السؤال: هل الشرك الأصغر يحبط العمل؟ الجواب: الشرك الأصغر غير محبط للعمل، ولكنة يحبط ما قارنه من العمل إذا كان من الرياء وما أشبهه، فإذا قارن الشرك الأصغر عملاً أحبط ذلك العمل المقارن، أما العمل الذي قبله وبعده فلا، وهو بخلاف الشرك الأكبر؛ فإنه يحبط العمل مطلقاً، فإذا أشرك الإنسان شركاً أكبر حبط عمله كله -نسأل الله العافية-؛ ولهذا إذا مات على الشرك فهو في النار خالداً فيها، وإن كان له أعمال سابقة صالحة فإنها تحبط. ......
ترك العمل خوفاً من الناس
السؤال: إن العمل لأجل الناس شرك، ولكن ترك العمل خوفاً من الرياء أو أن يقال له: مراءٍ كيف يدخل في الشرك، فإن الشرك إنما هو صرف ما هو خاص لله إلى غير الله؟ الجواب: لأنه جعل الخوف من الناس كالخوف من الله، فترك العمل لله خوفاً من الناس ومن أقوالهم؛ فدخل في الشرك من هذه الناحية. ......
الجمع بين إرادة الدنيا والآخرة
السؤال: هل يمكن الجمع بين إرادة الدنيا والآخرة؟ الجواب: الدنيا والآخرة ضرتان، إذا أهملت واحدة أضررت بالأخرى ولابد، فينبغي الإتيان بالأعمال التي أوجبها الله جل وعلا، وطلب مرضاته، ولا يجوز أن يقصد بها شيئاً من الدنيا، ويجب أن تكون خالصة لله جل وعلا، والدنيا ستأتي بعد ذلك فلا تكون همه، بل تأتي تبع ذلك، ولكن إذا كانت الدنيا مشتملة على العمل الصالح، مثل الجهاد، ففيه مغانم الكفار؛ فهذا لا بأس به، ولا يقال: إنه يريد المغنم، وقد أخبر الله جل وعلا عن ذلك في كتابه فقال: مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ [آل عمران:152] يعني: من المجاهدين من كانت إرادته شيئاً من الدنيا، ومنهم من لا يريد من الدنيا شيئاً، إنما يريد الآخرة خالصة، ولم يعاقب هؤلاء أو يقال: إنهم وقعوا في الشرك، لا، لكونهم فعلوا شيئاً جائزاً. ......
طاعة الله خوفاً من المصائب(6/321)
السؤال: إذا كان عمل العبد خوفاً من الله أن يصيبه بمصائب، وهو يعمل لوجه الله، هل يدخل هذا تحت النهي؟ الجواب: لا. إذا كان يخاف من ربه فهذا يثاب على خوفه، والله جل وعلا إذا ترك أمره فإما أن يعفو وإما أن يعاقب، وعقابه إما أن يكون عاجلاً أو يكون آجلاً، وإذا كان عاجلاً فهو أسهل، وكونه يخاف من هذا يثاب على خوفه، لأنه خاف من ربه جل وعلا. ......
حكم أخذ الجوائز على حفظ القرآن والمسابقات
السؤال: ما حكم أخذ الجوائز على حفظ القرآن والمتون والاشتراك في هذه المسابقات؟ الجواب: حفظ القرآن والمتون الشرعية يجب أن يكون مقصوداً به وجه الله، لكن إذا كان هناك شيء تبع للتشجيع أو الإعانة، وجاءه بدون قصد؛ فلا بأس بأخذه. ......
عموم حديث: (أول من تسعر بهم النار...)
السؤال: حديث: (أول من تسعر بهم النار) ما رأيكم فيمن يقول: إن هؤلاء هم أول من تسعر من هذه الأمة، وليس أول من تسعر بهم النار من جميع الناس؟ الجواب: هذا يحتاج إلى دليل؛ لأن الحديث ظاهره العموم. ......
داووا مرضاكم بالصدقة(6/322)
السؤال: كيف نجمع بين قصد الصدقة لشفاء المريض، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (داووا مرضاكم بالصدقة)؟ الجواب: هذا لا إشكال فيه، فالصدقة تدفع البلاء كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن لا يجوز أن يتصدق لأجل أن يشفى مريضه فقط، لا يجوز هذا، بل يتصدق طلباً لمرضاة الله جل وعلا، ويكون الشفاء أو ما يريد من الدنيا تابع لذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر الإنسان إذا دعا بدعوة ألا يكون خائباً، فيحصل له واحدة من ثلاث: - إما أن يعطى دعوته عاجلة. - وإما أن يصرف عنه من البلاء ما هو أعظم من ذلك. - وإما أن تدخر له في الآخرة، وهذا أفضل. كذلك المتصدق لا يجوز أن يتصدق لأجل أن يكثر ماله، أو يصح بدنه، أو يشفى مريضه فقط، بقطع النظر عن ابتغاء فضل الله، وطلب مرضاته، وليس معنى ذلك أنه لابد أن يصرف نظره عن النفع الدنيوي. المقصود ألا تكون الدنيا هي مراده فقط، ولكن أهم وأغلب وأعظم مراده يكون في الآخرة، ورضاء الله، وكونه يطلب عاجلاً في الدنيا لا يضره، والله جل وعلا يعلمنا فيقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201]. ويجب أن يكون طلب كل شيء من الله ولو كان شيئاً يسيراً؛ كما قال بعض السلف: ( اطلب من ربك حتى ملح العشاء) وفي الأثر: (حتى شسع النعل إذا انقطع تطلب من ربك أن ييسر إصلاحه)، والمقصود أن الإنسان لا يكون منصرفاً كل الانصراف للآخرة أو للدنيا، بل كما قال الله: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201]. ......
ولا تنس نصيبك من الدنيا(6/323)
السؤال: كيف يمكن للإنسان ألا يجعل له إرادة غير إرادة الآخرة مع وجود المغريات والملهيات؟ الجواب: الإنسان الذي يعمل أعمالاً صالحة لا يريد بها إلا الدنيا، هذا هو المذموم، فلا يريد الآخرة أصلاً، بل يريد بها الدنيا فقط، هذا هو الذي يدخل في الشرك، أما إذا أراد بالأعمال الآخرة والدنيا وهو يطلبها من الله، فهذا شيء مطلوب، ويرغب الله فيه، ولا لوم على الإنسان في هذا، سواء كان ذكراً أو دعاء أو غير ذلك. ......
الإنسان عبد حسب ما قام بقلبه من العبودية
السؤال: هل الذي يشتهي جميع ما يراه من الملابس والمراكب، وكل شيء حسن، ويفكر فيه كثيراً حتى في بعض صلواته؛ يكون عبداً لهذه الأشياء؟ الجواب: إذا استولت عليه في الصلاة، فهو يفكر فيها دائماً، وشغلته عن صلاته وعبادته، فهو عبد على حسب ما قام بقلبه من العبودية، فإن العبودية تتفاوت، وقد تكون كاملة، وقد تكون جزئية. ......
المقصود بالولدان في قوله تعالى: (يطوف عليهم ولدان مخلدون)
السؤال: قال سبحانه وتعالى: وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنثُورًا [الإنسان:19] ما المراد بالولدان في هذه الآية؟ الجواب: الولدان في الجنة ليسوا أولاداً لهم، بل خدم لهم. ......
لإبراهيم مرضع في الجنة
السؤال: ورد في صحيح البخاري أنه لما توفي إبراهيم ولد النبي صلى الله عليه وسلم قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إن له ظئراً ترضعه في الجنة) فما معناه؟ الجواب: كون له مرضع في الجنة لا يدل على أن ولدان الجنة أولاد لهم. ......
القتال في سبيل الوطنية(6/324)
السؤال: من قاتل وطنية فهل هو في سبيل الله؟ الجواب: القتال في سبيل الوطن من أمور الجاهلية، فهو ليس في سبيل الله، بل في سبيل الوطنية، فإذا قاتل وطنية فهو في سبيل الوطن، والرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يقاتل حمية -الحمية هي الوطنية- ويقاتل شجاعة ليرى مكانه، ويقاتل لأجل قومه -يعني: يدافع عنهم- من منهم في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) إذا كان يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، أما ما عدا ذلك فهو في سبيل الشيء الذي يقاتل من أجله، إذا كان يقاتل لأجل الدنيا أو يقاتل لأجل الدفاع أو الانتصار أو ما يشبه ذلك، فهو في سبيل الذي يقاتل من أجله. ......
العشق تعلق بغير الله
السؤال: هل يدخل العشق في تعلق القلب بغير الله؟ الجواب: نعم، بلا شك أن عشق الصورة أو المرأة أو غيرها وتعلق قلبه به حتى صار عاشقاً لها تعلق بغير الله، والعشق هو حب يصل إلى حالة يخشى عليه من الموت مع الشهوة، فهذا معناه أن قلبه غالباً يكون فارغاً من معرفة الله جل وعلا أو من عبادته. ......
معنى النقود المضروبة
السؤال: ما معنى النقود المضروبة؟ الجواب: المضروبة التي قدرت بشيء معين، وفيها أسماء مكتوبة عليها ضرب، والضرب أن تكتب الأسماء عليها، والقدر المعين. يعني: أجزاء معينة كما هو معروف. ......
السكن في الجنة
السؤال: هل في الجنة اختلاط بين الرجال والنساء؟ الجواب: الإنسان الذي يقرأ القرآن يعرف ما معنى الجنة والسكن فيها، فالإنسان إذا كان له مسكن في الجنة يسير فيه طويلاً، ولا يحتاج إلى اختلاط، يذهبون إلى السوق ويأخذون حاجاتهم، والله جل وعلا يقول عن الجنة: حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ [الرحمن:72]، فليست كأسواق الدنيا وحال الدنيا التي يتهارج الناس فيها تهارج البهائم، فينبغي الإنسان أن يعرف قدر الجنة حتى يرغب فيها. ......
إرادة الجاه في الدنيا(6/325)
السؤال: هل بين العمل لله مع عدم إرادة الدنيا وبين محبة أن يحصل المرء على جاه تناقض؟ الجواب: معلوم أن الجاه هو حظ للنفس، وحظوظ النفس تزاحم مراد الله جل وعلا من العبد، كلما كان له حظ فمعنى ذلك أن له نصيباً من عبادة نفسه: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ [الفرقان:43] قد يتخذ هواه إلهاً، وقد تكون الإرادة أقل من ذلك، ولكنها تزاحم مرادات الرب جل وعلا حتى ينقص عمل الإنسان شيئاً ما، وعلى اختلاف ما يكون في قلب الإنسان تختلف أحوال الناس، فالناس لهم أحوال كثيرة جداً؛ ولهذا اختلفت مساكنهم في الجنة منهم من يكون في الفردوس، ومنهم من يكون في أدنى الجنة، ومنهم من يكون في الغرف؛ لأن قلوبهم في عبادة الله جل وعلا وحبه اختلفت اختلافاً عظيماً جداً، وقد قال السلف: إن أبا بكر رضي الله عليه ما سبق الصحابة بكثرة صوم وصلاة، وإنما سبقهم بشيء وقر في قلبه. ......
الشهيد لا يجد ألم الموت
السؤال: ذكر أن الشهيد لا يجد ألم الموت إلا كقرصة القراد، فكيف نفرق بين هذا وبين قول الرسول صلى الله عليه وسلم حين قبض : (لا إله إلا الله، إن للموت لسكرات) ؟ الجواب: المقصود بالشهيد شهيد المعركة، وليس كل شهيد، ولكن المقصود به شهيد المعركة الذي يقتل فيها، هذا الذي لا يجد ألم الموت إلا كقرصة القراد. ......
التمتع والإفراد في الحج والعمرة(6/326)
السؤال: هل أبو بكر و عمر رضي الله عنهما ما سمعا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن التمتع في الحج أفضل؟ الجواب: سمعا، ولكنها فهما أن المقصود بالأمر بالمتعة الرفق بالناس، وليس أن الأفضل في الحج التمتع، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: بإجماع العلماء أنه إذا كان الإنسان في السنة الواحدة يستطيع أن يأتي بالعمرة بسفرة مستقلة، ويستطيع أن يأتي بالحج بسفرة، فالإفراد أفضل له. فمراد أبي بكر و عمر : أن يأتي الإنسان بالعمرة مفردة وبالحج مفرداً فذلك أفضل، أما إذا كان لا يأتي في العمر إلا مرة أو يأتي من بلاد بعيدة، أو يشق عليه أن يسافر في السنة مرتين؛ فالأفضل في حقه أن يأتي بالحج والعمرة معاً، فليس هناك معارضة أبداً في قول أبي بكر و عمر لقول الرسول صلى الله عليه وسلم. ......
طاعة ولي الأمر في المباح والمستحب
السؤال: إذا كان الأمر مباحاً أو مستحباً فهل يلزم طاعة ولي الأمر أو الأب؟ الجواب: إذا كان مباحاً فهذا شيء، وإذا كان مأموراً به فهذا شيء ثان، فالمباح والمستحب لك أن تفعل ذلك أو تتركه. ......
شهيد المعركة
السؤال: هل يستوي في الفضائل شهيد المعركة مع شهداء الأمة الآخرين كالمبطون والهدم والغرق؟ الجواب: لا يستوون، والشهداء كثيرون، ولكن هذه الفضائل ذكرت لشهيد المعركة فقط، الذي يقتل في صفوف القتال مجاهداً ويراق دمه. ......
الجهاد وطلب العلم
السؤال: أيهما أفضل: الجهاد في سبيل الله أم طلب العلم؟ الجواب: هذا يختلف باختلاف الناس، فإذا كان الإنسان يجهل أشياء كثيرة من أمر دينه؛ فهذا حتماً عليه أن يتعلم قبل أن يجاهد، أما إذا كان قد طلب العلم، فهو يعرف ما أوجب الله عليه، وما حرم عليه، ويعلم الأحكام التي يحتاجها فالجهاد في حقه أفضل. ......
من ملك فرساً بنية إعداده في سبيل الله(6/327)
السؤال: من ملك فرساً بنية إعداده في سبيل الله فهل يؤجر على ذلك؟ الجواب: نعم يؤجر، كما جاء في الحديث: (إن الخيل لثلاثة: رجل ربطها للفخر والخيلاء، فهي عليه وزر، ورجل ربطها في سبيل الله -يعني: يحمل عليها في سبيل الله- فله بذلك أجر، ورجل اتخذها ليقاتل عليها في سبيل الله فهذا الذي كلما عملت عملاً من مشي أو أكل أو غيره فله أجر ذلك). ......
الصوم في سفر الجهاد
السؤال: ورد في الحديث: (من صام يوماً في سبيل الله باعد الله بينه وبين النار سبعين خريفاً) هل الصيام هنا في معركة القتال أم أنه عام؟ الجواب: الصيام هنا ليس في معركة القتال، بل الصيام في سفر الجهاد في سبيل الله، أما المعركة فينبغي أن يفطر الإنسان ليتقوى بذلك على القتال، وهذا أفضل. ......
الإخلاص في العمل
السؤال: إذا أراد الإنسان بعملة الصالح الأمرين معاً: الصحة والسرور في الدنيا وأجر الآخرة؟ الجواب: إذا كان يريد ذلك فهو قد شرك بين الخير والشر، وهو لما غلب عليه؛ لأن الواجب أن يخلص في العمل، وكونه مثلاً: يطلب المغنم وقد خرج في سبيل الله لتكون كلمة الله العليا ويتحصل على المال والمغانم، ولكن هذا يكون تبعاً؛ ففضل الله واسع، فهو يرجو من فضل الله أن يحصل على المغنم، ولكن لا يعدل بطلب المثوبة من الله شيئاً، لا يعدل به لا مغنم ولا غيره، أما إذا كان الأمر متعادلاً عنده فهذا قد شرك بين ما هو مطلوب وما هو من أمور الدنيا. ......
الجهاد بغير إذن الوالدين(6/328)
السؤال: هل يجوز الجهاد بغير إذن الوالدين؟ الجواب: هذا يحتاج إلى تفصيل؛ لأن الجهاد أحياناً يكون فرض عين، فمثل هذه الحالة لا يستأذن والديه، فمثلاً: إذا داهم العدو البلد الذي هو فيه من بلاد المسلمين، فهنا لا حاجة إلى أن يستأذن والديه ولا غيرهم، بل يتعين عليه أن يجاهد، ومثل ذلك: إذا أمره الإمام بعينه فإنه يتعين عليه، وإذا حضر القتال بين المسلمين والكفار فيتعين عليه أن يقاتل، ولا يحتاج إلى استئذان والديه. أما إذا كان جهاد الغزو في سبيل الله، بأن يذهب ليقاتل في بلاد الكفار أو على حدود بلاد المسلمين أو ما يشبه ذلك؛ فهنا لابد من استئذان الوالدين، فإن أذنا وإلا فلا يذهب. ......
الشهيد ينعم في قبره
السؤال: إذا كان الشهيد يتنعم في قبره وروحه في الجنة، فكيف نجمع بين هذا وبين قول الله سبحانه وتعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30]؟ الجواب: من يقول: إنه لم يمت وهو قد مات الموتة التي كتبت عليه؟ لكن التنعم يكون بعد الموت، ولا معارضة في ذلك. ......
إهداء ثواب الصدقة إلى الغير
السؤال: أتصدق في كل يوم بمقدار ريال واحد أو ريالين وأقول: اللهم اجعل أجره وثوابه لوالدي ولوالد والدي ولمن له حق عليّ، فهل هذه العبارة صحيحة؟ الجواب: نعم، العبارة صحيحة، والفعل صحيح. ......
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
السؤال: هل يلزم اتباع العلماء والأمراء في حكم معين، وأن يعتقد المتبع حل الحكم أو تحريمه؟ الجواب: لا يلزم تحليله وتحريمه، فالمسألة مقيدة بما قلنا، ولهذا قلنا: الطاعة الخاصة. يعني: لا يطاع المخلوق في تحليل الحرام وتحريم الحلال، أما إذا كان ليس في ذلك شيء من هذا فالأمر واسع. ......
حكم المبدل لشرع الله وإن لم يستحل(6/329)
السؤال: هل يشترط في كفر المبدل لشرع الله أن يكون مستحلاً لهذا الفعل أم لا يشترط الاستحلال في كفره؟ الجواب: لا يشترط الاستحلال، فالأمر واضح، فهو يبدل شرع الله، ولا يعقل أن الإنسان يفعل فعلاً وهو يعتقد خلافه. ......
الأخذ بفهم السلف للنصوص
السؤال: ما رأيك فيمن يأخذ فهم السلف للكتاب والسنة ويقول: هم أحسن مني في فهم النصوص فلا أحيد عن رأيهم؟ الجواب: لا مانع من ذلك إذا كان يستعين على فهم النصوص بكلام العلماء، ولا سيما العلماء من السلف، وهذا مطلوب؛ لأن كون الإنسان يعمد برأيه هذا ليس هو المقصود، وهذا في الأمور التي ليس فيها نصوص واضحة. ......
معنى الهدي
السؤال: إذا كان بلد الشخص بعيداً، ولا يستطيع أن يسوق الهدي، فهل يتركه في بلده وينحره في يوم النحر؟ الجواب: عجيب! ينحر الهدي في بلده ولا يجيء به إلى مكة؟! الهدي هو ما نحر في منى أو فجاج مكة، هذا هو الهدي، أما الذي يترك في البلد فليس هو هدي، الهدي ما يهدى إلى البيت. ......
حكم التمتع بالعمرة في غير أشهر الحج
السؤال: هل يجوز أن ينوي المعتمر في رمضان أن تكون هذه العمرة عمرة تمتع بالحج وفي وقت الحج يحرم مفرداً؟ الجواب: لا يجوز؛ لأن التمتع يجب أن يكون في أشهر الحج، ورمضان ليس من أشهر الحج. ......
العجب بالعلم(6/330)
السؤال: فضيلة الشيخ: بعض الطلاب المتأخرين من الذين ينتسبون للدعوة وطلب العلم يرون أنهم مجتهدون ويقولون: هم رجال ونحن رجال، ولا يرجعون إلى أقوال أهل العلم في الآية أو الحديث، وبضاعتهم في العلم قليلة، وينصبون أنفسهم قضاة يحكمون على العلماء وطلاب علم بأحكام عجيبة بحجة الاجتهاد وعدم التقليد؟ الجواب: مثل هذا واضح، وهذا مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (يوشك أن يرفع العلم بقبض العلماء، ثم يأتي أقوام جهال يفتون بغير علم فيضلوا ويُضلوا) فخطر جداً أن الإنسان يعجب بعلمه؛ لأن العلم هو خشية الله جل وعلا كما يقول الله: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28]. ......
حكم الخروج عن المذاهب الأربعة
السؤال: هل يصح القول بأنه لا يجوز الخروج عن المذاهب الأربعة المعروفة؛ لأن علم السلف تجمع في هذه المذاهب، ومن خرج عنها فقد اتبع غير سبيل المؤمنين؟ الجواب: هذا غير صحيح، ولا يصح هذا القول ولا يجوز، والعلم ليس محصوراً في المذاهب الأربعة؛ لأن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة، وقد يؤتى الإنسان فهماً في كتاب الله جل وعلا ليس منصوصاً عليه في المذاهب الأربعة المعروفة، وكذلك الحوادث التي تحدث لا حصر لها في مسائل كثيرة ليست معروفة عن هذه المذاهب الأربعة، فكيف نستخرجها من المذاهب وهي غير موجودة فيها، والأصل أن نرجع إلى الكتاب والسنة، والواجب أن نستخرج الأحكام من الكتاب والسنة وليس من المذاهب الأربعة. ......
التقليد من غير معرفة الأدلة(6/331)
السؤال: من قلد إماماً ولم يتضح له الدليل ويقول: لابد أن الإمام بنى قوله على حديث ولم أجده في كتب العلم، فهل هذا يعذر أم لا؟ الجواب: هذا غير معذور؛ لأنه لا يجوز للإنسان أن يتبنى قولاً إلا بدليل، إلا إذا كان ليس من أهل العلم، والذي ليس من أهل العلم فعليه السؤال، ولكن عليه أن يجتهد، ويسأل الإنسان الذي يعتقد أنه أعلم، وأنه أتقى، هذه وظيفته. ......
الاحتجاج بالقدر على ترك العمل
السؤال: كيف نوفق بين قول الله تعالى: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا [الأنعام:107] وبين قوله تعالى: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ [الأنعام:148]؟ الجواب: ليس فيها معارضة؛ لأن قول الكفار: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُنا يردون به دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لما قال لهم: لا تشركوا بالله جل وعلا، قالوا: أليس شركنا هذا وقع بمشيئة الله؟! فقال: نعم، لأنه ما من شيء يقع إلا بمشيئة الله. قالوا: إذاً وقوع الشرك بمشيئته دليل أنه راض بالشرك. وهذا كذب ورد للدعوة. يعني: عارضوا الأمر بالقدر، فلهذا رد عليهم الله، والواجب أن الإنسان إذا أمر بأمر أن يأتمر ولا يقول: لا أفعل؛ لأنه ما كتب علي، كما يقوله بعض الجهلة إذا قيل له: صل، قال: لا، أنا ما كتب عليّ أن أصلي! فنقول له: ما يدريك أنه لم يكتب عليك أن تصلي؟ ولكن أنت معاند، فأنت تستطيع أن تصلي، وأنت أمرت بالشيء الذي تستطيعه، أما الشيء المكتوب عليك فأنت لم تطلع على علم الغيب، ولم تعلم ما في اللوح المحفوظ، والواجب عليك أن تجتهد، فإذا أمرت بشيء ونهيت عن شيء فعليك أن تطيع، أما ما احتج به هؤلاء بقولهم: (لو شاء الله ما أشركنا) فهم يتبعون أهواءهم ولا يريدون أن يتبعوا الأمر، فخاصموا الرسول صلى الله عليه وسلم، وردوا أمره بقولهم: إن هذا قدر، والله شاء ذلك، وهذا(6/332)
شأن الذين يحتجون بالقدر؛ لأن هؤلاء لهم أتباع، وهذه حجة الشيطان حينما قال: فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف:16] وهو الذي أبى السجود مختاراً أن يسجد فغوى، فهو الذي أغوى نفسه. ......
التأسي بإبراهيم عليه السلام في البراءة من الكفر وأهله
السؤال: في قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه، والأمر بالتأسي به في الكفر بما كان يعبده قومه، وحصول العداوة بينه وبينهم، فهل العداوة والبغضاء تكون في عبادتهم فقط أو أنها تشمل ذلك وغيره؟ الجواب: العداوة والبغضاء لهم ولما يعبدونه عموماً؛ لأنه قال في الآية: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [الممتحنة:4] بدأ بهم ثم تبرأ من المعبودات ثانياً، فهي عداوة عامة. يعني: العابد والمعبود كلهم يعادون، ومعرف أن المعبود أصنام لا تعقل ولا تنفع؛ ولهذا قال لهم في مجادلته إياهم قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ [الشعراء:72-73] يعني: هل لهم نفع أو ضر؟ قالوا: لا، وفي النهاية قالوا: هكذا وجدنا آباءنا، وهذه حجة معروفة بين الناس. والمقصود أن العداوة عامة: أن يتبرأ الإنسان من العابد والمعبود حتى يكون متأسياً بإبراهيم عليه السلام، ويستثنى من التأسي به عليه السلام الدعاء لأبيه، والاستغفار له، فقد قال الله: إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ [الممتحنة:4] فهذا لا يتأسى به فيه يعني: في كونه استغفر لأبيه، وإنما نتأسى به في معاداته وبراءته من الكفر وأهله. ......
حقيقة اللات والعزى(6/333)
السؤال: هل العزى ومناة واللات أصنام من حجر أو قوم صالحون؟ الجواب: العزى واللات ومناة من أكثر الأصنام المعروفة في وقت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، لما جاء إلى قريش، وقد ثبت ذكرها وبيانها وبيان مواضعها، فالعزى كانت في قريش، وهي عبارة عن ثلاث شجرات -شجر سمر- قريبة من عرفات، في وادي نخلة، وكانوا قد بنوا عليها بيتاً، وكانوا يطوفون حولها، ويجلسون تحتها، ويذبحون لها، ويزعمون أنها تشفع لهم، وأحياناً يسمعون صوتاً من داخل الشجرة، وهو الشيطان يصوت لهم. أما اللات: فهي عبارة عن صخرة منقوشة في الطائف لثقيف، ويقول بعض المفسرين: الأصل فيها أنه رجل كان يلت السويق. يعني: يخلط السويق بالسمن، ويقدمه لمن يأتي إليه إكراماً له، فلما مات دفن تحت هذه الصخرة، ونقشت، فصاروا يطوفون عليها، ويجلسون عندها، ويتبركون بها؛ فصارت من أكبر الأصنام. وأما مناة فكانت لهذيل ولمن معها من القبائل، وكان الأنصار أيضاً إذا أرادوا الحج يمرون عليها، فكانت معظمة، وسميت مناة، وهي عبارة عن صخرات في مكان يطوفون عليها ويذبحون عندها، وهكذا بقية الأصنام مثل (هبل) و(نائلة) وغيرها كثير. لما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وجد فيها أكثر من ثلاثمائة وستين صنماً منصوباً، وصار يطعنها بعصاً معه ويقول: وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا [الإسراء:81] وكلما أهوى إليها بالعصا سقطت، فحطمها صلوات الله وسلامه عليه كلها. ......
نقص الإيمان والعمل(6/334)
السؤال: هل نقص الإيمان يكون في العمل أو العمل واليقين معاً؟ الجواب: يكون في الكل، يكون في اليقين والإيمان الذي هو تصديق القلب ويكون في العمل، هل تصديق آحاد الناس كتصديق أبي بكر أو تصديق عمر أو تصديق علي أو عثمان أو أشباههم؟ لا يمكن، بل الناس في آن واحد يتفاوتون في التصديق، حتى إن بعض المؤمنين لو شكك في أمور الآخرة شك، أو شكك في شيء مما يجب الإيمان به يشك؛ لأنه ليس عنده يقين يمنعه من ذلك الأمر، وهذا أمر واضح لا يحتاج إلى أن يتوقف فيه، والذين خالفوا في هذا هم أصحاب بدع وأهواء لا يترسمون الدليل، ولا يتبعونه، وإنما يتبعون أقوال أئمتهم ومن يعظمونهم، وهذا سبق بيان حكمه، وهو مما يدخل في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا [النساء:60] فلهم نصيب من هذا، ولا يلزم أن يكونوا كفاراً، ولكن لهم نصيب من ذلك. ......
الفساد في البر والبحر
السؤال: كيف يكون الفساد في البحر كما جاء في الآية الكريمة؟ الجواب: الله خلق البحر مسخراً لبني آدم، وإذا عصى الإنسان فإن الله جل وعلا أخبر أن عصيانه فساد، فمعلوم إن الإنسان يكون في البر والبحر، فالبر والبحر لا يخلو من الناس؛ والمعنى: أن الفساد والعصيان يقع في البر وفي البحر، وأصبح الفساد والعصيان اليوم يقع في البر والبحر والجو، وفي كل مكان، والله عليم قدير، ولكن كونه نص على البر والبحر فليس معناه أنه غافل عن ذلك تعالى الله وتقدس، ولكن لو قيل للمخاطبين يومئذ وفي الجو؛ فإنه يستبعد ويستغرب أن يكون ابن آدم يطير في الجو. ......
الفرق بين مطلق الإيمان والإيمان المطلق(6/335)
السؤال: ما هو الفرق بين مطلق الإيمان والإيمان المطلق؟ الجواب: الإيمان المطلق هو الإيمان الكامل، ومطلق الإيمان هو الإيمان الناقص. ......
قبض أرواح المؤمنين قبل قيام الساعة
السؤال: كيف نفرق بين حديث: (لا تقوم الساعة حتى لا يكون أحد يقول: الله الله) وبين حديث: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين...) ؟ الجواب: ليس فيهما معارضة، وقد ثبت الجمع بينهما، وأن معنى قوله: (حتى تقوم الساعة) أو: (حتى يأتي أمر الله) أي: ساعتهم، وهي الريح التي تأتي من قبل اليمن، وتقبضهم بأمر الله، ثم بعد ذلك يبقى الناس يتهارجون تهارج الحمر ليس فيهم مؤمن.......
من لم ينطق بالشهادتين فهو كافر بالإجماع
السؤال: فهمت منكم أن العلماء اتفقوا على أن من نطق بالشهادتين ولم يعمل بمقتضاها فإنه كافر، مع أن العلماء اختلفوا في حكم تارك الصلاة تهاوناً، وهي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين؟ الجواب: ما الذي يترتب على هذا؟ الذي لا ينطق بالشهادتين كافر باتفاق، فكيف يذهب إلى الصلاة؟ هل يصلي وهو كافر؟ ......
فرق بين تبديل الشرع وبين الحكم بغير ما أنزل الله في قضية معينة
السؤال: هل هناك فرق بين الحكم بغير ما أنزل الله في قضية ما وبين تبديل الشرع بالكلية؟ وما حكم ذلك؟ وهل يلزم من ذلك أن يكون مستحلاً للتبديل ؟ الجواب: لا شك أن هناك فرقاً واضحاً، ولا أحد يقول بعدم الفرق. ......
لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن
السؤال: كيف نجمع بين حديث: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) وبين حديث: (أيسرق المؤمن؟ قال: نعم. أيزني المؤمن؟ قال: نعم) ؟ الجواب: هذا يدل على أن نفي الإيمان المقصود به: نفي الكمال، وليس المراد نفي الإيمان كلياً، بل نفي كمال الإيمان عن السارق والزاني، ولا ينبغي أن يكون في هذا إشكال، بل يكون هذا دليل موافقة، ومعلوم أن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم لا يتضاد ولا يتناقض. ......(6/336)