لماذا يخافون من الاسلام
الشيخ سلمان العودة
--------------------------------------------------------------------------------
ان الحمد لله نحمده , ونستعينه , ونستغفره , ونتوب اليه , ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له , واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له , واشهد ان محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم , انزل عليه ربه عز وجل
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم , بسم الله الرحمن الرحيم ( والتين واليزيتون* وطور سينين* وهذا البلد الامين* لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم* ثم رددناه اسفل سافلين* الا الذين امنوا وعملوا الصالحات فلهم اجر غير ممنون* فما يكذبك بعد بالدين* اليس الله باحكم الحاكمين )
( والتين والزيتون ) , ( وهذا البلد الامين ) , الاشارة الى هذا البلد الذي فيه تقطنون , واليه يحن المسلمون في مشارق الارض ومغاربها. قصبة الاسلام , وعاصمة التوحيد , ومهبط الوحي , ومنطلق الرسالة . وطات ارضها اقدام المصطفى صلى الله عليه وسلم , وشهدت تربتها البدايات الاولى لدعوة الاسلام العظيمة التي افتتحت البلاد كلها شرقا وغربا
ويقسم الله تبارك وتعالى بها , ويسميها البلد الامين, كما سماها ام القرى ( لتنذر ام القرى ومن حولها , وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه )
ومن حولها كل بلاد الاسلام , قرى تحن الى هذه القصبة العظيمة , والعاصمة الكريمة
( ان اول بيت رضع للناس للذي ببكة مباركا , وهدى للعالمين , فيه ايات بينات مقام ابرهيم , ومن دخله كان امنا )
بلادي كل ارض ضج فيها نداء الحق صداح مغنى
ودوى, ثم بالسبع المثاني شباب كان للاسلام حصنا
تمنيت الحجاز اكون فيه فاعطى الله قلبي ماتمنى
سقى الله الحجاز وساكنيه وامطر كل ساقية ومعنى
اخي ان زرت بيت الله تبغي رضا او تشتكي هما وحزنا
ففي تلك الرحاب عظيم انس دعاه الشوق وحنا(1/1)
لطيبة يئرز الايمان حيا ويشتاق لها القلب المعنى
نحى الله اليهود فما اقاموا لعهد الله في المحراب وزنا
ترى القدس الحزين لنا ينادي , ومن من سامع قد هب منا
ينادي المغرب المقدام مصرا , ويدعي القدس لبنان المعنى
ويهوى القلب شهباء المعالي , وفي بغداد للاسلام معنى
اذا كابول اذتها جراح , ففي صنعاء اخوان المثنى
ثم يقول الله عز وجل ( ثو رددناه اسفل سافلين الا الذين امنوا ) , وهذه الاية ذات علاقة وثيقة بموضوع الحديث اليكم , فان الله تعالى حكم على الانسان الذي خلق في احسن تقويم بانه يرد الى اسفل سافلين , انحرافا , وضلالا , وضياعا , وتيها . ويستثنى من ذلك طائفة قليلة هم الذين امنوا , طائفة قليلة , ( وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ) , ( وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) , ( ام تحسب ان اكثرهم يسمعون او يعقلون , ان هم كالانعم , بل هم اضل سبيلا )
( ولقد ذرانا لجهنم كثير من الجن والانس )
يا ادم اخرج بعث النار , قال يا ربي وما بعث النار , قال من كل الف تسع مئة وتسعة وتسعون الى النار , و واحد الى الجنة . العادة على جار اللغة , ومقتضى البلاغة , والفصاحة , والبيان , ان المستثنى يكون اقل من المستثنى منه. فانت تقول مثلا عندي لك عشرة الا واحد , لكن لا تقول عندي لك عشرة الا تسعة, وهكذا قوله تعالى هنا ( ثم رددناه اسفل سافلين , الا الذين امنوا ) , وهو دليل على ان الذين امنوا , وعملوا الصالحات , هم قليل , وما امنوا معه الا قليل اما البقية فردوا اسفل سافلين
لماذا يكرهون الاسلام
--------------------------------------------------------------------------------(1/2)
في هذا الموضوع عدة عناوين . اولها هل الغرب علماني؟ , هل الغرب يؤمن بدين العلمانية ؟ لقد ظن الكثيرون , حتى من الاخيار احيانا ان الغرب قد اصبح علمانيا , لا فرق عنده بين المسجد والكنيسة , ولا بين المصحف والانجيل. وانما همه قطرة النفط التى يصر على استمرار رصولها اليه , حسب رغبته , وحسب مواصفاته . فهل الغرب نفسه يقبل مثل هذا التصور , او يقره , او يوافق عليه سواء من الناحية العملية او من الناحية النظرية , هذا سؤال ... هل الغرب يقر , او يوافق عمليا او نظريا
اما من الناحية النظرية فانني اترك الجواب لطاغية من طغاة الغرب , كبير من اكابرهم ( وكذلك جعلنا في كل قرية اكابر مجريمها ليمكروا فيها ) , ذلكم هو رئيس النظام الدولي الجديد , ورئيس الولايات المتحدة , الذي القى خطابا قبل ايام قليلة . هو في غاية الدهشة , وانا اقرا عليكم الان احرفا يسيرة من هذا الخطاب , لتكتشفوا ان اكبر متحدث باسم النظام الدولي الجديد الذي يرى ان يفرض على كل العالم انه يتحدث من منطلق ديني , بحت
وهو يقول بالحرف الواحد
( انه لولا الايمان , وحرية العقيدة في امريكا , ماقامت هذه الدولى العظمى , ولا فتحت ذراعيها لكل المضطهدين في كل اوربا , والعالم , فمنذ اكتشف كولومبس امريكا سنة اثنان وتسعين واربعمائة والف , وكل مجموع , القلب , والعقل , والمعدة , يحزم متاعه , ويتجه الى ارض الخير الوفير , والثروات الهائلة , والتسامح الديني )
ثم يقول ( يستحيل ان يكون الانسان رئيسا لامريكا دون ان يكون مؤمنا . قال انها قدسية الحياة , يقول انها قدسية الحياة , والعمل , وانها الشجاعة الامينة في قول الحق , وشجب الخطا , والايمان بالاسرة وهي القوة الحقيقية لامريكا . انها حرية التفكير , والخيال , والابداع , والعبادة , ان بلادنا اشتركت في هذا القرن في خمس حروب في اماكن مختلفة من العالم , دفاعا عن الحق , ورفعا للظلم عن المظلومين )(1/3)
ثم اشار الى انتصار الحرية في حرب الخليج
ثم ذكر ( ان الذين حرموا الدين على مئات الملايين في الاتحاد السوفيتي , قد اعادوه مرة اخرى , ففتحوا المعابد للصلاة , والتوجه الى الله . هذا انتصار للايمان , وانها ضرورة حيوية وان كل انسان حر في ان يعبد الله , ( والكلام له ) على طريقته , دون ان يتدخل احد بينه وبين الله )
ثم قال ( ان الشاعر الامريكي (وكل مان) عندما كان يتحدث فسئل عن عظمة امريكا , فقال ايمانها بالله سر عظمتها , ايمانها بالله )
ثم يقول ( ان الاحصائيات الرسمية المؤكدة تقول ان تسعين بالمئة من الشعب الامريكي يؤدون الصلاة في اوقاتها )
الرجل يتكلم من خلال احصائيات, تسعين بالمئة من الشعب الامريكي يؤدون الصلاة في اوقاتها , تسعين بالمئة يعبدون , ويذهبون الى الكنائس , والمعابد , والمساجد , الى اخر الكلام
هذا الكلام تجاهلته الصحف العربية , بل وبعض الصحف الغربية , ونشر على استحياء في مجلة اليقظة , العدد الف ومئتين وثمانية , في شوال من عام الف واربعمائة وثلاث عشرة للهجرة , بعنوان لولا الايمان بالله ما كانت هذه العظمة
دعونا من كل التعليقات على مثل هذا الكلام , فالرجل نحن نعلم انه نصراني , وانه قبل ان يخوض في اي حرب من الحروب الخمسة التي تحدث عنها , كان يذهب الى الكنيسة , ويصلي من اجل الغرب ومن اجل امريكا, ومن اجل مصالحها . ولكنه لم يخجل ان يتكلم بهذا الكلام الواضح , البين , وان يفخر بان الشعب الامريكي يؤدي الصلوات في اوقاتها(1/4)
قد يقول البعض ان هذه مناورة انتخابية , وهو يستعد الان لخوض المعركة الانتخابية , واقول لنفترض ان هذا الكلام صحيح , فكون الرجل يتكلم عن الدين , ويمدح الشعب الامريكي بكونه متدين , اليس دليلا على ان العاطفة الدينية عاطفة قوية هناك , وان الذي يخاطبها قد ينجح في مخاطبتها , وان الرئيس نفسه يتودد الى شعبه من خلال الثناء عليه , والاطراء لتبينه , ومخافظته , بلى , هذا من الناحية النظرية
اما من الناحية العملية , فانني قد اعددت كلاما لاقوله لكم عن البوسنة والهرسك. بينما نحن بالطريق اذا بنا نسمع اذاعة لندن , واذا بها تقول كلاما يوجع القلب , والله يستخرج الدموع بالقوة من الاعين , حتى القلوب الصلدة القاسية لابد ان تهتز , وتضطرب . يقول ان الصرب الان يحاصرون احدى المدن الشرقية , وذكرها التي غالبية سكانها من المسلمين . وفر اليها المسلمين , وفر اليها سكان مدن اخرى , سواها الصرب بالارض بدباباتهم , ومدافعهم , وطائراتهم . ففر السكان الى تلك المدينة , اذا بهم يفرون من معاناة الى معانات اخرى اشد منها
ويقول السكان الان بلا طعام , ولا شراب , ولا مؤن , ولا اغذية , ولا ادوية , وانهم يواجهون خطر الفناء التام , بعد ما فر الكثير منهم , وبقي حوالي مئة الف في هذه المدينة. حتى ان الاطباء يجرون عمليات البتر للاعضاء الايدي والارجل وغيرها دون ان يستخدموا المخدرات او المهدءات, او غير ذلك لانهم لا يجدونها فيبترون ساق الانسان او يده للحاجة وهو ينظر ويتالم ويحزن
ويقول ان الصرب يخربونها الان بشراسة براجمات الصواريخ , والمدافع , والدبابات , والرشاشات و غيرها . واذا سقطت هذه المدينة كان الطريق امامهم مفتوح تماما الى سرايفو . اي تتوجه كل قوات الصرب الى العاصمة , التي هي القلعة الاخيرة في هذه الدولة(1/5)
سمعنا هذا الخبر , وايضا سمعنا خبر اخر ونحن في الطريق , يقول ان فرنسا قد اجلت ارسال الطائرات المروحية و والجنود الذين كانت تنوي ان ترسلهم يوم الاربعاء القادم , قد اجلت ذلك لاسباب امنية , وبناء على طلب الامم المتحدة , هنا يبرز دور بطرس غالي , الذي لا بد من ان يطلب التدخل , اصبح يطلب منهم التريث , حتى يتمكن الصرب من اقتحام سرايفو وحشد كل قواتهم حولها
الحروب كثيرة , والاحتكاكات كثيرة , سواء في الدول التي خرجت من عباءة الاتحاد السوفيتي , او في البوسنة والهرسك , والهجمات الصربية عليها كما ذكرت
وفي كل يوم منذ اربعة اشهر خبر تتقطع له القلوب الما , فهذا راديو سرايفو يعلن ان جثث القتلى في الشوارع , لاتجد من ينتشلها , ولا ياوي الفارين , والمتشردين , ولا من يدفن هذه الجثث , ويكفي الناس شر الجراثيم المتصاعدة منها , والروائح المنتنة
واخبار اخرى تقول ان مدينة سرايفو قد هدمت بالكامل وانه لا يوجد مبنا واحد يسلم من القصف المدفعي المتواصل , واخبار عن مدن على الحدود الشرقية بمحاذات صربيا , على امتداد مايزيد على ثلاثماائة كيلومتر , قد دمرت باكملها , وابيد شعبها في مجازر شعبية تقشعر لهولها الابدان
واخبار عن احتلال مبنى التلفزيون , وقطع الاتصالات ومنع الضحايا من ان ينقلوا الى المستشفيات واخبار عن احاطة الصرب بسكان بعض المدن وحصد اهلها بالرصاص في احدى الساحات العامة
واخبار عن كبار السن الذين لم يستطيعوا الهرب , يقولون انهم لو يعانوا خلال السنوات الاربع التي شاهدوها في الحرب العالمية الثانية , لم يعانوا شيئا يذكر بالقياس الى ما عنانوه في هذه الاشهر الثلاثة الماضية
واخبار عن مدينة توبوي , وغالبية سكانها من المسلمين ان الصرب يهددونها بالتسليم , وعندما رفضت انهالت عليهم الحمم من كل جانب , ثم قتل من قتل تحت الانقاض , ومن هرب منهم سقط به الجسر الذي قصفه الصرب حينما كان المسلمون يعبرون عليه(1/6)
اما النازحزن من المسلمين فقدرتهم , بعض الاحصائيات, باكثر من مليون ونصف , والخطورة هنا في ان تغير كبيرا يحدث في التركيبة السكانية للمناطق
نائب رئيس وزراء البوسنا يصرح في تركيا ان الصرب يقتلون المسلمين بالهوية , ويلعبون برؤسهم كرة القدم
لا تظن هذه مبالغات , لقد احضر مجموعة من الاخوة الذين ذهبوا الى هناك عشرات الاشرطة , والصور , التي تؤكد ان ما يقال هو بعض الحقيقة وليس كلها
وقمة الماساة عندما فجر الصرب مكانا يكتض باعداد كبيرة من المسلمين , كانوا ينتظرون دورهم لشراء الخبز , فاحالتهم قنابل الصرب الى كتلة من الدماء , والاشلاء
كل ذلك يجري عل انغام الموسيقى , والاناشيد الكنسية , التي تحث الشباب الصربين , المنتسبين الى صربيا الكبرى , حماة المسيحية , على ان يحتفلوا ويرقصوا على اجساد الكفار , يعني المسلمين
نشيدهم المفضل يقول
انا اشرب دم التركي اولا
لانهم يعتبرون المسلمين من سلالة الاتراك
والثاني يقول , وهي كلمة للزعيم الصربي يتناقلونها , وقد اصبحت نشيد لهم يقول
مستعدون ان نخسر ثلاثمئة الف جندي لابادة الاسلام من سريفوا الى مكة
هذه هي الماساة , فماذا كان موقف الغرب , تعاطف كلامي " يجب على الصرب ان يكفوا والا " , " يجب عليهم ان يحترموا القرارات الدولية " , تهديد بالمقاطعة , حتى كادوا ان يقاطعوا صربيا رياضيا!! فيمنعوا فريقها من دخول المبارات . الله اكبر , ويقولون لما تدخلوا فعلا من اجل الاغاثة , والامدادات , والمعونات الانسانية , ثم صارت الحرب , قالوا : اذا لم تتوقف الحرب , ماذا , فسوف ننسحب
ثم يقولون لقد اكتشفنا ان كلا الفريقين يمتلك الاسلحة . مساكين المسلمون في بلادهم , في سريفو العاصمة نفسها يستكثر عليهم ان يملكوا السلاح الذي يدافعوا به عن انفسهم , وهو سلاح بسيط , وقليل يشترى بالقرش والريال الذي يدفع من جيوبكم , شئ يسير(1/7)
اما الاسلحة الحقيقية فكانت يمتلكها الجيش اليوغسلافي , وذهب غالبيتها الى الصرب
تعاطف كلامي من الغرب , ومساعدات انسانية محدودة . بعد ثلاثة اشهر كان المسلمون خلالها يعيشون في السراديب تحت قنابل, وتحت وابل من القصف المتواصل هذه المساعدات , وهذا التعاطف الكلامي تراجعت عنه اوربا والتفت عليه حينما طالبت المسلمين في البوسنة بانشاء ثلاثة كانتونات , يعني ثلاثة اجهزة , او ثلاث جهات. للصرب كانتون خاص بهم , اشبه ما يكون بالحكم الذاتي , لاتهم يمثلون ثلاثين بالمئة من الجمهورية . وللكروات كانتون خاص بهم , وهم يمثلون ثمانية عشر المئة . وللمسلمين وهم يمثلون اربع واربعون بالمئة كانتونا خاص بهم . اذا طالبوا بوجود جمهوريات داخل الجمهورية الكبرى
واحدة للصرب, و واحدة للكروات, و واحدة للمسلمين
لكن اوربا , والغرب , لم يطالب صربيا بذلك , مع اننا نعلم مثلا ان مدينة كوسوفو الواقعة تحت حكم الصرب فيها مليونا مسلم , مليونان , لم يطالبوا لهم بالحكم الذاتي , وان السنجق نصف مليون مسلم لو يطالب لهم بالحكم الذاتي
اذا القضية حرب صليبية , الغرب ان لم يكن مؤيدا لها , ليس معارضا لها . وهناك معلومات تسربت, ان رجال الامم المتحدة يساعدون الجنود الصرب على نقل السلاح
ونحن نعلم يقينا لو هؤلاء المسلمين لو كانوا نصارى لكان للغرب موقفا اخر
كما نعلم يقينا ان المسلمين الذين يعيشون تحت الحصار الشديد الان في جبال الاكراد و او في شمال العراق , او في جنوبه , او في وسطه , انهم لو كانوا من النصارى لكان للغرب موقف اخر , ولما رضي ان يعيش ثمانية عشر مليون الالم , والفقر , والجوع , والحرمان . حتى ان اصبحت علبة ( الببسي كولا ) , ان وجدت تباع بما اكثر من مئة ريال , واصبحت الدجاجة , ان وجدت ايضا , ولا يجدها الا الخاصة , وكبار الاثرياء , تباع بما يعادل خمسمئة ريال(1/8)
واصبحت المراة , حتى الفتاة العفيفة , الحصينة , العفيفة , مضطرة ان تتجاجر بعرضها ( انتشرت تجارة البغاء والرذيلة ) لانها تبحث عن اللقمة التي تسد جوعتها
واصبح الانسان الشريف مضطر الى ان يقفز بالليل على احد البيوت حتى يسرق منه طعاما ياكله من الجوع , بل وصل الحال الى ان البعض يقتل اولاده , وحصل هذا فعلا في العراق , يقتل ابنائه , لماذا , قال : ماوجدت شئ اطعمهم , لا اريد ان اراهم يتضورون امامي جوعا , ثم يموتون
فلو كان هذا الشعب نصرانيا , لتنادت امم النصارى من المشرق والمغرب لرفع الظلم الواقع عليه . وكانت تستطيع ان تنتقم من طاغية بغداد , بغير هذا الاسلوب
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دخلت امراة النار في هرة حبستها , لا هي اطعمتها اذ حبستها , ولا هي تركتها تاكل من خشاش الارض , فماتت فدخلت النار
فما بالك بشعب باكمله يموت جوعا وعطشا! حتى ان الاحصائيات تقول عدد الموتى يزيد على مئة وخمسين الفا خلال الشهور الماضية , وغالبيتهم من الاطفال
المهم ان الغرب ينطلق من منطلق صليبي حاقد نظريا وعمليا
تعليم القران
--------------------------------------------------------------------------------
النقطة الثانية تعليم القران
لسنا بحاجة الى ان نثبت هذا من خلال الادلة , والوثائق , ومن خلال كلام فلان وعلان , لان القران الكريم قد وضع قواعد واضحة في هذه المجال , ويكفي ان اقرا عليك بعض النصوص والمسلم لا يقرا القران من اجل التبرك فحسب, ولا من اجل الحصول على الاجر والمثوبة ابضا فحسب, ولكنه يقرا القران ليتعلم منه , وما يجب ان يكون عليه اعتقادا, وقولا, وفعلا
يقول ربنا جل وعلا { يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء , بعضهم اولياء بعض}
ويقول سبحانه { ودوا لو تدهنوا فيدهنون}
ويقول { ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء}(1/9)
ويقول عز وجل { يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يالونكم خبالا}
هذا وصف الكفار { لا يالونكم خبالا ودوا ماعندتم قد يد البغضاء من افواههم , وما تخفي صدورهم اكبر}
قس ماخفي على ما ظهر
{ قد بدت البغضاء من افواهمهم , وما تخفي صدورهم اكبر, قد بينا الايات ان كنتم تعقلون}
يقول عز وجل { ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم انة استطاعوا }
ويقول سبحانه { ها انتم اولئك تحبونهم , ولا يحبونكم , وتؤمنون بالكتاب كله , واذا لقوكم عظوا عليكم الانامل من الغيظ , قل موتوا بغيظكم , ان الله عليم بذات الصدور , ان تمسسكم حسنة تسئهم , وان تصبكم سيئة يفرحوا بها , وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا , ان الله بما يعملون محيط}
هذا هو القران , هذا هو الحق , وماذا بعد الحق الا الضلال . يقرر لك عقيدة هؤلاء النصارى , والمشركين , واليهود, بالنسبة للمسلم , وتصورهم عنه , وطموحهم في شانه , وتمنياتهم حوله
حرب ام سلام
--------------------------------------------------------------------------------
النقطة الثالثة حرب ام سلام
كثيرون من الفقهاء المعاصرين يميلون الى الليونة في مثل هذا الكلام , مثل ما كتب الشيخ ابو زهرة رحمه الله وغفر له , والدكتور يوسف القرضاوي , والشيخ حسن خالد , غيرهم كثير . وانا ارى ان امامنا قضية واضحة جدا , ليس المهم الان هو الافتراض المثالي , المهم هو الواقع المشهور , المستمر
اعطيك مثال , الاسلام لو عرض بتجرد و وضوح , ونقاء , وفصاحة , وبلاغة , واسلوب ناجح وناضج , وقوي, للعالم كله اليس من المتوقع ان يسلم اكثر الناس , بلى , ولكن هذه فرضية , ولا تعني هذه الفرضية انهم اصبحوا بمجرد هذا الافتراض , اصبحوا مسلمين , كلا . فالتاريخ كله كان تاريخ الحرب مع الكفار , والواقع اليوم , وامس هو واقع التوتر الدائم الذي يتوجس فيه كل من الطرفين من الاخر(1/10)
والقضية لا تعدوا ان تكون في الغالب نوعا من المخادعة او كسب الوقت كما يقال , في نظر الطرف الاخر . فاذا قال بعض الغربيين مثلا موقفنا من الاسلام موقف تسامح , فهو يقصد بذلك كسب الوقت . واذا قال بعض المسلمين في الغالب ان الاسلام لا يكره الغرب , ولا يبغضه وانما يسالمه , ويهادنه , فالواقع ان هؤلاء السلمين يدركون في قرارة انفسهم ان الاسلام له موقف اخر لو كان يملك القوة التي يواجه بها الغرب
والله عز وجل يقول
{ والكافرون هو الظالمون}
والكفر قرين الظلم
ويقول سبحانه
{ ان الشرك لظلم عظيم}
فطبيعة الكافر في الاعم الاغلب انه فاسد التصور , مختل التفكير , منحرف العقل , هامد الاحساس والقلب, فتصوراته , ومشاعره غير سوية
وقد يحتج بعض الاخوة بحالات , فيتحدث البعض عن مسلمين يسلمون في امريكا, او برطانيا او غيرها , هنا او هناك , خاصة من النساء في الغالب. وهذه تظل حالات محدودة . واعتقد انه من البعيد جدا تصور ان تتحول تلك الدول الى دول اسلامية , والله تعالى اعلم .
وحينما تحس تلك الدول بان الدعوة الاسلامية خطرا عليها فسوف يضعون العراقيل والقيود في طريقها , وسيحاربونها علانية , وبدون موارية , وسيتخلون عن الديمقراطية , والمؤسسات الليبرالية , كما يحارب المشرق والمغرب العربي الاسلام علانية. دعاوى الديمقراطية هشة , لا يمكن ان تقاوم الاحساس بالخطر من الاسلام في الغرب
كما يحتج البعض احيانا باشخاص من المستشرقين او غيرهم قد يكون لديهم نوع من الاعتدل والانصاف في كتبهم وطروحاتهم. واقول هذا الاعتدال احيانا هو امعان في الخداع فهو قد يكون معتدلا لا قناعتا بانصاف الحلول(1/11)
مثال , ياتي مستشرق نعتبره من الغلاة المحاربين المتشددين فيقول الاسلام دين الدماء, ودين الحرب, ودين القوة , دين انتشر بالسيف , فيزعجنا هذا الكلام فياتى مستشرق اخر ويتطوع , ليظهر بمظهر المعتدل المنصف , ويقول لا يا اخي الاسلام دين التسامح , والاسلام دين المرونة , والاسلام دين العقل, والاسلام لم ينتشر بالسيف, والاسلام لا يرضى الحرب اصلا ولا يخوض الاسلام الحرب الا مضطرا للدفاع عن نفسه . فنجد انفسنا محرجين فنوافق هذا الانسان على ان الاسلام لا يؤمن بالحرب الا دفاعا عن نفسه وبذلك نبطل مفهوم الجهاد الشرعي
{ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}
واقول قد يوجد من بين افراد العوام في البلاد الغربية من لا يحمل حقدا على الاسلام . ونحن نعرف انه حتى في الجاهلية من التاريخ العربي , كان يوجد مشركون مثل عبد الله ابن اريقط , في حديث الهجرة الذي في صحيح البخاري , وذهب مع النبي صلى الله عليه وسلم وابي بكر الى الغار كان هذا الرجل هاديا , خريثا , دليلا , ولكنه كان مامونا فامنه النبي صلى الله عليه وسلم على هذ المهمة الصعبة الخطيرة . وهناك مواقف شخصية لبعض المشركين , النجاشي مثلا الذي كان ملكا على الحبشة قبل ان يسلم ذهب اليه المسلمون واقاموا عنده ومدحه النبي صلى الله عليه وسلم بانه ملك عادل لا يظلم عنده احد , كما في حديث ام سلمة وهو في مسند الامام احمد وغيره , وسنده صحيح(1/12)
لكن تظل هذه النسبة القليلة جدا ومحدودة جدا , والعبرة ايها الاخوة دائما وابدا في القيادات الكبرى , الرؤوس السياسية , والفكرية , والاقتصادية , والاجتماعية , والعملية , القيادات في كل مجتمع التي تسير هذه المجتمعات و تؤثر في سلوكها , وفي تفكيرها , وفي عواطفها. هذه القيادات في بلاد الغرب واعية , ومدركة , وغير متجاهلة للعداوات بينها وبين المسلمين , وهي تستثير مشاعر الجماهير عند الحاجة. كما كان يفعل بطرس الناسي في الحروب الصليبية , لقد مسح اجزاء من اوربا على حماره , وكان يدعو الناس الى غزو هذه البلاد التي يقول لهم انها تفيض لبنا وعسلا , وتطهير بيت المقدس كما يزعم من الكفار يعني بهم المسلمين . ولا يزال الجميع يحتفظون بذكرى الحروب الصليبية التي قادها هؤلاء ولقي المسلمون من جراءها امرا عصيبا حتى سجلها بعض الشعراء او سجل جزءا من المعانات يشبه ما نتحدث عنه اليوم
احل الكفر بالاسلام ضيما يطول به على الدين النحيب
فحق ضائع وحما مباحا سيف قاطع ودم صبيب
وكم من مسلم اضحى سليبا ومسلمة لها حرم سليب
وكم من مسجدا جعلوه ديرا على محرابه نصب الصليب
ودم الخنزير فيه لهم خلوق وتحريق المصاحف فيه طيب
فقل لذوي الكرامة حيث كانوا اجيبوا الله ويحكموا اجيبوا
اما لله والاسلام حق يدافع عنه شبانا وشيب
المسلمون والعرب في العقلية الغربية
--------------------------------------------------------------------------------
النقطة الرابعة المسلمون والعرب في العقلية الغربية
كيف ينظر الغرب الينا , المواطن الامريكي , البريطاني , او الفرنسي , او الغربي , كيف يتصورني انا او كيف يتصورك انت , وبشكل عام كيف يتصور العربي , والمسلم(1/13)
اولا : التحقيقات التي تقدمها الوسائل الاعلامية عن الاسلام , والدراسات هي موجهة بعدة اهداف الهدف الاول: الدفاع عن اسرائيل , وعن اليهود , او ما يسمى بـ " اسرائيل" . فالغرب ينظر الى اسرائيل على انها معقل الحضارة الغربية في وسط الادغال الاسلامية
وثانيا : من اجل الاحتفاظ بالذكريات الحية المخيفة عن الاسلام , وحضارة الاسلام , ودول الاسلام , واخرها الدولة العثمانية التي احتلت اجزاء من اوربا. ونحن نعرف مثلا ان البوسنة والهرسك دخلها الاسلام ايام الدولة العثمانية
هناك دراسة تحليلية كنموذج واحد فقط لمضمون ثلاث مطبوعات غربية من اشهر الصحف وهي: ( نيورك تايم, لوس انجلس تايم, واشنطن بوس) , صحف امريكية . هذه الصحف كلها تتحدث بلهجة مؤيدة لاسرائيل خلال الصراع السابق عام 66. ونادت بان امريكا ليس ان تؤيد اسرايئل(( او ما يسمى باسرائيل)) دبلوماسيا, و سياسيا فحسب بل عليها ان تمدها بالمساعدات العسكرية
اذا هم يعتبرون العلاقة بينهم وبين اسرائيل علاقة تاريخية واستراتيجية وثيقة. وفي النهاية امريكا مستعدة ان تخوض الحرب مع اسرائيل , جنبا على جنب ضد اي تهديد عربي او اسلامي
اذا هم يعتبرون العلاقة بينهم وبين اسرائيل علاقة تاريخية واستراتيجية وثيقة. وفي النهاية امريكا مستعدة ان تخوض الحرب مع اسرائيل , جنبا على جنب ضد اي تهديد عربي او اسلامي
طيب, كيف يظهر المواطن العربي هناك؟ يظهر كالتالي(1/14)
انسان جائع للجنس , منهمك في استخدام واستغلال الفتيات المراهقات جنسيا . كل همه ان يشبع غريزته . وتظهر افلام غربية تصور العربي بهذه الصورة فقط ! وانا اعجب حقيقتا نحن نعرف عن اولئك الاقوام انهم كالبهائم, يتفاسدون في الطرقات, وفي الحدائق, وفي السيارات, وفي كل مكان , ويرقصون عراة احيانا , ويمارسون الجنس الوان الشذوذ الجنسي, حتى مع الحيوانات , والجنس الجماعي والشذوذ. وما اخبار الاحصائيات المذهلة عن مرض الايدز الا مؤشرا واحدا فحسب على ما وحلوا عليه من اباحية وتحلل . حتى المواطن العادي منهم تلاحظه في الشارع ينظر اليك ويعتبر ان كل همك هو الجنس والجنس فقط
ثانيا :- واذكر انني سمعت من بعض الشباب العرب المسلم في فرنسا , ان بعض المحطات الفرنسية التلفزيونية تعرض فلما عن احدى دول الخليج , كل نص شهر تكرر عرض هذا الفلم من اجل لا ينسون الانطباع السئ عن المواطن العربي والخليجي والمسلم. يظهر بغترته وعقاله اميرا, او شخصا عاديا, او تاجرا, او ثريا او غير ذلك , بالطائرة وهو ينظر في المكبر فاذا وجد في الطائرة فتاة تعجبه لحسنها وجمالها دعاها واصبح يمارس معها الجنس في الطائرة , ويسكر وبعد قليل يصطفون لاداء الصلاة . امعانا في اظهار التناقض بهذا الانسان
وهم دائما وابدا يصورونا بصورة بشعة تثير التقزز في نفس الطفل, والمراة , والكبير, والصغير , والعامي وغيره , يصورونا على اننا شريرون, ساديون (( مصاصوا دماء))
ثالثا : نحن نطعن من الخلف وليس لنا عهد ولا ميثاق
رابعا: نحن شيوخ البترول , والنفط , الاثرياء نملك الجمال , والسيارات الفخمة الفرهة, ونهدد الغرب وامريكا , اذا زادوا علينا قيمة السيارة ان نستخدم ضدهم سلاح النفط(1/15)
هذا تصورهم للمواطن العربي والمسلم , هذه صورة تاريخية ليست جديدة . ولا يستثنى منها احد, حتى سيد البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نحن نعلم اي عقيدة يحملونها عن الرسول عليه الصلاة والسلام هم يعتقدون واستغفر الله عز وجل , انه كاذب فيما اخبر , ومفتري على الله عز وجل , وان القران من وضعه واختلاقه , ويصورونه ايضا في افلامهم صورا بشعة استعظم ان اتحدث عنها. ومنذ قديم كان الرحالة الغربيون الذين ياتون الى البلاد العربية والاسلامية , ينقلون هذه الصورة , يصورون العرب على انهم قراصنة وشحاذون ولصوص ومستغلون يتاجرون بالرقيق والبغاء والرذيلة
الكتب الشعبية عندهم هناك تؤكد هذا المعنى وتعزوه الى امرين
الامر الاول : النفسية والعقلية التي يتكون منها العربي فمن طبيعته العداء, والاستبداد, والعنف, والقسوى, والحدة
وثانيا : ينسون هذا ويعزونه الى الدين, والقران الذي يحرض العربي على القتل وسفك الدماء هكذا يتصورون
ولا يعرفون من هذا الدين الا ثلاثة امور
الاول: الرق , الرقيق
الثاني: السيف والقتل
الثالث: تعدد الزوجات
الرسوم والصور , او ما يسمى بالكاريكاتورات , التي تظهر في الصحف كلها تصور العربي دائما وابدا بعباءة وكوفية , او طاقية, او غترة , وعقال, وخنجر في الماضي, او كلاشنكوف في الحاضر, وهو حافي القدمين ومن وراءه تظهر ابار النفط وهو يحتظن مالا او دولارات او شيئا اخر
وفي حرب 56 صورت احدى الصحف البريطانية ستة عشر رسما للعرب على انهم معتدون, وسفاكون للدماء, وعاجزون عن زراعة الارض او احيائها او الاستفادة منها , اضافة الى صورة الحريم التي لا تفارق العربي فهو يجلس على الارض احيانا واضعا ساقا على اخرى وبكرش كبير, وانف طويل مقوس, وعينين تمورين بالجشع , وابتسامة شريرة, ومن خلفه احدى عشر امراة كل واحدة منهن ترفع يدها وتطالب بالطلاق ولكن هيهات
الافلام الغربية(1/16)
يوجد فلم حاز على واحد من مئة اشهر فلم , يسمونه فلم الشيخ , يصور العربي بالاسلوب الشهواني حيث يخطف امراة ويجبرها على ان تحبه وتقع في اغرامه بالقوة, كذلك فلم اخر اسمه الريشات السبع يصور العرب كاوغاد, وتجار رقيق , وغدار ومتعصبين ومتعطشين للدماء
وهناك عوامل كثيرة ساهمت في صياغة هذه الصور البشعة للمسلم والعربي في نظر المواطن الغربي العادي منها الظروف التاريخية, والحروب التي قامت بيننا وبينهم, ومنها الدين وهو اهم العوامل, ومنها التعليم الذي يعلمهم بالصورة منذ نعومة اظفارهم, ومنها الاعلام وهو في الكثير الغالب اعلام مستقل غير مرتبط ويركز على ذي الصورة . ويؤسفني ان اقول ان الاعلام حتى مع الدول التي يعتبرها معتدلة وحتى في حالة الحاجة لا يفتنا يتحدث عن هذه الدول بهذه الصورة
فمثلا اثناء حرب الخليج كان الاعلام الغربي والامريكي بالذات يشن حملة شرسة على هذه البلاد, وينشر من التقارير , والصور والافلام, وغير ذلك في اجهزة اعلامه ما تقشعر منه الابدان, ليس عن العراق بل عن دول الخليج ومصر وبلاد الشام وغيرها
الدول التي تقف ضده بل وقفت معه ضد العراق وضد عدوان العراق على الكويت. ومن المؤثرات ايضا السيطرة الصهيونية واليهودية
المهم الكلام في هذا الموضوع يطول ولكن ينبغي ان نعرف ان الرجل الاوربي العادي او الامريكي العادي ثقافته محدودة جدا. دعك من المثقفين, والسياسة, المواطن العادي ثقافته محدودة تقول له انا عربي احيانا لو كنت بغير الملابس هذه لا يعرفك!! ولكن يقول لك عربي من اي ولاية؟ . ربما لا يعرف اصلا العرب" كلمة عربي" او انه من دولة معينة مثلا سعودي, او كويتي , او سوري, لا يعرف هذا في الغالب, ربما الا مدينته, وحتى داخل مدينته يمكن يعرف الطريق الى العمل الذي يذهب اليه والذي يرجع منه فقط , بعضهم حتى لا يعرف حتى اسم رئيس الدوة عندهم هذا مؤكد ليس امر مضطردا ولكن موجود وبكثرة(1/17)
فالمواطن العادي عندهم محدود الثقافة, ويتاثر كثيرا مما يشاهده في التلفاز, فمجرد صورة عربي, بالزي العربي مثلا تستطيع ان توجد عنده انطباعا عميقا لا ينساه ابدا
واود قبل ان اغادر هذه النقطة ان الفت نظر الاخوة الى ان هناك كتاب مفيد وهو كتاب علمي, قوي جدا"صورة العرب في الصحافة البرطانية" كنموذج , رسالة دكتوراة , الدكتور حلمي حضر ساري, وهو من طباعة مركز الدراسات العربية , مطبوع ويباع في الاسواق فيمكن مراجعته لمزيد من الاستضاحة حول هذه النقطة المهم ان تدرك ان الغربي ينظر الى العربي بهذه النظرة السيئة السودوية
شهادات
--------------------------------------------------------------------------------
النقطة الخامسة هي عبارة عن شهادات(( جاك بيرج)) , هذا مستشرق فرنسي جاوز الثمانين من عمره يقول في مقابلة له مع جريدة الحياة
ان الغرب لا يزال يجهل الاسلام جهلا كليا , حيث يضع الاسلام في موضع التعارض مع العقل, ويندفع دائما في معادلات مثل الاسلام يساوي التعصب
هكذا يقول, طيب هل المشكلة عند الغرب مشكلة الجهل فحسب؟ لا اعتقد ذلك, اعتقد ان القضية ليست كذلك وحتى لو افترضنا ان القضية قضية جهل فالسؤال متى سنفلح في ازالة الجهل عن شعوب تعد بمئات الملايين؟ في حين ان امكانيتنا محدودة حتى عن تعديل الصورة لدى الغربيين الذين موجودين في بلادنا, ويعيشون بين اظهرنا
يقول احد الصحفين الامريكين
ان الامر (( يعني تعديل الصورة)) سيستغرق وقتا طويلا حتى يفهم الامريكان, ويتخلوا عن الصورة الجامدة التي يحملونها عن العرب سيستغرق وقتا طويلا واعتقد ان الامر لن يكون اصلا , قد يتم تعديل بعض الصورة , نعم . اعتقد ان القضية او المشكلة ليست في طريقها الى الحل فعبر التاريخ الغربي كانت الصورة قاتمة
ادور سعيد, باحث متخصص, قضى معظم حياته في امريكا يقول في كتاب له , اسمه "التغطية الاعلامية للاسلام" , يقول كلمة مهمة(1/18)
لم استطع ان اكتشف اي فترة في التاريخ الاوربي والامريكي منذ القرون الوسطى نوقش فيها الاسلام هناك خارج اطار العاطفة , والتعصب والمصالح السياسية
هذه شهادة مهمة جدا
كانوا يناقشون الاسلام عبر تاريخهم مناقشة عاطفية متعصبة, تنطلق من مصالحهم السياسية ضد الاسلام,
واقول ان وعي الغرب بالاسلام سيزيدهم حقدا وكراهية للاسلام, وخوفا من الاسلام
فالاسلام الذي قد يقبلونه او يتقابلون معههو الاسلام المهجن المدجن الاسلام الامريكي كما سماه بعضهم تجاوزا الذي لا ينافسهم على دنياهم بل يتحدث كما قال احدهم ما تحت الارض وما فوق السماء عن القبر والموت والعالم الاخر وعن الله والملائكة اما الدنيا فانه يدعها لقيصر دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر ولهذا في دراسة نشرت في صحيفة التايمز في هذا العام تحدثوا عن ان الاسلام قادوم لا محالة بعنموان سيف الاسلام نشرت قبل اربعة اسابيع يقولون الاسلام قادم لا محالة لكن علينا ان نختار بين الاسلام الاصولي المتشدد , وبين الاسلام المرن المتسامح
ان الغرب لم يكن اكثر وعيا بالاسلام منه اليوم , وفي نفس الوقت لم يكن اشد خوفا وهلعا وفزعا من الاسلام مما هو عليه الان ايضا
المخاوف من الاسلام
--------------------------------------------------------------------------------
النقطة السادسة , المخاوف من الاسلام
كان السفير الالماني في المغرب واسمه ( ولن مان ) يستعد لاصدار كتاب بعنوان ( الاسلام هو البديل ) , عندما بعث اليه وكيل وزارة الخارجية هناك , ببرقية سرية عاجلة , يحذره فيها من الوضع الخطير الناشئ عن دعوته الى الافكار الاسلامية , ويحذره من تجاهله لوظيفته , باعتباره ممثلا لدولة غربية ديمقراطية ( المانيا )
وتلك الرسالة كانت تمهيدا لقرار استدعائه ومناقشته , وكان هذا الرجل قد اسلم منذ اكثر من ثلاث عشرة سنة(1/19)
في جمعية دراسات الشرق الاوسط قبل سنوات وفي خطاب لرئاسة الجمعية يقول ( اذا كان الاسلام لم يعطى التغطية الكاملة منذ سنوات , ولم يتم التعريف به , او كان الجهل بالاسلام هو سمة الماضي , فانه يستطيع الكثيرون الان ان يؤكدوا ان الامر قد تغير في السنوات الاخيرة , وكما قال احد الزملاء : ان الصحوة الاسلامية بل دراسة الاسلام والمجتمعات الاسلامية , اصبحت مهنة نامية )
ويقول هذا الخطاب ايضا ( اننا فهمنا المجتمعات الاسلامية في الماضي فهما خاطئا , لاسباب منها , اولا : الانسياق وراء العلمانية , وفصل الدين عن الدولة , وفصل الدين عن الحياة , ثانيا : اننا انخدعنا بالنخبة المثقفة المستغربة من العرب والمسلمين , وارتحنا اليها , وظننا انها تمثل الاسلام والمجتمعات الاسلامية , وتجاهلنا دور العلماء الشرعيين , والدعاة والمعاهد الاسلامية )
فعلا عقدت ندوات كثيرة , وصدرت كتب ودراسات عن الصحوة الاسلامية , فماذا كانت النتيجة ( نتيجة علمهم ومعرفتهم بالاسلام ) , اليك مجموعة سريعة من الامثلة والنماذج(1/20)
صحيفة الـ ( واشنطن بوست ) في ستة مارس في هذا العام ( واعتذر عن تقويم التاريخ , الذي لم اجد وقت لتحويله ) نشرت مقال عنوانه ( مقارعة حكم الاصوليين الاسلاميين ) , وقالت ( ان خصمنا الرهيب , هو الاسلام وان كان يحلوا للبعض ان يجعلوا خصم الغرب هو اليابان , ولكن الواضح ان الخصم الرهيب هو الاسلام , وان مصطلحات الحرب الباردة التي كانت تستخدم ضد الاتحاد السوفيتي , اصبحت تستخدم الان ضد الاسلام , فمثلا ( الاحتواء ) اصبح الغربيون يطلقونه في شأن الجمهوريات الاسلامية في جنوب الاتحاد السوفيتي السابق , محاولة احتوائها عن طريق تركيا , وادخالها في تيار العلمنة ايضا , مصطلح ( الخطوط الحمراء ضد تصدير الثورة ) في السودان , يعني انهم يحذرونه من تصدير ثورته الى الخارج , وان يتعدى الخطوط الحمراء , كما كان المصطلح يستخدم ضد الاتحاد السوفيتي , مصطلح ( القبضة الحديدية ) استخدموها ضد الاسلام في الجزائر , لما اوشك ان يصل الاسلاميون الى الحكم , عن طريق الانتخابات , فاطلقوا على الانقلاب لفظ ( القبضة الحديدية ) وهذه كانوا ايضا يستخدمونها ضد الاتحاد السوفيتي )
ثم اثارت تلك الصحيفة اشكالية غريبة جدا
قالت ( ان الغرب يريد الديمقراطية في بلاد الاسلام , ولكنه يخاف من الديمقراطية في بلاد الاسلام ان تكون سببا في ابعاد اصدقائه المواليين له , والاتيان بالاصوليين , ولذلك فهو يعيش تناقضا خطيرا , كما هو الحال في الجزائر , وفي غيرها من البلاد )
وضربت الجريدة مثلا بالجزائر , فقالت ( تناقض كبير في الموقف , لماذا لم تقف امريكا مع الديمقراطية , كما تدعي , يقول احد الباحثيين الجزائريين ( والكلام للجريدة ) يقول وهو باحث في جامعة غربية " ان الجزائر على مشارف التطور , ولكنه لن يصل الى التطور , الا بعد ان يجرب الحكم الاسلامي , ويثبت فشله , وحينئذ ينتقل الجزائر الى التطور " )(1/21)
تقول الصحيفة تعلييقا على هذه الامنية فكرة جميلة , ولكننا لن نراهن عليها
يعني ليس لدينا استعداد ان نجرب الاسلام ليثبت فشله , لاننا نخشى ان يثبت نجاحه
مثل ثاني
عقد في ميونخ في اواخر العام الميلادي الحالي ايضا مؤتمر للامن وقد عبر هذا المؤتمر عن قلقه مما يسميه بالقنبلة النووية الاسلامية واكد ام الاصولين كما يسميهم ساخطون على الغرب
قال ( ليس سخطهم لان الاصولين متعاطفون مع العراق لا ولكن سخطهم بسبب ان الغرب مصمم على تجريد العراق من اسلحته النووية وبرنامجه وموداه في الوقت نفسه الذي يتجاهل فيه البرنامج النووي الاسرائيلي )
وقال رئيس الاركان البريطاني في مقابلة ( حتى المسلمون المعتدلون يمكن ان يطرحوا مشكلات لنا ان صواريخ دول الخليج ( والكلام له ) يمكن ان تشكل تهديدا لنا ويمكنها ان تضرب لندن اذا نقلت غربا على طول ساحل الشمال الافريقي )
ثم اعرب عن امله في ان تتمكن تركيا من نشر علمانيتها في الجمهوريات الاسلامية في جنوب الاتحاد السوفيتي
مثال ثالث
صدر في امريكا كتاب اثار ضجة اعلامية كبيرة اسمه ( قيام الدول العظمى وانحطاطها) , وقد ابدى مؤلف الكتاب مخاوفه من الاسلام كاحد الاعداء المحتملين للديمقراطية الليبرالية الغربية
وصدر كتاب اخر عنوانه ( نهاية التاريخ ) , يرد على الكتاب الاول ويؤكد ان الديمقراطية الغربية هي نهاية التاريخ , وانها خالدة , لا زوال لها
( وظنوا انهم مانعتهم حصونهم من الله فاتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب )(1/22)
واثار الكتاب الاخر ضجة كبيرة , وكان احد الردود عليه , كتاب صدر في فرنسا , الفه احد القسس النصارى , وتكلم عن انهيار الديمقراطية , وقد ابرز بقوة وبشدة وبعناية , الخطر ( الاسلامي ) , وقال ( ان المشكلة ليست تكمن في المنطرفين او الاصوليين , المشكلة تكمن في الاسلام ذاته , وليس في خطأ المتمسكين به , وان المتسامحين من المسلمين قليل , فانا لا اعرف الا ثلاثة من من المتسامحين ( وسماهم باسمائهم ) واحد منهم منبوذ لا يلتفت اليه احد , والمسلمون لا يستمعون اليهم , وانما يستمعون للاصوليين والمتشددين )
واعاد الى الاذهان اخبار الغزوات التركية التي وطات ارض اوربا , وسيطرت عليها , كما ابدى سخطه على العرب المهاجرين في فرنسا وبرطانيا , وانهم يشكلون خطورة كبيرة على تلك المجتمعات بصعوبة ذوبانهم فيها , وتاقلمهم معها , وتكاثرهم السكاني الكبير
مثال رابع(1/23)
اصدر الرئيس نيكسون ( الرئيس الامريكي الاسبق ) , كتابا عنوانه ( انتهزوا هذه الفرصة ) او ( الفرصة السانحة ) , وقد ترجم الى العربية عدة تراجم , احدها طبعتها دار الهلال , وقد عرضته ايضا مجموعة من الصحف والمجلات العربية , والكتاب غبارة عنخمسة فصول , يتكلم عن امريكا وانها القوة العالمية الوحيدة التي تسيطر سيطرة كاملة على الحضارة , وتنفرد بقيادة العالم والبشرية , ويؤكد هذا المعنى ثم يتحدث في فصوله الخمسة عن العالم كله , في الفصل الخامس يوضح النظرة الامريكية للمسلمين ( غير متحضرين , لا يغتسلون , بربريون , همجيون , غير عقلاء , يجذبون اهتماما فقط لان بعض قادتهم لديهم ثروة كبيرة , ولانهم يحكمون منطقة تحتوي ( بالمصادفة ) على ثلثي احتياطي النفط في العالم , ولا توجد دولة ( يقول ) ولا حتى الصين الشيوعية تحظى بصدارة سلبية ونظرة قاتمة في الضمير الامريكي , كما هو الحال بالنسبة للعالم الاسلامي , ويحذر بعض المراقبين ( ولا يزال الكلام لنيكسون ) من ان الاسلام سوف يصبح قوة واحدة متعصبة , وان تزايد عدد السكان , والقوة المالية التي يتمتع بها المسلمون سوف تشكل تحديا رئيسيا , وان الغرب سوف يضطر الى تشكيل حلف جديد مع موسكو لمواجهة العالم الاسلامي المعتدي , في المستقبل )
وتقول وجهة النظر هذه , ان الاسلام والغرب متناقضان , وان المسلمون ينظرون الى العالم على انهم معسكرات دار ايمان , ودار كفر , او دار توحيد ودار شرك , وان العلاقة بينهما علاقة حرب وتناقض ومناورة
يقول نيكسون ( ان هذا الكابوس ( يعني توحد العالم الاسلامي , ومواجهة الغرب) لن يتحقق ابدا , لان العالم الاسلامي كبير جدا ومترامي الاطراف , ومتناقض ومتباعد , ومن قوميات وعرقيات مختلفة , ولا يمكن ان يزحف ليقرع طبلا واحد )(1/24)
واقول بلى يمكن ان يتوحد العالم الاسلامي , ربما على وقع اقدام الغزاة , فحينما يشعر المسلمون بانهم مهددون فعلا , وانهم على ابواب حرب صليبية , بلا شك سوف ترتفع مشاعرهم ويكون لديهم احساس عميق بالخطر , والذي يمكن ان يوحدهم
ثم ينصح هذا الكتاب صناع السياسة الامريكية ان يناورا حينما يتعاملون مع المسلمين , ويقسم الاتجاهات الاسلامية في العالم الاسلامي الى ثلاثة انماط , الاصولية وهي مخيفة ارهابية , والدكتاتورية والتحديثية , يعني العلمانية كتركيا و مصر واندونيسيا والباكستان
ويقول ( نتعاون مع الاصوليين ومع الدكتاتوريين تعاون تكتيك فقط , لا يتعدى متطلبات اللحظة الحاضرة , ويجب ان نتعامل عندما تكسبهم قوتهم مكان على الطاولة , اما ما زاد على ذلك فلا , ويجب ان لا ندخل معهم شركة ابدا , اما بالنسبة للفئة الثالثة وهم التجدديون فيجب ان نصنع منهم شركاء وبالذات من الدول الاربع )
ثم يتحدث عن السلام وضرورة التهديد الغربي للعرب بأقراره الان ( حيث ضعف الدول العربية يمكن اسرائيل مما تريد وتطالب , واذا لم يعترف العرب باسرائيل الان ( يقول ) وبعد اربع واربعين سنة فانهم يكونون غير مهتمين بالتسوية السلمية اذا )
ويقول ( اذا وافقت اسرائيل على السلام , فانه يمكن في حالة وقوع هجوم تقليدي عليها ان يتعامل ( الامريكان) وكانه هجوم على الولايات المتحدة ذاتها , وعلينا ان نصر على تحجيم القوات العربية المجاورة )
هذا الكتاب خطير , وهو موضع حفاوة وعناية من الغرب
المثال السادس والاخير
في الـ ( التايمز ) مقال طويل , اسلفت الاشارة اليه , بعنوان ( سيف الاسلام ) يقول ( ان صناع السياسة مهتمون بدراسة الاسلام , وهل هو الخطر القادم )
ويقول ( ان ادوات الفكر الاسلامي , هي البندقية والقنبلة والرصاصة والتفجير والاغتيال )
ويقول ( ان المسلمين يشعرون بالغيض من الغرب , والكراهية له , لانه تسبب في سقوط حضارتهم وتأخرها )(1/25)
ويقول ( ان الفكر الاسلامي فكر منغلق , متحجر , ولا ادل على ذلك من موقف العالم الاسلامي من قضية سلمان رشدي )
( والكافرون هم الظالمون )
--------------------------------------------------------------------------------
النقطة السابعة , والكافرون هم الظالمون
هذه اية من كتاب الله تجعل الكفر مساوي للظلم , وتجعل الكافر ظالما , ويقول عز وجل ( ان الشرك لظلم عظيم ) , فلينظر الانسان كيف تحققت هذه الاية عمليا في الحضارة الغربية الكافرة , من العجيب ان نستغرب نحن انحيازها , او نستغرب عنصريتها , او نستغرب تجاهلها لانسانية الانسان في العالم الثالث
اليست حضارة غربية , اليسوا قد حصلوا على هذا التقدم بعقولهم , فهل نتصور ان الامريكي سيتعامل مع المسلم الصومالي ( مثلا ) او المسلم في الخليج او المسلم في مصر او المسلم في اي بلد , سيتعامل معه مثل ما يتعامل مع الرجل الابيض الامريكي
كلا ,فالعالم الشرقي في اخر الاهتمامات , ولو لا وجود النفط فيه ربما لم يكن يعلم بوجوده , ولذلك تجد ان الكثير من الدول الاسلامية يقع فيها حروب كثيرة وهذه المعارك تطحن في رحاها اعداد غفيرة من دون ان يلتفت اليها احد
( والكافرون هم الظالمون )
وكان اكثر الموضوعات التي طرحوها , اثارة للجدل , اقتراح يدعو الى تصدير التلوث الى العالم الثالث , ( وبصورة اكثر وضوحا ) , يدعو الى نقل النفايات والمواد الملوثة الى العالم العربي والاسلامي , وقبل هذا المؤتمر باسابيع كان هناك خبير اسمه ( لويس سومر ) وهو كبير الخبراء الاقتصاديين بالبنك الدولي , يقترح تصدير الصناعات التي ينتج عنها التلوث الى دول العالم الثالث , يعني ان تنتقل الى دول العالم الثالث(1/26)
استئذنكم في ان اقراء عليكم تقرير منشور ( في غاية الخطورة ) عن هذه القضية ( قضية نقل التلوث الى العالم العربي والاسلامي ) هذا التقرير نشر في عدد من الصحف والمجلات , منها مجلة ( المجتمع الكويتية ) , ومنها جريدة ( المدينة ) , وهو تقرير كما ذكرت غريب وخطير يقول بعد كلام طويل ( ان الغرب يصدر كل شيئ ملوث الى العالم الاسلامي , دون تحفظ )
ويقول (ان امريكا اكتشفت ان هناك بعض ( البجامات ) مصنوعة تتسبب في السرطان , وفورا منع تداول هذه ( البجامات ) , وبعد هذا المنع قامت الشركة التي انتجتها بتصديرها الى الى دول اسيا وافريقيا , وفي خلال تسعة اشهر بعد المنع استطاعت ان تصدر ما يزيد على مليونين ( بجاما ) الى اطفال هذا العالم ( اسيا وافريقيا ) , ورغم ان حكومة كارتر قد تيقظت انسانيتها ( فيما يزعمون ) وطالبت بعدم تصدير اي مواد ملوثة الى العالم العربي والاسلامي , الا بعد ان يخطروا ويبلغوا بذلك ( يعني لا يصدر اي شيئ ملوث دون ان يعلموا ) واول شيئ فعله الرئيس ( ريجان ) بعد وصوله الى كرسي الرئاسة , هو الغاء القرار السابق , والقاضي بعدم تصدير مواد سامة الى العالم الثالث دون علمه , ولا تزال القوانيين الامريكية والاوربية ( حتى هذه اللحظة ) تبيح تصدير جميع المواد السامة , والاغذية الملوثة , والمواد المسببة للسرطان والمبيدات الحشرية الممنوعة في اوربا وامريكا , تبيح تصدير ذلك كله الى اي دولة من دول العالم الثالث , ودون ان تخبر هذه الدولة بالمواد السامة المرسلة اليها )
ورغم وجود لجان لحقوق الانسان في ( الكونغرس ) وكثرة الحديث عنها في اجهزة الاعلام , الا انه يبدوا ان تعريف الانسان عندهم يختلف من بلد الى اخر , فالانسان الاوربي او الامريكي او الابيض هو فقط الجدير بهذه الحقوق , اما الانسان المسلم او الانسان الموجود في اسيا او افريقيا , فليس انسانا اصلا عندهم , ولا يمكن ان تكون عنده حقوق(1/27)
اقول حتى ( الكلاب) تتمتع في المجتمعات الاوربية والامريكية بحقوق لا يتمتع بها الانسان هنا ( في نظرهم )
لو اعطي ( كلب ) في اوربا او امريكا مواد سامة لقامت المظاهرات والاحتجاجات , وقد حصل فعلا مظاهرة ضخمة , وكان يتقدمها اعضاء الكونغرس ( انفسهم ) ورجال الكنيسة , لان هناك كلب اسمه ( لايكا ) ارسلها الروس الى الفضاء في اول رحلة فضائية , قبل ان يرسلوا اي انسان , وسالت دموع رجال الكهنوت وقامت لجان المدافعة عن حقوق ( الكلاب والخنازير ) تحتج على ارسال ( الكلبة لايكا ) الى الفضاء
دموع التماسيح هذه , ما سالت من اجل ارسالهم السموم الى دول العالم الثالث والى العالم الاسلامي
ان جميع البضائع والمنتجات التي تصدر للعالم الثالث , لا تخضع ابدا للمقاييس والشروط الموجودة في اوربا وامريكا
فلاوربا وامريكا شروط شديدة في السلامة , والمواد المصدرة الى العالم الثالث تخلوا من هذه الشروط
وقد نشرت مجلة ( نيوزويك ) في عدد17 بحثا طويلا عن اخطار المبيدات الحشرية المرسلة الى العالم الثالث , والتي تستخدم خاصة في الزراعة , وذكرت قائمة طويلة من المواد السامة التي ترسل الى العالم الثالث ( دون تحذير ) من الشركات المنتجة او من الشركات المصدرة , وذكرت ماهي هذه المواد ( المواد السامة والخطيرة , والمواد الغذائية الملوثة والغير صالحة , والادوية الممنوعة او التي لا تزال خاضعة للتجارب ولم يصرح بعد باستخدامها هناك )
ترسل الى العالم الثالث وتباع بأثمان باهضة , وتدفع اثمانها هذه الدول الفقيرة من قوتها
اما الالات والادوات الكهربائية والادوات المنزلية والسيارات والجرارات والجرافات وغيرها ومواد البناء التي تصدر الى العالم الثالث , فانها جميعا لا تصلح للمقاييس المعروفة في اوربا وامريكا(1/28)
حتى ( السجاير ) المصدرة الى دول العالم الثالث , تحوي ثلاثة اضعاف ما تحويه مثيلاتها , المصرح بها في اوربا وامريكا من ( النيكوتين والقطران )
انها صورة بشعة لحضارة ذلك الانسان الغربي , ( حضارة الطين ) , لا حضارة الايمان والدين , نماذج لو لا انها حقائق تتكلم عنها الصحف , لظنها الانسان ضربا من الخيال , والمبالغات
اخيرا , اقف معكم مع بعض هذه الخلاصات والنتائج , واذكرها باختصار لانها جائت في النهاية
اولا : الاسلام محارب من قبل الغرب , لانه الاسلام المنزل من عند الله تعالى على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , لا لشيئ اخر , واسترضاء هؤلاء القوم عبث , والله تعالى يقول ( ولن ترضى )
هم غير واثقين حتى باوليائهم وحلفائهم , بل بعملائهم
ثانيا : الدعوة الى الله في اوساط الكفار واجبة , وتصحيح المعتقدات القائمة في نفوسهم عن العرب والمسلمين ايضا واجبة , ولابد وينبغي ان يبذل المسلمون جهدهم هنا وهناك , ولكن هذا لا يعني ان الغرب سيغير موقفه , والله اعلم .انما يمكن ان يهتدي من اراد الله تعالى هدايته , والله تعالى يهدي من يشاء , ويمكن ان يحيد من الغرب من يحيد ( ولقد ذرءنا ) ويبقى ( يا ادم اخرج بعث النار )
ثالثا : الاسلام المنزل من عند الله تعالى , لا يرضيهم , لانه يقول لهم ( انتم كفار ) وانتم حطب جهنم وحصب جهنم ( انتم لها واردون ) . جهادكم واجب ما دمتم محاربين لنا
اما واقع المسلمين اليوم فيعطيهم انطباعا سيئا عنا , يتصوروننا ضعفاء وعاجزين ومفرطين , فالتخلف العلمي والجهل والاستبداد السياسي وعدم الشعور بالمسؤلية والتوتر والسلوكيات المتخلفة , كل ذلك قائم فكيف نريد من العالم ان يقدرنا ويحترمنا ونحن لم نسعى لذلك بانفسنا , باعمالنا , با خلاقنا , بسلوكياتنا , بسياستنا , باقتصادنا , بعلمنا , باعلامنا
الواقع مر , ولعل هذا الواقع يتجلى في تجمعات المسلمين(1/29)
اقرب مثال ( الحج ) نموذج كبير للتجمعات الاسلامية العظمى , لو نظر الغربي الى المسلمين , او نظرت مؤسسة عالمية الى المسلمين وهم يؤدون مناسك الحج , ماذا تجد , ستجد ان كثير من المسلمين لا يهتمون بالاخلاقيات , لا يهتمون بحقوق الاخرين , لا يهتمون بالنظافة , يفترشون الارض ( جوار القمامة ) , تصرفات صعبة , سلوكيات مريضة , اوضاع شاذة
قد يقول البعض ( هذا يرجع الى في جزء كبير منه الى تقصير في الجوانب التنظيمية ) , انا اقول نعم هذا يرجع في جزء كبير منه الى تقصير , ولكن ايضا لايمكن ان نتجاهل الجانب الثاني , وهو سوء التربية لدى المسلم العادي , لم يتربى على الخلق , لم يتربلى على الادب , لم يتربى على النظافة , لم يتربى على اللطافة , لم يتربى على اتيان الامور من ابوابها
ولذلك تجد تضارب وتصادم , من اوضاع سيئة ( لا تحتاج الى بيان )
فمثل ذلك يعطي انطباعا لدى اي انسان عاقل
اذا لا بد ان تصحح اوضاعنا حتى نفرض على العالم احترامنا , اما التناقض في سلوكيات المسلم وبين عقيدته فامر لا ريب فيه , ويجب ان يزول , والمثال الذي ذكرته في العالم الفرنسي يتكرر في واقع المسلمين , فتجد المصلي يأكل الربا , وقد يتعاطى الحرام , وقد يغش وقد يكذب وقد ينقل الكلام على غير وجهه , الى غير ذلك من الوان السلوك المحطم
رابعا : من الضروري ان يعنى الدعاة الاسلاميون بابراز الجانب الاخلاقي من الاسلام والتركيز عليه والعناية به , لعظم تاثيره في مثل هذه الحالات وشدة وقعه في نظر الانسان الغربي , وانه ممكن ان يلفت نظره الى الاسلام ويدعوه الى دراسته
فهو من اوجه واساليب دعوتهم الى دراسة الاسلام وتامله , وقد يهتدي منهم من شاء الله تعالى له الهداية , كما اسلفت
وكذلك الجانب العقائدي , وكذلك الجانب العلمي , وكذلك الجانب الحضاري(1/30)
خامسا : لا بد من العناية باوضاع العالم الاسلامي وتصحيحها , وتوجيه الدعوة الى الامة الاسلامية كلها ( جماهير الامة ) بان هناك هجمة صليبية ضد المسلمين , فالامة كلها مستهدفة , في اخلاقها وفي عقيدتها , وفي سلوكها , وفي اقتصادها , وفي امنها , وفي سياستها , بل وفي وجودها
ويجب ان يوعى الناس بمثل هذا الامر , ويخاطبوا خطابا جماهيريا عاقلا قويا رشيدا , يربطهم بالدين والعقيدة والنص والقران والسنة , فيكشف لهم حقيقة العداوة القائمة بينهم وبين اليهود والنصارى
واخيرا : فلا بد للاستعداد للمنازلة مع خصوم الاسلام , واقول هذا ليس حلما , وان كان هذا الامر حلما , فان احلام اليوم هي حقائق الغد
ونحن ندعو كل مختص ان يشارك في هذه المعركة الكبرى ( معركة الاسلام الكبرى )
واعتذر اليكم عن الاطالة
واسأل الله تعالى ان ينصر الاسلام واهله , وان يذل الشرك واهله , وان يجعلني واياكم من انصار دينه
انه على كل شيئ قدير(1/31)