استواء الله على العرش
بين تسليم السلف وتأويل الخلف
بحث متواضع قام به الفقير إلى الله
أبو رملة محمد المنصور إبراهيم
باحث بمركز الدراسات الإسلامية بجامعة عثمان بن فودي
سكتو، نيجيريا
جميع الحقوق محفوظة للباحث
الطبعة الثانية 1426هـ/2005م
ISBN 978-2076-92-9
لإبداء ملحوظاتك يمكنك الاتصال بالباحث عن طريق الهواتف النقالة على الأرقام الآتية :
002348035075754
أو البريد الألكتروني الآتي:
mansursokoto@ahlulbaiti.com
الناشر
مؤسسة أهل البيت والصحابة
شارع أحمد بلو، سكتو
نيجيريا
من أقوال أهل العلم:
"في حديث الجارية مسألتان : الأولى : شرعية قول المسلم: أين الله ؟ والثانية : قول المسؤول : في السماء . ومن أنكر هاتين المسألتين فإنما ينكر على المصطفى ^"
- الإمام الذهبي في كتاب العرش
"اعلم أن الوصف له تعالى بالاستواء اتباع للنص، وتسليم للشرع، وتصديق لما وصف نفسه تعالى به"
- القاضي عبد الوهاب المالكي في شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني
"وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش"
- الإمام عبد القادر الجيلاني في كتاب الغنية
"لا يُقدح إطلاق الفوقانية على الله، فكثيرا ما أومأت إليه الأخبار وظواهر الآيات"
- الشيخ عثمان بن فودي في الجامع لفتاوى الشيخ عثمان
"لم ينكر أحد من السلف الصالح أن الله استوى على عرشه حقيقة"
- أبو عبد الله القرطبي المالكي في التفسير
"فكل من قال إن الله بذاته في كل مكان فهو مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها مع مخالفته لما فطر الله عليه عباده ولصريح المعقول"
- شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى
فهرس الموضوعات
الموضوع الصفحة
المقدمة....................................................6
ما يجب اعتقاده في صفات الله تعالى عموما................20
إثبات علو الله على خلقه ................................27(1/1)
إثبات فوقية الله على عباده ...............................28
إثبات أن الله في السماء...................................33
إثبات استواء الله على عرشه المجيد.......................36
معنى الاستواء..........................................39
إبطال قول أهل التأويل في الاستواء......................43
إثبات معية الله مع خلقه وقربه من عباده..................51
معنى التفويض والتأويل................................57
عقيدة السلف هي الإثبات لا التفويض ولا التأويل...... 67
الفرق بين التفويض والكف عن التكييف والتمثيل................................................69
معنى قول السلف الاستواء معلوم..................... 76
التأويل فرع عن التشبيه................................ 80
شبهة الجهة والمكان.................................... 86
الأئمة الأربعة كانوا على مذهب السلف من الإثبات....91
صفات الله تعالى ليست من المتشابهات ولا من المجاز .. 95
العلماء ينكرون على من قال إن الله في كل مكان ....... 100
رمي السلفيين بالتشبيه والتجسيم فرية مكشوفة........ 106
عقيدة الإمام أبي الحسن الأشعري.................... 113
عقيدة الشيخ عثمان بن فودي......................... 118
تعقيب على مذكرة "تنبيه المؤمن"..................... 127
الخاتمة نسأل الله حسنها.............................. 167
فهرس المراجع...................................... 171
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله الذي ارتفع على عرشه في السماء ، وجلّى باليقين قلوب صفوته الأتقياء ، وبلى خلقه بالسعادة والشقاء . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مؤمن بالحشر واللقاء ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الشهيد على الأمة الشهداء ، المبعوث بالبينات والهدى وترك المراء ، ^ وكرّم ، صلاة دائمة إلى يوم الدين ، وعلى آله وصحبه أجمعين.1 وبعد :(1/2)
فإن الله عز وجل قد أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ورضي لنا الإسلام دينا . وإكمال هذا الدين يعني أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه لم يرحل عن الدنيا إلا بعد أن بيّن للأمة كل مل تحتاج إليه من أمور الدين بحيث لا يبقى فيه أي لبس أو اشتباه، أو حاجة إلى بيان أحد سواه. وأعظم ذلك وأشرفه هو معرفتهم بربهم بأسمائه وصفاته لأن ذلك أعظم دعائم الدين ومبادئه. وههنا حقائق أود تنبيه القارئ الكريم عليها:
الحقيقة الأولى : أن العقيدة مرجعها إلى كتاب الله وسنة رسوله المصطفى ^ لا إلى أهواء الناس وأقيستهم ، وأنه ليس هناك أعلم بالله من الله ، ولا من الخلق أعلم به من رسول الله ^ . كما أنه ليس هناك أنصح للأمة ولا أحسن بيانا ولا أعظم بلاغا منه ^ . فإذا ثبت وصف الله عز وجل بشيء من الصفات في كتابه الكريم أو ثبت ذلك في سنة نبيه المصطفى الأمين وجب على المسلم اعتقاد ذلك وأنه هو التنزيه اللائق بذاته جل جلاله . قال الله تعالى : ?وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا?.[الأحزاب : 36] .(1/3)
الحقيقة الثانية : أن أصحاب رسول الله ^ لم يجهلوا معاني صفات الله تعالى ولا ارتابوا في وصف الله عز وجل بها بل ولا سألوا رسول الله ^ عن شيء منها . وهم الذين سألوه عن الأنفال واليتامى والأهلة والخمر والميسر والمحيض وغيرها . ولا يجوز لنا أن نفهم أن العلم بأمر المحيض أعظم شأنا وأجل مكانة عند الصحابة من معرفة صفات الله التي هي أعظم أسباب محبته وإجلاله 2. ولا يجوز أن نعدل عن طريقتهم فيها إلى طريقة المتفلسفة والمتكلمين الذين هم - كما وصفهم الشيخ أحمد بن عبد السلام - قد أوتوا ذكاء وما أوتوا زكاء، وأعطوا فهوما وما أعطوا علوما، وأعطوا سمعا وأبصارا وأفئدة ?فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ? [الأحقاف:23].3
وقال الشعراني - كما نقل عنه ابن فودي رحمهما الله - وهو يتحدث عن أرباب الكلام: فقطعوا عمرهم برد خصوم متوهمة أو خصوم موجودة لكن بلازم المذهب وذلك ليس بمذهب على الراجح. ويتخيل لصاحب الكلام في مثل ذلك أنه يتكلم مع غيره بل مع نفسه ... إلى أن قال: ..فالعاقل اليوم من اشتغل بالعلوم الشرعية لقيام الدين بها فإنك لو مت ولم تعلم الكلام لم تسئل عنه"4.(1/4)
الحقيقة الثالثة : أن إثبات صفات الله تعالى الذاتية أو الفعلية لا يستلزم نسبة النقص أو العجز أو عدم الكمال لله ، بل صفات الله كلها صفات كمال وجلال ولا تشبه صفات المخلوقين بوجه من الوجوه. بل للخالق صفات تليق بجلاله وعظمته وكماله وللمخلوقين صفات تناسب ضعفهم وعجزهم وافتقارهم كما قال سبحانه ?ليس كمثله شيء وهو السميع البصير? [الشورى: 10] وقد قال سبحانه ?إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا? [الإنسان : 2] فالله عز وجل سميع بصير سمعا يليق بعظمته وجلاله وبصرا يليق بعلّوه وكمال سلطانه والإنسان سميع بصير على قدر ما يناسب مخلوقيته وعجزه . فلا ننفي عن الله صفاته ونقول إنها من صفات المخلوقين ولا نشبّه صفات الباري بصفات البرية .
الحقيقة الرابعة : أن السبب في اختلاف الناس في مسائل التوحيد هو بُعدهم عن دراسة القرآن الكريم وأحاديث النبي ^ الصحيحة وكذلك عدم استيعابهم لأقوال السلف في مسائل التوحيد . فقد صارت كتب الكلام والتي وصفت بكتب التوحيد هي العمدة في معرفة الله بعيدا عن هدى القرآن الكريم والسنة النبوية وآثار السلف . فخذ مثلا أحد تفاسير السلف كالنسائي وأبي حاتم والبغوي أو من بعدهم كالحافظين الطبري وابن كثير من أولها إلى آخرها لا تجد فيها إلا التسليم لله ولرسوله. وخذ بعد ذلك كتاب التوحيد من صحيح البخاري لن تجد فيه تأويل صفات الله تعالى بل ستجد فيه :
باب ?وكان عرشه على الماء? ?وهو رب العرش العظيم? قال أبو العالية : استوى إلى السماء ارتفع ، فسواهن : خلقهن . وقال مجاهد : استوى : علا على العرش.(5)
وتجد فيه أيضا :(1/5)
باب قول الله تعالى : ?تعرج الملائكة والروح إليه? وقوله جل ذكره ?إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه? وقال أبو حمزة عن ابن عباس: بلغ أبا ذر مبعث النبي ^ فقال لأخيه: اعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء . وقال مجاهد: (والعمل الصالح) يرفع الكلم الطيب. يقال: (ذي المعارج) الملائكة تعرج إلى الله.6
كما تجد فيه وفي غيره من كتب الصحاح من الأحاديث النبوية والآثار السلفية ما لو اشتغل به طلاب العلم لما صُرفوا إلى المتاهات وتنزيه الله مما وصف نفسه به ظنا أن هذا الذي وصف الله نفسه به من صفات النقص لا من صفات الكمال.
الحقيقة الخامسة : أن الأمة الإسلامية لم تختلف في ربها ووصفه بصفاته العليّة المقدسّة التي وصف بها نفسه ووصفه بها رسوله ^ إلا بعد ترجمة كتب اليونان ودخول الفلسفة وعلم الكلام إلى بلاد المسلمين .7 ولذلك لا تجد عند سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم من علماء الأمة النطق بالكلمات المبتدَعة التي لم يرد بها كتاب الله ولا سنة رسوله ^ مثل الجهة والمكان وما أشبه ذلك مما جاء به أهل الكلام ليردوا به ما في الكتاب والسنة وما أجمعت عليه الأمة من وصف الله بكل ما وصف به نفسه أو وصفه به أعلم الناس به وهو رسوله ^ . ومن أبرز أهل البدع الذين عرفوا بالحيدة عن النهج القويم : المعتزلة الذين كانوا - فضلا عن تحريفهم للآيات :
يشككون في الأحاديث التي تصطدم بمبادئهم ويكذبونها ، وإن علت درجتها في الصحة ، أو يؤولونها تأويلا باطلا ، بل ويتجاوزون هذا إلى تجريح راويها - لا أعني التابعي أو تابعي التابعي - بل الصحابي الذي رواه عن الرسول ^ . يفعلون هذا إذا ما كان مصادما لمبدئ من مبادئهم ، بينما يستشهدون بالأحاديث الضعيفة بل والموضوعة ويعضون عليها بالنواجذ لنصرة مذهبهم الاعتزالي.8(1/6)
إلا أن هذا المسلك لم يتوقف جريانه عند المعتزلة ، ولكن تعداهم إلى كثير من طوائف المسلمين الذين اتخذوا من علم الكلام متّكَئا لفهم الدين ومرتكَزا لمعرفة الله تعالى ، فحرفوا نصوص الكتاب وردّوا كثيرا من الأحاديث النبوية. وغلت في ذلك فرقة الجهمية وأتوا من الكلام بما لا يُحتمل، حتى قال الإمام عبد الله بن المبارك: إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية.9
وليعلم القارئ الكريم أن هذا البحث إنما جاء غيرة لله عز وجل ولرسوله ^ وحمية للدفاع عن عقيدة المسلمين الأولين لا هتكا لعرض أحد من الناس. وأنا على علم بأن بعض أهل العلم وطلبته قد كتب بحسن النية ما يخالف المعتقد الصحيح وأوّل كلام السلف على غير وجهه ، وحمّله ما لا يحتمل . والله يجزيه على حسن نياته ويهدينا وإياه إلى صراطه المستقيم . وإني إذ أدعوه لقراءة هذا البحث قراءة منصف ناشد للحق أسأل الله لي وله ولجميع المسلمين أن يجعلنا من ?الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ? [الزمر :18].
وأخيرا، أسأل الله العلي الكبير أن يتقبل مني هذا الجهد وأن يجعله خالصا لوجهه ، إنه سميع مجيب .
رب تقبل عملي ولا تخيب أملي
أصلح أموري كلها قبل حلول الأجل10
وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . تم تحريره في سكتو
14 صفر 1425هـ
ما يجب اعتقاده في صفات الله تعالى عموما(1/7)
الذي يجب على المسلم في صفات الله تعالى هو الاعتقاد الجازم بأن الله عز وجل متصف بجميع صفات الكمال ، ومنزه عن جميع صفات النقص ، وأنه متفرد عن جميع الكائنات . ولا يكون ذلك إلا بإثبات ما أثبته لنفسه من الصفات أو أثبته له رسوله ^ من غير تحريف لألفاظها أو معانيها ، ولا تعطيل بنفيها أو نفي بعضها عن الله سبحانه ، ومن دون تكييفها بتحديد كنهها وإثبات كيفية معينة لها ، ولا تشبيهها بصفات المخلوقين . فإيمان المسلم بصفات الله تعالى يقوم على ثلاثة أصول :
الأصل الأول : تنزيه الله تعالى عن النقائص وعن مشابهة صفاته لصفات المخلوقين . يدل على هذا الأصل قوله تعالى ?لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ? [الشورى:11] ?فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ? [النحل : 74] ?وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ? [الإخلاص : 4].
الأصل الثاني : الإيمان بجميع صفات الله تعالى الثابتة في الكتاب والسنة دون تجاوزها برد بعضها أو الزيادة عليها أو صرفها عن معانيها . ?أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ? [البقرة : 140] ?أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ? [البقرة : 80] ؟!.
الأصل الثالث : قطع الطمع عن إدراك كيفية هذه الصفات. يدل عليه قوله تعالى :?يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا? [طه :110]. فلو سأل سائل عن كيفية صفة من صفات الله سبحانه وتعالى كأن يقول : كيف يسمع ؟ أو كيف يبصر ؟ أو كيف استوى ؟ أو كيف ينزل ؟ أو كيف يضحك أو كيف يغضب أو كيف يده ؟ أو ما أشبه ذلك من الأسئلة ، نقول له : كيف هو ؟ فإذا قال : لا أعلم ، قلنا له : فكيف تعلم إذن كيفية صفاته؟!11
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى عند تفسير قوله تعالى ?ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ? في سورة الأعراف ما نصه:(1/8)
هذه الآية الكريمة وأمثالها من آيات الصفات كقوله ?يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ? [الفتح : 10] ونحو ذلك، أشكلت على كثير من الناس إشكالا ضل بسببه خلق لا يحصى كثرة، فصار قوم إلى التعطيل وقوم إلى التشبيه - سبحانه وتعالى علوا كبيرا عن ذلك كله - والله جل وعلا أوضح هذا غاية الإيضاح، ولم يترك فيه أي لبس ولا إشكال . وحاصل تحرير ذلك أنه جل وعلا بيّن أن الحق في آيات الصفات متركب من أمرين:
أحدهما : تنزيه الله جل وعلا عن مشابهة الحوادث في صفاتهم سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا .
والثاني : الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه في كتابه، أو وصفه به رسوله ^ لأنه لا يصف الله أعلم بالله من الله ?أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ? [البقرة : 140]، ولا يصف الله بعد الله أعلم بالله من رسول الله ^ الذي قال فيه :?وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى? [النجم : 3] . فمن نفى عن الله وصفا أثبته لنفسه في كتابه العزيز ، أو أثبته له رسوله ^ زاعما أن ذلك الوصف يلزمه ما لا يليق بالله جل وعلا ، فقد جعل نفسه أعلم من الله ورسوله بما لا يليق بالله جل وعلا . سبحانك هذا بهتان عظيم .
ومن اعتقد أن وصف الله يشابه صفات الخلق فهو مشبّه ملحد ضال . ومن أثبت لله ما أثبته لنفسه أو أثبته رسوله ^ مع تنزيهه جل وعلا عن مشابهة الخلق فهو مؤمن جامع بين صفات الكمال والجلال والتنزيه عن مشابهة الخلق سالم من ورطة التشبيه والتعطيل .
والآية التي أوضح الله بها هذا هي قوله تعالى: ?لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ? [الشورى : 11] فنفى عن نفسه جل وعلا صفة الحوادث بقوله :?ليس كمثله شيء? وأثبت لنفسه صفة الكمال والجلال بقوله :?وهو السميع البصير? فصرح في هذه الآية بنفي المماثلة مع الاتصاف بصفات الكمال والجلال .12
(((
إثبات علو الله على خلقه(1/9)
قال الله تعالى : ?وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ?[البقرة : 255]
وقال تعالى :?سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى?[الأعلى : 1]
وروى مسلم وغيره من حديث حذيفة أن رسول الله ^ كان يقول في سجوده :"سبحان ربي الأعلى".13
فالله عز وجل موصوف بصفة العلو : علو الذات وعلو الصفات وعلو القدر وعلو القهر . ومن نفى شيئا من ذلك فعليه الدليل .
قال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي (ت 1377هـ) رحمه الله :
يتضمن اسمه العلي الأعلى الصفة المشتق منها وهوثبوت العلو له بجميع معانيه : علو فوقيته تعالى على عرشه : (فهو سبحانه) عال على جميع خلقه ، بائن منهم ، رقيب عليهم ، يعلم ما هم عليه، قد أحاط بكل شيء علما ، لاتخفى عليه خافية. وعلو قهره : فلا مغالب له ولا منازع ولا مضاد ، ولا ممانع ، بل كل شيء خاضع لعظمته ، ذليل لعزته ، مستكين لكبريائه ، تحت تصرفه وقهره، لا خروج من قبضته. وعلو شأنه : فجميع صفات الكمال له ثابتة وجميع النقائص عنه منتفية عز وجل وتبارك وتعالى . وجميع هذه المعاني للعلو متلازمة لا ينفك معنى منها عن الآخر .14
إثبات فوقية الله على عباده
قال الله تعالى : ?وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ? [الأنعام : 61]
وقال تعالى في وصف الملائكة : ?يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ? [النحل : 50]
فالله عز وجل فوق عباده ذاتا وقدرا . ومن قال غير ذلك قلنا له هات الدليل ? قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ?.
قال المجدد الشيخ عثمان ابن فودي رحمه الله :
مسألة : لا يُقدح إطلاق الفوقانية على الله ، فكثيرا ما أومأت إليه الأخبار وظواهر الآيات. ولكن الاعتقاد يقدح إن اعتقدها من غير تنزيه .15(1/10)
وإثبات علو الله على خلقه وفوقيته عليهم هو مقتضى الفطر السليمة التي لم تتلوث بلوثة الابتداع ولم تَشُبْها شائبة علم الكلام وذلك أن الخلق جميعا بطباعهم وقلوبهم السليمة يرفعون أيديهم عند الدعاء ، ويقصدون جهة العلو بقلوبهم عند التضرع إلى الله لا يلتفتون يمنة ولا يسرة . وبهذه الحجة قهر الشيخ أبو جعفر الهمداني الأستاذ أبا المعالي الجويني المتكلم المعروف بإمام الحرمين حتى ضرب على رأسه وقال : حيرني الهمداني ! حيرني !! كما حكى القصة الإمام ابن أبي العز في شرحه لعقيدة الإمام أبي جعفر الطحاوي16.
وبذلك أيضا احتج الإمام أبو الحسن الأشعري في الإبانة . قال :
ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء ، لأن الله عز وجل مستو على العرش الذي هو فوق السموات ، فلو لا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش كما لا يحطونها إذا دعوا إلى الأرض.17
ونقل المجدد الشيخ عثمان بن فودي رحمه الله عن الشعراني ما يدل على هذا وهو قوله :
فإن قيل : فما الدليل على أن معرفة الحق تعالى واجبة؟ فالجواب أن دليل ذلك كون المعرفة من الأمور التي يسهل الوصول إليها ، فإن الإنسان إذا اضطر وضاقت به المسالك فلا بد أن يستند إلى إله يؤوب إليه ويتضرع نحوه ويلجأ إليه في كشف الضر ويسمو قلبه ويصعد إلى السماء ويشخص ناظره إليها من حيث كونها قبلة الدعاء للخلائق أجمعين . فيستغيث بخالقه وبارئه طبعا وجبلة لا تكلفا . ومثل ذلك قد وجد في الوحوش والبهائم أيضا فإنها ظاهرة الخوف والرجاء رافعة رؤوسها إلى السماء عند فقدان الكلأ والماء وإحساسها بالهلاك والفناء . وكذلك شاهدنا الأطفال عند اللأواء يرفعون مسبحتهم نحو السماء . وهذا كله مركوز في جبلة الحيوانات فضلا عن الإنسان العاقل، فهي الفطرة المذكورة في القرآن والحديث.18
إثبات أن الله في السماء(1/11)
قال الله تعالى : ?أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور * أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير? [الملك : 16-17]
قال ابن عباس ( : أي أأمنتم عذاب من في السماء إن عصيتموه؟19
وفي الموطأ وصحيح مسلم أن رسول الله ^ قال للجارية : أين الله ؟ قالت : في السماء . قال :"اعتقها فإنها مؤمنة".20
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي رحمه الله بعد إيراده لهذا الحديث في كتاب "العلو للعلي العظيم" : ففي الخبر مسألتان :
إحداهما : شرعية قول المسلم : أين الله ؟
والثانية : قول المسؤول : في السماء . قال : فمن أنكر هاتين المسألتين فإنما ينكر على المصطفى ^ .21
ومعنى أن الله تقدست أسماؤه في السماء أنه على السماء مستو على عرشه كما قال تعالى ? فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ ?[التوبة:2] أي على الأرض . وقال تعالى ?لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ?[طه:71] أي على جذوع النخل .
قال الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله تعالى :
فالسماوات فوقها العرش ، فلما كان العرش فوق السماوات قال تعالى :?أأمنتم من في السماء? لأنه مستو على العرش الذي هو فوق السماوات ، وكل ما علا فهو سماء ، فالعرش أعلى السماوات . وليس إذا قال :?أأمنتم من في السماء? يعني جميع السماوات وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السموات ، ألا ترى أن الله عز وجل ذكر السموات فقال تعالى :? وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا ? [نوح :16] ولم يرد أن القمر يملؤهن وأنه فيهن جميعا .22
إثبات استواء الله على عرشه المجيد
قال الله تعالى : ?إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ? [الأعراف : 54] [يونس : 3]. وقال تعالى في وصف القرآن : ?تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)? [طه ].(1/12)
قال الإمام البغوي : قوله : ?ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ?: علا عليه 23.
وذكر الله عز وجل استواءه على العرش بعد خلق السموات والأرض في سبعة مواضع في كتابه الكريم منها ما تقدم ومنها في سورة الفرقان : 59 وفي سورة السجدة : 4 وفي سورة الرعد : 2 وفي سورة الحديد:4.
وفي البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة ( عن النبي ^: "لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش : إن رحمتي غلبت غضبي" .24
قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي المالكي (ت 422هـ) رحمه الله في شرحه لمقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني عند قول ابن أبي زيد "وأنه فوق عرشه المجيد بذاته ، وهو في كل مكان بعلمه" قال :
واعلم أن الوصف له تعالى بالاستواء اتباع للنص ، وتسليم للشرع ، وتصديق لما وصف نفسه تعالى به . ولا يجوز أن يثبت له كيفية لأن الشرع لم يرد بذلك ، ولا أخبر النبي ^ فيه بشيء ، ولا سألته الصحابة عنه .25
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله :
هذه الصفات من الاستواء والإتيان والنزول قد صحت بها النصوص ، ونقلها الخلف عن السلف ، ولم يتعرضوا لها برد ولا تأويل ، بل أنكروا على من تأولها مع إصفاقهم (اجتماعهم) على أنها لا تشبه نعوت المخلوقين، وأن الله ليس كمثله شيء ، ولا تنبغي المناظرة ولا التنازع فيها ، فإن في ذلك محاولة للرد على الله ورسوله ، أو حوما على التكييف أو التعطيل .26
معنى الاستواء
الاستواء في اللغة له عدة معان . وتختلف معانيه باختلاف الاستعمال فيأتي مطلقا ومقرونا بالواو ومقيدا بإلى أو بعلى .
1. فإذا أطلق لفظ الاستواء ولم يقيد بحرف كان معناه تمّ وكمل كما قال تعالى : ?وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا?[يوسف:14] .
2. وإذا قرن بالواو كان بمعنى التساوي كأن يقال استوى الماء والخشب .(1/13)
3. وإذا قيد لفظ الاستواء بحرف "إلى" صار معناه القصد كما في قوله سبحانه : ? ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا..?[فصلت:11].
4. وإذا قُيد بحرف "على" كان معناه العلوّ والصعود والارتفاع كما قال تعالى : ? لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ..?[الزخرف:13]. وقال عز وجل : ?وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ?[هود:44].
وآيات الاستواء كلها جاءت معداة بـ "على".27 ومن أجل ذلك أطبق السلف على تفسير الاستواء بالعلو والارتفاع كما نقل الإمام البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد عن أبي العالية الرياحي وعن مجاهد بن جبر تلميذ ابن عباس .28 ونقل الحافظ ابن حجر عن ابن بطال رحمه الله تعالى قوله:
وأما تفسير استوى بعلا فهو صحيح ، وهو المذهب الحق وقول أهل السنة لأن الله سبحانه وصف نفسه بالعلي وقال : ?سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ?[النحل:1] وهي صفة من صفات الذات . وأما من فسره بـ: ارتفع ففيه نظر لأنه لم يصف به نفسه.29
قال الحافظ ابن حجر : وقد نقل البغوي عن ابن عباس وأكثر المفسرين أن معنى ?استوى على العرش? ارتفع . وقال أبو عبيد والفراء وغيرهما بنحوه .30
فنثبت لله استواءه على عرشه كما أثبته لنِِفسه وأثبته له رسوله ^ من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل كما هو مذهب السلف الصالح رضوان الله عليهم .
إبطال قول أهل التأويل في الاستواء
وأما من أوّل صفة الاستواء فهم طائفتان : طائفة تقول معناها الاستيلاء فإن "استوى" معناه عندهم استولى بزيادة اللام . وهو قول الجهم بن صفوان .31 وقد صرح جمع من علماء اللغة بأنه مخالف لما تعرفه العرب في كلامها حتى قال ابن الأعرابي - النحوي المشهور - لمن قال له ذلك : ويحك ! إن الاستيلاء لا يكون إلا بعد المغالبة ، والله لا يغالبه أحد.(1/14)
ثم إنهم لم يجدوا ما يؤيدون به هذا التأويل من كتاب الله ولا من سنة رسوله ^ ولا من قول العرب الفصحاء إلا بيتًا منحولا على الأخطل النصراني - شاعر العصر الأموي - وهو قوله :
قد استوى بشر على العراق * من غير سيف ودم مهراق
وقد أنكر العلماء نسبة هذا البيت إلى الأخطل ، وقال بعضهم إنه هكذا :
بشر قد استولى على العراق * من غير سيف ودم مهراق
ولو ثبت عنه كما نقلوه لما كان مقبولا، فإن الأخطل نصراني سيء المعتقد، وهو القائل - يستهزئ بشعائر الإسلام :
ولست بقائم كالعير يدعو
قُبيل الصبح حي على الفلاح
ولست بصائم رمضان طوعا
ولست بآكل لحم الأضاحي
ولست بسائق عيسا بكورا
إلى بطحاء مكة للنجاح
ولكني سأشربها شمولا
وأسجد عند منبلج الصباح
ولو كان الأخطل مسلما لما قُبل منه هذا البيت أيضا فإنه من الموّلدين الذين تأثرت عربيتهم بالعجمة ، فلا يحتج بقوله على تفسير الكلام الرباني ناهيك عن هذا الأمر الخطير الذي هو صفة من صفات الله العلية . ولقد شنّع على هذا المعتقد مع هذا الاحتجاج عدد من أهل العلم نظما ونثرا . ومن الأول ما جاء في لامية ابن تيمية رحمه الله :
وأقول قال الله جل جلاله
والمصطفى الهادي ولا أتأول
وجميع آيات الصفات أُمرها
حقا كما نقل الطراز الأول
وأرد عهدتها إلى نقالها
وأصونها عن كل ما يُتخيل
قُبحا لمن نبذ القران وراءه
وإذا استدل يقول قال الأخطل32
ومنه ما قاله تلميذه الحافظ ابن القيم في النونية :
أُمر اليهود بأن يقولوا حطة
فأبوا وقالوا حنطة لهوان
وكذلك الجهمي قيل له استوى
فأبى وزاد الحرف للنقصان
قال استوى استولى وذا من جهله
لغة وعقلا ما هما سيان
نون اليهود ولام جهمي هما
في وحي رب العرش زائدتان33(1/15)
والقائلون بهذا التأويل يلزمهم أحد أمرين : إما القول بأن الله استولى على العرش ولم يستول على سائر المخلوقات لأن الله خص بهذا الوصف عرشه العظيم أو أن الله استوى على السموات والأرض وسائر المخلوقات جميعا وكلاهما غير صحيح فإن الله ذكر أنه ?اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ? ولا يجرؤ أحد على القول بأن الرحمن على الأرض استوى ، فدل على أن استواءه على عرشه غير غلبته على العرش وعلى سائر المخلوقات. وقد رد هذا التأويل الحافظ ابن القيم من أربعين وجها.34
والطائفة الثانية تؤول العرش بمعنى المُلك ، فمعنى استوائه على العرش عندهم ارتفاعه على المُلك . وبطلان قولهم لا يخفى لأن العرش سرير محسوس له ظل35 وهو محمول ومحفوفة به الملائكة كما يدل عليه قول الباري جل في علاه: ?وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ? [الحاقة : 17] وقوله عز وجل : ?الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ? [غافر : 7] وقوله سبحانه : ?وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ? [الزمر : 75].
فالعرش أعظم المخلوقات ، وقد كان موجودا قبل خلق السموات والأرض كما قال تعالى: ?وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ? [هود : 7] . وله قوائم كما في حديث :"فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش" 36.فهل ملكه هو الذي كان على الماء ؟! أو أنه الذي تحمله الملائكة وتحف من حوله ؟!! أو هو الذي أخذ موسى عليه السلام بقائمة من قوائمه ؟!!! ما أقبح التأويل !.
إثبات معية الله مع خلقه وقربه من عباده(1/16)
ولا يتعارض ما تقدم من علوه على خلقه ما تقرر أيضا من أنه مع خلقه قريب مجيب ?وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ? [الحديد : 4] ولكن يجب أن نفهم هذه المعية حسب ما فهمها السابقون من أئمة العلم والدين . وسياق الآية وسباقها يدلان على أن معيته مع خلقه معية العلم ، فهو معهم بسمعه وبصره وعلمه وقدرته لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء 37. اقرأ الآية السابقة من أولها : ?هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ? [الحديد : 4] . ففي أول الآية أثبت الله استواءه على العرش بعد خلق السموات والأرض ثم في وسطها أثبت إحاطة علمه بالمخلوقات وأثبت معيته معهم ثم بين نوع المعية بقوله : ?والله بما تعملون بصير? .
ومثل هذا ما ورد من دعاء النبي ^ حيث يقول :"اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل"38 فهو سبحانه مع المسافر في سفره ومع أهله في وطنه ولا يلزم من ذلك أن تكون ذاته مختلطة بذواتهم، كما قال :?مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ? [الفتح : 29] أي معه على الإيمان ، لا أن ذاتهم في ذاته بل هم مصاحبون له . وقوله :?إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ? [النساء :146] يدل على موافقتهم في الإيمان وموالاتهم ، وكذلك قوله :?وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ? [التوبة : 119] ?وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ? [البقرة : 43] . فالله تعالى عالم بعباده وهو معهم أينما كانوا ، وعلمه بهم من لوازم المعية .39(1/17)
وكل النصوص التي تدل على المعية لا تخلو من هذا البيان بوجه ولذلك لما سئل الإمام علي بن المديني - شيخ الإمام البخاري - رحمه الله : ما قول أهل الجماعة ؟ قال : يؤمنون بالرؤية - يعني رؤية الله لأهل الجنة - والكلام - يعني إثبات أن القرآن كلام الله - قال: وأن الله فوق السموات على العرش استوى . فسئل عن قوله تعالى: ?مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ? فقال : اقرأ ما قبلها: ?أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ? واقرأ في آخرها : ?إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ? [المجادلة: 7] .
والله سبحانه مع أنبيائه وأوليائه بالتوفيق والنصر والتأييد كما قال تعالى لموسى وهارون : ?إنني معكما أسمع وأرى? [طه : 46] وقال سبحانه : ?إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون? [النحل : 128] وقال حكاية عن موسى عليه السلام : ?كلا إن معي ربي سيهدين? [الشعراء : 62] وقال النبي ^ للصديق إذ هما في الغار: ?لا تحزن إن الله معنا? [التوبة : ] . فهذه المعية أيضا لا تعني أن الله مختلط بذاته في ذوات الأنبياء والأولياء ولكنه معهم بنصره وتأييده وكفايته وحفظه40.
والعبد يكون في بعض أحواله أقرب إلى ربه من بعضها . يدل على ذلك ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة ( عن النبي ^ :"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"41.42
ولذلك قال الله تعالى: ?أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب? [الإسراء : 57].43
وإذا عرفت هذا علمت أنه ليس هناك أي تناقض بين إثبات العلو وإثبات المعية لأنه لا يمكن وجود التناقض بين نصوص الكتاب الكريم . وهذا وصف لجميع عقائد أهل السنة ليس فيها أي تناقض وإنما التناقض بين أقوال أهل البدع .44
(((
معنى التفويض والتأويل(1/18)
التفويض مصدر فوّض إليه الأمر يفوّضه بمعنى صيّره إليه وجعله الحاكم فيه45. ومنه قوله تعالى حكاية عن مؤمن آل فرعون: ?وأفوض أمري إلى الله? [غافر:44] ومن دعائه ^: "وفَوَّضْتُ أمري إليك" يعني رددته إليك. والمتكلمون يعنون بالتفويض في صفات الله تعالى ما ينسبونه إلى السلف من الكف عن تفسيرها الذي يدل على معناها . فهم - على قول المتكلمين - لا يعلمون معانيها ، وأنهم في فهم هذه الصفات كالأعجمي الذي لا يعرف من معناها إلا مجرد سماع ألفاظها . ومن أجل ذلك فوضوا العلم بها إلى الله تعالى . ولا شك أن هذا تجهيل لسلف الأمة الذين هم أعلم الخلق بربهم سبحانه . وهو أيضا اتهام للنبي ^ بأنه لم يبين للصحابة ما أنزل الله عليه . ولا يوجد نص عن أحد من الصحابة أو التابعين أو من بعدهم من السلف الصالحين يقول في صفة من صفات الله تعالى : أنا لا أعلم معناها أو إنني أفوض معناها إلى الله تعالى . بل كانوا يقولون : "أَمِرُّوها كما جاءت" ولا يتحرجون من وصف الله عز وجل بشيء منها .
وأما التأويل فهو مصدر من الأَوْل وهو الرجوع ، والمآل : المرجع . والأوّل إنما كان أوّلا للابتداء به ورجوع ما بعده إليه . وآل الرجل هم من يؤول - يرجع - إليه 46. وقوله تعالى: ?لن يجدوا من دونه موئلا? [الكهف : 58] أي مرجعا.(1/19)
ويطلق التأويل في اللغة على ما تؤول إليه حقيقة الأمر في ثاني حال . وبهذا المعنى وردت كلمة التأويل في الكتاب الكريم كما قال تعالى :?ذلك خير وأحسن تأويلا? [النساء : 59] ?ولما يأتهم تأويله? [يونس :39] ?ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون * هل ينظرون إلا تأويله..? [الأعراف :52-53] وتأويل القرآن هو مجيء ما أخبر به من القيامة وأشراطها كالدابة ويأجوج ومأجوج وطلوع الشمس من مغربها ومجيء ربك والملك صفا صفا ومجيء الصحف والموازين والجنة والنار وأنواع النعيم والعذاب . وحين يجيء هذا التأويل يقولون كما أخبر الله تعالى عنهم : ?يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل? [الأعراف : 53] . ولذلك قال تعالى :?وما يعلم تأويله إلا الله? [آل عمران :7] ، كما قال :?فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين? [السجدة : 17] ، ?بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله? [يونس : 39].
ومن ذلك قول يعقوب عليه السلام : ?كذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث? [يوسف : 6] ، وقول يوسف عليه السلام : ?لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله? [يوسف : 37] وقول الملأ للملك : ?أضغاث أحلام ، وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين? [يوسف : 44] ، وقوله لما دخل عليه أهله في مصر : ?يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا? [يوسف :100] . فتأويل الأحاديث التي هي الأحلام هو نفس مدلولها الذي تؤول إليه كما قال: ?لا يأتيكما طعام ترزقانه? يعني في المنام ?إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما? يعني قبل أن يأتيكما التأويل.
وفي قصة موسى عليه السلام مع العالم : ?قال هذا فراق بيني وبينك ، سأنبؤك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا?. وبعد أن أخبره به قال : ?ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا? [الكهف : 78-82].(1/20)
وقال تعالى :?فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ، ذلك خير وأحسن تأويلا? [النساء : 59] أي أحسن عاقبة ومصيرا . فالتأويل هنا تأويل فعلهم الذي هو الرد إلى الكتاب والسنة ، والتأويل في سورة يوسف تأويل أحاديث الرؤيا ، والتأويل في سورة الكهف تأويل أفعال العالم وفي الأعراف ويونس وآل عمران هو تأويل القرآن .
وقد يَرِدُ التأويل في كلام أهل العلم من السلف بمعنى التفسير كما يقول الحافظ ابن جرير الطبري رحمه الله : القول في تأويل قول الله تعالى كذا ، وذلك عند تفسيره للآيات . وعلى هذا نفهم قول مجاهد ابن جبر - تلميذ ابن عباس - الذي يقول بأن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه يعني يعلمون تفسيره فإن المتشابه هو ما يحتمل معنيين ويدخل فيه المجمل والمطلق والعام والمنسوخ ، فأهل العلم يعلمون تفسيره الذي هو التفصيل والتقييد والتخصيص والنسخ .
وأما عند المتأخرين من الفقهاء وعلماء الأصول والمتكلمة والصوفية فالتأويل هو صرف اللفظ عن معناه الظاهر المتبادر منه إلى معنى آخر محتمل مرجوح لدليل . ولا يخلو هذا من ثلاث حالات :
1. إما أن يصرف عن ظاهره المتبادر منه بدليل صحيح من الكتاب أو السنة . وهذا صحيح مقبول لا نزاع فيه . فقوله ^ :"الجار أحق بصقبه" يدل بظاهره على ثبوت الشفعة للجار الذي هو المجاور لصاحب البستان ، ولكن النبي ^ بنفسه بيّن ما يقتضي معنى آخر محتمل غير هذا وذلك في قوله ^ :"فإذا ضُربت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة" فأثبت الشفعة للجار الذي هو الشريك المقاسم دون الجار المجاور . ويسمى مثل هذا تأويلا صحيحا وتأويلا قريبا . ولا مانع منه إذا دلّ عليه النص .(1/21)
2. الثاني : صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه بدليل ضعيف أو اجتهاد خاطئ كتخصيص بعض العلماء حديث :"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل" بالأمة المكاتبة ، وقالوا لا مانع من أن تُنكح المرأة نفسها إذا كانت حرة . فأولوا المرأة بالمكاتبة اجتهادا . وهذا التأويل خطأ لورود الحديث بصيغة العموم المؤكَّدة بما الزائدة "أيما" .
3. الثالث : حمل اللفظ على غير ظاهره بدون دليل. وهذا تلاعب بكتاب الله تعالى يفعله كثير من الطوائف المبتدعة في صفات الله تعالى لما توهموه في عقولهم من مشابهة صفات الخالق بصفات المخلوقين كما يفعلونه في مسائل القضاء والقدر وغيرها . وهو تهجم على كلام رب العالمين . والقاعدة المعروفة عند علماء السلف : أنه لا يجوز صرف شيء من كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله ^ عن ظاهره إلا بدليل يجب الرجوع إليه .47
عقيدة السلف هي الإثبات، لا التفويض ولا التأويل
أكثر ما يتبجح به من لم يحط علما بمعتقد السلف أنهم مفوضة وأن من بعدهم من الخلف مؤولة ، ويبنون على هذا أن من لم يقل بالتفويض ولا بالتأويل فهو المبتدع ، ومن فوّض أو أوّل فهو على صراط مستقيم حتى قال قائلهم :
وكل نص أوهم التشبيها * أوّله أو فوّض ورم تنزيها48(1/22)
ثم يتحيرون فلا يعرفون حقا ولا يهتدون سبيلا فيقولون : طريقة السلف أسلم - يعنون التفويض - وطريقة الخلف أعلم - يعنون التأويل . وهذا كله خطأ أورث خطأ . بل طريقة السلف أسلم وأعلم وأحكم ، وطريقة غيرهم أظلم وأسقم وأغشم. فالسلف هم الذين زكّى الله طريقهم وهدّد بالعذاب من خالف سبيلهم . وهم خير الأمة بعد الأنبياء ، لا كان ولا يكون مثلهم . فكيف يقال إن المتكلمين الحيارى أعلم منهم بالله وما يليق به ؟! فالسلف لم يكونوا يفوّضون معاني صفات الله عز وجل لأنهم لم يكونوا يجهلون معانيها ، ولم يؤولوا شيئا منها لأنهم لم يتوهموا مشابهة صفات الخالق بصفات المخلوق فيحتاجوا لما احتاج إليه أهل الكلام من التأويل .
قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى :
قد فسر علماء السلف المهم من الألفاظ وغير المهم ، وما أبقوا ممكنا ، وآيات الصفات وأحاديثها لم يتعرضوا لتأويلها أصلا ، وهي أهم الدين ، فلو كان تأويلها سائغا أو حتما لبادروا إليه ، فعلم قطعا أن قراءتها وإمرارها على ما جاءت هو الحق ، لا تفسير لها غيرُ ذلك ، فنؤمن بذلك ونسكت اقتداء بالسلف، معتقدين أنها صفات لله تعالى استأثر الله بعلم حقائقها (يعني كيفيتها) وأنها لا تشبه صفات المخلوقين ، كما أن ذاته المقدسة لا تماثل المخلوقين. فالكتاب والسنة نطق بها ، والرسول ^ بلّغ ، وما تعرض لتأويل مع كون الباري قال :?لتبين للناس ما نزل إليهم? النحل : 44]، فعلينا الإيمان والتسليم للنصوص ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .49
الفرق بين التفويض والكف عن التكييف والتمثيل(1/23)
وهنا يجب التفريق بين التفويض الذي يقصدونه وبين ما ثبت عن السلف من الكف عن التكييف والتمثيل فهذا قد يسمى تفويضا ولكنه تفويض للكيفية لا للمعنى . فالسلف يثبتون معاني صفات الله تعالى على حقيقتها المعروفة التي يعرفها كل من يعرف اللغة العربية ولكن يفوضون العلم بكيفية هذه الصفات إذ أن ذلك لا تهتدي إليه العقول كما قال تعالى : ?ولا يحيطون به علما?[طه : 110]. ولذلك كانوا يقولون: أَمِرُّوهَا كما جاءت بلا كيف 50. ففي الجنة من النعيم ما وصفه الله في كتابه ?من ماء غير آسن وأنهارٌ من لبن لم يتغير طعمه وأنهارٌ من خمر لذة للشاربين وأنهارٌ من عسل مصفى? [محمد : 15] . ومع ذلك فليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء كما قاله ابن عباس ( . فهل يعني ذلك أن ننفي وجود الماء واللبن والخمر والعسل في الجنة ؟ كلا ، هي كذلك على حقيقتها ولكنا لا نعلم كيفيتها كما قال سبحانه :?فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين? [السجدة : 17] .
أَفَتَرَى زينبَ بنْتَ جحشٍ رضي الله عنها حين تقول للرسول ^: "زوجنيك الرحمن من فوق عرشه" وفي رواية :"إن الله أنكحني في السماء"51 لا تعرف معنى أن الله في السماء فوق العرش ؟ .
أو أن عائشة رضي الله عنها حين قالت في شأن قتل عثمان: "علم الله فوق عرشه أني لم أحب قتله"52 لا تعرف أين ربها بل تفوض معنى ذلك ؟
أو ليس عبد الله بن عباس هو الذي قال لها رضي الله عنهما: "كنتِ أحبَّ نساء رسول الله ^ ولم يكن يحب إلا طيبا ، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات"53 ؟
أو أن عمر بن الخطاب ( حين قال لخولة بنت ثعلبة : "هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات"54 أو حين استقبله الناس بالشام وأشاروا له أن يركب بِرْذَوْناً يلقاه عظماء الناس فقال لهم : أريكم ههنا ؟ إنما الأمر من ههنا ! وأشار إلى السماء .55 أتظن أنه لا يعرف أين ربه؟.(1/24)
أو أن عبد الله بن مسعود ( حين قال : "العرش فوق الماء والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم"56 يفوض معنى أن الله فوق العرش ؟!.
بل الأحاديث النبوية الصحيحة تؤكد أن الرسول ^ عرف معنى الصفات وأثبتها لله تعالى وعلّم أصحابه هذا الإثبات . ومن الأمثلة على ما نحن بصدده من إثبات العلو والاستواء ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي سعيد ( عن النبي ^ :"ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ؟"57
وما أخرجه مسلم من طريق أبي هريرة عن النبي ^ قال: "والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها زوجها"58.
وما أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمرو عن النبي ^: "الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" .59
والأحاديث النبوية في ذلك كثيرة جدا يمكنك مراجعتها مع ما يَعْضُدُها من الآثار السلفية من أقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى علماء القرن السابع في كتاب العرش للإمام الذهبي وكتابه الآخر "العلو" والذي طبع مختصره باسم "العلو للعلي الغفار"60. ولا تفوتنك قراءته فإنه كتاب نفيس .
معنى قول السلف:"الاستواء معلوم"(1/25)
يشتبه على كثير من طلبة العلم ما أُثر عن بعض الصحابة والتابعين وثبت عن ربيعة شيخ الإمام مالك وعن مالك أيضا رضي الله عنهم أجمعين أنهم قالوا حين سئلوا عن كيفية الاستواء فقالوا بأن "الاستواء معلوم ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة" زاد ربيعة بدل الجملة الأخيرة : "ومن الله الرسالة ، وعلى الرسول البلاغ ، وعلينا التصديق"61 . فيظنون أن هذا تفويضٌ لمعنى الاستواء ومنعٌ للحديث عن هذه الصفة التي وصف الله نفسه بها في مواضع في كتابه ووصفه بها أعلمُ الناس به ^ في أحاديثه الكثيرة . وهذا وهم أورثه عدم التأمل في النصوص المروية عن السلف في هذا الباب ومنهم الإمام مالك نفسه رحمه الله ، ولذلك قال العلماء : الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبيّن فقهه . ولو تأملوا هذا اللفظ نفسه لعلموا أنه ليس فيه تفويض فإن السؤال كان عن "كيف استوى" ؟ لا عن معناه ، ولأنهم يقولون "والإيمان به واجب" فالإيمان بماذا ؟ بما لا نعرف معناه ؟!.
فالقول بأن الاستواء معلوم يعني أنه لا يحتاج إلى تأويل لأنه معلوم غير مجهول . وأما أن الكيف غير معقول فذلك أن الصفات فرع عن الذات وحيث لا يعرف أحد كيفية ذاته سبحانه فلا سبيل لأحد إلى معرفة كيفية صفاته . وهذا يقال في جميع الصفات كالسمع والبصر والحياة وكذلك في القدم والساق والرجل وفي الاستواء والمجيء والنزول وسائر الصفات فنثبتها على حقيقتها ولا نذكر لها تمثيلا ولا تكييفا . والإيمان به واجب لأن الله ذكره وبيّنه رسوله ويجب قبوله من الله ورسوله . وأما أن السؤال عنه بدعة فذلك حين ظهور بدعة التأويل فيسألون عن كيفية هذه الصفات ابتغاء الفتنة وابتغاء التأويل والتحريف . وكان السلف رضوان الله عليهم أحرص الناس على سد أبواب الفتن ودرء مسالك الابتداع في الدين .62
التأويل فرع عن التشبيه(1/26)
وهنا مسألة يجب التنبُّه لها وهي أن الذي يلجأ إلى التأويل في صفات الله تعالى لا يفعل ذلك إلا بعد تصوره للتشبيه ، فيفر منه إلى التأويل . وأما الذي يعتقد ثبوت الصفات على ما يليق بالله جل جلاله ولا يمثّل ولا يكيّف ويقول إن ذاته المقدسة لا تشبه الذوات ولا صفاته العلية تشبه الصفات فهذا لا يحتاج إلى التأويل . وهذه طريقة السلف أجمعين .
وقد أثر عن نعيم بن حماد - من أئمة أتباع التابعين- قوله: "من شبه الله بخلقه فقد كفر ، ومن أنكر ما وصف نفسه به فقد كفر . وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيها".63
(((
ردود على شبه
وأما ما يستدلون به من تفسير ابن عباس لقوله تعالى: ?وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ? [الذاريات : 47] أنها بقوة ، فهذه الآية قد قال كثير من المفسرين إنها ليست من آيات الصفات، وابن عباس لا ينفي عن الله سبحانه اليد التي أثبتها لنفسه وإنما يقول إن هذه الآية معناها هكذا وهو تفسير مقبول من حَبْرِ الأمة (.64
فهل قال ابن عباس مثل ذلك في قوله تعالى : ?إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ? [الفتح : 10] ؟ أو قال ذلك في قوله تعالى : ?بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ? [المائدة :64] ؟ وفي قوله جل شأنه :?مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ?[ص:75] أو قالها في قول الله سبحانه : ?وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا? [الفجر : 22] ؟ وما أشبه ذلك من آيات الصفات الإلهية ؟ أليس ابن عباس هو الذي قال في قوله تعالى: ?أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ..? أي أأمنتم عذاب من في السماء إن عصيتموه؟65 فهل هو من أرباب التأويل؟(1/27)
فالأيدُ في هذه الآية لفظ مفرد وليس بجمع لليد ومعناه القوة كما فسره حبر الأمة فهو كقوله تعالى: ?وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ?[ص:17] يعني ذا القوة في عبادة الله ، ولم يفسرها أحد بغير ذلك . فأين التأويل ؟.
وأما قوله تعالى ?يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ? [القلم : 42] فقد أورد البخاري تفسيره عن النبي ^ في باب (يوم يكشف عن ساق) من حديث أبي سعيد الخدري ( قال سمعت النبي ^ يقول :"يَكْشِفُ ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا".66
فالرواية عن ابن عباس في تفسير هذه الآية كما حكاها الحافظ ابن كثير67 أن الكشف عن ساق :"هو الأمر الشديد الفظيع من الهول يوم القيامة" والأخرى :"حين يكشف الأمر وتبدو الأعمال" والثالثة :"عن أمر عظيم" والرابعة :"هو يوم القيامة يوم كرب وشدة" . فليس في شيء منها ما يعارض تفسير النبي ^، بل فيه وصف ذلك بأنه أمر عظيم مَهُولٌ.
وهناك تفسير آخر عن أبي موسى ( مرفوعا قال في هذه الآية: "يعني عن نور عظيم يخرون له سجدا".68
فهل في هذا ما يدعو إلى أن تُؤَوَّل صفةُ الساق الثابتةُ لله على الوجه الذي يليق بجلاله ؟ لما ذا ؟ سيقولون : فرارا من التشبيه!. نقول : أنتم تصورتم التشبيه ففررتم منه إلى التأويل! ونحن لا نتصور في صفات الله تعالى شيئا من صفات المخلوقين، بل نقول إنها ثابتة له سبحانه على الوجه الذي يليق بجلاله . ثم إنكم متناقضون ، لأنا نقول لكم إذا أوّلتم بعض هذه الصفات فأوِّلوا جميع الصفات ولا تستثنوا سمعا ولا بصرا ولا علما ولا حياة إن كنتم فاعلين . ذلك أنّ ما لزم في إثبات هذه لله على الوجه الذي يليق بعظمته وجلاله _ إن لزم _ يلزم في إثبات هذه كذلك فإنها ثابتة في المخلوقين. تعالى الله عن مشابهة الخلق علوا كبيرا.(1/28)
قال الإمام موفَّق الدين ابن قدامة المقدسي رحمه الله بعد أن ذكر عددا من صفات الله تعالى الواردة في الأحاديث الصحيحة :
فهذا وما أشبهه مما صح سنده وعُدِّلت رواته ، نؤمن به ولا نرده ، ولا نجحده ، ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره ، ولا نشبهه بصفات المخلوقين ، ولا بسِمات المُحْدَثين ، ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لا شبيه له ولا نظير : ?لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ? [الشورى : 11] .69
شبهة المكان والجهة
لم يزل ديدن المبتدعة ومرضى التأويل إذا دعوا إلى الإيمان بصفة الله العلي وإثبات علوه على خلقه واستوائه على عرشه على الوجه الذي يليق بجلاله أن يقولوا أثبتم له الجهة والمكان ! وجوابنا عنهم بإيجاز :
1. إن لفظ الجهة والمكان لم يردا في الكتاب والسنة ولا في أقوال سلف الأمة بنفي ولا إثبات . فنحن نتحرج من إطلاق هذه الألفاظ على الله تعالى نفيا أو إثباتا .70
2. وهذه ألفاظ مجملة قد يُقصد بها معان صحيحة أو معان باطلة . فنحتاج أن تبينوا لنا مقصودكم بالجهة والمكان . فإن قصدتم بالجهة جهة العلو قلنا لكم هي ثابتة لله . وإن أردتم بالمكان ما فوق العرش قلنا لكم هو أثبته لنفسه كذلك . وأما إن أردتم بهذين اللفظين ما سوى ذلك فهذا باطل ونحن لا نقول به إطلاقا .
3. إن لازم الحق حق ولا غضاضة في ذلك . فإنْ لزم من تصديق الله ورسوله إثبات الجهة والمكان فعقولكم ليست هي الحَكَم في المسألة وإنما الفيصل ما قاله الله ورسوله .71
4. وهم ينزهون الله عن الجهة والمكان - وإن كانت الجهة جهة العلو والمكان فوق العرش - لأن الجهة والمكان يقتضيان عندهم التشبيه ، ثم هم يقولون إنه في كل مكان ! فأي تناقض أشد من هذا ؟ ومن أولى بوصف الضلال منهم لو كانوا يعلمون ؟.
قال الحافظ ابن قيم الجوزية رحمه الله في نونيته :
والله أكبر ظاهر ما فوقه * شيء وشأن الله أعظم شان
والله أكبر عرشه وسع السما * والأرض والكرسي ذا الأركان(1/29)
وكذلك الكرسي قد وسع الطبا * ق السبع والأرضين بالبرهان
والله فوق العرش والكرسي لا * تخفى عليه خواطر الإنسان
لا تحصروه في مكان إذ تقو * لوا : ربنا حقا بكل مكان
نزهتموه بجهلكم عن عرشه * وحصرتموه في مكان ثان72
الأئمة الأربعة كانوا على مذهب السلف من الإثبات73
لم يختلف قول الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمة الله عليهم جميعا عن قول سائر السلف في إثبات صفات الله تعالى على حقيقتها اللائقة بعظمته سبحانه كما نقله عدد من المحققين . قال المحقق الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :
المذهب الذي يسلم صاحبه من ورطتي التعطيل والتشبيه هو مذهب سلف هذه الأمة من الصحابة والقرون المشهود لهم بالخير وأئمة المذاهب وعامة أهل الحديث ، وهو الذي لا يُشك أنه الحق الذي لا غبار عليه ، وضابطه مجانبة أمرين : وهما التعطيل والتشبيه . فمجانبة التعطيل هي أن تثبت لله جل وعلا كل وصف أثبته لنفسه ، أو أثبته له نبيه ^ .. ومجانبة التشبيه هي أن تعلم أن كل وصف أثبته الله جل وعلا لنفسه أو أثبته له رسوله ^ فهو ثابت له على الوجه البالغ من كمال العلو والرفعة والشرف ما يقطع علائق المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين ?وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ? [الإخلاص:4] .74
وقد ورد عن الإمام أبي حنيفة من طرق تكفير من نفى أن الله في السماء ، قال : لأن الله تعالى يقول : ?الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى? [طه : 5] وعرشه فوق سمواته 75.
وثبت عن مالك أن الله في السماء وعلمه في كل مكان .76
وعن الإمام الشافعي : القول في السنة التي أنا عليها ، رأيت أهل الحديث عليها ، الذين رأيتهم مثل سفيان ومالك وغيرهما : الإقرار بشهادة أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله - وذكر أشياء - ثم قال : "وأن الله فوق عرشه في سمائه، يَقْرُب من عباده كيف شاء ، وينزل إلى سماء الدنيا كيف شاء". وذكر سائر الاعتقاد.77(1/30)
وأما أحمد بن حنبل فالنقل عنه في هذا كثير . بل له كتاب "الرد على الجهمية" الذي بيّن فيه معتقده الموافق لما عليه الصحابة والتابعون من إثبات صفات الباري جل وعلا على ما يليق بجلاله .
ومنه ما نقله ولده حنبل حيث قال : سألت أبا عبد الله عن معنى ?وَهُوَ مَعَكُمْ? [الحديد :4] و ?مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ? [المجادلة :7] فقال : علمه محيط بالكل ، وربنا على العرش بلا حد ولا صفة .78
(((
صفات الله تعالى ليست من المتشابه ولا من المجاز
المحكم هو ما عرف المراد منه والمتشابه هو ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة وخروج الدجال والحروف المقطعة في أوائل سور القرآن .79 وأما المجاز فهو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له بخلاف الحقيقة التي هي اللفظ المستعمل في ما وضع له .80
والقول بأن صفات الله عز وجل من المتشابه أو من المجاز مما لا يليق بالله تعالى فإن المتشابه ما لا يعرف معناه ، والمجاز ما وضع في غير موضعه فكيف يقال هذا في صفات ذي الجلال والإكرام؟!.
ثم إنهم إن قالوا إن صفات الله تعالى من المتشابهات قلنا لهم : أي الصفات تقصدون ؟ أتقولون إن جميع صفاته تعالى لا يعرف لها معنى فهي كحروف الهجاء التي لا يستفاد منها أي معنى ؟ ألا تفهمون شيئا من صفات الله تعالى التي وصف بها نفسه في سورة "الإخلاص" وأول سورة "الحديد" وآخر "الحشر" وفي "آية الكرسي" وفي مئات الآيات التي جاءت بوصف الباري بصفاته العلية ؟ فإذن لا تعرفون معنى سمعه وبصره وكلامه وعلمه وحياته وقدرته وإرادته؟ أم إنكم تختارون من صفاته تعالى ما تجعلونه محكما وما تجعلونه متشابها ؟! فأي سلف لكم في هذا التفريق إن كنتم صادقين ؟ ولقد رد ذلك عدد من المحققين منهم العلامة ابن رشد الذي قال في "الكشف عن مناهج الأدلة" بعد أن ذكر بعض آيات الصفات :(1/31)
... إلى غير ذلك من الآيات التي إن سُلّط التأويل عليها عاد الشرع كله مؤوّلا ، وإن قيل فيها إنها من المتشابهات عاد الشرع كله متشابها ، لأن الشرائع كلها متفقة على أن الله في السماء ، وأن منه تنزل الملائكة بالوحي إلى النبيين .81
ومنهم حافظ المغرب أبو عمر ابن عبد البر القرطبي رحمه الله، قال:
أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها ، وحملها على الحقيقة لا على المجاز ، إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ، ولا يحدون فيه صفة محصورة . وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة .82
وقال أيضا :
.. ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبارات . وجل الله عز وجل أن يخاطب إلا بما تفهمه العرب في معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين. والاستواء معلوم في اللغة ومفهوم وهو العلو والارتفاع على الشيء والاستقرار والتمكن فيه .83
العلماء ينكرون على من قال إن الله في كل مكان
لم يزل علماء الأمة ينكرون مقالة الجهم بن صفوان القائل بأن الله في كل مكان منذ أن أظهرها . ومنهم الحافظ أبو عمر ابن عبد البر المالكي (ت463هـ) . قال في كتاب التمهيد شرح الموطأ في شرح الحديث الثامن لابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عن النبي ^ قال : "ينزل ربنا في كل ليلة إلى سماء الدنيا .." الحديث . قال رحمه الله :
هذا الحديث ثابت من جهة النقل ، صحيح الإسناد، لا يختلف أهل الحديث في صحته ..وفيه دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش، من فوق سبع سموات، كما قالت الجماعة. وهو حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم إن الله في كل مكان وليس على العرش.84
ثم شرع في سرد الأدلة والحجج على هذا وأتى من البيان بما لا مزيد عليه جزاه الله خيرا .(1/32)
ومنهم الإمام القدوة أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلي - الذي ينتسب إليه القادرية - (ت561هـ) 85 حيث قال في كتابه "الغنية لطالبي طريق الحق":
..وهو بجهة العلو مستو على العرش ، محتو على الملك ، محيط علمه بالأشياء ?إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه? [فاطر : 10] ، ?يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون? [السجدة : 5] ، ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان ، بل يقال : إنه في السماء على العرش كما قال : (الرحمن على العرش استوى) [طه : 5] . وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل ، وأنه استواء الذات على العرش .. وكونه سبحانه وتعالى على العرش ، مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف .86
ومنهم شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله (ت 728هـ)قال :
فكل من قال إن الله بذاته في كل مكان فهو مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها مع مخالفته لما فطر الله عليه عباده ولصريح المعقول .87
ومنهم الحافظ الإمام أبو عبد الله القرطبي المالكي صاحب التفسير (ت671هـ). فقد قال عند تفسير قوله تعالى: ?ثم استوى على العرش? في سورة الأعراف:
وقد كان السلف الأُول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله، ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة. وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته.88
ومنهم الحافظ ابن كثير رحمه الله (ت 774هـ) . وسأنقل لك ما قاله عند تفسيره لقول الله تعالى: ?هو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون? [الأنعام : 3] . قال رحمه الله :(1/33)
اختلف مفسرو هذه الآية على أقوال بعد اتفاقهم على إنكار قول الجهمية الأُوَل القائلين - تعالى عن قولهم علوا كبيرا - بأنه في كل مكان حيث حملوا الآية على ذلك . فالأصح من الأقوال أنه المدعو الله في السموات وفي الأرض أي يعبده ويوحده ويقر له بالإلهية من في السموات ومن في الأرض ويسمونه الله ويدعونه رغبا ورهبا إلا من كفر من الجن والإنس . وهذه الآية على هذا القول كقوله تعالى :?وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله? [الزخرف : 84] أي هو إله من في السماء وإله من في الأرض . وعلى هذا فيكون قوله: ?يعلم سركم وجهركم? خبرا أو حالا .89
والقول الثاني : أن المراد أنه الله الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض من سر وجهر فيكون قوله: ?يعلم? متعلقا بقوله :?في السموات وفي الأرض ويعلم ما تكسبون? .
والقول الثالث : أن قوله :?وهو الله في السموات? وقف تام، ثم استأنف الخبر فقال :?وفي الأرض يعلم سركم وجهركم? وهذا اختيار ابن جرير .90
رمي السلفيين بالتشبيه والتجسيم فرية مكشوفة
ومرضى التأويل على مر الدهور قد دأبوا على رمي أهل الحديث والسنة بأنهم مشبهة أو مجسمة . وهم كما قيل في المثل "رمتني بدائها وانسلت" . ثم لا يألون في ذلك جهدهم بالكذب والافتراء والبهتان العظيم .
قال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر المالكي رحمه الله :
أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها ، وحملها على الحقيقة لا على المجاز ، إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ، ولا يحدون فيه صفة محصورة . وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة ، ويزعمون أن من أقر بها مشبه ، وهم عند من أثبتها نافون للمعبود . والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم أئمة الجماعة والحمد لله .91
ومن هذه الافتراآت قول الرحّالة ابن بطوطة عن شيخ الإسلام ابن تيمية :(1/34)
وكنت إذ ذاك بدمشق ، فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكّرهم ، فكان من جملة كلامه أن قال : إن الله ينزل إلى السماء الدنيا كنزولي هذا . ونزل درجة من درج المنبر .92
قلت : هذه فرية مكشوفة ، فإنه ذكر قبل هذا93 أنه وصل إلى دمشق يوم الخميس التاسع من شهر رمضان المعظم ، عام 720هـ ، وابن تيمية سُجن قبل هذا التاريخ بحوالي سبع وأربعين يوما فإنه سجن في محنته الثالثة يوم 22 من رجب وبقي فيه إلى يوم عاشوراء سنة 721هـ94 فكيف التقى به ؟ وعلى أي منبر سمعه يقول ذلك ؟!.
ثم إن هذا الذي نسبه إلى ابن تيمية من التشبيه هو الذي أفنى ابن تيمية عمره في إبطاله ، يعرف ذلك كل من له خبرة بكتبه . فانظر مثلا رسالته إلى أهل تدمر والفتوى الحموية والعقيدة الواسطية وغيرها من كتبه رحمه الله . استمع إلى قوله في أول كتابه العقيدة الواسطية :
ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف الله به نفسه في كتابه وبما وصفه رسوله محمد ^ من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل،95 بل يؤمنون - يعني أهل السنة والجماعة - بأن الله ?ليس كمثله شيء وهو السميع البصير? [الشورى :11] فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه ، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه ، ولا يلحدون في أسماء الله وآياته ، ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه ، لأنه سبحانه لا سمي له ولا كفؤ له ولا ند له ، ولا يقاس بخلقه سبحانه وتعالى.96(1/35)
ورمي السلفيين بالتجسيم شِنشِنة نعرفها من أخزم - كما يقولون - لأنها فرية قديمة لم تتوقف على شيخ الإسلام ابن تيمية فقد افتروا أيضا على شيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي الأنصاري رحمه الله كما ذكره الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ97 . وقد بلغ بالمبتدعة الغل والحقد إلى حد أن صنعوا صنما نحاسيا صغيرا وجعلوه تحت سجادته ، ثم شكوه إلى السلطان ألب أرسلان وزعموا أنه يعبد هذا الصنم ويقول إن الله على صورته ! ولما حقق الأمير علم أنهم كذبوا عليه وأنه لم يكن على علم بهذا الصنم . فانقلب شيخ الإسلام بنعمة من الله وفضل لم يمسسه سوء ، وباء المفترون بغضب من الله وإعراض من السلطان .
عقيدة الإمام أبي الحسن الأشعري98
اتفق المؤرخون على أن الإمام أبا الحسن علي بن إسماعيل الأشعري كان تلميذا لأبي علي الجبائي رأس المعتزلة - وهو زوج أمه - وعنه أخذ الكلام ، ولكنه بعد أن تبحر في علم الكلام شرح الله صدره لمعرفة الحق فصار إلى مذهب أهل الحديث وناظر شيخه بالحجة من القرآن . قال الشيخ محب الدين الخطيب :
نشأ في أول أمره على الاعتزال وتتلمذ فيه على الجبائي ثم أيقظ الله بصيرته وهو في منتصف عمره وبداية نضجه سنة 304هـ فأعلن رجوعه عن ضلالة الاعتزال ، ومضى في طوره الثاني نشيطا يؤلف ويناظر ويلقي الدروس في الرد على المعتزلة سالكا طريقا وسطا بين طريقة الجدل والتأويل وطريقة السلف . ثم محض طريقته وأخلصها لله بالرجوع الكامل إلى طريقة السلف في إثبات كل ما ثبت بالنص من أمور الغيب التي أوجب الله على عباده إخلاص الإيمان بها ، وكتب بذلك كتبه الأخيرة ومنها في أيدي الناس كتاب الإبانة. وقد نص مترجموه على أنها آخر كتبه (انظر ترجمته في شذرات الذهب) وهذا ما أراد أن يلقى الله عليه . وكل ما خالف ذلك مما ينسب إليه أو صارت تقول به الأشعرية فالأشعري رجع عنه إلى ما في كتاب الإبانة وأمثاله .99(1/36)
وممن ذكر رجوع الإمام أبي الحسن الأشعري إلى معتقد السلف المقريزي في كتاب الخطط .100 والعلامة أحمد بن محمد الدهلوي في تاريخ أهل الحديث .101
ومما يدل على مذهبه الأخير قوله رحمه الله في الإبانة:
"فصل في إبانة قول أهل الحق والسنة" فإن قال قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة ، فعرفونا قولكم الذي تقولون وديانتكم التي بها تدينون . قيل له : قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها التمسك بكلام ربنا وسنة نبينا وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ، ونحن بذلك معتصمون ... إلى أن قال : وأن الله مستو على عرشه كما قال : ?الرحمن على العرش استوى? . ثم قال : إن قال قائل : ما تقولون في الاستواء ؟ قيل له : إن الله مستو على عرشه . اهـ102
(((
عقيدة الشيخ عثمان بن فودي
يمكن القول بأن كل من له أدنى ممارسة لكتب الشيخ عثمان بن فودي رحمه الله تعالى يعرف شدة تعظيمه لرسول الله ^ وسنته ، وإجلاله لآثار الصحابة والتابعين .103 وأن العقيدة يجب أخذها من الكتاب والسنة . وما أكثر ما يردد القول بأن الدين مبني على التبصر، ويردد:
الخير كله في الاتباع * والشر كله في الابتداع
وهو القائل :
ومن علامات المتبعين لسنة رسول الله ^ الإيمان به في جميع ما جاء به والطاعة له في ذلك والتزام محبته بالاقتداء به في أقواله وأفعاله وأخلاقه .104
وقال في موضع آخر نقلا عن ابن الحاج :(1/37)
فإذا علمت هذا كله فعليك باتباع الكتاب والسنة وبما كان عليه الصحابة والتابعون وتابعوا التابعين من أحوالهم السنية إذ هم الذين شهد لهم صاحب العصمة ^ بالخير ، فما عملوا به عملناه وما لا فلا . فيجب على كل من أراد سلوك طريق النجاة أن يبحث عن سيرهم وأحوالهم وينظر في أقوالهم وأعمالهم ويجعل ذلك نصب عينيه ويأخذ نفسه بالجد في العمل بما كانوا عليه ويعرض عما يحدثه المحدثون بعدهم ولا يلتفت إليه ويقول إذا رأى شيئا مما أحدث بعدهم ولو كان خيرا لسبقونا إليه، فمن سلك سبيلهم وصل إلى ما وصلوا إليه حقا ومن عدل عنه قيل له سحقا سحقا .105
ولما نقل كلام الفاكهاني رحمه الله الذي بلغ الغاية في الإرشاد إلى التمسك بالسنة وهدي السلف الصالح وصفه بأنه كلام بليغ كاف لمن نور الله بصيرته . وهذا لفظ كلام الفاكهاني :
وقد علِمنا أن النبي ^ لم يمت إلا بعد تمهيد الدين وبيانه وتأسييس قواعده وأركانه وإيضاح ما يحتاج إليه من الأحكام الخسمة ثم أحال على كتاب الله تعالى ثم على سنته ثم على سنة أصحابه . وكل ما كان في الكتاب أو السنة أو عليه عمل أصحابه ^ فهو دين الله الذي يدان به وما خالفه فهو بدعة وضلالة ومردودة إذ لو كان خيرا لنبهنا عليه ^ إذ كان حريصا كل الحرص على نصح الأمة وإرادة الخير لنا فجزاه الله أفضل ما جازى نبيا عن أمته وجعلنا من أمته المتبعين لسنته الكائنين في زمرته بفضله ومنّه .
ثم عقب على هذا الكلام بعد ذلك بقوله : وهو حسن جيد، وفيه كفاية لكل مهتد .106(1/38)
فلا يتصور بعد هذا عدول الشيخ عثمان عن منهج هؤلاء السلف الصالحين إلى غيره من مذاهب المبتدعين. ولكنه رحمه الله تعالى توفر له من كتب علم الكلام ما لم يتوفر له من غيرها في هذا الباب فأكثر من النقل عن السنوسي في شروحه وعن اللقاني في إتحاف المريد وعن الحسن اليوسي في المحاضرات وأحمد بن زكري في محصل المقاصد والمنجوري في شرح هذا المحصل والطغوغي في شافية القلوب والجورائي في عقيدة الموحدين والونشريسي في المعيار المعرب وعن عبد الوهاب الشعراني في القواعد الكشفية وغير هؤلاء من المتأخرين الذين نهجوا في التوحيد منهج أهل الكلام .107 ولكن المنصف يلاحظ ما في ثنايا نقوله من التعقبات النيرة والتعليقات النافعة كقوله بعد نقل كلام للسنوسي في العمدة شرح الكبرى :
المطلوب الواجب على الأمة حصول معاني أصول الدين المنصوصة في الكتاب والسنة في القلوب لا علم الكلام.108
وهو يؤكد في عدد من المواضع على لزوم تحكيم الكتاب والسنة في مسائل الصفات لا تحكيم العقل والفلسفة كقوله:
مسألة : وقد خاض قوم كثيرون في الكلام على المتشابهات وآيات الصفات بعقولهم فضلوا وأضلوا، والأولى بهم الأدب مع الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام فإنهم جاؤوا بها كما هي عند الله تعالى ولم ينقل عن أحد منهم تأويلها فتأويلها إذن سوء أدب عند الله عز وجل مع أن ذلك مؤذن أيضا بقصور الشارع عن البيان فلا يليق التأويل ولكن الحق أن للعالم أن ينور للعامة ذلك بقدر ما يقوم به التعظيم في قلوبهم لله عز وجل .109
ثم قال رحمه الله :
مسألة : لا يقدح إطلاق الفوقانية على الله ، فكثيرا ما أومأت إليه الأخبار وظواهر الآيات. ولكن الاعتقاد يقدح إن اعتقدها من غير تنزيه .110
وانتهى به المطاف إلى القول بأن :
كل ما أطلقه الشرع من الألفاظ على الله تعالى أطلقناه وما لا فلا كما بينه علماء السنة .111(1/39)
ولذلك فنحن لا نجد أي حرج في نسبة هذا المجدد الكبير إلى مذهب سلف الأمة الصالحين رضي الله عنا وعنهم أجمعين .
تعقيب على مذكرة "تنبيه المؤمن"
كانت النية أن يخلو هذا البحث عن أي ذكر لما ورد في مذكرة الشيخ محمد بلُّو ابن محمد بن عمر قوفر عتيق ، وعنوانها : "تنبيه المؤمن على أن الله ليس له مكان" . وكان ذلك من أجل الخوف من أن يستغله بعض ذوي المطامع والأهواء لكي ينالوا مآربهم من تشقيق الصف وتوسيع الخلاف وإشاعة الشحناء والبغضاء بين أهل العلم ، ولكن الباحث لم يسعه السكوت عن بعض المواضع التي وردت في المذكرة بخاصة بعد أن أعاد القراءة فيها فتقرر إبداء بعض الملحوظات التي يستحسن تنبيه القارئ عليها. وما نعرفه من الأخ الشيخ محمد بلُّو وأمثاله من طلبة العلم من الحرص على الوصول إلى الحق يقوّي العزم على ذلك ويشجع عليه ، والعود للحق أحمد كما يقال ، مع أن في المباحث السابقة كفاية لمن نور الله قلبه ونحسب أنه منهم إن شاء الله . فهذه إذن تنبيهات متممة لما سبق وهي محصورة في المواضع التالية :(1/40)
الموضع الأول : افتتحت المذكرة بحديث نسبه إلى البيهقي ووصفه بأنه "مقبول" وهو حديث المقدام ابن معديكرب (: "إذا حدثتم الناس (عن ربهم) فلا تحدثوهم بما يفزعهم112 ويشق عليهم" . وهو حديث ضعيف لا يجوز الاحتجاج به ولا نسبته إلى رسول الله ^ فإنه من مرويات الديلمي في مسند الفردوس (1/1/107) وهو في فردوس الأخبار برقم 1031 وابن عدي في كتابه "الكامل في الضعفاء" (7/80) وأبي الحسن القزويني في "مجلس من الأمالي" (198/2) والهروي في كتاب "ذم الكلام" (4/71) وفيه علتان : إحداهما الوليد بن كامل البجلي الذي في إسناده وقد قال الذهبي في الميزان 113: ضعفه أبو الفتح الأزدي ، ومِن قبله أبو حاتم . وقال البخاري : عنده عجائب . وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب : يروي المراسيل والمقاطيع . قال ابن القطان : لا تثبت عدالته114. والعلة الثانية رواية تلميذه بقية بن الوليد عنه وهو المعروف بأشد أنواع التدليس أعني تدليس التسوية حتى قال فيه العلماء "أحاديث بقية ليست نقية، فكن منها على تقية"115.
ومرويات الديلمي في مسند الفردوس وابن عدي في كتاب الضعفاء وأمثالهما معروفة بضعفها حتى إن الإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى اعتبر مجرد العزو إليها كاف عن بيان ضعفها فقد قال في الجامع الكبير في معرض بيان رموز الكتب التي يعزو الأحاديث إليها :
وللعقيلي في الضعفاء (عق) ولابن عدي في الكامل (عد) وللخطيب (خط) فإن كان في تاريخه أطلقت وإلا بينته ، ولابن عساكر في تاريخه (كر) . وكل ما عزي لهؤلاء الأربعة أو للحكيم الترمذي في (نوادر الأصول) أو الحاكم في تاريخه أو للديلمي في مسند الفردوس فهو ضعيف . فليستغن بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه116.(1/41)
وكنت أُجِلُّ صاحبَ المذكرة عن إيراد مثل هذا الحديث في مطلع مذكرته ، فإننا لو افترضنا صحته جدلا فما الذي نفهمه منه ؟ أنفهم منه أن لا نُعلّم الناس ما جاء عن الله وعن رسوله ^ في بيان صفات الباري جل في علاه ؟ فنأخذ عمن إذا تركنا ما جاء عن الله وعن رسوله ^ ؟ وهل يُتصور في بيان الله ورسوله ^ ما يفزع ويشق ؟ أين هو ؟ وعند مَنْ يفزع ويشق إلا عند من أفسد عقله علم الكلام ؟!.
الموضع الثاني : قوله بعد هذا الحديث :
وعلى آله وأصحابه الذين أطاعوا الله ورسوله ولما في محكم تنزيله عاملين وفي متشابهه من آيات الصفات مفوضين وعلى تابعيهم من مفوضين ومتأولين الذين نزهوا الله عما لا يليق به من صفات المخلوقين .
أقول : هذه الفقرة مع قلتها فيها عدد من الأخطاء العلمية :
أولها : وصفه آيات الصفات بأنها متشابهات . وأين المحكمات إذن إذا كانت صفات الخالق تبارك وتعالى متشابهات ؟ بل ?هن أم الكتاب? إذ لا تخلو سورة من سور القرآن عن ذكر صفاته تبارك وتعالى . بل يكفيك من هذا أن كل سورة من سوره الأربعة عشر ومائة تبتدئ ببسم الله الرحمن الرحيم عدا سورة التوبة. والبسملة متضمنة لصفات الله تعالى . ولذلك قال ابن رشد بعد أن ذكر بعض آيات الصفات ، ومنها آيات إثبات الإستواء :
إلى غير ذلك من الآيات التي إن سُلّط التأويل عليها عاد الشرع كله مؤولا ، وإن قيل فيها إنها من المتشابهات عاد الشرع كله متشابها ، لأن الشرائع كلها متفقة على أن الله في السماء، وأن منه تنزل الملائكة بالوحي إلى النبيين 117.(1/42)
ثانيها : نسبته الصحابة رضي الله عنهم إلى التفويض . وقد تبين لك مفهوم التفويض فيما سبق وعلمتَ أنه يقتضي تجهيل الصحابة في أهم أمور الدين وهو العلم بالله عز وجل بأسمائه وصفاته . وهذا غير صحيح بالنسبة للسلف عموما فقد فسروا صفات الله تعالى بما هو معروف في لغة العرب . وقد مرت عليك طائفة صالحة من أقوالهم في ذلك في مبحث الفرق بين التفويض والكف عن التكييف والتمثيل . ومن أراد التوسع فعليه بكتاب الذهبي "العلو للعلي الغفار" وكتاب البيهقي "الأسماء والصفات" وغيرها من كتب المحدثين . بل عليه بقراءة كتاب التوحيد من صحيح البخاري وكتاب الاعتصام بالسنة منه فسيرى ما فيه مقنع إن شاء الله .
ثالثها : تقسيمه التابعين إلى مفوضين ومتأولين . ومفهوم هذا أن التابعين لم يقتنعوا بمذهب الصحابة رضوان الله عليهم في صفات الله تعالى بل اخترعوا لأنفسهم مذهبا جديدا أضافوه إلى المذهب القديم . فاتبع بعضهم هذا وبعضهم هذا - وحاشاهم ! وكيف يُتصور هذا التحول والاختلاف في أهم مسائل التوحيد في خير القرون ؟ بل كانوا معتصمين بالنصوص الثابتة في الكتاب والسنة ،لم يزيغوا عن ذلك قيد أنملة ، وما ظهر شيء مما الفلسفة في زمانهم . ثم إنهم لم يجهلوا هذه المعاني فيفوضوا ولا تصوروا التشبيه فيؤولوا ، رحمهم الله أجمعين .
الموضع الثالث : حيث نقل كلام الزركشي في كتابه البرهان وقد قال ما نصه :
وقد اختلف الناس في الوارد منها في الآيات والأحاديث على ثلاث فرق:
أحدها : أنه لا مدخل للتأويل فيها بل تجرى على ظاهرها ولا تؤول شيئا منها . قال : وهم المشبهة118 .
والثاني : أن لها تأويلا ولكن نمسك عنه مع تنزيه اعتقادنا عن التشبيه والتعطيل ونقول : لا يعلمه إلا الله تعالى . وهو قول السلف119 .
والثالث : أنها مؤولة . وأولوها على ما يليق به120 .
ثم قال : "والأول باطل والأخيران منقولان عن الصحابة ".
ثم لخص كلام الزركشي في هذه الجملة فبنى مذكرته عليه . قال:(1/43)
وعلى كلام الزركشي ومن سبقه من علماء المسلمين نجد لعلماء السنة طريقتين صحيحتين وهما : طريقة التفويض وطريقة التأويل والطريقة الأولى باطلة - قلت : وهي التي سماها بطريقة أهل التشبيه .
أقول : إن الزركشي متأخر عاش في أواخر القرن الثامن الهجري وتوفي سنة 794هـ فأين هم علماء المسلمين الذين سبقوه ووافقوه على هذا التقسيم ؟! لم تسعفنا بواحد منهم !!.
ثم شرع في تقسيم علماء الإسلام إلى هذين القسمين اتباعا للزركشي فذكر من المفوضة أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها والأئمة الأوزاعي وإسحاق بن راهويه ومالك رحمهم الله. ونسب إلى التفويض أيضا الشيخ أبا بكر محمود جومي. ثم جعل من المؤولة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما والإمام مالكا - ولعله نسي أنه جعله من المفوضة من قبل ! - والأئمة أحمد بن حنبل وسفيان الثوري وأبا الحسن الأشعري والبخاري والترمذي وابن حبان ثم جعل الشيخ الألباني مفوضا مؤولا !! ولا أدري كيف يجتمعان في الشخص الواحد الجهل بالشيء - وهو التفويض - والعلم به - وهو مقتضى التأويل ؟!!! ثم نقل مثل ذلك عن الشيخ عثمان بن فودي تغمده الله برحمته.
وهنا مَكْمَنُ الخطأ في مذكرته ولكن سنجمل القول في هذه الأشياء اكتفاء بما تم تأصيله في هذا البحث من المبحث الأول إلى الأخير . فأقول وبالله التوفيق :
الموضع الرابع : تقسيمه علماء الإسلام إلى قسمين لا ثالث لهما وهما المفوضة والمؤولة ونسبة من سواهما إلى التجسيم . وهذه ظلمات بعضها فوق بعض فإنا قد عرّفنا التفويض والتأويل وعرَفنا هناك أنهما من موَلَّدات الفلسفة اليونانية الوافدة في القرن الثالث إلى بلاد المسلمين . فكيف كانت عقيدة المسلمين قبل هذا الزمن ؟ هل سمعت بالفلسفة أم سلمة وابن عباس رضي الله عنهما ؟ وممن تعلما هذه الفلسفة المحرفة لكتاب الله وسنة رسول الله ^ ؟ وهل كان الأوزاعي ومالك وأحمد كلهم تلاميذ علماء الكلام ؟ لا بد من إعادة النظر في هذا التقسيم.(1/44)
الموضع الخامس : من ناحية الاستدلال ، فقد حمّل أقوال السلف ما لا تحتمله استنادا لما تقرر عنده أنه هو التنزيه اللائق بالله جل جلاله. وسنبين هذا بأمثلته :-
أولا : عند ما نسب أم المؤمنين أم سلمة إلى التفويض لم يذكر لنا أي رواية على صدق هذا المزعوم إلا قول الزركشي : نُقل الإمساك عن أم سلمة رضي الله عنها أنها سئلت عن استواء (كذا!) فقالت: "الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة".
فهذا القول عن أم سلمة رضي الله عنها ذكرنا أنه منقول أيضا عن عدد من السلف ، والروايات تدل على أن السؤال كان عن الكيفية. ولو كانت أم سلمة رضي الله عنها مفوضة لا تعرف معنى الاستواء لما قالت إنه معلوم . ولكن سئلت عن الكيفية ، والذي يسأل عن الكيفية مبتدع يجاب بمثل ما أجابت به رضي الله عنها .
ثانيا : عند ما نسب التفويض إلى الإمام الأوزاعي إنما نقل عن الزركشي قوله : وسئل الأوزاعي عن تفسير هذه الآية فقال : "الرحمن على العرش استوى كما قال وإني لأراك ضالا" . وهذا ظاهر أيضا في أنه سأله عن الكيفية ، فكان الجواب على الطريقة السلفية في إثبات الصفات كما جاءت فقال : الرحمن على العرش استوى كما قال - يعني بدون تأويل - ثم قال له : وإني أراك ضالا. ولا شك أن الذي يسأل عن كيفية صفات الله تعالى مبتدع ضال كما قال رحمه الله .
ثالثا : ومثله أيضا نسبته التفويض إلى الإمام إسحاق بن راهويه - أحد أئمة المحدثين - فنقل عن الزركشي قوله: وسئل ابن راهويه عن الاستواء أقائم هو أو قاعد ؟ فقال : لا يمل عن القيام حتى يقعد ، ولا يمل عن القعود حتى يقوم ، وأنت في غير هذا السؤال أحوج .(1/45)
فأنت ترى بوضوح أن السؤال كان عن الكيفية وهي هل هو قائم أو قاعد ؟ ومثل هذه الأسئلة البدعية يُمنع عنها. والقائلون بالقعود أو بالقيام هم المبتدعة لا من قال بمعنى الاستواء المعروف وهو العلو والارتفاع، فإن هذا معنى الاستواء وذاك تحديد للكيفية. وإسحاق هو الذي نقل الإجماع على أن الله في السماء فوق العرش ويعلم كل شيء حتى في أسفل الأرض السابعة . وهذا موجود في كتاب العلو وفي ترجمته من السير121 ولكن أكبر الظن أن الأخ لم يقف على هذا وإلا لما ساغ له هذا الاستدلال .
ولما سئل إسحاق عن قوله تعالى :?ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم? [المجادلة : 7] كيف تقول فيه ؟ قال : حيثما كنت فهو أقرب إليك من حبل الوريد ، وهو بائن من خلقه ، وأبين شيء في ذلك قوله: ?الرحمن على العرش استوى?[طه : 5] 122.
رابعا : - وهو أظهرُ مما سبق - هو ما نقل عند نسبته التفويض إلى الإمام مالك رحمه الله عن ابن الجوزي من قول عبد الله بن وهب : كنا عند مالك ابن أنس فدخل رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن ! ?الرحمن على العرش استوى? كيف استوى ؟ فأطرق مالك وأخذته الرحضاء ثم رفع رأسه فقال : الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه ولا يقال له : كيف ؟ وكيف عنه مرفوع. فأنت رجل سوء ، صاحب بدعة فأَخْرِجوه . فأُخرج .
لاَحِظْ - أخي الكريم - ما أجاب به مالك رحمه الله "الرحمن على العرش استوى كما وصف" فهل يزيد مسلم على هذا ؟. بل هذا عين مذهب السلف من إثباته كما جاء ، فأين التفويض ؟
خامسا : إذا تأملت ما نقله عن الشيخ أبي بكر جومي وجدته لا يخرج عن هذا ، فإنه يقول ?الرحمن على العرش استوى? استواء يليق بجلاله . ومعنى ذلك : لا نحدد له كيفية. وأنا أزيدك ما قاله في خاتمة تفسيره الذي نقل منه وهو يبين منهجه الذي اتبعه في تفسيره. قال رحمه الله :(1/46)
ففي آيات الصفات والأسماء اتبعت العقيدة السلفية وانتفعت في ذلك بكتب شيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب وإرشادات الشيخ عبد العزيز ابن باز جزى الله الجميع عني وعن الإسلام خيرا..."123
فإذا كان الشيخ جومي قد اتبع العقيدة السلفية وانتفع بكتب ابن عبد الوهاب وابن باز فلنرجع إلى كتبهما بإنصاف لنرى ما يقولان في المسألة . قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله :
ومن المعلوم لدى المسلمين أن الله تعالى أعلم بنفسه من غيره فإذا سمى نفسه ووصفها فذلك هو الفصل في المسألة ، وكذلك رسول الله محمد ابن عبد الله ^ أعلم بالله الذي أرسله من غيره فيصار إلى ما بيّنه من أسماء الله وصفاته ولا يُعدل عنه ، هذا مع شهادة العقل الصريح بما ثبت بالنقل الصحيح عن رسول الله ^ ، فإن العقل الصريح هو الموافق لرسول الله ^ وهذا هو الميزان مع الكتاب124
ومن أراد التثبت في سلفية الشيخ أبي بكر جومي وعدم تورطه في التفويض والتأويل فلينظر ترجمته لمعاني القرآن إلى لغة الهوسا هل يجد فيها تأويل اليد مثلا بالنعمة والرحمة بإرادة الإنعام أو غير ذلك من تأويلات المتكلمين ؟
الموضع السادس : نسبته التأويل إلى حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله ابن عباس ابن عم رسول الله ^ ورضي الله عنهما بحجة ما نقلوه من تفسير ?يوم يكشف عن ساق? بأنه أمر شديد . فقد بينا في مبحث "التأويل فرع عن التشبيه" أن هذه الآية قد فسرها النبي ^ . وذكرنا الأقوال عن ابن عباس ( في هذا ، وأنها لا تخرج عن تفسير النبي ^ بوجه من الوجوه ، وليس فيها تأويل لأن التأويل هو صرف اللفظ عن ظاهره وليس في قول ابن عباس رضي الله عنهما صرف للفظ عن ظاهره.(1/47)
وأما تفسيره لقوله تعالى ?والسماء بنيناها بأييد? [الذاريات : 47] أنه بقوة فبيّنا أيضا أنه ليس بتأويل لأن الأيد هنا كلمة مفردة وليست جمعا لليد ، ومثلها قوله جل وعلا ?وأيوب ذا الأيد? ومعنى الأيد في اللغة : القوة . فأين التأويل المزعوم؟. بل الآية ليست من آيات صفات الباري تبارك وتعالى.
الموضع السابع : نسبته التأويل إلى الإمام سفيان الثوري بحجة ما ورد في ترجمته من سير أعلام النبلاء لما سأله معدان عن قوله تعالى ?وهو معكم أينما كنتم? فقال : بعلمه.
أقول : هذا قول السلف قاطبة في جميع آيات المعية. وهذه الآيات التي تثبت معية الله مع خلقه مسلمهم وكافرهم لا تحتاج إلى تأويل بل هي صريحة في ذلك كما بيناه في مبحث "إثبات المعية" . وكذلك معية الله الخاصة لأوليائه سبحانه وتعالى هي أيضا صريحة لا تحتاج إلى التأويل الذي هو صرف اللفظ عن ظاهره . فليس قول الثوري في هذه الآية من التأويل .
والعجب أنه ينقل عنه هذا القول ليبرر تأويلاته ولكنه لا يقول بقوله هذا سواء كان تأويلا أو ليس بتأويل !. يدل على ذلك أنه لم ينقل تتمة هذا الكلام وهو :"وسئل سفيان عن أحاديث الصفات فقال : أمروها كما جاءت" 125.
الموضع الثامن : نسبته التأويل إلى الإمام أحمد بن حنبل بحجة ما علقه الذهبي - ولم يذكر له إسنادا فنعرف أنه صحيح أو ضعيف - عن أبي الحسن عبد الملك الميموني أن رجلا أراد أن يشغب على الإمام خلف البزار رحمه الله لأنه حدث بحديث "ما خلق الله شيئا أعظم من آية الكرسي" وأن الإمام أحمد قال : ما كان ينبغي له أن يحدث بهذا في هذه الأيام يريد أيام محنة القول بخلق القرآن.
ثم ذكر الذهبي أن الإمام أحمد لما سئل عن الحديث في أيام المحنة ولفظه "ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي" قال: إن الخلق واقع على السماء والأرض وهذه الأشياء لا على القرآن .(1/48)
أقول بغض النظر عن صحة هذه القصة أو ضعفها - فإن الحكم عليها لا يمكن بدون إسناد - ليس فيها شيء من التأويل . بل أَوَّلُ القصة يدل على أن الإمام البزار كان يحدث بحديث "ما خلق الله شيئا أعظم من سورة البقرة" وهذا يستغله المبتدعة في قولهم بأن القرآن ليس كلام الله إنما هو مخلوق . فكره الإمام أحمد التحديث بهذا من أجل ذلك. وراجع تعليق الإمام الذهبي على القصة تجد ما ذكرت لك واضحا بإذن الله126.
وأما تفسير الإمام أحمد للحديث فلا أدري ما علاقته بالتأويل؟.
وكذلك تفسيره لحديث "تجيء يوم القيانة سورة البقرة.." هل هذا الحديث من صفات الله ؟ ولما ذا لا يرجع إلى تفسير قوله تعالى : ?وجاء ربك? [الفجر : 22] فيرى ما قاله سلف الأمة جميعا رحمهم الله ؟!
الموضع التاسع : نسبته التأويل إلى الإمام البخاري . وهو أمر عجيب منه فإن كتاب الإمام البخاري واضح كالشمس في هذا . فلا أدري لما ذا يترك جميع ما في صحيحه في كتاب التوحيد وكله تقريبا في إثبات صفات الله تعالى لكي يروي لنا عن البيهقي أن البخاري أَوَّلَ معنى الضحك ؟ هل التأويل مذهب البخاري ؟ انظر في صحيحه فهل تجد تأويلا أو شبهة تأويل ؟
ثم البيهقي الذي نسب إليه هذا النقل ما مذهبه ؟ هذا كتابه "الأسماء والصفات" كله في إثبات صفات الله تعالى ، فلم لا يأخذ منه إلا هذا ؟ .127
الموضع العاشر : نسبته التأويل إلى الإمام أبي عيسى الترمذي ، وهو أغرب من سابقه . فانظر إلى قوله : معنى "فيُعرِّفُهم نفسه" أي يتجلى لهم . أين ما يدّعي فيه من التأويل ؟!!.(1/49)
ومتى كان الإمام الترمذي من الخلف المؤولين ؟ هذا كتابه السنن بين أيدينا وفي كثير من تعليقاته على الأحاديث ما يدل على سلفيته التي يسمونها بالتشبيه . وأكتفي هنا بنقل واحد عنه في كتاب الزكاة عند ما أورد حديث أبي هريرة ( مرفوعا :"إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه، فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مُهره، حتى إن اللقمة لتصير مثل أُحُد" قال : وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل ?ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات? و ?يمحق الله الربا ويربي الصدقات?.
قال أبو عيسى - الترمذي - :
هذا حديث حسن صحيح . وقد روي عن عائشة عن النبي ^ نحو هذا . وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا ، قالوا : قد تثبت الروايات في هذا ، ويُؤمن بها ، ولا يُتوهم ، ولا يقال : كيف؟. هكذا روي عن مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمرّوها بلا كيف . وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة. وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا: هذا تشبيه . وقد ذكر الله تبارك وتعالى في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات وفسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا : إن الله لم يخلق آدم بيده ، وقالوا : إنما معنى اليد ههنا القوة. إلى آخر قوله الجميل رحمه الله تعالى.128(1/50)
الموضع الحادي عشر : وهو أشد غرابة من المواضع السابقة كلها حيث نسب إلى محدث العصر وبقية السلف العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله والذي وصفه ببخاري وقته - وقد صدق في ذلك والله - ولكنه نسبه إلى التفويض والتأويل في صفة الاستواء وذلك بنقل مبتور التقطه من فتاويه التي جمعها تلميذه محمد بن إبراهيم . وهذا الكتاب وإن كانت لا تطوله يدي الساعة إلا أنني لا أشك أنه بتر النص وقطّعه وأخذ منه ما يريد . وأكبر الظن أنه لم يتعمد ذلك ، ولعله نقل عنه بواسطة ، فإن المبتدعة المشهورين بالعداء لأهل السنة كالكوثري والغماري وأبي غدة والسقاف معروفون كلهم بهذا الأسلوب وهم بفعلهم هذا كالذي ينقل الآية ?فويل للمصلين? فيقف ليوهم أن الله عز وجل يلوم المصلين جميعا 129. أقول : إن الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله من أشد الناس إنكارا لهذا الذي نسب إليه ، يعلم ذلك كل من يطلع على كتبه أو يستمع إلى أشرطته . ولن أذهب بعيدا فإن الألباني هو الذي اختصر كتاب الحافظ الذهبي "العلو للعلي الغفار" وقدّم له بمقدمة في 76 صفحة أوضح فيها بجلاء انتصاره لمذهب السلف ورد على جميع الشبهات المثارة حوله من تضمنه للتشبيه أو اقتضائه إثبات الجهة والمكان . وهذه مقتطفات يسيرة من تلك المقدمة يفهم منها القارئ عظم الافتراء على الألباني في نسبة الكلام المنسوب إليه في المذكرة . قال رحمه الله :(1/51)
اعلم أيها القارئ الكريم أن هذا الكتاب قد عالج مسألة هي أخطر المسائل الاعتقادية التي تفرق المسلمون حولها منذ أن وجدت المعتزلة حتى يومنا هذا ، ألا وهي مسألة علو الله عز وجل على خلقه الثابتة بالكتاب والسنة المتواترة ، المدعم بشاهد الفطرة السليمة . وما كان لمسلم أن ينكر مثلها في الثبوت لو لا أن بعض الفرق المنحرفة عن السنة فتحوا على أنفسهم وعلى الناس من بعدهم باب التأويل . فلقد كاد الشيطان به لعدوه الإنسان كيدا عظيما ومنعهم أن يسلكوا صراطا مستقيما130.
ثم ضرب لتأويل الخلف مثالين : أحدهما تأويلهم لقوله تعالى: ?وجاء ربك والملك صفا صفا? بأنه جاء عبد ربك أو أمر ربك. والثاني تأويلهم الاستواء بالاستيلاء وقال إنهم قالوا بذلك:
متجاهلين اتفاق كلمات أئمة التفسير والحديث واللغة على إبطاله ، وعلى أن المراد بالاستواء على العرش إنما هو الاستعلاء والارتفاع عليه كما سترى أقوالهم مروية في الكتاب عنهم بالأسانيد الثابتة قرنا بعد قرن ، وفيهم من نقل اتفاق العلماء عليه مثل الإمام إسحاق ابن راهويه والحافظ ابن عبد البر ، وكفى بهما حجة في هذا الباب . ومع ذلك فإننا لا نزال نرى علماء الخلف - إلا قليلا منهم - سادرين في مخالفتهم للسلف في تفسيرهم لآية الاستواء وغيرها من آيات الصفات وأحاديثها 131.
والمقطع الأخير الذي أكتفي به عنه هو ما قاله بعد أن نقل كلاما جميلا رائعا عن شيخ الإسلام ابن تيمية كان آخره : "واعلم أنه ليس في العقل الصريح ولا في شيء من النقل الصحيح ما يوجب مخالفة الطريقة السلفية أصلا" فقال الألباني رحمه الله :(1/52)
أقول : أما النقل الصحيح فهو موضوع مختصر كتاب الحافظ الذهبي الذي بين يديك ، فستجد فيه ما يجعلك على مثل اليقين مؤمنا بأن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار السلفية متفقة كلها على أن الله تعالى فوق عرشه بذاته بائنا من خلقه وهو معهم بعلمه . وسترى إن شاء الله تعالى أن أئمة المذاهب المتبعة وأتباعهم الأولين ومن سار على نهجهم من التابعين لهم حتى أواخر القرن السادس من الهجرة قد اتفقت فتاواهم وكلماتهم على إثبات الفوقية لله تعالى على عرشه وخلقِه وعلى كل مكان ، وأن ذلك كما أنه متواتر عن رسول الله ^ فهو مجمع عليه من السالفين والأئمة الماضين من المحدثين والفقهاء والمفسرين واللغويين وغيرهم ، وستراهم بأسمائهم وأقوالهم الثابتة عنهم في ذلك ، حتى قاربوا المائتين ، وهم في الواقع يبلغون المئات ولكن ذلك ما تيسر جمعه للمؤلف رحمه الله تعالى . فإذا وقف الطالب المخلص للحق على كلماتهم تيقن أنه يستحيل أن يكونوا قد أجمعوا على الضلال ، وعلم أن مخالفهم هو في الضلال 132.
(((
خاتمة نسأل الله حسنها
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . وبعد ،
فلا ريب أن من أعظم أسباب زيادة الإيمان العلمَ بالله وأسمائه وصفاته ، وأن الانحراف في ما يتعلق بالله وأسمائه وصفاته من أشد الانحراف وأخطره .
ولا ريب أنك أخي القارئ الكريم قد تبين لك بعد هذه الجولة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله المصطفى ^ وآثار سلفنا الصالح رضوان الله عليهم المنهجُ الحق الذي كانوا عليه في هذه المسألة الخطيرة التي كانت مزلة أقدام ومضلة أفهام .
ويتلخص هذا المنهج السلفي في أصول ثلاث :
الأصل الأول : تنزيه الله عز وجل عن النقائص وعن مشابهة صفاته لصفات المخلوقين . ومما يدل على هذا قوله تعالى ?ليس كمثله شيء? ?فلا تضربوا لله الأمثال? ?ولم يكن له كفوا أحد?.(1/53)
الأصل الثاني : الإيمان بجميع صفات الله تعالى الثابتة في الكتاب والسنة وعدم تجاوزها برد بعضها أو الزيادة عليها أو صرفها عن معانيها . ?أأنتم أعلم أم الله?؟.
الأصل الثالث : قطع الطمع عن إدراك كيفية هذه الصفات. يدل عليه قوله تعالى :?يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ، ولا يحيطون به علما? [طه :110] وذلك أن العلم بالصفات فرع عن العلم بالذات ، وحيث لا يعرف أحد كيفية ذات الله تعالى فلا سبيل إلى العلم بكيفية صفاته . فالله عز وجل ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته كما قال جل شأنه : ?ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير?.
وتبين لك أيضا أن كل ما يثار حول هذا المعتقد الصافي من الشبهات والإشكالات لا يعكّر حسنه ، ولا يُذهب جماله . فاتبع سبيل الحق ولا يضرك قلة السالكين .
والحق أبلج لا تزيغ سبيله * والحق يعرفه ذوو الألباب
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يثبتنا على الحق ويهدينا سواء السبيل . إنه نعم المولى ونعم النصير . وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وخليله محمد وعلى أزواجه وذريته وعلى أصحابه وأنصاره ومن اتبع سبيلهم إلى يوم الدين .
والحمد لله رب العالمين.
(((
فهرس المراجع
الإبانة عن أصول الديانة للإمام أبي الحسن الأشعري ، تقديم فضيلة الشيخ حماد بن محمد الأنصاري ، مطابع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، 1413هـ .
ابن تيمية : حياته وعصره - آراؤه وفقهه للإمام محمد أبو زهره، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1991م .
الإتقان في علوم القرآن للإمام جلال الدين السيوطي ، تحقيق عبد المنعم إبراهيم ، مكتبة نزار مصطفى الباز ، الريض ، المملكة العربية السعودية ، ط. الثانية ، 1424هـ/2003م .
الجامع لأحكام القرآن للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، مؤسسة مناهل العرفان، بيروت، ومكتبة الغزالي، دمشق، بدون تاريخ.
اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية لابن القيم .(1/54)
الحاوي من فتاوى الشيخ الألباني ، إعداد أبو يوسف محمد بن إبراهيم ، اعتنى به مكتب العلمية للتراث ، بنها الجديدة ، ط. الأولى، 1421هـ/2001م .
أدلة علو الله على خلقه من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة للعلامة ابن قيم الجوزية ، تقديم وتعليق محمد بن أحمد سيد أحمد ، مكتبة السوادي للتوزيع ، جدة ، المملكة العربية السعودية ، ط. الأولى ، 1412هـ/1991 .
إرشاد أهل التفريط والإفراط إلى سواء الصراط للشيخ عثمان بن فودي ، مخطوط من تراث المرحوم الوالد الشيخ إبراهيم بن عبد الرحمن بن عثمان الماسني .
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي ، مكتبة ابن تيمية ، القاهرة ، مصر ، 1408هـ/1988م .
أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة للشيخ حافظ بن أحمد الحكمي ، دراسة وتحقيق أحمد علي علوش مدخلي ، مكتبة الرشد ، الرياض ، المملكة العربية السعودية ، ط. الرابعة ، 1416هـ/1996م .
الإيمان : أركانه ، حقيقته ، نواقضه للدكتور محمد نعيم ياسين ، مكتبة السنة ، القاهرة ، مصر ، ط. الأولى ، 1412هـ/1991م.
أوراق مجموعة من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية لمحمد بن إبراهيم الشيباني ، مكتبة ابن تيمية ، الكويت ، ط. الأولى ، 1409هـ/1989م.
البداية والنهاية للإمام الحافظ أبي الفداء إسماعيل ابن كثير الدمشقي، تحقيق مكتب تحقيق التراث ، دار إحياء التراث الإسلامي ومؤسسة التاريخ العربي ، بيروت ، لبنان ، 1413هـ/1993م .
تاريخ أهل الحديث للعلامة أحمد بن محمد الدهلوي ، تحقيق علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي ، مكتبة الغرباء الأثرية ، المدينة النبوية ، المملكة العربية السعودية ، ط. الأولى ، 1417هـ .
تذكرة الحفاظ للحافظ الذهبي .
التحفة المهدية شرح الرسالة التدمرية للأستاذ فالح بن مهدي آل مهدي ، مطابع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، ط. الثانية، 1406هـ .(1/55)
تفسير القرآن العظيم للحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان ، ط. الأولى ، 1407هـ/1987م .
تهذيب التهذيب للحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، دار صادر ، ط. الأولى ، 1327هـ .
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد للحافظ أبي عمر يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي ، تحقيق عبد الله بن الصديق وآخرين ، مصورة المكتبة التجارية بمكة المكرمة عن طبعة المغرب ، 1399هـ/1979م
الجامع الحاوي لغالب ما في كتب المجدد الشيخ عثمان بن فودي، تأليف العلامة الحاج عثمان الماسني ، نشره حفيده المرحوم الحاج أمين تفيد ، بخط الكاتب الطاهر بن محمد البخاري ، عام 1978م .
حياة شيخ الإسلام ابن تيمية لعلامة الشام محمد بهجة البيطار ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، لبنان ، 1391هـ.
السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل ، تحقيق محمد بن السعيد بن بسيوني زغلول ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط. الثانية ، 1414هـ/1994م.
سنن النسائي المسمى بالمجتبى للإمام أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان ، ط. الثانية ، 1421هـ/2001م .
شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان ، مكتبة الدار ، المدينة المنورة ، ط. الأولى ، 1405هـ .
شرح عقيدة الإمام مالك الصغير أبي محمد عبد الله ابن أبي زيد القيرواني ، للإمام القاضي أبي محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي المالكي ، صححها وضبطها العلامة أبو أويس محمد بو خيرة الحسني التطواني وخرج أحاديثها أبو الفضل بدر العمراني الطنجي ، دار الكتب العلمية ن بيروت ، لبنان ، ط. الأولى ، 1423هـ/2002م .
علامات المتبعين لسنة رسول الله ^ للشيخ عثمان بن فودي ، تحقيق عبد الله محمد سيفاوا ، نشر مايلستون ، سكتو .(1/56)
الصفات الإلهية بين السلف والخلف للشيخ عبد الرحمن الوكيل ، دار لينة ، دمنهور ، مصر ، ط. الثانية ، 1413هـ/1992م .
رد الأذهان إلى معاني القرآن للشيخ أبي بكر محمود جومي ، مؤسسة غومبي للتجارة ، كادونا ، نيجيريا ، 1408هـ/1987م .
الرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد بن حنبل ، المطبعة السلفية ، القاهرة ، 1393هـ .
رحلة الحج إلى بيت الله الحرام للشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي ، دار ابن تيمية ، القاهرة ، بدون تاريخ .
رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت ، بدون تاريخ.
سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، لبنان ، ط. الثالثة ، 1403هـ .
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ على الأمة للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ، مكتبة المعارف ، الرياض ، ط. الثانية ، 1420هـ/2000م .
سنن الترمذي للإمام أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي ، تخريج وترقيم وضبط صدقي جميل العطار ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان ، ط. الأولى ، 1422هـ/2002م.
سنن أبي داود للإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، تخريج وترقيم وضبط صدقي جميل العطار ، دار الفكر ، بيروت، لبنان ، ط. الأولى ، 1421هـ/2001م.
سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ، تحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرين ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، لبنان ، ط. الرابعة ، 1406هـ/1986م .
شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم للإمام الحافظ أبي القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري المعروف باللالكائي ، بعناية محمد عبد السلام شاهين ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط. الأولى ، 1423هـ/2002م .(1/57)
شرح العقيدة الطحاوية للعلامة ابن أبي العز الحنفي ، تحقيق جماعة من العلماء وخرج أحاديثها الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، لبنان ، ط. الرابعة ، 1391هـ .
شرح السنة للإمام أبي محمد الحسن بن مسعود البغوي ، تحقيق شعيب الأرنؤوط ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، لبنان ، ط. الثانية ، 1403هـ/1983م .
شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة ، إعداد الأمين محمد أحمد ، مكتبة دار المطبوعات الحديثة ، جدة ، المملكة العربية السعودية ، ط. الأولى ، 1412ه/1991م.
صحيح البخاري للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، تخريج وضبط وتنسيق الحواشي صدقي جميل العطار، دار الفكر ، بيروت ، لبنان ، ط. الأولى ، 1422هـ/2002م .
صحيح مسلم للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، بعناية صدقي جميل العطار ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان ، ط. الأولى ، 1421هـ/2000م .
الصفات الإلهية بين السلف والخلف للشيخ عبد الرحمن الوكيل، مكتبة لينة للنشر والتوزيع ، دمنهور ، مصر ، ط. الثانية، 1413هـ/1992م .
ضعيف الجامع الصغير وزيادته للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ، المكتب الإسلامي ، ط. الثانية ، 1408هـ/1988م .
رجال الفكر والدعوة في الإسلام لأبي الحسن علي الحسني الندوي ، دار القلم ، الكويت ، ط. الرابعة ، 1407هـ/1987م ، الجزء الثاني الخاص بحياة ابن تيمية .
العقيدة السلفية بين الإمام ابن حنبل والإما ابن تيمية للدكتور سيد عبد العزيز السيلي ، دار المنار ، القاهرة ، ط. الثانية ، 1416هـ/1995م .
العقيدة الواسطية مع التعليقات الزكية لفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين باعتناء أبي أنس علي بن حسين أبو لوز ، توزيع جهاز الإرشاد والتوجيه بالحرس الوطني ، الرياض ، السعودية ، 1421هـ .
الغنية لطالبي طريق الحق للشيخ عبد القادر الجيلاني الحسني، المكتبة الشعبية ، بدون تاريخ .(1/58)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، تعليق الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المكتبة التجارية ، مكة المكرمة ، 1414هـ/1993م .
فردوس الأخبار بمأثور الخطاب المخرج على كتاب الشهاب للحافظ شيرويه بن شهردار الديلمي ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان ، ط. الأولى ، 1418هـ/1997م .
القاموس المحيط للعلامة اللغوي مجد الدين محمد بن يغقوب الفيروزآبادي ، تحقيق مكتبة التراث في مؤسسة الرسالة ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط. الثانية ، 1407هـ/1987م .
القصيدة النونية المسماة بالكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية للعلامة شمس الدين ابن قيم الجوزية ، عني بها عبد الله بن محمد العمير ، دار ابن خزيمة ، ط. الأولى ، 1416هـ/1996م .
الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية "القصيدة النونية" للعلامة ابن قيم الجوزية ، عني بها عبد الله بن محمد العمير ، دار ابن خزيمة ، الرياض ، المملكة العربية السعودية ، ط. الأولى ، 1416هـ/1996م .
كتاب العرش للحافظ الذهبي ، تحقيق محمد حسن محمد حسن إسماعيل ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ،ط. الأولى ، 2003هـ/1424م .
لسان العرب للعلامة أبي الفضل جمال الدين ابن منظور الإفريقي ، دار صادر ، ط. السادسة ، 1417هـ/1997م ، 11/32.
لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد بشرح الشيخ محمد بن صالح وتحقيق أبي محمد ابن عبد المقصود ، مكتبة طبرية ، الرياض ، الطبعة الثالثة ، 1415هـ /1995م .
مختصر العلو للعلي الغفار للحافظ شمس الدين الذهبي ، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني ، المكتب الإسلامي ، ط. الثانية ، 1412هـ/1991م .
مختصر معارج القبول للشيخ حافظ بن أحمد آل حكمي ، اختصار هشام بن عبد القادر بن محمد آل عقدة ، دار الصفوة ، القاهرة ، ط. الخامسة ، 1418هـ .
مجموع الفتاوى ، دار الوفاء ، المنصورة ، مصر ، ط.الأولى ، 1418هـ/1997م .(1/59)
مجمل عقيدة السلف الصالح لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان ، دار العاصمة ، الرياض ، المملكة العربية السعودية ، ط. الأولى ، 1412هـ .
مختصر الصواعق الرسلة على الجهمية والعطلة للإمام ابن قيم الجوزية ، اختصار الشيخ محمد ابن الموصلي ، توزيع رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء ، الرياض ، السعودية.
مسند الدارمي المعروف بسنن الدارمي للإمام الحافظ أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، تحقيق حسين سليم أسد الداراني ، دار المغني ، الرياض ، المملكة العربية السعودية ، ط. الأولى ، 1421هـ/2000م .
مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين للشيخ أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري ، بتحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد ، مكتبة النهضة المصرية ، ط. الثانية ، 1389هـ/1969م .
المنتقى من منهاج الاعتدال اختصار الذهبي ، تحقيق محب الدين الخطيب ، مكتبة المؤيد، بدون تاريخ .
منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز للشيخ محمد الأمين الشنقيطي ، مكتبة ابن تيمية ، القاهرة ، بدون تاريخ .
منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات للشيخ محمد الأمين الشنقيطي ، من مطبوعات الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، 1400هـ .
ميزان الاعتدال في نقد الرجال للحافظ أبي عبد الله الذهبي ، تحقيق علي محمد البجاوي ، دار الفكر ، بيروت ، بدون تاريخ .
ترقبوا قريبا:
صراع العقيدة بين السلفية والصوفية
دراسة مقارنة بين آراء الغزالي وابن تيمية
للباحث
محمد المنصور بن إبراهيم
( (
1 اقتباس من مقدمة الحافظ الذهبي لكتاب العرش ، تحقيق محمد حسن محمد حسن إسماعيل ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ،ط. الأولى ، 2003هـ/1424م ، ص11.(1/60)
2 قال أبو المعالي الجويني : "والذي نرتضيه رأيا ، وندين الله به عقيدة، اتباع سلف الأمة. والدليل القاطع السمعي في ذلك أن إجماع الأمة حجة متبعة، فلو كان تأويل هذه الظواهر مسوَّغا أو محتوما لأوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع الشرع . وإذا انصرم عصر الصحابة والتابعين على الإضراب عن التأويل كان ذلك هو الوجه المتبع". انظر : العقيدة النظامية لأبي بكر ابن العربي ، مطبعة الأنوار ، القاهرة ، 1948م، ص23 ، وكتاب العرش للحافظ الذهبي ، ص151.
3 مجموعة تفسير شيخ الإسلام 1/468.
4 الجامع لفتوى الشيخ عثمان بن فودي، ص 36.
(5 )صحيح البخاري ، ك التوحيد ، باب 22.
6 صحيح البخاري ، ك التوحيد ، باب 23.
7 راجع : الفصل المنعقد لهذا في كتاب شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان ، مكتبة الدار ، المدينة المنورة ، ط. الأولى ، 1405هـ ، 1/9-20. وانظر أيضا : سير أعلام النبلاء في ترجمة الإمام أحمد بن حنبل 11/236 وما بعده .
8 العقلانيون أفراخ المعتزلة العصريون لعلي بن حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي الأثري ، مكتبة الغرباء الأثرية ،المدينة المنورة ، السعودية ، ط. الأولى ، 1413هـ/1993م ،ص176.
9 التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد للحافظ أبي عمر يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي ، تحقيق عبد الله بن الصديق وآخرين ، مصورة المكتبة التجارية بمكة المكرمة عن طبعة المغرب ، 1399هـ/1979م ، 7/143 . وفيه : قال وكيع : كُفّر بشر المريسي في صفته هذه . قال : هو في كل شيء ، قيل له : وفي قلنسوتك هذه ؟ قال : نعم . قيل له : وفي جوف حمار ؟ قال : نعم . تعالى الله عن قول المفترين علوا كبيرا .
10 من شعر الداوودي (ت 467هـ) .
11 الإيمان: أركانه، حقيقته، نواقضه للدكتور محمد نعيم ياسين، مكتبة السنة، القاهرة، مصر، ط. الأولى, 1412هـ/1991م، ص15-18 باختصار.(1/61)
12 أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ محمد الأمين الشنقيطي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، مصر، 1408هـ/1988م، 2/272-273..
13 صحيح مسلم: ك صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل (772) (203).
14 أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة للشيخ حافظ بن أحمد الحكمي ، دراسة وتحقيق أحمد علي علوش مدخلي ، مكتبة الرشد ، الرياض ، المملكة العربية السعودية ، ط. الرابعة ، 1416هـ/1996م ، ص74 .
15 االجامع الحاوي لغالب ما في كتب المجدد عثمان بن فودي، تأليف العلامة الحاج عثمان الماسني، نشره حفيده المرحوم الحاج أمين تفيد، بقلم الكاتب الطاهر بن محمد البخاري، عام 1978م، ص 131.
16 شرح العقيدة الطحاوية ص 325-326 . وتجدر الإشارة إلى أن الجويني - كالكثير ممن تعمق في علم الكلام - قد ندم على تعاطيه هذا العلم حتى قال ناصحا لتلاميذه : "لا تشتغلوا بالكلام ، فلو أني عرفت أنه يبلغ بي ما بلغ ما اشتغلت به" انظر : نقض المنطق ص61. ومما يدل على عودته إلى المذهب الحق قوله بعد أن ذكر كلام الإمام مالك أن الاستواء معلوم واستحسنه ، قال : فلتجر آية الاستواء والمجيء وقوله:(لما خلقت بيدي) [الأعراف : 75] (ويبقى وجه ربك)[الرحمن : 27] وقوله :(تجري بأعيننا) [القمر : 14] وما صح من أخبار الرسول عليه السلام كخبر النزول وغيره على ما ذكرنا . اهـ من العقيدة النظامية، ص 23..
17 الإبانة عن أصول الديانة ، ص120 ..(1/62)
18 وقال ابن عبد البر المالكي رحمه الله : ومن الحجة أيضا في أنه عز وجل على العرش فوق السموات السبع : أن الموحدين أجمعين من العرب والعجم إذا كربهم أمر أو نزلت بهم شدة رفعوا وجوههم إلى السماء يستغيثون ربهم تبارك وتعالى . وهذا أشهر وأعرف عند الخاصة والعامة من أن يحتاج فيه إلى أكثر من حكايته لأنه اضطرار لم يؤنبهم عليه أحد ولا أنكره عليهم مسلم . ثم استشهد بحديث الجارية السابق الذي رواه مالك في الموطأ ومسلم في صحيحه . انظر: التمهيد 7/134.
.
19 الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي (18/215).
20 رواه مالك في الموطأ (ك العتق والولاء ، باب ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة 2/776-777) وأحمد في المسند (2/291 ، 3/222 ، 388 ، 389 ، 5/447 ، 448 ، 449 ) ومسلم في الصحيح (ك الجنائز ح 537) وأبو داود في الصلاة باب تشميت العاطس في الصلاة ح930 وفي الأيمان والنذور باب في الرقبة المؤمنة ح3283) والنسائي في السهو ، باب الكلام في الصلاة 3/14-19).
21مختصر العلو للعلي الغفار ، ص81
.
22الإبانة عن أصول الديانة ص 120.
23 انظر معالم التنزيل للبغوي اختصار وتعليق عبد الله بن أحمد بن علي الزايد ، ط. حهاز الإرشاد والتوجيه بالحرس الوطني ، الرياض ، 1421هـ ، 1/457 .
24وقد أورده الإمام البخاري في ستة مواضع في ك بدء الخلق رقم 3194 وفي ك التوحيد بالأرقام التالية : 7404 ، 7422 ، 7453 ، 7553 و 7554 من طرق مختلفة في كلها إثبات أن هذا الكتاب عنده فوق العرش. وأخرجه مسلم من ثلاثة طرق في ك التوبة برقم 2751..
25 شرح عقيدة الإمام مالك الصغير أبي محمد عبد الله ابن أبي زيد القيرواني، للإمام أبي محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي المالكي ، صححها وضبطها العلامة أبو أويس محمد بو خيرة الحسني التطواني ، وخرج أحاديثها أبو الفضل بدر العمراني ، دار الكتب العلمية ن بيروت ، لبنان ، ط. الأولى ، 1423هـ/2002م ، ص 28.(1/63)
26 سير أعلام النبلاء (11/376) .
27 إلا آية الدخان فإنها جاءت بإلى وهي لم تذكر العرش ، فالراجح أنها ليست من آيات الصفات .
28صحيح البخاري ، ك التوحيد ، باب رقم 22..
29فتح الباري (3/406)..
30 المصدر السابق.
31 والجهم قد أخذه عن الجعد بن درهم عن أبان بن سمعان عن طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم عن خاله لبيد . وهذه سلسلة يهودية لها سوابق في محاربة الإسلام . ولبيد بن الأعصم هو اليهودي الذي سحر النبي ^..
32 العقيدة السلفية بين الإمام ابن حنبل والإمام ابن تيمية للدكتور سيد عبد العزيز السيلي ، دار المنار ، القاهرة ، ط. الثانية ، 1416هـ/1995م ، ص298 .
33 القصيدة النونية المسماة بالكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية للعلامة شمس الدين ابن قيم الجوزية ، عني بها عبد الله بن محمد العمير ، دار ابن خزيمة، ط. الأولى ، 1416هـ/1996م ، ص157 .وهذه القصيدة من أعظم ما انتصر به لعقيدة السلف الصالح رضوان الله عليهم مع الرد المفصل على جميع معتقدات الفرق المخالفة لهم في مناهج عقيدتهم. وتقع في 5821 بيتا .
34 انظر : القصيدة النونية لابن القيم ص91 ، وشرحها للشيخ محمد خليل هراس 1/179-180 ومختصر الصواعق المرسلة 306 وما بعده ، وتوضيح الكافية الشافية للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ص61 ، وتوضيح المقاصد لابن عيسى 1/397-398 .
35 كما في حديث :"سبعة يظلهم الله في ظل عرشه..." الحديث .
36 صحيح البخاري ، ك الخصومات ، باب 1 ، ح 2411 وك التوحيد ، باب 22 ، ح 7427 وانظر أيضا الأرقام التالية : 3408 ، 3414 ، 4813 ، 6517 ، 6518 ، 7472 . وصحيح مسلم ، ك الفضائل ، باب 42 ، ح 2373 وليس في رواية مسلم ذكر القوائم وإنما في أحد رواياته "فإذا موسى باطش بجانب العرش" .
37 هذه المعية تسمى المعية العامة وهي أن الله مع جميع الخلق مسلمهم وكافرهم بعلمه وسمعه وبصره.
38 صحيح مسلم ، ك الحج ، باب 75 ، ح 1342 عن ابن عمر.(1/64)
39 مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 5/231-232 ، وراجع: الصفات الإلهية بين السلف والخلف للشيخ عبد الرحمن الوكيل ، دار لينة، دمنهور ، مصر ، ط. الثانية ، 1413هـ/1992م ، ص 129-130.
40 وهذه تسمى المعية الخاصة لأنها خاصة بأنبياء الله ورسله والصالحين من عباده وهي معية الله معهم بالنصر والتأييد والدفاع عنهم وحمايتهم من كيد أعدائهم .
41 رواه أحمد (2/421) ومسلم ، ك الصلاة (482/215) والنسائي في التطبيق (1137) عن أبي هريرة .
42 ولذلك أُمر أن يقول في سجوده (سبحان ربي الأعلى) لأن السجود غاية الخضوع والذل والتواضع من العبد وذلك أنه يضع وجهه - وهو أشرف شيء فيه - على التراب تواضعا لله ، فناسب في غاية سفوله وتواضعه أن يصف ربه بأنه الأعلى راجع : مجموع الفتاوى 5/236-237.
43 وهذه النصوص قد استغلها من يقول بأن الله في كل مكان من أهل الحلول والمتصوفة وغيرهم وليست لهم حجة في شيء منها بل كل نص يحتجون به فهو حجة عليهم إذا تأمله المنصف العرِيّ من الهوى .
44 وقد تأول بعضهم نزول الرب تعالى آخر كل ليلة إلى سماء الدنيا بنزول أمره ، فقال له بعض السلف : ومِن عند مَنْ ينزل ؟ يشير بذلك إلى أن القائل لا يؤمن بأن الله في السماء .
45 لسان العرب للعلامة أبي الفضل جمال الدين ابن منظور الإفريقي ، دار صادر ، ط. السادسة ، 1417هـ/1997م ، 7/210 .
46 المصدر السابق 11/32 والقاموس المحيط للعلامة اللغوي مجد الدين محمد بن يغقوب الفيروزآبادي ، تحقيق مكتبة التراث في مؤسسة الرسالة ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط. الثانية ، 1407هـ/1987م ، ص839 .
47 منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات للشيخ محمد الأمين الشنقيطي ، من مطبوعات الجامعة الإسلامية ، 1400 ، ص 18-19.(1/65)
48 جوهرة التوحيد مع حاشية الباجوري ، ص55 . والنصوص الصريحة لا توهم التشبيه في العقول الزكية ، وإنما الوهم من العقول الكليلة التي أصيبت بمرض الكلام والفلسفة والتي لا تفهم أن لله صفات تليق بجلاله وكماله مغايرة لصفات البشر المناسبة لحالهم وعجزهم وافتقارهم.
49 سير أعلام النبلاء (10/505-506)
50 التمهيد لابن عبد البر 7/149 .
51 صحيح البخاري ، ك التوحيد ، باب 22 ، ح7420.
52 أخرجه الدارمي في كتاب الرد على الجهمية (ص27) وإسناده صحيح .
53 أخرجه الإمام الدارمي في "الرد على بشر المريسي" ص105 وفي "الرد على الجهمية" ص27-28 ، وأورده الذهبي في كتاب العلو وقال المحدث الألباني سنده صحيح على شرط مسلم (مختصر العلو ص130).
54 تفسير القرآن العظيم للحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير ، دار المعرفة ، بيروت، لبنان ، ط. الأولى ، 1407هـ/1987م ، 4/341.
55 أخرجه الدارمي في مسنده (105) وفي كتاب الرد على الجهمية (26) وقال الحافظ الذهبي إسناده كالشمس ، وقال الألباني هو على شرط البخاري ومسلم. مختصر العلو ص 103.
56 رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب السنة والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات (401) وابن خزيمة في كتابه (ص70) ووالدارمي في المسند (ص105) ورواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/213) عن عمر بن الخطاب . وإسناده صحيح كما قال الذهبي في كتاب العلو (ص103) وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص100) وابن عبد البر في التمهيد (7/139).
57 صحيح البخاري ، ك المغازي ، باب 62 ، ح 4351 ، وصحيح مسلم ، ك الزكاة ، باب 47 ، ح 1064.
58 صحيح مسلم ، كتاب النكاح ، باب 19 ، ح 1436.
59 سنن أبي داود ، ك الأدب ، باب 66 ، ح 4941 وسنن الترمذي ، ك البر والصلة ، باب 16 ، ح 1931 وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وانظر تخريجه في السلسلة الصحيحة (922).(1/66)
60 هذا الكتاب وُجدت نسخته الخطية بخط أحمد بن زيد المقدسي وذكر أنه نقلها من خط المؤلف . ثم طبع في الهند عام 1306هـ ، وطبعه السيد رشيد رضا عام 1332هـ عن الطبعة الهندية ، ثم طبعته جماعة أنصار السنة بالقاهرة بتعليق الشيخ عبد الرزاق عفيفي عام 1357هـ ، ثم نشرته المكتبة السلفية في المدينة النبوية عام 1388هـ بعناية الأستاذ عبد الرحمن محمد عثمان ، ثم عني به الشيخ الألباني فحققه وخرجه واقتصر فيه على المرويات الصحيحة ، وصدر عن المكتب الإسلامي . ثم ظهرت طبعة جديدة لهذا الكتاب بعناية محمد حسن محمد حسن إسماعيل عن دار الكتب العلمية عام 1424هـ/2003م .
61 أخرجه اللالكائي في السنة 1/92 ، والذهبي في العلو (132 مختصره) وصححه غير واحد .
62 قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في رحلة الحج إلى بيت الله الحرام : "ولا شك أن الطريق المأمونة هي طريق الكتاب والسنة لا سيما في صفاته جل وعلا التي لا سبيل للعقول إلى إدراك حقائقها ?يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا? [طه :110] . وهذا الذي أوضحنا من إثبات الصفات لله حقيقة من غير تكييف ولا تشبيه هو معنى قول الإمام مالك رحمه الله : (الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول) فإن معنى قوله : (الاستواء غير مجهول) أن هذا الوصف معروف عند العرب وهو في لغتهم الارتفاع والاعتدال ، لكن ما نسب إلى الله من هذا الوصف لا يشابه ما نسب منه للحوادث ، وذلك هو معنى قوله : (والكيف غير معقول) . فقول الإمام مالك : (الاستواء غير مجهول) نفي للتعطيل . وقوله : (والكيف غير معقول) نفي للتشبيه والتكييف ، وبنفي الأمرين يكون الصواب . اهـ من رحلة الحج إلى بيت الله الحرام ، دار ابن تيمية ، القاهرة ، بدون تاريخ ، ص 75.
63 رواه الإمام الذهبي في كتاب العلو وصححه ، ص184 مختصره .
64 راجع تفسير القرآن العظيم لابن كثير (2/254) وتفسير الإمام الطبري (7/27).(1/67)
65 الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي (18/215).
66 صحيح البخاري ، ك تفسير القرآن ، باب 2 ، ح 4919 من حديث أبي سعيد . وأخرجه البخاري أيضا في ك التوحيد ، باب 24 ، ح 7439 في حديث طويل عن أبي هريرة ( عن النبي ^ . وفيه :"..فيكشف عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة ، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا".
67 تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان ، ط. الأولى ، 1407هـ/1987م ، 4/435.
68 المصدر السابق ، وفيه ضعف كما بينه ابن كثير .
69 لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد بشرح الشيخ محمد بن صالح وتحقيق أبي محمد ابن عبد المقصود ، مكتبة طبرية ، الرياض ، الطبعة الثالثة ، 1415هـ /1995م ، ص61.
70 ولذلك نقول إن الله تعالى حكيم ولا نقول له عاقل ، ونقول إن إبراهيم خليل الله ولا نقول صديقه ، ونقول له عرش ولا نقول له سرير وإن كان المعنى في كل ذلك واحدا، لكنا نتأدب مع الله جل في علاه فلا نسميه ولا نصفه إلا بما سمى ووصف به نفسه سبحانه.
71 قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر المالكي : وأما احتجاجهم (بأنه) لو كان في مكان لأشبه المخلوقات لأن ما أحاطت به الأمكنة واحتوته مخلوق فشيء لا يلزم ، ولا معنى له ، لأنه عز وجل ليس كمثله شيء من خلقه ، ولا يقاس بشيء من بريته ، لا يدرك بقياس ، ولا يقاس بالناس ، لاإله إلا هو ... وقد قال المسلمون وكل ذي عقل : إنه لا يُعقل كائن لا في مكان ما ، وما ليس في مكان فهو عدم . وقد صح في المعقول وثبت بالواضح من الدليل أنه كان في الأزل لا في مكان ، وليس بمعدوم . فكيف يقاس على شيء من خلقه ؟ أو يجرى بينه وبينهم تمثيل أو تشبيه ؟ تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا . التمهيد 7/135-136. وراجع أيضا: الدين الخالص للسيد محمد صديق حسن القنوجي، دار المدني، جدة، ط. الثانية، 1426هـ/2005م (1/108).(1/68)
72 النونية مع شرحها توضيح المقاصد 2/446-447.
73 لمزيد من معرفة عقيدة الأئمة الأربعة السلفية راجع : كتاب أصول الدين للأستاذ أبي منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي (1/313) وإيقاظ همم أولي الأبصار لصالح الفلاني (ص50) وتاريخ أهل الحديث للدهلوي (ص35-43).
74 رحلة الحج إلى بيت الله الحرام للشيخ محمد الأمين الشنقيطي ، دار ابن تيمية ، القاهرة ، بدون تاريخ ، ص 63.
75 كتاب العرش ، ص70-71 ، ولكن يعجبني قول الذهبي في ترجمة قتادة وقد ذُكر عنه القول بالقدر فقال الذهبي رحمه الله : ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه ، وبذل وسعه ، والله حكم عدل ، لطيف بعباده ، ولا يُسأل عما يفعل ..الخ كلامه الجميل رحمه الله رحمة واسعة (سير أعلام النبلاء 5/271) . وقال بعد أن نقل أقوالا تفيد ثبوت هذه البدعة عن قتادة : قد اعتذرنا عنه وعن أمثاله ، فإنِ اللهُ عذرهم فيا حبذا ، وإن هو عذبهم فإن الله لا يظلم الناس شيئا ، ألا له الخلق والأمر . (سير أعلام النبلاء 5/277) .
76 كتاب العرش ، ص71.
77 إثبات صفة العلو لابن قدامة رقم 108 ، وكتاب العرش للذهبي ص89 . وانظر ترجمة الإمام الشافعي أيضا في سير أعلام النبلاء 10/79.
78 أخرجه اللالكائي في شرح أصول السنة 3/160-161 ، وأورده الذهبي في كتاب العرش ص97 وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص201.
79 الإتقان في علوم القرآن للإمام جلال الدين السيوطي ، تحقيق عبد المنعم إبراهيم ، مكتبة نزار مصطفى الباز ، الريض ، المملكة العربية السعودية ، ط. الثانية ، 1424هـ/2003م ، 3/675.(1/69)
80 وهذا الاصطلاح الذي هو تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز إنما حدث بعد القرن الثالث الهجري ، وكان منشؤه من جهة المعتزلة والجهمية . راجع مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 6/351-374 ومختصر الصواعق المرسلة لابن القيم 1/85-86 وكتاب "منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والاعجاز" للشنقيطي والمجلد العاشر من أضواء البيان له أيضا ، وشرح مقدمة ابن زيد القيرواني في العقيدة للشيخ الأمين الحاج محمد ص 159 وما بعدها .
81 الكشف عن مناهج الأدلة ، ص60 وانظر : الصفات الإلهية بين السلف والخلف ص 127 ، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 13/294-313.
82 المصدر السابق 7/145 .
83 التمهيد لابن عبد البر 7/131.
84 المصدر السابق 7/128.
85 ترجمته في سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ، تحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرين ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، لبنان ، ط. الرابعة ، 1406هـ/1986م ، 20/439-451. وهو من أعلام أهل السنة المعتبرين كما تدل على ذلك أخباره رحمه الله . ولقد بالغ الإمام الذهبي في الثناء عليه وذكر من عقيدته السلفية ثم قال : "ليس في كبار الأولياء من له أحوال وكرامات أكثر من الشيخ عبد القادر ، لكن كثيرا منها لا يصح ، وفي بعض ذلك أشياء مستحيلة .. وفي الجملة الشيخ عبد القادر كبير الشأن ، وعليه مآخذ في بعض أحواله ، والله الموعد ، وبعض ذلك مكذوب عليه". اهـ من سير أعلام النبلاء 20/450-451.
86 الغُنْيَة لطالبي طريق الحق للشيخ عبد القادر الجيلاني ، المكتبة الشعبية ، بدون تاريخ ، ص 54-57 باختصار . ونقل هذا الكلام عنه الذهبي في كتاب العرش ص 154 وترحّم عليه .
87 مجموع الفتاوى ، دار الوفاء ، المنصورة ، مصر ، ط.الأولى ، 1418هـ/1997م ، (5/230).
88 الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد القرطبي، 7/219.
89 وهذا القول هو الذي أيده شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 2/404.(1/70)
90 تفسير القرآن العظيم ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان ، ط.الأولى ، 1407هـ/1987م ، (2/127-128).
91 التمهيد لابن عبد البر 7/145 .
92 رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت ، بدون تاريخ ، ص68.
93 ص 61.
94 راجع البداية والنهاية للإمام الحافظ أبي الفداء إسماعيل ابن كثير الدمشقي ، تحقيق مكتب تحقيق التراث ، دار إحياء التراث الإسلامي ومؤسسة التاريخ العربي ، بيروت ، لبنان ، 1413هـ/1993م ، (14/97) ، وكتاب "ابن تيمية : حياته وعصره - آراؤه وفقهه" للإمام محمد أبو زهره ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1991م ، ص71 ، وحياة شيخ الإسلام ابن تيمية لعلامة الشام محمد بهجة البيطار ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، لبنان ، 1391هـ ، ص 36-44 . وأوراق مجموعة من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية لمحمد بن إبراهيم الشيباني ، مكتبة ابن تيمية ، الكويت ، ط. الأولى ، 1409هـ/1989م ، ص58-59 . ورجال الفكر والدعوة في الإسلام لأبي الحسن علي الحسني الندوي ، دار القلم، الكويت ، ط. الرابعة ، 1407هـ/1987م ، الجزء الثاني الخاص بحياة ابن تيمية، ص90.
95 التحريف هو تغيير اللفظ عن ظاهره ومدلوله أو صرف المعنى عن حقيقته ، والتعطيل إخلاء الله من أسمائه وصفاته أو من مدلولها ، والتكييف جعل كيفية محددة لصفات الله ، والتمثيل إثبات مماثلة الله للمخلوقين بشيء من صفاته . تعالى الله عن قول الظالمين علوا كبيرا .
96 العقيدة الواسطية مع التعليقات الزكية لفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين باعتناء أبي أنس علي بن حسين أبو لوز ، توزيع جهاز الإرشاد والتوجيه بالحرس الوطني ، الرياض ، السعودية ، 1421هـ ، ص81-92.
97 تذكرة الحفاظ (3/358) .(1/71)
98 اسمه علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله ابن أبي بردة ابن أبي موسى الأشعري ، ولد سنة 260هـ وتوفي سنة 324هـ بعد أن خلف تراثا هائلا من المصنفات النافعة ، ومن أنفعها كتاب الإبانة وكتاب اللمع الكبير والصغير التي أثبت فيها معتقد السلف ورد على أهل البدع من الجهمية والرافضة والمعتزلة وغيرهم حتى قال قائلهم :
لو لم يصنف عمره * غير الإبانة واللمع
لكفى فكيف وقد * تفنن في العلوم بما جمع
مجموعة تربي على المائتين * مما قد صنع
لم يأل في تصنيفها * أخذا بأحسن ما استمع
فهدى بها المسترشديـ * ن ومن تصفحها انتفع
وقد ذكر كتاب الإبانة عدد كثير من العلماء المتقدمين في مصنفاتهم كما حققه الشيخ حماد الأنصاري إمام أهل الحديث بالمدينة في وقته رحمه الله .
99 انظر المنتقى من منهاج الاعتدال اختصار الذهبي ، تحقيق محب الدين الخطيب ، التعليق رقم 2 .
100 الخطط للمقريزي 3/358-359.
101 تاريخ أهل الحديث ص74-77.
102 الإبانة في أصول الديانة ص52-53 و ص119.
103 راجع في ذلك مثلا : وثيقة الإخوان لتبيين دليلات وجوب اتباع الكتاب والسنة والإجماع ، وكتاب بيان البدع الشيطانية التي أحدثها الناس في هذا الزمان وكتاب إحياء السنة وإخماد البدعة وغيرها من كتبه رحمه الله .
104 علامات المتبعين لسنة رسول الله ^، تحقيق عبد الله محمد سيفاوا ، نشر مايلستون ، سكتو ، ص1.
105 إحياء السنة وإخماد البدعة، ص 30
106 الجامع الحاوي ص170-171.(1/72)
107 أقول : لو أنه وصل إليه كتاب السنة للإمام أحمد بن حنبل (ت 241هـ) والرد على الجهمية له وكتاب السنة لابن أبي عاصم (ت 287هـ) وكتاب السنة لعبد الله بن أحمد (ت 290هـ) وكتاب التوحيد ومعرفة صفات الرب عز وجل لابن خزيمة (311هـ) وكتاب التوحيد لابن مندة وكتاب العقيدة لأبي جعفر الطحاوي (ت 321هـ) وكتاب البيهقي "الأسماء والصفات" وكتاب الشريعة في السنة" لأبي بكر الآجري (ت 360هـ) وكتاب اللالكائي (ت 418هـ) "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" وكتاب "السنة" للخلال وكتاب شر ح السنة للبغوي (ت 516هـ) وكتاب ابن قدامة (ت 620هـ) في إثبات العلو في عقيدة أهل السنة وكتاب "الشرح والإبانة" لابن بطة وكتاب "الإبانة" لأبي الحسن الأشعري وكتاب العرش للذهبي (ت 748هـ) وكتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية" لابن القيم (ت 751هـ) وكتاب "إبطال التأويلات" لأبي يعلى وغير هذه من الكتب التي جرت على طريقة أهل الحديث لكان نقله منها أعظم ودفاعه عن مضمونها أجل وأكبر . فجزاه الله عن جهاده العظيم ضد الكفر والوثنية والبدعة خير الجزاء ، وجمعنا الله به في دار البقاء ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
108 إرشاد أهل التفريط والإفراط إلى سواء الصراط ، مخطوط من تراث المرحوم الوالد الشيخ إبراهيم بن عبد الرحمن بن عثمان الماسني ، ص41.
109 الجامع الحاوي ، ص 130-131.
110 المصدر السابق ، ص 131.
111 المصدر السابق ، ص102.
112 الذي في المذكرة :"فلا تحدثوهم بما يعذب" وهو خطأ أيضا .
113 ميزان الاعتدال في نقد الرجال للحافظ شمس الدين أبي عبد الله الذهبي، تحقيق علي محمد البجاوي ، دار الفكر ، بيروت ، بدون تاريخ ، 4/344 .
114 تهذيب التهذيب للحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، دار صادر ، ط. الأولى ، 1327هـ ، 11/147 .
115 راجع لتخريج هذا الحديث : سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 5/513-514 وضعيف الجامع الصغير وزياداته رقم 462 .(1/73)
116 الجامع الكبير للسيوطي ص2.
117 سبق نقله عن الكشف عن مناهج الأدلة ص60 .
118 هذا عين مذهب السلف ، ومن رماهم بالتشبيه فقد أعظم الفرية .
119 وهذا هو التفويض الذي مضمونه تجهيل الصحابة رضوان الله عليهم في أعظم أمور الدين ومقاصده وهو العلم بالله وأسمائه وصفاته .
120 بل على ما ظنوا هم أنه يليق به وهو أعلم بنفسه سبحانه ورسوله أعلم به منهم وأفصح بيانا كما بينا . وتنزيه الله عز وجل يجب أن يكون بالنقل لا بالعقل لأنه لا يُعرف الكمال بالنسبة لله تعالى إلا عن طريق ما ورد عن الله ورسوله .
121 راجع مختصر العلو ص194 ، وسير أعلام النبلاء 11/370 .
122 سير أعلام النبلاء ، 11/370 .
123 رد الأذهان إلى معاني القرآن للشيخ أبي بكر محمود جومي ، مؤسسة غومبي للتجارة ، كادونا ، نيجيريا ، 1408هـ/1987م ، 2/828 .
124 الدرر السنية ، ط. الأولى ، 2/70.
125 سير أعلام النبلاء ، 7/274 . ولم ينقل أيضا ما أورده المعلق على الكتاب في هذا الموضع عن الحافظ ابن جرير الطبري في تفسير الآية (وهو معكم أينما كنتم) قال : يقول (تعالى) : وهو شاهد لكم أيها الناس أينما كنتم يعلمكم ، ويعلم أعمالكم ومتقلبكم ومثواكم ، وهو على عرشه فوق سمواته السبع . راجع : المصدر السابق نقلا عن "جامع البيان" للطبري 27/216 .
126 سير أعلام النبلاء 10/578.
127 لكن لعل عذر الأخ صاحب المذكرة أنه لم يحصل على هذا الكتاب وإنما نقل عنه بواسطة السقاف المعروف بانحرافه وتعصبه الشديد ، وحينئذ أقول له ?فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون? وأقول ?..إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا?.
128 سنن الترمذي ، ك الزكاة عن رسول الله ^ ، باب 28 ، ح 662 .(1/74)
129 ثم وقفت على الكتاب عن طريق بعض الإخوة جزاه الله خيرا وهو من مطبوعات مكتب العلمية للتراث ، 1421هـ/2001م فتبين لي صحة ما توقعت ، فإن الشيخ الألباني أول ما استهل كلامه بعد السؤال أن قال : هذا سؤال جاء في صحيح مسلم .. وذكر حديث الجارية ، ثم قال : فنحن اقتداء بطريقة رسول الله ^ نستن هذا السبيل نفسه ، ونعلم أن في الناس من لا يجيب بجواب الجارية ، تقول له : أين الله ؟ فأول ما يبادر باستنكار السؤال ، واستنكار السؤال هو الكفر بعينه لأنه ينكر سؤالا صدر من الرسول ^ !. وهكذا استمر الألباني في الدفاع عن العقيدة السلفية كما هو معروف عنه . لكن لما كان قد أطال الجواب بخاصة عن السؤال الثاني أخذ من أخذ قوله من المبتدعة وقطّعه وحمّله ما لم يرده الشيخ ثم أخذ عنه صاحب المذكرة ولم يعد إلى أصل الكتاب . هذا ظني به ، فإن كان قد وقف على الكتاب فأنا أدعوه لقراءته مرة ثانية وعندئذ سيتبين له مدى الخطأ فيما نسبه إليه إن شاء الله . ومن أراد التأكد من صحة معتقد الألباني وتشنيعه على أصحاب التفويض والتأويل فليقرأ كتبه وليستمع لأشرطة محاضراته وهي موجودة ولله الحمد ، وعندي من كتبه ما يزيد على الأربعين، ومن أشرطته فوق المائة بكثير .
130 مختصر العلو للعلي الغفار ، ص 22.
131 المصدر السابق ، ص23-226 .
132 المصدر السابق ، ص50-51 .
??
??
??
??
2
استواء الله على العرش بين إثبات السلف وتأويل الخلف(1/75)