تعظيم الله (تعالى) وشعائره
بقلم : عبد العزيز بن محمد آل عبداللطيف
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن
لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . أما بعد :
فإن تعظيم الله (تعالى) وتعظيم ما يستلزم ذلك من شعائر الله (تعالى) وحدوده
من أجلّ العبادات القلبية وأهم أعمال القلوب ، التي يتعين تحقيقها والقيام بها ،
وتربية الناس عليها ، وبالذات في هذا الزمان الذي ظهر فيه ما يخالف تعظيم الله
(تعالى) : من الاستخفاف والاستهزاء بشعائر الله (تعالى) ، والتسفيه والازدراء لدين
الله (تعالى) وأهله .
إنّ الإيمان بالله (تعالى) مبني على التعظيم والإجلال له (عزّ وجل) [1] ، قال
الله (تعالى) : { تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } [مريم : 90] .
قال الضحاك بن مزاحم في تفسير هذه الآية : (يتشققن من عظمة الله (عز
وجل } [2] .
ويبين شيخ الإسلام ابن تيمية أهمية تعظيم الله (سبحانه) وإجلاله فيقول :
( فمن اعتقد الوحدانية في الألوهية لله (سبحانه وتعالى) ، والرسالة لعبده ورسوله ،
ثم لم يُتبع هذا الاعتقاد موجبه من الإجلال والإكرام ، الذي هو حال في القلب يظهر
أثره على الجوارح ، بل قارنه الاستخفاف والتسفيه والازدراء بالقول أو بالفعل ،
كان وجود ذلك الاعتقاد كعدمه ، وكان ذلك موجباً لفساد ذلك الاعتقاد ومزيلاً لما فيه
من المنفعة والصلاح) . [3]
ومما قاله ابن القيّم عن منزلة التعظيم : (هذه المنزلة تابعة للمعرفة ، فعلى قدر
المعرفة يكون تعظيم الربّ (تعالى) في القلب ، وأعرف الناس به أشدهم له تعظيمّاً
وإجلالاً ، وقد ذم الله (تعالى) من لم يعظمه حق عظمته ، ولا عرفه حق معرفته ،(1/1)
ولا وصفه حق صفته ، قال (تعالى) : { مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } [نوح : 13] ، قال ابن عباس ومجاهد : لا ترجون لله عظمة ، وقال سعيد بن جبير : ما لكم لا
تعظمون الله حق عظمته ، وروح العبادة هو الإجلال والمحبة ، فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت .. ) [4] .
وتعظيم الله وإجلاله لا يتحقق إلا بإثبات الصفات لله (تعالى) ، كما يليق به
(سبحانه) ، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، والذين ينكرون
بعض صفاته (تعالى) ، ما قدروا الله (عز وجل) حق قدره ، وما عرفوه حق معرفته [5] ، ولما كان من أسماء الله (تعالى) الحسنى : (المجيد) و (الكبير) و ( العظيم) فإن (معنى هذه الأسماء : أن الله (عز وجل) هو الموصوف بصفات المجد والكبرياء والعظمة والجلال ، الذي هو أكبر من كل شيء ، وأعظم من كل شيء ، وأجلّ وأعلى ، وله التعظيم والإجلال ، في قلوب أوليائه وأصفيائه ، قد ملئت قلوبهم من تعظيمه ، وإجلاله ، والخضوع له ، والتذلل لكبريائه) [6] .
ويقول العلامة محمد الأمين الشنقيطي في هذا المقام : (إن الإنسان إذا سمع
وصفاً وصف به خالق السموات والأرض نفسه ، أو وصفه به رسوله ، فليملأ
صدره من التعظيم ، ويجزم بأن ذلك الوصف بالغ من غايات الكمال والجلال
والشرف والعلو ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين ،
فيكون القلب منزهاً معظماً له (جلّ وعلا) ، غير متنجّس بأقذار التشبيه ... ) [7] .
ومما يوجب تعظيم الله (تعالى) وإجلاله : أن نتعّرف على نعم الله (تعالى) ،
ونتذكرّ آلاء الله (عزّ وجلّ) ، ومما قاله أبو الوفاء ابن عقيل في ذلك : (لقد عظم الله
(سبحانه) الحيوان ، لا سيما ابن آدم ، حيث أباحه الشرك عند الإكراه وخوف(1/2)
الضرر على نفسه ، فقال : { إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ } [النحل : 106] : من قدّم حرمة نفسك على حرمته ، حتى أباحك أن تتوقى وتحامى عن نفسك بذكره ، بما لا ينبغي له (سبحانه) ، لحقيق أن تعظم شعائره ، وتوقر أوامره وزواجره ،
وعصم عرضك بإيجاب الحدّ بقذفك ، وعَصَم مالك بقطع مسلم في سرقته ، وأسقط
شطر الصلاة لأجل مشقتك ، وأباحك الميتة سدّاً لرمقك ، وحفظاً لصحتك ، وزجرك
عن مضارك بحد عاجل ، ووعيد آجل ، وخَرقَ العوائد لأجلك ، وأنزل الكتب إليك ، أيحسن بك مع هذا الإكرام أن تُرى على ما نهاك منهمكاً ، وعما أمرك متنكبّاً ،
وعن داعيه معرضاً ، ولسنته هاجراً ، ولداعي عدوك فيه مطيعاً ؟ .
يعظمك وهُوَ هُوَ ، وتهمل أمره وأنت أنت ، هو حطّ رتب عباده لأجلك ،
وأهبط إلى الأرض من امتنع من سجدة يسجُدها لك .
ما أوحش ما تلاعب الشيطان بالإنسان بينا يكون بحضرة الحق ، وملائكة
السماء سجود له ، تترامى به الأحوال والجهالات بالمبدأ والمآل ، إلى أن يوجد
ساجداً لصورة في حجر ، أو لشمس أو لقمر ، أو لشجرة من الشجر ، ما أوحش
زوال النعم ، وتغيّر الأحوال ، والحور بعد الكور) . [8]
ولقد كان نبينا محمد يربي أمته على وجوب تعظيم الله (تعالى) ، ففي حديث
ابن مسعود (رضي الله عنه) قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله-صلى الله
عليه وسلم- فقال : يا محمد ، إنّا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع ،
والأرضين على إصبع ، والشجر على إصبع ، والماء على إصبع ، والثرى على
إصبع ، وسائر الخلق على إصبع ، فيقول : أنا الملك ، فضحك النبي-صلى الله
عليه وسلم- حتى بدت نواجذه ، تصديقاً لقول الحبر ، ثم قرأ { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ
قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ ... } [الزمر : 67] .
وما في الآية يدل على أن عظمة الله (تعالى) أعظم مما وصف ذلك الحبر ،(1/3)
ففي الآية الكريمة تقرير لعظمة الله (تعالى) نفسه ، وما يستحقه من الصفات ، وأن
لله (عز وجل) قدراً عظيماً ، فيجب على كل مؤمن أن يقدر الله حق قدره [9] .
يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، عند هذه الآية الكريمة :
ما ذكر الله (تبارك وتعالى) من عظمته وجلاله أنه يوم القيامة يفعل هذا ،
وهذا قَدْر ما تحتمله العقول ، وإلا فعظمة الله وجلاله أجل من أن يحيط بها عقل ...
فَمَن هذا بعض عظمته وجلاله كيف يُجعل في رتبته مخلوق لا يملك لنفسه نفعاً ولا
ضرًّا ؟ ) [10] .
ولما قال الأعرابي لرسول الله-صلى الله عليه وسلم- : (فإنا نستشفع بالله
عليك ، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم- : سبحان الله ، سبحان الله ! فما زال
يسبّح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه ، ثم قال : ويحك ، أتدري ما الله ؟ إن
شأن الله أعظم من ذلك ، إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه) [11] .
وقد اقتفى الصحابة (رضي الله عنهم) ومن تبعهم بإحسان هذا المسلك ،
فعظّموا الله حق تعظيمه ، وعُمرت قلوبهم بإجلال الله (تعالى) وتوقيره : فهذا ابن
عباس (رضي الله عنهما) يقول لبعض أصحاب المراء والجدل : (أما علمتم أن لله
عباداً أصمتهم خشية الله (تعالى) من غير عيّ ولا بكم ، وإنهم لَهُمُ العلماء العصماء
النبلاء الطلقاء ، غير أنهم إذا تذكروا عظمة الله (تعالى) انكسرت قلوبهم ، وانقطعت
ألسنتهم ، حتى إذا استفاقوا من ذلك ، تسارعوا إلى الله بالأعمال الزاكية ، فأين أنتم
منهم ؟ ) . [12]
وكان أهل العلم يعظمون ربهم ، ويقدرونه (عزّ وجل) حق قدره ، حتى قال
عون بن عبد الله : (ليعظم أحدكم ربه ، أن يذكر اسمه في كل شيء حتى يقول :
أخزى الله الكلب ، وفعل الله به كذا) [13] .
ويقول الخطابي : (وكان بعض من أدركنا من مشايخنا قلّ ما يذكر اسم الله
(تعالى) إلا فيما يتصل بطاعة) [14] .(1/4)
(وكان أبو بكر الشاشي يعيب على أهل الكلام كثرة خوضهم في الله (تعالى) ، إجلالاً لاسمه (تعالى) ، ويقول : (هؤلاء يتمندلون [15] بالله (عزّ وجلّ) [16] .
ومن أروع الأمثلة التي دوّنها التاريخ عن سلفنا الصالح ، وتعظيمهم لله (عزّ
وجلّ) ، ما وقع لإمام دار الهجرة مالك بن أنس (رحمه الله تعالى) ، لما سأله أحدهم
عن قوله (تعالى) : { الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى } [طه : 5] كيف استوى ؟ .
فما كان موقف الإمام مالك إزاء هذا السؤال ؟ يقول الرواي : (فما رأيته وجد
(غضب) من شيء كوجده من مقالته ، وعلاه الرحضاء (العرق) ، وأطرق القوم ،
فجعلوا ينتظرون الأمر به فيه ، ثم سُرّي عن مالك ، فقال : الكيف غير معلوم ،
والاستواء غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وإنى لأخاف أن
تكون ضالاًّ ، ثم أُمر به فأُخرج) . [17]
فتأمّل (رحمك الله) ما أصاب الإمام مالك (رحمه الله) من شدة الغضب
وتصبب العرق إجلالاً وتعظيماً لله (تعالى) وإنكاراً لهذا السؤال عن كيفية استواء
الربّ (تعالى) .
ومن الأمثلة في هذا الباب ما جرى للإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله تعالى) ،
لما مر مع ابنه (عبدالله) على قاص يقص حديث النزول فيقول : إذا كان ليلة
النصف من شعبان ينزل الله (عزّ وجلّ) إلى سماء الدنيا بلا زوال ولا انتقال ولا
تغير حال ، يقول عبدالله : فارتعد أبي ، واصفر لونه ، ولزم يدي ، وأمسكته حتى
سكن ، ثم قال : قف بنا على هذا المتخرص ، فلما حاذاه قال : يا هذا رسول الله
أغير على ربه (عزّ وجلّ) منك ، قل كما قال رسول الله) [18] .
ومن تعظيم الله (تعالى) : تعظيم كلامه ، وتحقيق النصيحة لكتابه تلاوة وتدبراً
وعملاً ، وقد حقق سلفنا الصالح الواجب نحو كتاب الله (تعالى) من التعظيم
والإجلال ، حتى إن بعض السلف كانوا يكرهون أن يصغروا المصحف . [19]
وقال بعضهم : والله ما نمت في بيت فيه كتاب الله ، أو حديث رسول الله
احتراماً لهما [20] .(1/5)
ومما يجب تعظيمه وتوقيره : تعظيم رسول الله وتوقيره ، وتعظيم سنته
وحديثه ، يقول (ابن تيمية) في تقرير وجوب توقيره وإجلاله : (إن الله أمر بتعزيره
وتوقيره ، فقال : { وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ } [الفتح : 9] والتعزير اسم جامع لنصره
وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه ، والتوقير اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من
الإجلال والإكرام وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما
يخرجه عن حد الوقار .
ومن ذلك : أنه خصّه في المخاطبة بما يليق به ، فقال : { لا تَجْعَلُوا دُعَاء
الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضاً } [النور : 63] ، فنهى أن يقولوا : يا محمد ،
أو يا أحمد ، أو يا أبا القاسم ، ولكن يقولوا : يا رسول الله ، يانبي الله ، وكيف لا
يخاطبونه بذلك والله (سبحانه وتعالى) أكرمه في مخاطبته إياه بما لم يكرم به أحداً
من الأنبياء ، فلم يَدْعُه باسمه في القرآن قط ...
ومن ذلك : أنه حرّم التقدم بين يديه بالكلام حتى يأذَن ، وحرم رفع الصوت
فوق صوته ، وأن يُجهر له بالكلام كما يجهر الرجل للرجل ...
ومن ذلك : أن الله رفع له ذكره ، فلا يُذكر الله (سبحانه) إلا ذكر معه ،
وأوجب ذكره في الشهادتين اللتين هما أساس الإسلام ، وفي الأذان الذي هو شعار
الإسلام ، وفي الصلاة التي هي عماد الدين ... ) . [21]
ومما يجدر التنبيه عليه : أن التعظيم المشروع لرسول الله هو تعظيمه بما
يحبه المعظّم ويرضاه ويأمر به ويثني على فاعله ، وأما تعظيمه بما يكرهه ويبغضه
ويذم فاعله ، فهذا ليس بتعظيم ، بل هو غلو منافٍ للتعظيم . [22]
وعقد الدرامي في سننه باباً بعنوان : باب تعجيل عقوبة من بلغه عن النبي
حديث فلم يعظمه ، ولم يوقره [23] ، وأورد الدرامي جملة من الآثار التي تضمنت
عقوبات ومثلات في حق من لم يعظّم حديث رسول الله .
وقد عني السلف الصالح بتعظيم السنة النبوية وإجلال رسول الله ، ومن ذلك :(1/6)
ما قاله عبد الله بن المبارك عن الإمام مالك بن أنس : (كنت عند مالك وهو يحدثنا
حديث رسول الله فلدغته عقرب ست عشرة مرة ، ومالك يتغير لونه ويصفر ، ولا
يقطع حديث رسول الله ، فلما فرغ من المجلس وتفرق الناس ، قلت : يا أبا عبدالله ، لقد رأيت منك عجباً ! فقال : (نعم إنما صبرت إجلالاً لحديث رسول الله-صلى
الله عليه وسلم-) [24] .
وقال الشافعي (رحمه الله تعالى) : (يكره للرجل أن يقول : قال رسول الله ،
ولكن يقول : رسول الله ؛ تعظيماً لرسول الله) . [25]
وممن يجب تعظيمهم وإجلالهم : صحابة رسول الله ، فيتعين احترامهم
وتوقيرهم ، وتقديرهم حق قدرهم ، والقيام بحقوقهم (رضي الله عنهم) .
وقد خرج جرير بن عبد الله البجلي ، وعدي بن حاتم ، وحنظلة الكاتب
(رضي الله عنهم) من الكوفة حتى نزلوا قرقيساء وقالوا لا نقيم ببلدة يشتم فيها
عثمان بن عفان . [26]
وباعد محمد عبد العزيز التيمي داره وقال : لا أقيم ببلدة يشتم فيها أصحاب
رسول الله . [27]
ولما أظهر ابن الصاحُب الرفضَ ببغداد (سنة 583 هـ) جاء الطالقاني إلى صديق فودّعه ، وذكر أنه متوجه إلى بلاد قزوين .
فقال صديقه : إنك ههنا طيّب ، وتنفع الناس .
فقال الطالقاني : معاذ الله أن أقيم ببلدة يجهر فيها بسبّ أصحاب رسول الله ،
ثم خرج من بغداد إلى قزوين ، وأقام بها إلى أن توفي بها . [28]
وبالجملة يجب تعظيم شعائر الله (تعالى) جميعها ، كما قال (تعالى) : { ذَلِكَ
وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ } [الحج : 32] .
ويلحظ الناظر في حال المسلمين أن ثمة مخالفات تنافي تعظيم الله (تعالى)
وشعائره كالاستهزاء ، أو الاستخفاف ، أو الازدراء ، أو الانتقاص لدين الله (تعالى)
وشعائره .
وتظهر هذه المخالفات عبر وسائل الإعلام المختلفة ، ومن خلال منابر ثقافية
ومؤسسات علمية مشبوهة وغيرها .
ويمكن أن نشير في خاتمة هذه المقالة إلى أهم أسباب وقوع تلك المخالفات(1/7)
المنافية للتعظيم ، ومنها :
الجهل بدين الله (تعالى) ، وقلة العلم الشرعي ، وضعف التفقه في هذا الأصل
الكبير ، ومنها : غلبة نزعة الإرجاء في هذا الزمان ، فمرجئة هذا الزمان الذين
يقررون أن الإيمان تصديق فقط ، ويهملون العبادات القلبية ، كانوا سبباً رئيساً في
ظهور وجود هذه المخالفات ... فيمكن أن يكون الرجل عندهم مؤمناً ما دام مصدقاً ،
وإن استخف بالله (تعالى) ، أو استهزأ برسوله أو دينه ! ! ومن أسباب هذه الظاهرة : وجود علم الكلام قديماً ، الذي لا يزال أثره باقياً إلى هذا العصر ، فأهل الكلام
يخوضون في الله (تعالى) وصفاته ، مما أورثهم سوء أدب مع الله .
وأخيراً : فإن من أسباب ذلك : كثرة الترخص والمداهنات والتنازلات من
علماء السوء الذين أُشربوا حب الدنيا والرياسة ، فجعلوا الدين ألعوبة يأخذون منه
ويدعون .
ورحم الله ابن القيّم حيث يقول : (كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها ،
فلا بد أن يقول على الله غير الحق في فتواه وحكمه ؛ لأن أحكام الرب (سبحانه)
كثيراً ما تأتي على خلاف أغراض الناس ... ) . [29]
________________________
(1) انظر تفسير السعدي : 3/259 .
(2) العظمة لأبي الشيخ : 1/341 .
(3) الصارم المسلوم .
(4) مدارج السالكين : 2/495 .
(5) انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية : 13/60 .
(6) تفسير السعدي : 5/622 .
(7) منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات : ص36 .
(8) الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب : 1/153 .
(9) انظر : فتاوى ابن تيمية ، مجلد 13/160162 .
(10) مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب : 4/346 .
(11) سنن أبي داود : كتاب السنة ، ح/4726 .
(12) أخرجه الهروي في ذم الكلام ص184 .
(13) شأن الدعاء للخطابي ص18 ، ووردت هذه المقالة عن مطرف بن عبدالله بن الشخير ، كما في الحلية لأبي نعيم 2/209 ، وذم الكلام للهروي ص190 .
(14) شأن الدعاء ص 18 ، 19 .
(15) من المنديل ، يريد الامتهان والابتذال .(1/8)
(16) الشفا للقاضي عياض 2/1096 .
(17) أخرجه الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث ص17 ، 18 .
(18) (أورد هذه القصة عبدالغني المقدسي في كتابه (الاقتصاد في الاعتقاد) ص 110 .
(19) انظر الحلية لأبي نعيم 4/230 .
(20) انظر طبقات السبكي 6/82 .
(21) الصارم المسلول في الرد على شاتم الرسول ص422- 424 باختصار .
(22) انظر تفصيل ذلك في الصارم المنكي في الرد على السبكي لابن عبدالهادي ص385 .
(23) انظر سنن الدارمي 1/116 فما بعدها .
(24) الديباج المذهب لابن فرحون 1/104 .
(25) أخرجه الهروي في ذم الكلام ص225 .
(26) انظر الإبانة الصغرى لابن بطة ص164 .
(27) انظر الإبانة الصغرى لابن بطة ص164 .
(28) طبقات السبكي 6/11 .
(29) الفوائد ص93 .(1/9)