أن ما نسميه اليوم بحضارة الغرب إن هو إلا الحضارة المصرية القديمة متطورة في اتجاه مستقيم"(1348)، ففي نظره أن المجتمعات الشرقية (الإسلامية) انهارت !! وكان السبب لانهيارها هو ظلمها للمرأة!! والعلاج لما حصل لهذه المجتمعات هو إما الاقتداء بالحضارة الغربية التي تقوم على سواعد الرجال والنساء معاً _ في حال مختلطة فينتجون للبشرية أدوات التحضر أحياناً، وينتجون الأولاد غير الشرعيين أحياناً أخرى!! _، أو الاقتداء بالحضارة الفرعونية القديمة التي عجَّت بأنواع الخرافات. ولكن من يقول: إن المجتمعات الشرقية (الإسلامية) قد انهارت، إن الضعف الذي عانت منه المجتمعات الإسلامية في العصور المتأخرة لا يمكن أن نعتبره انهياراً بحال من الأحوال، ثم إنه من غير المعقول أن لا نجد لحالة الضعف التي مرت بها الأمة الإسلامية علاجاً سوى التوجه للغرب العلماني، أو للحضارة الفرعونية المبعدة عن نهج الأنبياء والمرسلين منذ فجر التاريخ، وربما كان كثير منهم حطب جهنم، كما قال تعالى عن آل فرعون: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)(1349)، لئن انتهجنا هذا النهج الذي يدعونا إليه، فإنه لهو التنكب للصراط المستقيم وابتغاء سبيل المشركين، وهو التشبه بهم بعينه.(1/355)
وفي مقدمة الدعاة إلى تحرير المرأة في العالم الإسلامي: هدى شعراوي التي ما فتئت تنادي بحقوق المرأة المصرية (المسلمة)، بحجة كبت حريتها، وهي المرأة التي عاشت قروناً متطاولة في ظل الإسلام وتمتعت بكافة الحريات، تقول في حديث لها مع بنات جنسها: "إنه ليسرني حقيقة أن أرى نفسي بينكن في هذه الجمعية المحترمة التي أمكن للمرأة المصرية أن تجيء لتناقش في حقوقها لأول مرة في التاريخ، وأنه لمما يدعوني إلى الاغتباط والفخر اختياري لإظهار تلك الرابطة بين بنات النيل وأخواتهن في أوروبا"1350، إلى أن تقول: "والآن قبل أن أعود أرجو أن تسمحن لي أيتها السيدات على طلبكن بإلحاح إبداء الرغبة في اشتراك المرأة المصرية في واجب ((الاتحاد)) الجليل ولنا عظيم الرجاء في أن نصل بفضل نصائحكن الغالية التي نعتبرها السبيل الهادي والنسج على منوالكن الذي نجد فيه خير كفيل إلى تحقيق آمالنا ورغائبنا، ونضع تحت تصرفكن أنفسنا في خدمة مبادئكن ونشر آرائكن"1351.(1/356)
وأما تحرير المرأة في الشام فإن "أول كتاب يتحدث عنها لم يصدر إلا سنة 1928م، وهو الكتاب الذي ألفته _ أو ألف باسم _ نظيرة زين الدين بعنوان ((السفور والحجاب)) ولعل ما يثير الانتباه أن الذي قرظه هو علي عبد الرزاق صاحب ((الإسلام وأصول الحكم)) وكان مما قال: "إني لأحسب أن مصر قد اجتازت بحمد الله طور البحث النظري في مسألة السفور والحجاب إلى طور العمل والتنفيذ، فلست تجد بين المصريين إلا المخلفين منهم من يتساءل اليوم عن السفور هو من الدين أم لا ومن العقل أم لا، ومن ضروريات الحياة الحديثة أم لا بل نجدهم حتى الكثير من الرجعيين المحجبين منهم يؤمنون بأن السفور دين وعقل وضرورة لا مناص لحياة المدنية عنها...أما إخواننا السوريون فيلوح أن للسفور والحجاب عندهم تاريخٌ غير تاريخه في مصر، فهم لم يتجاوزوا بعد طور البحث النظري الذي بدأه بيننا المرحوم قاسم أمين منذ أكثر من عشرين سنة، ولكنهم على ذلك يسيرون معنا جنباً إلى جنب في الطور الجديد الذي نسير فيه، طور السفور الفعلي الكلي الشامل"(1352).(1/357)
وبدعوى الحرية المفقودة من الغرب، تلك الحرية التي سعد بها المسلمون قبل أن يسمعوا بدعاة العلمانية، أدخلوا ما يسمى بـ (الفن) إلى بلاد المسلمين وهو يحمل شعار الحرية المزعومة، والتي جعلت منه أداة لمسخ الشعوب، يقول الشيخ محمد قطب: "ولكن الجديد الذي أحدثه التطور العلماني هو إعطاء الشرعية لهذا الهبوط الحيواني، وكشفه في النور، وإعطاؤه صفة الفن، ووضع منتجيه في قائمة المشاهير، بل في قائمة العظماء من الفنانين! وينشغل النقد الأدبي والنقد الفني بتتبع أثارهم وكشف جوانب العظمة الفنية فيهم.. بل يتبجح نقاد فيبحثون لهم عن عظمات نفسية في وسط الماخور الكبير الذي يعيش فيه هؤلاء وهؤلاء من نقاد وفنانين! لقد سقط الإنسان كله إلى السراديب، وقرر المقام هناك، وأضاء الأنوار على قاذوراتها وعرضها على أنها البضاعة الحاضرة! لم تعد سراً يستخفي منه. لم تعد قذارة تستنكر.. لم تعد شيئاً يتقزز منه الناس"(1353).
إن حقوق الإنسان التي ضاعت في الغرب منذ تسلط الكنيسة في العصور الوسطى هي التي ضاعت وكانت تحتاج إلى إنشاء منظمة لحقوق الإنسان، أما المسلمون فلا يحتاجون لمثل هذه المنظمة، فالنظام الإسلامي قائم على الشورى (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)(1354)، وقائم على التناصح فيما بينهم ولولاة أمورهم، ولو كانوا يحتاجون إلى إقامة منظمة لذلك الغرض فلا داعي لمعرفة ما هي الحقوق التي يحتاجها المسلمون من الغرب النصراني الكافر، والذي لا تحمل الحرية التي يطالب بها أي معايير أخلاقية، إلا إذا كنا نريد أن نزيح الدين الذي يقدم لنا المعايير الصحيحة، نعم إنها غاية العلمانين (اللادينين)، ولذلك ينعقون وراء منظمة حقوق الإنسان ويتلقفون كل ما تنادي به في الغرب وينقلونه إلى الشرق.(1/358)
ومن أحدث ما تنادي به هذه المنظمة، ومن ورائها أدعياء العلمانية من أبناء جلدتنا اعتراضهم على قلة الانفتاح الموجود لدى دول الخليج على شبكة الإنترنت، فإن تلك المواقع الإباحية التي امتلأت بها شبكة الإنترنت لا تلقى رواجاً في هذه الدول، وهذا يعني لدى منظمة حقوق الإنسان هو الكبت وضياع حقوق الفرد في المتعة التي أتيحت له.
يقول د. مشعل القدهي: "فنجد جمعية مراقبة حقوق الإنسان (Human Rights Watch) مثلاً تذم وتنكر بشدة أي محاولات لدول الخليج العربي لحجب الإنترنت ويدعوننا إلى (الانفتاح والحرية)"(1355).
ولسنا نرد على تلك المنظمة التي ليس لديها مقاييس ولا ضوابط أخلاقية سوى ما تمليه عليهم أهواؤهم. كما أن الحديث عن ضرر تلك المشاهد على الفرد والمجتمع لا يخفى على كل ذي لب.
ولكننا نتعجب من فهم _ أبناء جلدتنا الذي يتكلمون بألسنتنا ويدينون بديننا من _ العلمانيين لمعنى الحرية، فإن كانوا يريدون أن يفهموا معناها فليأخذوها من كتاب ربهم وسنة رسوله (، لا أن يفهموا معنى الحرية الحقة من أناس أعمى أجدادهم الكبت وصنوف الظلم والاضطهاد، حتى صاروا لا يرومون سوى التحرر، ولم يستطيعوا أن يرجعوا إلى دينهم المحرف _ الذي هربوا من سياط قساوسته ورهبانه _ ليستقوا منه مفاهيم الصواب والخطأ؛ فهو ذات المشكلة التي هربوا منها.
المبحث الثالث:
مظاهر تأثر المسلمين بالشيوعية في الجانب العملي:-
سبق تعريف الشيوعية في الفصل الأول من هذا الباب وأنها: مذهب فكري يقوم على الإلحاد وأن المادة هي أساس كل شيء، ويفسر التاريخ بصراع الطبقات وبالعامل الاقتصادي(1356).
…وكان الحديث في الفصل الأول يختص بجانب الإلحاد الذي تدعو إليه الشيوعية، وكيف قامت الشيوعية بمحاولة نشره كمبدأ أول لفكرة الشيوعية.(1/359)
وقبل أن نخوض في الجوانب الأخرى التي حاولت الشيوعية نشرها بين الشعوب _ وما يخصنا هنا هو من اقتنع بها في العالم الإسلامي _ لا بد من الوقوف على المعالم الأساسية للشيوعية ليتضح المذهب، ومن ثم نكون قد عرفنا تطبيقاته التي أخذت عنه.
…وفي الأصل الشيوعية سارت على خطين عريضين وفلسفتين أساسيتين بهما فهم الشيوعيون الحياة والفكرة التي قامت عليها الحياة البشرية، وهما: -
1. أن المادة هي أساس كل شيء وأن الدوافع وطرق الحياة ونتائج الأمور يجب أن تفهم على هذا الأساس المادي، إن الاشتراكية المنبثقة عن الشيوعية الماركسية ما هي إلا نتيجة من نتائج الفكر المادي المجرد الذي يحاول التخلص من المؤثرات الخارجية عن نظام الحس، يقول الباحث أنور الجندي: "تلتقي الماركسية مع الفكر الغربي في نظرية التفسير المادي للتاريخ، التي ليست من إنشاء الشيوعيين وإنما يُرد أصلها إلى هيجل، ولا ينفرد الشيوعيون باعتناقها، بل يشاركهم فيها الماديون والدهريون والوجوديون"(1357)، وهكذا لما انتهج ماركس هذا النهج المادي في تفسير التاريخ، ولم يجعل في اعتباره أي أمر من الأمور الغيبية أو (الميتافيزيقية): توصل إلى هذا المنهج الاقتصادي والسياسي ؛ إذن فالاشتراكية منشؤها الفكر المادي الملحد، الذي بنى عليه ماركس نظرته المادية للتاريخ الذي يتطور بناءً على متطلبات المادة وتطورها، لتكون الشيوعية هي الفكرة المناسبة لهذه الفترة التاريخية في نظره.(1/360)
2. ما دامت أن المادة هي الأساس فالمادة متطورة وغير ثابتة على حال معين(1358)، والحياة يجب أن تكون على هذا الأساس، فلا ينبغي أن تكون الأخلاق والقيم على ثبات بل هي تابعة للمادة المتطورة، يقول ستالين: "والمادية التاريخية _ خلافاً للعلوم الأخرى _ لا تدرس فقط هذه القوانين الخاصة أو تلك من قوانين تطور أشكال معينة لحركة المادة، وإنما هي تدرس القوانين العامة الشاملة للحركة المادية، والمجتمع هو أيضاً شكل لحركة المادة"(1359).
فالعادات والأخلاق الاجتماعية ومعها القوانين الاقتصادية المنبثقة عن الدين ما هي إلا تطور للمادة التي حكمت الناس بهذه الطقوس الدينية اقتصادية كانت أو اجتماعية، يقول (إنجلز): "إن الدين يولد من نظريات الإنسان المحدودة، وهذه النظريات محدودة بعجز الناس البدائيين المطلق تقريباً أمام الطبيعة المعادية، وهي محدودة من ناحية ثانية بتعلقهم الأعمى بالمجتمع الذي لا يفهمونه، والذي كان يبدو لهم أنه تعبير عن إدارة سامية. وهكذا كانت الآلهة - وهو الكائنات المهمة الجبارة المسيطرة على الطبيعة والمجتمع، وكان على تقدم العلوم الطبيعية والاجتماعية أن يظهر طابع المعتقدات الوهمي: الاعتقاد بوجود آلهة متعددة، ثم الاعتقاد بوجود إله واحد"(1360).(1/361)
وكل العادات الاجتماعية والأخلاق المرعية عند المجتمعات البشرية يعتبرها الشيوعيون مبنية على المادة؛ فالاقتصاد هو المحرك لكل تلك الموروثات الأخلاقية، يقول إنجلز: "وهكذا فإننا نرفض كل محاولة لإلزامنا بأية عقيدة أخلاقية مهما كانت على اعتبارها شريعة أخلاقية أبدية، نهائية، وثابتة أبدا، بحجة أن للعالم الأخلاقي أيضا مبادئه الدائمة التي تنهض فوق التاريخ وفوق الفوارق بين الأمم.. إننا على النقيض من ذلك بأن سائر النظريات الأخلاقية قد كانت حتى هذا التاريخ، في آخر تحليل، نتاجاً لأوضاع المجتمع الاقتصادية السائدة في زمنها"1361، هنا نشتم رائحة عقدة الدين لدى الغربيين والتي نشأت عن الظلم الواقع من الكنيسة اللاهوتية والإقطاع، فالإقطاع ما هو إلا نموذج للحياة الاقتصادية التي كان الدين سائداً بحكمها، لكنها كانت تتسم بالظلم للشعوب الفقيرة، مما أنتج الفكر المادي الكافر بالأديان وظهرت المادية الأولى _ في العصر الحديث _ والتي عبروا عنها باللادينية (العلمانية) ثم تمخضت عنها الاشتراكية(1362) التي أبعدت في التطرف لسحق هذا الظلم الواقع على الشعوب الأوروبية والذي تمثل في الإقطاع في العصور الوسطى، وأخذ شكل الرأسمالية العلمانية في العصر الحديث.
وهكذا فالمبادئ الأخلاقية التي سار عليها الناس ديناً وعرفاً منذ فجر البشرية لا تعترف بها الشيوعية، جاء في كتاب المادية التاريخية "إن الماركسية تنتقد دون ما تحفظ محاولات علماء الاجتماع البرجوازيين(1363)، والبرجوازيين الصغار، لجعل الاشتراكية قائمة على أساس أخلاقي"1364.(1/362)
يقول (إنجلز)، مبيناً موقف الشيوعية من مشروعية المحرمات من النساء على الرجال بوصفها الأساس الفكري الذي يخلق الغَيْرة: "ولئن كان ثمة أمر أكيد فهو أن الغيرة عاطفة نشأت في عهد متأخر نسبياً، وهذا يصدق على مفهوم (المحرم) لأن الأخ والأخت لم يكونا وحدهما يعيشان في الأصل كما يعيش الزوج والزوجة، بل إن العلاقات الجنسية بين الآباء والأولاد مسموح بها أيضاً لدى شعوب عديدة حتى اليوم وقبل اختراع المحارم _ لأن المحارم اختراع حقاً، بل اختراع ثمين جداً _ لم يكن الوصال الجنسي بين الآباء والأبناء ليثير من الاشمئزاز أكثر مما يثيره الوصال بين أشخاص من أجيال مختلفة - كذلك الذي يحدث فعلاً اليوم حتى في أكثر البلاد تظاهراً بالتزمت - دون أن يثير النفرة الشديدة"1365.(1/363)
وتبعاً لتطورات المادة تتطور الأسرة بأشكالها المتعددة، جاء في كتاب: (المرأة والاشتراكية): "لا تشكل الأسرة كياناً اجتماعياً خالداً، ولقد طرأت عليها تبدلات عديدة عبر القرون، وهذا التطور يتحدد في التحليل الأخير بالعامل الاقتصادي"1366، ولذلك فهم يتصورون أن نظام الأسرة السائد اليوم والمكون من أب وهو رب الأسرة وأم وهي شريكة هذا الأب في بعض المهام وبعض المسؤوليات، وأطفال ينشؤون في كنف الأسرة، هذا المفهوم للأسرة يعتبرونه ناشئاً لحلقات درج فيها النظام الأسري وتطور، ويسلكون في شرحها نفس الطريقة التي سلكوها في قضية تطور الكائنات والتي استمدها الشيوعيون من نظرية: (النشوء والارتقاء)(1367)، وعلى النحو نفسه يتخيلون تطوراً للأسرة من أسرة الجيل إلى أسرة الشركاء إلى الأسرة الزوجية إلى الأسرة الوحدانية(1368)، ويشرحون ذلك: بأن الأسرة كانت في البداية على أساس التزاوج المباح بين أبناء الجيل الواحد على سبيل التبادل1369، ثم انتقلت إلى نظام العشائر الذي يشترك فيه الناس في قضية التناسل على حد سواء في حدود العشيرة1370، ويقصدون بنظام الأسرة الزوجية هو: ما كان الزواج فيها بناء على إعطاء الرجل أكثر الامتيازات، وأما الأبناء فهم من حق المرأة1371، والأسرة الوحدانية هي التي أعطت الحق في الأولاد للرجل فقط فلا ينسبون إلا إليه، وليس لأحد أن يفصل رابط الزوجية سوى الرجل وحده، فيكون التسلط التام بيده(1372).(1/364)
وأما التطور الذي تريد أن تحدثه الشيوعية على ضوء النظرة المادية التي أحدثت كل فترات التاريخ الأسري فهو نظام شيوعية الجنس والنسل، حتى تلغى كل أنواع الملكية الفردية، حتى ملكية الأولاد التي تختفي وراءها غريزة حب التملك خوفاً عليهم أثناء الحياة من الفقر والحاجة، كما أنها خلفية التوريث لهم؛ إشفاقاً عليهم من نوائب الدهر بعد موت الوالدين(1373)، يقول إنجلز: "إن العلاقات بين الجنسين ستصبح مسألة خاصة لا تعني إلا الأشخاص المعنيين والمجتمع لن يتدخل فيها، هذا سيكون ممكنا بفضل إلغاء الملكية الخاصة، وبفضل تربية الأولاد على نفقة المجتمع، وبنتيجة ذلك يكون أساسا الزواج الراهنان قد ألغيا، فالمرأة لن تعود تابعة لزوجها ولا الأولاد لأهلهم، هذه التبعية التي ما تزال موجودة بفضل الملكية الخاصة"1374.
والافتقار إلى المادة هو الذي يؤسس الدين ومن أجله اخترع الناس التدين، يقول إنجلز: "ومادام المجتمع قد تطور حتى الوقت الحاضر ضمن التضادات الطبقية، فإن الأخلاق كانت على الدوام أخلاقاً طبقية، فهي إما أن تبرر سلطة الطبقة الحاكمة ومصالحها، وإما أن تمثل - حالما تحوز الطبقة المضطهدة ما يكفي من القوة - التمرد على تلك العقيدة، ومصالح المضطهدين المقبلة في الوقت نفسه"(1375).(1/365)
وحتى الاقتصاد لدى المجتمعات لم تتكون نظرياته إلا تبعاً لمجريات المادة عبر التاريخ، فما كان الأصلح للمجتمعات البدائية (وهي ما يعبرون عنه بالمشاعية البدائية) هو الذي تم إقراره في تلك الأزمنة من التاريخ، وحين تتغير تلك المجتمعات فتصبح مجتمعات مدنية متحضرة تتغير معها النظرة الاقتصادية لتصير أكثر تحضراً وتعقيداً، فالثبات منعدم في كل ذلك، يقول أحد الشارحين للمذهب الشيوعي: "لقد ولدت علاقات الإنتاج الجماعية في النظام المشاعي البدائي عادات وتقاليد جماعية وأخلاقاً جماعية عند الناس البدائيين، وعندما واجه الناس في مجرى تطور القوى المنتجة علاقات أصبح فيها التمتع الشخصي ببعض الأشياء أكثر سهولة لعملية الإنتاج، تغيرت أراء الناس أيضاً، أصبحت الملكية الشخصية لبعض الأشياء .. وهي الملكية التي كانت تعتبر في المراحل السابقة لا أخلاقية، أو غير طبيعية وغير معتادة على أقل تقدير، أمراً لا ضير فيه، ولا يتعارض مع المصلحة العامة"1376.
وبناءً على ما سبق فإن الأسس الفكرية العلنية التي تستقي منها الشيوعية آراءها وتطبيقاتها تتلخص في نظرتها المادية البحتة للكون والحياة والتاريخ والدوافع الإنسانية، وكل ذلك استقاءً من بعض المصادر التي غذت روح النظرة المادية التي قامت عليها الشيوعية: وتلك المصادر التي غذت هذا المذهب: هي بعض النظريات وفي مقدمتها: نظرية التطور الداروينية، وجدلية هيجل المادية والتاريخية. ومن هذه المنطلقات المادية البحتة التي لا تعترف بما وراء الحاسة تبلور المذهب الماركسي بعقائده وسياسته ونظامه الاقتصادي.(1/366)
ولذلك كان من الجدير بالأوفياء للمذهب الشيوعي في البلاد الإسلامية أن لا يُظهروا التنكر للدين كاملاً، وأن يتبنوا موقفاً فيه نوع من الحياد بالنسبة للدين والتدين عموماً حتى لا تنكشف اللعبة ويتضح ما فيها من زيف؛ فالمادية التي تنكر كل ما وراء المشاهد المحسوس لا تجد قبولاً لدى أبناء المجتمع الإسلامي حتى الذين ابتعدوا عن الدين قليلاً، يقول باحث يساري(1377): "إن التدين من العناصر الأصيلة في تكويننا الحضاري، والتدين أحد الأسلحة الخطيرة في أيدي اليمين؛ ولهذا كان المنتمي إلى اليسار في موقف رد الفعل من الدين والمتدين معاً بصفة عامة، إنه يجد نفسه وجهاً لوجه أمام نقطة شائكة، وهي: أن أدوات التغيير ليست صناعة محلية، إنه في مأزق لم يعرفه الثوري في الغرب، وهو مأزق نفسي مرير، فبينما يتسلح الأوروبي بالماركسية ـ وهي صناعة أوروبية ـ في وجه الدين المسيحي ـ وهو بضاعة مستوردة ـ يفاجأ الثوري في الشرق بأنه يقف في الطرف المقابل، يستورد الفكر ونظريات التغيير من أوروبا، ليواجه حضارة متدينة من آلاف السنين؛ لهذا: يكون موقف المنتمي إلى اليسار في بلادنا هو رد فعل لجوهر هذه الحضارة، وردود الفعل تتسم بالتضخم والانفعال والمبالغة، ومن ثم: يصبح الموقف من الدين هو نقطة البدء عند اليساري العربي، وليس كذلك موقف اليميني من الدين؛ لأنه يرى فيه منذ البداية مسنداً مريحاً للكسل العقلي، وعاملاً خطيراً في توطيد مصالحه الاجتماعية، فأغلبية الجماهير الشعبية متدينة وجاهلة، وبالتالي: يمكن الاعتماد عليها من هذه الزاوية، خاصة إذا كانت هي الهدف في الاستغلال الاجتماعي"(1378)، يقول الكاتب عبد اللطيف بو عبد الولي معلقاً على هذا المقال: "كان يتمنى الكاتب لو لم توجد هذه العقبة في وجه اليساري العربي، حتى يجد الطريق ممهداً لبسط مقولاته، كما فعل رفيقه في الغرب، ولكن ما دام الواقع غير ما يتمنى فعليه أن يكيِّف مقولاته مع هذا الواقع، وذلك(1/367)
حتى يوجه مؤسسة الدين لخدمة توجهه، وانتزاعها من قبضة اليمين (فإن الدين كان وما يزال مؤسسة قوية من مؤسسات اليمين)! يتخذه تُكأة لتزكية الأوضاع القائمة والمحافظة عليها. وجب إذن تفسير النصوص الدينية تفسيراً ثوريّاً تقدميّاً، بدل التفسير الرجعي المتخلف الذي يعكس الاختيارات اليمينية المحافظة"(1379).
ولذلك فإن التأثر بهذا المذهب في العالم الإسلامي والذي يظهر من خلال تبني بعض الأفكار الشيوعية، والتغني بالنظريات الاقتصادية الماركسية، إذا غضضنا الطرف عن كون هذه النظريات مأخوذة من معين غير المعين الإسلامي الصافي، فإنه لا يمكننا أن نتصور هذه الأفكار _ اقتصادية كانت أو اجتماعية _ بعيداً عن الفلسفة المادية البحتة التي قامت عليها، والتي تنكر الشرائع وتنكر كل ما وراء المشاهد المحسوس، إن نظرية تبنى على هذا القدر من المادية ليس من شأنها أن تغير أنماط الحياة الإسلامية إلى أنماط أخرى فحسب، بل من شأنها أن تهدم الدعائم الأساسية للعقيدة الإسلامية.
وأعرض هنا لبعض النماذج من التأثر بالنظرية الشيوعية من الناحية العملية في مجتمعات المسلمين:-(1/368)
لقد اندفع المفتونون من أبناء المسلمين لتطبيق النظم الاشتراكية، معتذرين بأن نظام الإسلام الاقتصادي لا توجد دولة تطبقه حقاً1380، أو بغير ذلك من الأعذار الواهية، وكان من أبرز مظاهر التأثر بهذا المذهب الماركسي ما حصل من بعض أبناء الأمة الإسلامية الذين اقتنعوا بهذا المذهب كواجهة اقتصادية براقة تحمي الشعوب من تسلط الطبقات الحاكمة في زعمهم، فما إن تأسس الحزب الشيوعي اللبناني عام: (1924م) _ على يد مجموعة من الشباب اللبنانيين، بإشراف اليهودي: (جوزيف بيرجر)(1381)، بعد اقتناعهم بالأفكار الشيوعية كالإخاء البشري، والتحرر من القومية والدين، والفردوس الأوحد الذي يُدْعى: الاتحاد السوفياتي(1382) _ وتأسس الحزب الشيوعي الفلسطيني في عام (1919م)، حتى رأى العالم بعض أبناء المسلمين المنخدعين بشعارات تلك الأحزاب ينخرطون في العمل فيها، مشكلين بذلك أعظم تأثر بالفلسفة الماركسية المادية التي لا تؤمن بما وراء المادة، وهم بذلك لا يشكلون خطراً على واقع الأمة وتميزها فحسب، بل يتركون صدعاً في عقيدة كل من يدعو إلى هذه الأفكار المادية البحتة.
"وبدأت الاشتراكية في البلاد الإسلامية على شكل (موضة) بواسطة بعض الكتاب النصارى، وبعد ظروف إنهاء الدولة العثمانية وفدت الشيوعية إلى مصر يحملها يهود (سنة 1339هـ/ 1921م، وسنة 1346هت/ 1927م). وفي سوريا أسس الحزب الشيوعي يهود (سنة 1343هـ/ 1924م)"1383، وفي المغرب العربي تم إنشاء ما يسمى بـ (حزب التقدم والاشتراكية) ذيلاً للحزب الشيوعي الفرنسي، تحت قيادة (ليون سلطان) في عام 1943م، وهو يهودي مغربي كان يعمل في سلك المحاماة1384.(1/369)
وحاولوا بذلك الجمع بين الإسلام والنظام الاقتصادي الذي جاء به (ماركس)، وجهلوا أو تجاهلوا "أن الماركسية قد بنيت بناءً كلياً على الإلحاد بالله، ومقاومة كل دين يصل الإنسان بإله معبود1385, يقول الشيخ محمد قطب: "ليست الشيوعية مذهباً اقتصادياً بحتاً كما يتبادر إلى ذهن كثير من الناس حين يسمعون لفظة الشيوعية، وإن كان لها ولا شك مذهب اقتصاديي محدد متميز، إنما هي تصور شامل للكون والحياة والإنسان ولقضية الألوهية كذلك، وعن هذا التصور الشامل ينبثق المذهب الاقتصادي. ثم إنها من جهة أخرى مذهب اقتصادي واجتماعي وسياسي وفكري مترابط متشابك لا يمكن فصل بعضه عن بعض. ومن ثم فلا يمكن عزل المذهب الاقتصادي وحده بعيداً عن التصور الشامل الذي ينبثق عنه، أو بعيداً عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية والفكرية المصاحبة له؛ ففي جميع الحالات لا يمكن فصل المذهب الاقتصادي عن الفكرة الإلحادية، وعزله عن التصور الشامل الذي انبثق عنه، ولا عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية والفكرية المصاحبة، كما أنه لا يمكن تركيبه على تصور آخر، ولا على أوضاع سياسية واجتماعية وفكرية مغايرة. وليس هذا خاصاً بالشيوعية إنما هو من طبيعة كل تصور، وكل أوضاع ناشئة عن ذلك التصور"(1386)، فهل يعني تطبيق بعض الحكومات العربية لنظام الاشتراكية أنها آمنت بهذا الفكر من ألفه إلى يائه؟! وإلا كيف يُفهم أن يُطبق نظام كهذا وينادى به في الأحزاب وتكون له الكراسي الانتخابية، هل كل هذه النداءات لهذا الشعار هي على أساس الإيمان بفكرته المادية الأساسية؟ أم لها رصيد آخر من الأسباب المادية _ كذلك _، من تهافت الغوغاء على من يحمل تلك الشعارات، وغير ذلك من الأسباب المادية التي تحقق الكسب الانتخابي، ومن وراء ذلك إيقاع الجماهير الإسلامية في التشبه بأعدائها من حيث لا تفقه أو تفقه.(1/370)
ومما لا يخفى في عالمنا الإسلامي ما خاضه حكام اليمن الجنوبي من محاولات آثمة لتطبيق هذا النظام الاشتراكي، ولكنهم وإن أفلحوا في تطبيق هذا النظام فإنهم لم يستطيعوا المضي في تطبيقه؛ لعجز هذا النظام أصلاً عن إصلاح واقع الأمة(1387).
ولقد قام حزب البعث العراقي على النظام الاشتراكي وإن لم يكن تطبيقه هناك بنفس الدقة بالنسبة لما حصل في اليمن الجنوبي، وتصريحات حزب البعث الاشتراكي، بل وحتى الدستور الذي وضع للبلاد خير شاهد على ذلك.
وإمعاناً في التشبه بالكفار لم يكتف (الحزب الشيوعي السوري اللبناني) بالعمل على تكوين قاعدة اشتراكية في المجتمعات الإسلامية، بل أخذ ينحى نفس النحو الذي اتخذته الأحزاب الشيوعية اليهودية من قبل، فقد استعار أسماء صحفه التي أصدرها من أسماء الصحف التي أصدرتها الحركة الشيوعية اليهودية في فلسطين؛ فاسم (صوت الشعب) وهي الصحيفة السرية للحزب الشيوعي في سورية ولبنان ترجمة حرفية لاسم الجريدة العبرية للحزب الشيوعي اليهودي (كول عاهام)، واسم (النور) وهي الصحيفة العلنية للحزب التي أصدرها في دمشق عام: (1956م) منقول حرفياً عن اسم صحيفة (الحزب الشيوعي الإسرائيلي) التي أصدرها في فلسطين عام: (1934م) وعلى نفس المنوال سار (الحزب الشيوعي العراقي) في الخطة نفسها في تعريب الأسماء اليهودية في الصحف التي أصدرها، إذ حملت صحيفته السرية أيضاً عام: (1959م) اسم (صوت الشعب) أسوة بالصحيفة اليهودية (كول عاهام)، وما كان منها إلا أن وقفت وقفتها الشجاعة بعد ذلك مع العدو الصهيوني لتبرز الوجه الحقيقي لها من العداء للإسلام والمسلمين1388.(1/371)
ومن أكثر الأحزاب تأثراً بالاشتراكية الشيوعية، يقول منيف الرزاز الأمين العام لحزب البعث: "ارتبط الحزب من جهة بهذا التراث العربي ووجد تعبيراته الحديثة في نظرة هيغل الجدلية التاريخية وفي استكمال هذه النظرة في جدلية ماركس المادية"(1389)، وقد لخص منيف الرزاز لحزب البعث مبادئ وعقائد البعث في كتابه: (ألف باء البعث) المجموع ضمن أعماله الفكرية والسياسية _ من ص: (149) إلى ص: (162) _، فكان مما قال: "البعث حركة اشتراكية: الاشتراكية مصير حتمي؛ لأن الروح الثورية التي يخلقها النضال القومي في الجماهير تودي بالجماهير الكادحة وقد تحررت من رواسبها، إلى رفض الاستغلال بكل صوره(1390). والاشتراكية وحدها هي النظام المناقض للاستغلال. الاشتراكية ليست مجرد نظام اقتصادي يتحقق في مستقبل الأيام. إنها قبل ذلك وعي على القوى الفاعلة في المجتمع، ووعي على مكان هذه القوى من المعركة القومية. الإيمان بالاشتراكية إذن ليس إيماناً بالمستقبل، بل هو إيمان اليوم إيمان في قلب المعركة"(1391).
كما أن الناصرية(1392) تنادي بالاشتراكية فمن مبادئها: الحرية والاشتراكية والوحدة للقضاء على مشكلات العالم العربي الأربعة : وهي الاستعمار والتخلف والطبقية والتجزئة بين أقطار العالم العربي . (وهي نفسها أفكار حزب البعث القومي اليساري : الوحدة، الحرية، الاشتراكية)(1393).
ولم تكن الأحزاب الاشتراكية والتي تمثل التيار الشيوعي داخل الصف الإسلامي مقصورة على هذا النوع من التأثر الكلي؛ فهناك أصوات في الانتخابات في بعض الدول الإسلامية تنادي بهذا المبدأ وتعبد الطريق لأدعيائها للوصول إلى السلطة إلى حد قريب، وأما البرلمانات فلم تزل إلى الوقت الحاضر تطرح الأطروحات الاشتراكية كطريقة للإصلاح الاقتصادي(1394).(1/372)
وهذه الأفكار التي اقتنع بها بعض أبناء الأمة الإسلامية ألقت بظلالها بالطبع على التعليم والثقافة في العالم الإسلامي، ففكرة التطور الداروينية التي افتتن بها بعض المنتسبين إلى الإسلام لم تزل إلى عهد قريب تدرس في معاهد المسلمين "على أنها حقيقة علمية(1395) في مواد كثيرة كالأحياء والتاريخ الطبيعي وعلم الأرض... سواء ذُكر داروين أو لم يذكر. ونظرية فرويد المتهافتة نجدها مقررة في أقسام علم النفس في الجامعات قاطبة على أساس أنها نظرية علمية كذلك !. وفي أقسام الاجتماعيات تدرس نظرية دوركاريم، بل يدرس علم الاجتماع بكامله على المنهج الغربي، ونحن نعلم مما سبق أنه _ كعلم النفس _ بني أصلاً على أسس لا دينية. وفي أقسام الكيمياء والفيزياء والفلك والطب... الخ تدرس مناهج محشوة بإيحاءات فلسفية أو وثنية في العبارات المسمومة مثل ((المادة لا تفنى ولا تستحدث)) ومثل ((خلقت الطبيعة كذا))"1396، بل وصار رد بعض الأمور العلمية التي لم تظهر أسبابها المباشرة إلى (ما وراء المادة) يعد نقصاً في البحث العلمي وسفهاً في العصر المادي الحديث1397، وكان السبب في تدريس هذه النظريات المستمدة من الشيوعية أن المسلمين اقتبسوا "العلوم الغربية وهي مصطبغة بصبغتها الإلحادية، وإيحاءاتها الفلسفية، وتفسيراتها المادية، واتجاهاتها الإباحية، معتقدين في ذلك "تلازم الأمرين، وتوهموا أن مظاهر الانحلال والفساد هي من ضرورات التحضر والمدنية في جوانبها الصحيحة"(1398).(1/373)
كما أننا نجد أن هذه الفكرة قد لقيت رواجاً في الصحافة، ففي إحدى الصحف يُنشر مقال عن أحداث الفتنة التي حصلت في زمن عثمان ( في صورة ثورة1399 اقتصادية تشبه الثورة الشيوعية، فيقول كاتب المقال: "وروى أهل مصر ما كان من أمرهم وأمر عثمان لأهل المدينة، فلم يبق أحد من أهل المدينة إلا ضيق على عثمان وطالب بتسليمه مروان، فانضم أهل المدينة إلى وفود الأمصار وشددوا النكير على عثمان" كما قال: "وكتب أهل المدينة إلى عثمان يدعونه إلى التوبة النصوح، ويحتجون ويقسمون عليه بالله أن يعطيهم حق الله فإذا لم يفعل قتلوه" وكتب أيضاً ما يفيد أن الصحابة تحولوا إلى جمع المال وتركوا الجهاد(1400)، يعلق على هذا المقال: الكاتب سالم علي البهنساوي فيقول: "إنه هنا يستخدم الفلسفة المادية في تفسيرها للتاريخ، فيقدم الأحداث في ثوب ثورة من أهل المدينة ضد أمير المؤمنين، والمصادر التاريخية تكذب ذلك، فأصحاب الفتنة لم يكونوا أهل المدينة بل إن الصحابة بها أرادوا حماية عثمان والدفاع عنه فنهاهم عن ذلك وأعلن أن من كان في عنقه بيعة فليغمد سيفه وليلزم بيته. كما أن جهاد الصحابة وهجرتهم إلى الأمصار لم يكن لهدف مادي بل لنشر الإسلام وحماية عقيدته، كما هو معلوم للجميع"1401، والحقيقة أن ما قاله الكاتب في هذا المقام هو إيحاء بالفلسفة المادية التي يؤمن بها الشيوعيون ونص عليها أحد منظري مذهبهم وهو: (إنجلز)، فيقول مفسراً سبب الحروب الدينية التي سادت في العصور الوسطى _ ويقصد به عصر المد الإسلامي _ "إن ما يسمى بالحروب الدينية.. كانت تتضمن مصالح طبقية تماما.. ورغم أن الصراعات الطبقية كانت عندئذ مغلفة بشعارات دينية، ورغم أن مصالح وحاجات ومطالب مختلف الطبقات كانت مختفية خلف شعار ديني، فلم يبدل هذا شيئا من الأمر، ويمكن تفسيره ببساطة من واقع ظروف تلك الأيام "1402.(1/374)
ومما ينبغي التنبيه عليه: أن ما جاءت به الشيوعية من أمر مستحسن _ من حيث ذاته بغض النظر عن نسبته إلى الشيوعية _ فإن الإسلام قد نبه عليه وحض عليه من قبل، فلا يكون كل من عمل عملاً جاءت به الشيوعية - وقد أقره الإسلام من قبل - لا يكون بذلك متشبهاً بأصحاب هذا المذهب. ولكنه من الخطأ الفادح أن ننسب شيئاً من النظم الهدامة _ التي جاءت بها الشيوعية _ إلى الإسلام لإرضاء العامة، وإقناعهم بجدوى الشيوعية وأن لها سنداً من الإسلام، وهذا ما فعله بعض المقتنعين بهذا المذهب الهدام، فهذا الأستاذ عبد الرحمن الشرقاوي(1403) يعود بالاستدلال للمذهب الشيوعي بالإسلام فيعلل في كتابه _ بغض النظر عما في الكتاب من زندقة1404 ووصف للصحابة بأمور مكذوبة عليهم لا تليق بأحد منهم(1405) _ تحريم الله عز وجل للخمر والقمار على أغنياء المؤمنين ليدفعوا أموالهم لأسر شهداء المعارك الذين أعوزتهم الحاجة، بدلاً من تبديدها في الخمر والقمار1406.
والحقيقة أن هؤلاء لم يكتفوا بالتشبه بأعداء الملة والدين من الشيوعيين، بل حاولوا أن يجدوا لأنفسهم مخرجاً وتوفيقاً مع الإسلام الذي ينتسبون إليه، وما ذلك إلا لاقتناعهم بأطروحات هذا المذهب الاقتصادية لعلاج الفقر بين الشعوب، وليس هذا موضعاً للرد على أمثال هؤلاء، ولكن الواجب على كل مسلم حريص على إسلامه: أن يكون على ثقة بهداية ربه وأنه لن يكون على الأرض نظام يفي بحاجات الشعوب أعظم من النظام الرباني، الصادر عن الوحي الإلهي، وأن في تطبيق النظام الاشتراكي تشبه بأهله الماديين الملحدين الضالين عن سواء السبيل.
المبحث الرابع:
مظاهر تأثر المسلمين بالعقلانية في الجانب العملي:(1/375)
…تقديس العقل وتقديمه على النقل هو السمة الأساسية لما يسمى في العصر الحديث بالعقلانية. يعرف العقلانيةَ الشيخ محمد قطب فيقول: هي "التفسير العقلاني لكل شيء في الوجود، أو تمرير كل شيء في الوجود من قناة العقل لإثباته أو نفيه، أو تحديد خصائصه"(1407).
وجاء تعريفها في الموسوعة الميسرة بأنها: "مذهب فكري يزعم أنه يمكن الوصول إلى معرفة طبيعة الكون والوجود عن طريق الاستدلال العقلي بدون الاستناد إلى الوحي الإلهي أو التجربة البشرية، وكذلك يرى إخضاع كل شيء في الوجود للعقل لإثباته أو نفيه أو تحديد خصائصه"(1408).
ولقد كان أول تقديم للعقل على الأمر الإلهي منذ بداية الخليقة وذلك لما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم ( فاعترض إبليس بمقاييسه العقلية وعارض بذلك أمر الله الصريح له؛ لمجرد أن الله خلقه من نار، وخلق آدم من طين، فظن أن النار أشرف من الطين، فأبى أن يستجيب لأمر الله تكبراً منه، فكان ذلك أول تقديم للعقل على النص الصريح، فكانت النتيجة أن طرد إبليس من رحمة الله؛ حيث قال الله تعالى له: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ، وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ)(1409).
وعلى هذا يكون أصل الشرور في العالم مبدؤها من تقديم العقل على النص الإلهي، وأنه من أول ما عُصي الله به، ومن أعظم ما عصي الله به.(1/376)
…وتبع هذه الطريقة الشيطانيةَ مشركوا العرب في الجاهلية، الذين أنكروا البعث بناء على عدم تصور عقولهم القاصرة لقضية إعادة الخلق، فقالوا: (أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ)(1410)، (أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ)(1411)، وكان ذلك منهم غاية السفه، ولذلك رد الله عليهم بقوله: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسي خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ)(1412)، وقال: (أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً، أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى، ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسوى، فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى، أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى)(1413).
ويأتي تقديم المعقولات الذهنية على النصوص الشرعية بسبب تقديس العقل ورفعه فوق مكانته التي كان ينبغي أن يوضع فيها1414، والعقل له مكانته في الإسلام والتي لا يجوز أن يتجاوزها إلى غيرها، ومن مكانته في الإسلام أنه أبيح له التدبر والتفكر في ملكوت السماوات والأرض، دون تدخل فيما ليس له به شأن، قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ)1415، وقال (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)1416.
يقول الشيخ محمد قطب: "هذا شأن المسلمات في الدين الصحيح : أمور لا يملك العقل أن يستدل عليها من تلقاء نفسه، ولا يملك في الوقت ذاته دليلاً حقيقيا ينفيها، ثم إنه لا يدعي إلى التسليم بها قبل أن يسلم بالمقدمات التي توصل إليها عن طريق التفكر والتدبر والتأمل في ملكوت السماوات والأرض .(1/377)
أما المسلمات التي فرضتها الكنيسة فرضاً وأرهبت الناس من مناقشتها في غير ذلك تماماً . فحيث يتجه العقل والتدبر والتأمل إلى الإيمان بأن الله واحد أحد، وأنه لو كان في السماوات آلهة إلا الله لفسدتا .. تقول الكنيسة إن الله ثلاثة، ثم تزيد الأمر تعقيداً فتقول له إن الثلاثة واحد والواحد ثلاثة، ثم تمنعه من المناقشة عن طريق الإرهاب .. وحيث يتجه العقل - بوسائل تفكيره - إلى الإيمان بأن الله الذي خلق كل شيء وقدره تقديراً هو في غنى عن كل شريك، ومن ثم فهو الجدير بالعبادة وحده .. تقول له الكنيسة إن هناك شريكاً لله هو المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، هو إله مع الله، ومعبود كذلك مع الله. ثم تمنعه من المناقشة وتتهمه بالمروق إن خالف .. وحيث يتجه العقل - بمنطقه الذاتي - إلى الإيمان بأن الله ليس في حاجة إلى اتخاذ الولد - والخلق كلهم خلقه، خلقهم بمشيئته وهم عباد له - وليس من شأنه سبحانه أن يتخذ ما لا حاجة له إلى اتخاذه، وهو المهيمن الذي يدبر أمر الوجود كله بمفرده، بلا كلفة عليه سبحانه ولا جهد ولا حاجة إلى معين .. تقول الكنيسة إن لله ولداً، خلقه بمشيئته كما يخلق كل شيء بمشيئته ثم تبناه - سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً - ليضعه بعد ذلك على الصليب ويجرعه ألام الصلب، ليكفر بذلك عن خطيئة لم يرتكبها ذلك الابن إنما ارتكبها آدم وحواء قبل ذلك بزمن لا يحصيه إلا الله! ثم تفرض عليه ذلك فرضاً وتقول له هذه هي العقيدة .. ومن لم يعتقدها فقد حلت عليه لعنة السماء.
تلك هي المسلمات التي لا يمكن التسليم بها لأن العقل يملك كل دليل ينفيها، ولأنها لا تستند إلى شيء إلا قرارات المجامع المقدسة التي تبتدعها من عند نفسها وتزعم مجرد زعم أنها من عند الله"(1417).(1/378)
ولذلك لما كان اليونانيون يقدسون العقل إلى حد التأليه، حاولوا التعرف إلى خالق الكون، وقاسوه على خلقه، وصار الإله الخالق مُثْلَةً في يد الإله الأول عندهم وهو العقل، وتبعهم على ذلك المعتزلة، الذين لم ينزهوا الله ولم يدفعوا عنه التشبيه ولم يروموا ذلك إلا على أسس عقلية مستنبطة مستقاة من الفكر اليوناني المتألِّه للعقل، يقول الشيخ محمد قطب: "كانت العقلانية الإغريقية لوناً من عبادة العقل وتأليهه، وإعطائه حجماً مزيفاً أكبر بكثير من حقيقته، كما كانت في الوقت نفسه لوناً من تحويل الوجود كله إلى (قضايا) تجريدية مهما يكن من صفائها وتبلورها فيه بلا شك شئ مختلف عن الوجود ذاته، وكان أشد ما يبدو فيه هذا الانحراف معالجة تلك الفلسفة (لقضية) الألوهية و (قضية) الكون المادي وما بينهما من علاقة. ويتشعب هذا الانحراف شعباً كثيرة في وقت واحد، فأول انحراف هو محاولة إقحام العقل فيما ليس من شأنه أن يلم به فضلاً عن أن يحيط بكنهه في قضية الذات الإلهية. فمن باب احترام العقل لذاته ومعرفته لطبيعته وحدود مقدرته، ما كان لهذا العقل أن يقتحم ميدانا ليس بطبيعته مؤهلاً لاقتحامه، ولا قدرة له على الخوض فيه"1418.
ولذلك خرج فكر المعتزلة متحرراً عن النصوص، يضرب يمنة ويسرة في أمور عقلية عندهم يظنونها مسلمات، وهي في الحقيقة _ إن كانت مصادمة للوحي _ لا تعدوا أن تكون على منوال ما حصل من تفضيل إبليس لخلقه على خلق آدم(1419).
…وأما النصارى فمن ابتداعهم في دينهم ما شرعه لهم قساوستهم ورهبانهم، وفي مقدمتهم: بولس أو بولش (شاؤول) (1420)، من تبديل متعمد للأحكام الشرعية التكليفية(1421)، باستحسان عقلي، تحت غطاء الوصاية الإلهية(1422) المعطاة للكنيسة، وذلك في ما يسمى بالمجامع النصرانية(1423).(1/379)
وفي العصر الحديث ظهرت طائفة من أبناء الأمة الإسلامية تمجد العقل وترفع من مكانته وتقدمه على النصوص الشرعية، تمثلت في المدرسة العقلانية(1424) ومن تأثر بها، يقول الشيخ محمد عبده وهو من عمداء المدرسة العقلية في مصر: "اتفق أهل الملة الإسلامية - إلا قليلاً ممن لا ينظر إليه - على أنه إذا تعارض العقل والنقل أخذ بما دل عليه العقل"1425.
وهذه الآراء فيها تشابه كبير بآراء العقلانية الأوروبية، كما أن ملامح المدرسة الاعتزالية لا يمكن تجاهلها في هذه الطائفة.
…وعلى هذا فللعقلانيين الإسلاميين في العصر الحديث مصدرين أساسيين تأثروا بهما بشكل مباشر، وهذان المصدران: - .......................................
...................................................................................
(لتكملة المبحث: راجع النسخة المطبوعة).
المبحث الخامس:
مظاهر تأثر المسلمين بالوجودية في الجانب العملي:
سبق تعريف الوجودية بأنها: جملة من الاتجاهات والأفكار المتباينة، وليست نظرية فلسفية واضحة المعالم، والذي يجمع بين تلك الأفكار أنها تمثل: تياراً فلسفياً يعلي من قيمة الإنسان ويؤكد على تفرده، وأنه صاحب تفكير وحرية وإرادة واختيار ولا يحتاج إلى موجِّه (1426).
…أشهر مؤسسي المذهب الوجودي: (جان بول سارتر)، وهو الذي اكتمل المذهب بصورته النهائية الإلحادية بآرائه وأطروحاته(1427).(1/380)
…والذي يخصنا هنا هو ما أنتجه مذهب سارتر من آراء عملية ربما تتدخل في جانب السلوك الإنساني، يقول د. عبد الرحمن بدوي شارحاً لمذهب سارتر الوجودي: "يؤكد سارتر على معنى الحرية في كتابه (الخيالي)، ويأتي بمثال صار مشهوراً مفاده أن كوني وأنا في هذا المقهى، أشاهد غياب بطرس الذي أنا على موعد معه في هذا المقهى في ساعة معلومة، أشاهده على خلفية الحاضرين في المقهى _ هذا في الوقت نفسه اكتشاف للحرية الأساسية التي للإنسان في أن يشاهد غياب (=عدم وجود) كائن غائب وكأنه واقعة مشاهدة.
…والمبدأ الرئيسي الذي يضعه سارتر للوجودية هو القول بأن (الوجود يسبق الماهية)1428. ويلاحظ أن هيدجر(1429) لم يستعمل هذه العبارة، وإن تضمنها مذهبه وكل مذهب وجودي. وقد كان السائد في الفلسفة المبدأ المضاد لهذا القول،، وهو إن الماهية تسبق الوجود: فقبل أن يوجد العالم كانت صورته أو فكرته في عقل الله، وقبل أن يوجد شيء تسبق وجوده فكرة عند صانعه، ومن هنا كان يقال إن ثمة طبيعة للإنسان، (وهذه الطبيعة الإنسانية وهي التصور الإنساني، توجد عند جميع الناس، أي أن كل فرد من الناس هو مثال جزئي لتصور كلي هو الإنسان)، أما الوجودية فترفض هذا الرأي وتقول إن الوجود يسبق الماهية أي فيما يتصل بالإنسان مثلاً الإنسان يوجد أولاً ويصادف، وينبثق في العالم، ثم يتحدد من بعد، فالإنسان في أول وجوده ليس شيئاً ولا يمكن أن نحده بحد؛ وعلى ذلك فليس ثم طبيعة إنسانية. بل الإنسان كما يتصور نفسه وكما يريد نفسه وكما يدرك نفسه بعد أن يوجد، وكما يشاء هو بعد هذه الوثبة نحو الوجود. (الإنسان صانع نفسه).(1/381)
…الإنسان يوجد أولاً غير محدد بصفة، ثم يلقي بنفسه في المستقبل، ويشعر أنه يلقي بنفسه في المستقبل، وذلك بأفعاله التي يؤديها. ولهذا فإن الإنسان هو أولاً مشروع وتصميم يحيا حياة ذاتية؛ ولا شيء يوجد قبل هذا المشروع، بل الإنسان هو الذي يصمم مستقبله ثم يحقق من هذا التصميم ما يستطيع.
وما دام الإنسان مشروعاً وتصميماً يضعه لنفسه، إن بالضرورة مسؤول عما يكون عليه. وكل إنسان يحمل المسؤولية الكاملة عن وجوده. ولا تقتصر هذه المسؤولية عليه وحده بوصفه فرداً، بل تمتد إلى الناس جميعاً، لأن القرار الذي يتخذه لنفسه يمس سائر بني الإنسان فالإنسان حينما يختار نفسه هو في الوقت نفسه يختار لسائر الناس؛ ذلك لأنه باختياره هذا يرسم الإنسان كما يرى أن يكون؛ إذ أن اختياره لهذا أو ذاك توكيد في الوقت نفسه لقيمة ما يختاره، لأننا لا نختار أبداً ما نؤمن أنه شر وإنما نختار دائماً ما نعتقد أنه خير، ولا شيء يمكن أن يكون خيراً لنا دون أن يكون أيضاً خيراً للآخرين، فبتشكيلنا لصورة أنفسنا نحن نشكل في الوقت عينه صورة الإنسان وهكذا نرى أن مسئوليتنا أكبر بكثير جداً مما نظن، لأنها تلزم الإنسانية كلها. وحتى الأفعال الشخصية، مثل الزواج، تلزم سائر الناس؛ فاختياري مثلاً أن أتزوج وأن أنجب أولاداً، حتى ولو كان الأمر عندي أمراً متعلقاً بحالتي الخاصة أو بملذاتي وشهواتي، فإن هذا الاختيار نفسه يمس الناس جميعاً وعلى هذا فأنا مسؤول قِبَل نفسي وقِبَل الناس جميعاً في آن واحد معاً.
…وهذه المسؤولية البالغة الهائلة، لأنها تمس الناس جميعاً لا بد أن تثير في الإنسان القلق البالغ الهائل أيضاً. إذ كيف لا أكون مهموماً كل الهم والقرار الذي اتخذته وإن بدا في الظاهر أنه قرار شخصي _ إنما هو قرار يمس جمع البشر؟! نعم! إن الإنسان يحاول الفرار من هذا القلق، بإسدال قناع عليه، ولكن هذا القناع لن يستر الحقيقة الرهيبة الكبرى"(1430).
…هنا نلحظ أمرين:-(1/382)
الأول: أن فكرة سارتر: (الوجود يسبق الماهية)، تعارض عقيدة القضاء والقدر؛ فإن ماهية الأشياء موجودة مسبقاً معلومة لدى الله في كتاب حفيظ، (عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى)(1431)، فهي تعارض هذه العقيدة بمراحلها الأربع: من العلم إلى الكتابة وإلى المشيئة ومنها إلى الخلق(1432)، فلا ماهية للشيء قبل وجوده وهذا ينفي المراتب الثلاث الأولى، مما ينفي بدوره الخلق، ولذلك فالوجودية لا تصرح بعدم وجود الخالق بقدر ما تصرف النظر عنه.
والثاني: أن فكرته هذه نفسها _ والتي لم يسبقه إليها أحد؛ فهو يجرد الموجودات عامةً من كل وصف قبل وجودها كأفراد في الخارج، ويزعم أنه ليس ثمة لها أوصافاً في الذهن يمكن تصورها قبل وجودها _ تجرد الإنسان من ماهيته وطبيعته كإنسان، وتصفه بوصف هو وجوده في ذاته، وليس ثمة وصفٌ للإنسانية بشكل عام، إنما يتوصل الفرد إلى وصف نفسه بما يوجده هو في نفسه من صفات نافعة أو ضارة، وفي ذلك يستوي مع الحيوان فلا كرامة لأحدهما على الآخر فليس ثمة للإنسان صفة حين ولادته غير صفة وجوده، كما أن الحيوان عند ولادته ليست له صفة أخرى غير صفة وجوده، وأما الشيء الذي يحدد ماهية الإنسان، فهو الشيء الذي يلصقه هو بنفسه ويعلقه على شماعة الإنسانية _ إن صح التعبير _ فليس للإنسانية (ماهية) أو معنى عام يشترك فيه جميع الناس، وإنما يحدد كل إنسان معنى إنسانيته من خلال ممارساته، ليضيف إلى الإنسانية معنى آخر، ربما سُبق إليه وربما لم يسبق إليه؛ فليس ثمة للإنسانية معنى مثالياً، تحكمه أديان أو أخلاق أو أعراف.
ولذلك فالوجودية ترى أن تحقيق الوجود للإنسان لا يتم إلا إذا أطلق العنان لرغباته، وأفسح المجال أمام شهواته بلا نظام أو قيد(1433).(1/383)
إن هذه الفكرة فيها من المكابرة الشيء الواضح، مما لا يستلزم الرد عليها تفصيلاً؛ فكل إنسان يعلم معنى إنسانيته ويعلم أن للإنسانية معان فاضلة، موجودة من قبل وجوده كفرد من أفراد جنس الإنسان. كما أن _ فكرة أن (الوجود يسبق الماهية) _ فيها دعوة للحياة بدون قيود، ليس فقط القيود الدينية والأخلاقية والأعراف السائدة والتقاليد(1434)، بل حتى قيود الإنسانية التي كُرِّم بها الإنسان على سائر الحيوانات كما قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)(1435)؛ فالقيود من صنع الإنسان الذي صنع ماهيته وكنهه بنفسه بعد وجوده كفرد من أفراد البشر.
ولكننا نجد هذه الفكرة _ مع حقارتها وبعدها عن المعقول _ تنتشر في الغرب، أو تُنشر بأيدٍ آثمة تريد للإنسانية أن تصل إلى الدرك الأسفل من الحيوانية، بل وأدنى من ذلك، تحت غطاء الحرية المطلقة والتي يحقق المرء من خلالها كنهه وماهيته من تلقاء نفسه.
…ولذلك في النهاية: "تقول وجودية سارتر إن الكون والحياة لا هدف لها ولا غاية.. ولا عدل فيها ولا حق. إنما كله ضلال وعبث. وإن الوجود الإنساني ضياع كله، ومن المستحيل أن يحقق الإنسان فيه وجوده! وإلى هنا نستطيع أن نقول إن هذا أيضاً تعبير باطني صادق عن فقدان الحياة معناها وهدفها حين تفقد العنصر الذي يوجد الترابط بين أجزائها ويعطى أحداثها تفسيرها ومعناها وهو الدين.
ولكن وجودية سارتر لا تقف عند تسجيل الضياع والعبثية وفقدان المعنى والغاية.. ولكنها تقدم حلاً للمشكلة! وياله من حل! الحل أن يعيش كل إنسان وحده، وأن يحقق وجوده بأن يفعل ما يرى هو أنه حق وأنه واجب وأنه حسن!(1/384)
في مسرحيته: (الجحيم هو الآخرون) يرسم الجحيم في نفس إنسان - إذا كان إنساناً! - تعذب من أول المسرحية إلى آخرها من وجود آخرين لا يكفون عن الوجود حوله، ويفرضون عليه أن يكونوا موجودين معه، فيمنعونه أن يكوِّن نفسه.. أن يحس بذاتيته.. أن يفعل ما يمليه عليه هواه الشخصي. فيظل ساكناً ساكتاً يتعذب. يتطلع إلى اللحظة التي يذهب فيها عنه (الآخرون) لينطلق بوجوده الذاتي، ليحقق ذاته.. ولكنهم لا ينصرفون.. فيظل هو في الجحيم!"(1436).
…
وعلى هذا فإن أبرز سمة من سمات الوجودية هي محاولة التحرر من كل القيم والأعراف والمثل، والجري وراء الحرية بكل طريق حتى ولو خالفت المبادئ السائدة، حتى ولو خالفت الديمقراطية؛ فاعتبار مصلحة الجماعات اعتبار مفقود لدى الوجوديين، كما أن اعتبار موافقة الأديان والشرائع السماوية _ التي تقف في وجه إرادة الفرد أحياناً _ اعتبار مُنَحَّىً من باب أولى، وباختصار: فإنه ليس عند الوجوديين أي اعتبار لأي كائن ما دام يقف في وجه الحرية، فلا ينبغي عندهم لنظام من الأنظمة البشرية، ولا لدين من الأديان السماوية أن يقف عقبة في وجه دعوات التحرر، الأمر الذي نشر الإباحية السافرة في الغرب.(1/385)
وما دعوات التحرر التي ينادي بها بعض الناس في العالم الإسلامي، إلا لوثة من لوثات هذا الفكر الوجودي التحرري، بل قد يكون مظهراً من مظاهر الوجودية المتلفعة بثوب شرقي، فالدعوى هي نفسها (الحرية)، مناهضةً للشرع أو موافقةً، فإن كانت مخالفة فالسبيل هو محاولة تطويع الشرع فإن لم يكن فالاعتراض، وعلى أساس هذه الدعوات قامت دعوة تحرير المرأة على يد رفاعة الطهطاوي(1437) الذي تلقف فكره من نفس الموطن الذي انطلقت منه دعوة سارتر (من فرنسا)، وعاد لكي يؤلف كتابه: (تحرير المرأة)، وهو خطوة في سبيل التحرر والحرية، الحرية التي راجت في الغرب النصراني بفضل دعوة سارتر الوجودية، وغيرها من الشعارات التحررية الزائفة، تحرير المرأة من الحجاب، ثم من الأخلاق، ثم تحرير المجتمع بأسره من العبودية لله رب العالمين؛ فقد كان رفاعة في كتابه تحرير المرأة يتمسح شيئاً ما بالإسلام، ولكن الخطوة التالية لا بد وأن تكون أشد تحرراً؛ ففي كتابه: (المرأة الجديدة) لم يعد يذكر الإسلام؛ لأنه يقف في وجه الحرية التي يريد، فصار يعلن أن المرأة المصرية ينبغي أن تتقدم وتتحرر(1438) كما فعلت أختها الفرنسية من قبل، وذلك حين استجابت لدعاوى التحرر والإباحية والتي في مقدمتها دعوة سارتر (الوجودية).
حينها سوف يحقق الإنسان وجوده في نظر (سارتر)، وعندها لا بد أن ينسى الذي يأمره و ينهاه ويسبب له الكبت، فالإنسان مسؤول والإنسان حر الإرادة، ولا يتم ذلك إلا حين يطغى وجود الإنسان على وجود الإله الذي خلق الوجود والماهية والتصورات والأفكار.(1/386)
ونحن نقول: حينها ستبدأ عبادة الهوى التي يسعى إليها سارتر، لينقل نفسه ومن معه من عبادة الله الواحد الأحد إلى عبادة كل شيء تهواه نفسه وترنوا إليه، من الحرية الحقيقية إلى الحرية الزائفة، يقول سارتر: "إن ما ينبغي أن تكون عليه حياة الوجودي: تلبية كل ما تدعوه إليه شهواته، ونبذ كل التقاليد والتعاليم الاجتماعية وتحطيم القيود التي ابتدعتها الأديان ... ثم تطليق الماضي وسلخ المرء نفسه منه متجهاً إلى الأمام .. إلى المستقبل قفزاً .. إلى المصير المحتوم إلى الهاوية.. إلى الموت والعدم الأبدي"(1439).
فأول خطوة إلى الوجودية هي التي دعا إليها رفاعة والخطوة الأخيرة هي التي وصل إليها سارتر، فمن دعوة صغيرة إلى إنكار الحي القيوم.
ولذلك إذا فهمنا هذه المعادلة، فقهنا ذلك العد التنازلي، في القيم والمبادئ عند المتحررين، من العبث والتمرد واللامعقول(1440)، لم نستغرب قول الشاعر المتحرر في وصف من افتتن قلبه بهن - حين وصل التحرر في ضميره إلى الدرجة السفلى من التحرر (1441) - حيث يقول:
فإذا الظباء الآنسات …تمر لا تلوي بمثلي …
وإذا الخصور الضامرات …تجل عن وصف وقول…
وإذا الجفون الناعسات …تكاد تقتل أي قتل…
وإذا الوجوه المشرقات …تكاد تخطف كل عقل …
يا قلب هذي كعبة الدْ…دُنيا فقف يوماً وصل …
للعاريات كأنهنْ…........................
(لتكملة المبحث: راجع النسخة المطبوعة).(1/387)
إنها عبودية الهوى، كما قال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)(1442)، وقال: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً)(1443)، ولقد سمى رسول الله ( من جرى وراء الشهوات وأعرض عن الله: عبداً لتلك الشهوات، فقال (: ((تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض))(1444)، وعليه فقد يكون الإنسان عبداً للدنيا، وفي ذلك قال المناوي: "عبد الدنيا المعتكف على خدمتها ومراعاتها، وعليه يصح أن يقال ليس كل إنسان عبد الله"(1445)، فمن كان على هذه الحال من اتباع الهوى صح أن يطلق عليه أنه عبدٌ للدنيا؛ فإنه لما تشبه بالكفار في عبادتهم لأصنامهم وتلبيتهم لندائها وعكوفهم عليها، فهو عاكف على دنياه ملبٍ لرغبات هواه، فصار عبداً لهواه ودنياه، وهو ما تأمر به الوجودية في العصر الحديث.(1/388)
…وفي إعجاب بالمذهب الوجودي يقول أحد المتأثرين به في إطراء لمجنون ليلى الذي استطاع أن يعبر عن الفلسفة الوجودية قبل وجودها عن طريق شعره الذي يصف فيه معشوقته: "إن ليلى في كل مكان وفي كل زمان.. وهو ضائع من أجلها وفي سبيلها.. وإذا أضاعه الحب، فإنه قد وجد نفسه في هذا الضياع. ولو عاش مجنون ليلى في زماننا وترجمنا شعره إلى أية لغة أوروبية لجعلوه زعيماً للفلسفة الوجودية.. فقد استطاع بصدقه وإحساسه العميق أن يعبر القرون أحد عشر قرناً حتى يعايشنا في القرن العشرين ويتقدمنا جميعاً.. بالمعنى العميق والكلام الجميل.. مجنون؟ ليكن، ولكن ليس أعقل من كلامه الصادق، كلاماً من فلاسفة القرن العشرين. من أتى بهذه المعاني، ثم كيف واتته هذه الموسيقى وهو عريان يتقلب على رمل كالنار، وفي داخله الجوع ينهشه والعطش يكويه، والجنون يلعب به"(1446)، وهكذا فإن الشاعر وجد نفسه في هذا الحب الأعمى الذي يشبه عبادة المعشوق، وهذه هي الفلسفة الوجودية التي يحترمها الأوربيون والتي وجدنا من تراثنا الشعري ما يترجمها قبل وقوعها، وبذلك يكون العرب قد سبقوا أوروبا إلى هذه الفلسفة الجيدة التي توصلوا إليها.
وكان من أوائل من اعتنى بتقديم فكر سارتر إلى العالم العربي الإسلامي: سهيل إدريس بعد عودته من باريس، في أوائل الخمسينات، وتأسيسه مجلةَ "الآداب" التي تحولت فيما بعد إلى دار للنشر(1447).
…"ويعتبر الدكتور عبد الرحمن بدوي من كبار رواد الوجودية في العالم الإسلامي المعاصر، إن لم يكن أكبر رائد لها على الإطلاق"(1448)، يقول متحدثاً عن نفسه:
...........................................................................
...........................................................................
...........................................................................
(لتكملة المبحث: راجع النسخة المطبوعة).
المبحث السادس: القومية والوطنية:-(1/389)
القومية هي: "أن أبناء الأصل الواحد واللغة الواحدة ينبغي أن يكون ولاؤهم واحداً وإن تعددت أرضهم وتفرقت أوطانهم، وإن كان معناه أيضاً السعي في النهاية إلى توحيد الوطن بحيث تجتمع القومية الواحدة في وطن شامل، فيكون الولاء للقومية مصحوباً بالولاء للأرض.. ولكن الولاء للقومية يظل هو الأصل ولو لم تتحقق وحدة الأرض"(1449).
…والوطنية هي: "أن يشعر جميع أبناء الوطن الواحد بالولاء لذلك الوطن، والتعصب له، أياً كانت أصولهم التي ينتمون إليها، وأجناسهم التي انحدروا منها. أي أن الولاء فيها للأرض بصرف النظر عن القوم واللغة أو الجنس"(1450).
…ولقد جاء الإسلام بإلغاء كل هذه الأنواع من التفرقة العنصرية والنعرات القبلية التي كانت موجودة في الجاهلية(1451)، قال تعالى: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّة) (1452).
…وقال رسول الله (: ((ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية))1453، قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "وتكون دعوى الجاهلية في العصبية"1454.(1/390)
…وعن أبي بن كعب ( قال: قال رسول الله (: ((من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه، ولا تكنوا))(1455)، قال المناوي _ رحمه الله _: "إذا رأيتم الرجل يتعزى أي: ينتسب بعزاء الجاهلية، أي: بنسبها والانتماء إليها، يقال: اعتزى إليه أي انتسب وانتمى، وتعزى كذلك، فأعضوه، أي: اشتموه بهن أبيه، أي: قولوا له: اعضض بهن أبيك، أو بذكره، وصرحوا بلفظ الذكر ولا تكنوا عنه بالهن تنكيراً وزجراً"(1456)، وهذه الطريقة من الشتم _ في مقابل الإساءة _ لم نعهدها من النبي ( في كثير من المواضع وإنما جاءت هنا بهذا الأسلوب؛ لأن المسيء في هذه الحالة يجمع بين أمور، منها: أنه تبجح بذكر مآثر الجاهلية، وأنه استعلى على غيره من المسلمين، والأمر الأعظم: أنه تشبه بأهل الجاهلية وذلك بافتخاره بهم أمام المسلمين، فهو لم يتشبه بهم فحسب، بل استعلى بهم، وفي ذلك محبة للكفار وتفضيل لهم على إخوانه المسلمين(1457).
…كما أثر عنه ( قوله لأبي ذر ( لما عير رجلاً بأمه: ((إنك امرؤ فيك جاهلية))1458، فتقييم الإنسان بنسبه أو قرابته: من صفات أهل الجاهلية، فليس في الإسلام فخرٌ بالأباء والأجداد، لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، وعن أبي هريرة ( عنه قال: قال رسول الله (: ((إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية، وفخرها بالآباء، مؤمن تقي أو فاجر شقي أنتم بنوا آدم وآدم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن))1459.
وعن أبي هريرة ( أيضاً عن النبي ( أنه قال: ((من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية. ومن قاتل تحت راية عمية، يغضب لعصبية أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية))1460، فمن قاتل من أجل أي عنصرية صغيرة كانت أو كبيرة يدخل تحت هذا الوعيد منه (، لا فرق بين من قاتل من أجل عصبية قبلية أو عصبية وطنية أو عصبية قومية.(1/391)
وعن جابر بن عبد الله ( قال: غزونا مع رسول الله ( وقد تاب معه ناس من المهاجرين حتى كثروا وكان من المهاجرين رجل لعاب، فكسع(1461) أنصارياً فغضب الأنصار غضباً شديداً حتى تداعوا وقال الأنصاري يا للأنصار، وقال المهاجري يا للمهاجرين، فخرج النبي ( فقال: ((ما بال دعوى الجاهلية))، ثم قال: ما شأنهم فأخبر بكسعة المهاجري للأنصاري، قال: فقال النبي (: ((دعوها فإنها خبيثة))(1462)، قال شيخ الإسلام: "فهذان الاسمان المهاجرون والأنصار, اسمان شرعيان جاء بهما الكتاب والسنة وسماهما الله بهما كما سمانا المسلمين من قبل وفي هذا. وانتساب الرجل إلى المهاجرين أو الأنصار: انتساب حسن محمود، عند الله وعند رسوله، ليس من المباح الذي يقصد به التعريف فقط، كالانتساب إلى القبائل والأمصار ولا من المكروه أو المحرم، كالانتساب إلى ما يفضي إلى بدعة أو معصية. ثم مع هذا لما دعا كل منهما طائفته منتصراً بها أنكر النبي ( ذلك وسماها دعوى الجاهلية، حتى قيل له إن الداعي بها إنما هما غلامان، لم يصدر ذلك من الجماعة، فأمر بمنع الظلم وإغاثة المظلوم ليبين النبي ( أن المحذور إنما هو تعصب الرجل لطائفته مطلقاً، فعل أهل الجاهلية فأما نصرها بالحق من غير عدوان فحسن واجب أو مستحب"1463، فنهاهم النبي ( عن التداعي بهذه الألقاب ونسبها إلى الجاهلية، رغم أنها ألقاب إسلامية، وما ذلك إلا لأنها استخدمت في هذا الموضع على وجه التفرقة العنصرية بين المسلمين.(1/392)
فلم يطلق النبي ( على المسلمين من أهل مكة وأهل المدينة هذا الإطلاق إلا لأنه خالٍ من العصبية، أو التفرقة العنصرية، يقول شيخ الإسلام: "وذلك أن الانتساب إلى الاسم الشرعي أحسن من الانتساب إلى غيره ألا ترى إلى ما رواه أبو داود عن أبي عقبة وكان مولى من أهل فارس، قال: شهدت مع رسول الله ( أحداً فضربت رجلاً من المشركين فقلت خذها مني وأنا الغلام الفارسي، فالتفت إلي فقال: ((هلا قلت خذها مني وأنا الغلام الأنصاري))1464، حضه رسول الله ( على الانتساب للأنصار وإن كان بالولاء وكان إظهار هذا أحب إليه من الانتساب إلى فارس بالصراحة، وهي نسبة حق ليست محرمة"(1465)، كل هذا حرصاً منه ( على أن يكون الولاء والبراء من أجل الدين، بعيداً عن أي نعرة قومية.(1/393)
وهكذا جاء الإسلام ملغياً لكل ما يجلب التعصب العنصري المقيت، فلا فرق في الإسلام بين أسود وأبيض ولا بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)(1466)، والله عليم خبير بما تميز به بعضكم على بعض بالتقوى التي في قلبه(1467)، وليس المقياس هو الحسب والنسب، ولذلك قال النبي (: ((سلمان منا أهل البيت))(1468)، وسلمان فارسي الأصل، ولما باع صهيب الرومي ماله كله الذي اكتسبه خلال عمر طويل، وكان الثمن هو الهجرة إلى النبي ( وجواره، استقبله النبي ( بقوله: ((أبا يحيى ربح البيع)) ثلاثاً(1469)، وأظهر النبي ( من العداوة لعمه أبي لهب _ والذي جاء القرآن بالوعيد الشديد في شخصه: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ، مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ، سيصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ)(1470) _ وهو العربي القرشي السيد في قومه، ما أظهر أضعافه من المودة لسلمان وصهيب وبلال الحبشي رضي الله عنهم جميعاً.
…وعلى هذا ربى النبيُّ ( صحابته الكرام، حتى رأينا الصحابة لا يفاضلون فيما بينهم إلا بالتقوى،، وقال عنه عمر (: ((أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا)) (1471).
…استطاع النبي ( أن يفرز جيلاً للتاريخ لا يعرف سوى الإسلام علاقة وحمية، ولا يعرف معياراً سوى الإيمان حباً وتفضيلاً، بعد أن كان العرب في الجاهلية لا يفاضلون إلا بالحسب والنسب، ولا يدعون الفخر بالأنساب والأحساب، والولاء عندهم ولاء ضيق محدود بالعشيرة والقبيلة وأبناء العمومة، الولاء عندهم للمخلوق بدل الخالق، حتى قال قائلهم:
أنا من غزية إن غوت غويت……وإن ترشد غزية أرشد(1/394)
ولما كان العرب في الجاهلية يذكرون الآباء والأجداد في المحافل، وعند فراغهم من مناسكهم(1472): نهاهم الله عن ذلك فقال: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً)(1473)، فصار الولاء للخالق بدل المخلوق، وتبصرت عقولهم، واتسع أفقهم، كما اتسعت بعد ذلك رقعتهم حتى امتدت إلى مشارق الأرض ومغاربها، لما تخلصوا من أدران الجاهلية وعبيتها1474.
العرقيات في الملل المحرفة والنحل الضالة:(1/395)
…لقد رزحت البشرية تحت هذه الجاهليات لما ابتعدت عن منهج الأنبياء؛ فلم يكن العرب في الجاهلية وحدهم قد وقعوا في هذا النوع من العنصرية، فالأديان الهندية القديمة قامت على التفريق بين أنواع من البشر على أساس طبقي مردُّه العنصر والنسب، يقول د. علي عبد الواحد وافي: "وذلك أن أسفار الفيدا وقوانين مانو لا تعترف بمبدأ المساواة بين الناس في القيمة الإنسانية المشتركة، بل تقرر التفاضل بينهم بحسب عناصرهم ونشأتهم الأولى. فتزعم أن الإله براهما(1475) قد خلق أربع طبقات من الناس، وخلق كل طبقة من هذه الطبقات من طبيعة خاصة ومن موضع خاص من جسمه. فخلق طبقة (البرهمنيين) Brahmans من فمه، وطبقة (الكشتريين) Kachtriyas من ذراعه، وطبقة (الفيسائيين) Vaisyas من فخذه، وطبقة (الشودرا) أو المنبوذين Soudras من قدمه. ولما كان أشرف الأعضاء وأطهرها هو ما علا السرة، وأشرفها وأطهرها جميعاً هو الفم، ويليه في ذلك الذراع، ولما كان أحط الأعضاء هو ما كان أسفل السرة، وأحطها جميعاً هو القدم، لذلك كان أشرف الناس جميعاً وأطهرهم بحسب العنصر والنشأة الأولى هم الذين انحدروا من فم براهما وهم (البرهمنيون)، ويليهم في الفضل الذين انحدروا من ذراعه وهم (الكشتريون)، وكان أحط الطبقات الإنسانية الذين انحدروا من فخذه وقدمه وهم (الفيسائيون) و(الشودرا) أو المنبوذون، وأكثرهم رجساً ونجساً هم (الشودرا) المنحدرون من قدم براهما"(1476).(1/396)
…كما أن التفرقة العنصرية من سمات دين اليهود المبتدع؛ فإن دينهم قائم على أن بني إسرائيل شعب الله المختار، وينظرون إلى من سواهم من الناس نظرة وضيعة في سلم الإنسانية(1477)، وهم من يسمونهم بـ(الأمميين) "وهي الترجمة العربية للكلمة العبرية ((الجويم)) وهي أحد المصطلحات التي يطلقها اليهود على غير اليهودي، وتعني عندهم الكفرة، والوثنيين، و الأنجاس، والحيوانات"(1478)، ولقد بين الله تعالى ذلك في القرآن الكريم، فقال: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأمِّيينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(1479)، قال ابن كثير: "أي إنما حملهم على جحود الحق أنهم يقولون ليس علينا في ديننا حرج في أكل أموال الأميين وهم العرب فإن الله قد أحلها لنا"(1480).
ولقد رد الله عليهم برد مقحم في هذا الزعم الذي زعموه من عند أنفسهم، فقال جل وعلا: (قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)(1481)، وقال: (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)(1482).
القوميات الأوروبية:(1/397)
…وبطبيعة حال الأمم الأوروبية الكافرة التي قامت على فصل الدين عن الدولة _ بغض النظر عن الدين الذي يعتنقونه _ أن تكتوي بنار القوميات؛ ما دامت لا يجمعها شيء يوحد كيانها المتفرق، فنشأت هناك قوميات عدة، منها القومية الألمانية والقومية الفرنسية، وفي بريطانيا انتشر الزعم بتفوق الرجل الأبيض وتفضيله على غيره، وفي أمريكا قامت الحرب الأهلية ما بين: (1861- 1865م) بسبب العنصرية(1483)، وغيرها من القوميات التي احترق الغرب بنيرها.
يقول الشيخ محمد قطب: "وقد رأى النصارى عند احتكاكهم بالمسلمين عالماً مختلفاً تمام الاختلاف، عالماً لا كنيسة فيه ولا (بابا) ولا رجال دين.. إنما فيه علماء يتفقهون في الدين، وغالباً ما يتفقهون في علوم أخرى مع العلوم الدينية كالطب أو الفلك أو الرياضيات.. الخ.. بلا تعارض بين تفقههم هنا وهناك.. وليس لهم - مع تفقههم - كهانة على الناس ولا سلطان إلا توقير العلماء من أجل علمهم فحسب، ولا وساطة لهم بين الناس وبين ربهم الذي يعلمهم أنه لا وسطاء ولا شفعاء عنده، وأنه ما على العباد إلا أن يدعوه، فيستجيب لهم بلا وسيط: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)(1484)، (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)1485.
عندئذ تحركت نفوس الذين يرغبون في الإصلاح لمحاولة إصلاح مفاسد الكنيسة المتراكمة خلال القرون، وخلع السلطان الطاغي الذي فرضه البابا ورجاله على الناس باسم الدين. ولكن محاولاتهم كانت كالرقعة في الثوب الخلق بسبب رفضهم الدخول في الإسلام، وسعيهم إلى الإصلاح بغير عدته الحقيقية التي تؤدي إليه.. واستغل الملوك هذه الحركات لحسابهم الخاص كما أسلفنا , لا يريدون الإصلاح الديني الحقيقي، ولا يريدون للناس أن يستقيموا على دين صحيح فيخرجوا على طاعتهم ! إنما رأوا فيها أداة تساعدهم على الانسلاخ من سلطان البابا فاستغلوها في هذه الحدود.(1/398)
ولم يكن الملوك وحدهم وراء اللعبة، إنما كان وراءها كذلك اليهود المتربصون لأية فرصة تسنح لهم للانتقام من النصارى الذين اضطهدوهم وأذلوهم على أساس أنهم تسببوا في صلب المسيح1486. فلما قامت حركات تؤذن بتفريق كلمة النصارى وتشتيت سلطان الكنيسة، كان من صالحهم ولا شك أن يحتضنوها ويوجهوها خلسة أو علانية لتوسيع الشقة بينها وبين الكنيسة الأصلية، وكل فرقة - سواء قامت باسم الإصلاح أو بهدف الإفساد - هي في النهاية في صالح اليهود ما دامت لا تؤدي إلى إصلاح حقيقي ! وإن صلة اليهود بالبروتستانتية بالذات لأمر معلوم لكل من يدرس تاريخ تلك الحركة، وإن أنكر تلك الصلة هؤلاء وهؤلاء! هكذا كان مولد القوميات في أوربا.. حركات إصلاحية مبتورة غير ناضجة، استغلها ذوو الأهواء لحسابهم الخاص، فأفسدوها وحولوها إلى اتجاه شرير"1487.
وهكذا قامت الحركات الدينية الإصلاحية في أوروبا يحمل بعضها القومية في طياتها، كما هو حال الحركة الدينية التي قام بها لوثر والتي تدعى: (حركة إصلاح الدين على وحدة أوربا الثقافية الدينية)، كل ذلك مما أورث الأوربيين الفشل والتنازع والتمزق1488، حتى نشأ ما يسمى بالحروب الإيطالية: و"الحروب الإيطالية هي حروب منقطعة نشبت بين فرنسا وأسبانيا خلال فترة استطالت خمسة وستين عاماً (1494-1559) وكانت هذه الحروب مظهراً للتنافس الدولي بين هاتين الدولتين من أجل السيطرة والنفوذ في أوربا، والرغبة في التوسع الإقليمي داخل القارة، وقد بدأ هذا التنافس بين فرنسا وأسبانيا قبل أن يلفظ القرن الخامس عشر أنفاسه الأخيرة، واقترن بصراع حربي مرير خاضته الدولتان، وكانت شبة الجزيرة الإيطالية ميداناً لتصارع الجيوش الفرنسية والأسبانية خلال المراحل الأولى لهذه الحروب التي تطورت بعد ذلك إلى نضال أوربي اتسع نطاقه وانتقل إلى ميادين متعددة خارج شبة الجزيرة الإيطالية"1489.(1/399)
…ولقد ظل المسلمون خلال العصور السابقة بعيدين عن تلك العصبيات الجاهلية(1490) إلا ما كان من ممارسات لا تعد تياراً جارفاً يحصر أنواع الولاء في قوميات ضيقة، ولقد كان من أسباب ثباتهم على توحيد الولاء من أجل الإسلام: أنهم كانوا تحت راية واحدة، سواء كان ذلك ممثلاً في الدولة الأموية أو العباسية أو العثمانية.
…ولكن القوميات بدأت تطل من وراء أنقاض الدولة العثمانية، وربما كان ذلك من إرهاصات السقوط لهذا الصرح الشامخ، وكانت أول قومية منظمة خرجت في العصر الحديث: الطورانية التركية.
الطورانية التركية:
ظهرت الدعوة إلى الطورانية التركية على يد جمعية الاتحاد والترقي(1491)، والطورانية: حركة قومية ظهرت بين الأتراك العثمانيين في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وأوائل القرن العشرين، كانت تستهدف تتريك العناصر العثمانية، واشتقت اسمها من ((طوران)) أو ((توران)) أي بلاد توره، باعتبار أنها مهد الشعوب التركية من شرقية وغربية، وتهدف الطورانية إلى تزكية النعرة القومية الطورانية بين الأتراك، دون غيرهم من المواطنين العثمانيين، وتحقيق سيادة العنصر التركي على غيره من العناصر المكونة للدولة. وفي بداية هذه الدعوة قبل الحرب العالمية الأولى استخدمت عدة وسائل لتحقيق أهدافها بتكوين جمعيات ومنتديات مثل: ((ترك أوجاغي)) أي: العائلة التركية، والتي تفرعت عنها جمعيات مختلفة تتعاون في تحقيق أهدافها، في تخليص اللغة التركية من الألفاظ العربية والفارسية، والتنقيب عن ألفاظ تقوم مقامها من التركية القديمة، وهو ما تحقق على يد الكماليين. كما تهتم رابطة ((ترك درنكي)) بدراسة أحوال الشعوب التركية وتاريخها وبث الفكر القومي بالإشادة بعظماء الطورانيين في القديم والحديث، كما عنيت بالأناشيد والأغاني التي تمجدهم"(1492).(1/400)
وفي الحقيقة كانت الطورانية التركية في الأصل صناعة يهودية، "فاليهود المتمسلمون، المعروفون بيهود الدونما، الذين هاجروا من المغرب واستوطنوا البلقان كانوا من المنظمين الحقيقيين لحزب الاتحاد والترقي الذي نادى بالقومية الطورانية (وهو قومية الأتراك في جاهليتهم قبل دخولهم في الإسلام) ورفع شعار الذئب الأغبر (وهو معبود الأتراك في جاهليتهم) كما نادى بضرورة (تتريك) الدولة، أي جعل المناصب فيها وقفاً على الأتراك وحدهم ومعنى ذلك - كما حدث في الفعل - أن يحس العرب أنهم مظلومون في ظل الحكم التركي وأنهم مهضوموا الحقوق.. عندئذ تلقفتهم الصليبية - حليفة اليهود في الحرب ضد الإسلام - فأرسلت إليهم (لورنس) ليؤجج فيهم روح القومية العربية رداً على القومية الطورانية.. ويؤلف الثورة العربية الكبرى ضد دولة الخلافة ! وببساطة تم الأمر.. في غفلة من المسلمين"(1493).
"وكان السلطان عبد الحميد الثاني يطارد تلك الجماعات السرية التي تنادي بالعروبة والقومية العربية كما يضيق على النشاط السري لحزب الاتحاد والترقي، لإدراكه المقصود من ورائهما، فيتخذ ذلك ذريعة لمزيد من الكيد ضده ويتهم بالدكتاتورية الطغيان في داخل تركيا، وباضطهاد الأقليات خارجها ! وتصنع من هذه وتلك مادة للدعاية ضده ونشر البغض والكراهية له، تمهيداً لما يخطط من عزله، عقاباً له على عدم موافقته على إنشاء الدولة اليهودية!"(1494).
"وبالتالي فإن الطورانية دعوة لتقليد دعاوى القومية التي نشطت في أوربا"(1495)(1/401)
وأخذت الطورانية التركية نصيبها من الأدب التركي وكان على رأس الكتاب الطورانيين: ضيا كوك ألب(1496)، الذي لقب بأبي القومية التركية، ومحمد أمين1497، وكان ممن تصدى لهذه الحملة الطورانية: الشاعر (محمد عاكف) الذي اعتبر شاعر الإسلام في الدولة العثمانية فقد وقف ينادي بوحدة المسلمين محذراً من التيارات القومية الهدامة كالطورانية وغيرها، وكان يؤكد أن الدعوة للقوميات فتنة إنكليزية استهدفت فتح ثغرات في جدران القلعة الإسلامية الصامدة(1498).
القومية العربية والقضية الفلسطينية:
وهكذا تلقف(1499) الدعوة إلى القومية العربية بعض نصارى العرب على نمط الدعوة إلى الطورانية التركية1500، ومنهم: بطرس البستاني وإبراهيم اليازجي وأحمد فارس الشدياق(1501) وسليم تقلا(1502)، وجورجي زيدان(1503)، وعلى يد هؤلاء بدأت التفرقة بين الجامعة الإسلامية والجامعة العربية(1504).
ومن دسائس الاستعمار الغربي: دعوته إلى إحياء الآثار القديمة والفنون الشعبية المندثرة حتى يشغلا المسلمين عن العمل في رد المستعمر بإحياء الحضارات القديمة والعودة إلى الوراء وتجاهل حضارة الإسلام (1505).
وهذا ما أكده المستشرق (كويلر يونغ) في كتابه: (الشرق الأدنى: مجتمعه وثقافته)؛ حيث يقول: "إننا في كل بلد إسلامي دخلناه، نبشنا الأرض لنستخرج حضارات ما قبل الإسلام، ولسنا نطمع بطبيعة الحال أن يرتد المسلم إلى عقائد ما قبل الإسلام، ولكن يكفينا تذبذب ولائه بين الإسلام وبين تلك الحضارات"(1506).
وهكذا وكذلك أثيرت الفينيقية في لبنان، والآشورية والسومرية والبابلية في العراق، والكنعانية في فلسطين، والبربرية في المغرب، والحيثية في آسيا الصغرى، والهندوكية في إندونيسيا، والفارسية في إيران، وذلك لعزل هذه الأجزاء عن بعضها البعض, والتفريق بينهما تفريقاً يحول دون التقائها في وحدة إيمانية قوية"(1507).(1/402)
وشغلت الصحف بالكلام عن الكشوف الأثرية الجديدة وما تدل عليه من حضارات البابليين والآشوريين والكلدانيين والفينيقيين والفراعنة(1508)، وما زال بعض الكتاب المسلمون لا يفتؤون يذكرون مآثر الآباء والأجداد السابقين حتى يصل الأمر إلى المفاخرة بما أنجزه أهل الحضارات الكافرة، ما قبل الإسلام، حتى يفخر بعض الكتاب بمآثر قدماء المصريين وحضارتهم القديمة(1509).
يقول أحدهم في مقدمة كتابه: "حسناً ألم تقم مصر بدور قيادي في التاريخ منذ فجر الحضارة؟ إذا لم تكن هي أول موطن ظهرت فيه حضارة الإنسان في التاريخ القديم، فهي لا شك الموطن الثاني. وإذا كان العراق قد سبق مصر، فإنما سبقها ببضعة قرون على الأكثر"1510.
وفي الثلاثينيات، وتحديداً في عام 1932م، تأسس الحزب القومي في لبنان(1511) على يد أنطوان سعادة(1512)، ومن أهم مبادئ هذا الحزب التي يذكرها أنطوان سعادة في كتابه نشوء الأمم:
- إعداد جيش قومي ذي قيمة فعلية في تقرير مصير الأمة والوطن.
- مصلحة سوريا فوق كل مصلحة.
كما أنهم يعتزون بالماضي السحيق الذي يمثله الفينيقيون بوثنيتهم وخمرهم وآلهتهم وعاداته وتقاليدهم ولذاتهم ويعتزون بالثقافة الروحية الطابع العمراني الذي نشرته سوريا في البحر السوري المعروف بالبحر المتوسط، ويعتبرون أن أزهى العصور في تاريخ سوريا هو العصر الفينيقي، وأن الفتح الإسلامي يعتبر فتحاً أجنبياً ولا يرون في التاريخ الإسلامي في سوريا بعد الفتح إلا تاريخاً سورياً خالصاً، فمعاوية رضي الله عنه أصبح سورياً لإقامته في دمشق عشرين عاماً قبل الخلافة، وأمجاد الأمويين أمجاد سورية محضة، والنزاع بين معاوية وعلي رضي الله عنهما إنما هو نزاع بين القومية السورية والقومية العراقية، وعندما يتحدثون عن سوريا فإنما يقصدون بذلك سوريا الكبرى والتي تضم سوريا الحالية ولبنان و الأردن وفلسطين(1513).(1/403)
ومن لوثة هذا الفكر العنصري الجاهلي المريض تقديم العرب على المسلمين في اللفظ وإقحام لفظ العرب مع المسلمين في قضايا المسلمين، وهذا مشهور في كثير من الإذاعات والتلفزة العربية، إيماناً منهم بأن للعرب خصوصية في ذلك، إن لم يكن بسبب إيمانهم بالعروبة كعنصر يجمع بين العربي وأخيه العربي ويجعلهما يعملان جنباً إلى جنب نصراً للعروبة، تحت شعار (الدين لله والوطن للجميع) (1514)، وإن كان ذلك على حساب الإسلام دين الله الحق؛ فإن من العرب من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ومن غير العرب من هو أكثر تمسكاً بالإسلام من المسلمين العرب.
وعلى هذا فيكون من التضليل الإعلامي للمسلمين ومن تمييع قضاياهم هو إلباسها ثوباً غير الثوب الإسلامي، سواءً أكان ذلك الثوب عربياً أو كردياً أو طورانياً أو غير ذلك؛ فإن تفصيل كل هذه الثياب تفصيل جاهلي، خاطها من قبل لأهل الجاهليات: إبليس، حين اعترض على ربه ظاناً أن عنصره أفضل من عنصر آدم فقال: (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)(1515).
وألقت القومية العربية بظلالها على ما يسمى بالقضية الفلسطينية، وهي قضية احتلال الصهاينة لفلسطين، فصار كثير من المسلمين العرب يحمل هم القضية على أساس أن الذي حدث ويحدث لإخواننا الفلسطينيين هو مما يمس إخواننا في العروبة(1516)، الأمر الذي يجعل العروبة هي الدين الجديد الذي يجمع بين العرب والذي يجب أن يلتقي عليه العربي مع أخيه العربي مهما كانت ديانته وانتماؤه، فيقاتل اليهودَ: مسلمون عرب ونصارى عرب وربما يهود عرب.
لم يحصل في التاريخ الإسلامي _ حسب علمي _ تمييع لقضية إسلامية وصبها في قالب قومي كما حصل لقضية المسجد الأقصى، حتى صارت إعادة الأرض المباركة، من إعادة الكيان العربي المنهار والذي يجب التعاون على وحدته.(1/404)
والعجيب: كيف يقاتل المسلم وبجانبه في الصف: الشيوعي الملحد والنصراني المشرك بحجة أنهما أخوان في العروبة، إنها القومية التي تعود بالمسلمين إلى التخلق بصفات أهل الجاهلية الأولى.
وانتشر الجدل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، بمن يكون صاحب الحق في الأرض تأريخياً، وافتتح في ذلك جدل طويل دار في المجالس العامة، كما دار في المنابر الاجتماعية والسياسية كالصحف وغيرها، فقال قائل العروبة: العرب هم أحق الناس بأرض فلسطين، واستدل بأن الكنعانيين من قوم إبراهيم كانوا عرباً، وجعل الطريقة لإثبات أحقية بيت المقدس للعرب: أسبقيتهم تاريخياً، ونسي أن من العرب الذين يتحدث عنهم من هو يهودي متربص أو صليبي حاقد، كما نسي القضية الأساسية التي تفصل بين الناس ألا وهي الكفر والإيمان وليس العروبة والأعجمية: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(1517)، ولم يعلم أن الأرض التي خلقها الله تعالى إنما أورثها عباده المؤمنين وليس للكفار منها شيء، قال تعالى: (إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)(1518)، فالأرض لله وأولى الناس بأرض الله هم المتقون ولذلك جعل العاقبة لهم في الأرض، وهؤلاء المتقون هم أهل الإسلام والإيمان والعمل الصالح: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ(1/405)
صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)(1519)، هؤلاء هم المتقون وهذه هي صفات الذين اتقوا الله وكانوا أحق الناس بأرض الله والعاقبة لهم، وليست العاقبة لجنس من الناس، وليس لطائفة من الناس فضل على أخرى، كما أنه ليس للعرب فضل على غيرهم قال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسوا بِهَا بِكَافِرِينَ)(1520)، قال ابن كثير في تفسيرها: "أي إن يكفر بهذه النعم من كفر بها من قريش وغيرهم من سائر أهل الأرض من عرب وعجم ومليين وكتابيين فقد وكلنا بها قوما آخرين أي المهاجرين والأنصار وأتباعهم إلى يوم القيامة"(1521).
…وسارت الدول الإسلامية في ركب الدول الغربية حتى في فكرة النشيد الوطني(1522) وألحانه، فلم تكن فكرة النشيد الوطني معروفة لدى المسلمين حتى تشبهوا فيها بالدول الغربية التي سبقت المسلمين بالغرق في أوحال القوميات والوطنيات الضيقة المنتنة، وأول نشيد ألفت ألحانه: نشيد العسكرية المارسيليه الذي نظم أثناء الثورة الفرنسية عام 1792م، أنشده مجموعة من الجنود الجمهوريين عندما كانوا يتقدمون نحو باريس. وسرعان ما أصبح رائجاً. واتخذ المارسيليه نشيد فرنسا الوطني عام 1795م(1523).
حتى صار لكل دولة إسلامية نشيدها الوطني الخاص الذي قد لا يحتوى على ما يرمز للإسلام بقدر ما يرمز للعروبة ومآثر الآباء والأجداد.
الخاتمة
…بهذا نكون قد وصلنا _ بحمد الله _ إلى نهاية سياق مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث على منوال الخطة المرسومة لهذا البحث، ولقد استفدت من البحث في هذا الموضوع كثيراً، ولقد ساعدني شمول هذا البحث على الوقوف على فوائد جمة في أبواب العقيدة و التاريخ و الواقع المعاصر.
…وبعد ذلك أخلص إلى ذكر نتائج البحث:-(1/406)
* مما استوقفني في هذا البحث: تشديد الكتاب والسنة وأقوال الصحابة في النهي عن التشبه بالكفار، بل وسد الذرائع الموصلة إلى التشبه بهم.
* أن معنى الاختلاف المذموم: هو الاختلاف على الكتاب والسنة؛ فليس للاختلاف بين الناس ضابط.
* كان سبب افتراق كثير من الفرق عن أهل السنة والجماعة هو التشبه بالكافرين، بشكل أو بآخر؛ فإننا لو استعرضنا أركان الإيمان الستة والانحرافات التي حصلت فيها: سنجد أن سائر تلك الانحرافات مستمدة من مناهج كفرية، لا علاقة لها بدين الإسلام.
* لا يمكن أن ننظر إلى قضية التشبه بالكفار نظرة كاملة إلا إذا وضعنا في اعتبارنا المرحلة التي يمر بها المجتمع الإسلامي، وهو حالة الضعف والانهزام العسكري والاقتصادي التي يمر بها، مما أدى إلى انبهار بعض المسلمين بالحضارة الغربية، وتقليدهم لها.
* إن كل ابتداع هو اختلاف على الكتاب والسنة وكل اختلاف تشبه بالكفار، النتيجة: أن كل ابتداع في الدين فيه تشبه بالكفار بقدر ما فيه من الاختلاف على الكتاب والسنة(1524).
* أن المطلع على منشأ البدع التي انتشرت بين المسلمين وأصولها وجذورها، ليخرج بنتيجة واضحة جلية: ألا وهي أنه ما من بدعة إلا إما أن تكون مأخوذة عن الكفار، وإما أن تكون أصلها من عندهم، وإما أن تكون قد فعلها الكفار وإن لم يكن صاحبها قد استقاها من عندهم، وإما أنها من باب التشبه لأنها نوع من الافتراق الذي هو في أصله تشبه بالكفار(1525).
* أن مظاهر التشبه بالكفار عن طريق الفلسفة في توحيد المعرفة منطلقة من شبهة عند بعض المسلمين، ألا وهي اعتقادهم أنه لا بد من معرفة الله عن طريق العقل، وأن إثبات ذلك هو أول واجب على المكلف، فلزم على هذا الأساس أن تكون تلك المعرفة عقلية بحتة، وعلى أساسها يتم الإيمان بالغيب، فنتج عن ذلك، عدة أمور، كلها تعد من مظاهر التشبه بالكفار من فلاسفة اليونان:(1/407)
1. الأول: اعتماد المعرفة العقلية أساساً لا يقف أمامه نص، ولا غرو؛ فالأساس الأول الذي اعتمدوه لمعرفة وجود الله أولاً هو العقل، وهو الأمر الذي يسير في خط واحد هو والفلسفة اليونانية، ألا وهو تقديس العقل.
2. والثاني: التزام أمور عقلية في باب توحيد الله عز وجل، لا تتفق مع منهج القرآن والسنة والسلف الصالح، الأمر الذي أدى إلى تحريف في الدين لا يستهان به، وخاصة في باب الصفات.
* كما أن التشبه بالكفار أمر واقع لا محالة كما أخبرنا بذلك النبي (_ وربما كان هذا الزمن الذي يكون فيه التشبه بهم على أقوى صوره في التاريخ الإسلامي، بحكم حالة الضعف والانهزام التي يمر بها المسلمون اليوم _ فإن التخلص من التشبه بالكفار أمر واقع كذلك،، وسوف يكون النصر يوماً ما للمسلمين، كما أخبرتنا بذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، نعم، يوماً ما سيتشبه الكافر بالمسلم، ويصير التشبه بالكفار أمراً مستهجناً ويتشبه الكفار بالمسلمين، كما كان الوضع في حال قوة المسلمين وضعف أعدائهم. وعلى هذا فإن التشبه بالكفار اليوم هو أمر مرحلي، بحكم تأثر المغلوب بالغالب، ولا يعني ذلك أن نستسلم اليوم لتلك المظاهر أو أن نعدها من الواقع الذي لا بد وأن يأخذ طريقه وزمنه، بل لا بد من محاربة تلك التوجهات الغربية في العالم الإسلامي بكل ما يميز المسلم بإيمانه ويحفظ له هويته الإسلامية، ولذلك:
التوصيات:
ولذلك فإنني من خلال البحث في هذا الموضوع المهم بالنسبة للمسلمين اليوم، ومن خلال تقليب ملفاته وبطاقاته:-(1/408)
- وجَدت الحاجة ماسة للكتابة في هذا الموضوع وإشباعه بحثاً واستقصاءً وتجميع فتاوى أهل العلم فيه، وأرى من الخليق عمل موسوعة في التشبه بالكفار في العصر الحديث، يجمع فيها التعريف بكل أداة من أدوات التشبه، وأحكامها، وأقوال أهل العلم وفتاواهم في ذلك، والتعريف بالشخصيات التي عملت على إقحام المذاهب الفكرية الغربية، وتوضيح الصلة بين كل فكرة وبين مصدرها الكافر وتأريخ دخولها إلى بلاد المسلمين، مما يقيم الحجة في هذا الباب، ويعمل على توعية المسلمين بخطره.
- السبب الأساسي لتشبه المسلمين بالكفار في العصر الحديث هو ضعف الإيمان، وبجانبه عدم استحضار جوانب العزة والقدوة الإسلامية وخاصة عند الشباب، مما يستلزم من كل مخلص أن يعمل على إبراز جوانب القدوة الإسلامية ومن أهم جوانبها: السيرة النبوية وسيرة السلف الصالح والمعارك والفتوحات الإسلامية التي تزرع العزة في نفوس الناشئة، وتصرف أنظارهم عن الحضارة الغربية الزائفة.
- وبالعكس فلا بد من إبراز الجانب المظلم في الحياة الغربية وأدوات الدمار الأخلاقي والاقتصادي والاجتماعي التي تنخر في تلك المجتمعات وتؤذن بقرب انتهائها وانطفاء جذوة نارها التي لم ينشأ عنها نور في يوم من الأيام، والتي ما فتئت تحرق في طريقها كل خلق فاضل وكل اتجاه سليم.
تنبيه
…هذا وإني أرجو من كل قارئ لهذه الرسالة، ممن رأى فيها نقصاً أو خللاً، أن لا يدخر جهداً، في بذل النصيحة لي فيما بيني وبينه وسأكون له من الشاكرين.(1/409)
وفي النهاية أختم بما ابتدأت به، فأحمده سبحانه وتعالى على ما يسر وأعان وله الفضل كله وإليه يعود الأمر كله، وأسأله تعالى أن لا يجعل هذا العمل سبباً في هلاك صاحبه، وأن ينضر وجهه به، وأن يجعله خالصاً له، وأن يعفو عما فيه من الزلل، وأن يتقبله من صاحبه قبولاً حسناً، وأن يجعل ما سطرت يداه حجة له يوم القيامة، لا حجة عليه، وصلِّ اللهم وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه الفقير إلى عفو ربه:
أشرف بن عبد الحميد بن محمد بارقعان.
ashrafab@islamway.net
ashrfab@maktoob.com
الفهارس:
1. فهرس الآيات.
2. فهرس الأحاديث.
3. فهرس الآثار.
4. فهرس الفرق والديانات والعقائد والأحزاب المعرف بها.
5. المصادر والمراجع.
6. فهرس الموضوعات.
...........................................................................
...........................................................................
...........................................................................
...........................................................................
...........................................................................
(راجع النسخة المطبوعة).
المصادر والمراجع
1. القرآن الكريم.
2. أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم، لصديق بن حسن القنوجي، تحقيق: عبد الجبار زكار، دار الكتب العلمية - بيروت، عام: (1978م).
3. آثار المغرب والأندلس، د. طاهر مظفر العميد، دار الكتب للطباعة والنشر، الطبعة: بدون.
4. آثار مصر القديمة في كتابات الرحالة العرب والأجانب، المؤلف: جيلان عباس، تقديم: مختار السويفي، الدار المصرية اللبنانية، الطبعة الأولى، عام: (1412هـ - 1992م).(1/410)
5. أجدادنا في ثرى بيت المقدس، د. كامل جميل العسلي، مؤسسة آل البيت المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية، الطابعون: جمعية عمال المطابع التعاونية - عمان، الطبعة: بدون، عام: (1402هـ - 1981م).
6. أحكام القرآن، لمحمد بن إدريس الشافعي أبو عبد الله، تحقيق: عبد الغني عبد الخالق، دار الكتب العلمية - بيروت، عام: (1400هـ).
7. الإحكام في أصول الأحكام، لعلي بن محمد الآمدي أبو الحسن، تحقيق: د.سيد الجميلي، دار الكتاب العربي - بيروت، عام: (1404هـ).
8. الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، محمود عبد الحليم، دار الدعوة - الإسكندرية، الطبعة: الثانية، عام: (1406هـ).
9. إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، لمحمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي - بيروت، دمشق، الطبعة الثانية، عام: (1405هـ - 1985م).
10. الإسلام والحضارة الغربية، د. محمد محمد حسين، مؤسسة الرسالة _ بيروت، الطبعة الخامسة، عام: (1402هـ - 1982م).
11. الإسلام والشيوعية، لعبد المنعم النمر، دار الكتاب العربي - مصر.
12. الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية، للإمام: محمد عبده، مطبعة: محمد علي صبيح وأولاده، عام: (1373هـ - 1954م).
13. الإسلاميون وتركيا العلمانية نموذج الإمام سليمان حلمي، لهدى درويش، دار الآفاق العربية - القاهرة، الطبعة الأولى، عام: (1418هـ - 1998م).
14. الإصابة في تمييز الصحابة، للإمام: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، تحقيق: علي محمد البجاوي نشر دار الجيل - بيروت، الطبعة: الأولى، عام: (1412هـ - 1992م).
15. أصول الإسماعيلية، للدكتور سليمان عبد الله السلومي، دار الفضيلة - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1422هـ - 2001م).(1/411)
16. الأصول التي بنى عليها المبتدعة مذهبهم في الصفات والرد عليها من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، للدكتور عبد القادر بن محمد عطا صوفي، مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة النبوية، الطبعة الأولى، عام: (1418هـ - 1997م).
17. إظهار الحق، لرحمت الله بن خليل الرحمن الكيرانوي العثماني الهندي، دراسة وتحقيق وتعليق: الدكتور محمد أحمد محمد عبد القادر خليل ملكاوي، دار الحديث - القاهرة، الطبعة الثانية، عام: (1413هـ - 1992م).
18. إعلام الموقعين عن رب العالمين، لمحمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، دار الجيل - بيروت، عام: (1973م).
19. أعلام النبوة، لأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، تحقيق: محمد المعتصم بالله البغدادي، دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1987م).
20. الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن دين الإسلام وإثبات نبوة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، تأليف الإمام القرطبي، تقديم وتحقيق وتعليق: د. أحمد حجازي السقا، دار التراث العربي، الطبعة: بدون.
21. الأعلام، خير الدين الزركلي، جار العلم للملايين - بيروت، الطبعة: الرابعة، عام: (1979م).
22. الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين - بيروت، الطبعة الخامسة، عام: (1980).
23. إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، لمحمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار المعرفة - بيروت، الطبعة الثانية، عام: (1395هـ - 1975م).
24. أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات، لمرعي بن يوسف الكرمي المقدسي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1406هـ).
25. الإمام ابن تيمية وقضية التأويل، د. محمد السيد الجليند، شركة مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع - جدة - الرياض - الدمام، الطبعة: الثالثة، عام: (1403هـ - 1983م).(1/412)
26. الإنسان الكامل محاورات في الفلسفة الصوفية، لمحمد غازي عرابي، دار قتيبة، الطبعة: الأولى، عام: (1407هـ - 1987م).
27. الإنسان بين المادية والإسلام،للشيخ محمد قطب، دار الشروق - القاهرة، بيروت، الطبعة الرابعة، عام: (1415هـ - 1995م).
28. أوروبا في مطلع العصور الحديثة، د. عبد العزيز محمد الشناوي، مكتبة الأنجلو المصرية - شارع محمد بك فريد، الطبعة الثالثة، عام: (1977م).
29. إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد، محمد إبراهيم الوزير الحسني اليمني الصنعاني، تحقيق: أحمد مصطفي حسين صالح، إشراف: د. صابر طعمية، الدار اليمنية للنشر والتوزيع، عام: (1405هـ - 1985م).
30. ابن قيم الجوزية وجهوده في الدفاع عن عقيدة السلف، د. عبد الله محمد جار النبي، الطبعة: الأولى، عام: (1406هـ - 1986م).
31. اتجاهات الفكر الإسلامي المعاصر في مصر في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري، للدكتور حمد بن صادق الجمال، دار عالم الكتب - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1414هـ - 1994م).
32. الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، د. محمد محمد حسين، دار الرسالة - مكة، الطبعة التاسعة، عام: (1413هـ -1992م).
33. اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، لمحمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1404هـ -1984م).
34. الاختلاف وما إليه، لمحمد بن عمر بن سالم بازمول، دار الهجرة - الرياض الطبعة الأولى، عام: (1415هـ - 1995م).
35. الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ل يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر، تحقيق: علي محمد البجاوي، نشر: دار الجيل - بيروت، الطبعة: الأولى، عام: (1412هـ).
36. الاعتصام، لأبي إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد الغرناطي الشاطبي، تحقيق: سليم بن عيد الهلالي، دار ابن عفان - الخبر، الطبعة الأولى، عام: (1412هـ - 1992م).(1/413)
37. اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، لمحمد بن عمر بن الحسين الرازي أبو عبد الله، تحقيق: علي سامي النشار، دار الكتب العلمية - بيروت، عام: (1402هـ).
38. اقتضاء الصراط المستقيم، ابن تيمية أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام، تحقيق و تعليق: د. ناصر عبد الكريم العقل، السعودية - دار العاصمة، الطبعة السادسة 1419هـ.
39. الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين وآثارهما في حياة الأمة، لعلي بن بخيت الزهراني، دار طيبة - مكة المكرمة، دار آل عمار - الشارقة، الطبعة الثانية، عام: (1418هـ - 1998م).
40. البابية عرض ونقد، للإستاذ: إحسان إلهي ظهير، إدارة ترجمان السنة - لاهور - باكستان، الطبعة: السادسة، عام: (1984م).
41. باعث النهضة الإسلامية ابن تيمية السلفي نقده لمسالك المتكلمين والفلاسفة في الإلهيات، للدكتور محمد خليل هراس، مكتبة الصحابة - طنطا، الطبعة الثانية، عام: (1405هـ).
42. بدائع الفوائد، للإمام ابن قيم الجوزية، تحقيق: هشام عبد العزيز عطا - عادل عبد الحميد العدوي - أشرف أحمد،مكتبة نزار مصطفى الباز - مكة، الطبعة: الأولى، عام: (1416هـ - 1996م).
43. البداية والنهاية، تأليف: أبو الفداء الحافظ ابن كثير الدمشقي، تحقيق: د. أحمد أبو ملحم (وآخرون)، دار الريان للتراث - القاهرة، الطبعة الأولى، عام: (1408هـ - 1988م).
44. البهائية نقد وتحليل، الأستاذ: إحسان إلهي ظهير _ رحمه الله _, إدارة ترجمان السنة - لاهور - باكستان، الطبعة: بدون.
45. بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، لأحمد عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، تحقيق: محمد بن عبدالرحمن بن قاسم، مطبعة الحكومة - مكة المكرمة، الطبعة الأولى، عام: (1392هـ).
46. تاج العروس من جواهر القاموس، الزبيدي محمد مرتضى، بيروت - دار الحياة، الطبعة الأولى 1306هـ.(1/414)
47. تاريخ الأمم والملوك، لمحمد بن جرير الطبري أبو جعفر، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى، عام: (1407هـ).
48. تاريخ التصوف الإسلامي من البداية حتى نهاية القرن الثاني، د. عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات - الكويت، الطبعة الأولى، عام: (1975م).
49. تاريخ الدولة العلية العثمانية، محمد فريد بك المحامي، تحقيق: د. إحسان حقي، دار النفائس - بيروت، الطبعة: الثانية، عام: (1403هـ - 1983م).
50. تاريخ الفلسفة في الإسلام، الأستاذ: ت. ج. د ي بور بجامعة أمستردام، نقله إلى العربية وعلق عليه د. محمد عبد الهادي أبو ربدة، القاهرة ـ مطبعة لجنة التأليف والتربية والنشر، سنة 1377هـ.
51. تاريخ الفلسفة في الإسلام، دي بور، نقله إلى العربية وعلق عليه: محمد عبد الهادي أبو ريدة، دار النهضة العربية - بيروت.
52. التاريخ الكبير، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، تحقيق: السيد هاشم الندوي، دار الفكر.
53. تاريخ بغداد، أحمد بن علي أبو بكر الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية - بيروت.
54. تاريخ ونظام التعليم فى جمهورية مصر العربية، تأليف منير عطا الله سليمان وآخرون، مكتبة الأنجلو المصرية - القاهرة، الطبعة: الثالثة، عام: (1972م).
55. التجانية، للدكتور علي بن محمد آل دخيل الله، دار العاصمة - الرياض، الطبعة الثانية، عام: (1419هـ - 1998 م).
56. تجربة عربي في الحزب الشيوعي، قدري قلعجي، دار الكتاب العربي - بيروت.
57. تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد، بقلم الشيخ: محمد ناصر الدين الألباني،، المكتب الإسلامي - بيروت، الطبعة الثانية عام: (1392هـ).
58. التحذير من الاغترار بما جاء في كتاب الحوار، عبد الحي العمروي، عبد الكريم مراد، مطبعة المعارف الجديدة - الرباط، الطبعة الأولى، عام: (1404هـ - 1984م).(1/415)
59. تحريم النظر في كتب الكلام، لأبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر بن عبد الله بن حذيفة، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد سعيد دمشقية، دار عالم المكتب - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1990م).
60. التحف في مذاهب السلف، لمحمد بن علي الشوكاني، تحقيق: طارق السعود، دار الهجرة - بيروت، الطبعة الثانية، عام: (1408هـ - 1988م).
61. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، لمحمد عبدالرحمن المباركفوري أبو العلا، دار الكتب العلمية - بيروت.
62. تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة، للبيروني، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - حيدر أباد، الهند، عام: (1377هـ - 1958م).
63. تحكيم الشريعة ودعاوى العلمانية، د. صلاح الصاوي، دار طيبة - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1412هـ).
64. تحكيم القوانين، للشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ، الطبعة الثالثة، عام: (1411هـ).
65. التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار، لأبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي، مكتبة دار البيان - دمشق، الطبعة الأولى، عام: (1399هـ).
66. التدابير الواقية من التشبه بالكفار، للدكتور عثمان دوكوري، مكتبة الرشد - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1421هـ - 2000م).
67. التدمرية، لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: محمد بن عودة السعوي، العبيكان - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1405هـ - 1985م).
68. التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية / دراسات لكبار المستشرقين، الكاتب: كارل هينرش بكر، ترجمة: عبدالرحمن بدول، الكويت - وكالة المطبوعات - بيروت دار القلم، الطبعة الرابعة، سنة 1980م.
69. تراثنا الفلسفي حاجته إلى النقد والتمحيص، محمد رضا الشبيبي، مطبعة العاني - بغداد، الطبعة: بدون، عام: (1385هـ - 1965م).(1/416)
70. تسامح الغرب مع المسلمين، لعبد اللطيف بن إبراهيم بن عبد اللطيف الحسين، دار ابن الجوزي - الدمام، الطبعة الأولى، عام: (1419هـ - 1999م).
71. تشبه الخسيس بأهل الخميس في رد التشبه بالمشركين، للذهبي، تحقيق: علي حسن علي عبد الحميد، دار عمار للنشر والتوزيع - الأردن (عمان)، الطبعة الأولى، عام: (1408هـ - 1988م).
72. التعريفات، لعلي بن محمد بن علي الجرجاني، تحقيق: إبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1405هـ).
73. تفسير الجلالين، لمحمد بن أحمد وعبد الرحمن بن أبي بكر المحلي والسيوطي، دار الحديث - القاهرة، الطبعة الأولى.
74. تفسير الصافي، تأليف محسن الملقب بالفيض الكاشاني، صححه وقدم له وعلق عليه حسين الأعلمي، بيروت - مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، الطبعة: الثانية، عام: (1402هـ - 1982م).
75. تفسير العياشي، تأليف أبي النصر محمد بن مسعود بن عياش السلمي المعروف بالعياشي، تصحيح وتعليق: هاشم الرسولي المحلاتي، بيروت - مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، الطبعة: الأولى، عام: (1411هـ - 1991م).
76. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير عماد الدين أبو الفداء إسماعيل القرشي الدمشقي، القاهرة - دار الحديث، الطبعة الثانية، عام: (1410هـ).
77. تفسير القرآن العظيم، لإسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي أبو الفداء، دار الفكر - بيروت، عام: (1401هـ).
78. التفسير الكبير، فخر الدين الرازي، دار الكتب العلمية، طهران - الطبعة الثانية.
79. التفكير الفلسفي في الإسلام، شيخ الأزهر: عبد الحليم محمود، بيروت - دار الكتاب اللبناني - مكتبة المدرسة، سنة 1402هـ.
80. تقريب التهذيب، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي، تحقيق: محمد عوامة، دار الرشيد - سوريا، الطبعة: الأولى، عام: (1406هـ - 1986م).
81. تلبيس إبليس، لعبد الرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج، دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1405هـ -1985م).(1/417)
82. التنبؤ بالغيب عند مفكري الإسلام، توفيق الطويل، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الطلبي وشركاه، سنة 1364هـ.
83. تنبيه زائر الدينة على الممنوع والمشروع في الزيارة، صالح السدلان
84. التنبيه على الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين في آرائهم ومذاهبهم واعتقاداتهم، لعبد الله بن السيد البطليوسي، تحقيق: د. أحمد حسن كحيل - د. حمزة عبد الله النشرتي.
85. تنوير الحوالك شرح موطأ مالك، لعبد الرحمن بن أبي أبو الفضل السيوطي، المكتبة التجارية الكبرى - مصر، عام: (1389هـ - 1969م).
86. تهافت التهافت، للقاضي أبي الوليدمحمد بن رشد، تحقيق: الأستاذ د. سليمان دنيا، دار المعارف - مصر، الطبعة: الثانية، عام: (1969م).
87. تهافت العلمانية في الصحافة العربية، لسالم علي البهنساوي، دار الوفاء - المنصورة، الطبعة الثانية، عام: (1413هـ - 1992م).
88. تهافت الفلاسفة، للإمام أبي حامد الغزالى، تحقيق وتقديم: د. سليمان دنيا، دار المعارف - مصر، الطبعة: الخامسة.
89. تهذيب الكمال، ل يوسف بن الزكي عبدالرحمن أبو الحجاج المزي، تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1400هـ - 1980م).
90. توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم، لأحمد بن إبراهيم بن عيسى، تحقيق: زهير الشاويش،المكتب الإسلامي - بيروت، الطبعة الثالثة، عام: (1406هـ).
91. التوقيف على مهمات التعاريف، لمحمد عبدالرؤوف المناوي، تحقيق: د.محمد رضوان الداية، دار الفكر المعاصر، دار الفكر - بيروت، دمشق، الطبعة الأولى، عام: (1410هـ).
92. تيارات الفكر الاسلامي، محمد عمارة، دار الشروق - القاهرة، بيروت، طبعة عام: (1411هـ، 1991م).
93. تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد، لسليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، مكتبة الرياض الحديثة - الرياض.(1/418)
94. الثقات، لمحمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي، المحقق: السيد شرف الدين أحمد، دار الفكر، الطبعة الأولى، عام: (1395هـ - 1975م).
95. جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لمحمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري أبو جعفر، دار الفكر - بيروت، عام: (1405هـ).
96. جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم، لأبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي، دار المعرفة - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1408هـ).
97. الجامع لأحكام القرآن، لمحمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح القرطبي أبو عبد الله، تحقيق: أحمد عبد العليم البردوني، دار الشعب - القاهرة، الطبعة الثانية، عام: (1372هـ).
98. الجرح والتعديل، للإمام: عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس أبو محمد الرازي التميمي، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة: الأولى، عام: (1271هـ - 1952م).
99. جلاء العينين في محاكمة الأحمدين، تأليف: السيد نعمان خير الدين الشهير بابن الألوسي البغدادي، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: بدون.
100. جناية التأويل الفاسد على العقيدة الإسلامية، د. محمد أحمد لوح، دار بن عفان - المملكة العربية السعودية - الخبر، الطبعة: الأولى، عام: (1418هـ - 1997م).
101. الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، لأحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، تحقيق: د.علي حسن ناصر ود.عبد العزيز إبراهيم العسكر ود. حمدان محمد، دار العاصمة - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1414هـ).
102. جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التجاني، تأليف علي حرازم بن العربي برادة المغربي الفاسي، دار الفكر - بيروت، الطبعة: بدون.
103. حاشية ابن عابدين، المعروفة برد المحتار على الدر المختار، لمحمد أمين (ابن عابدين)، تحقيق: عادل عبدالموجود وعلي معوض، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1415هـ).(1/419)
104. حاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصرة، د. جميل عبد الله المصري، دار أم القرى - مكة المكرمة، الطبعة: الثانية، عام: (1409هـ - 1989م).
105. حاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصرة، د. جميل عبد الله محمد المصري، مكتبة العبيكان - الرياض، الطبعة الرابعة، عام: (1420هـ - 1999م).
106. حاضر العالم الإسلامي، لوثروب ستودارد الأمريكي، نقله إلى العربية الأستاذ: عجاج نويهض، بقلم أمير البيان والمجاهد الكبير: الأمير شكيب أرسلان، مكتبة عيسى البابي الحلبي وشركاه، مصر القاهرة- عام: (1352هـ).
107. الحب والفلوس والموت.. وأنا، لأنيس منصور، نهضة مصر - القاهرة، الطبعة الثانية، عام: (2001م).
108. الحدائق في المطالب العالية الفلسفية العويصة، لأبي محمد عبد الله بن محمد السيد البطليوسي الأندلسي، دار الفكر - دمشق، الطبعة الأولى، عام: (1988م).
109. حزب البعث تاريخه وعقائده، لسعيد بن ناصر الغامدي، دار الوطن - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1411هـ).
110. حسن التنبه لما ورد في التشبه جزء في مجلدين 471 ق، المكتبة السليمانية بتركيا، رقم المكبرة في الجامعة الإسلامية: 1115-1116.
111. حقيقة البابية والبهائية، لمحسن عبد الحميد، المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى، عام: (1389هـ - 1969م).
112. الحقيقة الشرعية في تفسير القرآن الكريم والسنة النبوية، محمد عمر بازمول، دار الهجرة - الرياض، الطبعة: الأولى، عام: (1415هـ - 1995م).
113. حكاية المناظرة في القرآن مع بعض أهل البدعة، لعبد الله بن أحمد بن محمد المقدسي أبو محمد، تحقيق: عبد الله يوسف الجديع، مكتبة الرشد - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1409هـ).
114. الحكم بغير ما أنزل الله أحواله وأحكامه، للدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود، دار طيبة - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1420هـ - 1999م).(1/420)
115. الحلال والحرام في الإسلام، د. يوسف القرضاوي، المكتب الإسلامي _ بيروت، الطبعة الخامسة عشر، عام: (1415هـ).
116. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة الرابعة، عام: (1415هـ).
117. حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، الشيخ: عبد الرزاق البيطار، تحقيق: محمد بهجة البيطار، مطبوعات مجمع اللغة العربية - دمشق، الطبعة الرابعة، عام: (1979).
118. الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد، للإمام محمد بن علي الشوكاني، علق عليه وخرج أحاديثه: أبو عبد الله الحلبي، دار ابن خزيمة، الطبعة الأولى، عام: (1414هـ).
119. درء تعارض العقل والنقل، لأحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، تحقيق: محمد رشاد سالم، دار الكنوز الأدبية - الرياض، عام: (1391م).
120. دراسات في السيرة النبوية، محمد سرور بن نايف زين العابدين، دار الأرقم - الكويت، الطبعة: الثانية، عام: (1408هـ - 1988م).
121. دراسات في الفكر الفلسفي الإسلامي، د.حسام الدين الألوسي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1400هـ - 1980م).
122. دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند، د. محمد ضياء الرحمن الأعظمي، مكتبة الرشد - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1422هـ - 2001).
123. دراسة المضمون الروائي في أولاد حارتنا لنجيب محفوظ، تأليف عبد الله بن محمد بن ناصر المهنا، دار عالم الكتب للطباعة والنشر - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1416هـ - 1996م).
124. الدعوة إلى التجديد في منهج النقد عند المحدثين و مواجهتها،رسالة ماجستير، إعداد عصام احمد البشير، إشراف عبدالمهدي عبدالقادر، الرياض، جامعة الإمام محمد بن سعود، كلية أصول الدين، الطبعة: بدون، عام: (04-1405هـ، 1984م).(1/421)
125. دعوة التوحيد أصولها - الأدوار التي مرت بها- مشاهير دعاتها،تأليف فضيلة الدكتور محمد خليل هراس (رحمه الله)، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1406هـ - 1986م).
126. الدعوة السلفية في شبه القارة الهندية، إعداد: عبد الوهاب خليل الرحمن، رسالة دكتوراة بجامعة أم القرى، إشراف الدكتور: بركات عبد الفتاح دويدار، عام: (1406-1407هـ)، رقم الرسالة: (1227).
127. الدليل الأثري والحضاري لمنطقة الخليج العربي، د. هشام الصفدي (وآخرون)، مكتب التربية العربي لدول الخليج، أشرف على الطبع والتصحيح: المكتتب الإسلامي - بيروت، الطبعة: الأولى، عام: (1408هـ - 1988م).
128. دمعة على التوحيد: حقيقة القبورية وآثارها في واقع الأمة، إصدار المنتدى الإسلامي - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1420هـ - 1999م).
129. ديوان البوصيري، تحقيق: محمد سيد كيلاني، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، الطبعة: الثانية، عام: (1393هـ - 1973م).
130. ديوان الشاعر العراقي إبراهيم أدهم الزهاوي، جمع و تحقيق: عبد الله الجبوري، مراجعة شوقي ضيف، الهيئة المصرية العامة للتأليف - القاهرة، الطبعة: بدون، عام: (1389هـ - 1969م).
131. ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم ممن صحت روايته عن الثقات عند البخاري ومسلم، لأبي الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني، تحقيق: بوران الضناوي وكمال يوسف الحوت، مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت، الطبعة: الأولى، عام: (1985م).
132. رجال صحيح البخاري، أو: (الهداية والإرشاد في معرفة أهل الثقة والسداد)، لأبي نصر أحمد بن محمد بن الحسين البخاري الكلاباذي، تحقيق: عبد الله الليثي، نشر: دار المعرفة - بيروت، الطبعة: الأولى، عام: (1407).
133. رجال صحيح مسلم، لأحمد بن علي بن منجويه الأصبهاني أبو بكر، تحقيق: عبد الله الليثي، دار المعرفة- بيروت، الطبعة: الأولى، عام: (1407).(1/422)
134. الرد الكافي على مغالطات د. علي عبد الواحد وافي، في كتابه: (بين الشيعة وأهل السنة)، إحسان إلهي ظهير، إدارة ترجمان السنة - لاهور - باكستان، الطبعة: بدون.
135. الرد على الزنادقة والجهمية، لأحمد بن حنبل الشيباني أبو عبد الله، تحقيق: محمد حسن راشد، المطبعة السلفية -القاهرة، عام: (1393هـ).
136. الرد على القائلين بوحدة الوجود، لعلي بن سلطان محمد الهروي المكي الحنفي، تحقيق: علي رضا بن عبد الله بن علي رضا، دار المأمون للتراث - دمشق، الطبعة الأولى، عام: (1995م).
137. رسائل العدل والتوحيد (الجزء الثاني)، تأليف: الإميام يحيى بن الحسين، تحقيق: محمد عمارة، دار الهلال، الطبعة: بدون، عام: (1971م).
138. رسالة التوحيد، لمحمد عبده، مطابع دار الكتاب العربي،عام: (1966م).
139. الرسالة الثانية في حكم التوسل بالأنبياء والأولياء عليهم السلام، للشيخ: محمد حسنين مخلوف العدوي، مطبعة المعاهد، الطبعة: الأولى، عام: (1348هـ).
140. رسالة الشرك ومظاهره، مبارك بن محمد أمين مال الميلي، السعودية - المدينة المنورة - الجامعة الإسلامية - مركز شؤون الدعوة، الطبعة الثانية، عام: (1408هـ).
141. الرسالة، لمحمد بن إدريس أبو عبد الله الشافعي، تحقيق: أحمد محمد شاكر، القاهرة، عام: (1358هـ - 1939م).
142. رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم، لسيدي عمر بن سعيد الفوتي الطوري الكدوي، دار الفكر - بيروت، الطبعة: بدون.
143. روضة المحبين ونزهة المشتاقين، لمحمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، دار الكتب العلمية - بيروت، عام: (1412هـ - 1992م).
144. سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام، لمحمد بن إسماعيل الصنعاني الأمير، تحقيق: محمد عبد العزيز الخولي، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الرابعة، عام: (1379هـ).(1/423)
145. سلسلة الأحاديث الصحيحة، لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف - الرياض، طبعة جديدة، عام: (1415هـ - 1995م).
146. سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف - الرياض.
147. السنة قبل التدوين، د. محمد عجاج الخطيب، بيروت - دار الفكر، الطبعة الخامسة 1401هـ.
148. السنة قبل التدوين، للدكتور محمد عجاج الخطيب، دار الفكر - بيروت، الطبعة الثالثة، عام: (1400هـ - 1980م).
149. السنة والشيعة، لإحسان إلهي ظهير _ رحمه الله _، إدارة ترجمان السنة - لاهور - باكستان، الطبعة: بدون.
150. السنة، لمحمد بن نصر بن الحجاج المروزي أبو عبد الله، تحقيق: سالم أحمد السلفي، مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1408هـ).
151. سنن أبي داود، لسليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر.
152. سنن ابن ماجه، لمحمد بن يزيد أبو عبد الله القزويني، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر - بيروت.
153. سنن البيهقي الكبرى، لأحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، مكتبة دار الباز - مكة المكرمة، عام: (1414هـ - 1994م).
154. سنن الترمذي، لمحمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون، دار إحياء التراث العربي - بيروت.
155. سنن الدارمي، لعبد الله بن عبدالرحمن أبو محمد الدارمي، تحقيق: فواز أحمد زمرلي وخالد السبع العلمي، دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1407هـ).
156. السيد البدوي دراسة نقدية، د. عبد الله صابر، دار الطباعة والنشر الإسلامية، مكتب القاهرة، الطبعة بدون.
157. سير أعلام النبلاء، الذهبي شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرون، بيروت - مؤسسة الرسالة، الطبعة العاشرة، عام: (1414هـ).(1/424)
158. سير أعلام النبلاء، لمحمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي أبو عبد الله، تحقيق: شعيب الأرناؤوط , محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة التاسعة، عام: (1413هـ).
159. السيرة النبوية الصحيحة، د. أكرم ضياء العمري، مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة، الطبعة الخامسة، عام: (1413هـ- 1993م).
160. السيرة النبوية لابن هشام، لعبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري أبو محمد، تحقيق: طه عبدالرؤوف سعد، دار النخيل - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1411هـ).
161. شذا العرف في فن الصرف، الأستاذ الشيخ: أحمد الحملاوي، مراجعة وتعليق: سعد محمد اللحام، بيروت - دار عالم الكتب، سنة 1417هـ
162. شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين من بعدهم، لابن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي، تحقيق: الدكتور أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي، دار طيبة - الرياض، الطبعة الثالثة، عام: (1415هـ - 1994م).
163. شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، ابن عقيل بهاء الدين عبد الله بن عقيل العقيلي الهمداني المصري، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، صيدا - بيروت - المكتبة العصرية، طبعة جديدة منقحة - راجع هذه الطبعة ونقحها د. محمد أسعد النادري، سنة 1418هـ
164. شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، لمحمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1411هـ).
165. شرح السنة، للحسن بن علي بن خلف البربهاري أبو محمد، تحقيق: د. محمد سعيد سالم القحطاني، دار ابن القيم - الدمام، الطبعة الأولى، عام: (1408هـ).
166. شرح السيوطي على سنن النسائي، لعبد الرحمن بن أبي بكر أبو عبدالرحمن السيوطي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب، الطبعة الثانية، عام: (1406هـ - 1986م).(1/425)
167. شرح العقيدة الأصفهانية، لأحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس, تحقيق: إبراهيم سعيداي، مكتبة الرشد - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1415هـ).
168. شرح العقيدة الطحاوية، للإمام القاضي علي بن علي بن محمد بن أبي العز الدمشقي، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه وقدم له: الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي وشعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الرابعة، 1412هـ - 1992م).
169. شرح العمدة في الفقه، لأحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، تحقيق: د.سعود صالح العطيشان، مكتبة العبيكان - مكتبة العبيكان - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1413هـ).
170. شرح سنن ابن ماجه، للسيوطي وعبد الغني و فخر الحسن الدهلوي، قديمي كتب خانة - كراتشي.
171. شعب الإيمان، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1410هـ).
172. شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، لابن قيم الجوزية، تحقيق: الدكتور السيد محمد السيد وسعيد محمود، دار الوليد - جدة، الطبعة الأولى، عام: (1414هـ - 1994م).
173. شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، لمحمد بن أبي بكر أبو عبد الله، تحقيق: محمد بدر الدين أبو فراس النعساني الحلبي، دار الفكر - بيروت، عام: (1398م).
174. شهرٌ في دمشق، مطابع الرياض، (1375هـ - 1955م).
175. الشيعة والتشيع فرق وتاريخ، تأليف: إحسان إلهي ظهير، إدارة ترجمان السنة - لاهور - باكستان، الطبعة: بدون.
176. الصابئون حرانيين ومندائيين، للدكتور رشدي عليان، دار السلام - بغداد.
177. صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، لمحمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الثانية، عام: (1414هـ - 1993م).(1/426)
178. صحيح ابن خزيمة، لمحمد بن إسحاق بن خزيمة أبو بكر السلمي النيسابوري، تحقيق: د.محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي - بيروت، عام: (1390هـ - 1970م).
179. صحيح الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير)، تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي - بيروت، دمشق، الطبعة الثالثة، عام: (1408هـ - 1988م).
180. صحيح سنن أبي داود، لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتب التربية العربي لدول الخليج، الطبعة الأولى، عام: (1409هـ - 1989م).
181. صحيح سنن ابن ماجة، لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتب التربية العربي لدول الخليج، الطبعة الثالثة، عام: (1408هـ - 1988م).
182. صحيح سنن الترمذي، لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتب التربية العربي لدول الخليج، الطبعة الأولى، عام: (1408هـ - 1988م).
183. صحيح سنن الترمذي، لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1420هـ - 2000).
184. صحيح مسلم بشرح النووي، لأبي زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الثانية، عام: (1392هـ).
185. صحيح مسلم، لمسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي - بيروت.
186. الصراع بين الفكرة الاسلامية والفكرة الغربية في الأقطار الإسلامية، لأبي الحسن الندوي، دار القلم - الكويت، الطبعة: الخامسة، عام: (1985م).
187. الصفدية، لأحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، تحقيق: د. محمد رشاد سالم، الطبعة الثانية، عام: (1406هـ).
188. صفوة التفاسير، محمد علي الصابوني، دار القرآن الكريم - بيروت، الطبعة الرابعة، عام: (1402هـ - 1981م).
189. الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لمحمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، تحقيق: د.علي بن محمد الدخيل الله، دار العاصمة - الرياض، الطبعة الثالثة، عام: (1418هـ - 1998م).(1/427)
190. الصوفية نشأتها وتطورها، لمحمد العبده وطارق عبد الحليم، دار الأرقم - بريطانيا، الطبعة الثالثة، عام: (1414هـ - 1993م).
191. الصومال وجذور المأساة الراهنة، د. علي الشيخ أبو بكر، دار ابن حزم - بيروت، الطبعة: الأولى، عام: (1413هـ - 1992م).
192. صون المنطوق والكلام عن فن المنطق والكلام، جلال الدين السيوطي، مكتبة الخانجي بمصر - الطبعة الأولى.
193. ضحى الإسلام، أحمد أمين، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر - القاهرة، الطبعة الأولى، عام: (1355هـ - 1936).
194. ضعيف سنن أبي داود، الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، الطبعة: الأولى، عام: (1412هـ - 1992م).
195. طبقات الحفاظ، لعبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي أبو الفضل، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى، عام: (1403هـ).
196. الطبقات الكبرى، لمحمد بن سعد بن منيع أبو عبد الله البصري الزهري، دار صادر - بيروت، الطبعة: بدون.
197. عقائد الإمامية، محمد رضا المظفر، دار الزهراء بيروت، الطبعة: الثالثة، عام: (1400هـ - 1980م).
198. عقيدة التثليث والصلب وموقف الإسلام منها، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى برقم: (558)، إعداد الطالب: يونس توري.
199. علم أصول البدع دراسة تكميلية مهمة في علم أصول الفقه، تأليف: علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي الأثري، دار الراية - الرياض، الطبعة الثانية، عام: (1417هـ).
200. العلمانية نشأتها وتطورها وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة، لسفر بن عبدالرحمن الحوالي، دار مكة، الطبعة الأولى، عام: (1402هـ - 1982م).
201. العلمانية وثمارها الخبيثة، لمحمد شاكر الشريف، دار الوطن للنشر - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1411هـ).
202. عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير، اختيار وتحقيق: أحمد محمد شاكر، دار المعارف - مصر، عام: (1376هـ - 1957).(1/428)
203. العولمة وخصائص دار الإسلام ودار الكفر، دراسة فقهية مقارنة، د. عابد بن محمد السفياني، دار الفضيلة - الرياض، الطبعة: الأولى، عام: (1421هـ - 2000م).
204. عون المعبود شرح سنن أبي داود،ل محمد شمس الحق العظيم آبادي أبو الطيب، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الثانية، عام: (1415هـ).
205. عيد اليوبيل بدعة في الإسلام، أبو زيد بكر بن عبد الله، بيروت - مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1416هـ.
206. العين والأثر في عقائد أهل الأثر، لعبد الباقي بن عبد الباقي بن عبد القادر بن عبد الباقي بن إبراهيم، تحقيق: عصام رواس قلعجي، دار المأمون للتراث - دمشق، الطبعة الأولى، عام: (1987م).
207. عيون الأنباء في طبقات الأطباء، أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس السعدي (ابن أبي أصيبعة)، تحقيق: د. نزار رضا، دار مكتبة الحياة - بيروت، عام: (1965م).
208. غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام، لمحمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة، عام: (1405هـ - 1985م).
209. غاية المرام في علم الكلام، لعلي بن أبي علي بن محمد بن سالم الآمدي، تحقيق: حسن محمود عبد اللطيف، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - القاهرة، عام: (1391هـ).
210. الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، د. عبد الستار فتح الله سعيد، دار الوفاء المتطورة، الطبعة الخامسة: (1410هـ - 1989م).
211. غزو من الداخل : قراءة في الفكر الديني المستنير، جمال سلطان، دار الوطن - الرياض، الطبعة: الأولى، عام: (1412هـ، 1991م).
212. فتح الباري شرح صحيح البخاري، لأحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب، دار المعرفة - بيروت، عام: (1379هـ).(1/429)
213. فتح القدير، الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، الشوكاني محمد بن علي بن محمد، تحقيق: سيد إبراهيم بن صادق إبراهيم، عمران، القاهرة - دار الحديث، الطبعة الثالثة 1418هـ.
214. فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها، إعداد: غالب بن علي عواجي، مكتبة لينة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، مكتبة أضواء المنار - المدينة المنورة، عام: (1414هـ - 1993م).
215. فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، للقاضي عبد الجبار الهمداني، الدار التونسية للنشر، الطبعة: بدون.
216. فطرية المعرفة وموقف المتكلمين منها، للدكتور أحمد بن سعد بن حمدان، دار طيبة - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1415هـ - 1994م).
217. الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، د. محمد البهي، دار الفكر - بيروت، الطبعة الخامسة، عام: (1970م).
218. الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الفاسي، تحقيق: عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ، المكتبة العلمية - المدينة المنورة، الطبعة الأولى، عام: (1396هـ).
219. فلاسفة من الشرق والغرب، مصطفى غالب، بيروت - منشورات حمد، الطبعة الأولى 1968م.
220. الفلسفة الأخلاقية في الفكر الإسلامي العقليون والذوقيون أو النظر والعمل، للدكتور أحمد محمود صبحي، دار المعارف - القاهرة، الطبعة الثانية.
221. الفلسفة الأخلاقية في الفكر الإسلامي، أحمد محمود صبحي، مكتبة الدراسات الفلسفية - دار المعارف، الطبعة الثانية.
222. الفلسفة العربية، سلطان بك، الجامعة المصرية، القاهرة - مطبعة المعارف بشارع الفجالة بمصر.
223. الفهرست، لمحمد بن إسحاق أبو الفرج النديم، دار المعرفة - بيروت، عام: (1398هـ - 1978م).
224. في سبيل البعث، ميشيل عفلق، دار الطليعة - بيروت، الطبعة: الثانية، عام: (1383هـ، 1963م).(1/430)
225. في قافلة الإخوان المسلمون، عباس السيسي، دار الطباعة والنشر والصوتيات - الإسكندرية، الطبعة: الثانية، عام: (1407م).
226. فيض القدير شرح الجامع الصغير، لعبد الرؤوف المناوي، المكتبة التجارية الكبرى - مصر، الطبعة الأولى، عام: (1356هـ).
227. قاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، تأليف الدكتور عبد الكريم عثمان، طبعة دار العربية، بيروت - لبنان.
228. القاموس المحيط، لمحمد بن يعقوب الفيروز آبادي.
229. قصة الفلسفة من أفلاطون إلى جون ديوي حياة وآراء أعاظم رجال الفلسفة في العالم، لـ ول ديورانت، ترجمة: الدكتور فتح الله محمد المشعشع، مكتبة المعارف - بيروت، الطبعة الخامسة، عام: (1405هـ - 1985م).
230. القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة ومذاهب الناس فيه، للدكتور عبدالرحمن بن صالح المحمود، دار النشر الدولي - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1414هـ - 1994م).
231. قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر، لمحمد صديق حسن خان القنوجي، دار عالم الكتب - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1984م).
232. قواعد العقائد، لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي، تحقيق: موسى بن نصر، عالم الكتب - بيروت، الطبعة الثانية، عام: (1985م).
233. كائنات فوق، أنيس منصور، مطبعة: نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع - مصر، الطبعة: الثالثة، عام: (2001م).
234. الكافي في الأصول، لـ ... الكليني، دار الكتب الإسلامية، الطبعة: بدون.
235. الكامل، المبرِّد أبي العباس محمد بن يزيد المبرد، حققه وعلق عليه ووضع فهارسه د. محمد أحمد الدالي، بيروت - شارع سوريا - مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية 1413هـ.
236. كتاب الأربعين في أصول الدين، لفخر الدين محمد بن عمر الرازي، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - حيدر أباد، الدكن، الطبعة: الأولى، عام: (1353هـ).
237. كتاب التوحيد، للإمام أبي منصور الماتريدي، حققه وقدم له: الدكتور فتح الله خليف، دار الجامعات المصرية،(1/431)
238. كتاب العين، لأبي عبدالرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق: د.مهدي المخزومي ود.إبراهيم السامرائي, دار ومكتبة الهلال.
239. الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار، أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي، تحقيق: كمال يوسف الحوت، مكتبة الرشد - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1409هـ).
240. الكتاب المقدس (المحرف).
241. الكتاب، سيبويه.
242. كشف الأوهام والالتباس عن تشبه بعض الأغبياء من الناس، لسليمان بن سحمان بن مصلح بن حمدان بن مسفر الفزعي الخثعمي, تحقيق: عبد العزيز بن عبد الله الزير آل حمد، دار العاصمة - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1415هـ).
243. كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، إسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي، تحقيق: أحمد القلاش، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الرابعة، عام: (1405هـ).
244. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لمصطفى بن عبد الله القسطنطيني الرومي الحنفي، دار الكتب العلمية - بيروت، عام: (1413هـ - 1992م).
245. الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ، تأليف محمود عبد الرؤوف القاسم، دار الصحابة لطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1408- 1987).
246. كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة، لعبد الرحمن حسن حبنكة الميداني، دار القلم - بيروت، دمشق، الطبعة الثانية، عام: (1412هـ - 1991م).
247. لباب النقول في أسباب النزول، بذيل تفسير الجلالين، للسيوطي، دار ابن كثير - دمشق، الطبعة الثالثة، 1413هـ
248. لسان العرب، ابن منظور أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم الإفريقي المصري، بيروت - دار صادر، دار بيروت، سنة 1375هـ.
249. لسان الميزان، للإمام: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني، تحقيق: دائرة المعرف النظامية (الهند)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت، الطبعة: الثالثة، عام: (1406هـ - 1986م).(1/432)
250. لعبة اليمين واليسار، د.عماد الدين خليل، دار الاعتصام، ودار العلوم للطباعة - القاهرة، الطبعة: بدون.
251. الماتريدية دراسةً وتقويماً، لأحمد بن عوض الله داخل اللهيبي الحربي، دار العاصمة - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1413هـ).
252. ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، لأبي الحسن الندوي، إدارة إحياء التراث الإسلامي - قطر.
253. ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، لأبي الحسن الندوي، مطابع بن علي - الدوحة، الطبعة: العاشرة، 1394هـ - 1974م).
254. المجتبى من السنن، لأحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب، الطبعة الثانية، عام: (1406هـ - 1986م).
255. المجتمع الأوروبي في العصور الوسطى، د. إبراهيم أحمد العدوي، دار المعرفة - القاهرة، الطبعة: الأولى، عام: (1961م).
256. مجموع الفتاوى، لشيخ الإسلام ابن تيمية الحراني _ رحمه الله _، جمع وترتيب الشيخ: عبد الرحمن بن قاسم.
257. مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، تأليف: عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن باز، أشرف على تجميعه وطبعه: د. محمد بن سعد الشويعر، مكتبة المعارف - الرياض، عام: (1413هـ - 1992م).
258. محاضرات في النصرانية، الإمام محمد أبو زهرة، دار الفكر العربي، ودار الكتاب الحديث، الطبعة الثالثة.
259. المحيط بالتكليف، للقاضي عبدالجبار بن أحمد جمع الحسن بن أحمد بن شعبة، تحقيق: عمر عمر السيد عزمي مراجعة أحمد فؤاد الأهواني، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة.
260. مختار الصحاح، لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، تحقيق: محمود خاطر، مكتبة لبنان ناشرون - بيروت، طبعة جديدة، عام: (1415هـ - 1995م).
261. مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لابن قيم الجوزية، تحقيق: سيد إبراهيم، دار الحديث - القاهرة، الطبعة: الأولى، عام: (1412هـ - 1992م).(1/433)
262. المدائح النبوية في الأدب العربي، تأليف: زكي مبارك، الطبعة: بدون، عام: (1354هـ - 1935م).
263. مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، المعروف بابن قيم الجوزية، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة: الثانية، عام: (1393هـ - 1973م).
264. المدخل إلى علم التاريخ، د. عبد الرحمن عبد الله الشيخ، المكتبة الأكاديمية - القاهرة، الطبعة: الأولى، عام: (1994م).
265. المدونة الكبرى، للإمام مالك بن أنس، دار صادر - بيروت، الطبعة: بدون.
266. مذاهب فكرية معاصرة،للشيخ محمد قطب، دار الشروق - القاهرة/ بيروت، الطبعة السادسة، عام: (1412هـ - 1992م).
267. مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة، للدكتور ناصر بن عبد الله علي القفاري، دار طيبة - الرياض.
268. مسائل الجاهلية، التميمي محمد عبدالوهاب، أعده زضبطه وعلق عليه: أبو محمد أشرف بن عبدالمقصود بن عبدالرحيم، مكتبة طبرية، الطبعة الأولى 1412هـ.
269. المسلمون وظاهرة الهزيمة النفسية، لعبد الله بن حمد الشبانة، دار طيبة - الرياض، الطبعة: الرابعة، عام: (1423هـ - 2002م).
270. مسند أبي عوانة، لأبي عوانة يعقوب بن إسحاق الأسفرائيني، تحقيق: أيمن بن عارف الدمشقي، دار المعرفة - بيروت، الطبعة الأولى: عام: (1998م).
271. مسند أبي يعلى، لأحمد بن علي بن المثنى أبو يعلى الموصلي التميمي، تحقيق: حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث - دمشق، الطبعة الأولى، عام: (1404هـ - 1984م).
272. مسند الإمام أحمد بن حنبل، لأحمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني، مؤسسة قرطبة - مصر.
273. المسيحية، تأليف د. أحمد شلبي، مكتبة النهضة المصرية - القاهرة، الطبعة العاشرة، عام: (1993).
274. مشاهير علماء الأمصار، لمحمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي، اسم المحقق: م. فلايشهمر، دار الكتب العلمية - بيروت، عام: (1959).(1/434)
275. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، لأحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي، المكتبة العلمية - بيروت.
276. المصنف، لأبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي - بيروت، الطبعة الثانية، عام: (1403هـ).
277. معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول، لحافظ بن أحمد حكمي، تحقيق: عمر بن محمود أبو عمر، دار ابن القيم - الدمام، الطبعة الأولى، عام: (1410هـ - 1990م).
278. معالم التنزيل، البغوي أبو محمد الحسين بن مسعود، حققه وخرج أحاديثه: محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش، الرياض - دار طيبة للنشر والتوزيع، سنة 1411هـ.
279. المعتزلة بين القديم والحديث، محمد العبده وطارق عبد الحليم، دار الأرقم - برمنجهام، الطبعة الأولى، عام: (1408هـ - 1987م).
280. المعتزلة، لزهدي حسن جار الله، مطبعة: مصر، الطبعة: الأولى، عام: (1366هـ - 1948م).
281. المعجم الأوسط، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد و عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين - القاهرة، عام: (1415هـ).
282. المعجم الفلسفي، د. جميل صليبا، دار الكتاب اللبناني - بيروت، دار الكتاب المصري - القاهرة، عام: (1979م).
283. المعجم الكبير، لسليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، مكتبة العلوم والحكم - الموصل، الطبعة الثانية، عام: (1404هـ - 1983م).
284. معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، لعبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي، ت: (487هـ)، تحقيق: مصطفى السقا، دار عالم الكتب - بيروت، الطبعة: الثالثة، عام: (1403هـ).
285. معجم مقاييس اللغة، ابن فارس أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، تحقيق و ضبط: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر للطباعة والنشر، سنة 1399هـ.(1/435)
286. معرفة الثقات أحمد بن عبد الله بن صالح أبو الحسن العجلي الكوفي، تحقيق: عبد العليم عبد العظيم البستوي، مكتبة الدار - المدينة المنورة، الطبعة: الأولى، عام: (1405هـ - 1985م).
287. المغني في الضعفاء، للإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي، تحقيق: نور الدين عتر، الطبعة: بدون.
288. المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، لعبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد، دار الفكر - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1405هـ).
289. مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، لعلي بن إسماعيل الأشعري أبو الحسن، تحقيق: هلموت ريتر، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الثالثة.
290. مقدمات العلوم والمناهج محاولة لبناء منهج إسلامي متكامل، عالم الإسلام المعاصر، لأنور الجندي، دار الأنصار.
291. مقدمات في الأهواء والافتراق والبدع، للدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل، دار الوطن - الرياض، الطبعة الثانية، عام: (1417هـ).
292. مقدمة ابن خلدون، للعلامة عبد الرحمن بن خلدون، القاهرة - دار الشعب.
293. المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد، للإمام: برهان الدين إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح، تحقيق: عبد الرحمن بن سليمان العثيمين، مكتبة الرشد للنشر والتوزيع - الرياض، الطبعة :: الأولى: عام: (1990م).
294. الملل والنحل، لأبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، تحقيق: أمير علي مهنا، علي حسن فاعور، دار المعرفة - بيروت، الطبعة الثامنة، عام: (1421هـ - 2001).
295. مناقب الإمام أحمد بن حنبل، للحافظ أبي الفرج بعد الرحمن بن الجوزي، بتصحيح ناشره: محم أمين الخانجي الكتبي، مطبعة السعادة - مصر، الطبعة الأولى.
296. المنتخب من مسند عبد بن حميد، لعبد بن حميد بن نصر أبو محمد الكسي، تحقيق: صبحي البدري السامرائي ومحمود محمد خليل الصعيدي، مكتبة السنة - القاهرة، الطبعة الأولى، عام: (1408هـ - 1988م).(1/436)
297. المنطق وتاريخه من أرسطو حتى راسل، روبير بلانشي، ترجمة: د. خليل أحمد خليل، ديوان المطبوعات الجامعية - الجزائر، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع - لبنان، الطبعة الأولى 1400هـ.
298. المنفردات والوحدان مسلم بن الحجاج بن مسلم أبو الحسين النيسابوري، تحقيق: د. عبدالغفار سليمان البنداري، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى، عام: (1408هـ - 1988م).
299. منهاج السنة النبوية، لأحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، تحقيق: د.محمد رشاد سالم، مؤسسة قرطبة، الطبعة الأولى، عام: (1406هـ).
300. الموافقات في أصول الشريعة، إبراهيم بن موسى الشاطبي، المكتبة التجارية الكبرى، مصر.
301. المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت، وأثرها على الفرد والمجتمع، إعداد: د. مشعل بن عبد الله القدهي، وحدة خدمات الإنترنت، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.
302. الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة، لناصر بن عبد الله القفاري وناصر بن عبد الكريم العقل، دار الصميعي - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1413هـ - 1992م).
303. موسوعة أهل السنة في نقد أصول فرقة الأحباش ومن وافقهم في أصولهم، لعبد الرحمن بن محمد سعيد دمشقية، دار المسلم - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1418هـ).
304. الموسوعة العربية العالمية، وهي ترجمة بتصرف عن: دائرة المعارف العالمية (World.Book.Encyclopedia)، نشر مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع - السعودية، الطبعة الأولى، عام: (1416هـ - 1996م).
305. موسوعة الفلسفة، د. عبد الرحمن بدوي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1984م).
306. الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، إشراف: د. مانع بن حماد الجهني، دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع - الرياض، الطبعة: الرابعة، عام: (1420هـ).(1/437)
307. موطأ الإمام مالك، لمالك بن أنس أبو عبد الله الأصبحي، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي - مصر.
308. موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع، للدكتور إبراهيم بن عامر الرحيلي، مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة النبوية، الطبعة الأولى، عام: (1415هـ).
309. موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة (عرضاً ونقداً)، لسليمان بن صالح بن عبد العزيز الغصن، دار العاصمة - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1416هـ - 1996م).
310. موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية، إعداد: الأمين الصادق الأمين، مكتبة الرشد، وشركة الرياض - الرياض، الطبعة: الأولى، عام: (1418هـ - 1998م).
311. ميزان الاعتدال في نقد الرجال، لشمس الدين محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: الشيخ علي محمد معوض والشيخ عادل أحمد عبدالموجود، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى، عام: (1995).
312. النبوات، لأحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، المطبعة السلفية - القاهرة، عام: (1386هـ).
313. النبي والرسول، للدكتور أحمد بن ناصر بن محمد آل محمد، مكتبة القدس - الزلفي، الطبعة الأولى، عام: (1414هـ).
314. النجاة، للحسين بن علي بن سينا، مطبعة السعادة - مصر، الطبعة: الثانية، عام: (1357هـ - 1938م).
315. نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، قدم له أبو الحسن الندوي، تأليف: عبد الرحمن رأفت الباشا، دار الأدب الإسلامي - قبرص - القاهرة،الطبعة: الثالثة، عام: (1417هـ - 1996م).
316. نشأة العلمانية ودخولها إلى المجتمع الإسلامي، للدكتور محمد زين الهادي العرمابي، دار العاصمة - الرياض، الطبعة الأولى، عام: (1407هـ).
317. نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، د. علي سامي النشار، دار المعارف بالإسكندرية، الطبعة الثانية 1962م.(1/438)
318. النصرانية والإسلام، عالمية الإسلام، ودوامه إلى قيام الساعة، محمد عزت إسماعيل الطهطاوي، مكتبة الحرم المكي، الطبعة بدون.
319. نفحة الرحمن في بعض مناقب سيدنا ومولانا وأستاذنا وشيخنا المرحوم الشيخ أحمد بن المرحوم السيد زيني دحلان، أبو بكر بن محمد شطا، دار فينوس - القاهرة، عام: (1305هـ).
320. نهاية الإقدام في علم الكلام، عبد الكريم الشهرستاني، حرره وصححه: الفرد جيوم، الطبعة: بدون.
321. نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار، لمحمد بن علي بن محمد الشوكاني، دار الجيل - بيروت، عام: (1973م).
322. هزيمة الشيوعية في عالم الإسلام، لأنور الجندي، دار الاعتصام.
323. الواضح في علم الصرف، د. محمد خير الحلواني، دمشق - بيروت - دار المأمون للتراث، الطبعة الرابعة 1407هـ.
324. واقعنا المعاصر، للشيخ محمد قطب، مؤسسة المدينة للصحافة والطباعة والنشر، جدة - الطبعة الثانية، عام: (1408هـ - 1988م).
325. الوحدة العربية آتية، أرنولد توينبي، نقله إلى العربية: عمر الديراوي أبو حجلة، منشورات دار الآداب بيروت، الطبعة الأولى: عام: 1968م.
326. الورع، لأحمد بن محمد بن حنبل الشيباني أبو عبد الله، تحقيق: د. زينب إبراهيم القاروط، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، عام: (1403هـ - 1983م).
327. الولاء والبراء في الإسلام، لمحمد بن سعيد القحطاني، دار طيبة - الرياض، الطبعة الأولى.
328. اليوجا سيطرة على النفس والجسد، تأليف: المستشرق: ج. توندريو، وعالم النفس: ب. رئال، نقله إلى العربية الصيدلي: إلياس أيوب، مكتبة المعارف - بيروت، الطبعة: بدون.
329. اليوجا والتنفس، محمد عبد الفتاح فهيم، دار المعارف - القاهرة، الطبعة: بدون.
330. اليوغا طريق الصحة والسعادة والشباب، إعداد: محمد رفعت، دار البحار - بيروت، الطبعة: الأخيرة، عام: (1995م).
الصحف والمجلات:-
335. صحيفة الشرق الأوسط، الصادرة من لندن.(1/439)
336. صحيفة الحياة، الصادرة من لندن.
337. صحيفة الوطن الكويتية.
338. مجلة البيان الشهرية، الصادرة عن المنتدى الإسلامي، لندن.
فهرس الموضوعات
(ملاحظة: أرقام الصفحات غير متوافقة مع النسخة الممغنطة).
المقدمة………………………1
أسباب اختياري هذا الموضوع………………3
الأهداف المرجو تحقيقها من هذا البحث……………4
الدراسات السابقة…………………5
خطة البحث……………………7
منهجي في البحث…………………11
الباب الأول الفصل الأول تعريف التشبه لغة وشرعاً ……14
المبحث الأول: تعريف التشبه لغة ……………14
تعريف التشبه بالكفار اصطلاحاً……………17
المسألة الأولى:مراعاة قصد التشبه……………20
المسألة الثانية:ما كان مأخوذاً عنهم في
الأصل ثم صار من عوائد المسلمين ……………25
الفصل الثاني حكم التشبه بالكفار……………31
المبحث الأول: موقف القرآن من التشبه بالكفار………31
المبحث الثاني موقف السنة من التشبه…………42
المبحث الثالث: موقف الصحابة من التشبه بالكفار………77
الفصل الثالث أثر التشبه بالكفار على العقيدة………89
المبحث الأول: أثر التشبه بالكافرين في عقائدهم…………91
المبحث الثاني: أثر التشبه بالكفار في أعمالهم…………93
من آثار التشبه بالكافرين في أعمالهم……………95
من التشبه بالكافرين في أعمالهم………………98
الباب الثاني
مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث…………87
الفصل الأول:
مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث في الجانب الاعتقادي…100
المبحث الأول: مظاهر التشبه بالكفار في توحيد المعرفة ……100
المطلب الأول:الفلسفة، أصولها وآثارها في العصر الحديث……100
نظرية الفيض……………………115
المطلب الثاني: علم الكلام أصوله وآثاره في العصر الحديث……120
الفرق بين الفلسفة وعلم الكلام……………123
مصادر علم الكلام…………………132
محاولة إثبات وجود الله…………………137
تعطيل صفات الباري…………………144
المطلب الثالث الشيوعية: وأثرها على
عقيدة وجود الله في العصر الحديث……………153…
المطلب الرابع:الوجودية وأثرها على(1/440)
عقيدة وجود الله في العصر الحديث……………171
المبحث الثاني: مظاهر التشبه بالكفار في توحيد الطلب والقصد……177
وجه دخول عبادة غير الله في الجانب الاعتقادي………178
حقيقة توحيد العبادة…………………180
حقيقة الشرك…………………181
وقوع الشرك في هذه الأمة………………186
الشرك بين الأمس واليوم………………188
دعاء غير الله……………………194
بعض مظاهر دعاء غير الله في العصر الحديث…………198
اتخاذ القبور مساجد…………………204
بعض مظاهر اتخاذ القبور مساجد في العصر الحديث………206
صرف العبادة لأهل القبور………………209
بعض مظاهر عبادة أهل القبور………………210
المبحث الثالث: أثر العلمانية في التحاكم إلى غير الله………215
موقف العلماء من القوانين الوضعية……………228
الديمقراطية وعلاقتها بالعلمانية………………231
بعض مظاهر تأييد العلمانية في الحكم…………238
المبحث الرابع:مظاهر التشبه بالكفار في تحريف الكتب المنزلة…247
المطلب الأول تحريف النص………………247
المطلب الثاني: تحريف المعاني………………259
المبحث الخامس: مظاهر التشبه بالكفار في جانب النبوات……267
المطلب الأول: إطراء النبي ( والاستغاثة به…………267
المطلب الثاني: ادعاء النبوة………………280
أثر ادعاء النبوة على العقيدة النصرانية……………282
البهائية وادعاء النبوة…………………288
القاديانية وادعاء النبوة…………………290
المبحث السادس مظاهر التشبه بالكفار في
العصر الحديث في الإيمان بالقدر……………295
من عقائد الديانات السابقة في مراتب القضاء والقدر………298
مظاهر التشبه لدى بعض الفرق في العصر الحديث
باعتقادات الكفار في القضاء والقدر……………300
المبحث السابع:مظاهر التشبه بالكفار في الاختلاف في أصول الدين…307
المطلب الأول تعريف الاختلاف المذموم…………307
المطلب الثاني: ضابط الأصول التي لا يسوغ فيها الخلاف……317
سياق بعض مظاهر التشبه بالكفار بالخلاف في الأصول……329
الفصل الثاني مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث في العبادات…333(1/441)
الفصل الأول: الرهبانية والتصوف……………333
التعبد بالتضييق على النفس ………………338
بين وصاية الأب الروحي، ووصاية الشيخ على المريد………342
رفع التكاليف الشرعية المأخوذة عن النرفانا…………345
التعبد بما لم يشرع الله…………………352
المبحث الثاني: الأعياد المكانية………………358
المبحث الثالث الأعياد الزمانية………………370
أشكال الاحتفاء الذي تحصل به المشابهة…………373
أعياد المجوس……………………375
الأعياد اليهودية……………………376
أعياد النصارى……………………378
الفصل الثالث: المذاهب الفكرية المعاصرة،
مصادرها وآثارها في الجانب العملي……………383
المبحث الأول: المذاهب الفكرية المعاصرة وعلاقتها بالغرب……383
المطلب الأول: الصراع بين الدين والعلم في الغرب………383
المطلب الثاني: تأثر المغلوب بالغالب……………389
المبحث الثاني: مظاهر تأثر المسلمين بالعلمانية في الجانب العملي…392
افتعال صراع بين العلم والدين على النمط الغربي………394
التظاهر بالكبت ومن ثم نشدان الحرية……………399
المبحث الثالث: مظاهر تأثر المسلمين بالشيوعية في الجانب العملي…405
المبحث الرابع: مظاهر تأثر المسلمين بالعقلانية في الجانب العملي…421
سياق بعض مظاهر التأثر بالعقلانية المحدثة أو القديمة………427
التجديد ………………………428
توهم معارضة النص للعقل…………………331
المبحث الخامس: مظاهر تأثر المسلمين بالوجودية في الجانب العملي……393… …
المبحث السادس: القومية والوطنية……………401
العرقيات في الملل المحرفة والنحل الضالة ……………405
القوميات الأوروبية…………………407
الطورانية التركية…………………409
القومية العربية والقضية الفلسطينية……………411
الخاتمة……………………416
التوصيات …………………418
فهرس الآيات…………………420
فهرس الأحاديث…………………431
فهرس الآثار…………………435
فهرس الفرق والأحزاب والديانات والعقائد المترجم لها………436…
المصادر والمراجع…………………438……
فهرس الموضوعات………………… 459
(1) سورة الفاتحة: الآية: (7).(1/442)
(2 ) ولكن هذا العنوان مخصص بالقسم الذي قدمت له هذه الرسالة وهو قسم العقيدة، ولذا اختصت الرسالة بجانب التشبه في العقيدة وأصول الدين، وما له صلة بذلك، وقد أشير في ثنايا البحث إلى بعض الأمور العملية إذا اقتضاه السياق. ولعل مما يعزز اختياري لهذا العنوان: صدور موافقة مجلس القسم ومن ثم مجلس الكلية على هذا العنوان وبهذه الخطة.
(1) حيث الخوض في العقائد بلا علم من عادات المشركين، قال تعالى: (وخضتم كالذي خاضوا)، ويشهد لكون هذا من أصول الشر ما قاله شيخ الإسلام في معرض حديثه عن عمرو بن لحي الخزاعي الذي تشبه بالمشركين ونصب الأنصاب حول الكعبة، قال: "فقد تبين لك أن من أصل دروس دين الله وشرائعه وظهور الكفر والمعاصي: التشبه بالكافرين". أ هـ اقتضاء الصراط المستقيم: 1/352
(4) معجم مقاييس اللغة، ابن فارس 3/243، وانظر كتاب العين 3/404، ولسان العرب 13/505، 506، وتاج العروس 9/393، والقاموس المحيط 1/1610
(5) لسان العرب 13/503
(6) التوقيف على مهمات التعاريف: 1/176
(7) تاج العروس 9/393، وانظر كتاب العين 3/404، وانظر: القاموس المحيط 1/1610
(8 ) يقصد بالفعل الزائد: ما زيد على حروفه الأصلية، وهذا زيد فيه التاء والتضعيف، انظر: الواضح في علم الصرف، د. محمد خير الحلواني، ص: (120- 121).
9 - انظر: الكتاب لسيبويه: 4/66 بتحقيق وشرح عبد السلام هارون، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك 2/555.
(10 ) انظر: لسان العرب 3/460
11 - انظر: شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك 2/555، وانظر: لسان العرب 4/439
12 - انظر: المصباح المنير 1/128، وانظر لسان العرب 3/431
13 - لسان العرب 10/290
14 - انظر: الواضح في علم الصرف، د. محمد خير الحلواني، ص: (120- 121).
15 - انظر: الكامل لابن المبرد: 1/24
16 - انظر: شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك: 2/555(1/443)
17 - للمعاني السابقة، انظر: الواضح في علم الصرف، د. محمد خير الحلواني، ص: (120- 121)، كتاب شذا العرف في فن الصرف، للأستاذ: أحمد الحملاوي: ص: (31).
(18) توفي سنة 1031هـ انظر كشف الظنون 2/1714
(19) فيض القدير 6/104
(20) توفي سنة (1061) هـ انظر : رسالة التشبه المنهي عنه في الفقه الإسلامي: ص: (4).
(21) حسن التنبه لما ورد في التشبه، لمحمد بن أحمد الغزي الشافعي: 1/2ب.
(22) أخرجه أبو داود في سننه 4/44 برقم (4031) و أحمد في مسنده 2/50 برقم (5115)،(5114)، وقال عنه شيخ الإسلام بعد أن ساق إسناد أبي داود: "وهذا إسناد جيد" انظر اقتضاء الصراط المستقيم: 1/269 وصححه الألباني، انظر إرواء الغليل: 5/109
(23) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/270
(24) التدابير الواقية من التشبه بالكفار: 1/50
(25) كتاب: من تشبه بقوم فهو منهم، الصفحة: (7).
(26) انظر: التدابير الواقية من التشبه بالكفار، ص: (49).
(27) كما قال تعالى: (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (الذريات:35-36)، فسمى من كان في البيت: مسلمين؛ لوجود زوج لوط عليه السلام، وكانت تدعي الإيمان، فأخرج الله المؤمنين الذين كانوا في بيت لوط عليه السلام، وأبقى زوجه، لأنها كانت مسلمة في الظاهر، ومنافقة في الباطن، انظر: تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: 2/232.
28 - انظر سيرة ابن هشام: 4/182
(29) أخرجه البخاري: 6/2551، برقم: (6553)، ومسلم: 3/1515 برقم: (1907).
(30) قصد ذات الفعل.
(31) وبهذا يكون قد ابتعد عن الإثم حيث إنه لم يحصل منه أي نوع من أنواع القصد التي ذكرتها آنفاً، لا قصد ذات الفعل مع علمه أنه من خصائص الكافرين، ولا قصد ذات الفعل مع قصد التشبه.(1/444)
(32) هو: عمرو بن عبسة أبو نجيح السلمي، أحد السابقين إلى الإسلام، وممن كان يقال عنهم: هو ربع الإسلام، استأذن النبي في المكث معه أو اللحوق بقومه فأذن له بالرجوع إلى قومه فخرج ثم أتى النبي قبل فتح مكة بعد الحديبية، ثم سكن الشام وبها مات، انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: 6/241، سير أعلام النبلاء: 2/456.
(33) معنى يستقل الظل بالرمح أي: يقوم مقابله في جهة الشمال ليس مائلاً إلى المغرب ولا إلى المشرق وهذه حالة الاستواء انظر: شرح النووي على صحيح مسلم: 6 / 116
(34) ومعنى تسجر جهنم: يوقد عليها إيقاداً بليغاً، انظر: شرح النووي على صحيح مسلم: 6/117
(35) صحيح مسلم:1 / 570، برقم: (832).
(36) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/218
(37) انظر: حاشية ابن عابدين، المعروفة برد المحتار على الدر المختار، لمحمد أمين (ابن عابدين): 2/384.
(38) أخرجه البخاري 6/2551 برقم: (6553)، ومسلم 3/1515 برقم: (1907).
(39) انظر: الولاء والبراء في الإسلام، للشيخ محمد بن سعيد القحطاني، ص: (237).
(40 ) والتشوف: التطلع لما عندهم مع الطلب وتعلق الأمل، انظر لسان العرب: 9/185، والمصباح المنير: 1/327، ومختار الصحاح: 1/147.
(41 ) كما سبق في الصفحة السابقة، وانظر: اقتضاء الصراط المستقيم: 1/218
42 - يقصدون به الخميس الكبير عندهم، ويزعمون أن في مثله نزلت المائدة على عيسى عليه السلام، سماه شيخ الإسلام بالخميس الحقير تصغيراً له، انظر: اقتضاء الصراط المستقيم: 1/537
(43) انظر اقتضاء الصراط المستقيم: 1/ 552
44 - انظر: سنن البيهقي الكبرى: 2/ 272، المعجم الكبير: 20/ 259، وضعفه الألباني، انظر ضعيف سنن أبي داود، ص: (65)، برقم: (136).
(45 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/220
(46 ) وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: (خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب) انظر: صحيح البخاري: 5/2209 برقم: (5553) وصحيح مسلم: 1/222 برقم (260)(1/445)
(47 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/473
(48) رواه الترمذي في سننه: 4/232، برقم: (1752)، والنسائي في المجتبى: 8/137، برقم: (5073، 5074)، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: 2/490، برقم: (836).
49 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/271
(50) سبق التعريف به ص: (19). ....
2 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/552
(52) والبرنس: كل ثوب غطاء رأسه منه انظر: نيل الأوطار للشوكاني: 2/292.
53 - فتح الباري 10/272
54 - أي أنه لم يكن مأخوذاً من النصارى في نظره رحمه الله.
(55) هو أبو عمرو الشريد بن سويد الثقفي، من حضرموت وله صحبة، سكن الطائف، وكنيته أبو عمرو، وهو والد عمرو بن الشريد يقال: إنه من حضرموت ويقال أيضاً: إنه من همدان حليف لثقيف، انظر: الإصابة: 3/340، وانظر للاستفادة: الثقات: 3/188، رجال مسلم: 1/310، مشاهير علماء الأمصار: 1/58
56 - إعمالاً للأصل الذي جاءت به السنة.
(57 ) النوع الثاني داخل في القسم الثاني وهو ما لم يعلم الفاعل أنه من عملهم انظر اقتضاء الصراط المستقيم: 1/552
(58 ) انظر اقتضاء الصراط المستقيم: 1/553
(59 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/479
60 - فتح الباري: 10/275
61 - تشبيه الخسيس بأهل الخميس، للذهبي، ص: (25).
62 - فإن ما ورد الأمر به في شريعتنا قد يكون من الأصول المتفق عليها بين الشرائع، كما في قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:25)، وكقوله صلى الله عليه وسلم: ((والأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد)) أخرجه البخاري 3 /1270 برقم: (3259) وانظر: كتاب: موقع شرع من قبلنا من الأدلة ص: (66)، وصفحة: (88- 89).
(63 ) نقله عنه القرطبي في تفسيره 16/164
(64 ) بين شيخ الإسلام أنه يمكن ذلك عن طريق التواتر، وهو قليل جداً فيما أعلم، انظر: اقتضاء الصراط المستقيم: 1/464(1/446)
65 - سورة الأنعام، الآية: (90).
(66) هو سيف الدين علي بن أبي علي بن محمد ابن سالم التغلبي الآمدي الحنبلي ثم الشافعي، ولد سنة نيف وخمسين، فرق دينه وأظلم وكان يتوقد ذكاءً، وتبحر في العلوم وتفرد بعلم المعقولات والمنطق والكلام، ثم أقرأ الفلسفة والمنطق بمصر بالجامع الظافري وأعاد بقبة الشافعي وصنف التصانيف ثم قاموا عليه ورموه بالانحلال وكتبوا محضراً بذلك، ت: (631هـ)، انظر: سير أعلام النبلاء: 22/364-365.
67 - الإحكام للآمدي: 4/147
68 - انظر تفسير القرطبي: 6/211
69 - انظر اقتضاء الصراط المستقيم: 1/466
70 - انظر اقتضاء الصراط المستقيم: 1/466
(71 ) وبه قال المفسرون، انظر: تفسير الطبري: 1/ 84، وتفسير القرطبي 1/150، وتفسير الجلالين: 1/3
(72 ) أي ناقصة غير تامة، انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 4/101
73 - أخرجه مسلم: 1/297 برقم (395)
74 - سورة الفاتحة - 7
75 - تفسير ابن كثير 1/28
(76 ) رواه الترمذي في سننه: 5/204 برقم: (2954)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي: 3/183، برقم: (2954)، طبعة مكتبة المعارف.
(77 ) سورة المائدة: من الآية: (60).
(78) سورة المائدة: من الآية: (77).
79 - تفسير ابن كثير 1/28
80 - مع اعتبار الضوابط التي جاء بها القرآن والسنة.
81 - سورة: (يونس الآية: 89).
82 - الطبري 11/162 وانظر القرطبي 8/376
83 - سورة: (الأعراف - 142).
(84 ) سورة: (الجاثية - 18،19).
(85 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/97
(86 ) فتح القدير: 5/10
87 - انظر: تفسير القرطبي: 16/164.
88 - تفسير القرطبي: 16/164.
89 - سورة: الرعد الآيتين: (36، 37).
90 - تفسير الطبري: 13/165
91 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/97
(92 ) سورة البقرة - 145
(93 ) تفسير الطبري: 2/25
(94 ) سورة التوبة - 69
95 - أخرجه البخاري: 4/ 1852 برقم: (4600)، وأخرجه مسلم: 4/2322 برقم: (3031).
(96 ) تفسير الطبري: 10 / 175، وانظر: تفسير القرطبي: 8/201(1/447)
(97 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 1 /118- 119
(98 ) سورة الفرقان: الآية: (72).
99 - والزور هو الكذب والباطل، انظر: لسان العرب 4/ 336
100 - انظر: تفسير ابن كثير: 3/330
101 - انظر: تفسير القرطبي: 13/79
102 - انظر: اقتضاء الصراط المستقيم: 1 / 479
103 - سورة الحديد - الآية (16).
(104 ) تفسير الطبري: 27/229
(105 ) تفسير الطبري: 27/228
(106 ) سورة البقرة: الآية: (74).
(107) سورة المائدة الآية: (13).
(108) سورة الزمر الآية: (22).
(109) سورة آل عمران الآية: (105).
(110) انظر: تفسير الطبري: 4/39
(111) سورة الشورى الآية: (13).
(112) سورة البقرة الآية رقم (176).
(113 ) السنة للمروزي، ص: (35).
(114 ) انظر: السنة قبل التدوين لمحمد عجاج الخطيب، ص: (24).
(115) قال شيخ الإسلام رحمه الله: الطاغوت هو ما عظم بالباطل من دون الله تعالى، انظر: بيان تلبيس الجهمية: 1/450، وقال ابن القيم رحمه الله: الطاغوت: كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، انظر: إعلام الموقعين: 1/50.
(116 ) سنن أبي داود: 1/295 برقم (1134) وانظر: مسند أحمد: 3/103 برقم (12025) و: 3/250 برقم: (13647)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود: 1/210، برقم: (1004).
(117 ) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم: 1/486 - 488.
118 - صحيح البخاري: 3/1271 برقم: (3261) وانظر للفائدة: مسند الإمام أحمد: 1 / 23، برقم: (154)، 1 / 24 برقم: (164)، و: 1 / 47 برقم: (331)، 1 / 55 برقم: (391) و صحيح ابن حبان: 2 / 147 و: 2/ 154و: 14 / 133، سنن الدارمي: 2 / 412 برقم: (7842).
(119 ) "هو أبو عمير بن أنس بن مالك الأنصاري قيل اسمه عبد الله، ثقة من الرابعة، قيل: كان أكبر ولد أنس بن مالك"، تقريب التهذيب، لابن حجر العسقلاني: 1/661.
(120 ) بفتح الشين وضم الباء مع التشديد، يعني: البوق، انظر: فتح الباري: 2/81(1/448)
121 - الناقوس: هو جرس كبير يقرعه قساوسة النصارى؛ للإيذان بالصلاة، انظر: فتح الباري: 1/20، 2/83.
122 - انظر: أبو داود في سننه: 1/134 برقم: (498)، والبيهقي في السنن الكبرى: 1/390 برقم: (1704)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود: 1/98، برقم: (468).
123 - انظر: اقتضاء الصراط المستقيم:1/356
124 - صحيح مسلم 1/309 برقم: (413)، ومسند أحمد 3/ 334 برقم: (14630).
(125 ) انظر اقتضاء الصراط المستقيم: 1/227.
(126) سنن أبي داود: 1 / 176، برقم (652)، صحيح ابن حبان: 5 /561 برقم: (2186)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود: 1/128، برقم: (607).
127 - انظر: عون المعبود: 2/250
128 - هو أبو نجيح عمرو بن عبسة السلمي البجلي، من السابقين الأولين إلى الإسلام، وهاجر بعد أحد، ونزل الشام، انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي: 1/145- 2/456، الإصابة في معرفة الصحابة، لابن حجر: 7/411، تاريخ الطبري: 1/541، تقريب التهذيب، لابن حجر: 1/424، الاستيعاب، لابن عبد البر: 3/1192- 1193.
129 - ومعنى تسجر جهنم: يوقد عليها إيقاداً بليغاً، انظر: شرح النووي على صحيح مسلم: 6/117
(130 ) صحيح مسلم: 1 / 570 برقم 832
(131 ) انظر: فتح الباري، لابن حجر العسقلاني: 2/60.
132 - والمراد به هنا: الإزار، والحقو في الأصل معقد الإزار، وأطلق على الإزار مجازاً انظر: فتح الباري: 3/129.
133 - رواه أبو داود في سننه 1/ 172 برقم: (635)، والإمام أحمد في مسنده 2/148 برقم: (6356)، وابن خزيمة في صحيحه 1/376 برقم: (776) وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 1/194، برقم: (768).
134 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/290(1/449)
135 - فإن المصلي مأمور بمتابعة النبي ( في صلاته كما في الحديث المشهور عند أهل العلم وقد اشتهر الاستدلال به والعمل به عندهم وهو حديث مالك بن الحويرث وفيه أن النبي ( قال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي))، رواه ابن حبان في صحيحه 4/541 وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 1/216، برقم: (893).
136 - انظر اقتضاء الصراط المستقيم: 1/ 474
(137) أخرجه مسلم في صحيحه: 2/770، برقم: (1096).
(138 ) والسحر: هو آخر الليل قبيل الفجر، انظر: فتح الباري: 2/487، وحاشية السندي: 4/149، وعون المعبود 6/336
(139 ) انظر اقتضاء الصراط المستقيم: 1/208.
140 - انظر: شرح السيوطي: 4/146، وفيض القدير: 4/430، وشرح النووي على صحيح مسلم: 7/208
141 - انظر: عون المعبود: 6/336، وتحفة الأحوذي: 3/323
142 - وهو الأقرب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أهل الكتاب ولم يقل: اليهود والنصارى، فإن وصف أهل الكتاب وصف مدح وفيه نسبة لهم إلى ما هو سماوي من عند الله، ولهذا ورد في الحديث الصحيح: ((والنصارى ضلال)) ولم يقل وأهل الكتاب ضلال، والله أعلم.
143 - رواه أبو داود في سننه: 2 /305 برقم: (2353)، و أحمد في مسنده: 2 / 450 برقم: (9809)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 2/1272 برقم: (7689)
144 - انظر: شرح الزرقاني 2/211
(145 ) انظر اقتضاء الصراط المستقيم: 1/209.
(146 ) هو نذير بن الخصاصية السدوسي، كان يسمى أولا نذيراً فسماه النبي ( بشيراً، انظر: الإصابة في معرفة الصحابة، لابن حجر العسقلاني: 6/425.
(147) رواه أحمد في مسنده 5/225 برقم: (22005)، و مسند عبد بن حميد 1/159 برقم: (429)، و الطبراني في الكبير 2/44 برقم: (1231)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: "وليلى لم أجد من ذكرها وبقية رجاله رجال الصحيح" 3/158، وليلى امرأة بشير بن الخصاصية ذكرها ابن حبان في الثقات: 5/346، برقم: (5154).
(148 ) تقدم تخريجه، ص: ( ).(1/450)
(149 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/213.
(150 ) أخرجه مسلم في صحيحه: 2/797 برقم: (1134)، وأبو داود في سننه: 2/327 برقم: (2445).
(151 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/285.
(152 ) انظر: صحيح مسلم 2/818 برقم: (1162).
153 - يعني من مزدلفة إلى منى انظر: فتح الباري 3/481
154 - أشرق بلفظ الأمر أي: لتطلع عليك الشمس، وثبير: بفتح الثاء: هو جبل عظيم بالمزدلفة على يسار الذاهب منها إلى منى، انظر: تحفة الأحوذي 3/546 وشرح السيوطي 5/263.
155 - معناه كيما ندفع للنحر وهو من قولهم أغار الفرس إذا أسرع في عدوه، ولفظ: (كيما نغير) إنما ورد عند ابن ماجه وأحمد، انظر: فتح الباري: 3/532.
156 - رواه البخاري في صحيحه 2 / 604 برقم: (1600) والترمذي في سننه 3 / 242 برقم: (896)، و سنن النسائي (المجتبى) 5 / 265 برقم: (3047)، و سنن ابن ماجه 2 /1006 برقم: (3022)، و مسند أحمد 1/39 برقم: (275).
(157 ) ما لم يكن في ذلك إضاعة لواجب أوجبه الله تبارك وتعالى علينا، فلا تجب المخالفة في هذه الحالة إلا في هيئة العبادة.
(158 ) فتأمل كيف دخلت مخالفة الكفار في كل شأن من الأوامر النبوية وكأن المخالفة مزجت بالشرع القويم في إناء طيب المزاج ليشربه المؤمن العامل هنيئاً مريئاً، فيتشرب الدين الخالص كما أنزل، ليجد المخالفة للكفار في كل شرائع وآداب وعقائد هذا الدين المتين.
159 - هو: قبيصة بن هلب الطائي، كوفي، واسم هلب يزيد بن قنافة روى عن أبيه، وأبوه من الصحابة، روى عنه سماك بن حرب، انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر: 4/1549، وانظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: 7/125، معرفة الثقات: 2/214، المنفردات والوحدان، ص: (142).
160 - قال التوربشتي: يروى بالحاء المهملة وبالخاء المعجمة فمعناه بالمهملة: لا يدخلن قلبك منه شيء فإنه مباح نظيف وبالمعجمة: لا يتحركن الشك في قلبك انتهى. انظر: تحفة الأحوذي 5/153(1/451)
161 - ضارعت فيه النصرانية أي شابهت لأجله أهل الملة النصرانية من حيث امتناعهم إذا وقع في قلب أحدهم إنه حرام أو مكروه، والمعنى لا تتحرج فإنك إن فعلت ذلك ضارعت فيه النصرانية فإنه من دأب النصارى. انظر: تحفة الأحوذي 5/153
162 - رواه الترمذي في سننه 4/133 برقم: (1565)، وأحمد في مسنده: 5/226 برقم: (22016)، (2201)، وابن ماجه في سننه: 2/944 برقم: (2830)، والبيهقي في سننه 7/279 برقم: (4399)، (4400) وصححه الألباني: صحيح سنن الترمذي 2/193.
163 - نفس المصادر السابقة.
(164) هو رافع بن خديج بن رافع بن عدي بن زيد بن عمرو بن زيد ابن جشم الأنصاري النجاري الخزرجي، عرض على النبي يوم بدر فاستصغره وأجازه يوم أحد فخرج بها وشهد ما بعدها وروى عن النبي وعن عمه ظهير بن رافع وروى عنه ابنه عبد الرحمن وحفيده عباية بن رفاعة والسائب بن يزيد ومحمود بن لبيد وسعيد بن المسيب ونافع بن جبير وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو النجاشي مولى رافع وسليمان بن يسار وآخرون واستوطن المدينة إلى أن انتقضت جراحته في أول سنة أربع وسبعين للهجرة فمات وهو ابن ست وثمانين سنة، انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر الأندلسي: 2/479، والإصابة في معرفة الصحابة: 2/436.
(165 ) قال في تحفة الأحوذي: "هو جسم صلب كالصدف أحد طرفيه رقيق محدد يقال له أظفار الطيب"، تحفة الأحوذي: 5/58.
(166 ) أخرجه البخاري في صحيحه: 2/881 برقم: (2356)، ومسلم في صحيحه: 3/1558 برقم: (1968).
167 - انظر: تحفة الأحوذي: 5/58، وشرح سنن ابن ماجه: 1/229.
168 - قال الحافظ ابن حجر: "واعترض على هذا التعليل: بأنه لو كان كذلك لامتنع الذبح بالسكين وسائر ما يذبح به الكفار وأجيب بأن الذبح بالسكين هو الأصل وأما ما يلتحق بها فهو الذي يعتبر فيه التشبيه"، انظر: فتح الباري: 9/629 وانظر: اقتضاء الصراط المستقيم:1/348، تحفة الأحوذي 5/58.(1/452)
169 - صحيح البخاري 5 / 2209 برقم: (5553)، وصحيح مسلم: 1 / 222 برقم: (259).
170 - ظاهر كلام السلف في اللحية وجوب تركها، وممن صرح بذلك أبو عوانة رحمه الله في مسنده فقال: "بيان الطهارات التي تجب على الإنسان في بدنه من ذلك إيجاب جز الشوارب وإحفائها، وإيجاب إعفاء اللحية وإيجاب مخالفة المجوس والتشبه بأمورهم" مسند أبي عوانة: 1/161
171 - أخرجه مسلم 1/ 222 برقم: (260)
172 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/203
173 - لبيان ذلك مفصلاً انظر: فتح الباري 10 / 351، وشرح النووي على صحيح مسلم: 3 / 150
(174 ) هو: أحمد بن محمد بن الحجاج بن عبد الله المروذي، كان هو المقدم من أصحاب الإمام أحمد لورعه وفضله وكان يأنس به وينبسط إليه وهو الذي تولى إغماضه لما مات وغسله وقد روى عنه مسائل جمة، انظر: المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد: 1/156.
(175 ) وهو مؤخر العنق، انظر: ولسان العرب: 15/192، والعين: 5/222، ومختار الصحاح: 1/228، وحلق القفا قال عنه الإمام أحمد: "هو من فعل المجوس ومن تشبه بقوم فهو منهم"، الورع لابن حنبل: 1 /178
176 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/204-205.
177 - أخرجه البخاري في صحيحه 3/1275 برقم: (3275)، ومسلم في صحيحه: 3/1663 برقم: (2103).
178 - وهو: محمد شمس الحق آبادي أبو الطيب.
179 - عون المعبود: 11/172
180 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/56
(181 ) فيض القدير: 4/408
(182 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/52
183 - انظر المغني 2/271، 3/15
(184) سبق التعريف به، ص: (22). ....
185 - والألية: بفتح الهمزة اللحمة التي في أصل الإبهام انظر: عون المعبود: 13/135
186 - أخرجه أبو داود في سننه: 4/263، برقم: (4848)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود: 3/919، برقم: (4848).
187 - كما ورد تفسيرها سابقاً في موقف القرآن، وانظر: عون المعبود: 13/135
188 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/65(1/453)
(189 ) وقد قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)(سورة الأحزاب: من الآية21)، فإذا كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم ممن رآه في موقف يضاهي الكفار، هو: الإنكار عليه، فمن اقتدائنا به صلى الله عليه وسلم: أن ننكر على من نراه قد تشبه بالكفار دون أي تردد، مع توخي الحكمة في ذلك.
(190 ) يقال سدل شعره وأسدله إذا أرسله ولم يضم جوانبه، انظر: فتح الباري: 10 / 362، "والسدل: الإرسال والفرق قسمة شعر الرأس في المفرق"، انظر: تنوير الحوالك، للسيوطي: 1 /232
191 - الفرق تفريق الشعر بعضه من بعض وكشفه عن الجبين، انظر: فتح الباري: 10 / 362
192 - رواه البخاري في صحيحه: 3/1305، برقم: (3365)، و: 3/1434 برقم: (3728)، و: 5/2213 برقم: (5573)، ومسلم في صحيحه: 4/1817، برقم: (2336).
193 - انظر: فتح الباري 10 /362
(194 ) أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط: 4/361 برقم: (4437)، وأبو يعلى في مسنده: 3/397 برقم: (1875)، و حسنه الألباني انظر صحيح الجامع الصغير وزيادته: 1/567 برقم: (2946).
(195 ) هو المحدث الإمام الثقة مسند نيسابور أبو سليمان داود بن الحسين بن عقيل بن سعيد الخسروجردي البيهقي، قال: ولدت سنة مئتين، سمع يحيى بن يحيى وسعد بن يزيد الفراء وقتيبة وإسحاق وعلي بن حجر وأبا مصعب الزهري ويعقوب بن كاسب ومحمد بن رمح وأبا التقي اليزني، ورحل وكتب الكثير وجوّد، وعنه أبو علي النيسابوري وأبو بكر بن علي وعبد الله بن محمد ابن مسلم وبشر بن أحمد الإسفراييني وخلق كثير، مات بخسروجرد وهي قرية كبيرة في سنة: (293هـ)، انظر: سير أعلام النبلاء: 13/579
196 - شعب الإيمان: 6/464.
197 - انظر: فتح الباري 11/14.
198 - أخرجه البخاري في صحيحه 5/2069 برقم: (5110)، ومسلم في صحيحه: 3/1638 برقم: (2067).(1/454)
199 - مع اتساع الفارق بين هذه الأشياء في الدنيا وبينها في الآخرة، كما قال ابن عباس رضي الله عنه: "لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا في الأسماء" (تفسير ابن كثير 1/64) فليس الحرير هو الحرير وليس الديباج هو الديباج وليس الذهب هو الذهب، بل بين ما في الدنيا وما في الآخرة من المتع تفاوت كبير في الحقائق ؛ لأنها أعظم متعة مما في الدنيا بكثير، نسأل الله العظيم من فضله.
(200 ) قال البخاري: "باب: المعاصي من أمر الجاهلية، ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنك امرؤ فيك جاهلية)) وقول الله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)"، انظر: صحيح البخاري: 1 / 20
(201 ) قال ابن منظور: "جاهلية: هي الحال التي كانت عليها العرب قبل الإسلام من الجهل بالله سبحانه ورسوله وشرائع الدين والمفاخرة بالأنساب والكبر والتجبر وغير ذلك" انظر: لسان العرب:11 /130، وانظر: النهاية في غريب الحديث:1 /323، قال ابن حجر _ رحمه الله:" وسنة الجاهلية اسم جنس يعم جميع ما كان أهل الجاهلية يعتمدونه من أخذ الجار بجاره والحليف بحليفه ونحو ذلك ويلتحق بذلك ما كانوا يعتقدونه والمراد منه ما جاء الإسلام بتركه كالطيرة والكهانة وغير ذلك" فتح الباري: 12 / 211.
202 - أخرجه البخاري في صحيحه 6/2523 برقم: (6488).
203 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/76
204 - رواه الإمام أحمد في مسنده: 5/136، برقم: (21271)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: 1/537، برقم: (269).
(205 ) فيض القدير:1/357
(206 ) عبية الجاهلية: بضم العين المهملة وكسرها (وكسر الموحدة وفتح التحتية المشددتين)، أي: نخوتها وكبرها وفخرها وتعاظمها أي تفاخرها، وأصله من العبء وهو الثقل، انظر: تحفة الأحوذي: 10/317، 9/110، وعون المعبود: 14/16.(1/455)
207 - رواه أبو داود في سننه: 4/331 برقم: (5116)، والترمذي في سننه: 5/735 برقم: (3956)، وصححه الألباني، انظر: صحيح الجامع الصغير وزيادته: 1/ 367 برقم: (1787).
208 - رواه البخاري: 3/1297 برقم: (3331)، ومسلم في صحيحه: 1/99 برقم: (103).
209 - انظر: فتح الباري: 3/164.
210 - انظر: فتح الباري: 3/164.
(211 ) رواه مسلم في صحيحه: 2/644 برقم: (934).
(212 ) أي مع وصفه بالتشبه بالكفار، فهو موصوف بالجهل.
213 - قال ابن حجر: "وفي قوله تحت ظل رمحي: إشارة إلى أن ظله ممدود إلى أبد الآباد، والحكمة في الاقتصار على ذكر الرمح دون غيره من آلات الحرب كالسيف؛ أن عادتهم جرت بجعل الرايات في أطراف الرمح"، فتح الباري: 6/98.
214 - والمراد بالصغار: بذل الجزية، انظر: فتح الباري: 6/98.
215 - وقال بعضهم قد يقع التشبه في أمور قلبية من الاعتقادات وإرادات وأمور خارجية من أقوال وأفعال قد تكون عبادات وقد تكون عادات في نحو طعام ولباس ومسكن ونكاح واجتماع وافتراق وسفر وإقامة وركوب وغيرها، انظر: فيض القدير: 6/104.
216 - قال المناوي - رحمه الله-: "ومن تشبه بقوم فهو منهم: أي حكمه حكمهم وذلك لأن كل معصية من المعاصي ميراث أمة من الأمم التي أهلكها الله فاللوطية ميراث عن قوم الفاء، وأخذ الحق بالزائد ودفعه بالناقص ميراث قوم شعيب، والعلو في الأرض ميراث قوم فرعون، والتكبر والتجبر ميراث قوم هود، فكل من لابس من هؤلاء شيئا فهو منهم وهكذا"، فيض القدير: 3/204.(1/456)
217 - أخرجه أبو داود في سننه: 4/44 برقم (4031)، وأحمد في مسنده 2/50 برقم (5115)،(5114)، وابن أبي شيبة في مصنفه:6/470 برقم: (33010)، (33016)، وعبد بن حميد في مسنده 1/267 برقم (848)، والبيهقي في شعب الإيمان 2/75 برقم: (1199)، والطبراني في الأوسط: 8/179 برقم: (8327)، وقال عنه شيخ الإسلام بعد أن ساق إسناد أبي داود: "وهذا إسناد جيد"، انظر اقتضاء الصراط المستقيم: 1/269 وصححه الألباني، انظر: إرواء الغليل: 5/109.
(218) سورة: (المائدة: من الآية51).
(219 ) وهو التشبه الكامل بهم، أي في شأنهم كله.
220 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/270-271.
(221 ) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم:1/390
(222) هو قيس بن أبي حازم: العالم الثقة الحافظ أبو عبد الله البجلي الأحمسي الكوفي واسم أبيه: حصين بن عوف، أسلم وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه فقُبض نبي الله ( وقيس في الطريق ولأبيه أبي حازم صحبة، وقال سفيان بن عيينة: ما كان بالكوفة أحد أروى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قيس بن أبي حازم، وقال أبو داود أجود التابعين إسناداً: قيس، وقد روى عن تسعة من العشرة، ولم يرو عن عبد الرحمن بن عوف، وعن ابن معين قال: مات سنة سبع أو ثمان وتسعين، انظر: سير أعلام النبلاء: 4/200، وانظر للمزيد: معرفة الثقات، للعجلي: 2/220.
(223 ) وهي قبيلة من بجيلة، انظر: فتح الباري 7/150
224 - مصمتة: بضم الميم وسكون المهملة أي: ساكتة، انظر: فتح الباري 7/150.
225 - أخرجه البخاري في صحيحه: 3/1393 برقم: (3622)، قال شيخ الإسلام رحمه الله: "ومعنى قوله من عمل الجاهلية أي إنه مما انفرد به أهل الجاهلية ولم يشرع في الإسلام فيدخل في هذا كل ما اتخذ من عبادة مما كان أهل الجاهلية يتعبدون به ولم يشرع الله التعبد به في الإسلام" اقتضاء الصراط المستقيم: 1/125
226 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/125(1/457)
(227) "عبد الرحمن بن غنم بفتح المعجمة وسكون النون الأشعري مختلف في صحبته وذكره العجلي في كبار ثقات التابعين مات سنة ثمان وسبعين"، تقريب التهذيب، ص: (348)، وانظر: معرفة الثقات، للعجلي: 2/84.
(228) قال المناوي في فيض القدير: "والقلنسوة: بفتح القاف واللام وسكون المهملة وفتح الواو من ملابس الرأس" 5/246، وقال ابن حجر: "والقلنسوة: بفتح القاف واللام وسكون المهملة وفتح الواو: غشاء مبطن يستر به الرأس" انظر: فتح الباري 1/493.
229 - سنن البيهقي الكبرى: 9 / 202، قال ابن تيمية: "رواه حرب بإسناد جيد"، اقتضاء الصراط المستقيم: 1/364.
230 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/369، وقال رحمه الله: "وهذه الشروط أشهر شيء في كتب الفقه والعلم وهي مجمع عليها في الجملة بين العلماء من الأئمة المتبوعين وأصحابهم وسائر الأئمة ولولا شهرتها عند الفقهاء لذكرنا ألفاظ كل طائفة فيها وهي أصناف الصنف الأول ما مقصوده التمييز عن المسلمين في الشعور واللباس والأسماء والمراكب والكلام ونحوها؛ ليتميز المسلم من الكافر ولا يشبه أحدهما الآخر في الظاهر، ولم يرض عمر رضي الله عنه والمسلمون بأصل التمييز بل بالتمييز في عامة الهدى، على تفاصيل معروفة في غير هذا الموضع وذلك يقتضي إجماع المسلمين على التميز عن الكفار ظاهراً وترك التشبه بهم" اقتضاء الصراط المستقيم: 1/122
(231) "أبو عثمان النهدي الإمام الحجة شيخ الوقت عبد الرحمن بن مل وقيل ابن ملي ابن عمرو بن عدي البصري، مخضرم معمر أدرك الجاهلية والإسلام وغزا في خلافة عمر وبعدها غزوات"، انظر سير أعلام النبلاء: 4/175.
(232) قال عنه ابن عبد البر في الاستيعاب: "عتبة بن فرقد السلمي أبو عبد الله، له صحبة ورواية كان أميرا لعمر بن الخطاب على بعض فتوحات العراق"، انظر: الاستيعاب: 3/1030.(1/458)
233 - قال النووي: "من كدك فالكد: التعب والمشقة والمراد هنا أن هذا المال الذي عندك ليس هو من كسبك ومما تعبت فيه ولحقتك الشدة والمشقة في كده وتحصيله ولا هو من كد أبيك وأمك فورثته منهما بل هو مال المسلمين فشاركهم فيه ولا تختص عنهم بشيء بل أشبعهم منه" شرح صحيح مسلم للنووي: 14 / 46
234 - الزي: حسن الهيئة من اللباس يقال: تزيا فلان بزي حسن، انظر: العين للفراهيدي: 7/396
235 - أخرجه البخاري في صحيحه: 5 / 2193 برقم: (5490)، ومسلم في صحيحه: 3 / 1642 برقم: (2069)، واللفظ لمسلم.
236 - المضاهاة: مشاكلة الشيء الشيء، انظر: العين للفراهيدي 4/70، وقال في النهاية في غريب الحديث والأثر: "والمضاهاة: المشابهة" انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3/106.
237 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/127
(238) وقد اختلف أهل العلم في معنى السدل فقال ابن سلام: "والسدل هو إسبال الرجل ثوبه من غير أن يضم جانبيه بين يديه فإن ضمه فليس بسدل"، انظر: غريب الحديث لابن سلام: 3 / 482، وهذا إنما يتنزل على الثوب المفتوح وله جانبين كما هو الحال بالنسبة للعباءة للرجل في هذا الزمن، وقال أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري: "هو أن يلتحف بثوبه ويدخل يديه من داخل فيركع ويسجد وهو كذلك" النهاية في غريب الحديث: 2 / 355، قال الشوكاني: "والحديث يدل على تحريم السدل في الصلاة؛ لأنه معنى النهي الحقيقي"، نيل الأوطار: 2/68.
(239 ) وفُهُرُ اليهود _ بضم الفاء، ورويت بالقاف بدل الفاء _: مدارسهم، انظر: لسان العرب 5/66، وانظر: اقتضاء الصراط المستقيم:1/384.
240 - أخرجه البيهقي في سننه الكبرى: 2 /243 برقم: (3131)، و ابن أبي شيبة في مصنفه: 2 /62 برقم: (6481)، وعبد الرزاق في مصنفه: 1 /364 برقم: (1423).(1/459)
241 - فقد اشتملت على ذم اليهود وبيان أن الله قد غضب عليهم، كما في قوله تعالى: (غير المغضوب عليهم) قال غير واحد من العلماء، المقصود بالآية هم اليهود، انظر: تفسير الطبري: 1/80- 84، وتفسير القرطبي: 1/150، وتفسير ابن كثير: 1/30- 31.
242 - وفي تفسير القرطبي: ثم قالوا، بدل (فقال)، 17/250
243 - أخرجه البيهقي في شعب الإيمان: 6 / 95 برقم: (7589).
(244 ) أخرجه مسلم في صحيحه: 2/726 برقم: (1050).
(245 ) قال شيخ الإسلام: "يشير معاوية إلى ما رواه مسلم في صحيحه عن فضالة بن عبيد أنه أمر بقبر فسوي، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها، رواه مسلم"، اقتضاء الصراط المستقيم: 1/132 وانظر: صحيح مسلم: 2/666، برقم: (968).
246 - المعجم الكبير: 19/352، برقم: (823).
247 - ويوم النيروز والمهرجان: عيدان للكفار. انظر: المطلع على أبواب المقنع: 1/155.
(248 ) سنن البيهقي الكبرى: 9/234، قال ابن تيمية: "وروى بإسناد صحيح عن أبي أسامة حدثنا عون عن أبي المغيرة عن عبد الله ابن عمرو قال: ((من بنى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة))" اقتضاء الصراط المستقيم: 1/200
(249 ) سورة: (المائدة: من الآية51).
250 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/270.
(251 ) إن طريقة المؤمن هي التسليم لنصوص الشرع، فلا يبحث عن الحكمة إلا من أجل العلم والتدبر، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (الأحزاب:36)
(252 ) سبق تخريجه، ص: (15). ....
(253 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/83
254 - انظر: مبحث الرهبانية والتصوف من نفس الرسالة: الباب الثاني الفصل الثاني.
255 - وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((ومن تشبه بقوم فهو منهم)).(1/460)
256 - للاستفادة: انظر: نواقض الإيمان للدكتور: عبد العزيز آل عبد اللطيف.
257 - القاديانية: حركة نشأت سنة 1900 م بتخطيط من الاستعمار الإنجليزي في القارة الهندية، بهدف إبعاد المسلمين عن دينهم وعن فريضة الجهاد بشكل خاص، حتى لا يواجهوا المستعمر باسم الإسلام، انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة: 1/416.
(258) "وحدة الوجود: عقيدة إلحادية هندية كما قال بها فلاسفة اليونان القدماء، وتبعهم عليها بعض المذاهب الفلسفية المعاصرة وغلاة الصوفية، تقوم هذه المقولة على الوحدة الذاتية لجميع الأشياء مع تعدد صورها في الظاهر، فالعالم بما فيه إنما هو التجلي الإلهي الدائم الذي كان ولا يزال، فالموجود واحد هو الله واجب الوجود الأزلي عن المخلوقات، فكل شيء هو الله والاختلاف في الصور والصفات مع توحد في الذات، وهي بذلك امتداد لعقيدة الحلول وصور مهذبة للإلحاد. وقد تأثر بعقيدة وحدة الوجود الفلاسفة ، وغلاة الصوفية أمثال الحلاج وابن عربي وابن الفارض وغيرهم، متأثرين بعقائد البرهمية البوذية واليهودية والنصرانية المحرفة، وأقوال فلاسفة اليونان في هذا الجانب بالإضافة إلى عدد من العوامل الداخلية مثل: بعض الأصول المنحرفة للتشيع، وفلسفة الفارابي وابن سينا، وكذلك بعض النظريات المنحرفة للمتصوفة الأوائل بالإضافة إلى بعض أصول مصطلحات علماء الكلام مثل الوحدة والكثرة والذات. وإن أخطر ما تصل إليه هذه العقيدة القول بوحدة الأديان، وإسقاط التكاليف، وما يترتب عليها من تدمير للمسؤولية الفردية، والالتزام الأخلاقي، انطلاقاً من فكرة الجبر، والقول بعقيدة النور المحمدي والحقيقة المحمدية والإنسان الكامل"، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1168-1169(1/461)
(259 ) قال شيخ الإسلام: "ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلاً من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر" منهاج السنة: 5/130
(260 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/83
(261) وفي هذا الشأن صدرت فتوى شرعية، برقم: (19402) في: 25/1/1418هـ عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء (الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء) السعودية: تحذر من هذه الدعوى وتبين أنها تتضمن الكفر بالله، وتحرمها تحريماً شديداً، واللجنة التي أصدرت هذه الفتوى مكونة من سماحة الرئيس العام ومفتي عام المملكة العربية السعودية (الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز) _ رحمه الله _ رئيساً و(الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ نائباً) وعضوية كل من الشيخ د. بكر أبو زيد، و الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان.
(262) الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، محمود عبد الحليم: 1/409-410، وانظر: جناية التأويل الفاسد على العقيدة الإسلامية، د. محمد أحمد لوح، ص: (238).
(263) في قافلة الإخوان المسلمون، عباس السيسي: 1/262-263، وانظر: جناية التأويل الفاسد على العقيدة الإسلامية، د. محمد أحمد لوح، ص: (239).(1/462)
(264) وتعتبر قضية (وحدة الأديان) من تيارات العولمة في العصر الحديث، وأحد روافدها، وتختص بجانب عولمة الفكر، والعولمة: دعوة جديدة لإزالة مفهوم (الأمة) و(الدولة) وإلغاء الحدود بين (دار الإسلام) و(دار الكفر) وجمع الكفار والمسلمين تحت مفاهيم واحدة وراية واحدة تقودها العلمانية والعالمية لإطلاق الحريات، تحت شعارات حقوق الإنسان على الطريقة الغربية، ونشر الإباحية، وتثبيت جوهر المدنية الغربية، تحت شعار: (وحدة الأديان) أو (السلام العالمي)، وهذه دعاوى الصليبية واليهودية، والإسلام يقاومها ويعارضها، ولا يقبل منها شيئاً، انظر: العولمة وخصائص دار الإسلام ودار الكفر، دراسة فقهية مقارنة، د. عابد بن محمد السفياني، ص: (161).
(265) والحقيقة أن هذا الرجل قد تلفظ بالشهادتين ولكنه لم يدخل إلى الإسلام الحقيقي؛ فلا يعد مسلماً حقيقياً.
(266) انظر: التدابير الواقية من التشبه بالكفار، د. عثمان دوكري: 1/157-158.
(267) انظر: المعتزلة بين القديم والحديث لمحمد العبدة وطارق عبد الحليم، ص: (140).
(268) سورة: (المائدة: من الآية17).
(269) سورة: (المائدة: من الآية72).
(270) سورة: (المائدة:73) .
(271) سورة: (المائدة:78).
(272) سورة: (التوبة:30).
(273) سورة: (المائدة:64).
(274) سورة: (المائدة:70).
(275) سورة: (الصف:6).
(276) سورة: (المائدة: من الآية82).
(277) وهو توحيد الله مع تصديق جميع رسله من أولهم إلى آخرهم، وعدم الكفر بواحد منهم.
(278) سورة: (آل عمران:64).
(279) سورة: (الكافرون:6).
(280) سورة: (البينة:6).
(281) سورة: (المائدة:51).
(282) سورة: (آل عمران:67).
(283) سورة: (النساء: من الآية89).
(284) سورة: (البقرة:120).(1/463)
(285 ) وفي ذلك قال شيخ الإسلام في معرض حديثه عن عمرو بن لحي الخزاعي الذي تشبه بالمشركين ونصب الأنصاب حول الكعبة: "فقد تبين لك أن من أصل دروس دين الله وشرائعه وظهور الكفر والمعاصي: التشبه بالكافرين" اقتضاء الصراط المستقيم: 1/352
(286) انظر: المسلمون وظاهرة الهزيمة النفسية، لعبد الله بن حمد الشبانة، ص: (156).
287 - انظر كلام القاضي حسين في كتاب الغزي حسن التنبه، 5/114ب
288 - انظر: التشبه المنهي عنه ص: (59)، لجميل المطيري.
289 - انظر: الولاء والبراء، للشيخ محمد بن سعيد القحطاني، ص: (262).
290 - سورة البقرة، الآية: (165).
291 - انظر: التشبه المنهي عنه، لجميل المطيري ص: (60).
292 - راجع أثر التشبه بالكافرين في عقائدهم.
293 - وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((ومن تشبه بقوم فهو منهم)).
(294 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/83
(295 ) يقصد حديث: ((ومن تشبه بقوم فهو منهم)).
296 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/270
297 - كما في قصة الصحابي حاطب بن أبي بلتعة، الذي حصل منه نوع موالاة للكفار في فتح مكة، فلم يحكم النبي ( بكفره، انظر صحيح البخاري: 3/1120، برقم: (2915).
(298) وفي هذا رد على خوارج العصر الذين يكفرون أئمة المسلمين لمجرد التولي للكفار مهما كان ويستدلون بهذه الآية، ويجعلون جميع أنواع التولي للكفار مخرجة من الملة موجبة للكفر، نعوذ بالله من الجهل.
299 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/49
(300) انظر: المسلمون وظاهرة الهزيمة النفسية، لعبد الله بن حمد الشبانة، ص: (156).
(301) سورة (المجادلة: من الآية22).
(302) فإن الولاء معناه: النصرة والمحبة والإكرام والاحترام والكون مع المحبوبين ظاهراً وباطناً. انظر: الولاء والبراء في الإسلام، للشيخ محمد بن سعيد القحطاني، ص: (90).
(303) سورة (الممتحنة: من الآية13).
(304) سورة (المائدة:80).
(305 ) (المائدة:54).
(306 ) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم: 1/94(1/464)
(307) هو: أول وأكبر دعاة العلمانية في تركيا، وأول رئيس للجمهورية التركية، وقد عمل على تغريب الدولة العثمانية التركية ومسخ هويتها الإسلامية جرياً وراء اللحاق بركب التقدم والحضارة انظر: الإسلاميون وتركيا العلمانية, لهدى درويش, ص: (97)، (118).
(308) انظر: المسلمون وظاهرة الهزيمة النفسية، لعبد الله بن حمد الشبانة، ص: (156).
309 - أي قام خطيباً.
310 - أخرجه البخاري في صحيحه: 3 /1282، برقم: (3288)، وأخرجه مسلم في صحيحه: 3/1315، برقم: (1688).
(311) سورة: (الحديد: من الآية27).
312 - أخرجه أبو داود في سننه: 4/276 برقم: (4904)، وحسنه الألباني: انظر: غاية المرام: ص: (140)، برقم: (207).
313 - الأعراف: 157
314 - الاقتضاء 1/324
315 - سنن أبي داود: 2/305، برقم: (2352)، ومسند أحمد: 2/450، برقم: (9809) وحسنه الألباني، انظر: صحيح أبي داود: 2/442، برقم: (2063)
(316 ) انظر: تسامح الغرب مع المسلمين في العصر الحاضر، تأليف: عبد اللطيف بن إبراهيم الحسين، ص: (146)، فقد ذكر بعض الآثار التي تبين أن التشبه بهم من علامات اندراس دين الله.
(317) فلقد شوهد في بعض المجتمعات النسائية من عملت في شعرها قصة كلبة الأميرة الإنكليزية العاهرة الهالكة (ديانا).
(318) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/352
(319) أخرجه سنن أبي داود: 4/197، برقم: (4596)، وابن ماجه: 2/1322، برقم: (3992)، وسنن الدارمي: 2/314، برقم: (2518)، ومسند الإمام أحمد 4/102، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: 2/364، برقم: (3226).
(320) سورة (التوبة:69).
(321) سورة (التوبة:69).
(322 ) أخرجه البخاري في صحيحه: 3/1274، برقم: (3269)، وأخرجه مسلم في صحيحه: 4/2054، برقم: (2669).
(323) انظر: ابن كثير 2/352.
(324) توفي سنة: (1030هـ)، انظر: كشف الظنون: 1/560.(1/465)
(325) يقول د. طاهر مظفر العميد: " لقد مر جامع القيروان بمرحلتين فيما يتعلق بالزخرفة تعكس هاتان المرحلتان مدى الثبات على المسلك القويم حيال زخرفة المساجد التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها، العصر الأول: يمتاز بغلبة الفراغ. والعصر الثاني يشتهر بكراهيته. وتتكون المؤثرات الزخرفية في هذه الفترة الثانية من التناسب والاختلاف بين المسطحات. أي أن عناصرها تستخلص من تجويفات. وبروز. وفوارغ ومنحوتات"... إلى آخره، انظر: آثار المغرب والأندلس، ص: (78).
326 - وكان للتوجهات الصوفية في الدولة العثمانية أكبر الأثر في انتشار الأضرحة في العالم الإسلامي، انظر: البيان العدد: (132)، شعبان 1419هـ، مقال بعنوان: (القبور والأضرحة دراسة وتقويم) الأضرحة في العالم الإسلامي مشاهد متفرقة.
327 - وهو عيد نصراني يصبغون فيه البيض، ويهدونه، انظر: تشبيه الخسيس بأهل الخميس، للذهبي، ص: (23-29-47).
(328) انظر: فيض القدير 5/261.
(329) تعتبر العصور الوسطى هي العصور التي تمتد ما بين العصر القديم والعصر الحديث، وتسمى لدى الأوروبيين: عصور الظلمات أو العصور المظلمة، وتمتد ما بين القرن الخامس الميلادي إلى القرن الحادي عشر الميلادي، انظر: الموسوعة العربية العالمية، وهي ترجمة بتصرف عن: دائرة المعارف العالمية(World.Book.Encyclopedia): 16/279، ويلاحظ أن هذه العصور المظلمة بالنسبة لأوروبا هي عصور ازدهار ونهضة سريعة بالنسبة للمسلمين.(1/466)
(330) "عصر النهضة: اصطلاح يقصد به الفترة التي اتسمت بنشاط علمي وثقافي ذي سمات عقلانية عرفت بحركة التنوير أو العصرانية. وقد أطلق في البداية على الحركة التي ظهرت بألمانيا في القرن الثامن عشر الميلادي، والتي استلهمت آراء كانت وليسنج، وامتد المصطلح إلى إنجلترا في أيام لوك، ونيوتن، وهوبز، وأسكتلندا في أيام هيوم، وآدم سميث، وفرنسا في أيام مونتسيكو وفولتير، وديدرو وروسو. وتشمل حركة التنوير كذلك عصر بطرس الأكبر إمبراطور روسيا، وفريدرك الثاني ملك روسيا، والإمبراطور جوزيف الثاني. وقد وصلت حركة التنوير إلى العالم العربي الإسلامي في بداية عصر النهضة الحديثة، وتمثلت في الكتابات الأولى في الأدب العربي والفكر الحديث بصفة عامة متبنية أفكار حركات التجديد والتنوير والمعاصرة في الغرب والمبنية على أساس الفلسفات الإلحادية من الدعوة إلى نبذ الدين، والتخلي عن قيمه شرطاً للنهضة -راجع التجديد وحركة التنوير-، مما دفع الكثير من العلماء والمفكرين المسلمين إلى التصدي لها وبيان عوارها"، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1094، وانظر: الموسوعة العربية العالمية، وهي ترجمة بتصرف عن: دائرة المعارف العالمية (World.Book.Encyclopedia): 16/268.
(331) المدخل إلى علم التاريخ، د. عبد الرحمن الشيخ، ص: (137-138).
(332 ) تفسير الطبري: 2 / 334
(333 ) تفسير الطبري: 29/99
(334 ) لسان العرب: 9 /273
(335 ) انظر: الفكر الفلسفي في الإسلام، للشيخ: عبد الحليم محمود، الصفحة: (223)
336 - الملل والنحل 2/369، وانظر: منهاج السنة النبوية: 1/359.
337 - البقرة: (129).
(338 ) الموسوعة العربية العالمية، وهي ترجمة بتصرف عن: دائرة المعارف العالمية (World.Book.Encyclopedia): 17/441، وانظر: موسوعة الفلسفة، د. عبد الرحمن بدوي: 2/157.(1/467)
339 - انظر: التعريفات للجرجاني: 1/216 وانظر: منهاج السنة النبوية: 1/412، 3 / 332، وانظر: الحدائق في المطالب العالية ص: (114).
340 - انظر: الأسفار المقدسة، للدكتور: على عبد الواحد وافي، ص: (189).
341 - انظر: شفاء العليل، لابن القيم: 1 /187
342 - شفاء العليل: 1 /217
343 - انظر: صون المنطوق والكلام عن فن المنطق والكلام، لجلال الدين السيوطي، ص:32
(344) هو: سليمان بن عبد القوي الحنبلي الطوفي، ت: (710هـ)، انظر: كشف الظنون: 2/425.
(345) هو: أثير الدين أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي، ت: (745)، انظر: كشف الظنون: 2/1107.
(346 ) أقاويل الثقات:1/111، ولذلك كانوا يقولون ببدع كثيرة لم يسبقهم إليها أحد في الإسلام، قال محمد بن عمر بن الحسين الرازي في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين وهو يختصر بعض المعتقدات التي توصل إليها الفلاسفة بناءً على مذهبهم: "مذهبهم أن العالم قديم وعلته مؤثرة بالإيجاب وليست فاعله بالاختيار وأكثرهم ينكرون علم الله تعالى وينكرون حشر الأجساد"، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين: 1 /91
347 - كشف الظنون لمصطفى الحنفي: 1 / 47
348 - انظر: ما كتبه شيخ الإسلام في التدمرية: ص: (17) وغيرها، وكتابه: بيان تلبيس الجهمية، ومنهاج السنة، وكتب تلميذه ابن القيم: مثل: نونية ابن القيم، وشفاء العليل، وغيرها، ولم أنقل ذم الكلام من كتبهما؛ لشهرة ذلك عنهما، وشهرة هذين الشيخين بنقض القضايا الكلامية.
(349 ) فلاسفة من الشرق والغرب، لمصطفى غالب: ص: (10)، كما جاء رأي صديق القنوجي مشابهاً لرأي هذا الكاتب فقال: "فإنك تسمعهم يقولون بتحريم المنطق مع كونه ميزان العلوم وتحريم الفلسفة مع أنها عبارة عن معرفة حقائق الأشياء وليس فيها ما ينافي الشرع المسائل اليسيرة" أبجد العلوم: 1/106(1/468)
(350 ) مع أن شيخ الإسلام أثبت جمعهم بين المتناقضات والممتنعات، انظر: التدمرية، ص: (36)، وليس في دين الله أي تناقض فلو أخذ هؤلاء من المنهج الفلسفي ما يوافق الدين _ على حد قول الكاتب _ لما وقعوا في التناقض، ولما أدى ذلك إلى التفرق بين المسلمين بسبب تلك المقدمات والنتائج الفلسفية التي تنافي بعض المسلمات الشرعية.
351 - أبجد العلوم: 2/252، وانظر: الفهرست: 1/339
352 - منهاج السنة النبوية: 1/ 317
(353) "الإنجيل: كلمة معرَّبة من الكلمة اليونانية ((إفاجيلويون)) ومعناها البشارة بالخير أو بالخبر السار والمفرح، واللفظ الدال على الإنجيل GOSPEL وهو في الإنجليزية القديمة GOASPEL أي أخبار طيبة. والإنجيل كتاب أنزله الله تعالى على عيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة يقول تعالى: ( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ( [ المائدة : 46 ]، وقد وردت كلمة إنجيل في القرآن الكريم اثنتي عشرة مرة. وبعد رفع المسيح وضياع الإنجيل الرباني المنزَّل عليه كتبت أناجيل كثيرة زادت على المائة فاختارت الكنيسة منها أربعة وهي المقصودة بكلمة الإنجيل عند النصارى الآن". انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/976.
(354 ) انظر: مجلة البيان: 74/ 19.
(355 ) منهاج السنة النبوية: 5 /282.(1/469)
356 - قال صاحب كشف الظنون: "واعلم أن أكثر من عنى بها في الأجيال الأمتان العظيمتان فارس والروم فكانت أسواق العلوم نافقة لديهم لما كان العمران موفوراً فيهم والدولة والسلطان قبل الإسلام لهم" كشف الظنون: 1/ 679. ومعلوم أن أديان هاتين الأمتين باطلة، فدين الفرس عبادة النار، ودين الروم إما الوثنية القديمة وإما النصرانية المحرفة.
357 - قال ابن القيم _ رحمه الله _: "أين الدين من الفلسفة وأين كلام رب العالمين إلى آراء اليونان والمجوس وعباد الأصنام والصابئين وأين المعقولات المؤيدة بنور النبوة إلى المعقولات المتلقاة عن أرسطو وأفلاطون والفارابي وابن سينا وأتباع هؤلاء ممن لا يؤمن بالله ولا صفاته ولا أفعاله ولا ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر"، الصواعق المرسلة: 3 /816، وانظر: منهاج السنة النبوية: 5 /282، وانظر: قصة الفلسفة، ول ديورانت ص: (5).
358 - قصة الفلسفة، ول ديورانت ص: (6 - 7).
(359 ) ولعلها هي التي قصدها الجرجاني آنفاً.
(360 ) انظر: الموسوعة العربية العالمية، وهي ترجمة بتصرف عن: دائرة المعارف العالمية (World.Book.Encyclopedia): 17/444-445(1/470)
361 - بل إنني لم أجد من خلال بحثي هذا من يعارض في هذه القضية، وانظر: ما قاله ابن النديم في الفهرست: ص: (342)، وقال القنوجي في أبجد العلوم: "وكانت الفرس نقلت في القديم شيئاً من كتب المنطق والطب إلى اللغة الفارسية فنقل ذلك إلى العربي عبد الله بن المقفع وغيره" أبجد العلوم: 2/252، وانظر: مجلة البيان: العدد: (74) ص: (19)، وانظر: التراث اليوناني، تعريب عبد الرحمن بدوي: ص: (11)، وانظر: تاريخ الفلسفة في الإسلام: لـ (دي بور): ص: (141). ولكن من الغريب ما زعمه بعض الباحثين المتحمسين للدفاع عن الإسلام _ كما يظن نفسه _ أن الفلسفة الإسلامية مستقاة من الإسلام ومستقلة كل الاستقلال عن غيرها من الفلسفات، معارضاً بذلك المسلمات التاريخية، وهو يبغي من وراء ذلك الدفاع عن الفكر الإسلامي، والصحيح: أن الفكر الإسلامي غني عن مثل هذه الفلسفات المستوردة والتي ما أنزل الله بها من سلطان، انظر: ما كتبه الشيخ: عبد الحليم محمود، في كتابه: (التفكير الفلسفي في الإسلام)، ص: (14) وغيرها.
(362 ) التنبؤ بالغيب عند مفكري الإسلام، ص: (32-33)
(363) اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، لمحمد بن عمر بن الحسين الرازي، ص: (91).
(364) انظر: ابن قيم الجوزية وجهوده في الدفاع عن عقيدة السلف، لعبد الله جار النبي، ص: (321).
(365) انظر: النجاة، ص: (251).
(366) انظر: تهافت الفلاسفة، ص: (172)، وتهافت التهافت: 2/492.
(367) انظر: التدمرية، لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص: (17).
(368) كاتب إسماعيلي.(1/471)
(369) "الإشراق: مذهب الإشراق هو جماع آراء وتيارات راجت في الديانات القديمة الإغريقية والفارسية. ولذا فهو فرع من فروع الفلسفة اليونانية والأفلاطونية الجديدة على وجه الخصوص. ويقوم في جملته على القول: بأن مصدر الكون هو: النور، فهو يعبر عن الله سبحانه وتعالى بالنور الأعلى، ويصف العوالم بأنها أنوار مستمدة من النور الأول والمعرفة الإنسانية في مفهوم الإشراقيين ((إلهام)) من العالم الأعلى، يصل بواسطة عقول الأفلاك، وهو ما يسمى بالكشف أو الإشراق، أي ظهور الأنوار العقلية للنفوس بعد تجردها". انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/958 .
(370 ) انظر: فلاسفة من الشرق والغرب، لمصطفى غالب، ص: (5).
371 - انظر: العقيدة الأصفهانية: 1 /145
372 - قال أبو الحسن الأشعري: عن المعتزلة الذين قالوا بنفي الصفات: "وهذا القول أخذوه عن إخوانهم من المتفلسفة الذين يزعمون أن للعالم صانعاً لم يزل ليس بعالم ولا قادر ولا سميع ولا بصير ولا قديم".... إلى أن قال:"ولولا الخوف لأظهروا ما كانت الفلاسفة تظهره من ذلك ولأفصحوا به غير أن خوف السيف يمنعهم من إظهار ذلك، وقد أفصح بذلك رجل يعرف بابن الإيادي كان ينتحل قولهم فزعم أن البارئ سبحانه عالم قادر سميع بصير في المجاز لا في الحقيقة"، انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري: 1/483، وانظر: نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، الصفحة: (370).
(373) "ميتافيزيقا : فرع من الفلسفة يبحث عن الحقيقة الأولية للوجود، سماها أرسطو الخبرة، كما يبحث في ماهية الإله والعالم والإنسان، وفيما وراء الطبيعة والحس. هاجمتها المذاهب التجريبية والمادية الوضعية الحديثة"، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1155
(374 ) انظر: الفكر الفلسفي الإسلامي، د. حسام الألوسي: ص:33(1/472)
375 - مع أن شيخ الإسلام أثبت تناقضهم في الصفات والذات فإنهم لما نفوا الصفات لعلة التشبيه ألزموا بنفي الذات لوجود نفس العلة في إثباتها، فلم يلتزموا باللازم، انظر: التدمرية، ص: (43).
376 - سورة النحل: الآية: (89).
377 - أصول الفلسفة، ص: (1).
(378 ) أصول الفلسفة، ص: (2).
(379) الجبرية: من الفرق الكلامية المنحرفة التي تقول بالجبر، بمعنى أن العباد مجبورون على أعمالهم، وأن الله تعالى هو الفاعل لأعمالهم، ولا دور لهم فيها، وإنما تضاف إليهم على سبيل المجاز. وأول من قال بهذه المقالة في الإسلام الجعد بن درهم، وأخذها عن بيان بن سمعة اليهودي عن طالوت بن أخت لبيد بن الأعصم زوج ابنته عن يهودي باليمن. وأول من أظهرها تلميذه الجهم بن صفوان بمدينة ترمذ في أوائل المائة الثانية للهجرة، ولذلك فإن الجهمية أول من حمل لواء هذه الدعوة، فالجبرية الخالصة: هي التي لا تثبت للعبد فعلاً ولا قدرة على الفعل أصلاً. والجبرية المتوسطة: هي التي تثبت للعبد قدرة غير مؤثرة أصلاً، فأما من أثبت للقدرة الحادثة أثراً ما في الفعل، وسمى ذلك كسباً فليس بجبريّ، انظر: الملل والنحل للشهرستاني: 1/97، والموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1035-1036
(380) انظر: الفلسفة الأخلاقية للفكر الإسلامي: ص: (212).
(381 ) انظر: الفلسفة الأخلاقية للفكر الإسلامي: ص: (212).
(382 ) الفلسفة الأخلاقية لمحمود صبحي: ص: (213-214).
383 - الفلسفة الأخلاقية في الفكر الإسلامي: ص: (214).
(384 ) الفلسفة الأخلاقية في الفكر الإسلامي: ص: (214- 215).
(385 ) وليته جاء بالفكر الإسلامي واعتقاداته الحقيقية التي أثبتها القرآن والسنة الصحيحة، بل اعتمد في بيان الفكر الإسلامي على عرض بعض النظريات الفلسفية المأخوذة في الأصل من اليونان، وكأن المسلمين ليست لهم عقيدتهم التي تميزهم عن غيرهم، والله المستعان.(1/473)
386 - انظر: مقدمته: ص:9- 10، وإلى حد كبير: يحاول الباحث تفعيل النظريات الفلسفية إلى أخلاقيات، إيماناً منه بجدارتها واستحقاقها لتكون أساساً للأخلاق، بعد أن كانت طريقاً للنظر في الكون والوجود والإلهيات، انظر ما كتبه عن مشكلة العمل من ص: (257) من كتابه إلى نهاية الكتاب.
(387) انظر: تراثنا الفلسفي حاجته إلى النقد والتمحيص، محمد رضا الشبيبي، ص: (19).
(388) انظر: تراثنا الفلسفي حاجته إلى النقد والتمحيص، محمد رضا الشبيبي، ص: (20).
(389 ) مدخل إلى مبادئ التربية د. محمد عكيلة، د. سمير عبد اللطيف هوانة، د. حسن جميل طه، ص: (62) وهذا الكتاب يدرس في جامعة أم القرى، كمدخل إلى الدبلوم التربوي.
(390 ) انظر: دراسات في الفكر الفلسفي الإسلامي، د. حسام الألوسي: ص: (116).
(391) سورة: (يونس: من الآية18).
(392) سورة: (الزمر: من الآية3).
393 - الصفدية: 2/334، وانظر: منهاج السنة النبوية: 3 / 285.
394 - بل ذكر شيخ الإسلام أن اعتقادهم شر من اعتقاد اليهود والنصارى، انظر: منهاج السنة النبوية: 3 / 285
395 - سورة البقرة: (258).
(396) "شيخ الفلسفة الحكيم أبو نصر محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ التركي الفارابي المنطقي، أحد الأذكياء، له تصانيف مشهورة، من ابتغى الهدى منها ضل وحار، منها تخرج ابن سينا نسأل الله التوفيق، وقد أحكم أبو نصر العربيه بالعراق ولقي متى بن يونس صاحب المنطق فأخذ عنه وسار إلى حران فلزم بها يوحنا بن جيلان النصراني وسار إلى مصر وسكن دمشق، ويقال إنه هو أول من اخترع القانون، وكان يتزهد زهد الفلاسفة، ويقال إنهم سألوه أأنت أعلم أو أرسطو فقال لو أدركته لكنت أكبر تلاميذته، من مصنفاته: مقالة في إثبات الكيمياء وسائر تواليفه في الرياضي والإلهي، وبدمشق كان موته في رجب سنة: (339هـ)، عن نحو من ثمانين سنة"، انظر: سير أعلام النبلاء: 15/416-418.(1/474)
(397 ) انظر: دراسات في الفكر الفلسفي الإسلامي، د. حسام الألوسي، ص: (117).
398 - انظر: تاريخ الفلسفة في الإسلام: لـ (دي بور): ص: (211).
399 - انظر: موسوعة الفلسفة، عبد الرحمن بدوي: 2/94، وترجح الموسوعة أن معلمه الأول هو: يوحنا بن حيلان.
400 - انظر: دراسات في الفكر الفلسفي الإسلامي، د. حسام الألوسي: ص: (117).
(401 ) منهاج السنة النبوية: 2 / 192.
(402) الإسماعيلية: فرقة باطنية، انتسبت إلى الإمام إسماعيل بن جعفر الصادق، ظاهرها التشيع لآل البيت، وحقيقتها هدم عقائد الإسلام، تشعبت فرقها وامتدت عبر الزمان حتى وقتنا الحاضر، وحقيقتها تخالف العقائد الإسلامية الصحيحة. وقد مالت إلى الغلو الشديد لدرجة أن الشيعة الاثني عشرية يكفرون أعضاءها، انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان المذاهب والأحزاب المعاصرة: 1/383.
(403) أصول الإسماعيلية، د. سليمان عبد الله السلومي، ص: 2/514- 515
(404) رسالة المبدأ والمعاد ضمن الحقائق الخفية للأعظمي، ص: (101)، نقلاً عن كتاب أصول الإسماعيلية، د. سليمان عبد الله السلومي، ص: 2/520.
(405) انظر: الأنوار اللطيفة للحارثي ص: (79- 80)، نقلاً عن كتاب أصول الإسماعيلية، د. سليمان عبد الله السلومي، ص: 2/520.
(406) أصول الإسماعيلية، د. سليمان عبد الله السلومي، ص: 2/523- 524.
(407) انظر: الإنسان الكامل محاورات في فلسفة الصوفية، لمحمد غازي عرابي، ص: (38).
(408 ) الموسوعة العربية العالمية، وهي ترجمة بتصرف عن: دائرة المعارف العالمية (World.Book.Encyclopedia): 17/442
409 - أبجد العلوم لصديق حسن القنوجي: 1 / 355
410 - التعريفات للجرجاني: 1/201
(411 ) أبجد العلوم لصديق حسن القنوجي: 2 / 67
(412 ) شرح المواقف للإيجي: 1/31
413 - التوقيف على مهمات التعاريف لمحمد عبد الرؤوف المناوي: 1/607.
414 - انظر: مقدمة ابن خلدون، ص: (441).
415 - أبجد العلوم لصديق حسن القنوجي: 2 / 67(1/475)
416 - أبجد العلوم لصديق حسن القنوجي: 2 / 67
(417 ) المقصود بهذا التفسير: هو تفسير سبب نفيهم للصفات الثابتة بالقرآن والسنة ؛ والسبب: أنهم جعلوا علم الكلام مصدراً لتلقي العقيدة وليس مدافعاً عن العقيدة الصحيحة،_ مع ادعائهم بأن علم الكلام إنما هو لأجل الدفاع عن العقيدة الصحيحة فحسب _ كما سيأتي في سياق موقف العلماء من علم الكلام.
(418 ) رسالة التوحيد للشيخ محمد عبده: ص: (5).
(419) موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة، للباحث سليمان الغصن: 1/22.
(420) يقصد الفلسفة.
(421 ) وهذا مما يشرح المغالطة التي وجدناها في تعريف علم الكلام، فلعل الكلام كان في الأصل كما عرفه الإيجي والقنوجي، ثم صار لا يعتمد النص في البداية _ كما صرح بذلك الشيخ: محمد عبده _ ويجعله بمثابة المؤيد لما توصل إليه العقل، بعد اتصاله بعلم الفلسفة، هذا محتمل، والله أعلم.
(422 ) وليس شأن علم الكلام.
423 - أي: علم الكلام.(1/476)
(424) "الإلحاد: هو إنكار وجود الله، أو الميل بنصوص الكتاب والسنة عن الحق الثابت لها، كالإلحاد في الآيات الشرعية مثل تسميته تعالى بما لا يليق كتسمية النصارى له أبا، أو تسمية الفلاسفة إياه بالعلة الفاعلة، ومن الإلحاد، أيضا، تسمية بعض المخلوقين باسمه تعالى كتسمية اللات من الإله، أو وصف الله تعالى بما ينزه عنه كقول اليهود (الله فقير)، أو تعطيل أسمائه وصفاته عن معانيها وجحد حقائقها كمن يجعل أسماءه تعالى علات محضة لا تدل على الكمال، أو تشبيه الخالق بالمخلوق ذاتا وصفات لقوله تعالى: ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ( [ الأعراف: 180 ]. ويقول تعالى: ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ( [ الإسراء: 36 ] . ويأتي الإلحاد، أيضا، بنسبة الآيات الكونية إلى غير خالقها سبحانه- الدهريون- كنسبة نزول المطر للنجم، مثلا، أو التكذيب بالبعث والجنة والنار- الطبيعيون-، وتكريس الحياة كلها للدنيا فقط. فالإلحاد هو الكفر بالله والميل عن طريق أهل الإيمان والرشد. ويمثل الإلحاد اليوم ظاهرة عالمية إذ ينص عليه في كل الدساتير الأوربية أو الأمريكية باسم ((العلمانية)) تارة أو ((اللادينية)) تارة أخرى، وأصبح له دول وحكومات تدافع عنه كما في دول أوربا الشرقية وروسيا والصين"، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/971 .
425 - انظر: أبجد العلوم: 2 /111.
(426 ) متقدمي المتكلمين.
(427 ) منهاج السنة النبوية: 3 / 288(1/477)
(428) القاضي أبو يوسف هو: الإمام المجتهد العلامة المحدث قاضي القضاة أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن حبيش بن سعد بن بجير بن معاوية الأنصاري الكوفي، وسعد بن بجير له صحبة، وكان أبوه فقيرا له حانوت ضعيف فكان أبو حنيفة يتعاهد أبا يوسف بالدراهم مئة بعد مئة قال أحمد بن حنبل: أول ما كتبت الحديث اختلفت إلى أبي يوسف، وكان أميل إلى المحدثين من أبي حنيفة ومحمد بن الحسن، قال إبراهيم بن أبي داود البرلسي سمعت ابن معين يقول: ما رأيت في أصحاب الرأي أثبت في الحديث ولا أحفظ ولا أصح رواية من أبي يوسف وعن ابن سماعة قال كان ورد أبي يوسف في اليوم مئتي ركعة، توفي أبو يوسف يوم الخميس خامس ربيع الأول سنة: (182هـ)، انظر: سير أعلام النبلاء: 8/535-539.
429 - قال ابن قدامة في المغني: "والزنديق: هو الذي يظهر الإسلام ويستسر بالكفر وهو المنافق كان يسمى في عصر النبي صلى الله عليه وسلم منافقاً ويسمى اليوم زنديقاً"المغني: 6/248.
430 - رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: 1/166
(431) منهاج السنة النبوية: 2/610، وانظر: قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر: ص: (46)، كما نقل الذهبي عن: "ابن تاشفين: السلطان صاحب المغرب أمير المسلمين أبو الحسن علي بن صاحب الغرب يوسف بن تاشفين البربري ملك المرابطين، تولى بعد أبيه سنة خمس مئة، وكان شجاعاً مجاهداً عادلاً دينا ورعا صالحاً معظما للعلماء مشاوراً لهم نفق في زمانه الفقه والكتب والفروع حتى تكاسلوا عن الحديث والآثار وأهينت الفلسفة ومج الكلام ومقت واستحكم في ذهن علي أن الكلام بدعة ما عرفه السلف فأسرف في ذلك وكتب يتهدد ويأمر بإحراق الكتب وكتب يأمر بإحراق تواليف الشيخ أبي حامد وتوعد بالقتل من كتمها"، انظر: سير أعلام النبلاء: 20/124، وانظر: سير أعلام النبلاء: 17/15، وغير ذلك من النقولات عن أهل السنة وموقفهم من الفلسفة اليونانية والكلام.(1/478)
432 - شرح أصول اعتقاد أهل السنة: 1/165.
433 - رواه ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد: ص: (156).
434 - تلبيس إبليس: 1 / 102
435 - "شيخ الحنابلة القدوة الإمام أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري الفقيه، كان قوالاً بالحق داعية إلى الأثر لا يخاف في الله لومة لائم، صحب المروذي وصحب سهل بن عبد الله التستري، ت: (328هـ)". انظر: سير أعلام النبلاء: 15/90-92.
436 - شرح السنة للبربهاري: ص: (38)
(437 ) انظر: المناظرة في القرآن: ص: (51)
438 - منهاج السنة النبوية: 5 / 283
439 - بيان تلبيس الجهمية: 1 / 139
440 - مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب: 1 / 263.
441 - تحريم النظر في كتب الكلام: 1 / 65
442 - أقاويل الثقات: 1 / 110
443 - إيثار الحق على الخلق، ص: (83 - 84).
(444 ) نهاية الإقدام في علم الكلام، للشهرستاني: ص: (3).
(445) سورة (طه:5) .
(446) سورة (فاطر: من الآية10) .
(447) سورة (الشورى: من الآية11).
(448) سورة (طه: من الآية110).
(449) سورة (مريم: من الآية65).
(450 ) كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في العقيدة: 4 / 72، وانظر: اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية: 1/194-195، ومنهاج السنة النبوية 5/270- 271، وكتاب النبوات، لشيخ الإسلام: ص(117).
(451 ) انظر: قواعد العقائد: ص: (101).
452 - التحف في مذاهب السلف محمد بن علي الشوكاني: 1 / 74
453 - أبجد العلوم: 2 / 545
(454 ) انظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام: 13/ 147- 148، بتصرف يسير.
(455 ) توفي سنة: 620 هـ
456 - تحريم النظر في كتب الكلام: 1 / 65
457 - أبجد العلوم: 2 / 545
458 - موقف المتكلمين من نصوص الكتاب والسنة للغصن: 1/90
(459 ) انظر: الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين وآثارهما في حياة الأمة: 1/ 243
(460 ) موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة للباحث سليمان الغصن: 1/ 50-52(1/479)
461 - الفهرست: 1 / 340
462 - انظر: أبجد العلوم، لصديق القنوجي: 2/544
463 - أبجد العلوم: 2 / 545، بتصرف يسير.
(464 ) انظر: الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين وآثارهما في حياة الأمة: 1/ 244
(465 ) وفي ذلك يقول الرازي متأثراً بالطرائق العقلية اليونانية ومقدماً لها على الوحي: "فاستواؤه: قهره واستيلاؤه، ونزوله: بره وعطاؤه، ومجيئه: حكمه وقضاؤه، ووجهه: وجوده أو جوده، وحياؤه وعينه: حفظه وعونه: اجتباؤه، وضحكه: عفوه أو إذنه، وارتضاؤه ويده: إنعامه وإكرامه واصطفاؤه"، انظر تأسيس التقديس
466 - وإن كان هذا الكلام ليس على إطلاقه؛ فإنه وإن وجد شيء من العداء والأخذ بالمنهج الكلامي وتدريسه فإننا نجد من المنصفين من أخذ بالمنهج السلفي ونصر أقوال شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، ومنهم على سبيل المثال عميد كلية أصول الدين بالأزهر _ سابقاً _ (الشيخ محمد خليل هراس) _ رحمه الله _ فقد كتب كتاباً سماه: (ابن تيمية السلفي ونقده لمسالك المتكلمين والفلاسفة في الإلهيات، وللشيخ الهراس جهوده الباركة في بيان عقيدة السلف.
467 - انظر: الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين وآثارهما في حياة الأمة: 1/ 262، واقرأ دور حاكم المغرب في بداية القرن الثالث عشر الهجري في إرساء قواعد علم الكلام في البلاد، في نفس المصدر: 1/261
(468 ) موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة، للباحث سليمان الغصن: 1/98، وانظر: ضحى الإسلام: 3/202-207.
(469 ) مقدمة التحقيق لكتاب: غاية المرام في علم الكلام، ص: (7).
470 - رواه الهروي في ذم الكلام، ص: (294).
471 - انظر: موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة، للباحث سليمان الغصن: 1/101
(472) ومن هنا يبدأ الكلام عن أمثلة من مشابهة المتكلمين للكفار؛ لأنها هي النتيجة الحتمية للوسيلة التي اتبعوها وكانوا في غنىً عنها.(1/480)
(473 ) سورة: (الأنعام: من الآية59).
474 - صحيح البخاري: 1 / 465، برقم: (1319)، ومسلم:4/2047 برقم: (2658).
(475 ) للفائدة: انظر: كتاب فطرية المعرفة وموقف المتكلمين منها، د. أحمد سعد حمدان الغامدي، حفظه الله، فقد بين فيه بجلاء موقف أهل السنة من إثبات وجود الباري.
(476) سورة إبراهيم الآية: (10).
(477) سورة الزخرف الآية: (87).
(478) سورة الزخرف الآية: (10).
(479) سورة يونس الآية: (22).
(480) سورة الإسراء الآية: (67).
481 - فطرية المعرفة وموقف المتكلمين منها، د. أحمد سعد حمدان الغامدي، ص: (203- 204).
482 - الغنية عن الكلام: ص: (94).
(483) سورة النازعات الآية: (19).
(484) سورة النازعات الآية: (20).
(485 ) انظر: فطرية المعرفة وموقف المتكلمين منها، د. أحمد سعد حمدان الغامدي، ص: (202).
486 - المواقف: 1/164،165
(487 ) الغنية عن الكلام: ص: (94).
(488 ) انظر ما بدأ به الآمدي كتابه غاية المرام في علم الكلام حيث بدأه بالقانون الأول (في إثبات الواجب بذاته) على طريقة المتكلمين، ص: (9).
489 - انظر: بيان تلبيس الجهمية: 1 / 139، و بيان تلبيس الجهمية: 1 / 101.
(490) انظر ابن قيم الجوزية وجهوده في الدفاع عن عقيدة السلف، د. عبد الله محمد جار النبي، ص: (179).
491 - وطريقة الجواهر والأعراض مفادها: أنهم يقسمون العالم إلى جواهر وأعراض، والجواهر لا تخلو عن الأعراض، والأعراض حادثة، وما لا يخلو عن الحودث فهو حادث ينتج: أن العالم بجميع أجزائه حادث، أما الأعراض فبعضها بالمشاهدة وبعضها بالدليل. وأما الجواهر فبالدليل، وهو أنها لا تخلو عن الحوادث وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث، وإذا ثبت أن العالم حادث كان لا بد من محدث يخرجه من حيز العدم إلى حيز الوجود. انظر: ابن قيم الجوزية وجهوده في الدفاع عن عقيدة السلف، د. عبد الله محمد جار النبي، ص: (180).(1/481)
492 - وطريقة الإمكان والوجوب مفادها: أنه لا شك في وجود موجود، فإن كان واجباً ثبت وجود الواجب وإن كان ممكناً فإن وجوده لا يمكن أن يكون من ذاته بل لا بد من علة فإن كانت واجبة ثبت وجود الواجب، وإن كانت العلة ممكنة فلا بد لها من علة وهكذا، ويستحيل أن تستمر سلسلة العلل إلى ما لا نهاية لأن ذلك يؤدي إلى التسلسل وهو محال، وكذلك يستحيل أن يتوقف الأول على الأخير فيؤدي إلى الدور وهو محال، ولذلك لا بد أن تقف السلسلة عند موجود واجب ليس له علة، هذا الموجود هو واجب الوجود، وهو الله تعالى. انظر: ابن قيم الجوزية وجهوده في الدفاع عن عقيدة السلف، د. عبد الله محمد جار النبي، ص: (195)، وانظر: المعتزلة بين القديم والحديث، محمد العبدة وطارق عبد الحليم، ص: (16-17).
493 - غاية المرام في علم الكلام: ص: (45).
(494 ) انظر: بيان تلبيس الجهمية: 2/46 - 2/67، وانظر: نهاية الإقدام في علم الكلام، للشهرستاني: 182
(495) سورة: (الشورى: من الآية11).
(496 ) وفي هذا النوع من القياس يقول شيخ الإسلام: "ما جاء به الرسول لا يجوز أن يعارض بضرب الأمثال له ولا يدركه كل أحد بقياس ولا يحتاج أن يثبته بقياس بل هو ثابت بنفسه وليس كل ما ثبت يكون له نظير وما لا نظير له لا قياس فيه فلا يحتاج المنصوص خبراً وأمراً إلى قياس بخلاف من أراد أن ينال كل ما جاءت به الرسل بعقله ويتلقاه من طريق القياس كالقياس العقلي المنطقي وهو قياس الشمول أو قياس التمثيل ونحو ذلك فإن كلاً من هذا وهذا يسمى قياساً"درء تعارض العقل والنقل: 7/318
497 - بتصرف يسير: أبجد العلوم، لصديق القنوجي: 2/544(1/482)
(498) "الجهمية: إحدى الفرق الكلامية التي تنتسب إلى الإسلام، قامت على البدع الكلامية والآراء المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة، متأثرة بعقائد وآراء اليهود والصابئة والمشركين والفلاسفة الضالين. وأول من قال بهذه العقيدة الفاسدة وإليه تنسب هو : الجهم ابن صفوان، الذي أخذها عن الجعد بن درهم الذي أخذها عن أبان بن سمعان اليهودي. وأول ما ظهرت بدعتهم ظهرت في بلدة ترمذ بخراسان بلد الجهم بن صفوان، وقد قسم شيخ الإسلام ابن تيمية الجهمية إلى درجات ثلاث: الأولى: وهم الجهمية الغالية النافون لأسماء الله - تعالى - وصفاته، وإن سموه بشيء من الأسماء الحسنى، قالوا: هي مجاز. والثانية: وهم المعتزلة ونحوهم الذين يقرون بأسماء الله - تعالى - الحسنى، لكنهم ينفون صفاته جل وعلا ولا يعني ذلك أنهم جبرية في القول بالقدر. الثالثة: وهم الكثير من الفرق الكلامية وطائفة من أهل الحديث، كمحمد بن كلاب ومن اتبعه وأبي الحسن الأشعري وطوائف من أهل الفقه والتصوف، وهم يقرون بأسماء الله - تعالى - وصفاته في الجملة، ولكنهم يردون طائفة من الأسماء والصفات الخبرية وغير الخبرية ويؤولونها"، انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1040-1041 .
499 - بيان تلبيس الجهمية: 2 / 498- 499
(500) انظر مختصر الصواعق المرسلة، لابن قيم الجوزية، ص: (186).
(501 ) درء تعارض العقل والنقل: لابن تيمية: 1/308
502 - الأصول التي بنى عليها المبتدعة مذهبيهم في الصفات: 2/203
503 - باعث النهضة الإسلامية ابن تيمية السلفي نقده لمسالك المتكلمين والفلاسفة في الإلهيات، ص: (82).
(504 ) المواقف للإيجي: 2/609
505 - أبجد العلوم: 2 / 441
506 - انظر مختصر الصواعق المرسلة، لابن قيم الجوزية، ص: (185- 186).
507 - كما قالت الجهمية، انظر: منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام: 5/392.(1/483)
508 - كما قالت المعتزلة، انظر: نهاية الإقدام في علم الكلام للشهرستاني: ص: (191).
509 - كما قالت الأشاعرة، انظر: كتاب الأربعين للرازي، ص: (106-113).
510 - كما قال بذلك طائفة من المتكلمين، انظر: بيان تلبيس الجهمية: 2/83، وانظر: كشف الأوهام والالتباس عن تشبه بعض الأغبياء من الناس، ص: (90).
(511 ) فطرية المعرفة وموقف المتكلمين منها: ص: (229).
(512 ) فطرية المعرفة وموقف المتكلمين منها: ص: (229).
513 - يقول الشيخ خليل الهراس _ رحمه الله _: "يكاد يكون من المتفق عليه بين الفلاسفة والمعتزلة: نفي تلك الصفات الخبرية وتأويل ما ورد فيها من الآيات والأحاديث"، ص: (146)، من كتابه: باعث النهضة الإسلامية ابن تيمية السلفي نقده لمسالك المتكلمين والفلاسفة في الإلهيات.
514 - غاية المرام: 1/142
(515 ) سورة البقرة: الآية: (62).
(516 ) مجموع الفتاوى: 5/20
517 - أول فيلسوف يهودي جمع بين الفلسفة والتدين على الطريقة اليهودية، ودرس اليونانية، وكان وثيق الصلة بالفلسفة اليونانية، وقام بتفسير النصوص الدينية تفسيراً رمزياً على أساس أنها تحتوي جميعاً على أفكار أتت بها الفلسفة اليونانية! انظر: موسوعة الفلسفة، بدوي: 2/219-228، وفيها ذكر باسم: (فايلون).(1/484)
(518) "التوراة: لفظة التوراة كلمة مستعربة عن أصلها العبري تورا، بمعنى القانون والتعليم والشريعة، وهي الكتاب الذي أنزله الله تعالى على موسى، في طور سيناء، مشتملة على العقيدة والشريعة، كتب موسى مها ثلاث عشرة نسخة، وأعطى لكل سبط نسخة، ووضع نسخة في التابوت، وتطلق على الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم. وظلت التوراة على حالها مع بني إسرائيل إلى سنة 586 ق.م. عندما هزم ملك بابل نبوخذ نصَّر بني إسرائيل، وساق الأعيان والوجهاء منهم إلى بابل، ظن علماؤهم أن ملكهم أوشك على الزوال، وأن النبي المنتظر من آل إسماعيل على وشك الظهور، فعمدوا إلى تحريف التوراة بكتابتها من جديد، وحرفوا نصوص النبوءات عن النبي المنتظر من آل إسماعيل"، انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1030-1031
(519 ) هو سعدايا بن يوسف الفيومي: (269-331)هـ، فيلسوف يهودي مصري، ولد بالفيوم من أعمال الصعيد، وتوفي في بغداد، ويعده اليهود أول فلاسفتهم الربانيين، وكتابه الرئيسي: (الأمانات والاعتقادات) ألفه بالعربية، ويحاول فيه الجمع بين العقل والنقل بتأويل النقل حتى يتفق مع العقل، انظر: الماتريدية دراسة وتقويماً، لأحمد الحربي، ص: (166- 169).
520 - هو موسى بن ميمون بن يوسف بن إسحاق، أبو عمران القرطبي، طبيب فيلسوف يهودي، وعالم لاهوتي بالديانة اليهودية، ولد في قرطبة عام 529 هـ،وتعلم بها، ورحل إلى مصر سنة 567هـ وأقام في القاهرة وكان فيها رئيساً روحياً لليهود له مكانته العظيمة عندهم، ومات بها سنة: 601هـ، له تصانيف كثيرة من أشهرها: دلالة الحائرين. انظر: عيون الأنباء: 582، وانظر: موسوعة الفلسفة بدوي: 2/497-500.(1/485)
521 - من علماء مدرسة الإسكندرية الدينية النصرانية، ولد في أثينا سنة: 150م تقريباً، ثم انتقل إلى الإسكندرية واستقر بها، وتلقى الفلسفة على أساتذة النصرانية بها، ومات في فلسطين سنة 213م، انظر: الماتريدية دراسة وتقويماً، لأحمد الحربي، ص: (166- 169).
522 - من أكبر فلاسفة الآباء المسيحيين، ومن علماء مدرسة الإسكندرية، ولد في نحو: 185م،وتعلم على يد كليمانت الإسكندري، ومات نحو عام:253م، انظر: الماتريدية دراسة وتقويماً، لأحمد الحربي، ص: (166- 169).
523 - لاهوتي وفيلسوف نصراني، وأحد كبار آباء الكنيسة الكاثوليكية، ولد في تاغشت في شرقي الجزائر سنة: (354)م، تأثر بمذهب المانوية، ووجد فيها ما يرضي نوازعه، انظر: موسوعة الفلسفة: بدوي: 1/247- 252.
524 - انظر: دراسات في الفكر الفلسفي الإسلامي، حسام الدين الألوسي: ص: (94-95).
(525 ) الماتريدية دراسة وتقويماً، لأحمد الحربي، ص: (166- 169).
(526 ) سورة: (المؤمنون:82).
(527) هو: "السيد محمد بن إبراهيم الوزير بن علي بن المرتضى بن المفضل الحسني القاسمي الهادوي الإمام العلامة والمحدث الأصولي النحوي المتكلم الفقيه البليغ الرحلة الحجة الصوفي كان فريد العصر ونادرة الدهر خاتمة النقاد وحامل لواء الإسناد وبقية أهل الاجتهاد بلا خلاف وعناد رأساً في المعقول والمنقول إماماً في الفروع والأصول" انظر: أبجد العلوم: 3/ 190.
(528 ) وربما سهل على المعتزلة ترجيحهم القدح في القدرة بسبب اتصالهم باليهود الذين اشتهر عنهم القول بنسبة النقائص إلى الله _ تعالى الله عز وجل عما يقولون _ قال شيخ الإسلام: "فإن اليهود لهم بالمعتزلة اتصال وبينهما اشتباه ولهذا كانت اليهود تقرأ الأصول الخمسة التي للمعتزلة ويتكلمون في أصول اليهود بما يشابه كلام المعتزلة" درء التعارض: 7/94
(529 ) انظر: إيثار الحق على الخلق، ابن الوزير محمد بن إبراهيم الحسني القاسمي: 1 / 201.(1/486)
530 - المقصود بـ (ذلك): هو الحكمة والتعليل في مفعولات الله _ جل جلاله_.
531 - غاية المرام في علم الكلام: ص: (242).
532 - من مثل قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56).
(533 ) انظر: تفسير الطبري: 23/152.
(534 ) انظر: تفسير ابن كثير: 2/557، 3/176
535 - سورة ص: (27).
536 - سورة المؤمنون: (115).
537 - سورة الدخان: (38-39).
538 - سورة الأنبياء: (16-17).
539 - انظر: لوازم دليل الحدوث عند المتكلمين في نفي بعض الصفات وعلى ذلك فقس: في كتاب: فطرية المعرفة وموقف المتكلمين منها: ص: (229)، وانظر: ابن قيم الجوزية وجهوده في الدفاع عن عقيدة السلف، لعبد الله جار النبي، ص: (318).
(540 ) انظر: الرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد ابن حنبل _ رحمه الله _: ص: (40).
(541 ) وهي فرقة وثنية، كانوا يقولون: إن صانع هذا العالم، ومصوره، ومدبره، ونافعه، وضاره هي الكوكب السبعة، واشتهرت مدينة حران في تاريخها كله بأنها مقر عبادة (سين) إله القمر، وسموا أنفسهم بالصابئين خوفاً من القتل إذا بقوا على دينهم في زمن المأمون، انظر: كتاب: (الصابئون حرانيين ومندائيين ص: 58).
542 - الصابئون حرانيين ومندائيين، د. رشدي عليان، ص: (59).
543 - انظر: درء تعارض العقل والنقل: 6/253.
544 - انظر: درء تعارض العقل والنقل: 6/253.
545 - الكافي للكليني: 1/79.
(546 ) انظر: فيض القدير، للمناوي: 6/73
(547 ) مجموع الفتاوى: 10/149.
(548) سورة: (الأنعام:162).
(549) سورة يوسف الآية: (40).
(550) سورة النساء الآية: (36).
(551) دعوة التوحيد، للشيخ محمد خليل هراس، ص: (40).
(552) الاتجاه النفسي: " ميل عام مكتسب، نسبي في ثبوته، عاطفي في أعماقه، يؤثر في الدوافع النوعية، ويوجه سلوك الفرد "، انظر: أسس علم النفس الاجتماعي، للدكتور مختار حمزة، ص: (244).(1/487)
(553) دمعة على التوحيد، مقال للكاتب: علي أبو الفتوح: ص: (93).
(554) انظر: كتاب موسوعة أهل السنة، لعبد الرحمن بن محمد سعيد دمشقية، ص: (36).
555)) انظر: الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد، ص: (28).
(556 ) انظر: رسالة الشرك ومظاهره، لمبارك بن محمد الميلي، ص: (134).
(557) الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد، ص: (70 - 71).
(558) د. أكرم ضياء العمري، السيرة النبوية الصحيحة: 1/84.
(559) سورة: (النحل:21).
(560) سورة: (الحج:13).
(561) سورة: (الأنعام:59).
(562) انظر: منهاج السنة النبوية: 3/290
(563) سورة: (النساء: من الآية36).
(564) سورة: (التوبة: من الآية31).
(565) سورة: (البينة: من الآية5).
(566) سورة: (النحل: من الآية36).
(567) سورة: (الأحقاف:21).
(568) سورة: (فصلت: من الآية14).
(569) هو الشيخ العلامة حافظ بن أحمد بن علي الحكمي أحد علماء المملكة العربية السعودية السلفيين، وهو علم من أعلام منطقة الجنوب، ولد عام: (1342هـ)، حفظ القرآن ولم يتعد الثامنة من عمره، وكان سريع الحفظ والفهم والإدراك، توفي عام: (1377هـ)، من مؤلفاته: سلم الوصول إلى علم الأصول، في توحيد الله واتباع الرسول ( - معارج القبول، بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول في التوحيد - أعلام السنة المنشورة، لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة - اللؤلؤ المكنون، في أحوال الأسانيد والمتون - السبل السوية، لفقه السنن المروية - وسيلة الحصول، إلى مهمات الأصول. انظر: مقدمة كتاب: معارج القبول، بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول في التوحيد: 1/11-23.
(570 ) معارج القبول: 2/459.
(571) سورة: (يونس:18).
(572) سورة: (الفرقان:55).
(573) سورة: (يونس:18).
(574) سورة: (الزمر:3).
(575) سورة: (النساء: من الآية36).
(576) سورة: (فاطر:14).
(577) سورة: (الأحقاف:5).
(578) سورة: (النجم: من الآية26).
(579) سورة: (الأنبياء:28).
(580) سورة: (البقرة: من الآية255).(1/488)
(581) سورة الزمر: (43).
(582) التفسير الكبير: 26/285.
(583) في الحديث والقديم، منذ الدولة العبيدية في مصر والمتسمية بالفاطمية.
(584) سورة: (الاسراء:57).
(585) سورة: (الاسراء:57).
(586) تفسير الطبري: 15/104
(587) تفسير الجلالين: 1/372
(588) سورة: (الاسراء:56).
(589) رسالة الشرك ومظاهره، لمبارك بن محمد الميلي، ص: (106- 107).
(590) سورة: (الاسراء:57).
(591) سورة: (نوح:23).
(592 ) تفسير ابن كثير: 2/224.
593 - قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: "لكن ليس الحديث إخباراً عن جميع الأمة؛ لما تواتر عنه أنها لا تجتمع على ضلالة"، تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد، ص: (321)، ثم هو خبر يراد منه النهي والتحذير من ذلك.
594 - أخرجه البخاري في صحيحه: 3/1274، برقم: (3269)، وأخرجه مسلم في صحيحه: 4/2054، برقم: (2669).
(595 ) فتح الباري: 6/498.
(596 ) وسيأتي سياق الأحاديث حول اتخاذ أهل الكتاب القبور مساجد، في نفس المبحث.
597)) سورة: (البقرة:51).
(598) سورة: (المائدة: من الآية60).
(599) سورة: (النساء: من الآية50).
600 - قال ابن حجر في الفتح: "أليات: بفتح الهمزة واللام جمع ألية بالفتح أيضا مثل جفنة وجفنات والألية العجيزة وجمعها اعجاز" 13/76.
601 - أخرجه البخاري في صحيحه: 6/2604، برقم: (6699)، وأخرجه مسلم في صحيحه: 4/2230، برقم: (2906)، وجاء في صحيح البخاري في نفس الصفحة: " وذو الخلصة طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية".
602 - اللات والعزى: أصنام كانت تعبدها العرب في الجاهلية، انظر: فتح الباري: 8/257.
603 - أخرجه مسلم في صحيحه: 4/2230، برقم: (2907).
(604 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/170.
(605 ) سيأتي قريباً.
606 - سورة: (الزمر: من الآية3).
607 - سورة: (العنكبوت:61).
(608 ) سورة: (العنكبوت:63).
(609 ) سورة: (لقمان :25).
610 - سورة: (الزمر:38).
611)) سورة الزخرف الآية 87.(1/489)
612)) سورة فاطر الآية 3.
(613) سورة إبراهيم الآية 10.
(614) سورة الأنعام الآية 14.
(615) الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد، ص: (65 - 66).
616 - وإن كان كفار قريش _ والقبوريون في هذا الزمن _ لم يَسْلَموا من الاعتقاد بآلهتهم بأن لها تصرفاً مع الله عز وجل، فالغلو عندهم في باب الوسائط ولد نوعاً من الثقة بكون هذه الآلهة لها تصرف مع الله، وأنها تؤذي من يسيء إليها، أو أنها تمنحه البركة، ولكن الاعتقاد الأساس عندهم هو أنه لا خالق إلا الله.
(617) الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد، ص: (72).
(618) المقصود هنا أنه لا فرق بين الشرك قديماً وحديثاً.
(619) القطب: أحد مراتب الترتيب الطبقي للأولياء عند الصوفية ويعرِّفها مؤسس التيجانية: ((أنها الخلافة عن الحق مطلقاً فلا يصل إلى الخلق شيء من الحق [ الله ] إلا بحكم القطب))، انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/969 .
(620) انظر: رسالة الشرك ومظاهره، لمبارك بن محمد الميلي، ص: (106- 107).
(621) رسالة الشرك ومظاهره، لمبارك بن محمد الميلي، ص: (109- 110).
(622) انظر: دعوة التوحيد ص: (39).
(623 ) انظر: رسالة الشرك ومظاهره، مبارك محمد الميلي ص: (45).
(624) سورة: (الأنعام: من الآية19).
(625 ) سورة: (الأنعام: من الآية51).
(626) سورة: (هود: من الآية83).
627 - انظر: رسالة الشرك ومظاهره، لمبارك بن محمد الميلي، ص: (57- 58).
628 - رسالة في ردّ مذهب الوهّابية تأليف : السيد محمّد العصّار تحقيق: الشيخ نعمان النصري
(629) الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد، ص: (28).
(630) سورة: (الأعراف:55).
(631) سورة: (الأنعام:52).
(632) سورة: (الكهف:28).
(633) سورة: (السجدة:16).
(634) سورة: (هود:101).
(635) سورة: (الرعد: من الآية14).
(636) سورة: (الحج:62).
(637) سورة: (الفرقان: من الآية68).
(638) سورة: (لقمان: من الآية30).(1/490)
(639) سورة: (غافر: من الآية20).
(640) سورة: (الزخرف:86).
(641) سورة: (الاسراء:56).
(642) دعاء الطلب.
(643) دعوة التوحيد ص: (50).
(644) سورة: (غافر:60).
(645) سورة: (مريم:48).
(646) سورة: (مريم الآية: 48).
(647) سورة: (مريم الآية 48).
(648) سورة: (غافر: 66).
(649) سورة: (الشعراء: الآية: 72).
(650) سورة: (الشعراء:الآية:74).
(651) سورة: (الشعراء: 75).
(652) سورة: (الأنبياء: 66).
(653) انظر: كتاب موسوعة أهل السنة، لعبد الرحمن بن محمد سعيد دمشقية، ص: (36).
654 - سنن الترمذي: 5 / 211، برقم: (2969), ومسند أحمد: 4/271، قال ابن حجر في الفتح: "أخرجه أصحاب السنن بسند جيد"1/49.
655 - فتح الباري: 11/94، وانظر: تحفة الأحوذي: 9/220، وفيض القدير: 3/540.
656 - محمد شمس الحق: عون المعبود شرح سنن أبي داود: 4/247، وانظر: شرح سنن ابن ماجه: 1/272.
(657) إتحاف السادة المتقين: 5/29.
(658 ) سنن الترمذي: 5/455، برقم: (3370)، وسنن ابن ماجه: 2/1258، برقم: (3829)، وصححه الألباني، انظر: صحيح سنن الترمذي: 3/138، برقم: (2684).
(659) سورة: (غافر:60).
(660) سورة: (الجن:18).
(661) كتاب موسوعة أهل السنة، لعبد الرحمن بن محمد سعيد دمشقية، ص: (30).
(662) سورة: (النساء: من الآية36).
(663) رسالة الشرك ومظاهره ص: (108).
664)) القبة: عبارة عن بناء شاهق يُتخذ على شكل مخروطي أو نصف كروي، يقام على قبر من يُعتقد فيه الصلاح والولاية، انظر: مجلة البيان العدد: (132)، شعبان 1419هـ، مقال بعنوان: الأضرحة في العالم الإسلامي مشاهد متفرقة.
(665 ) انظر: دمعة على التوحيد، ص: (46).
666 - انظر: رسالة عبد الله المحجوب الميرغني، ت(1207هـ): تحريض الأغبياء على الاستعانة بالأنبياء والأولياء)، نقلاً عن: دمعة على التوحيد، المنتدى الإسلامي: ص: (45).(1/491)
667)) "الاتحاد : من العقائد الوثنية الدخيلة على عالمنا الإسلامي، إذ تلغي الفرق بين الخالق والمخلوق على اعتبار أنه لا موجود في الوجود إلا الله- تعالى الله عن كفرهم- وتعتبر كتب ((الفيدانت)) المقدسة عند الهندوس من مصادرها الأولى". انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/943 .
668 - دمعة على التوحيد، ص: (56).
(669 ) شهر في دمشق، دراسات، مشاهدات، نقد، تحقيق، تصوير، توجيهات، مقارنات، خواطر... الخ...، ص: (5)
(670) كتاب: (نفحة الرحمن في بعض مناقب سيدنا ومولانا وأستاذنا وشيخنا المرحوم الشيخ أحمد بن المرحوم السيد زيني دحلان)، أبو بكر بن محمد شطا، ص: (33).
(671) نفحة البشام، ص: (66- 68).
672)) الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد، ص: (11).
(673) انظر: السيد البدوي دراسة نقدية، د. عبد الله صابر ص: (46).
(674) انظر: السيد البدوي دراسة نقدية، د. عبد الله صابر ص: (37).
(675 ) القبة التي تبنى على الضريح.
676 - دمعة على التوحيد، ص: (46).
677 - اقتضاء الصراط المستقيم: ص: (241).
(678) انظر: الرسالة الثانية في حكم التوسل بالأنبياء والأولياء عليهم السلام، للشيخ: محمد حسنين مخلوف العدوي، ص: (48).
(679) سورة: (الزمر: من الآية3).
(680) سورة: (المائدة: من الآية35).
(681) سورة: (البقرة: من الآية255).
(682) الرسالة الثانية في حكم التوسل بالأنبياء والأولياء عليهم السلام، للشيخ: محمد حسنين مخلوف العدوي، ص: (50).
(683) سورة: (فاطر:14).
(684) سورة: (المائدة: من الآية35).
(685) سورة: (الزمر: من الآية3).
(686) سورة: (يونس:18).
(687) سورة: (النساء: من الآية64).
(688) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم:1/382.
(689) أخرجه الترمذي: 2/131، برقم: (317)، وابن ماجه: 1/246، برقم: (745)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه: 1/125، برقم: (606).(1/492)
(690) أخرجه البخاري في صحيحه: 1/168، برقم: (425)، 3/1273، برقم: (3267)، 4/1615، برقم: (4179)، 5/2190، برقم: (5478)، ومسلم في صحيحه: 1/377، برقم: (530).
(691) أخرجه البخاري في صحيحه: 1/167، برقم: (424)، 1/450، برقم: (1276)، ومسلم: 1/375، برقم: (528).
(692) أخرجه مسلم في صحيحه: 1/377، برقم: (532).
(693) هو شيخ الإسلام: أحمد بن عبد الحليم بن تيمية.
(694) هنا بدأ الكلام لابن القيم.
(695 ) انظر: إغاثة اللهفان: 1/184-185
(696) الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد، ص: (45).
697 - دمعة على التوحيد، المنتدى الإسلامي، ص: (27).
(698 ) انظر: موالد مصر المحروسة، لعرفة عبده علي، ص: (71).
(699 ) انظر: جريدة الحياة، العدد: (13013)، بتاريخ: 29/6/1419هـ، مقال بعنوان: (اعتراضات سياسية على ظاهرة تدخل الحاخامين في الانتخابات الإسرائيلية).
700 - انظر: دمعة على التوحيد ص: (23).
701 - والضريح هو: البناء المبني على القبر.
702 - نقلاً عن كتاب الانحرافات العقدية والعلمية: 1 / 294.
703 - مع أن كثيراً من هذه القبور التي تنسب إلى الأنبياء أو الصحابة أو الصالحين هو كذب مختلق لا دليل عليه، انظر: دمعة على التوحيد، المنتدى الإسلامي، ص: (28- 29).
704 - دمعة على التوحيد، المنتدى الإسلامي، ص: (28).
(705 ) انظر: دمعة على التوحيد، المنتدى الإسلامي، ص: (41- 43).
(706 ) صحيح مسلم: 1/309، برقم: (413).
707 - موطأ مالك: 1/172، برقم: (414)، وصححه الألباني، انظر: غاية المرام، ص: (98)، برقم: (126).
(708 ) أخرجه ابن ماجه في سننه: 1/595، برقم: (1853)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه: 1/312، برقم: (1503).
(709) نقلاً من كتاب دمعة على التوحيد، المنتدى الإسلامي، ص: (71- 72).
(710) سورة: (الكوثر:2).
711 - والنسك: الذبائح، انظر: تفسير الطبري: 8/112.
(712) سورة: (الأنعام:162).(1/493)
(713 ) اعترافات كنت قبورياً، للأستاذ عبد المنعم الجداوي، ص: (18،26).
(714 ) والنذر لغة: التزام خير أو شر وفي الشرع: التزام المكلف شيئاً لم يكن عليه، انظر: سبل السلام، للصنعاني: 4/110، والنذر المقصود هنا هو: النذر المطلق، بخلاف المقيد بشرط.
(715) سورة: (الإنسان:7).
(716) انظر: السيد البدوي دراسة نقدية، د. عبد الله صابر ص: (46).
717 - انظر: اعترافات كنت قبورياً، للأستاذ: عبد المنعم الجداوي، ص: (27).
(718) سورة: (الشعراء:80).
(719) رسالة الشرك ومظاهره، لمبارك بن محمد الميلي، ص: (268).
720 - أخرجه أبو داود في سننه: 3/223، برقم: (3251)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود: 2/627، برقم: (2787).
(721) رسالة الشرك ومظاهره، لمبارك بن محمد الميلي، ص: (278).(1/494)
(722) "الولي: في الاصطلاح الشرعي: هو العالم بالله تعالى المواظب على طاعته، مع كمال المحبة والرضى لما يحب ويرضى، والسخط والبغض لما يسخط ويبغض. وهو المحب الموالي لأوليائه والمبغض والمعادي لأعدائه، وهو أحد خُلّص المؤمنين، وقد وضح كتاب الله تعالى خصائص هؤلاء الأولياء بقوله { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون. الذين ءامنوا وكانوا يتقون }[يونس: 62،63]، وعند الصوفية: هو من تولاه الحق سبحانه بظهور أسمائه وصفاته عليه علماً وعيناً وحالاً، وأثره لذة وتصرف فلا يرى في نظره غير الفاعل الحقيقي (الله تعالى) والولي عندهم، أيضا، هو من تولاه الله بكثير مما تولى به النبي من حفظ وتوفيق وتمكين واستخلاف وتصريف. كما يعتقد الغلاة منهم أن للأولياء أربعة مقامات: فمنهم من يقوم في عالم مقام الأولياء، ومنهم من يقوم في عالم الرسل، ومنهم من يقوم في عالم مقام أولي العزم، بل قالوا، أيضاً، إن مقام الولي فوق مقام النبوة. ونسب لأبي اليزيد البسطامي قوله ((خضنا بحوراً، وقف الأنبياء بسواحلها))، وقال، أيضا، ((أوتيتم اللقب وأوتينا ما لم تؤتوه)). وقال بعضهم: مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي"، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1172-1173
(723 ) دمعة على التوحيد، المنتدى الإسلامي، ص: (44).
(724) رسالة الشرك ومظاهره، لمبارك بن محمد الميلي، ص: (109).
(725) سورة: (المائدة: من الآية3).
(726) سورة: (الأنعام:162).
(727) سورة: (الأعراف: من الآية54).
(728) سورة الأعراف الآية رقم (54).
(729) سورة طه الآية رقم (49).
(730) سورة طه الآية رقم (50).
(731) تحكيم الشريعة ودعاوى العلمانية ص: (18).
(732) سورة: (الشورى: من الآية10).
(733) سورة: (النساء: من الآية59).
(734) سورة: (النساء:60).
735 - انظر: تحكيم القوانين للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ص: (3).
(736) سورة: (النساء:65).(1/495)
(737) سورة: (المائدة:43).
(738) سورة: (التوبة:31).
739 - أخرجه الترمذي: 5/278، برقم: (3095)، وحسنه الألباني في غاية المرام، ص: (19)، برقم: (6).
740 - يقصدون بها المجامع العامة للنصارى في العالم أجمع، انظر: المسيحية، د. أحمد شلبي، ص: (166).
(741 ) انظر: المسيحية، د. أحمد شلبي، ص: (166).
(742) سورة: (الشورى:21).
(743) سورة: (المائدة:44).
744 - انظر: مبحث أثر التشبه بالكفار في أعمالهم.
745 - انظر: أثر التشبه بالكفار على العقيدة من هذه الرسالة.
(746) مذاهب فكرية معاصرة, للشيخ محمد قطب, ص: (445).
747 - وسيأتي التفصيل في هذه المعاناة في مبحث الصراع بين الدين والعلم في الغرب.
(748 ) انظر: العلمانية، للشيخ سفر الحوالي، ص: (54).
(749) انظر: مذاهب فكرية معاصرة, للشيخ محمد قطب, ص: (458- 459).
(750) مذاهب فكرية معاصرة, للشيخ محمد قطب, ص: (447- 448).
(751 ) نشأة العلمانية لمحمد العرمابي، ص: (27).
(752 ) العلمانية وثمارها الخبيثة، لمحمد بن شاكر الشريف، ص: (15).
753 - ولكنه عقب على ذلك في الحاشية بقوله: "العلمانية في جميع صورها وأشكالها هي في الحقيقة ملحدة، سواء منها ما ينكر وجود الله، وما لا ينكر ؛ لأن أصل الإلحاد في لغة العرب معناه: العدول عن القصد، والميل إلى الجور والانحراف"، ص: (15).
(754) كثير من الناس لا يظهر لهم محاربة العلمانية (غير الملحدة) للدين ؛ لأن الدين انحصر عندهم في نطاق بعض العبادات، فإذا لم تمنع العلمانية مثلاً الصلاة في المساجد، أو لم تمنع الحج إلى بيت الله الحرام، ظنوا أن العلمانية لا تحارب الدين، أما من فهم الدين بالفهم الصحيح، فإنه يعلم علم اليقين محاربة العلمانية للدين، فهل هناك محاربة أشد وأوضح من إقصاء شريعة الله عن الحكم في شتى المجالات، لو كانوا يفقهون.
755 - العلمانية وثمارها الخبيثة، لمحمد بن شاكر الشريف، ص: (16- 17).(1/496)
(756 ) انظر: المورد القريب، إنكليزي - عربي، ص: (339)، دار العلم للملايين، بيروت: 1993م.
(757 ) انظر: تاريخ الدولة العلية العثمانية، محمد فريد بك المحامي، ص: (703- 704).
758 - انظر: مقدمة كتاب النهي عن الاستعانة والاستنصار..ص: (52-53).
759 - انظر: الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، د. محمد البهي، ص: (232، 233).
760 - ولا شك أن كلمة (دستور) كلمة دخيلة، والصحيح أن نستبدل كلمة (المنهج) بها.
761 - انظر: حاضر العالم الإسلامي، لوثروب ستودارد، من تعليقات الأمير شكيب أرسلان: 3/351
(762) الإسلاميون وتركيا العلمانية, لهدى درويش, ص: (94).
(763) انظر: الإسلاميون وتركيا العلمانية, لهدى درويش, ص: (95).
(764) نقلاً عن كتاب الإسلاميون وتركيا العلمانية, لهدى درويش, ص: (96- 97)
765 - وسيأتي الحديث عن الصوفية مفصلاً في مبحث: الرهبانية والتصوف.
(766) مذاهب فكرية معاصرة, للشيخ محمد قطب, ص: (447).
(767) حاضر العالم الإسلامي، لوثروب ستودارد، من تعليقات الأمير شكيب أرسلان: 3/343
(768) الإسلاميون وتركيا العلمانية, لهدى درويش, ص: (118).
(769) الإسلاميون وتركيا العلمانية, لهدى درويش, ص: (119).
(770) انظر: الإسلاميون وتركيا العلمانية, لهدى درويش, ص: (119).
771 - نقلاً عن نشأة العلمانية ودخولها إلى المجتمع الإسلامي، د. محمد العرمابي، ص: (98).
772 - نشأة العلمانية ودخولها إلى المجتمع الإسلامي: د. محمد العرمابي: ص: (52).
(773 ) نشأة العلمانية ودخولها إلى المجتمع الإسلامي، د. محمد العرمابي، ص: (49).
(774 ) انظر: الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، د. عبد الستار فتح الله سعيد، ص: (62).
775 - الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، د. عبد الستار فتح الله سعيد، ص: (62).
(776) تحكيم القوانين للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ص: (7).
(777) عمدة التفسير 4/173- 174 لأحمد شاكر.(1/497)
(778) انظر: الحكم بغير ما أنزل الله, لعبد الرحمن المحمود, ص: (165- 166).
(779 ) سورة المائدة: الآية: (44).
(780) سبق التعريف بعصر النهضة ص: (91). ....
(781) انظر: مذاهب فكرية معاصرة, للشيخ محمد قطب, ص: (180- 181).
(782 ) حقيقة الديمقراطية، لمحمد شاكر الشريف، ص: (40).
(783) الموسوعة العربية العالمية، وهي ترجمة بتصرف عن: دائرة المعارف العالمية (World.Book.Encyclopedia) 3/154- 155.
(784) انظر الموسوعة العربية العالمية، وهي ترجمة بتصرف عن: دائرة المعارف العالمية (World.Book.Encyclopedia): 4/347,348.
(785 ) انظر: كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة، لعبد الرحمن حبنكة الميداني، ص: (731-732).
(786) سورة: (يوسف:103).
(787) سورة: (الأعراف: من الآية54).
788 - الإسلام والحضارة الغربية، ص: (26).
(789 ) تحكيم الشريعة ودعاوى العلمانية لصلاح الصاوي: ص: (81).
(790) انظر: العلمانية، للشيخ: سفر الحوالي، ص: (65).
(791) انظر: العلمانية، للشيخ سفر الحوالي، ص: (66- 68).
(792) تهافت العلمانية في الصحافة العربية، سالم علي البهنساوي، ص: (256- 257).
(793) قبل أن يتراجع عما قرره فيه.
(794) حقيقة الديمقراطية، لمحمد شاكر الشريف، ص: (54).
(795) من أمثلة كتاب الخراج لأبي يوسف وكتاب الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى، وغيرهما.
(796) سورة: (الأنعام:162).
(797) انظر: مذاهب فكرية معاصرة، للشيخ محمد قطب، ص: (253).
(798) سورة: (الأنعام: من الآية57).
(799) سبق تخريجه ص: (15). ....
(800) حيث نتجت الديمقراطية عن الثورة الفرنسية التي قامت عام: (1789)م.
(801) الشرق الأوسط: عدد 29/ أغسطس آب/ 2001م.
(802) سورة: (البقرة: من الآية256).
(803) أخرجه البخاري: 3/1098، برقم: (2854).
(804) سورة: (الأنعام: من الآية57).
(805) سورة: (الأعراف: من الآية54).
(806) سورة: (التوبة: من الآية123).(1/498)
(807) انظر: صحيفة الشرق الأوسط، عدد: (14/ أغسطس / 2002)، مقال بعنوان: (الديمقراطية شرط أساسي للوطنية، لمجدي خليل (كاتب وباحث مقيم في نيويورك)، أمريكي الفكر والوطن.
(808 ) لسان العرب: 9/43.
(809 ) نقلاً عن فيض القدير: 6 /151
810 - انظر: الصواعق المرسلة، لابن القيم: 1/355- 359
(811 ) الصواعق المرسلة، لابن القيم: 1/215- 216
(812) سورة: (الحجر:9).
813 - تفسير الطبري:14/8
814 - تفسير القرطبي: 10/5
(815) سورة: (المائدة: من الآية44).
(816) سورة: (فصلت:42).
(817) تفسير الطبري: 24 /124
(818) تفسير القرطبي: 15 / 367
(819) الاعتقاد: 1/209
(820) شعب الإيمان: 1 / 194
(821) انظر: شعب الإيمان للبيهقي: 1 / 194، وتفسير القرطبي: 1/84.
(822) سورة: (البقرة:79).
(823 ) انظر: تفسير الطبري: 1 / 378
(824) سورة: (المائدة:41).
(825 ) تفسير ابن كثير: 2 / 59
(826) "الرافضة: هي تلك الطائفة من الشيعة التي تعتقد بأحقية أهل البيت في الإمامة على باقي الصحابة، بمن فيهم الشيخان - رضي الله عنهما -، على أن هذه الإمامة ركن من أركان الدين بنص النبي صلى الله عليه وسلم. ويشمل، أيضاً، كل من يقول بالبداء والرجعة والغيبة والتولي والتبري إلا في حالة التقية. ويرجع العلماء سبب التسمية لرفضهم إمامة الشيخين وأكثر الصحابة، وقد أطلق عليهم هذا الاسم بعد رفضهم إمامة زيد بن علي، وتفرقهم عنه؛ لعدم موافقته على أفكارهم، وكانت تسمى من قبل الخشبية والإمامية، ومن أشهر فرقهم الاثناعشرية". انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1059 .(1/499)
827 - الصواعق المرسلة، لابن القيم: 1/355- 359، ويقصد بهذه الأمور الثلاثة هو ما ذكره قبل ذلك من أفعالهم فقال: " بكتمان ما وجدوا السبيل إلى كتمانه وما غلبوا عن كتمانه حرفوا لفظه عن ما هو عليه وما عجزوا عن تحريف لفظه حرفوا معناه بالتأويل" ذكره قبل الكلام السابق، فالأمور الثلاثة هي الكتمان فإن لم يستطيعوا فتحريف النص، فإن لم يستطيعوا فتحريف المعنى.
828 - انظر: فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها، لغالب بن علي عواجي: /231.
829 - الأنوار النعمانية: 1/97، نقلاً عن: الشيعة الإثناعشرية وتحريف القرآن، محمد مال الله، ص: (11).
(830) هو شيخ الشيعة وعالم الإمامية صاحب التصانيف أبو جعفر محمد بن يعقوب الرازي الكليني، ويعتمد كتابه: (الكافي في الأصول) على الأحاديث الموضوعة على الرسول ( والآثار المكذوبة عن الصحابة، وكان ببغداد وبها توفي وقبره مشهور، مات سنة 328هـ، انظر سير أعلام النبلاء: 15/280 .
(831) الكافي في الأصول، للكليني: 1/239.
(832) "الجفر: أحد ركائز المعتقدات الباطنية، إذ يطلق عندهم على علم من العلوم الغيبية المبنية على أسرار الحروف، ومنها ما يستدل على الحوادث المستقبلية حتى قيام الساعة ويدَّعي المشتغلون به كذبا وبهتانا أنه علم أسرَّه النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى على بن أبي طالب، رضي الله عنه، وأمره بتدوينه، فكتبه الإمامُ حروفاً متفرقة، أخذه جعفر الصادق عنه". انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1037 .
(833) سورة: (الحجر:9).
(834) الكافي في الأصول، للكليني: 1/228.
(835) الكافي في الأصول، للكليني: 1/240.
(836) آل عمران: (110).
(837) الفرقان: (74).
(838) سورة الرعد، الآية: (10).
(839 ) تفسير القمي:1/36، نقلاً عن الشيعة الإثناعشرية وتحريف القرآن، محمد مال الله، ص: (8-9).
(840 ) انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة: 1/378(1/500)
(841) "الشيخية: أحد إفرازات الشيعة الاثني عشرية المنسوبة إلى زعيمها الباطني المدعو: الشيخ أحمد زين الدين الأحسائي البحراني المولود بإحدى قرى الأحساء في شهر رجب سنة 1166هـ والمتوفى في 1241 هـ والمدفون بالبقيع"، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1083.
842 - انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة: 1/409.
843 - انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة: 1/409.
844 - انظر: فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها، لغالب بن علي عواجي: 1 /422.
845 - انظر: فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها: 1 /475.
(846) انظر: البهائية، نقد وتحليل، تأليف: الأستاذ: إحسان إلهي ظهير (رحمه الله)، ص: (92).
847 - انظر: البابية عرض ونقد، الأستاذ: إحسان إلهي ظهير، ص: (104).
848 - انظر: مفتاح باب الأبواب، ص: (138)، نقلاً عن: البابية عرض ونقد، الأستاذ: إحسان إلهي ظهير، ص: (104).
849 - انظر مفتاح باب الأبواب، ص: (282)، نقلاً عن حقيقة البابية والبهائية، لمحسن عبد الحميد، ص: (99).
850 - انظر تاريخ البابية، د. ميرزا محمد مهدي خان، ص: (309)، نقلاً عن: فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها، لغالب بن علي عواجي، ص: (417).
851 - الأقدس للمازندراني، ص: (182)، نقلاً عن فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها، لغالب بن علي عواجي: 1 /475.
(852 ) الأقدس للمازندراني، ص: (141)، نقلاً عن فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها، لغالب بن علي عواجي: 1 /475.
(853 ) يقصد نفسه، انظر: فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها، لغالب بن علي عواجي: 1 /475.
854 - الأقدس للمازندراني، ص: (173)، نقلاً عن فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها، لغالب بن علي عواجي: 1 /476.(2/1)
855 - أسواق للعرب في الجاهلية كانت تلقى فيها قصائد أفصح أنواع الشعر كالمعلقات وغيرها.
(856) سورة: (البقرة: من الآية74).
857 - سورة: (الأنعام:93)، روى الطبري عن عكرمة: "(ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء) قال نزلت في مسيلمة أخي بني عدي بن حنيفة فيما كان يسجع ويتكهن به، (ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله)، نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخي بني عامر بن لؤي كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم وكان فيما يملي عزيز حكيم فيكتب غفور رحيم فيغيره ثم يقرأ عليه كذا وكذا لما حول فيقول نعم سواء فرجع عن الإسلام ولحق بقريش وقال لهم لقد كان ينزل عليه عزيز حكيم فأحوله ثم أقول لما أكتب فيقول نعم سواء ثم رجع إلى الإسلام قبل فتح مكة"، انظر: تفسير الطبري: 7/273.
(858) فالمعتزلة جهمية في الصفات.
(859) سورة: (الأعراف: من الآية143).
(860) تفسير ابن كثير: 1/589
(861) انظر: مطلب: علم الكلام أصوله وأثاره في العصر الحديث، من نفس هذه الرسالة.
(862 ) الصواعق المرسلة، لابن القيم: 1/215
(863 ) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم: 1/8
864 - انظر: مجموع الفتاوى: 3/55، وأقاويل الثقات، ص: (48)، وانظر: ابن تيمية وموقفه من قضية التأويل، لمحمد السيد الجليند، ص: (34).
865 - قال شيخ الإسلام بصدد هذا الموضوع: "ويجوز باتفاق المسلمين أن تفسر إحدى الآيتين بظاهر الأخرى ويصرف الكلام عن ظاهره إذ لا محذور في ذلك عند أحد من أهل السنة وان سمى تأويلاً وصرفاً عن الظاهر فذلك لدلالة القرآن عليه ولموافقة السنة والسلف عليه لأنه تفسير للقرآن بالقرآن ليس تفسيراً له بالرأي والمحذور إنما هو صرف القرآن عن فحواه بغير دلالة من الله ورسوله"، مجموع الفتاوى: 6/21.
(866) سورة: (الحجر:9).
(867) سورة: (القيامة:19).
868 - تفسير ابن كثير: 4/450.
(869) سورة (النساء:105).
(870) سورة (النحل:44).
(871) سورة (النحل:64).(2/2)
872 - انظر: تفسير ابن كثير: 1/4، ولمعرفة المزيد عن هذه القضية، راجع ما كتبه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: 19/235، وللدكتور: محمد عمر بازمول _ حفظه الله _ بحث لطيف في ذلك بعنوان: الحقيقة الشرعية في تفسير القرآن الكريم والسنة النبوية، ذكر فيه أن الناظر في القرآن الكريم أو السنة النبوية عليه وظيفتان: الأولى: النظر هل لهذا اللفظ الوارد في النص الشرعي حقيقة شرعية أم لا؟ فإن وجدت له حقيقة شرعية؛ تأتي الوظيفة التالية. الثانية: النظر هل هذه الحقيقة الشرعية مرادة في هذا النص أم أن هناك ما يمنع إرادتها؟ فإن لم يجد ما يمنع من الحقيقة الشرعية في لفظ النص الذي بين يديه؛ فسره بها، وإلا صار بحسب القرينة إلى المعنى العرفي أو اللغوي. انظر: ص: (18) من البحث المذكور.
(873) سورة (عبس:31).
(874) سورة (عبس:27).
(875) انظر: تفسير القرآن العظيم: 1/6.
(876) سورة (النساء:46).
877 - انظر: تفسير الطبري: 5/118.
878 - الصواعق المرسلة، لابن القيم: 1/215- 216
(879 ) الصواعق المرسلة، لابن القيم: 1/355- 359
(880 ) واقرأ للاستزادة من الكلام في تأويلات النصارى: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، لشيخ الإسلام: 2/169، وإظهار الحق للشيخ رحمة الله الهندي: 3/751، والرد على القائلين بوحدة الوجود، لعلي بن سلطان الهروي المكي الحنفي، ص: (46).
(881 ) الصواعق المرسلة، لابن القيم: 1/215- 216(2/3)
(882) "الباطنية: هي تلك الفرقة المتسترة بالتشيُّع وحب آل البيت للوصول إلى الناس مع إبطان الكفر المحض، وقد خلطت بين التصوف والفلسفة، وسميت بذلك؛ لأنها ترى أن لكل ظاهر باطنا، ولكل تنزيل تأويلا. ويقصد بالظاهر ما جاء به محمد، صلى الله عليه وسلم، ويسمى بالتنزيل، ويقصد بالباطن علم التأويل الخاص بعلي بن أبي طالب- رضي الله عنه - لب الدعوة عندهم، ولذلك فمن عرف عندهم معنى العبادة سقط عنه فرضها"، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة:2/981 .
883 - "النصيرية حركة باطنية ظهرت في القرن الثالث للهجرة، أصحابها يعدون من غلاة الشيعة الذين زعموا وجوداً إلهياً في علي وألهوه به، مقصدهم هدم الإسلام ونقض عراه وهم مع كل غاز لأرض المسلمين، ولقد أطلق عليهم الاستعمار الفرنسي لسوريا اسم العلويين تمويهاً وتغطية لحقيقتهم الرافضية والباطنية"، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة: 1/390
(884) "هي فرقة باطنية تؤلِّه الخليفة العبيدي الحاكم بأمر الله، أخذت جل عقائدها عن الإسماعيلية، وهي تنتسب إلى نشتكين الدرزي، نشأت في مصر لكنها لم تلبث أن هاجرت إلى الشام، عقائدها خليط من عدة أديان وأفكار، كما أنها تؤمن بسرية أفكارها، فلا تنشرها على الناس، ولا تعلمها لأبنائها إلا إذا بلغوا سن الأربعين"، انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة: 1/397
(885 ) انظر الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة: 1/393.
(886 ) انظر الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة: 1/399.
(887) هو: الميرزا علي محمد رضا الشيرازي 1235-1266هـ (1819 _ 1850 م).
(888) مفتاح باب الأبواب، د. محمد مهدي خان، ص: (99)، نقلاً عن كتاب حقيقة البابية والبهائية - محسن عبدالحميد ص: (80).
889 - التوبة: آية 12.
890 - انظر: تفسير العياشي: (2/83)، وتفسير الصافي: (2/324).
891 - النساء: آية 51.(2/4)
892 - انظر: تفسير العياشي: (1/273)، وتفسير الصافي: (1/459).
893 - النحل: الآية 90.
894 - تفسير العياشي: (2/289)، وتفسير الصافي: 3/151.
(895) رئيس الصومال السابق.
(896) انظر: الصومال وجذور المأساة الراهنة، د. علي الشيخ أبو بكر ص: (126).
(897 ) أساس التقديس للرازي:، نقلاً عن درء تعارض العقل والنقل، لشيخ الإسلام ابن تيمية: 1/4.
(898 ) انظر: مطلب علم الكلام، أصوله وآثاره في العصر الحديث.
(899 ) انظر: النهاية في غريب الحديث: 3/123، ولسان العرب: 15/6.
(900) سورة: (الأحزاب: من الآية40).
(901) سورة: (الأحزاب:46).
(902) سورة: (القلم:4).
(903) سورة: (آل عمران:68).
(904) سورة: (الحجرات:2).
905 - صحيح مسلم: 4/1782، برقم: (2278).
(906 ) صحيح البخاري: 3/1299، برقم: (3339)، و صحيح مسلم: 4/1828، برقم: (2354).
(907 ) صحيح مسلم: 1/67، برقم: (44).
(908) سورة: (الحجرات2-3).
(909) سورة: (آل عمران: من الآية31).
(910) سورة: (النساء: من الآية 64).
(911) سورة: (الأحزاب:21).
912 - سنن الترمذي: 5/551، برقم: (3546), وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
913 - سبق تخريجه ....
(914) سورة: (البقرة:23).
(915) سورة: (الاسراء: من الآية1).
(916) سورة: (الجن: من الآية19).
917 - صحيح ابن حبان: 14/377، برقم: (6464).
918 - روضة المحبين: 1/53
919 - سبق تخريجه.....
920 - شرح قصيدة ابن القيم، لأحمد بن إبراهيم بن عيسى، ت: (1329هـ): 2/352.
(921) سنن ابن ماجه: 1/595، برقم: (1853)، وصححه الألباني، انظر: صحيح ابن ماجه: 1/312، برقم: (1503).
922 - صحيح البخاري: 1/156، برقم: (392)، صحيح مسلم: 1/400، برقم: (572).
923 - صحيح البخاري: 6/2555، برقم: (6566)، و صحيح مسلم: 3/1337، برقم: (1713).(2/5)
(924) العهد الجديد: أناجيل النصارى ورسائلهم للصلاة والمنسوبة إلى المسيح عليه السلام، وتلاميذه، والتي لا تختلف من حيث اضطراب النص وانقطاع السند عن العهد القديم، ولا يوجد دليل علمي يؤكد نسبة الأناجيل إلى المسيح، بالإضافة إلى تعارض وتناقض آيات بعضها من آيات البعض الآخر". انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة:2/1099 .
(925 ) رسائل بولس إلى أهل رومية: (1/ 1- 8).
926 - رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس: (1/ 1-3).
(927) سورة: (المائدة:73).
(928) سورة: (النساء:171).
(929) سورة: (آل عمران:45).
(930) "الحواريون: هم الذين خُلِّصُوا ونُقّوا من كل عيب، وقيل في سبب تسمية أصحاب عيسى بالحواريين لأنهم كانوا يغسلون الثياب ويبيضونها، أو لأنهم كانوا خلصاءه وأنصاره، وقد تتلمذوا عليه وتعلموا منه، وانتشروا في القرى يبشرون بني إسرائيل بدعوته. وقد ورد ذكرهم في القرآن الكريم على هذا المعنى، وعددهم اثنا عشر على حسب رواية الأناجيل، ولكن النصارى يدّعون أن هؤلاء رسل المسيح الذين اختارهم ليعاينوا حياته على الأرض ويروه بعد قيامته ويشهدوا له أمام العالم بعد حلول روح القدس عليهم"، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1050 .
(931) سورة: (المائدة:112).
(932) سورة: (المائدة:114).
(933) سورة: (الصف: 6).
(934) سورة: (آل عمران:59).
(935) سورة: (المائدة:75).
(936 ) سورة: (المائدة:110).
(937) سورة: (التوبة، الآية: 30).
938 - تفسير الطبري: 10/112.
(939) سورة: (النساء:172).
(940) سورة: (المائدة:17).
(941) سورة: (الزخرف:63).
(942) سورة: (المائدة:116).
(943) سورة: (مريم:34).
(944) سورة: (آل عمران:144).(2/6)
945 - فإن النصارى قد أخذوا عن اليهودي بولس عقيدة التثليث، بعد ادعائه أنه رسول المسيح، وكان ذلك في مخطط محكم لتحريف العقيدة النصرانية والنيل من أتباعها، وسيأتي تفصيل ذلك في مطلب: ادعاء النبوة....
946 - قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: "لكن ليس الحديث إخباراً عن جميع الأمة؛ لما تواتر عنه أنها لا تجتمع على ضلالة" تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد، ص: (321).
947 - أخرجه البخاري في صحيحه: 3/1274، برقم: (3269)، وأخرجه مسلم في صحيحه: 4/2054، برقم: (2669).
948 - وسيأتي تفصيل ذلك في مبحث: الرهبانية والتصوف....
(949) "الناسوت واللاهوت: يعبر هذان المصطلحان عن عقيدة أساسية في المسيحية مؤداها أن للمسيح طبيعتين: طبيعة إلهية (اللاهوت) وطبيعة إنسانية (الناسوت)، وأن الكلمة الإلهية (اللاهوت) اتحدت بجسم المسيح واختلطت بناسوته (الجزء الإنساني منه) وصار طبيعة واحدة، وأقنوماً واحداً هو الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس عندهم. وقد عارض هذا الفهم كثير من المسيحيين في الماضي والحاضر. وهذا الفهم وما بُني عليه باطل من وجهة النظر الإسلامية"، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1157
(950 ) انظر: الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة، لعبد الرحمن عبد الخالق، ص: (58-59).
(951 ) رماح حزب الرحيم، لعمر بن سعيد الفوتي الطوري الكدوي: 2/5.
(952) هو مؤسس فرقة البريلوية، أحمد رضا خان بن تقي علي خان، (1272هـ - 1340هـ)، سمى نفسه عبد المصطفى، ولد في بلدة (بريلي) بولاية (أترابرديش) وتتلمذ على يد الميرزا غلام قادر بيك. زار مكة، وقرأ على بعض المشايخ فيها عام: (1295هـ)، ومن أبرز كتبه أنباء المصطفى، وخالص الاعتقاد، ودوام العيش، والأمن والعلى لناعتي المصطفى، ومرجع الغيب والملفوظات، وله ديوان شعري: (حدائق بخش). انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 1/298.(2/7)
(953) البريلوية، ص: (69).
(954) هذه هي الصوفية: (87).
955 - قصيدة للشيخ عبد الصمد الأرمنازي، حلية البشر: 2/851.
(956) هو : محمد بن سعيد البوصيري نسبة إلى بلدته أبو صير بين الفيوم وبني سويف بمصر، ولد سنة 608هـ، واشتغل بالتصوُّف، وعمل كاتباً، ونافح البوصيري عن الطريقة الشاذلية التي التزم بها، فأنشد أشعاراً في الالتزام بآدابها، توفي البوصيري سنة 695هـ وله ديوان شعر مطبوع. انظر ترجمته في مقدمة ديوان البوصيري، تحقيق محمد سيد كيلاني، ص: (5 - 44).
(957) ديوان البوصيري، ص: (200).
(958) انظر: المدائح النبوية في الأدب العربي، لزكي مبارك، ص: (199).
(959) انظر: ديوان البوصيري، ص: (200).
(960 ) انظر: تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد، للشيخ: سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، ص: (187 - 188).
(961) سورة: (هود: من الآية88).
(962) سورة: (الأنعام: من الآية141).
(963) سورة: (التوبة: من الآية87).
964 - انظر: صحيح البخاري: 1/131، برقم: (337).
(965 ) انظر: لسان العرب: 9/91- 92.
966 - فيض القدير: 1/209.
(967) سورة (البقرة: من الآية176).
(968) سورة: (البقرة: من الآية213).
(969) سورة: (البينة:4).
(970) سورة: (آل عمران: من الآية105).
(971) سورة: (البينة:4).
972 - ابن كثير 4/538.
(973) سورة: (آل عمران: من الآية105).
(974) سورة هود الآية رقم: (18- 19).
(975) سورة البقرة الآية رقم: (176).
(976) سورة آل عمران الآية رقم: (19).
(977) سورة آل عمران الآية رقم (105).
(978) سورة البقرة الآية رقم (253).
979 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/41
(980) سورة البقرة الآية رقم (176).
(981) سورة (البقرة:176).
(982 ) تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: 1/196.
(983 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/41
(984) سورة: (هود: من الآية: 118-119).
(985) سورة البقرة: (253).(2/8)
(986) انظر: سنن أبي داود: 4/197، برقم: (4596)، وابن ماجه: 2/1322، برقم: (3992)، وسنن الدارمي: 2/314، برقم: (2518)، ومسند الإمام أحمد 4/102، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: 2/364، برقم: (3226).
987 - وهما: قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ)(الأنعام: من الآية159)، وقوله: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ)(هود: من الآية: 118-119)
(988) سورة البقرة: (253).
(989) سورة هود: (118).
(990) سورة الأنعام: (159).
(991) سورة آل عمران الآية رقم: (102- 107).
992 - انظر: تفسير ابن كثير: 1/391.
(993) (الأنعام: من الآية159).
(994) انظر: تفسير الطبري:: 8/104
(995) سورة: (الأنعام: من الآية159).
(996) سورة: (البينة:4).
997 - انظر: تفسير القرطبي: 7/149
(998) سورة (الشورى: من الآية13).
(999 ) انظر: تفسير ابن كثير: 4/187.
(1000) سورة (الشورى: من الآية13).
1001 - تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: 4/187.
1002 - انظر: مجموع الفتاوى: 12/13- 15
(1003) سورة آل عمران الآية رقم (105).
(1004 ) تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: 1/368.
(1005 ) أخرجه البخاري: 6/2658، برقم: (6858)، ومسلم: 4/1830، برقم: (1337).
(1006) القضاء والقدر، للشيخ د. عبد الرحمن بن صالح المحمود، ص: (88).
1007 - أخرجه مسلم: 4/2053، برقم: (2666).
(1008) أخرجه البخاري في صحيحه: 3/1283، برقم: (3292).
(1009 ) انظر: مجموع الفتاوى: 23/ 346- 349، وانظر كلامه في الفتاوى: 26/202 - 203.
(1010 ) الاقتضاء : 1/ 294
1011 - أخرجه البخاري: 6/2676، برقم: (6919)، ومسلم: 3/1342، برقم: (1716).
(1012) انظر: الاعتصام، للإمام الشاطبي: 1/193-194.(2/9)
(1013) يقول شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "واختلاف التنوع على وجوه: منه مايكون كل واحد من القولين أو الفعلين حقاً مشروعاً، كما في القراءات وصفة الأذان والإقامة والتشهدات، ومنه ما يكون كل من القولين هو في معنى القول الآخر، لكن العبارتين مختلفتان، ومنه: مايكون المعنيان غيرين، لكن لا يتنافيان، فهذا قول صحيح وهذا قول صحيح، انظر: اقتضاء الصراط المستقيم: 1/149-150.
(1014 ) أخرجه البخاري: 3/1282، برقم: (3289).
(1015) قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "وأما اختلاف التضاد فهو: القولان المتنافيان: إما في الأصول وإما في الفروع، عند الجمهور الذين يقولون: (المصيب واحد)، وإلا فمن قال: (كل مجتهد مصيب) فعنده: هو من باب اختلاف التنوع، لا اختلاف التضاد. فهذا الخطب فيه أشد؛ لأن القولين يتنافيان"، انظر: اقتضاء الصراط المستقيم: 1/151، وانظر: الاختلاف وما إليه، للشيخ: محمد بن عمر بازمول، ص: (24).
(1016) الاختلاف وما إليه، للشيخ محمد بن عمر بازمول، ص: (25).
(1017) مجموع الفتاوى: (4/109).
(1018) سورة: (آل عمران:7).
(1019) سورة (الزخرف: من الآية59).
(1020) سورة: (آل عمران:59).
1021 - انظر: تفسير ابن كثير: 1/346.
(1022) هو: إبراهيم بن موسى بن محمد الغرناطي الشهير بالشاطبي، ويكنى بأبي إسحاق، من مؤلفاته: الإفادات والإنشادات، شرح جليل على الخلاصة في النحو، عنوان الاتفاق في علم الاشتقاق، الفتاوى، كتاب المجالس، الموافقات، ت: (790هـ)، انظر: مقدمة تحقيق كتاب الاعتصام للشاطبي، ص: (9-10).
(1023) انظر: الاعتصام للشاطبي: 1/176-179، باختصار.
(1024) سورة: (آل عمران:7).
(1025) انظر: الاعتصام للشاطبي: 1/176-179، باختصار.(2/10)
(1026) هو العلامة أبو محمد عبدالله بن محمد بن السيد البطليوسي النحوي اللغوي صاحب التصانيف، أقرأ الآداب وشرح الموطأ وله كتاب الاقتضاب في شرح وضوء الكتاب، وكتاب الأسباب الموجبة لاختلاف الأئمة، وأشياء، ونظم فائق، مات في رجب سنة (521هـ)"، انظر: سير أعلام النبلاء: 19/532.
(1027 ) ما لم تكن التأويلات تعارض المحكمات، فإن كان فيها تعارض للمحكمات فتكون قد خرجت عن باب الاختلاف السائغ بين أهل السنة والجماعة، إلى الاختلاف المحرم الذي وقعت فيه الأمم من قبل.
1028- انظر: التنبيه على الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين في آرائهم ومذاهبهم واعتقاداتهم لعبد الله بن السيد البطليوسي، ص: (11).
1029- إعلام الموقعين: (3/288)
(1030) انظر: الاختلاف وما إليه، للشيخ: محمد بن عمر بازمول، ص: (58).
(1031) سورة: (البينة:4).
(1032) سورة: (آل عمران: من الآية105).
1033 - الرسالة للإمام الشافعي، ص: (560- 561).
(1034) سورة: (آل عمران: من الآية105).
1035 - الفتاوى الكبرى: 3 ص:181- 182
(1036) إغاثة اللهفان: (1/170).
(1037) سورة (آل عمران:105).
1038 - انظر: الاختلاف وما إليه، للشيخ محمد بن عمر بازمول، ص: (67).
(1039) انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة: 1/141، برقم: (57).
1040 - سنن الدارمي: 1/159، برقم: (628).
1041 - انظر: الاختلاف وما إليه، للشيخ: محمد بن عمر بازمول، ص: (67).
(1042) "سورة آل عمران الآية رقم: (7).
(1043) الموافقات، للشاطبي: (4/130).
1044 - أخرجه البخاري: 3/1181، برقم: (3062)، ومسلم: 1/159، برقم: (177).
(1045) انظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام _ رحمه الله _: 3/230، الاختلاف وما إليه، للشيخ: محمد بن عمر بازمول، ص: (83).
1046 - مجموع الفتاوى: (3/179).
(1047) سورة الأنعام الآية رقم: (103).
(1048) سورة الشورى الآية رقم: (51).
(1049) سورة القيامة الآية رقم: (22- 23).(2/11)
(1050) سورة النجم الآية رقم: (38).
(1051) سورة النمل الآية رقم: (80).
(1052) الاختلاف وما إليه، للشيخ محمد بن عمر بازمول، ص: (84).
1053 - مع مراعاة جانب الخطأ والجهل وغير ذلك من الموانع التي تخرج صاحب البدعة من كونه مبتدعاً مخالفاً للقرآن والسنة، انظر: علم أصول البدع، للشيخ: علي حسن علي عبد الحميد، ص: (209).
(1054) سورة آل عمران الآية رقم (7).
(1055) سورة: (آل عمران: من الآية7).
1056 - أخرجه البخاري: 3/1282، برقم: (3289).
(1057) سورة: (القلم:42).
1058 - أخرجه البخاري: 4/1871، برقم: (4635).
(1059) سورة: (القلم:42).
1060 - صفوة التفاسير: 3/430.
(1061 ) صحيح البخاري: 4/1871، برقم: (4635)، وصحيح مسلم: 1/167، برقم: (183).
(1062) وهو لفظ من ألفاظ الحديث النبوي وسيأتي قريباً في سياق الكلام....
1063 - نزهة المتقين شرح رياض الصالحين: 1/34.
1064 - أخرجه البخاري: 5/2324، برقم: (5949)، ومسلم: 4/2104، برقم: (2747).
(1065) انظر: الرد الكافي على مغالطات د. علي عبد الواحد وافي، في كتابه: (بين الشيعة وأهل السنة)، إحسان إلهي ظهير، ص: (9-10).
(1066) انظر: الشيعة والسنة، إحسان إلهي ظهير، ص: (27-43).
(1067) سورة: (الفتح:29).(2/12)
(1068) جاء في الكافي للكليني: "455- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسينِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) إِنَّ النَّاسَ يَفْزَعُونَ إِذَا قُلْنَا إِنَّ النَّاسَ ارْتَدُّوا فَقَالَ يَا عَبْدَ الرَّحِيمِ إِنَّ النَّاسَ عَادُوا بَعْدَ مَا قُبِضَ رَسولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ إِنَّ الأَنْصَارَ اعْتَزَلَتْ فَلَمْ تَعْتَزِلْ بِخَيْرٍ جَعَلُوا يُبَايِعُونَ سَعْداً وَ هُمْ يَرْتَجِزُونَ ارْتِجَازَ الْجَاهِلِيَّةِ يَا سَعْدُ أَنْتَ الْمُرَجَّى وَ شَعْرُكَ الْمُرَجَّلُ وَ فَحْلُكَ الْمُرَجَّمُ"، الكافي: 8/296، فأي سب أشنع من وصف الصحابة بالكفر.
(1069) انظر: كشف الأسرار، للخميني، ص: (114)، نقلاً عن الشيعة والتشيع فرق وتاريخ، إحسان إلهي ظهير، ص: (345).
(1070) انظر: كشف الأسرار، للخميني، ص: (119-120)، نقلاً عن الشيعة والتشيع فرق وتاريخ، إحسان إلهي ظهير، ص: (345-346).
(1071 ) قال القرطبي: "والرهبانية والترهب التعبد في صومعة قال أبو عبيد قد يكون رهبان للواحد والجمع قال الفراء ويجمع رهبان إذا كان للفرد رهابنة ورهابين كقربان وقرابين"، تفسير القرطبي: 6/ 258.
(1072) سورة: (الحديد:27).
1073 - تفسير ابن كثير: 4 / 316.
(1074) لعله يقصد: معكَّر
(1075) انظر: محاضرات في النصرانية، للإمام محمد أبو زهرة، ص: (187).
(1076) سورة: (النساء:171).
(1077) صحيح البخاري: 5/1949، برقم: (4776)، و صحيح مسلم: 2/1020، برقم: (1401).
(1078 ) شرح السنة للبغوي: 2/371 بلفظ (ويروى) وله شواهد في مسند أحمد وسنن الدارمي.(2/13)
1079 - رواه أحمد والنسائي وابن ماجة. قال شيخ الإسلام: "وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم"، اقتضاء الصراط المستقيم: 1/328.
1080 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/328.
1081 - تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة، ص: (24- 25).
(1082) انظر: مجموع الفتاوى: 11/6
(1083 ) انظر: تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة، ص: (24، 25).
(1084 ) درء التعارض: 7/94
(1085) ابن خلدون: المقدمة، ص: (467).
(1086) قال عنه أبو نعيم في الحلية: "العارف النظار الخائف الجآر أبو يحيى مالك بن دينار كان لشهوات الدنيا تاركاً وللنفس عن غلبتها مالكاً"، حلية الأولياء: 2/357.
(1087) سير أعلام النبلاء: 8/174، وقد علق محقق السير الشيخ شعيب على هذا الكلام فقال: "منزلة الصديقين لا تنال بهذا النسك الأعجمي المخالف لما صح عنه (".
(1088) تاريخ التصوف، ص: (193)، سير أعلام النبلاء: 5/364
(1089) جامع العلوم والحكم، لابن رجب الحنبلي، ص: (218).
(1090) حلية الأولياء: 2/369.
(1091) سير أعلام النبلاء:12/132.
(1092) تكلم فيها أبو داود السجستاني واتهمها بالزندقة، فلعله بلغه عنها أمر، توفيت بالقدس سنة 185هـ. انظر: البداية والنهاية، لابن كثير:10/193، قال ابن تيمية: "قال بعضهم: من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبد الله بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبد الله بالرجاء وحده فهو مرجئ ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد". انظر الفتاوى: 10/81.
(1093) الصوفية نشأتها وتطورها، لمحمد العبده وطارق عبد الحليم، ص: (20- 22).
(1094) هو أول من بحر البحائر وسيب السوائب، انظر: فتح الباري: 8/285
1095 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/352.
(1096 ) الصوفية نشأتها وتطورها، لمحمد العبده وطارق عبد الحليم، ص: (34).
(1097) سورة: الحديد، الآية: (27).(2/14)
1098 - رواه أبو داود في سننه: 4/276 برقم: (4904)، قال شيخ الإسلام: "رواية أبي داود للحديث وسكوته عنه يقتضي أنه حسن عنده وله شواهد في الصحيح" انظر: اقتضاء الصراط المستقيم: 1/298.
1099 - العهد الجديد، رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس: (7/1).
(1100) الحلال والحرام في الإسلام, د. يوسف القرضاوي، ص: (21).
(1101 ) الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ، تأليف، محمود عبد الرؤوف القاسم، ص: (760)، وانظر: أديان الهند الكبرى الهندوسية - الجينية - البوذية، للدكتور أحمد شلبي، ص: (122).
(1102) الأستاذ بكلية الحديث الشريف بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، من مؤلفاته: دراسة وتحقيق: (أقضية رسول الله ( لابن الطلاع القرطبي) - دراسة وتحقيق: (المدخل إلى السنن الكبرى للإمام البيهقي) - دراسات في الجرح والتعديل - التمسك بالسنة في العقائد والأحكام - اليهودية والمسيحية. انظر: نهاية كتابه: دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند.
1103 - دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند، محمد ضياء الأعظمي ص671
1104 - عن: دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند، محمد ضياء الأعظمي ص583.
(1105) (المتوفى سنة 1376هـ)، الأعلام، للزركلي: 6/96.
(1106) الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي: 2/61.
(1107) الدعوة السلفية في شبه القارة الهندية، إعداد: عبد الوهاب خليل الرحمن، ص: (114).
(1108) حلية البشر: 3/1371-1373.
(1109) يعني الطريقة، نقلاً عن كتاب الانحرافات العقدية والعلمية، للشيخ علي بن بخيت الزهراني، 1/472.
(1110) انظر: مختصر نشر النور والزهر 2/328.
(1111 ) انظر: تقرير الأزهر عن الصوفية في مصر، عن اتجاهات الفكر الإسلامي المعاصر في مصر, لحمد بن صادق الجمال, ص: (179).
(1112) انظر: الكشف عن حقيقة الصوفية ص: (317).
(1113) انظر: كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة، للشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني، ص: (43).(2/15)
1114 - مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: (511).
1115 - وذلك في قوله تعالى: ( وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ)(البقرة: من الآية89)، وقوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (البقرة:91)
1116 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/8
(1117) انظر: (تقرير الأزهر عن الصوفية في مصر)، عن اتجاهات الفكر الإسلامي المعاصر في مصر, لحمد بن صادق الجمال, ص: (178- 179).
(1118) دراسات في الفرق: الصوفية ص: (78).
(1119) انظر: واقعنا المعاصر، ص: (155).
(1120) طريقة صوفية تنسب إلى أبي الحسن الشاذلي توفي عام: (656هـ)، يؤمن أصحابها بجملة الأفكار والمعتقدات الصوفية، وإن كانت تختلف عنها في سلوك المريد وطريقة تربيته بالإضافة إلى اشتهارهم بالذكر المفرد (الله) أو مضمراً (هو).
(1121) صحوة الرجل المريض: (122- 123).
(1122) انظر: صحوة الرجل المريض، ص: (125).
(1123) وتعتبر الملكية في ساموا الغربية من هذا النوع، انظر: الموسوعة العربية العالمية، وهي ترجمة بتصرف عن: دائرة المعارف العالمية (World.Book.Encyclopedia): 16/9.
(1124 ) الكارما هي: قانون الجزاء الذي يقرر إن كان الإنسان صالحاً في واحدة من دورات حياته الحلولية فإنه سيلقى جزاء ذلك في الدورة الثانية، وإذا كان طالحاً فإنه سيلقى جزاءه في الدورة الثانية أيضاً، انظر: دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند، محمد ضياء الأعظمي ص: (629).(2/16)
(1125) "التناسخ: من العقائد الفاسدة التي يقصد بها انتقال الروح من بدن قد مات صاحبه إلى بدن آخر لمخلوق حي، إنسانا كان أم حيوانا، وذلك لمنح الروح الفرصة بعد الفرصة لكي تتطهر من أدرانها على أساس أن الحياة قصيرة ولا بد من إعطاء الروح وقتا كافيا لكي تتحرر من أخطائها. ويعرف التناسخ بتجوال الروح، أو تكرار المولد"، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1022 .
1126 - انظر: دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند، محمد ضياء الأعظمي، ص: (629).
1127 - دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند، محمد ضياء الأعظمي ص632-633، وانظر: الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام، للدكتور علي عبد الواحد وافي، ص: (189).
(1128) "كرشنا : من أبرز كهنة الهنود، ولد حوالي سنة 4800 قبل الميلاد، وتربى عند نساك البراهمة"، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1129
1129 - الكيتا: اشلوك 9، نقلاًَ من كتاب دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند، محمد ضياء الأعظمي، ص: (631).
(1130) أديان الهند الكبرى الهندوسية - الجينية - البوذية، للدكتور أحمد شلبي، ص: (122- 123).
(1131) دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند، محمد ضياء الأعظمي ص: (682-683).
(1132 ) الصوفية نشأتها وتطورها، لمحمد العبده وطارق عبد الحليم، ص: (40).
(1133) من مضمون الفكرة: أن الخالق موجود في كل زمان ومكان، انظر: دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند، محمد ضياء الأعظمي، ص: (613).
1134 - انظر: تقرير الأزهر عن الصوفية في مصر، عن اتجاهات الفكر الإسلامي المعاصر في مصر, لحمد بن صادق الجمال, ص: (179).
(1135) انظر: الصوفية نشأتها وتطورها، لمحمد العبده وطارق عبد الحليم، ص: (52- 53).
(1136) توفي ابن الفارض عام: (632هـ)، انظر: جلاء العينين، للألوسي، ص: (79).(2/17)
(1137) انظر القصة في: جلاء العينين الألوسي، ص: (79).
(1138) الصوفية نشأتها وتطورها، لمحمد العبده وطارق عبد الحليم، ص: (97).
1139- انظر: تقرير الأزهر عن الصوفية في مصر، عن: اتجاهات الفكر الإسلامي المعاصر في مصر, لحمد بن صادق الجمال, ص: (179).
(1140) نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر: 7/3.
(1141) الانحرافات العقدية والعلمية، للشيخ علي بن بخيت الزهراني، 1/556.
(1142) حلية البشر: 2/672.
(1143) الكشف عن حقيقة الصوفية ص: (193).
(1144) هو حسن رضوان بن محمد بن حنفي ابن عامر الحسيني الخالدي: متصوف أزهري. ولد في إحدى قرى بني سويف بمصر وتفقة بالأزهر وتنقل في بعض الزوايا المصرية وتوفي عام: (1310هـ - 1892م)، انظر الأعلام، للزركلي: 2/191.
(1145) الكشف عن حقيقة الصوفية ص: (211).
(1146) هو علي بن أحمد المغربي اليشرطي الشاذلي: شيخ الطريقة المعروفة باليشرطية، من طرق الشاذلية، ت: (1316هـ - 1899م)، انظر: الأعلام 4/260.
(1147) الكشف عن حقيقة الصوفية ص: (219).
1148 - انظر: جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التجاني، تأليف علي حرازم بن العربي برادة المغربي الفاسي، ص: 2/92.
(1149) على سبيل المثال: سمعت هذه العبارة من أحد المعلمين، حيث قام بضرب المثل ببعض الصفات الإلهية التي يمكن أن يتخلق بها العبد، فسألته هل كل صفات الله يمكن للعبد أن يتخلق بها؟! فأجاب أن: نعم، والله المستعان.
(1150 ) لم أجد الحديث في صحيح مسلم، ولكنه عند أبي داود بلفظ: ((الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار))، 4/59، برقم: (4090)، وعند ابن ماجه بلفظ: ((ألقيته في جهنم)): 2/1397،برقم: (4174)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه: 2/405، برقم: (3365).
(1151 ) انظر: الصفدية: 2 /337- 338
1152 - انظر: الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ، تأليف، محمود عبد الرؤوف القاسم، ص: (665).(2/18)
(1153) العقيدة والشريعة في الإسلام ص: (161-164)، نقلاً من كتاب دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند، محمد ضياء الأعظمي، ص: (633).
(1154) اليوجا والتنفس، محمد عبد الفتاح فهيم، ص: (19).
(1155) المعجم الفلسفي لجميل صليبا: 2/590.
(1156) اليوجا سيطرة على النفس والجسد، تأليف: المستشرق: ج. توندريو، وعالم النفس: ب. رئال، ص: (12).
(1157) اليوجا سيطرة على النفس والجسد، تأليف: المستشرق: ج. توندريو، وعالم النفس: ب. رئال، ص: (11).
(1158) انظر: أديان الهند الكبرى، للدكتور أحمد شلبي، ص: (174).
(1159) أديان الهند الكبرى، للدكتور أحمد شلبي، ص: (174).
(1160) محمد رفعت في كتابه: (اليوغا طريق الصحة والسعادة والشباب)، ص: (9،8).
(1161) سورة: (الكهف: من الآية110).
(1162 ) تفسير ابن كثير: 1/560.
(1163) انظر: الصوفية نشأتها وتطورها، محمد العبده طارق عبد الحليم، ص: (99).
(1164) مصطلح عند الصوفية يعني الاجتماع على ذكر الله بالرقص على شكل حلقة يكون الشيخ في وسطها وكأنه قائد أوركسترا، انظر: الصوفية نشأتها وتطورها، لمحمد العبده وطارق عبد الحليم، ص: (99).
(1165) الصوفية نشأتها وتطورها، لمحمد العبده وطارق عبد الحليم، ص: (99- 100).
(1166) وربما ينكر عليهم، بعض من نور الله بصيرته وتسلح بسلاح العلم، ولكن المنكر لا زال قائماً، والله المستعان.
(1167) الصوفية نشأتها وتطورها، لمحمد العبده وطارق عبد الحليم، ص: (109).
(1168) حلية البشر 2/1055.
(1169) الانحرافات العقدية والعلمية، للشيخ علي بن بخيت الزهراني، 1/505.
1170 - والمكاء هو: الصفير، والتصدية هي: التصفيق، انظر: تفسير ابن كثير: 2/307.
(1171) سورة (الأنفال: من الآية35).
(1172) سورة (الحديد: من الآية27).
( هكذا.
1173 - [اقتضاء الصراط المستقيم: 1/90].(2/19)
(1174) "جماعة دينية من الهند ظهروا في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر الميلادي داعين إلى دين جديد، زعموا أن فيه شيئاً من الديانتين الإسلامية والهندوسية تحت شعار (لا هندوس ولا مسلمون)، وقد عادَوا المسلمين خلا تاريخهم، وبشكل عنيف، كما عادَوا الهندوس بهدف الحصول على وطن خاص بهم، وذلك مع الاحتفاظ بالولاء الشديد للبريطانيين خلال فترة استعمار الهند، وكلمة سيخ كلمة سنسكريتية تعني: المريد أو التابع"، انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/764.
(1175 ) انظر: دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند، محمد ضياء الأعظمي ص: (685-686).
(1176) مزامير العهد القديم: (150).
(1177) "الآب : من مصطلحات النصارى التي يراد بها الله تعالى رب العالمين، فهو الإله الذي يعطي ويحمي ويربي، وقد وضعه اليهود لما رأوا أن لفظة ((ألوهيم)) تدل على رب بني إسرائيل الذي إليه دعا إبراهيم وموسى الناس. وفي سنة 586 قبل الميلاد أرادوا أن يجعلوا شريعة التوراة لهم وحدهم لا للأمم، فصاغوا التوراة على هذا الرأي وتحدثوا عن أنفسهم بأنهم شعب الله المختار، وأنهم أبناء الله وأحباؤه، فأطلقوا على الله تعالى الآب بالمعنى المجازي. يقول المفسر اليهودي موسى بن ميمون: ((كل أسماء الله الواردة في الأسفار المقدسة مأخوذة عن أعمال يقوم بها ما عدا اسم يهوه ...))، ولما ترجم الإنجيل إلى اللغة اليونانية وضعت كلمة الآب العبرانية كما هي للدلالة على ذات الله، فإلى الله الآب ينتمي الخلق بواسطة الابن عند النصارى"، انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/939 .
(1178) رسالة بولس أهل فسس: 5/ 19- 20.
(1179) انظر: الاعتصام، للشاطبي: 1/332-334.
(1180) انظر: الاعتصام، للشاطبي: 1/332-334.
(1181) الإنسان الكامل محاورات في فلسفة الصوفية، لمحمد غازي عرابي، ص: (37).(2/20)
(1182) انظر: الإنسان الكامل محاورات في فلسفة الصوفية، لمحمد غازي عرابي، ص: (46).
(1183) انظر: الإنسان الكامل محاورات في فلسفة الصوفية، لمحمد غازي عرابي، ص: (209-210).
(1184) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن دين الإسلام وإثبات نبوة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام تأليف الإمام القرطبي _ رحمه الله _ : 2/246.
(1185) سفر رؤيا يوحنا.
(1186 ) دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند، محمد ضياء الأعظمي ص: (391).
(1187 ) لسان العرب مادة: (ع و د): 3/318.
(1188 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/325.
1189 - انظر: اقتضاء الصراط المستقيم، ص: (259- 260).
(1190 ) سورة: (الحج:32).
(1191) قال رسول الله (: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى))، أخرجه البخاري في صحيحه: 1/398، برقم: (1132)، ومسلم في صحيحه: 2/1015، برقم: (1397)، (1398).
(1192) فقد قال (: ((تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد))، رواه النسائي في السنن الكبرى: 2/322، برقم: (3609)، وابن أبي شيبة في مصنفه: 3/122، برقم: (12661)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: 3/196، برقم: (1200).
(1193) سورة: (البقرة: من الآية158).
(1194) رواه أبو داود في سننه: 2/218، برقم: (2042)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود: 1/383، برقم: (1796).
(1195) انظر: تنبيه زائر المدينة على الممنوع والمشروع في الزيارة، صالح السدلان، ص: (75)، وانظر: الاقتضاء، ص: (298- 300).
(1196) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم، ص: (300).
(1197) موطأ مالك: 1/172، برقم: (414)، وصححه الألباني، انظر: غاية المرام، ص: (98)، برقم: (126).
(1198) انظر نص الحديث في ذلك في مبحث موقف السنة من التشبه بالكفار.
(1199) اقتضاء الصراط المستقيم: ص: (300- 301).(2/21)
(1200) انظر: تنبيه زائر المدينة على الممنوع والمشروع في الزيارة، صالح السدلان ص: (73).
(1201) تنبيه زائر المدينة على الممنوع والمشروع في الزيارة، صالح السدلان، ص: (74).
(1202) أخرجه ابن سعد في الطبقات، انظر الطبقات الكبرى: 2/100، وذكره ابن حجر في الفتح وقال: "ثم وجدت عند ابن سعد بإسناد صحيح عن نافع أن عمر"، وذكر الأثر، انظر فتح الباري: 7/448
(1203) هو: محمد بن وضاح بن بزيع مولى ملك الأندلس عبد الرحمن ابن معاوية الأموي هو الحافظ الكبير أبو عبد الله القرطبي، ولد سنة مائتين وعشرون أو قبلها، كان عالماً بالحديث بصيراً بطرقه وعلله ورعاً زاهداً متعففاً صبوراً على نشر العلم وله خطأ كثير وغلط وتصحيف ولا علم له بالفقه ولا بالعربية مات في محرم سنة تسع وثمانين ومائتين، انظر طبقات الحفاظ، ص: (287)، والمغني في الضعفاء: 2/641، وميزان الاعتدال في نقد الرجال: 6/359.
1204 - اقتضاء الصراط المستقيم: 2/275-274 .
(1205) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه: 2/151، برقم: (7550).
1206 - اقتضاء الصراط المستقيم: 2/272.
1207 - انظر: اقتضاء الصراط المستقيم: 2/271.
(1208) هو: الإمام المعمر أبو أمية الأسدي الكوفي. حدث عن ابن مسعود، وأبي ذر، وجماعة، وثقه يحيى بن معين. قال أبو حاتم: قال الأعمش: رأيته وهو ابن مئة وعشرين سنة، أسود الرأس واللحية، توفي سنة بضع وثمانين، انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 4/174.
(1209) سورة: (الفيل:1).
(1210) سورة: (قريش:1).
1211 - مصنف ابن أبي شيبة: 2/ 151، برقم: (7550)، ومصنف عبد الرزاق: 2/118، برقم: (2734)، ونقله شيخ الإسلام عن سنن سعيد بن منصور في اقتضاء الصراط المستقيم: 2/ 273.
(1212) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم: 1/386.(2/22)
1213 - كما جاء في سنن الترمذي: عن أبي واقد الليثي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى خيبر مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم فقالوا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله هذا كما قال قوم موسى أجعل لنا إلها كما لهم آلهة والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم"، قال أبو عيسى: "هذا حديث حسن صحيح"، سنن الترمذي: 4/475، برقم: (2180).
(1214 ) وهي بيعة الرضوان التي قال الله تبارك وتعالى فيها: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (الفتح:18).
1215 - أخرجه أبو داود في سننه: 3/ 238، برقم: (3313)، وابن ماجه في سننه:: 1/688، برقم: (2130)، وصححه الألباني _ رحمه الله _ في صحيح سنن ابن ماجه: 1/364، برقم: (1732).
(1216 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/191.
(1217) هو: "حيان بن حصين أبو الهياج الأسدي الكوفي روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الجنائز، روى عنه أبو وائل"، رجال مسلم: 1/166.
1218 - رواه مسلم: 2/666، برقم: (969).
1219 - انظر: مبحث مظاهر التشبه بالكفار في توحيد الطلب والقصد.
1220 - أخرجه البخاري في صحيحه: 1/168، برقم: (425)، 3/1273، برقم: (3267)، 4/1615، برقم: (4179)، 5/2190، برقم: (5478)، ومسلم في صحيحه: 1/377، برقم: (530).
1221 - أخرجه البخاري في صحيحه: 1/167، برقم: (424)، 1/450، برقم: (1276)، ومسلم: 1/375، برقم: (528).
1222 - أخرجه مسلم في صحيحه: 1/377، برقم: (532).
(1223 ) انظر: مجلة البيان العدد: (132)، شعبان 1419هـ، مقال بعنوان: (القبور والأضرحة دراسة وتقويم)، الأضرحة في العالم الإسلامي، مشاهد متفرقة.(2/23)
(1224 ) البيان العدد: (131)، رجب 1419هـ، مقال بعنوان: (دوافع تقديس القبور والأضرحة وآثارها)، الجزء الثاني، لخالد أبو الفتوح.
(1225 ) إلا ما حمى الله به الدولة السعودية، فجزى الله خيراً القائمين على ذلك خير الجزاء.
(1226 ) انظر: مجلة البيان العدد: (132)، شعبان 1419هـ، مقال بعنوان: (القبور والأضرحة دراسة وتقويم)، الأضرحة في العالم الإسلامي، مشاهد متفرقة.
1227 - ونسبة هذا القبر إلى علي ( غير صحيحة، قال الذهبي _ رحمه الله _ في ترجمة عضد الدولة: "وكان شيعياً جلداً اظهر بالنجف قبراً زعم أنه قبر الإمام علي وبنى عليه المشهد وأقام شعار الرفض ومأتم عاشوراء والاعتزال"سير أعلام النبلاء: 16/250.
1228 - "تقع محافظة النجف على بعد 180 كم جنوب غرب بغداد، وتعتبر النجف من المدن الإسلامية الشهيرة في العالم العربي والإسلامي"، انظر: الدليل الأثري والحضاري لمنطقة الخليج العربي، لمجموعة من المؤلفين، ص: (478).
(1229) انظر: الدليل الأثري والحضاري لمنطقة الخليج العربي، لمجموعة من المؤلفين، ص: (478).
(1230) تقع مدينة كربلاء على مسافة 105كم جنوب غرب بغداد، وفيها ضريح الإمام الحسين بن علي" انظر: الدليل الأثري والحضاري لمنطقة الخليج العربي، لمجموعة من المؤلفين، ص: (478).
(1231) اقتضاء الصراط المستقيم، ص: (257- 258).
(1232) قال عنه صاحب الكتاب (د. كامل جميل العسلي): "الشيخ أحمد الثوري أحد المجاهدين واسمه شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الجبار. حارب مع صلاح الدين الأيوبي وكان يركب ثوراً فسموه أبا ثور.. انظر: أجدادنا في ثرى بيت المقدس، ص: (95).
(1233) أجدادنا في ثرى بيت المقدس، ص: (96- 97).
1234 - مجلة البيان العدد: (132)، شعبان 1419هـ، مقال بعنوان: (القبور والأضرحة دراسة وتقويم)، الأضرحة في العالم الإسلامي، مشاهد متفرقة البيان العدد: (132)، شعبان 1419هـ(2/24)
(1235 ) انظر: الانحرافات العقدية، ص: (304). نقلاً عن: البيان العدد: (131)، رجب 1419هـ، مقال بعنوان: (دوافع تقديس القبور والأضرحة وآثارها)، الجزء الثاني، لخالد أبو الفتوح.
(1236 ) الانحرافات العقدية، ص285. نقلاً عن: البيان العدد: (132)، شعبان 1419هـ، مقال بعنوان: (القبور والأضرحة دراسة وتقويم)، انحرافات القبوريين الداء والدواء، الجزء الثاني.
(1237) كما لا يخفى دور الشيخ عبد الله القرعاوي ت: (1389هـ) _ رحمه الله _، في إزالة البدع والشركيات وتوعية الناس بشأنها في جنوب الجزيرة العربية، وكان الشيخ حافظ الحكمي من تلاميذه النجباء في هذا المجال وفي غيره، انظر: معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول في التوحيد: 1/13.
1238 - انظر: الشيخ حافظ الحكمي، حياته ومنهجه في العقيدة، لأحمد علوش، ص: (357).
1239 - تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد، ص: (139).
(1240 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 2/5
(1241) سورة: (الفرقان:72).
1242 - تفسير ابن كثير: 3/330.
(1243) رواه البخاري (3/1430)، برقم: (3716)، ومسلم (2/607)، برقم: (892).
(1244) سورة المائدة الآية رقم: (48).
(1245) تشبه الخسيس بأهل الخميس في رد التشبه بالمشركين، للذهبي رحمه الله، ص: (27).
1246 - رواه أبو داود في سننه: 1/295، برقم: (1134)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود: 1/210، برقم: (1004).
(1247 ) انظر: ما نقله المناوي عن المجد ابن تيمية في فيض القدير: 4/511.
(1248) رواه بنحوه البيهقي في (السنن الكبرى): (9/234)، وعبد الرزاق في المصنف: 1/411، برقم: (1609)، وابن أبي شيبة في مصنفه: 5/299، برقم: (26281)، وانظر: المدونة الكبرى: 1/63.
(1249) تقدم تخريجه.
(1250) تشبه الخسيس بأهل الخميس في رد التشبه بالمشركين، للذهبي رحمه الله، ص: (34).
1251 - اقتضاء الصراط المستقيم: 2/9.
1252 - اقتضاء الصراط المستقيم: 2/5(2/25)
1253 - انظر: سبل السلام: 2/70، وانظر: فتح الباري: 2/442، وقد عبروا عنه بكراهية الفرح، ولعلها كراهية تحريم، وانظر: فيض القدير: 4/511
(1254 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 2/ 11.
1255 - انظر: اقتضاء الصراط المستقيم: 2/5.
1256 - قال ابن حجر _ رحمه الله _: "وبالغ في ذلك الشيخ الكبير أبو حفص البستي من الحنفية وقال من أهدى فيه بيضة إلى مشرك تعظيما لليوم فقد كفر بالله"، فتح الباري: 2/442.
1257 - قال شيخ الإسلام _ رحمه الله _: "وهو مبني على أصل وهو: أن بيع الكفار عنباً أو عصيراً يتخذونه خمراً لا يجوز، وكذلك لا يجوز بيعهم سلاحاً يقاتلون به مسلماً" اقتضاء الصراط المستقيم: 2/15.
(1258 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 2/13.
(1259) وهو اليوم الذي علا فيه أحد ملوك الفرس على سرير الملك وهو (أفريدون بن أثفيان)، وأصل تسمية العيد: مهرماه، انظر: تاريخ الطبري: 1/122.
1260 - انظر: اقتضاء الصراط المستقيم: 2/13.
(1261) انظر: عيد اليوبيل بدعة في الإسلام, للشيخ بكر أبو زيد, ص: (15).
(1262) انظر: صحيفة الشرق الأوسط: عدد: (19-إبريل - 2002)، مقال بعنوان: (مهرجان الإسكندرية)، ومقال آخر في نفس العدد: بعنوان: (تنافس إيراني تونسي مغربي فلسطيني)، لكاتبه: محمد رضا.
(1263) انظر: صحيفة الشرق الأوسط، عدد: (15-11-2000)، مقال بعنوان: (عرب وعجم)، وانظر: عدد: (16- فبراير- 2001م)، مقال بعنوان: (عرب وعجم)، كذلك، وعدد: (4/مارس/2001م)، مقال بعنوان: (صنم واحد لكل مجال)، لكاتبه: أنس زايد.
(1264) انظر: عيد اليوبيل بدعة في الإسلام, للشيخ بكر أبو زيد, ص: (22).
(1265) "وهو لدى النصارى (الكاثوليك) باسم: (يوم الغفران الكامل العظيم)"، انظر: عيد اليوبيل بدعة في الإسلام, للشيخ بكر أبو زيد, ص: (23- 24).
(1266 ) سفر اللاويين: 25/ 1- 13
(1267) عيد اليوبيل بدعة في الإسلام, للشيخ بكر أبو زيد, ص: (24).(2/26)
(1268) انظر عيد اليوبيل بدعة في الإسلام, للشيخ بكر أبو زيد, ص: (48- 49).
(1269 ) كما عرف هذا العيد بهذا الاسم لدى الحرانية والثنوية من الكلدانيين، انظر: الفهرست لابن النديم، ص: (443).
(1270 ) انظر: عيد اليوبيل بدعة في الإسلام, للشيخ بكر أبو زيد, ص: (13).
1271 - انظر: مقال بعنوان: (الأعياد والمناسبات المعتبرة في الإسلام)، للكاتب: محمد عثمان، مجلة البيان العدد: (4)، جمادى الآخرة 1407هـ
(1272) حقوق النبي بين الإجلال والإخلال، إصدار المنتدى الإسلامي، ص: (153- 154).
1273 - انظر: عيد اليوبيل بدعة في الإسلام, للشيخ بكر أبو زيد, ص: (16).
1274 - مقال بعنوان: (القبور والأضرحة دراسة وتقويم)، الأضرحة في العالم الإسلامي، مشاهد متفرقة البيان العدد: (132)، شعبان 1419هـ
1275 - صلى الله عليه وآله وسلم.
(1276) التحذير من الاغترار بما جاء في كتاب الحوار، عبد الحي العمروي وعبد الكريم مراد، ص: (70).
(1277 ) المصدر السابق، ص: (88).
1278 - مقال بعنوان: (القبور والأضرحة دراسة وتقويم)، الأضرحة في العالم الإسلامي، مشاهد متفرقة البيان العدد: (132)، شعبان 1419هـ.
(1279 ) مقال بعنوان: (القبور والأضرحة دراسة وتقويم)، الأضرحة في العالم الإسلامي، مشاهد متفرقة البيان العدد: (132)، شعبان 1419هـ.
(1280 ) موالد مصر المحروسة، عرفة عبده علي، ص: (7). نقلاً عن دمعة على التوحيد ص: (26).
(1281 ) انظر: مقال بعنوان: (القبور والأضرحة دراسة وتقويم)، الأضرحة في العالم الإسلامي، مشاهد متفرقة البيان العدد: (132)، شعبان 1419هـ.
(1282 ) مذاهب فكرية معاصرة، للشيخ محمد قطب، ص: (28).
(1283) انظر: الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام، للإمام القرطبي، ص: (242)، وفيها شرح بداية تغيير بولس لدين النصارى والذي يعتبر أساساً لسلطة الكنيسة من بعد.(2/27)
(1284) انظر: كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة، للشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني، ص: (43).
1285 - وأما ما حصل في زمن المأمون والمعتصم من فرض لعقيدة خلق القرآن فهو ظاهرة شاذة، ما لبثت أن تلاشت في زمن المتوكل، انظر: البداية والنهاية، لابن كثير: 10/293، وانظر: سير أعلام النبلاء: 11/265.
(1286) انظر: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، لأبي الحسن الندوي، ص: (191).
(1287) انظر: مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: (497).
(1288) إحدى الكاتبات الألمانيات.
(1289) شمس العرب تسطع علي الغرب، ص: (370). نقلاً عن: الجزء الثاني من مقال بعنوان: (الأصالة والحداثة قراءة في فكر د. زكي نجيب محمود)، لكاتبه: د. نعمان السامرائي، مجلة البيان العدد: (70)، جمادى الأولى، عام: (1414هـ).
(1290) الجزء الثاني من مقال بعنوان: (الأصالة والحداثة قراءة في فكر د. زكي نجيب محمود)، لكاتبه: د. نعمان السامرائي، مجلة البيان العدد: (70)، جمادى الأولى، عام: (1414هـ).
(1291) انظر: كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة، للشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني، ص: (48).
(1292) انظر: كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة، للشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني، ص: (49-50).
(1293) انظر: مذاهب فكرية معاصرة، للشيخ: محمد قطب، ص: (560).
(1294) انظر: الموسوعة العربية العالمية: 16/287.
(1295) سورة: (الحديد:27).
(1296) سبق التعريف بعصر النهضة، ص: (91). ....
(1297 ) انظر: مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: (77-78 ).
(1298) انظر: مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: (512-513).(2/28)
(1299) تقول عنها الموسوعة العربية العالمية: "بدأت الثورة بأزمة اقتصادية حكومية، ولكنها سرعان ما أصبحت حركة للتغيير العنيف. فقام الجمهور في باريس باحتلال الباستيل، وهو حصن وسجن ملكي كان قد أصبح رمزاً للقهر. وبعدها تقلد زمام الحكم سلسلة من الهيئات التشريعية المنتخبة. وتم إعدام الملك لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت. ولاقى آلاف آخرون نفس المصير في فترة عرفت بعهد الإرهاب. وانتهت الثورة عندما استولى الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت على الحكم، وكان من أحداثها أيضاً: أن استولت الجمعية على ممتلكات الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، حيث قد بلغ حجم الأرض المملوكة للكنيسة نحو عُشر أراضي البلاد مجتمعة"، انظر: الموسوعة العربية العالمية: 8/77-79.(2/29)
(1300) فلم تكن الكنيسة وحدها هي التي سببت للأوربيين العناء والكبت، بل مارس الإقطاع أشنع الأساليب في إرهاق الشعوب مادياً ومعنوياً إزاء الحكم الكنسي، يقول د. إبراهيم أحمد العدوي: "ونزلت بالمجتمع الروماني كارثة اقتصادية أخرى لا تقل خطورة عن ضياع موارده المالية. وتتلخص مظاهر تلك الكارثة في اعتماد الحكومة على السخرة وفرض الواجبات العامة على سائر طبقات المجتمع، بدلا من الحصول على الضرائب والأموال المقررة، ذلك أن السلطات الرومانية، حين عجزت عن خلق موارد مالية وبدأ الفقر يصيب خزانتها، لجأت إلى هذا اللون الفاسد من الضرائب، لإعادة توازن المالية العامة. وهذا الأسلوب الاقتصادي أشبه بالمخدر السام، الذي يخيل لمن يتعاطاه أنه قد تخلص من المسؤوليات الملقاة على عاتقه، ولكنه سرعان ما يرى نفسه نهباً لمرض عضال لا خلاص منه إلا بالموت، أو العجز التام. وزاد الحالة سواء أن الحكومة فرضت أعمال السخرة على الفقراء، الذين عانوا شظف الحياة، وصاروا يؤدون أعمالاً عديدة دون مقابل. وكانت النتيجة الاجتماعية لهذا العبء القاسي هو ازدياد بؤس الفقراء وغيرهم من الطبقات الدنيا، وتحولهم إلى مرتبة قريبة من العبودية والذلة وكلما تمادت الإمبراطورية في السخرة،كلما انحط شأن هذه الطبقة البائسة وكثرت أعدادها. ولم يكن هناك أي أمل في تخفيف أعباء السخرة، لأن الإمبراطورية تعرضت بمرور الزمن إلى متاعب شديدة، تطلبت علاجاً سريعاً، ولم يكن من المستطاع مواجهته إلا عن طريق السخرة وبذلك أصاب الشللُ القاعدةَ الأساسية للمجتمع الروماني وهم عامة الناس، وتلاشت مجهوداتهم بسبب انهيار روحهم المعنوية، وعدم تطلعهم إلى أي مستقبل حسن"، انظر: المجتمع الأوروبي في العصور الوسطى، ص: (18- 19).
(1301 ) انظر: المجتمع الأوروبي في العصور الوسطى، د. إبراهيم العدوي، ص: (15).
(1302 ) الإنسان بين المادية والإسلام،للشيخ محمد قطب ص: (220).(2/30)
(1303) انظر: مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: (517).
(1304 ) انظر: كيف نكتب التاريخ الإسلامي، للشيخ محمد قطب، ص: (165- 166).
(1305) وكانت تسمى بـ (طاباخانه)، وهي التي استخدمها محمد الفاتح في فتح القسطنطينية، حيث نصب حول أسوارها (14) بطارية من هذا النوع من المدافع، والبطارية هي مجموعة من المدافع، انظر: التأريخ السياسي للدولة العثمانية، د. أحمد الدعيج، شريط رقم: (1)، الوجه الثاني، سلسلة التاريخ السياسي الإسلامي، تسجيلات التقوى الإسلامية، الإصدار رقم: (85).
(1306) الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، للدكتور محمد محمد حسين: 2/229.
(1307) الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، د. محمد محمد حسين: 2/229.
(1308) يقصد ثياب النساء.
(1309) انظر: الإسلام و الشيوعية، لعبد المنعم النمر، ص: (35ـ 36) .
(1310) انظر: الإسلاميون وتركيا العلمانية, لهدى درويش, ص: (97).
(1311 ) انظر: الأدب للشعب: (66-67).
(1312 ) انظر: المورد القريب، إنكليزي - عربي، ص: (339)، دار العلم للملايين، بيروت: 1993م، وانظر: مبحث أثر العلمانية في التحاكم إلى غير الله من هذه الرسالة.
(1313) نقلاً عن: الجزء الأول من مقال بعنوان: (الأصالة والحداثة قراءة في فكر د. زكي نجيب محمود، لكاتبه: د. نعمان السامرائي، مجلة البيان العدد: (69)، جمادى الأولى، عام: (1414هـ).
(1314) سبق التعريف بعصر النهضة، ص: (91)....(2/31)
(1315) محمد علي (باشا) ابن إبراهيم أغا بن علي، المعروف بمحمد علي الكبير، مؤسس آخر دولة ملكية بمصر، ألباني الأصل، متعرب. ولد في(قولة) التابعة لليونان سنة: (1184هـ)، وكانت من البلاد العثمانية، واحترف تجارة الدخان، فأثرى. وكان أميَّاً، تعلم القراءة في الخامسة والأربعين من عمره. وقدم مصر وكيلاً لرئيس قوة من المتطوعة جهزتها (قولة)، تتألف من 300 رجل، نجدة لرد غزاة الفرنسيين عن مصر، فشهد حرب أبي قير سنة: (1214هـ) وجامل المماليك فناصروه مع الألبانيين وأتراك قولة. ومازال حتى كان والي مصر سنة: (1220هـ)، وعني بتنظيم حكومتها وقتل المماليك سنة: (1226هـ) بوسيلة تقوم على الغدر، وأنشأ السفن في النيل، وضم معظم السودان الشرقي إلى مصر، وأنشأ في الإسكندرية دار صناعة (ترسانة) للسفن. ت: (1265هـ). انظر: الأعلام للزركلي: 6/298
(1316 ) انظر: تاريخ ونظام التعليم في مصر: منير عطا الله وزملاؤه، ص: (79).
(1317) الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، د. محمد محمد حسين رحمه الله: 2/229.
(1318) الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، د. محمد محمد حسين: 2/229.
(1319 ) انظر: العلمانية، للشيخ سفر الحوالي، ص: (602-603).
(1320) انظر: العلمانية، للشيخ سفر الحوالي، ص: (601).
(1321) انظر: الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، د. عبد الستار فتح الله سعيد، ص: (133).
(1322) انظر: الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، د. عبد الستار فتح الله سعيد، ص: (134).
(1323) انظر: التدابير الواقية من التشبه بالكفار، د. عثمان دوكوري: 1/161- 164.
(1324) انظر: التدابير الواقية من التشبه بالكفار، د. عثمان دوكوري: 1/138.
1325 - الغارة على العالم الإسلامي، ص: (7).
1326 - انظر: العلمانية،للشيخ سفر الحوالي، ص: (607).
(1327) انظر: الأوضاع الثقافية في تركيا خلال القرن الرابع عشر، لسهيل صابان، ص: (27).(2/32)
(1328) منح لقب (سير) من قبل السلطات البريطانية تكريماً له، والذي يرى أن القرآن هو المصدر الوحيد الذي يجب أن نستقي منه أحكام الشريعة، والأحاديث لا يعتد بها في هذا الشأن لتأخر تدوينها، ولأن أكثريتها أحاديث آحاد لا تفيد يقيناً، كما يحلّ الربا البسيط في التجارة والمعاملات، ويرفض عقوبة الرجم والحرابة، وينفي شرعية الجهاد لنشر الدين.
(1329) انظر: الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية، الشيخ أبو الحسن الندوي، ص: (75- 76).
(1330) انظر الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، د. محمد البهي، ص: (42).
(1331) انظر: حاضر العالم الإسلامي، د. جميل عبد الله المصري، ص: (196).
(1332) الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، د. عبد الستار فتح الله سعيد ص: (82).
1333 - كاتب سوري مقيم في باريس.(2/33)
(1334) "حركة التنوير: هي تلك الحركة الفلسفية التي برزت في ألمانيا أولا باسم autklauun، ثم انتقلت إلى فرنسا وإنجلترا وباقي دول أوربا على امتداد القرون: السابع عشر، والثامن عشر، والتاسع عشر مصاحبة لعصر النهضة الأوربية، وقد أخذت شكل الثورة على تقاليد الكنيسة؛ بسبب محاربتها العلم، مستخدمة العقل والأساليب التجريبية في تغير نمط الحياة بما فيها من علم ودين وأخلاق وسياسة دون اعتبار للعادات والتقاليد، أو ما تراه السلطة السياسية بحجة الكشف عن الحقيقة وتأمين السعادة، وإعادة تشكيل المؤسسات على نحو يكون أشد قدرة على توفير التقدم الاجتماعي والانسجام. وكان تأثير الحضارة الإسلامية، وبخاصة كتب الفلسفة والعلوم الرياضية والتطبيقية على العقلية الأوربية من أهم أسباب تنوير العقلية الأوربية وتسليحها بسلاح العلم والمعرفة مقابل نظريات الكنيسة الجامدة، إذ تلقى قادة هذه الحركة أمثال روجر بيكون صاحب المنهج التجريبي في أوربا علومه في الأندلس، وكذلك علامة الغرب في علم الرياضيات ليونارد بيزانو تلقى علومه عن طريق المسلمين بالقسطنطينية وغيرها. بالإضافة إلى ما نقل عن طريق الحروب الصليبية وجزيرتي صقلية ومالطا من العلوم والمعارف الفكرية والحربية والتجارية والإدارية"، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1045-1046 .
(1335) أخشى أن يكون النور الذي قال الله تعالى عنه: (يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة:20) .(2/34)
(1336) إن عقيدة الخطيئة والذنب لدى النصارى تعني: أن الذنب الذي قام به آدم عليه السلام حين أكل من الشجرة التي نهاه الله عن الأكل منها، لم يكفر عبر أجيال الإنسانية، وبقيت الإنسانية تحمل شؤم الخطيئة الأولى التي وقع فيها آدم حتى ولد المسيح (ابن الله) في زعمهم، وكان صلبه تكفيراً للبشرية عن ذنب أبيهم آدم، إن هذه العقيدة التي تناقض العقل، إذا كان يمكن للنصارى أن يشعروا بالخجل في حال اعتقادها، فإنه لا يوجد في العقيدة الإسلامية الصحيحة التي جاء بها النبي ( منذ مئات السنين، ما يحتاج إلى تغيير اليوم بسبب أنه يدعو إلى الخجل.
(1337 ) جريدة الشرق الأوسط: مقال بعنوان: الأصولية الظلامية والمعركة التي لا بد منها، هاشم صالح، عدد: (2001-12-23).
(1338) سورة: (المائدة:15).
(1339) سورة: (النور: من الآية40).
(1340) سورة: (الزمر:22).
(1341) سورة: (التوبة:32).
(1342) أكبر فلاسفة العصر الحديث، ولد في بروسيا الشرقية في سنة: (1724م) وتوفي عام: (1804م)، انظر: موسوعة الفلسفة، لعبد الرحمن بدوي:1/499.
(1343) فيلسوف أمريكي برجماتي وعالم تربوي، وناقد اجتماعي، ولد في (1859م)، توفي في: (1952م)، انظر: موسوعة الفلسفة، لعبد الرحمن بدوي:1/499.
(1344) فيلسوف نمساوي، ولد عام: (1770م)، نشأ في أسرة ذات مراكز مدنية ودينية، لكنه اتجه إلى الفلسفة، من مؤلفاته: موسوعة العلوم الفلسفية - ظاهريات الروح - المنطق - فلسفة القانون، انظر: موسوعة الفلسفة، لعبد الرحمن بدوي: 2/570، 575.
(1345) فيلسوف ألماني، مؤسس فلسفة القوة، ومن أكثر الفلاسفة تأثيراً في القرن العشرين، من مؤلفاته: (نشأة المأساة عن روح الموسيقى) و(تأملات في غير الأوان) ونحن الفيلولوجيين) و(إنساني إنساني جداً)، توفي عام: (1900م)، انظر: موسوعة الفلسفة، لعبد الرحمن بدوي: 2/508-517.(2/35)
(1346) كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى ألاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة:8)، وقال: (قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسوفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً) (الكهف:87).
(1347) الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، د. محمد محمد حسين: 2/229.
(1348 ) انظر: مصر ورسالتها: (51 _ 52).
(1349) سورة: (غافر:46).
1350 - المرأة وآراء الفلاسفة، ص: (142)، نقلاً عن كتاب العلمانية، للشيخ سفر الحوالي، ص: (634).
1351 - المصدر السابق: 144، نقلاً عن كتاب العلمانية، للشيخ سفر الحوالي ص: (634).
(1352 ) العلمانية، للشيخ سفر الحوالي، ص: (631).
(1353) مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: (492-493).
(1354) سورة: (الشورى: من الآية: 38).
(1355 ) المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت، وأثرها على الفرد والمجتمع، إعداد: د. مشعل بن عبد الله القدهي، وحدة خدمات الإنترنت، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.
(1356 ) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة: 2/919.
(1357) هزيمة الشيوعية في عالم الإسلام، أنور الجندي، ص: (178- 179).
(1358 ) انظر: مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: (375).
(1359 ) ستالين في كتابه: (المادية التاريخية)، ص: (11)، من الترجمة العربية نقلاً عن كتاب مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب: ص: (278).
(1360 ) أصول الفلسفة الماركسية (1/296-297 من الترجمة العربية)، نقلاً عن: مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: (294).
1361 - (ص: 115 من الترجمة العربية لكتابه أنتى دوهونج)، نقلاً عن: مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب ص: (297-298).(2/36)
(1362 ) الإنسان بين المادية والإسلام، للشيخ محمد قطب، ص: (60).
(1363) البرجوازيون: هم مالكوا وسائل الإنتاج، ويُعبِّر عنهم الشيوعيون بالطبقة البرجوازية، انظر: الموسوعة العربية العالمية: 14/311.
1364 - (ص471-472 من الترجمة العربية): نقلاً عن: مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب ص: (300-301).
1365 - في كتاب: أصل الأسرة والملكية الخاصة والدولة، ترجمة أديب يوسف، ص: (53-54) نقلاً عن مذاهب فكرية معاصرة، للشيخ محمد قطب، ص: (303).
1366 - المرأة والاشتراكية، لـ(جان فريفيل)، ترجمة جورج طرابيش، ص: (17) من الترجمة العربية، انظر: مذاهب فكرية معاصرة، للشيخ محمد قطب، ص: (303).
(1367 ) "النشوء والارتقاء هي النظرية المعروفة بنظرية التطور. تقوم هذه النظرية على القول بأن أشكال الحياة المختلفة تعود إلى أصل واحد مشترك وأنها بدأت من خلايا حية بسيطة تكونت، في زعمهم، عن طريق المصادفة عبر عمليات كيمائية مركبة، ثم تطورت إلى كائنات كبيرة معقدة. وفي بداية النظرية، في عصر داروين، كان الفكر السائد هو أن هذا التطور تم بسبب تأثير عوامل طبيعية كالبيئة والمناخ وموارد الغذاء وطرق الحصول عليه. أما في الوقت الحالي، فإن الداروينية الجديدة تركز على أن التطور تم بسبب الطفرات أو التغيرات المفاجئة في التراكيب الجزيئية المسؤولة عن الوراثة" الموسوعة العربية العالمية، ص: (250)، ولقد ثبت إفلاس هذه الفرضية، انظر: كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة، للشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني، ص: (321).
(1368 ) انظر: مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: (302).(2/37)
1369 - يقول إنجلز: "في هذه المرحلة (أسرة الجيل) تصنف المجموعات الزواجية تبعاً للأجيال، جميع الأجداد والجدات ضمن حدود الأسرة هم أزواج وزوجات بالتبادل، وكذلك الأمر في أولادهم: الآباء والأمهات، كما أن أولاد هؤلاء يؤلفون هم أيضا حلقة ثالثة من الأزواج والزوجات المشتركين. ويؤلف أولاد هؤلاء أعني أولاد الأحفاد للأجداد والجدات حلقة رابعة، وهكذا: في هذا الشكل من الأسرة يحرم السلف الخلف فقط - الآباء والأولاد - من حقوق وواجبات زواج أحدهم بالآخر" إن أسرة الجيل قد انقرضت وحتى أخشن الشعوب التي يتحدث عنها التاريخ لا تمدنا بأمثلة على هذا الشكل يمكن التثبت عنها" كتاب " أصل الأسرة والملكية الخاصة والدولة " (ترجمة أديب يوسف ص56-57 من الترجمة العربية)
1370 - انظر: نفس المصدر السابق.
1371 - يقول إنجلز في كتاب: أصل الأسرة والملكية الخاصة والدولة، ترجمة أديب يوسف ص: (72-73): "في هذه أي المرحلة يعيش الرجل الواحد مع امرأة واحدة، لكن تعدد الزوجات والخيانة الزوجية يظلان من امتيازات الرجال، وإن لم يكن تعدد الزوجات يمارس إلا نادراً لأسباب اقتصادية فقط، وفي الوقت ذاته يطلب من المرأة الإخلاص التام طوال فترة العيشة المشتركة، فإذا زنت عوقبت بقسوة.. غير أن رباط الزيجة يمكن حله من قبل أي الطرفين، فيرجع الأولاد إلى أمهم كما كان الأمر في السابق" نقلاً عن: مذاهب فكرية معاصرة، للشيخ محمد قطب، ص: (303).
(1372 ) انظر: مذاهب فكرية معاصرة، للشيخ محمد قطب، ص: (304).
(1373 ) انظر: مذاهب فكرية معاصرة، للشيخ محمد قطب، ص: (350).
1374 - كتاب (المرأة والاشتراكية)، ص: (51) من الترجمة العربية، نقلاً عن: مذاهب فكرية معاصرة، للشيخ محمد قطب، ص: (304).
(1375) الترجمة العربية لكتاب: (أنتي دوهرنج)، ص: (115). نقلاً عن: مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب ص: (298).(2/38)
1376 - ايرزرين ورفيقه في كتاب: النظرية الماركسية اللينينية في المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية، ترجمة خيري الضامن، ص: (439) من الترجمة العربية، نقلاً عن: مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: (297-298)
(1377) اليسار ينقسم إلى قسمين: اليسار الجديد واليسار القديم، فاليسار الجديد حركة سياسية واجتماعية متطرفة راديكالية ظهرت في الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين في الولايات المتحدة. وقد ضم اليسار الجديد العديد من طلبة الكليات وغيرهم من الشباب وسميت الحركة بهذا الاسم للتفرقة بينها وبين اليسار القديم الذي ظهر في الثلاثينيات من القرن العشرين. وكانت تقود اليسار القديم بصورة عامة : الأفكار الماركسية. طالب أعضاء اليسار الجديد بإجراء تغييرات جارفة وجذرية في المجتمع الأمريكي؛ وهاجم الأعضاء معظم المؤسسات الرئيسية نتيجة إعلانها تأييد المبادئ الديمقراطية مع فشلها في إنهاء مظالم مثل الفقر، والتفرقة العنصرية، والفوارق بين الطبقات. وعارض الكثير من اليساريين الجدد الرأسمالية واعتقدوا أن الرغبة في تحقيق الأرباح تؤدي إلى الإمبريالية وهي سياسة تفضّل مد النفوذ ليتعدى إلى دولة أخرى. انظر: الموسوعة العربية العالمية: 27/304.
(1378 ) انظر: مقال للدكتور غالي شكري، في: لعبة اليمين واليسار، د.عماد الدين خليل، ص: (58).
(1379 ) مقال بعنوان: (اليسار العربي وصلته بالنص القرآني) بقلم: عبد اللطيف بو عبد الولي، البيان العدد: (104)، ربيع الآخر، 1417هـ
1380 - انظر: كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة، لعبد الرحمن الميداني: ص: (666).
(1381) يهودي من خبراء شؤون الشرق الأوسط، كان يقيم في حي من أحياء اليهود بلبنان، انظر: تجربة عربي في الحزب الشيوعي، قدري قلعجي، ص: (49).
(1382) انظر: تجربة عربي في الحزب الشيوعي، قدري قلعجي، ص: (49- 50).(2/39)
1383 - تسامح الغرب مع المسلمين في العصر الحاضر، لعبد اللطيف الحسين، ص: (227).
1384 - مقال بعنوان: (من تاريخ الأحزاب الشيوعية العربية وموقفها من قضية فلسطين)، بقلم: د. محمد آمحزون، البيان العدد: (89)، محرم، 1416هـ
1385 - انظر: كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة، لعبد الرحمن الميداني: ص: (438).
(1386 ) انظر: مذاهب فكرية معاصرة، للشيخ محمد قطب، ص: (259).
(1387 ) انظر: مقال بعنوان: (الشيوعيون والوظيفة الجديدة)، د. محمد يحيى، البيان العدد: (67)، ربيع أول، عام: (1414هـ).
1388 - انظر: مقال بعنوان: (من تاريخ الأحزاب الشيوعية العربية وموقفها من قضية فلسطين)، بقلم: د. محمد آمحزون، البيان العدد: (89)، محرم، 1416هـ نقله عن: التاريخ السري للعلاقات الشيوعية - الصهيونية، الغادري، ص: (162).
(1389) (البعث وحركة الإبداع، البعث كحركة إبداع): 3/209، نقلاً عن حزب البعث تاريخه وعقائده، لسعيد بن ناصر الغامدي، ص: (68).
(1390) وهنا نلمس تأثر الكاتب بعقدة الإقطاع، وحنقه على الطبقة الغنية ذات رؤوس الأموال (البرجوازية) التي كان لها أكبر الأثر في نشأة الشيوعية في أوروبا قبل انتقالها إلى روسيا.
(1391) نقلاً عن حزب البعث تاريخه وعقائده، لسعيد بن ناصر الغامدي، ص: (42-46).
(1392) الناصرية: حركة قومية عربية، نشأت في ظل حكم جمال عبد الناصر (رئيس مصر من عام 1952م-1970م)، واستمرت بعد وفاته واشتقت اسمها من اسمه وتبنت الأفكار التي كان ينادي بها وهي: الحرية والاشتراكية والوحدة وهي نفس أفكار الأحزاب القومية اليسارية العربية الأخرى. انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 1/485.
(1393) انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 1/487.
(1394 ) مقال بعنوان: (الشيوعيون والوظيفة الجديدة)، د. محمد يحيى، البيان العدد: (67)، ربيع أول 1414هـ.(2/40)
(1395) انظر: حاضر العالم الإسلامي، د. جميل عبد الله المصري ص: (196).
(1396 ) العلمانية، للشيخ سفر الحوالي، ص: (609).
1397 - انظر: العلمانية، للشيخ سفر الحوالي، ص: (609).
(1398) الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، د. عبد الستار فتح الله سعيد ص: (73).
1399- "الثورة: حركة جماعية تضم مختلف عناصر الشعب أو الأمة، بما فيهم الدهماء والغوغاء في حركة خروج عن الأوضاع القائمة المضطربة والمنهارة"، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1032.
(1400 ) صحيفة الوطن المصرية بتاريخ 21/9/1983م، نقلاً عن كتاب: تهافت العلمانية في الصحافة العربية، سالم علي البهنساوي، ص: (171- 172).
1401 - انظر: تهافت العلمانية في الصحافة العربية، سالم علي البهنساوي، ص: (171- 172).
1402 - كتاب المادية التاريخية: ص: (169-170)، من الترجمة العربية. نقلاً عن مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب ص295
(1403) رئيس تحرير مجلة روز اليوسف سابقاً، وأحد وجوه اليساريين في مصر، وكان محامياً عن الشيوعيين عند اعتقالهم في عام 1968م . انظر: دراسات في السيرة النبوية، لمحمد زين العابدين، ص: (19).
1404 - "الزندقة: لفظ أعجمي معرب أخذ من كلام الفرس بعد ظهور الإسلام وعُرِّب. وفي البداية كانت تطلق الزندقة على من يؤمن بكتاب المجوس المقدس الزندافست، ومن ثم نسب إليه، ثم توسعوا في استعمالها على كل إنسان يتشكك في الدين، أو يجحد شيئاً مما ورد فيه، أو يتهاون في أداء عبادته، أو يهزأ به أو يتجرأ على المعاصي والمنكرات، ويعلن بها، أو يقول بمقالة بعض الكفار ويؤمن ببعض عقائدهم، والفقهاء يطلقونه على المنافقين الذي يبطن الكفر ويظهر الإسلام، والبعض من علماء السلف يطلقه على الجهمية، والإمام أحمد يطلقه على علماء المعتزلة، وقد يرمى صاحب المجون والفحش بالزندقة". الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1065.(2/41)
(1405 ) انظر ص: (233)، من كتاب: محمد رسول الحرية، ففيها يقول متحدثاً عن الوضع النفسي المتأزم الذي آل إليه المسلمون عقب هزيمة (أحد): "روّع محمداً مناظر الرجال البواسل الذين ناضلوا معه في بدر وأحد، وهم ينحدرون في يأس هائل، فما يفيق الواحد منهم من الخمر، وما يغادر أماكن القمار إلا ليستمتع بإحدى المغنيات أو الراقصات اليهوديات... وأخيراً.. أطلق منادياً يدعو الناس إلى ترك الخمر؛ فقد حرمت، فلا يقربونها، وعليهم ألا يقربوا الميسر ولحم الخنزير".
1406 - محمد رسول الحرية، لعبد الرحمن الشرقاوي، ص: (234).
(1407) مذاهب فكرية معاصرة، للشيخ محمد قطب: (ص:500).
(1408) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/796.
(1409) سورة ص، الآيتين: (77- 78).
(1410) سورة الواقعة، من الآية: (47).
(1411) سورة (الصافات:53).
(1412) سورة (يّس :78).
(1413) سورة (القيامة:36-40).
(1414) مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: (508).
(1415) سورة سبأ (46) .
(1416) سورة النساء (82) .
(1417) انظر: مذاهب فكرية معاصرة، للشيخ محمد قطب، ص: (510-511).
(1418) مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: (501-502).
(1419) ولابن القيم _ رحمه الله _ كلام جميل في هذا الموضوع، انظر: بدائع الفوائد: 4/949.
(1420) أفكار ورجال، (برنتن)، ص: (181). نقلاً عن كتاب العلمانية للشيخ سفر الحوالي ص: (63).
(1421) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن دين الإسلام وإثبات نبوة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام تأليف الإمام القرطبي، 2/241- 258.(2/42)
(1422) يقول الشيخ محمد قطب: "ولكن القضية كلها (قضية وجوب طاعة الكنيسة) قائمة على أساسين واهيين هاويين: قائمة على أساس أن المسيح عليه السلام ذو طبيعتين : إحداهما لاهوتية والأخرى ناسوتية، ومن ثم فهو إله وبشر في ذات الوقت، وهو على هذه الهيئة وسيط بين البشر ذوي الطبيعة الناسوتية الخالصة والإله ذي الطبيعة اللاهوتية الخالصة !! فهو ليس رسولاً يبلغ وحي الله للناس _ كما هو في الحقيقة _ إنما هو حلقة وسيطة تمر بها مشاعر الناس وأعمالهم لكي تصل إلى الله، كما تمر خلاله كلمة الله إلى الناس! ... وقائمة _ من بعد _ على أساس أن الكنيسة هي وريثة المسيح، ومن ثم فإن لها ذات الوضع وذات السلطان الذي كان للمسيح، فهي مقدسة، وقداسة البابا ومن يكل الأمر إليهم من الكرادلة وغيرهم من الوسطاء الذين تمر بهم مشاعر الناس وأعمالهم لكي تصل إلى الله، كما تمر من خلالهم كلمة الله إلى الناس!!"، مذاهب فكرية معاصرة، للشيخ محمد قطب، ص: (28).
(1423) "والمجامع قسمان: مجامع مسكونية (أي عالمية مسكونية نسبة إلى الأرض المسكونة). ومجامع محلية أو مكانية، وقد عقدت المجامع المسكونية عدة مرات في القرون الأولى، وشهدها ممثلو الكنائس من جميع الأقطار وكان السبب الرئيسي لعقدها ظهور مذاهب دينية عدة غريبة ينبغي فحصها وإصدار قرارات بشأنها وشأن مبتدعيها، وقد عقد من المجامع المسكونية عشرون مجمعاً ابتداء من مجمع نيقية سنة 325"انظر: المسيحية، د. أحمد شلبي، ص: (166).
(1424) ومن عمدائها: الشيخ محمد عبده، والشيخ جمال الدين الأفغاني، وممن تأثر بها: الشيخ محمد الغزالي، وغيره.(2/43)
1425 - انظر: رسالته: الإسلام والنصرانية، ص: (59)، يقول الشيخ سفر الحوالي: "أما الفكر فقد تأثر الشيخ محمد عبده بفلسفة كومت العقلية، حتى لنستطيع أن نقول إن اتجاهه الاعتزالي يعزى إليها لا إلى المعتزلة المسلمين، ومعلوم تأثر كل زعما ء الفكر في مطلع القرن بالشيخ من قريب أو بعيد"، العلمانية، للشيخ سفر الحوالي، ص: (612).
(1426 ) انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة: 2/888.
(1427 ) انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة: 2/888.
(1428 ) ويقصد سارتر هنا بالماهية: التصور عن الشيء في الذهن، ويقصد بالوجود: تحقق ذلك التصور في الخارج.
(1429) هو المؤسس الحقيقي للوجودية، والموضوع الرئيسي الذي تدور حوله كل فلسفته هو الوجود، ومهمة الفيلسوف في نظره هي إيضاح معنى الوجود، انظر: موسوعة الفلسفة لعبد الرحمن بدوي: 2/599.
(1430 ) انظر: موسوعة الفلسفة، د. عبد الرحمن بدوي: 1/566-567
(1431) سورة: (طه: من الآية52).
(1432) انظر: التدابير الواقية من التشبه بالكفار، د. عثمان دوكري: 1/194.
(1433) انظر: نحو مذهب إسلامي في النقد والأدب، لعبد الرحمن رأفت الباشا، ص: (79).
(1434) انظر: الوجودية وواجهات الصهيونية، د. محسن عبد الحميد، ص: (11).
(1435) سورة: (الاسراء:70).
(1436) مذاهب فكرية معاصرة، للشيخ محمد قطب، ص: (491-492).
(1437) هو: رفاعة رافع بن بدوي بن علي الطهطاوي، ابتعث إلى أوروبا لتلقي العلوم الحديثة، ثم عاد إلى مصر، وأنشأ جريدة الوقائع المصرية، ترجم عن الفرنسية كتباً كثيرة، توفي عام: (1290هـ)، انظر: الأعلام للزركلي: 3/55.
(1438) انظر: في الحديث عن دور سعد زغلول في حياة مصر الحديثة كتاب: واقعنا المعاصر ص: (311) للشيخ: محمد قطب.
(1439) الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة، تأليف: ناصر القفاري وناصر العقل، ص: (117).(2/44)
(1440) الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة، تأليف: ناصر القفاري وناصر العقل، ص: (118).
(1441) وهي أن يجد الإنسان نفسه وينسى وجود غيره ولو كان خالقه ومولاه، وهذه الدرجة في نظرنا هي عبادة الهوى واتخاذه إلهاً يعبد من دون الله.
(1442) سورة: (الجاثية:23).
(1443) سورة: (الفرقان:43).
(1444) أخرجه البخاري في صحيحه: 5/2364، برقم: (6071).
(1445) التعاريف، لمحمد بن عبد الرؤوف المناوي، ص: (501).
(1446 ) الحب والفلوس والموت وأنا، للكاتب أنيس منصور، ص: (161).
(1447) مقال بعنوان: كشف الحساب فصل من سيرة، للكاتب: سمير عطا الله، جريدة الشرق الأوسط، عدد: ( 2001/11/9).
(1448) انظر: التدابير الواقية من التشبه بالكفار، د. عثمان دوكري: 1/191
(1449 ) مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: (554).
(1450 ) مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: (554).
(1451) "الجاهلية: تعني فكراً وأوضاعاً وحالات للفرد والمجتمع التي تشمل عقيدته وفكره ونظمه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخلقية، وكل ما ينظم أمور حياته غير المنبثقة من كتاب الله وسنة نبيه، صلى الله عليه وسلم، وبذلك فهي حالة ووصف يقابل وصف الإسلام. وقد انقطعت الجاهلية العامة بمبعث النبي، صلى الله عليه وسلم. والجاهلية بمعناها الخاص غير مرتبطة بعصر من العصور أو بحقبة تاريخية معينة أو بلد ما، وإنما هي حالة تنسحب على كل من تلبَّس بها سواء كان فرداً أو مجتمعا". انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1035(2/45)
(1452) سورة: (الفتح: من الآية26)، قال الطبري - رحمه الله - في تفسيره: "يعني تعالى ذكره بقوله: (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية): حين جعل سهيل بن عمرو في قلبه الحمية فامتنع أن يكتب في كتاب المقاضاة الذي كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين: بسم الله الرحمن الرحيم وأن يكتب فيه محمد رسول الله وامتنع هو وقومه من دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم عامه ذلك"، 26/103.
1453 - رواه البخاري في صحيحه: 1/436، برقم: (1235)، ومسلم في صحيحه: 1/99، برقم: (103).
1454 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/233
(1455 ) رواه الإمام أحمد في مسنده: 5/136، برقم: (21271)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: 1/537، برقم: (269).
(1456 ) فيض القدير:1/357
(1457) انظر مبحث: موقف السنة من التشبه.
1458 - رواه البخاري في صحيحه: 5/2248، برقم: (5703)، ومسلم في صحيحه: 3/1282، برقم: (1661).
1459 - رواه أبو داود في سننه: 4/331، برقم: (5116)، وصححه الألباني بلفظ آخر في صحيح سنن الترمذي: 3/254، برقم: (3100).
1460- أخرجه مسلم: 3/1476، برقم: (1848).
(1461) "الكسع: ضرب الدبر باليد أو بالرجل"، انظر: فتح الباري: 8/649.
(1462 ) أخرجه البخاري: 3/1296، برقم: (3330)، ورواه مسلم بمعناه: 4/1998، برقم: (2584).
1463 - اقتضاء الصراط المستقيم: 1/241.
1464 - رواه أبو داود: 4/332، برقم: (5123)، وأحمد في المسند: 5/295، برقم: (22568)، وانظر: ضعيف سنن أبي داود، ص: (507)، برقم: (1096).
(1465 ) اقتضاء الصراط المستقيم: 1/246.
(1466) سورة (الحجرات:13).
(1467) انظر تفسير الطبري: 26/140.
(1468) المعجم الكبير للطبراني: 6/212، برقم: (6040)، ورواه الطبري في تاريخه مسنداً: 2/91.
(1469) أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين: 3/452، برقم: (5706)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(1470) سورة: (المسد:1-2-3).(2/46)
(1471) أخرجه البخاري في صحيحه: 3/1371، برقم: (3544).
(1472) انظر: تفسير الطبري _ رحمه الله _: 2/296.
(1473) سورة: (البقرة: من الآية200).
1474 - إن مما لا ينكر أن من أسباب تخلف المسلمين في هذا العصر هو: الاهتمام بالعصبيات والقبليات، وما أمرهم الله به أوسع وأعمق من ذلك بكثير، ولو عرفوا ما قيمة دينهم وجعلوه هو فخرهم لاعتزوا وما ذلوا بين الأمم، ولكنهم لما طلبوا العزة من القوميات والوطنيات، لحقتهم الذلة، والله المستعان.
(1475) "براهما: براهما اسم الإله في اللغة السنسكريتية، وهو عند البراهمة الإله الموجود بذاته الذي لا تدركه الحواس إنما يدركه العقل، فهو في اعتقادهم مصدر الكائنات كلها الذي لا حد له، وهو الأصل الأزلي المستقل، الذي منه يستمد العالم وجوده ومن معاني براهما عندهم رب الصلاة (أي الذي لا توجه الصلاة إلا إليه)". انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/985.
(1476) الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام، للدكتور علي عبد الواحد وافي، ص: (193).
(1477 ) انظر: مذاهب فكرية معاصرة، للشيخ محمد قطب، ص: (79).
(1478) انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/975.
(1479) سورة: (آل عمران:75).
(1480) تفسير القرآن العظيم: 1/375.
(1481) سورة: (البقرة:94).
(1482) سورة: (الجمعة:6-7).
(1483) انظر: الموسوعة العربية العالمية: 16/677.
(1484 ) سورة غافر (60)
1485 - سورة البقرة (186)
(1486) يعلم المسلمون من القرآن أن المسيح عليه السلام لم يصلب، لقوله تعالى: ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً، بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (النساء:157-158).(2/47)
(1487) مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: (560-561).
1488 - ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، لأبي الحسن الندوي، ص: (212).
1489 - انظر: أوروبا في مطلع العصور الحديثة، د. عبد العزيز محمد الشناوي: (1/154).
(1490) صحوة الرجل المريض، ص: (195- 196).
(1491) "جمعية الاتحاد والترقي: جمعية تركية نشأت في أوربا (يقال إنها تأسست عام 1898-1316هـ تقريباً) كحركة مناوئة لنظام الخلافة الإسلامية العثمانية تحت ستار التجديد والتحديث في الدولة العثمانية. وتكونت في البدء تحت اسم جمعية تركيا الفتاة (تأسست قبل عام 1865م-1282هـ)، التي ركزت على النشاط الفكري، ثم تدرج العمل فيها، فكونت الجمعية خلايا سرية في الآستانة، حيث طاردهم رجال السلطان عبد الحميد، فنقلوا نشاطهم إلى باريس وسالونيك فانضم إلى صفوفهم العديد من يهود الدونمة، الذين أصبحوا من قيادات الحركة بعد قيامهم بالانقلاب على الدولة العثمانية عام 1908م، وأعلنوا دستوراً جديداً للبلاد، ثم ما لبثوا أن نحَّّوا السلطان عن العرش، وفي عام 1924م تم إلغاء الخلافة الإسلامية وإعلان الطورانية كقومية تركية، وعملوا على التتريك ومعاداة العرب". انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1038.
(1492) انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1088-1089
(1493 ) مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: 580-582
(1494 ) مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص: (582).
(1495) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 2/1089(2/48)
(1496) ضياء باشا كوك ألب: (أبو القومية التركية)، ومفكر من أصل كردي، ولد في (ديار بكر) عام 1876م، وقد عمل في حقل التعليم في بداية شبابه فتأثر بمدير معهده اليهودي ذي الميول المتطرفة، كما تأثر ببعض الأشخاص الملحدين وبأحد الأساتذة اليونان، سافر إلى استانبول عام 1315هـ ثم انتسب إلى (كلية الطب البيطري) وكان عمله بالسياسة أكثر من التعلم لذا انتخب عضواً في جمعية "الاتحاد والترقي" وهو أحد منظري منظمة "الشبيبة العثمانية" السرية التي قامت على نمط الجمعيات الإيطالية السرية (الكاربوناري)، وقد تشكلت في استانبول عام 1865م وكان من أهدافها السعي للوصول بالبلاد العثمانية إلى نمط من أشكال الحكم الأوروبية والعلمانية، انظر: صحوة الرجل المريض، ص: (191).
1497- شاعر قومي طوراني نما في جو الاتحاد والترقي وألقى أولى قصائده أمام جمال الدين الأفغاني 1897م في استانبول فأشاد به، وقد عين والياً على الحجاز فاختلف مع الشريف حسين فعين والياً على سيواس وانضم إلى الاتحاد والترقي 1906م، انظر: صحوة الرجل المريض، ص: (191- 192).
(1498) صحوة الرجل المريض، ص: (191- 192).
(1499) انظر: افتتاحية مجلة البيان العدد: (71)، رجب 1414هـ.
1500 - انظر: مذاهب فكرية معاصرة للشيخ محمد قطب، ص580-582.
(1501) أحمد فارس الشدياق، ت: (1304هـ)، انظر الأعلام 1/193.
(1502) سليم تقلا: مؤسس جريدة الأهرام المصرية، (1265-1310هـ)، انظر: الأعلام، للزركلي: 3/178، الطبعة الثانية.
(1503) هو: جورجي بن حبيب زيدان: منشئ مجلة (الهلال) بمصر، وصاحب التصانيف الكثيرة. ولد وتعلم ببيروت، ورحل إلى مصر، فأصدر مجلة الهلال، وله من الكتب: تاريخ مصر الحديث - وتاريخ التمدن الإسلامي - وتراجم مشاهير الشرق - والفلسفة اللغوية، وغيرها. وتوفي بالقاهرة عام: (1332هـ). انظر: الأعلام، للزركلي: 2/117
(1504) انظر: الإسلام والحضارة الغربية، د. محمد محمد حسين، ص: (207).(2/49)
(1505) انظر: البيان162/11
(1506) نقلاً عن: واقعنا المعاصر، محمد قطب ص: (202).
(1507) حاضر العالم الإسلامي، د. جميل عبد الله المصري، ص: (182، 183)، الطبعة: الثانية.
(1508) انظر: البيان162/9
(1509) انظر: آثار مصر القديمة، جيلان عباس، بقلم المقدِّم له: مختار السويفي، ص: (14).
1510 - الوحدة العربية آتية، أرنولد توينبي، نقله إلى العربية: عمر الديراوي، أبو حجلة، ص: (15).
(1511) وهو النواة الأولى للحزب القومي السوري وهو: حزب يدعو إلى القومية العربية، واعتبار الوطن السوري البيئة التي نشأت الأمة السورية فيها، والقول بأن النهضة السورية تستمد روحها وتاريخها السياسي والقومي من مواهب الأمة السورية. وقد اتخذ الحزب اسم (الحزب القومي الاجتماعي)، وشعاره زوبعة لها أربعة رؤوس ترمز إلى الحرية، والواجب والنظام والقوة، انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 1/462.
(1512) انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 1/462.
(1513) انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: 1/463.
(1514) يقول الكاتب: أحمد حمروش: "كما أن أجهزة الثقافة والإعلام مطالبة بدور تنويري هام يؤكد سماحة الإسلام وأن الإرهاب هو نتاج فئة خارجة عن صحيح الدين وأن الدين لله والوطن للجميع"، انظر: صحيفة الشرق الأوسط، عدد: (27/ نوفمبر /2001م)، مقال بعنوان: (الإرهاب في مصر.. بين التواصل والانحسار).
(1515) سورة: (الأعراف: من الآية12).
(1516) انظر: مقال بعنوان: (رفقاً بالديموقراطية)، د. لطيفة عيسى الرجيب، جريدة الوطن الكويتية: (الأربعاء: 17/4/2002)
(1517) سورة: (التغابن:2).
(1518) سورة: (الأعراف: من الآية128).
(1519) سورة: (البقرة:177).
(1520) سورة: (الأنعام:89).
(1521) تفسير القرآن العظيم: 2/156.(2/50)
(1522) "النشيد الوطني أو النشيد القومي أغنية وطنية رسمية لدولة ما تهدف إلى إثارة روح الوطنية والولاء بين أوساط مواطني البلاد، وتؤدى في المناسبات العامة الرسمية والشعائرية، والاجتماعات الدولية والتظاهرات الرياضية، كما تعزف لتشريف رئيس دولة ما"، الموسوعة العربية العالمية: 25/255.
(1523) الموسوعة العربية العالمية: 25/255.
(1524 ) راجع مبحث الاختلاف في الدين.
(1525) قال تعالى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (آل عمران:105) .
??
??
??
??
مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث وأثرها على المسلمين
7
مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث وأثرها على المسلمين(2/51)