التوسل
حقائق وشبهات
جمعه وأعده
أبو حميد عبد الله بن حميد الفلاسي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وارض اللهم عنا معهم يا رب العالمين وبعد :
الدعاء من أعظم القربات التي تصل العبد بخالقه ، فقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " الدعاء هو العبادة " رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي في الكبرى وابن ماجه. وذلك لما يجتمع في الداعي من صفات الذل والخضوع والالتجاء إلى من بيده مقاليد الأمور .
ولما كان الدعاء بهذه المرتبة ، أمر الله عز وجل عباده أن يدعوه في كل أحوالهم فقال تعالى: ?ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ? [لأعراف:55] ، وبين لهم سبحانه أن من الوسائل التي يكون معها الدعاء أرجى للقبول ، الدعاء بأسمائه وصفاته ، قال تعالى : ? وَلِلَّهِ الأسماء الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ? [ الأعراف:180] .
فيشرع للداعي أن يبدأ دعائه متوسلاً بذكر أسماء الله عز وجل وصفاته التي تتعلق بذلك الدعاء ، فإذا أراد المسلم الرحمة والمغفرة ، دعا الله باسم الرحمن ، الرحيم ، الغفور ، الكريم ، وإذا أراد الرزق دعا ربه باسم الرزاق ، المعطي ، الجواد ، وهكذا يقدِّمُ الداعي بين يدي دعائه ما يناسبه من أسماء الله ، وصفاته ، فإن ذلك من أسباب قبول الدعاء .(1/1)
والتوسل بالدعاء على أنواعٍ ، فمنه التوسل المشروع ومنه التوسل الممنوع فمن أنواع التوسل المشروع : التوسل إلى الله عز وجل بصالح الأعمال التي عملها العبد ، قال تعالى : ? رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي للإيمان أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبرار ? [آل عمران:193] فتأمل كيف توسل هؤلاء بإيمانهم بربهم جلا وعلا . وقص رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا - فيما رواه البخاري ومسلم - قصة ثلاثة نفر كانوا يمشون فنزل المطر الغزير ، فلجئوا إلى غار في جبل يحتمون به ، فسقطت على باب الغار صخرة منعتهم الخروج ، فحاولوا إزاحتها فلم يقدروا، فاجتمع رأيهم على أن يدعوا الله عز وجل بأرجى أعمالهم الصالحة التي عملوها . فتوسل أحدهم ببره لوالديه ، وتوسل الآخر بحسن رعايته واستثماره لمال أجيره ، وتوسل الآخر بتركه الزنى بعد تمكنه منه ، وكلما دعا أحدهم انفرجت الصخرة عن باب الغار قليلا ، إلا أنهم لم يستطيعوا الخروج ، حتى أكمل ثالثهم دعاءه فانفرجت الصخرة عن باب الغار فخرجوا يتماشون . فيُشرع للمسلم إذا أراد أن يدعوا الله عز وجل أن يتوسل بأحب الأعمال الصالحة التي يرجو أن تكون خالصة لله .
ومن أنواع التوسل المشروع : طلب الدعاء من الأحياء الصالحين ، وذلك أن العباد يتفاوتون في الصلاح وفي قربهم ومنزلتهم عند الله ، لذلك كان الصحابة يحرصون على سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعاء لهم رجاء القبول والإجابة ، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "يدخل الجنة من أمتي زمرة هي سبعون ألفا تضيء وجوههم إضاءة القمر . فقام عكّاشة بن محصن ... قال : ادع الله لي يا رسول الله أن يجعلني منهم ، فقال : اللهم اجعله منهم .. " رواه البخاري و مسلم .(1/2)
ومن أنواع التوسل المشروع التوسل بذكر حال السائل وما هو عليه من الضعف والحاجة ، كأن يقول : اللهم إني الفقير إليك ، الأسير بين يديك ، الراجي عفوك ، المتطلع إلى عطائك ، هبني منك رحمة من عندك . والدليل على هذا النوع من التوسل دعاء زكريا عليه السلام ، قال تعالى : ? قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً ? [ مريم: 4-5 ] . ومنه قول موسى : ? رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ? [القصص: 24 ].
فهذه بعض أنواع التوسل المشروع ، التي ينبغي أن يحرص عليها المسلم ، ويستفتح بها دعائه ، طالباً من الله قضاء حاجته .
وهناك أنواع من التوسل يفعلها الناس - منها ما يبلغ حدّ البدعة ومنها ما يبلغ حد الشرك - ظناً منهم أنهم يتقربون إلى الله سبحانه بها ، وما علموا أن التقرب إليه إنما يكون بما شرع لا بالأهواء والبدع .
فمن أنواع التوسل البدعي : طلب الدعاء من الميت ، كمن يأتي إلى ميت مقبور لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ويطلب منه أن يدعو الله له بأمر كشفاء مريضه أو كشف كربته . والدليل على بدعية هذا التوسل انتفاء الدليل على جوازه ، والعبادة إنما تكون بالاتباع لا بالابتداع ، ويدل أيضا على بدعية هذا النوع من التوسل : أن الصحابة وهم الأكثر علما والأشد اقتداء بسيد الخلق لم يفعلوا ذلك ولو كان خيراً لسبقونا إليه ، حتى أن عمر رضي الله عنه عندما حصل قحط بالمدينة قدَّم العباس عمّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ليدعو الله بالسقيا ، ولم يطلب الدعاء من النبي - صلى الله عليه وسلم - في قبره ، لِمَا يعلم من عدم جواز ذلك .(1/3)
ومن أنواع التوسل التي ابتدعها الناس وهي شرك بالله عز وجل طلب كشف الكربات وقضاء الحاجات من الأموات ، أياً كان ذلك الميت رجلاً صالحاً أو نبياً مرسلاً ، ذلك أن الدعاء هو العبادة ، والعبادة لا تصرف إلا للخالق الرازق سبحانه ، فدعاء غير الله شرك ومذلة . قال تعالى: ? وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ? [غافر:60] فطلب سبحانه أن يكون الدعاء له ، ورتب الإجابة على ذلك. وقال أيضاً : ? لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إلا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إلا فِي ضَلالٍ ? [ الرعد : 14] . وقال أيضاً : ?وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ ? [يونس:106] .
ومن أنواع التوسل البدعي: التوسل بالجاه والذوات، كالتوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره من الخلق.
ومن أنواع التوسل البدعي أيضاً: الإقسام على الله بفلان من الصالحين أو الأولياء.
فهذه أنواع التوسل في الدعاء وأحكامه ، فينبغي للمسلم أن يحرص على المشروع منه ، وأن يجتهد في دعاء الله في أحواله كافة ، حتى يعلم الله منه صدق افتقاره إليه فيجيبه ويغيثه، وعلى المسلم أيضاً أن يجتنب التوسل البدعي ، وأن يبتعد كل البعد عن التوسل الشركي، فإنه الأخطر على دين المسلم وعقيدته .
شبهات حول التوسل
والجواب عليها(1/4)
يورد المخالفون في هذا الموضوع (1) بعض الاعتراضات والشبهات، ليدعموا رأيهم الخاطىء، ويوهموا العامة بصحته، ويلبسوا الأمر عليهم، وأعرض فيما يلي هذه الشبهات واحدة إثر واحدة، وأرد عليها رداً علمياً مقنعاً إن شاء الله، بما يقرر ما بينته مسابقا وينسجم معه، ويقنع كل مخلص منصف، ويدحض كل افتراء علينا بالباطل، وبالله تعالى وحده التوفيق، وهو المستعان.
الشبهة الأولى: حديث استسقاء عمر بالعباس رضي الله عنهما:
يحتجون على جواز التوسل بجاه الأشخاص وحرمتهم وحقهم بحديث انس : (أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان إذا قَحَطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا، فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيسقون).
فيفهمون من هذا الحديث أن توسل عمر - رضي الله عنه - إنما كان بجاه العباس - رضي الله عنه -، ومكانته عند الله سبحانه، وأن توسله كان مجرد ذكر منه للعباس في دعائه، وطلب منه لله أن يسقيهم من أجله، وقد أقره الصحابة على ذلك، فأفاد بزعمهم ما يدعون.
وأما سبب عدول عمر - رضي الله عنه - عن التوسل بالرسول - صلى الله عليه وسلم - - بزعمهم – وتوسله بدلاً منه بالعباس - رضي الله عنه -، فإنما كان لبيان جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل ليس غير.
وفهمهم هذا خاطىء، وتفسيرهم هذا مردود من وجوه كثيرة اهمها:
__________
(1) . أي موضوع التوسل.(1/5)
1 – إن القواعد المهمة في الشريعة الإسلامية أن النصوص الشرعية يفسر بعضها بعضاً، ولا يفهم شيء منها في موضوع ما بمعزل عن بقية النصوص الواردة فيه. وبناء على ذلك فحديث توسل عمر السابق إنما يفهم على ضوء ما ثبت من الروايات والأحاديث الواردة في التوسل بعد جمعها وتحقيقها، ونحن والمخالفون متفقون على أن في كلام عمر: (كنا نتوسل إليك بنبينا.. وإنا نتوسل إليك بعم نبينا) شيئاً محذوفاً، لا بد له من تقدير، وهذا التقدير إما أن يكون: (كنا نتوسل بـ (جاه) نبينا، وإنا نتوسل إليك بـ (جاه) عم نبينا) على رأيهم هم، أو يكون: (كنا نتوسل إليك بـ (دعاء) نبينا، وإنا نتوسل إليك بـ (دعاء) عم نبينا) على رأينا نحن.
ولا بد من الأخذ بواحد من هذين التقديرين ليفهم الكلام بوضوح وجلاء.
ولنعرف أي التقديرين صواب لا بد من اللجوء إلى السنة، لتبين لنا طريقة توسل الصحابة الكرام بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
ترى هل كانوا إذا أجدبوا وقحَطوا قبع كل منهم في دراه، أو مكان آخر، أو اجتمعوا دون أن يكون معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم دعوا ربهم قائلين: (اللهم بنبيك محمد، وحرمته عندك، ومكانته لديك اسقنا الغيث). مثلاً أم كانوا يأتون النبي - صلى الله عليه وسلم - ذاته فعلاً، ويطلبون منه أن يدعو الله تعالى لهم، فيحقق - صلى الله عليه وسلم - طلْبتهم، ويدعو ربه سبحانه، ويتضرع إليه حتى يسقوا؟(1/6)
أما الأمر الأول فلا وجود له إطلاقاً في السنة النبوية الشريفة، وفي عمل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، ولا يستطيع أحد من الخلفيين أو الطُّرُقيين أن يأتي بدليل يثبت أن طريقة توسلهم كانت بأن يذكروا في أدعيتهم اسم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويطلبوا من الله بحقه وقدره عنده ما يريدون. بل الذي نجده بكثرة، وتطفح به كتب السنة هو الأمر الثاني، إذ تبين أن طريقة توسل الأصحاب الكرام بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كانت إذا رغبوا في قضاء حاجة، أو كشف نازلة أن يذهبوا إليه - صلى الله عليه وسلم -، ويطلبوا منه مباشرة أن يدعو لهم ربه، أي أنهم كانوا يتوسلون إلى الله تعالى بدعاء الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - ليس غير.
ويرشد إلى ذلك قوله تبارك وتعالى: ?وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ? ]النساء:64[.
2 – وهذا الذي بيناه من معنى الوسيلة هو المعهود في حياة الناس واستعمالهم، فإنه إذا كانت لإنسان حاجة ما عند مدير أو رئيس , موظف مثلاً، فإنه يبحث عمن يعرفه ثم يذهب إليه ويكلمه، ويعرض له حاجته فيفعل، وينقل هذا الوسيط رغبته إلى الشخص المسؤول، فيقضيها له غالباً. فهذا هو التوسل المعروف عند العرب منذ القديم، وما يزال، فإذا قال أحدهم: إني توسلت إلى فلان، فإنما يعني أنه ذهب إلى الثاني وكلمه في حاجته، ليحدث بها الأول، ويطلب منه قضاءها، ولا يفهم أحد من ذلك أنه ذهب إلى الأول وقال له: بحق فلان (الوسيط) عندك، ومنزلته لديك اقض لي حاجتي.(1/7)
وهكذا فالتوسل إلى الله عز وجل بالرجل الصالح ليس معناه التوسل بذاته وبجاهه وبحقه، بل هو التوسل بدعائه وتضرعه واستغاثته به سبحانه وتعالى، وهذا هو بالتالي معنى قول عمر - رضي الله عنه -: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا) أي: كنا إذ قل المطر مثلاً نذهب إلى - صلى الله عليه وسلم -، ونطلب منه ان يدعو لنا الله جل شأنه.
3 – ويؤكد هذا ويوضحه تمام قول عمر - رضي الله عنه -: (وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا)، أي إننا بعد وفاة نبينا جئنا بالعباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وطلبنا منه أن يدعو لنا ربنا سبحانه ليغيثنا.
تُرى لماذا عدل عمر - رضي الله عنه - عن التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى التوسل بالعباس - رضي الله عنه -، مع العلم ان العباس مهما كان شأنه ومقامه فإنه لا يذكر أمام شأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومقامه؟
أما الجواب فهو: لأن التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - غير ممكن بعد وفاته، فأنى لهم أن يذهبوا إليه - صلى الله عليه وسلم - ويشرحوا له حالهم، ويطلبوا منه أن يدعو لهم، ويؤمنوا على دعائه، وهو قد انتقل إلى الرفيق الأعلى، وأضحى في حال يختلف عن حال الدنيا وظروفها مما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فأنى لهم أن يحظوا بدعائه - صلى الله عليه وسلم - وشفاعته فيهم، وبينهم وبينه كما قال الله عز شأنه: { وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } ]المؤمنون:100[.(1/8)
ولذلك لجأ عمر - رضي الله عنه -، وهو العربي الأصيل الذي صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولازمه في أكثر أحواله، وعرفه حق المعرفة، وفهم دينه حق الفهم، ووافقه القرآن في مواضع عدة، لجأ إلى توسل ممكن فاختار العباس - رضي الله عنه -، لقرابته من النبي - صلى الله عليه وسلم - من ناحية، ولصلاحه ودينه وتقواه من ناحية آخرى، وطلب منه أن يدعو لهم بالغيث والسقيا. وما كان لعمر ولا لغير عمر أن يدع التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ويلجأ إلى التوسل بالعباس أو غيره لو كان التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ممكناً، وما كان من المعقول ان يقر الصحابة رضوان الله عليهم عمر على ذلك أبداً، لأن الانصراف عن التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى التوسل بغيره ما هو إلا كالانصراف عن الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة إلى الاقتداء بغيره، سواء بسواء، ذلك أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم كانوا يعرفون قدر نبيهم - صلى الله عليه وسلم - ومكانته وفضله معرفة لا يدانيهم فيها أحد.
فتعلم من هذا أن الإنسان بفطرته يستنجد بالقوة العظمى، والوسيلة الكبرى حين الشدائد والفواقر، وقد يلجأ إلى الوسائل الصغرى حين الأمن واليسر، وقد يخطر في باله حينذاك أن يبين ذلك الحكم الفقهي الذي افترضوه، وهو جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل. وأمر آخر نقوله جواباً على شبهة أولئك، وهو: هب أن عمر - رضي الله عنه - خطر في باله أن يبين ذلك الحكم الفقهي المزعوم، ترى فهل خطر ذلك في بال معاوية والضحاك بن قيس حين توسلا بالتابعي الجليل: يزيد بن الأسود الجُرَشي أيضاً؟ لا شك أن هذا ضرب من التمحل والتكلف لا يحسدون عليه.(1/9)
4 – إننا نلاحظ في حديث استسقاء عمر بالعباس رضي الله عنهما أمراً جديراً بالانتباه، وهو قوله: (إن عمر بن الخطاب كان إذا قَحطوا، استسقى بالعباس بن عبدالمطلب)، ففي هذا إشارة إلى تكرار استسقاء عمر بدعاء العباس رضي الله عنهما، ففيه حجة بالغة على الذين يتأولون فعل عمر ذلك أنه إنما ترك التوسل به - صلى الله عليه وسلم - إلى التوسل بعمه - رضي الله عنه -، لبيان جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل، فإننا نقول: لو كان الأمر كذلك لفعل عمر ذلك مرة واحدة، ولما استمر عليه كلما استسقى، وهذا بيّن لا يخفى إن شاء الله تعالى على أهل العلم والانصاف.
5 – لقد فسرت بعض روايات الحديث الصحيحة كلام عمر المذكور وقصده، إذ نقلت دعاء العباس - رضي الله عنه - استجابة لطلب عمر - رضي الله عنه -، فمن ذلك ما نقله الحافظ العسقلاني رحمه الله في "الفتح" (3/150) حيث قال: (قد بين الزبير بن بكار في "الأنساب" صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة، والوقت الذي وقع فيه ذلك، فأخرج بإسناد له أن العباس لما استسقى به عمر قال: (اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجّه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث)، قال: فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض، وعاش الناس).
وفي هذا الحديث:
أولاً: التوسل بدعاء العباس - رضي الله عنه - لا بذاته كما بينه الزبير بن بكار وغيره، وفي هذا رد واضح على الذين يزعمون أن توسل عمر كان بذات العباس لا بدعائه، إذ لو كان الأمر كذلك لما كان ثمة حاجة ليقوم العباس، فيدعو بعد عمر دعاءً جديداً.(1/10)
ثانياً: أن عمر صرح بأنهم كانوا يتوسلون بنبينا - صلى الله عليه وسلم - في حياته، وأنه في هذه الحادثة توسل بعمه العباس، ومما لا شك فيه أن التوسليْن من نوع واحد: توسلهم بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وتوسلهم بالعباس، وإذ تبين للقارىء – مما يأتي – أن توسلهم به - صلى الله عليه وسلم - إنما كان توسلاً بدعائه - صلى الله عليه وسلم - فتكون النتيجة أن توسلهم بالعباس إنما هو توسل بدعائه أيضاً، بضرورة أن التوسليْن من نوع واحد.
أما أن توسلهم به - صلى الله عليه وسلم - إنما كان توسلاً بدعائه، فالدليل على ذلك صريح رواية الإسماعيلي في مستخرجه على الصحيح لهذا الحديث بلفظ: (كانوا إذ قحطوا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقوا به، فيستسقي لهم، فيسقون، فلما كان في إمارة عمر...) فذكر الحديث، نقلته من "الفتح" (2/399)، فقوله: (فيستسقي لهم) صريح في أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يطلب لهم السقيا من الله تعالى، ففي "النهاية" لابن الأثير (2/381): (الاستسقاء، استفعال من طلب السقيا أي إنزال الغيث على البلاد والعباد، يقال: سقى الله عباده الغيث وأسقاهم، والاسم السقيا بالضم، واستقيت فلاناً إذا طلبت منه أن يسقيك).
إذا تبين هذا، فقوله في هذه الرواية (استسقوا به) أي بدعائه، وكذلك قوله في الرواية الأولى: (كنا نتوسل إليك بنبينا)، أي بدعائه، لا يمكن أن يفهم من مجموع رواية الحديث إلا هذا. ويؤيده:(1/11)
ثالثاً: لو كان توسل عمر إنما هو بذات العباس أو جاهه عند الله تعالى، لما ترك التوسل به - صلى الله عليه وسلم - بهذا المعنى، لأن هذا ممكن لو كان مشروعاً، فعدول عمر عن هذه إلى التوسل بدعاء العباس - رضي الله عنه - أكبر دليل على أن عمر والصحابة الذين كانوا معه كانوا لا يرون التوسل بذاته - صلى الله عليه وسلم -، وعلى هذا جرى عمل السلف من بعدهم، كما رأيت في توسل معاوية بن أبي سفيان والضحاك بن قيس بيزيد بن الأسود الجرشي، وفيهما بيان دعائه بصراحة وجلاء.
فهل يجوز أن يجمع هؤلاء كلهم على ترك التوسل بذاته - صلى الله عليه وسلم - لو كان جائزاً، سيّما والمخالفون يزعمون أنه أفضل من التوسل بدعاء العباس وغيره؟! اللهم إن ذلك غير جائز ولا معقول، بل إن هذا الإجماع منهم من أكبر الأدلة على أن التوسل المذكور غير مشروع عندهم، فإنهم أسمى من أن يستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير !
الشبهة الثانية: حديث الضرير:
بعد أن فرغنا من تحقيق الكلام في حديث توسل عمر بالعباس رضي الله عنهما، وبينا أنه ليس حجة للمخالفين بل هو عليهم، نشرع الآن في تحقيق القول في حديث الضرير، والنظر في معناه: هل هو حجة لهم أم عليهم أيضاً؟ فنقول:(1/12)
أخرج أحمد وغيره بسند صحيح عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ادع الله أن يعافيني. قال: " إن شئت دعوت لك، وإن شئت أخّرتُ ذاك، فهو خير "، وفي رواية: " وإن شئتَ صبرتَ فهو خير لك " ، فقال: ادعهُ. فأمره أن يتوضأ، فيحسن وضوءه، فيصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: "اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهتُ بك إلى ربي في حاجتي هذه، فتقضى لي، اللهم فشفّعه فيَّ ]وشفّعني فيه[". قال: ففعل الرجل فبرأ (1).
__________
(1) . أخرجه في المسند [4/138]، ورواه الترمذي [4/281-282 بشرح التحفة] وابن ماجة [1/418] والطبراني في الكبير [3/2/2]، والحاكم [1/313] كلهم من طريق عثمان بن عمر (شيخ أحمد فيه): أنا شعبة عن أبي جعفر المدني قال: سمعت عمرة بن خزيمة يحدث عن عثمان به، وقال الترمذي: "حسن صحيح غريب" وفي ابن ماجة " قال أبو إسحاق: حديث صحيح " ثم رواه أحمد: ثنا شعبة به وفيه الرواية الأخرى، وتابعه محمد بن جعفر ثنا شعبة به. رواه الحاكم [1/519] وقال: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي، وقد أعله بعضهم كصاحب " صيانة الإنسان " وصاحب " تطهير الجنان ص40" وغيرهما بأن في اسناده أبا جعفر، قال الترمذي: " لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر، وليس الخطمي " فقالوا: هو إذا الرازي، وهو صدوق ولكنه سيء الحفظ.
قلت: ولكن هذا مدفوع بأن الصواب أنه الخطمي نفسه. وهكذا نسبه أحمد في رواية له [4/138]. وسماه في أخرى: " أبا جعفر المدني " وكذلك سماه الحاكم. والخطمي هذا لا الرازي هو المدني. وقد ورد هكذا في " المعجم الصغير " للطبراني، وفي طبعة بولاق من سنن الترمذي أيضاً. ويؤكد ذلك بشكل قاطع أن الخطمي هذا هو الذي يروي عن عمارة بن خزيمة ويروي عنه شعبة كما في إسناده هنا، وهو صدوق، وعلى هذا فالإسناد جيد لا شبهة فيه.(1/13)
يرى المخالفون: أن هذا الحديث يدل على جواز التوسل في الدعاء بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره من الصالحين، إذ فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم الأعمى أن يتوسل به في دعائه، وقد فعل الأعمى ذلك فعاد بصيراً.
وأما نحن فنرى أن هذا الحديث لا حجة لهم فيه على التوسل المختلف فيه، وهو التوسل بالذات، بل هو دليل آخر على النوع الثالث من أنواع التوسل المشروع الذي أسلفناه، لأن توسل الأعمى إنما كان بدعائه. والأدلة على ما نقول من الحديث نفسه كثيرة، وأهمها:
أولاً: أن الأعمى إنما جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليدعو له، وذلك قوله: (أدعُ الله أن يعافيني) فهو توسل إلى الله تعالى بدعائه - صلى الله عليه وسلم -، لأنه يعلم أن دعاءه - صلى الله عليه وسلم - أرجى للقبول عند الله بخلاف دعاء غيره، ولو كان قصد الأعمى التوسل بذات النبي - صلى الله عليه وسلم - أو جاهه أو حقه لما كان ثمة حاجة به إلى أن يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويطلب منه الدعاء له، بل كان يقعد في بيته، ويدعو ربه بأن يقول مثلاً:
(اللهم إني أسألك بجاه نبيك ومنزلته عندك أن يشفيني، وتجعلني بصيراً). ولكنه لم يفعل، لماذا؟ لأنه عربي يفهم معنى التوسل في لغة العرب حق الفهم، ويعرف أنه ليس كلمة يقولها صاحب الحاجة، يذكر فيها اسم الموسَّل به، بل لابد أن يشتمل على المجيء إلى من يعتقد فيه الصلاح والعلم بالكتاب والسنة، وطلب الدعاء منه له.
ثانياً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعده بالدعاء مع نصحه له ببيان ما هو الأفضل له، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن شئت دعوتُ، وإن شئت صبرت فهو خير لك ". وهذا الأمر الثاني هو ما أشار إليه - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: "إذا ابتليتُ عبدي بحبيبتيه – أي عينيه – فصبر، عوضته منهما الجنة " (1).
__________
(1) . رواه البخاري عن أنس، وهو مخرج في " الصحيحة " [2010].(1/14)
ثالثاً: إصرار الأعمى على الدعاء وهو قوله: (فادع) فهذا يقتضي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعا له، لأنه - صلى الله عليه وسلم - خير من وفى بما وعد، وقد وعده بالدعاء له إن شاء كما سبق، فقد شاء الدعاء وأصر عليه، فإذن لا بد أنه - صلى الله عليه وسلم - دعا له، فثبت المراد، وقد وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - الأعمى بدافع من رحمته، وبحرص منه أن يستجيب الله تعالى دعاءه فيه، وجهه إلى النوع الثاني من التوسل المشروع، وهو التوسل بالعمل الصالح، ليجمع له الخير من أطرافه، فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يدعو لنفسه وهذه الأعمال طاعة لله سبحانه وتعالى يقدمها بين يدي دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - له، وهي تدخل في قوله تعالى: ?وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ? كما سبق.
وهكذا فلم يكتف الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدعائه للأعمى الذي وعده به، بل شغله بأعمال فيها طاعة لله سبحانه وتعالى وقربة إليه، ليكون الأمر مكتملاً من جميع نواحيه، وأقرب إلى القبول والرضا من الله سبحانه وتعالى، وعلى هذا، فالحادثة كلها تدور حول الدعاء – كما هو ظاهر – وليس فيها ذكر شيء مما يزعمون.(1/15)
رابعاً: أن في الدعاء الذي علمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياه أن يقول: ( اللهم فشفعه في (1) وهذا يستحيل حمله على التوسل بذاته - صلى الله عليه وسلم -، أو جاهه، أو حقه، إذ أن المعنى: اللهم اقبل شفاعته - صلى الله عليه وسلم - في، أي اقبل دعاءه في أن ترد عليَّ بصري، والشفاعة لغة الدعاء، وهو المراد بالشفاعة الثابتة له - صلى الله عليه وسلم - ولغيره من الأنبياء والصالحين يوم القيامة، وهذا يبين أن الشفاعة أخص من الدعاء، إذ لا تكون إلا إذا كان هناك اثنان يطلبان أمراً، فيكون أحدهما شفيعاً للآخر، بخلاف الطالب الواحد الذي لم يشفع غيره، قال في "لسان العرب" (8/184): (الشفاعة كلام الشفيع للملك في حاجة يسألها لغيره، والشافع الطالب لغيره، يتشفع به إلى المطلوب، يقال بشفعت بفلان إلى فلان، فشفعني فيه).
فثبت بهذا الوجه أيضاً أن توسل الأعمى إنما كان بدعائه - صلى الله عليه وسلم - لا بذاته.
خامساً: إن مما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - الأعمى أن يقوله: ( وشفعني فيه (2) أي اقبل شفاعتي، أي دعائي في أن تقبل شفاعته - صلى الله عليه وسلم -، أي دعاءه في أن ترد علي بصري. هذا المعنى الذي لا يمكن أن يفهم من هذه الجملة سواه.
__________
(1) . هذه الجملة هي عند أحمد والحاكم وغيرهما، وإسنادها صحيح.
(2) . هذه الجملة صحت في الحديث، أخرجها أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وهي وحدها قاطعة على أن حمل الحديث على التوسل بالذات باطل، كما ذهب إليه بعض المؤلفين حديثاً، والظاهر أنهم علموا ذلك، ولهذا لم يوردوا هذه الجملة مطلقاً، الأمر الذي يدل على مبلغ أمانتهم في النقل. وقريب من هذا أنهم أوردا الجملة التي قبلها " اللهم فشفعه في " من الأدلة على التوسل بالذات، وأما توضيح دلالتها على ذلك فمما لم يتفضلوا به على القراء. ذلك لأن فاقد الشئ لا يعطيه !.(1/16)
ولهذا ترى المخالفين يتجاهلونها ولا يتعرضون لها من قريب أو من بعيد، لأنها تنسف بنيانهم من القواعد، وتجتثه من الجذور، وإذا سمعوها رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشي عليه. ذلك أن شفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الأعمى مفهمومة، ولكن شفاعة الأعمى في الرسول - صلى الله عليه وسلم - كيف تكون؟ لا جواب لذلك عندهم البتة. ومما يدل على شعورهم بأن هذه الجملة تبطل تأويلاتهم أنك لا ترى واحداً منهم يستعملها، فيقول في دعائه مثلاً: اللهم شفع فيَّ نبيك، وشفعني فيه.
سادساً: إن هذا الحديث ذكره العلماء في معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعائه المستجاب، وما أظهره الله ببركة دعائه من الخوارق والإبراء من العاهات، فإنه بدعائه - صلى الله عليه وسلم - لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره، ولذلك رواه المصنفون في "دلائل النبوة" كالبيهقي وغيره، فهذا يدل على أن السر في شفاء الأعمى إنما هو دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -. ويؤيده كل من دعا به من العميان مخلصاً إليه تعالى، منيباً إليه قد عوفي، بل على الأقل لعوفي واحد منهم، وهذا ما لم يكن ولعله لا يكون أبداً.
كما أنه لو كان السر في شفاء الأعمى أنه توسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقدره وحقه، كما يفهم عامة المتأخرين، لكان من المفروض أن يحصل هذا الشفاء لغيره من العميان الذين يتوسلون بجاهه - صلى الله عليه وسلم -، بل ويضمون إليه أحياناً جاه جميع الأنبياء المرسلين، وكل الأولياء والشهداء والصالحين، وجاه كل من له جاه عند الله من الملائكة، والإنس والجن أجمعين! ولم نعلم ولا نظن أحداً قد علم حصول مثل هذا خلال القرون الطويلة بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - إلى اليوم.(1/17)
إذا تبين للقارىء الكريم ما أوردناه من الوجوه الدالة على أن حديث الأعمى إنما يدور حول التوسل بدعائه - صلى الله عليه وسلم -، وأنه لا علاقة له بالتوسل بالذات، فحينئذ يتبين له أن قول الأعمى في دعائه: (اللهم إني أسألك، وأتوسل إليك بنبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -) إنما المراد به: أتوسل إليك بدعاء نبيك، أي على حذف المضاف، وهذا أمر معروف في اللغة، كقوله تعالى: ?وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ? [يوسف:82] أي أهل القرية وأصحاب العير. ونحن والمخالفون متفقون على ذلك، أي على تقدير مضاف محذوف، وهو مثل ما رأينا في دعاء عمر وتوسله بالعباس، فإما أن يكون التقدير: إني أتوجه إليك بـ (جاه) نبيك، ويا محمد إني توجهت بـ (ذات) ـك أو (مكانت) ـك إلى ربي كما يزعمون، وإما أن يكون التقدير: إني أتوجه إليك بـ (دعاء) نبيك، ويا محمد إني توجهت بـ (دعاء) ـك إلى ربي كما هو قولنا. ولا بد لترجيح احد التقديرين من دليل يدل عليه. فأما تقديرهم (بجاهه) فليس لهم عليه دليل لا من هذا الحديث ولا من غيره، إذ ليس في سياق الكلام ولا سباقه تصريح أو إشارة لذكر الجاه أو ما يدل عليه إطلاقاً، كما أنه ليس عندهم شيء من القرآن أو من السنة أو من فعل الصحابة يدل على التوسل بالجاه، فيبقى تقديرهم من غير مرجح، فسقط من الاعتبار، والحمد لله.
أما تقديرنا فيقوم عليه أدلة كثيرة، تقدمت في الوجوه السابقة.
وثمة أمر آخر جدير بالذكر، وهو أنه لو حمل حديث الضرير على ظاهره، وهو التوسل بالذات لكان معطلاً لقوله فيما بعد: (اللهم فشفعه في، وشفعني فيه) وهذا لا يجوز كما لا يخفى، فوجب التوفيق بين هذه الجملة والتي قبلها. وليس ذلك إلا على ما حملناه من أن التوسل كان بالدعاء، فثبت المراد، وبطل الاستدلال به على التوسل بالذات، والحمد لله.(1/18)
على أنني أقول: لو صح أن الأعمى إنما توسل بذاته - صلى الله عليه وسلم -، فيكون حكماً خاصاً به - صلى الله عليه وسلم -، لا يشاركه فيه غيره من الأنبياء والصالحين، وإلحاقهم به مما لا يقبله النظر الصحيح، لأنه - صلى الله عليه وسلم - سيدهم وأفضلهم جميعاً، فيمكن أن يكون هذا مما خصه الله به عليهم ككثير مما صح به الخبر، وباب الخصوصيات لا تدخل فيه القياسات، فمن رأى أن توسل الأعمى كان بذاته لله، فعليه أن يقف عنده، ولا يزيد عليه كما نقل عن الإمام أحمد والشيخ العز بن عبد السلام رحمهما الله تعالى. هذا هو الذي يقتضيه البحث العلمي مع الإنصاف، والله الموفق للصواب.
الشبهة الثالثة: قياس الخالق على المخلوقين:(1/19)
يقول المخالفون، إن التوسل بذوات الصالحين وأقدارهم أمر مطلوب وجائز، لأنه مبني على منطق الواقع ومتطلباته، ذلك أن أحدنا إذا كانت له حاجة عند ملك أو وزير أو مسؤول كبير فهو لا يذهب إليه مباشرة، لأنه يشعر أنه ربما لا يلتفت إليه، هذا إذا لم يرده أصلاً، ولذلك كان من الطبيعي إذا أردنا حاجة من كبير فإننا نبحث عمن يعرفه، ويكون مقرباً إليه أثيراً عنده، ونجعله واسطة بيننا وبينه، فإذا فعلنا ذلك استجاب لنا، وقضيت حاجتنا، وهكذا الأمر نفسه في علاقتنا بالله سبحانه – بزعمهم – فالله عز وجل عظيم العظماء، وكبير الكبراء، ونحن مذنبون عصاة، وبعيدون لذلك عن جناب الله، ليس من اللائق بنا أن ندعوه مباشرة، لأننا إن فعلنا ذلك خفنا أن يردنا على أعقابنا خائبين، أو لا يلتفت إلينا فنرجع بخفي حنين، وهناك ناس صالحون كالأنبياء والرسل والشهداء قريبون إليه سبحانه، يستجيب لهم إذا دعوه، ويقبل شفاعتهم إذا شفعوا لديه، أفلا يكون الأولى بنا والأحرى ان نتوسل إليه بجاههم، ونقدم بين يدي دعائنا ذكرهم، عسى أن ينظر الله تعالى إلينا إكراماً لهم، ويجيب دعاءنا مراعاة لخاطرهم، فلماذا تمنعون هذا النوع من التوسل، والبشر يستعملونه فيما بينهم، فلم لا يستعملونه مع ربهم ومعبودهم؟
ونقول جواباً على هذه الشبهة: إنكم يا هؤلاء إذن تقيسون الخالق على المخلوق، وتشبهون قيوم السماوات والأرض، أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين، الرؤوف الرحيم بأولئك الحكام الظالمين، والمتسلطين المتجبرين الذين لا يأبهون لمصالح الرعية، ويجعلون بينهم وبين الرعية حجباً وأستاراً، فلا يمكنها أن تصل إليهم إلا بوسائط ووسائل، ترضي هذه الوسائط بالرشاوي والهبات، وتخضع لها وتتذلل، ووتترضاها وتقرب إليها، فهل خطر ببالكم أيها المساكين أنكم حين تفعلون ذلك تذمون ربكم، وتطعنون به، وتؤذونه، وتصفونه بما يمقته وما يكرهه؟(1/20)
هل خطر ببالكم أنكم تصفون الله تعالى بأبشع الصفات حين تقيسونه على الحكام الظلمة، والمتسلطين الفجرة، فكيف يسَّوغ هذا لكم دينكم، وكيف يتفق هذا مع ما يجب عليكم من تعظيمكم لربكم، وتمجيدكم لخالقكم؟
ترى لو كان يمكن لأحد الناس أن يخاطب الحاكم وجهاً لوجه، ويكلمه دون واسطة أو حجاب أيكون ذلك أكمل وأمدح له، أم حين لا يتمكن من مخاطبته إلا من خلال وسائط قد تطول وقد تقصر؟
يا هؤلاء إنكم تفخرون في أحاديثكم بعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وتمجدونه وتشيدون به وتبينون للناس أنه كان متواضعاً لا يتكبر ولا يتجبر، وكان قريباً من الناس، يتمكن أضعفهم من لقائه ومخاطبته، وأنه كان يأتيه الأعرابي الجاهل الفظ من البادية، فيكلمه دون واسطة أو حجاب، فينظر في حاجته ويقضيها له إن كانت حقاً. ترى هل هذا النوع من الحكام خير وأفضل، أم ذاك النوع الذي تضربون لربكم به الأمثال؟
فما لكم كيف تحكمون؟ وما لعقولكم أين ذهبت، وما لتفكيركم أين غاب، وكيف ساغ لكم تشبيه الله تعالى بالملك الظالم، أم كيف غطى عنكم الشيطان بشاعة قياس الله سبحانه على الأمير الغاشم؟
يا هؤلاء إنكم لو شبهتم الله تعالى بأعدل الناس وأتقى الناس، وأصلح الناس لكفرتم، فكيف وقد شبهتموه بأظلم الناس، وأفجر الناس، وأخبث الناس؟
يا هؤلاء إنكم لو قستم ربكم الجليل على عمر بن الخطاب التقي العادل لوقعتم في الشرك، فكيف تردى بكم الشيطان، فلم ترضوا بذلك حتى أوقعكم في قياس ربكم على أهل الجور والفساد من الملوك والأمراء والوزراء؟(1/21)
إن تشبيه الله تعالى بخلقه كفر كله حذر منه سبحانه حيث قال: ?وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئاً وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ * فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ? ]سورة النحل: الآية73 -74[ (1) كما نفى سبحانه أي مشابهة بينه وبين أي خلق من مخلوقاته فقال: ?لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ? ]سورة الشورى: الآية 11[. ولكن شر تشبيه أن يشبهه المرء بالأشرار والفجار والفساق من الولاة، وهو يظن أنه يحسن صنعاً ! إن هذا هو الذي يحمل بعض العلماء والمحققين على المبالغة في إنكار التوسل بذوات الأنبياء، واعتباره شركاً، وإن كان هو نفسه ليس شركاً عندنا، بل يخشى ان يؤدي إلى الشرك، وقد أدى فعلاً بأولئك الذين يعتذرون لتوسلهم بذلك التشبيه السابق الذي هو الكفر بعينه لو كانوا يعلمون.
__________
(1) . قال الحافظ ابن كثير: " أي لا تجعلوا لله أنداداً وأشباهاً وأمثالاً ".(1/22)
ومن هنا يتبين أن قول بعض الدعاة الإسلاميين اليوم في الأصل الخامس عشر من أصوله العشرين: (والدعاء إذا قُرن بالتوسل إلى الله بأحد من خلقه خلاف فرعي في كيفية الدعاء، وليس من مسائل العقيدة) ليس صحيحاً على إطلاقه لما علمت أن في الواقع ما يشهد بأنه خلاف جوهري، إذ فيه شرك صريح كما سبق. ولعل مثل هذا القول الذي يهوّن من أمر هذا الانحراف هو أحد الأسباب التي تدفع الكثيرين إلى عدم البحث فيه، وتحقيق الصواب في أمره، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى استمرار المبتدعين في بدعهم، واستفحال خطرها بينهم، ولذلك قال الإمام العز بن عبد السلام في رسالة "الواسطة" (ص5): (ومن أثبت الأنبياء وسواهم من مشايخ العلم والدين وسائط بين الله وبين خلقه كالحجّاب الذين بين الملك ورعيته، بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله تعالى حوائج خلقه، وأن الله تعالى إنما يهدي عباده ويرزقهم وينصرهم بتوسطهم، بمعنى أن الخلق يسألونهم، وهم يسألون الله كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملك حوائج الناس لقربهم منهم، والناس يسألونهم أدباً منهم أن يباشروا سؤال الملك، ولأن طلبهم من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك، لكونهم أقرب إلى الملك من الطلب، فمن أثبتهم وسائط على هذه الوجه فهو كافر مشرك يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وهؤلاء مشبَّهون لله، شبهوا الخالق بالمخلوق، وجعلوا لله أنداداً...).
الشبهة الرابعة
هل هناك مانع من التوسل المبتدع على وجه الإباحة لا الاستحباب؟
قد يقول القائل: صحيح أنه لم يثبت في السنة ما يدل على استحباب التوسل بذوات الأنبياء والصالحين، ولكن ما المانع منه إذا فعلناه على طريق الإباحة، لأنه لم يأتِ نهي عنه؟
فأقول: هذه شبهة طالما سمعناها ممن يريد أن يتخذ موقفاً وسطاً بين الفريقين لكي يرضي كلاً منهما، وينجو من حملاتهما عليه!(1/23)
والجواب: يجب أن لا ننسى في هذا المقام معنى الوسيلة إذ هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود كما تقدم بيانه.
ولا يخفى أن الذي يراد التوصل إليه إما أن يكون دينياً، أو دنيوياً، وعلى الأول لا يمكن معرفة الوسيلة التي توصل إلى الأمر الديني إلا من طريق شرعي، فلو ادعى رجل أن توسله إلى الله تعالى بآية من آياته الكونية العظيمة كالليل والنهار مثلاً سبب لاستجابة الدعاء لرد عليه ذلك إلا أن يأتي بدليل، ولا يمكن أن يقال حينئذ بإباحة هذا التوسل، لأنه كلام ينقض بعضه بعضاً، إذ أنك تسميه توسلاً، وهذا لم يثبت شرعاً، وليس له طريق آخر في إثباته، وهذا بخلاف القسم الثاني من القسمين المذكورين وهو الدنيوي، فإن أسبابه يمكن أن تعرف بالعقل أو بالعلم أو بالتجربة ونحو ذلك، مثل الرجل يتاجر ببيع الخمر، فهذا سبب معروف للحصول على المال، فهو وسيلة لتحقيق المقصود وهو المال، ولكن هذه الوسيلة نهى الله عنها، فلا يجوز اتباعها بخلاف ما لو تاجر بسبب لم يحرمه الله عز وجل، فهو مباح، أما السبب المدعى أنه يقرب إلى الله وأنه أرجى في قبوله الدعاء، فهذا سبب لا يعرف إلا بطريق الشرع، فحين يقال: بأن الشرع لم يرد بذلك، لم يجز تسميته وسيلة حتى يمكن أن يقال إنه مباح التوسل به.
وشيء ثان: وهو أن التوسل الذي سلمنا بعدم وروده قد جاء في الشرع ما يغني عنه، وهو التوسلات الثلاثة التي سبق ذكرها في أول البحث، فما الذي يحمل المسلم على اختيار هذا التوسل الذي لم يرد، والإعراض عن التوسل الذي ورد؟ وقد اتفق العلماء على أن البدعة إذا صادمت سنة فهي بدعة ضلالة اتفاقاً، وهذا التوسل من هذا القبيل، فلم يجز التوسل به، ولو على طريق الإباحة دون الاستحباب!.(1/24)
وأمر ثالث: وهو أن هذا التوسل بالذوات يشبه توسل الناس ببعض المقربين إلى الملوك والحكام، والله تبارك وتعالى ليس كمثله شيء باعتراف المتوسلين بذلك، فإذا توسل المسلم إليه تعالى بالأشخاص فقد شبهه عملاً بأولئك الملوك والحكام كما سبق بيانه، وهذا غير جائز.
الشبهة الخامسة
قياس التوسل بالذات على التوسل بالعمل الصالح
هذه شبهة أخرى يثيرها بعض أولئك المبتدعين(1) زينها لهم الشيطان، ولقنهم إياها حيث يقولون: قد قدمتم أن من التوسل المشروع اتفاقاً التوسل إلى الله تعالى بالعمل الصالح، فإذا كان التوسل بهذا جائزاً فالتوسل بالرجل الصالح الذي صدر منه هذا العمل أولى بالجواز، وأحرى بالمشروعية، فلا ينبغي إنكاره.
والجواب من وجهين:
الوجه الأول: أن هذا قياس، والقياس في العبادات باطل كما تقدم (2)، وما مثل من يقول هذا القول إلا كمثل من يقول: إذا جاز توسل المتوسل بعمله الصالح – وهو بلا شك دون عمل الولي والنبي – جاز أن يتوسل بعمل النبي والولي، وهذا باطل، وما لزم منه باطل فهو باطل.
الوجه الثاني: أن هذه مغالطة مكشوفة، لأننا لم نقل – كما لم يقل أحد من السلف قبلنا – أنه يجوز للمسلم أن يتوسل بعمل غيره الصالح، وإنما التوسل المشار إليه إنما هو التوسل بعمل المتوسل الصالح نفسه، فإذا تبين هذا قلبنا عليهم كلامهم السابق فقلنا: إذا كان لا يجوز التوسل بالعمل الصالح الذي صدر من غير الداعي فأولى ثم أولى ألا يجوز التوسل بذاته، وهذا بين لا يخفى والحمد لله.
أحاديث وآثار وقصص ضعيفة وموضوعة
في التوسل
أولاً: الأحاديث الضعيفة والموضوعة
الحديث الأول:
" توسلوا بجاهي، فإن جاهي عند الله عظيم ". أو: " إذا سألتم الله، فاسألوه بجاهي، فإن جاهي عند الله عظيم ".
__________
(1) . منهم صاحب كتاب (التاج).
(2) . انظر صفحة 145 من كتاب التوسل للألباني.(1/25)
قال شيخ الإسلام ابن تيميه (1): هذا الحديث كذب ليس في شئ من كتب المسلمين التي يعتمد عليها أهل الحديث، ولا ذكره أحد من أهل العلم بالحديث، مع أن جاهه عند الله تعالى أعظم من جاه جميع الأنبياء والمرسلين. أ.هـ
وقال العلامة المحدث الألباني (2): هذا باطل لا أصل له في شئ من كتب الحديث البتة، وإنما يرويه بعض الجهال بالسنة . أ.هـ
الحديث الثاني:
" إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأهل القبور ". أو: " فاستغيثوا بأهل القبور ".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (3): فهذا الحديث كذب مفترى على النبي - صلى الله عليه وسلم - بإجماع العارفين بحديثه، لم يروه أحد من العلماء بذلك، ولا يوجد في شئ من كتب الحديث المعتمدة. أ.هـ
قال الإمام ابن القيم (4): وهو يعدد الأمور التي أوقعت عباد القبور للافتتان بها: " ومنها أحاديث مكذوبة مختلقة، وضعها أشباه عباد الأصنام: من المقابرية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تناقض دينه وما جاء به، كحديث: " إذا أعيتكم الأمور، فعليكم بأصحاب القبور ". وحديث: " لو أحسن أحدكم ظنه بحجر نفعه ". وأمثال هذه الأحاديث التي هي مناقضة لدين الإسلام، وضعها المشركون، وراجت على أشباههم من الجهال والضلال " أ.هـ.
الحديث الثالث:
__________
(1) . قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لشيخ الإسلام ابن تيميه: ص 168. وانظر اقتضاء الصراط المستقيم له أيضاً [2/783].
(2) . التوسل أنواعه وأحكامة للعلامة الألباني ص127.
(3) . مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميه [11/293].
(4) . إغاثة اللهفان لابن القيم: [1/243].(1/26)
عن أنس بن مالك: لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي رضي الله عنها دعا أسامة ابن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاماً أسود يحفرون، فلما فرغ دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاضطجع فيه فقال: " الله الذي يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد، ولقنها حجتها، ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذي من قبلي، فإنك أرحم الراحمين " .
قال العلامة المحدث الألباني (1): ليس في هذا الحديث شيء من الترغيب، ولا هو يبين فضل عمل ثابت في الشرع، إنما هو ينقل أمراً دائراً بين أن يكون جائزاً أو غير جائز، فهو إذن يقرر حكماً شرعياً لو صح، وأنتم إنما توردونه من الأدلة على جواز هذا التوسل المختلف فيه، فإذا سلمتم بضعفه لم يجز لكم الاستدلال به، وما أتصور عاقلاً يوافقكم على إدخال هذا الحديث في باب الترغيب والترهيب، وهذا شأن من يفر من الخضوع للحق، يقول ما لا يقوله جميع العقلاء. أ.هـ
الحديث الرابع:
عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: " من خرج من بيته إلى الصلاة، فقال: اللهم إني أسألك، بحق السائلين عليك، وأسألك؛ بحق ممشاي هذا. فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سمعة. وخرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك. فأسألك أن تعيذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي. إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك " (2).
__________
(1) . أنظر: التوسل أنواعه وأحكامه للعلامة الألباني ص110 وسلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة له [1/32] حديث رقم (23) فقد بين الشيخ ناصر رحمه الله ضعف هذا الحديث وقد فصل القول في ذلك فليرجع إليه هناك.
(2) . أخرجه ابن ماجه برقم (778). والإمام أحمد [3/21]. وقد ضعفه العلامة الألباني في السلسلة الضعيفة [1/34] وفي التوسل له ص99. قال فؤاد عبد الباقي: في الزوائد: هذا إسناد مسلسل بالضعفاء. عطية هو العوفي، وفضيل بن مرزق، والفضل بن الموفق كلهم ضعفاء.(1/27)
قال شيخ الإسلام ابن تيميه (1): أما قول القائل أسألك بحق السائلين عليك: فإنه روي في حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه ابن ماجه؛ لكن لا يقوم بإسناده حجة، وإن هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان معناه: أن حق السائلين على الله أن يجيبهم، وحق العابدين له أن يثيبهم، وهو كتب ذلك على نفسه، كما قال: ? وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ? [ البقرة:186]. فهذا سؤال الله بما أوجبه على نفسه كقول القائلين: ? رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ ? [آل عمران:194] وكدعاء الثلاثة: الذين آووا إلى الغار لما سألوه بأعمالهم الصالحة، التي وعدهم أن يثيبهم عليها. أ.هـ
قال العلامة الألباني (2): وجملة القول أن هذا الحديث ضعيف من طريقيه وأحدهما أشد ضعفاً من الآخر، وقد ضعفه البوصيري والمنذري وغيرهما من الأئمة، ومن حسنه فقد وهم أو تساهل . أ.هـ
الحديث الخامس:
عن عمر بن الخطاب مرفوعاً: " لما اقترف آدم الخطيئة، قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي، فقال: يا آدم ! وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه؟ قال: يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي؛ فرأيت على قوائم العرش مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك، إلا أحب الخلق إليك، فقال: غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك " (3)
__________
(1) . مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميه [1/369].
(2) . سلسلة الأحاديث الضعيفة للعلامة الألباني [1/38] رقم (24).
(3) . أخرجه الحاكم في المستدرك [2/615]. وعنه ابن عساكر [2/3 ، 32/2] وكذا البيهقي. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولكن تعقبه الذهبي بقوله: قلت: بل موضوع، وعبد الرحمن واه، وعبد الله بن أسلم الفهري لا أدري من ذا.
قال العلامة الألباني: موضوع. وانظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوع [1/38] حديث رقم (25) والتوسل أنواعه وأحكامه ص113. وقد فصل الألباني القول في هذا الحديث فليرجع إليه ففيه فوائد عظيمة.(1/28)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه (1): ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أنكر عليه، فإنه نفسه قد قال في كتاب: (المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم): عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه، قلت: وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف باتفاقهم يغلط كثيراً. أ.هـ
وقال العلامة الألباني (2): وجملة القول أن الحديث لا أصل له عنه - صلى الله عليه وسلم - فلا جرم أن حكم عليه بالبطلان الحافظان الجليلان الذهبي والعسقلاني كما تقدم النقل عنهما. أ.هـ
الحديث السادس:
عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد قال: كان رسول الله يستفتح بصعاليك المهاجرين (3).
قال العلامة الألباني (4): " فثبت بذلك ضعف الحديث وأنه لا تقوم به حجة ". ثم قال: " إن الحديث لو صح فلا يدل إلا على مثل ما دل عليه حديث عمر (5) وحديث الأعمى (6) من التوسل بدعاء الصالحين .
__________
(1) . قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لشيخ الإسلام ابن تميمة ص69.
(2) . سلسلة الأحاديث الضعيفة للعلامة الألباني [1/40].
(3) . أخرجه الطبراني في الكبير [1/269] وذكره التبريزي في مشكاة المصابيح (5247) والقرطبي في تفسيره [2/26].
قال ابن عبد البر في الاستيعاب [1/38]: " لا تصح عندي صحبته –أي أمية- والحديث مرسل ". وقال الحافظ في الإصابة [1/133]: " ليست له صحبة ولا رواية ". وقال العلامة الألباني في التوسل ص111: " مداره على أمية هذا ولم تثبت صحبته فالحديث مرسل ضعيف ".
(4) . التوسل أنواعه وأحكامه للعلامة الألباني ص112.
(5) . حديث عمر هو حديث طلب السقيا من العباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(6) . حديث الأعمى هو حديث الرجل الأعمى الذي طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الله له أن يكشف بصره.(1/29)
قال المناوي في (فيض القدير) (1): " كان يستفتح " أي يفتتح القتال، من قوله تعالى: ? إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ ? [الأنفال:19]. ذكره الزمخشري. " ويستنصر " أي يطلب النصرة " بصعاليك المسلمين " أي: بدعاء فقرائهم الذين لا مال لهم . أ.هـ
الحديث السابع:
عن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " حياتي خير لكم، تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم، تعرض علي أعمالكم، فإن رأيت خيراً حمدت الله عليه، وإن رأيت شراً استغفرت الله لكم " (2).
قال العلامة الألباني (3): بعد أن ساق كلام العلماء في الحديث جرحاً وتعديلاً قال: وجملة القول أن الحديث ضعيف بجميع طرقه، وخيرها حديث بكر بن عبد المطلب المزني وهو مرسل، وهو من أقسام الحديث الضعيف عند المحدثين، ثم حديث ابن مسعود وهو خطأ، وشرها حديث أنس بطريقيه . أ.هـ
ثانياً: الآثار والقصص الضعيفة والموضوعة:
الأثر الأول:
عن مالك الدار – وكان خازن عمر – قال : " أصاب الناس قحط في زمن عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأتى الرجل في المنام، فقيل له: ائت عمر .. الأثر " (4).
__________
(1) . فيض القدير [5/219].
(2) . أخرجه النسائي [1/189] والطبراني في المعجم الكبير [3/81/2] وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/205] وابن عساكر [9/189/2] وضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة [2/404]
(3) . سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للعلامة الألباني [2/404-406].
(4) . ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري [2/397]. قال العلامة الألباني في التوسل ص131: الأثر ضعيف لجهالة مالك الدار.(1/30)
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله (1): لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد من الأنبياء قبله شرعوا للناس أن يدعوا الملائكة والأنبياء والصالحين، ويستشفعوا بهم، لا بعد مماتهم، ولا في مغيبهم، فلا يقول أحد: ( يا ملائكة الله اشعفوا لي عند الله، سلوا الله لنا أن ينصرنا أو يرزقنا أو يهدينا ) وكذلك لا يقول لمن مات من الأنبياء والصالحين: يا نبي الله يا ولي الله ادع الله لي، سل الله لي، سل الله أن يغفر لي ... ولا يقول: ( أشكوا إليك ذنوبي أو نقص رزقي أو تسلط العدو علي، أو أشكوا إليك فلاناً الذي ظلمني ). ولا يقول: ( أنا نزيلك، أنا ضيفك، أنا جارك، أو أنت تجير من يستجيرك، ولا يكتب أحد ورقة ويعلقها عند القبور، ولا يكتب أحد محضراً أنه استجار بفلان، ويذهب بالمحضر إلى من يعمل بذلك المحضر ونحو ذلك مما يفعله أهل البدع من أهل الكتاب والمسلمين، كما يفعله النصارى في كنائسهم، وكما يفعله المبتدعون من المسلمين عند قبور الأنبياء والصالحين أو في مغيبهم. فهذا مما علم بالاضطرار من دين الإسلام، وبالنقل المتواتر وبإجماع المسلمين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشرع هذا لأمته، وكذلك الأنبياء قبله لم يشرعوا شيئاً من ذلك، ولا فعل هذا أحد من أصحابه - صلى الله عليه وسلم - والتابعين لهم بإحسان، ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين، ولا الأئمة الأربعة ولا غيرهم، ولا ذكر أحد من الأئمة لا في مناسك الحج ولا غيرها أنه يستحب لأحد أن يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عند قبره أن يشفع له أو يدعو لأمته، أو يشكو إليه ما نزل بأمته من مصائب الدنيا والدين.
__________
(1) . قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لشيخ الإسلام ابن تيميه ص19-20.(1/31)
وكان أصحابه يبتلون بأنواع البلاء بعد موته، فتارة بالجدب، وتارة بنقص الرزق وتارة بالخوف وقوة العدو، وتارة بالذنوب والمعاصي، ولم يكن أحد منهم يأتي إلى قبر الرسول ولا قبر الخليل ولا قبر أحد من الأنبياء فيقول: نشكو إليك جدب الزمان أو قوة العدو، أن ينصرهم أو يغفر لهم، بل هذا وما يشبهه من البدع المحدثة التي لم يستحبها أحد من أئمة المسلمين، فليست واجبة ولا مستحبة باتفاق أئمة المسلمين ... الخ ما قال رحمه الله تعالى.
الأثر الثاني:
عن أبي الجوزاء أوس بن عبد الله، قال: قحط أهل المدينة قحطاً شديداً، فشكو إلى عائشة، فقالت: انظروا إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاجعلوا منه كواً إلى السماء، حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف، قالوا: ففعلوا، فمطرنا مطراً حتى نبت العشب، وسمنت الإبل، حتى تفتقت من الشحم، فسمي عام الفتق (1).
__________
(1) . أخرجه الدارمي [1/56] برقم (92). قال العلامة الألباني في التوسل ص139: وهذا سند ضعيف لا تقوم به حجة لأمور ثلاثة ... ثم ذكره هذه الأمور فلتراجع هناك.(1/32)
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله (1): وما روي عن عائشة - رضي الله عنه - من فتح الكوة من قبره إلى السماء لينزل المطر فليس بصحيح، ولا يثبت إسناده، ومما يبين كذب هذا أنه في مدة عائشة لم يكن للبيت كوة، بل كان باقياً كما كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، بعضه مسقوف وبعضه مكشوف، وكانت الشمس تنزل فيه، كما ثبت في الصحيحين عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي العصر والشمس في حجرتها، لم يظهر الفيء بعد (2)، ولم تزل الحجرة كذلك حتى زاد الوليد بن عبد الملك في المسجد في إمارته لما زاد الحجر في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - . ومن حينئذ دخلت الحجرة النبوية في المسجد، ثم إنه بني حول حجرة عائشة التي فيها القبر جدار عال، وبعد ذلك جعلت الكوة لينزل منها من ينزل إذا احتيج إلى ذلك لأجل كنس أو تنظيف. وأما وجود الكوة في حياة عائشة فكذب بين، ولو صح ذلك لكان حجة ودليلاً على أن القوم لم يكونوا يقسمون على الله بمخلوق، ولا يتوسلون في دعائهم بميت، ولا يسألون الله به، وإنما فتحوا القبر لتنزل الرحمة عليه، ولم يكن هناك دعاء يقسمون به عليه.
فأين هذا من هذا ؟ والمخلوق إنما ينفع المخلوق بدعائه أو بعمله، فإن الله تعالى يحب أن يتوسل إليه بالإيمان والعمل والصلاة والسلام على نبيه - صلى الله عليه وسلم - ومحبته وطاعته وموالاته، فهذه هي الأمور التي يحب الله أن نتوسل بها إليه ... الخ ما قاله رحمه الله . أ.هـ
الأثر الثالث:
__________
(1) . انظر: الرد على البكري لشيخ الإسلام ابن تيميه ص (74:68).
(2) . أخرجه البخاري برقم (521) ومسلم برقم (611).(1/33)
عن علي بن ميمون، قال: سمعت الشافعي يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة، وأجيء إلى قبره في كل يوم -يعني زائراً– فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين، وجئت إلى قبره، وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عني، حتى تقضى (1).
قال ابن القيم (2): " والحكاية المنقولة عن الشافعي أنه كان يقصد الدعاء عند قبر أبي حنيفة من الكذب الظاهر " أ.هـ
وقال العلامة المحدث الألباني (3): فهذه رواية ضعيفة، بل باطلة، فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف، وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال، ويحتمل أن يكون هو عمرو – بفتح العين – ابن إسحاق بن إبراهيم بن حميد السكن أبو محمد التونسي، وقد ترجمه الخطيب [12/226] وذكر أنه بخاري قدم بغداد حاجاً سنة 341هـ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول الحال، ويبعد أن يكون هو هذا، إذا أن وفاة شيخه علي بن ميمون سنة 247هـ على أكثر الأقوال، فبين وفاتهما نحو مائة سنة، فيبعد أن يكون قد أدركه، وعلى كل حال فهي رواية ضعيفة ولا يقوم على صحتها دليل " أ.هـ
وختاما أخي المسلم:
وبعد أن عرفت جملة من الأحاديث والآثار والقصص الضعيفة والموضوعة والمكذوبة في التوسل البدعي الذي يتمسك به أهل البدع والضلال.
فإياك يا ابن الإسلام أن تغتر بمثل هذه الترهات !
وتوكل على الحي الذي لا يموت فإنه قال: ? وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ? [الطلاق:3].
ولا تناد ولا تلجأ إلا إلى الله.
ولا تستنجد ولا تستغيث إلا بالله.
ولا تدع مع الله أحداً.
أخي: إذا سألت فاسأل الله.
__________
(1) . أخرج هذه الحكاية الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد [1/123] من طريق عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال: نبأنا علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي به. قال العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوع [1/31]: فهذه رواية ضعيفة بل باطلة.
(2) .إغاثة اللهفان لابن القيم [1/246].
(3) . سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للعلامة الألباني [1/31] حديث رقم (22).(1/34)
وإذا استعنت فاستعن بالله.
واعلم أن الأمة لو اجتمعت على ضرك أو نفعك لا يضرونك ولا ينفعونك إلا بما كتبه الله لك أو عليك.
أسأل الله أن يوفقك ويشرح لك صدرك وأن تكون ممن يتوسل إلى الله توسلاً شرعياً لا بدعياً، وأسأله تعالى أن يغفر لك ذنبك وأن ينجيك من عذاب النار وبئس القرار.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
جمع وإعداد: أبو حميد عبد الله بن حميد الفلاسي
عفا الله عنه وغفر له ولوالديه ولجميع المسلمين والمسلمات
المراجع:
التوسل أنواعه وأحكامه للشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله - باختصار.
التوسل حكمه وأقسامه جمع وإعداد أبو أنس علي بن حسين أبو لوز - باختصار.
المقدمة مأخوذة من مقال منشور في شبكة الإنترنت.(1/35)