بسم الله الرحمن الرحيم
جامعة القاهرة
كلية دار العلوم
قسم الفلسفة الإسلامية
تحقيق مخطوطة :
" إعتقاد أهل السنة للإمام / أبي بكر بن قاسم الرحبي "
بحث أعمال السنة مقدم من الطالب /
موسى بن محمد بن هجاد الزهراني
للسنة التمهيدية للماجستير بقسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم
تحت إشراف /
الأستاذ الدكتور / عبداللطيف بن محمد العبد
2003-2004م
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إنِ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ :
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) [آل عمران:102].
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) [النساء:1].
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )) [الأحزاب:70-71].(1/1)
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ .(1)
أما بعد :
فهذه مخطوطة (إعتقاد أهل السنة ) ، للإمام / أبي بكر بن قاسم بن أبي بكر بن عبدالرحمن الرحبي ‘ رحمه الله تعالى ، وقع اختياري عليها ؛ لتقديمها إلى فضيلة الأستاذ الدكتور / عبداللطيف بن محمد العبد، أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم ، بجامعة القاهرة ، حفظه الله ورعاه ، لمادة أعمال السنة ، للسنة التمهيدية للماجستير ، لعام 2004م .
وصف المخطوطة :
اعتمدت في تحقيق هذه المخطوطة على نسخة معهد إحياء المخطوطات ، المصورة عن مكتبة كورية، ورقم المخطوط فيها 1584/11 ، وتحتوي على الأوراق ، من 127-130، ويبلغ عدد صفحات المخطوطة ، 3 صفحات ، وتحتوي على 6 لوحات ، تبدأ الصفحة الأولى بقول المؤلف : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، رب زدني علماً ) ، ويختم المخطوطة بقوله ( اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين وسلم ، حسبنا الله ونعم الوكيل ) .
مقياس الأوراق :
18,5×13،5 ، بخط سبط ابن حجر ، في القرن التاسع الهجري ، ويميل في كتابتها إلى الإمالة .
عدد السطور :
25 سطراً ، وفي بعضها 23سطراً ، وفي بعضها 24سطراً ، لا يسير على طريقة واحدة ، وتختلف كلمات السطور في عددها ما بين 12- 13- 15 كلمة .
توثيق المخطوط :
نظراً لانعدام ترجمة المؤلف ؛ ولكوني استنفدت جهدي وطاقتي في البحث عن ترجمة له فلم أعثر على شيء ، فلا أستطيع توثيق هذا المخطوط ، فكيف أوثقه وأنا أجهل الرجل ؟! .
أما عن توثيق الاسم :
__________
(1) - ـ هذه خطبه الحاجة رواها الترمذي وحسنه ( 1105)، والنسائي (6/89)، وابن ماجه ( 1892)، انظر تخريجها مبسوطاً في كتاب ( خطبة الحاجة ) للشيخ : محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله -(1/2)
فهو يدل على ما بداخله ، كما وضحنا في الدراسة من مختصر عقيدة أهل السنة .
أهمية المخطوط :
ترجع أهمية المخطوط إلى ما يحتويه من مختصر غير مخلٍ ، لعقائد أهل السنة والجماعة ، مع إيضاحها ، إيضاحاً شافياً كافياً لمن قرأه ، فنعم النصيحة النصيحةُ في الدين ، وشرفها بشرف متعلقها ، وتعلقها بالله تعالى أشرف معلوم ؛ إذ المخطوط مختصرُ المعتقد في الله عند أهل السنة والجماعة .
عملي في المخطوط :
أعدت كتابة المخطوط بالتحقيق ، ووضعت علامات الترقيم عليه ؛ لخلوه منها في الأصل.
قمت بتخريج الآيات القرءانية ، والأحاديث النبوية ، وعزوها إلى أماكنها في القرءان الكريم ، وكتب الحديث بأرقامها ، والحكم على الأحاديث بالصحة ، أو الضعف .
قمت بعمل دراسة حول قضايا المخطوط ما يحتويه ،مع إلحاق ذلك بأصل المتن في الحاشية السفلية ، وقسمته إلى مسائل وصلت إلى 19 مسألة ، مع تخريج آياتها وأحاديثها ، وتوثيق نقول أهل العلم غالباً .
لم أعرف بالأعلام الواردة في الدراسة ؛ وذلك طلباً للاختصار .
وأسأل الله تعالى التوفيق والسداد ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أصل المتن :
بسم الله الرحمن الرحيم
" رب زدني علما "
الحمد لله المتفضل على عباده بالنعم والآلاء , الرحمن بخلقه في الشدائد والرخاء , المستجيب لعباده المسرف والمطيع في الدعاء , الذي هدانا لسبيله ، وخصنا برسوله النبي الأمي خير الأنبياء , وجعلنا من أمته ؛ فذلك الفضل من ربنا وسيدنا , خالق الأرض والسماء , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , شهادة أرجو بها أن يدخلني ربي دار الأصفياء , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , الذي اختصه من بين الأنبياء , وشرفه بالشفاعة لفصل القضاء , وحرم الجنة على الخلائق حتى يدخلها أمته الغر المحجلون الاتقياء .(1/3)
أما بعد: فإن بعض إخواني، سألني عقيدة أهل السنة والجماعة ؛ ليتبعها , فأجبته إلى ذلك ؛ رجاء الثواب والدعاء ، والله الموفق والمستعان .
فإن الواجب اعتقاده ، وهو أن يعلم أن الله واحدٌ أحد ٌ، فردٌ صمدٌ ، لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد , قديمٌ أزليٌ ، لا أول لوجوده ، ولا آخر لدوامه , ليس بجسم ولا بصورة , و هو منزهٌ عن أمارات الحدث , متفرد بالعدم على كل محدث(1).
المسألة الأولى :
تحدث المصنف في هذه المسألة عن أحدية الله عز وجل ، وأنه أحدٌ أحد ، فردٌ صمد، لم يلد ، ولم يولد ،ولم يكن له كفواً أحد .
ثم عرج على عقيدة أهل السنة ، في مسألة الأعراض والأجسام ، وأن الله تعالى قديمٌ أزليٌ ، لا أول لوجوده ، ولا آخر لدوامه , كما قال الإمام الطحاوي رحمه الله في الطحاوية : " قديم بلا ابتداء دائم بلا انتهاء, لا يفنى ولا يبيد ، ولا يكون إلا ما يريد ، لا تبلغه الأوهام ولا تدركه الأفهام "(2) .
ثم يثبت بعد ذلك مسألةً ، هي من غوامض المسائل ، ألا وهي :
إثبات الصفات الاختيارية ، المتعلقة بالمشيئة والإرادة الإلهية ، مخالفاً بذلك عقيدة أبى سعيد الكلاب ، الذي يرى إثبات الصفات الاختيارية ؛ ولكنه يقول :
إنها قديمة أزلية ، غير قابلة للحدوث ؛ لأن الله منزه عن الحوادث , فلا يجوز أن تحل به الحوادث لأنه سبحانه ليس محلاً للحوادث . ولما كان عز وجل ليس محلاً للحوادث وجب أن تكون صفاته قديمة أزلية قائمة بذاته غير متحولة من حال إلى حال لأن التحول في جانب الله محال . وهذا هو حاصل قول المؤلف عن الله تبارك وتعالى : " قديم أزلي لا أول لوجوده ولا أخر لدوامه ,ليس بجسم ولا بصورة , وهو منزه عن أمارات الحدث , منفرد بالعدم على كل محدث " .
__________
(2) - شرح العقيدة الطحاوية ، لابن أبي العز الحنفي ، طبع المكتب الإسلامي ، بيروت ، ط الرابعة 1391هـ.(1/4)
موصوف بما وصف به نفسه في كتابه العزيز ، وعلى لسان نبيه محمد خاتم المرسلين صلى الله عليهم وسلم أجمعين , كما جاء بلا تفسير ولا تكييف , لا مدخل للعقل والقياس في ذلك إلا من جهته بمنه وفضله ، فهو السميع لجميع المسموعات, والبصير لجميع المبصورات ، القادر على جميع المقدورات , العالم بجميع المعلومات.(1)
المسألة الثانية :
تناول فيها المؤلف رحمة الله عليه , إثبات الصفات لله عز وجل ، وتناولها فى موضعين , هذا هو الموضع الأول : فيثبت لله تبارك وتعالي الصفات التي وردت في كتابه ، وعلى لسان نبيه صلي الله عليه وسلم , بلا تفسير , ولا تكييف , ولا مدخل للعقل في ذلك . ويقصد بالتفسير ( التأويل ) لهذه الصفات , وهو مجمل اعتقاد أهل السنة في ذلك , كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه في العقيدة الواسطية : " ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل بل يؤمنون بأن الله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (2)" .
__________
(2) - العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية 6 ت محمد عبدالعزيز بن مانع . طبع الرئاسة العامة للبحوث العلمية . الرياض ط2 /1412هـ(1/5)
أما الموضع الثانى الذي تناول فيه المصنف هذه القضية , فقد تناول فيه آيات الصفات وأحاديثها ، وأنها تمر كما جاءت , دالة على معانيها اللائقة بجلال الله , من غير تأويل ولا تكييف , وهذا هو الوارد عن السلف في آيات الصفات أنهم قالوا : أمروها كما جاءت , دالة على معانيها . فتفويض السلف هنا , هو تفويض كيفٍ لا معنى . أعني : أن السلف يثبتون لله الأسماء والصفات دالة على المعنى العربي المخاطب به العربي الصحيح العاقل لمعاني الكلام مع التصريح بوجود الكيف ، مع جهلنا به كما ورد عن أم سلمة(1) رضي الله عنها ، والإمام مالك رحمه الله ، لما سئلا عن صفة الاستواء فقالا :
الاستواء معلوم , والكيف مجهول , والإيمان به واجب , والسؤال عنه بدعة .
الخالق لجميع المخلوقات ، المدبر لجميع الحوادث والمرادات , الحق الدائم ,الباقي المتكلم ، الحكم في جميع المصنوعات , لا إله إلا هو , ولا رب سواه , ليس كمثله شيء ، وهو السميع البصير , منزه عن الصاحبة ، والأولاد ، وكل ما فيه نقص أو فساد(2)
المسألة الثالثة :
ضمنها المصنف رحمه الله في الكلام على الأسماء والصفات ، ألا وهي :
إفراد الله تعالى بالربوبية ، فالرب في اللغة ، من ( ر ب ي) وهو المربي ؛ فهو سبحانه وتعالى المربي لخلقه ، القائم على شؤونهم ، والمصلح لأمورهم بما فيه صلاحهم . وهو يعني انفراده بثلاث معاني :
الأول : الخلق والرزق والإحياء والإماتة والنفع والضر .
الثاني : إنفراد الله تعالى بالمُلك والمِلك التامّين .
الثالث : إفراد الله تعالى بالأمر والنهي والتشريع والسيادة (3).
__________
(1) 1 - أخرجه اللالكائي بسنده عن أم سلمة موقوفًا ( منة الرحمن ) 19.
(3) - منة الرحمن 23 .(1/6)
قدر المقادير قبل أن يخلق العباد، وفرغ مما هو / كائن إلى يوم المعاد , وما بعد ذلك ، فلا يكون في جميع المخلوقات إلا ما أراده ، وقضاه ، وقدره , فكل ما يوجد من عمل ، أو أمر , أو رزق ، أو أجل ، أو حياه ، أو موت , أو خير، أو شر , أو نفع ، أو ضر , أو طاعة ، أو معصية , أو هداية ، أو ضلال , قد قضى به، و قدره , أحاط به علمه , وأحصاه كتابه ، ونفذت فيه مشيئته ، وقدرته , ليس لأحد عليه من خلقه أن يقول لم كان كذا , فمن أثابه فبفضله ومنته , ومن عاقبه , فبحق ملكه(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المسألة الرابعة :
تناول فيها المصنف رحمه الله ،الأصل السادس من أصول الإيمان ؛ وهو الإيمان بالقضاء والقدر ، وبمراتب الإيمان بالقضاء والقدر مجملة .
تلك المراتب هي :
الأصل الأول :
الإيمان بعلم الله تعالى القديم الأزلي ، كما يقول شيخ الإسلام رحمه الله في العقيدة " الواسطية " :(1/7)
" الإيمان بالله – تعالى – علم ما الخلق عاملون بعلمه القديم، الذي هو موصوف به أزلاً وأبداً، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات، والمعاصي، والأرزاق، والآجال، ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق(1) " ، وهذا مقتضى قول المصنف : (قدر المقادير قبل أن يخلق العباد وفرغ مما هو كائن يوم المعاد......) . يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " كتب الله تعالى مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات و الأرض بخمسين ألف سنة، و عرشه على الماء " (2). وقال عليه الصلاة والسلام : "إن أول ما خلق الله القلمُ فقال له : اكتب قال : ما أكتب ? قال : اكتب القدر ما كان و ما هو كائن إلى الأبد "(3) . وهذا الحديث بضم ( القلمُ) على أن القلم ،خبر أول ، فهو أول مخلوق ،خلافاً لمن قال بغير ذلك (4).
الأصل الثاني :الكتابة : وذلك بكتابة المقادير في اللوح المحفوظ ، يقول تعالى : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب )(5) ، قال ابن عباس رضي الله عنهما :
الكتاب كتابان ؛ كتاب يمحو الله في ما يشاء ويثبت ، وعنده أم الكتاب . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " كتب الله تعالى مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات و الأرض بخمسين ألف سنة ، وعرشه على الماء " (6).
وقال صلى الله عليه وسلم : "يا أبا هريرة ! جف القلم بما أنت لاق فاختص على ذلك أو ذر" (7) .
__________
(1) - شرح العقيدة الواسطية للشيخ خالد المصلح 189
(2) - ( صحيح ) انظر حديث رقم : 4474 في صحيح الجامع .
(3) - ( صحيح ) انظر حديث رقم : 2017 في صحيح الجامع .
(4) - ينظر شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل لابن قيم الجوزية رحمه الله صـ 7 فقد ذكر تفاصيل المسألة بإسهاب جميل .
(5) - الرعد 39
(6) - تقدم تخريجه .
(7) - ( صحيح ) انظر حديث رقم : 7832 في صحيح الجامع . "(1/8)
ويتبع تلك الكتابة كتابات أخر ؛ ألا وهي : الكتابة في التقدير العمري ، وللتقدير الأزلي ، وفي ليلة القدر وكل يوم ، والكتابة قبل خلق آدم بأربعين سنة ، وكلها يجب الإيمان بها .
الأصل الثالث : الإيمان بمشيئة الله وقدرته النافذة ؛ فما في الكون من حركة ولا سكون ولا حي ولا ميت ولا أفعال اضطرارية ولا اختيارية إلا وتقع بمشيئة الله وقدرته ، فما شاء كان و مالم يشأ لم يكن(وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) ويدخل تحت هذا الأصل :
الإرادة بنوعيها، الشرعية ،والكونية .
الأصل الرابع : الإيمان خلق الله لأفعال العباد قال تعالى (والله خلقكم وما تعملون )(1) علي وجهي التفسير لـ " ما " على أنها :-
1 – مصدرية فيكون المعنى :- والله خلقكم وعملكم أي عملكم لهذه الأصنام .
2 – موصولة ، فتكون " والذي تعملونه " وهذا مصداق قوله عليه السلام :"إن الله تعالى صانع كل صانع و صنعته " (2).
..........................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلا بد من التفريق بين فعل العبد وفعل الرب ، كما يقول أهل السنة :" والعبد فاعل منفعل " قال تعالى: " لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " (3)، فالعباد خلق الله لهم قدرة ومشيئة بها تقع أفعالهم ، ولا تخرج عن مشيئة الله وقدرته ، " وهذا هو الكسب " .
ويمثل أهل السنة لذلك بالأب والأم مع الولد ، فلولا الأب والأم ما كان الولد(4) ، أيضاً لا دخل للعقل في مسائل القضاء ، بل لا بد من التسليم المطلق لله ظاهراً وباطناً ، لا مظهراً الرضى معترضاً بباطنه .
كقول المعري :
يدٌ بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في نصف دينار
تناقض ما لنا إلا السكوت له وأن نعوذ بمولانا من النار
__________
(1) - الصافات 96.
(2) - ( صحيح ) انظر حديث رقم : 1777 في صحيح الجامع .
(3) - البقرة 286
(4) - منة الرحمن 66 بتصرف .(1/9)
فهذا من الاعتراض الباطن على القدر ، والذي دائماً ما يوسوس به الشيطان ، وليس للعبد إلا أن يقول كما قال الله تعالى : (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)(1) مع التسليم بقدرته الله ومشيئته .
فهذا مختصر ما كتبه المصنف رحمه الله في هذا الباب .
وبعث النبي محمداً صلى الله عليه وسلم بالرسالة , وإلى كافة خلقه لينقذهم من الجهل والضلالة , وختم به النبيين , ونسخ بشريعته ما خالفها من الشرائع أجمعين(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المسألة الخامسة :
مسألة الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وهي فمن مسائل النبوات التي يجب الإيمان بها وتتضمن تلك المسائل مجموعة من القواعد الكلية منها :-
1 – إرسال النبي عليه السلام إلى الخلق كافة ، جنهم ، وإنسهم ،وإن كان هناك يتجوز ويقول بإرساله إلى الملائكة أيضاً كالسيوطي في "تزيين الأرائك في إرسال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملائك(3) " لهذه المسألة . قال تعالى " وما أرسلناك إلاَّ رحمة للعالمين "وقال عليه السلام :" فضلت على الأنبياء بخمس : بعثت إلى الناس كافة و ادخرت شفاعتي لأمتي و نصرت بالرعب شهرا أمامي و شهرا خلفي و جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا و أحلت لي الغنائم و لم تحل لأحد قبلي"(4). . في حديث التفضيل على الأنبياء .
2 – مسالة ختم النبوة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فكل من ادعى النبوة والرسالة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو ( كافر ) خارج عن ملة الإسلام لمخالفته المعلوم من الدين بالضرورة ، يقول تعالى:
__________
(1) - الأنبياء 23.
(3) - مخطوط بمعهد المخطوطات بشارع جامعة الدول العربية بالقاهرة .
(4) - (صحيح ) انظر حديث رقم : 4221 في صحيح الجامع .(1/10)
( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (40)(1). فكل طوائف البابية(2) والبهائية خارجون عن ملة الإسلام ؛ لادعائهم بعدم ختم النبوة ، يقول عليه السلام " لا تقوم الساعة حتى تقتل فئتان عظيمتان دعواهما واحدة و لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبا من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله " .(3)
...............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فخرج منهم مسيلمة ، والمختار بن عبيد ، والأسود العنسي ، وسجاح العامرية .. إلخ .
ومنها الإيمان بنسخ شريعة النبي عليه الصلاة والسلام بالشرائع السابقة ، والنسخ ثابت في القرءان والسنة .. قال تعالى : ( مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )"(4) والنسخ لغة ، الإزالة ، ومنه نسخت الشمس الظل أي أزالته ، وهو في القرءان على ثلاثة أقسام ليس هذا موضع بسطها .
__________
(1) - الأحزاب 40
(2) - البابية والبهائية حركة نبعت من المذهب الشيعي الشيخي سنة 1260هتحت رعاية الاستعمار الروسي واليهودية العالمية والاستعمار الإنجليزي بهدف إفساد العقيدة الإسلامية وتفكيك وحدة المسلمين وصرفهم عن قضاياهم الأساسية . يعتقد البهائيون أن الباب هو الذي خلق كل شيء بكلمته وهو المبدأ الذي ظهرت عنه جمع الأشياء . د مصطفى حلمي / السلفية بين العقيدة الإسلامية و الفلسفة الغربية 169
وموقع كشف الشبهات http://www.khayma.com/kshf/index.htm
(3) -( صحيح ) انظر حديث رقم : 7417 في صحيح الجامع .
(4) - البقرة آية (106).(1/11)
وجعل معجزته الدالة على صحت نبوته , القرآن العظيم ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد ,الذي عجز جميع الفصحاء عن معارضته ,وأقره الله تبارك وتعالى في يدي أمته ؛ لبقاء شريعته إلى يوم القيامة(1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المسألة السادسة :
الإيمان بالقرءان ، الذي هو معجزة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، والدليل على صحة نبوته ، عليه الصلاة والسلام ، وهي الأصل الثالث من أصول الإيمان ، وهي :
أن نؤمن بأن القرءان الكريم من عند الله ، وأنه كلام الله تعالى ، ونؤمن بالكتب المنزلة من عنده سبحانه وتعالى ، منها : الستة التي ذكرت في القرءان الكريم وهي :
القرءان ، والتوراة ،والإنجيل ،والزبور، وصحف إبراهيم وموسى .
ونؤمن بأن هذه الكتب من عند الله ، وأنها مما وقع فيه التحريف ، والتغيير، والتبديل ، عدا القرءان الكريم ، الذي هو المهيمن عليها ، المصدق لما فيها من الحق ، والشاهد على ما بدلوه وحرّفوه . ومن ذلك التحريف ، قولهم في التوراة المحرفة :
"إن الله لما أهلك أهل الأرض بالطوفان ، بكى حتى رمدت عيناه ، وعادته الملائكة ". تعالى الله عن قولهم وكفرهم علواً كبيراً .
فالقرءان الكريم هو الكتاب الذي تعهد الله بحفظه ، بعدما أوكل حفظ الكتب الأخرى إلى أهلها ، فحرفوها وبدلوها ، قال الله تعالى :
} إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }(2)
__________
(2) - سورة المائدة آية 44.(1/12)
ثم إن القران كلام الله غير مخلوق منه بدأ ،وإليه يعود قبل يوم القيامة، تكلم به حقيقة ، فليس حكاية عن كلام الله ، ولا عبارة عن كلام الله ، كما يزعم الأشاعرة. وسيتعرض المصنف لهذه المسألة بعد قليل ولكن لما كان الحديث عن معجزة القرءان محلاً للحديث عن الإيمان بالكتب كان التنبيه سابقاً هنا .
وأكد ذلك بما أظهره على يديه من البراهين الباهرة , والدلالات الظاهرة , كانشقاق القمر , واستنزال المطر , وإزالة الصور , ونبع الماء من بين أصابعه , وتسبيح الحصى بيده , وكلام البهائم له , وحنين الجزع إليه , ونحو ذلك كثير مما استفيض نقله , واشتهر أمره(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(7) - المسالة السابعة ..
معجزات الأنبياء .. تكلم المصنف على ما وقع لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم من معجزات كانت ذات دلالات قطعية على انه رسول الله والمعجزة كما هو معروف هي حدث خارق للعادة يقع على يدي من أرسلهم الله تعالى ، وقد أفرد كثير من السلف هذه المسألة بالتصنيف منهم البيهقي في دلائل النبوة ، أفراد لها مجلداً خاصاً بمعجزات النبي صلى الله عليه وسلم .
وذكر المصنف من تلك المعجزات ( انشقاق القمر، واستنزال المطر، وإزالة الصور .. الخ
أما انشقاق القمر فقد انزل الله فيها سورة مفردة سماها بهذا الاسم وأما استنزال المطر
لما دخل الأعرابي(2) عليه المسجد وهو على المنبر فما نزل حتى انحدر المطر من على لحيته الشريفة . وأما إزالة الصور فمشهورة في عام فتح مكة لما كسر الأصنام وأرسل خالداً إلى الات وغير ذلك .
إلى غير ذلك من المعجزات التي يرجع إليها في مظانها في كتب السيرة .
__________
(2) - الحديث رواه البخاري كتاب الاستسقاء ـ باب الاِسْتِسْقَاءِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةِ حديث 1022 ورواه مسلم ، كتاب الاستسقاء باب الدُّعَاءِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ حديث 2115 -(1/13)
والإيمان قول ، وعمل ، ونية ، يزيد بالطاعة , وينقص بالمعصية , وكل مؤمن مسلم , وليس كل مسلم مؤمناً . وإذا سئل العبد عن الإيمان ,أمؤمن أنت أم مسلم ، فليقل : أمنت بالله، وملائكته ، وكتبه ، ورسله , أو يقول مؤمن إن شاء الله , والتصديق هو أن يصدق بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ،وجميع ما جاءت به الرسل صلوات الله عليهم أجمعين .
ويولده العمل ، والقيام بما وردت به الشريعة من قول ، وفعل , والإسلام مبنى على خمسة أركان , ليس لها سادس ، فإذا رأيت أحداً يقول مبني على ستة فأعلم أنه مبتدع ، بل هو خمس ، شهادة ألا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول صلى الله عليه وسلم , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , وصوم رمضان , وحج البيت من استطاع / إليه سبيلا.(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(8) – المسألة الثامنة :
مسألة الأيمان : تكلم فيها عن أصول أهل السنة في هذه المسألة وأولها :
الإيمان قول ، وعمل ، ونية ، يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ، وهذه المسألة مهمة ، إذ إن هذه المسألة تتضمن أصلين كبيرين :
المسألة الأول :- مسألة الإيمان والدين .
والثانية :- مسألة الوعد والوعيد ، وأحوال الناس في الآخرة .
أما المسالة الأولى وهى الإيمان والدين :
ففيها يتكلم أهل السنة عن تلك الألفاظ التي ورد بها الكتاب ، والسنة ، من المؤمن ، والكافر، والفاسق والظالم، والعاصي .
...............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تخطيط هيكليوتفصيل المسألة كالتالي :
وهذا بيانها :
الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص , وهو على النحو التالي :
قول القلب : وهو اعتقاده ، وتصديقه ، ومعرفته بالله تعالى ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره .
قول اللسان : وهو نطقه بالشهادتين .(1/14)
عمل القلب : وهو الإخلاص ، والحب ، والخوف ، والرجاء ، والذل ، والانقياد ، والتوكل والشكر ، والصبر ، والشوق ، ونحو ذلك .
عمل اللسان والجوارح : من صلاة ، وزكاة ، وصيام ، وحج ، وجهاد ، وبر ، وصلة ، وإحسان إلى الخلق ، وأمر بالمعروف ، ونهي عن المنكر .
وزيادة قول القلب بالكمية : كلما علم الإنسان شيئاً من الشرع فصدق بما لم يكن يعلمه ولا يصدق به .
وزيادة قول القلب بالكيفية : بزيادة اليقين بتظاهر الأدلة ، قال تعالى : ( أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) (1).
وزيادة قول اللسان : في الشهادتين في حق من بلغه خبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، فشهد له بالرسالة بلسانه ، فهو أكمل إيماناً ممن لم يبلغه خبره ؛ فنطق بلا إله إلا الله فقط .
وكذا في كل تفصيل يبلغ العبد من الشرع فيقر به بلسانه يزداد به إيماناً ، قال تعالى :
( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )(2) (3)
.................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما المسألة الثانية :-
وهي الوعد ، والوعيد ، وأحوال الناس في الآخرة.
فنقول : أجملها أهل السنة في أصول ، أهمها كالتالي :-
من مات على التوحيد دخل الجنة - يوماً من الدهر ، أصابه قبل ذلك اليوم ما أصابه .
من مات على الشرك بعد بلوغ الرسالة فهو مخلد في النار أبداً .
__________
(1) - البقرة 260
(2) - البقرة 136
(3) - منة الرحمن في نصيحة الإخوان فضيلة الشيخ الدكتور / ياسر برهامي 72-73 بتصرف يسير .(1/15)
المسلم الذي يرتكب الكبائر ويصر عليها أي : لا يتوب منها لا يكفر بفعلها ، ولا يخلد في النار لو دخلها في الآخرة ما لم يستحلها .
من رجحت حسناته على سيئاته بواحدة دخل الجنة لأول وهلة ومن تساوت حسناته وسيئاته فهو من أصحاب الأعراف ، ومآله إلى الجنة ، ومن رجحت سيئاته على حسناته بواحدة استحق دخول النار .
من استحق دخول النار من عصاة الموحدين ، فهو تحت مشيئة الله إن شاء عذبه وان شاء غفر له (1).
ومن ضمن المسائل التي تناولها المصنف في هذه المسألة أيضا : دخول الأعمال تحت مسمى الإيمان، والتفريق بين لفظتي الإسلام والإيمان ، وهاتان اللفظتان إذا اجتمعتا افترقتا ، وإذا افترقتا اجتمعتا .
فالإسلام هو الأعمال الظاهرة ، والإيمان هو الأعمال الباطنة في حالة الاجتماع كما في حديث جبريل ، وإذا افترقتا تناوب المعنى معاً .
ومن ضمن هذه المسائل أيضاً ..
مسألة الاستثناء في الإيمان ، وقد أفرد لها كثير من المصنفين من علماء السلف أبواباً في كتبهم ، وأطالوا في ذكر أدلة الفريقين بما لا طائل من ذكره الآن .
ومن أراد التفصيل فليرجع إلى تلك المظان ، كفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية في المجلد الثاني .
.................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن ضمن المسائل أيضاً :-
__________
(1) - منة الرحمن صـ 74 -77 وينظر أعلام السنة المنشورة في اعتقاد الطائفة المنصورة . للشيخ / حافظ الحكمي رحمه الله .(1/16)
مسألة مباني الإسلام الأربعة ، وهي أركان الإسلام ، والاختلاف فيها بين أهل السنة مشهور ، ومعلوم؛ حيث إن منهم من يجعلها ركناً من أركان الإيمان ، بمعنى أن من تركها فهو ( كافر ) خارجٌ من ملة الإسلام ، وجمهورهم على أنها شرط في كمال الإيمان ، وليست في أصله ، وهى من مسائل الخلاف السائغ .(1)
وأشهر تلك المسائل :-
الخلاف في كفر تارك الصلاة . وبسطها يتطلب مساحة واسعة ، وليس هذا مجالها .(2)
والقرءان كلام الله تبارك وتعالى , منزل غير مخلوق ، ولا خالق ، منه بدأ ، وإليه يعود , لا حادث ، ولا محدث , كيف ما قريء ، وتلي , وكتب وحفظ , وكيف ما تصرف ؛ فهو كلام الله عز وجل على الحقيقة .(9)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(9) – المسألة التاسعة :- ( القرءان كلام الله )
مرت من قبل ، راجع صـ 13 .
وآيات الصفات , وأحاديث الصفات تمر كما جاءت من غير تأويل ، ولا تكييف , نؤمن بها ، ونكل علمها إلى قائلها . (10)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(10) – المسألة العاشرة :- ( الأسماء والصفات )
مرت من قبل ، راجع صـ 7 .
__________
(1) - تعريف الخلاف السائغ : ما لم يخالف نصاً من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس جلي .
(2) - ينظر كتاب ، نواقض الإيمان القولية والعملية ، ت د / عبدالعزيزآل عبداللطيف .(1/17)
ونعلم أن أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الأمة ، أصحابه رضي الله عنهم أجمعين ، من المهاجرين ، والأنصار ، وأفضلهم العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة , وهم : أبو بكر , وعمر , وعثمان وعلي , وطلحة , والزبير , وسعد , وسعيد , وعبد الرحمن بن عوف , وأبو عبيدة بن الجراح , رضي الله عنهم أجمعين . وأفضل هذه العشرة , أبو بكر ,وعمر , وعثمان , وعلي ,وأفضل الأربعة , أبو بكر , ثم عمر ، ثم عثمان , ثم علي . وأجمعت أصحابه على أن كل واحد من هؤلاء الأربعة , كان أحق الناس بالخلافة زمن ولايته , ونعترف لمن سواهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفضل, على قدر منازلهم ممن وردت له من رسول الله صلى الله عليه وسلم منقبة، عرفنا ذلك له , ونعترف بفضل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والتعظيم لهم , ونترحم على أمهات المؤمنين ، ونعترف بفضلهن , ونترحم على جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورضي الله عنهم أجمعين , ونستغفر لهم ، والتابعين بعدهم بإحسان , ونذكر محاسنهم ، وفضائلهم ، ونمسك عما شجر بينهم .(11)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(11) المسألة الحادية عشر :-
تكلم فيها المصنف رحمة الله تعالى عليه ، عن العقيدة في الصحابة ،رضي الله عنهم ، وهي من أهم القضايا ، فهذه المسألة هي من المسائل المهمة التي تدخل ضمن مسائل الإيمان بالله ، والإيمان بالرسل ، والكتب واليوم الأخر . فدخولها في الإيمان بالله من باب كونها ضمن المسائل التي أمر الله بالإيمان بها ، والإيمان بالرسل ؛ لأن الإيمان بالنبي عليه الصلاة والسلام ؛ يقتضى حب أصحابه الذين نهى عن سبهم ، وأمر بموالاتهم ، وتدخل في الإيمان بالكتب ؛ لأن القرءان أوصانا بهم ، ونهانا عن ذمهم ، وتدخل في الإيمان باليوم الأخر ، من باب أنهم أهل الجنة ، المشهود لهم بذلك .(1/18)
فوجب الإيمان بدخولهم لها، وهذا من الإيمان باليوم الآخر .
.................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن أهميتها أيضاً أنه لا بد لصلاح المسلمين من رأس ، كما يقول شيخ الإسلام -رحمة الله عليه - يقود الأمة :
" يجب أن يعرف أن ولاية الناس من أعظم واجبات الدين ، بل لا قيام للدين إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع ؛لحاجة بعضهم إلى بعض ، ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم {إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم} ، رواه أبو داود، من حديث أبي سعيد وأبي هريرة. وروى الإمام أحمد في المسند عن عبد الله بن عمرو، أن النبي قال: {لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم} فأوجب صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيها على سائر أنواع الاجتماع، ولأن الله - تعالى - أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة. وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد ، والعدل ، وإقامة الحج والجمع ، والأعياد ، ونصر المظلوم، وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة ، والإمارة ، ولهذا روي: {أن السلطان ظل الله في الأرض} ويقال: " ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة بلا سلطان "(1).
فلذا وجب إقامة الأئمة ، والخلفاء، ومعرفة من أحق الناس بذلك ، وفي هذه المسألة أصول مهمة نجملها كالتالي :
1 – الأصل الأول :-
يجب على كل مسلم حب الصحابة ، وتوليهم ، ومعرفة فضلهم ، خصوصاً أفضلهم أبا بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان، ثم علي، ثم باقي العشرة المباشرين بالجنة ، وأهل بدر، وأهل بيعة الرضوان .
__________
(1) - السياسة الشرعية في إصلاح الرعية ص 24 .(1/19)
ومن أنفق من قبل الفتح وقاتل ، أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ، وكذا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم والإيمان ، وأنهن أزواجه في الجنة ، وحب آل البيت ، كما أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم ، والحذر كل الحذر ممن سب الصحابة ، أو قال : إنهم ارتدوا إلا ستة كما يقول الشيعة ، وكما يقول الخميني الهالك قبحه لله :-
( اللهم ألعن صنمي مكة وطاغوتيهما وابنتيهما أبا بكر وعمر ، وعائشة وحفصة ) ، فقد ذكر الدكتور ناصر القفاري في رسالته للدكتوراة وجود (كتاب من كتب الأدعية عندهم باللغة الأردية موثق من ستة من شيوخ الشيعة، وصف كل منهم بأنه "آية عظمى" منهم الخوئي والخميني وشريعتمداري.. وفي هذا الكتاب الموثق من هؤلاء الآيات دعاء بالعربية بحدود صفحتين يتضمن لعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وابنتيهما أمهات المؤمنين وحفصة رضي الله عنهما، ومما جاء في هذا الدعاء:
"اللهم العن صنمي قريش وجبتيها، وطاغوتيها، وإفكيها، وابنتيهما الذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك وجحدا إنعامك وعصيا رسولك، وقلبا دينك، وحرفاً كتابك، وأحبا أعدائك، وجحدا آلائك - كذا - وعطلا أحكامك، وألحدا في آياتك.. ) (1)
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تسبوا أصحابي " ..(2)
الأصل الثاني :
الخلفاء بعد الرسول صلى الله عليه وسلم : " أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم على رضي الله عنهم " ؛ لإجماع الصحابة على ذلك ، وإجماعهم حجة ملزمة ، ومن طعن في خلافة واحد منهم فهو أضل من حمار أهله .
الأصل الثالث :
ومن قدم علياً على أبي بكر وعمر في الفضل أو الخلافة فهو ضال مبتدع ، كما ثبت عن على رضي الله عنه لما سأله ابنه محمد ابن الحنفية :- " أي هذه الأمة أفضل بعد نبيها ؟ قال : أبو بكر قال : ثم من ؟ قال : عمر " .
الأصل الرابع :
__________
(1) - أصول مذهب الشيعة الاثني عشرية د/ ناصر القفاري 697
(2) - ( صحيح ) انظر حديث رقم : 7310 في صحيح الجامع(1/20)
ومن قدم علياً على عثمان في الفضل لا في الخلافة فهو مخطئ ، لكن لا يفسق ولا يبدع وهي مسألة يعذر فيها المخالف وكان من أهل السنة من يقولها قديماً ثم انعقد الإجماع على تقديم عثمان في الفضل والخلافة معاً لحديث ابن عمر : " كنا في زمن النبي صلي الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحداً ، ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا تفاضل بينهم " .
الأصل الخامس :
يجب الإمساك عما شجر بين الصحابة بعد فتل عثمان من خلاف وقتال لأنه زيد فيه ونقص منه وغير عن وجهه وكثير مما يروى كذب وزور عليهم ، وأكثر أهل السنة على أن المجتهد المصيب على رضي الله عنه والمخطئ من خالفه ، وكلاهما مجتهد مأجور ، والمخطئ مرفوع عنه الإثم معذور في خطئه ؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم :" تقتل عماراً الفئة الباغية " وقوله عن الخوارج : " تقتلهم أولى الطائفتين بالحق " وقد قاتلهم على رضي الله عنه .
وسب الصحابة من عظائم الذنوب ، سواء علي ومن معه ، أو طلحة أو الزبير أو معاوية ومن معهم رضي الله عنهم بل هم جميعاً ممن قال الله فيهم : ( وَنَزَعنَا مَا فِي صُدُورِهِم مّنِ غِلّ إِخواَناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ )(1) .
الأصل السادس :
ولا عصمة لأحد بعد النبي صلي الله عليه وسلم : لا لصحابي ولا إمام ولا ولي بل الجميع يجوز عليهم الكبائر والصغائر ، لكن للصحابة مزية على من بعدهم للسبق للإسلام والصحبة والجهاد في سبيل الله .
الأصل السابع :
وأولياء الله هم المؤمنون المتقون في كل زمان ومكان من أهل السنة والجماعة ، لهم الكرامات والفضائل في الدنيا والآخرة ما يوجب حبهم وتوليهم ، ولكن يجب الحذر من الغلو فيهم أو عبادتهم من دون الله .
الأصل الثامن :
__________
(1) - الحجر 47.(1/21)
ومن اعتقد في أحد منهم أو من غيرهم الألوهية " كالنصيرية العلويين في علي رضي الله عنه ، والدروز في الحاكم بأمر الله ، والباطنية في إمامهم " ، أو النبوة " كطوائف الشيعة والبهائية " أو اعتقد أنهم أفضل من الأنبياء " كطوائف من الروافض " أو اعتقد تحريف القرآن ، أو خطأ الوحي فهو كافر بلا خلاف عند أهل السنة ، ولا يختلف أهل السنة في عدم تكفير الشيعة المفضلة " الزيدية " (1).
............................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شبهة تلقى ، ولا بد من الرد عليها ، وهي :
أن الشيعة الرافضة هم الذين أقاموا دولة تحكم بالإسلام ، وتنافح عنه أمام دول الكفر الكبرى ، وأنهم الذابون عن حياض الإسلام ، وأننا أهل كتاب واحد ، ونتبع نبياً واحداً ، ونؤمن بكتاب
واحد ، ونستقبل قبلة واحدة ، وعدونا واحد ، يتربص بنا الدوائر ، فلذلك وجب علينا أن نتلاقى مع الشيعة لأجل مصلحة الإسلام ، والرد على دول الكفر وما إلى ذلك .
الرد :
__________
(1) - منة الرحمن في نصيحة الإخوان . د / ياسر برهامي 87.(1/22)
إن هذه المسألة ، من المسائل التي ابتلينا بها في هذه الأزمنة ، وخرج علينا دعاة التقريب من كل مكان ، يدعون إلى التقريب بين السنة والشيعة ، وقد يكون هذا الأمر هيناً إن صدر من شخص لا تأثير لفكره على الأمة ؛ لأنه نكرة ! ، أما إن صدر من اتجاهات إسلامية لها وزنها على الساحة الإسلامية ؛ فتلك هي المصيبة العظمى ، حيث يلبس على شباب المسلمين هذا الأمر الخطير . لأنهم يرون حسن التعامل الظاهر من الرافضة فينخدعون بهم ؛ لأن الرافضة (يقولون: ديننا التّقيّة !! وهو: أن يقول أحدهم بلسانه خلاف ما في قلبه، وهذا هو الكذب والنفاق)(1) نعم ، إن للشيعة دولةً ظاهرها الإسلام(2) ، ويتحدثون في الأمة بلسان الإسلام ، لكنهم أصل كل شر وبلاء ، بل إنهم أخطر من اليهود والنصارى ؛ لأن عداوة اليهود والنصارى ظاهرة بادية للعيان في الغالب ، أما هؤلاء فعداوتهم ظاهرة للمسلمين و (هم أعظم ذوي الأهواء جهلاً وظلماً، يعادون خيار أولياء الله تعالى، من بعد النبيين، من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان – رضي الله عنهم ورضوا عنه – ويوالون الكفار والمنافقين من اليهود والنصارى والمشركين وأصناف الملحدين، كالنصيرية والإسماعيلية، وغيرهم من الضالين ) (3)
__________
(1) - منهاج السنة النبوية لا بن تيمية 1/68
(2) - ثم لماذا لا ينظر إلى معجزة العصر وتوحيد الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله للجزيرة العربية تحت راية التوحيد الخالص السني ؟ فهذه دولة الإسلام النقي ، السني ، التي تمثل الإسلام في هذا الزمان ، حكماً ، وتعاملاً ، ودستوراً ، ودعوة . وليس هذا تعصباً لبلادي فهي بلاد المسلمين كافة في أنحاء المعمورة ، ولكنها الوحيدة كما هو معلوم التي تحكم بالشريعة الإسلامية وتطبق الحدود ..
(3) - منهاج السنة النبوية 1/20(1/23)
وشواهد التاريخ تبين لنا أن ما نقوله عنهم هو الحق ، فهم دائماً وأبداً يتعاونون مع كل عدو للإسلام والمسلمين ، فخيانة الفاطميين العبيديين للقدس مشهورة ، فقد سلموه للنصارى في الحروب الصليبية ، وما وفودهم ومراسلاتهم للنصارى عنا ببعيد ، وما خيانة ابن العلقمي الوزير الرافضي ، وخذلانه
للمسلمين ، وللخليفة العباسي عنا ببعيد . وما أحداث المخيمات الفلسطينية في أمل حيث مخيمات اللاجئين عنا ببعيد ، وأحداث اجتماع جيش النصيريين السوري بقيادة حافظ الأسد العلوي للجيش الفلسطيني عام 1967م منا ببعيد ، وتسليمه لهضبة الجولان لليهود إلى هذا التاريخ أمر معلوم .
وأحداث الحرم المكي عام 1987م وقتلهم للحجيج ، وإضرام النار في الأحياء والسيارات ، أمر معلوم . وغير ذلك كثير .فا(لرافضة ليس لهم سعي إلاّ في هدم الإسلام، ونقض عراه، وإفساد قواعده )(1).
فالأمر جلل وخطير ، ولا يظن إنسان ما أن يأتي من هؤلاء الرافضة خير ، فهم من أحقد الناس على أهل السنة والجماعة ، وعلاقة تلك الدولة الإمبراطورية الشيعية في هذا الزمان ( إيران ) بالأمريكان في حرب ( طالبان ) ! معلوم .
وظهور الشخصية الغامضة ( الصدر ) وتلميعه في هذه الآونة ، ليس إلاّ لعبة أمريكية ، يقصد بها تلميع الفتى الشاب ( مقتدى الصدر ) على أنه المجاهد المخلص ، ثم بعد ذلك يصنع منه بطلٌ تسلم له السلطة فيما بعد .
أقول : قد تثبت الأيام المقبلة ذلك والله أعلم ، مثلما أثبتت الأيام الخوالي أن الخميني الهالك ، ما هو إلا صناعة فرنسية ، جيء به إلى السلطة في إيران من قبل إخوته الفرنسيين .
__________
(1) - السابق 7/ 415(1/24)
(وفي أثرهم في العالم الإسلامي تبين أن لهم آثارهم الفكرية الخطيرة في إحداث الشرك في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، والصد عن دين الله، وظهور فرق الزندقة والإلحاد، ومحاولة إضلال المسلمين في سنة نبيهم، والتأثير السلبي في الأدب والتاريخ، وعلى بعض المفكرين المنتسبين للسنة، ولهم وسائل في الإضلال ظاهرة وخفية.
كما أن لهم أثراً في المجال الاجتماعي في إثارة الفتن الداخلية بين المسلمين، وفي الاعتداء والاغتيالات للقيادات الإسلامية، ولعموم المسلمين، إذا حانت لهم فرصة في ذلك، وفي إشاعة الفاحشة ونشر الإباحية عن طريق ما يسمونه بالمتعة الدورية وغيرها.(1)
__________
(1) - جاء في كتاب : لله ثم للتاريخ ؛ لحسين الموسوي (شيعي تائب ) ص 37ما نصه : ( لما كان الإمام الخميني مقيماً في العراق كنا نتردد إليه ونطلب منه العلم حتى صارت علاقتنا معه وثيقة جداً، وقد اتفق مرة أن وجهت إليه دعوة من مدينة تلعفر وهي مدينة تقع غرب الموصل على مسيرة ساعة ونصف تقريباً بالسيارة، فطلبني للسفر معه فسافرت معه، فاستقبلونا وأكرمونا غاية الكرم مدة بقائنا عند إحدى العوائل الشيعية المقيمة هناك، وقد قطعوا عهداً بنشر التشيع في تلك الأرجاء وما زالوا يحتفظون بصورة تذكارية لنا تم تصويرها في دارهم.ولما انتهت مدة السفر رجعنا، وفي طريق عودتنا ومرورنا في بغداد أراد الإمام أن نرتاح من عناء السفر، فأمر بالتوجه إلى منطقة العطيفية حيث يسكن هناك رجل إيراني الأصل يقال له سيد صاحب، كانت بينه وبين الإمام معرفة قوية.فرح سيد صاحب بمجيئنا، وكان وصولنا إليه عند الظهر، فصنع لنا غداء فاخراً واتصل ببعض أقاربه فحضروا وازدحم منزله احتفاء بنا، وطلب سيد صاحب إلينا المبيت عنده تلك الليلة فوافق الإمام، ثم لما كان العشاء أتونا بالعشاء، وكان الحاضرون يقبلون يد الإمام ويسألونه ويجيب عن أسئلتهم، ولما حان وقت النوم وكان الحاضرون قد انصرفوا إلا أهل الدار، أبصر الإمام الخميني صبية بعمر أربع سنوات أو خمس ولكنها جميلة جداً، فطلب الإمام من أبيها سيد صاحب إحضارها للتمتع بها فوافق أبوها بفرح بالغ، فبات الإمام الخميني والصبية في حضنه ونحن نسمع بكاءها وصريخها.المهم أنه أمضى تلك الليلة فلما أصبح الصباح وجلسنا لتناول الإفطار نظر إلي فوجد علامات الإنكار واضحة في وجهي؛ إذ كيف يتمتع بهذه الطفلة الصغيرة وفي الدار شابات بالغات راشدات كان بإمكانه التمتع بإحداهن فلم يفعل؟ )(1/25)
.............................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي المجال الاقتصادي كان أثرهم واضحاً في أخذ أموال المسلمين بالقوة أو الخديعة، وفي تدمير اقتصاد الأمة بأي وسيلة، وكان ما يأخذونه من أموال باسم آل البيت من أهم أسباب رغبة شيوخ الشيعة في بقاء شذوذهم وخلافهم مع المسلمين.
وقد تبين أنهم كفرة(1) ليسوا من الإسلام في شيء بسبب شركهم وتكفيرهم للصحابة، وطعنهم في كتاب الله وغيرها من عقائد الكفر عندهم.
ولا أغرب وأعجب من بقاء طائفة تعد بالملايين أسيرة لهذه الخرافات، ولا يفسر ذلك إلا أن شيوخ الشيعة يحجبون الحقيقة عن أتباعهم بوسائل كثيرة من الخداع، لعل من أبرزها دعواهم أن ما عندهم مؤيد بما جاء عن طريق أهل السنة، وأن دينهم يقوم على أساس محبة آل البيت وأتباعهم.
وفي ظل هذه الدعوى يؤججون مشاعر العامة وعواطفهم بذكر اضطهاد آل البيت، وتصوير الظلم الذين لحقهم من الصحابة - بزعمهم ويربون صغارهم على ذلك.
............................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن ذلك تمثيلهم لمأساة كربلاء وهو المعروف الآن باسم "الشبيه" وإقامتهم لمجالس التعزية، بكل ما فيها من مظاهر الحزن والبكاء، وما يصاحبها من كثرة الأعلام ودق الطبول وسرد الحكايات والأقاصيص عن الظلم المزعوم، وهذا يؤدي إلى شلل العقل والتقبل الأعمى للمعتقد ولا سيما عند الأعاجم والعوام.
وإن أعظم وسيلة لمعالجة وضع الشيعة هو بيان السنة للمسلمين في كل مكان وبمختلف الوسائل، وبيان حقيقة الشيعة ومخالفتها لأصول الإسلامي بدون تقليل أو تهويل.(2)
__________
(1) - سأنقل بعد قليل أقوال الأئمة فيهم . والضابط في مسألة تكفير المعين .
(2) - أصول مذهب الشيعة 799(1/26)
(1)(القول بكفرهم
وقد ذهب إلى هذا كبار أئمة الإسلام كالإمام مالك، وأحمد، والبخاري، وغيرهم .......
الإمام مالك:
روى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد الله يقول: قال الإمام مالك: الذي يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليس لهم اسم - أو قال -: نصيب في الإسلام [الخلال/ السنة: 2/557، قال محقق الرسالة: إسناده صحيح.].
الإمام أحمد:
رويت عنه روايات عديدة في تكفيرهم..
روى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: سألت أبا عبد الله عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة؟ قال: ما أراه على الإسلام [الخلال/ السنة: 2/557 قال محقق الرسالة: "إسناده صحيح" وانظر: شرح السنة لابن بطة: ص161، الصارم المسلول: ص571.].
البخاري (ت256هـ):
قال - رحمه الله -: ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافض، أم صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يناكحون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم [الإمام البخاري/ خلق أفعال العباد: ص125.].
أحمد بن يونس : 227هـ قال: لو أن يهودياً ذبح شاة، وذبح رافضي لأكلت ذبيحة اليهودي، ولم آكل ذبيحة الرافضي؛ لأنه مرتد عن الإسلام .
.............................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أبو حامد الغزالي 505هـ يقول الغزالي: فلو صرح مصرح بكفر أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - فقد خالف الإجماع وخرقه، ورد ما جاء في حقهم من الوعد بالجنة والثناء عليهم والحكم بصحة
__________
(1) - النصوص القادمة بتخريجاتها منقولة بتصرف وحذف يقتضيه المقام من رسالة الدكتور / ناصر القفاري حفظه الله . أصول مذهب الشيعة .(1/27)
دينهم وثبات يقينهم وتقدمهم على سائر الخلق في أخبار كثيرة.. ثم قال: "فقائل ذلك إن بلغته الأخبار واعتقد مع ذلك كفرهم فهو كافر.. بتكذيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن كذبه بكلمة من أقاويله فهو كافر بالإجماع" [فضائح الباطنية: ص149.]. )(1) أ. هـ باختصار وحذف بعض الأعلام الذين ذكرهم الدكتور / ناصر ؛ لعدم الإطالة .
ضوابط مهمة في مسألة التكفير :
...( مما يجب مراعاته حسب منهج أهل السنة في التكفير "أن هذه الأقوال التي يقولونها والتي يعلم أنها مخالفة لما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم هي كفر، وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي أيضاً كفر.. لكن تكفير الواحد المعين من أهل القبلة والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير، وانتفاء موانعه؛ فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق ولا يحكم للمعين بدخوله في ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضي الذي لا معارض له، ولهذا لا يكفر العلماء من استحل شيئاً من المحرمات لقرب عهده بالإسلام أو لنشأته ببادية بعيدة، فإن حكم الكفر لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة، ومن هؤلاء من لا يكون بلغته النصوص المخالفة لما يراه، ولا
يعلم أن الرسول بعث بذلك، فيطلق أن هذا القول كفر، ويكفر من قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها دون غيره" [الفتاوى: 28/500-501، وانظر لتفصيل هذه المسألة: الفتاوى: 12/466 وما بعدها، 23/345 وما بعدها.].)(2)
بقي أن نقول :
__________
(1) - أصول مذهب الشيعة .
(2) - السابق . ومن الضروري الرجوع إلى كتاب ( لله ثم للتاريخ .. كشف الأسرار وتبرئة الأئمة الأطهار) ت حسين الموسوي ، شيعي معاصر رجع إلى مذهب أهل السنة وقتل ! العام الماضي في العراق على أيدي الشيعة الرافضة هناك بعد أن حكموا عليه بالكفر في الحوزة العلمية في النجف .(1/28)
إن قيل إنهم يذبون عن الحياض وغير ذلك ، فنقول : نعم قد يكون هذا ، ونحن إذ نفرح بانتصارهم على عدوهم الكافر الذي هو عدونا ، فإننا لا ننسى أن ننبه على أنهم روافض مبتدعة ضلال ، وفرحنا بانتصارهم من باب قوله تعالى :
............................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الم (1) غُلِبَتْ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) )(1).
والجهاد ، والحج ، والجمعة تجوز مع كل إمام , براً كان أو فاجراً , لا يبطله عدل عادل , ولا جور جائر , والسمع والطاعة لمن ولاه الله أمور المسلمين كائن من كان ما أقاموا الصلاة . (12)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(12) -المسألة الثانية عشرة :
تناول فيها المصنف مسألة الإمام ، وأحواله ، وبيان ما يطرأ عليه من فسق ، وظلم، وكفر ، وما إلى ذلك ، وأن من معتقد أهل السنة والجماعة ، الصلاة خلف كل بر وفاجر ، كما ذكر الأمام الطحاوي في العقيدة الطحاوية إذ يقول : ( ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة ، وعلى من مات منهم )(2) وهذه مسألة مهمة ؛ لأن هذه فروض عينية على المسلمين ، لا يجوز تأخيرها ؛ وإن كان للناس جواز الاستقلال بها إذا تخاذل الإمام عن أدائها .
__________
(1) - سورة الروم آية 1-5 .
(2) - شرح العقيدة الطحاوية 173 .(1/29)
يقول الإمام الجويني في (الغياث ) : " وأما ما يسوغ استقلال الناس فيه بأنفسهم ولكن الأدب يقتضي فيه مطالعة ذوي الأمر ومراجعة مرموقي العصر كعقد الجمع وجر العساكر إلى الجهاد واستيفاء القصاص في النفس والطرف فيتولاه الناس عند خلو الدهر( أي من الإمام ) "(1) ، فهذه المسألة واجبة على المسلمين ، فإذا قام بها الإمام وأن كان فاسقا أو جائراً فقد كفى الأمة مؤونة القيام بهذه الأمور .يقول الإمام الجويني أيضاً في الغياث : " فإن ما يتولاه السلطان من أمور السياسة ،أوقع ، وأنجح ، وأدفع للتنافس ، وأجمع لشتات الرأي في تمليك الرعايا أمور الدماء وشهر الأسلحة وجوه من الخبل لا ينكره ذو العقل"(2) .ومن الباب التي تناولها تحت هذا الباب أيضاً :
مسألة السمع والطاعة لولاة الأمور .قال الله تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59)(3)
.............................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فجعل طاعة الله ورسوله ، طاعة مطلقة وطاعة أولي الأمر مقيدة ما أطاعوا الله ورسوله ، كما يقول الصديق رضي الله عنه في خطبة الجامعة :-
" أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإن عصيت فلا طاعة لكم عندي "
وللآية سبب ذكره ابن القيم في الزاد يقول :- إن النبي عليه السلام وفى على سرية رجلاً من بني غفار وأمر الصحابة أن يسمعوا له ويطيعوا فلما كانوا
يقول د / مصطفي حلمي في ذلك المعنى أيضاً :-
__________
(1) - غياث الأمم عند التياث الظلم المسمى الغياث للإمام الجويني 249 .
(2) السابق صـ250
(3) - النساء 59(1/30)
ويرى ابن تيمية استناداً على الأحاديث النبوية أنه ينبغي طاعة الأئمة في جميع الأحوال اللهم إلا إذا أمروا بمعصية الله ، لأن الرسول عليه السلام قد أمرنا بذلك ونهى عن رفع راية العصيان في وجوههم أو مقاتلتهم إلا إذا امتنعوا من تأدية الصلاة وأمروا بمعصيته فمن هذه الأحاديث التي تتفق كلها في المعني من حيث المعنى على طاعة ولاة الأمور وعدم الخروج عليهم بالسيف الحديث المروي في صحيح مسلم " (1) (2)
وفي الحديث الذي في صحيح البخاري قوله عليه الصلاة والسلام : " إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان "(3)
والإيمان بعذاب القبر ، ونعيمه ، ومشاهدة منكر و نكير ، ومسائلتهم عن الدين , وإجابتهما حق , والبعث ، والنشور ، والعرض، والحساب، والانتصاف للمظلومين حقهم من الظالمين حقٌ , والجنة والنار مخلوقتان , لا تفنيان ولا يبيدان , وشاهدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به , وقد علم الله تبارك وتعالى ما يدخل كل واحد منهما , ونعيم الجنة وعذاب النار مخلدان بتخليد أهلهما , والميزان الذي له كفتان يوزن به الحسنات والسيئات كما يشاء الله تبارك وتعالى حق ,والصراط المنصوب / على متن جهنم ؛ لتجوز عليه الخلائق متفاوتين على قدر أعمالهم حق , والحوض المكرم به رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرصة القيامة حق , يرده المؤمنون ، و يذاد عنه المجرمون , و الشفاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم محمد ولغيره من الأنبياء حق , حتى لا يبقى في النار أحد من أهل التوحيد ولو كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان .
__________
(1) - صحيح مسلم باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع وترك قتالهم ما صلوا، ونحو ذلك(1854)
(2) - نظام الخلافة في الاسلام د/ مصطفى حلمي
(3) صحيح البخاري باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (سترون بعدي أموراً تنكرونها).ح رقم 6647(1/31)
والمؤمنون ينظرون إلى خالقهم تبارك وتعالى في الآخرة ، لا يضامون في رؤيته , ولا يرتابون , والكفار عن رؤيته محجوبون, والإيمان أن عيسى ابن مريم عليه السلام ينزل إلى الأرض ؛ فيقتل الدجال , ويكسر الصليب , ويقتل الخنزير حق , وخروج الدابة , والدجال , ويأجوج ومأجوج , حق , ونؤمن بأن الموت يؤتى به يوم القيامة فيذبح بين الجنة والنار , والناس ينظرون إليه .(13)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
13 المسألة الثالثة عشرة :
تناول فيها المصنف رحمه الله تعالى أصلاً عظيماً من أصول الإيمان الستة إلا وهو :-
الإيمان باليوم الأخر ويتضمن مسائل ثلاث :-
الأول :- الإيمان بعذاب القبر ونعيمه .
الثاني :- الإيمان بأشراط الساعة .
الثالث :- الإيمان بالجنة والنار وأنهما موجودتان الآن .
............................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما المسألة الأول وهي :
الإيمان بعذاب القبر ونعيمه، وسؤال الملكين مما استفاض ذكره في القران والسنة: قال تعالى حاكيا عن آل فرعون :(النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ )(1)
وقال النبي عليه السلام " تعوذوا بالله من عذاب القبر "(2)
__________
(1) - غافر 46 .
(2) - (صحيح ) صحيح الترغيب والترهيب3558(1/32)
ومن ذلك ما رواه أبو هريرة أيضا رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا قبر الميت أو قال أحدكم أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول ما كان يقول هو عبد الله ورسوله أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول هذا ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين ثم ينور له فيه ثم يقال له نم فيقول أرجع إلى أهلي فأخبرهم فيقولان نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك وإن كان منافقا قال سمعت الناس يقولون قولا فقلت مثله لا أدري فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول ذلك فيقال للأرض التئمي عليه فتلتئم عليه فتختلف أضلاعه فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك " .
رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب وابن حبان في صحيحه (1) .
.................................................................................................ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن مسائله البعث والنشور ..
قال تعالى : (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)(2)
والعرض ، والحساب ، وغيرها من المسائل التي تراجع في مظانها من كتب العقائد .
المسألة الثانية :
الإيمان بأشراط الساعة وهذه المسألة تنقسم إلى قسمين :
الأشراط الصغرى
الأشرط الكبرى .
فنؤمن بأن تلك الأشراط التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم منها ما وقع وانتهى : كموته صلى الله عليه وسلم وفتح بيت المقدس وطاعون عمواس .
ومنها ما وقع ولم ينته مثل :
__________
(1) حسن ) ===================3560
(2) يس 79 .(1/33)
استفاضة المال ونزع بركته ،وكثرة الأوجاع والأسقام التي لم تكن في الأسلاف (1)
وكثرة الزلالزل والبراكين والمسخ والقذف والمعازف ، وظهور أبناء الزنا ...الخ.
ومنها الذي لم يقع بعد .. منها :
عودة جزيرة العرب مروجاً وأنهاراً ، ومنها نزول عيسى بن مريم عليه السلام ، ومنها خروج الدجال ، والدابة ويأجوج ومأجوج ، والخسف بالمشرق، والمغرب، وجزيرة العرب ، والدخان ، وطلوع الشمس من مغربها ، وانحسار الفرات عن جبل من ذهب .. إلخ تلك العلامات التي يطول ذكرها(2) .
ثالثاً : الإيمان بالجنة والنار ، وأنهما موجودتان الآن ولا تفنيان أبداً . وهذه المسألة تتضمن الإيمان بوجود الجنة وأنها في السماء فقد رآها النبي عليه السلام في رحلة الإسراء والمعراج كما في الأحاديث الصحاح . وكذا الإيمان بوجود النار ولكن أين هي ؟ الله أعلم .
قال تعالى عن الجنة : ( أعدت للمتقين )(3) ، وقال عن النار : ( أعدت للكافرين )(4) . والإعداد فعلٌ قد فرغ منه في الماضي . إلى آخر هذه الأدلة التي تدل على وجود النار وبقائها .
.................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المسألة الثالثة :
أنهما لا يفنيان أبداً ، خلافاً للجهمية القائلين بفناء الجنة والنار ، قال تعالى : (مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً (97))(5) وقال عن النار : ( أعدت للكافرين )(6) ، وقال عن الجنة : ( خالدين فيها أبداً ) . قالقول بفناء النار بدعة ضلالة .
__________
(1) - كالأيدز والهربز والزهري والسيلان .. وغيرها ، نسأل الله العافية .
(2) أشراط الساعة د/ يوسف بن عبدالله الوابل باختصار وتصرف .
(3) - آل عمران 133.
(4) البقرة 24
(5) - الإسراء 97
(6) - البقرة 24(1/34)
ومن الإيمان بالجنة والنار ، الإيمان بأنواع النعيم الحسي والمعنوي في الجنة ، والعذاب الحسي والمعنوي في النار . و من أعظم نعيم أهل الجنة ، النظر إلى وجه الله الكريم ، نسأل الله أن يجعلنا ممن ينظر إلى وجهه الكريم في الجنة ، قال تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) (1)
وقال تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)(2)
ويجب الإيمان بالحوض لقوله عليه الصلاة والسلام : (أنا فرطكم على الحوض، وليرفعنَّ رجال منكم ثم ليختلجنَّ دوني، فأقول: يا رب أصحابي؟ فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك )(3)
والصراط ، والميزان ، والموزون يومئذ ثلاثة :
العمل
العبد
الكتاب
والإيمان بالكتب ، لقوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19)(4)
والشفاعة وهي على أقسام :
له صلى الله عليه وسلم في القيامة ثلاث شفاعات:
...............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما الشفاعة الأولى: فيشفع في أهل الموقف، حتى يقضى بينهم بعد أن تتراجع الأنبياء: آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى بن مريم عن الشفاعة حتى تنتهي إليه صلى الله عليه وسلم.
وأما الشفاعة الثانية: فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة، وهاتان الشفاعتان خاصتان له صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) - القيامة 23
(2) يونس 26
(3) صحيح البخاري ، باب : في الحوض ، حديث رقم 6205
(4) - الحاقة 19(1/35)
وأما الشفاعة الثالثة: فيشفع فيمن استحق النار، وهذه الشفاعة له صلى الله عليه وسلم ولسائر النبيين عليهم الصلاة والسلام، والصديقين رضي الله عنهم وغيرهم من المؤمنين، فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها، ويخرج الله تعالى من النار أقواماً بغير شفاعة، بل بفضله ورحمته ويبقى في الجنة فضل عمن دخلها من أهل الدنيا فينشئ الله لها أقواماً فيدخلهم الجنة.(1)
وهي أقسام لغير النبي صلى الله عليه وسلم من الملائكة والأولياء والصالحين .. وغير ذلك .
وأنا لا نكفر أحداً من أحل القبلة بذنب عمله، أو بمعصية ارتكبها , ولا نخرجه من الإسلام .(14)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(14) المسألة الرابعة عشرة :
تناول المصنف رحمه الله في هذه المسألة أصلاً مهماً قد نوهنا عنه من قبل ، ألا وهو : مسألة تكفير أهل القبلة .
ورأينا أن نتكلم عنها بشيء من التوضيح والتأصيل ؛ لوجود خلط شديد في هذه المسألة اليوم .
__________
(1) - الصراط ، أصول منهج اهل السنة والجماعة . عبدالرحمن عبدالخالق صـ 23(1/36)
فالمصنف تبعاً للطحاوي في عقيدته ، قال : ( ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب عمله ) ، وقوله : ( ولا يخرج من الإسلام إلا بجحود ما أدخله فيه ) ، إذ نجد من يستدل علينا بهذه الأقوال على اشتراط استحلال القلب للمعصية حتى يكفر بذلك ، وكل ما وقع من من قبيل الكفر يؤول عندهم إلى الكفر العملي الذي هو من قبيل المعاصي وقد ذكر ابن القيم تفصيل الكفر وتقسيمه إلى نوعين في رسالته في الصلاة لمن أراد أن يراجعها . (فإذا قسم بعض العلماء الكفر إلى عملي واعتقادي، فإنه لا يلزم من ذلك ما ظنه بعض الناس من أن الكفر المخرج من الملة لا يكون بالعمل إلا إذا كان مقيداً بالاعتقاد، لأن العلماء الذين أطلقوا هذه العبارات قد نصوا على أن الكفر قد يكون بالقول والعمل، كما يكون بالاعتقاد. وإنما مرادهم بالكفر العملي ما يتعلق بالمعاصي التي لا تخرج من الملة، كترك بعض الواجبات، وفعل بعض المحرمات، والغالب أنهم إنما يقررون ذلك في تفسير النصوص التي فيها إطلاق الكفر على بعض الذنوب التي لا تخرج من الملة، فيقولون هذا من الكفر العملي، وليس من الكفر الاعتقادي، رداً على الخوارج الذين يستدلون بتلك النصوص على تكفير مرتكب الكبيرة .
ومع هذا فإنه يوجد من يعارض ما اتفق عليه السلف من أن الكفر قد يكون بالقول والعمل، مع وجود النصوص الكثيرة الدالة على خلاف ذلك، وثبوت ما يخالف قوله عن علماء أهل السنة، ويستدل بهذا المصطلح الذي أطلقه بعض العلماء، دون نظر في مراد الأئمة به، ولا إلى كلامهم في
...........................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1/37)
القضية التي يتعلق بها ذلك المصطلح. ومثال ذلك ما يدعيه بعضهم من أن تحكيم القوانين الوضعية فيما يخالف الأحكام الشرعية من الكفر الذي لا يخرج من الملة، مستدلين بأنه من الكفر العملي، فلا يكون كفراً ما لم يقيد بالاستحلال فلا يفرقون بين من شرع وبدل أحكام الله تعالى، وبين الحاكم أو القاضي المسلم الذي قد يحكم بما يخالف الشرع في مسألة جزئية .
وهؤلاء يلزمهم على هذه القاعدة ألا يكفروا من سب الله تعالى، أو رسوله صلى الله عليه وسلم، أو دينه، أو أهان مصحفه، أو سجد للصنم بمجرد فعله، وهي نفس اللوازم التي شنع بها أئمة أهل السنة على الجهمية والمرجئة، وبينوا فساد مذهبهم، من جهة العلم بفساد ما يلزمهم من ذلك.
والأوفق هنا لدرء هذه الفتنة الالتزام بتقسيم الكفر إلى ما هو أكبر وما هو أصغر، أو إلى كفر مخرج من الملة، و إلى كفر لا يخرج من الملة، ونحو ذلك من العبارات التي تتضمن الدلالة على أن الكفر قد يكون بالعمل، و أما إذا أطلق هذا المصطلح وأمكن أن يشكل على بعض الناس فلابد من بيان المراد به، ولهذا كان بعض العلماء يقيد مراده بذلك، أو يذكر في كلامه ما يدل على أن الكفر بالعمل لا يكون مقيداً بالاعتقاد بإطلاق )(1)
وزيادة في التوضيح أيضاً نقول :
__________
(1) - ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة . عبدالله بن محمد القرني صـ 3(1/38)
القاعدة عند أهل السنة في هذه المسألة أنه ليس كل كفر عملي كفراً أكبر ، ولكن من الكفر العملي ما يكون كفراً أكبر ، بمعنى أننا لا نكفّر أحداً من أهل القبلة بذنب حتى يستحله أو تظهر الدلائل القطعية الثبوت على انخرام أصل الإيمان من القلب ، فبذلك يكفر المرء ، كمن سب الله تعالى أو دينه أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهو (كافر) بالإجماع ، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه الماتع ( الصارم ) (1)، وكمن ألقى المصحف على الأرض استخفافاً به واحتقاراً ، أو سجد لصنم ، فهذا من قبيل الكفر العملي ؛ فالرجل لم يتكلم حتى يظهر لنا اعتقاده ، ورغم ذلك فإجماع أهل السنة والجماعة والعلماء على تكفيره . فإذا ظهرت تلك القرائن ، وجب القول بتكفيره ، وهذا من المعلوم من الدين بالضرورة(2) . ثم إن أقران هذا الرجل لا يسعهم جهل هذه
............................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المسألة ، ولنا هنا تعليق على من يشترط استحلال القلب ، إذ إن هذا الكلام مخالف لكلام أهل السنة والجماعة : فمن الذي يقول باستحلال القلب منهم أصلاً ؟ ثم ما يدرينا باستحلال ذلك القلب ؟ ، فهذا أمر مخالف للمعلوم عند أهل السنة ، وقد بينا ذلك سابقاً، وحسبنا هنا هذا القدر .
والصلاة خلف المبتدع تكره ، ولا تجوز إذا كان داعياً إليها , والصلاة على كل من مات من أهل القبلة. (15)
ـــــــــ.ـــــــــــــــــــــــــــــ
(15) المسألة الخامسة عشرة :
__________
(1) - الصارم المسلول على شاتم الرسول ، شيخ الإسلام ابن تيمية .
(2) - المعلوم من الدين بالضرورة هو : المبني على ذيوع الخبر وانتشاره حتى يستوي فيه العالم والجاهل .(1/39)
قال في شرح العقيدة الطحاوية : (أنه يجوز للرجل أن يصلي خلف من لم يعلم منه بدعة ولا فسقاً ، باتفاق الأئمة ، وليس من شرط الائتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه ، ولا أن يمتحنه ، فيقول : ماذا تعتقد ؟ ! بل يصلي خلف المستور الحال ، ولو صلى خلف مبتدع يدعو إلى بدعته ، أو فاسق ظاهر الفسق ، وهو الإمام الراتب الذي لا يمكنه الصلاة إلا خلفه ، كإمام الجمعة والعيدين ، والإمام في صلاة الحج بعرفة ، ونحو ذلك - : فإن المأموم يصلي خلفه ، عند عامة السلف والخلف . ومن ترك الجمعة والجماعة خلف الإمام الفاجر ، فهو مبتدع عند أكثر العلماء . والصحيح أنه يصليها ولا يعيدها ، فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلف الأئمة الفجار ولا يعيدون ، كما كان عبد الله بن عمر يصلي خلف الحجاج بن يوسف ، وكذلك أنس رضي الله عنه ، كما تقدم ، وكذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وغيره يصلون خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، وكان يشرب الخمر ، حتى إنه صلى بهم الصبح مرة أربعاً ، ثم قال : أزيدكم ؟! فقال له ابن مسعود : ما زلنا معك منذ اليوم في زيادة ! ! وفي الصحيح : أن عثمان بن عفان رضي الله عنه لما حصر صلى بالناس شخص ، فسأل سائل عثمان : إنك إمام عامة ، وهذا الذي صلى بالناس إمام فتنة ؟ فقال : يا ابن أخي ، إن الصلاة من أحسن ما يعمل الناس ، فإذا أحسنوا فأحسن معهم ، وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم .
والفاسق والمبتدع صلاته في نفسها صحيحة ، فإذا صلى المأموم خلفه لم تبطل صلاته ، لكن إنما كره من كره الصلاة خلفه ، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب .(1/40)
ومن ذلك : أن من أظهر بدعة وفجوراً لا يرتب إماماً للمسلمين ، فإنه يستحق التعزير حتى يتوب ، فإن أمكن هجره حتى يتوب كان حسناً ، وإذا كان بعض الناس إذا ترك الصلاة خلفه وصلى خلف غيره أثر ذلك في إنكار المنكر حتى يتوب أو يعزل أو ينتهي الناس عن مثل ذنبه - : فمثل هذا إذا ترك الصلاة خلفه كان في ذلك مصلحة شرعية ، ولم تفت المأموم جمعة ولا جماعة . وأما إذا كان ترك الصلاة خلفه يفوت المأموم الجمعة والجماعة، فهنا لا يترك الصلاة خلفه إلا مبتدع مخالف للصحابة رضي الله عنهم .
............................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكذلك إذا كان الإمام قد رتبه ولاة الأمور، ليس في ترك الصلاة خلفه مصلحة شرعية ، فهنا لا يترك الصلاة خلفه ، بل الصلاة خلفه أفضل ، فإذا أمكن الإنسان أن لا يقدم مظهراً للمنكر في الإمامة ، وجب
عليه ذلك ، لكن إذا ولاه غيره ، ولم يمكنه صرفه عن الإمامة ، أو كان لا يتمكن من صرفه عن الإمامة إلا بشر أعظم ضرراً من ضرر ما أظهر من المنكر- : فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير ، ولا دفع أخف الضررين بحصول أعظمهما ، فإن الشرائع جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها ، بحسب الإمكان . فتفويت الجمع والجماعات أعظم فساداً من الإقتداء فيهما بالإمام الفاجر ، لا سيما إذا كان التخلف عنها لا يدفع فجوراً ، فيبقى تعطيل المصلحة الشرعية بدون دفع تلك المفسدة . وأما إذا أمكن فعل الجمعة والجماعة خلف البر ، فهذا أولى من فعلها خلف الفاجر . وحينئذ ، فإذا صلى خلف الفاجر من غير عذر ، فهو موضع اجتهاد العلماء : [منهم من قال : يعيد] ، ومنهم من قال :(1/41)
يعيد . وموضع بسط ذلك في كتب الفروع .وأما الإمام إذا نسي أو أخطأ ، ولم يعلم المأموم بحاله ، فلا إعادة على المأموم ، للحديث المتقدم . وقد صلى عمر رضي الله عنه وغيره وهو جنب ناسياً للجنابة . فأعاد الصلاة ، ولم يأمر المأمومين بالإعادة . ولو علم أن إمامه بعد فراغه كان على غير طهارة ، أعاد عند أبي حنيفة ، خلافاً لمالك و الشافعي و أحمد في المشهور عنه . وكذلك لو فعل الإمام ما لا يسوغ عند المأموم . وفيه تفاصيل موضعها كتب الفروع . ولو علم أن إمامه يصلي على غير وضوء ! ! فليس له أن يصلي خلفه ، لأنه لاعب ، وليس بمصل .وقد دلت نصوص الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة أن ولي الأمر ، وإمام الصلاة ، والحاكم ، وأمير الحرب ، وعامل الصدقة - : يطاع في مواضع الاجتهاد ، وليس عليه أن يطيع أتباعه في موارد الاجتهاد ، بل عليهم طاعته في ذلك ، وترك رأيهم لرأيه ، فإن مصلحة الجماعة والإئتلاف ، ومفسدة الفرقة والإختلاف ، أعظم من أمر المسائل الجزئية . ولهذا لم يجز للحكام أن ينقض بعضهم حكم بعض . والصواب المقطوع به صحة صلاة بعض هؤلاء خلف بعض . يروى عن أبي يوسف : أنه لما حج مع هارون الرشيد ، فاحتجم الخليفة ، وأفتاه مالك بأنه لا يتوضأ ، وصلى بالناس ، فقيل لأبي يوسف : أصليت خلفه ؟ قال : سبحان الله ! أمير المؤمنين . يريد بذلك أن ترك الصلاة خلف ولاة الأمور من فعل أهل البدع . وحديث أبي هريرة ، الذي رواه البخاري ، أن
................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :(1/42)
(يصلون لكم ، فإن أصابوا فلكم ولهم ، وإن أخطأوا فلكم وعليهم ) ، نص صحيح صريح في أن الإمام إذا أخطأ فخطؤه عليه ، لا على المأموم . والمجتهد غايته أنه أخطأ بترك واجب اعتقد أنه ليس واجباً ، أو فعل محظوراً اعتقد أنه ليس محظوراً . ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يخالف هذا الحديث الصريح الصحيح بعد أن يبلغه ، وهو حجة على من يطلق من الحنفية والشافعية والحنبلية أن الإمام إذا ترك ما يعتقد المأموم وجوبه لم يصح اقتداؤه به ! ! فإن الإجتماع والإئتلاف مما يجب رعايته وترك الخلاف المفضي إلى الفساد .(1/43)
وقوله : وعلى من مات منهم - أي ونرى الصلاة على من مات من الأبرار والفجار ، وإن كان يستثنى من هذا العموم البغاة وقطاع الطريق ، وكذا قاتل نفسه ، خلافاً لأبي بوسف ، لا الشهيد ، خلافاً لمالك و الشافعي رحمهما الله ، على ما عرف في موضعه . لكن الشيخ إنما ساق هذا لبيان أنا لا نترك الصلاة على من مات من أهل البدع والفجور، لا للعموم الكلي ، ولكن المظهرون للإسلام قسمان : إما مؤمن ، وإما منافق ، فمن علم نفاقه لم تجز الصلاة عليه والاستغفار له ، ومن لم يعلم ذلك منه صلي عليه . فإذا علم شخص نفاق شخص لم يصل هو عليه ، وصلى عليه من لم يعلم نفاقه ، وكان عمر رضي الله عنه لا يصلي على من لم يصل عليه حذيفة ، لأنه كان في غزوة تبوك قد عرف المنافقين ، وقد نهى الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على المنافقين ، وأخبر أنه لا يغفر لهم باستغفاره ، وعلل ذلك بكفرهم بالله ورسوله ، فمن كان مؤمناً بالله ورسوله لم ينه عن الصلاة عليه ، ولو كان له من الذنوب الإعتقادية البدعية أو العملية أو الفجورية ما له ، بل قد أمره الله تعالى بالاستغفار للمؤمنين ، فقال تعالى : فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات . فأمره سبحانه بالتوحيد والاستغفار لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات ، فالتوحيد أصل الدين ، والاستغفار له وللمؤمنين كما له . فالدعاء لهم بالمغفرة والرحمة وسائر الخيرات ، إما واجب وإما مستحب ، وهو على نوعين : عام وخاص ، أما العام فظاهر، كما في هذه الآية ، وأما الدعاء الخاص ، فالصلاة على الميت ، فما من مؤمن يموت إلا وقد أمر المؤمنون ان يصلوا عليه صلاة الجنازة ، وهم مأمورون في صلاتهم عليه أن يدعوا له ، كما
.................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1/44)
روى أبو داود و ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء .)(1)
ويجب هجران أهل البدع إذا عرفناهم , ونحذر منهم . (16)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(16) المسألة السادسة عشرة :
تناول المصنف فيها مسألة " الزجر بالهجر " وهذه المسألة أصل عظيم من أصول أهل السنة والجماعة في معاقبة أهل البدع والضلال ، وزجرهم عن بدعهم ، ولكن هذا الأمر يختلف باختلاف الزمان والمكان . فإن كان الأمر في عهد النبي صلي الله عليه وسلم والقرون الأولى يزجر المبتدع والمخالف؛ لشوكة أهل الحق ، وقوتهم والتزام الناس في مجملهم بالسنة والأوامر ، كحال النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ، مع الثلاثة الذين خلفوا ؛ فإن الأمر في هذه الأزمان يختلف اختلافا بيناً , إذ لا شوكة لأهل الحق , بل الغلبة لأهل الهوى والضلال ، والفسق والفجور , فما يفيد الهجر لهؤلاء المتسلطين ؟! فالأمر كله معلق على إحداث النكاية بهم ؛ لزجرهم فإن كان ذلك فنعم، وإن لا فلا .
ونؤمن بكل ما بلغنا(2) بما قد أخبر به من قول ، أو فعل ، أو صفة ، أو مغيب . (17)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(17) المسألة السابعة عشرة :
تكلم المصنف فيها كلاماً سريعا عن السنة النبوية ووجوب إتباعها وإلتزامها والإيمان بها مصداق قول النبي صلي الله علية وسلم :( ألا إنى أوتيت القرآن ومثله معه )(3) وسنفصل القول فالإتباع بعد قليل .
وننصح إخواننا من المسلمين , ونريد لهم ما نريد لأنفسنا , فهذا منهاج أهل الحق من الصحابة ، والتابعين ، وأئمة المسلمين رضي الله عنهم أجمعين.(18)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________
(1) - شرح العقيدة الطحاوية .
(2) - في هامش المخطوط كتبت عبارة (( وما بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
(3) - (صحيح ) انظر حديث رقم : 2643 في صحيح الجامع .(1/45)
(18) المسألة الثامنة عشرة :
تكلم المصنف فيها عن مسألة هي من أخص خصائص الألوهية والربوبية ، وقد كثرت أدلتها في الكتاب والسنة ألا وهي : مسألة الولاء والبراء .
ونجمل هذه المسألة إجمالا في هذه الأصول : -
الولاء الواجب .
الولاء الكفري .
الولاء المحرم .
صور ليست من الولاء .
أولاً: - الولاء واجب : يكون لله ، ولرسوله ، وللمؤمنين بحبهم ، ونصرتهم، ومعاونتهم ، والقيام بشؤونهم ، والركون إليهم قال تعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) (1)وقال تعالى (وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ)(2) . ومن ذلك أيضاً إتباع سبيل المؤمنين وطريقتهم قال تعالى (وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً (115) .(3)
ثانيا :- الولاء الكفري وهذا ينقسم إلى أقسام .
حب الكفار وهو قسمان : - أ _ الحب – ب_ الرضا
حب الكفار وهو قسمان أيضاً : 1- حبهم لأجل كفرهم – 2- حبهم رغم كفرهم .
__________
(1) - المائدة 55 .
(2) - الأنفال 72 .
(3) - النساء 155 .(1/46)
فمن أحب الكفار على كفرهم أو رغم كفرهم فهو كافر مثلهم قالى تعالى (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (22)(1) .
الرضى بما عليه الكفار , فمن رضي بما عليه الكفار من الكفر فقد صار كافراً مثلهم .
.............................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والفرق بين الحب والرضى أن الحب عملٌ قلبي ، وأما الرضى فليس كذلك , فقد أرضى بالشيء ولا أحبه .
__________
(1) - المجادلة 22 .(1/47)
نصرة الكفار : فمن خرج في صفوف الكفار المعلنين بالكفر محارباً من يليه من المسلمين، فقد صار كافراً مثلهم قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (97)(1) ، قال ابن كثير: " ظالمي أنفسهم بترك الهجرة " . وقال تعالى: (لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)(2) . قال بن جرير : "لاتتخذوا أيها المؤمنون الكفار أعواناً وظهوراً تظاهرونه على المؤمنين من دون المسلمين فمن فعل ذلك فقد صار كافراً مثلهم "(3).
قال ابن حزم في المحلى :- " من لحق بدار الحرب راضياً مختاراً محارباً من يليه من المسلمين فقد صار بهذا الفعل مرتداً ، تجرى عليه أحكام الردة ، من انفساخ عقد نكاح، ووجوب قتله متى قدر عليه "
طاعة الكافرين وهي على ثلاثة أقسام : -
__________
(1) - النساء 79
(2) - آل عمران 28
(3) - مختصر كتاب الولاء والبراء . د / محمد سعيد القحطاني . 10 .اختصره / سليمان الخراشي .(1/48)
الأولى : - طاعتهم في الكفر وهي كفر وهذا هو مقصود الباب قال تعالى : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (24)(1) . وقال تعالى :(بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)(2) . هذا فيمن قال سنطيعكم في بعض الأمر . أما من هو طوع أمرهم، ورهن إشارتهم وينفذ مخططاتهم فلا يبعد عن الكفر (3) . ومن ذلك التشبه بهم في مطلق كفرهم يقول النووي رحمه الله في روضة الطالبين: " أجمع العلماء على أن من شد الزنار على وسطه فهو كافر واختلفوا في قلنسوة المجوس والراجح الكفر ".
.............................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونقول :- من علق الصليب فقد كفر , ومن لبس طاقية اليهود فقد كفر ، وكذا قلنسوة النصارى، فهي من خصائص دينهم المعلومة عند الجميع , فلا يسع الإنسان في هذه المسائل الجهل ، وإن وجد فجاهل معذور ، ولكنه في أحكامنا كافر مطرود .
الثانية :- طاعتهم في المحرمات ، وهذا محرم ، وهو كبيرة من كبائر الذنوب وذلك مثل :-
قصات الشعر ، وموضات الملابس ، والمشي كمشيتهم ، وتقليدهم في لبس السلسلة في الرقبة، واليد ، وما شابه ذلك .
الثالثة :- طاعتهم في المباحات، فهذا من جملة المباح الجائز ، كطاعتهم في العلوم التي تقدموا فيها، والاستفادة منها إن لم يوجد عالم مسلم ، ثقة أمين ، يكفي الأمة في هذا الباب ، وحتى وإن وجد فقد جاز ، والأولى للمسلم على كل حال .
الولاء المحرم وهو على أقسامه :-
طاعته في محرمات وقد مر معنا .
__________
(1) - الإنسان 24
(2) - محمد 9 .
(3) * ليس معنى هذا أنه كافر وإنما الكلام هنا عن الأنواع وليس عن الأعيان .(1/49)
التشبه بهم في أعيادهم، ومأكلهم ، وملبسهم إلخ . قال النبي صلى الله عليه وسلم : (قدمت المدينة و لأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية و إن الله تعالى قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الفطر و يوم النحر )(1). وقال عمر رضي الله عنه : " لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا عليهم في كنائسهم في أعيادهم فإن اللعنة تنزل عليهم " .
فلا تجوز مشاركتهم في أعيادهم ، ولا الاحتفال معهم بها ، ولا تهنئتهم قال تعالى( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2))(2) . وقال تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً (72)(3) . قال المفسرون : أعياد المشركين .
الركون إليهم واتخاذهم أعواناً والثناء عليهم قال تعالى : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ (113) )(4) .
.........................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال تعالى: (وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (74) إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً (75)(5)والركون حقيقته الاستناد ؛ وهو الميل إلى طريقتهم .
اتخاذهم أصدقاء وأخلاء ، قال صلى الله عليه وسلم :(لا تصاحب إلا مؤمناً ، ولا يأكل طعامك إلا تقي )(6) ، فلا يجوز اتخاذ النصارى أخلاء وأصدقاء .
__________
(1) - ( صحيح ) انظر حديث رقم : 4381 في صحيح الجامع .
(2) - المائدة 2.
(3) - الفرقان 72.
(4) - هود 113.
(5) - الإسراء75.
(6) - -( حسن ) انظر صحيح الجامع 7341(1/50)
السكنى معهم في ديارهم ، وتكثير سوادهم من غير إعانة لهم على المسلمين ، قال عليه الصلاة والسلام :
( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين لا تراءى نارهما ) (1).
رابعاً :- صور ليست من الموالاة منها :
البيع والشراء .
الإجارة ، فيجوز للمسلم أن يؤجر نفسه للكافر فيما ليس فيه امتهان للمسلم ،كالخدمة وغيرها.
البر والإحسان ، وهو شيء ، والمحبة شيء آخر ، فالمحبة عمل قلبي ، والبر حسن معاملة أمرنا بها لمن لم يقاتلنا .
قبول الهدية منهم ، بشرط ألا تكون مما يقصد به جلب المودة والمحبة ، فهذه ترفض ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إني نُهيت عن زبد المشركين )(2) ، وألا تكون مهداة في أعيادهم.
رد السلام عليهم ، فالجمهور على وجوب رد السلام عليهم بقولنا " وعليكم " ، وإن كان هناك من يقول بعدم رد السلام عليهم، وهجرهم ، كالمبتدعة ، وهذا مخالف لكلام النبي صلي الله عليه وسلم وفعله .
عيادة مريضهم لدعوته إلى الإسلام ،كما فعل النبي صلي الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب، والغلام اليهودي.
............................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزواج من الكتابية العفيفة ، فيجوز الزواج منهم ، بشرط عدم المحبة لها ، وبغضها على كفرها ، وكم من الزواج منهم ماجر على صاحبه الويلات ؟! ، ولما كان كثير من الناس لا يستطيعون هذا الأمر ، كان انعقاده ابتداءاً مكروهاً . وكذلك لا يكون في بلاد الكفر؛ حتى لا يغلب على أبنائه، ويرضخ لقوانينهم الكفرية ، وإن حدث وفعل ؛ فليعزل عنها .
الاستفادة مما عندهم من العلوم .(3)
__________
(1) - -( حسن ) انظر صحيح الجامع 1461
(2) -( صحيح ) انظر حديث رقم : 2505 في صحيح الجامع .
(3) - ينظر ( منة الرحمن ) 42. وكتاب الولاء و البراء ت د / محمد بن سعيد القحطاني .(1/51)
فهذا ما حضرني ، فالزمه رحمك الله , وأوحي به , والزم كتابك العزيز , وكلام سيد المرسلين , وسنة الخلفاء الراشدين المهديين, ولا تتبع الهوى( )(1) سبيلها ، ولا تغترن بزخرفات المبطلين ؛ فإن الهدى والنور فيما جاء من عند الله تبارك وتعالى ، ورسوله صلى الله عليه وسلم واستقم عليهما .
رزقنا الله وإياك الاستقامة على الكتاب والسنة , وأحذرك أن لا تركن إلى شيء أحدثه المحدثون من آرائهم ، و قبائح عقولهم , والنظر في كتبهم , فإنه يلبس عليك الحق , وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :- ((يأتي على أمتي زمان يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ))(2) ، فالحذر الحذر , فإن إبراهيم عليه أفضل الصلاة والسلام قال/:-( رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ)(3) ،وذلك إنما عنى عن الأصنام الذين لا يتكلمون , ولا يسمعون , ولا يبصرون , فما ظنك بهؤلاء الذين يجادلون عن الباطل ؟.
__________
(1) - كلمة غير واضحة في الأصل .
(2) – لم أجده بهذا اللفظ وإنما ورد بلفظ( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافراً ..) صحيح مسلم ك الإيمان حديث 169 ولفظ (إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافراً ...... ) ـ سنن ابن ماجة - كِتَاب الْفِتَنِ بَاب الْكَفِّ عَمَّنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قال الألباني رحمه الله (صحيح) السلسلة الصحيحة برقم 3961 . وورد بألفاظ عدة عند أبي داود أول كتاب الفتن والملاحم ، قال الألباني صحيح الصحيحة (4259) . والترمذي كتاب الفتن حديث رقم 2121 / 2132 /2124باب ما جاء ستكون فتن كقطع الليل المظلم ، الصحيحة (2195) . وهو في صحيح الجامع الصغير برقم(2049) .
(3) – سورة إبراهيم ، آية(36) .(1/52)
فرزقنا الله وإياك اليقين ، والعافية ، والعمل ، والفوز بالجنة ، بمنه وكرمه , إنه على كل شيء قدير، وهو حسبنا ، ونعم الوكيل .(19)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(19) المسألة التاسعة عشرة والأخيرة :
ختم المؤلف رحمه الله تعالى رسالته هذه ، بتوصية من سأله ، آمراً إياه باتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، قال ابن القيم في كتابه القيم ( زاد المعاد ) : )والمقصودُ أن بحسب متابعة الرسول تكونُ
.............................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1/53)
العزَّة والكفاية والنُّصرة، كما أن بحسب متابعته تكونُ الهدايةُ والفلاح والنجاة، فاللّه سبحانه علَّق سعادة الدارين بمتابعته، وجعل شَقاوة الدارين في مخالفته، فلأتباعه الهدى والأمن، والفلاحُ والعزَّة، والكفاية والنصرة، والوِلاية والتأييد، وطيبُ العيش في الدنيا والآخرة، ولمخالفيه الذِّلةُ والصَّغار، والخوفُ والضلال، والخِذلان والشقاءُ في الدنيا والآخرة. وقد أقسم صلى الله عليه وسلم بأن ((لا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى يَكُونَ هو أَحَبَّ إِلَيْهِ مِن وَلَده وَوَالِدِه وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)) (1)وأقسم اللّه سبحانه بأن لا يؤمنُ مَن لا يُحكِّمه في كل ما تنازع فيه هو وغيرُه، ثم يَرضى بحُكمه، ولا يَجِدُ في نفسه حرجاً ممّا حكم به ثم يُسلم له تسليماً، وينقاد له انقياداً وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلّ ضَلاَلاً مّبِيناً} [الأحزاب: 36]. فقطع سبحانه وتعالى التخيير بعد أمره وأمر رسوله، فليس لمؤمن أن يختار شيئاً بعد أمره صلى الله عليه وسلم، بل إذا أمر، فأمرُه حتم، وإنما الخِيَرَةُ في قول غيره إذا خفي أمرُه، وكان ذلك الغيرُ مِن أهل العلم به وبسنته، فبهذه الشروط يكونُ قولُ غيره سائغَ الاتباع، لا واجب الاتباع، فلا يجب على أحد اتباعُ قول أحد سواه، بل غايتُه أنَّه يسوغ له اتباعُه، ولو تَرَكَ الأخذ بقول غيره، لم يكن عاصياً للّه ورسوله. فأين هذا ممن يجب على جميع المكلفين اتباعُه، ويحرم عليهم مخالفتُه، ويجب عليهم تركُ كل قول لقوله؟ فلا حكم لأحد معه، ولا قولَ لأحد معه، كما لا تشريع لأحد معه، وكلُّ من سواه، فإنما يجب اتباعُه على قوله إذا أمر بما أمر به، ونهى عما نهى عنه، فكان مبلغاً محضاً ومخبراً لا منشئاً
__________
(1) - ( صحيح ) انظر حديث رقم 7582 صحيح الجامع .(1/54)
ومؤسساً، فمن أنشأ أقوالاً، وأسس قواعدَ بحسب فهمه وتأويله، لم يجب على الأمّةِ اتباعُها، ولا التحاكم إليها حتى تُعرَض على ما جاء به الرسولُ، فإن طابقته،ووافقته،وشهد لها بالصحة، قُبِلَتْ حينئذٍ، وإن خالفته، وجب ردُّها واطِّراحُها، فإن لم يتبين فيها أحدُ الأمرين، جُعِلَتْ موقوفة، وكان أحسنُ أحوالها أن يجوزَ الحكمُ والإِفتاء بها وتركه، وأما أنه يجب ويتعين، فكلا، ولما (1)(
وبهذا الكلام العظيم ، لطبيب القلوب ؛ ابن قيم الجوزية رحمة الله عليه ، نعلم أن الخير كله ، والرشاد كله ، والسعادة في الدارين ، كل ذلك إنما يحصل باتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، والسير على طريقته ، والاهتداء بهديه ، والتمسك بسنته الظاهرة والباطنة .
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أتباعه في الدنيا ، ويرزقنا شفاعته في الأخرى ، إنه على كل شيء قدير.
ــــــــــــــــــ*************ــــــــــــــــــ
خاتمة البحث
__________
(1) - زاد المعاد في هدي خير العباد ، لابن قيم الجوزية . صـ 7 -8 .(1/55)
فلما كانت العقيدة الصحيحة هي أصل دين الإسلام ، وأساس الملة، ..... ومعلوم بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة أن الأعمال والأقوال إنما تصح وتقبل إذا صدرت عن عقيدة صحيحة، فإن كانت العقيدة غير صحيحة بطل ما يتفرع عنها من أعمال وأقوال، كما قال تعالى: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )(1)وقال تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )(2). والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقد دل كتاب الله المبين وسنة رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، على أن العقيدة الصحيحة تتلخص في: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، فهذه الأمور الستة هي أصول العقيدة الصحيحة التي نزل بها كتاب الله العزيز، وبعث الله بها رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، ويتفرع عن هذه الأصول كل ما يجب الإيمان به من أمور الغيب، وجميع ما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم. وأدلة هذه الأصول الستة في الكتاب والسنة كثيرة جدا، فمن ذلك قول الله سبحانه (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ )(3)
__________
(1) - المائدة 5 .
(2) - الزمر 65.
(3) - البقرة 177.(1/56)
وقوله سبحانه: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ )(1)الآية، وقوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا )(2) . وقوله سبحانه: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )(3) . أما الأحاديث الصحيحة الدالة على هذه الأصول فكثيرة جدا، منها الحديث الصحيح المشهور الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، فقال له: (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) الحديث، وأخرجه الشيخان مع اختلاف يسير من حديث أبي هريرة ، وهذه الأصول الستة يتفرع عنها جميع ما يجب على المسلم اعتقاده في حق الله سبحانه، وفي أمر المعاد وغير ذلك من أمور الغيب.(4)
اللهم صل على محمد وآله وصحبه أجمعين .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..
أهم المراجع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القرءان الكريم .
صحيح البخاري .
صحيح مسلم .
سنن الترمذي .
__________
(1) - البقرة 285.
(2) - النساء 136 .
(3) - الحج 70 .
(4) - كلمة نشرت لسماحة والدنا الشيخ / عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى ، في مجلة البحوث الإسلامية ( العدد السابع ) الصادر في شهر رجب وشعبان ورمضان وشوال عام 1403 هـ . (- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ / عبدالعزيز بن باز ) 1/13.(1/57)
سنن النسائي .
سنن ابن ماجه .
سنن أبي داود .
سلسلة الأحاديث الصحيحة . للشيخ / محمد ناصر الدين الألباني .
صحيح الجامع الصغير وزيادته . للشيخ / محمد ناصر الدين الألباني .
خطبة الحاجة . للشيخ / محمد ناصر الدين الألباني .
شرح العقيدة الطحاوية . تعليق وتحقيق / الشيخ / محمد ناصر الدين الألباني .
شرح العقيدة الواسطية . شيخ الإسلام ابن تيمية . تحقيق : الشيخ / خالد المصلح .
شرح العقيدة الواسطية . شيخ الإسلام ابن تيمية . تحقيق / محمد بن مانع .
السياسة الشرعية في إصلاح الرعية . شيخ الإسلام ابن تيمية .
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية . شيخ الإسلام ابن تيمية.
الصارم المسلول على شاتم الرسول . شيخ الإسلام ابن تيمية
منة الرحمن في نصيحة الإخوان . د/ ياسر برهامي .
السلفية بين العقيد الإسلامية والفلسفة الغربية . د/ مصطفى حلمي .
نظام الخلافة في الإسلام . د / مصطفى حلمي .
شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والتعليل . ابن قيم الجوزية .
زاد المعاد في هدي خير العباد . ابن قيم الجوزية .
نواقض الإيمان القولية والعملية . د/ عبدالعزيز آل عبداللطيف .
أعلام السنة المنشورة في اعتقاد الطائفة المنصورة . للشيخ / حافظ بن أحمد الحكمي.
أصول مذهب الشيعة الإمامية الأثني عشرية . د/ ناصر القفاري .
لله ثم للتاريخ ، كشف الأسرار وتبرئة الأئمة الأطهار . حسين الموسوي .
غياث الأمم عند التياث الظلم . المسمى : " الغياث ". الإمام الجويني .
أشراط الساعة . د / يوسف بن عبدالله الوابل .
ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة . عبد الله محمد القرني .
مختصر الولاء والبراء . اختصار / سليمان الخراشي .
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الشيخ عبدالعزيز بن باز.
تزيين الأرائك في إرسال النبي (عليه الصلاة والسلام ) إلى الملائك . الإمام السيوطي . مخطوط
موقع كشف الشبهات في الأنترنت . http://www.khayma.com/kshf/index.htm(1/58)
ــــــــــــــــــ#########ــــــــــــ
والحمد لله أولاً وآخراً .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.
فهرس الموضوعات
الموضوع الصفحة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقدمة ................................................................................ 2
وصف المخطوط .......................................................................2
مقياس الأوراق ........................................................................3
عدد السطور ..........................................................................3
توثيق المخطوط ........................................................................3
أهمية المخطوط .........................................................................3
عملي في المخطوط ......................................................................3
أصل المتن ..............................................................................4
المسألة الأولى : أحدية الله تعالى ..........................................................4
المسألة الثانية : صفات الله ...............................................................4
المسألة الثالثة : الأسماء والصفات ........................................................7
المسألة الرابعة : الإيمان بالقضاء والقدر ..................................................8
أصول الإيمان بالقدر ....................................................................8
الأصل الأول : العلم ...................................................................8
الأصل الثاني : الكتابة ..................................................................9(1/59)
الأصل الثالث : المشيئة ..................................................................9
الأصل الرابع : الخلق ....................................................................9
المسألة الخامسة : الإيمان بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم ..................................11
المسألة السادسة : الإيمان بالقرءان ........................................................13
المسألة السابعة : معجزات الأنبياء........................................................14
المسألة الثامنة : مسائل الإيمان ..........................................................15
تفصيل مسائل الإيمان ...................................................................16
المسألة التاسعة : القرءان كلام الله ......................................................20
المسألة العاشرة : الأسماء والصفات ......................................................21
المسألة الحادية عشرة : العقيدة في الصحابة ...............................................22
شبهة وردها ............................................................................23
ضوابط مهمة في مسألة التكفير ..........................................................30
المسألة الثانية عشرة : الإمام وأحواله وما يطرأ عليه .......................................32
المسألة الثالثة عشرة : الإيمان باليوم الآخر ...............................................34
المسألة الرابعة عشرة : تكفير أهل القبلة !.................................................39
المسألة الخامسة عشرة : الصلاة خلف المبتدع ............................................42
المسألة السادسة عشرة : الزجر بالهجر ..................................................46(1/60)
المسألة السابعة عشرة : وجوب اتباع السنة .............................................47
المسألة الثامنة عشرة : الولاء والبراء ....................................................48
المسألة التاسعة عشرة : الاتباع ..........................................................53
خاتمة البحث ............................................................................56
أهم المراجع والمصادر ...................................................................58
الفهارس ................................................................................60(1/61)