طعنة في قلب
علي بن أبي طالب
رضي الله عنه
تأليف
الدكتور إبراهيم عبد الفتاح المتناوي
قام بصف ونشر الكتاب
أبو عمر الدوسري
www.frqan.com
التعريف به
* نسبه:
علي بن أبي طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب، واسمه شيبة بن هاشم، واسمه عمرو بن عبد مناف، واسمه المغيرة بن قصي.
* كنيته:
ويكنى علي رضي الله عنه بأبي الحسن(1) كما كناه النبي صلى الله عليه وسلم بأبي التراب(2).
* صفته:
كان علي رضي الله عنه ضخم البطن، ضخم المنكبين، ضخم عضلة الذراع، دقيق مستدقها، ضخم عضلة الساق، دقيق مستدقها.
* إسلامه:
أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فضمه إليه، فلم يزل عليّ مع الرسول صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله تبارك وتعالى نبيا فاتبعه علي رضي الله عنه وآمن به وصدقه، وهو يومئذ ابن عشر سنين(3).
(أبو طالب: لا أفارق دين آبائي وما كانوا عليه): كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضرت الصلاة خرج على شعاب مكة، وخرج معه علي بن أبي طالب مستخفياً من أبيه، ومن جميع أعمامه وسائر قومه، فيصليان الصلوات فيها، فإذا أمسيا رجعا فمكثا كذلك ما شاء الله أن يمكثا، ثم إن أبا طالب عثر عليهما يوما، وهما يصليان، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ابن أخي، ما هذا الدين الذي أراك تدين به؟ قال: ((أي عم، هذا دين الله، ودين ملائكته، ودين رسوله ودين أبينا إبراهيم، بعثني الله به رسولاً إلى العباد، وأنت يا عم أحق من بذلت له النصيحة، ودعوته إلى الهدى، وأحق من أجابني إليه، وأعانني عليه)) فقال أبو طالب: يا ابن أخي، إني لا أستطيع أن أفارق دين آبائي وما كانوا عليه، ولكن الله لا يخلص إليك بشيء تكرهه ما بقيت(4).
* مبيته على فراش النبي عند الهجرة إلى المدينة:(1/1)
أتى جبريل -عليه السلام- وقال للرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت فيه)) فقال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: ((نم على فراشي وتسج ببردي هذا الحضرمي الأخضر، فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم)).
* خلفه النبي صلى الله عليه وسلم لرد الودائع:
أمر الرسول علياً أن يتخلف بعده بمكة، حتى يؤدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس، وكان لا يوجد احد بمكة عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده؛ لما يعلم من صدقه وأمانته صلى الله عليه وسلم.
* هجرة علي رضي الله عنه:
أقام علي بن أبي طالب بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس، ثم لحق برسول الله فأدركه بقباء(5) بعد وصوله بليلتين أو ثلاث، فكانت إقامته بقباء ليلة أو ليلتين ثم خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة يوم الجمعة.
* التآخي بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم:
(الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي: ((أما ترضى أن أكون أخاك)) ): عن عبد الله بن عمر(6) قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، فآخى بين أبي بكر وفلان وفلان، حتى بقى علي رضي الله عنه وكان رجلا شجاعاً ماضياً على أمره إذا أراد شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما ترى أن أكون أخاك؟)) قال: بلى يا رسول الله رضيت. قال: ((فأنت أخي في الدنيا والآخرة))(7).
* في غزوة العشير:(1/2)
(قم يا أبا تراب): عن عمار بن ياسر(8) قال: كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة، فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بها، رأينا أناساً من بنى مدلج يعملون في عين لهم، وفي نخل، فقال لي علي بن أبي طالب: يا أبا اليقظان، هل لك في أن تأتي هؤلاء القوم، فتنظر كيف يعملون؟ قال: قلت إن شئت، قال: فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة، ثم غشينا النوم، فانطلق أنا وعليّ حتى اضطجعنا في صور من النخل وفي دعقاء(9) من التراب فنمنا، فوالله ما أهبنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركنا برجله وقد تربنا من تلك الدعقاء التي نما فيها، فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: ((مالك يا أبا تراب؟)) لما يرى عليه من التراب(10).
قال ابن إسحاق: وقد حدثني بعض أهل العلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غنما سمى علياً أبا تراب؛ لأنه كان إذا عتب على فاطمة في شيء لم يكلمها، ولم يقل لها شيئا تكرهه، إلا أنه يأخذ تراباً فيضعه على رأسه، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى عليه التراب عرف أنه عتب على فاطمة، فيقول له: ((مالك يا أبا تراب؟)) فالله أعلم أي ذلك كان(11).
* في غزوة بدر الكبرى:
كان أبو لبابة وعلي زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فكانت عقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: نحن نمشى عنك، فقال:((ما أنتما بأقوى منى ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما)) وقد رواه الإمام أحمد والنسائي(12).(1/3)
(يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا.. ((قم يا عبيدة، قم يا حمزة، قو يا علي)) ): بعد مقتل الأسود أراد عتبة بن ربيعة أن يظهر شجاعته فبرز بين أخيه شيبة وابنه الوليد، فلما توسطوا بين الصفين دعوا إلى المبارزة، فخرج إليهم فتية من الأنصار وهم عوف ومعاذ ابنا الحارث(13) وأمهما عفراء، الثالث عبد الله بن رواحة، فقالوا: من أنتم؟ قالوا: رهط من الأنصار،فقالوا: مالنا بكم من حاجة، وفي رواية فقالوا: أكفاء كرام، ولكن أخرجوا إلينا من بنى عمنا، ونادى مناديهم: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((قم يا عنيدة بن الحارث، قم يا حمزة، قم يا علي)) وإنا الأنصار لما خرجوا كره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أول موقف واجه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أعداءه، فأحب أن يكون أولئك من عشيرته، فأمرهم بالرجوع، وأمر أولئك الثلاثة بالخروج(14).
فلما دنوا منهم قالوا: من أنتم؟ ـ وفي هذا دليل أنهم كانوا ملبسين ل يعرفون من السلاح- فقال عبيدة (15): عبيدة، وقال حمزة (16): حمزة، وقال علي: علي، قالوا: نعم! أكفاء كرام، فبارز عبيدة ـ وكان أسن القوم ـ عتبة، وبارز حمزة شيبة (17)، وبارز على الوليد بن عتبة(18) فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، وأما علي فلم يمهل الوليد أن قتله، واختلف عبيدة وعتبة بينهما بضربتين كلاهما أثبت صاحبه، وكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فذففا(19) عليه واحتملا صاحبهما، فحازاه إلى أصحابهما ـ رضي الله عنهم-.
* زواجه بفاطمة:
(إنتظر بها القضاء): جاء سيدنا أبو بكر الصديق- عليه سحائب الرضوان- إلى الحبيب الأعظم رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فاطمة الزهراء، فأطرق صلى الله عليه وسلم قليلا ثم قال لأبى بكر الصديق: ((انتظر بها القضاء)) ويبدوا أن فاطمة الزهراء قد علمت خطبة أبى بكر إياها، وسمعت ما قال أبوها أنه ينتظر قضاء الله- عز وجل- فيها.(1/4)
ثم جاء بعد ذلك سيدنا عمر الفاروق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فاطمة الزهراء، فأجابه صلى الله عليه وسلم بالجملة نفسها وقال: ((انتظر بها القضاء)).
(مالك تبكين يا فاطمة، فوالله لقد أنكحتك أكثرهم علما، وأفضلهم حلما، وأولهم سلما): فجاء إلى علي يشيران عليه أن يخطب فاطمة الزهراء، ووافق قولهما مكانا خاليا في نفس علي رضي الله عنه فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأل في أدب واستحياء: تزوجني فاطمة، فابتسم صلى الله عليه وسلم وأمهله حتى يستشيرها، فدخل عليها وقال: ((أي بنية، إن ابن عمك عليا قد خطبك، فماذا تقولين؟!)) وانهمرت الدموع من عيني فاطمة، وبكت، ثم قالت: كأنك يا أبت إنما ادخر تني لفقير قريش!(20).
ولكن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قال منبها لها لفضل وفضائل علي رضي الله عنه: ((مالك تبكين يا فاطمة! فوالله لقد أنكحتك أكثرهم علما، وأفضلهم حلما، وأولهم سلما)).
(وأين درعك الحطمية): تهلل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبشر، وارتسم السرور على محياه الشريف، عندما جعلت فاطمة الزهراء- رضوان الله عليها- رضاء الله ورسوله نصب عينها، ورضيت بالزواج من علي رضوان الله عليه.
وجاء علي إلى الحضرة النبوية، بعد أن علم موافقته صلى الله عليه وسلم على زواجه من فاطمة الزهراء، ولكن لبد من مهر وعلي رضي الله عنه من أئمة الزاهدين ولا مال كثير لديه، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: ((هل عندك من شيء؟؟)).
قال علي: كلا يا رسول الله.
فقال صلى الله عليه وسلم: ((وأين درعك الحطمية(21)؟)).
فقال علي: عندي.
قال صلى الله عليه وسلم: ((فأعطاها إياها)).
دفع علي بالدرع إلى غلامه ليبيعها، فانطلق بها إلى السوق وباعها بأربعمائة درهم، فأمر أن يجعل ثلثها في الطيب، وثلثها في المتاع ففعل(22).(1/5)
قال النبي صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك(23) رضي الله عنه: ((انطلق واد لي أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وبعدتهم من الأنصرا)).
فانطلق أنس رضي الله عنه فدعاهم ليحضروا فلما أخذوا مجالسهم التفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى عليّ وقال له: ((يا علي اخطب لنفسك)).
فقام علي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والحياء يملأ صفحة وجهه وقال في أدب موفور بنبع القرآن والبلاغة النبوية: الحمد لله شكراً لأنعمه وأياديه، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تبلغه وترضيه، وهذا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني ابنته فاطمة على صداق مبلغه أربعمائة درهم، فاسمعوا ما يقول واشهدوا.
* خطبة النكاح:
(بارك الله لكما وعليكما، وأسعد جدكما وأخرج منكما الكثير الطيب): ((الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع لسلطانه، المهروب إليه من عذابه، النافذ أمره في أرضه وسمائه، الذي خلق الخلق بقدرته، ونيّرهم بأحكامه، وأعزهم بدينه، وأكرمهم بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
إن الله عز وجل جعل المصاهرة نسباً لاحقاً، وأمراً مفترضا وحكماً عادلاً، وخيرا جامعاً، أو شج بها الأرحام، وألزمها الأنام، فقال الله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا}(24).
وأمر الله يجري إلى قضائه، وقضاؤه يجري إلى قدره، ولكل أجل كتاب، يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب، ثم إن الله تعالى أمرني أن أزوج فاطمة من علي، وأشهدكم أني زوجت فاطمة من علي على أربعمائة مثقال فضة، عن رضي عليّ بذلك على السنة القائمة والفريضة الواجبة، فجمع الله شملهما، وبارك لهما وأطاب نسلهما، وجعل نسليهما مفاتيح الرحمة، ومعادن الحكمة، وأمن الأمة، أقول هذا، وأستغفر الله لي ولكم)).(1/6)
وبدا السرور على وجه علي رضي الله عنه فقال: رضيت يا رسول الله، ثم إن علياً خر ساجداً شكراً لله عز وجل، فلما رفع رأسه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بارك الله لكما وعليكما وأسعد جدكما وأخرج منكما الكثير الطيب)).
* نداء لنساء الأمة للإقتداء بالزهراء:
كان الجهاز الذي جهزت به فاطمة الزهراء رضي الله عنه في غاية البساطة والتواضع، وأجمع الذين نقلوا لنا الأخبار أن جهازها لم يكن غير سرير مشروط، ووسادة من أدم حشوها ليف، وإناء يغسل فيه، وسقاء ومنخل، ومنشفة، وقدح، ورحى للطحن، وجرتين.
هذا جهاز بنت سيد الخلق صلى الله عليه وسلم فأين أنت أيتها المرأة المسلمة المعاصرة؟ من بساطة أمر الزواج وتواضع الجهاز؟!! ثم انظري إلى بيتها لله غرفة صغيرة فرشها علي ببعض الرمل وغرس فيه عودا من حطب ليعلق عليه الثيبا!!
(يا علي لابد للعروس من وليمة): جاءت ليلة الزفاف، وفرح بنو عبد المطلب والأنصار، ويومها قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((يا علي لا بد للعروس من وليمة)).
فقال سعد بن معاذ(25) رضي الله عنه: عندي كبش، وجمع له رهط من الأنصار أصوعاً من ذرة أولم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(ادخل بأهلك باسم الله والبركة): جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لفاطمة الزهراء: ((ائتني بماء)) فقامت تعثر في ثوبها من الحياء،، فأتته بقعب(26) فيه ماء، لإأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لها: ((تقدمي فتقدمت يفوح منها عطر طيب، فقد أمر رسول الله بلالا(27) أن يشتري طيباً بثلث الصداق، فنضح بين ثدييها وعلى رأسها وقال: ((اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم)).(1/7)
ثم دعا ثانية بماء، فقام علي رضي الله عنه وملأ القعب، فأتاه به فأخذه وصنع به كما صنع بفاطمة الزهراء، ودعا له بما دعا لها به وقال: ((اللهم بارك فيهما، وبارك عليهما، وبارك لهما في شبلها))(28) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم المعوذتين وقال: ((ادخل بأهلك باسم الله والبركة)).
(دخل صلى الله عليه وسلم وهما في قطيفة -غطاء- لهما إذ جعلاها بالطول انكشفت ظهورهما!!): مكث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام لا يدخل على فاطمة الزهراء، وفي اليوم الرابع دخل عليهما في غداة باردة، وهما في قطيفة لهما، إذا جعلاها بالطول انكشفت ظهورهما، وإذا جعلاها بالعرض انكشفت رؤوسهما، فلما رأياه همّا بالنهوض، فقال لهما صلى الله عليه وسلم: ((كما أنتما))(29) وجلس عند رأسهما، ثم أدخل قدميه وساقيه بينهما، وراحا يستمعان إلى عذب حديثه الفياض بالرحمة والحنان، والحكمة والموعظة الحسنة(30).
* تعليق:
إن نفقات الزواج الآن أصبحت باهظة نتيجة للتكاليف الزائدة والمباهاة والتفاخر؛ مما ترتب عليه إحجام الشباب عن الزواج وزيادة عدد العانسات والشباب حتى أضحى الآن (2001م) تسعة ملايين.
والسؤال هنا: ما قيمة هذا الجهاز الضخم بغرفه المتعددة إلى جوار تحصين النساء والشباب؟!! وكيف يتم ذلك مع ارتفاع ثمن المساكن؟!! وكيف يكون التصرف بعد الإنجاب وضيق الأماكن؟!!
المسلمون في حاجة إلى الرجوع إلى ما كان عليه السلف الصالح ((أقلهن مهرا أكثرهن بركة)) وما المانع من الإقامة عند الأهل سواء للزوج أو للزوجة طالما كانت آداب المعاشرة الإسلامية قائمة؟!!
دعاء إلى الله بتفريج كرب الأمة في هذا الأمر وغيره يا رب العالمين.
نعود إلى صحبة علي رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم.
* يحمل اللواء في غزوة قرقرة الكدر:(1/8)
يرجع سبب هذا الغزو إلى أن بني سليم وغطفان جمعوا جموعاً بقر قرة الكدر- وهو ماء لبني سليم- يريدون مهاجمة المدينة، فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بعزمهم خرج إليهم وحمل لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم.
* في غزوة أحد:
* قتل حاملي الرايات:
(طلحة من يبارز؟ فيخرج له علي): يصبح حامل لواء المشركين طلحة بن أبي العبدري لينقذ موقف قومه الذي بدأ يتدهور: من يبارز؟ فيبرز له يعسوب الإسلام وصنديده عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فيلتقيان بين الصفين، ويبادره علي بضربة على رأسه فيفلق هامته فخر صريعاً، وتركه علي ولم يجهز عليه فقال به بعض أصحابه: أفلا أجهزت عليه؟ فقال علي: إنه استقبلني بعورته وعطفتني عليه الرحم، وعرفت أن الله قد قتله (31).
* أرسله النبي صلى الله عليه وسلم لمعرفة وجهة المشركين:
((اخرج في آثار القوم، فإن كانوا قد اجتنبوا الخيل وامتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة، والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها ثم لأناجزنهم))(32).
فخرج في آثارهم فرآهم قد اجتنبوا الخيل وامتطوا الإبل ووجهوا إلى مكة، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره(33).
* مولد الحسن بن علي رضي الله عنه:
(بشراك يا علي بغلام): وتمضي الأيام، فإذا بالزوجين الكريمين فاطمة الزهراء وعلي رضي الله عنهما يترقرق البشر في محياهما، وتملأ نفس كل واحد منهما الغبطة التي تملأ كل زوج يرقب قدوم وليده الأول.
وأطل شهر شعبان من السنة الثالثة من الهجرة، وحان يوم ولادة فاطمة الزهراء، فتوجه علي إلى ربه ضارعاً أن يكرم زوجه ويهون عليها آلام الوضع، وظل علي قلقاً إلى أن مزق الهواء صوت الوليد صارخا باكيا، فانتشلت روحه وسكنت طمأنينة قلبه، ونادى مناد من البيت: أن بشراك يا علي بغلام.(1/9)
(النبي صلى الله عليه وسلم : ((أروني ابني ما سميتموه)) ): وصل الخبر السعيد إلى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أن فاطمة ولدت غلاما زكيا، فجاء صلى الله عليه وسلم فأخرج له المولود في خرقة صفراء، فرمى بها، وقال لهم: ((ألم أنهكم أن تلفوا الولد في خرقة صفراء؟)) ثم أمر صلى الله عليه وسلم أن يلف الوليد في خرقة بيضاء، فلفوه وجاءوا به.
وفرح النبي صلى الله عليه وسلم أشد فرح، وفي اليوم السابع لميلاده، عق عنه وأعطى القابلة فخذا ودينارا، وحلق رأسه، وأمر أن يتصدق بزنة شعره فضة.
أتى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم منزل فاطمة الزهراء، كي يرى السبط الوليد ولنترك الحديث لوالد الغلام سيدنا علي رضي الله عنه حيث يروى ذلك فيما أخرجه البيهقى في الدلائل قال: لما ولد الحسن، جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أروني ابني ما سميتموه؟)).
قلت: حربا.
قال: ((بل هو الحسن)).
(علي رضي الله عنه : اللهم إني أعيذه بك وولده من الشيطان الرجيم): ودلف السرور إلى نفس علي رضي الله عنه وأرضاه، وانسكبت أنوار السعادة في قلبه، فقد وهبه الله عز وجل هبة كريمة، وهبه ذرية طيبة من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخر ساجدا لله عز وجل، وطفق يقول: اللهم إني أعيذه بك وولده من الشيطان الرجيم.
(فاطمة: وبأبي يشبه النبي غير شيبه بعلي): أما فاطمة الزهراء فقد كان سرورها عظيما، فقد انشرح صدرها بوليدها الحسن الذي زرع السعادة في نفسها، وكانت ترقصه وهي سعيدة به أشد السعادة وكانت تقول له:
أشبه أباك يحسن
واخلع عن الحق الرسن
واعبد إلها ذا منن
ولا تولى ذا الإحن
وروى صاحب العقد الفريد أن فاطمة الزهراء رضي الله عنه كانت إذا رقصت ابنها الحسن غنت له فقالت:
وبأبي شبه النبي
غير شبيه بعليّ (34)
*حمله اللواء في غزوة بنى النضير:(1/10)
(يخربون بيوتهم بأيدهم): زحف إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل لواءه على ابن أبي طالب، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، حتى أتاهم فحاصرهم خمسة عشر يوما وقطع نخلهم وحرقها، وكان الذي حرق نخلهم وقطعها عبد الله بن سلام(35) وعبد الرحمن بن كعب أبو ليلى الحراني(36) من أهل بدر، فقطع أبو ليلى العجوة وقطع ابن سلام اللينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لم قطعتم العجوة؟))(37) قال أبو ليلى:يا رسول الله! كانت العجوة أحرق لهم وأغيظ.
*مولد الحسين رضي الله عنه :
( (( هما ريحانتاي من الدنيا)) ): ولد رضي الله عنه في شهر شعبان حيث حملت فاطمة الزهراء لله بالحسين بعد مولد الحسن بخمسين ليلة، وروى جعفر بن محمد عن أبيه قال: لم يكن بين الحسن والحسين إلا طهرا واحدا(38)، وهو سيد شباب أهل الجنة، وقد قال فيه الرسول وفي أخيه الحسن: ((هما ريحانتاي من الدنيا)) وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشمهما ويقبلهما(39).
*موقفه من حديث الإفك:
(الرسول صلى الله عليه وسلم يسأل أسامة: ((ما نعلم إلا خيرا))، على: ((لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير، وأن تسأل الجارية تصدقك): فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ابن أبي طالب وأسامة بن زيد(40) حين استلبث(41) الوحي يستأ مرهما في فراق أهله، فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله، والذي يعلم لهم في نفسه من الود، فقال: يا رسول الله أهلك وما نعلم إلا خيرا، وأما علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك.
*تعليق:
إن جواب علي رضي الله عنه يحمل معنيين:
الأول: إذا كان الغرض من السؤال الزواج فالنساء سواها كثير.(1/11)
والثاني: إذا أردت معرفة بعائشة رضي الله عنها فجاريتها أعلم بها لأنها تلازمها. فجاء جواب الجارية أنها لا تأخذ عليها في شيء إلا إنها حينما تحرسها على العجين تنام عنه فتأكله الداجنة (الدجاج) فالجواب شهادة لعائشة رضي الله عنها ولا يحمل جواب علي- رضي الله عنه- أي إتهام أو ضغينة لها رضي الله عنها.
*في غزوة الأحزاب (الخندق):
خرج علي بن أبي طالب في نفر من المسلمين حتى أخذ عليهم الموضع الذي منه اقتحموا وأقبلت الفوارس نحوهم، وكان (عمرو بن عبد ود) قد قاتل يوم بدر ولم يشهد أحد، فخرج عام الخندق معلما ليرى مشهده، فلما وقف هو وخيله قال علي بن أبي طالب: يا عمرو! إني أدعوك إلى النزال، قال: ولم يا ابن أخي؟ فوالله ما أحب أن أقتلك! قال علي: لكني والله لكني والله أحب أن أقتلك! فحمى عمرو عند ذلك واقتحم عن فرسه وعقره، ثم أقبل إلى علي، فتنازلا وتجاولا إلى أن قتله علي وخرجت خيله منهزمة من الخندق!!(42).
*حملة اللواء في غزوة بني قريظة:
(ألا لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة) : بعد عودة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وكان الظهر، أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ((قد وضعتم السلاح وإن الملائكة لم تضع سلاحها بعد، أن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة!)) فأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل لواءه علي بن أبي طالب، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب(43).
* كتابته شروط صلح الحديبية:
بداية دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب فقال: (اكتب بسم الله الرحمن الرحيم)).
فقال سهيل: لا أعرف هذا، ولكن أكتب باسمك اللهم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اكتب باسمك اللهم! هذا ما صالح عليه محمد رسول الله وسهيل بن عمرو)).(1/12)
فقال: لو شهدت أنك رسول الله لِمَ أقاتلك؟، ولكن أكتب محمد بن عبد الله اسمك واسم أبيك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اكتب محمد بن عبد الله، وسهيل بن عمرو)). فكتب.
* تذمر المسلمين:
(يا رسول الله تكتب هذا): تذمر المسلمون من هذه الاتفاقية وضاقوا بها ذرعاً، خاصة بعد أن جرت التعديلات على الصياغة الإسلامية للعقد، فقد اعتذر علي بن أبي طالب عن مسح كلمة رسول الله من الكتاب فكتب ما أراد سهيل بن عمرو، وغضب المسلمون لرد المسلمين الفارين من قريش إليهم، فقالوا: يا رسول الله تكتب هذا؟ قال: ((نعم إنه من ذهب إليهم فأبعده الله، ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجاً ومخرجاً))(44).
* في غزوة خيبر:
(قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله..) قال عمر: ((ما أحببت الإمارة غلا يومئذ)): قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله! ويحبه الله ورسوله! يفتح الله على يديه، ليس بفرار)).
فبات الناس ليلتهم يتمنى كل منهم أن يعطاها، حتى إن عمر قال: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فلما أصبح الصباح قال: ((أين علي بن أبي طالب؟)) فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، فدعاه فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرأ بإذن الله، فأعطاه الراية وقال له: ((انفذ إليهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من خمر النعم))(45).(1/13)
(يهودي: علوتم وما أنزل على موسى، علي يقاتل حتى سقط ترسه فحمل باباً بدلاً الترس): خرج علي يهرول والمسلمون خلفه حتى ركز رايته في رضم من الحجارة، فاطلع يهودي من رأس الحصن وقال: من أنت؟ فقال: أنا علي بن أبي طالب، فقال اليهودي: علوتم وما أنزل على موسى! فلم يزل يقاتل حتى سقط ترسه من يده، ثم تناول باباً صغيراً كان عند الحصن فاّترس(46) به،فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده.
* تنافسه مع زيد وجعفر(47) على حضانة ابنة حمزة:
(علي للرسول صلى الله عليه وسلم: علام نترك ابنة حمزة عمنا- يتيمة بين ظهراني المشركين، لم ينه صلى الله عليه وسلم عن إخراجها): إن عمارة ابنة حمزة بن عبد المطلب وأمها سلمى بنت عميس كانت بمكة، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كلم علي بن أبي طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: علام نترك ابنة عمنا يتيمة بين ظهراني المشركين؟ فلم ينه النبي صلى الله عليه وسلم عن إخراجها.
(عمارة للرسول صلى الله عليه وسلم: يا عم يا عم): وحين خرج النبي صلى الله عليه وسلم فتتبعه ابنة حمزة تنادي: يا عم يا عم، فتناولها علي فأخذ بيدها وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك، فاختصم فيها علي وزيد بن جعفر، فقال عليّ: أنا أخذتها وهي ابنة عمي، وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها تحتي، وقال زيد: ابنة أخي، فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال: ((الخالة بمنزلة الأم))(48)، وقال لعليّ: ((أنت مني وأنا منك)) وقال لجعفر: ((أشبهت خَلقي وخُلقي)) وقال لزيد: ((أنت أخونا ومولانا))، قال عليّ لجعفر: ألا تتزوج ابنة حمزة؟ قال: ((إنها ابنة أخي من الرضاعة(49))) تفرد به البخاري من هذا الوجه(50)، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة في شهر ذي الحجة سنة سبع (51).
* في فتح مكة:
* أبو سفيان(52) يوسط أبا بكر وعمر وعلياً (53).(1/14)
خرج أبو سفيان حتى دخل على عليّ بن أبي طالب وعنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندها الحسن ابنها يدب بين يديهما، فقال: يا عليّ! إنك أمسّ القوم بي رحماً وأقربهم مني قرابة، وقد جئت في حاجة فلا أرجعنّ كما جئت، اشفع لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ويحك يا أبا سفيان! لقد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه، فالتفت إلى فاطمة فقال: هل لك أن تأمري ابنك هذا أن يجبر بين الناس، قال: يا أبا الحسن!! إني أرى الأمور قد اشتدت عليّ، ما تنصح لي؟ قال: والله ما أعلم شيئا يغني عنك ولكن قم فأجر بين الناس، والحق بأرضك، قال: أو ترى ذلك يُغني عنه شيئا؟ قال: والله ما أدري! فقام أبو سفيان في المسجد، فقال: أيها الناس! إني أجرت بين الناس! إني أجرت بين الناس.
ولما سمعت قريش القصة، قالوا: جئتنا بما لا يغني عنا، ولا يغني عنك شيئا.
* أرسله النبي صلى الله عليه وسلم لإدراك حاطب(54) إلى مكة:
(النبي صلى الله عليه وسلم: ((أدركا امرأة من مزينة))، علي: إما أن تخرجي الكتاب وإلا نكشفنّك): بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام(55) وقال: ((أدركا امرأة من مزينة قد كتب معها حاطب بكتاب إلى قريش بحذرهم ما قدمنا عليه))، فخرجنا حتى أدركاها بالحليفة (56)، فاستنزلاها والتمساه في رحلها فلم يجدا شيئا، فقال لها علي: إني أحلف بالله أن رسول الله ما كذب ولا كذبنا، إما أن تخرجي الكتاب و إلا نكشفك، فلما رأت الجد، قالت: أعرض عني، فأعرض عنها علي، فحلت قرون رأسها واستخرجت الكتاب، فدفعته إليه فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
*محاولته قتل من أجارته أم هانىء:(1/15)
(قد أجرنا من أجرت يا أم هانىء): وكانت السيدة أم هانىء بنت أبي طالب زوج هبيرة بن أبي وهب المخزومي فر إليها يوم الفتح رجلان من أحمائها(57)، وهما: الحارث بن هشام وزهير بن أبي أمية المخزوميان، فدخل عليها أخوها علي بن أبي طالب يريد قتلهما فمنعته أم هانىء، ثم جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أعلى مكة، فلما رآها قال: ((مرحبا بك يا أم هانىء ما جاء بك؟)) فقالت: يا نبي الله كنت أمنت رجلين من أحمائي فأراد علي قتلهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قد أجرنا من أجرت يا أم هانيء))(58)، وقد أسلم الحارث وزهير، وأما هبيرة زوجها فلم يسلم وأقام بمكة حتى مات كافراً.
* تسليمه مفتاح الكعبة للنبي صلى الله عليه وسلم:
جلس النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فقام إليه علي رضي الله عنه ومفتاح الكعبة في يده، فقال: يا رسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أين عثمان بن طلحة؟)) فدعي له فقال له: ((هاك مفتاح الكعبة يا عثمان اليوم يوم بر ووفاء)).
* قتله الحويرث بم نقيد:
(نخس الجمل بفاطمة وأم كلثوم فسقطتا على الأرض): ولما تحمل العباس بن عبد المطلب بفاطمة وأم كلثوم ليذهب بهما إلى المدينة يلحقهما برسول الله صلى الله عليه وسلم، نخس بهما الحويرث -الجمل الذي هما عليه- فسقطتا على الأرض، وهي نذالة وعمل عار عن المروءة، وقد قتله علي بن أبي طالب (59).
* أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني جذيمة:
(يا علي: ((اخرج إلى هؤلاء فانظر في أمرهم...)) سألهم علي: هل بقي لكم دم أو مال لم يؤد لكم؟ قالوا: لا، قال: فإني أعطيتكم هذه البقية احتياطاً لرسول الله): دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وقال له: ((يا علي، اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم، واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك)).(1/16)
فخرج رجلا جاءهم ومعه مال قد بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم معه، فأدى لهم الدماء وما أصيب لهم من مال حتى ميلغة الكلب(60)، وبقيت معه بقية من المال فقال لهم: هل بقي لكم دم أو مال لم يؤد لكم؟ قالوا: لا، قال: فإني أعطيتكم هذه البقية احتياطاً لرسول الله مما لا يعلم ولا تعلمون، ثم رجع إلى رسول الله فأخبره بما صنع، فقال له: ((أصبت وأحسنت))(61).
وبهذا التصرف النبوي الحكيم وأسى النبي صلى الله عليه وسلم بني جذيمة، وأزال ما في نفوسهم من أسى وحزن (62).
* خلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزوة تبوك:
(أرجف المنافقون في علي: ((أما ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى)) ): استخلف الرسول صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة(63) وقيل سباعاً بن عرفطة(64) وخلف علي بن أبي طالب على أهله وأمره بالإقامة فيهم، لإأرجف به المنافقون وقالوا: ما خلفه إلا استثقالا له وتخففاً منه، فلما قالوا ذلك أخذ علي سلاحه ثم خرج حتى لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجرف فأخبره بما قالوا، فقال: ((كذبوا ولكني خلفتك لما تركت ورائي فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي)) فرجع علي(65).
* تعليق:
إرجاف المنافقين بعلي رضي الله عنه في تخليف رسول الله صلى الله عليه وسلم له في أهله، وهو ميمم سفراً بعيداً، قد يطول المقام فيه أو يقصر، وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بقي من مسلمي المدينة الذين حبسهم العذر عن السير معه صلى الله عليه وسلم، في أشد الحاجة إلى من يرعى مصالحهم ويسهر على جمايتهم ويحفظ ضيعتهم.
فمن أولى من علي صاحب البرد الأخضر في ليلة الهجرة أن يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهله؟
فهؤلاء كذبوا على الله ورسوله، وقالوا منكراً من القول وزورا، وأولئك تقولوا إفكاً من الأباطيل والفري.(1/17)
* أرسله النبي صلى الله عليه وسلم بآيات سورة براءة إلى الصديق:
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق على الحج فخرج في ثلاثمائة رجل من المدينة، وبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشرين بدنة قلدها وأشعرها بيده، عليها ناجية بن جندب الأسلمي(66)، وساق أبو بكر خمس بدنات فحج بالناس، وقرأ علي بن أبي طالب براءة يوم النحر عند الجمرة، ونبذ إلى كل ذي عهد عهده(67).
* علي وتجهيز جسمان النبي صلى الله عليه وسلم:
(أسند علي النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره وعليه قميصه، وتولى غسله...): وبعد البيعة انصرف المسلمون إلى تجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم، مقتدين في كل ما أشكل عليهم بالصديق في تغسيله وتكفينه ودفنه، وقد حضر غسله من آل البيت: العباس(68) وعلي، والفضل(69) وقثم ابنا العباس(70)، وأسامة بن زيد، وصالح(71) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل معهم بعد الاستئذان أوس بن خولى الأنصاري(72).
وقد أسند علي النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره وعليه قميصه، وتولى غسله يعاونه العباس وابناه، وكان أسامة وصالح يصبان الماء(73).
(علي: بأبي أنت وأمي ما أطيبك حياً وميتا): لم ير علي من النبي صلى الله عليه وسلم ما يُرى من الميت، فصار يقول: بأبي أنت وأمي، ما أطيبك حياً وميتاً!! وكان يغسل بالماء والسدر -نبت طيب الرائحة يغسل به الميت- فلما فرغوا من تغسيله كفنوه في ثلاثة أثواب بيض يمانية من قطن(74).
صحبته لأبي بكر رضي الله عنه
* مبايعته لأبي بكر:
وبعد إتمام البيعة لأبي بكر رضي الله عنه تحدثت بعض الروايات عن بعض المواقف التي من شأنها أن تسيء إلى بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم(75).
[زعم أن أبا سفيان حرّض عليا على الخلافة]:(1/18)
1- ما أشيع عن تحريض أبي سفيان لعلي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما(76) فهو أمر غير مقبول، إذ لا يمكن أن يفعل هذا وهو من الطلقاء، ولا يمكن أن يقبلاه منه وهما على تلك الصورة من الإيمان، وعلى تلك الحالة من الوعي، ثم إن هذا الخبر لو صح لكان على أبي بكر وهو بوضعه أن يسأل أبا سفيان عن هذا التصرف، الذي عليه أن ينشأ عنه خلاف وتفرق، ويحدث بنتيجة خصام وقتال، ولما لم يحدث شيء من هذا فهو من عمل الرواة.
[أحقاً وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بالخلافة؟!!]:
2- وما أشيع عن وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهو محض افتراء وتلفيق، إذ أن وصية رسول الله للمؤمنين إنما هي من الدين الذي يجب ألا يحيد عنه أحد من المسلمين، فالحيدة عنه إنما هي اتهم للمسلمين كافة، وطعن في إيمان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعهم. فكيف يقبل أبو بكر الصديق رضي الله عنه في ترك هذه الوصية، وهو الذي لم يعرف عنه أنه توقف لحظة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ثم كيف يقبل علي بن أبي طالب رضي الله عنه السكوت عن هذه الوصية، وهو الذي لا يخشى في الله لومة لائم؟ وإذا ذكر بعضهم أنه بايع في الظاهر، فمتى كان علي رضي الله عنه والصحابة أجمعون يظهرون غير ما يبطنون؟ ومعنى ذلك إتهامهم بالنفاق، ونعوذ بالله من هذا الكلام.
[هل تأخر علي في مبايعة الصديق؟!!]:
3- ما أشيه عن تأخر علي رضي الله عنه في بيعة أبي بكر حتى وفاة زوجه فاطمة رضي الله عنها فهو افتراء أيضاً، فما كان علي ليفارق جماعة المسلمين مدة ستة أشهر، وهو الذي عرف بالإيمان، ودعا إلى وحدة القلوب، وأحس بأخوة الإسلام منذ نعومة أظفاره.
[أحقاً هجرت فاطمة أبا بكر بعد منع الإرث عنها؟!!]:(1/19)
4- حدث شيء من جفوة بين الإمامين الجليلين، والصحابيين الكريمين، ولكن ليس بسبب الخلافة وإنما بسبب الإرث، إذ طلبت فاطمة رضي الله عنها من أبي بكر حقها بإرث أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من فدك وسهمه في خيبر، فلم يقبل أبو بكر رضي الله عنه هذا الطلب، وأجاب بحديث والدها عليه أفضل الصلاة والسلام: ((نحن معاشر الأنبياء لا نورث. ما تركناه صدقة)) ومع التسليم بهذا الحديث وفاطمة وعلي رضي الله عنهما على علم بهذا، وهي من أهل العلم؛ إلا أنه حدث شيء من جفوة، ولم تتعد ذلك. وكان علي رضي الله عنه يومذاك معتزلاً في البيت، لا يتردد كثيراً على أ[ي بكر ينصحه ويستشيره، وإن كان بجانبه في معضلات الأمور، مثل الدفاع عن المدينة، وحرب المرتدين، ولعل ذلك كان بسبب مرض زوجه فاطمة رضي الله عنهما إذ شغل بتمريضها حتى توفيت بعد ستة أشهر من وفاة أبيها محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. وما يقال عن هجرانها لأبي بكر؛ فهذا كلام من لم يعرف طبيعة الإسلام؛ فمتى كانت النساء تتردد على الرجال أو يتردد الرجال على النساء؛ فمتى كانت النساء تتردد على الرجال أو يتردد الرجال على النساء؟! ثم إنها كانت مريضة لا تستطيع الخروج من بيتها، وأبو بكر كان مشغولاً بأعباء الخلافة، إذا كانت تلك الأيام من أحلك ما مر على الدولة الإسلامية.
إذا بايع علي بن أبي طالب رضي الله عنه والعباس بن عبد المطلب وبنو هاشم كافة يوم بايع الناس، ولم يخالف أحد على أبي بكر لا من بني هاشم ولا من غيرهم.
* موقفه من خروج أبي بكر لمقاتلة عبس وذبيان:(1/20)
وثب بنو عبس وذبيان على من معهم من المسلمين فقتلوهم، ووصل الخبر إلى الخليفة، فأقسم رضي الله عنه ليقتلن في المشركين بمن قتلوا من المسلمين وزيادة، ثم استخلف أسامة على المدينة، ثم شرع في الخروج إلى ذي القصة(77)، فقال له المسلمون: ننشدك الله يا خليفة رسول الله أن تقيم، فأبى وقال: لأواسينكم بنفسي، وجاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال له: أقول لك ما قاله لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: ( ((أغمد)) سيفك، ولا تفجعنا بنفسك، وارجع إلى المدينة، فوالله لئن أصبنا بك لا يكون للإسلام بعدك نظام أبداً). فقال: لا والله ولأواسينكم بنفسي، وسار المسلمون بقيادة الخليفة رضي الله عنه وأصبحت بلادهم لدواب المسلمين وصدقاتهم(78).
* ما قاله عند وفاة أبي بكر:(1/21)
(علي: رحمك الله يا أبا بكر... كنت والله للإسلام حصنا.. وعلى الكافرين عذابا): وجاء علي رضي الله عنه بعد وفاته فوقف بباب بيته رضي الله عنهما وقال: رحمك الله يا أبا بكر، كنت والله أول القوم إسلاما، وأخلصهم إيمانا، وأشهدهم يقينا، وأعظمهم غناء، وأحفظهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجودهم على الإسلام، وأحناهم على أهله، وأشبههم برسول الله خلقا وخلقا وهديا وسمتا، فجزاك الله عن الإسلام وعن رسول الله خيرا، صدقت رسول الله حين كذب الناس، وواسيته حين تخلوا، وقمت معه حين قعدوا، وأسماك الله في كتابه صديقا: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}(79) تريد محمدا ويريدك، وكنت والله للإسلام حصنا، وعلى الكافرين عذابا، لم تقلل حجتك ولم تضعف بصيرتك ولم تجبن نفسك، كنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ضعيفا في بدنك، قويا في أمر الله، متواضعا في نفسك، عظيما عند الله، جليلا في الأرض، كبيرا عند المؤمنين)) ولم يكن لأحد عندك مطمع,ولا لأحد عنك هوادة, فالقوى عندك ضعيف حتى تأخذ الحق منه, والضعيف عندك قوى حتى تأخذ الحق له, فلا حرمنا الله أجرك ولا أضلنا بعدك(80).
صحبته لعمر رضي الله عنه
لما ولى عمر قال لعلي -رضوان الله عليهما- اقض بين الناس وتجرد للحرب.
*استشارة عمر- رضي الله عنه- في السير إلى بيت المقدس:
استشارة عمر الناس في ذلك فأشار عثمان بن عفان بأن لا يركب إليهم ليكون أحقر لهم وأرغم لأنوفهم.وأشار على بن أبى طالب بالمسير إليهم ليكون أخف وطأة على المسلمين في حصارهم بينهم, فهوى ما قال على ولم يهو ما قال عثمان.
وسار بالجيوش نحوهم, واستخلف على المدينة على بن أبى طالب.
*على مستشارا لعمر رضي الله عنهما:(1/22)
كان عمر يستشير عليا في قضائه ويرجع إليه متحرجا من دعوته إليه حين يحتاج إلى سؤاله. واستفتاه بعضهم في مجلسه فقال: اتبعوني أخذهم إلى على فذكر له المسألة, فقال على : ألا أرسلت إلى؟ قال عمر رضي الله عنه: أنا أحق بإتيانك.
*ثناء على بن أبى طالب على عمر رضي الله عنهما:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه على سريره,فتكنفه الناس, يدعون ويصلون قبل أن يرفع وأنا فيهم, فلم يرعني إلا رجل قد أخذ بمنكبي من ورائي, فالتفت فإذا هو على ابن أبى طالب رضي الله عنه فترحم على عمر وقال: ما خلفت أحدا أحب إلى أن ألقى الله بمثل عمله أيم الله إن كنت لأظن ليجعلك الله معهما أي صاحبيك, وذلك أني كنت كثيرا أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( فذهب أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر)) رضي الله عنهما فإن كنت لأظن أن يجعلك الله معهما(81).
صحبته لعثمان رضي الله عنه
*موقفه من الحصار:
(إسراع علي بنجدة عثمان رضي الله عنهما): وأشرف عثمان رضي الله عنه على الحزم وهم جيرانه، فسرح ابنا لعمر إلى علي بأنهم قد منعونا الماء، فإن قدرتم أن ترسلوا إلينا شيئا من الماء فافعلوا. وإلى طلحة وإلى الزبير، وإلى عائشة رضي الله عنهم جميعا- وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فكان أولهم إنجادا له علي وأم حبيبة(82).
*ما قاله علي رضي الله عنه عند مقتل عثمان رضي الله عنه:
ولما قتل عثمان وعلم علي قال: رحم الله عثمان، وخلف علينا بخير! وقيل ندم القوم، فقرأ {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ}(83).
وطلب سعد(84) فإذا هو في حائطه، وقد قال: لا أشهد قتله، فلما جاءه قتله قال: فررنا إلى المدينة تدنينا، وقرأ: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}(85)... اللهم أندمهم ثم خذهم.
خلافته
*تمهيد:(1/23)
(المدينة يحكمها السبئيون): ظلت المدينة بعد قتل عثمان رضي الله عنه خمسة أيام، وأميرها الغافقي بن حرب، يلتمسون من يجيبهم إلى القيام بالأمر فلا يجدونه، يأتي المصريون عليا رضي الله عنه فيختبئ منهم ببساتين المدينة، فإذا لقوه باعدهم وتبرأ منهم ومن مقالتهم مرة بعد مرة، ويطلب الكوفييون الزبير فلا يجدونه، فأرسلوا إليه حيث هو رسلا، فباعدهم وتبرأ من مقالتهم، ويطلب البصريون طلحة، فإذا لقيهم باعدهم وتبرأ من مقالتهم مرة بعد مرة وكانوا مجتمعين على قتل عثمان رضي الله عنه مختلفين فيمن يهوون، فلما لم يجدوا مجيبا جمعهم الشر على أول من أجابهم، وقالوا: لا نولى أحدا من هؤلاء الثلاثة، فبعثوا إلى سعد بن أبي وقاص وقالوا: إنك من أهل الشورى فرأينا فيك مجتمع فاقدم نبايعك، فبعث إليهم: إني وابن عمر خرجنا منها فلا حاجة لي فيها على حال، ثم إنهم أتوا ابن عمر عبد الله، فقالوا: أنت ابن عمر فقم بهذا الأمر، فقال: والله لا أتعرضن له فالتمسوا غيري، فظلوا على حيرتهم إلا أن أمر المدينة بأيديهم(86).
* بيعة علي رضي الله عنه :
[فوالله لئن لم تفرغوا لنقتلن غدا عليا وطلحة والزبير وأناسا كثيرا]: قال السبئيون: يا أهل المدينة أجلناكم يومين، فوالله لئن لم تفرغوا لنقتلن عليا وطلحة والزبير وأناسا كثيرا، فأتى الناس عليا، فقالوا: نبايعك فقد ترى ما نزل بالإسلام، وما ابتلينا به من دوى القربى، فقال علي: دعوني والتمسوا غيري فإنا مستقبلون أمرا له وجوه وله ألوان، لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول، فقالوا: ننشدك الله ألا ترى ما نرى! ألا ترى الإسلام! ألا ترى الفتنة! ألا تخاف الله! فقال: قد أجبتكم لما أرى، واعلموا إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، وإن تركتموني فإنما أنا كأحدكم، إلا أني أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم. ثم افترقوا على ذلك وتواعدوا في الغد(87).(1/24)
وأعتقد أن اختيار على قدتم دون رغبة منه رضي الله عنه وإن كنت أرى أن عرضهم الأمر على طلحة والزبير رضي الله عنهما قدتم ترضية للخارجين من الكوفة والبصرة؛ لأن دلك بداية لمخططهم لضرب الأمة الإسلامية في ذلك الوقت، لأن الناس سوف تنقسم إلى متعاطفين مع الخليفة علي، ومجتمعين للثأر للخليفة المقتول رضي الله عنهما.
[أحقا بايع طلحة والزبير مكرهين؟]: تذكر بعض المصادر: وجاء القوم بطلحة فقالوا: بايع، فقال: إني إنما أبايع كرها، فبايع- وكان به شلل- أول الناس، وفي الناس رجل، فنظر من بعيد فلما رأى طلحة أول من بايع قال: إنا لله وإنا إليه راجعون! أول يد بايعت أمير المؤمنين يد شلاء! لا يتم هذا الأمر! ثم جيء بالزبير فقال مثل ذلك، وبايع في يوم الجمعة لخمس من ذي الحجة(88) وإذا أردنا تفنيد هذا الزعم فإننا نسوق الأدلة الآتية:
1- فإن كانا بايعا مكرهين قلنا: حاشا لله أن يكرها، ولو لم يبايعا ما أثر ذلك فيهما، ولا في بيعة الإمام.
2- وأما من قال يد شلاء وأمر لا يتم، فذلك ظن من القائل أن طلحة أول من بايع، ولم يكن كذلك. إن أهل الكوفة يقولون أن (الأشتر) كان أول من بايع، ولو كانت يد طلحة هي الأولى في البيعة لكانت أعظم بركة، لأنها يد دافعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويد (الأشتر) لا تزال تحمل آثارا لدم عثمان رضي الله عنه .
3- فإن قيل: إن طلحة قال: بايعت واللجُّ على قفي- قفاي- قلنا: وتلك لغة هذيل لا قريش فكانت كذبة لم تدبر، بل هي أبعد عن لغة قريش من لهجة هذيل(89).
وهناك العديد من الروايات الصحيحة في بيعة طلحة والزبير منها: رواية (الأشتر) الأولى: رواها عمر بن شبة في تاريخ البصرة من طريق الأشتر مالك بن الحارث قال: رأيت طلحة والزبير بايعا عليا- طائعين غير مكرهين(90) وهي من طريق مغيرة عن إبراهيم عن الأشتر، وهذا سند صحيح أو تحسن عند الحافظ ابن حجر(91)(92).(1/25)
[أحقا كانت بيعة طلحة والزبير مشروطة بقتل قتلة عثمان رضي الله عنه؟]: تذكر بعض المصادر أنه اجتمع عند علي وطلحة والزبير جمع من الصحابة رضي الله عنهم فقالوا: يا علي إننا قد اشتر طنا إقامة الحدود وإن هؤلاء القوم قد اشتركوا في دم هذا الرجل وأحلوا بأنفسهم. فقال لهم: يا أخوتاه، إني لست أجهل ما تعلمون، ولكن كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم! ها هم هؤلاء قد ثارت معهم عبد أنكم، وثارت إليهم أعرابكم وهم خلالكم مسومونكم ما شاءوا، فهل ترون موضعا لقدرة على شيء مما تريدون؟ قالوا: لا، قال: فلا والله لا أرى إلا رأيا ترونه إن شاء الله، إن الناس من هذا الأمر إن حرك على أمور: فرقة ترى ما ترون، وفرقة لا ترى هذا ولا هذا حتى يهدأ الناس وتقع القلوب مواقعها وتؤخذ الحقوق، فاهدأوا عني وانظروا ماذا يأتيكم؟(93).
أرى أنه من المفيد قبل أن نتابع أحداث هذا الموضوع أن نذكر ما ورد من روايات صحيحة، في ذلك، حتى يحترس القارئ من أن يقع فريسة لدس السبئيين ومن انخدع بهم من المؤرخين، ونذكر ما ورد من روايات صحيحة في ذلك: أخرج أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف(94) بسند صحيح(95) زيد بن وهب في قصة إرسال علي لا بن عباس وإلى طلحة والزبير وأصحابهم، وفيها (فقال علي لطلحة والزبير: ألم تبايعني؟ فقالا: نطلب دم عثمان..) ولم ينكر طلحة والزبير رضي الله عنهما قول علي هذا، ولم يحتجا بأنهم أكرها علي البيعة إما لأن الإكراه لم يقع أصلا، أو لم يعلم به علي ولا ابن عباس- رضي الله عنهما- أو لأن الإكراه لا يبرر نكث البيعة ولا الخروج على الجماعة، وكذلك هو إقرار منهما أنهما بايعا، فإنهما لم يردا قول ابن عباس كما تقدم.
[هل رفض البيعة أحد من الصحابة؟]: تذكر بعض المصادر أنهم: جاءوا بسعد بن أبي وقاص، فقال له علي: بايع. فقال: لا حتى يبايع الناس، والله ما عليك مني بأس(96).(1/26)
ثبت من مفهوم الروايات الصحيحة والحسنة أن سعد بن أبي وقاص كان من المبايعين لعلي رضي الله عنه وأنه إنما تورع عن القتال، فخلط بعض الناس بين البيعة والتورع عن القتال كما سنبين تفصيلا. أما الروايات فهي كما يأتي:
الرواية الأولى: عن سعد:
قال ابن سعد: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي(97) عن أيوب(98) عن محمد(99) قال... وفيها قول سعد: لا أقاتل حتى تأتوني بسيف به عينان ولسان وشفتان، فيقول: هذا مؤمن وهذا كافر(100). وهذا إسناد صحيح إلى ابن سيرين وقد كرر سعد رضي الله عنه الاعتذار عن القتال في مناسبات مختلفة، يدرك ذلك من تتبع طرق الحديث ومناسباته.
وجاءوا بابن عمر(101) فقال: حتى يبايع الناس، قال الأشتر: دعني أضرب عنقه! قال علي: دعوه أنا كفيله، إنك -يعني ابن عمر- ما علمته سيء الخلق صغيراً وكبيراً!(102).
وظواهر الأدلة تدل على أن ابن عمر رضي الله عنه بايع علياً، ولكنه تورع عن القتال، وثبت بالروايات الصحيحة أنه ندم على تورعه هذا، وتمنى في آخر حياته لو أنه اشترك في قتال الفئة الباغية مع علي رضي الله عنه.
الرواية الثانية: عن بيعة ابن عمر:
جاءت من طريق ابن عيينة(103) عن عمر بن نافع(104) عن أبيه(105) عن ابن عمر قال: بعث إلى علي فقال: يا أبا عبد الرحمن! إنك رجل مطاع في أهل الشام، فسر فقد أمرتك عليهم...(106)
وهذا دليل واضح على أنه من المبايعين فعلي ولاه الشام، ولكن ابن عمر أبى واستعفى من هذه الولاية، فلو لم يكن ابن عمر مبايعا لما ولاه علي، إذ كيف يولى علي الشام من لم يبايعه وفي هذا فلن يثق به ولا بطاعته؟!، وقد صرح ابن سعد وغيره بأن ابن عمر بايع عليا رضي الله عنهما.
وبايعه الأنصار إلا نفرا يسيرا، منهم حسان بن ثابت(107)، وكعب بن مالك(108)، ومسلمة بن مخلد(109)، وأبو سعيد الخدري، ومحمد بن مسلمة، والنعمان بن بشير(110)، وزيد بن ثابت(111)، ورافع بن خديج(112)، وفضالة بن عبيد (113)، وكعب بن عجرة (114).(1/27)
ولم يبايع أيضا عبد الله بن سلام(115)، وصهيب بن سنان(116)، وسلمة بن سلامة بن وقش(117)، وقدامة بن مظعون(118)، والمغيرة بن شعبة(119) (120).
(أهناك روايات صحيحة في بيعة أسامة بن زيد رضي الله عنه ؟): ظواهر الأدلة تدل على أنه من المبايعين، وإنما تورع عن القتال بسبب الحديث الذي رواه أسامة نفسه عندما قتل رجلا قال لا إله إلا الله. فعاتبه النبي صلى الله عليه وسلم عتابا شديدا فوعده أسامة ألا يقاتل من قال لا إله إلا الله بعد ذلك، ففي صحيح البخاري(121) أنه أرسل إلى علي رضي الله عنه حرملة مولاه وقال له: إنه سيسألك الآن فيقول: ما خلف صاحبك؟ فقل له: لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك، ولكن هذا أمر لم أره، يعني القتال وليس البيعة.
وأرى أن الرافضين رأوا أن الأمر لا يستقيم إلا بإقامة الحد على قتله الخليفة، وليس رفضهم طعنا في شخص علي رضي الله عنه جميعا- ويذكر صاحب العواصم من القواصم: أما بيعته فلم يتخلف عنها، وأما نصرته فتخلف عنها قوم، منهم من ذكرتم أنها كانت مسألة اجتهادية فاجتهد كل واحد وأعمل نظره وأصاب قدره. ونميل لهذا الرأي وأن من ذكر رفضهم تأثير برأي السبئيين الذين يسعون للتشكيك في الصحابة.
*إجماع الصحابة:
قد ثبت إمامة علي رضي الله عنه وخلافته بالنص والواقع والإجماع، فقد أجمع على بيعته كبار الصحابة والمهاجرين والأنصار، وخضعت لخلافته كل البلاد الإسلام: كالحجاز واليمن وفارس وخراسان ومصر وإفريقية والجزيرة وأذربيجان والهند والسند والنوبة.(1/28)
ولم يعارض بيعته سوى أهل الشام، وهم لا يمثلون نصف الأمة ولا ربعها، بل قد لا يصلون عشرها، وكان في الشام بعض الصحابة والتابعين مقرين بخلافة علي، ومعتزلين لمعاوية مثل: شداد بن أوس(122)، وعبد الرحمن بن غنم الأشعري(123) كبير تابعي أهل الشام، فلم يقاتل مع معاوية من الصحابة إلا عدد قليل من مسلمة الفتح ومسلمة حنين، وعدد من المختلف في صحبتهم. ولعل أفضلهم هو عبد الله بن عمرو بن العاص(124) ووالده عمرو بن العاص(125).
بينما شهد مع علي ثمانمائة رضواني وبدري كلهم أفضل من عبد الله بن عمرو، بدرجات كبيرة، كما قال تعالى فيهم: {أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً}(126) فلذلك قلنا: إن الإجماع منعقد بهؤلاء البدريين والرضوانيين والسابقين إلى الإسلام.
*إجماع التابعين:
إذا كان الصحابة قد أجمعوا على بيعة علي فالتابعون تبع لهم، فتابعوا الحجاز والعراق ومصر واليمن وخراسان وغيرها من البلاد تبع للصحابة. ولذلك شهد (صفين) مع علي كبار التابعين من أهل العراق، وعلى رأسهم خير التابعين أويس القرني، وعلقمة بن قيس، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو الأسود الدؤلي، والأحنف بن قيس، وغيرهم من كبار التابعين، ولا يعارض هذا بعض التابعين من أهل الشام، فتابعوا أهل الشام أقل فضلا وعددا أضف إلى ذلك اعتزال فضلاء تابعي أهل الشام كعبد الرحمن بن غنم الأشعري، فجمهور التابعين مع البدريين والسابقين الأولين، ويكفي أن سيد التابعين أويس القرني وعالم التابعين علقمة بن قيس كانا مع علي رضي الله عنه ولكن المؤرخين انشغلوا بذكر من شهد مع علي من الصحابة وأعطوا ذلك أهمية طغت على أخبار التابعين الذين شهدوا معه حروبه أيضا. فلذلك قليلا ما تجد تابعيا مذكورا في مشاهد علي وحروبه ((فشمس البدريين حجبت التابعين)).
*إجماع العلماء والمحدثين:(1/29)
سنذكر نماذج من أقوال العلماء من عهد التابعين إلى اليوم في بيعة علي رضي الله عنه وشريعة خلافته، حتى تتبين عقيدة أهل السنة والجماعة ومذهبهم في هذا الأمر- بيعة علي- وسننقل الأقوال التي تدل على البيعة، سواء كانت بالتصريح أو بالتضمين، وليس قصدنا في هذه الأقوال الحصر، فهذا صعب ولكن يكفي أن ننقل أقوال كبار المحدثين والفقهاء كأئمة المذاهب الأربعة وغيرهم، وإليك هذه النماذج المختارة.
1- الحسن البصري (ت110هـ):
قال: والله ما كانت بيعة علي إلا كبيعة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما (127).
2- الإمام أبو حنيفة(ت150هـ):
قال: ما قاتل أحد عليا رضي الله عنه ليرده إلى الحق إلا كان علي أولى بالحق منه، ولولاه ما علم أحد كيف السيرة في قتال المسلمين.
وقال أيضا- بعد أن سئل عن قتال أهل الجمل-: سار علي رضي الله عنه فيه بالعدل وهو الذي علم المسلمين قتال أهل البغي. وقال: لاشك أن طلحة والزبير رضي الله عنهما قاتلا عليا بعدما بايعاه وحالفاه(128).
3- الإمام الشافعي (ت204هـ):
أما الإجماع الدال على إباحة قتالهم- أي البغاة فهو منعقد بفعل إمامين: أحدهما: أبو بكر في قتال ما نعي الزكاة.
والثاني: علي بن أبي طلب في قتال من خلع طاعته(129).
وقال: واعلموا أن الإمام الحق بعد عثمان علي بن أبي طالب وثبتت إمامته بمبايعته كبار الصحابة ورضا الباقين(130).
4- ابن سعد [ت231هـ]:
قال: لما قتل عثمان- رحمه الله- يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة مضت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وبويع لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بالمدينة الغد من يوم قتل عثمان، بالخلافة بايعه طلحة، والزبير وسعد بن أبي وقاص، وسعيد ابن زيد بن عمرو بن نفيل وعمار بن ياسر وأسامة بن زيد وسهيل بن حنيف وأبو أيوب الأنصاري ومحمد بن مسلمة وزيد بن ثابت وخزيمة بن ثابت وجميع من كان بالمدينة من أصحاب رسول الله وغيرهم(131).
5- الإمام أحمد[ت141هـ]:(1/30)
وله أقوال عدة منها قوله: من زعم أن عليا ليس إماما، إلى أي شيء يذهب؟ ألم يقم الحدود؟ ألم يحج الناس؟ ألم ألم؟؟ وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: أمير المؤمنين(132). وقيل له تقول: علي خليفة؟ قال: نعم. وذكر حديث سفينة. وقال: علي- رحمه الله- إمام عادل.
وقد نقل ابن تيمية أن الأمام أحمد قال فيمن يطعن في خلافة علي: إنه أضل من حمار أهله. ونهى عن مناكحته.
6- الإمام البيهقي [ت458هـ]:
قال: صحيح عن علي رضي الله عنه أنه قاتلهم قتال أهل العدل مع أهل البغي؛ فكان أصحابه لا يجهزون على جريح، ولا يقتلون موليا، ولا يسلبون قتيلا(133).
7- الإمام ابن قدامة صاحب المغني [ت607هـ]:
قال: واجتمعت الصحابة رضي الله عنهم على قتال البغاة، فإن أبا بكر رضي الله عنه قاتل ما نعى الزكاة، وعليا قاتل أهل الجمل وصفين والنهروان(134).
8- الإمام القرطبى [ت671هـ]:
قال: انعقدت خلافته في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومهبط وحيه ومقر النبوة، وموضع الخلافة بجميع من كان فيها من المهاجرين والأنصار بطوع منهم وارتضاء واختيار، وهم أمم لا يحصون وأهل عقد وحل، والبيعة تنعقد بطائفة من أهل الحل والعقد(135).
9- الحافظ ابن حجر العسقلاني [ ت 852هـ]:
قال: وكانت بيعة علي بالخلافة عقب قتل عثمان؛ في أوائل(136) ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، فبايعه المهاجرون والأنصار وكل من حضر، وكتب ببيعته إلى الآفاق، فأذعنوا كلهم إلا معاوية في أهل الشام، فكان بينهم بعدما كان(137).
10- الإمام المؤرخ ابن عماد الحنبلي [ت1089هـ]:
كان في جانب علي جماعة من البدريين وأهل بيعة الرضوان وروايات الرسول صلى الله عليه وسلم والإجماع منعقد على إمامته(138).
11- الإمام الشوكاني [1250هـ]:(1/31)
قال: أولاهما بالحق؛ فيه دليل على أن عليا ومن معه هم المحقون, ومعاوية ومن معه هم المبطلون. وهذا أمر لا يمترى فيه منصف, ولا يأباه إلا مكابر متعسف, وكفى دليلا على ذلك هذا الحديث: ((عمارا تقتله الفئة الباغية))(139).
12- الشيخ العلامة حافظ الحكمي [ت1377 ]:
قال: وأما علي رضي الله عنه مجتهدا مصيبا محقا(140). وقال: وكان رضي الله عنه أعلم بكتاب الله من المطالبين بدم عثمان(141).
*شبهات والرد عليها:
*شبة أولى: [ إن بيعة علي لم يكن فيها شورى]
* والجواب على هذه الشبه نقول:
إن الروايات الصحيحة تؤكد ذهاب الصحابة إلى علي وطلبهم البيعة له وإلحاحهم عليه, فهذا لا يخلو من أمرين:
الأمر الأول: أنهم تشاوروا قبل أن يذهبوا إلى علي، فرأوا أن عليا الأولى، ثم ذهبوا إليه في هذا الأمر.
الأمر الثاني: أن عليا كان في منزلة واضحة لا يحتاج الأمر لشورى، مثلما كانت بيعة أبي بكر بلا شورى لوضوح الفرق بينه وبين غيره، وأنه أولى الناس بالخلافة، وكذلك عمر لم تكن بيعته بالشورى لظهور فضله على من سواه، وإنما كانت الشورى بعد مقتل عمر لتقارب فضل ومنزلة عثمان وعلي ولصعوبة التمييز بينهما.
أما بعد مقتل عثمان فلم يحتج الأمر لشورى لوضوح منزلة علي، ولأنه كان المرشح الثاني بعد عثمان يوم الشورى، فلما قتل عثمان كان علي أفضل من عليها ويشهد لهذا اتفاق الصحابة في الذهاب إلى علي، ولم يذهبوه لا لطلحة ولا للزير ولا لسعد، كما تشيع بعض الروايات الضعيفة، إنما كان اختيارهم وذهابهم الوحيد إلى علي رضي الله عنه فهذا أبلغ دلالة وشرعية من الشورى قبل الذهاب إليه.
فذهابهم الوحيد إلى علي- دون تشاور- من أكبر الدلالات على أحقيته وشرعية بيعته وخلافته. فإن الشورى إنما تكون في الأمور الملتبسة المشتبهة.(1/32)
إذن فحجة أن بيعة علي لم يكن فيها شورى، هي حجة ناقصة وقول مردود وفيها إيهام بأن الخلافة لا تتم إلا بالشورى، وعلى هذا فتكون بيعة أبيبكر وعمر وعلي باطلة؛ لأنها مبنية على غير شورى بل على ظهور الفضل، وهذا فرض أنهم لم يتشاوروا قبل الذهاب إلى غليّ، فكلا الأمرين يؤكد صحة بيعته، سواء تشاوروا أم جاءوا كلهم طواعية إلى على رضي الله عنه.
* الشبهة ثانية: [ضعف رواية عبد الله بن عباس في بيعة عليّ]
قد يرى البعض ضعف رواية عبد الله بن عباس في بيعة علي، فإنها تدل على أن ابن عباس حضر البيعة ورأى إجماع المهاجرين والأنصار على بيعته، بينما تفيد قصته مع علي والمغيرة بن شعبة أنه لم يقدم من الحج غلا بعد أن بويع عليّ، لكن هذه الحجة مردودة فرواية ابن عباس في بيعة علي سندها حسن، بينما روايته مع المغيرة وعليّ سندها ضعيف جداً فتقدم الرواية الأقوى، ولا يضر كون تلك الرواية أشهر؛ لأنه سبق وأن قلنا إن الشهرة لا تقتضي الصحة فكم من رواية مشهورة ضعيفة؛ بل كم من حديث مشهور وهو في غاية الضعف والنكارة.
* شبهة ثالثة:
قد يقول البعض: إن الروايات هذه التي أوردتموها لا تنفي أن قلة من الصحابة توقفوا وامتنعوا عن البيعة؛ لأنه كثيراً ما يرد في الأحاديث والروايات الصحيحة أن (الصحابة) فعلوا كذا ثم تبين أن بعضهم على خلاف ذلك وأنه شذّ من القاعدة؟!
نقول: صحيح أنه قد ينقل إجماع الصحابة أو اتفاقهم على أمر أو يقال ((كان الصحابة يرون كذا)) ثم يثبت عن بعضهم خلاف ذلك فهذا يؤخذ إن ثبتت المخالفة بدليل صحيح.
أما هنا فجميع الروايات التي تقول إن بعض الصحابة لم يبايعوا عليا روايات ضعيفة أو موضوعة بلا استثناء، وعلى هذا يبقى الأصل وهو الإجماع؛ لأنها لم تثبت المخالفة بخلاف الأول(142).
*الأحاديث الدالة على صحة بيعته:
وهو حديث سفينة رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتى الله الملك من يشاء))(143).(1/33)
اعتمد العلماء على هذا الحديث في تثبيت خلافة علي رضي الله عنه والدلالة على صحتها وشريعتها.
1- سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ففقد روى الترمذي والإمام أحمد واللفظ له- عن سفينة مولى النبي صلى الله عليه وسلم:
((الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم يؤتى الله الملك من يشاء)).
قال سعيد بن جمهان- الراوي عن سفينة- ثم قال لي سفينة: أمسك خلافة أبي بكر، وخلافة عمر، وخلافة عثمان ثم قال لي: أمسك خلافة علي- قال لي: فوجدناها ثلاثين سنة.
وهي ثلاثون عاما كاملة، وهي من دلائل النبوة الكبرى، إذ أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما هو كائن فكان كما قال صلى الله عليه وسلم:
فأنت ترى أن سفينة الصحابي راوي الحديث فسر الحديث محتجا به في تثبيت خلافة الخلفاء الأربعة: (أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم) وأن مدتهم كلهم في الخلافة كانت ثلاثين سنة. والصحابي راوي الحديث أعلم بدلالة الحديث من غيره. وهذا الـ (ثلاثون) هي على منهاج النبوة كما في أحاديث صحيحة أخرى(144).
2- إمام أهل السنة أحمد بن حنبل:
فهو من العلماء الذين شددوا على التمسك بهذا الحديث ومدلوله، وله أقوال كثيرة شهيرة في الاستدلال بالحديث والرد به على من طعن في خلافة علي من النواصب في عصره. وكان يقول: علي من الخلفاء في حديث سفينة. علي من الخلفاء، الخلافة ثلاثون عاما(145).
3- قول شيخ الإسلام ابن تيمية:
قال: وهو حديث مشهور من رواية حماد بن سلمة، وعبد الوارث بن سعيد والعوام بن حوشب وغيرهم عن سعيد بن جمهان عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواه أهل السنن كأبي داود وغيره، واعتمد عليه ا لإمام أحمد وغيره في تقرير خلافة الخلفاء الراشدين الأربعة، وهو متفق عليه بين الفقهاء وعلماء السنة، وأهل المعرفة والتصرف، وهو مذهب العامة (146)(147).
4- وقال ابن العربي المالكي:(1/34)
الخلافة ثلاثون سنة، ثم تعود ملكا فكانت لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وللحسن منها 8 أشهر(148).
هذه بعض أقوال العلماء في بيان دلالة الحديث، ذكرناها على سبيل المثال لا الحصر.
فأنت قد رأيت أن الحديث صحيح، ويدل دلالة صريحة على شرعية خلافة علي رضي الله عنه وأنها على منهاج النبوة، لن تكون على منهاج النبوة إلا بصحة البيعة وشرعيتها.
بعد بيان شرعية البيعة بالخلافة ننتقل إلى الحديث عن خلافته رضي الله عنه.
* خطبة الخليفة:
بعد أن حمد الله وأثنى عليه، قال: ((إن الله عز وجل أنزل كتابا هاديا بين فيه الخير والشر، فخذوا بالخير ودعوا الشر. الفرائض أدوها إلى الله سبحانه يؤدكم إلى الجنة. إن الله حرم حرما غير مجهولة، وفضل حرمة المسلم على الحرم كلها، وشد بالإخلاص والتوحيد المسلمين، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده إلا بالحق. لا يحل أذى المسلم إلا بما يجب، بادروا أمر العامة، وخالصة أحدكم الموت، فإن الناس أمامكم،وإن ما من خلفكم الساعة تحدوكم. تخففوا تلحقوا، فإنما ينتظر الناس أخراهم. اتقوا الله في عباده وبلاده، أنتم مسئولون حتى عن البقاع والبهائم. أطيعوا الله عز وجل ولا تعصوه، وإذا رأيتم الخير فخذوا به، وإذا رأيتم الشر فدعوه {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ}(149).
ثم بدأ الخليفة يتخذ عدة إجراءات من سبيلها أن تفرق السبئية عن المدينة،فنادى الناس قائلا: برئت الذمة من عبد لم يرجع إلى مواليه، وهذا يدل على أنه بدأ بتفريق تجمع الخارجين وبدأ بالموالى أي العبيد، ولذلك تذامرت السبئية والأعراب الذين انضموا لهم وقالوا: لنا غدا مثلها(150).
وفي اليوم الثالث نادى في الناس أن أخرجوا الأعراب، كمرحلة ثانية بعد الموالى، إلا أن السبئية رفضت، وظل الأعراب بالمدينة(151).
*عماله:(1/35)
وبدأ الخليفة يفكر في أمر الأمصار، فإن عمال الخليفة عثمان رضي الله عنه قد اشتكى منهم الخارجون فشرع في تغييرهم أملا في أن يعود الاستقرار، إلا أن المغيرة بن شعبة رأى الإبقاء على عمال الأمصار حتى إذا أرسلوا مبايعتهم واستقر الأمر بعد ذلك للخليفة، فيمكنه بعد ذلك فيستبدل من أراد أو يبقى من رأى الإبقاء عليه. فأجاب الخليفة بأنه سوف يفكر فيما عرضه.
وقد حضر المغيرة في اليوم التالي وغير رأيه بأن يعالجهم بالعزل، ولما علم عبد الله بن عباس بذلك قال: لقد نصحك بالأمس ولكنك حينما طلبت الانتظار غير رأيه نزولا لرأيك؛ فالصواب ما عرضه في أول أمره.
ولكن الخليفة أصر على رأيه وأرسل عماله على النحو التالي:
عثمان بن حنيف(152) على البصرة، وعمارة بن شهاب على الكوفة، وعبيد الله بن عباس(153) على اليمن، وقيس بن سعد(154) على مصر، وسهل بن حنيف(155) على الشام(156).
*الشام:
[إن كان عثمان بعثك فمرحبا بك]: خرج سهل حتى إذا كان بتبوك(157) لقيته خيل، فقالوا: من أنت؟ قال: أمير، قالوا: على أي شيء؟ قال: على الشام قالوا: إن كان عثمان بعثك فمرحبا بك، وإن كان بعثك غيره فارجع. قال: أو ما سمعتم بالذي كان؟: قالوا: بلى، فرجع إلى علي رضي الله عنه(158).
*مصر:
(افترق أهلها فرقا): وأما قيس بن سعد فإنه لما وصل إلى أيلة(159) لقيته خيل، فقالوا: من أنت؟ قال: قيس بن سعد، قالوا: أمض، فمضى حتى دخل مصر، فافترق أهل مصر فرقا، فرقة دخلت في الجماعة وكانوا معه، وفرقة وقفت واعتزلت إلى خربتا(160) وقالوا: إن قتل قتلة عثمان فنحن معكم، و إلا فنحن على معارضتنا حتى نحرك أو نصيب حاجتنا، وفرقة قالوا: نحن مع علي ما لم يقدمن إخواننا، وهم في ذلك مع السبئيين، وكتب قيس إلى أمير المؤمنين بذلك(161).
*البصرة:(1/36)
(افترق الناس بها): سار عثمان بن حنيف فلم يرده أحد عن دخول البصرة، ولكن الناس بها افترقت بين مؤيد لقتلة الخليفة، ومؤيد لعلي رضي الله عنهما وفرقة رأت الانتظار حتى يروا ما يسفر عنه الأمر بالمدينة(162).
*الكوفة:
(ارجع فإن القوم لا يريدون بأميرهم بدلا): وأما عمارة فأقبل حتى لقيه طلحة
بن خويلد، وقد كان حين بلغهم مقتل عثمان رضي الله عنه خرج يدعو إلى الطلب بدمه ويقول: لهفى على أمر لم يبقني ولم أدركه، ارجع فإن القوم لا يريدون بأميرهم بدلا، إن أبيت ضربت عنقك. فرجع عمارة وهو يقول: أحذر الخطر ما يماسك الشر خير من شر منه. فرجع عمارة إلى الخليفة(163).
*اليمن:
[وجد مالها قد جمع]: انطلق إليها عبيد الله بن عباس رضي الله عنه فجمع الوالي السابق يعلي بن أمية(164) كل شيء من الجباية وخرج به إلى مكة، وتمكن والي علي رضي الله عنهما من أمر اليمن(165).
* كتابه إلى معاوية:
حمله سبرة الجهني، فقدم عليه فلم يكتب معاوية بشيء ولم يجبه، ورد رسوله وجعل كلما استعجل جوابه لم يزد على قوله:
أدم إدامة حصن أو خذا بيدي
حربا ضروسا الجزل والضرما
في جاركم وابنكم إذا كان مقتله
شنعاء شيب الأصداع واللمما
أعيا المسود بها السيدون فلم
يوجد لها غيرنا مولى ولا حكما(1/37)
وجعل الجهني كلما قرأ الكتاب لم يزده على هذه الأبيات، وفي الشهر الثالث من مقتل عثمان رضي الله عنه في صفر، دعا معاوية برجل من بنى عبس، وآخر من بنى رواحة يدعى قبيصة، فدفع إليه رسالة مختومة، عنوانها من معاوية إلى علي، ثم أوصاه بما يقول وأعاد رسول علي. وخرجا فقدم المدينة في غرة ربيع الأول، فلما دخلا المدينة رفع العبسي الرسالة كما أمره، وخرج الناس ينظرون إليه، فتفرقوا إلى منازلهم وقد علموا أن معاوية معترض، ومضى حتى دخل على علي، فدفعها إليه، ففض خاتمها فلم يجد في جوفه كتابة، فقال للرسول: ما وراءك؟ قال: آمن أنا؟ قال: نعم، إن الرسل آمنة لا تقتل، قال: ورائي أنى تركت قوما لا يرضون إلا بالقود-- القصاص- قال: ممن؟ قال: من خيط نفسك- رقبتك- وتركت ستين ألف شيخ يبكون تحت قميص عثمان وهو منصوب وهو لهم، قد ألبسوه منبر دمشق. فقال: مني يطلبون دم عثمان؟ اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان، لا نجا والله قتلة عثمان إلا أن يشاء الله، فإنه إذا أراد أمرا أصابه، اخرج، قال: وأنا آمن؟ قال: وأنت آمن. فخرج ا لعبسي، وصاحت السبئية قالوا: هذا الكلب، هذا وافد الكلاب(166)، وعلى ذلك فمعاوية رضي الله عنه رفض العزل وهيأ نفسه والشام معه للقصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه وأنه قد حمل عليا رضي الله عنه مسئولية ذلك. ومن هنا أكد براءته بقوله: ((اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان)).
ونلاحظ هنا أن السبئيين وهم يلقون الزيت على النار المشتعلة حتى تزداد اشتعالا، أنهم سبوا معاوية رضي الله عنه ووصفوه ب(الكلب) وهذا أمر لم يتعود المسلمون أن يسمحوا لألسنتهم أو لأسماعهم بمثل ذلك. إلا أنها الخطة التي أحكم هؤلاء وضعها، وما ذلك إلا ليشجعوا الناس على قتال معاوية رضي الله عنه.
***
الفتنة
*تعريفها:
أولا: الفتنة في اللغة:(1/38)
قال ابن ا لأعرابي(167): الفتنة الاختبار، والفتنة المحنة، والفتنة المال، والفتنة الأولاد، والفتنة الكفر، والفتنة اختلاف الناس بالآراء، والفتنة الإحراق بالنار(168).
ثانيا: الفتنة كما وردت في القرآن:
وردت الفتنة في القرآن على وجوه كثيرة منها:
*الكفر: لقوله تعالى: {ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ}(169) وقوله: {وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ}(170).
الامتحان والابتلاء: لقوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ}(171).
يعني وهم لا يمتحنون، وقوله: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا}(172).
*الإحراق بالنار: لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}(173).
وقوله: {... عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ}(174) يعنى يحرقون بالنار.
ثالثا: الفتنة كما وردت في الحديث:
[الرسول: فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر]: ومعنى الفتنة في الحديث: القتال، روى البخاري من طريق أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم(175) من آطام المدينة فقال: ((هل ترون ما أرى؟)) قالوا: لا. قال: ((فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر))(176).
قال الحافظ ابن حجر: وإنما اختصت المدينة بذلك لأن قتل عثمان صلى الله عليه وسلم كان بها، ثم انتشرت الفتن في البلاد بعد ذلك، فالقتال بالجمل وبصفين كان بسبب قتل عثمان، والقتال بالنهروان كان بسب التحكيم بصفين وكل قتال وقع في ذلك العصر إنما تولد عن شيء من ذلك أو عن شيء تولد عنه(177).
وخلاصة القول: إن المراد بالفتنة في بحثنا هذا ما وقع بين المسلمين في صدر الإسلام من القتال والنزاع والفرقة، نظرا لأن القضايا التي وقع الخلاف حولها كانت مشتبهة ومعقدة إلى حد جعلت المواقف متباينة والآراء مختلفة.
وللتمييز بين الفتن الواقعة وقتذاك أصطلح السلف على القول: الفتنة الأولى، والفتنة الثانية وغير ذلك.(1/39)
ويجدر بنا قبل متابعة أحداث الفتنة أن نلقى الضوء على ذلك اليهودي الذي دبر بإحكام كل فصول هذه الفتنة خاصة وأن دور اليهود لا يزال مستمرا في حياكة المؤامرات ضد ا الأمة قديما وحدثيا.
*عبد الله بن سبأ:
*نشأته:
نشأ في اليمن سواء كان في قبيلة حمير أو همذان ولا نستطيع الجزم بأيهما(178). ونشأته كانت في بيئة يهودية، واليهودية التي عاشها كانت تمتزج بها تعاليم المسيحية، ونستطيع أن نفهم من هذه الازدواجية في التأثير في الآراء التي نادى بها ابن سبأ، وخاصة في عقيدة الرجعة والوصية حينما قال: لعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع ويكذب بأن محمد يرجع، وقد قال الله عز وجل {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}(179) فمحمد أحق بالرجوع من عيسى ولكل نبي وصي وكان علي وصى محمدا(180).
على كل حال فهي معلومات ضئيلة لا تروى غليلا، ولا تهدي سبيلا، ولعل مرد ذلك إلى المصادر التي بين أيدينا؛ فهي لا تكاد تبين عن نشأة ابن سبأ، كما أن المعلومات عن فترة ابن سبأ قبل ظهوره غير موجودة، و نحن هنا مضطرون للصمت عما سكت عنه الأولون حتى تخرج آثار أخرى تزيل الغبش وتكشف ا لمكنون.
*تظاهره بالإسلام:
يرد في تاريخ الطبري ويتابعه ابن الأثير في أحداث سنة 35 هـ؛ أن ابن سبأ. كان يهوديا من أهل صنعاء، وأنه أسلم زمن عثمان، وأخذ ينتقل في بلدان المسلمين من قطر لآخر محاولا ضلالتهم، فابتدأ بالحجاز ثم البصرة فالكوفة ثم الشام فلم يقدر على شيء فيها، فأتى مصر واستقر بها وطابت له أجواؤها(181).
* متى كان ظهوره بين المسلمين؟
أول ذكر لابن سبأ عند ابن كثير يرد في سنة 34 هـ، وفيه الحديث عن ابن سبأ، وأنه كان سبب تألب الأحزاب على عثمان صلى الله عليه وسلم(182).
ثم أورده في أحداث سنة 35 هـ، مع الأحزاب الذين قدموا من مصر يدعون الناس إلى قتال عثمان ونصر الدين، وأنه أكبر الجهاد اليوم(183).(1/40)
وعند ابن عساكر أن ابن سبأ ظهر بين المسلمين، وأسلم زمن عثمان صلى الله عليه وسلم وطاف ببلاد المسلمين ليفتنهم عن طاعة الأئمة، ومن بين تلك الأقطار دمشق ولكن دون أن يحدد سنة بعينها(184).
أما الطبري ويتابعه ابن الأثير فنجد عند هما ذكرا لابن سبأ بين المسلمين قبل سنة 34 هـ في الكوفة، فيزيد بن قيس(185) ذلك الرجل الذي دخل المسجد في الكوفة يريد خلع عثمان أو عامل عثمان سعيد بن العاص(186) إنما شاركه وثاب إليه الذين كان ابن السوداء يكاتبهم(187).
وهذا يعنى ظهور ابن سبأ قبل هذا التاريخ، وتكوين أعوان له في الكوفة هم الذين اجتمعوا إلى يزيد، وتأكيد هذا عند الطبري؛ ففي سنة 33 هـ وبعد مضى ثلاث سنين من إمارة عبد الله بن عامر(188) على البصرة يعلم بنزول ابن سبأ على حكيم بن جبلة(189) وتكون المقابلة بين ابن عامر وابن سبأ(190).
ونستمر في الاستقراء فنجد ظهورا لابن سبأ بين المسلمين قبل هذا، ففي سنة 30 هـ يرد ابن السوداء الشام، ويلتقي بأبي ذر ويهيجه على معاوية (191).
*عقيدة السبئية:
*زعمهم في القرآن الكريم:
فهم يزعمون أن نبي الله كتم عن الأمة تسعة أعشار القرآن، وهم بعد هذا يهتدون لوحي ضل عنه الناس، وعلم خفي!! كما أنهم يرومون إتباع المتشابه من القرآن ابتغاء الفتنة، وهذه المقالة التي اعتقدتها السبئية ترجع أصولها إلى زعيمهم عبد الله بن سبأ، الذي زعم أن القرآن جزء من تسعة أجزاء وعلمه عند علي، فضربه علي ونفاه بعد ما كان هم به(192).
*الوصية:
وضعها ابن سبأ للسبئية حينما قال: أنه كان ألف نبي لكل نبي وصى، وكان علي وصى محمد، ثم قال: محمد خاتم الأنبياء وعلى خاتم الأوصياء، ثم قال بعد ذلك: من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ووثب على وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتناول أمر الأمة!(193).
*الرجعة:(1/41)
يوضحها ابن سبأ بقوله: لعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع، ويكذب بأن محمدا يرجع، وقد قال الله عز وجل {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} فمحمد أحق بالرجوع من عيسى، قال: فقبل ذلك عنه، ووضع لهم الرجعة فتكلموا فيها.
وحينما بلغهم خبر موته قالوا للذي نعاه إليهم: كذبت يا عدو الله، لوجئتنا بدماغه في صرة، وأقمت على مقتله سبعين عدلا ما صدقناك، ولا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملك الأرض.
ويعللون اختفاء علي ((بالغيبة)) ولذلك قالوا: بغيبته بعد موته، ومن هنا كانوا يعتقدون أن الرعد صوته، وأن البرق سوطه، وأنه في السحاب وإذا نشأت سحابة بيضاء صافية منيرة مبرقة قاموا إليها يبتهلون ويتضرعون ويقولون: قد مر علي بنا في السحاب(194).
*نبوة علي بن أبى طالب:
السبئية يزعمون أن عليا شريك النبي صلى الله عليه وسلم في النبوة، وأن النبي مقدم عليه
إذا كان حيا، فلما مات ورث النبوة فكان نبيا يوحى إليه، ويأتيه جبريل - عليه السلام- بالرسالة(195).
* سب الصحابة:
عبد الله بن سبأ كان أول من أظهر الطعن في أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم(196).
* الحلول والتناسخ:
السبئية دخلت في جملة الحلولية لقولها: بأن عليا صار بحلول روح الإله فيه.
ولما قتل علي رضي الله عنه زعم عبد الله بن سبأ أنه لم يمت، وأن فيه الجزء الإلهي كما كان يزعم أن روح الله حل فيه.
أما طائفة السبئية فقد كان فيهم من يزعم أن روح القدس كانت في النبي صلى الله عليه وسلم، كما كانت في عيسى، ثم انتقلت إلى علي ثم الحسن ثم إلى الحسين ثم كذلك في الأئمة(197).
* عبد الله بن سبأ بين ا لوهم والخيال والحقيقة والفعال:(1/42)
إن شخصية ابن سبأ قد أجهدت العلماء والباحثين على مر التاريخ نتيجة للآثار الناجمة عن الأحداث الجسام التي وقعت بفعل هذا اليهودي اللعين، ومما يؤكد امتداد آثار تآمره على الإسلام والمسلمين ذلك الاختلاف بين أهل العلم وأصحاب الفكر بين مقر بحقيقته ودوره الذي قام به وبين منكره وزعمه أنها- أي حقيقتة- وهم وخيال، ومن هنا أجد لزاما علي وأنا بصدد الحديث عن الفتنة على عهد الخليفة عثمان- رضي الله عنه- أن أعرض آراء الواهمين ثم أختم بآراء المؤكدين لحقيقته ودوره.
وبعد استعراض عقيدة السبئية (اليهودية) نتناول قضية هامة فقد انقسم البعض حول شخصية ابن سبأ فمنهم من يراها شخصية خيالية ومنهم من يراها حقيقية وسوف أعرض لهذين الرؤيتين:
* من يراه و هما وخيالا:
* من الشيعة:
1- الدكتور على الوردي [شيعي]: يخيل إلى أن حكاية ابن سبأ من أولها إلى آخرها كانت حكاية متقنة الحبك رائعة التصوير(198).
2- مرتضى العسكري [شيعي]: رفض أخبار الرواة ولم يقنع بما نقله الحفاظ من الثقات، وشنع على كتاب الملل والنحل، ولم ينته إلي ما كتبه علماء الجرح والتعديل، ولم يكتف برد أخبار علماء أهل السنة، إنما ضعف ما كتبه أئمة الشيعة.
لم يبق للعسكري إلا أن يقول بخرافة عبد الله بن سبأ وأسطورة السبئية، وأنها لا تعدو أن تكون كخرافة طائر النسناس الذى تناقلته الروايات وكتب التاريخ، وهو ضمن ا لأساطير القصصية الخرافية، يقول العسكري: إنما نرى أساطير السبئية شبيهة بأساطير النسناس في تناقل العلماء أخبارها مدى القرون، مسندة تارة وأخرى مرسلة، ونرى أن النظر فيما ذكروا مجرد عن أي رد ونقض كاف لإدراك اللبيب زيفهما وسخفهما(199).
3- الشيعة المتأخرون: فأغلب الكتابات البارزة حوله تنكر وجوده، وتجعله إلى الوهم أقرب منه إلى الخيال أقرب منه إلى الحقيقة(200).
*من المستشرقين:(1/43)
1- المستشرق ليفي ديلافيدا: يرى أن ثمة تعارض بين أن يكون ابن سبأ عربي النسب يهودي الأصل، ويرى أن صفة اليهودية الواردة في النقول ما هي إلا استنتاج لأولئك الذين يعجزون عن أن يقروا بأن مؤسس البدعة الشيعية كان من أصل عربي.
*تعليق:
وإنه لمن العجب حفا أن يتصور (ديلافيدا) أن ثمة تناقضا بين أن يكون المرء يهوديا، وأن يكون من قبيلة عربية(201).
2- كايتاني: ينكر أن تكون المؤامرة التي أطاحت بعثمان ذات أسباب دينية وأن تكون آراء ابن سبأ المؤلهة لعلي قد حدثت في أيامه، ومن باب أولى استبعاد أن تكون قد حدثت قبل خلافته، وينتهي إلى القول بأن هذه الآراء وليدة تصورات الشيعة في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة(202).
*من أهل السنة والجماعة:
لعل القارئ الكريم يتفق معي في ترتيب وضع الدكتور (طه حسين) بين المنكرين، لأنني أرى أنه يمثل فكر الغرب الصليبي واليهودي معا على الرغم من انتساب أهل السنة
والجماعة، وأود أن لا يكون هذا استهلال حكمة مسبقا على الرجل- يرحمه الله- لكنه فقط تبرير للترتيب، أما عن رأيه فهذا نصه:
ويخيل إلى أن الذين يكبرون من أمر ابن سبأ إلى هذا الحد يسرفون على أنفسهم وعلى التاريخ إسرافا شديدا. وأول ما نلاحظ أننا لا نجد لابن سبأ ذكرا في المصادر المهمة التي قصت أمر الخلاف على عثمان؟ فلم يذكره ابن سعد حين قص ما كان من خلافة عثمان وانتقاض الناس عليه، ولم يذكره البلاذري في أنساب ا لأشراف، وهو فيما أرى أهم المصادر لهذه القصة وأكثرها تفصيلا. وذكره الطبري عن سيف بن عمر، وعنه أخذ المؤرخون الذين جاءوا بعده فيما يظهر.
ولست أدرى أكان لابن سبأ خطر أيام عثمان أم لم يكن. ولكنى أقطع بأن خطره، إن كان له خطر ليس ذا شأن. وما كان المسلمون في عصر عثمان ليعبث بعقولهم وآرائهم وسلطانهم طارئ من أهل الكتاب وأنه أسلم أيام عثمان ولم يكد يسلم حتى انتدب لنشر الفتنة في جميع الأقطار.
*من يراه وهما وخيالا:(1/44)
1- يذكر خالد بن محمد الغيث:
أن لليهود دورا في الفتنة التي حصلت في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه وأدت إلى استشهاده يرحمه الله.
قال! تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}(203).
وقال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ}(204).
وعلى الرغم من أن اليهود لم تكن لهم دولة ذات شوكة في ذلك الوقت فقد ذكرهم الله سبحانه وتعالى في مقدمة أعداء هذه الأمة وذلك لدورهم الفعال في هذه العداوة.
تردد في الروايات السابقة ذكر شخصية عبد الله بن سبأ، وهذه الشخصيةقد ورد ذكرها في عدد من المصادر منها:
[ أ ] ابن أبي عاصم، كتاب السنة(205): وقد أخرج فيه رواية واحدة من طريق أبي الجلاس(206).
[ب] الكشي، كتاب الرجال(207): وقد أخرج فيه خمس روايات من طريق محمد بن قولويه القمي(208).
[ج] ابن عساكر، تاريخ دمشق(209): وقد أخرج فيه ثلاث عشرة رواية، منها ثلاث روايات من طريق سيف بن عمر، وبقية الروايات من طريق كل من الشعبي، أبي الطفيل(210)، زيد بن وهب(211)- روايتان -أبي الزعراء(212)، حجية بن عدى الكندي(213) أبي جلاس- روايتان- سماك(214)، جعفر الصادق(215).
[د] ابن تيمية، منهاج السنة النبوية(216): وفيه روايتان مسندتان أوردهما ابن تيمية من طريق الشعبي.
ذكرت الروايات السابقة أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم طمعا في هدم الإسلام من الداخل.
والسبب في هذا أنه لما استيأس أعداء هذه الأمة من القضاء على الإسلام بقوة السلاح رجعوا إلى سلاحهم القديم وهو سلاح النفاق طمعا في الوصول إلى غايتهم خاصة أن الوحي الذي كان يفضح المنافقين قد انقطع بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.(1/45)
وجدير بالذكر أن مخطط اليهود لهدم هذا الدين عن طريق إسلام عبد الله ابن سبأ قد سبق لهم تطبيقه مع النصارى، وذلك بقيام اليهودي [بولس](217) بالدخول في النصرانية وإفسادها عن طرق الغلو في عيسى عليه السلام(218).
2- الأستاذ محمود محمد شاكر يرد على الدكتور: إن هدف (طه حسين)من إنكاره لعبد الله بن سبأ هو أن ينفى عن اليهود الشراكة في دم عثمان.
وعلى العموم فالأستاذ يشير إلى تهافت الكتاب علميا، وإلى وضوح الأهواء والرغبات في نفس مؤلفه، وهو يستغرب كل هذا من الدكتور الذي اشتهر بالبحث والتدقيق! وينتهي إلى إثبات شخصية ابن سبأ وأحداثه وأن (طه حسين) حينما ينفي خبره إنما يشتط ويركب مركبا لا يليق لمثله(219).
3- الدكتور محمود قاسم يفند رأى صاحب الفتنة الكبرى: لكنى أكاد أدهش أن أرى الدكتور (طه حسين) يضع وجود ابن سبأ موضع التساؤل، ويذهب في تشكيكه إلى حد أن يقول: ما بال المؤرخين لم يذكروا ابن سبأ في موقعة صفين؟ فهل هذا يكفى في أن يكون نسيانهم السبئية نسيانا تاماً فيما بين موقعة صفين سببا في عدم وجود هذه الطائفة ورئيسها؟ وهل يقوم هذا النسيان دليلا على أن هذه الطائفة لن توجد في زمن الإمام علي، مع أنها كشفت عن نفسها مرة أخرى بعد مقتل الإمام.
ثم يقول: أما صمت ابن سبأ عن العام الأول من خلافة علي فأمر يمكن تعليله بشفاعة من شفع له بأنه قد تاب، وأما عودته بعد مقتل الإمام فأمر لا يمكن تعليله، وأما اختفاؤه في موقعة صفين فأمر يمكن تعليله بعلة أو بأكثر، فربما كان في المدائن، أو لربما وجد من الأفضل ألا يظهر في كل فتنة(220).
4- الدكتور جهاد علي:(1/46)
[إن هذه المؤامرة.. ومقتل عمر لم يكن ببعيد عن هذه المؤامرة]: السبب ا لذي أشار إليه ملخصه: أن هذه المؤامرة سواء كان أفرادها سبئية أم غيرها، فهي لا تعدو أن تكون مجموعة عناصر، يدفعها ويحرضها أناس يسعون إلى الفتنة منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن مقتل عمر بن الخطاب لم يكن ببعيد عن هذه المؤامرة، كما أن كعب الأحبار كان من أفراد هذه المؤامرة وعلي علم بقتل الخليفة، وأن عمر قد أحس بدور كعب في المؤامرة(221).
5- سعيد الأفغاني في كتابه ((عائشة والسياسة)):
[يقطع أنه أحد أبطال جمعية تلمودية سرية غايتها تقويض الدولة الإسلامية ويؤكد أنه عميل للدولة التي انتزع المسلمون ملكها في مصر الشام]: نسب إليه كل المؤامرات والفتن والملاحم الواقعة بين الصحابة، ويرى أن هذه المؤامرة المحكمة سهر عليها أبالسة خبيرون، وسددوا خطاها وتعهدوها حتى آتت ثمارها في جميع الأقطار، ولهذا كتب هذا العنوان ((ابن سبا البطل الخفي المخيف)).
ويبدو التهويل من شأن ابن سبأ عند الأفغاني حينما يصفه بأنه رجل علي غاية من الذكاء، وصدق الفراسة، والنظر البعيد، والحيلة الواسعة والنفاذ إلى نفسية الجماهير!
ويقطع أنه أحد أبطال جمعية تلمودية سرية غايتها تقويض الدولة الإسلامية، ويؤكد ويقرر أنه كان يعمل لصالح دولة الروم، التي انتزع المسلمون منها لفترة قريبة قطرين هامين هما مصر والشام، عدا ما سواهما من بلاد أخرى على البحر المتوسط، ويستغرب امتداد نشاط ابن سبأ موفقاً كل التوفيق في لقائه مع أبى ذر، وفى تفصيل هذه المقالة التي ركبها علي مزاج أبى ذر، أن الذي ساعده على فهمه الجيد لأمزجة الناس واستخباراته الصادقة المنظمة(222).
6- الدكتور عمار الطالبي في كتابه [آراء الخوارج]:(1/47)
[يرد على من يزعم أن ابن سبأ هو عمار بن ياسر]: فقد تناول كثيرا من القضايا التي أثيرت في مسألة عبد الله بن سبأ فناقشها، وأبان وجهة نظره فيها، فهو مثلا يرد على من زعم أن ابن سبأ هو عمار بن ياسر؛ مشيرا إلى أن الوقائع التاريخية لا تسمح لنا بذلك، إذ أن عثمان لما هاجت الفتنة وعظم شأن السبئية في مصر أرسل ضمن من أرسل عمارا إلى مصر ليستطلع الخبر، وإذن فهما شخصان أحدهما في مصر والآخر في المدينة، ويتابع بأن الظروف التاريخية إذا كانت لا تسمح لنا بإصدار هذا القول، فكذلك الظروف النفسية لا تسمح لنا هي الأخرى بذلك، إذ يلزم من ذلك أن يكون عمار بن ياسر هو الذي أشاع فكرة الوصية والرجعة والمهدية والزندقة، مما لا يستطيع أي مؤرخ أن ينسبه إلى عمار الصحابي الجليل! ليس ذلك فحسب، بل يلزم من التوحيد بين الشخصيتين نسب اليهودية إلى عمار رضي الله عنه والتي أثبتها قدماء أهل السنة والشيعة لعبد الله بن سبأ(223).
[تفنيد زعم أنه من اختراع المحدثين]: يناقش الطالبي مزاعم القائلين بأن ابن سبأ لم يكن إلا من اختراع المحدثين من القرن الثاني الهجري بأن التدوين في التاريخ والحديث إنما نشط في القرنين الثاني والثالث الهجريين، فكيف يصح القول بأن ما يقوله هؤلاء المدونون في هذا العصر مخترع منحول؟(224).
7- ا لأستاذ أنور الجندي:
[عبد الله بن سبأ أحد الرؤوس المدبرة لهذا الضلال]: وهو كاتب من المهتمين بدراسة المؤامرات تجاه هذا الدين ومن الذين بحثوا في الإسلام والدعوات الهدامة، ويعرض هو للسبئية كواحدة من هذه المعاول، وجاءت إشارته إلى عبد الله بن سبأ كأحد الرؤوس المدبرة لهذه الضلالة، فعبد الله بن سبأ عنده واضع جذور الباطنية القديمة.
ونرى أن المفاهيم الباطنية والشعوبية التي أخذت تتسرب إلى الإسلام إنما كانت بواسطة تلك الكلمات التي أذاعها عبد الله بن سبأ.(1/48)
وقد تتبع الجندي (طه حسين) في محاولة إنكاره لعبد الله بن سبأ، مؤكدا إدعاء (طه حسين) للمنهج العلمي، والمنهج منه بعيد، ومدللا على ذلك باعتماده على المصادر الضعيفة أساسا للتشكيك في قضايا التاريخ الإسلامي، ومعرضا عن المصادر المهمة الأخرى(225).
8- الدكتور نايف محمود معروف في كتابه [الخوارج في العصر الأموي]:
[لم يكن ابن سبأ وهما ولا أسطورة، كان يترأس جمعية سياسية تعمل في الخفاء والعلن]: وقد درس مسألة عبد الله بن سبأ وطائفة السبئية من خلال كتابات السنة والشيعة، المتقدمين منهم والمتأخرين، وكذلك أشار إلى بعض كتابات المستشرقين وآرائهم، ثم خلص إلى النتيجة التالية:
((بعد استعراضنا لآراء القدامى والمحدثين من الرواة والباحثين، يمكننا القول أن عبد الله بن سبأ لم يكن وهم ولا أسطورة، بل كان شخصية سياسية قوية وأنه أنشأ جمعية سياسية منظمة تعمل في الخفاء وفي العلن. و نسبت هذه الجمعية إلى شهرة مؤسسها فعرفت بالسبئية...))(226).
9- الدكتور سعدي الهاشمي:
[يرى أن المنكرين من بين مستشرق حاقد، ومتبع ومتقرب الزلفي لمدارسهم، ومسلم جاهل ومنكر مكابر]: بعد أن نقل اتفاق المحدثين وأهل الجرح والتعديل والمؤرخين وأصحاب كتب الفرق والملل والنحل، والطبقات والأدب والكتب الخاصة في بعض فنون العلم على وجود شخصية ابن سبأ و أشار إلى أصناف المنكرين وهم ما بين مستشرق حاقد، ومتبع لهم، متقرب الزلفي لمدارسهم، ومسلم جاهل، أو منكر مكابر من بعض شيعة اليوم، وهؤلاء وأولئك جانبوا الحق الصريح، وتمسكوا بأقوال متناقضة هي أوهي من بيت العنكبوت. وعند حديثه عن المستشرقين قال: ((أما المسستشرقون فأنكروه وقالوا: إنه شخصية وهمية تخيلها محدثوا القرن الثاني))(227).
10- الشيخ محب الدين الخطيب:(1/49)
[ ابن سبأ صاحب مدرسة، منهج أصحابها محاربة الإسلام من الخلف]: لا يكتفي بإثبات شخصية ابن سبأ كحقيقة تاريخية بل يعتبره صاحب مدرسة، منهج أصحابها محاربة الإسلام من الخلف، وأن ابن سبأ كان يحمل في يده جرثومة الثورة ضد عثمان رضى الله عنه، وهو يؤكد- مخالفا للدكتور جواد علي- أن ابن سبأ كان مع ثوار مصر عند مجيئهم من الفسطاط إلى المدينة(228).
*تعليق:
ولعلي بهذا العرض قد وفقت في طرح وجهة النظر بين الوهم والخيال والحقيقة والأفعال، والذي يعنينا في مناقشة هذا الموضوع الهام والخطير أن دور ابن سبأ لا يزال ممتدا في حياتنا المعاصرة، سواء من الناحية العسكرية باحتلال اليهود لفلسطين وتشريد الشعب الفلسطيني المسلم، وقتل وتشريد الملايين منهم، فضلا عن العمل على إحلال السمت الصهيوني محل السمت الإسلامي في القدس الشريف، ومحاولة هدم الأقصى السليب.
ومن ناحية أخرى بالغزو الفكري لأفكار وعقول المسلمين، تحت مسميات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب؛ ومنها على سبيل المثال التنوير والاختلاط والفن بكل صوره القبيحة الخبيثة، ووسائل الإعلام المختلفة التي تعرض الجنس كدعوة عامة فضلا عن الأندية المشبوهة كالروتاري وغيره كثير، وما يسمى حديثا بالجمعيات النسوية ودورها المشبوه و و....
ومن ناحية ثالثة في المجال الاقتصادي المتمثل في محاولة السيطرة على ثروات الشعوب الإسلامية، وإضعاف اقتصادياتها مجتمعة أو كل على حدة، وجعلها سوقا إستهلاكية لمنتجات الغرب الصليبي اليهودي، وفرض ما يسمى [بالجات] أو العولمة أو السوق الشرق أوسطية وغير ذلك كثير.
ومن هنا فإن مناقشة منهج السبئية هو الموضوع القديم الجديد؛لأن آثاره كفيروس السرطان لا تزال تنخر في جسد الأمة.(1/50)
وشكرا لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالمملكة العربية السعودية على اهتمامها بهذه الموضوعات، وجزى ا لله خيرا الأخ الدكتور سليمان بن حمد العودة على هذا العرض التحليلي الجيد الذي أضحى مادة علمية حية تعين الباحثين- بعد الله عز وجل- على البحث والتدقيق.
وأدعو الله أن يخلفنا أجيال وأجيال يتابعون المسيرة في فضح مخططات اليهود على مر التاريخ.
وأتوجه بحديثنا إلى متابعة أحداث الفتنة من بدايتها.
*ابتداء الفتنه:
[علي: فإذا لم أجد بدا فآخر الدواء الكي]: دعا علي طلحة والزبير، فقال: إن الذي كنت أحذركم قد وقع يا قوم، وإن الأمر الذي وقع لا يدرك إلا بإماتته وإنها فتنة كالنار، كلما سعرت ازدادت واستنارت، سأمسك ا لأمر ما استمسك، فإذا لم أجد بدا، فآخر الدواء الكي(229).
**تعليق:
و إذا كان من تعليق على تشخيص الخليفة بأنها فتنة كالنار كلما سعرت ازدادت واستنارت.. ثم يحدد العلاج الذي يراه بأنه الكي أي الحرب.
ولما كان الأمر اجتهادا من الخليفة دون نص شرعي يلتزم به الجميع، فإن الخلاف
في وجهات النظر وارد، ولا يعنى ذلك وجود مطامع شخصية لأحد منهم لكنهم يرون ما لا يراه الخليفة، فكل منهم يجتهد برأيه، أملا في الوصول إلى مخرج مما هم فيه.
ومصلحة الأمة في سويداء قلب كل واحد منهم رضى الله عنهم جميعاً والموقف العام الآن يتمثل في أن الأمصار قد اضطربت اضطرابا شديدا، وأن الناس فيها قد تفرقت بين مؤيد ومعارض، ومنتظر لما يسفر عنه الأمر بحاضرة الخلافة (المدينة).
*وتتابعت الأحد اث:
1- خروج طلحة والزبير: استأذن طلحة والزبير علياً في العمرة، فأذن لهما، فلحقا بمكة(230).(1/51)
2- السبئيون يطمئنون على بدء الحرب: رغب السبئيون أن يعلموا ما رأى علي في معاوية وانتقاضه، ليعرفوا بذلك رأيه في قتال أهل القبلة، أيجسر عليه أو ينكل عنه؟ وقد بلغهم أن الحسن بن علي دخل عليه ودعاه إلى القعود وترك الناس فدسوا إليه زياد بن حنظلة التميمي(231) وكان منقطعة إلى علي، فدخل عليه فجلس إليه ساعة ثم قال له علي: يا زياد تسير، فقال: لأي شيء؟ فقال: تغزو ا لشام، فقال زياد: ا لأناة والرفق أمثل، فقال:
ومن لا يصانع في أمور كثيرة
يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
فتمثل علي وكأنه لا يريده:
متى تجمع القلب الذكي وصارماً
وأنفاً حميا تجتنبك المظالم(232)
3- إعلان الخروج: فخرج زياد على الناس, والناس ينتظرونه، فقالوا: ما وراءك؟ فقال: السيف يا قوم، فعرفوا ما هو فاعل. ودعا على محمد ابن الحنفية(233). فدفع إليه اللواء، وولى عبد الله بن عباس(234) ميمنته، وعمر بن أبى سلمة(235)، أو عمرو بن سفيان بن عبد الأسد- ولاه ميسرته، ودعا أبا ليلى ابن عمر بن الجراح، ابن أخي أبى عبيدة بن الجراح، فجعله على مقدمته، واستخلف على المدينة قثماًبن عباس(236).
4- علي يحتاط من السبئيين: ولم يول ممن خرج على عثمان أحداً.
5- انهضوا إلى هؤلاء القوم: وكتب إلى قيس بن سعد أن يندب الناس إلى الشام، وإلى عثمان بن حنيف، وإلى أبى موسى(237) مثل ذلك، وأقبل على التهيؤ والتجهز، وخطب أهل المدينة فدعاهم إلى النهوض في قتال أهل الفرقة، وقال: إن الله عز وجل بعث رسولاً هادياً مهدياً بكتاب ناطق وأمر قائم واضح، لا يهلك إلا هالك، وإن المبتدعات والشبهات هن الملهكات إلا من حفظ الله، وإن في سلطان الله عصمة أمركم، فأعطوه طاعتكم غير ملوية ولا مستكره بها، والله لتفعلن أو لينقلن الله عنكم سلطان الإسلام، انهضوا إلى هؤلاء القوم الذين يريدون أن يفرقوا جماعتكم، لعل الله يصلح بكم ما أفسد أهل الآفاق، وتقضون الذي عليكم(238).(1/52)
6- سأصبر على طلحة والزبير وأم المؤمنين: فبينما هم يستعدون للخروج إذ جاء الخبر عن أهل مكة بنحو آخر وتمام على خلاف، فقام فيها بذلك، فقال: إن الله عز وجل جعل لظالم هذه الأمة العفو والمغفرة، وجعل لمن لزم الأمر واستقام الفوز والنجاة فمن لم يسعه الحق أخذ بالباطل وما أدعو الناس للإصلاح(239).
7- عبد الله بن عمر طائع للخليفة مخالف في الخروج: تثاقل أهل المدينة في الخروج فرأي الخليفة أن يبعث إلى عبد الله بن عمر كميلاً النخعي(240)، فجاء به، فقال: انهض معي، فقال: أنا مع أهل المدينة، إنما أنا رجل منهم وقد دخلوا في هذا الأمر فدخلت معهم فلا أفارقهم، فإن يخرجوا أخرج وإن يقعدوا أقعد. قال: فأعطني عهدا بألا تخرج، قال: ولا أعطيك، فخرج من ليلته وأخبر عبد الله أم كلثوم أم بنت علي بالذي سمع من أهل المدينة، وأنه يخرج معتمراً مقيما على طاعة علي ما خلا النهوض، وكان صدوقاً فاستقر عندها، وفى الصباح قيل لعلي حدث البارحة حدثاً هو أشد عليك من طلحة و الزبير وأم المؤمنين ومعاوية، قال: وما ذلك؟ قال: خرج ابن عمر إلى الشام، وماج أهل المدينة، وسمعت أم كلثوم بالذي هو فيه فدعت ببغلتها فركبتها في رحل ثم أتت علياً وهو واقف في السوق يفرق الرجال في طلبه، فقال: مالك لا تغضب من هذا الرجل إن الأمر على خلاف ما بلغته وحدثته قالت: أنا ضامنة له، فطابت نفسه وقال: انصرفوا، لا والله ما كذبت ولا كذب، وإنه عندي ثقة فانصرفوا(241).
*زعم باطل:
إن طلحة والزبي- رضي الله عنهم- حينما قدما ليستأذنا في الخروج سألهما أمير المؤمنين: لعلكما تريدان البصرة والشام؟ فأقسما ألا يفعلا (242)، ويعلق صاحب العواصم من القواصم بقوله: قول علي لهما وقسمهما له من زيادات مرتكبي الفتنة ورواتها(243).
**تعليق:(1/53)
وأعتقد أن استئذان الصحابيين الجليلين لم يكونا فيه مبتدعين لأمر الخروج، لأن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قد خرج على الرغم من طاعته للخليفة وعدم موافقته على الخروج معه، فضلاً عن خروج أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وسبب ذلك حين قطع السبئيون الماء عن أمير المؤمنين أثناء الحصار وأخذ يستسقى الناس، فجاءته أم حبيبة رضي الله عنها بالماء فأهانها السبئيون وضربوا وجه بغلتها وقطعوا حبل البغلة بالسيف، فتجهزت أمهات المؤمنين إلى الخروج إلى مكة فراراً من الفتنة، كما خرج بنو أمية وسعد بن العاص والوليد ابن عقبة.
فالأمر اختلاف في الرأي وليس اختلافاً حول الأشخاص؛ فكل منهم يعلم منزلة الآخر، وعذرهم في ذلك أن القتلة لا يزالون في المدينة وفى ذلك مشقة على النفس، ويصبح الخروج بمثابة علاج للموقف من وجهة نظرهم.
لا أعتقد أنهم بيتوا نية ضد الخليفة حين خرجوا؛ لأن ما حدث بعد ذلك من دواعي تتابع الأحداث، وإني أربأ بهؤلاء الصحابة أن يبيتوا أمراً ويظهروا غيره. رضي الله عنهم جميعاً، إنهم جميعاً متفقون على الإصلاح.
كما نلاحظ أيضاً أمر الاعتداء على بغلة أم المؤمنين، فهوتأكيد بأن هؤلاء لم يخرجوا كما زعموا لاختلافهم مع عثمان رضي الله عنه ولكن لتدبيرهم ضد الإسلام، ولا أدل على ذلك من ارتكابهم هذا الجرم المشين ضد أم المؤمنين، فهذا الأمر لا يمكن لمسلم أن يفكر فيه مهما بلغ الخلاف واحتد.
ننتقل إلى مكة المكرمة حيث رحل الجمع، لنرى ما تسفر عنه أحداث الفتنة.
خروج أم المؤمنين(1/54)
(أم المؤمنين رضي الله عنها لعل الله عز وجل يدرك لعثمان وللمسلمين بثأرهم): خرجت عائشة رضي الله عنها نحو المدينة من مكة بعد مقتل عثمان للعمرة، فلقيها رجل من أخوالها فقالت: ما وراءك؟ قال: قتل عثمان واجتمع الناس على علي، والأمر في يد الغوغاء، فقالت: ما أظن ذلك تاماً، ردوني، فانصرفت راجعة إلى مكة، حتى إذا دخلتها أتاها عبد الله بن عامر الحضرمي وكان أمير عثمان رضي الله عنه فقال: ما ردك يا أم المؤمنين؟ قالت: ردي أن عثمان فتل مظلوماً، وأن الأمر لا يستقيم ولهذه الغوغاء أمر فاطلبوا بدم عثمان تعزوا الإسلام، فكان أول من أجابها عبد الله ابن عامر الحضرمي، وقد قدم عليهم عبد الله ابن عامر من البصرة، ويعلي بن أمية من اليمن. وقدم طلحة والزبير، فلقيا عائشة رضي الله عنها فقالت: ما وراءكما: قالا: وراءنا أنا تحملنا وخرجنا من المدينة لسيطرة الغوغاء والأعراب، وفارقنا قوماً حيارى لا يعرفون حفا ولا ينكرون باطلاً ولا يمنعون أنفسهم، واجتمع الرأى بعد نظر طويل في أمرهم على البصرة، وقالت عائشة: أيها الناس، إن هذا حدث عظيم وأمر منكر، فانهضوا فيه على إخوانكم من أهل البصرة فانكروه، فقد كفاكم أهل الشام ما عندهم، لعل الله- عز وجل- يدرك لعثمان وللمسلمين بثأرهم. كان ذلك عند الكعبة المشرفة بعد أن اتخذت من الحجر سترا رضي الله عنها(244).
بعثت عائشة إلى حفصة، فأرادت الخروج، فمنعها أخوها عبد الله بن عمر، فأقامت. فخرجت عائشة ومعها طلحة والزبير، وأمرت على الصلاة عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد(245)، فكان يصلي بهم في الطريق، وخرج معها مروان(246) سافر بنو أمية إلامن امتنع، ودعت أمهات المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلى ذات عرق(247) - فلم ير يوم كان أكثر باكياً على الإسلام أو باكياً له من ذلك اليوم، كان يسمى يوم النحيب. وكان أزواج صلى الله عليه وسلم النبي مع عائشة على قصد المدينة، فلما تغير رأيها إلى البصرة تركن ذلك(248).(1/55)
[عبد الله بن عمر لا يوافق على الخروج]: لما اجتمع الرأي من طلحة والزبير وأم المؤمنين ومن بمكة من المسلمين على السير إلى البصرة والانتصار من قتلة عثمان رضي الله عنه، خرج الزبير وطلحة حتى لقيا ابن عمر ودعواه إلي الخروج، فقال: إني امرؤ من أهل المدينة، فإن يجتمعوا على النهوض أنهض، وإن يجتمعوا على القعود أقعد، فتركاه ورجعا(249).
ونستطيع أن نرصد عاملين أساسيين كان لهما أثر في خروج طلحة والزبير وأم المؤمنين إلى البصرة:
1- فهم من جانب آلمهم الحادث الذي انتهى بقتل عثمان رضي الله عنه، فاسقط في أيديهم، ورأوا أنهم قد قصروا في حق عثمان رضي الله عنه، فخرجوا يطلبون دمه، بغير أمر علي(250).
لا سيما وأنهم قد رأوا قتلة عثمان في جيش علي، وصاروا من رؤوس الملأ(251). ويصدق عليهم هذا حتى آخر لحظة من حياتهم، فمثلاً طلحة كان يقول والسهام تتناوشه: اللهم خذ لعثمان منى اليوم حتى ترضى(252).
ويقول: لقد كان منى في أمر عثمان ما لا أرى كفارته إلا سفك دمي، وتطلب دمه.
2- وفي الجانب الآخر كان خروجهم بقصد الصلح وتهدئة ثائرة الناس كما جاءت بذلك الأخبار(253)، فبعد أن استقر أمر طلحة والزبير ومن معهم على الشخوص إلى البصرة، جاءوا إلى عائشة، وقالوا لها: يا أم المؤمنين، دعى المدينة- وكانت تريد الشخوص لها- فإن من معنا لا يقرون لتلك الغوغاء التي بها، وأشخصي معنا إلى البصرة. فإن أصلح الله الأمر كان الذي تريدين!(254) ونقل ابن شهاب الزهري عن عائشة قولها: إنما أريد أن يحجز بين الناس مكاني، ولم أحسب أن يكون بين الناس قتال، ولو علمت ذلك لم أقف ذلك الموقف أبدا(255).
**تعليق:
يذكر صاحب العواصم من القواصم معللاً سبب الخروج معطياً عدة احتمالات أرى أنه من المفيد ذكرها:(1/56)
أما خروجهم إلى البصرة فصحيح لا إشكال فيه، ولكن لأي شيء خرجوا؟ لم يصح فيه نقل، ولا يوثق فيه بأحد؛ لأن الثقة لم ينقله، وكلام المتعصب لا يسمع وقد دخل على المتعصب من يريد الطعن في الإسلام واستنقاص الصحابة:
1- فيحتمل: أنهم خرجوا خلعاً لأمر ظهر لهم، هو أنهم بايعوا لتسكين الثائرة، وقاموا يطلبون الحق. وهذا الاحتمال بعيد عن هؤلاء الأفاضل الصالحين ولم يقع منهم ما يدل عليه، بل الحوادث كلها دلت على نزاهتهم عنه. والى هذا ذهب الحافظ ابن حجر في فتح الباري، فنقل عن كتاب [أخبار البصرة]: ((إن أحداًلم ينقل أن عائشة ومن معها نازعوا علياً في الخلافة ولا دعوا إلى أحد منهم ليولوه الخلافة)).
2- يحتمل: أنهم خرجوا ليتمكنوا من قتلة عثمان، وهذا ما كانوا يذكرونه، إلا أنهم يريدون أن يتفقوا مع علي على الطريقة التي يتوصلون بها إلى ذلك. وهذا ما كان يسعى به الصحابي المجاهد القعقاع بن عمرو(256) التميمي، ورضي به الطرفان كما سيأتي.
3- والاحتمال الثالث: هو أن في تغيب طلحة والربير وأم المؤمنين رضي الله عنهم
عن المدينة كمحاولة لفض الشغب بين الناس، وخروجهم إلى البصرة أملا في أن يرجع الناس إلى أمهم أم المؤمنين حين يروها فيرعوا حرمة نبيهم، واحتجوا عليها بقول الله تعالى:
{لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ}(257).
وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم في الصلح وأرسل فيه فرجت المثوبة، واغتنمت القصة وخرجت حتى بلغت الأقضية مقاديرها(258).
* الاحتمال الذي نراه: أنهم خرجوا في جمع طوائف المسلمين، حتى لا يضطربوا فيقتتلوا، وهذا هو الصحيح، لا شيء سواه، وبذلك وردت صحاح الأخبار، ومن ذهب إلي أنهم خلعوا الخليفة فباطل؛ لأن الخلع لا يكون إلا بنظر من الجميع، ولا يتم الخلع لواحد أو أثنين كما لا يكون الخلع إلا بعد الإثبات والبيان.(1/57)
ومن هنا فإن المسلم ليتألم أشد الألم حين يقرأ أو يسمع من يصدر حكمة على واحد من هؤلاء الأماجد رضي الله عنهم فيقع بذلك في شرك قد أعده السبئيون كي يقطعوا على المسلمين طريق التأسي والاقتداء.
ونصبح بذلك بلا هوية إسلامية نعود إليها إذا ما اختلط علينا أمر من الأمور وأردنا الرجوع إلى السلف الصالح.
ولكن عليك أيها المسلم أن تكون علي يقين من إيمانهم وصدق نيتهم، فجميعهم قد اجتمعوا على الإصلاح وجمع الكلمة لا كما صور لنا بعض الذين في قلوبهم مرض، ويكفينا قول الحق جل في علاه فيهم:
{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ}(259).
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك ئد أحدهم، ولا نصيفه))(260).
ونصحبهم- رضي الله عنهم- في الصفحات القادمة إلى البصرة.
*إلى البصرة:
[أيا أمير المؤمنين، لا تخرج منها ((المدينة)) فوالله لئن خرجت منها لا ترجع إليها ولا يعود إليها سلطان المسلمين أبدا]: بلغ عليا الخبر- وهو بالمدينة- باجتماعهم على الخروج إلى البصرة، وخرج علي رضي الله عنه يبادرهم في تعبئة جيشه التي كان تعبأ بها إلى الشام، وخرج معه من نشط من الكوفيين والبصريين متخففين في سبعمائة رجل، وهو يرجو أن يدر كهم فيحول بينهم وبين الخروج، فلقيه عبد الله بن سلام، فأخذ بعنانه وقال: يا أمير المؤمنين لا تخرج منها، فوالله لئن خرجت منها لا ترجع إليها ولا يعود إليها سلطان المسلمين أبدا، فسبوه، فقال: دعوا الرجل فنعم الرجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وسار حتى انتهى إلى الربذة فبلغه ممرهم، فأقام حين فأتوه يأتمر الربذة (261)(262).(1/58)
*من الذي سب الصحابي الجليل عبد الله بن سلام؟ إنهم السبئيون، فالسب ليس في معاجم لغة التخاطب في المجتمع الإسلامي الأول.
ولعلنا نلاحظ زجرهم لم يمنع علياً رضي الله عنه من الخروج؛ لأن ذلك يتعارض
مع مخططهم الذي يهدف إلى أن يضرب المسلمون بعضهم بعضاً.
وقول أمير المؤمنين: دعوا الرجل، فنعم الرجل من محمد صلى الله عليه وسلم يدل على أن القول وقع في نفسي الخليفة؛ إلا أنه يحاول أن يجتهد برأيه أملا في أن يعيد للأمة وحدتها بعد أن تطفأ نار الفتنة.
الجواب هنا: إن عدد الجيش كله سبعمائة رجل معظمهم من قتلة عثمان رضي الله عنه فلو كانت نية الحرب معقودة ما اعتمد عليهم، ولكنني أعتقد أنها الرغبة في تثبيت الأمر سلما، وحينئذ يكون هؤلاء تحت المراقبة حتى إذا تحقق توحيد الصف الإسلامي سرعان ما يتم إقامة الحد على قتلة الخليفة.
ومسألة أخرى هامة جدًا، هل يتركهم أمير المؤمنين ويخرج بمن تبعه من المهاجرين والأنصار وهم عدد قليل؟ والإجابة هنا تتمثل في أمرين:
الأول: أن إخراجهم من المدينة خطر عظيم؛ فربما تسول لهم أنفسهم أمورا قد تجهز على حاضرة الخلافة الإسلامية.
الثاني: أن إخراجهم من المدينة يعد كسباً لإبعاد حاضرة الخلافة عن الأخطار، ويظل الأمل في السلم معقوداً.
*زعم باطل:(1/59)
[ردني! أنا والله صاحبة ماء الحوأب]: عود إلى أصحاب الجمل رضي الله عنهم خرج معهم أبان والوليد أبنا عثمان رضي الله عنهما وكان دليلهم رجل من عرينة، فسرت معهم، فلا أمر على واد إلا سألوني عنه، حتى طرقنا الحوأب- وهو ماء- فنبحتنا كلابه فقالوا: أي ماء هذا؟ قلت: هذا ماء الحوأب، فصرخت عائشة بأعلى صوتها، واسترجعت. قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله. وقالت: إني لهي! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنسائه: ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب! ثم ضربت عضد بعيرها فأناخته، وقالت: ردني! أنا والله صاحبة ماء الحوأب! فأناخوا حولها يوما وليلة، وقال طلحة والزبير: إنه كذب، وليس هو ماء الحوأب، ولم يزل بها وهى تمتنع حتى قال لها: النجاء النجاء! قد أدرككم علي بن أبى طالب. فارتحلوا نحو البصرة(263).
**تعليق:
ا- الحوأب من مياه العرب على طريق البصرة سمي بالحوأب بنت كلب بن وبرة القضاعية(264).
2- يقول ابن العربي: ما كان قط شيء مما ذكرتم، ولا قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الحديث، ولا جرى ذلك الكلام ولا شهد أي بشهادتهم(265).
3- مثل هذه الرواية التي انتشرت وللأسف في معظم المصادر هي من دس! السبئيين؛ لأنها تهدف من طرف خفي إلى التأثير على مكانة أم المؤمنين عند المسلمين.
4- إن الكلام الذي نسبوه إلي النبي صلى الله عليه وسلم وزعموا أن عائشة ذكرته عند وصولهم إلى ذلك الماء ليس له أثر في كتب السنة.
5- شهادة الزور تصدر عن رعاع لا يخافون الله، أما طلحة والزبير- المشهود لهما بالجنة من نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى- فكانا أسمى أخلاقا وأكرم على أنفسهما وعلى الله من أن يشهدا الزور. وهذه الفرية عليهما من مبغضي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست أول فرية لهم في الإسلام، ولا آخر ما يفترونه من الكذب عليه وعلى أهله(266).(1/60)
ولا نملك ونحن أمام هذا الحشد من الافتراءات إلا أن نقول: وما برح الكذب بضاعة يتجر بها الذين لا يخافون الله.
*الحسن ينصح أباه:
أتاه أبنه الحسن فجلس فقال: قد أمرتك فعصيتني، فتقتل غدا بمضيعة لا ناصر لك.
فقال علي: إنك لا تزال تخن خنين الجارية! وما الذي أمرتني فعصيتك؟
قال: أمرتك يوم أحيط بعثمان رضي الله عنه أن تخرج من المدينة فإن يقتل فلست بها، ثم أمرتك يوم قتل ألا تبايع حتى يأتيك وفود أهل الأمصار والعرب وبيعة كل مصر، ثم أمرتك حين فعل هذان الرجلان (يعني طلحة والزبير) مافعلا أن تجلس في بيتك حتى يصطلحوا، فإن كان الفساد كان على يدي غيرك، فعصيتني في ذلك كله.
قال: أي بني، أما قولك: لو خرجت من المدينة حين أحيط بعثمان، فو الله لقد أحيط بنا كما أحيط به. وأما قولك: لا تبايع حتى تأتي بيعة ا لأمصار، فإن الأمر أمر أهل المدينة، وكرهنا أن يضيع هذا الأمر. وأما قولك حين خرج طلحة والزبير، فإن ذلك كان وهنا- ضعفاً- على أهل الأسلام، و و الله مازلت مقهورا منذ وليت منقوصا لا أصل إلى شيء مما ينبغي. وأما قولك: إجلس في بيتك، فكيف لي بما قد لزمني؟ أو من تريدني؟ أتريد أن أكون مثل الضبع التي يحاط بها ويقال: دباب دباب ليست ها هنا حتى يحل عرقوباها ثم تخرج، وإذا لم أنظر فيما لزمني من هذا الأمر ويعنيني فمن ينظر فيه! فكف عنك أي بني(267).
ومن خلال هذا الحوار نستطيع القول بأن الأمر قد اختلط على الناس جميعا من شدة إحكام السبئيين للفتنة للدرجة التي جعلت الحسن يرى رأيا غير أبيه- رضي الله عنهما.
*مراسلة أم المؤمنين أهل البصرة:
[يا أم المؤمنين، أنشدك الله أن تقدمي اليوم على قوم لم تراسلي منهم أحدا]:
فلما كانوا بفنائها لقيهم عمير بن عبد الله التميمي فقال: يا أم المؤمنين أنشدك الله أن تقدمي اليوم على قوم لم تراسلي منهم أحدا، فعجلي فأرسلي ابن عامر فإن له بها صنائع، فيلذهب إليهم، فأرسلته.(1/61)
وكتبت عائشة إلى رجال من أهل البصرة، وإلى الأحنف بن قيس وأمثاله وأقامت بالحفير- حفرة ماؤها عذب على طريق البصرة- تنتظر الجواب(268).
* والي البصرة يستفسر من أم المؤمنين عن سبب المجيء:
ولما بلغ ذلك أهل البصرة دعا عثمان بن حنيف عمر بن حصين وأبا الأسود الدؤلي وقال: إنطلقا إلى عائشة واعلما علمها وعلم من معها، فأتياها وقالا: إن أميرنا بعثنا إليك ليسألك عن مسيرك فهل أنت مخبرتي؟ فقالت: والله ما مثلي يسير بالأمر المكتوم؛ إن الغوغاء من أهل الأمصار ونزاع(269) القبائل غزوا حرم رسول الله وأحدثوا فيه الأحداث(270)، وآووا فيه المحدثين(271) فاستوجبوا لعنة الله ولعنة الرسول مع ما نالوا من قتل إمام المسلمين بلا ترة(272) ولا عذر، فاستحلوا الدم الحرام فسفكوه، وانتهبوا المال الحرام، وأحلوا البلد الحرام والشهر الحرام، مزقوا ا لأعراض والجلود، وأقاموا في دار قوم كارهين لمقامهم ضارين مضرين(273) غير نافعين ولا منتفعين، لا يقدرون على امتناع ولا يأمنون، فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هؤلاء، وما فيه الناس وراءنا، وما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذه القصة. وقرأت:
{لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ}(274).
ثم قالت: نهض في الإصلاح فيمن أمر الله وأمر رسوله الصغير والكبير والذكر والأنثى، فهذا شأننا إلى معروف نأمركم يه ونحضكم عليه، ومنكر ننهاكم عنه ونحثكم على تغييره. فخرجا من عندها، فرجعا إلى عائشة فودعاه فودعت عمرانا، وقالت: يا أبا ا لأسود، إياك أن يقودك الهوى إلى النار {كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ}(275) وسرحتهما، ونادى مناديها بالرحيل(276).
* يا ابن حنيف استعد للقتال:
ومضيا حتى أتيا عثمان بن حنيف، فبدر أبو الأسود عمرانا فقال:
يا ابن حنيف قد أتيت فانفر(277)
وطاعن القوم وجالد واصبر(1/62)
وابرز لهم مستلئما(278) وشمر
فاسترجع(279) عثمان وقال: دارت رحى الإسلام(280) ورب الكعبة! ونادى في الناس وأمرهم بلبس السلاح(281).
* المواجهة السلمية مع أهل البصرة:
وأقبلت عائشة رضي الله عنها فيمن معها حتى انتهوا إلى المربد(282) فدخلوا من أعلاه، ووقفوا حتى خرج عثمان بن حنيف فيمن معه، وخرج إلى عائشة من أهل البصرة من أراد أن يكون معها، فاجتمع القوم كلهم بالمربد، عائشة ومن معها في ميمنته، وعثمان ومن معه في ميسرته.
فتكلم طلحة فأنصتوا له، فحمد الله وأثنى عليه وذكر عثمان وفضله وما استحل منه، ودعا إلى الطلب بدمه، وحثهم عليه وتكلم الزبير بمثل ذلك فقال أناس في يمين المربد: صدقا وبرا! وقال غيرهم في مسيرته: فجرا، وغدرا، وأمرا بالباطل! بايعا عليا رضي الله عنه ثم جاءا يقولان ما يقولان! وتحائي(283) الناس وتحاصبوا (284)(285) .
فتكلمت عائشة فحمدت الله وأثنت عليه، وقالت: كان الناس يتجنون على عثمان رضي الله عنه ويزرون(286) على عماله، ويأتوننا بالمدينة فيستشيروننا فيما يخبروننا عنهم، ويرون حسنا من كلامنا في إصلاح بينهم، فننظر في ذلك فنجده بريا تقيا وفيا ونجدهم فجرة غدرة كذبة، وهم يحاولون غير ما يظهرون، فلما قدروا على المكاثرة كاثروه، فاقتحموا عليه داره، واستحلوا الدم الحرام والمال الحرام، والبلد الحرام، بلا ترة ولا عذر، ألا إن فيما يبغي- لا ينبغي لكم غيره- أخذ قتلة عثمان رضي الله عنه، وإقامة كتاب الله(287).
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ}(288).
*رد الفعل في معسكر عثمان:(1/63)
فافترق أصحاب عثمان بن حنيف فرقتين. فقالت فرقة: صدقت والله وبرت وجاءت بالمعروف، وقالت فرقة خلاف ذلك فتحائوا وتحاصبوا وأرهجوا(289)، فلما رأت عائشة ذلك انحدرت وانحدر أهل الميمنة مفارقين لعثمان بن حنيف، حتى وقفوا في المربد في موضع الدباغين، وبقي أصحاب عثمان على حالهم يتدافعون حتى تحاجزوا ومال بعضهم إلى عائشة(290).
وأقبل حكيم بن جبلة- من قتلة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه- وهو على خيل ابن حنيف فأنشب القتال فأشرع أصحاب عائشة رماحهم وأمسكوا ليمسك حكيم وأصحابه، فلم ينته ولم ينثن، وأصحاب عائشة كافون إلا ما دافعوا عن أنفسهم، ثم اقتتلوا على فم السكة، وأشرف أهل الدور ممن كان له في أحد الفريقين هوى فرموا في الأخرى بالحجارة، وأمرت عائشة أصحابها فتيامنوا حتى انتهوا إلى مقبرة بني مازن، فوقفوا بها مليا(291) وثاب إليهم الناس إلى قبائلهم، وأتى أصحاب عائشة إلى ناحية بيت المال وباتوا يتأهبون، وبات الناس يأتونه واجتمعوا بساحة دار الرزق(292).
أصبح عثمان فهجم عليهم، وخرج حكيم فاقتتلوا قتالا شديدا من حين بزغت الشمس إلى أن زالت، وقد كثر القتل في أصحاب ابن حنيف، وفشت الجراحة في الفريقين، ومنادى عائشة يناشدهم ويدعوهم إلى الكف فيأبون، حتى إذا مسهم الشر وعضتهم الحرب نادوا أصحاب عائشة إلى الصلح، فأجابوهم و توا دعوا وكتبوا بينهم كتابا(293).
*والله لقتل عثمان بن عفان أهون من خروجك من بيتك:(1/64)
وأقبل جارية بن قدامة السعدي (أسم رجل) فقال: يا أم المؤمنين، والله لقتل عثمان بن عفان أهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون عرضة للسلاح! إنه قد كان لك من الله ستر وحرمة، فهتكت سترك وأبحت حرمتك، إنه من رأى قتالك فإنه يرى قتلك، وإن كنت أتيتنا طائعة فارجعي إلى منزلك، وإن كنت أتيتنا مستكرهة فاستعيني بالناس. وخرج غلام شاب من بني سعد إلى طلحة والزبير، فقال: أما أنت يا زبير فحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما أنت يا طلحة فوقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدك، وأرى أمكما معكما فهل جئتما بنسائكما؟ قالا: لا، قال: فما أنا منكما في شيء، واعتزل(294).
وتعليقا على قول جارية إنه الحب والتقدير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأم المؤمنين، وإنه رأى الأمر بعاطفة الحب نحو النبي صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين- رضي الله عنها- إلا أنه لم يدرك أن خروجها لجمع الشمل وتوحيد الصف في البصرة التي خرج منها من خرج واشتركوا في قتل الخليفة، وكان اصطحاب طلحة والزبير رضي الله عنهما لأن لها مكانتها في القلوب، وأن المسلمين حين يرونها يسمعون لها ويقبلون منها، وبذلك يكون هذا الخروج إسهاما منهم نحو معاونة الخليفة علي رضي الله عنه في توحيد صفوف المسلمين، إلا أن ما حدث من مواجهات حربية بفعل السبئيين الذين يحملون الحقد والغل في قلوبهم على الإسلام والمسلمين، ويخططون لذلك ويعمون الحقائق عنهم حتى أصبح الناس وكأنهم يتخبطون في ظلام دامس أوشكت الرؤية أن تنعدم فيه.
* أهل البصرة لعثمان [والي البصرة]:(1/65)
[ اخرج عنا]: أرسلوا إلى عثمان أن (اخرج عنا)، فاحتج عثمان بكتاب أمير المؤمنين له أن (أثبت في ولايتك)، فاقتتلوا في المسجد، والذين اقتتلوا قوم من الزط [الفاسقين] والسياجة، وأدخلوا على عثمان ليخرجوه إليهم، فلما وصل إليهم توطووه وما بقيت في وجهه شعرة فاستعظما- أي طلحة والزبير- ذلك، وأرسلا إلى عائشة بالذي كان واستطلعا رأيها، فأرسلت إليهما أخلوا سبيله فليذهب حيث شاء ولا تحبسوه، فأخرجوه فأتى الربذة التي كان يعسكر فيها.
*نشوب القتال:
[الحمد لله الذي جمع لنا ثأرنا]: تمكن طلحة والزبير رضي الله عنهما من بيت المال وأصبح الحرس خاضعين لهما، والناس معهما إلا قتلة عثمان وقائدهم حكيم، قالت عائشة: لا تقتلوا إلا قتلة عثمان رضي الله عنه ولا نبدأ أحدا فأنشب حكيم القتال ولم يرع للمنادى، فقال طلحة والزبير: الحمد لله الذي جمع لنا ثأرنا من أهل البصرة، اللهم لا تبق منهم أحدا، فاقتتلوا أشد قتال ونادى منادي الزبير، طلحة بالبصرة: ألا من كان فيهم من قبائلكم أحد ممن غزا المدينة فليأتنا بهم. فجيء بهم كما يجاء بالكلاب فقتلوا، فما أفلت منهم من أهل البصرة جميعا إلا حرقوص بن زهير(295)، وكانت الواقعة لخمس ليال بقين من ربيع الآخر سنة ست وثلاثين(296).
*في معسكر الخليفة في الطريق إلى البصرة:
سار علي رضي الله عنه من الربذة، وعلى مقدمته أبو ليلى بن عمرو بن الجراح، الراية مع ابن الحنفية، وعلي رضي الله عنه على ناقة حمراء، فلما نزل بفيد(297) أتته أسد وطيىء، فعرضوا عليه أنفسهم فقال: في المهاجرين كفاية وعرضت عليه بكر بن وائل أنفسها فقال لها كذلك.
ولما انتهى إلى ذي(298) قار أتاه عثمان بن حنيف وليس في وجهه شعرة(299) وقيل: إنه أتاه بالربذة، فقال: يا أمير المؤمنين بعثتني ذا لحية وقد جئتك أمرد! قال: أصبت أجرا وخيرا! وأقام بذي قار. وقد تطلع إلى الكوفة يطمئن على أحوالها(300).
*الخليفة يراسل والي الكوفة:(1/66)
تطلع الخليفة إلى أن يستقر الأمر بالكوفة حتى يتفرغ لمواجهة أحداث البصرة، فأرسل الرسل إلى أبى موسى الأشعري.
ا- محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر:
(لا نقاتل أحدا حتى نفرغ من قتلة عثمان): أرسلهما فأتيا أبا موسى الأشعري بكتاب علي فلم يجابا بشيء, ودخل ناس من أهل الحجاز على أبي موسى فقالوا: ما ترى في الخروج؟ فقال: كان الرأي بالأمس ليس اليوم، إن الذي تهاونتم به فيما مضى هو الذي جر عليكم ما ترون، إنما هما أمران: القعود سبيل الآخرة، والخروج سبيل الدنيا، فاختاروا، فغضب محمد فقال لهما: والله إن بيعة عثمان رضي الله عنه في عنقي وعنق صاحبكما، فإن لم يكن بد من قتال! لا نقاتل أحداً حتى نفرغ من قتلة عثمان رضي الله عنه حيث كانوا، فانطلقا إلى علي رضي الله عنه ! فأخبراه الخبر وهو بذي قار(301).
2- عبد الله بن عباس والأشتر:
(هذه فتنة صماء، النائم فيها خير من اليقظان): نظر أمير المؤمنين في جواب أبى موسى ثم قال للأشتر: أنت صاحبنا في أبي موسى والمعترض في كل شيء، اذهب أنت وابن عباس فأصلح ما أفسدت.
فخرجا فقدما الكوفة، فكلما أبا موسى، واستعانا عليه بنفر من أهل الكوفة فقال: لهما: هذه فتنة صماء(302)، النائم(303) فيها خير من اليقظان، واليقظان خير من القاعد، والقاعد خير من القائم، والقائم خير من الراكب، والراكب خير من الساعي، فكونوا جرثومة(304) من جراثيم العرب، فاغمدوا ا لسيوف، وأنصلوا الأسنة(305)، وأقصعوا الأوتار، وآووا(306) المظلوم والمضطهد حتى يلتئم هذا الأمر، وتنجلي هذه الفتنة.
فخرج ابن عباس والأشتر إلى علي فأخبراه الخبر(307).
3- الحسن وعمار بن ياسر:(1/67)
أرسل ابنه الحسن وعمار بن ياسر رضي الله عنهما وقال لعمار: أنطلق فأصلح ما أفسدت. فأقبلا حتى دخلا مسجد الكوفة، فكان أول من رآهما مسروق بن الأجدع، فسلم عليهما، وأقبل على عمار فقال: يا أبا اليقظان علام قتلتم عثمان رضي الله عنه قال: على شتم أعراضنا وضرب أبشارنا(308) قال: فوالله ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به ولو صبرتم لكان خيراً للصابرين(309).
فخرج أبو موسى فلقي الحسن فضمه إليه، وأقبل على عمار فقال: يا أبا اليقظان أعدوت على أمير المؤمنين فيمن عدا فأحللت نفسك مع الفجار؟ فقال: لم أفعل ولم يسوءني! فقطع الحسن عليهما الكلام، وأقبل على أبي موسى فقال له: لم تثبط الناس عنا؟ فوالله ما أردنا إلا الإصلاح، ولا مثل أمير المؤمنين يخاف على شيء! قال: صدقت، بأبي أنت وأمي! فإن المستشار مؤتمن(310)، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنها تكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الراكب))(311)، وقد جعلنا الله إخواناً، وحرم علينا دماءنا وأموالنا، فغضب عمار وقام فقال: يا أيها الناس إنما قال له وحده ((أنت فيها قاعداً خير منك قائماً)).
فقام رجل من بنى تميم وقال: أنت أمس مع الغوغاء واليوم تسافه أميرنا(312)!
[وصول خطاب من أم المؤمنين فضاعف من حيرة الناس]: وثار زيد بن صوحان وأمثاله، وثار الناس وقام زيد على باب المسجد، ومعه كتاب من عائشة إليه تأمره بملازمة بيته أو نصرتها، وكتاب إلى أهل الكوفة بنفس الأمر، فأخرجهما فقرأهما على الناس(313).
[أبو موسى: إلزموا بيوتكم]: وتجمع ا لناس، فقام أبو موسى فقال: أيها الناس أطيعوني والزموا بيوتكم، خلوا قريشاً إذا أبوا إلا الخروج من دار الهجرة وفراق أهل العلم، أطيعوني يسلم لكم دينكم ودنياكم، ويشقى بحر هذه الفتنة من جناها، وتكلم بعد ذلك آخرون فلم يزيدوا إلا اختلافاً وشقاقاً(314).(1/68)
[أتكلم الحسن فخرج معه تسعة آلاف]: وقام الحسن رضي الله عنه فقال: أيها الناس أجيبوا دعوة أميركم، وسيروا إلى إخوانكم، فإنه سيوجد لهذا ا لأمر من ينفر إليه، ووالله لئن يليه أولو النهى أمثل في العاجل والآجل، وخير في العاقبة، أجيبوا دعوتنا، فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر.
فسامح الناس وأجابوا ورضوا. فقال الحسن رضي الله عنه: أيها الناس إني غاد فمن شاء منكم أن يخرج على الظهر(315)، ومن شاء في الماء، فنفر معه تسعة آلاف(316).
**تعليق:
ولعل هذا الحوار ليوضح الصورة التي أصبح عليها الناس من اضطراب واختلاف حتى أضحى الوصول إلى كبد الحقيقة بالنسبة لهم أمرًا عسيرًا. وبالنسبة لأبى موسى الأشعري رضي الله عنه فقد ذهب إلى أن القاعد عن الاشتراك في هذه الفتنة أفضل من المشارك فيها، وهذا لا يؤخذ عليه رضي الله عنه فالأمر اجتهاد.
ومن الإنصاف أن نذكر أنه حين رفض تلبية رغبة أمير المؤمنين أو أم المؤمنين -رضى الله عنهم جميعًا- فلا يعنى هذا إلا الخلاف في الرأي فقط.
أما عمار بن ياسر فهو قد انخدع بتضليل السبئيين حين ثاورا على عثمان- رضي الله عنهما- ولعله قد ندم على ذلك، وميله إلى علي رضى الله عنهما يؤكد أنه كان قد اختلف في الرأي مع عثمان رضى الله عنهما ولا يعنى هذا التشكيك فيه، فالقاعدة أن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، إلا أن الفساد قد حل بتدبير السبئيين الذين نجحوا في مخططهم.
وجدير بالملاحظة أن هذا العدد الكبير الذي خرج تلبية لدعوة أمير المؤمنين لا يسلم أيضاً من تدبير السبئيين من أهل الكوفة، فهذا الخروج يعد من جانبهم خطوة على طريق الفتنة وتزكيتها.
اجتمع بذي قار سبعة آلاف ومائتان، وعبد القيس بأسرها في الطريق بين على وأهل البصرة ينتظرون مرور علي بهم، وهم آلاف- وفي الماء ألفان وأربعمائة واختلف في العدد، لكن الذي يعنينا هنا هو استجابة الكوفة لدعوة أمير المؤمنين.
* ما قبل الجمل:(1/69)
[ادعهما إلى الألفة والجماعة، عظم عليهما الفرقة]: دعا الخليفة القعقاع بن عمرو فأرسله إلى أهل البصرة وقال له: ادعهما إلى الألفة والجماعة، وعظم عليهما الفرقة، وقال له: كيف أنت صانع فيما جاءك منهما مما ليس عندك فيه وصاة مني؟ فقال: نلقاهم بالذي أمرت به، فإذا جاء منهما أمر ليس عندنا منك فيه رأى اجتهدنا الرأي، وكلمناهم على قدر ما نسمع ونرى أنه ينبغي، قال: أنت لها. فخرج القعقاع حتى قدم البصرة، فبدأ بعائشة رضي الله عنها فسلم عليها وقال: أي أمه ما أشخصك وما أقدمك هذه البلدة؟ قالت: أي بني، إصلاح بين الناس، قال: فابعثي إلى طلحة والزبير حتى تسمعي كلامي وكلامهما، فبعثت إليهما فجاءا، فقال: إني سألت أم المؤمنين ما أشخصها وأقدمها هذه البلاد فقالت: إصلاح بين الناس، فما تقولان أنتما؟ أمتابعان أم مخالفان؟ قالا: متابعان، قال: فأخبراني ما وجه هذا ا لإصلاح؟ فوالله لئن عرفناه لنصلحن، ولئن أنكرناه لا نصلح. قالا: قتلة عثمان رضي الله عنه، فإن هذا إن ترك كان تركاً للقرآن، وإن عمل به كان إحياء للقرآن. فقال: قد قتلتما قتلة عثمان من أهل البصرة، وأنتم قبل قتلهم أقرب إلى السلامة منكم اليوم، قتلتم ستمائة إلا رجلاً، فغضب لهم ستة آلاف وخرجوا عليكم، وطلبتم ذلك الذي أفلت- يعنى حرقوص بن زهير- فمنعه ستة آلاف، وهم على قلب رجل واحد؟ فأصبح أعداؤكم اثني عشر ألفاً بعد أن كانوا ستمائة(317).
(ارجع فإن قدم علي رضي الله عنه... صلح هذا الأمر): وامتد الحوار بين القعقاع وأم المؤمنين وطلحة والزبير رضي الله عنهم ثم سألت عن علاج للأمر فقال: هذا الأمر دواؤه التسكين، فإن أنتم بايعتمونا فعلامة خير وتباشير رحمة ودرك بثأر هذا الرجل، وعاقبة وسلامة لهذه الأمة، وإن أنتم أبيتم إلا مكابرة هذا ا لأمر واعتسافه، كان علامة شر، فآثروا العافية ترزقوها، وكونوا مفاتيح الخير كما كنتم تكونون، ولا تعرضونا للبلاء لا تعرضوا له فيصرعنا وإياكم.(1/70)
وأيم الله إني لأقول هذا وأدعوكم إليه، وإني لخائف ألا يتم حتى يأخذ الله عز وجل حاجته من هذه الأمة التي قل متاعها ونزل بها ما نزل، فإن هذا الأمر الذي حدث أمر ليس يقدر. وليس كالأمور، ولا كقتل الرجل الرجل، ولا النفر الرجل ولا القبيلة الرجل. فقالوا: نعم، وإذاً قد أحسنت وأصبت المقالة، فارجع فإن قدم علي وهو على الصلح، كره ذلك من كرهه، ورضيه من رضيه(318).
وإن الأمر المتوقع بعد ذلك أن يتوحد الصف الإسلامي في البصرة والكوفة، وبذلك تقوى قبضة الخليفة، ويتطلع الجميع إلى هدوء، حتى يتفرغ الخليفة لرأب الصدع في الشام وإقامة الحد.
* مواقف تدل على حسن النوايا:
1- علي رضي الله عنه: (لا يرتحلن معي أحد أعان على عثمان في شيء):
لما جاء وفود أهل البصرة على أهل الكوفة ورجع القعقاع من عند أم المؤمنين وطلحة والزبير بمثل رأيهم، جمع علي الناس وقال: ألا وإني راحل غداً فارتحلوا، ألا ولا يرتحلن غداً أحد أعان على عثمان بشيء من أمور الناس، وليغن السفهاء عن أنفسهم(319).
وهكذا حينما واتت أمير المؤمنين رضي الله عنه الفرصة بدأ يحجم قتلة عثمان رضي الله عنه ويخليهم عن جيشه، وفى هذا رد على هؤلاء الذين عابوا عليه إبقاءه عليهم في جيشه، والأحداث تتابع ورؤية الخليفة تزداد وضوحاً ويزداد الصحابة بها قناعة.
ولما أصبح علي رضي الله عنه سار من (ذي قار) وسار معه الناس يريد البصرة، وصار طلحة والزبير وعائشة من الفرضة(320)، فالتقوا عند موضع قصر عبيد الله بن زيد، وذلك في النصف من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وكان يوم خميس.
2- الزبير: [وأنا أرجو أن يتم لنا الصلح فأبشروا واصبروا]:
فلما نزل الخليفة قال رجل للزبير: الرأي أن نبعث ألف فارس إلى علي- قبل أن يوافى إليه أصحابه. وقد فارقنا وافدهم-يعنى القعقاع- على أمره، وأنا أرجو أن يتم لنا الصلح فأبشروا واصبروا (321).
3- الزبير: (يا صبرة إنا وهم مسلمون):(1/71)
وأقبل صبرة بن شيمان فقال لطلحة والزبير: انتهزا بنا هذا الرجل، فإن الرأي في الحرب خير من الشدة! فقالا: إنا وهم مسلمون، إن هذا أمر لم يكن قبل اليوم فينزل فيه قرآن أو تكون فيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد زعم قوم أنه لا يجوز تحريكه اليوم، وهم علي ومن معه، وقلنا نحن: لا ينبغي لنا أن نتركه اليوم ولا نؤخره، وقد قال علي: ترك هؤلاء القوم شرا)) وهو خير من شر منه (322).
حقا يا حواري رسول الله لو أن هذه الفتنة حدثت في فترة الوحي ففصل القرآن الكريم فيها بتنزيل أو جاء فيها هدى من السنة المطهرة، وهذا يدل على شدة الفتنة وحيرة الصحابة، وفى نفس الوقت يشير إلى إحكام تدبير أعداء الإسلام.
4- الزبير: (يا كعب هذا أمر بيننا وبين إخواننا):
وأقبل كعب بن سور- من قتلة عثمان رضي الله عنه ما تنتظرون يا قوم؟ فقال الزبير: يا كعب هذا أمر بيننا وبين إخواننا.
5- علي رضي الله عنه لعل الله يجمع شمل هذه الأمة بنا ويضع حربهم):
قام علي رضي الله عنه فخطب الناس، فقام إليه الأعور بن بنان المنقري فسأله عن إقدامهم على أهل البصرة، فقال له علي رضي الله عنه: على الإصلاح وإطفاء النار لعل الله يجمع شمل هذه الأمة بنا ويضع حربهم. قال: فإن لم يجيبوا. قال: تركناهم ما تركونا. قال: فإن لم يتركوكم. قال: دفعناهم عن أنفسنا. قال: فهل لهم في هذا مثل الذي عليهم؟ قال نعم(323).
6-علي رضي الله عنه: [كفوا أيديكم وألسنتكم عن هؤلاء القوم فإنهم إخوانكم]:
قام علي رضي الله عنه فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أيها الناس، املكوا أنفسكم كفوا أيديكم وألسنتكم عن هؤلاء القوم، فإنهم إخوانكم.
7- علي رضي الله عنه: (إني لأرجو ألا يقتل أحد نَقَّى قلبه لله منا ومنهم إلا أدخله الله الجنة):(1/72)
وقام إليه أبو سلامة الدألاني فقال: أترى لهؤلاء القوم حجة فيما طلبوا من هذا الدم- يعنى الثأر من قتلة عثمان- إن كانوا أرادوا الله عز وجل بذلك؟ قال: إني لأرجو ألا يقتل أحد نقى قلبه لله منا ومنهم إلا أدخله الله الجنة(324).
* تعليق
وهذه المواقف شاهد صدق على حسن النوايا، وعلى توقير كل منهم للآخر، ولعل ذلك يكون خير رادع لتلك الألسنة التي تسمح لنفسها بالنيل من هؤلاء الأجلاء الذين قال ا لله فيهم: {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} وفي نفس الوقت هذه المواقف تدل على أن محاولات السبئيين مستمرة؟ حيث يحاولون إيغار الصدور ولكن محاولاتهم كما رأينا لم تنجح، فانظر كيف يتصرفون وصولاً إلى هدفهم في تمزيق شمل الأمة؟!
* التفكير في الصلح:
[فتوافقوا ولم يجدوا أمثل من الصلح ووضع الحرب]: فلما نزل ا لناس واطمأنوا، خرج علي وطلحة والزبير، فتواقفوا وتكلموا فيما اختلفوا فيه، فلم يجدوا أمراً هو أمثل من الصلح ووضع الحرب، حين رأوا الأمر قد اتضح، فافترقوا عما تعاهدوا عليه ورجع علي إلى عسكره، وطلحة والزبير إلى عسكرهما.
وبعث علي من العشي عبد الله بن عباس إلى طلحة والزبير، وبعثا هما من العشي محمد بن طلحة إلى علي، وأن يكلم كل واحد منهما أصحابه، فقالوا: نعم، فلما أمسوا- وذلك في جمادى الآخرة- أرسل طلحة والزبير إلى رؤساء أصحابهما، وأرسل على إلى رؤساء أصحابه، ما خلا أولئك الذين قتلوا عثمان فباتوا على الصلح، وباتوا بليلة لم يبيتوا بمثلها للعافية(325).
والحقيقة هنا أنهم حينما قدموا البصرة ليس للقصاص من قتلة عثمان رضى الله عنهم جميعاً- ولكن لتوحيد الصف الإسلامي للخليفة، ولما حدثت المواجهة مع السبئيين الذين اندسوا وحرضوا والي الخليفة على البصرة، وحانت الفرصة لقتل من اشترك في قتل الخليفة فاستثمروها، ولم يفلت منهم إلا واحد، وهذا لا يعنى أن القصاص هدفهم لكنها الفرصة التي واتتهم.(1/73)
ولذلك فإن التعبير بالصلح هنا يحتاج إلى توضيح، هل كان هناك خصام حتى يأتي الصلح؟!
والجواب لا خلاف على وجه الإطلاق بينهم رضى الله عنهم والأمر لا يعدو أن كلاً منهم اجتهد برأيه للإصلاح، وحين حضر القعقاع كان الاتفاق لا أقول أيضاً على الصلح ولكن اتفاق على أسلوب الإصلاح.
* المؤامرة السبئية لضرب الصلح وإشعال الحرب:
وضحت نية الخليفة بالنسبة لهم حين أعلن ألا يرتحل معهم أحد ممن أعان على عثمان رضي الله عنه، فاتفقوا على الاجتماع سرا، وبلغ عددهم ألفين وخمسمائة ليس فيهم صحابي واحد، وكان على رأس هؤلاء عبد الله بن سبأ والأشتر بن الخيثم، وعدي بن حاتم، وسالم بن ثعلبة القيسي، وشريح بن أوفى، وخالد بن ملجم، وتشاوروا في ا لأمر.
وقالوا: ما الرأي؟ هذا علي وهو والله أبصر بكتاب الله ممن يطلب قتلة عثمان وأقرب إلى العمل بذلك، وكيف به حين يجتمعون جميعاً له، ورأوا قتلنا في كثرتهم، وأنتم والله ترادون وما أنتم ناجون من شيء.
الرأي الأول: (هلموا بنا نثب على علي رضى الله عنه فنلحقه بعثمان رضي الله عنه): قال الأشتر: قد عرفنا رأي طلحة والزبير فينا، وأما رأي علي فلم نعرف رأيه اليوم، ورأى الناس فينا واحد، فإن يصلحوا مع علي- فعلى دمائنا فهلموا بنا نثب على علي- فنلحقه بعثمان، فتعود فتنة يرضى منا فيها بالسكون(326).
فقال عبد الله بن سبأ: بئس الرأي والله أنتم قتلة عثمان بذي قار ألفان وخمسمائة أو نحو ستمائة، وهذا ابن الحنظلية -يعنى طلحة- وأصحابه في نحو خمسة آلاف بالأشواق إلى أن يجدوا إلى قتالكم سبيلاً.
الرأي الثاني: (تعلقوا ببلد من البلدان حتى يأتيكم فيه من تقوون به): قال علباء بن الهيثم: انصرفوا بنا عنهم ودعوهم إلى بلد من البلدان حتى يأتيكم فيه من تقوون به، وامتنعوا عن الناس، إنكم انفردتم ولم تكونوا مع أقوام براء، ولو انفردتم لتخطفكم الناس(327).(1/74)
الرأي الثالث: (عجبت من تردُدِ من ترَدَّدَ عن قتله): قال عدي بن حاتم: والله ما رضيت ولا كرهت، ولقد عجبت من تردد من تردد عن قتله في بداية الحديث، فأما إذ وقع ونزل من الناس بهذه المنزلة فإن لنا عتاداً من خيول وسلاح، فإن أقدمتم أقدمنا، وإن أمسكتم أمسكنا.
فقال عبد الله بن سبأ: أحسنت. قال شريح بن أبي أوفى: أبرموا أمركم قبل أن تخرجوا فإنا عند الناس بشر المنازل، ولا أدري ما هم صانعون إذا هم التقوا.
*رأي عبد الله بن سبأ:
(إن عزكم في خلط الناس): فإذا التقى غداً فأنشبوا القتال، ولا تفرغوهم للنظر، فمن أنتم معه لا يجد بُدًا من أن يمتنع، وبذلك يشغل علي وطلحة والزبير، ومن تبع رأيهم عن محاربتكم وقتلكم(328).
* تنفيذ المؤامرة السبئية:
انسلّوا إلى ذلك الأمر انسلالاً، وعليهم ظلمة الليل فخرج مضريهم إلى مضريهم، وربيعهم إلى ربيعهم، ويمانيهم إلى يمانيهم، فوضعوا فيهم السلاح فثار أهل البصرة، وثار كل قوم في وجوه أصحابهم الذين بهتوهم. وأخذت كل قبيلة تضرب بعضها البعض (مضر وربيعة واليمانية)!! لأنهم انقسموا إلى فريقين؟ فريق خرج لقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه وفريق رأى غير ذلك، وحين قدم أصحاب الجمل أنصتوا لهم، والخطة أن يضرب فريق من القبيلة فريق الآخر... يا له من تخطيط أسود طمس على القلوب وأعمى الأبصار حتى أمسى الأخ يقتل أخاه والابن يقتل أباه!!(329).
وإذا استعرضنا مراحل التآمر التي دبرها السبئيون لنرى دقة تدبيرهم متمثلاً في أن يغافلوا الناس في المعسكرين، وقد ناموا ليلتهم واطمأنت قلوبهم إلى الصلح، وحين يستيقظ جند طلحة والزبير رضي الله عنهما على سيوف تحصد رؤوسهم حصداً، فإن التفكير متجه إلى معسكر الخليفة، وإنه بذلك قد غدر بهم، ومن ثم فهب القوم إلى سلاحهم دفاعاً عن أنفسهم.
وفي نفس الوقت جعلوا رجلاً منهم يخبر الخليفة أن معسكر طلحة والزبير قد غدروا وقتلوا. ومن ثم فكل فريق يتوجه لضرب الأخر وهو غاضب لغدره.(1/75)
موقعة الجمل
خرج الزبير وطلحة في وجوه الناس فبعثا إلى الميمنة يرأسها عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وإلى الميسرة عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد وثبتا في القلب فقالا: ما هذا؟ قالوا: هاجمنا أهل الكوفة ليلاً. سمع علي رضي الله عنه وأهل الكوفة الصوت، قال: ما هذا؟ قال ذاك الرجل: ما فجئنا إلا وقوم منهم أغاروا علينا ليلاً، فرددناهم من حيث جاءوا، فوجدنا القوم يعتدون علينا، وثار الناس، وقال علي لصاحب ميمنته: ائت الميمنة، وقال لصاحب ميسرته: ائت الميسرة(330).
* الخليفة:
(أيها الناس كفوا): ونادى علي في الناس: أيها الناس كفوا، فكان من رأيهم جميعاً في تلك الفتنة ألا تقتتلوا حتى يطلبوا بذلك الحجة، ولا يقتلوا مدبراً، ولا يجهزوا على جريح، ولا يتبعوه. فكان مما اجتمع عليه الفريقان ونادوا فينا بينهما(331).
(أدركي، لعل الله يصلح بك): وأقبل كعب بن سور حتى أتى عائشة رضى الله عنها فقال: أدركي، فقد أبى القوم إلا القتال، لعل الله يصلح بك فركبت وألبسوا هودجها الأدراع، فلما برزت من البيوت -وكانت بحيث تسمع الغوغاء- وقفت فلم تلبث أن سمعت غوغاء شديدة، فقالت: ما هذا؟ قالوا: ضجة العسكر، قالت: بخير أم بشر؟ قالوا: بشر. قالت: فأي الفريقين كانت منهم هذه الضجة فهم المهزومون. وهي واقفة(332).
*الخليفة للزبير:(1/76)
(قال لك رسول الله: إنك لتقاتله وأنت ظالم له. قال: والله لا أقاتلك أبداً): ولما تراءى الجمعان خرج الزبير على فرس وعليه سلاح، فقيل لعلي: هذا الزبير، فقال: أما إنه أحرى الرجلين إن ذكر بالله أن يذكر، وخرج طلحة، فخرج إليهما على، فدنا منهما حتى اختلفت أعناق دوابهم، فقال: لعمري لقد أعددتما سلاحاً وخيلاً ورجالاً، إن كنتما أعددتما عذراً عند الله فاتقيا الله، ولا تكونا {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا}(333)، ألم أكن أخاكما في دينكما تحرمان دمي وأحرم دماءكما؟ ثم قال له: أتذكر يوم مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني غنم، فنظر إلي فضحك وضحكت إليه، فقلت: لا يدع ابن أبي طالب زهوه! فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنك لتقاتله وأنت ظالم له))؟! فقال: اللهم نعم ولقد كنت أنسيتها ولو ذكرت ما سرت مسيري هذا، و الله لا أقاتلك أبداً(334).
(يا زبير ارجع بالعار خير من أن ترجع بالعار والنار): قال له: كيف أرجع وقد التقت حلقتا البطان؟ هذا والله العار الذي لا يغسله الدهر! قال: يا زبير ارجع بالعار خير من أن ترجع بالعار والنار.
إن سرعة الاتفاق بين الصحابيين الجليلين- علي والزبير- لهي خير دليل على نقاء السريرة وإيثار مصلحة الأمة، وإن الطمع في الخلافة لم يكن في حسبان الزبير رضي الله عنه، ونظرة إلى التناصح من علي للزبير رضي الله عنهما بقوله: ((ارجع بالعار خير من أن ترجع بالعار والنار))، وقد رجع فإذا هو أمام عمار بن ياسر، حديث الرسول ماثل أمام عينيه، وإن المؤرخ ليصعب عليه أن يحلل تلك المواقف، لأنها ليست عدائية وإنما ودية على الرغم من كونها في حومة القتال، وها هم الصحابة الأجلاء على الرغم من وقوعهم في شرك الفتنة السبئية إلا أن ذلك لم ينسهم هدى نبيهم صلى الله عليه وسلم.
* قتل الزيير:(1/77)
مضى الزبير رضي الله عنه فتسلل خلفه عمرو بن جرموز(335) وأصحابه، فلما لحقوا به نظر إليه الزبير- وكان شديد الغضب- وقال: ما وراءك؟ قال: إنما أردت أن أسألك، فقال غلام للزبير يدعى عطية كان معه: إنه معد، فقال الزبير: ما يهولك -يخيفك- من رجل؟ وحضرت الصلاة فقال ابن جرموز: الصلاة، فقال الزبير: الصلاة، فنزلا واستدبره ابن جرموز فطعنه من خلفه فى جربان -جيب- درعه فقتله وأخذ فرسه وخاتمه وسلاحه، وخلّى عن الغلام، فدفنه بوادي السباع ورجع إلى الناس بالخبر.
* عودة إلى المعركة:
(يا غلام أدخلني وأبغني مكاناً، فأدخله البصرة): مر القعقاع بن عمرو في جماعة من أصحابه بطلحة رضي الله عنهما وهو يقول: إلى عباد الله، الصبر الصبر! قال له: يا أبا محمد، إنك لجريح، وإنك عما تريد لعليل، فادخل البيوت، فقال: يا غلام، أدخلني وأبغني مكاناً. فأدخل البصرة ومعه غلام ورجلان والمعركة تدور.
والنص ينطق بالأخوة الإسلامية، فالقعقاع في معسكر الخليفة يرق قلبه بطلحة، يذكره بمرضه حتى حمل إلى البصرة بعيداً عن أي خطر يحدق به.
ولا أملك إلا أن أقول -رضي الله عنكم- صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قدمتم لنا المثل والقدوة الصالحة، وسيظل تاريخكم شعاعاً مضيئاً نهتدي به بعد الله عز وجل.
* أم المؤمنين:
(اذكروا الله... العنوا قتلة عثمان فسمع علي- فدعا بدعائها): وقالت عائشة: خل يا كعب عن البعير، وتقدم بكتاب الله عز وجل فادعهم إليه، ودفعت إليه مصحفاً. وأقبل القوم وأمامهم السبئيون يخافون أن يجري الصلح فاستقبلهم كعب بالمصحف وعلي من خلفهم يكفهم عن القتال، فلما دعاهم كعب رشقوه رشقة واحدة فقتلوه، ورموا عائشة في هودجها، فجعلت تنادي: يا بني البقية البقية -ويعلو صوتها كثرة- الله.. الله، اذكروا الله عز وجل والحساب، ثم قالت: أيها الناس، العنوا قتلة عثمان وأشياعهم، وأقبلت تدعو.(1/78)
وضج أهل البصرة بالدعاء، وسمع علي بن أبى طالب الدعاء فقال: ما هذه الضجة؟ فقالوا: عائشة تدعو ويدعون معها على قتلة عثمان وأشياعهم، فأقبل يدعو ويقول: اللهم العن قتلة عثمان وأشياعهم(336).
لعن الله السبئيين، ولا سامح الله كل من خاض بسوء في هذا الأمر، والموقف ينطق بكل معاني الإيمان بالله، وبوضوح الرؤية لأعداء الله، وها هو تجاوب القلوب والألسنة.
* السبئيون يحاولون قتل أم المؤمنين:
وكان القتال الأول يستمر إلى منتصف النهار، وأصيب فيه طلحة وذهب فيه الزبير، فلما آووا إلى عائشة أبى السبئيون إلا القتال، ولم يريدوا إلا قتل عائشة رضي الله عنها فتحاجزوا، فرجعوا بعد الظهر فاقتتلوا، وذلك يوم الخميس في جمادى الآخرة، فاقتتلوا أول النهار مع طلحة والزبير، وفي وسطه مع عائشة، وتزاحف الناس فهزمت يمن البصرة يمن الكوفة، وربيعة البصرة ربيعة الكوفة(337).
وقد نجى الله أم المؤمنين من تدبير السبئيين، والموقف هنا ينطق بأن كل هؤلاء الذين يشعلون الحرب ليسوا من الإسلام في شيء، وإن كانوا يحملون هوية إسلامية، لأنهم اتخذوا الإسلام وسيلة ليندسوا بين المسلمين، لينفذوا مخططهم اللعين، هل من صاحب رأي منصف يتصور أن مسلماً مؤمناً بالله ومصدقاً برسول الله يفكر في قتل أم المؤمنين أو أي صحابي من صحابته؟ إنها اليد الآثمة التي تظاهرت بالإسلام وأخفت هويتها الحقيقية!.
* السبئيون يقطعون أيدي المسلمين وأرجلهم:
تنادوا في عسكر عائشة وعسكر علي: يا أيها الناس، طرفوا- اقطعوا الأطراف- إذ فرغ الصبر، ونزع النصر. وأخذوا يقطعون ا الأطراف- الأيدي والأرجل- فما رئيت موقعة قط قبلها ولا بعدها، ولا يسمع بها أكثر يداً مقطوعة ورجلاً مقطوعة منها، لا يدرى من صاحبها، وكان الرجل من هؤلاء وهؤلاء إذا أصيب شيء من أطرافه استقتل إلى أن يقتل(338).(1/79)
إن هدفهم ليس تعجيز المسلمين بل إذلالهم بفعلتهم هذه، إلا أن المسلمين تركوا أطرافهم تسبقهم إلى التراب، والدم الزكي ينزف ليرويها، واستمروا في استبسالهم في جهادهم.
*ويقتلون طلحة:
قال طلحة يومئذ: اللهم أعط عثمان رضي الله عنه مني حتى يرضى، فأصابوه بسهم فقال لمولاه: أردفني- اجعلني خلفك على الدابة- وابغني مكاناً لا أعرف فيه فلم أرَ كاليوم شيخاً أضيع دماً مني. فركب مولاه وأمسكه حتى وصل به إلى دار من البصرة خربة، وأنزله فيها، فمات في تلك الخربة ودفن رضي الله عنه في بني سعد(339).
وداعاً يا صاحب رسول الله، يا صاحب اليد المشلولة التي كم دافعت عن الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أديت الأمانة: بمبايعتك الخليفة وسعيك مع الزبير وأم المؤمنين للإصلاح، إلا أن قوى الشر التي لا تعرف لله حرمة، ولا للإنسانية حقوقاً، قد استباحت دمك الزكي، هنيئاً لك بجنة الخلد... ودعاء لك يا الله أن تعين المسلمين على حمل رسالتك وأداء أمانتك، حتى نكون كما أردت لنا خير أمة أخرجت للناس.
(ما زال جملي معتدلاً حتى فقدت أصوات بني ضبة): فلم يزل الأمر كذلك حتى قتل على خطام الجمل أربعون رجلاً. قالت عائشة: مازال جملي معتدلاً حتى فقدت أصوات بني ضبة، قالت: وأخذ الخطام سبعون رجلاً من قريش كلهم يقتل وهو آخذ بخطام الجمل(340).
(محمد بن طلحة: يا أماه مريني): وكان محمد بن طلحة ممن أخذ بخطامه وقال: يا أماه مريني بأمرك. قالت: آمرك أن تكون كخير ابني آدم(341) إن تركت، فجعل يدافع بسيفه حتى قتل(342).
(لا يأخذ الخطام أحد إلا قتل): قال: وأخذ الخطام عمرو بن الأشرف، فجعل لا يدنو منه أحد إلا خبطه بالسيف، فأقبل إليه الحارث بن زهير وهو يقول:
يا أمنا يا خير أم نعلم
والأم تغدو ولداً وترحم
أما ترين كم شجاع يكلم(343)
وتختلي هامته والمعصم(1/80)
فاختلفت ضربتان، فقتل كل واحد منهما صاحبه، وأحدق أهل النجدات والشجاعة بعائشة، فكان لا يأخذ الخطام أحد إلا قتل، وكان لا يأخذه والراية إلا معروف عند المطيفين بالجمل، فينتسب: ((أنا فلان ابن فلان))، فإن كانوا ليقاتلون عليه وإنه للموت لا يوصل إليه إلا بطلبه، وما رامه أحد من أصحاب علي إلا قتل أو أفلت ثم لم يعد، وحمل عدي بن حاتم عليهم ففقئت عينه(344).
(واثكل أسماء): وجاء عبد الله بن الزبير ولم يتكلم، فقالت عائشة: من أنت؟ قال: ابنك وابن أختك. قالت: واثكل أسماء! فانتهى إليه الأشتر فضربه الأشتر على رأسه فجرحه جرحاً شديداً، فضربه عبد الله ضربة خفيفة واعتنق كل واحد منهما صاحبه، وسقطا على الأرض يعتركان، فقال عبد الله ابن الزبير: اقتلوني ومالكا(345)؛ فلو علموا من مالك لقتلوه، وإنما كان يعرف بالأشتر(346)، فحمل أصحاب علي وعائشة فخلصوهما.
وأخذ الخطام الأسود بن أبى البختري القرشي فقتل، وأخذه عمرو بن الأشرف الأزدي فقتل، وقتل معه ثلاثة عشر رجلاً من أهل بيته، وجرح عبد الله بن الزبير سبعاً وثلاثين جراحة بين طعنة ورمية وضربة، وجرح مروان ابن الحكم(347).
(اعقروا الجمل): فنادى علي-: اعقروا الجمل فإنه إن عقر تفرقوا، فضربه رجل فسقط، فما سمع صوت أشد من عجيجه(348)، فاجتث ساق البعير، وحمل الهودج وكان كالقنفذ لما فيه من السهام.
(والله لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة): وأمر علي نفراً أن يحملوا الهودج من بين القتلى، وأمر أخاها محمد بن أبي بكر أن يضرب عليها قبة، وقال: انظر هل وصل إليها شيء من جراحة؟ وأدخل رأسه في هودجها، فقالت: من أنت؟ فقال: أبغض أهلك إليك. قالت: ابن الخثعمية؟ قال: نعم. قالت الحمد لله الذي عافاك. ثم أتى وجوه الناس إلى عائشة وفيهم القعقاع بن عمرو، فسلم عليها فقالت: والله لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة(349).
* هول القتال:(1/81)
قال! القعقاع؟ ما رأيت شيئاً أشبه بشيء من قتال القلب يوم الجمل بقتال صفين.
(إنزال هودج عائشة، علي: أدخلها البصرة): أتى محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر عائشة، وقد عقر الجمل، فقطعا غرضة كالحزام للسرج- الرحل- واحتملا الهودج، فنحياه حتى أمرهما علي فيه أمره، قال: أدخلاها البصرة، فأدخلاها دار عبد الله بن خلف الخزاعي ووضعوها ليس قربها أحد، وكأن هودجها فرخ مقصب(350) مما فيه من النبل(351).
* دعاء أم المؤمنين:
(هتك الله سترك، وقطع يدك، وأبدى عورتك): وجاء أعين بن ضبيعة المجاشعي- من السبئيين- حتى اطلع في الهودج، فقالت: عليك لعنة الله! فقال: والله ما أرى إلا حميراء، قالت: هتك الله سترك، وقطع يدك، وأبدى عورتك. فقتل بالبصرة وسلب وقطعت يده، ورمي به عرياناً في خربة من خربات ا لأزد(352).
عليّ-: (كيف أنت يا أم المؤمنين؟.. بخير): وانتهى إليها علي فقال: كيف أنت يا أم المؤمنين؟ قالت: بخير. قال: يغفر الله، لك. قالت: ولك.
ولما كان من آخر الليل خرج محمد بعائشة حتى أدخلها البصرة، فأنزلها في دار عبد الله بن خلف الخزاعي على صفية ابنة الحارث بن طلحة بن أبى طلحة ابن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار، وهي أم طلحة الطلحات بن عبد الله بن خلف(353).
* بيعة أهل البصرة علياً رضي الله عنه:
بايع الأحنف من العشي لأنه كان خارجة هو وبنو سعد، ثم دخلوا جميعاً البصرة، فبايع أهل البصرة على راياتهم، وبايع علياً أهل البصرة حتى الجرحى والمستأمنة، فلما فرغ علي من بيعة البصرة نظر في بيت المال فوجد فيه ستمائة ألف وزيادة، فقسمها على من شهد معه الوقعة، فأصاب كل رجل منهم خمسمائة، وقال: لكم إن أظفركم الله عز وجل بالشام مثلها إلى أعطياتكم، وتحدث في ذلك السبئيون، وطعنوا على عليّ رضي الله عنه لأنه حرمهم منها(354).
* أخلاقيات الإسلام في الحرب:(1/82)
كان من سيرة علي- رضي الله عنه - ألا يقتل مدبراً، ولا يجهز على جريح، ولا يكشف ستراً، ولا يأخذ مالاً، فقال قوم يومئذ: ما له يحل لنا دماءهم، ويحرم علينا أموالهم؟ فقال علي رضي الله عنه: القوم أمثالكم، من صفح عنا فهو منا ونحن منه(355).
* تجهيز عليّ لعائشة وإرسالها إلى المدينة:
(عائشة- رضي الله عنها-: إنه عندي من الأخيار... صدقت والله وبرَّتْ): وجهز علي عائشة بكل شيء ينبغي لها من زاد أو متاع، وأخرج معها كل من نجا ممن خرج معها إلا من أحب المقام، واختار لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات، وقال: تجهز يا محمد، فبلغها، فلما كان اليوم الذي ترتحل فيه جاء حتى وقف لها، وحضر الناس، فخرجت على الناس وودعوها وودعتهم، وقالت: يا بني، يعتب بعضنا على بعض، فلا يعتدن أحد منكم على أحد بشيء بلغه من ذلك، إنه والله ما كان بيني وبين على في القدم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه عندي على معتبتي من الأخيار، وقال علي: يا أيها الناس، صدقت والله وبرَّت، ما كان بيني وبينها إلا ذلك، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة.
وخرجت يوم السبت لغرة رجب سنة 36 هـ، وشيعها علي رضي الله عنه أميالاً، وسرح بنيه معها يوماً (356).
علي ومعاوية
رضي الله عنهما
ننتقل بعد ذلك إلى ساحة معاوية رضي الله عنه في الشام والناس من حوله على رأيه لا يرضون إلا بالثأر من قتلة عثمان رضي الله عنه.(1/83)
(لا نبايعه حتى يقتل قتلة عثمان أو يسلمهم لنا): سار الخليفة إلى الكوفة فدخلها يوم الاثنين الثاني عشر من شهر رجب عام ست وثلاثين، وأرسل جرير بن عبد الله البجلي بكتاب إلى معاوية في دمشق، شرح له فيه أن مبايعته من أهل المدينة ملزمة لمن في الشام، لأن الذين بايعوه هم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وأخبره بما أسفرت عنه موقعة الجمل واجتماع المهاجرين والأنصار على بيعته، ثم طلب منه أن يدخل فيما دخل فيه المسلمون ويعطي بيعته، لأنه يحب له العافية، وبعدها يطالب بمحاكمة قتلة عثمان رضي الله عنه وكرر له القول إنه أبرأ الناس من دم عثمان رضي الله عنه، فجمع معاوية رضي الله عنه قادة الجيوش وأعيان أهل الشام وغيرهم، واستشارهم في الأمر، فقالوا: لا نبايعه حتى يقتل قتلة عثمان أو يسلمهم إلينا. فرجع جرير بذلك إلى الخليفة(357).
وإذا أردنا أن نناقش طلب معاوية رضي الله عنه في المطالبة بدم عثمان رضي الله عنه.
فيرى صاحب العواصم: أن الطالب لدم لا يصح أن يحكم، وتهمة الطالب للقاضي لا توجب عليه أن يخرج عليه، بل يطلب الحق عنده، فإن ظهر له قضاء وإلا سكت وصبر، فكم من حق يحكم الله فيه(358). وعلى هذا فكيف يكون معاوية رضي الله عنه خصماً وحكماً، وأعتقد أن السبئيين اندسوا في معسكر معاوية كما كانوا عند أصحاب الجمل رضي الله عنهم إلا أنهم حين تحدث إليهم القعقاع بن عمرو رضي الله عنه اقتنعوا برأيه الذي هو رأي الخليفة فأذعنوا له، وعذروا علياً ووافقوا على التفاهم معه على ما يوصلهم إلى الخروج من هذه الفتنة. وتأجيل علي في إقامة حد الله كان عن ضرورة قائمة ومعلومة. ولكن إذا كانت حرب البصر ة ناشئة عن انشاب قتلة عثمان الحرب بين الفريقين الأولين، فقد كان من مصلحة الإسلام أن لا تنشب حرب صفين بين الفريقين الآخرين.
* تعليق:(1/84)
أما عن اتهام معاوية لعلي رضي الله عنهما بقتل عثمان رضي الله عنه، فليس في المدينة أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا وهو متهم به؟ طبقاً لما رآه معاوية عن مسؤولية أهل المدينة عن قتله وهم بها. فلم نضع المسؤولية كاملة عليه في وقت كان رضي الله عنه كأحدهم. وهب أن علياً وطلحة والزبير مسؤولون عن قتل عثمان، فباقي الصحابة من المهاجرين والأنصار مسؤولون أيضاً من منظور معاوية، وحقيقة الأمر أن الصحابة ما قعدوا عن الدفاع عن الخليفة إلا لطلبه هو بأنه لا يحب أن يموت أحد في سبيل عثمان وأمر الخليفة هنا واجب على الصحابة طاعته، وعلى الرغم من هذا فكان الحسن والحسين وغيرهم يتناوبون عليه، ولنا أن نتصور لو تصدى الصحابة على قلة عددهم للسبئيين. ومن اعتد فيهم وضوى إليهم ماذا صنعوا بالقعود عن نصرته؟ وإن كانوا قعدوا لأنهم لم يروا أن يتعدوا حد عثمان وإشارته فأي ذنب لهم فيه؟!! وأي حجة لمروان وعبد الله بن الزبير والحسن والحسين وابن عمر وأعيان العشرة معه في داره يدخلون إليه ويخرجون عنه في الشكة والسلاح والطالبون ينظرون؟ ولو كان بهم قوة أو آووا إلى ركن شديد لما مكنوا أحداً أن يراه منهم ولا يدخل، وإنما كانوا نظارة، فلو قام في وجوههم الحسن والحسين وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير ما جسروا، فلو قتلوهم ما بقي على الأرض منهم حي(359)، أي أنهم استأصلوا صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وقضوا عليهم وما استطاع أحد أن يمنعهم، والحكمة تقتضي هنا التريث وعدم الانسياق، وراء عاطفة الحزن التي خيمت بظلالها على المسلمين الذين لم يدر بخلدهم أن يصل بهؤلاء (السبئيين) حقدهم على الخليفة والمسلمين إلى ما وصلوا إليه!!
والسبئيون يعلمون أن قوة من جند الشام كانت في الطريق إلى المدينة، ولذلك تعجلوا بتنفيذ مخططهم وظلوا يحكمون المدينة خمسة أيام.(1/85)
ولنا أن نتصور هؤلاء لو حاول الخليفة إقامة الحدود على قتلة عثمان رضي الله عنه لتحولوا إلى وحوش ضارية تفتك بأهل المدينة.
والذي يؤكد صعوبة إقامة الحد عليهم أن معاوية رضي الله عنه لما صار إليه الأمر لم يمكنه أن يقتل من قتلة عثمان أحداً إلا بحكم، (من قتل في حرب بتأويل، أو دُسَ عليه) حتى انتهى الأمر إلى زمن الحجاج، وهم يقتلون بالتهمة لا بالحقيقة، فتبين لهم أنهم ما كانوا في ملكهم يفعلون ما أصبحوا له يطلبون(360).
وإن الخلاف بين علي، ومعاوية رضي الله عنهما اختلاف في الاجتهاد، كما يختلف المجتهدون في كل ما يختلفون فيه، وهم مثابون عليه في الاجتهاد الإصابة والخطأ، وثواب المصيب أضعاف ثواب المخطئ، وليس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بشر معصوم عن أن يخطئ، وقد يخطئ بعضهم في أمور ويصيب في أخرى، وإننا في هذا التحليل حاش لله أن نوجه اتهاماً لمعاوية رضي الله عنه ولكننا نعتقد اعتقادا راسخاً بأنه لم يكن ممن يختار الحرب إبتداءً بل كان من أشد الناس حرصاً على أن لا يكون هناك قتال، وكان غيره أحرص على القتال منه. وقتال صفين للناس فيه أقوال:
1- كلاهما كان مجتهداً مصيباً: فمنهم من يقول: كلاهما كان مجتهداً مصيباً، كما يقول ذلك كثير من أهل الكلام والفقه والحديث ممن يقول: كل مجتهد مصيب، ويقول: كانا مجتهدين. وهذا قول كثير من ا لأشعرية والكرامية والفقهاء وغيرهم، وهو قول كثير من أصحاب أبى حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم.
2- كلاهما إمام مصيب: وتقول الكرامية: كلاهما إمام مصيب ويجوز نصب إمامين للحاجة.
3- المصيب أحدهما لا بعينه: ومنهم من يقول: بل المصيب أحدهما لا بعينه، وهذا قول طائفة منهم.
4- علي مصيب ومعاوية مجتهد مخطئ: ومنهم من يقول: علي هو المصيب وحده ومعاوية مجتهد مخطئ، كما يقول ذلك طوائف من أهل الكلام والفقهاء من أهل المذاهب الأربعة. وقد حكى هذه الأقوال أبو عبد الله حامد من أصحاب الإمام أحمد وغيره.(1/86)
5- فليس في القتال صواب: ومنهم من يقول: كان الصواب أن لا يكون قتال وكان ترك القتال خيراً للطائفتين، فليس في الاقتتال صواب، ولكن علي رضي الله عنه كان أقرب إلى الحق من معاوية، والقتال قتال فتنة، ليس بواجب ولا مستحب وكان ترك القتال خيراً للطائفتين مع أن علياً كان أولى بالحق، وهذا قول أحمد وأكثر أهل الحديث وأكثر أئمة الفقهاء، وهو قول أكابر الصحابة والتابعين لهم، وهو قول عمر بن حصين رضي الله عنه، وكان ينهى عن بيع السلاح في ذلك القتال، وينهى عن بيع السلاح في الفتنة، وهو قول أسامة بن زيد ومحمد بن مسلمة وابن عمر وسعد بن أبى وقاص وأكثر من بقي من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم.
ولهذا كان من مذهب أهل السنة الإمساك عما شجر بين الصحابة، فإنه قد ثبتت فضائلهم ووجبت موالاتهم ومحبتهم(361).
وعلى ذلك فالأحداث تتابع، وأصحاب الفتنة يتحركون من خلف الظهور، وها هم المسلمون يساقون إلى حرب أخرى بفعل تدبير السبئيين بعد أن أخمدت.
***
صفين
خرج جيش الخليفة وعدده مائة ألف، وجيش معاوية قيل: أن عدده سبعون وقيل: تسعون ألفاً. ونزلوا على الفرات بصفين وقد سبقت الجيوش عليا فأوصى الأشتر- قائد جيشه- إذا قدمت فأنت عليهم، وإياك أن تبدأ القوم بقتال حتى تلقاهم فتدعوهم، وتسمع منهم، ولا يحملك بغضهم على قتالهم قبل دعائهم والإعذار إليهم مرة بعد مرة، ولا تدن منهم دنو من يريد أن ينشب الحرب، ولا تباعد من يهاب البأس حتى أقدم عليك، فإني حثيث السير في إثرك إن شاء الله تعالى، وكتب إلى قائديه- شريح وزياد- بذلك وأمرهما بالطاعة للأشتر(362).
ويستوقفنا هنا عبارة ((ولا يحملك بغضهم على قتالهم قبل دعائهم)).
وإن كانت العبارة تدل على رغبة الخليفة في عدم البدء بالحرب إلا أنها تطرح سؤالاً: لِمَ أبقى الخليفة على الأشتر في جيشه؟ بل ولِمَ ولاه قيادة الجيش؟(1/87)
إن عليا لما فرغ من البيعة بعد وقعة الجمل واستعمل عبد الله بن عباس على البصرة، بلغ الأشتر الخبر باستعمال علي ابن عباس فغضب وقال: علام قتلنا الشيخ إذن؟! اليمن لعبيد الله، والحجاز لقثم، والبصرة لعبد الله، والكوفة لعلي! ثم دعا بدابته فركب راجعاً. وبلغ ذلك عليا فنادى الرجل! ثم جد السير فلحق به وقال: ما هذا السير؟ سبقتنا! وخشي إن ترك الخروج أن يوقع في نفس الناس شرا فيتفرق الجيش، وما يدريه من أن ينضم إليه أتباعه وتفتح جبهة ثالثة للخليفة، وهو الذي يسعى لتوحيد الصف والحفاظ على قتلة عثمان معه لإقامة الحدّ عليهم، لهذا أشركه في حرب صفين(363).
يعامله معاملة خاصة إلى أن يستتب الأمر، فيكون الحساب(364).
ولما وصل جيش الأشتر(365) حدثت مناوشات خفيفة بين الأعوز- قائد جيش معاوية- والأشتر، ولعل السبئيين قد أسرعوا بها قبل قدوم الخليفة حتى يسدوا كل فرصة للصلح بينهما.
وحين قدم الخليفة وجد أن موضع الماء أصبح تحت سطوة جيش الشام، وحاول السبئيون في جيش الشام منع جيش الخليفة من شرب الماء زيادة في تصعيد الموقف.
(عمرو بن العاص: ليس من الإنصاف أن نكون ريانين وهم عُطاش): لم يكن القتال على الماء جدياً، وقد قال عمرو بن العاص يومئذ: ليس من الإنصاف أن نكون ريانيين وهم عطاش(366). والذين تظاهروا في الجيش الشامي بمنع العراقيين عن الماء أرادوا أن يذكروهم بمنعهم الماء عن أمير المؤمنين عثمان في عاصمة خلافته، وهو الذي اشترى بئر (رومة) من ماله ليسقى منها إخوانه المسلمين.(1/88)
ولما كان الخليفة يطمع في أن يتم الأمر سلماً؛ لذلك راسل معاوية رضي الله عنهما إلا أن السبئيين في المعسكرين أفسدوا كل محاولة لمنع نشوب قتال. وقد حدثت بعض المناوشات في شهر ذي الحجة من نفس العام 36 هـ، ثم وقعت هدنة بينهم في المحرم من سنة 37 هـ. ثم التقى الفريقان يوم الأربعاء السابع من شهر صفر واستمر القتال إلى ليلة السبت وقد سُمّيت بليلة الهرير، لأن الناس اقتتلوا حتى الصباح.
* وقفة تأمل: (يتبادلون الجثث في ود)!!
يذكر محب الخطيب عن ابن العربي: كانوا عرباً يعرف بعضهم بعضاً في الجاهلية، فالتقوا في الإسلام على الحمية وسنة الإسلام، فتصابروا واستحيوا من الفرار، وكانوا إذا تحاجزوا دخل كل منهم معسكر الآخر فيستخرجون قتلاهم فيدفنونهم، وهم أهل جنة، لقي بعضهم بعضاً فلم يفر أحد من أحد(367).
* تعليق:
وتحليلاً لهذا الرأي فإنه يضيف إلى أسباب صفين سبباً هامًا، وهو أن العرب الذين خرجوا في المعسكرين قد أحسوا بالخجل والعار إذا انسحبوا، ومن هنا تقاتلوا على الرغم مما بينهم من ودّ، ولا أدل على ذلك من دخولهم وخروجهم المعسكرين.
وإنني أرى أن هؤلاء يمثلون المسلمين الذين تفرق رأيهم بين الرجلين، إلا أن إيمانهم وأخوتهم لم تتفرق.
* رفع المصحف:
ورفعت المصاحف من أهل الشام، ودعوا إلى الصلح حين رأوا أن هزيمتهم واقعة.
(السبئييون: أجب إلى كتاب الله أو نفعل بك كعثمان): وكان الموقف في معسكر الخليفة، أن السبئيين رأوا أن النصر أصبح وشيكاً للخليفة، ومن ثم يستتبّ الأمر له، ثم يكون القصاص منهم في وقت لا قيمة لقوتهم إلى جوار قوة أمير المؤمنين، ولذلك غيروا موقفهم فوراً وقالوا للخليفة حينما طالبهم بالاستمرار في القتال حتى يتحقق توحيد الصفوف، فإذا هم يجيبونه بقولهم: يا علي، أجب إلى كتاب الله إذا دعيت إليه، أو نفعل كما فعلنا بابن عفان.(1/89)
قال الخليفة: فاحفظوا عني نهيي إياكم، واحفظوا مقالتكم لي، فإن تطيعوني فقاتلوا، وإن تعصوني فاصنعوا ما بدا لكم(368).
** تعليق:
ونرى أن السبئيين قد وصلوا الآن إلى غايتهم التي خططوا لها وسعوا إليها:
- اختيار علي بن أبى طالب رضي الله عنه دون غيره لحب المسلمين له، ومن ثم يتعلقون به، وحين ينزع من الخلافة يكون انقسام الأمة.
- سعيهم في قتال أصحاب الجمل حتى يتحقق لهم اتساع دائرة الخلاف بين المسلمين ويحارب بعضهم بعضا؛ فيكثر فيهم الحديث الذي يؤدي إلى سقوط هيبتهم وبذلك يتمكنون من القضاء على التأسي بالسلف الصالح.
- يمكنون أهل الشام من التقاط أنفاسهم وتنظيم صفوفهم، فربما يكون للحرب جولة أخرى.
وهكذا خطط السبئيون، والأمة في ذلك الوقت ضحية سُحُب شديدة السواد قد خَيّمَتْ في السماء حتى تعذرت الرؤية وصار الجميع يجتهد برأيه، فكان الخلاف وحسبنا الله ونعم الوكيل في هؤلاء.
* التحكيم: (أبو موسى وعمرو)
اتفقوا على أن تجعل كل طائفة أمرها إلى رجل حتى يكون الرجلان يحكمان بين الدعويين بالحق، فكان من جهة علي أبو موسى(369)، ومن جهة معاوية عمرو بن العاص(370).
ويحلل الأستاذ محب الدين الخطيب تحليلاً طيباً- جزاه الله عن الإسلام كل خير- فجاء على النحو التالي:
من الحقائق إذا ما أسئ التعبير عنه وشابته شوائب المغالطة يوهم غير الحقيقة فينشأ عن ذلك الاختلاف في الحكم عليه. ومن ذلك حادثة التحكيم، وقول المغالطين: إن أبا موسى وعمراً اتفقا على خلع الرجلين، فخلعهما أبو موسى، واكتفى عمرو بخلع عليّ دون معاوية(371).
(هل كان معاوية خليفة حتى يخلعه عمرو؟!!): الجواب عن هذا السؤال المهم، إن أصل المغالطة أن معاوية لم يكن خليفة، ولا هو ادعى الخلافة يومئذ حتى يحتاج عمرو إلى خلعها عنه، ولم يقاتل على الخلافة وإنما كان يطالب بإقامة الحد الشرعي على الذين اشتركوا في قتل عثمان.(1/90)
(أمر الخلافة متروك لأعيان الصحابة): إن أبا موسى وعمراً اتفقا على أن يعهدا بأمر الخلافة للمسلمين الموجودين على قيد الحياة من أعيان الصحابة، الذين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض. واتفاق الحكمين على ذلك لا يتناول معاوية، لأنه لم يكن خليفة.
(التحكيم كان على الإمامة ولم يكن على الخلافة): حين اتفق الحكمان رضي الله عنهما على ترك الخلافة لأعيان الصحابة، فأصبح الأمر المطروح بينهما هو إمامة المسلمين، لأنه كما نعلم أن الإمام هو الذي يؤم المسلمين في الصلاة، ومن ثم فمن الواجب عدم ترك المسلمين دون إمام.
(عليّ إمام ومعاوية إمام): لما وقع التحكيم على إمامة المسلمين، اتفق الحكمان على ترك النظر في أمر الخلافة إلى كبار الصحابة وأعيانهم، تناول التحكيم شيئاً واحداً هو الإمامة. أما التصرف العملي في إدارة البلاد التي كانت تحت يد كل من الرجلين المتحاربين فبقي كما كان، علي متصرف في البلاد التي تحت حكمه، ومعاوية متصرف في البلاد التي تحت حكمه.
** تعليق:
إطلاق لقب إمام لم يكن مطروحاً في ذلك الوقت وأنهم انتهوا إلى قيام كل منهما رضي الله عنهما بحكم البلاد التي تخضع له إلى أن يختار أعيان الصحابة الخليفة. أما لفظة إمام فهي قد وردت في بعض المصادر اللاحقة لهذا الحدث والتي لها ميول شيعية.
(هل وقع في التحكيم مكر وغفلة؟): فالتحكيم لم يقع فيه خداع ولا مكر، ولم يتخلله بلاهة ولا غفلة، وكان يمكن أن يكون محل المكر أو الغفلة لو أن عمراً أعلن في نتيجة التحكيم أنه ولى معاوية إمارة المؤمنين وخلافة المسلمين، وهذا ما لم يعلنه عمرو، ولا ادعاه معاوية، ولم يقل به أحد في الثلاثة عشر قرناً الماضية، ولا أدل على ذلك من أن معاوية لم يصبح خليفة للمسلمين إلا بعد مقتل علي وعقد الصلح مع الحسن بن علي- رضي الله عنهم جميعاً- حينئذ سمي بأمير المؤمنين.(1/91)
(لا ذنب لعمرو ولا بلاهة من أبى موسى!!): فعمرو لم يغالط أبا موسى ولم يخدعه، لأنه لم يّعط معاوية شيئاً جديداً، ولم يقرر في التحكيم غير الذي قرره أبو موسى، ولم يخرج عما اتفقا عليه معاً، فبقيت العراق والحجاز وما يتبعها تحت يد من كانت تحت يده من قبل، وبقيت الشام وما يتبعها تحت يد من كانت تحت يده من قبل، وتعلقت الإمامة بما يكون من اتفاق أعيان الصحابة عليها. وأي ذنب لعمرو في أي شيء مما وقع؟ إن البلاهة لم تكن من أبى موسى، ولكن ممن يريد أن يفهم الوقائع على غير ما وقعت عليه. فليفهمها كل من شاء كما يشاء. أما هي فظاهرة واضحة لكل من يراها كما هي(372).
وإذا كانت هذه الخطوة الثانية لم تتم فما في ذلك تقصير من أبى موسى ولا من عمرو، فهما قد قاما بمهمتهما بحسب ما أدى إليه اجتهادهما واقتناعهما.
ولو لم تكلفهما الطائفتان معاً بأداء هذه المهمة لما تعرضا لها، ولا أبديا رأياً فيها.
ولو كان موقف أبى موسى في هذا الحادث التاريخي العظيم موقف بلاهة وفشل لكان ذلك سُبة عليه في التاريخ، وأن الأجيال التي بعده فهمت موقفه على أنه من مفاخره التي كتب ا لله له بها النجاح والسداد، حتى قال ذو الرمة الشاعر يخاطب حفيده بلال بن بردة بن أبى موسى:
أبوك تلاقى الدين والناس بعدما
تشاءوا وبيت الدين منقطع الكسر
فشد اصار الدين أيام أذرح
ورد حروباً قد لقحن إلي عقر(1/92)
(زعم باطل: خليفتان للمسلمين): وهذه هي نقطة المغالطة التي هزأ بها مؤرخوا الإفك المفترى، فسخروا بجميع قرائهم وأوهموهم بأن هناك خليفتين أو أميرين للمؤمنين، وأن الاتفاق بين الحكمين كان على خلعهما معاً، وأن أبا موسى خلع الخليفتين تنفيذاً للاتفاق، وأن عمراً خلع أحدهما وأبقى الآخر خليفة للاتفاق. وهذا كله كذب وإفك وبهتان. والذي فعله عمرو هو نفس الذي فعله أبو موسى لا تفترق عنه قط في نقير ولا قطمير. وبقي أمر الإمامة والخلافة أو إمارة المؤمنين معلقاً على نظر أعيان الصحابة ليروا فيه رأيهم متى شاءوا وكيف شاءوا(373).
(كيف تم تزييف الحقائق في كتب المؤرخين؟): إن التاريخ الإسلامي لم يبدأ تدوينه إلا بعد زوال بني أمية وقيام دول لا يسرّ رجالها التحدث بمفاخر ذلك الماضي ومحاسن أهله. فتولى تدوين تاريخ الإسلام ثلاث طوائف: طائفة كانت تنشد العيش والجدة من التقرب إلى مبغضي بنى أمية بما تكتبه وتؤلفه. وطائفة ظنت أن التدين لا يتم ولا يكون التقرب إلى الله إلا بتشويه سمعة أبى بكر وعمر وعثمان وبني عبد شمس جميعاً. وطائفة ثالثة من أهل الإنصاف والدين- كالطبري وابن عساكر وابن الأثير وابن كثير- رأت أن من الإنصاف أن تجمع أخبار الإخباريين من كل المذاهب والمشارب- كلوط بن يحيى الشيعي، وسيف ابن عمر العراقي المعتدل.
ولعل بعضهم اضطر إلى ذلك إرضاء لجهات كان يشعر بقوتها ومكانتها. وتد أثبت كثر هؤلاء أسماء رواة الأخبار التي أوردوها، ليكون الباحث على بصيرة من كل خبر بالبحث عن حال راوية، وقد وصلت إلينا هذه التركة لا على أنها هي تاريخنا، وهذا ممكن وميسور إذا تولاه من يلاحظ مواطن القوة والضعف في هذه المراجع، وله من الألمعية ما يستخلص به حقيقة ما وقع ويجردها عن الذي لم يقع، مكتفياً بأصول الأخبار الصحيحة مجردة عن الزيادات الطارئة عليها. وأن الرجوع إلى كتب السنة، وملاحظات أئمة الأمة، مما يسهل هذا المهمة(374).
* تعليق عام:(1/93)
إذا حاولنا أن نلتقط بعض الأنفاس، ونكفكف الدمع الغزير الذي سال، حزناً وألماً على آلاف المسلمين الذين سقطوا في ساحات الحرب، ونلقي الضوء على الساحة الإسلامية نجد ما يلي:
قام عبد الله بن سبأ، وهو يهودي، ادعى دخول الإسلام ليس حباً فيه ولكن ليطعنه من الداخل، فذلك أيسر عليه من أن يحارب الإسلام وهو يعلن عدم اعتناقه(375)، وها هم يكشفون عن وجههم القبيح وحقدهم الدفين للرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه من بعده، فقد غدروا بعهدهم معه بالمدينة، فكان الجزاء من جنس العمل، حيث أخرجهم المسلمون منها، فما كان منهم إلا التآمر على عمر بن الخطاب فقتلوه بيد أبى لؤلؤة المجوسي، ثم قتلوا عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وبدأ مسلسل الأحقاد بموقعة الجمل، حين رأوا الاتفاق بين الخليفة وأصحاب الجمل، وقد علموا أن الدائرة سوف تدور عليهم، قتلوا من معسكر أصحاب الجمل الآلاف، ولكنهم في نفس الوقت وضعوا من أخبر الخليفة بأن معسكر أصحاب الجمل هم الذين غدروا بهم وقتلوا جند (علي) وأن ما يحدث الآن ما هو إلا دفاع أمام هجوم أصحاب الجمل، فتعجب المسلمون وهم لا يدرون شيئاً عن التدبير، وما أن التقى الخليفة والزبير حتى عاد الزبير منسحباً من ميدان المعركة، إلا أنهم تتبعوه وقتلوه، والقعقاع بن عمرو قائد جيش الخليفة ينصح طلحة بالانسحاب لخطورة جرحه ويعاونه على ذلك، وتدعو أم المؤمنين باللعنة على قتلة عثمان، والخليفة يلبي خلفها رضي الله عنهم جميعاً.
هذه الصورة تدل على قوة الرابطة الإيمانية بين الجميع، وأنه لا صحة أبداً عن وجود صراع حول الخلافة، أو خلاف بينهم، إنما الذي يعنى الجميع صالح الأمة وإن اختلفت الأساليب، إلا أنها جميعاً تتجه نحو غاية واحدة، وإذا انتقلنا إلى صفين لوجدناهم يندسّون في معسكر معاوية ويحملونه مسئولية الثأر من قتلة عثمان!!!(1/94)
تأمل أيها القارئ الكريم السبئيين يُحمّلون معاوية الثأر من قتلة عثمان مستغلين عاطفة معاوية نحوه، وتعاطف أهل الشام مع الخليفة المقتول والوالي المطالب بثأره وترتب على هذا إفساد كل محاولات الاتفاق بين الخليفة ومعاوية- رضي الله عنهما.
ومما يثير العجب والدهشة من إحكام التدبير أن النصر حين أصبح وشيكاً للخليفة، فإذا هم ينقلبون متمسكين بالقرآن الكريم أكثر من الخليفة نفسه، كيف يحاربون قوماً يرفعون كتاب الله؟! فيجيبهم الخليفة (أنا أعلم بكتاب الله منكم) ولكنهم خذلوه وهددوه بتسليمه إلى معاوية وجنوده، وحين تم الاتفاق على التحكيم اندسوا بفكرهم بين الجنود العائدين، وأثاروا بلبلة فكرية حول قبول الخليفة التحكيم، انظروا من الذي يلوم الخليفة في قبول التحكيم، إنهم هم الذين رفضوا الاستمرار حتى يتحقق النصر والذين ألزموا بقبول التحكيم، ثم ينكرون عليه ذلك ويشيعون بين الجنود، فإذا بمرحلة أخرى من مراحل التدبير حيث انقسم معسكر الخليفة إلى خوارج وشيعة.
إنني أدعوك أيها المسلم لتتأمل معي هذه الصورة التي تنطق بتدبير الحاقدين على الإسلام والمسلمين، ولو أنك تتبعت المسيرة التاريخية بعد ذلك لرأيت كيف أصبح هؤلاء شوكة في حلق الخلافة في العهد الأموي والعباسي، وقد أسفر ذلك عن الحروب المريرة والصراعات الطويلة، على سبيل المثال: من الذي دبر الحروب الصليبية وزين لنصارى أوربا أمر احتلال بيت المقدس بل وتحويل المسلمين عن دينهم؟! إنهم هم السبئيون، من الذي تحالف مع التتار على تدمير خلافة العباسيين وقتل كل المسلمين في بغداد وتخريب وتدمير عاصمتهم؟! إنهم هم السبئيون. وأحداث التاريخ بعد ذلك تكشف أنهم وراء كل ملمة تنزل بالمسلمين.
ولا نملك إلا أن تقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جمعت قريش الجموع لمحاربة المسلمين في بدر (حسبنا الله ونعم الوكيل).
ونعود إلى ساحة لخليفة لنرى كيف واجه رضي الله عنه هؤلاء الخوارج؟!!(1/95)
ووصل علي إلى الكوفة ولكن ببعض جيشه، أما البعض الآخر فقد اعتزله وخرج عليه وعرج على قرية (حروراء) ولم يرد هؤلاء أن يدخلوا الكوفة والعجيب أن هؤلاء كانوا ممن أكرهوا عليا على قبول التحكيم!!
وذهب علي رضي الله عنه إلى هؤلاء الخوارج وحادثهم قائلا: أنشدكم الله، هل علمتم أن أحداً كان أكره للحكومة مني؟. قالوا: اللهم لا. قال: أفعلمتم أنكم أكرهتموني عليها حتى قبلتها؟. قالوا: اللهم نعم. قال: فعلام خالفتموني ونابذتموني؟. قالوا: إنا أتينا ذنباً عظيماً فتبنا إلى الله منه، فتب أنت إلى الله منه، واستغفره نعد إليك. فقال علي: أستغفر الله من كل ذنب، فرجعوا معه وكان عددهم حوالي ستة آلاف.
وأشاع السبئيون في الكوفة أن علياً اعتبر التحكيم إثماً وندم عليه وعاد وعدنا إلى الإسلام، فاشهد على نفسك بالكفر، وتب إلى الله كما تبنا وعد إلى الإسلام نعد إليك، وسخر علي من هذا الطلب الدنيء وقال لهم: أبعد إيماني وهجرتي وجهادي مع رسول الله أشهد على نفسي بالكفر؟ وما دخل الكفر لحظة نفسي منذ آمنت بالله!! فقالوا: لم نخاطبك بشيء غير هذا وبيننا وبينكم الحرب، فاستعد علي لمحاربتهم ونظم جنده، وقبل أن يلتقي الفريقان أمر أبا أيوب الأنصاري، فرفع لهم راية أمان وناداهم: من جاء منكم إلى هذه الراية فهو آمن، ومن دخل المصر فهو آمن، ومن انصرف إلى العراق فهو آمن ومن خرج من هذه الجماعة فهو آمن، فانصرف بعضهم وبقي أكثرهم، ووقف علي بجيشه وقفة استعداد وتهيؤ، ولكنه قال لأصحابه لا تبدأوهم بالحرب حتى يبدأوكم، وسرعان ما شد الخوارج على أصحاب علي فشد هؤلاء عليهم، ولم تكن إلا جولة سريعة حتى خر هؤلاء وما لبثوا أن صرعوهم، ولم ينج منهم إلا عدد لم يبلغ العشرة، وما قتل من جيش علي إلا أقل من عشرة.
* موقعة النهروان:(1/96)
ذات نتائج خطيرة أهمها أنه لم يعد هناك أمل في عودة الخوارج إلى صفوف علي أو إلى صفوف الجماعة على العموم، وكان الخوارج يتذكرون ما حل بإخوانهم في النهروان فتشتد حماستهم وتتأجج أحقادهم، ومن نتائج النهروان كذلك أن تفرق الذين نجوا من المعركة، فذهب اثنان إلى عمان(376)، واثنان إلى كرمان(377)، واثنان إلى سجستان(378)، واثنان إلى الجزيرة، وواحد إلى اليمن، وظهرت بدع الخوارج في هذه المواضع منهم، حيث انضم لهم جمهور من الساخطين- أي السبئيين- لأنهم وجدوها فرصة للنيل من وحدة المسلمين. وحين وجد معاوية بن أبى سفيان أن الخليفة قد انشغل بهؤلاء الخوارج الذين أظهروا سلاحا جديدا بتكفير الخليفة ومعاوية والحكمين، بل وكل من لم يقتنع برأيهم، ولم يجد الخليفة بدًا من تتبعهم حينئذ، قام معاوية على الفور ليحكم القبضة الإسلامية على الأمصار التابعة لعلي بن أبى طالب نتيجة انشغاله بأمر الخوارج، فأرسل معاوية عام 39هـ النعمان بن بشير في ألفي رجل إلى عين التمر(379)، وأرسل سفيان بن عوف في ستة آلاف إلى هيت(380)، فلم يجد بها أحداً، فسار إلى الأنبار(381) فأغار عليها ثم عاد. وأرسل الضحاك بن قيس إلى جهات تدمر، ولكنه هزم أمام حجر بن عدي الكندي قائد علي. وأرسل عبد الله بن مسعدة الفزاري في ألف وسبعمائة رجل إلى تيماء، وترتب على غارات أهل الشام هذه أن ازداد أهل العراق خوفاً ورعباً، وعدم النهوض إلى القتال(382).
وأرسل معاوية يزيد بن شجرة الرهاوي أميراً على الموسم ليقيم للناس حجهم، فلما دنا من مكة خافه قثم بن العباس عامل علي عليها فاعتزله، وتوسط الناس في الأمر، واختاروا عثمان بن أبى طلحة أميراً للحج في ذلك العام 39هـ، وعرف علي بمسير يزيد بن شجرة فندب الناس لرده فتثاقلوا، ثم أرسل معقل بن قيس في جيش فوصلوا عندما كان الموسم قد انتهى، ولكنهم أدركوا مؤخرة يزيد، فأسروا نفرا منهم وعادوا بهم إلى الكوفة(383).(1/97)
ولما اختلف الناس على علي طمع أهل فارس وأهل كرمان فحجبوا الخراج، وطردوا سهل بن حنيف عامل علي هناك، فبعث إليهم علي زياد ابن أبيه فأعاد الأمن وضبط المنطقة(384).
وفى عام 40هـ أرسل معاوية بن أبى سفيان بسر بن أبى أرطأة إلى الحجاز في ثلاثة آلاف رجل، فدخل المدينة، وخرج منها عامل (علي) أبو أيوب الأنصاري واتجه إلى الكوفة، وبايع أهل المدينة بسراً ومنهم بعض الصحابة أمثال جابر بن عبد الله، وعبد الله بن زمعة، وعمر بن أبى سلمة، وذلك برأي أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها- إذ خافت عليهم وخافوا على أنفسهم(385).
ثم انطلق بسر بن أبى أرطأة إلى مكة المكرمة، ومن مكة سار بسر إلى اليمن التي عليها عبيد الله بن عباس من قبل علي، وكان قد لقي من أهلها فظاظة فكتب إلى أمير المؤمنين بذلك، فأرسل إليهم يستصلحهم، ولكن لم تصلح معهم الرأفة والرحمة، فهددهم فخافوه، فكتبوا إلى معاوية يستنصرونه فسار إليهم من مكة بسر، وهو يريد الإيقاع بهم، وهم أن يقسو على أهل الطائف. أن المغيرة بن شعبة نصحه فعدل عن رأيه، ولما وصل إلى اليمن كان عبيد ابن عباس قد غادرها إلى الكوفة بعد أن استخلف عبد الله بن عبد الله المدان، إلا أن بسرًا قد دخلها، وأرسل علي إلى جزيرة العرب جارية بن قدامة ومعه ألفان، وذهب ابن مسعود، معه ألفان، وسار جارية حتى أتى نجران(386)، ففر بسر إلى مكة، فتبعه جارية فدخلها وطلب من أهلها البيعة(387).
وتفسيرنا لما قام به معاوية لا يعد إلا إحساساً منه بمسئوليته أمام أمرين: أولاهما: الخوارج وقد تكفل بهم علي بن أبى طالب. وثانيهما: الاضطرابات التي حدثت في الأقطار التابعة لعلي رضي الله عنه نتيجة انشغاله عنهم بأمر الخوارج وقد تكفل معاوية بها.(1/98)
ولست مع هؤلاء الذين يصورون الأمر على أنه صراع حول الخلافة بين الرجلين فكيف يستقيم هذا الأمر ومعاوية أصلا لم يفكر فيها؟ بل كل ما كان يشغله القصاص من قتلة الخليفة ثم جاء التحكيم بإمامته فأصبح الأمر تحت يده فقام بالقصاص.
ترى ما حكم التاريخ على علي رضي الله عنه لو أنه انشغل عن الخوارج بما تحت يده من أمصار؟!!
أعتقد أن مواجهته لهذا الأمر من الأهمية بمكان، فقد حجَّمت هؤلاء وحدّت من قوتهم، وقد فهم عامة المسلمين اتجاههم من مقاتلة الخليفة لهم، وحين يحكم علي بهذا الحكم عليهم فهذا يمثل رأى الشرع فيهم. وترى كيف حال الأقطار نفسها لو أن معاوية تركها وشأنها لعدم مسئوليته عنها؟! سوف يقضى على البقية الباقية من أوصال الأمة المتمثلة في هذه الأقطار، ومن ثم يحدث تصدع في بنائها ولربما يؤدي إلى نتائج لا يعلم مداها إلا الله. ومعاوية مسئول عنها مسئولية إسلامية عامة، والدليل على ذلك أن ما قام به معاوية كان سبباً في تماسك الخلافة بعد ذلك وعودة وحدتها.
طعنة في قلب عليّ
رضي الله عنه
اجتمع عدد من الخوارج فتذاكروا ما آل إليه أمر المسلمين، وتذكروا قتلاهم يوم النهروان فثارت بهم الحمية، ورأوا أن علياً ومعاوية وعمراً من أسباب بلاء الأمة- حسب رأيهم وما توصلوا إليه- لذا قرروا التخلص منهم. فتعهد عبد الرحمن بن ملجم المرادي علياً، وأخذ البرك بن عبد الله على عاتقه قتل معاوية، ووعد عمرو بن بكر التميمي بالتخلص من عمرو بن العاص، وتواعدوا كتم أمرهم، وأن يسير كل حسب جهته الموكل بها، وأن يكون موعدهم لتنفيذ الخطة صلاة الفجر من يوم 17 رمضان سنة 40هـ(388).(1/99)
ومر عبد الرحمن بن ملجم على تيم الرباب، فوجد بينهم فتاة رائعة الجمال تدعى قطام ابنة الشجنة، وكانت ممن أصابها وأصاب قومها النكبات يوم النهروان فخطبها ابن ملجم، فاشترطت عليه مهراً كبيراً مقداره ثلاثة آلاف دينار وعبد وقينة ثم رأس عليّ، فوافقها وأسر لها مهمته بعد أن قال لها: هذا طلب من لا تريد العيش مع زوجها، فأجابته: إن نجوت عشنا خير حياة، وإلا فزت بالجنة -حسب زعمها- وهو في الواقع أشقى من عليها. وجاء اليوم الذي اتفقوا عليه، فضرب ابن ملجم علياً بسيفه المسموم فقتله، وأما معاوية فأصابه يومها البرك بن عبد الله في إليته، فنجا بعد مداواة فاتخذ بعدها المقصورة، وأما عمرو بن العاص فلم يخرج يومها للصلاة لمرض أصابه، وكلف مكانه صاحب شرطته خارجة بن حذافة فقتل(389).
ودخل جندب بن عبد الله على علي بعد إصابته فقال له: يا أمير المؤمنين إن فقدناك- ولا نفقدك- فنبايع الحسن، فقال: ما آمركم ولا أنهاكم أنتم أبصر. ونهى علي عن المثلة بقاتله وقال: إن مت فاقتلوه بي، وإن عشت رأيت رأيي فيه. ثم لم يلبث أن توفي رضي الله عنه وغسله الحسن والحسين وعبد الله ابن جعفر، وكفن، وكثرت الروايات حول دفنه، الأمر الذي جعل قبره مجهول المكان(390).
واتجه الناس إلى الحسن فبايعوه وكان أول من بايعه قيس بن سعد، وبقي الحسن في الخلافة ستة أشهر رأى خلالها تخاذل أصحابه، وضرورة اتفاق الأمة، فآثر الصلح ودعا معاوية إليه فوافق، وتنازل الحسن له في 25 ربيع الأول عام 41هـ، ودخل معاوية الكوفة وانتقل الحسن والحسين إلى المدينة، ويبدو أن الحسين لم يكن برأي أخيه وكذا قيس بن سعد(391).
وهكذا انتهت مدة الخلافة الراشدة التي سارت على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* أمل معقود على جيل المؤرخين:(1/100)
وقد آن لنا أن نقوم بهذا الواجب الذي أبطأنا فيه كل الإبطاء.. وأول من استيقظ في عصرنا للدسائس المدسوسة على تاريخ بنى أمية العلامة الهندي الكبير الشيخ شبلي النعماني انتقاده لكتب جرجي زيدان، ثم أخذ أهل الألمعية من المنصفين في دراسة الحقائق، فبدأت تظهر لهم وللناس منيرة مشرقة، ولا يبعد- إذا استمر هذا الجهاد في سبيل الحق- أن يتغير فهم المسلمين لتاريخهم، ويدركوا أسرار ما وقع في ماضيهم من معجزات.
رضي الله عنكم جميعاً صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمل في أن يتوجه الجميع لقراءة تاريخ الأمة حتى يتدبروا واقعها من خلال استنشاق عبق تاريخ السلف، فالذي ليس له ماضٍ فلن يكون له مستقبل. والحكمة تقول: ((التاريخ يعيد نفسه)).
قائمة ا لمراجع
ا- ابن الأثير: أبو الحسن علي بن أبى الكرم بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيبانى (ت0 63هـ)- الكامل في التاريخ- 1978م.
أسد الغابة في معرفة الصحابة- تحقيق وتعليق- محمد إبراهيم البنا- محمد أحمد عاشور- محمود عبد الوهاب فايد دار الشعب.
2- أحمد بن حنبل الشيباني: (ت241 هـ)- المسند- 6 مجلدات- تحقيق أحمد محمد شاكر- دار المعارف- مصر.
3- الأصفهاني: أبو نعيم أحمد بن عبد الله (430هـ)- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء- دار ا لكتاب العربي- بيروت.
4- البخاري: محمد بن إسماعيل (ت256 هـ)- ا لصحيح- 9 أجزاء (ثلاثة مجلدات)- دار ا لجيل- بيروت.
5- البغدادي: صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي (ت739 هـ)- مراصد الإطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع- تحقيق على محمد البجاوي- 3 أجزاء - دار إحياء التراث العربي- بيروت.
6- الترمذي: محمد بن عيسى بن سورة السلمي (ت279 هـ)- السن- تحقيق أحمد محمد شاكر وآخرين- دار إحياء التراث العربي- بيروت.
7- ابن الجوزي: جمال الدين أبو ا لفرج الجوزى (ت 597 هـ)- صفة ا لصفوة- ضبط إبراهيم رمضان وسعيد اللحام- دار الكتب الحلمية- بيروت 1409/ 1989م.(1/101)
8- الإمام الحافظ: أبو حاتم محمد بن حبان البستي (ت354 هـ)- قصة السيرة النبوية- تصنيف خالد عبد الرحمن العك- الطبعة الأولى دار الإيمان- دمشق- 4410هـ/ 1990م.
9- ابن حجر العسقلاني: شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن على (ت 852هـ) تهذيب التهذيب- دار الكتاب ا لإسلامى- القاهرة.
الإصابة في تمييز الصحابة- تحقيق على محمد البجاوي- مطبعة نهضة مصر- ا لقاهرة.
10- أبو داود السجستاني: سليمان بن الأشعث (275هـ)- السنن- نشر دار الحديث- بيروت 1388 هـ/ 1969م.
11- الذهبي: الحافظ شمس الدين (ت 748هـ)- تاريخ ا لإسلام ووفيات المشاهير والأعلام- طبع دار الكتاب العربي- بيروت- الطبعة الأولى 1987م.
12- الزركلي: خير الدين- الأعلام- دار العلم للملايين.
13- ابن سعد: محمد بن سعد بن منيع البصري (ت230 هـ)- الطبقات الكبرى- دار صادر- بيروت.
4 ا- السهيلي: عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن أبي الحسن الخثعمى (ت581 هـ)- الروض الأنف- ضبط طه عبد الرءوف سعد.
5 ا- ابن سيد الناس: أبو الفتح محمد بن محمد بن عبد الله اليهرى (ت 734هـ) عيون ا لأثر في فنون المغازي والشمائل والسير- مكتبة القدمي- القاهرة- 1356هـ.
16- السيوطي: جلال الدين عبد الرحمن بن أبى بكر (ت 911هـ)- الدر المنثور في التفسير بالمأثور- نشر محمد أمين دمج- بيروت.
تاريخ الخلفاء: تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد.
17- شاكر: محمود- ا لتاريخ الإسلامي والعهد الأموي- الطبعة الأولى- المكتب الإسلامي 1402هـ/ 1982م.
18- أبو شهبة: محمد بن محمد أبو شهبة- السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة- دار القلم- دمشق 1409هـ/ 1988م.
9 ا- الضبي الأسدي: سيف بن عمر (ت 200هـ)- الفتنة ووقعة الجمل- جمع وتصنيف أحمد راتب عرموش- دار النفائس- الطبعة الثانية-بيروت 1397هـ/1977م.
20- الطبري: أبو جعفر محمد بن جرير (ت 310هـ)- تاريخ الأم والملوك- تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم- طبعة دار المعارف- مصر 1961م.(1/102)
21- ابن العربي: العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي - تحقيق وتعليق- محب الدين الخطيب- المكتبة العلمية- بيروت1986م.
22- ابن عساكر: ثقة الدين أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله (571 هـ)- تاريخ مدينة دمشق- مجمع اللغة العربية- دمشق.
23- العمري: أكرم ضياء- السيرة النبوية الصحيحة- الطبعة الخامسة- مكتبة العلوم والحكم- المدينة المنورة 1413هـ/ 1993م.
24- العودة: سليمان- عبد الله بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام- دار طيبة- الرياض- الطبعة الأولى- 1405 هـ/ 1985م.
25- ابن قيم الجوزية: شمس الدين محمد بن أبى بكر الزرعي الدمشقي (ت751 هـ) - زاد المعاد في هدي خير العباد- المطبعة المصرية ومكتبتها.
26- ابن كثير: عماد الدين أبو الفداء إسماعيل (ت 774هـ)- البداية والنهاية- تحقيق الدكاترة أحمد أبي ملحم وعلى نجيب عطوي وآخرين- دار الفكر العربي- القاهرة.
27- كحالة: عمر رضا- أعلام النساء- مؤسسة الرسالة الطبعة التاسعة 1989م.
28- أم مالك: أم مالك الخالدي- حسن بن فرحان المالكي بيعة علي بن أبى طالب في ضوء الروايات الصحيحة مع نقد الدراسات الجامعية في الموضوع- مكتبة التوبة- الرياض- الطبعة ا لأولى 1417هـ/ 1997م.
29- المباركفوري: صفي الدين المباركفوري -ا لرحيق المختوم- دار إحياء ا لتراث.
30- محب الدين الطبري: (ت 694هـ)- السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين - مكتب التراث الإسلامي- حلب.
31- محمد: عبد السلام هارون- تهذيب السيرة- مكتبة السنة المحمدية- القاهرة.
32- المقريزى: تقي الدين أبو العباس أحمد (845هـ)- إمتاع الأسماع- تحقيق محمود شاكر- مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر- القاهرة 1951م.
33- المنصور فوزي: محمد سليمان سليمان رحمة للعالمين- تعريب مفتدى حسن ياسين الأزهري- الدار السلفية- الهند 1410هـ/ 1989 م.(1/103)
34- ابن منظور: جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي الأنصاري (ت 711 هـ)- لسان العرب- إعداد وتصنيف يوسف خياط- دار لسان العرب- بيروت.
35- النووي: أبو زكريا يحيى بن شرف (676هـ)- تهذيب الأسماء واللغات- دار الكتب العلمية- بيروت.
36- ابن هشام: أبو محمد بن عبد الملك بن هشام المعافزي (ت 213هـ)- السيرة النبوية تحقيق الأستاذ مصطفى السقا وآخرين- مطبعة الحلبي- 1955م.
(1) ابن سعد: محمد بن سعد بن منيع (ت230هـ) -الطبقات الكبرى- 8 أجزاء- طبعة بيروت- 3/19.
(2) السيوطي: جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (ت911هـ) -تاريخ الخلفاء- تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد- 198.
(3) السهيلي: عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن أصبغ بن الحسين (ت581هـ) -الروض الأنف- ضبطه طه عبد الرؤوف سعد- مجلدان- 2/284، 285- ابن سيد الناس: أبو الفتح محمد بن محمد بن عبد الله اليعمري (ت724هـ) عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير - نشر مكتبة القدسي- القاهرة 1356هـ 2/124-126. هارون: عبد السلام محمد: تهذيب السيرة - مكتبة السنة المحمدية- القاهرة- 50.
(4) هارون: تهذيب السيرة- 50، 51.
(5) قرية قرب المدينة -البغدادي- صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق (ت739)- مراصد الإطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع - تحقيق وتعليق علي محمد البجاوي- الطبعة الأولى- دار غحياء الكتب العربية- القاهرة1374هـ/ 1955م- 3/1061.
(6) عبدا$ بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي: أسلم وهو صغير مع أبيه ولم يبلغ الحلم، أول مشاهده الخندق، وشهد مؤتة واليرموك وفتح مصر وإفريقية، كان كثير الحج والصدقة، توفي سنة 73هـ بعد مقتل ابن الزبير بثلاثة أشهر. ابن الأثير: أسد الغابة 3/340-345.
(7) سنن الترمذي: كتاب المناقب3654، ابن سيد الناس: عيون الأثر1/264.(1/104)
(8) عمار بن ياسر كان وأمه ممن عذبوا في الله، هاجر إلى الحبشة، وشهد بدراً والمشاهد كلها، كما شهد اليمامة، وقتل في صفين، وكان عمار يزيد على التسعين. ابن سعد: الطبقات3/246-263.
ابن حجر العسقلاني: الإصابة2/261.
(9) الدعقاء: التراب اللين.
(10) مسند أحمد: مسند الكوفيين17602.
(11)- ابن هشام: أبو محمد عبد الملك بن هشام المعافري (ت213هـ) -بالروض الأنف- ضبطه طه عبد الرؤوف سعد3/21، 22.
(12) الإمام الحافظ: أبو حاتم محمد بن حبان البستي (ت354هـ) -قصة السيرة النبوية- تصنيف خالد بن عبد الرحمن العك- الطبعة ألأولى0 دار الإيمان- دمشق 1410هـ/ 1990م- 104، 105، رواه الإمام أحمد والنسائي نقلاً عن ابن كثير: عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير (ت774هـ) البداية والنهاية- تحقيق الدكاترة أحمد أبو ملحم وعلي نجيب عطوي وآخرين- دار الفكر العربي- القاهرة، مسند أحمد: مسند المكثرين من الصحابة 3706.
(13) عوف ومعاذ ابنا الحارث بن رفاعة بن الحارث الأنصاريين الخزرجيين النجاريين شهدا بدراً وقتل عوف ببدر، وشهد معاذ أحداً والخندق، والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم. وقد اختلف في حياته فقيل: إنه بقي إلى زمن عثمان، وقيل: إلى زمن علي، وقيل إنه بعد بدر عاد إلى المدينة فمات بجراحه.
(14) ابن هشام: بالروض الأنف 3/38، ابن سعد: الطبقات 2/17، الطبري: أبو جعفر محمد بن جرير (ت310هـ) - تاريخ الرسل والملوك- تحقيق محمد أبي الفصل إبراهيم- طبعة دار المعارف- مصر 1961- 2/426، 445، 446، الإمام الحافظ: السيرة النبوية113، سنن أبي داود: 4/49 وصححه ابن حجر (الفتح7/298) نقلاً عن العمري: أكرم ضياء- السيرة النبوية الصحيحة0 مكتبة العلوم الحكم- المدينة المنورة1413هـ/ 1993م- 2/36.(1/105)
(15) عبيدة بن الحارث بن المطلب القرشي: كان أسن من الرسول بعشر سنين، أسلم قبل أن يدخل النبي دار الأرقم، هاجر إلى المدينة، شهد بدر وقطعت رجله بها، وتوفى عند عودته من بدر وكان عمره 63 سنة. ابن الأثير: أسد الغابة 3/553، 554.
(16) حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أسلم في السنة الثانية من البعث، شهد بدراً وأحداً وبها قتل، وبه مثل المشركون وكان مقتله سنة3هـ ابن الأثير: المصدر السابق 1/51-55.
(17) شيبة بن ربيعة بن عبد شمس من زعماء قريش في الجاهلية، أدرك الإسلام ولم يؤمن، وهو أحد الذين نزل فيهم قوله تعالى: {كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ} وهم سبعة عشر رجلاً من قريش كان يصدون الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته في موسم الحج. قتل ببدر. الزركلي: الأعلام3/181.
(18) عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، كبير قريش وأحد سادتها في الجاهلية، كان موصوفاً بالرأي والحلم والفضل. خطيباً، نافذ القول. أدرك الإسلام وطخى وشهد بدراً وبها قتل. الزركلي: المصدر السابق 4/200.
(19) ذففا: أسرعا- المعجم الوجيز- ص245.
(20) سنن النسائي: النكاح3169.
(21) الحطمية: أي التي تحطم السيوف.
(22) سنن النسائي: النكاح 3323.
(23) أنس بن مالك بن النضير بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب الأنصاري الخزرجي البخاري. كان عمره حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة عشر سنين، وتوفى النبي وهو ابن عشرين سنة، خدم النبي صلى الله عليه وسلم قيل: عشر سنين. وقيل: ثماني سنين، وقيل سبعا. دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بكثرة المال والولد، فولد له من صلبه ثمانون ذكراً وابنتان، كان نقش خاتمه أسد رابض، وكان يشد أسنانه بالذهب، وكان أحد الرماة المشهورين. اختلف في وقت وفاته فقيل: سنة91هـ، 93هـ, وهو آخر من توفي بالبصرة من الصحابة ودفن هناك على فرسخين منها. ابن الأثير: أسد الغابة 1/151، 152.
(24) سورة الفرقان آية: 54.(1/106)
(25) سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس الأنصاري الأوسي، أسلم على يد مصعب بن عمير لما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة يعلم المسلمين، سهدوا بدرا وأحد والخندق، وأصيب بها فلما حكم في بني قريظة انفجر جرحه فمات. ابن الأثير: أسد الغابة 2/373- 377.
(26) القعب: قدح ضخم غليظ - المعجم الوجيز- 509.
(27) بلال بن رباحـ كان من السابقين إلى الإسلام، شهد بدراً والمشاهد كلها، كان مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم بقي بالمدينة في عهد أبي بكر وخرج إلى الشام مجاهداً في عهد عمر. توفي: قيل: بدمشق، وقيل: بحلب سنة سبع أو ثماني عشرة. ابن الأثير: المصدر السابق 1/243- 245.
(28) الشبل: ولد الأسد- المعجم الوجيز- 334.
(29) مسند أحمد: مسند العشرة المبشرين بالجنة 797.
(30) ابن سعد: الطبقات 8/11-20، الأصفهاني: أبو نعيم أحمد بن عبد الله (ت430هـ)- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء- دار الكتاب العربي- بيروت2/93، ابن الجوزي: جمال الدين أبو الفرج بن الجوزي (ت597هـ)- صفة الصفوة- ضبطها إبراهيم رمضان وسعيد اللحام- السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين0 مكتبة التراث الإسلامي- حلب146، المقريزي: تقي الدين أبو العباس احمد (ت845هـ)- إمتاع الأسماع- تحقيق محمود شاكر- مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر- القاهرة 1951- 1/547، السيوطي: الدر المنثور في التفسير المأثور- نشر محمد أمين- بيروت- 359، عمر رضا كحالة: أعلام النساء: مؤسسة الرسالة- بيروت- ط9- 1989م- 3/199.
(31) ابن هشام: بالروض الأنف 3/154، ابن سعد: الطبقات 2/40، الإمام الحافظ: السيرة النبوية 135، ابن الأثير: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني (ت630هـ)- الكامل في التاريخ: 9أجزاء- طبعة 1978م- 2/106، ابن سيد الناس: عيون الأثر 1/409، 410.
(32) لأناجزنهم: أنجز الشيء أتمه وقضاه، وفي الحرب نازله وقاتله- المعجم الوجيز 603.(1/107)
(33) الطبري: تاريخ الرسل والملوك 2/527، الإمام الحافظ: المصدر السابق 139.
(34) مولد الحسن بن علي انظر: الطبري: تاريخ الرسل والملوك 2/357، ابن الجوزي: صفة الصفوة: 1/319، الأصبهاني: حلية الأولياء 2/35، ابن الأثير: الكامل 3/182، ابن حجر العسقلاني: شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي (ت852هـ) تهذيب التهذيب- دار الكتب الإسلامي- القاهرة 2/295، الإصابة في تمييز الصحابة- تحقيق علي محمد البجاوي- مطبعة نهضة مصر، القاهرة 1/328.
(35) عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي ثم الأنصاري، كان حليفاً من بني قينقاع، أسلم عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، كان ممن اتصفوا بالعلم، توفي سنة43هـ. ابن الأثير: أسد الغابة 3/264، 265.
(36) عبد الرحمن بن كعب الأنصاري المازني، شهد بدراً وهو من البكائيين الذين لم يقدروا على المسير إلى تبوك فنزل فيه وفي أصحابه قوله تعالى: {تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ}. ابنا لأثير: المصدر السابق 3/490.
(37) مسند أحمد: مسند المكثرين من الصحابة 5781.
(38) لأن قوله: لم يكن بين الحسن والحسين إلا طهراً واحداً يدل على خطأ القول الشائع من أن الإمام الحسين كان في بطن أمه ستة أشهر؛ وذلك لأنه قد تعين حين كانت ولادة الحسن في شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة، المنصور فوزي: محمد سليمان سليمان- رحمة للعالمين- تعريب مفتدى حسن ياسين الأزهري- الدار السلفية- الهند 1410هـ/ 14989م- 2/182-136.
(39) صحيح البخاري: كتاب المناقب3470.
(40) أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحبيل، حب النبي صلى الله عليه وسلم، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، لم يبايع علياً ولم يشهد معه شيئا من حروبه، توفي آخر أيام معاوية سنة ثمان أو تسع وخمسين. ابن الأثير: أسد الغابة 1/79-81.
(41) استلبث: انتظر- المعجم ص549.(1/108)
(42) صحيح البخاري: الجهاد والسير: 2635، ابن هشام: بالروض الأنف 3/263، ابن سعد: الطبقات 2/68، الطبري: تاريخ الرسل والملوك 2/574، السهيلي: الروض الأنف 3/279، 280، المباركفوري: صفي الدين المباركفوري- الرحيق المختوم- دار إحياء التراث280.
(43) ابن هشام: المصدر السابق 3/267، 268، ابن سعد: المصدر السابق 2/74، الطبري: المصدر السابق 2/581- 584، الإمام الحافظ: السيرة النبوية169، السهيلي: الروض الأنف 3/281، 282.
(44) صحيح مسلم: كتاب الجهاد93.
(45) الحديث نقلاً عن ابن كثير: البداية والنهاية 4/185.
(46) إترّس: يوقي نفسه بالترس.
(47) جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخو علي بن أبي طالب لأبويه، وهو جعفر الطيار، كان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم خُلقاً وخَلقا، أسلم بعد علي بقليل، قتل في غزوة مؤتة شهيداً وقد وجد به بضع وسبعون جراحة ما بين ضربة بالسيف، وطعنة برمح كلها فيما أقبل من بدنه. ابن الأثير: أسد الغابة 1/341- 344
(48) صحيح البخاري: الصلح 2501.
(49) ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 7/505.
(50) ابن كثير: البداية والنهاية 4/235.
(51) ابن قيم الجوزية: شمس الدين محمد بن أبي بكر الزرعي (ت751هـ)- زاد المعاد في هدي خير العباد- المطبعة المصرية 2/153.
فلما قضى بها لجعفر قام جعفر فحجل حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما هذا يا جعفر؟)) فقال: يا رسول الله كان النجاشي إذا رضي أحداً قام فحجل حوله، فقال صلى الله عليه وسلم: ((تزوجها)) فقال: ابنة أخي من الرضاعة فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمة بن أبي سلمة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((هل جزيت أبا سلمة)) [صحيح البخاري: المغاوي3920]. إذ هو الذي زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمه أم سلمة، لأنه أكبر من أخيه عمر بان أبي سلمة، والله أعلم.(1/109)
(52) أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية القرشي الأموي، ولد قبل الفيل بعشر سنين. كان من أشراف قريش، وكان تاجراً يجهز التجار بماله وأموال قريش إلى الشام وغيرها من أرض العجم. من أفضل قريش رأياً في الجاهلية، كان الداعي لقريش كلها يوم أحد. أسلم ليلة فتح مكة. شهد حنيناً والطائف واليرموك. توفي في خلافة عثمان عام 32هـ، وقيل 31هـ، وقيل 33هـ، وقيل 34هـ. ابن الأثير: أسد الغابة 6148، 149.
(53) ابن هشام: بالروض الأنف 4/84، السهيلي: الروض الأنف 4/97، أبو شهبة: محمد بن محمد- السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة- جزآن- دار القلم- دمشق 1409هـ/ 1988م- 2/436.
(54) حاطب بن أبي بلتعة عمرو بن عمير بن سلمة، أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس صاحب الإسكندرية سنة ست فأرسل المقوقس معه هديته إلى النبي وكان منها مارية والتي اتخذها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه. توفي حاطب سنة ثلاثين وصلى عليه عثمان وكان عمره خمساً وستين سنة. ابن الأثير: المصدر السابق ج1/431- 433.
(55) الزبير بن العوام يكنى أبا عبد الله وأمه صفية بنت عبد المطلب بن هاشم عمة النبي صلى الله عليه وسلم. أسلم وهو ابن خمس عشرة سنة. وقيل: ابن اثنتي عشرة سنة، لم يختلف الزبير عن غزوة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم وهو أول رجل سل سيفه في الإسلام. قتل رحمه الله عند منصرفه من وقعة الجمل. وكان سنه آنذاك سبعاً وستين. وقيل ستاً وستين، ابن سعد: الطبقات 3/100 وما بعدها.
(56) الحليفة: قرية بينها بين المدينة ستة أميال أو سبعة، وهي منها ميقات أهل المدينة- البغدادي: مراصد الإطلاع 1/420.
(57) أحماء: جميع حم وهم أقارب زوج المرأة كالأب والأخ والعم.
(58) صحيح البخاري: الصلاة 344.
(59) أبو شهبة: السيرة النبوية2/452، 453.
(60) الميلغة: إناء من خشب كان يعد لشرب الكلب.
(61) الطبري: تاريخ الرسل والملوك 3/67، أبو شهبة: المرجع السابق نفس الجزء465.(1/110)
(62) صحيح البخاري: 5/131، ابن سعد: الطبقات 2/147- 149، الإمام الحافظ: السيرة النبوية 217، 218.
(63) محمد بن سلمة بن خالد بن عدي الأنصاري الأوسي الحارثي، يكنى أبا عبد الرحمن ، وقيل أبو عبد الله. شهد بدراً وأحداً والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا تبوك. استعمله عمر على صدقات جهينة، واعتزل الفتنة بعد قتل عثمان بن عفان، تعوفي بالمدينة ومختلف في وقت وفاته فقيل: سنة ست وأربعين. وقيل: سبع وأربعين. وقيل: أن عمره كان سبعاً وسبعين. ابن الأثير: أسد الغابة 5/112، 113.
(64) سباع بن عرفطة الغفاري: استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة لما خرج إلى خيبر وإلى دومة الجندول وهو من مشاهير الصحابة. ابن الأثير: المصدر السابق 2/323.
(65) صحيح البخاري: 5/17، صحيح مسلم: 7/1220، ابن سيد الناس: عيون الأثر 2/254، ابن كثير: البداية والنهاية 5/7.
(66) ناجية بن حندب بن كعب، صاحب بدن النبي صلى الله عليه وسلم، كان اسمه ذكوان فسماه النبي صلى الله عليه وسلم ناجية، كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية وبيعة الرضوان، توفي بالمدينة في خلافة معاوية. ابن الأثير: أسد الغابة 5/294، 295.
(67) ابن هشام: بالروض الأنف 4/187، 188، ابن سعد: الطبقات 2/168، 169، الطبري: تاريخ الرسل 3/122، 123.
(68) عباس بن المطلب بن هاشم، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. يكنى أبا الفضل، شهد فتح مكة وحنينا، كان الصحابة يعرفون فضله، ويشاورونه ويأخذون برأيه، توفي عام 32هـ وعمره 88سنة. ابن الأثير: المصدر السابق3/164- 167.(1/111)
(69) الفضل بن العباس القرشي. يكنى أبا عبد الله. وقيل أبو محمد. هد مع النبي صلى الله عليه وسلم فتح مكة وحنيناً وحجة الوداع، وكان رديف النبي صلى الله عليه وسلم. قتل يوم مرج الصفر، وقيل: يوم أجنادين وكلاهما سنة 13هـ، وقيل: مات في طاعون عمواس سنة 18هـ بالسام. وقيل استشهد باليرموك سنة 15هـ ولم يترك ولداً إلا أم كلثوم وتزوجها الحسن بن علي ثم فارقها فتزوجها أبو موسى الأشعري.
ابن الأثير: المصدر السابق 4/366.
(70) قثم بن العباس بن عبد المطلب، كان آخر الناس عهداً بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان آخر من خرج من قبره ممن نزل فيه، استعمله علي بن أبي طالب على مكة فلم يزل عليها إلى أن قتل علي ثم استعمله الزبير على المدينة. وفي أيام معاوية ثار إلى سمرقند فمات بها شهيداً. ابنا لأثير: المصدر السابق 4/392، 393.
(71) صالح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف بشقران كان حبشياً لعبد الرحمن بن عوف، فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه. وقيل: إن الرسول صلى الله عليه وسلم اشتراه وهو الذي وضع قطيفة كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها ويفترشها معه في القبر حين دفن النبي صلى الله عليه وسلم، ابن الأثير: المصدر السابق 3/5، 6.
(72) أوس بن خولى بن عبد الله بن الحارث الأنصاري الخزرجي السالمي أبو ليلى، شهد بدراً واحداً وسائر المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم. توفي أوس بالمدينة في خلافة عثمان بن عفان. ابن الأثير: أسد الغابة 1/170.
(73) ابن هشام: بالروض الأنف 4/262، 263، ابن سعد: الطبقات 2/277، الطبري: تاريخ الرسل 3/211، ابن الأثير: الكامل 2/225، ابن سيد الناس: عيون الأثر 2/433.(1/112)
(74) ابن هشام: المصدر السابق نفس الجزء 262، ابن سعد: المصدر السابق نفس الجزء285، الطبري: المصدر السابق نفس الجزء 212، ابن الأثير: المصدر السابق نفس الجزء 225، ابن سيد الناس: المصدر السابق نفس الجزء والصفحة، ابن كثير: البداية والنهاية 5/260، أبو داود: الجنائز 3125، البيهقي: في السنن 3/287، سنن ابن ماجة: مختصر1464.
(75) انظر: محمود شاكر: التاريخ الإسلامي (العهد الأموي) - الطبعة الأولى- المكتب الإسلامي 1402هـ/ 1982م- 56- 60 بتصرف.
(76) الطبري: تاريخ الرسل والملوك 3/209.
(77) ذو القصة: موضع بينه وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا- البغدادي: مراصد الإطلاع 3/1102.
(78) ابن كثير: البداية والنهاية 6/354، 355، الذهبي: شمس الدين (ت748هـ)- تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام- عهد الخلفاء الراشدين- دار الكتاب العربي- بيروت- الطبعة الأولى1978م- 27- 32.
(79) الزمر: 33.
(80) محمود شاكر: التاريخ الإسلامي 106.
(81) رواه الشيخان في كتاب ((فضائل الصحابة)) باب فضائل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(82) ابن عمر: سيف بن عمر الضبي الأسدي (ت200هـ)- الفتنة ووقعة الجمل- جمع وتصنيف أحمد راتب عرموش- دار النافئس- بيروت- الطبعة ألولى 1391هـ / 1972م- 74.
(83) سورة الحشر آية: 16.
(84) سعد بن أبي وقاص، يكنى أبا إسحاق. وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة. دعا النبي صلى الله عليه وسلم له أن يسدد سهمه، وأن يجيب دعوته، فكان دعاؤه أسرع الدعاء إجابة، مات في خلافة معاوية. ابن سعد: الطبقات 3/223- 226. ابن حجر: الإصابة 2/229.
(85) سورة الكهف آية: 104.
(86) ابن عمر: الفتنة ووقعة الجمل: 91، الطبري: تاريخ الرسل والملوك 4/432، ابن الأثير: الكامل 3/99.
(87) ابن الأثير: 3/99.
(88) ابن عمر: الفتنة 94، الطبري: تاريخ الرسل 4/435، ابن الأثير: المصدر السابق 3/99، ابن الكثير: البداية والنهاية 7/247، السيوطي: تاريخ الخلفاء 207.(1/113)
(89) ابن العربي: القاضي أبو بكر بن العربي -العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم - حققه وعلق حواشيه محب الدين الخطيب- المكتبة العلمية- بيروت 1406هـ/ 1986م- 143- 145.
(90) الفتح (13/54) وعزاء الحافظ لعمر بن شبة في كتابه تاريخ البصرة، وسكت عليه الحافظ وهذا يعني أن سنده صحيح أو حسن عنده.
(91) فقد سكت عليه الحافظ ابن حجر وقد صرح في الصفحة نفسها أنه سيقتصر على الأسانيد الصحيحة أو الحسنة من كتاب عمر بن شبة. وللحافظ -رحمه الله- بعض الأوهام القليلة في تصحيح بعض الآثار والأحاديث التي أوردها في الفتح، لكنه -رحمه الله- مصيب في أكثر ما أورده بأنه صحيح المتن جملة، وقد ضعف هذا الأثر (أثر الأشتر) بعض الباحثين وحجته في ذلك أن في سند هذا الأثر مغيرة بن مقسم عن إبراهيم، ومغيرة هذا يدلس لا سيما عن إبراهيم النخعي، وفات على هذا الباحث بعض الأمور المقوية لهذا الخبر منها:
1- كثر الشواهد.
2- أن مغيرة كان أعلم الناس بإبراهيم النخعي ما سمع منه وما لم بسمع، ولم يكن أحد أعلم به منه حمل عنه وعن أصحابه؛ هكذا قال الإمام علي ابن المديني (انظر: المعرفة والتاريخ 3/14) وسيأتي شواهد المتن.
3- قد أخرج بعض الأئمة هذا الطريق واحتجوا به ومن أشهرهم الإمام مسلم فقد ذكر هذا الإسناد على السواء (انظر صحيح مسلم 1/119) وكذلك روى النسائي بهذا الطريق بعض الأحاديث، والنسائي معروف بتشدده وأنه يفوق مسلماً في الصناعة الحديثية. فالأثر لا ينزل سنده عن رتبة الحسن إن شاء الله لاسيما مع استقامته وشواهده الصحيحة.
(92) أم مالك الخالدي: حسن بن فرحان المالكي -بيعة علي بن أبي طالب في ضوء الروايات الصحيحة مع نقد الدراسات الجامعية في الموضوع- مكتبة التوبة- الياض- الطبعة الأولى 1471هـ/ 1997م- 140، وعليها بعد الله عز وجل اعتمادنا في مسألة البيعة متناً وحاشية.(1/114)
(93) الطبري: تاريخ الرسل 4/437، ابن الأثير: الكامل 3/100.
(94) 15/287.
(95) فتح الباري 13/57، والتصحيح من الحافظ ابن حجر.
(96) الطبري: تاريخ الرسل 4/428.
(97) المعروف بابن عليه ثقة حافظ، وروى له الجماعة (التقريب).
(98) ابن أبي تميمة السختياني، حجة من كبار الفقهاء العباد، روى له الجماعة (التقريب).
(99) هو محمد بن سيرين ثقة معروف من التابعين.
(100) ابن سعد: الطبقات 3/143، والإسناد صحيح إلى محمد بن سيرين، لكن ظاهره الإرسال ويتقوى بما بعده.
(101) كان عبد الله بن عمر من أهل الورع، ولورعه أشكلت عليه حروب علي وقعد عنه.
(102) الطبري: المصدر السابق نفس الجزء 430.
(103) ثقة، حافظ، فقيه، إمام حجة, روى له الجماعة (التقريب).
(104) عمر بن نافع، ثقة، وروى له الشيخان (التقريب).
(105) نافع مولى ابن عمر، ثقة، ثبت، فقيه، مشهور، روى له الجماعة (التقريب).
(106) الإسناد صحيح على شرط الشيخين - انظر النبلاء 3/224.
(107) حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو الأنصاري الخزرجي. كان النبي صلى الله عليه وسلم ينصب له منبراً في المسجد ليقوم عليه يفاخر عن النبي صلى الله عليه وسلم. لم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من مشاهده، وقد وهب النبي صلى الله عليه وسلم له جاريته سيرين أخت مارية فأولدها عهبد الرحمن بن حسان. اختلف في تاريخ وفاته فقيل: قبل الأربعين في خلافة علي. وقيل: سنة وخمسين، وقيل: سنة أربع وخمسين. مات عن مائة وعشرين سنة ابن الأثير: أسد الغابة 2/5-7.
(108) كعب بن مالك، الخزرجي شهد العقبة وتخلف عن تبوك لشدة الحر وهو من شعراء النبي صلى الله عليه وسلم. عمي في آخر حياته، توفي عام 50هـ، وكان عمره سبعاً وسبعين سنة ابن الأثير: المصدر السابق 4/487-489- الزركلي! الأعلام 5/228.(1/115)
(109) مسلمة بن مخلد، بن الصامت الأنصاري الخزرجي الساعدي ولد حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجراً، وقيل: كان له أربع سنين عند قدوم النبي. شهد فتح مصر وصفين واستعمله معاوية على مصر والمغرب وهو أول من جمعا له، توفي سنة 62هـ بالمدينة، وقيل آخر خلافة معاوية، وقيل: مات بمصر. ابنا لأثير: الكامل5/174، 175.
(110) النعمان بن بشير بن ثعلبة بن سعد الأنصاري الخزرجي، ولد قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثماني سنين وسبعة أشهر. استعمله معاوية على حمص ثم على الكوفة، وهو الذي دعا الناس إلى بيعة عبد الله بن الزبير بالشام فخالفه أهل حمص وقتلوه سنة 64هـ. ابنا الأثير: الكامل5/326- 329.
(111) زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري الخزرجي ثم البخاري. كان عمره عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سنة. كان أول مشاهده الخندق. وهو من كتاب الوحي، تعلم السريانية بأمر النبي صلى الله عليه وسلم. استخلفه عمر على المدينة ثلاث مرات وكذا وعثمان. لم يشهد مع علي شيئا من حروبه. اختلف في تاريخ وفاته قيل: 42هـ، 43هـ، 51هـ 52هـ. ابن الأثير: المصدر السابق 2/278، 270.
(112) رافع بن خديج الأنصاري الأوسي الحارثي، شهد أحداً والخندق. وأكثر المشاهد أصابه سهم يوم أحد فنزعته وبقي النصل إلى أن مات في عهد الملك بن مروان عام 74هـ. وهو ابن ست وثمانين سنة ابن الأثير: المصدر السابق 2/190.
(113) فضالة بن عبيد الأنصاري، أول مشاهده أحد ثم شهد المشاهد كلها، شهد فتح مصر وسكن الشام وولى القضاء بدمشق لمعاوية، توفي بدمشق في خلافة معاوية سنة 53هـ، وقيل: 69هـ. ابن الأثير: المصدر السابق 4/363، 464.(1/116)
(114) كعب بت عجرة بن أمية بن عدي. حليف الأنصار. تأخر إسلامه ثم أسلم وشهد المشاهد كلها. توفي كعب بالمدينة سنة إحدى وخمسين وقيل: اثنتين وخمسين. وقيل: ثلاث وخمسين، وعمره سبع وسبعون. وقيل خمس وسبعون سنة، ابن الأثير: المصدر السابق 4/481، 482.
(115) عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي ثم الأنصاري. كان حليفاً لهم من بني قينقاع وهو من ولد يوسف بن يعقوب. وكان اسمه في الجاهلية الحصين فسماه النبي صلى الله عليه وسلم حين أسلم عبد الله. كان إسلامه حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم مهاجراً، توفي عبد الله سنة 43ه. ابن الأثير: المصدر السابق 3/264، 265.
(116) صهيب بن سنان الرومي كان إسلامه وهو وعمار بن ياسر في يوم واحد، مات صهيب بالمدينة سنة 38هـ، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، وقيل: 73 سنة، وقيل: ابن تسعين. دفن بالبقيع. ابن سعد: الطبقات 3/226- 229، ابن حجر: الإصابة2/195.
(117) سلمة بن سلامة بن وقش بن زغبة الأنصاري الأشهلي. شهد العقبتين الأولى والثانية. ثم شهد بدر والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم. استعمله عمر على اليمامة. توفي سنة 34هـ، وقيل: 45هـ، وهو ابن سبعين. ابن الأثير: المصدر السابق 2/428، 429.
(118) قدامة بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة القرشي الجمحي. من السابقين إلى الإسلام هاجر إلى الحبشة وشهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم. استعمله عمر على البحرين. توفي سنة 36هـ وهو ابن ثمان وستين سنة. ابن الأثير: الكامل 4/394- 396.
(119) المغيرة بن شعبة بن أ[ي عامر بن مسعود الثقفي، أسلم عام الخندق وشهد الحديبية. كان من الموصوفين بالدهاء، ولاه عمر البصرة، ثم عزله، وشهد اليمامة وفتوح الشام، ذهبت عينه باليرموك، وشهد القادسية ونهاوند وهمذان وغيرها، اعتزل الفتنة بعد قتل عثمان، ثم استعمله معاوية على الكوفة فلم يزل عليها إلى أن مات عام 50هـ. ابن الأثير: المصدر السابق 5/247- 249.(1/117)
(120) الطبري: تاريخ الرسل 4/429، 430- ابن العربي: العواصم 146، 147.
(121) 8/99.
(122) شداد بن أوس بن ثابت بن المنذر الأنصاري الخزرجي. كان شداد ممن أوتي العلم والحلم. اختلف في تاريخ وفاته. ابنا لأثير: أسد الغابة 2/507.
(123) عبد الرحمن بن غنم الشعري: كان مسملاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ولم يفد إليه، ولزم معاذ بن جبل منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن إلى أن مات في خلافى عمر. وكان أفقه أهل الشام، توفي سنة 78هـ. ابن الأثير: المصدر السابق3/487، 488.
(124) عبد الله بن عمرو بن العاص: أسلم قبل أبيه، كان فاضلاً عالماً قرأ القرآن والكتب المتقدمة. شهد مع أبيه فتح الشام واليرموك وصفين. اختلف في وقت وفاته وسنه ومكان موته. ابنا لأثير: المصدر السابق 3/349- 351.
(125) عمرو بن العاص القرشي السهمي: سكنى أبا عبد الله، وقيل: أبو محمد: أسلم قبل الفتح بستة أشهر. أمره النبي صلى الله عليه وسلم على سرية ذات السلاسل. كما استعمله على عمان فلم يزل عليها على أن توفي النبي صلى الله عليه وسلم ثم سيره أبو بكر أميراً على الشام، وولى فلسطين لعمر بن الخطاب ثم سار بجيش المسلمين وافتتح مصر ولم يزل بها إلى أن مات عمر فأمره عثمان عليها لمدة أربع سنين. شهد صفين وهو أحد الحكمين، استعمله معاوية على مصر وظل بها على أن مات عام43هـ. ابن الأثير: المصدر السابق 4/44.
(126) سورة الحديد آية: 10.
(127) منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين ص77، نقلاً عن كتاب ((عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابةو الكرام)) للدكتور ناصر بن علي بن عائض حسن الشيخ.
(128) الإمام المكي: مناقب أبي حنيفة 2/344.
(129) الماوردي: الحاوي الكبير 57-66 وللشافعي كلام مطول في كتاب ((قتال أهل البغي)) من كتابه الأم طالعه لزاماً.
(130) قاله في الفقه الأكبر- نقلاً عن تحقيق الدكتور أحمد السقا- مناقب الشافعي للرازي: 125.(1/118)
(131) ابن سعد: الطبقات الكبرى 3/31.
(132) الخلال: السنة 3/412.
(133) الاعتقاد: 219.
(134) المغنى: 8/104.
(135) التذكرة: 623.
(136) كذا والصواب في أواخر ذي الحجة، لأن قتل عثمان كان في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة وبويع علي رضي الله عنه بعد مقتل عثمان بيوم على الأرجح.
(137) الفتح: 72.
(138) شذرات الذهب: 1/212- 213.
(139) نيل الأوطار: 4/7/348.
(140)(7) معارج القبول: 2/475.
(142) انظر: أم مالك: بيعة علي بن أبي طالب 93-121.
(143) الحديث رواه أبو داود (4646) والترمذي (2226) وأحمد في المسند (21978، 21982، 21987)، وابن أبي عاصم في السنة 1181)، والطبراني في الكبير (6442) والحاكم في المستدرك 3/71 وابن حبان في صحيحه (6657).
(144) ساقها الألباني في بداية المجلد الأول من السلسلة الصحيحة.
(145) للخلال: السنة 3/422.
(146) والمقصود بالعامة عامة المسلمين.
(147) الفتاوة 35/18، وهنا نقل ابن تيمية الإجماع كما ترى.
(148) أحكام القرآن 4/1127.
(149) سورة الأنفال: 26.
(150) ابن عمر: الفتنة 95، الطبري: تاريخ الرسل 4/436.
(151) ابن الأثير: الكامل 3/100، 101.
(152) عثمان بن حنيف الأنصاري الأوسي: شهد أحداً والمشاهد كلها. استعمله عمر على مساحة سواد العراق. واستعمله علي على البصرة، فبقي عليها إلى أن أخرجه طلحة والزبير منها، وسكن عثمان الكوفة وبقي بها إلى زمن مهاوية. انبا لأثير: أسد الغابة 3/577.
(153) عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي: كان أصغر سناً من أخيه عبد الله كان عظيم الكرم والجود، يضرب به المثل في السخاء، كان يأمره على الحج علي بن أبي طالب. توفي بالمدينة في عهد يزيد بن معايوة. ابنا لأثير: المصدر السابق 3/524- 526.(1/119)
(154) قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي الساعدي كان من فضلاء الصحابة وأحد دهاة العرب وكرمائهم وكان من ذوي الرأي الصائب والمكيدة في الحرب، بعد أن عزل عن مصر، أتى إلى المدينة فأخافه مروان بن الحكم فسار إلى علي بالكوفة ولم يزل معه حتى قتل ثم صار مع الحسن إلى معاوية ودخل في بيعة معاوية وعاد إلى المدينة. توفي سنة 59هـ، وقيل: سنة 60هـ. ابنا لأثير: المصدر السابق 4/424- 426.
(155) سهل بن حنيف بن واهب الأنصاري الأوسي: سهد بدراً والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم، استخلفه علي على المدينة، وشهد معه صفين وولاه بلاد فارس فأخرجه أهلها، مات سهل بالكوفة سنة 38هـ وصلى عليه علي. ابنا لأثير: المصدر السابق 2/470.
(156) انظر: ابن عمر: الفتنة 99، 100، الطبري: تاريخ الرسل 4/438- 439. ابنا لأثير: الكامل 3/103. ابنا لأثير: البداية والنهاية 7/349.
(157) تبوك: قرية بين وادي القرى والشام. البغدادي: مراصد الإطلاع 1/253.
(158) ابن كثير: البداية والنهاية 7/349.
(159) أيلة: مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام. البغدادي: مراصد الإطلاع 1/253.
(160) خربتا: تعد من كور مصر ثم كور الحوف الغربي، حوالي الإسكندرية. البغدادي: مراصد الإطلاع 1/457.
(161) ابن عمر: الفتنة 208. الطبري: تاريخ الرسل 4/442. ابن الأثير: الكامل 3/103.
(162) ابن عمر: المصدر السابق 208.
(163) ابن عمر: الفتنة 208. الطبري: تاريخ الرسل 4/442، 443، ابن الأثير: الكامل3/103.
(164) يعلى بن أمية بن أ[ي عبيدة بن همام التميمي الحنظلي: أسلم يوم الفتح وشهد حنيناً والطائف وتبوك، استعمله عمر على بعض اليمن، واستعمله عثمان على صنعاء، وأعان المطالبين بدم عثمان بماله. شهد الجمل مع عائشة رضي الله عنها ثم صار من أصحاب عليّ، وقتل معه بصفين. ابن الأثير: أسد الغابة 5/523، 524.(1/120)
(165)ابن عمر: الفتنة 208. الطبري: تاريخ الرسل 4/442، 443، ابن الأثير: الكامل3/103.
(166) ابن عمر: الفتنة 102، 103. الطبري: تاريخ الرسل 4/443، 444. ابن الأثير: الكامل 3/104.
(167) هو محمد بن زياد الكوفي أبو عبد الله المعروف بابن الأعرابي: من علماء اللغة والنسب، كان يروي أشعار القبائل، أخذ العلم عن الكسائي وابن السكيت وثعلب وغيرهم، وتلقى عنه الأصمعي، من مصنفاته: ((النوادر، تاريخ القبائل، معاني الشعر)) توفي عام 231هـ/ 846م. ترجم له: الخطيب: أبو بكر أحمد بن علي (ت463هـ) - تاريخ بغداد. دار الكتاب العربي -بيروت 5/282، والنووي: أبو زكريا يحيى بن شرف الحزامي (ت676هـ) تهذيب الأسماء واللغات -بيروت- دار الكتب العلمية 1/295، ياقوت: سهاب الدين أبو عبد الله بن عبد الله (ت626هـ)- معجم الأدباء: دار إحياء التراث العربي -بيروت 18/199.
(168) ابن منظور: جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي الأنصاري (ت711هـ) لسان العرب -إعداد وتصنيف يوسف خياط -بيروت -دار لسان العرب.
(169) سورة آل عمران آية: 7.
(170) سورة الحديد آية: 14.
(171) سورة العنكبوت آية: 2.
(172) سورة طه آية: 40.
(173) سورة البروج آية: 10.
(174) سورة الذاريات آية: 13.
(175) هو الحصن. انظر: ابن منظور: لسان العرب.
(176) ((الجامع الصحيح)) كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ((ويل للعرب من شر قد اقترب)) 8/88، 89.
(177) ابن حجر: الفتح 13/13.
(178) جواد علي: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 6/37- 53.
(179) سورة القصص آية: 85.
(180) الطبري: تاريخ الأمم 4/340.
(181) الطبري: المصدر السابق نفس الجزء والصفحة 4/340. ابن الأثير: الكامل 3/154.
(182) البداية والنهاية 7/183.
(183) البداية والنهاية 7/190.
(184) ابن عساكر: ثقة الدين أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله (ت571هـ) - تاريخ مدينة دمشق - مجمع اللغة العربية- دمشق123.(1/121)
(185) هو ابن تمام الأرحبي، من بني صعب بن دومان، من همذان، من رؤساء الكبار في اليمانيين، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وسكن الكوفة، كان مع علي في حروبه، قتل في صفين سنة 37 (الزركلي: الأعلام 9/241).
(186) عامل عثمان سعيد بن العاص القرشي الأموي. ولد عام الهجرة، كان سعيد من أشراف قريش وأجوادهم وفصائحهم وهو أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان بن عفان، واستعمله عثمان على الكوفة بعد الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وغزا طبرستان وجرجان. واعتزل الفتنة بعد مقتل عثمان. تولى المدينة لمعاوية توفي سنة 59هـ. أسد الغابة 2/391- 393.
(187) الطبري: تاريخ الأمم والملوك 4/331، ابن الأثير: الكامل 3/147.
(188)عبد الله بن عامر بن كريز القرشي العبشمي وهو ابن خال عثمان بن عفان، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان كريماً ميمون النقيبة، لم يزل على البصرة حتى قتل عثمان فخرج منها وقدم إلى مكة ودعا طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة، وشهد الجمل ثم سار إلى دمشق فأقام بها فلم يسمع له ذكر بصفين ثم تولى البصرة في عهد معاوية. توفي عام سبع. وقيل: ثمان وخمسين. ابن الأثير: المصدر السابق 3/ 288-289.
(189)حكيم بن جبلة بن حصين بن أسود بن كعب بن الحارث بن الديل: أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، بعثه عثمان على السند ثم أقام بالبصرة بعد قتل عثمان ثم أرسله أمير المؤمنين علي على البصرة مع عثمان بن حنيف لملاقاة طلحة والزبير فقاتلهم قتالاً شديداً قرب البصرة ثم قاتلهم حينما أراد إخراج عثمان بن حنيف وقد قطعت قدمه. ابن الأثير: المصدر السابق 2/ 44.
(190) الطبري: تاريخ الأمم والملوك 4/326، ابن الأثير: الكامل 3/144.
(191) الطبري: المصدر لاسابق نفس الجزء 283، ابن الأثير: المصدر السابق نفس الجزء 114.(1/122)
(192) سليمان العودة: عبد الله بن سبأ 206- 207 بتصرف، نقلاً عن الجوزجاني: إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق (ت259هـ) وقيل توفي (256هـ) -الضعفاء: مخطوطة في المكتبة الظاهرية -دمشق رقم 349ق 3/ب.
(193) العودة: 210 بتصرف نقلاً عن الطبري: تاريخ الرسل والملوك 4/340.
(194) العودة 208، 209 بتصرف. نقلاً عن الطبري: تاريخ الرسل والملوك 4/340، والآية من سورة القصص 85. البغدادي: ابو منصور بعد القاهر بن طاهر (ت429هـ) -الفَرق بين الفِرق وبيان الفرقة الناجية منهم - تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد 0طبع المدني 0مصر 224 -اللمطي: أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الشافعي (ت377هـ) -التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع 0تقديم وتعليق محمد زاهد الكوثري -نشر مكتبة المثنى -بغداد -المعارف -بيروت 1968- 18.
(195) العودة: 210 بتصرف، نقلاً عن الملطي: التنبيه 158.
(196) العودة: 211 بتصرف. نقلاً عن القمي: أبو خلف سعد بن عبد الله الأشعري (ت301هـ) المقالات والفرق: صححه وقدم له وعلق عليه د. محمد جواد مشكور -نشر مؤسسة مطبوعاتي -عطاني -طهران 1963م -20.
(197) العودة: 213 بتصرف. نقلاً عن البغدادي: الفَرق بين الفِرق 241.
(198) وعاظ السلاطين: طبعة بغداد 1954 -ص273. وانظر العودة: 90 بتصرف.
(199) عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى: دار الغدير، بيروت -طهران - ط الأولى 1392هـ 2/5 -انظر: العودة: 96- 103 بتصرف.
(200) المرجع الذي اعتمدنا عليه بعد الله جل في علاه في شخصية ابن سبأ بين الوهم والحقيقة هو أطروحة الأستاذ سليمان بن حمد العودة التي تقدم بها لنيل درجة الماجستير من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1402هـ بعنوان ((عبد الله بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام)).
(201) العودة: 67 بتصرف. والتعليق نقلاً عن عبد الرحمن بدوي: المذاهب الإسلامية 2/30.(1/123)
(202) العودة: 68- 70 بتصرف. نقلاً عن كايتاني عن عبد الرحمن بدوي: المرجع السابق 2/34.
(203) البقرة آية: 120.
(204) المائدة آية: 82.
(205) 2/476.
(206) أبو الجلاس الكوفي: مجهول (ابن حجر: تقريب التهذيب 63).
(207) ص98.
(208) محمد بن قولوية القمي، من شيوخ الكشي (الكشي: كتاب الرجال6).
(209) ترجمة عبد الله بن سالم -ترجمة عبد الله أبي عائشة (تحقيق مطاوع الطرابيشي) 1-7.
(210) هو عامر بن وائلة بن عبد الله لليثي، ولد عام احد، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة 110هـ، وهو آخر من مات من الصحابة، أخرج له الستة [ابن حجر: التقريب 288]
(211) زيد بن وهب الجني، أبو سليمان الكوفي، مخضرم، ثقة جليل مات بعد الثمانين، وقيل سنة 96هـ أخرج له الستة [ابن حجر: المصدر السابق225]
(212) يحيى بن الوليد الطائي: كوفي، لا بأس به، من الطبقة السابعة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجه. [ابن حجر: المصدر السابق598]
(213) حجية بن عدي الكندي، صدوق يخطئ، من الطبقة الثالثة، أخرج له الترمذي[ابن حجر: المصدر السابق 154]
(214) سماك بن حرب الذهلي البكري، الكوفي، أبو المغيرة، صدوق، تغير بآخره، من الطبقة الرابعة، مات سنة 123هـ أخرج له البخاري معلقاً والأربعة [ابن حجر: المصدر السابق 255].
(215) هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله، صدوق فقيه، إمام، من الطبقة السادسة، مات سنة148هـ أخرج له البخاري في الأدب المفرد، والأربعة [ابن حجر: المصدر السابق141]
(216) ابن تيمية: منهاج السنة النبوية 1/23، 29.
(217)بولس: توفى عام 64 هـ. ويسمى شاؤول، ولد في مدينة طرسوس بتركيا القديمة، رومي الجنسية، يهودي الديانة، كان يضطهد النصارى بشدة، لكنه تحول فجأة إلى النصرانية فأفسدها وأدخل فيها عدداً من العقائد، كتأليه المسيح والخطيئة والتكفير [مايكل هارت: الخالدون مائة: 35].(1/124)
(218)ابن حزم: الفصل 1/ 325، ابن تيمية: منهاج السنة النبوية 8/ 479. نقلاً عن خالد بن محمد الغيث من أطروحته لنيل درجة الماجستير في التاريخ الإسلامي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة بعنوان: ((استشهاد عثمان ووقعة الجمل في مرويات سيف بن عمر في تاريخ الطبري- دراسة نقدية))- دار ا لأندلس الخضراء للنشر والتوزيع- جدة- سلسلة الرسائل الجامعية طبعة 9، ص 75-77.
(219) طه حسين: الفتنة الكبرى عثمان -132.
(220) العودة: 77 نقلاً عن مجلة الرسالة السنة 16 (1948) -العدد 763 - ص193 -والعدد761، ص137.
(221) المرجع السابق 75، 76 بتصرف -محمود قاسم: دراسات في الفلسفة الإسلامية نقلاً عن العودة.
(222) العودة: 79 بتصرف، نقلاً عن الدكتور جواد علي من مقال له بمجلة الرسالة، العدد 778- 90، 91.
(223) العودة: 81 بتصرف، نقلاً عن سعيد الأفغاني في كتابه ((عائشة والسياسة)) ص60- 62.
(224) العودة: 81 بتصرف، نقلاً عن عمار الطالبي في كتاب (آراء الخوارج)) 72- 74.
(225) العودة: 86 بتصرف، نقلاً عن الأستاذ أنور الجندي -الإسلام والدعوات الهدامة 17، والمؤامرة على الإسلام ص90- طه حسين وفكره في ميزان الإسلام 171، 172.
(226) العودة: 87 بتصرف، نقلاً عن محمود معروف: الخوارج في لاعصر الأموي -دار الطليعة بيروت1397- 48.
(227) العودة: 87 بتصرف، نقلاً عن سعدي الهاشمي: محاضرات الجامعة الإسلامية عام 98/ 1399هـ محاضراً بان سبأ حقيقة لا خيال- 201.
(228) العودة: 89 بتصرف، نقلاً عن محب الدين الخطيب 0العواصم والقواصم -6، 112، 135.
(229) ابن الأثير: الكامل 3/103.
(230) ابن عمر: الفتنة 107.
(231)زياد بن حنظلة التميمي هو الذي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيس بن عاصم والزبرقان بن بدر ليتعاونا على مسيلمة وطليحة الأسود، وقد عمل للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان منقطعاً إلى علي وشهد معه مشاهده كلها.
ابن الأثير: أسد الغابة 2/ 269.(1/125)
(232)ابن عمر: الفتنة 107.- الطبري: تاريخ الرسل 4/ 445.
(233)محمد بن على بن أبى طالب الهاشمي القرشي- أبو القاسم المعروف بابن الحنفية وهو أخو الحسن والحسين ينسب إلى أمه خولة بنت جعفر الحنفية تمييزاً عن أخويه، كان واسع العلم، خرج إلى الطائف هارباً من ابن الزبير فمات هناك عام 81 هـ. الزركلي: الأعلام 6/ 270.
(234)عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمى البحر، لسعة علمه. ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، استعمله علي على البصرة أميراً عليها فبقى أميراً عليها ثم فارقها قبل أن يقتل علي وعاد إلى الحجاز وشهد مع علي صفين وكان أحد الأمراء فيها، اختلف في سنة وفاته. ابن الأثير: المصدر السابق 3/ 290- 294.
(235)عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد القرشي المخزومي، ربيب النبي صلى الله عليه وسلم لأن أمه أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ولد في السنة الثانية من الهجرة بأرض الحبشة، كان له من العمر عند قبض النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين شهد مع علي الجمل واستعمله على البحرين وعلى فارس، توفى بالمدينة أيام عبد الملك بن مروان سنة 83 هـ. ابن ا لأثير: المصدر السابق 4/ 183.
(236) ابن عمر: المصدر السابق نفس الصفحة.- ابن الأثير: الكامل 3/ 154.
(237)أبو موسى الأشعري: عبد الله بن قيس. كان حليفاً لسعيد بن العاص، أسلم بمكة، هاجر إلى الحبشة استعمله عمر بن الخطاب على البصرة، وعزله عثمان واستعمله على الكوفة ثم عزله عنها علي، وهو أحد الحكمين، اختلف في مكان وسنة وفاته. ابن الأثير: أسد الغابة 6/ 306-307.
(238)ابن عمر: المصدر السابق 158- الطبري: تاريخ الرسل 4/ 445.
(239) ابن الأثير: المصدر السابق 3/ 155.(1/126)
(240)كميل بن زياد بن نهيك النخعي، تابعي، ثقة من أصحاب على، كان شريفاً مطاعا في قومه، شهد صفين مع علي وسكن الكوفة، وروى الحديث. قتله الحجاج صبراً عام 82 هـ. الزركلي: ا لأعلام5/ 234.
(241) ابن عمر: الفتنة 109.
(242) ابن العربي: العواصم 147.
(243) محب الدين الخطيب: حاشية العواصم 147.
(244) ابن عمر: الفتنة 112، 113. -الطبري: تاريخ الرسل 4/449.
(245)عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد بن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي وأمه جويرية بنت أبى جهل التي كان علي بن أبى طالب يخطبها فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم فتزوجها عتاب فولدت له عبد الرحمن، وكان مع عائشة يوم الجمل، قبل يوم الجمل بالبصرة، وحملت الطير يده فألقتها في المدينة فعرفوا أنها يده بخاتمه فصلوا عليها ودفنوها. ابن ا لأثير: أسد الغابة 3/ 472.
(246)مروان بن الحكم بن أبى العاص، ولد بمكة ونشأ بالطائف وسكن بالمدينة حتى خرج مع طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة قاتل مروان في وقعة الجمل قتالاً شديداً، شهد صفين مع معاوية ثم أمنه علي فبايعه وانصرف إلى المدينة حتى ولاه معاوية المدينة فأخرجه منها عبد الله بن الزبير فسكن الشام دعا لنفسه بالبيعة عام 64 هـ مات عام 65 هـ. الزركلي: الأعلام 7/ 207.
(247)ذات عرق: موضع خارج مكة ينزل فيه مريد الحج من أهل العراق ليحرم بالحج منه.
(248) ابن الأثير: الكامل 3/ 157.- ابن كثير: البداية والنهاية 7/ 251.
(249) ابن عمر: الفتنة 118.
(250)العبر 1/ 36 وانظر لابن شهاب الزهري: المغازي النبوية- دار الفكر 153.
(251) الذهبي: دول الإسلام 1/ 14، 15.
(252)خليفة بن خياط: 185، تاريخ الإسلام 2/ 155.(1/127)
(253)ليس هناك من تعارض بن الرغبة في الصلح (وهو أمر يتفق عليه الجانبان، علي في جانب وطلحة والزبير في الجانب الآخر) وبين حرص طلحة والزبير وعائشة على المسارعة في ضرب الثوار، والمطالبة بدم عثمان، وهو الأمر الذي كان علي يؤثر التريث فيه في ظروفه الأولى لتولي الخلافة، بل إن هذا الجانب ((الإصلاح)) مكمل للجانب ا لأول ((الثأر لعثمان)) ومتمم له، وهو يترجم العرض الذي عرضه طلحة والزبير على علي في المدينة؟ بأن يأذن لهما في الذهاب إلى البصرة والكوفة، ليأتياه من هناك بالجنود والخيل، فتريث على وهو يقول: حتى أنظر في ذلك. الطبري: تاريخ الرسل 4/ 438. ويؤكد ذلك أيضا قولهم حين عزموا على الخروج: فمن كان يريد إعزاز الإسلام وقتال المحلين والطلب بثأر عثمان، ولم يكن عنده مركب ولم يكن له جهاز فهذا جهاز وهذه نفقة. الطبري: المصدر السابق نفس الجزء451.
(254)الطبري: المصدر السابق نفس الجزء455، 451.
(255)المغازي النبوية: 154.
(256) القعقاع بن عمرو التميمي: شهد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم له أثر عظيم في قتال الفرس في القادسية وغيرها، أرسله علي يوم الجمل إلى طلحة والزبير فتقارب الناس به للصلح، قال عنه أبو بكر الصديق: صوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل. ابن الأثير: أسد الغابة 4/409.
(257) سورة النساء آية: 114.
(258) العواصم: 150- 152.
(259) سورة التوبة آية: 100.
(260) صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة -باب تحريم سب الصحاب- 16/72.
(261) الربذة: من قرى المدينة على ثلاثة أميال منها، قريبة من ذات عرق. البغدادي: مراصد الإطلاع 2/601.
(262) ابن عمر: الفتنة 119 -الطبري: تاريخ الرسل 4/255.
(263) الطبري: تاريخ الرسل 4/459 وما بعدها -ابن الأثير: الكامل 3/107 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/251، 252.
(264) محب الخطيب: العواصم 148 هامش1.
(265) العواصم: 161.
(266) محب الدين الخطيب: العواصم 148 هامش4.(1/128)
(267) ابن عمر: الفتنة 120 -الطبري: تاريخ الرسل 4/456 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/255.
(268) الطبري: المصدر السابق 4/461.
(269) النزاع من القبائل: جمع النازع وهو الغريب الذي نزع عن أهله وعشيرته، أي بعد وغاب.
(270) الأحداث: جمع حدث، وهو الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة، كما ذكره صاحب النهاية في حديث المدينة: من أحدث فيها حدثاً، أو آوى محدثاً.
(271) آووا المحدثين: نصروا الجانين أو أجاروهم من خصومهم وحالوا بينهم وبين أن يقتص منهم.
(272) الترة: الثأر.
(273) قد جاء اللفظان بمعنى واحد، وقد يكون المراد بمضرين الذي يكرهون غيرهم على الأمور التي يريدونها.
(274) سورة النساء آية: 114.
(275) سورة المائدة آية: 8
(276) الطبري: تاريخ الرسل 4/462.
(277) انفر: تقدم للقتال.
(278) مستلئماً: لابس الأمة وهي الدرع عدة الحرب.
(279) قال: إنا لله وإنا غليه راجعون.
(280) روى أبو داود عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تدور رحى الإسلام بخمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين)) قال الخطابي في شرحه 4/340: دوران الرحى كناية عن الحرب والقتال، شبهها بالرحى الدوارة التي تطحن الحب، لما يكون من تلف الأرواح وهلاك الأنفس.
(281) ابن عمر: الفتنة 122.
(282) المريد: كان من أعظم محال البصرة.
(283) تحائي الناس: تراموا التراب فرماه بعضهم في وجه بعض، ولم يذكر أصحاب الصحاح والنهاية واللسان والقاموس هذا اللفظ في مادته.
(284) تحاصبوا: تراموا بالحصباء، أي الحصى.
(285) ابن عمر: المصدر السابق 123، 124 -الطبري: تاريخ الرسل 4/463، 464 -ابن العربي: العواصم 154 -الأثير: الكامل 3/108، 109.
(286) يزرون: يعيبون.
(287) الطبري: تاريخ الرسل 4/463، 464 -ابن العربي: العواصم 154 -ابن الأثير: الكامل 3/108، 109.
(288) سورة آل عمران آية: 23
(289) أرهجوا: أثاروا الغبار.(1/129)
(290) وبقي بعضهم مع عثمان بن حنيف على فم السكة.
(291) ملياً: زمناً طويلاً.
(292) ابن عمر: الفتنة 124، 125 -الطبري: المصدر السابق نفس الجزء 464، 465 -ابن الأثير: المصدر السابق نفس الجزء 109.
(293) الكتاب: كما ذكره ابن جرير وغيره، هو: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما اصطلح عليه طلحة والزبير وممن معهما من المؤمنين والمسلمين، وعثمان بن حنيف ومن معه من المؤمنين والمسلمين، أن عثماناً يقيم حيث أدركه الصلح على ما في يديه، وأن طلحة والزبير بيقيمان حيث أدركهما الصلح على ما في أيديهما.
(294) ابن عمر: الفتنة: 125 -الطبري: تاريخ الرسل 4/465 -ابن الأثير: الكامل 3/109.
(295) حرقوص بن زهير السعدي الملقب بذي الخويصرة، صحابي، من بني تميم أمره عمر بقتال الهرمزان فاستولى على سوق الأهواز ونزل بها ثم شهد صفين مع علي وبعد التحكيم صار من أشد الخوارج على علي. قتل بالنهروان. الزركلي: الأعلام 2/173.
(296) ابن عمر: الفتنة 128، 129 -الطبري: تاريخ الرسل4/468 وما بعدها.
(297) فيد: موضع في منتصف الطريق بين العراق والحجاز.
(298) ذو قار: موضع قريب من الكوفة، اشتهر عند العرب بوقعة مشهورة كانت بين بكر وكسرى.
(299) كان محاربوه قد نتفوا من شعر لحيته ورأسه وحاجبيه.
(300) الطبري: تاريخ الرسل 4/477 وما بعدها -ابن الأثير: الكامل3/113.
(301) ابن عمر: الفتنة 138 -الطبري: المصدر السابق نفسه 481، 482 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/257.
(302) الفتنة الصماء: هي التي لا سبيل إلى تسكينها؛ لأن الأصم لا يسمع النداء فلا يقلع عما يفعله.
وقيل: هي كالحياء الصماء التي لا تقبل الرقى.
(303) هذا وما يتصل به بعده مأخوذ من حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
(304) الجرثومة: الأصل.
(305) أنصلو الأسنة: إنزعوا أسنة الرماح، أي أخرجوا الأسنة من أماكنها إبطالاً للقتال.
(306) أي: ضموه إيكم.(1/130)
(307) ابن عمر: الفتنة 139 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/257.
(308) أبشار: جمع بشر، وبشر اسم جنس جمع واحدة بشرة، وهي ظاهر الجلد.
(309) مأخوذ من قوله تعالى: { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ } [النحل آية: 126]
(310) المستشار مؤتممن: حديث رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم والمراد أنه: أمين على ما استشير فيه.
(311) هذا الحديث رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصجابة، فقد رواه البخاري عن [أي هريرة في الحديثين 6654، 655، ورواه مسلم عن أبي هريرة وأبي بكرة، وروى الترمذي عن ابن سعد نب أبي وقاص قال عند فتنة عثمان بن عفان: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنها ستكون فتنة...)).
(312) ابن عمر: الفتنة 139، 140 -الطبري: تاريخ الرسل 4/482 -ابن الأثير: الكامل 3/116 وما بعدها -ابن كثير: البداية والنهاية 7/257.
(313) ابن الأثير: المصدر السابق نفس الجزء 117.
(314) ابن عمر: المصدر السابق 141.
(315) الإبل التي يحمل عليها وتركب.
(316) ابن عمر: الفتنة 143 -الطبري: تاريخ الرسل 4/485- ابن الأثير: الكامل 3/118 -الذهبي: تاريخ الإسلام 484- 485.
(317) ابن عمر: الفتنة 145 -الطبري: تاريخ الرسل 4/488، 489 -ابن الأثير: الكامل 3/199.
(318) ابن عمر: الفتنة 145، 146 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/259.
(319) ابن عمر: المصدر السابق 147 -الطبري: تاريخ الرسل 4/489، 490 -ابن الأثير: الكامل 3/120 -ابن كثير: المصدر السابق 7/260.
(320) الفرضة: قرية بالبحرين لبني عامر. البغدادي: مراصد الإطلاع 3/1028.
(321) الطبري: تاريخ الرسل 4/495.
(322) الطبري: تاريخ الرسل 4/495.
(323) ابن عمر: الفتنة 150، 151 -الطبري: تاريخ الرسل 4/495 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/260، 261.(1/131)
(324) ابن عمر: المصدر السابق151 -الطبري: المصدر السابق نفس الجزء 496 -ابن الأثير: الكامل 3/121 - ابن كثير: المصدر السبق نفس الجزء 261.
(325) ابن عمر: الفتنة 155، 156.
(326) الطبري: تاريخ الرسل 4/493 -ابن الأثير: الكامل 4/120، 121 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/260.
(327) الطبري: تاريخ الرسل 4/494 -ابن الأثير: الكامل 4/120 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/260.
(328) الطبري: المصدر السابق نفس لاجزء 494 -ابن الأثير: المصدر السابق 3/120 -ابن كثير المصدر السابق نفس الجزء 260.
(329) ابن عمر: الفتنة 147- 149. -الطبري: تاريخ الرسل 4/493، 494 -ابن الأُير: الكامل 3/120، 121 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/260.
(330) ابن عمر: الفتنة 156.
(331) ابن عمر: المصدر السابق 157 -الطبري: تاريخ الرسل 4/496.
(332) ابن عمر: المصدر السابق نفس الصفحة -ابن كثير: البداية والنهاية 7/262.
(333) سورة النحل آية: 92.
(334) الطبري: تاريخ الرسل 4/509 -الذهبي: تاريخ الإسلام 489، 490 - ابن كثير: البداية والنهاية 7/263.
(335) يكذر الذهبي أنه أتى مصعب بن الزبير بالعراق وطلب منه أن يقتله في أبيه؛ لأنه كره الحياة فهو يرى امامه هولاً شديداً، فرفض مصعب فيئس من الحياة وانتحر -سير أعلام النبلاء 1/64.
(336) الطبري: تاريخ الرسل 4/513 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/264، 265.
(337) الطبري: تاريخ الرسل: 4/514.
(338) ابن عمر: الفتنة 161 -الطبري: المصدر لاسابق 4/515، 516.
(339) ابن عمر: الفتنة 161 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/264 -الذهبي: تاريخ الإسلامي 522- 529.
(340) الطبري: تاريخ الرسل: 4/516، 517.
(341) كذا جاء في الإصابة 3/377 والبداية والنهاية 7/243، وفيه إشارة إلى قصة ابني آدم: بسط أحدهما يده لقتل أخيه وامتنع الآخر، الآية 27 وما بعدها من سورة المائدة.
(342) ابن كثير: الكامل 3/126، 517 -الذهبي: تاريخ الإسلام 534.(1/132)
(343) يكلم: يجرح.
(344) ابن عمر: الفتنة 164.
(345) في الكامل 3/128 ومروج الذهب 2/13 ((اقتلوني ومالك)) ((واقتلوا مالكاً معي)).
(346) الأشتر: اسمه مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة بن ربيعة النخعي، وكان فارساً شجاعاً من كبار الشيعة، ولقب بالأشتر لأن رجلاً من إياد ضربه في يوم اليرموك على رأسه فسالت الجراحة قيحاً إلى عينيه فشترتها، هذا هو المشهور في تلقيبه، وهناك وجه في تلقيبه ذكره أسامة بن منقذ في لباب الآداب ص187، 188.
(347) ابن عمر: المصدر السابق نفس الصفحة -الطبري: تاريخ الرسل 4/515-526. ابن الأثير: الكامل 3/128، 129.
(348) الطبري: المصدر السابق نفس لاجزء 533 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/266، والعجيج: الصوت المرتفع -المعجم الوجيز 406.
(349) ابن الأثير: الكامل 3/130.
(350) الفرخ: الزرع إذا تهيأ للإنشقاق بعدما يطلع، ومقصب: أي ذو أنابيب.
(351) الطبري: تاريخ الرسل 4/532، 533 -ابن الأثير: المصدر السابق نفس الجزء والصفحة -ابن كثير: البداية والنهاية 7/266، 268.
(352) الطبري: تاريخ الرسل: 4/533، 534 -ابن الأثير: الكامل 3/130 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/247.
(353) ابن كثير: المصدر السابق نفس الجزء 247.
(354) ابن عمر: الفتنة 181 -ابن كثير: المصدر السابق نفس الجزء 268.
(355) الطبري: تاريخ الرسل 4/541.
(356) انظر: ابن عمر: الفتنة 183 -الطبري: تاريخ الرسل: 4/544 -ابن الأثير: الكامل 3/132 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/268، 269.
(357) الطبري: تاريخ الرسل 4/561، 562 -ابن الأثير: الكامل 3/141.
(358) ابن العربي: العواصم: 165.
(359) إن سطوة الله وعدله الأعلى نزلا باكثر قتلة عثمان فلم يبق منهم في ولاية معاوية إلا المشرد الخائف الباحث عن حجر يختبئ فيه، وبزوال سطوتهم وتقلص شرهم لم يبق بمعاوية حاجة في تتبعهم.(1/133)
(360) قتل الحجاج بن يوسف الثقفي عميراً بن ضابئ وكميلاً بن زياد النخعي؛ لأنهما قد حضرا المدينة لقتل الخليفة، ولما انكشف أمرهما، وعفا عنهما الخليفة رضي الله عنه وجاء القصاص منهما في زمن الحجاج، و((إن الله يملي للظالم إذا أخذه لم يفلته)).
(361) محب الدين الخطيب، العواصم من الثواصم ص171، 172، نقلاً عن منهاج السنة لابن تيمية 2/219، 220.
(362) ابن الأثير: الكامل3/114.
(363) صفين: موضع قرب الرقة في شمالي سورية على شاطئ الفرات -كانت نهاية الأشتر ان شرب بعد صفين شراباً مسموماً فمات وهو في طريقه إلى مصر عام 38هـ.
(364) انظر: ابن العربي: العواصم من القواصم220.
(365) انظر: الطبري: تاريخ الرسل 4/567، 568 -ابن الأثير: الكامل 3/145 -الذهبي: تاريخ الإسلام542.
(366) انظر: الطبري: المصدر لاسابق نفس لاجزء 572 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/280.
(367) العواصم من القواصم 169 -ابن كثير: البداية والنهاية7/277.
(368) ابن الأثير: الكامل 3/160، 161 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/208، 299.(1/134)
(369)وكان آخر العهد بأبي موسى عندما كان والياً على الكوفة، وجاء دعاة على يحرضون الكوفيين على لبس السلاح والالتحاق بجيش على استعدادا لما يريدونه من قتال مع أصحاب الجمل في البصرة، ثم مع أنصار معاوية في الشام، فكان أبو موسى يشفق على دماء المسلمين أن تسفك بتحريض الغلاة (السبئيين)، ويذكر أمة محمد صلى الله عليه وسلم بقول نبيهم في الفتنة: ((القاعد فيها خير من القائم))، فترى ا لأشتر يحدث الناس في المسجد بالحديث النبوي، وأسرع إلى دار الإمارة فاحتلها. فلما عاد إليها أبو موسى منعه الأشتر من الدخول وقال له: اعتزل إمارتنا، فاعتزلهم أبو موسى واختار الإقامة في قرية يقال لها (غرض) بعيداً عن الفتن وسفك الدماء. فلما شبع الناس من سفك الدماء واقتنعوا بأن أبا موسى كان ناصحاً للمسلمين في نهيهم عن القتال، طلبوا من علي أن يكون أبو موسى هو ممثل العراق في أمر التحكيم؟ لأن الحالة التي كان يدعو إليها هي التي فيها الصلاح، فأرسلوا إلى أبى موسى وجاءوا به من عزلته.
(370) انظر2 ابن ا لعربي: العواصم 173- الذهبي: تاريخ ا لإسلام 548- السيوطي: تاريخ ا لخلفاء 207.
(371) حاشية: العواصم 174.
(372) نقلاً عن محب الدين الخطيب: العواصم 174.
(373) محب الدين الخطيب: العواصم 176.
(374) المصدر السابق 177.
(375) شلبي: موسوعة التاريخ الإسلامي 2/147، 148.
(376) عمان: بلد في طرف الشام، كان قصبة البلقاء -البغدادي: مراصد الإطلاع 2/959.
(377) كرمان: ولاية مشهورة بين فارس ومكران وسجستان وخراسان، وهي بلاد النخل والزرع.
البغدادي: مراصد الإطلاع 2/959.
(378) سجستان: ناحية كبيرة وولاية واسعة، وهي جنوبي هراة، وأرضها كلها رملة سبخة، والرياح لا تسكن أبداً -البغدادي: المصدر السابق 2/694.
(379) عين التمر: بلدة في طرف البادية على غربي الفرات -البغدادي: المصدر السابق نفس الجزء 977.(1/135)
(380) هيت: بلدة على الفرات فوق الأنبار، ذات نخل كثير وخيرات واسعة -البغدادي: المصدر السابق 3/1468.
(381) الأنبار: مدينة على الفرات غربي بغداد -البغدادي: المصدر السابق 1/120.
(382) ابن الأثير: الكامل 3/265 -ابن كثير: البداية والنهاية 7/349.
(383) انظر: المصدرين السابقين.
(384) ابن الأثير: الكامل 2/191، 192.
(385) ابن كثير: البداية والنهاية 7/351.
(386) نجران: قيل هي من مخاليف اليمن من ناحية مكة. وقيل: موضع على يومين من الكوفة، وقيل: موضع بأرض البحرين. وقيل: موضع بحوران - من نواحي دمشق -البغدادي: مراصد الإطلاع 3/1360.
(387) انظر: ابن الأثير: الكامل 3/102. ابن كثير: البداية والنهاية 7/351، 352. وانظر في: موقعة النهروان. ابن الأثير: المصدر السابق نفس لاجزء 169- 187، الذهبي: تاريخ الإسلام 588، السيوطي: تاريخ الخلفاء 208. ابن كثير: المصدر السابق نفس الجزء 304 -346.
(388) انظر: ابن الأثير: الكامل 3/195. الذهبي: تاريخ الإسلام 607.
(389) ابن كثير: البداية والنهاية 7/356. السيوطي: تاريخ الخلفاء208.
(390) ابن الأثير: الكامل 3/196.
(391) ابن العربي: العواصم 197. ابنا لأثير: المصدر السابق نفس الجزء 203. ابن كثير: البداية والنهاية 8/19.
??
??
??
??
11(1/136)