، والبرقعي(1)
__________
(1) أبو الفضل بن رضا البرقعي :
[ هو آية الله العظمى السيد أبو الفضل بن الرضا البرقعي الذي يعود نسبه إلى الإمام محمد الجواد بن موسى الرضا - عليه السلام - ]
صاحب كتاب كسر الصنم ، وقد كان شيعياً متعصباً للمذهب الجعفري ، حاز على درجة الاجتهاد ولقب بآية الله ، حصل على إجازة من آية الله الكاشاني ، ومن آية الله أبي الحسن الأصفهاني ، ومن آية الله اغا بزورك الطهراني وغيرهم من العلماء .
ثم اهتدى بفضل الله إلى الحق فأصبح من أهل السنة ، وأعلن يدعو كل من أدى أليه من الخمس شيئاً ليرده أليه ثم أفتى بحرمة الخمس من غير الغنائم الحربية .
وله مئات التصانيف والمؤلفات والبحوث والرسائل ، وبعد تركه التشيع ألف كتباً منها، كتاب أحكام القران ، ودروس من الولاية ، مخالفة مفاتيح الجنان لآيات القران ، ودراسات في أخبار المهدي ، وتحريم المتعة في الإسلام ، الخرافات الكثيرة في زيارة القبور ، حديث الثقلين ، وغيرها ذكرها في خاتمة كتابه .
وقد ذكر البرقعي في كتابه تأثره بمصطفى طبطبائي ، وهو رجل تخرج من حوزة قم، وبلغ درجة الاجتهاد ، ثم ما لبث ان ترك التشيع ، وهناك الدكتور علي مظفريان وهو طبيب جراح ترك التشيع وصار إماماً لمسجد آهل السنة في شيراز .
وكتابه كسر الصنم عد فيه كتاب ( الكافي ) - الذي هو أصح كتاب عند الشيعة الإمامية - صنماً يجب كسره لما فيه من المتناقضات ، والأضداد ، ولما بين دفتيه من الخرافات التي لا تعد ولا تحصى .
ونتيجة لذلك وبعد قيام الثورة الإيرانية ، قام حرس الثورة بالاعتداء عليه وحرضوا عليه سفلة الناس وجهالهم الذين قاموا مراراً بمهاجمة بيته ، ولما رأت الدولة أنه لا يفتأ عن المجاهرة بالحق بجرأة بالغة وأنه ماض في أنشطته دست إليه نفراً من حرس الثورة لاغتياله بالرصاص في عقر داره ، فاطلقوا عليه أعيرة نارية وهو قائم يصلي فأصابت الطلقات الخد الأيسر منه لتخرج من الخد الأيمن .
وبعد أن نجاه الله من الموت ، تم سجنه بعد ذلك لمدة سنة في سجن (أوين) الذي يعد من أقسى السجون الإيرانية ، ونفي بعد ذلك إلى مدينة (يزد) ولكن بعد خمسة أيام من نفيه اقتيد إلى السجن ثانية إلى أن توفى (رحمة الله) سنة 1993 م ]
[ كسر الصنم مقدمة وخاتمة الكتاب / الدكتور عبد الرحيم ملا زاده البلوشي ]
ورد سؤال إلى الشيخ علي الميلاني عن طريق الانترنيت يسأل فيه عن الشيخ البرقعي :
سؤال :
شيخنا الجليل العلامة الميلاني حفظه الله ورعاه .. لقد سمعت حديثا وقرأت في شبكات الوهابية حول كتاب كسر الصنم لأبي الفضل البرقعي ؟ فمن هو هذا الرجل الذي نسبه القوم للتشيع ، وهل تعرفونه وما هي منزلته العلمية ؟؟ أفيدونا جعلني الله فداكم ... خادمك يحيى بن صالح بن حاشر العسقلاني .
الجواب : بسمه تعالى :
كان أبو الفضل البرقعي من أسرة عريقةٍ من أهالي قم ، وكان من جملة المحصّلين في الحوزة العلمية ، إلاّ أنه كان منذ شبابه خفيف العقل ، منحرف الفكر ، فترك الدراسة وذهب إلى طهران بدعوةٍ من بعض السّفارات الأجنبيّة بواسطة بعض عملائهم ، فجعلوا يروّجون له ويمدونه بالأموال ويطبعون مقالاته ، حتى أفتى كبار المراجع بضلالته ، وأوعزوا إلى الجهات الحكومية بإلقاء القبض عليه وتأديبه ، فانكشف حاله وافتضح أمره ومَقتَه الناس وطردوه ، فمات على تلك الحال ، وخسر الدنيا والآخرة ، وذلك هو الخسران المبين .
السيد علي الميلاني .
[ الانترنيت 1 السؤال 49 يحيى العسقلاني , ALHASHER@hotmail.com](35/56)
، ومحسن الأمين(1)
__________
(1) محسن الأمين :
[هو السيد محسن ابن السيد عبد الكريم بن علي بن محمد الأمين الحسني العاملي من مجتهدي الشيعة صاحب كتاب أعيان الشيعة في تراجم طبقات أعلام الشيعة ، والمجالس السنية ، ومفتاح الجنات ، وكتاب كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبد الوهاب ، وغيرها توفي سنة 1371 هـ ]
آلف رسالة سماها التنزيه في أعمال الشبيه ، بين فيها لزوم تنزيه مجالس العزاء الحسيني من الأعمال غير المشروعة ، ووجوب التحرز عن إدخال بعض المحرمات في التعزية ، وقد طبعت هذه الرسالة أولاً بمطبعة العرفان ثم توالت طبعاتها وترجمت إلى عدة لغات .
وما أن انتشرت هذه الرسالة حتى أحدثت ثورة عارمة ، فشنت على مؤلفها حملة كبيرة من التكفير والتفسيق ، وقام بالرد على هذه الرسالة عدد من علماء الشيعة منهم ، الشيخ إبراهيم المظفر في رسالته نصرة المظلوم ، وإقالة العاثر في إقامة الشعائر للسيد علي اللكهنوي، والشعائر الحسينية للشيخ محمد حسين المظفر ، النظرة الدامعة للشيخ مرتضى آل ياسين، ودافع عنه آخرون منهم الشيخ محمد الكنجي في كتابه كشف التمويه عن رسالة التنزيه.
وقد تحدث الشيخ جعفر الشاخوري البحراني عن محسن الأمين قائلاً :
عمل محسن الأمين قدر طاقته لتنزيه المذهب الشيعي من الشوائب والخرافات فقام بتأليف كتب خاصة بتاريخ سيرة الحسين - عليه السلام - وعرضها عرضاً مجرداً من الشوائب والأكاذيب لاتخاذها مصدراً لخطباء المنابر الحسينية .
وأنكر بوجه القائلين بجواز الضرب بالسيف على الرؤوس يوم عاشوراء فأصدر كتاب رسالة التنزيه فانقسم الناس في وقته إلى( علويين ) و ( أمويين ) وكان الأمويون هم أتباع محسن الأمين وقد كانوا أقلية لا يعتد بها وأكثرهم كانوا مستترين خوفاً من الأذى .
وقد تجاوز الصراع الحدود المألوفة إلى الخصومات العنيفة ، والمهاترات ، والضرب، والاعتداء ، والإهانة ، وكان السيد الحلي يرفع عقيرته منادياً.
ياراكباً أما مررت بجلق فأبصق بوجه أمينها المتزندق
ويأتي السيد رضا الهندي فينادي :
ذرية الزهراء ان عددت يوماً لتحصي الناس فيها الثنا
فلا تعدوا محسناً منهم لأنها قد أسقطت محسنا
ويصيح آخر
وما معول النجدي أدهى مصيبة من القلم الجاري بمنع المأتم
وقال أيضاً :
عندما أعلن السيد محسن الأمين حركته الإصلاحية بشأن الشعائر الحسينية فواجهته حكومة العوام بمعارضة شديدة قل نظيرها حيث اعتبر أموياً ، يزيدياً ، معادياً للحسين .
[ مرجعية المرحلة وغبار التغيير / جعفر الشاخوري المقدمة الصفحة ( ف) و( ص 327 ) ]
وتكلم الشيخ محمد الحسون في كتابه قراءة في رسالة التنزيه عن الصراع الذي دار بين أنصار الأمين وأعدائه فقال :
لم يكتف الخطيب السيد صالح الحلي بالطعن على محسن الأمين بل شن حملة شعواء على كل المؤيدين والمناصرين له ، فاخذ ينهال عليهم بالطعن والاتهامات الباطلة ، حتى وصل به الأمر إلى أن تجاسر على المرجع الديني الكبير السيد أبي الحسن الأصفهاني لانه أيد السيد الأمين ، فشن عليه غارة عنيفة بكل معنى العنف ، ولم يترك لوناً من ألوان الرزاية بالكناية والتصريح إلا وصبغ به السيد أبا الحسن من فوق المنابر التي كان يرقاها .
فاصدر السيد أبو الحسن الأصفهاني فتوى حرم بها الاستماع لقراءة السيد صالح الحلي، فأرخ لذلك الشاعر الشيخ علي بازي قائلاً :
أبو حسن أفتى بتفسيق صالح قراءته أرختها غير صالحة
واتخذ البعض هذه الدعوة وسيلة لمجرد مهاجمة أعدائه واتهامه بالأموية فكثر الاعتداء على الأشخاص ، وأهين عدد كبير من الناس ، وضرب البعض ضرباً مبرحاً .
وتكلم عن هذه الأحداث أيضاً الأستاذ جعفر الخليلي فقال :
بدافع إعجابي بالسيد محسن وانطباعي عنه منذ الصغر وايماني بصحة دعوته أصبحت أموياً وأموياً قحاً في عرف الذين قسموا الناس إلى أمويين وعلويين ، وكنت شاباً فائر الدم كثير الحرارة ، فصببت حرارتي كلها في مقالات هاجمت بها العلماء الذين خالفوا فتوى السيد أبي الحسن والذين هاجموا السيد محسن ، وكنت أجد في بعض الأحيان رسالة أو اكثر وقد ألقي بها من تحت الباب وهي تتضمن إلى جانب التهديد بالقتل شتائم بذيئة تدل على خسة وجبن .
وكان التيار جارفاً والقوة كلها كانت في جانب العلويين ، وكان هؤلاء العلويون واتباعهم يتفننون في التشهير بالذين سموهم بالأمويين ، وبلغ من الاستهتار أن راح حملة القرب وسقاة الماء في مأتم الحسين يوم عاشورا ينادون مرددين ( لعن الله الأمين – ماء ) بينما كان نداؤهم من قبل يتلخص في ترديدهم القول ( لعن الله حرملة – ماء ) فأبدلوا الأمين بـ (حرملة) نكايةً وشتماً .
ولا تسل عن عدد الذين شتموا وأهينوا بسبب تلك الضجة التي أحدثها السيد الأمين يومذاك .
قال والغريب في الأمر أن تسمية المؤيدين لاراء السيد محسن بالأمويين ، والمتسننين لم يصدر من عوام الناس فحسب ، بل صدر من بعض العلماء والفضلاء أيضاً .
فالشيخ إبراهيم المظفر قال في رسالته نصرة المظلوم :
فعلمت من أين جاءت هذه البلية التي تقضي ان تمت على حياة الشيعة ، وتيقنت أن كيد المموهين والمنافقين وخاصة أفراد الجمعية الأموية ذلك الكيد الذي لا ينطلي إلا على السذج والبسطاء .
وأشار الشيخ عبد الحسين قاسم الحلي في مقدمة رسالته النقد النزيه لرسالة التنزيه إلى السيد مهدي القزويني البصري باعتباره من أهل البصرة – وهو أول من نهى عن التطبير في رسالة سماها صولة الحق على جولة الباطل – والى السيد محسن الأمين باعتباره من أهل الشام بقوله ( إن الحسين لما قتل بكى عليه جميع ما خلق الله مما يرى ومما لا يرى إلا ثلاثة أشياء لم تبك عليه : البصرة ، والشام ، وال الحكم بن أبي العاص )
[ قراءة في رسالة التنزيه للسيد محسن الأمين / الشيخ محمد الحسون ص30–35 ]
أقول :
مما يجدر التنويه عليه ها هنا ان دولة الآيات بعد قيامها في إيران أصدرت مرسوما بلسان مرشدها الأعلى علي خامنئي - في أوائل شهر محرم سنة 1415 هـ - يقضي فيه بمنع ظاهرة ضرب الرؤوس بالسيوف وعدت مثل هذه المظاهر جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن .
وما ذلك إلا لخوف القائمين على هذه الدولة من ان تسخر هذه الأفعال وتلك الشعائر بما يتعارض مع توجهات وسياسات الدولة ، لان القائمين على هذه الدولة يعرفون يقينا ان هذه الشعائر لا تستخدم إلا لأغراض سياسية هم اعرف الناس بها لانهم هم من كان يؤججها في غابر الأيام وقبل ان يتسلموا مقاليد الحكم في إيران ولذلك فليس من الغريب ان يصل الأمر عند هؤلاء وامثالهم إلى القول بتحريم هذه الأفعال .
ولك ان تتخيل معي أيها القارئ في هذا الدين الذي تتغير أحكامه بين ليلة وضحاها ، فما كان حلالاً بالأمس أضحى اليوم حراماً والعكس صحيح ، ولك ان تسأل نفسك عن الضابط لهذه الأحكام وعن الكيفية التي يكون بموجبها الحلال حراماً والحرام حلالا ، وعندها فانك ستحصل على الجواب يأتيك من أفواههم بان الضابط المتوخى من الفعل أو الترك والكيفية هي سياسة الدولة العليا ، وعليك بعد كل هذا ان تسلم بذلك والا عددت من الأشخاص الذين يريدون ان يقوضوا أسس هذا النظام القائم على الإسلام وإياك ان تجادل القوم وتقول لهم ان حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة لانك ان فعلت فاحكم على نفسك قبل ان يحكموا عليك بأنك أموي ، وناصبي ، ووهابي ، وجاسوس ، وملك السعودية أغراك بالمال ، وملك موزنبيق أغراك بالنساء وهلم جراً.(35/57)
، ومحمد حسين فضل الله(1)
__________
(1) محمد حسين فضل الله :
آية الله محمد حسين فضل الله المرجع الشيعي المعاصر في لبنان وهو غني عن التعريف .
شنت عليه حمله قاسية من الطعن والشتائم :
قال السيد هاشم الهاشمي :
نجد ان كبار مراجعنا اعتبروا كلام فضل الله في التشكيك في شهادة الزهراء وبقية المسائل العقائدية المرتبطة بالمذهب كلام ضلال وحكموا عليه بأنه ضال مضل كما أشار إلى ذلك آية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني ، وآية الله العظمى الشيخ الميرزا جواد التبريزي .
ثم قال :
إننا لم نخرج فضل الله عن الإسلام وانما نقول ان لديه انحرافات عقائدية وغيرها عن المذهب لا تؤهله لتصدي هذا الموقع ولا أن يكون عالماً يأخذ منه الناس دينهم ، بل تضعه في عداد أصحاب الضلال والبدع وما يترتب على ذلك من أحكام .
[ حوار مع فضل الله حول الزهراء / السيد هاشم الهاشمي ص 30 -33 ]
ولا زالت هذه الحملة مستمرة ، وان من أسباب هذه الحملة كما يذكر جعفر الشاخوري تعود إلى دعوته إلى محاكاة التاريخ والتحقق من حوادثه بشكل علمي ، وانه دعا كبار العلماء على مستوى العالم الإسلامي لدراسة الحوادث التاريخية وأسباب الخلاف ومعالجتها بشكل موضوعي وعلمي من خلال القران الكريم – ومن الأمور التي أنكرها والتي زادت من حدة الهجوم عليه هي مناقشته ورده لكثير من الروايات التاريخية التي تتكلم عن الهجوم على بيت فاطمة رضي الله عنها ، وحادثة كسر ضلعها _
فتركزت الحملات ضد مرجعيته ، على صورة مناشير ، وكتب ، وكتيبات مجهولة الكاتب تارة ومعلومة الكاتب أخرى ، ويجمعها أسلوب التشهير ، والشتائم ، والسباب وان اختلفت في درجته .
وقد وصل البعض فيها إلى حد الجنون الهستيري إذ طالت شتائمه حتى من يمر قرب منزل سماحته ! بينما اتخذ البعض الآخر أسلوب تحريف كلام سماحته ، ونسبت الآراء الغريبة التي لا يصدقها حتى المجانين ، كجواز الدخول في نوادي العراة ، وجواز العمل بالقياس محققين المثل العامي القائل :
من أين عرفت الكذب ؟ قال : من كبرها !
[ مرجعية المرحلة وغبار التغير / جعفر الشاخوري ص 24 - 428]
فكانت النتيجة تدخل عدد كبير من العلماء ، في إيران وعلى رأسهم خامنئي ، لدفع الشبهات عنه ، وكتب تلاميذه ، وعلماء في المذهب عدداً من الكتب للدفاع عنه ، ككتاب (مرجعية المرحلة وغبار التغيير ، ومراجعات في عصمة الأنبياء ، وخلفيات ضلت السبيل، وحركية العقل الاجتهادي لدى فقهاء الشيعة الإمامية ، وكتاب مأساة كتاب المأساة ، خلفيات كتاب مأساة الزهراء ، هوامش نقدية دراسة في كتاب مأساة الزهراء) وغيرها من الكتب .
ومن الكتب التي أؤلفت للرد على محمد حسين فضل الله ( كتاب مأساة الزهراء ، كتاب خلفيات كتاب مأساة الزهراء ، الانبياء فوق الشبهات تعرية كتاب مراجعات في عصمة الانبياء ، حوار مع فضل الله حول الزهراء ) وغيرها من الكتب .
ومن عظم الهجمة عليه ان أدى ذلك إلى صدور تعليق لمصادر مقربة من المرجعية الدينية العليا في طهران وقم تحذر من التعرض لفضل الله :
قال الشاخوري :
حذرت مصادر مقربة من القيادة والمرجعية الدينية في إيران والحوزة الدينية في قم من التعرض إلى كبار علماء الدين في الأقطار المختلفة وتحديداً إلى محمد حسين فضل الله بحجة الدفاع عن المذهب أو الدين .
وفي تعليق لها على ما صدر أخيراً من منشورات أو كتيبات تهاجم فضل الله ، قالت المصادر المذكورة لقد سبق للبعض أن حاول مهاجمة السيد فضل الله من على منبر أحد المراجع الدينية في إيران فمنع مباشرة ، وأوقف على الفور ، وتم تأنيبه وتحذيره ، من إن مهاجمة العلماء أمر محظور ، لا يجوز التجاسر عليهم بحجة وجود اختلافات في الرأي .
وأعتبرت المصادر نفسها ان إيران براء مما يجري ضد فضل الله في هذا الخصوص وإن قيادتها ، ومرجعيتها ، وحوزتها ، تكن احتراماً شديداً للسيد فضل الله ، وترفض مثل هذه الأساليب وتعتبرها مضرة بوحدة الأمة ومهونة للمذهب والدين .
ومن جهته فقد حذر حجة الإسلام هادي خسرو شاهي مستشار وزير الخارجية الإيراني من خطر التعرض لفضل الله جسدياً .
وأسف خسرو شاهي لمثل هذا التراشق بالمنشورات والذي لا يخدم إلا الأعداء وهو يذكرنا بالهجومات التي تمت في التاريخ ضد العلامة الشهير السيد محسن الأمين عندما أصدر كتابه المعروف بالتنزيه حيث حرم يومها التطبير في عاشوراء ، وكذلك حملة الافتراءات ضد آية الله أبي القاسم كاشاني العلامة الإيراني الكبير.
[ مرجعية المرحلة وغبار التغير / جعفر الشاخوري ص 351 ](35/58)
، وأحمد كسروي(1)
__________
(1) احمد كسروي :
هو احمد مير قاسم بن مير احمد الكسروي ، ولد في تبريز عاصمة أذربيجان أحد أقاليم إيران وتلقى تعليمه في إيران ، وعمل أستاذاً في جامعة طهران ، كما تولى عدة مناصب قضائية ، وقد تولى مرات رئاسة بعض المحاكم في المدن الإيرانية ، وقد اصبح في طهران أحد أربعة كبار مفتشي وزارة العدل ، ثم تولى منصب المدعي العام في طهران ، وكان محرراً في جريدة برجم الإيرانية ، وكان عارفاً باللغة العربية ، والتركية ، والإنكليزية، والأرمنية ، والفارسية ، والفارسية القديمة البهلوية ، وله كتب كثيرة جداً ومقالات منتشرة في الصحف الإيرانية .
وقد كانت مقالاته التي يهاجم فيها اصول المذهب الشيعي قد جذبت نظر بعض المثقفين إليه والجمعيات العاملة في البلاد ، واقبل عليه فئات من الناس من كل أمة ونحله ولا سيما الشباب من خريجي المدارس فأحاط به آلاف منهم وقاموا بنصرته ونشر كتبه .
ووصلت آراؤه بعض الأقطار العربية ومنها الكويت ، وقد طلب بعض الكويتيين من الكسروي تأليف كتب بالعربية ليفيدوا منها فكتب كتابه ( التشيع والشيعة ) والذي أوضح فيه بطلان اصول المذهب الشيعي ، وان خلاف الشيعة مع المسلمين إنما سنده التعصب واللجاج لا الحجة والبرهان .
وما إن أتم كتابه هذا حتى ضرب بالرصاص من قبل مجموعة من الروافض ادخل على اثرها المستشفى وأجريت له عملية جراحية وتم شفاؤه .
ثم اخذ خصومه من الروافض يتهمونه بمخالفة الإسلام ، ورفعوا شكوى ضده إلى وزارة العدل ودعي للتحقيق معه وفي آخر جلسة للتحقيق معه في نهاية سنة 1324 هـ .
ضرب بالرصاص مرة أخرى ، وبخنجر ومات اثر ذلك ، وكان في جسمه تسعة وعشرون جرحاً وقد عاش سبعاً وخمسين سنة وترك أفكاره وكتبه ومقالاته الكثيرة حية مع الأحياء .
وأفكاره الأساسية نشرها سنة 1311 هـ في كتاب بالفارسية سماه ( آبين) أي دستور أو دين، وأفكاره عن المذهب نشرها في كتبه (( صوفيكري ، وبهائيكري ، وشيعيكري )) وغيرها.
[ بتصرف نقلاً عن كتاب مسائل التقريب بين أهل السنة والشيعة/الدكتور عبد الله بن ناصر القفاري ص 218 – 220](35/59)
،……. والقائمة تطول(1)
__________
(1) وما أصاب احمد الكاتب من هذه الهجمات ليس بخاف على كثير من الناس وما سطره قلمه في كتابه نعم أنا شيعي جعفري لهو خير دليل على معاناته التي واجهها من قبل علماء الشيعة قبل عامتهم ولا سيما بعد ان كتب كتابه تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى … إلى ولاية الفقيه الشهير ، والذي اثبت فيه بالدليل القاطع عدم وجود ما يسمى بـ ( المهدي المنتظر ) وانه من أولاد الحسن العسكري ، وانه قد غاب عن أنظار الناس، فنقض بذلك عقيدة الإمامة برمتها عند الشيعة الإمامية الاثنى عشرية .
وها هو احمد الكاتب يتصدر شاشات الفضائيات متوسلاً وراجياً علماء الشيعة كي يعطوه دليلاً واحداً على عدم صحة ما ذهب إليه وارتأه ، ولكن لا أحد استطاع إلى لحظة كتابة هذه السطور ان يرد على الكاتب دعواه ، وان يفند آراءه ، وان ينقض أقواله ، وان يثبت ما يسمى بـ ( المهدي ) بأدلة علمية وتاريخية رصينة وصحيحة ، بل ان غاية ما ذكروه كان مجرد ادعاءات وتخرصات ليس فيها من التحقيق العلمي نصيب .
هذا وان المتأمل لأساليب الشيعة المشار إلى بعض منها سابقا لم تقتصر على هؤلاء بل تجاوزتهم إلى من تشهد لهم الساحة الشيعية بقدم صدق كمحمد باقر الصدر ، ومحسن الحكيم، والخميني وغيرهم :
يقول الشيخ جعفر الشاخوري :
تضاعفت الحملة على محمد باقر الصدر بعد صدور رسالته العملية الفتاوى الواضحة وكان قد اصدر تعليقات على المنهاج قبل ذلك وقد اتخذت الحملات أسلوب التشكيك بقدرته الفقهية وان فكره فكر جرائد … وصوروا فتاواه وأفكاره وكأنها متأثرة بالفكر السني بدءا من اعتبار اصول الدين ثلاثة ، إلى القول بطهارة النواصب ، وجواز التكتف بالصلاة إذا لم يكن بقصد الجزئية ، وعدم قتل المرتد الفطري ، واعتبار سهم المؤلفة قلوبهم من الأمور المتحركة حيث اتهم بموافقة عمر في هذه المسألة ، كجزء من اللعب بالألفاظ إلى غيرها من الأمور .
[ مرجعية المرحلة وغبار التغير / جعفر الشاخوري البحراني ص20 ]
وقال الشيخ جعفر الشاخوري أيضاً :
أثارت مرجعية السيد الحكيم حنق بعض المجهولين فاصدروا كتاباً بعنوان الوهابية في فتاوى الحكيم مستغلين بعض الفتاوى التي يمكن من خلالها خداع السذج من الناس والتشهير بها كقوله بعدم مبطلية التكفير وهو وضع إحدى اليدين على الأخرى كما يتعارف عند غيرنا – آهل السنة – وكذلك عدم مبطلية قول أمين بعد الفاتحة للصلاة ، وطهارة آهل الكتاب التي كانت في ذلك الوقت من الغرائب .
[ مرجعية المرحلة وغبار التغير / جعفر الشاخوري البحراني ص21 ]
وقال :
شهد العالم الشيعي حدوث بعض الحملات التشهيرية بوجه بعض الشخصيات الفكرية الكبيرة التي لم تتصد للمرجعية كالشيخ محمد جواد مغنية الذين حاولوا إضفاء لقب الشيخ الأحمر عليه نظراً لحواره مع الشيوعيين .
وكالشهيد مرتضى المطهري الذي عانى من جراء ذلك ويمكن للقارئ اقتناء كتاب أجوبة الأستاذ المطهري على كتاب مسألة الحجاب ليعرف حجم تلك الحملات ، وقد أشاعوا ان كتابه مسألة الحجاب قد أدى إلى انتشار السفور .
كما ان الخميني لاقى بدوره الكثير من الحملات القاسية قبل انتصار الثورة وبعدها من داخل الحوزة حتى قال الخميني :
ان ما قطعته هذه الفئة المتحجرة من انياط قلب أبيكم الشيخ العجوز لم تستطع أبداً ان تقطعه كل ضغوط الآخرين علي ، والمشاق التي سببوها ، ثم قال فإضافة إلى مواجهة ذلك الرصاص والمدافع كان هناك رصاص ينطلق من الجبهة الداخلية كانت هناك رصاصات المكر والتظاهر بالقدسية ، ورصاص التحجر كانت هناك رصاصات التعريض واللمز والنفاق وكانت اشد الف مرة من البارود والرصاص فهي تحرق الأكباد والقلوب وتمزقها .
[ مرجعية المرحلة وغبار التغير / جعفر الشاخوري البحراني ص22 ]
قال عبد الجبار الرفاعي :
حينما كان الخميني يدرس الفلسفة في قم أبدى البعض مواقف متصلبة لا أخلاقية إزاءه، ومن هذه المواقف كما يقول :
انه في مدرسة الفيضية تناول ابني الصغير مصطفى وعاء وشرب منه الماء فقام أحدهم وطهر الوعاء لأنني كنت ادرس الفلسفة .
[ تطور الدرس الفلسفي في الحوزة العلمية / عبد الجبار الرفاعي ص 127 ]
قال السيد نجيب نور الدين :
اتهم بعضهم الخميني بالزندقة ووصلوا إلى حد تنجيسه لانه شذ ببعض آرائه عن مشهور الطائفة .
[ مأساة كتاب المأساة / السيد نجيب نور الدين ص 69 ]
وقال الشاخوري :
في منتصف العقد الثاني من القرن الميلادي الحالي أفتى السيد هبة الدين الشهرستاني بحرمة نقل الجنائز من الأماكن البعيدة إلى النجف الأشرف ، لما يؤدي ذلك من أمراض على اثر تفسخ جثة الميت في الطريق حيث ان وسائط النقل البدائية تتطلب زمناً طويلاً لإيصال الموتى إلى النجف وبخاصة بالنسبة للاماكن البعيدة ، ومن الناحية الفقهية تعنون هذه الحالة بعنوان هتك حرمة الميت وهذا أمر لا تجيزه الشريعة المقدسة ، فقامت على اثر ذلك ضجة كبيرة تعرض أثناءها لمحاولة اغتيال فاشلة قام بها بعض العوام .
[ مرجعية المرحلة وغبار التغير / جعفر الشاخوري البحراني ص327]
يقول فضل الله :
أنني أتصور ان مشكلتي التي عشتها هي كمشكلة السيد محمد باقر الصدر الذي كان يتهم بالانحراف وكمشكلة الشيخ الذي كان يتهم بالتسنن – يعني به المحقق التستري – وكمشكلة الشيخ المفيد الذي كان يتهم بأنه ضال مضل .
[ اتجاهات واعلام حوارات فقهية في شؤون المرجعية والحركة الإسلامية / فضل الله ص 134 ]
وقال فضل الله وهو يتكلم عن الشعائر الحسينية وإنكاره على الشيعة التطبير وضرب الزناجيل :
ان ما نقوله ليس تنظيراً إنما نعمل في هذا الاتجاه ما وسعنا ذلك ولقد دفعت ضريبة تصدينا لذلك بان كفرنا البعض ، وضللنا ولكننا لسنا الوحيدين في هذا فلقد نال السيد محسن الأمين بعض ما نالنا .
[ الندوة / محمد حسين فضل الله ج9 ص 605 ]
يقول عباس الزيدي :
تعرض السيد محمد محمد صادق الصدر ، والسيد محمد حسين فضل الله ، إلى هجوم شرس من قبل الحوزة ، فقد أفتى الكثير من العلماء بضلال السيد فضل الله كالشيخ جواد التبريزي ، والشيخ الوحيد الخرساني ، والشيخ الهمداني ، … وغيرهم .
[ السفير الخامس /عباس الزيدي المياحي ص291]
يقول عباس الزيدي :
كثر الطعن على محمد باقر الصدر من قبل المرجعية في النجف حتى ان بعضهم نعته باليهودي .
[ السفير الخامس /عباس الزيدي المياحي ص357](35/60)
.
الصحابي الجليل عبد الله بن سلام وموقف قومه منه بعد ان اسلم
ان طعن الشيعة بعلمائهم ، بعد ان كانوا ممدوحين عندهم وعلى درجة عالية من الوثاقة والعلم يذكرني بالحادثة التي حصلت مع الصحابي الجليل عبد الله بن سلام مع قومه بعد ان اسلم على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث أخرج البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء ، باب خلق آدم وذريته قائلاً :
حدثنا محمد بن سلام ، أخبرنا الفزاري ، عن حميد ، عن أنس رضي الله عنه ، قال :
بلغ عبد الله بن سلام ، مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فأتاه فقال :
إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ، ما أول أشراط الساعة ، وما أول طعام يأكله أهل الجنة ، ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه ، ومن أي شيء ينزع إلى أخواله فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
خبرني بهن آنفاً جبريل فقال : عبد الله ذاك عدو اليهود من الملائكة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب .
وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت .
وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها ، قال : أشهد أنك رسول الله ثم قال :
يا رسول الله إن اليهود قوم بهت إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك فجاءت اليهود ودخل عبد الله البيت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
أي رجل فيكم عبد الله بن سلام قالوا : أعلمنا وابن أعلمنا ، وأخبرنا وابن أخبرنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أفرأيتم إن أسلم عبد الله قالوا : أعاذه الله من ذلك فخرج عبد الله إليهم فقال :
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله فقالوا :
شرنا وابن شرنا ووقعوا فيه (1).
مفارقة عجيبة
__________
(1) صحيح البخاري / محمد بن إسماعيل البخاري ج4 ص 585 كتاب الأنبياء رقم 1487 ](35/61)
حاول الإماميه إثبات ( الشهادة الثالثة ) بكل الوسائل ولكن الأدلة لم تكن تسعفهم ولم يجدوا طريقاً لإثبات ذلك إلا رواية الاحتجاج للطبرسي(1) وهذه الرواية على ضعفها ليس فيها دلالة واضحة وصريحة على مدعاهم ، بل والعجيب – ولا عجب في هذا المذهب - ان كتاب الاحتجاج هذا قد أسقطه علماء الشيعة أنفسهم(2)
__________
(1) قال السيد علي الميلاني في كتابه الشهادة بالولاية في الأذان :
وهذه الرواية - رواية الاحتجاج - يستشهد بها علماؤنا ، بل يستدلون بها في كتبهم الفقهية ، ثم ذكر نص الرواية وقال :
يبقى البحث في ناحية السند ، فروايات الاحتجاج مرسلة ، ليس لها أسانيد في الأعم الأغلب، صاحب الاحتجاج لا يذكر أسانيد رواياته في هذا الكتاب وحينئذ من الناحية العلمية لا يتمكن الفقيه ان يعتمد على مثل هكذا رواية حتى يفتي بالاستحباب .
ثم قال :
ان علماءنا قد أفتوا على طبق مفاد هذه الرواية ، وإذا كانوا قد عملوا بهذه الرواية حتى لو كانت مرسلة فعمل المشهور برواية مرسلة أو ضعيفة يكون جابراً لسند تلك الرواية، ويجعلها رواية معتبرة قابلة للاستنباط والاستدلال في الحكم الشرعي ، وهذا مسلك كثير من علمائنا وفقهائنا ، فانهم إذا رأوا عمل المشهور برواية مرسلة او ضعيفة يجعلون عملهم بها جابراً لسند تلك الرواية .
[ الشهادة بالولاية في الأذان / السيد علي الميلاني في كتابه ص 28 ]
لم يذكر الشيخ عبد الحليم العزي في كتابه الشهادة الثالثة المقدسة المتكون من 464 صفحة غير رواية الاحتجاج يستدل بها على الشهادة الثالثة حيث نقل قول صاحب الاحتجاج :
فإذا قال أحدكم لا اله إلا الله فليقل علي أمير المؤمنين.
[ الشهادة الثالثة المقدسة /الشيخ عبد الحليم العزي ص66 ]
(2) يقول محمد هادي معرفة :
تقدم اشتهار كتاب بهذا الاسم منسوب إلى الطبرسي نسبة إلى طبرس ولكن من هذا الطبرسي ؟
ذكر السيد محمد بحر العلوم في مقدمة الكتاب ستة من العلماء يحتمل انتساب الكتاب إليهم فالكتاب لم تحدد نسبته لمن .
أما الكتاب فلا يعدو مراسيل لا إسناد لها ، أكثرها تلفيقات من روايات نقلية واحتجاجات عقلية كانت العبرة بذاتها لا بالأسانيد ، ومن ثم فإن العلماء يرفضون الأخذ بها كروايات متعبد بها ، وإنما هو كلام عقلاني وإلا فلا اعتبار بكونه منقولاً ، الأمر الذي يحط من شأن الكتاب باعتبار كونه سنداً لحوادث تاريخية سالفة .
ولعله لذلك أخفى المؤلف اسمه في صدر الكتاب .
[ صيانة القران من التحريف / محمد هادي معرفة ص231 ](35/62)
، والسؤال المثار هنا ما السبب في اعتماد الشيعة على هذا الكتاب وهذه الرواية ؟
والجواب يسير وسهل على ذلك وهو ان القوم لم يجدوا للشهادة الثالثة رواية واحدة في كتبهم المعتمدة ومنها الكتب الأربعة المتقدمة وهي:
1- الكافي / محمد بن يعقوب الكليني ت 329 هـ
2- من لا يحضره الفقيه / محمد بن بابويه القمي ت 381 هـ
3- التهذيب / محمد بن الحسن الطوسي ت 460 هـ
4- الإستبصار/ محمد بن الحسن الطوسي ت 460 هـ
وكذلك في الكتب الأربعة المتأخرة وهي:
1- بحار الأنوار / محمد باقر المجلسي ت 1110هـ
2- الوافي / محمد بن المرتضى محسن الكاشاني ت 1090هـ
3- وسائل الشيعة / محمد بن الحسن الحر العاملي ت 1104هـ
4- مستدرك الوسائل / حسين النوري الطبرسي ت 1320هـ
وهذه الموسوعات(1)
__________
(1) قال الفيض الكاشاني :
إن مدار الأحكام الشرعية اليوم على هذه الأصول الأربعة وهي المشهود عليها بالصحة من مؤلفيها .
[ الوافي / الفيض الكاشاني ج1 ص 11 ]
قال الشهيد الثاني :
سيما كتب الحديث الأربعة التي هي عماد الدين ، وأساس دعائم الإسلام ، وهي الكافي، والفقيه ، والتهذيب ، والاستبصار .
[ الكليني والكافي / الدكتور الشيخ عبد الرسول عبد الحسن الغفار ص 415-420]
قال السيد حسين بحر العلوم :
ان الاجتهاد لدى الشيعة مرتكز على الكتب الأربعة ، الكافي للكليني ، ومن لا يحضره الفقيه للصدوق ، والتهذيب ، والاستبصار للطوسي ، وهي من الأصول المسلمة كالصحاح الستة لدى العامة .
[ مقدمة تلخيص الشافي لشيخ الطائفة الطوسي/ حسين بحر العلوم ص 29 ]
يقول مرتضى مطهري :
ان أهم مصادرنا المقدسة بعد القران في الحديث هي الكتب الأربعة وهي الكافي ، ومن لا يحضره الفقيه ، والتهذيب ، والاستبصار .
[ معرفة القران / مرتضى مطهري ص 19 ]
قال محمد جواد مغنية :
وعند الشيعة الإمامية كتب أربعة للمحمدين الثلاثة :
محمد الكليني ، ومحمد الصدوق ، ومحمد الطوسي ، وهي : الاستبصار ، ومن لا يحضره الفقيه ، والكافي ، والتهذيب ، وهذه الكتب عند الشيعة تشبه الصحاح عند السنة.
[ كتاب الوحدة الإسلامية / مقال لمحمد جواد مغنية ص 261 ]
قال محمد صالح الحائري :
واما صحاح الإمامية فهي ثمانية ، أربعة منها للمحمدين الثلاثة الأوائل ، وثلاثة بعدها للمحمدين الثلاثة الأواخر ، وثامنهم لمحمد الحسين المرحوم المعاصر النوري .
[ كتاب الوحدة الإسلامية / مقال باسم منهاج عملي للتقريب – محمد صالح الحائري ص233 ](35/63)
جمعت معظم كتب الأمامية وأحاديثهم ، ولكنها مع ذلك كانت خالية من الشهادة الثالثة فلذلك كله لجؤوا إلى كتاب الاحتجاج لعلهم يقنعون به الأتباع.
وقفة مع الميلاني وكتابه الشهادة بالولاية في الأذان
بين يدي كتاب للسيد علي الحسيني الميلاني يحمل عنوان الشهادة بالولاية في الأذان صادر عن مركز الأبحاث العقائدية في قم ، وقد سار الرجل على خطى أسلافه في الاستدلال على هذه المسألة برواية الاحتجاج وقد تقدم الكلام عن هذه الرواية والكتاب الذي حواها ولكن الشيء الجديد في هذا الكتاب هو ان الميلاني لما رأى تهافت وضعف أدلته ، وبعد ان أعلن إفلاسه من كتب الشيعة وعدم استطاعته من أيجاد ولو رواية واحدة تعضد رأيه راح يبحث في كتب السنة – وكأن كتب أهل السنة مصدر من مصادر التشريع عند الشيعة - لعله يجد ضالته فيها ويجد مخرجاً يقنع فيه أتباعه ولكنه خرج من مطب ليقع في مطب آخر حيث استدل بخبرين من كتب أهل السنة-حسب ادعائه- حاول بهما إثبات الشهادة الثالثة ، فقال :
في بعض كتب أصحابنا ، عن كتاب السلافة في أمر الخلافة للشيخ عبد الله المراغي المصري ، ثم ذكر نص الخبرين …… .
ولكنه باستدلاله بهذين الخبرين يظهر انه قد شعر بضعف ذلك الاستدلال وتهافته ، وخجله من إيراده فقال :
إن تسألوني عن رأيي في هذا الكتاب أو في هذين الخبرين ، فإني لا يمكنني الجزم بصحة هذين الخبرين ، لأنني بعد لم أعرف هذا الكتاب ، ولم أطلع على سند هذين الخبرين ، ولم أعرف بعد مؤلف هذا الكتاب ، إلا إنني مع ذلك لا يجوز لي أن أكذب، لاُفتي على طبق هذين الخبرين ، ولكنني أيضاً لا أُكذب هذين الخبرين(1) .
فانظر إلى هذا الاستدلال المتهافت والتبرير الغريب ، فالسيد يقول :
أنه لم يعرف الكتاب .
__________
(1) الشهادة بالولاية في الأذان / السيد علي الحسني الميلاني ص26 إصدار مركز الأبحاث العقائدية - قم ] [ محاظرات في الاعتقادات / السيد علي الحسني الميلاني ج2 ص 659 ](35/64)
ولم يطلع على سند الخبرين .
ولم يعرف مؤلف الكتاب .
ولا يعرف كذلك أسم الكتب التي نقل منها هذين الخبرين ، لأنه قال في بعض كتب أصحابنا .
لكنه مع كل ذلك لا يتمكن من تكذيب الخبرين .
فأقول :
أي استدلال هذا ! وأي إصرار ! على إثبات أمر لم يرد في شرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولأي شيء تريد أن تثبت هذا الحكم عن طريق كتب أهل السنة وهو من خصوصيات مذهبك ؟ لولا أنك لم تجد له رواية واحدة في موسوعاتك الحديثية التي تعد بمئات المجلدات ، حيث أن بحار الأنوار لوحده بلغت عدد مجلداته 110 مجلداً .
وأقول للسيد الميلاني لماذا لا تستطيع تكذيب الخبرين ؟
في الوقت الذي كذب وطرح علماء الشيعة بدون أي دليل أكثر من ألف حديث متواتر في تحريف القرآن ، وقد اعتبر عدد من علماء الشيعة هذه الأحاديث بانها أحاديث متواترة ومستفيضة .
حيث ان الأخبار الدالة على التحريف في كتب الشيعة تزيد على ألف حديث ، وقد جمعها خاتمة المحدثين الشيخ النوري الطبرسي في كتابه فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب فبلغت ( 1122 ) حديثاً .
بل ان نعمة الله الجزائري أوصلها إلى الفي حديث .
كبار علماء الشيعة يقولون أن روايات تحريف القران متواترة ومستفيضة
ما دام ان الشيء بالشيء يذكر احب ان اذكر هنا في هذه العجالة عدداً من علماء الشيعة الإمامية الذين قالوا بتواتر واستفاضة روايات التحريف في كتبهم المعتبرة .
أبو القاسم الخوئي في كتابه البيان : قال :
إن كثرة الروايات على وقوع التحريف في القرآن تورث القطع بصدور بعضها عن المعصومين ولا أقل من الاطمئنان لذلك وفيها ما روي بطريق معتبر(1) .
2- الشيخ المفيد : قال :
__________
(1) البيان في تفسير القران / أبو القاسم الخوئي ص226 ](35/65)
إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد - صلى الله عليه وسلم - باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان(1) .
3-أبو الحسن العاملي : قال :
أعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها إن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء من التغييرات وأسقط الذين جمعوه بعده كثيراً من الكلمات والآيات(2) .
وقال أيضاً :
إن الآحاد التي احتج به الشيخ في كتبه وأوجب العمل عليها في كثير من مسائله الخلافية ليست بأقوى من هذه الأخبار لا سنداً ولا دلالة ، على إنه من الواضحات البينة ان هذه الأخبار متواترة معنى مقترنة بقرائن قوية موجبة العلم العادي بوقوع التغيير(3).
وقال وهو يرد على السيد المرتضى :
ومن أعجب الغرائب ان السيد حكم في مثل هذا الخيال الضعيف الظاهر خلافه بكونه مقطوع الصحة حيث إنه كان موافقاً لمطلوبه واستضعف الأخبار التي وصلت فوق الاستفاضة عندنا …(4)
وقال أيضاً :
فإنهم ما غيروا إلا عند نسخهم القرآن فالمحرف إنما هو ما أظهروه لأتباعهم ، والعجب من مثل السيد أن يتمسك بأمثال هذه الأشياء التي هي محض الاستبعاد بالتخيلات في مقابل متواتر الروايات فتدبر(5) .
4-نعمة الله الجزائري : قال :
__________
(1) أوائل المقالات / الشيخ المفيد ص91 ]
(2) مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار/ أبو الحسن العاملي ص 36 ]
(3) مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار / أبو الحسن العاملي ص 50 ]
(4) مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار / أبو الحسن العاملي ص 51 ]
(5) مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار / أبو الحسن العاملي ص51 ](35/66)
إن تسليم تواتره عن الوحي الإلهي ، وكون الكل قد نزل به الروح الأمين ، يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة ، بل المتواترة ، الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن ، كلاماً ، ومادةً ، وإعراباً ، مع ان أصحابنا قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها(1).
وذكر في كتابه منبع الحياة :
ان الأخبار المستفيضة بل المتواترة قد دلت على وقوع الزيادة ، والنقصان ، والتحريف في القران(2).
وقال في الأنوار النعمانية :
ان الأصحاب قد أطبقوا على صحة الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القران(3).
وقال الجزائري في كتابه نور البراهين :
روى أصحابنا ومشايخنا في كتب الأصول من الحديث وغيرها أخباراً كثيرة بلغت حد التواتر في ان القرآن قد عرض له التحريف وكثير من النقصان وبعض الزيادة(4).
وقال أيضاً في شرح الصحيفة السجادية :
وأخبارنا متواترة بوقوع التحريف والسقط منه بحيث لا يسعنا إنكاره ، والعجب العجيب من الصدوق ، وأمين الإسلام الطبرسي ، والمرتضى في بعض كتبه كيف أنكروه وزعموا ان ما أنزله الله تعالى هو هذا المكتوب مع ان فيه رد متواتر الأخبار(5) .
5-محمد باقر المجلسي : قال :
في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال :
إن القرآن الذي جاء به جبرائيل - عليه السلام - على محمد - صلى الله عليه وسلم - سبعة عشر ألف آية ، قال عن هذا الحديث :
موثق ، وفي بعض النسخ عن هشام بن سالم موضع هارون بن سالم فالخبر صحيح .
__________
(1) الأنوار النعمانية / نعمة الله الجزائري ج2 ص357 ]
(2) منبع الحياة / نعمة الله الجزائري ص68 ]
(3) الأنوار النعمانية / نعمة الله الجزائري ج2 ص358 ][ فصل الخطاب/النوري الطبرسي ص31 ]
(4) نور البراهين / نعمة الله الجزائري ج1 ص526 ]
(5) شرح الصحيفة السجادية / نعمة الله الجزائري ص 43 ](35/67)
ولا يخفى إن هذا الخبر وكثيراً من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره وعندي ان الأخبار في هذا الباب متواترة معنى ، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأساً بل ظني إن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الإمامة فكيف يثبتونها بالخبر(1)(2) .
6-سلطان محمد الجنابذي : قال :
اعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأطهار بوقوع الزيادة والنقيصة والتحريف والتغيير فيه بحيث لا يكاد يقع شك(3) .
7-العلامة الحجة السيد عدنان البحراني:
قال : الأخبار التي لا تحصى - أي أخبار التحريف - كثيرة وقد تجاوزت حد التواتر ولا في نقلها كثير فائدة بعد شيوع القول بالتحريف والتغيير(4) .
8-العلامة المحدث يوسف البحراني :
بعد أن ذكر الأخبار الدالة على تحريف القرآن في نظره قال :
__________
(1) مرآة العقول / محمد باقر المجلسي ج 12ص 525 ]
(2) قال صاحب الشافي في شرح اصول الكافي الحديث موثق]
[ الشافي في شرح أصول الكافي / عبد الحسين المظفر ج7 ص227]
أقول :
هنا لابد من وقفة طويلة أمام هذا الكلام الدقيق والخطير جداً في الوقت نفسه إذ بين المجلسي أمراً بالغ الأهمية والخطورة ربما يكون خافياً على كثير من الناس ، وهو حقيقة أخبار التحريف الواردة في ثنايا كتب المذهب وإنها قد بلغت مبلغاً – من حيث الكم والكيف – جعل ردها مسوغاً لرد الكثير من العقائد الشيعية وعلى رأسها الإمامة لانها ثبتت بأخبار هي من جنس وصفة هذه الأخبار المثبتة للتحريف ، فلا فرق بين أخبار الإمامة وأخبار التحريف ، وهذا أمر مشاهد محسوس لمن قارن بين تلكم الأخبار ، وهذه الحقيقة كان لابد من إبرازها والتنويه عليها هنا .
(3) تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة / سلطان محمد الجنابذي ص19 ]
(4) مشارق الشموس الدرية / عدنان البحراني منشورات المكتبة العدنانية البحرين ص126 ](35/68)
لا يخفى ما في هذه الأخبار من الدلالة الصريحة والمقالة الفصيحة على ما اخترناه ووضوح ما قلناه ولو تطرق الطعن إلى هذه الأخبار على كثرتها وانتشارها لأمكن الطعن إلى أخبار الشريعة كلها كما لا يخفى إذ الأصول واحدة وكذا الطرق ، والرواة، والمشايخ ، والنقلة(1).
9-النوري الطبرسي :
ناقلاً كلام الجزائري :
إن الأخبار الدالة – على التحريف - تزيد على ألفي حديث وادعى استفاضتها جماعة كالمفيد والمحقق الداماد ، والعلامة المجلسي ، وغيرهم ، بل الشيخ الطوسي صرح في التبيان بكثرتها بل ادعى تواترها جماعة .
وأضاف قائلاً : واعلم ان تلك الأخبار منقولة من الكتب المعتبرة التي عليها معول أصحابنا في إثبات الأحكام الشرعية والآثار النبوية(2).
وقال النوري أيضاً :
ان ملاحظة السند في تلك الأخبار الكثيرة توجب سد باب التواتر المعنوي فيها بل هو أشبه بالوسواس الذي ينبغي الاستعاذة منه(3) .
10- حبيب الله الخوئي : قال :
والإنصاف ان القول بعدم النقص فيه مما يمكن إنكاره بعد ملاحظة الأدلة والأخبار التي قدمناها فإنها بلغت حد التواتر مضافاً إلى ورود الأمة على الحوض ، وقولهم بعد سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - عنهم كيف خلفتموني في الثقلين : أما الأكبر فحرفناه (فبدلناه) وأما الأصغر فقتلناه . وهذه الأخبار أيضاً متواترة ومع التنزل عن بلوغها حد التواتر نقول:
__________
(1) الدرر النجفية / يوسف البحراني مؤسسة آل البيت لإحياء التراث ص298 ]
(2) فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب / النوري ص 227 ]
(3) فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب / النوري ص 124 ](35/69)
إنه بانضمامها إلى الإخبار الأول لا محالة أن تكون متواترة مفيدة للعلم بثبوت النقصان ، إذ لو كان القرآن الموجود بين أيدينا اليوم بعينه القرآن المنزل من السماء من دون أن يكون فيه تحريف أو نقصان فأي داعي كان لهم على الطبخ والإحراق الذي صار من أعظم المطاعن عليهم(1).
11- السيد محمد اللكنوي : قال :
ان القول بعدم تحريف القران ظاهر الفساد لان الروايات التي تدل على التحريف بلغت حد التواتر(2).
12-العلامة الكبير محمد صالح المازندراني : قال :
وإسقاط بعض القران وتحريفه ثبت من طرقنا بالتواتر كما ظهر لمن تأمل في كتب الحديث من أولها إلى أخرها .
ويقول أيضاً : ان القران الموجود بين أيدينا ستة آلاف وخمسمائة في حين أن آياته عن أهل البيت سبعة عشر آلف آية والباقي مما سقط بالتحريف(3).
13- الحر العاملي :
قال بعد ان روى ثلاثة أحاديث عن تفسير العياشي :
هذه الأحاديث وامثالها دالة على ان النص على الأئمة - عليه السلام - وكذا التصريح باسمائهم ، وقد تواترت الأخبار بان القران نقص منه كثير وسقط منه آيات لم تكتب ، وبعضهم يحمل تلك الأخبار على ان ما نقص وسقط كان تأويلاً نزل مع التنزيل ، وبعضهم على انه وحي لا قران ، وعلى كل حال فهو حجة في النص ، وتلك الأخبار متواترة من طريق العامة والخاصة(4) .
14-عبد الله شبر : قال :
__________
(1) منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة / حبيب الله الخوئي ج 2ص 219 ]
(2) ضربت حيدري / محمد اللكنوي ج2 ص78 ]
(3) شرح الكافي / محمد صالح المازندراني ج11 ص 76 ]
(4) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات / الحر العاملي ج3 ص 43 ](35/70)
ان القران الذي انزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - اكثر مما في أيدينا اليوم وقد اسقط منه شيء كثير ، كما دلت عليه الأخبار المتضافرة التي كادت ان تكون متواترة ، وقد أوضحنا ذلك في كتابنا منية المحصلين في حقية طريق المجتهدين(1).
15 – محمد مهدي النراقي : قال :
ان النقص واقع في القران ، بمعنى انه قد سقط منه شيء وان لم يعلم موضعه بخصوصه ، لدلالة الأخبار الكثيرة ، والقرائن المذكورة عليه من غير معارض(2) .
فهذه هي أقوال علماء الشيعة في تواتر واستفاضة روايات التحريف وقد صرح بعض علمائهم بأن الأمامية مجمعون على أن القران محرف وناقص(3).
قال محمد هادي معرفة في كتابه صيانة القران من التحريف تحت عنوان ألف حديث وحديث :
ان ما جمعه النوري من روايات بشأن مسألة التحريف تربو على الألف ومائة حديث (1122 ) بالضبط (4) .
القول بتحريف القران من ضروريات مذهب الشيعة
وقال كبار من علماء الشيعة بان القول بتحريف ونقصان القران هو من ضروريات مذهب الشيعة وأهل قم أدرى بشعابها .
قال العلامة أبو الحسن العاملي :
وعندي في وضوح صحة هذا القول – أي تحريف القران وتغييره – بعد تتبع الأخبار وتفحص الآثار ، بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع وانه من اكبر مقاصد غصب الخلافة(5) .
ويقرر العلامة الحجة السيد عدنان البحراني :
ان القول بالتحريف من ضروريات مذهبهم(6).
__________
(1) التحقيق في نفي التحريف / السيد علي الميلاني ص 116 ] [ مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار / عبد الله شبر ج2 ص 294 – 295 ]
(2) التحقيق في نفي التحريف / السيد علي الميلاني ص 113 ] [ منهاج الأحكام / محمد مهدي النراقي مبحث حجية ظواهر الكتاب ]
(3) مشارق الشموس الدرية / عدنان البحراني ص126 ]
(4) صيانة القران من التحريف / محمد هادي معرفة ص 239]
(5) مرآة الأنوار / أبو الحسن الشريف ص 49 ]
(6) مشارق الشموس الدرية / عدنان البحراني ص126 ](35/71)
وقال المفيد :
ان الأمامية اتفقوا على أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -(1).
ولو أردنا الكلام عن تحريف القران في كتب الشيعة لطال بنا المقام فالحديث ذو شجون ولخرجنا عما نحن بصدده ، فللحديث عن التحريف محل أخر(2).
ولكن ما أريد قوله هنا ان علماء الشيعة حاولوا طرح كل هذه الروايات المتواترة والمستفيضة في التحريف من أجل سد باب الطعن على المذهب من قبل أتباعه قبل مخالفيه ، فما معنى ترك هذا الكم الهائل من الروايات الدالة على التحريف بغير دليل أو حجة ، مع عدم وجود رواية واحدة عن الأئمة – في مقابل ذلك - تقول ان القران الذي بين أيدينا كامل ولم يتطرق إليه النقص والتحريف فهذه موسوعات الأمامية فارجع إليها فانك لن تجد مثل هذا الحديث .
أقول :
وما هو التبرير المنطقي لترك أكثر من ألف رواية والتمسك برواية واحدة هي رواية الأحتجاج أفتونا مأجورين(3)
__________
(1) أوائل المقالات / الشيخ المفيد ص48 - 49 ]
(2) راجع كتابنا فصل الخطاب في إثبات تحريف الكتاب عند الشيعة الإمامية .
(3) على الرغم من عدم وجود أي دليل على الشهادة الثالثة فان الجرأة قد بلغت ببعض الفقهاء ان يقولوا :
بالجزئية الواجبة ، أي لو تركت هذه الشهادة في الأذان عمداً ، لم يثب المؤذن على آذانه أصلاً ولم يطع الأمر بالأذان .
[ الشهادة بالولاية في الأذان / علي الحسيني الميلاني ص8 ]
قال الشيخ عبد الحليم الغزي :
ان الشيخ عبد الجليل القزويني في كتابه النقض وهو كتاب باللغة الفارسية حيث نقل صاحب رسالة كلمات الإعلام بعضاً من كلامه ما مؤداه :
( ان الشهادة الثالثة بدعة ، والاعتقاد بها معصية ، وان قائلها ملعون مغضوب عليه ) .
فقال الغزي : وتشنيع هذا الشيخ ان كان على من اعتقد الجزئية فإننا قد نجد له عذراً في ذلك وان كانت هناك طائفة من أجلة علمائنا لم يستبعدوا الجزئية وبعضهم صرح بها .
واما ان كان تشنيعه على من قال بها مطلقاً دون اعتقاد الجزئية فهو كلام مرفوض من اصله ولا نعبأ به ولا بقائله ولا بكل من قال به حياً كان أم ميتاً … .
[ الشهادة الثالثة المقدسة / الشيخ عبد الحليم الغزي ص 89]
وذكر الشيخ أيضا :
ان عدداً من علماء الشيعة من استقرب كون الشهادة الثالثة جزءاً واقعياً من أجزاء الأذان والإقامة ولكن التقية ، والظروف المختلفة ، والملابسات المحيطة بالمعصومين ، هي التي حالت دون تبليغها ، وإظهار تشريعها ، وبيان جزئيتها ، في جملة الأجزاء الواقعية والفصول الأصلية للأذان والإقامة ومنهم : فعد منهم خمسة من العلماء .
وذكر أسماء العلماء الذين يعتقدون بجزئيتها الواجبة وإنها كسائر فصول الأذان والإقامة الأصلية ، وذكر منهم السيد الفقيه عبد النبي العراقي ، وقال :
لكنه لم يفت بالوجوب والجزئية الواجبة ، وانما أفتى بالجزئية الندبية لدعوى الشهرة على خلاف ذلك وان كان يقوى في نفسه الوجوب كما يظهر من عباراته .
وقال أيضاً :
ألف تلميذ الشيخ عبد النبي العراقي الشيخ حسين آل طاهر الخميني رسالة قرر فيها بحثه الخارج في الفقه في مسألة الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة وقد سماها ( رسالة الهداية في كون الشهادة بالولاية في الأذان والإقامة جزءاً كسائر الأجزاء ) .
وصل الحد بأحد العلماء الذين ذكرهم الشيخ عبد الحليم ان اتهم النبي- صلى الله عليه وسلم - بانه لم يذكرها تقية، وهو السيد إبراهيم الاصطهباتي النجفي حيث قال انه :
يعتقد الجزئية واقعاً ولكن الظروف لم تساعد النبي- صلى الله عليه وسلم - على إعلام الأمة بها .
[ الشهادة الثالثة المقدسة / الشيخ عبد الحليم الغزي ص 103 - 105](35/72)
؟
الفصل السادس
ألفاظ الأذان جامعة مانعة
لا تقبل الزيادة أو النقصان
مما لا شك فيه ان ثمة فرقا واضحا بين قولنا :
الحكمة من هذا الحكم وبين قولنا :
العلة لهذا الحكم وإذا كان الناس قد تنازعوا في المعنى الثاني وفي جواز إطلاق القول بان أحكام الإله معللة أم لا ، فان الناس قد اتفقوا على ان للأحكام أسراراً وحكما قد علمها من علمها وجهلها من جهلها ، ولما كان الأذان أحد تلكم الشعائر العظيمة في هذا الدين فقد أحببت هنا ان اقف بك أيها القارئ العزيز عند بعض الحكم التي يمكن ان نتلمسها من وراء ألفاظ الأذان فأقول :
إن الرب ـ جل وعلا ـ حكيم .
وشرع الحكيم ـ بلا شك ـ حكيم .
ولا بد أن يكون لكل أمر من أوامره ـ قولاً أو عملاً ـ حكمةً وسراً يتناسب مع الزمان والمكان والحال ، علمه من علمه وجهله من جهله !
وشعائر الدين لا نقص فيها فتحتاج إلى زيادة وتكميل ، ولا زيادة فتحتاج إلى تهذيب وتقليل
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } (المائدة / 3)
والأذان أحد شعائر هذا الشرع الحكيم . كل كلمة من كلماته مختارة بدقة وحكمة . وفيها سر يتناسب مع الزمان والمكان والحال .
يبدأ الأذان بطرق السمع فجأة بقول المؤذن :
(( الله أكبر، الله أكبر ))
لا يخلو الإنسان من عمل يؤديه أو شاغل يشغله ، وقد يكون مستغرقاً في نوم لذيذ، فإذا بصوت المؤذن يفاجئه ويطرق سمعه طرقاً (( الله أكبر، الله أكبر )) الله أكبر من كل شيء يشغلك ، مما يكبر في نفسك أو يعز عليك !
نعم : الله أكبر فتهتز المشاعر المؤمنة وتتهيأ النفوس المطمئنة وبينما هو في ذلك يردد هاتين الكلمتين ( الله أكبر ، الله أكبر ) يأتيه الصوت ثانية بالكلمات نفسها ليؤكد المعنى ويحرك المشاعر والنفوس مرة أخرى .
إن أروع ما في هذا الصوت وهذا النداء إنه يطرق السمع بلا استئذان ويدخل فجأة بلا مقدمات أو توسلات !(35/73)
إنه الحق ولا أحق من الحق وهذه الحقيقة ، ولا أكبر من الله الكبير !
وإنه الواجب المفروض بل هو أوجب الواجبات وأفرض الفرائض تدعى إليه بلا إطالة ولا مواريه . إن الأمر جد ولا يحتاج إلى مطاولة أو مجاملة .
(( أشهد أن لا إله إلا الله ))
والإله : هو الرب تآلهه القلوب أي تحبه وتتعلق به دون غيره فتطيعه وتعبده .
إنه الآمر المطاع والرب المعبود فلا يجمل بعبد يسمع نداء الرب فلا يستجيب، ويتلقى أمره فلا يطيع ! بل يظل في شواغله واهتماماته وعلائقه !
ويأتيه النداء ثانية ( أشهد أن محمداً رسول الله ) ليؤكد المعنى ويثير كوامن الإيمان في النفس مرة أُخرى .
وللرب في كل وقت . على عبده عمل يناسبه يعبر به العبد عن طاعته له وعلاقته وتعلقه . فما هو العمل المطلوب ؟
ماذا تريد مني ـ أنا العبد ـ أيها الرب الجليل المطاع ؟
وهنا يأتي النداء :
(( أشهد أن محمداً رسول الله ))
إن لكل عمل مشروع ـ ولا بد ـ شرطين :
1ـ أن يكون لله وحده .
2 ـ أن يكون طبقاً لسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - المتعلقة بذلك العمل بما شرع الله لا بالأهواء أو البدع .
وقد مر الشرط الأول في الشطر الأول من الشهادة وهذا هو الشرط الثاني .
أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - هو الرسول المتبوع . وقد كان يلبي النداء ويسارع في الأداء وهو القائل :
( إن أحب العمل إلى الله الصلاة على وقتها أو حين النداء الأول )
والقائل - صلى الله عليه وسلم - :
( صلوا كما رأيتموني أُصلي )
هذه المعاني وغيرها تتداعى وأنت تسمع هذا الشطر من النداء الذي يتكرر مرتين إثارة وتأكيداً .
لقد كملت شروط العمل وأسبابه ومثيراته ودوافعه، ولم يبق إلا أن يفصح المنادي عن العمل المطلوب فيأتي النداء (حي على الصلاة ، حي على الصلاة )
إنها الصلاة !
لقد جاء الأمر بلفظ ( حي ) تعبيراً عن الحياة . إنك تدعى إلى ما تحيي به قلبك وروحك .(35/74)
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } (الأنفال:24)
وبما أن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء لذلك لا يردد السامع كلمات النداء نفسها كما هو الشأن في بقية الأذان وإنما يقول :
( لا حول ولا قوة إلا بالله )
أنه يتوجه إلى الله ـ جل وعلا ـ الذي (( يحول بين المرء وقلبه )) أن يمنحه القوة ويحوله إلى أحسن حال وينقله إلى أداء هذا العمل حيث ينبغي أن يؤدى .
ولا يكتفي المنادي بذكر المطلوب دون أن يرغب فيه بما لا مزيد عليه فيقول :
(( حي على الفلاح حي على الفلاح ))
فالصلاة هي الفلاح والفوز والظفر .
إن من استجاب للنداء كان الفلاح أي الجنة نصيبه .
ومن ترك الصلاة فلا فلاح ولا جنة فالفلاح والصلاة قرينان لا يفترقان .
والفلاح نهاية . والبداية طاعة الله ورسوله .
وأعظم ما يطاع الله به ورسوله الصلاة كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - :
(( الصلاة عمود الدين من أقامها أقام الدين ومن هدمها هدم الدين ))
والله يطاع بالتوحيد والرسول يطاع بالإتباع فجاء تسلسل الكلام مترابطاً وثيقاً حكيماً . ابتدأ بالتوحيد وثنى بالإتباع وثلث بالدعوة إلى الصلاة لينتهي بالفلاح ولا شيء بعد الفلاح كما قال تعالى :
{ الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون } (البقرة / 1-4 )(35/75)
فيكون مضمون الأذان ـ إلى هذا الحد ـ قد انتهى وما بقي الآ أن يختم كما يختم على الجواهر الثمينة فجاء الختام بقوله :
( الله أكبر ، الله أكبر ) ( لا اله إلا الله ) . إعادة مختصرة لما جاء في أوله وتذكيراً أخيراً للسامع الذي لم يتهيأ أو يتحرك بعد ، وأن الله تعالى أكبر من كل شيء يشغله وإن الانشغال والتعلق والتأله ينبغي أن يكون لله .
والكلام إذا أُريد له أن يعاد ينبغي أن يختصر مراعاة للبلاغة وذلك لدلالة ما قبله عليه وإلا كان تطويلاً في غير موضعه .
فجاءت خاتمة الأذان مختصرة إلى النصف فالتكبيرات الأربع صارت اثنتين . والشهادة التي كررت مرتين اُختصرت واحدة ولا داعي لإعادة باقي الكلام وإلا صار التكرار مملاً خارجاً عن الذوق وضعفت قوة كلام الداعي وصار كلامه أشبه بالاستعطاف منه بالأمر الإلهي.
وعلى هذا الأساس تكون الزيادات التي أضيفت إلى الأذان مما يخل به ويخرجه عن جلاله وجماله ويشير إلى نقصه وعدم كماله لأن البناء الكامل لا يحتاج إلى زيادة .
فالروعة الكامنة (( في فجائية الابتداء بالتكبير)) دون مقدمات ومناسبتها لحال السامع تتبخر تماماً إذا ما أخر التكبير وابتدأ بأي كلام آخر حتى لو كان قرآناً فإن لكل مقام مقالاً . والشهادة لعلي بالولاية لا تضيف للنداء بالصلاة معنى مناسباً له بعد التكبير الذي يقطع السامع عما يشغله ، وشهادة التوحيد التي تعلقه بالله وحده وهو الأصل، والشهادة بالرسالة التي تجعل العمل طبقاً لما جاء به الرسول- صلى الله عليه وسلم - ثم أفصح المنادي عن المطلوب وهو الصلاة التي هي الفلاح الذي هو الغاية أو النهاية فلم يبق بعد شيء يمكن أن يضاف .
فما وجه النداء بالولاية لعلي أو غيره وصلته أو مناسبته للصلاة ، والصلاة غير متوقفة عليه كما هي متوقفة على الرب المعبود أو الرسول المتبوع !
وأما ( حي على خير العمل ) فمعنى زائد لا داعي له بعد ( الفلاح )(35/76)
وأما تكرير التكبيرة الأخيرة فمناف للذوق والبلاغة فالحال تقتضي الاختصار، والاختصار ينبغي أن يكون فيه تناسب وتناسق وهذا يعني أن اللفظ الذي كرر مرتين ينبغي أن يعاد مرة واحدة تناسباً وتناسقاً مع اختصار الرباعي إلى اثنين ، فيكون القانون الساري واحداً وهو اختصار الألفاظ إلى النصف وإلا وقع التنافر وصار الأمر بلا قانون وخرج عن التناسب والتناسق والذوق والبلاغة .
وإما (( الصلاة خير من النوم )) مرتان في النداء الأول لصلاة الصبح فمتناسب جداً مع الحال ومتطابق مع أصول البلاغة التي تقضي بمناسبة المقال لمقتضى الحال .
إن أغلب المصلين في هذا الوقت نيام ، وللنوم سلطان على النفوس ليس من اليسير منازعته فتحتاج الحال إلى محفز خاص لا تحتاجه في بقية الأوقات وهو (( الصلاة خير من النوم )) وتستطيع أن تقارن هذا ومناسبته لنداء الصبح مع إضافة (( أشهد أن علياً ولي الله )) التي لا تعطي أي معنى مناسب فهي محض زيادة بلا فائدة وذلك مناقض للشرع الحكيم !
والحمد لله على دين يأسر العقول والقلوب معاً والشكر له ان جعلنا مسلمين .
سنن وأذكار في الأذان تركت
قد وردت بعض السنن المتعلقة بالأذان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته في عدد من الروايات الصحيحة ، ولكن الشيعة تمسكوا بألفاظ لم تذكر كالشهادة الثالثة وتركوا سنناً أكدت وحثت عليها روايات أهل البيت كثيراً ، ورغم ذلك لا نجد لها اليوم ذكراً فقد هجروها ولم يهتموا بذكرها مطلقاً ومن هذه السنن .
أولاً : عبارة الصلاة خير من النوم
وردت عبارة الصلاة خير من النوم في كثير من روايات ألائمة وكان الإمام الباقر ينادي في بيته الصلاة خير من النوم ويذكر ذلك عن أبيه زين العابدين الإمام السجاد، واقر بها بعض علماء الشيعة ، فكانت سنة صحيحة على زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وزمن ألائمه وستجد إنشاء الله كل ذلك في كتابنا الصلاة خير من النوم حقيقة أم اتهام .(35/77)
ثانياً : دعاء الوسيلة بعد الأذان
لقد جاء الشيعة بالشهادة الثالثة في الأذان مع خلو المصادر المعتمدة في النقل عن الأئمة من ذكرها فهي لا أصل لها ، ولكنهم مع هذا تمسكوا بها وتركوا سنناً مؤكدة ورد ذكرها في الكتب المعتمدة عندهم عن الأئمة فجاؤوا ببدعة وتركوا سنة فخسروا الفضل والأجر ، مع الإثم والوزر .
فدعاء الوسيلة الذي يذكر بعد الانتهاء من الأذان والوارد بأحاديث صحيحة لا نجد له اليوم ذكراً في مساجدهم أو إذاعاتهم التي يرفع فيها الأذان كل يوم ثلاث مرات (1)
__________
(1) خالف الشيعة جمهور المسلمين ، في عدة مسائل ذات صلة بالأذان ، منها ان المساجد لا تؤذن ولا تفتح إلا في الأوقات الثلاثة الفجر ، والظهر ، والمغرب ، ويجمع الشيعة في وقت واحد صلاة الظهر مع العصر ، وصلاة المغرب مع العشاء .
فلو سأل الشيعي نفسه كم مرة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي يومياً ؟ وكم مرة كان علي رضي الله عنه يصلي ويرفع الأذان من مسجده في الكوفة ، أو مآذن الدولة المترامية الأطراف التي كان يحكمها أو التي كان يحكمها من قبله إخوته الخلفاء الراشدون ويأتي الجواب المتفق عليه دائماً :
انهم كانوا يصلون ويؤذنون خمس مرات في خمسة أوقات متفرقات .
وان من المجمع عليه بين المسلمين ان النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الصلوات الخمس في خمسة أوقات ، وان الأذان كان يرفع من مسجده خمس مرات لا ثلاثا ، ولم يكن يصلي ثلاث مرات الا في حالات استثنائية كالسفر ، والمرض ، والمطر ، والبرد الشديد ، أو تشريعاً لامته عند الحرج ، أما القاعدة العامة ، والقانون المطرد في صلاته - صلى الله عليه وسلم - وأذانه فخمس مرات ، ونحن مأمورون شرعاً باتباعه والاقتداء بسنته وهو القائل ( صلوا كما رأيتموني اصلي ) .
وليس من الاتباع ان نعكس تطبيق أفعاله فنجمع الصلوات من دون عذر ونقول : جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - لسبب فنكون كالذي يستبيح أكل الميتة دوما محتجا بجوازه عند الاضطرار .
ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى ثلاثة وعشرين عاماً اكثر من ثلاثين الف صلاة مكتوبة ، وفي المدينة وحدها صلى ما يقارب عشرين الف صلاة في أوقاتها التي حددها الله لا يجمع بينها الا إذا كان في سفر أو مرض أو ما شابهها من عذر ، فهل يصح شرعاً ويستقيم عقلاً ان نتحجج أو نتعلل بحديث واحد ورد فيه ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع مرة - ولنفرض انه جمع من غير عذر البتة – كي نقلب الأمر الذي كان عليه - صلى الله عليه وسلم - حياته كلها لنجعل من هذه المرة الواحدة حالة مستديمة لحياتنا كلها ؟!
الا نفكر في السبب الذي من اجله كان ذلك الجمع تلك المرة ؟! لنوفق بين هذا الحديث وغيره من الأحاديث والأمر أمر عمل هو اعظم أعمال الدين على الإطلاق !
تأمل هذا التوقيت المفصل الذي ورد في نهج البلاغة ج3 ص 82 من كتاب لعلي رضي الله عنه إلى أمراء البلاد حيث قال :
اما بعد فصلوا بالناس الظهر حتى تفيء الشمس من مربض العنز ، وصلوا بهم العصر والشمس بيضاء حية في عضو من النهار حين يسار فيها فرسخان ، وصلوا بهم المغرب حين يفطر الصائم ويدفع الحاج ، وصلوا بهم العشاء حين يتوارى الشفق إلى ثلث الليل ، وصلوا بهم الغداة والرجل يعرف وجه صاحبه .
هذا بيان وتفصيل لا لبس فيه لأوقات الصلوات الخمس وأن كل صلاة في وقت محدد منفصل عن وقت الصلاة الأخرى .
قال الصادق : لكل صلاة وقتان ، وأول الوقت أفضلهما .
وقال : إذا كان ظلك مثلك فصل الظهر ، وإذا كان ظلك مثليك فصل العصر .
ولو سألت أي عالم يجيز جمع الصلوات : أيهما افضل الجمع أم الأفراد وأداء كل صلاة في وقتها ؟
لاجاب : الأفراد افضل ، والجمع لا يتعدى كونه جائزاً فهو ليس بواجب .
قال محمد جواد مغنية في كتابه فقه الإمام جعفر الصادق :
ان وقت الفضيلة للظهر ان يصير ظل كل شيء مثله ، ووقت الفضل للعصر ان يصير ظل كل شيء مثليه .
[ فقه الإمام جعفر الصادق / محمد جواد مغنية ج1 ص 143]
وعلى هذا الأساس وحال مساجد وحسينيات الشيعة باق على حاله ، فمن أراد ان يفعل الأفضل ويفوز بالأجر الأعظم اين يذهب ؟ والمساجد لا تؤذن ولا تفتح الا في الأوقات الثلاثة الفجر ، والظهر ، والمغرب ، فلماذا لا نرفع الأذان منها خمس مرات ؟ حتى نتيح لمن يرغب في فعل الأفضل ان يصلي الصلاة في وقتها ، ومن أراد الجمع فذاك شأنه إذ يمكنه ان يصلي ثلاث مرات من دون حرج عليه فلماذا لا نعمل هذا ؟ ونصر على المفضول ، ونحرم من أراد الأفضل من الحصول على الفضيلة ولا نمكنه منها؟!
ونحن نقول :
لا باس في الجمع بين الصلاتين في مثل هذه الحالات الاستثنائية ، ومنها الحرج وأسبابه كثيرة ، فإذا زالت الأسباب وانتهت الحالة الاستثنائية نرجع إلى ما كان عليه الرسول- صلى الله عليه وسلم - في الحالات الاعتيادية .
فلا يصح عقلاً ولا شرعاً ان نجعل من الاستثناء قاعدة ومن القاعدة استثناء أو نعدمها تماماً .
من أراد الاستزادة في هذا الموضوع فعليه بكتاب مواقيت الصلاة للدكتور طه حامد الدليمي.(35/78)
.
روايات الأئمة تذكر دعاء الوسيلة
واليك بعض الروايات الواردة عن الأئمة تذكر فضل دعاء الوسيلة بعد الأنتهاء من الأذان :
الرواية الأولى:
عن علي بن الحسين - عليه السلام - قال : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سمع المؤذن قال كما يقول : فإذا قال حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على خير العمل ، قال : لا حول ولا قوة ألا بالله ، فإذا انقضت الإقامة قال :
((اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة أعط محمدا سؤله يوم القيامة وبلغه الدرجة الوسيلة من الجنة وتقبل شفاعته في أمته (1))
الرواية الثانية:
ذكر الشيخ الطوسي في المبسوط :
روي أنه إذا سمع المؤذن يؤذن يقول : وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله ، رضيت بالله رباً وبالإسلام دينا وبمحمد رسولاً وبالأئمة الطاهرين أئمة ، ويصلي على محمد وآله ثم يقول :
((اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة [ والشفاعة] والفضيلة وارزقه المقام المحمود الذي وعدته وارزقني شفاعته يوم القيامة))(2).
الرواية الثالثة :
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا سمعتم المؤذن فقولوا كما يقول ثم صلوا عليّ فمن صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً.
(( ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله وأنا أرجو أن أكون هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة ))
وعنه - صلى الله عليه وسلم - قال : لما سمع بلالاً يؤذن وسكت بعد فراغه .
(( من قال مثل هذا بيقين دخل الجنة(3))
الرواية الرابعة:
وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا قال المؤذن :
__________
(1) دعائم الإسلام / ج1 ص145] [ مستدرك الوسائل / ج4 ص58 ]
(2) المبسوط / ج1ص97 ] [ مستدرك الوسائل / ج2ص59 ]
(3) درر اللألى / ج1 ص10 ] [ مستدرك الوسائل / ج4 ص61](35/79)
أشهد أن لا إله إلا الله يقول الحاكي وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، رضيت بالله رباً وبالإسلام دينا وبمحمد رسولاً وبالأئمة الطاهرين- عليه السلام - أئمة ثم يقول :
(( اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته وارزقني شفاعته يوم القيامة(1))
الرواية الخامسة:
في مستحبات الأذان والإقامة قال شيخ الطائفة الطوسي في كتابه مصباح المتهجد .
ويستحب أن يقول بعد الإقامة قبل استفتاح الصلاة .
(( اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة بلغ محمداً- صلى الله عليه وسلم - الدرجة والوسيلة والفضل والفضيلة ))(2).
فهذه الأحاديث وغيرها كثير موجودة في كتب الشيعة تثبت ان النبي- صلى الله عليه وسلم - كان يدعو بهذا الدعاء ويعلمه لأصحابه ويبين فضله وأجر من يقرؤه ولكننا لا نجد أحداً منهم يذكره مطلقاً ، في الوقت الذي تذكر فيه – أي في الآذان - الشهادة الثالثة مع أنها ليس لها أصل بل هي من فعل المفوضة الغلاة الملعونين وهذا بعينه هو الإعراض عن الهدي النبوي وإتباع هدي المفوضة .
( اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه )
سئل آية الله محمد حسين فضل الله :
هل الحديث الأتي صحيح السند عندنا : من قال حين يسمع النداء :
اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته وارزقني شفاعته يوم القيامة .
الجواب :
لا باس به سواء كان صحيح السند أو غير صحيح ، فهو دعاء لطيف للنبي بان يصلي الله عليه لانه كان السبب في هداية أمته(3).
الفصل الخامس
التقية ودورها في الأذان
التقية ركن من أركان المذهب
__________
(1) درر اللألى / ج1 ص119] [ مستدرك الوسائل / ج4 ص61]
(2) مصباح المتهجد / الطوسي ص 40 ]
(3) الندوة / محمد حسين فضل الله ج9 ص 593 ](35/80)
تعد التقية عند الشيعة الإمامية ركناً مهماً من أركان الدين كالصلاة بل هي أعظم، واليك بعض الروايات عن الأئمة تبين فضل التقية ، ولكن قبل ذلك اذكر لك تعريفها وكما عرفها المفيد فقال :
( التقية كتمان الحق وستر الإعتقاد فيه وكتمان المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراًَ في الدين أو الدنيا …… )
قال الصادق- عليه السلام - :
لو قلت ان تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقاً (1) .
وقال الباقر- عليه السلام - :
إن تسعة أعشار الدين التقية ، ولا دين لمن لا تقية له (2) .
وعدّوا ترك التقية ذنباً لا يغتفر على حد الشرك بالله .
يغفر الله للمؤمن كل ذنب يظهر منه في الدنيا والآخرة ما خلا ذنبين:
ترك التقية ، وتضييع حقوق الإخوان(3) .
والتقية عند الشيعة حالة مستمرة وسلوك جماعي دائم .
قال ابن بابويه في كتاب ( الاعتقادات ) :
والتقية واجبة لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم ، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله تعالى وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة(4).
وأوردوا أحاديث كثيرة عن الأئمة في أن حديثهم سر في سر وحديثهم صعب مستصعب .
عن الصادق - عليه السلام - قال :
إن أمرنا سرُ في سر وسرُ مستسر وسرُ لا يفيد إلا سر وسرُ على سر وسرُ مقنع بسر(5).
روي عن الباقر - عليه السلام - قال :
__________
(1) السرائر / ابن إدريس ص479 ] [ من لا يحضره الفقيه / ابن بابوية ج2 ص80 ] [جامع الأخبار / ص110 ] [ وسائل الشيعة / الحر العاملي / ج7 ص94 ] [ بحار الأنوار / المجلسي ج75 ص412-414 ]
(2) أصول الكافي / ج2 ص217 ] [ المحاسن / البرقي ص 259 ] [ وسائل الشيعة / ج11 ص460 ] [ بحار الأنوار / المجلسي ج75 ص423 ]
(3) تفسير الحسن العسكري / ص130 ] [ وسائل الشيعة / ج75 ص423 ] [ بحار الأنوار / ج75 ص415 ]
(4) الاعتقادات / الصدوق ص114-115 ]
(5) بصائر الدرجات / الصفار ص28 ](35/81)
حديث آل محمد صعب مستصعب ثقيل مقنع أجرد ذكوان لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان ….(1).
عن الباقر - عليه السلام - قال :
لا تبثُوا سرنا ولا تذيعوا أمرنا ….(2)
عن الصادق- عليه السلام - قال :
إنكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله(3).
وقد ذكر المجلسي باباً بعنوان إن حديثهم - عليه السلام - صعب مستصعب وذكر فيه (116) حديثاً(4).
ويؤكدون على أن عشرة الشيعة مع أهل السنة بالتقية وقد ترجم لذلك الحر العاملي فقال :
باب وجوب عشرة العامة - أهل السنة - بالتقية(5) .
التقية ودورها في تحريف الأذان
لقد كان للتقية دورها في تحريف الأذان ، إذ وردت روايات كثيرة في كتبهم تثبت الأذان بصيغ مشابهة لأذان أهل السنة ، ولكنهم كعادتهم استخدموا التقية للتخلص من هذه الروايات التي تشابه مذهب أهل السنة - مذهب العامة- فالفلاح والرشاد في خلافهم كما نسب إلى الصادق :
في الحديث المروي في الكافي (( ما خالف العامة ففيه الرشاد(6))
واليك بعضاً من هذه الروايات :
الرواية الأولى :
في ( معاني الأخبار وكتاب التوحيد ) عن أحمد بن محمد الحاكم المقري ، عن محمد ابن جعفر الجرجاني ، عن محمد بن الحسن الموصلي ، عن محمد بن عاصم الطريفي، عن عياش بن يزيد ، عن أبيه يزيد بن الحسن ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عن علي - عليه السلام - :
في حديث تفسير الأذان أنه قال فيه :
__________
(1) بصائر الدرجات / الصفار ص28 ]
(2) الكافي / الكليني ج 2 ص222 ]
(3) الكافي / الكليني ج ص222 ]
(4) بحار الأنوار / المجلسي ج2 ص182-212 ]
(5) وسائل الشيعة / الحر العاملي ج11 ص421 ]
(6) الكافي / ج1 ص68 ] [ تهذيب الأحكام / الطوسي ج6 ص 301 ح 845 ](35/82)
الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد ان محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أشهد أن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا اله إلا ، الله لا اله إلا الله وذكر في الإقامة قد قامت الصلاة .
قال الصدوق : إنما ترك الراوي حي على خير العمل للتقية.(1)
الرواية الثانية :
عن جعفر بن الحسن بن سعيد المحقق في ( المعتبر ) نقلاً من كتاب أحمد بن محمد ابن أبي نصر البزنطي عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه قال :
الأذان الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد ان لا اله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وقال في آخره : لا اله إلا الله مرة .
قال النوري الطبرسي : تقدم الوجه في مثله ويحتمل التقية في آخره(2) .
الرواية الثالثة :
فأما ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال : الأذان مثنى مثنى والإقامة واحدة واحدة.
وما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد عن فضالة ابن أيوب ، عن سيف بن عميرة وصفوان بن يحيى، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال:
الإقامة مرة مرة إلا قول الله أكبر فإنه مرتان .
قال الطوسي:
فالوجه في هذين الخبرين ضرب من التقية لأنهما موافقان لمذاهب بعض العامة(3).
الرواية الرابعة :
__________
(1) معاني الأخبار/ ص 129] [ التوحيد / ص 240 ] [ وسائل الشيعة / ج2 ص647 ]
(2) مستدرك الوسائل / ج2 ص648] [ وسائل الشيعة / ج4ص652] [المعتبر / ص166]
(3) الاستبصار / ج1 ص307 ] [ التهذيب / ج1 ص151 ](35/83)
عن أحمد ، عن الحسين ، عن فضالة ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي وكليب الأسدي جميعاً ، عن أبي عبد الله - عليه السلام - إنه حكى لهما الأذان فقال :
الله أكبر الله أكبر…، أشهد إن لا إله إلا الله…، أشهد أن محمداً رسول الله…، حي على الصلاة…، حي على الفلاح…، حي على خير العمل…، الله أكبر الله أكبر…، لا إله إلا الله .
ورواه الصدوق بإسناده عن أبي بكر الحضرمي وكليب الأسدي مثله وزاد : ولا بأس أن يقال في صلاة الغداء على اثر حي على خير العمل .
الصلاة خير من النوم مرتين للتقية (1) .
الرواية الخامسة :
فأما ما رواه محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن ، عن الحسين عن حماد ابن عيسى ، عن شعيب بن يعقوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال:
النداء والتثويب في الأذان من السنة .
عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن العلا ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر- عليه السلام - قال:
كان أبي ينادي في بيته بالصلاة خير من النوم ولو رددت ذلك لم يكن به بأس .
ورواه ابن إدريس في السرائر نقلاً من كتاب محمد بن علي بن محبوب .
قال الطوسي وما أشبه هذين الخبرين مما يتضمن ذكر هذه الألفاظ فإنها محمولة على التقية لإجماع الطائفة على ترك العمل بها(2).
وقد أفرد الحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة باباً بعنوان .
(( باب جواز الاقتصار في الأذان والإقامة على مرة مرة في التقية والعجلة والسفر))(3).
نفهم من ذلك أن التقية قد أصبحت شماعة لكل حديث لا يعجب علماء الشيعة ولا يوافق أهواءهم ، لذا فهم يتركون العمل به وإن كان صحيح السند ، بل ان صحة هذه الروايات سنداً هي التي ألجأتهم للقول بالتقية .
__________
(1) تهذيب الأحكام / ج1 ص150 ][ الإستبصار / ج1 ص307 ][ وسائل الشيعة / ج2 ص644]
(2) تهذيب الأحكام / ج1 ص151 ][ الإستبصار / ج1 ص307 ][ وسائل الشيعة / ج2 ص651]
(3) وسائل الشيعة / ج4 ص649 ](35/84)
علماء الشيعة برروا عدم ذكر الشهادة الثالث بالتقية
وهذه أقوال علماء الشيعة تثبت هذه الحقيقة :
ذكر الشيخ عبد الحليم الغزي :
ان عدداً من علماء الشيعة من استقرب كون الشهادة الثالثة جزءاً واقعياً من أجزاء الأذان والإقامة ولكن التقية ، والظروف المختلفة ، والملابسات المحيطة بالمعصومين، هي التي حالت دون تبليغها ، وإظهار تشريعها ، وبيان جزئيتها ، في جملة الأجزاء الواقعية والفصول الأصلية للأذان والإقامة ومنهم : فعد منهم خمسة من العلماء(1) .
وقال أيضا :
ان السيد إبراهيم الاصطهباتي النجفي ، نقل عنه السيد المقرم في رسالته انه :
يعتقد الجزئية واقعاً ولكن الظروف لم تساعد النبي على إعلام الأمة بها (2).
قال محمد محمد الصدر عن عبارة اشهد ان علياً ولي الله :
كل ما في الأمر إنها تالفة خلال ما تلف من الكتب ، وربما كانت مخالفة للتقية، ومحرجة بالنسبة إلى علمائنا السابقين ( قدس سرهم ) كالشيخ الصدوق ، والطوسي، والمفيد ، وحذفوها من كتب الحديث وطعنوا في صحتها .
وقد كان الأئمة أيضاً :
في تقية مكثفة هم وأصحابهم ولم يكن في مصلحة التشيع في ذلك الحين إعلان أمثال هذه الأمور(3).
أحاديث الشيعة مختلفة متضادة
المتتبع للمرويات المسطرة في كتب الإمامية ، يجد ان تلك الروايات في مجملها روايات متناقضة ومتضادة بشكل لا نستطيع معه الجمع بينهما فهذا الطوسي يصرح في كتابه تهذيب الأحكام فيقول :
لما آلت إليه أحاديثهم - أي أحاديث الأئمة - من الاختلاف والتباين والمنافاة والتضاد حتى لا يكاد يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده ولا يسلم حديث إلا وفي مقابلته ما ينافيه 000
وقد اعترف أيضاً فقال :
__________
(1) الشهادة الثالثة المقدسة / الشيخ عبد الحليم الغزي ص 103 - 105]
(2) الشهادة الثالثة المقدسة / الشيخ عبد الحليم الغزي ص 104]
(3) السفير الخامس / عباس الزيدي ص 287 – 290 ](35/85)
بأن هذا الاختلاف قد فاق ما عند أصحاب المذاهب الأخرى ، وان هذا كان من أعظم الطعون على مذهبهم وأنه جعل بعض الشيعة يترك هذا المذهب لما اكتشف له أمر هذا الاختلاف والتناقض(1).
وكان من آثار عقيدة التقية ، ضياع مذهب الأئمة عند الشيعة حتى شيوخهم لا يعلمون الكثير من أقوالهم أيها تقية وأيها حقيقة .
وقد اعترف صاحب الحدائق يوسف البحراني بأنه لم يعلم من أحكام دينهم إلا القليل بسبب التقية حيث قال :
فلم يعلم من أحكام الدين على اليقين إلا القليل لامتزاج أخباره بأخبار التقية(2).
بعد هذا كله أي الأقوال أحق بالتصديق أهو قول الأمام المعصوم الذي ينادي في آذانه بالصلاة خير من النوم - الذي سبق الإشارة أليه - أم قول البحراني ؟
اختلاف علماء الشيعة في تحديد أي الروايات صدر تقية
قال الشيخ جعفر الشاخوري في كتابه حركية العقل الاجتهادي :
إننا نجد ان كبار علماء الشيعة يختلفون في تحديد الروايات الصادرة تقية والروايات الصادرة لبيان الحكم الواقعي .
وخذ مثالاً على ذلك مسالة نجاسة الخمر ، فيما يفتي الكثيرون بالنجاسة ومنهم الشيخ الطوسي ، لانهم حملوا روايات الطهارة على التقية ، نجد ان هناك من الفقهاء من يفتي بالطهارة كالمقدس الاردبيلي وغيره لانهم حملوا روايات النجاسة على التقية، وهذا يكشف عن التخبط في استخدام التقية لدى القدماء .
وقال أيضاً :
لو أردنا استعراض غيره من عشرات الأمثلة لألفنا كتاباً خاصاً يؤكد فوضى تحديد موارد التقية ، التي تشبه فوضى ادعاءات الإجماع في مسائل الفقه مما أدى إلى اختلاف كثير من فتاوى العلماء تبعاً لتحديد ما هي الروايات الصادرة عن التقية وغيرها(3) .
__________
(1) تهذيب الأحكام / الطوسي ج1 ص2-3 ]
(2) الحدائق / يوسف البحراني ج 1 ص 5 ]
(3) حركية العقل الاجتهادي لدى فقهاء الشيعة الإمامية / جعفر الشاخوري ص 72 – 75 ](35/86)
وكذلك اشتكى من هذا الاختلاف الشيخ الفيض الكاشاني صاحب كتاب الوافي أحد الكتب الثمانية المعتمدة عند الشيعة وصاحب تفسير الصافي ، فقال عن اختلاف طائفته:
تراهم يختلفون في المسألة الواحدة إلى عشرين قولاً أو ثلاثين قولاً أو أزيد بل لو شئت أقول لم تبق مسألة فرعية لم يختلفوا فيها أو في بعض متعلقاتها(1) .
واختار صاحب الحدائق كما في الدرر النجفية إمكانية ان يفتي الإمام تقية برأي ليس موجوداً حتى عند العامة وذلك لمحض المخالفة بين أصحابه .
حيث يقول :
بأن الأئمة يخالفون بين الأحكام وإن لم يحضرهم أحد من أولئك الأنام فتراهم يجيبون في المسألة الواحدة بأجوبة متعددة وإن لم يكن بها قائل من المخالفين(2) .
الرسول- صلى الله عليه وسلم - يتقي عائشة
ذكر العلامة الشيخ محمد جميل حمود في كتابه الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية أشكالاً يرد على الشيعة من قبل المخالفين حيث قال :
كيف تقولون بكفر المخالف مع ان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجتنب أسار المخالفين وكان يشرب من المواضع التي تشرب منها عائشة المعروفة بعدائها لأمير المؤمنين- عليه السلام - .
فأجاب :
ان مساورة النبي- صلى الله عليه وسلم - لعائشة وأمثالها كانت تقية ومصلحة (3)(4)
__________
(1) مقدمة الوافي / الفيض الكاشاني ص9 ]
(2) حركية العقل الاجتهادي لدى فقهاء الشيعة الإمامية / جعفر الشاخوري ص 72 – 75 ] [ الحدائق / يوسف البحراني ج1 ص5 ]
(3) الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية / العلامة الشيخ محمد جميل حمود ج2 ص 35 ]
(4) طعن علماء الشيعة في كتبهم بزوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا نجاح الطائي يقول عن زوجاته- صلى الله عليه وسلم - :
كانت معظم نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - من الثيبات ، والعجائز ، والدميمات المنظر ، فقد كانت عائشة بنت أبي بكر سوداء ، دميمة في وجهها اثر مرض الجدري ، والحجاب هو الذي أنقدها، بقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكابد ألم النظر إليها وتحمل أخلاقها لحكمة يريدها الله تعالى … .
وقال عن عائشة أيضاً :
عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة ، تزوجها النبي وكانت ثيباً ودخل بها بالمدينة ، ثم طلقها وراجعها ، وكانت خديجة الباكر الوحيدة من نسائه .
وقال :
ان عائشة قتلت رسول البشرية - صلى الله عليه وسلم - لتهيئة الأرضية لحكومة أبيها ، وأفعال حفصة أيضاً تؤيد الروايات الصحيحة في أشتراكها في قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهي خشنة الطباع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع سائر الناس .
[ بحوث في السيرة النبوية أزواج النبي وبناته / نجاح الطائي ص 79 - 103 ]
أقول :
يعد قوله في عائشة إنها كانت ثيباً عندما تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - طعناً كبيراً بشرف وعفة أم المؤمنين رضي الله عنها ، لأننا لا نعلم زوجاً لعائشة قبل النبي- صلى الله عليه وسلم - وصدور مثل هذا الكلام ليس بمستغرب ولا عجيب بعد ان سمعنا تكفيرهم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
قال محمد حسين الشيرازي القمي في كتابه الأربعين :
مما يدل على إمامة أئمتنا الاثني عشر ، ان عائشة كافرة مستحقة للنار ، وهو مستلزم لحقية مذهبنا وحقية أئمتنا الاثني عشر …. وكل من قال بإمامة الاثني عشر قال باستحقاقها اللعن والعذاب .
وقال :
ومما يدل على كفرها وكفر حفصة تظاهرهما على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وشبههما الله بامرأة نوح وامرأة لوط … .
[ الأربعين في إمامة الأئمة الطاهرين / محمد حسين الشيرازي النجفي القمي ص 615 - 627 ]
يقول يوسف البحراني في كتابه الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب :
فهل لعائشة ولمعاوية عليهما اللعنة مزية وفضيلة … غير ما ذكرنا من تظاهرهم ، زيادة على غيرهم على أهل البيت بالظلم والفجور .
[ الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب / يوسف البحراني ص130 ]
أقول :
كتاب الأربعين في إمامة الأئمة الطاهرين ، وكتاب الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب، قد تم طباعتهما في مدينة قم - الجمهورية الإسلامية الإيرانية تاريخ الطبع 1418هـ، 1419 هـ على التوالي - أي قبل خمس سنوات تقريباً وبأشراف المسؤولين في (الجمهورية الإسلامية الإيرانية ) التي تبكي بدموع التماسيح على التقريب ووحدة المسلمين الضائعة !
وموضوع كتاب ( الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب ) هو إثبات ان الناصبي هو من قدم أبا بكر وعمر على علي أو احبهما ، وان لم يبغض علياً ، وإثبات ان أهل السنة جميعاً نواصب يحل دمهم ومالهم ، ويرد على من يقول غير هذا القول !(35/87)
.
الصادق يفطر في نهار رمضان
روى خلاد بن عمارة عن الإمام الصادق انه قال :
دخلت على أبي العباس في يوم شك وأنا اعلم انه من شهر رمضان وهو يتغدى : فقال :
ياأبا عبد الله ليس هذا من أيامك قلت لم يا أمير المؤمنين ما صومي الا بصومك ولا إفطاري الا بإفطارك قال : فقال : ادن قال :
فدنوت فأكلت وانا والله اعلم انه من شهر رمضان(1) .
أصبت والله يا أبا حنيفة
روى الكليني عن محمد بن مسلم قال : دخلت على أبى عبد الله - عليه السلام - وعنده أبو حنيفة فقلت له :
جعلت فداك رأيت رؤيا عجيبة فقال لي يا ابن مسلم هاتها إن العالم بها جالس وأومأ إلى أبي حنيفة فعرض الراوي الرؤيا على أبي حنيفة فأجابه أبو حنيفة عليها.
وقال أبو عبد الله - عليه السلام - أصبت والله يا أبا حنيفة قال الراوي ثم خرج أبو حنيفة من عنده فقلت له :
جعلت فداك أني كرهت تعبير هذا الناصب فقال يا ابن مسلم لا يسوؤك الله فما يواطئ تعبيرهم تعبيرنا ، ولا تعبيرنا تعبيرهم ، وليس التعبير كما عبره قال : فقلت له :
جعلت فداك فقولك أصبت وتحلف بالله عليه وهو مخطئ ؟ قال نعم حلفت بالله عليه أنه أصاب الخطأ(2).
أقول :
أناشد العقلاء وذوي الألباب هل ثمة سبب واحد يحمل الإمام على أن يحلف بالله كذباً على صحة قول يعلم الإمام مسبقاً انه خطأ ؟
وهل نرضى نحن المسلمين للإمام مثل هذا الحلف الكاذب ؟
وهل أبو حنيفة ذو سلطة وقوة حتى يخشى منه ويتقيه ؟
وهل من ضرورة لمدحه والقسم بالله على صواب قوله حتى إذا خرج حكم عليه بالنصب وخطأ جوابه ؟
اعتقد ان الجواب عن كل هذه الأسئلة هو : لا .
__________
(1) الوسائل / الحر العاملي باب 58 - أبواب ما يمسك عنه الصائم ]
(2) الكافي / الكليني ج8 ص292 ](35/88)
وإذا كان الشيعة قد ارتضوا لإمامهم مثل هذه النقائص فنحن ننزهه عن مثلها ونبرى ساحته عنها لأننا نعتقد يقينا ان هذا الإمام صادق - وهل لقب جعفر بن محمد بالصادق ، إلا لما عرف من صدقه وفضله - وهو عالم لا جاهل لا ينكر فضله ولا يجهل مقامه إلا من اتصف بصفتين : الجهل والتشيع .
وجد الأمام لحفظ الدين
لقد أدعى الأمامية أن الله قد وضع لنا إماماً معصوماً ، ليحفظ لنا الدين من الاختلاف ، والتفرق ، والضياع ، فما الذي حصل بعد هذا كله ؟
الذي حصل هو أن الإمام باستخدامه التقية قد حفظ نفسه وضيع علينا الدين، فأصبح التحاكم في فهم أقوال المعصوم إلى العلماء والمجتهدين لكي يبينوا لنا القول الذي قاله الإمام أتقية هو أم حقيقة ، ومن دون أن يذكر هؤلاء العلماء ميزاناً واحداً يزِنون به قول المعصوم ، الا جعلهم مخالفة أهل السنة العلامة الفارقة بين كون كلام الإمام قد صدر منه تقية أم لا .
وما دام الأمر لا يوزن إلا بالهوى فما المانع من أن يكون القول الآخر اعني القول المخالف لأهل ألسنة هو التقية والقول الموافق هو رأي الأئمة ؟
اعتقد ان القوم سيسكتون ويتواصون بهذا السكوت لسبب سهل ويسير وهو عدم معرفتهم بالجواب … ونصف العلم لا ادري .
وأخيراً وقبل ان اختم القول بهذا القدر من الكلام أحب التنبيه على أمر أخير وهو :
ان أهم ثمرة جناها – في رأينا - الشيعة من قولهم بالتقية هي أنها أصبحت مخرجاً من كثير من الأقوال والأفعال المتناقضة المتضادة التي حوتها كتب المذهب ، فلم يكن من عجب ان تشبث القوم بها على مر الدهور والسنين .
الفصل السادس
الاختلاف بين علماء الشيعة
الاختلاف في كل شيء
لم يقتصر الخلاف بين علماء الشيعة الإمامية على الشهادة الثالثة بين مثبت من غير دليل ، وبين منكر يرد على من أثبتها بل تعداه إلى مسائل فقهية أخرى تخص الأذان والإقامة ، وهذا حالهم في كل أبواب الفقه وقد صرح بذلك .(35/89)
شيخ الطائفة الطوسي في كتابه ( العدة في أصول الفقه) قال :
ومما يدل أيضاً على جواز العمل بهذه الأخبار التي أشرنا إليها ما ظهر من الفرقة المحقة من الاختلاف الصادر عن العمل بها فإني وجدتها مختلفة المذاهب في الأحكام.
ويفتي أحدهم بما لا يفتي صاحبه في جميع أبواب الفقه من الطهارة إلى باب الديات.
من العبادات والأحكام والمعاملات والفرائض وغير ذلك .
مثل اختلافهم في العدد والرؤية في الصوم .
واختلافهم في أن التلفظ بثلاث تطليقات ان يقع واحدة أو لا .
ومثل اختلافهم في باب الطهارة في مقدار الماء الذي لا ينجسه شيء .
ونحو اختلافهم في حد الكر .
ونحو اختلافهم في استئناف الماء الجديد لمسح الرأس والرجلين .
واختلافهم في اعتبار أقصى مدة النفاس .
واختلافهم في عدد فصول الأذان والإقامة .
وغير ذلك في سائر أبواب الفقه حتى أن باباً منه لا يسلم إلا وجدت العلماء من الطائفة مختلفة في مسائل منه أو مسائل متفاوتة الفتاوى(1) .
وقال أيضاً : وقد ذكرت ما ورد عنهم - عليه السلام - في الأحاديث المختلفة التي تختص الفقه في كتابي المعروف بالاستبصار وفي كتاب تهذيب الأحكام ، ما يزيد على خمسة آلاف حديث وذكرت في أكثرها اختلاف الطائفة في العمل بها وذلك أشهر من أن يخفى .
حتى إنك لو تأملت اختلافاتهم في هذه الأحكام وجدته يزيد على إختلاف أبي حنيفة، والشافعي، ومالك(2)(3) .
وقال في كتابه تهذيب الأحكام :
__________
(1) العدة في أصول الفقه / الطوسي ج1ص137 ] [ معجم رجال الخوئي / ج1ص89 ]
(2) العدة في أصول الفقه / الطوسي ج1ص138 ] [ معجم رجال الخوئي / ج1ص89 ]
(3) ملاحظة :
ان العبارة الأخيرة التي ذكرها الطوسي في كتابه عدة الأصول - حتى إنك لو تأملت اختلافاتهم في هذه الأحكام وجدته يزيد على إختلاف أبي حنيفة ، والشافعي ، ومالك - قد اقتطعها الخوئي عند نقلها ، ولم يذكرها في كتابه معجم رجال الحديث .(35/90)
ذاكرني بعض الأصدقاء أيده الله ممن أوجب حقه علينا بأحاديث أصحابنا أيدهم الله ورحم السلف منهم .
وما وقع فيها من الاختلاف ، والتباين ، والمنافات ، والتضاد ، حتى لا يكاد يتفق خبر وإلا بإزائه ما يضاده .
ولا يسلم حديث إلا وفي مقابلته ما ينافيه .
حتى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا .
وتطرقوا بذلك إلى إبطال معتقدنا وذكروا أنه لم يزل شيوخكم السلف والخلف يطعنون على مخالفيهم بالاختلاف الذي يدينون الله تعالى به ويشنعون عليهم بافتراق كلمتهم في الفروع ويذكرون أن هذا مما لا يجوز أن يتعبد به الحكيم ولا أن يبيح العمل به الحليم .
وقد وجدناكم أشد إختلاف من مخالفيكم - أي أهل ألسنة - وأكثر تبايناً من مبانيكم، ووجود هذا الاختلاف منكم مع اعتقادكم بطلان ذلك دليل على بطلان الأصل .
حتى دخل على جماعة ممن ليس لهم قوة في العلم ولا بصيرة بوجوه النظر ومعاني الألفاظ شبه وكثير منهم رجع عن اعتقاد الحق - أي خرج من مذهب التشيع - لما اشتبه عليه الوجه في ذلك وعجز عن حل الشبه فيه(1)
__________
(1) ذكر جعفر السبحاني في كتابه الرسائل الأربعة :
عندما نطالع كتابي الوسائل والمستدرك مثلاً ، نرى إنه ما من باب من أبواب الفقه إلا وفيه إختلاف في رواياته وهذا مما أدى إلى رجوع بعض ممن أستبصروا عن مذهب الإمامية .
[ جعفر السبحاني الرسائل الأربعة – الرسالة الثالثة عرض طعان خليل الموسوي – الناشر مؤسسة الإمام الصادق للتحقيق والتأليف / ص201 ]
[ وهذا هو الحاصل في وقتنا الحاضر فقد تحول كثيرٌ من الشيعة إلى مذهب أهل السنة بعد أن عرفوا الحق وأصبح هذا التحول ظاهرة يشكو منها علماء الشيعة أنفسهم ]
يقول الشيخ عز الدين الجوهر :
انك عزيزي القارئ تجد بعض الشيعة صاروا وهابية لكن هل ينقص الشيعة شيء لا والله ثم الحمد لله ان جعل جهلة الشيعة يصيروا وهابية وجعل مثقفي السنة ومفكريها يصيروا شيعة .
[ دفاع عن المرجعية الرد على محمود الحسني / الشيخ عز الدين الجوهر ص 17]
أقول : ان الأمر المشاهد والملموس هو عكس ما صرح به الشيخ عز الدين ، فان المتحولين من الشيعة إلى مذهب أهل السنة هم من علية القوم عندهم من أمثال آية الله البرقعي ، وموسى الموسوي ، واحمد الكسروي ، واحمد الكاتب ، وغيرهم الكثير من الأطباء والمهندسين وأصحاب الشهادات العليا .(35/91)
.
سمعت شيخنا أبا عبد الله أيده الله يذكر أبا الحسين الهاروني العلوي كان يعتقد الحق ويدين بالإمامة - أي شيعي المذهب - فرجع عنها لما التبس عليه الأمر في اختلاف الأحاديث وترك المذهب ودان بغيره لما لم يتبين له وجوه المعاني فيها(1) (2).
وقال الفيض الكاشاني في كتابه الوافي :
تراهم يختلفون - أي علماء الشيعة - في المسألة الواحدة إلى عشرين قولاً ، أو ثلاثين قولاً ، أو أزيد بل لو شئت أقول لم تبق مسألة فرعية لم يختلفوا فيها أو في بعض متعلقاتها(3) .
وقال الشيخ جعفر الشاخوري واصفاً أختلاف علماء الشيعة في كتابه مرجعية المرحلة وغبار التغيير:
إن المقصود بالمشهور في كلمات العلماء هم العلماء القدامى كالشيخ الصدوق ، والمرتضى ، والمفيد ، والطوسي ، وابن براج ، وابن أبى عقيل ، وابن الجنيد ، وأمثالهم وليس الفقهاء المعاصرين .
لأنه لا قيمة للشهرات(4)أو الاجماعات المتأخرة فلو نظرنا إلى فتاوى علمائنا المعاصرين فسوف نجد أنهم كلهم خارجون عن دائرة المذهب الشيعي.
__________
(1) مقدمة تهذيب الأحكام / الطوسي ج1 ص2 ]
(2) قال الشيخ محمد سند في كتابه بحوث في مباني علم الرجال :
ان الطوسي دأبه في التهذيبين على الجمع بين الأحاديث المختلفة مهما أمكن لدفع شبهة كثرة التعارض في أحاديث أهل البيت التي أدت بأحد الأشراف – مصطلح الشريف الوارد في هذا النص هو من يرجع نسبه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أي بالمعنى العامي اليوم سيد - إلى الخروج من المذهب كما صرح بذلك في مقدمة الكتابين .
[ بحوث في مباني علم الرجال / محمد سند ص 63 ]
(3) مقدمة الوافي / الفيض الكاشاني ج1 ص9 ]
(4) يقول الشاخوري البحراني عن الاجتهاد والمجتهدين :
وكما يحتمل في اجتهاده الخطأ والصواب كذلك يحتمل في اجتهاد المشهور الخطأ والصواب .
[ مرجعية المرحلة وغبار التغيير / جعفر الشاخوري البحراني ص268 ](35/92)
وخذ مثالاً على ذلك فالمقارنة بين كتاب الشيخ الصدوق ( الهداية ) أو الشيخ المفيد في الفقه ( المقنعة ) وكتاب ( منهاج الصالحين ) للسيد الخوئي ، حيث ستجد ان هناك عشرات المسائل التي خالف فيها السيد الخوئي مشهور القدامى .
ولو أن الشيخ الصدوق قد قدر له مطالعة كتاب المسائل المنتخبة للسيد الخوئي لأصيب بالدهشة .
ثم أخذ يذكر المسائل التي خالف فيها الخوئي المشهور ، إلى أن قال:
ولو أردنا أن نستوعب ما خالف فيه السيد الخوئي المشهور أو الإجماع لبلغ بنا الرقم إلى مئتين أو ثلاثمائة فتوى ، وهكذا حال الخميني والحكيم وغيرهما من المراجع .
وسوف يصدر لنا قريباً كتاب خاص عددنا فيه لأبرز مراجع الشيعة من الشيخ الصدوق ، والمفيد ، مروراً بالعلامة الحلي ، وانتهاء بالسيد الخوئي ، والسيد السيستاني وغيرهم العشرات من الفتاوى الشاذة لكل واحد منهم .
وقال :
إن مخالفة المشهور كثيرة جداً خاصة بعدما شاعت عادة تغليف الفتاوى بالاحتياطات الوجوبية(1) .
وذكر جملة من مخالفات المتأخرين وقال في الهامش قد اقتصرت على عدد بسيط من الفتاوى لعدد قليل من العلماء لأن استقصاء البحث فيها يحتاج إلي عدة مجلدات(2).
أقول :
__________
(1) مرجعية المرحلة وغبار التغيير/جعفر الشاخوري البحراني ص135-138]
(2) مرجعية المرحلة وغبار التغيير / جعفر الشاخوري البحراني ص267 ](35/93)
ان مصداق الأقوال السابقة هو ما فعله العلامة الحلي عندما جمع اختلافات علماء الشيعة من بداية ظهور فقه الإمامية وإلى زمنه - أي إلى سنة 720 هـ – في كتاب أسماه ( مختلف الشيعة ) وبلغ عدد أجزاء هذا الكتاب عشر مجلدات من القطع الكبير وقد ضمنه جميع أبواب الفقه وأظهر اختلاف الفقهاء فيها ، ولو تصفحنا هذا الكتاب فسنجد أن فقهاء الإمامية لم يتركوا باباً من أبواب الفقه ألا وقد اختلفوا فيه اختلافاً شديداً ، يصل بهم الحال في بعض المسائل بأن يفتي أحدهم بالحلية ، ويفتي الأخر بالحرمة(1)
__________
(1) ومثال على هذه الاختلافات – ذكر الدكتور أحمد الوائلي في كتابه من فقه الجنس في قنواته المذهبية – وكذلك محمد جواد مغنيه في كتابه فقه الإمام الصادق تحت عنوان اختلاف الدين [ هل يجوز للمسلم ان يتزوج الكتابية اليهودية والنصرانية ج5 ص 201 ] [ والنص للدكتور الوائلي ].
قال الوائلي : أما اليهود والنصارى ففي الزواج منهم أقوال ستة ، وأبرز الأقوال :
قول بعدم الجواز مطلقاً.
قول بالجواز متعة لا دواماً ، وبملك اليمين .
قول بالجواز في حالة الإضطرار ، وعدم وجود المسلمة .
قول بالجواز مطلقاً على كراهية .
قول بالجواز مطلقاً بدون كراهية .
ثم قال : هذا التفصيل الذي ذكرته هو عند ((الأمامية)) .
أما (( المذاهب الإسلامية الأخرى )) فقد (( أجمعوا )) على (( الجواز )) من النصرانية واليهودية دون المجوسية .
[ فقه الجنس في قنواته المذهبية / الدكتور أحمد الوائلي ص245 ]
أقول :
وهذا الكلام يبين مدى اختلاف الشيعة في المسألة الواحدة إلى أقوال ، واتفاق أهل السنة وبقية المذاهب على قول واحد .
وأهل السنة اتفقوا على قول واحد على الرغم من عدم وجود معصوم عندهم غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
والشيعة اختلفت أقوالهم إلى ستة أقوال مع وجود المعصوم ، ولا أقول معصوماً واحداً بل اثني عشر معصوماً ، فمن من هذه الأقوال هو قول المعصوم ؟ وهل من المعقول ان يكون للمعصوم كل هذه الأقوال المتناقضة ؟
فاستحلفكم بالله أي هذه الأقوال يركبني سفينة أهل البيت ، علماً ان هذه الأقوال على طرفي نقيض ، فهذا يحرم ، وهذا يحلل ، والكل يدعي بان الحق معه وهو ناج لانه ركب سفينة أهل البيت .
يقول محمد جواد مغنية :
اتفقت مذاهب السنة الأربعة على صحة الزواج من الكتابية ، واختلف فقهاء الشيعة فيما بينهم .
[ تفسير الكاشف / محمد جواد مغنية ج1 ص334 ](35/94)
.
علماً ان عدد أجزاء الكتاب قد وصلت إلى عشرة ، بسبب قصر المدة الزمنية التي كتب عنها الحلي ، واقتصاره على عدد قليل من العلماء ، ولو قدر لشخص أن يجمع مثل هذا الكتاب اليوم ليبين فيه اختلاف علماء الشيعة منذ بداية ظهور الفقه الشيعي إلى يومنا هذا لاحتاج إلى مئات المجلدات .
واليك ما قاله الحلي في مقدمة كتابه :
أما بعد فاني لما وقفت على كتب أصحابنا المتقدمين ومقالات علمائنا السابقين في علم الفقه وجدت بينهم خلافاً في مسائل كثيرة متعددة ومطالب عظيمة متبددة ، فأحببت أيراد تلك المسائل في دستور يحتوي على ما وصل ألينا من خلافهم في الأحكام الشرعية والمسائل الفقهية….(1) .
اختلافات علماء الشيعة في مسائل تخص الأذان
وإليك أيها القارئ الكريم بعض النماذج من اختلافاتهم في مسائل تخص الأذان والإقامة :
أولاً : حكم الأذان والإقامة
1-السيد المرتضى وله قولان :
قال اختلف قول أصحابنا في الأذان والإقامة فقال قوم :
إنهما من السنن المؤكدة في جميع الصلوات وليسا بواجبين .
وفريق آخر يقول بأنهما واجبان .
وقال : وإن كانا في صلاة الجماعة وفي الفجر والمغرب وصلاة الجمعة أشد تأكيداً، وهذا الذي أفتاه وأذهب إليه.
وقال : وذهب بعض أصحابنا إلى أنهما واجبان على الرجال خاصة دون النساء ، في كل صلاة جماعة في سفر أو حضر .
ويجبان عليهم جماعة وفرادى في الفجر والمغرب وصلاة الجمعة والإقامة دون الأذان تجب عليهم في باقي الصلوات المكتوبات(2) .
وله في كتاب ( جمل العلم والعمل ) بأنهما واجبان على الرجال دون النساء في كل صلاة في سفر أو حضر واجبهما عليهم في سفر وحضر في الفجر والمغرب وصلاة الجمعة وأوجب الإقامة خاصة على الرجال في كل فريضة(3).
__________
(1) مختلف الشيعة / العلامة الحلي المقدمة ]
(2) المسائل الناصرية/ ص227 المسألة 65] [ مختلف الشيعة / ج2 ص136]
(3) جمل العلم والعمل / المرتضى ص63 ](35/95)
2- ابن أبي عقيل :
قال من ترك الأذان والإقامة متعمداً بطلت صلاته إلا الأذان في الظهر والعصر والعشاء الآخرة فإن الإقامة مجزية عنه ولا إعادة عليه في تركه فإما الإقامة في تركها متعمداً بطلت صلاته وعليه الإعادة(1) .
3 -شيخ الطائفة الطوسي :
وله قولان : - أقوال مختلفة في مسألة واحدة -
أ-أوجب الشيخ الأذان والإقامة في صلاة الجماعة في كتابه النهاية .
ب-وقوله الآخر الذي ذهب إليه في كتابه ( الخلاف ) أنهما مستحبان ليس بواجبين في جميع الصلوات جماعة صليت أو فرادى(2).
4-ابن الصلاح :
قال إن الأذان والإقامة شرطان في الجماعة(3).
5-كاظم اليزدي الطبطبائي :
قال في العروة الوثقى لا إشكال في تأكد رجحانهما في الفرائض اليومية أداء وقضاء جماعة وفرادى حضراً وسفراً للرجال والنساء .
وذهب بعض العلماء إلى وجوبهما .
وخصه بعضهم بصلاة المغرب والصبح .
وبعضهم بصلاة الجماعة وجعلهما شرطاً في صحتها .
وبعضهم جعلهما شرطاً في حصول ثواب الجماعة .
والأقوى استحباب الأذان مطلقا* والأحوط عدم** ترك*** الإقامة**** للرجال في غير موارد السقوط وغير حال الاستعجال والسفر وضيق الوقت وهما مختصان بالفرائض اليومية .
وقد علق على أقواله مجموعة من العلماء :
*-الكلباكياني :
قال وكذا الإقامة على الأقوى لكن لا ينبغي تركهما خصوصاً الإقامة لما ورد فيها من الحث والترغيب .
**-الأراكي :
الأقوى جواز الترك وإن كان الاحتياط الأكيد في الفعل .
***-الخميني :
الأقوى استحبابهما ولكن في تركهما بل في ترك الأذان أيضا حرمان عن ثواب جزيل.
****-الخوئي :
__________
(1) مختلف الشيعة / ج2 ص136 ]
(2) النهاية / ص64 –65] [ الخلاف/ ج1ص284] [ مختلف الشيعة / ج2 ص135]
(3) الكافي في الفقه / ص143 ] [ مختلف الشيعة / ص135 ](35/96)
لا بأس بتركها وان كانت رعاية الاحتياط أولى(1).
يقول كاظم اليزدي بأن الأذان والإقامة واجبة على الرجال والنساء.
ولكن شيخ الطائفة الطوسي يقول وليس على النساء الأذان والإقامة بل يتشهدن الشهادتين بدلاً من ذلك وإن أذن وأقمن كان أفضل لهن إلا أنهن لا يرفعن أصواتهن أكثر من إسماع أنفسهن ولا يسمعن الرجال(2).
وبين هذه الأقوال تراوحت أقوال بقية الفقهاء .
ثانياً : الطهارة في الأذان والإقامة
1-السيد المرتضى :
قال السيد المرتضى في كتابه المصباح والجمل لا تجوز الإقامة إلا على وضوء واستقبال القبلة(3).
2- ابن المطهر الحلي :
استحباب الوضوء واستقبال القبلة(4).
3 -الشيخ المفيد :
يقول لا بأس للإنسان أن يؤذن وهو على غير وضوء(5).
4 -كاظم اليزدي الطبطبائي :
قال في العروة الوثقى يستحب الطهارة في الأذان(6).
ثالثاً : الكلام في الأذان والإقامة
1-الشيخ المفيد :
لا يجوز التكلم في الإقامة وكذلك هذا قول السيد المرتضى(7) .
2- العلامة الحلي :
يقول انها عبادة مستحبة فلا تجب كيفيتها(8)- أي تجوز -
3-الشيخ الطوسي :
لا بأس أن يتكلم في حالة الأذان ولا يجوز التكلم في حال الإقامة(9) .
4-كاظم اليزدي الطبطبائي :
__________
(1) العروة الوثقى / ج1 ص457 بتعليقات أربعة من العلماء ]
(2) النهاية / الطوسي ص 65 ]
(3) جمل العلم والعمل / ص64 ] [ مختلف الشيعة / ج2 ص140 ]
(4) مختلف الشيعة / ص140 ]
(5) المقنعة / المفيد ص98 ]
(6) العروة الوثقى / ج1 ص464 ]
(7) مختلف الشيعة / ص140] [ المقنعة / ص98 ] [ جمل العلم والعمل/ ص64 ]
(8) مختلف الشيعة / ج2 ص140 ]
(9) النهاية / الطوسي ص66 ](35/97)
قال عدم التكلم في أثناء الأذان والإقامة بل يكره بعد قد ( قامت الصلاة ) للمقيم بل لغيره أيضاً في صلاة الجماعة إلا في تقديم إمام بل مطلق ما يتعلق بالصلاة لتسوية الصف ونحوه بل يستحب له إعادتها حينئذ(1).
رابعاً : أذان الفاسق
1-ابن الجنيد :
منع من الاعتداد بأذان الفاسق ، وذهب إلى قوله الشهيد في الذكرى(2).
2-العلامة الحلي :
يقول ان الفاسق مسلم مكلف مؤمن يصح منه الأذان لنفسه فيصح الاعتداد بآذانه كغيره(3).
3-الشيخ الطوسي:
لا يؤذن ولا يقيم إلا من يوثق بدينه فإن كان الذي يؤذن غير موثق بدينه أذنت لنفسك وأقمت(4) .
خامساً : عدد فصول الأذان والإقامة
1-شيخ الطائفة الطوسي :
يقول الأذان والإقامة خمسة وثلاثون فصلاً الأذان ثمانية عشر فصلاً والإقامة سبعة عشر فصلاً وذكر الأذان والإقامة…… ثم قال وقد اختلف أصحابنا في فصول الأذان والإقامة وقالوا انها :
أ-سبعة وثلاثون فصلاً.
ب-ثمانية وثلاثون فصلاً .
ج-اثنان وأربعون فصلاً .
ويقول فأما من روى سبعة وثلاثين فصلاً فإنه يقول في أول الإقامة أربع مرات(الله أكبر) ، ويقول في الباقي كما قدمناه .
ومن روى ثمانية وثلاثين فصلاً يضيف إلى ما قدمناه من قول ( لا إله إلا الله ) مرة أخرى في آخر الإقامة .
ومن روى اثنين وأربعين فصلاً فإنه يجعل في آخر الأذان التكبير أربع مرات وفي أول الإقامة أربع مرات وفي آخرها أيضاً مثل ذلك أربع مرات ويقول (لا اله إلا الله) مرتين في آخر الإقامة فإن عمل عامل على إحدى هذه الروايات لم يكن مأثوماً .
وقال :
__________
(1) العروة الوثقى / ج1 ص464 ]
(2) مختلف الشيعة / ص150 ] [ الذكرى / ص172 ]
(3) مختلف الشيعة / ص 149 ]
(4) النهاية / الطوسي ص65 ](35/98)
وأما ما روي في شواذ الأخبار من قول (( أشهد أن علياً ولي الله وآل محمد خير البرية )) فمما لا يعمل عليه في الأذان والإقامة فمن عمل بها كان مخطئا(1).
هذه أقوال شيخ الطائفة باختلاف علماء الشيعة في عدد فصول الأذان والإقامة وذهب بقية العلماء المتأخرين والمتقدمين إلى التخير من هذه الأقوال .
سادساً : أخذ الأجرة على الأذان
1- الشيخ الطوسي :
أ- قال في المبسوط :
يجوز أن يعطى المؤذن من بيت المال ومن خاص الإمام .
ب- قال في الخلاف :
لا يجوز أخذ الأجرة على الأذان .
ج- وقال في النهاية :
أخذ الأجرة على الأذان والصلاة بالناس حرام .
2-العلامة الحلي:
تحريم أخذ الأجرة على الأذان لأنها عبادة دينية فلا يجوز أخذ الأجرة عليها(2).
3-السيد المرتضى :
قال في المصباح كراهة أخذ الأجرة على الأذان(3).
4-جوز بعض علماء الشيعة أخذ الأجرة على الأذان من بيت المال أو خاص الإمام(4).
سابعاً : حكم الأذان والإقامة قبل دخول الوقت
1-السيد المرتضى :
قال اختلفت الرواية عندنا في هذه المسألة فروي أنه لا يجوز الأذان لصلاة قبل دخول وقتها على كل حال .
وروى آخرون أنه يجوز ذلك في صلاة الفجر خاصة(5).
2-ابن إدريس :
منع ابن إدريس من تقديمه حتى في صلاة الصبح ، وهذا ما ذهب إليه السيد المرتضى(6) ، وذهب إلى القول الأول كل من [ المفيد في المقدمة ] [ وابن براج في المهذب ] [ وابن حمزة في الوسيلة] [ والمحقق في المقدمة ] .
ثامنا : حكم التثويب والترجيع في الأذان
1-العلامة الحلي :
__________
(1) النهاية / ص68-69] [ مختلف الشيعة / ج4 ص150 ] [ المبسوط / ج1 ص99 ] [ الخلاف/ ج1 ص279 المسالة 20]
(2) مختلف الشيعة / ج4 ص148 ]
(3) مختلف الشيعة / ج4 ص148 ]
(4) مختلف الشيعة / ج4 ص148 ]
(5) المسائل الناصرية الجوامع الفقهية / ص228] [مختلف الشيعة / ج4 ص146 ]
(6) السرائر / ج1 ص210-211 ] [ مختلف الشيعة / ج2ص146 ](35/99)
قال اختلف علماؤنا على قولين بعد اتفاقهم على إباحة التثويب للتقية والترجيع لمن أراد الأشعار.
فقال الشيخ الطوسي في النهاية يشعر بالتحريم فيهما وهو اختيار ابن إدريس وابن حمزة(1) ، وللشيخ الطوسي قول آخر وهو لا يستحب التثويب في خلال الأذان ولا بعده(2).
واختلف علماء الشيعة كذلك في معنى التثويب والترجيع :
1-الطوسي له ثلاثة أقوال :
في المبسوط الترجيع في الأذان هو تكرار التكبير والشهادتين في أول الأذان(3).
وقال في كتابه الخلاف الترجيع تكرير الشهادتين فقط من دون التكبير(4).
وهذا أحد قوليه في كتابه النهاية من أن التثويب تكرير الشهادتين والتكبير فيكون الترجيع قوله ( الصلاة خير من النوم ) وبه قال ابن حمزة(5).
2-ابن إدريس :
قال التثويب هو تكرار الشهادتين دفعتين لأنه مأخوذ من (ثاب) إذا رجع(6).
3-السيد المرتضى وابن أبي عقيل :
قالا معنى التثويب ( الصلاة خير من النوم )(7).
تاسعاً : ترك الأذان والإقامة تعمداً
1-شيخ الطائفة الطوسي :
أ- في حالة التعمد في الترك : قال من ترك الأذان والإقامة متعمداً ودخل في الصلاة فلينصرف وليؤذن وليقم أو ليقم ما لم يركع ثم يستأنف الصلاة .
__________
(1) النهاية / ص67 ] [ مختلف الشيعة / ج4 ص144] [ السرائر / ج1 ص212 ]
(2) الخلاف / ج1 ص286-288 المسالتان 30و32 ]
(3) المبسوط / ج1 ص95 ] [ مختلف الشيعة / ج4 ص144 ]
(4) الخلاف / ج1 ص286-288 المسألتان 30 و32 ]
(5) الوسيلة / ص92 ] [ مختلف الشيعة / ج4 ص145 ]
(6) السرائر / ج1 ص212 ] [ مختلف الشيعة / ج4 ص145 ]
(7) الأنتصار / ص39 ] [ مختلف الشيعة / ج4 ص145 ](35/100)
ب- في حالة النسيان : إذا تركها ناسياً حتى تدخل الصلاة ثم ذكر مضى في صلاته ولا إعادة عليه(1) ، وله قول آخر في المبسوط هو قوله في حالة التعمد ولم يفرق بين العمد والنسيان(2).
2-ابن أبي عقيل :
من نسي الأذان في صلاة الصبح أو المغرب حتى أقام رجع فأذن وأقام ، ثم افتتح الصلاة وإن ذكر بعد ما دخل في الصلاة أنه قد نسي الأذان قطع الصلاة وأذن وأقام ما لم يركع فإن ركع فإن كان قد ركع مضى في صلاته ولا إعادة عليه(3).
3-ابن الجنيد :
قال من نسي الأذان والإقامة في الفجر والمغرب أو الإقامة في غيرهما رجع حتى يأتي بذلك ما لم يركع فإن كان ناسياً للإقامة وحدها رجع ما لم يقرأ عامة السورة(4) .
4-السيد المرتضى والعلامة الحلي :
لو تركها ناسياً وصلى تداركها ما لم يركع واستقبل صلاته استحبابا(5).
5-كاظم اليزدي الطبطبائي : قال في العروة الوثقى :
من ترك الأذان أو الإقامة أو كليهما عمدا حتى أحرم للصلاة لم يجز له قطعها لتداركها ، نعم إذا كان عن نسيان جائز له القطع ما لم يركع* منفردا كان أو غيره حال الذكر** لا ما عزم على الترك زمانا معتدا به ثم أراد الرجوع بل وكذا لو بقي على التردد كذلك لا يرجع لو نسي*** أحدهما**** أو نسي بعض فصولهما بل أو شرائطهما على الأحوط .
واليك بعض تعليقات العلماء على قوله في النقاط المؤشرة التي خالفه بها العلماء .
*-الخوئي :
لا يبعد جواز القطع بعد الركوع أيضا .
**- الخميني :
بل مطلقا على الأقوى والأحوط ما في المتن.
***-كلباكياني :
جواز الرجوع مع نسيان خصوص الإقامة ما لم يركع لا يخلو عن قوة لكن الأحوط عدم الرجوع .
__________
(1) النهاية / ص65 ] [ مختلف الشيعة / ج4 ص141 ]
(2) المبسوط / ج1 ص95 ] [ مختلف الشيعة / ج4 ص142 ]
(3) مختلف الشيعة / ج4 ص142 ] [ المعتبر / ص161- 162 ]
(4) مختلف الشيعة / ج4 ص142 ]
(5) المعتبر / ص161 ] [ مختلف الشيعة / ج4 ص142 ](35/101)
****-خميني :
جواز الرجوع في نسيان الإقامة لا يخلو من قوة خصوصا قبل القراءة (1) .
عاشراً : أذان المرأة للرجال
1-شيخ الطائفة الطوسي :
قال في (المبسوط) لو أذَّنت المرأة للرجال جاز لهم أن يقتدوا بها ويقيموا لأنه لا مانع منه(2).
2-العلامة الحلي :
لا يجوز أذان المرأة للرجال بتاتا(3).
3-كاظم اليزدي الطبطبائي :
يقول عدم الظاهر عدم الفرق بين أذان الرجل والمرأة الا إذا كان سماعه على الوجه المحرم أو كان أذان المرأة على الوجه المحرم .
وعلى قوله هذا يعلق هؤلاء العلماء :
* يقول الخميني : فيه تأمل .
* يقول الخوئي في جواز اكتفاء الرجل بأذان المرأة : إشكال بل منع(4).
الحادي عشر : الأذان والإقامة في هيئة القيام
1-المفيد :
قال لا يجوز الإقامة إلا وهو قائم متوجه إلى القبلة مع الاختيار(5).
2-العلامة الحلي :
استحباب الإقامة والمرء قائم(6).
3-شيخ الطائفة الطوسي :
قال ولا بأس أن يؤذن الإنسان وهو راكب أو ماش ولا يقيم إلا وهو قائم مع الاختيار.
ولا باس أن يؤذن الإنسان ووجهه إلى غير القبلة إلا أنه إذا شهد الشهادتين استقبل بهما القبلة ولا يقيم إلا ووجهه إلى القبلة(7)
الثاني عشر : سقوط الأذان في موارد
قال كاظم اليزدي الطبطبائي في العروة الوثقى يسقط الأذان في موارد :
أ-أذان عصر يوم الجمعة إذا جمعت مع الجمعة أو الظهر وأما مع التفريق فلا يسقط.
ب-أذان عصر عرفة إذا جمعت مع الظهر لا مع التفريق.
ج-أذان العشاء في ليلة المزدلفة مع الجمع أيضاً لا مع التفريق*.
__________
(1) العروة الوثقى / ج1 ص465- 466 ]
(2) المبسوط / ج1 ص98 ] [ مختلف الشيعة / ج4 ص139 ]
(3) مختلف الشيعة / ج4 ص139 ]
(4) العروة الوثقى / ج1 ص459 مع تعليقات أربعة من العلماء ]
(5) المقنعة / ص99 ] [ مختلف الشيعة / ج4 ص141 ]
(6) مختلف الشيعة / ج4 ص141 ]
(7) النهاية / الطوسي ص66 ](35/102)
د- العصر والعشاء للمستحاضة التي تجمعهما مع الظهر والمغرب.
و-** المسلوس ونحوه في بعض الأحوال التي يجمع فيها بين الصلاتين كما إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين بوضوء واحد ويتحقق التفريق بطول الزمان بين الصلاتين لا بمجرد قراءة تسبيح الزهراء أو التعقيب والفصل القليل بل لا يحصل *** بمجرد فعل النافلة **** مع عدم طول الفعل والأقوى أن السقوط في الموارد المذكورة رخصة لا عزيمة وان كان الأحوط ***** الترك ****** خصوصاً في الثلاثة الأولى ******* .
وقد علق مجموعة من العلماء على أقواله مخالفين هذه الأقوال .
*- الخوئي :
قال الظاهر سقوط الأذان في عصر عرفة وعشاء المزدلفة حال الجمع على نحو العزيمة وأما في غيرها من الموارد المذكورة فلم يثبت السقوط ولو بعنوان الجمع.
**- الأراكي :
قال الظاهر السقوط في مطلق موارد الجمع .
***- الخميني :
قال حصوله غير بعيد بفعل النافلة الموظفة .
الكلباكياني :
قال لا يبعد الحصول بفعل النافلة .
****- الأراكي :
قال الظاهر أن الفصل بالنافلة بحكم التفريق.
*****- الأراكي :
قال لا يترك الاحتياط بترك الإتيان به يقصد المشروعية في مطلق موارد الجمع.
******- الخميني :
لا يترك في مطلق الجمع بل الأقوى أنه عزيمة في عصر يوم عرفة وعشاء ليلة العيد بمزدلفة .
*******- كلباكياني :
بل الاحتياط في الرابع والخامس ( د ، و) أكد بل يترك فيهما(1) .
وأخيراً فان ما سقته لك عزيزي القارئ اللبيب من نقولات توضح بعض الاختلافات بخصوص مسألة الأذان ، هي غيض من فيض وان شئت فقل ما هي إلا كنقطة ماء في بحر فضلاً عن اختلافاتهم في الأصول(2)
__________
(1) العروة الوثقى / ج1 ص459 مع تعليقات أربعة من العلماء ]
(2) يقول الشيخ جعفر الشاخوري البحراني :
ومن مسائل الفقه إلى تفصيل العقيدة نجد أن جذور الخلاف بين أعاظم علمائنا من عمق عصور الأئمة - عليه السلام - إلى الوقت المعاصر حيث يلحظ الدارس وجود تيارين فكريين :
تيار يغلب عليه الميل نحو التمسك بحرفية الأخبار مع التقليل من المناقشة والتفكير، ويمثل ابرز رموز هذا التيار ابن أبي عمير ، والشيخ الصدوق ، والسيد نعمة الله الجزائري، وكثير من العلماء المتأخرين .
بينما يمثل التيار الآخر هشام بن الحكم ، والشيخ المفيد ، والسيد المرتضى ، والشيخ الطوسي ، والشهيد المطهري ، والسيد فضل الله من المتأخرين ، وقد اصطلح على التيار الأول بتيار أهل الأخبار أو المحدثين ، بينما أطلق على التيار العقلاني تيار المتكلمين .
[ حركية العقل الاجتهادي / جعفر الشاخوري ص 181 ]
قال الشيخ جعفر الشاخوري في مقدمة كتابه مرجعية المرحلة وغبار التغيير:
حفل العالم الفقهي وما يزال بالكثير من الخلافات الاجتهادية سواء في العالم السني أو الشيعي مما جعل المحافل العلمية مسرحاً لمختلف الآراء الكلامية والفقهية والفكرية حتى صح ان يقال انه ما من مجتهد إلا وله بعض الآراء التي تخصه .
[ مرجعية المرحلة وغبار التغيير / جعفر الشاخوري صفحه – ذ ، ز ]
يقول جعفر السبحاني :
وجود الخلاف في كثير من المسائل العقيدية ، حتى مثل سهو النبي في جانب التفريط أو نسبة التفويض في بعض جانب الإفراط ، فان بعض هذه المسائل وان صارت من عقائد الشيعة الضرورية بحيث يعرفها العالي والداني ، غير إنها لم تكن بهذه المثابة في العصور الغابرة.
[ كليات في علم الرجال / جعفر سبحاني ص 430 ]
قال عبد الهادي الفضلي :
الظاهر ان القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأصولية أيضاً فربما كان شيء عند بعضهم فاسداً أو كفراً ، غلواً أو تفويضاً ، أو جبراً أو تشبيهاً ، أو غير ذلك وكان عند أخر مما يجب اعتقاده ، أو لا هذا ولا ذاك .
[ أصول علم الرجال / عبد الهادي الفضلي ص 108 ](35/103)
، والفروع ، والتفسير ، والرجال(1)، وغيرها من المواضيع(2) ، والتي تجعلك تتعجب – وحق لك التعجب – بل وتسأل نفسك إلى أي مدى قد وصل التخبط بعلماء الشيعة حتى جعلهم يقررون ان مذهبهم قد تميز عن مذهب أهل السنة من انه دين خالص نقي ليس فيه من أقوال الرجال واختلافاتهم مثل ما لدى أهل المذاهب الأخرى أو القول ان دينهم قد توحدت فيه الأقوال ، والأفعال ، والاعتقادات لانهم اتبعوا المعصوم وركبوا سفينته ، وهذا أمر يكذبه الواقع ولا يصدق به من لديه مسكة عقل .
معظم أحاديث الشيعة مطعون في سندها
ان من أهم أسباب الاختلاف الفقهي الشديد عند الشيعة هو كثرة الكذب والكذابين على الائمة(3)
__________
(1) يقول الشيخ علي الخاقاني في رجاله:
اختلف علماؤنا في توثيق كثير من الرجال أو في الأكثر ، بل في كثير من الأعاظم ، فترى هذا يوثق محمد بن سنان بل يجعله في أعلى درجات الوثاقة ، واخر يضعفه بل يجعله غالياً، وكالمفضل بن عمر إلى غير ذلك .
[ رجال الخاقاني / علي الخاقاني ص 82 ]
(2) ذكرنا بعضاً من هذه الاختلافات في كتابنا ركبت السفينة… ولكن ؟
(3) قال جعفر الصادق :
أنا أهل بيت صديقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا ، ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس …. .
[ رجال الكشي / الكشي ص 108 – 174 ]
وقال : … ان الناس أولعوا بالكذب علينا … .
[ رجال الكشي / الكشي ص 347 ]
يقول الغريفي :
ان كثيراً من الأحاديث لم تصدر عن الأئمة وانما وضعها رجال كذابون ونسبوها إليهم ، أما بالدس في كتب أصحابهم أو بغيره وبالطبع لابد وان يكونوا قد وضعوا لها أو لاكثرها إسناداً صحاحاً كي تقبل حسبما فرضته عملية الدس والتدليس.
[ قواعد الحديث / الغريفي ص 135 ](35/104)
، وكثرة الرواة من أصحاب العقائد الفاسدة ، وقد جمع هذا الكذب وسطر في الكتب الحديثية المشهورة عند الإمامية ، فكانت النتيجة ان اختلافاتهم قد تصل إلى العشرات من الأقوال المتباينة ، والمتخالفة التي لا يمكن الجمع بينها بحال من الأحوال وكما صرح بذلك الفيض الكاشاني قائلاً:
تراهم يختلفون في المسالة الواحدة إلى عشرين قولاً ، أو ثلاثين قولاً ، أو أزيد ، بل لو شئت أقول لم تبق مسالة فرعية لم يختلفوا فيها أو في بعض متعلقاتها(1) .
وإن معظم هذه الاختلافات جاءت عن طريق الرواة أصحاب العقائد الفاسدة الذين لا يخلو منهم حديث شيعي ، كما صرح بذلك الشريف المرتضى في رسائله فقال :
ان معظم الفقه وجمهوره لا يخلو مستنده ممن يذهب مذهب الواقفة اما أن يكون أصلا في الخبر ، أو فرعا ، راويا عن غيره ، ومرويا عنه والى غلاة ، وخطابية ، ومخمسه ، وأصحاب حلول كفلان وفلان ومن لا يحصى أيضا ذكره ، والى قمي مشبه مجبر، وأن القميين كلهم من غير استثناء أحد منهم إلا أبا جعفر بن بابويه بالأمس كانوا مشبهة ، مجبرة وكتبهم وتصانيفهم تشهد بذلك وتنطق به ، فليت شعري أي رواية تخلص وتسلم من أن يكون في أصلها وفرعها ، واقف ، أو غال ، أو قمي مشبه مجبر ، والاختيار بيننا وبينهم التفتيش.
ثم قال :
لو سلم خبر أحدهم من هذه الأمور لم يكن راويه إلا مقلداً بحت معتقداً لمذهبه بغير حجة أو دليل ، ومن كانت هذه صفته عند الشيعة جاهلاً بالله تعالى لا يجوز أن يكون عدلاً ولا ممكن تقبل أخباره في الشريعة …….،
فمن أين يصح لنا خبر واحد يروونه ممن يجوز أن يكون عدلاً مع هذه الأقسام التي ذكرناها حتى ندعي أن تعبدنا بقوله (2).
وبذلك فان الشريف المرتضى يكاد ينفي صراحةً أن يكون هناك خبر في الفقه يخلو من طعن يتعلق بالسند .
__________
(1) مقدمة الوافي / الفيض الكاشاني ص9 ]
(2) رسائل الشريف المرتضى / ج3 ص310-311 ] [ مدخل إلى فهم الإسلام / يحيى محمد ص393 ](35/105)
وكذلك فإنه قد أكثر من نقد الرواية والراوي في كتب الشيعة ، إلى درجة كاد أن يطعن بجميع الروايات الشيعية بما فيها الأحاديث الخاصة بعلم الفقه التي تعد زاده ومعينه الأساس فهو من جهة يستخف بمصنفات أصحاب الحديث التي تعتمد على خبر الآحاد ، فيقول :
دعنا من مصنفات أصحاب الحديث من أصحابنا ، فما في أولئك محتج ، ولا من يعرف الحجة ، ولا كتبهم موضوعة للاحتجاج (1).
وهذه الأقوال تعد مطعناً كبيراً وفاضحاً لكتب الحديث عند الشيعة من قبل عمود من أعمدة المذهب .
يقول شيخ الطائفة الطوسي في كتابه الفهرست :
إن كثيراً من مصنفي أصحابنا ، وأصحاب الأصول ، ينتحلون المذاهب الفاسدة ، وإن كانت كتبهم معتمدة (2) .
قال الشيخ الطوسي في كتابه الفهرست :
ان اختلاف الفقهاء في مباني الأحكام لا يوجب عدم الاعتداد بأقوالهم لانهم قديماً وحديثاً كانوا مختلفين في الأصول التي تبنى عليها الفروع ، كاختلافهم في خبر الواحد، والاستصحاب ، والمفاهيم ، وغيرها من مسائل أصول الفقه ، حتى لا نجد اثنين منهم متوافقين في جميع مسائل الأصول .
وقال الطوسي بعد ذلك :
ولو كان الخلاف في أصول الفقه موجباً لترك الكتب المبتنية عليها من الفروع لزم سقوط اعتبار جميع الكتب وعدم التعويل على شيء منها(3).
يقول الشيخ الشاخوري البحراني :
ويبقى بعد اختلاف الأخبار عامل مهم لاختلاف العلماء في الفتاوى ، وهو الخلاف في مسائل علم اصول الفقه ، كمسألة حجية الخبر الواحد ، وحجية الاستصحاب ، والإجماع ، والشهرة ، والاختلاف في عالم الاستظهار ، وغيرها من المسائل التي تجد مظانها في كتب اصول الفقه(4).
أقول :
__________
(1) رسائل الشريف المرتضى / ج3 ص26-27 ][ مدخل إلى فهم الإسلام / يحيى محمد ص393 ]
(2) الفهرست / مقدمة المؤلف ص25 ]
(3) نقلاً عن رجال السيد بحر العلوم / ج3 ص 222 - وحكاه الاردبيلي في رجاله ]
(4) حركية العقل الاجتهادي / جعفر الشاخوري ص 78 ](35/106)
بعد هذه النقولات التي أوضحت لك الاختلاف الكبير والعميق بين علماء الشيعة في فرعيات واصول المذهب احب ان انوه إلى مسألة مهمة جداً وهي :
وجود مثل هذه الاختلافات عند أهل السنة
وللقارئ كل الحق في ان يسأل فيقول :
ان مثل هذه الاختلافات موجودة حتى في كتب أهل السنة وعند علمائهم فلم خصصت الشيعة بذلك(1).
وقبل الإجابة عن ذلك احب ان انوه إلى أمر توارثه الشيعة كابرا عن كابر وهو :
ان الشيعة عامة وخاصة قد شنعوا على أهل السنة كونهم مختلفين اختلافاً عظيماً وما اختلافهم هذا – كما يرى الشيعة – إلا لانهم اتبعوا أناساً غير معصومين ، كابي هريرة ، وعائشة ، ومعاوية ، وكعب الأحبار ، وأبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وابن حنبل ، وتركوا عترة أهل البيت المعصومين وهذا كما قلنا هو السبب الرئيس في اختلافهم .
فأقول :
نعم نجد عند أهل السنة مثل هذه الاختلافات ، واختلاف أئمة السنة مسوغ وطبيعي تبعاً لاختلاف أنظار مجتهديهم الذين لم يشترطوا العصمة لهم .
أما أن يختلفوا على الرغم من عصمة الأئمة إختلافاً عظيماً يفوق اختلاف أئمة السنة ، كما صرح بذلك الطوسي فإن هذه الدعوى-أي العصمة-باطلة من أساسها وذلك لانتفاء مقاصدها وأهمها عدم الاختلاف في الفتوى لوحدة المصدر وعصمته .
وتجد كل هذا الاختلاف عندهم على الرغم من وجود اثني عشر اماماً معصوماً ، وتواجد هؤلاء المعصومين بين الشيعة لمدة ثلاثة قرون .
__________
(1) بعد ان ذكر بعض المسائل الخلافية بين المذاهب الأربعة قال محمد جواد مغنية :
والغرض من هذه التدليل على إن الخلافات كما هي واقعة بين السنة والشيعة ، فهي حاصلة بين السنة بعضهم مع بعض ، وبين الشيعة أيضاً بعضهم مع بعض ]
[ مع الشيعة الإمامية / محمد جواد مغنية ص48 ]
قال محمد حسين فضل الله :
ان الاختلاف في الاجتهاد موجود عند السنة كما هو موجود عند الشيعة.
[ مجلة الندوة / محمد حسين فضل الله ج2 ص 549 ـ 550 ](35/107)
وبالإضافة إلى ذلك ، وجود معصوم – المهدي - حي باق إلى يومنا هذا ، يسدد ، ويوجه ، ويجمع معهم.
يقول الشريف المرتضى في رسائله : نحن نجوز ان يصل اليه – أي المهدي – كثير من أوليائه والقائلين بإمامته فينتفعون به(1).
يقول السيد محسن الخرازي ناقلاً كلام صاحب كتاب أنيس الموحدين :
ان غيبة الإمام الثاني عشر تكون عن اكثر الناس لا عن جميعهم ، لوجود جمع يتشرفون بخدمته ، ويأخذون جواب الغوامض من المسائل ويهتدون بهدايته ، وان لم يعرفوه(2) .
فالذي نستغربه ونتعجب منه ونتساءل عنه هو ؟! ما فائدة هؤلاء المعصومين الاثني عشر ؟؟! وماذا جنى الشيعة من اتباعهم ؟؟! وهم بهذا المستوى من الاختلاف الذي فاق اختلاف أهل السنة فيما بينهم باعتراف علمائهم ، سؤال نوجهه إلى كل شيعي عاقل فهم منا ما كتبناه في هذه الأسطر القليلة .
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ الظَّالِمُونَ } (قّ :37)
الفصل التاسع
صورتان متضادتان
لاتباع
سفينة أهل البيت
واختم بحثي هذا بما ذكره عالمان من علماء الشيعة في مسالة الشهادة الثالثة ، الأول السيد محمد العاملي الكاظمي ، والثاني السيد محمد محمد صادق الصدر ، لتجد عظم الفرق بين القولين مع العلم بان الاثنين قد ركبوا في سفينة أهل البيت وبذلك فانهم قد عصموا أنفسهم من الاختلاف ، ولك الحكم عزيزي القارئ على ما ستجده من اختلاف وتضاد في الأقوال ولك ان تختار ما ينجيك منها يوم القيامة :
القول الفصل في لزوم ترك الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة
قال السيد محمد العاملي الكاظمي تحت هذا العنوان :
__________
(1) رسائل الشريف المرتضى / علم الهدى الشريف المرتضى ج2 ص 297 ]
(2) بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية لمحمد رضا المظفر/محسن الخرازي ج2ص28](35/108)
كل من كان له أدنى تأمل وتدبر يعرف جلياً أن الحق يحتم عليه ترك هذه الزيادة المستحدثة في أذان الرسول - صلى الله عليه وسلم - والأئمة - عليه السلام - ولا يقبل هذه التكليفات التي فاه بها بعضهم لسنة الرسول وتفصيل هذا الكلام يكون بذكر أمور :
أولاً :
إن الأذان حد شرعي بينه الشارع المقدس فلا يجوز الزيادة فيه أو النقصان منه لأنه إحداث قول قبال قول الشارع ولا يجوز تعدي الحدود الشرعية
{ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } (الطلاق: من الآية1)
ثانياً :
إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أدى لنا ديناً تاماً ولم يبق شيء لم يبينه ، ومن جملة ما بينه الأذان ولم يبين فيه الشهادة لعلي ولما لم تكن هذه الشهادة موجودة في سنته ولم يذكرها أهل بيته فإحداثها بعدهم جرأة عليهم وطعن فيهم .
فلو كان في ذكرها خير وفضل لعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان أولى وأحق وكذا أهل بيته.
وفي بعض الأخبار ورد سؤال الإمام الصادق - عليه السلام - عن بعض الصلوات فأجاب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي كذا من الصلوة وأنا أصلي كذلك ولو كان خيراً لم يتركه رسول- صلى الله عليه وسلم - وفي رواية أخرى لو كان فضلاً كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعمل به وأحق.
ثالثاً :
ورد في بعض الأخبار ذكر بعض الأدعية والأذكار مثل لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت وهو على كل شئ قدير. فزاد الراوي قوله (بيده الخير) ورد الإمام - عليه السلام - عليه بقوله :
ان بيده الخير ، ولكن قل كما أقول .
وفي رواية أخرى : زاد الراوي على هذا الذكر (( ويميت ويحي )) بعد (( يحي ويميت )) فقال - عليه السلام - يا هذا :
لا شك في أن الله يحي ويميت ويميت ويحي ولكن قل كما أقول .(35/109)
... والذي يستفاد من هذا وأمثاله أن مثل الأذان المبين تحديده من قبل الشارع لا يزاد عليه ولو بكلام حق لأن في هذا التحديد خصوصية ومزية لا يعرفها الناس .
رابعاً :
ورد في حديث عن أمير المؤمنين في تحديد السنة والبدعة فقال (( السنة ما سن رسول الله والبدعة ما احدث بعده )) ولما لم تكن الشهادة الثالثة لعلي عليه السلام موجودة في سنة الرسول فهي بدعة أحدثت بعده ، قصد بها الجزئية أو لم يقصد لشمول الحديث لكلا الوجهين(1) . انتهى كلامه .
أقول :
هذا ما ذكره السيد الأول وقد أنكر إنكاراً شديداً على من صرح بالشهادة الثالثة، قصد الجزئية أم لم يقصد ، وقد جاء على ذلك بأدلة قطعية صحيحة ومختصرة ، ومن دون لف ولا دوران ، أدلة فيها قال الله وقال الرسول ، أدلة لا تحتاج إلى رد ولا إلى توجيه يفهم منها العاقل والمنصف بطلان هذه الزيادة .
وانتقل بك عزيزي القارئ إلى أقوال السيد الآخر لكي تشعر بالفرق بين أدلة الاثنين وما سلكه الثاني من لف ودوران ، وابتعاد عن أقوال الله ورسوله .
محمد الصدر والشهادة الثالثة
ان من يركب متن عمياء ، أوشك ان يخبط خبط عشواء ، وان اجتهاد الشيعة ومنهم الصدر في إثبات (الشهادة الثالثة) في الأذان وبكل وسيلة متاحة أدت بهم إلى الوقوع في محاذير عدة كان بالإمكان تجاوزها لو تم التجرد من العصبية والهوى ، فهم أولاً لم يراعوا :
مصداقية هذه الوسائل وهل هي تتوافق مع القواعد الأصولية والحديثية المقررة عند أهل العلم أم هي مخالفة لها .
وكذلك لم يراعوا النتائج المترتبة على استخدام مثل هكذا وسائل وما تؤدي إليه من طعن وتعد على حضرة النبي صلى الله عليه وسلم وأئمة أهل البيت عليهم السلام، وتجاوز على الشرع المطهر والدين الحنيف .
__________
(1) الاعتصام بحبل الله / محمد مهدي الخالصي ص 57 ](35/110)
والعجب ان ذلك كله تم لا لشيء وانما لأغراض طائفية واتجاهات تحزبية ، كانت هي المؤثر والدافع الرئيس لكل هذا التخبط ، وكل ذلك ستجده عزيزي القارئ في نص أجوبة آية الله محمد محمد صادق الصدر التي ذكرها الشيخ عباس الزيدي صاحب كتاب السفير الخامس رداً على أسئلة وردت إلى السيد حول ما ذكره التيجاني السماوي في كتابه كل الحلول عند آل الرسول عن الشهادة الثالثة فإليك الأسئلة والأجوبة ومناقشتها .
الأسئلة
السؤال الأول :
في هذه الفترة نزل إلى الأسواق المؤلف الأخير( كل الحلول عند آل الرسول ) للدكتور التيجاني وقد تعرض المؤلف إلى الشهادة الثالثة وأنكرها باعتبارها من الزوائد على المذهب الذي يجب تنقيته من هكذا أمور فما رأي سماحتكم بذلك .
الجواب :
بسمه تعالى : ملخص الحال فيها إنها ليست جزءاً من الأذان ، ولم تكن موجودة في ردح طويل من عصر المعصومين .
وان قصد الجزئية للأذان أو الإقامة أو لغيرها فهو كاذب على الله ورسوله ، وهو من التشريع المحرم كما انه ليس عليها الان آية ولا رواية بعينها تدلنا على استحبابها .
كل ما في الأمر أنها مع عدم نية الجزئية لا تكون حراماً جزماً ، وان كان التيجاني يرى حرمتها فهو خاطئ ، باعتبار أنها بمنزلة الكلام المستقل في داخل الأذان ، وغير قاطع للموالاة فيه ، أذن فهي على أسوء تقدير من المباحات ويكون القائل بحرمتها محتاجاً إلى دليل مفقود .
ولكننا مع ذلك يمكن ان نستدل على استحبابها بعدة وجوه :
أهمها : ما أشار إليه الشيخ الصدوق ( راجع وسائل الشيعة ) من وجود روايات مفقودة فعلاً تأمر بذلك ، وهو وان كان قد انتقدها واتهمها بالوضع والكذب إلا أنها تثبت صغروياً بشهادته وتثبت كبروياً بضم أخبار (من بلغ) إليها فيثبت الاستحباب فان قلنا بان المستحب جزء أمكن قصد الجزئية اللزومية حراماً .
هذا إضافة إلى أدلة أخرى :(35/111)
منها : ما ورد بمضمون ( عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنكم كلما ذكرتموني فاذكروا علياً ونحن قد ذكرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأذان أكيداً أذن يستحب لنا ذكر علي عليه السلام أيضاً بعد ضم الأخبار ( من بلغ ).
ومنها : استحباب ذكر الإمام ، واحترامه والصلاة عليه في المناسبات ولا شك ان الأذان من المناسبات العرفية والمتشرعية لذلك.
ومنها : نصرة المذهب حيث اصبح الجمع بين الصلاتين والشهادة الثالثة من شعاراته ومن مختصاته ، فيكون في الالتزام بها نصرة له بكل تأكيد ونصرته مستحبة بل واجبة أكيداً بكل وقت .
وان كان فيها نصرة المذهب أذن فلا توجد أية مصلحة في الردع عنه وان الحق مع العلماء في الإبقاء عليها والأمر بها لانه ثبت عندهم ان الأمر بها صادر عن الله سبحانه وتعالى ، فهم يأمرون بما أمر به الله سبحانه .
ومن الصحيح ان آذان بلال لم تكن فيه الشهادة الثالثة إلا انه لم يكن فيه أيضاً (الصلاة خير من النوم ) وقد كان فيه ( حي على خير العمل ) فان قبل العامة بتطبيق آذانهم على آذان بلال قبلنا نحن ذلك أيضاً.
مضافاً إلى : انه ينبغي الالتفات إلى ان إخفاء العلماء ليس جريمة ، ولا مخلا بعدالتهم ، بل الواحد منهم ابصر بالأمر واعلم بالمصالح فقد تقتضي المصلحة القول وقد تقتضي المصلحة الإخفاء والسكوت حول أي شيء من الأمور ويكونون معذورين في ذلك حسب تشخيصهم للمصلحة والمفسدة الدينية والمذهبية والاجتماعية .
ويكفي ان تلتفت إلى ان عدداً من الأفكار تعتبر من أسرار آل محمد ، يحرم إفشاؤها ممن يعلم بها أو ببعضها ومما نسب إلى الإمام السجاد قوله .
يارب جوهر علم لو أبوح به لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي يرون اقبح ما يأتونه حسناً(35/112)
وأنا كنت أقول إلى وقت قريب بأننا لو عملنا للتيجاني تمثالاً من ذهب لكان قليلاً في حقه ولكنني أستطيع ألان ان اسحب هذه المبالغة من كلامي غفر الله لنا وله …. .
السؤال الثاني :
وقد ورد سؤالان يرتبطان بنفس القضية أوردهما زيادة للفائدة :
نرجو من سماحتكم الرد على من يقول بان الشهادة الثالثة بدعة لان إدخال ما ليس في الدين في الدين وذلك لأنها لم تكن موجودة في عصر النبي والائمة والأذان كما يعلم توقيفي .
الجواب :
بسمه تعالى : هذا سؤال عاطل أكيداً بعد الذي قلناه من الأدلة على مشروعية الشهادة الثالثة يعني إنها من الدين وليست خارجة عنه فلا تكون بدعة ولا ينحصر وجودها في عصر النبي لتكون من الدين فان اغلب السنة الشريفة واردة عن الصادقين وليست عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
السؤال الثالث :
ونأمل ان يرد سماحتكم على القائل بأنه لو كان فيها خير لاحق للمذهب (كما يدعي علماء المذهب) لورد عن الأئمة وهم العالمون بحقائق الأمور أو قالوا إنها ستكون من رموز التشيع وشعاراً للمذهب الحق فاذكروها عندما يكون المذهب بحاجة إلى ذلك.
الجواب :
بسمه تعالى : هذا أيضاً سؤال عاطل بعد الذي قلناه من إنها واردة عن الأئمة : كل ما في الأمر إنها تالفة خلال ما تلف من الكتب ، وربما كانت مخالفة للتقية ، ومحرجة بالنسبة إلى علمائنا السابقين ( قدس سرهم ) كالشيخ الصدوق ، والطوسي ، والمفيد، وحذفوها من كتب الحديث وطعنوا في صحتها وقلنا انه يكفينا منها مسالة التسامح في أدلة السنن .
وقد كان الأئمة : أيضاً في تقية مكثفة هم وأصحابهم ولم يكن في مصلحة التشيع في ذلك الحين إعلان أمثال هذه الأمور حتى ضعفت الخلافة العباسية وسيطر البويهيون على المجتمع المسلم . انتهى(1) .
المناقشة
الذي يقرأ هذه الفتوى للصدر يجد نفسه قد وقع في متاهات ، وأمام نقولات من الصعب عليه تجاوزها أو التخلص منها .
__________
(1) السفير الخامس / عباس الزيدي ص 287 – 290 ](35/113)
إذ ان هذه المسألة التي هي في قياس الفقه ليست بالعسيرة المستعصية جعل منها في فتواه قضية عويصة ذات أبعاد ومقاصد طويلة وعريضة جعلته يجبر نفسه على التفريع غير المستساغ ، ومحاولة إدخال هذه القضية في جوانب هي بعيدة عنها .
ونتيجة لكثرة هذه التشعبات التي ذكرها فانه أوقع المستفتي في حيرة من أمره الذي لم يعرف حقيقة حكمها ولا الأصل فيها ، وانما رده بعد كل الذي ذكره إلى التسليم بها والعمل بمقتضاها ولسان حاله يقول اعمل بها وإياك ان تستفسر عن حقيقتها ولعل هذا هو السبب الذي دفعه إلى اللف والدوران وذكر أمور لا تتعلق بالقضية ، فضلاً عن محاولة الإيهام التي سلكها ليجبر المستفتي على الأخذ بها مبتعداً عن البحث فيها لان البحث فيها على ما ذكره هنا يعجز العلماء وهو نفسه لا يمكن ان يطبق ما ذكره فلذلك أوصل المستفتي إلى حالة الإذعان عن طريق تصعيب القضية والباسها صوراً متعددة ، فكلام السادة أيضاً صعب مستصعب ولهم أسرار في الكلام تفوق ربما أسرار الأئمة.
وللاستفصال في ذلك نبين لك حقيقة ما ذكرنا عن طريق تبويب بسيط لفتوى الصدر فهو :
بداية ذكر : ( ان الشهادة الثالثة ليست جزءاً من الأذان جزماً ) .
والتعبير بالجزء هنا تعبير موهم لا يصرح بحقيقة المراد فما مراده من هذا الجزء ؟ هل هو ركن الأذان – أي فصله – ؟ أم الزيادة المستحبة ؟ أم جعلها في الأذان كجزء من جزئياته ؟ فعدم التصريح يوجب الإيهام .
ثم بعد ذلك بين أنها : ( لم تكن موجودة في ردح طويل من عصر المعصومين ).
ولم يبين لنا معنى انتفاء الوجود وهذا أيضاً إيهام منه لان انتفاء الوجود لا يدل على عدم الورود .
ثم علق بعد ذلك ألفاظ الأذان بالقصد حيث قال :
( وان قصد الجزئية للأذان أو الإقامة أو لغيرها فهو كاذب على الله ورسوله وهو من التشريع المحرم ) .(35/114)
وهذه نقطة يجب التنبيه عليها والانتباه لها إذ ان أجزاء الأذان والإقامة لا تتحقق إلا بقصدك لها عند تلفظك بها بمعنى انك ان لم تقصد انها من الأذان لم تكن أذاناً وان قصدت كونها من الأذان كانت أذاناً وانبنى عليها حكم جزئية الأذان .
وذكر ان التشريع المحرم ينبني على هذا القصد وهذه أيضاً مسألة كبيرة وخطيرة، وبحر من الإيهام ادخل به نفسه وبالتبع غيره لعدم وجود الضابط المحدد والرابط الموثق لما يثبت ويمكن فعله ويجب تركه ، وإذ ذاك يصبح التشريع أمراً مطلقاً، وفعلاً مرسلاً ، وساحة مباحة لكل من هب ودب بما ان القصد له منتف فكل فعل يتسم بالتعبد أو له ارتباط بعبادة لك ان تزيد فيه ، وان تفعل فيه ما تشاء بشرط ان لا يكون عندك قصد بان هذا من هذه العبادة ، أو انك قصدت تشريعه كزيادة أو إضافة لهذه العبادة .
ولك ان تتصور مع نفسك عزيزي القارئ مدى خطورة هذا الموضوع إذا ما أراد شخص زيادة أو إضافة عبادة ما ، فانك وعلى ضوء ما قرره السيد لن تستطيع ان تنكر عليه لانه لا محالة سيقول لك :
ويحك أنا لم اقصد بهذه الزيادة الجزئية ، وما قصدت من فعلي هذا إلا خيراً وبما ان لدينا قاعدة ( من بلغ ) – آلاتية الذكر – فلا سوء في صنيعي هذا ، وهكذا عزيزي القارئ ومن خلال مثل هذا الكلام اعتقد ان الحاجة إلى مرجعية الكتاب والسنة ستكون منتفية لان السيد استعاض عنها بـ ( القصد ) الذي يمكن ان يؤسس به مع قاعدة (من بلغ) ديناً بأكمله .
ولعل اخطر ما في هذه العبارات قوله :
( كما انه ليس عليها ألان آية ولا رواية بعينها تدلنا على استحبابها ) .(35/115)
ومكمن هذه الخطورة يتجلى لنا فيما سيذكره هو بعد ذلك ، إذ انه بعد ان ذكر هذا الإجمال الموهم والمرخي للعنان في مسألة حكم الشهادة الثالثة انطلق في محاولة يائسة منه لايجاد ثغرة يمكن من خلالها النفوذ إلى إمكانية إدخال هذه العبارة في الأذان، وهذه المحاولة منه لإيجاد مثل هذه الثغرة أدخلته في مطبات خطيرة جعلته يقرر جملة من القواعد غير المنضبطة ولا المستوفية لشرائط قبولها الأمر الذي جعلها عرضة للنقد والنقض .
إذ أنه بادئ ذي بدء قال :
( باعتبار إنها بمنزلة الكلام المستقل عن الأذان في داخل الأذان ) .
فهو أولاً ادخلها في الكلام المستقل الخارج عن حقيقة الأذان باعتبار عدم قصد الجزئية وإذ ذاك تكون من الكلام المباح الذي يذكر عرضاً بغير قصد الأذان فلا يقع في حرمة الزيادة .
ثم بنى على ذلك أمراً آخر فقال :
( وغير قاطع للموالاة فيه ، اذن فهي على أسوء تقدير من المباحات ويكون القائل بحرمتها محتاجاً إلى دليل مفقود ) .
أي ان هذا الكلام المضاف لا يقطع الموالاة في الأذان ، ومن قال بالتحريم فعليه بالدليل ، ومثل هذا الدليل منتفٍ ، وعليه فالقول باباحتها هو القول الراجح الذي يجب ألا يفتى إلا به .
ولا يخفى عليك عزيزي القارئ ما في هذا الكلام من خلل وفساد يستطيع ان يتلمسه صغار طلاب العلم فضلاً عن كبارهم ، أفلم يكن السيد يعلم ان الأذان عبادة، والعبادات مبنية على التوقيف ، والأصل فيها التحريم ، بمعنى ان أي إضافة أو نقصان منها مستوجبة للاثم والعقوبة وان فاعل تلك الزيادة أو النقصان هو فاعل للمحرم .
ألم يكن من الأولى بالسيد ان يأتي على ما قرره من انتفاء نية الجزئية في الشهادة الثالثة ، أو كونها كلاماً مستقلاً وكونها لا تقطع الموالاة - أقول ألم يكن - في وسع السيد ان يأتي بأدلة لاثبات مقرراته هذه لا ان يطالبنا نحن بالدليل ، نعم كان من الحتم واللازم على السيد ان يخبرنا بالدليل على ذلك كله .(35/116)
ثم هل ان كلامه هذا قاعدة مطردة في كل كلام يضاف إلى الأذان ، أم أنها مخصصة في كلام دون غيره ؟
وهل تكرار هذا الكلام في الأذان يخرجه عن كونه مستقلاً عنه ، أم أن الشرط باق على الذكر العرضي في وقت دون غيره ؟
ومتى يكون الكلام المستقل قاطعاً للموالاة ؟
وهل أن كل كلام لا يقطع أم ان منه ما هو قاطع للموالاة ومنه ما هو غير قاطع ؟
وهذه كلها لا ينبغي رميها هكذا جزافاً بغير انضباط ولا قيود بل يجب تحديد الحكم بانضباط شرعي منطقي ظاهر غير قابل للتعدي وموصل للمقصود في الوقت نفسه.
ولذلك ونتيجة لهذا التأرجح غير المبرر من جهة الشرع والعقل أوقع السيد نفسه في تناقض واضح ، وتشتت بين ، وانخراط في دروب ينزه العاقل نفسه عن الولوج فيها(1)
__________
(1) وبعد الرجوع إلى رسالة السيد منهج الصالحين وجدنا ما يؤكد ما ذهبنا إليه وذلك فيما يأتي
أولاً : اشتراطه الموالاة بين فصول الأذان مع مراعاة التقارب بين هذه الفصول من غير ان يحدد لنا ولو بإشارة مقدار هذا التقارب حيث قال :
( الموالاة بينهما وبين الفصول من كل منهما وبينهما وبين الصلاة . فإذا أخل أعاد . غير ان الظاهر ان التقارب المطلوب بين الفقرات اكثر من التقارب بينهما أو قبل الصلاة ) .
فما المسوغ الذي اعتمده في ان الشهادة الثالثة بتكرارها لا تكون قاطعة للموالاة مع انها تنافي التقارب المطلوب إيجاده بين فقرات الأذان .
ثانياً : بين السيد في فتواه ان الشهادة الثالثة كلام مستقل عن الأذان اذن هي كلام وفي رسالته العملية ذكر : ( ان الكلام يكره في إثناء الأذان والإقامة ) بإطلاق وبدون تخصيص فما الذي سوغ ذكر الشهادة الثالثة مع انه في رسالته العملية لم يذكر لها تخصيصاً .
هذا ما وددت الإشارة إليه لظني ان هذا الأمر مهم ويجب الانتباه إليه فهو يحقق ما ركزنا عليه من ان الدافع لتثبيت هذا الأمر عند السيد والآخرين خارج عن مسألة الفتاوى الشرعية والإحكام الدينية .
[ منهج الصالحين / محمد محمد صادق الصدر ج1 ص 136](35/117)
.
من ذلك محاولة استدلاله على استحبابها – أي الشهادة الثالثة- حيث قال :
( ولكننا مع ذلك يمكن ان نستدل على استحبابها بعدة وجوه ).
وهذا كما قلنا تناقض لا يمكن التهرب منه ، فهو نفى اولاً وجود دليل على الاستحباب، ونفي كونها من الأذان ، وجعلها من الكلام المستقل الخارج عن الأذان، ثم بعد ذلك يحاول الاستدلال على استحبابها في الأذان .
ومحاولة الاستدلال على الاستحباب يثبت كونها جزءاً وينفي عنها أنها كلام مستقل وإذ ذاك فهو يناقض نفسه بنفسه ، ويدخل في باب التخرصات ومحاولة التشدق بالغث والسمين من الأقوال لارضاء الأطراف التي يمكن أن تستعديه والجهات التي يمكن أن تنتقده وهذا باب في العلم مرفوض فهو يجبرك على المداراة والكذب أحياناً .
ولعلنا نجد عنده تدليساً ، وعدم وضوح في الإحالة والإشارة من ذلك ما نسبه إلى الشيخ الصدوق حيث قال :
( ما أشار إليه الشيخ الصدوق ( راجع وسائل الشيعة ) من وجود روايات مفقودة فعلاً تأمر بذلك ، وهو وان كان قد انتقدها واتهمها بالوضع والكذب إلا أنها تثبت صغروياً بشهادته وتثبت كبروياً بضم أخبار (من بلغ) إليها فيثبت الاستحباب فان قلنا بان المستحب جزء أمكن قصد الجزئية اللزومية حراماً ) .(35/118)
فهو أشار إلى وجود روايات مفقوده تأمر بهذا الفعل فنسبها إلى وسائل الشيعة من غير تحديد لمكانها ، ولا بيان لموضع ذكرها وهذا كلام مرفوض علمياً ورغم أن هذا الأمر مرفوض أصلاً ، إلا أنني بعد البحث والدراسة أيضاً لم أجد ولم أعثر على مثل هكذا كلام وهو بذلك يدلس على القارئ تدليساً واضحاً موهماً إياه بوجود مثل تلك الروايات المثبتة لدعواه وليس هذا أسلوب أهل العلم فضلاً عن العلماء المتبوعين(1).
والأغرب من ذلك ما نجده من تخبط واضح في التصريح إذ أنه يقول أن الصدوق أشار إلى روايات مفقودة ثم يقول أنه انتقدها واتهمها بالوضع والكذب .
__________
(1) أود ان أعرفك بهذا الكتاب تعريفاً موجزاً قبل البيان بذكر ما يتعلق بموضوع الشهادة الثالثة فكتاب وسائل الشيعة كتاب حديثي جمع فيه الحر العاملي ( المتوفى 1104هـ ) أحاديث الأئمة المذكورة في الكتب الأربعة بالإضافة إلى كتب أخرى في تبويب واحد بلغت عدد مجلداته عشرين مجلداً .
إما فيما يتعلق في موضوع الشهادة الثالثة فان الحر العاملي ذكر في كتابه هذا قول الصدوق:
( والمفوضه لعنهم الله قد وضعوا أخباراً وزادوا بها في الأذان محمد وال محمد خير البرية مرتين ، وفي بعض رواياتهم بعد اشهد ان محمداً رسول الله اشهد ان علياً ولي الله مرتين).
إذن الكتاب كتاب حديثي يجمع الأخبار والروايات ولا علاقة له بأقوال الصدوق ( المتوفى 381هـ ) ولا غيره من العلماء .
أما فيما يتعلق في خاتمة الوسائل وهو المجلد العشرون فالذي ذكره الحر العاملي فيه من أقوال هي لاصحاب الكتب الأربعة وغيرهم من أصحاب الكتب ، وذكر أيضاً الخلاف الأخباري الأصولي ، وتكلم أيضاً فيه عن بعض الرجال من باب التوثيق والترجيح وبيان حالهم فلا علاقة له أصلاً بالشهادة الثالثة فهو لم يشر في كتابه هذا إلى ان هناك روايات تأمر بها قد فقدت ، ولعل ما ذكرته من إيهام وتدليس لم يكن اتهاماً بل حقيقة لامناص منها والله اعلم .(35/119)
فكيف تكون مفقودة وكيف تتهم بالوضع والكذب ؟
وهل يصح الحكم على شيء مفقود لم ينظر ولم يبحث فيه ؟
ويبنى على هذا التخبط وهو انتقاد غير الموجود أنها تثبت صغروياً إذ جعل من شهادة الصدوق على الروايات المفقودة إشارة إلى إمكان إثبات هذا الأمر فأي تخرص بعد هذا وأي تخبط أبين من هذا .
بل الأدهى والأمر أنه جعلها بالانضمام إلى غيرها مما يقوى في الإثبات ويكبر في الاستدلال عن طريق إدراجها بأخبار أيضاً واهية وهي أخبار من بلغ والتي لم يصرح بها بل أشار إليها إشارة بإطلاق وكأنها من الثوابت(1) .
__________
(1) قاعدة التسامح في أدلة السنن (من بلغ):
عن أبي عبد الله انه قال :
من بلغه شيء من الثواب على شيء من الخير فعمل به كان له اجر ذلك ، وان كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لم يقله ، وان لم يكن على ما بلغه .
[ ثواب الأعمال / الصدوق ص 72 ]
عن أبي عبد الله :
من بلغه شيء من الثواب على شيء من الخير فعمل به كان له اجر ذلك ، وان كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لم يقله .
[ وسائل الشيعة / ج1 باب 18 ح1 -ولاحظ الأحاديث 3 ، 4 ، 6 ، 7، 8 ، 9]
خلاف علماء الشيعة في قاعدة التسامح في أدلة السنن (من بلغ):
قال الشيخ عبد الحليم الغزي عن قاعدة التسامح في أدلة السنن (من بلغ) :
لا يخفى على أهل الفن خلاف بعضهم من جهة قبولها وردها ، أو من جهة سعتها وضيقها، وكذا ما ذهب إليه بعضهم من عدم تماميتها في نفسها .
[ الشهادة الثالثة المقدسة / الشيخ عبد الحليم العزي ص 110 ]
قال السيد علي الميلاني :
نعم نجد بعض مشايخنا وأساتذة مشايخنا كالسيد الخوئي ، هؤلاء يستشكلون في هذا الاستدلال أي استخراج واستنباط القاعدة من هذه الروايات ، ويقولون بان هذه الروايات لا تدل على قاعدة التسامح في أدلة السنن .
[ الشهادة بالولاية في الأذان / السيد علي الحسني الميلاني ص26] [ محاظرات في الاعتقادات / السيد علي الحسني الميلاني ج2 ص 659 ](35/120)
والأقسى أنه أثبت بقوله انف الذكر حكم الاستحباب ، ففتح الباب على مصراعيه لإدخال أي أمر في مجال الاستحباب ورد فيه الساقط من الآثار والضعيف من الأخبار وللخروج من مطب إثبات الجزئية للشهادة الثالثة عن طريق إثبات كونها مستحباً حاول التهرب من ذلك الإلزام بإيجاد منفذ اجتهد فيه بنفسه حين قسم الجزئية إلى قسمين جزئية استحبابية ، وجزئية لزومية فنسف بذلك كل ما بناه مسبقاً من كلام ، وأحكام ، وقواعد ، واستدلالات ، فهل تجد تناقضاً ، ولبساً ، وتخبطاً ، وضبابية ، وتأرجحاً أبين وأوضح من هذا ، لا والله لا تجد .
ثم حاول بعد ذلك أن يبرر ما وقع فيه من هذا التخبط بجمعه ما هب ودب لتقوية ما حاول أن يثبته فكان كحاطب ليل لم يفرق في جمعه ما بين شوك أو عود، حيث قال :
( ما ورد بمضمون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنكم كلما ذكرتموني فاذكروا علياً ونحن قد ذكرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأذان أكيداً أذن يستحب لنا ذكر علي عليه السلام أيضاً بعد ضم الأخبار من بلغ )
فباستدلاله هذا أخذ يعمم دلالة هذا الحديث مع العلم أنه لم يذكر من أين أخذه ، ولا سنده ، بل انك لا تجد تطبيقاً له في الكتب فهذه الكتب مملوءة بذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تجد من يقرن بينهما.
أضف إلى ذلك أن الأذان فيه ذكر للشهادة لا ذكر للرسول - صلى الله عليه وسلم - مجرداً ، والفرق واضح بين الاثنين فهو بهذا الاستدلال البعيد كل البعد عن الضوابط العلمية يظهر مدى إفلاسه في هذا الباب ومحاولة لإرضاء الطائفة بتكلف استخراج الدليل حتى وان لم يكن مقبولاً ولا صحيحاً .
والأدهى من ذلك كله أنه جعل الأذان مناسبة من المناسبات التي يستحب فيها ذكر الإمام علي رضي الله عنه حيث قال :
( استحباب ذكر الإمام ، واحترامه والصلاة عليه في المناسبات ولا شك ان الأذان من المناسبات العرفية والمتشرعية لذلك ) .(35/121)
وهو بذلك اخرجه عن قدسيته وكونه شعيرة لها منزلة عالية في الشريعة .
وبعد كل هذه المحاولات اليائسة والفارغة من الضوابط العلمية ، والأصول المقررة والمعتمدة في الفتوى والاستنباط ، صرح أخيراً بالدافع الأصلي والغاية الأولى والمهمة في هذا الذكر إلا وهي نصرة المذهب حيث قال :
( نصرة المذهب حيث اصبح الجمع بين الصلاتين والشهادة الثالثة من شعاراته ومن مختصاته ، فيكون في الالتزام بها نصرة له بكل تأكيد ونصرته مستحبة بل واجبة أكيداً بكل وقت ، وان كان فيها نصرة المذهب أذن فلا توجد أية مصلحة في الردع عنه ) .
وها هنا بيت القصيد ومربط الفرس فبقوله هذا إشارة إلى أنهم لا يبغون من وراء هذا الذكر إلا نصرة المذهب وتثبيته ، وابقاء الفرقة بينهم وبين المسلمين لتبقى الطائفية مزروعة، ويبقى التمايز بارزاً وليبتعد الناس كل البعد عن محاولة الانصهار فيما بينهم .
فحتى هذا الأمر المسلم به والمنقول إلينا عملاً والذي فيه أقدس كلمة على وجه الأرض والتي عليها يجتمع كل المسلمين في هذه الدنيا ، أقول : حتى هذه أوجدوا فيها هذه الزيادة ليحققوا التفريق والانفصال بينهم وبين عموم المسلمين ، وهذا ليس تجاوزاً مني ولا افتراء على الرجل بل هو ظاهر وحقيقة ما يقول واليك عبارته ويبقى الفهم عليك يا صاحب العقل واللب حيث قال :
( إذا كان فيها نصرة المذهب اذن فلا توجد أي مصلحة في الردع عنها ) .
وأي مصلحة يا صاحب العقل أعظم من تطبيق الشريعة كما هي فهو لاجل نصرة مذهبه نفى كل المصالح بل قام بنسفها وعدم الاعتداد بأي مصلحة وراء نصرة مذهبه حتى لو كانت مصلحة شرعية لان النكرة في سياق النفي تعم كما تقرر ذلك في الأصول .
ثم نراه يقول :
( وان الحق مع العلماء في الإبقاء عليها والأمر بها لانه ثبت عندهم ان الأمر بها صادر عن الله سبحانه وتعالى ، فهم يأمرون بما أمر به الله سبحانه ) .(35/122)
لا ادري على ماذا استند السيد عندما قال ان أمر الشهادة الثالثة صادر عن الله سبحانه وتعالى ، وهو لما يستطع إثباتها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بل لما يستطع ان يثبتها بأقوال المعصومين ؟ ولو كانت هذه الأقوال منسوبة لا ثابتة .
والأحقية التي ذكرها للعلماء على ماذا بناها ؟ وكيف أصلها وهل معيار الحق عنده تابع لرجال هم الذين يحددونه أم هو تابع له هو الذي يميزه ؟ فكلامه هذا تترتب عليه محاذير كثيرة ينبغي التوقف عندها طويلاً .
ثم يعود ويصرح :
( ومن الصحيح ان آذان بلال لم تكن فيه الشهادة الثالثة إلا انه لم يكن فيه أيضاً : (الصلاة خير من النوم) وقد كان فيه (حي على خير العمل) فان قبل العامة بتطبيق آذانهم على آذان بلال قبلنا نحن ذلك أيضاً ) .
وهكذا اثبت أن الشهادة الثالثة لم تكن موجودة في أذان بلال فما هو إذن الداعي لاثباتها ، فهل هذا دين أم هو حزب سياسي يبحث عن مصلحة ونشر فكرة ومحاولة تثبيتها ؟ وهو كما يسمى الآن بالدعاية السياسية والشعارات فهل هذا هو مقام الدين عند العلماء ، ما هكذا تورد الإبل يا محمد صادق الصدر .
ثم أوضح بعد ذلك ضعف حجته عندما وجه الأمر إلى أهل السنة وكأنهم هم الذين سألوه أو اعترضوا عليه فدندن حول قضية الصلاة خير من النوم ، وحي على خير العمل فكأن حاله يقول إننا نساومكم على هذه القضية فكما أنكم تقولون بهذا فنحن نقول بهذا فأي طائفية أشر من هذا وأي فرقة بين المسلمين أبين من هذه .
بل الأدهى من ذلك أنه في خطابه هذا الذي ينبغي أن يكون فيه انتقاء للألفاظ واختيار للكلمات التي لا تثير ولا يكون فيها إساءة لاحد ، نجده قد استعمل ألفاظاً مثيرة وعبارات مكروهه ، من ذلك استعماله لفظ العامة المقيت الذي هو علامة الفرقة ودليل التطرف وشعار الطائفية .(35/123)
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } (الحجرات :11)
ومما ذكره : ( انه ينبغي الالتفات إلى ان إخفاء العلماء ليس جريمة ، ولا مخل بعدالتهم ، بل الواحد منهم ابصر بالأمر واعلم بالمصالح فقد تقتضي المصلحة القول وقد تقتضي المصلحة الإخفاء والسكوت حول أي شيء من الأمور ويكونون معذورين في ذلك حسب تشخيصهم للمصلحة والمفسدة الدينية والمذهبية والاجتماعية.
أقول :
ان هذا الكلام لا يحتاج إلى رد ولكن لي ملحوظة واحدة لا تخفى على أحد ولا حتى على السيد اذكرها هنا من باب التنبيه والتذكير لا غير وبدون إطالة فأقول :
ان دور العلماء هو بيان الدين والشريعة وعدم كتمان ما أمر الله به قال تعالى :
{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ } (البقرة:159)
والذي يتلخص لنا من هذه الفتوى ما يمكن ان نجمعه بعبارة أن الحزب فوق كل شيء فالسيد هنا لم يقم وزناً للادلة الشرعية ، ولا الضوابط العلمية ، ولا الأصول المقررة ، بل إذا بها كلها في بوتقة نصرة المذهب ، ومخالفة الآخر وكأنه يجعل من هذه القضية هي المحرك والدافع الذي منه ينطلق الناس في تعبدهم وسلوكهم بل حتى وانتمائهم فيخرجهم من دائرة العبودية لله جل وعلا إلى دائرة التحزب والاتباع لاناس معينين وفكر معين بغض النظر عن مخالفة ذلك للشريعة أو موافقته .(35/124)
وليس أدل على ذلك من هذه التجاوزات الكثيرة التي رأيناها والتي يكرر السيد ذكرها:
( الشهادة الثالثة لا ينحصر وجودها في عصر النبي لتكون من الدين فان اغلب السنة الشريفة واردة عن الصادقين وليست عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ) .
فتصريحه بأن أغلب السنة الشريفة واردة عن الصادقين عليهما السلام – محمد الباقر ، وجعفر الصادق - وليست عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في معرض بيان مشروعية الشهادة الثالثة على أساس أن وجودها لا ينحصر في عصر النبي فيه من التعدي والتجاوز ما لا يسكت عليه عاقل فضلاً عن عالم .
فأي تجاوز أكثر من هذا ؟ وأين ذهبت سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ وهل الصادقان إلا أتباع للنبي- صلى الله عليه وسلم - ؟
فكيف يجرؤ السيد على هذه المماثلة في التشريع التي توحي بمساواة المنزلة(1)
__________
(1) وهذا ما أكده صاحب كتاب الشهادة الثالثة المقدسة الشيخ عبد الحليم الغزي نقلاً عن السيد المحقق عبد الرزاق الموسوي حيث قال السيد :
لما قلناه من عدم مساعدة ذلك الظرف بمضايقة الأمة على الجهر بها في الأذان خوفاً من الارتداد ، فكانت – أي الشهادة الثالثة - كبقية الإحكام التي أودعها النبي - صلى الله عليه وسلم - عند خلفائه، ويكون التعريف بها تدريجياً ومنه ما هو باق إلى أيام الحجة المنتظر عجل الله فرجه .
[ الشهادة الثالثة المقدسة / عبد الحليم العزي ص 104 ]
أقول:
كثيراً ما ينكر الشيعة انتقاد أهل السنة لهم باعتبارهم يعتقدون بان الأئمة مشرعون ، وينكرون هذا الأمر اشد الإنكار ولكن عند الرجوع إلى كتبهم ، وعباداتهم ، وأقوالهم ، تجدها قد شرعت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا اصل لها في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وانما ادعى فيها علماء الشيعة ان هذه من العلم المخفي المحفوظ عند الأئمة ، والائمة مكملون للدين ونسوا قول الله سبحانه وتعالى :
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً } (المائدة: من الآية3) .
وما قول السيد الصدر والسيد الموسوي إلا خير دليل على ذلك ، وقولهما هذا هين ويسير مقارنة بما شرع بعد وفاة النبي- صلى الله عليه وسلم - من اخذ أموال الفقراء باسم الخمس واليك الدليل :
قال السيد آية الله احمد الحسني البغدادي في كتابه حق الإمام :
هناك شبهة طرحت من لدن بعض الكتاب والدارسين لشجب العنصر السابع من الموارد التي يجب فيها الخمس وهو ما يفضل عن مؤنة سنته ومؤنة عياله من أرباح التجارات والصناعات ونحوها من سائر التكسبات ، بل مطلق الفوائد وان لم تحصل بالاكتساب بدعوى:
لو كانت آية الغنيمة :
{ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (لأنفال:41)
مطلقة من وجهة تشريعية لتصدت القيادة الإسلامية في عصر التشريع وخاصة في عصر الرسول الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - وخلافة أمير المؤمنين علي عليه السلام لانتزاع خمس أرباح التجارات والصناعات كما كانت تلك القيادة تصدر الأوامر لكوادرها المسلمة لجباية الزكوات.
بل وصل الأمر على ما هو اكبر من ذلك ، وصل الأمر انه لا يوجد في الساحة الإسلامية هذا العنصر من فريضة التخميس ، بدءاً من صدر الإسلام ووصولاً إلى عصر الصادقين من آل البيت ، حيث ان النصوص الحديثية القليلة الصادرة ظهرت كلها في هذه الحقبة الزمنية المحدودة ، أما قبل ذلك فلم نجد لها وجوداً يذكر إطلاقاً !!
فأجاب السيد البغدادي عن ذلك :
ونجيب في تفنيد هذه الشبهة : أولاً :
نجد الشريعة الإسلامية لم تصدر الأحكام التشريعية كافة دفعة واحدة ، بل كانت بصورة تدريجية بحسب المصالح والمفاسد .
ففي بعض الأحايين تأخير الأحكام التشريعية من عصر الرسالة إلى عصر الإمامة .
بل يظهر من بعض الأخبار يؤجل بيانها عند ظهور المهدي المنتظر .
بل قد نكتشف من بعض الروايات ان بعض الأحكام لم تطرح في الساحة الإسلامية إطلاقاً، وأنها مودعة عند ظهور المهدي المنتظر ليصدر الأوامر في ذلك .
[ حق الإمام في فكر السيد البغدادي / آية الله احمد الحسني البغدادي ص22 ]
أقول :
اثبت السيد البغدادي في جوابه على هذه الشبهة ان الخمس الذي يؤخذ اليوم من الشيعة لم يكن موجوداً على زمن النبي- صلى الله عليه وسلم - وانما ظهر على شكل روايات في أزمان متأخرة ، واصبح اليوم ضريبة يدفعها الشيعة وبدون وجه حق وبدون اي دليل إلى مراجعهم وعلمائهم ، ولا يكمل إيمانهم واسلامهم إلا بدفعها .
ولك عزيزي القارئ ان تتصور كم عدد البدع والاضافات التي دخلت إلى المذهب باسم الأئمة بوصفهم مشرعين ، وهذا التشريع الجديد الحاصل بعد وفاة النبي- صلى الله عليه وسلم - نقله لنا رواة أحاديثهم وجامعو كتبهم من الكليني وامثاله ، ولا نعلم ما الذي أضافوه لنا من بدع وضلالات غير ما عثرنا عليه .
أين تذهب أموال الخمس ؟
مر بك عزيزي القارئ ، قبل قليل كلام السيد البغدادي بخصوص مسألة الخمس ، ورأيت من ثنايا كلامه كيف كانت هذه المسألة وليدة في الفكر الشيعي الإمامي بله الإسلامي ، فلم يكن ثمة سند شرعي لها في زمن النبي- صلى الله عليه وسلم - وزمن الخلفاء ، والائمة من بعده .
وأما الروايات الواردة بصددها فهي في مجملها روايات متهالكة ومتناقضة وضعها جملة من الرواة الكذابين بشهادة رجال الجرح والتعديل الشيعة .
ونتيجة للمصالح والمكاسب المستحصلة من وراء تشريع هذه المسألة فقد كان من الطبيعي ان تسبغ الشرعية على هذه الروايات حتى اصبح الأمر ديناً من لم يطبقه ويعمل به فهو خارج عن دائرة الإسلام ودائرة التشيع .
وإذا كان الأمر كذلك ، فلا ريب في انه فتح أبواباً من اللدد والخصومة ، فغلبت روح الحقد، والحسد ، والتنافس الأثيم بين المراجع من جهة ، وبين أولادهم وحواشيهم من جهة أخرى، الذين حاولوا الاستباق إلى تحصيل هذه المكاسب وبأي شكل وطريق كان .
ولعل أهم قاسم مشترك بين المراجع جميعاً ، هو دعوتهم إلى ان مصارف هذه الأموال إنما هي تصرف للفقراء والمحتاجين من أبناء الشيعة ، بيد ان أحداً لم يسأل عن حقيقة هذه الدعوى ، وهل ان الأموال تذهب إلى الفقراء حقيقة أم هي تذهب إلى جيوب المراجع وأولادهم وحواشيهم .
نعم ، هناك الكثير من الناس يعتقدون ان أموالهم التي يدفعونها ظناً منهم إنها تقربهم إلى الله زلفا ، أنها تذهب إلى أياد أمينة ونزيهة .
ولما كان الشيء بالشيء يذكر فقد أحببت ان أبين لك عزيزي القارئ خطأ هذا الاعتقاد وعدم صواب وشرعية ذلك الظن وذلك من خلال وضع يدك على حقيقة الأمر ومن أفواه علماء الشيعة أنفسهم .
فهذه رسالة بعثها أحد رموز المنبر الحسيني المعروفين والذي يطل علينا كثيراً من الفضائية الإيرانية سحر وهو الشيخ حسن الكشميري ، وقد عنونها إلى الشيخ عادل رؤوف صاحب كتاب الصدر بين دكتاتوريتين ، وكتاب عراق بلا قيادة وغيرها من الكتب .
والذي أشار غير مرة إلى قضية سرقة الأموال من قبل حواشي المراجع وأولادهم في كتابه الصدر بين دكتاتوريتين ، فبعث الشيخ الكشميري هذه الرسالة مؤيداً كلام الشيخ عادل رؤوف ومشيداً بجرأته في الكلام ، وفضحه لكثير من الأمور الخاصة بسرقة الأموال نهاراً جهاراً والتي لا تصل إلى مستحقيها وإنكاره على المراجع تسلم هذه الأموال لانهم ليس لهم الحق في استلامها ، واليك رسالته كما نشرت في كتابه عراق بلا قيادة .
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي المهذب الكاتب القدير الأستاذ عادل رؤوف السلام عليكم وبعد :
قرأت كتابكم (محمد باقر الصدر بين دكتاتوريتين) كما قرأت لكم من قبل كتباً أخرى لكن هذا الكتاب شدني إليه جرأة القلم وشجاعتكم في الأطروحة ، ولا أبالغ إن صارحتك بأني قرأته أكثر من مرة وقد ألقاني الكتاب في أتون اللوعة والحزن وضراوة المأساة لطائفتي التي ابتلاها الله بما ابتلاها به ، وعدت من جديد إلى محنة هذه الطائفة التي وقعت بها منذ مئات السنين في أعقد حالات الابتزاز والغش شأنها شأن من يأكل من مطعم طيلة عمره دون أن يعلم بأن طعامه من لحوم الكلاب والقطط أو من يراجع طبيباً لأوجاعه كل حياته وآخر المطاف يكتشف أن الطبيب وهمي ومزيف.
أيها العزيز …
ثق واعتقد بأني ومنذ بواكير صباي بدأت أكتشف هذه اللعب والحيل وكيف يتم إغراء العامة بالجهل ، وكنت أبصر الوجه الآخر للأمور تماماً باعتباري ابن النجف الأشرف ، ووليد هذه المؤسسة ، وترعرعت في جحورها وكهوفها ، ولاحظت كيف أثرى من أثرى على حساب هذه التشريعات التي ما أنزل الله بها من سلطان لكنها اكتسبت قالب التعبد والتقدس لتكون أخطر مؤامرة لامتصاص أموال الناس واستعبادها وجني خلاصة أتعابها .
وشاهدت وأنا في أواسط العقد الثاني من العمر كيف كان بعض زملائي في الدراسة يكابدون الجوع والفقر وقسوته ، ثم ساقهم الحظ إلى مصاهرة المرجع أو صهره أو ولده وإذا بالواحد منهم يقفز من فقير متقع إلى شاب مغامر يغلق باب بيته وأكداس الملايين تحت تصرفه ، وشاهدت الأغا الفلاني …… كيف كان حائراً في تدبير مبلغ (600 فلس) لسداد فاتورة كهرباء منزله ، ثم طبخت له الشبكة الفلانية المرجعية مع السفارة … ومع تلك الجهة الدولية وتلك الجماعة وصار مرجعاً لهذه الطائفة ، ثم مات عن مليارات من الدولارات ورَّثها للمراهقين من أبنائه وأسباطه وأحفاده ليصبحوا أباطرة المال وتقدم لهم إدارة البنوك في سويسرا ولندن وأمريكا اليوبيلات الذهبية باعتبارهم أكبر أصحاب ودائع ثابتة في بنوكهم وهي ليست إلا من الحقوق الشرعية والأخماس ، هذا بالإضافة إلى أكثر من ثمانين ثروة باطلة حظي بها أحفاده ولصقاؤه ومرتزقة حواشيه ، وكل هذا الابتزاز والنصب يتم باسم القداسة ، وباسم العقيدة والدين وذر الرماد في العيون.
أيها العزيز …
منذ شبابي وأنا سمعت من السيد الحكيم (قده) إلى أذني مباشرة وهو يتحدث بصوت هادئ :
( نحن لا علاقة لنا بالحقوق الشرعية وإنما نحن أفراد مؤتمنين عليها يا ابني فأي مورد يحرز فيه رضا الإمام المهدي (عح) تصرف هذه الأموال ).
وسمعت من السيد محمد الروحاني (رحمه الله) وهو يتحدث في مجلس خاص وليس للنشر قال :
( نحن لا يوجد لدينا دليل واحد حاكم على علاقة المرجع بالحقوق الشرعية والأخماس فالتقليد شيء ودفع الحقوق شيء آخر ). انتهى كلام هذين السيدين .
هذا وإني أدعوك يا أخي عادل كما أهيب بغيرك من ذوي العقل الوقاد بمراجعة أمهات المصادر الفقهية لمتابعة واكتشاف هذه الحقيقة التي غُيبت على الناس وعُتم أمرها على هذه الطائفة المقهورة المغلوبة على أمرها .
يمكنك على عجل مراجعة كتاب (حدائق الأنس) للمرحوم آية الله السيد إبراهيم الزنجاني (ص 96) ، وكذلك مراجعة الآراء الفقهية للمرجع الأصولي الراحل الميرزا باقر الزنجاني، ومراجعة ما كتبه المجلسي في البحار حول صرف الخمس ، وكذلك جواب المرحوم البحراني في الحدائق في باب الخمس في جواب المرحوم المجلسي (قده) ، وكذا الجواهر وغيرها من أمهات الصناعة الفقهية .
لكن العجب العجاب حين ترى وتلاحظ المؤامرة الفنية والمعقدة في فبركة الأمر وبلورة الحكم الشرعي على صعيد الرسائل العملية في التاريخ الشيعي.
راجع أول رسالة عملية وهي رسالة جامع عباسي ومروراً بأكثر من (65) رسالة عملية إلى زماننا الحاضر تلاحظ بوضوح عملية استدراج الناس وعمق المؤامرة وخطورة الشباك، يكمن بدقة قراءة المتون في هذه الرسائل حول مسألة صرف الخمس والتدرج الهادئ في قنصه حتى ذهب بعض الفقهاء الكبار خصوصاً المتأخرين من مراجع النجف الأشرف إلى التشدد في تسليم الحقوق للمقلدين بل وحتى بالنسبة إلى سهم السادة ( الأحوط وجباً أخذ الأذن من المقلد ) تعالى ديننا ومذهبنا عن هذه البدع والمداخلات علواً كبيراً .
ولولا هذه الخدع لما ابتزت المليارات من أموال هذه الطائفة لتبسط بها الموائد الفخمة والقلائد والملابس الثمينة ويعيش المدللون من ذوي المراجع وغلمانهم وصبيانهم أسعد أنواع الحياة والرغد ينتقلون بين مساكنهم في إيران ، ولبنان ، وسوريا ، وأوربا ، وأمريكا ، والعزاء كل العزاء لهذه الطائفة المغشوشة.
أيها العزيز …
أنا أقدر لك جرأتك وأكبر فيك شهامة القلم وحيوية الرأي وأسأل الله أن يحميك من هذه العصابات التي طالما ارتدت عباءة التقدس والتباكي على مظلومية أهل البيت (عليهم السلام) لتضمن حياتها ومواردها المترعة بالعافية والرخاء ولكن كل شيء له ثمن ولا أستبعد أنك ستدفع الثمن حتى يقضي الله أمراً فتستيقظ الناشئة الجديدة وهي الأمل وتستفيق من هذا التخدير الخطير الذي عُصبت به العيون .
لقد صرحت على المنبر الحسيني قبل عشرين عاماً في الحسينية النجفية في مدينة قم في شهر رمضان لتحريك بعض الأذهان عسى أن تستفيق وشرحت بأن مدخول الطائفة من الحقوق الشرعية والأخماس يكفي أن لا يبقى محتاج في هذه الطائفة لكن العقدة بأن 80% منه يذهب في الجيوب الشخصية والمحسوبيات ووو…
فثارت ثائرة الحواشي والأولاد وجاءت ردة الفعل بتهديدات وصلت إلى حد التصفية الجسدية حسب هاتف فاجأني منتصف الليل من العاصمة البريطانية وأصبحت أضايق على مصدر عيشي من بعض أبناء المراجع وأصهارهم والمرتزقة الذين يعيشون على فضلات قصاعهم لكني معتقد أن مهما كانت الحيل وأساليب المكر دقيقة ومهما استخدم فيها اسم أهل البيت ومظلوميتهم ، وقضية المتاجرة بشعارات الولاية وما شابهها فإن الزمن كفيل بإيقاظ الجيل الجديد ولو تدريجياً وببطء .
وليت الأمر اقتصر على المال لكن ينسحب أحياناً بأخطر في استهلاك اعتبار المرجعية وهيبتها في التسقيط ، والتهميش ، والتصغير ، وطرد هذا وذاك ، وتضخيم بعض الدمى، وفرضها على رقاب الطائفة تحت التستر بعباءة التقدس والتعبد والدين ، واستغلالاً لحسن الظن المفرط عند هذه الطائفة وغفلتها وبساطة الكثير من الناس فيها .
لقد كان لنا أمل أو لاح لنا بصيص أمل حينما طرح محمد باقر الصدر (قد) أطروحته التاريخية وهو مشروع ترشيد المرجعية وصيانتها من تلاعب هؤلاء العابثين لتكون في خدمة الأمة والإسلام ولتخلص إلى الأبد من سيطرة هؤلاء الحواشي من نابشي القبور وأكلة السحت وعشنا معه أملاً كبيراً لكنه قُتل بقرار دولي جائر فقتل شخصه كما قُتلت شخصيته بقرار سري أقسى وذلك من أقرانه وأبناء صنفه فسقط شهيداً لتفرح تلك الجماعات وتتبادل أنخاب الانتصار والنشوة ، والحديث ذو شجون .
أخي العزيز …
آخر الكلام هو أني لما أنبش ذاكرتي يعج ذهني بأمر الغصص وأدهى الذكريات مرارة وألماً، ولو أتيح لقلمي الانسياب والاسترسال لاتسع لتدوين موسوعة كاملة ولكن رسالتي هذه شقشقة هدرت وسامحني على الإطالة رغم أني في صراع مع قلمي.
سر في طريقك والحق من ورائك وما خاب من كان الحق ظهيراً له.
وأسلم لمحبك حسن الكشميري
25/ ربيع الأول/1423هـ
قم المقدسة – إيران
[ عراق بلا قيادة / عادل رؤوف ص 403 – 407 ]
أقول :
هذه زفرة من زفرات النفس الطموح المتألمة من واقعها ، كشفت لنا الحقيقة المرة التي طالما أريد لها عدم الانكشاف والاتضاح ، علماً ان هذه الحقيقة لم تكن لتتضح وتظهر لولا ان المصالح قد تضررت وتصادمت وذلك لا يكون إلا حينما لا يصل الخمس بانتظام ، أو ربما يصل ولكنه يكون دون مستوى الرغبات وعند ذلك فقط فانك ستسمع صرير الأقلام بل وقلقلة السيوف ، أما إذا كانت الأموال تصل وبكثرة فالكل يسكت ويتواصى بهذا السكوت .
ولعلك عزيزي القارئ ستظن ان ما نقل من أقوال هي شطحات عقل فج ليس له حظ من العلم أو الدين ، فمن هو حسن الكشميري ، ومن هو عادل رؤوف لكي تبني على أقوالهما كل ما تقدم من كلام .
فأقول :
رويداً أيها القارئ اللبيب فاني مورد لك هنا فقراً من الأقوال والاعترافات لبعض مراجع وعلماء الشيعة الكبار بخصوص هذه المسألة لتكون بجانب أقوال الكشميري السابقة الذكر فيصلاً بين الحق والباطل وبين الصدق والكذب .
هذا ولو أردنا ان نذكر لك كل ما كتب عن هذه القضية لخرج بحثنا عن مقصده الرئيس وهو قضية الأذان ولكن كما ذكرنا سابقاً الشيء بالشيء يذكر وان خير الكلام ما قل ودل ، واليك بعضاً من أقوال العلماء :
محمد جواد مغنية :
نقل جواد علي كسار في كتابه محمد جواد مغنية حياته ومنهجه في التفسير رأي الأخير عن النجف وحالها وما تحتاج إليه من إصلاح فقال :
حذر محمد جواد مغنية المرجعية من أن تتورط بجباية أموال تعرض سمعتها للشبهة أو السؤال ، ومن حيث تنظيم صرف هذه الأموال ، وإدارتها وحاجة ذلك إلى كفاءات نزيهة ومتخصصة تمارس هذه المهمة التي يرى مغنية أنه لا ينبغي أن لا يكون فيها دور للمرجع سوى الإشراف والمتابعة والتوجيه .
إذ ينبغي أن تناط المهمة إلى إشراف الأمناء الأكفاء على الحقوق والأموال الداخل منها والخارج ، والتوزيع بالعدل على من هو أهل ، دون الكسالى المتخمين الذين يسكنون الفيلات ويتنعمون بمكيفات الهواء والثلاجات .
[ محمد جواد مغنية حياته ومنهجه في التفسير/ جواد علي كسار ص123 - 144]
الشهيد مرتضى مطهري :
وقال مرتضى مطهري إن كل المفاسد ناشئة من كون رجال الدين يتناولون المال مباشرة من الناس .
أما عن الحاشية والأولاد فيقول نصاً :
وإنه لما يدعو إلى الأسف الشديد أن يرى الناس بأعينهم أن أبناء بعض مراجع التقليد، وأحفادهم ، وحاشيتهم يستغلون الفوضى السائدة في تنظيم مالية الحوزة الدينية، فيختلسون ويصرفون في بذخ وإسراف دون أن تصل اختلاساتهم إلى نهاية.
[ محمد جواد مغنية حياته ومنهجه في التفسير/ جواد علي كسار ص 136] [ ذكريات مع الشهيد مطهري / علي دواني – ترجمة خالد توفيق 254 ]
احمد الحسني البغدادي :
وأعلن الحقيقة مدوية السيد البغدادي بحق الحوزة العلمية فقال :
نرى اليوم بأم أعيننا مرجعاً دينياً إقليمياً ظهر على الساحة النجفية يحاول بكل ثقله الإستراتيجي ترشيح أحد حواشيه لمنصب المرجعية الإمامية ، بل فتح له رصيداً من الدولار الأصفر بلا حدود من أرزاق الكادحين والمحرومين ! وهو بالإجماع الحوزوي لم يكن مجتهداً مطلقاً ، بل ديكوراً ، بل يظن انه تحكم في كل شيء واصبح قادراً على كل شيء ، لذا نراه ينفق في تبذير ويتلذذ في تبذير وهو لا يتقي غضب الله ولا سخط المستضعفين ، ويحسب ان اجله ممدود وان ليس وراءه حسيب ، ولا رقيب ، وحتى نسي ان هناك واجباً وان هناك حراماً ، وان هناك موتاً ، وان هناك نشوراً وكانت نهاية طموح مخططه التضليلي اذ أمات الله خليفته المرتقب فجأة ، وبلا علة ، وفق المداولة القرآني :
{ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } (آل عمران: من الآية140)
[ حق الإمام في فكر السيد البغدادي / السيد احمد الحسني البغدادي ص 65 – 66 ]
أقول :
ربما لا يعلم القارئ من يقصد السيد البغدادي بهذا المرجع فأقول له انه آية الله أبو القاسم الخوئي .
وتساءل البغدادي عن أموال الخمس فقال :
أين تذهب هذه الأموال الطائلة ! وبأي مكان تصرف حقوق الله ، وحقوق الأمة المجاهدة ؟!
أين الأصوات الثورية المؤمنة ، والأقلام الحرة الباسلة ، تدعوهم إلى الحساب من الفقهاء الثوريين ، والدعاة الرساليين ؟
فماذا ننتظر يادعاة ؟!
ليس في المدرسة النجفية قيادة موضوعية حكيمة تقسم هذه الأموال على الوجه التي تقرره عدالة الإسلام .
ماذا ننتظر يادعاة؟!
وطلاب الحوزة الضحايا المحرومين جياع في كل مكان ، بعد ان كانت الهدايا والتقسيمات من كل مرجع عام .
ماذا ننتظر يادعاة ؟!
ونشاهد التسيب والضياع في كل البيوتات العلمية بعد ان كانوا الكثرة الكاثرة … .
ماذا ننتظر يادعاة ؟! ماذا ننتظر يادعاة ؟!
نريد ان نضع هذه الفروض المالية في بيت مال المسلمين بشكل عام ، تشرف عليه القيادة الإسلامية المتمثلة بالمراجع العليا الذين يتصفون بالعدالة حتى توزع هذه الثروة في البيئة النجفية وغيرها بصورة متوازنة عادلة .
نريد ان نكتشف بعض الحواشي والأبناء المتسترين والمحترفين باسم الدين ! الذين تحولت حياتهم المعيشية الضيقة إلى قصور شامخه فخمه ، وحياة مترفه ! ونحاسبهم من أين لكم هذا .
[ حق الإمام في فكر السيد البغدادي / السيد احمد الحسني البغدادي ص 67 – 68 ]
أقول :
ولم تقتصر السرقات على المراجع وأولادهم وحواشيهم بعد وصولها إلى المرجع ، وانما يحصل عليها ( كمرك ) قبل الوصول للمرجع وذلك عن طريق وكلاء المراجع وهذا ما أشار إليه آية الله السيد الحسين آل بحر العلوم في معرض إجابته على سؤال ورد له بان أحد وكلاء المراجع لا يوصل الحقوق الشرعية التي يتسلمها من البسطاء إلى المرجع فأجاب :
ان هذا اللون من الوكلاء المنتشرين في البلاد غير قليلين فهم يتصرفون بالأموال التي يتسلمونها من أصحاب الحقوق الشرعية تصرف الملاك في أملاكهم من دون خشية من الله، وحياء من الإمام .
ونحن حينما تفاقم الأمر بهذا الموضوع وكثرت الشكاوى من المؤمنين البسطاء الذين يأتمنون أمثال هؤلاء الوكلاء حر أموالهم على أساس إيصالها إلينا لصرفها على الفقراء المتدينين …. وإذا ببعض وكلائنا الذين اظهروا لنا القدسية المزوقة حتى إذا ركبوا المحجة، وقبضوا بيدهم الحجة وهو طومار الوكالة ، إذا هم عن طريق الحق يعمهون وبأموال الله يتلاعبون وبدنياهم الغرارة ينخدعون … .
الأمر الذي اضطرنا ان نلغي وكالات جميع وكلائنا في عموم القطر جنوباً ، ووسطاً، وشمالاً …. وعلى المؤمنين عند تسليم الأموال الشرعية من الان وصاعداً المطالبة بنسخة الوكالة الصادرة منا فان كانت بتاريخ ما قبل سنة 1420 هـ فهي ملغاة وساقطة المفعول لا يجوز التعويل عليها …. ويفرض على الذين يعطون الأموال الشرعية لاؤلئك الوكلاء مطالبتهم بالوصولات الموقعة من قبلنا بنحو غير قابل للتزوير .
ثم ذكر مكتب السيد بحر العلوم تنبيهاً في نهاية كتابه فقال :
لقد الغى سماحة سيدنا بحر العلوم جميع الوكالات التي أعطاها للوكلاء داخل القطر من دون استثناء ، فعلى الراغب تجديد وكالته ان يرسل نسختها الأصلية إلينا لتجدد من قبل سماحة السيد بتاريخ 1420 هـ وما بعد ، فالوكالات التي لا تتمتع بهذا التاريخ تعتبر ملغاة وغير شرعية .
[ آلف مسألة ومسألة / آية الله السيد الحسين آل بحر العلوم - السلسلة الرابعة ص 44 سؤال 33 ]
أقول :
ليس في مكنتنا ولا في ميسورنا ونحن نقرأ هذا الكلام إلا ان نتعجب ونقف مشدوهين أمام مثل هذه الأقوال ، فهذه السرقات لاموال مخصصة للفقراء تتم جميعها من قبل وكلاء مرجع واحد ! ولك ان تتخيل عدد المراجع عند الشيعة ! ولك ان تتصور حجم السرقات ! ولك ان تعرف عمق المأساة ، إذا علمت ان لكل مرجع عدداً ليس بالقليل من الوكلاء ، والاتباع ، والحواشي ، والمكاتب داخل البلد وخارجه .
ولا شك في ان جميع هؤلاء هم بحاجة إلى مصاريف ورواتب كي يؤدوا أعمالهم وكما يريد المرجع ( أدام الله ظله ) ولا ريب في ان تلك الرواتب والمصاريف لن تكون إلا من أموال الخمس المخصصة كما قيل للفقراء والمحتاجين .
فياالله ولفقراء الشيعة ! أهكذا تسرق أموال الشيعة ولا نكير ؟! بل أهكذا تسرق أموال المهدي ! وأين هو لكي يحفظ حقوقه وأمواله من سرقة هؤلاء ؟! وكيف تسنى له السكوت – وهو يعلم ما كان وما يكون – وهم يسرقون أمواله الخاصة ؟! ألم يكن يستطيع ان يحفظ أمواله من قبل هؤلاء ؟! وهو حجة الله على هذه الأرض ولولاه لساخت كما روي عن الصادق ما نصه :
لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت .
[ الكافي للكليني / ج1 ص 179 - الأحاديث 10 –11 – 12 – 13 ]
أهكذا تسرق أمواله ولا يحرك ساكناً ؟! فكيف إذن يحفظ الأرض ان لم يكن على حفظ أمواله بقادر ؟؟؟!!! وكم من هذه الأموال تصل إلى المهدي ؟! وماذا يفعل بها ان وصلت إليه ؟! وكيف تصل له وهو غائب لا يعلم مكانه ؟! وماذا ينتفع بأموال فقراء الشيعة وكنوز الأرض بين يديه وهو المتحكم بذرات الكون ؟! وأين هي الأموال التي تسلمها المهدي من سفرائه الأربعة عند الغيبة مدة سبعين سنة ؟! أسئلة نرجو الإجابة عليها من قبل علماء الشيعة وعامتهم .
والغريب في كل هذا :
ان المرجع قد تحول إلى مصرف أو شركة مساهمة ، فنجد وكالات ، ووكلاء ، وأختام، ووصولات ، وإلغاء وكالات ، وإصدار وكالات ، وتجديد وكالات ، فهذه التسميات لا تجدها عند رجل الدين ولكنك تجدها في المصارف والشركات .
فحذار أيها الشيعي ان تدفع أموالك التي تعبت واجتهدت في الحصول عليها إلى مثل هؤلاء ، فأطفالك وأهلك أولى بها ، وان كنت ولا بد دافعاً لهذه الأموال ، فإياك من دفعها لاهل العمائم ، فيقيناً إنها لن تصل إلى مستحقيها ان دفعتها لهم ، ولا تصدق كلامهم ان قالوا لك يجب دفعها للمراجع وطالبهم بالدليل ، واعمل على التصرف فيها بمعرفتك ، وحتماً انك لن تعجز عن إيجاد مستحق لها ، خذها نصيحة من محب مشفق عليك.(35/125)
فأن القارئ لهذا الكلام لا يجد مناصاً من الحكم بالمطابقة بما ورد عن الصادقين وما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في وحدة التلقي وهذا يشعر لزوماً بوحدة المنزلة وتساوي الدرجة .
أذن فقد كان الدافع الطائفي ولا زال هو الدافع الرئيسي لكل ما تقدم من كلام ، بل هو دفع مع الأسف عامتهم وعلماءهم وكبراءهم – وكما رأينا - إلى التجاوز والتطاول على أعظم شخص عند المسلمين وهو الرسول - صلى الله عليه وسلم - فالذي ذكره السيد ها هنا لا يتطابق ويتماشى مع ما أمر الله عز وجل به في قوله :
{ لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (النور:63)
فإذا كان الأدب معه - صلى الله عليه وسلم - يقتضي من المؤمن أن يحسن التلفظ باسمه - صلى الله عليه وسلم - فكيف إذا ذكر في مقام التشريع ومنزلة الحكم ، والله لا أدري ما أقول ، فلو كان القائل بذلك جاهلاً أو لا علم له بمنزلته - صلى الله عليه وسلم - إذن لهان الأمر وسهل ولكن ان تصدر من شخص مصدر عند قومه ، ومن أجل قضية هو نفسه أنكرها وجوداً وأثبتها تحزباً فيتجاوز بمثل هذا التجاوز فهذا أمر والله لا يقبل ولا يمكن أن يسكت عنه بل يوضح هذا الخطأ الجسيم ويبين هذا التجاوز ويشار إلى هذه المخالفة .
وقال أيضاً : ( ربما كانت مخالفة للتقية ، ومحرجة بالنسبة إلى علمائنا السابقين (قدس سرهم) كالشيخ الصدوق ، والطوسي ، والمفيد ، وحذفوها من كتب الحديث وطعنوا في صحتها )
أقول :(35/126)
ألم تكن روايات التحريف المتواترة المستفيضة في كتب علماء الشيعة وعلى رأسهم محدثو ومفسرو الشيعة من الكليني إلى النوري الطبرسي مخالفة للتقية ومحرجة لهم؟ فلماذا لم يحذفوها ؟ أهذه أولى من تلك ؟ أم ياترى تلك اعظم ؟!!
فهذا ما أردت بيانه بخصوص هذه الفتوى ولعلك أيها القارئ تجد ما ذكرت واضحاً في كلامه ولا يحتاج أصلاً لمن كان له عقل سليم ان يبين له ذلك ، ولكنا أردنا الاستثارة لعلنا نجد أذاناً مصغية وقلوباً واعية تأخذ الأقوال نقداً وتعمل فكرها ولا تذعن كالمنقاد الذي لا حول له ولا قوة ولا إرادة وما دفعني إلى هذه الإشارة إلا ما صرح به السيد في فتوى من فتاويه حيث قال :
( وقد كان الأئمة أيضاً في تقية مكثفة هم وأصحابهم ولم يكن في مصلحة التشيع في ذلك الحين إعلان أمثال هذه الأمور )
فأورد مسألة التقية التي أصبحت متكئاً يتكئ عليها الشيعة حينما يعجزون عن رد الجواب ، ثم نقول : مصلحة التشيع عند من ؟ أعند الأئمة ؟ وهل هذا يقتضي منهم الإخفاء وعدم الإفصاح ، لا ادري والله كيف يقبل هذا الكلام وهو صرح بأن أغلب السنة أخذت منهم في فتوى أخرى وهي السابقة لهذه فهم يخفون أموراً من الدين مهمة ، ثم ان أغلب السنة أخذت منهم ، فلا أدري كيف يمكن أن يجمع بين هذين القولين .
بل الأدهى من ذلك انه جعل من الأئمة زعماء سياسة ورؤساء حزب همهم مصلحة التشيع لا مصلحة الإسلام والمسلمين فحصرهم في دائرة ضيقة وهي دائرة التشيع بدل أن يوسعهم بدائرة الإسلام .
ومن أدلة السيد التي عرضها يتبين لنا مدى ضعف الاستدلال ، وعدم تمكنه من النهوض بالادلة والحجج على مدعاه فهو لم يستطع ان يأتي برواية واحدة وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عن الأئمة تثبت وجود الشهادة الثالثة .(35/127)
بل انه لم يذكر حتى رواية الاحتجاج ، ولم يستدل بها لمعرفته المسبقة بضعفها وسقوط حجيتها وهو لم يستطع ولن يستطيع وكذلك الحال مع أي عالم شيعي أخر ان يأتي بمثل هذه الرواية .
لذا فاني أقولها وكلي ثقة وبضرس قاطع نعم لم يستطع أحد من علماء الشيعة ولن يستطيع ان يأتي برواية واحدة تثبت وجود عبارة ( اشهد ان علياً ولي الله ) في الاذان ، ولو طلعت الشمس من مغربها ، ولو اجتمع على ذلك الإنس والجن ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .
وختاماً لقولي هذا لا أطلب منك أيها القارئ إلا أمراً وهو إن شاء الله يسير عليك أن تعمل فكرك في ما يقال ويكتب ولا تمره على عقلك هكذا كالبله والإمعات الذين هم اتباع كل ناعق فان هذا الأمر دين يحاسبك عليه رب العالمين فاتق الله وكن مع الصادقين.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } (التوبة:119)
{ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } (المائدة:119)
{ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً } (الأحزاب:24)
سؤالان
ثمة سؤالان أرجو منك عزيزي القارئ الشيعي ان تجيب عنهما راجياً منك قبل ذلك تحكيم عقلك قبل هواك .
الأول :
هل تعتقد ان الله سبحانه وتعالى سوف يحاسبك عن عبارة ( الشهادة الثالثة ) وهل هي جزء من الأذان أم لا ؟
والثاني :
هل انه جل وعلا سوف يسألك لم لم ترفع ( الشهادة الثالثة ) في الأذان ؟ أم انه سيسألك لم رفعتها ؟
ولك ان تتخيل نفسك لحظتها في ذلك الموقف العصيب ، الذي تقف به وحدك أمام الله، وقد فر الناس من حولك .(35/128)
{ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } (عبس: 34- 37) وأولهم مراجع التقليد الذين سيتبرؤون منك .
{ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ } (البقرة:166)
أقول ياترى ماذا سوف يكون جوابك عندها هل انك سوف تتبرأ منهم ؟
{ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ } (البقرة:167)
أم انك ستقول إنما فعلت ذلك لاني وجدت قومي هكذا يصنعون وإنا على آثارهم مقتدون .
{ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ } (الزخرف:22)
وماذا ياترى سيكون رد رب العزة على مثل هذا التبرير ؟ أتراه سيقول لك اذهب سريعاً إلى الجنة فأنت من الطلقاء المعذورين ، أم انك سوف تقف أمامه طويلاً وتحاسب على ما أضفته للدين .
فحذار – عزيزي الشيعي – من ذلك الموقف فاني لك ناصح وعليك مشفق ، وبادر نفسك بالسؤال في هذه الدنيا لانك وعلى ضوء إجابتك هنا سيتحدد جوابك هناك، ولآت ساعة مندم .
{ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ } (الزمر:18)
عزيزي القارئ :
في زمن ما ومكان ما ستتوقف دقات قلبك ، لتؤذن لك بالرحيل عن هذه الدار ، ولكن قبل ذلك بهنيهة وأنت ملقى على السرير سيمرر شريط حياتك أمام عينيك كالوميض فتستعيد ذاكرتك عندها جميع ما فعلته خلال سني حياتك الماضية .(35/129)
في ذلك الوقت بالتحديد ، سوف يتوقف الزمن لحظة ، لتكتشف صواب ما فعلت من خطئه .
وعند ذلك فقط ستتحسر على أيام وشهور وسنين مضت وخلت وأنت سادر في غيك وضلالك وتقليدك الأعمى ، عندها لن تكون لك أمنية سوى بالرجوع إلى هذه الدنيا لتتمكن من تغيير ما يمكنك تغييره .
عزيزي القارئ :
أنت الان في زمان الأمنية فاعمل واجتهد (1)
__________
(1) من أعجب ما قرأت للشيعة هو ما قراته للشيخ محمد سند في كتابه الشهادة الثالثة سبب الايمان أم جزء الأذان اذ اعتبر هذا الشيخ ان الشهادة الثالثة جزء من الأذان حيث ذكر تحت عنوان ( روايات أخرى خاصة على الجزئية ) فذكر روايتين تدل على ذلك حسب رأيه :
الأولى :
مرسلة الاحتجاج عن الاصبغ بن نباته قال :
أتى ابن الكوا أمير المؤمنين( فقال : والله ان في كتاب الله آية اشتدت على قلبي، ولقد شككت في ديني فقال : أمير المؤمنين( ثكلتك أمك وعدمتك ، ما هي قال : قول الله تبارك وتعالى : ( وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَه( (النور: من الآية41) فما هذا الصف ، وما هي الطيور ؟ وما هذه الصلاة ؟ وما هذا التسبيح؟ فقال: علي( : ويحك يابن الكوا ان الله خلق الملائكة على صور شتى ، الا وان لله ديكاً، فاذا حضر وقت كل صلاة قام على براثنه ، ثم رفع عنقه من تحت العرش ، ثم صفق بجناحيه كما تصفق الديكة في منازلكم ، ثم ينادي :
اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ، واشهد ان محمداً عبده ورسوله سيد النبيين، وان وصيه خير الوصيين ، سبوح قدوس رب الملائكة والروح .
الثانية :
ما رواه الحر العاملي في اثباة الهداة من كتاب الحسن بن علي بن عمار باسناده ذكره عن النبي ( قال :
رايت ليلة اسري بي في السماء الرابعة ديكاً ينادي :
لا اله الا الله محمد رسول الله ، علي امير المؤمنين ولي الله .
[الشهادة الثالثة سبب الايمان ام جزء الاذان / الشيخ محمد سند ص23]
اقول :
تصور ان القوم قد وصلت الحالة بهم ان يستدلوا بالديكة على اثبات معتقداتهم واصولهم، ومثل هذا الاستدلال موجود عندهم وبكثرة بل ان الإمامة تثبت أيضا بنظائر مثل هذا الاستدلال ، ومنها ان الديك نادى بامامة علي رضي الله عنه ، أو ان أسماء الأئمة مكتوبة على باب الجنة ، أو ان ادم راى في الجنة مكتوباً محمد علي فاطمة الحسن الحسين فتوسل بهم الى غير ذلك من هذه الخزعبلات التي لم يقتصر على ذكرها في كتبهم فحسب بل والاعتقاد والاحتجاج بها على الخصوم .
واليك عزيزي القارىء مجموعة من الروايات التي تبين كيف يضحك علماء الشيعة على عقول عوامهم بروايات يريدون من خلالها اثبات امامة علي وامامة بقية ائمتهم بعد ان عجزوا من اثبات هذه الامامة باية واحدة محكمة من القران :
*عن الامالى للصدوق : قال رسول الله ( رأيت ليلة الاسراء مكتوبا على قائمة من قوائم العرش أنا الله لا إله إلا أنا وحدى خلقت جنة عدن بيدى محمد صفوتى من خلقى أيدته بعلى و نصرته بعلى .
*عن تفسير القمى عن الاصبغ أنه سأل أمير المؤمنين ( عن قول الله عز وجل (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ( فقال مكتوب على قائمة العرش قبل أن يخلق الله السماوات والارضين بألفى عام لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فاشهدوا بهما و أن عليا وصى محمد صلى الله عليهما .
*عن أبى عبد الله ( قال : مسطور بخط جليل حول العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أمير المؤمنين .
*عن الخصال والامالى : قال رسول الله ( مكتوب على باب الجنة لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أخو رسول الله قبل أن يخلق الله السماوات والارض بألفى عام.
* ومن كتاب المقنع فى الامامة : قال رسول الله ( ليلة أسرى بى إلى السماء أمر بعرض الجنة و النار على فرأيتهما جميعا رأيت الجنة والوان نعيمها ورأيت النار والوان عذابها وعلى كل باب من أبواب الجنة الثمانية مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولى الله .
* قال رسول الله ( أتانى جبرئيل و قد نشر جناحيه فإذا فيها مكتوب لا إله إلا الله محمد النبى ومكتوب على الاخر لا إله إلا الله علي الوصى .
* عن جعفر بن محمد عن آبائه ( قال : هبط على النبى ( ملك له عشرون ألف رأس فوثب النبي ( ليقبل يده فقال له الملك مهلا مهلا يا محمد فأنت أكرم من أهل السماوات وأهل الارض أجمعين والملك يقال له محمود فإذا بين منكبيه لا إله إلا الله محمد رسول الله علي الصديق الأكبر فقال له النبي ( منذ كم هذا الكتاب مكتوب بين منكبيك قال من قبل أن يخلق الله أباك آدم باثنى عشر ألف عام .
* قال رسول الله ( : لما عرج بي إلى السماء السابعة وجدت على كل باب سماء مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله علي بن أبى طالب أمير المؤمنين ولما صرت إلى حجب النور رأيت على كل حجاب مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله علي بن أبى طالب أمير المؤمنين و لما صرت إلى العرش وجدت على كل ركن من أركانه مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله علي بن أبى طالب أمير المؤمنين .
* قال رسول الله ( يا أبا دجانة أما علمت أن لله تعالى لواء من نور وعمودا من نور خلقهما الله قبل أن يخلق السماوات و الارض بألفي عام مكتوب على ذلك لا إله إلا الله محمد رسول الله آل محمد خير البرية صاحب اللواء علي إمام القوم .
* عن الامالى للصدوق : قال رسول الله ( إذا كان يوم القيامة يؤتى بك يا على على عجلة من نور وعلى رأسك تاج له أربعة أركان على كل ركن ثلاثة أسطر لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولى الله و تعطى مفاتيح الجنة ثم يوضع لك كرسى يعرف بكرسى الكرامة فتقعد عليه ثم يجمع لك الاولون والاخرون فى صعيد واحد فتأمر بشيعتك إلى الجنة وبأعدائك إلى النار فأنت قسيم الجنة وأنت قسيم النار ... .
* عن النبى ( قال : فى وصيته لى ياعلي إنى رأيت اسمك مقرونا باسمى فى أربعة مواطن فأنست بالنظر إليه إنى لما بلغت بيت المقدس فى معراجى إلى السماء وجدت على صخرتها مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بوزيره ونصرته بوزيره فقلت لجبرئيل من وزيرى فقال على بن أبى طالب ، فلما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوبا عليها إنى أنا الله لا إله إلا أنا وحدى محمد صفوتى من خلقى أيدته بوزيره ونصرته بوزيره فقلت لجبرئيل من وزيرى فقال علي بن أبى طالب فلما جاوزت السدرة انتهيت إلى عرش رب العالمين جل جلاله فوجدت مكتوبا على قوائمه أنا الله لا إله إلا أنا وحدي محمد حبيبي أيدته بوزيره ونصرته ، بوزيره فلما رفعت رأسي وجدت على بطنان العرش مكتوبا أنا الله لا إله إلا أنا وحدي محمد عبدي ورسولي أيدته بوزيره و نصرته بوزيره .
* قال رسول الله ( : يا بنى إني أخبركم بأكرم الخلق عند الله عز وجل جميعا ثم إنه والله ما عدا أن نفخ في الروح حتى استويت جالسا فبرق لي العرش العظيم فنظرت فإذا فيه لا إله إلا الله محمد خيرة الله عز وجل ثم ذكر عدة أسماء صلوات الله عليهم مقرونة بمحمد ( قال آدم ثم لم أر في السماء موضع أديم أو قال صفيح منها إلا وفيه مكتوب لا إله إلا الله وما من موضع مكتوب فيه لا إله إلا الله وفيه مكتوب خلقا لا خطا محمد رسول الله وما من موضع فيه مكتوب محمد رسول الله إلا وفيه مكتوب علي خيرة الله الحسن صفوة الله الحسين أمين الله عز وجل وذكر الائمة من أهل بيته ( واحدا بعد واحد إلى القائم بأمر الله قال آدم فمحمد ( ومن خط من أسماء أهل بيته أكرم الخلائق على الله فلما انتهى القوم إلى آخر ما في صحيفة إدريس قرءوا صحيفة إبراهيم ( و فيها معنى ما تقدم بعينه و انفضوا .
* الصدوق عن أبيه عن أبى عبد الله ( قال رسول الله ( : وأما البقرة فإنها آذنت بالنبي ( ودلت عليه وكانت في نخل لبنى سالم من الأنصار فقالت ياآل ذريح عمل نجيح صائح يصيح بلسان عربي فصيح بأن لا إله إلا الله رب العالمين ومحمد رسول الله سيد النبيين وعلي وصيه سيد الوصيين .
* في الكافي : عَنْ أَبِى الْحَسَنِ ( قَالَ وَلَايَةُ عَلِىٍّ ( مَكْتُوبَةٌ فِى جَمِيعِ صُحُفِ الْأَنْبِيَاءِ وَ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِلَّا بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ( وَ وَصِيِّهِ عَلِي ( .
* الكراجكى في كنز الفوائد : عن معمر قال أشخصني هشام بن عبد الملك عن أرض الحجاز إلى الشام زائرا له فسرت فلما أتيت أرض البلقاء رأيت جبلا أسود وعليه مكتوب أحرفا لم أعلم ما هي فعجبت من ذلك ثم دخلت عمان قصبة البلقاء فسألت عن رجل يقرأ ما على القبور والجبال فأرشدت إلى شيخ كبير فعرفته ما رأيت فقال اطلب شيئا أركبه لاخرج معك فحملته معي على راحلتي وخرجنا إلى الجبل ومعي محبرة و بياض فلما قرأه قال لي ما أعجب ما عليه بالعبرانية فنقلته بالعربية فإذا هو باسمك اللهم جاء الحق من ربك بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ لا إله إلا الله محمد رسول الله وعلي ولى الله صلى الله عليهما وكتب موسى بن عمران بيده .
[ راجع بحار الأنوار الاجزاء2، 5، 6، 9، 11، 17، 33، 39 ]
ولو رجعت عزيزي القارىء الى كتاب مدينة المعاجز لهاشم البحراني فانك ستجد العجب العجاب من هذه الروايات ، فلم يبق حيوان أو نبات أو جماد الا ونطق بولاية علي رضي الله عنه (( فالحوت ، والذئب ، والجمل ، والثوب ، والاسد ، والفيل ، والوز ، والدراج، والفرس، والجبل ، والحجر ، والشجر ، والحية ، والنخيل ، والبساط ، والسوط ، والحمار، والأرز، والخف ، والناقة ، والظبية )) كل هؤلاء شهدوا بهذه الولاية المزعومة الا صحابة النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار الذين ترضى الله عنهم ووصفهم بالصدق، والايمان ، والفلاح ، والفوز بالجنة فانهم قد انكروا هذه الولاية ، حسب معتقدات الشيعة الباطلة .
ومن اطرف ما قرات في كتاب مدينة المعاجز هو ((شهادة الباذنجان لعلي بالولاية)).
[ راجع مدينة المعاجز ج1 ص 151- 442 و ج2 ص20 – 528 ]
أقول :
وهكذا نجد ان اسم علي واسماء الائمة مكتوبة على :
( قوائم العرش ، حول العرش ، كل باب من أبواب الجنة ، جناحي جبرئيل ، بين منكبي ملك له عشرون ألف رأس ، كل ركن من أركان العرش ، لواء من نور وعمودا من نور في الجنة ، تاج يلبسه علي على رأسه في الجنة ، صخرة بيت المقدس، سدرة المنتهى ، بطنان العرش ، في السماء موضع أديم أو صفيح ، صحيفة إدريس ، صحيفة إبراهيم ، صُحُفِ الْأَنْبِيَاءِ ... ) ولكننا مع الأسف لا نجد لهم ذكراً في القران .
مع العلم ان الله قد وصف لنا في القران العرش ، والجنة ، والسموات والأرض، واجنحة الملائكة ، وذكر لنا اسماء حيوانات وحشرات كثيرة منها :
( الجمل ، والفيل ، والذباب ، والبعوضة ، والبقرة ، والحمير ، والجمل ، والذئب، والثعبان، والحوت ، والأنعام ، والهدهد ، والعنكبوت ، والنمل ، والنحل ) بل نزلت سورة كاملة باسماء بعضاً منها كسورة ( النحل ، النمل ، البقرة ، الفيل ، الانعام، العنكبوت ) فالم يكن من الأولى ذكر أسماء الائمة بدلاً عنهم لكي لا تبقى هذه الامة في ضلال لجهلهم بائمتهم.
فنحن لا نريد كمسلمين ان ينادي ديكُ في الجنة بولاية علي ، او يشهد الباذنجان بهذه الولاية ، أو ان في الجنة مكتوباً ولاية علي ، أو ان أدم استغاث بالمعصومين، نحن نريد استدلالاً صريحاً واضحاً من رب العزة يذكر لنا فيه اسم الإمام كما ذكر لنا اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبقية أسماء الأنبياء بايات محكمة كثيرة بل وكثير من سور القران نزلت باسمائهم ، فانا كمسلم أعيش اليوم على الأرض وليس في الجنة !!! واحاسب على ما هو مكتوب في القران وليس على ما هو مكتوب بباب الجنة ، أو جناج جبريل ، أو صحف الأنبياء...!!!
وهكذا نجد ان عالماً مثل محمد سند استدل بمثل هذه الروايات وبالديكة لاثبات جزئية الشهادة الثالثة بعد ان عجزوا عن اثباتها برواية واحدة وردت عن النبي ( أو عن احد من ائمة أهل البيت ، ونفس هذه الرواية يستدل بها على اثبات الإمامة بعد ان عجزوا من اثبات الإمامة باية واحدة محكمة في القران .
ولكن مع الأسف فان محمد سند لم يبين لنا هل هذا الديك عربي أو رومي لكي نتحقق من ضبطه وعدالته ؟؟!! كما تبين لنا في كتاب الكافي عدالة الحمار عفير !!!
ومن الروايات المضحكة التي ذكرها محمد سند ، قال :
ما رواه ابن شهر أشوب في المناقب :
ان جماعة من اليمن اتوا النبي ( فقالوا نحن من الملل المتقدمة من ال نوح وكان لنبينا وصي اسمه سام ، واخبر في كتابه ان لكل معجز له وصياً يقوم مقامه فمن وصيك فاشار بيده نحو علي( فقالوا :
يامحمد ان سألناه يرينا سام بن نوح فيفعل ؟ فقال ( نعم باذن الله ، ثم قام وضرب برجله الارض فانشقت الأرض وظهر لحد وتابوت فقام من التابوت شيخ يتلالا وجهه مثل القمر ليلة البدر وينفض التراب من رأسه وله لحية الى سرته وصلى على علي( وقال : اشهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله سيد المرسلين وانك علي( وصي محمد سيد الوصيين وانا سام بن نوح .
[ الشهادة الثالثة سبب الايمان ام جزء الاذان / الشيخ محمد سند ص44 ]
أقول :
ابمثل هذه الخزعبلات يثبت الدين ام بهذه الاصول تثبت الاحكام ، والله ان كان هذا هو الاستدلال وذاك هو الدليل فاقرأ على مثل هذا الدين السلام وكبر عليه اربعاً ذاك انه لن يقوم دين الا بحجة ولا حجة بغير دليل ولا دليل ان لم يكن مقبولاً ملزماً يقبله العقل ويرضاه الواقع ويخضع لقواعد العلم فأين هذا من هذا فوالله لو أنه سكت ولم يستدل لكان خيراً له، وعندما تنتقدهم على مثل هذا الخزعبلات ياتيك الجواب هذه روايات من قال لك انها صحيحة؟ فأقول ان لم تكن صحيحة فكيف يستدل بها عالم كمحمد سند وغيره الكثير من العلماء وعلى اعلى المستويات ؟
قال الدكتور السيد علاء الدين القزويني في كتابه حديث الثقلين ( اهل البيت ):
هناك من يحاول الطعن بكتب علماء الشيعة ، لانها تروي بعض الروايات التي تخالف العقل والنقل ، ليوهموا العامة من ان الشيعة تعتقد بهذه الروايات مع ان الشيعة ليس لها من الكتب الصحيحة كما هو الحال عند أهل السنة فما يروى في كتب الشيعة من روايات قابلة للنقد فكما يوجد فيها الصحيح يوجد فيها السقيم والضعيف …. .
[حديث الثقلين / الدكتور علاء الدين الكاظمي القزويني ص8]
أقول :
هذا اعتراف من الدكتور على كتبهم بانها تروي ما يخالف العقل والنقل ، وكثرتها في كتبهم وتعددها في معظم المصادر ، بل ومدح القائلين بها وتمجيدهم يوهم بانهم راضون ومؤمنون بها ، ولم يصدر منهم خلاف ذلك .
ونسى الدكتور ما كتبه أو تناسى وخالف اقواله بكتابه الاخر نقض شبهات أهل السنة حول الشيعة وهو ينتقد بعض علماء أهل السنة الذين انتقدوا المذهب الشيعي وطعنوا فيه فيقول عن هؤلاء وهو يوجه كلامه لاهل السنة :
ان خوف هؤلاء الماجورين من الفكر الشيعي النقي من الخرافات ان يتغلغل في أذهان المسلمين من أهل السنة …. لانهم يعلمون علم اليقين ان اهل السنة لو اطلعوا على ما في كتب الشيعة لامنوا بها ونبذوا كل ما يخالفها …. لانها تتماشى مع الفطرة الانسانية .
[نقض شبهات أهل السنة حول الشيعة/الدكتور علاء الدين الكاظمي القزويني ص 6]
أقول :
نعم . أحاديث الحمير والبقر والديكة تتماشى مع الفطرة الانسانية ربما نحن أهل السنة ضعفنا مثل يزيد بن هارون ، وسفيان بن عينية ولم نقبل منهم حديثا اذا روي معنعناً وانتم تتشدقون بكتبكم الجوفاء الخرقاء التي لا تحتوي سوى الغث من العلوم (وياترى) على ماذا نطلع اذا كان الشيعة انفسهم يتبرؤون من كتبهم ويخافون من نشر أقوال علمائهم واذا ما عرضت عليهم اقوالهم وروايات كتبهم وما تحمله من تفاهات لم نجد الا الانكار او الرد او التأويل الزائف أو الطعن في النسبة أو تضعيف الروايات الخ ذلك من الاساليب والطرق التي يتبعونها للهروب والتملص من حقائق دينهم .
وأقسم بالله العزيز ان لو اطلع الناس على ما في كتب الشيعة لامنوا بزيفها ، وبطلانها، وانحرافها ، وبعدها عن الحق ، ولجزموا بضلالها ولامن الناس بالحق وهو ضد ما في هذه الكتب اذ بضدها تتميز الاشياء .
لكن ما أقول لامثال هؤلاء ؟ والله لا أجد اصدق عبارة تقال لهم الا قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( اذا لم تستح فاصنع ما شئت ) فهم عندما رفع منهم الحياء وقعوا فيما وقعوا من ترهات وضلالات .
ايها المحب قد تجدني في بعض الأحيان قاسيا في كلامي ، او اخرج عن المقصود شيئاً ما في سبيل توضيح مطلب من المطالب يأتي في مطاوي الحديث فاني لا ابتغي بذلك الا ان تكون على وضوح من الامر ومعرفة طرق القوم بالتدليس على القراء.(35/130)
.
إشكال أخير
بعد الانتهاء من تفنيد هذه الشبهة بمعونة الله تعالى فاني كلي ثقة ان القارئ اللبيب سيوافقني على كل ما ذكرت ، ويؤيد كلامي الذي لم ينبع من فراغ أو اتهام بدون دليل، وانما هو كلام قد دعمته بأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقوال أئمة أهل البيت رضي الله عنهم ، وأقوال مراجع الشيعة الكبار الذين يرون عدم شرعية إضافة عبارة اشهد ان علياً ولي الله إلى الأذان .
وأقول ان كلامي هذا يوافقني عليه أيضاً كثير من علماء الشيعة الموجودين حاليا ولكن ليس في اليد حيلة فهم يتجنبون إنكار هذا الأمر والتصريح به مخافة ان تتوجه إليهم التهم كما توجهت إلى الخالصي ، والتيجاني ، والامين ، وفضل الله وغيرهم لذا فهم فضلوا السكوت على الانتحار .
ولكن ستبقى نقطة في ذهن القارئ عائقاً بينه وبين قبول هذا الأمر ، وهذا العائق قد زرعه علماء الشيعة أنفسهم على مر الدهور والسنين حين إجابتهم على أسئلة الشيعة المنكرين إضافة الشهادة الثالثة العارفين بعدم ورودها عن الأئمة وانها قد أدخلت حديثا للمذهب .
فأجاب عن هذه المسألة علماء الشيعة وحاولوا تخدير اتباعهم فقالوا لهم :
لا ضرر من مثل هذه الإضافة بدليل ان أهل السنة أيضاً أضافوا إلى الأذان عبارة (الصلاة خير من النوم) ولم يروا في ذلك قادحاً للعبادة ، فهذا شيء عادي وطبيعي ولا يخل بالعبادة ولا ينقضها فالشيعة أضافوا والسنة أضافوا فلا تفكروا ولا تهتموا بهذا الأمر فانه أمر هين ويسير .
ربما يكون هذا الكلام العائق الأخير أمام الشيعي لترك هذه البدعة .
فأقول لك أيها الشيعي لا تستعجل وتسلم إلى علمائك بهذا التبرير الواهي إلا بعد ان تقرأ كتابي (الصلاة خير من النوم حقيقة أم اتهام) وبعد ذلك سوف تتأكد بنفسك من خطأ هذا التبرير وشتان ما بين قول أهل السنة بالصلاة خير من النوم وبين قول الشيعة بالشهادة الثالثة .(35/131)
فالمتتبع لكتب الحديث عند أهل السنة سيجدهم قد خصصوا أبواباً كثيرة ومنفردة عن التثويب - أي قول الصلاة خير من النوم - في الأذان ، وقد وردت تحت هذه الأبواب روايات كثيرة وصحيحة ثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تؤكد فيها تأكيداً جازماً على ورود هذه العبارة كفصل من فصول الأذان ، وان هذه العبارة كانت ترفع على زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى زمن الخلفاء الراشدين ومنهم علي رضي الله عنه .
وقد جمعت منها ما يقرب من (65) رواية تصرح بذلك ، وقد أثبت هذه الروايات جميعها في كتابي السابق الذكر ( الصلاة خير من النوم حقيقة أم اتهام ) ، ولو كان للشيعة حديث واحد فقط على الشهادة الثالثة بمستوى هذه الأحاديث لطاروا به طرباً وفرحاً ، ولكن أنى لهم ذلك ؟!!
واليك عزيزي القارئ أهم الأبواب التي وردت فيها تلك الأحاديث :
باب في التثويب . [ سنن أبي داود / ج1 ص 148 ]
باب كراهية التثويب في غير أذان الصبح . [ البيهقي / ج1 ص 423 ]
باب التثويب في أذان الفجر . [ سنن الدارمي / ج1 ص 270 ]
باب التثويب في الفجر . [ سنن الترمذي / ج1 ص 110 ]
باب التثويب في أذان الفجر . [ سنن النسائي / ج2 ص 13 ]
باب التثويب في أذان الفجر . [ سنن البيهقي / ج1 ص421/422 ]
باب الصلاة خير من النوم . [ مصنف عبد الرزاق / ج1 ص472 ]
باب التثويب في أذان الصبح . [ صحيح ابن خزيمه / ج1 ص200 ]
هذا وقد ذكرت في كتابي السابق الذكر أحاديث كثيرة من كتب الشيعة تثبت ورود هذه العبارة عن أئمة أهل البيت رضي الله عنهم .
فضلاً عن أقوال بعض مراجع الشيعة الكبار الذين أثبتوا عبارة الصلاة خير من النوم في آذانهم .(35/132)
وقد اثبت فيه أيضاً براءة سيدنا عمر رضي الله عنه من تهمة إضافة هذه العبارة إلى الأذان وانه بريء منها براءة الذئب من دم يوسف .
وكل ما تقدم هو غيض من فيض ولو أردت ان اجمع لك عزيزي القارئ كل ما روي من أحاديث وردت من طريق أهل السنة تثبت عبارة الصلاة خير من النوم في كتاب بمستوى كتاب الاحتجاج للطبرسي الهالك لجمعت من ذلك مجلداً كبيراً .
لذا تربص عزيزي القارئ حتى حين .(35/133)
إهداء
إلى الذين يرومون اتباع رسول الله وخاتم الأنبياء محمد - صلى الله عليه وسلم - وسلوك طريق أهل بيته رضوان الله عليهم .
إلى من يريدون إقامة السنَّة ونبذ البدعة .
إلى من حطموا قيود التقليد ، وفروا من طريق المبتدعة والمفوضة .
إلى الذين يرجون تجارة لن تبور يوم لا ينفع مال ولا بنون .
إلى كل شيعي يتقبل النقد البناء بروح طيبة ويعمل عقله وقلبه فيما يقرأ ويسمع .
إلى كل هؤلاء أضع بين أيديكم كتابي هذا موضحاً لكم فيه حقيقة من الحقائق التي ربما أخفيت عنكم أزمنة متطاولة وهي مسألة الشهادة الثالثة ( اشهد ان علياً ولي الله ) التي نسبت كذباً وزوراً وبهتاناً إلى الأئمة وهم منها براء ، عسى ان تجد هذه الحقيقة مكانها في صدوركم فان أصبت فهذا حسبي وعلى الله توكلت واليه أنيب .
{ يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ } (هود:51)
{ وقال الذي آمن يا قوم اتبعوني أهدكم سبيل الرشاد } (غافر/38)
الحقيقة
هذا الكتاب
محاولة جادة لإماطة
اللثام عن حقيقة ( الشهادة الثالثة )
في الأذان وهل لها وجود حقيقي ملموس عند
الأئمة أم هي مجرد افتراء وادعاء والحقيقة المستخلصة
من كل ذلك والتي لا مناص سوى بالقبول بها ستوضح لك توضيحاً
لا لبس فيه ولا غموض بان عبارة ( اشهد ان علياً ولي الله ) هي عبارة
دخيلة لم يقل بإثباتها نبي مرسل ولا إمام مقرب ، وقد حاولنا في هذا الكتاب ان ندلل على ذلك بالأدلة والحجج والبراهين كما حاولنا ان نبين عجز علماء الشيعة
في إيجاد ما يدعم مدعاهم وها أنا ذا أقولها متحدياً وكلي ثقة وبضرس
قاطع نعم لم يستطع أحد من علماء الشيعة ولن يستطيع ان يأتي
برواية واحدة تثبت وجود مثل هذه العبارة ولو(36/1)
مكذوبة أو موضوعة ، ولو طلعت الشمس من
مغربها ، ولو اجتمع على ذلك
الإنس والجن وكان
بعضهم لبعض
ظهيرا
المؤلف
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأُصلي وأُسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى آله وصحابته أجمعين وبعد :
فإن الله تعالى قد امتن علينا معاشر المسلمين بإتمام الدين واكماله فقال :
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً } (المائدة: من الآية3)
وإذا كان الأمر كذلك فان أي زيادة أو نقصان من ذلك الكمال هو أمر مذموم ولا ريب في ذلك لان في الزيادة ادعاءً بان الدين لم يكن كاملاً وهو بها سيكمل ، وان في النقصان تكذيباً لقوله تعالى السابق الذكر ، لذلك ومن هنا قطع النبي - صلى الله عليه وسلم - علينا كل طريق لإحداث أي أمر لم يرد في الشريعة فقال :
(( من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) أي مردود على صاحبه .
وهذه الجزئية هي التي غفل عنها المبتدعون لحظة ابتداعهم فلبس الشيطان بمكرهه ودهائه عليهم دينهم وزخرف لهم الباطل وحسنه إليهم وهكذا اشرأبت أعناق المبتدعة واستشرفوا البدع ظناً منهم ان الهدف إذا كان نبيلاً ، وان الغاية إذا كانت محمودة فان أي طريق يوصل إليهما فهو طريق محمود ونبيل ، لهذا كان سلفنا الصالح يكثرون من الكلام في البدع والتحذير من إدخال ما ليس من الدين في الدين حتى عد بعضهم الكلام في البدع والتحذير منها خيراً من عبادة كذا يوم ، قال بعض السلف :
إذا ما عزمت السير في نيل متجر يكون له في صفقة الربح حاصل
فأربعةُ لا تسلكن سبيلهم كفورُ وبدعيُ وعاصٍ وغافل‘(36/2)
وبناء على ذلك فقد جاء كتابنا هذا امتداداً طبيعياً لما قرره سلفنا الصالح فكشفنا من خلاله عن الصيغة الصحيحة للأذان الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والأئمة - رضي الله عنهم - والتي لا يوجد فيها أي ذكر للشهادة الثالثة (( أشهد أن علياً ولي الله )) إذ لم يرد ذكرها في أية رواية من الروايات التي وردت عن الأئمة في كتب الشيعة المعتبرة منها وغير المعتبرة ، ولهذا السبب أنكرها كثير من علماء الشيعة وحكموا بالبدعة على فاعلها وقالوا إنه من فِعل المفوضة الغلاة فهم الذين أدخلوها في الأذان أول مرة.
وكتابي هذا هو الأول من سلسلة متكونه من ثلاثة كتب تبحث موضوع الأذان وحقيقة ما أضيف إليه وما انقص منه .
الأول : الشهادة الثالثة في الأذان حقيقة أم افتراء .
الثاني : الصلاة خير من النوم حقيقة أم اتهام .
الثالث : حي على خير العمل حقيقة أم وهم .
وهذا التقسيم نابع من كون أهل السنة اتهموا الشيعة بإنهم أضافوا إلى الأذان بدون وجه حق عبارة اشهد ان علياً ولي الله .
والشيعة في مقابل ذلك اتهموا أهل السنة ، وعلى رأسهم الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه بانه أضاف إلى الأذان عبارة الصلاة خير من النوم وحذف من الأذان عبارة حي على خير العمل ، وقد حققنا هذه المسائل تحقيقاً قد لا يجده القارئ في غير هذه المظان ، فلمحبي المعرفة وطلاب الحق أضع هذه الكتب بين أيديهم .
وأخيراً الله اسأل أن يوفقني في كشف هذه الحقائق لعلنا نفوز باتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته وأن يهدينا جميعاً إلى اتباع نور الحق وضيائه حيثما كان إنه سميع مجيب .
المؤلف
علاء الدين البصير
الخاتمة(36/3)
الحمد لله في البدء والتمام على ما أولانا من نعم كثيرة لا سيما نعمة الإسلام والصلاة والسلام على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - خير الأنام وعلى اله وصحبه وبعد :
فقد اكتملت صورة البحث بالشكل الذي رسمناه له وبقى علينا ان نضع القلم جانباً ونختم الحديث بهذا القدر من الكلام ولكن قبل ذلك لابد من سؤال نوجهه لمن قرأ كتابنا هذا ، نقول له فيه :
وأنت تسمع ( الشهادة الثالثة ) وبقية الزيادات وهي ترفع في كل حسينية ومعبد، هل سألت نفسك عن الدافع الذي يحمل هؤلاء على مثل هذا الفعل ؟ وهل هو جهل ؟ أم هوى ؟ أم هي عصبية وحمية ؟ لا ريب انك وبعد قراءتك لهذا الكتاب ستجزم بأحد هذه الأوصاف لازمة لهم ، لذلك كان من الضروري على كل من أراد الهدى ومعرفة الحق أن يجرد نفسه من التعصب والهوى ويأتي إلى الله بقلب سليم ويسلم إليه وجهه وينقاد إليه ولا ينظر إلى سواه ، كي يشرح الله صدره للحق وللعمل به ، قال تعالى :
{ قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب } ( الرعد /37)
{ قل لا اتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين } (الأنعام /56)
{ وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون } (الأنعام:11 )(36/4)
فعلى الشيعة أن ينبذوا كل هذه الآراء ، ويرجعوا إلى كتاب الله وسنة رسوله ويتمسكوا بهما ولا يتعدوا حدودهما ، ويتعصبوا للحق لا للمذهب ، ويقوموا بالعدل ويلزموا كلمة الصدق ، ويدينوا الله بالدين الخالص ، ولا يشركوا في حكمه أحدا وبذلك يكونون قوامين بالقسط شهداء لله . { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } (النساء:135)
ذلك هو والله فعل العترة الطاهرة من أئمة الهدى عليهم السلام ولم يكونوا يوماً ليرتضوا غير ذلك ديناً لهم فمن كان على حبهم وموالاتهم فليتبع الحق وهو أحق أن يتبع ومن كان يدعي حبهم واتباعهم وموالاتهم ادعاء زائفاً فليستمر بغيه واتباع هواه حتى يأتيه أمر الله وهو على ذلك .
{ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } (آل عمران:106)
أخي القارئ استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه واستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك ، والى لقاء في رسائل أخر ان شاء الله تعالى .
المصادر
1- فقه الإمام جعفر الصادق عرض واستدلال : محمد جواد مغنية .
2- النهاية في مجرد الفقه والفتاوى : محمد بن الحسن الطوسي .
3- العروة الوثقى : كاظم اليزدي - وبهامشها تعليقات أربعة من مراجع الشيعة .
4- منهاج الصالحين : عبد الأعلى السبزواري .
5- فقيه من لا يحضره الفقيه : ابن بابويه القمي ( الصدوق ) .
6- تهذيب الأحكام : محمد بن الحسن الطوسي .
7- الكافي : محمد بن يعقوب الكليني .(36/5)
8- وسائل الشيعة : محمد بن الحسن الحر العاملي .
9- ثواب الأعمال : ابن بابويه القمي ( الصدوق ) .
10- المحاسن : أبي جعفر احمد بن محمد بن خالد البرقي .
11- الاستبصار : محمد بن الحسن الطوسي .
12- فقه الرضا : المنسوب للإمام علي بن موسى الرضا .
13- مستدرك الوسائل : حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي .
13- الفصول المهمة في اصول الأئمة : محمد بن الحسن الحر العاملي .
15- الاعتصام بحبل الله : منشورات ديوان النشر والترجمة والتأليف التابع لجامعة مدينة العلم للإمام الخالصي الكبير في الكاظمية .
16- مرجعية المرحلة وغبار التغيير : جعفر الشاخوري البحراني .
17- الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية : محمد بن جمال الدين مكي العاملي.
18- مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان : المولى أحمد الأردبيلي .
19- مفاتيح الشرائع : المولى محمد محسن الفيض الكاشاني .
20- المسائل الفقهية : حسين البروجردي .
21- المسائل الفقهية : محمد حسين فضل الله .
22- لماذا كتاب مأساة الزهراء : جعفر مرتضى العاملي .
23- كتاب الإمام المجاهد محمد الخالصي : همام الدباغ .
24- كشف الغطاء : جعفر آل كاشف الغطاء .
25- الفتاوى الواضحة : محمد باقر الصدر .
26- السرائر : أبو عبد الله محمد بن إدريس .
27- الشرائع : جعفر بن الحسن ( المحقق الحلي ) .
28- كتاب التبصر : الحسن بن المطهر ( العلامة الحلي ) .
29- منتهى المطلب في تحقيق المذهب : الحسن بن المطهر ( العلامة الحلي ) .
30- كل الحلول عند آل الرسول : محمد التيجاني السماوي .
31- حوار مع فضل الله حول الزهراء : السيد هاشم الهاشمي .
32- السفير الخامس : عباس الزيدي المياحي .
33- رجال السيد بحر العلوم : محمد مهدي بحر العلوم .
34- تنقيح المقال : عبد الله المامقاني .
35- البدعة مفهومها حدها وآثارها : جعفر السبحاني .
36- نهج البلاغة : الشريف الرضي .(36/6)
37- علل الشرائع : ابن بابويه القمي ( الصدوق ) .
38- بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار : محمد باقر المجلسي .
39- رسائل الشريف المرتضى : علم الهدى السيد علي بن الحسين بن محمد .
40- مختلف الشيعة : الحسن بن المطهر ( العلامة الحلي ) .
41- مجمع البحرين : فخر الدين الطريحي النجفي .
42- الحدائق الناظرة : يوسف البحراني .
43- فوائد الأصول : المحقق النائيني .
44- كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبد الوهاب : محسن الأمين العاملي .
45- الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة : جاسم أل كلكاوي .
46- مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح : علاء الدين السيد أمير محمد القزويني .
47- كسر الصنم : أبو الفضل ابن الرضا البرقعي .
48- قراءة في رسالة التنزيه للسيد محسن الأمين : محمد الحسون .
49- حوار مع فضل الله حول الزهراء : هاشم الهاشمي .
50- مسائل التقريب بين أهل السنة والشيعة : الدكتور عبد الله بن ناصر القفاري .
51- تطور الدرس الفلسفي في الحوزة العلمية : عبد الجبار الرفاعي .
52- مأساة كتاب المأساة : نجيب نور الدين .
53- اتجاهات واعلام حوارات فقهية في شؤون المرجعية والحركة الإسلامية : محمد حسين فضل الله .
54- الندوة : محمد حسين فضل الله .
55- صحيح البخاري : محمد بن إسماعيل البخاري .
56- صيانة القران من التحريف : محمد هادي معرفة .
57- الوافي : المولى محمد محسن الفيض الكاشاني .
58- الكليني والكافي : عبد الرسول عبد الحسن الغفار .
59- تلخيص الشافي : محمد بن الحسن الطوسي .
60- معرفة القران : مرتضى مطهري .
61- كتاب الوحدة الإسلامية : مقال لمحمد جواد مغنية : مقال باسم منهاج عملي للتقريب – محمد صالح الحائري .
62- الشهادة بالولاية في الأذان : علي الحسني الميلاني .
64- البيان في تفسير القران : أبو القاسم الخوئي .
65- أوائل المقالات : محمد بن محمد بن النعمان المفيد .(36/7)
66- مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار: أبو الحسن العاملي .
67- الأنوار النعمانية : نعمة الله الجزائري .
68- منبع الحياة : نعمة الله الجزائري .
69- فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب : حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي .
70- نور البراهين : نعمة الله الجزائري .
71- شرح الصحيفة السجادية : نعمة الله الجزائري .
72- مرآة العقول : محمد باقر المجلسي .
73- تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة : سلطان محمد الجنابذي .
74- مشارق الشموس الدرية : عدنان البحراني .
75- الدرر النجفية : يوسف البحراني .
76- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة : حبيب الله الخوئي .
78- ضربت حيدري : محمد اللكنوي .
79- شرح الكافي : محمد صالح المازندراني .
80- إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات : محمد بن الحسن الحر العاملي .
81- التحقيق في نفي التحريف : علي الحسني الميلاني .
82- مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار : عبد الله شبر .
83- منهاج الأحكام : محمد مهدي النراقي .
84- الشهادة الثالثة المقدسة : عبد الحليم الغزي .
85- دعائم الإسلام : القاضي أبو حنيفة النعمان .
86- المبسوط : محمد بن الحسن الطوسي .
87- آلف مسألة ومسألة : حسين آل بحر العلوم .
89- مصباح المتهجد : محمد بن الحسن الطوسي .
90- جامع الأخبار : محمد بن محمد السبزواري .
91- تفسير الحسن العسكري : تفسير منسوب للامام الحسن بن علي الملقب بالعسكري .
92- الاعتقادات : ابن بابويه القمي ( الصدوق ) .
93- بصائر الدرجات : ابن فروخ الصفار .
94- معاني الأخبار : ابن بابويه القمي ( الصدوق ) .
95- التوحيد : ابن بابويه القمي ( الصدوق ) .
96- المعتبر : ابن أبي عقيل .
97- حركية العقل الاجتهادي لدى فقهاء الشيعة الإمامية:جعفر الشاخوري البحراني.
98- الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية : محمد جميل حمود .(36/8)
99- بحوث في السيرة النبوية أزواج النبي وبناته : نجاح الطائي .
100- الأربعين في إمامة الأئمة الطاهرين : محمد حسين الشيرازي النجفي القمي .
101- الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب : يوسف البحراني .
102- العدة في أصول الفقه : محمد بن الحسن الطوسي .
103- معجم رجال الخوئي : أبو القاسم الخوئي .
104- الرسائل الأربعة : جعفر السبحاني .
105- دفاع عن المرجعية الرد على محمود الحسني : الشيخ عز الدين الجوهر.
106- بحوث في مباني علم الرجال : محمد سند .
107- فقه الجنس في قنواته المذهبية : الدكتور أحمد الوائلي .
108- تفسير الكاشف : محمد جواد مغنية .
109- مختلف الشيعة : العلامة الحلي .
110- المسائل الناصرية : علم الهدى الشريف المرتضى .
111- جمل العلم والعمل : علم الهدى الشريف المرتضى .
112- الخلاف : محمد بن الحسن الطوسي .
113- الكافي في الفقه : أبي الصلاح تقي بن نجم الدين الحلبي .
114- المقنعة : أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ( المفيد ) .
115- منهج الصالحين : محمد محمد صادق الصدر .
116- الوسيلة : ابن إدريس .
117- الأنتصار : السيد المرتضى .
118- كليات في علم الرجال : جعفر السبحاني .
119- أصول علم الرجال : عبد الهادي الفضلي .
120- رجال الخاقاني : علي الخاقاني .
121- رجال الكشي : أبي عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي .
121- قواعد الحديث : محي الدين الموسوي الغريفي .
122- مدخل إلى فهم الإسلام : يحيى محمد .
123- الفهرست : محمد بن الحسن الطوسي .
124- محمد جواد مغنية حياته ومنهجه في التفسير : جواد علي كسار .
125- مع الشيعة الإمامية : محمد جواد مغنية .
126- رسائل الشريف المرتضى : علم الهدى الشريف المرتضى .
127- بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية لمحمد رضا المظفر : محسن الخرازي .
128- محاظرات في الاعتقادات : السيد علي الحسني الميلاني .(36/9)
129- حق الإمام في فكر السيد البغدادي : احمد الحسني البغدادي .
130- عراق بلا قيادة : عادل رؤوف .
131- الشهادة الثالثة سبب الايمان ام جزء الاذان : الشيخ محمد سند .
132- مدينة المعاجز : هاشم البحراني .
133- حديث الثقلين : الدكتور علاء الدين الكاظمي القزويني .
134- نقض شبهات أهل السنة حول الشيعة:الدكتور علاء الدين الكاظمي القزويني.
الفهرس
الإهداء ……………………………………………………………………….
الحقيقة…………………………………………………………………………
المقدمة………………………………………………………………………..
الفصل الأول : حقائق عن الأذان……………………………………………. 1
معنى الأذان………………………………………………………………… 2
حكم الأذان والإقامة عند العلماء………………………………………………. 3
فضل الأذان والمؤذنين………………………………………………………. 4
الفصل الثاني : خلو الأذان من الشهادة الثالثة عند الأئمة والعلماء…………….. 5
روايات الأئمة لا تذكر الشهادة الثالثة…………………………………………. 6
إجماع فقهاء الإمامية على أن الشهادة الثالثة ليست جزءاً من الأذان والإقامة……..11
أقوال فقهاء الأمامية……………………………………………………….. 15
1 - شيخ الطائفة الطوسي ………………………………………………… 15
2 -الشهيدان الأول والثاني …………………………………………………15
3-المقدس الأردبيلي ……………………………………………………….16
4-محمد محسن الفيض الكاشاني ………………………………………….. 16
5-الشهيد الثاني ………………………………………………………….. 17
6-الشيخ محمد جواد مغنية ………………………………………………… 17
7-السيد البروجردي ……………………………………………………….18
8-محمد حسين فضل الله ………………………………………………… 18
9-الشيخ محمد مهدي الخالصي ……………………………………………..19
10- الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء ………………………………………..21
11-كاظم اليزدي الطبطبائي ………………………………………………..22
13-الحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة ……………………………………23
14-العلامة الحلي …………………………………………………………23(36/10)
15 -محمد باقر الصدر …………………………………………………….23
16-العلامة ابن إدريس ……………………………………………………24
17-العلامة المحقق ……………………………………………………… 24
18-العلامة الحلي …………………………………………………………24
19-العلامة الحلي ………………………………………………………… 24
20- محمد العاملي الكاظمي ……………………………………………… 24
21- الشيخ عبد الجليل القزويني ……………………………………………25
23-محمد محمد صادق الصدر …………………………………………… 25
22- محمد التيجاني السماوي ……………………………………………. 25
سؤال وجواب…………………………………………………………….. 30
الفصل الثالث : البدعة وآثارها الموبقة………………………………………34
( أولاً ) البدعة في الكتاب……………………………………………………35
( ثانياً ) التحذير من البدعة كما جاء في روايات النبي - صلى الله عليه وسلم - والأئمة………………39
( ثالثاً ) البدعة في أقوال علماء الإمامية………………………………………43
الفصل الرابع : تبريرات العلماء على إدخال الشهادة الثالثة ودحضها من قبل الكاظمي……………………………………………………………….. 45
تبريرات واهية………………………………………………………….. 46
1- التبرير الأول : التسامح بذكرها في الأذان والإقامة ……………………. 46
2- التبرير الثاني : القول باستحباب الشهادة الثالثة ………………………… 47
3- التبرير الثالث : إنها رمز للتشيع ……………………………………… 49
الفتوى الأولى………………………………………………………….. 51
الفتوى الثانية……………………………………………………………. 51
ردود محمد العاملي الكاظمي على فتاوى محسن الحكيم……………………… 53
أذان اليوم………………………………………………………………. 63
الفصل الخامس : الطعن على المخالفين…………………………………… 65
شنشنة نعرفها من اخزم…………………………………………………… 66
الصحابي الجليل عبد الله بن سلام وموقف قومه منه بعد ان اسلم………………80
مفارقة عجيبة……………………………………………………………. 82
وقفة مع الميلاني وكتابه الشهادة بالولاية في الأذان……………………………85
كبار علماء الشيعة يقولون أن روايات تحريف القران متواترة ومستفيضة………87(36/11)
1- أبو القاسم الخوئي في كتابه البيان ………………………………………87
2- الشيخ المفيد …………………………………………………………. 87
3-أبو الحسن العاملي ………………………………………………………87
4-نعمة الله الجزائري ………………………………………………………88
5-محمد باقر المجلسي …………………………………………………… 89
6-سلطان محمد الجنابذي ………………………………………………… 90
7-العلامة الحجة السيد عدنان البحراني………………………………………90
8-العلامة المحدث يوسف البحراني………………………………………… 90
9-النوري الطبرسي ……………………………………………………… 90
10- حبيب الله الخوئي …………………………………………………… 91
11- السيد محمد اللكنوي ………………………………………………… 91
12-العلامة الكبير محمد صالح المازندراني ………………………………… 91
13- الحر العاملي ……………………………………………………… 92
14-عبد الله شبر …………………………………………………………. 92
15 – محمد مهدي النراقي ………………………………………………… 92
القول بتحريف القران من ضروريات مذهب الشيعة………………………… 93
العلامة أبو الحسن العاملي ………………………………………………. 93
العلامة الحجة السيد عدنان البحراني……………………………………… 93
المفيد …………………………………………………………………. 93
الفصل السادس : ألفاظ الأذان جامعة مانعة لا تقبل الزيادة أو النقصان……… 96
سنن وأذكار في الأذان تركت……………………………………………. 102
أولاً : عبارة الصلاة خير من النوم……………………………………… 102
ثانياً : دعاء الوسيلة بعد الأذان…………………………………………. 102
روايات الأئمة تذكر دعاء الوسيلة………………………………………… 105
الفصل السابع : التقية ودورها في الأذان………………………………… 108
التقية ركن من أركان المذهب……………………………………………. 109
التقية ودورها في تحريف الأذان………………………………………… 111
علماء الشيعة برروا عدم ذكر الشهادة الثالث بالتقية………………………. 113
أحاديث الشيعة مختلفة متضادة…………………………………………… 114
اختلاف علماء الشيعة في تحديد أي الروايات صدر تقية…………………… 115(36/12)
الرسول- صلى الله عليه وسلم - يتقي عائشة………………………………………………… 116
الصادق يفطر في نهار رمضان…………………………………………. 118
أصبت والله يا أبا حنيفة…………………………………………………. 118
وجد الأمام لحفظ الدين…………………………………………………. 119
الفصل الثامن : الاختلاف بين علماء الشيعة……………………………. 121
الاختلاف في كل شيء…………………………………………………. 122
اختلافات علماء الشيعة في مسائل تخص الأذان…………………………… 129
أولاً : حكم الأذان والإقامة……………………………………………… 129
ثانياً : الطهارة في الأذان والإقامة………………………………………… 131
ثالثاً : الكلام في الأذان والإقامة…………………………………………. 132
رابعاً : أذان الفاسق……………………………………………………….132
خامساً : عدد فصول الأذان والإقامة………………………………………. 133
سادساً : أخذ الأجرة على الأذان…………………………………………. 134
سابعاً : حكم الأذان والإقامة قبل دخول الوقت……………………………….134
ثامنا : حكم التثويب والترجيع في الأذان……………………………………135
تاسعاً : ترك الأذان والإقامة تعمداً…………………………………………..136
عاشراً : أذان المرأة للرجال………………………………………………..138
الحادي عشر : الأذان والإقامة في هيئة القيام………………………………..138
الثاني عشر : سقوط الأذان في موارد…………………………………….. 139
معظم أحاديث الشيعة مطعون في سندها……………………………………..142
وجود مثل هذه الاختلافات عند أهل السنة………………………………….. 145
الفصل التاسع : صورتان متضادتان لاتباع سفينة أهل البيت………………. 147
القول الفصل في لزوم ترك الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة………………. 148
محمد الصدر والشهادة الثالثة……………………………………………. 150
الأسئلة…………………………………………………………………. 151
السؤال الأول…………………………………………………………. 151
السؤال الثاني…………………………………………………………. 153
السؤال الثالث…………………………………………………………. 153
المناقشة………………………………………………………………. 154
سؤالان………………………………………………………………. 180(36/13)
إشكال أخير…………………………………………………………….. 189
الخاتمة……………………………………………………………………….
المصادر……………………………………………………………………..
الفهرس………………………………………………………………………(36/14)
الشيعة الإثنى عشرية
وتحريف القرآن
تأليف
محمد عبدالرحمن السيف
مقدمة
الحمد لله رب العالمين ، الذي أنزل الكتاب على عبده نبراساً وهداً للمتقين ، ولم يجعل فيه خللا ولا نقصاً ، الحمد لله الذي تكفل بحفظه ولم يدع للباطل أن يدخل عليه منذ أن أنزله على عبده الآمين حتى يأخذ الأرض ومن عليها .
والصلاة والسلام على الصادق الأمين الذي انزل الله تعالى على قلبه الفرقان ضياءاً وهداً وبشراً للمؤمنين ، فأدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى دخل الناس في دين الله أفواجاً ، بعد أن كانوا في عمايه عن الحق وانغماس في بحر الشهوات والشبهات والرضوان على آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين الذين آمنوا بهذه الرساله وجاهدوا مع نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأموالهم وأنفسهم ، وهاجروا مع قائد دعوتهم ، فتركوا الأموال والأوطان يسابقون لسماع القرآن ، حتى اثنى عليهم الله تعالى في مواطن كثيرة من القرآن ، فهم { المؤمنون حقا} ( (1) وهم الذين{ يد الله فوق أيديهم } ( (2) وهم الذين {رضى الله عنهم ورضوا عنه}( (3) وهم ... وهم ... وهم ، لو خطت الأقلام مناقبهم لكلت وجفت .
ومن ثقة الله بهم في كتابه الكريم وثقة نبيه بهم أن كانوا كتاب وصيه عهد نبيه ، والذين جمعوا هذا القرآن الذي بين أيدينا في صدورهم وفي سطورهم ، وهم الحلقة الأولى في جمعه في مصحف كامل انتشر بعد ذلك في بقاع الأرض واصقاعها وفي مشارقها ومغاربها ، فلم يدع بلاداً ولا مصراً بل ولا داراً إلا وطرقها مبشراً ونذيراً .
__________
(1) - الأنفال : آية 74 .
(2) - الفتح : آية 10 .
(3) - التوبة : آية 100 .(37/1)
فكان بعدها الإيمان به إيمان بأصل من أصول الدين وأركانه ، والكافر به ولو بحرف من حروفه فقد كفر به وبأصل من أصول الدين وأن عدم الإيمان بحفظ القرآن وصيانته يجر الى إنكار القرآن وتعطيل الشريعة التي جاء بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه حينذاك يحتمل في كل آية من آيات الكتاب الحكيم أنه وقع فيها تبديل وتحريف ، وحين تقع الاحتمالات تبطل الاعتقادات والايمانيات، لأن الأيمان لا يكون إلا باليقينيات وأما بالظنيات والمحتملات فلا يكون . ولكن يبقى الشيطان العدو المبين ، يتربص بالمؤمنين ليشككهم بدينهم ويبعدهم عن الصراط المستقيم فيتيهوا في ضلال وانحراف عن الدين كما هو حال الذين من قبلنا من { الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون } . (1)
ويبقى أهل الحق والنور متمسكون بكتاب الله تعالى نبراساً وضياء ، وأما الذين في قلوبهم زيع وريب فلقد جرفهم الشيطان بشبهاته وشهواته وزين لهم أن يقولوا على الله مالا يعلمون ، فافتروا على الله تعالى وعلى كتابه العزيز الذي { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } (2) ) بأنه قد تعرض للتحريف والتبديل كما هو حال التوراة والإنجيل ، وهذا من أعظم الظلم والكذب والبهتان على الله تعالى الذين نص في كتابه { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } ( (3) ) فالذين يفترون على الله الكذب هم الذين قال الله فيهم { ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين } (4) ) .
__________
(1) - الروم آيه (32)
(2) - فصلت آيه (42)
(3) - الحجر آيه (9)
(4) - العنكبوت آيه (68)(37/2)
وهذا البحث الذي أرجوا فيه من الله تعالى أن يرينا فيه الحق حقاً ويرزقنا إتباعه وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ، إنما هو كشف عن حقيقه يجهلها الكثير من أبناء أهل السنه والشيعة وهي اعتقاد علماء الشيعة الأثنى عشرية بأن القرآن الكريم الذي بين أيدينا والذي نتلوه ليلاً ونهاراً ونتعبد به صباحاً ومساءاً ليس هو بزعمهم القرآن الذي أُنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - وإنما هو محرف مبدل ، وأما الذي أُنزل - بزعمهم - إنما هو مخبأ عند المهدي المنتظر حسب زعم علماء الشيعة الإثنى عشرية .
والله أسأل أن يعينني على إيضاح الحق وطمس الباطل ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
مؤلف الكتاب
الفصل الأول
أهل السنة والقرآن الكريم
أهل السنة والقرآن الكريم
أجمع أهل السنة والمسلمون جميعا على صيانة كتاب الله عز وجل من التحريف والزيادة والنقص فهو محفوظ بحفظ الله له قال تعالى : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }(1) ولا يوجد في كتب أهل السنة المعتمدة رواية واحدة صحيحة تخالف هذا وقد ذكر مفسروا أهل السنة عند قوله سبحانه : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} أن القرآن محفوظ من أي تغيير أو تبديل أو تحريف انظر القرطبي : " جامع أحكام القرآن "، النسفي : " مدارك التنزيل"، " تفسير الخازن " ، " تفسير ابن كثير "، البيضاوي : " أنوار التنزيل " ، الألوسي " روح المعاني" ، صديق خان " فتح البيان " ، الشنقيطي " أضواء البيان" وغيرهم من المفسرين .
وصرح كبار علماء السنة أن من اعتقد أن القرآن فيه زيادة أو نقص فقد خرج من دين الاسلام .
وهذه العقيدة عند أهل السنة من الشهرة والتواتر بحيث أنها لاتحتاج الى من يقيم أدلة عليها بل هذه العقيدة من المتواترات عند المسلمين .
__________
(1) - الحجر : آية 9 .(37/3)
قال القاضي عياض(1) - رحمه الله : ( وقد أجمع المسلمون أن القرآن المتلو في جميع أقطار الأرض المكتوب في المصحف بأيدي المسلمين مما جمعه الدفتان من أول { الحمد لله رب العالمين } الى آخر { قل أعوذ برب الناس } أنه كلام الله ووحيه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأن جميع مافيه حق وأن من نقص منه حرفا قاصدا لذلك أو بدله بحرف آخر مكانه أو زاد فيه حرفا مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع الإجماع عليه وأجمع على أنه ليس من القرآن عامداً لكل هذا أنه كافر (2) .
وينقل القاضي عياض عن أبي عثمان الحداد أنه قال : (جميع من ينتحل التوحيد متفقون على أن الجحد لحرف من التنزيل كفر ) (3).
قال ابن قدامة (4) : ( ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفاً متفقاً عليه أنه كافر ) (5) .
__________
(1) - عياض بن موسى بن عمرون اليحصبي السبتي أبو الفضل عالم المغرب وإمام أهل الحديث في وقته من مصنفاته " الشفاء " ، " مشارق الأنوار " ، "الالماع" وغيرها ، توفي بمراكش سنة 544هـ وكان مولده عام 476هـ أنظر في ترجمته : الضبي : "بغية الملتمس" : ص 437 ، النباهي : "تاريخ قضاة الأندلس " : ص 101 .
(2) ، 2 - الشفاء : (ص 1102 - 1103).
(4) - عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي ثم الدمشقي أبو محمد موفق الدين من كبار أئمة السنة وفقهاء الأمة له تصانيف منها : "المغني" ، و " فضائل الصحابة " و " القدر" وغيرها . توفى بدمشق سنة 620هـ ، وكان مولده في جماعيل ( من قرى نابلس بفلسطين ) سنة 541 . أنظر : " مختصر طبقات الحنابلة " ص 45-47، وانظر : " الأعلام " (4/191-192).
(5) - ابن قدامة : " لمعة الاعتقاد " ص 19 .(37/4)
قال البغدادي : ( وأكفروا - أي أهل السنة - من زعم من الرافضة أن لا حجة اليوم في القرآن والسنة لدعواه أن الصحابة غيروا بعض القرآن وحرفوا بعضه ) (1) .
ويقول القاضي أبو يعلي(2): ( والقرآن ما غير ولا بدل ولا نقص منه ولا زيد فيه خلافاً للرافضة القائلين أن القرآن قد غير وبدل وخولف بين نظمه وترتيبه - ثم قال- إن القرآن جمع بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم وأجمعوا عليه ولم ينكر منكر ولا رد أحد من الصحابة ذلك ولا طعن فيه ولو كان مغيراً مبدلاً لوجب أن ينقل عن أحد من الصحابة أنه طعن فيه ، لأن مثل هذا لايجوز أن ينكتم في مستقر العادة .. ولانه لو كان مغيراً ومبدلاً لوجب على علي رضي الله عنه أن يبينه ويصلحه ويبين للناس بياناً عاماً أنه أصلح ما كان مغيراً فلما لم يفعل ذلك بل كان يقرأه ويستعمله دل على أنه غير مبدل ولا مغير (3)) .
ويقول ابن حزم : ( القول بأن بين اللوحين تبديلا كفر صريح وتكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ) (4).
__________
(1) - الفرق بين الفرق " ص 315 دار الآفاق الجديدة - بيروت .
(2) - محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء أبو يعلي عالم عصره في الأصول والفروع من تصانيفه " الأحكام السلطانية " ولد عام 380هـ وتوفي عام 458هـ " طبقات الحنابلة " : (2/193 -230)، " الاعلام " : (6/331) .
(3) - المعتمد في أصول الدين ص 258.
(4) - " الفصل في الملل والنحل " : 40.(37/5)
قال الفخر الرازي عند قوله سبحانه : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }، وإنا نحفظ ذلك الذكرمن التحريف والزيادة والنقصان - إلى أن قال : إن أحداً لو حاول تغيير حرف أو نقطة لقال له أهل الدنيا هذا كذب وتغيير لكلام الله حتى أن الشيخ المهيب لو اتفق له لحن أو هفوة في حرف من كتاب الله تعالى لقال له الصبيان أخطأت أيها الشيخ وصوابه كذا وكذا .. واعلم أنه لم يتفق لشيء من الكتب مثل هذا الحفظ فإنه لا كتاب إلا وقد دخله التصحيف والتحريف والتغيير إما في الكثير منه أو في القليل ، وبقاء هذا الكتاب مصوناً من جميع جهات التحريف مع أن دواعي الملاحدة واليهود والنصارى متوفرة على إبطاله وإفساده من أعظم المعجزات (1).
ويقول ابن حزم - في الجواب عن احتجاج النصارى بدعوى الروافض تحريف القرآن - ( وأما قولهم في دعوى الروافض تبديل القرآن فإن الروافض ليسوا من المسلمين ) (2) .
ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية : ( وكذلك - أي في الحكم بتكفيره - من زعم منهم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت ، أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة ونحو ذلك وهؤلاء يسمون القرامطة والباطنية ومنهم التناسخية وهؤلاء لاخلاف في كفرهم)(3).
وبعد : فالشواهد في هذا المجال لاتحصى كثرة وهي موجودة في مواضعها في كتب التفسير وعلوم القرآن والحديث والعقيدة والأصول وغيرها.
الفصل الثاني
الشيعة والقرآن الكريم
أولا : علماء الشيعة المصرحون بأن القرآن محرف وناقص :
( 1 ) علي بن إبراهيم القمي :
__________
(1) - " مفاتيح الغيب " : (19/160-161) .
(2) - " الفصل " 2/80 .
(3) - " الصارم المسلول " دار الكتب العلمية - بيروت : ص 586 .(37/6)
قال في مقدمة تفسيره عن القرآن ( ج1/36 ط دار السرور - بيروت ) أما ماهو حرف مكان حرف فقوله تعالى : (( لئلا يكون للناس على * الله حجة إلا الذين ظلموا منهم(1))) يعنى ولا للذين ظلموا منهم وقوله : (( يا موسى لا تخف إنى لايخاف لدي المرسلون إلا من ظلم (2)) يعنى ولا من ظلم وقوله : (( ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ (3))) يعنى ولا خطأ وقوله : ((ولا يزال بنيانهم الذى بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم (4))) يعنى حتى تنقطع قلوبهم .
قال في تفسيره أيضا ( ج1/36 ط دار السرور - بيروت ) :
__________
(1) الموجود بالقرآن (( عليكم )) بدل (( على الله )) ولكني نقلتها كما هي موجودة بتفسير القمي
- البقرة : 150
(2) - النمل : 10
(3) - النساء: 91
(4) - التوبة: 110(37/7)
وأما ما هو على خلاف ما أنزل الله فهو قوله : (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله (1) )) فقال أبو عبد الله عليه السلام لقاريء هذه الآية : (( خير أمة )) يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين بن علي عليهم السلام ؟ فقيل له : وكيف نزلت يا ابن رسول الله؟ فقال : إنما نزلت :
(( كنتم خير أئمة أخرجت للناس )) ألا ترى مدح الله لهم في آخر الآية (( تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)) ومثله آية قرئت على أبي عبد الله عليه السلام:(( الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما (2) )) فقال أبو عبد الله عليه السلام : لقد سألوا الله عظيما أن يجعلهم للمتقين إماما . فقيل له : يا ابن رسول الله كيف نزلت ؟ فقال : إنما نزلت :
(( الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعل لنا من المتقين
إماما )) وقوله : (( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله (3))) فقال أبو عبد الله : كيف يحفظ الشيء من أمر الله وكيف يكون المعقب من بين يديه فقيل
له : وكيف ذلك يا ابن رسول الله ؟ فقال : إنما نزلت (( له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله )) ومثله كثير .
وقال أيضا في تفسيره ( ج1/37 دار السرور . بيروت ) :
__________
(1) - آل عمران : 110
(2) - الفرقان : 74
(3) - الرعد : 10(37/8)
وأما ما هو محرف فهو قوله : (( لكن الله يشهد بما أنزل إليك في علي أنزله بعلمه والملائكة يشهدون (1) )) وقوله :(( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك في علي فإن لم تفعل فما بلغت رسالته (2) )) وقوله : (( إن الذين كفروا وظلموا آل محمد حقهم لم يكن الله ليغفر لهم (3))) وقوله : (( وسيعلم الذين ظلموا آل محمد حقهم أي منقلب ينقلبون (4) )) وقوله : (( ولو ترى الذين ظلموا آل محمد حقهم في غمرات الموت (5) )) * .
( 2 ) نعمة الله الجزائري واعترافه بالتحريف :
قال الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية 2/357 ، 358 :
(( إن تسليم تواترها { القراءات السبع } عن الوحي الآلهي وكون الكل قد نزل به الروح الأمين يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاما ومادة وإعرابا ، مع أن أصحابنا رضوان الله عليهم قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها (6). نعم قد خالف فيها المرتضى والصدوق والشيخ الطبرسي وحكموا بأن ما بين دفتي المصحف هو القرآن المنزل لا غير ولم يقع فيه تحريف
ولا تبديل )) .
__________
(1) - النساء : 166
(2) - المائدة : 67
(3) - النساء : 168
(4) - الشعراء 227
(5) - الأنعام : 93
* ملاحظة : قامت دار الأعلمي - بيروت في طباعة تفسير القمي لكنها حذفت مقدمة الكتاب للسيد طيب الموسوي لأنه صرح بالعلماء الذين طعنوا في القرآن من الشيعة .
* أخي المسلم أنت تعلم أن كلمة (( في علي )) (( آل محمد )) ليستا في القرآن .
(6) - يقصد صحة وتصديق الروايات التي تذكر بأن القرآن محرف.(37/9)
(( والظاهر أن هذا القول (1) إنما صدر منهم لأجل مصالح كثيرة منها سد باب الطعن عليها بأنه إذا جاز هذا في القرآن فكيف جاز العمل بقواعده وأحكامه مع جواز لحوق التحريف لها (2))) .
ويمضي نعمة الله الجزائري فيقرر أن أيادي الصحابة امتدت إلى القرآن وحرفته وحذفت منه الآيات التي تدل على فضل الأئمة فيقول 1/97: ((ولا تعجب من كثرة الأخبار الموضوعة (3))) فإنهم بعد النبي- صلى الله عليه وسلم - قد غيروا وبدلوا في الدين ما هو أعظم من هذا كتغييرهم القرآن وتحريف كلماته وحذف ما فيه من مدائح آل الرسول والأئمة الطاهرين وفضائح المنافقين وإظهار مساويهم كما سيأتي بيانه في نور القرآن (4) )) .
ويعزف الجزائري على النغمة المشهورة عند الشيعة بأن القرآن لم يجمعه كما أنزل إلا علي رضوان الله عليه وأن القرآن الصحيح عند المهدي وأن الصحابة ما صحبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لتغيير دينه وتحريف القرآن فيقول 2/360،361،362 :
__________
(1) - أي إنكار التحريف .
(2) - وهذا الكلام من الجزائرى يعني أن قولهم ( أي المنكرين للتحريف ) ليس عن عقيدة بل لاجل مصالح أخرى .
(3) - يقصد الاحاديث التي تروى مناقب وفضائل الصحابة رضوان الله عليهم .
(4) - عزيزي القارئ إن المقصود في نور القرآن هو فصل في كتاب الانوار النعمانية لكن هذا الفصل حذف من الكتاب في طبعات متأخرة لخطورته .(37/10)
(( قد استفاض في الأخبار أن القرآن كما أنزل لم يؤلفه إلا أمير المؤمنين عليه السلام بوصية من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فبقي بعد موته ستة أشهر مشتغلا بجمعه ، فلما جمعه كما أنزل أتي به إلى المتخلفين بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم : هذا كتاب الله كما أنزل فقال له عمر بن الخطاب : لاحاجة بنا إليك ولا إلى قرآنك ، عندنا قرآن كتبه عثمان ، فقال لهم علي : لن تروه بعد اليوم ولا يراه أحد حتى يظهر ولدي المهدي عليه السلام . وفي ذلك القرآن(1) زيادات كثيرة وهو خال من التحريف ، وذلك أن عثمان قد كان من كتاب الوحي لمصلحة رآها - صلى الله عليه وسلم - وهي أن لايكذبوه في أمر القرآن بأن يقولوا إنه مفترى أو إنه لم ينزل به الروح الأمين كما قاله أسلافهم ، بل قالوه أيضا وكذلك جعل معاوية من الكتاب قبل موته بستة أشهر لمثل هذه المصلحة أيضا وعثمان وأضرابه ما كانوا يحضرون إلا في المسجد مع جماعة الناس فما يكتبون إلا ما نزل به جبرائيل عليه السلام . أما الذي كان يأتي به داخل بيته - صلى الله عليه وسلم - فلم يكن يكتبه إلا أمير المؤمنين عليه السلام لأن له المحرمية دخولا وخروجا فكان ينفرد بكتابة مثل هذا وهذا القرآن الموجود الآن في أيدي الناس هو خط عثمان ، وسموه الإمام وأحرقوا ما سواه أو أخفوه ، وبعثوا به زمن تخلفه إلى الأقطار والأمصار ومن ثم ترى قواعد خطه تخالف قواعد العربية )) .
__________
(1) - يقصد القرآن الذي عند المهدي .(37/11)
وقد أرسل عمر بن الخطاب زمن تخلفه إلى علي عليه السلام بأن يبعث له القرآن الأصلي الذي هو ألفه وكان عليه السلام يعلم أنه طلبه لأجل أن يحرقه كقرآن ابن مسعود أو يخفيه عنده حتى يقول الناس : إن القرآن هو هذا الكتاب الذي كتبه عثمان لا غير فلم يبعث به إليه وهو الآن موجود عند مولانا المهدي عليه السلام مع الكتب السماوية ومواريث الأنبياء ولما جلس أميرالمؤمنين عليه السلام (1) على سرير الخلافة لم يتمكن من إظهار ذلك القرآن وإخفاء هذا لما فيه من إظهار الشنعة على من سبقه كما لم يقدر على النهي عن صلاة الضحى ، وكما لم يقدر على إجراء المتعتين متعة الحج ومتعة النساء . وقد بقي القرآن الذي كتبه عثمان حتى وقع الى أيدي القراء فتصرفوا فيه بالمد والإدغام والتقاء الساكنين مثل ما تصرف فيه عثمان وأصحابه وقد تصرفوا في بعض الآيات تصرفا نفرت الطباع منه وحكم العقل بأنه ما نزل هكذا .
وقال أيضا في ج 2/363 :
فإن قلت كيف جاز القراءة في هذا القرآن مع مالحقه من التغيير ، قلت قد روي في الآخبار أنهم عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس إلى السماء ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين عليه السلام فيقرى ويعمل بأحكامه (2).
( 3 ) الفيض الكاشاني ( المتوفي 1091 هـ ) :
وممن صرح بالتحريف من علمائهم : مفسرهم الكبير الفيض الكاشاني صاحب تفسير " الصافي ".
__________
(1) - هذا الكلام من العالم الجزائري الشيعي هو جواب لكل شيعي يسأل نفسه لماذا لم يظهر علي رضى الله عنه القرآن الأصلي وقت الخلافة .
(2) - هذا جواب العالم الجزائري لكل سني اوشيعي يسأل لماذا يقرأ الشيعه القرآن مع انه محرف .(37/12)
قال في مقدمة تفسيره معللا تسمية كتابه بهذا الأسم (( وبالحري أن يسمى هذا التفسير بالصافي لصفائه عن كدورات آراء العامة والممل والمحير (1))) .
وقد مهد لكتابه هذا باثنتي عشرة مقدمة ، خصص المقدمة السادسة لإثبات تحريف القرآن . وعنون لهذه المقدمة بقوله ( المقدمة السادسة في نبذ مما جاء في جمع القرآن ، وتحريفه وزيادته ونقصه ، وتأويل ذلك ( (2)) .
وبعد أن ذكر الروايات التي استدل بها على تحريف القرآن ، والتي نقلها من أوثق المصادر المعتمدة عندهم ، خرج بالنتيجة التالية فقال : (( والمستفاد من هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت عليهم السلام أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم بل منه ماهو خلاف ما أنزل الله ، ومنه ما هو مغير محرف ، وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة منها اسم علي عليه السلام ، في كثير من المواضع ، ومنها لفظة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم غير مرة ، ومنها أسماء المنافقين في مواضعها ، ومنها غير ذلك ، وأنه ليس أيضا على الترتبيب المرضي عند الله ، وعند رسول صلى الله عليه وآله وسلم (3))) .
__________
(1) - تفسير الصافي - منشورات مكتبة الصدر - طهران - ايران ج1 ص13 .
(2) - المصدر السابق ص 40 .
(3) - تفسير الصافي 1/49 منشورات الاعلمي ـ بيروت ، ومنشورات الصدر - طهران .(37/13)
ثم ذكر بعد هذا أن القول بالتحريف اعتقاد كبار مشايخ الإمامية قال : (( وأما اعتقاد مشايخنا رضي الله عنهم في ذلك فالظاهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن ، لأنه كان روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي ، ولم يتعرض لقدح فيها ، مع أنه ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه، وكذلك أستاذه علي بن إبراهيم القمي ـ رضي الله عنه ـ فإن تفسيره مملوء منه ، وله غلو فيه ، وكذلك الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي رضي الله عنه فإنه أيضا نسج على منوالهما في كتاب الإحتجاج (1) )) .
( 4 ) أبو منصور أحمد بن منصور الطبرسي ( المتوفي سنة 620هـ ) :
روى الطبرسي في الاحتجاج عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه قال: (( لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع علي عليه السلام القرآن ، وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم لما قد أوصاه بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح القوم ، فوثب عمر وقال : ياعلي اردده فلا حاجة لنا فيه ، فأخذه عليه السلام وانصرف ، ثم أحضروا زيد بن ثابت ـ وكان قارئا للقرآن ـ فقال له عمر : إن عليا جاء بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين والأنصار ، وقد رأينا أن نؤلف القرآن ، ونسقط منه ما كان فضيحة وهتكا للمهاجرين والأنصار . فأجابه زيد إلى ذلك .. فلما استخلف عمر سأل عليا أن يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم (2) )) .
__________
(1) - تفسير الصافي 1/52 منشورات الاعلمي ـ بيروت ، ومنشورات الصدر - طهران .
(2) - الاحتجاج للطبرسي منشورات الأعلمي - بيروت - ص 155 ج1 .(37/14)
ويزعم الطبرسي أن الله تعالى عندما ذكر قصص الجرائم في القرآن صرح بأسماء مرتكبيها ، لكن الصحابة حذفوا هذه الأسماء ، فبقيت القصص مكناة . يقول : (( إن الكناية عن أسماء أصحاب الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن ، ليست من فعله تعالى ، وإنها من فعل المغيرين والمبدلين الذين جعلوا القرآن عضين ، واعتاضوا الدنيا من الدين (1) )) .
ولم يكتف الطبرسي بتحريف ألفاظ القرآن ، بل أخذ يؤول معانيه تبعا لهوى نفسه ، فزعم أن في القرآن الكريم رموزا فيها فضائح المنافقين ، وهذه الرموز لايعلم معانيها إلا الأئمة من آل البيت ، ولو علمها الصحابة لأسقطوها مع ما أسقطوا منه(2).
هذه هي عقيدة الطبرسي في القرآن ، وما أظهره لا يعد شيئا مما أخفاه في نفسه ، وذلك تمسكا بمبدأ ( التقية ) يقول : (( ولو شرحت لك كلما أسقط وحرف وبدل ، مما يجري هذا المجرى لطال ، وظهر ما تحظر التقية إظهاره من مناقب الأولياء ، ومثالب الأعداء(3))) .
ويقول في موضع آخر محذرا الشيعه من الإفصاح عن التقيه (( وليس يسوغ مع عموم التقية التصريح بأسماء المبدلين ، ولا الزيادة في آياته على ما أثبتوه من تلقائهم في الكتاب، لما في ذلك من تقوية حجج أهل التعطيل ، والكفر ، والملل المنحرفة عن قبلتنا ، وإبطال هذا العلم الظاهر ، الذي قد استكان له الموافق والمخالف بوقوع الاصطلاح على الائتمار لهم والرضا بهم ، ولأن أهل الباطل في القديم والحديث أكثر عددا من أهل الحق (4) )) .
( 5 ) محمد باقر المجلسي :
__________
(1) - المصدر السابق 1/249 .
(2) - المصدر السابق 1/253 .
(3) - المصدر السابق 1/254 .
(4) - المصدر السابق 1/249 .(37/15)
والمجلسي يرى أن أخبار التحريف متواترة ولا سبيل إلى إنكارها وروايات التحريف تسقط أخبار الإمامة المتواترة على حد زعمهم فيقول في كتابه (( مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول)) الجزء الثاني عشرص 525 في معرض شرحه الحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - سبعة عشر ألف آية قال عن هذا الحديث (1): (( موثق ، وفي بعض النسخ عن هشام بن سالم موضع هارون بن سالم، فالخبر صحيح. ولا يخفي أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى ، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأسا ، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لايقصر عن أخبار الامامة فكيف يثبتونها بالخبر ؟ )) أى كيف يثبتون الإمامة بالخبر إذا طرحوا أخبار التحريف ؟
وأيضا يستبعد المجلسي أن تكون الآيات الزائدة تفسيراً (2).
وأيضا بوب في كتابه بحار الأنوار بابا بعنوان (( باب التحريف في الآيات التي هي خلاف ما أنزل الله (3) ))
( 6 ) الشيخ محمد بن محمد النعمان الملقب بالمفيد .
أما المفيد ـ الذي يعد من مؤسسي المذهب ـ فقد نقل إجماعهم على التحريف ومخالفتهم لسائر الفرق الإسلامية في هذه العقيدة .
__________
(1) - مرآة العقول للمجلسي ص 525 ح 12 دار الكتب الإسلامية ـ ايران .
(2) - المصدر السابق .
(3) - بحار الانوار ج 89 ص 66 - كتاب القرآن . .(37/16)
قال في ( أوائل المقالات ) : (( واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الاموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة ، وإن كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف ، واتفقوا على إطلاق لفظ البداء في وصف الله تعالى ، وإن كان ذلك من جهة السمع دون القياس ، واتفقوا أن أئمة (1) الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن ، وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأجمعت المعتزلة ، والخوارج ، والزيديه والمرجئة ، وأصحاب الحديث على خلاف الإمامية في جميع ماعددناه ))( (2) ) .
وقال أيضا : ان الاخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد - صلى الله عليه وسلم - باختلاف القرآن وما أحدثه الظالمين فيه من الحذف والنقصان (3) ).
وقال ايضا (4) حين سئل في كتابه " المسائل السروية "(5) ما قولك في القرآن . أهو ما بين الدفتين الذي في ايدى الناس ام هل ضاع مما انزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - منه شيء أم لا؟ وهل هو ما جمعه أمير المؤمنين ( ع ) أما ما جمعه عثمان على ما يذكره المخالفون .
__________
(1) - يقصد الصحابه .
(2) - اوائل المقالات ص 48 ـ 49 دار الكتاب الإسلامي ـ بيروت .
(3) - المصدر السابق ص 91 .
- المصدر السابق ص 525 ح 12 دار الكتب الاسلامية ـ ايران
(4) - ذكرها آية الله العظمي على الفاني الأصفهاني في كتابه آراء حول القرآن ص 133، دار الهادي - بيروت
(5) - المسائل السرورية ص 78-81 منشورات المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد .(37/17)
وأجاب : إن الذي بين الدفتين من القرآن جميعه كلام الله تعالى وتنزيله وليس فيه شيء من كلام البشر وهو جمهور المنزل والباقي مما أنزله الله تعالى قرآنا عند المستحفظ للشريعة المستودع للأحكام لم يضع منه شيء وإن كان الذي جمع ما بين الدفتين الآن لم يجعله في جملة ما جمع لأسباب دعته إلى ذلك منها : قصوره عن معرفة بعضه . ومنها : ماشك فيه ومنها ما عمد بنفسه ومنها : ماتعمد إخراجه . وقد جمع أمير المؤمنين عليه السلام القرآن المنزل من أوله إلى آخره وألفه بحسب ما وجب من تأليفه فقدم المكي على المدني والمنسوخ على الناسخ ووضع كل شيء منه في حقه ولذلك قال جعفر بن محمد الصادق : أما والله لو قرىء القرآن كما أنزل لألفيتمونا فيه مسمين كما سمي من كان قبلنا ، إلى أن قال : غير أن الخبر قد صح عن أئمتنا عليهم السلام أنهم قد أمروا بقراءة مابين الدفتين وأن لا نتعداه بلا زيادة ولانقصان منه إلى أن يقوم القائم (ع) فيقرىء الناس القرآن على ما أنزل الله تعالى وجمعه أمير المؤمنين عليه السلام ونهونا عن قراءة ما وردت به الأخبار من أحرف تزيد على الثابت في المصحف لأنها لم تأت على التواتر وإنما جاء بالآحاد (1)، و قد يغلط الواحد فيما ينقله ولأنه متى قرأ الإنسان بما يخالف ما بين الدفتين غرر بنفسه مع أهل الخلاف وأغرى به الجبارين وعرض نفسه للهلاك فمنعونا (ع) من قراءة القرآن بخلاف ما يثبت بين الدفتين .
(7) أبو الحسن العاملي :
قال في المقدمة الثانية لتفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ص 36 (2)
__________
(1) - الشيعة لا يستطيعون أن يثبتوا التواتر إلا بنقل أهل السنة فيكون القرأن كله عندهم آحاد .
(2) - وهذا التفسير مقدمه لتفسير " البرهان " للبحراني ط دار الكتب العلمية - قم - ايران .
* ملاحظة : قامت دار الهادي - بيروت - في طباعة تفسير البرهان لكنها حذفت مقدمة أبو الحسن العاملي لأنه صرح بالتحريف .(37/18)
: " اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها ، أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول - صلى الله عليه وسلم - شيء من التغييرات ، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرا من الكلمات والآيات ، وأن القرآن المحفوظ عما ذكر الموافق لما أنزله الله تعالى ، ما جمعه علي عليه السلام وحفظه الى أن وصل الى ابنه الحسن عليه السلام ، وهكذا إلى أن وصل إلى القائم عليه السلام ، وهو اليوم عنده صلوات الله عليه . ولهذا كما ورد صريحاً في حديث سنذكره لما أن كان الله عز وجل قد سبق في علمه الكامل صدور تلك الأعمال الشنيعة من المفسدين( (1) ) في الدين ، وأنهم بحيث كلما اطلعوا على تصريح بما يضرهم ويزيد في شأن علي عليه السلام وذريته الطاهرين ، حاولوا إسقاط ذلك أو تغييره محرفين . وكان في مشيئته الكاملة ومن ألطافه الشاملة محافظة أوامر الإمامة والولاية ومحارسة مظاهر فضائل النبي - صلى الله عليه وسلم - والأئمة بحيث تسلم عن تغيير أهل التضييع والتحريف ويبقى لأهل الحق مفادها مع بقاء التكليف . لم يكتف بما كان مصرحاً به منها في كتابه الشريف بل جعل جل بيانها بحسب البطون وعلى نهج التأويل وفي ضمن بيان ما تدل عليه ظواهر التنزيل وأشار إلى جمل من برهانها بطريق التجوز والتعريض والتعبير عنها بالرموز والتورية وسائر ما هو من هذا القبيل حتى تتم حججه على الخلائق جميعها ولو بعد إسقاط المسقطين ما يدل عليها صريحاً بأحسن وجه وأجمل سبيل ويستبين صدق هذا المقال بملاحظة جميع ما نذكره في هذه الفصول الأربعة المشتملة على كل هذه الأحوال .
وقد جعل ابو الحسن العاملي الفصل الرابع من المقدمة الثانية رداً على من انكر التحريف . وعنوانها هو " بيان خلاصة اقوال علمائنا في تغيير القرآن وعدمه وتزييف استدلال من انكر التغير حيث قال :
__________
(1) - يقصد الصحابه رضوان الله عليهم .(37/19)
اعلم أن الذي يظهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن لأنه روى روايات كثيرة في هذا المعنى في كتاب الكافي الذي صرح في أوله بأنه كان يثق فيما رواه فيه ولم يتعرض لقدح فيها ولا ذكر معارض لها ، وكذلك شيخه على بن إبراهيم القمي فإن تفسيره مملوء منه وله غلو فيه قال رضي الله عنه في تفسيره : أما ما كان من القرآن خلاف ما أنزل الله فهو قوله تعالى :
{ كنتم خير أمة أخرجت للناس}(1) فإن الصادق عليه السلام قال لقاريء هذه الآية : خير أمة : يقتلون علياً والحسين بن علي عليه السلام ؟ فقيل له : فكيف نزلت ؟ فقال : إنما نزلت خير أئمة أخرجت للناس : ألا ترى مدح الله لهم في آخر الآية : تأمرون بالمعروف الآية ثم ذكر رحمه الله آيات عديد من هذا القبيل ثم قال: وأما ما هو محذوف عنه فهو قوله تعالى : { لكن الله يشهد بما أنزل اليك }(2) في علي قال : كذا نزلت أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ثم ذكر أيضاً آيات من هذا القبيل ثم قال : وأما التقديم فإن آية عدة النساء الناسخة التي هي أربعة أشهر قدمت على المنسوخة التي هي سنة وكذا قوله تعالى : { أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماماً ورحمة}( (3) فإنما هو يتلوه شاهد منه إماماً ورحمة ومن قبله كتاب موسى ثم ذكر أيضاً بعض آيات كذلك ثم قال وأما الآيات التي تمامها في سورة أخرى : { قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم } (4). وتمامها في سورة المائدة {فقالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون} (5) ونصف الآية في سورة البقرة ونصفها في سورة المائدة ثم ذكر آيات أيضاً من
__________
(1) - سورة آل عمران أية : 110.
(2) - سورة نساء آية : 166 .
(3) - سورة هود آية : 17 .
(4) - سورة البقرة آية : 61 .
(5) - سورة المائدة آية : 22 .(37/20)
هذا القبيل ولقد قال بهذا القول أيضاً ووافق القمي والكليني جماعة من أصحابنا المفسرين ، كالعياشي ، والنعماني ، وفرات بن إبراهيم ، وغيرهم وهو مذهب أكثر محققي محدثي المتأخرين، وقول الشيخ الأجل أحمد بن أبي طالب الطبرسي كما ينادي به كتابه الاحتجاج وقد نصره شيخنا العلامة باقر علوم أهل البيت عليهم السلام وخادم أخبارهم عليهم السلام في كتابه بحار الأنوار ، وبسط الكلام فيه بما لا مزيد عليه وعندي في وضوح صحة هذا القول بعد تتبع الأخبار وتفحص الآثار بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع (1). وأنه من أكبر مفاسد غصب الخلافة فتدبر حتى تعلم وهم الصدوق(2) في هذا المقام حيث قال في اعتقاداته بعد أن قال(3) : اعتقادنا أن القرآن الذي أنزل الله على نبيه هو ما بين الدفتين وما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك وأن من نسب إلينا أنا نقول أنه أكثر من ذلك فهو كاذب وتوجيه كون مراده علماء قم فاسد ، إذ علي بن إبراهيم الغالي في هذا القول منهم نعم قد بالغ في إنكار هذا الأمر السيد المرتضي في جواب المسائل الطرابلسيات ، وتبعه أبو علي الطبرسي في مجمع البيان حيث قال أما الزيادة في القرآن فمجمع على بطلانه .
__________
(1) - هذا اعتراف من العالم الشيعي الكبير عندهم ان القول بالتحريف من ضروريات مذهب التشيع .
(2) - يقصد أباجعفر محمد بن بابويه القمي الملقب بالصدوق ويرميه بالوهم حين انكر التحريف .
(3) - هنا ينقل كلام الصدوق الذي أنكر فيه التحريف .(37/21)
وأما النقصان فيه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامة(1) أن في القرآن تغييرا ونقصانا والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه ، وهو الذي نصره المرتضى قدس روحه وكذا تبعه شيخه الطوسي في التبيان حيث قال : وأما الكلام في زيادته ونقصانه يعني القرآن فمما لا يليق به لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانه وأما النقصان منه فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا كما نصره المرتضى وهو الظاهر من الروايات غير أنه رويت روايات كثيرة من جهة العامة والخاصة بنقصان من آي القرآن ، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع ، لكن طريقها الآحاد التي لا توجب علماً فالأولى الإعراض عنها وترك التشاغل بها لأنه يمكن تأويلها ولو صحت لما كان ذلك طعناً على ما هو موجود بين الدفتين فإن ذلك معلوم صحته لا يعترضه أحد من الأمة ورواياتنا متناصرة بالحث على قرائته والتمسك بما فيه ورد ما يرد من اختلاف الأخبار في الفروع إليه وعرضها عليه فما وافقه عمل عليه وما يخالفه يجتنب ولا يلتفت إليه وقد وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - رواية لا يدفعها أحد أنه قال : " إني مخلف فيكم الثقلين إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض" وهذا يدل على أنه موجود في كل عصر لأنه لا يجوز أن يأمر الأمة بالتمسك بما لا تقدر على التمسك به ، كما إن أهل البيت ومن يجب اتباع قوله حاصل في كل وقت وإذا كان الموجود بيننا مجمعاً على صحته فينبغي أن نتشاغل بتفسيره وبيان معانيه وترك ما سواه .
__________
(1) - يقصد أهل السنه الذين هم برءاء من الطعن في القرآن .(37/22)
أقول(1) : أما ادعاؤهم(2) عدم الزيادة أي زيادة آية أو آيات مما لم يكن من القرآن فالحق كما قالوا إذ لم نجد في أخبارنا المعتبرة ما يدل على خلافه سوى ظاهر بعض فقرات خبر الزنديق في الفصل السابق وقد وجهناه بما يندفع عنه هذا الاحتمال ، وقد مر في الفصل الأول وفي روايات العياشي أن الباقر عليه السلام قال : إن القرآن قد طرح منه آي كثيرة ولم يزد فيه إلا حروف قد أخطأت بها الكتبة وتوهمتها الرجال ، وأما كلامهم في مطلق التغيير والنقصان فبطلانه بعد أن نبهنا عليه أوضح من أن يحتاج إلى بيان وليت شعري كيف يجوز لمثل الشيخ (3) أن يدعي أن عدم النقصان ظاهر الروايات مع أننا لم نظفر على خبر واحد يدل عليه ، نعم دلالتها على كون التغيير الذي وقع غير مخل بالمقصود كثيرا كحذف اسم علي وآل محمد - صلى الله عليه وسلم - وحذف أسماء المنافقين وحذف بعض الآيات وكتمانه ونحو ذلك وإن ما بأيدينا كلام الله وحجة علينا كما ظهر من خبر طلحة السابقة في الفصل الأول مسلمة ، ولكن بينه وبين ما ادعاه بون بعيد وكذا قوله رحمه الله " إن الأخبار الدالة على التغيير والنقصان من الآحاد التي لا توجب علماً" مما يبعد صدوره عن مثل الشيخ لظهور أن الآحاد التي احتج بها الشيخ في كتبه وأوجب العمل عليها في كثير من مسائله الخلافية ليست بأقوى من هذه الأخبار لا سنداً ولا دلالة على أنه من الواضحات البينة أن هذه الأخبار متواترة معنى ، مقترنة بقرائن قوية موجبة للعلم العادي بوقوع التغيير ولو تمحل أحد للشيخ بأن مراده أن هذه الأخبار ليست بحد معارضة ما يدل على خلافها من أدلة المنكرين ، فجوابه بعد الإغماض عن كونه تمحلا سمجاً ما سنذكره من ضعف
__________
(1) - هنا بدأ العالم الشيعي أبو الحسن العاملي يرد على الصدوق ويبطل الأعذار التي اعتمدها الصدوق لاثبات أن القرآن ليس محرف .
(2) - يقصد إدعاء من أنكر التحريف .
(3) - يقصد ( الطوسي ) الملقب عند الشيعة بشيخ الطائفة .(37/23)
مستند المنكرين ومن الغرائب أيضاً أن الشيخ ادعى امكان تأويل هذه الأخبار وقد أحطت خبراً بأن أكثرها مما ليس بقابل للتوجيه ، وأما قوله : ولو صحت إلخ فمشتملة على أمور غير مضرة لنا بل بعضها لنا لا علينا إذ:
منها عدم استلزام صحة أخبار التغيير والنقص ، الطعن على ما في هذه المصاحف ، بمعنى عدم وجود منافات بين وقوع هذا النوع من التغيير وبين التكليف بالتمسك بهذا المغير ، والعمل على ما فيه لوجوه عديدة كرفع الحرج ودفع ترتب الفساد وعدم التغيير بذلك عن إفادة الأحكام ونحوها وهو أمر مسلم عندنا ولا مضرة فيه علينا بل به نجمع بين أخبار التغيير وما ورد في اختلاف الأخبار من عرضها على كتاب الله والأخذ بالموافق له.(37/24)
ومنها استلزام الأمر بالتمسك بالثقلين وجود القرآن في كل عصر ما دام التكليف كما أن الإمام عليه السلام الذي قرينه كذلك ولا يخفى أنه أيضاً غير ضار لنا بل نافع إذ يكفي في وجوده في كل عصر وجوده جميعاً كما أنزل الله مخصوصاً عند أهله أي الإمام الذي قرينه ولا يفترق عنه ووجود ما احتجنا اليه عندنا وإن لم نقدر على الباقي كما أن الإمام الذي هو الثقل الآخر أيضا كذلك لا سيما في زمان الغيبة فإن الموجود عندنا حينئذ أخباره وعلماؤه القائمون مقامة اذ من الظواهر أن الثقلين سيان في ذلك ثم ما ذكره السيد المرتضي لنصرة ما ذهب إليه أن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والكتب المشهورة وأشعار العرب المسطورة فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته وبلغت حداً لم تبلغه فيما ذكرناه لأن القرآن معجزة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته ، الغاية حتى عرفوا كل شيء اختلفوا فيه من إعرابه وقرائته وحروفه وآياته فكيف يجوز أن يكون مغيراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد وذكر أيضاً أن العلم بتفصيل القرآن وأبعاضه في صحة نقله كالعلم بجملته وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة من الكتب المصنفة ككتاب سيبويه والمازني مثلآً فإن أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها ما يعلمونه من جملتها حتى لو أن مدخلاً أدخل في كتاب سيبويه مثلآً باباً في النحو ليس من الكتاب يعرف ويميز ويعلم أنه ليس من الكتاب إنما هو ملحق ومعلوم أن العناية بنقل القرآن وضبطه أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء ، وجوابه(1): أنا لا نسلم توفر الدواعي على ضبط القرآن في الصدر الأول وقبل جمعه كما ترى غفلتهم عن كثير من الأمور المتعلقة بالدين ألا ترى اختلافهم(2)
__________
(1) - هنا يرد أبو الحسن العاملي على استدلالات المرتضى التي جاء بها لكي ينكر التحريف .
(2) - يقصد اختلاف الصحابه رضى الله عنهم .(37/25)
في أفعال الصلاة التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكررها معهم في كل يوم خمس مرات على طرفي النقيض ؟ ألا تنظر إلى أمر الولاية وأمثالها ؟ وبعد التسليم نقول إن الدواعي كما كانت متوفرة على نقل القرآن وحراسته من المؤمنين كذلك كانت متوفرة على تغييره من المنافقين المبدلين(1) للوصية المغيرين للخلافة لتضمنه ما يضاد رأيهم وهو أهم والتغيير فيه إنما وقع قبل انتشاره في البلدان واستقراره على ما هو عليه الآن والضبط الشديد إنما كان بعد ذلك فلا تنافي بينهما .
وأيضاً إن القرآن الذي هو الأصل الموافق لما أنزل الله سبحانه لم يتغير ولم ينحرف بل هو على ماهو عليه محفوظ عند أهله وهم العلماء(2) به فلا تحريف كما صرح به الإمام في حديث سليم الذي مر من كتاب الاحتجاج في الفصل الأول من مقدمتنا هذه وإنما التغيير في كتابة المغيرين إياه وتلفظهم به فإنهم ما غيروا إلا عند نسخهم القرآن فالمحرف إنما هو ما أظهروه لأتباعهم والعجب من مثل السيد(3) أن يتمسك بأمثال هذه الأشياء(4) التي هي محض الاستبعاد بالتخيلات في مقابل متواتر الروايات فتدبر .
__________
(1) - يقصد الصحابه رضوان الله عليهم .
(2) - يقصد الائمة الاثنى عشر .
(3) - يقصد السيد المرتضى .
(4) - أي الدلائل على حفظ القرآن .(37/26)
ومما ذكر أيضاً لنصرة مذهبه طاب ثراه أن القرآن كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجموعاً مؤلفاً على ماهو عليه الآن ، واستدل على ذلك بأن القرآن كان يدرس ويحفظ في ذلك الزمان حتى عين على جماعة من الصحابة في حفظهم له وإن كان يعرض على النبي ويتلى ، وأن جماعة من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي - صلى الله عليه وسلم - عدة ختمات وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعاً مرتباً غير مبتور ولا مبثوث وذكر أن من خالف في ذلك من الإمامية والحشوية لا يعتد بخلافهم ، فإن الخلاف في ذلك مضاف الى قوم من أصحاب الحديث نقلوا أخباراً ضعيفة ظنوا صحتها لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته .(37/27)
وجوابه(1) : أن القرآن مجموعاً في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما هو عليه الآن غير ثابت بل غير صحيح وكيف كان مجموعاً وإنما كان ينزل نجوماً وكان لايتم إلا بتمام عمره ولقد شاع وذاع وطرق الأسماع في جميع الأصقاع أن علياً عليه السلام قعد بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته أياماً مشتغلاً بجمع القرآن وأما درسه وختمه فإنما كانوا يدرسون(2) ويختمون ما كان عندهم منه، لإتمامه ومن أعجب الغرائب أن السيد حكم في مثل هذه الخيال الضعيف الظاهر خلافه بكونه مقطوع الصحة حيث أنه كان موافقاً لمطلوبه واستضعف الأخبار التي وصلت فوق الاستفاضة عندنا وعند مخالفينا بل كثرت حتى تجاوزت عن المائة مع موافقتها للآيات والأخبار التي ذكرناها في المقالة السابقة كما بينا في آخر الفصل الأول من مقدمتنا هذه ومع كونها مذكورة عندنا في الكتب المعتبرة المعتمدة كالكافي مثلاً بأسانيد معتبرة وكذا عندهم في صحاحهم كصحيحي البخاري ومسلم مثلاً الذي هما عندهم كما صرحوا به تالي كتاب الله في الصحة والاعتماد بمحض أنها دالة على خلاف المقصود وهو أعرف بما قال والله أعلم .
ثم ما استدل به المنكرون بقوله : { إنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه }(3) وقوله سبحانه : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }( (4) فجوابه(5) بعد تسليم دلالتها على مقصودهم ظاهر مما بيناه من أن أصل القرآن بتمامه كما أنزل الله عند الإمام ووراثه عن علي عليه السلام فتأمل والله الهادي(6) .
__________
(1) - هنا يرد أبو الحسن العاملي على السيد المرتضى الذي أنكر التحريف .
(2) - أي الصحابة .
(3) - سورة فصلت آية 41.
(4) - سورة الحجر آية 9 .
(5) - هنا يرد ابو الحسن العاملي على كل واحد أنكر التحريف ويقصد أن هاتين الآيتين لا تدلان على حفظ القرآن من التحريف .
(6) - تفسير مرآة الأنوار ومشكاة الاسرار - أبو الحسن العاملي ص 49 ، 50 ، 51 .(37/28)
(8) سلطان محمد بن حيدر الخرساني :
قال : " اعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأطهار بوقوع الزيادة والنقيصة والتحريف والتغيير فيه بحيث لا يكاد يقع شك في صدور بعضها منهم وتأويل الجميع بأن الزيادة والنقيصة والتغيير إنما هي في مدركاتهم من القرآن لا في لفظ القرآن كلغة ، ولا يليق بالكاملين في مخاطباتهم العامة ، لأن الكامل يخاطب بما فيه حظ العوام والخواص وصرف اللفظ عن ظاهره من غير صارف ، وما توهموا صارفاً من كونه مجموعاً عندهم في زمن النبي، وكانوا يحفظونه ويدرسونه ، وكانت الأصحاب مهتمين بحفظه عن التغيير والتبديل حتى ضبطوا قراءات القراء وكيفيات قراءاتهم .(37/29)
فالجواب(1) عنه أن كونه مجموعاً غير مسلم ، فإن القرآن نزل في مدة رسالته إلى آخر عمره نجوماً ، وقد استفاضت الأخبار بنزول بعض السور وبعض الآيات في العام الآخر وما ورد من أنهم جمعوه بعد رحلته ، وأن علياً جلس في بيته مشغولاً بجمع القرآن ، أكثر من أن يمكن إنكاره، وكونهم يحفظونه ويدرسونه مسلم لكن الحفظ والدرس فيما كان بأيديهم ، واهتمام الأصحاب بحفظه وحفظ قراءات القراء وكيفيات قراءاتهم كان بعد جمعه وترتيبه ، وكما كانت الدواعي متوفرة في حفظه ، كذلك كانت متوفرة من المنافقين(2) في تغييره ، وأما ماقيل أنه لم يبق لنا حينئذ اعتماد عليه والحال أنا مأمورون بالاعتماد عليه ، واتباع أحكامه ، والتدبر في آياته ، وامتثال أوامره ونواهيه ، وإقامة حدوده وعرض الأخبار عليه ، لايعتمد عليه صرف مثل هذه الأخبار الكثيرة الدالة على التغيير والتحريف عن ظواهرها ، لأن الاعتماد على هذا المكتوب ووجوب اتباعه ، وامتثال أوامره ونواهيه ، وإقامة حدوده وأحكامه ، إنما هي للأخبار الكثيرة الدالة على ما ذكر للقطع بأن ما بين الدفتين هو الكتاب المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - من غير نقيصة وزيادة وتحريف فيه . ويستفاد من هذه الأخبار أن الزيادة والنقيصة والتغيير إن وقعت في القرآن لم تكن مخلة بمقصود الباقي منه بل نقول كان المقصود الأهم من الكتاب الدلالة على العترة والتوسل بهم ، وفي الباقي منه حجتهم أهل البيت ، وبعد التوسل بأهل البيت إن أمروا باتباعه كان حجة قطعية لنا ولو كان مغيراً مخلاً بمقصوده ، وإن لم نتوسل بهم أو يأمروا باتباعه ، وكان التوسل به ، واتباع أحكامه واستنباط أوامره ونواهيه ، وحدوده وأحكامه ، من قبل أنفسنا كان من قبيل التفسير بالرأي الذي منعوا منه ، ولو لم يكن مغيرا"(3)
__________
(1) - هنا يرد الخرساني على من أنكر التحريف ورده يشبه رد العالم الشيعي أبو الحسن العاملي .
(2) - يقصد الصحابة .
(3) - تفسير " بيان السعادة في مقامات العبادة " المجلد الأول ص19،20 - مؤسسة الاعلمي - بيروت .(37/30)
.
(9) العلامه الحجه السيد عدنان البحراني :
بعد أن ذكر الروايات التي تفيد التحريف في نظره قال :
الأخبار التي لا تحصى كثيره وقد تجاوزت حد التواتر ولا في نقلها كثير فائده بعد شيوع القول بالتحريف والتغيير بين الفريقين(1) وكونه من المسلمات عند الصحابة والتابعين بل واجماع الفرقة (2) ) المحقة وكونه من ضروريات (3) مذهبهم وبه تضافرت أخبارهم(4) .
(10) العلامة المحدث الشهير يوسف البحراني :
بعد أن ذكر الأخبار الدالة على تحريف القرآن في نظره قال :
" لايخفى ما في هذه الأخبار من الدلاله الصريحه والمقاله الفصيحة على ما أخترناه ووضوح ما قلناه ولو تطرق الطعن إلى هذه الأخبار(5) على كثرتها وانتشارها لأمكن الطعن إلى أخبار الشريعه (6) كلها كما لايخفى إذ الاصول واحدة وكذا الطرق والرواة والمشايخ والنقله ولعمري ان القول بعدم التغيير والتبديل لا يخرج من حسن الظن بأئمة الجور(7) وأنهم لم يخونوا في الأمانة الكبرى(8) مع ظهور خيانتهم في الأمانة الأخرى(9) التي هي أشد ضررا على الدين(10) ) ".
__________
(1) - يقصد أن أهل السنه يقولون بالتحريف ايضاً وهذا كذب وراجع آراء علماء أهل السنه بالقرآن في هذا الكتاب .
(2) - هنا يذكرالبحراني ان الشيعة وفي نظره هم الفرقة المحقة قد أجمعوا على القول بأن القرآن محرف .
(3) - هنا يذكر البحراني ان القول بان القرآن محرف هو من ضروريات مذهب الشيعة .
(4) - مشارق الشموس الدريه منشورات المكتبه العدنانيه - البحرين ص 126 .
(5) - أي الأخبار التي تطعن بالقرآن الكريم .
(6) - أي شريعة مذهب الشيعة .
(7) - يقصد الصحابة رضوان الله عليهم .
(8) - يقصد القرآن الكريم .
(9) - يقصد امامه على رضي الله عنه .
(10) - الدرر النجفيه للعلامه المحدث يوسف البحراني مؤسسة آل البيت لاحياء التراث ص 298.(37/31)
* لاحظ أخي المسلم ان هذا العالم الشيعي الكبير عندهم لايستطيع ان يطعن في الروايات التي تثبت التحريف في كتب الشيعة لان هذا الطعن يعتبره طعناً في شريعة مذهب الشيعه .
(11) النوري الطبرسي ( المتوفي 1320هـ ) وكتابه (فصل الخطاب) :
قد كانت روايات وأقوال الشيعه في التحريف متفرقة في كتبهم السالفة التي لم يطلع عليها كثير من الناس حتى أذن الله بفضيحتهم على الملأ ، عندما قام النوري الطبرسي - أحد علمائهم الكبار - في سنة 1292هـ وفي مدينة النجف حيث المشهد الخاص بأمير المؤمنين بتأليف كتاب ضخم لإثبات تحريف القرآن . سماه ( فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) وقد ساق في هذا الكتاب حشداً هائلاً من الروايات لإثبات دعواه في القرآن الحالي أنه وقع فيه التحريف .
وقد اعتمد في ذلك على أهم المصادر عندهم من كتب الحديث والتفسير ، واستخرج منها مئات الروايات المنسوبة للأئمة في التحريف . وأثبت أن عقيدة تحريف القرآن هي عقيدة علمائهم المتقدمين .
وقد قسم كتابه هذا إلى ثلاث مقدمات وبابين .
المقدمة الأولى : عنون لها بقوله (في ذكر الأخبار التي وردت في جمع القرآن وسبب جمعه ، وكونه في معرض النقص ، بالنظر الى كيفية الجمع ، وأن تأليفه يخالف تأليف المؤمنين ).
المقدمة الثانية : جعل عنوانها ( في بيان أقسام التغيير الممكن حصوله في القرآن والممتنع دخوله فيه ) .
المقدمة الثالثة : جعلها في ذكر أقوال علمائهم في تغيير القرآن وعدمه (1).
ولعل هذه العناوين تنبأ عما تحتها من جرأة عظيمة على كتاب الله الكريم بشكل لم يسبق له مثيل .
__________
(1) - فصل الخطاب : ص 1 .(37/32)
وسأعرض عن النقل من المقدمتين الأوليين ، حرصا على عدم الإطالة ، وأكتفي بنقل ما أورده الطبرسي في المقدمة الثالثة من أسماء علمائهم القائلين بالتحريف . قال : "المقدمة الثالثة ( في ذكر أقوال علمائنا رضوان الله عليهم أجمعين في تغيير القرآن وعدمه) فاعلم أن لهم في ذلك أقوالا مشهورها اثنان :
الأول : وقوع التغيير والنقصان فيه وهو مذهب الشيخ الجليل علي بن إبراهيم القمي - شيخ الكليني - في تفسيره . صرح بذلك في أوله وملأ كتابه من أخباره مع التزامه في أوله بألا يذكر فيه إلا مشايخه وثقاته .
ومذهب تلميذه ثقة الاسلام الكليني رحمه الله على مانسبه اليه جماعة ، لنقله الأخبار الكثيرة والصريحة في هذا المعنى .
وبهذا يعلم مذهب الثقة الجليل محمد بن الحسن الصفار في كتاب بصائر الدرجات... وهذا المذهب صريح الثقة محمد بن إبراهيم النعماني تلميذ الكليني صاحب كتاب (الغيبة) المشهور ، وفي (التفسير الصغير) الذي اقتصر فيه على ذكر أنواع الآيات وأقسامها ، وهو منزلة الشرح لمقدمة تفسير علي بن إبراهيم .
وصريح الثقة الجليل سعد بن عبد الله القمي في كتاب (ناسخ القرآن ومنسوخه) كما في المجلد التاسع عشر من البحار ، فإنه عقد بابا ترجمته (باب التحريف في الآيات التي هي خلاف ما أنزل الله عز وجل مما رواه مشائخنا رحمة الله عليهم من العلماء من آل محمد عليهم السلام ) ثم ساق مرسلا أخبارا كثيرة تأتي في الدليل الثاني عشر فلاحظ .
وصرح السيد علي بن أحمد الكوفي في كتاب (بدع المحدثة) ، وقد نقلنا سابقا ما ذكره فيه في هذا المعنى ..
وهو ظاهر أجلة المفسرين وأئمتهم الشيخ الجليل محمد بن مسعود العياشي ، والشيخ فرات بن إبراهيم الكوفي ، والثقة النقد محمد بن العباس الماهيار ، فقد ملئوا تفاسيرهم بالأخبار الصريحة في هذا المعنى .(37/33)
وممن صرح بهذا القول ونصره الشيخ الأعظم : محمد بن محمد النعمان المفيد :
ومنهم شيخ المتكلمين ومتقدم النوبختيين أبو سهل إسماعيل بن علي بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت صاحب الكتب الكثيرة التي منها (كتاب التنبيه في الإمامة ) قد ينقل عنه صاحب الصراط المستقيم . وابن أخته الشيخ المتكلم ، الفيلسوف ، أبو محمد،حسن بن موسى ، صاحب التصانيف الجيدة ، منها : كتاب (الفرق والديانات).
والشيخ الجليل أبو إسحاق إبراهيم بن نوبخت صاحب كتاب (الياقوت) الذي شرحه العلامة ووصفه في أوله بقوله (شيخنا الأقدم وإمامنا الأعظم) .
ومنهم إسحاق الكاتب الذي شاهد الحجة - عجل الله فرجه ..
ورئيس هذه الطائفة الشيخ الذي قيل ربما بعصمته ، أبو القاسم حسين بن روح بن أبي بحر النوبختي ، السفير الثالث بين الشيعة والحجة صلوات الله عليه .
وممن يظهر منه القول بالتحريف : العالم الفاضل المتكلم حاجب بن الليث ابن السراج كذا وصفه في (رياض العلماء) .
وممن ذهب إلى هذا القول الشيخ الجليل الأقدم فضل بن شاذان في مواضع من كتاب (الإيضاح) . وممن ذهب اليه من القدماء الشيخ الجليل محمد بن الحسن الشيباني صاحب تفسير (نهج البيان عن كشف معاني القرآن ) (1).
أما الباب الأول : فقد خصصه الطبرسي لذكر الأدلة التي استدل بها هؤلاء العلماء على وقوع التغيير والنقصان في القرآن . وذكر تحت هذا الباب اثنى عشر دليلا استدل بها على مازعمه من تحريف القرآن . وأورد تحت كل دليل من هذه الأدلة حشداً هائلاً من الروايات المفتراه على أئمة آل البيت الطيبين(2).
__________
(1) - فصل الخطاب : ص 25-26 .
(2) - فصل الخطاب : ص 35 .(37/34)
أما الباب الثاني : فقد قام فيه الطبرسي بذكر أدلة القائلين بعدم تطرق التغيير في القرآن ثم رد عليها ردا مفصلاً (1).
* يقول النوري الطبرسي في ص 211 من كتابه " فصل الخطاب " عن صفات القرآن .
( فصاحته في بعض الفقرات البالغة وتصل حد الإعجاز وسخافة بعضها الآخر ) .
* ملاحظة مهمة : إن كتاب " فصل الخطاب في اثبات تحريف كتاب رب الارباب" .
للنوري الطبرسي لا ينكره حسب علمي أي عالم شيعي .
... واليك أخي المسلم بعض العلماء والمؤلفين من الشيعة الذين ذكروا في مؤلفاتهم أن كتاب " فصل الخطاب " صاحبه هو العلامة النوري الطبرسي وهم :
1 - ... العلامة أغا بزرك الطهراني .. في كتابه نقباء البشر في القرن الرابع عشر عند ترجمة النوري الطبرسي .
2 - ... السيد ياسين الموسوي .. في مقدمة كتاب " النجم الثاقب للنوري الطبرسي " .
3 - ... رسول جعفر يان .. في كتابه " اكذوبة التحريف أو القرآن ودعاوي التحريف " .
4 - ... العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي .. في كتابه " حقائق هامة حول القرآن الكريم ".
5 - ... السيد علي الحسيني الميلاني .. في كتابه " التحقيق في نفي التحريف " .
6 - ... الاستاذ محمد هادي معرفه .. في كتابه " صيانة القرآن من التحريف " .
7 - باقر شريف القرشي .. في كتابه " في رحاب الشيعه ص 59 " .
(12) العلامه المحقق الحاج ميرزا حبيب الله الهاشمي الخوئي .
وهذا العالم عدد الأدلة الداله على نقصان القرآن ، ونذكر بعض هذه الأدلة كما قال هذا العالم الشيعي .
... 1 - نقص سورة الولاية (2) .
... 2 - نقص سورة النورين (3) .
__________
(1) - فصل الخطاب : ص 357 أو انظر كتاب الشيعة وتحريف القرآن للمؤلف محمد مال الله .
(2) - منهاج البراعة في شرح نهج البلاغه مؤسسة الوفاء - بيروت ج 2 المختار الاول ص214.
(3) - المصدر السابق ص 217 .(37/35)
... 3 - نقص بعد الكلمات من الآيات (1) .
ثم قال ان الامام علياً لم يتمكن من تصحيح القرآن في عهد خلافته بسبب التقيه ، وأيضاً حتى تكون حجة في يوم القيامه على المحرفين ، والمغيرين (2).
ثم قال هذا العالم الشيعي ان الأئمة لم يتمكنوا من اخراج القرآن الصحيح خوفاً من الاختلاف بين الناس ورجوعهم الى كفرهم الأصلي (3).
(13) الميثم البحراني : قال : في الطعن على عثمان :
" انه جمع الناس على قراءة زيد بن ثابت خاصة وأحرق المصاحف ، وأبطل مالاشك انه من القرآن المنزل" (4) .
(14) ... ( أ ) السيد محسن الحكيم .
... (ب) السيد ابو القاسم الخوئي .
... (جـ) روح الله الخميني .
... ( د) الحاج السيد محمود الحسيني الشاهدوري .
... (هـ) الحاج السيد محمد كاظم شريعتمداري .
... ( و) العلامة السيد على تقي التقوى .
طعنهم بالقرآن بسبب توثيقهم لدعاء صنمي قريش الذي يحوى الطعن بالقرآن .
... ونذكر مقدمه الدعاء " اللهم صل على محمد وأل محمد والعن صنمي قريش وجبتيهما وطاغوتيها وافكيها وأبنتيهما اللذين خالفا أمرك وانكرا وصيك وجحدا أنعامك وعصيا رسولك ، وقلبا دينك وحرفا كتابك (5) .. اللهم العنهم بكل آية (6) حرفوها (7).
(15) محمد بن يعقوب الكليني :
__________
(1) - المصدر السابق ص 217 .
(2) - المصدر السابق ص 219 .
(3) - المصدر السابق ص 220 .
(4) - " شرح نهج البلاغه لميثم البحراني : ص 1 جـ11 ط ايران .
(5) ، 2 - وهذا الكلام طعن في القرآن الكريم والمقصودون في الدعاء هم ابو بكر وعمر وعائشة وحفصة رضي الله عنهم.
(6) - وقد ورد توثيق هؤلاء العلماء لهذا الدعاء في كتاب (تحفة العوام مقبول جديد) باللغه الاوردية لمؤلفه منظور حسين (ص442) .(37/36)
1 - عن جابر قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل الاكذاب وما جمعه وحفظه كما أنزل الله تعالى الا علي بن ابي طالب عليه السلام والأئمة من بعده عليهم السلام (1) .
2 - عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام انه قال : ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن ظاهره وباطنه غير الأوصياء (2) .
3 - قرأ رجل عند أبي عبد الله { فقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}(3) فقال ليست هكذا هي انما هي والمأمونون فنحن المأمونون(4).
4 - عن أبن بصير عن ابي عبد الله "ع" قال : ان عندنا لمصحف فاطمه "ع" وما يدريك ما مصحف فاطمه "ع" ؟ قال : قلت : وما مصحف فاطمه "ع" ؟ قال : مصحف فاطمه فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد : قال: قلت هذا والله العلم (5).
5 - عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله "ع" قال : ان القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام الى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية (6).
* ملاحظة : قارن أيها القارئ عدد الآيات في الرواية الخامسة مع عدد آيات القرآن الكريم وهو ستة آلاف تجد ان القرآن الذي تدعيه الشيعة أكثر من القرآن الحالي بثلاث مرات تقريبا أى المقصود مصحف فاطمة رضي الله عنها كما جاء في الرواية الرابعة.
(16) محمد بن مسعود المعروف بـ ( العياشي ) :
... (1) روى العياشي عن أبي عبد الله انه قال " لو قرئ القرآن كما إنزل لألفيتنا فيه مسمين(7)."(8)..
__________
(1) - أصول الكافي كتاب الحجه جـ 1 ص 284 .
(2) - المصدر السابق : ص 285.
(3) - سورة التوبة : آية 105 .
(4) - أصول الكافي : كتاب الحجه جـ1 ص 492 .
(5) - أصول الكافي : كتاب الحجه جـ1 ص 295 .
(6) - أصول الكافي : جـ2 كتاب فضل القرآن ص 597 .
(7) - أي مذكور أسماء الائمة بالقرآن .
(8) - تفسير العياشي ج 1 ص 25 منشورات الاعلمي - بيروت ط 91 .(37/37)
... (2) ويروي ايضاً عن ابي جعفر " أنه قال لو لا انه زيد في كتاب الله ونقص منه ، ما خفى حقنا على ذي حجي ، ولو قد قام قائمنا فنطق صدقه القرآن (1).
(17) أبو جعفر محمد بن الحسن الصفار .
... (1) فقد روى الصفار عن ابي جعفر الصادق انه قال : " ما من أحد من الناس يقول إنه جمع القرآن كله كما انزل الله إلا كذاب ، وما جمعه وما حفظه كما أنزل إلا علي بن ابي طالب والائمة من بعده (2).
... (2) الصفار عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن المنخل عن جابر عن ابي جعفر (ع) أنه قال : ما يستطيع أحد أن يدعي انه جمع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الاوصياء (3) .
(18) العالم الشيعي المقدس الأردبيلي :
" قال " " ان عثمان قتل عبد الله بن مسعود بعد أن أجبره على ترك المصحف الذي كان عنده وأكرهه على قراءة ذلك المصحف الذي ألفه ورتبه زيد بن ثابت بأمره وقال البعض إن عثمان أمر مروان بن الحكم ، وزياد بن سمرة . الكاتبين له أن ينقلا من مصحف عبد الله مايرضيهم ويحذفا منه ماليس بمرضي عندهم ويغسلا الباقي " (4).
(19) الحاج كريم الكرماني الملقب " بمرشد الأنام " قال :
" ان الامام المهدي بعد ظهوره يتلو القرآن ، فيقول أيها المسلمون هذا والله هو القرآن الحقيقي الذي أنزله الله على محمد والذي حرف وبدل " ( (5) .
(20) المجتهد الهندي السيد دلدار علي الملقب " بآية الله في العالمين "
__________
(1) - المصدر السابق .
(2) - الصفار ( بصائر الدرجات ) ص 213 - منشورات الاعلمي - طهران .
(3) - المصدر السابق .
(4) - حديقة الشيعة : للأردبيلي ص 118 - 119 ط ايران فارسي نقلا عن كتاب " الشيعه والسنه" للشيخ احسان الهى ظهير . ص 114 .
(5) - " ارشاد العوام" ص 221 جـ3 فارسي ط ايران نقلا عن كتاب الشيعة والسنه للشيخ احسان الهى ظهير صـ115.(37/38)
قال : " وبمقتضى تلك الأخبار أن التحريف في الجمله في هذا القرآن الذي بين أيدينا بحسب زيادة الحروف ونقصانه بل بحسب بعض الألفاظ وبحسب الترتيب في بعض المواقع قد وقع بحيث مما لاشك مع تسليم تلك الأخبار"( (1) .
(21) ملا محمد تقي الكاشاني : قال :
" ان عثمان أمر زيد بن ثابت الذي كان من أصدقائه هو وعدواً لعلي ، أن يجمع القرآن ويحذف منه مناقب آل البيت وذم أعدائهم ، والقرآن الموجود حالياً في أيدى الناس والمعروف بمصحف عثمان هو نفس القرآن الذي جمعه بأمر عثمان "( (2).
ثانيا : كبار علماء الشيعة يقولون
إن الروايات التي تطعن في القرآن الكريم متواترة ومستفيضة
1 - قال الشيخ المفيد :
" إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد - صلى الله عليه وسلم - باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان " (3).
2 - أبو الحسن العاملي :
" اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء من التغييرات ، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرا من الكلمات والآيات " (4) .
3 - نعمة الله الجزائري :
__________
(1) - " استقصاء الأفحام " ص 11 جـ1 . ط ايران نقلا عن كتاب الشيعه والسنه : ص 115 .
(2) - " هداية الطالبين " ص 368 ط ايران 1282 فارسي نقلا عن كتاب الشيعة والسنه للشيخ احسان ص 94 .
(3) - اوائل المقالات : ص 91 .
(4) - المقدمه الثانية لتفسير مرآة الأنوار ومشكاة الاسرار ص 36 وطبعت هذه كمقدمه لتفسير البرهان للبحراني .(37/39)
" إن تسليم تواتره عن الوحي الإلهي ، وكون الكل قد نزل به الروح الأمين ، يفضي الى طرح الأخبار المستفيضة ، بل المتواترة ، الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاما،ومادة،وإعرابا ، مع أن أصحابنا قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها " (1).
4 - محمد باقر المجلسي :
في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن ابي عبد الله عليه السلام قال : إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - سبعة عشر ألف آية " قال عن هذا الحديث :
" موثق ، وفي بعض النسخ عن هشام بن سالم موضع هارون بن سالم ، فالخبر صحيح . ولا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى ، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأساً ، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الإمامة فكيف يثبتونها بالخبر ؟ (2) " أي كيف يثبتون الإمامة بالخبر إذا طرحوا أخبار التحريف ؟
5 - سلطان محمد الخراساني :
قال : " اعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأطهار بوقوع الزيادة والنقيصة والتحريف والتغيير فيه بحيث لا يكاد يقع شك " (3) .
6 - العلامه الحجه السيد عدنان البحراني :
قال : " الأخبار التي لا تحصى ( أي اخبار التحريف ) كثيرة وقد تجاوزت حد التواتر" (4) .
ثالثا : كبار علماء الشيعه يقولون
بأن القول بتحريف ونقصان القرآن من ضروريات مذهب الشيعة
ومن هؤلاء العلماء :
__________
(1) - الأنوار النعمانية ج 2 ص 357 .
(2) - مرآة العقول الجزء الثاني عشر ص 525 .
(3) - تفسير (( بيان السعادة في مقامات العبادة )) مؤسسة الأعلمي ص 19 .
(4) - ( مشارق الشموس الدرية) منشورات المكتبه العدنانية - البحرين ص 126 .(37/40)
1 - أبو الحسن العاملي : إذ قال : " وعندي في وضوح صحة هذا القول " تحريف القرآن وتغييره " بعد تتبع الأخبار وتفحص الآثار ، بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع وانه من أكبر مقاصد غصب الخلافة " (1).
2 - العلامه الحجه السيد عدنان البحراني : إذ قال : " وكونه : أي القول بالتحريف " من ضروريات مذهبهم " أي الشيعة " (2) ..
رابعا : كبار علماء الشيعة يقولون
بأن الشيعة مجمعون على أن القرآن محرف
ومن هؤلاء العلماء :
1 - العلامه الحجه سيد عدنان البحراني : " بعد أن ذكر الروايات التي تفيد التحريف في نظره قال : الأخبار التي لا تحصى كثيرة وقد تجاوزت حد التواتر ولا في نقلها كثير فائدة بعد شيوع القول بالتحريف والتغيير بين الفريقين وكونه من المسلمات عند الصحابه والتابعين بل وأجماع الفرقة المحقة(3) وكونه من ضروريات مذهبهم وبه تضافرت أخبارهم " (4) .
2 - الشيخ يحيى تلميذ الكركي : إذ قال : " مع أجماع أهل القبله من الخاص(5) والعام(6) ان هذا القرآن الذي في أيدي الناس ليس القرآن كله وأنه قد ذهب من القرآن ماليس في أيدي الناس" (7) .
__________
(1) - المقدمه الثانية الفصل الرابع لتفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار وطبعت كمقدمه لتفسير (البرهان للبحراني) .
(2) - مشارق الشموس الدرية ص 126 منشورات المكتبة العدنانية - البحرين .
(3) - أي الشيعة .
(4) - مشارق الشموس الدريه منشورات المكتبة العدنانية " البحرين " ص 126 .
(5) - أي الشيعة .
(6) - أهل السنه وهذا كذب وافتراء على علماء أهل السنة .
(7) - نقلا عن فصل الخطاب في اثبات تحريف كتاب رب الأرباب للنوري الطبرسي ص 23 وينقل النوري الطبرسي هذا الكلام من كتاب الأمامه يحيى تلميذ الكركي .(37/41)
3 - محمد بن النعمان ( المفيد ) قال : اتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامه واتفقوا على اطلاق البداء في وصف الله تعالى واتفقوا على أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنه الرسول (- صلى الله عليه وسلم -)(1) .
خامسا : لماذا قال الشيعة إن القرآن محرف وناقص
اعتقد الشيعة التحريف في القرآن للأسباب التالية :
أولا : عدم ذكر الإمامة في القرآن الكريم :
... ان الشيعة يعتقدون أن مسألة الإمامة داخلة في المعتقدات الأساسية يكفر منكرها ، فتتعلق بالإيمانيات كالأيمان بالله وبالرسول - صلى الله عليه وسلم - وللإمامة عند الشيعة مفهوم خاص ينفردون به عن سائر المسلمين فيعتقدون ( أن الإمامة منصب إلهي كالنبوة فكما أن الله سبحانه يختار من يشاء من عباده للنبوة والرسالة ، ويؤيده بالمعجزة التي هي كنص من الله عليه ... فكذلك يختار للإمامة من يشاء ويأمر نبيه بالنص عليه وأن ينصبه إماما للناس من بعده..) (2)
__________
(1) - أوائل المقالات ص 48 ، 49 - دار الكتاب الأسلامي - بيروت .
(2) - محمد حسين آل كاشف الغطاء " أصل الشيعة وأصولها " ص 58 مؤسسة الاعلمي - بيروت .(37/42)
أما الفرق بين الرسول والنبي والإمام عندهم فقد روى صاحب الكافي أنه سئل إمامهم الرضا ( ما الفرق بين الرسول والنبي والإمام ؟ فكتب أو قال : الفرق بين الرسول والنبي والإمام : أن الرسول الذي ينزل عليه جبرائيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي وربما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم "ع" ، والنبي ربما سمع الكلام وربما رأى الشخص ولم يسمع ، والإمام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص . (1) وهذا النص يفيد أن الوحي الإلهي متحقق حصوله للثلاثة على اختلاف في الطريقة والوسيلة التي يصل بها " الوحي" لكن كانت رواية الكافي هذه تقول : إن الإمام يسمع الكلام ولا يرى الشخص " أى الملك " مع أن هناك عدة روايات عندهم تؤكد تحقق رؤية الإمام للملائكة حتى أن " عالمهم " المجلسي عقد في البحار بابا بعنوان ( باب أن الملائكة تأتيهم وتطأ فرشهم وأنهم يرونهم) (2) ، وذكر فيه ستة وعشرين حديثا منها ما ذكره عن الصادق قال : ( إن الملائكة لتنزل علينا في رحالنا وتتقلب على فرشنا ، وتحضر موائدنا وتأتينا في وقت كل صلاة لتصليها معنا ، وما من يوم يأتي .. إلا وأخبار أهل الأرض عندنا وما يحدث فيها ..) (3).
وعن الصادق ( إن منا لمن ينكت في أذنه ، وإن منا لمن يؤتى في منامه وإن منا لمن يسمع صوت السلسلة تقع على الطشت - كذا - وإن منا لمن يأتيه صورة أعظم من جبرائيل وميكائيل ) (4).
__________
(1) - الكليني : " الكافي " ، كتاب الحجة ، باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث: 1/230 دار التعارف- بيروت .
(2) - " البحار " ( 26/351) دار احياء التراث العربي - بيروت : "الكافي" (ج1/458) دار التعارف - بيروت.
(3) - " البحار " : (26/356) .
(4) - " البحار " : (26/358) .(37/43)
فترى في هذه الروايات أن الفرق الذي ذكره الكليني عن الرضا بين الإمام والرسول والنبي - إن كان يعتبر فرقاًً - قد تلاشى حتى قال المجلسي نفسه ( إن استنباط الفرق بين النبي والإمام من تلك الأخبار لا يخلو من إشكال وكذا الجمع بينهما مشكل جدا) (1). ثم قال : (ولا نعرف جهة لعدم اتصافهم بالنبوة إلا رعاية خاتم الأنبياء ولا يصل عقولنا فرق بين النبوة والامامه ) (2).(3)
الإمامة ركن من أركان الدين عند الشيعة
الإيمان بإمامة الأئمة الاثنى عشر ركن من أركان الدين عندهم وكتبهم مليئة بما يثبت هذا ، من ذلك ما يرويه الكليني بسنده عن أبي جعفر قال : (بني الإسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه - يعني الولاية -)(4).
فالولاية - أي إمامة الاثنى عشر - يعتبرونها الركن الخامس للإسلام ، ويزعمون أنها محل الاهتمام والعناية من الشارع كما يدل على ذلك قوله (ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية) وما ندري أين هذا الاهتمام المزعوم وكتاب الإسلام العظيم كتاب الله تذكر فيه وتكرر أركان الإسلام من الشهادتين والصلاة والصوم والزكاة والحج ولا ذكر فيه لشأن ولاية أئمتهم الاثنى عشر ..
وأحيانا يجعلون أركان الإسلام ثلاثة الولاية إحداها . يروي الكليني بسنده عن الصادق "ع" قال : ( أثافي الإسلام ثلاثة : الصلاة والزكاة والولاية ولا تصح واحدة منهن إلا بصاحبتيها) (5).
__________
(1) - "البحار" : ج 26/82 .
(2) - "البحار" : ج 26/82 .
(3) - نقلا عن مسألة التقريب ( ناصر القفاري ) بعد التأكد من مصادر الشيعه .
(4) - الكليني : " الكافي " ، كتاب الإيمان والكفر ، باب دعائم الإسلام : (2/22) .
(5) - "الكافي" ، كتاب الإيمان والكفر ، باب دعائم الإسلام : (2/22) .(37/44)
ويقولون إن الولاية أفضل أركان الإسلام فعن زرارة عن أبي جعفر قال : ( بني الإسلام على خمسة أشياء على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية قال زرارة قلت : وأي شيء من ذلك أفضل ؟ فقال : الولاية أفضل ..) (1).
ويقولون إن الولاية لا رخصة فيها ، فعن أبي عبد الله قال : (إن الله افترض على أمة محمد خمس فرائض الصلاة والزكاة والصيام والحج وولايتنا فرخص لهم في أشياء من الفرائض الأربعة (2) ، ولم يرخص لأحد من المسلمين في ترك ولايتنا لا والله ما فيها رخصة (3).
تكفيرمن أنكر إمامة الأئمة الأثنى عشر عند الشيعة :
وردت روايات كثيرة عندهم تكفر من أنكر إمامة الأئمة الاثنى عشر ، ومن رواياتهم في ذلك :
عن أبي عبد الله "ع" قال : ( من ادعى الإمامة وليس من أهلها فهو كافر) (4). وأهلها هم الأئمة الاثنى عشر أو من ينوب عنهم من فقهاء الشيعة .
وعن أبي عبد الله قال : ( ثلاثة لا ينظر الله اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم من ادعى امامة من الله ليست له ومن جحد إماما من الله ومن زعم أن لهما (5). في الإسلام نصيبا ) (6).
__________
(1) - المصدر السابق : (2/22) .
(2) - قال المجلسي: (قوله فرخص لهم في أشياء أي كقصر الصلاة في السفر وترك الصيام في السفر والمرض والحج والزكاة مع عدم الاستطاعة) "مرآة العقول" : (7/116) دار الكتب الاسلامية - طهران .
(3) - " الكافي " على هامش " مرآة العقول " : (7/116) ، وانظر : " الكافي " طبعة التعارف : (2/26) .
(4) - "الكافي" كتاب الحجة ، باب من ادعى الإمامة وليس لها بأهل : (1/434) .
(5) - يعنون بهما اللذين أقاما دولة الإسلام بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ونشرا دينه ، الخليفتين الراشدين أبا بكر وعمر .
(6) - " الكافي " كتاب الحجة ، باب من ادعى الإمامة وليس لها بأهل الخ: (1/434) .(37/45)
والعبادة عندهم لا قبول لها إلا بالإيمان بولاية الاثنى عشر ففي " البحار " للمجلسي : ( لو أن عبدا عبد الله ألف سنة وجاء بعمل 72 نبيا ما تقبل الله منه حتى يعرف ولايتنا أهل البيت وإلا أكبه الله على منخريه في نار جهنم ) (1).
وعن الصادق - قال : ( الجاحد لولاية علي كعابد وثن ) (2).
وعقد المجلسي في " البحار " عدة أبواب في هذا المعنى منها : ( باب أنه لاتقبل الأعمال إلا بالولاية ) وذكر فيه واحدا وسبعين حديثا لهم (3).
( باب ... أنه يسئل عن ولايتهم في القبر ) وفيه 22 حديثا (4).
( باب أنهم شفعاء الخلق وأن إياب الخلق إليهم وحسابهم عليهم وأنه يسأل عن حبهم وولايتهم في يوم القيامة ) وفيه 15 حديثا (5).
أقوال علماء الشيعة تدل على
ان منكر ولاية أحد الائمة الاثنى عشر كافر عند الشيعة .
... قال ابن بابويه القمي في رسالته في الاعتقادات :
( واعتقادنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين والأئمة من بعده "ع" أنه بمنزلة من جحد نبوة الأنبياء ) .
واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين وأنكر واحدا من بعده من الأئمة أنه بمنزلة من آمن بجميع الأنبياء ثم أنكر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم . وقال النبي - صلى الله عليه وآله ( الأئمة من بعدي اثنا عشر أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآخرهم القائم، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي فمن أنكر واحدا منهم فقد أنكرني ) (6).
__________
(1) - " البحار " (27/196) .
(2) - المصدر السابق : (27/181) .
(3) - " البحار " : (27/166) وما بعدها .
(4) - " البحار " : (27/157 - 165) .
(5) - " البحار " : جـ27 ، ص 311-317 .
(6) - "البحار" المجلسي :جـ27 ، ص 62 .(37/46)
وقال القمي : ( فمن ادعى الإمامة وليس بإمام فهو الظالم الملعون ، ومن وضع الإمامة في غير أهلها فهو ظالم ملعون وقال النبي - صلىالله عليه وآله - من جحد عليا إمامته من بعدي فإنما جحد نبوتي ، ومن جحد نبوتي فقد جحد ربوبيته وقال الصادق : من شك في كفر أعدائنا والظالمين لنا فهو كافر ) (1).
وهذا ابن المطهر الحلي يعد من لم يؤمن بأئمتهم أشد شرا من اليهود والنصارى قال: (الإمامة لطف عام والنبوة لطف خاص لإمكان خلو الزمان من نبي حي بخلاف الإمام وإنكار اللطف العام شر من إنكار اللطف الخاص ) (2).
وقال عالمهم نعمة الله الجزائري : إنا لم نجتمع معهم( أي اهل السنة ) على إله ولا على نبي ولا على إمام وذلك أنهم يقولون إن ربهم هو الذي كان محمد صلى الله عليه وسلم نبيه وخليفته بعده أبو بكر ونحن لانقول بهذا الرب ولا بذلك النبي بل نقول إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا ) (3).
وقال المفيد : ( اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار) (4).
وقال : ( اتفقت الإمامية على أن أصحاب البدع كلهم كفار وأن على الإمام أن يستتيبهم عند التمكن بعد الدعوة لهم وإقامة البينات عليهم فإن تابوا من بدعهم ، وصاروا الى الصواب وإلا قتلهم لردتهم عن الإيمان وأن من مات منهم على ذلك فهو من أهل النار) (5).
__________
(1) - المصدر السابق .
(2) - ابن المطهر الحلي : " الألفين " : ص 13 - مؤسسة الأعلمي .
(3) - " الانوار النعمانية " : (2/278) - منشورات الاعلمي - بيروت .
(4) - "المسائل " عن "البحار" : (23/391) .
(5) - " أوائل المقالات " : ص 51 دار الكتاب الاسلامي - بيروت ، وانظر : "البحار" : (23/390) .(37/47)
وقال شيخهم الطوسي : (ودفع الأمامة كفر كما أن دفع النبوة كفر لأن الجهل بهما على حد واحد ) (1).
وقال المجلسي : ( وقد وردت أخبار متواترة أنه لايقبل عمل من الأعمال الا
بالولاية ) (2).
هذا رأي الشيعة فيمن أنكر إمامة أئمتهم الاثنى عشر(3) .
وبعد هذا تساءل الشيعة :
لماذا لم تذكر الولاية في القرآن بالرغم من أهميتها العظيمة .
لماذا تذكر الصلاة والزكاة وغيرهما من أركان الإسلام في القرآن ولا تذكر الولاية .
فلما وقعت هذه المشكلة لجأوا إلى القول بأن القرآن محرف ، مغير فيه ، حذف منه آيات كثيرة ، وأسقطت منه كلمات غير قليلة ، حذفها أجلة الصحابة وأكابر الأمة الإسلامية حقدا على علي ، وعنادا لأولاده ، وتضييعا لتراث رسول الله صلى الله عليه وآله .
ثم زوروا في كتبهم رويات مكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى علي وآل بيته عليهم السلام .
أمثلة لذلك :
فمثلا يروي محمد بن يعقوب الكليني عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : لم سمي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ؟ قال : الله سماه ، وهكذا أنزل في كتابه " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ( وأن محمدا رسولي وأن عليا أمير المؤمنين ) "(4).
وروى أيضا عن جابر قال : نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية على محمد هكذا " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا (في علي) فأتوا بسورة من مثله (5).
__________
(1) - انظر : المجلسي : "البحار" : (8/368) .
(2) - "البحار" : (8/369) .
(3) - ومن أراد المزيد لتكفير الشيعه لمنكر الائمة الاثنى عشر يراجع كتاب حقيقة الشيعة (عبدالله الموصلى ) ط القاهرة .
(4) - اصول الكافي كتاب الحجة : جـ 1 ص 479 .
(5) - "كتاب الحجة من الكافي " باب فيه نكت ونتف من التنزيل ، ص 484 جـ1 .(37/48)
وروى عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى " سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ( بولاية علي ) ليس له دافع ، ثم قال : هكذا والله نزل بها جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله(1).
وروى عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال : نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا " فأبى أكثر الناس (بولاية علي) إلا كفورا ، قال : ونزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا " وقل الحق من ربكم (في ولاية علي) فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين (آل محمد) نارا (2).
وعن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال هكذا نزلت هذه الآية "ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به (في علي) لكان خيرا لهم(3).
وعن منخل عن أبي عبد الله عليه السلام قال : نزل جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا : يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا (في علي) نورا مبينا (4) .
وعن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا "بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله (في علي) بغيا (5).
__________
(1) - "كتاب الحجة من الكافي " باب فيه نكت .. ص 490 جـ 1 .
(2) - "كتاب الحجة من الكافي" أيضا ص 493 جـ1 .
(3) - "كتاب الحجة من الكافي" أيضا ص 492 جـ1 .
(4) - "كتاب الحجة من الكافي" ص 485 جـ 1 .
(5) - "كتاب الحجة من الكافي" ص 484 جـ1 .(37/49)
ويذكر على بن إبراهيم القمي في مقدمة تفسيره " أنه طرأ على القرآن تغيير وتحريف ويقول: وأما ما كان خلاف ما أنزل الله فهو قوله تعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " فقال أبو عبد الله عليه السلام لقارئ هذه الآية: خير أمة تقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين بن علي ؟ فقيل له : فكيف نزلت يا ابن رسول الله ؟ فقال : نزلت كنتم خير أئمة أخرجت للناس" وقال: واما ما هو محرف منه فهو قوله : لكن الله يشهد بما أنزل إليك (في علي) كذا نزلت ، وقوله : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ( في علي ) (1).
وروى الكليني عن الحسين بن مياح عمن أخبره قال قرأ رجل عند أبي عبد الله عليه السلام " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" فقال : ليس هكذا إنما هي والمأمونون ، فنحن المأمونون "(2).
فهذه هي الروايات في الولاية ومثلها كثيرة وكثيرة في كتب حديثهم وتفسيرهم وغيرها .
فالمقصود أنهم يقولون بالتحريف في القرآن لأغراض منها إثبات مسألة الإمامة والولاية التي جعلوها أساس الدين وأصله .
ثانيا : اعتقد الشيعة التحريف في القرآن ليتخلصوا من التناقض الذي بين القرآن وكتب الشيعة من حيث منزلة الصحابة رضي الله عنهم .
__________
(1) - "تفسير القمي" مقدمة المؤلف ص 36 جـ 1 .
(2) - كتاب الحجة من اصول الكافي جـ1 ص 492 .(37/50)
وذلك أن القرآن الكريم يذكر فضل أصحاب رسول الله الكريم حيث يشهد القرآن على مقامهم السامي وشأنهم العالي ، ومرتبتهم الراقية ، ودرجاتهم الرفيعة ، إذ ذكر الله عز وجل المهاجرين والأنصار مادحا أخلاقهم الكريمة ، وسيرتهم الطيبة ، وبشرهم بالجنة التي تجرى تحتها الأنهار ، ووعدهم وبخاصة خلفاء رسول الله الراشدين أبا بكر وعمر وعثمان وعليا - رضى الله عنهم - بالتمكين في الأرض ، والخلافة الربانية في عباده ، ونشر الدين الإسلامي الصحيح الحنيف على أيديهم المباركة ، الميمونة ، في أقطار الأرض وأطرافها ورفع راية الإسلام والمسلمين ، وإعلاء كلمته ، وتشريفه بعضهم بذكره مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنزال السكينة على رسوله وعلى أبي بكر في كلامه ، الخالد ، المخلد إلى الأبد ، كما قال الله عز وجل في القرآن المجيد الذي أنزله على محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وأعطاه ضمان حفظه الى يوم الدين ، قال فيه مادحا المهاجرين والأنصار ، وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وغيرهم : { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه ، وأعد له جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ، ذلك الفوز العظيم } (1) .
وقال : { والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله ، والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا ، لهم مغفرة ورزق كريم } (2) .
وقال : { لايستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ، أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ، وكلا وعد الله الحسنى ، والله بما تعملون خبير }(3) .
وقال : { فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه ، أولئك هم المفلحون } (4).
__________
(1) - " سورة التوبة " الآية : 100 .
(2) - "سورة الأنفال" الآية : 74 .
(3) - " سورة الحديد" الآية : 10 .
(4) - " سورة الأعراف " الآية 157 .(37/51)
وقال في أصحابه - صلى الله عليه وسلم - الذين كانوا معه في الحديبية وبايعوه على الموت : { إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ، يد الله فوق أيديهم }(1).
وقال مبشرا لهم بالجنة : { لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ، فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا }(2).
وقال الله في صحابته البررة : { محمد رسول الله ، والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ، تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضوانا ، سيماهم في وجوههم من أثر السجود - إلى أن قال - وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيما}(3).
وقال : { للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا ، وينصرون الله ورسوله ، أولئك هم الصادقون . والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون }(4).
وقال : { ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم ، وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان ، أولئك هم الراشدون ، فضلا من الله ونعمة ، والله عليم
حكيم }(5).
وقال في الخلفاء الراشدين : { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا }(6).
__________
(1) - " سورة الفتح " الآية 10 .
(2) - " سورة الفتح " الآية 18 .
(3) - " سورة الفتح " الآية 29 .
(4) - " سورة الحشر" الآية 8 ، 9 .
(5) - " سورة الحجرات " الآية 7 ، 8 .
(6) - " سورة النور " الآية 55 .(37/52)
وقال في صاحبه : { إلا تنصروه فقد نصره الله اذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ، فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم }(1) .
والله سبحانه وتعالى لم يمدحهم إلا لانهم صحبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، واتبعوا النور الذي أنزل إليه ، وصاروا له وزراء مخلصين ، وأنصاراً محبين ، وأعواناً صادقين . فارقوا الأوطان ، وهجروا الولدان ، يذبون عن شريعته ، وينافحون من أجل تبليغ سنته . هانت عليهم في سبيل الله أرواحهم ، ورخصت عندهم من أجله أموالهم . ظهرت منهم علامات الخير في السيما والسمت والهدى والصدق . وصفهم الله عز وجل في كتابه فقال سبحانه { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً . محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلط فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين أمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً}(2).
__________
(1) - " سورة التوبة " الآية 40 .
(2) - " سورة الفتح " الآية 28، 29 .(37/53)
خرجوا مشرقين مغربين ، يفتحون المعمورة بلداً بلداً ، خرجوا وأخرجوا العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد ، ومن جور الأنظمة الوحلية إلى عدالة الرسالة السماوية خرجوا وحطموا كل طاغوت لا يؤمن بالله واليوم الآخر وقف في وجه المد الإسلامي وحال بينه وبين الناس من أن يسمعوا كلمة الحق ، رهبان بالليل ، فرسان بالنهار {تتجافي جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون }( (1). يمشون على الأرض بقلوب معلقة بالسماء . الله ربهم ، والإسلام دينهم ، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيهم ، والقرآن دستور حياتهم ، والفكاك من النار ، ودخول الجنة أسمى أمانيهم ، امتدت فتوحاتهم آلاف الأميال ، عبر الصحاري المقفرة والبحار المهلكة ، والجبال الوعرة في زمن كانت وسائل المواصلات فيه : الجمال ، والبغال ، والحمير ، وفي كل مكان يمرون به تدور بينهم وبين أعداء الله معارك تشيب لهولها الولدان ، ويسطر تاريخها بدماء الشهداء ، وليس ذلك فحسب ، بل فتحوا القلوب المغلقة، بالنور الذي كانوا يحملونه ، فما يخرجون من بلد بعد فتحها إلا وأبناء ذلك البلد يخرجون معهم ليجاهدوا في سبيل الله مع إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان ، وجمع بينهم الإسلام بأقوى الروابط ، حتى فتحوا الأرض ، وارتفع صوت الحق مدوياً في كل مكان: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله (2).
وأما ما في كتب الشيعة فهو يناقض كلام الله تماما فكتب الشيعة مليئة بسب وتكفير ولعن لأصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولعن لأمهات المؤمنين اللاتي هن ازواج الرسول- صلى الله عليه وسلم - .
( أ ) تكفير الصحابة .
... يرون عن ابي جعفر كذبا أنه قال :
__________
(1) - سورة السجدة آية 16 .
(2) - نقلا عن كتاب ( ما يجب ان يعرفه المسلم عن الامامية) أحمد الحمدان . بتصرف .(37/54)
1 - كان الناس أهل الردة بعد النبي إلا ثلاثة - وذكره كبير مؤرخي الشيعة الكشى في رجاله " (1).
2 - وروى الكشي أيضا عن حمدويه قال : قال أيوب بن نوح عن محمد بن الفضل وصفوان عن أبي خالد القماط عن حمران قال : قلت لأبي جعفر "ع" ما اقلنا لو اجتمعنا على شاة ما افنيناها ؟ قال . فقال : ألا أخبرك بأعجب من ذلك ؟ قال . فقلت بلى . قال : المهاجرون والأنصار ذهبوا ... إلا ثلاثة "(2).
3 - " يروون عن علي أنه عرض القرآن على المهاجرين والأنصار ، ولما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح المهاجرين والأنصار فردوه إلى علي وقالوا لا حاجة لنا فيه"(3).
4 - قالوا : إن الرسول ابتلى بأصحاب قد ارتدوا من بعده عن الدين إلا القليل(4).
(ب) تأويلهم للآيات الواردة في الكفار والمنافقين بخيار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسهم خليفتاه ووزيراه وصهراه وحبيباه أبو بكر وعمر ، ويثلثون أحياناً بصاحب الجود والحياء ومن وضع ماله في سبيل الله وجهز جيش العسرة وغيره صهر رسول الله صلىالله عليه وسلم في ابنتيه ، عثمان رضي الله عنه وغيرهم من صحابة رسول الله الأخيار ومن تبعهم بإحسان (5).
__________
(1) - " رجال الكشي " ص12 تحت عنوان سلمان الفارسي ط كربلاء عراق .
(2) - "رجال الكشي" ص 13 أيضا والكافي جـ2 ص 243 .
(3) - الطبرسي في الاحتجاج جـ 1 ص 156 .
(4) - السيد مرتضى السيد محمد الحسيني الفيروز آبادي النجفي "كتاب السبعه من السلف المكتبة الثقافية " ص 7 .
(5) - نقلا عن ناصر القفاري ( مسألة التقريب ) .(37/55)
وقبل أن نذكر تلك الروايات ننبه القارئ أن ما كتبه أوائل الشيعة في عصر الكليني وما بعده كان بلغة الرمز والإشارة أى كانوا يرمزون للخلفاء الثلاثة أبى بكر وعمر وعثمان برموز معينة مثل : الفصيل أى أبا بكر ، ورمع أي عمر ونعثل أي عثمان ولهم رموز آخرى مثل (فلان وفلان وفلان ) أي أبا بكر وعمر وعثمان ولهم رموز أخرى مثل (الأول والثاني والثالث) أى أبا بكر وعمر وعثمان ولهم رموز أيضا مثل حبتر ودلام أي أبا بكر وعمر أو عمر وأبابكر، ولهم رموز أيضا صنما قريش أبا بكر وعمر/ وأيضا فرعون وهامان أو عجل الامه والسامري أي أبا بكر وعمر .
أما ما كتبه شيوخ الشيعة في ظل الدولة الصفوية فكان فيه التكفير لأفضل أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - صريحا ومكشوفاً .
أما الروايات فهي :
1 - روى الكليني في الكافي عن أبي عبد الله في قوله تعالى { .. ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين }(1). قال : هما ، ثم قال : وكان فلان شيطاناً (2) .
قال المجلسي في شرحه للكافي في بيان مراد صاحب الكافي بـ " هما " قال : هما أي أبو بكر وعمر والمراد بفلان عمر أي الجن المذكور في الآية عمر وإنما سمي به لأنه كان شيطانا إما لأنه كان شرك شيطان لكونه ولد زناً أو لأنه في المكر والخديعة كالشيطان وعلى الأخير يحتمل العكس بأن يكون المراد بفلان أبا بكر (3).
2 - ويروون عن أبي عبد الله أنه قال في قوله { ولا تتبعوا خطوات الشيطان}(4)
قال : (وخطوات الشيطان والله ولاية فلان وفلان) (5).أي أبو بكر وعمر .
__________
(1) - فصلت : آية 29 .
(2) - روضة الكافي ص 261 رواية رقم 523 .
(3) - "مرآة العقول " : (26/488) منشورات دار الكتب الاسلامية - طهران .
(4) - البقرة : الآيتان 168 ، 208 - الأنعام : آية 142 .
(5) - "تفسير العياشي" : (1/121) ، "البرهان" : (1/208) ، "الصافي" : (1/242) .(37/56)
3 - ويروون عن أبي جعفر في قوله { .. وما كنت متخذ المضلين عضداً}(1). قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل ابن هشام) فأنزل الله وما كنت متخذ المضلين عضداً (2) .
4 - ويروون على أبي عبد الله أنه قال في قول الله { إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم أزدادوا كفراً..} (3) قال : نزلت في فلان وفلان ( أبو بكر وعمر) آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وآله في أول الأمر ثم كفروا حين عرضت عليهم الولاية حيث قال من كنت مولاه فعلي مولاه ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام حيث قالوا له بأمر الله وأمر رسوله فبايعوه ثم كفروا حين مضى رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يقروا بالبيعة ثم ازدادوا كفراً بأخذهم من بايعوه بالبيعة لهم فهؤلاء لم يبق منه من الإيمان شيء (4).
__________
(1) - الكهف : آية 51 .
(2) - "تفسير العياشي" : (2/355) ، "البرهان" :(2/471)، "البحار" : (8/22)، "الصافي" : (3/246) .
(3) - النساء : آية 137 .
(4) - " تفسير العياشي" : (1/307) ، "الصافي" (1/511) ، " البرهان" : (1/422) ، "البحار" : (8/218) .(37/57)
5 - وعن حريز عمن ذكره عن أبي جعفر في قول الله { وقال الشيطان لما قضي الأمر..}(1). قال هو الثاني وليس في القرآن {وقال الشيطان} إلا وهو الثاني(2). يعنون بالثاني عمر رضي الله عنه - وعن زرارة عن أبي جعفر في قوله تعالى : { لتركبن طبقاً عن طبق}(3). قال يازرارة أو لم تركب هذه الأمة بعد نبيها طبقاًً عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان (4)- يعنون أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم - قال عالمهم الفيض الكاشاني : ( ركوب طبقاتهم كناية عن نصبهم إياهم للخلافة واحداً بعد واحد).
6 - وعند قوله سبحانه {.. فقاتلوا أئمة الكفر }(5) يروي العياشي عن حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول دخل على أناس من البصرة فسألوني عن طلحة والزبير فقلت لهم كانا إمامين من أئمة الكفر(6).
7 - ويفسرون الجبت والطاغوت الوارد في قوله سبحانه { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ..} (7).، يفسرونهما بصاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ووزيريه وصهريه وخليفتيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما (8).
__________
(1) - إبراهيم : آية 22 .
(2) - "تفسير العياشي" : (2/240) ، "البرهان" (2/309) .
(3) - الأنشقاق : آية 19 .
(4) - (5) "الوافي" ، كتاب الحجة ، باب مانزل فيهم عليهم السلام وفي أعدائهم - مجلد 3 ج 1 ص 920 .
(5) - التوبة : آية 12 .
(6) - "تفسير العياشي" : (2/83) ، "تفسير البراهان" : (2/107) ، "تفسير الصافي" : (2/324) .
(7) - النساء : آية 51 .
(8) - أنظر : "تفسير العياشي" : (1/273) ، و "الصافي" (1/459) ، "البرهان" : (1/377) .(37/58)
8 - وعند قوله سبحانه { لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم }(1) روى العياشي عن أبي بصير عن جعفر بن محمد عليه السلام قال : (يؤتي بجهنم لها سبعة أبواب ، بابها الأول للظالم وهو زريق ، وبابها الثاني لحبتر ، والباب الثالث للثالث، والرابع لمعاوية ، والباب الخامس لعبد الملك ، والباب السادس لعسكر بن هوسر ، والباب السابع لأبي سلامة فهم أبواب لمن اتبعهم ) (2).
قال المجلسي في تفسير هذا النص : (زريق كناية عن الأول لأن العرب يتشأم بزرقة العين ، والحبتر هو الثعلب ولعله إنما كني عنه لحيلته ومكره وفي غيره من الأخبار وقع بالعكس وهو أظهر إذ الحبتر بالأول أنسب ويمكن أن يكون هنا أيضاً المراد ذلك ، وإنما قدم الثاني لأنه أشقى وأفظ وأغلظ ، وعسكر بن هوسر كناية عن بعض خلفاء بني أمية أو بني العباس ، وكذا أبو سلامة كناية عن أبي جعفر الدوانيقي ويحتمل أن يكون عسكر ، كناية عن عائشة وسائر أهل الجمل إذ كان اسم جمل عائشة عسكرا وروى أنه كان شيطاناً) (3).
9 - وفي قوله تعالى : { .. إذ يبيتون ما لا يرضى من القول }(4)عن أبي جعفر أنه قال فيها :
فلان وفلان وفلان - أى أبا بكر وعمر - وأبو عبيدة بن الجراح(5) -وفي رواية أخرى : عن أبي الحسن يقول هما وابو عبيدة بن الجراح (6). - هما أي أبو بكر وعمر - وفي رواية ثالثة الأول والثاني وأبو عبيدة بن الجراح(7). (الأول والثاني أي أبو بكر وعمر) .
__________
(1) - الحجر : آية 44 .
(2) - "تفسير العياشي" : (2/263) ، "البرهان" : (2/345) .
(3) - "البحار" : (8/301) .
(4) - النساء : آية 108 .
(5) - " تفسير العياشي" : (1/301) ، "البرهان" : (1/414) .
(6) - " تفسير العياشي" : (1/301) ، "البرهان" : (1/414) .
(7) - " تفسير العياشي" : (1/301) ، "البرهان" : (1/414) ، مرآة العقول (26/489) .(37/59)
10 - ويفسرون الفحشاء والمنكر، في قوله { وينهى عن الفحشاء والمنكروالبغي} (1) بولاية أبي بكر وعمر وعثمان ، فيروون عن أبي جعفر - عليه السلام - أنه قال: وينهي عن الفحشاء : الأول . والمنكر : الثاني . والبغي : الثالث(2).
11- جاء في بحار الأنوار : " قلت (الراوي يقول لإمامهم) ومن أعداء الله أصلحك الله ؟ قال : الأوثان الأربعة ، قال : قلت : من هم ؟ قال : أبو الفصيل ، ورمع ، ونعثل ، ومعاوية ومن دان دينهم ، فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله "(3).
قال شيخهم المجلسي في بيانه لهذه المصطلحات : " أبو الفصيل أبو بكر ، لأن الفصيل والبكر متقاربان في المعنى ، ورمع مقلوب عمر ، ونعثل هو عثمان"(4).
12- وفي قوله سبحانه : { ... أو كظلمت } قالوا : فلان وفلان { في بحر لجي يغشه موج} يعنى نعثل {من فوقه موج} طلحة والزبير {ظلمت بعضها فوق بعض}(5)معاوية .." (6).
قال المجلسي : المراد بفلان وفلان أبو بكر وعمر ، ونعثل هو عثمان (7).
13 - ومن مصطلحاتهم أيضا للرمز للشيخين ما جاء في تأويلهم سورة الليل وفيها
{ والنهار إذا جلها } هو قيام القائم { والليل إذا يغشها } حبتر ودلام غشيا عليه الحق(8) .
قال شيخ الدولة الصفوية - في زمنه - (المجلسي) حبتر ودلام : أبو بكر وعمر(9).
__________
(1) - النحل : الآية 90 .
(2) - " تفسير العياشي": (2/289) ، "البرهان" : (2/381) ، "البحار" :(7/130) الصافي 3/151.
(3) - "بحار الأنوار " :: 27/58 .
(4) - "بحار الأنوار " : 27/58 .
(5) - النور : آية 40 .
(6) - تفسير القمي : 2/106 ، بحار الأنوار : 23/304-305 .
(7) - بحار الأنوار : 23/ 306 .
(8) - كنز الفوائد : ص 389 - 390 ، بحار الأنوار : 24/72 - 73 تفسير القمي: ص 2/457 فسر (الليل إذا يغشها ) فلان .
(9) - بحار الأنوار : 24/73 .
* يعني أمهات المؤمنين عائشة وحفصة زوجات - صلى الله عليه وسلم - .(37/60)
14 - وهذا دعاء خاص للعن أبى بكر وعمر يسمى دعاء صنمي قريش .
" اللهم صل على محمد وآل محمد والعن صنمي قريش وجبتيهما وطاغوتيها وأفكيها (وابنتيهما)* اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك وجحدا إنعامك وعصيا رسولك وقلبا دينك وحرفا كتابك وأحبا أعداءك وجحدا آلاءك وعطلا أحكامك
وأبطلا فرائضك وألحدا في آياتك وعاديا أولياءك وواليا أعداءك وخربا بلادك وأفسدا عبادك . اللهم العنهما وأتباعهما وأولياءهما وأشياعهما ومحبيهما وأنصارهما فقد أخربا بيت النبوة وردما بابه ونقضا سقفه وألحقا سماءه بأرضه وعاليه بسافله وظاهره بباطنه واستأصلا أهله وأبادا أنصاره وقتلا أطفاله وأخليا منبره من وصيه ووارث علمه وجحدا إمامته وأشركا بربهما ، فعظم ذنبهما وخلدهما في سقر وما أدراك ما سقر لاتبقي ولاتذر ، اللهم العنهم بعدد كل منكر أتوه وحق أخفوه ، ومنبر علوه ومؤمن أرجوه ومنافق ولوه ، وولي آذوه وطريد آووه ، وصادق طردوه ، وكافر نصروه ، وإمام قهروه ، وفرض غيروه ، وأثر أنكروه وشر آثروه ودم أراقوه وخبر بدلوه ، وكفر نصبوه ، وإرث غصبوه وفيىء اقتطعوه وسحت أكلوه وخيبر استحلوه ، وباطل أسسوه ، وجور بسطوه ونفاق أسروه وغدر أضمروه وظلم نشروه ، ووعد أخلفوه ، وأمان خانوه ، وعهد نقضوه ، وحلال حرموه ، وحرام أحلوه ، وبطن فتقوه وجنين أسقطوه ، وضلع دقوه وصك فرقوه وشمل بددوه وعزيز أذلوه وذليل أعزوه وحق منعوه وكذب دلسوه وحكم قلبوه وإمام خالفوه، اللهم العنهما بكل آية حرفوها ، وفريضة تركوها وسنة غيروها ورسوم منعوها وأحكام عطلوها وبيعة نكثوها ودعوى أبطلوها وبينة أنكروها وحيلة أحدثوها وخيانة أوردوها وعقبة ارتقوها ، ودباب دحرجوها وأزيان لزموها وشهادات كتموها ووصية ضيعوها ، اللهم ألعنهما في مكنون السر وظاهر العلانية لعنا كثيرا أبدا دائما دائبا سرمدا لا انقطاع لأمده ولانفاد لعدده لعنا يعود أوله ولا يروح آخره لهم ولأعوانهم(37/61)
وأنصارهم ومحبيهم ومواليهم والمسلمين لهم والمائلين إليهم والناهضين باحتجاجهم والمقتدين بكلامهم والمصدقين بأحكامهم (قل أربع مرات ) اللهم عذبهم عذابا يستغيث منه أهل النار آمين رب العالمين " (1).
وهذا الدعاء قد جاء أيضا في كتاب (تحفة عوام مقبول ) (2)، وأيضاً في كتاب المصباح للكفعمي(3) وأيضاً في كتاب بحار الأنوار للمجلسي ج82 ص 260 كتاب الصلاة باب آخر في القنوتات الطويلة . ط دار احياء التراث العربي - بيروت .
15 - آية الله الخميني :
يقول في كتابه كشف الأسرار : " إننا هنا لا شأن لنا بالشيخين وما قاما به من مخالفات للقرآن ومن تلاعب بأحكام الإله ، وما حللاه وحرماه من عندهما وما مارساه من ظلم ضد فاطمة ابنة النبي وضد أولاده ولكننا نشير إلى جهلهما بأحكام الإله والدين" (4).
ويقول بعد اتهامه للشيخين بالجهل " وإن مثل هؤلاء الأفراد الجهال الحمقى والأفاقون والجائرون غير جديرين بأن يكونوا في موقع الإمامة وأن يكونوا ضمن أولى الأمر "( (5).
ويقول أيضا : "الواقع أنهم أعطوا الرسول حق قدره .. الرسول الذي كد وجد وتحمل المصائب من أجل إرشادهم وهدايتهم ، وأغمض عينيه وفي أذنيه كلمات ابن الخطاب القائمة على الفرية ، والنابعة من أعمال الكفر والزندقة "( (6).
16 - وقد أفرد صاحب كتاب الصراط المستقيم فصلين خاصين في الطعن على عائشة وحفصة رضي الله عنهما وأرضاهما ، سمى الفصل الأول : (فصل في أم الشرور عائشة) ويعني بها عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها .
__________
(1) - مفتاح الجنان في الأدعية والزيارات والأذكار ص 113 ، 114 .
(2) - ص 214 ، 215 .
(3) - ص 732 ط بيروت " مكتبة الأعلمي" سنة 1994 .
(4) - كشف الأسرار ص 126.
(5) - كشف الأسرار ص 127 .
(6) - المصدر السابق ص 137 .(37/62)
أما الفصل الآخر فقد خصصه للطعن في حفصة رضي الله عنها وعن أبيها وجعل عنوانه (فصل في أختها حفصة) (1).
17 - يقول نعمة الله الجزائري :
عمر بن الخطاب في دبره داء لايشفى إلا بماء الرجال ، فهو مما يؤتي في دبره .
وقال نعمة الله الجزائري روى العياشي حديثا بمعنى ما قاله على عمر بن الخطاب ولكنه لم يذكر الحديث (2).
وكان يقصد هذا الحديث :
عن محمد بن إسماعيل عن رجل سماه عن أبي عبد الله عليه السلام قال : دخل رجل على أبي عبد الله فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين فقام على قدميه فقال : مه هذا اسم لايصلح إلا لأمير المؤمنين عليه السلام الله سماه به ، ولم يسم به أحد غيره فرضي به إلا كان منكوحا وإن لم يكن به ابتلي به وهو قول الله في كتابه {إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً}( (3). قال قلت : فماذا يدعي به قائمكم ؟ قال : يقال له ، السلام عليك يا بقية الله السلام عليكم يا ابن رسول الله (4).
18- يقول نعمة الله الجزائري كان عثمان بن عفان مما يتخنث ويلعب به (5).
ويوجد كثير من الاحاديث وأقوال العلماء في سب وتكفير صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثالثا : من الاسباب التي جعلتهم يطعنون بالقرآن عدم ذكر اسماء الأئمة وفضائلهم ومعجزاتهم وفضائل زيارة قبورهم في القرآن الكريم، أجبر علماء الشيعة على اتهام الصحابة بحذف فضائل الأئمة ومعجزاتهم من القرآن الكريم .
( أ ) بعض فضائل الأئمة وصفاتهم عند الشيعة :
__________
(1) - النباطي : الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم : 3/161 ، 168 ط المكتبة الرضوية لاحياء الآثار الجعفرية .
(2) - الأنوار النعمانية جـ1 ب 1 ص 63 ط (شركت جاب ايران ) .
(3) النساء 17/302 .
(4) "تفسير العياشي" : (1/302) ، "البرهان" (1/416) .
(5) الأنوار النعمانية ج1ب1ص65 ط (شوكت جاب إيران) .(37/63)
حديث الشيعة عن فضائل أئمتهم وصفاتهم حديث كثير وخطير وسنذكر فيما يلي أهم الأبواب في كل من الكافي ، والبحار التي حوت أحاديثهم عن فضائل الأئمة .
وهذه الأبواب خلاصة موجزة لأحاديثهم تبين حجم الغلو واتساعه فهي ليست روايات شاذة في كتبهم بل هي أبواب تحمل عناوين أشبه ما يكون بقواعد وأصول أساسية في معتقدهم وهي تمكن للقارئ من أخذ فكرة متكاملة عن منزلة الأئمة عندهم (1).
والأبواب هي :
(1) باب ( أنهم أعلم من الأنبياء عليهم السلام ) وفيه ثلاثة عشر حديثاً(2).
(2) باب (تفضيلهم "ع" على الأنبياء وعلى جميع الخلق وأخذ ميثاقهم عنهم وعن الملائكة وعن سائر الخلق وأن أولى العزم إنما صاروا أولى العزم بحبهم صلوات الله عليهم ) وفيه 88 حديثاً (3).
(3) باب (أن دعاء الأنبياء استجيب بالتوسل والاستشفاع بهم "ع") وفيه 16 حديثا(4).
(4) باب (أنهم يقدرون على إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وجميع معجزات الأنبياء) وفيه 4 أحاديث(5) .
(5) باب (أنهم لا يحجب عنهم علم السماء والأرض والجنة والنار وأنه عرض عليهم ملكوت السموات والأرض ويعلمون علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ) وفيه 22 حديثاً (6). ، وهذا الباب جاء في الكافي بعنوان باب (أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لايخفى عليهم الشيء صلوات الله عليهم) فيه ستة أحاديث(7).
__________
(1) - نقلا عن مسألة التقريب ( ناصر القفاري ) .
(2) - المجلسي : " البحار " : (26/193 - 200) .
(3) - المصدر السابق : (26/267 - 319) .
(4) - المصدر السابق : (26/319 - 334).
(5) - المصدر السابق : (26/29 -- 31) .
(6) - المصدر السابق : (26/109 - 117) .
(7) - الكليني : "الكافي" : (1/316) .(37/64)
(6) باب (أنهم يعرفون الناس بحقيقة الإيمان وبحقيقة النفاق وعندهم كتاب فيه أسماء أهل الجنة وأسماء شيعتهم وأعدائهم وأنه لايزيلهم خبر مخبر عما يعلمون من أحوالهم) وفيه أربعون حديثاً (1)، وفي الكافي باب ( أن الأئمة لو ستر عليهم لأخبروا كل امرئ بما له وعليه ) وفيه حديثان (2).
(7) باب ( أن الأئمة إذا شاؤوا أن يعلموا علموا) وفيه ثلاثة أحاديث (3).
(8) باب (أن الأئمة يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم ) وفيه خمسة أحاديث (4)
(9) باب (أنهم لا يحجب عنهم شيء من أحوال شيعتهم وما تحتاج إليه الأمة من جميع العلوم وأنهم يعلمون ما يصيبهم من البلايا ويصبرون عليها ولو دعوا الله في دفعها لأجيبوا وأنهم يعلمون ما في الضمائر وعلم المنايا والبلايا وفصل الخطاب والمواليد) وفيه ثلاثة وأربعون حديثا (5).
(10) باب (أن عندهم الاسم الأعظم وبه يظهر منهم الغرائب) وفيه عشرة أحاديث(6) .
(11) باب (أنهم يظهرون بعد موتهم ويظهر منهم الغرائب وتأتيهم أرواح الأنبياء "ع" وتظهر لهم الأموات من أوليائهم وأعدائهم ) وفيه 13 حديثا(7) .
(12) باب ( أنهم أمان لأهل الأرض من العذاب) وفيه 6 أحاديث(8) .
(13) باب (أن الله تعالى يرفع للإمام عمودا ينظر فيه الى أعمال العباد) وفيه 16حديثا(9) .
(14) باب (أنهم عليهم السلام يعلمون جميع الألسن واللغات ويتكلمون بها) وفيه 7 أحاديث . (10) .
__________
(1) - " البحار " : (26/117-132) .
(2) - " الكافي " : (1/320) .
(3) - المصدر السابق : (1/313) .
(4) - المصدر السابق : (1/313) .
(5) - " البحار " : (26/137-154) .
(6) - " البحار " : (27/25-28) .
(7) - " البحار " : (27/302-308) .
(8) - " البحار " : (27/308-310) .
(9) - " البحار " : (27/132-136) .
(10) - " البحار " : (27/190-193) .(37/65)
(15) باب (أنهم يعلمون منطق الطيور والبهائم ) وفيه 26 حديثا . (1) .
(16) باب ( أن الجن خدامهم ويظهرون لهم ويسألونهم عن معالم دينهم ) وفيه 16حديثا. (2) .
واليك أخي المسلم بعض الروايات في كتب بعض علماء الشيعة التي تبين فضائل الأئمة
(1) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي :" إن الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين ، وفضلني على جميع النبيين والمرسلين ، والفضل بعدي لك ياعلي وللأئمة من بعدك ، وإن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا .. ياعلي لولا نحن ماخلق الله آدم ولا حواء ولا الجنة ولا النار ولا السماء ولا الأرض ، وكيف لانكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ، ومعرفة ربنا عز وجل ، وتسبيحه، وتقديسه،وتهليله،لأن أول ماخلق الله تعالى أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتمجيده ،ثم خلق الملائكة فلما شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمورنا فسبحنا لتعلم الملائكة أنا مخلوقون ، وأنه منزه عن صفاتنا ، فسبحت الملائكة لتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا ... فبنا اهتدوا إلى معرفة الله وتوحيد الله وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده" (3).
(2) وفي بصائر الدرجات عن هاشم بن أبي عمار قال : سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول " أنا عين الله وأنا يد الله ، وأنا جنب الله ، وأنا باب الله "(4) .
(3) وعن أبي عبد الله قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : " أنا علم الله وأنا قلب الله الواعي ، ولسان الله الناطق ، وعين الله الناظر ، وأنا جنب الله ، وأنا يد الله "( (5).
__________
(1) - " البحار " : (27/261-279) .
(2) - " البحار " : (27/13-24) .
(3) - الصدوق : علل الشرائع ص 16 مؤسسة الاعلمي ج 1.
(4) - الصفار : بصائر الدرجات ص 81 منشورات الأعلمي - طهران .
(5) - المصدر السابق ص 84 .(37/66)
(4) جاء في كتاب (علل الشرائع ) عن سماعة بن مهران قال : " إذا كان يوم القيامة وضع منبر يراه جميع الخلائق ، فيصعد عليه رجل ، فيقوم عن يمينه ملك ، وعن يساره ملك، ينادي الذي عن يمينه يا معشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب يدخل الجنة من يشاء وينادي الذي عن يساره يامعشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب عليه السلام يدخل النار من يشاء " (1).
(5) اعتقادهم أن الله تعالى ناجى عليا رضي الله عنه :
يروي المفيد عن حمران بن أعين قال : " قلت لأبي عبد الله عليه السلام بلغني أن الرب تبارك وتعالى قد ناجى علياً عليه السلام ، فقال أجل قد كانت بينهما مناجاة بالطائف نزل بينهما جبريل"( (2).
وإليك أخي المسلم بعض أقوال كبار علماء الشيعة تؤكد ايمانهم بصفات ومعجزات الأئمة مما ذكرناه :
1 - إمامهم المعاصر وآيتهم العظمى آية الله الخميني يرى أن فضل الأئمة لايبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل : يقول "فإن للإمام مقاما محمودا ، ودرجة سامية ، وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون . وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل "( (3) ومعلوم دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا العموم.
2 - يقول نعمة الله الجزائري مبينا رأي الإمامية في المفاضلة بين الأنبياء والأئمة : اعلم أنه لاخلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم في أشرفية نبينا - صلى الله عليه وسلم - على سائر الأنبياء عليهم السلام للأخبار المتواترة وإنما الخلاف بينهم في أفضلية أمير المؤمنين والأئمة الطاهرين عليهم السلام ، على الأنبياء ما عدا جدهم - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) - الصدوق ص 196 .
(2) - الاختصاص : ص 322 - مكتبة بصيرتي - قم - ايران .
(3) - الحكومة الإسلامية (منشورات المكتبة الإسلامية الكبرى ) ص : 52 .(37/67)
فذهب جماعة : إلى أنهم أفضل من باقي الأنبياء ما خلا أولي العزم فإنهم أفضل من الأئمة عليه السلام ، وبعضهم إلى المساواة ، وأكثر المتأخرين الى أفضلية الأئمة عليهم السلام على أولي العزم وغيرهم ، وهو الصواب (1)
3 - نقل الزنجاني عن الصدوق أنه قال : " اعتقادنا في الأنبياء والرسل والأئمة أنهم معصومون ، مطهرون من كل دنس ، وأنهم لا يذنبون لاصغيرا ولا كبيرا ، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ومن نفى عنهم العصمة في شيء من أحوالهم فقد جهلهم ، ومن جهلهم فهو كافر" (2) .
4 - يقول محمد رضا المظفر : " ونعتقد أن الإمام كالنبي ، يجب أن يكون معصوما من جميع الرذائل والفواحش ، ما ظهر منها وما بطن ، من سن الطفولة إلى الموت عمدا وسهوا ، كما يجب أن يكون معصوما من السهو والخطأ والنسيان "( (3).
ويقول أيضا : "بل نعتقد أن أمرهم أمر الله تعالى ، ونهيهم نهيه ، وطاعتهم طاعته ومعصيتهم معصيته ، ووليهم وليه وعدوهم عدوه ، ولا يجوز الرد عليهم ، والراد عليهم كالراد على رسول الله ، والراد على الرسول كالراد على الله
تعالى" (4).
5 - ويقول الخميني : " نحن نعتقد أن المنصب الذي منحه الأئمة للفقهاء لا يزال محفوظا لهم ، لأن الأئمة الذين لانتصور فيهم السهو أو الغفلة ، ونعتقد فيهم الإحاطة بكل ما فيه مصلحة للمسلمين ، كانوا على علم بأن هذا المنصب لايزول عن الفقهاء من بعدهم بمجرد وفاتهم " (5).
__________
(1) - الأنوار النعمانية : 1/20-21 منشورات الأعلمي - بيروت .
(2) - إبراهيم الموسوي الزنجاني : عقائد الإثني عشرية : 2/157 منشورات الاعلمي - بيروت .
(3) - المظفر : عقائد الامامية : ص 91 ط دار الصفوة - بيروت .
(4) - المرجع السابق ص 93 .
(5) - الحكومة الإسلامية (منشورات المكتبة الإسلامية الكبرى) ص 91 .(37/68)
6 - الأمام الأكبر محمد الحسين آل كاشف الغطاء ( يقول الإمام يجب ان يكون معصوماً كالنبي عن الخطأ والخطيئة ) (1).
(ب) بعض فضائل زيارة قبور الأئمة عن الشيعة :
ففي " البحار " للمجلسي " كتاب المزار " وقد استغرق ثلاثة مجلدات من " البحار"(2). وفي " وسائل الشيعة " ، للحر العاملي " أبواب المزار" وبلغت هذه الأبواب (106) أبواب(3)، وفي "الوافي" الجامع لأصولهم الأربعة :
" أبواب المزارات والمشاهد " وتضمنت (33) بابا (4).
وفي " من لايحضره الفقه " وهو أحد أصولهم المعتبرة عدة أبواب حول المشاهد وتعظيمها كباب " تربة الحسين وحريم قبره " و "أبواب في زيارة الأئمة وفضلها " . وغيرها (5).
وفي "تهذيب الأحكام" - أحد الأصول الأربعة المعتبرة - طائفة كثيرة من الأبواب تتعلق بتعظيم المشاهد والقبور ، ومناجاة الأئمة بأدعية تتضمن تأليههم(6).
وألف في الزيارات ومناسكها كتب مستقلة مثل "مناسك الزيارات للمفيد"( (7)
وغيره (8).
__________
(1) - أصل الشيعة وأصولها انظرها ص 59 منشورات الأعلمي - بيروت .
(2) - مجلدات رقم : 97 ، 98 ، 99 .
(3) - أنظرها في جـ10 ص 251 وما بعدها .
(4) - أنظرها في المجلد 14 جـ8 ص 1369 وما بعدها منشورات مكتبة الامام علي العامة - أصفهان - ايران .
(5) - ابن بابويه القمي : "من لايحضره الفقيه" : (2/429) وما بعدها ط الأضواء - بيروت .
(6) - الطوسي : "تهذيب الأحكام" : (6/3-116) .
(7) - ذكره الحر العاملي في "وسائل الشيعة " : (20/49) ، ونقل عنه .
(8) - مثل كتاب "المزار" لمحمد بن علي الفضل ، و "المزار" لمحمد بن المشهدي و "المزار" لمحمد بن همام ، و "المزار" لمحمد بن أحمد بن داود وغيرها . انظر : "وسائل الشيعة" : (20/48-49) .(37/69)
لقد اعتبر الشيعة أماكن قبور أئمتهم المزعومة أو الحقيقية " حرماً" مقدساً : فالكوفة حرم، وكربلاء حرم ، وقم حرم - عندهم - وغيرها . في "الوافي" (أن الكوفة حرم الله وحرم رسوله صلى الله عليه وآله وحرم أمير المؤمنين وأن الصلاة فيها بألف صلاة والدرهم بألف درهم(1)، ويروون عن الصادق ( إن لله حرماً هو مكة ولرسوله حرماً وهو المدينة ولأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة ولنا حرماً وهو قم ستدفن فيه امرأة من ولدي تسمى فاطمة من زارها وجبت له الجنة (2) .
وكربلاء عندهم أفضل من الكعبة ففي حديث لهم عن أبي عبد الله أنه قال : ( إن الله أوحى إلى الكعبة لولا تربة كربلاء ما فضلتك ولولا من تضمنه أرض كربلاء ما خلقتك ولا خلقت البيت الذي به افتخرت فقري واستقري وكوني ذنباً متواضعاً ذليلاً مهيناً غير مستنكف ولا مستكبر لأرض كربلاء وإلا سخت بك وهويت بك في نار جهنم(3).
وزيارة قبور الأئمة والدعاء والصلاة عندها والتوسل والاستشفاع بهم كل ذلك عندهم أفضل من الحج إلى بيت الله .
عن أبي عبد الله : ( إن الله يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن علي "ع" عشية عرفة قبل نظره الى أهل الموقف ، قال " الرواي " وكيف ذلك قال أبو عبد الله لأن في أولئك أولاد زنا وليس في هؤلاء أولاد زنا) (4).
وفي " الوافي " قال الصادق : (من عرف عند قبر الحسين فقد شهد عرفة ) (5).
__________
(1) - "الوافي" ، باب فضل الكوفة ومساجدها المجلد 14 جـ 8 ص 1439.
(2) - "البحار" : جـ 99 ص 267 ط احياء التراث العربي - بيروت .
(3) - "البحار" : جـ 98 ص 107 .
(4) - الفيض الكاشاني : "الوافي" : المجلد 14 جـ8 ص 1461 .
(5) - الفيض الكاشاني : "الوافي" : المجلد 14 جـ8 ص 1476 .(37/70)
وعن الصادق : ( من زار قبر الحسين يوم عرفة كتب الله له ألف ألف حجة مع القائم "ع" وألف ألف عمرة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وعتق ألف ألف نسمة وحمل ألف ألف فرس في سبيل الله وسماه الله عز وجل عبدي الصديق آمن بوعدي وقالت الملائكة فلان الصديق وزكاه الله من فوق عرشه ..) (1).
والصلاة عند القبور تعد عندهم من القربات المضاعفة في "الوافي" يقول حديث لهم : (الصلاة في حرم الحسين لك بكل ركعة تركعها عنده كثواب من حج ألف حجة ، واعتمر ألف عمرة وأعتق ألف رقبة وكأنما وقف في سبيل الله ألف ألف مرة مع نبي مرسل) (2).
وليس هذا خاصاً بحرم الحسين (بل كل أئمتهم كذلك ففي "البحار" للمجلسي : (من زار الرضا أو واحدا من الآئمة فصلى عنده .. فإنه يكتب له - ثم ذكر ما جاء في النص السابق وزاد - وله بكل خطوة مائة حجة ومائة عمرة وعتق مائة رقبة في سبيل الله وكتب له مائة حسنة وحط عنه مائة سيئة) (3).
ويزور قبور أئمتهم الأنبياء والملائكة ولم يكتفوا بذلك كعادتهم في الغلو والمبالغة بل قالوا إن الله تعالى يزور قبور أئمتهم ، ففي "البحار" للمجلسي : ( أن قبر أمير المؤمنين يزوره الله مع الملائكة ويزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون) (4).
وللزيارة عندهم مناسك معينة ، وألفوا في ذلك مؤلفات "كمفاتيح الجنان" لشيخهم عباس القمي (5) و " مناسك الزيارات " للمفيد - كما مر وغيرها .
ومن مناسك مشاهدهم يذكر المجلسي :
1 - الغسل قبل دخول المشهد .
2 - الوقوف على بابه والدعاء والاستئذان بالمأثور .
3 - الوقوف على الضريح فقد نص على الاتكاء على الضريح وتقبيله .
4 - استقبال وجه المزور واستدبار القبلة حال الزيارة .
5 - صلاة ركعتين .
__________
(1) - نفس المصدر ص 1477 .
(2) - المصدر السابق : ص 1478 .
(3) - المجلسي : "البحار" : (97/137-138) .
(4) - المجلسي : "البحار" : (97/258) .
(5) - منشورات دار الحياة .(37/71)
ورويت رخصة في صلاتها إلى القبر ولو استدبر القبلة وصلى جاز وإن كان غير مستحسن إلا مع البعد (1)، أي مع البعد يستحسن أن يجعل قبر الإمام كعبة يتوجه المصلي إليها وإن كانت الكعبة خلفه .
أليست هذه النصوص هي دعوة إلى الشرك بالله عز وجل وتغيير شرع الله ودينه ، واختيار نحلة المشركين على ملة المرسلين ، واستبدال الوثنية بالحنيفية .
وجاء في بعض نصوصهم المقدسة أن الحجر الأسود سينزع من مكانه ويوضع في حرمهم الكوفة ففي " الوافي" أن علي بن أبي طالب قال لأهل الكوفة (يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عز وجل بما لم يحب أحدا من فضل ، مصلاكم بيت آدم وبيت نوح وبيت إدريس ، ومصلى إبراهيم -إلى أن قال فيما زعموا-ولا تذهب الأيام والليالي حتى ينصب الحجر الأسود فيه.) (2)
هذه أمثلة لما يصفون به أئمتهم وهي " دعاوى " في غاية الغرابة تخرج الأئمة من " منزلة الإمامة " إلى "منزلة النبوة " أحياناً ، وأحياناً أخرى إلى " مرتبة الألوهية "
ووجود عشرات الروايات فضلاً عن مئاتها تصف الأئمة بهذه الأوصاف الخيالية هي عملية إفراغ فكري ونفسي لحقيقة الألوهية ، وحقيقة النبوة من نفس " الشيعي" الذي يؤمن بهذه الروايات لتحل محلها حقيقة الأئمة (3) .
أخي المسلم وإذا أردت المزيد من صفات ومعاجز الآئمة عند الشيعة فاقرأ كتب الشيعة التي تتحدث عن فضل مزارات القبور ومعجزات الآئمة وهي كثيرة جداً (4) .
سادسا : لماذا لم يظهر الامام على القرآن الصحيح حين استلم الخلافة .
والجواب من كبار علماء الشيعة :
__________
(1) - المجلسي : "البحار" : كتاب المزار : جـ 97ص134-135 .
(2) - الفيض الكاشاني : "الوافي" : باب فضل الكوفة ومساجدها المجلد 14 جـ 8 ص 1447 .
(3) - نقلا عن مسألة التقريب ( ناصر القفاري ) بعد التأكد من مصادر الشيعة .
(4) - مثل : مدينة المعاجز - بحار الأنوار وغيرها .(37/72)
1 - نعمة الله الجزائري حيث قال " لما جلس أمير المؤمنين عليه السلام على سرير الخلافة لم يتمكن من إظهار ذلك القرآن وإخفاء هذا لما فيه من اظهار الشنعه على من سبقه (1).
2 - العلامة المحقق الميرزا حبيب الله الهاشمي الخوئي
حيث قال إنه عليه السلام(2) لم يتمكن منه(3) لوجود التقية المانعة من حيث كونه مستلزماً للتشنيع على من سبقه(4) كما لم يتمكن من إبطال صلاة الضحى ، ومن إجراء متعتي الحج والنساء ، ومن عزل شريح عن القضاوة ، ومعاوية عن الامارة ، وقد صرح بذلك في رواية الاحتجاج السابقة في مكالمته عليه السلام مع الزنديق.
__________
(1) - الأنوار النعمانية 2/360.
(2) - أي علي بن ابي طالب .
(3) - أي إظهار القرآن الذي عنده أي الصحيح .
(4) - أي الخلفاء الثلاثة .(37/73)
مضافا الى اشتمال عدم التصحيح (1)على مصلحة لا تخفى ، وهو أن يتم الحجة في يوم القيامة على المحرفين المغيرين من هذه الجهة أيضاً بحيث يظهر شناعة فعلهم لجميع أهل المحشر، وذلك بأن يصدر الخطاب من مصدر الربوبية الى امة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ويقال لهم : كيف قرأتم كتابي الذي أنزلته إليكم ؟ فيصدر عنهم الجواب ، بأنا قرأناه كذا وكذا ، فيقال لهم : ما أنزلناه هكذا فلم ضيعتموه وحرفتموه ونقصتموه ؟ فيجيبوا أن ياربنا ما قصرنا فيه ولا ضيعناه ولا فرطنا ، بل هكذا وصل إلينا ، فيخاطب حملة الوحي ويقال لهم : أنتم قصرتم في تبيلغ وحيي وأداء أمانتي ؟ فيقولوا ربنا ما فرطنا في وحيك من شيء وإنما فرط فيه فلان(2) وفلان بعد مضي نبيهم ، فيظهر شناعه فعلهم وفضاحة عملهم لجميع أهل المحشر ويستحقوا بذلك الخزى العظيم والعذاب الأليم مضافا إلى استحقاقهم للنكال والعقاب بتفريطهم في أمر الرسالة وتقصيرهم في غصب الخلافة (3).
سابعا : أين القرآن الصحيح في اعتقاد الشيعه ؟
هذا السؤال يجيب عنه كبار علماء الشيعة
1 - قال نعمة الله الجزائري : قال " روي في الأخبار انهم عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس الى السماء ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين (ع ) فيقرأ ويعمل بأحكامه (4) .
__________
(1) - أي تصحيح القرآن المحرف الموجود بين المسلمين .
(2) - أي أبو بكر وعمر رضي الله عنهما .
(3) - البراعة في شرح نهج البلاغة جـ2 ص 220 دار الوفاء - بيروت
(4) - الأنوار النعمانية ج2 ص 360 .(37/74)
2 - أبو الحسن العاملي : قال " ان القرآن المحفوظ عما ذكر الموافق لما أنزله الله تعالى ، ما جمعه علي (ع) وحفظه إلى أن وصل الى ابنه الحسن (ع) وهكذا الى ان وصل الى القائم (ع) " المهدي" وهو اليوم عنده صلوات الله عليه " (1) .
3 - الحاج كريم خان الكرماني الملقب " بمرشد الأنام " قال : إن الإمام المهدي بعد ظهوره يتلوا القرآن ، فيقول أيها المسلمون هذا والله هو القرآن الحقيقي الذي أنزله الله على محمد والذي حرف وبدل " (2) .
4 - علي أصغر البرجردي : قال :الواجب أن نعتقد ان القرآن الأصلي لم يقع فيه تغيير وتبديل مع انه وقع التحريف والحذف في القرآن الذي ألفه بعض المنافقين ، والقرآن الاصلي الحقيقي موجود عند امام العصر عجل الله فرجه " (3) .
5 - محمد بن النعمان الملقب بالمفيد : قال : إن الخبر قد صح عن أئمتنا عليهم السلام أنهم قد رأوا بقراءة ما بين الدفتين وأن لا نتعداه الى زيادة فيه ولا إلى نقصان منه الى ان يقوم القائم (ع) فيقرئ الناس على ما أنزل الله تعالى وجمعه أمير
المؤمنين (ع) " (4) .
ثامنا : لماذا يقرأ الشيعة هذا القرآن ويتحاكمون الى أحكامه اذا كان ناقصاً ومحرفاً ؟
أخي المسلم خذ الجواب من كبار علماء الشيعة وهم :
1 - نعمة الله الجزائري : قال رداً على هذا السؤال :-
__________
(1) - المقدمة الثانية لتفسير مرآة الانوار ومشكاه الاسرار ص36 وطبعت كمقدمه لتفسير (البرهان) للبحراني .
(2) - ارشاد العوام ص 121 ج3 فارسي نقلا عن كتاب الشيعة والسنه ص 115 ( احسان الهى)
(3) - (عقائد الشيعه) على البرجردي ص 27 فارسي نقلا عن كتاب الشيعه والسنه لاحسان ظهير ص 115 .
(4) - المسائل السروية منشورات المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد . ص 8 7- 81 وانظر ايضا آراء حول القرآن لآية الله علي الفاني الأصفهاني ص 135 .(37/75)
فإن قلت كيف جاز القراءة في هذا القرآن مع مالحقه من التغيير ، قلت قد روي في الأخبار أنهم عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس إلى السماء ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين عليه السلام فيقرى ويعمل بأحكامه (1) .
2 - محمد بن النعمان الملقب (المفيد) :
قال : إن الخبر قد صح عن أئمتنا عليهم السلام أنهم قد رأوا بقراءة ما بين الدفتين وأن لا نتعداه إلى زيادة فيه ولا إلى نقصان منه إلى أن يقوم القائم (ع) فيقريء الناس على ما أنزل الله تعالى وجمعه أمير المؤمنين عليه السلام . وإنما نهونا عن قراءة ما وردت به الأخبار من أحرف تزيد على الثابت في المصحف لأنها لم تأت على التواتر وإنما جاء بها الأخبار ، والواحد قد يغلط فيما ينقله ولأنه متى قرأ الإنسان بما يخالف ما بين الدفتين غرر بنفسه من أهل الخلاف وأغرى به الجبارين وعرض نفسه للهلاك فمنعونا من قراءة القرآن بخلاف ما بين الدفتين (2) .
تاسعا : التحريف والنقص الذي يدعيه الشيعه في القرآن في لفظ القرآن و آياته وسوره وتفسيره وليس في التفسير فقط كما يدعي بعض الشيعة .
والدليل على ذلك :
1 - ادعاؤهم وجود قرآن صحيح عند المهدي المنتظر يعني إن هذا القرآن الموجود الآن ليس بصحيح لانه لو كان قرآن المهدي مثل هذا القرآن الموجود الآن فما فائدة ادعاء الشيعة وجود قرآن عند المهدي .
__________
(1) - الأنوار النعمانية ج 2 ص 360 .
(2) - نقلا عن آراء حول القرآن لآية الله الفاني الاصفهاني ص 135 ، وانظر المسائل السروية للمفيد ص 78- 81 .(37/76)
2 - الرواية الموجودة في الكافي والتي فيها ان القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية لكن الموجود حالياً ستة آلاف ومائتان تقريباً وهذا يعني ان ثلثي آيات القرآن ناقصه ويدعي النقص من شرح هذا الحديث ومنهم العلامه المجلسي في مرآة العقول (1)وأيضا العلامة محمد صالح المازندراني في شرحه لهذا الحديث في كتابه شرح جامع الكافي(2).
3 - ادعاء علماء الشيعة نقص سور بأكملها من القرآن مثل سورة الولاية وسورة النورين كما قال العلامة المجلسي في كتابه تذكرة الأئمة (3) ، وأيضا العلامة حبيب الله الهاشمي في كتابه البراعه في شرح نهج البلاغه (4) وأيضاً النوري الطبرسي في كتابه فصل الخطاب (5)وغيرهم .
4 - اعتراف بعض كبار علماء الشيعة ان التحريف بالقرآن ليس في التفسير فقط بل في ألفاظ القرآن مثل المجلسي (6)وحبيب الله الهاشمي (7).
عاشرا : سورة الولاية وسورة النورين اللتان يدعي علماء الشيعه أنهما
حذفتا من القرآن الكريم .
__________
(1) - مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول جـ12 ص 525 دار الكتب الاسلامية - طهران .
(2) - شرح جامع الكافي جـ11 ص 76 نقلاً عن أصول مذهب الشيعة د. ناصر القفارى ص246 ج1 .
(3) - تذكرة الائمة ص 18 - 19 فارسي منشورات مولانا .
(4) - البراعة في شرح نهج البلاغه الجزء الثاني المختار الأول ص 216-217 مؤسسة الوفاء - بيروت .
(5) - فصل الخطاب في اثبات تحريف كتاب رب الأرباب ص 110 .
(6) - مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول جـ12 ص 525 دار الكتب الاسلامية - طهران .
(7) - البراعة في شرح نهج البلاغه الجزء الثاني المختار الأول ص 216-217 مؤسسة الوفاء - بيروت .(37/77)
1 - سورة النورين { يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب يوم عظيم نوران بعضهما من بعض وأنا السميع العليم إن الذين يوفون ورسوله في آيات لهم جنات النعيم (كذا) والذين كفروا من بعد ما آمنوا بنقضهم ميثاقهم وما عاهدهم الرسول عليه يقذفون في الجحيم ظلموا أنفسهم وعصوا الوصي الرسول أولئك يسقون من حميم إن الله الذي نور السموات والأرض بما شاء واصطفى من الملائكة وجعل من المؤمنين اولئك في خلقه يفعل الله ما يشاء لا إله إلا هو الرحمن الرحيم قد مكر الذين من قبلهم برسلهم فأخذهم بمكرهم إن أخذي شديد أليم إن الله قد أهلك عاداً وثمود بما كسبوا وجعلهم لكم تذكرة فلا تتفون وفرعون بما طغى على موسى وأخيه هارون أغرقته ومن تبعه أجمعين ليكون لكم آية وإن أكثركم فاسقون إن الله يجمعهم في يوم الحشر فلا يستطيعون الجواب حين يسألون إن الجحيم مأواهم وأن الله عليم حكيم يا أيها الرسول بلغ إنذاري فسوف يعلمون قد خسر الذين كانوا عن آياتي وحكمي معرضون مثل الذين يوفون بعهدك أني جزيتهم جنات النعيم إن الله لذو مغفرة وأجر عظيم وإن علياً من المتقين وإنا لنوفيه حقه يوم الدين ما نحن عن ظلمه بغافلين وكرمناه على أهلك أجمعين فإنه وذريته لصابرون وأن عدوهم إمام المجرمين قل للذين كفروا بعد ما آمنوا طلبتم زينة الحياة الدنيا واستعجلتم بها ونسيتم ما وعدكم الله ورسوله ونقضتم العهود من بعد توكيدها وقد ضربنا لكم الأمثال لعلكم تهتدون يا أيها الرسول قد أنزلنا إليك آيات بينات فيها من يتوفاه مؤمناً ومن يتوليه من بعدك يظهرون فأعرض عنهم إنهم معرضون إنا لهم محضرون في يوم لا يغني عنهم شيء ولا هم يرحمون إن لهم جهنم مقاماً عنه لا يعدلون فسبح باسم ربك وكن من الساجدين ولقد أرسلنا موسى وهارون بما استخلف فبغوا هارون فصبر جميل فجعلنا منهم القردة والخنازير ولعناهم الى يوم يبعثون فاصبر فسوف يبصرون ولقد آتينا(37/78)
لك الحكم كالذين من قبلك من المرسلين وجعلنا لك منهم وصياً لعلهم يرجعون . ومن يتولى عن أمري فإني مرجعه فليتمتعوا بكفرهم قليلاً فلا تسأل عن الناكثين يا أيها الرسول قد جعلنا لك في أعناق الذين آمنوا عهداً فخذه وكن من الشاكرين إن علياً قانتاً بالليل ساجداً يحذر الآخرة ويرجو ثواب ربه قل هل يستوي الذين ظلموا وهم بعذابي يعلمون سنجعل الأغلال في أعناقهم وهم على أعمالهم يندمون إنا بشرناك بذريته الصالحين وإنهم لأمرنا لا يخلفون فعليهم مني صلوات ورحمة أحياء وأموتاً يوم يبعثون وعلى الذين يبغون عليهم من بعدك غضبي إنهم قوم سوء خاسرين وعلى الذين سلكوا مسلكهم مني رحمة وهم في الغرفات آمنون والحمد لله رب العالمين(1).
2 - { يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنبي والولي اللذين بعثناهما يهديانكم الى صراط مستقيم نبي وولي بعضهما من بعض ، وأنا العليم الخبير ، إن الذين يوفون بعهد الله لهم جنات النعيم ، فالذين إذا تليت عليهم آياتنا كانوا بآياتنا مكذبين ، إن لهم في جهنم مقام عظيم ، نودي لهم يوم القيامة أين الضالون المكذبون للمرسلين ، ما خلفهم المرسلين إلا بالحق ، وما كان الله لنظر هم الى أجل قريب فسبح بحمد ربك وعلي من الشاهدين } (2)
__________
(1) - ذكر هذه السورة : أ ) العلامة النوري الطبرسي في كتابه فصل الخطاب في اثبات تحريف كتاب رب الارباب ص 180 .
ب) العلامة محمد باقر المجلسي في كتابه تذكرة الائمة ص 18 ، 19 باللغة الفارسية منشورات مولانا .
جـ) كتاب (دبستان مذاهب ) باللغة الفارسية .
د ) العلامة المحقق ميرزا حبيب الله الهاشمي الخوئي في كتابه (منهاج البراعة في شرح نهج البلاغه ) جـ2 ص 217.
(2) - ذكر هذه السورة : أ ) العلامة المحقق ميرزا حبيب الله الهاشمي الخوئي في كتابه (منهاج البراعة في شرح نهج البلاغه ) جـ2 ص 217..
ب) العلامة محمد باقر المجلسي في كتابه تذكرة الائمة ص 19 ، 20 باللغة الفارسية منشورات مولانا ، ايران .(37/79)
.
الحادي عشر : بعض علماء الشيعة أنكروا التحريف تقية وليس حقيقة .
وهم : أبو جعفر محمد الطوسي ، أبو علي الطبرسي صاحب مجمع البيان ، والشريف المرتضي ، أبو جعفر بن بابويه القمي كما ذكرهم كبار علماء الشيعة، ومن العلماء الذين ذكروا هؤلاء هم :
1- النوري الطبرسي : إذ قال " القول بعدم وقوع التغيير والنقصان فيه وان جميع ما نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الموجود بأيدى الناس فيما بين الدفتين وإليه ذهب الصدوق في فائدة والسيد المرتضي وشيخ الطائفة " الطوسي " في التبيان ولم يعرف من القدماء موافق لهم " (1) .
2 - نعمة الله الجزائري : إذ قال : مع أن اصحابنا رضوان الله عليهم قد أطبقوا على صحتها " أي أخبار التحريف " والتصديق بها نعم قد خالف فيها المرتضى والصدوق والشيخ الطبرسي وحكموا بأن ما بين دفتي المصحف هو القرآن المنزل لا غير ولم يقع فيه تحريف ولا تبديل ( (2) .
3 - عدنان البحراني : إذ قال " المنكرون للتحريف هم الصدوق والشيخ " الطوسي" والسيد " المرتضي" (3) .
ملاحظة : وكل شيعي في هذا العصر ينكر التحريف سواء كان عالماً أو من عوام الشيعه لا يحتج إلا بهؤلاء العلماء ( الطوسي ، والطبرسي صاحب مجمع البيان ، والصدوق، والمرتضي ) .
هل إنكار التحريف حقيقة أم تقية ؟
انهم أنكروا التحريف من باب التقية وذلك للأدلة الآتية :-
1 - لم يألفوا كتبا يردون فيها على من قال بالتحريف .
2 - أنهم يلقبون القائلين بالتحريف بالآيات والأعلام ويعظمونهم ويتخذونهم مراجع لهم .
3 - لم يسندوا انكارهم بأحاديث عن الأئمة .
4 - ذكروا في مؤلفاتهم روايات تصرح بالتحريف مثال :
__________
(1) - فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب ص 34 .
(2) - الانوار النعمانية ص 357 جـ2 .
(3) - مشارق الشموس الدرية ص 132 .(37/80)
( أ ) الصدوق : روى عن جابر الجعفي قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يجىء يوم القيامه ثلاثة يشكون المصحف والمسجد والعترة يقول المصحف يارب حرفوني مزقوني (1) .
وقال الصدوق أيضا ان سورة الأحزاب فضحت نساء قريش من العرب وكانت أطول من سورة البقرة ولكن نقصوها وحرفوها (2) .
(ب) الطوسي : هذب كتاب رجال الكشي ولم يحذف أو يعلق أو ينتقد على الأحاديث التي ذكرت تحريف القرآن ، وسكوته على ذلك دليل على موافقته ومن هذه الاحاديث :
1 - " عن أبى علي خلف بن حامد قال حدثني الحسين بن طلحة عن أبي فضال عن يونس بن يعقوب عن بريد العجلي عن ابي عبد الله قال أنزل الله في القرآن سبعة بأسمائهم فمحت قريش ستة وتركوا
أبالهب" (3) .
2 - رواية " لاتأخذ معالم دينك من غير شيعتنا فإنك ان تعديتهم أخذت دينك عن الخائنين الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم إنهم ائتمنوا على كتاب الله جل وعلا فحرفوه وبدلوه " (4) .
3 - عن الهيثم ابن عروه التميمي قال سألت أبا عبد الله عن قوله تعالى{فاغسلوا وجوهكم وأيديكم الى المرافق } فقال ليست هكذا تنزيلها إنما هي " فاغسلوا وجوهكم وايديكم من المرافق " ثم أمر يده من مرفقه الى أصابعه . (5) .
والتقية لها فضل عظيم عند الشيعه :
1 - لا إيمان لمن لا تقية له (6) .
2 - عن ابي عبد الله قال " يا أبا عمر إن تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لاتقية له (7) .
3 - قال ابو عبد الله (ع) يا سليمان انكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله (8) .
__________
(1) - البيان للخوئي ص 228 .
(2) - ثواب الأعمال ص 139 .
(3) - رجال الكشي ص 247 .
(4) - المصدر السابق ص 10 .
(5) - تهذيب الاحكام ج1 ص 57 .
(6) - أصول الكافي ج2 ص 222 .
(7) - المصدر السابق ص 220 .
(8) - المصدر السابق ص 225 .(37/81)
القائلون بالتحريف يزعمون ان انكار هؤلاء العلماء لتحريف القرآن كان من باب التقية .
(1) نعمة الله الجزائري :
قال : " والظاهر أن هذا القول (1) إنما صدر منهم لأجل مصالح كثيرة منها سد باب الطعن عليها بأنه إذا جاز هذا في القرآن فكيف جاز العمل بقواعده وأحكامه مع جواز لحوق التحريف لها (2) "
(2) النوري الطبرسي :
قال : " لا يخفى على المتأمل في كتاب التبيان للطوسي أن طريقته فيه على نهاية المداراة والمماشاه مع المخالفين " .
ثم أتى ببرهان ليثبت كلامه إذ قال : " وما قاله السيد الجليل على بن طاووس في كتابه " سعد السعود " إذ قال ونحن نذكر ما حكاه جدي أبو جعفر الطوسي في كتابه " التبيان " وحملته التقيه على الاقتصار عليه(3) .
(3) السيد عدنان البحراني :
" فما عن المرتضى والصدوق والطوسي من انكار ذلك فاسد " (4) .
(4) العالم الهندي أحمد سلطان :
قال : " الذين انكروا التحريف في القرآن لايحمل إنكارهم إلا على التقيه " (5) .
(5) أبو الحسن العاملي : فقد رد في كتابه " تفسير مرآة الأنوار ومشكاة الاسرار " على من انكر التحريف في باب بعنوان " بيان خلاصة علمائنا في تفسير القرآن وعدمه وتزييف استدلال من أنكر التغيير " (6) .
الفصل الثالث
الخوئي والقرآن الكريم
الكليني والقرآن الكريم
أولا : الخوئي في كتابه ( البيان في تفسير القرآن )
* ... حاول الخوئي أن يتظاهر بانكار القول بتحريف القرآن ولكنه في الوقت نفسه يقول بالتحريف بطرق ماكرة وخفية .
__________
(1) - أي انكار التحريف .
(2) - راجع نعمة الله الجزائري والقول بالتحريف .
(3) - " فصل الخطاب " ص 38 النوري الطبرسي .
(4) - " مشارق الشموس الدريه " ص 129 .
(5) - " تصحيف الكاتبين " ص 18 نقلا عن كتاب الشيعة والقرآن للشيخ احسان الهي .
(6) - راجع أبو الحسن العاملي وتحريف القرآن .(37/82)
أنكر الخوئي القول بتحريف القرآن تقية لكي يكسب فضلها العظيم . (راجع التقية عند الشيعة)
ومما يدل على ذلك ما يلي :
( أ ) قال الخوئي " أن كثرة الروايات على وقوع التحريف في القرآن تورث القطع بصدور بعضها عن المعصومين ولا أقل من الاطمئنان لذلك وفيها ما روى بطريق معتبر"(1).
(ب) جوابه على بعض الأحاديث الموثقة التي تذكر أن القرآن ناقص مثل :-
* (ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء (2).
* وأيضا حديث (ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل الا كذاب وما جمعه وحفظه كما أنزل الله تعالى الا علي بن ابي طالب والائمة من بعده (ع) (3).
* وأيضا حديث ( لو قرئ القرآن كما أنزل لالفيتنا مسمين ) (4).
* وأيضا حديث : نزل جبريل بهذه الآية على محمد هكذا ( وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا في علي فأتوا بسورة مثله ) (5).
فلقد رد الخوئي على هذه الأحاديث كالآتي :-
... اعترف الخوئي بثبوت الروايات وأنها تتحدث عن مصحف لعلي رضي الله عنه يغاير القرآن الموجود في ترتيب السور وفيه زيادات ليست موجودة بالقرآن ومن ضمن هذه الزيادات أسماء الأئمة ويؤكد أن هذه الزيادات نزلت من عند الله للتفسير (6).
... وهذا أعتراف من الخوئي بأن الصحابة تجرؤا على إخفاء تفسير القرآن الذي أنزله الله سبحانه وتعالى حتى تضيع معاني القرآن لأنه اذا فقدت المعاني الالهية للقرآن المنزلة من عند الله يجعل الألفاظ لا فائدة لها فيقوم الصحابة رضوان الله عليهم بتفسير القرآن على رأيهم وهذا دليل أن الخوئي يعترف بالتحريف .
__________
(1) - البيان : ص 226 .
(2) - أصول الكافي : ج1/285 .
(3) - المصدر السابق : ج1/284 .
(4) - العياشي : ج1 - ص 25 .
(5) - أصول الكافي : ج1 - ص 484.
(6) - البيان : ص 223 وما بعدها .(37/83)
(جـ) تصحيح الخوئي روايات تفسير القمي وعدم انتقادها دليل على موافقته لرأي القمي الذي يطعن في كتاب الله " راجع معجم رجال الحديث للخوئي " عندما يتكلم عن علي بن ابراهيم .
( د ) عدم رد الخوئي على العلماء الذين قالوا بالتحريف .
( هـ) توثيق الخوئي لدعاء صنمي قريش وهذا الدعاء يذكر بأن أبا بكر وعمر حرفا كتاب الله .
( و ) تعظيم الخوئي للعلماء الذين طعنوا بالقرآن وتلقيبهم بالآيات والأعلام . ملاحظة مهمة : أخي المسلم إن العلماء الذين طعنوا بكتاب الله هم المراجع العظيمة عن الشيعة ولولا كتبهم لم يلقب الخوئي بمرجع الشيعة .
ثانيا : محمد بن يعقوب الكليني الملقب بثقة الاسلام صاحب كتاب (الكافي) اوثق كتاب عند الشيعة في الحديث :
... فقد شهد عليه كبار علماء الشيعه بإنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن ، ومن هؤلاء العلماء الذين شهدوا عليه :
1 - المفسر الكبير محمد بن مرتضى الكاشاني الملقب بـ (الفيض الكاشاني) :
... ... قال : " وأما اعتقاد مشايخنا في ذلك فالظاهر من ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن لأنه كان روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي ولم يتعرض للقدح فيها مع انه ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه(1).
2 - أبو الحسن العاملي :
... قال : اعلم أن الذي يظهر من ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن لأنه روى روايات كثيرة في هذا المعنى في كتاب الكافي الذي صرح في أوله بأنه كان يثق فيما رواه فيه ولم يتعرض لقدح فيها ولا ذكر معارض لها (2).
3 - النوري الطبرسي :
__________
(1) - تفسير الصافي 1/52 منشورات الاعلمي - بيروت .
(2) - المقدمة الثانية الفصل الرابع تفسير مرآة الانوار ومشكاة الاسرار وطبعت كمقدمه لتفسير البرهان للبحراني .(37/84)
... قال النوري في المقدمة الثالثة في ذكر أقوال علماء الشيعة في تغيير القرآن
ص 23 : " اعلم أن لهم في ذلك أقوالاً مشهورها اثنان . الأول : وقوع التغيير والنقصان فيه ، وهو مذهب الشيخ الجليل علي بن إبراهيم القمي شيخ الكليني في تفسيره صرح في أوله وملأ كتابه من أخباره مع التزامه في أوله بأن لا يذكر فيه إلا عن مشايخه وثقاته ومذهب تلميذه ثقة الإسلام الكليني رحمه الله على نسبه إليه جماعة لنقله الأخبار الكثيرة الصريحة في هذا المعنى في كتاب الحجة خصوصاً في باب النكت والنتف من التنزيل وفي الروضة من غير تعرض لردها أو
تأويلها (1) .
4 - آية الله السيد على الفاني الاصفهاني :
... وقد ذكر الكليني من العلماء الذين قالوا بأن القرآن محرف (2) .
ملاحظة للشيعة : إذا كان هذا رأي كبار علمائكم في صاحب أوثق مصدر للحديث عندكم فلماذا تنكرون على أهل السنه إذا قالوا مثل ماقال كبار علمائكم في صاحب الكافي .
الفصل الرابع
روايات في كتب أهل السنة
يستغلها الشيعة ليتهموا أهل السنة بتحريف القرآن
روايات في كتب اهل السنة يستغلها الشيعة ليتهموا أهل السنة بتحريف القرآن :
وقبل أن نذكر هذه الروايات نعرف القارئ على بعض أحكام القرآن :
( أ ) أحكام القرآن عند أهل السنة (3) :
من أحكام القرآن عند أهل السنة النسخ ، والنسخ لغة بمعنى الازالة وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
النوع الأول : نسخ التلاوة والحكم معا .
النوع الثاني : نسخ الحكم وبقاء التلاوة .
النوع الثالث : نسخ التلاوة مع بقاء الحكم .
والدليل على جواز النسخ عقلا ووقوعه شرعا لأدلة :
__________
(1) - فصل الخطاب في اثبات تحريف كتاب رب الارباب ص 23 .
(2) - آراء حول القرآن - دار الهادي - بيروت ص 188 .
(3) - مباحث في علوم القرآن - د. مناع القطان ص 236 .(37/85)
1 - لأن أفعال الله لا تعلل بالأغراض ، فله أن يأمر بشيء في وقت وينسخه بالنهي عنه في وقت ، وهو أعلم بمصالح العباد .
2 - ولأن نصوص الكتاب والسنة دالة على جواز النسخ ووقوعه :
أ ) قال تعالى : ( وإذا بدلنا آية مكان آية 101 - النحل) وقال تعالى
( ماننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها 106 - البقرة) وقال تعالى ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) وقال تعالى ( ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ) .
وهذه الآيات تدل على النسخ بأنواعه أي نسخ التلاوة ونسخ الحكم ونسخ الحكم مع التلاوة .
ب) وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه : قال : قال عمر رضي الله عنه : أقرؤنا أبي ، وأقضانا ، وأنا لندع من قول أبي ، وذاك أن أبياً يقول : لا أدع شيئا سمعته من رسول الله صلىالله عليه وسلم ، وقد قال الله عزل وجل : ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها )
(ب) النسخ في القرآن على ثلاثة أضرب :
الضرب الأول : ما نسخ تلاوته وحكمه معاً .
الضرب الثاني : ما نسخ حكمه دون تلاوته .
الضرب الثالث ما نسخ تلاوته دون حكمه (1).
أخي المسلم لقد أثيرت شبهة في شكل روايات فيها آيات منسوخة التلاوة أو قراءات شاذة وهذه الروايات موجودة عند أهل السنه ، وقد اثيرت في كتب كثيرة منها البيان في تفسير القرآن للخوئي وكتاب اكذوبة تحريف القرآن لمؤلفه رسول جعفريان وغيرها من الكتب .
أخي المسلم لقد أتهم أية الله العظمي الخوئي وهو أحد مراجع الشيعه أهل السنه إتهاماً باطلاً فلقد قال " ان القول بنسخ التلاوة هو بعينه القول بالتحريف والاسقاط"
وقال أيضاً " ان القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنة لانهم يقولون بجواز نسخ التلاوة " (2)
__________
(1) - الاتقان في علوم القرآن للسيوطي - النوع السابع والأربعون في ناسخه ومنسوخه
ص 700.
(2) - البيان في تفسير القرآن ص205 .
* ملاحظة مهمة : أخي المسلم ان علماء الشيعة ينقسمون إلى قسمين قسماً انكر التحريف وآمن بنسخ التلاوة وقسماً أقر بالتحريف وانكر نسخ التلاوة ، فإذا كان الامر كذلك والنسخ عند الخوئي وأمثاله تحريف فجميع علماء الشيعة يقولون بالتحريف .(37/86)
.
أخي المسلم ها هو الخوئي لم يجد عالماً سنياً يطعن بالقرآن الكريم فاضطر الى اتهام أهل السنه بالطعن في القرآن لانهم أجازوا نسخ التلاوة .
ونحن ننبه كل شيعي وسني انخدع بما قاله الخوئي وغيره من علماء الشيعه فنقول ان نسخ التلاوة ثابت عند أهل السنة وأيضا قد أقركبار علماء الشيعه بأنواع النسخ بما فيها نسخ التلاوة وسنذكر بعض كبار علماء الشيعة الذين أقروا بالنسخ وسيفصل كلامهم في الرويات القادمة ومن علماء الشيعه الذين أقروا بالنسخ :
1 - الشيخ أبو علي الفضل الطبرسي (صاحب كتاب مجمع البيان في تفسير القرآن) وذكر أنواع النسخ حين شرح آية النسخ آية 106 سورة البقرة .
2 - أبو جعفر محمد الطوسي الملقب عند الشيعه بشيخ الطائفة ، وذكر أنواع النسخ في كتابه التبيان في تفسير القرآن ج1 ص 13 مقدمة المؤلف .
3 - كمال الدين عبد الرحمن العتائقي الحلي في كتابه " الناسخ والمنسوخ" ص35.
4 - محمد على في كتابه لمحات من تاريخ القرآن ص 222 .
5 - العلامه محسن الملقب بالفيض الكاشاني فقد أقر بنسخ التلاوة حين شرح آية " ماننسخ من آية أو ننسها " قال " ما ننسخ من آية " بأن نرفع حكمها وقال " أو ننسها" بأن نرفع رسمها انتهى شرح الكاشاني والمعروف أن نرفع رسمها أي نرفع خطها وهذا يعني رفع تلاوتها . تفسير الصافي شرح آية 106 سورة البقرة .
... أخي المسلم سنذكر بعض الروايات التي يتخذها علماء الشيعة مطعناً على أهل السنه لأن فيها أما نسخ تلاوة أو قراءة شاذة ونبين الحق فيها بإذن الله تعالى (1).
__________
(1) ملاحظة مهمة : أخي المسلم بالرغم من أن السيوطي رحمه الله في كتابه الاتقان يضع الروايات تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه فإن الخوئي يأخذ هذه الروايات ويقول إن السيوطي كان يطعن بالقرآن .(37/87)
الرواية الأولى : روى ابن عباس عن عمر أنه قال : " إن الله عز وجل بعث محمداً بالحق، وأنزل معه الكتاب ، فكان مما أنزل اليه آية الرجم ، فرجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده ، ثم قال : كنا نقرأ : " ولا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم" ، أو : إن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم " .
وقد أوردها الخوئي في كتابه البيان متهماً أهل السنه بحذف آية الرجم (1).
... وأوردها السيوطي في كتابة الاتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه(2) .
ونقول كما قال علماء المسلمين ومنهم " السيوطي " ان آية الرجم " الشيخ والشيخه إذا زنيا " هي آية نسخت تلاوتها وقد اعترف بهذا النسخ كبار علماء الشيعة ومنهم :
1 - الشيخ أبو على الفضل الطبرسي :
... إذ قال النسخ في القرآن على ضروب ومنها ما يرتفع اللفظ ويثبت الحكم كآية الرجم (3).
2 - ابو جعفر محمد الطوسي الملقب بشيخ الطائفة :
... إذ قال النسخ في القرآن من أقسام ثلاثة : منها ما نسخ لفظه دون حكمه كآية الرجم وهي قوله " والشيخ والشيخه إذا زنيا ” (4) .
3 - كمال الدين عبد الرحمن العتائقي الحلي ( من علماء المئة الثامنة ) :
... إذ قال : المنسوخ على ثلاث ضروب : منها ما نسخ خطه وبقى حكمه فما روى من قوله " الشيخ والشيخه إذا زنيا فأرجموهما البته نكالاً من الله " (5).
4 - محمد علي :
... إذ قال انواع المنسوخ ثلاثة : منها ما نسخ خطه وبقى حكمه كآية الرجم (6) .
__________
(1) - البيان ص 203.
(2) - الاتقان جـ2 ص 718 .
(3) - مجمع البيان في تفسير القرآن جـ 1 ص 406 شرح آية 106 من سورة البقرة .
(4) - التبيان في تفسير القرآن جـ 1 ص 13 مقدمة المؤلف وايضاً ص 394 شرح آية 106 سورة البقرة .
(5) - الناسخ والمنسوخ ص 35 مؤسسة أهل البيت (ع) بيروت .
(6) - لمحات من تاريخ القرآن ص 222 منشورات الاعلمي .(37/88)
5 - وذكر الكليني آية الرجم في الكافي وقال محقق الكافى علي أكبر الغفاري نسخت تلاوتها (1) .
6 - محمد باقر المجلسي : صحح رواية آية الرجم التي بالكافي وقال وعدت هذه الآية مما نسخت تلاوتها دون حكمها (2).
وأيضاً الشطر الثاني من الرواية قوله تعالى " ولاترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم "
... فإن هذه الآية مما نسخت تلاوته وقد أوردها السيوطي في الإتقان تحت عنوان مانسخ تلاوته دون حكمه (3) . ...
... وقد اعترف بهذا النسخ كبار علماء الشيعة ومنهم :-
1 - الشيخ ابو علي الفضل الطبرسي :
... إذ قال النسخ في القرآن على ضروب : منها أن يرفع حكم الآية وتلاوتها كما روى عن ابي بكر انه قال كنا نقرأ " لا ترغبوا عن آباءكم فإنه كفر بكم " (4).
2 - ابو جعفر الطوسي الملقب بشيخ الطائفة .. إذ قال كانت أشياء في القرآن ونسخت تلاوتها ومنها ( لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر ) (5).
الرواية الثانية : وروت عمرة عن عائشة أنها قالت : " كان فيما انزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله -ص- وهن فيما يقرأ من القرآن " .
أوردها الخوئي في كتاب البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن (6).
أوردها السيوطي في الاتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته وحكمه معاً (7).ونقول كما قال علماء المسلمين ان هذه الرضعات مماً نسخنا تلاوة وحكماً .
... وقد اعترف بهذا النسخ كبار علماء الشيعة ومنهم :-
1 - أبو جعفر الطوسي الملقب بشيخ الطائفة .
__________
(1) - الكافي جـ 7 ص 176 بالهامش دار الأضواء بيروت .
(2) - مرآة العقول ج 23 ص 267 .
(3) - الإتقان جـ2 ص 720 .
(4) - مجمع البيان في تفسير القرآن شرح آية 106 من سورة البقرة .
(5) - التبيان جـ 1 ص 394 شرح آية 106 من سورة البقرة .
(6) - البيان ص 204 .
(7) - الإتقان جـ1 ص 715 .(37/89)
إذ قال : قد نسخ التلاوة والحكم معاً مثل ماروى عن عائشة أنها قالت كان فيما أنزله الله عشر رضعات يحرمن ثم نسخن (1) .
الرواية الثالثة : " بعث أبو موسى الأشعري الى قراء أهل البصرة ، فدخل عليه ثلاثمائة رجل ، قد قرأوا القرآن . فقال : أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم ، فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب العرب من كان قبلكم ، وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فانسيتها ، غير أني قد حفظت منها : لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب . وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات فانسيتها ، غير أني حفظت منها : يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ، فتكتب شهادة في أعناقكم ، فتسألون عنها يوم القيامة ".
... أوردها الخوئي في البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن(2) .
... وأوردها السيوطي في رواتين منفصلتين في الاتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه (3) .
... وقد اعترف بهذا النسخ كبار علماء الشيعة ومنهم .
1 - ابو على الطبرسي : إذ قال : جاءت أخبار كثيرة بأن أشياء كانت في القرآن فنسخ تلاوتها فمنها ماروي عن أبى موسى انهم كانوا يقرأون " لو أن لابن آدم واديين من مال لا بتغى اليهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب ثم رفع (4).
2 - كمال الدين العتائقي الحلي إذ قال : ما نسخ خطه وحكمه هي " لو أن لابن آدم واديين من فضه لا بتغى لهما ثالثا ولو أن له ثالثا لابتغى رابعاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب (5).
__________
(1) - التبيان جـ 1 ص 13 مقدمة المؤلف .
(2) - البيان ص 204 .
(3) - الإتقان جـ2 ص 719 .
(4) - مجمع البيان شرح آية 106 من سورة البقرة .
(5) - الناسخ والمنسوخ ص 34 .(37/90)
3 - أبو جعفر الطوسي .. إذ قال كانت أشياء في القرآن ونسخت تلاوتها ومنها (لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله عن من تاب ثم رفع ) (1) .
الرواية الرابعة : روي المسور بن مخرمه : " قال عمر لعبد الرحمن بن عوف : ألم تجد فيما انزل علينا . أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة . فإنا لا نجدها . قال : اسقطت فيما اسقط من القرآن "
... أورد هذه الرواية الخوئي في كتابه البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن (2) .
وأوردها السيوطي في الاتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوتها دون حكمه(3) ، ونقول كما قال علماء المسلمين فإن قول الراوي اسقطت فيما اسقط من القرآن أي نسخت تلاوتها في جملة ما نسخت تلاوته من القرآن .
الرواية الخامسة : روى أبو سفيان الكلاعي : أن مسلمة بن مخلد الأنصاري قال لهم ذات يوم : " أخبروني بآيتين في القرآن لم يكتبا في المصحف ، فلم يخبروه ، وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك ، فقال ابن مسلمة : إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا أنتم المفلحون ، والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون " .
... أوردها الخوئي في كتابه البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن(4) .
... وأوردها السيوطي في كتابه الاتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه (5).
الرواية السادسة : وروى زر . قال : قال أبي بن كعب يازر : " كأين تقرأ سورة الأحزاب قلت : ثلاث وسبعين آية . قال : إن كانت لتضاهي سورة البقرة ، أو هي أطول من سورة البقرة ..." .
__________
(1) - التبيان جـ 1 ص 394 شرح آية 106 من سورة البقرة .
(2) - البيان ص 204 .
(3) - الإتقان جـ2 ص 720 .
(4) - البيان ص 205 .
(5) - الإتقان جـ2 ص 721 .(37/91)
... أوردها الخوئي في كتابة البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن (1) .
... وأوردها السيوطي في الاتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه (2).
... وقد اعترف بهذا النسخ كبار علماء الشيعة منهم :
1 - الشيخ ابو علي الطبرسي :
إذ قال : ... ثالثا ان يكون معنى التأخير ان ينزل القرآن فيعمل به ويتلى ، ثم يأخر بعد ذلك بأن ينسخ فيرفع تلاوته البتة ويمحى فلا تنسأ ولا يعمل بتأويله مثل ما روي عن زر بن حبيش ان ابياً قال له كم تقرأون الأحزاب ؟ قال بضعاً وسبعين آية ، قال قد قرأتها ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أطول من سورة
البقرة (3) .
2 - أبو جعفر الطوسي : إذ قال : وقد جاءت أخبار متظافره بأنه كانت أشياء في القرآن نسخت تلاوتها وعددها وذكر منها ان سورة الأحزاب كانت تعادل سورة البقرة في الطول (4).
الرواية السابعة : عن أنس في قصة أصحاب بئر معونه الذين قتلوا ، وقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على قاتليهم - قال أنس : ونزل فيهم قرآن قرأناه حتى رفع : " أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضى عنا وأرضانا " .
أوردها الشيعي رسول جعفريان في كتابه أكذوبة التحريف متهما أهل السنة بالطعن في القرآن (5) .
... هذه الرواية أوردها السيوطي في الإتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه(6) ونقول كما قال علماء المسلمين أن المقصود في كلمة" حتى رفع " أي حتى نسخ تلاوته .
... وقد قال بالنسخ هنا كبار علماء الشيعة فمنهم :
__________
(1) - البيان ص 204 .
(2) - الإتقان جـ2 ص 718 .
(3) - مجمع البيان جـ 1 ص 409 شرح آية 106 من سورة البقرة .
(4) - التبيان جـ 1 ص 394 شرح آية 106 من سورة البقرة .
(5) - اكذوبة التحريف ص 47 .
(6) - الإتقان جـ2 ص 720 .(37/92)
1 - ابو علي الطبرسي . إذ قال : جاءت أخبار كثيرة بأن آشياء في القرآن فنسخ تلاوتها منها عن أنس ان السبعين من الأنصار الذين قتلوا ببئر معونه قرأنا فيهم كتابا بلغوا عنا قومنا إنا لقينا ربنا فرضى عنا وأرضانا ، ثم إن ذلك رفع (1).
2 - أبو جعفر الطوسي : إذ قال كانت أشياء في القرآن نسخت تلاوتها ، ومنها (عن أنس بن مالك ان السبعين من الانصار الذين قتلوا ببئر معونة : قرأنا فيهم كتابا - بلغوا عنا قومنا أن لقينا ربنا ، فرضا عنا وأرضانا ، ثم أن ذلك رفع (2) .
الرواية الثامنة : وروت حميدة بنت أبي يونس . قالت : " قرأ علي أبي - وهو ابن ثمانين سنة - في مصحف عائشة : إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ، وعلى الذين يصلون الصفوف الاول . قالت : قبل أن يغير عثمان المصاحف " .
... أوردها الخوئي في البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن (3).
... وأوردها السيوطي ف الاتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه (4).
... نقول ان الزيادة " وعلى الذين يصلون الصفوف الأول " منسوخه التلاوة وكانت موجودة قبل أن يجمع عثمان الناس على مصحف واحد لأن عثمان حذف من القرآن منسوخ التلاوة ، وتعتبر ايضاً قراءة شاذه لانها ليست متواترة .
الرواية التاسعة : ما جاء في سورتي الخلع والحفد في مصحف ابن عباس وأبي بن كعب : " اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكافرين ملحق " .
... أوردها الخوئي في البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن (5).
__________
(1) - مجمع البيان جـ 1 ص 406 شرح آية 106 من سورة البقرة .
(2) - انظر التبيان جـ1 ص 394 شرح اية 106 سورة البقرة.
(3) - البيان ص 203 .
(4) - الإتقان جـ2 ص 718 .
(5) - البيان ص 205 .(37/93)
... وقد أوردها السيوطي تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه (1) .
... وقال السيوطي قال الحسين بن المنادي في كتابه " الناسخ والمنسوخ " ومما رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه سورتا القنوت في الوتر وتسمى سورتين الخلع والحفد ( أي ان هاتين السورتين نسخت تلاوتهما ) .
الرواية العاشرة : قال أبو عبيد : حدثنا اسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن نافع عن ابن عمر قال : لايقولن أحدكم: قد أخذت القرآن كله ، وما يدريه ما كله قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل :قد أخذت منه ما ظهر
... أوردها الخوئي في البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن (2) .
... وقد أوردها السيوطي في الاتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه (3) ونقول كما قال علماء المسلمين ان المقصود في " ذهب منه قرآن كثير " أي ذهب بنسخ تلاوته .
الرواية الحادية عشر: روى عروة بن الزبير عن عائشة قالت : " كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مئتي آية ، فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو الآن " .
... أوردها الخوئي في البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن (4) .
... وقد أوردها السيوطي في الاتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه (5)، ونقول ان سورة الأحزاب كانت طويلة ونسخت منها آيات كثيرة بأعتراف العالمين الكبيرين الشيعيين الطوسي والطبرسي راجع رواية رقم 6 .
... والمقصود في " فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو الآن " أي عندما جمع عثمان الناس على مصحف واحد لم يكتب منسوخ التلاوة وبالطبع فإن سورة الأحزاب كانت أطول مع الآيات المنسوخه وحين حذفت منها الآيات المنسوخه قصرت السورة وهي الموجوده الآن وهي متواترة بتواتر القرآن .
__________
(1) - الإتقان جـ2 ص 721 .
(2) - البيان ص 203 .
(3) - الإتقان جـ2 ص 718 .
(4) - البيان ص 203 .
(5) - الإتقان جـ2 ص 718.(37/94)
الرواية الثانية عشرة: قال الخوئي : أخرج الطبراني بسند موثق عن عمر بن الخطاب مرفوعا : " القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف ".
... أوردها الخوئي في البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن (1).
... نقول هذه رواية مكذوبة على عمر رضي الله عنه (2) .
الرواية الثالثة عشرة : أخبرنا عبد الرازق عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال : سمعت بجالة التميمي قال : وجد عمر بن الخطاب مصحفا في حجر غلام في المسجد فيه : " النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وهو ابوهم"
... هذه الرواية اوردها الشيعي رسول جعفريان في كتابه أكذوبة تحريف القرآن قد تغير عنوان هذه الكتاب الى اسم ( القرآن ودعاوي التحريف) متهما أهل السنة بالطعن في القرآن (3) .
... ونقول إن كلمة " وهو أبوهم " هي نسخ تلاوة وتعتبر من القراءات الشاذة ، وقد اعترف بهذه القراءة الشاذه كبار علماء الشيعه ومنهم :-
1 - محسن الملقب بالفيض الكاشاني : في كتابه تفسير الصافي
... إذ قال " عن الباقر والصادق عليهما السلام انهما قرءا وازواجه امهاتهم وهو أب لهم (4).
2 - العالم الشيعي محمد الجنابذي الملقب بسلطان علي شاه عندما فسر آية " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه وأمهاتهم " قال قرأ الصادق ( هاهنا : وهو أب لهم )(5) .
3 - المفسر الكبير علي بن ابراهيم القمي في تفسيره الآية " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه وأمهاتهم " قال نزلت وهو أب لهم وازواجه وأمهاتهم" الأحزاب(6)
الرواية الرابعة عشرة : عن عروة قال : كان مكتوب في مصحف عائشة " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر" .
__________
(1) - البيان ص 202.
(2) - ضعيف الجامع لألبانى رقم الرواية 4133 .
(3) - اكذوبة التحريف ص 49 .
(4) - تفسير الصافي جـ4 ص 164 تفسير آية " النبي أولى...." سورة الأحزاب .
(5) - بيان السعادة في مقامات العباده جـ3 ص 230 .
(6) - تفسير القمي جـ2 ص 176 .(37/95)
... أوردها الشيعي رسول جعفريان في كتابه أكذوبة التحريف متهما أهل السنة بالطعن في القرآن (1).
... ونقول ان " صلاة العصر " مما نسخ تلاوته وتعتبر من القراءات الشاذة غير المتواترة ، وقد ذكر هذه القراءة الشاذة كبار علماء الشيعة فمنهم :
1 - علي بن ابراهيم القمي في تفسيره إذ قال : عن ابي عبد الله عليه السلام انه قرأ " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر وقوموا لله قانتين " (2).
2 - المفسر الكبير هاشم البحراني في تفسيره إذ قال : وفي بعض القراءات
" حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " (3).
3 - العلامه محسن الملقب بالفيض الكاشاني في تفسيره قال " عن القمي عن الصادق (ع) انه قرأ (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) (4).
4 - المفسر العياشي محمد بن مسعود في تفسيره روى عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر قال : قلت له الصلاة الوسطى فقال ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) (5).
الرواية الخامسة عشرة : حدثنا قبصة بن عقبة ... عن ابراهيم بن علقمه قال : " دخلت في نفر من اصحاب عبد الله الشام فسمع بنا ابو الدرداء فاتانا فقال : أفيكم من يقرأ ؟ فقلنا : نعم . قال : فأيكم ؟ فاشاروا الي ، فقال : اقرأ ، فقرأت : “ والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى والذكر والانثى “ قال : أنت سمعتها من في صاحبك قلت نعم ، قال : وانا سمعتها من في النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهؤلاء يأبون علينا “ .
__________
(1) - اكذوبة التحريف ص 43 .
(2) - تفسير القمي جـ1 ص 106 تفسير آية 238 البقرة .
(3) - تفسير البرهان جـ1 ص 230 ايه 238 البقرة .
(4) - تفسير الصافي جـ1 ص 269 ايه 238 البقرة .
(5) - تفسير العياشي جـ1 آية 238 البقرة .(37/96)
... أوردها رسول جعفريان في كتابه اكذوبة تحريف القرآن متهما أهل السنة بالطعن في القرآن (1).
... وهذه القراءة تعتبر شاذة وغير متواترة والمتواتر هي" وما خلق الذكر والانثى"(2) ... ويقال لها قراءة عن طريق الآحاد (3) .
... وقد قال المفسر الشيعي الكبير ابو علي الطبرسي في كتابه مجمع البيان في تفسير سورة الليل " في الشواذ قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وقراءة علي بن ابي طالب (ع) وابن مسعود وابي الدرداء وابن عباس " والنهار اذا تجلى وخلق الذكر والأنثى “ بغير “ما” ، وروى ذلك عن ابي عبد الله عليه السلام .
... وهذا اعتراف من المفسر الشيعي الكبير انه توجد قراءة شاذة تنقص من الآية حرف "ما" وبالتالي فإن القراءة إن كانت شاذة فلا يهم إن غيرت حرف أو حرفين أو كلمة أو كلمتين . فإنها تكون قراءاة شاذة أي ليست متواترة ولا تكون من القرآن المجمع عليه من الصحابة حين جمعه عثمان رضي الله عنه .
الرواية السادسة عشرة : حدثنا أبان بن عمران قال : قلت لعبد الرحمن بن اسود انك تقرأ " صراط من انعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين " .
... أوردها رسول جعفريان في كتابه اكذوبة تحريف القرآن متهما أهل السنة بالطعن في القرآن(4) .
... وقد اعترف بهذه القراءة الشاذة مفسرين الشيعة ومنهم :-
1 ) محمد بن مسعود العياشي : قال في تفسيره عن ابن أبي رفعه في( غير المغضوب عليهم ، وغير الضالين ) وهكذا نزلت ، وعلق عليها معلق الكتاب السيد / هاشم المحلاتي وقال أن ( غير الضالين ) اختلاف قراءات (5) .
2 ) علي بن ابراهيم القمي في تفسيره (6) .
__________
(1) - اكذوبة التحريف ص 46 .
(2) - انظر كتاب صفحات في علوم القراءات لابي طاهر عبد القيوم السندي ص 90 المكتبة الامدادية.
(3) - انظر الاتقان للسيوطي جـ1 ص 240 .
(4) - اكذوبة التحريف ص 38 .
(5) - تفسير العياشي جـ1 ص 38 .
(6) - تفسير القمي جـ1 ص 58 .(37/97)
الرواية السابعة عشرة : عن ابن مسعود انه حذف المعوذتين من مصحفه وقال انهما ليستا من كتاب الله .
أوردها الشيعي رسول جعفريان في كتابه اكذوبة التحريف متهما أهل السنة بالطعن في القرآن (1) .
والرد على هذه الشبهة من عدة أوجه :
1 - لم ينكر ابن مسعود كون المعوذتين من القرآن وإنما أنكر اثباتهما في المصحف لأنه يرى أن لا يكتب في المصحف الا ما أذن به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورسول الله لم يأذن بهما .
2 - المعوذتان أنكرهما ابن مسعود قبل التواتر لان التواتر لم يثبت عنده .
3 - إن ابن مسعود إنما أنكر المعوذتين أن يكونا من القرآن قبل علمه بذلك فلما علم رجع عن إنكاره بدليل أن القرأن الكريم الموجود بين أيدينا من رواية أربعة من الصحابة هم : عثمان وعلي وأبي بن كعب وابن مسعود وفيه المعوذتان
4 - كان أبن مسعود يرى أن المعوذتين رقية يرقى بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين مثل قوله أعوذ بكلمات الله التامات ، وغيرها من المعوذات ولم يكن يظن أنهما من القرآن .
الفصل الخامس
ترجمة لبعض علماء الشيعة
ترجمه لبعض علماء الشيعه
أخي المسلم سوف نوضح لك في هذا الفصل مكانة وعظمة بعض علماء الشيعة وكتبهم في نظر كبار علماء الشيعة الذين يترجمون للعلماء وسوف نبين لك أخي المسلم أن علماء الشيعة الذين يطعنون بكتاب الله وبصحابه رسول الله إنما هم من كبار علماء الشيعة ولهم تقدير واحترام عند الشيعة وعلمائهم .
اولأ : رأي بعض علماء الشيعة بالكتب الأربعة .
__________
(1) - اكذوبة التحريف ص 48 .(37/98)
1 - يقول الأمام عبد الحسين شرف الدين الموسوي : " الكتب الأربعة التى هي مرجع الامامية في أصولهم وفروعهم من الصدر الأول الى هذا الزمان وهي " الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه "، وهي متواتره ومضامينها مقطوع بصحتها والكافي أقدمها وأعظمها وأحسنها وأتقنها " (1).
2 - يقول محمد صادق الصدر : " ان الشيعة وان كانت مجمعه على اعتبار الكتب الاربعه وقائله بصحة كل ما فيها من روايات " (2) .
ثانيا : مكانة ومنزلة هؤلاء العلماء عند الشيعة .
(1) محمد باقر المجلسي المتوفي سنة1111 هـ .
... من مؤلفاته :
* مرآة العقول في شرح اخبار الرسول ( شرح الكافي ) .
* بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار .
* جلاء العيون .
* الأربعين .
* حق اليقين ، وغيرها .
" قال الأردبيلي " محمد باقر بن محمد تقي بن المقصود على الملقب بالمجلسي ، مد ظله العالي ، أستاذنا وشيخنا وشيخ الإسلام والمسلمين ، خاتم المجتهدين الإمام العلامة المحقق المدقق جليل القدر عظيم الشأن رفيع المنزله وحيد عصره فريد دهره ثقة ثبت عين كثير العلم جيد التصانيف . وأمره في علو قدره وعظم شأنه وسمو رتبته وتبحره في العلوم العقلية والنقلية ودقة نظره وإصابة رأيه وثقته وإمامته وعدالته أشهر من أن تذكر وفوق مايحوم حوله العبارة ... له كتب نفيسة جيدة قد أجازني دام بقاؤه وتأييده أن أروي عنه جميعها منها :
كتاب بحار الأنوار المشتمل على جل أخبار الائمة الأطهار وشرحها كتاب كبير قريب من ألف ألف بيت " (3).
__________
(1) - المراجعات مراجعة 110 .
(2) - الشيعة ص 127 - 128 .
(3) - جامع الرواة : 2/78-79، وتنقيح المقال للمامقاني: 2/85 .(37/99)
قال الحر العاملي : " مولانا الجليل محمد باقر بن مولانا محمد تقي المجلسي ، عالم فاضل ماهر محقق مدقق علامة فهامة فقيه متكلم محدث ثقة جامع للمحاسن والفضائل جليل القدر ، عظيم الشأن أطال الله بقاءه . له مؤلفات كثيرة مفيدة منها : كتاب بحار الأنوار في أخبار الأئمة الأطهار يجمع أحاديث كتب الحديث كلها إلا الكتب الأربعة ونهج البلاغة فلا ينقل منها إلا قليلا مع حسن الترتيب وشرح المشكلات وهو خمسة وعشرون مجلدا ، وكتاب جلاء العيون ، وكتاب حياة القلوب (1) ".
وقال يوسف البحراني موثقاً المجلسي : " وهذا الشيخ كان إماما في وقته في علم الحديث وسائر العلوم شيخ الاسلام بدار السلطنة أصفهان ، رئيسا فيها بالرئاستين الدينية والدنيوية إماما في الجمعة والجماعة وهو الذي روج الحديث ونشره لاسيما في الديار العجمية ... ولشيخنا المذكور من المصنفات كتاب بحار الأنوار الذي جمع فيه جميع العلوم وهو يشتمل على مجلدات وكتب" (2).
(2) نعمة الله بن عبد الله الجزائري ( مؤلف " الأنوار النعمانية ") :
قال الحر العاملي : " السيد نعمة بن عبد الله الحسيني الجزائري فاضل عالم محقق جليل القدر ، مدرس من المعاصرين له كتب منها : شرح التهذيب، وحواشي
الاستبصار (3)) .
وقال يوسف البحراني : " السيد المحدث نعمة الله عبد الله الموسوي الشوشتري وكان هذا السيد فاضلا محدثا مدققا واسع الدائرة في الاطلاع على أخبار الإمامية وتتبع الآثار المعصومية ، كان كثير الصحبة للأكابر والسلاطين ، عزيزا عندهم وقد طعن عليه بذلك بعض فضلاء من تأخر عنه له كتاب شرح التهذيب ، كبير واسع البحث ، وكتاب الأنوار النعمانية كبير مشتمل على كثير من العلوم
و التحقيقات "(4) .
__________
(1) - أمل الآمل : 2/248 .
(2) - لؤلؤة البحرين : ص 55-56 .
(3) - أمل الآمل : 2 / 336 .
(4) - لؤلؤة البحرين: ص 111 .(37/100)
وقال الخوانساري : كان من أعاظم علمائنا المتأخرين وأفاخم فضلائنا المتبحرين واحد عصره في العربية والأدب والفقه والحديث، صاحب قلب سليم ووجه وسيم وطبع مستقيم ومؤلفات مليحة " ووصف مؤلفاته وأجمعها للفوائد مجلد كتاب الأنوار النعمانية " (1) .
وقال عباس القمي (2) : " السيد الجليل والمحدث النبيل واحد عصره في العربية والأدب والفقه والحديث والتفسير كان عالماً فاضلآً محققاً جليل القدر صاحب التصانيف الكثيرة الشائعة " .
وقال أيضا في كتابه (3) : سلالة الاطهار والد الأماجد الاعاظم الاكارم الأخيار المتشرين نسلا بعد نسل في الأقطار السرى الرضي العالم الرباني .
(3) أبي جعفر محمد بن الحسن بن فروخ ( الصفار) المتوفي عام 290هـ ( من أصحاب الإمام الحسن العسكري ) مؤلف كتاب بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمد عليه السلام :
قال الطوسي : محمد بن الحسن الصفار قمي له كتب مثل كتاب ( الحسين بن سعيد) وزيادة كتاب بصائر الدرجات وغيره " (4).
ونقل المجلسي عن النجاشي أنه قال في ترجمة الصفار : " كان وجها في أصحابنا القميين ثقة عظيم القدر ، راجحا قليل السقط في الرواية "(5) .
__________
(1) - روضات الجنات 8/138 منشورات الدار الاسلامية - بيروت .
(2) - الكني والألقاب (3/298) .
(3) - الفوائد الرضوية (2/294) .
(4) - الفهرست ص 174، وجامع الرواة : 2/93 .
(5) - مقدمة البحار : ص 89 .(37/101)
وقال العلامة كوجه باغي في تقديمه لكتاب بصائر الدرجات : " ثم اعلم أن الكتاب مما قد اعتمد عليه فحول الرجال كصاحب الوسائل والمجلسي في بحار الأنوار ، وقد جعل له علامة ( ير ) وصرح في الفصل الأول من مقدمات البحار عند عد مدارك البحار : كتاب بصائر الدرجات للشيخ الثقة العظيم الشأن محمد بن الحسن الصفار ... وقد قال العالم الجليل السيد محمد باقر الجيلاني الأصفهاني الملقب بحجة الاسلام في رسالته في العدة في شرح كلام الفاضل الأستر أبادي : الصفار الذي هو من أعظم المحدثين والعلماء وكتبه معروفة مثل بصائر الدرجات ونحوه " (1) .
ثم قال بعد ذلك : " فقد تحصل من ذلك كله أن الكتاب من الأصول المعتبرة والمعتمدة عند الأصحاب .. " (2) .
(4) " أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي المتوفي حوالي سنة
620 هـ " مؤلف كتاب الاحتجاج .
قال المجلسي : " الشيخ الجليل أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي صاحب كتاب الاحتجاج عالم فاضل محدث ثقة من أجلاء أصحابنا المتقدمين " (3).
وقال الحر العاملي : " الشيخ أبو منصور أحمد بن على بن أبي طالب الطبرسي ، عالم فاضل ، فقيه محدث ثقة ، له كتاب الاحتجاج على أهل اللجاج حسن كثير الفوائد " (4) .
وقال الخوانساري : كتاب الاحتجاج معتبر معروف بين الطائفة ، مشتمل على كل ما اطلع عليه من احتجاجات النبي والأئمة ، بل كثير من أصحابهم الامجاد مع جملة من الأشقياء المخالفين (5) .
__________
(1) - مقدمة بصائر الدرجات بقلم العلامة كوجه باغي: ص 6 .
(2) - المرجع السابق .
(3) - مقدمة بحار الأنوار : ص 140 .
(4) - أمل الآمل : 2/17 ، وتنقيح المقال للمامقاني: 1/69 .
(5) - روضات الجنات (1/72) منشورات الدار الاسلامية - بيروت .(37/102)
وقال آغا بزرك الطهراني (1) " وفي الكتاب احتجاجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام وبعض الصحابة وبعض العلماء ، وبعض الذرية الطاهرة وأكثر أحاديثه مراسيل إلا ما رواه عن تفسير العسكري عليه السلام كما صرح به في أوله بعد الخطبة ، فهو من الكتب المعتبرة التى اعتمد عليها العلماء الأعلام كالعلامة المجلسي والمحدث الحر وأضرابهما " .
(5) أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المشهور بالمفيد والمتوفي عام 413هـ ومن مؤلفاته .
* الإرشاد * أمالي المفيد * أوائل المقالات * الأختصاص
* تصحيح الاعتقاد بصواب الانتقاد أو شرح عقائد الصدوق.
قال الطوسي : " محمد بن محمد بن النعمان المفيد يكني أبا عبد الله المعروف بابن المعلم من جملة متكلمي الامامية انتهت إليه رياسة الإمامية في وقته ، وكان مقدما في العلم وصناعة الكلام ، وكان فقيها متقدما فيه حسن الخاطر ، دقيق الفطنة حاضر الجواب ، وله قريب من مائتي مصنف كبار وصغار ومن كتبه الإرشاد وكتاب الإيضاح في الإمامة " (2) .
وقال يوسف البحراني " قال شيخنا في الخلاصة : محمد بن محمد بن النعمان يكني أبا عبد الله ويلقب بالمفيد .. من أجل مشائخ الشيعة ورئيسهم وأستاذهم وكل من تأخر عنه استفاد منه وفضله أشهر من أن يوصف "(3) .
__________
(1) - الذريعة (1/281) دار الأضواء - بيروت .
(2) - الفهرست ص 190-191 ، وأمل الآمل للحر العاملي : 2/304 .
(3) - لؤلؤة البحرين : ص 356 - 357 .(37/103)
وقال المجلسي : " وأما كتاب الاختصاص فهو كتاب لطيف مشتمل على أحوال أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام ، وفيه "اخبار غريبة ونقلته من نسخة عتيقة ، وكان مكتوبا على عنوانه : كتاب مستخرج من كتاب الاختصاص تصنيف أبي على أحمد بن الحسين بن أحمد بن عمران رحمه الله لكن كان بعد الخطبة هكذا قال محمد بن محمد النعمان : حدثني أبو غالب أحمد .. إلى آخر السند وكذا إلى آخر الكتاب يبتدىء من مشايخ الشيخ المفيد فالظاهر أنه من مؤلفات المفيد رحمه الله وسائر كتبه للأشتهار غنية عن البيان " (1) .
وقال عباس القمي : " شيخ مشايخ الجلة ، ورئيس رؤساء الملة، وفخر الشيعة ومحي الشريعة ملهم الحق ودليله ، ومنار الدين وسبيله ، اجتمعت فيه خلال الفضل وانتهت إليه رئاسة الكل واتفق الجميع على علمه وفضله وفقهه وعدالته وثقته وجلالته كان رحمه الله كثير المحاسن ، جم المناقب ، حاضر الجواب ، واسع الرواية خبير الرواية بالأخبار والرجال والأشعار . وكان أوثق أهل زمانه بالحديث وأعرفهم بالفقه والكلام وكل من تأخر عنه استفاد منه " (2).
(6) أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المعروف (بالصدوق ) المتوفي سنة 381هـ ومن مؤلفاته :
* من لايحضره الفقيه .
* الخصال .
* ثواب الأعمال وعقاب الأعمال .
* أمالي الصدوق .
* علل الشرائع .
* إكمال الدين وتمام النعمة .
* عيون أخبار الرضا .
* معاني الأخبار .
* صفات الشيعة وفضائل الشيعة .
__________
(1) - بحار الأنوار : 1/27 .
(2) - الكني والالقاب 3/164 .(37/104)
قال الطوسي : محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي جليل القدر يكنى أبا جعفر ، كان جليلا حافظا للأحاديث بصيرا بالرجال ناقدا للأخبار ، لم ير في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه ، له نحو من ثلاثمائة مصنف .. وذكر منها : كتاب دعائم الإسلام ، وكتاب المقنع ، وكتاب المرشد وكتاب الفضائل ، وكتاب علل الشرائع ، وكتاب من لايحضره الفقيه ، وكتاب عقاب الأعمال ، وكتاب معاني الأخبار " (1) .
وقال المجلسي : " محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي أبو جعفر الصدوق، أمره في العلم والفهم والثقافة والفقاهة والجلالة والوثاقة وكثرة التصنيف وجودة التأليف فوق أن تحيطه الأقلام ويحويه البيان ، وقد بالغ في إطرائه والثناء عليه كل من تأخر عنه ، وفي مقدمتهم الرجالي الكبير النجاشي حيث قال في فهرسه : محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي أبو جعفر نزيل الري ، شيخنا وفقيهنا ووجه الطائفة بخرسان، وكان ورد بغداد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن " (2) .
وقال المجلسي موثقا الكتب التي اعتمد عليها في تأليف موسوعة بحار الأنوار ومنها كتب الصدوق " اعلم إن أكثر الكتب التي اعتمدنا عليها في النقل مشهورة معلومة الإنتساب الى مؤلفيها ككتب الصدوق رحمه الله ، فإنها سوى : الهداية ، وصفات الشيعة وفضائل الشيعة ومصادقة الإخوان ، وفضائل الأشهر ، لاتقصر في الاشتهار عن الكتب الأربعة التي عليها المدار في هذه الأعصار ، وهي داخلة في إجازتنا ، ونقل منها من تأخر عن الصدوق من الأفاضل الأخيار" (3) .
(7) أبو القاسم الموسوي الخوئي مؤلف البيان في تفسير القرآن :
__________
(1) - الفهرست ص 188-189 ، ولؤلؤة البحرين ليوسف البحراني ص375 وجامع الرواة لأردبيلي : 2/154 .
(2) - مقدمة بحار الأنوار ص 68 .
(3) - بحار الأنوار : 1/26 .(37/105)
قال أغابزرك الطهراني : " هو السيد أبو القاسم بن السيد علي أكبر بن (الميرزا) هاشم الموسوي الخوئي النجفي أحد مراجع العصر في النجف .
ولد في مدينة خوي من أعمال أذربيجان في النصف من رجب 1317هـ فنشأ على والده العلامة الآتي الذكر في نشأة طيبة . وفي حدود 1330هـ هاجر به رحمه الله الى النجف الأشرف فوجهه الى الدراسة وكان يومذاك يمتاز باستعداد وذكاء فقطع مراحل الدراسة الأولية وأكمل مقدماته وحضر على أساتذة العصر ... وله يد في التفسير وتصانيف أيضا منها ( نفحات الإعجاز)" (1).
(8) محمد صادق الصدر المولود سنة 1320 هـ مؤلف الشيعة الإمامية :
قال أغابزرك الطهراني : " هو السيد محمد صادق بن السيد محمد حسين بن السيد محمد هادي بن السيد محمد على شقيق السيد صدر الدين جد ( آل الصدر ) الموسوي العاملي الكاظمي عالم أديب .. ولد في حدود 1320 هـ ونشأ في الكاظيمة على عمه الجليل .. فأخذ المقدمات السطوح فأتقنها وقرأ الفقه والأصول على لفيف من العلماء والفضلاء ، وبرع في الأدب. واشتغل بالتأليف فأنتج بعض الآثار القيمة وقد ذكرناها في مواضعها من (الذريعة) ولا يستحضر منها الآن إلا (حياة أمير
المؤمنين ) (الشيعة )" (2).
(9) زين الدين علي بن يونس العاملي النباطي المتوفي عام 877هـ مؤلف : الصراط المستقيم الى مستحقي التقديم :
قال الحر العاملي : " الشيخ زين الدين على بن يونس العاملي النباطي البياضي كان عالما فاضلا محققا مدققا ثقة متكلماً شاعرا "ادبيا متبحرا له كتب منها كتاب الصراط المستقيم الى مستحقي التقديم " (3) .
__________
(1) - نقباء البشر في القرن الرابع عشر : 1/71 - 72 .
(2) - المرجع السابق : 2/869 .
(3) - أمل الآمل : 1/135 ، ومقدمة بحار الأنوار ص 139 .(37/106)
وقال شهاب الدين الحسيني المرعشي : " كل من ذكر ه من أرباب معاجم التراجم أثنى عليه ثناء جميلا ووصفه بالفضل والفقه والحديث والأدب وأنه من الأكابر " (1).
وقال موثقا كتاب الصراط المستقيم : " ولعمري إنه كتاب عجيب في موضوعه قال العلامة صاحب الروضات : لم أر بعد كتاب الشافي لسيدنا المرتضي علم الهدى مثله ، بل راجح عليه لوجوه شتى " (2).
(10) أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي المتوفي عام 340هـ مؤلف معرفة أخبار الرجال المشهور ( برجال الكشي) :
قال الطوسي : " محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي يكني أبا عمرو، ثقة بصير بالأخبار وبالرجال حسن الاعتقاد له كتاب الرجال " (3) .
وقال المجلسي : " الشيخ المقدم الجليل ، والرجالي الكبير أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي ، الثقة الثبت ، العالم البصير بالرجال والأخبار ، قال النجاشي : كان ثقة عين، روى عن الضعفاء كثيرا وصحب العياشي وأخذ عنه تخرج عليه في داره التى كانت مرتعا للشيعة وأهل العلم " (4) .
وقال عن كتابه : " له كتاب الرجال الذي سماه ابن شهر آشوب في المعالم ( بمعرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين ) هو أحد الأصول الأربعة الرجالية " (5).
(11) محمد بن الحسن الحر العاملي المتوفي عام 1104هـ ومن مؤلفاته :
... * الإيقاظ من الهجعة في إثبات الرجعة .
* وسائل الشيعة .
* أمل الآمل .
__________
(1) - مقدمة الصراط المستقيم بقلم شهاب الدين الحسيني المرعشي ص 7 .
(2) - المرجع السابق ص 9 .
(3) - الفهرست ص 171-172 ، وجامع الرواة للأردبيلي : 2/164 .
(4) - مقدمة بحار الأنوار : ص 205 .
(5) - المصدر السابق .(37/107)
قال يوسف البحراني : " الشيخ محمد بن الحسن بن علي بن الحسين الحر العاملي المشغري .. كان عالما فاضلا محدثا إخبارياً .. له كتب منها الجواهر السنية في الأحاديث القدسية ، وهو أول ما ألفه ولم يجمعها أحد قبله ، والصحيفة الثانية من أدعية علي بن الحسين عليه السلام الخارجة من الصحيفة الكاملة ، وكتاب تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ست مجلدات .. وله كتاب أمل الآمل في علماء جبل عامل وفيه أسماء علمائنا المتأخرين أيضا وله رسالة في الرجعة سماها الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة" (1).
وقال الأردبيلي : " محمد بن الحسن الحر العاملي ساكن المشهد المقدسي الرضوي الشيخ الإمام العلامة المحقق المدقق جليل القدر رفيع المنزلة عظيم الشأن عالم فاضل كامل متبحر في العلوم لاتحصي فضائله ومناقبه .. له كتب كثيرة منها كتاب رسائل الشيعة كتاب كبير ، وكتاب هداية الأمة وكتاب بداية الهداية وكتاب فوائد الطوسية وغيرها من الكتب " (2).
(12) هاشم بن سليمان البحراني المتوفي عام 1107 هـ ومن مؤلفاته : البرهان في تفسير القرآن :
قال الحر العاملي : " السيد هاشم بن سليمان بن إسماعيل بن عبد الجواد الحسيني البحراني التوبلي فاضل عالم ماهر مدقق فقيه عارف بالتفسير والعربية والرجال له كتاب تفسير القرآن كبير ، رأيته ورويت عنه "(3) .
__________
(1) - لؤلؤة البحرين : ص 76 - 78 .
(2) - جامع الرواة : 2/90 .
(3) - أمل الآمل : 2/341 .(37/108)
وقال يوسف البحراني : " السيد هاشم المعروف بالعلامة - ابن المرحوم السيد سليمان بن السيد إسماعيل .. وكان السيد المذكور فاضلا محدثا جامعا متتبعا للأخبار بما لم يسبق إليه سابق سوى شيخنا المجلسي وقد صنف كتبا عديدة تشهد بشدة تتبعه واطلاعه .. ومن مصنفاته كتاب البرهان في تفسير القرآن ست مجلدات وقد جمع فيه جملة من الأخبار الواردة في التفسير من الكتب القديمة وغيرها " (1).
(13) العلامة الشيخ يوسف بن أحمد البحراني المتوفي سنة 1186هـ . ومن مؤلفاته : الكشكول و لؤلؤة البحرين والدرر النجفية .
قال محسن الأمين : " الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صالح بن أحمد بن أحمد بن منصور الدارزي البحراني ... من أفاضل علمائنا المتأخرين ، جيد الذهن معتدل السليقة ، بارع في الفقه والحديث ، وكان على طريقة الإخباريين قال في حقه أبو علي صاحب الرجال : عالم فاضل متبحر ماهر محدث ورع عابد صدوق دين من أجله مشائخنا المعاصرين وأفاضل علمائنا المتبحرين له مؤلفات نافعة منها . إجازة كبير لابني أخوية سماها لؤلؤة البحرين تشتمل على ترجمة أحوال أكثر علمائنا الى زمان الصدوقين " (2) .
(14) أبو الحسن علي بن إبراهيم القمي المتوفي عام 307 هـ من مؤلفاته :
تفسير القمي .
قال المجلسي : " علي بن إبراهيم بن هاشم ، أبو الحسن القمي ، من أجلة رواة الإمامية ومن أعظم مشايخهم أطبقت التراجم على جلالته ووثاقته .
قال النجاشي في الفهرست : ثقة في الحديث ، ثبت معتمد صحيح المذهب سمع فأكثر ، وصنف كتبا ، وأضر في وسط عمره .. وعد المجلسي من مؤلفاته كتاب التفسير " (3) .
__________
(1) - لؤلؤة البحرين : ص 63-64 .
(2) - أعيان الشيعة : 10/317 .
(3) - مقدمة البحار : ص 128.(37/109)
وقال أغا بزرك الطهراني : " علي بن إبراهيم بن هاشم القمي ، أبو الحسن صاحب التفسير ، ومن أجل مشايخ الكليني .. ويروي عنه غير الكليني " (1) .
وقال الشيخ طيب الموسوي الجزائري في مقدمة للتفسير : " لا ريب في أن هذا التفسير الذي بين أيدينا ، من أقدم التفاسير التي وصلت إلينا ، ولولا هذا لما كان متنا متينا في هذا الفن ، ولما سكن إليه جهابذة الزمن فكم من تفسير قيم مقتبس من أخباره ، ولم تره إلا منورا بأنواره : كالصافي ومجمع البيان ، والبرهان .. إلى أن قال: وبالجملة إنه تفسير رباني ، وتنوير شعشعاني عميق المعاني، قوي المباني ، عجيب في طوره ، بعيد في غوره لا يخرج مثله إلا من عالم ولا يعقله إلا العالمون " (2) .
وقال آغابزرك الطهراني (3) عن التفسير : "انه في الحقيقة تفسير الصادقين عليهما السلام " وقال في مقدمة التفسير " الأثر النفيس والسفر الخالد المأثور عن الإمامين عليهما السلام " .
(15) أية الله العظمى الإمام الخميني المولود سنة 1320 هـ من مؤلفاته :
* تحرير الوسيلة :
* الحكومة الاسلامية .
* كشف الأسرار .
* مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية .
قال أغابزرك الطهراني : " هو السيد أغا روح الله بن السيد مصطفى الخميني عالم فاضل ولد في سنة 1320هـ ونشأ على حب العلم فجد في طلبه وحضر على زمرة من أهل الفضل، وحضر على الشيخ عبد الكريم اليزدي الحائري في قم وعلى غيره أيضا وله آثار منها ( سر الصلاة ) تشم منه رائحة العرفان "(4) .
__________
(1) - طبقات أعلام الشيعة (القرن الرابع) : ص 167 .
(2) - مقدمة تفسير القمي بقلم طيب الموسوي الجزائري : ص14 - 16 .
(3) - الذريعة (4/302) .
(4) - "نقباء البشر في القرن الرابع عشر " : 2/789 .(37/110)
وقال أحمد الفهري في تقديمه لكتاب مصباح الهداية : " الإمام الخميني الثائر العظيم المحترق لظلمات القرن ، البرهان الأواه المتأنن في الليل والأسد المفرد في النهار السيف المسلول على عفريت الاستكبار العالمي الذي يهمس بشفتيه آية النجاة ويحمل بيده لواء التحرر : تحرر الإنسانية من كل العبوديات والرقيات .
وهذا هو الإمام الخميني أمثولة علي عليه السلام في الأرض بخصائص من الإمام الغائب ومعالم من سيمائه المشرق ، تراه مقداما وممهدا حكومة المهدي أرواحنا فداه قام قائدا من قلب الأمة متجليا بخصائص الإنسان النموذجي يحمل آلام الأمة في القلب وآمالهم في الفكر (1).
قال أغا بزرك الطهراني : " كشف الأسرار لحاج أغا روح الله بن سيد مصطفي الخميني فارسي طبع بطهران في 1363هـ في 428 صفحة (2).
(16) الشيخ محمد بن المرتضي المدعو بالمولى محسن الكاشاني المتوفي 1091هـ من مؤلفاته : تفسير الصافي والوافي وعلم اليقين في أصول الدين .
قال الحر العاملي : " المولي الجليل محمد بن مرتضي المدعو بمحسن الكاشاني كان فاضلاً عالماً ماهراً حكيماً متكلماً محدثاً فقيها شاعرا أديبا حسن التصنيف من المعاصرين له كتب منها : كتاب الوافي جمع الكتب الأربعة مع شرح أحاديثها المشكلة .. وكتاب سفينة النجاة في طريق العمل ، وتفاسير ثلاثة : كبير ، وصغير ، ومتوسط ، وكتاب عين اليقين ، وكتاب حق اليقين وكتاب علم اليقين " (3).
قال الأردبيلي : " محسن بن المرتضي الكاشاني رحمه الله تعالى العلامة المحقق المدقق، جليل القدر عظيم الشأن رفيع المنزلة فاضل كامل أديب متبحر في جميع العلوم له قريبا من مائة تأليف منها كتاب تفسير الصافي .. كتاب علم اليقين " (4).
__________
(1) - مقدمة مصباح الهداية إلى الخلافة بقلم أحمد الفهري .
(2) - الذريعة : 18/13 .
(3) - أمل الآمل : 2/305 .
(4) - جامع الرواة : 2/42 .(37/111)
وقال الخونساري : وأمره في الفضل وفي الفهم والنبالة في الفروع والأصول والاحاطة بمراتب المعقول والمنقول وكثرة التأليف والتصنيف مع جودة التعبير والترصيف ، أشهر من أن يخفي في هذه الطائفة على أحد الى منتهى الأبد وعمره تجاوز حدود الثمانين ووفاته بعد الألف من الهجرة الطاهرة (1).
(17) أبو الحسن العاملي :
... قال عنه ( الخوانساري ) : هو أبو الحسن العاملي ابن المولى محمد طاهر الفتوني كان من أعاظم فقهائنا المتأخرين وأفاخم نبلائنا المتبحرين (2) .
... قال عنه أغا بزرك الطهراني : مرآة الانوار مشكاة الاسرار في تفسير القرآن وقد يقال مشكاة الانوار ، للمولى الشريف العدل ابي الحسن بن الشيخ محمد طاهر بن الشيخ عبد الحميد بن موسى بن علي بن معتوق بن عبد الحميد الفتوني النباطي العاملي الاصفهاني العذوي ... وهو تفسير جليل ... وفي أول المقدمات مقالات ثلاثة في كل مقاله فصول والمقدمه الثانية في تنقيص القرآن في أربعة فصول (3) .
وقال عنه محسن الامين : وقد يعبر عنه بأبي الحسن العاملي ابو الحسن كنيته ولشريف اسمه وليس هو من السادة الأشراف ويوصف في بعض التراجم بالعدل ... وقال العلامه المحدث النوري في حقه : أفقه المحدثين وأكمل الربانيين الشريف العدل .... وقال بحر العلوم الطباطبائي في اجازته للشيخ محمد اللاهيجي الشيخ الاعظم رئيس المحدثين في زمانه وقدوة الفقهاء في أوانه المولى ابو الحسن الفتوني ثم ذكر من مؤلفات مرآة الانوار ومشكاة الاسرار (4).
يوسف البحراني : أثنى عليه في لؤلؤة البحرين (5).
__________
(1) - صاحب روضات الجنات - 6/73 الدار الاسلامية - بيروت .
(2) - روضات الجنات ترجمة ابو الحسن العاملي .
(3) - الذريعة ج 20 ص 264 دار الاضوار - بيروت .
(4) - أعيان الشيعة المجلد السابع ص 342 ، 343 دار التعارف - بيروت .
(5) - لؤلؤة البحرين ص 107 دار الاضواء - بيروت .(37/112)
(18) محمد رضا المظفر المتوفي سنة 1383هـ ومن مؤلفاته :
عقائد الإمامية .
قال أغابزرك الطهراني : " هو الشيخ محمد رضا بن الشيخ محمد بن الشيخ عبدالله آل مظفر النجفي ، عالم جليل وأديب معروف ، ولد في النجف في خامس شعبان 1323هـ بعد وفاة والده بستة أشهر فكفله أخواه الشيخ عبد النبي والشيخ محمد حسن فنشأ عليهما وتعلم المبادىء .. والمترجم له من أفاضل أهل العلم وأشراف أهل الفضل والأدب له سيرة طيبة من يومه وسلوك محمود حببه الى عارفي فضله وهو ممن ساهم في الحركة الفكرية في النجف واشتغل في كثير من المسائل الدينية العامة .. وله آثار علمية جيدة طبع منها (السقيفة ) ألفه سنة 1352هـ وطبع مرتين ، و (المنطق) في ثلاثة أجزاء طبع أيضاً و (عقائد الشيعة ) طبع في 1373هـ " (1) .
(19) العلامة أغابزرك الطهراني المتوفي عام 1389 هـ من مؤلفاته :
الذريعة إلى تصانيف الشيعة ونقباء البشر في القرن الرابع عشر وطبقات أعلام الشيعة (القرن الرابع ) .
قال محمد الحسين آل كاشف الغطاء في تقديمه لكتاب نقباء البشر:
__________
(1) - نقباء البشر في القرن الرابع عشر : 2/772 ، 773 .(37/113)
يقول الله عز شأنه { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون}(1) ومن هذه الشجرات الطيبة التي لاتزال تؤتي ثمارها النافعة وأزهارها اليانعة وغذاءها الشهي وسقاءها الهني العالم الرباني حجة الإسلام الشيخ محمد حسن الشهير بأغابزرك الطهراني أيده الله صاحب (الذريعة إلى تصانيف الشيعة ) التي هي أكبر موسوعة في مؤلفات هذه الطائفة التي جمعت المحاسن والعيون وكشفت عن ضحالة ( كشف الظنون ) ومن ثمار هذه الشجرة المباركة وآثارها هذا الكتاب الجليل الذي ترجم فيه لعلماء ثلاثة قرون أو أكثر " (2).
(20) محمد الحسين كاشف الغطاء المتوفي سنة 1373هـ مؤلف :
أصل الشيعة وأصولها .
قال أغابزرك الطهراني : " هو الشيخ محمد الحسين بن شيخ العراقيين الشيخ علي ابن الحجة الشيخ محمد رضا بان المصلح بين الدولتين الشيخ موسى ابن شيخ الطائفة الشيخ الأكبر جعفر بن العلامة الشيخ خضر يحيي بن سيف الدين المالكي الجناحي النجفي من كبار رجال الإسلام المعاصرين ومن أشهر مشاهير علماء الشيعة .. نشأ في بيته الجليل الطافح بالعلم والعلماء نشأة طيبة وربي في حجر العلياء والشرف والعزة والترف .. وقد سمت مداركه ونفذ فكره إلى أعماق الحقائق وأسرار العلوم والفضائل حتى تجلى ذلك في نفحات ألفاظه ، ورشحات أقلامه ، أما هو في خصوص الخطب والأدب والبلاغة والفصاحة فسحبان وائل حيث توسع في ذلك وضرب بسهم وافر منه ولا أغالي إذا قلت أنه أخطب خطباء الشيعة "(3) .
(21) عبد الحسين شرف الدين الموسوي المتوفي سنة 1377 هـ مؤلف :
المراجعات وأجوبة مسائل جار الله :
__________
(1) - سورة إبراهيم : 24 - 25 .
(2) - مقدمة نقباء البشر في القرن الرابع عشر بقلم محمد الحسين آل كاشف الغطاء ص (ج - د).
(3) - نقباء البشر : 2/612 ، 616 .(37/114)
قال أغا بزرك الطهراني : " هو السيد عبد الحسين بن السيد يوسف بن السيد جواد بن السيد إسماعيل بن السيد محمد بن السيد إبراهيم الملقب بشرف الدين الموسوي العاملي ، من كبار علماء المسلمين وعباقرة الشيعة في هذا العصر الحاضر ، وحسب هذا القرن مفخرة أن ينبغ فيه مثل هذا العبقرىالفذ، وآثاره كثيرة جليلة منها (المراجعات ) طبع في صيدا سنة 1355هـ ( والفصول المهمة في تأليف الأمة ) طبع في صيدا في سنة 1330 هـ وأعيد فيها سنة 1347هـ و ( أجوبة موسى جارالله ) طبع في صيدا في سنة 1355هـ" (1)..
... قال عنه محسن الأمين : درس في النجف وفي سامراء على أعلامهما أمثال الطباطبائي والخرساني و شيخ الشريعة والشيخ محمد طه نجف ... ومن مؤلفاته المراجعات وكتاب ابو هريرة (2) .
(22) حسين محمد تقي الدين النوري الطبرسي المتوفي سنة 1320هـ من مؤلفاته :
مستدرك الوسائل وفصل الخطاب في اثبات تحريف كتاب رب الأرباب .
قال أغابزرك الطهراني : " الشيخ ميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي بن الميرزا على محمد تقي النوري الطبرسي إمام أئمة الحديث والرجال في الأعصار المتأخرة ومن أعاظم علماء الشيعة وكبار رجال الإسلام في هذا القرن ... كان الشيخ النوري أحد نماذج السلف الصالح التي ندر وجودها في هذا العصر فقد امتاز بعبقرية فذة وكان آية من آيات الله العجيبة ، كمنت فيه مواهب غريبة وملكات شريفة أهلته لأن يعد في الطليعة من علماء الشيعة الذين كرسوا حياتهم طوال أعمارهم لخدمة الدين والمذهب، وحياته صفحة مشرقة من الأعمال الصالحة " ومن تصانيفه : فصل الخطاب في مسألة تحريف الكتاب (3) .
__________
(1) - نقباء البشر في القرن الرابع عشر : 3/1080 - 1086 .
(2) - أعيان الشيعة : 7/457 .
(3) - نقباء البشر : 2/543 ، 545 ، 549 ، 550 .(37/115)
وقال عنه ( محسن الأمين ) : كان عالما فاضلا محدثاً متبحراً في علمي الحديث والرجال عارفا بالسير والتاريخ منقباً فاحصاً زاهداً عابداً لم تفته صلاة الليل وكان وحيد عصره في الاحاطة والاطلاع على الاخبار والاثار والكتب (1).
وقال عنه عباس القمي في ترجمته : شيخ الاسلام والمسلمين مروج علوم الانبياء والمرسلين الثقة الجليل والعالم النبيل المتبحر الخبير والمحدث الناقد البصير ناشر الآثار وجامع شمل الاحبار صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة والعلوم الغزيرة الباهر بالرواية والدراية والرافع لخميس المكارم اعظم رايه وهو اشهر من ان يذكر وفوق ماتحوم حوله العبارة ( الكني والالقاب لعباس القمي ) ترجمة النوري الطبرسي .
* وكفى للنورى الطبرسي انه صاحب كتاب ( مستدرك الوسائل ) وهو من الكتب الثمانية المعتبره لدى الشيعة . وكفى للنورى الطبرسي انه يلقب عند الشيعة (خاتمة المحدثين ) .
(23) المحدث الجليل أبي النضر محمد بن مسعود ابن عياش السلمي السمرقندي المعروف بالعياشي مؤلف تفسير العياشي .
قال الشيخ الطوسي: "محمد بن مسعود بن محمد بن عياش السمرقندي يكنى أبا النضر أكثر أهل المشرق علما وفضلا وأدبا وفهما ونبلا في زمانه صنف أكثر من مائتي مصنف" (2) .
وقال المجلسي : " محمد بن مسعود بن محمد بن عياش السلمي السمرقندي ، أبو النضر، المعروف بالعياشي ، من عيون هذه الطائفة ورئيسها وكبيرها ، جليل القدر ، عظيم الشأن، واسع الرواية ، ونقادها ونقاد الرجال ، أورده أصحابنا في كتب تراجمهم وبالغوا في الثناء عليه وإكباره " (3) .
__________
(1) - أعيان الشيعة جـ6 ص 143 .
(2) - رجال الطوسي : ص 497 .
(3) - مقدمة بحار الأنوار ص 130 وانظر رجال العلامة الحلي ص 145.(37/116)
وقال محمد حسين الطباطبائي في مقدمته لتفسير العياشي : " إن من أحسن ماورثناه من ذلك (أى علم التفسير) كتاب التفسير المنسوب الى شيخنا العياشي رحمه الله ، وهو الكتاب القيم الذي يقدمه النشر اليوم للقراء الكرام . فهو لعمري أحسن كتاب ألف قديما في بابه ، وأوثق ما ورثناه من قدماء مشايخنا من كتب التفسير بالمأثور ، أما الكتاب فقد تلقاه علماء هذا الشأن منذ ألف إلى يومنا هذا - ويقرب من أحد عشر قرنا - بالقبول من غير أن يذكر بقدح أو يغمض فيه بطرف " (1) .
وقال عنه : النجاشي " ثقة صدوق عين من عيون هذه الطائفة " (2).
(24) محمد بن علي بن شهر أشوب المتوفي عام 588 هـ من مؤلفاته :
مناقب آل أبي طالب :
قال الأردبيلي : " محمد بن علي بن شهر أشوب المازندراني رشيد الدين شيخ في هذه الطائفة وفقيهها وكان شاعرا بليغا منشيا .. له كتب منها : كتاب الرجال ، أنساب آل أبي طالب عليهم السلام " (3) .
وقال يوسف البحراني : " زين الدين محمد بن علي بن شهر أشوب المازندراني السروي، كان عالما ، فاضلا ، ثقة ، محدثا ، محققا ، عارفا بالرجال والأخبار أديبا شاعرا جامعا للمحاسن ، له كتب منها مناقب آل أبي طالب ، كتاب مثالب النواصب " (4) .
(25) أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفي عام 460هـ ومن مؤلفاته :
* التهذيب
* الاستبصار
* التبيان
* الغيبة
* أمالي الطوسي
* الفهرست
* ورجال الطوسي
__________
(1) - مقدمة تفسير العياشي بقلم محمد حسين الطباطبائي : 1/4 .
(2) - رجال النجاشي 2/247 - دار الاضواء - بيروت .
(3) - جامع الرواه : 2/155 .
(4) - لؤلؤة البحرين : ص 340-341 .(37/117)
... قال العلامة الحلي : " محمد بن الحسن بن علي الطوسي أبو جعفر شيخ الإمامية قدس الله روحه رئيس الطائفة جليل القدر عظيم المنزلة ثقة عين صدوق عارف بالأخبار والرجال والفقه والأصول والكلام والأدب ، وجميع الفضائل تنسب إليه ، وصنف في كل فنون الإسلام ، وهو المهذب للعقائد في الأصول والفروع ، والجامع لكمالات النفس في العلم و العمل " (1) .
قال المجلسي : " الشيخ الطوسي هو أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي ، شيخ الطائفة ، وفقيه الأمة ، المجمع على وثاقته ، وتبحره في العلوم والفنون " (2) .
وقال موثقا كتبه : " وكتب المحقق الطوسي روح الله روحه القدوسي ومؤلفها أشهر من الشمس في رابعة النهار " (3).
(26) أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني المتوفي عام 328هـ ومن مؤلفاته : الكافي .
قال الطوسي : " محمد بن يعقوب الكليني يكني أبا جعفر الأعور جليل القدر عالم بالأخبار وله مصنفات منها الكافي " (4).
وقال الأردبيلي : محمد بن يعقوب بن إسحاق أبو جعفر الكليني ، خاله علان الكليني الرازي، وهو شيخ أصحابنا في وقته بالري ، ووجههم وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم ، صنف كتاب الكافي في عشرين سنة " (5).
وقال أغابزرك الطهراني موثقا الكافي : " الكافي في الحديث وهو أجل الكتب الأربعة الأصول المعتمدة ، لم يكتب مثله في المنقول من آل الرسول ، لثقة الإسلام محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني ابن أخت علان الكليني ، المتوفي
سنة 328 هـ (6) ).
(27) كمال الدين ميثم البحراني - من مؤلفاته : شرح نهج البلاغة للبحراني .
__________
(1) - رجال العلامة الحلي : ص 148.
(2) - مقدمة بحار الأنوار : ص 91 .
(3) بحار الأنوار : 1/40 .
(4) - رجال الطوسى : ص 495 .
(5) - جامع الرواه 2/218 ، الحلى ص 145 .
(6) - الذريعة : 17/245 .(37/118)
قال عنه الخوانساري : ( كان من العلماء الفضلاء المدققين متكلماً ماهراً ، له كتب منها " شروح نهج البلاغة (1) .
وقال عنه يوسف البحراني " العلامة الفيلسوف المشهور ، وقال شيخنا العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني - عطر الله مراقده - في رسالة المسماة السلافه البهية في ترجمة الميثمية " هو الفيلسوف المحقق والحكيم المدقق ، قدوة المتكلمين ، وزبدة الفقهاء والمحدثين العالم الرباني ، كمال الدين ميثم بن على بن ميثم البحراني (2).
(28) السيد عدنان البحراني ( صاحب كتاب الشموس الدرية )
... قال عنه اغابزرك الطهراني : هو السيد عدنان بن السيد عليوي بن السيد علي بن السيد عبد الجبار الموسوي القاروني البحراني عالم بارع وفاضل جليل .
... كان من أهل العلم البارعين ، ورجال الفضل الكاملين ، درس على علماء عصره ومشاهيره حتى حاز قسطاً وافراً من المعرفة ، وحظي بسمعة في بلاده ، وأحبه الناس فصار موجها مبجلا ، وولي القضاء والأوقاف ونحوها وكان إماماً للجمعة والجماعة ، ومرشداً هادياً لكثير من الناس الى أن توفى في سنة 1347هـ وولده السيد محمد صالح من الخطباء المعروفين في البحرين(3).
(29) تقي الدين إبراهيم بن علي المعروف بالكفعمي ومن مؤلفاته :
كتاب المصباح للأدعية .
قال عنه عباس القمي : " كان ثقة فاضلاً أديباً عابداً زاهداً ورعاً له كتب منها المصباح وهو الجنة الواقية والجنة الباقية وهو كبير كثير الفوائد " (4) .
خاتمة الكتاب
هذا أخي القارئ ما يسر الله جمعه وتبويبه والتعليق عليه في مسألة تحريف القرآن عند الشيعه الاثنى عشرية .
__________
(1) - روضات الجنات 7/204 .
(2) - لؤلؤة البحرين ص 253 - دار الأضواء - بيروت .
(3) - الذريعة ج3 ص 1265 .
(4) - الكنى والالقاب - 3/95 ترجمة الكفعمي .(37/119)
وأنصح الشيعه الاثنى عشريه إلى قراءة بعض الكتب التي تتكلم عن معتقداتهم مثل :
1 - أصول مذهب الشيعه الاثنى عشريه عرض ونقد للدكتور ناصر القفاري.
2 - مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة للدكتور / ناصر القفاري .
3 - حقيقة الشيعة لعبد الله الموصلي - ط . القاهرة .
4 - البينات في الرد على أباطيل المراجعات - محمود الزعبي .
5 - كشف الجاني محمد التيجاني ، عثمان التميمي .
6 - أبو هريرة وأقلام الحاقدين - عبد الرحمن الزرعي .
7 - رجال الشيعه في الميزان - عبد الرحمن الزرعي .
ولعل هذه الكتب تكون سبباً بإذن الله إلى هداية الشيعة إلى طريق الحق طريق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد
مراجع أهل السنة
1 - الشفا - القاضى عياض .
2 - ابن قدامه - ( لمعة الاعتقاد ) - الدار السلفية .
3 - (الفرق بين الفرق) - البغدادي - دار الآفاق الجديدة - بيروت .
4 - الفصل بين الملل والنحل .
5 - المعتمد في أصول الدين - القاضي أبو يعلي .
6 - مفاتيح الغيب - الفخر الرازي .
7 - الصارم المسلول - ابن تيمية .
8 - الإتقان في علوم القرآن - السيوطي .
9 - صفحات في علوم القراءات - أبي طاهر عبد القيوم السندي - المكتبة الإسلامية - مكة المكرمة .
10- مباحث في القرآن د. مناع القطان - مؤسسة الرسالة .
11- الشيعة والسنة - إحسان الهي ظهير .
12- أصول مذهب الشيعة - د. ناصر الغفاري .
13- مسألة التقريب بين الشيعة والسنة - د. ناصر الغفاري .
14- ما يجب أن يعرفه المسلم عن عقائد - الأمامية - أحمد الحمدان .
15- بذل المجهود في إثبات تشابه الرافضة باليهود-عبد الله الجميلي .
16 - الشيعة وتحريف القرآن - محمد مال الله
كتب الشيعة :
1 - أصول الكافي ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني-دار التعارف - بيروت .(37/120)
2 - فروع الكافي ،، ،، ،، ،، ،، ،، - دار الأضواء - ،، .
3 - وسائل الشيعه إلى تحصيل مسائل الشريعة محمد بن الحسن الحر العاملي .
4 - من لا يحضره الفقيه محمد بن علي الحسين إبن بابويه القمي (الصدوق) .
5 - بحار الأنوار الجامعه لدرر أخبار الأئمه الأطهار-محمد باقر المجلسي - دار إحياء التراث العربي - مؤسسة التاريخ العربي - بيروت .
6 - مستدرك الوسائل حسين النوري الطبرسي .
7 - الوافي محسن الفيض الكاشاني .
8 - بصائر الدرجات الكبرى في فضل آل محمد (ع)محمد بن الحسن الصفار .
9 - تفسير الصافي محمد بن الفيض الكاشاني - الأعلمي - بيروت .
10- تفسير العياشي محمد بن مسعود العياشي - مؤسسة الاعلمي - بيروت .
11- تفسير القمي على بن إبراهيم القمي - دار السرور - بيروت .
12- تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة الحاج سلطان محمد الجنابذي - الاعلمي - بيروت .
13- البرهان في تفسير القرآن السيد هاشم البحراني - دار الهادي - بيروت .
14- التبيان في تفسير القرآن أبي جعفر الطوسي - مكتب الاعلام الاسلامي - ايران .
15- مجمع البيان في تفسير القرآن أبو علي الفضل الطبرسي - مكتبة الحياة - بيروت .
16- مرآة الأنوار ومشكاة الاسرارأو(مقدمة البرهان في تفسير القرآن ) أبي الحسن الشريف النباطي الفتوني - إيران .
17- البيان في تفسير القرآن أبو القاسم الخوئي - مؤسسة الاعلمي - بيروت .
18- رجال الكشي لأبي عمرو محمد الكشي- تقديم احمد الحسيني.
19- رجال النجاشي لأبي العباس احمد بن علي النجاشي- دار الأضواء- بيروت .
20- لؤلؤة البحرين في الإجازات وتراجم رجال الحديث - يوسف البحراني - الأضواء - بيروت .
21- رجال العلامة الحلي - الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي - دار الذخائر - قم - إيران .
22- روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات - محمد باقر الخوانساري - الدار الإسلامية - بيروت .(37/121)
23- تنقيح المقال - للمامقاني .
24- جامع الرواة - محمد بن علي الأردبيلي - دار الأضواء - بيروت .
25- رجال الطوسي - محمد بن الحسن الطوسي - دار الذخائر - قم - إيران .
26- (الكني والألقاب) عباس القمي .
27- الفهرست - للطوسي .
28- نقباء البشر في القرن الرابع عشر - اغا بزرك الطهراني .
29- أعيان الشيعه - محسن الأمين .
30- طبقات أعلام الشيعه - أغابزرك الطهراني .
31- الذريعة إلى تصانيف الشيعة - أغا بزرك الطهراني .
32- أمل الآمل - محمد بن الحسن الحر العاملي - دار الكتاب الإسلامي - قم - إيران .
33- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة - ميرزا حبيب الله الهاشمي الخوئي مؤسسة الوفاء - بيروت .
34- شرح نهج البلاغة - ميثم البحراني - ط إيران .
35- أكذوبة التحريف أوالقرآن ودعاوي التحريف- رسول جعفريان- قم - إيران .
36- آراء حول القرآن - السيد علي الفاني الأصفهاني - دار الهادي - بيروت .
37- لمحات في تاريخ القرآن - محمد علي - منشورات الاعلمي .
38- عقائد الأمامية - محمد رضا مظفر - دار الصفوة - بيروت .
39- عقائد الاثنى عشرية - إبراهيم الموسوي الذنجاني - الاعلمي - بيروت .
40- الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم - زين الدين أبي محمد علي النباطي - البياضي - المكتبة المرتضوية - إيران .
41 -الأنوار النعمانية - السيد نعمة الله الجزائري - مؤسسة الاعلمي - بيروت .
42- أوائل المقالات في المذاهب المختارات - محمد بن النعمان (المفيد) - دار الكتاب الإسلامي - بيروت .
43- الاختصاص - للمفيد .
44- علل الشرائع - أبي جعفر محمد بن علي (الصدوق) - الاعلمي - بيروت .
45- المراجعات - عبدالحسين شرف الدين الموسوي - الدارالإسلامية - بيروت .
46- الأحتجاج - أبى منصور احمد بن علي الطبرسي - مؤسسة الأعلمي - بيروت .
47- مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول - محمد باقر المجلسي - إيران .(37/122)
48- النجم الثاقب في أحوال الأمام الحجة الغائب - حسين النوري الطبرسي - أنوار الهدى - قم - إيران .
49- تذكرة الأئمة - محمد باقر المجلسي - فارسي - منشورات مولانا - إيران
50- الشيعة - محمد صادق الصدر .
51- تحفة العوام مقبول - منظور حسين . اردو .
52- اصل الشيعه وأصولها - محمد حسين آل كاشف الغطاء - الاعلمي -
بيروت .
53- (الألفين) - ابن مطهر الحلي - الاعلمي - بيروت .
54- الحكومة الإسلامية - الخميني - المكتبة الإسلامية الكبرى .
55- كشف الأسرار - الخميني .
56- مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية - الخميني .
57- فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب - حسين النوري الطبرسي .
58- مشارق الشموس الدرية - عدنان البحراني - المكتبة العدنانية - البحرين .
59- الدرر النجفية - يوسف البحراني - مؤسسة آل البيت - إيران .
60- المصباح - تقي الدين إبراهيم الكفعمي - مؤسسة الاعلمي - بيروت .
61- المسائل السروية للمفيد - المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد .
62- السبعة من السلف - مرتضى السيد محمد الحسيني - المكتبة الثقافية .
63- الناسخ والمنسوخ - كمال الدين العتائقي الحلي - مؤسسة آل البيت -
بيروت .
الفهرس
م
الموضوع
رقم الصفحة
1
مقدمة الكتاب
1
2
الفصل الأول : ( أهل السنة والقرآن الكريم)
4
3
الفصل الثاني : ( الشيعة والقرآن الكريم )
8
4
أولا : علماء الشيعة المصرحون بأن القرآن محرف وناقص
علي بن إبراهيم القمي
نعمة الله الجزائري
محمد الفيض الكاشاني
احمد بن منصور الطبرسي
محمد باقر المجلسي
محمد بن النعمان ( المفيد )
أبو الحسن العاملي .
سلطان الخرساني
عدنان البحراني
يوسف البحراني
النوري الطبرسي
حبيب الله الهاشمي الخوئي
الميثم البحراني
العلماء الموثقين لدعاء صنمي قريش
محمد بن يعقوب الكليني
محمد بن مسعود العياشي
محمد بن حسن الصفار(37/123)
المقدس الأردبيلي
كريم الكرماني
الهندي السيد دلدار علي
محمد تقي الكاشاني .
9
9
11
14
15
17
17
19
27
29
29
30
34
35
35
36
37
37
38
38
38
39
5
ثانيا : علماء الشيعه يقولون ان الروايات التي تطعن في القرآن متواترة ومستفيضة .
40
6
ثالثا : علماء الشيعه يقولون بأن القول بالتحريف من ضروريات مذهب الشيعه .
42
7
رابعا : علماء الشيعه يقولون بأن الشيعه مجمعون على أن القرآن محرف .
43
8
خامسا: لماذا قال الشيعه أن القرآن محرف :
( أ ) عدم ذكر الامامه في القرآن الكريم .
(ب) التناقض بين منزلة الصحابه في القرآن وكتب الشيعه .
(جـ) عدم ذكر اسماء وصفات ومعجزات وفضائل زيارة قبور الأئمة في القرآن .
44
44
53
66
9
سادسا: لما لم يظهر الامام على القرآن الصحيح حين استلم الخلافة .
77
10
سابعا : أين القرآن الصحيح في اعتقاد الشيعه .
78
11
ثامنا : لماذا يقرآ الشيعه هذا القرآن ويتحاكمون إلى أحكامه إذا كان ناقصاً ومحرفاً .
79
12
تاسعا : التحريف والنقص الذي يدعيه الشيعه في القرآن في لفظ القرآن وآياته وسوره وتفسيره وليس في التفسير فقط كما يدعي بعض الشيعه .
80
13
عاشراً: سورة الولاية والنورين اللتان يدعي علماء الشيعه أنهما حذفتا من القرآن الكريم .
81
14
الحادي عشر: بعض علماء الشيعه انكرو التحريف تقيه وليس حقيقة .
84
15
الفصل الثالث : الخوئي والقرآن الكريم الكليني والقرآن الكريم
90
92
16
الفصل الرابع : روايات في كتب أهل السنة يستغلها الشيعه ليتهموا أهل السنة بتحريف القرآن
95
17
الفصل الخامس : تراجم لبعض علماء الشيعة .
* رأي علماء الشيعه بالكتب الاربعة
* محمد باقر المجلسي
* نعمة الله الجزائري
* محمد بن حسن الصفار
* أحمد بن علي الطبرسي(37/124)
* محمد بن النعمان ( المفيد )
* محمد بن الحسين بن بابويه القمي (الصدوق)
* ابي القاسم الخوئي .
* محمد صادق الصدر .
* زين الدين على العاملي النباطي .
* ابي عمرو الكشي .
* محمد بن الحسن الحر العاملي .
* هاشم البحراني
* يوسف البحراني .
* علي بن ابراهيم القمي .
* الخميني .
* محمد بن مرتضى الفيض الكاشاني .
* ابو الحسن العاملي .
* محمد رضا المظفر .
* أغا بزرك الطهراني .
* محمد كاشف الغطاء .
* عبد الحسين شرف الدين .
* النوري الطبرسي .
* محمد بن مسعود العياشي .
* محمد بن على شهر أشوب .
* محمد بن الحسن الطوسي .
* محمد بن يعقوب الكليني .
* ميثم البحراني .
* عدنان البحراني .
* تقي الدين ابراهيم الكفعمي .
112
113
113
115
116
117
118
119
121
122
122
123
123
124
125
125
126
127
128
129
129
130
131
131
133
134
134
135
136
136
137(37/125)
الشيعة : تعريف وأقوال . .
شريف بن علي الراجحي
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدّمة :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين والتّابعين لهم بإحسان إلى يوم الدّين ..أما بعد :
فإن اليهود والنصارى والمشركين وسائر الكفار ، أعداء للإسلام والمسلمين ، وهذه حقيقة يقررها الإسلام ، ويدركها كل من تمسك بإسلامه ودينه ، وهذا العداء مكشوف وواضح وصريح ولا مجال للمراوغة فيه .
وهناك أيضاً أعداء آخرين ، خطرهم كبير ، وشرهم عظيم ، حذّر منهم الإسلام ، وحدد مواصفاتهم القرآن ، وسمّيت سورة باسمهم ، وذكرت في السيرة أخبارهم ، أولئك هم المنافقون المجرمون ، الذين يصافحون بيد ويطعنون بالأخرى ، الذين يظهرون الغيرة على الدّين وهم يحطمونه ، الذين يمشون في ركاب الشّيطان ، يعلنون طاعة الرحمن ، ويضمرون المخالفة والعصيان ، يتحدثون باسم الإسلام وهم أعداءه ، ويدّعون سماحته وهم مسّاحه ، إن فُضح أمرهم ، وكشفت مقالاتهم ، وتبيّنت أهدافهم ، حلفوا بالله ما أردنا وما قصدنا ، يحلفون بالله ليرضى الناس عنهم ، يخادعونهم ويموهون عليهم ، وإذا خلوا إلى بعضهم وإلى شياطينهم كان لسان حالهم ومقالهم :إنّا معكم إنّما نحن مستهزئون .
والمنافقون أصناف عديدون : فمنهم العلمانيّون ، الذين يريدون ديناً حسب مواصفاتهم ومقاييسهم ورغباتهم .. ومنهم الفرق الباطنيّة الهدّامة.. ومنهم عبيد الدّنيا والشّهوات .(38/1)
هذه مقدّمة ومدخل للموضوع المراد الحديث عنه ، وهو عن طائفة رداءها النفاق ، وشعارها الكذب ، ودينها اللعن والتكفير للصّحابة وأتباعهم . ولم لا يُتحدث عنهم ! وهم يخدعون من يجهل حقيقتهم ، ويلبسون لباس الدّين ، ويظهرون التّباكي على قضايا المسلمين ، ويرددون دعوتهم للتقارب ووحدة الصّف ونبذ الخلاف .. إنهم طائفة الشّيعة الرافضة .. وأسأل الله أن يهدي الجميع صراطه المستقيم ، وأن يعز دينه وأولياءه .. وإليك أيها المسلم نبذة مختصرة عنهم :(38/2)
( الشيعة :اسم علم أطلق أولاً على معنى المناصرة والمتابعة ، وفي بادىء الأمر لم يختص به أصحاب علي بن أبي طالب دون غيرهم ، بل أطلق بمعناه هذا على كل من ناصر وشايع علياً ومعاوية – رضي الله عنهما – ودليل ذلك ما جاء في صحيفة التحكيم : هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وشيعتهما .. وأن علياً وشيعته رضوا بعبد الله بن قيس ، ورضي معاوية وشيعته بعمرو بن العاص .. مجموعة الوثائق السياسية محمد حميد الله، وجاء في تاريخ اليعقوبي أن معاوية قال لبسر بن أرطأة حين وجّهه إلى اليمن : امض حتّى تأتي صنعاء فإن لنا بها شيعة ..ثم تميّز به من فضّل إمامة علي بن أبي طالب وبنيه على الخليفة عثمان بن عفان ومن بعده من الأئمة ، مع تفضيلهم إمامة أبي بكر الصّدّيق وعمر بن الخطّاب – رضي الله عن الجميع - ، وفي وقتها لم يكن الخلاف دينياً ولا النزاع قبليّاً ، فكان أبناء علي – رضي الله عنهم – يفدون إلى الحكّام ويصلّون خلفهم ، ومع ذلك لم تتميّز به طائفة مخصوصة بأصول تخالف بها جماعة المسلمين ، إلاّ أنّ المفهوم تطوّر على أيدي بعض المتسترين بالإسلام من أمثال ابن سبأ اليهودي ، مؤجج نار الفتنة بين المسلمين ، وأصبح الاعتقاد بالنّص والوصيّة في الإمامة معيار التّمييز بين الشيعة وغيرهم من فرق الإسلام ، مع القول بعصمة الأئمة وغير ذلك من العقائد الباطلة ، فأصبحت الشيعة بذلك مأوى وملجأ لكل من أراد هدم الإسلام لعداوة أو حقد ، أو لكل من يريد إدخال تعاليم آبائه من يهودية ونصرانية أو زرادشتية وهندوسية أو غيرها ، وهكذا تطورت عقائدهم إلى حد إنكار الكثير من المسلّمات والأسس التي قام عليها الإسلام ، ولذلك أطلق عليهم علماء السلف روافض ،تمييزاً لهم عن الشيعة الأوائل ، ومن أبرز سمات الشيعة بفرقهم أنهم من أسرع الناس سعياً إلى الفتن في تاريخ الأمة قديماً وحديثا ..).(1)
مراحل التشيع وأطواره :(38/3)
1- المرحلة الأولى : كان التشيع عبارة عن حب علي – رضي الله عنه – وأهل البيت بدون انتقاص أحد من إخوانه صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
2- المرحلة الثانية : ثم تطور التشيع إلى الرفض وهو الغلو في علي – رضي الله عنه –وطائفة
ـــــــــــــــــــ
(1) - الموسوعة الميسّرة .. جـ 2 . ص 1094.
من آل بيته(*) والطعن في الصحابة – رضي الله عنهم – وتكفيرهم ، مع عقائد أخرى ليست من الإسلام في شيء ، كالتقية ، والإمامة ، والعصمة ، والرجعة ، والباطنية .
3- المرحلة الثالثة : تأليه علي بن أبي طالب والأئمة من بعده ، والقول بالتناسخ ، وغير ذلك من عقائد الكفر والإلحاد المتسترة بالتشيع والتي انتهت بعقائد الباطنية الفاسدة .
فرق الشيعة :
فرق الشيعة المعاصرة اليوم كثيرة ، الكبرى منها ثلاث هي :
الاثنا عشرية – وهي كبرى الفرق الشيعية .
الزيدية : وهم أتباع زيد بن علي بن الحسين ، ويعتبرون من أقرب الفرق الشيعية لأهل السنة ، ما عدا فرقة منهم تسمى الجارودية ، فهي فرقة من الروافض وإن تسمت بالزيدية ، وموطن الزيدية في اليمن .
الإسماعيلية ،ومنها النصيرية، والدروز ، والبهرة ، والأغاخانية ، وغيرها . وكلها مارقة عن دين الإسلام .
الاثنا عشرية : تعريفهم :
هم الذين يسمون الرافضة والجعفرية نسبة إلى جعفر الصادق ، وسموا بالاثنى عشرية لقولهم باثني عشر إماماً ، ويشكّلون الغالبية العظمى من الشيعة اليوم .
نشأتهم : نشأت الاثنا عشرية في أرض العراق وإيران ، ولهم وجود في الشام ولبنان وباكستان وغرب أفغانستان والأحساء والمدينة ،وتمتد جذورها الفكرية إلى طائفة السّبئية ، والسّبئية هم أول من قال بالنص على خلافة علي – رضي الله عنه – ورجعته ، والطعن في الخلفاء الثلاثة وأكثر الصحابة – رضي الله عنهم – وهي آراء أصبحت فيما بعد من أصول المذهب الاثنى عشري .
ــــــــــــــــــــ(38/4)
(*) فالإسماعيلية تغلو في سبعة من أهل البيت ، والاثنا عشرية في إثنى عشر من أهل البيت ، وتطعن في أهل البيت الآخرين كما تطعن في الصحابة .
أهم عقائدهم :
1- الإمامة : يرون أن إمامة الاثني عشر ، ركن الإسلام الأعظم ، وهي عندهم منصب إلهي كالنبوة ، والإمام عندهم يوحى إليه ، ويؤيد بالمعجزات ، وهو معصوم عصمة مطلقة . وضلالهم في هذا طويل .
2- الطعن في الصحابة : هم يزعمون ردة الصحابة – رضي الله عنهم – إلا ثلاثة أو أربعة أو سبعة ، على اختلاف أساطيرهم ، وكيف يقال مثل هذا القول في أشرف جيل عرفته الإنسانية ، وأفضل قرن عرفته البشرية ، في قوم شهدت لفضلهم آيات القرآن العظيمة،ونصوص السّنة المطهّرة ، ووقائع التاريخ الصادقة .
3- محاولتهم النيل من كتاب الله : لمّا كانت نصوص القرآن لا ذكر فيها لإمامة الاثنى عشر ، كما أنها تثني على الصحابة وتعلي من شأنهم،أسقط في أيديهم وتحيّروا فقالوا لإقناع أتباعهم :أن آيات الإمامة وسب الصحابة قد أسقطت من القرآن ، ولكنّ هذا القول كشف القناع عن كفرهم ، فراحوا ينكرونه ، ويزعمون أنهم لم يقولوا به ، ولكنّ رواياته قد فشت في كتبهم ، وآخر فضائحهم في ذلك كتاب كتبه أحد كبار شيوخهم سمّاه: فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب..، حيث أثبت تواتر هذا الكفر الصريح ، والكذب المكشوف في كتب الروافض ، واعترف بأنّ شيوخهم يؤمنون بهذا الكفر ، فكان هذا الكتاب فضيحة كبرى لهم وعار عليهم أبد الدهر .
4- التّقيّة : وهي أن يتظاهروا لأهل السنة بخلاف ما يبطنون ، وهي النفاق بعينه ، واعتبروها تسعة أعشار الدين ، وقالوا:لا دين لمن لا تقيّة له .ولهم عقائد أخرى باطلة ).(1)
تلك كانت نبذة موجزة عن الشيع الاثنىعشرية ، عسى الله أن ينفع بها .(38/5)
ولعل القارئ أن يتابع الصفحات التالية ويقرأها ، ففيها نظرات في بعض أقوالهم من كتبهم هم ، وفيها بيان لبعض ما عندهم ممّا قد يكون خافياً على كثير من المسلمين ، وقد جعلت التعليق على ما أورده عنهم مسبوقاً بهذه العلامة ( = ) كما جعلت ما أنقله عنهم باللون الأسود .
أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا العمل ، وأن يكتب لنا النجاة يوم الدين .
ــــــــــــــــــــ
(1)- الموجز في الأديان .. ص 122. وما بعدها. باختصار.
شروط :
1-( إن للإسلام شروطاً... والبراءة من الأحزاب تيم وعدي ).
= الإسلام بريء منهم ومن شروطهم الشيطانية..
الخلفاء الراشدون – رضي الله عنهم - :
2-( إشارات لمن يفقه ويعقل إلى أن الأولين التيم والعدي اللذين سيُقدمان غدراً وجوراً... وأنهما سببان لإضلال الأمة ولتخريب الإسلام وتشجيع أهل الكفر والعدوان وأنهما لم يؤمنا بالله طرفة عين ولايحبان الله والرسول ولايحبانهما ).
= أحسبُك عرفت أنهم يقصدون بالتيم والعدي : أبابكر وعمر – رضي الله عنهما – فأيُ دين يعتنقه الشيعة الروافض !!لاشك أنه ليس دين الإسلام ..
3-( كما ورد أن فرعون وهامان وقارون كناية عن الغاصبين الثلاثة فإنهم نظراء هؤلاء في هذه الأمة ، وأن الأول والثاني عجل هذه الأمة وسامريها ).
= هكذا يتحدثون عن الخلفاء الثلاثة – رضي الله عنهم - ..(38/6)
4-( هذا الدعاء رفيع الشأن ، عظيم المنزلة .. الداعي به كالرامي مع النبي في بدر وأحد وحنين بألف ألف سهم : اللهم العن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها وإفكيها وابنتيهما .. اللهم العنهما وأنصارهما .. فعظّم ذنبهما وخلدهما في سقر .. اللهم العنهم بعدد كل منكر أتوه ، وحق أخفوه ، ومنبر علوه ، ومنافق ولّوه .. اللهم العنهم في مكنون السرّ وظاهر العلانية لعناً كثيراً دائباً أبداً دائماً لا انقطاع لأمده ، ولا نفاد لعدده ، يغدوا أوله ولا يروح آخره ، لهم ولأعوانهم وأنصارهم ومحبيهم .. اللهم عذّبهم عذاباً يستغيث منه أهل النار .. قال الكفعمي : هذا الدعاء من غوامض الأسرار ، وكرائم الأذكار .. ووصفه لهذين الصنمين بالجبتين والطاغوتين والإفكين : تفخيماً لفسادهما ، وتعظيماً لعنادهما ، وإشارة إلى ما أبطلاه من فرائض الله ، وعطلاه من أحكام رسول الله .. والصنمان هما : الفحشاء والمنكر ) .
ــــــــــــــــــــ
1- الصراط جـ 2 ص 88 . 2-أنوار الولايه .ص 74 .
3- بحار الأنوار.جـ 24 ص 156 . 4- بحار .. جـ85 ص 260 .
5-( إرجاع الضمير إلى الصنمين .. ثم إنا بسطنا الكلام في مطاعنهما في كتاب الفتن ، وإنما ذكرنا ما أورده الكفعمي ليتذكر من يتلو الدعاء بعض مثالبهما ، لعنة الله عليهما وعلى من يتولاهما ).
6-( وفعل صنما قريش ما فعلاه من غصب الخلافة الظاهرية ).
= أعد قراءة هذه الفقرة وما قبلها بهدوء وتركيز .. ما أعظم عداوتهم لأبي بكر وعمر وعائشة وحفصة وللصحابة وأهل السنة ..- رضي الله عن أزواج نبيه وصحابته – فهل بعد لعنهم وسبهم وتكفيرهم لخير القرون وللأمة ، يجوز التقارب معهم وتمكينهم ؟!..
7-( فالكفر والردّة والنفاق في الأول ، ثم الثاني وهو شر منه وأظلم ، ثم الثالث).(38/7)
= الخلفاء الثلاثة هذه منزلتهم عند الروافض ، فما هي منزلة الروافض في واقعنا!!
8-( وإن الشيخين فارقا الدنيا ولم يتوبا ولم يتذكرا ما صنعا بأمير المؤمنين ، فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ).
= تأكيد لبغض الروافض وتكفيرهم لخلفاء الرسول – صلى الله عليه وسلم - ..
.9-( خروج محبّي الشيخين من النار خلاف القواعد والأخبار ).
= عند الشيعة الروافض : النار للصحابة وأتباعهم فهم فيها خالدون !! ما رأيك أيها المسلم ..
10-( حبتر وزفر : كناية عن أبي بكر وعمر ).
ــــــــــــــــــــ
5- بحار .. جـ 85 ص 268 .
6- بحار .. جـ52 ص 170 .
7-الصراط ..جـ 2 ص 89 .
8- الكافي .. جـ 8 ص 246
9- أنوار الولايه ..ص 69 .
10- التحصين ..ص537 .حاشيه.
11-( فوالله ما أردى الحسين ورهطه وصيرهم فيئاً يحاز ويقسم
سوى حبتر ثم الدلام ونعثل لأنهم في كل ظلم تقدّموا
وتلك التي جاءت تقود عساكراً على جمل يحدوا بها المترنم
وخالفت القرآن ثم تبرجت تبرج أهل الجهل بل هي أعظم
ألا لعن الله المهيمن حبتراً وإبنته تعداد ما الله يعلم
وبعدهما فالعن دلاماً ونعثلاً وهنداً ونغليها ومن مال معهم
فلعنهم :للدين أصلٌ مؤصلٌ ودين بلا أصل فذاك مهدّم ).
= مذهب ودين الشيعة الروافض :أنّ تكفير ولعن الخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين عائشة وحفصة هو أصل مذهبهم ودينهم وركنه !! فمن ترك هذا الأصل والركن فلا دين له !!..
12-( فلم أقل غدرا بل قلت قد كفرا والكفر أيسر من تحريق ولدان
وكل ما كان من جور ومن فتن ففي رقابهما في النار طوقان ).(38/8)
= التكفير هنا لأبي بكر وعمر – رضي الله عنهما – والشيعة الروافض مجالسهم و أحاديثهم وتفاسيرهم وأدعيتهم ونثرهم وشعرهم .. مليئةٌ بتكفير خير القرون ولعنهم ! وعلى الأخص الخلفاء الراشدين ، وأمهات المؤمنين أزواج الرسول الأمين – صلى الله عليه وسلم – فهل يجوز شرعاً أن يمكّن لهؤلاء ؟!..
13-( في عثمان في تسميته نعثل أقوال .. وأنه أتي بالمرأة لتُحدّ فقاربها ثم أمر برجمها .. كان عثمان ممن يُلعب به ويتخنث ).
= قذف وتشويه وكذب وافتراء ، فهل الشيعة الرافضة إلاّ أعداءٌ للإسلام والمسلمين ..
14-( عثمان من الشجرة الملعونة في القرآن ).
= هذا من تفسيرهم الرافضي الشّيطاني الذي يهوي بصاحبه في نار جهنم ..
ــــــــــــــــــــ
11- المنتخب .. جـ 1 ص 135 .
12- الطراط .. جـ2 ص 317 .
13- الصراط .. جـ 2 ص 334 .
14- الصراط .. جـ 2 ص 335 .
15-( ومن البيّن أنّ الخلفاء الثلاثة وأشياعهم من أهل السنة ليسوا من شيعة علي لِما أثبتناه في موضعه من المباينة والمخالفة بينهم وبين أمير المؤمنين ، فيكونون على الباطل ).
= أي يكون الخلفاء الثلاثة وأشياعهم من أهل السنة كفاراً في نظر هؤلاء المرتدّين – ومن المعلوم من الدّين بالضرورة : أنّ علي بن أبي طالب الخليفة الرابع ، من أشياع الخلفاء الثلاثة – رضي الله عنهم وعنه – وليس بينه وبين إخوانه الصحابة الكرام إلاّ المودة والمحبّة والتّرضي والتّرحّم ..
16-( فكن من عتيق ومن غندر أبيّاً بريئاً ومن نعثلا
كلاب الجحيم خنازيرها أعادي بني أحمد المرسلا ).
= عتيق وغندر ونعثل كناية عن الخلفاء الثلاثة ، فأيُّ دين عند هؤلاء !! وهل هُم إلاّ أتباع الشيطان وحزبه وأعوانه { أولئك حزب الشيطان ألا إنّ حزب الشيطان هم الخاسرون } ..(38/9)
17-( عن أبي عبد الله قال : ما بعث الله رسولاً إلاّ وفي وقته شيطانان يؤذيانه ويفتنانه ويضلان الناس بعده .. وأمّا صاحبا محمد فحبتر وزريق ).
= عند الروافض من الكذب والإفتراء بحارٌ ومُحيطات ! وبلا حياءٍ أو خجل ! هكذا وبكل وقاحةٍ يصفون أبابكر وعمر – رضي الله عنهما – بأنهما شيطانان !! وبكل وقاحة أيضاً يصفون ثورتهم ودولتهم !! بالإسلاميّة !! ويُسمّون حزبهم !! حزب الله !! { قاتلهم الله أنّى يؤفكون } ..
18-( لا يموت رجل يرى أنّ عثمان قتل مظلوماً إلاّ لقي الله يوم القيامة يحمل من الأوزار أكثر مما يحمل أصحاب العجل ).
= { قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر }..
19-( ولعمري لقد أدخل أبوكِ وفاروقه على رسول الله بقربهما منه الأذى ).
20-( عن الصّادق : أنهما لم يبيتا معه إلاّ ليلة ، ثم نقلا إلى واد في جهنم يقال له وادِ الدود ).
= الحديث هنا عن أبي بكر وعمر بعد وفاتهما – رضي الله عنهما – !!..
ــــــــــــــــــــ
15- بحار .. جـ 36 ص 187 . 16- الصراط .. جـ 2 ص344 .
17- بحار .. جـ 13 ص 212 . 18- الصراط .. جـ 2 ص 340 .
19- الكافي .. جـ 1 ص 303 . 20- الصراط .. جـ 2 ص 420 .
21-( وحاصل الكلام أنّ آيات الشرك ظاهرها في الأصنام الظاهرة ، وباطنها في خلفاء الجور الذين أشركوا مع أئمة الحق ونصبوا مكانهم ، فقوله سبحانه:{ أفرأيتم اللاّت والعزّى ومناة الثالثة الأخرى} أريد في باطنها :باللات الأول ، وبالعزى الثاني ، وبالمناة الثالث ، حيث سمّوهم بأمير المؤمنين ، وبخليفة رسول الله ، وبالصّدّيق ، والفاروق ، وذي النورين ، وأمثال ذلك ).
= طبعاً هذا تفسيرٌ رافضيٌ شيطاني ، لا تفسيٌر سلفيٌ ربّاني !! تفسيرٌ شيعيٌ شركيٌ وثني ، لا تفسيرٌ سُنّي إسلاميٌ نبوي !!(38/10)
22-( ولمّا قال : أخبرني عن الصّدّيق والفاروق ، أسلما طوعاً أو كرها ؟ لِمَ لَمْ تقل له : بل أسلما طمعاً وبايعاه طمعاً في أن ينال كل واحد منهما من جهته ولاية بلد إذا استقامت أموره واستتبت أحواله ، فلمّا أيسا من ذلك تلثما وصعدا العقبة مع عدّة من أمثالهما من المنافقين ، على أن يقتلوه ).
= الصحابة في نظر الشيعة : كفار ومنافقين ومؤذون لنبيّهم وأرادوا قتله !!
23-( عن أبي الحسن الرضا قال : أما سمعت قول الناس : فلان و فلان شمس هذه الأمة ونورها ، فهما في النار ، والله ما عنى غيرهما الخبر ).
= تأكيد لعداوتهم للصديق والفاروق – رضي الله عنهما ولعن من آذاهما - ..
24-( وأنّ أبا جعفر رمى الجمرات ، قال : فاستتمها ، ثم بقي في يده بعدُ خمس حصيّات ، فرمى اثنتين في ناحية وثلاثة في ناحية ، فقال له جدّي : جعلت فداك ، لقد رأيتك صنعت شيئاً ما صنعه أحدٌ قط ! رأيتك رميت الجمرات ثم رميت بخمسة بعد ذلك ، ثلاثة في ناحية واثنتين في ناحية ! قال نعم : إنه إذا كان كل موسم أخرج الفاسقين الغاصبين ثم يُفرّق بينهما ها هنا ، لا يراهما إلاّ إمامٌ عدل ، فرميت الأول اثنتين والآخر ثلاثة ، لإن الآخر أخبث من الأول ).
= حتّى في الحجّ لم يسلم من أذاهم صدّيق الأمة وفاروقها !!
ــــــــــــــــــــ
21- بحار .. جـ 48 ص 96 .
22- كمال الدين ..ص 422 .
23- بحار .. جـ 7 ص 120 .
24- بصائر الدرجات .. ص 273 .
25-( وقد تشيّع السلطان خدابنده ، وكان من كمال إيمانه وعقله : أن كتب الثلاثة على أسفل نعله).
= من هذا نعلم : أن الرافضي إذا أراد لإيمانه وعقله الكمال ، فما عليه سوى أن يكتب أسماء الخلفاء الثلاثة أسفل نعله !! والسؤال هو : هل الرافضة عندهم إيمان أو عقول ؟ والجواب: قرر أئمة الإسلام أن الرافضة لا إيمان عندهم ولاعقول.وفي كتاب منهاج السنة النبويّة لشيخ الإسلام ابن تيمية تقرير ذلك وفضح الرافضة ..(38/11)
عائشة وحفصة – رضي الله عنهما - :
26-( قالوا : برأها الله في قوله :{ أولئك مبرؤون مما يقولون } ، قلنا : ذلك تنزيهٌ لنبيّه عن الزنا لا لها ).
= قالوا : أي أهل السنة .. قلنا : أي الرافضة .. والكلام هنا عن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – فنستفيد : أن الرافضة ينفون عنها البراءة من الزّنا !! فما هو موقف المسلم المتمسك بدينه من هؤلاء ؟..
27-( وأما قوله :{ إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لاتحسبوه شراً بل هو خير لكم } ، فإن العامة روت أنها نزلت في عائشة وما رميت به في غزوة بني المصطلق ، وأما الخاصّة فإنهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عائشة ).
= العامّة : أي أهل السنة .. الخاصة : أي الرافضة .. وها أنت ترى أن الرافضة لم يكتفوا بالتصريح بعدم براءة أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – بل أضافوا تهمة أخرى هي القذف !! وكذبهم لا ساحل له !! ولذا فهم يروون أن إمامهم المعدوم الذي ينتظرون خروجه سيقيم الحدّ على أم المؤمنين بعد أن تُرد إلى الحياة !! وبالتالي فإنها حسب رواياتهم ستُجلد حدّين : الأول للزنا والثاني للقذف !!! { قاتلهم الله أنّى يؤفكون }. ورحم الله الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهّاب حيث يقول :[ ومن يقذف الطّاهرة الطّيبة أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين - صلى الله عليه وسلّم ـــــــــــــــــــ
25- الصراط .. جـ2 ص 427 .
26- الصراط .. جـ 2 ص 469 .
27- بحار .. جـ 22 ص 154 .
في الدّنيا والآخرة كما صحّ ذلك عنه ، فهو من ضرب عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين ، ولسان حال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : يا معشر المسلمين من يعذرني فيمن آذاني في أهلي !!{ إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبينا }(38/12)
فأين أنصار دينه ليقولوا نحن نعذرك يا رسول الله !! فيقومون بسيوفهم إلى هؤلاء الأشقياء الذين يكذّبون الله ورسوله ويؤذونهما والمؤمنين : فيُبيدونهم ويتقرّبون إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ويستوجبون بذلك شفاعته ، اللهم إنا نبرأ إليك من قول هؤلاء المطرودين ].(*)
28-( فصلٌ في أم الشرور ).
= هذا عنوانٌ في كتاب لهم عند بداية كلامهم عن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها - ..
29-(الفتنة تخرج من ههنا من حيث تطلع قرن الشيطان.وأشارإلى مسكن عائشة).
= هل هؤلاء الكذّابون المعتدون يُوالون ويُمكنون أم يُعادون ويُبعدون ..
30-( فقال لا طاقة لي بكلام هذه الفاجرة ).
= لقد آذوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أيّما إيذاء !!..
31-( فقامت من الدّار شيطانة تنادي بلالاً نداءً حفيّا
يصلّي عتيقك بالمسلمين فجاءت بذلك أمراً فريّا ).
= أترك التعليق لإيمانك وغيرتك ..
32-( فإن أكثر الروايات المذكورة تنتهي إلى عائشة… وسيأتي في أخبارنا من ذمّها والقدح فيها وأنها كانت ممن يكذب على رسول الله… وبالجملة بغضها لأمير المؤمنين أولاً وآخراً هو أشهر من كفر إبليس ، كما أنه كاف في الدّلالة على كفرها ونفاقها ).
= قاموس من الشتائم والألفاظ البذيئة القذرة ، يتفوه بها الروافض ذوي القلوب الفاجرة ، والعقيدة الخاسرة ، والرّدّة الظاهرة . ضدّ خير الناس وخير القرون. وسبحان الله : أهذا هوالإسلام بزعمهم !! أم هذا يرضي الله عز وجل !! أم هذا يحبه ويرضاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- !! ..
ــــــــــــــــــــ
(*)- رسالة في الرد على الرافضة .ص 25./ 28- الصراط ..جـ 2 ص 465 ./29- الصراط ..جـ 2 ص 468 . 30- الصراط ..جـ 2 ص 350 ./ 31-الصراط ..جـ 2 ص 439 ./ 32- بحار .. جـ 28 ص 149 .
33-( كما طلّق أمير المؤمنين عائشة لتخرج من عداد أمّهات المؤمنين ).(38/13)
= الروافض غارقون في بحار من الكذب والظّلمات والضلالات !! ..
34-( فصلٌ في أختها حفصة . طلّقها النبي … قال الصّادق : كفرت ).
= هؤلاء الروافض كما قال العلماء : بذرة نصرانية ، غرستها اليهوديه ، في أرض مجوسيه . دينهم الكذب والكفر والنفاق ، آذوا أهل البيت ونسبوهم إلى كل سوء ، وقولوهم ما لم يقولوه . و[قد ثبت إجماع الأئمة من أهل البيت على تحريم سبّ الصحابة ، وتحريم التكفير والتفسيق لأحد منهم ].(*). وكذلك بالنسبة لأمهات المؤمنين ..
35-( فطلّق حفصة ).
= يقول الشوكاني – رحمه الله -: [ وأمّا تسرّع هذه الطائفة – الرافضة – إلى الكذب وإقدامهم عليه والتّهاون بأمره ، فقد بلغ من سلفهم وخلفهم إلى حدّ الكذب على الله وعلى رسوله وعلى كتابه وعلى صالحي أمته ، ووقع منهم في ذلك ما يقشعرّ له الجلد ].(**).
36-( قوله تعالى :{ ضرب الله مثلاً للذين كفروا }.. لا يخفى على الناقد البصير والفطن الخبير ما في تلك الآيات من التعريض بل التصريح بنفاق عائشة وحفصة وكفرهما ).
= هذا هو موقف الروافض من الطيّبات الطاهرات ، أمهات المؤمنين ، وأزواج رسول ربّ العالمين ، فما هو موقفك منهم !! ..
ــــــــــــــــــــ
33- بحار ..جـ 27 ص 293 .
34- الصراط ..جـ 2 ص 472 .
(*)- إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي . ص 50 .
35- بحار ..جـ 22 ص 229 .
(**)- أدب الطّلب .. ص 148 .
36- بحار ..جـ 22 ص 233 .
متفرقات :
37-( عن جعفر بن محمد قال : ما من مولود إلاّ وإبليس من الأبالسة بحضرته ، فإن علِم الله أنه من شيعتنا ، حجبه من ذلك الشيطان ، وإن لم يكن من شيعتنا أثبت الشيطان أصبعه السبّابة في دُبُره ، فكان مأبوناً ، فإن كانت امرأة أثبت في فرجها فكانت فاجرة ).(38/14)
= المأبون أي : المنكوح .. وحسب روايتهم هذه وغيرها ، فإن الأمة الإسلامية في نظر هؤلاء الروافض كفار ، وهم ما بين منكوح وفاجرة !! فكيف يكون مع هؤلاء تقارب !! وكيف يمكن الوثوق بهؤلاء !! وما هو موقفك أيّها السني !! ..
38-( عن جعفر بن محمد قال : ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله ، أبوهريرة وأنس بن مالك وامرأة ).
39-( نعم يفترق الإمامية عن غيرهم هنا في أمور : منها : أنهم لا يعتبرون من السنة إلاّ ما صحّ لهم من طرق أهل البيت عن جدّهم .. وأمّا ما يرويه مثل أبي هريرة وسمرة بن جندب .. ونظائرهم ، فليس لهم عند الإمامية من الإعتبار مقدار بعوضة وأمرهم أشهر من أن يُذكر ).
= امرأة : يريدون بها عائشة - رضي الله عنها وعن أبي هريرة وأنس وسمرة -.. وما أقبح حال هؤلاء الروافض ، فإنهم [ دائما يعمدون إلى الأمور المعلومة المتواترة ينكرونها ، وإلى الأمور المعدومة التي لا حقيقة لها يثبتونها ، فلهم أوفر نصيب من قوله تعالى :{ ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذّب بالحق }. فهم يفترون الكذب ، ويُكذّبون بالحق ، وهذا حال المرتدّين ].(*).و[ ما زال العلماء يقولون : إن الرفض من إحداث الزنادقة الملاحدة الذين قصدوا إفساد الدين : دين الإسلام ، ويأبى الله إلاّ أن يتم نوره ولو كره الكافرون ، فإن منتهى أمرهم تكفير علي وأهل بيته بعد أن كفروا الصحابة والجمهور ].(**).
ــــــــــــــــــــ
37- بحار ..جـ 4 ص 121 .
38- بحار ..جـ 22 ص 102 .
39- أصل الشيعة ..ص 164 .
(*)- مختصر منهاج السنة ..جـ 1 ص 332 .
(**)- مختصر منهاج السنة ..جـ 2 ص 778 .
40-( قال فيه أبو عبد الله جعفر بن محمد … ولعن الله صهيباً فإنه كان يعادينا ، وفي خبر آخر كان يبكي على عمر ).(38/15)
= [ قال الإمام مالك – رضي الله عنه - : إنما هؤلاء قوم أرادوا القدح في النبي - صلى الله عليه وسلم – فلم يمكنهم ذلك ، فقدحوا في أصحابه حتى يقال : رجل سوء ، ولو كان صالحاً كان أصحابه صالحين ].(*).[ وقد رأينا في كتبهم من الكذب والافتراء على النبي – صلى الله عليه وسلم – وصحابته وقرابته أكثر مما رأينا من الكذب في كتب أهل الكتاب من التوراة والإنجيل ].(**). و[ النقل الثابت عن جميع علماء أهل البيت ، من بني هاشم ، من التابعين وتابعيهم ، من ولد الحسين بن علي ، وولد الحسن – رضي الله عنهما – وغيرهما ، أنهم كانوا يتولّون أبا بكر وعمر – رضي الله عنهما – وكانوا يفضلونهما على عليّ – رضي الله عنه – والنقول عنهم ثابتة متواترة ].(***).
41-( عن أبي عبد الله في تزويج أم كلثوم قال: إن ذلك فرج غصبناه ).
= لمّا كان زواج عمر بن الخطاب من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب – رضي الله عنهم – دليلاً على الألفة والمودّة والمحبّة ، وصفعة في وجوه الروافض المفسدين ، وهدماً لما أسسّوه من كفر الصحابة ومعاداتهم لأهل البيت ، أسقط في أيديهم ..- لأن هذا الزواج مبطلٌ لمذهبهم ، ناقض لمعتقدهم -.. فبحثوا لهم عن مخرج !! فقالوا : إن ذلك فرج غصبناه !! قبّح الله الروافض .. ما أعظم إهانتهم لأهل البيت !! وما أسوأ قولهم في الصحابة !! وما أشدّ تنقصهم لعلي وأبناءه !! وهل قولهم هذا إلاّ إهانة وتحقير لأهل البيت !!
ومما لا شكّ فيه ولا ريب : أن أهل البيت بريئون من مذهب الروافض ومما ينسبونه إليهم كذباً وزوراً وبهتانا..و[ أهل البيت لم يتفقوا – ولله الحمد – على شيء من خصائص مذهب الرافضة ، بل هم المبرؤون عن التدنس بشيء منه ].(****).
ــــــــــــــــــــ
(*)- الصارم المسلول ..جـ 3 ص 1088 . 40- بحار ..جـ 22 ص 141 .(38/16)
(**)- مجموع فتاوى شيخ الإسلام ..جـ 28 ص 482 . 41- الكافي ..جـ 5 ص 346 .
(***)- مختصر منهاج السنة ..جـ 2 ص 772 .
(****)- مختصر منهاج السنة ..جـ 2 ص 771 .
42-( ثم تنفس أبو عبد الله وقال : يا مفضل إن بقاع الأرض تفاخرت ففخرت كعبة البيت الحرام على بقعة كربلاء ، فأوحى الله إليها : أن اسكني كعبة ولا تفتخري على كربلاء ).
43-( ومن حديث كربلا والكعبة لكربلا بان علو الرتبة
وغيرها من سائر المشاهد أمثالها بالنقل ذي الشواهد ).
44-( أكثر من الصلاة في المشاهد خير البقاع أفضل المعابد
لفضلها اختيرت لمن بهنّ حلّ ثم بمن قد حلّها سمى المحلّ
والسّر في فضل صلاة المسجد قبر لمعصوم به مستشهد ).
= كربلاء في دينهم الباطل أفضل من الكعبة ، ويفترون على الله الكذب وهم يعلمون ، ولا يخجلون ، ولا يستحون ، بل ويزعمون أن الأماكن التي فيها قبور تعبد ، ويسمونها المشاهد ، أفضل من الكعبة ، ويقرر ذلك الشرك والكفر علمائهم ودجّاليهم وكذّابيهم ..
45-( قال أمير المؤمنين : خالطوهم بالبرّانية - يعني في الظاهر - وخالفوهم في الباطن ).
= هكذا يُسيئون إلى علي – رضي الله عنه – ويحطّون من قدره ، ويصمونه بالجبن والخور والذّلة ، وينسبون إليه - كذباً وبهتاناً – ما يقدح في منزلته ومكانته ويصورونه داعيةً للنفاق باسم التقية !! وعلي – رضي الله عنه – وأهل البيت بريئون مما تنسبه إليهم الرافضة براءة الذئب من دم يوسف – عليه السلام – بل على وجه التحقيق : فإن الرافضة تكفره وتكفر أهل البيت لأنهم لا يقولون بما تقوله الرافضة من شركيات وكفريات وضلالات !! ..
46-( لاشكّ بأن الأدعية الواردة عن أئمة أهل البيت من أرقى وأعظم الدعوات ، كيف لا وهي : تحت كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ).(38/17)
= إذا كانت تحت كلام الخالق وفوق كلام المخلوق فماذا تكون ؟!! وهل هذا إلاّ الهذيان والتخريف والتضليل !! وأمّا أنها واردة عن أهل البيت فهذا عين التزوير والكذب .. فأسانيد الرافضة إن وجدت !! ففيها كل العلل والقوادح ، الموجبة لإسقاط رواياتهم ، ونسف دينهم ، وهدم مذهبهم ، و[ لا يوجد لهم أسانيد متّصلة صحيحة قطّ ].(*).
ــــــــــ
42- حق اليقين ..جـ 2 ص 39 . / 43- مفاتيح الجنان ..ص 395 . / 44- أنوار الولاية ..ص 439 .
45- الخصال ..ص 197 . / 46- مقدمة مفاتيح الجنان ..ص 3 . /(*)- مختصر منهاج السنة ..جـ 2 ص 629 .
خاتمة(38/18)
يدعى فيها كل مسلم ومسلمة إلى القيام بما أمرهم الله به ، من أداء الواجبات وترك المحرمات ، والاستعداد للقدوم على رب الأرض والسماوات ، وتحقيق التوحيد قولاً وعملا ، وتطبيق الإسلام حياةً ومنهجا ، والاقتداء برسول الله – صلى الله عليه وسلم – حقيقةً وواقعا ، والثبات على الحق ولو كثر المخالفون ، والدعوة إلى الهدى مهما خذّل المخذّلون ، ونصح الخلق وإن كره الكارهون ، ونصرة دين الله بلا خوف أو خجل ، وطلب رضى الله والجنة بلا تواني ولا كسل ، والابتعاد عن غضب الله والنار بكل قول وعمل ، وعدم الركون إلى الدنيا ونسيان الله ، والحرص على وقاية النفس والأهل ناراً وقودها الناس والحجارة ، فإن كلاً منّا راعٍ والله سائله عمّا استرعاه ، وتربية النفس والأهل على الغيرة على الإسلام وأهله ، وبذل النفس والنفيس في سبيل عزّه ، والغضب إذا انتهكت حرمات ربّه ، وإخلاص الدين لرب العالمين ، وموالاة المسلمين ، والبراءة من الكفار أجمعين ، وتعلم دين الله وتعليمه ، وشرح التوحيد وتبيينه ، وتهذيب الخُلق وتزيينه ، والتوبة الصادقة إلى ربّ العباد ، ومراقبة الله في جميع الأوقات والبلاد ، وتحقيق محبّة الله في الأعمال وفي الفؤاد ، والاشتياق إلى جنّةٍ عرضها السماوات والأرض ، وتذكّر الموت وما بعده وأهوال يوم العرض ، والابتعاد عن الظّلم والأذى فإنه دينٌ وقرض ، والأمر بالمعروف والنهيّ عن المنكر ، والرضى بما قضاه الله وقدّر ، ودُعاءُ الله بصدق وإلحاح أشدّ وأكثر ، والإقبال على النفس وتهذيبها ، والأخلاق وتقويمها ، والأخطاء وتصويبها ، وتخليص البيوت من الوسائل الشيطانية ، وإقامتها على الطريقة الرّبانية ، وتزيينها بالتربية الإسلامية ، والشعور بمصائب المسلمين ، والمشاركة في نصرهم وعونهم تطبيقاً للشرع والدّين ، والمؤازرة للعلماء والدعاة الصالحين المصلحين المخلصين ، والدفاع عن حملة هذا الدين ، أصحاب النبي الأمين – صلى الله عليه وسلم -(38/19)
، وأزواجه الطاهرات الطيّبات أمّهات المؤمنين ، والتابعين لهم بإحسانٍ وتابعيهم إلى يوم الدين ، والرّد على منتقصهم والمتعرض لهم ، وفضح أعداءهم ، وعدم التّهاون والتّميّع مع المعتدي على أعراضهم ، والإكثار من ذكر الله والصّلاة ، والمداومة على الباقيات الصالحات، والحذر من أهل الفساد والموبقات .. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ..
شريف بن علي الراجحي
كتب أهل السنة: المراجع
م
الكتاب
المؤلف
الناشر
الطبعة
1-
الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة
د. ناصر القفاري د. ناصر العقل
دار الصميعي .الرياض
الأولى 1413هـ
2-
الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة
الندوة العالمية للشباب الإسلامي
دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع.الرياض
الثالثة 1418هـ
3-
إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي
الإمام العلاّمة محمد بن علي الشوكاني
دار المنار للنشر. الرياض
الأولى 1413 هـ
4-
أدب الطلب ومنتهى الأرب
الشيخ محمد بن علي الشوكاني
دار ابن حزم. بيروت
الأولى 1419هـ
5-
الصارم المسلول على شاتم الرسول
شيخ الإسلام ابن تيمية
رمادي للنشر. الدمام
الأولى 1417هـ
6-
رسالة في الرد على الرافضة
الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
1398 هـ
7-
مختصر منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية
اختصره الشيخ عبد الله الغنيمان
مكتبة الكوثر.الرياض دار الأرقم .
الأولى 1411 هـ
8-
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية
جمع وترتيب عبد الرحمن القاسم
دار عالم الكتب .الرياض
1412 هـ(38/20)
كتب الشيعة الرافضة :
م
الكتاب
المؤلف
الناشر
الطبعة
1-
الكافي
محمد بن يعقوب الكليني. شيخ الشيعة في وقته.
طبعة طهران .
2-
الخصال
الصدوق محمد بن بابويه القمي.
مؤسسة النشر الإسلامي. قمّ.
1403 هـ
3-
المنتخب في جمع المراثي والخطب.
الإمام الكبير والمصنف الشهير فخر الدين الطريحي النجفي.
مؤسسة الأعلمي للمطبوعات . بيروت.
الأولى 1412 هـ
4-
أنوار الولاية.
العلاّمة الحجة آية الله العظمى الآخوند ملاّ زين العابدين الكلبايكاني
1409 هـ
5-
التحصين لأسرار ما زاد من أخبار اليقين
علي بن طاووس الحلّي
مؤسسة الثقلين. توزيع دار العلوم . بيروت
الأولى 1410هـ
6-
الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم .
العلاّمة المتكلم الشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي .
مؤسسة أهل البيت . بيروت
1409 هـ
7-
أصل الشيعة وأصولها
الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء
دار الأضواء. بيروت
الثانية 1413هـ
8-
بحار الأنوار
العلاّمة محمد باقر المجلسي
طبعة طهران
9-
بصائر الدرجات
شيخ القميين محمد بن الحسن الصفار
مؤسسة النعمان بيروت
الثانية 1412هـ
10-
حق اليقين في معرفة أصول الدين
العلاّمة الأكبر عبد الله شُبّر
دار الأضواء. بيروت
11-
كمال الدين وتمام النعمة
رئيس المحدثين محمد بن بابويه القمي
مؤسسة الأعلمي. بيروت
الأولى 1412هـ
12-
مفاتيح الجنان
عباس القمي
مؤسسة الأعلمي
1412هـ
******************
******************(38/21)
الشيعة
( شاهدين على أنفسهم بالكفر)
د. ضياء الدين الكاشف
فهرس
المقدمة
نشأة التشيع
تعريف الشهرستاني للشيعة
أصول الشيعة البدعية والشركية
نماذج تطبيقية لبعض عقائدهم الشركية
شذوذات وآراء الخميني الفقهية
الحكم على الشيعة
فتوى الألباني في الخميني
وقفات مضيئة مع كتاب الخمينية لسعيد حوى
وشهد شاهد من أهلها
كتاب كشف الأسرار وتبرئة الأئمة الأطهار للعالم الشيعي حسين الموسوي
أفنجعل المسلمين كالمجرمين
دور الشيعة في إسقاط بغداد قديماً وحديثاً
أكاذيب وأفترءات أئمة الشيعة على مصر وأهلها
الخاتمة
المراجع
المقدمة
الحمد لله الرحيم التواب .. الهادي إلى الصواب .. غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك،الوهاب .. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى سائر الآل والأصحاب .. وسلم تسليماً كثيرا
فقد أظهرت أحداث الحرب اللبنانية الأخيرة وتفاعل الجماهير المسلمة معها أن مشاعر الأمة الإسلامية صار يحركها حقيقة واحدة لا خلاف عليها وهي الشعور بالعداء المستحكم لليهود والكيان الصهيوني بنص القرآن الكريم (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا). وهي حقيقة واضحة جلية مستفيضة بين جماهير الأمة بل وتزداد حدتها وضراوتها في قلوب المسلمين لما يتعرضون له ويكابدونه من دولة الكيان الصهيوني على مدار أكثر من خمسة عقود.(39/1)
أما ما غاب عن وعي الأمة وأدى إلى إنحراف مسارها فهي حقيقة الكيان الشيعي (الروافض) ومدى عدائه وكيده لأهل السنة من المسلمين وكأن الأمة في حالة من الإغماء والسكرة فلا تكاد تعلم عن أصولهم الكفرية وعقائدهم الشركية شيئاً ( فهم يكفرون الصحابة وأمهات المؤمنين ويتقولون على الله سبحانه وتعالى بالبداء ويقولون بأفضلية أئمتهم على الأنبياء والرسل وعقيدة الرجعة وشرك القبور والعتبات وما هو أفظع من ذلك بكثير ) وما يقوم به المحور الإيراني العراقي السوري اللبناني من مخططات معادية لأهل السنة في المنطقة ( قتلت الميليشيات وفرق الموت الشيعية أكثر من مائة ألف سني بالعراق وحدها ) .
قال تعالى : ( فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا ) وقال تعالى : ( ولا تكن للخائنين خصيما ).
وللأسف استغل البعض عن جهل أو بحسن نية الشعور بالفرحة والتعاطف مع كل نكاية تقع في صفوف الصهاينة والتضامن مع المقاومة ضد الكيان الصهيوني لترويج وتسويق حزب الله اللبناني المنشأ الإيراني الولاء دون أي اعتبار لعملية التوازن المطلوب بين عقيدة هذا الحزب الشاذة وأهدافه وبين صموده أمام الجيش الإسرائيلي ودون مراعاة انزلاق بعض أهل السنة في التشيع ليسقطوا كالفراش المتهافت في النار ، وتعامي هؤلاء المروجين للحزب الشيعي عن مذابح أهل السنة بالعراق وعما تعرضت له من خيانات على أيدي أئمتهم بلغت فتح أبواب بغداد للقوات الأمريكية واستقبالها بنثر الورود وكأن التاريخ يعيد نفسه لزمن ابن العلقمي الوزير الشيعي الخائن وتواطؤه مع التتار لإسقاط بغداد كما تغاضى هؤلاء المروجين لحزب الله الشيعي عن موقف حسن نصر الله المتخاذل وعدم إدانته للغزو الأمريكي للعراق ولو بكلمة واحدة !!(39/2)
فكان لزاماً علينا في هذه الرسالة الموجزة كشف حقيقة الشيعة والتشيع وتقديم أصولهم الكفرية من خلال مصادرهم الخاصة بهم مع عرض للحكم الشرعي عليهم من كبار علماء السلف والخلف حتى يصير أهل السنة والجماعة على يقين تام بأنهم هم الفرقة الناجية التي تحدث عنها المعصوم عليه الصلاة والسلام فيحمدوا الله على ذلك حمداً كثيراً.
( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب )
نشأة التشيع
نشأ المذهب الشيعي على يد الزنديق المنافق عبدالله ابن سبأ اليهودي الذي أظهر الإسلام وكان يبطن الكفر لهدف إفساد الإسلام وعقائده كما فعل بولس بدين النصارى وقد سعى في إشعال فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه ، ولما قدم على الكوفة أظهر الغلو في علي فزعم أولا أنه نبي ثم قال أنه الإله في الحقيقة وكان يدعو الخلق إلى مقالته فأجابته جماعة فلما رفع خبرهم إلى علي رضى الله عنه أمر بحفر حفرتين وكان يحرقهم فيهما.
وهرب عبد الله ابن سبأ وبعد أن قتل الإمام علي قال ابن سبأ أن علي حى لم يقتل ولم يمت وعن قريب ينزل من السماء وينتقم من أعدائه ووافقه ابن السوداء في مقالته وكانا يقولان إذا نزل علي رضى الله عنه من السماء تفتح له عينان في مسجد الكوفة أحدهما من العسل والاخرى من السمن وشيعته يأكلون منها إنتهى كلام ابن القيم رحمه الله.
ثم ما لبث أن سرى هذا الداء في العالم الإسلامي تحت ستار الكيد والتآمر والخداع وامتلء تاريخ الأمة الإسلامية بغدرات وخيانات الشيعة فطالما تواطؤا مع اليهود والصليبيين والتتار على مدار جميع العصور حتى يومنا هذا.(39/3)
ويتركز الوجود الشيعي الآن في إيران حيث تعد عقيدة الشيعة الإمامية هى العقيدة الرسمية للدولة ودعاة التشيع في هذا العصر يشكلون خلايا سرية تعمل بنشاط ومعها خطة مدروسة وتمويل إيرانى ضخم بواسطة سفاراتها وقنصلياتها المنتشرة في جميع أنحاء العالم مغررون بالبعض بدعوى ( حب آل البيت ) وبالأموال و المنح الدراسية واباحة نكاح المتعة وغير ذلك.
والدعوة إلى التشيع أخذت شكلا أكثر جرأة وبدأت تطرح نفسها من خلال دعوى التقريب بين المذاهب الإسلامية فأطلت الفتنة بقرنيها من خلال شيوع كتب الشيعة وانتشارها فبعد أن استغلت الشيعة مهارا تها في التقية لقرون طويلة حتى خفي أمرها على كثير من العلماء كشفت عشرات الكتب الحديثة اليوم عن الوجه القبيح والأصول البدعية والشركية في إعتقاد الشيعة ولذا مع توافر هذه المراجع والكتب التى لم تعهد من قبل فنلزم أنفسنا من خلال هذه الدراسة الموجزة أن تكون ركائزها هى التعرف على حقيقة عقائدهم الشاذة مع عزو كل ما نذكر إلى كتب الشيعة الموثقة عندهم دون زيادة أو نقصان لأن الحجة على كل طائفة إنما تقام بما تصدقه وتؤمن به.
أخرج الطبراني باسناد حسن وحسنه الهيثمي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال ( يا علي سيكون في أمتى قوم ينتحلون حب أهل البيت لهم نبز، يسمون الرافضة قاتلوهم فإنهم مشركون )
تعريف الشهرستانى للشيعة
( الشيعة هم الذين شايعوا علياً رضي الله عنه على الخصوص وقالوا بإمامته وخلافته نصاً ووصية إما جلياً او خفياً واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج عن أولاده وإن خرجت فبظلم يكون من غيره اوبتقية من عنده ) الملل والنحل للشهرستاني ج1ص144.
وقد كان الشيعي الغالي في زمن السلف وعرفهم هو من تكلم في عثمان والزبير وطلحه ومعاويه رضى الله عنهم وطائفة ممن حارب علياً رضى الله عنه وتعرض لسبهم .(39/4)
والشيعي الغالي في زماننا وعرفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادة ويتبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر مرتد ضال مفتر (ميزان الإعتدال للذهبي ج1 ص 605).
يقول الحافظ ابن حجر من قدم علي بن أبي طالب على أبي بكر وعمر فهو رافضي ..
أصول الشيعة البدعية والشركية
أولاً مذهبهم في الإمامة : تعتقد الشيعة بأن أئمتهم معصومون من جميع المعاصى الصغيرة والكبيرة حتى السهو والنسيان وأن لهم سلطة كاملة للتقية وهم محيطون علماً بكل شئ يتصل بالشريعة !!!
قال الخميني (إن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لايبلغه ملك مقرب ولا نبى مرسل !!! ) ( كتاب الحكومه الإسلامية للخميني)
وهم يقولون أن الإمامة وصية لعلي بن أبي طالب ثم لسلالته من بعده وكلما مات إمام نص على من يخلفه بوحى من الله.
ثانياً القول بالرجعة : ذهبت أكثر فرق الشيعة إلى القول برجوع أئمتهم إلى الحياة بعد موتهم ويقولون أنهم غائبون وسيرجعون وعقيدة الرجعة عند الشيعة خاصة برجعة الإمام عند بعض فرقهم كالسبئية والكيسائية أما عند الإثنى عشرية فهى عامة للإمام وكثير من الناس. ( أصول المذهب الشيعي)
ثالثاً القول بالتقية : (كتمان الحق وستر الإعتقاد عن المخالفين ) مستدلين عليها بقوله تعالى ( إلاأن تتقوا منهم تقاة ) .
وهناك أكثر من فارق بين التقية عند أهل السنة التى تعتبر رخصة في حال الإضطرار فقط.
أما عند الشيعة فهى من أركان الدين كالصلاة أو أعظم قال ابن بابويه وهو من شيوخ الشيعة ( إعتقادنا في التقية أنها واجبة من تركها بمنزلة من ترك الصلاة ) كتاب الإعتقادات للقمي ص114.
بل غالى بعضهم في التقية فقال إنها الدين كله و أنه لا دين لمن لا تقية له وأن ترك التقية ذنب لا يغفر كالشرك بالله ( كتاب بحار الأنوارج75 ص415 ).
والتقية عند أهل السنة تكون مع الكفار غالباً أما عند الشيعة فهى مع المسلمين لاسيما أهل السنة !!(39/5)
رابعا القول بالبداء (حاشا لله) : والمقصود بالبداء عندهم أنهم يجوزون أن يريد الله شيئاً ثم يبدو له خلافه أي يظهر له مالم يكن ظاهراً فيغير خبره وأمره الذي بدا له (تعالى الله عما يقولون ) .
القول بالبداء يستلزم سابق الجهل وألا يكون الله عالم بعواقب الأمور !!! وإنما لجأ الشيعة إلى القول بعقيدة البداء التى تنطوى على سوء أدب مع الله سبحانه وتعالى . لأن أئمتهم كانوا يخبرون أخبار فإن تحققت قالوا ألم نقل لكم أننا نعلم الغيب من الله وإن خالف الواقع ما أخبروا به قالوا بدا لله أمر فغير ما أخبرناكم به !!! وهذا قول كذب باطل موغل فى الضلال لايستجيز أى مسلم أن يقوله على الله سبحانه وتعالى .
خامساً موقفهم من القرآن "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" : زعم غلاة الشيعة أن القرآن الذي بين أيدينا ليس هو الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وإنما وقع فيه تحريف وتغيير حيث ادعى الشيعة أن الصحابة حذفوا كل الآيات التى نزلت في فضائل أهل البيت والتى نزلت في مثالب الصحابة وإن مجموع ما حذف من القرآن بلغ إلى الثلثين أى أن الذي بين أيدينا هو ثلث القرآن فقط !!!
قال شيخهم محمد بن النعمان العكبري في كتاب أوائل المقالات في المذاهب المختارات ( أن الأخبار جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم بإختلاف ما أحدثه بعض الطاغين فيه من الحذف والنقصان )(39/6)
سادساً موقفهم من القبور (اتخذوا القبور أوثاناً) : يجعل الشيعة زيارة القبور والأضرحة فريضة من فرائض مذهبهم بل إنهم يجعلون القبور بمنزلة بيت الله الحرام فيأمرون الناس بحج القبور والطواف لها والصلاة والدعاء عندها وتقبيل أعتابها وغير ذلك من المناسك الوثنية ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ) وقد صنف شيخهم (شيخ الموسوي والطوسي) كتاب سماه مناسك المشاهد وجعل فيه قبور المخلوقين تحج كما تحج الكعبة الحرام ومنهم من جعل الحج إلى الأضرحة أعظم من الحج إلى الكعبة ضاربين عرض الحائط بوصايا الرسول صلى الله عليه وسلم المتكررة قبيل وفاته في من يتخذ القبور مساجد أو يجعلها وثناً .. أو يصلي فيها .
يقول المجلسي في بحار الأنوار أن إستقبال القبر أمر لازم وإن لم يكن موافقاً للقبلة.
بل واستحسن بعضهم في صلاة الزيارة أن يستقبل المصلي القبر ويستدبر الكعبة ( كتاب بحار الأنوارص135 ج\100 ).
وقد جاءت كثير من رواياتهم تفضل أرض كربلاء على كل بقاع الأرض بما فيها بيت الله الحرام !!!
سابعاً موقفهم من الصحابة رضوان الله عليهم : وقع الشيعة في الصحابه رضى الله عنهم طعناً وتكفيراً وقذفوهم بأشنع التهم وأفظعها وقد راموا من وراء ذلك الطعن في الرساله والقدح في صاحبها.
يقول الإمام مالك ابن أنس وغيره من أهل العلم ( هؤلاء قوم أرادوا الطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يمكنهم ذلك فطعنوا في الصحابة ليقول القائل رجل سوء كان له أصحاب سوء ولو كان رجلا صالحاً لكان الصحابة صالحين ) .
فالشيعة يكفرون الصحابة بسبب توليتهم لأبي بكر الصديق ويتهمونهم بتحريف القرآن الكريم و تلفيق الأحاديث المكذوبة ويقولون هم ارتدوا إلا ثلاثه فقط.(39/7)
وهم يخصون الشيخان أبا بكر الصديق والفاروق عمر رضي الله عنهما بالقسط الأوفى من السب و اللعن والتكفير ويجعلون البراءة منهما من أصول الايمان عندهم مكذبين أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام( التى جعلت إيمان أبي بكر يعدل إيمان الأمة .. والتى استخلف فيها الصديق لإمامة المسلمين حال اشتداد مرضه) بل ويكذبون صريح القرآن الكريم في سورة التوبة التى قصت أحداث الهجرة الشريفة وجعلته بعد الرسول صلى الله عليه وسلم في معية الله ( الاتنصروه فقد نصره الله اذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها .. ) وكأن شرف ذكر القرآن أن الله معهما وتسميته بالصاحب قد عميت أعينهم عنها فلعنوه وسبوه .... (وهو نفس العمى عن مكانة الفاروق التى ثبتت بالتواتر .. )
كما أنهم يكفرون أمهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعاً ويخصون منهن عائشة وحفصة رضي الله عنهما بالذم واللعن والقذف حتى قذفوا الصديقة.
وكما أورد الإمام ابن تيمية في كتابه منهاج السنة النبوية تمثيلهم لمن يبغضونه بالحيوانات والجماد مثل أتخاذهم نعجة حمراء ويجعلونها عائشة فيعذبونها وكأنه عقوبة لعائشة (عليهم لعائن الله) .
وتسمية بعضهم لحميرهم باسمي الشيخان أبو بكر وعمر ....ومنهم من يعظم أبو لؤلؤة المجوسي لكونه قتل عمر رضي الله عنه ومن المعلوم أن أبا لؤلؤة المجوسي قتل الفاروق عمر ومعه سبعة من الصحابة ولما علم الفاروق من قاتله كبر قائلاً الله أكبر، وقال : ( الحمد لله الذى لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدةٍ سجدها لله ) ، وفي رواية أخرى أوردها البخاري ( يحاجني بقول لا إله إلا الله ) .
وقد بلغت عقائد ومفاهيم الشيعة الشاذة أن بنوا صرحاً كبيراً و مزاراً مقدساً عندهم لضريح أبو لؤلؤة المجوسي يزار و يصلى به و يطوفون حوله عليهم لعائن الله. (انظر مشاهد هذا الضريح بموقع( www.khomainy.com )(39/8)
وهذا نص دعاء الزنادقة : (اللهم العن صنمي قريش و جبتيهما وطاغوتيهما وإفكهما وابنتهما الذين خالفا أمرك وأنكرا وجحدا إنعامك وعصيا رسولك وقلبا دينك وحرفا كتابك وعطلا أحكامك وأبطلا فرائضك وألحدا في آياتك وعادايا أولياءك وواليا أعداءك وخربا بلادك وأفسدا عبادك اللهم العنهما وأنصارهما فقد أخربا بيت النبوة وردما بابه .. فعظم ذنبهما وخلدهما فى سقر وما أدراك ما سقر ؟ ..)
مكانة الصحابة الكرام : وعقيدة أهل السنة في الصحابة رضوان الله عليهم أنهم خير خلق الله بعد الرسل و الأنبياء و أن محبتهم طاعة و إيمان و بغضهم نفاق و عصيان ، أبر هذه الأمة قلوباً وأرسخهم إيماناً ، بالصحبة و النصرة سبقوا سبقاً بعيداً ، وبتزكية الله ورسوله لهم بلغوا شأناً عظيماً ، أعلاهم قدراً و أكثرهم أجراً و أثقلهم ميزاناً الصديق الأكبر ثم الفاروق عمر ، وعلى هذا إجماع المؤمنين من الصحابة و التابعين ، ثم ذو النورين عثمان ثم علي بن أبي طالب ، وهم الخلفاء الراشدون الأربعة ، وهم الأئمة المهديون ، ومن بعدهم باقي العشرة المبشرين بالجنة ، و من ورائهم السابقون الأولون من المهاجرين الأبرار ثم الأنصار الأخيار ثم أهل بدر ثم أهل أحد ثم أهل بيعة الرضوان ثم من آمن من بعد الفتح و أنفق و جاهد .
ففرض على كل مسلم حبهم و الترضي عليهم، و يتعين الإقتداء بهم و الإهتداء بهديهم دون غلوٍ أو تنقص .. ويجب الكف عما شجر بينهم والدعاء والإستغفار لهم فهم السلف السابق بالإيمان وهم أهل مرضاة الرحمن .. فلا يذكرون إلا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل . (درة البيان في مسائل الإيمان فضيلة الدكتور /محمد يسري) .
قال تعالى ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ) (الحشر 8)(39/9)
وقال تعالى ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسانٍ رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جناتٍ تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم ) (التوبة 100)
وقال تعالى ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) ( آل عمران110)
وقال تعالى ( السابقون السابقون أولئك المقربون ) (الواقعة 56)
وفي حديث عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه )
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ قال : بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصرٍ فقلت : لمن هذا القصر؟ قالوا : لعمر فذكرت غيرته فوليت مدبراً فبكى عمر و قال : أعليك أغار يا رسول الله )
روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدى فمن أحبهم فبحبي أحبهم , ومن أبغضهم فبغضي أبغضهم , ومن آذاني فقد آذاهم , ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه) رواه الترمذي
ثأمناً موقفهم من مصادر الاحكام : لايعتبر الشيعة بمصادر التشريع الإسلامى من قرآن وسنه وإجماع وقياس وغيرها وجعلوا اعتمادهم في ذلك أقوال أئمتهم ومشايخهم والتأويلات الباطنية للنصوص التى لا يحكمها ضابط ولذلك فقد شذوا عن جماعة المسلمين في كثير من المسائل الفرعية رغم وضوح أدلتها من القرآن والسنة. ومن هذه المسائل :(39/10)
يخالف الشيعة إجماع الأمة في وجوب غسل الرجلين في الوضوء ويجعلون فرضها المسح فقط (دون خفين اوجوربين). وقد روى شيخهم الحر العاملى في باب وجوب مسح الرجلين في الوضوء وعدم اجزاء غسلهما (قال أبو عبد الله عليه السلام "إنه يأتى على الرجل ستون وسبعون سنة ما قبل الله منه صلاة قلت وكيف ذلك قال لأنه يغسل ما أمر الله بمسحه !!؟ ) كتاب وسائل الشيعة للحر العاملى .. فهم يقولون ببطلان من غسل رجليه في الوضوء !!!
إباحتهم إتيان النساء في أدبارهن مخالفين في ذلك جماهير أهل العلم وقد ورد في كتاب الفروع من الكافي الذي يناظر البخاري عند أهل السنة مارواه الكليني بسنده عن صفوان بن يحيى سألت الرسول صلى الله عليه وسلم ( أن رجلاً من مواليك أمرنى أن أسألك عن مسألة هابك واستحى منك أن يسألك قال وما هي قلت الرجل يأتى أمرأته في دبرها قال: ذلك له ) (رغم ترفعه هو نفسه عن ذلك) .
اباحة نكاح المتعة بل وحثوا عليه وجعلوه من أفضل العبادات ونكاح المتعة هو الزواج المؤقت بمدة معينة وإذا انقضت حدثت الفرقة بغير طلاق وهو حرام شرعاً .. والأدلة على تحريم نكاح المتعة كثيرة وظاهرة منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها الناس إنى قد أذنت لكم في الإستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة .. ) أخرجه مسلم .
والشيعة يزعمون أن الذي حرم المتعة هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكذلك منهم من لا يكتفون بجعله مباحاً بل يجعلونه من القربات والطاعات وأسباب المغفرة مزورين حديثاً مكذوباً يقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبره جبريل فقال يا محمد إن الله تبارك وتعالى يقول ( إنى قد غفرت للمستمتعين من أمتك من النساء ) .
بل وفي حديث مكذوب آخر يزعمون أن للمتمتع ثواب على قدر ما يكلم المتمتع إمرأته أو يمد يده إليها فإذا دنى منها غفر الله له بذلك ذنباً فإذا أغتسل غفر الله بقدر ما مر من الماء على رأسه بعدد الشعر !!!؟(39/11)
يجامع من يتمتع بها لزمن محدود ساعات أو أيام وله جبال من الحسنات والمغفرة !!
يحرم الشيعة نكاح نساء أهل الكتاب رغم وضوح النص الصريح " والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتو الكتاب من قبلكم ..." المائدة آيه 5 .
تاسعاً إعتقاد الطينة: وملخص ذلك القول بأن الشيعي خلق من طينة خاصة ، والسني خلق من طينة أخرى ، وجرى المزج بين الطينتين بوجه معين ، فما في الشيعي من معاص وجرائم فهو من تأثره بطينة السني ، وما في السني من صلاح وأمانة هو بسبب تأثره بطينة الشيعي ، فإذا كان يوم القيامة فإن سيئات وموبقات الشيعة توضع على أهل السنة ، وحسنات أهل السنة تعطى للشيعة وعلى هذا المعنى تدور أكثر من ستين رواية من رواياتهم.
نماذج تطبيقية لبعض عقائدهم الشركية
الإستغاثة بقبور الأئمة وأضرحتهم :
التى زعموا أنها مناط الرجاء ومفزع الحاجات فقالوا إذا كان لك حاجة إلى الله عز وجل فأكتب رقعة واطرحها على قبر من قبور الأئمة إن شئت او فشدها واختمها واعجن طيناً نظيفاً واجعلها فيه واطرحها في نهر جار او بئر عميقة أو غدير ماء فإنها تصل إلى السيد عليه السلام وهو يتولى قضاء حاجتك بنفسه !!! (كتاب بحار الأنوار ج 94 ص 29) .
ومن إفكهم زعموا أن زيارة قبر الحسين تعدل عشرين حجة وأفضل من عشرين عمرة وحجة (فروع الكافي ج 1 ص324 ) .
قولهم أن الإمام يحرم ما شاء ويحل ما شاء :
ومعلوم من الدين بالضرورة بأن من زعم أن إمامه يحل ما يشاء ويحرم مايشاء فهو داخل في قوله تعالى " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الل ه" فأشرك مع الله غيره .
قولهم إن تراب قبر الحسين شفاء من كل داء :(39/12)
ذكر صاحب البحار ما يصل إلى ثلاثه وثمانين رواية عن تربة الحسين وفضلها وآدابها وأحكامها فجعلت من هذه التربة البلسم الشافي من كل داء والحصن الحصين من كل خوف فيحنك بها الطفل ويمسك بها الرجل فيكتب له أجر المسبحين لأنها تسبح في يده من غير أن يسبح !!؟
استخارتهم مشابهه لأزلام الجاهلية :
عقد الحر العاملى في كتاب وسائل الشيعة استحباب الإستخارة بالرقعة.
قولهم أن الرب هو الإمام :
جاء في أخبارهم الكاذبة أن علياً - كما يفترون – قال أنا رب الأرض الذى يسكن الأرض به . ( كتاب مرآة الأنوار ص59)
قولهم أن الدنيا والآخرة كلها للإمام يتصرف بها كيف يشاء :
أنظر أصول الكافي في باب بعنوان إن الأرض كلها للإمام ... ومما جاء فيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال ( أما علمت أن الدنيا والآخرة للإمام يضعها حيث يشاء يدفعها إلى من يشاء جائز ذلك له من الله . أصول الكافي ج1 ص407
إسناد الحوادث الكونية الي الأئمة !! (مانراك الا إعتراك بعض إلهتنا بسوء):
تقول روايات كتب الإثنى عشرية عن سماعة بن مهران قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فأرعدت السماء وأبرقت فقال أبو عبد الله أما إنه ما كان من هذا الرعد ومن هذا البرق فإنه من أمر صاحبكم قلت من صاحبنا ؟ قال أمير المؤمنين عليه السلام . (المفيد/الاختصاص ص327/بحارالأنوارج27 ص33 /البرهان ص482)
الجزء الإلهي الذي حل بالأئمة : (مغالاة شركية)
وعندهم روايات مكذوبة تدعى أن جزء من النور الإلهي حل بعلي !!؟ (ولا ندرى لم يكفرون النصارى بمثل هذا القول في حق عيسى عليه السلام ) قال أبو عبد الله ( ثم مسحنا بيمنه فأفضى نوره فينا .. ولكن الله خلطنا بنفسه .. ) (أصول الكليني ج1ص445 )(39/13)
بل زعموا كذباً في بحار الأنوار أنه لو أقسم أبو الحسن على الله أن يحيي الأولين والآخرين لأحياهم ...
أسطورة مصحف فاطمة :
تدعى كتب الشيعة المخبولة نزول مصحف على فاطمة بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام من أجل تسليتها وتعزيتها بعد وفاة أبيها صلى الله عليه وسلم (كتاب أصول الكافي ج 1ص240 /بحار الأنوارج26 ص44 )
جاء في الكافي عن أبي بصير في ذكر العلم الذي أودعه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث ذكر قول أبي عبدالله ( وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام قلت ومامصحف فاطمة عليها السلام قال مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات ما فيه من قرآنكم حرف واحد !! ) .
شذوذات وآراء الخميني الفقهية !!؟
قال الخميني:
ماء الاستنجاء سواء كان من بول أو الغائط طاهر !!
صلاة الجنازة تصح من الجنب .
المشهور والأقوى جواز وطء الزوجه دبراً يعنى اللواط بها .
لا يجوز وطء الزوجه قبل إكمال تسع سنين وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فلا بأس به حتى في الرضيعة !!!
يجوز نكاح بنت الأخ على العمة وبنت الأخت على الخالة بإذنهما وكذلك نكاح العمة والخالة على بنتي الأخ والأخت.
في المتعة يجوز التمتع بالزانية ويجوز أن يشترط عليها وعليه الإتيان ليلاً او نهاراً وأن يشترط المرة والمرات مع تعين المدة بالزمان.
من مبطلات الصلاة وضع أحدى اليدين على الأخرى (مبطلات الصلاة وهى أمور أحدها الحدث ثانيها التكفير وهو وضع أحدى اليدين على الأخرى نحو ما يصنعه غيرنا ولا بأس به في حاله التقية وتعمد قول آمين بعد إتمام الفاتحة الإ مع التقية فلا بأس بها.
الحكم على الشيعة
ذهب إلى القول بكفرهم كبار أئمه الإسلام كالإمام مالك وأحمد والبخاري وغيرهم .
قال مالك : الذي يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليس لهم اسم او قال نصيباً في الإسلام ...(39/14)
الإمام احمد : عن أبي بكر المروزى قال سألت أبا عبد الله عن شتم أبا بكر وعمر وعائشة قال ما أراه على الإسلام (الخلال)
وصار في كتاب السنة عن الإمام أحمد بن حنبل مقولة عن الرافضة هم الذين يتبرئون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويسبونهم وينتقصونهم ويكفرون الأئمة إلا أربعه هم علي وعمار والمقداد وسلمان وليست الرافضة من الإسلام في شيئ .....
البخاري: قال ما أبالى صليت خلف الجهمي والرافضي أم صليت خلف اليهود والنصارى ولا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحم ..
محمد بن يوسف الفريابي : روى الخلال (قال سمعت رجل يسأل الفريابي عمن شتم أبا بكر قال كافر قال فيصلى عليه قال لا وسألته كيف يصنع به وهو يقول لا إله الا الله قال لا تمسوه بايديكم ارفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته) .
قال احمد بن يونس من أئمه السنة ( لو أن يهودياً ذبح شاة وذبح رافضي لأكلت ذبيحة اليهودي و" وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ..." ولم آكل ذبيحة الرافضي لأنه يرتد عن الإسلام ) .
عبد القادر البغدادي : يقول أما أهل الأهواء من الجهمية والإمامية الذين كفروا خيار الصحابه .. فإنا نكفرهم ولا تجوز الصلاة عليهم عندنا ولا الصلاة خلفهم . وقال وتكفير هؤلاء واجب في إجازتهم على الله البداء.
القاضى أبو يعلى : قال أما الرافضة فالحكم فيهم ( إن كفر الصحابه او فسّقهم فهو كافر ) .
ابن حزم : قال واعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكتم كلمه من الشريعة فما فوقها ولا أطلع أخص الناس به من ابنة او ابن عم او زوجة او صاحب على شيئ من الشريعة كتمه عن الأحمر والأسود ورعاة الغنم ولا كان عنده عليه السلام سر ولا رمز ولا باطن غير ما دعا الناس كلهم اليه فلو كتمهم شيئا لما بلغ كما أمر ومن قال هذا فهو كافر ..)
القاضى عياض : نقطع بتكفير غلاة الرافضة في قولهم أن الأئمة افضل من الأنبياء .(39/15)
السمعاني : أجمعت الأمه على تكفير الإمامية لأنهم يعتقدون تضليل الصحابه وينكرون إجماعهم )
الرازي: يذكر أن أصحابه من الأشاعرة يكفرون الروافض من ثلاث وجوه .
ابن تيمية : من زعم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت او زعم أنه له تأويلات باطنه تسقط الأعمال المشروعة فلا خلاف في كفرهم ... ومن زعم أن الصحابه ارتدوا الإ نفرا قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً او أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب ايضا في كفره ... بل من يشكك في كفر هذا فإن كفره متعين فإن مضمون هذه المقاله أن نقلة القرآن والسنة كفار أو فساق وأن هذه الآيه التى هى "كنتم خير أمه أخرجت للناس ..." وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفاراًً او فساقا ومضمونها أن هذه الأمه شر الأمم وأن سابقي هذه الأمه هم شرارها وكفر هذا مما يعلم بالإضطرار من دين الإسلام ...
الإمام محمد بن عبد الوهاب : حكم الإمام على جملة من العقائد الإثنى عشرية بأنها كفر .
شاه عبد العزيز الدهلوي : قال من إستكشف عقائد الإثنى عشرية وما إنطووا عليه علم أن ليس لها في الإسلام نصيب وتحقق كفرهم لديه (الشوكانى نار الجوهر على حديث أبي ذر ص15\16 .
الألوسى : صاحب التفسير- ذهب معظم علماء ما وراء النهر إلى كفر الإثنى عشرية وحكموا بإباحة دمائهم وفروج نسائهم حيث أنهم يسبون الصحابة ولا سيما الشيخان ويقذفون عائشة رضى الله عنها مما برأها الله تعالى منه ويفضلون علياً كرم الله وجه على غير أولى العزم من الرسل ومنهم من يفضله عليهم أيضاً ويجحدون سلامة القرآن من الزيادة والنقص .
فتوى الألباني في الخميني(39/16)
في سؤال وجهه الرئيس العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الشعبي الدكتور بشار عواد إلى فضيلة العلامة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني يقول فيه : ( فقد وقفنا على عبارات وردت في كتب روح الله الخميني وما نشرته وسائل الإعلام الإيرانية من خطبه وأقواله نرجوا تفضلكم مأجورين إن شاء الله ببيان حكم فضيلتكم فيها ) ثم ذكر خمسة أقوال نذكرها بإيجاز :
القول الأول : قول الخميني في كتابه ( الحكومة الإسلامية ) ص 52 ما نصه ( إن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل ).
القول الثاني عن قيام المهدي المنتظر بما لم ينجح فيه الأنبياء جميعاً حتى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء الذي لم ينجح ( حسب قوله ) في إرساء قواعد العدالة في جميع أنحاء العالم في جميع مراتب إنسانية الإنسان وتقويم إنحرافاته !!
القول الثالث أذيع بالإذاعة الإيرانية بمناسبة عيد المرأة والذي زعم فيه أن الوحي ظل ينزل على فاطمة رضي الله عنها مدة خمسة وسبعون يوماً بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
القول الرابع فصلين في كتابه المسمى بكشف الأسرار أحدهما تكفير أبا بكر الصديق رضي الله عنه والآخر تكفير عمر الفاروق رضي الله عنه ص 114.
القول الخامس توقيع الخميني على دعاء "صنمي قريش" وهو من أدعية الشيعة على أبي بكر وعمر فهم يقولون به تقرباً إلى الله عز وجل.
نص فتوى الشيخ :(39/17)
بسم الله الرحمن الرحيم، فقد وقفت على الأقوال الخمسة التي نقلتموها عن كتب المسمى ( روح الله الخميني ) راغبين مني بيان حكمي فيها ، وفي قائلها ، فأقول وبالله تعالى وحده أستعين : إن كل قول من تلك الأقوال الخمسة كفر بواح ، وشرك صراح ، لمخالفته للقرآن الكريم ، والسنة المطهرة وإجماع الأمة ، وما هو معلوم من الدين بالضرورة . ولذلك فكل من قال بها ، معتقداً ، ولو ببعض مافيها ، فهو مشرك كافر ، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم . والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه المحفوظ عن كل زيادة ونقص : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ) . وبهذه المناسبة أقول : إن عجبي لا يكاد ينتهي من أناس يدعون أنهم من أهل السنة والجماعة ، يتعاونون مع (الخمينيين ) في الدعوة إلى إقامة دولتهم ، والتمكين لها في أرض المسلمين ، جاهلين أو متجاهلين عما فيها من الكفر والضلال ، والفساد في الأرض : ( والله لا يحب الفساد ) . فإن كان عذرهم جهلهم بعقائدهم ، وزعمهم أن الخلاف بيننا وبينهم إنما هو خلاف في الفروع وليس في الأصول ، فما هو عذرهم بعد أن نشروا كتيبهم : ( الحكومة الإسلامية ) وطبعوه عدة طبعات ، ونشروه في العالم الإسلامي ، وفيه من الكفريات ما جاء نقل بعضها عنه في السؤال الأول ، مما يكفي أن يتعلم الجاهل ويستيقظ الغافل ، هذا مع كون الكتيب كتاب دعاية وسياسة ، والمفروض في مثله أن لا يذكر فيه من العقائد ما هو كفر جلي عند المدعوين، ومع كون الشيعة يتدينون بالتقية التي تجيز لهم أن يقولوا ويكتبوا ما لا يعتقدونه ، كما قال عز وجل في بعض أسلافهم : ( يقولون بألسنتهم ماليس في قلوبهم ) ، حتى قرأت لبعض المعاصرين منهم قوله وهو يسرد المحرمات في الصلاة : ( والقبض فيها إلا تقية ) ، يعني وضع اليمين على الشمال في الصلاة . ومع ذلك كله فقد ( قالوا كلمة الكفر ) في كتيبهم ، مصداق قوله(39/18)
تعالى في أمثالهم : ( والله مخرج ما كنتم تكتمون ) ، ( وما تخفي صدورهم أكبر ) . وختاماً أقول محذراً جميع المسلمين بقول رب العالمين : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء في أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ) . وسبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك.
كتبه : محمد ناصر الدين الألباني،
أبو عبدالرحمن،
عَمان 26 / 12 / 1407
ملاحظات هامة بعد ذكر فتاوى أئمة المسلمين :
أولاً : أن هذا حكمهم قبل إنتشار كتب الروافض ومجاهرتهم بعقائدهم الضالة كما يحدث اليوم فقد كانت كثير من عقائد الإثنى عشرية والقرامطة الباطنية كمسالة نقص القرآن وتحريفه والذي انتشر أمرها في كتبهم ، وهناك عقائد تكتموا عليها طويلا ولم تكن معروفه كعقيدة الطينة ( معنى ذلك أن حكمهم اليوم أشد ).
ثانياً : أن الرافضة المتأخرين والمعاصرين جمعوا أخس المذاهب وأخطرها القدرية في نفي القدر والجهمية في نفي الصفات وقولهم أن القرآن مخلوق والصوفية في ضلالة الوحدة والإتحاد والخوارج والوعدية في تكفير المسلمين والمرجئة في قولهم أن حب علي حسنة لا يضر معها سيئة بل ساروا في سبيل أهل الشرك في تعظيم القبور والطواف حولها بل ويصلون إليها مستدبرين القبلة إلى غير ذلك مما هو عين مذهب المشركين مع مراعاة منهج أهل السنة والجماعة في ضوابط تكفير المعين من ثبوت شروط التكفير وأنتفاء الموانع مع التأكد من بلوغهم الحجة والقيام بها عليهم .(39/19)
ثالثاً : مما يجب مراعاته حسب منهج أهل السنة في التكفير أن هذه الأقوال التي يقولونها والتي يعلم أنها مخالفة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هي كفر ، وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي أيضاً كفر .. لكن تكفير الواحد المعين من أهل القبلة والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وإنتفاء موانعة.
وقفة مضيئة مع كتاب الخمينية لفضيلة الشيخ سعيد حوى
المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بسوريا سابقاً (رحمه الله)
والذى يعتبر رمزاً ساطعاً من رموز الإخوان المسلمين
ونذكر القارئ الكريم ان الخمينية تسمية تعبر عن الشيعة الإثنى عشرية الممتدة من إيران إلى العراق ولبنان ، فكلا الحزبين اللبنانيين أمل وحزب الله يتبعان المرجعية الشيعية العليا للخميني وأتباعه (تتصدر صورة الخميني أعلى مكان فوق رأس الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله) وقد جاء هذا الكتاب لفضيلة الشيخ سعيد حوى محذراً ومنذراً للمخدوعين في حقيقة الشيعة خاصة عقائدهم وعداوتهم المستحكمة لأهل السنة والتي بدت في تأييد الخميني لحافظ الأسد في مذبحة حماه المأساوية بسوريا.
يقول في كتابه ( وما الخمينية إلا تبنًّ لعقائد الشيعة الشاذة ولمواقفهم التاريخية الشاذة)
ويقول (يا شباب الأمة لا تخدعنكم الخمينية فهي دولة الباطل والإنحطاط والعبودية ، وهي عودة بالأمة الإسلامية إلى الوراء وكفى بالخمينية فضيحة صفقات السلاح مع إسرائيل وتعاونها الكامل معها (فضيحة إيران جيت) فتلك علامة أنه لن يخرج من إيران والشيعة إلا الدمار , والولاء لأعداء الله ولأمر ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث صحيحة أن الدجال يخرج من خراسان وأنه يخرج مع الدجال سبعون ألفاً من يهود أصفهان عليهم الطيالسة ، ولهذا أيضاً أجمع المؤرخون أن خراسان عش الباطنية السوداء الحاقدة ...(39/20)
وفي موضع آخر ذكر حديث (تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة) ، فنحن نبحث عن عقائد هذه الفرقة الناجية ونتمسك بها ، وعن مناهج الحياة فيها فنسلكها ونتمسك بها . والخمينية وعقائدها غير عقائدنا وعباداتها غير عباداتنا ، ومناهج حياتها غير مناهج حياتنا ، لأن الأصل عندهم مخالفتنا فهم يخالفون عقائد الفرقة الناجية التى جاء في صفتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أنا عليه وأصحابي) وهم يكفرون أصحابه عليه الصلاة والسلام ، ويقول ( فما بال أناسٍ في الفرقة الناجية يفرون من الجنة إلى النار ويسلكون غير سبيل المؤمنين ؟ إن بعض من نفترض عندهم الوعي غاب عنهم الوعي فلم يدركوا خطر الشيعة ، وإن بعض من نفترض عندهم العلم قصروا عن إبراز خطرهم فكادت بذلك تضيع هذه الأمة ...) .
ويقول الشيخ سعيد حوى : (ولذلك فإننا نناشد أهل الوعي أن يفتحوا الأعين على خطر هذه الخمينية ، ونناشد أهل العلم أن يطلقوا أقلامهم وألسنتهم ضد الخمينية لقد آن لهذا الطاعون أن ينحسر عن أرض الإِسلام ، وآن للغازي أن يكون مغزوًّا ، فالأمة الإسلامية عليها أن تفتح إيران للعقائد الصافية من جديد ، كما يجب عليها أن تنهي تهديدها الخطير لهذه الأمة ، وليعلم أصحاب الأقلام المأجورة والألسنة المسعورة الذين لا يزالون يضللون الأمة بما يكتبونه وبما يقولونه أن الله سيحاسبهم على ما ضلوا وأضلوا ، فليس لهم حجة في أن ينصروا الشيعة ، فنصرة الشيعة خيانة لله والرسول والمؤمنين ، ألم يروا ما فعلته الشيعة وحلفاؤها بأبناء الإسلام حين تمكنوا ، ألم يعلموا بتحالفات الخمينية وأنصارها مع كل عدو للإسلام ، لقد آن لكل من له أذنان للسمع أن يسمع ، ولكل من له عينان للإِبصار أن يبصر ، فمن لم يبصر ولم يسمع حتى الآن فما الذي يبصره وما الذي يسمعه، فهؤلاء أنصار التتار والمغول وأنصار الصليبيين ، والاستعمار يظهرون من جديد ينصرون كل عدو للاسلام والمسلمين .(39/21)
الساكتون عن الحقيقة لن يُعذروا ، والناكبون عن الحق لن يعذروا ، والذين ضلوا وأضلوا لن يعذروا ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن الله فيقول : ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) ، وهؤلاء الشيعة يعادون أفضل أولياء الله من الصحابة فمن دونهم فكيف يواليهم مسلم وكيف تنطلي عليه خدعتهم وكيف يركن إليهم والله تعالى يقول { ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فنمسَّكُم النَّار } . وهؤلاء الشيعة ظالمون ومن بعض ظلمهم أنهم يظلمون أبا بكر وعمر ، فكيف يواليهم مسلم والله تعالى يقول : { وكذلك نوَلّي بعضَ الظالمين بعضاً بما كانوا يكْسِبون } ، إنه لا يواليهم إلا ظالم ، ومن يرضى أن يكون ظالماً لأبي بكر وعمر وعثمان وأبي عبيدة وطلحة والزبير ؟ ومن يرضى أن يكون في الصف المقابل للصحابة وأئمة الاجتهاد من هذه الأمة ؟ ومن يرضى أن يكون أداة بيد الذين يستحلون دماء اهل السنة وأموالهم ؟ ألا يرى الناس أنه مع أن ثلث أهل إيران من السنة كيف يضطهدون ولا يوجد وزير سني واحد ؟ ألا يرى الناس ماذا يُفعل بأهل السنة في لبنان سواء في ذلك اللبنانيون أو الفلسطينيون ؟ (مذبحة صبرا وشاتيلا بالتعاون مع شارون) ألا يرى الناس ماذا يفعل حليف إيران حافظ الأسد بالإسلام والمسلمين ؟ أليست هذه الأمور كافية للتبصير ؟ (ونذكر القارئ الكريم أن فضيلة الشيخ سعيد حوى مات قبل أن يشهد مقتل 100.000 سنى بالعراق على أيدى مليشيات الشيعة) ويقول وهل بعد ذلك عذراً لمخدوع ؟ ألا إنه قد حكم المخدوعون على أنفسهم أنهم أعداء لشعوبهم وأوطانهم فهل هم تائبون!! وختم كلامه بقوله ( اللهم أنى أبرأ اليك من الخميني والخمينية ومن كل من والاهم وأيدهم وحالفهم وتحالف معهم اللهم آمين ) ا.هـ
وشهد شاهدٌ من أهلها(39/22)
وليرجع القارئ الفاضل لكتاب "الشيعة والتصحيح رسالة إصلاحية" للمؤلف الشيعي الدكتور موسى الموسوى حفيد الإمام الأكبر أبو الحسن الموسوى الأصبهانى من مواليد 1930 بالنجف الأشرف والذي يحاول فيه جاهداً عمل مراجعة تصحيحية لأخطاء الشيعة في الإمامة والخلافة و مسألة التقية و الإمام المهدي و زيارة مراقد الأئمة وضرب القامات في يوم عاشوراء وزواج المتعة والسجود على التربة الحسينية و زعم تحريف القراَن و الرجعة وعقيدة البداء. ونكتفي بذكر بعض العبارات في مقدمة كل فصل ..
ففي مسألة الإمامة والخلافة يضع العنوان التالى " بدأ الصراع بين الشيعة والتشيع عندما حرفت الشيعة معنى التشيع من حب الإمام علي وأهل البيت إلى ذم الخلفاء الراشدين وتجريحهم بصورة مباشرة وتجريح الإمام علي وأهل بيته بصورة غير مباشرة "
ويقول في عقيدتهم في المهدي: "إن فكرة ظهور رجلٍ من آل محمد يملأ الأرض قسطاً و رحمة فكرة جميلة و مليئة بالآمال الخيرة ولكن علماء الشيعة ألصقوا بالإمام المهدي جناحين أثقلا كاهل الشيعة في كل زمان و مكان وهذان الجناحان هما بدعة الخُمس في أرباح المكاسب و بدعة ولاية الفقيه ، فالأولى تعني دفع ضريبة مالية ما أنزل الله بها من سلطان ، والثانية تعني عبودية الإنسان بالإنسان بلاقيد ولا شرط " .
ويقول في مقدمة فصل ضرب القامات في يوم عاشوراء " لم تشوه ثورة مقدسة في التاريخ كما شوهت ثورة الحسين بذريعة حب الحسين!! "
يقول الدكتور موسى الموسوي في كتابه الإصلاحي الشيعة و التصحيح "إن زواج المتعة هو ليس أكثر من إباحة الجنس بشرطٍ واحد فقط هو ألا تكون المرأة في عصمة رجل فحينئذٍ يجوز نكاحها بعد أداء صيغة الزواج التي يستطيع الرجل أن يؤديها في كلمتين ولا تحتاج إلي شهود أو إنفاق عليها و للمدة التي يشاءوها مع الإحتفاظ بسلطة مطلقة لنفسه وهو الجمع بين ألف زوجة بالمتعة تحت سقف ٍ واحد .." (كتاب الشيعة و التشيع للدكتور موسى الموسوي)(39/23)
ويقول عن زواج المتعة (المؤقت) : "كيف تستطيع أمة تحترم شرف الأمهات اللواتي جعل الله الجنة تحت أقدامهن و هي تبيح المتعة و تعمل بها !!"
ويقول في نفس كتابه مستنكراً : " هل يُقضى بقانونٍ فيه من إباحة الجنس و الحط من كرامة المرأة ما لا نجده حتى لدى المجتمعات الإباحية في التاريخ القديم و الحديث ؟ وحتى لويس الرابع عشر في قصره بفرساي وسلاطين الأتراك وملوك الفرس في قصورهم لم يجسروا عليها ، فأين يكون موقع المرأة وكرامتها والاحتفاظ بأخلاقها من قانون زواج المتعة؟! إن موقعها من هذا القانون هو الذل والهوان وشأنها كالسلعة التي يستطيع الرجل أن يكدسها واحدةً فوق الأخرى بلا عدٍ ولا حد ، إن المرأة المكرمة في الإسلام هل يليق لها أن تقضي أوقاتها بين أحضان الرجال واحداً بعد الأخر باسم شريعة محمد؟!" (بلا تعليقٍ منا والكلام له)
في مقدمة فصل القول بتحريف القرآن وضع عنواناً : ( القول بتحريف القرآن يناقض الإيمان به "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون")
يقول في مقدمة كلامه الإصلاحي عن الرجعة عنوان : (وعندما تمتزج الأسطورة بالعقيدة و الأوهام بالحقائق تظهر البدع التي تضحك و تبكي في آنٍ واحد)
و أخيراً في مقدمة كلامه عن البداء يقول : (فكرة البداء تتناقض مع قوله تعالى:"و ما تكونوا في شأنٍ وما تتلوا منه من قرآنٍ وما تعملون من عملٍ إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتابٍ مبين") .
كتاب كشف الأسرار وتبرئة الأئمة الأطهار
للعالم الشيعى السيد حسين الموسوي(39/24)
في بحث للعالم الشيعي السيد حسين الموسوي في كتابه "كشف الأسرار وتبرئة الأئمة الأطهار" قال تحت عنوان المتعة وما يتعلق بها ( لقد إستغلت المتعة أبشع إستغلال وأهينت المرأة شر إهانة وصار الكثيرون يشبعون رغباتهم الجنسية تحت ستار المتعة وباسم الدين) ثم ذكرالأكاذيب في هذا الخصوص مثل زعمهم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من تمتع بامرأة مؤمنة كأنما زار الكعبة سبعين مرة) ويقول روى الصدوق عن الصادق عليه السلام قال: (إن المتعة دينى ودين أبائى فمن عمل بها عمل بديننا ومن أنكرها أنكر ديننا وأعتقد بغيرديننا )... وهذا تكفيرلمن لم يقبل بالمتعة (كتاب من لا يحضره الفقيه 3/366)
وروى السيد فتح الله الكاشاني في تفسير منهج الصادقين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "بزعمهم" (من تمتع مرة كانت درجته كدرجة الحسين عليه السلام ومن تمتع مرتين فدرجته كدرجة الحسن عليه السلام ومن تمتع ثلاث مرات فدرجتة كدرجة علي بن أبى طالب ومن تمتع أربع فدرجتة كدرجتى)
ويعقب الموسوي قائلاً لو فرضنا أن رجلاً قذراً تمتع مرة أفتكون درجتة كدرجة الحسين عليه السلام ؟
وإذا تمتع مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً كانت درجتة كدرجة الحسن وعلي والنبى عليهم السلام ؟
أمنزلة النبى صلوات الله عليه ومنزلة الأئمة هينة إلى هذا الحد ؟
ثم تناول الموسوى في كتابه "كشف الاسرار" عدم إشتراط أن تكون المتمتع بها بالغة راشدة بل وأجازوا التمتع بمن في العاشرة من عمرها كما روى في الكلينى في الفروع والطوسى في التهذيب.
وقد أوضح الموسوي بالنص (أن المتعه ليس فيها إشهاد ولا إعلان ولا رضا ولي أمر المخطوبة ولايقع شيء من ميراث المتمتع للمتمتع بها إنما هي مستأجرة).(39/25)
ثم ذكر الموسوي في كتابه ما يثبت أن الخميني أجاز التمتع بمن هى دون العاشرة وروى قصة تشمئز لها النفوس وتقشعر لها الأبدان ....وتحدث عن الفترة التى أقام فيها الخميني في العراق وكان على علاقة وثيقة به وكيف أنهما سافرا إلى مدينة تلعفر غرب الموصل بالسيارة بهدف نشرالتشيع بين أهل هذه المدينة فيقول الموسوي بالنص (لما انتهت رحلتنا رجعنا وفي طريق عودتنا أراد الإمام أن يرتاح من السفر فأمر بالتوجه إلى منطقة العطيفية حيث يسكن هناك رجل إيراني الأصل يقال له "سيد صاحب" كان بينه وبين الإمام معرفة قوية فرح سيد بوصولنا فصنع لنا غذاء فاخرا واتصل ببعض أقاربه فحضروا وطلب "سيد صاحب" إلينا المبيت عنده تلك الليلة فوافق الإمام ثم أتونا بالعشاء وكان الحاضرون يقبلون يد الإمام ويسألونه ويجيب عليهم ولما حان وقت النوم وكان الحاضرون انصرفوا إلا أهل الدار أبصر الإمام الخميني صبية بعمر أربع سنوات أو خمس ولكنها جميلة جداً فطلب الإمام من أبيها "سيد صاحب" إحضارها للتمتع بها فوافق أبوها بفرح بالغ فبات الإمام الخميني والصبية في حضنه ونحن نسمع بكاءها وصريخها !!. المهم أنه أمضى تلك الليلة فلما أصبح الصباح وجلسنا لتناول الإفطار نظر إلي فوجد علامات الإنكار واضحة في وجهي فقال لي : سيد موسوي ما تقول في التمتع بالطفلة؟ قلت له: سيد القول قولك والصواب فعلك وأنت إمام مجتهد ولا يمكن لمثلي أن يرى أو يقول إلا ما تراه أو تقوله ومعلوم أني لا يمكنني الإعتراض وقت ذاك. فقال الخميني إن التمتع بها جائز ولكن بالمداعبة والتقبيل والتفخيذ !!؟
وحتى لا يشك أحد في هذه الرواية المقززة أردف الموسوي قائلاً : وكان الإمام الخميني يرى جواز التمتع حتى بالرضيعة فقال (لا بأس بالتمتع بالرضيعة ضماً وتفخيذاً – أي يضع ذكره بين فخذيها – وتقبيلاً) أنظر كتابه تحرير الوسيلة 2/241 – مسألة رقم 12.(39/26)
ثم تناول الموسوي في كتابه كيف كان الأئمة والمراجع يكيلون بمكيالين في هذا الخصوص فأورد إجابة الإمام الخوئي لما طلب منه أحد المغتربين التمتع بإبنته لمدة شهرين لحين عودته لأهله (فحملق فيه الخوئي هنيهة ثم قال : أنا سيد وهذا حرام على السادة وحلال عند عوام الشيعة) وبعد أن خرج السائل لحق به الموسوي خارجاً وقال بالنص : (إنفجر الشاب الشيعي قائلاً يا مجرمين تبيحون لأنفسكم التمتع ببناتنا وتخبروننا بأنه حلال وأنكم تتقربون إلى الله بذلك وتحرمون علينا التمتع ببناتكم وراح يسب ويشتم وأقسم أنه سيتحول إلى مذهب أهل السنة فأخذت أهدئه ثم أقسمت له أن المتعة حرام وبينت له الأدلة على ذلك) إنتهى كلام الموسوي
أنظر في ذلك "الإستبصار" لشيخ الطائفة الطوسي المجلد الثالث ص 147 حيث أورد تحت باب يجوز الجمع بين أكثر من أربع في المتعة ما يلي: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ذكر له المتعة أهي من الأربع؟ قال : تزوج منهن ألفاً فإنهن مستأجرات. وفي حديث آخر أنها لا تطلق ولا ترث ولا تورث إنما هي مستأجرة. أنظر التهذيب الجزء 2 ص 188 والكافي للكيليني الجزء 2 ص 43.
يقول الموسوي : (وكم من متمتع جمع بين المرأة وأمها وبين المرأة وأختها .. قال: جاءتني إمرأة تستفسر مني عن حادثة حصلت معها إذ أخبرتني أن أحد السادة هو السيد حسين الصدر كان قد تمتع بها قبل أكثر من عشرين سنة فحملت منه ولما أشبع رغبته منها فارقها وبعدها رزقت ببنت منه هو, إذ لم يتمتع بها وقت ذاك أحد غيره وما أن كبرت البنت وتأهلت للزواج وصارت شابة جميلة أكتشفت الأم أن إبنتها حبلى فلما سألتها عن سبب حملها أخبرتها أن السيد المذكور إستمتع بها فحملت منه فدهشت الأم وفقدت صوابها إذ أخبرتها أن هذا السيد هو أبوها وأخبرتها بالقصة.
فكيف يتمتع بالأم اليوم ثم يتمتع بإبنتها التي هي إبنته.
خاتمة كتاب كشف الأسرار للسيد حسين الموسوي(39/27)
يقول المؤلف بعد هذه الرحلة المرهقة في بيان الحقائق المؤلمة ما الذي يجب علي فعله ؟ هل أبقى في مكاني ومنصبي وأجمع الأموال الضخمة من البسطاء والسذج باسم الخمس والتبرعات للمشاهد وأركب السيارات الفاخرة وأتمتع بالجميلات ؟ أم أترك عرض الدنيا الزائل وأبتعد عن هذه المحرمات وأصدع بالحق لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس. ثم روى حديث لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب يبين حقيقة الشيعة قال : (لو ميزت شيعتي لما وجدتهم إلا واصفة ولو إمتحنتهم لما وجدتهم إلا مرتدين ولو تمحصتهم لما خلص من الألف واحد) الكافي الجزء 8 ص 338.
ويقول الموسوي في موضع آخر : (وعرفت أن التشيع قد عبثت به أيادي خفية هي التي صنعت فيه ما صنعت كما أوضحنا في الفصول السابقة فما الذي يبقيني في التشيع بعد ذلك ؟ ولهذا ورد عن محمد بن سليمان عن أبيه قال قلت لأبي عبدالله عليه السلام : جعلت فداك فإنا قد نبزنا نبزاً أثقل ظهورنا وماتت له أفئدتنا واستحلت له الولاة دماءنا . قال أبو عبد الله عليه السلام : الرافضة ؟ فقلت : نعم . قال : لا والله ما هم سموكم به ولكن الله سماكم به).روضة الكافي جزء 5 ص 34. فإذا كان أبو عبدالله قد شهد عليهم بأنهم رافضة وأن الله تعالى سماهم به فما الذي يبقيني معهم ؟
(وعن المفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله يقول : لو قام قائمنا بدأ بكذاب الشيعة فقتلهم). رجال الكشي ص 253 .
يقول الموسوي: لماذا يبدأ بكذاب الشيعة فيقتلهم ؟ يقتلهم قبل غيرهم لقباحة ما إفتروه وجعلوه ديناً يتقربون به إلى الله تعالى كقولهم بإباحة المتعة واللواطة وقولهم بوجوب إخراج خمس الأموال وكقولهم بتحريف القرآن والبداء لله تعالى ورجعة الأئمة وكل السادة الفقهاء والمجتهدين يؤمنون بهذه العقائد وغيرها فمن منهم سينجوا من سيف القائم عجل الله فرجه.(39/28)
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : (ما أنزل الله سبحانه آية في المنافقين إلا وهي فيمن ينتحل التشيع) رجال الكشي ص 254. فكيف يمكنني أن أبقى معهم بعد ما قيل.
وفي نهاية كتابه يقول الموسوي : (لقد أخذ الله تعالى العهد على أهل العلم أن يبينوا للناس الحق وها أنا ذا أبينه للناس وأوقظ النيام الغافلين وأدعوا هذه العشائر العربية الأصيلة أن ترجع إلى أصلها وألاّ تبقى تحت تأثير أصحاب العمائم "السوداء" الذين يأخذون منهم أموالهم باسم الخمس والتبرعات للمشاهد ويعتدون على شرف نسائهم باسم المتعة.
وبهذا أكون قد أديت جزءاً من الواجب). إنتهى كلام السيد حسين الموسوي في كتابه كشف الأسرار.
( أفنجعل المسلمين كالمجرمين )
من المفارقات التى ساقتها الحرب اللبنانية وساهم فيها غيبة الوعي العام بحقيقة الشيعة المهزلة التى قام بها بعض جهال الإتجاهات الإسلامية والقومية حين بالغوا بالأطراء والمدح لشخصية حسن نصر الله الأمين العام للحزب الشيعي حتى شبهوه بأحد كبار عظماء الإسلام ورمز من رموزه على مدار التاريخ الناصر صلاح الدين الأيوبي .. محرربيت المقدس وهازم الصليبين الغزاة والذى كان له الفضل على جميع المصريين بالقضاء على حكم الشيعة الفاطمية وتخليص البلاد من ضلالاتهم وإنحرافاتهم !!!
وكما سيتضح للقارئ الكريم بعد عرض نبذة موجزة عما قام به صلاح الدين الأيوبي من جهود وأعمال لتخليص الشعب المصري من حكم الشيعة الفاطمية الضال بإستحالة وجود أى تشابه من قريب أو بعيد بين من رفع راية السنة وحرر الأمة من شركيات وضلالات الروافض وبين زعيم هذه الفرقة.
حقبة مظلمة في تاريخ مصر(39/29)
يبدأ التاريخ العسكري للشيعة الفاطمية في مصر بدخول جوهر الصقلي الشيعي على رأس مائة ألف فارس إلى مصر عن طريق الأسكندرية ودخلت معه طائفة كبيرة من الجند المصريين في معركة حربية إنتهت بالإستسلام مع طلب الأمان لأرواح المصرين ونص كتاب الأمان على أن يظل المصريون علي مذهبهم السني ولا يلزمون بالتحول إلي المذهب الشيعي ... ولم يف الفاطميون بتعهداتهم وأجبروا المصريين على التشيع وقاموا بقتل علماء السنة في مصر وفرضوا علي المساجد الأئمة والخطباء من أتباع المذهب الشيعي كما أسندت المناصب العليا وخاصة القضاء إلى الشيعة واتخذوا من المساجد الكبيرة مراكز دعائية للتشيع !!
وأضافوا منصب جديد يسمى داعي الدعاة للترويج للمذهب بمعاونة إثنى عشرنقيباً وما لهم من نواب في سائر البلاد ، وحولوا الشعائر إلى المذهب الشيعي بما فيه من ضلالات وبدع فإحتفلوا بما يسمى بعيد الغدير ويوم مقتل الحسين ، وظهر الإحتفال بالموالد وأذن في جميع المساجد (بحي على خير) العمل كما أمر الحاكم بأمر الله الشيعي بنقش سب الصحابة على الجدران وفي الأسواق وتضرر المصريون من ذلك كثيراً حتى تراجع بعد بضع سنوات عن ذلك.
ومن الصفات البارزة للروافض الفاطمية تقريب اليهود والنصارى ففي زمن المعز عين أحد اليهود وهو يعقوب بن كلس وزيراً له كما عين ابنه العزيز بن المعز منشا بن إبراهيم الفرار اليهودي والياً على بلاد الشام ، وفي أوائل عهد المستنصر بالله الشيعي ارتفع شأن اليهود فتقلدوا في أيامه كثير من مناصب الدولة العليا !!!
بزوغ نجم صلاح الدين الأيوبي القاضي على حكم الشيعة
دخل صلاح الدين الأيوبي إلى مصر كمرافق لعمه أسد الدين شيركوه في حملته القادمة من الشام تنفيذاً لأوامر القائد العظيم نورالدين زنكي صاحب دمشق وذلك تلبية لإستغاثة الوزير الشيعي في مصر المعروف بشاور في محاولة لإستعادة نفوذه من منافسه على الوزارة ضرغام ..(39/30)
وبالفعل تغلبت حملة شيركوه على ضرغام وأعيد شاور إلى منصبه وما لبث أن غدر شاور الخائن فاستنجد هذا الوزير الفاطمي الخائن بالصليبيين فأجابوه والتقى جند الفرنجة الصليبيين بجيش شيركوه في مكان بمصر على مقربة من المنيا وكان النصر من نصيب شيركوه ومعه صلاح الدين..
وصار شيركوه وزيراً للخليفة الفاطمي الذي لم يبقى له من الخلافة إلا مجرد اللقب وقتل الوزير الخائن شاور. وشاء الله أن يموت القائد شيركوه ليتولى ابن أخيه صلاح الدين الوزارة فقام بعمل إصلاحات عديدة منها إلغاء الضرائب الفاطمية وبذل الأموال للناس حتى أحبوه ، كما صد غارات الصليبيين على دمياط سنة 565 هـ ، وأسس المدارس وحصن المدن والموانئ والثغور المصرية وبنى قلعة المقطم الشهيرة ، وعزل قضاة مصر الشيعة الروافض وأرجع قضاة أهل السنة إلى مناصبهم.
وألغى ما إبتدعته الشيعة من "حي على العمل" الدخيلة على الأذان الشرعي وطهر الجامع الأزهرمن ضلالات الشيعة وجعله منارة لأهل السنة في مصر. وبذلك تمكن صلاح الدين من القضاء على الخلافة الفاطمية الرافضة في سنة 567 هـ.
ولم يتوانى هؤلاء الشيعة بما هومعروف عنهم من غدر من القيام بعدة محاولات لإغتيال القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي باءت كلها بالفشل بفضل الله وكرمه.
وكانت إحدى هذه المحاولات بتكليف أحد الإسماعيلية الباطنية الشيعة بالإندساس في جيش صلاح الدين أثناء حصار قلعة اعزاز بحلب ليتسلل إلى خيمة القائد شاهراً خنجره وتم بفضل الله إحباط هذه المحاولة.(39/31)
ونعود بعد هذه الكلمات الموجزة عن الدور العظيم لصلاح الدين الأيوبي في إنقاذ شعب مصر من السقوط في فتنة التشيع والقضاء على حقبة سوداء مظلمة من تاريخ مصر إعتلى فيها سدة الحكم هؤلاء الروافض الكفرة الذي بلغ ببعضهم تأليه نفسه ونذكر بمدى جهالة هؤلاء المروجين للحزب الشيعي اللبناني وقياداته التي لا نستبعد أن يصل بغضها بصلاح الدين الأيوبي وسيرته إلى السب والدعاء والتطاول عليه كما فعلوا مع وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق وعمر الفاروق.
دور الشيعة في إسقاط بغداد قدبماً وحديثاً
لم يحدثنا التاريخ أن حضارة زاهرة كالحضارة الإسلامية في بغداد قد إختفت وتم القضاء عليها بمثل هذه السرعة فما لبثت أن تحولت حاضرة العالم الإسلامي على أيدي التتار الغزاة إلى قاعاً صفصفا بعد أن أعمل جند المغول السيف في رقاب أهل بغداد أربعين يوماً قتلوا فيه ما يزيد عن مليون نفس مسلمة !! قتلوا فيها أئمة المساجد وحملة القرآن وهدموا مساجدها ليحصلوا على ذهب قبابها ونهبوا القصور وأتلفوا مكتبات بغداد الشهيرة بما فيها من ثروة علمية لا تعوض وكان أجساد القتلى في الطرقات كأنها التلال ولجأ من تشرد منهم إلى القبور والآبار والأحواش كأنهم الموتى قد نبشت قبورهم وانتهت هذه المأساة بقتل الخليفة المستعصم ركلاً بأرجل جند التتار ومعهم ابنيه أبي العباس وأبي الفضائل ولم يستثنوا من هذا الدمار والخراب الذي حدث لبغداد إلا ضريح موسى الكاظم لمكانته عند الشيعة بأمر من هولاكو نفسه بالمحافظة عليه وتجديده !!؟
الدور الكبير الذي لعبته خيانة الشيعة في إسقاط بغداد والقضاء على الخلافة العباسية(39/32)
كعادة المغول استطلع هولاكو رأي الفلكيين على ما جرت عليه عادتهم إذا قدموا على غزو بلد من البلاد وقد حاول أحد الفلكيين أن يثني هولاكو عن عزمه وإلا تعرض ملكه للزوال وانتهت حياته مع هزيمة الجند وحدوث زلازل مدمرة وإقفار الأرض وعدم سقوط الأمطار .. فما لبث أن سارع رجل الدين الشيعي نصير الدين الطوسي بالإنضمام إلى جانب أمراء التتار المتمسكين بضرورة غزو بغداد فأخذ يحرضهم وقال لهولاكو (إن كثير من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ماتوا دفاعاً عن الدين ومع ذلك لم تحدث كارثة من الكوارث وأن كثيراً خرجوا على خلفاء بني العباس ولم يلحقهم أذى وضرب لذلك مثلاً بطاهر بن الحسين الذي قتل الخليفة الأمين !! ) وما زال يحرضه حتى أيقن هولاكو أنه في إستطاعته الإستيلاء على بغداد فأخذ في تنفيذ خطة الغزو.
خيانة الوزير الشيعي ابن العلقمي:
يقول الجوزجاني في كتابه طبقات ناصري إن الوزير الشيعي ابن العلقمي تعمد تقليل عدد الجند الذين أسند إليهم مهمة حماية بغداد وزين للخليفة التسليم للتتار إرضاء لأطماعه وإنتقاماً من أهل السنة ولذلك اتفق ابن العلقمي مع رجل الدين الشيعي نصير الدين الطوسي الذي إتخذه هولاكو وزيراً له والذي كان يدين بعقائد المذهب الشيعي كابن العلقمي على تسليم بغداد للتتار. بل ذكر ابن كثير في كتابه البداية والنهاية (بأن الوزير ابن العلقمي وبني جلدته من الشيعيين قد أشاروا على هولاكو بألا يدخل في صلح مع الخليفة بحجة أن هذا الصلح لن يدوم بل إنهم حسنوا له قتل الخليفة) وقد أرجع ابن كثير ذلك إلى العداء المستحكم بن السنيين والشيعيين ، وذكر السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء ص 308 (أن ابن العلفمي راسل التتار وأطمعهم بالمسير إلى العراق وفتح بغداد وإزالة دولة الخلافة العباسية لإقامة خلافة علوية على أنقاضها).(39/33)
فما أشبه اليوم بالبارحة فكما أسقط بغداد ودمر العراق ابن العلقمي والطوسي قديماً فقد أسقطت بغداد ودمرت العراق على أيدي السيستاني وأحمد شلبي في زمننا المعاصر..
ولا فرق بين شراسة الغزاة في زمن التتار وشراستهم في زمن المارينز الأمريكيي الآن !!!
الطيور على أشكالها تقع
رغم أن ديانة التتار الشركية كانت بعبادة الكواكب والنجوم والسجود للشمس عند طلوعها فهم لا يكادون يحرمون شيئاً فكانوا يأكلون الذئاب والخنازير ويتوجهون بالعبادة لعدد من الآلهة المنحطة وخاصة الحيوانات الشريرة التي كانوا يقدمون إليها القرابين وكانوا كذلك يعبدون أرواح أجدادهم القدامى "نوع من الرجعة الخاص بهم" وكانوا يلجأون أحياناً إلى القسيسين والسحرة.
فقد وضع جنكيز خان لهم دستوراً من عدة قوانين ليسيروا على هديه في معاملاتهم وأحكامهم سمي "بالياسق" أو"الياسه" وهذا ما ورد ذكره في عدة مراجع وكتب في التفسير والفتاوى والفقه فتحدث عنهم ابن كثير في تفسيره لآية (أفحكم الجاهلية يبغون ..) كنموذج للحكم الجاهلي المقتبس من شرائع شتى .. اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وفيها الكثير من القوانين الوضعية التي أخذها جنكيز خان من مجرد نظره وهواه (وليست من الدول الأوروبية) فسارت في بنيه شرعاً يقدمونها على الحكم بالكتاب والسنة وذلك في زمن أحفادهم الذين أظهروا الدخول في الإسلام فيما بعد) فيقول فيهم ابن كثير فيمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يعود إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم بسواه في قليل أو كثير.(39/34)
ورغم أن هذا الدستور المغولي كان يتميز بالإجرام والقسوة حتى أنه يحكم بقتل من ذبح حيوان كذبيحة المسلمين ، وأن من بال في الماء أو على الرماد قتل ، وأن من تاجر في بضاعة فخسر فيها قتل بعد المرة الثالثة إلى آخره من هذه الأحكام الشاذة إلا أنه لم يخص أحداً بحسن معاملة أوحماية إلا الشيعة فيشيروا بالنص على ألا يُحمل أحد من الشيعة مؤنة ولا كلفة .. مع تخصيص العلويين بالرعاية والتكريم ..
وقد يفسر ذلك ما فعله هولاكو بالحفاظ على مسجد وضريح موسى الكاظم في بغداد بل والأمر بتجديده !!
أكاذيب وأفترءات أئمة الشيعة على مصر وأهلها !!
لم يقف أمر كشف القناع الزائف عن وجه الشيعه البشع وحقيقة مآربها إلى ما تقدم ذكرة بالحقائق الدامغة المبنية على الرجوع إلى أصول أعتقادتهم الكفرية وتصوراتهم الضالة , ثم أستعراض مقتطفات من تاريخ الشيعة وخياناتها على مدار قرون ...ثم التطرق لبعض اللمحات عن خطورة السياسات المعاصرة للمحور الشيعي على الأمة العربية الأسلامية .....
بل وفي الخصوص المصري نعرض نماذج من أقوال وأراء كبار أئمة الشية فيما يتعلق بمصر والمصرين مما يحتاج إلى ألف أعتذار لأهل مصر ( لايمكن حدوثه ) من صاحب بحار الأنوار والقمي وتفسير العياشى والبرهان والمجلسي وغيرهم فهم يقولون ما يلي :
(أبناء مصر لعنوا على لسان داود عليه السلام ’ فجعل الله منهم القردة والخنازير ) بحار الأنوار 60/208, تفسير القمي :ص 596
(أنتحوا مصر لاتطلبوا المكث فيها لأنه يورث الدياثة ) بحار الأنوار 60/211
(بئس البلاد مصر ) بحار الأنوار 60/210, تفسير العياشي 304 /1 :،البرهان 1/456
(ما غضب الله على بني إسرائيل إلا وأدخلهم مصر ’ولا رضي عنهم إلا أخرجهم منها إلى غيرها ) بحار الأنوار 60 /208-209 , قرب الإسناد : ص 220 تفسير العياشي 304/1 , البرهان : 1/456(39/35)
يقول المجلسي : بأن مصر صارت من شرالبلادفى تلك الأزمنة , لأن أهلها صاروا من أشقى الناس وأكفرهم .
الخاتمة
وأخيراً وكما يلاحظ القارئ الكريم أنه كلما تتبعنا خرافات المذهب الشيعي وتعرفنا على عقائدهم الشاذة ما إزددنا فيهم وفي حكمهم إلا يقيناً ، مع العلم بأنه ليس في الإمكان في مثل هذه الرسالة الموجزة التعرف على جميع إنحرافات هذه الفرقة النارية الضالة ؟!!
والأعجب من ذلك أن المتتبع لحقيقة تاريخ الشيعة وخياناتهم على مدار الزمان بدءاً بابن سبأ اليهودي ومروراً بنصير الدين الطوسي وابن العلقمي وإنتهاءاً بأحمد شلبي والسيستاني ليعلم أن هؤلاء القوم مثلهم كمثل السرطان الذي ينتشر في جسد الأمة والذي كلما توغلنا في تشخيصة بأخذ العينات والفحوصات كلما تعرفنا على مدى خطورته وشراسته على جسد الأمة !!!
وإنصافاً لهذه الفرقة الضالة من ناحية الأداء القتالي فقد قامت بالصمود والأداء المتميز في صد الكيان الصهيوني فكانت كما قال عنها فضيلة الدكتور محمد بن إسماعيل المقدم ( كمن قام به عمله وقعدت به عقيدته ) مع التنويه بأن جميع الأعمال الشرعية وأولها القتال لا تقبل إلا من صاحب عقيدة سليمة .
وأن هذه الرسالة لم يتم طبعها ونشرها إلا بعد إنتهاء القتال وإعلان وقف إطلاق النار وبهدف رفع الإلتباس الذي وقعت فيه الأمة ودرءاً لفتنة التشيع التي إستغلت ضعف دور الأزهر في توعية المسلمين وما قامت به بعض الجماعات المعروفة بالترويج لحزب الله وقياداته بين الجماهير وهم يحسبون أنهم يحشدون الأمة تحت راية حزب الله التي لا شك في وصفها بوصف النبي صلى الله عليه وسلم ( راية عمية ) فانبهر الكثيرون وسقط البعض في فتنة التشيع .(39/36)
فكان على الجماعات المعروفة بعشوائية مواقفها وأرتجالها للتصريحات أن تراعي حال الأمة وجهلها بحقيقة الشيعة ففي الوقت الذى تدعوا المتخاذلين من المسلمين والعرب وخصوصاً الحكام إلى جهاد العدو الصهيوني و الترحيب بكل نكاية في هذا العدو تقع على أيدى هذا الحزب الشيعي أو غيره يجب أن تستبقي الخط الفاصل بين ذلك وبين الحرص على عدم التلبيس على جماهير أهل السنة والجماعة درءاً للمفسدة الأكبر ( والفتنة أشد من القتل) فلا تجمع بين صلاح الدين وعدوه ولا بين صورة الزعيم المناضل الذى نحسبه شهيداً أحمد ياسين ومن يسبونه على مواقع الأنترنت !!!
ونختم بكليمات مضيئة تقرع الأذان محذرة وموقظة للأمة من غفلتها لفضيلة الشيخ إحسان ألهي ظهير العالم الباكستانى الكبير الذى حمل لواء الحرب على أصحاب الفرق الضالة وبين بالتحقيق والبحث الأصيل مدى ما هم فيه من ضلال وانحراف عن سبيل الله فلما احس الروافض بما يقوم به من دحض لأكاذيبهم وانحرافاتهم لجوا الى ما اعتادوا عليه من خسه وغدر فاغتالوه بواسطة قنبله مموقوته ومعه سبعه من علماء الاسلام رحمهم الله رحمه واسعه وادخلهم الله فسيح جناته يقول في أحد أشرطته ( الشيعة الآن لهم نشاط كبير في البلاد العربية وغير العربية وفي البلاد التى فيها أقليات مسلمة فقد ملأوا العالم بمنشوراتهم ومفترياتهم وأكاذيبهم ,لكن قل من يدرك الخطر فلذلك وجب على المسلم الذى يعتقد الأعتقاد الصحيح أن يقف في وجه هذا السيل العارم !!! ) اهـ
نسأل الله عز وجل بفضله وكرمه أن يتقبل منا هذا العمل على ما فيه من تقصير وأن ينجي بقدرته ورحمته هذه الأمة من هذه الفتنة العارمة وأن يوحدكلمتها والاعتصام بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فهو ولى ذلك والقادر عليه
المراجع
مع الاثنى عشريه في الأصول والفروع ا.د.على السالوس(39/37)
اصول وتاريخ الفرق الأسلاميه الشيخ مصطفى محمد مصطفى
المبتدعه وموقف أهل السنةوالجماعه منهم د.محمد يسرى
درة البيان في مسائل الايمان د.محمد يسري
تاريخ الاسلام د.حسن ابراهيم حسن
وجاء دور المجوس ا.عبدالله محمد الغريب
الخمينيه ا.سعيد حوى
الحكومه الاسلاميه الجميني
بحار الانوار
أصول الشيعه
كتاب الاعتقادات القمى
أوائل المقالات في المذاهب المختارات محمد بن نعمان العكبرى
فروع الكافى
مرآة الأنوار
أصول الكافى
اصول الكلينى
البرهان
الاختصاص
المفيد
الشيعه والتصحيح رسالة اصلاحيه د.موسى الموسوى
تفسير العياشى
كشف الأسرار وتبرئة الأئمة الأطهار السيد حسين الموسوي(39/38)
الشيعة هم العدو فاحذرهم
شحاتة محمد صقر
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، اللهم صل وسلم على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إن الهدف من هذا الكتيب تقديم فكرة مبسطة ومختصرة جدًا عن الشيعة وخطرهم.فإن اليهود والنصارى والمشركين وسائر الكفار ، أعداء للإسلام والمسلمين ، وهذه حقيقة يقررها الإسلام ، ويدركها كل من تمسك بإسلامه ودينه ، وهذا العداء مكشوف وواضح وصريح.ولكن هناك أيضًا أعداء آخرون ، خطرهم كبير ، وشرهم عظيم ، حذّر منهم الإسلام ، وحدد القرآن مواصفاتهم ، وسمّيت سورة باسمهم ، وذكرت في السيرة أخبارهم ، أولئك هم المنافقون المجرمون ، الذين يصافحون بيد ويطعنون بالأخرى ، الذين يظهرون الغيرة على الدّين وهم يحطمونه ، يتحدثون باسم الإسلام وهم أعداؤه ، إن فضِح أمرهم ، وكشِفت مقالاتهم ، وتبيّنت أهدافهم ، حلفوا بالله ما أردنا وما قصدنا ، يحلفون بالله ليرضى الناس عنهم ، يخادعونهم ويُموّهون عليهم ، وإذا خلوا إلى بعضهم وإلى شياطينهم كان لسان حالهم ومقالهم : إنّا معكم إنّما نحن مستهزئون .
والمنافقون أصناف عديدون : فمنهم العلمانيّون ، الذين يرفضون شرع الله ? ويريدون دينًا حسب مواصفاتهم ومقاييسهم ورغباتهم ومنهم الفرق الباطنيّة الهدّامة، ومنهم طائفة رداءها النفاق، وشعارها الكذب ، ودينها اللعن والتكفير للصّحابة وأتباعهم .ولمَ لا نحذر منهم ! وهم يخدعون من يجهل حقيقتهم ، ويلبسون لباس الدّين ، ويظهرون التّباكي على قضايا المسلمين ، ويرددون دعوتهم للتقارب ووحدة الصّف ونبذ الخلاف إنهم طائفة الشّيعة الرافضة.(40/1)
فرق الشيعة المعاصرة اليوم كثيرة ، الكبرى منها ثلاث هي: 1- الإسماعيلية ، ومنها النصيرية ( العلويون في سوريا )، والدروز، والبهرة، والبهائية ، والبابية والأغاخانية ، وغيرها . وكلها مارقة عن دين الإسلام .
2- الزيدية : وهم أتباع زيد بن عليّ بن الحسين ، ويعتبرون ـ رغم ضلالاتهم ـ من أقرب الفرق الشيعية لأهل السنة ، ما عدا فرقة منهم تسمى الجارودية ، فهي فرقة من الروافض وإن تسمت بالزيدية ، وموطن الزيدية في اليمن .
3- الإثنا عشرية ( الروافض) وهي كبرى الفرق الشيعية كالذين في إيران والعراق ولبنان وبعض دول الخليج (وهي موضوع هذا البحث) .
الاثنا عشرية : هم الذين يسمون الرافضة والجعفرية نسبة إلى جعفر الصادق ـ وهو منهم بريء ـ ط ، وسموا بالاثنى عشرية لقولهم باثنَي عشر إمامًا ، ويشكّلون الغالبية العظمى من الشيعة اليوم .
نشأتها: تمتد جذورها الفكرية إلى طائفة السّبئية ، أتباع عبدالله بن سبأ اليهودي، والسّبئية هم أول من قال بالنص على خلافة عليّ ط ورجعته ، والطعن في الخلفاء الثلاثة وأكثر الصحابة ن ، وهي آراء أصبحت فيما بعد من أصول المذهب الاثنى عشري.
أهم عقائد الشيعة الاثنى عشرية
1- الإمامة : يرون أن إمامة الاثني عشر ، ركن الإسلام الأعظم ، وهي عندهم منصب إلهي كالنبوة ، والإمام عندهم يوحى إليه ، ويؤيد بالمعجزات ، وهو معصوم عصمة مطلقة.
* يميل علماء الشيعة إلى حصر أهل البيت النبوي في الابنة الصغرى للنبي ث فاطمة ، وزوجها عليّ وابنيها الحسن والحسين ن وتسعة من نسل الحسين ، ثم يعمدون إلى إغفال خلفاء المسلمين عبر العصور والتقليل من شأن منجزاتهم في نصرة الإسلام والمسلمين.(40/2)
* أما أهل السنة فإنهم يعتبرون أهل البيت كل من حرمت الصدقة عليه من أقرباء النبي ث و يشمل هؤلاء عليّ وآله ، وجعفرًا وآله، وعقيلاً وآله، والعباس وآله.كما يعتبر علماء المسلمين زوجات الرسول من أهل البيت بنص الآية 33 من سورة الأحزاب، إذ يخاطبهن الله بقوله:? وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا? هذا فضلاً عن كون زوجات النبي ث أمهات كل من ادعى أنه مؤمن إذ تقول الآية السادسة من سورة الأحزاب: ?النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ?. كما أن صالحي أهل البيت ـ بدون استثناء ـ لهم مكانة سامية لدى أهل السنة ؛ فإن من عقيدة أهل السنة حب آل بيت النبي ث وحب أصحابه ، رضي الله عن الجميع.
2- الطعن في الصحابة : يزعم الشيعة أن الصحابة ن ارتدوا عن الإسلام إلا ثلاثة أو أربعة أو سبعة ، على اختلاف أساطيرهم ، وكيف يقال مثل هذا القول في أفضل قرن عرفته البشرية ، في قوم نقلوا لنا الدين ، وشهدت بفضلهم آيات القرآن العظيمة ، ونصوص السّنة المطهّرة ، ووقائع التاريخ الصادقة .(40/3)
3- محاولتهم النيل من كتاب الله : لمَّا كانت نصوص القرآن لا ذكر فيها لإمامة الاثنى عشر ، كما أنها تُثني على الصحابة وتعلي من شأنهم ، تحيّروا فقالوا لإقناع أتباعهم : إن آيات الإمامة وسب الصحابة قد أُسقِطَتْ من القرآن ، ولكنّ هذا القول كشف القناع عن كفرهم ، فراحوا ينكرونه ، ويزعمون أنهم لم يقولوا به ، ولكنّ رواياته قد فشت في كتبهم ، وآخر فضائحهم في ذلك كتاب كتبه أحد كبار شيوخهم سمّاه (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب )، حيث أثبت تواتر هذا الكفر الصريح ، والكذب المكشوف في كتب الروافض ، واعترف بأن شيوخهم يؤمنون بهذا الكفر ، فكان هذا الكتاب فضيحة كبرى لهم وعار عليهم أبد الدهر .
*بعضهم قالوا بأن جبريل قد أخطأ في الرسالة فنزل على محمد ث، بدلاً من أن ينزل على عليّ ط لأن عليًّا يشبه النبي ث كما يشبه الغرابُ الغرابَ ولذلك سُمُّوا بالغرابية.
4- عقيدة التقية عند الشيعة
التقية عند الشيعة هي التظاهر بعكس الحقيقة ، وهي تبيح للشيعي خداع غيره فبناء على هذه التقية ينكر الشيعي ظاهرًا ما يعتقده باطنًا ، وتبيح له أن يتظاهر باعتقاد ما ينكره باطنًا ، ولذلك تجد الشيعة ينكرون كثيرًا من معتقداتهم أمام أهل السنة ، مثل القول بتحريف القرآن وسب الصحابة وتكفير وقذف المسلمين وإلى غير ذلك من المعتقدات .
يقول شيخهم ورئيس محدثيهم الملقب بالصدوق في (رسالة الاعتقادات ص 104):«واعتقادنا في التقية أنها واجبة من تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة...والتقية واجبة لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم فمن تركها قبل خروجه فقد خرج من دين الله وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة».(40/4)
خطر الشيعة الروافض: تعد الرافضة من أخطر الفرق على الأمة، وأشدها فتنة وتضليلاً ، خصوصًا على العامة الذين لم يقفوا على حقيقة أمرهم ، وفساد معتقدهم ، والشيعة في هذا الزمان قد أحدثوا حِيَلاً جديدة لاصطياد من لا علم عنده من أهل السنة ، والتأثير عليه بعقيدتهم الفاسدة الكاسدة. فمن ذلك ما أحدثوه من دعوة التقريب بين السنة والشيعة ، والدعوة إلى تناسي الخلافات بين الطائفتين.وما هذه الدعوة إلا ستار جديد للدعوة للرفض والتشيع، ونشر هذه العقيدة الفاسدة بين صفوف أهل السنة ، وإلا فالشيعة لا يقبلون التنازل عن شيء من عقيدتهم.
* نشأت فرقة الشيعة الإثنى عشرية عندما ظهر رجل يهودي اسمه (عبد الله بن سبأ) ادعى الإسلام ، وزعم محبة أهل البيت ، وغالى في عليّ ط ، وادعى له الوصية بالخلافة ثمّ رفعه إلى مرتبة الألوهية ، وهذا ما تعترف به الكتب الشيعية نفسها.
من أسماء هذه الفرقة: الشيعة ، الإمامية ، الإثنا عشرية ، الرافضة، الجعفرية.
الكتب الرئيسة عند الإثنى عشرية : 1- الكافي للكُلَيني: وقد أشار علماء الشيعة إلى أن هذا الكتاب أصح الكتب الأربعة المعتمدة عندهم ، وشرَحَه عدد من شيوخهم ، ومن شروحه(مرآة العقول) للمجلسي، الذي اعتنى بالحكم على أحاديث الكافي من ناحية الصحة والضعف.. وقد صحّح كثيرًا من الروايات المفتراة والمكذوبة ، والتي هي كفر بإجماع المسلمين كروايات تحريف القرآن وتأليه الأئمة.
2- من لا يحضره الفقيه لشيخهم المشهور عندهم بالصدوق محمد بن بابويه القمي.
3- تهذيب الأحكام لشيخهم المعروف بـ(شيخ الطائفة) أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي. وقد ألفه لمعالجة التناقض والاختلاف الواقع في رواياتهم.
4-الاستبصار لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي .
اعتقاد الشيعة الإثنى عشرية في القرآن الكريم
أولا: اعتقاد تحريف القرآن الكريم:(40/5)
* يقول الله - عز وجل - :? إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ? [ الحجر: 9] ويقول الشيعة :إن القرآن الذي عندنا ليس هو الذي أنزل الله على محمد ث ، بل جرى عليه التغيير والتبديل، وزِيد فيه ونُقص منه.وجمهور المحدثين من الشيعة يعتقدون التحريف في القرآن كما ذكر ذلك النوري الطبرسي صاحب كتاب( فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) وهو كتاب شامل مفصل بحث فيه المحدث الشيعي بحثًا وافيًا في إثبات التحريف في القرآن ـ بزعمه ـ ، وأورد فيه أكثر من ألفَي رواية من الروايات الشيعية المعتمدة في كتبهم تفيد القول بالتحريف والنقص ، وأن لا اعتماد على هذا القرآن الذي بين أيدي المسلمين اليوم .وردّ الطبرسي على من أنكر أو أظهر التناكر من الشيعة .
ويرى الأستاذ محب الدين الخطيب / أن سبب الضجة أنهم يريدون أن يبقى التشكيك في صحة القرآن محصورًا بين خاصتهم ، ومتفرقاً في مئات الكتب المعتبرة عندهم ، وأن لا يجمع ذلك كله في كتاب واحد تطبع منه ألوف من النسخ ويطلع عليه خصومهم فيكون حجة عليهم ماثلة أمام أنظار الجميع.
ولما أبدى عقلاؤهم هذه الملاحظات خالفهم فيها مؤلفه ، وألّف كتابًا آخر سماه: رد بعض الشبهات عن (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب). وقد ألّف كتابه هذا في أواخر حياته قبل موته بنحو سنتين ، و قد كافئوه على هذا المجهود ـ في إثبات أن القرآن الكريم مُحَرَّف ـ بأن دفنوه في مكان متميز من بناء المشهد العلوي في النجف.(40/6)
ومما استشهد به النوري الطبرسي على وقوع النقص بالقرآن إيراده في الصفحة 180 من كتابه سورة تسميها الشيعة ( سورة الولاية ) مذكور فيها ولاية علي ط ، وهذا نصها:« يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنبي والولي اللذين بعثناهما يهديانكم إلى الصراط المستقيم * نبي وولي بعضهما من بعض و أنا العليم الخبير * إن الذين يوفون بعهد الله لهم جنات النعيم * والذين إذا تليت عليهم آياتنا كانوا بآياتنا مكذبون * إن لهم في جهنم مقامًا عظيمًا إذا نودي لهم يوم القيامة أين الظالمون المكذبون للمرسلين * ما خلفتهم المرسلين إلا عني و ما كان الله ليظهرهم إلى أجل قريب و سبح بحمد ربك و عليّ من الشاهدين). تعالى الله عما يقولون و يفترون.
صورة من سورة الولاية في مصحف الشيعة المحرف
بعض أقوال شيوخهم في إثبات تحريف القرآن
* يذكر صاحب( الكافي):«...رفع إليَّ أبو الحسن مصحفًا وقال:«لا تنظر فيه، ففتحته وقرأت فيه ? لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا?[البينة:1) فوجدتُ فيها ـ أي السورة ـ اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم ».(الكافي 2/261).
* وفي( الكافي )كذلك( 1/412): عن جابر، عن أبي جعفر ÷قال: قلت له: لمَ سُمِّي أمير المؤمنين ـ أي عليّ بن أبي طالب ـ ؟ قال:« الله سماه هكذا ؛ أنزل في كتابه:« وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم وأن محمدًا رسولي وأن عليًا أمير المؤمنين »ا. هـ.
فإضافة هذه الزيادة على الآية الكريمة ( وأن محمدًا رسولي وأن عليًا أمير المؤمنين ) واعتبارها من القرآن ، هو عين القول بالتحريف ، ومعناه أن الآية كما هي مثبَتَة في كتاب الله تعالى .. وكما يقرأها المسلمون .. إنما هي آية ناقصة .. لم تُكتب كما أنزلت ..!!(40/7)
* وفي (الكافي) كذلك( 1/417): عن أبي جعفر ÷قال:« نزل جبرائيل ÷ بهذه الآية على محمد ث هكذا:« بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله في عليّ بغيًا » ا. هـ.... فقوله (هكذا) أي نصًاوحرفاً .. وهذا صريح الكذب والتحريف!
* يقول المحدث الشيعي (نعمة الله الجزائري) ـ نسبة إلى جزائر البصرة ـ في كتابه (الأنوار النعمانية):«إن الأصحاب (أي علماء المذهب الشيعي) قد أطبقوا على صحة الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن.» (فصل الخطاب ص 30) .
* الخميني الذي يستشهدون بأقواله على عدم وقوع التحريف يفضحه الله تعالى ، حيث قال في معرض كلامه عن الإمامة والصحابة:«..فإن أولئك الذين لا يعنون بالإسلام والقرآن إلا لأغراض الدنيا والرئاسة، كانوا يتخذون من القرآن وسيلة لتنفيذ أغراضهم المشبوهة، ويحذفون تلك الآيات من صفحاته، ويُسقِطون القرآن من أنظار العالمين إلى الأبد، ويلصقون العار ـ وإلى الأبد ـ بالمسلمين وبالقرآن، ويُثبتون على القرآن ذلك العيب الذي يأخذه المسلمون على كتب اليهود والنصارى».(كشف الأسرار ص 131)
* وقد أثنى الخميني أكثر من مرة على نور الدين الطبرسي ، مؤلف كتاب (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) (الحكومة الإسلامية ص 66 ).(40/8)
* وقد درج بعض شيوخهم المعاصرين على التظاهر بإنكار هذه الفِرْية ، والدفاع عن كتاب الله سبحانه. لكن يلاحظ كفره في فلتات لسانه ، وترى الباطل يحاول دسه في الخفاء. ومن أخبث من سلك هذا الطريق شيخهم أبو القاسم الخوئي ، المرجع الأعلى للشيعة في العراق وغيرها من البلاد. ففي تفسيره(البيان) يقرر أن المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم ، بل المتسالم عليه بينهم هو( القول بعدم التحريف) .(تفسير البيان ص226). ولكنّ أبا القسم الخوئي يقطع بصحة جملة من روايات التحريف فيقول:« إن كثرة الروايات تورث القطع بصدور بعضها عن المعصومين، ولا أقل من الاطمئنان بذلك، وفيها ما روي بطريق معتبر». (تفسير البيان ص222).
ونقول للخوئي وأمثاله: لا شك أن أمير المؤمنين عليّ ط ما كان يقرأ ويحكم إلا بالمصحف الذي أجمع عليه الصحابة ن ، وهذا ما تعترف به كتب الشيعة.ولو كان هناك مصحف غير القرآن كما يزعم الجاهلون لأخرجه عندما كان خليفة للمسلمين ، ولحكم به وهذا ما لم يحدث ، وهذا طعن من الشيعة في عليّ ط .ولهذا أخرج ابن أبي داود بإسناد صحيح من طريق سويد بن غفلة قال:قال عليّ:« لا تقولوا في عثمان إلا خيرًا ، فوالله ما فعل في المصاحف إلا عن ملإٍ منا». وقد نقلت ذلك كتب الشيعة.
ثانيًا:العمل بالقرآن ريثما يخرج مصحفهم مع إمامهم المنتظر:
قال شيخهم نعمة الله الجزائري:« قد روي في الأخبار أنهم ‡ أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس إلى السماء ، ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين فيقرأ ويعمل بأحكامه»(الأنوار النعمانية: 2/363-364).(40/9)
مصحف فاطمة: وتدعي كتب الشيعة نزول مصحف على فاطمة م بعد وفاة رسول الله ث . ويزعم الشيعة أنه قد دُوِّن فيه علم ما يكون، مما سمعته الزهراء م من حديث الملائكة بعد وفاة أبيها ث. وذلك تسكينًا لها على حزنها لفقد أبيها ث.
وممّا يدل على كذبهم وجود بعض الروايات عندهم التي تتحدث عن مصحف فاطمة أنه من إملاء رسول اللّه ث وخَطِ عليّ ط : جاء في( بصائر الدرجات ص 153) عن عليّ بن سعيد عن أبي عبد اللّه - عليه السلام -: « وعندنا واللّه مصحف فاطمة ، ما فيه آية من كتاب اللّه وإنّه لإملاء رسول اللّه ث وخط عليّ - عليه السلام - (1)بيده » . .
والمضحك أنّه توجد روايات أخرى تشير إلى أن المصحف ألقي على فاطمة من السماء ، ولم يكن المملي رسول اللهث ، ولا خط عليّط ، ولم يحضر ملك يحدثها ويؤنسها ليكتب عليّ ما يقوله الملك، تقول الرواية:«مصحف فاطمة ‘ما فيه شيء من كتاب الله وإنما هو شيء ألقي عليها »(بحار الأنوار 26/48).
__________
(1) قال الشيخ ابن باز /: « لا ينبغي تخصيص علي ط بهذا اللفظ بل المشروع أن يقال في حقه وحق غيره من الصحابة (رضي الله عنه) أو (رحمه الله) لعدم الدليل على تخصيصه بذلك ، وهكذا قول بعضهم: «كرم الله وجهه» فإن ذلك لا دليل عليه ولا وجه لتخصيصه بذلك ، والأفضل أن يعامل كغيره من الخلفاء الراشدين ولا يخص بشيء دونهم من الألفاظ التي لا دليل عليها ». (مجموع الفتاوى 6/501)(40/10)
وتزعم الشيعة أن مصحف فاطمة ثلاثة أضعاف القرآن:فعن أبي بصير عن أبي عبد اللّه - عليه السلام - قال:« وإنّ عندنا لمصحف فاطمة سلام الله عليها، وما يدريهم ما مصحف فاطمة سلام الله عليها؟ قال: قلت: وما مصحف فاطمة سلام الله عليها؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، واللّه ما فيه من قرآنكم حرف واحد».(الكافي1/239). وهذه الأسطورة يرويها ثقة الإسلام ـ عندهم ـ الكليني بسند صحيح ـ عندهم ـ كما يقرره شيوخهم (انظر: الشّافي شرح أصول الكافي3/197(.
عقيدة الشيعة في السنة
الشيعة يردّون كتب السنة جملةً وتفصيلاً فلا يعتبرونها ولا يُقِرّونها ؛ لأن رواتها كفار ـ بزعمهم ـ وترتب على ردِّهم للسنة أن يوجدوا بدائل وهذه البدائل هي أقوال الأئمة ، لذلك لا تجد لهم في كتبهم من الأحاديث ما هو مرفوع للنبي ث إلا نادرًا خصوصًا كتب الفقه الشيعي ، لا تجد فيها عن فلان عن فلان عن النبي ث ، فكل الروايات تسند عن أئمتهم.
يقول في تعريفها شيخهم محّمد الحسين آل كاشف الغطاء:« إنهم [ أي الشيعة ] لا يعتبرون من السنة ـ أعني الأحاديث النبوية ـ إلا ما صحّ لهم من طريق أهل البيت ‡عن جدهم ث ، يعني:ما رواه الصادق عن أبيه الباقر عن أبيه زين العابدين عن الحسين السبط عن أبيه أمير المؤمنين عن رسول الله سلام الله عليهم جميعًا ، أمّا ما يرويه مثل: أبي هريرة ، وسمرة بن جندب ، ومروان بن الحكم ، وعمرو بن العاص ونظائرهم فليس لهم عند الإمامية من الاعتبار مقدار بعوضة وأمرهم أشهر من أن يذكر»(أصل الشيعة وأصولها، ص 236) .(40/11)
فالسنة عندهم هي:«كل ما يصدر عن المعصوم من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ»(محمد تقي الحكيم، الأصول العامة للفقه المقارن ص122)، والمعصوم هو رسول الله ث ، والأئمة الإثنا عشر، أي لا فرق عندهم في هذا بين هؤلاء الإثنى عشر وبين من لا ينطق عن الهوى ث ، إن هو إلا وحي يوحى. ولا فرق في كلام هؤلاء الإثنى عشر بين سن الطفولة ، وسن النضج العقلي ؛ إذ إنّهم ـ في نظرهم ـ لا يخطئون عمدًا ولا سهوًا ولا نسيانًا طوال حياتهم ، ولهذا قال أحد شيوخهم المعاصرين: « إن الاعتقاد بعصمة الأئمة جعل الأحاديث التي تصدر عنهم صحيحة دون أن يشترطوا إيصال سندها إلى النبي ث كما هو الحال عند أهل السنة ، وأن الأئمة كالرسل ، قولهم قول الله ، وأمرهم أمر الله ، وطاعتهم طاعة الله ، ومعصيتهم معصية الله ، وإنهم لم ينطقوا إلا عن الله تعالى وعن وحيه »(الاعتقادات لابن بابويه ص 106).
عقيدة الشيعة في أصحاب رسول الله ث
تقوم عقيدة الشيعة الإثنى عشرية على سب وشتم وتكفير الصحابة ن . ذكر الكليني في (فروع الكافي) (كذبًا)عن جعفر:« كان الناس أهل ردة بعد النبي ث إلا ثلاثة ، فقلت:من الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود ، وأبو ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ». وذكر المجلسي في (حق اليقين) أنه قال لعليّ بن الحسين مولى له: « لي عليك حق الخدمة فأخبرني عن أبي بكر وعمر؟ فقال:إنهما كانا كافرين ، الذي يحبهما فهو كافر أيضًا ». وفي تفسير القمي عند قوله تعالى:? وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ? [النحل :90] قالوا: الفحشاء أبو بكر، والمنكر عمر، والبغي عثمان.
ويقولون في كتابهم(مفتاح الجنان):« اللهم صل على محمد وعلى آل محمد والعن صنمَيْ قريش وجِبتَيْهِما وطاغوتَيْهما وابنتيهما.. إلخ» ويعنون بذلك أبا بكر وعمر وعائشة وحفصة ن .(40/12)
وفي يوم عاشوراء يأتون بكلب ويسمونه عمر، ثم ينهالون عليه ضربا بالعصي ورجمًا بالحجارة حتى يموت ، ثم يأتون بسخلة(1) ويسمونها عائشة ، ثم يبدؤون بنتف شعرها وينهالون عليها ضربًا بالأحذية حتى تموت.
* كما أن للشيعة عيد يقيمونه في اليوم التاسع من ربيع الأول ، يحتفلون باليوم الذي قتل فيه الفاروق عمر بن الخطاب ط ، ويسمون قاتله أبا لؤلؤة المجوسي: بابا شجاع الدين ، رضي الله عن الصحابة أجمعين وعن أمهات المؤمنين.
وبلغت استهانة الخميني بأصحاب رسول الله ث أن فضّل عليهم شعب إيران كما يذكر ذلك في وصيته:« وأنا أزعم بجرأة أن الشعب الإيراني بجماهيره المليونية في العصر الراهن أفضل من أهل الحجاز في عصر رسول الله»( الوصية السياسية:الخميني ص 23)، ويقول هذا الخبيث الكافر في سبه لخير الأمة بعد نبيها ث:
« إننا هنا لا شأن لنا بالشيخين، وما قاما به من مخالفات للقرآن ، ومن تلاعب بأحكام الإله ، وما حللاه وما حرماه من عندهما ، وما مارساه من ظلم ضد فاطمة بنت النبي ث ، وضد أولادها، ولكننا نشير إلى جهلهما بأحكام الإله والدين»، ثم يقول في الصفحة الأخرى:«وإن مثل هؤلاء الأفراد الجهال الحمقى، والأفاقين والجائرين غير جديرين بأن يكونوا في موضع الإمامة، وأن يكونوا ضمن أولي الأمر».(كشف لأسرار:الخميني ص126-127).
قال الإمام مالك /عن الشيعة :« إنما هؤلاء قوم أرادوا القدح في النبي ث فلم يمكنهم ذلك ، فقدحوا في أصحابه حتى يقال : رجل سوء ، ولو كان صالحًا كان أصحابه صالحين » ( الصارم المسلول ج 3 ص 108) .
أوجه التشابه بين اليهود والشيعة الإثنى عشرية
__________
(1) السخلة : الذكر والأنثى من ولد الضأن والمعْز ساعة يولد.(40/13)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية /: « وآية ذلك أن محنة الشيعة الإثنى عشرية محنة اليهود ، وذلك أن اليهود قالوا لا يصلح الملك إلا في آل داود ، وقالت الشيعة الإثنى عشرية: لا تصلح الإمامة إلا في ولد عليّط. وقالت اليهود: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المسيح الدجال وينزل السيف ، وقالت الشيعة الإثنى عشرية:لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي وينادي مناد من السماء.
واليهود يؤخرون الصلاة إلى اشتباك النجوم ، وكذلك الشيعة الإثنى عشرية يؤخرون المغرب إلى اشتباك النجوم . والحديث: « لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى اشتباك النجوم».(1)
واليهود حرفوا التوراة وكذلك الشيعة الإثنى عشرية حرفوا القرآن. واليهود لا يرون المسح على الخفين وكذلك الشيعة الإثنى عشرية. واليهود تبغض جبريل يقولون هو عدونا من الملائكة، وكذلك الشيعة الإثنى عشرية يقولون غلط جبريل بالوحي على محمد ث. وكذلك الشيعة الإثنى عشرية وافقوا النصارى في خصلة النصارى ؛ ليس لنسائهم صداق إنما يتمتعون بهن تمتعا ، وكذا الشيعة الإثنى عشرية يتزوجون بالمتعة ويستحلونها.
__________
(1) رواه الإمام أحمد وأبوداود وصححه الألباني . قَالَ صَاحِبُ (عَوْنِ الْمَعْبُودِ شرح سنن أبي داود):« (تَشْتَبِك النُّجُوم ): قَالَ اِبْن الْأَثِير : أَيْ تَظْهَر جَمِيعًا ، وَيَخْتَلِط بَعْضهَا بِبَعْضٍ لِكَثْرَةِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَهُوَ كِنَايَة عَنْ الظَّلَام ، وَالْحَدِيث يَدُلّ عَلَى اِسْتِحْبَاب الْمُبَادَرَة بِصَلَاةِ الْمَغْرِب وَكَرَاهَة تَأْخِيرهَا إِلَى اِشْتِبَاك النُّجُوم ، وَقَدْ عَكَسَتْ الرَّوَافِض الْقَضِيَّة فَجَعَلَتْ تَأْخِير الْمَغْرِب إِلَى اِشْتِبَاك النُّجُوم مُسْتَحَبًّا ، وَالْحَدِيث يَرُدّهُ ».(40/14)
وفُضِّلت اليهود والنصارى على الشيعة الإثنى عشرية بخصلتين: سُئلت اليهود: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب موسى. وسئلت النصارى: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: حواري عيسى ، وسئلت الشيعة الإثنى عشرية: من شر أهل ملتكم؟ قالوا:أصحاب محمدث.
عقيدة الإمامة عند الشيعة الإثنى عشرية
الإمامة عند الشيعة تختلف عن الإمامة في الدين عند أهل السنة والجماعة، فالإمام عند الشيعة له من الخصائص كما للنبيث!، يقرر ذلك محمد حسين آل كاشف الغطاء في كتابه(أصل الشيعة وأصولها ص85) يقول:« إن الإمامة منصب إلهي كالنبوة ، فكما أن الله سبحانه يختار من يشاء من عباده للنبوة والرسالة ، ويؤيّد بالمعجزة التي هي كنَصّ من الله عليه. فكذلك يختار للإمامة من يشاء ويأمر نبيه بالنص عليه وأن ينصبه إمامًا للناس من بعده ».
والإمامة عند الشيعة أحد أركان الإسلام الخمسة ، فهم يعتقدون كما جاء في أصول الكافي عن أبي جعفر أنه قال:«بني الإسلام على خمس ، على الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج والولاية ، ولم ينادَ بشيء كما نودي بالولاية ، فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه ــ يعني الولاية » .
منزلة الإمامة وحكم منكرها: جعلت الشيعة مدار قبول الأعمال من العباد على الإيمان بالإمامة ، فنسبوا إلى الصادق قوله: « إن أول ما يُسأل عنه العبد إذا وقف بين يدي الله - جل جلاله - عن الصلوات المفروضات ، وعن الزكاة المفروضة ، وعن الصيام المفروض ، وعن الحجّ المفروض ، وعن ولايتنا أهل البيت ، فإن أقرّ بولايتنا ثمّ مات عليها قبِلت منه صلاته وصومه وزكاته وحجه ، وإن لم يقر بولايتنا بين يدي- جل جلاله - لم يقبل الله منه شيئا من أعماله».(أمالي الصدوق ص 154).وحكى المفيد ـ أحد علماء الشيعة ـ إجماع الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار.(البحار8/366 ، 23/390) .(40/15)
عصمة الأئمة: ذهب الشيعة إلى القول بعصمة الأئمة ، فلا يخطئون عمدًا ولا سهوًا ولا نسيانًا طول حياتهم ، ولا فرق في ذلك بين سن الطفولة وسن النضج العقلي ، ولا يختص هذا بمرحلة الإمامة.
يقول الخميني: «إنّ الأئمة الذين لا نتصور فيهم السهو والغفلة، ونعتقد فيهم الإحاطة بكل ما فيه مصلحة المسلمين »(الحكومة الإسلامية، ، ص 52).
ويقال هنا:إنّ العصمة من الخطأ كبيرِه وصغيرِه ، عمدًا وسهوًا، ونسيانًا من المولد إلى الممات أمرٌ يتنافى مع الطبيعة البشرية ، وهذا ممّا لا يقبله العقل إلا بدليل قطعي من الشرع. وإنّ النّفي المطلق للسّهو والنّسيان عن الأئمّة تشبيه لهم بالله ? لا تأخذه سنة ولا نوم. والقول بالعصمة يتنافى مع ما ثبت من أن الأئمة يعترفون بالذنوب ويستغفرون الله منها.
الأئمة عندهم يعلمون الغيب: يروي الكُلَيني في(أصول الكافي، باب أنّ الأئمة إذا شاءوا أن يعلموا علموا) عن جعفر أنّه قال:« إن الإمام إذا شاء أن يعلم علم ، وأنّ الأئمة يعلمون متى يموتون ، وأنّهم لا يموتون إلا باختيار منهم ».
ويعتقدون أنّ الله ? خلق السماوات والأرضين لأجل عليّط، وجعله صراطه المستقيم، وعينه وبابه الذي يؤتى منه ، وحبله المتصل بينه وبين عباده من رسل وأنبياء وحجج وأولياء.(الوافي للفيض الكاشاني المجلد الثاني ص224) وبهذا يقضون على السبب الحقيقي من خلق الخلق الذي سطره الله في القرآن بقوله تعالى:?وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ? [الذاريات:56] .
الأئمة هم أسماء الله وصفاته :روى الكليني عن أبي عبد الله في قول الله - عز وجل -:? وَلِلّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ? [الأعراف: 180] قال:« نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملاً إلا بمعرفتنا » (أصول الكافي1/143-144). وقد تناقل هذا المعتقد علماء الشيعة في روايات عديدة نسبت زورًا لجعفر الصادق ط وغيره.(40/16)
الغلو في كيفية خلق الأئمة: قال الخميني في كتابه (زبدة الأربعين حديثا): « اعلم أيها الحبيب ، أن أهل بيت العصمة عليهم السلام ، يشاركون النبي في مقامه الروحاني الغيبي قبل خلق العالم، وأنوارهم كانت تسبح وتقدس منذ ذلك الحين ، وهذا يفوق قدرة استيعاب الإنسان حتى من الناحية العلمية. ورد في النص الشريف « يا محمد ، إن الله تبارك وتعالى ، لم يزل منفردًا بوحدانيته ، ثم خلق محمدًا وعليًّا وفاطمة ، فمكثوا ألف دهر ، ثم خلق جميع الأشياء، فأشهدهم خلقها ، وأجرى طاعتهم عليها، وفوض أمورهم إليهم، فهم يُحِلون ما يشاءون أو يُحَرّمون ما يشاءون، ولن يشاءوا إلا أن يشاء الله تعالى ، ثم قال: يا محمد ، هذه الديانة التي من تقَدَّمَها مَرَقَ، ومن تخلف عنها مُحِق، ومن لزمها لَحِقَ ، خذها إليك يا محمد ».(40/17)
الأئمة الإثنا عشر عند الشيعة أفضل من الأنبياء:من المعلوم من الدين بالضرورة أنّ الرّسل أفضل البشر وأحقّهم بالرّسالة ؛ حيث حققوا كمال العبوديّة لله تعالى، وأتموا التّبليغ والدّعوة، ? اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ? [الأنعام:124] ، وقد امتازوا برتبة الرّسالة ، وفضلهم الله بمنزلة النبوة عن سائر النّاس ، وقد أوجب الله على المسلمين متابعتهم. قال تعالى: ? وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ ? [النّساء: 64] ولا يجوز لأحد أن يفضّل أحدًا من البشر عليهم. قال الإمام الطّحاوي في بيان اعتقاد أهل السّنّة:«ولا نفضّل أحدًا من الأولياء على أحد من الأنبياء ‡ونقول: نبي واحد أفضل من جميع الأولياء».(شرح العقيدة الطّحاويّة: ص493).ولكن غلو الشيعة جعلهم يضعون أئمتهم في درجة أفضل من الأنبياء والرسل والملائكة المقربين كما يذكر ذلك (الحر العاملي) قائلاً:« الأئمة الإثنى عشر أفضل من سائر المخلوقات من الأنبياء والأوصياء السابقين والملائكة وغيرهم ».(الفصول المهمة ص152). ووصل بهم الحال إلى اختلاق روايات على أهل البيت تؤكد أنّ الأئمة يُوحى إليهم ، وأنّ عليًّا ط ناجاه جبريل - عليه السلام - في فتح خيبر. وأن فاطمة م لما توفى رسول الله ث بعث الله لها ثلاثة ملائكة يُكلمونها ويسلّونها ،وكان عليّط يكتب ما يقول المَلك!(خطاب ألقاه الخميني يوم الأحد 2/3/86م بمناسبة عيد المرأة).
ويقول الخميني:«إن للإمام مقاما محمودًا ودرجة سامية، وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون ، وإن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا لم يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل...»وقال أيضًا:«إن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن لا تخص جيلاً خاصًّا وإنما هي تعاليم للجميع في كل عصر ومصر إلى يوم القيامة ».(الحكومة الإسلامية ص112).(40/18)
ويقول أيضًا:فالإمام المهدي الذي أبقاه الله - سبحانه وتعالى - ذخرًا من أجل البشرية ، سيعمل على نشر العدالة في جميع أنحاء العالم وسينجح فيما أخفق في تحقيقه جميع الأنبياء.(خطاب ألقاه الخميني بمناسبة الخامس عشر من شعبان عام 1401هـ.)
عقيدة الرجعة عند الشيعة
الرجعة عند الشيعة تعني العودة بعد الموت.وهي من أصول مذهب الشيعة الإثنى عشرية ، ومن المعلوم ضرورةً أنّ هذا مخالف لصريح الكتاب والسنة من أن من قضى نحبه وانتهى أجله أنه لا يعود مرة أخرى حتى يُبعَث الناس من قبورهم يوم القيامة. كقوله تعالى : ? حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ? [المؤمنون99-100] .
وجنوح الشيعة الإمامية لتأصيل هذه العقيدة وبثها في نفوس الشيعة، إنما هو من باب تصبير الشيعة وتثبيتهم على معتقداتهم الفاسدة ، لما يرون من حالات الضعف والمهانة التي لقوها من الناس عبر التاريخ ، وهي تبعث الأمل لدى الشيعة الإمامية بأنّ هناك يومًا ما سينتقم فيه الشيعة من أعدائهم ، وتكون الغلبة لهم.
وقد قسم الشيعة الإمامية رجوع الناس بعد الموت إلى ثلاثة أصناف:الأول:رجوع المهدي أو خروجه من مخبئه ، وكذلك رجوع الأئمة بعد موتهم.
الثاني: رجوع خلفاء المسلمين الذين اغتصبوا الخلافة!، والاقتصاص منهم.
الثالث:رجوع أصحاب الإيمان المحض، وهم الشيعة الإمامية ومن تابعهم، ورجوع أصحاب الكفر المحض وهم جميع من لم يؤمن بمذهبهم، وعلى رأسهم أهل السنة بلا شك، ويستثنى من ذلك المستضعفين وهم النساء ، والبُلْه ، ومن لم تتم عليه الحجة كأصحاب الفترة…وهؤلاء عند الشيعة الإمامية مُرجَوْن لأمر الله إما يعذبهم أو يتوب عليهم.(انظر بحار الأنوار 8/363 )(40/19)
وبرجعة الأئمة يفرح الشيعة الإمامية بملاقاة أئمتهم وخصوصًا المهدي الذي طالما اشتاقت إليه نفوسهم ، وبعودة الأئمة تكون الغلبة لهم والرفعة لهم. وبرجعة الخلفاء الذين اغتصبوا الخلافة ، تطيب نفوسهم ، وتشفى صدورهم بالانتقام ممن اغتصب الخلافة من عليّ وهم أبو بكر وعمر وعثمان ن وفي رجعة المؤمنين أي الشيعة الإمامية أهل الإيمان المحض ! ، والكافرين وهم غير الشيعة الإمامية تتمة لسرورهم برؤية أعدائهم وهم يعذبون وينكل بهم. فكان الأولى أن تسمى عقيدة التنكيل والانتقام بدلاً من عقيدة الرجعة ، لأنها مبنية على الانتقام والتشفي.
عقيدة ظهور الأئمة عند الشيعة الإمامية
عقيدة الرجعة عند الشيعة الإمامية ليست هي عقيدة الظهور، فعقيدة الرجعة خاصة للإمام الثاني عشر والظهور له ولغيره من الأئمة ، وتعني أن يظهر الإمام أو غيره بعد موته لأناس معينين، ولذا فقد بوّب المجلسي في بحار الأنوار، باب : أنهم يظهرون ـ أي الأئمة ـ بعد موتهم ، ويظهر منهم الغرائب». (بحار الأنوار27/303). وهذا الظهور خاضع لإرادة الإمام ، فمتى أراد أن يظهر ظهر. وتذكر كتب الشيعة أنّ أبا الحسن الرضا كان يقابل أباه بعد موته ، ويتلقى وصاياه وأقواله » (بحار الأنوار 27/303 ، وبصائر الدرجات ص78).
ظهور المهدي لإغاثة الملهوف: قال الشيعي المعاصر الشهرودي:(40/20)
« لا يخفى علينا أنه - عليه السلام - ، وإن كان مخفيًا عن الأنام ومحجوبا عنهم، ولا يصل إليه أحد ، ولا يعرف مكانه ، إلا أن ذلك لا ينافي ظهوره عند المضطر المستغيث به الملتجئ إليه ، الذي انقطعت عنه الأسباب وأغلقت دونه الأبواب ، فإنه إغاثة الملهوف ، وإجابة المضطر في تلك الأحوال ، وإصدار الكرامات الباهرة ، والمعجزات الظاهرة ، هي من مناصبه الخاصة ، فعند الشدة وانقطاع الأسباب من المخلوقين ، وعدم إمكان الصبر على البلايا دنيوية أو أخروية ، أو الخلاص من شر أعداء الإنس والجن ، يستغيثون به ، ويلتجئون إليه».(الإمام المهدي وظهوره ص 325).( لاحظ أن هذا الاعتقاد شرك بالله - عز وجل -) .
خرافاتهم في خروج المهدي (1)ورجعته
* يحكم بحكم داود:إن الحكم يقام على غير شريعة المصطفى ث، جاء في الكافي وغيره، قال أبو عبد الله:« إذا قام قائم آل محمد حكم بحكم داود وسليمان ولا يُسأل بينة».(أصول الكافي1/397)
* يقيم الحدّ على أم المؤمنين عائشة م :عن أبي جعفر قال:«أما لو قام قائمنا ، وردت إليه الحميراء ، حتى يجلدها الحد وحتى ينتقم لابنة محمد فاطمة ». (بحار الأنوار 52 /314).
* يُخرِج أبا بكر وعمر م من قبريهما ، ويصلبهما ويحرقهما.(الأنوار النعمانية 2 /85).
* يبعثه الله نقمة:عن أبي جعفر قال:« إنّ الله بعث محمدًا رحمةً ، وبعث القائم نقمةً.»(بحار الأنوار52 /315).
__________
(1) أي المهدي عند الشيعة ، أما نحن ـ أهل السنة والجماعة ـ فنعتقد أن المهدي سيظهر آخر الزمان ، وأن اسمه محمد بن عبد الله أو أحمد بن عبد الله ، وأنه من أهل بيت رسول الله ث ومن ولد فاطمة م ، وأنه يشبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الخُلُق ولا يشبهه في الخَلْق ، وأنه أجلى الجبهة ( أي منحسر الشعر عن مقدَّم الرأس ) أقنى الأنف(أي طويل الأنف مع حدب وسطه ودقة أرنبته)، وأنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، وأنه سيقيم شريعة الإسلام .(40/21)
* يقتل ذراري قتلة الحسين : قيل للرضا:« يا ابن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصادق أنه قال:إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين بفعل آبائها»، قال: « هو كذلك» قلت:« وقول الله تعالى :? وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى? [ الإسراء :15] قال ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها.»
* ويقتل المهدي العرب:عن أبي عبد الله قال:«ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح».(الأنوار العمانية 52/ 349). (لاحظ بغضهم للعرب ؛ لأن العرب المسلمين هم الذين قضوا على امبراطورية أجدادهم المجوس عبدة النار) .
عقيدة النياحة وشق الجيوب وضرب الخدود
إنّ الشيعة يعقدون محافل ومجالس للمآتم والنياحة ويعملون المظاهرات العظيمة في الشوارع والميادين في ذكرى شهادة الحسين ط في العشر الأوائل من محرم كل عام معتقدين أنها من أجَلّ القربات فيضربون خدودهم بأيديهم وصدورهم وظهورهم ويشقون الجيوب يبكون ويصيحون بهتافات: يا حسين...يا حسين، وخاصة في اليوم العاشر من كل محرم ، ويخرجون في ذلك اليوم مترابطين متصافين يحملون قبة الحسين (التابوت) المصنوعة من الخشب ونحوه ويقودون خيلا مزينًا بسائر الزينة ، يمثلون به حالة الحسين في كربلاء بفرسه وجماعته ويستأجرون عمالاً بأجور ضخمة ليشتركوا معهم في هذا الضجيج والفوضى ويسبون أصحاب رسول الله ث ويتبرءون منهم وقد تؤدي هذه الأعمال ـ أعمال الجاهلية الأولى ـ إلى المنازعات مع أهل السنة خاصة عند سبهم لأصحاب رسول الله ث والطعن والتبرؤ من الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان ، فتسبب إراقة دماء الأبرياء.(40/22)
والشيعة يصرفون في مآتم الحسين ط أموالاً طائلة ؛ لأنّهم يعتقدون أنّها من أصول دينهم وأعظم شعائرهم . إن الشيعة يعوِّدون أولادهم بالبكاء في هذا المأتم ، فإذا كبروا اعتادوا البكاء متى شاءوا، فبكاؤهم أمر اختياري وحزنهم حزن مخترع ، مع أنّ الشريعة الإسلامية أكدت في النهي عن النياحة وشق الجيوب وضرب الخدود، والقرآن الكريم أوصى المسلم المبتلى بالمصائب بالصبر والرضا بالقضاء.
ثمّ إنّ الأئمة المعصومين عندهم والذين تجب طاعتهم ـ عندهم ـ قد ثبت عنهم أيضا مثل ذلك ، فقد ذكر في نهج البلاغة ، قال عليّ ط بعد وفاة النبي ث مخاطبًا إياه ث :« لولا أنك نهيت عن الجزع وأمرت بالصبر لأنفدنا عليك ماء الشؤون». (الشُّؤُون وهي مَواصل قَبائل الرأس ومُلْتَقاها ومنها تَجيءُ الدُّموع.)
وجاء في ( نهج البلاغة) أيضا أن عليًّا - عليه السلام - قال: «من ضرب يده عند مصيبة على فخذه فقد حبط عمله». وقال الحسين لأخته زينب في كربلاء:« يا أختي أحلفك بالله وعليك أن تحافظي على هذا الحلف، إذا قتلت فلا تشقي على الجيب ولا تخمشي وجهك بأظفارك ولا تنادي بالويل والثبور على شهادتي » . ( منتهى الآمال 1/248).
ونقل أبو جعفر القمي أنّ أمير المؤمنين - عليه السلام - قال فيما علم به أصحابه:« لا تلبسوا سوادًا فإنّه لباس فرعون ».(من لا يحضره الفقيه:للقمي ، ص51) وفي فروع الكافي للكليني أنه ث وصى السيدة فاطمة الزهراء م فقال:«إذا أنا مت فلا تخمشي وجهًا ولا تنادي بالويل ولا تقيمي على نائحة».
مناسك المشاهد والأضرحة(40/23)
زيارة الأضرحة فريضة من فرائض مذهب الشيعة يكفر تاركها ففي الوسائل «عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: «سألته عمن ترك الزيارة زيارة قبر الحسين - عليه السلام - من غير علة، فقال: هذا رجل من أهل النار». (وسائل الشيعة 10/336-337) وقد عقد لذلك المجلسي بابًا بعنوان: «باب أن زيارته (يعني زيارة الحسين). واجبة مفترضة مأمور بها، وما ورد من الذم والتأنيب والتوعد على تركها » وذكر فيه (40) حديثًا من أحاديثهم (انظر: بحار الأنوار101/ 1-11).
وشد الرحال إلى قبر الحسين ط عند الشيعة من أركان دينهم ومن بقايا الوثنية التي أرساها ابن سبأ اليهودي ، ولا نعجب إذا رأينا الشيعة تضع في ثواب زيارته الأحاديث الكثيرة الموضوعة التي ترغب في زيارته والاستشفاء من تربته:
* تزعم الشيعة أن ثواب من زار قبره مثل ثواب مائة ألف شهيد من شهداء بدر (انظر بحار الأنوار للمجلسي 98 /17 رواية رقم 24).
* ومن أتاه تشوقًا كتب الله تعالى له ألف حجة مقبولة وألف عمرة مبرورة وأجر ألف شهيد من شهداء بدر وأجر ألف صائم وثواب ألف صدقة مقبولة وثواب ألف نسمة أريد بها وجه الله تعالى. ( بحار الأنوار98/ 18 ) .
* وأن زيارته تعدل الحج والعمرة والجهاد في سبيل الله تعالى وعتق الرقاب(بحار الأنوار 98 / 28 ـ 48) وأن الأنبياء والرسل والملائكة يأتون لزيارته ويدعون لزواره ـ ويبشرونهم ويستبشرون لهم .(انظر بحار الأنوار 98/51، 68).
* وبلغ بهم الكذب أن قالوا:إن القيام بكربلاء يوم عرفة أفضل وأكثر أجرًا من الوقوف على صعيد عرفات الطاهر (مصباح الطوسي ص 498). وعن ابن مسكان قال: قال أبو عبد اللّه - عليه السلام - :
« إن الله تبارك وتعالى يتجلى لزوار الحسين صلوات عليه قبل أهل عرفات ويقضي حوائجهم ، ويغفر من ذنوبهم ، ويشفعهم في مسائلهم ، ثم يثني بأهل عرفات فيفعل ذلك بهم» ( ثواب الأعمال ص 82).(40/24)
* وقد وضعت الشيعة الروافض لزيارة القبور مناسك كمناسك الحج إلى بيت الله الحرام.يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «وقد صنف شيخهم ابن النعمان المعروف عندهم بالمفيد كتابًا سماه «مناسك المشاهد» جعل قبور المخلوقين تحج كما تحج الكعبة البيت الحرام الذي جعله الله قيامًا للناس ، وهو أول بيت وضع للناس ، فلا يطاف إلا به ، ولا يصلى إلاّ إليه ، ولم يأمر إلا بحجه »
الشيعة والمتعة الجنسية
* الإيمان بالمتعة عند الشيعة أصل من أصول الدين ومنكرها منكر للدين.(من لا يحضره الفقيه 3/366).
* يزعم الشيعة أن الله تعالى أحلّ لهم المتعة عوضًا عن المسكرات ، ويفترون على الله تعالى الكذب فيقولون : إن المتعة رحمة من الله جل جلاله خصّ الشيعة بها دون سائر الناس. فعن أبي عبد الله - عليه السلام - في قول اللّه - عز وجل - :? مَا يَفْتَح اللهُ للناس مِنْ رَحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا ? قال:
« والمتعة من ذلك».(وسائل الشيعة 14/439).
* ورغم إباحتهم للمتعة فالعجيب ثبوت روايات التحريم للمتعة عند أئمة آل البيت وفي كتبهم ، ومن ذلك:
1- عن عبد الله بن سنان قال:سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن المتعة فقال:«لا تُدَنِّسْ نفسَك بها».(بحار الأنوار 100/318).
2 -عن عمار قال:قال أبو عبد الله - عليه السلام - لي ولسليمان بن خالد:«قد حُرِّمَتْ عليكما المتعة».(فروع الكافي 2/48)
3- عن عليّ بن أبي طالب ط أنه روى عن النبي ث تحريمه للمتعة(التهذيب 186، الاستبصار 3/142) وعندهم أيضًا عن الإمام أبي عبد الله ، قال عن اللاتي يمارسن المتعة : « ما يفعلها عندنا إلا الفواجر »
أحكام امرأة المتعة عند الشيعة: (قارن بينها وبين الزانية(
* امرأة المتعة ليست زوجة حرة ، أو زوجة أمَة ، ولا ملك يمين ، وإنّما هي مستأجرة ؟!
* امرأة المتعة لا تَرِث ولا تُوَرَّث ( تحرير الوسيلة للخميني2/288).(40/25)
* المتمَتَّع بها تَبِين بانقضاء المدة أو بهِبتها ، ولا يقع بها طلاق ، ويجوز التمتِّع بالمرأة الواحدة مرارًا كثيرة ، ولا تحرم في الثالثة ، ولا في التاسعة كالمطلقة !بل هي كالأمَة.
* جواز حبس المهر!! عن المرأة المتمتع بها بقدر ما تخلف.
* يجوز أن يتمتع بأكثر من أربع نساء!! وإن كان عنده أربع زوجات بالزواج الدائم!!
* تصديق المرأة عند نَفْي العدة والزوج ( أي قولها إنها ليست ذات زوج) ونحوهما ، وعدم وجوب التفتيش والسؤال ولا حتى منها .
* ليس هناك حد لعدد النساء المتمتع بهن ، فيجوز للرجل أن يتمتع بمن شاء من النساء ولو ألف امرأة أو أكثر.(الاستبصار للطوسي3/143 تهذيب الأحكام 7/259).
** والعجيب أنهم يرون إباحة التمتع بالمرأة المحصَنَة-أي المتزوجة- أي دون علمِ زوجها.(انظر فروع الكافي5/463، تهذيب الأحكام7/554، الاستبصار3/145). وفي هذه الحالة لا يأمن الأزواج على زوجاتهم، فقد تتزوج المرأة مُتْعَةَ دون علم زوجها الشرعي، ولست أدري ما رأي الرجل وما شعوره إذا اكتشف أن امرأته التي في عصمته متزوجة من رجل آخر غيره زواج متعة؟؟، ولست أدري لمن سينسب الولد هنا؟؟.
قاذورات جنسية:1- الخميني يبيح التمتع بالبنت الرضيعة.يقول الخميني في كتابه(تحرير الوسيلة ص241 مسالة رقم 12).«وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة»!!! (التفخيذ:إدخال الذكَر بين الفخذين)
2- الخميني يبيح وطء الزوجة في الدبر ، يقول الخميني:«المشهور الأقوى جواز وطء الزوجة دبرًا على كراهية شديدة »!(تحرير الوسيلة ص241 مسألة رقم 11).(لاحظ:كراهية وليس تحريم)
3- اللبناني محمد فضل الله يبيح النظر إلى النساء وهن عاريات! (النكاح ج1 ص66)
4- أبو القاسم الخوئي يبيح لعب الرجل بعورة الرجل ، والمرأة بعورة المرأة من باب المزاح! (صراط النجاة في أجوبة الاستفتاءات ج3).(40/26)
5– جواز التمتع بالبكر ولو من غير إذن وليها ، ولو من غير شهود أيضا.(شرائع الأحكام لنجم الدين الحلي2/186).
6– جواز التمتع بالبنت الصغيرة التي لم تبلغ الحلم ، وبحيث لا يقل عمرها عن عشر سنين. (الاستبصار للطوسي 3/145)
7–لا داعي لسؤال المرأة التي يتمتع بها إن كانت متزوجة أو كانت عاهرة.(الاستبصار للطوسي3/145)
فضيحة: كتبت مجلة الشراع الشيعية العدد 684 السنة الرابعة الصفحة الرابعة: أن الزعيم الشيعي رافسنجاني أشار إلى أن في إيران ربع مليون لقيط بسبب زواج المتعة!! وقد وُصفت مدينة مشهد الشيعية الإيرانية ـ حيث شاعت ممارسة المتعة ـ بأنها المدينة الأكثر انحلالاً على الصعيد الأخلاقي في آسيا.
* عنصرية:الأشراف من علماء الشيعة لا يسمحون لقريباتهم بممارسة نكاح المتعة لأن فيه مهانة لهم مع أنهم يسمحون به لغيرهم.
الخميني والمتعة: روي السيد حسين الموسوي (أحد علماء الشيعة) في كتابه (لله ثم للتاريخ..كشف الأسرار وتَبْرِئَةُ الأئمةِ الأَطهار ص35-37) أن الخميني عندما كان مقيمًا في العراق تمتع بصبية عمرها أربع سنوات أو خمس .وعندما ناقشه حسين الموسوي في ذلك قال له الخميني : إنّ التّمتع بها جائز ، ولكن بالمداعبة ، والتقبيل والتفخيذ. أمّا الجماع فإنّها لا تقوى عليه.
شبهة من شبهات أهل الضلال
يقول علماء الشيعة بإباحة نكاح المتعة ؛ لأنها كانت مباحة على عهد الرسول ث . ولم يحرمها سوى عمر بن الخطاب أثناء خلافته.(40/27)
* الرد: معنى قوله تعالى : ? وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللهِِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ? [النساء:24] ? فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ ? هو استمتاع الزوج بزوجته ضمن عقد الزواج .
* وقد ثبت في الحديث الصحيح أن نكاح المتعة قد أباحه النبي ث عند الحاجة الطارئة الشديدة مثل الجهاد في سبيل الله. وكان يحرمه بمجرد انتهاء تلك الحاجة ، بل وعندما أبيح في المرة الأخيرة أتبعه بإعلان تحريم نكاح المتعة نهائيًا. فقد جاء في صحيح مسلم أن رسول الله ? قال: « يا أيها الناس إني قد كنت أذِنتُ لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا.»
فالإباحة كانت ـ في الواقع ـ إباحة مؤقتة واستثناء من القاعدة الأساسية ـ مثل التدرج في تحريم الخمر وتحريم الزواج بالمشركات ـ وقام بهذا الاستثناء النبي ث وهو يملك الصلاحية لذلك فهو لا ينطق عن الهوى ، أما غيره فلا يملك تلك الصلاحية ، وكان النبي ث حريصًا على سد هذا الباب بإعلانه تحريم الله لمتعة النكاح إلى يوم القيامة. وشيء آخر أن نكاح المتعة الذي أباحه الرسول ث في مناسبات محدودة لم يكن يشترط أن تكون المرأة فيه مسلمة أو كتابية، أي كان يجوز نكاح المشركة ، مما يميزه بوضوح عن الزواج الشرعي.
أما عن قول علماء الشيعة الجعفرية الإثنى عشرية بأن التحريم كان من عمرط ، فقول عمر بن الخطاب ط يؤكد التحريم و يعيد إعلانه لمن لم يبلغه التحريم.
استعارة الفرج عند الشيعة(40/28)
نقل الطوسي : عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: الرجل يحل لأخيه فرج جاريته؟ قال: « نعم لا بأس به ، له ما أحل له منها ». (الاستبصار ج3 ص136 )
ونقل الطوسي أيضًا: عن محمد بن مضارب قال قال لي أبو عبد الله ÷: يا محمد خذ هذه الجارية تخدمك و تصيب منها فإذا خرجت فاردُدْها إلينا ). (الاستبصار 3 / 136 وفروع الكافي 2 / 200) .
عقيدة البداء
البداء له معنيان:1- الظهور بعد الخفاء، كما في قوله تعالى:? وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ? [الزمر:47] .
2- نشأة رأي جديد لم يكن من قبل ، كما في قوله تعالى:? ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ? [ يوسف:35]
والبداء بمعنييه السابقين يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم وكلاهما مُحال على الله - عز وجل - فإن علمه تعالى أزلي وأبدي لقوله تعالى:
? وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ? [الأنعام:59] .
قالت اليهود:«وكان كلام الرب إلى صموئيل قائلا :ندمت أني قد جعلت شادا ملك لأنه رجع من ورائي ولم يقم كلامي »(سفر صموئيل الأول ص15) الله يقول ندمت !!.. ماهذا الكفر؟
البداء بمعنييه زعمته الشيعة وأطلقته في حق الله ـ تعالى عما يصفون ـ: فروى الكُليني في الكافي عن أبي الحسن قال:« نعم يا أبا هاشم بدا لله في أبي محمد بعد أبي جعفر ما لم يكن يعرف له، كما بدا له في موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به عن حاله وهو كما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون»(أصول الكافي1/327).(40/29)
والبداء تعده الشيعة الإمامية من أصولها التي لا بد من الإيمان والإقرار بها. ذكر محمد بن يعقوب الكليني في كتابه «أصول الكافي» بابًا كاملاً في البداء وسماه (باب البداء) وأتى فيه بروايات كثيرة منها:«عن زرارة بن أعين:«ما عُبِدَ اللهُ بشيء مثل البداء».(أصول الكافي 1/146)
والشيعة ذهبوا إلى أن البداء متحقق في الله - عز وجل - كما تدل عليه النصوص من مراجعهم الأساسية: وقد كذبوا على الله في ذلك وعلى أئمتهم ـ يظنون في الله غير الحق ظن الجاهلية ـ يدّعون أن الله كان يريد الإمامة لأبي جعفر ثم لما مات قبل أن يصبح إمامًا حينئذ بدا لله العليّ القدير أن يكون الإمام أبو محمد ففعل ، وذلك كما أنه قد كان يريد الله أن يجعل إسماعيل إمامًا ثم (والعياذ بالله) بدا لله الرأي الجديد فغير رأيه السابق فجعل موسى الكاظم إماما للناس، وهكذا يفترون على الله الكذب سبحانه اتباعًا لأهوائهم. ونسوا ـ قاتلهم الله ـ أنه ينتج من أكاذيبهم هذه نسبة الجهل إلى الله العليم الخبير الحكيم الجليل، وهذا كفر بواح.
غرض الشيعة من اختلاق عقيدة البداء:1- إنّ من عقيدة الشيعة أن أئمتهم يعلمون الغيب ، ويعلمون ما كان وما سيكون ، وأنهم لا يخفى عليهم شيء! فإذا أخبر أئمتهم بأمر مستقبل وجاء الأمر على خلاف ما قالوا ، فإما أن يُكَذّبوا بالأمر وهذا محال لوقوعه بين الناس ، وإما أن يكَذّبوا أئمتهم وينسبوا الخطأ إليهم ، وهذا ينسف عقيدتهم التي أصَّلوها فيهم من علمهم للغيب. فكان أن أحدثوا عقيدة البداء. فإذا وقع الأمر على خلاف ما قاله الإمام قالوا:بدا لله كذا ، أي أن الله قد غير أمره.
ولكن الشيعة الإمامية وقعت في شر أعمالها ، فهي أرادت أن تنزه إمامها عن الخلف في الوعد وعن الكذب في الحديث ، فاتهمت الله ? بالجهل!(40/30)
2- ولقد كان بعض شيوخ الشيعة الإمامية يمنّون شيعتهم بأن الأمر سيعود إليهم والغلبة ستكون لهم ولدولتهم بعد سبعين سنة، ولما انقضت تلك المدة ولما يتحقق من ذلك شيء ، لجؤوا إلى البداء وقالوا قد بدا لله سبحانه!(انظر تفسير العياشي 2/218، والغيبة للطوسي ص 263).
خرافات شيعية
* بول الأئمة وغائطهم سبب دخول الجنة: ليس في بول الأئمة وغائطهم استخباث ولا نتن ولا قذارة بل هما كالمسك الأذفر، بل من شرب بولهم وغائطهم ودمهم يحرم الله عليه النار واستوجب دخول الجنة».(أنوار الولاية ص 440).
* النظر إلى فرج المرأة يورث العمى:وكَرِهَ النَّظَرَ إِلَى فُرُوجِ النِّسَاءِ وَقَالَ يُورِثُ الْعَمَى، وَكَرِهَ الْكَلَامَ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَقَالَ يُورِثُ الْخَرَسَ».(من لا يحضره الفقيه3/556).
* رمضان اسم من أسماء الله الحسنى .(الكافي 4/69).
* فساء وضراط وغائط الأئمة كريح المسك. (الكافي 1/319).
* مرويات الحمار عفير:عن أمير المؤمنين عليّ أنه قال:«إن أول شيء من الدواب توفي عفيرـ حمار رسول الله ـ توفي ساعة قبضَ رسول الله ث ، قطع خطامه ثم مر يركض حتى أتى بئر بني خطمة بقباء فرمى بنفسه فيها فكانت قبره. قال: إنّ ذلك الحمار كلّم رسول الله فقال: بأبي أنت وأمي ،(تأمل ما فيه من احتقار للنبي ث )إنّ أبي حدثني عن أبيه عن جده عن أبيه أنّه كان مع نوح في السفينة فقام إليه نوح فمسح على كفله ثمّ قال:يخرج من صُلب هذا حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم. قال عفير:فالحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار».(الكافي1/184).(لاحظ الجهل فبين هذا الحمار ـ الذي كان في زمن النبي ث ـ بزعمهم ـ وجده الذي كان مع نوح في السفينة ثلاثة أجيال فقط ، مع أن بين نوح÷ وبين نبينا ث ألوفاً من السنين . (فتأمل نتيجة الكذب على الله ورسوله ث).
* أكل الجبن عند أول كل شهر يقضي الحوائج: روي أن من يعتد أكل الجبن رأس الشهر أوشك أن لا تُردّ له حاجة.(مفاتيح الجنان366).(40/31)
شركيات الخميني
1- اعتقاده تأثير الكواكب والأيام على حركة الإنسان:
فهو يزعم أنّ هناك أيامًا منحوسة من كل شهر يجب أن يتوقف الشيعي فيها عن كل عمل ، وأن لانتقال القمر إلى بعض الأبراج تأثيرًا سلبيًا على عمل الإنسان ، فليتوقف الشيعي عن القيام بمشروع معين حتى يتجاوز القمر ذلك البرج المعين. جاء في تحرير الوسيلة ؛ حيث يقول: «يكره إيقاعه (يعني الزواج) والقمر في برج العقرب ، وفي محاق الشهر، وفي أحد الأيام المنحوسة في كل شهر وهي سبعة: يوم 3، ويوم 5، ويوم 13، ويوم16، ويوم 21، ويوم 24، ويوم 25 (وذلك من كل شهر)» (تحرير الوسيلة: 2/238).
ولاشك أن اعتقاد تأثير والكواكب في جلب سعادة ، أو إحداث ضرر أو منعه هو اعتقاد الصابئة في الكواكب.
2- القول بالحلول والاتحاد: أ- قوله بالحلول الخاص:
يقول عن أمير المؤمنين عليّ: «خليفته- يعني خليفة الرسول ث القائم مقامه في الملك والملكوت ، المتحد بحقيقته في حضرة الجبروت واللاهوت ، أصل شجرة طوبى ، وحقيقة سدرة المنتهى ، الرفيق الأعلى في مقام أو أدنى ، معلم الروحانيين ، ومؤيد الأنبياء والمرسلين عليّ أمير المؤمنين» (مصباح الهداية: ص1).وقوله: «المتحد باللاهوت» كقول النصارى باتحاد اللاهوت بالناسوت (أن الله هو عيسى بن مريم - عليه السلام - )، كقول غلاة الشيعة الذين زعموا أن الله حَلّ في عليّ .(40/32)
ومن منطلق دعوى حلول الرب بعليّ ينسب الخميني لأمير المؤمنين عليّ ط أنه يقول:« كنت من الأنبياء باطنًا ، ومع رسول الله ظاهرًا».(مصباح الهداية: ص142).ويعلق عليه فيقول:«فإنه - عليه السلام - صاحب الولاية المطلقة الكلية والولاية باطن الخلافة... فهو - عليه السلام - بمقام ولايته الكلية قائم على كل نفس بما كسبت ، ومع كل الأشياء معيّة قيّومية ظليّة إلهية ظل المعية القيومية الحقة الإلهية، إلا أن الولاية لما كانت في الأنبياء أكثر خصهم بالذكر» (مصباح الهداية: ص142). وقال في قوله - عز وجل - :? يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ? [الرعد : 2]. قال:« أي ربكم الذي هو الإمام».(مصباح الهداية: ص145).
ب- قوله بالحلول والإتحاد الكلي: وتجاوز الخميني مرحلة القول بالحلول الجزئي ، أو الحلول الخاص بعليّ إلى القول بالحلول العام. فهو يقول ـ بعد أن تحدث عن التوحيد ومقاماته حسب تصوره ـ: «النتيجة لكل المقامات والتوحيدات عدم رؤية فعل وصفة حتى من الله تعالى ، ونفى الكثرة بالكلية ، وشهود الوحدة الصرفة.» (مصباح الهداية ص134).
ثم يكذب على أحد أئمته أنه قال: «لنا مع الله حالات هو هو ونحن نحن، وهو نحن، ونحن هو»(مصباح الهداية ص114)
3- دعوى النبوة: أفرزت شركيات الخميني ، وخيالاته الفلسفية دعوى غريبة ، وما هي إلا كفر صريح ، حيث رسم للسالك الصوفي أسفارًا أربعة: ينتهي السفر الأول إلى مقام الفناء ، وينتهي السفر الثاني عنده إلى أن « تصير ولايته تامة ، وتفنى ذاته وصفاته وأفعاله في ذات الحق».(مصباح الهداية: ص148-149). أمّا في السفر الثالث فإنه « يحصل له الصحو التام ويبقى بإبقاء الله ، ويسافر في عوالم الجبروت والملكوت والناسوت ، ويحصل له حظ من النبوة، وليست له نبوة التشريع ، وبالسفر الرابع:«يكون نبيًا بنبوة التشريع» (مصباح الهداية ص149).(40/33)
فمراحل السفر عند الخميني:الفناء، والولاية وفيها الفناء عن الفناء، والنبوة بلا تشريع ، ثم النبوة الكاملة ، وهي تتضمن أن النبوة مكتسبة عن طريق «رياضات» ومجاهدات أهل التصوف. وهي دعوى ترجع إلى أصول فلسفية صوفية قديمة ، ولذا قال القاضي عياض ـ أحد علماء أهل السنة ـ:« ونكفرمن ادعى النبوة لنفسه ، أو جوّز اكتسابها ، والبلوغ بصفاء القلب إلى مرتبتها كالفلاسفة وغلاة الصوفية »
فهذه المقالة كفر صريح ، كفر بالنبوة وبالأنبياء ، وخروج عن دين الإسلام ، وقد ذكر في كتابه الحكومة الإسلامية:«أن الفقيه الرافضي بمنزلة موسى وعيسى »(الحكومة الإسلامية ص95). وقد ذكرنا عن الشيعة معتقدهم أنّ مقام الإمامة عندهم أعلى من مقام النبوة.
عقائد الشيعة في الإسلام والمسلمين
أولاً: تكفيرهم من لا يؤمن بولاية الأئمة الإثنى عشر:
يرى الشيعة أن الإمامة أصل من أصول الدين وأن النبي ث نصّ على اثني عشر إمامًا. يقول رئيس محدثيهم بن بابويه القمي الملقب عندهم بالصدوق في رسالة الاعتقادات ص103 ما نصه: « واعتقادنا فيمن جحد إمامه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب والأئمة من بعده عليهم السلام أنه كمن جحد نبوة جميع الأنبياء واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين وأنكر واحدًا من بعده من الأئمة أنه بمنزلة من أقر بجميع الأنبياء وأنكر نبوة نبينا محمد ث ».
ثانيًا: النواصب في معتقد الشيعة هم أهل السنة والجماعة:
يقول شيخهم حسين بن الشيخ محمد آل عصفور الدرازي البحراني الشيعي في كتابه (المحاسن النفسانية في أجوبة المسائل الخرسانية ص 157): « ليس الناصب إلا عبارة عن التقديم على عليٍّ غيرَه»اهـ. والإمام أبو حنيفة / يقدم أبا بكر وعمر وعثمان ن على عليّ لذا وصفوه بالنصب والعياذ بالله. ولأن أهل السنة يقدمون الثلاثة على عليّ فهم نواصب أيضًا عند الشيعة .إذن النواصب هم كل أهل السنة .
ثالثًا: إباحة دماء أهل السنة:(40/34)
إن الشيعة يستبيحون دماء أهل السنة ، شرفهم الله تعالى ، وإنهم عند الشيعة في حكم الكفار ، إنّ السني ناصب في معتقدهم ، وما يلي يكشف لك خبثهم ودهاءهم. روى شيخهم بن بابوية القمي والملقب عندهم بالصدوق وبرئيس المحدثين في كتابه علل الشرائع (ص601 طبع النجف)، وعن داود بن فرقد قال: « قلت لأبي عبد الله : ما تقول في قتل الناصب؟ ـ النواصب:الخوارج ـ قال:« حلال الدم ، ولكني أتقى عليك ، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطًا أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد به عليك فافعل ».
رابعًا: إباحة أموال أهل السنة:
وأمّا إباحة أموال أهل السنة فنذكر لك ما رووه عن أبى عبد الله أنه قال: « خذ مال الناصب حيث ما وجدته وادفع إلينا الخمس» أخرج هذه الرواية شيخ طائفتهم أبو جعفر الطوسي في تهذيب الأحكام (4/122) وبمضمون هذا الخبر أفتى مرجعهم الكبير الخميني في تحرير الوسيلة (1/352) بقوله: «والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم وتعلق الخمس به بل الظاهر جواز أخذ ماله أين وجد وبأي نحو كان ووجوب إخراج خمسه». إن أسلوب الغش والسرقة والنصب والاحتيال وغيرها من الوسائل المحرمة ، ولكنها جائزة عند الخميني مع أهل السنة بدليل قوله: ( وبأي نحو كان ).
نجاسة أهل السنة عند الشيعة الإثنى عشرية :
يقول الخميني:« وأما النواصب والخوارج ـ لعنهما الله تعالى ـ فهما نجسان من غير توقف ».(40/35)
وَهْمٌ اسمُه التقريب بين أهل السنة والشيعة الإثنى عشرية: كيف يمكن التقريب مع من يطعن في كتاب الله ، ويفسره على غير تأويله ، ويزعم بتنزيل كتب إلهية على أئمته بعد القرآن الكريم، ويرى الإمامة نبوة ، والأئمة عنده كالأنبياء أو أفضل ، ويفسر عبادة الله وحده التي هي رسالة الرسل كلهم بغير معناها الحقيقي ، ويزعم أنها طاعة الأئمة ، وأن الشرك بالله طاعة غيرهم معهم ، ويُكَفر خيار صحابة رسول الله ث، ويحكم بردة جميع الصحابة إلا ثلاثة أو أربعة أو سبعة على اختلاف رواياتهم ، ويشذ عن جماعة المسلمين بعقائد في الإمامة والعصمة والتقية ويقول بالرجعة والغيبة والبداء. إن الشيعة من أجل التقية والخداع يكتبون ويقولون ما لا يعتقدون أصلاً.
سؤال للمخدوعين من دعاة التقريب من أهل السنة: لو أن بعض الشباب كفّروا علماءكم الذين يمثلون المرجعية الدينية بالنسبة لكم ، أو كفّروا آباءكم أو أمهاتكم ، ولم يقولوا بأن القرآن محرف ـ كما يقول الشيعة ـ ، لَتَبَرّأْتُم منهم و لَحَذَّرتم الناس منهم ، فلماذا لا نجد مثل ذلك منكم مع من يقولون بتحريف القرآن ويتقربون إلى الله بتكفير ولعن وسب الصحابة ن وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم ممن بشرهم الرسول ث بالجنة؟
أهل السنة في إيران
*أهل السنة في إيران يشكلون ثلث السكان أي ما بين 15 إلى 20 مليون نسمة يمنعون من إقامة ولو مسجد واحد لهم في طهران ، وغيرها من المدن الكبرى الشيعية.
* وطهران هي العاصمة الوحيدة في العالم التي لا يوجد فيها مسجد واحد للسنة مع وجود عشرات الأديرة والكنائس ، والمعابد لليهود والنصارى ، والهندوس والمجوس فيها ، هذا فضلا عن عدم إشراكهم في الحكم ، ومنعهم حقوقهم السياسية والاجتماعية وحتى المدنية ، وهدم مساجدهم ، ومدارسهم الدينية ، واضطهادهم المبرمج ، وإبادة قياداتهم بشتى الطرق وباسم الوحدة الإسلامية تقيةً ونفاقًا.(40/36)
أقوال أئمة السلف والخلف في الشيعة الإثنى عشرية
* قال الإمام مالك بن أنس/: «الذي يشتم أصحاب رسول الله ث ليس له اسم ، أو قال: نصيب في الإسلام » .
* وقال الحافظ ابن كثير عند قوله سبحانه: ? مُحّمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا? [سورة الفتح :29]. :« ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك ـ رحمة الله عليه ـ في رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة -رضوان الله عليهم ـ ، قال: لأنهم يغيظونهم ومن غاظه الصحابة ن فهو كافر لهذه الآية.ووافقه طائفة من العلماء على ذلك».
* قال الإمام القرطبي:« لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله ، فمن نقص واحدًا منهم أو طعن عليه في روايته فقد رد على الله رب العالمين وأبطل شرائع المسلمين».
* قال شيخ الإسلام بن تيمية /معلقاً على ما قاله أئمة السلف: «وأما الشيعة الإثنى عشرية فأصل بدعتهم عن زندقة وإلحاد وتعمُّد الكذب كثير فيهم ، وهم يقرون بذلك حيث يقولون: ديننا التقية ، وهو أن يقول أحدهم بلسانه خلاف ما في قلبه وهذا هو الكذب والنفاق فهم في ذلك كما قيل: رمتني بدائها وانسلت » .
* وقال الإمام أحمد بن حنبل: «ليست الرافضة من الإسلام في شيء ».(كتاب السنة للإمام أحمد بن حنبل صفحة 82).(40/37)
* وروى الخلال قال: أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال موسى بن هارون بن زياد قال: سمعت الفريابي ورجل يسأله عمّن شتم أبا بكر قال: «كافر»، قال: فيصلى عليه؟ قال:«لا».
* عندما ناظر النصارى الإمام ابن حزم وأحضروا له كتب الرافضة للرد عليه لإثبات التحريف في القرآن قال عن الرافضة: « إن الرافضة ليسوا مسلمين ، وليس قولهم حجة على الدين، وإنما هي فرقة حدث أولها بعد وفاة النبي ث بخمس وعشرين سنة وكان مبدئها إجابة ممن خذله الله لدعوة من كاد الإسلام، وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في التكذيب والكفر».
* قال الإمام البخاري /:« ما أبالي صليتُ خلف الجهمي والرافض ، أم صليت خلف اليهود والنصارى ، ولا يُسَلم عليهم ولا يُعَادون ولا يُنَاكحون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم »(خلق أفعال العباد للإمام البخاري: ص125).
*وقال الإمام أبو زرعة الرازي: « إذا رأيت الرجل ينقص أحدًا من أصحاب رسول الله ث فاعلم أنه زنديق ».(كتاب الفرق بين الفرق ص356) .
* قال الإمام الشوكاني:« إن أصل دعوة الروافض كيد الدين ومخالفة الإسلام وبهذا يتبين أن كل رافض خبيث يصير كافرًا بتكفيره لصحابي واحد فكيف بمن يكفر كل الصحابة واستثنى أفرادا يسيرة ».( هذا قاله في نثر الجوهر على حديث أبي ذر) .
* قال الألوسي:ذهب معظم علماء ما وراء النهر إلى كفر الإثنى عشرية.(كتاب منهج السلامة).
* قال الشيخ ابن باز: الشيعة فرق كثيرة وكل فرقة لديها أنواع من البدع وأخطرها فرقة الرافضة الخمينية الاثني عشرية لكثرة الدعاة إليها ولما فيها من الشرك الأكبر كالاستغاثة بأهل البيت ، واعتقاد أنهم يعلمون الغيب ، ولا سيما الأئمة الاثني عشر ـ حسب زعمهم ـ ولكونهم يُكَفِرون ويسبون غالب الصحابة كأبي بكر وعمر م .(مجموع فتاوي ومقالات متنوعة4 /439)
غدير خُم(40/38)
* عيد غدير خم هو عيد للشيعة يصادف اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة ويفضلونه على عيدي الأضحى والفطر ويسمونه بالعيد الأكبر، وصيام هذا اليوم عندهم سنة مؤكدة ، وهو اليوم الذي يدَّعون فيه بأن النبي ث قد أوصى فيه بالخلافة لعليّ من بعده.
* يقول الطبطبائى ـ أحد كبار علماء الجعفرية في القرن العشرين ـ إن الحجة الجوهرية في أحقية على بن أبى طالب للخلافة بعد النبي ث هي حادثة غدير خُم. ويقول الشيعة :
1- إن الذين شهدوا خطبة غدير خم أكثر من مائة ألف صحابي.
2- ألقى النبي ث هذه الخطبة عند غدير خم وهو عائد من حجة الوداع إلى المدينة في الثامن عشر من شهر ذي الحجة وأن سبب خطبته هذه هو نزول الآية التالية عليه في هذا المكان: ? يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ? [المائدة:67] .
3- لهذا أعلن الرسول ث التالي:
أ- أنه سيترك للمسلمين ثقلين: أحدهم كتاب الله. طرفه بيد الله وطرفه الآخر بأيدي المسلمين وأن الآخر هو عترة النبي ث ، وأن ربه أخبره بأنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض.
ب- بعد أن رفع يد عليّ قال: « من كنت مولاه فعليّ مولاه » .
ج- وأن الرسول ث أيضا قال: « اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » .
د- وقال: «اللهم أدِرْ معه الحق حيث دار» .
هذا ما يقوله علماء الجعفرية من الشيعة عن حادثة غدير خم.
فماذا يقول علماء أهل السنة والجماعة؟(40/39)
* حسب دعوى علماء الشيعة لم يثبت على الإسلام الصحيح بعد وفاة النبي ث سوى بضعة من الصحابة لا يكاد يتجاوز عددهم البضعة عشر صحابيًا. وقد حضر خطبة الغدير أكثر من مائة ألف صحابي يعني أن كل هؤلاء المائة ألف قد نقضوا عهدهم وتآمروا على حرمان عليّ بن أبى طالب ط من الخلافة بعد الرسول ث . ما هي نسبة احتمال حصول ذلك؟ ولأي مصلحة؟ لو استعرضنا حتى كتابات علماء الشيعة لما وجدنا أي مصلحة في ذلك!
* خطبة غدير خم كانت في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة من العام نفسه الذي حج فيه الرسول ث حجة الوداع ، وفى الشهر نفسه الذي نزلت فيه آية : ?الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ? [المائدة:3] في اليوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة فكيف يمكن لهذه الآية الأخيرة الختامية أن تنزل قبل آية يأمر الله فيها نبيه بتبليغ الرسالة؟ خاصة وقد شهد ألوف الحجاج يوم عرفة بأن الرسول ث قد أدى الأمانة وبلغ الرسالة.
و يؤكد جمهور علماء المسلمين بأن آية :? يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ? قد نزلت قبل حجة الوداع بل وقبل فتح مكة وغزوة خيبر.
* أهل بيت النبي ث لا ينحصرون في عليّ وآل عليّ إذ يشملون عقيلاً وآل عقيل وجعفرًا وآل جعفر والعباس وآل العباس وزوجات النبيث ، أمهات المؤمنين ، ولم يقل الرسول ث تمسكوا بأهل بيتي أو أنهم الهدى والنور ، ولو كان الحديث يحتمل أي معنى يتضمن تخويل سلطة خاصة لأهل بيته لكانت في جميع أهل بيته ولوجبت بها شرعية خلافة العباسيين الوراثية على أعناق الشيعة ووجب احترام الشيعة لحكم العباسيين بدلا مما في مصادر الشيعة من تسويد لصفحاتهم ظلمًا وافتراءً.(40/40)
* لو ثبتت صحة هذا الحديث في مناسبة غير هذه فإنها لا تعنى أكثر من قول الله تعالى مخاطبا زوجات النبي ث : ? إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ? [التحريم:4] فهذا لا يعنى أن صالح المؤمنين أوصياء على النبي ث ولكن أصحابه وناصروه ، ثم إن الرسول لم يقل :من كنت وليه فعليّ وليه ، ولم يقل :من كنت وليه أو مولاه فعليّ وليه أو مولاه عقب وفاتي فيحتمل أن تعنى أن الخلافة من بعده لعليّ بن أبى طالب ط. والواقع أن جدل علماء الشيعة في هذه المسألة يظهر عقيمًا عندما نقرأ ما ورد في الصحيحين عن اقتراح النبي ث خلافة أبى بكر وعمر وعثمان بتلميحات صريحة أحيانًا ولطيفة أحيانًا أخرى.
* هذه الحادثة أخرجها الإمام مسلم في صحيحه من حديث زيد بن أرقم قال :قام رسول الله ث فينا خطيبًا بماء يُدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه وأثنى عليه ووعظ وذَكّر ثم قال : «أما بعد ، ألا يا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله وأستمسكوا به » قال : فحث على كتاب الله ورغّب فيه ثم قال : «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي , أذكركم الله في أهل بيتي » قال حصين الراوي عن زيد: ومن أهل بيته يا زيد ، أليس ؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حُرِم الصدقة بعده. قال : ومن هم ؟ قال : هم آل عليّ وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس . قال : كل هؤلاء حُرم الصدقة ؟ , قال : نعم ».(40/41)
* جاءت زيادات لهذا الحديث عند أحمد والترمذي وغيرهم أن النبي ث قال في ذلك المكان : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » وجاءت كذلك زيادات أخرى منها ( اللهم والي من ولاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار) يمكننا أن نقسم هذا الحديث إلى أربعة أقسام :
القسم الأول : ما جاء في حديث مسلم وهو ليس فيه من كنت مولاه فعليّ مولاه .
القسم الثاني : الزيادة خارج مسلم وهي عند الترمذي وأحمد والنسائي وغيرهم و هي التي فيها زيادة ( من كنت مولاه فعليّ مولاه ) .
القسم الثالث : زيادة أخرى عند الترمذي وأحمد وهي ( اللهم والِ من ولاه وعادِ من عاداه).
القسم الرابع : وهي زيادة عند الطبراني وغيره (وأنصر من نصره وأخذل من خذله وأَدِرْ الحق معه حيث دار ) .
* أما القسم الأول فهو في صحيح مسلم ونحن مسَلّمون بكل ما في صحيح مسلم .
القسم الثاني وهو( من كنت مولاه فعليّ مولاه ) فهذا حديث صحيح عند الترمذي وأحمد إذ لا يلزم أن يكون الحديث الصحيح فقط عند مسلم والبخاري .
أما زيادة ( اللهم والِ من ولاه وعاد من عاداه) فهذه اختلف فيها أهل العلم, هناك من أهل العلم من صححها وهناك من ضعفها ، حتى قوله( من كنت مولاه فعليّ مولاه ) هناك من ضعفها كإسحاق الحربي وابن تيمية وابن حزم وغيرهم .
* أما الزيادة الأخيرة وهي (وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار ) هذه كذب محض على النبي ث .
* هذا الحديث يستدل به الشيعة على خلافة عليّ بعد النبي ث مباشرة بدلالة ( من كنت مولاه فعليّ مولاه ) قالوا المولى هو الحاكم والخليفة ، إذن عليّ هو الخليفة بعد رسول الله ث مباشرة .
* لو كان النبي ث يريد خلافة عليّ ط كان يقول هذا في يوم عرفة، حيث الحجاج كلهم مجتمعون , هناك يقول هذا الكلام ث , حتى إذا غدر أهل المدينة شهد له باقي المسلمين من غير أهل المدينة,(40/42)
* الشيعة يقولون: النبي كان خائفًا !! أن يبلغ هذه الخلافة , يخاف أن يُرَدَّ قوله , يخاف من أهل المدينة ثم يترك الناس كلهم ويخاطب أهل المدينة فقط !! ما هذا التناقض ؟ لا يُقبل مثل هذا الكلام.
* ثم لماذا يخاف النبي ث من الصحابة !! الذين تركوا أموالهم وأولادهم وديارهم وهاجروا في سبيل الله , الذين قاتلوا في سبيل الله , الذين شاركوا في بدر وأحد والخندق والحديبية وخيبر وحنين وفتح مكة وتبوك؟ هل هؤلاء هم الذين يخاف منهم النبي ث؟ !! بذلوا المُهَج بذلوا الأموال في سبيل الله - سبحانه وتعالى - ثم بعد ذلك يخاف منهم النبي ث أنهم ما يقبلون خلافة عليّ ط .
* ( من كنت مولاه فعليّ مولاه ) , هم يقولون المولى الحاكم ونحن نقول المولى المحب بدليل قوله بعد ذلك :« اللهم وال من والاه وعادِ من عاداه ». ما معنى قوله ( وال من والاه وعاد من عاداه ) وقوله (من كنت مولاه فعليّ مولاه) ؟ المعنى واحد .
*كلمة (المولى ) ـ كما يقول بن الأثير ـ تقع هذه على : الرب والمالك والمنعم والناصروالمحب و الحليف والعبد والمعتق وابن العم والصِّهر .كل هذه المعاني تطلق عليها كلمة (مولى) ولكن الشيعة قالوا: المقصود بها الخليفة .ولكن .....
* لو كان النبي ث يريد الخليفة كان يأتي بكلمة صريحة واضحة ما يأتي بكلمة تحتمل أكثر من عشرة معاني .. يأتي بكلمة واضحة سهلة بيّنة يعرفها كل أحد( عليّ هو الخليفة من بعدي) ، انتهى الأمر , لكن لم يأتي النبي ث بتلك الكلمة التي تنهي كل خلاف .(40/43)
* وأما أن المقصود بكلمة ( مولى) أنها حاكم فهذا ليس بسليم ؛ قال الله تبارك وتعالى : ?فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ? [ الحديد :15 ]. سماها مولى وذلك لشدة الملاصقة وشدة اللحمة والقرب , ثم إن الموالاة وصف ثابت لعليّ ط في زمن النبي ث وبعد زمن النبي ث ، فهو في زمن النبي ث مولى وبعد وفاة النبيث مولى ، وهوالآن مولانا ط وأرضاه ، ولذلك قال الله تبارك وتعالى : ? إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ? [ المائدة: 55] فكل المؤمنين بعضهم أولياء بعض كما قال الله تبارك وتعالى .
* هذا دليل الموالاة الذي يستدل به الشيعة على إمامة عليّ ط وأرضاه بعد النبي ث كما ترى لا دلالة فيه أبدًا . ولذلك يقول عالمهم النوري الطبرسي: « لم يصرح النبي لعليّ بالخلافة بعده بلا فصل في يوم غدير خم وأشار إليها بكلام مجمل مشترك بين معانٍ يُحتاج إلى تعيين ما هو المقصود منها إلى قرائن » (فصل الخطاب ص 205 و 206 ) إذا كان الأمر كذلك فكيف بعد ذلك يُقال أن هذا الحديث نص على خلافة عليّ بعد النبي ث .
* قولُ علماء الشيعة بأن الرسول ث قال: « اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه »ـ على فرض صحته ـ دعاءٌ لا يميِّز عليًا ط بالخلافة ، فقد دعا النبي ث لخلق كثير أنواعًا من الدعاء لا حصرلها.
* أما قول علماء الشيعة إن الرسول ث قال:« اللهم أدر الحق مع على حيث دار»، فإن شيخ الإسلام ابن تيمية يؤكد كذب هذا الإدعاء. ونتساءل : أي حق هذا الذي يدور مع مخلوق حيث دار ويتلون حسب قراراته وآرائه وخلجات صدره؟ ولو أن الكذبة ادعت بأن الرسول ث طلب من الله أن يجعل عليًا مع الحق، لكان ذلك معقولا.
أساليبهم الملتوية(40/44)
نظرًا لعدم وجود أدلة في القرآن الكريم والسنة الموثقة تؤيد ما ذهب إليه علماء الشيعة من التحيز المبالغ والغلو الأعمى فإنهم اضطروا إلى الأساليب التالية للدفاع عن عقيدتهم لخداع العامة:
1- الادعاء بأن القرآن الكريم غير كامل وتعرض للتبديل ، وهذا الإدعاء عادة لا يجهرون به لخطورته ولكنهم يدسونه في كتبهم المعتمدة و يهمسون به إلى من وثقوا من تبعيته.
2- اختلاق الكثير من الأحاديث أو تشويه خلفياتها التاريخية أو نصوصها وذلك لاستخدامها في تشويه معاني الآيات القرآنية الجلية فضلاً عن المتشابه منها أو تسخيرها مباشرة في تبرير دعاواهم المتحيزة.
3- اختلاق أو تشويه أحداث التاريخ الإسلامي أو ظروفها وملابساتها لتأييد غلوهم والاستعانة بها في تشويه معاني القرآن الكريم أو الأحاديث الصحيحة.
4- كما أنهم قد استشهدوا بكتب غيرهم ممن تسربت قصصهم المختلقة إلى كتبهم ، وقد يلجؤون إلى الاستشهاد ببعض المصادر غير الجعفرية حتى لو أشار المؤلف إلى الرواية المكذوبة للرد عليها. فمثلا يذكرون في مصادرهم أن المرجع السني كذا وكذا يؤيد القضية أو أن علماء السنة يوافقون على كذا أو مائة من كتب السنة أشارت إلى الرواية المذكورة. وعندما تعود إلى تلك المصادر المشار إليها تجد :إما أن القصة الشيعية وردت للرد عليها من قِبَل المؤلف أو أن القصة لم تَرِدْ بتاتًا أو تختلف عنها.
وخلاصة القول فإنه ينبغي على المسلم الذي يخشى على دينه ومصيره في الآخرة أن يحذر من الاعتماد على مصادر علماء الشيعة الذين يرون أن الكذب تسعة أعشار دينهم وعقيدتهم .
كذابون درجة أولى
أكذب الطوائف المبتدعة على الإطلاق هم الرافضة ، ولهذا يقال في المثل « أكذب من رافضي » ، وقد دأب الرافضة على الكذب سواء على الله أو على رسوله ث .(40/45)
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «وقد رأينا في كتبهم من الكذب والافتراء على النبي ث وصحابته وقرابته أكثر مما رأينا من الكذب في كتب أهل الكتاب من التوراة والإنجيل ». ( مجموع فتاوى شيخ الإسلام ..جـ 28 ص 482 )
وقال أيضًا في ( منهاج السنة النبوية ) (1/59) :« وقد اتفق أهل العلم بالنقل ، والرواية ، والإسناد ، أن الرافضة من أكذب الطوائف ، والكذب فيهم قديم »ا.هـ.
* قام عالمهم السيد المرتضى ، مؤلف كتاب (أمالي المرتضى) و أخوه الشريف الرضي الشاعر، بتزوير كتاب (نهج البلاغة)، ونسبوه كذبًا إلى الإمام عليّ ط ، وفيه تعريض بالصحابة وتحامل عليهم .
* ومن كتبهم التي امتلأت بالكذب على النبي ث كتاب«المراجعات» لمؤلفه عبد الحسين بن يوسف شرف الدين العاملي الموسوي ـ عامله الله بما يستحق ـ ، وقد خرّج العلامة محمد ناصر الدين الألباني / بعضًا من أحاديث الكتاب المذكور ، وخاصة فيما يتعلق بفضائل عليّ بن أبي طالب ط.
(مع العلم أنه قد ورد في فضله أحاديث كثيرة أخرى صحيحة ) ، قال الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني في( الضعيفة) (2/297): «وكتاب ( المراجعات ) للشيعي المذكور محشو بالأحاديث الضعيفة والموضوعة في فضل عليّ ط، مع كثير من الجهل بهذا العلم الشريف ، والتدليس على القراء والتضليل عن الحق الواقع ، بل والكذب الصريح ، مما لا يكاد القارئ الكريم يخطر في باله أن أحدًا من المؤلفين يحترم نفسه يقع في مثله ».ا.هـ.
* طار الرافضة بكتاب (المراجعات) هذا في الآفاق ، وخدعوا به أتباعهم ، وزعموا أن هذا الكتاب طبع أكثر من مائة مرة ، وقصة الكتاب عبارة عن مراسلات ـ كما زعم المؤلف ـ بينه وبين شيخ الأزهر سليم بن أبي الفرج البشري ، وزعم أن المراسلات انتهت بأن صحح شيخ الأزهر مذهب الرافضة ، بل شيخ الأزهر أبطل مذهب أهل السنة !!!(40/46)
* والوضع والكذب على أهل السنة ليس مستغربًا منهم فقد نسبوا كتاب « سر العالمين » إلى أبي حامد محمد الغزالي ، وهو كتاب موضوع عليه . فهم يبيحون لأنفسهم الوضع على أهل السنة ما دام أن لهم أهدافًا ، وعلى طريقة : « الغاية تبرر الوسيلة » ، ولكن نقول : « لقد أجازوا لأنفسهم الكذب على رسول الله ث وصحابته الكرام، وأهل بيته الأطهار ، فكيف لا يكذبون على أهل السنة ؟
أمارات الوضع والكذب في هذا الكتاب :
أولاً : زعم الموسوي أن الكتاب مراسلات خطية حصلت بينه وبين شيخ الأزهر سليم البشري ، ولم يوثق كتابة ولا بصورة واحدة من تلك الرسائل الخطية. ورسائل الكتاب بلغت 112 رسالة ، منها 56 رسالة لشيخ الأزهر . وهذا يدل على كذب الموسوي ، ويطعن في صحة الرسائل.
ثانيًا : لم يُنشَر الكتاب إلا بعد عشرين سنة من وفاة شيخ الأزهر البشري ، فالبشري توفي سنة 1335 هـ ، وأول طبعة للكتاب في سنة 1355 هـ.
ثالثًا : كيف تكون المراسلات بين شيخ الأزهر البشري ولا يعلمها ـ على أقل تقدير ـ المقربون من شيخ الأزهر ، وخاصة من يعملون معه في الأزهر ؟ ولذلك بادر كثير من أهل العلم إلى تكذيب هذه الرسائل ، ونفي نسبتها لشيخ الأزهر البشري.
رابعًا : أسلوب الرسائل واحد لا يختلف ، أي أن الموسوي هو الواضع للأسئلة وهو الذي أجاب عنها ، ومن دقق عرف ذلك.
خامسًا : يشعرك الموسوي أن شيخ الأزهر البشري رجل لا يعرف شيئًا ، وليس صاحب تلك المكانة في العالم الإسلامي من جهة منصبه العلمي ، وكأن شيخ الأزهر يُسَلم بكل ما يطرحه الموسوي ، والأمثلة في هذا الباب كثيرة جدًا .
وبعد هذه الأمارات نجزم أن الموسوي هو من ألف وحبك الأسئلة، وأجاب عليها ليوهم أهل السنة أن مثل هذه الحيل تمر عليهم ولكن هيهات هيهات .(40/47)
* إن القوم كأنهم والكذب توأمان ، فلقد كذبوا وما أكثره وأشنعه بأن أئمتهم يملكون الأوصاف الإلهية المختصة بذات الله وجلاله، وأنهم يشاركونه في أموره وتقديراته - سبحانه وتعالى - عما يقولون علوًا كبيرًا .
فهذا هو الكليني ـ وهو كالبخاري عند السنة ـ يكذب على عليّ بن أبي طالب ط أنه قال:« لقد أعطِيتُ خصالاً لم يعطهن أحد قبلي ـ وحتى الأنبياء ـ ، علمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب، فلم يفتْني ما سبقني، ولم يعْزُب عني ما غاب عني»(الأصول من الكافي ج19 ص197].
والثابت في كتاب الله المنزل على محمد ث :? وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ? [سورة لقمان : الآية 34] .وأنه أمر نبيه ث أن يقول : ? لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهَ? [سورة النمل : الآية65] .
وأما الشيعة فلم يكتفوا بأن يثبتوا الصفات الربانية المختصة بمقامه وشأنه جل وعلا لعليّ ط مخالفين كتاب الله وتعاليم رسوله ث ، بل أثبتوها لأئمتهم جميعًا ، فلقد بوب الكليني بابًا مستقلاً «إن الأئمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما يكون وإنه لا يخفى عليهم الشيء».
* ابحث مع الشيعة في السرداب عن إمامهم الغائب: إمامهم الثاني عشر شخصية موهومة نُسِبَتْ كذبًا «للحسن العسكري» الذي مات عن غير ولد ، وصفَّى أخوه «جعفر» تركته على أنه لا ولد له ، و قد كان للعلويين سجل مواليد يقوم عليه نقيب في تلك الأزمان لا يولد منهم مولود إلا سُجِّل فيه ، ولم يُسَجَّل فيه للحسن العسكري ولد ، ولا يعرف العلويون المعاصرون للحسن العسكري أنه مات عن ولد ذكر، ولكن لما مات الحسن العسكري عقيمًا وقفت سلسلة الإمامة عند أتباعهم الإماميين ، ورأوا أن المذهب مات بموته وأصبحوا غير إماميين لأنهم لا إمام لهم.(40/48)
فاخترع لهم شيطان من شياطينهم يسمّى: «محمد بن نصير» فكرة أن للحسن ولدًا مخبوءًا في سراديب بيت أبيه ، ليتمكن هو وزملاؤه من الاحتيال على عوام الشيعة ، وأغنيائهم بتحصيل الزكاة منهم باسم إمام موجود ، وليواصلوا الادعاء كذبًا أنهم إمامية ، وأراد أن يكون هو (الباب) للسرداب الموهوم بين الإمام المزعوم وبين شيعته ويتولى جمع أموال الزكاة ، فخالفه زملاؤه من سائر شياطين هذه المؤامرة وأصروا على أن يكون (الباب) رجل زيات ، أو سمان له دكان على باب بيت الحسن العسكري ، وكان أهل بيت الحسن وأبيه يأخذون منه حاجتهم المنزلية.
فلما وقع هذا الاختلاف انفصل عنهم صاحب الاختراع وأسس مذهب النصيرية المنسوب إليه ، وكان زملاؤه يريدون أن يجدوا حيلة لإظهار ثاني عشرهم المزعوم ، وأن يتزوج ليكون منه ولد وأحفاد يتولون الإمامة ، ويستمر بهم مذهب الإمامية ، ولكن تبين أن ظهوره سيدعوا إلى التكذيب به من نقابة العلويين ، وجميع العلويين ، وبني عمومتهم من خلفاء بني العباس ، وأمرائهم ، فزعموا أنه بقي في السرداب منذ سنة 206هـ وحتى الآن ، وأن له غيبة صغرى ، وغيبة كبرى إلى آخر هذه الأسطورة التي لم يُسمع مثلها ولا في أساطير اليونان ، ويريدون من جميع المسلمين الذين أنعم الله عليهم بنعمة العقل أن يصدقوا هذه الأكذوبة ، وهيهات هيهات! إلا أن يتحول العالم الإسلامي كله إلى «مارستان» لمعالجة الأمراض العقلية ، والحمد لله على نعمة العقل فإنها مناط التكليف، وهي بعد صحة الإيمان أجلّ النعم وأكرمها.
ولاء المسلمين
إن المسلمين يوالون كل مسلم صحيح الإيمان ، ويدخل في ذلك صالحوا آل البيت بغير حصر في عدد معين ، وفي مقدمة صفوة المؤمنين الذين يوالونهم: العشرة الذين بشرهم النبي ث بالجنة ومنهم عليّ بن أبي طالب ط. ولو لم يكن للشيعة من أسباب التكفير إلا مخالفتهم النبي ث بأن هؤلاء العشرة من أهل الجنة لكفى.(40/49)
وكذلك يوالي المسلمون سائر الصحابة الذين قام الإسلام ، والعالم الإسلامي على أكتافهم ، ونبت الحق والخير في تربة الوطن الإسلامي بدمائهم ، وهؤلاء هم الذين كذبت الشيعة على عليّ وأبنائه فزعمت أنهم أعداء لهم ، وقد عاشوا مع عليّ أخوة متحابين متعاونين ، وما أصدق ما وصفهم به الله - عز وجل - ، في سورة الفتح الآية 29 من كتابه ـ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ـ فقال فيهم عزّ من قائل: ? مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ? [الفتح:29] وقوله : ? لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاً وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ? [الحديد: 10] وهل يخلف الله وعده؟!
الحب والمودة بين الخلفاء الراشدين(40/50)
إن من محبة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ط لإخوانه الثلاثة الخلفاء قبله ، أن سمّى أبناءه بعد الحسنين ومحمد ابن الحنفية بأسمائهم ، فمن أولاد عليّ بن أبي طالب ولد سمّاه (أبا بكر) وآخر سمّاه (عمر) وثالث سمّاه (عثمان)، وزوّج ابنته أم كلثوم الكبرى لعمر بن الخطاب ط ، وعبد الله ابن جعفر ذي الجناحين ابن أبي طالب سمّى أحد بنيه باسم أبي بكر ، وسمّى ابنًا آخر له باسم (معاوية)، ومعاوية هذا ـ أي ابن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ـ سمى أحد بنيه باسم (يزيد) لأنه كان يعلم أن يزيد كانت سيرته صالحة كما شهد له بذلك محمد بن الحنفية بن عليّ بن أبي طالب، رضي الله عن الجميع.
* هل كان إمامهم الأول عليّ بن أبي طالب ط مخطئًا في تسمية أولاده أبا بكر وعمر وعثمان وهل كان أكثر خطأً بتزويجه بنته من عمر بن الخطاب ط.
* وهل كان محمد بن الحنفية كاذبًا في شهادته ليزيد لما جاءه عبد الله بن مطيع داعية ابن الزبير وزعم له أن يزيد يشرب الخمر، ويترك الصلاة ويتعدى حكم الكتاب.
فقال له محمد بن عليّ بن أبي طالب (كما جاء في البداية والنهايةلابن كثير:8/ 233): «ما رأيت منه ما تذكرون ، وقد حضرتُه وأقمتُ عنده فرأيتُه مواظبًا على الصلاة متحريًا للخير يسأل عن الفقه ملازمًا للسنة».فقال له ابن مطيع والذي معه:« إن ذلك كان منه تصنعًا لك». فقال: «وما الذي خاف مني أو رجا ،حتى يُظهر إليّ الخشوع؟ أفأَطْلَعَكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه ، وإن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا ». فإذا كان هذا ما يشهد به ابن عليّ بن أبي طالب م ليزيد ، فأين هذه الحقيقة مما يفتريه الشيعة على أفضل البشر بعد الأنبياء؟ أعني أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وعمر بن العاص وسائر أعلام الصحابة ، الذين حفظوا لنا كتاب الله وسنة رسوله ، وجاهدوا في سبيل الله .
الشيعة ومخالفتهم أهل البيت(40/51)
* يزعم الشيعة أنهم موالون لأهل بيت النبي ث ، ومحبون لهم ، ومذهبهم مأخوذ من أقوالهم وأفعالهم ، ومبني على آرائهم ومروياتهم.
* إن الشيعة حاولوا خداع الناس بأنهم موالون لأهل لبيت النبي ث ، وأنهم أقرب الناس إلى الصحة والصواب من بين طوائف المسلمين، وأفضلهم وأهداهم لتمسكهم بأقارب النبي ث وذويه، وأن المتمسكين بأقوالهم ، والعاملين بهديهم ، والسالكين مسلكهم، والمتتبعين آثارهم وتعاليمهم هم وحدهم لا غيرهم.
* والقوم لا يقصدون من أهل البيت أهل بيت النبوة ، وهم لا يوالونهم ولا يحبونهم ، بل يريدون ويقصدون من وراء ذلك عليًا ط وأولاده المخصوصين المعدودين.
* و الشيعة لا يقصدون في قولهم إطاعة أهل البيت واتباعهم لا أهل بيت النبي ث ولا أهل بيت عليّ ط فإنهم لا يهتدون بهديهم. ولا يقتدون برأيهم، ولا ينهجون منهجهم ، ولا يسلكون مسلكهم، ولا يتبعون أقوالهم وآرائهم ، ولا يطيعونهم في أوامرهم وتعليماتهم بل عكس ذلك يعارضونهم ويخالفونهم مجاهرين معلنين قولاً وعملاً، ويخالفون آرائهم وصنيعهم مخالفة صريحة. وخاصة في خلفاء النبي الراشدين ، وأزواجه الطاهرات المطهرات ، وأصحابه البررة ، حملة هذا الدين ومبلغي رسالته إلى الآفاق .
* فلْنَرَ الشيعة الزاعمين اتباع أهل البيت ، المدّعين موالاتهم وحبهم، ولْنَرَ أئمتهم المعصومين ـ حسب قولهم ـ آل البيت ماذا يقولون في أصحاب رسول الله ث ، وماذا يعتقدون فيهم؟(40/52)
وهل أهل بيت النبي يبغضون أصحاب نبيهم ث ويشتمونهم ، بل ويكفرونهم ، ويلعنونهم كما يلعنهم هؤلاء المتزعمون ؟ أم غير ذلك يوالونهم ، ويتواددون إليهم ، ويساعدونهم في مشاكلهم ، ويشاورونهم في أمورهم ، ويقاسمونهم همومهم وآلامهم، ويشاركونهم في دينهم ودنياهم ، ويشاطرونهم الحكم والحكومة، ويبايعونهم على إمرتهم وسلطانهم ، ويجاهدون تحت رايتهم، ويأخذون من الغنائم التي تحصل من طريقهم ، ويتصاهرون معهم، يتزوجون منهم ويزوجونهم بهم ، يسمون أبناءهم بأسماءهم ، يذاكرونهم في مجالسهم ، ويرجعون إليهم في مسائلهم ، ويذكرون فضائلهم ومحامدهم ، ويقرّون بفضل أهل الفضل منهم ، وعلم أهل العلم ، وتقوى المتقين ، وطهارة العامة وزهدهم.( و النقول من كتب الشيعة أنفسهم )
* فها هو عليّ بن أبي طالب ط الخليفة الراشد الرابع عندنا ـ أهل السنة ـ ، والإمام المعصوم الأول عندهم ، يذكر أصحاب النبيث عامة، ويمدحهم ، ويثني عليهم ثناء عاطرًا بقوله: لقد رأيتُ أصحاب محمد ث ، فما أرى أحدًا يشبههم منكم! لقد كانوا يصبحون شُعثًا غبرًا ، وقد باتوا سُجّدًا وقيامًا ، يراوحون بين جباههم وخدودهم ، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم! كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم! إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم ، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف ، خوفًا من العقاب ، ورجاء للثواب» [نهج البلاغة ص143، وهو من الكتب الموثقة عند الشيعة]
* ويمدح عليّ ط المهاجرين من الصحابة في جواب معاوية بن أبي سفيان ن فيقول:« فاز أهل السبق بسبقهم ، وذهب المهاجرون الأولون بفضلهم » [«نهج البلاغة» ص383].
وأيضًا: « وفي المهاجرين خير كثير تعرفه ، جزاهم الله خير الجزاء » [(نهج البلاغة) ص383].
* كما مدح الأنصار من أصحاب محمد ث بقوله : « هم والله ربُّوا الإسلام كما يربي الفُلُوّ مع غنائهم بأيديهم السباط ، وألسنتهم السلاط » [«نهج البلاغة» ص557].(الفلو:المُهر)(40/53)
* وسيد الرسل نفسه ث يمدح الأنصار ـ حسب قول الشيعة ـ «اللهم اغفر للأنصار ، وأبناء الأنصار، وأبنا أبناء الأنصار، يا معشر الأنصار! » [تفسير «منهج الصادقين» ج4 ص240، «كشف الغمة» ج1 ص224].وكذلك «قال النبي ث : الأنصار كرشي وعيبتي [أَيْ بِطَانَتِي وَخَاصَّتِي]، ولو سلك الناس واديًا ، وسلك الأنصار شعبًا لسلكت شعب الأنصار» [تفسير «منهج الصادقين» ج4 ص240، أيضًا «كشف الغمة» ج1 ص224].
عن الطوسي رواية موثوقة عن عليّ بن أبي طالب ط أنه قال لأصحابه: أوصيكم في أصحاب رسول الله ث ، لا تسبوهم ؛ فإنهم أصحاب نبيكم ، وهم أصحابه الذين لم يبتدعوا في الدين شيئًا، ولم يوقروا صاحب بدعة، نعم! أوصاني رسول الله ث في هؤلاء» [«حياة القلوب للمجلسي» ج2 ص621].
* ويمدح عليّ ط المهاجرين والأنصار معًا حيث يجعل في أيديهم الخيار لتعيين الإمام وانتخابه ، وهم أهل الحل والعقد في القرن الأول من بين المسلمين وليس لأحد أن يرد عليهم ، ويتصرف بدونهم ، ويُعرض عن كلمتهم ، لأنهم هم الأهل للمسلمين والأساس كما كتب لأمير الشام معاوية بن أبي سفيان ط أن الإمام من جعله أصحاب محمد إمامًا لا غير، فها هو عليّ بن أبى طالب ط يذكّر معاوية بهذه الحقيقة ويستدل بها على أحقيته بالإمامة.
قال عليٌّ ط:«إنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إمامًا كان ذلك لله رضى ، فإن خرج منهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه ، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين ، وولاه الله ما تولى» [(نهج البلاغة) ج3 ص7 وص367] . (والكلام منقول من كتاب الشيعة).
فما موقف الشيعة من عليّ بن أبى طالب ط ومن كلامه هذا حيث يجعل:أولاً : الشورى بين المهاجرين والأنصار من أصحاب النبي ث وبيدهم الحل والعقد ، رغم أنوف الشيعة.
ثانيًا : اتفاقهم على شخص سبب لمرضاة الله وعلامة لموافقته - سبحانه وتعالى - إياهم.(40/54)
ثالثًا :لا تنعقد الإمامة في زمانهم دونهم ،وبغير اختيارهم ورضاهم.
رابعًا:لا يَرُدّ قولَ الصحابة ولا يخرج من حكمهم إلا المبتدع أو الباغي ، والمتبع والسالك غير سبيل المؤمنين. فما ظنك بمَن يسبهم.
خامسًا : يقاتَل مخالف الصحابة ، ويُحكَم السيف فيه.
سادسًا : وفوق ذلك يعاقَب عند الله لمخالفته رفاق رسول الله ث وأحبائه ، المهاجرين منهم والأنصار ن.
سابعًا: الإمامة والخلافة في الإسلام لا تنعقد إلا بالشورى والانتخاب ، لا بالتعيين والوصية والتنصيص كما يزعمه الشيعة مخالفين نصوص أئمتهم ومعصوميهم ـ حسب زعمهم ـ.
موقف أهل البيت من أعداء الخلفاء الراشدين
* روى علم الهدى الشيعي في كتابه «الشافي» في الحديث :«إن عليًا - عليه السلام - قال في خطبته : خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر»[«كتاب الشافي» لعلم الهدى ، ص428].
*هكذا كان حب عليّ ط لأمير المؤمنين وخليفة المسلمين أبي بكر الصديق ولعبقري الإسلام ومحسن الملة المجيدة عمر الفاروق م .
وهذا كان موقفه تجاههما وتجاه المعادي لهما.يقول في مبغضي الصديق بعد ما يبالغ في مدحه « فغضبُ الله على من ينقصه ويطعن فيه » (ناسخ التواريخ للمرزا محمد تقي لسان الملك الشيعي 5 /143، مروج الذهب 3 /60).وفى مبغضي الفاروق بعد الثناء العاطر عليه : وأعقب الله من ينقصه اللعنة إلى يوم الدين».وقال في مبغضي عثمان ط بعد ما ذكر أوصافه الجميلة وأخلاقه الحميدة : «فأعقب الله من يلعنه لعنة اللاعنين» (ناسخ التواريخ3 /60).
أكاذيب الشيعة على أهل البيت(40/55)
مع ادعاء الشيعة حب أهل البيت وموالاتهم ، فإنهم ليسوا إلا مبغضي أهل البيت وأعدائهم ، يخالفون أوامرهم ويأتون منهياتهم، ينكرون المعروف ويأتون المنكر، ويبغضون أحباءهم ويتوددون إلى أعدائهم ، يطاوعون الأهواء والنفس الأمارة بالسوء ، ولا يتركونها ولا يعصونها، وفوق ذلك يختلقون القصص والأساطير والأكاذيب على أهل البيت ، ويفترونها وينسبونها إليهم ، يريدون من ورائها أغراضًا ذاتية وإرواء النفس من شهواتها وملذاتها، رواجًا لمذهبهم، وجلبًا لأوباش الناس إلى دينهم الذي هم كوّنوه واخترعوه بأنفسهم ، فيخسرون الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين ؛ لأن الصالحين من أهل البيت لم يقولوا شيئًا يخالف كتاب الله وسنة رسول الله ث ، ولا ينبغي أن ينسب إليهم ما يخالف الكتاب والسنة؛ لأن أهل البيت كغيرهم من المسلمين لم يؤمروا إلا أن يعملوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم ث وأن يتمسكوا بهما.
إهانة الشيعة لأهل البيت
* ابنا عم رسول الله ث ، وسيدا بني هاشم :عامل عليّ وصفيه عبد الله بن عباس، وأخوه عبيد الله بن عباس قالوا فيهما :
إن أمير المؤمنين قال : اللهم العن ابني فلان ـ يعني عبد الله وعبيد الله ـ واعم أبصارهما كما أعميت قلوبهما ، واجعل عَمَى أبصارهما دليلاً على عَمَى قلوبهما» [«رجال الكشي» ص52 تحت عنوان دعاء عليّ على عبد الله وعبيد الله ابني عباس].
* عقيل بن أبي طالب شقيق عليّ م قالوا فيه افتراءً علىا عليّ بن أبي طالب أنه قال ـ وهو يذكر قلة أعوانه وأنصاره ـ:« ولم يبق معي من أهل بيتي أحد أطول به وأقوى ، أما حمزة فقتل يوم أحد ، وجعفر قتل يوم مؤتة ، وبقيت بين خلفين خائفين ذليلين حقيرين، العباس وعقيل» (الأنوار النعمانية للجزائري ، «مجالس المؤمنين» ص78).
والمعروف أن العباس وعقيل وآلهما من أهل بيت النبوة كما أقر به الأربلي أن رسول الله ث سئل :من أهل بيتك؟ قال : آل عليّ، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل عباس» (كشف الغمة1/43].(40/56)
* أهانوا بنات النبي ث الثلاثة حيث نفوا عنهن أبويته ، وقالوا : إن النبي لم ينجبهن ، بل كن ربيبات ، فيذكر حسن الأمين الشيعي:«ذكر المؤرخون أن للنبي أربع بنات ، ولدى التحقيق في النصوص التاريخية لم نجد دليلاً على ثبوت بنوة غير الزهراء (ع) منهن ، بل الظاهر أن البنات الأخريات كن بنات خديجة من زوجها الأول قبل محمد ث» (دائرة المعارف الإسلامية الشيعية 1/ 27).
* عليّ ط الإمام المعصوم الأول عند الشيعة ـ والخليفة الرابع عندنا أهل السنة ـ أهانوه ، وصغروه ، واحتقروه ، ونسبوه إلى الجبن والذل ، واتهموه بالتذلل والمسكنة .فهذا هو عليّ بن أبي طالب في نظر الشيعة ، وهكذا يصورونه جبانًا ، خائفًا ، مذعورًا ، وهو الذي اختلقوا فيه القصص، واخترعوا الأساطير، فيه، وفي قوته وشجاعته وطاقته وجرأته وبسالته.
* بل اتهموه بالجُبْن والهوان إلى حدّ قالوا فيه على لسان زوجته ابنة النبي ث، فاطمة م أنها لامَتْه ، وغضبت عليه ، وطعنته، وشنعت عليه بعد ما طالبت فدك وتشاجرت مع الصديق والفاروق م ، ولم يساعدها علي في تلك القضية ـ حسب زعمهم ـ قالت له :يا ابن أبي طالب! اشتملت مشيمة الجنين، وقعدت حجرة الظنين ـ إلى آخر ما قالته ـ» [«الأمالي» للطوسي ص259].( الظنين :الضعيف )
وقالوا:«إن فاطمة ‘لامَتْهُ على قعوده وهو ساكت» (أعيان الشيعة ، القسم الأول ص26).
وأكثر من ذلك أنهم قالوا إن عمر بن الخطاب غصب ابنة عليٍّ م ولم يستطع أن يمنعه من ذلك ، فلقد قال الكليني أن أبا عبد الله قال في تزويج أم كلثوم بنت عليّ :إن ذلك فرج غُصِبْنَاه »(الكافي في الفروع2 /141).وقالوا أيضًا « إن عليًا لم يكن يريد أن يزوج ابنته أم كلثوم من عمر، ولكنه خاف منه، فوَكَّل عمه عباس ليزوجها منه» (حديقة الشيعة ص277).(40/57)
* أهانوا رسول الله ث وزوجته وعليًا ، م في رواية باطلة خرافية، قبيحة وسخيفة ، حيث ذكروا :« كان لرسول الله ث لحاف ليس له لحاف غيره ، ومعه عائشة ، فكان رسول الله ث ينام بين عليّ وعائشة ، ليس عليهم لحاف غيره ، فإذا قام رسول الله ث من الليل حطّ بيده اللحاف من وسطه بينه وبين عائشة » (كتاب سليم بن قيس ص221).هل هناك إهانة أكبر من هذه الإهانة؟هل تقبل أيها المسلم هذا على زوجتك أو أمك؟
* وكانوا يهينون عليًا ط ويخذلونه بعد ما تولى الحكم وصار خليفة للمسلمين وأميرًا للمؤمنين ، فلم يكن يذهب بهم إلى معركة ولا إلى حرب إلا وكانوا يتسللون منها ملتمسين الأعذار ، وبدون العذر أيضًا خفية تارة وجهرًا تارة أخرى ، وكتب التاريخ مليئة بخذلانهم إياه ، وتركهم وحده في جميع المعارك التي خاضها، والحروب التى أججت نيرانها وابتلي بها وعلى ذلك كان يقول :
« قاتلكم الله : لقد ملأتم قلبي قيحًا ، وشحنتم صدرى غيظًا، وأفسدتم عليَّ رأيي بالعصيان والخذلان حتى لقد قالت قريش: إن ابن أبي طالب رجل شجاع ، ولكن لا علم له بالحرب ـ إلى أن قال ـ ولكن لا رأْيَ لمن لا يُطاع » [«نهج البلاغة» ص70، 71].
* أهانوا ابنة رسول الله ث أم الحسن والحسين ، زوجة عليّ ، فاطمة الزهراء ن أجمعين ، ونسبوا إليها أشياء لا يُتَصَوَّر صدورُها من أية امرأة مؤمنة مسلمة ، دون أن تصدر من ابنة الرسول وسيدة نساء أهل الجنة ، ومنها أنهم قالوا إنها كانت دائمة الغضب على ابن عم الرسول ث، وكانت تعترض عليه وتشكوه إلى أبيها في أشياء كثيرة ، صغيرة وتافهة.
* أما الحسن ط فلم يُهَنْ أحد مثل ما أُهين هو من قبل الشيعة، فإنهم بعد وفاة أبيه عليّ ن جعلوه خليفته وإمامًا لهم ، ولكنهم لم يلبثوا إلا يسيرًا حتى خذلوه مثل ما خذلوا أباه ، وخانوه أكثر مما خانوا عليًا ط .(40/58)
وأهانوه إلى أن شدوا على فسطاطه وانتهبوه حتى أخذوا مصلاه من تحته ، ثم شد عليه عبد الرحمن بن عبد الله الجعال الأزدي ، فنزع مطرفة عن عاتقه ، فبقى جالسًا متقلدًا السيف بغير رداء» (الإرشاد للمفيد ص190).
«وطعنه رجل من بني أسد الجراح بن سنان في فخذه ، فشقه حتى بلغ العظم…وحُمِل الحسن على سرير إلى المدائن … اشتغل بمعالجة جرحه ، وكتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية بالطاعة سرًا ، واستحثوه على سرعة المسير نحوهم ، وضمنوا له تسليم الحسن إليه عند دنوهم من عسكره أو الفتك به ، وبلغ الحسين - عليه السلام - ذلك … فازدادت بصيرة الحسن - عليه السلام - بخذلانهم له، وما أظهروه له من سبه وتكفيره ، واستحلال دمه، ونهب أمواله » (كشف الغمة ص540، 541).
* أوضح الحسن ما فعلت به شيعته وشيعة أبيه وما قدمت إليه من الإساءات والإهانات ، وأظهر القول وجهر به فقال :«أرى والله معاوية خير إلي من هؤلاء يزعمون أنهم لي شيعة ، ابتغوا قتلي، وأخذوا مالي. والله! لأن آخذ من معاوية عهدًا أحقن به دمي وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي وأهلي » [«الاحتجاج» للطبرسي ص148].
* وأهانوه حيث قطعوا الإمامة من عقبه وأولاده ، بل افتوا بكفر كل من يدعي الإمامة من ولده بعده.
* أما الحسين ط فأهانوه قولاً وفعلاً، فقالوا :إن أمه فاطمة م بنت رسول الله ث كرهت حمله ، وردّت بشارة ولادته عدة مرات كما لم يكن رسول الله ث يريد أن يقبل بشارة ولادته ، ووضعته فاطمة كرهًا ، ولكراهة أمه لم يرضع الحسين من فاطمة م. وهذه الروايات في أهم كتب الحديث عند القوم وأصحها . (الأصول من الكافي ج1 ص464].
* وقالوا:«ولم يرضع الحسين من فاطمة ‘، ولا من أنثى كان يؤتى به النبي ، فيضع إبهامه في فِيهِ فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاث » (الأصول من الكافي ص465).
* وعاملوه معاملتهم أخيه وأبيه من قبل.(40/59)
* وبقية أهل بيت عليّ وأهل بيت النبي ث لم ينجوا من إيذائهم وإضرارهم وإساءتهم وإهانتهم، فكفّروا وفسّقوا، وسبّوا وشتموا جميع من خرجوا ثأرًا للحسين وطلبًا للحق والحكم والحكومة، وادعوا الإمامة والزعامة ـ غير الثمانية من أولاد الحسين ـ سواء كانوا من ولده أو ولد الحسن أو عليّ بن أبي طالب ن أجمعين ، من محمد بن الحنفية، وابنه أبي هاشم، وزيد بن زين العابدين، وابنه يحيى ، وعبد الله بن المحض بن الحسن المثنى ، وابنه محمد الملقب بالنفس الزكية ، وأخيه إبراهيم ، وابني جعفر بن الباقر عبد الله الأفطح ومحمد ، وحفيدي الحسن :المثنى حسين بن عليّ ويحيى بن عبد الله ، وابنى موسى الكاظم : زيد وإبراهيم ، وابن عليّ النقي: جعفر بن عليّ ، وغيرهم كثير من العلويين والطالبيين الذين ذكرهم الأصفهاني في (مقاتل الطالبيين) وغيره في غيرهم من الطالبيين من أولاد جعفر بن أبي طالب وعقيل بن أبي طالب ، كما اعتقدوا كُفْر جميع من ادعى الإمامة من العباسيين ـ أهل بيت النبي ث باعتراف القوم أنفسهم ـ وأبناء عم رسول الله ث .
* وأما الثمانية من أولاد الحسين الذين خلعوا عليهم لقب الإمام، لم يكونوا بأقل توهينًا وتحقيرًا وتصغيرًا من قبل الشيعة أنفسهم ، فإنهم تكلموا فيهم ، وشنعوا عليهم ، وخذلوهم، وأذلوهم ، وضحكوا عليهم ، واتهموهم بتهم هم منها براء ، كفعلتهم مع آباءهم ، مع الحسنَيْن ، وعليّ بن أبي طالب ن، وصنيعهم مع سيد الأنبياء ورسول الثقلين ث ، وأنبياء الله ورسله.
دور الشيعة في هدم الإسلام(40/60)
1- من أهم أسباب انهيار الحضارة الإسلامية و انتقالها للغرب هو سقوط دار العلم بغداد بيد المغول. هذا السقوط لم يكن ممكنًا لولا مساعدة الشيعة للمغول. و لا يخفى ـ على من له أدنى وعي بتاريخ الشيعة ـ الدور الخياني للوزير الشيعي ابن العلقمي في سقوط بغداد ، عاصمة الخلافة الإسلامية آنذاك ، وما جره على المسلمين من القتل والخراب والذل والهوان بالاتصال بهولاكو ، وإغرائه بغزو العراق ، وهيأ له من الأمور ما يمكنه من السيطرة.
2- إن الحروب التي قام بها الصليبيون ضد الأمة الإسلامية ليست إلا حلقة من الحلقات المدبرة التي دبرها الشيعة ضد الإسلام والمسلمين، كما يذكر ابن الأثير وغيرة من المؤرخين.
3- إقامة الدولة الفاطمية ( العبيدية)في مصر وإنزالها العقاب على كل شخص ينكر معتقدات الشيعة.
4- قتل الملك النادر في دلهي (بالهند) من قِبَل الحاكم الشيعي آصف خان على رؤوس الأشهاد ، وإراقة دماء المسلمين السنة في ملتان من قِبَل الوالي أبي الفتح الشيعي ، ومذبحة جماعية للمسلمين السُنَّة في مدينة لكناؤ الهند وضواحيها من قِبَل أمراء الشيعة على أساس عدم تمسكهم بمعتقدات الشيعة بشأن الخلفاء الثلاثة ن .
5- اضطرت دار الخلافة العثمانية في استانبول لسحب جيوشها الفاتحة التي كانت على مشارف فيينا ـ عاصمة النمسا ـ بسبب هجوم الدولة الصفوية الشيعية في إيران عليها.
6 - كانت دولة ايران من أوائل الدول التي اعترفت بالكيان اليهودي سنة 1948م بقيادة القادة الشيعة من ملوك ايران .(40/61)
7- أعلن محمد على أبطحي نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية مساء الثلاثاء 15/1/2004م :أن بلاده إيران:« قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربَيْهم ضد أفغانستان والعراق»، وأكد أنه «لولا التعاون الإيراني لمَا سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة »!! وأبطحي يعبر عن أساه ؛ لأن أمريكا التي كانت الدولة الإيرانية الشيعية تدعوها بـ«الشيطان الأكبر» لم تُقَدّر الخدمة الإيرانية لها , فأردف قائلا:«...لكننا بعد أفغانستان حصلنا على مكافأة وأصبحنا ضمن محور الشر، وبعد العراق نتعرض لهجمة إعلامية أمريكية شرسة ».
8- أفاد عديد من الخبراء العسكريين بأن الطائرات التي انطلقت من قواعد أمريكية في الدول العربية لا يمكن أن تعبر لأفغانستان إلا عن طريق الأجواء الإيرانية في وقت كان المسئولون الإيرانيون يشددون على «حرمة الأجواء الإيرانية» إلا على «الطائرات المضطرة للهبوط اضطراريًا في إيران ».
حزب الله الشيعي اللبناني : حزب الله أم حزب الشيطان؟
*أصبح أدولف هتلر بطلاً في أعين كثير من الناس و خصوصًا العرب و ذلك كرهًا و نكاية باليهود ، بل ان منهم من سمى ابنه (هتلر) . و مع ارتفاع سعر الدم اليهودي أصبحت المواجهة معهم بطولة. بغض النظر عن الهدف من هذه المواجهة.
* قد يقول قائل: ان هؤلاء الشيعة يقاتلون اليهود المحتلين بينما العرب في سبات عميق. فنقول: الفيتناميون قاتلوا الأمريكان و كذلك الكوبيون والألمان فهل سيدخل كل هؤلاء الجنة؟ ثم إن أعداء الله قد يختلفون فيما بينهم و يتناحرون. فهل يعني هذا أن الطرف الذي يقاتل اليهود هو حزب الله؟ أن الأمركذلك لكان «چورچ حبش» أول مجاهد. و أخيرًا نقول : إن قدوتنا هو الرسول الأعظم ث و ليس العرب الذين هم في سبات عميق.(40/62)
* يحرص هذا الحزب على عدم إظهار وجهه الشيعي للمسلمين في خارج لبنان ، وخير دليل على ذلك أنه يحرص على أن يخلو الأذان في (فضائية المنار) من جملة ( أشهد أن عليًا ولي الله) على حين يضمنها الأذان على (قناة المنار الأرضية).
* كما يحرص (حزب الله) على عدم تناول رموز أهل السنة في مختلف العصور بسوء على قناته الفضائية ، ولكنه على قناته الأرضية لا يوقّرهم.وبينما يدعو إلى الأخوة والاتحاد مع المسلمين ونبذ الطائفية، يقوم عناصره بتوزيع كتيبات فاخرة خاصة في الجامعات والتجمعات ، وهي مختومة بختم (التعبئة التربوية لحزب الله) تحتوي على شتائم وألفاظ نابية ولعن بحق رموز أهل السنة التاريخيين ، وذلك جهارًا نهارًا دون رادع وخاصة في مناسباتهم.
* في كل المواضيع لابد للحزب من استغلال القضية الفلسطينية والتذكير بأن الحزب سيقف دائمًا إلى جانب الانتفاضة الفلسطينية، وهذه مسألة دعائية ، والدليل أن الحزب يعلم تمامًا أن الاتفاقات التي وقعها مع العدو ومنها اتفاقية(نيسان) حرّمت شمال الأرض المحتلة على قذائف وصواريخ حزب الله ، وتحول موقفه منذ الانسحاب الصهيوني إلى حامي لحدود العدو ومدافع عنها ، وهذا ماجاء على لسان الأمين العام الأول للحزب الشيخ صبحي الطفيلي الذي قال:« لو كان أناس غير حزب الله على الحدود ـ يقصد الفلسطينيين وأهل السنة ـ لما توقفوا عن قتال العدو مطلقًا ، والآن إذا أرادوا الذهاب يعتقلهم الحزب ويسلمهم إلى الأمن اللبناني ، وتقولون لي إنه لا يدافع عن حدود الصهاينة »، وتزامن هذا الكلام الخطير مع مقال لأمين سر حركة فتح في لبنان نشرته جريدة القدس العربي في 5/4/2004 ،جاء فيه « ...فقد أحبط حزب الله أربع محاولات فلسطينية على الحدود ، وقامت عناصر حزب الله باعتقال المقاومين الفلسطينيين وتقديمهم للمحاكمة »!!!(40/63)
* يجب على المسلم ألا ينسى أن ( حزب الله ) الشيعي قبل الاعتداء الصهيوني الأخيرعلى لبنان كان حارسًا للحدود الشمالية للكيان الصهيوني.
* وإن كان ( حزب الله ) الشيعي قد أطلق بعض الصواريخ على شمال الكيان الصهيوني لأهداف معينة ، فقد أطلق الشيعة آلاف (الصواريخ) التي تتهم كتاب الله ? بأنه ناقص ومحرف ، وتكَفّر أصحاب رسول الله ث، وزوجتيه: عائشة وحفصة ن.
* ويجب على المسلم ألا ينسى أن (حسن نصر الله) زعيم (حزب الله الشيعي) قد تربى في إيران على يد الخومينى الذي كفره علماء المسلمين وعلى يد تلاميذ الخميني ، بل يعلن (حزب الله ) دائمًا أن الخوميني ـ الذي كفره علماء المسلمين ـ هو المرشد الروحي لهم.
* ويجب على المسلم ألا ينسى تعاون ( حركة أمل ) الشيعية و(حزب الله ) الشيعي على القضاء على الفلسطينين في لبنان بمساعدة سوريا .
* ويجب على المسلم ألا ينسى تعاون حركة ( أمل ) الشيعية مع سوريا لتصفية الوجود السنّي في بيروت .
* ويجب على المسلم ألا ينسى أنه بعد الاحتلال الأمريكي الشيعي للعراق قتِل حوالي 200 ألف سني :قتِل منهم 100ألف على يد الأمريكان و قتِل منهم 100ألف على يد (جيش المهدي) التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر والميليشيات الشيعية الأخرى، هذا ما صرح به أحد كبار زعماء أهل السنة العراقيين في أحد المؤتمرات ، وكان بجواره شيخ شيعي إيراني في لجنة التقريب بين المذاهب الإسلامية ، فقام الشيخ الشيعي وقال:« إن إيران حاولت أن تضغط بقدر استطاعتها على جيش المهدي كي يكفوا عن هذه المذابح».[!!!]وهذا اعتراف ضمني بحدوث هذه المذابح.
- يقول الله ? :? وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ? (هود:113)
بعض أسئلة موجهة لخمينى العرب(حسن نصر الله)(40/64)
* تعلم أنك مُعيّن من قِبَل إيران وموالى لها وتعتز بذلك وتفخر به فلماذا لم تبعث أمك الحنون إيران مبلغ الخمسين مليون دولار التى وعدَتْ بها السلطة الفلسطينية منذ أربعة أشهر بل أعلن وزير خارجية إيران أن الأمر مازال فى مرحلة اتخاذ القرار ؟
*إذا كان حزبك الشيعى يقاتل الآن حقاً من أجل الفلسطينين فلماذا يُذبح الفلسطينيون فى العراق على يد المليشيات الشيعية التى درَّبْتَ أنت بعضها وهذا أمر فاحت رائحته ولا يمكن لمتابع أن ينكره.
*إذا كنتَ حقاً تجاهد فى سبيل الله فأين جهاد إخوانك من الشيعة فى العراق المحتلة منذ ثلاث سنوات؟لماذا أعلن علماؤك الشيعة فى العراق من أمثال السيستانى والصدر المسالمَةَ التامة للأمريكيين بل وحرمة قتالهم ثم دعوا لجهاد أهل السنة حتى كفّر الشيرازى وغيره من لا يقاتل الوهابيين؟ فأين جهادكم فى أرض الرافدين أم أنك تركت الجهاد فى العراق المحتل ثم أتيت لتجاهد فى لبنان المحرر؟
*كيف تقول إنك تدافع عن أهل السنة فى فلسطين وغيرها مع كونك تعتقد كفر أهل السنة بناء على مذهبك بل ويقول مذهبك إنهم أشد كفراً من اليهود والنصارى والمجوس؟ هل تسعى لحقن دم تعتقد أنه يجب أن يُسَال ؟
* كم من عام مضى على الأسرى وهم يعانون أسرهم فلما لم يحْل هذا الأمر إلا الآن؟ هل أردت خطف الأضواء من حماس السنية أم أردت تحسين صورة الشيعة الذين افتضح قبحهم فى العراق؟أم أردت الضعط على أمريكا لتحقيق مصالح سوريا وإيران ؟أم تعمل فى إطار المشروع الشيعى لإقامة ما يسمى بالهلال الشيعى الذى تخطط له إيران والممتد من إيران إلى لبنان؟
*لماذا تتحفظ حتى الآن عن إدانة الإحتلال الأمريكى للعراق؟ أين غيرتك يا زاعم الجهاد ؟أفى لبنان تجاهد بدمك وتبخل عن الجهاد بكلمة واحدة فى العراق؟
* إذا كنتم حقاً أعداء الصهاينة فلما نثرتم لهم الورود عند دخولهم لبنان سنة 1982 ، أتنثرون لهم الورود وهم غزاة ، وتجاهدونهم بعد الرحيل ؟(40/65)
* إذا كانت القضية هى قضية كل المسلمين كما تزعمون فلماذا لا تمدون أهل السنة فى مزارع شبعا بالسلاح كى يجاهدوا معكم أو على الأقل تتركوهم يجاهدون ؟أم أنه احتكار شيعى للمقاومة ؟
* بماذا تفسر قول أحد قادة حزبك وهو إبراهيم الأمين عندما سُئل: «هل أنتم جزء من إيران؟» قال:« بل نحن إيران فى لبنان ولبنان فى إيران »؟
* إذا كنتم حقاً تقاومون أعداء الإسلام فلماذا تهجّم نائب الأمين العام لحزب الله نعيم القاسم على المقاومة السنية فى العراق ؟ أليسوا يقاومون أيضاً أم لابد أن يكونوا شيعة وأن يعملوا ضمن خطتكم حتى تقبلوهم؟
* لماذا تدافعون عن اللبنانيين والفلسطينين اليوم وقد سجل التاريخ بحبر لن يُمحى أنكم قتلتموهم فى مخيماتهم فى لبنان فى الثمانينات بعد إجبارهم على أكل لحوم القطط والكلاب ؟
* رأيناك تقبِّل يد الخمينى فهل نسيت أن الخمينى قال لشعبه يوماً: لا تُلْهِكم الحرب الصغيرة عن الحرب الكبيرة فمحاربة العراق أهم لنا بكثير من محاربة إسرائيل؟
* بم تفسر سماح أمريكا لـ 35000 خمسة وثلاثين ألف جندى من الحرس الثورى الإيرانى بالانتشار فى العراق لقتل أهل السنة ؟
وهذه رسالة إلى المخدوعين بالشيعة المعاصرين ننقلها مقتطفات من كلام الأستاذ سعيد حوى / ـ أحد قيادات (الإخوان المسلمين) في سوريا ـ في كتابه (الخمينية شذوذ في العقائد وشذوذ في المواقف).
قال /: « * جاءت الخمينية المارقة تحذو حذو أسلافها من حركات الغلو والزندقة التي جمعت بين الشعوبية في الرأي والفساد في العقيدة ، تتاجر بمشاهير جماهير المثقفين المتعلقين بالإسلام تاريخًا وعقيدة وتراثا ، فتتظاهر بالإسلام قولا وتبطن جملة الشذوذ العقدي والحركي ، فتدعي نصرة الإسلام وهي حرب عليه .
* الشيعة الاثنى عشرية لهم من العقائد الزائغة الكثير .(40/66)
* الشيعة أسبغوا العصمة على أئمتهم ، فجعلوا القول بعصمة الإمام أصلاً من أصول مذهبهم فإجماع أئمتهم من المتقدمين والمتأخرين يفيد أن الإمام معصوم عن الخطأ والسهو والإسهاء والنسيان عن قصد أو عن غير قصد ، وأن الإمامة أعلى مرتبة من النبوة وأن لهم حرية الاختيار في التحليل والتحريم .
* وجاء الخميني ليؤكد هذا الغلو ويعمقه ، وذلك جحود لما هو معلوم من الدين بالضرورة ، وهو كفر بواح .
* نقل [ أي الخميني]عن المحدث نعمة الله الجزائري قوله في كتاب (الأنوار ) : «إن الأصحاب قد أطبقوا على صحة الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن ؛ كلامًا ومادة وإعرابًا والتصديق بها ). (فصل الخطاب : 30 / 238 ـ 329) وهذا كله كفر محض ؛ لأنه مناقض لما هو معلوم من الدين بالضرورة ، أي ميزة تكون للإسلام إذا كان كتابه محرفًا أو مغيرًا أو ناقصًا .
* وكنا نأمل أن يتصدى الخميني لمثل هذه الكفريات وينزه كتاب الله سبحانه عنها ويلعن القائلين بها ويصرح بكفرهم وخروجهم عن ملة الإسلام ، إلا أنه عاد فأكد هذا الشذوذ العقدي في كتابه (كشف الأسرار ) حينما قال: (لقد كان سهلاً عليهم ـ يعني الصحابة الكرام ـ أن يُخرجوا هذه الآيات من القرآن ويتناولوا الكتاب السماوي بالتحريف ويسدلوا الستار على القرآن ويغيبوه عن أعين العالمين ، إن تهمة التحريف التي يوجهها المسلمون إلى اليهود والنصارى إنما تثبت على الصحابة ). (كشف الأسرار : ص 114 نقلاً عن كتاب صورتان متضادتان للشيخ أبي الحسن الندوي) وهذا من خميني كفر بواح ونقض للإسلام كله .
* من المعروف المجمع عليه عند علماء الشيعة ، بل من أصول مذهبهم ، أن الأمة قد كفرت بعد وفاة رسول الله ث وارتدت عن دين الله إلا ثلاثة أو أربعة لذلك فإن الشيعة أجمعين لا يحتجون من السنة إلا بما صح لهم من طريق أهل البيت .(40/67)
* الخميني وشيعته ينكرون كل السنة التي رُوِيَت لنا بأسانيد صحاح ، وفي ذلك إنكار لأحاديث صحيحة كثيرة ، وبعض ما أنكروه يبلغ مبلغ المتواتر ، وجميع ما أنكروه يدخل ضمنًا في حد التواتر ، وهم بذلك ينقضون الأساس الثاني لهذا الدين وهو السنة .
* وهم بدلاً عن السنة الثابتة يعتمدون روايات عن أئمة الكذب والوضع مما جمعه الكليني وغيره ، وقد بلغَنا أن بعضهم نقد رجال الكليني فذكر عددًا كبيرًا منهم بأنهم كذابون ، وتلك شهادة الشيعة أنفسهم على ما في كتبهم المعتمدة من دس عند كثير من المنصفين منهم ، أما نحن[يقصد أهل السنة] فلا نقبل رواياتهم أصلاً لأنهم منحرفون في العقيدة يستحلون الكذب في نصرة اهوائهم . وقد ثبت أن الخميني الذي يقول بارتداد الصحابة بعد وفاة رسول الله ث ويتهمهم بوضع الحديث ، ويطعن في رواة الأمة الثقات ، لا يستدل في بحوثه إلا بكتب فرقته ، وهو أمر مشهور .
* الخميني قد كتب فصلين في كتابه ( كشف الأسرار ) أحدهما في بيان مخالفة أبي بكر للقرآن (كشف الاسرار : 111 – 114)، والآخر في مخالفة عمر لكتاب الله(كشف الأسرار : 114 – 117، فيهما من الكذب والافتراء والحقد على أئمة المسلمين ما لا يتصور وصفه من رجل يدعي العلم والمعرفة والدين .
* ووصف الخميني سيدنا عمر بن الخطاب ط بأن أعماله : ( نابعة من أعمال الكفر والزندقة والمخالفات لآيات ورد ذكرها في القرآن الكريم). (كشف الأسرار : 116)
* يقول خميني : ( نحن نعتقد بالولاية ، ونعتقد ضرورة أن يعين النبي خليفة من بعده ، وقد فعل ) (الحكومة الإسلامية :ص 18)، ويقول بعد قليل : ( وكان تعيين خليفة من بعده عاملاً ومتممًا ومكملاً لرسالته) (الحكومة الإسلامية : 19 ) ، ثم يوضح ذلك فيقول : ( بحيث كان يعتبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لولا تعيين الخليفة من بعده غير مبلغ رسالته ) ( الحكومة الإسلامية : 23) وهذا هو الشّذوذ الذي يخرج قائله عن دائرة الإسلام .(40/68)
* أفظع مثال على مخالفتهم الإجماع إباحتهم لنكاح المتعة الذي لا زال قائمًا في إيران بعهد الخميني ، وما نكاح المتعة إلا زنا صريح بعد انعقاد الإجماع على تحريمه ، وممن قال بتحريمه عليّ بن أبي طالب نفسه .
* هم ( أي الشيعة ) يخالفون الإجماع في كثير من أمورهم في العقيدة والعبادة ومناهج الحياة ، ألا تراهم يخالفون الإجماع في الصلوات وفي الصوم وفي الحج وفي غير ذلك من شعائر الإسلام وشرائعه .
* والخميني يؤكد هذه المخالفة ، بل يكرسها في دستوره ، عندما يعتمد مذهب الاثني عشرية كمذهب وحيد وإلى الأبد ، ويجعل هذه المادة غير قابلة للبحث والتعديل ( المادة 12 ) .
* إن الشيعة الاثنى عشرية تَعُدّ كل من لا يؤمن بالأئمة وعصمتهم ناصبِيًّا تحرُم عليه الجنة ويدخل النار ، ومن مقولاتهم التي ذكروها في كتبهم وتبناها الخميني في كتبه ضرورة مخالفة أهل السنة والجماعة.
* ألا فليعلم شباب أهل السنة والجماعة من هذه الأمة رأي الخميني في أهل السنة والجماعة عامة ، ولينتبهوا إلى خداعه ومراوغته وخداع أتباعه فما هم إلا دعاة ضلالة وما هم إلا دعاة إلى النار .
* وقد آن لشباب الإسلام أن يدركوا خداع هؤلاء ، وأن يعرفوهم على حقيقتهم . فهنالك عقيدة صحيحة واحدة هي عقيدة أهل السنة، وهي التي ينبثق عنها كل خير ، أما هؤلاء فعقيدتهم زائفة ولا يُجتنى من الشوك العنب .
* وكفى بالخميني فضيحة صفقات السلاح مع إسرائيل وتعاونه الكامل معها ، فتلك علامة أنه لن يخرج من إيران إلا الدمار والولاء لأعداء الله .
* إن بعض من نفترض عندهم الوعي غاب عنهم الوعي فلم يدركوا خطر الخمينية ، وإن بعض من نفترض عندهم العلم قصروا عن إبراز خطر الخمينية فكادت بذلك تضيع هذه الأمة ، ولذلك فإننا نناشد أهل الوعي أن يفتحوا الأعين على خطر هذه الخمينية ، ونناشد أهل العلم أن يطلقوا أقلامهم وألسنتهم ضد الخمينية .(40/69)
* لقد آن لهذا الطاعون أن ينحسر عن أرض الإِسلام ، وآن للغازي أن يكون مغزوًّا ، فالأمة الإِسلامية عليها أن تفتح إيران للعقائد الصافية من جديد ، كما يجب عليها أن تنهي تهديدها الخطير لهذه الأمة ، وليعلم أصحاب الأقلام المأجورة والألسنة المسعورة الذين لا يزالون يضللون الأمة بما يكتبونه وبما يقولونه أن الله سيحاسبه على ما ضلوا وأضلوا ، فليس لهم حجة في أن ينصروا الخمينية ، فنصرة الخمينية خيانة لله والرسول والمؤمنين ، ألم يروا ما فعلته الخمينية وحلفاؤها بأبناء الإِسلام حين تمكنوا ، ألم يعلموا بتحالفات الخمينية وأنصارها مع كل عدوٍ للإِسلام ، لقد آن لكل من له أذنان للسمع أن يسمع ، ولكل من له عينان للإِبصار أن يبصر ، فمن لم يبصر ولم يسمع حتى الآن فما الذي يبصره وما الذي يسمعه، فهؤلاء أنصار التتار والمغول وأنصار الصليبيين ، والاستعمار يظهرون من جديد ينصرون كل عدو للإِسلام والمسلمين ، وينفذون بأيديهم كل ما عجز عنه غيرهم من أعداء الإسلام والمسلمين ، ألا فليسمع الناس وليبصروا ولات ساعة مندم .
* وهؤلاء الخمينيون ظالمون ومن بعض ظلمهم أنهم يظلمون أبا بكر وعمر ، فكيف يواليهم مسلم والله تعالى يقول : ? وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ? (الأنعام:129)، إنه لا يواليهم إلا ظالم ، ومن يرضى أن يكون ظالما لأبي بكر وعمر وعثمان وأبي عبيدة وطلحة والزبير ؟ ومن يرضى أن يكون في الصف المقابل للصحابة وأئمة الاجتهاد من هذه الأمة ؟ ومن يرضى أن يكون أداة بيد الذين يستحلون دماء المسلمين وأموالهم ؟
* اللهم إني أبرأ إليك من الخميني والخمينية ومن كل من والاهم وأيدهم وحالفهم وتحالف معهم اللهم آمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.( انتهى كلام الأستاذ سعيد حوى/)
خاتمة(40/70)
ندعو فيها كل مسلم ومسلمة إلى القيام بما أمرهم الله به ، من أداء الواجبات وترك المحرمات ، وتحقيق التوحيد قولاً وعملا ، وتطبيق الإسلام حياةً ومنهجا ، والاقتداء برسول الله ث ، والثبات على الحق ولو كثر المخالفون ، والدعوة إلى الهدى مهما خذّل المخذّلون ، ونصرة دين الله بلا خوف أو خجل ، والحرص على وقاية النفس والأهل نارًا وقودها الناس والحجارة ، وتربية النفس والأهل على الغيرة على الإسلام وأهله، وبذل النفس والنفيس في سبيل عزّه ، والغضب إذا انتهكت حرمات ربّه ، وإخلاص الدين لرب العالمين ، وموالاة المسلمين ، والبراءة من الكفار أجمعين ، وتعلم دين الله وتعليمه ، وشرح التوحيد وتبيينه ، وتهذيب الخُلق وتزيينه ، وتخليص البيوت من الوسائل الشيطانية ، وإقامتها على الطريقة الرّبانية ، وتزيينها بالتربية الإسلامية ، والشعور بمصائب المسلمين ، والمشاركة في نصرهم وعونهم تطبيقًا للشرع والدّين ، والمؤازرة للعلماء والدعاة الصالحين المصلحين المخلصين ، والدفاع عن حملة هذا الدين ، أصحاب النبي الأمين ث، وأزواجه الطاهرات الطيّبات أمّهات المؤمنين ، والرّد على منتقصهم والمتعرض لهم ، وفضح أعداءهم ، وعدم التّهاون والتّميّع مع المعتدي على أعراضهم .
مراجع للتوسع
1- الخومبنبة شذوذ في العقائد وشذوذ في المواقف للأستاذ سعيد حوى .(40/71)
2-صورتان متضادتان عند أهل السنة والشيعة الإمامية للشيخ أبي الحسن الندوي.3-الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (الندوة العالمية للشباب الإسلامي)4-أصول مذهب الشيعة الإمامية ؛ للدكتور ناصر القفاري .5- المذاهب الإسلامية ، محمد أبو زهرة .6ـ تاريخ الإمامية وأسلافهم من الشيعة ، د. عبد الله فياض.7ـ دراسات في الفِرَق ، د. صابر طعيمة .8ـ مختصر التحفة الاثنا عشرية ، تحقيق محب الدين الخطيب. 9ـ الشيعة والسنة ، للعلامة إحسان إلهي ظهير .10ـ الشيعة والتشيع ، للعلامة إحسان إلهي ظهير.11ـ الشيعة وأهل البيت ، للعلامة إحسان إلهي ظهير.12-الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الإثني عشرية ، محب الدين الخطيب .13ـ الصراع بين الشيعة والتشيع ، الدكتور موسى الموسوي.14ـ عبد الله بن سبأ وأثره في إحداث الفتنة في الإسلام، د. سليمان بن حمد العودة.
فهرس
أهم عقائد الشيعة الاثنى عشرية...............................................................5
الكتب الرئيسة عند الإثنى عشرية................................................................ 8
اعتقاد الشيعة الإثنى عشرية في القرآن الكريم............................................... 9
مصحف فاطمة..................................................................................... 14
عقيدة الشيعة في السنة.........................................................................16
عقيدة الشيعة في أصحاب رسول الله ث......................................................17
أوجه التشابه بين اليهود والشيعة الإثنى عشرية............................................19
عقيدة الإمامة عند الشيعة الإثنى عشرية......................................................20(40/72)
عصمة الأئمة........................................................................................22
الأئمة عندهم يعلمون الغيب.....................................................................22
الأئمة الإثنا عشر عندهم أفضل من الأنبياء...................................................24
عقيدة الرجعة عند الشيعة........................................................................25
عقيدة ظهور الأئمة عند الشيعة الإمامية......................................................27
خرافاتهم في خروج المهدي ورجعته.........................................................28
عقيدة النياحة وشق الجيوب وضرب الخدود.................................................29
مناسك المشاهد والأضرحة......................................................................31
الشيعة والمتعة الجنسية..........................................................................33
الخميني والمتعة....................................................................................36
شبهة من شبهات أهل الضلال...................................................................37
استعارة الفرج عند الشيعة.......................................................................38
عقيدة البداء.........................................................................................38
خرافات شيعية......................................................................................41
شركيات الخميني...................................................................................42
عقائد الشيعة في الإسلام والمسلمين........................................................ 45(40/73)
وَهْمٌ اسمُه التقريب بين أهل السنة والشيعة الإثنى عشرية................................47
أهل السنة في إيران.............................................................................. 48
أقوال أئمة السلف والخلف في الشيعة الإثنى عشرية......................................48
غدير خُم............................................................................................51
أساليبهم الملتوية..................................................................................59
كذابون درجة أولى................................................................................60
ابحث مع الشيعة في السرداب عن إمامهم الغائب............................................64
ولاء المسلمين.....................................................................................65
الشيعة ومخالفتهم أهل البيت...................................................................68
أكاذيب الشيعة على أهل البيت.................................................................73
إهانة الشيعة لأهل البيت........................................................................74
دور الشيعة في هدم الإسلام....................................................................80
حزب الله الشيعي اللبناني : حزب الله أم حزب الشيطان؟.................................81
يجب على المسلم ألا ينسى.......................................................................83
بعض أسئلة موجهة لخمينى العرب(حسن نصر الله)........................................85
رسالة إلى المخدوعين بالشيعة المعاصرين...................................................87(40/74)
الأستاذ سعيدحوى يتبرأ من الخميني والخمينية ومن كل من والاهم.....................93
خاتمة...............................................................................................93
مراجع للتوسع......................................................................................64
-
رقم الإيداع :9732/2006
مواقع على الإنترنت تفضح دين الشيعة:
1- يمكنك الحصول مجانًا على موسوعة الرد على الرافضة (الشيعة) من موقع (منتديات سفينة النجاة) www.alnga.net
والموسوعة برنامج يحتوي على حوالي 130كتابًا في فضح حقيقة دين الشيعة والرد على ضلالاتهم.
2- يمكنك تنزيل محاضرات الشيخ محمد إسماعيل عن الشيعة وحزب الله من مواقع: طريق السلف www.alsalafway.com، صوت السلف www.salafvoice.com ،طريق الإسلامwww.islamway.com
3- موقع البرهان www.albrhan.com
4- فيصل نور www.khayma.com/fnoor
البحيرة ـ أبو حمص ـ حي الزهور
ت : 0452569826 ــ 0129732131(40/75)
الشيعة والتصحيح
الصراع بين الشيعة والتشيع
العلامة الدكتور: موسى الموسوي
الإهداء
هذا كتاب يدافع عن الإسلام والإنسان والعقل
ابتغيت به وجه الله ورضاه وعونه وغفرانه
وقصدت به الشيعة في كل زمان ومكان
فإلى كل من يتبع نداء التصحيح ويسعى لأجل مبادئه وأهدافه
أهدي هذا لكتاب
تقديم
كلمة لا بد منها
بسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله
وبعد أن ولدت ونشأت وترعرعت في بيت الزعامة الكبرى للطائفة الشيعية ودرست وتأدبت على يد أكبر زعيم وقائد ديني عرف تاريخ التشيع منذ الغيبة الكبرى(1) وحتى هذا اليوم وهو جدنا الإمام السيد " أبو الحسن الموسوي " الذي قيل فيه:( أنسى من قبله واتعب من بعده )(2)
في مثل هذه البيئة بك ما قيل ويقال في التشيع والشيعة وبكل الظروف والملابسات التي كانت تحكي عن الخلاف الطائفي بين الشيعة والسنة والذي دام قروناً وقروناً كنت أعيش آلام الخلافات المريرة بين الشيعة والفرق الإسلامية الأخرى وأشاهد عواقبها الوخيمة عن كثب في ظل خطوات جريئة وعزومة كان جدنا الإمام الأكبر يخطوها لتخطي الصعوبات في إرساء العلاقة الصحيحة بين الشيعة والسنة للوصول إلى الوحدة الكبرى بين الطائفتين التي كانت تصطدم بالسياسات الاستعمارية الحاكمة في العالم الإسلامي التي كانت تساندها عقول متحجرة وأناس متعصبون ومتاجرون بالطائفة البغيضة بدأت أدرك خطورة المهمة وقداستها في نفس الوقت.
__________
(1) - الغيبة الكبرى تعني: الإمام المهدي الثاني عشر عند الشيعة الإمامية الذي غاب عن الأنظار في عام 329هـ راجع فصل الإمام المهدي.
(2) - قائل هذا الكلام هو الإمام الراحل الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء رحمه الله.(41/1)
وقد زادني إيماني بها عندما بدأت أعرف أن السبب في قتل والدي بين صلاة المغرب والعشاء في الحضرة العلوية في النجف الأشرف وعلى يد مجرم في لبوس رجل الدين الذي ذبحه كالكبش وهو يصلي في المحراب، إنما كانت خطة استعمارية لكي تثني السيد أبو الحسن عن خطواته الإصلاحية ولكن السيد أبو الحسن احتمل المصيبة صابراً محتسباً لله وضرب أروع الأمثال في تلقين المصلحين درساً لا زال التاريخ الشيعي لا ينساه ألا وهو العفو عن القاتل الذي قتل فلذة كبده وأعز الناس إلى قلبه وذلك ليثبت أن قلب المصلح لا تزلزله العواصف ولا تضعفه المصاعب ولا تتحكم فيه الأحقاد والثارات وأنه يبقى كالطود الشامخ يذود عن العقيدة التي يريد إرساءها في المجتمع ولدى الفرد.
وبعد كل هذا كان من الطبيعي أن تتكون لدي فكرة الانطلاق نحو تصحيح الشيعة في بعض عقائدها أو أعمالها ولا سيما تلك التي سببت الخلاف مع الفرق الإسلامية الأخرى والتي كانت بحد ذاتها تتناقض مع روح الإسلام والمنطق السليم وهي كما أعتقد كانت ولم تزل وبالاً على المذهب الشيعي حيث أدت إلى تشويه سمعته ومسخ معالمه في العالم الإسلامي بل وفي العالم كله.
واعتقد في الوقت نفسه أن سرد الأسباب لا يكفي لحل المعضلة فحسب بل لا بد من تقديم حلول عملية أطلب من الشيعة في كل أرجاء الأرض أن يلتزموا بها إذا أرادوا خير الدنيا والآخرة معاً، وقد وصلت إلى نتيجة حاسمة في تتبعي للخلاف بين الشيعة الإمامية والفرق الإسلامية الأخرى هو أن الخلاف بينهما ليس بسبب بعد رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? أو أن الإمام علياً أولى بالخلافة من غيره، لأنني أرى الشيعة الزيدية وهي تؤلف طائفة كبيرة تربو على الملايين تعتقد بأحقية عليٍّ بالخلافة بعد الرسول الكريم ولكن الوئام والأخوة والمحبة يسود بينها وبين أهل السنة والجماعة.(41/2)
فإذاً إن السبب الأساسي في الخلاف بين الشيعة الإمامية والفرق الإسلامية الأخرى ليس هو موضوع الخلافة بل هو موقف الشيعة من الخلفاء الراشدين وتجريحهم إياهم الأمر الذي لا نجده عند الشيعة الزيدية وبعض الفرق الأخرى ولو اكتفت الشيعة الإمامية بسلوك الزيدية لقلت الخلافات ولضاقت مساحة الشقاق ولكن الشيعة الإمامية وقعت في الخلفاء الراشدين تجريحاً وانتقاصاً فكانت الفتنة.
وقد كنت أدعو الله في آناء الليل وأطراف النهار أن يلهمني العلم والبصيرة ويمنحني القوة والتوفيق لآداء رسالة التصحيح التي كنت أصبو إليها منذ سنيِّ الشباب فكانت نتيجة تلك الدعوات الصالحات هي كتابي هذا " الشيعة والتصحيح: الصراع بين الشيعة والتشيع " الذي أقدمه اليوم إلى الشيعة في كل زمان ومكان.
إنه نداء للشيعة مبعثه الإيمان المطلق بالله وبرسالة الإسلام الخالدة وبقوة المسلمين وكرامة الإنسان، إنه نداء يدعو إلى الطرق الإصلاحية الكبرى لمحاولة إنهاء الخلاف الطائفي بين الشيعة والفرق الإسلامية الأخرى إلى الأبد وإلى أن تقوم الساعة، إناه صرخة لله ولاستيقاظ الشيعة من نوم عميق دام ألفاً ومائتي عام، إنها قصة الصراع المرير بين المسلمين حتى يومنا هذا، إنه نداء العقل والإيمان إلى الشيعة كي تنفض عن نفسها غبار السنين وتثور ثورة لا هوادة فيها ولا انتظار على تلك الزعامات المذهبية التي سببت لها هذا التخلف الكبير في الحياة الدينية والفكرية والاجتماعية وهكذا يدفعني اعتقادي وواجبي أن أوصي ملايين الشيعة وأؤكد عليهم قراءة هذا الكتاب ( فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين ) النمل 92 صدق الله العظيم.
الإمامة والخلافة
بدأ الصراع بين الشيعة والتشيع عندما حرفت الشيعة معنى التشيع من حب الإمام علي وأهل البيت إلى ذم الخلفاء الراشدين وتجريحهم بصورة مباشرة وتجريح الإمام علي وأهل بيته بصورة غير مباشرة.
الإمامة والخلافة(41/3)
فكرة الخلافة حتى القرن الرابع الهجري
الشيعة والتشيع
الانحراف
التصحيح
عقيدة الشيعة الإمامية في الخلافة:
كلما تعمقت في الشيعة والتشيع وعقائد الإمامية أجد أن هناك هوة عظيمة تفصل بين الشيعة والتشيع قد تصل في بعض الأحيان إلى التناقض الصارخ ، حيث أرى بوضوح أن التشيع شيء والشيعة شيء آخر ، وكلما تعمقت في تاريخ الصراع بين الشيعة والتشيع تتجلى أمامي العصور الثلاثة التي انبثق فيها الصراع مبتدئا بالعصر الأول وهو عصر ظهور الصراع الفكري بعد الغيبة الكبرى الذي مهد الطريق للعصر الثاني وهو ظهور الدولة الصفوية على يد مؤسسها الشاه إسماعيل الصفوي في عام 907 هـ وتأسيس الدولة الشيعية في إيران ، ومن ثم عصر الثالث وهو عصر الصراع الأخير الذي نشاهده في حياتنا المعاصرة بين الأفكار الشيعية الحديثة والتشيع ، نلك الأفكار التي عصفت بالمجتمع الشيعي وأدت إلى نتائج حزينة لا تتحملها الأرض ولا السماء ..
ولكي نضع النقاط على الحروف في رسالتنا الإصلاحية هذه لابد من طرح الأفكار بصورتها الحقيقية ، ومن ثم إنارة الطريق لكي يكون القارىء على بينة من أمره ..الإمامة هي الحجر الأساسي في المذهب الشيعي الإمامي ، وهكذا في المذهب الزيدي والإسماعيلي ، ومنها يتفرع كل ما هو مثار للجدل والنقاش مع الفرق الإسلامية الأخرى ، فالشيعة الإمامية تعتقد أن الخلافة في علي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعد علي في أولاده حتى الإمام الثاني عشر الذي هو محمد بن الحسن العسكري الملقب بالمهدي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألمح إلى الخلافة لعلي من بعده في مواطن كثيرة ونص على ذلك في مواطن أخرى أشهرها في موقع يسمى غدير خم عند رجوعه من حجة الوداع ، حيث عقد البيعة لعلي وقال:
" من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه "
كان ذلك في شهر ذي الحجة من العام العاشر بعد الهجرة ،.......، أما الفرق الإسلامية الأخرى فترى أن النبي(41/4)
صلى الله عليه وسلم ولم يتخلف أحدا من بعده بل جعل الأمر شورى بين المسلمين نزولا عند نص الكتاب ....
هذا هو ملخص الخلاف بي الفريقين ولكل فرقة آراؤها وأدلتها حيث ألف علماء الفريقين في هذا الموضوع مئات الكتب المطولة والمختصرة ، ولم تنفع تلك الكتب بطولها وعرضها في زحزحة الشيعة عما تعتقده في الخلافة ، أو زحزحة السنة عما تراه أولى بالاتباع ، غير أن المشكلة القصوى هي أن الخلاف الفكري لم يتوقف إلى هذا الحد ، بل اتخذ شكلا خطيرا ، كلما مرت السنوات وبعد العهد عن عصر الرسالة ، ولو أن الخلاف بقي محصورا عند هذا الحد لكان الخطب هينا ، والعالم الإسلامي لم يشاهد في تاريخه الطويل كثيرا من المحن والمصائب التي حلت به بسبب المتفرعات من فكرة الخلافة والخلاف فيها .
وكما أشرنا ...فإن الخلاف الفكري تجاوز حدود البحث العلمي والاختلاف في الرأي ، بل اتخذ طابعا حادا وعنيفا عندما بدأت الشيعة تجرح الخلفاء الراشدين وبعض أمهات المؤمنين ، وذلك بعبارات قاسية وعنيفة لا تليق بأن تصدر من مسلم نحو مسلم ، ناهيك عن أن تصدر من فرقة إسلامية نحو صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وأزواجه ، صحابة لهم مكانة كبيرة في قلوب المسلمين ، وأزواج للنبي عبر الله عنهن بأمهات المؤمنين.
وهنا ظهر على ساحة الخلاف عدم التكافؤ بين الفريقين في طريقة التفكير والعقيدة، فالفرق الإسلامية كلها تحب علياً وتكرمه شأنه شأن الخلفاء الذين سبقوه وتحترم أهل بيت رسول الله ? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? وتصلي عليهم في الصلاة في كل صباح ومساء، ولكن الشيعة لها موقف آخر من خلفاء المسلمين موقف فيه العنف والقسوة والكلام الجارح.(41/5)
فكانت النتيجة ظهور رد فعل عنيف من قبل علماء الفرق الإسلامية الأخرى للدفاع عن أعز وأكرم خلفائهم، فألَّف ودوّن كتاب السنّة وعلماؤها في الشيعة الكتب المطولة والمختصرة معيرة إياها بالكفر مرة وبالخروج عن الإسلام مرة أخرى وهكذا شغلت فكرة الخلافة حيزاً كبيراً من الكتب الإسلامية عند الفريقين ولا زالت الأقلام تكتب والمؤلفات تنتشر وكأن المسلمين بكل طبقاتهم لا يواجهون مشكلة في هذه الدنيا المليئة بالأحداث والمكاره إلا مشكلة الخلافة فحسب.
لكن الحيرة كل الحيرة هي الطريقة التي اتبعتها الشيعة في معالجتها لمشكلة الخلافة فهي تتناقض كل التناقض مع سيرة الإمام علي وسيرة أولاده من أئمة الشيعة، ولذلك تتملكني الحيرة والدهشة عندما أرى أن شعار الشيعة هو حب الإمام علي وأولاده ولكنهم يضربون عرض الحائط سيرة علي والأئمة من ولده.
وهنا أود أن أتحدث مع الشيعة بلغتهم وفي نطاق معتقداتهم كي تكون حجة عليهم ولذلك فلا بد من القول إنني أواجه أمرين متناقضين: أحدهما التشيع والآخر الشيعة، ومن هنا بدأْتُ أستنتج أن ذلك الصراع الذي حدث بين الشيعة والتشيع بعد الغيبة الكبرى مباشرة هو السبب الأساسي لكل الانحرافات التي حدثت في الفكر الشيعي بعد الغيبة الكبرى وإلى يومنا هذا، ونحن نعتقد أن ذلك الانحراف سبب الشقاق بين الشيعة وسائر الفرق الإسلامية والذي سنفصله في هذا الكتاب كلاً في فصل خاص به.
فكرة الخلافة في عهد الرسول ? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ?:(41/6)
إذا درسنا موضوع الخلافة في عصر الرسول ? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? وبعد وفاته بصورة مستفيضة لوصلنا إلى نتيجة مؤكدة لا يختلف عليها اثنان هي: أن فكرة الأولوية والأفضلية لخلافة النبي الكريم ظهرت بعد وفاته مباشرة فهذا " عباس بن عبد المطلب " يخاطب الإمام علياً عندما كان مشغولاَ بتجهيز النبي ? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? وكفنه:( أعطني يدك لأبايعك حتى يقول القوم عم رسول الله بايع ابن عم رسول الله ) فيقول له الإمام:( وهل يطمع فيها طامع غيري ثم إنني لا أريد أن أبايع من وراء رتاج ) ..... واجتمع المسلمون في سقيفة بني ساعدة لينظروا في أمر الخلافة وقالت الأنصار للمهاجرين:( منا أمير ومنكم أمير ) وكادت تحدث فتنة بين المجتمعين لولا أن الخليفة " عمر بن الخطاب " حسم الأمر وبايع أبا بكرٍ فبايعه المسلمون بعد ذلك وترك " سعد بن عبادة " شيخ الخزرج الاجتماع غاضباً لأنه كان يرى نفسه أولى بالخلافة من غيره، وتخلف الإمام " عليّ " عن البيعة بعض الوقت إلا أنه بايع الخليفة الجديد " أبا بكر " وهو راض عن البيعة مقبل عليها، غير أن فكرة الأولوية كانت تراود نفس الإمام ومعه السيدة " فاطمة الزهراء " وبعض صحابة الإمام وبني هاشم حتى أن الخليفة " عمر بن الخطاب " قال لابن عباس وهو يشير إلى " عليّ " ( أما والله إن كان صاحبك هذا أولى الناس بعد رسول الله ? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? إلا أنا خفناه على اثنين: حداثة السن وحبه بني عبد المطلب(1) ).
ومرة أخرى نستمع إلى الخليفة " عمر بن الخطاب " وهو على فراش الموت يشير إلى الإمام " علي " ويقول:( والله لو وليتموه أمركم لحملكم على المحجة البيضاء(2) ).
__________
(1) - شرح نهج البلاغة ج1 ص124
(2) - شرح نهج البلاغة ج1 ص 64(41/7)
ومن هنا يمكن القول: إن فكرة التشيع لعليٍّ بالمعنى الذي أشرنا إليه ظهرت بعد وفاة النبي ? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? واستمرت حتى القرن الثالث الهجري حيث كان التشيع يعني أن الإمام " علياًّ " أولى بالخلافة وأحق بها من غيره ولكن المسلمين نزولاً لأوامر القرآن الكريم الذي يقول:( وأمرهم شورى بينهم ) الشورى 38
ارتضوا " أبا بكر " خليفة والإمام ارتضاه كما ارتضاه غيره وبايعه كما بايعه غيره وهكذا كان موقفه مع الخليفتين " عمر بن الخطاب " و " عثمان بن عفان " فبايعهما وأخلص لهما في المشورة والرأي.
التشيع في القرن الثاني الهجري:
منذ أوائل القرن الثاني للهجرة أخذت فكرة التشيع تمثل مذهباً فقهياً هو مذهب أهل البيت وقد تجلى هذا المذهب في زمن انبثقت فيه المذاهب الفقهية الكبيرة الإسلامية الأخرى كالمذهب المالكي والشافعي والحنفي والحنبلي، وتجلت مدرسة أهل البيت في مدرسة الإمام الصادق الإمام السادس للشيعة الإمامية، وقد كانت الفكرة التي تساند مذهب أهل البيت هي الفكرة القائلة بأنه إذا كان الإمام " عليّ " أولى بالخلافة من غيره فأولاده ومن ثم حفيده الإمام " جعفر بن محمد الصادق " الذي كان يعتبر من أفقه فقهاء عصره أجدر بأن يتبع في مسائل الدين وشؤونه من غيره من الفقهاء، وهكذا ظهرت المدرسة الفقهية الجعفرية إلى الوجود في عهد الإمام " الصادق " الذي كان يلقي محاضراته ودروسه في الفقه وفي علوم أخرى على تلاميذه في المدينة المنورة آنذاك.
ولا بد من الإشارة إلى أن التشيع " لعلي " وأهل بيته بدأ يأخذ شكلاً خطيراً بعد مقتل الإمام "
الحسين " الذي أحدث رد فعل عنيف في العالم الإسلامي وكانت نتيجته المباشرة حدوث ثورات متتاليات أدت إلى سقوط الدولة الأموية ومن بعدها المروانية وقيام الخلافة العباسية.(41/8)
وكما نعلم فقد حدثت ثورات متتاليات باسم التشيع " لعليّ " وأهل بيته منها ثورة " المختار " وثورة " مصعب بن الزبير " وثورة " زيد بن علي بن الحسين " التي انتهت إلى استشهاده واستشهاد صحبه، كما أن الثورة التي قطف ثمارها " العباسيون " والتي أطاحت بالخلافة الأموية في المشرق الإسلامي إلى الأبد قد بدأت باسم التشيع لأولاد " عليّ " وأهل بيت رسول الله ? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? و " أبو مسلم الخراساني " كان يدعو لأهل البيت في إبان القيام بثورته ولكنه انحاز إلى العباسيين في قصة معروفة جاء ذكرها في كتب التاريخ.
وكان أئمة الشيعة في عهد الخلفاء العباسين يتمتعون باحترام عظيم لدى المسلمين، كما أن فكرة الإسلامية الأولوية والأحقية في خلافتهم كانت تراود كثيراُ من الناس، فلولا الرأي العام الإسلامي بأحقية أهل البيت بالخلافة لما اختار " المأمون العباسي " الإمام " علي الرضا " ولياً للعهد غير أن الرضا توفي في عهد " المأمون " واستمرت الخلافة في العباسيين.
فإذاً إن فكرة التشيع " لعلي " وأهل بيته والتي كانت تظهر بمظاهر مختلفة في المجتمع الإسلامي آنذاك كان لها أنصارها المتحمسين، ونستنتج من كل هذه المقدمات أن فكرة التشيع كانت موجودة في القرون الثلاثة الأولى بعد الهجرة وهذه الفكرة كانت تنحصر في النقاط التالية:
أولاً – إن " علياً " أولى بالخلافة من غيره ولكن المسلمين بايعوا الخلفاء الراشدين و " عليٌّ " بايعهم ثم بايع المسلمون " علياً " بعد " عثمان " فلا غبار على شرعية خلافة الخلفاء الراشدين من " أبي بكر " إلى " علي " .
ثانياً – إظهار العداء للأمويين وذلك لموقف " معاوية " من " علي " ومقتل الإمام " الحسين " في فاجعة " الطف " وسب الخلفاء الأمويين " علياً " على المنابر زهاء خمسين عاماً إلى أن قام بالأمر " عمر بن عبد العزيز " الخليفة الأموي فنهى عن سب الإمام.(41/9)
ثالثاً – الرجوع إلى أهل البيت في الأحكام الشرعية والمسائل الفقهية.
رابعاً – أهل البيت ولا سيما الأئمة من أولاد " الحسين " أولى بالخلافة من الأمويين والعباسيين.
بداية الانحراف في الفكر الشيعي:
وبعد الإعلان الرسمي عن غيبة الإمام المهدي في عام / 329 / هـ حدثت في التفكير الشيعي أمور غريبة أدعوها ( بالصراع بين الشيعة والتشيع ) أو عهد ( الانحراف ) وكانت أولى هذه الأمور في الانحراف الفكري ظهور الآراء القائلة: بأن الخلافة بعد الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? كانت في " عليٍّ " وبالنص الإلهي وأن الصحابة ما عدا نفر قليل منهم خالفوا النص الإلهي بانتخابهم " أبا بكر " كما ظهرت في الوقت نفسه آراء أخرى تقول: إن الإيمان بالإمامة مكمل للإسلام وحتى أن بعض علماء الشيعة أضافوا الإمامة والعدل إلى أصول الدين الثلاثة التي هي: التوحيد – النبوة – والمعاد ، وقال بعضهم بأنها من أصول المذهب وليس من أصول الدين وظهرت روايات تنقل عن أئمة الشيعة فيها تجريح بالنسبة للخلفاء الراشدين وبعض أزواج النبي.
ومن الجدير بالذكر أنه حتى في خلافة " معاوية بن أبي سفيان " وعندما كان يأمر بسب الإمام " علي " على المنابر وحتى بعد مقتل الإمام " الحسين " وظهور الثورات الداعية إلى الأخذ بالثأر وفي العهود التي كان التشيع يعصف بالخلافة الأموية ويقصم ظهرها ويمهد الطريق للخلافة العباسية لم نجد أثراً لدى المتشيعين " لعلي " وأهل بيته للآراء الغريبة التي ظهرت فجأة في المجتمع الإسلامي بعد الغيبة الكبرى، تلك الآراء التي ساهم بعض رواة الشيعة وبعض علماء المذهب في بثها ونشرها وغرسها في عقول الساذجين من أبناء الشيعة.(41/10)
وظهرت في الوقت نفسه فكرة " التقية " التي كانت تأمر الشيعة بأن تعلن شيئاً وتضمر شيئاً آخر وذلك لحماية الآراء الحديثة التي كانت بحاجة إلى الكتمان سواء لنشرها أو لحمايتها من السلطة الحاكمة، ولكي يكون لهذه الآراء الغريبة رصيد ديني لا يجوز التشكيك فيها نسب رواة تلك الروايات الغريبة إلى أئمة الشيعة ولا سيما إلى الإمامين " الباقر " و " الصادق " ولتثبيت صحة تلك الروايات وعدم الخوض في مضامينها وقبولها كما ذكرت فقد ظهرت فكرة عصمة أئمة الشيعة في ذلك العهد لكي تكون رصيداً آخر يجعل من تلك الروايات الغريبة روايات مقدسة لا تخضع للنقاش والجدل والبحث والنقض ، وقد أفردنا لتلك الآراء الغريبة الدخيلة والتي لها علاقة مباشرة بتكوين المذهب الشيعي فصولاً خاصة سنناقشها فيما بعد في هذا الكتاب، أما الآن فلنعد إلى مبحث الإمامة والخلافة لكي نناقش المتغيرات التي أحدثها الرواة وعلماء المذهب فيها بعد الغيبة الكبرى.(41/11)
إن المتتبع المنصف للروايات التي جاء بها رواة الشيعة في الكتب التي ألفوها بين القرن الرابع والخامس الهجري يصل إلى نتيجة محزنة جداً وهي أن الجهد الذي بذله بعض رواة الشيعة في الإساءة إلى الإسلام لهو جهد يعادل السموات والأرض في ثقله، ويخيل إليَّ أن أولئك لم يقصدوا من رواياتهم ترسيخ عقائد الشيعة في القلوب بل قصدوا منها الإساءة إلى الإسلام وكل ما يتصل بالإسلام، وعندما نمعن النظر في الروايات التي رووها عن أئمة الشيعة وفي الأبحاث التي نشروها في الخلافة وفي تجريحهم لكل صحابة الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? ونسفهم لعصر الرسالة والمجتمع الإسلامي الذي كان يعيش في ظل النبوة لكي يثبتوا أحقية " علي " وأهل بيته بالخلافة ويثبتوا علو شأنهم وعظيم مقامهم نرى أن هؤلاء الرواة – سامحهم الله – أساءوا للإمام " علي " وأهل بيته بصورة هي أشد وأنكى مما قالوه ورووه في الخلفاء والصحابة، وهكذا تشويه كل شيء يتصل بالرسول الكريم? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? وبعصره مبتدئاً بأهل بيته ومنتهياً بالصحابة، وهنا تأخذني القشعريرة وتمتلكني الحيرة وأتساءل: أليس هؤلاء الرواة من الشيعة ومحدثيها قد أخذوا على عاتقهم هدم الإسلام تحت غطاء حبهم لأهل البيت؟ ماذا تعني هذه الروايات التي نسبها هؤلاء إلى أئمة الشيعة وهم صناديد الإسلام وفقهاء أهل البيت؟ وماذا تعني هذه الروايات التي نسبوها إلى أئمة الشيعة وهي تتناقض مع سيرة الإمام " علي " وأولاده الأئمة وكثير منها يتناقض مع العقل المدرك والفطرة السليمة؟ وإنني لا أشك أن بعضاً من رواة الشيعة ومحدثيها ومن ورائهم بعض فقهاء الشيعة قد أمعنوا في هذا التطاول على أئمة الشيعة وفي وضع روايات عنهم عندما أعلن رسمياً بحدوث الغيبة الكبرى، ونقل عن الإمام المعدي قوله:( من ادّعى رؤيتي بعد اليوم فكذبوه(1) ).
__________
(1) - سيرة الأئمة الإثني عشر ج3 ص570 هاشم الحسين(41/12)
وهكذا سدت الأبواب كلها للاتصال بالإمام وللسؤال عن صحة الروايات التي نسبت إليه وإلى أجداده الأئمة الطاهرين، وهكذا خلا الجو للمتربصين بالتشيع والإسلام معاً فصفَّروا ونقَّروا وكتبت أقلامهم ما شاءت وما ارتأت.
ولكي أكون واضحاً أود أن أضع النقاط على الحروف وأبدأ بالخلافة لكي نرى أن ما رووه في حق الخلفاء وصحابة الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? يصطدم اصطداماً كبيراً بسيرة الأمام " علي " وأهل بيته، ونرى بعد ذلك كيف أن هؤلاء الرواة وبعض علماء الشيعة لتعزيز آرائهم ولتفنيد مواقف الإمام الصريحة وأهل بيته التي تفند ما نسبوه غليهم ناقضوا مواقف الإمام " علي " والأئمة من بعده بصورة ملتوية ظاهرها مليح وباطنها قبيح لكي يثبتوا آراءهم حسب أهوائهم.
موقف الإمام " علي " من الخلافة
قلنا قبل قليل أن التشيع كان يعني حب الإمام " علي " وأهل بيته وإعطاءه حق الأولوية في الخلافة وإعطاء أولاده مثل هذا الحق من بعده ولا أعتقد أن هناك أحد لا يعرف الأسباب الدافعة إلى هذا الاعتقاد، فالإمام " علي " ترعرع ونشأ في بيت الرسول الكريم? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? وهو يحدثنا عن تلك النشأة بقوله:( وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة وضعني في حجره وأنا ولد يضمني إلى صدره ويكنفني إلى فراشه ويُمسني جسده ويشُمني عرفه وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل )(1)
__________
(1) - نهج البلاغة ج2 ص157(41/13)
ويستمر الإمام في بيان منزلته عند رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? ويقول:( ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلى الله عليه وآله وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة، ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلى الله عليه وآله فقلت: يا رسول الله ما هذه الرنة؟ فقال هذا الشيطان أيس من عبادته إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إلا أنك لست بنبي ولكنك وزير وإنك لعلى خير ).
ولنستمع إليه مرة أخرى وهو يقول:( ولقد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وإن رأسه لعلى صدري ولقد سالت نفسه في كفي فأمررتها على وجهي، ولقد وليت غسله صلى الله عليه وآله والملائكة أعواني فضجت الدار والأفنية .... ملأٌ يهبط وملأٌ يعرج وما فارقت سمعي هيمنة فهم يصلون عليه حتى واريناه في ضريحه فمن ذا أحق به مني حياً وميتاً فانفذوا على بصائركم(1) ).
__________
(1) - نهج البلاغة ج2 ص172(41/14)
وهذا هو الإمام " علي " يصف نفسه وموقعه من رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? مرة أخرى في كتاب بعثة واليه في البصرة " عثمان بن حنيف " جاء فيها:( وأنا من رسول الله كالصنو والذراع من العضد ) وبعد كل هذا فالإمام هو زوج " الزهراء " وأبو الحسنين وبطل المسلمين ومن أعظم بناة الإسلام ودافع عن الرسول الكريم ورسالته بقلبه ولسانه ودمه وعرقه وهو بعد غلام لم يبلغ الحلم وقد شاء الله أن تكون شهادته حيث كان مولده فقد ولد " علي " في بيت الله واستشهد في بيت الله، وقد تكتمل الصورة المشرقة " لعلي " وجهاده وموقعه من قلب الإسلام عندما نعلم علم اليقين وحسب الأحاديث المتواترة الصحيحة التي رواها رواة الشيعة والسنة على السواء في حب الرسول الكريم? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? " لعلي " وتقديره إياه، فالنبي زوجَّه " فاطمة الزهراء " بأمر من السماء ورفض أولئك الذين تقدموا لخطبتها بقوله:( إنما أنتظر بها القضاء ) وعندما نزل القضاء تم ذلك الزواج الميمون بين " علي " و " فاطمة ".(41/15)
وفي غزوة الخندق يصف النبي الكريم " علياً " بجملتين تضاهيان كل الأحاديث التي رويت عنه في فضائل " علي " حقاً عن كل حرف من تلك الكلمات الخالدات المشرقات يعتبر وساماً نبوياً ينصبه محمد? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ?على صدر " علي بن أبي طالب " إنه وسام أعطى الجهاد والإخلاص والتفاني والإيمان بالله موقعه السرمدي في حياة الدهر وتخليد العظماء، والجملتان صدرتا عن الرسول في خلال ساعة أو أكثر منها بقليل وذلك عندما ذهب " علي " ليلتقي بعدو الإسلام وبطل المشركين " عمرو بن ود " والذي كان يبارز لوحده جماعات ورجالاً قال? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: اللهم برز الإسلام كله إلى الشرك كله ? وعندما وقع " عمرو " صريعاً بسيف " علي " قال?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين(1) ?.
__________
(1) - أخرجه الحاكم في المستدرك ج3 ص32 ( لمبارزة علي لعمرو أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة ).(41/16)
إن المتتبع لحياة الرسول الكريم والإمام يصل إلى نتيجة أكيدة وهي: أن الوشائج التي كانت تربط " محمداً "? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? بِ " علي " كانت أقوى بكثير من وشائج القربى إنها صلات روحية مترابطة متماسكة أصلها في السماء وفرعها في قلبي الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? وابن عمه ولذلك لا نستغرب أبداً عندما نلمس في " علي " نفحات من نفحات النبي فهذا هو رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? يدافع عن رسالته بكلمته الخالدة التي قالها للمشركين:( والله لو وضعتم الشمس في يميني والقمر عن يساري لأترك هذا الأمر ما فعلت ) وهذا هو " علي " يدافع عن إيمانه بالله ويقول:( فوالله لو أعطيت الأقاليم السبعة وما تحت أفلاكها أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت). وبعد كل ما ذكرناه ورويناه فقد يكون من الطبيعي أن يرى " علي " نفسه أولى بخلافة محمد? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? من غيره، ومن الطبيعي أيضاً أن تعتقد فئة من الناس بذلك وتتحمس لها أشد التحمس وتجد الفكرة لها مؤيدين وأنصاراً كما أن من الطبيعي أيضاً أن نقرأ في قلب محمد? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? ولسانه ما يدل على استخلاف " علي " بعد وفاته.
الإمام " علي " يؤكد شرعية بيعة الخلفاء
ولكن هل يعني كل هذا - وهذا بيت القصيد وحجر الأساس في كل ما يتعلق بالإمامة وشؤونها المتفرعة منها – أن هناك نصاً إلهياً بتعيين " علي " لخلافة الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? أم أنها رغبة شخصية من رغبات رسول الله الخاصة؟ الإمام " علي " كان يقول: لا نص عليه من السماء وصحابة " علي " والذين عاصروه كانوا يعتقدون بذلك أيضاً وقد استمر هذا الاعتقاد حتى عصر الغيبة الكبرى وهو العصر الذي حدث فيه التغيير في عقائد الشيعة وقلبها رأساً على عقب.(41/17)
ومرة أخرى نقول: عن هناك فرقاً كبيراً بين أن يعتقد الإمام " علي " والذين كانوا معه انه أولى بخلافة الرسول الكريم? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? من غيره ولكن المسلمين اختاروا غيره وبين أن يعتقد أن الخلافة حقه الإلهي ولكنها اغتصبت منه، والآن فلنستمع إلى الإمام " علي " وهو يحدثنا عن هذا الأمر بكل وضوح وصراحة ويؤكد شرعية انتخاب الخلفاء وعدم وجود نص سماوي في أمر الخلافة:( إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد .... وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضىً، فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين)(1).
وقبل أن أتحدث عن موقف الإمام " علي " بالنسبة للخلفاء الذين سبقوه وقبل أن نسهب في هذا الأمر ونستشهد بأقوال أخرى للإمام حيث أن لهذا الموقف أهميته القصوى في كشف الحقيقة وإنارة الواقع لا بد من التفصيل حول رغبات النبي الشخصية وذلك الجانب السماوي الذي كان يصدع به بأمر من الله وبوحي منه.
الفصل بين الأوامر الإلهية ورغبات النبي الشخصية
__________
(1) - نهج البلاغة ج3 ص7(41/18)
إن فصل هذين الجانبين في الشخصية المحمدية? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? يساهم مساهمة كبيرة في إعطاء صورة واضحة عن الجانب الإلهي والشخصي في رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? وإذا علمنا أن النبي الكريم كان يحاول جاهداً التفريق بين الجانب الإلهي في أقواله وما يصدر عنه من أقوال وأعمال لا صلة لها بالسماء لعرفنا عظمة النبي وعظمة نفسه الكريمة، بالقرآن الكريم عندما يتحدث عن النبي? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? بهذه الآيات البينات? وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى? النجم الآيات 3- 5 ، لا شك أنه يقصد بذلك أنه? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? عندما يقرأ القرآن ويبلغ المسلمين بالآيات الإلهية وبالأحكام المنزلة عليهم إنما ينطق بالوحي وبكلام الله المنزل على قلبه وهذا هو شرط الإيمان بالإسلام وبرسالة محمد? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? وبالقرآن المنزل عليه، ولكن القرآن الكريم حتى يبين الفرق الأساسي بين ما هو رغبة من رغبات النبي الخاصة وما هو أمر إلهي قد حسم الموقف بصورة واضحة وصريحة في آيات العتاب وفي آيات النهي عن أمور كان النبي? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? يرغب الإتيان بها ولنقرأ معاً هذه الآيات? يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس .....? 67 المائدة، ? واذكر ربك إذا نسيت?24 الكهف، ? سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى....?6-7 الأعلى، ? ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر .......?176 آل عمران، ? ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين ....?88 الحجر، ? وما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض .....?67 الأنفال، ? عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين ....?43 التوبة، ? وما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم(41/19)
أنهم أصحاب الجحيم ....?113 التوبة، ? وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه .....?37 الأحزاب? يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم?1 التحريم، ? عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى أما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى كلا إنها تذكرة...... ?1-11 عبس، ? قل غنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ أنما إلهكم إله واحد .....?110 الكهف، ? إنك ميت وإنهم ميتون .....?30 الزمر.(41/20)
إن من يتدبر في هذه الآيات البينات سيعلم علم اليقين أن القرآن الكريم يؤكد تأكيداً قاطعاً على أن رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? لم يكن ملكاً ولا عنصراً سماوياً ولا موجوداً خارج نطاق هذا الكون وطبائعه إنما هم بشر مثل سائر البشر، كان يأكل وينام ويصح ويمرض ويحب ويكره ويتزوج وينجب الأطفال حسب الناموس الطبيعي للكون فيسري عليه من التفاعل الطبيعي كل ما هو يسري على سائر أفراد البشر، ومن الواضح جداً أن التأكيد على هذا الجانب في رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? إنما كان ليثبت للناس أن كل ما يصدر من النبي لا يعني أنه وحي أو كلام إلهي أو أمر سماوي، أما الناحية الإلهية في وجود النبي وهي الاتصال بالمبدأ الأعلى فكان يؤكدها شخص النبي? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? عندما كان ينزل عليه الوحي ويطلب من كتبة الوحي أن يدونوا قول الله تعالى، ويبدوا واضحاً للمتتبع لأخلاق الرسول الكريم? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? كما قلنا قبل قليل إنه كان يسعى جاهداً لتأكيد الفصل بين الجانب السماوي والأرضي في شخصه وهذه كانت من أكبر السمات الدالة على قوة النبي النفسية وصدقه في الرسالة وإخلاصه لربه وعظمة شخصيته وهي خصال لا تضاهيها خصال أي رسول من رسل السماء وأي عظيم من عظماء الأرض، فهذا الدور البارز العظيم الذي كان يؤديه ليظهر بالمظهر الذي خصه به ربه وبالصفات التي وصفه بها إلهه ( فهو بشر يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ) ولكنه بشير ونذير أرسله الله للعالمين، فعندما كانت تنزل عليه آيات الثناء كان يقرؤها من موقع العبد المطيع فلم ير النبي في نفسه انتقاصاً عندما تلا على المسلمين آيات العتاب التي نزلت عليه كما لم يظهر عليه الخيلاء والتكبر عندما تلا آيات الثناء التي أنزلها الله على قلبه، وهكذا كانت آيات العتاب والتحذير تعطي للرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? قوة لا تقل عن قوة آيات المدح(41/21)
والثناء فلا غرو انه? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? تلقى من ربه كلمات لم تنزل قط على من سبقوه من أولي العزم من الرسل? وإنك لعلى خلق عظيم ?4 القلم، ولم يقتصر دور الرسول البارز في فصل موقعه السماوي من البشري إلى هذا الحد فحسب بل تجاوزه إلى أبعد ما يمكن للمرء أن يتصوره فعندما هابه رجل من الأعراب التقى به قال له? هون عليك إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد ? وهذه العظمة الروحية في نكران الذات تتجاوز آفاق الأرض والسماء وتتجلى في أعظم مظاهرها عندما كسفت الشمس في يوم وفاة ابنه " إبراهيم " فقال الناس:( انكسفت الشمس لوفاة ابن رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? وسمع الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? ما قاله القوم فصعد المنبر وخاطب المسلمين بقوله:? إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تنكسفان لموت أحد وإنما ما ت إبراهيم بقضاء وقدر من الله? وهكذا كان النبي? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? يدفع عن نفسه مظاهر القدسية وهالاتها ليثبت عبوديته لله وإنه بشر لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرراً? قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً ....?49 يونس ويزيد النبي في العبودية والعبادة حتى أنزل الله عليه قوله:? طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ....?1-2 طه.
الحرية الفكرية والاجتماعية في عهد الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ?(41/22)
لكن الوجه الآخر المكمل لهذه السيرة النبوية يتجلى في شيء آخر هو الحرية الفكرية والاجتماعية التي منحها الرسول الكريم لأصحابه وللمسلمين، حقاً إن المرء ليطأطئ رأسه خضوعاً وخشوعاً لعظمة رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? عندما يتابع عصر الرسالة وما فيها من الحريات الفكرية والاجتماعية التي منحها الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? لأصحابه وللمسلمين وهذا هو الجانب المكمل للطريقة التي كان يتبعها الرسول الكريم للفصل بين شخصيته " كرسول الله " و " كمحمد بن عبد الله " ولو أن المتتبعين والمحققين للتاريخ درسوا هذه الناحية في عصر الرسالة وهذا الجانب من سياسة النبي الاجتماعية لسهل عليهم فهم كثير من الغوامض التاريخية المتعلقة بعصر الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? وبعد وفاته، وبعد ولحلت كثيراً من الخلافات الفكرية والمذهبية بين المسلمين التي انتهت إلى إراقة الدماء تارة وإلى الشتم والتنابز بالألقاب تارة أخرى.
لقد منح الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? صحابته والمسلمين من الحرية الفكرية والاجتماعية والمساواة منذ إبان دعوته وعند انتشارها وحتى آخر يوم من حياته ما لم نجده في أي عصر آخر ولدى أية أمة أخرى ولم نجده حتى في عصرنا هذا لدى أرقى الأمم ديمقراطية وحرية، ولا اعتقد أنه يوجد في تاريخ الديمقراطية والمساواة قديماً وحديثاً أن سيد قوم ومؤسس أمة وقائد فكر يجلس مع صحابته في صورة دائرية لكي لا يكون لمجلسه الصدر والذيل ويكون كل فرد في ذلك المجلس مساوياً مع رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? في جلسته حتى أن الأعرابي عندما كان يدخل إلى مجلس الرسول فلا يميزه بين الصحابة كان يسأل: من هو محمد؟ فكان الصحابة يشيرون إليه? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ?.(41/23)
ويكفي لذلك العصر فخراً وجلالاً أن بروتوكولات الديمقراطية في عصر الفضاء قلدت فكرة المستديرة لاجتماع الملوك والرؤساء من مجلس الرسول العربي، والنبي إذا صافح رجلاً كان يمسك بيد الرجل حتى يرسلها صاحبها احتراماً منه لذلك الرجل، وكان? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? كما وصفه " علي بن أبي طالب " يأكل على الأرض ويجلس جلسة العبد ويخصف بيده نعله ويرفع بيده ثوبه ويركب الحمار العاري ويردف خلفه، ولعل هذه الديموقراطية والحرية تجلت في أكبر صورها عندما كان الكثير من الناس يستغلونها ويخرجون عن حدود الأدب وطوره بالنسبة للقائد الإلهي، وكان الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? يحتمل ذلك بصبر وأناة وابتسامة حتى أنْ نزل أمر الله على المسلمين معاتباً إياهم في ذلك، ولكن حتى الآيات الإلهية لم تنه نهياً قاطعاً من كيفية نعامل الناس مع الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? بل ألقى الملامة عليهم ووصفهم بالجهل أو وضعت ضريبة غير ملزمة لأولئك الذين يخرجون عن الاحترام اللائق بالنسبة لرسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? ولكن الله لم يحرم شيئاً من ذلك ولنقرأ معاً هذه الآيات البينات? يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون * إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم * عن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون * ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم والله غفور رحيم ?2 – 5 الحجرات، ? يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم ?12 المجادلة، وأعتقد أن من الضرورة بمكان أن أثبت في هذا الفصل حادثة أخرى وقعت في حياة النبي الكريم وكانت لهلا صلة مباشرة بزوجته السيدة " عائشة " أم المؤمنين ألا وهي(41/24)
قصة الإفك.
إن المتتبع لقصة الإفك يتضح أمامه صورة كاملة للحرية التامة التي كان المسلمون يتمتعون بها في الفكر والتعبير والكلام، فكل من يقرأ تاريخ تلك الحقبة يعلم علم اليقين أن إشاعة الإفك عندما انتشرت في المدينة وأصبحت حديث الناس في مجالسهم ونواديهم وكانت تلك الأخبار المحزنة تصل إلى سمع رسول الله لم يصدر منه? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? ما يوحي بالغضب على صحابته أو أهل المدينة ولا شك أن الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? كان يعلم زيف التهمة الموجهة إلى أم المؤمنين وهي أعز أزواجه بعد السيدة " خديجة الكبرى " وابنة صاحبه في الغار ومن أقرب الصحابة إليه ولكنه أراد أن لا يستعمل صلاحية القائد أ ويحد من صلاحية الأمة في التعبير عن الكلام، فالتاريخ لا يشير قط إلى أن الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? طلب من أصحابه أن يكفوا عن حديث الإفك أو أنه اعترض عليهم في القول أ وصدر منه ما يشعر المسلمين بأنه غاضب عليهم لما يقال في همس أو علن في أم المؤمنين أو أنه أجرى تحقيقاً مع المشتبه بأمرهم في إشاعة الإفك وكان للنبي في المدينة أعداء ألدّاء تتجسد في الجالية اليهودية ومن المنافقين والمتربصين به وبكل ما يحيط به فلم يتخذ النبي وجود الأعداء بين ظهور المسلمين ذريعة ليطلب من أهل المدينة الكف عن حديث الإفك حتى يهونوا عليه ولا يثخنوا في الجراح بل بالعكس من كل هذا عالج الإفك بالصبر حتى أنه? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? شاور " علي بن أبي طالب " و " زيد بن حارثة " وبعض الصحابة في الطريقة التي ينبغي عليه أن يعالج ذلك الأمر ولكن ليس مع الأفاكين بل مع أم المؤمنين.(41/25)
ومع أن الوطأة كانت شديدة على السيدة " عائشة " وعلى أبيها وأسرتها فهزلت ومرضت ولزمت الفراش، ولكن هذا اللغط الاجتماعي الغريب يعصر قلبها كلما تصورت ما يقول عنها الآفكون إلا كل ذلك لم يغير من سياسة النبي العظيم في الحد من إطلاق الحريات الاجتماعية أو حمل الناس على السكوت وعدم الخوض في ما يدور في مجالس المدينة ونواديها، وهنا ظهرت المشيئة الإلهية وإرادته البالغة فوضعت حداً سماوياً للأحاديث الجارحة والاتهامات الباطلة التي ينسبها البعض إلى البعض بلا دليل أو شاهد أو بينة فأنزل الله على قلب رسوله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ?:? إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ?10 النور، وهكذا بَرَّأَ الرحمن ساحة السيدة " عائشة " ووضع سبحانه وتعالى حداً للحريات الكلامية الجارحة التي فيها إساءة للناس وحط من كرامتهم.
وهنا نريد أن نستنتج شيئاً أهم من هذه الحادثة وهو أن المجتمع الذي يصل فيه التعبير عن الرأي وحرية الكلام سواء أكان ذلك صحيحاً أو سقيماً إلى هذه المرحلة بحيث لا يرعى في حرمة رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? الذي أنقذهم من الضلال والهلاك وهداهم إلى خير الدنيا والآخرة وخير البركات حتى أن نزلت آيات التأديب بحق الناس في ذلك المجتمع، هل يمكن للنبي? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? أن يحمل مجتمعاً مثل هذا على أمر وهو مكره عليه إلا إذا كان ذلك الأمر من الله وبنص من كتابه فحينئذ كانت الحريات الفكرية والاجتماعية كلها تتبخر أمام الأوامر الإلهية ويصبح الفرد والمجتمع أمام أوامر الله ونواهيه عباداً مطيعين منقادين لا يسعهم إلا الامتثال لأمره والعزوف عن نواهيه.(41/26)
لقد كان باستطاعة الرسول الكريم أن يخلق مجتمعاً من المسلمين يطيع إرادته الشخصية لا يحيد عنها إذا أمرهم بها، ولكن مثل هذا الأمر كان مناقضاً للرسالة التي جاء لأجلها ألا وهي إلغاء كل العبوديات والتقاليد المتعلقة بها ما عدا عبادة الله الواحد الأحد، وكما نعلم فإن الإسلام قد جاء ومحمداً قد بعث للقضاء على كل الرواسب والأفكار الجاهلية التي كانت أهم مظاهرها عبادة الفرد للفرد وإطاعة الفرد للفرد، وهكذا أخرج الإسلام الناس من ظلمات العبودية الفكرية والجسدية إلى حيث النور والحرية، ولذلك كان المجتمع الإسلامي الفتيّ يرى في الدين الجديد كل مقومات الحياة وكرامة الفرد والإنسان، إنها الرسالة السماوية التي جعلت من ذلك المجتمع الطبقي المؤلف من السادة والعبيد مجتمعاً موحداً يتألف من أناس كلهم سواسية أمام الله ( لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ) ? إن أكرمكم عند الله أتقاكم ? 13 الحجرات، وكان من نتائج الخروج من عبودية الأصنام والآلهة المتفرقة والتخلص من سادة قريش والدخول في عبادة الله الواحد الأحد تلك الحرية التي أنعمها الله على المسلمين والتي بفضلها بدأ المجتمع الإسلامي الجديد ينعم بحرية الرأي والتعبير والفكر ما دام لم يكن في تلك الحرية غضب الله وسخطه، وعندما أراد المجتمع الإسلامي ذلك أن يتجاوز القيود المفروضة عليه في التعبير عن الرأي لم يمنعهم الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? من ذلك حتى لا يعيد إلى أذهانهم دور الإطاعة لسادة القوم وكبرائه بل انتظر في ذلك أمر السماء ونزول الوحي وجاء الأمر الإلهي يقيد المسلمين بالالتزام بالأخلاق الفاضلة وبعدم إشاعة الفحشاء في الذين آمنوا? إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ?18 النور،كما أمرهم بالالتزام بحرمة المسلمين وعدم الإساءة إليهم بالكلام الجارح والسب المقذع:? يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن(41/27)
يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراًَ منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون* يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم ?11-12 الحجرات، وهكذا تظهر عظمة الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? بكل قداستها وجلالها حيث لا يريد لأمته ومجتمعه إلا ما يريده الله لهم.
وهنا أعود لموضوع الخلافة وأقول: إذا كان النبي? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? لم يدافع عن زوجته في أخطر اتهام وجهته إليها عصبة جاءت بالإفك وهو يعلم أنها بريئة منه كل البراءة حتى لا يعيد الناس إلى دور الجاهلية وإطاعة السادة والكبراء بدون ضابط ومبرر فلم يكن في ذلك أمر إلهي، وإذا كان الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? يرغب رغبة شخصية أن يكون " عليّ " خليفة من بعده كما تدل على ذلك الأحاديث التي رواها الفريقان بأسانيدهما الصحيحة لكنه لم يرغم أمته على قبول ذلك الخليفة بنفس الطريقة التي لم يرغم الناس فيها على أن يكفوا عن حديث الإفك في أعز أزواجه ولم يرغمهم في الكف عن معاملته بصورة لا تليق برسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? عندما كانوا يرفعون أصواتهم فوق صوته أو يتناجون بين يديه حتى عن نزلت الآيات الكريمات التي أمرت الناس بالتأدب والاحترام للنبي الذي أطلق للناس حرية استغلها البعض استغلالاً غير حسن وكريم.(41/28)
ومرة أخرى نلقي نظرة فاحصة على عهد الرسول الكريم والحرية التي كان المجتمع الإسلامي الفتي ينعم بها إلى درجة تجاوزت الحدود ووصلت إلى مرحلة خطيرة أغضبت رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? لأنها كانت خروجاً على التقاليد المرعية والمتبعة في إطاعة القائد الأعلى أثناء القتال فقد أجمع أرباب السِّيَر أن رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? لما مَرِضَ مَرَضَ الموت دعا " أسامة بن زيد بن حارثة " فقال له: ? سر إلى مقتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك عل ى هذا الجيش وإن أظفرك الله بالعدو فأقلل اللبث وبث العيون وقدم الطلائع ......? فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين والأنصار إلا كان في ذلك الجيش منهم " أبو بكر " و " عمر " فتكلم قوم وقالوا:( يستعمل هذا الغلام على جلة من المهاجرين والأنصار ) فغضب رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? لما سمع ذلك وخرج عاصباً رأسه فصعد المنبر وعليه قطيفة فقال:? يا أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأمير أسامة لئن طعنتم في تأمير أسامة فقد طعنتم في تأميري أباه من قبل وايم الله إنه كان خليقاً بالإمارة وابنه من بعده لخليق بها وإنهما لمن أحب الناس إليَّ فاستوصوا به خيراً فإنه من خياركم ?.(41/29)
وهكذا نرى بوضوح أن قلب رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? كان أكبر من أن يأمر بمعاقبة قوم طعنوا في القيادة التي اختارها لجيشه وتجاوزوا على صلاحيات القائد الأعلى الذي هو في الوقت نفسه رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? ومؤسس أمة وباني مجد وقائد عسكري عظيم حيث يصفه الإمام " علي " بقوله:? كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله فلم يكن منا أقرب للعدو منه ? مثل هذا الرسول العظيم وأمام هذه البادرة الخطيرة لم يزجر ولم يهدد ولم يتهم بالفسق والخروج عن الإسلام أحداً من الذين طعنوا في إمارة " أسامة " وكل ما قاله في آخر عتابه:? واستوصوا به خيراً فإنه من خياركم ? كل هذا يثبت للمسلمين أن اختياره " لأسامة " لم يكن بأمر من الله ولا علاقة لهذا الاختيار بالسماء والوحي بل إنه اختيار شخصي ينبع من كفاءة " أسامة " وحبه لقيادة جيش المسلمين، وإن غضبه?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? للمقالة التي قالوها لا يحملهم مسؤولية أخروية أو عذاباً إلهياً، ولذلك ختم كلامه ?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? معدداً الأسباب التي كانت وراء اختياره للقائد الشاب وطلب من المسلمين أن يسيروا وراءه.(41/30)
ونذكر هنا رواية رواها " ابن عباس " عن الخليفة " عمر " صريحة كل الصراحة في موقف الصحابة نحو الرغبات الشخصية لرسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? والأوامر الإلهية التي كان يصدع بها فقد روى " ابن عباس " قال:? خرجت مع " عمر " إلى الشام في إحدى خرجاته فانفرد يوماً يسير على بعير فاتبعته فقال: يا " ابن عباس " أشكو إليك ابن عمك سألته أن يخرج معي فلم يقبل ولم أزل أراه واجداً، فيم تظن موجدته؟ فقلت: يا أمير المؤمنين إنك لتعلم، قال: أظنه لا يزال كئيباً لفوت الخلافة، قلت: هو ذاك إنه يزعم أن رسول الله أراد الأمر له، فقال: يا " ابن عباس " وأراد رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الأمر له فكان ماذا إذا لم يرد الله تعالى ذلك، إن رسول الله أراد ذلك وأراد الله غيره فنفذ مراد الله تعالى ولم ينفذ مراد رسول الله أَوَكلُّ ما أراد رسول الله كان؟ إنه أراد إسلام عمّه ولم يرده الله فلم يسلم(1)? وبعد كل ما أثبتناه فإن وجود نص إلهي في موضوع الخلافة يصطدم بخمس عقبات رئيسية كل واحدة منها تكفي لهد\م الفكرة من أساسها وهذه العقبات الخمسة:
صحابة الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وموقفهم من الخلافة.
أقوال الإمام في الخلافة.
بيعة الإمام مع الخلفاء وإعطاء الشرعية لخلافة الخلفاء الراشدين.
أقوال الإمام في الخلفاء الراشدين.
أقوال أئمة الشيعة في الخلفاء الراشدين.
أولاً – صحابة الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وموقفهم من الخلافة:
__________
(1) - شرح نهج البلاغة " ابن أبي الحديد ج3 ص114(41/31)
لقد أعطينا صورةً واضحة المعالم عن عصر الرسالة في الصفحات السابقة وبَيَّنّا مدى الحرية الفكرية والاجتماعية التي كانت تحكم آنذاك المجتمع الإسلامي الفتيّ واستشهدنا بالآيات الكريمات التي وردت في تقييد تلك الحريات الكلامية والاجتماعية التي كانت فيها إيذاءً للنبي وتجريح للمسلمين، ويجب علينا أيضاً أن نذكر بوضوح وصراحة أن الصورة التي رسمناها لذلك المجتمع الإسلامي الفتي إنما كانت صورةً عامّةً لكل الطبقات التي اجتمعت في المدينة وحواليها وحول الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? بما فيهم المنافقين والمؤلفة قلوبهم وغيرهم من ضعفاء الإيمان الذين يخاطبهم الله بقوله:? قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئاً إن الله غفور رحيم * إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون * قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السموات والأرض والله بكل شيء عليم * يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا عليّ إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين ...... ..? 14 – 17 الحجرات.(41/32)
إن من يتدبر في هذه الآيات الكريمات يعلم علم اليقين أنه في ضمن الأكثرية التي أشرنا إليها كانت توجد تلك الصفوة المختارة من صحابة رسول الله التي مشت تحت راية الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? ودافعت عن الإسلام بدمها ومالها واشتركت معه?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? في بناء مجد الإسلام والدفاع عن الأخطار التي أحدقت به،(1) إنهم كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار الذي كانوا مع النبي في السراء والضراء يلازمونه ملازمة الظل لصاحبه حتى يكون لهم أسوة في حياتهم ويحمونه من الأعداء والمتربصين بالإسلام، وهناك صورة مشرقة نيّرة لهذه الصفوة المختارة من أمة محمد?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? في القرآن الكريم تعني كل كلمة منها صفاء ذلك العصر وعظمته وجلالته وروعته وإخلاص الصحابة وتفانيهم في الإسلام وفي الدفاع عن الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? ولنقرأ معاً هذه الآية الكريمة:? محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرةً وأجراً عظيماً? الآية 29 سورة الفتح.
__________
(1) - هنا المؤلف قال: والدفاع عن الأخطار التي أحدقت به: وهذا أعتقد أن فيه ركاكة ومعنى قبيح وأرى أن المؤلف يقصد : والوقوف في وجه الأخطار التي أحدقت به أو دفع الأخطار التي أحدقت به. والله أعلم. ( الناقل).(41/33)
وهناك وصف آخر لهذا العصر المشرق ولصحابة رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? يذكرها الإمام " علي " ونثبته هنا:? لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وآله فما أرى أحداً يشبههم لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً وقد باتوا سجداً وقياماً يراوحون بين جباههم وخدودهم ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم كأن بين أعينهم ركب المعزي من طول سجودهم إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفاً من العقاب(1) ورجاء العقاب(2) ?.
ولنستمع إلى الإمام وهو يصف مرةً أخرى صحابة رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? ومدى إيمانهم المطلق واللامحدود بنبيهم وبرسالته:? ولقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا وما يزيدنا ذلك إلا إيماناً وتسليما ومضياً على اللقم وصبرا على مضض الألم وجداً في جهاد العدو ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس المنون فمرة لنا من عدونا ومرة لعدونا منا فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت وأنزل علينا النصر حتى استقر الإسلام ملقياً جرانه ومتبوئاً أوطانه ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم ما قام للدين عمود ولا اخضرَّ للإيمان عود وايم الله لتحتلبنها دماً ولتتبعنها ندماً(3)?.
__________
(1) - نهج البلاغة ج1 ص19
(2) - وردت هنا كلمة العقاب ولعله يقصد ( الثواب ) فتصبح العبارة: خوفاً من العقاب ورجاء الثواب ) والله أعلم. ( الناقل ).
(3) - نهج البلاغة ج1 ص104(41/34)
وهنا لا بد من هذا السؤال: هل أن ( مثل هذه الصحابة التي أثنى عليهم الله هذا الثناء(1) ) العظيم ومدحهم الإمام " عليّاً " بهذا الوصف الكبير خالفوا النص الإلهي في أمر ورد فيه تشريع من الله وهم حماة التشريعات الإلهية ومنفذيها وقد ضحوا بالغالي والرخيص لأجلها ولا سيما لو كان لذلك التشريع صلة مباشرة بمصالح المسلمين ومستقبل أمرهم وإرساء القواعد التي بعث رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? لإرسائها؟
وبعد كل هذا ونحن نؤدي رسالة التصحيح في هذا الكتاب بعيدة عن الأهواء والعصبيات وتقاليد الآباء والأمهات، إنها رسالة موجهة إلى الطبقة المثقفة وأصحاب الأفكار الحرة من أبناء الشيعة الذين عليهم عقدت الآمال في السير وراء التصحيح ولذلك أرى أن أُعَرِّجَ على البند الثاني وهو قول الإمام " علي " في الخلافة لنرى بوضوح كيف أن الإمام كان يقول بصراحة: أن لا نص هناك من الله في الخلافة.
ثانياً – أقوال الإمام " علي " في الخلافة:
يقول الإمام " علياً "? دعوني والتمسوا غيري فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلِّي أَسْمَعَكم وأَطْيَعَكم لمن وليتموه أمركم وأنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا...(2) ?
ولنستمع إلى الإمام مرة أخرى وهو يخاطب أهل الشورى قبل بيعة عثمان:? ولقد علمتم أني أحق الناس بها من غيري والله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا عَلَيَّ خاصّة التماساً لأجر ذلك وفضله(3) .....?.
__________
(1) - هذه العبارة فيه غلط برأيي والصحيح: هل أن مثل هؤلاء الصحابة الذين أثنى الله عليهم هذا الثناء .... ( الناقل ).
(2) - نهج البلاغة ج1 ص182
(3) - نهج البلاغة ج1 ص126(41/35)
وهذا هو الإمام يجيب بعض أصحابه وقد سأله: كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به؟:? وقد استعملت فاعلم أما الاستبداد علينا بهذا المقام ونحن الأعلون نسباً والأشدون برسول الله صلى الله عليه وآله نوطا فإنها كانت أثرة شحت عليها نفوس وسخت عنها نفوس قوم آخرين والحكم لله والمعود إليه القيامة(1) ....?
ولنقرأ معاً نصوصاً أخرى للإمام فيها وضوح وصراحة في رغبته عن الخلافة وأنه كان يدفعها عن نفسه دفعاً ولكنه كان يعتقد بأنه أحق من غيره بها، ولم يذكر الإمام أن هناك نصاً من الله وتشريعاً إلهياً ورد في الخلافة، يقول الإمام:? والله ما كانت لي في الخلافة رغبة ولا في الولاية إربة ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها فلما أفضت إليَّ نظرت في كتاب الله وما وضع لنا وأمرنا بالحكم به فاتبعته وما استسن النبي صلى الله عليه وآله فاقتديته (2) ?
ويقول في مكان آخر:? فأقبلتم إلي إقبال العود المطافيل على أولادها تقولون البيعة البيعة قبضت يدي فبسطتموها ونازعتكم يدي فحاذيتموها(3) ....? ويتحدث الإمام مرةً أخرى في كتاب بعثه إلى " مالك الأشتر " جاء فيه:? فوالله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده صلى الله عليه وآله عن أهل بيته ولا أنهم منحوه عني من بعده فما راعني إلا انثيال الناس على " ابن أبي قحافة " يبايعونه فأمسكت يدي(4) ........?
__________
(1) - نهج البلاغة ج2 ص64
(2) - نهج البلاغة ج2 ص184
(3) - نهج البلاغة ج2 ص20
(4) - نهج البلاغة ج3 ص119(41/36)
وبعد أن قرأنا هذه العبارات الواضحات في اعتقاد الإمام بأولويته في الخلافة بعد رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? لا بد وأن نقرأ أيضاً ما قاله في شرعية الخلفاء الذين سبقوه حتى نعلم مدى إيمان الإمام واعتقاده بصحة وشرعية بيعتهم، يقول الإمام:? إناه بيعة واحدة لا يثني فيها النظر ولا يستأذن فيها الخيار الخارج منها طاعن والمروي فيها مداهن(1) ?
ويقول في مكان آخر:? ألا وإنكم قد نفضتم من حبل الطاعة وثلمتم حصن الله المضروب عليكم بأضراب الجاهلية فإن الله سبحانه وتعالى قد امتن على جماعة هذه الأمة فيما عقد بينهم من حبل الألفة التي ينتقلون في ظلها ويأوون إلى كنفها بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة لأنها أرجح من كل ثمن وأجَلُّ من كل خطر واعلموا بأنكم صرتم بعد الهجرة أعراباً وبعد الموالاة أحزاباً ما تتعلقون من الإسلام إلا باسمه ولا تعرفون من الإيمان إلا رسمه(2)..?
ولنستمع إلى الإمام مرةً أخرى وهو يؤكد شرعية الخلافة والإمامة بعد أن اجتمعت الأمة عليها إجماعاً مصغراً حيث يجب على عامة المسلمين والأكثرية الغائبة إطاعة الخليفة المنتخب:? ولعمري لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتى يحضرها عامة الناس فما إلى ذلك سبيل ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها ثم ليس للشاهد أن يرجع ولا للغائب أن يختار(3).....?
ثالثاً – بيعة الإمام مع الخلفاء والتأكيد على شرعية الخلفاء الراشدين:
لقد أسهبنا في ذكر النصوص الواردة من الإمام " علي " حول الخلافة وعدم ذكر كلمة واحدة بوجود نص إلهي فيها، والآن لا بد أن نعرج على موضوع آخر وهو إذا كانت الخلافة بنص سماوي وكان هذا النص في " علي " هل كان بإمكان الإمام أن يغض النظر عن هذا النص ويبايع الخلفاء ويرضخ لأمر لم يكن من حقهم؟
__________
(1) - نهج البلاغة ج3 ص8
(2) - نهج البلاغة ج2 ص86
(3) - نهج البلاغة ج2 ص86(41/37)
لقد علل علماء الشيعة في الكتب العديدة التي ألفوها بيعة الإمام " علي " مع الخلفاء بأمرين: فهناك من ذهب إلى أن الإمام " علياً " بايع الخلفاء خشية منه على ضياع الإسلام وإيجاد الفرقة التي كانت تؤدي إلى هدم الإسلام فلذلك ترك حقه ورضخ لخلافة خلفاء غصبوا حقه، والتعليل الثاني إنه إن بايع الإمام الخلفاء خشية منه على نفسه وعمل بالتقية التي سنتطرق إلى ذكرها في مواطن عديدة.
أما الذين عللوا بيعة الإمام بالخوف على الإسلام من الضياع لأن الناس كانوا على حديث عهد بالإسلام ولم يكن الإسلام بَعْدُ صَلْبَ العود : فيدحضه بيعة " علي " مع " عثمان " التي كانت في عصر امتدت فيه الخلافة الإسلامية من الشرق حتى " بخارى " ومن الغرب حتى شمال أفريقية وكانت الخلافة الإسلامية تحكم اكبر رقعة من الأرض المسكونة في ذلك العصر.(41/38)
وبعد فإن أغرب الأمور وأعظمها خطراً في مبحث الخلافة والتي لم يتحدث عنها كل من أسهب فيها من رواة الشيعة وعلمائها ومن الفرق الإسلامية الأخرى هي: لم يبحثوا الخلافة الإلهية بصورة مستقلة عن الإمام " علي " ولا عن الخلفاء الذين سبقوه بل ربطوها ربطاً وثيقاً بالأشخاص والأسماء، ويدهشني ويحيرني حقاً هذا التحوير في الخلافة لأنها إذا كانت تبحث بصورة مستقلة عن شخص " علي " لكانت تصطدم بعقبة كبيرة تنسف كل القواعد التي بنيت في عصر الصراع بين الشيعة والتشيع، وإذا كانت الخلافة تبحث حقاً في العقيدة الإسلامية بغض النظر عمن هو المراد بأن يتولاها لما واجه المسلمون ما واجهوه من الحيرة والضياع في شؤون الخلافة وما ترتب عليها وهذا هو بيت القصيد لما أريد أن أذهب إليه وهو أن الخلافة بعد الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وإن شئت فقل الإمامة إذا كانت بنص إلهي وفيها أمر من السماء سواء أكان " علي " هو المراد بتوليها أو غير " علي " لكانت كل المبررات والأقاويل التي ذكرتها رواة الشيعة وعلماء المذهب " الإمامي " – والتي تنصب كلها على أن الإمام " علي " بايع الخلفاء الذين سبقوه للحفاظ على الإسلام من الضياع وخوفاً من ارتداد الناس بعد الرسول أو للتقية – تذهب أدراج الرياح وتصبح هباءً منبثاً، لأن الخلافة عندما تكون بنصٍّ إلهي وبأمر من الله لا يستطيع أحدٌ مهما كان مقامه أو منزلته في الإسلام أن يقف ضدها أو يخالفها للمبررات التي يتصورها أو يعتقد بها فلم يكن باستطاعة " علي " أو غير " علي " من الصحابة أن يوقف نصاً إلهياً صدر بالوحي.(41/39)
فإذا كان " محمد " وهو رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? لا يستطيع ولا يحق له أن يتلكأ في أداء الرسالة الإلهية أو يخفيها كما صرحت بذلك الآية الكريمة:? يا أيها النبي بلغ ما انزل من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس(1) ......? فكيف يستطيع من هو دون مرتبة الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? أن يغض النظر عن النص الإلهي أو يخفيه، وهل هناك أمر إلهي أكثر صراحة ووضوحاً لإبلاغ الرسالة والوحي من الآيات الكريمات التاليات:? وإن تكذبوا فقد كذبت أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين(2) ..... ?? فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً إن عليك إلا البلاغ(3) ....? ? فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل(4) ....?
إن ربط الخلافة بالخليفة وعدم التفريق بينهما هو الذي مهد الطريق للرواة من الشيعة كما قلنا أن يدونوا ما شاؤوا في إبان عصر الصراع بين الشيعة والتشيع، فالإمام لم يكن مشرعاً ولم يكن يدعي ذلك، ولا اجتهاد أمام النص حتى أن يجتهد أمام نص الخلافة ويسكت عنها كما انه لا يستطيع أن ينقضه لأنه هو موضوع ذلك النص، فالخلافة إذا كانت إلهية وسماوية كانت حقاً عاماً للمسلمين ودستوراً سماوياً لهم بغض النظر عن الشخص الذي يتولاها، ومع كل ما فصلناه في الخلافة وأنها لو كانت بالنص الإلهي لم يستطع أحد مهما كان شأنه أن يعمل خلافها أو يتجاهلها أو ينكرها إلا أننا أمام فئة كبيرة من علماء المذهب الشيعي وقد أغفلوا هذا الأمر إغفالاً، ولذلك ذهبوا إلى تأويل بيعة الأمام بالتقية أو الخوف أو أنه أرغم على أمر لا يعتقد به وخلاف إرادته.
__________
(1) - المائدة الآية 67
(2) - العنكبوت 18
(3) - الشورى 48
(4) - هود 18(41/40)
وهنا يأتي دور أولئك الذين أرادوا تحطيم الإمام " علياً " وشخصيته والطعن فيه بصورة غير مباشرة وهكذا تحطيم كل ما يتعلق بعصر الرسالة وصحابة الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? لأن الطريق الوحيد في إظهار عصر الرسالة بما فيه كبار صحابة رسول الله بالمظهر القاتم هو إعطاء صورة عن خروج ذلك المجتمع الإسلامي عن أوامر الله الصريحة، وهذا الأمر يتوقف على تصوير الخلافة في " علي " بنص إلهي ومخالفة الصحابة كلهم لهذا النص مع علمهم بذلك وإبلاغ الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? إياهم ثم إعطاء صورة عن الإمام " علي " وهو صاحب الحق في صورة رجل مخادع مداهن مجامل كان مع الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه طيلة خمسة وعشرين عاماً في ظاهر الأمر كمستشار أمين وكصديق حميم مطنباً في مدحهم وقائلاً خير الكلام بحقهم ولكنه في واقع الأمر غير معتقد بما يقول وغير مؤمن بما يفعل حتى إنه زَوَّجَ ابنته " أم كلثوم " لِ " عمر بن الخطاب " وهو مرغم عليه وسمى أولاده: " أبا بكر " و " عمر " و " عثمان " وهو غير راضٍ عن تسميتهم وهكذا دواليك.(41/41)
هذه خلاصة ما كتبه بعض علماء الشيعة ورواه بعض رواة أحاديث الشيعة – سامحهم الله – عن الإمام " علي " نصّاً وتلويحاً، ولست أدري ماذا يكون موقف هؤلاء يوم القيامة إذا احتكم الإمام ربه فيهم، كما أني أعتقد جازماً أن بين هؤلاء الأكثرية توجد فئة غير قليلة ساهمت في تغيير مسار الفكر الإسلامي الموحد إلى طريق الشقاق والنفاق ولضرب الإسلام والمسلمين بما فيهم " علي " و " عمر " مع أنهم في ظاهر الأمر كانوا يظهرون بمظهر حماة المذهب الشيعي، غلا أن الغرض كان هدم المذاهب كلها وإن شئت فقل الطعن في الإسلام، فحتى في أوائل القرن الرابع الهجري وهو عصر الغيبة الكبرى لا نجد أي أثر لفكرة اغتصاب الخلافة من الإمام " علي " أو أنها حق إلهي اغتصب منه أو أن صحابة رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? اشتركوا وساهموا في ذلك الأمر وهكذا وكما قلنا تغيرت فكرة الأولوية بخلافة " علي " إلى فكرة الخلافة الإلهية ومخالفة النص الإلهي، ولا شك أن دخول الفلسفات اليونانية إلى الفكر العربي والأفكار الفلسفية الأخرى التي لعبت دوراً كبيراً في تأسيس المدرستين الاعتزالية والأشعرية كانت وراء الصراع بين الشيعة والتشيع وإظهار الشيعة بالمظهر الذي نحن عليه الآن، ولا شك أيضاً أن عرض الخلافة بالصورة التي عرضها علماء المذهب مستندين على روايات رواة الشيعة كان سبباً لانعزال المذهب الشيعي عن سواه وابتعاده عن المذاهب الأخرى محتفظاً بحالة انعزالية وهجومية بعيدة عن كل ألفةٍ وانسجام مع الفرق الإسلامية الأخرى وكان لا بد لإبقاء المذهب محصوراً على الطائفة وعدم الانسجام بينها وبين الفرق الأخرى هو إيجاد حالة من التنافر تمنع كل تقارب وتقريب مع الآخرين ولذلك أخذت الشيعة تسلك طريق تجريح الخلفاء الراشدين وذمِّهم مستندة على الروايات التي وضعها الرواة على لسان أئمة الشيعة مخلفة وراءها من الخراب والدمار ما لا يحصيه إلا الله.(41/42)
ونحن هنا نتحدث مع الشيعة بالمنطق الشيعي البحت ولذلك نثبت أقوالاً للإمام " علي " في حق الخلفاء الراشدين ثم نستشهد بما يقول الإمام عن نفسه ثم نسال أنفسنا: هل أن مثل هذا الإمام بايع الخلفاء وهو مرغم عليه وغير راض عنه؟ أو أنه خادع المسلمين فيعمله والخلفاء في بيعته؟ وهل أنه قال كلاماً لا يعتقد فيه وعمل عملاً لا يؤمن به؟ أحقاً أن الشيعة تحب " علياً " وهي التي نسبت إليه مثل هذه الأمور؟ أو أنها سلكت هذا الطريق الشائك حتى تثبت حقها في استلام السلطة وتأسيس الدولة ولو أدى ذلك إلى التضحية بسمعة " علي " وجلالة قدره وعظمة نفسه وعلو مقامه؟
رابعاً – أقوال الإمام " علي " في الخلفاء الراشدين:(41/43)
ولنستمع إلى الإمام " علي " وهو يتحدث عن الخليفة " عمر بن الخطاب "? لله بلاء عمر فقد قوَّم الأمد وداوى العمد خلف الفتنة وأقام السنة، ذهب نقي الثوب قليل العيب، أصاب خيرها وسبق شرها، أدى إلى الله طاعته واتقاها بحقه، رحل وتركهم في طريق متشعبة لا يهتدي فيها الضالّ ولا يستيقن المهتدي(1)... ? ومرة أخرى يخاطب الخليفة عندما استشاره في الخروج إلى غزو الروم بنفسه:? إنك إن تسر إلى هذا العدو بنفسك فتلقهم بشخصك فتنكب، لا تكن للمسلمين كانفة دون أقصى بلادهم وليس بعدك مرجع يرجعون إليه فابعث إليهم رجلاً مجرباً واحفز معه أهل البلاء والنصيحة فإن أظهر الله فذاك ما تحب وإن تكن الأخرى كنت رداءً للناس ومثابة للمسلمين(2) ...... ? ويستشير الخليفة " عمر بن الخطاب " علياً بن أبي طالب " مرةً أخرى لقتال الفرس بنفسه فينصح الإمام الخليفة بعدم الخروج ويقول له:? والعرب اليوم وإن كانوا قليلاً فهم كثيرون بالإسلام وعزيزون بالاجتماع، فكن قطباً واستدر الرحى بالعرب وأصلهم دونك نار الحرب ....... إن الأعاجم إن ينظروا غداً يقولوا: هذا أصل العرب فإذا قطعتموه استرحتم فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك وطمعهم فيك ..... وأما ما ذكرت من عددهم فإنّا لم نقاتل فيما مضى بالكثرة وإنما كنا نقاتل بالنصر والمعونة(3) ..? وهذا هو الإمام " علي " يتحدث مع الخليفة " عثمان بن عفان " ويصفه بصفات الصحابي المقرب إلى رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم?:? إن الناس ورائي وقد استنفروني بينك وبينهم والله ما ادري ما أقول لك، ما أعرف شيئاً تجهله، ولا أدلك على أمر لا تعرفه، إنك لتعلم ما نعمل وما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه ولا خلونا بشيءٍ فنبلغكه، وقد رأيت كما رأينا وسمعت كما سمعنا وصحبت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كما صحبنا، وما ابن أبي قحافة ولا ابن الخطاب أولى
__________
(1) - نهج البلاغة ج2 ص222
(2) - نهج البلاغة ج2 ص28
(3) - نهج البلاغة ج2 ص 30(41/44)
بعمل الحق منك، وأنت أقرب
إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وشيجة رحم منهما، وقد نلت من صهره ما لم ينالا فالله الله في نفسك فإنك والله ما تبصر من عمى ولا تعمل من جهل(1) ....?.
ومرةً أخرى يتحدث الإمام حول الخليفة " عثمان " مع " ابن عباس " فيقول:? يا ابن عباس ما يريد عثمان إلا أن يجعلني جملاً ناضحاً بالعرب أُقبِل وأُدْبِر، بعث إليَّ أن أخرج ثم بعث إليَّ أنْ أقدِم، ثم هو الآن يبعث إليَّ أنْ أخرج والله لقد دفعن عنه حتى خشيت أن أكون آثماً(2).....?
ويذكر الإمام " علي " موقفه من الخليفة " عثمان بن عفان " في كتاب بعثه إلى " معاوية بن أبي سفيان " يقول فيه:? ثم ذكرت ما كان من أمري وأمر " عثمان " فلك أن تجاب عن هذا لرحمك منه فأينا كان أعدى له وأهدى إلى مقاتله أمَّن بذل له نصرته فاستقعده واستكفه أمّن استنصره فتراخى عنه وبث المنون إليه ..... وما كنت لأعتذر من أني كنت أنقم عليه أحداثاً فإن كان الذنب إرشادي وهدايتي له فرب ملوم لا ذنب له(3) ....? وهذا هو " أبو سفيان " شيخ الأمويين يزور الإمام " علياً " في داره ويقول له:? غلبكم على هذا الأمر أرذل بيت في قريش أما والله لأملأنها خيلاً ورجلاً أعطني يدك لأبايعكن فيقول الإمام: ما زلت عدو الإسلام وأهله فما ضر ذلك الإسلام وأهله شيئاً إنا رأينا " أبا بكر " أهلاً لها إنما تريد الفتنة(4) .....?
__________
(1) - نهج البلاغة ج2 ص48
(2) - نهج البلاغة ج2 ص233
(3) - نهج البلاغة ج3 ص30
(4) - علي إمام المتقين – عبد الرحمن الشرقاوي ج1ص66(41/45)
فإن كان هذا هو موقف الإمام من الخلفاء الراشدين وهو يصرح بذلك فهل نستطيع أن نقول: إن الإمام كان يظهر شيئاً ويضمر شيئاً آخر؟ معاذ الله من ذلك فإن كان الإمام يريد أن يظهر شيئاً ويضمر شيئاً آخر لما كان له ذلك الموقف الذي لا ينساه تاريخ الإنسان إلى الأبد، إنه موقف صدق وإخلاص وإيمان من رجل هو مع الحق والصدق قبل كل الاعتبارات وبعدها ويضحي في سبيلهما مهما كانت التضحيات غاليات، ففي يوم الشورى عرض " عبد الرحمن بن عوف " على الإمام " علي " الخلافة بقوله:? أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين ، فقال الإمام: كتاب الله وسنة رسوله واجتهاد رأيي? فكرر "عبد الرحمن بن عوف " المقالة نفسها وكرر الإمام الإجابة نفسها إلى ثلاث مرات ثم انحاز " عبد الرحمن " إلى " عثمان " وعرض عليه الخلافة بالصورة التي عرضها على الإمام فقبلها " عثمان " وتمت البيعة له.
فهل " علي " الذي يغض النظر عن خلافة إسلامية كان لواؤها يرفرف على أكبر رقعة من الأرض المسكونة في ذلك التاريخ لأجل كلمة واحدة هي " نعم " وهو لا يريد الإيفاء بها يجامل أو يخادع أو يقول شيئاً ويضمر غيره أو يبايع الخلفاء ويقول في مدحهم الكلام الكثير ويقف معهم موقف الناصح الأمين وهو لا يعني كل هذا؟(41/46)
ومع أن هذه الصورة الرائعة المشرقة لموقف الإمام " علي " في تلك اللحظة الخالدة في تاريخ الإسلام تكفي عن الإسهاب في فضائل " علي " وصدقه وإخلاصه وعزوفه عن الدنيا، ولكننا نسجل هنا بعض الأقوال الصادرة عن الإمام حول نفسه وإخلاصه وتفانيه في الله يقول الإمام: ? فوالله لو أعطيت الأقاليم السبعة وما تحت أفلاكها على أن اعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت وإن دنياكم عندي لهون من ورقة في فم جرادة تقضمها(1) ....? ويقول الإمام في مكان آخر:? هذا ماء آجن ولقمة يغص بها آكلها ومُجْتَنَى الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه فإنْ أَقُلْ يقولوا حرص على الملك وإن أسكت يقولوا جزع من الموت هيهات بعد اللتيا والتي والله لا " ابن أبي طالب " آنَسُ بالموت من الطفل بثدي أمه(2).......? ويقول في ضمن رسالة بعثها إلى والي البصرة " عثمان بن حنيف " جاء فيها:? فوالله ما كنزت من دنياكم تبراً ولا ادخرت من غنائمها وفراً ولا أعددت لبالي ثوبي طمراً ..... أقنع من نفسي بأن يقال " أمير المؤمنين " ولا أشاركهم في مكاره الدهر وجشوبة العيش أو أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثى وأكباد حرَّى فهيهات أن يقودني هواي إلى تخيّر الأطعمة ولذائذها ولعل بالنجد أو اليمامة من لا طمع له بالقرص ولا عهد له بالشبع ...... وكأني بقائلكم يقول: إن كان هذا قوت " ابن أبي طالب " لقعد به الضعف عن قتال الأقران ومنازلة الشجعان، ألا وإن الشجرة البرية أصلب عوداً والروائع الخضرة أرق جلوداً وأنا من رسول الله صلى الله عليه وآله كالصنو من الصنو والذراع من العضد فوالله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها(3) ? ويقول في مكان آخر:? والله لئن أبيت على حسك السعدان مسهداً وأُجَرَّ في الأغلال مصفداً أحب إليّ من أن ألقى الله ورسوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يوم القيامة ظالماً لبعض
__________
(1) - نهج البلاغة ج2 ص218
(2) - نهج البلاغة ج1 ص40
(3) - نهج البلاغة ج2 ص220(41/47)
العباد وغاصباً لشيء من الحطام(1)....? وهذا هو " عبد الله بن عباس " يدخل على " عليٍّ " بِ " ذي قار " فيرى الإمام يخصف نعله فيسأله الإمام ما قيمة هذا النعل؟ فيقول: ? لا قيمة لها يا أمير المؤمنين فيقول الإمام: والله لهي أحب إليَّ من إمارتكم إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً ?.
ولا بد أن أذكر أيضاً موقف الإمام " علي " من السيدة " عائشة " بعد حرب الجمل فقد كرَّم الإمام السيدة أم المؤمنين وأكرمها إكراماً يليق بزوجة الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? حينما أعادها من ساحة الحرب مصحوبة بعدد من النساء القرشيات، أما الشيعة فلن تغفر للسيدة " عائشة " خروجها على الإمام في تلك الحرب وهذا هو سبب موقفها المعارض لأم المؤمنين، ولست أريد أن أذكر في هذا المجال المبررات التي ذكرها أنصار السيدة " عائشة " في تبريرهم لخروجها على الإمام ولا الآراء التي ذكرها علماء الشيعة في تبرير موقفهم المناهض لأم المؤمنين، فهذه أمور معروفة ذكرت في عشرات المجلدات من الكتب ولا فائدة من تكرارها، فنحن في غنى عنها ولكنني أريد إنهاء الصراع الفكري بالمنطق الشيعي البحت وهو أن الإمام بَرَّأَ ساحة السيدة " عائشة " من الحرب التي قادتها، والإمام هو الخليفة الذي كان يقضي بين الناس بالحق ولا يحيد عنه قيد أنملة، فإذا كان الإمام قد ألقى اللوم على فئة استغلوا سذاجة أم المؤمنين وأخرجوها من دارها لتقود حركة مناهضة للخليفة المنتخب والشرعي فيعني هذا أن السيدة " عائشة " بريئة من كل ما يتعلق بحرب الجمل وذيولها في نظر الإمام، ولذلك أمر بإكرامها وإرجاعها إلى المدينة بالصورة التي أجمعت عليها كتب التاريخ ليثبت براءتها من تلك الحرب في نظر القاضي العادل الذي هو الإمام فلا يحق لأحد أن يطعن أو يجرح السيدة " عائشة " متحدياً عمل الإمام ورأيه الذي يؤكده بصريح العبارة عندما يتحدث عن حرب الجمل وإخفاق أم المؤمنين في
__________
(1) - نهج البلاغة ج2 ص216(41/48)
قيادتها فيقول:? ولها – أي للسيدة عائشة – بعد حرمتها الأولى والحساب على الله تعالى(1)? وفي مواطن كثيرة يلقي الإمام " علياً " المسؤولية على الذين استغلوا حرم رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وجروها وراءهم حسب تعبيره(2).
إن من حسن التوفيق أن بعض علماء الشيعة وقف موقفاً لائقاً بأم المؤمنين ونهى عن تجريحها فقد قال السيد " الطباطبائي " وهو من علماء القرن الثاني عشر في أرجوزته الفقهية مخاطباً السيدة " عائشة ":? أيا حميراء سبُّك محرم لأجل عين ألف عين يكرم(3) ?.
خامساً – أقوال أئمة الشيعة في الخلافة والخلفاء الراشدين:
__________
(1) - نهج البلاغة ج2 ص48
(2) - نهج البلاغة ج3ص84
(3) - كان الرسول الكريم ينادي السيدة عائشة بالحميراء.(41/49)
ونختتم هذا الفصل بإعطاء صورة واضحة المعالم عن موقف أئمة الشيعة حول الخلافة وعدم وجود نص إلهي فيها ليكون البحث متكاملاً كما قلنا في مقدمة هذا الفصل، إن الإمامة إذا كانت إلهية كما تذهب الشيعة وإنها في أولاد " علي " حتى الإمام الثاني عشر لَعَيَّنَ الإمام ابنه " الحسن " خليفة وإماماً من بعده ولكن الذي اتفق عليه الرواة والمؤرخون إن الإمام عندما كان على فراش الموت وذلك بعد أن ضربه " ابن ملجم " المرادي بالسيف المسموم وسئل عن الشخص الذي يستخلفه قال:? أترككم كما ترككم رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم?، وبعد وفاة الإمام اجتمع المسلمون واختاروا ابنه " الحسن " وبايعوه خليفة للمسلمين ولكن الإمام " الحسن " صالح " معاوية " وتنازل له عن الخلافة والإمام علل الصلح بأنه لحقن دماء المسلمين، فيا ترى لو كانت الخلافة منصباً إلهياً هل كان يستطيع الإمام " الحسن " أن يتنازل عنه بذريعة حقن دماء المسلمين؟ فكما نعلم أنه لا مكان لحقن الدماء عندما يكون هناك دفاع عن أمر الله وشريعته وماذا يعني إذن الجهاد والقتال في سبيل الله لإرساء دينه وشريعته وأوامره ونواهيه، إن حقن الدماء أمام حق إلهي وسماوي يتناقض مناقضة صريحة مع هذه الآية الكريمة:? إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سشبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم(1) ?.
__________
(1) - التوبة 111(41/50)
والإمام " الحسين " عندما ثار وهو يريد الإطاحة بخلافة " يزيد بن معاوية " واستشهد في كربلاء ومعه أولاده وصحابته لم يذكر قط بأنه يدافع عن خلافة سماوية اغتصبها " يزيد " بل كان يقول: إنه أولى بالخلافة منه وإن مثله لا يبايع " يزيداً " وإنه ثار لإحياء دين رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الذي انحرف على يد " يزيد " كما أننا لم نجد في أقوال الإمام " علي بن الحسين " الملقب بِ " السجاد " أية عبارة تدل على كون الخلافة إلهية، وبعد الإمام " السجاد " يأتي دور الإمام " محمد الباقر " والذي في عهده بدأ يتبلور مذهب أهل البيت الفقهي الذي أكمله ابنه الإمام " جعفر الصادق " فنحن لا نجد أثراً لفكرة الخلافة الإلهية في عهدهما ولا في عهد أئمة الشيعة الأخرى حتى الغيبة الكبرى، وهناك شيء جدير بالاهتمام لا بد من التركيز عليه لتفنيد كل الروايات التي ذكرها بعض رواة الشيعة في تجريح الخلفاء الراشدين بما فيهم الخليفة " أبو بكر " وهو أن الإمام " الصادق " الذي يعتبر رئيس ومؤسس المذهب الإمامي الإثني عشري قال مفتخراً? أولدني أبو بكر مرتين? فالإمام " الصادق " ينتهي نسبه إلى " أبي بكر " عن طريقين: عن طريق والدته " فاطمة بنت قاسم بن أبي بكر " وعن طريق جدته " أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر " التي هي " أم فاطمة بنت قاسم بن محمد بن أبي بكر " ولكن الغريب أن رواتنا – سامحهم الله – رووا عن هذا الإمام الذي يفتخر بجده " أبي بكر " روايات في تجريح هذا الجد لا تعد ولا تحصى، فهل يعقل أن يفتخر الإمام بجده من جهة ويطعن فيه من جهة أخرى؟ إن مثل هذا الكلام قد يصدر من السوقي الجاهل ولكن معاذ الله أن يصدر من إمام يعتبر أفقه وأتقى أهل عصره.(41/51)
وهكذا نرى أن رواة الشيعة ساهموا مساهمة فعالة ولكن بصورة غير مباشرة حتى في الإساءة إلى أئمة الشيعة الذين يدعون أنهم من أنصارهم وأنهم ألفوا كتباً عديدة لإحياء تراثهم، ونحن نسمي عصر تأليف تلك الكتب وما جاء فيها من الروايات الملفقة بالعصر الأول لظهور الصراع بين الشيعة والتشيع، وأعتقد أننا أسهبنا القول في الخلافة وكل ما يتعلق بها وإن الذي علينا الآن هو التحدث عن الفكرة الصحيحة التي ننادي بها وننشدها ونرغب من أبناء الشيعة الإمامية أن يسيروا عليها وينضووا تحت لوائها وندعو أن تقف الشيعة بكل ما أوتيت من جهد قوة في وجه المرتزقين بالأقلام والألسنة والدعوات المفرقة ونطلب من الطبقة الواعية المثقفة من أبناء الشيعة التي نعقد عليها الآمال في نجاح مسيرتنا التصحيحية التي ندعو إليها أن تكون منارا الهداية للأكثرية التي آمنت بما سمعت من دعاة التفرقة وأصحاب العقول المتحجرة والنفوس المريضة والأهواء والمصالح.
التصحيح:
وهنا أبدأ بتحديد النقاط الأساسية للتصحيح وأملي معقود لضمانه على الطبقة الواعية المثقفة من أصحاب العقول النيرة التي أشرت إليها أعلاه:(41/52)
1- إن موضوع الخلافة يجب وينبغي أن لا يخرج عن إطاره الحقيقي الذي نص عليه القرآن الكريم :? وأمرهم شورى بينهم(1) ? وأن تنظر الشيعة إلى الخلفاء الراشدين بنفس النظرة والطريقة التي أقرها الإمام " علي " نزولاً عند نص القرآن الكريم وإجماع المسلمين، وإن الخلفاء الراشدين من بناة الإسلام الأوائل وقد اجتهدوا في مدة خلافتهم فأصابوا وأخطأوا وخدموا الإسلام ما استطاع كل واحد منهم إلى ذلك سبيلاً، فالخليفة الأول " أبو بكر " حفظ الإسلام من خطر الردة بحزمه وصبره وصرامته، تلك الردة التي كانت السبب في الحروب التي استشهد فيها عشرون ألف صحابي للدفاع عن الإسلام وأبلى المسلمون فيها بلاءً حسناً، وهذا هو الإمام " علي " يقف على باب " أبي بكر " في يوم وفاته ويخاطبه بقوله:? رحمك الله يا " أبا بكر " كنت أول القوم إسلاماً وأخلصهم إيماناً وأشدهم يقيناً وأعظمهم غناءً وأحفظهم على رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وأنسبهم برسول الله خلقاً وفضلاً وهدياً وسمتاً فجزاك الله عن الإسلام وعن رسول الله وعن المسلمين خيراً، صدَّقت رسول الله حين كذبه الناس وواسيته حين بخلوا وقمت معه حين قعدوا وأسماك الله في كتابه صديقاً ( والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون ) يريد " محمداً " ويريدك وكنت والله للإسلام حصناً وعلى الكافرين عذاباً، لم تقلل حجتك ولم تضعف بصيرتك ولم تجبن نفسك وكنت كالجبل الذي لا تحركه العواصف، كنت كما قال رسول الله ضعيفاً في بدنك قوياً في أمر الله متواضعاً في نفسك عظيماً عند الله جليلاً في الأرض كبيراً عند المؤمنين ولم يكن لأحد عندك مطمع ولا لأحد عندك هوادة، فالقوي عندك ضعيف حتى تأخذ الحق منه والضعيف عندك قوي حتى تأخذ الحق له، فلا حرمنا الله أجرك ولا أضلنا بعدك(2) ?، والخليفة الثاني " عمر بن الخطاب " أعطى للإسلام قوة عظيمة بفتوحاته
__________
(1) - الشورى 39
(2) - الصديق أول الخلفاء – عبد الرحمن الشرقاوي(41/53)
ومواقفه الخالدة في توسيع الرقعة الإسلامية شرقاً وغرباً، وهو الذي أرسى قواعد الإسلام في بلاد واسعة شاسعة منها " فارس " و " فلسطين " و " الشام " و " مصر " ، والخليفة الثالث " عثمان بن عفان " صاهر الرسول مرتين ولولا أنه رجل يمتاز عن كثير من أقرانه لما زَوَّجَه الرسول بنتين، وكان له جهاد كبير في إبان الدعوة الإسلامية وكفاه فخراً أنه كان من أغنياء قريش يملك ألف إبل من حمر النعم باعها وصرف ثمنها في سبيل دعوة الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وعلى المسلمين وقدر ثمن تلك الإبل بمليون سكة ذهبية في ميزان ذلك العصر، وكان عصره عصراً امتدت فيه الفتوحات الإسلامية حتى وصبت إلى تخوم " الهند " وإذا أخفق في الخلافة في أواخر حياته إلا أنه قُتِلَ وهو شيخ بلغ الثمانين وهو مكب على قراءة القرآن الكريم.
ولا يجوز تجريح الخلفاء وذمهم بالكلام البذيء الذي نجده في أكثر كتب الشيعة، الكلام الذي يغاير كل الموازين الإسلامية والأخلاقية ويناقض حتى كلام الإمام " عليٍّ " ومدحه وتمجيده في حقهم كما أثبتناه قبل قليل، ويجب على الشيعة أن تحترم الخلفاء الراشدين وتقدر منزلتهم من الرسول فالنبي?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم?صاهر " أبا بكر " و " عمراً " و"عثمان" صاهر النبي مرتين، و " عمر بن الخطاب " صاهر " علياً " وتزوج من ابنته " أم كلثوم " ولا أطلب من الشيعة في هذه الدعوة التصحيحية أن تقول وتعتقد في الخلفاء الثلاثة الذين سبقوا الإمام " علياً " أكثر مما قاله الإمام في حقهم، فلو التزمت الشيعة بعمل الإمام " علي " لانتهى الخلاف وساد الأمة الإسلامية سلام فكريّ عميق فيه ضمان الوحدة الإسلامية الكبرى.
2- غربلة الكتب الشيعية التي ذكرت روايات عن أئمة الشيعة في ذم الخلفاء الراشدين وإعادة طبع تلك الكتب منقحة مغربلةً مما ورد فيها.(41/54)
3- على الشيعة أن تعتقد جازمةً أن كل الروايات التي ذكرتها كتب الشيعة في حق الخلفاء الراشدين وفي وجود نصوص إلهية في موضوع الخلافة هي روايات وضعت بعد عصر الغيبة الكبرى وذلك بعد أن سدت الأبواب كلها في الوصول إلى آخر إمام للشيعة وهو " المهدي " كما قلنا فلذلك لا نجد أثراً للروايات الجارحة في حق الخلفاء الراشدين وموضوع النص الإلهي في الخلافة إلى عصر الإمام " الحسن العسكري " وهو الإمام الحادي عشر للشيعة الإمامية حيث كان باستطاعة الشيعة أن تتصل بالإمام مباشرةً وتسأله عن صحة ما ينسب إلى آبائه الأئمة من الروايات، ولكن بعد الإعلان الرسمي عن غيبة الإمام الثاني عشر وتكذيب كل من ادعى رؤيته بعد الغيبة بنص صريح صدر منه وضع بعض الرواة روايات باسم أئمة الشيعة لتعذر الوصول إلى الإمام والسؤال عن صحتها وسقمها فكان ما كان من حديث وأحاديث تندى منها الجباه.
4- أن تخرج الشيعة من الانطواء على نفسها وتسلك طريق الإمام " علياً " إن كانت حقاً من أنصاره وتسمي أولادها بأسماء الخلفاء الراشدين وتسمي بناتها بأسماء أزواج النبي – وأقصد السيدة عائشة وحفصة بالذات – لأن الشيعة نعزف عن هذين الاسمين، فالإمام " علي " قد سمى أولاده " أبا بكر " و " عمر " و " عثمان " وأئمة الشيعة سلكوا الطريق نفسه وكم من بنات الأئمة سُمِّينَ بِ " عائشة " و " حفصة " هذا بغض النظر عن أن التسمية بأسماء الخلفاء الراشدين خروج من جاذبة الفرقة والانطواء على الطائفية والدخول إلى صفوف الوحدة الكبرى مع المسلمين، ويعز على المصلحين من أبناء الإسلام أ ن لا يصادفوا في البلاد الشيعية بطولها وعرضها هذه السماء إلا نادراًن ففي " إيران " مثلاً وفي البلاد الشيعية التي يكثر فيها الخلاف مع الفرق الإسلامية الأخرى لا نجد لمثل هذه الأسماء أثراً يذكر.(41/55)
5- أنْ تَعْلَم الشيعة في كل مكان تتواجد فيه على هذا الكوكب أن السبب الحقيقي والأساسي لتخلفها الفكري والاجتماعي هو السير وراء زعاماتها المذهبية وإطاعتها إطاعة عمياء جعلتهم كالأغنام تساق إلى حيثما تريد وأن تلك الزعامات هي التي سببت للشيعة شقاءً وعناءً ومحنةً سِعَتُها سِعَةُ السموات والأرض، ومع أنني أستثني بعض هذه الزعامات من هذه القاعدة إلا أن الأكثرية منهم كانت ولا زالت هي الماسكة بزمام البدع الفكرية في عقول الشيعة من عصر الغيبة الكبرى وإلى هذا اليوم، ولا شك أن التكوين الفكري المغلق لهذه الزعامات والامتيازات المالية الكبيرة التي حصلوا عليها من أموال الشيعة باسم " الخمس " في أرباح المكاسب تلك البدعة التي سنشير إليها في الفصل الخاص بها والقدرة المطلقة التي زعموها لأنفسهم في التحكم برقاب الشيعة كانت السد المنيع لرفع الغطاء عن العيون المحجبة والترفع عن الدنيا وحطامها، وكأنهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول:? تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين(1)? ورسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول:? آخر ما يخرج من رأس الصديقين جب الجاه? ، وحتى هذا اليوم فإن الزعامات المذهبية الشيعية لعبت بالشيعة كالكرة فرمتها بأقدامها هنا وهناك وهم بها ساخرون وجعلت منها أمةً يسخر بها العالم وتضحك منها الأمم، ومع أنني سأذكر في فصل من فصول التصحيح(2) شواهد وأدلة لاستغلال الزعامات المذهبية الشيعية للشيعة عبر التاريخ وحتى هذا اليوم وفي كل مكان تتواجد فيه هذه الأمة المسكينة إلا أنني وفي كل فصل سأضع النقاط على الحروف كي لا يختلط الحديث بالحديث ولا الفكرة بالفكرة.
التقية
__________
(1) - القصص 82
(2) - راجع فصل الإرهاب(41/56)
إنني أعتقد جازماً أنه لا توجد أمة في العالم أذلت نفسها وأهانتها بقدر ما أذلت الشيعة نفسها في قبولها لفكرة التقية والعمل بها، وها أنا أدعو الله مخلصاً وأتطلع إلى ذلك اليوم الذي تربأ الشيعة حتى عن التفكير بالتقية ناهيك عن العمل بها؟
التقية
من الصعب عليّ جداً أن أتصور معنى " التقية " بالمفهوم الشيعي الخالص وكما وردت في الكتب الشيعية وتبناها بعض علماء المذهب الإمامي وساروا عليها منذ الغيبة الكبرى وحتى كتابة هذه السطور، ولست أدري كيف تدّعي الشيعة بأنها من أنصار الإمام " الحسين " سيد الشهداء وإمام الثائرين وهي تعمل بالتقية وتعتقد بها وترتضيها لنفسها، ثم لست أدري ما هذا التناقض الغريب في معتقدات الشيعة و حسب الصورة التي رسمتها لهم زعاماتهم عبر القرون، فمن ناحية يعتقدون بأن سيرة أئمة الشيعة قد تكون حجة عليهم ولكنهم يضربون بها عرض الحائط عندما يصل الأمر إلى التقية ويتحدثون عن وجوب العمل بها لا سيما أمام الفرق الإسلامية الأخرى.(41/57)
لقد أراد بعض علمائنا رحمهم الله أن يدافعوا عن التقية(1) ، ولكن التقية التي يتحدث عنها علماء الشيعة وأملتها عليها بعض زعاماتها هي ليست بهذا المعنى إطلاقاً، إنها تعني أن تقول شيئاً وتضمر شيئاً آخر، أو تقومُ بعمل عبادي أمام سائر الفرق الإسلامية وأنت لا تعتقد به ثم تؤديه بالصورة التي رسموها والأسباب التي كانت وراء انتسابها إلى أئمة الشيعة، ينبغي أن نمعن النظر قليلاً في عمل أئمة الشيعة وفي حياتهم الخاصة والعامة لكي نرى أنهم كانوا أبعد الناس عن التقية وأكثر الناس مقتاً لها، ولنعلم بعد ذلك أنه لم يكن من المعقول أن لا يعمل الشيعة بالتقية وهم يأمرون أتباعهم وشيعتهم بالعمل بها، ولقد ذكرنا في الفصل السابق صورةً واضحة عن حياة
__________
(1) - يدافع العالم الكبير السيد " محسن الأمين " رحمه الله في كتابه ( الشيعة بين الحقائق والأوهام ) ص 168 بقوله: والدليل عليها العقل والنقل فقد قضى العقل بجواز دفع الضرر بها بل بلزومه واتفق عليها جميع العقلاء ونص عليها الكتاب العزيز والسنة المطهرة فمن الكتاب آيات منها قوله تعالى في سورة " آل عمران " آية 27 (( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة )) أم الإمام الرازي فقد قال في تفسير هذه الآية: التقية إنما تجوز فيما يتعلق في إظهار الموالاة والمعاداة وقد تجوز فيما يتعلق بإظهار الدين فأما ما يرجع ضرره إلى الغير كالقتل فذلك غير جائز البتة، وفي مذهب الشافعي: أن التقية بين المسلمين إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والمشركين حلت التقية محاماة عن النفس، والنفس جائزة لصون النفس وهل هي جائزة لصون المال؟ يحتمل لقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: حرمة المسلم كحرمة دمه ، ولقوله : من قتل دون ماله فهو شهيد، وقال الباقر فيما رواه الكليني في أصول الكافي: إنما حلت التقية ليحقن بها الدم فإذا بلغ الدم فليس تقية.(41/58)
الإمام " علي " وصراحته في الحق ولا نريد تكرارها هنا أما ابنه " الحسن " وهو الإمام الثاني للشيعة(1) فكان أبعد الناس من التقية ومخادعة الناس وصلحه مع " معاوية " يشهد بذلك، فصلح " الحسن " عمل ثوريّ وخروج على الرأي العام المحيط بالإمام في عصره، فقد لاقى الإمام " الحسن " معارضة صريحة من كثير من شيعة أبيه الذين كانوا لا يريدون الصلح حتى أن " سليمان بن صرد " وهو من كبار شيعة " علي " خاطب الإمام " الحسن " بقوله:? السلام عليك يا مذل المؤمنين? والمعارضون للصلح كانوا أقوياء وأشداء ونال الإمام " الحسن" منهم الكثير، ولكن لم يفت كل ذلك في عضده وقاوم المعارضة مقاومة الأبطال، فيا ترى لو كانت للتقية مكان في قلب " الحسن " هل كان يصالح " معاوية " أمْ كان يستجيب لنداء الذين كانوا يحثونه على قتاله حتى يبايعه " معاوية " كخليفة منتخب وشرعي للمسلمين؟
ثم يأتي دور الإمام " الحسين " الذي ثار ضد " يزيد بن معاوية " ولم يقبل بنصح أولئك الذين نصحوه بالبقاء في مدينة الرسول ومنعوه من السير إلى العراق، وكل من يتابع الثورة الحسينية يعلم بوضوح أن شهادة الإمام " الحسين " وأولاده وأصحابه وسبي أهل بيته كانت كلها تتجسد أمام " الحسين " قبل المعركة وكان يعلم بها علم اليقين، فَ " الحسين " جمع أصحابه في ليلة العاشر من " محرم " وقال لهم بأن غداً سيكون القتال من شاء منهم في ذلك الليل المظلم وقال لهم:? اتخذوا الليل جملاً وارحلوا إلى مصائركم? فرحل منهم مَنْ رحل وبقي من بقي ليستشهد مع " الحسين " ويسجل اسمه في سجل الخالدين.
__________
(1) - إطلاق تسمية أئمة الشيعة على هذه الصفوة المختارة من أهل بيت رسول الله هو إطلاق مجازي في حين أن المسلمين كلهم يحترمون أهل بيت الرسول ويرون فيهم القدوة الصالحة.(41/59)
فهل في مثل هذه الثورة تجد الشيعة أثراً للتقية أو كل ما يمت إلى التقية بصلة؟ ثم يأتي دور الإمام " علي بن الحسين " الملقب بالسجاد وهو الذي عاصر ملحمة " كربلاء " ولم يشترك بالقتال بسبب المرض الذي ألزمه الفراش وقد أسر في ضمن من أسر بعد مقتل أبيه وحمل على جمل أقتب مقيداً بالسلاسل من " كربلاء " إلى " الشام " ولا شك أن تلك الصورة الحزينة المليئة بالدماء و الدموع والتي شاهدها " السجاد " في يوم " عاشوراء " والذل والهوان الذي احتمله وهو يسير مع الأسرى بين " كربلاء " و " دمشق " كانت عالقة في ذهنه ليل نهار وقد انصرف الإمام " السجاد " إلى العبادة وكان يكثر من البكاء في آناء الليل وأطراف النهار حتى لقب بالبكّاء، إنه كان من الطبيعي لذلك الحزن السرمدي الذي كان يعصر قلب الإمام أن تتجلى في كلامه وخطبه عبارات تدحض الخلافة الأموية الحاكمة التي كانت حتى ذلك الحين تسب جده الإمام " علياً " على المنابر بعد كل صلاة، فقد ترك الإمام " السجاد " لنا أربعة وخمسين دعاءً جمعت كلها في كتاب واحد وسميت تلك الأدعية? الصحيفة السجادية ? إن من يقرأ هذه الأدعية يعلم علم اليقين كيف أن التقية كانت أبعد شيء إلى قلب " السجاد " فقد نسف الإمام في أدعيته تلك الخلافة الأموية الحاكمة نصاً ومضموناً، إنها حقاً أدعية ثورية صدرت من إمام شاهد أضخم الثورات الإسلامية حجماً وأقلها زماناً فإذا لم يستطع أن يشترك فيها بدمه فهاهو اشترك فيها بلسانه كالسيف البتار، وهذا هو الإمام " السجاد " مرةً أخرى يطوف بالبيت ويفسح له الحجيج له الطريق إجلالاً وإكراماً والخليفة " هشام بن عبد الملك " يرى كل ذلك ويطوف بين الطائفين والناس في شغل عنه والإمام يرى الخليفة ولا يبالي به فيغتاظ الخليفة لما رأى من الإمام وما رأى من الناس في الإمام فيسأل متجاهلاً : من هذا؟مشيراً إلى السجاد وتشاء المقادير أن يكون " الفرزدق " الشاعر حاضراً الموقع فيرتجل قصيدته(41/60)
العصماء مخاطباً الخليفة:
وليس قولك مَنْ هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجم
هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا الإمام التقي الطاهر العلم
لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه لقبل الركن منه موضع القدم
يغضي حياء ويغضي من مهابته فلا يكلم إلا حين يبتسم
إن من يمعن النظر في هذا اللقاء الجاف بين الإمام والخليفة الحاكم الذي أغضب هذا الأخير سيعلم علم اليقين أن التقية وكل ما يمت إليها بصلة لم تجد إلى قلب الإمام سبيلاً، ثم يأتي دور الإمام " الباقر " وابنه " الصادق " وهما اللذان أسسا المدرسة الفقهية التي سميت باسم " الفقه الجعفري " وكان الإمامان يدرسان في المدينة في جامع الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? ويدليان بآرائهما الفقهية وينشران مذهب أهل البيت بلا خوف ولا وجل، فَ " الباقر " عاصر الخلافة الأموية " والصادق " عاصر نهاية الخلافة الأموية وبداية الخلافة العباسية وكانت الخلافة الأموية والعباسية على اختلافٍ مع الإمامين ولا ترتضي بمدرسة أهل البيت الفقهية، ولكن الإمامين أديا الرسالة وقد تخرج عليهما فقهاء وعلماء كثيرون، وهكذا نرى أن الإمامين كانا يؤديان الواجب غير متهيبين من السلطة التي كانت على خلاف معهما.
ومن الغريب أن بعض رواة الشيعة روت عن الإمام " الصادق " روايات في وجوب التقية على شيعته في حين أنه وشيعته لم يكونوا بحاجة إليها، فالإمام كان يدرِّس في مسجد الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وحوله آلاف من التلاميذ والطلاب والمستمعين وليت شعري أن اعرف كيف يمكن لمدرسة فقهية بهذه السعة وكثرة الطلاب والتلاميذ أن تبنى على التقية وأية تقية استعملها الإمام في بناء مدرسته الفقهية التي كان يضع أساسها أمام المسلمين وبصورة علنية بما فيهم المحب المخلص والعدو الشامت.(41/61)
و الإمام " موسى بن جعفر " لم يكن على وفاق مع الخليفة العباسي " هارون الرشيد " وقضى سنوات في سجن الخليفة ببغداد، فلو كان " موسى بن جعفر " يسلك طريق التقية ويخادع الخليفة الذي كان ابن عمه وكانت تتحكم بينهما صلات القربى لما حدث له ما حدث.
وعندما آلت الخلافة إلى " المأمون " العباسي عَيَّن الإمام " علي بن موسى " الملقب " الرضا " ولياً للعهد و" علي الرضا " هو الإمام الثامن للشيعة الإمامية غير أن الإمام قضى نحبه في عهد " المأمون " واستمرت الخلافة في العباسيين وبعد وفاة الإمام " الرضا " زَوَّج الخليفة " المأمون " العباسي ابنته " أم الفضل " لابن الرضا " محمد الجواد " لكي لا تنقطع المودة بين الخليفة العباسي والبيت العلويّ، وهذان الإمامان الأب والابن اللذان كان أحدهما ولياً للعهد والآخر صهراً للخليفة لم يكونا بحاجة إلى العمل بالتقية ولم يطلبا من الشيعة أن يتخذوا من التقية وسيلة لمآربهم.
وبعد الإمام " الجواد " يأتي دور " عليّ " وابنه " الحسن العسكري " الإمام العاشر والحادي عشر للشيعة، وقد سكنا عاصمة الخلافة العباسية وعاصرا عهد " المتوكل " وابنه " المعتصم " وكان بيت الإمامين موئلاً للزوار وكانا يقومان بشؤون المسلمين الدينية ونشر مذهب " أهل البيت " ومن يتابع حياة هذين الإمامين يعلم أنهما كانا من أبعد الناس عن التقية أيضاً ومع أن عيون الخلفاء كانت تراقبهما وتراقب حركاتهما ودعواتهما إلى مذهب " أهل البيت " التي كانت في الحقيقة معارضة للخلافة العباسية إلا أن الإمامين لم يباليا بذلك وسلكا طريق الحق في أداء رسالتهما.(41/62)
لقد أوردنا هذه الخلاصة من حياة أئمة الشيعة لنثبت أن فكرة التقية التي ظهرت بالمفهوم الشيعي الخاص إنما ظهرت في أواسط القرن الرابع الهجري وهو بعد الإعلان عن غيبة الإمام الثاني عشر وأنها ظهرت في مستهل ظهور عصر الصراع بين الشيعة والتشيع وعندما أرادت الزعامات الشيعية المذهبية والسياسية والفكرية أن تتخذ العمل السريّ وسيلة للقضاء على الخلافة العباسية الحاكمة والإعلان بعدم شرعيتها، وكان من الطبيعي أن يضاف إلى فكرة التشيع " لِعَلِيّ " وأهل بيته عنصراً جديداً يدعم الفكرة دعماً كبيراً فأضيفت فكرة النص الإلهي - كما قلنا - إلى الخلافة وأصبحت منذ ذلك الحين تشغل حيِّزاً كبيراً من صميم العقيدة، ويمكن القول إن العمل السريّ المذهبيّ بدأ من عصر ظهرت " التقية " في بمظهر الواجب الشرعي الذي يجب أن يتبعه كل من له فكرة دينية ويخشى أن يجهر بها أمام السلطة الحاكمة أو الأكثرية الإسلامية ولذلك كانت للتقية دور كبير في إسناد الزعامات المذهبية الشيعية التي ظهرت بعد الغيبة الكبرى، فبالتقية استمرت تلك الزعامات في نشاطها وفي مأمن من السلطة الحاكمة كما أن الأموال كانت تصل إليها تحت غطاء التقية أيضاً وهكذا أخذت التقية تسري في الفكر الشيعي والعمل الشيعي طيلة قرون عديدة وأخذت طابعاً حزيناً في تكوين الشخصية الشيعية وإنني لا أشك من أن التقية كانت من أهم الأسباب التي أدت إلى التخلف الفكري والاجتماعي والسياسي للمجتمعات الشيعية أينما وجدن فقد سرت في دمائهم ومنعتهم من الظهور بالمظهر الذي كانوا عليه خوفاً أو خجلاً وحتى في " إيران " القطر الشيعي وعندما كانت السلطة الحاكمة شيعية خالصة كان الشعب الإيراني يسلك طريق التقية كواجب ديني لمواجهة بطش السلطان واستبداده فيضمر لهم بالقلب ما يناقضه في العلن، وهكذا تميز الشعب الإيراني الشيعي كسائر نظراءه م الشيعة بازدواجية الشخصية، وإنني لا أشك أبداً أن التقية قاتلها الله لعبت دوراً(41/63)
كبيراً في إبقاء الشيعة بعيدة عن الفرق الإسلامية الأخرى كما أنها سببت في رميها بأمور عجيبة وغريبة ما انزل الله بها من سلطان وهي بريئة منها، ولكن الدفاع عن تلك الاتهامات والأوهام لاقى صعوبة بالغة بسبب اشتهار الشيعة بالتقية ورميهم بإخفاء الحقيقة في كل شيء ومما يحزن له قلبي ويعصره عصراً هو أن التقية في الفكر الشيعي تجاوزت عامة الناس واستقرت في أعماق قلوب القادة من زعماء المذهب الأمر الذي كان السبب في دعوتنا لتخليص الشيعة من تلك الزعامات، فعندما يرتضي القائد الديني لنفسه أن يسلك طريق الخداع مع الناس في القول والعمل باسم التقية فكيف ينتظر الصلاح من عامة الناس؟(41/64)
وفي الوقت الذي أكتب فيه هذه السطور وفي عهد وطأت أقدام الإنسان على سطح القمر وأصبحت الحرية الفكرية والكلامية مقدسة تدافع عن مكنونات الإنسان وعقائده خيراً كانت أو شراً يعيش المجتمع الشيعي بقيادة زعاماته مغلقاً على نفسه بالتقية فيظهر شيئاً ويبطن شيئاً آخر، فلا أعتقد أنه يوجد زعيم شيعي واحد في شرق الأرض وغربها يستطيع أن يعلن رأيه حتى في كثير من البدع التي ألصقت بالمذهب الشيعي خوفاً ورهبةً من الجماهير الشيعية التي درّبتها الزعامات تلك على العمل بتلك البدع فأصبحت جزءاً من كيانها، فمثلاً – وليس على سبيل الحصر – الشهادة الثالثة?أشهد أن علياً ولي الله? التي يتفق عليها علماء المذهب الشيعي بأنها بدعة لم تكن معروفة في عهد الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? والصحابة وحتى في عهد الإمام " علي " وأئمة الشيعة وكلهم يجمعون على أن من قالها في آذان الصلوات بقصد " الورود " أي انه وارد في الشريعة عمل عملاً محرماً وأتي ببدعة، مع كل هذا لا يوجد زعيم شيعي واحد يستطيع أن يشير إلى هذا الأمر قولاً أو كتابة، كما أنه لا يوجد زعيم شيعي واحد يستطيع أن يصارح جمهور المسلمين بحقيقة الخلاف السائد بين الشيعة والسنة والعمل على رفعه، وكما قلنا فإن من أهم عناصر الخلاف الموجودة بين الشيعة والسنة هو تجريح الشيعة للخلفاء الراشدين وصحابة الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وبعض أزواجه، وإذا لم يرفع هذا العائق من قائمة الخلاف فسيبقى الخلاف مستحكماً بين الفريقين إلى أبد الآبدين فلا المؤتمرات الإسلامية تجدي ولا الكلمات الإصلاحية الرنانة تنفع ولا خطب المصلحين توقف ثورة الحقد والغضب الكامنة في هذا التجريح المستشري في العقول والقلوب وبطون الكتب وهمس الهامسين.(41/65)
وهنا أيضاً يسلك زعماء المذهب طريق التقية أيضاً في معالجتهم لهذا الأمر فينسبون التجريح والسب والشتم إلى جهال الشيعة في حين أن كتب الرواة والمحدثين والعلماء والفقهاء من الشيعة الإمامية هي التي ذكرت تلك الأقوال ومنها تسربت إلى قلب عامة الشيعة ولسانها، فيا ترى هل تقع الملامة على الخاصة أم على العامة؟ ولا أعتقد زعيماً دينياً واحداً من زعماء المذهب الشيعي قديماً وحديثاً قد قام بغربلة الكتب الشيعية من الروايات التي تنسب زوراً إلى الأئمة في تجريح الخلفاء وغيرها من الروايات التي يحكم العقل السليم ببطلانها وعدم صدورها من الإمام مع أن علماء المذهب كلهم مجمعون أيضاً بأن الكتب التي يعتمدون عليها في الشؤون المتعلقة بالمذهب فيها روايات باطلة غير صحيحة وهم يذعنون بأن هذه الكتب تجمع بين طياتها الصدف والخزف والصحيح والسقيم، ومع ذلك لم يسلك هؤلاء الزعماء طريق إصلاح مثل هذه الروايات، فإذا كانت زعاماتنا الشيعية تتصف بالشجاعة وتؤمن بالمسؤولية الملقاة على عاتقها في رفع الخلاف لتحملت مسؤولية الخلاف بكاملها ولعملت على إزالة مثل هذه الروايات من بطون الكتب وعقول الشيعة ولفتحت صفحةً جديدةً في تاريخ الإسلام ولَعَمَّ الخير على جميع المسلمين، أما الفرار من المسؤولية وإلصاقها بالعوام من الناس تهرباً من الحقيقة والواقع تحت غطاء شرعية التقية فهذا أمر يوحي بالأسف الشديد، وعندما أكتب هذه السطور هناك آلاف مؤلفة من الشيعة الإمامية يعملون بالتقية في أعمالهم الشرعية فهم يحملون معهم التربة الحسينية التي يسجدون عليها في مساجدهم ولكنهم يخفونها في مساجد السنة مقتدياً بإمام المسجد وإذا عادوا إلى بيوتهم أعادوا الصلاة عملاً بالتقية معتمدين على روايات نسبت إلى أئمة الشيعة في التقية وأفتوا علماء الشيعة مستندين عليها في وجوب التقية ولكل هذا نحن نحث الشيعة إلى اتباع التصحيح الآتي:
التصحيح:(41/66)
ينبغي على الشيعة في كل الأرض أن تقف من التقية موقف الإنسان الكريم الذي يحترم عقيدته وذاته ويجب أن يكون متصفاً بالإباء والشِّيَم التي هي من الخلاق الفاضلة، وأن يفكر ملياً في الآثار النفسية التي تحدث له هذه الازدواجية في الشخصية والاضطراب بين القول والفعل والتي تتنافى مع الصدق وتتناقض مع صفات المسلم المخلص، فأي كلام أو عمل يصدر من الإنسان وفيه رياء أو خداع لا بد وان فيه مغايرة مع المنطق أو عمل الجماعة والأكثرية، ولذلك يجب على المسلم الحقيقي أن يقلع عن كلام أو عمل لا يستسيغه المجتمع الإسلامي سراً كان أو جهراً وأن يترفع من الظهور بمظهر الإنسان المرائي المخادع، عن على القواعد الشيعية ولا سيما المثقفين منهم أن يحاسبوا زعاماتهم المذهبية حساباً عسيراً في سوقهم إياهم على هذا الدرب الشائك لأغراض في نفوسهم، إن على الشيعة أن تجعل نصب أعينها تلك القاعدة الأخلاقية التي فرضها الإسلام على المسلمين وهي أن المسلم لا يخادع ولا يداهن ولا يعمل إلا الحق ولا يقول إلا الحق ولو كان عليه وأن الحسن حسن في كل مكان والعمل القبيح قبيح في كل مكان وليعلموا أيضاً أن ما نسبوه إلى الإمام الصادق من أنه قال:? التقية ديني ودين آبائي ? إن هو إلا كذب وزور وبهتان على ذلك الإمام العظيم.
الإمام المهدي
إن فكرة ظهور رجل من آل محمد يملأ الأرض قسطاً وعدلاً فكرة جميلة ومليئة بالآمال الخيِّرة ولكن علماء الشيعة ألصقوا بالإمام " المهدي " جناحين أثقلا كاهل الشيعة في كل زمان ومكان وهذان الجناحان هما: بدعة الخمس في أرباح المكاسب، وبدعة ولاية الفقيه، فالأولى تعني دفع ضريبة مالية ما أنزل الله بها من سلطان والثانية تعني عبودية الإنسان للإنسان بلا قيد ولا شرط.
الإمام المهدي
الاجتهاد والتقليد
الخمس
ولاية الفقيه(41/67)
تعتقد الشيعة الإمامية أن الإمام " الحسن العسكري " وهو الإمام الحادي عشر للشيعة عندما توفي عام / 260 / هـ كان له ولد يسمى " محمداً " له من العمر خمس سنوات وهو " المهدي " المنتظر، وهناك روايات أخرى تقول: إن " المهدي " ولد بعد وفاة والده الإمام " العسكري " ومهما كان الأمر فإن " المهدي " تسلم منصب الإمامة بعد والده وبنص منه وبقي مختفياً عن الأنظار طيلة خمس وستين عاماً وكانت الشيعة تتصل به في هذه الفترة عن طريق نواب عينهم لهذا الغرض، والنواب هم [[[ عثمان بن سعيد العمري وابنه محمد بن عثمان وحسين بن روح وآخرهم علي بن محمد السيمري ]]] وهؤلاء النواب الأربعة لقبوا " بالنواب الخاص " والفترة هذه تسمى بعصر الغيبة الصغرى، وفي عام / 329 / هجري وقبيل وفاة / علي بن محمد السيمري / بشهور قليلة وصلت رقعة إليه بتوقيع الإمام " المهدي " جاء فيها:? لقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلا بعد أن يأذن الله فمن ادَّعى رؤيتي فهو كذاب مفتر? وهذا العام هو بداية الغيبة الكبرى ومنذ ذلك الحين انقطع اتصال الشيعة بالإمام بصورة مباشرة وغير مباشرة، وحتى إذا ادَّعى أحد ذلك فالشيعة تكذبه بسبب النص الوارد في آخر خطاب ورد إليهم من الإمام " المهدي " .......... هذه هي خلاصة عقيدة الشيعة الإمامية في " المهدي " المنتظر ولا تزال الشيعة في كل عام وفي يوم الخامس عشر من شهر شعبان تحتفل بولادة " المهدي " احتفالاً كبيراً وهو الإمام الوحيد الذي تحتفل الشيعة بيوم ولادته فقط أما الأئمة الآخرين فتكون الاحتفالات في أيام مولدهم ووفاتهم على السواء.(41/68)
وفكرة " المهدي " وظهور قائد في آخر الزمان يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلما وجوراً موجودة في كثير من الأديان، وهناك أحاديث روتها كتب الصحاح عن النبي الكريم عن ظهور " مهدي " من ولده في آخر الزمان ولكن ليس على نحو التعيين، أما الشيعة فتستند على روايات نسبت إلى أئمتها أن " المهدي " المنتظر الذي أخبر به الرسول الكريم?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? غنما هو ابن الإمام " الحسن العسكري(1) " ونحن هنا لا نريد أن ندخل في ذلك الجدل البيزنطي القديم حول " المهدي " وإعطاء تفسير عقلي لبقائه آلاف السنين في هذه الدنيا فنحن معاشر الشيعة كسائر الفرق الإسلامية الأخرى ما دمنا نعتقد بالغيب وان الله قادر على كل شيءٍ فلا نجد صعوبةً في الاعتقاد بأن إنساناً ما يعيش في هذه الدنيا خارجاً عن القوانين الطبيعية آلاف السنين، فالقرآن الكريم صريح بأن " نوحاً " عاش في قومه ألفاً إلا خمسين عاماً وأصحاب الكهف? لبثوا في كهفهم ثلاثمئة سنين وازدادوا تسعاً ? وأن الله رفع " عيسى بن مريم " إليه وهو حي في رحابه ولنقرأ معاً هذه الآيات البينات:? ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون(2)? ? ولبثوا في كهفهم ثلاثمئة سنين وازدادوا تسعاً(3)? ? وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم من علم إلا
__________
(1) - ذكر الترمذي في صحاحه أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: ( لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله في رجلاً من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ) وفي مسند " أحمد بن حنبل " عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:( لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ) سيرة الأئمة الإثني عشر ج2 ص543 – هاشم الحسيني.
(2) - العنكبوت 14
(3) - الكهف 25(41/69)
اتباع الظن وما قتلوه يقيناً بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً(1) ? وفكرة " المهدي " بحد ذاتها فكرة جميلة فهي توحي بالخير المحض والتطلع إلى عالم مليء بالخيرات والفضائل والحسنات، عالم مثالي طالما دعا إليه " أفلاطون " في جمهوريته و " الفارابي" الفيلسوف الإسلامي في مدينته الفاضلة مضافاً على تلك النظرية المثالية قيماً إسلامية رفيعة.
ولو أن الاعتقاد بوجود " المهدي " بقي محصوراً في الإيمان بوجود إمام غائب من نسل رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? يظهر في يوم من الأيام ما يملأ الأرض قسطاً وعدلاً لكان المسلمون بخير، ولكن مع الأسف الشديد إن فقهاء المذهب الجعفري ألصقوا إلى " المهدي " جناحين شوهوا بهما صورة " المهدي " الرفيعة الوضاءة وهذا الجناحان بدعتان كبيرتان ألصقتا بالمذهب الشيعي في عهد ظهور الصراع بين الشيعة والتشيع وهما تتناقضان مناقضة صريحة واضحة مع نصوص القرآن الكريم وسيرة الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وعمل الإمام " علي " والأئمة من بعدهن البدعة الأولى هي تفسير الخمس في أرباح المكاسب والبدعة الثانية هي ولاية الفقيه في المجتهدين، إن الزعامات المذهبية التي تولت أمور الشيعة الدينية بعد الغيبة الكبرى بسبب فتح باب الاجتهاد ولا زالت هي الماسكة بزمام العقيدة الشيعية حتى هذا اليوم كانت وراء هاتين البدعتين.
__________
(1) - النساء 157 - 158(41/70)
أما الخمس فيكاد يكون من المتفق عليه عند علماء المذهب الشيعي إنها تشمل أرباح المكاسب والغنائم معاً إلا أن تفسير الغنيمة بأرباح المكاسب ظهر بعد الغيبة الكبرى بقرن ونصف في الكتب الشيعية، أما ولاية الفقيه فهناك من علماء المذهب من عارضها ولكن لها أنصارها إلا أن المجمع عليه عندهم أن نوعاً من الولاية التي تشبه صلاحية القضاة في تعيين الوصيّ على المجنون والطفل القاصر تكون من صلاحيات المجتهدين وقبل أن نتحدث عن البدعتين الملصقتين بالإمام " المهدي " لا بد من إعطاء صورة واضحة عن الفكرة الاجتهادية عند الشيعة وعلاقة الشيعة بالإمام " المهدي " حسب ما صوره علماء المذهب.
الاجتهاد والتقليد
يستند علماء الشيعة الإمامية على فتح باب الاجتهاد بمرسومين صدرا عن الإمام " المهدي " قبيل غيبته والمرسومان وإن كانا يختلفان في المضمون إلا أنهما يتفقان في المفهوم وهما:
المرسوم الأول: وأما من الفقهاء من كان صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه.
المرسوم الثاني: وأما الحوادث الواقعة فارجعوا إلى رواة أحاديثنا.(41/71)
على هذين المرسومين ( حيث أولهما يختص بالمجتهدين والثاني يختص بعوام الشيعة ) يعتمد علماء المذهب بفتح باب الاجتهاد وعدم الأخذ بآراء الأموات من الفقهاء وعليهما يستند المجتهدون في وجوب التقليد على عوام الشيعة، وبعد الغيبة الكبرى تصدى لشؤون الشيعة الدينية علماء المذهب واحداً تلو الآخر ولم تنقطع القيادة المذهبية بين المجتهدين والعامة وإن شئت قل بين القاعدة والقمة حتى كتابة هذه السطور وذلك بسبب فتح باب الاجتهاد ووجوب تقليد العوام لرأي المجتهدين، أما الفرق الإسلامية الأخرى فسدت هذا الباب لصعوبات بالغة تعترض العمل الاستنباطي اللهم إلا السلفية يجتهدون في الفروع الفقهية التي لا نص فيها وتخضع لأدلة الاستنباط من الكتاب والسنة والإجماع والقياس، أما علماء الشيعة فاستبدلوا القياس بالدليل العقلي واتخذوه الأصل الرابع من أصول الاستنباط ومن أغرب الأمور أن فقهاء الشيعة ينسبون أنفسهم إلى المذهب العقلي في استنباط الأحكام الشرعية ولكنهم في الحقيقة أبعد الناس عن استعمال العقل في طريقة الاستنباط.(41/72)
وليت شعري أن أعرف كيف يستند علماؤنا – سامحهم الله – على العقل في فهمهم للأحكام الشرعية ولاستنباطهم المسائل الفقهية وهم يسلمون بلا جدل ولا نقاش بروايات نسبت إلى أئمة الشيعة وجاءت في الكتب التي يعتبرونها صحيحة وموثوقة وهي تتناقض مع العقل، نعم إذا أخذنا بعين الاعتبار أن المقصود من استخدام العقل عند فقهاء الشيعة إنما هو استخدام الأدلة العقلية التي أسس عليها علم أصول الفقه – في التصور الشيعي – العلم الذي لعلماء الشيعة باع طويل في تأسيسه وتأليفه وهي كيفية استخدام الأدلة العقلية لفهم الأحكام الشرعية وبغض النظر عن منطوقها مثل مبحث الظن والقطع والاستصحاب والتعادل والتراجيح وغيرها من الأبحاث الأصولية التي ذكرها علماء " أصول الفقه " في كتبهم، و " أصول الفقه " علم جميل بحد ذاته وله مزاياه العقلية ومع الأسف البالغ إن الفقهاء لم يستخدموها في اللباب بل استخدموها في القشور.
وقبل أن أتحدث في النظرية الاجتهادية أود أن أذكر هنا أمرين لا بد من الإشارة إليهما:
الأمر الأول: أود أن أشير إلى ذلك الخطأ الرهيب الذي وقع فيه كتاب وباحثون كتبوا وأَلَّفُوا ونشروا عن الشيعة في السنوات الأخيرة، فقد عرَّفوا الشيعة بالأصولية أو الإمامية الأصولية وفسروها بأن الشيعة تريد العودة إلى القهقرى لأنهم ترجموا كلمة " الأصول " بالجذور وزعموا أن الشيعة تعود إلى الجذور والماضي في العقيدة ولم يدركوا قط أن الأصولية لا تعني العودة إلى الجذور بل تعني أن الشيعة الإمامية تستخدم قواعداً عقلية اسمها " أصول الفقه " لاستنباط الأحكام الشرعية في العمل الاجتهادي ولذلك لُقِّبوا بِ " الأصوليين " وهناك مئات الكتب أُلِّفَت في " أصول الفقه " وكلها تبحث عن المباحث العقلية التي ذكرت بعضها قبل قليل.(41/73)
الأمر الثاني: إن هناك فئةً صغيرةً من الشيعة تسمي نفسها " الإخباريين " وهم الذين لم يستخدموا علم الأصول أو بالأحرى الأدلة العقلية في استنباط الأحكام الشرعية، وإن العملية الاجتهادية تتم عندهم بالكتاب والسنة والإجماع ومن أشهر علمائهم الشيخ " حر العاملي " صاحب كتاب ( وسائل الشيعة ) الذي يعتبر من أهم المصادر الشيعية في الفقه.
ولنعد مرةً أخرى إلى الطريقة الاجتهادية التي تمتاز الشيعة بها عن غيرها ونود أن نضيف هنا بأن الطريقة الاجتهادية بحد ذاتها أمر حسن وجميل يتلاءم مع التطور الاجتماعي والفكري فكما تسير البشرية نحو الأفضل تتحرك نحو الأكمل لا بد وأنها تصادف أموراً حديثة هي بحاجة إلى قوانين جديدة لم تذكر في المباحث الفقهية من قبل، فالعملية الاجتهادية تسهل استنباط القوانين الشرعية إذا لم تتعارض مع أصول العقيدة، فإذا كان المجتمع متحركاً فلا بد وأن تتحرك القوانين الاجتماعية معه عندما لا تتعارض مع الكتاب والسنة والإجماع، فلو كان علماء الشيعة يسيرون في العمل الاجتهادي كفقهاء للمذهب الجعفري يبينون حلال الله وحرامه شأنهم شأن سائر فقهاء المسلمين الذين وقفوا أنفسهم لله لم يتخذوا على عملهم أجراً ولم يريدوا عليه جزاءً ولا شكوراً لكانت الشيعة بخير ولكانت الأمة الإسلامية على أحسن ما يرام، ولكن مع الأسف الشديد إن فقهاءنا – عن عقيدة أو عن جهل أو ضرورة – أضافوا بدعتين صريحتين إلى العمل الاجتهادي ومسخوا كل معالم الإخلاص والعمل لله وهما كما قلنا الجناحان الخفاقان على رؤوس الشيعة ما دامت السموات والأرض:
الخمس في أرباح المكاسب.
وولاية الفقيه.
الخمس:(41/74)
تقول الآية الكريمة:? واعلموا أنما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل .....(1)? يقول " فضل بن الحسن الطبرسي " وهو من أكابر علماء الإمامية في القرن السادس الهجري في تفسير هذه الآية الكريمة:? اختلف العلماء في كيفية قسمة الخمس ومن يستحقه على أقوال أحدهما ما ذهب إليه أصحابنا وهو أن الخمس يقسم على ستة أسهم سهم لله وسهم للرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وهذان السهمان مع سهم ذي القربى للإمام القائم مقام الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وسهم ليتامى آل محمد وسهم لمساكينهم وسهم لأبناء سبيلهم لا يشاركهم في ذلك غيرهم لأن الله سبحانه حرَّم عليهم الصدقات لكونها أوساخ الناس وعوضهم من ذلك بالخمس ..... وقال أصحابنا: إن الخمس واجب في كل فائدة تحصل للإنسان من المكاسب وأرباح التجارة وفي الكنوز والمعادن والغوص وغير ذلك مما هو مذكور في الكتب ويمكن أن يستدل على ذلك بهذه الآية(2)...? إن تفسير الغنيمة بالأرباح من الأمور التي لا نجدها إلا عند فقهاء الشيعة فالآية صريحة وواضحة بأن الخمس شرعت في غنائم الحرب وليس في أرباح المكاسب وأظهر دليل قاطع على أن الخمس لم يشرع في أرباح المكاسب هو سيرة النبي الكريم?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم?وسيرة الخلفاء من بعده بما فيهم الإمام " علي " وحتى سيرة أئمة الشيعة حيث لم يذكر أرباب السَّيَر الذين كتبوا سيرة النبي الكريم?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? ودونوا كل صغيرة وكبيرة عن سيرته وأوامره ونواهيه أن الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? كان يرسل جباته إلى أسواق المدينة ليستخرج من أموالهم خمس الأرباح مع أن أرباب السير يذكرون حتى أسامي الجباة الذين كان الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? يرسلهم لاستخراج الزكاة من أموال المسلمين، وهكذا فإن الذين أرَّخو حياة
__________
(1) - الأنفال 41
(2) - الطبرسي مجمع البيان في تفسير القرآن ج4 ص543(41/75)
الخلفاء الراشدين بما فيهم الإمام " علي " لم يذكروا قط أن أحداً منهم كان يطالب الناس بخمس الأرباح أو أنهم أرسلوا جباة لأخذ الخمس، وحياة الإمام " علي " معروفة في الكوفة فلم يحدث قط أن الإمام بعث الجباة إلى أسواق الكوفة ليأخذوا الخمس من الناس أو أنه طلب من عماله في أرجاء البلاد الإسلامية الواسعة التي كانت تحت إمرته أن يأخذوا الخمس من الناس ويرسلونها إلى بيت المال في الكوفة كما أن مؤرخي حياة الأئمة لم يذكروا قط أن الأئمة كانوا يطالبون الناس بالخمس أو أن أحداً قدم إليهم مالاً بهذا الاسم.
وكما قلنا قبل قليل إن هذه البدعة ظهرت في المجتمع الشيعي في أواخر القرن الخامس الهجري فمنذ الغيبة الكبرى إلى أواخر القرن الخامس لا نجد في الكتب الفقهية الشيعية باباً للخمس أو إشارةً إلى شمول الخمس في الغنائم والأرباح معاً، وهذا " محمد بن الحسن الطوسي " من أكابر فقهاء الشيعة في أوائل القرن الخامس ويعتبر مؤسس الحوزة الدينية في النجف لم يذكر في كتبه الفقهية المعروفة شيئاً عن هذا الموضوع مع انه لم يترك صغيرةً أو كبيرةً من المسائل الفقهية إلا وذكرها في تآليفه الضخمة.(41/76)
لقد سنت هذه السنة السيئة في عصر كانت فيه الخلافة العباسية والسلطة الحاكمة لا تعتقد بشرعية مذهب أهل البيت وبالنتيجة لا تعترف بفقهائهم لكي تخصص لهم مرتبات يعيشون منها كما كانت الحالة بالنسبة لسائر فقهاء المذاهب الأخرى، ولم تكن الشيعة حتى ذلك التاريخ متماسكة بالمعنى المذهبي حتى تقوم بإعالة فقهائنا فكان تفسير الغنيمة بالأرباح خير ضمان لمعالجة العجز المالي الذي كان يقلق حياة فقهاء الشيعة وطلاب العلوم الدينية الشيعية آنذاك ولكن هذا لا يعني أن الشيعة لم تساهم في إعالة الفقهاء وطلاب العلوم الدينية، ففي العراق وهوا لمهد الأول للشيعة توجد حتى اليوم أملاك وبنايات وأراضي وقفت في القرن الخامس الهجري على الأمور الخيرية للشيعة، وبعد أن أسست هذه البدعة أضيفت إليها أحكام مشددة لكي تحمل الشيعة على التمسك بها وعلى تنفيذها، ولم يكن من بد في حمل الشيعة على بول إعطاء الخمس وهو الأمر الذي ليس من السهل على أحد أن يرتضيه إلا بالوعيد فدفعه الضرائب في أي عصر ومصر وفي أي مجتمع مهما كان شأنه من الثقافة والديمقراطية والحرية يواجهه امتعاض من الناس، وبما أن فقهاء الشيعة لم تكن لهم السلطة لكي يرضخوا العامّة على استخراج الخمس من أرباح مكاسبهم طوعاً ورغبة فلذلك أضافوا إليها أحكاماً مشددة منها الدخول الأبدي في نار جهنم لمن لم يؤد حق الإمام وعدم إقام الصلاة في دار الشخص الذي لم يستخرج الخمس من ماله أو الجلوس على مائدته وهكذا دواليك، كما أن فقهاء الشيعة أفتوا بأن خمس الأرباح الذي هو من حق الإمام الغائب كما مرت الإشارة إليه يجب تسليمه إلى المجتهدين والفقهاء الذين يمثلون الإمام وهكذا سرت البدعة في المجتمع الشيعي تحصد أموال الشيعة في كل مكان وزمان، وكثير من الشيعة حتى هذا اليوم يدفع هذه الضريبة إلى مرجعه الديني وذلك بعد أن يجلس الشخص المسكين هذا أمام مرجعه صاغراً ويقبل يده بكل خشوع وخضوع ويكون فرحاً مستبشراً بأن(41/77)
مرجعه تفضل عليه وقبل من حق الإمام، وبعض فقهاء الشيعة ومن بينهم الفقيه " أحمد الأردبيلي " وهو من أبرز فقهاء عصره حتى أنه لقب بِ " المقدس الأردبيلي " أفتوا بعدم جواز التصرف بالخمس في عهد الغيبة الكبرى كما أن بعض فقهاء الشيعة وهم قليلون أفتوا بأن الخمس ساقط من الشيعة مستندين على رواية عن الإمام " المهدي " : ? أبحنا الخمس لشيعتنا ? غير أن الأكثرية من فقهاء الشيعة ضربوا عرض الحائط أراء الأقلية وأجمعوا فيما بينهم على وجوب استخراج الخمس.(41/78)
وكم أتمنى أن يترفع الفقهاء والمجتهدون عن أموال الشيعة ولا يرتضون لأنفسهم أن يكونوا عالة عليهم بذريعةٍ ما أنزل الله بها من سلطان، إن بعض علماء الشيعة يدافع عن أخذهم الخمس من أموال الشيعة بأنها أموال تصرف على المدارس الدينية والحوزات العلمية والشؤون المذهبية الأخرى ولكن المناقشة ليست في أن تلك الأموال تصرف كيف ولماذا؟ بل المناقشة أصولية وواقعية ومذهبية وهي أن تلك الأموال تؤخذ زوراً وبطلاناً من الناس، وحتى إذا صرفت في سبيل الله فإنها غير شرعية لا يجوز التصرف فيها، لقد كان باستطاعة فقهاء الشيعة أن يبنوا أنفسهم على الاكتفاء الذاتي وان يكون الفقيه معتمداً على نفسه شأنه شأن أرباب الصناعات الأخرى كما أن باستطاعتهم الحصول على أموال لتنمية العلم والعلماء ولكن باسم التبرعات والهبات لا باسم الواجب الشرعي وأوامر السماء ، وعندما أكتب هذه السطور أعرف مجتهداً من مجتهدي الشيعة لا زال على قيد الحياة وقد ادَّخر من الخمس ما يجعله زميلاً لِ " قارون " الغابر أو القوارين المعاصرين، وهناك مجتهد شيعي في " إيران " قتل قبل سنوات معدودة كان قد أودع باسمه في المصارف مبلغاً يعادل عشرين مليون دولاراً أخذها من الناس طوعاً أو كرهاً باسم الخمس والحقوق الشرعية وبعد التي واللتيا ومحاكمات كثيرة استطاعت الحكومة الإيرانية وضع اليد على تلك الأموال كي لا يقتسمها الورثة فيما بينهم، هذه صورة محزنة من آثار بدعة الخمس التي تبناها فقهاء الشيعة، إن الزعامات المذهبية الشيعية استطاعت البقاء مستقلة عن السلطات الحاكمة حتى في البلاد الشيعية بسبب هذا الرصيد الذي لا ينضب فما دامت الزعامة المذهبية الشيعية ترى نفسها شريكة مع القواعد الشيعية في أرباح مكاسبها في أي زمان ومكان فإن الاستقرار الفكري لا يجد إلى المجتمع الشيعي سبيلاً والسبب واضح ومعروف لأن هذه الزعامات بسبب هذه الميزانيات الضخمة التي لا يحتاج الحصول عليها إلى الجباة(41/79)
وعمال الضرائب بل تأتيها طائعة مخلصة استطاعت أن تجعل من زعامة الشيعة صرحاً سياسياً يحرك الشيعة في الاتجاه الذي تريد، فلذلك نرى أن تلك الزعامات استخدمت الشيعة في كثير من أغراضها السياسية والاجتماعية عبر التاريخ.
وفي " إيران " القطر الشيعي كانت لنتائج هذا التفاعل بين الشيعة وزعمائها الدينيين آثار سيئة لا تعد ولا تحصى، ولقد وصلت الأمور إلى أبعد ما يتصور من سوء عندما أضيفت إلى بدعة الخمس في أرباح المكاسب بدعة ولاية الفقيه، وقبل أن نبحث ولاية الفقيه بصورة مسهبة نود ان نضيف هنا لنكون أمناء على التاريخ وصادقين في رسالتنا هو أن بعض الزعامات الشيعية خدم الفكر الإسلامي وخدم قضايا وطنية في محاربة الاستعمار أو الاستبداد الحاكم مرات ومرات ولكننا عندما نقارن بين استخدام الأكثرية نفوذها في سبيل المصالح الخاصة ونضعها في ميزان لنرى أن كفة المصالح الخاصة تتأرجح على المصالح العامة بصورة تدهش المرء وتوحي إليه بالأسى والحزن.
ولاية الفقيه(41/80)
ولاية الفقيه هي الجناح أو البدعة الثانية التي أضيفت إلى سلطة الذين يدّعون أنهم نواب الإمام " المهدي " في عصر الغيبة الكبرى، وهذه الفكرة بالمعنى الدقيق فكرة حلولية دخلت الفكر الإسلامي من الفكر المسيحي القائل: إن الله تجسد في المسيح والمسيح تجسد في الحبر الأعظم وفي عصر محاكم التفتيش في إسبانيا وإيطاليا وقسم من فرنسا كان " البابا " يحكم المسيحيين وغيرهم باسم السلطة الإلهية المطلقة حيث كان يأمر بالإعدام والحرق والسجن وكان حراسه يدخلون البيوت الآمنة ليل نهار ليعيثوا بأهلها فساداً ونكراً، وقد دخلت هذه البدعة إلى الفكر الشيعي بعد الغيبة الكبرى وأخذت طابعاً عقائدياً عندما أخذ علماء الشيعة يسهبون في الإمامة ويقولون بأنها منصب إلهي أنيط بالإمام كخليفة لرسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وبما أن الإمام حيّ ولكنه غائب عن الأنظار ولم يفقد سلطته الإلهية بسبب غيبته فإن هذه السلطة تنتقل منه إلى نوابه لأن النائب يقوم مقام المنوب عنه في كل شيء، وهكذا أخذت فكرة ولاية الفقيه تشغل حيزاً كبيراً في أفكار فقهاء الشيعة غير أن كثيراً منهم أنكروا الولاية بالمعنى الذي نقدم ذكره وقالوا إن الولاية خاصة بالرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? والأئمة الإثني عشر من بعده ولا تنتقل إلى نواب الإمام، وإن ولاية الفقيه لا تعني أكثر من ولاية القاضي الذي يستطيع تعيين أمين على وقف لا متولي له أو نصب قيِّم على مجنون أو قاصر، ويبدو أن فكرة ولاية الفقيه مع تبني بعض فقهاء الشيعة لها لم تجد الفرصة المواتية للخروج من حيز الفكر إلى حيز العمل إلا بعد أن استلم السلطة في إيران الشاه " إسماعيل الصفوي " وهو العصر الذي عبرنا عنه بعصر الصراع الثاني بين الشيعة والتشيع.(41/81)
والشاه " إسماعيل " ينحدر من أسرة صوفية كان مقرها مدينة " أردبيل " الواقعة في شمال غربي " إيران " وكان أجداده من أقطاب الحركة الصوفية التي شعارها " حب علي وأهل بيته " وكان لهم نفذ قويّ في مقاطعة " أذربيجان " التركية وفي عام / 907 / هـ استطاع الشاه " إسماعيل " أن يُنَصِّبَ نفسه ملكاً على إيران بعد أن كانت الحروب العثمانية الإيرانية قد أنهكت إيران تماماً، ولا شك أنه كانت وراء الشاه " إسماعيل " - الذي توج رسمياً وهو بعد في سن الثالثة عشرة - قيادات صوفية قوية تحرك الملك الفتى إلى مآربها ولم تكن إيران شيعية عند استلام الشاه " إسماعيل " السلطة اللهم إلا مدناً قليلة منها " قمّ " و " قاشان " و " نيسابور " فأعلن الشاه المذهب الشيعي مذهباً رسمياً لإيران وبدأت جحافل الصوفية تتحرك بين المدائن الإيرانية تنشد الأشعار والمدائح في حق " علي " وأهل بيته وتحث الناس على الدخول في المذهب الشيعي وأعمل الشاه " إسماعيل " السيف في رقاب الذين لم يعلنوا تشيعهم، ومن طريف القول أن نذكر هنا أن سكان مدينة " أصفهان " كانوا من الخوارج فعندما وصلهم أمر الشاه بقبول التشيع أو قطع الرقاب طلبوا منه أن يمهلهم أربعين يوماً ليكثروا فيها من سب الإمام " علي " ثم يدخلوا في المذهب الجديد فأمهلهم الشاه كما أرادوا وهكذا انضمت "أصفهان" إلى المدن الشيعية الأخرى، ومع أن الشاه " إسماعيل " كان شيعياً بقرارة نفسه وبحكم نشأته ومقامه الصوفيّ إلا أن إعطاء الصفة الشيعية الخالصة لإيران كان يهم النظام الجديد كثيراً فالحروب العثمانية وإن كانت في حقيقتها حروباً إقليمية لها جذورها الماضية إلا أن الاستمرار في هذه الحرب كان يصطدم بفكرة حرمة حرب المسلم مع المسلم وقتل المسلم للمسلم الأمر الذي كان يلاقي معارضة داخل إيران وكانت فكرة الانضمام للخلافة العثمانية والرضوخ لأمر الخليفة الذي كان يلقب بأمير المؤمنين أمراً له أنصاره ، ولكن المذهب(41/82)
الجديد الذي أملاه الشاه على الشعب الإيراني أعطى تماسكاً قوياً للإيرانيين وقضى على كل الآمال التي كانت تراود الخليفة العثماني لضم إيران إلى خلافته، وفي حين أن الشاه كان يرى نفسه قطباً صوفياً وملكاً أسس للشيعة مجداً لم يؤسس أحد مثله من قبل إلا أنه رضخ لولاية الفقيه وطلب من " علي بن عبد العال الكركي العاملي " كبير علماء الشيعة بجبل عامل بِ " لبنان " أن يحكم له دعائم السياسة والملك ويجيزه الجلوس على كرسي الملك والحكم باسم الولاية العامة التي هي من صلاحيات الفقيه ولا زالت الكتب التاريخية تحتفظ بالنصوص الواردة في إجازة " الكركي " للشاه، إن رجوع الشاه إلى عالم شيعي في " جبل عامل " بلبنان في إبان حكمه لإسناد نظامه دليل قاطع على أن الزعامة المذهبية الشيعية كان مقرها آنذاك في " جبل عامل " الموطن الثاني للشيعة بعد العراق، ولذلك آياتها نستغرب أبداً عندما نعلم أن حفيد الشاه " إسماعيل " وهو الشاه " عباس " استقدم من " جبل عامل " العالم الشيعي الكبير الشيخ " بهاء الدين " إلى مقر عاصمته " أصفهان " ليكون المرجع الرسمي للبلاد ولقبه بِ " شيخ الإسلام " ومن كل ما أسلفنا يظهر بوضوح أن فكرة " ولاية الفقيه " كانت موجودة في الفكر الشيعي وعليها كانت تبنى فكرة عدم شرعية الخلافة الإسلامية أو أية حكومة أخرى إلا إذا أجازها وباركها الفقيه الذي يمثل الإمام الحي الغائب المنصوب بأمر الله.(41/83)
ومنذ أن أدخل لاشاه " إسماعيل الصفوي " الإيرانيين في المذهب الشيعي وحتى كتابة هذه السطور فإن للزعامة المذهبية الشيعية نفوذ واسع وكبير في إيران ويحظى باحترام عظيم من قبل الملوك والحكام، ومع أن العلاقات بين الزعامة المذهبية والزعامة السياسية المتمثلة بالملوك والحكام كانت على خير ما يرام عبر التاريخ إلا أنه كان يحدث في بعض الأحيان صراع بينهما ينتهي بانتصار أحدهما على الآخر، ومنذ أن استطاع الشاه " إسماعيل " أن يجعل من ولاية الفقيه منصباً يعلو على مقام الشاه وكل المناصب الأخرى لم يحدث قط أن فقيهاً من فقهاء الشيعة رشح نفسه للحكم مباشرة، وفكرة ولاية الفقيه بالمفهوم الذي ظهر في تاريخنا المعاصر ومن الناحية التطبيقية لم تكن تدور في خلد الفقهاء، فلم يستخدم الفقهاء في إيران حقهم في ولاية الفقيه أكثر من الوقوف في وجه السلطان الحاكم إذا ما حصلت بينهم المجابهة أو الوقوف مع السلطان في مجابهة الأعداء، وقبل أقل من قرنين وعندما أراد الشاه " فتح علي القاجار " أن يغزو القيصر في عقر داره كان كبير مجتهدي الشيعة السيد " محمد الطباطبائي " الملقب بالمجاهد يتقدم جيوش الشاه وقواده لغزو " روسيا " وقد أفتى بالجهاد باسم ولاية الفقيه، وعندما دحرت إيران في تلك الحرب وتنازل الشاه عن سبعة عشر مدينة كبيرة من أهم المدن الإيرانية إلى روسيا تنازلاً لا رجعة فيه وعاد الجيش المهزوم إلى إيران ومعهم السيد المجاهد استقبلهم الإيرانيون بهتافات الخزي والأوساخ استنكاراً منهم لموقف زعيم ديني يقود إيران نحو الهلاك والكارثة التي لن تنسى.(41/84)
وفي تاريخنا المعاصر وهو عهد الصراع بين الشيعة والتشيع بدأت ولاية الفقيه تظهر على مسارح الأحداث في البلاد الشيعية بصورة حادّة وعنيفة أخذت تعصف بكل القيم الإسلامية والإنسانية على السواء ولعل من أهم المفارقات التي تدين هذه النظرية هي حدوث ذلك الصراع الرهيب بين الفقهاء أنفسهم حول الفكرة واضطهاد القوة الحاكمة للقوة الفقهية المحكومة، ومع أننا في رسالتنا التصحيحية هذه لا نريد أن نسمي الأشخاص ونعدد الأسماء حتى لا نفقد صفة الحياد التي هي من أهم شروط التوفيق في كل رسالة هي لله، ولكن الأحداث التي نشير إليها هي من الوضوح بمكان ويعرفها كل شيعي ملم بأحداث العالم الشيعي فأحداثها وقعت أمام أعينهم أو على مسمع منهم فلذلك نحن واثقون بأنه لا يوجد شيعي واحد من الذين كتب هذا الكتاب لأجلهم يطالبنا بتوثيق ما يتضمنه هذا الفصل بذكر الأسماء والمصادر لأن إحداث ولاية الفقيه وما رافقها من المآسي في المجتمعات الشيعية سواء أكانت في إيران أو غيرها لهي أظهر من الشمس في رائعة النهار.(41/85)
وأعود الآن إلى البحث في ولاية الفقيه من الناحية النظرية والعملية معاً فأساس النظرية لدى فقهاء الشيعة يرتكز على الآية الكريمة? يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم(1) ... ?ويقول علماء الشيعة: إن المقصود من أولي الأمر في الآية الكريمة إنما هو الخليفة أو الإمام الشرعي الذي هو الإمام " علي " ومن بعده أولاده حتى الإمام " المهدي " وفي غيبة الإمام " المهدي " تكون الولاية للفقهاء المجتهدين الذين يحلون محل الإمام وهو النواب العامون، وخطأ هذا التفسير أوضح من وضوح الشمس فقبل كل شيء تصطدم نظرية ولاية الفقيه بنص صريحٍ جاء في القرآن الكريم وضح صلاحية الفقهاء بعبارة واضحة وصريحة، ومن دواعي الأسف والحزن أن كل أولئك الذين أسهبوا في بطلان نظرية الفقيه لم يذكروا هذه النقطة الجوهرية التي تدحض فكرة ولاية الفقيه من أساسها وتنسفها نسفاً أبدياً حتى قيام الساعة، فالآية الكريمة التي تفند ولاية الفقيه وتنص على مقدار صلاحيته هي? فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون(2) ....? فالآية صريحة أن واجب الفقيه هو التبليغ والإرشاد في شؤون الدين وليست في الآية إشارة إلى وجوب إطاعة الفقيه أو ولايته، فليت شعري كيف خفيت هذه الآية الكريمة على العلماء والباحثين ونحن معاشر الشيعة كسائر المسلمين نجمع إجماعاً عاماً على أنه لا اجتهاد أمام النص، إذن فكرة ولاية الفقيه تتعارض مع نص الكتاب ومن يعارض النص الإلهي يعتبر خارجاً عن الإسلام ولنعد إلى الآية الكريمة مرةً أخرى:? يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول(3) ... ? إن من يقرأ هذه الآية الكريمة من غير أن يقطع أجزاءها حسب رغبته يعلم علم اليقين أن إطاعة أولي الأمر تختلف عن إطاعة
__________
(1) - الأنفال 59
(2) - التوبة 122
(3) - الأنفال 59(41/86)
الله ورسوله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وأنها إطاعة محددة وفي نطاق صلاحيات أنيطت بالوالي حسب طبيعة عمله حتى أن الحكم في التنازعات بين المسلمين سلب عنه كما تنص الآية، ثم إن الآية واضحة وصريحة أنها نزلت في الذين عينهم الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? في عهده كولاة ينوبون عنه في شؤون المسلمين فالآية نزلت في عهد الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وهي تخص عهده والإشارة إليه إشارة شخصية لا عمومية، ولكن حتى إذا أخذنا بعموم الآية وأنه تشمل أولي الأمر بعد عصر الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? فإنها واضحة في عدم وجوب إطاعة أوامرهم في التنازعات التي تحدث بين المسلمين الأمر الذي يقلل من شأن أولي الأمر ويفقدهم صلاحية الولاية العامّة أو الولاية المطلقة.
وليت شعري أن أعرف كيف استدل المستدلون بهذه الآية على ولاية الفقيه وإعطائه حق التحكم في شؤون المسلمين السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية؟ فإذا كان لا يحق لأولي الأمر التدخل في تنازعات المسلمين كما نص عليه الكتاب حتى لا يتخذ اسم الله ورسوله ذريعة لكي يحكم المجتمع الإسلامي حسب أهوائه وعقائده بدون الأخذ بالشورى فهل يمكن القول أن نائب أولي الأمر يتمتع بحقوق أكثر من المنوب عنه؟(41/87)
وفي إيران وهي مهد ولاية الفقيه في التاريخ المعاصر الذي عبرنا عنه بعصر الصراع الثالث بين الشيعة والتشيع استطاعت ولاية الفقيه أن تحتل الصدارة في الدستور الإيراني الجديد وتحتل أهم المواقع الأساسية منه كما استطاعت أن تسيطر على السلطة المطلقة في بالبلاد، ولكن مع كل هذا لم يستطع حماة الدستور والذين وضعوه والذين دافعوا عنه من حل التناقضات الصارخة بين التطبيقات العملية وبين النظرية الفقهية ولذلك أصبحت النظرية في نظر المجتمع الشيعي نظرية مهلهلة ضعيفة وركيكة مع القوة المادية الهائلة التي تساندها ولعل من أولي هذه المفارقات والتناقضات الصارخة والتي تتساءل الشيعة عنها في كل مكان هي: هل أن ولاية الفقيه منصب ديني أم منصب سياسي؟ فإذا كانت منصباً دينياً لا يخضع للانتخاب ولا يخضع للعزل ولا يخضع للتفريق فكل من بلغ مرتبة الفقاهة اتصف بصفة الولاية وشملته الحصانة ويجب على المسلمين إطاعة أوامره والرضوخ لولايته، ولكن حدث أن فقهاء نُكبوا وأُهينوا وسُجنوا وشُرِّدوا ولا زال بعضهم قيد الأٍسر والسجن بسبب مواقفهم الفكرية أو السياسية من سلطان الفقيه الحاكم، أما إذا كانت ولاية الفقيه منصباً سياسياً فلماذا ربط بالدين وبالمذهب وظهر في مظهر العقيدة ووجوب الإطاعة لصاحبه؟ ثم كيف يمكن من الناحية العملية أن يتصور المرء ولاية الفقيه عندما يتضارب الفقهاء بينهم في الآراء وكلهم في مدينة واحدة؟ فلمن يا ترى يجب على المسلمين أن يستجيبوا ويطيعوا وكيف يجمعوا بين آراء متضاربة أو متناقضة؟ حقاً إن إسناد قانون كهذا إلى الإسلام إهانة إلى ذلك الدين القيّم الذي أرسله الله ليرفع من القيم الإنسانية، ونظرية ولاية الفقيه تجاوزت إيران وتسربت إلى مناطق شيعية أخرى وبدأت تعصف بالشيعة هناك كما عصفت بها في إيران وإني أخشى أن يعم البلاء على الشيعة في كل مكان ويهزهم هزاً لا استقرار بعده، فلو علمت الشيعة بالفجائع التي ارتكبت باسم ولاية(41/88)
الفقيه ولا زالت ترتكب لاقتلعت ظل الفقهاء من كل ديار يحلون فيها ولفرت منهم فرار الشاة من الذئب، فأثناء كتابة هذه السطور هناك في إيران القطر الشيعي رد فعل عنيف بالنسبة للمذهب وما رافقه من سلطة الفقهاء والمرجعية المذهبية وذلك بعد أن عانى الشعب الإيراني من ولاية الفقيه ما عاناه، إنه عناء يهدد المجتمع الشيعي في إيران بالخروج من الإسلام أفواجاً أفواجاً، ولذلك إنني أدعو الله مخلصاً أن تصل رسالتي الإصلاحية إلى يد الشيعة في إيران وذلك قبل فوات الأوان وليعلموا أن طريق الخلاص ليس الهدم والإنكار فقط بل البدء بالبناء والإصلاح، ولكي لا يتصور القارئ الكريم أنني أقصد شخصاً خاصاً من الفقهاء الذين أمسكوا زمام السلطة باسم ولاية الفقيه بل أود القول: إن الفكرة الشمولية تعمّ الجميع ولا نقصد فرداً خاصاً، فنحن عندما نمعن النظر بدقة وتفحص في الأحداث التي تجري على الساحة الإسلامية والشيعية نرى أن ولاية الفقيه تلعب دوراً بارزاً في أحداث تتناقض مع مبادئ الإسلام الصريحة، وإن الأكثرية من الفقهاء لم يقفوا موقفاً مناهضاً منها فالأكثرية بين مؤيد أو محايد اللهم إلا القليل منهم والذين لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد الواحدة.
التصحيح:
إذا استطاعت الشيعة أن تنفذ الطرق التصحيحية التي نحن نطالبها بها للخلاص من الأمور الثلاثة التي أشرنا إليها في هذا الفصل والتي هي تخصهم في الصميم لسلكت شوطاً كبيراً في طريق التصحيح وأراحت نفسها واستراحت من قيود قيدهم بها عباد الله مخالفاً لأوامر الله، والأمور الثلاثة هي:
أولاً – التقليد:(41/89)
وهو الأخذ برأي المجتهد والعمل عليه في المسائل الشرعية وقلما يوجد بيت لا توجد فيه رسالة من الرسائل الفقهية التي ألفها المجتهدون لعوام الناس وتسمى بالرسالة العملية مع إضافة أسماء إليها مثل " ذخيرة الصالحين " " سراط النجاة " أو " ذخيرة العباد " وأمثالها، وغن المتتبع لهذه الرسائل العملية يجد أن هؤلاء الفقهاء منذ قرون عدة وحتى هذا اليوم دونوا في أول صفحة من رسائلهم المشار إليها هذه العبارة? يجب على كل مكلف عاقل أن يكون مجتهداً أو مقلداً أو محتاطاً أي عارفاً بموارد الاحتياط وعمل العامي في الفروع من غير تقليد باطل عاطل ? وتعني هذه النظرية التي أجمع عليها فقهاء الإمامية منذ الغيبة الكبرى وحتى هذا اليوم أن الذي يعمل بالاحتياط هو في حلٍّ من التقليد والأخذ برأي غيره، العمل الاحتياطي يعني أن يعلم المكلف موارد الاختلاف في المسائل الفرعية يختار الأقرب منها إلى الصواب، أما في أصول العقيدة فلا يجوز التقليد ويجب أن يكون المسلم معتقداً مؤمناً بها عن بصيرة ودراية، فالحل الذي نعرضه على الشيعة ونطلب منهم أن يلتزموا به لضمان سعادتهم في الدنيا والآخرة هو أن يعملوا بالاحتياط وليس في العمل الاحتياطي أي خروج على المذهب أو مغايرة لإجماع فقهاء الشيعة الأمر الذي يسد على الفقهاء أبواب حث الشيعة على النهوض ضد التصحيح أو تخويفهم بعذاب الله في يوم القيامة، أما إذا حدثت للشيعة مسائل مستحدثة وهي قليلة جداً وأعني بها المسائل التي لم تتطرق إليها أبواب الفقه من قبل فحينئذ يمكن استشارة مجتهد أو مجتهدين لحلها وها أنا - بحول الله وقوته - سأضمن للشيعة إصدار رسالة عملية فقهية تحتوي على الآراء الاحتياطية في المسائل التي هي عامة البلوى وذلك بمساعدة علماء وفقهاء أخلصوا لله في نياتهم ولا يريدون عليه جزاءً ولا شكوراً.
ثانياً – الخمس:(41/90)
لقد وقع فقهاء الإمامية في مأزق عظيم عندما أجمعوا أن نصف الخمس وهو حق الله ورسوله والإمام الغائب ويجب أن يعطى للمجتهد الذي يقلده الشيعي العامي والنصف الآخر يقسمه على الفقراء الهاشميين واليتامى وأبناء السبيل منهم، فقد غاب عنهم أن كان هذا هو الحكم الشرعي بالنسبة للمقلدين من العوام ولكن ما هو الحكم بالنسبة للمحتاط الذي لم يأخذ برأي فقيه واحد فهل أن الخمس ساقط عنه؟ أم أنه يستطيع التصرف فيع كما يشاء، ومن هنا يظهر أن بدعة الخمس بالمفهوم الشرعي مع إصرار الفقهاء عليها لم تكن دقيقة وفيها فجوات تحكي ببطلانها بوضوح، إن بدعة الخمس بالمفهوم الشيعي إنما هو مفهوم مخالف لسنة الرسول والخلفاء الراشدين وأئمة الشيعة لأن الخمس في الإسلام هو الخمس في الغنائم وليس في أرباح التجارة والمكاسب قط.
ومن هنا أطالب الشيعة في هذه الرسالة التصحيحية وأحثهم على أن لا يدفعوا هذه الضريبة التي ما أنزل الله بها من سلطان لأي فقيه وتحت أي غطاء ولكنني أحثهم على المساهمة في الأمور الخيرية ومساعدة الفقراء والمؤسسات الاجتماعية والعلمية مباشرة وبلا وسيط وليعلموا أن الأمم التي وصلت إلى قمة المجد إنما وصلت بالسخاء والعطاء، وإذا أرادت الشيعة أن تساعد الفقراء والمجتهدين ورجال الدين فنعما وهذا حسن وجميل ولكن على أن تكون مساعدة شخصية لقضاء مآربهم الخاصة لا لكي يكونوا وسطاء في توزيع الأموال على الغير كما هو شأنهم حتى كتابة هذه السطور.
ثالثاً – ولاية الفقيه:(41/91)
وهنا أكرر ما قلته من قبل وهو أنني أعتقد أنه لم يسبق لفكرة دينية في التاريخ البشري كلفت البشرية من الدماء والأحزان والآلام والدموع بقدر ما كلفته ولاية الفقيه عند الشيعة منذ ظهورها وحتى هذا اليوم، ولا أعتقد أننا بحاجة لكي نطلب من الشيعة أن تقاوم هذه الفكرة وتقف ضدها فالفكرة ولله الحمد بدأت تنسف نفسها بنفسها وعندما يبدأ الهدم الداخلي يتفاعل في نظرية أو فكرة بسب فشلها في التطبيق أو بسبب المآسي التي ترتكب باسمها تكون النظرية في طريقها إلى الاضمحلال والزوال التام.
الغلو
? ولا تغلو في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل(1) ...?
عندما يصل الإنسان إلى مرحلة التكامل ويعلو على الملائكة فهو في غنى عن الخزعبلات والأوهام التي تنسج حوله وتشوِّه صورته الوضاءة.
الغلو
الغلو النظري
الغلو العملي
الغلو النظري
هناك مظاهر كثيرة للغلو تبدأ بالغلو النظري وتنتهي بالغلو العملي، والغلو النظري بكل اختصار اعتقاد الإنسان في حق إنسان آخر أنه قادر على الإتيان بكرامات أو معجزات أو أمور خارقة وغير عادية لا يستطيع الإتيان بها عامة الناس، كما أن الإيمان بتأثير إنسان ما حياً كان ذلك الإنسان أو ميتاً في حياة الآخرين خيراً أو شراً وفي الدنيا والآخرة هو مظهر كبير من مظاهر الغلو، والغلو النظري المسطور في كتب الروايات والأحاديث ونسبة الأمور العجيبة والخارقة إلى الأئمة والأولياء والمشايخ كانت السبب في تنمية الغلو العملي وما يصدر من عامة الناس في مقابر الأئمة والأولياء والمشايخ في إظهار العبودية وتقديم النذورات وطلب الحاجة المباشرة منهم وأمور أخرى لا تعد ولا تحصى.
__________
(1) - المائدة 77(41/92)
وفكرة الغلو تحتل قلوب كثير من الناس حتى من غير المسلمين وتشارك الفرق الإسلامية الأخرى الشيعة في غلوهم بالنسبة للأئمة والأولياء نستثني منهم ( السلفية ) الذين استطاعوا أن يحطموا القيود التي قيدت عقول الناس وقلوبهم على السواء، غير أن الشيعة سبقت الفرق الإسلامية الأخرى في هذا المضمار كثيراً ويعود هذا الإسراف في الغلو إلى كتب الروايات التي لم تهذب وموقف الفقهاء من تلك الروايات وعدم تفنيدهم لمحتواها، فقد ذكرت كتب الشيعة والتي تعتبر موثوقة قصصاً في معجزات الأئمة وفي كراماتهم هي لا تقل عن تلك التي نجدها في كتب روايات الفرق الإسلامية الأخرى عن المشايخ والأولياء وشيوخ الصوفية، ولا أريد أن أدخل في ذلك الجدل العقيم هل أن هذه الروايات صادقة أم أنها من نسج الخيال؟ وأنها حيكت في عصر كانت أذهان العامة لا ترتضي ولا تطمئن إلا أن تسمع قصصاً مثيرةً عن حياة كبرائهم،ولكن النقطة الأساسية والتي أرتكز عليها في هذا البحث هي أننا نحن كمسلمين وكأمة نعتقد بأن المعطيات العقلية هي أكثر المعطيات اتباعاً وقبولاً وهي التي تغنينا عن السير أشواطاً وراء السراب، ونحن معاشر الشيعة بالذات قد اتخذنا المذهب العقلي جزءاً من استنباط أحكامنا الفقهية وهناك رواية ذكرها الكليني في?أصول الكافي? متواتراً عن الإمام "الصادق" جاء فيها:?إن أول ما خلق الله العقل فقال له: أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر ثم قال: فبعزتي وجلالي بك أعاقب وبك أثيب? ومن هنا اتخذت الشيعة تلك القاعدة العقلية التي تقول:?كل ما حكم به العقل حكم به الشرع? أي أن المستقبلات العقلية التي لا يجد العقل إلا بداً من قبولها أو رفضها فالشرع يحكم بذلك وها أنا أسأل: أين موقف العقل من هذه الخزعبلات التي رواها الرواة بالنسبة لأئمتنا من المعجزات والكرامات؟ وأين العقل من هذا الغلو الجارف الذي يمنع المرء من ذكر الله والتوجه إليه؟ ثم لماذا ونحن الشيعة لا نعطي لأئمتنا حقهم(41/93)
في المرتبة الرفيعة التي يحتلونها؟ وهي الوصول إلى مرتبة الإنسان الكامل الذي هو معجزة تفوق كل المعجزات الأخرى فقد جاء في الحديث عن الرسول الكريم? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: إن الله خلق الإنسان وركّب فيه العقل والشهوة وخلق الملائكة وركب فيها العقل وخلق البهائم وركب فيها الشهوة فمن غلب عقله على شهوته فهو أعلى من الملائكة ومن غلبت شهوته على عقله فهو أدنى من البهائم? إن هذه المرتبة الإنسانية الكبرى التي أنعم الله بها على الأئمة وعباده الصالحين حيث بلغوا مرتبة هي أعلى من الملائكة تغنيهم ورب الكعبة من أن تنسج حولهم الخزعبلات ما تضحك الثكلى ثم إن الغلو في بعض الأحيان يجتاز مرحلة المدح وينقلب ذمّاً فمثلاً: إن العصمة التي نسبت إلى الأئمة كما قلنا في فصول سابقة كان الغرض منها تثبيت تلك الروايات الكاذبة التي تتنافى مع العقل والمنطق والتي نسبت إلى الإمام كي يُسَدّ باب النقاش في محتواها على العقلاء والأذكياء ويرغم الناس على قبولها لأنها صدرت من معصوم لا يخطئ، ولكن العصمة في حقيقة حالها إنما هي تنقيص من حق الإمام لا مدح فيه لأن تفسير العصمة بالمفهوم الشيعي تعني أن الأئمة منذ ولادتهم وحتى وفاتهم لم يرتكبوا معصية بإرادة الله وهذا يعني فقدانهم الإرادة في تفضيل الخير على الشر، ولست أدري أية فضيلة تكتب للمرء عند الله إذا لم يستطع القيام بعمل الشر بسبب إرادة خارجة عن ذاته، نعم إذا كانت العصمة تعني أن الأئمة مع القدرة على الإتيان بالمعاصي لن يأتوا بها لعلو في نفوسهم وملكة قوية في أخلاقهم وحاجز يحجزهم عن معصية الله فهذا كلام معقول يتلاءم مع المنطق والعقل ولكن في هذه الحالة لا نستطيع القول: إن هذه النفسية تخص أشخاصاً معدودين وأنها خاصة لأئمتنا فقط بل إناه صفة يستطيع كل إنسان أن يتصف بها إذا التزم حدود الله وأطاع أوامره وانتهى عن نواهيه وحسبنا كتاب الله الذي أعطى لنا مثلاً رائعاً وصورة بليغة(41/94)
لهذه العناية الإلهية في سورة يوسف?وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إن هلا يفلح الظالمون ولقد همت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء من عبادنا المخلصين(1)? والعلم اللدني(2) من هذا النوع أيضاً فما هي الفضيلة في اقتباس العلوم بلا جهد ومثابرة وسعي؟ وأدهى من ذلك أن بعض علمائنا ذهبوا إلى أبعد من ذلك وقالوا: إن الإمام يعلم كل شيء وله معرفة بكل العلوم والفنون ولست أدري أيضاً ما هي الفضيلة بالنسبة إليه أن يكون مهندساً أو ميكانيكياً أو عالماً باللغة اليابانية إنما الفضيلة بالنسبة للإمام أن يكون فقيهاً ورعاً وعالماً ربانياً في شؤون الدين وفي هذا كل الفضل ثم إذا كان القرآن الكريم يقول في رسوله الذي أرسله للناس ضياءً ونوراً?قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً(3)? وينفي عنه العلم بالغيب بقوله:?قل لم كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير(4)? فكيف تسوغ لنا نفوسنا أن ننسب إلى أئمتنا صفات تعلو على صفات رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? أم المعاجز والكرامات التي كانت تصدر عن الأنبياء في حين وآخر ويشير إليها القرآن الكريم فإنها كانت تحدث في عهد التحديات الإنسانية لرسالات السماء وفي عهود كانت البشرية لا تستطيع درك المفاهيم العقلية والفضائل العليا بلغة المنطق والاستدلال وكان لا بد من حملها إلى طريق الإيمان فأنعم الله على أنبيائه وكرّمهم بالمعاجز ليكونوا حجة على الناس وأرسل الله رسوله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? بالمعجزة الخالدة وهو القرآن الكريم إنها المعجزة الأبدية التي تبقى ما شاء الله لها أن تبقى، وبمحمد ختمت الرسالة وختمت المعجزات وأكمل الدين وأتمت النعمة وجاء
__________
(1) - يوسف 22 – 23
(2) - يقصد بالعلم اللدني: العلم الذي يحصل للمرء بالإلهام وبدون جهد ومثابرة.
(3) - الإسراء 85
(4) - الأعراف 188(41/95)
قول الله صريحاً وجلياً:? اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً(1)? ومرةً أخرى ونحن نتحدث عن الغلو النظري عند الشيعة قبل الغلو العملي ونترك الباب مفتحاً لسائر الفرق الإسلامية الأخرى أن تحدث هي عن الغلو الحاكم في قلوب أبنائها وفي بطون كتبها.
إن المؤسف حقاً هو أن الغلو النظري مثل العملي دخل إلى أعماق القلوب عن طريق فقهاء المذهب والمجتهدين فالمسؤولية الأولى والأخيرة تقع على عاتقهم لأنهم هم الذين قادوا العوام على الطريق، فهناك أمور نَسَبَتْها كتب الشيعة إلى الأئمة وتبناها فقهاء المذهب وذكرتها كتب الروايات الموثوقة عندهم مثل " أصول الكافي " و " الوافي " و " الاستبصار " و " ومن لا يحضره الفقيه " و " وسائل الشيعة " وغيرها من أهم الكتب والمصادر الشيعية وفي كثير منها الغلو وفي كثير منها الحط من قدر الأئمة ولكن بصورة غير مباشرة، ومع أننا نستثني بعض علمائنا وبعض مراجعنا حيث اتخذوا موقفاً منصفاً ومعتدلاً من الغلو النظري والعملي غير أن الأكثرية منهم ساروا على درب الغلو من أَلِفِهِ إلى يائه ولعل من أهم مواضيع الغلوّ:
العصمة.
العلم اللدني .
الإلهام.
المعاجز.
الإخبار بالغيب.
الكرامات.
تقبيل الأضرحة وطلب الحاجات.
وهنا أود القول بكل صراحة ووضوح هو أنني عندما أطلب غربلة الكتب الشيعية وتهذيبها من الروايات التي تسيء إلى العقل الإنساني بدلاً من أن تصقله أطلب في الوقت نفسه من علماء الفرق الإسلامية الأخرى أن تهذب وتغربل بدورها كتبها من الروايات التي جاءت فيها وهي لا تقل عن الغرابة والسخف من الروايات التي دونت في كتب الشيعة.
الغلوّ العمليّ
__________
(1) - المائدة 3(41/96)
إن الغلو العملي يتجسد في طلب الحاجات الدنيوية والأخروية من الأئمة والاستغاثة بهم بصورة مباشرة، كما أن تقبيل الأضرحة هو أمر شائع في مراقد الأئمة والأولياء معاً، حقاً لقد سئمت من المناقشة والمناظرة مع فقهائنا – سامحهم الله – حول تقبيل الأضرحة وطلب الحاجات من الأئمة وقراءة الزيارة(1) أمام قبورهم بدلاً من قراءة القرآن الكريم فلم أسمع منهم إلا تكراراً لكلمات قيلت وقيلتن فقد أرادوا أن يجدوا العذر في تقبيل الأضرحة بتقبيل الرسول الكريم?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? الحجر الأسود في حين أن عمل الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? كان يعتبر سنة لموقع خاص ومقام خاص حتى أن الخليفة " عمر بن الخطاب " وقف أمام " الحجر " مخاطباً له:?إنك حجر لا تضر ولا تنفع ولكنني رأيت رسول الله يقبلك فأقبلك? وإن الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? لم يسمح أبداً أن يقبل أحد يده بل كان يصافح زائريه والقادمين إليه كما أننا لم نسمع ولم نقرأ أن الإمام " علياً " سمح لأحد أن يقبل يده أو رداءه وهذا هو الإمام " الصادق " وقد أغضبه رجل عندما أراد أن يقبل عصاه التي يتوكأ عليها بذريعة أنها عصا رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? فقال له غاضباً:? ويحك – وهو يشير إلى يده – هذا لحم ودم رسول الله فلماذا تقبل ما لا يضرك ولا ينفعك? ومن الغريب في استدلال علمائنا بتقبيل النبي الكريم للحجر الأسود وجواز تقبيل الأضرحة بالقياس عليه هو أنهم من أشد الناس معارضة للقياس في استنباط الحكام الشرعية وكما نعرف جعلوا الدليل العقلي بدلاً من القياس في استنباط الأحكام ولكنهم أخذوا به عندما رأوا مصلحة في ذلك، لقد زرت مقابر الأولياء في كثير من البلاد الإسلامية فرأيت الزائرين فيها على النمط الذي نراه في مشاهد أئمتنا ودخلت كنائس المسيحيين في كثير من بلاد العالم فرأيت الناس فيها كما هي فهم يتبركون بتمثال
__________
(1) - أفردنا فصلاً خاصاً لهذا الموضوع(41/97)
المسيح وبأقدام العذراء وقد تركوا الله جانباً ويطلبون منهما العون في الدنيا والآخرة، ودخلت معابد البوذيين والشنتو ومعابد الهنود والسيخ فرأيت ما رأيته من قبل في مشاهد المسلمين والمسيحيين معاً في تقديم القربان وطلب الحاجة وتقبيل التماثيل والركوع والخضوع والخشوع أمامها.
وهكذا رأيت البشرية تعوم في سراب من الأوهام وحقاً أكبرت أولئك العلماء من المسلمين أمثال " ابن حزم الأندلسي " ومن حذا حذوه من الذين منحهم الله عقولاً جبارةً اتخذوها مناراً وهدايةً لهم وللآخرين فسبقوا عصورهم بقرون وقرون ووقفوا موقف الساخر الغاضب من هذه الأعمال، ولنقرأ معاً هذه الآيات البينات وقد عالجت هذه الأمور بصراحة ووضوح:
? قل لا املك نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ول كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا بشير ونذير لقوم يؤمنون(1)?
? ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك(2) ?
? قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله(3) ?
? وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني(4) ....?
? ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به ونحن أقرب إليه من حبل الوريد(5) ....?
التصحيح
__________
(1) - الأعراف 188
(2) - هود 31
(3) - النمل 65
(4) - البقرة 186
(5) - ق 16(41/98)
ومرةً أخرى نعود إلى الفكرة التصحيحية الكبرى وهي غربلة الكتب وتنقيحها وتهذيبها من الشوائب والأخبار غير الصحيحة التي جاءت فيها، وإذا ذكرنا أعلاه بعض أسماء الكتب التي يعتبرها فقهاء الشيعة كتباً معتبرة والتي أُلِّفَت في عهد الصراع الأول بين الشيعة والتشيع ولكن من المهم أن نذكر أيضاً أن الكتب التي أُلِّفت في العهد الثاني من الصراع أي في عهد الدولة الصفوية لهي أدهي بكثير من تلك التي كتبت في وقت متقدم، فلقد جَمَعَت بعض هذه الكتب بين صفحاتها من عجائب الأمور والأقوال ما لا يرتضيه أي عاقل وأي محب لأهل بيت الرسالة ولعل من نافلة القول أن نذكر هنا علة وجه التحديد موسوعة " بحار الأنوار " الضخمة التي وضعها المولى " محمد باقر المجلسي " باللغة العربية وفي مجلدات تربو على العشرين، إن هذه الموسوعة هي بحق من أكثر الموسوعات نفعاَ وضرراً فهي في الوقت الذي تجمع في طياتها تراثاً علمياً غنياً وتمد الباحثين والعلماء فهي تحتوي أيضاً على أقوال ضارة ومواضيع ركيكة أضرت بالشيعة والوحدة الإسلامية أعظم الضرر وأكبره، ومع أن المؤلف يعترف في مقدمة كتابه الذي سماه " بحاراً " لأنه كالبحر الذي يوجد فيه الصدف والخزف، فكتابه أيضاً يحتوي على الضار والنافع شأنه شأن البحر ولكن مع الأسف إن الخزف الموجود في كتاب البحار قد أضر الشيعة والوحدة الإسلامية أكثر من أي أثر آخر أُلِّفَ حتى الآن في التاريخ الشيعي.(41/99)
لقد خصص المؤلف شطراً كبيراً من موسوعته في معاجز أئمة الشيعة وهي مليئة بالأفكار الغلوائية التي تحتوي على قصص في المعاجز والكرامات تنسب إلى أئمتنا حقاً إنها حكايات تصلح لتسلية الأطفال، والجانب الآخر الهدام في هذه الموسوعة هو التركيز على الطعن وتجريح الخلفاء الراشدين وبصورة مقذعة في بعض الأحيان الأمر الذي اتخذه تجار الطائفية البغيضة فرصة مواتية لإثارة العداء بين الشيعة والسنة ولا زالت الكتب التي تؤلَّف ضد الشيعة تركز تركيزاً مباشراً على كتب " المجلسي " و " المجلسي " ألَّف كتباً باللغة الفارسية أيضاً وهي لا تقل في محتواها عن موسوعته العربية، ولا شك أن عصر " المجلسي " وتأييد النظام الحاكم للمذهب الشيعي ولعلماء المذهب كان من أهم عوامل تأليف موسوعة مثل " بحار الأنوار " الكتاب الذي كان يضمن الخلاف الأبدي بين الشيعة في إيران وبين الأكثرية الساحقة من المسلمين الذين كانت الخلافة الإسلامية المجاورة لإيران تحكمهم باسم " أمير المؤمنين " و "المجلسي " الذي ولد في عام / 1073 / هجري وتوفي في عام / 1111 / هجري كان معاصراً للشاه " سليمان " والسلطان " حسين " من الملوك الصفويين وعُيِّن برتبة " شيخ الإسلام " وأنيطت به الشؤون الدينية في إيران بأمر الشاهين الذين حكما إيران في أزهى عصور الدولة الصفوية، وقبل أكثر من ثلاثين عاماً عندما أرادت دار للنشر في إيران أن تجدد طبع موسوعة " البحار " في مئة مجلد أمر الإمام " الطباطبائي البروجردي " الزعيم الأعلى للطائفة الشيعية آنذاك أن يخضع الكتاب للتهذيب والتنقيح ويجرد من كل الروايات والقصص التي فيها تجريح للخلفاء الراشدين ولكن الناشر الذي كان من أكبر تجار الطائفية وبتعاون مع جهات مشبوهة بدأ بطباعة الموسوعة من المجلدات الضخمة التي لا تحتوي على تلك الروايات والقصص المضرّة متجاهلاً التسلسل الوارد في الموسوعة وتم طبع المجلدات الضارّة بعد وفاة الإمام " البروجردي "(41/100)
وعرضت في المكتبات الإسلامية لتكون وقوداً جديداً لإثارة الضغناء والشحناء بين المسلمين، ولقد أنبئت أخيراً أن الموسوعة طبعت مرة أخرى في لبنان بمساعدة جهة لها اتصال عميق بالدوائر الاستعمارية التي كانت سياستها الدائمة فرق تسد.
وفي معرض حديثنا عن غربلة كتب روايات الشيعة لا بد من أن نذكر هنا وبكل صراحة أن الدفاع الذي يقدمه بعض فقهائنا لصحة الروايات التي نريد غربلتها هو أن علم الدراية أو علم الرجال يساند صحة صدور تلك الروايات عن أئمة الشيعة وصدور بعض المعجزات والكرامات عنهم، وليت شعري أن أفهم أيهما أفضل للقبول والإتباع علم الدراية والرجال أم كتاب الله الكريم وسنة رسوله وبعدهما العقل والمنطق والبرهان، ورسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول: كل ما وافق الكتاب فخذوه وما عارضه فانبذوه (1)....? وقبل أن أختم هذا الفصل لا بد من الإشارة إلى موضوع له من الأهمية بمكان فقد دأب كثير من فقهائنا والمعنيين بالشؤون الشيعية - في رفضهم لقبول غربلة الكتب المشار إليها من المواضيع التي تقصم ظهر الوحدة الإسلامية – أن يتذرعوا بالقول إن كتب السنة أيضاً مليئة بما يجرح الشيعة وترميهم بالزندقة والكفر والخروج عن الإسلام، لقد صارحنا فقهاءنا من الشيعة وقلنا لهم إن كتبكم طعنت وجرحت الخلفاء الراشدين الذين لهم مكانة كبرى في قلوب المسلمين وأزواج النبي?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم?وصحابته، والسنة لا تقول مثل هذا الكلام في أئمة الشيعة بل تكرمهم وتذكر فضائلهم ولكن حينما يريد علماء السنة الدفاع عن أعز وأكرم فئة ترى فيها امتداداً لرسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وقد ذكرتها الكتب الشيعية بما لا يليق بمكانتها فلا بد وان توجه السهام نحو صدور أولئك الذين دونوا مثل تلك الأقوال في كتبهم، ومن هنا نستطيع القول أن وطأة الكتب الشيعية وما فيها من كلام جارح على
__________
(1) - أجمعت رواة السنة والشيعة على صحة هذا الحديث(41/101)
الخلفاء هي أقسى وأشد كثيراً على السنة مما تقوله السنة في الشيعة نفسها، وبما أننا نريد بعون الله وإرادته أن ننهي هذا الخلاف إلى الأبد ونقدم حلولاً تصحيحية تضمن إنهاءها عاجلاً أو آجلاً فكان لا بد من سلوك طريق الصراحة ونحن هنا في موقف أمام الله والتاريخ والمسلمين جميعاً، فلذلك نقول أنه توجد في بعض الكتب التي ألفها كُتّاب السنة طعناً أو جرحاً في حق بعض أئمة الشيعة ونقصد بأئمة الشيعة هنا أئمة آل البيت ووصفهم بعبارة أئمة الشيعة هو وصف مجازي دأب عليه الاصطلاح وإلا فإن أئمة آل البيت كالحسن والحسين وزين العابدين وغيرهم من آل البيت هم أئمة لأهل السنة أيضاً، ومن يجرح هؤلاء يعتبر مجروحاً في موازين أهل السنة أيضاً ومن الواضح أنني لا أقصد بأولئك الكتاب الخوارج الذين لهم موقف واضح وصريح من الإمام " علي " ومع أنني أعترف أن كتباً من هذا النوع نادرة جداً إلا أنها تؤخذ كرأس رمح يمنع القيام بالحركة التصحيحية ويستغلها المتاجرون بالطائفية الذين لا يريدون أن تتم الوحدة الإسلامية الكبرى فيستندون على مثل تلك الكتب النادرة التي لا تتداولها الأيدي كثيراً ولكن وجودها يعتبر ذريعة، وإنني أدعو الله مخلصاً أن يوفق المصلحين من أمة محمد?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? بغربلة أمثال تلك الكتب أيضاً حتى تكون مهمتنا شاملة وعامّة.
زيارة مراقد الأئمة
وحتى الآن لم أسمع جواباً شافياً من فقهائنا سامحهم الله في تفضيل كلام المخلوق على الخالق.
زيارة مراقد الأئمة(41/102)
لقد فصلنا في مبحث الغلو وجه الاشتراك بين الشيعة وسائر الفرق الإسلامية في زيارة مراقد الأئمة وقبور الأولياء نستثني منهم السلفية كما أشرنا وفي هذا الفصل نتحدث عن مورد الاختلاف بينهم وهو الذي تنفرد به الشيعة عما سواها في زيارتها لقبور أئمتها ، لقد غيرت الشيعة مسار الزيارة لمراقد الأئمة التي يجب أن تكون لله إلى زيارة سياسية إعلامية تثقيفية ومذهبية، إنني وعندما أكتب هذه السطور هناك عشرات الآلاف من الشيعة تزور مراقد الأئمة في إيران والعراق والمدينة المنورة كل يوم وفي آناء الليل وأطراف النهار، وعلى ما أعتقد لا يوجد بين هذه الأكثرية الساحقة شيعي واحد يقرأ فاتحة الكتاب أو سوراً من القرآن الكريم عندما يدخل إلى العتبات ويقف أمام قبر من قبور الأئمة، إن العادة جرت للشيعة ومنذ قرون أن تقرأ أمام قبور أئمتها عبارات مطولات اسمها ( الزيارة )التي تجمع بين طياتها مدحاً للأئمة والثناء عليهم والتنديد بأعدائهم ثم قليل من الدعاء، وقلما يوجد بيت للشيعة لا يتوفر فيه كتاب?مفاتيح الجنان? وهو الكتاب الذي يحتوي على مئات من الزيارات للأئمة ولأولادهم وكلها على نمط مشابه وبفارق صغير في بعض الأحيان ولنقرأ معاً بعض المقاطع من ?الجامعة الكبيرة? وهي من أهم الزيارات شأناً وتقرأ عند قبر كل إمام من الأئمة وهي من المطولات،فقد روى " الصدّوق " في كتابه " الفقيه " أن الإمام العاشر " علي بن محمد الجواد " علّم أحد خواصه وهو " موسى بن عبد الله النخعي " بهذه الزيارة:? السلام عليكم يا أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي ....... وأمناء الرحمن وسلالة رب العالمين ........ أشهد أنكم الأئمة الراشدون المهديون المعصومون المكرمون المقربون المتقون الصادقون ........ الراغب عنكم مارق واللازم لكم لاحق والمعترض في حقكم زاهق والحق معكم وفيكم ومنكم وإليكم وأنتم أهله ومعدنه وميراث النبوة عندكم وآيات الخلق إليكم(41/103)
وحسابهم عليكم وفضل الخطاب عندكم وعزائمه فيكم .......... من والاكم فقد والى الله ومن عاداكم فقد عادى الله ومن أحبكم فقد أحب الله ومن أبغضكم فقد أبغض الله ........ أشهد الله وأشهدكم أنني موال لكم ولأوليائكم ، مبغض لأعدائكم ومعاد لهم سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم بكم يسلك إلى الرضوان وعلى من جحد ولايتكم غضب الرحمن(1) ? وهكذا تستمر الزيارة بمثل هذه العبارات وتختم بعد ذلك بدعاء قصير.
إن الزيارة التي ذكرنا مقاطعاً صغيرةً منها هي أكثر الزيارات اعتدالاً ومضموناً إلا أن هناك زياراتٍ أخرى وكثيرةً فيها عنف ٌ وشدّةٌ وفي بعضها تجريح للخلفاء للراشدين لكن الطابع العام في هذه الزيارات هو التنديد بظالمي آل محمد والاعتراف بفضل " علي " وأولاده وأحقيتهم بالإمامة، وهناك زيارات كثيرةٌ أيضاً تخص الإمام " الحسين " تحتوي على التنديد بالأمويين مع السب الصريح في حق كثير منهم بسبب قتلهم " الحسين " ولاشك أن مقتل الإمام "الحسين " في واقعة " كربلاء " وسب الإمام " علياً " على المنابر الذي بدأ به " معاوية بن أبي سفيان " واستمر حتى خلافة " عمر بن عبد العزيز " عام / 99 / هجري الذي رفع السب يعتبر من أهم الأسباب التي أدت إلى ظهور رد فعل عنيف من قبل الشيعة وهو إعطاء السب والشتم صفة دينية وقانونية أدخلت في الزيارات التي تُقرأ أمام قبور الأئمة وأولادهم وحتى هذا اليوم، ومن خلال تفحصي للزيارات التي ذكرتها كتب الزيارات مثل ? مزار البحار ? و ?مفتاح الجنان? و ? ضياء الصالحين ? و ? مفاتيح الجنان ? وغيرها يبدو لي واضحاً أن أسماء الخلفاء الراشدين دخلت في بعض هذه الزيارات صراحةً أو تلميحاً في وقت متأخر عن العصر الذي كتبت فيه هذه الزيارات فلذلك لا نجد لهم ذكراً إلا في قليل منها.
__________
(1) - مفاتيح الجنان – القمّيّ ص 1008(41/104)
إن من يفكر ملياً بالأسباب الكامنة وراء وضع هذه الزيارات وشيوع قراءتها أمام قبور الأئمة والانصراف عن قراءة القرآن الكريم الذي هو كلام الله وله الشرف كل الشرف على كلام المخلوق ليعلم بوضوح أن الغرض منها إنما هو نشر الثقافة المذهبية والتركيز على أهم مبادئها وهو أحقيّة الأئمة بالخلافة من سواهم، ويجب علينا أن نذكر أيضاً أن زيارة قبر الإمام " الحسين " بدأت بعد مقتله بأربعين يوماً حيث وصلت إلى " كربلاء " أول قافلة تضم أهل بيته وبعض صحابته للسلام عليه واستمرت تلك القوافل بالوفود إلى " كربلاء " عاماً بعد عام وحتى هذا اليوم، وعندما نعود إلى الأسباب الكامنة التي كانت وراء تلك الاجتماعات التي كانت تحصل عند قبر الإمام " الحسين " من أقاصي البلاد لكسب الثواب ولنشر المذهب الشيعي والتنديد بالخلافة التي تجسدت في الأمويين في بادئ الأمر ثم في العباسيين بعدهم وأنها في نفس الوقت كانت تظاهرات شيعية لتوحيد الصفوف ونشر أهداف المذهب الشيعي، ولهذا فإنني لا أستغرب أبداً عندما أقرأ في كتب الروايات التي هي بين أيدينا روايات تنسب إلى أئمة الشيعة تحث الناس على زيارة الإمام " الحسين " وقد جاء في بعضها:? لكل خطوة يخطوها الزائر في سبيل زيارة الحسين له قصر في الجنة ? وحتى أنهم جعلوا لكربلاء مقاماً أعلى من الكعبة وقد قال أحد شعراء الشيعة:
وفي حديث كربلاء والكعبة لكربلاء بان علوّ الرتبة(41/105)
كما أن روايات أخرى قالت:? إن من بكى على الحسين أو تباكى غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ? إن مثل هذه الروايات وانتسابها إلى الأئمة أعطت حيوية خارقة في السعي للوصول إلى " كربلاء " مع صعوبة الأسفار ومشاقّها وخطورتها في تلك العهود ولذلك كانت كربلاء في عهد الخلافة الأموية والعباسية تشهد المظاهرات الشيعية الكبرى في شهر محرم وصفر ولا سيما العاشر من محرم وهو اليوم الذي قتل فيه " الحسين " وكان المجتمعون يحتشدون بصمت أمام القبر ويوحدون صفوفهم في قراءة الزيارات التي كانت عملية تثقيفية وراءها حكماء وعلماء أحكموا فيها وضع الخطة التي تجمع الشيعة على خط واحد لا تنفصم عراه، وحقاً كان المخططون في وضع تلك الزيارات عباقرة استطاعوا تفهم النفسية الشيعية في عهد الأمويين والعباسيين تفهماً مطلقاً فجاءت تلك الزيارات وتداولها تداولاً عاماً في المواسم الخاصة بمثابة استمرار منظم في مقاومة الخلافة، وهكذا أصبح التثقيف المذهبي عن طريق تلك الزيارات عاماً وشائعاً وشاملاً رغماً عن إرادة السلطة الحاكمة، لقد حدث كل ذلك في عهد لم تعرف فيه الصحافة ولا المدارس العامة ولا الإعلام الشامل ولا وسائل الطباعة ولا التنظيمات الحزبية ، ولذلك لا نجد غرابة عندما نعلم أن " المتوكل " العباسي منع الناس من زيارة الإمام " الحسين " وأمر بحرث قبره حتى يخفي معالمه عن الناس، واليوم وبعد أن انتهى كل شيء ولا يوجد للأمويين ولا للعباسيين وخلافتهم أثر في العالم الإسلامي ولا لذلك التطاحن الفكري حول الخلافة والخلفاء فهل نحن معاشر الشيعة نرغب أن نسير في الطريق نفسه الذي سرنا عليه ثلاثة عشر قرناً ونقف أمام قبور الأئمة ونردد كلاماً رددناه قروناً وقروناً لا فائدة ترجى من ورائه ولا أثر يترتب عليه؟ اللهم إلا بعض المقاطع من الدعوات الخالصة التي تشكل جزءاً صغيراً من الزيارة فحسب، ثم إلى متى سنفضل كلام المخلوق على الخالق؟ وما هي الفائدة(41/106)
التي يجنيها الأئمة أنفسهم من قراءة هذه الخطب الرنانة أمام قبورهم؟ أليس من الأفضل حقاً أن نأخذ بسنة النبي الكريم?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? ونتلو آيات من الذكر الحكيم أمام قبور أئمتنا؟ فإن فيها الثواب والرحمة وفيها النور والهدى ليس للزائر فحسب بل حتى للمزور وإن كان نبياً أو إماماً.
التصحيح
من كل ما أسلفناه يظهر بوضوح أن هذه الزيارات التي ملأت كتب الزيارة ويحتفظ بها كل شيعي في بيته ويقر}ها عندما يدخل مشهداً من مشاهد أهل البيت زيارات تثقيفية وضعت في عهدٍ كانت الشيعة فيه بحاجة إلى التثقيف المذهبي، وإني لا أشك أن الإمام " علياً " إذا كان يستمع إلى بعض الفقرات التي جاءت في تلك الزيارات وفيها إعطاء الأئمة صفات تفوق صفات البشر وتكون قريبة من صفات الله أو شريكة معه فقد كان يجري الحد على قارئها وواضعها على السواء،و هنا أود أن أطلب من الشيعة في كل الأرض أن تفكر ملياً في زيارتها لقبور الأئمة بهذه العبارات التي لا تجدي خيراً لهم ولا للأئمة كما أود أن أُحَمِّل المسؤولية مرةً أخرى على الزعامات المذهبية التي عودت الشيعة على هذا الطريق فحتى هذا اليوم لم أصادف مرجعاً من مراجع الشيعة وهو يدخل مشهداً من مشاهد الأئمة يفضل قراءة القرآن الكريم على تلك الزيارات عندما يقف أمام المشهد ولست أدري لماذا نحن معاشر الشيعة نترك كلام الله ونكن إلى كلام المخلوق وحتى على فرض صحة صدروها من الإمام فلماذا نفضل كلامه على كلام الله؟ وإذا كان الغرض من الزيارة الحصول على ثواب الآخرة فقراءة القرآن الكريم تضمن ذلك الثواب وإذا كان الغرض منها إكرام الإمام فقراءة القرآن تضمن له ذلك أيضاً، وإنني لعلى علم ويقين أن هذه النظرة التصحيحية ستواجه ذلك الجواب التقليدي الذي طالما سمعناه من فقهائنا – سامحهم الله – وهو أن هذه الزيارات وردت من أئمتنا فلا بد أنهم كانوا أعرف منا بالأمر، ومع أنني هنا لا أستطيع أن أناقش أئمتنا(41/107)
وبيننا وبينهم حاجز الحياة والموت ولكنني لو كنت في زمن الإمام " علي بن محمد " وكنت داخلاً معه إلى مشهد الإمام " الحسين " وسمعته يقرأ زيارة الوارث والجامعة وهو أمام القبر لأجريت معه هذا لحوار:
أنا" يا ابن رسول الله هل هذه الزيارة هي كلام الله أم كلام المخلوق؟.
الإمام: كلام مخلوق.
لسألت ثانيةً: هل كلام المخلوق أفضل من كلام الله؟
الإمام: كلام الله.
ولسألت مرةً أخرى: فلماذا فضلت كلام المخلوق على كلام الله ولم تقرأ القرآن الكريم؟
ولست أدري ماذا كان يجيب الإمام عند الوصول إلى هذه النقطة، إن تصور مثل هذا الحوار لا يعني أنني أعتقد صدور هذه الزيارات من أئمة الشيعة ولكنني ذهبت إلى أبعد الاحتمالات لكي أسد الطريق على الذين يتذرعون بعمل الإمام في كل شيء.
وأختم هذا الفصل بحديث روته كتب الصحاح عن رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? الذي قال:? تركت فيكم الثقلين كتاب الله وسنتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبداً? أما الشيعة فتروي(1):? تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبداً? فم أحسن وأفضل وأجمل للشيعة أن تأتمر بأمر رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وتجمع بين كتاب الله والعترة في مكان واحد حسب الرواية التي ترويها عن رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم?.
ضرب القامات في يوم عاشوراء
لم تشوه ثورة مقدسة في التاريخ كما شوهت الشيعة ثورة " الحسين " بذريعة حب " الحسين ".
ضرب القامات في يوم عاشوراء
__________
(1) - ذكر بعض كتب الصحاح أيضاً مثل الترمذي ما روته كتب الشيعة.(41/108)
الضرورة تملي أن نفرد فصلاً خاصاً في ضرب السلاسل على الأكتاف وشج الرؤوس بالسيوف والقامات في يوم العاشر من " محرم " حداداً على الإمام " الحسين " وبما أن هذه العملية البشعة لا زالت جزءاً من مراسيم الاحتفال باستشهاد الإمام " الحسين " وتجري في " إيران " و " باكستان " و " الهند " وفي " النبطية " بلبنان في كل عام وتكون السبب في حدوث صراع دموي بين الشيعة والسنة في أجزاء من " الباكستان " تذهب ضحيته المئات من الأرواح البريئة من الفريقين كان لا بد من الإسهاب حولها بصورة مستقلة، كما قلنا في فصل سابق إن الشيعة تحتفل بيوم عاشوراء منذ قرون عديدة وما عدا قراءة الزيارات التي أسهبنا في ذكرها كان الشعراء ينشدون قصائد أمام القبر حتى أن الشاعر العربي " الشريف الرضي " عندما ألقى قصيدته العصماء أمام قبر لاحسين والتي جاء في مطلعها:
كربلاء لا زلت كرباً وبلا
ووصل إلى هذا البيت:
كم على تربك لما صرعوا من دم سال ومن قتل جرى
بكى وبكى حتى أغمي عليه، والثابت أن أئمة الشيعة كانوا يحتفلون بيوم العاشر من محرم فيجلسون في بيوتهم يقبلون التعازي من المعزين ويطعمون الطعام في ذلك اليوم وكانت تلقى أمامهم خطب أو قصائد في ذكرى شهادة " الحسين " وأهل بيت رسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وفضائلهم.(41/109)
وفي كربلاء وحول قبر " الحسين " كان الزوار يمرون على هيئة مواكب وآحاد وهم يقرؤون الزيارات التي أشرنا إليها مع بكاء ونحيب كجزء مكمل للاحتفال والزيارة، إنها العادة التي لا زالت جارية في المجالس التي تقام للإمام " الحسين " في العالم الشيعي فلا بد من ختمها بالبكاء لأن:? من بكى أو تباكى على الحسين وجبت عليه الجنة ? كما جاء في بعض الروايات التي تنسب إلى الأئمة ومعاذ الله أن يصدر من الإمام كلاماً كهذا، كما أن الشيعة كانت تلبس السواد في شهر محرم وصفر حداداً على الحسين وهذه العادة أخذت بالتوسع في عهد الصراع الأول بين الشيعة والتشيع وعندما أخذت تظهر الشيعة على مسرح الأحداث السياسي والإسلامي كقوة تريد الإطاحة بالخلافة الحاكمة وكان للبويهيين الذين حكموا إيران والعراق باسم حُماة الخلافة العباسية دوراً بارزاً في تنمية الاحتفالات في أيام عاشوراء ولكن هذه الاحتفالات أخذت طابعاً عاماً وأصبحت جزءاً من الكيان الشيعي عندما استلم السلطة الشاه " إسماعيل الصفوي " وأدخل إيران في التشيع وخلق فيها تماسكاً مذهبياً للوقوف أمام أطماع الخلافة العثمانية المجاورة لإيران كما أشرنا إليه وكان البلاط الصفوي يعلن الحداد في العشر الأول من محرم من كل عام ويستقبل الشاه المعزين في يوم عاشوراء وكانت تقام في البلاط احتفالات خاصة لهذا الغرض تجتمع فيها الجماهير ويحضرها لاشاه بنفسه، كما أن الشاه عباس الأول الصفوي الذي دام حكمه خمسين عاماً وهو أكبر الملوك الصفويين دهاءً وقوةً وبطشاً كان يلبس السواد في يوم عاشوراء ويلطخ جبينه بالوحل حداداً على الإمام " الحسين " وكان يتقدم المواكب التي كانت تسير في الشوارع مرددة الأناشيد في مدح الإمام ثم التنديد بقتلته، ولا ندري على وجه الدقة متى ظهر ضرب السلاسل على الأكتاف في يوم عاشوراء وانتشر في أجزاء المناطق الشيعية مثل إيران والعراق وغيرهما ولكن الذي لا شك فيه أن ضرب السيوف على(41/110)
الرؤوس وشج الرأس حداداً على " الحسين " في يوم العاشر من محرم تسرب إلى إيران والعراق من الهند وفي إبان الاحتلال الإنجليزي لتلك البلاد وكان الإنجليز هم الذين استغلوا جهل الشيعة وسذاجتهم وحبهم الجارف للإمام " الحسين " فعلموهم ضرب القامات على الرؤوس، وحتى إلى عهد قريب كانت السفارات البريطانية في طهران وبغداد تمول المواكب الحسينية التي كانت تظهر بذلك المظهر البشع في الشوارع والأزقة وكان الغرض وراء السياسة الاستعمارية الإنجليزية في تنميتها لهذه العملية البشعة واستغلالها أبشع الاستغلال هو إعطاء مبرر معقول للشعب البريطاني وللصحف الحرة التي كانت تعارض بريطانيا في استعمارها للهند ولبلاد إسلامية أخرى وإظهار شعوب تلك البلاد بمظهر المتوحشين الذين يحتاجون إلى قيِّم ينقذهم من مهامه الجهل والتوحش فكانت صور المواكب التي تسير في الشوارع في يوم عاشوراء وفيها الآلاف من الناس يضربون بالسلاسل على ظهورهم ويدمونها بالقامات والسيوف على رؤوسهم ويشجونها تنشر في الصحف الإنجليزية والأوربية وكان الساسة الاستعماريون يتذرعون بالواجب الإنساني في استعمار بلادٍ تلك هي ثقافة شعوبها ولحمل تلك الشعوب على جادة المدنية والتقدم، وقد قيل إن " ياسين الهاشمي " رئيس الوزراء العراقي في عهد الاحتلال الإنجليزي للعراق عندما زار لندن للتفاوض مع الإنجليز لإنهاء عهد الانتداب قال له الإنجليز: نحن في العراق لمساعدة الشعب العراقي كي ينهض بالسعادة وينعم بالخروج من الهمجية، ولقد أثار هذا الكلام " ياسين الهاشمي " فخرج من غرفة المفاوضات غاضباً غير أن الإنجليز اعتذروا منه بلباقة ثم طلبوا منه بكل احترام أن يشاهد فيلماً وثائقياً عن العراق فإذا به فيلم عن المواكب الحسينية في شوارع النجف وكربلاء والكاظمية تصور مشاهد مروعة ومقززة عن ضرب القامات والسلاسل وكأن الإنجليز قد أرادوا أن يقولوا له: هل إن شعباً مثقفاً لم من المدنية حظ قليل يعمل(41/111)
بنفسه هكذا؟
وهنا أذكر كلاماً طريفاً مليئاً بالحكمة والأفكار النيٍّرة سمعته من أحد أعلام الشيعة ومشايخهم قبل ثلاثين عاماً لقد كان ذلك الشيخ الوقور الطاعن في السن واقفاً بجواري وكان اليوم هو العاشر من محرم والساعة اثنتي عشرة ظهراً والمكان هو روضة الإمام " الحسين " في كربلاء وإذا بموكب المطبرين الذين يضربون بالسيوف على رؤوسهم ويشجونها حداداً وحزناً على " الحسين " دخلوا الروضة في أعداد غفيرة والدماء تسيل على جباههم وجنوبهم بشكل مقزز تقشعر من رؤيته الأبدان ثم أعقب الموكب موكب آخر وفي أعداد غفيرة أيضاً وهم يضربون بالسلاسل على ظهورهم وقد أدموها وهنا سألني الشيخ العجوز والعالم الحرّ: ما بال هؤلاء الناس وقد انزلوا بأنفسهم هذه المصائب والآلام؟ قلت: كأنك لا تسمع ما يقولون إنهم يقولون:( واحسيناه ) أي لحزنهم على " الحسين " ثم سألني الشيخ من جديد: أليس الحسين الآن في مقعد صدق عند مليك مقتدر؟ قلت: نعم ثم سألني مرةً أخرى: أليس الحسين الآن في هذه اللحظة في الجنة التي عرضها كعرض السموات والأرض أعدت للمتقين؟ قلت: نعم وهنا تنفس الشيخ الصعداء وقال بلهجة كلها حزن وألم: ويلهم من جهلة أغبياء لماذا يفعلون بأنفسهم هذه الأفاعيل لأجل إمام هو الآن في جنة ونعيم ويطوف عليه ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من نعيم.(41/112)
في عام / 1352 / هجري وعندما أعلن كبير علماء الشيعة في سوريا السيد " محسن الأمين " العاملي تحريم مثل هذه الأعمال وأبدى جرأةً منقطعة النظير في الإفصاح عن رأيه وطلب من الشيعة أن يكفوا عنها لاقى معارضة قوية م داخل صفوف العلماء ورجال الدين الذين ناهضوه ووراءهم " الهمج والرعاع " على حد تعبير الإمام " علي " وكادت خطواته الإصلاحية تفشل لولا أن تبنى جدنا السيد " أبو الحسن " وبصفته الزعيم الأعلى للطائفة الشيعية موقف العلامة الأمين ورأيه في تلك الأعمال معلناً تأييده المطلق له ولفتواه، ولقد أعطى موقف جدنا بعداً كبيراً للحركة الإصلاحية التي نادى بها السيد " الأمين " ومع أن كثيراً من الفقهاء والمجتهدين وقفوا موقفاً معارضاً للسيد " أبو الحسن " كما وقفوا " للأمين " من قبل إلا أن السيد " أبو الحسن " تغلب على الجميع في آخر المطاف بسبب مقامه الرفيع وصموده، وأخذت الجماهير تطيع فتوى الزعيم الأكبر وبدأت تلك العمال تقل رويداً رويداً وتختفي من على الساحة الشيعية إلا أنها لم تندثر تماماً حيث بقيت لها مظاهر ضعيفة وهزيلة حتى أن توفي جدنا رحمه الله في عام / 1365 / هجري وأخذت بعض الزعامات الشيعية الجديدة تحث الناس على تلك العمال من جديد فبدأت تنمو مرةً أخرى في العالم الشيعي ولكنها لم تصل إلى ما كانت عليه قبل عام / 1352 / هجري، وبعد أن أعلنت في إيران الجمهورية الإسلامية وتولت ولاية الفقيه السلطة صدرت الأوامر بإحياء تلك الأعمال كجزء من السياسة المذهبية وأخذت الجمهورية الإسلامية الفتية تساعد الفئات الشيعية في كل الأرض وتحثهم مالياً ومعنوياً لإحياء هذه البدعة التي أدخلتها السياسة الاستعمارية الإنجليزية إلى العالم الإسلامي الشيعي قبل مائتي عام وذلك لتظهر وجه الإسلام والمسلمين بالمظهر الكالح وتبرر استعمارها لبلاد الإسلام كما قلنا من قبل، وعندما أكتب هذه السطور تشاهد المدن الإيرانية والباكستانية والهندية(41/113)
واللبنانية مع الأسف الشديد في يوم العاشر من محرم من كل عام مواكباً تسير في شوارعها بالصورة التي رسمناها، وقبل أن تنتهي ساعات ذلك اليوم فإن صوراً من تلك الهمجية الإنسانية والجنون المفزع تعرض على شاشات التلفزة في شرق الأرض وغربها لتعطي قوة لأعداء الإسلام والمتربصين بالإسلام والمسلمين معاً.
التصحيح
إن على الطبقة المثقفة من الشيعة الإمامية أن تبذل قصارى الجهد لمتع الجهلة من القيام بمثل هذه الأعمال التي مسخت وشوهت ثورة الإمام " الحسين " وعلى الوعاظ والمبلغين أن يقوموا بدور أكثر وضوحاً ورؤية والحقيقة التي أود أن أذكرها بكل صراحة ووضوح هي أن السبب الذي حدا بالحسين للاستشهاد في يوم عاشوراء كان أعلى وأجل بكثير من الصورة التي ترسمها الشيعة عن ذلك، فالحسين لم يستشهد لتبكي الناس عليه وتلطم الخدود وتصوره بالبائس المسكين وإنما أراد الإمام أن يعطي درساً بليغاً في الإيثار عن النفس والحزم والعزم والشجاعة في مقارعة الظلم والاستبداد، فلذلك إن الاحتفال في شهادة الإمام " الحسين " ينبغي أن يكون احتفالاً يتناسب مع مقام " الحسين " بعيداً عن الغوغاء والجهلة والأعمال التي تضحك وتبكي في آن واحد وما أجمل الاحتفالات التثقيفية التي فيها تلقى الخطب والقصائد البليغة وسيرة الرسول وأهل بيته وصحابته في الجهاد والتضحية في سبيل الله.
وهكذا يجب أن نبني أنفسنا في ذكرى " الحسين " لا أن نهدمها ويجب أن نعطي للحسين حقه في ساحة النضال لا أن نشوهه ونسيء إليه هذا إن كنا حقاً من أنصار الحسين ومحبيه.
الشهادة الثالثة
أجمع فقهاء الشيعة على أن من قال الشهادة الثالثة بقصد ? الورود ? فقد عمل عملاً محرماً.
الشهادة الثالثة(41/114)
يقول السيد " المرتضى " وهو من أكابر علماء الشيعة الإمامية في القرن الخامس الهجري: أن من قال في أذان الصلوات ( اشهد أن علياً ولي الله ) فقد أتى بعمل محرم، ومن هذا الرأي يبدو لي أن الشهادة الثالثة دخلت في أذان الصلوات بعد الغيبة الكبرى ولكنها لم تظهر ظهوراً رسمياً على مسرح الأحداث المذهبية إلا بعد أن أدخل الشاه " إسماعيل " الصفوي إيران في التشيع وأمر المؤذنين بإدخال الشهادة الثالثة في أذان الصلوات وعلى المآذن، وهكذا أعطي للإمام " علي " موقعه الثابت بعد رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? في الخلافة ومنذ ذلك الحين ومساجد الشيعة في العالم تسير على الطريقة التي نماها ووسعها الشاه الصفوي لا نستثني مسجداً واحداً من مساجد الشيعة في شرق الأرض وغربها.
ومن الغريب في هذه الظاهرة أن فقهاءنا – سامحهم الله – يجمعون إجماعاً مطلقاً وتاماً على أن هذه الشهادة أدخلت في أذان الصلوات في وقت متأخر وإنها لم تكن معروفة حتى القرن الرابع الهجري وأنهم يجمعون أيضاً على أن الإمام " علياً " إذا كان على قيد الحياة ويسمع اسمه يذكر في أذان الصلوات لكان يجري الحد الشرعي على من يقول بذلك، وهنا تظهر تلك العصبية العمياء التي تسود قلوب بعض الفقهاء والجهال معاً حيث يكون بعضهم لبعض ظهيراً، لقد سئمت حقاً من المجادلة في هذه المسألة مع فقهائنا فهناك أجوبة تعودوا عليها منذ قرون خلت ولا جديد فيها، فهم يقولون: إن الشهادة الثالثة ليست جزءاً من الصلاة حتى تفسدها فلذلك لا مانع من إدخال الشهادة الثالثة فيها، وقد قلنا لهم إن المسألة ليست ما إذا كانت الشهادة الثالثة جزءاً من الصلاة أم لا بل هو أخطر من ذلك بكثير فالأذان صيغة أقرها الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? فصارت سنة توقيفية لا يجوز الحذف منها ولا الإضافة إليها حتى لو كانت الكلمات الإضافية موقع من الصحة والصدق والحقيقة.(41/115)
ثم قالوا: إن الشهادة الثالثة أصبحت شعاراً للشيعة فقلنا لهم: إن شعار الإسلام أهم من شعار التشيع وهل أن الشيعة شيء والإسلام شيء آخر حتى تحتاج إلى شعار تعرف به؟ وهنا أرادوا أن يلقوا المسؤولية على عاتق غيرهم فقالوا: لا نستطيع أن نطلب من الشيعة رفض الشهادة الثالثة في أذان الصلوات لأنها أصبحت جزءاً من كيانها وهي متعلقة بها تعلق الطفل بثدي أمه فكلامنا يذهب هباءً منبثاً، قلنا لهم: لو أنكم اجتمعتم على رأي واحد وبينتم حكم الله وليس تنفيذه وقالوا أيضاً: إن الخليفة " عمر بن الخطاب " رفع الأذان من " حي على خير العمل " وجعله " خير من النوم " فقلنا لهم: أولاً الجواب النقضي لا يغني من الحق شيئاً، ثم لو صح هذا الأمر لما أقره الإمام " علياً " في عهد خلافته وأمر باستبدال الجملة بغيرها وفي منطقكم عمل الإمام حجة على صحتها ثم أيضاً إن المجمع عليه عندكم أن الشهادة الثالثة لم تكن موجودة في عهد الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? ولا الأئمة وأنها أضيفت إلى الأذان في وقت متأخر.
ولكن عبارة " الصلاة خير من النوم " أمر اختلافي فالفرق الإسلامية ماعدا الشيعة تجمع على أنها وردت في عهد الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? بخلاف الشيعة التي تنسبها إلى الخليفة " عمر بن الخطاب " والفرق كبير بين مسألة إجماعية لا يختلف عليها اثنان ومسألة اختلافية فيها آراء مختلفة ومتضاربة.
التصحيح(41/116)
إنني لا أشك أبداً أن الشهادة الثالثة والني أصبحت الآن جزءاً من أذان الصلاة عند الشيعة في مساجدها قد تجاوزت عمل الفرد وأخذت طابعاً عاطفياً واجتماعياً ومذهبياً ليس من السهل تغييره ولا سيما وإن هناك في المنطقة دولة مذهبية تنمي العواطف المذهبية وتستغلها في صراعها السياسي مع دول المنطقة المجاورة التي معظم سكانها من السنة ولذلك تلاقي عملية التصحيح داخل إيران صعوبة بالغة شانها شأن سائر الخطوات الإصلاحية التي نادينا بها، وقد يأتي يوم يتغير فيه نظام الجمهورية الإسلامية المتطرف في إيران إلى نظام معتدل تكون مبادئه وحدة المسلمين ومصلحة الإسلام فحينئذ تكون الاستجابة لنداء التصحيح حتى في الشهادة الثالثة أمراً طبيعياَن ولكن في الوقت الحاضر يجب علينا أن نطلب من الشيعة في أي مكان آخر من الأرض يصله نداء التصحيح أن تسعى جاهدة للعودة إلى الأذان الذي كان شائعاً في عهد الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? والإمام " علي " وأئمة الشيعة وإن الواجب الملقى على عاتق الطبقة الواعية والمثقفة من أبناء الشيعة أن تؤدي دورها في الإصلاح وتصحيح المذهب الذي تنتمي إليه، ومرةً أخرى وأنا أبدي يأساً وقنوطاً من فقهائنا أن يقولوا الحق ويقفوا معنا في هذا الخندق بل هم على العكس من ذلك من أشد الناس تأييداً لهذه البدعة والعمل بها في مساجدهم، فوالله لو كان الإمام " علي " على قيد الحياة ويسمع اسمه يذكر على المآذن في أذان الصلاة لأجرى الحد على المسبب والمباشر معاً فما بالنا نحن نؤدي عملاً في سبيل " علي " وهو لا يرتضيه!!!!!!!!(41/117)
ومرةً أخرى نطالب الشيعة في الحركة التصحيحية أن تعود إلى الأذان الذي أذنه " بلال الحبشي " في مسجد رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وفي حضور رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وصحابته بما فيهم " علياً " وان يطلبوا من المؤذنين في مساجد الشيعة أن يلتزموا بذلك فإذا ما التزم المؤذنون به في المساجد فإنه يفتح طريقة إلى أبعد من ذلك ويدخل إلى البيوت الشيعية كما دخل في بيت " علي " و " الزهراء " من قبل.
الزواج المؤقت
كيف تستطيع أمة تحترم شرف الأمهات اللواتي جعل الله الجنة تحت أقدامهن وهي تبيح المتعة أو تعمل بها.
الزواج المؤقت
يقصد بالمتعة الزواج المؤقت الذي تعمل به الشيعة في إيران وقد يعمل به في مناطق أخرى حيثما توجد فيها لو استطاعت إليه سبيلاً وهنا أريد أن أقول: إن الدخول في الجدل الفقهي العقيم الذي مرت عليه قرون عديدة وحفظته بطون الكتب الفقهية والتفاسير وسواها لا فائدة ترتجى من روائه، ولكنني مع كل هذا أود أن أضع صورة مختصرة أمام القراء عن هذا النزاع الفقهي وأُعَرِّج بعد ذلك على الأخطار الهائلة التي تحدق بالشيعة اجتماعياً وأخلاقياً وإنسانياً إذا لم تنبذ هذه الفكرة السيئة من أساسها وأنا أحمّل الفقهاء المسؤولية الأولى والأخيرة في سَوْقِ الشباب من أبناء الشيعة إلى هذا الدرب الشائك المشين وعلى عاتقهم تقع المسؤولية كل المسؤولية.(41/118)
يقول فقهاء الشيعة – سامحهم الله – إن المتعة كانت مباحة في عهد الرسول الكريم?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وفي عهد الخليفة " أبي بكر " وفي شطر من عهد الخليفة " عمر بن الخطاب " حتى أن حرمها وأمر المسلمين بالكف عنها وهم يستدلون على ذلك بروايات عديدة رويت في كتب الشيعة وبعض كتب السنة، أما الفرق الإسلامية الأخرى فتقول: إناه كانت عادة جاهلية عمل الناس بها في السنوات الأولى من عصر الرسالة حتى أمر النبي?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? بتحريمها يوم " خيبر " أو في حجة الوداع شأنها شأن الخمر الذي حُرِّم بعد سنوات من بعثة النبي الكريم ونزلت فيه آيات التحريم.
هذه هي خلاصة النزاع الفقهي والجدل الذي يدور حول المتعة منذ أكثر من ألف عام ومن المؤسف حقاً أن بعض أعلام الشيعة انبرى للدفاع عن الزواج المؤقت وألفوا في ذلك الكتب وهم بذلك فخورون ورافعون الرؤوس ولا أعتقد أنني أحتاج إلى عناء كثير لتوضيح الصورة الحقيقية لهذه البدعة المخلة بالذوق والكرامة ولكنني قبل ذلك أود أن أفنّد النظرية الفقهية التي تقول بالجواز ثم أعرّج على أكثر من ذلك لترى الشيعة فداحة الخطب وعظمة المصيبة.(41/119)
إن الزواج المؤقت أو المتعة حسب العرف الشيعي وحسبما يجوزه فقهاؤنا هو ليس أكثر من إباحة الجنس بشرط واحد فقط وهو أن لا تكون المرأة في عصمة رجل وحينئذ يجوز نكاحها بعد أداء صيغة الزواج التي يستطيع الرجل أن يؤديها في كلمتين ولا تحتاج إلى شهود أو إنفاق عليها وللمدة التي يشاؤها مع الاحتفاظ بسلطة مطلقة لنفسه وهو الجمع بين ألف زوجة بالمتعة تحت سقف واحد، إن النظرية الفقهية القائلة بأن المتعة حرمت بأمر من الخليفة " عمر بن الخطاب " يفندها عمل الإمام " علي " الذي أقر التحريم في مدة خلافته ولم يأمر بالجواز وفي العرف الشيعي وحسب رأي فقهائنا عمل الإمام حجة لا سيما عندما يكون مبسوط اليد ويستطيع إظهار الرأي وبيان أوامر الله ونواهيه والإمام " علي " كما نعلم اعتذر عن قبول الخلافة واشترط في قبولها أن يكون له اجتهاده في إدارة الدولة، فإذن إقرار الإمام " علي " للتحريم يعني أنها كانت محرمة منذ عهد الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? ولولا ذلك لكان يعارضها ويبين حكم الله فيها وعمل الإمام حجة على الشيعة ولست أدري كيف يستطيع فقهاؤنا أن يضربوا بها عرض الحائط، وكما قلنا قبل قليل سأترك الجدل الفقهي جانباً لنلقي نظرة فاحصة على المتعة من زوايا أخرى بالغة الأهمية ثم أضع الصورة أمام الطبقة المثقفة الواعية المنصفة من أبناء الشيعة الإمامية الذين عليهم أتوكأ في تطبيق التصحيح وفيهم الأمل وعليهم الرجاء في قيادة مسيرة التصحيح والإصلاح، إن الإسلام الذي جاء لتكريم الإنسان كما تقول الآية:? ولقد كرمنا بني آدم(1)......? ويقول رسول الإسلام:? إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.... ? هل يقضي بقانون في همن إباحة الجنس والحط من كرامة المرأة ما لا نجده حتى لدى المجتمعات الإباحية في التاريخ القديم والحديث؟ وحتى " لويس الرابع عشر " في فصره بفرساي وسلاطين الأتراك وملوك الفرس في قصورهم لم يجسروا عليها، وبني آدم في
__________
(1) - الإسراء 70(41/120)
الآية الكريمة يشمل الرجل والمرأة على السواء والأخلاق التي جاء رسول الله ?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? ليتم مكارمها للجنسين على السواء، فأين يكون موقع المرأة وكرامتها والاحتفاظ بأخلاقها من قانون المتعة؟ إن موقعها من هذا القانون هو الذل والهوان وشأنها كالسلعة التي يستطيع الرجل أن يكدسها واحدة فوق الأخرى وبلا عد ولا حد، إن المرأة التي شرفها الله أن تكون أماً تنجب أعظم الرجال والنساء على السواء ومنحها مرتبة لم يمنحها لغيرها حيث جعل الجنة تحت أقدامها كما قال الرسول الكريم?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: الجنة تحت أقدام الأمهات? هل يليق بها أن تقضي أوقاتها بين أحضان الرجال واحداً بعد الآخر باسم شريعة محمد؟
لقد أراد بعض فقهائنا – سامحهم الله – أن يصوروا المتعة وكأنها فضل من الله حيث شرّع قانوناً شرعياً يمنع الرجل من الوقوع في البغاء ولكن غَرُبَ عن بالهم أن الإسلام ليس دين الرجال فحسب بل أنزل للناس كافة بما فيها النساء وإن القوانين الإلهية والشرائع السماوية لم تنزل لإرضاء شهوات الناس وإشباع غرائزهم تحت غطاء الشرعية والقانون، إن الإسلام جاء ليخرج الناس من إباحية الجاهلية ويقيدهم بالفضيلة والأخلاق لا أن يمنح الجاهلية ومظاهرها قداسة التشريع والقانون الإلهي.(41/121)
إن الإسلام الذي حرم الجمع بين أكثر من أربعة أزواج وجعل في تعدد الزوجات شرطاً من أقسى الشروط كما تصرح به الآية الكريمة:? وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة(1) .... ? والعمل بالعدالة بين الأزواج أمر صعب ويكاد يكون عسيراً في بعض الأحيان وقد يتفاد من وضع شرط كهذا هو تقييد الرجل كي لا يسلك طريق التعدد ويسير في وادي الشهوات أكثر مما تقتضيه الطبيعة الإنسانية والحاجة البشرية وتنظيم الأسرة والنسل ومصلحة الأمة ومن هنا جاء التشديد في الكره من الطلاق كما قال رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: إن أبغض الحلال عند الله الطلاق ? وقيّد الطلاق بشروط وقيود عسيرة منها حضور شاهدين عادلين حتى يقع الطلاق، إن ديناً سماوياً هذا هو موقفه الصريح والثابت من الزواج وشروطه هل يعقل أن يناقض قانونه هذا بوضع قانون آخر فيه من الإباحية المطلقة ما تزلزل السموات والأرض ويجعل للناس الخيار فيهما؟ وهنا أضع أمام القارئ صورتين للزواج أحدهما متفق عليه عند المسلمين جميعاً بما فيهم الشيعة وهو الزواج الدائم والثاني هو الزواج المؤقت أو المتعة والذي يفتي بجوازه فقهاء الشيعة الإمامية فقط وأطلب من الشيعة أن يقولوا كلمتهم فيه:
شروط الزواج الدائم المتفق عليه لدى المسلمين كافة:
يتم الزواج بين الزوجين بتلفظ صيغ العقد أمام شاهدين.
يجب على الزوج نفقة الزوجة بما فيها المسكن والملبس.
لا يجوز للرجل أن يجمع أكثر من أربعة أزواج وبشروط صعبة.
الزوجة ترث الزوج في حالة الوفاة.
موافقة الأب شرط في صحة زواج الباكر.
مدة الزواج الدائم ديمومة الزوجين على قيد الحياة.
شروط الفسخ:
يقع الطلاق بحضور شاهدين عدلين وبتلفظ صيغة الطلاق.
عدة الطلاق بالنسبة للمرأة ثلاثة شهور وعشرة أيام.
الطلاق لا يقع إذا كانت المرأة في حالة قرء.
يجب على الزوج نفقة الزوجة المطلقة في مدة عدتها.
الزواج المؤقت المتفق عليه عند الشيعة الإمامية فقط:
__________
(1) - النساء 3(41/122)
يتم الزواج بتلفظ صيغة العقد بدون شاهد.
الرجل في حل من نفقة الزوجة.
يجوز للرجل الجمع بين أعداد لا تحصى وبلا شرط.
الزوجة لا ترث الزوج.
موافقة الأب ليس شرطاً في كل الأحوال.
مدة الزواج المؤقت قد تكون لربع ساعة وقد تكون ليوم وقد تكون لتسعين عاماً وحسب ما يقترحه الرجل وتقبله المرأة.
شروط الفسخ:
يقع الطلاق واسمه فسخ العقد بدون حضور شاهدين وبكلمة فسخت أو وهبت المدة.
عدة فسخ المدة بالنسبة للمرأة هو عدة الجارية بعد عتقها أي نصف عدة الحرة.
الفسخ يقع في كل الأحوال.
الرجل في حِلٍّ من نفقة الزوجة في عدة الفسخ.
إن نظرة فاحصة على هذا الجدول الذي رسمناه تغنينا عن الإسهاب في المتعة من المفاسد والمخاطر الاجتماعية وأعتقد جازماً أن نداء التصحيح سيجمع حوله من أبناء الشيعة كل من كان له قلب أو عقل يستطيع أن يدرك بهما فداحة الخطب والهوان والسخرية في أمر هو أظهر من ظهور الشمس في منتصف النهار.
التصحيح(41/123)
المسألة هنا أخطر بكثير من التصحيح إنها حالة مذهلة من السوء دخلت إلى الفكر الشيعي وحتى الروايات التي تقول بالحلية سواء أن ذكرتها كتب الشيعة أو غيرها وحتى التي تقول إنها كانت مباحة حتى أن حرمها الخليفة " عمر بن الخطاب " أعتبرها كلها روايات تشوه صورة الإسلام المضيئة، وقد أدركت الفرق الإسلامية الأخرى خطورة الفكرة ومفاسدها الاجتماعية والأخلاقية الكبيرة فوقفت منها موقفاً يتسم بالحق والعدل والفضيلة، أما فقهاؤنا فلم يدركوا خطورة الفكرة أو أدركوها ولكن حرصاً منهما على مخالفة جمهور المسلمين التي وضعت في فضلها رواية نسبت إلى الإمام " الصادق " زوراً وبهتاناً والتي تقول:? الرشد في خلافهم ? أي الرشد في خلاف رأي السنة والجماعة أحلوا المتعة اللعينة المقيتة وأجازوها، وإضافة إلى هذه العقدة المستعصية لدى فقهائنا في استنتاجاتهم الفقهية فإن فكرة الزواج المؤقت على ما يبدو لي استخدمت في حث الشيعة ولا سيما الشباب منهم للالتفاف حول المذهب لما فيها من امتيازات خاصة لا تقرها المذاهب الإسلامية الأخرى، ولا شك أن الإغراء الجنسي المباح باسم الدين يستقطب الشباب وأصحاب النفوس الضعيفة في كل عصر ومصر، ولذلك فإني أستغرب أبداً عندما أقرأ في كتب رواياتنا روايات تنسب إلى أئمتنا في فضل المتعة وثوابها وحث الناس على العمل بها وموقفي من هذه الروايات واضح وصريح أشرت إليه في مواطن عديدة من الكتاب.(41/124)
وهمنا كله يتجه إلى خلاص الأمة الشيعية منها بإذن الله وإرادته وإنني عندما أكتب هذه السطور لا ينتابني اليأس ولو للحظة واحدة بالنسبة لمستقبل الشيعة وموقفها من التصحيح والركون المطلق إلى مبادئه، نعم قد يلاقي التصحيح صعوبات في بادئ الأمر ولكن كلمة الحق تشق طريقها في آخر الأمر وان التفاف الطبقة الواعية المثقفة التي تستطيع أن تجرد نفسها من الرواسب الفكرية التي لقنتها بها الآباء والأمهات والفقهاء والمشايخ يكون خير ضمان لمستقبل الشيعة في العالم، وأعود مرةً أخرى إلى الزواج المؤقت وأسأل الفقهاء الذين يفتون بجواز المتعة واستحباب العمل بها هل إنهم يرضون شيئاً كهذا بالنسبة لبناتهم وأخواتهم وقريباتهم أم أنهم إذا سمعوها اسوَدَّت وجوههم وانتفخت أوداجهم ولم يكظموا لذلك غيظاً؟
لقد أراد العالم الكبير السيد " محسن الأمين العاملي " أن يدافع عن كلام قريب لما ذهبت إليه بقوله:? إذا كانت المتعة مباحاً فلا يلزم أن يفعلها كل أحد فكم من مباح ترك تنزهاً ترفعاً.(1). ?
__________
(1) - الشيعة بين الحقيقة والأوهام صلى الله تعالى عليه وآله وسلم 357(41/125)
ولكنني أقول: إن من الواضح أن المسألة ليست بهذه الصورة أي الذين لا يرتضونها لبناتهم وأخواتهم وقريباتهم ليس في حدود التنزه والترفع بل لأنهم يرون فيها أمراً مهيناً مشيناً يتنافى وكرامة العائلة وشرف الأسرة وقد تسيل الدماء في بعض المناطق الشيعية إذا ما سأل المرء شيئاً كهذا من فقيه هو سيد قومه وحتى في إيران حيث تكون العملية جارية في بعض مدنها توجد مناطق لا يستطيع المرء أن ينبس بكلمة حول المتعة، أما في غير إيران ولا سيما في البلاد العربية التي تقطنها الشيعة فالحديث عن المتعة مهلك ويؤدي إلى إسالة الدماء ولست أدري تفاصيل الأمر في " باكستان " و " الهند " و " أفريقيا " ولكن في كل هذه المناطق لا يغير الفقيه فتواه فهو يجوزها إذا ما سئل عنها ولكنه يخضع للبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها فتثور ثورته ويقيم الدنيا ويقعدها إذا ما طلب منه يد ابنته بالزواج المؤقت وهكذا نرى بوضوح إن المسؤولية الأولى والأخيرة في العمل بهذا الأمر المقيت تقع على عاتق الذي أباحوا أعراض المسلمات ولكنهم أحصنوا أعراضهم وأهدروا شرف المؤمنات ولكنهم صانوا شرف بناتهم وفي كل هذا عبرة لمن كان له قلب.
...
... السجود على التربة الحسينية
السجدة على التربة الحسينية ظهرت في العصر الثاني من الصراع بين الشيعة والتشيع ثم امتدت نحو آفاقٍ أوسع عمت الشيعة جميعاً.
السجود على التربة الحسينية(41/126)
قلما يوجد بيت للشيعة لا توجد فيه التربة التي تسجد عليها الشيعة في صلواتها وهي من تراب " كربلاء " المدينة التي استشهد " الحسين " فيها ورفاته الطاهرة مدفونة فيها، وإنني اعلم ما يقوله فقهاؤنا حول السجود على التربة الحسينية حيث فرقوا بين ما يسجد له وما يسجد عليه وإن السجود على التربة ليس سجوداً لها بل سجوداً عليها لأن السجدة في المذهب الشيعي لا يجوز أن تكون إلا على التراب ومشتقاته ولا يجوز السجدة على الملبوس والمخيوط والمأكول إن السجود على التربة الحسينية كما نعرفها بل يعرفها الشيعة أنفسهم لا تتوقف عند هذا الحد الفقهي او أنه سجود على التراب وحسب بل المسألة أبعد من ذلك بكثير فكثير من الذين يسجدون على التربة يقبلونها ويتبركون بها وفي بعض الأحيان يأكلون قليلاً من تربة " كربلاء " للشفاء في حين أن أكل التراب حرام في الفقه الشيعي ثم إنهم صنعوا من التراب هيئات مختلفة يحملونها في جيوبهم وينقلونها معهم في أسفارهم ويعاملونها معاملة تقديس وتكريم، وحتى كتابة هذه السطور هناك ملايين من الشيعة في شرق الأرض وغربها تلتزم بالسجود على تربة " كربلاء " ومساجدها مليئة بها ويعملون بالتقية عندما يقيمون الصلاة في مساجد الفرق الإسلامية الأخرى حيث يخفونها ولا يظهرونها خوفاً من اعتراض غيرهم عليها، وقد التبس الأمر على كثير من غير الشيعة فظنوا أن هذه التربة أصنام تسجد الشيعة عليها وقد كادت الفتن تحدث في مساجد بلاد لم تعرف شيئاً عن التربة الحسينية ومظاهرها ولست أدري متى دخلت هذه البدعة في صفوف الشيعة فالرسول الكريم?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? ما سجد قط على تربة " كربلاء " وتقديس التراب لم يكن شيئاً مألوفاً عند المسلمين، ومن الجائز أن هذه الظاهرة أخذت في التوسع منذ عهد الصفويين وعندما أخذت القوافل تزور " كربلاء " في مراسيم خاصة وتعود محملة بآثار من قبر الإمام " الحسين " وهناك بدعة أخرى أضيفت إلى استعمال(41/127)
التربة تتجاوز البدع الأخرى إنها فتوى الفقهاء بجواز إقامة الصلاة التمام للمسافرين بدلاً من القصر عندما يكونوا في الحائر الحسيني بخمسة عشر ذراعاً حول القبر، ومن المجمع عليه عند فقهائنا أن الواجب على المسافر هو إتيان الصلاة قصراً ولكنهم استثنوا الحائر الحسيني من هذه القاعدة ولست أدري كيف استطاع فقهاؤنا – سامحهم الله – الاجتهاد في أمر لم يكن لموضوعه ومحموله أثر في عهد الرسول الكريم?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وبعد أن أكملت الشريعة الإسلامية وتوفي الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وانقطع الوحي فيا ترى أن الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? أجاز للمسافر الخيار بين القصر والإتمام في حائر الحسين قبل أن يكون هناك شيء بهذا الاسم أم أن قانوناً إلهياً شرع لموضوع لم يكن له أثر في وقته؟ نعم إن هناك روايات تنسب إلى أئمة الشيعة تقول بمثل هذا الخيار للمسافر وعلى تلك الروايات بنى فقهاؤنا فتاواهم التي أفتوا بها.
وقد تعني هذه الفكرة الخطيرة أن الإمام عند فقهائنا يكون مصدر التشريع لا كما كان المتشيعون لأهل البيت يعتقدون في الأئمة قبل ظهور الصراع بين الشيعة والتشيع وعندما كان التشيع يعني أ، أئمة أهل البيت أدرى بأحكام الإسلام من غيرهم لأن في بيتهم نزل الكتاب كما أشرنا إليه أكثر من مرةٍ ومن المؤسف حقاً أن وجود فكرةٍ كهذه تخالج قلوب كثير من فقهائنا وإن لم يبيحوا بها وإلا فماذا يعني الفتوى بجواز الخيار لمسافر بين القصر والإتمام في صلواته عندما يكون في حائر الحسين؟ وعلى أي أساس أو قاعدة شرعية امتاز الحسيني بهذا الامتياز ونزل فيه حكم إلهي وسماوي قبل وجود الحائر بنصف قرن؟(41/128)
ومرةً أخرى نكرر القول بأن الطريق الوحيد للخلاص من هذا التخلف الفكري العميق الذي أحاط بنا قروناً ويحيط بنا من كل جانب حتى يومنا هذا هو غربلة كتبنا من أمثال هذه الروايات التي تنسب إلى أئمةٍ هداةٍ مهديين هم منها براء، وهكذا غربلة الفقهاء أنفسهم فكثير منهم وراء هذه البدع وتنميتها فالأئمة لم يستحدثوا قوانيناً من عندهم وأحكاماً لم يكن لها أثر في كتاب الله وسنة رسوله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? ولك يدّعوا قط شيئاً كهذا بل كل ما امتازوا به أنهم أعرف بكتاب الله وسنة جدهم رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وتلقوا العلم في بيت الرسالة ومهبط الوحي وأخذوا أحكام الشريعة كابراً عن كابر.
التصحيح(41/129)
إذا كانت الشيعة تلتزم بالقاعدة الفقهية التي تبناها فقهاؤنا في السجود على مطلق التراب ومشتقاته وكان فقهاؤنا أيضاً يلتزمون بهذه الفتوى لم يكن الخطب فادحاً وكانت الفرق الإسلامية الأخرى تنظر إلى هذا الرأي بعين الاحترام والقبول، غير أن الشيعة جرياً على عمل فقهائنا تجاوزت هذه القاعدة الفقهية واتخذت منها ديدناً خاصاً وهو السجود على تراب موضع خاص وهو " كربلاء " وصنعت من ترابها أشكالاً مختلفة مطولة ومربعة ودائرية تحملها معها في السفر والحضر على السواء لتسجد عليها كلما حان وقت الصلاة، ولقد تعودت الشيعة أن تخفي التربة عندما تصلي في مساجد الفرق الإسلامية الأخرى عملاً بالتقية أو خوفاً من حدوث بلبلة حولها أو خجلاً من الأكثرية التي تنظر إلى هذا الأمر بنظرات الاستغراب والسخرية، إنه حقاً مدعاة للحزن والألم والأسف أن تنزل الشيعة نفسها إلى هذه الدرجة من التدني لالتزامها بعمل ما أنزل الله به من سلطان فلم يكن شيئاً أكثر مقتاً عند الله من هذه الازدواجية في عبادتهن فإذا كانت الشيعة ترى نفسها على حق في السجود على تربة " كربلاء " فلماذا تخشى من الجهر بها أمام إخوانٍ في الدين يجمعهم كتاب واحد ونبي واحد وقبلة واحدة وصلاة واحدة؟ وإن كانت على غير حق فلماذا هذا الإصرار عليه ولماذا ينتابها الخجل والوجل منه؟ وكما قلنا فإن الدور الكبير لظهور هذه الظاهرة الشاذة يعود إلى الفقهاء وأعلام المذهب الذين عودوا الشيعة عليها وهم عليها سائرون حتى كتابة هذه السطور والحركة التصحيحية التي ننادي بها لا تعني أننا نحث الشيعة على عدم السجود على التراب فرسول الله يقول:? جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ? ورسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? كان يسجد على التراب في مسجده بالمدينة ولكننا نود القول: إن تفضيل أ{ض على أ{ض حتى إذا ثبت في الشرع لا يعني الالتزام بالسجود على تلك الأرض وإلا لكان المسلمون يحملون معهم تراب مكة والمدينة(41/130)
والقدس ليسجدوا عليها.
إن على الشيعة أن تكسر طوق التبعية الفكرية في أمور فرضت عليها وهي ترى بطلانها كما ترى الشمس حتى تنضم إلى الصف الإسلامي العريض دخولاً متكافئاً رافعة الرأس قوية الحجة لا دخولاً فيه ذل التقية والازدواجية في الشخصية وغمض العين عن الكرامة في سبيل بدع هي أعرف بها من غيرها، وأعود مرةً أخرى وأقول: نحن لا نطلب من الشيعة في صحة السجود على الأرض ومشتقاتها مثل الخشب والحصى والخيزران فلتسجد على ما يصح السجود عليه من بين هذه الأشياء وبذلك تقتدي برسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وبالإمام " علي " والأئمة الذين لم يسجدوا قط على شيء اسمه تربة " كربلاء " وتترك هذا الالتزام الذي يتضمن كل أبعاد الفرقة والبدعة على السواء، وإنني لا أشك أن الفرق الإسلامية الأخرى إذا ما علمت بهذه النظرية الفقهية التي منشؤها الاجتهاد فإنها قد تضمن مسجداً يتلاءم مع التزام الشيعة في مساجدها وقد توفر لهم الحصير أو ما شابهها من مشتقات الأرض والأشجار وذلك لرفع الحرج عن إخوانٍ لهم في الدين.
الإرهاب
الشيعة هي الطائفة الإسلامية الوحيدة التي سلمت نفسها إلى زعاماتها المذهبية بلا قيد ولا شرط كي تركلها بأقدامها في ساحات الوغى مرةً وساحات الغيلة والإرهاب مرةً أخرى.
الإرهاب(41/131)
لقد استغلت القيادات المذهبية الشيعة المسكينة عبر التاريخ فصنعت منها طائفة تعصف بها رياح البدع من كل جانب مستغلة سذاجتها وإيمانها بمراجعها الدينيين وحتى هذه اللحظة فالشيعة هي الطائفة الإسلامية الوحيدة التي سلمت نفسها بلا قيد و شرط وحدود وقيود وسؤال وجواب إلى قياداتها المذهبية كي تركلها بأقدامها في ساحات الوغى تارةً وساحات الإرهاب والغيلة تارةً أخرى، ولذلك أخذ المجتمع الإنساني في هذه السنوات الأخيرة ينظر إلى المذهب الشيعي وكأنه المذهب الذي يأمر أتباعه بشن الحروب وبالإرهاب والاغتيال وكثيراً ما كانت الأخبار التي تنشر حول الشيعة في الصحف وأجهزة الإعلام العالمية تتجاوز الطائفة وتلحق بسمعة الإسٍلام ضرراً بالغاً لعم تمييز المجتمع الإنساني بين الشيعة وسواها من الفرق الإسلامية الأخرى فكان الإرهاب الذي يمارس يحسب على الإسلام ويعم المسلمين جميعاً.(41/132)
إن تاريخ الغيلة والإرهاب يعود إلى قرون خلت وليس بجديد في تاريخنا المعاصر ولكن ظهوره في بلاد الشيعة وباسم الشيعة يعود إلى مئة عام أو أقل منها بقليل ولكن المؤسف والمحزن أن الغيلة منذ ظهورها في العالم الشيعي والإرهاب الذي أضيف إليه في السنوات الأخيرة كلها كانت باسم المذهب ووراءها فقهاء أعلام ومجتهدون عظام فقد اغتال " ميرزا رضا الكرماني " الشاه " ناصر الدين " في عام 1311 هجري وبأمر من أستاذه السيد " جمال الدين الأفغاني " ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا شهدت إيران بصفة خاصة اغتيالات مذهبية وإرهاباً متقطعاً حسب الظروف السياسية والأحوال وكان وراءها مجتهدون وفقهاء، ولكن الجدير بالعبرة أن العدالة الإلهية تجسدت في هذه الدنيا لكي تعطي درساً لأولئك الذين غرسوا هذه الفكرة في النفوس باسم الدين فقد انقلب الإرهاب على الذين كانوا وراءه وبالاً ليس مثله وبال حيث مارس أعداء الفقهاء الطريقة نفسها في المواجهة معهم فاغتالوا من علماء المذهب وفقهاءه في غضون ست سنوات من عمر الزمان ( 1400 – 1406 ) هجري عدداً يتجاوز أضعافاً مضاعفة من الذين راحوا ضحية الغيلة والإرهاب والفتوى الدينية طيلة مئة عام، وهكذا انقلب الإرهاب وبالاً على الذين كانوا وراءه وجعل حياتهم جحيماً لا تطاق حدث كل هذا بعد أن استلم السلطة في إيران فقهاء المذهب الذين باركوا الإرهاب وكانوا دعامته.(41/133)
ولكي أضع النقاط على الحروف أود القول بصراحة: إنني عندما رأيت الطوابع البريدية الجديدة التي أصدرتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعليها صور الإرهابيين مثل " ميرزا الكرماني " و " مجتبى نواب صفوي " زعيم جماعة ?فدائيان.إسلام? التي اغتالت عدداً من رؤساء الوزارات وغيرهم بفتوى أحد المجتهدين ندبت حظ الشيعة الإمامية وحتى حظ الدولة التي تتظاهر بالتشيع وترى نفسها حامي حماها، وهنا أود أن أعلن بصراحة وبلا خوف ولا وجل أن كتابنا هذا ليس كتاباً سياسياً وليس الغرض منه المواجهة مع أية دولة أو جهة سياسية ولا المواجهة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية أو النظام الحاكم فيها، ولذلك أقول وأشهد الله أنني لم أقصد من هذه الرسالة إلا الإصلاح في العقيدة الشيعية المحدثة والمستحدثة على السواء ولذلك تجنبت الدخول في المواجهة مع الأسماء والأشخاص ولكن الضرورة في بعض الأحيان تملي عليَّ أن أقول كلمة الحق والنصيحة وأوجهها حتى إلى دولة أو حكومة قد تستجيب لنداء الإصلاح وقد لا تستجيب ولكن كلمة الحق يجب أن توجه للجميع وكما قال الرسول الكريم:?الساكت عن الحق شيطان أخرس? فيا ترى كيف تستطيع دولة أن تكسب الاحترام الدولي والثقة العالمية وتحترمها الشعوب الآمنة الحرة وهي تتظاهر بأنها دولة عقائدية اتخذت المذهب الشيعي شعاراً لها وهي تفتخر بالإرهابيين وتتخذ صورهم رمزاً لنظامها؟ ثم قد تكون وطأة هذا الشعار شديدة على الملايين من الشيعة في العالم وهي لا ترتبط بتلك الدولة ولا تؤمن بنظامها أو سياستها وكيف تستطيع الشيعة أن تدافع عن عقيدتها وتنفي عنها الإرهاب عندما تكون الدولة الناطقة باسمها اتخذت الإرهاب شعاراً لها؟(41/134)
وأرجو أن يسمع كلامي هذا الحاكمون في إيران ويعلموا جيداً أن نفوس الشيعة في إيران لا تشكل إلا ثلث الشيعة في العالم والبقية الباقية منتشرة في أرجاء الأرض الفسيحة ولكل فئة منهم هويتهم وجنسيتهم ولغتهم وإن الدولة الشيعية الإيرانية لا ولن تستطيع أن تتحدث باسم الشيعة جميعاً بل وحتى باسم الشيعة في إيران، فلذلك يجب عليها أن لا تقوم بأعمال تسيء إلى سمعة الأكثرية من هذه الطائفة كما فعلت حتى الآن وأن تلطخ سمعتها أكثر مما فعلت، وندائي للحاكمين في إيران أن لا يسيئوا إلى الشيعة أكثر مما أساؤوا إليها فقد كفي الشيعة ذلاً.(41/135)
ورجائي من الشيعة أن ينبروا للدفاع عن أنفسهم وكرامتهم أمام المجتمع البشري ويعلنوا براءتهم من الإرهاب الذي تمارسه عناصر على الأبرياء باسمها، وتارةً أحدث نفسي وأقول: أليست الفكرة الإرهابية التي ظهرت منذ مئة عام في إيران وباركها بعض فقهائنا هي من بقايا ( قلعة الموت ) التي اتخذها " حسن الصباح " في القرن السادس الهجري مقراً لنشر المذهب الإسماعيلي بالقوة تارةً وبالحشيش ومشتقاتها تارةً أخرى؟ وإنها امتداد للفرق الاغتيالية التي كانت تجوب البلاد الإسلامية لاغتيال أعداء الإسماعيليين، وكلنا نعلم أن الوزير " نظام الملك " قتل بطعنة إرهابي من تلك الجماعة وبأمر مباشر من رئيسها " حسن الصباح " وهناك وجه شبه كبير بين المقدمات والنتائج التي اتبعتها الفرق الاغتيالية الصباحية والفرق الاغتيالية المتطرفة عند بعض الشيعة، وهنا أخاطب الشيعة مرةً أخرى وأقول لهم: إذا كانت الهلوسة الصباحية وما رافقها من أعمال قام بها الحشاشون من جماعته في منتصف القرن السادس الهجري قد أحدثت في العالم الإسلامي فساداً ونكراً فإنها أيضاً قصص مفجعة تعود إلى استغلال فئة جهل السذج من الناس بالإسلام ومبادئه أما في عصر القفزات الكبرى نحو العلم ووضوح المفاهيم الإسلامية العليا للجميع فإن الحجة قائمة على الشيعة كي تسلك طريق الحق والعقل وأن لا تأتمر بأوامر فيها سخط الله ورسوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم.
إذا كان الإرهاب حسناً فلماذا لا يرتضيه المخططون لأنفسهم ولذويهم؟ وعندما ينكشف أمره يتبرؤون منه والإسلام بريء من الإرهاب وتعاليم الإسلام تناقضه فإذا كان للإرهابيين ولمن وراءهم أطماع سياسية يريدون تنفيذها فعليهم أن لا يستغلوا اسم الدين والمذهب وتكون لديهم الشجاعة الكافية لكي يتحملوا وزر أعمالهم لا أن يحملوها لمذهبهم ولدينهم.
التصحيح(41/136)
لقد وضع القرآن الكريم دستوره الأبدي في حرمة الإرهاب بكل أشكاله وصوره ولا سيما عندما يؤخذ البريء مكان المذنب وقال:?ولا تزر وازرة وزر أخرى(1)....? إن هذه الجملة البليغة تعطي نوراً وإشراقاً لكل من يتخذ القرآن له إماماً وهادياً، وإذا ما نظرنا إلى سيرة أئمة الشيعة وعملهم نرى أنهم كانوا أبعد الناس عن الإرهاب وأكثرهم مقتاً له، وهذا هو الإمام " الحسين " يخاطب الفئة التي هجمت على خيام حرمه وأهل بيته في يوم عاشوراء بكلام لم ينساه التاريخ فقد قال لهم:?يا شيعة أبي سفيان إن لم يكن لكم دين ولن تخافوا المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم إن النسوة ليس عليهن جناح.. ? وهكذا وضع الإمام " الحسين " - وهو سيد الشهداء والإمام الذي اشتهرت الشيعة بالحب الجارف نحوه - الخط الفاصل بين الشجاعة والجبن وبين الكرامة الإنسانية التي فيها رضا الله والعمل المقيت الذي فيه سخط الله وبهذه العبارات البليغات الصريحات أمر " الحسين " المسلمين سواء كانوا من شيعته أو شيعة غيره أن يسلكوا طريق الكرامة حتى في معاملة الأعداء وأسرى الحرب وأن لا يسيئوا إلى الأطفال والنساء حتى وإن كانوا هم في حالة حرب مع رجالهم، وهذا هو " مسلم بن عقيل " سفير " الحسين " إلى أهل " الكوفة " يأبى من قتل " عبيد الله بن زياد " غيلة وذلك بعد أن هيأ له " هانئ بن عروة " الفرصة وقال:( نحن أهل بيت لا نغدر ) و " عبيد الله بن زياد " قدم إلى الكوفة بعد أن بايع أهلها " مسلم بن عقيل " كسفير " للحسين " ولكنهم خذلوه وانضموا إلى الوالي الجديد ولم يبق لمسلم أم يقاتل حتى يقتل أو يغتال " ابن زياد " ويعود إلى السلطة من جديد ولكنه رفض أن يقوم بعمل لا تقره الكرامة والرجولة حتى وإن كان في ذلك مصرعه وخيبة المهمة التي أنيطت به، وهكذا نرى أن النتائج مهما كانت لها من الأهمية فلا تبررها مقدمات دنيئة مثل الغيلة والغدر في دستور الإسلام الخالد وفي عرف أهل بيت رسول
__________
(1) - الزمر 7(41/137)
الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? ولنستشهد مرةً أخرى بعمل الإمام " علي " والذي تقول الشيعة إناه تقتدي به ويعتقد بعض فقهائنا ولا سيما أولئك الذين يرون أنفسهم من أنصار الإرهاب بأن عمل الإمام حجة ونقول لهم: إن الإمام نهى أصحابه عن القيام بأي عمل يتنافى مع الكرامة الإنسانية حتى أنه أمر برفع الحواجز التي وضعها جيشه على نهر الفرات في حرب " صفين " لمنع جيش " الشام " من الحصول على الماء ونهى عسكره من القيام بأي عمل يتنافى مع السيرة المتبعة في الحروب بين الرجال، وعندما قتل الثائرون الخليفة " عثمان ابن عفان " وعلم الإمام بذلك لطم " الحسنين " على خدهما لعدم منعهما الثائرين من التقرب إلى الخليفة المقتول وكما نعلم كان " للحسنين " مقام عظيم عند الإمام " علي " عبر عنه في إحدى حروبه وعندما كانا يتقدمان صفوف المحاربين بقوله:?املكوا عني الغلامين فإني أخاف أن ينقطع بهما نسل رسول الله? وعندما نلقي نظرة فاحصة على عصر الرسول الكريم?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? نعلم علم اليقين أن الإرهاب لم يكن معروفاً لديهم وعندما هدّد " أبو لؤلؤة " الخليفة " عمر بن الخطاب " بقوله:( سأصنع لك رحى تحدث عنها العرب ) قال الخليفة:?هددني ابن المجوسية? ولكنه لم يفعل شيئاً بالنسبة إليه ولم يأمر بحجزه أو إبعاده، ولهذا يمكن القول: إن فكرة الاغتيالات لم تكن تراود نفوس المسلمين في عصر الرسالة والخلفاء الراشدين ولم تكن معروفة لديهم ولذلك لم ينظر المسلمون إليها بنظرة الجد والحزم، وبعد اغتيال الخليفة " عمر بن الخطاب " على يد " أبو لؤلؤة " لم يأخذ سلفه " عثمان و علي " الحذر مما أصاب الخليفة فكان قتل الخليفة " عثمان " أشبه ما يكون بالغيلة والإمام " عليا " قتل على يد خارجيّ اسمه " ابن ملجم " وفي أثناء صلاة الصبح ولقد قيل له أكثر من مرة أن يأخذ حذره من الخوارج ولكنه كان يرفض ذلك بقوله:?كفى بالموت حارساً? ولذلك نستطيع القول(41/138)
بعد كل هذا: إن البيئة الإسلامية الصحيحة كانت ترفض أن تنسب إليها شيئاً باسم الغيلة والإرهاب ولذلك لم يعط لعمل كهذا شرعية الوقاية منه بل نظرت إليها كحركة إجرامية عابرة والإسلام منها براء والمسلمون في مقت منه وإنها أعمال لا يقوم بها إلا أناس على شاكلة " أبو لؤلؤة " المجوسي و " ابن ملجم " الخارجي وأمثالهما نادر وقليل.
وأعود مرةً أخرى إلى الإرهاب وأقول: إن العمال الإرهابية وراءها مخططون يعرفون النفسية القلقة التي يتصف بها المتطوعون للعمل الإرهابي فهم يستغلون تلك النفوس ويمنونهم بحور عين وكأس من معين مضافاً إليهما دروساً في الشجاعة والبطولات والتخليد في التاريخ وأخذ الثأر وهكذا يرسلون ضحاياهم إلى حيث العمل الإرهابي وهم يجلسون بعيداً عن حلبة الصراع ليقطفوا ثمار النتائج التي يرومون إليها فهم يقضون أوقاتهم في القلاع الحصينة الآمنة وأتباعهم في ساحات الانتحار ينفذون إنزال الدمار بالأبرياء والممتلكات باسم الله ورسوله والإمام " علي " .
صلاة الجمعة
أعتقد جازماً أن فقهاءنا اجتهدوا أمام النص الصريح بسبب واحد ألا وهو إيجاد الفرقة في الصف الإسلامي الكبير وحمل الشيعة على عدم التلاحم مع الفرق الإسلامية الأخرى في صلاة يوم الجمعة.
صلاة الجمعة
? يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون(1) ?
__________
(1) - الجمعة 9(41/139)
بهذا النص الصريح القاطع شرَّع الإسلام صلاة الجمعة وفرضها على كل من يؤمن بالله ورسوله وكتابه، غير أن الأكثرية من فقهاء الشيعة – سامحهم الله – اجتهدوا أمام النص الصريح وقالوا بالخيار بين صلاة الظهر والجمعة، وأضافوا أن شرط إقامة الجمعة إنما هو حضور الإمام الذي هو الإمام " المهدي " ففي عصر الغيبة تسقط الجمعة من الوجوب العيني ويكون للمسلمين الخيار في الإتيان بها أو بصلاة الظهر، وقالت فئةٌ أخرى من فقهائنا: إن صلاة الجمعة حرام في عصر الغيبة ويقوم مقامها صلاة الظهر وهناك قلة من فقهائنا وبعضهم في القمة مثل الشيخ " حر العاملي " صاحب كتاب " وسائل الشيعة " الذي أفتى بوجوب صلاة الجمعة في عصر الغيبة، ولا أريد أن أدخل أيضاً في جدل فقهي عقيم لم يحل منذ ألف عام عند فقهاء المسلمين ولن يحل إذا ما أردنا أن نتحدث بلغة الروايات التي يستند عليها فقهاء الشيعة، إن كل ما قيل ويقال في إسقاط صلاة الجمعة في عهد غيبة الإمام يصطدم بنص صريح لا اجتهاد فيه وذلك إذا كنا ملتزمين بدستور الإسلام فنحن أمام دستور ثابت وصريح وواضح لم يكن مقيداً بقيود أو مشروطاً بشروط، ولست أدري كيف استطاع فقهاؤنا أن يجتهدوا في نص قرآنيّ بليغ وواضح بالاستناد إلى روايات نسبت إلى أئمة الشيعة، وموقفي من هذه الروايات كلها الموقف نفسه بالنسبة لكل الروايات الموضوعة فأنا لا أشك أبداً بأن كثيراً من تلك الروايات وضعت في العصر الأول من الصراع بين الشيعة والتشيع وذلك كي يمنع الشيعة من الحضور في صلوات الجمعة التي هي في حقيقتها تظاهرة إسلامية كبرى وعدم الاختلاط بسائر الفرق الإسلامية والمشاركة معها في شعار الإسلام العظيم.(41/140)
وهناك دليل واضح لما ذهبت إليه من الرأي قد خفي على كل أولئك الذين كتبوا في صلاة الجمعة وأرخوها وهو أن ملوك الصفويين الذين كانوا حماة التشيع في إيران وكثير من البدع التي ألصقت بالتشيع إنما ألصقت به بمباركتهم وسياستهم كانوا من أشد أنصار صلاة الجمعة وأكبر المساجد الإيرانية وأضخمها بنيت في عهد ملوك الصفويين، وكان المسجد الرئيسي يسمى " مسجد الجمعة " ولا يوجد مدينة كبيرة في إيران إلا وفيها مسجد من هذا الطراز وكان إمام المسجد يلقب ( إمام الجمعة ) ويعين بمرسوم خاص من الشاه وكان هذا المنصب منصباً محترماً يناط بكبير العلماء أو شيخ الفقهاء في كثير من الأحيان وكان هذا المنصب موجوداً في بلاط الأسرة المالكة حتى أن انقرضت الملكية في إيران قبل بضع سنوات ويعني هذا أن فكرة حرمة صلاة الجمعة في عصر الغيبة لم تطرح إلا في بلاد كان الاحتكاك شديداً فيها بين الشيعة وغيرها من الفرق الإسلامية الأخرى حتى تثني الشيعة من الالتحام بالركب الإسلامي الموحد ولكن في إيران حيث كانت الأكثرية من الشيعة فإن الفقهاء لم يعارضوا صلاة الجمعة وكانت تقام في مساجد البلاد بطولها وعرضها، غير أن فكرة الخيار بين الجمعة أو صلاة الظهر كانت موجودة فقهياً وكانت هناك في المدن الإيرانية مساجد تصلي فيها الجمعة وأخرى تصلى فيها صلاة الظهر.(41/141)
وحتى كتابة هذه السطور فإن بعض فقهاء الشيعة من الأحياء يفتون بوجوب صلاة الجمعة وعدم سقوطها في عصر الغيبة ولكن عدد هؤلاء لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة وكانوا عبر التاريخ الفقهي يعدون بين القلة القليلة، وبعد أن استلم الفقهاء السلطة في إيران أصبحت صلاة الجمعة في ضمن سياسة الدولة الأساسية وعينت ولاية الفقيه لكل مدينة إماماً يسمى ( إمام الجمعة ) كما كان يفعل لاشاه من قبل واستحدثوا تسمية جديدة لها وهي " الصلاة العبادي السياسي " فالخطباء في خطبة صلاة الجمعة يتحدثون عن قضايا الساعة والسياسة ومشاكل البلاد وسواها ولا يعني أبداً ماذا يقال في خطبة الدمعة لأن المهم هم العمل بالفريضة أما ما يقوله الخطباء فهذا شيء يعود إليهم، ولكن الذي يعنيني أن صلاة الجمعة لا زالت متروكة في كثير من المناطق التي يسكنها الشيعة خارج إيران ولا يصلونها يوم الجمعة في مساجدهم ومن هنا أود أطلب التصحيح والقضاء على هذه الظاهرة التي تتناقض مع روح الإسلام وأهدافه ونص القرآن الكريم.
التصحيح(41/142)
إذا ترك الإتيان بهذا الفرض إلى أئمة المساجد في المناطق التي تسكنها الشيعة فهذه الفريضة تبقى متروكة لقرون أخرى لأن أئمة مساجد الشيعة في كثير من الأحيان يأتمرون بأمر فقيه أو مرجع من مراجع الشيعة وإمام كهذا لا يستطيع أن يخرج من فتوى المرجع الذي نصبه في هذا المقام ولاسيما أن حياته المادية منوطة بعمله والإطاعة لمولاه، ولذلك فإن على القاعدة الشيعية أن تفرض على أئمة مساجدها صلاة الجمعة وأن تطلب منهم الإتيان بهذه الفريضة وإذا لم يستجيبوا فعليهم أن يصلوا في مساجد أخرى تصلى فيها الجمعة فهذه الفريضة الإلهية لا تسقط بحال ويجب الإتيان بها في كل الأحوال، وإني لا أشك أبداً أن الطبقة الواعية المثقفة من أبناء الشيعة إذا ما التزمت بهذا الشعار الإسلامي العظيم فإنها ستقضي على مظهر كبير آخر من مظاهر التفرقة التي نهى الله ورسوله الكريم?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? عنها وهم بذلك يجددون عصر الوحدة الإسلامية الكبرى ويكونوا من حماته.
...
... تحريف القرآن
القول بتحريف القرآن يناقض الإيمان به.
تحريف القرآن(41/143)
لست أدري كيف يستطيع المرء أن يقول بتحريف القرآن وهو أمام نص صريح يدحض كل الأقوال حول التحريف، ولست أدري أيضاً كيف يستطيع أحد أن يكون مؤمناً بالقرآن وهو يدلي رأياً يناقض ما جاء فيه والآية الكريمة:? إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون(1) .....? تغنينا عن الاستدلال بعدم تحريف القرآن المنزل على محمد رسول الله ?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم?فالوعد الإلهي صريح بأنه تعالى يحفظ الذكر الحكيم من أي تلاعب أو تحريف أو إضافة والقائلون بالتحريف يشكلون عدداً من علماء الفرق الإسلامية كلها إلا أن علماء الشيعة ومحدثيهم يشكلون الأكثرية المطلقة بين هؤلاء، وقد ذهب رهط من علماء الشيعة إلى عدم التحريف واستشهدوا بالآية الكريمة التي أوردناها ولكن ذهب آخرون إلى التحريف بإصرار وعناد منهم " النوري " الذي ألَّف كتاباً أسماه " فصل الخطاب في تحريف الكتاب " وذكر في الكتاب المذكور عبارات زعم أنها آيات قرآنية محرَّفة، والمتتبع المنصف لا يشك أبداً أن السبب الذي حدا بالمحدثين أن يذهبوا إلى تحريف الكتاب هو الاستدلال بآيات منصوصة في إمامة " علي " كانت مذكورة في السور والآيات المحرَّفة على حد زعمهم، وبذلك كان بعض أعلام الشيعة يدافع عن عدم وجود نص إلهي في القرآن حول الإمامة بتلك الآيات المزعومة التحريف، وتحريف القرآن يصطدم بعقبة كبيرة لدى أعلام الشيعة وهو إقرار الإمام " علي " في أيام خلافته بهذا القرآن الموجود بين أيدي المسلمين فلو كانت هناك سور أو آيات محرَّفة لتحدث عنها الإمام " علي " وأثبتها في القرآن.
__________
(1) - الحجر 9(41/144)
إن فكرة تحريف القرآن ليست من الأفكار التي تظهر على الساحة الشيعية كفكرة عامة ذات أبعاد خطيرة لأن الأكثرية الساحقة من الشيعة لم تتقرب إلى هذا البحث ولا تؤمن به بسبب موقف كثير من فقهائنا من عدم التحريف ولكن الفكرة تأخذ طابعاً حزيناً عندما ينشر الناشرون كتباً ألَّفها بعض علمائنا في التحريف وتوزع تلك الكتب على الناس أو تستل منها مقتطفات لتذكر في كتب أخرى ويطلع عليها المسلمون جميعاً، ومن هنا نوجه نداء التصحيح إلى كل الناشرين في البلاد الشيعية كي يقلعوا عن نشر كتب كهذه لأنها تخالف كتاب الله ونصوصه وتضر بسمعة الإسلام وكتابه الكريم الذي هو الدستور الخالد للمسلمين فإذا ما أصابه وهن أصابهم وإذا أصابته قوة أصابتهم.(41/145)
وكما قلنا فإن الرأي السائد لدى الأكثرية من فقهاء الشيعة هو عدم التحريف، ولكن هذا الرأي يعقبه رأي آخر هو من الغرابة بمكان ولا توجد له أدلة إلا في الروايات التي يرويها رواة الشيعة، ونحن في حركتنا التصحيحية لا نستطيع أن نغفل آراءً شاذّة كتلك وعلينا أن نشير إليها لكي يكون التصحيح جامعاً ومانعاً نذكر رأياً لكبير علماء الشيعة وهو الإمام " الخوئي " الذي يقول في تفسيره " البيان " ص259 وذلك بعد أن استعرض آراء فقهاء المسلمين ومحدثيهم بما فيهم الشيعة حول التحريف في القرآن أو عدم وقوعه ما هو نصه:( ومما ذكرناه قد تبين للقارئ أن حديث تحريف القرآن حديث خرافة لا يقول به إلا من ضعف عقله أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل أو من لجأ إليه، يحب القول به والحب يعمي ويصم وأما العاقل المنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه وخرافته ). وأما الرأي الثاني الذي أشرنا إليه فهو في ص222 من الكتاب المذكور وجاء فيه:( إن وجود مصحف لأمير المؤمنين عليه السلام يغاير القرآن الموجود في ترتيب السور مما لا ينبغي الشك فيه وتسالم العلماء والأعلام على وجوده أغنانا عن التكلف لإثباته كما أن اشتمال قرآنه عليه السلام على زيادات ليست في القرآن الموجود وإن كان صحيحاً إلا أنه لا دلالة في ذلك على أن هذه الزيادات كانت من القرآن وقد أسقطت منه بالتحريف بل الصحيح أن تلك الزيادات كانت تفسيراً بعنوان التأويل وما يؤول إليه الكلام أو بعنوان التنزيل من الله شرحاً للمراد ) وبهذه العبارات يريد فقيهنا إثبات مصحف للإمام " علي " يختلف عن القرآن ولكنه في الوقت نفسه يضيف جملة محيرة وهي:( أو بعنوان التنزيل من الله شرحاً للمراد ) ولست أدري ما هذا الإصرار على تسمية شرح للقرآن وتفسير له بالمصحف ثم ما هو هذا الإجماع الذي يدّعيه بقوله:( تسالم العلماء الأعلام على وجوده أغنانا عن التكلف لإثباته ) ومتى أجمعت العلماء على ذلك اللهم إلا نفر قليل استندوا على(41/146)
كلام ينسب إلى الإمام " علي " ذكره " الطبرسي " في الاحتجاج، والمحقق المتتبع لكلمات الإمام وسيرته يشك كل الشك في صدور كلام مثل ذلك عن الإمام لما فيه من غرابة المحتوى، ثم ماذا تعني تلك الجملة المحيرة هل أن القرآن له شرح إلهي صادر من الله ولكنه ليس جزءاً من القرآن فيكون القرآن المنزل من الله مؤلفاً من متن وشرح متنه في يد الجميع وشرحه عند الإمام " علي " فقط، وإذا لم تخونني الذاكرة فقد ناقشت موضوع هذا المصحف مع العلامة الكبير " الخوئي " ولم يأت بشيء أكثر من الاستشهاد على رواية الطبرسي وانتهى الحوار إلى جدل عنيف وحاد أرجو من الله أن يغفر لي إذا ما تجاوزت على حرمة أستاذ درست عليه الفقه وأصول الفقه بعض الوقت وذلك في أيام دراستي عندما كنت في النجف، إن فقهاءنا وعلماءنا يستدلون على وجود مصحف للإمام " علي " برواية يذكرها الطبرسي في كتاب " الاحتجاج " وهي أن الإمام قال:? يا طلحة إن كل آية أنزلها الله تعالى على محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عندي بإملاء رسول الله وخط يدي وتأويل كل آية أنزلها الله تعالى على محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وكل حلال أو حرام أو حكم تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة فهو عندي مكتوب بإملاء رسول الله وخط يدي حتى أرش الخدش(1) .... ? وكما قلنا في هذه الرواية ضعف واضح وغرابة مذهلة ومنها تتفرع أسئلة عديدة لا عد لها ولا حصر وقبل كل شيء لماذا خص الرسول الكريم?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? الإمام " علياً " بتعليم أحكام تحتاج إليها أمته إلى يوم القيامة ولكن لم يخبر بها أمته بل أخفاها عليهم والقرآن الكريم يقول:? وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون(2) ....? ويقول في موضع آخر:? اليوم أكملت لكم دينكم(3) ... الآية...?
__________
(1) - تفسير البيان : الإمام الخوئي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم 222
(2) - سبأ 28
(3) - المائدة 3(41/147)
ولماذا لم يتحدث الإمام " علي " عن تلك الأحكام في خلافة الخلفاء الذين سبقوه أو في زمن خلافته ولماذا أخفى أحكاماً تحتاج إليها الأمة إلى يوم القيامة وفيها حلاله وحرامه وحتى أرش الخدش، حقاً إنه اضطراب مخل بالتعقل نقرؤه في عقول الذين وضعوا روايات كهذه ونسبوها إلى الإمام " علي " وأدهى منه أن فقهاءنا – سامحهم الله – استندوا عليها وحكموا عليها حكم المسلّمات .
التصحيح
إن كل ما قيل وذكر في الكتب الشيعية عن مصحف الإمام " علي " ليس أكثر من إضفاء هالة من الغلو على شخصية الإمام " علي " حسب زعم الذين كانوا وراء وضع هذه الأساطير وإثبات أن الإمام " علياً " إنما هو تالي تلو وأحق بخلافة الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم?من غيره ولذلك يحتفظ بمصحف خاص لا يحتفظ به غيره هذا في ظاهر الأمر ولكنهم في الحقيقة أساؤوا إلى الإمام من ناحية أخرى فعرَّفوا الإمام بأنه يخفي أحكاماً إلهية فيها حدوده وحلاله وحرامه وكل ما تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة ولم يدلي بها إلا لأولاده الذين هم الأئمة والأئمة بدورهم أخفوها عن المسلمين وحتى عن شيعتهم إلى أن اختفت كل تلك العلوم باختفاء الإمام الثاني عشر، وهكذا نرى أن الحب الجارف عندما يتجاوز حده ينتهي إلى الإساءة المطلقة والشيء إذا تجاوز حده انقلب إلى ضده ومن هنا نطلق مرةً أخرى لفكرة التصحيح ولمقارعة الأوهام التي نسجت حول الإمام " علي " وسائر أئمة الشيعة، حقاً لقد وضعوا حول الشمس نجوماً خافتة وزعموا أنها تزيد الشمس إشراقاً وتوهجاً فكان شأنهم شأن أولئك الذين وصفهم الله بقوله:? الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً(1) ....? ومع أننا نعتقد أن أغلب الروايات الموضوعة عن الأئمة وضعت بعد الغيبة الكبرى وهو العصر الذي نسميه بعصر الصراع الأول بين الشيعة والتشيع، إلا أن المتتبع المنصف لا يجد بداً من القول إن في عهد أئمة الشيعة أيضاً وضعت
__________
(1) - الكهف 104(41/148)
روايات عنهم كما أن وضع أحاديث عن الرسول الكريم?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? كان يشغل بال المسلمين بعد عصر الرسالة غير أن الروايات الموضوعة التي كانت تنسب إلى أئمة الشيعة في حال حياتهم لم تكن ذات أبعاد خطيرة بسبب وجودهم بين الناس واستطاعة الناس من الوصول إليهم والسؤال عنها وهذا هو الإمام " الصادق " يروي عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنه قال:? إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه ? ويقول " ابن أبي يعفور " أنه سأله الإمام " الصادق " عن اختلاف الحديثين يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به فقال:? وإذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وإلا فالذي جاءكم به أولى به(1) ....? ويروي " ابن أبي عمير " عن الإمام " الصادق " أيضاً أنه قال:? من خالف كتب الله وسنة محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فقد كفر(2) ...? ويقول الإمام في مكان آخر:? كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف(3) ....? وهكذا وضع الإمام " الصادق " الطريق للفصل بين الأحاديث الصحيحة والموضوعة وهكذا الفصل بين الروايات الصحيحة والكاذبة حتى يسد الباب على البدع التي تظهر في الدين وباسم الدين.
وقبل أن أنهي هذا البحث أود أن أشير أيضاً إلى أن بعض علماء الشيعة تحدث في كتبه عن مصحف " فاطمة " مضافاً إلى مصحف " علي " وموقفنا من هذا الرأي هو الرأي نفسه في مصحف " علي " وفيما أسلفناه الكفاية.
الجمع بين الصلاتين
__________
(1) - الكافي ج1 ص69
(2) - الكافي ج1 ص70
(3) - الكافي ج1 ص69(41/149)
إقامة الصلوات في أوقاتها اقتداءً بسيرة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم والقرآن الكريم يقول: ? لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً (1)....? صدق الله العظيم
الجمع بين الصلاتين
تنفرد الشيعة الإمامية بالجمع بين صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء في الحضر وموقفي من هذا الخلاف الفقهي يختلف تماماً عن غيره من المسائل الفقهية إلا أن هذه الظاهرة التي تنفرد بها الشيعة قد تضر بالوحدة الإسلامية الكبرى ولا سيما أن الأكثرية من فقهاء الشيعة يفتون باستحباب إتيان الصلوات في أوقاتها المحددة ولكن من الناحية العملية يذهبون إلى الجمع وقد جرت العادة في مساجد الشيعة على هذا النحو أيضاً، والصلوات الخمس فرضت لأوقات محددة وسميت بها فوقت العصر يختلف عن الظهر والعشاء من الناحية الزمانية يختلف عن المغرب ولا شك أن هناك حكمة بالغة إلهية في فرض الصلوات في هذه الأوقات الخمسة وجعلها عمود الدين ومن أهم الشعائر الإسلامية، وكان الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? يصلي في مسجده بالمدينة في الأوقات الخمسة وهكذا الخلفاء من بعده بما فيهم الإمام " علي " وهكذا كانت سيرة أئمة الشيعة، وإذا ما جمع الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? بين الصلاتين مرةً أو مرتين في غير سفر فقد كان لضرورة أو للترخيص أما عمله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? فكان هو الالتزام بالأوقات الخمسة.
__________
(1) - الأحزاب 21(41/150)
وليت شعري أن أعرف هل هناك سبب يجدي بالخير في التظاهر بهذا الاختلاف مع الأكثرية الساحقة من المسلمين أم أنه عمل سنَّه أناس كان غرضهم عزل الشيعة عن كل مظاهر الوحدة؟ ثم سار عليه الفقهاء وأئمة المساجد وهم يعلمون أو لا يعلمون ونحن في العملية التصحيحية نهتم بجمع الشمل من الناحية النظرية والعملية على السواء ورسالتنا هي القضاء الأبدي على كل مظاهر الفرقة الفكرية والعملية وكل ما يدور حولهما وهذا لا يتم إلا بالعودة إلى عصر الرسالة والتمسك بسنة رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? على الطريقة التي كان?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? يؤديها ولا أعتقد أنه يوجد بين المسلمين شخص واحد يفضل على عمل رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وسنته عمل الآخرين وآراءهم ومن هنا نحن نهيب بأئمة مساجد الشيعة وبالشيعة أنفسهم أن يلتزموا بالصلوات في أوقاتها ويضعوا نصب أعينهم الصلوات الخمس التي كان رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? يؤديها في مسجده بالمدينة ومعه صحابته من المهاجرين والأنصار وأن لا يشذوا عن طريق رسمه للمسلمين نبي الإسلام ففي الاقتداء به وبسنته عزهم وكرامتهم وشوكتهم وهذا هو الإمام " علي " يكتب إلى أمراء البلاد حول الصلاة وأوقاتها وقد جاء في كتابه:? أما بعد: فصلوا بالناس الظهر حتى تفيء الشمس من مربض العنز وصلوا بهم العصر والشمس بيضاء حية ...... وصلوا بهم المغرب حين يفطر الصائم ...... وصلوا بهم العشاء حين يتوارى الشفق إلى ثلث الليل وصلوا بهم الغداة والرجل يعرف وجه صاحبه (1).... ?
الرجعة
وعندما تمتزج الأسطورة بالعقيدة والأوهام بالحقائق تظهر البدع التي تضحك وتبكي في آن واحد.
الرجعة
__________
(1) - نهج البلاغة ج3 ص82(41/151)
هناك موضوعان يحتلان موقعاً صغيراً في عقيدة الشيعة الإمامية ولا أثر لهما في الحياة الشيعية الاجتماعية والفكرية اللهم إلا أنهما يثيران الجدل والبحث حول المذهب كلما أراد قوم أن لا يترك صغيرة أو كبيرة من الفجوات إلا وقد أحصاها إنهما الرجعة والبداء وقد كنا نود أن نغفل هذين البحثين في كتاب التصحيح ولكن رأيت من الأفضل أن نفرد لكل بحث منهما فصلاً خاصاً به بصورة مقتضبة ولا سيما بعد أن كثرت الكتابات وانتشرت المقالات حول المذهب الشيعي في الآونة الأخيرة وسلطت الأقلام والصحف الضوء على الشيعة ومذهبها وما ينتسب إليها، فكما قلنا فإن موضوعي الرجعة والبداء وإن كانا لا يحتلان الموقع الهام والأساسي في العقيدة الشيعية حتى أن بعض أعلام المذهب فنّدوا الفكرتين وأن الأكثرية الساحقة من الشيعة لا تعرف شيئاً عنهما ولا تدرك مغزاهما لا سيما فكرة البداء وما يحيط بها من جدل عقلي أثاره بعض أعلام الشيعة في مؤلفاتهم إلا أن هناك كتب أُلِّفَت في الموضوعين وتبناهما بعض الأعلام أيضاً ولكن الأدهى من كل هذا أن فكرتي " الرجعة " و " البداء " وردتا في الزيارات التي تقرؤها الشيعة أمام مشاهد وقبور أئمتها في كل صباح ومساء ولم يحدث قط أن الزعامات المذهبية العليا المسيطرة على قلوب وعقول الشيعة اعترضت على هذه الجمل والعبارات أو طلبت حذف هذه المضامين من الزيارات تلك أو فندت محتواها في حين أن بعض تلك الزعامات كان يبدي امتعاضاً أو إنكاراً لفكرة الرجعة والبداء في مجالسه الخاصة ولكنه لم يبد الرأي فيهما علناً ولذلك رأيت أن الواجب يملي عليَّ أن أكمل كتاب التصحيح بالرجعة والبداء وأبدأ بأولاها.(41/152)
تعني الرجعة في المذهب الشيعي: أن أئمة الشيعة مبتدئاً بالإمام " علي " ومنتهياً بالحسن العسكري الذي هو الإمام الحادي عشر عند الشيعة الإمامية سيرجعون إلى هذه الدنيا ليحكموا المجتمع الذي أرسى قواعده بالعدل والقسط الإمام " المهدي " الذي يظهر قبل رجعة الأئمة ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً ويمهد الطريق لرجعة أجداده وتسلمهم الحكم وإن كل واحد من الأئمة حسب التسلسل الموجود في إمامتهم سيحكم الأرض ردحاً من الزمن ثم يتوفى مرةً أخرى ليخلفه ابنه في الحكم حتى ينتهي إلى " الحسن العسكري " وسيكون بعد ذلك يوم القيامة، كل هذا تعويضاً لهم عن حقهم الشرعي في الخلافة والحكومة التي لم يستطيعوا ممارستها في حياتهم قبل الرجعة، والذين كتبوا في الرجعة من أعلام الشيعة فسروا الآية الكريمة:? ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون (1).....? إن الغرض من العباد الصالحين هم أئمة الشيعة، هذه خلاصة الفكرة أشرنا إليها بإجمال كما أنه لا بد من القول أيضاً إن الذين ألَّفوا الكتب في الرجعة واستشهدوا على وقوعها بالروايات التي ذكرها بعض كتب الروايات المنسوبة إلى أئمة الشيعة لم يكتفوا إلى هذا الحد من القول برجعة أئمة الشيعة فقط بل أضافوا عليها أفكاراً أخرى وكلها أيضاً مستوحاة من تلك الروايات الموضوعة التي أشرنا إليها أكثر من مرة وقالوا: إن الرجعة لا تشمل أئمة الشيعة فحسب بل تشمل غيرهم وذكروا أسماء نفر غير قليل من صحابة الرسول?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? زعموا أنهم من أعداء الأئمة والذين منعوهم من الوصول إلى حقهم في الحكم كل هذا حتى يتسنى للأئمة الانتقام منهم في هذه الدنيا.
__________
(1) - الأنبياء 105(41/153)
وقد يخيل إليّ أن الذين كانوا وراء فكرة الرجعة ووضعوا هذه الروايات لإثباتها لم يقصدوا منها رجعة الأئمة بقدر ما كانوا يقصدون رجعة الأعداء حسب زعمهم وذلك للانتقام منهم لأن هذه الفكرة كانت توطد دعامة التفرقة بين الشيعة والفرق الإسلامية الأخرى تفرقة لا لقاء بعدها، ولو أن الذين كانوا وراء فكرة الرجعة كانوا مخلصين لأئمة الشيعة لم يصوروهم بهذا المظهر الراغب في الحكم حتى أن الله سيعيدهم إلى هذه الدنيا الفانية مرةً أخرى ليحكموا فيها بعض الوقت وهم أئمة لهم جنة عرضها كعرض السموات والأرض أعدت للمتقين، والإمام " علي " يقول:? والله إن دنياكم هذه لأهون عندي من ورقة فم جرادة تقضمها ? ومهما يكن من أمر فنحن مع كل الأسف أمام أفكار من هذا النوع وقد ألف فيها بعض أعلامنا كتباً واشتملت الفكرة حيزاً من العقيدة ولو لم يكن جزءاً منها، والفكرة شبيهة مع فارق كبير إلى الفكرة التناسخية التي جاء بها " فيثاغورس " وتبناها الفيثاغوريون ولها أنصارها حتى اليوم وظهرت في مظاهر مختلفة وتعابير متفرقة ودخلت إلى بعض العقائد البدائية ولكن الذين ألفوا وصنفوا حول رجعة أئمة الشيعة لم يستعملوا المضامين التي استعملها الفيثاغوريون في صحة التناسخ أو بالأحرى انتقال الروح من جسد إلى جسد آخر لأن التناسخيين لا يعتقدون بوحدة الموضوع في عودة الشخص إلى الدنيا بعد الموت ويعتقدون بتعدد الحياة والموت بصور شتى وأنماط مختلفة ولكن فكرة الرجعة تحتفظ بوحدة الموضوع ولا تكون لأكثر من مرة غير قابلة للتكرار حيث يكون بعدها الموت الثاني ومن ثم البعث والنشور، ومن هنا أود القول: إن الذين كانوا وراء فكرة الرجعة لعلهم كانوا من المتأثرين بالفلسفة الفيثاغورية وأدخلوا الفكرة في المذهب وذلك بعد إجراء تحوير إسلامي عليها شأنهم شأن كل المبدعين في العقائد والمذاهب ولست أدري أيضاً متى دخلت فكرة الرجعة على وجه التحديد إلى الأوهام وألفت حولها الكتب إلا أن(41/154)
الذي لا شك فيه أن ظهور مثل هذه الأفكار البعيدة عن التعقل ظهرت في عهد الصراع الأول بين الشيعة والتشيع حيث كانت السذاجة هي الطابع الغالب على الناس والميل إلى الأفكار الغلوائية البعيدة عن المنطق كان له سوق رائج، والبدعة هذه تختلف عن البدع الأخرى التي أضيفت إلى الأفكار الشيعية حيث لم يترتب عليه تنظيم سياسي عملي أو اجتماعي أو اقتصادي اللهم إلا شيء واحد قد يكون هو السبب في اختلاق فكرة الرجعة وهو كما قلنا استكمال العداء وتمزيق الصف الإسلامي بمثل هذه الخزعبلات التي دونت وقيلت في انتقام الأئمة من صحابة الرسول الذين خالفوا النص الإلهي في أمر الإمامة والخلافة فكل حديث من هذا النوع كان ولا يزال يزيد في تأجيج نار الفتنة ويضر بالوحدة الإسلامية ويقضي على كل بادرة من بوادر الألفة والتقريب وهنا أود أن أذكر قصة حدثت لي قبل سنوات عديدة عندما كنت في النجف مقيماً فقد جاءني أحد المشايخ وطلب مني أن أبتاع منه كتاباً قد فرغ لتوه من تأليفه وطبعه اسمه " الشيعة والرجعة " فسألته عن فحواه فقال: إثبات رجوع الأئمة إلى هذه الدنيا فسألته من جديد: ومتى يكون ذلك؟ فقال: بعد ظهور " المهدي " الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً فسألته مرةً أخرى: إذن ما هي الفائدة من رجوعهم لأن القسط والعدل قد استتبا والأئمة أعلى شأناً وأجل قدراً من أن يطلبوا الحكم للحكم والإمام " علي " يقول:? إن دنياكم هذه أهون عندي من عفطة عنز إلا أن أقيم حقاً وأبطل باطلاً ? فقال الشيخ وقد ملكته الدهشة: ولكن في كتبنا روايات تثبت رجوع الأئمة فصحت في وجهه: ألم يكن من الأفضل أن يترك هذا الأمر للمهدي حتى يقول كلمته فيه؟ فولى الشيخ هارباً وهو يقول: وادنياه!!!!!!
التصحيح(41/155)
لقد قلت قبل قليل إن فكرة الرجعة لا تشغل حيزاً مهماً في عقيدة الشيعة الإمامية ولكن كثيراً منهم يقرؤون زيارة الجامعة الكبيرة التي هي من أهم الزيارات وتعتبر موثوقة عند الشيعة وفيها عبارات صريحة في الرجعة ولم يحدث قط أن فقيهاً من فقهائنا أو زعيماً من زعمائنا وقف مفنداً لهذه الجملة بصريح القول والعبارة والشجاعة أو أمر بحذفها أو فسرها تفسيراً ملائماً مع العقل إن كان هناك مجال للتفسير، وزيارة " الجامعة " التي أشرنا إلى مقتطفات منها في فصل زيارة مشاهد الأئمة وهي التي تقرؤها الشيعة أمام قبور ومشاهد أئمتها عندما تذهب للسلام عليهم فقد جاء في إحدى فقرات هذه الزيارة هذه العبارة:? مؤمن بإيابكم مصدق برجعتكم منتظر لأمركم مرتقب لدولتكم (1)......? ولا شك أن الغرض من عبارة من عبارة رجعتكم ليس البعث والنشور لأن في هذا الأمر يشترك الناس جميعاً حسب عقيدتنا الإسلامية التي هي الأصل الثالث من أصول الدين ويأتي بعد التوحيد والنبوة، إذن فإن الغرض من الرجعة هو الرجعة الثانية إلى هذه الدنيا وعلى هذه العبارة استند كثير من أعلام المذهب الشيعي في إثبات الرجعة فكان شأنهم شأن من بنى على رواية موضوعة أو جملة موضوعة بناءً شاهقاً من الأوهام وهنا نذكر جملة لأرسطو قالها في أستاذه " أفلاطون " ساخراً من نظرية المثل التي نادى بها فقال:? إن مثل أفلاطون في مثله كمن صعب عليه أن يعد كمية من الأشياء فضاعفها كي يسهل عليه عدها ? وهكذا فإن بعض فقهائنا عندما يصعب عليهم فهم جملة أو دركها لتناقضها مع أصول الإسلام والعقل فبدلاً من أن يطرحوها أرضاً ويجنبون العوامّ من الناس من أمرها يضاعفون في شرحها وتفسيرها وبذلك يضيفون بدعة إلى بدعة وضلالاً إلى ضلال فتزيد الطين بلة ويعم الشر الجميع.
__________
(1) - مفاتيح الجنان ص1005(41/156)
إن غربلة كتب الزيارة من كل العبارات والمضامين التي تتغاير وتتناقض مع العقل السليم وروح الإسلام ولا سيما تلك العبارات والجمل التي فيها تنقيص وتجريح وذم بالنسبة للخلفاء الراشدين وصحابة الرسول تقع في دائرة التصحيح العملي وأن على الشيعة في كل الأرض أن تعي ما تقرأ كل الوعي وأن لا تردد ما وضع تحت يدها من مطبوع أو مخطوط بذريعة أنها صدرت من احد أئمة الشيعة وإني لا أشك أن كثيراً من الزيارات التي نسبت إلى أئمتنا لو كان قد وصل إلى علمهم لأجروا حد الكذب والافتراء على واضعها وأن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المفترون ? ويلكم لا تفتروا على الله كذباً فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى (1)....?
البداء
فكرة البداء تتناقض مع قول الله تعالى:? وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين (2) .. ?
البداء
__________
(1) - طه 60
(2) - يونس60(41/157)
تفسير الخطأ بالخطأ يعني الاستمرار فيه وعدم الخروج منه حتى قيام الساعة ومن هنا أود القول إنه لو كانت لبعض علمائنا الشجاعة العلمية وخلوص النية ونقاء الفكر وصفاء الذهن لما ساروا في درب شائك لتفسير كلام موضوع أو جملة موضوعة أو فكرة تتنافى مع أصول العقيدة والبديهيات العقلية معاً، فالقول بالبداء والإصرار عليه والإبقاء عليه في كتب الزيارات والروايات معاً هو النموذج الأكمل في الإصرار على العزة بالإثم وما دامت الحالة هذه فطريق الخلاص من الأوهام صعب وعسير والعناية الإلهية لا تشمل قوماً قال تعالى فيهم:?ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير(1)? وكما قلنا قبل قليل وفي مفصل الرجعة: إن مفهوم البداء غامض عند الأكثرية الساحقة من أبناء الشيعة الإمامية بل لا يعرفون شيئاً عن فحواها وحتى إذا ما سألتهم عن معنى الكلمة فهم يحيرون جواباً ولكن مع كل هذا وهو من دواعي الأسف والحزن العميق فيما وصلت إليه حال هذه الأمة بفضل زعاماتها المذهبية أن هناك عشرات الآلاف من الشيعة وإن شئت فقل مئات الآلاف منهم يكررون الجملة الآتية:( السلام عليكم يا من بدا لله في شأنكما (2).... ) وذلك عندما يدخلون مرقد الإمامين العسكريين في " سر من رأى " للسلام على الإمامين العاشر والحادي عشر عند الشيعة، إن الشيعة تردد هذه العبارات كلما دخلت في صورة آحاد أو جماعات إلى مرقد الإمامين " علي النقي " و " الحسن العسكري " وهي لا تعرف معنى البداء ولا الجملة القائلة:( يا من بدا لله في شأنكما ) ولا الأسباب التي كانت وراء وضع الجملة تلك ولا تعرف الخطورة الكامنة في هذا الكلام الذي فيه انتقاص من سلطان الله وعلمه وإرادته وحكمته، ولكن الأدهى من ذلك أنه لم يحدث حتى هذا اليوم أن انبرى عالم من علمائنا لحذف هذه الجملة من الزيارة أو المنع من قراءتها شأنها شأن المئات من العبارات والجمل التي ملأت
__________
(1) - لقمان 19
(2) - مفاتيح الجنان 929(41/158)
كتب الزيارات والروايات وكلها تتناقض كما قلنا أكثر من مرة مع أساس العقيدة وروح الإسلام.
أما معنى البداء والفكرة التي بين ثناياه وما تعنيه في زيارة الإمامين العسكريين هو: أن الإمامة حسب التسلسل الموجود في عقيدة الشيعة الإمامية تنتقل من الأب إلى الابن الأكبر مستثنىً من هذه القاعدة " الحسن " و " الحسين " فالإمامة بعد الإمام " الحسن " انتقلت إلى الإمام " الحسين " ولم تنتقل إلى الابن الأكبر " للحسن " وذلك لنص ورد عن رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? حيث قال:? الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ? فقد حدث أن " إسماعيل " وهو الابن الأكبر للإمام " جعفر الصادق " الإمام السادس عند الشيعة قد توفي في عهد أبيه فانتقلت الإمامة إلى أخيه " موسى بن جعفر " الابن الأصغر للصادق وهذا التغيير في مسار الإمامة التي هي منصب إلهي يسمى " بداءً " حصل لله تعالى فانتقلت الإمامة الإلهية بموجبه من " إسماعيل " إلى موسى بن جعفر " ومن ثم إلى أولاده ولم تأخذ الطريق الطبيعي لها الذي هو انتقال الإمامة من الأب إلى الابن الأكبر، ولكن السؤال المحيّر هنا لماذا تغيير مسار الإمامة بداءً ونسبوا شيئاً كهذا إلى الله تعالى لإثبات أمر لم يكن إثباته بحاجة إلى انتقاص من سلطان الله؟(41/159)
الجواب: هنا يكمن في تلك الملابسات والظروف التي حصلت في عهد الصراع الأول بين الشيعة والتشيع فالإمامة عندما تكون إلهية لا تخضع للانتخاب المباشر ولا يتغير مسارها بموت الإمام الشرعي فحينئذ تنتقل الإمامة هذه حسب الناموس الإلهي الذي لا يتغير من الأب إلى الابن ولهذا قيلت في الإمامة إنها تكوينية أي لا تخضع لمتغيرات الزمان والمكان شأنها شأن العلة والمعلول الذاتيين الذين لا ينفك أحدهما عن الآخر وهذا يعني أن الإمام الأب لا سلطة له في تعيين الإمام الذي سيخلفه لأنه معين بإرادة الله، وهذا الصراع الفكري حدث بين الشيعة أنفسهم قبل أن يمتد نحو آفاق أوسع قبيل عصر الغيبة الكبرى مباشرةً وذلك عندما بدأ المذهب الإسماعيلي يظهر على ساحة الأفكار الإسلامية ويهدد وحدة الشيعة بالتمزق الداخلي وكان المذهب الإسماعيلي يرى أن الإمامة الإلهية مستمرة بالصورة التي أرادها الله منذ الأزل وهي في نسل " علي " وأولاده حسب التسلسل السني وهذا يعني أن الإمام الأب لا سلطة له في تعيين الإمام الذي سيخلفه لأنه معين بإرادة الله فإذا مات الوريث الشرعي الذي هو "إسماعيل" فلا يحق لأبيه " الصادق " أن يعين " موسى " ابنه الأصغر بل تنتقل الإمامة إلى الابن الأكبر من ظهر " إسماعيل " وبما أن الشيعة تبنت فكرة الإمامة الإلهية بالصورة نفسها فلكي تخرج من هذا المأزق قالت بفكرة البداء لكي تلقي مسؤولية انتقال الإمامة من "إسماعيل بن جعفر" إلى " موسى بن جعفر " على الله وليس على الإمام " الصادق " ولتفنيد العقيدة الإسماعيلية، وكما يعلم الجميع فإن الإمامة لا زالت مستمرة عند الإسماعيليين حتى هذا اليوم والإمام عندهم حي حاضر ومن نسل " إسماعيل " ولم يحيدوا عن هذا المنحنى الفكري الذي أملاه عليهم مذهبهم قيد أنملة.(41/160)
ونعود إلى فكرة البداء فنقول: إنها ظهرت في إبان ظهور الفرقة الإسماعيلية التي أخذت تناهض الشيعة وتخرق وحدتها ولذلك لا نجد أثراً لفكرة البداء حتى أوائل القرن الثالث الهجري، وأول إمام يخاطب بشموله للبداء هو الإمام العاشر ومن بعده الحادي عشر للشيعة في حين أنه كان من الأجدر والأولى أن يخاطب الإمام " موسى بن جعفر " بشموله للبداء حيث كان هو موضوعه فلا الإمام " موسى " ولا ابنه " علي الرضا " ولا حفيده " محمد الجواد " قد خوطبوا بكلمة فيها إشارة إلى حصول البداء بحقهم الذي يؤكد لنا أن اللجوء إلى تبني فكرة البداء إنما حصل عندما أخذ التيار الإسماعيلي يشق طرقه إلى الوجود والظهور في أوائل القرن الثالث الهجري وهو عصر الإمام العاشر والحادي عشر للشيعة، لقد التجأ بعض أعلام الشيعة إلى البداء حتى يثبتوا تغيير مسار الإمامة من " إسماعيل " إلى " موسى بن جعفر " في حين أن الإمامة وانتقالها من كابر إلى كابر وبالصورة التي رسمها الشيعة قبل عهد الصراع بين الشيعة والتشيع لم تكن بحاجة إلى القول بالبداء وتغيير الإرادة الإلهية، فبوفاة مرشح الإمامة تنتقل الإمامة إلى المرشح الثاني حسب ما يوصي به الإمام " الصادق " الذي شاهد وفاة ابنه المرشح للإمامة ولا شك أنه قال كلمته في الإمام الذي يتولى شؤون الفتيا والفقه بعده وفي كلام الإمام وتعيينه الوارث الشرعي فصل الخطاب.(41/161)
إن موضوع البداء احتل جانباً من الكتب الشيعية وأفرد له بعض الأعلام فصولاً أو كتيباً يدافع عن معنى البداء وفحواه وانتهى الجدل ذاك إلى الأبحاث الفلسفية والكلامية التي احتلت أجزاءً كثيرة من الكتب الكلامية في الإرادة الإلهية وهكذا الآجال الحتمية والمقدرة والقدر الذي يدفعه الحذر والبلاء الذي تدفعه الصدقات وما إلى ذلك من كلام يعرفه أهل العلم والفضيلة وكل من ألمَّ بالصراع الفكري بين الأشاعرة والمعتزلة وغيرهم من مفكري الإسلام كما أن بعض أعلام الشيعة وجد الحل للخروج من مأزق البداء بالتفصيل بين النسخ التشريعي والنسخ التكويني وقال: إن البداء هو النسخ في التكوين ولست أدري أن الذين كتبوا في البداء هل وجدوا في الآية الكريمة? يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب (1)...? حلاً لتلك المعضلة إن كانت معضلة أم لا؟ ومهما يكن من أمر فإن الذين كتبوا وألَّفوا في البداء لم يضيفوا إلا أوهاماً على أوهام وسفسطة إلى سفسطة ولو أنهم وجدوا حل المعضلة بالآية الكريمة التي أسلفناها لكان لهم خير طريق للخروج من مأزق وضعوا أنفسهم فيه ولم ينته الأمر بهم للخروج منه إلى الطعن في سلطان الله وأنه تعالى كان يريد شيئاً ثم بدا له غيره.
التصحيح
__________
(1) - الرعد38(41/162)
لقد قلنا ونؤكد أن القواعد الشيعية لن تواجه مشكلة فكرية باسم البداء وحتى مع قراءتها للجملة التي أشرنا إليها فهي تمر عليها مرّ الكرام ولا تعيرها اهتماماً لما فيها من إبهام وغموض ولكن الذي لا شك فيه أن الفكرة وردت في أكثر من مكان والشيعة تتداول العبارة في كل صباح ومساء عندما تذهب للسلام على الإمامين في " سر من رأى " ولا شك أيضاً انه لم يحدث قط حتى هذا اليوم أن مرجعاً من مراجع الشيعة أو عالماً من علمائها أمر بحذف هذه الجملة من كتب الزيارات التي تربو على العشرات من المجلدات كما أنه لم توجد فئة من أعلامنا تستنكر هذه الجملة إجمالاً أو تفصيلاً بالعلن والجهار ولا شك أيضاً أن فكرة البداء من الأفكار الموضوعة والعبارة أيضاً من الموضوعات التي نسبت إلى الأئمة وأدخلت في الكلام الذي يقال أمام قبري الإمام العاشر والحادي عشر ويعود وضعه على وجه التأكيد إلى عهد الصراع الأول بين الشيعة والتشيع كما أثبتناه قبل قليل ومن هنا نؤكد مرةً أخرى إلى غربلة كل الموروثات التي ورثناها من الماضي وأدخلت في العقيدة الشيعية سواء أكانت فيها انتقاص في حق الله تعالى أو في حق رسوله أو خلفائه أو أئمة الشيعة الذين هم أئمة المسلمين أيضاً وهنا نصل أيضاً إلى نتيجة بالغة الخطورة وهي أن الذين كانوا وراء الصراع بين الشيعة والتشيع لم يتورعوا في سبيل نياتهم وأهدافهم حتى من التطاول على القدرة الإلهية وصفاته كي يحققوا أهدافاً تتناقض مع أساس العقيدة والعقل والمنطق وأملي بالله كبير وأدعوه مخلصاً أن ينجلي هذا الليل المظلم وتشرق شمس الحقيقة على القلوب الصافية المستعدة لتقبل الحق فتسعى جاهدةً لإرساء أهداف التصحيح كل حسب قدرته وجهده وبذلك تعود الشيعة إلى عصر الرسالة الأولى وتنعم بخلق جديد.
التصحيح بين القبول والرفض(41/163)
تصحيح الأفكار الدخيلة والآراء المهلكة وغير السليمة يفرضها القرآن الكريم وسنة رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? والعقل والفطرة السليمة ولا شك أن المواعظ البالغة التي تستمد من هذه الينابيع تستقطب القلوب الصافية والنفوس المستعدة وترشد أهلها إلى الحق أفواجاً.
التصحيح بين القبول والرفض
إن الفكرة التصحيحية التي نادينا بها لأول مرة في تاريخ الشيعة والتشيع لا شك وأنها ستلاقي ردود فعل مختلفة على صعيد العالم الشيعي وذلك حسب البيئة التي يصل إليها نداء الإصلاح ومن الطبيعي أن فئات من رجال الدين والمتاجرين بالطائفية وفي مقدمتهم كثير من الزعماء الدينيين سيقاومون الفكرة التصحيحية بكل ما لديهم من قوة وجهد، وقد نعذر هؤلاء لما يصدر منهم من ردود فعل قد تكون بعضها عنيفة لأن خطر التصحيح يهدد مجدهم وسلطانهم وكياناً بنوا عليه آمالاً عريضة وسيعة طيلة قرون وقرون، غير أن الذي لا شك فيه هو أن الأكثرية الساحقة من الطبقة الواعية المثقفة من أبناء الشيعة ستستجيب لنداء التصحيح وتقف وراءه كالبنيان المرصوص لأن فيه عز الدنيا وخير الآخرة معاً، وهنا أود أن أوجه نصيحة إلى الطبقة الواعية التي بنينا آمال التصحيح عليهم وأقول لهم: إن كلمة الحق تدعم نفسها بنفسها ولا تحتاج إلى العنف والقسوة في الدعوة إليها ولنا في رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? أسوة حسنة حيث يخاطبه سبحانه وتعالى بقوله:? ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك (1)....? ويخاطبه في مكان آخر ويقول:? ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن (2)....? فلذلك يجب على كل فرد يأخذ على عاتقه واجب الدعوة إلى التصحيح أن يسلك طريق الحسنى وعدم الشدة والعنف في مخاطبة غيره ولا سيما الشيوخ والطاعنين في السن فليس من السهل على أناس بلغوا من السن عتياً أن يقلعوا عن عادة في القول أو الفعل تعودوا عليها
__________
(1) - آل عمران 159
(2) - النحل 125(41/164)
منذ سنين الصبا ودُرِّبوا عليها تدريباً، فمثلاً وليس على سبيل الحصر هل يا ترى أن إنساناً ما تعوّد منذ نعومة أظفاره أن يستعين بغير الله وينادي ذلك الغير بكلمة ( يا ) نبياً كان المنادى أو إماماً أو ولياً يستطيع أن يقلع عن هذه العادة والعقيدة معاً بين عشية وضحاها؟ وكثير من الشيعة ينادون غير الله في طلب المعونة ولست أدري لماذا نحن معاشر الشيعة نترك الله القادر على كل شيء ونستعين بغيره وهو الذي أمرنا بالاستعانة به? إياك نعبد وإياك نستعين (1)....? وهو الذي يخاطب عباده بقوله:? ادعوني أستجب لكم (2)....? ويقول سبحانه في مكان آخر? ونحن أقرب إليه من حبل الوريد (3)....? وليس على سبيل الحصر أيضاً فهل يا ترى أن من السهل أن تحمل الشيعة على الإقلاع من السجود على التربة الحسينية التي صنعت في أشكال مختلفة كما أشرنا إليها وهي ترى أن زعماءها الدينيين يسجدون عليها في صلواتهم ومساجدهم مليئة بها؟ وهل يا ترى أن من السهل أن تحمل الشيعة على الإقلاع من تسمية أولادها بالعبودية لغير الله؟ وهذه ظاهرة لا نجدها عند أية فرقة أخرى من الفرق الإسلامية وحتى غير الإسلامية، والشيعة هي الطائفة الوحيدة التي تسلك العبودية لغير الله حتى في تسمية أولادها.
__________
(1) - الفاتحة 5
(2) - غافر 60
(3) - ق16(41/165)
وإذا تصفحنا تاريخ أئمة الشيعة مبتدئاً من الإمام " علي " حتى آخر أئمتهم لم نجد أحداً منهم عبّد ولده لغير الله في التسمية ولست أدري منذ متى بدأت الشيعة تسمي أولادها بهذه التسميات التي تتناقض مع روح الإسلام، فالعبودية لله وليس لغيره والإنسان لا يكون عبداً لإنسان آخر مهما كان شأن ذلك الإنسان عند الله، وأعود مرةً أخرى لأؤكد على الطبقة الداعية للتصحيح وأقول أن تغيير هذا المنحنى الفكري عند الشيعة الإمامية لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها بل يحتاج إلى زمان ومثابرة وصبر وتثقيف حتى يدخل في القلوب ولذلك فإن المسؤولية خطيرة يجب السير عليها خطوة بعد خطوة ولا سيما أن فكرة التصحيح تلاقي مقاومة عنيفة من قبل أولئك الذين أشرنا إليهم في مقدمة هذا الفصل كما أن علينا أن لا نغفل أبداً تلك القوى الاستعمارية التي لا تزال تتربص بالمسلمين ولا تريد وحدتهم وتسعى للتفرقة بينهم فهي تحاول جاهدةً وعن طريق أقلام مأجورة عاشت على الفرقة وإثارة الضغناء أن تقارع حركة التصحيح وهي لا تدخر جهداً في سبيل ذلك وهناك فئة ساذجة عبَّر عنهم الإمام " علي " عنهم بقوله:? همج رعاع يميلون مع كل ريح كل ناعق لم يستضيئوا بنور الله ? وهي تسير في ركب زعاماتها المذهبية وتأتمر بأمرها وهي المنفذة لكل البدع التي ألصقت بالمذهب الشيعي عبر القرون.(41/166)
إن هذه القوى كلها تجتمع كيد واحدةً لتضرب حركة التصحيح ولكنني أقول مسبقاً: إن التصحيح أقوى منهم بكثير وسينتصر عليهم في نهاية المطاف وذلك لأم مقارعة التصحيح والوقوف ضده يرتطم بجدار صلب ضخم لا ولن تستطيع أية قوة أن تنفذ منه وذلك لأننا وضعنا قواعد التصحيح على كتاب الله وسنة رسوله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? وعمل وأقوال الإمام " علي " الذي اتخذها فقهاء المذهب الشيعي حجة على أنفسهم ثم على دعامة العقل الذي اعتبره علماء الشيعة الركن الرابع من أركان استنباط الأحكام الشرعية وهذه الدعائم الأربعة حجة على علماء الشيعة لا ولن يستطيعوا أن يحيدوا عنها أو يقارعوها، وهنا لا بد من العودة على البدء والإشارة الصريحة إلى أن كتب روايات الشيعة ولا سيما تلك التي تعتبر صحيحة وموثوقة على حد تصور فقهائنا وهي لا تخلو كما قلنا من روايات تنسب إلى أئمتنا وهي تتناقض مع ضروريات الإسلام وأصوله وتتناقض مع الأدلة الأربعة التي اعتبرها فقهاء الشيعة أساس الاستنباط للأحكام الفقهية.
إن مثل تلك الروايات الموضوعة في هذه الكتب والتي نسبت إلى أئمة الشيعة الذين أمروا بنبذ كل رواية تنسب إليهم إذا كانت تخالف كتاب الله وسنة رسوله قد تؤخذ كذريعة للوقوف ضد التصحيح وأهدافه، ولذلك نحن نهيب بالطبقة الواعية المثقفة التي نعتبرها السند الأول والأخير لحركة الإصلاح أن تُحَكِّمَ كتاب الله ورسوله والعقل في كل رواية يستند عليها بعض فقهائنا علمائنا لتثبيت البدع التي ألصقت بالمذهب الشيعي وأن يكون كل فرد هو الحَكَمُ والقاضي في كل ما يلقى على مسامعه من غثٍّ أو سمين أو صحيح أو سقيم باسم الروايات الواردة عن أئمة الشيعة، وهذه هي الطريقة الوحيدة للخلاص من سلاسل قيّدت عقول الشيعة وقلوبهم عبر القرون.(41/167)
لقد سمع العالم قبل أكثر من عام زعيماً من زعماء المذهب الشيعي يخطب أمام الجماهير الشيعية في طهران وينقل كلامه عبر الأثير وهو يقول:( إن جبرائيل كان ينزل على السيدة فاطمة الزهراء بعد وفاة أبيها ويحدثها عن قضايا كثيرة ) والمسلمون يعتقدون أن هذا الكلام يتناقض مع ضروريات الإسلام وعقائده الأساسية فالوحي قد انقطع بعد وفاة رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? غير أن هذا الكلام ورد على لسان هذا الفقيه استناداً على تلك الروايات الموضوعة التي طالما طلبنا غربلة الكتب الشيعية منها ولكن الأدهى من ذلك أن كلاماً كهذا لم يلق مجابهة من قبل نظراء ذلك الفقيه وأقرانه بل أذعنوا لصحة هذه الرواية بالسكوت الذي هو من علائم الرضا، ولذلك نحن دائماً نحمل بعض زعماء المذهب وعلمائه المسؤولية الكبرى على تلك البدع التي ألصقت بالمذهب الشيعي ووقفوا منها موقف المؤيد أو المسالم، وهذا هو الإمام " علي " يخاطب رسول الله?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? عندما كان يلي غسله وتجهيزه بقوله:? بأبي أنت وأمي لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة والأنباء وأخبار السماء (1)...?.
__________
(1) - نهج البلاغة ج3 ص228(41/168)
وبعد كل هذا فماذا تكون الطريقة التي تسلكها الفئات التي ترفض التصحيح عندما تخذلهم البينات وتقارعهم الحجج، هناك طريق واحد تسلكه عادة أصحاب النفوس المريضة والمأجورين والجهلاء إنه طريق التجريح والطعن في صاحب الدعوة والرأي شأنهم شأن أولئك الذين ذكرهم الله في محكم كتابه بقوله:? ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون (1)...? ? ومن الناس من يجادل الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق (2)....? صدق الله العظيم.
نص الإجازة العلمية للمؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أجاز للعلماء ما أجاز وصلى على محمد وآله مجاز الحقيقة وحقيقة المجاز وبعد: فإن جناب العالم الفاضل ثقة الإسلام الأخ " موسى " حفيد المرحوم آية الله العظمى السيد " أبو الحسن الأصفهاني الموسوي " رضوان الله عليه ممن بذل جهده في تحصيل العلوم الشرعية حتى حاز بحمد الله رتبة ملكة الاجتهاد مقرونة بالصلاح والسداد وقد أجزت له الأهلية أن يروي عني ما صحّت لي روايته من مشايخي العظام وأساتذتي الكرام وآمل أن لا ينساني من صالح دعواته كما لا أنساه والله سبحانه يوفقه ويرعاه.
صدر من مدرستنا العلمية بدعاء
بالنجف الأشرف محمد الحسين كاشف الغطاء
1371هـ
صورة من الشهادة العليا في الفقه الإسلامي ( الاجتهاد ) التي نالها المؤلف قبل ثلاثين عاماً من المرجع الديني الأعلى زعيم الحوزة العلمية في النجف الأشرف الشيخ " محمد الحسين الكاشف الغطا رحمة الله عليه.
تنبيه هام
__________
(1) - النحل 92
(2) - الحج 9(41/169)
لكي تبقى رسالة التصحيح مستمرة في التقدم لقد أخذ المجلس الإسلامي الأعلى على عاتقه إصدار مجلة شهرية تهتم بشؤون التصحيح وأهدافه ومبادئه وأن المجلة سوف تنشر المقالات والكلمات التي تصلها حول التصحيح بغض النظر عن الاتجاه الذي يسير فيه +صاحب+ها على شرط أن يكون صاحب المقالة أو الكلمة من ذوي الاختصاص بشؤون الدين والفقه والعلوم الإسلامية، كما أن العلماء المشرفين على المجلة سيجيبون على الأسئلة التي توجه إليهم حول التصحيح على شرط أن تكون الأسئلة موجزة.
الرسائل تعنون إلى المجلس الإسلامي
الأعلى على العنوان البريدي التالي
Post – tel center
2210 wilshire blvd., suite 451
santa monica, ca 90403
u.s.a.
المؤلف في سطور
هو حفيد الإمام الكبر السيد " أبو الحسن الموسوي الأصبهاني " ولد في " النجف الأشرف " عام / 1930 / واكمل الدراسات التقليدية في جامعتها الكبرى وحصل على الشهادة العليا في الفقه الإسلامي " الاجتهاد ".
حصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة " باريس " ( السوربون ) عام 1959.
حصل على شهادة الدكتوراه في التشريع الإسلامي من جامعة " طهران " عام 1955.
عمل أستاذاً للاقتصاد الإسلامي في جامعة " طهران " 1960 – 1962
عمل أستاذاً للفلسفة الإسلامية في جامعة بغداد 1968 – 1978
انتخب رئيساً للمجلس الإسلامي في غرب أمريكا منذ 1979
أستاذاً زائراً في جامعة " هالة " بألمانيا الديمقراطية، وأيتاذاً معاراً في جامعة طرابلس بليبيا عام 1973 – 1974 ، وأستاذ باحث في جامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1975 – 1976 ، وأستاذ موفد إلى جامعة لوس آنجلوس في عام 1978.
مؤلفاته المطبوعة:
من الكندي إلى ابن رشد عام 1972 طبعة بيروت.
إيران في ربع قرن عام 1972 طبعة بيروت.
قواعد فلسفية عام 1977 طبعة النجف الأشرف.
الجديد في فلسفة صدر الدين عام 1978 طبعة بغداد.
من السهروردي إلى صدر الدين عام 1980 طبعة بيروت.(41/170)
فلاسفة أوربيون عام 1980 طبعة بيروت.
الثورة البائسة عام 1983 طبعة لوس أنجلوس.
الجمهورية الثانية عام 1985 طبعة لوس آنجلوس.
الشيعة والتصحيح: الصراع بين الشيعة والتشيع عام 1987 طبعة لوس آنجلوس.
الفهرس
مسلسل
المبحث
الصفحة
من
إلى
1
تقديم
2
4
2
الإمامة والخلافة
4
34
3
التقية
35
41
4
الإمام المهدي
42
55
5
الغلوّ
56
63
6
زيارة مراقد الأئمة
64
68
7
ضرب القامات يوم عاشوراء
69
72
8
الشهادة الثالثة
73
75
9
الزواج المؤقت
76
80
10
السجود على التربة الحسينية
81
83
11
الإرهاب
84
88
12
تحريف القرآن
92
95
13
الجمع بين الصلاتين
96
97
14
الرجعة
98
101
15
البداء
102
105
16
التصحيح بين القبول والرفض
106
109
17
نص الإجازة العلمية للمؤلف
110
110
18
المؤلف في سطور
111
111
19
الفهرس
112
112
ملاحظة هامة:
إخوتي الأكارم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أرسل لكم هذه الهدية المتواضعة ولكن أريد أن أذكركم وأنبهكم إلى أمر هام حول الكتابة: المؤلف كان يكتب في أصل الكتاب الذي نقلت منه هذا الملف عبارة الرسول ( ص ) وأنا كنت أكتبها في الملف بعبارة ?صلى الله تعالى عليه وآله وسلم? فيرجى أخذ العلم وفقنا الله جميعاً إلى ما فيه الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.(41/171)
الصلاة خير من النوم
حقيقة أم اتهام
علاء الدين البصير
بسم الله الرحمن الرحيم
الإهداء
الاهداء الاول
الى رهين المحبسين :
السادة ، والروايات الهالكة ، الى اسير الماضي والتاريخ الى كل تائه لم يعرف دربه.
اليك ايها الشيعي :
اهدي هذا الكتاب لاقف بك عند جملة من المسائل التي طالما فسرت لك تفسيراً اعوجاً فبنيت على اساسه احكامك بحق القران والصحابة وكل المسائل المختلف فيها ، هذا الكتاب منهج صحيح للتلقي والاستدلال وهو نور يضيء لك دربك، فاسترشد به وسر على سنا ضوئه وخذ منه مفتاح سجنك لتفك قيدك وتتحرر من اسرك وبعدها حلق عالياً وبعيداً جداً عن هذه المرابع فهي والله مرابع سوء وموارد تهلكة.
الاهداء الثاني
الى فاروق هذه الامة ، وعنوان كبريائها ، الى مذل الاكاسرة ومطفىء نار المجوس ومزلزل عروش قيصر الى من ايد الله به الاسلام ، الى امير المؤمنين ابي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، اهدي هذا الكتاب .
اذب من خلاله عن تهمة الصقت به ( رضي الله عنه ) زوراً وبهتاناً وكذباً، وابين فيه عن حقيقة عبارة ( الصلاة خير من النوم ) التي ادعى رموز التشيع واعلامهم على انها من بدع هذا الخليفة الراشد فبينت بما لا لبس فيه كذب وزور هذا الادعاء وبينت ايضاً من خلال هذا الكتاب جملة من الامور التي ينبغي بكل طالب للحق ان يقف عندها ، راجياً من الله ان اكون قد وفقت في عرض هذه المسألة وغيرها من المسائل المبحوثة فيه واسأل الله ان يجعل عملي هذا عملاً خالصاً لوجهه ، انه نعم المولى ونعم المجيب .
الحقيقة
هذا الكتاب
محاولة جادة لإماطة
اللثام عن حقيقة ( الصلاة خير من النوم )
في الأذان وهل لها وجود حقيقي ملموس عند
أهل السنة أم هي مجرد افتراء وادعاء ، والحقيقة المستخلصة
من كل ذلك والتي لا مناص سوى القبول بها ستوضح لك توضيحاً لا لبس(42/1)
فيه ولا غموض بان عبارة (الصلاة خير من النوم) هي عبارة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كانت ترفع في زمانه وفي زمان الخلفاء الراشدين من بعده وإلى يومنا هذا ، وقد أثبتنا ذلك بالأدلة والحجج والبراهين القاطعة ، كما أثبتنا كذب بعض العلماء في مدعاهم من أن هذه العبارة قد أضافها عمر رضي الله عنه إلى الأذان ، وأثبتنا عجز هؤلاء العلماء في إيجاد ما يدعم مدعاهم برواية صحيحة وصريحة سواء كانت من كتب السيرة او الحديث او التاريخ، وها أنا ذا أقولها متحدياً وكلي ثقة وبضرس قاطع وكما قلتها من
قبل في (الشهادة الثالثة) نعم لم يستطع أحد من هؤلاء العلماء
ولن يستطيع أن يأتي بمثل هذه الرواية ولو طلعت
الشمس من مغربها ، ولو اجتمع
على ذلك الإنس والجن
وكان بعضهم
لبعض ظهيرا
المؤلف
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه و نستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهدِ الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( (آل عمران:102)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً( (النساء:1)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً( (الأحزاب:70-71)(42/2)
فان اصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدى محمد ( وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
اما بعد:
فلا يزال الباطل يظهر للناس بصور متعددة ، منها ما هو حسن المظهر ومنها ما هو احسن ، ولا نظن أنه سيظهر يوما ما بصورته القبيحة لانه لو فعل ذلك لما قبلته النفوس وخضعت له الرقاب ، ولذلك فان كثيراً من تلك الصور تنطلي على الكثير من اولئك الناس لانهم فاقدون لاهلية النظر الدقيق في الدعاوى والبينات ، ومن هنا فقد راجت سوق الباطل في زمننا هذا بعد ان كسدت لازمنة سابقة طويلة.
لذا فان من افضل الاعمال قربة عند الله تعالى هو الوقوف بالمرصاد لذلك الباطل المتلبس بلبوس الزهد والنقاء والحرص على الوحدة الاسلامية، ولقيام بدحضه وصدّه ودفعه عن حوزة الدين ، واعلانها صرخة مدوية على ذلك الباطل ورموزه ، صرخةً تؤجج حرباً ضارية لا هوادة فيها تعمل على تقويض الباطل في هيكله الكئيب والهزيل ، وتعمل على ايقاظ من اعمتهم مظاهر الباطل الحسنة في الظاهر فانخدعوا باساليبه وطرقه الملتوية والتي قام بنشرها مؤسسات ضخمة ليس لها هم سوى نشر الباطل وتحسينه في اعين الناس، مؤسسات يقوم برفدها دول كثيرة ظاهرة للعيان وباطنه.
لقد قامت تلك المؤسسات ولا سيما في العقدين الاخرين بنشاط محموم يهدف الى رمي العقائد التي يؤمن بها اهل الاسلام من اهل السنة بسهام الشكوك، وتسديد نصال الضلال الى كبد تلك المبادئ السامية البعيدة كل البعد عن اباحية مزذك و ثنائية زردادشت.(42/3)
إن النظر لذلك الدعم اللامحدود الذي يقدم لتلك المؤسسات من اجل نصرة قضية باطلة مع تقاعس اهل السنة افرادا ومؤسسات ودولاً عن نصرة قضيتهم الحقة ، يثير في النفس كوامن من الحزن ولواعج الاسى ، فابناء السنة قد تخلو عن قضيتهم الرئيسية وانشغلوا بقضايا اخر وابناء التشيع قد حملوا قضيتهم فوق اكتافهم وجعلوها نصب اعينهم بل انك لتعجب ان علمانيهم اذا قاد دولة مترامية الاطراف فهو يتحدث بمذهبه ويرجع الى اصله مع ان علمانينا اذا ترأس على قرية نائية في احدى الجزر المجهولة في ادغال افريقيا تجده يتحدث بفصل الدين عن الدولة فيسوم اهل السنة سوء العذاب.
بل انك ستضحك مل شدقيك اذ علمت ان الشيوعي الشيعي في بلدنا يذهب الى الحسينيات ليصلي ويحضر الدروس ، بينما تجد الشيوعي المنتسب ولادة لاهل السنة يعادي كل ما يمت الى مذهبه بصلة ، اما الفنان الشيعي والسفير الشيعي ووو... فكلهم وكما قلت يحملون قضيتهم على اكتافهم ... .
الواقع يا اخوة الاسلام مرير جدا والمهمة صعبة إن لم نقل مستحيلة ، ولكن هي المنية التي حفت بالمكاره.
لقد اخذنا على عاتقنا بعد ان اشتدت سورة الباطل واحاط الضباب به من كل جانب ان نقشع ذلك الضباب لنظهر للناس اشباح الحقد والكراهية وهياكل المكر والدهاء وهي تحمل معاول الهدم وابواق الضلال ، وكي يعرف القاصي والداني من الناس خبث طوية القوم الذين لم ير ولم يسمع لهم موقف واحد يتجلى فيه نصرة الاسلام واهله ، بل كانوا دائما عونا لاعداء الاسلام ويدا ضاربة للحاقدين والموتورين ، ذلك هو التاريخ فاستقرؤه فهو اكبر شاهد ، وتلك هي الاثار فانظروها فهي خير دليل وذلك هو الدهر فاستنطقوه فهو افضل مجيب.
عزيزي القارئ :
هذه مقدمة وضعتها بين يديك لتدرك عمق المأساة التي نعيشها ولتعلم عظم المهمة الملقاة على عاتقك واتركك قليلا لتتدبر ما قلته لك واعود بك الى الهدف الرئيسي من وراء بحثنا هذا .(42/4)
حيث أنني قد اطلعت فيما مضى على ما سطره واحد من اساطين علماء الشيعة الامامية المعاصرين وهو (عبد الحسين شرف الدين) في كتبه التي ما زالت طبعاتها تتوالى فرأيتها في مجملها كتباً حوت الكذب والافتراء والتدليس والاقتطاع حتى كانت هذه الصفات السمات البارزة فيها ورأيت فضلا عن ذلك خبث طوية القوم وحقدهم تجاه تاريخ الاسلام ورموزه فلم يأل جهداً في سبيل تشويه الاسلام ورموزه الا وبذله.
وقد وجدت هذا العلامة يذكر في مصنفاته اراء واقوالاً ما انزل الله بها من سلطان ، ووجدت الساحة الفكرية خالية ممن يرد على هذا الرجل اقواله ويفندها ويكشف عوارها ويبين شذوذها والراد على اهل البدع مجاهد كما قرر ذلك علماء المسلمين .
وسيجد القارئ ويتعجب لكثرة الكذب والتدليس الذي قام به علماء الشيعة الكبار على صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسهم سيدنا عمر رضي الله عنه وارضاه وكيف انهم اتهموه باطلاً بهذه التهمة لذا فهذا الكتاب مخصص لازالة هذه الفكرة القائمة في أذهان كثير من الشيعة .
ولابد من التنويه والتذكير الى اننا في هذا الكتاب انما نعمل على اسقاط فكرة، واذا هي قامت اليوم بفلان الذي نعرفه فقد تكون غداً فيمن لا نعرفه ونحن نرد على هذا وعلى ذاك برد سواء .
لذا فكتابنا هذا ليس مخصصا للرد على عبد الحسين شرف الدين وبيان كذبه وتدليسه فهذا الامر يحتاج منا الى مجلدات ولكن هو مخصص للرد على ما آثاره من شبه بخصوص مسألتنا ( الصلاة خير من النوم ) فهو يعد أول من نظر لها وجمع الادلة حولها وتولى كبر نشرها .(42/5)
فهذا الكتاب الذي بين ايديكم هو الثاني ضمن سلسلة الكتب الثلاثة التي تعالج قضية الأذان وما حدث له من زيادة او نقصان ، حيث تقدم القول بان أهل السنة قد اتهموا الشيعة باضافة عبارة (اشهد أن علياً ولي الله) الى الاذان وأثبتنا في كتابنا الاول ( الشهادة الثالثة حقيقة أم افتراء ) أن هذه الزيادة غير صحيحة وتحدينا علماء الشيعة على أن يأتوا برواية واحدة عن أئمة أهل البيت فيها اثبات لهذه العبارة .
وقد ذكرنا ثمة عدداً كبيراً من علماء الشيعة المنكرين لهذه الشهادة وذكرنا أن هذه الإضافة انما جاءت عن قبل المفوضة الملعونين على لسان الأئمة ، وأثبتنا أن هناك زيادات اخر حصلت في الاذان من طريق الشيعة المتأخرين .
في مقابل ذلك اتهم الشيعة اهل السنة - وخصوصاً سيدنا عمر رضي الله عنه - بانهم أضافوا إلى الأذان عبارة (الصلاة خير من النوم) وحذفوا منه عبارة (حي على خير العمل) ولتفنيد هذه الشبهة وذلك الادعاء قمنا بتخصيص كتابين لهذه المهمة .
فبالنسبة للشبهة الاولى وهي تهمة اضافة ( الصلاة خير من النوم ) المنسوبة لسيدنا عمر ( فقد خصصنا كتابنا هذا لتفنيدها ، وقد اسميت هذا الكتاب بـ(الصلاة خير من النوم حقيقة أم اتهام ) فبينا فيه حقيقة هذه العبارة وكيف أنها ثابتة عن رسول الله ( وانها قد رفعت في الاذان على عهده ( وعهد الخلفاء الراشدين من بعده وعلى راسهم الخليفة الرابع علي رضي الله عنه وان القول باضافة عمر ( لها هو محض افتراء وكذب وبينا بوضوح زيف الادعاءات التي تفوه بها الشيعة في نسبتها الى سيدنا عمر ( .
هذا وقد اقتضت منهجية البحث ان تناقش المسألة من خلال شقين:
الأول :
دفع الشبهة عن عمر رضي الله عنه في اضافته عبارة الصلاة خير من النوم وبيان انه اتهم بذلك باطلاً .
والثاني :(42/6)
مناقشة بعض الشبه التي اثارها الشيعة حول وجود اختلاف عند أهل السنة بخصوص الصلاة خير من النوم وتفنيد ذلك الامر والرد عليه من ناحية كونها مسألة خلافية كغيرها من المسائل الأخرى الكثيرة والمختلف فيها بين المذاهب أو بين المذهب الواحد .
واما بالنسبة للشبهة الثانية فقد تكفل كتابنا الذي يحمل عنوان ( حي على خير العمل حقيقة أم وهم ) ببيان زيفها .
واخيراً لا بد من التنبيه على امر وهو ان القارئ لهذا الكتاب سيجد فيه بعضاً من العبارات التي ربما يجدها قاسية بعض الشيء او خارجة عن صور اللياقة الا فليعلم انني ما هذا اردت ولكن المقام كان يحتمل مثلها.
والقارىء الكريم سيجد بعض الاطالة والتوسع في عرض هذه القضية المحسومة لصالح اهل السنة ، فالكتاب ليس للرد فقط على شبهة ( الصلاة خير من النوم )، وانما اعتبره منهجاً عاماً لمعرفة طرق واساليب علماء الشيعة في:
الكذب ، والتدليس ، والاقتطاع ، والمراوغة ، وعدم المنهجية العلمية ، من الممكن ان يرجع اليه أي باحث للرد على شبه الشيعة التي تطعن بصحابة رسول الله ( خصوصاً وباهل السنة عموماً فانها لا تختلف عما ذكر.
والله اسأل ان يعيننا على صعاب الامور ، وان يتقبل منا عملنا هذا ويجعله في ميزان حسناتنا ومن الله التسديد والرشاد انه نعم المولى ونعم المعين .
المؤلف
علاء الدين البصير
1 / 3 / 2006(42/7)
الفهرست
الإهداء .....................................................................2
الحقيقة......................................................................3
المقدمة......................................................................4
تهمة باطلة.................................................................10
إضافته لعبارة الصلاة خير من النوم........................................14
ما ذكرته كتب الشيعة عن هذه التهمة.......................................16
تأويلات أخر للصحابة......................................................17
الهجوم افضل وسيلة للدفاع.................................................20
الرد على شبهات عبد الحسين..............................................27
مجمل ما أراد قوله عبد الحسين.............................................28
اولاً....................................................................... 30
الصلاة خير من النوم في كتب أهل السنة...................................32
ثانياً....................................................................... 57
هذه الاحاديث غير موجودة في البخاري....................................61
ثالثاً....................................................................... 63
أقوال جهابذة السنن ونقدة الحديث.......................................... 66
رابعاَ...................................................................... 71
نص الأثر................................................................. 73
الجواب الشافي عن هذا الأثر.............................................. 73
مفارقة عجيبة............................................................. 76(43/1)
لماذا لم يذكر لنا التاريخ أن عمر أضاف هذه العبارة ؟ .....................80
لماذا سكت صحابة النبي(................................................81
امرأة اعترضت على عمر ذكرها لنا التاريخ................................82
اين السنة المتواترة والتاريخ الصحيح...................................... 83
حقائق عن هذه التهمة وكيفية ظهورها......................................85
كتاب سليم بن قيس الهلالي.................................................87
الإيضاح لابن شاذان.......................................................87
كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة - أبو القاسم الكوفي.........................89
الصدوق...................................................................90
المفيد......................................................................90
كتاب الشافي في الإمامة للشريف المرتضى.................................90
كتاب تلخيص الشافي لشيخ الطائفة الطوسي................................90
تبرئة من شيخ الطائفة الطوسي لسيدنا عمر.................................92
كتاب تقريب المعارف – أبو الصلاح الحلبي................................92
تجريد الاعتقاد نصير الدين الطوسي........................................93
كتاب نهج الحق وكشف الصدق.............................................93
كتاب الصراط المستقيم.....................................................95
كتاب بحار الأنوار.........................................................96
كتاب الغدير................................................................99
علماء شيعة آخرون لم يذكروا هذه الإضافة أو اثر الموطأ.................100
النتيجة...................................................................102(43/2)
اسئلة مهمة...............................................................106
هل كل ما سطر في الكتب صحيح........................................107
لا قدسية لكتب التاريخ....................................................115
الهوى وكتابة التاريخ.....................................................120
السيد جعفر العاملي والتثويب.............................................122
يقولون ما لا يفعلون......................................................123
هل طبقت هذا المنهج على نفسك.........................................125
اين امهات كتبكم الشيعية..................................................127
اثر الموطأ اصبح أصلاً..................................................128
التعامل بالمثل............................................................129
يفرحون ويتفاخرون ويطبلون ويزمرون بأنه ليس لديهم كتاب صحيح.....143
هل اتفق الشيعة على تصحيح وتضعيف كتبهم.............................147
اختلاف علماء الشيعة في تصحيح أحاديث الكتب الأربعة.....................152
لماذا هذه الإطالة..........................................................172
اهل السنة اتفقوا على صحة كتبهم........................................173
فو الله ما هي سفينة نجاة..................................................175
خامساً....................................................................177
الكذب والاقتطاع سمة المذهب............................................179
نص العلامة الزرقاني....................................................179
ظهور الحق..............................................................181
ويستمر مسلسل الكذب....................................................182(43/3)
أي تقريب................................................................183
قلة بضاعة عبد الحسين...................................................184
ارادو حفظ ماء وجهه.....................................................185
لا اشارة في المصادر المعتمدة الى عمر(...............................186
روايات عبد الحسين تنص على الصلاة خير من النوم.....................187
الكذب والاقتطاع في كتاب الميلاني.......................................188
عرض الكذب............................................................189
الرواية تبرأ عمر.........................................................189
رواية الطبراني...........................................................190
بتر بقية النص............................................................191
رواية كنز العمال.........................................................191
الكذب بين علماء المذهب.................................................201
كتب اؤلفت تطعن بالطرفين..............................................202
حجم الكذب بين الطرفين..................................................202
كلمة الى دعاة التقريب....................................................204
سادساً....................................................................205
روايات أهل البيت تذكر عبارة الصلاة خير من النوم.....................206
تبريرهم عدم الآخذ بهذه الروايات من باب التقية..........................211
التقية أصبحت شماعة....................................................213
أحاديث الشيعة مختلفة متضادة............................................213
اختلاف علماء الشيعة في تحديد أي الروايات صدر تقية...................214(43/4)
الرسول( يتقي عائشة...................................................216
الطعن في النبي صلى الله عليه وسلم......................................219
اباء النبي واجداده يستخدمون التقية.......................................219
يصلون وراء ائمة اهل السنة ويلعنونهم...................................220
وجد الأمام لحفظ الدين....................................................221
علماء الشيعة يفتون بجواز قول الصلاة خير من النوم في الأذان...........222
ترجمة ابن الجنيد.........................................................222
ترجمة الجعفي............................................................224
الحق الذي أنطقهم........................................................225
الفرق بين (الشهادة الثالثة) و (التثويب) ..................................228
قاعدة التسامح في أدلة السنن..............................................203
التعامل مع (التثويب) حسب قاعدة التسامح بأدلة السنن....................234
أدلة أخرى على عدم وجود لهذه العبارة...................................236
علي رضي الله عنه لم يستطع تغيير شيء في فترة حكمه.................236
تهمة أضيفت في أزمان متأخرة...........................................245
ما معنى لم يتمكن ولم يقدر...............................................246
أبو بكر قاتل المرتدين مع ضعف الدولة الإسلامية.........................248
لماذا سكت علي رضي الله عنه...........................................249
سهولة اقناع الصحابة حول (الصلاة خير من النوم).......................250
علي (خالف من سبقه من الخلفاء......................................250
يد علي كانت مبسوطة على الكوفة........................................250(43/5)
المساومة.................................................................251
التبري...................................................................252
قناة المنار الفضائية الشيعية لا ترفع الاذان................................253
هل تجد من أهل السنة من لا يرفع الصلاة خير من النوم ؟ ..............254
يدافعون عن صحابة الأئمة ولكنهم يطعنون بصحابة النبي(..............256
يدافعون عن علمائهم وان قالوا بتحريف القران............................268
يبحثون عن التبريرات لعلمائهم...........................................277
النوري الف كتابه بتحريك من بعض الخبثاء..............................277
خصماء المذهب حرضوا النوري على تاليف الكتاب.......................277
بعض كلمات النوري تنفي التحريف عن القران...........................278
النوري الطبرسي لا يخاف من احد.......................................278
النوري مجتهد وله حسنة وان قال بتحريف القران.........................279
لكل جواد كبوة ، ولكل عالم هفوة.........................................280
علي ال محسن يثبت نقصان القران.......................................280
للنوري درجته وفضله وان قال بتحريف القران...........................281
الذين قالوا بتحريف القران لهم عذرهم....................................282
الثقل الاصغر والثقل الاكبر...............................................282
التمس لأخيك سبعين عذراً................................................287
الكذب بدلاً من ايجاد التبريرات...........................................289
صورتان مختلفتان........................................................290
اتهامات الشيعة لاهل السنة في مسألة الصلاة خير من النوم...............294(43/6)
المثال الاول وقفة مع جعفر السبحاني.....................................295
جعفر السبحاني وكتابه الاعتصام بالكتاب والسنة..........................296
ما اعتمد عليه سبحاني بالطعن............................................297
الطريق الأول........................................................ ...297
مناقشة اقوال السبحاني....................................................298
تشريع التثويب لم يرد في رؤيا عبد الله بن زيد...........................301
النتيجة...................................................................311
ضعف رواية الدارمي المروية عن بلال ..................................312
اسقط رواية البيهقي.......................................................317
روايتان فقط لم يقم بتضعيفهما............................................318
الاجدى والاحرى بك ياسبحاني ان تنصرف الى تحقيق كتبك..............328
الطريق الثاني : تصريح أعلام الأمة على كونها بدعة ....................332
الكذب والتدليس عند سبحاني..............................................332
قول علماء اهل السنة في بدعية التثويب..................................335
استدلال السبحاني على ان الصلاة خير من النوم بدعة.....................337
استدلال السبحاني على انها بدعة.........................................338
نهى ابن عمر عن التثويب في صلاة الظهر...............................338
السبحاني حاول ان يجمع اكبر عدد من الاقوال............................339
اسلوب الثعالب...........................................................340
الاجدر بك ان تسأل علماء اهل السنة ليوجهوك............................341
الشوكاني أتى به في معرض سرده للأقوال................................343(43/7)
الاذان للفجر كان ينادى به مرتين.........................................344
السبحاني لم يورد النص بالصورة الصحيحة..............................346
اسقط لفظ ما ذكروه.......................................................347
زين العابدين كان ينادي في بيته بالصلاة خير من النوم...................348
السبحاني نسف ما بناه عبد الحسين واقرانه باتهامهم عمر..................349
السبحاني برأ عمر(....................................................349
تبرئة عمر ( مرة اخرى...............................................350
لماذا تغافل عبد الحسين عن هذه الاحاديث................................351
عائلة عبد الله بن زيد وعائلة أبي محذورة أدخلت التثويب في الأذان.......353
اكتشاف جديد.............................................................353
فشل ذريع للسبحاني في استدلالاته........................................354
اتهامه لعائلة عبد الله بن زيد..............................................354
اتهامه لعائلة ابي محذورة.................................................355
رد كيد السبحاني في نحره................................................355
السبحاني هدم كل ما بناه عبد الحسين.....................................360
اختلاف اقوال السبحاني في كتبه..........................................360
كتب الواقع وكتب التقية..................................................361
مخالفة الواقع بكل اشكاله.................................................365
يجب ادامة المذهب الشيعي...............................................374
لو كانت هذه التهمة موجهة الى شيعي امامي ؟ ...........................374
الكف عن التراشق بسهام الاتهام..........................................375(43/8)
ايران.....................................................................377
المجلة....................................................................383
شبهه اخرى حول الصلاة خير من النوم...................................387
الشبهة الاولى : ( ان الشافعي ينكر التثويب ) ............................387
الرد على هذه الشبهة.....................................................388
اختلاف فقهاء الشيعة.....................................................389
لا عصمة للعلماء.........................................................390
فتاوى شاذة لعلماء الشيعة.................................................391
مخالفة الاجماع والمشهور................................................392
مخالفة علماء الشيعة ضروريات المذهب..................................393
مخالفة علماء الشيعة المشهور في مسائل العقيدة...........................393
خلاف المتأخرين مع المتقدمين............................................396
خلاف المتأخرين مع بعضهم..............................................397
الاختلاف يين أصحاب الأئمة.............................................399
الاختلاف في أصول الدين هل هي ثلاثة أم خمسة........................400
الأصول خمسة...........................................................401
الأصول ثلاثة............................................................402
اختلافات عند الشيعة تخص صلب المذهب الشيعي.......................404
الأئمة معروفون باسمائهم.................................................405
الأئمة معروفون بعددهم فقط..............................................405
لا يقدح علماء الشيعة بعلمائهم بالرغم من مخالفتهم لاصول المذهب........406(43/9)
الكل يؤخذ منه ويرد الا صاحب هذا المنبر...............................407
حقيقة فتوى الشافعي......................................................408
الشبهة الثانية : ( القول بان ابا حنيفة له روايتان في التثويب ) ...........415
الرد على هذه الشبهة.....................................................416
قول علماء الشيعة ان اهل السنة مجمعون على التثويب...................418
المثال الثانيوقفة مع الشريف المرتضى والشيخ الطوسي...................420
متاخرو الشيعة ونسبة هذه العبارة الى عمر...............................425
وجدناك كذاباً اشر........................................................427
تطبيق اثر الموطأ على فقه الشيعة........................................445
الامثلة....................................................................448
الاحاديث التي تخالف مشهور المذهب اكثر من ان تعد او تحصى.........455
هذه الامثلة اصرح واوضح من (اثر الموطأ)..............................456
لا نريد ان نستخدم اسلوب الشيعة نفسه....................................457
روايات تحريف القران لا توجد روايات تخالفها او تعارضها..............460
النتيجة...................................................................461
اختلاف علماء الشيعة في التثويب........................................466
الم يطلع على هذا الاختلاف عبد الحسين والسبحاني......................470
الاختلاف في كل شيء...................................................471
اختلافاتهم تزيد على إختلافات أبي حنيفة والشافعي ومالك.................472
يختلفون في المسألة الواحدة إلى عشرين قولاً أو ثلاثين قولاً...............474
كلهم خارجون عن دائرة المذهب الشيعي..................................475(43/10)
مخالفة المشهور كثيرة جداً................................................476
كتاب مختلف الشيعة .....................................................476
عندنا وعندكم.............................................................481
المضحك الجبان..........................................................482
الاحاديث الضعيفة........................................................484
الائمة لم يفسروا كل القران...............................................486
التحريف في القران.......................................................486
اذا وجه هذا السؤال يهودي او نصراني...................................487
ما فائدة المعصوم.........................................................488
عقوبة اهل السنة.........................................................490
الامامية لم ينجوا من هذا المحذور........................................490
الشيعة اختلفوا في فروع الفروع..........................................492
العصمة فرضية ذهنية وليست حقيقة واقعية...............................492
وضحت صورة الحقد الفارسي للصحابة...................................494
ظلم عمر وكفره ونفاقه...................................................497
عمر اكفر خلق الله.......................................................497
كفر من لا يكفر عمر.....................................................498
الطعن في نسب عمر.....................................................498
جهنم لها سبعة أبواب.....................................................499
ضروريات دين الامامية..................................................501
نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت...............................502(43/11)
اللعن افضل من جميع الأذكار.............................................503
تنبيه للقراء...............................................................503
الانكار...................................................................505
صفات المجاهدين.........................................................505
مهزلة الفضائيات.........................................................506
دكتور اخر...............................................................513
الدكتور يتحدى...........................................................513
محمد باقر الصدر........................................................514
المتحدي دوماً............................................................521
أي دين لا يصرح بحقائقه................................................525
السيد أخطأ في توجيه الكلام..............................................525
اصول مذهب الامامية....................................................526
لم يتمكنوا من اظهار حقيقة الامر.........................................527
الكبائر والجرائر العظيمة.................................................527
الايات الشيطانية..........................................................533
علماء الشيعة يدافعون عن خالد بن الوليد..................................533
التبرؤ من كتبهم..........................................................535
هذه مصادركم الاصلية...................................................536
لو حلفتم لنا برب الكعبة..................................................536
الكذب ديني ودين ابائي...................................................536
الاسطوانة المشروخة ( الامويين والعباسيين ).............................537(43/12)
الدس والافتراء...........................................................538
السب والشتم ليس من شيمتهم.............................................538
رضي الله تعالى عنهما !!! ...............................................539
ادب الشيعة...............................................................540
الباحث لم يعثر على تكفير ولعن..........................................541
ثواب يوم مقتل عمر (.............................................543
الموضع الأول............................................................545
الموضع الثاني...........................................................548
الدفاع عن المرتدين والزنادقة والمجوس.......................................554
منهجية الكتاب............................................................557
الكتاب الثالث.............................................................557
الخاتمة...................................................................558
المصادر.....................................................................
الفهرست....................................................................
فهرست الهوامش
معنى التثويب .............................................................14
علماء الشيعة يردون قول عبد الحسين......................................59
تدليس......................................................................65
اوصاف يستحقونها.........................................................65
ما تفرد به عمر............................................................98
حديث عن المعصوم يبرأ عمر............................................104(43/13)
قول الامام مالك مقدم على قول المعصوم.................................105
اسم علي( وبقية اسماء الائمة قد رفعت من القران.......................106
كثرة الكذب والدس على اهل البيت.......................................109
حجم الكذب الموجود في كتبهم............................................110
الائمة يعرفون شيعتهم وأسماءهم واسماء ابائهم............................111
اين علم الائمة............................................................112
الائمة حفظة الدين........................................................113
كبار علماء الشيعة يقولون أن روايات تحريف القران متواترة ومستفيضة...............................................................130
تضعيف روايات التحريف............................................... 136
اسقط روايات التحريف وتمسك باثر الموطا...............................138
السلفية يتهمون الشيعة بتحريف القران....................................139
الائمة لم يتركوا لشيعتهم كتاباً واحداَ يرجعون اليه.........................143
روايات إهل البيت حاشية على الفقه السني...............................144
علماء الشيعة بعضهم يكذب رواية بعض..................................149
اختلافات الشيعة في علم الرجال .........................................151
الكتب الأربعة كالصحاح الستة لدى العامة.................................152
اعظم كتاب بعد كتاب الله ................................................156
الاصول من الكافي.......................................................158
الجزء الأول .............................................................159
اقل من الثلث.............................................................159(43/14)
روايات اهل الكساء في هذا الجزء........................................160
لم تصح رواية واحدة من مرويات أهل الكساء في هذا الجزء..............160
الجز الثاني...............................................................161
اقل من الثلث.............................................................161
روايات اهل الكساء في هذا الجزء........................................161
لم تصح رواية واحدة من مرويات أهل الكساء في هذا الجزء..............162
الكتب الاربعة لا تحوي على رواية واحدة لفاطمة رضي الله عنها.........163
التخبط وعدم الانضباط في اقوال شيخ الطائفة الطوسي....................164
حال كتب شيخ الطائفة الطوسي...........................................165
الطعن بعدالة الصدوق....................................................167
جراثيم وميكروبات بحار الانوار .........................................168
يجب حرق هذه الكتب....................................................169
مسكين قائم الشيعة........................................................170
اضحك مع نزيه..........................................................170
مسخ الاخلاق الاسلامية...................................................170
محدثي السنة اكثر وعياً من محدثي الشيعة................................173
عالة على اهل السنة......................................................174
ليس قول عبد الحسين ولا كلامه..........................................178
كذب عبد الحسين في كتابه المراجعات....................................192
امثلة من هذا الكذب ......................................................193
اكثر من خمسين جاهلاً وقروياً وثرثاراً...................................197(43/15)
ابن المطهر يعتمد على كتب اهل السنة من دون تحقيق....................197
الكذب صفة عامة لدى اتباع مذهب اهل البيت............................198
تخبطهم في تأويل الروايات الصحيحة التي تثبت التثويب ................209
العامة والخاصة..........................................................211
طعن علماء الشيعة بزوجات النبي(.....................................216
عائشة كانت ثيباً..........................................................216
تكفيرهم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها...............................217
عائشة جمعت اربعين ديناراً من خيانة....................................217
طبع هذا الكتاب في الجمهورية الإسلامية الإيرانية........................218
شر البلية ما يضحك......................................................218
ملاحظة .................................................................225
المذهب السني ليس مذهباً ذيلياً............................................226
المقياس الصحيح والميزان العدل..........................................226
(الشهادة الثالثة) سنة و (الصلاة خير من النوم ) بدعة ؟!..................233
صلاة التراويح وقاعدة التسامح بأدلة السنن................................234
صلاة التراويح كانت تقام على زمن علي رضي الله عنه..................235
ماذا سيفعل الصدوق لو ردت اليه الحياة...................................235
فتح باب الاجتهاد........................................................ 236
ابو بكر يقاتل المرتدين على عقال بعير.................................. 236
صلاة الضحى............................................................237
انواع الصلوات المبتدعة..................................................238(43/16)
الصلاة في مسجد جمكران................................................242
تم بناء هذا المسجد نتيجة لمنام............................................243
صلاة غريبة من صلاها فكانما صلى في البيت العتيق.....................243
المسبحة..................................................................244
لماذا لا يخرج المهدي لكي يوحد الشيعة...................................244
علي ( برأ عمر(....................................................245
الاستدلال بالديكة لاثبات الشهادة الثالثة....................................253
زرارة بن اعين..........................................................255
زرارة لا يعرف امام زمانه...............................................256
علماء الشيعة يخالفون الخوئي........................................... 256
لولا زرارة لاندرست اثارة النبوة ؟!! ................................... 257
لعن الصادق لزرارة......................................................258
التقية من جديد............................................................259
تبرير ضعيف لهذا اللعن..................................................259
مرة اخرى مع كذب عبد الحسين..........................................260
زرارة يطعن بالصادق....................................................260
الروايات التي تطعن بزرارة كثيرة........................................260
مناقشة قضية اللعن الورادة بحق اصحاب الائمة...........................261
زرارة يروي عدداً كبيراً من الروايات....................................262
تأويلات بعيدة عن الحق..................................................263
لعن الله من تخلف عن جيش اسامة.......................................264(43/17)
حديث الحوض(........................................................264
الخطبة الشقشقية..........................................................264
رزية يوم الخميس(.....................................................264
كانت بيعة ابي بكر فلتة...................................................265
كتاب الله وعترتي........................................................265
يترضون عن زرارة ويلعنون صحابة رسول الله(.......................265
اعتراف علماء الشيعة بان النوري يقول بتحريف القران .................267
مدح علماء الشيعة للنوري الطبرسي......................................270
يااهل التقريب اذكروا لنا عشر معشار هذا المدح لصحابة النبي(........275
لا يكفر علماء الشيعة من يقول بتحريف القران ..........................281
يستغفرون لعلمائهم القائلين بالتحريف ويسبون الصحابة...................283
دفاع مستميت عن النوري الطبرسي......................................284
هل حاول أحد من علماء الشيعة التشكيك..................................287
الكلام يجب ان يوجه الى علماء الشيعة....................................288
منهج التشيع في الاستدلال................................................306
ترجمة الزهري...........................................................312
ترك السبحاني كل هذه الاقوال............................................316
هذه هي امانة السبحاني...................................................316
منهج السبحاني مبني على الدقة والامانة...................................319
تطبيق كلام السبحاني على فقه الشيعة ....................................321
التعارض بين دليلين......................................................323(43/18)
قواعد غريبة في الجرح والتعديل.........................................325
علماء اهل السنة صححوا رواية عبد الله بن زيد..........................325
الشيعة عيال على اهل السنة..............................................329
علماء الشيعة اقتطعوا من حديث طاووس.................................351
امانة هؤلاء الشيوخ في النقل.............................................351
قواعد السبحاني في تعارض الادلة الشرعية...............................363
السبحاني ينكر وجود دعاء صنمي قريش في كتبهم........................366
نص الدعاء..............................................................367
من المراد بصنمي قريش.................................................368
ما هو أجر من قرأ هذا الدعاء............................................369
السبحاني ينكر وجود هذا الدعاء..........................................369
فتوى شيخ الازهر........................................................375
لا يجوز التعبد بالمذاهب الاربعة السنية...................................376
الكتب الخلافية............................................................378
الفضائيات الشيعية........................................................378
حسن شحاتة..............................................................379
ابو لؤلوة المجوسي.......................................................379
لا يوجد مسجد لاهل السنة في طهران.....................................379
دولة مذهبية..............................................................380
دستور الجمهورية الاسلامية..............................................380
ينشرون دينهم بالدولار...................................................381(43/19)
الخميني..................................................................381
اموال الخمس تصرف على طباعة الكتب الخلافية........................384
الصدوق يثبت سهو النبي (.............................................394
طعن شديد من قبل علماء الشيعة بالصدوق................................394
الخوئي والتبريزي يثبتان سهو النبي(..................................395
مخالفات السيد محمد حسين فضل الله.....................................398
مخالفة المجتهد الشيعي نفسه في الفتوى...................................409
اقوال علمائهم.............................................................410
حال المتاخرين ليس باحسن من حال المتقدمين............................412
تغير المذهب والمنهج عند علماء الشيعة وليس الفتوى فقط ................414
هل هناك خمس مكاسب؟ ................................................433
خمس غنائم ام خمس ارباح ام هدايا؟ ....................................434
هل هناك ادلة عند علماء الشيعة على اعطاء اموال الخمس الى المجتهدين؟
......................................................................... 435
خلاف بين فقهاء المدرسة الشيعية.........................................435
عدم وجوب مراجعة الحاكم الشرعي في الخمس...........................436
إلغاء سهم الإمام افضل...................................................437
اعطاء الخمس الى المجتهدين ليس له دليل من كتاب او سنة اوعقل.......438
الاستبداد والدكتاتورية.....................................................439
التلاعب بالمال الشيعي ظاهرة قديمة......................................440
اعلنها مدوية..............................................................441(43/20)
آية الله أبو القاسم الخوئي.................................................442
رجوع بعض ممن أستبصروا عن مذهب الإمامية.........................473
المتحولون من الشيعة إلى مذهب أهل السنة هم من علية القوم.............473
اين قول المعصوم من هذه الاقوال........................................477
اهل السنة اتفقوا واتباع سفينة النجاة تفرقوا...............................477
اختلافهم في صلاة الجمعة................................................478
سفينة النجاة..............................................................480
محدثي السنة اكثر وعياً من محدثي الشيعة................................483
اذا وجه هذا السؤال يهودياً او نصرانياً....................................487
اختلافات علماء الشيعة تزيد على اختلافات اهل السنة.....................490
الائمة تركوا شيعتهم هملا.................................................492
اية الله محسني نسف المذهب الشيعي.....................................493
طعون تافهة بحق عمر...................................................495
الطعن بفضائية المستقلة..................................................507
مؤتمر علماء بغداد........................................................508
تشيع الملك السلجوقي ووزراءه...........................................509
لم يتمكن السني من الجواب واحمر وجهه خجلاً...........................509
شاهد من المناظرة( التثويب ) ............................................510
التيجاني وفضيحته في المستقلة...........................................511
المفيد يناظر عمر( في المنام ويغلبه.....................................511
يفوزون في مناظرات لا تقع الا في الخيال او في المنام...................512(43/21)
الصدر وكتابه أهل البيت تنوع أدوار ووحدة هدف........................514
بيعة السقيفة شؤوم عم الاسلام............................................514
الاسلام المنحرف.........................................................515
بلاء يوم السقيفة..........................................................516
الزعامات المنحرفة.......................................................516
عثمان خان الامانة فيستحق القتل.........................................517
عثمان ارادها باطلاً محظاً................................................518
الصحابة لا يملكون وعياً.................................................518
هذا هو حال رجل التقريب والاصلاح....................................519
لا توجد شتيمة بحق الصحابة في كتب الشيعة.............................521
جواز لعن أهل السنة وإكثار السب عليهم بل لا شبهة في كفرهم...........521
لعن أهل السنة وسبهم من ضروريات مذهب الشيعة.......................522
اهل السنة أنجس من الكلاب الممطورة...................................523
ما ابقيت لليهود والنصارى من شتائم ؟ ..................................523
قردة وخنازير وكلاب....................................................524
كذب جديد لعبد الحسين...................................................528
بدون الكذب يسقط مذهب الامامية........................................528
ركام هائل من الروايات..................................................531
لماذا كشفتم المستور......................................................531
ضمائر اللعن يعرفها عوام الشيعة فضلاً عن خواصهم.....................532
وشهد شاهد من اهلها.....................................................532(43/22)
عقيدة الشيعة في الصحابة................................................534
الاعتراف بوجود ( مرقد بابا شجاع الدين ) في ايران.....................544
كيف تسمح دولة التقريب على ابقاء مثل هذا المزار.......................544(43/23)
تهمة باطلة
كثيرة هي التهم التي نسبها أعداء صحابة رسول الله ( إليهم ، وكثيرة هي صورها وأنواعها ، والملاحظ المتتبع للتاريخ ليجد ان اكثر التهم إنما تلصق بالعظماء ، والفضلاء ، وأصحاب المنزلة الشريفة ، تنقيصاً لقدرهم ، ومحاولة لتشويه صورتهم في أذهان الناس من ثلة لها مقاصد ونيات ومآرب قذرة في ذلك ، ولم يكن ذلك بالامر الغريب عندنا لاننا لو استقرأنا التاريخ جيداً لوجدناه امراً طبيعياً واعتيادياً فالشجرة المثمرة هي من ترمى بالحجر كما قيل .
بل ويزيد من عدم استغرابنا هو ان تلك التهم قد صدرت من اناس ، سب الصحابة وانتقاصهم هو اقل واصغر سيئاتهم ، فلا تستغرب ان تصدر تلك الاتهامات من اقوام غلوا في حق سيدنا علي رضي الله عنه حتى عده بعضهم الهاً بل وراه كثيرون كما قال شاعرهم :
خليفة الله خير الخلق قاطبة ** بعد النبي وباب العلم والحكم
علم الكتاب وعلم الغيب شيمته ** في ( سلوني ) كشف الريب للفهم
مناقب ادهشت من ليس ذا نظر ** واسمعت في الورى من كان به صمم
ومن لم يكن بقسيم النار معتصماً ** فماله من عذاب النار من عصم
وليس من الغريب ان قوماً لهم مثل هذه الصفات ويتفوهون بالسوء بحق صحابة رسول الله( الذين آزروه ونصروه أيام السلم والحرب وأيام الشدة والرخاء ، نعم ليس ثمة غرابة في أن ينسب هؤلاء الغلاة النقائص لابناء الجيل الاول من الصحابة رضي الله عنهم في محاولة منهم لتشويه صورهم في اذهان الناس أو الحط من اقدارهم ، أو تصوير كل شيء نبيل فعلوه على أن وراءه دوافعلَ واغراضاً شخصية .
فالفتوحات الاسلامية ، وتوسيع رقعة الدولة ، ونشر الاسلام لم تكن عند هؤلاء سوى محاولة لتوسيع النفوذ وبسط السيطرة على الاقاليم كي يتم استحصال الخيرات ومن ثم التنعم بها، نعم ، لقد دأب هؤلاء الغلاة على تحويل كل منقبة حواها الصحابة الى مثلبة وكل عمل حسن عملوه جعلوه سيئاً .(44/1)
وهذا الكتاب الذي بين يديك سيوقفك عند نماذج كثيرة في هذا الصدد وهكذا استطاع هؤلاء الغلاة رسم الحضارة الاسلامية ورجالاتها على النحو التالي ذكره.
اما الرجال الذين هم اصحاب الرسول ( والذين ضحوا بكل شيء من اجله ومن اجل دينه فليسوا في نظرهم الا مجموعة من اللصوص والمتأمرين وقطاع الطرق استطاعوا في غفلة من الزمن واهله ان يسيطروا على اعظم امة عرفتها الانسانية وأما الحضارة التي بناها هؤلاء الرجال بجهادهم ودعوتهم وتفانيهم فكانت بمجملها حضارة سُرّاقٍ ومغتصبين فالتاريخ مزيف ، والقران محرف، والنبي مغلوب على امره ، والامام المعصوم مضطهد مسلوب الارادة، والفتوحات بسط للنفوذ وهكذا اختزلت الحضارة الاسلامية ومعالمها في بضعة نفر من الاشخاص ومن عداهم اما لص ، او كذاب ، او متامر او …. .
لا ريب ان اقناع هؤلاء بخطأ سلوكهم وفساد مذهبهم سيكون ضرباً من الخيال لكننا مع ذلك سنقوم بواجب الارشاد والدعوة عسى ان نجد اذاناً مصغية وقلوباً واعية .
ومن الشخصيات البارزة والنفوس الألمعية التي نالت حظاً وافراً من الشتم والقدح من قبل الشيعة هو سيد الإسلام في وقته ، وعز الدين القويم، وحصن أمة محمد ( أقوى الناس على الحق ، وأجرؤهم على أهل الباطل ، فاروق الأمة ، مزلزل عروش كسرى وقيصر سيدنا عمر بن الخطاب (رضوان الله عليه) .
هذه الشخصية كان لها نصيب كبير من التهم الملصقه بها باطلاً ، ولعل السبب في ذلك هو عدم وجود ما يمكن ان يتهم به هذا الرجل حقيقة ، أو لعل السبب أنه اطفأ نار المجوس التي لا تزال تضطرم في نفوس اولئك المنتسبين زورا وكذبا الى الاسلام ، فعمدوا من خلال اسلوبهم القديم القائم على ربط لمقدمات بعضها ببعض مع وضوح بطلانها كي يؤسسوا النتائج التي يرونها موافقة لاهوائهم .(44/2)
لقد استطاع الشيعة من خلال هذا الاسلوب الانف الذكر ان يؤسسوا مذهبا يقوم على جملة مقدمات باطلة بالبداهة فليس ثمة سند ثابت يركن اليه في اثبات اقوالهم ،ولا يوجد هناك سوى خيالات مريضة..
فهي مجرد خيالات مريضة ، وأوهام فارغة ، وخيوط كخيوط العنكبوت تمسكوا بها لكي يطعنوا بالعادل الأمين .
ومن تلك التهم ( الافتراضية ، المقدرة ) التي تخص الأذان ما ذكروه من انه ادخل عبارة (الصلاة خير من النوم) إلى الأذان ، وحذف (حي على خير العمل) من الأذان والإقامة .
عزيزي القارئ :
سيتضح لك من ثنايا هذا الكتاب كذب كل هذه التهم والادعاءات المنسوبة الى سيدنا عمر رضي الله عنه الذي كان بريئا منها براءة الذئب من دم يوسف.
وانبهك لأمر وانت تقرأ هذا الكتاب ، ان هذا الكتاب الذي بين يديك وان كان مخصصاً للرد على التهمة التي الصقت بسيدنا عمر رضي الله عنه الا أنك ستجد فيه احاديث واخباراً كثيرة غريبة وعجيبة عن القوم فعليك بمطالعته الى آخره كي تستطيع منذ اليوم رسم صورة ملائمة لهؤلاء الناس الذين يرون الكذب دينا يجب ان يعتنق وقد قيل سابقا اكذب من رافضي ، فصبراً يسيراً كي تتحقق من صدق ما نقول .
إضافته لعبارة الصلاة خير من النوم
تعد هذه العبارة من العبارات التي يجزم الشيعة باختلاقها وعدم صحة ورودها في الأذان وان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو المتهم بإدخالها وجعلها فصلاً من فصول الأذان وان أهل السنة قد اتبعوا الخليفة الثاني في تقرير هذه العبارة وإسباغ الشرعية عليها من خلال اصطلاحهم على تسميتها بـ ( التثويب )(1)
__________
(1) معنى التثويب :
معنى التثويب هو قول المؤذن :
( الصلاة خير من النوم ) في أذان الصبح .
ث و ب – وثاب رجع وبابه قال و( ثابَ ) الناس إذا اجتمعوا وجاؤوا وكذلك الماء .
والمثابة الموضع الذي يثاب إليه مرة بعد أخرى ومنه سمي المنزل (مثاب) وجمعه مثاب .
* والتثويب في أذان الفجر أن يقول المؤذن ( الصلاة خير من النوم ) .
[ مختار الصحاح – باب ( ثوب ) ]
* والتثويب العود إلى الإعلام بعد الإعلام وقول المؤذن ( الصلاة خير من النوم ) مرتين لا يخلو من ذلك فسمي تثويباً .
[ حاشية السندي على سنن النسائي / ج2 ص14 قسم التعليقة ]
* وفسره صاحب القاموس بمعاني منها :
الدعاء إلى الصلاة ، وتثنية الدعاء ، وأن يقول في أذان الفجر ( الصلاة خير من النوم) مرتين .
* قال ابن مفلح في المبدع :
ويسمى هذا ( الصلاة خير من النوم ) التثويب لأنه من ثاب بالمثلثة ، إذا رجع لأن المؤذن دعا إلى الصلاة
بالحيعلتين ثم عاد إليها وقيل سمي به لما فيه من الدعاء .
[ المبدع شرح المقنع / ابن مفلح - ج1 ص 318 – 319 ]
واختصت الفجر بذلك التثويب لأنه وقت ينام الناس فيه غالباً.
[ كشاف القناع البهوتي / ج1 ص 238 ]
وإنما اختصت هذه الكلمة بإطلاق التثويب عليها مع اشتراك غيرها من كلمات الأذان بمعناها لأن الشارع أطلق التثويب عليها دون غيرها لذا صار علماً عليها تعرف به وتتميز عن غيرها .
* قال الشيخ محمد حسن النجفي في كتابه جواهر الكلام :
التثويب في الأذان ، كما هو مشهور بين أهل اللغة والفقه قول :
( الصلاة خير من النوم ) .
[ معجم فقه الجواهر / ج1 ص 207 ]
* قال المجلسي :
التثويب في الأذان هو ، قول : ( الصلاة خير من النوم ) بين فصول الأذان أو الإقامة .
[ مرآة العقول / المجلسي ح15 ص 83 ](44/3)
والإتيان بأحاديث وردت عن الرسول ( في إثبات هذا المعنى .
ونحن هنا سوف نورد مجمل ما ذكره الشيعة في إثبات قولهم هذا متوخين في ذلك الدقة والأمانة ، وسنعمل بعد ذلك على مناقشة أدلتهم وحججهم على وفق المنهج العلمي والذوق الفني اللذين سنحكمهما على طول خط المناقشة معهم ! ان شاء الله تعالى .
ما ذكرته كتب الشيعة عن هذه التهمة
تكاد جميع المصادر الشيعية المتاخرة تجمع على ان الامام عمر رضي الله عنه هو اول من احدث القول ( بالصلاة خير من النوم ) وعدها من الفاظ الاذان، ولا تكاد تجد احداً من عامة الشيعة وعلمائهم يخرج عن هذا القول حتى عد هذا القول من المسلمات الضرورية التي لا يختلف اثنان ببداهتها .(44/4)
ولاجل القاء مزيد من الضوء على هذه القضية وملابساتها فانني ساورد هنا قول احد علمائهم المتاخرين ( عبد الحسين شرف الدين ) والذي نذر عمره لا لمحاربة الافكار (الشيوعية والالحادية والاستشراقية) التي كانت حديث الساعة في عصره وحتى زماننا هذا، اقول في الوقت الذي كان فيه (المد الاحمر) يغزو القارة تلو الاخرى ويخضع الدول الاسلامية ويجعلها تحت سيطرته جاء الاستاذ العلامة ليكون معولاً يساهم بشكل مباشر ومؤثر في الاتيان على ما بقى في النفوس من الايمان فجرد قلمه ونثر اوراقه ليخرج لنا بعد مدة بكتابه ( الفصول المهمة في تاليف الامة ) والذي كان الاجدر به ان يسميه ( الفصول المهمة في تفريق الامة ) لكثرة ما حواه من اشياء هي اقرب للتفريق منها للتجميع ، ان لم تكن هي التفريق بعينه ، فاثار في هذا الكتاب جملة من الشبه حول الصحابة رضي الله عنهم وهو من تولى كبر هذه التهمة لانه وحسب اعتقادهم هو من اضافها، وهكذا دندن عبد الحسين شرف الدين الموسوي حول هذه المسألة في هذا الكتاب وبقية الكتب الاخرى وقام بعرضها وعمل المقدمات لها وتاسيس القواعد التي يمكن ان تصل بالقارىء نحو الغاية والهدف من وراء تاليفه هذا الكتاب ، ولكي لا نطيل اضع بين يديك النص الكامل لعبد الحسين في كتابه السابق ذكره.
تأويلات أخر للصحابة
تحت عنوان ( تأويلات أخر للصحابة ) ذكر عبد الحسين شرف الدين في كتابه الفصول المهمة في تأليف الأمة هذا النص :
ومنها تأولهم في أذان الصبح حيث تصرفوا فيه فنظموا في سلك فصوله فصلاً لم يكن أيام رسول الله ( ، ألا وهو نداء مؤذنهم الصلاة خير من النوم.
بل لم يكن أيام أبي بكر ، وانما أمر به الخليفة الثاني فيما دلت عليه الأحاديث المتواترة من طريق العترة الطاهرة .(44/5)
وحسبك من غيرها ما أخرجه الإمام مالك في باب ما جاء في النداء للصلاة من موطأه ( انه بلغه إن المؤذن جاء إلى عمر بن الخطاب يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائماً فقال : الصلاة خير من النوم ، فأمره إن يجعلها في نداء الصبح )(1) .
وقال العلامة الزرقاني عند بلوغه إلى هذا الحديث من شرح الموطأ ما هذا لفظه : ( هذا البلاغ أخرجه الدارقطني في السنن(2) من طريق وكيع في مصنفه عن العمري عن نافع عن ابن عمر عن عمر) .
قال : واخرج عن سفيان عن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر عن عمر انه قال لمؤذنه : ( إذا بلغت حي على الفلاح في الفجر فقل : الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم )(3)
قلت أخرجه ابن أبي شيبة(4) من حديث هشام بن عروة ، ورواه جماعة(5) آخرون يطول المقام بذكرهم .
وأنت تعلم إن لا عين ولا اثر لهذه الكلمة فيما هو مأثور عن رسول الله ( من كيفية الأذان ، فراجع إن شئت كتاب الأذان في الجزء الأول من صحيح البخاري(6) ، وباب صفة الأذان وهو أول كتاب الصلاة من صحيح مسلم(7) تعلم حقيقة ما نقول(8). انتهى .
اقول :
__________
(1) موطأ الإمام مالك / ج1 ص 69 ]
(2) سنن الدارقطني / ج1 ص 243 ح 40 ]
(3) شرح الزرقاني / ج1 ص 149 – 150 ]
(4) مصنف ابن أبي شيبة / ج1 ص 208 ]
(5) راجع الوسائل ج4 ص 642 كتاب الصلاة – أبواب الأذان والإقامة – باب 19 ]
(6) صحيح البخاري / ج1 ص 157 – 162 – باب الأذان ]
(7) صحيح مسلم / ج1 ص 287 ح 379 – باب صفة الأذان ]
(8) الفصول المهمة في تأليف الأمة / عبد الحسين شرف الدين ص 117 تحقيق الدكتور عبد الجبار شرارة / إيران- طهران](44/6)
هذه تحرير شبهتهم والتي جمع فيها كل ما تفتقت به أذهان الحقد والكره خلال أربعة عشر قرناً ، وجمع فيه كل ما وقعت عليه عينه من كتب ، أو قول لعالم من المتقدمين أو من المتأخرين ، لكي يثبت بهذه الأقوال والروايات تهمته الباطلة، ولكن مع كل هذا لم تنفعهم هذه الاستنباطات على مدى هذه العصور المتطاولة في تغيير الحق ، وهدم بناء أهل السنة المتين في الأصول والفروع .
وهي وان كانت من شبه العامة فقد تمسك بها فحلهم على الاطلاق وامامهم بالاستحقاق عبد الحسين شرف الدين الموسوي فذكره في كتابه ( الفصول المهمة).
وذكره ايضاً في كتابه ( النص والاجتهاد ) ونحن والله ما كنا نظن ان العلماء يحومون حول هذا ، بل ولا افراد العقلاء فضلاً عن هؤلاء المدعين بانهم هم الكملاء النبلاء حتى رأيناهم يرفعون هذه الاقوال الساقطة وياتون فيها بالمغالطة التي هي نوع من السفسطه ، واللعب بالكلمات فانا لله وانا اليه راجعون من زمن ادبر فيه الانصاف واقبل فيه الاعتساف وغار العلم وغاص ، وفار الجهل وفاض ، من زمن وضع فيه الرفيع ، ورفع فيه الوضيع ، عد فيه الفضل من المعايب، والعلم من المصايب ، والعناد طباعاً ، واللهو والهوى مطاعاً، وسياتيك عزيزي القارىء الرد الشافي والوافي عن هذا الكلام فاصبر ان الله مع الصابرين .
الهجوم افضل وسيلة
للدفاع
قبل الدخول في تحليل هذه التهمة المنضوية تحتها عدة اتهامات ، كان لا بد لنا من الإشارة إلى امر بالغ الاهمية وذي صلة بما سوف نقرره لاحقاً بخصوص هذه القضية ينبغي لكل إمامي عاقل أن يقف عندها طويلاً ، وهي أن علماء الإمامية اعتادوا سلوك طريقة ملتوية في الجواب كلما وجه الطعن إلى مذهبهم في مسالة ما وكلما اعيتهم الحجة واسكتهم الدليل وبين فساد مذهبهم الخصم، وهذه الطريقة مفادها :(44/7)
ان الامامية كلما وجه الطعن الى مذهبهم بخصوص مسألة من المسائل المنتقدة لديهم تراهم يعمدون الى القول بان لدى اهل السنة اموراً مماثلة لهذه الامور المطعون بها عليهم وهكذا تراهم بدلاً من معالجة الطعونات الموجهة اليهم او توجيهها توجيها منطقياً صحيحاً بأحد أمرين :
أولاً :
اما أن يثبتوا بالأدلة الشرعية أن المسالة المطعون بها في المذهب صحيحة فيثبت خطأ الناقد .
ثانياً :
أو يعترفوا بخطأ تلك المسالة - أي تصويب الناقد - ويدعون الناس إلى تركها من أجل تنقية المذهب من الأخطاء والمطاعن والإنحراف .
أقول :
بدلاً من ذلك نراهم يعمدون الى سلوك طريق الطعن في المذاهب الاخرى للهروب من تلك الطعون الموجهة اليهم ، فتجدهم يلقون بالتهم يميناً وشمالاً ولسان حالهم يقول :
ان ما عبتموه علينا يوجد مثله او نظيره لديكم فما قولكم هناك هو قولنا هنا.
والذي اظنه ان الامامية انما سلكوا هذا الطريق واخذوا بتلك الطريقة بالاضافة الى ما سبق من اسباب انما كان تمويهاً وتدليساً للتابع والخصم في ان واحد، فالتابع يحسن الظن بعلماء مذهبه ولا حاجة له في تدقيق وتمحيص اقوالهم وهذا امر مشاهد وملموس ، واما الخصم فهو في الكثير الغالب سيسكت ويتواصى بهذا السكوت خشية مما لا تحمد عقباه ان هو استمر في نقاشه لهؤلاء العلماء، ولكي لا اتعب ذهن القارىء في تخيل نماذج عن ذلك الاسلوب اضع بين يديه مثالاً حياً واضحاً وشديد الصلة ببحثنا وهو الشهادة الثالثة في الاذان .(44/8)
فعندما وجه الطعن الى الشيعة باضافة هذه العبارة ( اشهد ان علياً ولي الله ) الى الاذان من غير وجه حق وهي بدعة محرمة ياثم من فعلها ويجب تركها فان الامامية في مقابل هذا الاتهام هاجموا اهل السنة باضافة عبارة ( الصلاة خير من النوم ) ، فلماذا الانكار وجميعنا متلبسون بالبدع وهكذا فهم يحاولون رد الطعن بتوجيه تلك المسألة او اثبات خطأ دعوى الخصم في بدعيتها ولكنهم يتهمون اهل السنة بمسائل لها شبه بتلك المسألة وهكذا يدخلون السني والامامي على حد سواء في جدل حول ما يختص به كل مذهب ويشغلونهما عن الخوض في حقيقة القول والمقال ، وهكذا يضيع الحق في المناقشات الفرعية التي تدور حول القضية الاصلية .
وليس هناك شك في فساد هذه الطريقة الملتوية(1) لان الهدف الرئيسي منها ليس بيان الحق والوصول اليه وانما الهدف منها تقرير المسألة بعيداً عما يثيره الخصم من الشبه وهذه الطريقة كفيلة بتحقيق ذلك ، وهي في حقيقتها محاولة للتهرب والتفلت من لوازم تلك المطاعن .
واليك عزيزي القارىء زيادة بيان في فساد هذه الطريقة :
اولاً :
__________
(1) ليس هذا هو المثال الوحيد لهذه الطريقة بل هناك أمثلة أخرى ، فمنها مثلاً عندما يوجه إلى الأمامية طعن بأن بعض علمائهم يعتقدون التحريف والنقصان في القرآن، فلا نراهم يبحثون عن ثبوت هذا المطعن عندهم ويبينون خطأ قائله وكفره ، بل تراهم يهبون الى مهاجمة أهل السنة بأنهم يقولون بتحريف القرآن ، وذلك من خلال قولهم بنسخ التلاوة .
فمثلهم في ذلك كمثل رجلين التقيا فقال الأول للثاني انك سارق ، فرد الثاني على الأول من غير إن يدافع عن نفسه انك كذلك سارق ، فهو بقوله هذا قد اثبت التهمة على نفسه.(44/9)
ان من اهم الامور التي يجب ان نسير على وفقها نحن اتباع اهل البيت(1)قبل غيرنا ان تكون اصولنا ومقرراتنا وفروعنا نابعة من الادلة سواء كانت قرانا ام سنة ، فما ثبت فيهما قلنا به واعتمدناه وما لم يثبت فيهما رفضناه واعرضنا عنه بل ودعونا الناس الى تركه .
أي ان يكون تقريرنا للخطأ والصواب نابعاً من النظر في الأدلة الشرعية وبمعزل عما تقرره المذاهب الأخرى ، وهذه الطريقة هي الأسلم لأنها تعطينا العذر أمام الله تعالى باتباعنا لكتابه وسنة نبيه ( .
في حين أن الطريقة الملتوية التي أشرنا إليها تجعل من مذهب الإمامية مذهباَ ذيلياً تكون تقريراته عبارة عن ردود أفعال متأثرة بالمذاهب السنية فما تقرره هذه المذاهب سيكون العمدة في التصحيح والتضعيف وبيان الخطأ من الصواب
فلماذا هذه الطريقة التي تجعلنا تبعاً لغيرنا .
حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلناه خلفهم.
فما لنا ولهم ، ننحرف إذا انحرفوا ونبتدع ونضيف في الأذان إذا ابتدعوا وأضافوا سؤال ينبغي لكل شيعي توجيهه الى سادته.
ثم ماذا سوف يكون مؤقفنا بين يدي الله تعالى يوم القيامة ، وهو يسألنا لماذا أدخلتم الشهادة الثالثة في الأذان مع أن الدليل بخلافها .
فلا ندري هل ستنفعنا هذه الطريقة بأن نقول يا رب اننا رأينا أهل السنة أضافوا في الأذان فأضفنا مثلهم.
فحري بالعاقل أن يعرف هذه الطريقة ليعرف الحق من الباطل من خلال الأدلة دون النظر إلى المذاهب الأخرى .
ثانياً :
إن هذه الطريقة مبنية على كون الناقد معتقداً لأحد المذاهب السنية وهذا غير وارد، لأن الناقد قد يكون من مذهب الإمامية نفسه نظر في المسالة فوجد الأدلة تقول بخلاف ما عليه اتباع المذهب فصرح بخطئها ودعا إلى تركها كما مر بنا في كتابنا الأول ( الشهادة الثالثة في الأذان حقيقة أم افتراء ) .
__________
(1) على فرض أن هذا الكلام يوجه من قبل شيعي عامي إلى أحد مراجعه .(44/10)
حيث أنكر إضافة الشهادة الثالثة ( اشهد ان علياً ولي الله ) إلى الأذان كثير من علماء الشيعة الكبار واعتبروها بدعة يحرم فعلها ، وعلى رأسهم شيخ محدثي الشيعة ابن بابويه القمي ( الصدوق ) .
ومعلوم أنهم ليسوا من أهل السنة حتى نطبق معهم هذه الطريقة الملتوية في الجواب عن المطعن فظهر أن هذه الطريقة لا تصلح للجواب عن المطاعن السنية لذا فهذه الطريقة من هذه الوجه مردودة أيضاً ، لأنها ستجعلنا ندخل إبتداءً في معركة وهجوم واتهام وطعن بأهل السنة لنثبت عندهم مطعناً آخر مماثلاً له فنحرم بهذه الطريقة من التدبر في كلامه ونقده .
إذ ربما تكون المسالة المنتقدة في المذهب باطلة ، ومن ثم ننتفع من نقده بأن أرشدنا إلى وجود خطأ عندنا لنصلحه فيكون بمثابة من قدم لنا هدية ونصيحة فالأولى أن نشكره ونثني عليه لما قدمه لنا من نصيحة كما قيل :
رحم الله امرءاً أهدى الي عيوبي .
لذا علينا ان نتنزه في حواراتنا ونقاشاتنا عن مثل هذا الاسفاف في الكلام ولعله قد بقي في العقول بقية تفرق بين النور والظلام والشحم والاورام .
وبما تقدم من كلام ظهر لنا بجلاء بطلان هذه الطريقة الملتوية وحري بكل عاقل أن يرفضها .
فعليك أيها الشيعي إذا رأيت أحد علماء الإمامية يهاجم المذاهب السنية عند جوابه عن مطعن وجه إلى مذهبه فيجب أن تقول له دع هذه الطريقة الملتوية(1).
ولا تصرف جهدنا وتفكيرنا ووقتنا فيما عندهم .
__________
(1) لا باس أن نطلق على هذه الطريقة الملتوية طريقة ( ذر الرماد في العيون ) وذلك
لأن الغرض منها هو أشغال القارئ بما عند الغير من أخطاء ، مع تركه لأخطائه وزلاته ، فتكون بمثابة من يريد تشويش الرؤيا على قرائه حتى لا تتضح الرؤيا أمامهم فيذر وينفخ الرماد في عيونهم وبالفعل تجد القارئ ينشغل بما عند أهل السنة عما عنده من أخطاء وكما قال القحطاني في نونيته:
لا تنشغل بعيوب غيرك عن ** عيب نفسك فإنه عيبان(44/11)
وحدثنا عن هذه المسالة هل هي موجودة عندنا أم لا ؟
وهل هي حق أم باطل ؟ وما عدا هذا فإنه تضييع للوقت وصرف للذهن بما لا طائل وراءه لأن الذي سنسأل عنه يوم القيامة عملنا ولا نسأل ماذا عمل أهل السنة .
ورحم الله الشاعر اذ يقول :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ** عار عليك إذا فعلت عظيم
وبعد بيان هذه الطريقة وبطلانها نعود بك أيها القارئ لبيان ضعف وتهافت ما ادعاه الشيعة بحق أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه من اضافته هذه العبارة إلى أذان الصبح .
وسترى في هذا البحث إن شاء الله براءة عمر بن الخطاب ( من هذه التهمة المنسوبة إليه - وان كانت عبارة البراءة ثقيلة فمن نحن لنبرىء هذا الشخص الذي بينه وبين التهمة سد عظيم لكن هذه الكلمة هي التي تناسب المقام ولا حول ولا قوة الا بالله - وأن التثويب في أذان الفجر هو سنة مؤكدة أقرها رسول الله ( وعمل بها من بعده صحابته رضوان الله عليهم ، والتابعون لهم بإحسان .
والفرق شاسع بين أصل قول الصلاة خير من النوم عند أهل السنة والجماعة لكثرة الأحاديث الواردة عن الرسول ( فيها ، وإقرار الصحابة والعلماء لها ، بل وتصريح أهل بيت النبي أنفسهم باقرارها وفعلها ، والأشد من ذلك إقرار بعض علماء الشيعة بشرعيتها كما سأبين ذلك لاحقاً إنشاء الله اقول فرق شاسع بين هذا الاصل ، وبين أصل الشهادة الثالثة التي لم تثبت في كتب الإماميه ولو بحديث واحد سواء اكان موضوعاً أو مكذوباً فضلاً عن إنكار معظم علماء الشيعة لها . ومن الله التوفيق .
الرد على شبهات
عبد الحسين
مجمل ما أراد قوله عبد الحسين(44/12)
رأيت عزيزي القارىء مما تقدم الادلة والحجج التي ظنها كذلك عبد الحسين شرف الدين والتي ساقها في معرض الطعن بفاروق هذه الامة فظن انه على شيء وصار يوهم اصحابه بانهم قد تمسكوا بذنب الحق وهم في طرف الضلال فكان مثله مع قومه كمثل الاعمى يهدي الى الطريق ، وقد قيل قد ضل من كانت العميان تهديه ، وقبل ان نورد البراهين والادلة على صحة ما ذهبنا اليه مما تعترف به العقول التي لم يقيدها عقال الاصرار ووبال التقليد والاغترار ، رايت من الضروري اجمال ما اورده فحل القوم عبد الحسين في نقاط كي نستطيع ان نحصر الشبه ونعمل على نقضها واحدة بعد الاخرى ، واليك مجمل ما ساقه :
أولاً :
عدم وجود دليل يذكر عن رسول الله ( وردت فيه عبارة الصلاة خير من النوم ، حيث قال :
وأنت تعلم أن لا عين ولا اثر لهذه الكلمة فيما هو مأثور عن رسول الله ( من كيفية الأذان .
ثانياً :
لا وجود لمثل هذا الأثر في صحيح البخاري أو مسلم ، قال :
فراجع إن شئت كتاب الأذان في الجزء الأول من صحيح البخاري ، وباب صفة الأذان وهو أول كتاب الصلاة من صحيح مسلم ، تعلم حقيقة ما نقول .
ثالثاً :
عدم وجود عبارة الصلاة خير من النوم في الأذان ايام أبي بكر ، حيث قال :
ومنها تأولهم في أذان الصبح حيث تصرفوا فيه فنظموا في سلك فصوله فصلاً لم يكن أيام رسول الله ( ، ألا وهو نداء مؤذنهم الصلاة خير من النوم، بل لم يكن أيام أبي بكر .
رابعاً :
إن عمر( هو الذي أضاف هذه العبارة إلى الأذان ، فقال :
وحسبك من غيرها ما أخرجه الإمام مالك في باب ما جاء في النداء للصلاة من موطئه :
( انه بلغه إن المؤذن جاء إلى عمر بن الخطاب يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائماً فقال : الصلاة خير من النوم ، فأمره أن يجعلها في نداء الصبح ) .
خامساً :
ثم حاول أن يحشد لاثبات تهمته عدداً كبيراً من الكتب والمراجع ، فقال :(44/13)
وقال العلامة الزرقاني عند بلوغه إلى هذا الحديث من شرح الموطأ ما هذا لفظه : ( هذا البلاغ أخرجه الدارقطني في السنن من طريق وكيع في مصنفه عن العمري عن نافع عن ابن عمر عن عمر) .
قال : واخرج عن سفيان عن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر عن عمر انه قال لمؤذنه : ( إذا بلغت حي على الفلاح في الفجر فقل : الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم )
قلت أخرجه ابن أبي شيبة من حديث هشام بن عروة ، ورواه جماعة آخرون يطول المقام بذكرهم .
سادساً :
أن هناك أحاديث متواترة من طريق العترة تثبت اختراع عمر لهذه الإضافة وهذا يعني مخالفة العترة لذلك التواتر ، حيث قال :
وانما أمر به الخليفة الثاني فيما دلت عليه الأحاديث المتواترة من طريق العترة الطاهرة .
أولاً
قال عبد الحسين :
وأنت تعلم أن لا عين ولا اثر لهذه الكلمة فيما
هو مأثور عن رسول الله ( من كيفية الأذان
أولاً :
أما قوله :
عدم وجود اثر أو رواية وردت عن رسول الله ( وردت فيها عبارة الصلاة خير من النوم ، حيث قال :
وأنت تعلم أن لا عين ولا اثر لهذه الكلمة فيما هو مأثور عن رسول الله ( من كيفية الأذان .
وقال مؤكداً ذلك ايضاً في كتابه النص والاجتهاد :
انا تتبعنا السنن المختصة بفصول الأذان والإقامة على عهد رسول الله ( فلم يكن فيها الصلاة خير من النوم(1) .
فأقول :
كلامه هذا يدل على أمرين لا ثالث لهما :
إما انه يدل على عدم معرفته واطلاعه على مثل هذه الأقوال ، ومن ثم يكون (عبد الحسين ) بحكمه هذا قد جهل جهلاً مركباً لانه لم يعلم ولم يعلم انه لا يعلم وهذا هو عين الجهل المركب .
__________
(1) النص والاجتهاد / عبد الحسين شرف الدين ص 192 ](44/14)
واما انه قد اطلع على أقوال وأراء صريحة عن ذلك ولكنه تعمد إخفاءها وهو بهذا يكون قد تلبس بالكذب وهو ما نميل إليه تحسيناً للظن به ، فكتابه قد ملاه بالكذب والتدليس ، وسترى صحة ذلك بنفسك بعد مطالعة الصفحات القادمة إن شاء الله فانتظر حتى حين .
الصلاة خير من النوم في كتب أهل السنة
خصصت بعض كتب الحديث عند أهل السنة أبواباً منفردة عن التثويب في الأذان ، ووردت تحت هذه الأبواب روايات كثيرة وصحيحة عن رسول الله ( تؤكد على ذكر عبارة الصلاة خير من النوم ، كفصل من فصول أذان الفجر.
باب في التثويب . [ سنن أبي داود / ج1 ص 148 ]
باب كراهية التثويب في غير أذان الصبح . [ البيهقي / ج1 ص 423 ]
باب التثويب في أذان الفجر . [ سنن الدارمي / ج1 ص 270 ]
باب ما جاء في التثويب في الفجر . [ سنن الترمذي / ج1 ص 110 ] التثويب في أذان الفجر . [ سنن النسائي / ج2 ص 13 ] التثويب في أذان الصبح . [ سنن البيهقي / ج1 ص421/422 ]
باب الصلاة خير من النوم . [ مصنف عبد الرزاق / ج1 ص472 ]
باب التثويب في أذان الصبح . [ صحيح ابن خزيمة / ج1 ص200 ]
باب التثويب في الاذان والاقامة . [ مصنف عبد الرزاق / ج1 ص474 ]
وسأذكر بعضاً من تلك الروايات لكي يعرف القارئ أن هذه العبارة لم يقم بإضافتها فرد من الناس ، وإنما وردت عن الصادق المصدوق رسول الله ( وعمل بها الناس منذ زمنه ( إلى وقتنا الحاضر ، ولم تدخل متأخرة في الأذان المعروف الثابت عند أهل السنة ، كما دخلت متأخرة الشهادة الثالثة في الأذان المعروف عند الشيعة .
الرواية الأولى :(44/15)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِي ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْرَائِيلَ ،عَنِ الحَكَمِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ بِلال قَال :
قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ ( لاَ تُثَوِّبنَّ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ إلا فِي صَلاَةِ الفَجْر(1).ِ
الرواية الثانية :
أَخْبَرَنَا إبراهيم بْنُ الحَسَنِ ، قَال حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ السَّائِبِ ، قَال أَخْبَرَنِي أَبِي وَأُمُّ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، قَال :
لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ( مِنْ حُنَيْنٍ خَرَجْتُ عَاشِرَ عَشْرَةٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ نَطْلُبُهُمْ فَسَمِعْنَاهُمْ يُؤَذِّنُونَ بِالصَّلاَةِ فَقُمْنَا نُؤَذِّنُ نَسْتَهْزِئُ بِهِمْ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ( قَدْ سَمِعْتُ فِي هَؤُلاَءِ تَأْذِينَ إِنْسَانٍ حَسَنِ الصَّوْتِ فَأَرْسَلَ إلينا فَأَذَّنَّا رَجُلٌ رَجُلٌ وَكُنْتُ آخِرَهُمْ فَقَال حِينَ أَذَّنْتُ تَعَال فَأَجْلَسَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَسَحَ عَلَى نَاصِيَتِي وَبَرَّكَ عَلَيَّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَال :
__________
(1) سنن الترمذي / كتاب الصلاة - التثويب في الفجر رقم182](44/16)
اذْهَبْ فَأَذِّنْ عِنْدَ البَيْتِ الحَرَامِ قُلْتُ كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلَّمَنِي كَمَا تُؤَذِّنُونَ الآنَ بِهَا اللَّهُ أكبر ، اللَّهُ أكبر ، اللَّهُ أكبر ، اللَّهُ أكبر ، أشهد أَنْ لاَ الهَ إلا اللَّهُ ، أشهد أَنْ لاَ الهَ إلا اللَّهُ ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أشهد أَنْ لاَ الهَ إلا اللَّهُ ، أشهد أَنْ لاَ الهَ إلا اللَّهُ ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ (( الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْم ))ِ فِي الأُولَى مِنَ الصُّبْحِ(1).
الرواية الثالثة :
قَال ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ هَذَا الخَبَرَ كُلّهَُ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أُمِّ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّهُمَا سَمِعَا ذَلِكَ مِنْ أَبِي مَحْذُورَةَ. (2)
الرواية الرابعة :
أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ ، قَال أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ، أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سَلْمَانَ ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ ، قَال كُنْتُ أُؤَذِّنُ لِرَسُولِ اللَّهِ ( وَكُنْتُ أَقُولُ فِي أذان الفَجْرِ الأَوَّلِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَح ِ(( الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النوْمِ ، الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ )) اللَّهُ أكبر ، اللَّهُ أكبر ، لاَ الهَ إلا اللَّهُ(3).
الرواية الخامسة :
__________
(1) سنن النسائي / كتاب الأذان - باب الأذان في الفجر رقم 629ج2 ص10]
(2) المصدر السابق ]
(3) سنن النسائي / كتاب الأذان باب التثويب في أذان الفجر رقم642ج2 ص13](44/17)
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، قَال حَدَّثَنَا يَحْيَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ(1) .
الرواية السادسة :
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ ،عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، قَال قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي سُنَّةَ الأذان قَال: فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِي وَقَال تَقُولُ اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، تَرْفَعُ بِهَا صَوْتَكَ ثُمَّ تَقُولُ أشهد أَنْ لاَ الهَ إلا اللَّهُ ، أشهد أَنْ لاَ الهَ إلا اللَّهُ ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه ،ِأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، تَخْفِضُ بِهَا صَوْتَكَ ثُمَّ تَرْفَعُ صَوْتَكَ بِالشَّهَادَةِ أشهد أَنْ لاَ الهَ إلا اللَّهُ ، أشهد أَنْ لاَ الهَ إلا اللَّهُ ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاة ،ِ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ ، فَإِنْ كَانَ صَلاَةُ الصُّبْحِ قُلْت((الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ )) اللَّهُ أكبر ، اللَّهُ أكبر، لاَ الهَ إلا اللَّهُ(2).
الرواية السابعة :
__________
(1) سنن النسائي / كتاب الأذان باب التثويب في أذان الفجر ج2 ص13]
(2) سنن أبو داود / ج1 ص 136](44/18)
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ،حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ ،عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَال أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ السَّائِبِ ، أَخْبَرَنِي أَبِي وَأُمُّ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ عَنِ النَّبِيِّ (َ نَحْوَ هَذَا الخَبَرِ وَفِيهِ (( الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْم))ِ فِي الأُولَى مِنَ الصُّبْحِ(1) .
الرواية الثامنة :
قَال أَبو دَاود وَحَدِيثُ مُسَدَّدٍ أَبْيَنُ قَال فِيهِ قَال وَعَلَّمَنِي الإقامة مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ اللَّهُ أكبر ، اللَّهُ أكبر ، أشهد أَنْ لاَ الهَ إلا اللَّهُ ، أشهد أَنْ لاَ الهَ إلا اللَّهُ ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ ، اللَّهُ أكبر ، اللَّهُ أكبر، لاَ الهَ إلا اللَّهُ ، وقَال عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَإِذَا أَقَمْتَ فَقُلْهَا مَرَّتَيْنِ قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ أَسَمِعْتَ قَال فَكَانَ أَبُو مَحْذُورَةَ لاَ يَجُزُّ نَاصِيَتَهُ ولا يَفْرُقُهَا لأِنَّ النَّبِيَّ ( مَسَحَ عَلَيْهَا(2).
الرواية التاسعة :
__________
(1) سنن أبو داود / باب كيفية الأذان ج1 ص136]
(2) نفس المصدر ](44/19)
حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ ، حَدَّثَنَا إبراهيم بْنُ إسماعيل بْنِ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ ،قَال سَمِعْتُ جَدِّي عَبْدَ المَلِكِ بْنَ أَبِي مَحْذُورَةَ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَحْذُورَةَ يَقُولُ ألقى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ( الأذان حَرْفًا حَرْفًا اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، أشهد أَنْ لاَ الهَ إلا اللَّهُ ، أشهد أَنْ لاَ الهَ إلا اللَّهُ ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، أشهد أَنْ لاَ الهَ آلا اللَّهُ ،أشهد أَنْ لاَ الهَ آلا اللَّهُ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ قَال وَكَانَ يَقُولُ فِي الفَجْرِ (( الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْم))(1).
الرواية العاشرة :
__________
(1) سنن أبو داود / باب كيفية الأذان ج1 ص138](44/20)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إسحاق ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالمٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ ( اسْتَشَارَ النَّاسَ لِمَا يُهِمُّهُمْ إلى الصَّلاَةِ فَذَكَرُوا البُوقَ فَكَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ اليَهُودِ ثُمَّ ذَكَرُوا النَّاقُوسَ فَكَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ النَّصَارَى فَأُرِيَ النِّدَاءَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَال لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَعُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ فَطَرَقَ الأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلاً فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ( بِلاَلا بِهِ فَأَذَّنَ قَال الزُّهْرِيُّ وَزَادَ بِلاَل فِي نِدَاءِ صَلاَةِ الغَدَاةِ ((الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ)) فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ ( قَال عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الذِي رَأَى وَلَكِنَّهُ سَبَقَنِي(1) .
الرواية الحادية عشرة :
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُبَارَكِ عَنْ ، مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ ، عَنْ بِلاَل أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ ( يُؤْذِنُهُ بِصَلاَةِ الفَجْرِ فَقِيلَ هُوَ نَائِمٌ فَقَال (( الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ)) فَأُقِرَّتْ فِي تَأْذِينِ الفَجْرِ فَثَبَتَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ(2).
الرواية الثانية عشرة :
__________
(1) نفس المصدر ]
(2) سنن أبن ماجة / كتاب الأذان والسنة فيها باب بدء الأذان ج1 ص233 ](44/21)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ ،حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ السَّائِبِ مَوْلاَهُمْ ،عَنْ أَبِيهِ السَّائِبِ مَوْلَى أَبِي مَحْذُورَةَ ، وَعَنْ أُمِّ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّهُمَا سَمِعَاهُ مِنْ أَبِي مَحْذُورَةَ ، قَال أَبُو مَحْذُورَةَ خَرَجْتُ فِي عَشَرَةِ فِتْيَانٍ مَعَ النَّبِيِّ ( وَهُوَ أَبْغَضُ النَّاسِ إلينا فَأَذَّنُوا فَقُمْنَا نُؤَذِّنُ نَسْتَهْزِئُ بِهِمْ فَقَال النَّبِيُّ( ائْتُونِي بِهَؤُلاءِ الفِتْيَانِ فَقَال أَذِّنُوا فَأَذَّنُوا فَكُنْتُ أَحَدَهُمْ فَقَال النَّبِيُّ ( نَعَمْ هَذَا الذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ اذْهَبْ فَأَذِّنْ لأِهْلِ مَكَّةَ فَمَسَحَ عَلَى نَاصِيَتِهِ وَقَال قُلِ اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، أشهد أَنْ لاَ الهَ آلا اللَّهُ ،مَرَّتَيْنِ وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرَّتَيْن ،ِ ثُمَّ ارْجِعْ فَأشهد أَنْ لاَ الهَ آلا اللَّهُ مَرَّتَيْنِ ، وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، مَرَّتَيْنِ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ،حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ، مَرَّتَيْنِ اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، لَا الهَ آلا اللَّهُ ، وَإِذَا أَذَّنْتَ بِالأَوَّلِ مِنَ الصُّبْحِ فَقُلِ (( الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ)) وَإِذَا أَقَمْتَ فَقُلْهَا مَرَّتَيْنِ قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ أَسَمِعْتَ قَال وَكَانَ أَبُو مَحْذُورَةَ لاَ يَجُزُّ نَاصِيَتَهُ وَلاَ يُفَرِّقُهَا لأَِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( مَسَحَ عَلَيْهَا(1).
الرواية الثالثة عشرة :
__________
(1) سنن أبن ماجة / كتاب الأذان والسنة فها باب بدء الأذان ج1 ص237](44/22)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْر،ٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَال ، أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ السَّائِبِ ،عَنْ أُمِّ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ قَال لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ( إلى حُنَيْنٍ خَرَجْتُ عَاشِرَ عَشَرَةٍ فَذَكَرَ الحَدِيثَ آلا أَنَّهُ قَال اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر مَرَّتَيْنِ فَقَطْ و قَال رَوْحٌ أَيْضًا مَرَّتَيْنِ(1) .
الرواية الرابعة عشرة :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَيْسَ هُوَ الفَرَّاءَ عَنْ أَبِي سَلْمَانَ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ قَال كُنْتُ أُؤَذِّنُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ( فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ فَإِذَا قُلْتُ حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ قُلْتُ (( الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْم))ِ الأذان الأَوَّلُ(2).
الرواية الخامسة عشرة :
حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ ،عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَال :
__________
(1) مسند الإمام أحمد / ج4 ص42-43]
(2) المصدر السابق ](44/23)
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي سُنَّةَ الأذان فَمَسَحَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِي وَقَال قُلِ اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، تَرْفَعُ بِهَا صَوْتَكَ ثُمَّ تَقُولُ أشهد أَنْ لاَ الهَ آلا اللَّهُ ، أشهد أَنْ لاَ الهَ آلا اللَّهُ ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ تَخْفِضُ بِهَا صَوْتَكَ ثُمَّ تَرْفَعُ صَوْتَكَ، أشهد أَنْ لاَ الهَ آلا اللَّهُ مَرَّتَيْنِ ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ كَانَ صَلاةُ الصُّبْحِ قُلْت َ(( الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ )) مَرَّتَيْنِ اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، لاَ الهَ آلا اللَّهُ(1).
الرواية السادسة عشرة :
__________
(1) مسند الإمام أحمد / ج4 ص42-43](44/24)
قَال حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ قَال ، أَخْبَرَنَا أَبِي ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَال وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَال لَمَّا أَجْمَعَ رَسُولُ اللَّهِ ( أَنْ يَضْرِبَ بِالنَّاقُوسِ يَجْمَعُ لِلصَّلاَةِ النَّاسَ وَهُوَ لَهُ كَارِهٌ لِمُوَافَقَتِهِ النَّصَارَى طَافَ بِي مِنَ اللَّيْلِ طَائِفٌ وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ وَفِي يَدِهِ نَاقُوسٌ يَحْمِلُهُ قَال فَقُلْتُ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ قَال وَمَا تَصْنَعُ بِهِ قُلْتُ نَدْعُو بِهِ إلى الصَّلاَةِ قَال أَفَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ قَال فَقُلْتُ بَلَى قَال تَقُولُ اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، أشهد أَنْ لاَ الهَ آلا اللَّهُ ، أشهد أَنْ لاَ الهَ آلا اللَّهُ ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ ، اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، لاَ الهَ آلا اللَّهُ ،نقَال ثُمَّ اسْتَأْخَرْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ قَال ثُمَّ تَقُولُ إِذَا أَقَمْتَ الصَّلاَةَ اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، أشهد أَنْ لاَ الهَ آلا اللَّهُ ، أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ ، قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ ، قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ ،اللَّهُ أكبر، اللَّهُ أكبر، لاَ الهَ آلا اللَّه،ُ قَال فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ قَال ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ ( إِنَّ هَذِهِ لَرُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَمَرَ بِالتَّأْذِينِ لَى أَبِي بَكْرٍ يُؤَذِّنُ بِذَلِكَ(44/25)
وَيَدْعُو رَسُولَ اللَّهَِ( إلى الصَّلاَةِ فَكَانَ بِلال مَوْقَال فَجَائهُ فَدَعَاهُ ذَاتَ غَدَاةٍ إلى الفَجْرِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ( نَائِمٌ قَال فَصَرَخَ بِلاَل بِأَعْلَى صَوْتِه ِ(( الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ )) قَال سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ فَأُدْخِلَتْ هَذِهِ الكَلِمَةُ فِي التَّأْذِينِ إلى صَلاَةِ الفَجْرِ(1) .
الرواية السابعة عشرة :
أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ ،حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ ،عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ المُؤَذِّنِ أَنَّ سَعْدًا كَانَ يُؤَذِّنُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ( قَال حَفْصٌ حَدَّثَنِي أَهْلِي أَنَّ بِلاَلا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ( يُؤْذِنُهُ لِصَلاَةِ الفَجْرِ فَقَالوا إِنَّهُ نَائِمٌ فَنَادَى بِلاَل بِأَعْلَى صَوْتِهِ (( الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ )) فَأُقِرَّتْ فِي أذان صَلاَةِ الفَجْرِ(2).
الرواية الثامنة عشرة :
حدثنا أحمد بن العباس البغوى ، ثنا عباد بن الوليد أبو بدر ، حدثني الحماني، ثنا أبو بكر أبن عياش ، ثنا عبد العزيز بن رفيع قال : سمعت أبا محذورة يقول: كنت غلاماً صبياً فأذنت بين يدي رسول الله ( الفجر يوم حنين ، فلما بلغت: حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، قال رسول الله ( الحق فيها : ((الصلاة خير من النوم)) (3).
الرواية التاسعة عشرة :
ثنا أبو بكر النيسابوري ، ثنا أبو أحمد المصيصي ، ثنا حجاج ، قال ،ثنا ابن جريج ، أخبرني عثمان بن السائب ، أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة، عن أبي محذورة قال : لما خرج النبي ( إلى حنين خرجت عاشر عشرة من أهل مكة أطلبهم قال فسمعناهم يؤذنون للصلاة ، فقمنا نؤذن نستهزئ بهم ، فقال النبي ( :
__________
(1) المصدر السابق ]
(2) سنن الدارمي / ج1 ص270]
(3) سنن الدارقطني / ج1 ص217 ](44/26)
لقد سمعت في هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت ، فأرسل ألينا فأذنا كلنا رجلاً رجلاً ، فكنت آخرهم فقال حين أذنت : تعال فأجلسني بين يديه، فمسح على ناصيتي وبارك علي ثلاث مرات ثم قال : اذهب فأذن عند البيت، قلت كيف يا رسول الله ؟ قال فعلمني الأذان كما سيؤذنون الآن: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا اله آلا الله ، أشهد أن لا اله آلا الله أشهد أن محمداً رسول الله ،أشهد أن محمداً رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، ((الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم )) في الأولى من الصبح ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا اله آلا الله(1).
الرواية العشرون :
__________
(1) سنن الدارقطني / ج1 ص234 ](44/27)
ثنا أبو بكر النسيابوري ، ثنا أبو الأزهر ثنا ،عبد الرزاق ، أخبرنا ابن جريج، ثنا عثمان بن السائب مولى لهم ، عن أبيه السائب ، وعن أم عبد الملك بن أبي محذورة أنهما سمعاه من أبي محذورة قالا: قال أبو محذورة خرجت في عشرة فتيان مع النبي ( إلى حنين وهو أبغض الناس ألينا فقمنا نؤذن نستهزئ بهم، فقال النبي( ائتوني بهؤلاء الفتيان فقال: أذِّنوا فأذَّنوا فسكت أخرهم فقال النبي ( : نعم هذا الذي سمعت صوته ، اذهب فأذن لأهل مكة ومسح على ناصيتي وقال قل : الله أكبر ، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا اله آلا الله، أشهد أن لا اله آلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، أشهد أن محمداً رسول الله مرتين ثم ارجع وأشهد أن لا اله آلا الله مرتين ، أشهد أن محمداً رسول الله مرتين، حي على الصلاة مرتين ، حي على الفلاح مرتين ، الله أكبر الله أكبر لا اله آلا الله ، فإذا أذنت بالأولى من الصبح فقل: (( الصلاة خير من النوم )) مرتين وإذا أقمت فقلها مرتين قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة أسمعت ؟ قال : فكان أبو محذورة لا يجر ناصيته ولا يفرقها لأن رسول الله ( قد مسح عليها(1) .
الرواية الحادية والعشرون :
ثنا أبو عمر عثمان بن أحمد الدقاق ،ثنا علي بن إبراهيم الواسطي ،ثنا أبو منصور يعني الحارث بن منصور ، ثنا عمر بن قيس عن عبد الملك بن أبي محذورة ، عن أبيه عن النبي ( قال : يا أبا محذورة ثن الأولى من الأذان من كل صلاة ، وقل في الأولى من صلاة الغداة (( الصلاة خير من النوم ))(2)
الرواية الثانية والعشرون :
حدثنا الحسين بن إسماعيل ،ثنا محمد بن عثمان بن كرامة، ثنا أبو أسامة ، ثنا ابن عون عن محمد ، عن أنس قال : من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر حي على الفلاح ، قال :
__________
(1) سنن الدار قطني / ج1 ص235]
(2) سنن الدار قطني / ج1 ص238](44/28)
((الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم)) مرتين الله أكبر ، الله أكبر، لا اله آلا الله(1).
الرواية الثالثة والعشرون:
حدثنا أحمد بن عبد الله الوكيل ، ثنا الحسن بن عرفة ثنا ، هشيم ، عن ابن عون ، عن ابن سيرين ، عن أنس قال : كان التثويب في صلاة الغداة إذا قال المؤذن في أذان الفجر : حي على الفلاح ، حي على الفلاح فليقل : ((الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم)) (2).
الرواية الرابعة والعشرون :
حدثنا عبد الله بن محمود بن عبد العزيز، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان، ثنا عبد الرحمن بن الحسن أبو مسعود الزجاج ، عن أبي سعيد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال قال: أمرني رسول الله ( أن أثوب في الفجر ، ونهاني أن أثوب في العشاء(3) .
الرواية الخامسة والعشرون :
أخبرنا عمرو بن علي قال ، حدثنا يحيى وعبد الرحمن قالا ، حدثنا سفيان بهذا الإسناد نحوه (4).
الرواية السادسة والعشرون :
أخرج ابن ماجة في كتاب الأذان والسنة فيها حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة ، ثنا محمد بن عبد الله الأسدي ، عن أبي إسرائيل عن الحكم، عن عد الرحمن بن أبى ليلى ، عن بلال ، قال أمرني رسول الله( أن أثوب في الفجر ونهاني أن أثوب في العشاء(5) .
الرواية السابعة والعشرون :
حدثنا الحسن بن علي ، ثنا أبو عصام وعبد الرزاق عن أبي جريج قال: أخبرني عثمان بن السائب ، أخبرني أبي محذورة عن النبي( نحو هذا الخبر وفيه (( الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم )) ، في الأولى من الصبح(6).
الرواية الثامنة والعشرون:
__________
(1) سنن الدار قطني / ج1 ص 243]
(2) سنن الدار قطني / ج1 ص 243]
(3) سنن الدار قطني / ج1 ص 243]
(4) سنن النسائي / ج2 ص13]
(5) سنن أبن ماجة / ج1 ص237]
(6) سنن أبو داود / ج1 ص136](44/29)
حدثنا محمد بن كثير ، ثنا سفيان ، ثنا أبو يحيى الفتات عن مجاهد قال : كنت مع أبن عمر( فثوب رجل في الظهر أو العصر.فقال : أخرج بنا فإن هذه بدعة(1) .
الرواية التاسعة والعشرون:
أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الازرقي ، أخبرنا مسلم بن خالد ، حدثني عبد الرحيم ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله ( أراد أن يجعل شيئا يجمع به الناس … حتى أُري رجل من الأنصار يقال له عبد الله بن زيد ، وأُريه عمر بن الخطاب تلك الليلة …إلى أن قال :
فزاد بلال في الصبح (( الصلاة خير من النوم )) فأقرها رسول الله(.(2)
الرواية الثلاثون :
واخبرنا أبو علي الروذباري ، ثنا أبو بكر بن داسة ، ثنا أبو داود ، ثنا مسدد، ثنا الحارث بن عبيد عن محمد بن عبد الملك بن أبى محذورة عن أبية عن جدة قال : قلت يا رسول الله علمني سنة الأذان قال فمسح مقدمة رأسي وقال تقول الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ترفع بها صوتك ثم تقول أشهد أن لا اله آلا الله ، أشهد إن لا اله آلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله تخفض بها صوتك ثم ترفع صوتك بالشهادة أشهد أن لا اله آلا الله ، أشهد أن لا اله آلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح، حي على الفلاح فإن كان صلاة الصبح قلت ((الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم)) الله أكبر، الله أكبر، لا اله آلا الله (3).
الرواية الحادية والثلاثون :
__________
(1) سنن أبو داود / ج1 ص148]
(2) الطبقات الكبرى / ج1 ص246 ]
(3) سنن البيهقي / باب التثويب في أذان الفجر ج1 ص421/422](44/30)
أخبرنا أبو حازم الحافظ ، ثنا أبو احمد الحافظ ، ثنا أبو بكر محمد بن مروان بن عبد الملك البزار بدمشق ، ثنا هشام بن عمار ، ثنا عبد الحميد بن حبيب بن أبى العشرين ، ثنا الاوزاعي قال حدثني يحيى بن سعيد الأنصاري محمد بن إبراهيم بن الحارث التميمي ، حدثه عن نعيم بن النحام قال كنت مع امرأتي في مرطها في غداة باردة فنادى منادي رسول الله ( إلى صلاة الصبح فلما سمعت قلت لو قال رسول الله ( ومن قعد فلا حرج فلما قال (( الصلاة خير من النوم)) قال ومن قعد فلا حرج(1) .
الرواية الثانية والثلاثون :
أخبرنا أبو الحسن علي بن عبدان ، ثنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا أحمد بن عبيد الله النرسي ، ثنا روح بن عبادة ، قال بن جريج أخبرني عثمان بن السائب، عن أم عبد الملك بن أبي محذورة ، عن أبي محذورة قال لما رجع رسول الله( من حنين خرجت عاشر عشرة من مكة أطلبهم فسمعتهم يؤذنون للصلاة فقمنا نؤذن نستهزئ بهم فقام النبي ( فقال لقد سمعت في هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت فأرسل إلينا فأذنا رجلاً رجلاً فكنت آخرهم فقال حين أذنت تعال فأجلسني بين يديه فمسح على ناصيتي وبارك علي ثلاث مرات ثم قال اذهب فأذن عند البيت الحرام قلت كيف يا رسول الله فعلمني الأذان كما يؤذنون الآن بها الله أكبر، الله أكبر، أشهد آلا اله آلا الله ، أشهد آلا اله آلا الله أشهد أن محمداً رسول ، أشهد أن محمداً رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ،حي على الفلاح ((الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم)) في الأولى من الصبح .
قال : بن جريج أخبرني هذا عثمان كله عن أم عبد الملك بن أبي محذورة أنها سمعت ذلك من أبي محذورة كذا رواه روح بن عبادة عن بن جريج(2) .
الرواية الثالثة والثلاثون :
__________
(1) المصدر السابق ]
(2) سنن البيهقي / باب التثويب في أذان الفجر ج1 ص 421](44/31)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأ أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أنبا أبو المثنى، ثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة ، عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة ، عن أبيه ،عن جده قال قلت يا رسول الله ( علمني سنة الأذان وذكر الحديث وقال فيه حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، فإن كان صلاة الصبح قل ((الصلاة خير من النوم)) الله أكبر، الله أكبر، لا اله آلا الله.(1)
الرواية الرابعة والثلاثون :
أخبرنا أبو علي الروذباري ، ثنا أبو بكر بن داسة ، ثنا ابو داود ، ثنا الحسن بن علي ، ثنا أبو عاصم وعبد الرزاق عن بن جريج أخبرني عثمان بن السائب، اخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة ، عن أبي محذورة ، عن النبي ( نحوه وفيه (( الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم)) في الأولى من الصبح(2).
الرواية الخامسة والثلاثون :
وروينا عن سفيان الثوري ، عن أبي جعفر ، عن أبي سليمان ، عن أبي محذورة قال : سمعته يقول كيف أؤذن للنبي ( فكنت أقول في الأذان الأول من الفجر بعد ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح (( الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم )) الله أكبر ، الله أكبر ، لا اله آلا الله(3).
الرواية السادسة والثلاثون :
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، ثنا علي بن حماد ، ثنا يزيد بن الهيثم ، ثنا إبراهيم بن أبي الليث ، ثنا الأشجعي عن سفيان فذكره وأبو سليمان اسمه همام المؤذن(4).
الرواية السابعة والثلاثون :
__________
(1) المصدر السابق ]
(2) المصدر السابق ]
(3) المصدر السابق ]
(4) سنن البيهقي / باب التثويب في أذان الصبح ج1 ص421/422](44/32)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قال ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا الحسن بن مكرم ، ثنا عثمان بن عمر ، ثنا يونس عن الزهري عن حفص بن عمر بن سعد المؤذن أن سعداً كان يؤذن لرسول الله ( قال حفص فحدثني أهلي أن بلالاً أتى رسول الله ( ليؤذنه بصلاة الفجر فقالوا أنه نائم فنادى بلال بأعلى صوته (( الصلاة خير من النوم )) فأقرت في صلاة الفجر(1).
الرواية الثامنة والثلاثون :
وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمر ، وأنبأ أبو محمد المزني ، أنبأ علي بن محمد بن عيسى ، ثنا أبو اليمان أخبرني شعيب ، عن الزهري قال ، حدثني سعيد بن المسيب فذكر قصة عبد الله بن زيد ورؤياه إلى أن قال ثم زاد بلال في التأذين (( الصلاة خير من النوم )) وذلك أن بلالاً أتى بعدما أذن التأذينة الأولى من صلاة الفجر ليؤذن النبي ( بالصلاة فقيل له أن النبي ( نائم فأذن بلال بأعلى صوته (( الصلاة خير من النوم )) فأقرت في التأذين لصلاة الفجر (2) .
الرواية التاسعة والثلاثون :
أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ، أنا علي بن عمر الحافظ ثنا ، الحسين بن إسماعيل ، ثنا محمد بن عثمان بن كرامة ، ثنا أبو أسامة ، ثنا بن عون عن محمد عن أنس ، قال من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر حي على الفلاح قال (( الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم )) الله أكبر الله أكبر لا اله آلا الله(3) .
وكذلك رواه جماعة عن أبي أسامة وهو إسناد صحيح .
الرواية الأربعون :
__________
(1) المصدر السابق ]
(2) المصدر السابق ]
(3) المصدر السابق ](44/33)
أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أنبأ عبد الله بن احمد بن سعد الحافظ ، ثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي ، ثنا هشام بن عمار بن نصير السلمي ثم الظفري أبو الوليد الدمشقي ، ثنا عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين ،ثنا الاوزاعي، حدثني يحيى بن سعيد الأنصاري ، أن محمد بن إبراهيم بن الحارث التميمي، حدثه عن نعيم بن النحام ، قال كنت مع امرأتي في مرطها في غداة باردة فنادى منادي رسول الله ( إلى صلاة الصبح فلما سمعت قلت لو قال ومن قعد فلا حرج قال فلما قال (( الصلاة خير من النوم )) قال ومن قعد فلا حرج(1).
الرواية الحادية والأربعون :
أخبرنا أبو الحسن بن أحمد بن عبدان ، ثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، ثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا أبو نعيم ، ثنا سفيان عن بن عجلان، عن نافع بن ، عن عمر قال كان في الأذان الأول بعد الفلاح (( الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم )) عبد الله بن الوليد العدني عن الثوري(2) .
الرواية الثانية والأربعون :
بإسناده عن بن عمر أنه كان يقول حي على الفلاح ، حي على الفلاح (( الصلاة خير من النوم )) في الأذان الأول مرتين يعني في الصبح(3).
الرواية الثالثة والأربعون :
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قال : ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا يحيى بن أبي طالب ، ثنا عبد الوهاب بن عطاء ، أنا شعبة عن الحكم بن عتيبة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال أمر بلال أن يثوب في صلاة الصبح ، ولا يثوب في غيرها(4) .
الرواية الرابعة والأربعون :
__________
(1) سنن البيهقي / ج1 ص421-422]
(2) المصدر السابق ]
(3) المصدر السابق ]
(4) المصدر السابق ](44/34)
وأخبرنا علي بن محمد بن بشران ، أنا أبو جعفر الرزاز ، ثنا يحيى بن جعفر، أنا علي بن عاصم ، ثنا عطاء بن السائب ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن بلال قال أمرني رسول الله ( أن لا أثوب إلا في الفجر(1).
الرواية الخامسة والأربعون :
ورواه الحجاج بن أرطأة عن طلحة بن مصرف وزيد ، عن سويد بن غفلة أن بلالاً كان لا يثوب إلا في الفجر فكان يقول في أذانه حي على الفلاح (( الصلاة خير من النوم)) (2) .
الرواية السادسة والأربعون :
عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، أن رسول الله ( قال : إن بلالاً يؤذن بليل فمن أراد الصوم فلا يمنعه أذان بلال حتى يؤذن ابن أم مكتوم قال وكان أعمى فكان لا يؤذن حتى يقال له أصبحت فلما كان ذات ليلة أذن بلال ثم جاء يؤذن النبي ( فقيل له إنه نائم فنادى بلال (( الصلاة خير من النوم )) أقرت في الصبح(3).
الرواية السابعة والأربعون :
عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن أبي جعفر، عن أبي سلمان ، عن أبي محذورة قال : كنت أؤذن لرسول الله ( في صلاة الفجر فأقول إذا قلت في الأذان الأول حي على الفلاح (( الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم)) (4).
الرواية الثامنة والأربعون :
__________
(1) البيهقي / باب كراهية التثويب في غير أذان الصبح ج1 ص 423 ]
(2) المصدر السابق ]
(3) مصنف عبد الرزاق / باب الصلاة خير من النوم ج1 ص472]
(4) المصدر السابق ](44/35)
أخبرنا أبو طاهر، نا أبو بكر، نا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، نا روح ، نا بن جريج ، أخبرني عثمان بن السائب ، عن أم عبد الملك بن أبي محذورة ، عن أبي محذورة ، وحدثناه محمد بن رافع ، نا عبد الرزاق ، أخبرنا بن جريج، أخبرني عثمان بن السائب مولاهم ، عن أبيه مولى أبي محذورة ، وعن أم عبد الملك بن أبي محذورة أنهما سمعا ذلك من أبي محذورة ، وحدثنا يزيد بن سنان، نا أبو عاصم ، نا بن جريج ، حدثني عثمان بن السائب ، أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة ، عن أبي محذورة هذا حديث الدورقي قال لما رجع النبي ( من حنين خرجت عاشر عشرة من مكة نطلبهم فسمعتهم يؤذنون بالصلاة فقمنا نؤذن نستهزئ بهم فقال النبي ( لقد سمعت في هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت فأرسل إلينا فأذنا رجل رجل فكنت آخرهم فقال حين أذنت تعال فأجلسني بين يديه فمسح على ناصيتي وبارك علي ثلاث مرات ثم قال اذهب فأذن عند البيت الحرام قلت كيف يا رسول الله فعلمني الأذان كما يؤذنون الآن بها الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ((الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم)) في الأول من الصبح الله أكبر،الله أكبر،لا إله إلا الله قال وعلمني الإقامة مرتين مرتين الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد(1)
الرواية التاسعة والأربعون :
__________
(1) صحيح ابن خزيمه / باب التثويب في أذان الصبح ج1 ص200](44/36)
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي ، قال نا مسدد بن مسرهد ، قال نا الحارث بن عبيد عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة ،عن أبيه،عن جده قال: قلت يا رسول الله ( علمني سنة الأذان قال فمسح مقدم رأسي وقال تقول الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ورفع بها صوته ثم تقول ،أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله واخفض بها صوتك ثم ترفع صوتك بالشهادة ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله مرتين ، وحي على الصلاة،حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح فإن كانت صلاة الصبح قلت ((الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم)) الله أكبر ، الله أكبر لا إله إلا الله(1).
الرواية الخمسون:
حدثنا أبو بكر قال ، نا حفص بن غياث ، عن حجاج ، عن عطاء ، عن أبي محذورة ، وعن عطاء ، عن سويد ، عن بلال أنه كان آخر تثويبهما(( الصلاة خير من النوم )) (2).
الرواية الحادية والخمسون:
حدثنا أبو بكر قال ، نا عبدة عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب قال ، جاء بلال إلى النبي ( يؤذنه بالصلاة فقيل له أنه نائم فصرخ بلال بأعلى صوته(( الصلاة خير من النوم )) فأدخلت في الأذان(3).
الرواية الثانية والخمسون :
حدثنا أبو بكر قال نا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن عطاء عن أبي محذورة أنه أذن لرسول الله ( ولأبي بكر ولعمر فكان في أذانه (( الصلاة خير من النوم )) (4).
الرواية الثالثة والخمسون:
__________
(1) أبن حبان / ج4 ص578 ]
(2) مصنف أبن أبي شيبة / ج1ص189 ]
(3) مصنف أبن أبي شيبة / ج1ص189 ]
(4) المصدر السابق ](44/37)
حدثنا علي ، قال نا سلمة بن الخليل الكلاعي الحمصي ، قال نا مروان بن ثوبان قاضي حمص ، قال نا النعمان بن المنذر، عن الزهري عن سعيد بن المسيب ،عن أبي هريرة أن بلالاً أتى النبي ( عند الأذان في الصبح فوجده نائما فناداه (( الصلاة خير من النوم )) فلم ينكره رسول الله (
وأدخله في الأذان فلا يؤذن لصلاة قبل وقتها غير صلاة الفجر(1).
الرواية الرابعة والخمسون:
حدثنا محمد بن إبراهيم بن عامر، ثنا أبي عن جدي ، ثنا عمرو بن صالح الثقفي ، ثنا صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت: جاء بلال إلى النبي ( يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائما فقال (( الصلاة خير من النوم )) فأقرت في أذان الصبح(2).
الرواية الخامسة والخمسون:
أخبرنا أبو يعلى ، ثنا الحسن بن عيسى بن ماسرجس ، ثنا ابن المبارك ، انا سفيان ، عن أبي جعفر ، عن أبي سلمان ، عن أبي محذورة قال كنت أوذن للنبي ( وكنت أقول في أذان الفجر الأول حي على الصلاة ، حي على الصلاة، حي على الفلاح ، حي على الفلاح (( الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم )) الله اكبر ، الله اكبر لا إله إلا الله (3).
الرواية السادسة والخمسون:
حدثنا علي بن سعيد الرازي ، ثنا سلمة بن الخليل الكلاعي الحمصي ، ثنا مروان بن ثوبان قاضي حمص ، ثنا النعمان بن المنذر، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة أن بلالاً أتى النبي ( عند الأذان الأول من الصبح فوجده نائما فناداه (( الصلاة خير من النوم )) فلم يكره رسول الله ( وأدخله في الأذان فلا يؤذن لصلاة غير قبل وقتها غير صلاة الفجر(4)
الرواية السابعة والخمسون:
__________
(1) المعجم الأوسط / الطبراني ج4 ص267 ]
(2) المعجم الأوسط / الطبراني ج7 ص309 ]
(3) المعجم الأوسط / الطبراني ج7 ص309 ]
(4) مسند الشامين / الطبراني ج2 ص236 ](44/38)
قال الزهري وزاد بلال في نداء صلاة الفجر (( الصلاة خير من النوم )) فأقرها نبي الله ( وقال عمر أما إني قد رأيت مثل الذي رأى ولكنه سبقني(1).
الرواية الثامنة والخمسون:
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب أن بلالاً أتى النبي ( يؤذنه بالصلاة مرة فقيل إنه نائم فنادى (( الصلاة خير من النوم )) فأقرت في صلاة الفجر (2).
الرواية التاسعة والخمسون:
حدثنا محمد بن علي الصائغ المكي ، ثنا يعقوب بن حميد ، ثنا عبد الله بن وهب ، عن يونس بن يزيد ،عن الزهري ،عن حفص بن عمر، عن بلال أنه أتى النبي ( يؤذنه بالصبح فوجده راقدا فقال : (( الصلاة خير من النوم )) مرتين قال النبي ( ما أحسن هذا يابلال اجعله في أذانك (3).
الرواية الستون:
حدثنا معاذ بن المثنى ، ثنا مسدد ، ثنا الحارث بن عبيد ،عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة ، عن أبيه ، عن جده قال :قلت يا رسول الله علمني سنة الأذان فمسح مقدم رأسه قال تقول الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، ترفع بها صوتك ثم تقول أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله تخفض بها صوتك ثم تقول ، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح فإن كان صلاة الصبح قلت(( الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم )) الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله (4).
الرواية الحادية والستون:
__________
(1) مسند أبي يعلى / ج9 ص376 ]
(2) المعجم الكبير / الطبراني ج1 ص354 ]
(3) المعجم الكبير / الطبراني ج1 ص355 ]
(4) المعجم الكبير / الطبراني ج7 ص147 ](44/39)
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن أبي جعفر ، عن أبي سلمان ، عن أبي محذورة قال : كنت أؤذن لرسول الله ( في صلاة الفجر فأقول إذا قلت في الأذان الأول حي على الفلاح ((الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم)) (1) .
الرواية الحادية والستون:
محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة القرشي ، عن أبيه ، عن جده قال :
علمني رسول الله ( سنة الأذان ومسح مقدم رأسه يقول الله أكبر أربعا ترفع بها صوتك أشهد أن لا إله آلا الله ، أشهد أن لا إله آلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمد رسول الله مرتين ، حي على الصلاة مرتين ، حي على الفلاح مرتين قال فإن كانت الصبح قلت ((الصلاة خير من النوم )) الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله (2)
الرواية الثانية والستون:
ثنا سعيد بن داود ، وحدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا عبد الحميد بن صالح ، وحدثنا جعفر بن محمد بن عمرو ثنا أبو حصين القاضي ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، وحدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا عبيد بن الحسن الفوال ، ثنا سليمان بن داود الشاذكوني قالوا ، ثنا أبو بكر بن عياش ، ثنا عبد العزيز بن رفيع قال: سمعت أبا محذورة يقول كنت غلاما صبيا فأذنت بين يدي النبي ( يوم حنين الفجر فلما انتهيت إلى حي على الصلاة حي على الفلاح قال النبي( ألحق فيها (( الصلاة خير من النوم)) (3).
الرواية الثالثة والستون:
__________
(1) المعجم الكبير / الطبراني ج7 ص175 ]
(2) التاريخ الكبير / محمد بن إسماعيل البخاري ج1 ص163 ]
(3) حلية الأولياء / ج8 ص310 ](44/40)
أخبرنا إسحاق بن أبي بكر، انا عبد الله بن الحسين ، انا احمد بن محمد ، انا بندار بن محمد القاضي ، انا عبد الرحمن بن أبي بكر الهمذاني ، انا عبد الله بن محمد الحافظ ، نا الوليد بن أبان ، نا يعقوب بن سفيان نا، موسى بن إسماعيل، نا محمد بن راشد حدثني النعمان بن راشد ، عن عبد الملك بن أبي محذورة، عن بن محيريز، عن أبي محذورة ان النبي ( أمره ان يؤذن لأهل مكة وان يدخل في أذانه في الغداة (( الصلاة خير من النوم)) (1).
الرواية الرابعة والستون :
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه ، ثنا أبو محمد بن حيان أبو الشيخ الأصفهاني ، ثنا محمد بن عبد الله بن رستة ، ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ، ثنا عبد الرحمن بن سعد المؤذن ، عن عبد الله بن محمد بن عمار، وعمار ، وعمر ، ابني حفص بن عمر بن سعد عن آبائهم عن ، أجدادهم ، عن بلال أنه كان ينادى بالصبح فيقول حي على خير العمل فأمره النبي ( أن يجعل مكانها ((الصلاة خير من النوم)) وترك حي على خير العمل (2).
الرواية الخامسة والستون :
حدثنا محمد بن علي الصائغ المكي ، ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ، ثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد ، عن عبد الله بن محمد ، وعمر وعمار، ابني حفص عن ، آبائهم ، عن أجدادهم ، عن بلال أنه كان يؤذن بالصبح فيقول حي على خير العمل فأمر رسول الله ( أن يجعل مكانها ((الصلاة خير من النوم)) وترك حي على خير العمل (3).
اقول :
هذه (( خمس وستون )) رواية تذكر عبارة ( الصلاة خير من النوم ) على عهد رسول الله ( ويوجد المزيد من مثل هذه الروايات في كتب الحديث، والسنن، والمسانيد ، ولكن هذا القدر يكفي طالب الحق .
__________
(1) تذكرة الحفاظ / ج3 ص784 ]
(2) سنن البيهقي الكبرى / ج1 ص425 ] [ نصب الراية / ج1 ص290 ]
(3) المعجم الكبير للطبراني / ج1 ص352 ] [ مجمع الزوائد / ج1 ص330 ](44/41)
ولو أردنا البحث في كتب أخرى عند أهل السنة بمستوى كتاب الأحتجاج الهالك للطبرسي الذي اعتمد عليه الشيعة في إثبات (الشهادة الثالثة) لطال بنا المقام ولما وسعنا حصر الروايات الواردة فيها .
فصاحب كنز العمال الذي جل اعتماد علماء الشيعة على كتابه في الطعن بأهل السنة وبالصحابة ذكر ( 27 ) رواية تثبت وجود عبارة (الصلاة خير من النوم) في أذان النبي ( والصحابة ، لم اذكر منها رواية واحدة من ضمن الروايات التي مرت بنا ، ولك عزيزي القارئ أن تتصور حجم التواتر في روايات أهل السنة في إثبات عبارة ( الصلاة خير من النوم ).
فان صح حديث واحد من هذه الاحاديث فانه يكفي بالعمل ورفع (الصلاة خير من النوم) في الاذان كجزء منه فكيف اذا كانت الروايات بهذا القدر وهذا الكم الواضح والبين والصريح ايحق لاحد بعد ذلك ان يدعي عدم ورودها او بدعتها سبحانك هذا بهتان عظيم.
ثانياً
قال عبد الحسين :
فراجع إن شئت كتاب الأذان في الجزء الأول من
صحيح البخاري ، وباب صفة الأذان وهو أول كتاب
الصلاة من صحيح مسلم ، تعلم حقيقة ما نقول
ثانياً :
واما قوله بانتفاء وجود مثل هذا الأثر في صحيح البخاري أو مسلم ، اذ قال:
فراجع إن شئت كتاب الأذان في الجزء الأول من صحيح البخاري ، وباب صفة الأذان وهو أول كتاب الصلاة من صحيح مسلم ، تعلم حقيقة ما نقول .
فأقول :
إن الاحتجاج بنفي أمر ما كان على عهد رسول الله ( بعدم رواية البخاري ومسلم له احتجاج مردود .
ذلك ان هذين الكتابين لم يستوعبا كما هو مقرر عند ائمة العلم بالحديث جميع الأحاديث النبوية ، ولم يوردا فيهما كل الأحكام الشرعية ، بل انهما لم يستوعبا الصحيح من الحديث وغاية ما في الامر انهما كتابان تحرى أصحابهما أحاديث وفق شروط واعتبارات وضعوها ليحصروا اصح ما ورد عن رسول الله ( في الباب.(44/42)
ولهذا ترى ان البخاري ( رحمه الله ) يسمي صحيحه بالمختصر ( الجامع الصحيح المسند المختصر من أمور رسول الله ( وسننه وأيامه ) وما ذلك الا لكونه قد اختصر فيه سنة رسول الله ( وعليه فان هناك الكثير من الأحكام سواء منها ما تعلق بالعبادات أو ما تعلق بالمعاملات لم يورده البخاري ومسلم، وليس في ذلك ما يعيب ، وليس فيه دلالة على صحة او ضعف الحديث الذي لم يورداه وهذا امر يعرفه صغار طلاب العلم فضلاً عن كبارهم والاسباب الداعية لعدم ايراده في الصحيحين كثيرة منها ما ذكره العلماء من كون الحديث قد جاء غير قابل للشروط التي وضعاها ومثال ذلك حديث جبريل علية السلام في تحديد أول وقت الصلاة وأخره والذي لم يروه البخاري ولكنه عندما سئل عنه قال هذا اصح شيء في الباب(1) ، والحديث موجود في سنن الترمذي والاحاديث على غرار هذا المثال كثيرة ويطول بذكرها المقام فمن أراد الاستزادة فعليه بكتب الحديث التي تبين هذا الأمر .
ولو كان في صحيحي البخاري ومسلم كل ما ورد من سنة رسول الله( لما جمع من جاء بعدهما من العلماء بقية كتب الحديث ، والمسانيد ، والسنن ولاكتفى العلماء بهما (2)
__________
(1) بلوغ المرام / ابن حجر العسقلاني ص 38 ]
(2) علماء الشيعة يردون قول عبد الحسين
قال صائب عبد الحميد :
اكثر حجة القائلين بالتضعيف ان هذه الأحاديث لم ترد في الصحيحين – البخاري ومسلم - ولا في السنن المعتبرة ، وهذه بذاتها ليست حجة أصلاً فأصحاب هذه الكتب لم يجمعوا كل الأحاديث الصحيحة .
وقد استدرك الحاكم النيسابوري على البخاري ومسلم وحدهما في ما صح عنده على شروطهما كتاباً كبيراً ضم ( 8803 ) حديثاً ، كما انه لا نزاع بين علماء أهل السنة على ان سنن البيهقي ، والدارقطني ، والحميدي ، وعبد الرزاق ، وابن أبي شيبة الكثير من الأحاديث الصحاح التي لم يخرجها أصحاب السنن المعتبرة .
[ ابن تيمية حياته عقائده / صائب عبد الحميد ص 225 ]
* نقل علي الشهرستاني قول احد العلماء وهو يرد على من انكر رفع عبارة (حي على خير العمل ) في الاذان ، لانها غير موجودة في الصحيحين ، فقال :
لا يلزم من عدم ذكره في الصحيحين عدم صحته ، وليس كل السنة الصحيحة في الصحيحين.
ثم زاد الشهرستاني على قوله ، فقال :
ان من الثابت المعلوم ان ليس باستطاعة كتبهم التسعة ان تضم جميع الاحاديث والروايات المروية على مر التاريخ ، بل ولم يدع اصحاب تلك الكتب انفسهم الالمام بكل ما روي او جمعهم لكل ما صح عن رسول الله .
وصحيح انهم يصفون الاحاديث التي انتقوها بانها صحيحة ، ولكنهم بذات الوقت لا ينكرون صحة بقية الاحاديث المتروكة عندهم ، فهم والحال هذه لا ينفون وجود احاديث صحيحة عند الاخرين .
فلو لاحظت احاديث عبد الله بن زيد الانصاري المعتمدة عندهم في تشريع الاذان لا تجدها في صحيحي البخاري ومسلم ، ولم يأت بهما الحاكم في مستدركه .
[ الاذان بين الاصالة والتحريف / علي الشهرستاني ص 203 - 204](44/43)
.
وهذا أمر متفق عليه بين كل الفرق فلا يوجد كتاب واحد حوى وجمع كل المرويات ونجد ذلك عند الشيعة واضحاً أيضاً فالكافي عندهم اصح ، وافضل، وأتم كتاب(1)، لكن عند الرجوع اليه فانك لا تجد فيه كل الأحكام الشرعية سواء منها ما تعلق بالعبادات أو بالمعاملات ، ولذلك تجد العلماء يرجعون إلى بقية الكتب المتأخرة عنه مثل ( فقيه من لا يحضره الفقيه ، تهذيب الأحكام، الاستبصار، وسائل الشيعة ، الوافي ، بحار الأنوار، مستدرك الوسائل ) وغيرها من الكتب الكثيرة المتعددة(2)
__________
(1) قال حسين علي محفوظ في مقدمته للكافي :
يعتقد بعض العلماء انه عرض على القائم فاستحسنه وقال كاف لشيعتنا .
وقال :
اتفق أهل الإمامة ، وجمهور الشيعة ، على تفضيل كتاب الكافي ، والأخذ به ، والثقة بخبره، والاكتفاء بأحكامه ، وهم مجمعون على الإقرار بارتفاع درجته ، وعلو قدره، على انه القطب الذي عليه مدار روايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان إلى اليوم وهو عندهم اجمل ، وافضل من سائر اصول الحديث .
ثم نقل أقوال بعض من علماء الشيعة وهم يوثقون كتاب الكافي :
قال المجلسي : كتاب الكافي اضبط الأصول واجمعها ، واحسن مؤلفات الفرقة الناجية، وأعظمها .
قال الفيض الكاشاني : الكافي أشرفها ، وأوثقها ، وأتمها ، واجمعها ، لاشتماله على الأصول من بينها ، وخلوه من الفضول وشينها .
قال الشهيد الثاني : الكتاب الكافي والمنهل العذب الصافي ، ولعمري لم ينسج ناسج على منواله ، ومنه يعلم قدر منزلته ، وجلالة حاله .
قال المولى محمد أمين الاستربادي : وقد سمعنا عن مشائخنا وعلمائنا انه لم يصنف في الإسلام كتاب يوازيه أو يدانيه .
[ مقدمة الأصول من الكافي / حسين علي محفوظ ص 25 – 28 ]
(2) قال السيد حسين بحر العلوم :
ان الاجتهاد لدى الشيعة مرتكز على الكتب الأربعة ، الكافي للكليني ، ومن لا يحضره الفقيه للصدوق ، والتهذيب ، والاستبصار للطوسي ، وهي من الأصول المسلمة كالصحاح الستة لدى العامة .
[ مقدمة تلخيص الشافي لشيخ الطائفة الطوسي/ حسين بحر العلوم ص 29 ]
قال محمد جواد مغنية :
وعند الشيعة الإمامية كتب أربعة للمحمدين الثلاثة :
محمد الكليني ، ومحمد الصدوق ، ومحمد الطوسي ، وهي : الاستبصار ، ومن لا يحضره الفقيه ، والكافي ، والتهذيب ، وهذه الكتب عند الشيعة تشبه الصحاح عند السنة.
[ كتاب الوحدة الإسلامية / مقال لمحمد جواد مغنية ص 261 ]
قال محمد صالح الحائري :
واما صحاح الإمامية فهي ثمانية ، أربعة منها للمحمدين الثلاثة الأوائل ، وثلاثة بعدها للمحمدين الثلاثة الأواخر ، وثامنهم لمحمد الحسين المرحوم المعاصر النوري .
[كتاب الوحدة الإسلامية /مقال باسم منهاج عملي للتقريب – محمد صالح الحائري ص233](44/44)
.
هذه الاحاديث غير موجودة في البخاري
وختاماً اقول لعبد الحسين ، ان الاحاديث التالية غير موجودة في البخاري ومسلم ، فهل هذا يعني سقوطها عندك لانها لم ترد فيهما ، كما اسقطت روايات التثويب للسبب نفسه ؟
* فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عادا .
* ان علياً مني وانا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي .
* من يؤاخيني ويؤازرني ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي في اهلي ويقضي ديني ؟
* اني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي ، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض .
* الا ان مثل اهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق .
* النجوم امان لاهل الارض من الغرق ، واهل بيتي امان لاهل امتي من الاختلاف .
* وانما مثل اهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني اسرائيل من دخله غفر له.
* علي مع الحق والحق مع علي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض .
* علي مع القران والقران مع علي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض .
* انا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن اراد العلم فليأت الباب .
* علمني الف باب يفتح الف باب .
* لا يحبك الا مؤمن ، ولا يبغضك الا منافق .
* من اذى علياً فقد اذاني .
* من سب علياً فقد سبني .
* من احب علياً فقد احبني .
* اللهم ائتني باحب خلقك اليك يأكل معي هذا الطائر .
* انا حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم .
* الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة .
* ابناي هذان امامان قاما أو قعدا .
وغيرها الكثير من الاحاديث.
ثالثاً
قال عبد الحسين :
ومنها تأولهم في أذان الصبح حيث تصرفوا فيه فنظموا في
سلك فصوله فصلاً لم يكن أيام رسول الله ( ، ألا وهو
نداء مؤذنهم الصلاة خير من النوم ، بل لم يكن أيام أبي بكر
ثالثاً :
أما قوله بعدم وجود عبارة الصلاة خير من النوم في زمن أبي بكر ، إذ قال:(44/45)
ومنها تأولهم في أذان الصبح حيث تصرفوا فيه فنظموا في سلك فصوله فصلاً لم يكن أيام رسول الله ( ، ألا وهو نداء مؤذنهم الصلاة خير من النوم، بل لم يكن أيام أبي بكر.
فأقول :
ان السيد قد فكر وقدر ، وعن ساعد الجد للتدليس والتزوير قد شمر فجاء ظلماً وزوراً ، واوحى بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا وعليه ينطبق المثل القائل : أساء سمعاً فاساء اجابة ، والرد عليه فيما اورده هنا ان نقول له :
ان ما ذكرته حضرة السيد ليس فيه دلالة على ما تريد تقريره ، لان قولك هذا نفي ، والمثبت مقدم على النافي كما تقرر ذلك عند اهل الاصول ، كما ان الاصل في الاشياء بقاء ما كان على ما كان حتى يرد دليل بخلافه .
والتثويب وكما مر عليك امر قد ثبت عن رسول الله( باحاديث صحيحة لا مجال لانكارها وقد بقي هذا الامر ايام رسول الله( ، وايام من جاء بعده .
وعليك اذا اردت ان تنفي صحة هذه الدعوى ان تاتي على ذلك بالدليل الذي يرفع هذا الاثبات لا ان تلقي احكامك جزافاً وتنفي ما هو مقرر وثابت من غير دليل على ذلك ، ونحن اذا عملنا عملك هذا فاننا سوف نستطيع ان نسقط جملة المذهب الامامي بهذا الاعتبار .
ويقول عبد الحسين ايضاً في كتابه النص والاجتهاد :
انا تتبعنا السنن المختصة بفصول الأذان والإقامة على عهد رسول الله ( فلم يكن فيها الصلاة خير من النوم ، بل لم يكن هذا الفصل على عهد أبي بكر، كما يعلمه جهابذة السنن ونقدة الحديث(1)(2)
__________
(1) النص والاجتهاد / عبد الحسين شرف الدين ص 192 ]
(2) تدليس
وقول عبد الحسين كما يعلمه جهابذة السنن ونقدة الحديث ، فيه من التدليس ما لا يخفى على المتتبع إذ انه اوهم القارئ ان هذا الكلام يرجع إلى المذكور قبله كله ، وان كان المقصود منه العود على زمن أبي بكر وهو بهذا الأسلوب اثبت انه من المتلاعبين بالعبارات والمتحايلين باستعمال الكلمات ، فهو بهذا يغري الجاهل ولا يلزمه العالم، فان سأله العالم عن المقصود بينه كما هو ، وحقق فائدة باحتمالية انطلاء الأمر على من لا علم له ، وهو أسلوب خبيث لا يليق بأهل العلم والانصاف والباحثين عن الحق ، فالذي يريد الحق لا يصطاد في الماء العكر .(44/46)
.
أقول :
كرر عبد الحسين عبارة الفصول المهمة نفسها في كتابه الثاني النص والاجتهاد حيث قال : بان هذا الفصل غير موجود على عهد أبي بكر وأضاف عبارة كما يعلمه جهابذة السنن ونقدة الحديث .
ولم يذكر لنا واحداً من هؤلاء الجهابذة ، فنقول له اعطنا اسماً واحداً فقط من جهال السنن ونقدة الحديث ؟! ودع الجهابذة آمنين من الكذب والكذابين(1) .
أقوال جهابذة السنن ونقدة الحديث
فيما يلي بعض اقوال اهل العلم بخصوص قضية التثويب وهل لها وجود عندهم ام لا :
* يقول صاحب كتاب الفقه على المذاهب الأربعة عبد الرحمن الجزيري:
ويزاد في أذان الصبح بعد حي على الفلاح ( الصلاة خير من النوم ) ندباً، ويكره ترك هذه الزيادة باتفاق(2) .
ويقول أيضاً يندب في صلاة الصبح بعد حي على الفلاح أن يقول ( الصلاة خير من النوم ) مرتين وإذا تركهما صح الأذان مع الكراهه.
* وعن الشافعي ( رحمه الله ) :
__________
(1) اوصاف يستحقونها
أقول :
لم يكن امام القلم سوى وصف اولئك بالاوصاف التي يستحقونها كوصف كذاب او مدلس وغيرها - الا فليعلم القارىء العزيز اني ما هذا اردت ، وكما نوهت في مقدمة الكتاب لهذا فاني اقول هنا اني لم ارد من هذا البحث سوى بيان فساد وزيف ادعاءات اهل هذا المذهب وعلى رأسهم عبد الحسين ، والأميني ، والميلاني ، والسبحاني كما ستأتي أقوالهم لاحقاً - علماً ان هذه الاوصاف التي اطلقناها على هؤلاء لم تكن شيئاً يذكر بالمقارنة بالاوصاف التي يلصقونها بالصحابة وائمة اهل السنة ، وليس هي الا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الاسود ، وكما قلنا فانهم لم يتركوا حرمة لصحابة النبي الا وانتهكوها فما كان يصح لنا وهم على هذه الحالة الا ان نستخدم معهم الاسلوب نفسه .
(2) الفقه على المذاهب الأربعة / كتاب الصلاة ص 312 ](44/47)
إذا كان في أذان الصبح زاد فيه - أي في الأذان - وهو أن يقول بعد الحيعلة (الصلاة خير من النوم ) مرتين(1) .
* عن أنس ( قال :
من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر حي على الفلاح ، قال ( الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ) الله أكبر ، الله أكبر ، لا اله آلا الله .
( رواه أبن خزيمة في صحيحه ، والدارقطني ، والبيهقي ، قال البيهقي إسناده صحيح) (2) .
* قال إمام الحرمين الشافعي المذهب:
إن التثويب يشرع في كل أذان للصبح سواء ما قبل الفجر وبعده(3).
* وقال صاحب التهذيب :
إذا ثوب في الأذان الأول لم يثوب في الأذان الثاني(4) .
* ويقول النووي الشافعي في المجموع :
قد ذكرنا ان مذهبنا انه سنة في أذان الصبح ( أي التثويب في أذان الصبح ) .
* وممن قال بالتثويب عمر بن الخطاب ( وابنه ( ، والحسن البصري، وابن سيرين ، والزهري ، ومالك ، والثوري ، وأحمد ، واسحق ، وأبو ثور، وداود … وغيرهم(5)
يكره التثويب في غير الصبح وهذا مذهب الجمهور.(6)
* قال ابن قدامه الحنبلي في المغني :
ويسن أن يقول في أذان الصبح ( الصلاة خير من النوم ) مرتين بعد قولة (حي على الفلاح ) ويسمى التثويب وبذلك قال ، ابن عمر ، والحسن البصري ، وابن سيرين ، والزهري ، ومالك ، والثوري ، والأوزاعي ، واسحق ، وأبو ثور، والشافعي … وغيرهم .
وقال أيضاً :
ولنا ما روى النسائي بإسناده عن أبي محذورة قال : قلت : يا رسول الله علمني سنة الأذان فذكر لي إلى أن قال بعد قوله حي على الفلاح ، فإن كان في صلاة الصبح قل ( الصلاة خير من النوم ) مرتين ، الله أكبر الله أكبر ، لا اله آلا الله(7).
__________
(1) المجموع شرح المهذب / ج3 ص 97 ]
(2) المجموع شرح المهذب / ج 3 ص98 ] [ سبل السلام / ج1 ص 120 ]
(3) المجموع / ج3 ص 100]
(4) المجموع / ج3 ص 100]
(5) المجموع / ج3 ص101]
(6) المجموع / ج3 ص 104]
(7) المغني / أبن قدامة ج1 ص245 ](44/48)
وعلى ضوء ما تقدم يمكن ان نقرر النقاط التالية :
1ـ إن الحكم الشرعي للتثويب هو السنة ( الاستحباب ) وهو قول جمهور العلماء .
* قال ابن مفلح صاحب المبدع :
وقيل يجب أي ( القول بوجوب التثويب ) (1) .
* وقال صاحب الروض المربع :
يسن أن يقول بعد الحيعلتين في اذان الصبح ( الصلاة خير من النوم مرتين ) مرتين لحديث ابي محذورة رواه احمد وغيره ، لانه وقت ينام الناس فيه غالباً ويكره في غير اذان الفجر ، وبين الاذان والاقامة(2) .
2ـ وأفاد قوله في الصبح ان التثويب من الكلمات الخاصة بأذان الصبح ولذا يكره التلفظ بها في غيره .
* قال ابن قدامة في الكافي :
ويستحب أن يقول في أذان الصبح بعد حي على الفلاح ( الصلاة خير من النوم ) مرتين ، قال ويكره التثويب في غيره ، لما روى بلال قال : أمرني رسول الله( أن أثوب في الفجر ونهاني أن أثوب في العشاء .
ودخل ابن عمر مسجداً يصلى فيه فسمع رجلاً يثوب في أذان الظهر فخرج وقال ( أخرجتني البدعة ) (3).
وسواء كان الأذان للفجر في أول الوقت أو آخره فالتثويب ينادى به ويتلفظ به وسواء أذن في الظلمة أو مع الأسفار واتضاح النهار.
* قال صاحب الكشاف ( كشاف القناع ):
سواء أذن مغلساً أو مسفراً لعموم ما سبق(4).
3ـ إن التثويب له لفظ محدد من قبل الشارع لا يبدل ولا يستعمل غيره وهو ( الصلاة خير من النوم ).
* قال الشيخ محمد ناصر الدين الالباني :
لا يشرع الزيادة على الاذان الا في موضعين منه : الاول :
في الاذان الاول من الصبح خاصة ، فيقول بعد قوله : حي على الفلاح: الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ( مرتين ) وفيه احاديث عن النبي... .
__________
(1) المبدع / ج1 ص318 ]
(2) الروض المربع / منصور البهوتي مع حاشية العنقري ج1 ص 125 ]
(3) الكافي / أبن قدامة ج1 ص 129]
(4) الكشاف / ج1 ص 237 ](44/49)
والموضع الثاني : اذا كان برد شديد او مطر ، فانه يزيد بعد قوله : حي على الفلاح ، او بعد الفراغ من الاذان : صلوا في الرحال .
او يقول : ومن قعد فلا حرج عليه . وفي ذلك احاديث ... . (1).
وأختم كلامي بهذا القول النفيس للإمام الشافعي ( رحمه الله ) اذ يقول:
* قال الشافعي :
الرواية في الأذان تكلف لأنه يرفع الأذان خمس مرات في اليوم والليلة في المسجدين - يعني مسجدي مكة والمدينة - على رؤوس المهاجرين والأنصار ومؤذني مكة آل أبي محذورة وقد أذن أبو محذروة للنبي ( وعلمه الأذان ثم ولده بمكة ، وأذن آل سعد القرض منذ زمن رسول الله ( وأبي بكر ( كلهم يحكي الأذان والإقامة والتثويب وقت الفجر كما ذكرنا .
فإن جاز أن يكون هذا غلطاً من جماعتهم والناس بحضرتهم ويأتينا من طرف الأرض من يعلمنا ذلك ، جاز له أن يسألنا عن عرفة ومنى ، ثم يخالفنا ولو خالفنا في المواقيت لكان أجوز له من مخالفتنا في هذا الأمر الظاهر المعمول به(2).
__________
(1) احكام الاذان والاقامة / الشيخ محمد ناصر الدين الالباني ص 23]
(2) المجموع / ج3 ص 104 ](44/50)
يتضح لنا بعد استعراض الأحاديث الواردة عن النبي( في كتب أهل السنة، وأقوال علمائهم وجهابذتهم أن قول (الصلاة خير من النوم) في الأذان هو قول صحيح ورد عن رسول الله ( بأحاديث صحيحة وعمل به في حياته ، وعمل به الصحابة ( بعد وفاته ( وفي زمن الخلفاء الراشدين أبي بكر ، وعمر، وعثمان ، وعلي(1) ، وعمل به التابعون لهم بإحسان إلى يومنا هذا ، ولا دخل لعمر بن الخطاب ( في إضافة هذه العبارة لا من قريب ولا من بعيد، وسنثبت ذلك في مناقشة اثر عمر ( الذي رواه الامام مالك بلاغاً والذي استدلوا به لكي يطعنوا بأصل هذه العبارة (الصلاة خير من النوم) من حيث النسبة لمن امر بها.
رابعاً
قال عبد الحسين :
وحسبك من غيرها ما أخرجه الإمام مالك في باب ما جاء في
النداء للصلاة من موطأه ( انه بلغه إن المؤذن جاء إلى عمر
بن الخطاب يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائماً فقال : الصلاة
خير من النوم ، فأمره أن يجعلها في نداء الصبح )
رابعاً :
قوله : إن عمر هو الذي أضاف هذه العبارة إلى الأذان حيث قال :
وحسبك من غيرها ما أخرجه الإمام مالك في باب ما جاء في النداء للصلاة من موطأه (( انه بلغه إن المؤذن جاء إلى عمر بن الخطاب يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائماً فقال : الصلاة خير من النوم ، فأمره أن يجعلها في نداء الصبح )) .
أقول :
بدءا ان هذا الأثر هو الاثر الوحيد الذي اعتمد عليه علماء الشيعة للطعن بامير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لذا فهو عمدتهم في هذا الباب، ونتحداهم أن يجدوا غيره .
__________
(1) لم يذكر لنا التاريخ إطلاقا أن الأذان على زمن الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يختلف عن الأذان في زمن الخلفاء السابقين له ، ولم يذكر لنا التاريخ ان الأذان في زمنه رضي الله عنه كان خالياً من عبارة الصلاة خير من النوم، ومن يقول العكس فعليه الدليل .(44/51)
وبعد أن أستعرضنا لك عزيزي القارىء الروايات الواردة عن النبي( وأقوال علماء أهل السنة في عبارة ( الصلاة خير من النوم ) ، ورايت كيف انها ثابته عنه ( وقد قال بها ائمة اهل السنة فلا ريب في انك ستجزم بكذب الادعاء الذي ساقه ( شرف الدين ) للطعن باهل السنة عموماً وبسيدنا عمر رضي الله عنه خصوصاً .
ومع كل ذلك فان الشيعة – وعلى رأسهم عبد الحسين - تركوا كل هذه الأحاديث الكثيرة الصحيحة وتمسكوا بأثر واحد – كعادتهم دائماً – وهو الأثر المروي في موطأ مالك عن عمر( وأصبح محور كلامهم يدور عليه كما دار الكلام من قبل في ( اشهد ان علياً ولي الله ) على حديث (الأحتجاج للطبرسي) وكأن هذه الأحاديث لم ترد في كتب أهل السنة كما وردت رواية عمر في الموطأ ، وهذه طريقتهم في الطعن بأهل السنة ، حيث انهم يتركون الروايات الكثيرة الصحيحة ويلجؤون إلى ما شذ وضعف من الروايات والأقوال، والآثار.
نص الأثر
( وحدثني عن مالك ، أنه بلغه أن المؤذن جاء إلى عمر بن الخطاب يؤذنه لصلاة الصبح ، فوجده نائماً فقال ( الصلاة خير من النوم ) فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح )(1) .
الجواب الشافي عن هذا الأثر
الكلام على هذا الأثر الذي رواه مالك في موطئه يدور حول محورين أما :
الأول :
فهو الكلام على سند هذا الأثر وطريقة روايته فهذا الأثر كما ترى هو من بلاغات الإمام مالك ( رحمة الله ) وهذه البلاغات كما يعلم من له أدنى اطلاع على مباحث علوم الحديث أنها في حكم المنقطع إذ أن الإمام يرويها بلا ذكر لسندها وعند ذلك فلا بد من الرجوع إلى سندها إن كان لها سند والنظر فيه ثم الحكم عليه إما بقبول أو برفض وإن لم يكن له سند فلا يرجع إليه ولا يعول عليه أصلا لأنه منقطع والانقطاع يعني الجهالة بالراوي وهي كافية في رد الحديث والأثر .
__________
(1) موطأ الأمام مالك / باب ما جاء في النداء للصلاة ص68 ](44/52)
ونكتفي في الكلام على هذا الاثر من هذه الجهة بما ذكره الإمام القرطبي ناقلاً قول أبي عمر بن عبد البر فيقول :
فلا أعلم أن هذا روي عن عمر( من جهة يحتج بها وتُعلم صحتها وإنما فيه حديث هشام بن عروة عن رجل يقال له إسماعيل لا اعرفه ، قال والتثويب محفوظ معروف في أذان بلال وأبي محذورة في صلاة الصبح للنبي(1).
اذن فالأثر من جهة السند ضعيف لانه مروي عن طريق رجل مجهول يعرف بإسماعيل ، واسماعيل هذا غير معروف عند نقدة الحديث وائمتهم ، لذا فالجهالة وصف لازم له واذا كان الامر كذلك فان الاثر الذي فيه جهالة برجاله يرد ولا يقبل ولا يقوى للاحتجاج به.
اما الثاني :
فيتعلق بالكلام على متن الأثر نفسه وعلاقته مع بقية ما ورد في هذا الباب من أحاديث وآثار :
أ- إن متن هذا الأثر يدل على ضعفه وعدم قبوله فكما هو معلوم ومشهور عند العلماء، والذي جاءت به الأحاديث أن الذي نادى بالتثويب بلال ( وبأمر من رسول الله ( فهو معروف محفوظ في تأذين بلال ، ومعلوم أن بلالاً لم يؤذن قط لعمر ولا سمع منه الاذان بعد رسول الله ( إلا مرة بالشام حين دخلها عمر ( .
إذن فالتثويب معلوم ومشهور قبل إمارة وخلافة عمر( وكان ذلك في المدينة نفسها، وفي مكة كان ينادي بها أبو محذورة وهذا كافٍ في رد هذا الأثر لمن كان عنده إنصاف أو قليل علم .
__________
(1) تنوير الحوالك / جلال الدين السيوطي ص 92 ] [ الجامع لاحكام القران / الإمام آبو عبد الله محمد بن احمد الأنصاري المجلد الثالث ج 5-6 ص 148 مطبعة دار الكتب العلمية ](44/53)
ب- أضف إلى ذلك أن هذا الأثر يصادم ويعارض جملة من الأحاديث المسندة الصحيحة الواردة في السنن والمسانيد ، والتي تبين جلياً أن هذا الأمر كان على زمان رسول الله ( وهو الذي أمر به وشرعه للمؤذنين ، وعند التعارض كما هو معلوم يقدم الأقوى والأصح الذي تطمئن له النفس ، وفيما نحن بصدده لا نسبة بين المتعارضين ولا تساوي في كفة الميزان بينهما فالأثر منكر لانه ضعيف خالف صحيحاً وان تنزلنا وقلنا بصحته فهو حديث شاذ والشاذ كما هو مقرر عند المحدثين هو حديث الثقة الذي يخالف غيره من الثقات ، اذن فالأمر واضح والحكم بين والحمد لله رب العالمين .
ج- وثالثاً يمكننا حمل هذا الأثر على معنى يوافق بقية الأحاديث المشهورة لكي تسير معاً بلا تصادم ولا خلاف .
يقول أبو عمر بن عبد البر ( رحمه الله ) في معنى هذا الأثر :
والمعنى فيه عندي أنه قال له نداء الصبح موضوع القول بها لا هنا كأنه كره أن يكون منه نداء آخر عند باب الأمير كما أحدث الأمراء بعد (1).
فالمؤذن جاء إلى باب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ( ليبلغه بحلول موعد الصلاة فوجده نائماً فثوب له بقوله ( الصلاة خير من النوم ) فقال له سيدنا عمر ( إن مكانها أن تقولها في الأذان الذي هو تبليغ عام للناس وليس مكانها عند باب الأمير(2)
__________
(1) الجامع لاحكام القران / الإمام آبو عبد الله محمد بن احمد الأنصاري المجلد الثالث ج 5-6 ص 148 مطبعة دار الكتب العلمية ]
(2) الدسوقي في حاشيته ، قال :
وأما قول عمر للمؤذن حين جاء يعلمه بالصلاة فوجده نائما ، فقال :
الصلاة خير من النوم اجعلها في نداء الصبح فهو إنكار على المؤذن أن يستعمل شيئا من ألفاظ الأذان في غير محله ، وهذا لا ينافي أن المشرع لاستعمالها في أذان الصبح النبي ( .
والحاصل أنه لا منافاة بين رواية إسناد صدورها للنبي( ورواية إسناد صدورها لعمر ، لان ما صدر من عمر ليس تشريعا بل على جهة الإنكار .
[ حاشية الدسوقي / الدسوقي ج1ص 192 ](44/54)
.
وعند احتمال الأثر لهذا المعنى الموافق لبقية ما ورد في الباب يسد كل باب يمكن أن يدخل به للطعن بهذه السنة الواردة عن الرسول ( والدليل كما قيل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال .
مفارقة عجيبة
العبادات تثبت بمقطع من حديث وترد بأثر:
حديث وأثر لم يردا عن النبي( ولم يصحا عن أحد أستدل بهما ، وألفت عشرات الكتب على أساسهما ، وقامت الدنيا ولم تقعد بهما وتركت دونهما أحاديث صحيحة كثيرة ألا وهما حديث الاحتجاج (اثبتا به حكم) ، وأثر الموطأ (نفيا به حكم) .
اذ أستدل الشيعة بحديث الاحتجاج على إثبات (الشهادة الثالثة) وهو حديث واحد ضعيف وتركوا كل الروايات الأخرى الصحيحة التي لم يرد فيها اي ذكر للشهادة الثالثة جانباً وكأنها لم ترد في الكتب وأصبحت (الشهادة الثالثة) أصلاً ثابتاً لا يمكن التنازل عنه بهذا الحديث الواحد الضعيف(1)
__________
(1) راجع كتابنا ( الشهادة الثالثة في الاذان حقيقة ام افتراء ) .
اقول :
حتى هذه العبارة التي وردت في رواية الاحتجاج ( فإذا قال أحدكم لا اله إلا الله فليقل علي أمير المؤمنين ) والتي اعتمد عليها جل علماء الشيعة لاثبات هذه البدعة قد تم اقتطاعها من رواية طويلة ، اليك نصها :
روى القاسم بن معاوية قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام :
هؤلاء يروون حديثا في معراجهم انه لما أسري برسول الله رأى على العرش مكتوبا لا إله إلا الله ، محمد رسول الله أبو بكر الصديق ، فقال : " سبحان الله غير واكل شئ حتى هذا " قلت : نعم .
قال : " إن الله عز وجل لما خلق العرش كتب عليه : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله، علي أمير المؤمنين .
ولما خلق الله عز وجل الماء كتب في مجراه : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين .
ولما خلق الله عز وجل الكرسي كتب على قوائمه : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله، علي أمير المؤمنين .
ولما خلق الله عز وجل اللوح كتب فيه : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين .
ولما خلق الله إسرافيل كتب على جبهته : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله، علي امير المؤمنين .
ولما خلق الله جبرئيل كتب على جناحيه : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله، علي أمير المؤمنين .
ولما خلق الله عز وجل السموات كتب في أكتافها : لا إله إلا الله محمد رسول الله، علي أمير المؤمنين .
ولما خلق الله عز وجل الأرضين كتب في أطباقها : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله، علي أمير المؤمنين .
ولما خلق الله عز وجل الجبال كتب في رؤسها : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله، علي أمير المؤمنين .
ولما خلق الله عز وجل الشمس كتب عليها : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين .
ولما خلق الله عز وجل القمر كتب عليه : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله، علي أمير المؤمنين ، وهو السواد الذي ترونه في القمر .
فإذا قال أحدكم لا إله إلا الله ، محمد رسول الله فليقل علي أمير المؤمنين عليه السلام .
[ الاحتجاج / الشيخ الطبرسي ج 1 ص 230 -231 ](44/55)
.
وفي المقابل تركوا عدداً كبيراً من الابواب ومن الروايات الصحيحة الواردة عن النبي ( في عبارة الصلاة خير من النوم وتمسكوا بأثر واحد ضعيف، هو اثر الموطأ فطعنوا بأهل السنة عموماً وطعنوا بعمر( خصوصاً وهو بريء من هذه التهمة ، بل لا صلة له بها لأنها نقلت من بعده عن طريق رجل يحتمل أن يكون كاذباً ، فاصبح هذا الأثر المنسوب إلى عمر ( وسيلة للطعن بصحابي من غير وجه حق وبهذا الأثر اصبح عمر( مبدلاً لسنة النبي، وهادماً للإسلام .
فهل يقدر عبد الحسين او غيره من علماء الشيعة اثبات هذه التهمة بحق عمر ( بهذا الاثر؟ ودونه خرط القتاد بل شيب الغراب.
ولا يؤلف كتاب شيعي يتكلم عن عمر ( إلا وتجد فيه هذه التهمة الباطلة، علماً ان كل التهم الأخرى التي يطعن بها الشيعة على عمر( هي على شاكلة هذه التهمة الباطلة(1)
__________
(1) وهكذا بعد ان لم يجد علماء الشيعة ما يدعم فريتهم واتهامهم لعمر في كتب أخرى في السيرة والتاريخ والحديث إلا في كتاب الموطأ فانك تجد كل من ذكر المطاعن في عمر لجأ إلى هذا الاثر لاثبات ذلك ومن هذه الكتب على سبيل المثال لا الحصر:
1- أمير محمد الكاظمي القزويني في كتابه الشيعة في عقائدهم وأحكامهم (ص124).
2- المجمع العلمي لاهل البيت في كتابه مسألة الصلاة خير من النوم ( ص 35 ) .
3- مروان خليفات في كتابه وركبت السفينة ( ص 348 ) .
4- أسد حيدر في كتابه الأمام الصادق والمذاهب الأربعة ( ج3ص284 ) .
5- محمد جميل حمود في كتابه ابهى المداد في شرح مؤتمر بغداد ( ج2 ص 700).
6- عين الله الحسني الارموي في تحقيقه لكتاب العلامة الحلي نهج الحق وكشف الصدق ( ص 352 ) .
7- الشيخ علي آل محسن في كتابه مسائل خلافية حار فيها أهل السنة ( ص172 ) .
8- آية الله محمد حسن المظفر في كتابه دلائل الصدق ( ج3 ص 99 ) .
9- جعفر السبحاني في كتابه رسائل ومقالات ( ص 55 ) .
10- المجلسي في بحاره ( ج31 ص 43 ) .
11- الشيخ جعفر السبحاني في كتابه رسائل ومقالات ( ص 147 ) .
12- الدكتور أحمد الوائلي في كتابه هوية التشيع ( ص 46 ) .
13- نجاح الطائي في كتابه نظريات الخليفتين ( ج2 ص 405 ) .
14- علي الشهرستاني في كتابه الاذان بين الاصالة والتحريف حي على خير العمل الشرعية والشعارية ( ص99 ، 289 ) .
15- الشيخ نزيه القميحا في كتابه رسالة الى كل شيعي ( ص 461 ) .
16- اسماعيل بن احمد الحسني المرعشي في كتابه اجماعات فقه الشيعة (ج1 ص 271) .
17- السيد حسن العامي في كتابه شبهات وردود (ص 120) .
18– الدكتور عبد الجبار شرارة في كتابه المواجهات حوار بين السنة والشيعة ص217 .
19- السيد مرتضى الرضوي في كتابه دفاع عن السنة المحمدية ( ص 66 ).
20- الدكتور اسعد القاسم في كتابه ازمة الخلافة والامامة واثارها المعاصرة عرض ودراسة ص 91.
21- الاحمدي الميانجى في كتابه مواقف الشيعة (ج3 ص 131 ) .
22- السيد محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخراسان في كتابه حي على خير العمل مسائل شرعية بين السنة والبدعية ( ص 102 ) .
23- عبد الصمد شاكر في كتابه نظرة الى الصحاح الستة (ص 473 ) .
24- السيد محمد رضا مدرسي في كتابه السنة والبدعة في الاذان (ص 17 ) .
25- مرتضى العسكري في كتابه معالم المدرستين ( ج2 ص 472 ) .
26- عبد المحسن السراوي في كتابه القطوف الدانية (ص 51 ) .
27- ادريس الحسيني المغربي في كتابه لقد شيعني الحسين ( ص 180 ) .
28- طارق زين العابدين في كتابه دعوة الى سبيل المؤمنين ( ص 33 ) .
29- مركز المصطفى في كتابه الاجتهاد والتقليد عند السنة (ص 120 ) .
30– صالح الورداني في تحقيقه لكتاب المناظرات (ص 62 ) .
31- جعفر مرتضى العاملي في كتابه الصحيح من السيرة ( ج4ص284 ).
والأمثلة على ذلك كثيرة جداً ، فلك ان تتصور عدد العلماء الذين كذبوا على عمر .(44/56)
.
واقول :
عبد الحسين لم يقل هنا كما قال هناك :
فراجع ان شئت كتاب الاذان في الجزء الاول من صحيح البخاري ، وباب صفة الاذان وهو اول كتاب الصلاة من صحيح مسلم تعلم حقيقة ما نقول!؟(1).
فلم يتكيء على عدم رواية الشيخين لهذا الاثر حجة له في تقرير مراده كما اتكا على ذلك في تقرير نفي صفة التثويب اولاً .
فانظر – هداك الله تعالى – الى هذا الميزان المعوج حتى تعرف حقيقة القوم!!
لماذا لم يذكر لنا التاريخ أن عمر أضاف هذه العبارة ؟
ان القارىء لما سطره عبد الحسين في فصوله المهمة ليجد ان المؤلف كثيراً ما يصرح بحرصه على السنة النبوية وتنقيتها من الدخيل فيها ولكنه تغافل عما تلبس به مذهبه من ذلك الدخيل والذي لو اجرينا فيه عملية احصائية تمحيصية لما صفا من مرويات الشيعة سوى الواحد من الالف .
نقول لعبد الحسين ولكل من طعن في عمر رضي الله عنه في هذه المسألة ، إن الأذان في زمن النبي ( وبعد وفاته ، شعيرة ترفع في اليوم والليلة خمس مرات ، وفصوله مشهورة ومعروفة لكل المسلمين ، والإسلام منتشر في بقاع كثيرة من الأرض ، فلو حدثت ثمة إضافة من عمر( لاشتهر هذا الأمر بين الناس جميعاً ولذكرته كتب التاريخ والسيرة ، كما ذكرت نهي عمر( عن المتعتين بأحاديث كثيرة ، وحكمه بالطلاق ، واقامته لصلاة التراويح … وغيرها من المسائل ، بل ان من اهم علامات الوضع كما يرى اصحاب الحديث هو كون الخبر مما يدل على امر عظيم ثم لا ينقله غير شخص واحد .
فضلاً عن ان من الأسباب التي تؤدي إلى اشتهار هذا النهي بين الناس وتداوله بين ألسنتهم هو احتياج هذا الأمر إلى فترة زمنية طويلة لكي يصل نهيه إلى كل بقاع الدولة الإسلامية المترامية الأطراف من مدن كبيرة ، ومدن صغيرة، وقرى، والى كل مسجد فيها ، والى كل مسلم في هذه البقاع لان الأذان أمر تعبدي يخص كل مسلم .
__________
(1) الفصول المهمة في تأليف الأمة / عبد الحسين شرف الدين ص 117 ](44/57)
وحسب ادعاء الشيعة إن عبارة (الصلاة خير من النوم) لم تكن موجودة على زمن النبي ( وعلى زمن أبي بكر ، فمتى أضافها عمر( ، فان فترة خلافته دامت عشر سنين ففي أي سنة من هذه السنوات العشر حصلت الإضافة؟!!!
لماذا سكت صحابة النبي(
فهذا الأمر التعبدي قد اعتاد عليه المسلمون ، ولكي يضيف إليه عمر ( شيئاً فان الأمر هذا يحتاج إلى تبليغ خاص محرر ومكتوب بختم إلى جميع عماله في جميع بلاد المسلمين ليتم به الإلزام وتنقاد اليه النفوس وتحصل به الطاعة ، وعلى هذا يجب أن يشتهر ويذكر وينقل لان الأمر متعلق بشعيرة من شعائر المسلمين وليس أمراً موجهاً إلى شخص واحد ، أو أشخاص موجودين في المدينة حيث يوجد عمر( فالأمر يتعلق بجميع الولاة آنذاك وبكل بلاد المسلمين في ذلك الوقت .
وها هي كتب الحديث ، والتاريخ ، وكتب السيرة كلها بين ايدينا لم نجد فيها أحداً اعترض على فعل عمر( هذا مع وجود صحابة رسول الله ( وتوافرهم وفيهم امثال علي ، وعمار ، وأبي ذر(1) رضي الله عنهم الذين كانوا ينكرون ادنى منكر يحصل امام اعينهم مصداقاً لقوله :
__________
(1) اعترض ابو ذر ( على صحابة النبي رضي الله عنهم في مسألة الزكاة وكنز الأموال - وهي قضية معروفة ومشهورة ذكرتها كتب الحديث ، والسيرة ، والتاريخ فذكرها البخاري في صحيحه تحت باب ما أدى زكاته فليس بكنز - مع العلم انها مسألة اجتهادية خالفه فيها جميع الصحابة ، فلماذا لم يعترض على التلاعب الذي قام به عمر في فصول الأذان ؟
* ذكر السيد علي الشهرستاني في كتابه منع تدوين الحديث اسباب ونتائج (27) من صحابة رسول الله الذين خالفوا وردوا على عمر في الكثير من الفتاوى .
ونقل الشهرستاني في كتابه ايضاً : (39) مسألة خالف فيها عبدالله بن عمر أباه .
[ منع تدوين الحديث اسباب ونتائج / السيد علي الشهرستاني ص178 - 256](44/58)
( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر ( (آل عمران: من الآية110).
امرأة اعترضت على عمر ذكرها لنا التاريخ
ذكر عبد الحسين شرف الدين في النص والاجتهاد :
أن عمر عزم على النهي عن الغلو في مهور النساء تسهيلاً لامر التناكح فقام في بعض أيامه خطيباً فقال :
لا يبلغني أن امرأة تجاوز صداقها صداق زوجات رسول الله ( إلا أرجعت ذلك منها ، فقامت اليه امرأة فقالت : والله ما جعل الله ذلك لك انه يقول :
( وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً ( ( النساء/2 )
فعدل عن حكمه قائلاً:
ألا تعجبون من امام اخطأ وامرأة أصابت ناضلت إمامكم فنضلته(1).
فهذه امرأة وقفت بوجه عمر ( واعترضت عليه ورضخ لقولها - على فرض صحة هذه القصة - فأين كان المهاجرون والأنصار وبقية المسلمين عن فعل عمر ( في الاذان.
هذا مثال واحد ذكرته لنا كتب التاريخ من سيرة عمر ، والا فان كتب السيرة والتاريخ ملأى بالكثير من أمثال هذه الحوادث فيما يخص عمر رضي الله عنه، وما يخص بقية الصحابة والتابعين وفي أدق التفاصيل الشخصية فكيف بمسألة خطيرة كالأذان(2).
__________
(1) النص والاجتهاد / عبد الحسين شرف الدين ص255 ] [ بحار الأنوار / المجلسي ج31 ص 142 ] [ الغدير / الأميني ج6 ص 141 – ذكر صاحب الغدير اكثر من 30 مصدراً لهذه الحادثة ]
(2) ومن الامثلة التي نقلتها لنا كتب السيرة والتاريخ بخصوص الاذان :
فلقد ثبت عن عثمان( انه اضاف الاذان الثالث يوم الجمعة واشتهر عنه ذلك. ارجع الى [ النص والاجتهاد / عبد الحسين شرف الدين ص 410] [ الغدير / الاميني ج8 ص 120- 125 ](44/59)
فعلى الباحث المنصف ان يجرد نفسه اولاً من الهوى ، ثم عليه ان يبحث هذا الامر وهذه القضية على اساس تاريخي ليعلم هل اضافها امير المؤمنين عمر رضي الله عنه بعد ان لم تكن موجودة ام لم يضفها ؟
وان كان قد اضافها فاين هي تلك المصادر التي توثق هذه الحقيقة ؟
فالدعوى سهلة الاطلاق لكن التوثيق هو الذي يجعل لتلك الدعوى قيمة ام لا لاننا وفي المقابل نستطيع الادعاء بان تلك الاضافة كانت من فعل علي او من فعل عثمان او غيرهما ، لكن مدى صحة وكذب هذه الدعوى يحددها الاطار التاريخي الموثق لهذه الحادثة ، ودون ذلك خرط القتاد وشيب الغراب .
اين السنة المتواترة والتاريخ الصحيح
* يقول جعفر السبحاني :
هناك منهج علمي قل الالتفات إليه من قبل نقاد الحديث ، وهو عبارة عن عرض الحديث على الكتاب أولاً ، والسنة المتواترة أو المستفيضة التي تلقاها الإعلام وجهابذة الحديث بالقبول ثانياً ، والعقل الحفيص الذي به عرفنا الله سبحانه وأنبياءه ثالثاً ، والتاريخ الصحيح رابعاً ، واتفاق الأمة خامساً(1). أ.هـ
أقول :
كلام جميل نتمنى أن يعمل به هو اولاً ثم بقية علماء الشيعة وخصوصاً عندما يكتبون عن أهل السنة ، ولكن:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه ** وصدق ما يعتاده من توهم
فالسبحاني نفسه كان أول من ابتعد عن هذا المنهج الذي ذكره وذلك عند كلامه عن هذه التهمة بحق سيدنا عمر رضي الله عنه في كتابه الاعتصام بالكتاب والسنة كما سيأتي لاحقاً .
* يقول سبحاني :
والسنة المتواترة أو المستفيضة هي التي تلقاها الإعلام وجهابذة الحديث بالقبول .
فاقول :
أين هذه السنة المتواترة أو المستفيضة التي تقول أن سيدنا عمر رضي الله عنه أضاف ؟
* ويقول سبحاني : التاريخ الصحيح(2)
__________
(1) الحديث النبوي بين الرواية والدراية / جعفر سبحاني ص 53 ]
(2) يقول محمد صادق الصدر :
لا اخالني مبالغاً ان قلت لو غربلنا التاريخ الاسلامي القديم ووضعناه على محك النقد لبقى بين ايدينا النزر اليسير .
[ الشيعة الامامية / محمد صادق الصدر ص 22]
اقول :
فكيف الحال والتاريخ لم يذكر لنا شيئاً عن هذه التهمة ، وهذه الاضافة المزعومة من قبل عمر رضي الله عنه ؟(44/60)
.
فاقول :
فما قولك اذا علمت بان لا وجود لهذه الحادثة في تاريخ صحيح او ضعيف.
ويقول ايضاً اتفاق الأمة .
فاقول :
فأي أمة اتفقت على أن امير المؤمنين عمر رضي الله عنه قد أضاف (الصلاة خير من النوم) الى الأذان ؟(44/61)
حقائق عن هذه التهمة وكيفية ظهورها
قيل لاعرابي :
كيف غلبت الناس ؟ فقال : كنت ابهت بالكذب واستشهد بالموتى.
اقول :
لكي نتوصل الى حقيقة هذه التهمة كان لا بد لنا من الرجوع الى كتب التاريخ والبحث عن اصل هذه التهمة ومن ذا الذي الصقها بامير المؤمنين عمر( .
بحثنا هذا سيكون منحصراً في امرين :
الأول : بيان من اتهم عمر بأنه أضاف هذه العبارة إلى الأذان .
الثاني : بيان الأدلة التي اقامها المتهم على هذه الدعوى .
وللجواب عن الوجه الأول نقول :
ان المستقرىء لكتب اهل السنة لن يجد احداً قد ذكر ان سيدنا عمر( قد اضاف هذه العبارة الى الاذان ولو انك فتشت كتب الحديث الصحيحة والضعيفة فضلاً عن كتب التاريخ والسيرة وغيرها فلن تجد مثل ذلك القول .
بل انك لو فتشت كتب التاريخ المنسوبة في ظاهرها لاشخاص يحسبون على الشيعة من امثال المسعودي او الواقدي او غيرهما لما وجدت ايضاً أي ذكر لمثل هذا الاتهام واذا كان الامر كذلك فمن اين ياترى جاءت هذه التهمة ؟
وللجواب عن ذلك نقول ان اصل هذه التهمة قد جاء من كتب الشيعة المحدثين حصراً فهم وحدهم من اتهم سيدنا عمر( بهذه التهمة وهم اول من طبل لها وزمر وزاد فيها واستكبر .
وقلت من كتب الشيعة المحدثين اصلاً لان هذه التهمة لم تكن معروفة عند متقدميهم من الذين يعدون اعمدة المذهب واركانه كابن شاذان ، والطوسي، والمرتضى ، والمفيد ، والصدوق ، وابن الصلاح ، وغيرهم فلم نجد عند هؤلاء تصريحاً بان عمر( هو المتهم باضافتها .
نعم قد بحثت هذه المسألة عندهم كاحدى المسائل المختلف فيها فيما بين اهل السنة والشيعة ، وفيما بين اهل السنة انفسهم ، لكن ان يذكر الاتهام منسوباً لعمر( فهذا ما لم نجده ، وان وجد فوجوده في كتبهم الضعيفة الهالكة والقليلة جداً .
الوجه الثاني :
ما هي الادلة التي قامت على اساسها هذه الدعوى فاقول :(45/1)
كل من وجه الاتهام لعمر( باضافة هذه العبارة الى الاذان ، ما كان يمتلك دليلا سوى اثر الموطأ ولو انك قرأت جميع الاتهامات التي وجهها خصوم الصحابة لهم ، وعلى راسهم سيدنا عمر( فلن تجد غير هذا الاثر الذي هو في حقيقته لا يدل دلالة صريحة على المدعى، وكلامنا عن هذا الاستدلال سيكون منصباً حول نقطتين :
اولاً :
الكتب الشيعية – التي اشرنا الى قلتها – والتي لم نعثر منها على الرغم من البحث الدقيق والمعمق الا على كتاب واحد وهو كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة لابي القاسم الكوفي – لم تذكر اثر الموطأ ولم تشر اليه وانما اطلقت التهمة جزافاً ومن غير تحديد او ذكر لمصدر واحد يوثق هذه التهمة .
ثانياً :
ان الذي ذهب الى الاعتماد على اثر الموطأ وعده دليلاً على ان عمر( هو من اضافها هي تلك الكتب المتاخرة والتي كان اكبر همها هو تتبع واستقصاء ما من شأنه ان يطعن في الصحابة ، ويحط من اقدارهم .
والدليل على ان متقدمي الشيعة لم يصرحوا باضافة عمر لها انني ساضع بين يديك وتحت ناظريك عزيزي القارىء جملة من الكتب الشيعية المتقدمة واترك لك الحكم بعدها :
كتاب سليم بن قيس الهلالي
كتاب سليم بن قيس الهلالي ( المتوفى سنة 76 هـ ) لم يذكر هذه التهمة ولم يشر إليها، مع قرب زمنه من زمن الخلافة الراشدة ، فقد ذكر في كتابه الكثير من المطاعن بحق أبي بكر وعمر وقد افرد باباً كاملاً في هذا الكتاب اسماه (باب بدع أبي بكر وعمر ) ومما ذكره بحق عمر ، تحت عنوان إسقاط جزء من الأذان ، فقال :
ثم تركه من الأذان ( حي على خير العمل ) فاتخذوه سنة وتابعوه على ذلك. انتهى كلامه(1) .
أقول :
فهو ذكر ان عمر حذف عبارة (حي على خير العمل) من الأذان ولكنه لم يشر إلى ان عمر أضاف عبارة (الصلاة خير من النوم) .
الإيضاح لابن شاذان
__________
(1) كتاب سليم بن قيس الهلالي / ص 231 ](45/2)
كتاب الإيضاح للفضل بن شاذان ( المتوفى 260 هـ ) من الكتب القديمة والمهمة عند الشيعة لم يات فيه إن عمر أضاف عبارة (الصلاة خير من النوم) أو اعتمد على اثر الموطأ ، إنما قال :
واعجب أن منكم – يقصد أهل السنة - من يقول في أذان الفجر والعشاء الآخرة بين الأذان والإقامة بعد ( حي على الفلاح ) : (الصلاة خير من النوم) ومنكم من لا يقول ذلك ولا ينكر بعضكم على بعض ؟!
أقول :
فهو اعتبر أن المسألة خلافية في المذهب ولم يذكر سبب هذا الخلاف وأدلته، والمهم عندنا انه لم يتهم عمر بهذه الإضافة مع قرب عصره لتلك الفترة(1).
ثم جاء محقق الكتاب السيد جلال الدين الحسيني الارموي فلم يعثر على مصدر ينسب إليه هذه التهمة فنقل ما ذكره المجلسي المتأخر (المتوفى1110 هـ) الذي نسبها إلى اثر الموطأ كما سيأتي كلامه(2).
كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة - أبو القاسم الكوفي
ذكر هذه التهمة ايضاً أبو القاسم الكوفي الشيعي صاحب كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة المتوفى ( 352هـ ) في معرض كلامه عن بدع عمر( فقال :
اثبت عمر في الأذان ( الصلاة خير من النوم ) مرتين ولم يكن هذا على عهد رسول الله (.
ولم يذكر مصدراً ولا سنداً لتهمته .
وجاء من بعده محقق الكتاب (المتأخر) –الذي أطلق على نفسه اسم الكاتب- فلم يجد مصدراً يثبت فيه هذه التهمة إلا اثر الموطأ فقال :
أخرج الإمام مالك في باب ما جاء في النداء للصلاة من موطأه :
( انه بلغه إن المؤذن جاء إلى عمر بن الخطاب يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائماً فقال : الصلاة خير من النوم ، فأمره أن يجعلها في نداء الصبح )انتهى بلفظه .
__________
(1) الإيضاح / الفضل بن شاذان الأزدي ص 203 ]
(2) الإيضاح / الفضل بن شاذان الأزدي ص 203 ](45/3)
ثم نقل بعد ذلك قول عبد الحسين شرف الدين بنصه من كتابه الفصول المهمة فقال : انظر ما ذكرناه في كتاب الفصول المهمة لسيدنا الحجة الثبت السيد عبد الحسين آل شرف الدين الموسوي العاملي (1).
أقول :
ولان الكوفي لم يذكر سنداً لقوله ولا مصدراً يرجع إليه للتحقق من صدق قوله، نجد أن محقق الكتاب لم يجد مصدراً يسند إليه هذا الاتهام فاسنده إلى الموطأ والى عبد الحسين المتأخر الذي عاش في (القرن الرابع عشر الهجري)، ومؤلف الكتاب أبو القاسم الكوفي عاش في (القرن الرابع الهجري) ، أي المدة الزمنية بينهما عشرة قرون.
وهذا يدعونا إلى التأكد من عدم وجود اصل لهذه التهمة في جميع كتب الحديث، والسيرة ، والتاريخ ، وإلا لاعتمد عليها محقق الكتاب .
وسوف نجد بعد قليل انه لا يوجد أحد من علماء الشيعة الذين جاؤوا بعد الكوفي من اعتمد على كتابه ونقل منه هذه التهمة ، وذلك لضعف الرجل عندهم وعده من الغلاة وصاحب بدعة وله أقوال بتحريف القران في كتابه الاستغاثة(2)
__________
(1) الاستغاثة في بدع الثلاثة / أبو القاسم الكوفي ج1 ص 26 ]
(2) قال الخوئي في كتابه معجم رجال الحديث عن أبي القاسم الكوفي :
قال النجاشي :
علي بن أحمد أبو القاسم الكوفي رجل من أهل الكوفة كان يقول انه من آل أبي طالب، وغلا في أخر أمره ، وفسد مذهبه وصنف كتباً كثيرة أكثرها على الفساد …)
قال الشيخ – الطوسي - :
كان اماميا مستقيم الطريقة وصنف كتباً كثيرة …. ثم خلط وأظهر مذهب المخمسة وصنف كتباً في الغلو والتخليط وله مقالة تنسب إليه .
قال العلامة في أخر ترجمة الرجل :
ومعنى التخميس عند الغلاة لعنهم الله ان سلمان الفارسي ، والمقداد ، وعمار ، وأبا ذر ، وعمرو بن أمية الضمري ، هم الموكلون بمصالح العالم تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً .
وقال ابن الغضائري :
مدعي العلوية كذاب غال ، صاحب بدعة ومقالة رأيت له كتباً كثيرة لا يلتفت إليه .
[ معجم رجال الحديث / الخوئي ج11 ص263 ](45/4)
.
الصدوق
لم يذكر الصدوق ( المتوفى 381 هـ ) في كتبه التي تقرب من ثلاثمائة كتاب أن عمر أضاف عبارة (الصلاة خير من النوم) أو تكلم عن اثر الموطأ مع قربه لتلك الفترة .
المفيد
لم يذكر المفيد ( المتوفى 413 هـ ) في كتبه البالغة (194) كتاباً – على ما ذكره حسن الخرسان في مقدمة التهذيب - أن عمر أضاف عبارة (الصلاة خير من النوم) مع كثرة ما كتبه عن الإمامة وعن المطاعن في عمر والصحابة في كتبه .
كتاب الشافي في الإمامة للشريف المرتضى
لم يذكر السيد المرتضى ( المتوفى 436 هـ ) في كتابه الشافي في الإمامة - الذي يعد من أهم الكتب المذهبية عند الشيعة – في بابه الذي يحمل عنوان (المطاعن على عمر) انه أضاف عبارة (الصلاة خير من النوم) إلى الأذان ولكنه ذكر تحريمه المتعتين ، وذكر إقامته لصلاة التراويح وغيرها من الطعون وألحقها بمصادرها(1).
كتاب تلخيص الشافي لشيخ الطائفة الطوسي
والدليل على عدم ذكرها في كتاب الشافي أن شيخ الطائفة الطوسي ( المتوفى 460 هـ) في كتابه تلخيص الشافي(2)
__________
(1) الشافي في الإمامة / الشريف المرتضى حققه وعلق عليه السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب راجعه السيد فاضل الميلاني ج 4 ص 218 ]
(2) ذكر في ترجمة هذا الكتاب ما يلي :
هو ملخص من الكتاب الكبير الطائر الصيت في الأفاق ( الشافي في الإمامة ) لسيدنا علم الهدى المرتضى قدس سره الذي ألفه رداً على كتاب ( المغني ) للقاضي عبد الجبار المعتزلي في خصوص الجزء الخاص بموضوع الإمامة .
ولقد اصبح هذا الكتاب بأجزائه الأربعة ومع تحقيقاته القيمة من أهم الكتب المذهبية من حيث الثورة العلمية ، والعرض المنطقي الحاسم والنقد الموجه ، والأصالة في البحث .
[ خاتمة كتاب تلخيص الشافي / الطوسي ج4 ص 245 ](45/5)
لم يذكر ضمن مطاعنه بعمر رضي الله عنه بانه أضاف (الصلاة خير من النوم) إلى الأذان ولكنه ذكر تحريم المتعتين، واقامته لصلاة التراويح ، وما عمله في الخراج الذي وضعه على السواد ، وفي ترتيب الجزية بأسانيد كثيرة (1).
أما في كتبه الأخرى (مسائل الناصريات)(2) وكتابه الآخر (الانتصار)(3)، (ومسائل المرتضى)(4) وكذلك في كتابه (النهاية) (5) فانه ايضاً لم يذكر أن عمر أضاف عبارة الصلاة خير من النوم .
ولكنه ناقش مسألة التثويب على أنها مسألة خلافية بين السنة والشيعة ، وبين السنة أنفسهم(6) ولم يشر لا من قريب ولا بعيد إلى عمر ولا إلى اثر الموطأ .
وفي كتابه (الخلاف) ناقش المسألة كما ناقشها في كتبه الاخرى كأي مسألة خلافية بين السنة والشيعة وبين السنة أنفسهم ولم يتطرق إلى أن عمر قد أضافها للأذان .
ولكننا نجده هنا قد ذكر قولاً لعمر رضي الله عنه في مسألة التثويب ، اذ تعرض لبيان انكار عمر رضي الله عنه على ابي محذورة حينما اتى بالتثويب على الصورة الاخرى المحكية عن بعض اهل العلم وهو قول (حي على الصلاة) (حي على خير الفلاح) بين الاذان والاقامة فقال ما نصه :
تبرئة من شيخ الطائفة الطوسي لسيدنا عمر
* روي أن عمر أنكر ذلك على أبي محذورة لما أذن بالصلاة فقال حي على الصلاة ، حي على الفلاح فقال ويحك أمجنون أنت ما كان في دعائك الذي دعوتنا ما نأتيك بهذا فدل على انه مكروه لانه لو لم يكره ذلك ما أنكره (7).
أقول :
__________
(1) تلخيص الشافي / الطوسي ج4 ص 50]
(2) مسائل الناصريات / الشريف المرتضى ص 183 ]
(3) الانتصار / الشريف المرتضى ص 137 ]
(4) رسائل المرتضى / الشريف المرتضى ج1 ص 279 ]
(5) النهاية / الطوسي ص 67 ]
(6) سوف نبين في الصفحات القادمة هل هناك خلاف بين أهل السنة في مسألة (الصلاة خير من النوم) ام لا ؟
(7) الخلاف / الطوسي ج1 ص 95 ](45/6)
فهذه اذن تبرئة من شيخ الطائفة الطوسي لسيدنا عمر رضي الله عنه حيث انه ذكر ان سيدنا عمر رضي الله عنه قد أنكر أمراً غير موجود في الأذان أضيف له .
فكيف يتسنى لسيدنا عمر رضي الله عنه ان ينكر على أبي محذورة أمراً غير موجود في الأذان ويصفه بالجنون – والعهدة في هذه الرواية إن صحت على الطوسي لانه قال روي ولم يذكر أين روي - ومن ثم يأتي هو نفسه ليغير ويضيف إلى الأذان ما ليس فيه كما يدعون فهذا الامر لا يعقل .
وربّ سائل يسأل فيقول كيف يتصور ان شيخ الطائفة الطوسي يعلم بأمر حصل بين عمر وابي محذورة فيعمل على تثبيته في كتابه ، ثم لا يعلم بأمر يخص المسلمين جميعا في شتى البقاع وهو اضافته لعبارة (الصلاة خير من النوم) الى الاذان مع ما في هذا الامر من الاشتهار وتوافر الدواعي على نقله .
والله لو ان امر هذه الاضافة قد ثبت عندهم بادنى صوره لطبلوا وزمروا له كما طبلوا وزمروا لما دونه من الاحداث .
كتاب تقريب المعارف – أبو الصلاح الحلبي
ذكر أبو الصلاح الحلبي ( المتوفى 447 هـ ) في كتابه (تقريب المعارف) باباً تحت عنوان :
( ذكر القبائح الواقعة منهم – أبو بكر ، وعمر ، وعثمان – حال ولايتهم المقتضية لفسخها ) فذكر طعوناً كثيرة طعن بها على هؤلاء الثلاثة ومنهم عمر رضي الله عنه فذكر من تلك القبائح المنسوبة لسيدنا عمر:
( تحريمه المتعتين ، والتفضيل بالعطاء ، واقتراضه من بيت المال ، وتحريمه المغالاة في المهور ، وابتداعه صلاة التراويح …. وغيرها ) ولم يال جهداً ولم يقصر في تتبع واستقراء كل ما من شأنه ان يحط من قدر سيدنا عمر رضي الله عنه الا ان مع حرصه هذا لم يذكر ضمن هذه الطعون أن عمر أضاف الصلاة خير من النوم إلى الأذان كما انه لم يشر إلى اثر الموطأ(1) .
تجريد الاعتقاد نصير الدين الطوسي
__________
(1) تقريب المعارف / أبي الصلاح الحلبي ص 344 ](45/7)
وهذا الطوسي نصير الدين ( المتوفى672 هـ ) صاحب كتاب تجريد الاعتقاد لم يذكر ايضاً أن عمر أضاف عبارة (الصلاة خير من النوم) إلى الأذان هذا قد علمنا ان في كتابه ذكر الكثير من المطاعن بحق عمر رضي الله عنه ومنها :
( المغالاة في المهور ، وتحريم المتعتين ، وانه أمر برجم امرأة حامل وغيرها من المطاعن ).
كما انه لم يذكر هذه الإضافة كل من شرح كتاب التجريد للطوسي مثل العلامة الحلي (المتوفى 726 هـ) في كتابه كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، وشرح الشيخ شمس الدين الأصفهاني ( المتوفى 746 هـ ) ، وشرح التجريد للقوشجي (المتوفى 879 هـ ).
وكذلك لم يذكر هذه الاضافة كل من شرح كتاب العلامة الحلي كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد وهم : [ اية الله السيد ابراهيم الموسوي الزنجاني - اية الله حسن زاده العاملي - اية الله جعفر السبحاني ]
كتاب نهج الحق وكشف الصدق
العلامة الحلي (المتوفى726 هـ) في كتابه نهج الحق وكشف الصدق ذكر باباً تحت عنوان ( المطاعن التي نقلها السنة عن عمر بن الخطاب ) فذكر منها:
( المغالاة في المهور ، وتحريم المتعتين ، ومفارقات عمر في الاحكام، ومخترعات عمر ، وذكر باباً تحت عنوان نوادر الأثر في علم عمر …. وغيرها وأحال كل تهمة ذكرها إلى مصادرها التي نقل منها من كتب الحديث والتاريخ والسيرة )(1).
ثم قال العلامة الحلي : وزاد بعد موت النبي ( الصلاة خير من النوم(2) .
__________
(1) نهج الحق وكشف الصدق / الحسن بن يوسف المطهر الحلي ص 273 – 334 ]
(2) نهج الحق وكشف الصدق / الحسن بن يوسف المطهر الحلي ص 351](45/8)
لكنه لم يشر الى مصدر يوثق هذا الكلام او الى كتاب يسند مثل هذه الدعوى، وكما فعل في بقية اتهاماته الاخرى والتي اتى فيها على ذكر المصادر التي جاءت فيها تلك التهم والدعاوى ، ولهذا لم يكن امام محقق هذا الكتاب الحجة الشيخ عين الله الحسني الارموي المعاصر والذي لم يجد مصدراً يعزو اليه الا اللجوء الى موطأ الامام مالك(1) .
ولم يذكر العلامة الحلي في كتابه الآخر (منتهى المطلب) في تحقيق المذهب أن عمر أضاف (الصلاة خير من النوم) ولم يشر إلى اثر الموطأ ، وانما تكلم عنها كمسألة خلافية بين أهل السنة والشيعة وبين أهل السنة أنفسهم ، وجاء بأدلة الطرفين في إثباتها وعدمه ولكن لم يشر بأنها إضافة من عمر(2) .
وذكر في الكتاب نفسه إنكار عمر على أبي محذورة السابق ذكره ، فقال:
* روي أن عمر أنكر ذلك على أبي محذورة لما أذن بالصلاة فقال حي على الصلاة، حي على الفلاح فقال ويحك أمجنون أنت ما كان في دعائك الذي دعوتنا ما نأتيك بهذا فدل على انه مكروه لانه لو لم يكره ذلك ما أنكره.
وهذا ما اكده ايضاً في كتابه (منهاج الكرامة في معرفة الامامة) :
فذكر بعض التهم الموجهة الى عمر منها ( قضى في الجد قضية ، حرم المتعتين ، ابدع التراويح ) لم يذكر حدف حي على خير العمل ، ولا اضافة الصلاة خير من النوم (3).
وكذلك لم يشر إلى أن عمر أضافها إلى الأذان أو إلى اثر الموطأ في جميع كتبه الأخرى مثل :
__________
(1) نفس المصدر تحقيق( 1407 هـ ) الحجة الشيخ عين الله الحسني الارموي ص 352]
(2) منتهى المطلب في تحقيق المذهب / العلامة الحلي ج4 ص 381 - 383]
(3) منهاج الكرامة في معرفة الامامة / ابن المطهر الحلي ص 123 – 130](45/9)
مختلف الشيعة(1) ، تذكرة الفقهاء(2) ، تحرير الأحكام(3) ، نهاية الأحكام(4)، تبصرة المتعلمين(5).
كتاب الصراط المستقيم
لمؤلفه الشيخ علي البياضي (المتوفى 877 هـ) وهو ايضاً لم يذكر ان عمر رضي الله عنه اضاف هذه العبارة الى الاذان ، مع العلم انه قد ذكر ان عمر قد حذف من الأذان عبارة (حي على خير العمل)(6) .
وفي كتابه باب ( في الطعن فيمن تقدمه – أي علي – بظلمه وعدوانه ) ذكر فيه عدداً كبيراً من المطاعن ومنها :
( جعل الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد ، درء الحد عن المغيرة ، أبدع صلاة التراويح جماعة ، وصلاة الضحى )
وطعن شديد تحت عنوان ( كلام في خساسته وخبث سريرته )…. الخ(7)
كتاب بحار الأنوار
كتاب بحار الأنوار للمجلسي ( المتوفى 1111 هـ ) المتكون من (110) مجلدات، فيه أربعة مجلدات تسمى (بالمطاعن) ذكر فيها الكثير من المطاعن الكاذبة بحق الصحابة ، بل لديه باب في الجزء الثلاثين متكون من (264) صفحة بعنوان:
[ كفر الثلاثة – أي أبو بكر وعمر وعثمان - ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح أثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم ]
وقد ملاه بالسب والشتم على صحابة رسول الله ( وذكر فيه أنواع الكذب والافتراء عليهم .
وفي الجزء الحادي والثلاثين ذكر باباً تحت عنوان :
[ تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين ]
__________
(1) مختلف الشيعة / العلامة الحلي ج2 ص 145 ]
(2) تذكرة الفقهاء / العلامة الحلي ج1 ص 105 - ج3 ص 48 ]
(3) تحرير الأحكام / العلامة الحلي ج1 ص 224 ]
(4) نهاية الأحكام / العلامة الحلي ج1 ص 415 ]
(5) تبصرة المتعلمين / العلامة الحلي ص 45 ]
(6) الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم / زين الدين العاملي البياضي ج3 ص 277 ]
(7) الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم / زين الدين العاملي البياضي ج3 ص 7- 28 ](45/10)
هذا الباب متكون من (162) صفحة ، ذكر فيها عدداً كبيراً من المطاعن ومنها ذكره (13) رواية عن تحريم متعة النساء بأسانيدها ، وكذلك (39) رواية عن تحريم متعة الحج بأسانيدها(1).
وقال ان الرواية المشهورة بين الفريقين من أنه قال في خطبته :
متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا احرمهما وانهي عنهما متعة الحج، ومتعة النساء(2) .
وفي هذا الجزء أشار في باب مثالب عمر وفي المطعن الرابع عشر إلى إضافة عبارة (الصلاة خير من النوم) من قبل عمر ولكنه لم يذكر غير اثر الموطأ.
حيث قال :
ومنها : التثويب وهو قول : (الصلاة خير من النوم) في الأذان .
فقد روى في جامع الأصول مما رواه عن الموطأ ، قال : عن مالك أنه بلغه المؤذن جاء عمر يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائما ، فقال :
(الصلاة خير من النوم) ، فأمره عمر أن يجعلهما في الصبح .
وقال : ويظهر منها أن ما رووه من إن النبي ( أمر بالتثويب من مفترياتهم، ويؤيده أن رواياتهم في الأذان خالية من التثويب(3)(4)
__________
(1) بحار الأنوار / المجلسي ج31 ص 112 – 133 ]
(2) صحيح مسلم / ج4 ص46 ] [ موطأ مالك / ج1 ص 246]
(3) بحار الأنوار / المجلسي ج 31 ص 43 ]
(4) وهذا كذب واضح وصريح فالروايات أمامك فارجع إليها لتجد من المفتري ؟
وتحت عبارة ( ويؤيده ان رواياتهم في الأذان خالية من التثويب ) وضع محقق الكتاب هذا الهامش فقال :
انظر مثلاً إلى : سنن أبي داود كتاب الصلاة باب كيفية الأذان حديث 499 ، وباب بدء الأذان حديث 500- 507 .
وسنن الترمذي كتاب الصلاة باب ما جاء في الترجيع بالصلاة في الأذان حديث 191.
ومسند احمد بن حنبل 5/ 246 .
وصحيح مسلم كتاب الصلاة باب صفة الأذان حديث 387 .
وسنن النسائي 2/4 في الأذان .
أقول :
ان المحقق اراد بهذا الهامش ان يدلس على القارئ ويوهمه بان هذه الأحاديث خالية من عبارة (الصلاة خير من النوم) وذلك من خلال اشارته إلى الأحاديث التي ذكر فيها فصول الأذان عند بدء تشريع الأذان ، وهذا صحيح فهي خالية من عبارة (الصلاة خير من النوم) لان تشريع عبارة (الصلاة خير من النوم) جاءت متأخرة حالها حال كثير من الأحكام التي شرعت في الإسلام خلال مدة 23 سنة .
وما مثله الا كمثل رجل جاء إلى كتب المسلمين من السنة والشيعة فقرأ فيها أن المسلمين كانوا يشربون الخمر وهم يصلون ويصومون ويجاهدون ثم يقول انظروا كيف انهم كانوا يفعلون ذلك متجاهلاً ان تحريم الخمر قد جاء بالتدريج .
فحاله كحال الذي قال : ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ( وسكت .
والمحقق ترك الأحاديث الكثيرة والتي ذكرت بعضاً منها في كتابي والتي تثبت هذه العبارة ، وذهب يبحث عن عدة احاديث لم يرد فيها ذكر (الصلاة خير من النوم) لانها قد جاءت في بدء التشريع ولك عزيزي القارئ ان تحكم على مثل هؤلاء الناس.(45/11)
.
أما ما ذكره في الجزء الثلاثين من بحاره ، فقال :
إن عمر اثبت في بعض الأذان زيادة من عنده ، وذلك انه زاد في أذان صلاة الفجر : (الصلاة خير من النوم) ، فصارت هذه البدعة عند من اتبعه من السنن الواجبة لا يستحلون تركها ، فبدعة الرجل عندهم معمورة متبعة معمول بها يطالب من تركها بالقهر عليها ، وسنة رسول الله ( عندهم مهجورة مطرحة يضرب من استعملها ويقتل من أقامها(1)(2).
أقول :
هذا ما ذكره المجلسي في كتابه وأشار إلى المصدر وهو كتاب (إرشاد القلوب) ولكن انظر ما قاله محقق الكتاب الشيخ عبد الزهراء العلوي عن هذا الحديث:
لم نجد هذا الحديث في إرشاد القلوب مع كل ما تفحصنا فيه وراجعناه اكثر من مرة(3).
أقول :
انظر عزيزي القارئ وتامل واضحك ان شئت على حال هؤلاء القوم في النقل والتوثيق ، فمن أين ياترى جاء المجلسي بهذه الرواية ؟ الله وحده العالم ؟!
كتاب الغدير
__________
(1) بحار الأنوار / المجلسي ج30 ص 358 ]
(2) ما تفرد به عمر
نقل المجلسي في بحاره قول ابن أبي الحديد الذي ذكر فيه أقوال المؤرخين عما تفرد به عمر من أعمال في فترة خلافته والتي تعتبر من أول الأعمال التي يقوم بها خليفة، ولكنه لم يذكر من ضمنها إضافة (الصلاة خير من النوم) ، فقال :
قال المؤرخون :
ان عمر أول من سن قيام شهر رمضان في جماعة وكتب به إلى البلدان ، وأول من ضرب في الخمر ثمانين ، وأحرق بيت رويشد الثقفي ، وأول من عس في عمله بنفسه، وأول من حمل الدرة وأدب بها ، وأول من قاسم العمال وشاطرهم أموالهم ، وهو الذي هدم مسجد رسول الله ( وزاد فيه وادخل دار العباس فيما زاد ، وهو الذي أخر المقام إلى موضعه اليوم وكان ملتصقاً بالبيت ….. إلى آخر ما ذكره .
[ بحار الأنوار / المجلسي ج 31 ص 28 ]
(3) بحار الأنوار / المجلسي ج30 ص 347 ](45/12)
كتاب الغدير للأميني ( المتوفى 1390 هـ ) ذكر فيه بان هناك اكثر من أربعين حديثاً بين صحاح وحسان تعرب عن المتعتين كانتا على عهد رسول الله ( ونزل فيهما القران وثبتت اباحتهما بالسنة ، وأول من نهى عنهما عمر.
فعد بعضاً من هذه الروايات في البخاري ، ومسلم ، ومسند احمد ، والنسائي، والبيهقي ، وسنن أبي داود ، وسنن الدارمي ، وسنن ابن ماجه ، والترمذي، وغيرها من كتب أهل السنة وبالأسانيد(1) (2).
وذكر قول عمر على المنبر عندما نهى عن الغلو في مهور النساء تسهيلاً لامر التناكح ، وذكر اكثر من 30 مصدراً لهذه الحادثة(3).
ولكنه لم يذكر أن عمر أضاف (الصلاة خير من النوم) إلى الأذان ، ولم يذكر اثر الموطأ.
مع العلم أن الأميني قد جمع كل شاردة وواردة من كتب أهل السنة في كتابه الغدير المتكون من أحد عشر مجلداً ، وسود مئتين وخمسين صفحة من المجلد السادس في الطعن بالإمام الفاروق وهو يحاول إثبات كونه جاهلاً بالكتاب والسنة والفقه تحت عنوان ( نوادر الأثر في علم عمر ) (4)
__________
(1) الغدير / الأميني ج6 ص 302 – 338 ]
(2) في منع عمر ( المتعتين كلام كثير أجاب عنه العلماء جزاهم الله خيراً ، وليس المقام هنا مقام بيان له ، فكتابنا يبحث موضوع الأذان ، ومن أراد معرفة الحقيقة حول المتعتين فليرجع إلى كتاب منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيميه (رحمه الله)، والى كتاب تحريم المتعة في الكتاب والسنة ليوسف جابر المحمدي ، وكتاب الشيعة والمتعة لمحمد مال الله (رحمه الله)….. وغيرهم .
(3) الغدير / الأميني ج6 ص 141]
(4) وهناك أمثلة كثيرة ذكرها الأميني في غديره نسبها إلى عمر يدعي فيها جهله ومخالفته للسنة منها :
1- قضاء الخليفة على مجنونة قد زنت ذكر منها خمس صور باثنين وعشرين مصدراً.
2- اجتهاد عمر ( في طلاق الثلاث ذكر منها ، صورتين في خمسة عشر مصدراً.
3 - عمر ( وتوسيعه لمسجد الرسول ( ذكر منها ست صور في عشرين مصدراً.
[ الغدير / الأميني ج6 ص 145 – 370 ](45/13)
.
علماء شيعة آخرون لم يذكروا هذه الإضافة أو اثر الموطأ
ثمة كتب كثيرة لعلماء شيعة معتبرين في المذهب تركت النقل عنهم بخصوص هذه المسألة وذلك خشية الاطالة والاملال ، وقد جاءت هذه الكتب جميعاً خالية من أي اشارة الى هذه التهمة أي ان عمر رضي الله عنه هو من اضاف (الصلاة خير من النوم) او انهم اشاروا الى (موطأ مالك) كمستند لهذه الدعوى، واليك اهم تلك الكتب على سبيل المثال لا الحصر :
[ جواهر الفقه / ابن براج ص 257 – المهذب / ابن براج ص 89– السرائر/ ابن إدريس الحلي ج1 ص 212 – شرائع الإسلام / المحقق الحلي ج1 ص 60 – المعتبر / المحقق الحلي ج2 ص 144 – المختصر النافع/ المحقق الحلي ص 28 – الجامع للشرائع / يحيى بن سعيد الحلي ص 71– جامع الخلاف والوفاق / علي بن محمد القمي ص 61 – المهذب البارع / ابن فهد الحلي ج1 ص 351 – جامع المقاصد / المحقق الكركي ص 189– مسالك الإفهام / الشهيد الثاني ج1 ص 189 – مجمع الفائدة / المحقق الاردبيلي ج2 ص 177 – مدارك الأحكام / السيد محمد العاملي ج3 ص 290 – كشف اللثام/ الفاضل الهندي ج3 ص 385 – فقه ابن أبى عقيل / ابن أبى عقيل ص 182 إعداد مركز المعجم الفقهي - الحدائق الناظرة / المحقق البحراني ج7 ص 418 – رياض المسائل / السيد علي الطبطبائي ج3 ص 340 – غنائم الأيام / الميرزا القمي ج2 ص 420 – جواهر الكلام / الشيخ محمد حسن الجواهري ج9 ص 112 – جامع المدارك / السيد الخونساري ج1 ص 319– فقه الصادق / السيد محمد صادق الروحاني ج4 ص 328 – الموسوعة الفقهية الميسرة / الشيخ محمد علي الأنصاري ج1 ص 385 ]
وما ذكرته في هذه العجالة يعد تقريباً معظم الكتب الفقهية والعقائدية الشيعية، ولو أردنا تتبع كل الكتب الشيعية القديمة لخرجنا بإجماع علمائهم بان لا دخل لعمر رضي الله عنه بهذه الإضافة ، ولا علم لهم بأثر الموطأ ودلالته التي ذهب إليها متأخرو الشيعة .(45/14)
علماً ان كل هؤلاء العلماء الذين ذكرتهم كانوا يتحينون الفرص للطعن بعمر رضي الله عنه ، ولكن لان هذه القضية ليس لها اصل فلم يذكروها ، وان كل عالم يحترم نفسه عليه ان لا يتهم عمر رضي الله عنه بمثل هذه التهمة .
النتيجة
ان لا اساس لهذه التهمة في كتب اهل السنة ، وان من تولى كبر هذه الفرية وهذا الاتهام هي كتب الشيعة للمتاخرين منهم دون المتقدمين ، والتي لا اعتبار لها لدينا وسواء المتقدمة منها والمتاخرة ، وانما نوهنا الى ان هذه التهمة هي تهمة وليدة لم يقل بنسبتها الى سيدنا عمر رضي الله عنه الا بعض انصاف المتعلمين من المتاخرين الشيعة دون المتقدمين منهم .
ويمكننا ان نلخص ما تقدم في النقاط الاتية :
اولاً :
إنها لم تكن مذكورة في الكتب الشيعية القديمة والقريبة من عصر التشريع والتدوين مثل كتاب سليم بن قيس الهلالي (المتوفى 76 هـ) ، وكتاب الإيضاح لابن شاذان (المتوفى 260 هـ) وغيرهما من الكتب الشيعية القديمة الاخرى .
ثانياً :
إنها لم تكن معروفة من قبل أعمدة المذهب الشيعي ومؤسسيه مثل شيخ الطائفة الطوسي (المتوفى 460 هـ) والشيخ المفيد (المتوفى 413هـ) وعلم الهدى الشريف المرتضى (المتوفى 436 هـ) ، وأبي الصلاح الحلبي(المتوفى 447هـ) والشيخ الصدوق (المتوفى 381 هـ) وغيرهم فلم ينقل عن واحد منهم القول بان عمر أضاف هذه العبارة إلى الأذان ، ولم يشر أحد منهم إلى اثر الموطأ ، مع العلم أن الجميع يتحين الفرص للطعن بسيدنا عمر رضي الله عنه .
ثالثاً :
إن أول من ذكر هذه التهمة – إذا تركنا أبا القاسم الكوفي (المتوفى 352هـ) الغالي المتروك من قبل علماء الشيعة والذي لم يعتمد أحد منهم على قوله، والذي ذكرها بدون أن ينسبها إلى كتاب – هو العلامة الحلي (المتوفى 726 هـ) ولكنه لم يشر إلى مصدر ينسبها له(1)
__________
(1) محسن الأمين في كتابه (الشيعة في مسارهم التاريخي) :
ذكر هذه التهمة في ثلاثة مواضع من كتابه ولكنه لم يشر في أي موضع من هذه المواضع إلى مصدر ينسب إليه هذه التهمة .
قال ( ص 173 ) : إن عمر زاد في الأذان الصلاة خير من النوم .
قال ( ص 200 ) : إن عمر زاد في الأذان الصلاة خير من النوم .
قال ( ص 264 ) : زاد عمر في أذان الصبح ما زاد كأن الله ورسوله كانا غافلين .(45/15)
، ولم يذكر اثر الموطأ ايضاً.
رابعاً :
نجد أن أول من نسبها إلى عمر واعتبر أن اثر الموطأ هو الأصل في ذلك هو المجلسي المتأخر(المتوفى 1111 هـ) حيث انه لم يعتمد على اثر الموطأ احداً قبل المجلسي ، ومن ثم تابعه بعد ذلك بقية علماء الشيعة كالببغاوات.
خامساً :
وجدنا أن كل محققي الكتب لم يستطيعوا أن يعثروا على مصدر ينسبون إليه هذه التهمة غير اثر الموطأ المتأول .
سادساً :
لو تتبعنا كثيراً من التهم التي تطعن بالصحابة والتي تتداول على الألسن اليوم لوجدناها جديدة ولم تكن معروفة لكثير من علماء السيرة والتاريخ وعلى رأسهم علماء الشيعة – ومنها ما يخص الاذان ايضاً وهي حذف عمر عبارة (حي على خير العمل) من الاذان - ، وانما أضيفت متأخرة إليهم بفضل جهود أئمة السوء والباطل .
واخيراً :
اقول لعبد الحسين لماذا تركت كل الأبواب والأحاديث المذكورة في كتب اهل السنة والتي تثبت عبارة (الصلاة خير من النوم) في اذانهم ؟
وتركت اقوال مؤسسي المذهب الشيعي الذين لم يتهموا عمر بهذه الاضافة ولجأت الى (اثر الموطا) اليتيم ؟ الا يدل هذا على خبث طوية ، وحقد دفين على صحابة رسول الله( ؟
ونحن وايم الحق نحترم الدليل ونستضيء بنور البرهان ونجل الأحاديث النبوية ونحتج بها في إثبات آرائنا كافة ، فلو ثبت عندنا ان هذه العبارة لم تكن على زمن رسول الله ( وان عمر قد اضافها الى الاذان لقلنا بذلك وصرحنا به من دون خوف او وجل كما قلنا بان عثمان هو من اضاف (الاذان الثالث) يوم الجمعة.
هذا واختم قولي عن اثر الموطأ موجهاً كلامي لعلماء الشيعة بالطلب ان يرشدونا الى حديث أو اثر واحد صحيح صريح يثبت ان عمر هو من اضاف عبارة (الصلاة خير من النوم) الى الاذان .
فهذه كتب الحديث والتاريخ والسيرة أمامكم فدلونا على مثل هذا الحديث او الاثر، ودونه خرط القتاد وشيب الغراب.(45/16)
ولكني أقولها لكم وكلي ثقة وبضرس قاطع كما قلتها في (الشهادة الثالثة) نعم لم يستطع أحد من علماء الشيعة ذلك ولن يستطيع ولو طلعت الشمس من مغربها، ولو اجتمع على ذلك الأنس والجن وكان بعضهم لبعض ظهيراً (1)
__________
(1) حديث عن المعصوم يبرأ عمر
نقل علماء الشيعة ومنهم المحقق الحلي في شرائع الإسلام ، هذا الحديث المروي عن الامام الكاظم :
عن اصل زيد النرسي عن أبي الحسن عليه السلام قال :
(الصلاة خير من النوم) بدعة بني أمية وليس ذلك من الأذان ، ولا باس اذا اراد الرجل ان ينبه الناس للصلاة ينادي بذلك ولا يجعله من اصل الاذان فانا لا نراه اذاناً.
اقول :
إن صح هذا الحديث فهذا قول المعصوم يبرأ عمر رضي الله عنه ويتهم بني أمية في ابتداع (الصلاة خير من النوم) وعدها فصلاً من فصول الاذان ، وعمر رضي الله عنه ليس من بني أمية ، وقول المعصوم مقدم على قول غيره كما هو ثابت عندكم، فهل عند علماء الشيعة حديث عن المعصوم يتهم عمر بانه ابتدع (الصلاة خير من النوم ) ؟
قول الامام مالك مقدم على قول المعصوم
ام ان قول الامام مالك في الموطأ مقدم عند الشيعة على قول المعصوم ؟ نعم يقدم ما دام الامر متعلقاً باهل السنة وفيه طعن بصحابي !!!
وان لم يصح هذا الحديث عن المعصوم فهل عند الشيعة حديث غير صحيح عن المعصوم يتهم عمر ؟ وان لم يصح هذا الحديث عند الشيعة ، فاثر الموطأ عند اهل السنة كذلك غير صحيح ، فلا مطعن على عمر .
اعتمد الكثير من علماء الشيعة على هذا الحديث في كتبهم لاثبات بدعية (الصلاة خير من النوم) ، ومن هذه الكتب :
[ شرائع الإسلام / المحقق الحلي في ج1 ص 60] [ كشف اللثام / الفاضل الهندي ج3 ص 384 ] [الحدائق الناظرة / المحقق البحراني ج7 ص 397 ] [ جواهر الكلام/ الشيخ محمد حسن النجفي ج3 ص 79 ] [ عدد من الامور التي ورد وصفها بالبدعة / مركز المصطفى ص 116 ] [ مستدرك الوسائل / النوري ج4 ص 44] [اصل زيد النرسي ص 54 ] [ الاصول الستة عشر – كتاب زيد النرسي / ص 205] [ بحار الانوار/ المجلسي 84-172-76 ] [ متفرقات عن السنة والبدعة / مركز المصطفى ص 554 ] [ كتاب الصلاة خير من النوم / اصدار المجمع لاهل البيت ص 55 ] [ رياض المسائل / السيد علي الطباطبائي ج3 ص 342 ] [ مصباح الفقيه/ اقا رضا الهمداني ج2 ص 226 ] [ فقه الصادق / محمد باقر الروحاني ج4 ص 329 ] [ حي على خير العمل جزء من الاذان في مصادر الشيعة والسنة / مركز المصطفى ص 90 ](45/17)
.
اسئلة مهمة
اسئلة اوجهها الى كل من اتهم عمر( بهذه التهمة والى القراء جميعاً :
* ما هي الفائدة التي يجنيها عمر رضي الله عنه من اضافة عبارة (الصلاة خير من النوم) الى الاذان ؟
* وما هي الفائدة التي يجنيها الصحابة رضي الله عنهم ، وعلماء اهل السنة في اتباعهم لعمر في هذه الاضافة ؟
* وهل هناك عقيدة ناقصة عند اهل السنة لم تذكر في الاذان الثابت والصحيح عن النبي( ؟ فبذكر عبارة (الصلاة خير من النوم) تثبت او تشتهر هذه العقيدة؟
كما حاول الشيعة اثبات عقيدتهم في الامامة باضافة عبارة ( اشهد ان علياً ولي الله) الى الاذان(1).
* ولماذا كانت هذه الاضافة عند اهل السنة مقتصرة على الاذان الاول من الفجر، واكثر الناس فيه نيام ؟ عكس الشيعة الذين اضافوا عبارة ( اشهد ان علياً ولي الله) الى اوقات الاذان الخمسة مضافاً اليها الاقامة.
اسئلة حري بكل عاقل ان يتفكر فيها قبل ان يتهم صحابة رسول الله( بمثل هذه التهم الباطلة ، قال تعالى :
__________
(1) اسم علي( وبقية اسماء الائمة قد رفعت من القران
والشيء نفسه نقوله عن موضوع تحريف القران فاهل السنة ليس لديهم عقيدة ناقصة ( تفتقر لسند صحيح من القران ) لكي يقولوا بنقص القران .
عكس الشيعة الذين يعتقدون ان اسم علي( وبقية اسماء الائمة قد رفعت من القران ، لذلك فهم احرص على القول بالتحريف , بل هو من ضروريات مذهبهم كما يقول بعض علمائهم .
أبو الحسن العاملي : إذ قال :
" وعندي في وضوح صحة هذا القول " تحريف القرآن وتغييره " بعد تتبع الأخبار وتفحص الآثار ، بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع وانه من أكبر مقاصد غصب الخلافة "
[ مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار / ابو الحسن العاملي ص 36]
السيد عدنان البحراني : إذ قال :
" وكونه : أي القول بالتحريف " من ضروريات مذهبهم " أي الشيعة " .
[مشارق الشموس الدرية / عدنان البحراني ص 126](45/18)
(أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ( (الرعد:19)
وقال : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ( (الزمر:18)
هل كل ما سطر في الكتب صحيح
ثمة سؤال ربما ينقدح في ذهن البعض عن حقيقة ما يكتب ويسطر في الكتب سواء منها كتب السنة والسيرة او كتب التاريخ او كتب التفسير ، ولا بد قبل ان نثير السؤال وقبل الاجابة عليه ، لابد من التجرد اولاً من التعصب وبحث المسألة بتجرد عن الهوى وبعيداً عن الطائفية والتحزب والانتصار للمذهب، ولا بد ايضاً من التنبيه عن السبب وراء اثارة هذا السؤال في كتابنا هذا وللاجابة عما تقدم نقول :
ان علماء الشيعة قد دابوا على اثارة كل ما من شأنه ان يقدح في الصحابة ويحط من اقدارهم وهم في سبيل ذلك يفنون اعمارهم وسني حياتهم في التنقيب والبحث والاستقصاء لكتب التاريخ والسنة والتفسير والسيرة علهم يجدون فيها ما يروي ظمأهم ويشفي غليلهم ، وهيهات لهم ذلك .
اقول :
ان الشيعة قد اتهموا صحابة رسول الله ( وعلى رأسهم سيدنا عمر رضي الله عنه بعدة اتهامات اكثرها موجود في كتب التاريخ والتفسير التي حوت الصحيح والضعيف من الاخبار والاثار وكما في مسألتنا (الصلاة خير من النوم) والتي اتجهوا من اجل اثباتها الى موطأ الامام مالك ليجدوا فيه اثراً واحداً سبق وان تكلمنا عنه .
وهكذا في بقية الاتهامات التي يعمدون من اجل تاصيلها وتثبيتها الى كتب ضعيفة او احاديث ضعيفة ليوهموا بصنيعهم هذا السذج من الناس ومن لا خبر له باساليب هؤلاء القوم ان هذه التهم قد ذكرها اهل السنة في كتبهم وهذا الزام لاهل السنة بذلك لورودها في كتبهم ، لذا رأينا من الضروري ان نسلط الضوء على هذه القضية لخطورتها الشديدة وان نثير السؤال الاتي :(45/19)
هل كل ما ذكر في الكتب عن السيرة إن كانت سيرة النبي ( أو الصحابة رضي الله عنهم صحيحة ؟ ام ان هذه الكتب كانت عرضة لعمليات الدس والتزوير ؟
وهل تؤخذ السيرة من كتاب واحد وتترك بقية الكتب ؟
وهل منزلة السيرة كمنزلة أحاديث السنة ؟
وهل كل أحاديث السنة صحيحة لكي تكون أحاديث السيرة صحيحة ؟
أسئلة تحتاج إلى إجابة ستجدها إنشاء الله خلال هذا المبحث ؟
وللاجابة عن ذلك اترك الكلام لاحد علماء الشيعة المحدثين وهو اية الله محمد حسين فضل الله الذي قال :
نحن لا نقول إن كل ما جاءنا من أحاديث السيرة صحيح ، أو إن كل ما جاءنا من الأحاديث التي نقلت السنة صحيح(1).
أقول :
من كلام السيد فضل الله نستخلص ما يأتي :
أولاً : إن بعض أحاديث السيرة غير صحيح .
ثانياً : إن بعض أحاديث السنة غير صحيح .
والتفريق بين السيرة والسنة بمعناها الخاص أمره واضح وبين لان السيرة شاملة للرسول ( ولغيره من أصحابه واتباعه فلذلك فرق وبناءً على هذا تدخل سير الصحابة في هذا الحكم فهي أيضاً ليست على إطلاقها من ناحية القبول وانما فيها المردود والمستنكر بل قد يصل حد هذا المردود في حق الصحابة إلى مستوى أعلى قياساً مع المردود من سيرة الرسول ( .
وهذا الحكم يدخل فيه ما نقل من سيرة عمر ( فهو ليس بدعاً في ذلك بل يجري عليه ما يجرى على غيره من دواعٍ تدفع المبغضين للدس عليه فلماذا لا نتعامل بما يروى عنه وفق ما تقتضيه الأصول العلمية المتبعة في قبول الرواية أو ردها، خصوصاً وان روايات الطعن فيه إنما ترويها كتب الشيعة أنفسهم هذه الكتب التي امتازت باعتراف علمائهم بكثرة الدس والكذب على أئمتهم أنفسهم(2)
__________
(1) خلفيات ضلت الطريق دراسة موجزة في خلفيات السيد جعفر مرتضى / جمع من طلاب العلوم الدينية قم ص 111 ]
(2) كثرة الكذب والدس على اهل البيت
* قال محمد باقر الصدر:
من جملة ما كان سبباً لحصول الاختلاف والتعارض بين الأحاديث أيضاً عملية الدس التي قام بها بعض المغرضين والمعادين لاهل البيت على ما نقله لنا التاريخ وكتب التراجم والسير وقد وقع كثير من ذلك في عصر الأئمة أنفسهم على ما يظهر من جملة الأحاديث التي وردت تنبه أصحابهم إلى وجود حركة الدس والتزوير فيما يروون من الأحاديث وعملية التنبيه الأكيدة من الأئمة على وجود حركة الدس .
[ بحوث في علم الأصول ج7 ص 39 – 40 / تقريرات بحث الصدر في الأصول بقلم السيد محمود الهاشمي ط قم 1405 ]
* ومن الدلائل على كثرة الدس والكذب في كتبهم قال مرتضى العاملي في كتابه مأساة الزهراء:
ليس من حق أحد ان يطلب من الناس ان يقتصروا فيما يثيرونه من قضايا على ما ورد عن النبي ( والائمة بأسانيد صحيحة وفق المعايير الرجالية في توثيق رجال السند لان ذلك معناه ان يسكت الناس كلهم عن الحديث في جل القضايا والمسائل دينية كانت أو تاريخية أو غيرها . ثم يقول :
بل ان هذا الذي يطلب ذلك من الناس لو أراد هو ان يقتصر في كلامه على خصوص القضايا التي وردت بأسانيد صحيحة عن المعصومين فسيجد نفسه مضطراً إلى السكوت والجلوس في بيته لانه لن يجد الا النزر اليسير الذي سيستنفذه خلال أيام أو اقل من ذلك .
[ مرجعية المرحلة وغبار التغيير/ الشاخوري ص 115] [ مأساة الزهراء / مرتضى العاملي ج1ص27 ]
حجم الكذب الموجود في كتبهم
أقول :
في قوله هذا دلالة كبيرة على حجم الكذب الموجود في كتبهم الذي لا يصح منه الا النزر اليسير ، ومع هذا تجدهم يعتمدون عليه عندما يطعنون بصحابة النبي( ويخالفون بما ينقلونه من هذا الكذب القران والأحاديث الصحيحة التي تمدحهم وتترضى عنهم .
والحق انكم لن تستقيم لكم الامور الا ان تسكتوا او تجلسوا في بيوتكم ، لان دينكم لا رصيد له في الصحيح من الروايات وانما رصيده في المكذوب والشاذ منها ، وهنا هو الموقع الوحيد الذي تخوضون فيه وتجدون فيه جل عقائدكم وضلالكم وانحرافكم ، وما قضية ( الصلاة خير من النوم ) و ( الشهادة الثالثة ) الا تطبيق عملي لذلك المنهج السقيم الذي يجد مراً به الماء الزلالا .
* قال هاشم معروف الحسني في كتابه الموضوعات في الاثار والاخبار :
وبعد التتبع في الاحاديث المنتشرة في مجاميع الحديث كالكافي والوافي وغيرهما نجد ان الغلاة والحاقدين على الائمة والهداة لم يتركوا باباً من الابواب الا ودخلوا منه لافساد احاديث الائمة والاساءة الى سمعتهم وبالتالي رجعوا الى القران الكريم لينفثوا عن طريقه سمومهم ودسائسهم لانه الكلام الوحيد الذي يحتمل مالا يحتمله غيره، ففسروا مئات الايات بما يريدون والصقوها بالائمة الهداة زوراً وتضليلاً .
[ الموضوعات في الاثار والاخبار / هاشم معروف الحسني ص 253 ]
* وقال ايضاً :
كما وضع قصاص الشيعة مع ما وضعه اعداء الائمة عدداً كبيراً من هذا النوع للائمة الهداة عليهم السلام ولبعض الائمة والاتقياء في حين ان الائمة كانوا في غنى عن ذلك كله ، وقد لعنوا كل من يضعهم فوق مستوى البشر وبغير المنزلة التي وضعهم الله بها.
[ الموضوعات في الاثار والاخبار / هاشم معروف الحسني ص 165 ]
* وقال :
وكان من اخطر الدخلاء على التشيع جماعة تظاهروا بالولاء لاهل البيت واندسوا بين الرواة واصحاب الائمة مدة طويلة من الزمن استطاعوا خلالها ان يتقربوا من الامامين الباقر والصادق واطمئن اليهم جميع الرواة فوضعوا مجموعة كبيرة من الاحاديث ودسوها بين احاديث الائمة ، وفي اصول كتب الحديث كما تشير الى ذلك بعض الروايات .
[ الموضوعات في الاثار والاخبار / هاشم معروف الحسني ص 148 – 149 ]
الائمة يعرفون شيعتهم وأسماءهم واسماء ابائهم
اقول :
فكيف اطمئن لهم الائمة وكيف لم يعرفوا بحالهم – وهم يعرفون المؤمن من الكافر بأسمائهم - وهم قد اصطحبوهم هذه المدة الطويلة !!؟
* قال المازندراني في شرح اصول الكافي :
الائمة كانوا يعرفون شيعتهم وأسماءهم واسماء ابائهم كما دلت عليه الروايات المعتبرة .
[ شرح اصول الكافي / المازندراني ج8 ص 9 ]
* وقال الحسني :
وتؤكد المرويات الصحيحة عن الامام الصادق عليه السلام وغيره من الائمة ان المغيرة بن سعيد ، وبياناً ، وصائداً ، وعمر النبطي ، والمفضل ، وغيرهم من المنحرفين عن التشيع والمندسين في صفوف الشيعة ، وضعوا بين المرويات عن الائمة عدداً كبيراً من مختلف المواضيع … الى ان قال :
وجاء عن المغيرة بن سعيد انه قال :
وضعت في اخبار جعفر بن محمد اثنى عشر الف حديث ، وظل هو واتباعه زمناً طويلاً بين صفوف الشيعة يترددون معهم الى مجلس الائمة عليهم السلام ، ولم ينكشف حالهم الا بعد ان امتلات اصول كتب الحديث الاولى بمروياتهم .
اين علم الائمة
اقول :
فاين كان علم الائمة بحالهم ؟ كيف خفي عليهم حال القوم وهم منهم ؟ ائمة معصومون يعلمون ما كان وما يكون ؟
[ راجع الكافي باب ان الائمة يعلمون علم ما كان وما يكون وانه لا يخفى عليهم الشيء / ج1 ص 260 ]
* وقال ايضاً :
وجاء عن ابي الحسن الرضا انه قال : كان بيان يكذب على علي بن الحسين فاذاقه الله حر الحديد وكان المغيرة يكذب على ابي جعفر الباقر ، وكان محمد بن فرات يكذب على ابي الحسن موسى بن جعفر ، وكان ابو الخطاب يكذب على ابي عبد الله الصادق.
* وقال :
وجاء عن يحيى بن عبد الحميد الحماني ان جعفر بن محمد كان رجلاً صالحاً مسلماً ورعاً فاكتنفه قوم جهال يدخلون عليه ويخرجون يقولون حدثنا جعفر بن محمد ويحدثون باحاديث منكرة كلها كذب على الامام جعفر بن محمد يستاكلون بها الناس كالمفضل بن عمر ، وبيان ، وعمر النبطي ، وغيرهم من الوضاعين ونسبوا اليه انه قال : ان معركة الامام تكفي عن الصلاة والصيام ، وان علياً في السحاب يطير مع الريح، وان الله اله السماء والامام اله الارض الى غير ذلك من المقالات .
* وقال ايضاً :
جاء في الكشي عن الامام الصادق انه قال :
كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على ابي وياخذ كتب اصحابه وكان اصحابه المتسترون باصحاب ابي ياخذون كتب اصحاب ابي فيدفعونها الى المغيرة فيدس فيها الكفر والزندقة ويسندها الى ابي ثم يدفعها الى اصحابه ليبثوها بين الشيعة ، وبلا شك كان هو واتباعه ينسبون الرواية المدسوسة الى الموثوقين من اصحاب الائمة حتى لا ينكشفوا على واقعهم ، هذا بالاضافة الى فريق اخر من الوضاعين كانوا يضعون الاحاديث التي تنفر الناس منهم ، كما يرشد الى ذلك قول الامام الباقر لقد رووا عنا ما لم نقله ولم نفعله ليبغضونا الى الناس .
[ الموضوعات في الاثار والاخبار / هاشم معروف الحسني ص 150]
* قال الشيخ محمد باقر البهبودي :
ان عبد الكريم بن ابي العوجاء قبل ان يقتل قال :
اما والله لئن قتلتموني ، لقد وضعت اربعة الاف حديث احرم فيها الحلال واحلل فيها الحرام ، والله لقد فطرتكم في يوم صومكم وصومتكم في يوم فطركم فضربت عنقه.
فقال البهبودي :
ومن الاسف اننا نجد النموذج من هذه الاحاديث التي يفطرنا يوم صومنا ويصومنا يوم فطرنا في روايات الشيعة اكثر منها في روايات اهل السنة ، روى شطراً منها ابو جعفر بن يعقوب الكليني في كتابه الكافي ، وكثيراً منها ابو جعفر بن علي بن بابويه القمي في كتبه ، واكثر ما رويت في ذلك تجدها في كتاب الاقبال للسيد ابي القاسم ابن طاووس .
[صحيح الكافي / محمد باقر البهبودي ص د]
الائمة حفظة الدين
اقول :
هذه النقولات وغيرها كثير توضح لك عزيزي القارئ ان عملية الدس كانت عملية كبيرة واسعة النطاق اشتركت أياد كثيرة في توسيعها حتى طالت احاديث الائمة انفسهم.
واذا كان الائمة وهم حفظة الدين لم تسلم احاديثهم ومروياتهم من الدس والتلفيق والتزوير فيكف بمن هم دون الائمة عندكم كالصحابة ومنهم عمر رضي الله عنهم .
ثم ان السؤال المثار هنا هو الم يكن من واجب الائمة حفظاً لبيضة الشيعة من ان تنالها سهام الخصوم والاعداء ، اقول الم يكن بالمستطاع ان يجمع الائمة تراثهم الفقهي والتشريعي في كتب لكي يستضيء الشيعة على سنا ضوئها بدلاً من هذا التشرذم والتمزق وعدم الوضوح في خطابهم الفقهي والتشريعي . نعم قد غادر الائمة الواحد بعد الاخر هذه الارض ولا زال شيعتهم يتخبطون في دياجير الظلام لعلهم يصلون الى شاطىء الامان بعد ان ركبوا السفينة الخطأ .(45/20)
ورواية روايات عنهم لا تقبل ولا تستساغ ، فكيف الحال مع غيرهم خصوصاً إذا كان هذا الغير ممن يتقرب الشيعة ببغضه ، ولعنه ، وسبه ، وهم الصحابة عموماً وعمر خصوصاً فالذي يقتضيه العقل والعلم والعدل أن يكون الباحث اشد تمحيصاً لهذه الروايات ، واشد تدقيقاً لها وبياناً لحالها لكثرة ما يحوطها من احتمالات الرد قال تعالى :
( وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ( (المائدة: من الآية8)
وعلى ذلك يجب ان تعالج التهمة المنسوبة الى سيدنا عمر( بإضافة عبارة (الصلاة خير من النوم) بشيء من الحكمة والدقة وينبغي ان تتعاملوا مع هذه التهمة على وفق الأصول التي قررتموها انتم ووضعتموها بأنفسكم تحقيقاً للعدل والأنصاف وإجراء أقوالكم مجرى الأفعال فهذا الذي ينبغي إن يكون إن كنتم حقاً تريدون العلم والعدل والله الموفق .
لا قدسية لكتب التاريخ
واليك عزيزي القارىء ما قاله فضل الله عن التاريخ وكتب التاريخ لاثبات ان القوم يقولون شيئاً ويفعلون اخر:
إن التاريخ تراث وعلينا أن نوثق التاريخ بحيث عندما تنقل لنا قضية نسأل من الذي نقلها ؟ هل الناقل موثوق ؟ أم انه ليس ثقة ؟ وحتى لو كان الناقل موثوقاً فهل مضمون الرواية يتنافى مع العقل ومع طبيعة الظروف الموضوعية التي نعرفها في ذلك الوقت ؟ فالتاريخ ليس مقدساً ، ففيه الشريرون والخيرون، وفيه الكذابون والصادقون ، كما عندنا خيرون وشريرون وكاذبون وصادقون(1).
أقول :
__________
(1) الندوة / محمد حسين فضل الله ج 1 ص 390 ](45/21)
إن القاعدة التي ذكرها فضل الله في الحكم على الأخبار التاريخية قاعدة مؤصلة وثابته عند أهل العلم والرجل لم يأت بجديد بخصوصها وانما قام بذكرها في معرض استشهاد أو طرح لفكره ، وهذه القاعدة مطرده تخضع لها جميع الحوادث التاريخية أياً كان مصدرها وأياً كان الناقل لها ، فالخضوع لها ثابت للجميع بلا استثناء .
والمعروف عن الشيعة انهم يستخدمون هذه القاعدة اجمالاً في الرد على أهل السنة عند توجيههم بعض الأخبار التي تتعلق بهم إليهم ، فتراهم يدندنون حول هذه القاعدة محاولين التشكيك بما يوجه إليهم ، ويرفعونها شعاراً في الرد والإبطال ، ولكن عندما يكون الأمر مخالفاً بحيث أن التهمة توجه إلى أهل السنة عن طريق أخبار تنقل عنهم أو تذكر في كتب التاريخ فيها شبهات وشكوك وطعون محتملة لا نرى لهذه القاعدة وجوداً ولكن نرى مصطلح التواتر، ومصطلح المشهور، بحيث أن الأخبار التاريخية والتي هي في ميزان العلم اكثر الأخبار أحتمالاً للشكوك تصبح من القطعيات ، وكما قال الشاعر :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ** ولكن عين السخط تبدي المساويا
واقصد هنا ما ينقل من تهم وأفتراءات في حق أصحاب النبي ( هذه التهم والزلات التي تجد الشيعة خصوصاً لأغراض معلومة وغير معلومة يبحثون عنها بلهفة وأجتهاداً في أي كتاب يقع بين أيديهم ، حتى انهم لو وجدوا كتاباً يحوي زلة أو خبراً يحتمل إلصاق خطأ بأحد الصحابة يصبح حالهم كالذي يجد ذهباً في كهف مظلم ، فيرفعون من شأن هذا الكتاب ، ويعلون رايته ويصبح هو المقدم وغيره لا يعد ، لذا فتراهم يرفعون من شان تلك الكتب الحاوية على ما يوافق اهواءهم حتى ان الناظر لاول وهلة لاقوالهم ليظن ان تلك الكتب لها من المنزلة عند اهل السنة كمنزلة القران عند المسلمين .(45/22)
او ربما يذكرون حديثاً او خبراً في كتاب قد جمع بين الدفتين الصحيح والضعيف من الاثار ، فتجدهم يطلقون على ذلك الكتاب وصف الصحة كي يدلسوا على القارىء ويمرروا عليه ما وجدوه في هذا الكتاب من اخبار ضعيفة تسند وتدعم احدى شبههم ، ولذلك فليس من الغريب انهم يطلقون على الكتب الستة بالصحاح الستة ، او تراهم يطلقون على جامع الترمذي اسم صحيح الترمذي او يطلقون على سنن النسائي اسم صحيح النسائي وهكذا هلم جراً، وهذا الصنيع وان كان له اثر على السذج من الناس فانه لا يمر على اولي الالباب منهم ، لذا اقتضى الامر هنا التنبيه على ذلك لخطورة هذا الصنيع.
وعلى الغرار نفسه نجدهم عندما ياتون على ذكر كاتب او باحث من اهل السنة اتى في احد كتبه او بحوثه بشيء فيه موافقة لاهوائهم حتى ولو كان هذا الكاتب في الأصل مجهولاً او مغموراً أو ربما مطعوناً فيه ، فيحيطونه بعبارات التفخيم والتبجيل ويسبغون عليه من الاوصاف والالقاب ما لم يتصف به رجالات الصدر الاول من الصحابة رضي الله عنهم وما ذلك الا لتحقيق الهدف المشار اليه سابقاً ، ولم يعلم هؤلاء ان صنيعهم هذا لا قيمة له عندنا نحن اهل السنة لان الرجل مهما اتصف بالاوصاف فهو لا يعلي من شأنه ولا يخفضه والحكم عندنا في ذلك هي اقواله وافعاله التي ان جاءت موافقة للكتاب والسنة احببناه ورفعناه لذلك السبب والعكس صحيح .
ونحن وكما يعلم القاصي والداني لا نؤمن بعصمة احد غير الانبياء واما غيرهم فيسيرون جميعاً على وفق مقياس واحد منضبط وهو القران الكريم والسنة النبوية فيهما فقط نوثق ونضعف ، لذلك نحن لا نملك ولاءً اعمى وتقليداً أجوفاً للرجال كما هو عند غيرنا بل ولاؤنا وتقليدنا لشرع الله ورسوله ، ومن سار على وفق اوامرهما وثقناه ومن حاد عنهما قدحنا فيه ولا نبالي بعمامة سوداء فوق رأسه ام بيضاء .(45/23)
لذا نكرر القول من جديد ونؤكد على ضرورة التثبت في نقل الاخبار والتحقق من صدقها او كذبها وان نكون اكثر دقة حينما ننقل الاخبار من الكتب وعلينا اخضاع جميع الاخبار لقانون الجرح والتعديل الذي لولاه لقال من شاء ما شاء، اما ان نطلق الاحكام جزافاً من غير تثبت ولا تحقق فهذا مما لا شك في فساده ولا عذر لمن قام بذلك .
ويصبح على ضوء ما تقدم الخبر الذي تلقوه من اصح الأحاديث على وجه الأرض لا يناقش ولا يبحث فيه أصلاً .
فلماذا هذا التعامل السلبي في القضايا المتفق عليها والقواعد العامة في الحكم على الأخبار ؟ أليس من العدل أن يكون الحكم على الخبر خاضعاً للقاعدة عموماً .
فالحكم عام يشمل حتى غير المسلمين لان العدل ميزان ألزم الله به جميع خلقه قال تعالى :
( وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ( (الرحمن: 7-9) أم أنكم تحبون أن تدخلوا في قوله تعالى :
( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ( (المطففين:1-6)
فالذي يخاف مقام ربه يوم القيامة يجتنب التطفيف في الميزان بل على العكس إن كان الأمر متعلقاً بنفسه تسامح وتساهل ، إما إن كان متعلقاً بالغير تشدد وتثبت واتقى الله ما استطاع حتى لا يقع في الظلم الذي نهى الله عنه وليدرء عن نفسه عذاب ربه .
فالذي ينبغي على كل عاقل وذي فهم هو ان يحكم القواعد في الحكم على نفسه وان يكون في تحكيمها على الغير أشد تثبتاً واكثر دقة ليبرىء ذمته ولا يقع في البهتان إذ ان التسرع في الحكم على مؤمن من اشد الظلم إذ هو من الإيذاء المنهي عنه قال تعالى :(45/24)
( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً( (الأحزاب:58)
بل حتى أهل الكتاب لا يجوز ظلمهم بل يعاملون بالتي هي احسن ان لم يكونوا ظالمين قال تعالى :
( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ( (الممتحنة:8)
فهذا هو الميزان المتفق عليه عند جميع الملل والطوائف فلماذا تحيدون عنه وتتبعون أهواءكم وتجتنبون ما تلزمون به غيركم قال الله سبحانه وتعالى :
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ( (الصف:2-3)
فذكر القاعدة وتأصيلها قولاً يقتضي منك فعلها وتطبيقها واقعاً ملموساً في التعامل مع الأخبار وخصوصاً بما يتعلق بخيرة الخلق بعد رسول الله ( صحابته الإجلاء ونقلة دينه الأبرار الأخيار الذين يعجز اللسان عن مدحهم والثناء عليهم بعد ان أثنى عليهم رب العزة ومدحهم مزكي النفوس الذي لا يزكى الأنفس إلا هو اذ يقول في محكم كتابه العزيز عنهم :
( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ( التوبة / 100)
( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ( ( الفتح / 18)(45/25)
( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ( ( الأنفال / 7 )
( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ( ( الفتح / 29 )
( لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (( التوبة / 88 )
( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ( ( التوبة / 20 )
( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ( ( الحديد / من الآية10 )(45/26)
فالذي يتلخص مما ذكرنا ان هذه القاعدة التي ذكرها فضل الله هي قاعدة عامة في كل الأخبار المنقولة عن آية فرقة من الفرق أو دين من الأديان ، وتزداد درجتها بحسب القضية المنقولة ، وحسب التعلق بالشخص ، وهي قضية موضوعية مجردة لا تحكمها الأحاسيس ولا ترتبط بالمشاعر والعواطف وانما هي علم يتوصل به إلى العدل المأمور به ، فعلى الكل ان يلتزم بها وان يخضع المنقول من الروايات والأخبار التاريخية لها ولا يكون من الذين يكيلون بمكيالين ويحكمون بازدواجية المعايير فان كان الأمر لهم فهذه القاعدة معطلة ، وان كان عليهم فهي الأصل الذي تدور عليه الرحى فهذا ظلم فاضح وتجاوز بين على حقوق الآخرين والظلم ظلمات يوم القيامة.
فعلى كل مسلم ان يتقي الله في التعامل مع الأخبار وان لا يلصق التهم بمجرد ما يسمع أي خبر دون التثبت والتأكد والتدقيق وكل هذا عدل امرنا به والزمنا بتطبيقه من قبل صاحب العدل الذي لا يظلم عنده أحد جل وعلا(1) .
الهوى وكتابة التاريخ
لقد درج الشيعة منذ عصور على قراءة معوجة لاحداث التاريخ انعكست سلباً على كتاباتهم فكتبوا تلك القراءة المعوجة بصورة معوجة ايضاً تقوم على اساس تحكيم الهوى في قبول الخبر ورده ، فهم ينتقون الكتب التي تنفعهم ، وينتقون الاقوال من هذه الكتب من دون تميز بين صحة هذا القول وضعفه ، وينتقون من الاحداث ما يوافق هواهم وان كان باطلاً وهناك من الحق البين الواضح الذي يخالفه .
__________
(1) ملاحظة :
أود الإشارة هنا إلى أمر اراه في غاية الأهمية ويتلخص في ان هذه القاعدة المذكورة لو طبقت تطبيقاً علميا رصينا على جميع التهم والقضايا التي يلصقها الشيعة بصحابة رسول الله( لتساقطت بمجرد إخضاعها لها ولن يبقى منها شيء ، ولا أقول هذا الكلام تخرصاً وانما الميدان مفتوح أمامكم والساحة فسيحة لمن أراد البحث والتنقيب لتتأكدوا بأنفسكم من صدق ما أقول والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .(45/27)
فانتقوا على وفق ذلك الاساس من احداث التاريخ ما يخدم عقيدتهم ويمهد لافكارهم ومذاهبهم فكان ان جاء التاريخ عندهم تاريخاً اسوداً مظلماً قاتماً كان فيه رجالات الصدر الاول مجموعة من اللصوص وقطاعي الطرق وجاءت فيه فتوحات الاسلام المشرقة عبارة عن اطماع لاولئك الرجال لتوسيع نفوذهم كي يتمتعوا بالثروات وهكذا ذهبت ماثرهم ادراج الرياح ، واذا كان هذا هو حال رجالات الصدر الاول فمن كان دونهم ممن جاء بعدهم أشد منهم سوءاً في المقال والافعال وهكذا رسموا للاسلام والمسلمين صورة قاتمة من وحي خيالهم الغادر والشاذ من الاقوال والافعال ، فليس يهمهم الا موافقة الحدث لاهوائهم بغض النظر عن صحته او ضعفه .
لذا تجد عشرة كتب تعالج الحدث بصور مختلفة ، واحدة منها توافق اهواءهم وتسعه تخالف تلك الاهواء فتراهم يعتمدون تلك الواحدة حتى لو كانت ضعيفة او شاذة وما ذلك الا لموافقة هذا الكتاب في معالجته الحدث لما تقرر في نفوسهم وهكذا تجدهم يدورون مع اهوائهم فما وافقها قرروه واخذوا بموجبه ، وما لم يوافقها اهملوه وطرحوه وهذا بلا ريب خلاف المنهج العلمي الرصين القائم على البحث في سند الحديث لبيان صحته من ضعفه بغض النظر عن موافقته للمعتقد والمذهب أم لا ورحم الله القحطاني اذ يقول :
لا تقبلن من التوارخ كل ما ** جمع الرواة وخط كل بنان
ارو الحديث المنتقى من أهله ** سيما ذوي الاحلام والاسنان
كأبن المسيب والعلاء ومالك ** والليث والزهري أو سفيان
وينتقون من الاقوال والاحاديث دون النظر الى السند من ناحية الصحة او الضعف فكتب التاريخ باب مفتوح لهم ياخذون منه ما يشاءون دون النظر الى كاتبه والى ما كتبه ما دام فيه طعن باهل السنة والصحابة ، وكثيرا ما يترك الصحيح المتفق على صحته وياخذون بالقول الضعيف الشاذ .(45/28)
وينتقون من كتب التاريخ - وان كانت احاديث هذه الكتب بدون اسانيد - ما يخدم مذهبهم ، ويردون ما في هذا الكتب من احداث واحاديث تطعن في مذهبهم ومن باب الانصاف والعدل والمنهج الحق اما ان يؤخذ ما في هذا الكتاب كله او يترك كله لانه بدون سند .
واما استخدامهم العقل من اجل اعادة كتابة التاريخ فنعطيهم العذر في استخدامه وهذا امر هين مقارنة مع اعتمادهم على العقل في تاصيل اعظم عقائدهم وهي الامامة .
السيد جعفر العاملي والتثويب
فهذا على سبيل المثال اية الله السيد جعفر مرتضى العاملي الذي تصدر كتابة التاريخ عند الشيعة في عصرنا الحاضر نجده قد تخبط كثيراً في قضية (الصلاة خير من النوم) واتهامه عمر رضي الله عنه بها مع العلم انه اعترض على الكثير من الاخبار التاريخية التي لا تخدمه فقال في كتابه المدخل لدراسة السيرة النبوية المباركة عن التاريخ :
لا بد على من يريد دراسة التاريخ والاستفادة من الكتب التاريخية والتراثية، من ان يقرأها بحذر ووعي ، ودقة وتأمل ، حتى لا يقع في فخ التضليل والتجهيل . فلا بد من ان يفتح عينيه وقلبه على كل كلمة تمر به ويحاول قدر المستطاع ان يستنطقها ، ويستخلص منها ما ينسجم مع الواقع ، مما تؤيده الدلائل والشواهد المتظافرة ، ويرفض ان يتوقف في كل ما تلاعبت به الاهواء واقرت عليه الميول والعصبيات(1)(2).
اقول :
__________
(1) المدخل لدراسة السيرة النبوية المباركة/ السيد جعفر مرتضى العاملي في كتابه ص 11]
(2) اقول :
وهو – في جل ابحاثه – يجعل من ميوله ونزعته معياراً في قبول الخبر او رده، فاذا وافق هواه وميوله اخذ به والا رده ؟؟ والقوم لهم عقدة لا ينفكون عنها وهي انهم يجعلون كل رواية وخبر لا يوافق منهجهم واهواءهم يجعلونه مما تلاعبت به الاهواء، وحملت عليه الميول والعصبيات فتامل .(45/29)
لقد عالج العاملي نفسه مسألة (التثويب) فهل كان موفقاً في تطبيق هذا الكلام على نفسه ام انه حاد عن هذا المنهج واقتفى اثر من سبقه بحكم الهوى والاخلاد الى ارض التقليد ، تعال عزيزي القارئ لنتحقق من ذلك ولعل مما يثير العجب والدهشة في آن واحد ، انك تجدهم يدعون الى شيء ويفعلون خلافه ، فتراهم يدعون الى تحكيم العقل وقواعد الجرح والتعديل في قبول الخبر ورده ، وعدم الانجرار وراء الهوى بل وعبادته وجعله مقياساً لصحة الشيء من عدمه فكانت النتيجة ان ضلوا واضلوا كثيراً من الناس قال تعالى :
( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ( (الجاثية:23)
وهكذا نجدهم يقولون ما لا يفعلون وقد قال تعالى :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُون ( (الصف:3).
يقولون ما لا يفعلون
واليك مثالاً على ما تقدم ذكره ، فهذا السيد جعفر مرتضى العاملي يقرر ما قلناه سابقاً فتراه يقول في كتابه الصحيح من السيرة :
عن بلال أنه كان يؤذن بالصبح فيقول (حي على خير العمل) فأمر رسول الله ( أن يجعل مكانها (الصلاة خير من النوم) وترك (حي على خير العمل).
فقال مرتضى العاملي:
اما ذيل الرواية فالظاهر انه من تزيد الرواة لان عبارة (الصلاة خير من النوم)، اضيفت الى الاذان بعد زمان النبي ( وبالذات من قبل عمر بن الخطاب كما صرحت به العديد من الروايات . ووضع هامش للروايات :(45/30)
[ موطأ مالك ج1 ص 93 - سنن الدارقطني - مصنف عبد الرزاق ج1 رقم 1827 ، 1829 ، 1832 ص 474 ، 475 - كنز العمال ج4 5567، 5568- ومنتخبه هامش المسند ج3 ص 278 وفيه قال انها بدعة– والترمذي- وابا داود - وغير ذلك(1) ](2).
اقول :
انظر عزيزي القارىء وتامل قول العاملي انفاً ستجده اول من حاد عما قرره سابقاً فقال ان ذيل الرواية هو مما زاده الرواة بدون ان يذكر دليلاً واحداً على ما ادعاه فكيف حصلت الزيادة ؟ ومن الذي زادها ؟ ومن قال انها زيادة(3)؟
اما سبب الزيادة فهو عدم وجودها في زمن النبي ( وانها من اضافة عمر بالذات.
هل طبقت هذا المنهج على نفسك
نقول للسيد ما قاله في بدء كلامه :
يجب على الباحث دراسة التاريخ بحذر ووعي ، ودقة وتأمل ، حتى لا يقع في فخ التضليل والتجهيل ، ويجب ان يفتح عينيه وقلبه على كل كلمة تمر به ويحاول قدر المستطاع ان يستنطقها ، ويستخلص منها ما ينسجم مع الواقع، مما تؤيده الدلائل والشواهد المتضافرة ، ويرفض ان يتوقف في كل ما تلاعبت به الاهواء واقرت عليه الميول والعصبيات(4)(5)
__________
(1) الصحيح من السيرة / مرتضى العاملي ج4 ص 284 ]
(2) ملاحظة :
ذكر السيد جملة من المصادر بعضها وضع له رقم الصفحة ورقم الحديث كما هو واضح ، وبعضها لم يضع له ذلك ، وهذه من طرقهم في التدليس على القارىء والباحث.
(3) العاملي هنا اتهم الرواة بهذه الزيادة ( أن يجعل مكانها الصلاة خير من النوم وترك حي على خير العمل ) بدون دليل .
اما الميلاني كما سياتي لاحقاً فانه حذف العبارة لانه لم يجد مخرجاً لهذا الحديث الا الاقتطاع منه .
اما اية الله السبحاني فانه ذكره وتغاضى عن التعليق عليه كما علق على احاديث اخرى كما سياتي لاحقاً ، فتربص حتى حين .
(4) المدخل لدراسة السيرة النبوية المباركة / السيد جعفر العاملي ص 11 ]
(5) اقول :
والرجل في الحقيقة لم يخرج عن منهجه كما ظننت بل هو طبقه بحذافيره وذلك لانه يجعل من اعتقاده وميوله اصلاً في القبول والرد وهو يستنطق النص حتى يظهر موافقته لاهوائه ويستخلص منه ما ينسجم مع واقع دينه ومذهبه ليس الا ، فلا تظنن بالرجل خيراً في سوقه وعرضه لهذا المنهج ، وليس ادل على ذلك مما قاله في كتابه (ماساة الزهراء) ج1ص27 ، كما نقله عنه جعفر الشاخوري صاحب كتاب (مرجعية المرحلة وغبار التغير) ص115 راجع قوله في الصفحات السابقة .(45/31)
.
فهل طبقت هذا المنهج على نفسك حينما ناقشت مسألة تتعلق بعمر ؟ اقول لا انك لم تفعل بل انطلقت في معالجتك هذه القضية بما يحمله صدرك وصدر اهل مذهبك من بغض نحو الصحابة عموماً وسيدنا عمر خصوصاً .
فاين قدر المستطاع ؟ واين الواقع والدلائل والشواهد المتظافرة ؟ هل هي في اثر الموطأ ام فيما قمت بتسطيره من المصادر وليس في واحد منها دليل على ان عمر هو الذي فعل هذه الاضافة – علماً انه لم يطعن احد من العلماء غير العاملي على اساس هذه الاحاديث في عمر حتى عبد الحسين شرف الدين- فان الامر المبحوث عندنا هو هل هذه العبارة هي من فعل النبي ( ام هي من فعل عمر رضي الله عنه ؟ وهو الامر الذي لم يستطع اثباته ولو بحديث واحد وكل المصادر التي ذكرها هي بعيدة كل البعد عن نسبة هذا الفعل الى عمر فما نريده منكم هو ان تثبتوا لنا ان عمر هو الذي فعل ذلك ولكن من طريق صحيح اما ان يلف العالم ويدور ويسود صفحات كتابه بكلام فارغ وهو بعيد كل البعد عن الحقيقة التي يسعى اليها الباحث ويسعى اليها طالب الحق(1) .
ولعل مما يثير الاشمئزاز في النفس هو ذلك الاسلوب المقيت الذي انتهجوه حينما يريدون كتابة شيء عن الصحابة فتراهم يجعلون كل الكتب صحيحة حتى لو كانت هالكة وساقطة باجماع العلماء فتجدهم يصححونها ويسبغون الاوصاف الحميدة عليها وما ذلك الا لوجود طعن بالصحابة في بعض مروياتها او الاساءة اليهم وكما اشرنا الى ذلك سابقا واقتضى التأكيد عليه هنا مرة اخرى.
__________
(1) ارجع عزيزي القارىء الى المصادر المذكورة فانك لن تجد في جميع هذه المصادر دخلاً لعمر رضي الله عنه في هذه الاضافة والمصادر جميعها موجودة في ثنايا هذا الكتاب وبعض المصادر التي اعتمد عليها تثبت عبارة (الصلاة خير من النوم) باحاديث صحيحة لذلك فهو لم يشر الى ارقام الاحاديث وارقام الصفحات.(45/32)
وفي مقابل ذلك كله تجد كل الكتب ضعيفة ولا يستدل بها اذا كان فيها مدح للصحابة ، بل ان كتبهم تخضع لهذا المقياس ايضاً فتجدهم يقولون عن كتبهم التي حوت ما لا يتفق مع اهوائهم انها كتب ليست بصحيحة ، وان لا صحيح لديهم سوى القرآن ، او تجدهم يحكمون بصدور الاقوال التي لا تتفق مع اهوائهم على سبيل التقية وهكذا يعمل الشيعة على تسقيط كتب خصومهم بانها كتب اموية او عباسية او كتابها من النواصب .
ويعملون على تسقيط كتبهم بحجة عدم وجود كتاب واحد صحيح لديهم ويتفاخرون بتلك المثلبة والمنقصة او تجدهم يكذبون قائليها وما ذلك كله الا لان في تلك الكتب ما يخالف اهوائهم وعقائدهم فحسبنا الله ونعم الوكيل قال تعالى :
( تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم ( (آل عمران: من الآية64) .
اين امهات كتبكم الشيعية
وقال اية الله السيد جعفر مرتضى العاملي عن التاريخ :
في الوقت الذي نملك فيه اغنى تاريخ عرفته امة ، لا نملك من كتب التاريخ والتراث ما نستطيع ان نعول عليه في اعطاء صورة كاملة وشاملة ودقيقة عن كل ما سلف من احداث ، لان اكثر ما كتب منه تتحكم فيه النظرة الضيقة، ويهيمن عليه التعصب والهوى المذهبي ويسير في اتجاه التزلف للحكام (1).
اقول :
وهذه الاسطوانة اصبحت مشروخه ومملة وهي شنشنة نعرفها من اخزم !
ان لم يعجبكم ما سطر في كتب التاريخ فلماذا جل اعتمادكم على كتب التاريخ للطعن بالصحابة وباهل السنة ؟ واذا كانت هذه الكتب يهيمن عليها التعصب والهوى المذهبي لان مؤلفيها من اهل السنة .
فاين امهات كتبكم الشيعية في التاريخ والسيرة ؟ ولماذا المؤلفات الشيعية قاصرة قصوراً شديداً في الكتابة عن هذه المواضيع ؟ اين هذه المراجع لكي نضعها في الميزان ونقارنها مع ما كتب اهل السنة ؟
__________
(1) المدخل لدراسة السيرة النبوية المباركة / السيد جعفر مرتضى العاملي ص 10](45/33)