|
المؤلف : زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي (806 هـ)
المحقق : عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الزير آل حمد
الناشر : دار العاصمة
الطبعة : الأولى 1420 هـ - 2000 م
عدد الأجزاء : 1
ملاحظات : [موافق للمطبوع - مقابل على المطبوع- إمكانية الإنتقال للصفحة]
مصدر الكتاب : [مكتبة يا باغي الخير أقبل - ملتقى أهل الحديث]
محجة القرب إلى محبة العرب
تأليف
الحافظ زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي
(725 - 806 هـ)
حققه وخرج أحاديثه الفقير إلى الله القدير
عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الزير آل حمد
دار العاصمة
الطبعة الأولى
1420 هـ - 2000 م
(/)
محجة القرب إلى محبة العرب
تأليف الحافظ زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي. (725هـ-806هـ)
حققه وخرج أحاديثه الفقير إلى الله القدير: عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الزير آل حمد
(1/63)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه أكتفي
الحمد لله الذي فضل العرب؛ ببعثة نبيهم سيد البشر نبياً، وفضل أحسن الكتب بلغتهم قرآناً عربياً، وجعل لسان أهل الجنة بالعربية، فكان لسان صدقٍ علياً.
وأشهد أن لا إله إلا الله، الذي لم يتخذ ولداً، ولم يجعل له من الذل ولياً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه بالذكر الحكيم نبياً أمياً، ونعته بالخلق العظيم، فأعظم به خلقاً رضياً، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه نجوم الهدى لمن سلك صراطاً سوياً، ورجوم العدى ممن ترك أمر ربه وراءه ظهرياً.
وبعد: فقد أوجب الله على الخلق حب العرب
(1/65)
ونصحهم، وحرم عليهم بغضهم وغشهم، فجعل حبهم حب الرسول، وإيماناً موجباً لحصول السول، وجعل بغضهم نفاقاً، ومفارقةً للدين، وغشهم مانعاً من نيل الشفاعة يوم الدين؛ فرأيت أن أرشد من خفيت عليه هذه الأمور، ببيان ما ورد في ذلك من الحديث الصحيح، والحسن، والغريب، والمشهور، ورتبته على عشرين باباً:
الباب الأول: في أن الله تعالى تخير العرب من خلقه.
الباب الثاني: فيما ورد: من أبو العرب؟
الباب الثالث: في بيان أن حب العرب حب للنبي صلى الله عليه وسلم .
الباب الرابع: في قوله: أحبوا العرب لثلاث.
الباب الخامس: في أن بقاء العرب نور الإسلام.
الباب السادس: في أن ذلهم ذل الإسلام.
الباب السابع: في أن بغض العرب مفارقةٌ للدين.
الباب الثامن: في أن حبهم إيمانٌ وبغضهم نفاق.
الباب التاسع: في وصيته صلى الله عليه وسلم بالعرب.
الباب العاشر: في أن من غش العرب لم تنله شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم .
(1/66)
الباب الحادي عشر: في أن هلاك العرب من أشراط الساعة.
الباب الثاني عشر: في قلة العرب عند خروج الدجال.
الباب الثالث عشر: في دعائه صلى الله عليه وسلم للعرب.
الباب الرابع عشر: في دعائه لقبائل العرب.
الباب الخامس عشر: في فضل قبائل العرب.
الباب السادس عشر: في قوله: ((أنا سابق العرب)).
الباب السابع عشر: فيما ورد أنه لم ينزل وحيٌ على نبي إلا بالعربية.
الباب الثامن عشر: في أن كلام أهل الجنة بالعربية.
الباب التاسع عشر: في أن كلام من يحسن العربية بالفارسية نفاقٌ.
الباب العشرون: فيما ورد أن ذلك نقصٌ في المروءة.
وسميته: ((محجة القرب إلى محبة العرب)).
والله أسأل أن ينفع به جامعه، وكاتبه، وسامعه، إنه بالإجابة كفيلٌ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
(1/67)
الباب الأول في أن الله تعالى تخير العرب من خلقه
1- أخبرنا قاضي القضاة علي بن عبد الكافي السبكي مشافهة بدمشق، قال: أخبرني يحيى بن إسحاق بن يحيى الحنفي بقراءتي عليه بدمشق، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي، قال: أخبرنا أحمد بن الحصين بن فاذشاه، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني، قال:
أخبرنا أحمد بن المقدام العجلي، حدثنا حماد بن واقدٍ الصفار، قال: حدثنا محمد بن ذكوانٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن عبد الله بن عمر قال: إنا لقعودٌ بفناء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مرت امرأةٌ، فقال رجل: إن مثل محمدٍ في بني هاشمٍ مثل الريحانة في وسط النتن.
فانطلقت المرأة فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب، ثم قام على القوم، فقال: ((ما بال
(1/69)
أقوالٍ تبلغني عن أقوام، إن الله عز وجل خلق السموات سبعاً)).
فذكر الحديث إلى أن قال: ((وخلق الخلق، فاختار من الخلق بني آدم، واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشاً، واختار من قريشٍ بني هاشمٍ، واختارني من بني هاشم فأنا خيارٌ إلى خيارٍ، فمن أحب العرب، فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب، فببغضي أبغضهم)).
(1/70)
ومحمد بن ذكوان هذا: هو: الطاحي البصري، روى عنه شعبة فقال: حدثنا محمد بن ذكوان وكان كخير الرجال. وذكره ابن حبان في الثقات، وتكلم فيه الجمهور.
وأما حماد بن واقد، فقال فيه أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه على الاعتبار وهو بابه عثمان بن مطر، ويوسف بن عطية، وتكلم فيه أيضاً الجمهور.
(1/72)
وإذا كان يعتبر بحديثه، كما قال أبو حاتم، فإنه لم ينفرد بالحديث، بل تابعه عليه: يزيد بن عوانة الكلبي، أخرجه الحاكم في المستدرك.
2- فقال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي، حدثنا يزيد بن عوانة عن محمد بن ذكوان، خال ولد حماد بن زيد عن عمرو بن دينارٍ عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
قلت: ولم ينفرد به محمد بن ذكوان أيضاً، بل قد رواه عن عمرو بن دينار: عمارة بن مهران المعولي أحد الثقات، إلا أنه زاد في إسناده: سالم بن عبد الله.
3- رواه الحاكم أيضاً في المستدرك قال: أخبرنا أبو محمدٍ الحسن بن محمد المهرجاني، حدثنا عبد العزيز بن معاوية، حدثنا أبو سفيان زياد [بن سهل الحارثي، ثنا عمارة بن مهران المعولي، ثنا عمرو بن دينار] عن سالم بن عبد الله عن
(1/73)
عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لما خلق الله الخلق اختار العرب، ثم اختار من العرب قريشاً، ثم اختار من قريشٍ بني هاشم، ثم اختارني من بني هاشمٍ، فأنا خيرةٌ من خيرة)).
قال الحاكم: قد صحت الرواية عن عمرو بن دينار، فإن كان عن سالمٍ، فهو غريبٌ صحيح، وإن كان عن ابن عمر، فقد سمع عمرو بن دينار من ابن عمر. انتهى.
والحسن بن محمدٍ المهرجاني شيخ الحاكم: أحد الثقات، وعبد العزيز بن معاوية القرشي: لا بأس به، قاله الدارقطني.
وعمارة بن مهران المعولي: أحد عباد البصرة، وثقه ابن معين، وأبو حاتم، وابن حبان، وغيرهم.
(1/74)
وزياد بن سهل الحارثي: لم أر أحداً تكلم فيه.
وهذه الطريق الثانية أجود طريقي الحديث، ولذلك صححها الحاكم.
4- وقد روي نحوه من حديث أبي هريرة: رواه الطبراني في الأوسط، قال: حدثنا علي بن سهلٍ الرازي، حدثنا بشر بن معاذ العقدي، حدثني محمد بن عبد الرحمن بن رداد، حدثني أبي عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن الله حين خلق الخلق بعث جبريل فقسم الناس قسمين، فقسم العرب قسماً، وقسم العجم قسماً، وكانت خيرة الله في العرب، ثم قسم العرب قسمين، فقسم اليمن قسماً، وقسم مضر قسماً، وقريشاً قسماً، وكانت خيرة الله في قريش، ثم أخرجني من خير من أنا منه)).
قال الطبراني: لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به بشر.
(1/75)
قلت: إسناده حسنٌ، فإن علي بن سهل أحد الحفاظ، وبشر بن معاذٍ، ومحمد بن عبد الرحمن بن رداد وجده رداد ذكرهم ابن حبان في الثقات، ولم أجد في عبد الرحمن جرحاً ولا تعديلاً، وقد لين أبو زرعة وأبو حاتم: محمد بن عبد الرحمن.
ويشهد لصحته -حديث ابن عمر وأبي هريرة- حديث واثلة بن الأسقع في صحيح مسلم.
5- أخبرني به أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري بقراءتي عليه بمنزله بدمشق، في الرحلة الأولى قال: أخبرنا المسلم بن محمد القيسي، قال: أخبرنا حنبل بن عبد الله، قال: أخبرنا هبة الله بن محمد، قال: أخبرنا الحسن بن محمد التميمي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفرٍ القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال:
(1/76)
حدثنا أبو المغيرة، قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثنا أبو عمار شداد عن واثلة بن الأسقع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن الله اصطفى كنانة من بني إسماعيل، واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريشٍ بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)).
هذا حديثٌ صحيحٌ، أخرجه مسلمٌ في صحيحه، عن محمد بن سهم، ومحمد بن مهران، كلاهما عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي.
6- وبه إلى أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن مصعب قال: حدثنا الأوزاعي عن شداد أبي عمار، عن واثلة بن الأسقع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريشٍ بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)).
(1/77)
أخرجه الترمذي في جامعه، هكذا مع هذه الزيادة في أوله، عن خلاد بن مسلم الصفار، عن محمد بن مصعب، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريب.
(1/78)
الباب الثاني فيما ورد: من أبو العرب؟
7- أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز الأيوبي قال: أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني، قال: أخبرنا أسعد بن سعيدٍ بن روح، وعفيفة بنت أحمد الفارفانية، إجازة منها واللفظ لهما قالا: أخبرتنا فاطمة بنت أحمد الجوزدانية) قالت: أخبرنا محمد بن عبد الله بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الحافظ قال:
(1/79)
أخبرنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشي: قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم)).
8- وأخبرني به متصلاً أبو الحسن علي بن أحمد بن محمدٍ الدمشقي، بقراءتي عليه بالقاهرة، قال: أخبرتنا زينب بنت مكي.
ح وأخبرني به محمد بن إبراهيم بقراءتي عليه بدمشق قال: أخبرنا المسلم بن محمدٍ القيسي قالا: أخبرنا الحسن بن علي بن المذهب قال: أخبرنا أبو بكرٍ أحمد بن جعفرٍ القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي قال:
حدثنا عبد الوهاب عن سعيدٍ، عن قتادة، فذكره.
(1/80)
هذا حديثٌ حسنٌ، أخرجه الترمذي عن بشر بن معاذٍ العقدي عن يزيدٍ بن زريعٍ، عن سعيد بن أبي عروبة.
9- وقد وقع لنا من حديث أبي هريرة، مخالفاً لحديث سمرة في بعض ألفاظه، رويناه في مسند أبي بكرٍ البزار، قال:
حدثنا إبراهيم بن هانئ، وأحمد بن الحسين بن عباد أبو العباس، قالا: حدثنا محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي، قال: حدثني أبي عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ولد نوحٍ: سام وحام ويافث، فولد سام: العرب وفارس والروم، والخير فيهم، وولد ليافث: يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد لحام: القبط والبربر والسودان)).
(1/81)
قال البزار: لا نعلم أسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبو هريرة بهذا الإسناد، تفرد به يزيد بن سنان، وتفرد به ابنه عنه. ورواه غيره مرسلاً وإنما جعله من قول سعيد.
قلت: وقد ورد من غير طريق يزيد بن سنان، رواه ابن عدي في ((الكامل)) من رواية سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وسليمان بن أرقم: متروك الحديث.
ورواه ابن عدي -أيضاً- في ((الكامل)) من ترجمة يزيد بن سنان أيضاً، وقال: عامة حديثه غير محفوظ.
وقال النسائي: يزيد بن سنان متروك الحديث. انتهى.
ولا يصح هذا الحديث عن أبي هريرة من سائر طرقه، وهو مخالفٌ لحديث سمرة، وحديث سمرة أولى بالصواب. والله أعلم.
(1/82)
الباب الثالث في بيان أن حب العرب حب للنبي صلى الله عليه وسلم
10- أخبرنا أبو الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم البكري، فيما أذن لي أن أرويه عنه، عن عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني، قال: أنبأنا خليل بن أبي الرجا الراراني قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيمٍ أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا سليمان بن أحمد الحافظ قال:
حدثنا أبو مسلمٍ هو إبراهيم بن عبد الله الكجي قال: حدثنا معقل بن مالكٍ الباهلي قال: حدثنا الهيثم بن جمازٍ عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((حب قريشٍ إيمانٌ وبغضهم كفر، وحب العرب إيمانٌ وبغضهم كفر، من أحب العرب فقد أحبني، ومن أبغض العرب فقد أبغضني)).
(1/83)
قال الطبراني: لم يروه عن ثابتٍ إلا الهيثم بن جماز.
انتهى.
وأخرجه الحاكم في المستدرك مقتصراً على بعضه، وقال: إنه صحيح الإسناد.
وما ذكره من صحة إسناده ليس بجيد؛ فإن الهيثم بن جماز ضعيفٌ عندهم، قال ابن عدي في ((الكامل)): أحاديثه أفرادٌ عن ثابت، وفيها ما ليس بالمحفوظ.
11- وله شاهدٌ من حديث ابن عمر رويناه في المعجم الكبير للطبراني، من رواية عمرو بن دينارٍ، عن ابن عمر، عن
(1/84)
النبي صلى الله عليه وسلم ، في أثناء حديثه، قال فيه: ((فمن أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم)).
وقد تقدم في الباب الأول بإسناده.
(1/85)
الباب الرابع في قوله: ((أحبوا العرب لثلاث))
12- أخبرني علي بن أحمد بن محمد بن صالح بقراءتي عليه قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد بن البخاري، وعبد الرحمن بن أحمد بن عبد الملك، قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الحرستاني قال: أخبرنا عبد الكريم بن حمزة إجازةً قال: أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: حدثنا تمام بن محمد الرازي قال:
حدثنا أبو الخير زهير بن محمد بن يعقوب الموصلي، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن الأحوص الكوفي، حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي.
وأخبرنا الشيخ الإمام قاضي القضاة، أبو الحسن علي بن
(1/87)
عبد الكافي السبكي بدمشق مشافهةً قال: أخبرني إسحاق بن أبي بكرٍ الأسدي.
ح وأخبرني الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن علي الهمداني، إذناً قال: أخبرنا عبد المؤمن بن خلفٍ الحافظ، قالا: أخبرنا أحمد بن الحسين بن فاذشاه قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني.
ح وأخبرنا به عالياً محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز الأيوبي مشافهةً قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني قال: أخبرتنا عفيفة بنت أحمد الفارفانية إجازة قالت: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكرٍ محمد بن عبد الله بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال:
حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي قال: حدثنا يحيى بن بريد الأشعري،
(1/88)
عن ابن جريج، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أحبوا العرب لثلاث: لأني عربيٌ، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي)).
هكذا رواه الطبراني في المعجم الكبير.
ورواه الحاكم في المستدرك قال:
13- حدثنا أبو محمدٍ المزني وأبو سعيدٍ الثقفي في آخرين قالوا: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي فذكره، ثم قال: حديث يحيى بن بريد: عن ابن جريجٍ صحيح.
قلت: وليس كما قال: بل هو ضعيفٌ، لأن يحيى بن
(1/89)
بريدٍ بن أبي بردة ضعيفٌ عندهم، وكذلك راويه عنه: العلاء بن عمرو الحنفي.
وقد رواه الطبراني في المعجم الأوسط، ثم قال: لم يروه عن ابن جريجٍ إلا يحيى بن بريد، تفرد به عنه العلاء بن عمرو.
قلت: ولم ينفرد به يحيى بن بريدٍ عن ابن جريج، بل تابعه عليه محمد بن الفضل، كما قال الحاكم في المستدرك، ثم رواه فقال:
14- حدثناه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بطة
(1/90)
الأصبهاني قال: حدثنا محمد بن الفضل عن ابن جريج. فذكره إلا أنه قال: ((احفظوني في العرب لثلاث)). وقال: إنما ذكرت حديث محمد بن الفضل متابعاً له، يعني لحديث يحيى بن بريد المتقدم.
قلت: وحديث محمد بن الفضل لا يصلح للمتابعة، ولا يعتبر بحديثه، ومحمد بن الفضل بن عطية متفقٌ على ضعفه، متهمٌ بالكذب، وإنما ذكرته؛ لقول الطبراني: إنه تفرد به عن ابن جريج: يحيى بن بريد، فأردت ذكره لزيادة الفائدة. ولحديث ابن عباسٍ شاهدٌ من حديث أبي هريرة.
15- رويناه في المعجم الأوسط للطبراني، من رواية
(1/91)
شبل بن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أنا عربيٌ، والقرآن عربيٌ، وكلام أهل الجنة عربيٌ)).
وهذا أصح من حديث ابن عباسٍ المتقدم.
وشبل بن العلاء احتج به أبو حاتم ابن حبان في صحيحه، وقال: إنه مستقيم الأمر في الحديث.
وأبوه وجده احتج بهما مسلم.
وسنورد هذا الحديث بإسناده في الباب الثامن عشر -إن شاء الله تعالى-.
(1/92)
الباب الخامس في أن بقاء العرب نور الإسلام
16- أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن إبراهيم المقدسي مشافهةً، عن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي، قال: أنبأنا شيرويه بن شهردار الديلمي قال: أخبرنا والدي قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الحداد سماعاً أو إجازةً قال: أخبرنا الفضل بن محمد القاشاني قال: أخبرنا أبو الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان قال:
حدثنا أحمد بن محمد بن الجعد، حدثنا منصور بن أبي مزاحم، حدثنا محمد بن الخطاب عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أحبوا العرب وبقاءهم، فإن بقاءهم نورٌ في الإسلام، وإن فناءهم ظلمة
(1/93)
في الإسلام)).
رواه أبو الشيخ ابن حيان هكذا، في كتاب: ((الثواب وفضائل الأعمال)) وليس في إسناده محل نظرٍ، إلا أن محمد بن الخطاب بن جبير بن حية الثقفي الجبيري البصري، ذكره ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل))، وأن أباه أبا حاتم قال:
(1/94)
لا أعرفه. وقال الأزدي: منكر الحديث.
-والأزدي ليس بعمدة- وقد زالت جهالة عينه برواية جماعةٍ عنه، فقد روى عنه مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، وأبو سلمة المنقري، ومنصور بن أبي مزاحم، وذكره ابن حبان في الثقات.
(1/95)
الباب السادس في أن ذلهم ذلٌ للإسلام
17- أخبرني محمد بن محمد بن إبراهيم البلبيسي بقراءتي عليه قال: أخبرنا محمد بن عمر بن أبي بكر بن ظافر قال: أخبرنا يعقوب بن محمد بن الهذباني قال: أخبرنا منصور بن علي بن إسماعيل الطبري.
ح وأخبرني به عالياً عبد العزيز بن محمد بن إسماعيل إجازةً معينةً عن أحمد بن هبة الله بن الحسن بن عساكر قال: أنبأنا عبد العزيز بن محمد الهروي قالا: حدثنا زاهر بن طاهر الشحامي، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الجنزروذي، قال: أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي قال:
(1/97)
حدثنا منصور بن أبي مزاحم، حدثنا محمد بن الخطاب البصري، عن علي بن زيدٍ، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا ذلت العرب ذل الإسلام)).
ومحمد بن الخطاب بن جبير بن حية، تقدم الكلام عليه في الباب الذي قبله.
وعلي بن جدعان: مختلفٌ فيه، وقد أخرج له مسلم
(1/98)
في المتابعات والشواهد.
(1/99)
الباب السابع في أن بغض العرب مفارقة للدين
18- أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الأموي بقراءتي عليه بثغر الإسكندرية قال: أخبرنا محمد بن عبد الخالق بن طرخان قال: أخبرنا علي بن نصر بن المبارك بن البنا.
ح وأخبرني أبو المظفر محمد بن محمد بن يحيى القرشي قراءة عليه وأنا أسمع، وأبو الحرم محمد بن محمد بن محمد الحنبلي بقراءتي عليه قالا: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن ترجم قال: أخبرنا علي بن البنا.
ح وأخبرنا علي بن أحمد بن محمد الدمشقي سماعاً عليه قال: أخبرنا عمر بن محمد بن معمر المؤدب قالا: أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي قال: أخبرنا أبو عامر محمود بن القاسم الأزدي وأحمد بن عبد الصمد الغورجي
(1/101)
وعبد الله بن علي الدهان قالوا: أخبرنا عبد الجبار بن محمد الجراحي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن محبوب قال: أخبرنا الحافظ أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي قال:
حدثنا محمد بن يحيى الأزدي وأحمد بن منيع وغير واحد قالوا: أخبرنا أبو بدرٍ شجاع بن الوليد عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يا سلمان، لا تبغضني فتفارق دينك))، قلت: يا رسول الله، كيف أبغضك وبك هداني الله؟ قال: ((تبغض العرب فتبغضني)).
(1/102)
أخرجه الترمذي هكذا في جامعه وقال: حديثٌ حسنٌ غريبٌ، لا نعرفه إلا من حديث أبي بدرٍ شجاع بن الوليد.
19- وأخبرني به عالياً أبو عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم الخزرجي بقراءتي عليه بمنزله في دمشق قال: أخبرنا المسلم بن محمد القيسي قال: أخبرنا حنبل بن عبد الله الرصافي قال: أخبرنا هبة الله بن محمد الشيباني قال: أخبرنا الحسن بن محمدٍ التميمي قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال:
حدثنا شجاع بن الوليد قال: ذكره قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه فذكره إلا أنه قال: ((هدانا)) بضمير الجمع.
فإن قيل: ظاهر رواية أحمد هذه أن شجاع بن الوليد لم يسمعه من قابوس، فهو منقطعٌ.
قلت: بل قد سمعه منه.
20- كما أنبأني به الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن علي الهمداني قال: أخبرنا عبد المؤمن بن خلفٍ الحافظ.
(1/103)
ح وأخبرني الحافظ أبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي، والمحدثون: أبو الثناء محمود بن خليفة المنبجي، وعبد الله بن يعقوب بن سيدهم، وأبو إسحاق إبراهيم بن عيسى بن عبد الرحمن المروزي، مشافهةً منهم بدمشق قالوا: أخبرنا إسحاق بن أبي بكر بن إبراهيم الأسدي قالا: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ قال: حدثنا محمد بن أبي زيد بن حمد الكراني قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن فاذشاه قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال:
حدثنا محمد بن النضر الهروي قال: حدثنا شهاب بن عباد العبدي قال:حدثنا شجاع بن الوليد قال: حدثنا قابوس بن أبي ظبيان، فذكر مثله.
ففي هذا: التصريح بسماع شجاع بن الوليد له من قابوس بن أبي ظبيان، وانتفاء توهم الانقطاع، والله أعلم.
(1/104)
الباب الثامن في أن حبهم إيمان وبغضهم نفاق
21- أخبرني أبو عبد الله، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن سالمٍ بقراءتي عليه بمنزله بدمشق قال: أخبرنا المسلم بن محمد القيسي.
ح وأخبرني به أبو الحسن، علي بن أحمد بن محمد بن صالح بقراءتي عليه بالقاهرة قال: أخبرتنا زينب بنت مكي، قالا: أخبرنا حنبل بن عبد الله المكبر، قال: أخبرنا هبة الله بن محمد بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن المذهب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال:
حدثني إسماعيل أبو معمر، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن زيد بن جبيرة عن داود بن الحصين، عن عبيد الله بن
(1/105)
أبي رافع، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا يبغض العرب إلا منافقٌ)).
ورويناه في معجم الطبراني الأوسط، من رواية ثابت عن أنسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في أثناء حديث: ((حب العرب إيمانٌ وبغضهم كفرٌ))، وقد تقدم في الباب الثالث.
22- وأخبرنا محمد بن إبراهيم بن داود الهكاري، قال: أخبرنا إبراهيم بن علي بن أحمد الواسطي، قال: أخبرنا داود بن أحمد بن محمد بن ملاعب قال: أخبرنا محمد بن عمر الأرموي، حدثنا عبد الصمد بن علي بن المأمون، أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال:
(1/106)
أخبرنا علي بن محمد بن أحمد الواعظ، حدثنا عبد الله بن وهيب الحدامي، حدثنا مورع بن جبير الحدامي، حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن سالم، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((حب العرب إيمانٌ وبغضهم نفاقٌ)).
قال الدارقطني: وهذا حديثٌ غريبٌ، من حديث الزهري عن سالم، تفرد به مورع بن جبير عن الزهري.
23- وأخبرنا الإمام أبو الحسن علي بن محمدٍ الهمداني، فيما أذن لي أن أرويه عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو محمدٍ عبد المؤمن بن خلف.
ح وأخبرنا الحافظ أبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي، والمحدث أبو الثناء محمود بن يحيى بن إسحاق الآمدي قالا: حدثنا الحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد بن حمد الكراني قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن فاذشاه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي قال:
(1/107)
أخبرنا القاسم بن زكريا، حدثنا محمد بن عمارة بن صبيح الكوفي، حدثنا سهل بن عامرٍ، حدثنا عباد بن الربيع، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يبغض العرب مؤمنٌ، ولا يحب ثقيفاً مؤمنٌ)).
وعباد بن الربيع: قال فيه البخاري، وأبو حاتمٍ الرازي: إمامٌ من أئمة نخيلة.
وذكره ابن حبان في الثقات.
وسهل بن عامر البجلي: تكلم فيه البخاري، وأبو حاتمٍ الرازي.
(1/108)
الباب التاسع في وصيته صلى الله عليه وسلم بالعرب
24- أخبرنا الإمام أبو محمد عبد القادر بن محمد بن محمد القرشي قراءةً عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا محمد بن عبد الحميد بن محمد المهلبي، وعبد الله بن علي بن عمر الصنهاجي قالا: أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي بن أبي العز بن عزون.
ح وأخبرني به عالياً أبو علي عبد الرحيم بن عبد الله بن يوسف الأنصاري مشافهةً عن إسماعيل بن عزون قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير قالت: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال:
حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا يحيى الحماني، حدثنا قيس بن الربيع، عن أبي المقدام، عن حبة
(1/109)
عن علي رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : ((يا علي أوصيك بالعرب خيراً، أوصيك بالعرب خيراً)).
هكذا رواه الطبراني في المعجم الكبير، أورده في ترجمة حبة بن جوين العرني وقال: يقال إنه قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهكذا ذكر أبو موسى المديني في حبة بن جوين في ذيله على ابن منده في الصحابة. انتهى.
والصحيح: أنه لا صحبة له، وقد ذكره العجلي في ثقات التابعين فقال: كوفيٌ تابعيٌ ثقة. وقال صالح جزرة: حبة العرني من أصحاب علي، شيخٌ، كان يتشيع، ليس هو بمتروك ولا ثبت، وسط. وقد ضعفه يحيى بن معينٍ وآخرون.
وأما أبو المقدام الراوي له عن حبة، فهو ثابت بن هرمز
(1/110)
الحداد، وثقه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والنسائي، وغيرهم.
وأما قيس بن الربيع الأسدي، فهو أحد أوعية العلم، كان شعبة يثني عليه، لكن ضعفه الجمهور، لسوء حفظه.
وقد تابعه عليه عن أبي المقدام: ابنه عمرو بن أبي المقدام، وعمرو هذا من الشيعة، وقد سأل أبو عبيد الآجري عنه أبا داود، فقال: ليس يشبه حديثه حديث الشيعة -يعني أنها مستقيمة-.
وروى معاوية بن صالح عن يحيى أنه قال: عمرو لا يكذب في حديثه وضعفه الجمهور.
(1/111)
وأما يحيى بن عبد الحميد الحماني: فهو أحد الحفاظ، وقد وثقه يحيى بن معين وغيره، وضعفه الجمهور، وكذبه أحمد.
ولم ينفرد به يحيى الحماني، بل تابعه عليه الحسين بن الحسن الأشقر، والحسين هذا ذكره ابن حبان في الثقات، وضعفه غيره.
(1/112)
25- وقد رواه من هذا الوجه، أبو بكر البزار في مسنده قال: حدثنا محمد بن معمر حدثنا حسين بن الحسن، حدثنا قيس بن الربيع، وعمرو بن أبي المقدام، عن أبي المقدام عن حبة -يعني ابن جوين- قال: سمعت علياً يقول: أسندت النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدري فقال: ((يا علي أوصيك بالعرب خيراً)).
قال البزار: لا نعلمه يروى عن علي إلا بهذا الإسناد، قال: وأبو المقدام هو ثابتٌ الحداد، روى عنه منصور بن المعتمر وسفيان الثوري، وهو أبو عمرو بن ثابت.
26- أخبرنا أبو علي عبد الرحيم بن عبد الله بن يوسف الأنصاري قال: أخبرنا أحمد بن علي بن يوسف الدمشقي، وإسماعيل بن عبد القوي بن أبي العز بن عزون، وعثمان بن عبد الرحمن بن رشيق قالوا: أخبرنا هبة الله بن علي بن مسعود البوصيري قال: أخبرنا محمد بن بركات بن هلال قال: أخبرتنا كريمة بنت أحمد المروزية قالت: أخبرنا محمد بن مكي بن محمد الكشميهني قال: أخبرنا محمد بن
(1/113)
يوسف بن مطرٍ قال: أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال:
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن حصين عن عمرو بن ميمون قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل أن يصاب بأيام بالمدينة، ووقف على حذيفة بن اليمان، وعثمان بن حنيف، فذكر الحديث في قصة طعن عمر ووصيته، وفي آخره:
((أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين: أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيراً الذين تبوؤا الدار من قبلهم، أن يقبل من محسنهم، وأن يعفي عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيراً، فإنهم ردء الإسلام، وجباة المال، وغيظ العدو، وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيراً، فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام، أن يأخذ من حواشي أموالهم وترد على فقرائهم.. .. ..)) الحديث.
(1/114)
الباب العاشر في أن من غش العرب لم تنله شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم
27- أخبرني محمد بن محمد بن محمد الحنبلي بقراءتي عليه، ومحمد بن محمد بن يحيى القرشي سماعاً عليه، قالا: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن ترجم.
ح وأخبرني محمد بن أحمد بن محمد الأموي، بقراءتي عليه بثغر الإسكندرية، قال: أخبرنا محمد بن عبد الخالق بن طرخان الأموي، قالا: أخبرنا علي بن أبي الكرم بن البنا.
ح وأخبرنا علي بن أحمد بن محمد الدمشقي، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي قال: أخبرنا عمر بن محمد بن معمر المؤدب قالوا: أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الصمد الغورجي، ومحمود بن القاسم الأزدي، وعبيد الله بن عبد الله بن علي الدهان، قالوا: أخبرنا عبد الجبار بن محمد
(1/115)
الجراحي، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن محبوب قال: أخبرنا أبو عيسى محمد بن عيسى الحافظ قال:
حدثنا عبد بن حميد، حدثنا محمد بن بشر الحميدي، حدثنا عبد الله بن عبد الله بن الأسود عن حصين بن عمر الأحمسي، عن مخارق بن عبد الله، عن طارق بن شهاب، عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من غش العرب لم يدخل في شفاعتي ولم تنله مودتي)).
أخرجه الترمذي هكذا في جامعه، وقال: هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفه، إلا من حديث حصين بن عمر الأحمسي عن مخارق، وليس حصين عند أهل الحديث بذاك القوي، انتهى.
وحصين المذكور: ضعفه الجمهور، ووثقه العجلي،
(1/116)
فقال: كوفيٌ ثقة.
28- وأخبرني عالياً محمد بن إسماعيل بن إبراهيم العبادي، بقراءتي عليه بمنزله بدمشق قال: أخبرنا المسلم بن محمد القيسي.
ح وأخبرني علي بن أحمد بن محمد بن صالح، بقراءتي عليه بالقاهرة، قال: أخبرتنا زينب بنت مكي قالا: أخبرنا حنبل بن عبد الله المكبر قال: أخبرنا هبة الله ابن محمد الشيباني قال: أخبرنا الحسن بن محمد التميمي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال:
وجدت في كتاب أبي: حدثنا محمد بن بشر، حدثني عبد الله بن عبد الله بن الأسود، فذكره.
(1/117)
الباب الحادي عشر في أن هلاك العرب من أشراط الساعة
29- أخبرني أبو الحرم محمد بن محمد بن محمدٍ القلانسي، بقراءتي عليه بالقاهرة قال: أخبرنا يعقوب بن أحمد بن فضائل الحلبي.
ح وأخبرنا محمد بن عمر بن الحسن الحلبي، قراءةً عليه وأنا أسمع بمكة قال: أخبرنا أبو سعيدٍ سنقر بن عبد الله الزيني قراءةً عليه، وأنا حاضر في الثالثة، وإجازةً منه قالا: أخبرنا العلامة أبو محمدٍ عبد اللطيف بن يوسف البغدادي قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن أحمد الدامغاني، إجازةً إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد الأنماطي قال: أخبرنا عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد العلاف قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عمر بن الحمامي قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال:
(1/119)
أخبرنا الفضل بن الحباب، حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا محمد بن أبي رزين قال: حدثتني أمي قالت: كانت أم الحرير، إذا مات رجلٌ من العرب بكت، فقلنا لها: يا أم الحرير؛ إنا نراك إذا مات رجلٌ من العرب اشتد عليك، قالت: سمعت مولاي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من اقتراب الساعة، هلاك العرب)).
قال محمد بن أبي رزين، وكان مولاها طلحة بن مالك.
30- وأخبرنا به عالياً بدرجة، الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن علي الهمداني، فيما أذن لي أن أرويه عنه، قال: أخبرنا عبد الله الهمداني فيما أذن لي أن أرويه عنه، قال: أخبرنا عبد المؤمن بن خلف الحافظ.
ح وأخبرنا الحافظ أبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي، وأبو الثناء محمود بن خليفة المنبجي، مشافهةً منهما بدمشق قالا: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن هبة الله الأسدي قالا: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد الكراني قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل
(1/120)
الصيرفي قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن فاذشاه.
ح وأخبرنا به بعلو درجةٍ ثانية، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الأيوبي إذناً قال: أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني قراءةً عليه، وأنا أسمع قال: أخبرنا أسعد بن سعيد بن روح وعفيفة بنت أحمد الفارفانية، واللفظ لها، قالا: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة. قالا: أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال:
حدثنا أبو خليفة، الفضل بن الحباب الجمحي وأبو مسلمٍ الكشي قالا: حدثنا سليمان بن حربٍ، فذكره إلا أنه قال: ((إذا مات رجلٌ من العرب اشتد عليها))، والباقي مثله.
أخرجه الترمذي في جامعه، عن يحيى بن موسى، عن سليمان بن حرب، وقال: هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفه إلا من حديث سليمان بن حرب.
(1/121)
الباب الثاني عشر في قلة العرب عند خروج الدجال
31- أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن سالمٍ الدمشقي، بقراءتي عليه بها قال: أخبرنا القاسم بن أبي بكر الإربلي، قال: أخبرنا المؤيد بن محمدٍ الطوسي قال: أخبرنا محمد بن الفضل الفراوي قال: أخبرنا عبد الغافر بن محمدٍ الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان قال: حدثنا مسلم بن الحجاج قال:
حدثني هارون بن سعيد الأيلي قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: حدثني أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرتني أم شريك: أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليفرن الناس من الدجال في الجبال)).
(1/123)
قالت أم شريك: يا رسول الله، فأين العرب يومئذ؟ قال: ((هم قليل)).
32- وبه إلى مسلم قال: وحدثناه محمد بن يسارٍ، وعبد بن حميد قالا: أخبرنا أبو عاجمٍ، عن ابن جريج بهذا الإسناد.
وأخبرني به عالياً علي بن أحمد بن محمدٍ بن صالحٍ، بقراءتي عليه بالقاهرة قال: أخبرتنا زينب بنت مكي.
ح وأخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن الخباز، بقراءتي عليه بدمشق قال: أخبرنا المسلم بن محمد القيسي قالا: أخبرنا حنبل بن عبد الله الرصافي قال: أخبرنا هبة الله بن محمدٍ قال: أخبرنا أبو علي بن المذهب قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا روح قال: حدثنا ابن جريج، فذكره.
(1/124)
هذا حديثٌ صحيحٌ أخرجه مسلم -كما تقدم- في صحيحه.
وأخرجه الترمذي في جامعه، عن محمد بن يحيى الأزدي، عن حجاج بن محمدٍ، عن ابن جريج.
وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريب.
(1/125)
الباب الثالث عشر في دعائه صلى الله عليه وسلم للعرب
33- أخبرني الإمام أبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي، قال: أخبرنا عبد المؤمن بن خلفٍ الحافظ قال: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد بن حمد الكراني قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن فاذشاه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد اللخمي قال:
حدثنا محمد بن الحسن بن المستنبان، وعبد الله بن الحسن المصيصي، قالا: حدثنا الحسن بن بشر، حدثنا مروان بن معاوية، عن ثابت بن عمارة، عن غنيم بن قيس، عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إني دعوت للعرب فقلت: اللهم من لقيك معترفاً بك فاغفر له أيام حياته، وهي دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وإن لواء الحمد يوم
(1/127)
القيامة بيدي، وإن أقرب الخلق من لوائي يومئذٍ العرب)).
أخرجه الطبراني هكذا في المعجم الكبير.
34- ورويناه أيضاً في مسند أبي بكرٍ البزار قال: حدثنا رزق الله بن موسى قال: حدثنا الحسن بن بشر بن سلم، فذكره مختصراً بلفظ: ((اللهم من لقيك منهم مصدقاً موقناً فاغفر له))، ولم يذكر ما بعده.
وقال: لا نعلم رواه عن ثابت إلا مروان، ولا عنه إلا الحسن بن بشر. انتهى.
والحسن بن بشر البجلي روى عنه البخاري في صحيحه، قال أبو حاتم الرازي: صدوقٌ.
(1/128)
وذكره ابن حبان في الثقات.
ومروان بن معاوية الفزاري: احتج به الشيخان.
وثابت بن عمارة الحنفي: لا بأس به، قاله أحمدٌ والنسائي، وقال ابن معين: ثقة.
وغنيم بن قيس: احتج بن مسلمٌ، ووثقه ابن سعد، والنسائي، وابن حبان.
فالحديث إذاً إسناده جيدٌ. والله أعلم.
(1/129)
الباب الرابع عشر في دعائه صلى الله عليه وسلم لقبائل من العرب
35- أخبرني محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن سالم، بقراءتي عليه بمنزله بدمشق قال: أخبرنا القاسم بن أبي بكرٍ الإربلي قال: أخبرنا المؤيد بن محمدٍ قال: أخبرنا محمد بن الفضل قال: أخبرنا عبد الغافر بن محمدٍ قال: أخبرنا محمد بن عيسى بن عمرويه قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان قال: حدثنا مسلم بن الحجاج قال:
حدثنا يحيى بن يحيى، ويحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر، قال يحيى بن يحيى: أخبرنا، وقال الآخرون: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله.. .. )) الحديث.
(1/131)
هذا حديثٌ صحيحٌ متفقٌ عليه أخرجه مسلمٌ هكذا، واتفق عليه الشيخان من رواية صالح بن كيسان عن نافعٍ، عن ابن عمر.
وأخرجه الترمذي عن علي بن حجر، كرواية مسلم، ثم قال: وفي الباب عن أبي ذر، وأبي برزة الأسلمي، وبريدة، وأبي هريرة.
قلت: وفي الباب أيضاً ما لم يذكره: عن سلمة بن الأكوع، وابن عباس، وسمرة بن جندب، وجابر وخفاف بن إيماء، وأبي قرصافة واسمه: جندرة بن خيشنة، وأنس بن مالكٍ، وعبد الله بن سندر.
أما حديث أبي ذر
36- فأخبرني به محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بإسناده المذكور إلى مسلم، قال: حدثنا هداب بن خالد قال: حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت قال: قال أبو ذر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((غفار
(1/132)
غفر الله لها، وأسلم سالمها الله)). أخرجه مسلمٌ هكذا في أفراده.
وأما حديث أبي برزة الأسلمي
37- فأخبرني به محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الدمشقي، بقراءتي عليه بها قال: أخبرنا المسلم بن محمدٍ القيسي قال: أخبرنا حنبل بن عبد الله.
ح وأخبرني علي بن محمد بن أحمد بن صالح، بقراءتي عليه بالقاهرة قال: أخبرتنا زينب بنت مكي قالت: أخبرنا حنبل قال: أخبرنا هبة الله بن محمدٍ الشيباني قال: أخبرنا الحسن بن علي التميمي قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال:
حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا شعبة عن علي بن زيدٍ، عن المغيرة بن أبي برزة.
ح وقال أحمد أيضاً: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا شعبة عن علي بن زيدٍ قال: سمعت المغيرة بن أبي برزة يحدث عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أسلم
(1/133)
سالمها الله، وغفار غفر الله لها، ما أنا قلته ولكن الله عز وجل قاله)).
وهكذا رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده قال:
38- حدثنا أحمد -هو ابن إبراهيم الدورقي-، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، فذكره.
وكذا رواه الطبراني في المعجم الكبير قال:
39- حدثنا زكريا بن يحيى الساجي قال: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا شعبة، فذكره.
وقد رواه أبو بكرٍ البزار في مسنده مخالفاً لروايتهم من وجهين، فقال:
40- حدثنا محمد بن المثنى، ويحيى بن حكيمٍ قالا:
(1/134)
حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة عن علي بن يزيد، عن أبي المنهال، عن المغيرة، عن أبي برزة، فذكره، ولم يقل في آخره: ((ما أنا قلتهن)). إلى آخره.
هكذا وقع في رواية البزار: علي بن يزيدٍ، وزاد في إسناده: أبا المنهال سيار بن سلامة بين المغيرة وأبيه. والمعروف ما تقدم كما في مسندي أحمد وأبي يعلى، ومعجم الطبراني، والله أعلم.
وأما حديث بريدة
فلم أجد له إسناداً.
وأما حديث أبي هريرة
41- فأخبرني به علي بن أحمد بن محمد الدمشقي، بقراءتي عليه قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد، وعبد الرحمن بن الزين، وأحمد بن عبد الملك المقدسيان قالا: أخبرنا قاضي القضاة أبو القاسم عبد الصمد بن محمدٍ الأنصاري، قال: أخبرنا عبد الكريم بن حمزة قال: أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني الحافظ قال: أخبرنا أبو القاسم تمام بن محمدٍ الحافظ قال:
(1/135)
حدثنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة من لفظه، حدثنا عبد الرحمن بن مرزوقٍ البزوري ببغداد، حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا شعبة عن محمد بن زيادٍ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها)).
هذا حديثٌ صحيحٌ متفقٌ عليه، أخرجه مسلم عن ابن مثنى، عن عبد الرحمن بن مهدي، وعن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، كلاهما عن شعبة، واتفق عليه الشيخان من رواية أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة.
وانفرد به مسلم من رواية أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، ومن رواية خثيم بن عراكٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة، وزاد في هذه الرواية: ((أما إني لم أقلها ولكن قالها الله عز وجل)).
وأخرجه الحاكم في المستدرك من هذا الوجه وقال: هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه الزيادة.
(1/136)
قلت: وليس كما ذكر بالنسبة إلى مسلمٍ، فقد أخرجه مسلمٌ بها.
وأما حديث سلمة بن الأكوع
42-فأخبرني به محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن سالمٍ، بقراءتي عليه بمنزله بدمشق في الرحلة الأولى، قال: أخبرنا أبو الغنائم المسلم بن محمدٍ القيسي قال: أخبرنا حنبل بن عبد الله بن سعادة الرصافي.
ح وأخبرني أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن صالح الدمشقي، بقراءتي عليه بالقاهرة قال: أخبرتنا.. .. زينب بنت مكي بن كامل قالت: أخبرنا حنبل قال: أخبرنا هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن المذهب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال:
حدثنا عبد الصمد، حدثنا عمر بن راشدٍ اليامي، حدثنا إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(1/137)
((أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، والله ما أنا قلته ولكن الله قاله)).
43- ورويناه في المعجم الكبير للطبراني، من رواية أبي سعيدٍ مولى بني هاشمٍ عن عمر بن راشد.
وأخرجه الحاكم في المستدرك من رواية علي بن زيد بن أبي حكيمٍ عن إياس بن سلمة، عن أبيه وقال: إن إسناده صحيحٌ.
وأما حديث ابن عباس
44- فأخبرني به الشيخ الإمام الحافظ أبو الحسن، علي بن عبد الكافي السبكي، والإمام المحدث أبو الثناء محمود بن خليفة بن خلف المنبجي، مشافهةً منهما بدمشق قالا: أخبرنا إسحاق بن أبي بكرٍ بن إبراهيم الأسدي.
ح وأخبرنا الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن عبد القادر الهمداني، فيما أذن لي أن أرويه عنه قال: أخبرنا عبد المؤمن بن خلفٍ الحافظ قال: أخبرنا يوسف بن خليلٍ
(1/138)
الحافظ قال: أخبرنا محمد بن أبي زيدٍ بن حمد الكراني قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن فاذشاه قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني.
ح وأخبرنا به عالياً محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز بن عيسى مشافهة قال: أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني، قراءةً وأنا أسمع قال: أخبرتنا عفيفة بنت أحمد الفارفانية، قالت: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن ريذة قال: أخبرنا الطبراني قال: حدثنا موسى بن هارون، حدثنا كثير بن يحيى، صاحب البصري.
ح قال الطبراني: وحدثنا الحسين بن الكميت، وعبد الله بن محمد بن عزيز الموصلي، قالا: حدثنا غسان بن الربيع قالا: حدثنا ثابت بن يزيدٍ عن هلال بن خبابٍ عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها)).
(1/139)
وأما حديث سمرة بن جندب
45- فأخبرناه محمد بن عبد العزيز بن عيسى، قراءةً عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني، قال: أخبرتنا عفيفة بنت أحمد الفارفانية إجازة قالت: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قالت: أخبرنا محمد بن عبد الله بن ريذة قال: أخبرنا سليمان بن أحمد الحافظ قال:
حدثنا موسى بن هارون، حدثنا مروان بن جعفرٍ السمري، حدثنا محمد بن إبراهيم بن حبيب بن سمرة، حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة عن خبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه، عن سمرة بن جندب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((بنو غفار وأسلم كانوا لكثيرٍ من الناس فتنةً؛ يقولون: لو كان خيراً ما جعلهم أول الناس فتنةً، وإنها لغفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله)).
هذا حديثٌ حسنٌ.
(1/140)
وخبيب بن سليمان وأبوه ذكرهما ابن حبان في الثقات.
وأخرج أبو داود بهذه الترجمة عدة أحاديث.
وأخرج أيضاً المقدسي في المختارة، أحاديث كثيرةً بهذه الترجمة.
وأما حديث جابرٍ
46- فأخبرني به محمد بن إسماعيل بن إبراهيم العبادي، بقراءتي عليه بمنزله بدمشق في الرحلة الأولى قال: أخبرنا القاسم بن أبي بكر الإربلي، قال: أخبرنا المؤيد بن محمدٍ الطوسي، قال: أخبرنا محمد بن الفضل الفراوي، قال: أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد الزاهد قال: أخبرنا مسلم بن الحجاج قال: حدثنا يحيى بن حبيبٍ، حدثنا روح بن عبادة.
ح -قال مسلم-: وحدثني سلمة بن شبيب، حدثنا الحسن بن أعين قالا: حدثنا معقل عن أبي الزبير، عن جابرٍ،
(1/141)
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها)) أخرجه مسلم هكذا في أفراده.
وأما حديث خفاف بن إيماء
47- فأخبرني به محمد بن إسماعيل المذكور سنده آنفاً إلى مسلم، قال: حدثني أبو الطاهر، حدثنا ابن وهبٍ عن الليث، عن عمران بن أبي أنس، عن حنظلة بن علي، عن خفاف بن إيماء الغفاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر: ((اللهم العن بني لحيان ورعلاً وذكوان، وعصيةً عصت الله ورسوله، وغفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله)).
أخرجه مسلم هكذا في أفراده في الفضائل، وفي الصلاة أيضاً.
وأخرجه أيضاً، في الصلاة عن يحيى بن أيوب،
(1/142)
إسماعيل بن جعفر، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن حنظلة بن علي، وعن يحيى بن أيوب، وقتيبة، وعلي بن حجر، ثلاثتهم عن إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن عمرو، عن خالد بن عبد الله بن حرملة، عن الحارث بن خفاف قال: قال خفاف، فذكره.
وكأنه اختلف في إسناده على إسماعيل بن جعفر، أو أن لإسماعيل بن جعفر فيه إسنادين، فقد رواه يحيى بن أيوب عنه على الوجهين معاً، والله أعلم.
وأما حديث أبي قرصافة
48- أخبرنا به الإمام أبو محمد عبد القادر بن محمد بن محمد بن نصير الله القرشي قال: أخبرنا محمد بن عبد الحميد بن محمد المهلبي، وعبد الله بن عمر بن علي بن شبل قالا: أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي بن أبي العز بن عزون.
(1/143)
ح وأخبرني به عالياً، عبد الرحمن بن عبد الله بن يوسف الأنصاري، مشافهةً عن إسماعيل بن عزون قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال:
حدثنا محمد الحسن بن قتيبة، حدثنا أيوب بن علي بن الهيصم، حدثنا زياد بن سيارٍ عن عزة بنت عياض، قالت: سمعت أبا قرصافة يقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله)).
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير هكذا.
وأما حديث أنسٍ بن مالك
49- فأخبرنا به الإمام قاضي القضاة، أبو عمر عبد العزيز بن محمدٍ الكتاني إجازة معينة، عن أبي الفضل أحمد بن هبة الله بن عساكر، عن أبي المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن السمعاني، قال:
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد الكشميهني،
(1/144)
قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن إجازة، قال: أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي، قال: أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ قال:
حدثنا عبد الله بن أبي سفيان الموصلي، حدثنا المقدمي، حدثنا الوليد بن هشام القحذمي، حدثنا المحبر بن قحذم، عن جده أبي القحذم، داود بن سليمان، حدثنا أنس بن مالكٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها)).
هكذا أخرجه أبو أحمد بن عدي في ((الكامل))، في ترجمة داود بن المحبر، ولم يذكر لداود فيه رواية، ثم قال: والمحبر بن قحذم: هو والد داود بن قحذم، وداود بن سليمان جده.
وأما حديث ابن سندر
50- فأخبرني به محمد بن محمد بن محمد بن أبي الحرم بقراءتي عليه، قال: أخبرنا يعقوب بن أحمد بن فضائل.
(1/145)
ح وأخبرنا محمد بن عمر بن الحسين الحلبي، سماعاً عليه بمكة قال: أخبرنا سنقر بن عبد الله الحلبي، قالا: أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف البغدادي قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا علي بن محمد بن العلاف المقري، قال: أخبرنا علي بن عمر بن الحمامي، قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع، قال:
حدثنا عبد الله بن محمدٍ قال: حدثنا إبراهيم بن هانئ قال: حدثنا أبو الأسود عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير، عن عبد الله بن سندر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها)).
رواه البزار في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، في رواية عمرو بن خالدٍ الحراني، عن ابن لهيعة، وزاد في آخره: ((وتجيب أجابت الله)).
51- أخبرني أبو محمدٍ عبد الله بن محمد بن إبراهيم
(1/146)
المقدسي، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي، قال: أخبرنا عمر بن محمد بن معمر البغدادي قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون، قال: أخبرنا عبد الصمد بن علي بن محمد بن المأمون قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال:
حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعدٍ، قال: حدثنا هارون بن موسى الفروي بالمدينة، قال: حدثني محمد بن فليح بن سليمان، قال: حدثنا موسى بن عقبة قال: حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي، أنه سمع أنس بن مالك يقول: حزنت على من أصيب بالحرة من قومي، فكتب إلي زيد بن أرقم -وبلغه شدة حزني- فأخبرني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار))، وشك ابن الفضل في: ((أبناء أبناء الأنصار)).
(1/147)
قال الدارقطني: هذا حديثٌ غريبٌ، من حديث عبد الله بن الفضل الهاشمي عن أنس، تفرد به موسى بن عقبة.
قلت وهو صحيح متفقٌ عليه، أخرجه البخاري عن إسماعيل بن عبد الله عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة. وأخرجه مسلمٌ من وجه آخر، من رواية قتادة عن النضر بن أنس، عن زيد بن أرقم.
52- ورواه الترمذي من رواية علي بن زيد قال: حدثنا النضر بن أنس، عن زيد بن أرقم، أنه كتب إلى أنسٍ بن مالك، فذكره بلفظ: ((اللهم اغفر للأنصار، ولذراري الأنصار، ولذراري ذراريهم)).
وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.
53- وقد صح أيضاً من حديث أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر للأنصار، قال: وأحسبه قال:
(1/149)
((ولذراري الأنصار، ولموالي الأنصار)).
لا أشك فيه.
أخرجه مسلمٌ من رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنسٍ.
54- ورواه أحمد في مسنده، من رواية النضر بن أنسٍ، عن أنس، فقال فيه: ((ولأزواج الأنصار)).
55- ورواه أيضاً بزيادة فيه، من رواية ثابتٍ البناني، عن أنس بن مالك قال: شق على الأنصار النواضح، فاجتمعوا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، يسألونه أن يكري لهم نهراً سيحاً، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مرحباً بالأنصار، مرحباً بالأنصار، والله لا تسألوني اليوم شيئاً إلا أعطيتكموه، ولا أسأل الله لكم شيئاً إلا أعطانيه))، فقال بعضهم لبعض: اغتنموها، اسألوا المغفرة، قالوا: يا رسول الله: ادع الله لنا بالمغفرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اللهم اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار)).
(1/150)
وقد تابع ثابتاً البناني عليه موسى بن أنس عن أنس بهذه الزيادة.
أخرجه الحاكم في المستدرك وقال: هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
56- ورواه الطبراني في الأوسط من حديث جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار، ولأزواجهم، ولذراريهم)).
رواه من رواية عيسى بن جارية عنه.
ولجابر حديثٌ آخر في الدعاء للأنصار بغير هذا اللفظ.
57- أخبرني به محمد بن محمد بن إبراهيم البلبيسي، بقراءتي عليه قال: أخبرنا محمد بن عمر بن أبي بكر البصري، قال: أخبرنا يعقوب بن محمد الهذباني قال: أخبرنا منصور بن علي الطبري قال: أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الجنزروذي، أخبرنا محمد بن أحمد بن
(1/151)
حمدان الحيري، قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي قال:
حدثنا بن أبي سمية، حدثنا إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: قال أبي: عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله، قال: أمر أبي بخريزة فصنعت، ثم أمرني فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر الحديث في ذبح أبيه الشاة، وشويها، وإرسالها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي آخره: أخبرته فقال: ((جزى الله الأنصار خيراً ولا سيما عبد الله بن عمرو بن حرام وسعد بن عبادة)).
58- أخبرني الحافظ أبو محمدٍ عبد الله بن محمد بن أبي بكر القرشي، بقراءتي عليه قال: أخبرني أبو المكارم محمد بن أحمد بن محمد بن النصيبي، بقراءتي عليه بحلب قال: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد اللبان.
(1/152)
ح وأنبأني به عالياً، محمد بن إسماعيل بن عمر، وعبد الله بن محمد بن إبراهيم المقدسي، قالا: أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي، عن أبي المكارم اللبان، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارسٍ قال: حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود الطيالسي قال:
حدثنا جعفر بن سليمان، عن النضر بن سعيد الكندي، أو العبدي عن الجارود عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تسبوا قريشاً، فإن عالمها يملأ الأرض علماً، اللهم إنك أذقت أولها عذاباً أو وبالاً فأذق آخرها نوالاً)).
(1/153)
أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده هكذا.
وله شاهدٌ من حديث أبي هريرة
59- أخبرني به محمد بن إبراهيم بن محمد الدمشقي، بقراءتي عليه، قال: أخبرنا يوسف بن يعقوب الشيباني، إذناً قال: أخبرنا زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمدٍ الشيباني قال: أخبرنا الحافظ أبو بكرٍ أحمد بن علي بن ثابت قال:
أخبرنا أبو سعدٍ إسماعيل بن علي الإستراباذي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله، الحافظ بنيسابور، حدثنا محمد بن إبراهيم المؤذن، حدثنا عبد الملك بن محمد هو: أبو نعيم الإستراباذي، حدثنا محمد بن عوفٍ، حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا ابن عياش، عن عبد العزيز بن عبيد الله، عن وهب بن كيسان، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: ((اللهم اهد قريشاً، فإن عالمها يملأ طباق الأرض علماً، اللهم كما أذقتهم عذاباً فأذقهم نوالاً)).
(1/154)
دعا به ثلاث مرات.
قال أبو نعيم عبد الملك بن محمد الفقيه الإستراباذي في قوله صلى الله عليه وسلم : ((فإن عالمها يملأ طباق الأرض علماً)).
(ويملأ طباق الأرض: علامةٌ بينة للميزان المراد بذلك: رجلٌ من علماء هذه الأمة من قريشٍ، قد ظهر علمه وانتشر في البلاد، وكتبوا تآليفه، واستظهروا أقواله، وهذه صفة لا نعلمها قد أحاطت إلا بالشافعي، إذ كان كل واحدٍ من قريش من علماء الصحابة والتابعين، ومن بعدهم وإن كان علمه قد ظهر وانتشر، فإنه لم يبلغ مبلغاً يقع تأويل هذه الرواية، إذ كان لكل واحدٍ نتفٌ وقطعٌ من العلم ومساءلاتٌ، وليس في كل بلدٍ من بلاد المسلمين مدرسٌ ومفتٍ، ومصنفٌ يصنف على مذهب قرشي إلا على مذهبه، فعلم أنه بعينه لا غيره، وهو الذي شرح الأصول والفروع، وازدادت على مر الأيام حسناً وبياناً).
انتهى كلام أبي نعيم الإستراباذي.
(1/155)
وذكر الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب ((المدخل)) أنه ورد هذا الحديث من حديث علي وابن عباس.
قلت: وورد من حديث العباس أيضا، رويناه في مسند أبي بكر البزار، كما:
60- أخبرنا به عبد العزيز بن محمد الحافظ إجازة
(1/156)
معينة قال: أخبرنا الأستاذ أبو جعفرٍ أحمد بن إبراهيم بن الزبير مكاتبة من المغرب، قال: أخبرنا علي بن محمد الغافقي إجازة معينة، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الحجري قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن أحمد بن إحدى عشرة، أخبرنا الحافظ أبو علي الحسين بن محمد الصدفي، أخبرنا عبد الله بن محمدٍ بن إسماعيل بن فورتش، أخبرنا أبو عمر أحمد بن محمد الطلمنكي إجازة، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج، حدثنا محمد بن أيوب بن حبيب بن الصموت، حدثنا أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار قال:
حدثنا عبد الله بن شبيبٍ، حدثنا إسحاق بن محمدٍ، حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز، حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال العباس: قلت: يا رسول الله، ما رأيت أحداً بعد أبي بكر أوفى من قريش الذين أسلموا بمكة يوم الفتح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اللهم فقه قريشاً في الدين، وأذقهم من يومي هذا إلى آخر الدهر نوالاً، فقد أذقتهم نكالاً)).
(1/157)
قال البزار: لا نعلمه عن العباس مرفوعاً إلا بهذا الإسناد وقد رواه ابن عباس من غير وجهٍ مرفوعاً.
61- أخبرني محمد بن محمد بن محمد بن أبي الحرم بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أحمد بن يعقوب بن فضائل.
ح وأخبرنا محمد بن عمر بن الحسن سماعاً عليه بمكة، قال: أخبرنا سنقر بن عبد الله الحلبي، قالا: أخبرنا العلامة عبد اللطيف بن يوسف البغدادي، قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا علي بن محمد بن العلاف، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن الحمامي قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال:
حدثنا إبراهيم بن هاشمٍ قال: حدثنا سليمان الشاذكوني قال: حدثنا محمد بن حمران، حدثنا أبو عمران محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده وكانت له صحبةً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عصابة قد أقبلت فقالوا: الأزد، فقال صلى الله عليه وسلم : ((أحسن الناس وجوهاً، وأعذبه أفواهاً، وأصدقه لقاء))، ونظر إلى كبكبةٍ، فقالوا: بكر بن
(1/158)
وائل، فقال: ((اللهم اجبر كسيرهم، وآوي طريدهم، ولا ترني فيهم عائلاً)).
62- ورويناه هكذا في المعجم الكبير للطبراني، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي، فذكره إلا أنه قال: ( ((أتتكم الأزد أحسن الناس.. .. )) الحديث)، وقال: ((سائلاً)) مكان ((عائلاً)).
وهكذا رواه في المعجم الأوسط، وقال: لا يروى عن عبد الرحمن إلا بهذا الإسناد، وتفرد به الشاذكوني.
63- أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن سالمٍ بقراءتي عليه بدمشق قال: أخبرنا المسلم بن محمد بن المسلم قال: أخبرنا حنبل بن عبد الله.
ح وأخبرني علي بن أحمد بن محمد بن صالحٍ بقراءتي
(1/159)
عليه بالقاهرة، قال: أخبرتنا زينب بنت مكي، قالت: أخبرنا حنبل، أخبرنا هبة الله بن محمد قال: أخبرنا الحسن بن محمد التميمي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال:
حدثنا طلق بن غنام بن طلق، حدثنا زكريا بن عبد الله بن يزيدٍ عن أبيه، حدثني شيخٌ من بني أسد -إما قال: شقيقٌ، وإما قال: زر- عن عبد الله قال: ((شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لهذا الحي من النخع -أو قال: يثني عليهم- حتى تمنيت أني رجلٌ منهم)).
64- أخبرني محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز فيما أذن لي أن أرويه عنه، قال: أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني قراءة عليه، وأنا أسمع، قال: أنبأتنا عفيفة بنت أحمد قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة قال: حدثنا أبو القاسم الطبراني قال:
(1/160)
حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشي، حدثنا يزيد بن زيد أبو خالدٍ عن أبي جمرة، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم اغفر لعبد القيس)) ثلاثاً.
أخرجه الطبراني هكذا، في المعجم الكبير.
65- وبه إلى الطبراني قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان عن مخارق عن طارق بن شهاب، قال: جاء وفد قيسٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أبدأ بالأحمسيين على القيسيين، اللهم بارك في الأحمسيين ورجالهم)).
66- وفي الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله في قصة ذي الخلصة: ((فدعا لنا ولأحمس))، وفي رواية: ((فبرك
(1/161)
على خيل أحمس ورجالها خمس مراتٍ)).
67- وأخبرنا محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز، قراءة عليه، وأنا أسمع بالإسناد المتقدم إلى الطبراني قال:
حدثنا أبو خليفة، حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الكرابيسي، المعروف بشعبة، وكان يجالس علي بن المديني، حدثنا حفص بن سلمة بن حفص بن المسيب بن شيبان بن قيس، عن قيس بن سلمة، عن سلمة بن سعد، أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو وجماعةٌ من أهل بيته وولده، فاستأذنوا عليه فدخلوا، فقال: ((من هؤلاء؟)) فقيل له: هذا وفد عنزة، فقال: ((بخٍ بخٍ، بخٍ بخٍ، نعم الحي عنزة، مبغيٌ عليهم منصورون، مرحباً بقوم شعيب وأختان موسى، سل يا سلمة عن حاجتك)).
قال: جئت أسألك عما افترضت علي في الإبل والغنم والعنز، فأخبره، ثم جلس عنده قريباٍ، ثم استأذنه في الانصراف، فقال له: ((انصرف))، فما غدا أن قام لينصرف،
(1/162)
فقال: ((اللهم ارزق عنزة كفافاً، لا قوتٌ ولا إسرافٌ)).
68- أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، وعلي بن أحمد بن محمد بن صالحٍ، بقراءتي على الأول بدمشق، وعلى الثاني بالقاهرة، قال الأول: أخبرنا المسلم بن محمد، وقال الثاني: أخبرتنا زينب بنت مكي، قالا: أخبرنا حنبل بن عبد الله، أخبرنا هبة الله بن محمدٍ قال: أخبرنا الحسن بن علي التميمي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال:
حدثنا سفيان عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اللهم اهد دوساً وائت بهم)).
(هذا حديث صحيحٌ أخرجه البخاري ومسلم).
(1/163)
69- وللترمذي من رواية أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً: ((اللهم اهد ثقيفاً))، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
(1/164)
الباب الخامس عشر في فضل قبائل من العرب
فضل قريش
70- أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الله بن يوسف الدمشقي، وعثمان بن عبد الرحمن بن رشيق، وإسماعيل بن عبد القوي بن عزون، قالوا: أخبرنا هبة الله بن علي البوصيري، قال: أخبرنا محمد بن بركات النحوي، قال: أخبرتنا كريمة بنت أحمد، قالت أخبرنا محمد بن مكي، قال: أخبرنا محمد بن يوسف بن مطرٍ قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال:
(1/165)
حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، حدثنا المغيرة عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((الناس تبعٌ لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبعٌ لمسلمهم، وكافرهم تبعٌ لكافرهم، والناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا.. .. ))، الحديث.
هذا حديثٌ صحيحٌ متفقٌ عليه، أخرجه الشيخان عن قتيبة.
ورواه مسلمٌ عن القعنبي أيضاً عن أبي الزناد.
71- وبه إلى البخاري قال: حدثنا أبو الوليد، حدثنا عاصم بن محمدٍ، قال: سمعت أبي عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال هذا الأمر في قريشٍ ما بقي منهم اثنان)).
هذا حديثٌ صحيحٌ متفقٌ عليه، أخرجه الشيخان أيضاً،
(1/166)
عن أحمد بن يونس عن عاصم بن محمد.
72- وبه إلى البخاري قال: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب عن الزهري قال: كان محمد بن جبير بن مطعمٍ، يحدث أنه بلغ معاوية -وهو عنده في وفدٍ من قريش- أن عبد الله بن عمرو بن العاص، يحدث أنه سيكون ملكٌ من قحطان، فغضب معاوية، فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال:
أما بعد، إنه بلغني أن رجالاً منكم يتحدثون أحاديث ليست في كتاب الله، ولا يؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأولئك جهالكم، فإياكم والأماني التي تضل أهلها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن هذا الأمر في قريشٍ لا يعاديهم أحدٌ إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين)). هذا حديثٌ صحيحٌ أخرجه البخاري في أفراد هكذا.
(1/167)
73- وبه إلى البخاري قال: حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان عن سعدٍ، عن عبد الرحمن بن هرمزٍ، عن أبي هريرة قال رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قريشٌ والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وغفار وأشجع موالي، ليس لهم مولى دون الله ورسوله)).
هذا حديثٌ متفقٌ عليه، أخرجه مسلمٌ أيضاً، من رواية سفيان الثوري وشعبة، كلاهما عن سعد بن إبراهيم.
74- أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري قال: أخبرنا القاسم بن أبي بكر الإربلي، أخبرنا المؤيد بن محمد الطوسي، أخبرنا محمد بن الفضل الفراوي، أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج.
حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي، حدثنا روح، حدثنا ابن جريج، حدثني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال
(1/168)
النبي صلى الله عليه وسلم : ((الناس تبعٌ لقريشٍ في الخير والشر)).
هذا حديثٌ صحيح، أخرجه مسلم هكذا في صحيحه، وقد صرح فيه أبو الزبير بسماعه من جابر، فانتفت تهمته بالتدليس فيه.
75- وبه إلى مسلم قال: حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً))، ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمةٍ خفت علي، فسألت أبي: ماذا قال؟ فقال: ((كلهم من قريش)).
76- وبه إلى مسلم قال: حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، حدثنا أبو عوانة عن سماك، عن جابر بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بهذا الحديث ولم يذكر: ((لا يزال أمر الناس ماضياً)).
77- وبه إلى مسلم قال: حدثنا هداب بن خالد الأزدي، حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حربٍ قال: سمعت جابر بن سمرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(1/169)
((لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفةً))، ثم قال كلمةً لم أفهمها، فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: ((كلهم من قريش)).
78- وبه إلى مسلم قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية عن داود، عن الشعبي، عن جابر بن سمرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((لا يزال هذا الأمر عزيزاً إلى اثني عشر خليفةً))، قال: ثم تكلم بشيءٍ لم أفهمه، فقلت لأبي، فقال: ((كلهم من قريش)).
79- وبه إلى مسلم قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا بن عون.
ح قال: فحدثنا أحمد بن عثمان النوفلي واللفظ له، حدثنا أزهر، حدثنا ابن عون عن الشعبي، عن جابر بن سمرة قال: انطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي أبي فسمعته يقول: ((لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة))، فقال كلمةً صمنيها الناس، فقلت لأبي: ما قال؟ قال: ((كلهم من قريش)).
(1/170)
80- وبه إلى مسلم قال: حدثنا قتيبة وأبو بكر بن أبي شيبة قالا: حدثنا حاتم -وهو ابن إسماعيل- عن المهاجر بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافعٌ أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكتب إلي: [سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعةٍ عشية رجم الأسلمي] يقول: ((لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفةً كلهم من قريش)).
هذا حديثٌ صحيحٌ اتفق عليه الشيخان، من رواية عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة.
وأخرجه أبو داود من رواية الشعبي عنه.
وأخرجه الترمذي من رواية سماك عنه، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(1/171)
وأخرجه أيضاً من رواية أبي بكر بن أبي موسى عنه.
قلت: وليس المراد بالاثني عشر خليفةً على الولاء، بل المراد: من اجتمعت عليه الكلمة من قريش، وكانوا أهل العدل.
والظاهر: أن آخرهم المهدي، فإنه يملك جميع الأرض، وبعده يقع الهرج.
81- كما أخبرني أبو الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي، وأبو الحسن علي بن أحمد بن محمد العرضي، بقراءتي على كل واحد منهما مفترقين، قال الأول: أخبرنا عبد الرحيم بن خطيب المزة، وقال الثاني: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن منصورٍ الكرخي قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب،
(1/172)
أخبرنا أبو عمر الهاشمي، أخبرنا أبو علي اللؤلؤي، أخبرنا أبو داود السجستاني قال:
حدثنا عمرو بن عثمان قال: حدثنا مروان بن معاوية عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبيه، عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يزال هذا الدين قائماً، حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفةً كلهم تجتمع عليه الأمة))، فسمعت كلاماً من النبي صلى الله عليه وسلم لم أفهمه، قلت لأبي: ما يقول قال: ((كلهم من قريشٍ)).
82- وبه إلى أبي داود قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا داود عن عامر، عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر خليفةً))، فكبر الناس وضجوا، ثم قال كلمةً خفية، قلت لأبي: ما قال يا أبت ما قال؟ قال:
(1/173)
((كلهم من قريش)).
83- وبه إلى أبي داود حدثنا ابن نفيل، حدثنا زهير، حدثنا زياد بن خيثمة، حدثنا الأسود -يعني: ابن سعيد الهمذاني- عن جابر بن سمرة، بهذا الحديث، زاد: فلما رجع إلى منزله أتته قريشٌ، فقالوا: ثم يكون ماذا؟ قال: ((ثم يكون الهرج)). انتهى.
قلت: ولذلك أدخله أبو داود في باب المهدي، وقد دل قوله في أول طرق أبي داود: ((كلهم يجتمع عليه الأمة)) على أن من لم يجتمع عليه الأمة ليس منهم، كيزيد بن معاوية، فإنه لم يجتمع عليه، فبويع بالحجاز، لعبد الله بن الزبير، وإن يزيداً لجديرٌ أن لا يعد منهم.
نعم؛ عمر بن عبد العزيز عد من الخلفاء الراشدين رضي الله عنه ورحمه.
وإذا تبين أن الخلفاء الاثني عشر ليسوا على الولاء، وأن آخرهم المهدي: ففيه بشارة لهذه الأمة أن الدين في هذه
(1/174)
الأزمان عزيزٌ قائمٌ ولله الحمد، وإنما يقل في بعض البلاد مع عزته وقيامه في البلاد العامرة بالإسلام.
وقد كان شيخ شيوخنا العلامة قاضي القضاة شيخ الشيوخ علاء الدين علي بن إسماعيل القونوي يقول: إن مصر والشام مسجد الأرض، وكان قدم في آخر القرن السابع من تلك البلاد، ورأى ما حدث فيها من التغير والمنكرات.
ويدل على أن الخلفاء الاثني عشر ليسوا على الولاء:
حديث حذيفة الذي:
84- أخبرني به محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الدمشقي بقراءتي عليه بها قال: أخبرنا المسلم بن محمدٍ القيسي، أخبرنا حنبل الرصافي، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي قال:
حدثنا سليمان بن داود الطيالسي، حدثنا داود بن إبراهيم الواسطي، حدثنا حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال: كنا قعوداً في المسجد، وكان بشيرٌ رجلاً يكف حديثه، فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال: يا بشير بن سعد، من يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء؟
(1/175)
فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته، فجلس أبو ثعلبة.
فقال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافةٌ على منهاج النبوة، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم يكون ملكاً عاضاً، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافةٌ على منهاج نبوة))، ثم سكت.
قال حبيبٌ: فلما قام عمر بن عبد العزيز، وكان يزيد بن النعمان بن بشير في صحابته، فكتبت إليه بهذا الحديث أذكر إياه، فقلت: إني لأرجو أن تكون أمير المؤمنين -يعني عمر بعد الملك العاض والجبرية- فأدخل كتابي على عمر بن عبد العزيز، فسر به وأعجبه.
هذا حديثٌ صحيحٌ أخرجه أحمد في مسنده هكذا.
وداود بن إبراهيم سكن البصرة، وثقه أبو داود
(1/176)
الطيالسي، وابن حبان، وباقي رجاله محتجٌ بهم في الصحيح.
ويدل أيضاً على تخلل أمراء الجور بين أمراء العدل:
حديث معقل بن يسار.
85- الذي أخبرني به محمد بن إسماعيل بالسند المذكور إلى أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا خالدٌ عن نافع، عن معقل بن يسارٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا يلبث الجور بعدي إلا قليلاً حتى يطلع، فكلما جاء من الجور شيءٌ ذهب من العدل مثله، حتى يولد في الجور من لا يعرف غيره، ثم يأتي الله تبارك وتعالى بالعدل، فكلما جاء من العدل شيءٌ ذهب من الجور مثله، حتى يولد في العدل من لا يعرف غيره)).
هذا حديثٌ حسنٌ، أخرجه الإمام أحمد في مسنده هكذا.
(1/177)
وخالد هو ابن طهمان، مختلفٌ فيه.
86- وأما حديث سفينة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خلافة النبوة ثلاثون سنةً، ثم يكون ملكاً))، رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
والمراد به: خلافة النبوة الأولى؛ جمعاً بينه وبين حديث حذيفة المتقدم، فإنه أصح من حديث سفينة هذا، والجمع بينهما أولى من طرح أحدهما.
(1/178)
وعلى هذا، فالمراد به مدة الخلفاء الأربعة، فإن انقضاءها في سنة أربعين من الهجرة، والله أعلم.
وقد ورد في حديثٍ لعبد الله بن عمرو بن العاص تعيين من ولوا على التوالي من الخلفاء الاثني عشر.
87- أخبرني به أبو الحرم محمد بن محمد بن محمد بن أبي الحرم، بقراءتي عليه قال: أخبرنا أحمد بن إسحاق قال: أخبرنا أحمد بن يوسف والفتح بن عبد السلام قالا: أخبرنا محمد بن عمر الأرموي قال: أخبرنا ابن المنقور أخبرنا علي بن عمر السكري، أخبرنا أحمد بن الحسين الصوفي، حدثنا يحيى بن معين.
حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث، حدثنا خالد بن يزيدٍ عن سعيد بن أبي هلال، عن ربيعة بن سيفٍ قال: كنا عند شفي الأصبحي فقال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يكون خلفي اثنا عشر خليفةً، أبو بكر لا يلبث خلفي إلا قليلاً، وصاحب رحى دارة العرب يعيش حميداً ويموت شهيداً)).
قالوا: ومن هو؟
قال: ((عمر)).
(1/179)
ثم التفت إلى عثمان فقال: ((إن كساك الله قميصاً فأرادك الناس على خلعه فلا تخلعه.. .. ..))، الحديث.
هكذا رويناه في الجزء الأول من حديث يحيى بن معين، ورواه الطبراني في معجميه الكبير والأوسط، وقال فيه: لا يروى عن عبد الله بن عمرو إلا بهذا الإسناد، تفرد به الليث.
ورواه ابن عدي في ((الكامل)) في ترجمة عبد الله بن صالح كاتب الليث، وقال: هو عندي مستقيم الحديث إلا أنه يقع في أسانيده ومتونه غلطٌ ولا يتعمد.
وقال الذهبي في ((الميزان)) بعد روايته لهذا الحديث من الطريق الذي سقناه به: أنا أتعجب من يحيى بن معين
(1/180)
-مع جلالته ونقده- كيف يروي مثل هذا الباطل ويسكت عنه؟!. قال: وربيعة صاحب مناكير وعجائب.
قلت: أما ربيعة بن سيف فقال النسائي في التمييز: ليس به بأسٌ.
وقال العجلي: تابعيٌ ثقةٌ.
وقال الدارقطني: مصريٌ صالح.
وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ كثيراً.
وصحح له الحاكم في المستدرك حديث: ((يا فاطمة، لعلك بلغت معهم الكدى.. .. )) الحديث.
نعم؛ قال البخاري: عنده مناكير.
(1/181)
وأما عبد الله بن صالح: فروى عنه البخاري في صحيحه، كما هو مصرحٌ به في رواية ابن حمويه، وأما في رواية الكشميهني والمستملي فعلق له فقط.
ووثقه يحيى بن معين. وقال عبد الملك بن شعيبٍ بن الليث: ثقةٌ مأمونٌ، قد سمع من جدي حديثه.
وقال أبو حاتم: صدوقٌ أمينٌ.
وقال أبو زرعة: كان حسن الحديث.
وقال ابن حبان: كان في نفسه صدوقاً، إنما وقعت المناكير في حديثه من قبل جارٍ له.
(1/182)
وقد تكلم فيه أحمد بن حنبل، وصالح جزرة، والنسائي.
وقال الذهبي في ((الميزان)): وفي الجملة ما هو بدون نعيم بن حماد ولا إسماعيل بن أبي أويس، ولا سويد بن سعيد، ولكل منهم مناكير تغتفر في كثرة ما روى، وبعضها منكرٌ، وبعضها غريبٌ محتمل.
وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: سمعت أبي: عبد الله يقول ما لا أحصي -وقد قيل له: إن يحيى بن بكيرٍ يقول في أبي صالحٍ شيئاً- فقال: قل له: هل حدثك الليث قطٌ إلا وأبو صالح عنده، وقد كان يخرج معه إلى الأسفار وهو كاتبه، فتنكر أن يكون عنده ما ليس عند غيره؟
(1/183)
88- أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا المسلم بن محمدٍ، أخبرنا حنبل، أخبرنا هبة الله، أخبرنا الحسن بن علي التميمي، أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي.
حدثنا عفان، حدثنا أبو عوانة عن داود بن عبد الله الأودي، عن حميد بن عبد الرحمن قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكرٍ في طائفةٍ من المدينة.. .. الحديث، وفيه: أن أبا بكرٍ قال: ولقد علمت يا سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنت قاعدٌ: ((قريش ولاة هذا الأمر، فبر الناس تبعٌ لبرهم، وفاجرهم تبعٌ لفاجرهم))، قال: فقال له سعدٌ: صدقت، نحن الوزراء، وأنتم الأمراء.
رواه الإمام أحمد في مسنده هكذا، ورجاله ثقاتٌ إلا أن
(1/184)
فيه انقطاعاً.
89- وبه إلى عبد الله بن أحمد قال: حدثني محمد بن سليمان لوين قال: حدثنا محمد بن جابرٍ، عن عبد الملك بن عمير، عن عمارة بن رويبة، عن علي بن أبي طالبٍ قال: سمعت أذناي ووعى قلبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الناس تبعٌ لقريش، صالحهم تبع لصالحهم، وشرارهم تبعٌ لشرارهم)).
رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على المسند هكذا، وأبو بكر البزار في مسنده.
ومحمد بن جابر اليمامي ضعفه الجمهور.
90- وبه إلى أحمد قال: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي
(1/185)
عن صالحٍ، قال ابن شهاب: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن مسعودٍ قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في قريبٍ من ثمانين رجلاً من قريش، ليس فيهم إلا قرشي، لا والله ما رأيت صفيحة وجوهٍ [رجال قط] أحسن من وجوههم يومئذٍ، الحديث، وفيه: ثم قال: ((أما بعد، يا معشر قريشٍ: فإنكم ولاة هذا الأمر ما لم تعصوا الله.. .. ))، الحديث.
رواه هكذا أحمد في مسنده، وأبو يعلى في مسنده، ورجاله ثقاتٌ، ورواه الطبراني في المعجم الأوسط.
91- وبه إلى أحمد قال: ثنا معاوية بن هشامٍ، ثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن القاسم بن الحارث، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي مسعودٍ الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقريش: ((إن هذا الأمر لا يزال فيكم وأنتم ولاته
(1/186)
حتى تحدثوا أعمالاً.. .. ..)) الحديث، رواه أحمد في مسنده هكذا ورجاله ثقاتٌ، ورواه الطبراني أيضاً في المعجم الكبير.
92- وبه إلى أحمد قال: ثنا محمد بن جعفر، ثنا عوف.
ح وحدثنا حماد بن أسامة، حدثني عون، عن زياد بن مخراقٍ، عن أبي كنانة، عن أبي موسى قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب بيتٍ فيه نفرٍ من قريش، وأخذ بعضادتي الباب فقال: ((هل في البيت إلا قرشيٌ))؟
فقيل: يا رسول الله، غير فلان ابن أختنا.
فقال: ((ابن أخت القوم منهم))، قال: ثم قال: ((إن هذا الأمر في قريشٍ ما إذا استرحموا رحموا، وإذا حكموا عدلوا، وإذا قسموا أقسطوا.. .. ..)) الحديث.
(1/187)
هذا حديثٌ صحيحٌ رواه أحمد في مسنده هكذا، ورجاله ثقاتٌ، ورواه البزار في مسنده والطبراني في المعجم الكبير.
93- وبه إلى أحمد قال: حدثنا عفان، حدثنا سكين بن عبد العزيز، حدثنا سيار بن سلامة أبو المنهال قال: دخلت مع أبي على أبي برزة، وإن في أذني يومئذٍ لقرطين، وأنا غلامٌ، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الأمراء من قريش [ما فعلوا] ثلاثاً: حكموا فعدلوا، واسترحموا فرحموا، وعاهدوا فوفوا.. .. ))، الحديث.
(1/188)
هذا حديثٌ صحيحٌ أخرجه أحمد في مسنده هكذا، ورجال إسناده ثقاتٌ، ورواه أبو يعلى الموصلي، وأبو بكرٍ البزار، في مسنديهما.
94- وبه إلى أحمد قال: حدثنا محمد بن جعفرٍ، حدثنا شعبة عن علي أبي الأسد، قال: حدثني بكير بن وهب الجزري قال: قال لي أنس: أحدثك حديثاً ما أحدث به كل أحد: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب البيت ونحن فيه فقال: ((الأئمة من قريش، إن لكم عليهم حقاً، وإن لهم عليكم حقاً مثل ذلك، ما إن استرحموا رحموا، وإن عاهدوا وفوا، وإن حكموا عدلوا.. .. ..))، الحديث.
(1/189)
95- وبه إلى أحمد قال: حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش عن سهل أبي الأسد، عن بكير، فذكر نحوه.
هذا حديثٌ صحيحٌ رواه النسائي في سننه، وليس في سماعنا من السنن، وإنما عزاه الحافظ أبو الحجاج المزي في ((الأطراف)) له وقال: (ليس في الرواية ولم يذكره أبو القاسم).
وقد رواه أحمد هكذا في مسنده ورجاله ثقاتٌ.
وقول الأعمش: ((عن سهلٍ)) أصح من قول شعبة: ((عن
(1/190)
علي))، وهو قول يحيى بن معينٍ، وأبي زرعة الرازي، وابن حبان، وبه صدر مسلمٌ كلامه في ((الكنى)).
ورواه أبو يعلى في مسنده، والطبراني في معجمه الأوسط، ورواه البزار في مسنده من وجوهٍ أخر.
96- وفي لفظٍ له: ((الملك في قريشٍ)).
97- وفي لفظٍ له: ((الأمراء من قريش)).
98- أخبرني محمد بن القاسم بن يحيى الحلبي، أخبرنا يحيى بن محمدٍ الثقفي، أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي نزار، وفاطمة بنت عبد الله الجوزدانية.
ح وأخبرني به عالياً أبو الحرم محمد بن محمدٍ القلانسي قال: أخبرتنا مؤنسة ابنة الملك العادل أبي بكر بن أيوب قالت: أخبرنا أسعد بن سعيد بن روح، وأحمد بن محمد بن أبي نصر، وعفيفة بنت أحمد الفارفانية، وعائشة بنت معمر بن الفاخر إجازة منهم قالوا: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية، قالت هي وابن أبي نزار، أخبرنا محمد بن عبد الله بن ريذة قال:
(1/191)
أخبرنا الحافظ أبو القاسم الطبراني قال:
حدثنا حفص بن عمير بن الصباح الرقي، حدثنا فيض بن الفضل البجلي، حدثنا مسعر بن كدام عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادقٍ، عن ربيعة بن ناجدٍ، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الأئمة من قريشٍ، أبرارها أمراء أبرارها، وفجارها أمراء فجارها، ولكلٍ حقٌ، فآتوا كل ذي حقٍ حقه؛ فإن تأمر عليكم عبدٌ حبشيٌ فاسمعوا له وأطيعوا ما لم يخير أحدكم بين إسلامه وضرب عنقه، فليمدد عنقه، ثكلته أمه، فلا دنيا له ولا آخرة بعد ذهاب دينه)).
(1/192)
رواه الطبراني في معجمه الصغير والأوسط هكذا، وقال: لم يروه عن مسعر إلا فيضٌ.
قلت: وفيض بن الفضل وثقه ابن حبان.
وأما شيخ الطبراني: فهو حفص بن عمر بن الصباح، فهو أحد المكثرين، ولقبه سنجة ألف، قال أبو أحمد الحاكم: حدث بغير حديثٍ لم يتابع عليه.
99- ورويناه في مسند أبي يعلى الموصلي من وجهٍ آخر بلفظٍ: ((ألا إن الأمراء من قريشٍ، ألا إن الأمراء من
(1/193)
قريش، ألا إن الأمراء من قريشٍ، ما أقاموا ثلاثاً.. .. ..)) الحديث.
100- وبه إلى الطبراني قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن مسلمٍ الكجي بمكة، حدثنا معاذ بن عوذ الله القرشي، حدثنا عوف عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيدٍ الخدري قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيتٍ فيه نفرٌ من قريشٍ فأخذ بعضادتي الباب، قال: ((هل في البيت إلا قرشي؟)) قالوا: لا، إلا ابن أختٍ لنا، فقال: ((ابن أخت القوم منهم))، قال: ((إن هذا الأمر في قريشٍ ما إذا استرحموا رحموا.. .. ))، الحديث.
هذا حديثٌ صحيحٌ أخرجه الطبراني في معجميه الصغير والأوسط هكذا، ورجاله ثقاتٌ، وقال: لا يروى عن أبي سعيدٍ إلا بهذا الإسناد، وتفرد به معاذ بن عوذ الله.
(1/194)
101- أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا المسلم القيسي، أخبرنا حنبل، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا أبو بكرٍ القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي.
حدثنا زيد بن الحباب، أخبرنا معاوية بن صالح، حدثني أبو مريم أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الملك في قريشٍ، والقضاء في الأنصار، والأذان في الحبشة، والشرعة في اليمن))، وقال زيد مرة: ((والأمانة في الأزد)).
أخرجه الترمذي عن أحمد بن منيع، عن زيد بن الحباب، دون قوله: ((والشرعة في اليمن))، ورواه من رواية عبد الرحمن بن مهدي فوقفه على أبي هريرة ولم يرفعه، قال: وهذا أصح من حديث زيد بن حباب.
102- وبه إلى أحمد قال: حدثنا الحكم بن نافع، أخبرنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن كثير بن مرة، عن عتبة بن عبد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(1/195)
((الخلافة في قريشٍ، والحكم في الأنصار، والدعوة في الحبشة، والهجرة في المسلمين والمهاجرين بعد)).
هذا حديثٌ صحيحٌ أخرجه أحمد في مسنده هكذا، ورجال إسناده ثقات، وإسماعيل بن عياش روايته عن الشاميين صحيحةٌ دون روايته عن الحجازيين.
103- أخبرنا محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز مشافهةً، قال: أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني قال: أخبرتنا عفيفة بنت أحمد إجازة، قالت: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال:
حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا معمر بن بكار السعدي، حدثنا إبراهيم بن سعدٍ، عن عبد العزيز بن المطلب، عن أبي حازمٍ، عن سهل بن سعدٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الناس تبعٌ لقريشٍ في الخير والشر)).
(1/196)
هذا حديثٌ حسنٌ أخرجه الطبراني في معجمه الكبير هكذا، ورواه في الأوسط أيضاً.
104- وبه إلى الطبراني قال: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيدٍ، عن الحارث بن الحارث، وكثير بن مرة وعمرو بن الأسود وأبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن خيار أئمة قريشٍ خيار أئمة الناس)).
هذا حديث حسنٌ، ورواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين صحيحةٌ عند الجمهور.
105- وبه إلى الطبراني قال: حدثنا أحمد بن الأبار، حدثنا إسحاق بن الأركون، حدثنا خليد بن دعلج عن عطاء بن
(1/197)
أبي رباح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أمان لأهل الأرض من الغرق القوس، وأمانٌ لأهل الأرض من الاختلاف الموالاة لقريش، قريشٌ أهل الله، فإذا خالفتها قبيلةٌ من العرب صاروا حزب إبليس)).
رواه الطبراني في المعجم الكبير هكذا، ورواه في الأوسط إلا أنه قال في الثانية: ((وأمان أمتي))، وقال فيه: ((قريشٌ أهل الله)) ثلاث مراتٍ.
ورويناه متصلاً في الجزء الخامس من فوائد تمام الرازي.
(1/198)
وخليد بن دعلج: ضعفه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والنسائي، وأحسن ما قيل فيه، قول أبي حاتمٍ الرازي: صالحٌ ليس بالمتين.
106- أخبرنا عبد القادر بن محمد بن محمدٍ الإمام، أخبرنا محمد بن علي بن ساعد، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا محمد بن إسماعيل الطرسوسي، أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين بن فاذشاه، أخبرنا أبو القاسم الطبراني.
حدثنا الحسين بن فهمٍ البغدادي، حدثنا هارون بن أبي
(1/199)
بكرٍ الزبيري، حدثني يحيى بن هارون البهري، عن سليمان بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه عن عمه عبد الله بن عروة بن الزبير قال: أقحمت السنة نابغة بني جعدة فأتى عبد الله بن الزبير، وهو جالسٌ في المدينة فأنشده في المسجد:
حكيت لنا الصديق لما وليتنا ... وعثمان والفاروق فارتاح معدم
وسويت بين الناس في الحق فاستووا ... فعاد صباحاً حالك الليل مظلم
أتاك أبو ليلى تجوب به الدجى ... دجى الليل جواب الفلاة عثمثم
لتجبر منه جانباً ذعذعت به ... صروف الليالي والزمان المصمم
فذكر القصة في إجابة ابن الزبير له، وفيه: فقال النابغة أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما وليت قريش فعدلت،
(1/200)
واسترحمت فرحمت، وعاهدت فوفت، ووعدت فأنجزت، إلا كنت أنا والنبيون فراط القاصفين)).
أخرجه الطبراني هكذا في المعجم الكبير، وشيخه الحسين بن فهمٍ فهو: الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن فهمٍ، أحد الحفاظ للحديث والأنساب والشعر والرجال، قال فيه الدارقطني والحاكم: ليس بالقوي.
وهارون بن أبي بكرٍ الزبيري، ومحمد بن يحيى بن عروة، ذكرهما ابن حبان في الثقات.
(1/201)
وابنه سليمان بن محمد والبهري لم أر فيهما جرحاً ولا تعديلاً.
(1/202)
107- أخبرني عبد العزيز بن محمدٍ الإمام قال: أخبرنا محمد بن الحسين الفوي، أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن الخلعي.
أخبرنا أحمد بن محمد بن الحاج، حدثنا العباس بن محمدٍ الرافعي إملاءً، حدثنا سعد بن يحيى بن يزيد الإمام، حدثنا مصعب بن عبد الله، حدثني إبراهيم بن سعدٍ عن صالحٍ بن كيسان، عن ابن شهابٍ، عن محمد بن أبي سفيان بن العلاء بن جارية الثقفي، عن يوسف بن الحكم، عن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من يرد هوان قريش أهانه الله)).
(1/203)
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، أخرجه الترمذي عن أحمد بن الحسن عن سليمان بن داود الهاشمي عن إبراهيم بن سعدٍ، فوقع لنا عالياً بدرجة.
قال الترمذي: هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه.
قلت: ورجاله ثقاتٌ، وإنما حكم عليه بالغرابة من هذا الوجه، لا مطلقاً، وذلك لأنه اجتمع فيه خمسةٌ من التابعين يروي بعضهم عن بعضٍ، أولهم صالح بن كيسان، وآخرهم محمد بن سعد بن أبي وقاص، وصالح بن كيسان أكبر من الزهري سناً، رأى ابن عمر وعبد الله بن الزبير.
وقال ابن معين: إنه سمع منهما.
ومحمد بن أبي سفيان: سمع من أم حبيبة بنت أبي سفيان، روى عنه ضمرة بن حبيب بن صهيبٍ، والزهري،
(1/204)
وذكره ابن حبان في الثقات.
وقول علي بن المديني: لا أعلم روي عنه من العلم إلا حديثٌ واحد: ((من يرد هوان قريشٍ يهنه الله)).
يرده ما ذكرناه: من أن ضمرة بن حبيبٍ روى عنه عن أم حبيبة حديثاً آخر.
وأما يوسف بن الحكم بن أبي عقيل فهو: والد الحجاج بن يوسف الثقفي، ذكره ابن حبان في الثقات من التابعين، فقال: يروي عن جماعةٍ من الصحابة، روى عنه أهل الحجاز.
وقال العجلي: ثقة، قال: وإنما روى حديثاً واحداً عن محمد بن سعدٍ عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((من أراد هوان قريشٍ)).
ويرده قول ابن حبان: إنه يروي عن جماعة من الصحابة.
(1/205)
وقد روى يوسف بن الحكم هذا الحديث عن سعدٍ من غير ذكر محمد بن سعدٍ، وقد وقع لنا عالياً:
108- أخبرني أبو الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي، أخبرنا عبد الله بن عبد الواحد بن علاف، أخبرنا هبة الله بن علي بن سعود، أخبرنا مرشد بن يحيى المديني، أخبرنا علي بن ربيعة البزاز، أخبرنا الحسن بن رشيقٍ، حدثنا محمد بن عبد السلام السراج.
حدثنا عبد الله بن صالح كاتب الليث، حدثني إبراهيم ابن سعدٍ عن صالح بن كيسان، عن ابن شهابٍ، عن محمد بن أبي سفيان، عن يوسف بن الحكم، أبي الحجاج بن يوسف، عن سعد بن أبي وقاصٍ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من يرد هوان قريش أهانه الله)).
هكذا رويناه في الجزء الأخير من ((الخلعيات))، من رواية الليث بن سعد، عن ابن الهاد، عن إبراهيم بن سعدٍ، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهابٍ، عن محمد بن أبي سفيان، عن يوسف بن أبي عقيل عن سعد بن أبي وقاص، من غير ذكرٍ لمحمد بن سعد في الإسناد، ولكن أكثر الرواة عن
(1/206)
سعد بن إبراهيم يزيدون فيه: (محمد بن سعد)، كما تقدم، وهم:
مصعب بن عبد الله الزبيري، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد، وأخوه سعد بن إبراهيم بن سعد، وسليمان بن داود الهاشمي، وغيرهم.
109- أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري، أخبرنا المسلم بن مكي، أخبرنا حنبل، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا الحسن بن علي التميمي، أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا أبي.
حدثنا عبيد الله بن محمد بن حفص بن عمر التميمي قال: سمعت أبي يقول: سمعت عمي عبيد الله بن عمر بن موسى يقول: كنت عند سليمان بن علي، فدخل شيخٌ من قريشٍ، فقال سليمان: انظر الشيخ فأقعده مقعداً صالحاً؛ فإن لقريش حقاً.
فقلت له: أيها الأمير، ألا أحدثك حديثاً بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: بلى.
(1/207)
قلت: بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أهان قريشاً أهانه الله)).
قال: سبحان الله! ما أحسن هذا، من حدثك هذا؟
قلت: حدثنيه ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب، عن عمرو بن عثمان بن عفان قال: قال أبي: يا بني إن وليت من أمر الناس شيئاً فأكرم قريشاً، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أهان قريشاً أهانه الله)).
هذا حديثٌ حسنٌ، أخرجه أحمد في مسنده هكذا، ورواه أبو يعلى في مسنده -رواية ابن المقري- مختصراً، والبزار في مسنده نحوه.
ومحمد بن حفصٍ بن عمر، وعبيد الله بن عمر بن موسى، ذكرهما ابن حبان في الثقات، وباقيهم محتج بهم في الصحيح.
(1/208)
110- أخبرنا عبد القادر بن محمد القرشي الإمام قال: أخبرنا عبد الله بن علي بن عمر بن شبل، أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي.
ح وأخبرني عالياً أحمد بن عبد الرحمن المرداوي مشافهةً عن إسماعيل بن عبد القوي قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير قالت: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قالت: أخبرنا محمد بن عبد الله بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال:
حدثنا محمد بن محمد التمار البصري، حدثنا داود بن شبيب، حدثنا أبو هلال الراسبي عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من أهان قريشاً أهانه الله قبل موته)).
(1/209)
هذا حديثٌ حسنٌ، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير هكذا، وفي الأوسط أيضاً، ورواه البزار في مسنده.
وأبو هلال الراسبي: اسمه محمد بن سليم، قال أبو داود: ثقةٌ.
وقال ابن معين: صدوق.
وقال أبو حاتم: محله الصدق ليس بذاك [المتين].
وقال النسائي: ليس بالقوي.
111- أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الخزرجي، أخبرنا المسلم بن محمدٍ القيسي، أخبرنا حنبل بن عبد الله، أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا الحسن بن علي
(1/210)
التميمي، أخبرنا أبو بكر ابن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن ابن خثيمٍ، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن جده قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً فقال: ((هل فيكم من غيركم))؟ قالوا: لا، إلا ابن أختنا وحليفنا ومولانا.
فقال: ((ابن أختكم منكم، وحليفكم منكم، ومولاكم منكم، إن قريشاً أهل أمانةٍ وصدقٍ، فمن بغى لها العواثر أكبه الله لوجهه في النار)).
هذا حديثٌ صحيحٌ رجاله ثقاتٌ.
112- ورواه البزار في مسنده، والطبراني كلاهما، أطول من هذا، أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمر: ((اجمع لي قومك)).
فجمعهم عمر عند بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي أوله: ((ألا تسمعون! إن أوليائي منكم المتقون، فإن كنتم أولئك فذاك،
(1/211)
وإلا فانظروا: لا يأتي الناس بالأعمال يوم القيامة، وتأتون بالأثقال، فيعرض عنكم)).
ثم رفع يديه، فقال: ((يا أيها الناس، إن قريشاً أهل أمانةٍ، فمن بغى لهم العواثر أكبه الله لمنخريه))، قالها ثلاثاً، لفظ رواية البزار، ورجاله ثقاتٌ، وقال الطبراني: ((فأعرض عنكم)).
113- وبه إلى أحمد [قال]: حدثنا أبو النضر، حدثنا إسحاق بن سعيدٍ عن أبيه، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقال: ((لولا أن تبطر قريشٌ لأخبرتها بما لها عند الله)).
هذا حديثٌ صحيحٌ، أخرجه أحمد في مسنده هكذا، ورجاله محتجٌ بهم في الصحيح.
(1/212)
114- وبه إلى أحمد قال: حدثنا يونس، حدثنا ليث عن يزيد، يعني ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم: أن قتادة بن النعمان الظفري، وقع بقريشٍ، فكأنه نال منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يا قتادة! لا تسبن قريشاً، فإنه لعلك أن ترى منهم رجالاً تزدري عملك مع أعمالهم، وفعلك مع أفعالهم، وتغبطهم إذا رأيتهم، لولا أن تطغى قريشٌ لأخبرتهم الذي لهم عند الله)).
وقال يزيد: سمعني جعفر بن عبد الله بن أسلم، وأنا أحدث بهذا الحديث فقال: هكذا حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن أبيه، عن جده.
هذا حديثٌ صحيحٌ، أخرجه أحمد هكذا في مسنده من الطريقين معاً، والأول: مرسلٌ، والثاني: متصلٌ، ورجالهما ثقاتٌ.
(1/213)
ورواه البزار أيضاً في مسنده ورجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني أيضاً في الكبير متصلاً.
وقد قيل: إن الذي تكلم في قريشٍ: أبو قتادة الأنصاري.
115- أخبرني محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي، أخبرنا عبد الله بن عبد الواحد بن علاف، أخبرنا هبة الله بن علي البوصيري، أخبرنا مرشد بن يحيى المديني، أخبرنا علي بن ربيعة البزار، أخبرنا الحسن بن رشيقٍ، حدثنا محمد بن عبد السلام السراج.
حدثنا عبد الله بن صالحٍ كاتب الليث، حدثني إبراهيم بن سعدٍ عن محمد بن عكرمة، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، أن أبا قتادة الأنصاري ثم السلمي قال لخالد بن الوليد يوم الفتح: هذا يومٌ يذل الله فيه قريشاً.
فقال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تسمع ما يقول أبو قتادة يا رسول الله؟!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مهلاً يا أبا قتادة! إنك لو وزنت حلمك مع حلومهم لتحاقرت حلمك مع حلومهم، ولو وزنت رأيك مع رأيهم لتحاقرت رأيك مع رأيهم، ولو وزنت فعالك مع
(1/214)
فعالهم لتحاقرت فعالك مع فعالهم، لا تعلموا قريشاً وتعلموا منهم، فلولا أن تبطر قريش لأخبرتهم بما لهم عند رب العالمين)).
116- ورويناه في كتاب ((المدخل)) للبيهقي من رواية الليث، عن ابن الهاد، عن سعدٍ بن إبراهيم، وقال: هذا مرسل جيدٌ، والذي قبله موصولٌ.
117- أخبرني محمد بن إسماعيل بن الخباز، أخبرنا المسلم القيسي، أخبرنا حنبل، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي قال:
حدثنا يزيد قال: أخبرنا ابن أبي ذئبٍ عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله بن عوفٍ، عن عبد الرحمن بن الأزهر، عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن للرجل من قريشٍ مثلي قوة الرجل من غير قريش)).
قيل للزهري: ما عنى بذلك؟ قال: نبل الرأي.
(1/215)
هذا حديثٌ صحيحٌ أخرجه أحمد في مسنده هكذا، وأبو يعلى في مسنده ورجالهما رجال الصحيح، ورواه البزار والطبراني في أكبر معاجمه.
118- أخبرنا محمد بن إسماعيل بن عمر بن الحموي مشافهةً بدمشق، أخبرنا علي بن أحمد بن البخاري، أنبأنا منصور بن عبد المنعم، أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي، أخبرنا أحمد بن الحسين البيهقي.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة الشيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المروزي، حدثنا يعقوب بن حميد، حدثنا إبراهيم بن محمدٍ بن ثابت، حدثنا عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يا أيها الناس لا تقدموا قريشاً فتهلكوا، ولا تخلفوا عنها فتضلوا، ولا تعلموها، وتعلموا
(1/216)
منها: فإنهم أعلم منكم، لولا أن تبطر قريشٌ لأخبرتها بالذي لها عند الله)).
هذا حديثٌ حسنٌ، أخرجه البيهقي هكذا في كتاب المدخل إلى السنن)) وقال: هذا موصولٌ. قال: ورواه غيره عن عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب في قصة قتادة بن النعمان مرسلاً، يعني رواية محمد بن إبراهيم.
119- أخبرني محمد بن محمد بن إبراهيم الإسكندري
(1/217)
قال: أخبرنا محمد بن عمر بن أبي بكرٍ البصري، أخبرنا يعقوب بن محمدٍ الهذباني، أخبرنا منصور بن علي الطبري، أخبرنا زاهر بن طاهر بن محمد الشحامي، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الجنزروذي، أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري، أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى.
حدثنا أحمد بن عثمان الوكيعي، حدثنا مؤمل، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا علي بن زيدٍ عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((التمسوا -أو قال: اطلبوا- الأمانة في قريشٍ، فإن أمين قريشٍ له فضلٌ على أمينٍ من سواهم، وإن قوي قريشٍ له فضلٌ على قوي من سواهم)).
هذا حديثٌ حسنٌ، أخرجه أبو يعلى الموصلي، هكذا في مسنده، وأبو القاسم الطبراني في المعجم الأوسط.
وعلي بن زيد بن جدعان مختلفٌ فيه، وقد استشهد به
(1/218)
مسلم في صحيحه.
120- أخبرني الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن علي الهمداني إذناً، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف الحافظ، أخبرنا
(1/219)
يوسف بن خليلٍ الحافظ، أخبرنا محمد بن أبي زيد الكراني، أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي، أخبرنا أحمد بن الحسين بن فاذشاه، أخبرنا الحافظ أبو القاسم الطبراني قال:
حدثنا محمد بن محمد بن عقبة الشيباني، حدثنا الحسن بن علي الحلواني، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا أبو معشر عن سعيد المقبري عن عبد الله بن السائب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قدموا قريشاً ولا تقدموها، وتعلموا من قريشٍ ولا تعلموها، ولولا أن تبطر قريشٌ لأخبرتها بما لخيارها عند الله)).
هذا حديثٌ في إسناده مقالٌ، رواه الطبراني هكذا في أكبر معاجمه.
وأبو معشر اسمه: نجيح بن عبد الرحمن السندي، قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وذكر مغازي أبي معشر، فقال: كان أحمد بن حنبل يرضاه ويقول: كان بصيراً
(1/220)
بالمغازي. قال أحمد للأثرم: اكتب حديثه اعتبر به.
وضعفه البخاري، والجمهور.
(1/221)
وقال ابن عدي: هو مع ضعفه يكتب حديثه.
121- وبه إلى الطبراني قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، حدثني أبي، حدثنا ابن لهيعة، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن ابن جزء الزبيدي وهو عبد الله بن الحارث بن جزء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((العلم في قريشٍ، والأمانة في الأنصار)).
هذا حديثٌ حسنٌ، رواه الطبراني في المعجم الكبير هكذا، ورواه في الأوسط فقال فيه: ((والأمانة في الأزد))، وقال: لم يرو عن عبد الله بن الحارث بن جزء إلا يزيد بن أبي حبيبٍ، تفرد به ابن لهيعة.
122- وبه إلى الطبراني قال: حدثنا موسى بن جمهور التنيسي، حدثنا علي بن حربٍ الموصلي، حدثنا علي بن
(1/222)
الحسين عن عبد الرحمن بن خالد بن عثمان، عن أبيه عثمان بن أبي معاوية، عن أبي معاوية بن عبد اللات من يمن الأزد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الأمانة في الأزد، والحياء في قريشٍ)).
هذا حديثٌ في إسناده جهالةٌ، ولم أر لبعضهم ذكراً في مظان وجودهم.
123- وبه إلى الطبراني قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن عمر بن أبان، حدثنا سعيد بن عثمان القرشي، حدثنا حسين السلولي عن الأعمش، عن خيثمة، عن عدي بن حاتمٍ قال: كنت قاعداً عند النبي صلى الله عليه وسلم حين جاء من بدرٍ، فقال رجلٌ من الأنصار: وهل لقينا إلا عجائز كالجزر المعقلة فنحرناها، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأيته كأنه يفقأ فيه حب الرمان.
ثم قال: ((يا ابن أخي! لا تقل ذلك، أولئك الملأ الأكبر من قريش، أما لو رأيتهم في مجالسهم بمكة هبتهم))، فوالله
(1/223)
لأتيت مكة فرأيتهم قعوداً في المسجد في مجالسهم فما قدرت على أن أسلم عليهم من هيبتهم، فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ((لو رأيتهم في مجالسهم لهبتهم)).
قال عدي بن حاتم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ):
((يا معشر الناس أحبوا قريشاً، فإنه من أحب قريشاً فقد أحبني، ومن أبغض قريشاً فقد أبغضني، إن الله قد حبب إلي قومي فلا أتعجل لهم نقمة ولا أستكثر لهم نعمةً، اللهم إنك أذقت أول قريش نكالها، فأذق آخرها نوالها، ألا إن الله تعالى علم ما في قلبي من حبي لقومي، فسرني فيهم، قال الله عز وجل:
{وإنه لذكرٌ لك ولقومك وسوف تسئلون}، فجعل الذكر والشرف لقومي في كتابه.
وقال: {وأنذر عشيرتك الأقربين. واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين}، يعني: قومي، فالحمد لله الذي جعل الصديق من قومي، والشهيد والأئمة من قومي، إن الله قلب العباد ظهراً وبطناً فكان خير العرب قريش.
(1/224)
وهي الشجرة المباركة التي قال الله عز وجل في كتابه: {مثلاً كلمةً طيبةً كشجرةٍ طيبةٍ}، قريشاً {أصلها ثابتٌ} يقول: أصلها كريم {وفرعها في السماء}، يقول: الشرف الذي شرفهم الله بالإسلام الذي هداهم له وجعلهم أهله.
ثم أنزل فيهم سورةً محكمةً من كتابه: {لإيلاف قريشٍ. إيلافهم رحلة الشتاء والصيف. فليعبدوا رب هذا البيت. الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف}.
قال الأعمش: قال خيثمة: قال عدي بن حاتمٍ: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت عنده قريشٌ بخيرٍ قط إلا سره، حتى يتبين السرور في وجهه، وكان يتلو هذه الآية: {وإنه لذكرٌ لك ولقومك وسوف تُسئلون}.
هذا حديثٌ وقع فيه وهمٌ من بعض رواته، وفيهم من لا أعرف حاله، فإن إسلام عدي بن حاتمٍ متأخرٌ، ولم يقدم على النبي صلى الله عليه وسلم حين جاء من بدرٍ كما وقع في هذا الحديث،
(1/225)
وإنما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة تسع من الهجرة، والله أعلم.
124- وبه إلى الطبراني قال: حدثنا أحمد بن عمرو بن الخلال المكي حدثنا يعقوب بن حميدٍ، حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعدٍ، عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أحبوا قريشاً فإنه من أحبهم أحبه الله عز وجل)).
أخرجه الطبراني هكذا في الكبير، وعبد المهيمن منكر الحديث، قاله البخاري.
125- [وأخبرنا به عالياً متصلاً بالسماع أبو الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني.
(1/226)
ح وأخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري، أخبرنا أحمد بن عبد الدائم قراءة عليه، وأنا حاضر وإجازة، قالا: أخبرنا عبد المنعم بن عبد الوهاب بن كليب، أخبرنا علي بن أحمد بن محمد بن بيان، أخبرنا محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد، حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا الحسن بن عرفة.
حدثنا عبيس بن مرحوم، حدثنا عبد المهيمن بن عباسٍ، فذكره.
وعبيس بن مرحوم بصري ثقة، أوثق من يعقوب بن حميد المذكور في طريق الطبراني.
وروينا من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((حب قريشٍ إيمانٌ وبغضهم كفر.. .. ))، الحديث.
وقد تقدم في الباب الثالث، وأن الحاكم صححه، وليس بجيد، بل هو ضعيفٌ.
(1/227)
نعم، قد صح ذلك في بغض بني هاشم، كما في الحديث الذي يليه.
126- وبه إلى الطبراني قال: حدثنا علي بن المبارك الصنعاني، حدثنا إسماعيل ابن أبي أويس، حدثنا أحمد بن جعفرٍ عن عمر بن حفص بن يزيد عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بغض بني هاشم والأنصار كفرٌ، وبغض العرب نفاقً)).
هذا حديثٌ حسنٌ، ورجاله كلهم ثقاتٌ، أخرجه الطبراني في الكبير هكذا.
127- وبه إلى الطبراني قال: حدثنا أبو غسان أحمد بن سهل بن الوليد الأهوازي قال: حدثنا الجراح بن مخلد، حدثنا يعقوب بن محمدٍ الزهري، حدثنا نوفل بن عمارة، حدثني عبد الله بن الأسود بن أبي عاصم الثقفي، عن أبيه عن المغيرة بن شعبة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم حنين على رجلٍ من ثقيفٍ مقتول، فقال: ((أبعدك الله، فإنك كنت
(1/228)
تبغض قريشاً)).
هذا حديث في إسناده مقال، ويعقوب بن محمد الزهري أحد الحفاظ، ضعفه أحمد بن حنبل، وأبو زرعة.
وقال ابن معين: ما حدثكم عن الثقات فاكتبوه، وما لا يعرف من الشيوخ فدعوه.
وشيخه نوفل بن عمارة، والجراح بن مخلد، ذكرهما ابن حبان في الثقات.
وقد روي من وجهين آخرين، أحدهما: مرسلٌ، والآخر مسندٌ من حديث سعد بن أبي وقاص.
فأما المرسل:
128- فأخبرني به محمد بن محمد بن إبراهيم
(1/229)
الميدومي، قال: أخبرنا عبد الله بن عبد الواحد بن علاف، أخبرنا هبة الله بن علي البوصيري، أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى المديني، أخبرنا علي بن إبراهيم، أخبرنا الحسن بن رشيقٍ، حدثنا محمد بن عبد السلام السراج.
حدثنا عبد الله بن صالح كاتب الليث، حدثني إبراهيم بن سعدٍ عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر له رجلٌ من ثقيف مات يوم حنين، وهو كافرٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أبعده الله، فإنه كان يبغض قريشاً)).
هذا حديثٌ مرسلٌ صحيح الإسناد، رجاله مخرجٌ لهم في الصحيح.
(1/230)
وأما حديث سعد بن أبي وقاص
129- فأخبرني به عبد العزيز بن محمد الإمام إجازة معينة، قال: كتب إلي من المغرب العلامة أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير قال: أخبرنا علي بن محمدٍ الغافقي إجازة معينة قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الحجري قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أحمد بن إحدى عشرة قال: أخبرنا الحسين بن محمدٍ الصدفي الحافظ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن فورتش، أخبرنا أبو عمر أحمد بن محمدٍ الطلمنكي إجازة، أخبرنا محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج، حدثنا محمد بن أيوب بن حبيب بن الصموت، حدثنا أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار قال:
حدثنا إبراهيم بن محمدٍ التيمي، حدثنا عبد الرحمن بن عياض، حدثني عمي عتيبة، عن عبد الملك بن يحيى، عن محمد بن سعدٍ عن أبيه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن فلاناً الثقفي قتل وقد كان أسلم، فقال: ((أبعده الله، إنه كان يبغض قريشاً)).
(1/231)
هذا حديثٌ حسنٌ أخرجه هكذا: أبو بكرٍ البزار في مسنده، وليس في إسناده من اتهم بالكذب، وقد روي من وجهين آخرين: المرسل الصحيح الإسناد، والمتصل المتقدم، فصار ذا طرق فاعتضد.
130- أخبرنا عبد الله بن علي بن محمدٍ المشهدي قال: أخبرنا محمد بن علي بن ساعدٍ، أخبرنا يوسف بن خليلٍ، أخبرنا محمد بن إسماعيل الطرسوسي، أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي، أخبرنا أحمد بن محمدٍ بن الحسين بن فاذشاه، أخبرنا أبو القاسم الطبراني.
حدثنا جعفر بن سليمان النوفلي وموسى بن هارون ومعاذ ابن المثنى، قالوا: أخبرنا مصعب الزبيري، حدثنا إبراهيم بن محمد بن ثابت، حدثني عبد القادر بن قصي عن عثمان بن عبد الله بن أبي عتيقٍ، عن سعيد بن عمرو بن جعدة عن أبيه عن جدته أم هانئ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((فضل الله قريشاً بسبع خصالٍ لم يعطها أحداً قبلهم، ولا يعطاها أحدٌ بعدهم، فضل الله قريشاً بأني منهم، وأن النبوة فيهم، وأن الحجابة فيهم، وأن السقاية فيهم، ونصرهم على الفيل، وعبدوا الله عشر سنين لا يعبده غيرهم، وأنزل فيهم سورةٌ من القرآن
(1/232)
لم ينزل في أحدٍ غيرهم)).
هذا حديثٌ حسنٌ، ورجاله كلهم ثقاتٌ معروفون إلا عمرو بن جعدة بن هبيرة، فلم أجد فيه تعديلاً ولا جرحاً، وهو ابن ابن أخت علي بن أبي طالبٍ، وهو أخو يحيى بن جعدة بن هبيرة أحد الثقات.
وله شاهدٌ من حديث الزبير بن العوام، رواه الطبراني في المعجم الأوسط قال:
131- حدثنا مصعب، حدثني أبي، حدثنا عبد الله بن مصعب بن ثابت، عن عبد الله بن الزبير، عن
(1/233)
هشام بن عروة، عن أبيه، عن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((فضل الله قريشاً بسبع خصالٍ، فضلهم بأنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبده إلا قريش، وفضلهم بأنهم نصرهم الله يوم الفيل وهم مشركون، وفضلهم بأنهم نزلت فيهم سورة من القرآن لم يدخل فيهم غيرهم {لإيلاف قريشٍ}، وفضلهم بأن فيهم النبوة والخلافة والحجابة والسقاية)).
قال الطبراني: لا يروى عن الزبير إلا بهذا الإسناد. انتهى.
هذا حديثٌ يصلح أن يخرج للاعتبار به والاستشهاد، فإن عبد الله بن مصعب بن ثابت ذكره ابن حبان في الثقات. وضعفه ابن معين.
وروى الطبراني أيضاً في الأوسط حديثاً آخر فيما فضلت به قريشٌ من الخصال فقال:
(1/234)
132- حدثنا أحمد بن رشدين، حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثنا الليث بن سعد، حدثني موسى بن علي بن رباح، عن أبيه قال: قال المستورد الفهري: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وذكر قريشاً فقال: ((إن فيهم خصالاً أربعة: أنهم أصلح الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وأمنعهم من ظلم المملوك)).
ورجاله موثقون من رجال الصحيح، إلا شيخه أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين المصري، فقال ابن عدي: كذبوه.
قلت: والمعروف بهذا الإسناد.
133- ما رواه مسلمٌ في صحيحه عن عبد الملك بن شعيب بن الليث بهذا الإسناد إلى المستورد أنه قال عند
(1/235)
عمرو بن العاص: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تقوم الساعة والروم أكثر الناس)).
فقال له عمرو: انظر ما تقول!
قال: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال: لئن قلت ذلك، إن فيهم لخصالاً أربعة: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقةً بعد مصيبةٍ، وأوشكهم كرة بعد فرةٍ، وخيرهم لمسكينٍ ويتيم وضعيفٍ، وخامسة حسنةٍ جميلةٍ: وأمنعهم من ظلم الملوك)).
فهذا هو المعروف من قول عمرو بن العاص موقوفاً (عليه، وأما ما ورد من قول عمرو بن العاص موقوفاً) ومرفوعاً في فضل قريش.
فروى الوقف: أبو منصور الديلمي في ((مسند الفردوس)).
134-قال: أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد، حدثنا
(1/236)
أبو إسماعيل الترمذي، حدثنا إسحاق بن سعيد أبو سلمة الدمشقي، حدثنا سلمة بن العيار الفزاري، حدثنا عبد الله بن عقبة عن مشرح بن هاعان عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: ((قريشٌ خالصةٌ لله، فمن نصب لها حرباً أو حاربها سلب، ومن أرادها بسوءٍ خزي في الدنيا والآخرة)).
وأما المرفوع: فرويناه في الجزء الخامس والعشرين من فوائد تمام الرازي مرفوعاً من حديثه.
ورويناه أيضاً في فوائد تمام في الجزء التاسع منها، من حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا فاخرت ففاخر بقريشٍ)).
الحديث، وسيأتي ذكره بتمامه في: فضل قبائل من العرب.
وقد تقدم في الباب الأول حديث ابن عمر، وفيه:
(1/237)
((واختار من مضرٍ قريشاً)).
وحديث أبي هريرة: ((وكانت خيرة الله في قريش)).
وقد تقدم في الباب الرابع عشر حديث ابن مسعود، وأبي هريرة، والعباس في دعائه لقريشٍ بأن يذيق آخرها نوالاً، وأن يهديهم وأن يفقههم في الدين، فأغنى ذلك من الإعادة ههنا.
(1/238)
فصل في فضل الأنصار، وهم الأوس والخزرج
135- أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الله الأنصاري قال: أخبرنا أحمد بن علي بن يوسف، وعثمان بن عبد الرحمن الربعي، وإسماعيل بن عبد القوي الأنصاري قالوا: أخبرنا هبة الله بن علي، أخبرنا محمد بن بركات، أخبرتنا كريمة قالت: أخبرنا محمد بن مكي قال: أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل.
حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا مهدي، حدثنا غيلان بن جريرٍ قال: قلت لأنسٍ بن مالكٍ: أرأيت اسم
(1/239)
الأنصار، كنتم تسمون به أم سماكم الله؟ قال: ((بل سمانا الله عز وجل)).
هذا حديثٌ صحيحٌ أخرجه البخاري هكذا في أفراده، وأخرجه النسائي في سننه الكبرى في التفسير.
136- أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الله الأنصاري مشافهةً عن إسماعيل بن عبد القوي قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير، قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة، أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال:
حدثنا محمد بن عبد الله القرمطي العدوي، حدثنا محمد بن عبد العزيز الماوردي، حدثنا زياد بن سهلٍ، حدثني بشر بن حجل عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن الله أيدني بأشد العرب ألسناً وأدرعاً، بابني قيلة: الأوس والخزرج)).
(1/240)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير هكذا، ولم أجد في رجاله الذين قبل عكرمة جرحاً ولا تعديلاً.
وله شاهدٌ من حديث أبو واقدٍ الليثي، بالإسناد المتقدم إلى الطبراني.
137- أخبرنا به متصلاً بالسماع عبد القادر بن محمد الإمام قال: أخبرنا عبد الله بن علي الصنهاجي، أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي، بسند الذي قبله إلى الطبراني قال:
حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقي، والحسين بن إسحاق التستري قالا: حدثنا هشام بن عمارٍ، حدثنا عبد الله بن يزيدٍ البكري، حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة، حدثني عمي موسى بن طلحة، حدثني أبو واقدٍ الليثي قال: كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه آتٍ فالتقم أذنه، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وثار الدم في أساريره ثم قال: ((هذا رسول عامر بن الطفيل يتهددني ويتهدد من بإزائي، فكفانيه الله بالبنين من ولد إسماعيل: يا بني قيلة)). يعني: الأنصار.
(1/241)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير هكذا، وفي المعجم الأوسط أيضاً وقال: لا يروى عن أبي واقدٍ إلا بهذا الإسناد، تفرد به هشام. انتهى.
وعبد الله بن يزيدٍ البكري ضعفه أبو حاتم الرازي.
وكانوا من أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم .
138- كما أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الله الأنصاري، قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي، وعثمان بن عبد الرحمن الربعي، وأحمد بن علي الدمشقي، قالوا: أخبرنا هبة الله بن علي، أخبرنا محمد بن بركاتٍ، أخبرتنا كريمة قالت: أخبرنا محمد بن مكي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا البخاري.
حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا عبد العزيز عن أنس قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم النساء والصبيان مقبلين -قال: حسبت أنه قال: من عرس- فقام النبي صلى الله عليه وسلم ممثلاً فقال: ((اللهم إنهم من أحب الناس إلي)).
(1/242)
139- وبه إلى البخاري قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن كبير، حدثنا بهز بن أسد، حدثنا شعبة، أخبرني هشام بن زيد قال: سمعت أنس بن مالكٍ يقول: جاءت امرأةً من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها صبيٌ لها، فكلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((والذي نفسي بيده إنكم أحب الناس إلي)) مرتين.
أخرجه البخاري ومسلم والنسائي في سننه الكبرى.
140- أخبرني أبو الحرم محمد بن محمد بن محمد القلانسي، أخبرنا عبد الله بن غلام الله المسكي، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن باقا، أخبرنا طاهر بن محمدٍ المقدسي، أخبرنا القاسم بن أبي المنذر، أخبرنا علي بن إبراهيم بن سلمة، حدثنا محمد بن يزيد بن ماجه.
حدثنا هشام بن عمار، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا عوف عن ثمامة بن عبد الله عن أنس بن مالكٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم مر ببعض المدينة فإذا بجوارٍ يضربن بدفهن، ويتغنين، ويقلن:
(1/243)
نحن جوارٍ من بني النجار ... يا حبذا محمد من جار
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((الله يعلم إني لأحبكن)).
هذا حديثٌ صحيحٌ، أخرجه ابن ماجه في سننه هكذا، ورجاله كلهم ثقاتٌ.
وحبهم إيمان وبغضهم نفاق:
141- كما أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الله الأنصاري، بسنده المذكور إلى البخاري قال:
حدثنا حجاج بن منهال قال: أخبرنا شعبة قال: أخبرني عدي بن ثابتٍ قال: سمعت البراء بن عازبٍ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم -أو قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم -: ((الأنصار لا يحبهم إلا مؤمنٌ، ولا يبغضهم إلا منافقٌ، فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضم أبغضه الله)).
(1/244)
هذا حديثٌ صحيحٌ، أخرجه الأئمة الستة خلا أبا داود.
142- وبه إلى البخاري قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا شعبة عن عبد الله بن عبد الله بن جبيرٍ، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار)).
هذا حديثٌ متفقٌ عليه، أخرجه الشيخان والنسائي في الكبرى.
143- أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا المسلم القيسي، أخبرنا حنبل، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا الحسن بن علي بن المذهب، أخبرنا أبو بكرٍ القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي.
حدثنا يونس، حدثنا حماد -يعني: ابن زيدٍ- حدثنا عبد الرحمن -يعني: ابن أبي شميلة- عن رجلٍ يرده إلى سعدٍ
(1/245)
الصراف عن إسحاق بن سعد بن عبادة عن أبيه سعد بن عبادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن هذا الحي من الأنصار محنةٌ، حبهم إيماناٌ وبغضهم نفاقٌ)).
144- وبه إلى أحمد قال: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن زيدٍ، ذكره.
هكذا، أخرجه أحمد في مسنده بزيادة هذا الرجل الذي لم يسم.
وقد رواه البزار في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، فجعلاه عن ابن أبي شميلة، عن الصراف، من غير واسطة بينهما، ورجاله كلهم ثقاتٌ.
وقد ذكر ابن أبي حاتمٍ في ((الجرح والتعديل))، والمزي في ((التهذيب))، وغيرهما، أن عبد الرحمن بن
(1/246)
أبي شميلة: روى عن سعد الصراف، ولم يذكر أن روايته عنه مرسلةٌ، فلعله أخذه بواسطةٍ عن الصراف، ثم أخذه عنه. والله أعلم.
145- وبه إلى أحمد قال: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا حماد بن سلمة عن أفلح الأنصاري، عن أبي سعيدٍ الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((حب الأنصار إيمانٌ، وبغضهم نفاقٌ)).
146- وبه إلى أحمد قال: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((لا يبغض الأنصار رجلٌ يؤمن بالله ورسوله)).
147- وبه إلى أحمد قال: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا
(1/247)
سفيان عن الأعمش فذكره.
148- وبه إلى أحمد قال: حدثنا محمد بن جعفر، وهاشم بن القاسم قالا: حدثنا شعبة عن سفيان، فذكره.
هذا حديثٌ صحيحٌ رجاله ثقاتٌ، أخرجه أحمد هكذا.
149- وقد رواه البزار في مسنده بزيادات فيه، من رواية عطية العوفي، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من أحبني أحب الأنصار، ومن أبغضني فقد أبغض الأنصار، لا يحبهم منافقٌ، ولا يبغضهم مؤمنٌ، ومن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله، الناس دثارٌ والأنصار شعارٌ، ولو سلك الناس شعباً والأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار)).
(1/248)
150- وبه إلى أحمد قال: حدثنا الهيثم بن خارجة -قال عبد الله: وسمعته أنا من الهيثم بن خارجة- حدثنا حفص بن ميسرة عن حرملة، عن أبي ثفال المري أنه قال: سمعت رباح بن عبد الرحمن بن حويطب يقول: حدثتني جدتي: أنها سمعت أباها يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا يؤمن بالله من لا يؤمن بي، ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار)).
هذا حديثٌ حسنٌ، أخرجه الترمذي وابن ماجه، دون ذكر الأنصار فيه، ونقل الترمذي عن البخاري: أنه أحسن شيء في هذا الباب.
وأبو ثفالٍ اسمه: ثمامة بن وائل، وقد ذكره ابن حبان في الثقات.
(1/249)
وكذلك ذكر رباح بن عبد الرحمن، وجدته، في الثقات، إلا أنه قال: لست بالمعتمد على ما تفرد به أبو ثفال.
وقال البخاري في حديثه نظرٌ.
151- وقد ورد نحوه من حديث عيسى بن سبرة عن أبيه، عن جده قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: ((أيها الناس: لا صلاة إلا بوضوءٍ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولم يؤمن بالله من لم يؤمن بي، ولم يؤمن بي من لم يعرف حق الأنصار)).
رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة، والطبراني في المعجم الأوسط، وقال: لم يرو هذا الحديث إلا بهذا الإسناد.
152- وبه إلى أحمد قال: حدثنا يزيد بن هارون،
(1/250)
حدثنا محمد بن عمرو عن سعيد بن المنذر بن أبي حميدٍ، عن حمزة بن أبي أسيدٍ قال: سمعت الحارث بن زيادٍ صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من أحب الأنصار أحبه الله، ومن أبغض الأنصار أبغضه الله)).
153- وبه إلى أحمد قال: حدثنا يونس بن محمدٍ، حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل، أخبرنا حمزة بن أبي أسيدٍ -وكان أبوه بدرياً- عن الحارث بن زياد الساعدي الأنصاري، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهو يبايع الناس على الهجرة، فقال: يا رسول الله، بايع هذا، قال: ((ومن هذا))؟
قال: ابن عمي: حوط بن يزيد -أو: يزيد بن حوط-.
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا أبايعكم، إن الناس يهاجرون إليكم، ولا تهاجرون إليهم، والذي نفسي بيده لا يحب رجلٌ الأنصار حتى يلقى الله تبارك وتعالى، إلا لقي الله تبارك وتعالى وهو يحبه، ولا يبغض الأنصار رجلٌ
(1/251)
حتى يلقى الله تبارك وتعالى إلا لقي الله تبارك وتعالى وهو يبغضه)).
هذا حديثٌ صحيحٌ، أخرجه أحمد هكذا، من الطريقين معاً، والطبراني أيضاً في المعجم الكبير، ورجال هذا الإسناد الثاني كلهم محتج بهم في الصحيح.
وقد اختلف فيه على عبد الرحمن بن الغسيل:
فرواه يونس بن محمدٍ، وغيره عنه هكذا، ورواه عبد الحميد بن سهيل، عن عبد الرحمن بن الغسيل، عن مالك بن حمزة، عن أبي أسيد الساعدي: أن الناس جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لحفر الخندق، يبايعونه على الهجرة، فلما فرغ قال: ((يا معشر الأنصار، لا تبايعون على الهجرة، إنما يهاجر الناس إليكم، من لقي الله وهو يحب الأنصار لقي الله وهو يحبه، ومن لقي الله وهو يبغض الأنصار لقي الله وهو يبغضه)).
والإسناد الأول أولى بالصواب، لثقة رجاله.
(1/252)
وعبد الحميد بن سهيل، لم أجد له ترجمةً.
وعبد الرحمن بن الغسيل، هو: عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة، جد أبيه هو الغسيل؛ غسلته الملائكة يوم أحد؛ لأنه استشهد يومئذٍ وهو جنبٌ، كان يجامع أهله فسمع الدعاء للقتال فخرج إلى أحدٍ فقتل شهيداً رحمه الله.
154- أخبرني محمد بن محمد بن إبراهيم الاسكندري قال: أخبرنا محمد بن عمر بن بكر البصري، أخبرنا يعقوب بن محمدٍ الهذباني، أخبرنا منصور بن علي الطبري، أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الجنزروذي، أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري، أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي.
حدثنا محمد بن عبد الله الأزدي، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد عن قتادة، عن أنس قال: افتخر الحيان من الأنصار: الأوس والخزرج، فقالت الأوس: منا غسيل الملائكة حنظلة بن الراهب، ومنا من اهتز له عرش الرحمن سعد بن معاذ، ومنا من حمته الدبر عاصم بن ثابت، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين خزيمة بن ثابت.
(1/253)
وقال الخزرجيون: منا أربعةٌ جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجمعه غيرهم: زيد بن ثابت، وأبو زيدٍ، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل.
هذا حديثٌ صحيحٌ، أخرجه أبو يعلى في مسنده هكذا، والبزار في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، ورجاله محتجٌ بهم في الصحيح، وفي الصحيح منه ذكر الأربعة الذين جمعوا القرآن.
155- وبه إلى أبي يعلى الموصلي قال: حدثنا مسروق بن المرزبان، حدثنا ابن أبي زائدة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من أحب الأنصار أحبه الله، ومن أبغض الأنصار أبغضه الله)).
(1/254)
156- وبه إلى أبي يعلى قال: حدثنا مسروق بن المرزبان، حدثنا ابن أبي زائدة عن يحيى بن سعيد بن إبراهيم عن الحكم بن ميناء عن زيد بن جارية عن معاوية بن أبي سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ من الطريقين، أخرجه أبو يعلى في مسنده من الطريقين معاً.
وأخرجه البزار في مسنده من حديث أبي هريرة.
وأخرجه الطبراني من حديث معاوية، وساق لفظه بلفظ حديث أبي هريرة قبله.
157- ورواه أيضاً من رواية يحيى بن سعيد عن النعمان بن مرة الزرقي أنه سمع معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من أحب الأنصار فبحبي أحبهم، ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم)).
وهذا حديثٌ صحيحٌ أيضاً، فإن النعمان بن مرة وثقه
(1/255)
ولو سلك الأنصار وادياً أو شعباً وسلك الناس وادياً لسلك صلى الله عليه وسلم وادي الأنصار.
158- كما أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الله بن يوسف، أخبرنا عثمان بن عبد الرحمن الربعي، وإسماعيل بن عبد القوي وأحمد بن علي بن يوسف الدمشقي قالوا: أخبرنا هبة الله بن علي، أخبرنا محمد بن بركات، أخبرتنا كريمة، أخبرنا محمد ابن مكي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا البخاري.
حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة عن أبي التياح قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قالت الأنصار يوم فتح مكة
(1/256)
وأعطى قريشاً: والله إن هذا لهو العجب! إن سيوفنا تقطر من دماء قريش، وغنائمنا ترد عليهم.
فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعا الأنصار، قال، فقال: ((ما الذي بلغني عنكم)).
وكانوا لا يكذبون، فقالوا: هو الذي بلغك.
قال: ((أولا ترضون أن يرجع الناس بالغنائم إلى بيوتهم، وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيوتكم؟ لو سلكت الأنصار وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم)).
هذا حديث صحيحٌ، اتفق على إخراجه البخاري ومسلم، ورواه النسائي في سننه الكبرى.
159- وبه إلى البخاري قال: حدثنا ابن بشارٍ، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن محمد بن زيادٍ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((لو أن الأنصار سلكوا وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار)).
(1/257)
هذا حديثٌ صحيحٌ، أخرجه البخاري هكذا، والنسائي في سننه الكبرى.
160- وأخبرنا محمد بن أحمد بن محمد الإسكندري بقراءتي عليه بها، أخبرنا محمد بن عبد الخالق، أخبرنا علي بن أبي الكرم، أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم، أخبرنا محمود بن القاسم، وأحمد بن عبد الصمد، وعبيد الله بن علي الدهان قالوا: أخبرنا عبد الجبار بن محمد الجراحي، أخبرنا محمد بن أحمد المحبوبي، أخبرنا أبو عيسى الترمذي قال:
حدثنا بندار، حدثنا أبو عامر عن زهير بن محمدٍ عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار)).
وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لو سلك الناس وادياً أو شعباً لكنت مع الأنصار)).
(1/258)
رواه الترمذي هكذا وقال: هذا حديثٌ حسن.
161- وأخبرني محمد بن إسماعيل بن الخباز، أخبرنا المسلم، أخبرنا حنبل، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا أبو بكر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي.
حدثنا يعقوب، حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن أبي سعيد الخدري قال: لما أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطي من تلك في قريشٍ وقبائل العرب، فذكر الحديث وفيه: ((والذي نفس محمدٍ بيده لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار، ولو سلك الناس شعباً لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار)).
قال: فبكى الأنصار حتى أخضلوا لحاهم وقالوا: رضينا
(1/259)
برسول الله صلى الله عليه وسلم قسماً وحظاً.
هذا حديثٌ صحيحٌ، أخرجه أحمد في مسنده هكذا، وقد صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث فزالت تهمة التدليس، ورواه أحمد وأبو يعلى في مسنديهما من وجه آخر (وسنذكره بعد هذا).
162- وبه إلى أحمد قال: حدثنا حسنٌ، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابرٍ، بهذه القصة مختصرةً، وفيه: ((فوالله لو سلك الناس وادياً، وسلكتم شعباً لاتبعت شعبكم))، قالوا: رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم .
هذا حديثٌ حسنٌ، رواه أحمد في مسنده هكذا.
163- وبه إلى أحمد قال: حدثنا هارون بن معروف، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني أبو صخر أن يحيى بن النضر الأنصاري، حدثه أنه سمع أبا قتادة يقول: سمعت
(1/260)
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر للأنصار: ((ألا إن الناس دثارٌ والأنصار شعار، لو سلك الناس وادياً وسلكت الأنصار شعبةً لاتبعت شعبة الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار، فمن ولي أمر الأنصار فليحسن إلى محسنهم، وليتجاوز عن مسيئهم، من أفزعهم فقد أفزع هذا الذي بين هذين))، وأشار إلى نفسه.
هذا حديث صحيحٌ، رجال إسناده كلهم ثقاتٌ، أخرجه أحمد في مسنده هكذا، ورواه الطبراني في المعجم الأوسط وزاد في آخره: ((يعني قلته))، وقال: لم يروه عن أبي قتادة إلا يحيى، تفرد به أبو صخر.
164- أخبرنا محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز الأيوبي، أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني، أخبرتنا عفيفة بنت أحمد إذناً، أخبرتنا فاطمة الجوزدانية، أخبرنا
(1/261)
أبو بكر بن ريذة، أخبرنا أبو القاسم الطبراني.
حدثنا الحسن بن علي المعمري، حدثنا أيوب بن محمدٍ الوزان، حدثنا عبد الله بن سليمٍ عن رشدين بن سعد عن يونس بن يزيد وعقيل عن الزهري، عن السائب بن يزيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم الفيء الذي أفاء الله بحنينٍ من غنائم هوازن فأحسن، فذكر الحديث وفيه: ثم قال: ((يا معشر الأنصار، ألم يمن الله عليكم بالإيمان ويخصكم بالكرامة وسماكم بأحسن الأسماء: أنصار الله وأنصار رسوله؟ ولولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار، ولو سلك الناس وادياً وسلكتم وادياً لسلكت واديكم، أولا ترضون أن يذهب الناس بهذه الغنائم: الشاة والنعم والبعير، وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم )).
فلما سمعت الأنصار قول رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: رضينا.
قال: ((أجيبوني فيما قلت)).
قالت الأنصار: يا رسول الله، وجدتنا في ظلمة، فأخرجنا الله بك إلى النور، ووجدتنا على شفا حفرة من
(1/262)
النار، فأنقذنا الله بك، ووجدتنا ضلالاً فهدانا الله بك، فرضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، فاصنع يا رسول الله ما شئت في أوسع الحل.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((أما والله لو أجبتموني بغير هذا القول، لقلت: صدقتم، لو قلتم: ألم تأتينا طريداً فأويناك؟ ومكذباً فصدقناك؟ ومخذولاً فنصرناك وقبلنا ما رد الناس عليك، لو قلتم هذا لصدقتم)).
فقالت الأنصار: بل لله المن والفضل علينا، وعلى غيرنا، ثم بكوا فكثر بكاؤهم وبكى النبي صلى الله عليه وسلم معهم.
هذا حديثٌ في إسناده مقالٌ، أخرجه الطبراني في أكبر معاجمه هكذا، ورشدين بن سعد -وإن ضعف في الحديث، فأبواب الرقائق يتساهل فيها بمثله- قال فيه أبو سعيد ابن يونس في ((تاريخ مصر)): كان رجلاً صالحاً لا يشك في صلاحه وفضله، وأدركته غفلة الصالحين، فخلط في الحديث.
وأوصى بهم صلى الله عليه وسلم أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم.
(1/263)
165- كما أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا إسماعيل بن عزون، وعثمان بن رشيق، وأحمد بن بندار قالوا: أخبرنا هبة الله بن علي، أخبرنا محمد بن بركات، أخبرتنا كريمة قالت: أخبرنا محمد بن مكي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، قال:
أخبرنا أحمد بن يعقوب، حدثنا ابن الغسيل، قال: سمعت عكرمة يقول: سمعت ابن عباس يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ملحفةٌ متعطفاً بها على منكبيه، وعليه عصابةٌ دسما حتى جلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أما بعد، أيها الناس، فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام، فمن ولي منكم أمراً يضر فيه أحداً أو ينفعه، فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم)).
هذا حديثٌ صحيح، أخرجه البخاري هكذا.
166- وبه إلى البخاري قال: حدثنا إسماعيل بن أبان
(1/264)
الوراق قال: حدثنا ابن الغسيل، فذكر نحوه، وزاد: ((وكان آخر مجلسٍ جلسه)).
167- وبه إلى البخاري قال: حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن حنظلة بن الغسيل، فذكره بهذه الزيادة.
168- وبه إلى البخاري قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة عن أنس بن مالكٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الأنصار كرشي وعيبتي، والناس سيكثرون ويقلون، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم)).
169- وبه إلى البخاري قال: حدثنا محمد بن يحيى أبو علي الصايغ، حدثنا شاذان أخو عبدان، حدثنا أبي، أخبرنا شعبة بن الحجاج عن هشام بن زيد قال: سمعت أنس بن مالك يقول: مر أبو بكر والعباس بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون، فقال: ما يبكيكم؟.
(1/265)
قالوا: ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم منا. فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك. قال: فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد عصب على رأسه حاشية برد، قال: فصعد المنبر ولم يصعده بعد ذلك اليوم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي، وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزا عن مسيئهم)).
هذا حديثٌ صحيحٌ اتفق على إخراجه البخاري ومسلم من الوجه الأول، ورواه الترمذي وقال: حسنٌ صحيحٌ. ورواه البخاري من الوجه الثاني، ورواه النسائي في سننه الكبرى من الوجهين معاً.
وقد اختلف فيه على شعبة: فرواه غندر عنه عن قتادة، وهشام على الوجهين معاً، فجعله من حديث أنس.
ورواه حرمي بن عمارة عن شعبة عن قتادة، عن أنسٍ عن أسيد بن حضير، فجعله من حديث أسيدٍ كما تقدم.
(1/266)
170- أخبرنا عبد القادر بن محمد الإمام، أخبرنا عبد الله بن علي الصنهاجي، أخبرنا إسماعيل بن عزون، أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير، أخبرتنا فاطمة الجوزدانية، أخبرنا ابن ريذة، أخبرنا الطبراني.
حدثنا أحمد بن زيد بن الحريش الأهوازي، حدثنا محمد بن معمر البحراني، حدثنا حرمي بن عمارة، حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس عن أسيد بن حضير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الأنصار كرشي وعيبتي، وإن الناس يكثرون وهم يقلون، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم)).
هذا حديثٌ صحيحٌ، روه الطبراني في المعجم الكبير، ورجاله رجال الصحيح.
171- وبه إلى الطبراني قال: حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي، حدثنا عبد الجبار بن سعيدٍ المساحقي، حدثنا يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ الشجري، حدثنا هشام، عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن أبي قبيلٍ عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: كتب أبو بكرٍ الصديق إلى عمرو بن
(1/267)
العاص: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الأنصار: ((اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم)).
هذا حديثٌ حسن، رواه الطبراني في المعجم الكبير هكذا، ورواه البزار في مسنده بلفظ: ((أما بعد، فقد عرفت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأنصار عند موته)). وقال البزار: إسناده حسنٌ.
172- أخبرنا عبد القادر بن محمد القرشي، أخبرنا محمد بن علي بن ساعدٍ، أخبرنا يوسف بن خليلٍ، أخبرنا محمد بن إسماعيل الطرسوسي، أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي، أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، أخبرنا الطبراني.
حدثنا أبو زرعة الدمشقي، حدثنا أبو مسهرٍ، حدثنا محمد بن مهاجر عن أبيه مهاجر بن دينار أن أبا سعدٍ الأنصاري مر بمروان بن الحكم يوم الدار وهو صريعٌ، فقال أبو سعد: يا ابن الزرقاء، لو أعلم أنك حيٌ لأجزت عليك.
فحقدها عليه عبد الملك، فلما استخلف عبد الملك أتى به، فقال أبو سعدٍ: احفظ في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم .
(1/268)
فقال عبد الملك بن مروان: وما ذاك؟
فقال: ((احفظوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم)).
وكان أبو سعدٍ زوج أسماء بنت يزيد بن السكن بن عمرو بن حرام.
هذا حديثٌ جيد الإسناد، رجاله كلهم ثقاتٌ، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير.
173- أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا المسلم القيسي، أخبرنا حنبل، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا يحيى بن أبي بكيرٍ، حدثنا فضيل بن مرزوقٍ عن عطية العوفي قال: قال أبو سعيدٍ الخدري: قال رجلٌ من الأنصار لأصحابه: أما والله لقد كنت أحدثكم أنه لو قد استقامت الأمور، لقد آثر عليكم.
قال: فردوا عليه رداً عنيفاً.
(1/269)
قال: فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءهم فقال لهم أشياء لا أحفظها. قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: ((فكنتم لا تركبون الخيل؟)).
قال: فكلما قال لهم شيئاً؛ قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: فلما رآهم لا يردون عليه شيئاً؛ قال: ((أفلا تقولون: قاتلك قومك ونصرناك، وأخرجك قومك فآويناك؟)).
قالوا: نحن لا نقول ذلك يا رسول الله أنت تقول.
قال: ((يا معشر الأنصار ألا ترضون أن يذهب الناس بالدنيا وتذهبون أنتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ))؟.
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: ((يا معشر الأنصار، إن الناس لو سلكوا وادياً وسلكتم وادياً، سلكت وادي الأنصار)). قال: ((لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار))، قال: ((الأنصار كرشي وأهل بيتي وعيبتي التي آويت إليها، فاعفوا عن مسيئهم، واقبلوا من محسنهم)).
(1/270)
هذا حديثٌ حسنٌ، أخرجه أحمد وأبو يعلى في مسنديهما.
174- وأخرجه الترمذي مختصراً من رواية زكريا بن أبي زائدة عن عطية، عن أبي سعيدٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((ألا إن عيبتي التي آوي إليها أهل بيتي، وإن كرشي الأنصار فاعفوا عن مسيئهم واقبلوا من محسنهم)). وقال: هذا حديثٌ حسنٌ.
175- وبه إلى أحمد قال: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر قال: حدثنا الزهري، وأخبرني عبد الرحمن بن كعب بن مالكٍ -وكان أبوه أحد الثلاثة الذين تيب عليهم- عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبنا، فحمد الله وأثنى عليه واستغفر للشهداء الذين قتلوا بأحد، ثم قال: ((إنكم يا معشر المهاجرين تزيدون، إن الأنصار لا يزيدون، وإن الأنصار عيبتي التي آويت إليها، أكرموا كريمهم، وتجاوزوا عن مسيئهم، فإنهم قد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم)).
176- وبه إلى أحمد قال: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا
(1/271)
شعيب عن الزهري، أخبرني عبد الله بن كعبٍ بن مالكٍ الأنصاري -وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم- أنه أخبره بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوماً عاصباً رأسه فقال في خطبته: ((أما بعد، يا معشر المهاجرين، فإنكم قد أصبحتم تزيدون، وأصبحت الأنصار لا تزيد على هيئتها التي هي عليها اليوم، وإن الأنصار عيبتي التي آويت إليها، فأكرموا كريمهم، وتجاوزوا عن مسيئهم)).
هذا حديثٌ صحيحٌ، أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده، ورجاله محتجٌ بهم في الصحيح.
وقد اختلف فيه على الزهري، وعلى عبد الرزاق أيضاً.
فرواه أحمد عن عبد الرزاق، عن معمر، عن عبد الله بن كعب بن مالكٍ، عن رجلٍ من الصحابة لم يسم، كما تقدم.
ورواه محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن
(1/272)
كعب بن مالكٍ، عن أبيه.
وأما الاختلاف على الزهري:
فرواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالكٍ، عن رجل من الصحابة لم يسم كما تقدم.
ورواه سفيان بن حبيبٍ عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالكٍ، عن أبيه قال: آخر خطبةٍ خطبناها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه باختصار.
رواه الطبراني في المعجم الكبير، من الوجهين اللذين جعل الصحابي فيهما كعب بن مالك، ورجال كل منهما ثقاتٌ، ولا مانع من أن يكون الزهري سمعه من عبد الرحمن، وعبد الله معاً، وأن يكون كلٌ من عبد الرحمن وعبد الله ابني كعبٍ، سمعه من أبيه ومن صحابيٍ آخر، أو أنه كنى عن أبيه برجلٍ من الصحابة لأمر اقتضى ذلك، والأسانيد كلها صحيحةٌ، بسند أحمد وسند الطبراني، والله أعلم.
(1/273)
177- أخبرني عبد العزيز بن محمدٍ الحافظ إجازة معينة، أخبرنا الأستاذ أبو جعفر ابن الزبير في كتابه إلينا من المغرب، أخبرنا عبد الله بن محمد الحجري، أخبرنا محمد بن الحسين بن إحدى عشرة، أخبرنا الحافظ أبو علي الصدفي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن فورتش، أخبرنا أبو عمر أحمد بن محمد الطلمنكي إجازة، أخبرنا محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج، حدثنا محمد بن أيوب بن حبيبٍ بن الصموت، حدثنا أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار.
حدثنا عمر بن الخطاب السجستاني، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، حدثنا صدقة بن عبد الله، حدثنا موسى بن عقبة عن عامر بن سعدٍ، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اقبلوا من محسن الأنصار، وتجاوزوا عن مسيئهم)).
(1/274)
رواه البزار في مسنده وقال: لا نعلمه يروى عن سعدٍ إلا بهذا الإسناد.
قلت: ورجاله ثقاتٌ إلا صدقة بن عبد الله السمين، فضعفه الجمهور، ووثقه أبو حاتم، ودحيم.
178- وبه إلى البزار قال: حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة، عن عائشة قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، ثم أوصى بالناس خيراً.
ثم قال: ((أما بعد، يا معشر المهاجرين إنكم قد أصبحتم تزيدون، وأصبحت الأنصار على هيئتها اليوم، والأنصار عيبتي التي آويت إليها، فاكرموا كريمهم وتجاوزوا عن مسيئهم)).
(1/275)
رواه البزار في مسنده وقال: لا نحفظه عن عائشة إلا عن محمد بن جعفر
قلت: ورجاله ثقاتٌ إلا ابن إسحاق، مدلس، وقد رواه بصيغة العنعنة.
179- وبه إلى البزار قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل عن عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبي حميدٍ الساعدي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن لكل نبيٍ عيبة، وعيبتي هذا الحي من الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار، الأنصار شعار والناس دثار، فمن ولي من الأمر شيئاً فليحسن إلى محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم)).
رواه البزار وقال: لا نعلمه يروى عن أبي حميدٍ إلا بهذا الإسناد.
قلت: شيخه أحمد بن عبد الجبار العطاردي ضعفه الجمهور.
(1/276)
180- أخبرني محمد بن محمد بن إبراهيم الإسكندري قال: أخبرنا محمد بن عمر بن أبي بكر بن ظافرٍ، أخبرنا يعقوب بن محمد الهذباني، أخبرنا منصور بن علي الطبري، أخبرنا زاهر بن طاهرٍ الشحامي.
ح وأنبأني به عالياً محمد بن إبراهيم بن محمدٍ الخزرجي إجازة معينة، عن أبي الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي، عن أبي روح عبد المعز بن محمدٍ الهروي قال: أخبرنا تميم بن أبي سعيد الجرجاني قال هو وزاهر: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الجنزروذي، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى الموصلي.
حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال: حدثني أبي عن قدامة بن إبراهيم قال: رأيت الحجاج يضرب عباس بن سهلٍ في أمر ابن الزبير، فأتاه سهل بن سعدٍ وهو شيخٌ كبيرٌ له ضفران، وعليه ثوبان: إزارٌ ورداء، فوقف بين السماطين
(1/277)
فقال: يا حجاج، ألا تحفظ فينا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
قال: وما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم؟
قال: ((أوصى أن يحسن إلى محسنٍ الأنصار، ويعفى عن مسيئهم)).
قال: فأرسله.
هذا حديثٌ حسنٌ، رواه أبو يعلى الموصلي هكذا في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير والأوسط، وقال فيه: لم يروه عن قدامة إلا عبد الله بن مصعب، تفرد به ابنه مصعب.
قلت: وعبد الله بن مصعبٍ قال فيه أبو حاتمٍ: شيخ بابه عبد الرحمن بن أبي الزناد.
وذكره ابن حبان في الثقات.
وضعفه ابن معين.
(1/278)
وقد رويناه من غير طريق مصعب بزيادة فيه: إنه شهد لسهل بذلك عبد الله بن جعفر وإبراهيم بن محمد بن طلحة.
رواه الطبراني في المعجم الكبير.
181-قال: حدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي، حدثنا يعقوب بن حميد، أخبرنا عبد المهيمن بن عباس بن سهلٍ عن أبيه، عن جده أن سهلاً دخل على الحجاج، وهو متكئٌ على يده فقال له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الأنصار: ((أحسنوا إلى محسنهم واعفوا عن مسيئهم)). فقال: من يشهد لك؟ فقال: هذان كنفيك: عبد الله بن جعفر، وإبراهيم بن محمد بن طلحة، فقالا: نعم.
وعبد المهيمن بن عباسٍ: منكر الحديث، قاله البخاري.
وقال الدارقطني: ليس بالقوي.
(1/279)
ووعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة عند حوضه بقوله: ((اصبروا حتى تلقوني على الحوض)).
182- كما أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الله شاهد الجيش، أخبرنا ابن بندار وابن رشيق وابن عزون قالوا: أخبرنا هبة الله البوصيري، أخبرنا محمد بن بركاتٍ، أخبرتنا كريمة قالت: أخبرنا هبة الله البوصيري، أخبرنا محمد بن بركاتٍ، أخبرتنا كريمة قالت: الكشميهني، أخبرنا الفربري، حدثنا البخاري.
حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا عمرو بن يحيى عن عباد بن تميمٍ، عن عبد الله بن زيد بن عاصمٍ قال: لما أفاء الله على رسوله يوم حنين، قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم ولم يعط الأنصار شيئاً، فذكر الحديث وفيه: ((لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار، ولو سلك الناس وادياً وشعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها،
(1/280)
الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثره فاصبروا حتى تلقوني على الحوض)).
هذا حديثٌ صحيحٌ اتفق على إخراجه البخاري ومسلم.
183- وبه إلى البخاري قال: حدثنا عبد الله بن محمدٍ، حدثنا هشام، حدثنا معمر عن الزهري، حدثني أنس بن مالك قال: قال ناسٌ من الأنصار حين أفاء الله على رسوله ما أفاء من أموال هوازن.. .. الحديث، وفيه فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : ((ستجدون أثرة شديدةً فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله، فإني على الحوض)).
انفرد بإخراجه البخاري.
184- وبه إلى البخاري قال: حدثنا عبد الله بن محمدٍ، حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيدٍ سمع أنس بن مالكٍ
(1/281)
حين خرج معه إلى الوليد قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار إلى أن يقطع لهم البحرين، قالوا: لا، إلا أن يقطع لإخواننا من المهاجرين مثلها، قال: ((أما لا، فاصبروا حتى تلقوني، فإنه ستصيبكم أثرةٌ بعدي)).
انفرد بإخراجه البخاري. ورواه أيضاً عن سليمان بن حربٍ، عن حماد بن زيدٍ وعن أحمد بن يونس، عن زهير بن معاوية كلاهما، عن يحيى بن سعيدٍ.
وذكره أيضاً تعليقاً عن الليث، عن يحيى بن سعيد.
185- وبه إلى البخاري قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة عن أنس بن مالكٍ عن أسيد بن حضيرٍ أن رجلاً من الأنصار قال: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ استعملت فلاناً، قال: ((ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض)).
(1/282)
هذا حديثٌ صحيحٌ متفقٌ عليه، أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.
186- وأخبرنا عبد القادر بن محمدٍ الإمام قال: أخبرنا أبو بكر بن علي الصنهاجي، أخبرنا إسماعيل بن عزون.
ح وأخبرني عالياً محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي مشافهةً عن ابن عزون قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير، قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية قالت: أخبرنا ابن ريذة، أخبرنا الطبراني قال:
حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا قطن بن نسير، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا المعلى بن زياد القردوسي، حدثنا عبد العزيز بن صهيب قال: كنت مع الحسن فمر به رجلٌ فحدثه قال: قال ذو اليدين: ((يا معشر الأنصار أليس أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصبروا حتى تلقوه)).
أخرجه الطبراني هكذا في المعجم الكبير، ورجاله
(1/283)
المسمون فيه ثقاتٌ ليس فيه محل نظر، إلا أن الرجل الذي حدث به الحسن لا أدري من هو.
وشهد لهم صلى الله عليه وسلم بأنهم أعفةٌ صبرٌ.
187- كما أخبرني محمد بن محمد بن إبراهيم الإسكندري قال: أخبرنا محمد بن عمر بن أبي بكرٍ البصري، أخبرنا يعقوب بن محمدٍ الهذباني، أخبرنا منصور بن علي الطبري، أخبرنا زاهر بن طاهر.
ح وأنبأني به عالياً محمد بن إبراهيم الخزرجي إجازة معينة، عن علي بن أحمد بن البخاري عن أبي روح، عن المعز بن محمدٍ الهروي، أخبرنا غنيم بن أبي سعيدٍ الجرجاني، قال هو وزاهر: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الجنزروذي، أخبرنا أبو عمرو ابن حمدان، أخبرنا أبو يعلى الموصلي.
حدثنا زحمويه، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، حدثنا محمد بن إسحاق عن حصين بن عبد الرحمن، عن محمود بن لبيد، عن ابن شفيع قال -وكان طبيباً- قال: دعاني أسيد بن حضيرٍ، فقطعت له عرق النسا، فحدثني
(1/284)
بحديثين.. .. الحديث، وفيه: قلت: جزاك الله خيراً يا رسول الله.
قال: ((وأنتم فجزاكم الله خيراً، فإنكم ما علمت أعفةٌ صبرٌ)).
قال: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنكم ستلقون أثرةً بعدي)).
ثم ذكر قصةً له مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
هذا حديثٌ حسنٌ، وابن شفيع قال فيه العجلي: مدنيٌ تابعيٌ ثقةٌ، وباقيهم ثقاتٌ. وابن إسحاق فإن كان رواه بالعنعنة وهو مدلس، فإن له شاهداً من حديث أبي طلحة، ومن حديث أنس أيضاً.
أما حديث أبي طلحة:
188- فأخبرني به المشايخ الأربعة: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد القرشي، وأبو الحرم محمد بن محمد القلانسي، ومحمد بن محمد بن يحيى القرشي،
(1/285)
وعلي بن أحمد بن محمد بن صالح، قال الأول: أخبرنا محمد بن عبد الخالق بن طرخان، وقال الثاني والثالث: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن ترجم، وقال الرابع: أخبرنا علي بن أحمد بن البخاري، قال ابن طرخان وابن ترجم، أخبرنا علي بن أبي الكرم بن البنا، وقال ابن البخاري: أخبرنا عمر بن معمر الحساني، قال هو وابن البنا، أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي قال: أخبرنا محمود بن القاسم الأزدي، وأحمد بن عبد الصمد الغورجي، وعبيد الله بن علي الدهان قالوا: أخبرنا عبد الجبار بن محمد الجراحي، أخبرنا محمد بن أحمد بن محبوبٍ، أخبرنا محمد بن عيسى بن سورة الحافظ قال:
حدثنا عبدة بن عبد الله الخزاعي البصري، حدثنا أبو داود وعبد الصمد قالا: أخبرنا محمد بن ثابت البناني عن أبيه، عن أنس بن مالك، عن أبي طلحة، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أقرئ قومك السلام فإنهم ما علمت أعفةٌ صبرٌ)).
(1/286)
أخرجه الترمذي هكذا وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
قلت: وقد اختلف فيه على أبي داود الطيالسي:
فرواه عبدة بن عبد الله الخزاعي عنه هكذا.
ورواه محمد بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي عنه، فجعله من حديث أنس.
189- أخبرني به عبد العزيز بن محمد الإمام إجازة معينة، أخبرنا العلامة أبو جعفر ابن الزبير في كتابه إلينا من المغرب قال: أنبأني علي بن محمد الغافقي إجازة معينة، أخبرنا عبد الله بن محمد الحجري، أخبرنا محمد بن الحسين بن أحمد بن إحدى عشرة، أخبرنا الحسين بن محمدٍ الصدفي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن إسماعيل ابن فورتش، أخبرنا أبو عمر الطلمنكي، أخبرنا محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج، حدثنا محمد بن أيوب بن حبيب، حدثنا أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار قال:
حدثنا محمد بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي، حدثنا أبو داود، حدثنا محمد بن ثابت البناني عن أبيه، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي طلحة: ((أقرئ قومك السلام وأخبرهم
(1/287)
أنهم ما علمت أعفةٌ صبرٌ)).
أخرجه البزار هكذا في مسنده، وعبدة الخزاعي ومحمد بن عثمان كلاهما ثقةٌ، ولا يمتنع أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قاله لأبي طلحة بحضور أنسٍ، فيكون من حديثهما، فإن كان إنما سمعه من أبي طلحة فيكون طريق أنسٍ مرسل صحابي وهو مقبولٌ عند الجمهور، إنما خالف فيه الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني، والله أعلم.
ولعل الترمذي إنما صححه للشواهد، وإلا فمحمد بن ثابتٍ البناني ضعفه البخاري، وابن معين، وأبو داود، والنسائي، وأبو حاتم الرازي.
(1/288)
190- وبه إلى البزار قال: حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد، حدثني أبي عن مجالدٍ، عن الشعبي، عن جابر.
ح قال البزار: وحدثنا يوسف بن موسى، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء، عن مجالدٍ، عن الشعبي، عن جابر، متقاربان في ألفاظهما، قال: كانت الأنصار إذا جدوا نخلهم قسم الرجل تمره نصفين، أحدهما أقل من الآخر، ثم يجعلون السعف مع أقلهما، ثم يخيرون المسلمين، فيأخذون أكثرهما، ويأخذ الأنصار أقلهما من أجل السعف، حتى فتحت خيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قد وفيتم لنا بالذي عليكم، فإن شئتم أن تطيب أنفسكم بنصيبكم من خيبر، وتطيب لكم ثماركم فعلتم))، فقالوا: إنه قد كان لك علينا شروط، ولنا عليك شرطٌ بأن لنا الجنة، قد فعلنا الذي سألتنا على أن لنا شرطنا، قال: ((فذاكم لكم)).
هذا حديثٌ حسنٌ غريب، رواه البزار في مسنده وقال: لا نعلمه يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد.
(1/289)
191- أخبرني محمد بن إسماعيل بن الخباز، أخبرنا المسلم القيسي، أخبرنا حنبل، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا أبو بكر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي قال:
حدثنا روح بن عبادة، حدثنا هشام بن حسان عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما يضر امرأةً نزلت بين بيتين من الأنصار أو نزلت بين أبويها)).
هذا حديثٌ صحيحٌ غريبٌ، ورجاله كلهم ثقات، ورواه أحمد في مسنده، والبزار أيضاً في مسنده وقال: لا نعلم رواه هكذا إلا هشام بن حسان، ولا عنه إلا روح، ولا رواه ممن لا يرد عليه إلا أحمد بن حنبل ويحيى بن حبيب. قال: ورواه غيرهما، فكذبوا فيه.
(1/290)
192- أخبرنا أبو الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم البكري مشافهةً عن عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني قال: أنبأنا خليل بن أبي الرجا عن الحسن بن أحمد الحداد، أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني.
حدثنا علي بن سعيد الرازي، حدثنا عقبة (بن سنان الفزاري، حدثنا) محمد بن مروان العقيلي، حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أسلمت الملائكة طوعاً، وأسلمت الأنصار طوعاً، وأسلمت عبد القيس طوعاً)).
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط هكذا، وقال: لم يروه عن محمد بن سيرين إلا هشام بن حسان، تفرد به عقبة بن سنان.
193- وبه إلى الطبراني قال: حدثنا محمد بن أحمد بن
(1/291)
أبي خيثمة، حدثنا الوليد بن شجاع، حدثنا عمر بن حفص بن ثابتٍ الأنصاري عن عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أنس بن مالكٍ قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((ألا إن لكل تركة ٌوضيعةٌ، وإن تركتي وضيعتي الأنصار، فاحفظوني فيهم)).
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، رواه الطبراني أيضاً في المعجم الأوسط، وقال: لم يروه عن ربيعة إلا ابن أبي الرجال، تفرد به عمر بن حفص بن ثابت.
وقد تقدم في الباب الرابع عشر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار من حديث زيد بن أرقم، وأنس، وجابر بن عبد الله، وسيأتي في: فضل قبائل من العرب قوله صلى الله عليه وسلم فيهم إنه: ((ليس لهم مولى دون الله ورسوله)).
194- وأخبرني عبد الله بن محمد بن إبراهيم
(1/292)
المقدسي مشافهةً بظاهر دمشق عن علي بن أحمد بن عبد الواحد قال: أنبأنا شيرويه بن شهردار الديلمي قال: أخبرنا عبدوس بن عبد الله بن عبدوس، أخبرنا أبو منصور البزاز، أخبرنا الدارقطني، حدثنا محمد بن علي بن إسماعيل الأيلي، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، حدثنا حسان بن غالب بن بحر.
ح وقال شيرويه: وأخبرنا والدي قال: أخبرنا المسند أبو طالب علي بن الحسين بن الحسن الحسني، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف بن محمدٍ الصيرفي الجرجاني بنيسابور، وكتب لي بخطه: أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي الطبري بجرجان، أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ.
حدثنا كهمس بن معمر الجوهري، حدثنا أبو قرة محمد بن حميد الرعيني، حدثنا حسان بن غالبٍ، حدثنا ابن لهيعة عن عقيل، عن ابن شهابٍ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الأنصار أحبائي، وفي الدين إخواني، وعلى الأعداء أعواني)).
(1/293)
هذا حديثٌ غريبٌ رواه شيرويه في ((مسند الفردوس)).
قال أبو أحمد ابن عدي: ما روى هذا الحديث إلا أبو قرة، ولم أسمع فيه إلا خيراً، وهو حديثٌ غريب المتن والإسناد.
قلت: ولم ينفرد به، بل تابعه عليه يحيى بن عثمان بن صالح، كما تقدم في إسناده الأول.
(1/294)
فصل في فضل قبائل من العرب مجتمعة
195- أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الله الأنصاري، أخبرنا إسماعيل بن عزون وعثمان بن رشيق، وأحمد بن علي بن البندار قالوا: أخبرنا هبة الله البوصيري، أخبرنا محمد بن بركاتٍ، أخبرتنا كريمة المروزية قالت: أخبرنا محمد بن مكي، أخبرنا محمد بن يوسف الفربري، حدثنا البخاري قال: حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان عن سعد.
ح قال البخاري: وقال يعقوب بن إبراهيم: حدثنا أبي عن أبيه قال: حدثني عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وأشجع وغفار: موالي، ليس لهم مولى دون الله ورسوله)).
(1/295)
هذا حديثٌ صحيحٌ متفق عليه، أخرجه البخاري هكذا، وأخرجه مسلمٌ عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه عن سفيان هكذا.
وأما الرواية الثانية التي علقها البخاري: فذكر أبو مسعود الدمشقي في ((الأطراف))، أن البخاري حمل حديث يعقوب عن أبيه على متن حديث الثوري، قال: ويعقوب يقول: عن أبيه عن صالح بن كيسان عن الأعرج عن أبي هريرة.
قال الحافظ أبو الحجاج المزي: يعني أبو مسعود أن رواية يعقوب بن إبراهيم بن سعدٍ لهذا الحديث، تخالف رواية سفيانٍ في المتن والإسناد. انتهى.
وسنذكر رواية يعقوب بعد هذا من عند مسلم رحمه الله، وحديث سفيان أولى، فقد تابعه شعبة عليه كما رواه مسلمٌ في صحيحه عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، ولم يسق مسلمٌ لفظه وإنما قال بهذا الإسناد مثله. أي: مثل رواية سفيان الثوري عن
(1/296)
سعد بن إبراهيم، قال: غير أن في الحديث قال سعدٌ: في بعض هذا، فيما أعلم.
وقد رواه داود الطيالسي في مسنده عن شعبة:
196- كما أخبرناه الحافظ أبو محمدٍ عبد الله بن محمد بن محمد بن أبي بكر الأموي بقراءتي عليه قال: أخبرني أبو المكارم محمد بن أحمد بن النصيبي، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمدٍ اللبان.
ح وأنبأنيه عالياً عبد الله بن محمد بن إبراهيم البروري، ومحمد بن إسماعيل بن عمر بن الحموي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي عن أبي المكارم ابن اللبان قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الحداد، أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، قال أبو داود: عن شعبة فذكره.
197- وأخبرني محمد بن إسماعيل بن الخباز، أخبرنا أبو بكر ابن قاسم، أخبرنا المؤيد، أخبرنا محمد بن الفضل،
(1/297)
أخبرنا عبد الغافر الفارسي، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم.
حدثني زهير بن حربٍ، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا أبو مالكٍ الأشجعي عن موسى بن طلحة عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الأنصار ومزينة وجهينة وغفار وأشجع ومن كان من بني عبدة: موالي دون الناس، والله ورسوله مولاهم)).
هذا حديثٌ صحيحٌ أخرجه مسلم هكذا، ورواه الترمذي عن أحمد بن منيعٍ عن يزيد بن هارون وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وقد رواه أحمد في مسنده عن يزيد بن هارون فقال: محمد بن طلحة موضع موسى. ولم يذكر فيه الأنصار، وذكر مكانه: ((أسلم)). وقال: ((ومن كان من بني كعبٍ))، مكان: ((بني عبدة)).
198- وبه إلى مسلم قال: حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار، قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفرٍ،
(1/298)
حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم قال: سمعت أبا سلمة يحدث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أسلم وغفار ومزينة ومن كان من جهينة، أو جهينة خيرٌ من بني تميمٍ وبني عامر والحليفين: أسدٌ وغطفان)).
199- وبه إلى مسلم قال: حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، حدثنا المغيرة -يعني الحزامي- عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ح قال مسلم: وحدثنا عمرو الناقد وحسن الحلواني وعبد بن حميد، قال عبدٌ: أخبرني، وقال الآخران: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد: حدثنا أبي عن صالحٍ عن الأعرج قال: قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((والذي نفس محمدٍ بيده: لغفار وأسلم ومزينة ومن كان من جهينة -أو قال: جهينة ومن كان من مزينة- خيرٌ عند الله يوم القيامة من أسدٍ وطيء وغطفان)).
قلت: وهذه الطريق التي تقدم الوعد بذكرها، علقها البخاري، وأسندها مسلمٌ هكذا، فإن البخاري حمل رواية
(1/299)
يعقوب بن إبراهيم على رواية الثوري، والله أعلم.
200- وبه إلى مسلم قال: حدثني زهير بن حرب ويعقوب الدورقي قالا: حدثنا إسماعيل يعنيان: ابن علية، حدثنا أيوب عن محمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أسلم وغفار من مزينة وجهينة -أو: شيءٌ من جهينة ومزينة- خيرٌ عند الله -قال أحسبه قال: يوم القيامة- من أسدٍ وغطفان وهوازن وتميم)).
هذا حديثُ صحيحٌ أخرجه مسلم في صحيحه من هذه الطرق.
وأخرجه الترمذي عن قتيبة بإسناده المتقدم وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.
وأما البخاري فجعله من قول أبي هريرة، رواه عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيدٍ عن أيوب عن محمدٍ عن أبي هريرة قال: ((أسلم وغفار))، فذكر نحوه.
(1/300)
قلت: وهذا في نفس الأمر ليس موقوفاً، بل هو مرفوع لوجهين: أحدهما عامٌ والآخر خاصٌ.
أما العام: فإن التفضيل لا يقال مثله من قبل الرأي، فحكمه الرفع كما ذكره الحاكم من المحدثين وغيره، وغير واحدٍ من الأصوليين.
وأما الخاص: فهو اصطلاحٌ خاصٌ لأهل البصرة، عقد له الحافظ الخطيب باباً في كتابه ((الكفاية))، وروى بإسناده إلى موسى بن هارون الحمال قال: إذا قال حماد بن زيدٍ والبصريون: قال. قال: فهو مرفوعٌ.
وقال الخطيب: قلت للبرقاني: أحسب أن موسى عنى بهذا القول أحاديث ابن سيرين خاصةً، فقال: كذا يجب. قال الخطيب: ويحقق قول موسى، ما قال محمد بن سيرين: كل شيء حدثت عن أبي هريرة فهو مرفوع، والله أعلم.
201- وبه إلى مسلم قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا أبي، حدثنا شعبة عن أبي بشر عن
(1/301)
عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أسلم وغفار ومزينة وجهينة خيرٌ من بني تميمٍ ومن بني عامرٍ والحليفين: بني أسدٍ وغطفان)).
هذا حديثٌ صحيحٌ متفق عليه، أخرجه الشيخان، والترمذي بنحوه وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وتقدم في الباب الرابع عشر دعاؤه صلى الله عليه وسلم لأسلم وغفار بقوله: ((أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها)).
202- أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري، أخبرنا المسلم القيسي، أخبرنا حنبل، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا الحسن بن المذهب، أخبرنا أبو بكرٍ القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي.
حدثنا علي بن عياش، حدثنا إسماعيل، حدثني يحيى بن سعيدٍ، أخبرني يعقوب بن خالدٍ عن أبي صالحٍ
(1/302)
السمان، قال يحيى: ولا أعلمه إلا عن زيد بن خالد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قريشٌ والأنصار وأسلم وغفار -أو: غفار وأسلم- ومن كان من أشجع وجهينة -أو: جهينة وأشجع- حلفاء موالي، ليس لهم من دون الله ولا رسوله مولى)).
أخرجه أحمد هكذا والطبراني.
وإسماعيل هو ابن عياش، مختلفٌ فيه، والراجح قبول روايته عن الشاميين، ورد روايته عن الحجازيين، وهذا من روايته عن الحجازيين.
203- وبه إلى أحمد قال: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان بن عمرو، حدثني شريح بن عبيد، عن عبد الرحمن بن عائذ، عن عمرو بن عبسة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض يوماً خيلاً وعنده عيينة بن حصنٍ بن بدر الفزاري فقال له
(1/303)
النبي صلى الله عليه وسلم ((أنا أعرف بالخيل منك)).
فقال عيينة: وأنا أعرف بالرجال منك.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ((وكيف ذاك))؟
قال: خير الرجال رجالٌ يحملون سيوفهم على عواتقهم، جاعلي رماحهم على مناسج خيولهم، لابسوا البرد من أهل نجد.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((كذبت، بل خير الرجال رجال أهل اليمن، والإيمان يمانٍ إلى لخمٍ وجذام وعاملة ومأكول حمير خيرٌ من آكلها، وحضرموت خيرٌ من بني الحارث، وقبيلةٌ خيرٌ من قبيلة، وقبيلةٌ شرٌ من قبيلة والله ما أبالي أن يهلك الحارثان كلاهما، لعن الله الملوك الأربعة جمداء، ومخوساء، ومشرحاء، وأبضعة وأختهم العمردة)).
ثم قال: ((أمرني ربي عز وجل أن ألعن قريشاً فلعنتهم، وأمرني أن أصلي عليهم مرتين فصليت عليهم مرتين)).
ثم قال: ((عصية عصت الله ورسوله غير قيس وجعدة وعصية)).
ثم قال: ((لأسلم وغفار وأخلاطهم من جهينة خيرٌ من بني أسدٍ وتميم وغطفان وهوازن عند الله يوم القيامة)).
(1/304)
ثم قال: ((شر قبيلةٍ في العرب نجران وتغلب، وأكثر القبائل في الجنة مذحج، ومأكولٌ خيرٌ من آكلها))، ثم قال: ((ما مضى خيرٌ ممن بقي)).
هذا حديثٌ حسنٌ، أخرجه أحمد متصلاً ومرسلاً، وزاد فيه: ((وأنا يمان))، وقال: ((وما أبالي أن يهلك الحيان كلاهما، فلا قيل ولا ملك إلا لله)).
ورواه الطبراني في الكبير فقال: ((ومأكول حمير خيرٌ من آكلها))، وزاد: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((وأختهم العمردة))، وكانت تأتي المسلمين وهم سجودٌ فتركبهم، وقال: ((وأنا لا أبالي أن يهلك الحيان كلاهما))، وزاد بعد قوله: ((وعصيةٌ عصت الله ورسوله))، ((إلا مازن وقيس)).
ثم قال: ((قبيلتان لا يدخل الجنة منهم أحداً: متاعش ومنادش)).
(1/305)
وزعم أنهما قبيلتان تاهتا، اتبعتا المشرق في عام جدبٍ فانقطعتا في ناحيةٍ من الأرض لا يوصل إليهما، وذلك في الجاهلية.
204- ورواه أيضاً من حديث معاذ بن جبلٍ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في دارنا يعرض الخيل، قال: فدخل عليه عيينة بن حصن، فذكره مختصراً بنحوه، وقال فيه أيضاً: ((ومأكول حمير خيرٌ من آكلها، وحضرموت خيرٌ من كندة)).
ورجاله ثقاتٌ، إلا أن فيه انقطاعاً، فإنه من رواية خالد بن معدانٍ عن معاذ بن جبلٍ، ولم يسمع منه.
205- وبه إلى أحمد قال: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا ابن عياش، حدثني شرحبيل بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن موهب الأملوكي عن عمرو بن عبسة السلمي قال: ((صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على السكون والسكاسك وعلى خولان العالية وعلى الأملوك أملوك ردمان)).
(1/306)
هكذا أخرجه أحمد والطبراني، ورجاله ثقات، إلا عبد الرحمن بن يزيد فلم أجد فيه تعديلاً ولا جرحاً.
206- أخبرنا محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز الأيوبي، حدثنا عبد العزيز بن عبد المنعم، أخبرتنا عفيفة الفارفانية إجازة، أخبرتنا فاطمة الجوزدانية، أخبرنا أبو بكر ابن ريذة، أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال:
حدثنا بشر بن موسى، حدثنا أبو عبد الرحمن المقري، حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، حدثني أبو الغازي العنسي عن أبي أمامة الباهلي، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن من خيار الناس الأملوك أملوك حمير، وسفيان، والسكون، والأشعريين)).
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، وعبد الرحمن بن زياد مختلفٌ فيه، وأبو الغازي لم أجد فيه جرحاً ولا تعديلاً.
(1/307)
207- أخبرني محمد بن محمد بن إبراهيم الإسكندري، أخبرنا محمد بن عمر البصري، أخبرنا يعقوب بن محمدٍ الهذباني، أخبرنا منصور بن علي الطبري، أخبرنا زاهر بن طاهر
ح وأخبرني به عالياً محمد بن إبراهيم الخزرجي إجازة معينة عن علي بن أحمد بن عبد الواحد، عن أبي روح عبد المعز بن محمد الهروي قال: أخبرنا تميم بن أبي سعيد الجرجاني، قال هو وزاهر: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الجنزروذي، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى الموصلي قال:
حدثنا محمد بن الحسن البصري، حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، حدثني أبي قال: سمعت سعد بن إبراهيم يحدث عن أبيه، عن جده عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وغفار وأشجع وسليم: أوليائي، ليس لهم وليٌ دون الله ورسوله)).
(1/309)
هذا حديثٌ حسنٌ، أخرجه أبو يعلى هكذا، ورواه البزار في مسنده، دون قوله: ((وسليم)). وقال: ((موالي)) مكان قوله: ((أوليائي)).
وقال: ورواه سعد بن إبراهيم عن الأعرج عن أبي هريرة، ولم يتابع عمرو بن يحيى على روايته عن أبيه، عن سعد بن أبي إبراهيم، عن أبيه، عن جده.
208- أخبرني عبد العزيز بن محمد الإمام إجازة معينة قال: أخبرنا محمد بن علي بن ساعد، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا محمد بن إسماعيل الطرسوسي، أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي، أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، أخبرنا الطبراني قال: حدثنا إبراهيم بن دحيمٍ الدمشقي، حدثنا
(1/310)
أبي حدثنا ابن أبي فديك، عن موسى بن يعقوب.
ح قال الطبراني: وحدثنا مسعدة بن سعدٍ العطار المكي، ومحمد بن عبد الله الحضرمي قالا: حدثنا إبراهيم بن المنذر الخزامي، حدثنا معن بن عيسى، حدثنا موسى بن يعقوب عن عبد الرحمن بن الحويرث، عن نافع بن جبير بن مطعم قال: جاءني معقل بن سنان فأخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((غفار وأسلم وجهينة ومزينة موالي الله عز وجل ورسوله)).
هذا حديثٌ حسنٌ، أخرجه الطبراني في الكبير.
209- أخبرني عبد العزيز بن محمد الإمام إجازة معينة، أخبرنا العلامة أبو جعفر بن الزبير في كتابه إلينا من المغرب، أخبرنا علي بن محمدٍ الغافقي إجازة معينة، أخبرنا
(1/311)
عبد الله بن محمد الحجري، أخبرنا محمد بن الحسين بن أحمد بن إحدى عشرة، أخبرنا الحسين بن محمد الصدفي، أخبرنا عبد الله بن فورتش، أخبرنا أحمد بن محمد الطلمنكي إجازة، أخبرنا محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج، حدثنا محمد بن أيوب بن حبيب، حدثنا الحافظ أبو بكر البزار.
حدثنا محمد بن مسكين، حدثنا إبراهيم بن محمد بن جناح، حدثنا هلال بن الجهم، حدثنا إسحاق عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لأسلم وغفار ورجالٌ من مزينة وجهينة خيرٌ من الحليفين: غطفان وبني عامر بن صعصعة)).
أخرجه البزار في مسنده، وإبراهيم بن جناح لم أجد من ذكره بجرحٍ ولا تعديل، وباقي رجاله ثقات.
210- وبه إلى البزار قال: حدثنا محمد بن عثمان
(1/312)
الواسطي، حدثنا أبو بلال الأشعري، حدثنا القاسم بن محمدٍ الأسدي، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل الكناني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ألا رجلٌ يخبرني عن مضر)).
فقال رجلٌ من القوم: أنا أخبرك عنهم يا رسول الله، أما وجهها الذي فيه سمعها وبصرها: فهذا الحي من قريش.
وأما لسانها الذي تعرب به في أنديتها: فهذا الحي من بني أسد بن خزيمة.
وأما كاهلها: فهذا الحي من بني تميم بن مرة.
وأما فرسانها: فهذا الحي من قيس غيلان.
قال: فنظرت النبي صلى الله عليه وسلم كالمصدق له.
أخرجه البزار في مسنده، وأبو بلال الأشعري لم أر
(1/313)
من ذكره بجرحٍ ولا تعديلٍ، وباقي رجاله ثقات.
211- وبه إلى البزار قال: حدثنا محمد بن عيسى التميمي، حدثنا العباس بن نجيح الدمشقي، حدثنا بكر بن عبد العزيز بن أخي إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، عن سليمان بن أبي كريمة، عن خباب مولى أبي الدرداء، عن أبي الدرداء قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت جماعةً من العرب يتفاخرون فيما بينهم، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما هذا يا أبا الدرداء الذي أسمع))؟.
فقلت: يا رسول الله هذه العرب تفاخر فيما بينها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يا أبا الدرداء إذا فاخرت ففاخر بقريش، وإذا كاثرت فكاثر بتميم، وإذا حاربت فحارب بقيس، ألا إن وجوهها كنانة، ولسانها أسد، وفرسانها قيس، يا أبا الدرداء إن لله فرساناً في سمائه يحارب بهم أعداءه، وهم الملائكة، وله فرسانٌ في الأرض يحارب بهم أعداءه وهم: قيس، يا أبا الدرداء إن آخر من يقاتل عن الإسلام، حين لا يبقى إلى ذكره، ومن القرآن إلا رسمه: لرجل من قيس))،
(1/314)
قلت: يا رسول الله، أي قيسٍ؟ قال: ((من سليم)).
أخرجه البزار في مسنده وقال: لا نعلمه يروى مرفوعاً بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه، والعباس ليس به بأسٌ، ليس معروفاً بالنقل، وإن كان معروفاً بالنسب، وكذلك سليمان بن أبي كريمة، ولم يحفظه إلا من هذا الوجه، فأخرجناه وبينا علته.
قلت: أورد ابن عدي في ((الكامل)) سليمان بن أبي كريمة وقال: عامة أحاديثه مناكيرٌ.
قال: ولم أر للمتقدمين فيه كلاماً.
قلت: بلى، قد تكلموا فيه، قال أبو حاتم الرازي: ضعيفٌ.
وقد رويناه متصلاً بالسماع في الجزء التاسع من فوائد تمام من هذا الوجه.
(1/315)
212- أخبرني محمد بن محمد بن إبراهيم البكري مشافهةً عن عبد اللطيف بن عبد المنعم، عن خليل بن أبي الرجاء، عن أبي علي الحسن بن أحمد الحداد، أخبرنا أبو نعيم الأصبهاني، أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال:
حدثنا موسى بن إسحاق بن راهويه، أخبرنا أبو معاوية عن سلام بن صبيح، عن منصور بن زاذان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: ذكرت القبائل عند النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه عن بني عامر فقال: ((جملٌ أزهر يأكل من أطراف الشجر)).
وسألوه عن هوازن فقال: ((زهرةٌ تنبع ماء)).
وسألوه عن بني تميم فقال: ((ثبت الأقدام، رجح الأحلام، عظماء الهام، أشد الناس على الدجال في آخر الزمان، هضبةٌ حمراء لا يضرها من ناوأها)).
(1/316)
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط هكذا، وقال: لم يروه عن ابن سيرين إلا منصور، ولا عنه إلا سلام، تفرد به أبو معاوية.
(1/317)
فضل أحمس
وهم من بجيلة، يجتمع نسبهم مع نسب النبي صلى الله عليه وسلم في نزار بن معد.
تقدم في الباب الرابع عشر حديث طارق بن شهاب: جاء وفد قيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((ابدؤوا بالأحمسيين على القيسيين، اللهم بارك في الأحمسيين ورجالهم)).
رواه الطبراني.
(1/318)
ورواه أحمد أيضاً في مسنده بلفظ: قدم وفد أحمس، ووفد قيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ابدؤوا بالأحمسيين قبل القيسيين))، ثم دعا لأحمس فقال: ((اللهم بارك في أحمس وخيلها ورجالها -سبع مرات-)).
وفي رواية: قدم وفد بجيلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اكتبوا البجليين، وابدؤوا بالأحمسيين.. .. ..)) الحديث، وإسناده صحيحٌ.
وتقدم أيضاً فيه حديث جرير: ((إنه صلى الله عليه وسلم برك على خيل أحمس ورجالها خمس مراتٍ)).
أخرجه البخاري ومسلم.
(1/319)
فضل الأزد
ويقال لهم: الأسد، أيضاً -بسكون السين- ويجتمع نسبهم مع نسبه صلى الله عليه وسلم في عابر بن شالخ.
213- أخبرني محمد بن أحمد بن محمد بن الأبيوردي، ومحمد بن محمد بن محمد بن أبي الحرم، ومحمد بن محمد بن يحيى القرشي، وعلي بن أحمد بن محمد بن صالح، قال الأول: أخبرنا محمد بن عبد الخالق بن طرخان، وقال الثاني والثالث: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن ترجم، وقال الرابع: أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد بن البخاري، قال ابن طرخان وابن ترجم: أخبرنا علي بن
(1/320)
أبي الكرم بن البنا، وقال ابن البخاري: أخبرنا عمر بن محمد بن طبرزد، قال هو وابن البنا: أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم، أخبرنا محمد بن عامر وأحمد بن عبد الصمد وعبيد الله بن عدي الدهان قالوا: أخبرنا عبد الجبار بن محمدٍ، أخبرنا محمد بن أحمد بن محبوب، أخبرنا الحافظ أبو عيسى الترمذي قال:
حدثنا عبد القدوس بن محمد العطار قال: حدثني عمي صالح بن عبد الكبير بن شعيب قال: حدثني عمي عبد السلام بن شعيب عن أبيه عن أنسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الأزد أسد الله في الأرض، يريد الناس أن يضعوهم ويأبى الله إلا أن يرفعهم وليأتين على الناس زمانٌ يقول الرجل: يا ليت أبي كان أزدياً، ويا ليت أمي كانت أزدية)).
أخرجه الترمذي هكذا، وقال: هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفه إلا من هذا الوجه، قال: وروي عن أنسٍ بهذا الإسناد موقوفٌ، وهو عندي أصح.
(1/321)
214- وبه إلى الترمذي قال: حدثنا عبد القدوس بن محمد العطار البصري قال: حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرني مهدي بن ميمونٍ قال: حدثني غيلان بن جرير قال: سمعت أنس بن مالكٍ يقول: ((إن لم نكن من الأزد فلسنا من الناس)).
قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديثٌ غريبٌ صحيحٌ.
215- وبه إلى الترمذي قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب قال: حدثنا وهب بن جرير قال: أخبرنا أبي قال: سمعت عبد الله بن ملاذ يحدث عن نمير بن أوس، عن مالك بن مسروح، عن عامر بن أبي عامر الأشعري، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الحي الأسد والأشعرون، لا يفرون في القتال، ولا يغلون، هم مني وأنا منهم))، قال: فحدثت بذلك معاوية فقال: ليس هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((هم مني وإلي)).
فقلت: ليس هكذا، حدثني أبي، ولكنه حدثني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((هم مني وأنا منهم))، قال:
(1/322)
فأنت أعلم بحديث أبيك.
قال أبو عيسى: هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفه إلا من حديث وهب بن جرير، ويقال: الأسد هم الأزد.
216- وأخبرني به عالياً محمد بن إسماعيل بن الخباز، أخبرنا المسلم، أخبرنا حنبل، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي قال: حدثنا وهب بن جرير، فذكره.
217- أخبرني عبد العزيز بن محمد الإمام، أخبرنا محمد بن الحسين الفوي، أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا عبد الله بن محمد بن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن الخلعي، أخبرنا شعيب بن عبد الله بن أحمد بن المنهال، أخبرنا أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرازي، حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج بن عبد الرحمن القطان، حدثنا عمرو بن خالدٍ،
(1/323)
حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن أبي يونس عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((نعم القوم الأزد، نقيةٌ قلوبهم، بارة أيمانهم، طيبةٌ أفواههم)).
هذا حديثٌ حسنٌ، رواه أحمد في المسند عن حسن بن موسى عن ابن لهيعة.
218- أخبرنا عبد القادر بن محمدٍ الإمام قال: أخبرنا عبد الله بن علي بن عمر الصنهاجي، أخبرنا إسماعيل بن عزون.
ح وأخبرنا عالياً عبد الرحيم بن شاهد الجيش مشافهة عن ابن عزون قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال:
حدثنا الحسن بن إسحاق التستري، حدثنا سليمان بن أحمد الواسطي، حدثنا جرير بن القاسم، حدثنا مجاعة بن محصن العبدي عن عبيد بن حصن، عن بشر بن عصمة صاحب
(1/324)
النبي صلى الله عليه وسلم : ((الأزد مني وأنا منهم، أغضب لهم إذا غضبوا، وأرضى لهم إذا رضوا))، قال معاوية رحمه الله: إنما قال ذلك لقريش، فقال بشر: فأكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ! لو كذبت عليه جعلتها لقومي.
هذا حديثٌ غريبٌ، وفي إسناده من يحتاج إلى معرفة حاله، رواه الطبراني في الكبير.
219- وأخبرنا محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز الأيوبي مشافهةً قال: أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني، عن عفيفة الفارفانية قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية، أخبرنا أبو بكر بن ريذة، أخبرنا الطبراني قال:
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني عنبسة مولى طلحة بن داود، أنه سمع طلحة بن داود يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((نعم المرضعون أهل عمان)) -يعني الأزد-.
(1/325)
هذا حديثٌ غريبٌ، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير، وعنبسة مولى طلحة لم أر له ترجمةً.
وتقدم في فضل قريشٍ حديث عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((العلم في قريشٍ، والأمانة في الأزد)).
رواه الطبراني في الأوسط بإسنادٍ حسن.
وتقدم فيه أيضاً حديث أبي معاوية بن عبد اللات قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الأمانة في الأزد والحياء في قريش)).
رواه الطبراني في الكبير.
وتقدم في الباب الرابع عشر حديث محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عصابةٍ تليه أقبلت فقال: ((إيكم الأزد؟ أحسن الناس وجوهاً، وأعذبه أفواهاً، وأصدقه لقاء)).
رواه الطبراني في معجميه الكبير والأوسط.
(1/326)
فضل أسد بن خزيمة
ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في خزيمة بن مدركة.
تقدم في: فصل في فضل قبائل من العرب مجتمعة حديث أبي الطفيل الكناني، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ألا رجلٌ يخبرني عن مضر))، فقال رجلٌ من القوم: أنا أخبرك عنهم يا رسول الله، أما وجهها الذي فيه سمعها وبصرها: فهذا الحي من قريش وأما لسانها الذي تعرب به في أنديتها: فهذا الحي من بني أسد بن خزيمة، الحديث.
أخرجه البزار في مسنده كما تقدم.
وتقدم فيه أيضاً حديث أبي الدرداء مرفوعاً:
(1/327)
((يا أبا الدرداء، إذا فاخرت ففاخر بقريش.. .. )) الحديث، ((ألا إن وجوهها كنانة، ولسانه أسد.. .. )).
الحديث، رواه البزار أيضاً.
(1/328)
فضل أسلم وأشجع
فأما أسلم: فيجتمع نسبها مع نسبه صلى الله عليه وسلم في عابر بن شالخ.
وأما أشجع: فيجتمع نسبها معه صلى الله عليه وسلم في مضر بن نزار.
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((قريش والأنصار، وجهينة ومزينة وأسلم
(1/329)
وأشجع وغفار موالي، ليس لهم مولى دون الله ورسوله)).
وقد تقدم ذكره بإسناده في فصلٍ في فضل قبائل من العرب مجتمعة.
وتقدم فيه أيضاً حديث أبي أيوب الأنصاري: ((الأنصار ومزينة وجهينة وغفار وأشجع ومن كان من بني عبيد موالي دون الناس، والله ورسوله مولاهم)).
رواه مسلم.
وحديث أبي هريرة: ((أسلم وغفار ومزينة ومن كان من جهينة، خيرٌ من بني تميم.. .. ..)) الحديث، رواه مسلم.
وحديث أبي بكرة: ((أسلم وغفار ومزينة وجهينة خيرٌ من بني تميم.. .. ..)) الحديث، أخرجه الشيخان.
وحديث زيد بن خالدٍ: ((قريش والأنصار وغفار وأسلم
(1/330)
ومن كان من أشجع وجهينة -أو: جهينة وأشجع- حلفاء موالي، ليس لهم من دون الله ولا رسوله مولى)).
رواه أحمد والطبراني، ورواه أبو يعلى نحوه من حديث عبد الرحمن بن عوف، ورواه الطبراني من حديث معقل بن سنان، دون ذكر أشجع، وهكذا رواه البزار من حديث أنس.
وتقدم أيضاً من الباب الرابع عشر قوله صلى الله عليه وسلم : ((أسلم سالمها الله))، من حديث ابن عمر، وأبي هريرة، وأبي ذر، وأبي برزة، وأنس، وابن عباس،
(1/331)
وجابرٍ، وسلمة بن الأكوع، وسمرة بن جندب، وخفاف بن إيماء، وأبي قرصافة، وعبد الله بن سندر.
(1/332)
فضل الأشعريين
وهم من اليمن، يجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في عابر بن شالخ.
220- أخبرني محمد بن إسماعيل بن الخباز، أخبرنا القاسم الإربلي، أخبرنا المؤيد، أخبرنا عبد الغافر، أخبرنا الجلودي، أخبرنا ابن سفيان، أخبرنا مسلم.
حدثنا أبو عامر الأشعري وأبو كريب جميعاً، عن أبي أسامة، قال أبو عامر: حدثنا أبو أسامة، حدثني يزيد بن عبد الله بن أبي بردة عن جده أبي بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن الأشعريين، إذا أرملوا في الغزو،
(1/333)
أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوبٍ واحدٍ ثم اقتسموه في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم)).
هذا حديثٌ صحيحٌ اتفق على إخراجه البخاري ومسلم.
221- وبه إلى مسلم قال: حدثنا أبو كريبٍ، فذكر بإسناده المذكور إلى أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن، وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار.. .. ..))، الحديث.
هذا حديثٌ صحيحٌ اتفق على إخراجه البخاري ومسلم.
وروى الطبراني من حديث أبي أمامة، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن من خيار الناس الأملوك أملوك حمير، وسفيان، والسكون، والأشعريين)).
(1/334)
وقد تقدم في: فصل في فضل قبائل من العرب.
وروى الترمذي من حديث أبي عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((نعم الحي الأزد والأشعرون، لا يفرون في القتال ولا يغلون، هم مني وأنا منهم)).
وقد تقدم في: فضل الأزد.
(1/335)
فضل الأملوك أملوك ردمان
وردمان: بطنٌ من رعين.
تقدم في: فضل قبائل من العرب من حديث عمرو بن عبسة، قال: ((صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على السكون والسكاسك وعلى خولان العالية وعلى الأملوك أملوك ردمان)).
رواه أحمد في مسنده.
(1/336)
فضل أملوك حمير
تقدم في الفضل المذكور حديث أبي أمامة مرفوعاً: ((إن من خيار الناس الأملوك أملوك حمير))، رواه الطبراني.
(1/337)
فضل بني بكر بن وائل
(ويجتمع نسبهم معه في نزار بن معد).
روى الطبراني وابن قانع في معجمي الصحابة من حديث محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده، وكانت له صحبة في أثناء حديث قال فيه أنه صلى الله عليه وسلم نظر إلى كبكبة فقالوا: بكر بن وائل، فقال: ((اللهم أجبر كسيرهم، وآوي طريدهم، ولا ترني فيهم سائلاً)).
وفي رواية ابن قانع: ((عائلاً)).
وقد تقدم في الباب الرابع عشر.
(1/338)
222- وأخبرني محمد بن إبراهيم الخزرجي إجازة معينة، عن علي بن أحمد ابن البخاري، أنبأتنا عفيفة الفارفانية قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية، أخبرنا أبو بكر ابن ريذة، أخبرنا الطبراني.
حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني، حدثنا شباب العصفري، حدثنا عون بن كهمس، حدثنا مسلمة بن محارب، عن أبيه قال: كتب معاوية إلى زياد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن العدو لا يظهر على قومٍ لواؤهم)) -أو قال: ((رايتهم- مع رجلٍ من بني بكر بن وائلٍ)).
هذا حديثٌ حسنٌ، رواه الطبراني في المعجم الكبير، وعون وسلمة ومحارب ذكرهم ابن حبان في ((الثقات)).
وأما أحمد فقال: إنه لا يعرف عون بن كهمس.
(1/339)
فضل تجيب
ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في يشجب بن يعرب.
تقدم في الباب الرابع عشر من حديث عبد الله بن سندر، عن النبي صلى الله عليه وسلم في أثناء حديث: ((وتجيب أجابت الله ورسوله)).
رواه البزار في مسنده، والطبراني في معجمه الكبير.
(1/340)
فضل تميم
ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في إلياس بن مضر.
223- أخبرني محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن الخباز، أخبرنا القاسم بن أبي بكر، أخبرنا المؤيد الطوسي، أخبرنا محمد بن الفضل الفراوي، أخبرنا عبد الغافر، أخبرنا الجلودي، أخبرنا إبراهيم بن سفيان، أخبرنا مسلم.
حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير عن مغيرة عن الحارث، عن أبي زرعة قال: قال أبو هريرة: لا أزال أحب بني تميم من ثلاثٍ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أشد أمتي على الدجال)).
قال: وجاءت صدقاتهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((هذه صدقات قومنا)).
(1/341)
قال: وكانت سبية منهم عند عائشة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أعتقيها، فإنها من ولد إسماعيل)).
224- وبه إلى مسلمٍ قال: حدثنيه زهير بن حربٍ، حدثنا جرير عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: لا أزال أحب بني تميم بعد ثلاثٍ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولها فيهم، فذكر مثله.
225- وبه إلى مسلم قال: حدثنا حامد بن عمر البكراوي، حدثنا سلمة بن علقمة المازني إمام مسجد داود، عن الشعبي، عن أبي هريرة قال: ثلاث خصال سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني تميم لا أزال أحبهم بعده، وساق الحديث بهذا المعنى، غير أنه قال: ((هم أشد قتالاً في الملاحم)).
ولم يذكر الدجال.
(1/342)
هذا حديثٌ صحيحٌ، اتفق على إخراجه البخاري ومسلم من الطريقين الأولين، وانفرد بإخراجه مسلم من الطريق الثالث.
226- أخبرني محمد بن إسماعيل بن الخباز، أخبرنا المسلم، أخبرنا حنبل، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا التميمي، أخبرنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي.
حدثنا عبد الصمد، حدثنا عمر بن حمزة، حدثنا عكرمة بن خالدٍ، ونال رجلٌ من بني تميم عنده، فأخذ كفاً من حصى ليحصبه، وقال عكرمة: حدثني فلانٌ رجلٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن تميماً ذكروا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجلٌ: أبطأ هذا الحي من بني تميم [عن هذا الأمر]، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مزينة فقال: ((ما أبطأ قومٌ هؤلاء منهم)). وقال رجلٌ: أبطأ هؤلاء القوم من بني تميم بصدقاتهم، فأقبلت نعم حمر وسودٍ لبني تميم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((هذه نعم قومي)).
ونال رجلٌ من بني تميم عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((لا تقل لبني تميمٍ إلا خيراً، فإنهم أطول الناس رماحاً على
(1/343)
الدجال)).
هذا حديثٌ صحيحٌ أخرجه أحمد في مسنده هكذا.
227- أخبرني عبد العزيز بن محمدٍ الحافظ إجازة معينة، أخبرنا العلامة أبو جعفر ابن الزبير في كتابه إلينا من المغرب، أخبرنا علي بن محمدٍ الغافقي، إجازة معينة، أخبرنا عبد الله بن محمد الحجري، أخبرنا محمد بن الحسين بن أحمد بن إحدى عشرة، أخبرنا الحسين بن محمدٍ الصدفي، أخبرنا عبد الله بن فورتش، أخبرنا أحمد بن محمد الطلمنكي إجازة، أخبرنا محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرجٍ، حدثنا ابن الصموت، حدثنا أبو بكر أحمد بن عمرو البزار.
حدثنا إبراهيم بن سعيد، حدثنا أبو معاوية، حدثنا سلام عن منصور بن زاذان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر بني تميمٍ فقال: ((هم ضخام الهام، ثبت الأقدام، نصار الحق في آخر الزمان، أشد قوماً على الدجال)).
(1/344)
هذا حديثٌ ليس إسناده بالقائم، أخرجه البزار في مسنده هكذا، وقال: سلامٌ هذا أحسبه سلام المدائني، وهو لين الحديث.
قلت: هو سلام بن سلمٍ ويقال: ابن سليم المدائني، متروك.
228- وبه إلى البزار قال: حدثنا يحيى بن حكيمٍ، حدثنا حرمي بن حفصٍ، حدثنا عبيدة بن عبد الرحمن السدوسي عن يحيى بن سعيد عن بشير بن نهيك قال: ربما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم على كتفي وقال: ((أحبوا بني تميم)).
هذا حسنٌ صحيحٌ، أخرجه البزار في مسنده، وعبيدة بن عبد الرحمن السدوسي يقال له: القبائلي، روى عنه عمران بن حدير، فيما ذكره ابن ماكولا، وهو بفتح العين وكسر الباء مكبراً، وقيل مصغراً، حكاه ابن ماكولا، لم أجد من تكلم فيه، وباقي رجاله ثقاتٌ.
(1/345)
وتقدم في: فضل قبائل العرب مجتمعة حديث أبي الدرداء مرفوعاً: ((إذا فاخرت ففاخر بقريشٍ، وإذا كاثرت فكاثر بتميم.. .. ..)).
الحديث، رواه البزار في مسنده، وتمام في فوائده المشهورة.
وحديث أبي هريرة: ذكرت القبائل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: وسألوه عن بني تميم فقال: ((ثبت الأقدام، رجح الأحلام، عظم الهام، أشد الناس على الدجال في آخر الزمان)).
رواه الطبراني في الأوسط.
وحديث أبي الطفيل مرفوعاً: ((ألا رجلٌ يخبرني عن مضر))؟ فقال رجلٌ من القوم.. .. الحديث، وفيه: ((وأما كاهلها فهذا الحي من بني تميم)).
(1/346)
فضل ثقيف
ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في إلياس بن مضر.
تقدم في الباب الرابع عشر قوله صلى الله عليه وسلم : ((اللهم اهد ثقيفاً)). رواه الترمذي من حديث جابر وصححه.
229- أخبرني محمد بن أحمد بن محمد بن الأبيوردي، ومحمد بن محمد بن محمد القلانسي، ومحمد بن محمد بن يحيى القرشي، وعلي بن أحمد بن محمد بن العرضي.
(1/347)
قال الأول: أخبرنا محمد بن عبد الخالق بن طرخان، وقال الثاني والثالث: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن ترجم، وقال الرابع: أخبرنا علي بن البخاري، قال ابن طرخان وابن ترجم: أخبرنا علي بن أبي الكرم ابن البناء، وقال ابن البخاري: أخبرنا عمر بن طبرزد، قال هو وابن البناء: أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، أخبرنا محمود بن عامرٍ، وأحمد بن عبد الصمد وعبيد الله بن علي بن ياسين قالوا: أخبرنا عبد الجبار بن محمدٍ، أخبرنا محمد بن أحمد بن محبوبٍ، أخبرنا أبو عيسى الترمذي.
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا أيوب عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة: أن أعرابياً أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بكرةً فعوضه منها ست بكراتٍ فتسخطها، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((إن فلاناً أهدى إلي ناقةً فعوضته منها ست بكراتٍ، فظل ساخطاً، لقد هممت ألا أقبل هديةً إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي)).
(1/348)
أخرجه الترمذي هكذا وقال: هذا حديثٌ قد روي من غير وجهٍ عن أبي هريرة، ويزيد بن هارون يروي عن أيوب أبي العلاء، وهو أيوب بن مسكين -ويقال: ابن أبي مسكين- ولعل هذا الحديث الذي روى عن أيوب هو أبو العلاء، وهو أيوب بن مسكين.
قلت: وهو ثقةٌ، وثقه أحمد، وابن سعدٍ، والنسائي.
وقال أبو حاتمٍ: لا بأس به، شيخٌ صالحٌ، يكتب حديثه ولا يحتج به.
230- وبه إلى الترمذي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أحمد بن خالدٍ الحمصي، حدثنا محمد بن
(1/349)
إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيدٍ المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: أهدى رجلٌ من بني فزارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ناقةً من إبله التي كانوا أصابوا بالغابة، فعوضه منها بعض العوض، فتسخط، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول: ((إن رجالاً من العرب يهدي أحدهم الهدية فأعوضه منها بقدر ما عندي، ثم يتسخط، فيظل يتسخط فيه علي، وأيم الله لا أقبل بعد مقامي هذا من رجلٍ من العرب هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي)).
أخرجه أبو داود، والترمذي وقال: هذا أصح من حديث يزيد بن هارون.
231- وبه إلى الترمذي قال: حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلفٍ، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن عبد الله بن عثمان بن خثيمٍ، عن أبي الزبير، عن جابرٍ قال: قالوا: يا رسول الله، أحرقتنا نبال ثقيفٍ فادع الله عليهم، فقال: ((اللهم اهد ثقيفاً)).
قال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.
(1/350)
وقد تقدم ذكره في الباب الرابع عشر بغير إسناد.
232- أخبرني محمد بن إسماعيل بن الخباز، أخبرنا المسلم، أخبرنا حنبل، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا أبو بكرٍ القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي.
حدثنا يونس، حدثنا حماد بن زيدٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عباس: أن أعرابياً وهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم هبةً.. .. .. الحديث، وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لقد هممت ألا أتهب هبةً إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي)).
هذا حديثٌ صحيحٌ، أخرجه أحمد هكذا، ورجاله رجال الصحيح.
وأخرجه أبو بكر البزار والطبراني في الكبير.
(1/351)
فضل جذام
وهم ينتسبون إلى حضرموت الأكبر.
روى أحمد في مسنده والطبراني في المعجم الكبير من حديث عمرو بن عبسة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خير الرجال رجال أهل اليمن، والإيمان يمانٍ إلى لخمٍ وجذام وعاملة.. .. ))، الحديث، وإسناده صحيح.
وقد تقدم في: فصل في فضل قبائل من العرب.
(1/352)
233- وأخبرني محمد بن إسماعيل بن الخباز، أخبرنا المسلم، أخبرنا حنبل، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي.
حدثنا علي بن عياشٍ، حدثنا محمد بن مهاجر عن عروة بن رويم قال: أقبل أنس بن مالكٍ إلى معاوية بن أبي سفيان بدمشق، فدخل عليه فقال له معاوية: حدثني بحديثٍ سمعته من نبي الله صلى الله عليه وسلم ليس بينك وبينه فيه أحدٌ، قال أنس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الإيمان يمان هكذا إلى لخم وجذام)).
هذا حديثٌ صحيحٌ أخرجه أحمد هكذا في مسنده ورجاله ثقاتٌ.
234- أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الله الأنصاري مشافهةً عن إسماعيل بن عزون قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد
(1/353)
الخير، أخبرتنا فاطمة الجوزدانية، أخبرنا أبو بكر ابن ريذة، أخبرنا الطبراني.
حدثنا أحمد بن خليل الحلبي، حدثنا أبو توبة الربيع بن نافعٍ، حدثنا محمد بن مهاجرٍ عن عروة بن رويم، عن أبي كبشة الأنماري قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوةٍ من مغازيه، فنزلنا منزلاً فأتيناه فيه فرفع يديه وقال: ((الإيمان يمانٍ، والحكمة ههنا إلى لخمٍ وجذام)).
هذا حديثٌ صحيحٌ رجاله ثقاتٌ، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير هكذا.
235- وبه إلى الطبراني قال: حدثنا عبيد بن غنام، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا حماد بن سلمة عن جبلة بن عطية، عن عبد الله بن عوفٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الإيمان يمانٍ في جندس وجذام)).
(1/354)
هذا حديثٌ حسنٌ، ورجاله ثقاتٌ إلا أن الظاهر انقطاعه بين جبلة وبين عبد الله بن عوف، وعبد الله بن عوفٍ لم أر من ذكر له روايةً عن أحدٍ من الصحابة، وقد ذكره ابن حبان في ((الثقات)) في طبقة أتباع التابعين.
(1/355)
فضل جهينة
وهم ينتسبون إلى قضاعة، ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في معد بن عدنان.
وقيل: إن قضاعة من حمير بن سبأ، كما دل عليه إسناد الحديث الآتي، والله أعلم.
236- أخبرني محمد بن إبراهيم بن محمد الخزرجي إجازةً معينة عن علي بن أحمد بن عبد الواحد قال: أنبأتنا عفيفة بنت أحمد قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية، أخبرنا أبو بكر ابن ريذة، أخبرنا الطبراني.
(1/356)
حدثنا محمد بن أحمد بن نصر الترمذي، حدثنا الحارث بن معبد بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة بن عمرو بن صحار بن زيد بن جهينة بن قضاعة بن مالك بن حمير قال: حدثني عمي حرملة بن عبد العزيز، عن أبيه، عن جده، عن سبرة بن معبد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اجتمع عند معاوية جماعةٌ من أفناء الناس، فقال: ليتحدث كل رجلٍ بمكرمة قومه، وما كان فيهم من فضلٍ.
فحدث كل القوم حتى انتهى الحديث إلى فتىً من جهينة، فحدث بحديثٍ عجز عن تمامه، فالتفت إليه عمران بن حصين فقال: حدث يا أخا جهينة بفيك كله، فأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((جهينة مني وأنا منهم، غضبوا لغضبي، ورضوا لرضاي، أغضب لغضبهم، وأرضى لرضاهم، من أغضبهم فقد أغضبني، ومن أغضبني فقد أغضب الله)).
فقال معاوية: كذبت، وإنما جاء الحديث في قريشٍ، فقال:
يكذبني معاوية بن حربٍ ... ويشتمني لقولي في جهينة
(1/357)
ولو أني كذبت لكان قولي ... ولم أكذب لقومي من مزينة
ولكني سمعت وأنت ميت ... رسول الله يوم لوى سنينة
يقول القوم مني وأنا منهم ... جهينة يوم خاصمه عيينة
إذا غضبوا غضبت وفي رضاهم ... رضائي منه لست مبيننه
وما كانوا كذكوانٍ ورعل ... ولا الحيين من سلفي جهينة
هذا حديثٌ غريبٌ، ورجاله ثقاتٌ غير الحارث بن معبدٍ، فلم أجد من ذكره بجرحٍ ولا تعديلٍ.
وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وأشجع وغفار موالي، ليس لهم مولى دون الله ورسوله)).
(1/358)
ورواه مسلم من حديث أبي أيوب دون ذكر الأنصار.
ورواه أحمد والطبراني من حديث زيد بن خالد.
وروه أبو يعلى والبزار من حديث عبد الرحمن بن عوف. وقد تقدم في فضل قريشٍ وغيرها.
(1/359)
فضل حضرموت
(من قحطان بن عابر).
روى أحمد والطبراني من حديث عمرو عبسة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في أثناء حديثٍ: ((وحضرموت خيرٌ من بني الحارث)). وإسناده صحيحٌ.
وروى الطبراني من حديث معاذ بن جبلٍ مرفوعاً: ((حضرموت خيرٌ من كندة)).
وقد تقدما في: فصلٌ في فضل قبائل من العرب مجتمعةً.
(1/360)
فضل حمير
وهي قبيلةٌ باليمن، يجتمع نسبها معه صلى الله عليه وسلم في عابر بن شالخ.
237- أخبرني أبو عبد الله ابن الأبيوردي، وأبو الحرم القلانسي، وأبو المظفر القرشي، وأبو الحسن العرضي، قال الأول: أخبرنا ابن طرخان، وقال الثاني والثالث: أخبرنا ابن ترجم، وقال الرابع: أخبرنا ابن البخاري، قال ابن طرخان وابن ترجم: أخبرنا علي بن البنا، وقال ابن البخاري: أخبرنا ابن طبرزد، قالا: أخبرنا عبد الملك الكروخي، أخبرنا أبو عامر الأزدي وأبو بكر الغورجي، وأبو المظفر الدهان، قالوا: أخبرنا الجراحي، أخبرنا المحبوبي، أخبرنا الترمذي قال:
حدثنا أبو بكر بن زنجويه، حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرني أبي عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوفٍ قال: سمعت
(1/361)
أبا هريرة يقول: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجلٌ أحسبه من قيسٍ فقال: يا رسول الله، العن حميراً، فأعرض عنه، ثم جاءه من الشق الآخر فأعرضه عنه، ثم جاءه من الشق الآخر فأعرض عنه، ثم جاءه من الشق الآخر فأعرض عنه.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((رحم الله حميراً، أفواههم سلامٌ، وأيديهم طعامٌ، وهم أهل أمنٍ وإيمان)).
أخرجه الترمذي قال: هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبد الرزاق، ويروى عن مينا أحاديث مناكير.
(1/362)
فضل خولان العالية
وهم من قضاعة على قول ابن الكلبي، فيجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في معد بن عدنان.
وقيل: هم من حمير بن سبأ، فيجتمعون معه في عابر بن شالخٍ، والله أعلم.
روى أحمد والطبراني من حديث عمرو بن عبسة: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على خولان العالية)).
(1/363)
وقد تقدم في: فصلٌ في فضل قبائل من العرب مجتمعة.
(1/364)
فضل دوس
وهم بطنٌ كبيرٌ من الأزد.
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال: جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن دوساً قد هلكت، وعصت، وأبت، فادع الله عليهم، فظن الناس أنه يدعو عليهم فقال: ((اللهم اهد دوساً وأت بهم)).
وقد تقدم في الباب الرابع عشر.
238- أخبرنا محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز الأموي مشافهة، أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني، أنبأتنا عفيفة الفارفانية، أخبرتنا فاطمة الجوزدانية، أخبرنا ابن ريذة،
(1/365)
أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد ٍالطبراني قال:
حدثنا إسماعيل بن قيراط الدمشقي، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن، حدثنا عمر بن صالح الأزدي، حدثنا أبو جمرة عن ابن عباسٍ قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائةٍ من دوس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مرحباً، أحسن الناس وجوهاً، وأطيبهم أفواهاً، وأعظمهم أمانة)).
هذا حديث في إسناده مقالٌ، رواه الطبراني في معجميه الكبير والأوسط، وقال في الأوسط: أبو جمرة نصر بن عمران، وقال: لم يرو عن أبي جمرة إلا عمر بن صالح.
قلت: عمر بن صالح الأزدي منكر الحديث، قاله البخاري.
وقال النسائي والدارقطني: متروكٌ.
(1/366)
فضل بني سامة بن لؤي
وهم من قريش.
239- أخبرنا محمد بن أزبك المقري سماعاً أو إجازةً قال: أخبرنا محمد بن عبد المؤمن الصوري، أخبرنا داود بن أحمد بن محمد بن ملاعبٍ، أخبرنا محمد بن عمر الأرموي، أخبرنا ابن المأمون، أخبرنا الدارقطني.
حدثنا أحمد بن إبراهيم بن حبيب الزراد، حدثنا طاهر بن الفضل بحلبٍ، حدثنا سفيان بن عيينة، عن معمرٍ عن الزهري، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((بنو سامة مني وأنا منهم، حيث ما رأيتموهم فاعرفوا لهم حقهم)).
هذا حديثٌ لا يصح إسناده، فإن طاهر بن الفضل
(1/367)
الحلبي ضعيفٌ جداً.
(1/368)
فضل السكاسك والسكون
وهما بطنان من كندة.
روى أحمد في مسنده من حديث عمرو بن عبسة قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على السكون والسكاسك. الحديث.
وقد تقدم في: فصل في فضل قبائل من العرب.
(1/369)
240- وأخبرني محمد بن إسماعيل بن الخباز، أخبرنا المسلم، أخبرنا حنبل، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي قال:
حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثني أبو زياد يحيى بن عبيد الغساني عن يزيد بن قطيب عن معاذٍ أنه كان يقول: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال: ((ولعلك أن تمر بقبري ومسجدي، وقد بعثتك إلى قومٍ رقيقةٍ قلوبهم يقاتلون على الحق مرتين، فقاتل بمن أطاعك منهم من عصاك، ثم يفيئون إلى الإسلام حتى تبادر المرأة زوجها، والولد والده، والأخ أخاه، فانزل بين الحيين: السكون والسكاسك)).
رواه أحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، ورجال إسناده ثقاتٌ، لكن يزيد بن قطيب لم يسمع من معاذ.
(1/370)
فضل سليم
ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في مضر بن نزار.
روى أبو يعلى بإسنادٍ حسنٍ من حديث عبد الرحمن ابن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قريش والأنصار وجهينة وأسلم وغفار وأشجع وسليم: أوليائي، ليس لهم وليٌ دون الله ورسوله)).
وقد تقدم في: فصل في فضل قبائل من العرب.
(1/371)
فضل بني ضبيعة بن ربيعة
ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في نزار بن معد.
241- أخبرنا عبد القادر بن محمدٍ الإمام، أخبرنا محمد بن علي بن ساعد، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا محمد بن إسماعيل الطرسوسي، أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي، أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، أخبرنا الطبراني.
حدثنا محمد بن نوحٍ بن حرب العسكري، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف البصري، حدثنا سعيد بن نوحٍ الضبعي، حدثني خالد بن مخلدٍ، وأحمد بن الأشعث الضبعيين، عن حصين بن حربٍ الضبعي، عن أبي جمرة
(1/372)
الضبيعي عن جده نوح بن مخلد أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فسأله: ((ممن أنت))؟
فقال: أنا من ضبيعة بن ربيعة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((خير ربيعة عبد القيس، ثم الحي الذي أنت منهم)).
قال: وأبضع معه في جيشٍ إلى اليمن.
هذا حديثٌ في إسناده من لم أقف على حاله، رواه الطبراني في معجميه الكبير والأوسط.
(1/373)
فضل طيء
ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.
242- أخبرني محمد بن إسماعيل بن الخباز، أخبرنا القاسم بن أبي بكر الأربلي، أخبرنا المؤيد، أخبرنا محمد بن الفضل، أخبرنا عبد الغافر الفارسي، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، أخبرنا مسلم.
حدثني زهير بن حربٍ، حدثنا أحمد بن إسحاق، حدثنا أبو عوانة، عن مغيرة، عن عامرٍ، عن عدي بن حاتمٍ قال: أتيت عمر بن الخطاب فقال: إن أول صدقةٍ بيضت وجه
(1/374)
رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه أصحابه، صدقة طيء، جئت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أخرجه مسلمٌ في صحيحه.
(1/375)
فضل بني عامر بن صعصعة
ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في مضر بن نزار.
243- أخبرني محمد بن محمد بن إبراهيم الإسكندري قال: أخبرنا منصور بن علي الطبري، أخبرنا زاهر بن طاهر.
ح وأخبرني عالياً محمد بن إبراهيم الخزرجي إجازة معينة عن علي بن البخاري، أخبرنا أبو روح الهروي، أخبرنا تميم بن أبي سعيدٍ، قال هو وزاهر: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الجنزروذي، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى.
أخبرنا أبو خيثمة، حدثنا عبد الله بن نمير عن حجاج، عن عوم بن أبي جحيفة، عن أبيه قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1/376)
في نفرٍ من بني عامر بن صعصعة بالأبطح، فقال: ((أنتم مني)).
هذا حديثٌ حسنٌ، أخرجه أبو يعلى، هكذا في مسنده، والطبراني بلفظ: أتينا النبي صلى الله عليه وسلم بالأبطح وهو في قبةٍ له حمراء، فقال: ((من أنتم))؟
فقلنا: بنو عامرٍ، فقال: ((مرحباً-وفي رواية له: مرحباً بكم- أنتم مني)) وزاد في رواية: ((وأنا منكم)).
والحجاج هو ابن أرطأة، مختلفٌ فيه.
وروى الطبراني في الأوسط بإسنادٍ حسنٍ من حديث أبي هريرة قال: ذكرت القبائل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن بني عامرٍ، فقال: ((جملٌ أزهر يأكل من أطراف الشجر.. .. ))، الحديث.
وقد تقدم في آخر الفصل الذي فيه: فضل قبائل من العرب.
(1/377)
فضل بني عاملة
ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في عابر بن شالخ.
روى أحمد والطبراني من حديث عمرو بن عبسة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في أثناء حديثٍ فيه: ((والإيمان يمانٌ إلى لخم وجذام وعاملة.. .. ))، الحديث، وهو حديثٌ حسن.
تقدم في فصل: في فضل قبائل من العرب.
(1/378)
فضل عبد القيس
ويجتمع نسبها معه صلى الله عليه وسلم في نزار بن معد بن عدنان.
244- أخبرنا محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز الأيوبي مشافهةً، أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم، أنبأتنا عفيفة الفارفانية، أخبرتنا فاطمة الجوزدانية، أخبرنا أبو بكر بن ريذة، أخبرنا الطبراني.
حدثنا أحمد بن زهير التستري، حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي، حدثنا محمد بن بشرٍ، حدثنا إبراهيم بن النضر، عن إبراهيم العائشي، عن أبي جمرة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أنا حجيج من ظلم عبد القيس)).
(1/379)
هذا حديثٌ غريبٌ، رواه الطبراني في المعجم الكبير هكذا، ورواه البزار في مسنده مع اختلافٍ في سنده.
245- فقال: حدثنا الفضل بن سهلٍ، حدثنا محمد بن بشرٍ العبدي، حدثنا إبراهيم بن العجلي، عن حجاج العائشي، عن أبي جمرة.
وقال: لا نعلم أحداً رواه إلا محمد بن بشر، وأما إبراهيم العجلي والحجاج العائشي فلا نعلمهما ذكرا إلا في هذا الحديث، وذكرناه على ما فيه من علة؛ لأنا ما حفظناه إلا من هذا الوجه.
قلت: مقتضى كلام ابن حبان أن حجاجاً هذا هو حجاج بن حسان، فإنه قال: في طبقة أتباع التابعين من ((الثقات)): (حجاج بن حسانٍ التيمي، من تيم الله بن ثعلبة بن ربيعة، وهو الذي يقال له: العائشي والعيشي، من أهل البصرة، يروي عن عكرمة وعبد الله بن بريدة، روى عنه يحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن هارون) انتهى.
(1/380)
وأما ابن أبي حاتمٍ، فإنه نسب حجاج بن حسان هذا: القيسي، بالقاف والسين المهملة، قال: (وليس هو بالتميمي ولا بالباهلي، روى عن أنس وابن بريدة وعكرمة) إلى آخر كلامه. ونقل توثيقه عن أحمد وابن معين، وهكذا تبعه الحافظ أبو الحجاج المزي في ((التهذيب)) على أن نسبه القيسي، وأنه روى عن أنسٍ، فيكون من طبقة التابعين.
246- وبه إلى الطبراني قال: حدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسي، حدثنا وهب بن يحيى بن زمام العلاف، حدثنا محمد بن سواء، حدثنا شبيل بن عزرة عن أبي جمرة، عن ابن عباسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((خير أهل المشرق عبد القيس)).
هذا حديثٌ غريبٌ، رواه الطبراني هكذا، ورواه البزار في مسنده عن وهبٍ بن يحيى بن زمام القيسي، وقال: لا نعلم أحداً رواه بهذا اللفظ غير ابن عباس، ولا عنه إلا شبيل،
(1/381)
وشبيل بصريٌ مشهورٌ، ولا رواه عنه إلا ابن سواء.
قلت: ورجاله ثقاتٌ غير شيخه وهب بن يحيى بن زمام، فلم أر فيه تعديلاً ولا جرحاً.
ولم ينفرد به ابن عباسٍ، بل قد روي أيضاً من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ، رواه الطبراني في المعجم الأوسط.
247- قال: حدثنا أحمد بن شبابٍ، حدثنا عون بن كهمس، حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذا حديثٌ إسناده حسنٌ.
248- وروينا في مسند إسحاق بن راهويه قال: أخبرنا سليمان بن نافع العبدي بحلبٍ قال: قال لي أبي: وفد المنذر بن ساوى من البحرين، فذكر قدومه مع وفد عبد القيس، وفيه: فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : ((أسلمت عبد القيس طوعاً، وأسلم الناس كرهاً، فبارك الله في عبد القيس وموالي عبد القيس)).
(1/382)
ورواه الطبراني في المعجم الأوسط وقال: لا يروى عن نافع العبدي إلا بهذا الإسناد، تفرد به إسحاق.
وتقدم في الباب الرابع عشر حديث ابن عباسٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم اغفر لعبد القيس -ثلاثاً-)).
(1/383)
فضل بني عبيد
وهم بطنٌ من تميمٍ يجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في إلياس بن مضر.
249- أخبرنا عبد القادر بن محمدٍ الإمام، أخبرنا محمد بن علي بن ساعد، أخبرنا يوسف بن خليلٍ، أخبرنا محمد بن إسماعيل الطرسوسي، أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي، أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، أخبرنا الطبراني.
حدثنا أحمد بن عمر الزنبقي، حدثنا محمد بن مسكين اليمامي، حدثنا محمد بن سليمان، حدثنا موسى بن الفضل عن أيوب بن عتبة، عن سعيد بن يزيد، عن أبيه يزيد بن معبدٍ قال: وفدت على النبي صلى الله عليه وسلم فسألني عن اليمامة: ((فيمن
(1/384)
العدل من أهلها؟)).
فأردت أن أقول: في بني عبد الدؤل، ثم كرهت أن أكذب نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت: العدل منهم في بني عبيد.
قال: ((صدقت، أرضٌ تنبت على شدٍ، ولن تهلك)).
قالوا: يا رسول الله: بم ذاك؟.
قال: ((بأنهم يعملون بأيديهم ويؤاكلون عبيدهم)).
هذا حديثٌ في إسناده مقالٌ، رواه الطبراني في الكبير هكذا.
وأيوب بن عتبة قاضي اليمامة ضعفه ابن معين.
(1/385)
فضل بني عذرة بن سعد
وهم القبيلة التي يكثر العشق فيهم خلافاً لما قاله السمعاني: إنهم عذرة بن زيد اللات، وكلاهما من قضاعة.
واختلف في قضاعة:
فقيل: هم من معد.
وقيل: من اليمن.
250- أخبرني عبد العزيز بن محمدٍ الحافظ، أخبرنا محمد بن الحسين الفوي، أخبرنا محمد بن عمادٍ، أخبرنا
(1/386)
عبد الله بن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن الخلعي.
أخبرنا منير بن أحمد الشاهد قال: قال أبو الحسن علي بن أحمد بن إسحاق: حدثنا أبو عمرو مقدام بن داود بن عيسى بن تليد الرعيني قال: حدثنا أسد بن موسى قال: حدثنا المسعودي عن القاسم قال:
أول من أفشى القرآن فيكم ابن مسعودٍ، وأول من بنى مسجداً يصلى فيه عمار بن ياسرٍ، وأول من أذن بلالٌ، وأول من عدا بفرسه في سبيل الله المقداد بن الأسود، وأول من رمى بسهم في سبيل الله سعد بن مالكٍ، وأول من قتل في سبيل الله مهجع بن عبد الله مولى عمر بن الخطاب، وأول حي ألعوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جهينة، وأول من أدى الصدقة طائعين من قبل أنفسهم بنو عذرة بن سعد.
هذا حديثٌ مقطوعٌ رويناه هكذا في الفوائد المعروفة ((بالخلعيات))، وقد ورد بعض ذلك متصلاً.
(1/387)
فضل بني العنبر
ويقال: بلعنبر، وهم من بني تميم، ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في إلياس بن مضر.
251- أخبرني محمد بن إسماعيل بن الخباز، أخبرنا المسلم، أخبرنا حنبل، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي.
حدثنا أبو أحمد -هو محمد بن عبد الله بن الزبير- حدثنا مسعر بن عبيد بن جبيرٍ عن ابن معقل عن عائشة: أنه كان عليها رقبةٌ من بني إسماعيل، فجاء سبيٌ من خولان،
(1/388)
فأرادت أن تعتق منهم، فنهاها، ثم جاء سبيٌ من مضر من بني العنبر، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتق منهم.
هذا حديثٌ صحيحٌ، أخرجه أحمد في مسنده هكذا، والبزار أيضاً في مسنده ورجالهما رجال الصحيح.
وروي مرسلاً عن ابن معقل قال: كان على عائشة، ولم يقل: عن عائشة.
252- أخبرنا عبد القادر بن محمدٍ الإمام، أخبرنا أبو بكر بن علي الصنهاجي، أخبرنا إسماعيل بن عزون، وأنبأني جماعةٌ عن ابن عزون قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر ابن ريذة، أخبرنا الطبراني.
حدثنا موسى بن هارون، حدثنا عطاء بن خالدٍ، حدثني أبي: خالد، عن أبيه الزبير، عن أبيه، عن عبد الله، عن أبيه رديح، عن أبيه ذؤيب، أن عائشة قالت: يا رسول الله إني
(1/389)
أريد عتقاً من ولد إسماعيل قصداً، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ((انتظري حتى يجيء فيء العنبر غداً))، فجاء فيء العنبر فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ((خذي منهم أربعة غلمةٍ، صباحٍ، ملاحٍ لا تخبأ منهم الرؤوس)).
قال عطاء: فأخذت جدي رديحاً، وأخذت ابن عمي سمرة، وأخذت ابن عمي رخياً، وأخذت خالي زبيباً، ثم رفع النبي صلى الله عليه وسلم يده فمسح بها رؤوسهم وبرك عليهم ثم قال: ((هؤلاء يا عائشة من ولد إسماعيل قصداً)).
هذا حديثٌ غريبٌ رواه الطبراني في معجمه الكبير والأوسط هكذا، وقال عقبة في الأوسط: لا يروى عن ذؤيبٍ إلا بهذا الإسناد تفرد به عطاء بن خالد. انتهى.
وقد أورد ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) هذا الحديث في ترجمة عطاء بن خالد، وقال: روى عنه أبو حامدٍ
(1/390)
أحمد بن سهل الإسفرائيني.
فعلى هذا فقد زالت عنه جهالة العين.
وقد روى عن رديح أيضاً: ابنه قريظ بن رديح، فيما ذكره ابن أبي حاتم في ترجمة جدهم ذؤيب بن شعثم العنبري، وذكر أن ذؤيباً كان يعرف بالكلاح، وأنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما اسمك))؟ قال: الكلاح، قال: ((اسمك ذؤيب))، وكان على رأسه ذؤابة طويلة.
253- أخبرني محمد بن إبراهيم الخزرجي إجازة معينة عن علي بن أحمد بن البخاري قال: أنبأتنا عفيفة الفارفانية قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية، أخبرنا ابن ريذة، أخبرنا الطبراني.
حدثنا يحيى بن عثمان بن صالحٍ، حدثنا أصبغ بن الفرج، حدثنا علي بن عابسٍ، عن إسماعيل بن خالدٍ عن
(1/391)
قيس بن أبي حازم، عن عبد الله بن مسعودٍ قال: كان على عائشة محررٌ من ولد إسماعيل، فقدم سبي بلعنبر فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتق منهم. الحديث.
هذا حديثٌ غريبٌ وفي إسناده مقالٌ، ورواه الطبراني في معجمه الكبير هكذا، وأبو بكرٍ البزار في مسنده مختصراً، وقال: لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه عن إسماعيل إلا علي بن عابس. انتهى.
وعلي بن عابسٍ: روى عنه عبد الله بن وهبٍ، وقال ابن معين: كأنه ضعيفٌ.
وضعفه غير واحدٍ.
(1/392)
قال ابن عدي: هو مع ضعفه يكتب حديثه.
وله شاهدٌ صحيحٌ من حديث ابن عمر، رواه البزار في مسنده.
254- قال: حدثنا أبو عبيدة بن أبي السفر، حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا إبراهيم بن نافع، عن عمرو بن دينار [عن ابن عمر] قال: كان على عائشة محرر من ولد إسماعيل، فقدم سبيٌ من بلعنبر، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتق منهم، أو هذا المعنى.
قال البزار: لا يعلم رواه عن عمرو بن دينارٍ عن ابن عمر إلا إبراهيم.
قلت: ورجاله ثقات.
255- ويشهد له: حديث أبي هريرة أيضاً المتفق عليه
(1/393)
أن عائشة كانت عندها سبية من بني تميم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((اعتقيها فإنها من ولد إسماعيل)).
والعنبر هو: ابن عمرو بن تميم كما تقدم، وقد تقدم الحديث في فضائل تميم.
256- وبه إلى الطبراني قال: حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا شعيث بن عبيد الله بن زبيب بن ثعلبة عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من كان عليه رقبةٌ من ولد إسماعيل فليعتق من بلعنبر)).
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، رواه الطبراني في المعجم الكبير هكذا، ووقع في السند: (عبيد الله بن زبيب)، مصغراً، وإنما هو عبد الله مكبراً، كذا ذكره ابن أبي حاتمٍ في ((الجرح والتعديل))، وابن حبان في ثقات التابعين.
(1/394)
257- أخبرنا محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز الأيوبي، أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم عن عفيفة الفارفانية قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية، أخبرنا ابن ريذة، أخبرنا الطبراني.
حدثنا المقدام بن داود، حدثنا حجاج الأزرق، حدثنا مبارك بن سعيد، عن عمر بن موسى عن مكحول عن أبي أمامة قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فمر لهجمةٌ فقال: ((لمن هذه))؟ قالوا: لبني العنبر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((أولئك قومنا)).
هذا حديثٌ غريبٌ، رواه الطبراني في معجمه الكبير.
وعمر بن موسى الوجيهي ضعيفٌ.
وشيخ الطبراني: المقدام ضعفوه، ووثقه بعضهم.
(1/395)
فضل عنزة
وهم حيٌ من ربيعة بن نزار، يجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في نزار بن معد.
258- أخبرني محمد بن إسماعيل بن الخباز، أخبرنا المسلم، أخبرنا حنبل، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا أبي.
حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا المثنى بن عوف قال: أنبأني الغضبان بن حنظلة أن أباه حنظلة بن نعيم وفد إلى عمر رضي الله عنه، وكان إذا مر إنسانٌ من الوفد سأله ممن هو، حتى مر به أبي فسأله: ممن أنت؟
(1/396)
قال: من عنزة.
فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((حيٌ من ههنا مبغيٌ عليهم منصورون)).
هذا حديثٌ حسنٌ، ورجاله ثقاتٌ، رواه أحمد في المسند هكذا.
ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده الكبير رواية أبي بكر ابن المقري عنه.
259- قال: حدثنا موسى، حدثنا محمد بن أبي بكر -ويكنى: أبا غاضرة العنزي- حدثني عمي غضبان بن حنظلة العنزي عن أبيه حنظلة بن نعيم قال: أن عمر بن عصام جاءه، فقال: يا أبا رباحٍ ما الذي ذكر لك أمير المؤمنين عمر حين قدمت عليه في قومك عنزة؟
(1/397)
قال: مررت عليه فقال: من أنت، وممن أنت؟
فقلت: يا أمير المؤمنين، أنا حنظلة بن نعيمٍ العنزي.
فقال: عنزة؟ فقلت: نعم.
قال: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر قومك ذات يومٍ فقال أصحابه: يا رسول الله، وما عنزة؟
فأشار بيده نحو المشرق فقال: ((حيٌ من ههنا مبغيٌ عليهم منصورون)).
وقد تقدم في الباب الرابع عشر حديث سلمة بن سعد: أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وجماعةٌ من أهل بيته وولده، فاستأذنوا عليه فدخلوا، فقال: ((من هؤلاء))؟ فقيل: هذا وفد عنزة.
فقال: ((بخٍ بخٍ، بخٍ بخٍ، نعم الحي عنزة، مبغي عليهم منصورون، مرحباً بقوم شعيب وأختان موسى.. .. )) الحديث، وفي آخره: فقال: ((اللهم ارزق عنزة كفافاً لا قوتٌ ولا إسرافٌ)).
(1/398)
رواه الطبراني في المعجم الكبير، ورواه البزار في مسنده مختصراً وقال: ((اللهم ارزق عنزة لا قوتٌ ولا إسرافٌ)).
ومما استغرب من النوادر: ما توهمه بعضهم شرفاً لعنزة، ما ذكره الدارقطني في ((التصحيف)) أن أبا موسى محمد بن المثنى العنزي قال: يوماً: نحن قومٌ لنا شرفٌ، نحن عنزة، قد صلى النبي صلى الله عليه وسلم إلينا.
يريد ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى عنزة، توهم أنه صلى الله عليه وسلم صلى إلى قبليتهم، وإنما العنزة ههنا: حربة نصبت بين يديه، فصلى إليها.
قال الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح: وأطرف من هذا ما رويناه عن الحاكم أبي عبد الله عن أعرابي زعم أنه صلى الله عليه وسلم إذا صلى نصبت بين يده شاةٌ، أي صحفها عنزة بإسكان النون.
(1/399)
فضل غفار
ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في كنانة بن خزيمة.
تقدم في الباب الرابع عشر قوله صلى الله عليه وسلم : ((غفار غفر الله لها))، من حديث ابن عمر، وأبي هريرة، وأبي ذر، وأبي برزة، وسلمة بن الأكوع، وابن عباسٍ،
(1/400)
وسمرة بن جندبٍ، وجابر، وخفاف بن إيماء، وأنسٍ، وأبي قرصافة، وعبد الله بن سندر.
وتقدم في: فصل في فضل قبائل من العرب: ((أنه ليس لهم مولى دون الله ورسوله))، من حديث أبي هريرة، وأبي أيوب، وعبد الرحمن بن عوفٍ، وزيد بن خالدٍ، وعمرو بن عبسة، ومعقل بن سنان.
وتقدم أيضاً فيه حديث أبي هريرة: تفضيل غفار على
(1/401)
أسد وغطفان وقبائل أخر، من حديث أبي هريرة، وأبي بكرة، وأنسٍ، والله أعلم.
(1/402)
فضل قيس ويمن
الظاهر أن قيساً هذا هو: قيس عيلان كما دل عليه حديث أبي الطفيل وحديث أبي الدرداء المتقدمين في: فصل في فضل قبائل من العرب، ويأتي التنبيه عليهما بعد هذا.
وقيس عيلان هو: ابن مضر.
وقيل: قيس بن عيلان بن مضر، وعيلان بالعين المهملة.
فقيل: سمي عيلان باسم فرسٍ له.
وقيل: باسم رجلٍ حضنه، وقيل: باسم كلبٍ له.
(1/403)
ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في مضر بن نزار.
260- أخبرنا محمد بن إبراهيم الخزرجي إجازة معينة عن علي بن أحمد بن عبد الواحد قال: أنبأتنا عفيفة بنت أحمد قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر ابن ريذة، أخبرنا الطبراني.
حدثنا موسى بن هارون، حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، حدثنا عبد المؤمن بن عبيد أبو الحسن، حدثنا عبد الله بن خالدٍ القيسي عن عبد الرحمن بن مقرن المزني، عن غالب بن أبجر قال: ذكرت قيسٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((رحم الله قيساً)).
قيل: يا رسول الله، ترحم على قيس؟!
قال: ((نعم، إنه كان على دين أبي، إسماعيل بن إبراهيم خليل الله، يا قيس حي يمناً يا يمن حي قيساً، إن قيساً فرسان الله في الأرض، و الذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمانٌ ليس لهذا الدين ناصرٌ غير قيس، إن قيساً ضراء الله في الأرض - يعني: أسد الله)).
(1/404)
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ ورجاله ثقاتٌ، رواه الطبراني في المعجم الكبير هكذا.
261- ورواه في الأوسط أيضاً فقال: عن غالب بن عبد الله بن أبجر وقال: ((رحم الله قيساً، رحم الله قيساً)) وزاد فيه: ((إن لله فرساناً من أهل السماء، موسومين، وفرساناً من أهل الأرض معلومين، ففرسان الله من أهل الأرض قيسٌ، إنما قيس بيضةٌ تفلقت عنا أهل البيت)). وقال لا يروى عن غالبٍ إلا بهذا الإسناد، تفرد به قتيبة.
وتقدم في الفصل الذي فيه: فضل قبائل من العرب حديث أبي الطفيل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ألا رجلٌ
(1/405)
يخبرني عن مضر))؟ فقال رجلٌ من القوم: أنا أخبرك عنهم، الحديث، وفيه: وأما فرسانها فهذا الحي من قيس عيلان.
رواه البزار في مسنده.
وتقدم فيه أيضاً حديث أبي الدرداء: ((إذا فاخرت ففاخر بقريش، وإذا كاثرت فكاثر بتميم، وإذا حاربت فحارب بقيس، ألا إن وجوهها كنانة، ولسانها أسد، وفرسانها قيس، يا أبا الدرداء إن لله فرساناً في سمائه يحارب بهم أعداءه وهم الملائكة، وله فرسانٌ في الأرض يحارب بهم أعداءه وهم: قيس، يا أبا الدرداء إن آخر من يقاتل عن الإسلام، حين لا يبقى إلى ذكره ومن القرآن إلا رسمه: لرجل من قيس)).
قلت: يا رسول الله، أي قيسٍ؟
قال: ((من سليم)).
رواه البزار أيضاً في مسنده.
(1/406)
فضل بني كعب
وهم في عدة قبائل، منهم: كعب بن ربيعة، وكعب بن عوف، وكعب بن عمرو، وكعب بن كاهل، وكعب بن جشم، وكعب بن خفاجة، وكعب بن
(1/407)
الأرت، وكعب بن عليم.
روى أحمد حديث أبي أيوب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أسلم وغفار ومزينة وأشجع وجهينة ومن كان من بني كعبٍ: موالي دون الناس، والله ورسوله مولاهم)).
وهو عند مسلمٍ دون ذكر بني كعب، جعل مكانهم بني عبدة، وقد تقدم في: فصل في فضل قبائل من العرب، ولم يتبين من المراد ببني كعب من القبائل المذكورة؟!.
(1/408)
فضل كنانة
وهو كنانة بن خزيمة في النسب الشريف.
تقدم في الفصل الذي في فضل قبائل من العرب حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا فاخرت ففاخر بقريشٍ)). الحديث.
وفيه: ((ألا إن وجهها كنانة)).
(1/409)
فضل لخم
وهي قبيلةٌ من اليمن من قحطان، يجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في عابر بن شالخ.
تقدم في فضل جذام حديث: ((الإيمان يمانٍ إلى لخمٍ وجذام)). رواه أحمد من حديث عمرو بن عبسة وأنس، ورواه الطبراني من حديث عمرو بن عبسة وعبد الله بن عوف.
(1/410)
فضل مذحج
وهي قبيلةٌ من اليمن واسم مذحج: مالك بن أدد.
وقيل: سمي مذحج باسم أكمةٍ حمراء ولد عليها.
ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في عابر بن شالخ.
روى أحمد في المسند والطبراني في المعجم الكبير من حديث عمرو بن عبسة عن النبي صلى الله عليه وسلم في أثناء حديثٍ قال فيه: ((وأكثر القبائل في الجنة مذحج)).
رواه الطبراني في الكبير من حديث معاذ، وقد تقدم في: فصل في فضل قبائل من العرب.
(1/411)
فضل بني مرة بن عبيد
وهم بطنٌ من بني تميم يجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في إلياس بن مضر.
262- أخبرنا أبو الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي بمصر، أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني، أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن سكينة.
ح وأخبرني علي بن أحمد بن عبد المحسن بن الرفعة بالقاهرة قال: أخبرنا غازي بن عبد الوهاب الحلاوي.
ح وأخبرنا أحمد بن عبد الرحمن المرداوي بظاهر دمشق قال: أخبرنا المشايخ الخمسة: قاضي القضاة أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر، وأبو الحسن علي بن أحمد بن
(1/412)
عبد الواحد البخاري، والكمال عبد الرحيم بن عبد الملك المقدسي، وأحمد بن شيبان، وأبو بكر الهروي قالوا ستتهم: أخبرنا عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد قال هو وابن سكينة: أخبرنا هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين، أخبرنا محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان، أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، حدثنا إسماعيل القاضي، حدثنا أبو الهذيل العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية المنقري قال: حدثني عبيد الله بن عكراشٍ قال: حدثني أبي قال: بعثني بنو مرة بن عبيدٍ بصدقات أموالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدمت عليه المدينة فوجدته جالساً بين المهاجرين والأنصار، فأتيته بإبلٍ كأنها عروق الأرطاة، فقال ابن حرقوص بن جعدة بن عمرو بن النزال بن مرة بن عبيد: وهذه صدقات بني مرة بن عبيد، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: ((هذه إبل قومي، هذه صدقات قومي))، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توسم بميسم الصدقة وتضم إليها.
ثم أخذ بيدي فانطلق بي إلى منزل أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((هل من طعام))؟ فأتينا بجفنةٍ كثيرة الثريد
(1/413)
والوذر، فأقبلنا نأكل منها، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين يديه، وجعلت أخبط في نواحيها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليسرى على يدي اليمنى ثم قال: ((يا عكراش، كل من موضع واحدٍ فإنه طعامٌ واحد)).
ثم أتينا بطبقٍ فيه ألوانٌ من رطبٍ أو تمرٍ -شك عبيد الله بن عكراشٍ رطباً كان أو تمراً- فجعلت آكل من بين يدي، وجالت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: ((يا عكراش كل من حيث شئت فإنه من غير لونٍ واحد)).
ثم أتينا بماءٍ، فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم مسح ببل كفيه يديه ووجهه وذراعيه ورأسه، ثم قال: ((يا عكراش، هذا الوضوء مما غيرت النار)).
(1/414)
هذا حديثٌ غريبٌ، أخرجه الترمذي بتمامه، وابن ماجه مختصراً.
(1/415)
فضل مزينة
ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في إلياس بن مضر.
واختلف في مزينة المذكور:
فقيل:هو أوس بن عمرو بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر.
وقيل: إنما نسبوا إلى امرأةٍ وهي مزينة بنت كلب بن وبرة وهي أم أوسٍ وعثمان، وهو المشهور، وبه جزم ابن الأثير في ((اللباب)) عند ذكر مزينة، وذكر في باب الألف في ترجمة الأوسي، أن أوس بن عمرو هو مزينة، فالله أعلم.
(1/416)
تقدم في: فصل في فضل قبائل من العرب، قوله صلى الله عليه وسلم : ((الأنصار وجهينة ومزينة وأشجع وغفار: موالي ليس لهم مولى دون الله ورسوله)).
رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة، ومسلم من حديث أبي أيوب.
وتقدم أيضاً فيه حديث أبي هريرة وأبي بكرة: ((أن مزينة خيرٌ من بني تميمٍ وبني عامرٍ وأسدٍ وغطفان)).
(1/417)
فضل بني مضر
وهو مضر بن نزار في صلب نسبه الشريف.
263- أخبرنا محمد بن إبراهيم الخزرجي إجازة معينة عن علي بن أحمد بن البخاري قال: أنبأتنا عفيفة الفارفانية قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة، أخبرنا الطبراني.
حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا ابن الأصبهاني، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن عبد الله بن المؤمل، عن المثنى بن الصباح، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا اختلف الناس فالعدل في مضر)).
(1/418)
هذا حديثٌ غريبٌ، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير هكذا.
وعبد الله بن المؤمل ضعفه الجمهور.
ووثقه ابن معين، ومحمد بن سعد.
264- وروينا في الجزء الحادي عشر من فوائد تمام الرازي من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مضر صخرة الله التي لا تقل)).
(1/419)
فضل المعافر
وهم قبيلةٌ باليمن، يجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في عابر بن شالخ.
265- أخبرني محمد بن إسماعيل بن الخباز، أخبرنا المسلم القيسي، أخبرنا حنبل، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي.
حدثنا أبو زكريا يحيى بن إسحاق من كنانة، أخبرنا ابن لهيعة.
ح وحدثنا إسحاق بن عيسى, حدثنا ابن لهيعة عن
(1/420)
يزيد بن عمرو، عن أبي ثورٍ، قال إسحاق الفهمي قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، فأتي بثوبٍ من ثياب المعافر، فقال أبو سفيان: لعن الله هذا الثوب. قال إسحاق: ولعن من يعمله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تلعنهم فإنهم مني وأنا منهم)).
هذا حديثٌ حسنٌ، أخرجه أحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير.
(1/421)
فضل بني ناجية
وهم من قريشٍ، ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في لؤي بن غالب.
266- وبه إلى أحمد قال: حدثنا آدم، حدثنا سعد، حدثنا شعبة عن سماك بن حربٍ، عن ابن أخٍ لسعدٍ، عن سعدٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبني ناجية: ((أنا منهم وهم مني)).
أخرجه أحمد في مسنده هكذا.
267- ورواه أيضاً عن محمد بن جعفر، عن شعبة
(1/422)
مرسلاً دون ذكر سعد.
268- أخبرني محمد بن محمد بن إبراهيم السكندري، أخبرنا محمد بن عمر بن أبي بكر البصري، أخبرنا يعقوب بن محمدٍ الهذباني، أخبرنا منصور بن علي الطبري، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي، أخبرنا أبو عمرو ابن حمدان، أخبرنا أبو يعلى الموصلي قال:
حدثنا موسى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة قال: سألت سعد بن إبراهيم عن بني ناجية فقال: هم منا. قال شعبة: يروون عن سعيد بن زيدٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((هم مني)) وأحسبه قال: ((وأنا منهم)).
رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده هكذا، وإسناده منقطعٌ.
(1/423)
فضل النخع
وهم قبيلةٌ كبيرةٌ من مذحج، يجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في عابر بن شالخ.
روى أحمد في مسنده بإسنادٍ صحيحٍ، وأبو بكرٍ البزار في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير من حديث عبد الله بن مسعودٍ قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لهذا الحي من النخع أو يثني عليهم حتى تمنيت أني رجلٌ منهم.
وقد تقدم في الباب الرابع عشر.
(1/424)
فضل همدان
واسمه: أوسلة بن مالكٍ، ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في عابر بن شالخ.
269- أخبرني محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي، أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني.
ح وأخبرنا محمد بن إسماعيل بن الخباز، حدثنا أحمد بن عبد الدائم قراءة عليه وأنا حاضرٌ وإجازةً لما يرويه، قالا: أخبرنا عبد المنعم بن عبد الوهاب بن كليب، أخبرنا علي بن أحمد بن محمد بن بيانٍ، أخبرنا محمد بن محمد بن
(1/425)
محمد بن إبراهيم بن مخلدٍ، حدثنا إسماعيل بن محمدٍ الصفار، حدثنا الحسن بن عرفة قال:
حدثنا مبارك بن سعيدٍ أخو سفيان بن سعيدٍ الثوري، عن سعيد بن مسروق، عن الشعبي قال: ((همدان هامة اليمن، وكندة في اليمن كالشاهسبرنب في الريحان)).
هذا حديثٌ مقطوعٌ ورجال إسناده ثقاتٌ.
(1/426)
فضل هوازن
وهم من قيس عيلان، ويجتمع نسبهم معه صلى الله عليه وسلم في مضر بن نزارٍ.
روى الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة قال: ذكرت القبائل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الحديث، وفيه: وسألوه عن هوازن فقال: ((زهرةٌ تنبع ماءً))، الحديث.
وقد تقدم في: فصل في فضل قبائل من العرب.
(1/427)
فضل يمن
تقدم ذكرهم مع قيس.
والله أعلم.
(1/428)
الباب السادس عشر في قوله: ((أنا سابق العرب))
270- أخبرني محمد بن أبي القاسم الفارقي، أخبرنا عبد المؤمن بن خلفٍ، أخبرنا صقر بن يحيى وإبراهيم بن خليلٍ ومحمد بن إسماعيل المقدسي، قالوا: أخبرنا يحيى بن محمودٍ، أخبرنا أبو عدنان محمد بن أحمد بن أبي نزار وفاطمة بنت أحمد الجوزدانية.
ح وأخبرني به عالياً أبو الحرم القلانسي قال: أخبرتنا مؤنسة خاتون ابنة الملك العادل أبي بكر بن أيوب، قالت: أخبرنا أسعد بن سعيد بن روحٍ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر، وعفيفة الفارفانية، وعائشة بنت معمر بن عبد الواحد بن الفاخر إجازة منهم، قالوا: أخبرتنا فاطمة
(1/429)
الجوزدانية، قالت عائشة: حضوراً، وقال الباقون: سماعاً، قالت هي وابن عدنان: أخبرنا أبو بكر بن ريذة، أخبرنا الطبراني.
قال: حدثنا أيوب بن أبي سليمان أبو ميمونٍ الصوري، حدثنا عطية بن بقية بن الوليد، حدثني أبي، حدثنا محمد بن زياد الإلهاني، قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أنا سابق العرب إلى الجنة، وصهيب سابق الروم إلى الجنة، وبلال سابق الحبشة إلى الجنة، وسلمان سابق فارس إلى الجنة)).
هذا حديثٌ حسنٌ، أخرجه في معجميه الصغير والأوسط، وقال: لا يروى عن أبي أمامة إلا بهذا الإسناد.
قلت: وله شاهد من حديث أنس.
271- أخبرنا به عبد العزيز بن محمدٍ الحافظ، إجازة معينة، حدثنا الأستاذ أبو جعفر بن الزبير في كتابه إلينا من
(1/430)
المغرب قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن أحمد بن إحدى عشرة، أخبرنا الحافظ أبو علي الصدفي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن فورتش، أخبرنا أبو عمر أحمد بن محمد الطلمنكي إجازة، أخبرنا محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج، حدثنا محمد بن أيوب بن حبيب بن الصموت، حدثنا أبو بكرٍ أحمد بن عمرو البزار.
حدثنا عبدة بن عبد الله، حدثنا موسى بن مسعود، حدثنا عمارة بن زاذان، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((والسباق أربعةٌ: أنا سابق العرب، وسلمان سابق فارس، وبلال سابق الحبش، وصهيب سابق الروم)).
هذا حديثٌ حسنٌ أخرجه البزار هكذا في مسنده وقال: لا نعلم رواه عن ثابتٍ عن أنسٍ إلا عمارة.
قلت: وقد اختلفوا في عمارة، فقال البخاري: ربما يضطرب في حديثه.
(1/431)
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به.
وقال أبو زرعة: لا بأس به.
وقال ابن عدي: هو عندي لا بأس به ممن يكتب حديثه. انتهى.
وله طريقٌ آخر: رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن عبد العزيز، عن شيخ من بني تميم عن أنس مختصراً.
وفي الباب أيضاً: عن أم هانئ.
(1/432)
الباب السابع عشر فيما ورد أنه لم ينزل وحي على نبي إلا بالعربية
272- أخبرنا أبو الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم البكري مشافهة عن عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني قال: أنبأنا خليل بن أبي الرجاء الراراني، أخبرنا الحسن بن أحمد الحداد، أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا الطبراني قال:
حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن واقد، حدثنا العباس بن الفضل عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((والذي نفسي بيده ما أنزل الله وحياً قط على نبيٍ بينه وبينه إلا بالعربية، ثم يكون هو بعد يبلغه قومه
(1/433)
بلسانه)).
هذا حديثٌ لا يصح إسناده، وسليمان بن أرقم تركوه، قاله البخاري.
رواه الطبراني في المعجم الأوسط، وقال: لم يروه عن الزهري إلا سليمان بن أرقم، تفرد به العباس بن الفضل.
(1/434)
الباب الثامن عشر في أن كلام أهل الجنة بالعربية
273- وبه إلى الطبراني قال: حدثنا مسعود بن سعيدٍ، حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا عبد العزيز بن عمران، حدثنا شبل بن العلاء، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أنا عربيٌ، والقرآن عربيٌ، ولسان أهل الجنة عربيٌ)).
أخرجه الطبراني في الأوسط وقال: لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد.
قلت: العلاء بن عبد الرحمن وأبوه احتج بهما مسلم.
وابنه شبل بن العلاء احتج به ابن حبان في صحيحه
(1/435)
وقال: إنه مستقيم الأمر في الحديث.
لكن الراوي له عنه: عبد العزيز بن عمران الزهري، ويقال له: عبد العزيز بن أبي ثابت، متروكٌ، قاله النسائي، وغيره.
وقال البخاري: لا يكتب حديثه.
وعلى هذا فلا يصح هذا الحديث.
وقد روى الطبراني في الكبير والأوسط والحاكم في المستدرك، من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أحبوا العرب لثلاث؛ لأني عربيٌ، والقرآن عربيٌ، وكلام أهل الجنة عربيٌ)).
وقال الحاكم بعد تخريجه: إنه حديثٌ صحيحٌ.
ورواه أيضاً بلفظ: ((احفظوني في العرب لثلاثٍ)).
وقد تقدم في الباب الرابع مع الإنكار على الحاكم في تصحيحه. والله أعلم.
(1/436)
الباب التاسع عشر في أن كلام من يحسن العربية بالفارسية نفاق
274- روى الحاكم أبو عبد الله في كتاب ((المستدرك على الصحيحين))، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من أحسن منكم أن يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالفارسية فإنه يورث النفاق)).
ولم يتصل لنا كتاب المستدرك بالسماع لأنه إنما حدث منه الحاكم بالنصف، سمعه منه محمد بن عبد العزيز الحيري
(1/437)
النيسابوري، وحدث به ابنه ظريف بن محمد المذكور بجميع الكتاب، وما علمته اتصل من طريقه فيما وقفت عليه، وإنما يقع لنا بالأجايز.
275- أخبرني به محمد بن إبراهيم الخزرجي إجازة معينة، بجميع كتاب المستدرك قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي، إذناً عن أبي المكارم أحمد بن محمد بن محمدٍ اللبان كتابة، أخبرنا ظريف بن محمد بن عبد العزيز فيما أذن لي أن أرويه في غالب الظن قال: أخبرنا والدي سماعاً عليه بجميع الكتاب قال: أخبرنا الحاكم سماعاً عليه النصف الأول منه وإجازة لباقيه.
وقد اتصل لنا منه أحاديث في ((سنن البيهقي الكبرى)) يقول فيها البيهقي: حدثنا أبو عبد الله الحافظ في المستدرك.
واتصلت منه قطعةٌ وهي: ((كتاب الدعوات)).
276- أخبرني أبو الفداء إسماعيل بن علي الذهبي بقراءتي عليه، لبعض المستدرك وإجازة لباقيه، قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن عساكر قراءة عليه وأنا أسمع
(1/438)
لبعضه وإجازة لباقيه قال: أخبرنا القاسم بن عبد الله بن عمر الصفار في كتابه، أخبرنا جدي أبو حفص عمر بن أحمد بن منصور سماعاً لبعضه وإجازة لنا فيه، قال: أخبرنا أبو بكرٍ أحمد بن خلفٍ سماعاً لبعضه وإجازة لنا فيه، قال: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ سماعاً عليه لبعضه وإجازة لنا فيه.
(1/439)
الباب العشرون فيما ورد أن ذلك نقصٌ في المروءة
277- روينا في كتاب المستدرك للحاكم بالإسناد المتقدم إليه من حديث أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم بالفارسية زادت في خبه، ونقصت
(1/441)
من مروءته)).
وقد تساهل الحاكم في إيراده هذا الحديث وما يشبهه في
(1/442)
كتاب: ((المستدرك على الصحيحين)) فإنه حديثٌ ضعيفٌ جداً.
وقد أورده أبو أحمد بن عدي في كتابه ((الكامل)) في ترجمة طلحة بن زيدٍ الرقي من روايته عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أنسٍ فقال: إنه حديثٌ باطلٌ.
وطلحة بن زيدٍ قال فيه البخاري: منكر الحديث.
وقال النسائي: متروكٌ.
وقال ابن حبان: منكر الحديث جداً، لا يحل الاحتجاج به.
وإنما أوردت هذا الحديث وما أشبهه لاستيعاب ما وقفت عليه في فضل العرب ولغتهم؛ لئلا يستدرك علي بترك ما ورد فيه، وإنما ينكر ترك البيان للموضوع، فأما إيراده مع البيان فجائزٌ، فقد أوردت فيه: الصحيح، والحسن، والغريب، والضعيف، مع بيان أحوالها.
ولقد أحسن القائل في وصفه لأهل الحديث بقوله: أهل
(1/443)
الحديث يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم.
وهذا آخر ما تيسر جمعه في هذا المعنى، والله المرجو أن يقابله بالقبول والحسنى، إنه خير مأمولٍ وأكرم مسؤولٍ.
قال مؤلفه عفا الله عنه: أكلمت تبييضه في يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شهر رجب الفرد، سنة إحدى وتسعين وسبعمائةٍ، بالمدينة الشريفة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم.
(1/444)
السماعات لكتاب ((محجة القرب إلى محبة العرب)) التي كتبها المؤلف في آخر نسخته
الحمد لله وسلامٌ على عباده الذين اصطفى.
سمع علي هذا التأليف المسمى: ((محجة القرب إلى محبة العرب)) بقراءتي الشيخ الإمام البارع المحدث تاج الدين محمد بن محمد بن يحيى السندبيسي أول الكتاب إلى قوله في الباب الخامس عشر: ((فضلة عنزة))، ومن هنا إلى آخر الكتاب بقراءة الشيخ الإمام الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي، [و] الشيخ الفقيه الفاضل زين الدين بن خلف بن أبي بكر بن أحمد النحراري المالكي، والسيد الشريف أبي عبد الله محمد بن قاسم بن قاسمٍ البنزرتي، وشمس الدين محمد بن علي بن محمدٍ النشرتي المالكي، وسمع الحافظ نور الدين الهيثمي، ما أقرأه الشيخ تاج الدين
(1/445)
السندبيسي فكمل له وللثلاثة المذكورين قبله سماع الكتاب.
وسمع الشيخ الإمام محيي الدين محمد بن يحيى بن محمدٍ التلمساني جميع الكتاب خلا المجلس السابع عشر، والتاسع عشر، وسمع نور الدين علي بن عمر بن خلفٍ الفيومي من أول الكتاب إلى آخر المجلس السابع عشر، وسمع الشيخ يحيى بن عمر بن يحيى بن مسعود المسعودي المقري من أول المجلس الرابع إلى آخر المجلس التاسع عشر.
وسمع الطالب المشتغل محمد بن عثمان بن يوسف الحشوفي من أول الكتاب إلى آخر المجلس الثالث عشر والثامن عشر أيضاً، وسمع عبد الرحمن بن يحيى محمد بن يحيى التلمساني المتقدم ذكره من أول المجلس السابع إلى آخر السادس عشر.
وسمع آخره أحمد بن يحيى المجلس الثامن والتاسع والعاشر والثالث عشر.
وسمع الشيخ الفقيه الإمام فخر الدين أبو بكرٍ أحمد بن عبد الرحمن بن الشامي المدني المجلس الخامس عشر، والمجلس الأخير. وسمع الحاج أحمد بن محمد بن
(1/446)
عبيد السمار المصري المجلس الثامن عشر والتاسع عشر. وسمع شهاب الدين أحمد بن إبراهيم المرشدي المكي المجلس الحادي عشر. وسمع الشيخ رمضان بن.. .. المصري المجلس الثاني عشر.
وسمع علي بن محمد بن نجيم الشهابي الضرير المجلس الثالث عشر. وسمع الشريف شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد الحسيني المؤذن بجامع دمشق المجلس التاسع عشر. وسمع.. الدين محمد بن أحمد بن .. .. القسطلاني المكي المجلس الأخير.
وصح ذلك في عشرين مجلساً، آخرها في يوم الأحد التاسع من شعبان المعظم من سنة إحدى وسبعمائة بالروضة الشريفة بين القبر والمنبر الشريفين. وأجزت لجميع الجماعة.. .. و.. .. و.. .. أن يرووا عني الكتاب المذكور وجميع ما.. .. متلفظاً لهم بالإجازة.
كتبه مؤلفه: عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي الشافعي.
(1/447)