إتحاف الأعيان
بذكر ماجاء في فضائل أهل عمان
تأليف
أحمد بن محمد بن خليل
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ونصلي ونسلم على سيدنا محمد النبي الأمين ، الذي بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وتركها على المحجة البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك ، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أمّا بعدُ،،،
فهذا جزءٌ لطيف ، وبحثٌ متواضع جمعت فيه بعض الأحاديث التي وقفت عليها في فضائل عمان وأهلها ، وقد بذلت الجهد في تخريجها وبيان صحيحها من ضعيفها ، أقدمه إلى إخواني من مُحِبِّي سُنَّة رسول الله صلى الله عيه وسلم الصَّادقين في حُبِّهم باطناً وظاهراً وعلماً وعملاً ، وقد أسميته : ( إتحاف الأعيان بذكر ما جاء في فضائل أهل عمان ) ،،،
هذا ومن رأى في هذا البحث نقصاً أو خللاً أو سهواً فليعذرني ؛ وليعلم أن ذلك من طبائع البشر ، ولا كمال إلا لله وحده ، وليصلح القارئ ما يرى فيه من الخلل أو السهو أو النقص بعد التحقيق ، والله الموفق وهو الهادي إلى سبيل الرشاد .
وكتبه الراجي رحمة ربه :
أبو محمد أحمد بن محمد بن خليل
سلطنة عمان / 1424 هـ
ذكر ما جاء في فضل أهل عمان
1 - عن أَبَا بَرْزَةَ قَالَ :بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا إِلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَسَبُّوهُ وَضَرَبُوهُ ( وشتموه ) فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( لَوْ أَنَّ أَهْلَ عُمَانَ أَتَيْتَ مَا سَبُّوكَ وَلَا ضَرَبُوكَ )) .
_______________(1/1)
صحيح ، أخرجه مسلم (4/1971)ح(2544)، وأحمد في " مسنده " (4/420)ح(19786) ، وفي " فضائل الصحابة " ح ( 1469 ) ، وابن حبان ( 16/300 ) ح(7310)، والهيثمي في " موارد الظمآن " (1/575)، والمقدسي في " الأحاديث المختارة " (1/77)ح(4،5)، والبزار (9/293)ح(3845)، والروياني في " مسنده " ( 2 / 342 ) ح(1325)، والمروزي في " مسند أبي بكر " ح ( 109 ) ، كلهم من طرق عن مهدي بن ميمون عن أبي وازع جابر بن عمرو الراسبي قال: سمعت أبا برزة به .
2 – عَنْ أَبِي لَبِيدٍ قَالَ : خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ طَاحِيَةَ مُهَاجِرًا يُقَالُ لَهُ بَيْرَحُ بْنُ أَسَدٍ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَيَّامٍ فَرَآهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ غَرِيبٌ فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ : مِنْ أَهْلِ عُمَانَ ، قَالَ : مِنْ أَهْلِ عُمَانَ ! قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : هَذَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ الَّتِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( إِنِّي لَأَعْلَمُ أَرْضًا يُقَالُ لَهَا عُمَانُ يَنْضَحُ بِنَاحِيَتِهَا الْبَحْرُ بِهَا حَيٌّ مِنْ الْعَرَبِ لَوْ أَتَاهُمْ رَسُولِي مَا رَمَوْهُ بِسَهْمٍ وَلَا حَجَرٍ )).
_______________
إسناده ضعيف ، ويشهد له الحديث السابق.أخرجه أحمد (1/44)ح(308) ، وأبو يعلى (1/101)ح(106) ، والحارث في " مسنده ، بزوائد الهيثمي " (2/941)ح(3810 )، وابن أبي عاصم في " الآحاد والمثاني " (4/272)ح(2294) ، والمروزي في " مسند أبي بكر (1/179)ح(114) ، من طرق عن جرير بن حازم قال : أنبأنا الزبير بن الخريت عن أبي لبيد به.
قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/52) : رجاله رجال الصحيح غير لمازة بن زياد وهو ثقة .(1/2)
قلت : وهو كما قال ، ولمازة هذا هو أبو لبيد ، والصواب أن اسمه لمازة بن زبار ، وهو ثقة ، وثقه إبن سعد وابن حبان ، وقال الإمام أحمد : صالح الحديث وأثنى عليه ثناء حسناً ، وقال إبن حجر في " التقريب ": صدوق ناصبي .
وإسناد الحديث كما مر رجاله ثقات ولكنه منقطع ؛ وذلك لأن لمازة لم يلق عمر وأبا بكرٍ رضي الله عنهما ، ولعلة الإنقطاع حكم الشيخ الألباني على هذا الحديث بالضعف.
قلت : لعل الحديث السابق الذي رواه مسلم ( 4/1971) وغيره وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (( لو أهل عمان أتيت ، ما سبوك ولا ضربوك )) يشهد لهذا الحديث ويقويه ، والله أعلم .
ذكر ما جاء في الحث على من تعذرت عليه التجارة بالسفر إلى عمان
3 - عَنْ مَخْلَدِ بن عُقْبَةَ بن شُرَحْبِيلَ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"مَنْ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ التِجَارَةُ، فَعَلَيْهِ بِعُمَانٍ " .
_______________
إسناد ضعيف . أخرجه الخطيب البغدادي في " موضح أوهام الجمع والتفريق "(1/98) ، وتمام الرازي في " الفوائد " (1/129)ح(297) ، وكذلك أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" ( 7 / 306 )ح(7214) ، من طرق عن أبي عون الزيادي قال : ثنا حماد بن يزيد المنقري عن مخلد بن عقبة بن شرحبيل عن جده به.
ولفظ الطبراني : (( من تعذرت عليه الضيعة )) بدل (( التجارة )) . وقد عزاه الهيثمي في" المجمع "(1/62) إلى الطبراني بلفظ (( الصنعة )).
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، علته جهالة حماد بن يزيد ومخلد بن عقبة ، أوردهما إبن أبي حاتم في " الجرح والتعديل "(3/151)،(8/348) ، ولم يذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً ،وسبقه إلى ذلك البخاري في " التاريخ الكبير " ( 3/ 21 "،( 7 / 437 ) ، وأما إبن حبان فكعادته في توثيق المجاهيل قد ذكرهما في " الثقات " (6/219) ، (9/185) ، وقد ضعف هذا الحديث الشيخ الألباني في ضعيف الجامع ح ( 5527 ) .(1/3)
وأخرج الحديث بلفظ قريب من هذا اللفظ وبهذا الإسناد الضعيف إبن قانع في" معجم الصحابة " (1/330) لكن من طريق عمار بن هارون قال : أخبرنا حماد بن يزيد الأصفهاني الخزاز نا مخلد بن عقبة بن شرحبيل بن السمط عن أبيه عن جده وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تعذرت عليه المكاسب ، فعليه بهذا الوجه ، وأشار بيده إلى عمان )) .
تنبيه : حماد بن يزيد هو المنقري ، وهو نفسه حماد بن يزيد بن مسلم ، أبو يزيد النصيبي ، وقد وهم البخاري فترجم لكل واحد منهما بترجمة خاصة ، وهذا وهم منه – رحمه الله – وإنما هو شخص واحد . وقد ذكر هذا الخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق "( 1/ 98 ).
تنبيه آخر : وقع في إسناد إبن قانع : حماد بن يزيد الأصفهاني الخزاز نا مخلد بن عقبة بن شرحبيل بن السمط عن أبيه عن جده ، فجعل جد عقبة هو شرحبيل بن السمط وهذا خطأ ، والصحيح : أنه شرحبيل الجعفي ، وأما ذلك فهو شرحبيل آخر .
وكذلك وقع في الإسناد : مخلد عن أبيه عن جده ، والصواب : عنه عن جده مباشرة دون ذكر أبيه .
وهذا الذي ذكره إبن قانع هو خلاف ما ذكره الطبراني والخطيب وتمام الرازي الذين رووه عن أبي عون ، وأبو عون هذا ثقة ، وثقه أبو حاتم ، وأما إبن قانع فروى هذا الإسناد عن طريق عمار بن هارون ، وعمار هذا قال فيه أبو حاتم وموسى بن هارون أنه : متروك الحديث . وقال عنه ابن عدي : يسرق الحديث .
قلت : ولعل هذا الإسناد ومتنه من تركيبه وسرقته . والله أعلم .
ذكر فضل الحج من عمان(1/4)
4 - عََنِ الْحَسَنِ بْنِ هَادِيَةَ قَالَ لَقِيت ابْنَ عُمَرَ قَالَ إِسْحَاقُ فَقَالَ لِي مِمَّنْ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ عُمَانَ ، قَالَ مِنْ أَهْلِ عُمَانَ ؟ قُلْتُ نَعَمْ ، قَالَ أَفَلَا أُحَدِّثُكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قُلْتُ بَلَى ، فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( إِنِّي لَأَعْلَمُ أَرْضًا يُقَالُ لَهَا عُمَانُ يَنْضَحُ بِجَانِبِهَا الْبَحْرُ الْحَجَّةُ مِنْهَا أَفْضَلُ مِنْ حَجَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِهَا )) .
_______________
ضعيف الإسناد : أخرجه أحمد في " مسنده " (2/30)ح(4853) ، و البيهقي في "السنن الكبرى " ( 4 / 335 ) ح(8452) ، والحارث في مسنده " زوائد الهيثمي"(1/442)، وابن أبي عاصم في " الآحاد والمثاني "(4/271)ح(2292) ، وإبن طولون في " الأحاديث المائة المشتملة على مائة نسبة إلى صانع "(1/54) ، و الثقفي في " مشيخته النيسابوريين " ( 184 - 185 ) ، من طرق عن جرير بن حازم عن الزبير بن الخريت عن الحسن بن هادية فذكره عن إبن عمر مرفوعاً ، وأخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 2 / 307 ) موقوفاً عن ابن عمر .
قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (3/217) : رواه أحمد ، ورجاله ثقات ، وكذا قال السيوطي في رسالته " مطلع البدرين فيمن يؤتى أجره مرتين " .
قلت : وهو كما قالا ، غير الحسن بن هادية ، فإنه لم يروي عنه إلا الزبير بن الخريت ، ولهذا فهو مجهول العين ، وتوثيق الهيثمي له وكذا السيوطي ، ومن ثم تصحيح الشيخ أحمد شاكر لإسناد الحديث هو بسبب إعتمادهم على ذكر إبن حبان للحسن بن هادية في " الثقات " ( 4 / 123 ) ، والإعتماد على توثيق إبن حبان في هذه الحالة لا يصح ، وذلك لأن إبن حبان معروف بتساهله في توثيق المجاهيل ، فلا يركن إلى توثيقه للجهل بحال هذا الرجل من العدالة والضبط .(1/5)
وروى إبن أبي حاتم عن أبيه في الزبير بن الخريت قوله : لا أعرفه .
ولهذا فإن البخاري في " التاريخ الكبير " (2/307) ، وإبن حجر في " لسان الميزان " (2/258) ، لما ذكرا ترجمة الحسن بن هادية لم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وقال إبن طولون بعد ما أورد الحديث قال :" وإسناده ضعيف " ، وضعفه الشيخ الألباني في " السلسة الضعيفة " ( 1 / 380 ) .
ذكر ما جاء أن نعم المرضعون أهل عمان
5 - عن طَلْحَةَ بن دَاوُدَ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَسَلم :(( نِعْمَ الْمُرْضِعُونَ أَهْلُ عُمَانَ )) .
_______________
إسناد ضعيف . أخرجه عبد الرزاق(7/485)ح(13987) ، وعنه الطبراني (8/312)ح(8164) ، عن إبن جريج قال : أخبرني عنبسة مولى طلحة بن داود ، أنه سمع طلحة بن داود يقول فذكره.
قال الهيثمي في " مجمع الزوائد "(10/50) : رواه الطبراني ، وفيه عنبسة مولى طلحة بن داود ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات .
قلت : وهو كما قال إن كان طلحة بن داود صحابي ، لأن الصحابة كلهم عدول ، وإن لم يكن صحابي فهو مجهول لا يعرف وحديثه مرسل ، وقد قال عنه إبن حجر في " الإصابة "(3/527) : غير منسوب ، ذكره الطبراني وأبو نعيم في الصحابة ، وقال سعيد بن أيوب : ليس له صحبة .
وعلى كل حال ، إن كانت له صحبة أو لم تكن فالإسناد ضعيف ، وذلك لجهالة حال عنبسة ، فإني لم أجد من ذكره إلا النسائي في " المنفردات والوحدان "(1/222) ، وقال : إنه ممن انفرد بالرواية عنه إبن جريج .
وقد أخرج الفاكهي في " أخبار مكة " من طريق آخر دون ذكر عنبسة ، فقال : عن إبن جريج عن طلحة بن داود قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره. إلا أنه جاء فيه : " نعمان " بدل " عمان " وكذا رواها سعيد القرشي بلفظ " نعمان " كما ذكر ذلك عنه ابن حجر في الإصابة (3/527) .(1/6)
قلت : وهذا أيضاً إسناده ضعيف لأن ابن جريج على جلالة قدره إلا إنه مدلس وقد عنعنه ، أضف إلى ذلك الاختلاف في صحبة طلحة بن داود .
وعليه فلا يرتقي الحديث من حالة الضعف إلى الحسن بهذا الطريق ، لجهالة حال الراوي بين ابن جريج وطلحة ، ولأن مدار الإسناد على طلحة وقد اختلف في صحبته كما بينا آنفاً .
ذكر ما جاء في إسلام أهل عمان
6 - عن عبد الرحمن بن عبد القارئ: أنّ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وِسَلّم بَعَثَ عَمْرو ابن العَاص إلى جَيْفَر وَعَبّاد ابني الجُلَنْدِي أَمِيرَيْ عُمَان فَمَضَى عَمْرو إليهِمَا فَأَسْلَمَا وَأَسْلَمَ مَعَهُمَا بَشَرٌ كَثِير ووضَعَ الجِزْيَة على مَنَ لَمْ يُسْلِم.
__________________
صحح إسناده ابن حجر . ذكره ابن حجر في الإصابة ( 2 / 131 ) وقال : رواه ابن عبدان بإسناد صحيح إلى الزهري عن عبد الرحمن بن عبد المقرئ فذكره .
قلت : لم أقف على مصدر هذه الرواية التي نسبها إبن حجر في الإصابة إلى ابن عبدان ، ولكنه كما ترى ذكر أن إسنادها صحيح إلى الزهري عن عبد الرحمن بن عبد القارئ .
قلت : وقد اختلف في صحبة عبد الرحمن بن عبد القارئ ، فإن ثبتت صحبته فالإسناد صحيح ، وإلا كان مرسلاً .
وقصة إرسال عمرو بن العاص إلى عمان جاءت في أكثر من رواية غير هذه الرواية ، وكلها بأسانيد ضعيفة ، منها حديث المسور بن مخرمة قال " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رسله إلى الملوك .." فذكر الحديث . وفيه : " وبعث عمرو بن العاص إلى جيفر وعياذ ابني الجلندى ملك عمان " ، وفيه : " فرجعوا جميعا قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عمرا فإنه توفي وعمرو بالبحرين .." أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (20/8) من طريق هاشم بن مرثد الطبراني ثنا محمد بن إسماعيل بن عياش عن أبيه إسماعيل بن عياش حدثني محمد بن إسحاق عن محمد بن مسلم الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة به .(1/7)
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، فيه هاشم بن مرثد ، ومحمد بن إسماعيل ، وكلاهما ضعيف .
قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (5/306 : رواه الطبراني وفيه محمد بن إسماعيل بن عياش وهو ضعيف .
7 - حدثنا ابن مصفى ، نا عمر بن صالح ، قال : سمعت أبا جمرة ، قال : سمعت ابن عباس ، رضي الله عنه يقول : كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قبائل من قبائل مضر يدعوهم إلى الله عز وجل وبعث رجلين أو ثلاثة الشك من أبي جمرة أحدهم من الأنصار ، فذهبوا بذلك الكتاب إلى ذلك القبيل فعرض عليهم وقرئ عليهم فكذبوا به ولم يقبلوه وقتلوا أحد الرجلين أو أحد الرسولين الشك من أبي جمرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أما إني لو كنت بعثت بكتابي هذا إلى قوم بالشط من أهل عمان من هذا الحي من الأزد لصدقوني ولقبلوا كتابي فوثب رجل من الأنصار يقال له كعب بن عجرة رضي الله عنه فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، فما يمنعك من الكتاب إلى إخواننا ، فوالله إن كانوا في الجاهلية أشدنا رجلاً ، وأقوانا حملاً ، وأبعدنا أثراً ، نزلوا بساحل البحر فملكوا البحر ، ولولا أن الدار نائية لجاءوا كما جاء إخوانهم من الشنئين ، فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً وبعث رجلاً من الأنصار فوثب رجل من عبد القيس فقال : يا رسول الله ابعثني معهما فأنا أدل الطريق وأعلم ، فكتب كتابا وصدر الكتاب إلى ملكهم ابن جلندا وأهل اليمن وقال للرسولين : أما إنه سيقبل كتابي ويصدقني ويؤمن بي هو وأهل عمان ويسألكم ابن جلندا أبعث معكما إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدية ؟ فتقولوا لا ، وسيقول أما إنه لو بعث معكم بهدية لكانت بمنزلة المائدة التي أنزلت على المسيح على بني إسرائيل فلما قدموا عليه أسلموا وأسلم ملكهم وآمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث ملكهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدية وبعث معهم بصدقة ماله وأسلم أهل عمان وبعثوا بصدقة مالهم ، وبعثوا وفداً(1/8)
عشرة وفيهم أبو صفرة وأبو المهالبة وبعث رجلا من أولاد ملك يقال له كعب بن شور وبقية الوفد من ولد جلندا ومن أولاد ملك فقدموا المدينة وقد قبض النبي صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر رضي الله عنه فدفعت الهدية أو الصدقة إلى أبي بكر رضي الله عنه فوثب علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : هذه هدية ابن جلندا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هذه فدك قال ابن عباس رضي الله عنهما : فلا أدري أقسمها أو أدخلها بيت المال مع الصدقة ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : لو قسمها لعرفنا ذلك كان للعباس رضي الله عنه نصفها ، ولفاطمة رضي الله عنها نصفها " .
_______________
إسناد ضعيف جداً ، أخرج هذا الحديث بطوله ابن أبي عاصم في " الآحاد والمثاني " (4/269)ح(2290) ، وأخرجه مختصرا الطبراني في " المعجم الأوسط " (7/47)ح(6808) ،"والمعجم الكبير"( 12/ 231 ) ح(12947)، من طريق عمر بن صالح الأزدي . قال: سمعت ابن عباس –رضي الله عنه- يقول : فذكره .
قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً . آفته عمر بن صالح الأزدي : متروك الحديث ، قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي : متروك الحديث ، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث ، وكان إبراهيم بن موسى يحمل عليه ، روى عن أبي جمره المناكير .
قلت : وممن روى نحو هذه القصة ، ابن عساكر في : " تاريخ دمشق " ( 46 / 151 ) ، وفيها تفاصيل أخرى غير المذكورة في هذه الرواية ، وهي بإسناد آخر غير هذا ، ولكنه ضعيف أيضاً .
ذكر قصة إسلام مازن بن الغضوبة(1/9)
8 - عَنْ مَازِنِ بن الْغَضُوبَةِ، قَالَ: كُنْتُ أَسْدِنُ صَنَمًا يُقَالُ لَهُ بَاحِرٌ بِسَمَائِلَ قَرْيَةٌ بِعُمَانَ، فَعَتَرْنَا ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَهُ عَتِيرَةً وَهِيَ الذَّبِيحَةُ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ الصَّنَمِ، يَقُولُ: يَا مَازِنُ، اسْمَعْ تُسَرَّ، ظَهَرَ خَيْرٌ، وَبَطُنَ شَرٌّ، بُعِثَ نَبِيٌّ مِنْ مُضَرَ، بِدَيْنِ اللَّهِ الْكَبِرِ الْكَبِرْ، فَدَعْ نُحَيْتًا مِنْ حَجَرٍ، تَسْلَمْ مِنْ سَقَرَ.
قَالَ :َفَزِعْتُ لِذَلِكَ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا لَعَجَبٌ، ثُمَّ عَتَرْتُ بَعْدَ أَيَّامٍ عَتِيرَةً، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ الصَّنَمِ، يَقُولُ: أَقْبِلْ إِلَيَّ أَقْبِلْ، تَسْمَعْ مَا لا تَجْهَلْ، هَذَا نَبِيٌّ مُرْسَلْ، جَاءَ بِحَقٍّ مُنْزَلْ، فَآمِنْ بِهِ كَيْ تَعْدِلَ، عَنْ حَرِّ نَارٍ تُشْعَلْ، وَقُودُهَا بِالْجَنْدَلْ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا لَعَجَبٌ، وَإِنَّهُ لَخَيْرٌ يُرَادُ بِي.
فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ قَدِمَ رَجُلٌ مِنَ الْحِجَازِ، قُلْنَا: مَا الْخَبَرُ وَرَاءَكَ؟ قَالَ: ظَهَرَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَحْمَدُ، يَقُولُ لِمَنْ أَتَاهُ أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ قُلْتُ: هَذَا نَبَأُ مَا قَدْ سَمِعْتُ، فَسِرْتُ إِلَى الصَّنَمِ فَكَسَّرْتُهُ أَجْذَاذًا، وَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي فَقَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَرَحَ لِيَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمْتُ وَقُلْتُ:
كَسَرْتُ بَاحِرًا جُذَاذًا وَكَانَ لَنَا ***** رَبًّا نَطِيفُ بِهِ عُمْيًا بِضُلالِ
بِالْهَاشِمِيِّ هُدِينَا مِنْ ضَلالَتِهِ ***** وَلَمْ يَكُنْ دِينُهُ مِنِّي عَلَى بَالِ
يَا رَاكِبًا بَلِّغَنْ عَمْرًا وَإِخْوَتَهُ ***** أَنِّي لِمَنْ قَالَ رَبِّي بَاحِرٌ(1/10)
قَالِ: يَعْنِي عَمْرُو بن الصَّلْتِ وَإِخْوَتَهُ بني خِطَامَةَ، قَالَ مَازِنٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي امْرُؤٌ مُولَعٌ بِالطَّرَبِ وَبِشُرْبِ الْخَمْرِ وَبِالْهَلُوكِ، قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: وَالْهَلُوكُ: الْفَاجِرَةُ مِنَ النِّسَاءِ، وأَلَحَّتْ عَلَيْنَا السُّنُونُ، فَأَذْهَبَتِ الأَهْوَالَ، وَأَهْزَلْنَ الذَّرَارِيَّ وَالْعِيَالَ، وَلَيْسَ لِي وَلَدٌ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَ عَنِّي مَا أَجِدُ، وَيَأْتِيَنَا بِالْحَيَا، وَيَهَبَ لِي وَلَدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:اللَّهُمَّ أَبْدِلْهُ بِالطَّرَبِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، وَبِالْحَرَامِ الْحَلالَ، وَبِالْعُهْرِ عِفَّةَ الْفَرَجِ، وبِالْخَمْرِ رِيَاءً لا إِثْمَ فِيهِ، وَائْتِهِ بِالْحَيَاءِ، وَهَبْ لَهُ وَلَدًا .
قَالَ مَازِنٌ: فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَنِّي مَا كُنْتُ أَجِدُ، وَأَتَانَا بِالْحَيَا، وَتَعَلَّمْتُ شَطْرَ الْقُرْآنِ، وَخَصِبَ عُمَانُ، وَحَجَجْتُ حَجًّا حِجَجًا، وَوَهَبَ اللَّهُ لِي حَيَّانَ بن مَازِنٍ وأَنْشَأْتُ أَقُولُ :
إِلَيْكَ رَسُولَ اللَّهِ خَبَّتْ مَطِيَّتِي تَجُوبُ الْفَيَافِي مِنْ عُمَانَ إِلَى الْعَرْجِ
لِتَشْفَعَ لِي يَا خَيْرَ مَنْ وَطِئَ الْحَصَى فَيَغْفِرَ لِي رَبِّي فَأَرْجِعَ بِالْفَلْجِ
إِلَى مَعْشَرٍ خَالَفْتُ فِي اللَّهِ دِينَهُمْ فَلا رَأْيُهُمْ رَأْيِي وَلا شَرْجُهُمْ شَرْجِي
وَكُنْتُ امْرَأً بِالرَّغْبِ وَالْخَمْرِ مُولَعًا شَبَابِيَ حَتَّى آذَنَ الْجِسْمُ بِالنَّهْجِ
فَبَدَّلَنِي بِالْخَمْرِ خَوْفًا وَخَشْيَةً وَبِالْعُهْرِ إِحْصَانًا فَأَحْصَنَ لِي فَرْجِي
فَأَصْبَحْتُ هَمِّي فِي الْجِهَادِ وَنِيَّتِي فَلِلَّهِ مَا صَوْمِي وَلِلَّهِ مَا حَجِّي
فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى قَوْمِي أَنَّبُونِي وَشَتَمُونِي وَأَمَرُوا شَاعِرًا لَهُمْ فَهَجَانِي(1/11)
فَقُلْتُ: إِنْ رَدَدْتُ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا الْهَجْوُ لِنَفْسِي، فَاعْتَزَلْتُهُمْ إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ وَقُلْتُ: بُغْضُكُمُ عِنْدَنَا مُرْمِدًا فِيهِ وَبُغْضُكُمْ عِنْدَنَا يَا قَوْمَنَا لَثِنُ
فَلا يَعْطَنِ الدَّهْرُ أَنَّ نَشِبَ مَعَايِبَكُمْ وَكُلُّكُمْ يَبْدو عَيْبَنَا فَطِنُ
شاعِرُنا مُعْجِمٌ عَنْكُمْ وَشَاعِرُكُمْ فِي حَرْبِنَا مُبْلِغٌ فِي شَتْمِنَا لَسِنُ
مَا فِي الْقُلُوبِ عَلَيْكُمْ فَاعْلَمُوا وَغَرٌ وَفِي صُدُورِكُمُ الْبَغْضَاءُ وَالإِحَنُ
فَأَتَتْنِي مِنْهُمْ أَزْفَلَةٌ عَظِيمَةٌ، فَقَالُوا: يَا ابْنَ عَمِّ، عِبْنَا عَلَيْكَ أَمْرًا وَكَرِهْنَاهُ لَكَ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَشَأْنَكَ وَدِينَكَ، فَارْجِعْ فَأَقِمْ أُمُورَنَا، فَكُنْتُ الْقَيِّمَ بِأُمُورِهِمْ، فَرَجَعْتُ مَعَهُمْ ثُمَّ هَدَاهُمُ اللَّهُ بَعْدُ إِلَى الإِسْلام).
________________
إسناد ضعيف جداً . أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(2/338)ح(799) وكذا أخرجه في " الأحاديث الطوال " ح ( 64 ) ، وابن سيد الناس في " عيون الأثر " (1 / 103)من طريق بن محمد السائب الكلبي عن أبيه عن عبد الله العماني عن مازن بن الغضوبة به .
وعزاه إبن حجر في "الإصابة"(5/704) إلى الفاكهي في كتابه "أخبار مكة " ، والبيهقي في "الدلائل"، وابن السكن وابن قانع كلهم من طريق هشام عن أبيه به .
قلت : وهذا الإسناد واهٍ فيه (4) علل :
الأولى : هشام بن محمد بن السائب الكلبي : متروك . قال البخاري : صاحب سمر ونسب ، وقال الدارقطني : متروك ، وقال إبن عساكر : رافضي ليس بثقة ، وقال أحمد : صاحب سمر ونسب ، ما ظننت أن أحداً يحدث عنه .وقال إبن أبي حاتم : يروي عن أبيه ومعروف والعراقيين العجائب والأخبار التي لا أصول لها . وقال الذهبي : تركوه .(1/12)
الثانية : محمد بن السائب بن بشر الكلبي : متهم بالكذب ، قال الجوزجاني : كذاب ساقط ، وقال البخاري : تركه يحيى بن سعيد وابن مهدي ، وقال النسائي : متروك الحديث ، وقال الذهبي : شيعي متروك الحديث . وقال أبو حاتم : أجمعوا على تركه ، واتهمه جماعة بالوضع ، وقال إبن حجر في " التقريب " : متهم بالكذب ، ورمي بالرفض .
الثالثة : عبد الله العماني : لم أجد له ترجمة .
الرابعة : جهالة موسى التنيسي .
ذكر كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل عمان
9 - عن أبي شداد رجل من أهل دما ، قرية من قرى عمان قال : جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل عمان : « سلام ، أما بعد ، فأقروا بشهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وأدوا الزكاة ، وخطوا المساجد ، وإلا غزوتكم » ، قال أبو شداد : « فلم نجد أحدا يقرأ علينا الكتاب حتى وجدنا غلاما أسود فقرأه علينا » ، فقلت لأبي شداد : من كان يومئذ على عمان يلي أمرهم ؟؟ قال : " أسوار من أساورة كسرى ، يقال له : سحان".
_______________
ضعيف الإسناد . أخرجه الطبراني في " الأوسط " (7/60)ح(6849) ، عن معمر بن معاذ قال : نا موسى بن إسماعيل ثنا عبد العزيز بن زياد أبو حمزة الحبطي ، حدثني أبو شداد رجل من أهل عمان قال : جاءنا كتاب رسول الله ، فذكره . ثم قال الطبراني : لا يروى هذا الحديث عن أبي شداد إلا بهذا الإسناد ، تفرد به موسى بن إسماعيل .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، فأبو حمزة الحبطي مجهول ، ذكره إبن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً . ومحمد بن معاذ وموسى بن إسماعيل لم أقف على ترجمتهما .(1/13)
10 - يروى أنه صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل عمان ما نصه : « من محمد النبي رسول الله لعباد الله الأسبذيين ملوك عمان ، وأسد عمان ، من كان منهم بالبحرين أنهم إن آمنوا ، وأقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة وأطاعوا الله ورسوله ، وأعطوا حق النبي صلى الله عليه وسلم ، ونسكوا نسك المؤمنين فإنهم آمنون ، وإن لهم ما أسلموا عليه ، غير أن مال بيت النار ثنيا لله ورسوله ، وإن عشور التمر صدقة ، ونصف عشور الحب ، وإن للمسلمين نصرهم ونصحهم ، وإن لهم على المسلمين مثل ذلك ، وإن لهم أرحاءهم يطحنون بها ما شاءوا »
________________
لم أقف على سنده . ذكره أبو عبيدة في " الأموال " ، والقاسم بن سلام في " الأموال " ( ح44 ) من دون أن يسنداه .(1/14)
11 – يروى أنه صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلَى مَلِكِ عُمَانَ كِتَابًا وَبَعَثَهُ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وفيه : بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ مِنْ مُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ إلَى جَيْفَرَ وَعَبْدٍ ابْنَيْ الْجُلَنْدَى سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتّبَعَ الْهُدَى أَمّا بَعْدُ فَإِنّي أَدْعُوكُمَا بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمَا تَسْلَمَا فَإِنّي رَسُولُ اللّهِ إلَى النّاسِ كَافّةً لِأُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّا وَيَحِقّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ فَإِنّكُمَا إنْ أَقْرَرْتُمَا بِالْإِسْلَامِ وَلّيْتُكُمَا وَإِنْ أَبَيْتُمَا أَنْ تُقِرّا بِالْإِسْلَامِ فَإِنّ مُلْكَكُمَا زَائِلٌ عَنْكُمَا وَخَيْلِي تَحُلّ بِسَاحَتِكُمَا وَتَظْهَرُ نُبُوّتِي عَلَى مُلْكِكُمَا . وَكَتَبَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ وَخَتَمَ الْكِتَابَ . قَالَ عَمْرٌو : فَخَرَجْتُ حَتّى انْتَهَيْتُ إلَى عُمَانَ فَلَمّا قَدِمْتهَا عَمَدْتُ إلَى عَبْدٍ وَكَانَ أَحْلَمَ الرّجُلَيْنِ وَأَسْهَلَهُمَا خُلُقًا فَقُلْتُ إنّي رَسُولُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَيْك وَإِلَى أَخِيك فَقَالَ أَخِي الْمُقَدّمُ عَلَيّ بِالسّنّ وَالْمُلْكِ وَأَنَا أُوصِلُك إلَيْهِ حَتّى يَقْرَأَ كِتَابَك ثُمّ قَالَ وَمَا تَدْعُو إلَيْهِ ؟ قُلْت : أَدْعُوك إلَى اللّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَتَخْلَعَ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِهِ وَتَشْهَدُ أَنّ مُحَمّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . قَالَ يَا عَمْرُو إنّك ابْنُ سَيّدِ قَوْمِك فَكَيْفَ صَنَعَ أَبُوكُ فَإِنّ لَنَا فِيهِ قُدْوَةً ؟ قُلْتُ مَاتَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بالنبي صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَوَدِدْتُ أَنّهُ كَانَ أَسْلَمَ وَصَدّقَ بِهِ وَقَدْ كُنْتُ أَنَا عَلَى مِثْلِ رَأْيِهِ حَتّى هَدَانِي اللّهُ لِلْإِسْلَامِ قَالَ فَمَتَى تَبِعْتَهُ ؟ قُلْتُ قَرِيبًا فَسَأَلَنِي أَيْنَ كَانَ(1/15)
إسْلَامُك ؟ قُلْت : عِنْدَ النّجَاشِيّ وَأَخْبَرْته أَنّ النّجَاشِيّ قَدْ أَسْلَمَ قَالَ فَكَيْفَ صَنَعَ قَوْمُهُ بِمُلْكِهِ ؟ فَقُلْت : أَقَرّوهُ وَاتّبَعُوهُ قَالَ وَالْأَسَاقِفَةُ وَالرّهْبَانُ تَبِعُوهُ ؟ قُلْت : نَعَمْ . قَالَ اُنْظُرْ يَا عَمْرُو مَا تَقُولُ إنّهُ لَيْسَ مِنْ خَصْلَةٍ فِي رَجُلٍ أَفْضَحَ لَهُ مِنْ الْكَذِبِ قُلْته : مَا كَذَبْت وَمَا نَسْتَحِلّهُ فِي دِينِنَا ثُمّ قَالَ مَا أَرَى هِرَقْلَ عَلِمَ بِإِسْلَامِ النّجَاشِيّ قُلْت : بَلَى .قَالَ بِأَيّ شَيْءٍ عَلِمْت ذَلِكَ ؟(1/16)
قُلْت : كَانَ النّجَاشِيّ يُخْرِجُ لَهُ خَرْجًا فَلَمّا أَسْلَمَ وَصَدّقَ بِمُحَمّدٍ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَا وَاَللّهِ لَوْ سَأَلَنِي دِرْهَمًا وَاحِدًا مَا أَعْطَيْته فَبَلَغَ هِرَقْلَ قَوْلُهُ فَقَالَ لَهُ يَنّاقُ أَخُوهُ أَتَدَعُ عَبْدَك لَا يُخْرِجُ لَك خَرْجًا وَيَدِينُ دِينًا مُحْدَثًا ؟ قَالَ هِرَقْلُ رَجُلٌ رَغِبَ فِي دِينٍ فَاخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ مَا أَصْنَعُ بِهِ وَاَللّهِ لَوْلَا الضّنّ بِمُلْكِي لَصَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ قَالَ اُنْظُرْ مَا تَقُولُ يَا عَمْرُو قُلْت : وَاَللّهِ صَدّقْتُك . قَالَ عَبْدٌ فَأَخْبِرْنِي مَا الّذِي يَأْمُرُ بِهِ وَيُنْهِي عَنْهُ ؟ قُلْتُ يَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَيَنْهَى عَنْ مَعْصِيَتِهِ وَيَأْمُرُ بِالْبِرّ وَصِلَةِ الرّحِمِ وَيَنْهَى عَنْ الظّلْمِ وَالْعُدْوَانِ وَعَنْ الزّنَى وَعَنْ الْخَمْرِ وَعَنْ عِبَادَةِ الْحَجَرِ وَالْوَثَنِ وَالصّلِيبِ . قَالَ مَا أَحْسَنَ هَذَا الّذِي يَدْعُو إلَيْهِ لَوْ كَانَ أَخِي يُتَابِعُنِي عَلَيْهِ لَرَكِبْنَا حَتّى نُؤْمِنَ بِمُحَمّدٍ وَنُصَدّقَ بِهِ وَلَكِنْ أَخِي أَضَنّ بِمُلْكِهِ مِنْ أَنْ يَدَعَهُ وَيَصِيرَ ذَنَبًا قُلْت : إنّهُ إنْ أَسْلَمَ مَلّكَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى قَوْمِهِ فَأَخَذَ الصّدَقَةَ مِنْ غَنِيّهِمْ فَرَدّهَا عَلَى فَقِيرِهِمْ . قَالَ إنّ هَذَا لَخُلُقٌ حَسَنٌ وَمَا الصّدَقَةُ ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا فَرَضَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الصّدَقَاتِ فِي الْأَمْوَالِ حَتّى انْتَهَيْتُ إلَى الْإِبِلِ . قَالَ يَا عَمْرُو : وَتُؤْخَذُ مَنْ سَوَائِمِ مَوَاشِينَا الّتِي تَرْعَى الشّجَرَ وَتَرِدُ الْمِيَاهَ ؟ فَقُلْت : نَعَمْ . فَقَالَ وَاَللّهِ مَا أُرَى قَوْمِي فِي بُعْدِ دَارِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ(1/17)
يُطِيعُونَ بِهَذَا قَالَ فَمَكَثْتُ بِبَابِهِ أَيّامًا وَهُوَ يَصِلُ إلَى أَخِيهِ فَيُخْبِرُهُ كُلّ خَبَرِي ثُمّ إنّهُ دَعَانِي يَوْمًا فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَأَخَذَ أَعْوَانُهُ بِضَبُعَيّ فَقَالَ دَعُوهُ فَأُرْسِلْت فَذَهَبْت لِأَجْلِسَ فَأَبَوْا أَنْ يَدْعُوَنِي أَجْلِسَ فَنَظَرْت إلَيْهِ فَقَالَ تَكَلّمْ بِحَاجَتِك فَدَفَعْت إلَيْهِ الْكِتَابَ مَخْتُومًا فَفَضّ خَاتَمَهُ وَقَرَأَ حَتّى انْتَهَى أَخِيهِ فَقَرَأَهُ مِثْلَ قِرَاءَتِهِ إلّا أَنّي رَأَيْت أَخَاهُ أَرَقّ مِنْهُ قَالَ أَلَا تُخْبِرُنِي عَنْ قُرَيْشٍ كَيْفَ صَنَعَتْ ؟ فَقُلْت : تَبِعُوهُ إمّا رَاغِبٌ فِي الدّينِ وَإِمّا مَقْهُورٌ بِالسّيْفِ . قَالَ وَمَنْ مَعَهُ ؟ قُلْت : النّاسُ قَدْ رَغِبُوا فِي الْإِسْلَامِ وَاخْتَارُوهُ عَلَى غَيْرِهِ وَعَرَفُوا بِعُقُولِهِمْ مَعَ هُدَى اللّهِ إيّاهُمْ أَنّهُمْ كَانُوا فِي ضَلَالٍ فَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا بَقِيَ غَيْرَك فِي هَذِهِ الْحَرَجَةِ وَأَنْتَ إنْ لَمْ تُسْلِمْ الْيَوْمَ وَتَتْبَعْهُ يُوَطّئْك الْخَيْلَ وَيُبِيدُ خَضْرَاءَك فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ وَيَسْتَعْمِلْك عَلَى قَوْمِك وَلَا تَدْخُلْ عَلَيْك الْخَيْلُ وَالرّجَالُ . قَالَ دَعْنِي يَوْمِي هَذَا وَارْجِعْ إلَيّ غَدًا فَرَجَعْتُ إلَى أَخِيهِ فَقَالَ يَا عَمْرُو إنّي لَأَرْجُو أَنْ يُسْلِمَ إنْ لَمْ يَضِنّ بِمُلْكِهِ حَتّى إذَا كَانَ الْغَدُ أَتَيْتُ إلَيْهِ فَأَبَى أَنْ يَأْذَنَ لِي فَانْصَرَفْتُ إلَى أَخِيهِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنّي لَمْ أَصِلْ إلَيْهِ فَأَوْصَلَنِي إلَيْهِ فَقَالَ إنّي فَكّرْتُ فِيمَا دَعَوْتنِي إلَيْهِ فَإِذَا أَنَا أَضْعَفُ الْعَرَبِ إنْ مَلّكْتُ رَجُلًا مَا فِي يَدِي وَهُوَ لَا تَبْلُغُ خَيْلُهُ هَا هُنَا وَإِنْ بَلَغَتْ خَيْلُهُ أَلْفَتْ قِتَالًا لَيْسَ كَقِتَالِ مَنْ لَاقَى . قُلْت : وَأَنَا خَارِجٌ(1/18)
غَدًا فَلَمّا أَيْقَنَ بِمَخْرَجِي خَلَا بِهِ أَخُوهُ فَقَالَ مَا نَحْنُ فِيمَا قَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ وَكُلّ مَنْ أَرْسَلَ إلَيْهِ قَدْ أَجَابَهُ فَأَصْبَحَ فَأَرْسَلَ إلَيّ فَأَجَابَ إلَى الْإِسْلَامِ هُوَ وَأَخُوهُ جَمِيعًا وَصَدّقَا النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَخَلّيَا بَيْنِي وَبَيْنَ الصّدَقَةِ وَبَيْنَ الْحُكْمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَكَانَا لِي عَوْنًا عَلَى مَنْ خَالَفَنِي .
__________________
لم أقف على سنده . ذكره إبن سيد الناس في " عيون الأثر " ( 2 / 334 ) ، وابن القيم في " زاد المعاد " ( 3 / 605 ) ولم يسنداه أو يذكرا من أخرجه .
ذكر خطبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في أهل عمان
12 – يروى أن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه مكث في عمان بعدما أسلم أهلها إلى أن جاءه خبر وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فأراد الرجوع إلى المدينة المنورة فصحبة عبد بن الجلندى في جماعة من الأزد .
فقدموا إلى أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقام أبا بكر خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي فصلى عليه وقال:(1/19)
(معاشر أهل عمان إنكم أسلمتم طوعاً ، لم يطأ رسول الله ساحتكم بخف ولا حافر ولا عصيتموه كما عصيه غيركم من العرب . ولم ترموا بفرقة ولا تشتت شمل فجمع الله على الخير شملكم ، ثم بعث إليكم عمرو بن العاص بلا جيش ولا سلاح فأجبتموه إذ دعاكم على بعد داركم ، وأطعتموه إذ أمركم على كثرة عددكم وعدتكم ، فأي فضل أبر من فضلكم وأي فعل أشرف من فعلكم ، كفاكم قوله عليه الصلاة والسلام شرفا إلى يوم الميعاد . ثم أقام فيكم عمرو ما أقام مكرما ورحل عنكم إذ رحل مسلماً . وقد منّ الله عليكم بإسلام عبد وجيفر ابني الجلندى وأعزكم الله وأعزه بكم كنتم على خير حتى أتتكم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأظهرتم ما يضاف إلى فضلكم وقمتم مقاما حمدناكم فيه . ومحضتم بالنصيحة وشاركتم بالنفس والمال فيثبت الله به ألسنتكم ويهدي به قلوبكم وللناس جولة فكونوا عند حس ظني بكم ، ولست أخاف عليكم أن تغلبوا على بلادكم ولا أن ترجعوا عن دينكم جزاكم الله خيرا .
_______________
لم أقف عليه في كتب أهل السنة . وقد وقفت على من ذكر هذه الروايات في كتب غير أهل السنة ، وذلك في كتاب : " تاريخ أهل عمان " لمؤلف مجهول قامت وزارة التراث والثقافة بسلطنة عمان بطباعته ونشره ، وقد ذُكر في تقديم هذا الكتاب : أنه – أي كتاب " تاريخ أهل عمان - يعد جزءاً متضمناً من الكتاب التاريخي الموسوم بـ " كشف الغمة " !!!! ومؤلفه إباضي وهو سرحان بن سعيد الازكوي .
ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأهل عمان(1/20)
13 - يروى أن مازنا لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( أدع لله لأهل عمان ) فقال النبي (( الله اهدهم وثبتهم )) ،فقال مازن : زدني ، فقال النبي (( اللهم ارزقهم العفاف والكفاف والرضا بما قدرت لهم )) ، فقال مازن : يا رسول الله إن البحر ينضح بجانبنا فأدعو الله في ميرتنا وخفنا وظلفنا ، فقال عليه الصلاة والسلام (( اللهم وسع عليهم في ميرتهم وأكثر خيرهم من بحرهم )) فقال مازن : زدني فقال النبي (( اللهم لا تسلط عليهم عدوا من غيره )) وقال لمازن : (( قل يا مازن آمين فإنه يستجيب عندها الدعاء )) فقال مازن : آمين .
_____________
لم أقف عليه في كتب أهل السنة . وهي مما ذكر في كتاب " كشف الغمة " للإزكوي الإباضي .
14 - ومما يرى : قوله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله أهل الغبيراء – أي أهل عمان – آمنوا بي ولم يروني " .
_________________
لم أقف على سنده .وهذه الرواية مما إشتهر على ألسنة الناس عندنا ، وتذكر أحياناً في بعض الكتب التي تتكلم عن عمان. لكني لم أقف على إسنادها ، كما أني لم أقف على من أخرجها .
ذكر كثرة وراد حوض النبي صلى الله عليه وسلم من أهل عمان
15 - عن عائشة رضي الله عنها قالت : لقد سمعت حبيبي عليه السلام يقول : " يَكْثُرُ وُرّادَ حَوْضي مِنْ أَهْلِ عُمَان " .
___________________
لا أصل له في كتب أهل السنة : أخرجه الربيع بن حبيب في " مسنده " ( ح 855 ) ، وهي من روايات أبو سفيان محبوب بن الرحيل المذكورة في الجزء الرابع الذي هو من زيادات الوارجلاني على المسند وليس من المسند الأصلي .
الفهرس
المقدمة ........................................................................... ... 1
ذكر ما جاء في فضل أهل عمان ............................................... ... 2
ذكر ما جاء في الحث على من تعذرت عليه التجارة بالسفر إلى عمان ............. ... 4(1/21)
ذكر فضل الحج من عمان ........................................................... ... 6
ذكر ما جاء أن نعم المرضعون أهل عمان ........................................... ... 8
ذكر ما جاء في إسلام أهل عمان .................................................... ... 10
ذكر قصة إسلام مازن بن الغضوبة ............................................. ... 13
ذكر كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل عمان ................. ... 16
ذكر خطبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في أهل عمان ........................ ... 21
ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأهل عمان ................................... ... 23
ذكر كثرة وراد حوض النبي صلى الله عليه وسلم من أهل عمان ................ ... 25(1/22)