الحجج البيّنات في تفسير بعض الآيات
د. فريد مصطفى السلمان
الأستاذ المشارك في كلية الشريعة - الجامعة الأردنية - عمّان
ملخّص البحث
لقد استقيت هذا البحث من خلال قراءتي لكتب التفسير وغيرها، فوقفت عند بعض المسائل المهمّة في تفسير الآيات القرآنية، وخاصّة ما كان فيها موضع خلاف بين العلماء، في قضايا العقيدة أو مسائل الأحكام.
ونجد في هذه المسائل علماً غزيراً، إذ يدلي كلّ عالم بما لديه من قوة الحجّة والبرهان مستدلاًّ من العقل والنقل.
ففي مجال العقيدة جاءت مسألة الخلاف في القدر، وبيان وجه الحقّ فيها، وحكم مرتكب الكبيرة بين أهل السنّة والمعتزلة، ومسألة انشقاق القمر مع بيان الأدلة الدامغة القائمة بالحقّ.
وفي مجال الأحكام نجد مسألة القتال في الحرم، والخلاف بين الحنفية والشافعية في ذلك، ومسألة قتل المسلم بالكافر مع بيان أدلّة كل فريق، وردوده على الطرف الآخر، وحكم الوقف في الحيوان، وحكم القراءة خلف الإمام.
ونجد في كلّ مسألة من هذه المسائل منهجاً متكاملاً لأسلوب البحث العلمي، وطريقاً واضحاً بيّناً لكل مذهب في استدلاله على ما يعتقده ويذهب إليه.
وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
مقدمة:
لقد بيّنت الآيات الكريمة أهمية الدليل والحجة في بيان الحق وإزهاق الباطل ومن ذلك قوله تعالى: { ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجّون فيما ليس لكم به علم } [آل عمران: 66].
وقد اعتمد علماء هذه الأمة الحجة والدليل في توجيه آرائهم المستنبطة من الكتاب والسنة، وقد استدل كل فريق لما ذهب إليه بما يرى أنه الحجة الدامغة وفق رأيه ومنهجه.
وكنت قبل إيراد حجة كلّ فريق أذكر محلّ الخلاف في فهم الآية القرآنية، وآراء العلماء في المسألة، ثم أعقّب على هذه الآراء ببيان الراجح منها، من خلال قوّة الحجّة والبرهان.(1/1)
وقد كانت كل مسألة من هذه المسائل نموذجاً لطلبة العلم في طريقة فهمهم واستنباطهم، حتى يتضح وجه الحقّ جليّاً، دون اتباع للهوى أو التقليد.
تمهيد:
الحجج: جمع حجّة وهي الدليل والبرهان، وقيل ما دفع به الخصم.
وقال الأزهري: الحجّة: الوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة، وإنّما سميت حجّة لأنها تحجّ، أي تُقصد. لأن القصد لها وإليها.
قال الأزهري: ومن أمثال العرب لجّ فحجّ معناه: لجّ فغلب من لاجّه بحججه. يقال: حاججته حتى حججته أي غلبته بالحجج التي أدليت بها (1).
وقال الراغب الأصفهاني: الحجّة: الدلالة المبيّنة للمحَجّة أي المقصد المستقيم (2).
قال الله تعالى: { قل فلله الحجة البالغة } [الأنعام: 149].
وقال تعالى: { لئلا يكون للناس عليكم حجة } [البقرة: 150].
ويجوز أن تطلق الحجة على ما يحتج به الخصم وإن كان باطلاً كما في قوله تعالى: { والذين يحاجّون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم } [الشورى: 16]. فسمّى الداحضة حجة.
وقال سبحانه وتعالى: { لا حجّة بيننا وبينكم } [الشورى: 15]. أي لا احتجاج لظهور البرهان.
والمحاجّة: أن يطلب كل واحد أن يردّ الآخر عن حجته ومحجته.
قال الله عزّ وجل: { وحاجّه قومه قال أتحاجونّي في الله وقد هدان } [الأنعام: 80].
وقال سبحانه وتعالى: { ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجّون فيما ليس لكم به علم } [آل عمران: 66].
وقد أكّد القرآن والسنة مشروعية المجادلة وإقامة الحجة، ومن ذلك قوله تعالى: { قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } [البقرة: 111].
وقد قال الله تعالى في قصة نوح عليه السلام: { قالوا: يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا } [هود: 33].
وقد ذكر الله تعالى تلك المحاجّة العظيمة بين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وبين ذلك الكافر الذي آتاه الله الملك فقال سبحانه: { ألم تر إلى الذي حاجّ إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك } [البقرة: 258].(1/2)
وتحاجّ آدم وموسى عليهما الصلاة والسلام فحجّ آدمُ موسى كما جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" احتجّ آدم وموسى، فقال له موسى: يا آدم أنت أبونا خيّبتنا وأخرجتنا من الجنة، قال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه، وخطّ لك بيده، أتلومني على أمر قدّره الله عليّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة، فحجّ آدم موسى"(3).
وقد قال المزني(4): من حقّ المناظرة أن يراد بها الله عزّ وجلّ، وأن يقبل منها ما تبيّن.
وقالوا: لا تصحّ المناظرة ويظهر الحق بين المتناظرين حتى يكونوا متقاربين أو مستويين في مرتبة واحدة من الدين والعقل والفهم والإنصاف، وإلا فهو مراء ومكابرة(5).
ونلاحظ فيما سنذكره من المسائل أنّ الهدف من ذلك الوصول إلى الحق بطريق الحجة الشرعية، باعتماد الأصول المتفق عليها سواء كانت من جهة الشرع أم النقل.
وقد ضرب علماء الإسلام أروع الأمثلة في المنهجية العلمية واتباع الحق بالدليل والبرهان حتى ذكر العلماء أنه يجب على المسلم أن يكون اعتقاده عن دليل وبرهان، وإن كان لا يلزم أن يكون دليله كما هو الحال عند أهل المنطق وأصحاب علم الكلام(6).
وقد سار الإمام فخر الدين الرازي على هذا المنهج في تفسيره فنجده يقرر مذهب الخصم تقريراً لو أراد الخصم نفسه أن يقرره لما استطاع ذلك(7) .
ثم يشرع الرازي في الردّ على هذه الأدلة بالحجة الدامغة القوية وقد عاب عليه بعض المغاربة هذا السلوك بدعوى أنّ ردوده تأتي أحياناً أضعف من الشبه التي يوردها، فقالوا: إنه يورد الشبه نقداً ويحلّها نسيئة(8).
ويظهر لكل عاقل منصف أثر الاعتماد على الحجة والبرهان في إحقاق الحقّ، فيتم إثراء العقل والقلب بتلك الحجج النيّرة، كما يتم إحياء روح البحث العلمي بالمدارسة والمذاكرة وتلاقح الأفكار والمفاهيم.
وبالتالي فإن هذه التّهم تصبّ أخيراً في مصلحة هذا المفسّر النحرير.
أولاً: حكم القتال في الحرم(1/3)
في قوله تعالى: { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه } [البقرة: 191].
وقوله تعالى: { ومن دخله كان آمنا } [آل عمران: 97].
ذهب الحنفية إلى عدم جواز القتال في الحرم، وذهب جمهور العلماء إلى أن ذلك منسوخ بقوله تعالى: { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد } [التوبة:5]. وبقوله تعالى: { وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافّة } [التوبة: 36].
وذكر القاضي ابن العربي في تفسيره مناظرة في هذه المسألة فيما يلي نصّها، قال ابن العربي: وقد حضرت في بيت المقدس طهّره الله بمدرسة أبي عتبة الحنفيّ(9) والقاضي الرّيحاني(10) يلقي علينا الدرس في يوم الجمعة، فبينما نحن كذلك إذ دخل علينا رجل بهي المنظر على ظهره أطمار، فسلّم سلام العلماء، وتصدّر في صدر المجلس بمدارع(11) الرّعاء، فقال له الرّيحاني: من السيّد؟ فقال له: رجل سلبه الشطّار(12) أمس، وكان مقصدي هذا الحرم المقدّس، وأنا رجل من أهل صاغان(13) من طلبة العلم، فقال القاضي مبادرا: سلوه، على العادة في إكرام العلماء بمبادرة سؤالهم. ووقعت القرعة على مسألة الكافر إذا التجأ إلى الحرم، هل يقتل فيه أم لا؟ فأفتى بأنه لا يقتل، فسئل عن الدليل، فقال: { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه } [البقرة: 119] قرئ { ولا تقتلوهم } (14) ، { ولا تقاتلوهم } ، فإن قرئ ولا تقتلوهم فالمسألة نصّ، وإن قرئ ولا تقاتلوهم فهو تنبيه، لأنه إذا نهى عن القتال الذي هو سبب القتل كان دليلاً بيّناً ظاهراً على النهي عن القتل.(1/4)
فاعترض عليه القاضي الرّيحاني منتصراً للشافعي ومالك ـ وإن لم ير مذهبهما ـ فقال: هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } [التوبة: 6]، فقال له الصاغاني: هذا لا يليق بمنصب القاضي وعلمه، فإن هذه الآية التي اعترضت بها عليّ عامة في الأماكن، والآية التي احتججت بها خاصة، ولا يجوز لأحد أن يقول إن العام ينسخ الخاص، فأبهت القاضي الريحاني، وهذا من بديع الكلام(15) .
ووجه الغرابة في هذه المناظرة أن الرجل ذهب إلى موافقة الحنفية في الحكم واستدل بنقيض دليلهم. فالحنفية يرون حرمة قتل الجاني إذا دخل الحرم، ولا يجيزون القتال في الحرم إلا إذا بدأ الكفار القتال فيه(16)، ويستدلّون على ذلك بقوله تعالى: { ومن دخله كان آمنا } [آل عمران: 97]،وبقوله تعالى: { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه } [البقرة: 191].
والحنفية يخالفون الجمهور في فهمهم لتخصيص العام فإنهم يشترطون في الدليل ليكون مخصصاً للعام أن يكون مستقلاً عن جملة العام مقارناً له في الزمان، بأن يردا عن الشارع في وقت واحد(17)، وذلك كقوله تعالى: { وأحلّ الله البيع وحرّم الربا } [البقرة: 275]، فإن دليل التخصيص في هذه الآية مستقل مقارن.
ولذلك فالحنفية يعرّفون التخصيص بقولهم: هو قصر العام على بعض أفراده بدليل مستقل مقترن(18)، وإذا كان الدليل مستقلاً، ولكنه لم يكن مقارناً للعام، بل متراخياً عنه، فلا يسمى ذلك تخصيصاً، بل نسخاً أي رفعاً للحكم. فإذا تراخى دليل التخصيص فإنه يكون نسخاً لا تخصيصاً خلافاً لمذهب الجمهور في المسألة.
فهذا الرجل استدل برأي الجمهور في تخصيص العام(19) ووافق الحنفية في الحكم، فهو وإن وافق سائله في الحكم إلا أنه قلب عليه الاستدلال، وهذا ما دعى الإمام ابن العربي للقول: فأبهت القاضي الريحاني، لأن الريحاني كان حنفي المذهب الفقهي.(1/5)
وقد جاء ذكر هذه المناظرة في قانون التأويل(20) لابن العربي بشكل أتمّ، حيث قال: قال مجلّي(21)في أوّل مجلس: من قتل في الحرم، أو في الحل، فلجأ إلى الحرم قتل، لأن الحرم بقعة لو وقع القتل فيها لاستوفي القصاص بها، فكذلك إذا وقع القتل في غيرها، أصله الحلّ .
فقال له خصمه ـ وهو حنفي المذهب ـ لا يمتنع أن يقع القتل فيها ولا تعصمه، وإذا قتل في غيرها ولجأ إليها عصمته، كالصيد إذا لجأ إلى الحرم عصمه، ولو صال على أحد في الحرم لما عصمه، وذلك أن القاتل في غير الحرم إذا لجأ إليه فقد استعاذ بحرمته، وقد قال سبحانه وتعالى:} ومن دخله كان آمنا } [آل عمران: 97]، وإذا قتل فيه فقد هتك حرمته وضيّع أمنته، فكيف يعصمه؟ فقال له مجلّي: هذا الذي ذكرت لا يصح ولا يلزمني، لأن الحرم لم يحترم بحرمة القاتل، ولا باعتقاده واحترامه، وإنما احترم بحرمة الله - سبحانه وتعالى - .
وأما قوله سبحانه وتعالى { ومن دخله كان آمنا } فإنما عني به ما كان عليه الحرم في الجاهلية من تعظيم الكفار له، وأمن اللائذ منهم به، ودار الكلام على هذا النحو، ثم دخل علينا بمدرسة أبي عقبة الحنفي ببيت المقدس رجل ثم ذكر المناظرة كما جاءت في تفسيره أحكام القرآن.
ثم علّق على هذه المناظرة بقوله: وأعجب لبعض المغاربة(22)، ممن قرأ الأصول يحكي عن أبي حنيفة أن العام ينسخ الخاص(23) إذا كان متأخراً عنه، وهذا ما قال به قطّ ولولا أن أبا حنيفة ناقض(24)، فقال: لا يبايع في الحرم ولا يكلّم ولا يجالس ولا يعان بمأكل ولا بمشرب ولا بملبس حتى يخرج منه، فتؤخذ العقوبة منه، ما قام له في هذه المسألة أحد.
ثانياً: حكم الوقوف والأحباس
في قوله تعالى: { ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون } [المائدة: 103] .(1/6)
والبحيرة: هي الناقة يشقون أذنها لتكون معلومة للناس أنها على هذه الصفة، فكانت تخلّى دون راع فلا تطرد من مرعى ولا يركبها أحد ولا تذبح ولا تباع، وقيل: إن البحيرة هي ابنة السائبة، وقيل غير ذلك. أما السائبة فتطلق على البعير أو الناقة التي تسيّب بنذر يكون على الرجل إن سلّمه الله من مرض، أو بلّغه منزلاً في سفر فتصبح مخلاة لا قيد عليها ولها نفس أحكام البحيرة.
والوصيلة: كانت في الغنم إذا ولدت عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن ليس بينهن ذكر، قالوا: وصلت، فكان ما ولد منها بعد ذلك للذكور دون الإناث إلا إذا كان ميتة فهم فيه شركاء.
والحام: هو الفحل من الإبل إذا انقضى ضرابه، أو إذا ركب ولد ولده، وسمّي بهذا الاسم لأنه حمى ظهره من الركوب والذبح ( هذه بعض الوجوه في تفسيرها، وهناك وجوه أخرى لم نر الإطالة بذكرها)(25).
هذا وقد ذهب الحنفية استدلالاً بالآية إلى عدم جواز الوقف إلى غير جهة معينة تقوم عليه وترعاه.
فلو سيّب حيواناً أو عقاراً فجعله سبيلا، فإن هذا يدخل فيما عابه الله على العرب، فيما كانوا يفعلونه في الجاهلية من تسييب البهائم وحبس البهائم والزروع، وذهب جمهور العلماء إلى جواز الأوقاف وقاسوا تسييب البهائم على عتق العبيد، ولكن الحنفية لم يسلّموا بهذا القياس، وقالوا لا معنى لأن يملك الحيوان الأعجم نفسه، لأن إهمالها يترتب عليه عدم جواز منفعتها، وهي لا تستطيع تدبير شؤون نفسها.
وأجاب الجمهور عن ذلك بأن وقف المنافع المترتبة على هذه الحيوانات قربة من القربات.
ومن صور السائبة إرسال الطيور ووضع البيض قرب طرقات المسافرين، وترك البساتين لينتفع بها الناس كافّة، ولكل من الفريقين أدلته في المسألة، وقد وقعت مناظرة بين الإمام مالك من جهة وبين القاضي أبي يوسف أكبر تلاميذ الإمام أبي حنيفة بحضرة هارون الرشيد(26).
ويقال إن القاضي أبا يوسف قد رجع عن موافقة صاحبه بعد وقوع هذه المناظرة.(1/7)
وخلاصة هذه المناظرة أنه اجتمع كل من الإمام مالك والقاضي أبي يوسف بحضرة هارون الرشيد. فتكلّموا في الوقوف(27) وما يحبسه الناس، فقال القاضي أبو يوسف: هذا باطل مستدلاً بقوله تعالى: { ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام } [المائدة: 103].
فقال مالك: إنما جاء محمد صلى الله عليه وسلم بإطلاق ما كانوا يحبسونه لآلهتهم من البحيرة والسائبة.
فأما الوقوف: فهذا وقف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حيث استأذن النبي صلى الله عليه وسلم فقال:إن شئت حبّست أصلها وتصدقت بها (28) .
وهذا وقف الزبير بن العوام - رضي الله عنه - حيث وقف داره بمكة ومصر وأمواله بالمدينة على أولاده(29) فأعجب الخليفة بذلك، ورجع القاضي أبو يوسف إلى رأي الجمهور.
وممّا يؤكد رأي جمهور العلماء ما جاء في بعض الروايات(30) أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه: ( تصدّق بثمره وحبّس أصله ) وفي رواية: ( احبس أصلها وسبّل ثمرتها ).
ويعقّب ابن حجر على هذه الروايات فيقول: " وأصرح من ذلك ما جاء في صحيح البخاري أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه: تصدّق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث، ولكن ينفق ثمره )(31) .
وقال الترمذي:( لا نعلم بين الصحابة والمتقدمين من أهل العلم خلافاً في جواز وقف الأرضين، وجاء عن شريح أنّه أنكر الحبس، وقال أبو حنيفة: لا يلزم، وخالفه في ذلك جميع أصحابه إلاّ زفر .
وممّا روي عن أبي يوسف قوله: لو بلغ الحديث أبا حنيفة لرجع عن قوله في الوقف)(32) .
وذكر القرطبي إجماع الصحابة رضي الله عنهم على جواز الوقف، وقال:
( لا حجّة في قول شريح، ولا في قول أحد يخالف السنّة، وما رواه ابن لهيعة عن ابن عباس رضي الله عنهما في عدم جواز ذلك فهو ضعيف لا تقوم به حجة)(33) .
ثالثاً: إثبات القدر(1/8)
لقد ضلت بعض الفرق الإسلامية في القدر(34) فذهبوا إلى أنه لا قدر(35) وأن الإنسان يخلق فعله وفي مقدمة هؤلاء المعتزلة والرافضة، وقد أنكر عليهم بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن أدركوا هذه الفتنة وقد روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قوله: القدرية مجوس هذه الأمة(36). والذي عليه جمهور المسلمين إثبات القدر وأن الإيمان بالقدر خيره وشرّه من أركان الإيمان.
وسبب هذا الضلال هو سوء فهم بعض الآيات القرآنية الواردة في القدر ومن ذلك قوله تعالى: { إنّا كل شئ خلقناه بقدر } [القمر: 49](37) .
وقد وردت عدة آثار في ذم القائلين بالقدر منها ما أخرجه ابن ماجه في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إن مجوس هذه الأمة المكذبون بأقدار الله، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم، وإن لقيتموهم فلا تسلّموا عليهم)(38) .
وأخرج أبو داود عن حذيفة بن اليمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( لكل أمة مجوس، ومجوس هذه الأمة الذين يقولون: لا قدر. من مات منهم فلا تشهدوا جنازتهم، ومن مرض منهم فلا تعودوهم، هم شيعة الدجال، وحقّ على الله أن يلحقهم بالدجال)(39) .
وهناك عدّة مناظرات في القدر، نذكر منها هذه المناظرة التي ذكرها القرطبي في تفسيره حيث قال: أحضر عمر بن عبد العزيز غيلان القدريّ(40) فقال: يا غيلان بلغني أنك تتكلم بالقدر، فقال: يكذبون عليّ يا أمير المؤمنين، ثم قال: يا أمير المؤمنين: أرأيت قول الله تعالى: { إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً. إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً } [الإنسان: 2،3]. فقال عمر بن عبد العزيز: اقرأ يا غيلان، فقرأ حتى انتهى إلى قوله: { فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا } [الإنسان: 29].
فقال عمر: اقرأ فقال: { وما تشاءون إلا أن يشاء الله } [الإنسان: 30] فقال غيلان: والله يا أمير المؤمنين إن شعرت – أي ما شعرت - أنّ هذا في كتاب الله قطّ.(1/9)
فقال له عمر: يا غيلان اقرأ أول سورة (يس) فقرأ حتى بلغ { سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون } [يس: 10]، فقال غيلان: والله يا أمير المؤمنين لكأني لم أقرأها قطّ قبل اليوم، اشهد يا أمير المؤمنين أني تائب.
فقال عمر: اللهم إن كان صادقاً فتب عليه وثبّته، وإن كان كاذباً فسلط عليه من لا يرحمه واجعله آية للمؤمنين، فأخذه هشام بن عبد الملك بعدما تولّى الحكم، فقطع يديه ورجليه وصلبه.
وكان مصلوباً على باب دمشق وإذا سئل ما شأنك؟ قال: أصابتني دعوة الرجل الصالح عمر بن عبد العزيز(41) .
واختلف العلماء في سبب قتل هشام بن عبد الملك لغيلان، فيرى (ابن المرتضى الرافضي) أن هشاماً قتله، لأنه قد رآه ينادي على بيع ما في خزائنهم أيام ولاّه عليها عمر بن عبد العزيز وأنه يسبّ بني أمية، فأقسم ليقتلنّه إذا ولي هذا الأمر، فلما وليه نفّذ ما أقسم عليه وقتله، فيكون قتل هشام لغيلان سياسيّاً لا دينياً(42) . وأما بقية المؤرخين فيرون أن هشاماً قتله لقوله بالقدر. وأنه أحضر له الأوزاعي فسأله في ثلاث مسائل لم يجب غيلان على واحدة منها، فأخذه هشام وأمر به فقطعت يداه ورجلاه فمات، وقيل صُلب حيّا على باب (كيسان) بدمشق.
ويذكر ابن نباته هذه المناظرة فيقول(43): لمّا بلغ هشام بن عبد الملك مقالة غيلان في القدر(44) أرسل إليه وسأله: يا غيلان ما هذه المقالة التي بلغتني عنك في القدر؟ فقال: يا أمير المؤمنين هو ما بلغك، فأحضر من أحببت يحاجّني، فإن غلبني ضربت رقبتي.
فأحضر الأوزاعي، فقال له الأوزاعي: يا غيلان، إن شئت ألقيت سبعاً، وإن شئت خمساً، وإن شئت ثلاثاً. فقال غيلان: ألق ثلاثاً، - أي ثلاثة أسئلة- فقال له الأوزاعي: أقضى الله على عبد ما نهى عنه؟.
قال غيلان: ما أدري ما تقول. فقال الأوزاعي:( فأمَر الله بأمر حال دونه؟). قال غيلان: هذه أشدّ من الأولى. فقال الأوزاعي:( فحرّم الله حراماً ثم أحلّه؟). قال غيلان: ما أدري ما تقول؟(1/10)
فأمر به هشام فقطعت يداه ورجلاه فمات .
وهناك مناظرتان جاء ذكرهما في شرح العقيدة الطحاوية(45). جاء في الأولى عن عمر بن الهيثم(46) . قال: خرجنا في سفينة وصحبنا فيها قدريّ ومجوسيّ، فقال القدريّ للمجوسيّ: أسلم، قال المجوسي: حتى يريد الله. فقال القدريّ: إن الله يريد، ولكن الشيطان لا يريد، قال المجوسي: أراد الله وأراد الشيطان، فكان ما أراد الشيطان! هذا شيطان قويّ، وفي رواية أنه قال: فأنا مع أقواهما.
أما الثانية فجاء فيها: أن أعرابياً وقف على حلقة فيها عمرو بن عبيد(47) ـ من شيوخ المعتزلة ـ فقال: يا هؤلاء إن ناقتي قد سرقت، فادعوا الله أن يردّها عليّ، فقال عمرو بن عبيد: اللهم إنك لم ترد أن تُسرق ناقته فسرقت، فارددها عليه، فقال الأعرابي: لا حاجة لي في دعائك، قال: ولمَ؟ قال: أخاف ـ كما أراد أن لا تسرق فسرقت ـ أن يريد ردّها فلا تردّ .
ويروى في هذا المقام أن علياً - رضي الله عنه - مرّ بقدريّ، وهو يتكلم في القدر، فقال له:( أبا الله تقدر، أم مع الله أم دون الله؟). فسكت الرجل ولم يعلم بماذا يجيب. فقال له - رضي الله عنه - :( إن قلت دون الله كفرت، وإن قلت مع الله أشركت، وإن قلت بالله أصبت فقال الرجل: بالله أقدر، فقال له: لو قلت غيرها ضربت عنقك(48) .
فبهذا القول تتم البراءة من القدرية والجبرية كذلك، لأن الجبري لا يقول أقدر بالله ولا بغيره فيؤديه مذهبه إلى تعطيل الاكتساب والعبادات، ومذهب أهل الحق التوسط، يشتمل على التوحيد في الأفعال والأدب مع الفعّال(49) .
ويروى كذلك في هذا الشأن عن عليّ - رضي الله عنه - أن قائلاً قال له عند انصرافه من صفين: أرأيت مسيرنا إلى صفين أبقضاء وقدر؟
فقال علي - رضي الله عنه - : والله ما علونا جبلا ولا هبطنا واديا ولا خطونا خطوة إلا بقضاء وقدر.
فقال الشيخ: عند الله احتسب عنائي إذن مالي أجر.(1/11)
فقال له علي: يا شيخ فإن هذا قول أولياء الشيطان وخصماء الرحمن قدرية هذه الأمة ومجوسها. فإن الله أمر تخييراً ونهى تحذيراً لم يُعص مغلوباً ولم يطع مكرهاً.
فضحك الشيخ ونهض مسرورا ثم قال(50):
أنت الإمام الذي نرجو بطاعته ... يوم القيامة من ذي العرش رضوانا
أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا ... جزاك ربك عنّا فيه إحسانا
ومن المناظرات في القدر ما يروى أن غيلان القدري دخل مجلساً فقال على وجه التحرش للمناظرة: سبحان من تنزه عن الفحشاء. فأجابه ربيعة بن أبي عبد الرحمن(51) وقد فهم قصده: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء.
فقال غيلان القدري: أيحب ربنا أن يعصى؟
فأجابه ربيعة: أيعصى ربنا كرها(52) ؟
وتروى هذه المناظرة كذلك على أنها وقعت بين أبي اسحق الإسفراييني والقاضي عبد الجبار الهمداني ـ وكان رئيس المعتزلة في وقته ـ حيث دخل مجلساً رأى فيه الإسفراييني فقال متحرشاً للمناظرة: سبحان من تنزه عن الفحشاء.
فقال الإسفراييني: سبحان من لا يجري في ملكه إلا ما يشاء.
فقال القاضي عبد الجبار: أيريد ربنا أن يعصى؟!
فقال الإسفراييني: أيعصى ربنا كرها؟!
فقال القاضي عبد الجبار: أرأيت إن منعني الهدى وقضى عليّ بالردى أحسن إليّ أم أساء؟
فأجابه الإسفراييني: إن كان قد منعك ما هو لك فقد أساء، وإن كان منعك ما هو له فيختص برحمته من يشاء. فقطعه بذلك(53) .
رابعاً: معجزة انشقاق القمر
في قوله تعالى: { اقتربت الساعة وانشق القمر. وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر } [القمر: 1-2].(1/12)
ذهب جمهور أهل السنة أن القمر قد انشق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بإذن الله، معجزة له دالة على صدقه. وقال الحافظ ابن كثير:( لقد أجمع المسلمون على وقوع انشقاق القمر في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وقد جاءت بذلك الأحاديث المتواترة، من طرق متعددة تفيد القطع عند من أحاط بها ونظر فيها، وقد رويت الأحاديث الصحيحة في ذلك عن جمع من الصحابة هم أنس بن مالك وجبير بن مطعم وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين (54) .
وذكر الألوسي الاختلاف في تواتر الأحاديث الواردة في انشقاق القمر، ونقل عن ابن السبكي قوله في شرحه لمختصر ابن الحاجب: الصحيح عندي أنّ انشقاق القمر متواتر منصوص عليه في القرآن، مرويّ في الصحيحين وغيرهما من طرق شتى بحيث لا يمترى في تواتره)(55) .
وذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني الإجماع على انشقاق القمر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بإذن الله، معجزة من الله تعالى، وتصديقا لرسوله(56) .
وحتى لو شكّك بعض المعاصرين في وقوع هذه المعجزة وفسّر الآية على أنّ انشقاق القمر إنما يكون علامة على اقتراب الساعة قبل يوم القيامة(57) فإن معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم عديدة، وفي مقدمتها القرآن الكريم المعجزة الخالدة الباقية، ونقرر هنا إيماننا بمعجزة انشقاق القمر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أجمع على ذلك علماء الإسلام ولم تظهر مثل تلك التأويلات المحدثة إلاّ عند نفر من بعض المعاصرين الذين تأثروا بالأفكار الوافدة، وكأنّ من روى هذه الروايات عندهؤلاء لا يستطيع التفريق بين خسوف القمر المعتاد، ومعجزة انشقاقه.
ومع ذلك فتذكر لنا الكتب الشرعية تلك المناظرة الجميلة في إثبات هذه المعجزة الإلهية، والتي وقعت بين الإمام الباقلاني(58) وبين إمبراطور الروم في ذلك العهد.(1/13)
قال الإمبراطور: هذا الذي تدّعونه في معجزات نبيّكم من انشقاق القمر، كيف هو عندكم؟
أجاب الباقلاني: هو صحيح عندنا، انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأى الناس ذلك، وإنما رآه الحضور ومن اتفق نظره إليه في تلك الحال.
فقال الإمبراطور: وكيف لم يره جميع الناس؟
قال الباقلاني: لأن الناس لم يكونوا على أهبة وموعد لانشقاقه تلك الساعة.
فقال الإمبراطور: وهذا القمر بينكم وبينه نسبة وقرابة؟! لأيّ شئ لم تعرفه الروم وسائر الناس، ورأيتموه أنتم خاصّة؟!
قال الباقلاني: وهذه المائدة(59) بينكم وبينها نسبة، وأنتم رأيتموها دون اليهود والمجوس وأهل الإلحاد، فإنهم كلهم منكرون لهذا الشأن، وأنتم رأيتموها دون غيركم؟!
ثم قال له: أتقول إن الخسوف إذن كان يراه جميع أهل الأرض، أم يراه أهل الإقليم الذي بمحاذاته؟
قال: لا يراه إلا من كان في محاذاته.
ثم قال له: ولكن مثل هذا الخبر يلزم أن ينقله الجمّ الغفير!
فأجاب: يلزمكم في نزول المائدة ما يلزمني في انشقاق القمر.
فبهت الملك ومن كان معه من النصارى في ذلك المجلس(60) .
ومما يروى في المناظرات مع النصارى كذلك ما ورد عن حاطب ابن أبي بلتعة(61) - رضي الله عنه - أنه لما دخل على المقوقس النصراني ملك الإسكندرية رسولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم فسأله المقوقس عن الحرب بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قومه، فأخبره أنها بينهم سجال، فقال المقوقس يخاطب ابن أبي بلتعة:" أنبيّ الله يُغلب "؟! فقال حاطب:" أنبيّ الله يُصلب"؟!فكان هذا الجواب قطعاً للنصراني بما يعتقده في حق عيسى عليه السلام(62) .
خامساً: قتل المسلم بالكافر
في قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحرّ بالحرّ والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } [البقرة: 178].(1/14)
اختلف العلماء في قتل الحر بالعبد وقتل المسلم بالذميّ، فذهب جمهور العلماء إلى عدم قتل الحر بالعبد وعدم قتل المسلم بالذميّ، وذهب أبو حنيفة إلى أن المسلم يقتل بالذميّ أو المعاهد ولكل أدلته من الكتاب والسنة والقياس(63) .
وقد وقعت مناظرة بين أحد أتباع أبي حنيفة وآخر من فقهاء الشافعية في هذه المسألة ذكرها الإمام ابن العربي. ونوردها فيما يلي:
قال الإمام ابن العربي: ورد علينا بالمسجد الأقصى سنة 487هـ فقيه من عظماء أصحاب أبي حنيفة يعرف بالزوزني(64) زائراً للخليل صلوات الله عليه، فحضرنا في حرم الصخرة المقدسة طهرها الله معه(65) .
وشهد علماء البلد، فسئل على العادة - في إكرام العلماء بالسؤال - عن قتل المسلم بالكافر(66) . فقال: يقتل به قصاصاً، فطولب بالدليل، فقال: الدليل عليه قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى } [البقرة: 178] وهذا عام في كل قتيل.
فانتدب معه للكلام فقيه الشافعية عطاء المقدسي(67) ، وقال: ما استدل به الشيخ الإمام لا حجة له فيه من ثلاثة أوجه:
(1) إن الله سبحانه قال: كتب عليكم القصاص، فشرط المساواة في المجازاة، ولا مساواة بين المسلم والكافر، فإن الكفر حطّ منزلته، ووضع مرتبته.
(2) إن الله سبحانه ربط آخر الآية بأولها وجعل بيانها عند تمامها فقال:
} كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى{، فإذا نقص العبد عن الحر بالرق وهو من آثار الكفر، فأحرى وأولى أن ينقص عنه الكافر.
(3) إن الله سبحانه وتعالى قال: { فمن عفي له من أخيه شئ فاتّباع بالمعروف } [البقرة: 178] ولا مؤاخاة بين المسلم والكافر، فدل على عدم دخوله في هذا القول.(1/15)
فقال الزوزني: بل ذلك دليل صحيح، وما اعترضت به لا يلزمني منه شئ، أما قولك: إنّ الله تعالى شرط المساواة في المجازاة فكذلك أقول. وأما دعواك أن المساواة بين الكافر والمسلم في القصاص غير معروفة فغير صحيح، فإنهما متساويان في الحرمة التي تكفي في القصاص، وهي حرمة الدم الثابتة على التأبيد، فإن الذميّ محقون الدم على التأبيد، والمسلم محقون الدم على التأبيد، وكلاهما قد صار من أهل دار الإسلام، والذي يحقق ذلك أن المسلم يقطع بسرقة مال الذميّ، وهذا يدل على أن مال الذميّ قد ساوى مال المسلم، فدل على مساواته لدمه، إذ المال إنما يحرم بحرمة مالكه.
وأما قولك إن الله تعالى ربط آخر الآية بأولها فغير مسلّم، فإن أول الآية عام وآخرها خاص، وخصوص آخرها لا يمنع من عموم أولها، بل يجري كل على حكمه من عموم أو خصوص(68) .
وأما قولك إن الحر لا يقتل بالعبد، فلا أسلم به، بل يقتل به عندي قصاصا، فتعلقت بدعوى لا تصح لك. وأما قولك:} فمن عفي له من أخيه شيء {، يعني المسلم، فكذلك أقول، ولكن هذا خصوص في العفو، فلا يمنع من عموم ورود القصاص، فإنهما قضيّتان متباينتان، فعموم إحداهما لا يمنع من خصوص الأخرى، ولا خصوص هذه يناقض عموم تلك، وقال ابن العربي: وجرت في ذلك مناظرة عظيمة حصّلنا منها فوائد جمّة أثبتناها في نزهة الناظر، وهذا المقدار يكفي هنا منها)(69) .
ويجيب الشافعية على اعتراضات الحنفية هذه بأن نقص العبد عن الحر في القصاص مسلّم به عند الحنفية في الأعضاء، فلا يقطعون الحر بالعبد، وأما قطع يد المسلم بسرقة مال الذميّ فهذا القطع إنما هو بسبب الخيانة، ويذكرون في هذا المقام بيت الشعر الذي قاله أبو العلاء المعري(70) :
يدٌ بخمسمئين عسجد وديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار
فيجيبه القاضي عبد الوهاب المالكي(71):
عزّ الأمانة أغلاها وأرخصها ... ذلّ الخيانة فافهم حكمه الباري(1/16)
كما يستدل كل فريق بأدلة من السنة، ويشهد للجمهور قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يقتل مسلم بكافر)(72)
ولكن الحنفية يؤولون معنى كلمة الكافر هنا بأنه الكافر الحربي وليس الذميّ، وهو مستبعد، لأنّه لا يتصوّر عاقل وجود القصاص بين المسلم والكافر الحربي.
ولا يعني عدم القتل عند الجمهور عدم المساءلة، بل يعاقب بما دون القتل وتلزمه الديّة.
وممّا يؤكّد صحة ما ذهب إليه الجمهور المناسبة(73) التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقتل مسلم بكافر ) لأنّ الرسول عليه الصلاة والسلام خطب المسلمين يوم الفتح، بسبب القتيل الذي قتلته خزاعة، وكان له عهد، فخطب عليه الصلاة والسلام الناس وقال: لو قتلت مؤمنا بكافر لقتلته به، وقال: ( لايقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده)، وقال عليه الصلاة والسلام:
(لو كنت قاتلا مؤمنا بكافر لقتلت حراشا بالهذلي )(74) .
سادساً: تكفير مرتكب الكبيرة
نزلت بعض الآيات القرآنية تذكر عقوبة بعض أصحاب الكبائر، وتتوعدهم بعذاب جهنم خالدين فيها. فقد قال الله تعالى في عقوبة قتل النفس المؤمنة: { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابا عظيما } [النساء: 93].
وقال - سبحانه وتعالى - في عقوبة من يولّ الكفار دبره يوم الزحف: { ومن يولّهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير } [الأنفال: 16].
وقد فهم بعض أصحاب الفرق الإسلامية كالخوارج والمعتزلة أن هذا الوعد حتم لازم لا بدّ من تحققه، فحكم الخوارج بكفر مرتكب الكبيرة، وذهب المعتزلة إلى جعله في منزلة بين الكفر والإيمان(75) .
أما أهل السنة فمذهبهم أنهم لا يكفّرون أحدا من أهل الملة بذنب ما لم يستحلّه(76) .
وقد وقعت مناظرة في هذه المسألة بين الإمام أبي حنيفة وبعض الخوارج نوردها فيما يلي:(1/17)
لما بلغ الخوارج أن أبا حنيفة لا يكفّر أحدا بذنب ما لم يستحله، اجتمع إليه سبعون منهم، فدخلوا عليه وسلّوا سيوفهم وأرادوا قتله. فقال لهم أبو حنيفة: اغمدوا سيوفكم واسمعوا لي وناظروني.
فقالوا: معنا جنازتان إحداهما جنازة رجل شرب الخمر حتى مات منه، والأخرى جنازة امرأة زنت فحبلت ثم قتلت نفسها، ما تقول فيهما؟
فقال أبو حنيفة: من أيّ الملل كانا؟ من اليهود أو النصارى أو المجوس؟
قالوا: لا.
قال: من أيّ الملل؟
قالوا: من الملة التي تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
قال: فأخبروني عن هذه الشهادة، كم هي من الإيمان؟ أثلث أم ربع(77) .
قالوا: لا، فإن الإيمان لا يكون له ثلث وربع.
قال: فكم هي من الإيمان؟
قالوا: كلّه، ثم قالوا: دعنا من هذا فما تقول فيهما، هل هما من أهل الجنة أو من أهل النار؟
فقال: إني أقول فيهما كما قال نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام فيمن كان أعظم جرما منهما: { فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم } [إبراهيم: 36]، وأقول فيهما ما قال عيسى عليه الصلاة والسلام: { إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } [المائدة: 118].
وقد كانوا أعظم جرما منهما، وأقول ما قال نوح عليه الصلاة والسلام: { قال: وما علمي بما كانوا يعملون. إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون. وما أنا بطارد المؤمنين } [الشعراء: 112 ، 114].
وأقول فيهما ما قال نوح عليه السلام: { ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا، الله أعلم بما في أنفسهم إني إذاً لمن الظالمين } [هود: 31].
فألقى الخوارج سلاحهم، وتركوا عقيدة الخوارج، وتبعوا عقيدة جماعة المسلمين(78) .
سابعاً: القراءة خلف الإمام
في قوله تعالى: { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون } [الأعراف: 204].(1/18)
روي عن عبد الله بن مسعود وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وابن شهاب الزهري وغيرهم أن الآية نزلت في الصلاة، والمراد بذلك قراءة المأموم خلف الإمام في الصلاة(79) .
فقد روي عن أبي هريرة أن المسلمين كانوا يتكلمون في الصلاة فلما نزلت هذه الآية { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } والآية الأخرى { وقوموا لله قانتين } [البقرة: 238]. أمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام(80) .
وروى ابن شهاب الزهري أن هذه الآية نزلت في فتى من الأنصار كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما قرأ شيئا قرأه فنزلت: { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } [الأعراف: 204] .
وقد اختلف العلماء في حكم القراءة خلف الإمام ولكل أدلته(81) .
فقد ذهب الشافعية إلى وجوب قراءة الفاتحة من المأموم في كل صلاة سرّية أو جهرية. وذهب الحنفية إلى عدم وجوب القراءة من المأموم مطلقا في كل صلاة سرّية أو جهرية. وقال المالكية والحنابلة يقرأ في السرية ولا يقرأ في الجهرية .
وقد وقعت مناظرة بين أبي حنيفة وبين جمع من القائلين بوجوب القراءة من المأموم على كل حال، ونوجز هذه المناظرة كما يلي:
جاء جماعة إلى أبي حنيفة ليناظروه في القراءة خلف الإمام فقال لهم: لا يمكنني مناظرة الجميع، فاختاروا أعلمكم لأناظره، فاختاروا واحدا منهم، فقال أبو حنيفة: هذا أعلمكم، فقالوا: نعم، قال: والمناظرة معه كالمناظرة معكم؟ قالوا: نعم، قال: والحجة عليه كالحجة عليكم؟ قالوا: نعم، فقال: إن ناظرته لزمتكم الحجة في المسألة. قالوا: كيف؟ قال: لأنكم اخترتموه فجعلتم كلامه كلامكم، وكذا نحن اخترنا الإمام فقراءته قراءتنا، وهو ينوب عنّا في ذلك كله، فأقرّوا بذلك(82) .
ومن أدلة الجمهور القوية في عدم وجوب القراءة من المأموم خلف الإمام ما جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبّر فكبّروا وإذا قرأ فأنصتوا(83) .(1/19)
وكذلك فإن العلماء قد اتفقوا على أن من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة. فنقول: هب أن هذا المأموم كان يلعب الكرة في الشارع وجاء إلى الإمام في ركوعه، فكيف تقولون بصحة صلاته، أما المأموم الذي أنصت لقراءة الإمام وهو في الصلاة فصلاته باطلة لأنه لم يقرأ الفاتحة؟!
وقد أجاب الشافعية بأن المأموم كان متمكنا من القراءة أما المسبوق فلم يتمكن(84)، ونقول: متى كان الفعل صحيحا إذا لم نتمكن من فعله؟
ويتبع هذه المسألة مناظرة أخرى فيمن تكلّم وهو في الصلاة بكلام من خارج أعمال الصلاة أو قهقه في الصلاة. فعند عامّة أهل العلم أن من فعل ذلك فقد بطلت صلاته وبقي وضوؤه صحيحا.
وذهب أبو حنيفة إلى أن القهقهة في الصلاة تبطل الصلاة والوضوء جميعا(85) .
وقد وقعت مناظرة بين الحسن بن زياد اللؤلؤي(86) من الحنفية وأحد أصحاب الشافعي في هذه المسألة. وموجز هذه المناظرة كما يلي:
قال الشافعي: قال لي الفضل بن الربيع(87) . أحبّ أن أسمع مناظرتك للحسن بن زياد اللؤلؤي، فقال الشافعي: ليس اللؤلؤي في هذا الحدّ، ولكن أٌحضرُ بعض أصحابي حتى يكلمه بحضرتك، فقال: ولك ذلك.
فحضر الشافعي، وأحضر معه رجلا من أصحابه، من أهل الكوفة، كان على مذهب أبي حنيفة وصار من الشافعية. فلما دخل اللؤلؤي أقبل الكوفي عليه ـ والشافعي حاضر بحضرة الفضل بن الربيع ـ فقال له: إن أهل المدينة ينكرون على أصحابنا بعض قولهم، وأريد أن أسأل عن مسألة من ذلك. فقال اللؤلؤي: سلْ. فقال له: ما تقول في رجل قذف محصنة وهو في الصلاة؟ فقال: صلاته فاسدة. فقال: فما حال طهارته؟ قال: طهارته بحالها، ولا ينقض قذفه طهارته.
فقال له: فما تقول إن ضحك في صلاته؟ قال: يعيد الطهارة والصلاة. فقال له: فقذف المحصنة في الصلاة أيسر من الضحك فيها؟! فقال له: وقفنا في هذا، ثم مضى.
فاستضحك الفضل بن الربيع، فقال له الشافعي: ألم أقل لك إنه ليس في هذا الحدّ؟!(88) .(1/20)
ونلاحظ في هذه المناظرة الاعتماد على القياس، ولكنّ حجّة الحنفية ورود النص في إعادة الوضوء لمن قهقه في صلاته، ولا قياس مع النص.
فقد وردت عدّة نصوص من السنة عند الحنفية بعضها مسند وبعضها مرسل فاحتجّوا بهذه الروايات على ما ذهبوا إليه(89) .
ولكنّ الشافعية ضعّفوا هذه الروايات، فلم يأخذوا بها، وقدّموا عليها القياس كما جاء في المناظرة، إضافة إلى أنهم استدلوا برواية أخرجها الدارقطني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( الضحك ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء)(90).
الخاتمة والنتائج:
من خلال الاطلاع على هذا البحث يمكن القول إنّ اعتماد الحجة والدليل هو منهج علماء هذه الأمة في الوصول إلى الحق، فعندما يرى العالم المخلص أن الدليل مع غيره فإنه يسلّم به ويأخذ به وإن كان مخالفاً لما كان يذهب إليه من قبل.
كما يتضح لدينا سعة صدور العلماء، وفسحهم المجال لمن يخالفونهم الرأي في عرض آرائهم وتوضيحها. وقد رأينا رجوع القاضي أبي يوسف إلى مذهب الجمهور في مسألة الوقوف والأحباس بعد مناظرته مع الإمام مالك، ورجوع (زفر) في مسألة قتل المسلم بالذمّي إلى رأي الجمهور .
ويظهر لدينا كذلك إلزام الخصم بالدليل العقلي حال عدم اعترافه بالدليل الشرعي كما في معجزة انشقاق القمر.
ونلاحظ استعمال القياس، وسرد الاحتمالات وتفنيد الباطل منها، في مسألة القدر وحكم القراءة خلف الإمام.
ومن ذلك كلّه نستطيع القول إنّ علماء الإسلام ضربوا أروع الأمثلة في الاستدلال على مذهبهم من النقل والعقل والقياس.
الهوامش والتعليقات
(1) الأزهري، أبو منصور محمد بن أحمد، ت370هـ، تهذيب اللغة، تحقيق: د. عبد الحليم النجار، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، (مادة حجج)، ( 3/387- 390 ) سنة 1384هـ، 1964م.(1/21)
الزبيدي، محبّ الدين أبو الفيض السيّد محمد مرتضى، ت1205هـ، تاج العروس من جواهر القاموس، 20ج، تحقيق علي شيري، دار الفكر، بيروت، ط1، ( مادة حجج)، (3/315) سنة 1414هـ، 1994م.
(2) الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد، ت502هـ، المفردات، تحقيق محمد سيد كيلاني، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت ( ص107 ).
(3) أخرجه البخاري، محمد بن إسماعيل، ت256هـ، صحيح البخاري، بيت الأفكار الدولية، الرياض، ( كتاب القدر، باب تحاجّ آدم وموسى عند الله، ص1264 )، وأخرجه في الأنبياء باب وفاة موسى، وفي تفسير سورة طه، باب قوله تعالى: ( واصطنعتك لنفسي ).
وأخرجه مسلم بن الحجاج النيسابوري، ت261هـ، صحيح مسلم، 5ج، - حرف ج يعني مجلّد- دار ابن حزم، بيروت( كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما الصلاة والسلام، رقم 2652 ).
(4) ( المزني: هو إسماعيل بن يحيى المزني، صاحب الإمام الشافعي، من أهل مصر، من كتبه (الجامع الكبير، الجامع الصغير)، وقال فيه الشافعي ناصر مذهبي، وقال في قوة حجته (لو ناظر الشيطان لغلبه). الزركلي، خير الدين: الأعلام، 8ج، دار العلم للملايين-بيروت،ط5 سنة 1980م، (1/329)، ابن خلّكان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، 7ج، تحقيق إحسان عباس، دار الثقافة-بيروت، (1/71).
(5) القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد، ت671هـ، الجامع لأحكام القرآن، 10ج، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ( 3/286 )
(6) الجويني، عبد الملك بن عبد الله بن يوسف، ت478هـ، الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، تحقيق د. محمد يوسف موسى، علي عبد المنعم عبد الحميد، مكتبة الخانجي، القاهرة، (ص108)، سنة 1369هـ، 1950م.
(7) الذهبي، محمد حسين، ت1976م، التفسير والمفسّرون، 3ج، (1/295).
(8) العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر، ت852هـ، لسان الميزان، 8ج، دار الفكر، بيروت، (4/724)، سنة 1408هـ، 1988م.
((1/22)
9) ابن العربي، أبو بكر محمد بن عبد الله: فانون التأويل، دراسة وتحقيق محمد السليماني، دار القبلة للثقافة الإسلامية-جدة، ط1، 1406هـ – 1986م، ص441 ورد عنده في الكتاب بدل أبي عتبة (أبو عقبة الحنفيّ).
(10) ذكره ابن العربي في قانون التأويل ص439، وجاء في نسختي أ، م من مخطوطة الكتاب (القاضي الزنجاني) كما ذكر ذلك محقق الكتاب، د. السليماني.
(11) مدارع: جمع مدرعة وهي ثوب من صوف، أو جُبّة مشقوقة المقدّم. (إبراهيم، مصطفى، ومن معه، المعجم الوسيط، ط2 مجمع اللغة العربية-القاهرة (مادة درع).
(12) الشطّار جمع شاطر وهو الخبيث الفاجر، وعند الصوفية: السابق المسرع إلى الله (مصطفى، إبراهيم، ورفاقه) المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية-القاهرة ط2، مادة شطر ص482.
وفي الفيروز أبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب: القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة-بيروت، ط5، 1416هـ - 1996م. الشاطر: من أعيا أهله خبثا، وشطر عنهم: نزح عنهم مراغما (مادة شطر، ص533).
(13) صاغان: قرية بمرو، وقد تسمّى جاغان، والصغانيان بلاد بما وراء النهر متّصلة الأعمال بترمذ، وهي شديدة العمارة كثيرة الخيرات، والنّاحية مثل فلسطين.
الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله، ت 626هـ، 1228م، معجم البلدان، 5ج، دار إحياء التراث العربي-بيروت، 1399هـ – 1979م، (3/389، 408).
(14) هي قراءة حمزة والكسائي وخلف.
ابن الجزري، الحافظ أبو الخير محمد بن محمد الدمشقي، ت833هـ، النشر في القراءات العشر، 2ج، دار الكتب العلمية-بيروت، (2/227).
(15) ابن العربي، أبو بكر محمد بن عبد الله، ت543هـ، أحكام القرآن، 4ج، تحقيق علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت، (1/107)، القرطبي، (2/231).
(16) الجصاص، أبوبكر أحمد بن علي الرازي، ت370هـ، أحكام القرآن، 5ج، تحقيق محمد الصادق قمحاوي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، (1/323)، سنة 1405هـ، 1985م.
((1/23)
17) البخاري، عبد العزيز، كشف الأسرار على أصول البزدوي، 4ج، جامعة استانبول، شركة الصحافة العثمانية، (1/306)، سنة 1308هـ.
(18) الخضري، محمد، أصول الفقه، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ص208 وما بعدها.
الصالح، محمد أديب، تفسير النصوص في الفقه الإسلامي، 2ج، المكتب الإسلامي، بيروت، (2/99).
(19) الخنّ، مصطفى سعيد، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط3، ( ص198وما بعدها )، سنة 1402هـ، 1983م.
(20) ابن العربي، قانون التأويل، (ص440).
(21) هو: مجلّي بن جميع القرشي المخزومي أبو المعالي، صاحب كتاب ((الذخائر في فروع الشافعية)) إليه كانت ترجع الفتوى بمصر.
ابن السبكي، عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي: طبقات الشافعية، 10ج، تحقيق عبد الفتاح الحلو، محمد الطناحي، عيسى البابي الحلبي-القاهرة، 1383هـ.
ابن العماد الحنبلي، أبو الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي، ت1089هـ، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، 8ج، دار الفكر-بيروت، (4/157).
(22) يشير إلى ابن حزم، وانظر: ابن حزم الأندلسي، علي بن أحمد بن سعيد: المحلى، 11ج، تحقيق أحمد شاكر، دار التراث-القاهرة (7/262)، حيث وافق الحنفية في المسألة.
(23) روي عن أبي حنيفة قوله: إنّ الخاص لا يقضي على العام، بل يجوز أن يُنسخ الخاص بالعام، مثل حديث العرنيين في بول ما يؤكل لحمه، نُسخ وهو خاص، بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((استنزهوا من البول)). الصالح، محمد أديب (2/109).
ابن قدامة، أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد، ت620هـ، روضة الناظر وجنّة المناظر في أصول الفقه، مكتبة الكليات الأزهرية-القاهرة (2/159).
وحديث العرنيين في الصحيحين، انظر: العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، 13ج، إدارات البحوث العلمية والإفتاء-الرياض، رقم 4610.
والنووي، محي الدين يحيى بن شرف: شرح صحيح مسلم، دار الفكر-بيروت (11/153) في القسامة.(1/24)
وحديث ((استنزهوا من البول)) أخرجه الدارقطني، علي بن عمر: سنن الدارقطني، تصحيح عبد الله المدني، دار المحاسن للطباعة-القاهرة، باب نجاسة البول والأمر بالتنزه منه، والحكم في بول ما يؤكل لحمه (1/127)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير، 2ج، المكتب الإسلامي-بيروت، ط2، 1399هـ، رقم 3002.
(24) أي لم يسر على مقتضى قوله.
(25) ابن كثير،الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير:تفسير القرآن العظيم،4ج، دار المعرفة-بيروت،1403هـ - 1983م، (2/106).
أبو حيّان الأندلسي، محمد بن يوسف: البحر المحيط، 8ج، دار الفكر-بيروت، ط2، 1403هـ - 1983م، (4/231)، القرطبي (6/336).
(26) يشكك بعض العلماء في اجتماع مالك وأبي يوسف بحضرة الرشيد، لأن الإمام مالك لم يذهب إلى بغداد في عهد الرشيد، ولكن من الممكن أن هذا الاجتماع وقع في موسم الحج، وخاصّة أن راوي الحادثة هو المحدّث ابن أبي حاتم الرازي.
(27) يقال وقف الشئ وحبسه وأحبسه، وسبّله بمعنى واحد، وهو ما اختص به المسلمون، ومن القرب المندوب إليها. وهو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، ويصح الوقوف بالقول والفعل الدال عليه، كمن جعل أرضه مسجداً وأذن للناس في الصلاة فيه، أو جعل أرضه مقبرة وأذن للناس في الدفن فيها.
العاصمي النجدي، عبد الرحمن بن محمد بن قاسم: حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع، 7ج، المطابع الأهلية-الرياض، ط1، 1397هـ، كتاب الوقف، (1/207).
أبو زهرة، محمد: محاضرات في الوقف، دار الفكر العربي-القاهرة، ط2، 1971م.
(28) متفق على صحته، أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوصايا، باب الوقف كيف يكتب، ص535، ومسلم في صحيحه كتاب الوصية، باب الوقف، (3/1016)، رقم 1632.
وذكر الألباني طرقه ومن أخرجه من أصحاب السنن، انظر: الألباني، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، 9ج، المكتب الإسلامي، بيروت، (6/30) .
((1/25)
29) ابن أبي حاتم الرازي، أبو محمد عبد الرحمن، ت327هـ، آداب الشافعي ومناقبه، تحقيق عبد الغني عبد الخالق، دار الكتب العلمية، بيروت، (ص198).
(30) العسقلاني، فتح الباري،( 5/401) .
(31) البخاري، رقم2746، كتاب الوصايا، باب ما للوصيّ أن يعمل في مال اليتيم.
(32) العسقلاني، فتح الباري، (5/402).
(33) القرطبي، (6/339).
(34) انظر: كتاب القدر لشيخ الإسلام ابن تيمية، المجلد الثامن ضمن مجموع الفتاوى، وقال الخطّابي: قد يحسب بعض الناس أن معنى القدر من الله والقضاء: معنى الإجبار والقهر للعبد على ما قضاه وقدّره، وليس كذلك، وإنما معناه: الإخبار عن تقدّم علم الله بما يكون من أفعال العباد، وصدورها من تقدير منه، وخلق لها خيرها وشرّها. ابن الأثير الجزري: جامع الأصول (10/104).
(35) والقدرية هم الذين كانوا يخوضون في القدر، ويذهبون إلى إنكاره، وأوّل القدرية على الراجح معبد الجهني المقتول سنة 80هـ، النووي، محيي الدين يحيى بن شرف، ت676هـ، شرح صحيح مسلم، دار الفكر، بيروت، (1/150)، وجاء في شرح العقيدة الطحاوية (1/79) سمّوا قدرية لإنكارهم القدر، وكذلك تسمى الجبريّة، ولكنّ هذه التسمية على الطائفة الأولى أغلب. انظر: المحمود، عبد الرحمن بن صالح، القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة، دار الوطن، الرياض، ط2، (ص162)،سنة 1418هـ،1997م.
(36) رواه الطبراني وأبو داود عن ابن عمر مرفوعا، أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني، ت275هـ، مراجعة وضبط محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر، بيروت، (4/222، كتاب السنة، باب في القدر رقم 4691).
العجلوني، إسماعيل بن محمد، ت1162هـ، كشف الخفاء ومزيل الإلباس، 2ج، تحقيق أحمد القلاّش، مؤسسة الرسالة، بيروت، (2/119، رقم 1861)، سنة 1403هـ، 1983م.(1/26)
ابن الأثير الجزري، أبو السعادات المبارك بن محمد، ت660هـ، جامع الأصول من أحاديث الرسول، 11ج، تحقيق عبد القادر الأرناؤوط، مكتبة الحلواني، دمشق، (10/128)، وممّا جاء فيه: إنّ القدرية لمّا اضافوا الخير إلى الله، والشر إلى العبيد أثبتوا قادرين خالقين للأفعال، كما اثبت المجوس إله النور وإله الظلمة.
(37) روي عن أبي ذر - رضي الله عنه - أن هذه الآية نزلت في وفد نجران عندما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: الأعمال إلينا والآجال بيد غيرنا، فنزلت الآيات إلى قوله تعالى { إنا كل شئ خلقناه بقدر } فقالوا: يا محمد يكتب علينا الذنب ويعذبنا؟ فقال: أنتم خصماء الله يوم القيامة. (الواحدي، أبو الحسن علي بن أحمد، ت468هـ، أسباب النزول، تحقيق كمال بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت (ص420)، رقم 777، وسنده ضعيف، القرطبي (17/148).
وجاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء مشركوا قريش يخاصمون رسول الله في القدر، فنزلت: { يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مسّ سقر. إنا كل شئ خلقناه بقدر } [القمر: 48 ، 49 ].
المنذري، زكي الدين عبد العظيم، ت656هـ، مختصر صحيح مسلم، تحقيق الألباني، المكتب الإسلامي-بيروت،ط6، كتاب القدر ص486 رقم 1838، سنة 1407هـ، 1987م.
(38) ابن ماجه، أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، ت273هـ، سنن ابن ماجه، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، (1/35، رقم92 في المقدمة، وله شاهد عند أبي داود من رواية ابن عمر – أبو داود، سنن أبي داود، رقم 4691). وقال السهار نفوري في بذل المجهود (18/213): هذا أحد أحاديث انتقدها سراج الدين القزويني وزعم أنّه موضوع، وقال الحافظ بن حجر فيما تعقّبه عليه: هذا حسّنه الترمذي، وصحّحه الحاكم، ورجاله رجال الصحيح، ثم ذكر له علّتين وأجاب عنهما، وقرّر أنّه لا يجوز الحكم عليه بالوضع.(1/27)
وانظر: البنّا الساعاتي، أحمد عبد الرحمن، ت1952م، الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، 14ج، دار الشهاب القاهرة، حيث قال: حقّق الحافظ ابن حجر أنّ رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لكلّ أمّة مجوس، ومجوس أمتي الذين يقولون لا قدر، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم )، أنّ هذا الحديث صحيح على شرط مسلم، وذكر الترمذي حديثاً آخر يقوّي هذه الروايات من رواية ابن عمر رضي الله عنهما وقال: حسن صحيح غريب، وقد جاء في المسند عدّة أحاديث في هذا الموضوع، الساعاتي (1/140) الأحاديث 38، 39، 40.
(39) أخرجه أبو داود السجستاني، كتاب السنّة، باب في القدر، رقم 4629، أحمد في المسند، طبعة صادر(2/86)، ابن الأثير الجزري في جامع الأصول10/129.
وقال ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية(2/358): الصحيح أنّ غالب ما ورد في ذمّ القدرية إنما هو موقوف على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنّ هذه البدعة إنما ظهرت في زمنهم.
(40) هو: غيلان بن مسلم الدمشقي، تنسب إليه فرقة الغيلانية من القدرية، وهو ثاني من تكلّم في القدر ودعا إليه، لم يسبقه سوى معبد الجهني،وكان غيلان يقول بالقدر خيره وشره من العبد،طلبه هشام بن عبد الملك، وأحضر الأوزاعي لمناظرته،فأفتى الأوزاعي بقتله،وصلب على باب كيسان بدمشق سنة 105هـ.
الزركلي (5/124)، العسقلاني، ابن حجر: لسان الميزان، دار الكتاب الإسلامي (4/424).
الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم: الملل والنحل، 2ج، تحقيق محمد سيّد الكيلاني، دار المعرفة-بيروت، ط2، 1395هـ – 1975م، (1/227).
(41) القرطبي (15/11)
(42) الغرابي، علي مصطفى، تاريخ الفرق الإسلامية، مكتبة محمد علي صبيح وأولاده، القاهرة، (ص23)، سنة 1367هـ، 1948م.
(43) الغرابي، ص39.
((1/28)
44) اشتهر غيلان بقوله بالقدر حتى دعاه المؤرخون (غيلان القدري). وقيل إن أصل القول بالقدر إنمّا هو لرجل من أهل العراق كان نصرانياً فأسلم ثم تنصّر، وقيل اسمه (أبو يونس سنسويه) ونسب إلى غيلان كذلك قوله بخلق القرآن والإرجاع ونفي الصفات الثبوتية لله عز وجل. (الغرابي، ص33-35) .
(45) ابن أبي العزّ الدمشقي، القاضي علي بن علي بن محمد، شرح العقيدة الطحاوية، 2ج، تحقيق عبد الله التركي، شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، (1/323)، سنة 1408هـ، 1988م.
(46) عمر بن الهيثم الهاشمي مجهول من الثامنة.
العسقلاني، تقريب التهذيب، دار الرشيد-سوريا، ط1، 1986م، (1/418).
وقيل هو عمرو بن الهيثم بن قطن الزبيدي، روى عن أبي حنيفة ومالك، وروى عنه أحمد ويحيى بن معين، وقال أبو داود ثقة. العسقلاني،تهذيب التهذيب،14ج،دار الفكر-بيروت،1404هـ –1984م،(10/381) رقم 773. وقال محققا العقيدة الطحاوية لعلّ عمرو بن الهيثم هو المراد، وهو ثقة مات على رأس المائتين (التركي، الأرناؤوط، شرح العقيدة الطحاوية: 1/323).
(47) عمرو بن عبيد: أحد شيوخ المعتزلة، كان جده من سبي فارس وأبوه شرطياً للحجاج في البصرة، اشتهر بعلمه وزهده. قال فيه المنصور العباسي: (كلكم يمشي رويد، كلكم طالب صيد، غير عمرو بن عبيد). قال فيه يحيى بن معين: كان من الدهرية الذين يقولون إنما الناس مثل الزرع. توفي سنة 144 هـ، ورثاه الخليفة المنصور العباسي ولم يسمع بخليفة رثى من دونه سواه. وقيل انه حج ماشيا أربعين سنة وبعيره يقاد يركبه الضعيف الفقير. الزركلي (5/81).
الذهبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان: ميزان الاعتدال، 4ج، تحقيق علي محمد البجاوي، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء-الرياض (2/294).
(48) السكوني، أبو علي عمر، عيون المناظرات، تحقيق سعد غراب، منشورات الجامعة التونسية، (ص176) سنة 1976م.
(49) السكوني، (ص176).
(50) السكوني، (ص176).
((1/29)
51) ربيعة بن أبي عبد الرحمن: مفتي المدينة وعالم الوقت، أبو عبد الرحمن القرشي التيمي المشهور بربيعة الرأي، وكان من أئمة الاجتهاد وتوفي سنة 136هـ.
الذهبي، شمس الدين محمد، ت748هـ، سير أعلام النبلاء، 24ج، مؤسسة الرسالة ط2، 1402هـ 1982م، (6/89).
(52) السكوني، (ص205).
(53) السكوني، (ص256).
(54) ابن كثير، عماد الدين إسماعيل، ت774هـ، البداية والنهاية، 14ج، مكتبة الفلاح، الرياض، (3/118).
ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، (4/260)، الهمذاني، القاضي عبد الجبّار، ت415هـ، تثبيت دلائل النبوة، 2ج، تحقيق عبد الكريم العثمان، دار العربية، بيروت (1/58).
(55) الألوسي، شهاب الدين السيد محمود، ت1270هـ، 15ج،دار الفكر،بيروت، (27/74)، سنة 1408هـ، 1987م.
(56) العسقلاني، فتح الباري، 7/184، باب انشقاق القمر، وقد ذكر البخاري عدّة أحاديث في انشقاق القمر، انظر الأرقام: 3636، 3869، 3871، 4864، 4865.
(57) انظر: المراغي، أحمد مصطفى: تفسير المراغي، 10ج، دار الفكر-بيروت (27/76) المجلد التاسع.
وذهب ابن عاشور في تفسيره إلى أنه قد يكون حصل خسف عظيم في كرة القمر أحدث في وجهه هوّة لاحت للناظرين في صورة شقّ، ويجوز أن يكون قد مرّ بين سمت القمر وسمت الشمس جسم سماوي من بعض المذنبات حجب بعض ضوء الشمس عن وجه القمر على نحو ما يسمى بالخسوف الجزئي.
ابن عاشور، محمد الطاهر: التحرير والتنوير، 30ج، الدار التونسية للنشر 1984م، (27/169).
وكلّ هذه الأقوال المحدثة من باب التكلّف المخالف لما ذهب إليه عامة المفسرين، وللأحاديث الصحيحة الواردة في هذا الشأن.
(58) هو أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد القاضي المعروف بابن الباقلاني، ولد في البصرة وسكن بغداد، واشتهر بالقدرة على الجدل والمناظرة. مالكي المذهب الفقهي، أشعريّ العقيدة. له تصانيف عديدة في الردّ على الرافضة والمعتزلة والجهمية والخوارج وغيرهم.(1/30)
توفي في ذي القعدة سنة 403هـ، وقال فيه ابن تيمية: القاضي أبو بكر الباقلاني المتكلم هو أفضل المتكلمين المنتسبين إلى الأشعري، ليس فيهم مثله لا قبله ولا بعده.
ابن العماد الحنبلي، (3/168). الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي، ت463هـ، تاريخ بغداد،14ج، دار الكتب العلمية-بيروت، (5/379). ابن خلّكان، (3/400) رقم 580.
ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله، ت571هـ، 1176م، تبيين كذب المفتري،دار الكتاب العربي-بيروت 1399هـ 1979م، ص223.
(59) يشير إلى المائدة التي أنزلها الله تعالى على عيسى عليه الصلاة والسلام من السماء بالطعام،وهي مذكورة في سورة المائدة، الآيات 112-115.وقد ذكرت هذه المعجزة في إنجيل يوحنا اصحاح 18 آية 10.
(60) بدوي، عبد الرحمن، مذاهب الإسلاميين، 2ج، دار العلم للملايين، بيروت،ط2، (1/578)،سنة 1982م ، وقال: ذكره القاضي عياض في ترتيب المدارك وتقريب المسالك.
(61) صحابي كريم شهد الوقائع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من أشدّ الرماة. بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس، وخبره مشهور في نزول أوائل سورة الممتحنة.
العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر، الإصابة في تمييز الصحابة، 4ج، دار الكتاب العربي-بيروت 1/300.
(62) السكوني، (ص185).
(63) انظر: القرطبي، (2/249)، ابن العربي، أحكام القرآن (1/161)، الرازي، فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين القرشي، ت606هـ، التفسير الكبير، 16ج، دار الكتب العلمية، طهران، ط2، (5/51). وانظر كتابنا: المصطفى من تفسير آيات الأحكام، ابن خزيمة، الرياض، ط1، (1/355)، سنة 1411هـ، 1991م.
(64) الزوزني: هناك أكثر من شخص يلقب بالزوزني، ولكن يغلب على اعتقادي لقرائن عدة أنه الشيخ أبو سعد أحمد بن محمد بن علي الزوزني، سمع القاضي أبا يعلى وأبا بكر الخطيب، وحدّث عنه ابن عساكر والسمعاني، توفي سنة 536هـ. الذهبي: سير أعلام النبلاء، (20/57) رقم 34.
((1/31)
65) وقد ألّف ابن العربي كتابا في رحلته إلى المشرق سطّر فيه ما شاهده عن أخلاق الشعوب وتمسّكها بدينها، وهذا الكتاب مفقود ولكن نقل بعض العلماء طرفاً منه، وجاء في كتابه: ( قانون التأويل ) شيء من ذلك، وممّا سجّل في هذه النقول إعجابه بأهل بيت المقدس علماً وعملاً واعتقاداً.
القرطبي14/181، ابن العربي، قانون التأويل، ص440.
(66) أي الكافر الذميّ أو المعاهد، أما الكافر الحربي فلا خلاف أن المسلم لا يقتل به.
(67) فقيه القدس وقاضيها، وذكره ابن العربي في عارضة الأحوذي، دار الكتاب العربي-بيروت، (8/139). ويسمّيه المقّري في نفح الطيب (ابن عطاء)، المقري، أبو العباس أحمد بن محمد: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، 8ج،تحقيق د. إحسان عباس، دار صادر-بيروت، 1388هـ(2/247).
ومن الأشعار التي تنسب إلى صاحب الترجمة:
يقولون لي دار الأحبة قد دنت وأنت كئيب إنّ ذا لعجيب
فقلت وما تغني ديار قريبة إذا لم يكن بين القلوب قريب
ابن العربي: عارضة الأحوذي، 13ج، -دار الكتاب العربي-بيروت، (8/140).
(68) وهذه القاعدة ترتب عليها العديد من المسائل الفقهية بين الجمهور من جهة والحنفية من جهة أخرى. فالجمهور يرون أن دلالة العام على جميع أفراده ظنية، أما الحنفية فيرون أن دلالته على جميع أفراده قطعية. ومن الأمثلة المترتبة على هذا الخلاف: زكاة الزروع والثمار، فالجمهور لا يرون الزكاة في أقل من خمسة أو سبعة أوسق كما لا يرون الزكاة في الخضروات، أما الحنفية فيأخذون بألفاظ العموم ويرون الزكاة في كل ما أنتجت الرجل قلّ أو كثر.
الخنّ، مصطفى سعيد: أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء، مؤسسة الرسالة-بيروت ط3، 1403هـ 1983م، ص204 وما بعدها.
(69) ابن العربي، أحكام القرآن (1/62).
((1/32)
70) المعرّي، أبو العلاء أحمد بن عبد الله، ت449هـ، 1057م ، اللزوميات، شرح ابراهيم الأبياري، وزارة الثقافة والإشاد، القاهرة، (1/391)، والبيت السابق على هذا البيت من الشعر قوله:
تناقض ما لنا إلاّ السكوت له وأن نعوذ بمولانا من النار
(71) ابن كثير، (2/56).
(72) أخرجه البخاري في صحيحه، في الديات، باب لا يقتل المسلم بالكافر، وفي الجهاد، باب فكاك الأسير، ص1318، رقم 6915. والترمذي في الديات، رقم1412، وانظر: ابن الأثير الجزري في جامع الأصول من أحاديث الرسول10/253، والشوكاني في نيل الأوطار، نشر إدارات البحوث العلمية والإفتاء، الرياض، (7/151) وقد بسط الشوكاني القول في المسألة ورجّح رأي الجمهور.
(73) العسقلاني، فتح الباري، (12/262)، وذكر ابن حجر أنّ (زفر) رجع إلى مذهب الجمهور لقيام الشبهة، والخلاف في المسألة من أعظم الشبهات، وانظر الدار قطني: (3/137، رقم 170)، حيث ذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو كنت قاتلا مؤمناً بكافر، لقتلت حراشا بالهذلي ) لمّا قتل حراش رجلا من هذيل له عهد يوم الفتح بمكة، وجاء في التعليق المغني على هامش سنن الدار قطني للسهار نفوري قوله: " وهذا الإسناد وإن كان واهياً، لكنّه أمثل من رواية ابن البيلماني الذي احتجّ بها الحنفية، لأنّ حديث ابن البيلماني منقطع لا تقوم به حجة.
وروى عبد الرزاق الصنعاني أنّ مسلماً قتل ذمّيا في عهد عثمان رضي الله عنه فلم يقتله به، وغلّظ عليه الدية، وقال ابن حزم هذا في غاية الصحة، ولا يصحّ عن أحد من الصحابة فيه شيء، إلاّ ما رويناه عن عمر أنّه كتب في مثل ذلك أن يُقاد به ثم ألحقه كتابا فقال: لا تقتلوه ولكن اعتقلوه.
ابن حزم الظاهري، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد، ت456هـ، المحلّى، تحقيق أحمد محمد شاكر، دار التراث، القاهرة، (10/347)، مسألة رقم 2021.(1/33)
الصنعاني، أبو بكر عبد الرزاق بن همّام، ت211هـ، المصنّف، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، باب قود المسلم بالذمّي، (10/102)، سنة 1403هـ، 1983م.
(74) الدار قطني، (3/137، رقم 170)، وانظر: البغوي، أبو محمد الحسين بن مسعود الفرّاء، شرح السنة، 16ج، تحقيق شعيب الأرناؤوط، المكتب الإسلامي، بيروت، ط1، (10/175)، سنة1400هـ،1980م.
(75) بدوي، عبد الرحمن، (1/64).
(76) ابن أبي العز الحنفي: شرح العقيدة الطحاوية (2/432).
ويحمل أهل السنّة ما جاء في الآيات والأحاديث من الوعيد على التهديد، لأن العفو عن أهل الإيمان على ضوء عامة النصوص هو المأمول من ربّ العالمين والعصاة من المؤمنين هم على مشيئة الله إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم.
(77) عند أبي حنيفة الإيمان لا يتجزأ أي أنه لا يزيد ولا ينقص، ومذهب جمهور العلماء أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وأنه قول واعتقاد وعمل.
وقد ذهب ابن تيمية إلى التوفيق بين الحنفية والجمهور فقال: إن الخلاف بين أبي حنيفة والجمهور خلاف لفظي، لأن الحنفية يرتبون على الأعمال ثوابا وعقابا خلافا للمرجئة.
ابن تيمية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم: مجموع الفتاوى، 37ج، جمع عبد الرحمن بن محمد القاسم، الرئاسة العامة لشؤون الحرمين-الرياض، كتاب الإيمان (7/297).
ابن أبي العز الحنفي 2/462، حيث قال: إن خلاف أبي حنيفة مع الجمهور في هذه المسائل خلاف صوري.
(78) المكي، الإمام الموفّق بن أحمد، والإمام الكردري، حافظ الدين، مناقب أبي حنيفة، دار الكتاب العربي، بيروت، (2/181)، سنة 1401هـ، 1981م.
(79) ابن كثير، (2/280)، القرطبي، (7/353)، الشوكاني، محمد بن علي، ت1250هـ، فتح القدير، 5ج، دار الفكر، بيروت، (2/282)، سنة 1403هـ، 1983م.
((1/34)
80) السيوطي، جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن الكمال، ت911هـ، الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور، 8ج، دار الفكر، بيروت، (3/634)، سنة 1409هـ، 1988م.
(81) القرطبي، (1/181)، الألوسي، (9/153).
(82) المكي، الكردري، (1/152).
(83) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب التشهد (1/254)، باب ائتمام المأموم بالإمام(1/258) رقم 411، وأحمد في المسند، (2/376)، والمنذري في مختصر صحيح مسلم، ص79 رقم 276.
(84) الشوكاني، نيل الأوطار، (2/240).
(85) ابن عابدين، محمد أمين بن عابدين الدمشقي الحنفي، ت1252هـ، 1836م، ردّ المحتار على الدرّ المختار، (حاشية ابن عابدين)، 8ج، دار إحياء التراث العربي، بيروت (1/144).
(86) قاض فقيه مولى الأنصار من أتباع أبي حنيفة، أخذ عنه وسمع منه، ولي القضاء بالكوفة سنة 194هـ ثم استعفى. من كتبه (أدب القاضي) و (الأمالي) وتوفي سنة 204هـ.
الزركلي (1/191). الخطيب البغدادي (7/314). الذهبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان: ميزان الاعتدال، 4ج، تحقيق علي محمد البجاوي، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء (1/229).
وانظر: حامد، عبد الستار: الحسن بن زياد وفقهه بين معاصريه، دار الرسالة-بغداد،1400هـ.
(87) هو أبو العباس العثماني البغدادي، حاجب الرشيد ثم وزيره، وهو الذي قام بأعباء خلافة الأمين، وكانت بينه وبين البرامكة ضغائن وشحناء، وقد دخل يوما على يحيى بن خالد البرمكي وابنه جعفر يوقّع بين يديه على عرائض الناس وطلباتهم، فعرض عليه الفضل عشر رقاع للناس، فلم يوقّع منهن واحدة، فجمع رقاعه وقال: ارجعن خائبات، وخرج وهو يقول:
عسى وعسى يثني الزمان عنانه ... بتصريف حال والزمان عثور
فنقضي لبانات وتشفى حسايف ... ويحدث من بعد الأمور أمور(1/35)
والحسائف: الضغائن، فقال له يحيى: عزمت عليك يا أبا العباس أن ترجع فرجع، فوقّع له فيها كلها. ولم يمتد أمر البرامكة بعد ذلك، وكانت نكبتهم على يد الفضل. وهو من أحفاد أبي فروة ((كيسان)) مولى عثمان رضي الله عنه، قال فيه أبو نواس:
إن دهرا لم يرع عهدا ليحيى ... غير راع ذمام آل ربيع
(وتوفي سنة 208هـ).
ابن العماد الحنبلي (2/20). الخطيب البغدادي (12/343). الزركلي (5/148).
(88) ابن أبي حاتم الرازي، آداب الشافعي، ص170، وذكرها الألباني في إرواء الغليل، (2/117)، ونسبها لابن عديّ في ترجمة الحسن بن زياد اللؤلؤي، وذكرها البيهقي في كتابه مناقب الشافعي، 2ج، تحقيق السيد أحمد صقر، دار التراث، القاهرة، (1/217).
(89) الزيلعي، جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف، ت762هـ، نصب الراية لأحاديث الهداية، 4ج، دار المأمون، القاهرة، ط1، (1/47-54)، سنة 1357هـ.
(90) العسقلاني، تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، 2ج، تعليق السيد عبد الله هاشم اليماني، طبعة المدينة المنوّرة، (1/115) رقم 153، وذكر قول الإمام أحمد أنه لم يرد في انتقاض الوضوء بالضحك في الصلاة، حديث صحيح، وانظر: الألباني، ضعيف الجامع الصغير، المكتب الإسلامي، بيروت، رقم 5680، والدار قطني كتاب الطهارة رقم 58.
المصادر والمراجع
1 - إبراهيم، مصطفى (ومن معه): المعجم الوسيط، ط2 مجمع اللغة العربية-القاهرة.
2 - ابن أبي حاتم الرازي، أبو محمد عبد الرحمن، ت327هـ، آداب الشافعي ومناقبه، تحقيق عبد الغني عبد الخالق، دار الكتب العلمية-بيروت.
3 - ابن أبي العز الدمشقي، القاضي علي بن علي بن محمد، ت792هـ،شرح العقيدة الطحاوية، 2ج، تحقيق عبد الله التركي،شعيب الأرناؤوط،مؤسسة الرسالة-بيروت 1408هـ –1988م.
4 - ابن الأثير الجزري، أبو السعادات المبارك بن محمد، ت606هـ،جامع الأصول من أحاديث الرسول، 11ج، تحقيق عبد القادر الأرناؤوط، مكتبة الحلواني-دمشق 1389هـ –1969م.(1/36)
5 - الأزهري، أبو منصور محمد بن أحمد، ت370هـ، تهذيب اللغة، تحقيق عبد الحليم النجّار، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، سنة 1384هـ، 1964م.
6 - ابن تيمية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم، ت728هـ، مجموع الفتاوى، 37ج، جمع عبد الرحمن بن محمد القاسم، الرئاسة العامة لشؤون الحرمين-الرياض.
7 - ابن الجزري، الحافظ أبو الخير محمد بن محمد الدمشقي، ت833هـ، النشر في القراءات العشر، 2ج، دار الكتب العلمية-بيروت.
8 - ابن حزم الأندلسي، علي بن أحمد بن سعيد، ت456هـ، المحلّى، 11ج، تحقيق أحمد شاكر، دار التراث-القاهرة.
9 - ابن خلّكان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد، ت681هـ، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، 8ج، تحقيق إحسان عباس، دار الثقافة-بيروت.
10 - ابن السبكي، عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي، ت771هـ، طبقات الشافعية، 10ج، تحقيق عبد الفتاح الحلو، محمد الطناحي، عيسى البابي الحلبي-القاهرة 1383هـ.
11 - ابن عابدين، محمد أمين بن عابدين الدمشقي الحنفي، ت1252هـ، ردّ المحتار على الدرّ المختار (حاشية ابن عابدين)، 8ج، دار إحياء التراث العربي-بيروت.
12 - ابن عاشور، محمد الطاهر،ت1284هـ، التحرير والتنوير،30ج، الدار التونسية للنشر 1984م.
13 - ابن العربي، أبو بكر محمد بن عبد الله، ت543هـ، قانون التأويل، دراسة وتحقيق محمد السليماني، دار القبلة للثقافة الإسلامية-جدة، ط1، 1406هـ – 1986م.
14 - ابن العربي: عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي، 13ج، دار الكتاب العربي-بيروت.
15 - ابن العربي، أبو بكر محمد بن عبد الله: أحكام القرآن، 4ج، تحقيق علي محمد البجاوي، دار المعرفة-بيروت.
16 - ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله، ت571هـ، تبيين كذب المفتري، دار الكتاب العربي-بيروت 1399هـ – 1979م.(1/37)
17 - ابن العماد الحنبلي، أبو الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي، ت1089هـ، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، 8ج، دار الفكر-بيروت.
18 - ابن قدامة المقدسي، أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد، ت620هـ، روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه، مكتبة الكليات الأزهرية-القاهرة.
19 - ابن كثير، عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير، ت774هـ، البداية والنهاية، جـ14، مكتبة الفلاح، الرياض.
20 - ابن كثير، الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير: تفسير القرآن العظيم، 4ج، دار المعرفة-بيروت 1403هـ – 1983م.
21 - ابن ماجه، أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، ت273هـ، سنن ابن ماجه، 2ج، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي 1395هـ – 1975م.
22 - أبو حيان الأندلسي، محمد بن يوسف، 749هـ، البحر المحيط، 8ج، دار الفكر-بيروت، ط2، 1403هـ – 1983م.
23 - أبو داود السجستاني، سليمان بن الأشعث، ت275هـ، سنن أبي داود، 2ج، مراجعة محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر-بيروت.
24 - أبو زهرة، محمد: محاضرات في الوقف، دار الفكر العربي-القاهرة 1971م.
25 - الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد، 502هـ، المفردات، تحقيق محمد سيد الكيلاني، دار المعرفة للطباعة والنشر-بيروت.
26 - الألباني، ناصر الدين: ضعيف الجامع الصغير، المكتب الإسلامي-بيروت ط3، 1410هـ، 1990م.
27 - الألباني، ناصر الدين، ت1421هـ، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، 9ج، المكتب الإسلامي-بيروت ط1، 1399هـ – 1979م.
28 - الألباني، ناصر الدين: صحيح الجامع الصغير، 2ج، المكتب الإسلامي-بيروت، ط2، 1399هـ.
29 - الألوسي، شهاب الدين محمود، ت1270هـ، روح المعاني، 30ج، دار الفكر-بيروت، 1408هـ – 1987م.
30 - البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، ت256هـ، صحيح البخاري، 5ج، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار مطابع الشعب-القاهرة.(1/38)
31 - البخاري،عبد العزيز،ت730هـ،كشف الأسرار، 4ج،دار الكتاب العربي-بيروت، 1974م.
32 - بدوي، عبد الرحمن: مذاهب الإسلاميين، 2ج، دار العلم للملايين-بيروت.
33 - البغوي، أبو محمد بن مسعود الفرّاء، ت516هـ،شرح السنة، 16ج، تحقيق شعيب الأرناؤوط، المكتب الإسلامي، بيروت، ط1، سنة 1400هـ، 1980م.
34 - البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين، ت327هـ، مناقب الشافعي،2ج، تحقيق السيد أحمد صقر، دار التراث-القاهرة.
35 - الترمذي، محمد بن عيسى، ت279هـ، سنن الترمذي، 5ج، تحقيق أحمد محمد شاكر، المكتبة الإسلامية-بيروت.
36 - الجصاص، أبو بكر أحمد بن علي الرازي، ت370هـ، أحكام القرآن، 5ج، تحقيق محمد الصادق قمحاوي، دار إحياء التراث العربي-بيروت، 1405هـ – 1985م.
37 - الجمل، سليمان بن عمر العجيلي، 1204هـ، حاشية الجمل على الجلالين، 4ج، عيسى البابي الحلبي-القاهرة.
38 - الجويني، عبد الملك بن عبد الله بن يوسف، ت478هـ، الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، تحقيق د. محمد يوسف موسى، علي عبد المنعم عبد الحميد، مكتبة الخانجي-القاهرة، 1369هـ – 1950م.
39 - الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله، ت626هـ، معجم البلدان، جـ5، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1399هـ-1979م.
40 - حامد، عبد الستار: الحسين بن زياد اللؤلؤي وفقهه بين معاصريه، دار الرسالة-بغداد 1400هـ.
41 - حنبل، أحمد، ت241هـ، المسند، 6ج، دار صادر، بيروت، ط1.
42 - الخضري، محمد: أصول الفقه، مكتبة الرياض الحديثة-الرياض.
43 - الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي، ت463هـ، تاريخ بغداد، 14ج، دار الكتب العلمية-بيروت.
44 - الخنّ، مصطفى سعيد: أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء، مؤسسة الرسالة-بيروت، ط3، 1403هـ – 1983م.
45 - الدارقطني، علي بن عمر، ت385هـ، سنن الدارقطني، تصحيح عبد الله المدني، دار المحاسن للطباعة-القاهرة 1386هـ – 1966م.(1/39)
46 - الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان، ت748هـ، ميزان الاعتدال، تحقيق علي محمد البجاوي، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء-الرياض.
47 - الذهبي، شمس الدين محمد: سير أعلام النبلاء، 24ج، مؤسسة الرسالة، ط2،
1402هـ – 1982م.
48 - الذهبي، محمد حسين، ت1976م، التفسير والمفسرون، 3ج، 1396هـ – 1976م.
49 - الرازي، فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين القرشي، ت606هـ، التفسير الكبير، 30ج، دار الكتب العلمية-طهران، ط2
50 - الزبيدي، محب الدين أبو الفيض السيد محمد مرتضى، ت1205هـ، تاج العروس، 20ج، تحقيق علي شار، دار الفكر-بيروت، 1414هـ – 1994م.
51 - الزركلي، خير الدين، ت1977م، الأعلام، 8ج، دار العلم للملايين-بيروت، ط5، 1980م.
52 - الزيلعي، جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف، ت762هـ، نصب الراية لأحاديث الهداية، 4ج، دار المأمون-القاهرة، ط1، 1357هـ.
53 - السلمان، فريد مصطفى: المصطفى من تفسير آيات الأحكام، ابن خزيمة-الرياض، ط1، 1991م.
54 - السكوني، أبو علي عمر: عيون المناظرات، تحقيق سعيد غراب، منشورات الجامعة التونسية 1976م.
55 - الشوكاني، محمد بن علي، ت1250هـ، نيل الأوطار، 8ج، نشر إدارات البحوث العلمية والإفتاء-الرياض.
56 - الشوكاني، فتح القدير، 5ج، دار الفكر، بيروت، سنة 1403هـ، 1983م.
57 - الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم، ت548هـ، الملل والنحل، تحقيق محمد سيد الكيلاني، دار المعرفة-بيروت، ط2، 1395هـ – 1975م.
58 - الصالح، محمد أديب: تفسير النصوص في الفقه الإسلامي، المكتب الإسلامي-بيروت.
59 - العاصمي النجدي، عبد الرحمن بن محمد بن قاسم:الروض المربع شرح زاد المستقنع، 7ج، المطابع الأهلية-الرياض، ط1، 1397هـ.
60 - العجلوني، اسماعيل بن محمد، ت1162هـ، كشف الخفاء ومزيل الإلباس، 2ج، مؤسسة الرسالة،ط3، سنة 1403هـ، 1983م.(1/40)
61 - العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر، ت852هـ، تقريب التهذيب، دار الرشيد، سوريا، ط1، 1986م.
62 - العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر، تهذيب التهذيب، جـ14، دار الفكر، بيروت، 1404هـ-1984م.
63 - العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، 4ج، دار الكتاب العربي-بيروت.
64 - العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، 13ج، إدارات البحوث العلمية والإفتاء-الرياض.
65 - العسقلاني أحمد بن علي بن حجر: لسان الميزان، جـ8، دار الفكر- بيروت، 1408هـ-1988م.
66 - العسقلاني، تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، 2ج، تعليق السيد عبد الله هاشم اليماني المدني، طبعة المدينة المنورة، سنة 1384هـ، 1964م.
67 - الغرابي، علي مصطفى: تاريخ الفرق الإسلامية، مكتبة محمد علي صبيح وأولاده-القاهرة، 1367هـ – 1948م.
68 - الفيروز أبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب، ت817هـ، القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة-بيروت، ط5، 1416هـ – 1996م.
69 - القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد، ت671هـ، الجامع لأحكام القرآن، 20ج، دار الكتاب العربي-القاهرة، 1387هـ – 1967م.
70 - مالك، مالك بن أنس، ت179هـ، الموطأ، تصحيح محمد فؤاد عبد الباقي، عيسى البابي الحلبي-القاهرة.
71 - مسلم، مسلم بن الحجاج النيسابوري، ت261هـ، صحيح مسلم، 5ج، دار ابن حزم-بيروت، ط1، 1416هـ – 1995م.
72 - المراغي، أحمد مصطفى، ت1371هـ، تفسير المراغي، 10ج، دار الفكر-بيروت.
73 - المعري، أبو العلاء أحمد بن الحسين، ت449هـ، اللزوميات، شرح إبراهيم الأبياري، وزارة الثقافة والإرشاد-القاهرة.
74 - المقّري، أبو العباس أحمد بن محمد: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، 8ج، تحقيق إحسان عباس، دار صادر-بيروت 1388هـ.
75 - المكي، الموفق بن أحمد، والكردري، حافظ الدين: مناقب أبي حنيفة، دار الكتاب العربي-بيروت، 1401هـ – 1981م.(1/41)
76 - المنذري، زكي الدين عبد العظيم، ت656هـ، مختصر صحيح مسلم، تحقيق الألباني، المكتب الإسلامي-بيروت.
77 - النووي، محيي الدين يحيى بن شرف، ت676هـ، شرح صحيح مسلم، دار الفكر-بيروت.
78 - الهمذاني، القاضي عبد الجبار، ت415هـ، تثبيت دلائل النبوة، 2ج، تحقيق عبد الكريم العثمان، دار العربية-بيروت.
79 - الواحدي، أبو الحسن علي بن أحمد، ت468هـ، أسباب النزول، تحقيق كمال بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت.(1/42)