ومن أسوأ تلك الأهواء : نَفَثَات المخذِّلين المقصرِّين منا , فترى المُثْخَنَ بجراح التقصير , الكاتم للحق , البخيل ببذل العلم , إذا قام إخوانه بنصرة السُّنَّة يُضيف إلى تقصيره , مَرَضَ التخذيل ...
قال الإمام ابن القيم ( : وأيُّ دينٍ وأيُّ خيرٍ ، فيمن يَرَى محارم الله تُنتهك ، وحدوده تُضاع ، ودينه يُترك ، وسنة رسول الله ( يُرغب عنها ، وهو باردُ القلب ، ساكتُ اللسان ، شيطانٌ أخرس , كما أن المتكلم بالباطل شيطانٌ ناطق ؟! وهل بليَّةُ الدين إلا من هؤلاء !! الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياستهم , فلا مبالاةَ بما جرى على الدين ؟ وخيارُهم المتحزِّن المتلمِّظُ , ولو نُوزعَ في بعض ما فيه غضاضةٌ عليه في جاهه أو ماله بَذَلَ وتبذَّلَ ، وَجَدَّ واجتهدَ , واستعمل مراتبَ الإنكار الثلاثة بحَسَب وسعه ، وهؤلاء : مع سقوطهم من عين الله ومقتِ الله لهم , قد بُلُوا في الدنيا بأعظم بليَّة تكون وهم لا يشعرون , وهو موتُ القلوب , فإنه القلبُ كلَّما كانت حياته أتم , كان غضبه لله تعالى ورسوله ( أقوى , وانتصاره للدين أكمل (1) .
__________
(1) إعلام الموقعين ج2/121 .(10/8)
فقل لي بربِّك : إذا أظهر المبطلون أهواءهم , والمرصدون في الأمة : واحدٌ يُخذل , وواحدٌ ساكت , فمتى يتبين الحق ؟ ألا إنَّ النتيجة تساوي : ظهور الأقوال الباطلة , والأهواء الغالبة على الدِّين الحقِّ , بل والتبديل , وتغير رسومه في فِطَرِ المسلمين , فكيف يكون السكوت عن الباطل إذاً حقاً , والله يقول : ( ( - - رضي الله عنه - - ( - ( - ( { - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - { - رضي الله عنه -( - - - ( - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( - (((- رضي الله عنه - - ( - - - (( مقدمة ((- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - عليه السلام - - - ( - - - ( - - ( - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - ( - - - رضي الله عنهم - - - ( المحتويات ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - - - - - ( تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم (((( - - (((( ( .
ألا وإنَّ النفير خِفافاً وثقالاً , لِنَثْلِ السِّهام من كنانة الحقِّ , للرَّدِّ على كلِّ مخالف لعقيدتنا , ونقض شُبَهِهِ , وكشف فُتونه وتعريته , هو من حقِّ الله على عباده , وحقِّ المسلمين على علمائهم , في ردِّ كلِّ مخالِفٍ ومخالَفته , ومُضلٍّ وضلالته , ومخطيءٍ وخطئه .. حتى لا تتداعى الأهواء على المسلمين تَعثُوا فَسَاداً في فطرهم , وتَقصمُ وحدتهم , وتؤول بدينهم إلى دينٍ مُبَدَّلٍ , وشرعٍ محرَّف , ورُكامٍ من النِّحل والأهواء ... (1) .
ومن أكابر العلماء الذين أبلو البلاء الحسن في هذا الباب , وكل من أتى بعدهم فهو عالة عليهم , شيوخ الإسلام : ابن تيمية , وابن القيم , ومحمد بن عبدالوهاب , وأئمة الدعوة النجدية رحمهم الله تعالى , وغيرهم كثير ..
__________
(1) انظر : الرد على المخالف من أصول الإسلام للشيخ / بكر بن عبدالله أبو زيد ص5-11 بتصرف مع بعض الزيادات .(10/9)
وقد اعتمدتُ في النقل على كتب المذهب الشيعي المعتمدة المعتبرة عندهم , من باب العدل والإنصاف , وإقامة الحجة , وذكر ما يُناقضون به أنفسهم في جلِّ عقائدهم , وهذا بإذن الله من أعظم العون على رجوع من كتب الله له الهداية من شباب وفتيات المذهب الشيعي إلى المذهب الحق , مذهب صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وهذه الرسالة معتصرٌ لمختصر كتابي : سؤال وجواب , في أهم المهمات العقدية , لدى الشيعة الإمامية , عبر مصادرهم الأصلية , يسَّر الله إخراجها , وكتب القبول لها .
ولا يفوتني أن أعترف بالشكر بعد الله تعالى , لمشايخي الكرماء الفضلاء : صالح بن فوزان الفوزان , ومحمد بن ناصر السحيباني , وعبدالعزيز بن عبدالله الراجحي , وناصر بن عبدالله القفاري , ومحمد بن رزق طرهوني , وغيرهم ممَّن بذل ليَ النصح والتوجيه والدعاء , فجزاهم الله تعالى عني وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء , وجعل منزلهم الفردوس الأعلى من الجنة , ووالدينا وأزواجنا وذرياتنا وجميع المسلمين , آمين .
وإلى الرسالة , مستعيناً بالله تعالى وحده لا شريك له , ولا حول ولا قوة إلا به , وهو حسبنا ونعم الوكيل , فنعم المولى جل وعلا , ونعم النصير .
بسم الله الرحمن الرحيم
س 1/ من هم الشيعة ؟ .
ج/ أجاب الشيخ/محمد بن محمد بن النعمان بأنهم : أتباعُ أمير المؤمنين علي - عليه السلام - على سبيل الولاء والاعتقاد لإمامته بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلا فصل , ونفي الإمامة عمَّن تقدَّمَهُ في مقام الخلافة , وجعله في الاعتقاد متبوعاً لهم غير تابع لأحد منهم على وجه الاقتداء (1) .
__________
(1) أوائل المقالات في المذاهب المختارات لأبي عبدالله محمد بن محمد النعمان الملقب بالمفيد المتوفى سنة 413هـ .(10/10)
التعليق : إنَّ لفظ الشيعة إذا أُطلق اليوم , فإنه لا ينصرف إلا إلى طائفة الاثنى عشرية (1) .
وذلك لأنَّ الاثنى عشرية هم غالبية الشيعة اليوم , ولأنَّ مصادرهم في الحديث والرواية , قد استوعبت معظم آراء الفرق الشيعية التي خرجت في فترات التاريخ ... الخ .
س 2/ ما أصل نشأة المذهب الشيعي ؟ .
ج/ القول الراجح لدى المحققين من علمائهم : أنَّ الذي غرسه وأظهره عبدالله بن سبأ اليهودي ؟ باعتراف كتب المذهب الشيعي نفسها ؟ .
فقد دلَّت على أنَّ ابن سبأ اليهودي , هو أول من أشهر القول بإمامة علي - رضي الله عنه - , وهي عقيدة النص على علي - رضي الله عنه - بالإمامة , وهي أساس التشيع , وهو أول من أظهر الطعن في أصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - , وهو أول من أظهر القول بالرجعة ... الخ .
وقال العالم الشيعي : محمد حسين العاملي : إنَّ لفظ الشيعة قد أُهمل بعد أن تمَّت الخلافة لأبي بكر ، وصار المسلمون فرقة واحدة إلى أواخر أيام الخليفة الثالث (2) .
وقال العلامة النوبختي : السبئية : قالوا بإمامة علي - عليه السلام - وأنها فرض من الله عزَّ وجلَّ , وهم أصحاب عبدالله بن سبأ , وكان ممن أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم , وقال : إن علياً - عليه السلام - أمره بذلك , فأخذه علي - عليه السلام - فسأله عن قوله هذا فأقرَّ به , فأمر بقتله ... وحكى جماعة من أهل العلم أن عبدالله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووالى علياً - عليه السلام - .
__________
(1) قاله : حسين النوري الطبرسي في كتابه : مستدرك الوسائل ج3/311 , ووسيد أمير علي في كتابه : روح الإسلام ج2/92 , ومحمد آل كاشف الغطاء في أصل الشيعة وأصولها ص92 , ومحمد العاملي في الشيعة في التاريخ ص43 , وغيرهم .
(2) الشيعة في التاريخ للعاملي ص39-40 .(10/11)
وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى ص بهذه المقالة (1) , فقال في إسلامه في عليِّ بن أبي طالب - عليه السلام - مثل ذلك .
وهو أول من أشهر القول بفرض إمامة علي - عليه السلام - , وأظهر البراءة من أعدائه .. وأكفرهم , فمن هاهنا قال من خالف الشيعة : إنَّ أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية (2) .
ثم ذكر شيخ شيوخ المذهب الشيعي/القمي موقف ابن سبأ اليهودي , حينما بلغه موت علي ? , حيث ادَّعى أنه لم يمت , وقال برجعته وغلا فيه .... (3) .
س 3/لو عرَّفتم لنا من هم الأئمة الاثني عشر في اعتقاد علماء الشيعة الإمامية ؟ .
ج/ أولهم : الخليفة الراشد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - , يُكنَّى بأبي الحسن , ويلقبونه بالمرتضى ( ولد سنة 23 قبل الهجرة , واستُشهد - رضي الله عنه - سنة 40هـ ) .
2- ابنه الحسن - رضي الله عنه - , يُكنونه بأبي محمد , ويُلقب بالزَّكيِّ ( 2-50 ) .
3- ابنه الحسين - رضي الله عنه - , يُكنونه بأبي عبدالله , ويُلقب بالشهيد ( 3-61 ) .
4- علي بن الحسين بن علي - رضي الله عنهم - , يُكنونه بأبي محمد , ويلقب بزين العابدين ( 38- 95 ) .
5- محمد بن علي بن الحسين - رضي الله عنهم - , يُكنونه بأبي جعفر , ويلقب بالباقر ( 57- 114 ) .
6- جعفر بن محمد بن علي - رضي الله عنهم - , يُكنونه بأبي عبدالله , ويلقب بالصادق (83- 148) .
__________
(1) أي : يدَّعي فيهما الألوهية أيام يهوديته , ثم ادَّعاها في عليِّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - بعدما تظاهر بالإسلام , انظر : الأنوار النعمانية لنعمة الله عبدالله الحسيني الموسوي الجزائري المتوفى سنة 1112هـ , ج2/234 .
(2) فرق الشيعة للنوبختي ص19-20 و32-44 .
(3) انظر : المقالات والفرق ص10-21 للقمي , ورجال الكشي ص106-109 , وتنقيح المقال للمامقاني ج2/84 .(10/12)
7- موسى بن جعفر بن محمد - رضي الله عنهم - , يُكنى بأبي إبراهيم , ويلقب بالكاظم ( 128- 183هـ ) .
8- علي بن موسى بن جعفر - رضي الله عنهم - , يُكنى بأبي الحسن , ويلقب بالرضا ( 148- 203هـ ) .
9- محمد بن علي بن موسى - رضي الله عنهم - , يُكنى بأبي جعفر , ويلقب بالجواد ( 195- 220هـ ) .
10- علي بن محمد بن علي - رضي الله عنهم - , يُكنونه بأبي الحسن , ويلقبونه بالهادي ( 212-254هـ ) .
11- الحسن بن علي بن محمد - رضي الله عنهم - , يُكنونه بأبي محمد , ويلقبونه بالعسكري ( 232-260هـ ) .
12- محمد بن الحسن بن علي - رضي الله عنهم - , يُكنونه بأبي القاسم , ويلقبونه بالمهديِّ ( يزعمون أنه ولد سنة 255 أو 256هـ ويؤمنون بأنه حيٌ إلى اليوم ) (1) .
س 4/هل قال أحدٌ من علماء الشيعة المعتبرين : بوجود آيات سخيفة في كتاب الله تعالى !! ؟ .
ج/ نعم !! .
ومن أكابر علمائهم القائلين بذلك : شيخهم الطبرسي في الوثيقة ص211 حيث قال : .. وعلى اختلاف النظم , كفصاحة بعض فقراتها البالغة حدَّ الإعجاز , وسخافة بعضها الأخرى , وعلى اختلاف مراتب الفصاحة , ببلوغ بعضها أعلى درجاتها , ووصول بعضها إلى أدنى مراتبها ... !؟ .
التعليق :
لقد نَزَّهَ علماءُ الشيعة كتبهم أن يوجد فيها شيء سخيف (2) !! أمَّا كتاب الله ؟! .
س 5/ هل قال أحدٌ من علماء الشيعة بأنَّ جبريل - عليه السلام - قد غلط في إنزاله الوحي ؟ .
__________
(1) انظر : أصول الكافي ج1/452 .
(2) انظر مثلاً : شرح نهج البلاغة ج20/187 , لابن أبي الحديد المعتزلي المتوفى سنة 656هـ .(10/13)
ج/ نعم , فقد قالت الغرابية , وهي أحد فرق المذهب الشيعي : بأنَّ محمداً ص كان أشبه بعليٍّ - عليه السلام - من الغراب بالغراب , وأنَّ الله - سبحانه وتعالى - بعث جبرئيل بالوحي إلى عليٍّ - عليه السلام - , فغلط جبرئيل , وأَنزل الوحي على محمد ص (1) .
تعليق مهم :
هل هناك فرقٌ بين هذه المقالة وبين مقالة علمائهم : بأنَّ القرآن جزءٌ من تسعة أجزاء , وعلمه عند عليٍّ - عليه السلام - (2) .
ولهذا سمَّى علماء الشيعة القرآن : بالقرآن الصامت , والإمام : بالقرآن الناطق ؟ .
روى علماؤهم أنَّ علياً - رضي الله عنه - قال وحاشاه : هذا كتاب الله الصامت , وأنا كتاب الله الناطق (3) .
ويروون أيضاً : بأنَّ الأئمة ع هم القرآن نفسه (4) .
التعليق :
إنَّ الاثنى عشرية أعطوا أمير المؤمنين علياً - رضي الله عنه - الرسالة بدون دعوى الغلط , وزعموا أنَّ رسالة النبيِّ محمد - صلى الله عليه وسلم - : التعريف بعلي - رضي الله عنه - فقط !! ويقولون : بأن وظيفة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيان القرآن لعليٍّ - رضي الله عنه - وحده ؟ .
__________
(1) المنية والأمل لابن المرتضى ص30 ، وأبو الحسين الملطي في التنبيه والرد ص158 .
(2) أصول الكافي ج1/25 لأبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني المتوفى سنة 328هـ .
(3) الفصول المهمة في أصول الأئمة للحر العاملي ص235 , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج27/34 .
(4) الكافي ج1/194 , وتفسير العياشي المتوفى سنة 320هـ ج2/120 .(10/14)
والله - سبحانه وتعالى - يقول : ( ( تمهيد (- عليه السلام - - ( } - - رضي الله عنه - - ( - - - ( - ( - ( - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( { - رضي الله عنه - - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - - - - - رضي الله عنه -(( } (- رضي الله عنه - - ( - ( - ( } - } - - ( - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - - ( - - ( الله أكبر ( المحتويات ( - ( - - - ( { ( المحتويات ( - ( - - رضي الله عنهم -( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - صلى الله عليه وسلم -( - { - - (- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - (((( ( وأترك لك أيها القارئ تدبر الباقي ؟ ! .
س 6/هل قال أحد منهم بأنَّ قول أحد أئمتهم ينسخ القرآن أو يُقيِّدُ مطلقه أو يُخصِّص عامَّهُ ؟ .
ج/ نعم , وهم كثير !! وذلك بناء على اعتقادهم بأنَّ الإمام هو قيِّم القرآن , وهو القرآن الناطق .
رووا : أنَّ علياً - رضي الله عنه - قال - وحاشاه - : هذا كتابُ الله الصامت , وأنا كتاب الله الناطق (1) , وأنَّ أئمتهم خَزَنةُ علم الله , وعَيْبةُ وحيِّ الله (2) وفي رواية : وحَفَظَةُ سرِّ الله (3) .
وفي رواية : ولا يُدْرَكُ ما عند الله إلا بهم (4) .
__________
(1) الفصول المهمة في أصول الأئمة للحر العاملي المتوفى سنة 1104هـ ص235 , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج27/34 .
(2) الكافي ج1/192 .
(3) مستدرك الوسائل للنوري ج10/416 , والبلد الأمين للكفعمي ص297 .
(4) إعلام الورى بأعلام الهدى للفضل بن الحسن الطبرسي ص270 .(10/15)
فبناءاً على ذلك : فإنَّ مسألة تخصيص عام القرآن , أو تقييد مطلقه أو نسخه عند علماء الشيعة , هي مسألة لم تنته بوفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأنَّ النص النبوي , والتشريع الإلهي استمرَّ .. الخ .
فعلماء الشيعة يعتقدون : أنَّ حديثَ كل واحد من الأئمة الطاهرين , قول الله عز وجل , ولا اختلاف في أقوالهم , كما لا اختلاف في قوله تعالى (1) .
ويعتقدون أيضاً بأنه يجوز لمن سمع حديثاً عن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق , أن يرويه عن أبيه أو جدِّه أو أحد أجداده عليهم السلام , بل يجوز أن يقول : قال الله تعالى (2) .
وقد بوَّب شيخهم الكليني : بابُ : التفويض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى الأئمة عليهم السلام في أمر الدين (3) .
التعليق : المتأمل لهذه المقالة , والمحلِّل لأبعادها , يُدرك أن الهدف منها هو تبديل دين الإسلام , وتغيير شريعة سيد الأنام - صلى الله عليه وسلم - , من قبل علماء الشيعة أو من بعضهم , أو من جهلتهم أو .. أو .. أو.. ؟ .
ولماذا لا يأخذون بما رووه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن الأئمة أنهم قالوا : إذا جاءكم منا حديث فاعرضوه على كتاب الله , فما وافق كتاب الله فخذوه , وما خالفه فاطرحوه , أو ردُّوه علينا (4) .
__________
(1) شرح جامع على الكافي لمحمد صالح بن أحمد المازندراني المتوفى سنة 1081هـ ج2/272 .
(2) المصدر السابق ج2/272 .
(3) أصول الكافي ج1/265 .
(4) تهذيب الأحكام ج7/275 , والاستبصار فيما اختلف فيه من الأخبار ج1/190 وج3/158 كلاهما لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة 460هـ والملقب عندهم بشيخ الطائفة , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج20/463 .(10/16)
وليتذكروا قول الله تبارك وتعالى : ( - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( - ( - - { ( - ( المحتويات ( - ( - قرآن كريم ( - (- صلى الله عليه وسلم - - (( ( - - } - - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام - - - - ( - فهرس - (- رضي الله عنه - - - - - جل جلاله -(( - (- صلى الله عليه وسلم - - { - - - - - عليه السلام - - (( - (- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم قرآن كريم ( - { - - - - (((( } - قرآن كريم ( - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - جل جلاله -( - - عليه السلام - - - - ( الله أكبر ( { - - عليه السلام - - (( - (- صلى الله عليه وسلم - - - - عليه السلام - - - - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنه - الله أكبر - عليه السلام -( - - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - ( - - - - ( تمهيد - - - - - (((( - - - - جل جلاله -( - - عليه السلام - - ( المحتويات ( - ( الله - - عليه السلام -( (((( - ((((( - (( تم بحمد الله ( - - - - - رضي الله عنهم -(( - - - ( المحتويات ( - ( { - رضي الله عنهم -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - جل جلاله - - (( - - - - - - ( - - - (((( ( .
س 7/ ما اعتقاد علماء المذهب الشيعي في تأويل القرآن ؟ .
ج/ أولاً : يعتقد علماء الشيعة أنَّ للقرآن معاني باطنة تخالف الظاهر :(10/17)
ولهذا نجد كثيراً من الأبواب : بابُ : أن للقرآن ظهراً وبطناً (1) .
التعليق : إنَّ الدافع لعلماء الشيعة لهذا الاعتقاد هو : أنَّ كتاب الله تعالى خلا من ذكر أئمتهم الاثنى عشر ( , ومن النصِّ على أعدائهم من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وهذا الأمر أقضَّ مضاجع علماء الشيعة , وأفسد عليهم أمرهم , وهم مع ذلك قد صرَّحوا بأنَّ القرآن قد خلا من ذكر أئمتهم .
فرووا : لو قُرأ القرآن كما أُنزل , لألفيتنا فيه مُسَّمَين (2) .
وانظر هداني الله تعالى وإياك سواء السبيل :
في بداية الأمر : هناك معنى ظاهراً واحداً للآية وواحداً باطناً !! .
ثم تطوَّر الأمر فقالوا : إنَّ للقرآن ظهراً وبطناً , وببطنه بطن إلى سبعة أبطن (3) .
ثم طاشت تقديرات علماء المذهب الشيعي فقالوا : .. بل لكل واحدة منها كما يظهر من الأخبار المستفيضة : سبعة بطون وسبعون بطناً ؟ (4) .
__________
(1) بحار الأنوار ج92/78-106 .
(2) تفسير العياشي ج1/13 لمحمد بن مسعود بن عياش المعروف بالعياشي المتوفى سنة 320 , وتفسير البرهان ص22 لهاشم بن سليمان البحراني الكتكاني المتوفى سنة 1107 .
(3) تفسير الصافي للفيض الكاشاني ج1/31 , وعوالي اللآلي لابن أبي جمهور الأحسائي ج4/107 .
(4) مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ص4-19 , ويُسمَّى مقدمة البرهان لأبي الحسن بن محمد العاملي الفتوني المتوفى سنة 1140 .(10/18)
واعترف علماء الشيعة بأنَّ كلَّ هذه البطون وتكثيرها إنما هو لأجل تحقيق أمرين : أحدهما : في فضل شأن السادة الأطهار ... بل الحق المتبين أن أكثر آيات الفضل والإنعام والمدح والإكرام , بل كلها فيهم وفي أوليائهم نزلت , والثاني : الطعن والتوبيخ والتشنيع والتهديد بل جملتها في مخالفيهم من الصحابة ومن بعدهم ... إنَّ الله عز وجل جعل جملة بطن القرآن في دعوة الإمامة والولاية , كما جعل ظهره في دعوة التوحيد والنبوة والرسالة (1) .
ثانياً : يعتقد علماء المذهب الشيعيِّ بأنَّ جُلَّ القرآن نزل فيهم وفي أعدائهم من الصحابة - رضي الله عنهم - :
يقول علماؤهم : جلُّ القرآن إنما نزل فيهم , وفي أوليائهم وأعدائهم (2) .
بل زعم البحراني : بأنَّ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ُذكر وحده في القرآن ( 1154 ) وألَّفَ كتاباً سمَّاه : اللوامع النورانية في أسماء علي وأهل بيته القرآنية , وقد طبع في المطبعة العلمية بقم عام 1394 .
التعليق :
أيها القارئ المنصف : لو تصفحتَ القرآن الكريم , وأخذتَ معك جميع قواميس اللغة العربية , لما وجدت اسم واحد من أئمتهم الاثنى عشر .
ثمَّ تطوَّر الأمر عند علماء الشيعة كما هي عادتهم في التطور ؟ فقالوا : عن أبي عبدالله ع قال : إن القرآن نزل أربعة أرباعٍ : ربعٌ حلالٌ , وَرُبُعٌ حرامٌ , وربع سننٌ وأحكامٌ , وربعٌ خبرُ ما كانَ قبلكم , ونبأُ ما يكونُ بعدكم , وفصلُ ما بينكم (3) .
التعليق :
__________
(1) مرآة الأنوار ص4-19 .
(2) تفسير الصافي ج1/24 .
(3) أصول الكافي ج2/627 .(10/19)
أين ذكر الأئمة الاثنى عشر ؟ فحاول بعض علماء المذهب الشيعي تدارك هذا الأمر , حيث لم يُذكر أئمتهم الاثنى عشر ( في الرواية السابقة , فأصدروا هذه الرواية : فقالوا : نزل القرآن أثلاثاً : ثلثٌ فينا وفي عدونا , وثلثٌ سنن وأمثال , وثلثٌ فرائض وأحكام (1) .
ثم تدارك علماؤهم فزادوا في النصيب , فقالوا : عن أبي جعفر ع قال : نزل القرآن أربعة أرباع : ربعٌ فينا , وربعٌ في عدونا , وربعٌ سننٌ وأمثالٌ , وربعٌ فرائض وأحكامٌ (2) .
ولاحظَ بعض المسلمين أنه ليس للأئمة ميزة ينفردون بها في القرآن عن مخالفيهم بالنسبة لهذا التقسيم , فتفطَّن لذلك بعض علمائهم , فأصدر رواية رابعة بنفس النص السابق إلا أنه زاد فيها : ولنا كرائم القرآن وقد أشار إلى ذلك صاحب تفسير الصافي فقال : وزاد العياشي : ولنا كرائم القرآن (3) .
س 8/ما أصل وجذور هذه التأويلات التي يذكرونها للقرآن , مع ذكر بعض الأمثة لذلك ؟ .
ج/ يرى بعض علمائهم : أنَّ أول كتاب وَضع الأساس لهذا اللون من تفاسير الشيعة , هو تفسير القرآن الذي وضعه شيخهم جابر بن يزيد ابن الحارث الجعفي الكوفي ( ت 127هـ ) وكان معروفاً بتكفيره لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وهو من أصحاب مؤسس المذهب الشيعي : ابن سبأ اليهودي .
ومن الغريب :
أنَّ الحديث عن توثيقه وتضعيفه في كتب المذهب الشيعي متناقضة ! .
__________
(1) أصول الكافي ج2/627 ، وتفسير البرهان ج1/21 ، وتفسير الصافي ج1/24 ، واللوامع النورانية للبحراني ص6 .
(2) أصول الكافي 2/627 .
(3) تفسير العياشي ج1/9 ، وتفسير فرات المقدمة ص43 , وبحار الأنوار للمجلسي ج24/305 ، وكنز الفوائد للكراجكي ص2 ، وتفسير البرهان ج1/21 ، واللوامع النورانية للبحراني ص7 .(10/20)
فأخبارٌ تجعله ممن انتهى إليه علم أهل البيت ( , وتُضفي عليه صفات الألوهية , بأنه يعلم الغيب ويعلم ما في الأرحام .... قال محمد بن حسين المظفر : بأن جابر روى عن الباقر ع خاصة , سبعين ألف حديث (1) .
ونقرأ أخباراً أخرى عندهم تطعن فيه وأنه كذَّاب دجالٌ ... قال زرارة : سألت أبا عبدالله ع عن أحاديث جابر , فقال : ما رأيته عند أبي قط إلا مرة واحدة , وما دخل عليَّ قط (2) .
وهذا من التناقض وهو كثير في الحكم على رجال الشيعة وشيوخهم !! (3) .
__________
(1) الإمام الصادق لمحمد الحسين المظفر ص143 .
(2) مستدرك وسائل الشيعة ج12/299 , وبحار الأنوار للمجلسي ج2/70 , وكتاب الغيبة للحجة الطوسي ص164 , وإكمال الدين وتمام النعمة لمحمد بن علي بن بابويه القمي الملقب بالصدوق المتوفى381هـ , ط حديثة ج2/349 , ورجال الكشي ص191 .
(3) رجال الكشي رقم 336 ص 191 وص223 .(10/21)
المهمُّ : أنَّ كتب الاثنا عشرية , قد ورثت من شيخهم جابر تأويله للشيطان في قوله - سبحانه وتعالى - : ( ( - - - - رضي الله عنهم - - - - ( صدق الله العظيم ( - (( - } ( - - - ( - ( { - رضي الله عنه - - - - - ( صدق الله العظيم ( - - - تمهيد - ( - ( - ((( - - - - - - فهرس - - ( - رضي الله عنه - - - ( - - - رضي الله عنه - - - - - - ( - الله أكبر ( { ((( - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - ( } تم بحمد الله ( - ( - الله أكبر ( { ( - - - } - صلى الله عليه وسلم - - { - - - - - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -((( - - - (- رضي الله عنهم -(( - - - (((( ( بأنه : عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - , وهذا التأويل بعينه قد ورثه الاثنى عشرية , ودوَّنه علماؤهم في مصادرهم الأصلية المعتمدة واعتمدوه وتناقلوه , بل وكفروا من لم يقل به , مع أنَّ مصدره يهودي (1) .
__________
(1) انظر ذلك التأويل بعينه في : كتاب الكليني المطبوع بهامش مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول للمجلسي المتوفى 1111هـ , ج4/416 ، وتفسير العياشي ج2/223 ، وتفسير الصافي ج3/84 ، وتفسير البرهان ج2/309 ، وبحار الأنوار ج3/378 .(10/22)
وقال علماء الشيعة في قول الله - سبحانه وتعالى - : ( ( - - { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - - ( الله - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - - (( (- صلى الله عليه وسلم - - ( - - { } تم بحمد الله ( - ( صدق الله العظيم قرآن كريم ( - { - ( أي إماماً ( ( - - صلى الله عليه وسلم - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( تمهيد (( - - { - - - ( أي بالأئمة ( } - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - المحتويات قرآن كريم ((( { ( - - - ( أي أبو بكر وعمر وقالوا في قوله تعالى : ( - رضي الله عنه - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - - صدق الله العظيم } - (- صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - - - ((((- رضي الله عنهم - - ( - - ( { ((((- عليه السلام - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - - ( أي إمامين اثنين ( - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( مقدمة ( - - ( { ( - ( فهرس (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( أي إمامٌ واحد ( { - (( - ( - - ( ( تمت قرآن كريم ( تمهيد - رضي الله عنهم - - ( - - - - ( (((( ( (1) .
__________
(1) تفسير البرهان ج2/373 ، وتفسير الصافي للكاشاني ج3/134 ، وتفسير نور الثقلين للحويري ج3/60 .(10/23)
وكقوله تعالى : ( - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( تمهيد ((- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم ( المحتويات ( - (( - ( - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - - (( - - - - رضي الله عنه - تمت - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - (( - - - ( - - - ( أي عمر بن الخطاب ( - - فهرس - - رضي الله عنه -( (( مقدمة ( فهرس - - عليه السلام - - ( أي عليٍّ ع ( - - - - ( - - ( (((( ( (1) .
وكقوله تعالى : ( ( تمهيد - - - عليه السلام - - ((- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ((( - - } - - ( - قرآن كريم ( - ( - - { - ( - - - عليه السلام - - ( أي بنور إمام الأرض , فيستغني الناس بنور الإمام عن نور الشمس والقمر (2) .
__________
(1) تفسير القمي ج2/115 .
(2) تفسير القمي ج2/253 ، وتفسير البرهان ج4/87 ، وتفسير الصافي ج4/331 .(10/24)
وكقوله تعالى : ( - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ((( - - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - - - ( - ( - - ( { - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام -( - - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - مقدمة ( - - ( { - صدق الله العظيم ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - - - - ( - - ((( - ( ( - ( - - - رضي الله عنهم - - - صدق الله العظيم ( { (( مقدمة - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( أي إلا الأئمة ع ( ( - - - ( - ( - (- رضي الله عنه -( - - - ( مقدمة ( - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((- رضي الله عنهم - - ( - ( - ( فالأئمة ع هم وجه الله , وهم الوجه الذي يُؤتى الله منه (1) .. إلخ .
التعليق :
1 ) ما مضى ذكره من أمثلة تفسير علماء الشيعة للقرآن قد اشتمل على ذكر أئمتهم الاثنى عشر ومخالفيهم .. وقد حشد شيوخ الشيعة لهذه المسألة آلاف النصوص لإثباتها .. .
وقد نُقل لأبي عبدالله - رضي الله عنه - ما يقوله علماء الشيعة من تأويل آيات الله بتلك التأويلات الباطنية , حيث قيل له : رُوي عنكم أن الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجال ؟ فقال ع : ما كان الله عز وجل ليخاطب خلقه بما لا يعلمون ؟ (2) .
__________
(1) تفسير القمي ج2/147و345 , وكنز الفوائد للكراجكي ص219 , ومناقب آل أبي طالب لأبي جعفر رشيد الدين بن شهر آشوب المازندراني المتوفى 588هـ , ص/63و343 , وتفسير الصافي ج5/110 , وتفسير القرآن الكريم لعبدالله شبر ص378 .
(2) وسائل الشيعة للحر العاملي ج17/167 , ورجال الكشي ص291 .(10/25)
إنَّ قول أبي عبدالله - رضي الله عنه - هذا والذي ورد في أوثق كتب الرجال في المذهب الشيعي , يهدم كل ما بناه علماؤهم من تلك التحريفات , وذلك الإلحاد في كتاب الله تعالى وآياته , قال الله تعالى : ( - - ( الله أكبر ( { ( مقدمة ( - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - ( الله أكبر (- عليه السلام -(( - ( - - صدق الله العظيم - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -( ( المحتويات ( - ( - - رضي الله عنهم -( { - - - قرآن كريم ( - ( { (( - - ((( ( وقال تعالى : ( - ( الله أكبر ( { ( صدق الله العظيم (- رضي الله عنه - صدق الله العظيم - عز وجل - - - عليه السلام - - ( - } - - رضي الله عنه - الله أكبر - رضي الله عنه - - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - - - - - ( الله أكبر ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( مقدمة - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((((( { - رضي الله عنه - مقدمة - ((( ( .
قاصمة ظهور علماء الشيعة :
إنَّ هذه التأويلات الباطنية من علماء الشيعة في كتبهم المعتمدة , والمتفق عليها بينهم , حكم الإمام أبو عبدالله - رضي الله عنه - على من قالها , بأنه شرٌ من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا , فروى علماء الشيعة أنفسهم عنه - رضي الله عنه - أنه قال فيهم : هم شرٌ من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا , والله ما صغّر عظمة الله تصغيرهم شيء قط .. والله لو أقررتُ بما يقول فيَّ أهل الكوفة , لأخذتني الأرض , وما أنا إلا عبدٌ مملوكٌ , لا أقدرُ على ضرِّ شيء ولا نفع (1) .
__________
(1) بحار الأنوار ج25/294 , ورجال الكشي ص300 .(10/26)
2 ) هذه التأويلات ليست آراءً اجتهادية , قابلة للمناقشة بين علماء الشيعة , بل هي عند علماء الشيعة نصوصٌ قدسية قطعية الثبوت , لها سمة الوحي , بل وأرفع من الوحي لأنها لا تُنسخ , والوحي من القرآن قد يَنسخه إمامهم , كما سوف يأتي بيان اعتقادهم في ذلك إن شاء الله تعالى .
رووا : عن سفيان السمط قال : قلت لأبي عبدالله ع جعلت فداك , إنَّ رجلاً يأتينا من قبلكم , يُعرف بالكذب فيحدث بالحديث فنستبشعه , فقال أبو عبدالله ع : يقول لك إني قلت لليل إنه نهار أو للنهار إنه ليل , قال : فإن قال لك هذا إني قلته فلا تُكذِّب به , فإنك إنما تكذبني (1) .
3 ) إنَّ للتفسير عند علماء الشيعة كما تقدم ظاهر وباطن والجميع معتبر , فالظاهر يقال لجميع شيعتهم , وأما الباطن فلا يقال إلا لخواص شيعتهم ممن أُعطوا خاصية التحمل !!! .
__________
(1) بحار الأنوار للمجلسي ج2/211-212 , واللوامع النورانية للبحراني ص549-550 .(10/27)
عن عبدالله بن سنان عن ذريح المحاربي قال : قلت لأبي عبدالله ع : إن الله أمرني في كتابه بأمر فأحبُّ أن أعمله , قال : وما ذاك , قلت : قول الله عز وجل : ( - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم } - قرآن كريم ((( { - عليه السلام - - ( - ( المحتويات ( - - الله - ( - - } - قرآن كريم (( قرآن كريم ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( الله أكبر } - قرآن كريم (( { قرآن كريم { (- عليه السلام - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ( - ( - - ( - - رضي الله عنهم -(( - - - (((( ( قال : ( - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم } - قرآن كريم ((( { - عليه السلام - - ( - ( المحتويات ( - - الله - ( - - ( لقاء الإمام ( } - قرآن كريم (( قرآن كريم ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( الله أكبر ( تلك المناسك , قال عبدالله بن سنان : فأتيت أبا عبدالله ع فقلت : جعلت فداك , وسألته عن الآية الماضية فقال : أخذُ الشارب وقصُ الأظفار وما أشبه ذلك , قال : قلت : جعلت فداك , إن ذريحَ المحاربي حدثني عنك بأنك قلت له : لقاءُ الإمام وتلك المناسك , فقال : صدقَ ذريحٌ وصدقتَ , إنَّ للقرآن ظاهراً وباطناً , ومن يحتملُ ما يحتملُ ذريحٌ (1) !!! .
التعليق :
__________
(1) الفروع من الكافي للكليني ج4/549 , ومن لا يحضره الفقيه ج2/190-191 , وتفسير الصافي ج3/367 , وتفسير نور الثقلين ج2/492 , وتفسير البرهان ج3/88-89 , ووسائل الشيعة ج10/253 , ومفتاح الكتب الأربعة للموسوي ج5/228 .(10/28)
في هذا النص وغيره , التصريح بأنَّ للقرآن معاني ظاهرة تقال لعامتهم , وله معاني باطنة , لا تُذكر إلا للخاصة ممن يستطيع احتمالها , وهم قلَّة قد لا يوجدون ومن يحتملُ ما يحتملُ ذريح !! .
والسؤال هنا :
إذا كان أئمة الشيعة يَضنون بهذا العلم الباطني , ويتحاشون ذكره عند جميع الشيعة , إلا من كان على مستوى ذريح !! فلماذا خالفت كتب الاثنى عشرية نهج أئمتهم , وأشاعت هذا العلم المضنون به على غير أهله للخاص والعام , بل ولأعداء ملتهم من أهل السنة وغيرهم ؟! ( } تمت ( { - - - (- رضي الله عنهم - - ((((- رضي الله عنهم -( - - ( - - - رضي الله عنهم - - (( ( .(10/29)
4) إنَّ هذه التأويلات الباطنية التي يفعلها ويعتقدها ويدعو إليها علماء الشيعة , هو من باب الإلحاد في كتاب الله وآياته , وقد قال الله تعالى : ( } تمت ( { - رضي الله عنه -((( - { - - - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - ( - ( - (( - - عليه السلام - - ( - (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت ( قرآن كريم - (( - - - - - - عليه السلام - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - - - - ( - ( - - (( ( - - } - - - - ( - ( - - رضي الله عنهم - - بسم الله الرحمن الرحيم - صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم } تم بحمد الله ( - ( - ( - - رضي الله عنه - - - - جل جلاله - - ( تم بحمد الله - - عليه السلام -( - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( { - رضي الله عنهم - - (- عليه السلام - - ( { ( - - - - } - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - (( - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( تمهيد ( - ( } ( { } (( مقدمة ( الله أكبر ( { - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - (( - - ( - - ((- رضي الله عنه - - ( .
س 9/ من أول من قال بنقص القرآن وزيادته وتحريفه من علماء الشيعة ؟ .
ج/ هو شيخهم : هشام بن الحكم الجهمي القائل بالتجسيم , فإنه زعم أنَّ القرآنَ وُضع في أيام الخليفة الراشد : عثمان بن عفان - رضي الله عنه - , وأن القرآن الحقيقي صُعد به إلى السماء عندما ارتدَّ الصحابة - رضي الله عنهم - كما يعتقد (1) .
__________
(1) التنبيه والرد ص25 لأبي الحسين الملطي .(10/30)
وأولُ كتاب من كتب الشيعة يُسَجَّلُ فيه اعتقادهم بنقص القرآن وزيادته هو : ( كتاب شيخ الشيعة سُليم بن قيس الهلالي , المتوفى سنة 90هـ ) أراد قتله الحجاج فهرب منه ولجأ إلى أبان بن أبي عياش , ولما حضرته الوفاة أعطاه – سليم – هذا الكتاب , فرواه عنه أبان , ولم يروه عنه أحدٌ غيره (1) , وهو أول كتاب ظهر للشيعة (2) .
وقال عنه شيخهم المجلسي : وهو أصل من أصول الشيعة , وأقدم كتاب صنف في الإسلام .
وذكر بأنَّ : علي بن الحسين ع قُرئ عليه الكتاب فقال : صدق سليم (3) .
مع أنَّ الكتاب يحمل أخطر آراء علماء الشيعة السبئية وهو : تأليهُ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - :
فمنها حين ينادي علماء الشيعة علياً - رضي الله عنه - يقولون : يا أولُ , يا آخرُ , يا ظاهرُ , يا باطنُ , يا من هو بكل شيء عليم !!؟؟ فيروون : بأنَّ الشمس قالت لعلي ع : يا أولُ , يا آخرُ , يا ظاهرُ , يا باطنُ , يا من هو بكل شيء عليم .. (4) .
ويروون أيضاً : أنَّ علياً ? يقول : أنا وجه الله , أنا جنب الله , وأنا الأول , وأنا الآخر , وأنا الظاهر , وأنا الباطن , وأنا بكل شيء عليم .. وأنا أُحيي , وأنا أُميت , وأنا حيٌ لا أموت .. (5) .
الطامة الكبرى على علماء الشيعة :
__________
(1) رجال الحلي ، ص82-83 , ورجال الكشي ص167 , والرجال للبرقي ص3-4 , والفهرست لابن النديم ص219 .
(2) الذريعة لأقا بزرك الطهراني ج2/152 , والفهرست لابن النديم ص219 .
(3) بحار الأنوار ج1/156-158 .
(4) كتاب سليم ص38 , وبحار الأنوار ج41/179 و 181 , والفضائل لشاذان بن جبرئيل القمي ص69 .
(5) رجال الكشي ص211 , وبحار الأنوار ج94/180 , ومناقب آل أبي طالب ج2/385 , وبصائر الدرجات ص151 .(10/31)
اكتشف بعض شيوخ الشيعة أمراً عظيماً في كتاب سليم , فرأوا كشفه قبل أن ُيقوِّض أساس التشيع الاثنى عشري نفسه , ولا تظن أيها القارئ أنه تأليهُ أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - لا , لأنهم ُيسلِّمون بهذا , ولكن الخطر الذي اكتشفوه في الكتاب : ( أنه جعل الأئمة ثلاثة عشر ) !!؟ وهذه الطامة الكبرى التي تهدد بنيان الاثنى عشرية بالسقوط ؟ .
س 10/ كيف كانت بداية قول علماء الشيعة بنقص القرآن وزيادته وتحريفه ؟ .(10/32)
ج/ لقد كانت البداية : من كتاب سليم بن قيس وذلك بروايتين فقط , وكادت أن تندثر , فأحياها شيخ الشيعة علي بن إبراهيم القمي ( المتوفى سنة 307 ) في القرن الثالث فقال : فالقرآن منه ناسخ ومنسوخ ... ومنه محرَّف , ومنه على خلاف ما أنزل الله عزَّ وجل .. وأما ما هو محرَّف , فهو قوله : ? - ?- جل جلاله -? - الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم - ? - ? - - - - - - الله ? { الله أكبر ? الله الله أكبر ? - - الله ?- جل جلاله - - الله ? الله { ? - - - - ?? صدق الله العظيم - - ? تمهيد - - ? في عليٍّ ? - سبحانه وتعالى - - ? - ? الله { ? - - - - - - جل جلاله -? الله أكبر الله أكبر - جل جلاله -? - ? الله أكبر الله أكبر - جل جلاله -?- جل جلاله - - - ? - ? - تمهيد تمهيد ? - - الله أكبر الله أكبر - ? الله ? - ? - - الله ? - الله ?? - - الله ? { الله أكبر ? الله الله أكبر ? ? وقوله : ? - الله ? الله - الله أكبر ? - - - - - الله أكبر الله أكبر الله الله أكبر ? - ?? - ? الله الله - ? - - - ?? الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله -? الله الله أكبر - - - الله ? الله ? - { ? - الله أكبر - ?? صدق الله العظيم - - ? تمهيد - - ?- جل جلاله -? ? - ?- جل جلاله - الله الله أكبر - الله الله } ? في عليٍّ ? ? تمهيد - - الله ? صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - بسم الله الرحمن الرحيم - ? صدق الله العظيم ? الله ? { الله أكبر ? الله الله أكبر - - الله ? الله الله أكبر ? ? - { الله أكبر الله أكبر ?? بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله الله أكبر - - سبحانه وتعالى - - - ? الله الله أكبر - - ? - الله ?- جل جلاله - } ? وقوله : ? الله الله ? تمهيد - - الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن(10/33)
الرحيم - ? - - المحتويات - ? - - الله ? الله } المحتويات - ? - ? - ? - ?? الله ? ? آل محمد حقهم ? صدق الله العظيم ? - ? - ? الله أكبر ? الله ? - ? - - - - الله - - جل جلاله -? الله أكبر { الله أكبر ?? الله - - جل جلاله -? صدق الله العظيم ? - ? - ? ? وقوله : ? صدق الله العظيم ? - ? - ? الله أكبر ? الله ? - ? - - - - الله - - جل جلاله -? الله أكبر { الله أكبر ?? الله - - جل جلاله -? صدق الله العظيم ? - ? - ? ? آل محمد حقهم ? - ?? - - - - درهم - ? الله ?? - ? الله ?? - - - جل جلاله -? الله ?? الله الله أكبر ? ? وقوله : ? ?? الله أكبر - ? الله ? - - عليه السلام -? الله - الله أكبر الله الله أكبر - ? الذين ظلموا آل محمد حقهم ? ? - - - الله - الله ? الله الله أكبر ?? - - ?? الله أكبر الله ? - ? - - ? ... وأما ما هو على خلاف ما أنزل الله فهو كقوله : ? ?? - - ? الله أكبر ? الله } صدق الله العظيم - الله أكبر الله - ? أئمة ? { - الله - - - { الله أكبر الله أكبر - الله أكبر - - - { - بسم الله الرحمن الرحيم - ?- جل جلاله -?? ? .. (1) .
ومن بعد شيخهم القمي جاء تلميذه شيخهم : محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي المتوفى سنة 328 هـ , ومن ذلك قوله : عن أبي عبدالله ع قال : إنَّ القرآن الذي جاء به جبرئيل ع إلى محمد ص , سبعةَ عشرَ ألف آيةٍ (2) .
__________
(1) تفسير القمي ج1/5 و9-10 وقال علماؤهم عن تفسيره : بأنه أصل أصول التفاسير عندهم - مقدمة تفسير القمي ص10 .
(2) الكافي ج2/634 .(10/34)
ومنهم : محمد بن مسعود بن عياش السلمي المعروف بالعياشي , ومن ذلك قوله : عن ميسر عن أبي جعفر ع قال : لولا أنه زيد في كتاب الله ونُقص منه , ما خفي حقنا على ذي حجى (1) .
ومنهم : محمد بن إبراهيم النعماني , حيث أثبت هذا الكفر في كتابه الغيبة (2) .
ومنهم : محمد بن الحسن الصفار , روى : عن أبي جعفر ع قال : .. أما كتاب الله فحرَّفوا , وأما الكعبة فهدموا , وأما العِترة فقتلوا , وكل ودائع الله فقد تبرؤا (3) .
ومنهم : فرات بن إبراهيم الكوفي , ومنهم : علي بن أحمد أبو القاسم الكوفي , شهد بالتحريف في كتابه الاستغاثة ( ص25 ) .
ومنهم :
هاشم بن سليمان البحراني الكتكاني , حيث قال في مقدمة تفسيره ( ص36 ) : إعلم أنَّ الحق الذي لا محيص عنه , بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها , أنَّ هذا القرآن الذي في أيدينا , قد وقع فيه بعد رسول الله ص شيء من التغييرات , وأَسقط الذين جمعوه بعده , كثيراً من الكلمات والآيات .. .
ومنهم :
شيخهم محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد ( ت413هـ ) : سجَّل في كتابه : أوائل المقالات ( ص51 ) إجماع علماء الشيعة على هذا الكفر , ونقل ذلك في كتابه : الإرشاد ( ص365 ) ومنهم : الطبرسي صاحب الاحتجاج (4) .
وفي آخر القرن الثالث عشر وقعت الفضيحة الكبرى للشيعة :
__________
(1) انظر مثلاً : ج1/13و168-169و206 ...وكذا تفسير فرات انظر مثلاً : ص18و85 ... ومقدمة تفسير البرهان ص37 , وبحار الأنوار ج29/30 , و ج89/55 , وتفسير محمد بن مسعود المعروف بالعياشي المتوفى سنة 320هـ ج1/13 .
(2) انظر : مثلاً ص218 .
(3) بصائر الدرجات الكبرى ص413 .
(4) انظر : الكافي ج2/634 .(10/35)
حيث ألَّف شيخ شيوخ الشيعة حسين النوري الطبرسي ( المتوفى سنة 1320هـ ) ألَّف مؤلفه الضخم , في جمع اعتقاد علماء الشيعة على هذا الكفر وسمَّاه : ( فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربِّ الأرباب ) فأصبح هذا الكتاب عاراً على الشيعة أبد الدهر .
س 11/ نأمل تلخيص معتقد علماء الشيعة حول وجود التحريف والنقص والزيادة في القرآن ؟.
ج/ قال شيخهم المفيد : أقول : إنَّ الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد ص , باختلاف القرآن ، وما أحدثه بعض الطاعنين فيه من الحذف والنقصان .
وقال أيضاً : واتفقوا - أي الإمامية - على أنَّ أئمة الضلال - أي كبار الصحابة - خالفوا في كثير من تأليف القرآن , وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبيِّ ص , وأجمعت المعتزلة , والخوارج , والزيدية , والمرجئة , وأصحاب الحديث , على خلاف الإمامية في جميع ما عددناه (1) .
وقال العاملي : وعندي في وضوح صحة هذا القول - أي التحريف - بعد تتبع الأخبار , وتفحُّص الآثار , بحيث عليه الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع , وأنه من أكبر مفاسد غصب الخلافة (2) .
وقال المجلسي : ولكنَّ أصحابه - صلى الله عليه وسلم - عملوا عمل قوم موسى , فاتبعوا عجل هذه الأمة وسامريها أعني أبا بكر وعمر فغصب المنافقون خلافته , خلافة رسول الله ص من خليفته , وتجاوزا إلى خليفة الله , أي الكتاب الذي أنزله فحرَّفوه , وغيروه , وعملوا به ما أرادوا (3) .
وقال مفسِّرُ الشيعة هاشم البحراني : وقد وردت في زيارات عديدة , كزيارة الغدير وغيرها , وفي الدعوات الكثيرة , كدعاء صنمي قريش وغيره , عبارات صريحة في تحريف القرآن وتغييره بعد النبيِّ ص .
__________
(1) أوائل المقالات ص13 , 46 , 54 , 80 .
(2) أبو الحسن العاملي مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ص36 , مقدمة البرهان ص49 , الفصل الرابع .
(3) حياة القلوب للمجلسي ج2/541 .(10/36)
وذكر إحدى وعشرين رواية في إثبات معتقده في التحريف (1) .
وقال الطبرسي عن الأخبار في الطعن في القرآن : وهي كثيرة جداً , حتى قال السيد نعمة الله الجزائري في بعض مؤلفاته كما حُكي عنه : إنَّ الأخبار الدالة على ذلك تزيد على ألفي حديث (2) .
وقال عالمهم الجزائري : إنَّ القول بصيانة القرآن وحفظه , يُفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة , بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن .. مع أنَّ أصحابنا رضوان الله عليهم , قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها (3) .
وقال زعيم حوزتهم العلمية : أبو القاسم الموسوي الخوئي : إنَّ النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات , واقعٌ في القرآن قطعاً (4) .
س 12/هل القول بتحريف القرآن ونقصانه في اعتقاد علماء الشيعة بلغ مبلغ التواتر عندهم ؟ .
ج/ نعم !! فقد قال علامتهم عبدالله شبر : بأنَّ القرآن الذي أُنزل على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أكثر مما في أيدينا اليوم , وقد أُسقط منه شيء كثير , كما دلَّت عليه الأخبار المتظافرة التي كادت أن تكون متواترة , وقد أوضحنا ذلك في كتابنا : منية المحصلين في حقية طريقة المجتهدين .. (5) .
قاصمة الظهر :
__________
(1) تفسير البرهان , المقدمة ص36-39 .
(2) فصل الخطاب ص125 لحسين النوري الطبرسي المتوفى سنة 1320هـ .
(3) الأنوار النعمانية للجزائري ج2/357 .
(4) البيان في تفسير القرآن ج1/136 .
(5) مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار لعبدالله شبر ص295 .(10/37)
رووا أنَّ علياً - رضي الله عنه - قال في قوله تعالى : ?? - الله ? الله ? ?? - - { الله أكبر ? الله أكبر - ? الله الله أكبر { - - - - - جل جلاله -? - - جل جلاله -? ?- جل جلاله -? - ? { ? الله أكبر الله ? - - سبحانه وتعالى - - ? - ? - ? - - الله الله أكبر ? ? - ? - تمهيد - - ?- جل جلاله - - - - - - ? الله أكبر ?- جل جلاله -? - - - - ? - - - - ? الله - جل جلاله - الله أكبر - الله } - جل جلاله -? صدق الله العظيم - الله أكبر - ? الله ? ? - - ? الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم - } الله ? الله الله أكبر - - جل جلاله -? الله أكبر صدق الله العظيم - الله أكبر - ? تمهيد - - الله ? ? درهم - - جل جلاله -? - الله أكبر - ? } - - { فالردُّ إلى الله الردُّ إلى كتابه (1) .
س 13/ نأمل ذكر بعض الأمثلة التي صرَّح فيها علماء الشيعة بمعتقدهم بتحريف القرآن ؟ .
__________
(1) نهج البلاغة , الخطبة رقم 213 .(10/38)
ج/ منها قولهم : أنَّ الله تعالى قال : ? ? تمهيد - - الله ? ?? - - ? - } ? - درهم صدق الله العظيم الله أكبر ? الله } - الله الله ? الله - جل جلاله -? - الله ? - ? بسم الله الرحمن الرحيم - { الله الله أكبر ? - عليه السلام -? - ? الله ? - الله الله أكبر ?- جل جلاله - - صدق الله العظيم - الله ? ? في عليٍّ ? المحتويات - ? - الله أكبر - - - - الله الله أكبر ? - ? الله } ? - { الله أكبر - جل جلاله - - ?- جل جلاله - الله ? - - جل جلاله -?- جل جلاله -? - - - جل جلاله - بسم الله الرحمن الرحيم ? المحتويات - ? - ? صدق الله العظيم - - - الله ? ? - } - ? - - الله - الله ? الله أكبر - ? ?- جل جلاله - الله ? - ?? - - - ?- جل جلاله - - - - ? تمهيد - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ? - } الله ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - - - الله أكبر الله ? ? (1) , وأنَّ الله تعالى قال : ? صدق الله العظيم ? - ? الله ? - بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - - - - الله الله أكبر ? صدق الله العظيم - الله - ?? صدق الله العظيم ? - ? صدق الله العظيم - - ? الله ? - ? - - - المحتويات - - ? - الله أكبر ? - الله أكبر - { الله أكبر الله أكبر ? - - صدق الله العظيم ? الله أكبر ? الله { - ?? - - - - ? - - - المحتويات - ? - - - - { الله أكبر - - - ?- جل جلاله -? ? الله أكبر ? - - - الله أكبر الله الله أكبر ?- جل جلاله - - - الله الله ? - ?? - الله أكبر ? الله ? الله الله أكبر ? - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - تمت ? - - جل جلاله - الله أكبر ? الله الله أكبر ? - صدق الله العظيم ? - ? صدق الله العظيم ? الله أكبر الله - جل جلاله
__________
(1) الكافي ج1/417 .(10/39)
-? صدق الله العظيم ? - ? الله ? صدق الله العظيم ? - ? بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - - - المحتويات - ? - الله أكبر ? الله ? الله الله أكبر ? - الله ? الله ?? الله أكبر ?? الله ?? - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - - ? في عليٍّ ? الله ? - - ? - ? - - } صدق الله العظيم - الله - صدق الله العظيم ? - ? بسم الله الرحمن الرحيم - ? بسم الله الرحمن الرحيم - - الله ? - - - الله ? - - الله أكبر الله أكبر - - الله أكبر الله أكبر - جل جلاله - - { الله أكبر الله أكبر - الله الله أكبر - ? (1) .
__________
(1) الكافي ج1/424 .(10/40)
وأنَّ الله تعالى قال : ? ? - - جل جلاله -? { ? - الله أكبر ? ?? الله أكبر ? - ? صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - الله أكبر ? - ? - الله أكبر الله ? صدق الله العظيم ? - - - ? - - جل جلاله -? { الله أكبر الله أكبر ?? الله الله أكبر ? الله ? صدق الله العظيم ? الله أكبر ? - ? - ?? الله أكبر ? الله الله أكبر - ? - الله أكبر ? - - ? الله ? الله ? - ? الله أكبر - جل جلاله -? - الله أكبر ? - ? الله - - - - سبحانه وتعالى - - ? - ?? - ? الله } الله ? ? في ولاية علي وولاية الأئمة من بعده ? صدق الله العظيم - الله ? الله الله أكبر ? الله } - الله الله أكبر ? - - } ?? الله أكبر الله الله أكبر ? - } ? - - جل جلاله -?? الله ? ? (1) وقولهم بأنَّ الله تعالى قال : ? الله الله ? تمهيد - - ? علياً - عليه السلام - ? - سبحانه وتعالى - - ? الله ? صدق الله العظيم ??- صلى الله عليه وسلم - - سبحانه وتعالى - - ? الله الله أكبر ? - - ?? - - الله أكبر ? الله ? } - - { - - - تمهيد - - الله الله أكبر ? - ? - الله أكبر الله الله أكبر ? - - - الله - الله الله أكبر ? ?? الله أكبر - جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر - - - الله الله أكبر ? - سبحانه وتعالى - - ? الله ? - - ?? - - الله أكبر ? ? } - - { (2) .
__________
(1) الكافي ج1/414 .
(2) فصل الخطاب ص116 , وانظر : مصباح المتهجد للطوسي الورقة 122 , وتفسير البرهان ج1/22و277و279و325 , وتفسير الصافي ج1/254و113 , وبحار الأنوار ج7/377 وج19/30 وج21/95 وج93/26-28 .(10/41)
وروى الكليني بسنده عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله ع في قوله : ? صدق الله العظيم - الله ? - ? الله ? - - الله الله أكبر ? صدق الله العظيم - - ? الله ? - عليه السلام - - ? - ? - تمهيد - الله ? الله - - - ? ?- جل جلاله -? - ? صدق الله العظيم - الله أكبر - ? ? كلمات في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة ع من ذريتهم ? - ?- جل جلاله - { الله ? الله الله أكبر ? ? هكذا والله نزلت على محمد ص (1) .
ورووا عن أبي عبدالله في قول الله تعالى : ? صدق الله العظيم ? - الله أكبر ? الله ? - ? - ? - الله أكبر الله ? صدق الله العظيم - الله الله - ? - - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله ? - - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - - - جل جلاله -? صدق الله العظيم - - ? الله ? الله ? - - الله ? - ? بسم الله الرحمن الرحيم - } الله ? الله الله أكبر - الله ?? - ? - ? صدق الله العظيم ? الله - الله { الله الله أكبر ? ?? الله ? الله ? - ? ? صدق الله العظيم ? - الله أكبر - ??? - ? - - جل جلاله - - - الله ? ? } - - { أيا معشر المكذبين حيث أنبأتكم رسالة ربي في ولاية علي - عليه السلام - والأئمة من بعده من هو في ضلال مبين , هكذا نزلت (2) .
__________
(1) الكافي ج1/16 .
(2) الكافي ج1/421 .(10/42)
وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : دفع إليَّ أبو الحسن - عليه السلام - مصحفاً وقال : لا تنظر فيه , ففتحته وقرأتُ فيه : ? صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ? - ? الله أكبر ? الله ? الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - المحتويات - ? - - الله ? - ? ??- جل جلاله -? - ? الله أكبر الله أكبر صدق الله العظيم ? - - - - درهم - الله أكبر الله أكبر الله - - جل جلاله -? - ? - - الله ? - - جل جلاله -? - - { الله أكبر ? - ? - ? - - الله ? الله ? - بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله -? الله ?? - ? - عليه السلام -? بسم الله الرحمن الرحيم - - الله أكبر الله - - ? - ? الله - الله أكبر - جل جلاله - - - - - الله - - ? الله الله أكبر ? الله - جل جلاله - - الله أكبر الله - الله أكبر - ? - - ? } - { فوجدت فيها اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم , قال : فابعث إليَّ بالمصحف (1) .
ورووا عن أبي الحسن - رضي الله عنه - قال : ولاية علي - عليه السلام - مكتوبة في جميع صحف الأنبياء , ولن يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ووصية علي - عليه السلام - (2) .
وقال شيخهم الكاشاني : المستفادُ من الروايات من طريق أهل البيت : أنَّ القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أُنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - , بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله ، ومنه ما هو محرَّف مغيَّر ، وأنه قد حُذف منه أشياء كثيرة منها : اسم علي - عليه السلام - في كثير من المواضع , ومنها لفظة آل محمد غير مرة ، ومنها أسماء المنافقين في مواضعها ، ومنها غير ذلك ، وأنه ليس أيضاً على الترتيب المرضيِّ عند الله وعند رسوله (3) .
__________
(1) الكافي ج2/631 .
(2) الكافي ج1/437 .
(3) تفسير الصافي ، المقدمة السادسة .(10/43)
تعليق مهم :
في النصوص السابقة شهادة من علماء الشيعة , على أنه ليس لأمر أئمتهم ولا وصاية علي - رضي الله عنه - ذكر في كتاب الله تعالى ، وهذه الظاهرة تنسف بنيانهم من القواعد , فلم يكن أمام علماء المذهب الشيعي من مسلك : إلا القول بتحريف القرآن ونقصه وزيادته , وإلزام عوامهم بهذا الاعتقاد ؟ .
ولهذا شهد إمامهم المجلسي – كما سبق – أنَّ أخبار تحريف القرآن عندهم لا تقلُّ عن أخبار الإمامة , وأنه إذا لم يثبت التحريف , فلا تثبت الإمامة , ولا يثبت غيرها من عقائدهم الشيعية ، وقد أصاب المجلسي فالتحريف لم يقع ، ومسألة الإمامة لم تثبت ، والرجعة كذلك , وغيرها مما انحرف به علماء المذهب الشيعي ؟ .
س 14/ إذاً : ما هو اعتقاد علماء الشيعة في العدد الصحيح لآيات القرآن , وهل اتفقوا ؟ .
ج/ لا بل اختلفوا !! روى شيخهم الكليني (1) عن هشام بن سالم عن أبي عبدالله ع قال : إنَّ القرآن الذي جاء به جبرئيل ع إلى محمد ص سبعةَ عشرَ ألف آية .
وقد حكموا بصحة هذه الأسطورة ؟ .
قال المجلسي : فالخبر صحيح (2) .
وقال المازنذدراني : إن آي القرآن ستة آلاف وخمسمائة , والزائد على ذلك مما سقط بالتحريف .. (3) .
وقال المجلسي : إن هذا الخبر وكثيراً من الأخبار الصحيحة , صريحة في نقص القرآن وتغييره (4) .
التعليق :
هذه الأسطورة ، رواها علماء الشيعة بلفظ عشرة آلاف آية (5) .
ثم تطوَّر العدد ( في المزاد العلني !! ) عند علماء الشيعة إلى : سبعة عشر ألف آية (6) .
__________
(1) الكافي ج2/134و 242 .
(2) مرآة العقول للمجلسي ج2/536 .
(3) شرح جامع على الكافي ج11/76 .
(4) مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول للمجلسي ج2/536 .
(5) الوافي المجلد الثاني ج1/274 .
(6) الكافي ج2/134 .(10/44)
ثم تطوَّر المزاد إلى : ثمانية عشر ألف آية كما في كتاب سليم بن قيس (1) .
ولازال التطوَّر مستمراً حتى اليوم !! .
س 15/ ما موقف علماؤهم المعاصرون من عقيدة مذهبهم بالقول بتحريف القرآن باختصار ؟ .
ج/ لقد انقسم علماء الشيعة المعاصرون إلى أربعة أقسام :
القسم الأول :
تظاهروا بإنكار وجود هذه العقيدة في كتبهم أصلاً :
ومنهم : عبدالحسين الأميني النجفي , حيث قال في ردِّه على ما ذكره ابن حزم : من أنَّ علماء الشيعة يقولون بأنَّ القرآن محرَّف : ليتَ هذا المجترئ أشار إلى مصدر فريته من كتاب للشيعة موثوق به .. بل نتنازل معه إلى قول جاهل من جهالهم , أو قَرَوي من بسطائهم أو ثرثار .. وهذه فرق الشيعة في مقدمتهم الإمامية , مُجمعة على أنَّ ما بين الدفتين هو ذلك الكتاب لا ريب فيه (2) .
التعليق :
__________
(1) المازندراني : شرح جامع ج11/76 .
(2) الغدير ج3/94-95 , ومن المضحك المبكي : أنَّ هذا النجفي صدَّر الجزء السابع من كتابه هذا , بتقريظ النصراني ( بولس سلامة ) فكتب له النصراني بعد ذلك يقول : وقد شرفتموني بإدراج رسالتي في المقدمة , وقد اطلعت على هذا السفر النفيس , فحسبت أن لآلئ البحار قد اجتمعت في غديركم , وقد لفت نظري على الأخص , ما ذكرتموه بشأن الخليفة الثاني , فلله دركم , ما أقوى حجتكم الغدير ج7/ح .
وقد ابتهج هذا الشيعي المغفل بثناء هذا النصراني , فبادله الثناء , وقال عن رسالة النصراني تلك : أتانا من بحَّاثة المسيحيين القاضي الحر , والشاعر النبي , الاستاذ بولس سلامة .. الخالد الذكر , فشكراً له ثمَّ شكراً الغدير ج7/ص ح .(10/45)
لقد أنطق الله تعالى النجفي نفسه من حيث لا يشعر , فأورد آية مفتراة في نفس كتابه (1) ونصها : قال الله : اليوم أكملت لكم دينكم بإمامته فمن لم يأتمَّ به وممن كان من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة فأولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون .. إنَّ إبليس أخرج آدم - عليه السلام - من الجنة مع كونه صنوة الله بالحسد , فلا تحسدوا فتحبط أعمالكم وتزلَّ أقدامكم .. .
وقال النجفي : بأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : بأنها نزلت في علي - عليه السلام - .
القسم الثاني :
اعترفوا بوجود التحريف في القرآن ولكن حاولوا تبريره ؟ .
فصنف منهم قال : بأنَّ روايات التحريف : ضعيفة شاذة , وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً , فإما أن تؤل بنحو من الاعتبار , أو يضرب بها الجدار (2) .
التعليق :
ماذا يجيبون عمَّا يردده كبارهم من القول : باستفاضة وتواتر أخبار وقوع التحريف والنقص والزيادة في القرآن , ومن روى روايات التحريف وأظهر إيمانه بها واعتقدها لا يجوز أنْ يوثق به .
وصنف ثان يقول : بأنَّ الروايات ثابتة , ولكن المراد في كثير من روايات التحريف من قولهم عليهم السلام : ( كذا نزل ) هو التفسير بحسب التنزيل في مقابل البطن والتأويل (3) .
التعليق :
قولهم هذا تأكيد لقولهم بالتحريف وليس دفاعاً عنه , وكيف يكون تفسير الصحابة - رضي الله عنهم - تحريف في نظر هذه الفئة , وتحريف شيخهم القمي والكليني والمجلسي للقرآن هو التفسير ؟!! .
__________
(1) ج1/214-216 .
(2) أصل الشيعة لمحمد آل كاشف الغطاء ص63-64 .
(3) الميزان في تفسير القرآن لمحمد حسن الطبطبائي ج12/108 مؤسسة الأعلمي ببيروت سنة 1391هـ .(10/46)
وصنف ثالث من علماء شيعتهم يقول : بأنَّ المراد بذلك النسخ : أو يكون (1) مما نسخ تلاوته (2) .
الفاضحة :
ولكن شيخ الشيعة اليوم , والذي يلقبونه بالإمام الأكبر , والآية العظمى ، زعيم الحوزة العلمية ، ومرجعها الأكبر : أبو القاسم الموسوي الخوئي يرى : أنَّ القول بنسخ التلاوة هو قول بالتحريف (3) .
والفرق واضح بين النسخ والتحريف ، فالتحريف من صنع البشر وقد ذم الله فاعله ، والنسخ من الله تعالى , قال الله تعالى : ? - الله ? صدق الله العظيم - الله { ? الله ? ??- جل جلاله -? { ? الله أكبر الله أكبر الله ? - - ? صدق الله العظيم ? - - - - الله ?- جل جلاله - { ? - الله أكبر ? - - - - - الله الله أكبر ? - } صدق الله العظيم - الله أكبر الله مقدمة - ? - - - الله ? صدق الله العظيم الله أكبر ? الله - جل جلاله -? صدق الله العظيم ? - - - - - - - الله أكبر الله أكبر الله أكبر ?- جل جلاله -? - - - جل جلاله -? ? (4) وهو لا يستلزم مس كتاب الله سبحانه بأي حال .
وصنف رابع يقول : بأنَّ القرآن الموجود بين أيدينا ليس فيه تحريف , ولكنه ناقص قد سقط منه ما يختص بولاية أمير المؤمنين علي - عليه السلام - (5) .
التعليق :
هذا القول كسابقه , فليس بدفاع , ولكنه تأكيد على وقوع التحريف بالقول بنقصه .
__________
(1) أي : العدد الزائد عما في القرآن .
(2) الكاشاني , الوافي المجلد الثاني ج1/274 .
(3) البيان للخوئي ص 210 .
(4) الآية 106 من سورة البقرة .
(5) انظر : أغابزرك الطهراني في الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج3/313-314 .(10/47)
وصنف خامس يقول : بأننا نؤمن بهذا القرآن الموجود , وليس فيه نقص ولا زيادة : على أننا معاشر الشيعة الإثني عشرية نعترف بأنَّ هناك قرآناً كتبه الإمام علي - عليه السلام - بيده الشريفة , بعد أن فرغ من كفن رسول الله وتنفيذ وصاياه ... ولم يزل كل إمام يحتفظ عليه كوديعة إلهية , إلى أن ظلَّ محفوظاً عند الإمام المهدي القائم , عجل الله تعالى فرجنا بظهوره الإسلام على ضوء التشيع لحسين الخراساني ص204 .
التعليق :
هذا القول يعترف فيه قائلوه بأنَّ هناك قرآن آخر , نعوذ بالله من الشرك .
القسم الثالث : المجاهرة بهذا الكفر والاستدلال به :
والذي تولى كبر هذا الكفر من علماء الشيعة , هو : حسين النوري الطبرسي ( ت1320 ) الذي ألف كتابه : فصل الخطاب , لإثبات إيمان علماء شيعته بهذا الكفر , فجمع في كتابه : كل أقوال علماء شيعته المتفرقة , وأقوال شيوخه , والآيات المحرَّفة في اعتقادهم , فجمعه وطبعه في كتاب واحد , وطُبع هذا الكتاب في إيران سنة 1298هـ .
س 16/ لو ذكرتم لنا نماذج من تفسير علماء الشيعة لآيات الكتاب العزيز ؟ .(10/48)
ج/ نعم : فالقرآن يفسرونه بالأئمة !! قالوا في قوله تعالى : ? المحتويات - ? - ?- جل جلاله -? - - الله الله أكبر الله أكبر الله الله أكبر ? - جل جلاله - - ? - - - - جل جلاله - - - - جل جلاله -?- جل جلاله -?? - ? الله } الله ? - } ? بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر ?? - - الله ? - ?- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - - - الله الله أكبر ? - ? الله { ? - - - - - ? - ? - - - - الله ? - الله ?- جل جلاله - - الله ?? - الله أكبر ? الله ? صدق الله العظيم ? الله الله أكبر - - } - - جل جلاله - - الله - ? } - { قالوا : قال أبو جعفر ع : النور والله : نور الأئمة من آل محمد ص إلى يوم القيامة , وهم والله نور الله الذي أنزل , وهم والله نور الله في السماوات والأرض (1) .
وكذلك النور : يُفسرونه بالأئمة ؟! .
__________
(1) الكافي ج1/194 , وتأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة ص671 لشرف الدين الأسترآبادي المتوفى سنة 940 .(10/49)
قال أبو عبدالله - رضي الله عنه - في قوله - عز وجل - : ? - ? - - - - - } ? - ? - جل جلاله - - - الله ?? - الله أكبر ? الله الله { ? - - - - ? صدق الله العظيم } - - - - ? - - الله ? - ? الله - الله ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - } ? - الله أكبر ? - ? - ? - ? { الله أكبر ?- جل جلاله -? - ? ? فاطمة ع ? - - الله أكبر الله أكبر الله أكبر ? - - جل جلاله -? - صلى الله عليه وسلم - - - - الله - صدق الله العظيم ?- جل جلاله -? ? أي : الحسنُ ? - - - الله - صدق الله العظيم ?- جل جلاله -? - ? - - ? - { ? الله - - الله - - } ? الحسينُ ? - ? الله - - الله - الله - { ? - - - الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - - - - ? - رضي الله عنه - درهم - } ?? - ? تمت الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله - } - - ? فاطمةُ كوكبٌ دري بين نساء أهل الدنيا ? - - الله الله أكبر ?? - الله أكبر ? ?- جل جلاله -? - ? الله - الله - الله ? - ? الله } الله - - الله أكبر الله - - الله ? ? إبراهيم ع ? - ? الله ?? - - صدق الله العظيم الله أكبر ? الله } - ? - درهم - ? الله الله - - جل جلاله -?? - الله ? - الله درهم الله ? - ? الله الله - - جل جلاله - الله أكبر - ? - الله ?? ? لا يهودية ولا نصرانية ? - - - - ? الله الله أكبر ? - الله ? - - صدق الله العظيم الله أكبر ? الله } - ? - ?- جل جلاله -? - الله أكبر ? ? يكاد العلم ينفجر بها ? ?? - ? الله ? صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ? - ? صدق الله العظيم { الله { صدق الله العظيم ? الله الله أكبر - - - } - الله الله أكبر ? - صلى الله عليه وسلم - } ? بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر الله أكبر ? - عليه(10/50)
السلام -? - ? الله ? - - } ? - الله أكبر ? ? إمام منها بعد إمام ? ?- جل جلاله - - صدق الله العظيم ? الله الله أكبر ? - ? - - - - - - جل جلاله -?- جل جلاله - } ? - ?- جل جلاله -? ? الله ? - - ? - - الله ? الله الله أكبر ? ? يهدي الله للأئمة من يشاء ? ? - - - { ? الله الله أكبر ? الله ? - ? - - - - الله ? - الله أكبر الله الله أكبر - صدق الله العظيم ? - - - ? - - - - { - بسم الله الرحمن الرحيم - ?- جل جلاله -?? ? (1) .
ويُفسرون الآيات التي تنهى عن الشرك : بالشرك في ولاية علي - رضي الله عنه - أو الكفر بولايته !! .
رووا عن الباقر - عليه السلام - في قوله تعالى : ? صدق الله العظيم - الله أكبر الله ? - ? الله ? - ?- جل جلاله - - ? الله أكبر - - ?? صدق الله العظيم - - ? تمهيد - - ? - ? تمهيد - - الله ? الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - ?- جل جلاله -? ??- جل جلاله -? صدق الله العظيم - الله الله أكبر ? ?? تمهيد - ? - ? ? - صدق الله العظيم } الله - صدق الله العظيم ? - - - ? قال : لئن أَمرتَ بولاية أحد مع ولاية علي - عليه السلام - ? الله الله ? - ? الله الله أكبر - صدق الله العظيم - الله - - ? ?? الله أكبر ? الله ? الله ? الله الله ? الله الله أكبر ?? الله أكبر ? الله الله أكبر - - ? الله ? الله ?- جل جلاله -? الله ?? - - - جل جلاله - { - الله أكبر الله أكبر الله - - ? - - ? .
__________
(1) الكافي ج1/695 .(10/51)
وقالوا : قال أبو جعفر ? في قوله تعالى : ? الله الله ? تمهيد - - - ? الله - - - - الله درهم - - - جل جلاله -? { الله أكبر ?? الله ? ? - - - ?? الله - { الله أكبر ? - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - - ? يعني أنه لا يغفر لمن يكفر بولاية عليٍّ , وأما قوله : ? - - - جل جلاله -? { الله أكبر الله أكبر ?? الله ? الله ? - الله ? الله ?? - - ??- جل جلاله -? - - - ? الله ?- جل جلاله -? - - ? - - الله ? الله ? ? يعني لمن والى علياً ع (1) .
__________
(1) تفسير الصافي ج1/156و361 , وتفسير نور الثقلين للحويري ج1/151 و488 , ج3/317-318 ج40/498 , وتفسير العياشي ج1/72و245 -246 ج2/353 , وتفسير البرهان ج1/172و375 ج2/497 , وبحار الأنوار ج81/349 .(10/52)
ويفسرون الآيات التي تأمر بعبادة الله وحده واجتناب الطاغوت : بولاية الأئمة والبراءة من أعدائهم ، فعن أبي جعفر - رضي الله عنه - : ما بعث الله نبياً قط إلا بولايتنا والبراءة من عدونا ، وذلك قول الله في كتابه : ? صدق الله العظيم - الله ? - ? الله ? - الله الله أكبر ? الله أكبر صدق الله العظيم - الله ? الله الله أكبر - ? الله - ? - } - ? الله أكبر الله أكبر الله الله ? الله أكبر - - - - درهم ? - ? الله الله } - ? - - - المحتويات - ? - - - الله أكبر - صدق الله العظيم ? - - - ? الله - - - المحتويات - ? - - - جل جلاله -? الله الله أكبر - صدق الله العظيم - - - الله ? - ? - ? - ?? - الله أكبر - ??? - - ? - ? صدق الله العظيم ?- جل جلاله -? الله الله أكبر ? ?? الله الله ? ? الله - الله أكبر الله ? - ? - - - - ? - ? صدق الله العظيم ?- جل جلاله -? الله ? ?? الله الله ? { - بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله - - جل جلاله -? صدق الله العظيم - - ? الله ? - - ? - ? - ? الله أكبر ? - ??? - - ? بتكذيب آل محمد ع .. (1) .
__________
(1) تفسير العياشي ج2/258-261 , والبرهان ج2/368-273 , والصافي ج1/923 , وتفسير نور الثقلين ج3/53-60 .(10/53)
وعن أبي عبدالله - عليه السلام - في قوله تعالى : ? الله ? - الله الله أكبر ? الله ? - ? - - - - - الله درهم المحتويات - - ? - - - جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - - الله الله أكبر - - ? صدق الله العظيم - الله أكبر الله ? - الله أكبر - ? - تمهيد - - - ? صدق الله العظيم - الله أكبر الله الله أكبر ? - - - - ? قال : يعني بذلك : لا تتخذوا إمامين اثنين ? - الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - ? - تمهيد - الله ? - ? تمت ? - الله أكبر - ? - تمهيد - - - - - جل جلاله - - - الله ? ? إمام واحد ? - ? - الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - تمهيد - الله الله أكبر ? - ?? - - الله ? صدق الله العظيم } - - الله الله أكبر ? ? (1) .
__________
(1) تفسير العياشي ج2/258 , و ج2/261 , البرهان ج2/368 ج2/373 , الصافي ج1/923 , نور الثقلين ج3/53-60 .(10/54)
ويفسرون الآيات الواردة في الكفار والمنافقين : بأكابر صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , قال أبو عبدالله - عليه السلام - في قوله تعالى : ? الله ? - الله الله أكبر ? الله ? - ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - المحتويات - ? - - الله ? الله } - - الله الله أكبر ? الله الله الله أكبر - الله } - الله الله أكبر ?- جل جلاله - } - - - - ? صدق الله العظيم الله أكبر ? الله - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - - الله الله أكبر ? - ? - الله ? - - - ??- جل جلاله -? الله - ?- جل جلاله - - - ? - - - } ? - - تمهيد ? - - الله ? - الله ? - ? - ? الله ? صدق الله العظيم مقدمة ?? - ? - صدق الله العظيم - الله الله أكبر - - الله أكبر الله ? الله أكبر - جل جلاله -? - ? - { الله أكبر الله أكبر ? - - - - الله الله أكبر ?? الله أكبر ? الله - - جل جلاله - الله أكبر ? الله ?- جل جلاله -? الله ? - - جل جلاله -? الله ? { الله أكبر ? - - - - - ? - - ? } - - { قال : هما ، ثم قال : وكان فلان شيطاناً قال المجلسي : هما أبو بكر وعمر ، والفلان الشيطان يحتمل أن يكون عمر لأنه شرك شيطان لكونه ولد زنا ، أو لأنه في المكر والخديعة كالشيطان ويحتمل أن يكون أبا بكر (1) .
__________
(1) فروع الكافي الذي بهامش مرآة العقول ج4/416 .(10/55)
ورووا أنَّ أبا عبدالله قال في قول الله تعالى : ? صدق الله العظيم الله ?? - ?- جل جلاله - { ?? - ? - - صدق الله العظيم - - جل جلاله - - - ? - - - جل جلاله - - - - ? - الله أكبر ?? - الله أكبر - ??? - - الله ? ? أبو بكر وعمر (1) .
س 17/ بماذا يفسر علماء الشيعة قول الله تعالى : ? - جل جلاله -? بسم الله الرحمن الرحيم - ?- جل جلاله -? الله ? - ? - - الله ? صدق الله العظيم ? - - - - ? - - - عليه السلام -? الله ? { { - - - ? - - - ?? - ? صدق الله العظيم - - - الله الله أكبر ? - - الله ?- جل جلاله - - المحتويات - ? - } الله - الله ? الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - - ?? - - - جل جلاله - - - ? - الله أكبر ? ??- جل جلاله -? - - - جل جلاله -? تمهيد - ? - - - الله أكبر الله أكبر الله ? صدق الله العظيم ? - - - الله ? صدق الله العظيم ? الله { صدق الله العظيم - - - الله ? - الله ? المحتويات - ? - الله أكبر ? - - ? الله ?? - الله أكبر ? الله ? صدق الله العظيم ? الله الله أكبر ? ? } - - - { .
__________
(1) تفسير العياشي ج1/102و246 , وتفسير البرهان ج1/208و377 , وتفسير الصافي ج1/208 , وبحار الأنوار ج3/378 , والوافي للكاشاني ج1/314 , وبشارة المصطفى للطبري ص193 , وبصائر الدرجات الكبرى للصفار ص34 .(10/56)
ج/ رووا عن الإمام الرضا ? أنه قال : إذا نزلت بكم شدة فاستعينوا بنا على الله ، وهو قول الله : ? - جل جلاله -? بسم الله الرحمن الرحيم - ?- جل جلاله -? الله ? - ? - - الله ? صدق الله العظيم ? - - - - ? - - - عليه السلام -? الله ? { { - - - ? - - - ?? - ? صدق الله العظيم - - - الله الله أكبر ? - - الله ?- جل جلاله - - ? قال : قال أبو عبدالله ع : نحن والله الأسماء الحسنى الذي لا يُقبل من أحد إلا بمعرفتنا ؟ قال : ? - ?? - ? صدق الله العظيم - - - الله الله أكبر ? - - الله ?- جل جلاله - - ? (1) .
س 18 / ما هي منزلة أقوال الأئمة الاثني عشر وأطفالهم عند علماء المذهب الشيعي ؟ .
ج/ هي كأقوال الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - !!! قالوا : إنَّ حديث كل واحد من الأئمة الظاهرين قول الله عز وجل , ولا اختلاف في أقوالهم كما لا اختلاف في قوله تعالى !!! (2) .
بل قالوا : يجوز من سمع حديثاً عن أبي عبدالله ع , أن يرويه عن أبيه أو عن أحد أجداده عليهم السلام , بل يجوز أن يقول : قال الله تعالى ؟ بل هذا هو الأولى ؟ لحديث أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله ع : الحديث أسمعه منك , أرويه عن أبيك , أو أسمعه عن أبيك , أرويه عنك ؟ قال : سواء , إلا أنك ترويه عن أبي أحبُّ إليَّ ! وقال أبو عبدالله ع لجميل : ما سمعت منِّي فاروه عن أبي (3) .
وقالوا : بأنَّ الإمامة استمرار للنبوة (4) .
وقال الخميني : إنَّ تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن , يجب تنفيذها واتباعها (5) .
__________
(1) تفسير العياشي ج2/42 , والصافي ج1/626 , والبرهان ج2/51 , ومستدرك الوسائل ج5/228 , والاختصاص ص252 .
(2) شرح جامع ج2/272 .
(3) أصول الكافي مع شرح جامع للمازندراني ج2/259 .
(4) عقائد الإمامية للمظفر ص66 .
(5) الحكومة الإسلامية ص13 .(10/57)
ويقول شيخهم محمد جواد مغنية : قول المعصوم وأمره تماماً كالتنزيل من الله العليم : ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - (( - - رضي الله عنه - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( - - - عليه السلام - قرآن كريم - - ( - - - ((( ( تمت ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - - صدق الله العظيم ( { (((- صلى الله عليه وسلم -- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (- رضي الله عنهم -- صلى الله عليه وسلم - قرآن كريم ( - ((( ( (1) .
فالنص النبوي استمرَّ في اعتقادهم حتى آخر أئمتهم ؟ .
التعليق :
هذه الروايات صريحة في استساغتهم الكذب البواح الصراح , حيث ينسبون مثلاً لأمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - ما لم يقله , بل قاله أحد أحفاده , بل هو الأولى , كما في الرواية السابقة ! ؟ .
س 19/ إذاً : ما هي السنة عند علماء الشيعة ؟ .
ج/ السنة عندهم هي : سنة المعصومين عليهم السلام (2) .
قالوا : وذلك لأنهم هم المنصوبون من الله تعالى على لسان النبيِّ , لتبليغ الأحكام الواقعية , فلا يحكمون إلا عن الأحكام الواقعية عند الله تعالى كما هي (3) .
فليست حينئذ مقصورة على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المعصوم وحده ؟ .
ولا فرق في كلام أئمتهم المعصومين الاثني عشر , بين سن الطفولة وسن النضج العقلي ؟ .
لأنهم في اعتقادهم : لا يُخطئون منذ ولدوا , وحتى يموتوا , لا عمداً ولا سهواً ولا نسياناً (4) .
س 20/ إذاً : فهل بلَّغَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشريعة كلَّها قبل وفاته في اعتقادهم ؟ .
__________
(1) الخميني والدولة الإسلامية ص59 .
(2) الدستور الإسلامي لجمهورية إيران ص20 , إصدار وزارة الارشاد الإيرانية .
(3) أصول الفقه المقارن للمظفر ج3/51 .
(4) عقائد الإمامية للمظفر ص66 .(10/58)
ج/ لا , بل بلَّغ جزءاً من الشريعة , وأودع الباقي عند علي - رضي الله عنه - ؟ قال آيتهم العظمى شهاب الدين النجفي : إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ضاقت عليه الفرصة , ولم يسعه المجال لتعليم جميع أحكام الدين .. وقد قدَّم الاشتغال بالحروب على التمحص ببيان تفاصيل الأحكام ... لا سيما مع عدم كفاية استعداد الناس في زمنه لتلقي جميع ما يحتاج إليه طول قرون (1) .
وقال الخميني : ونقول : بأنَّ الأنبياء لم يُوفقوا في تنفيذ مقاصدهم , وأنَّ الله سيبعث في آخر الزمان شخصاً يقوم بتنفيذ مسائل الأنبياء .. (2) .
س 21/ ما موقف علماء المذهب الشيعي من مرويات الصحابة - رضي الله عنهم - ؟ .
ج/ يقول شيخهم آل كاشف الغطاء أنهم : لا يَعتبرون من السنة إلا ما صَحَّ لهم من طريق أهل البيت .. أما ما يرويه مثل أبي هريرة وسمرة بن جندب ... فليس له عند الإمامية مقدار بعوضة (3) .
ولذلك فإنَّ من أصول عقائد الشيعة : أنَّ ..كلَّ ما لم يَخرج من عند الأئمة فهو باطل (4) .
وقال حسن بن فرحان المالكي ( وهو ممن خدم المذهب الشيعي ) : بقبول مرويات من آمن من الصحابة قبل صلح الحديبية فقط (5) .
القاصمة :
يُبرر علماء الشيعة ردهم لمرويات الصحابة - رضي الله عنهم - , بأنهم أنكرو إمامة واحد من أئمتهم , وهو : علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - على حدِّ زعمهم ؟ فلماذا يَقبلون روايات من أنكر كثيراً من أئمتهم !!؟ .
__________
(1) شهاب الدين النجفي وتعليقاته على إحقاق الحق للتستري ج2/288-289 .
(2) مسألة المهدي مع مسألة أخرى ص22 .
(3) أصل الشيعة وأصولها ص79 .
(4) أصول الكافي للكليني ج1/399 .
(5) كما في كتابه : الصحابة بين الصحبة اللغوية والصحبة الشرعية ص 25 .(10/59)
لماذا يعمل علماء الشيعة كما أكدَّ ذلك الحر العاملي : بروايات الفطحية (1) مثل : عبدالله بن بكير ؟ , وأخبار الواقفة (2) مثل : سماعة بن مهران , والناووسية (3) ..
ومع ذلك كلِّه وثَّق علماء الشيعة بعض رجال هذه الفرق التي أنكرت كثيراً من الأئمة ؟ .
قال النوبختي عن بعض رجال الفطحية كأمثال : محمد بن الوليد الخزاز , ومعاوية بن حكيم .. قال : وهؤلاء كلُّهم فطحية , وهم من أجلَّة العلماء والفقهاء والعدول .. !! .
وقال في بعض رؤوس الواقفة معرضاً هو وإخوانه من علماء شيعته عن قول إمامهم المعصوم في اعتقادهم ! : الواقف عائد عن الحق , ومقيم على سيئة , إن مات بها كانت جهنم مأواه , وبئس المصير وقال : يعيشون حيارى , ويموتون زنادقة !! .
وقال : فإنهم كفار مشركون زنادقة (4) .
__________
(1) هم أتباع : عبدالله بن جعفر بن محمد الصادق , وسموا الفطحية : لأنَّ عبدالله كان أفطح الرأس .. وقد قال النوبختي : بأنه مال إلى هذه الفرقة جل مشايخ الشيعة وفقهائها , ولم يعش عبدالله بعد أبيه إلا سبعين يوماً , فرجعوا عن القول بإمامته ( انظر : مسائل الإمامة لعبدالله الناشيء الأكبر ص46 , وفرق الشيعة للنوبختي ص77-78 , والحور العين لنشوان الحميري ص163-164 ) .
(2) الواقفة : هم الذين وقفوا على الإمام السابع للشيعة : موسى بن جعفر , فلم يقولوا بإمامة من بعده , حيث زعموا أنَّ موسى بن جعفر لم يمت وأنه حيٌّ , وينتظرون خروجه ( انظر : المقالات والفرق للقمي ص93 , ومسائل الإمامة ص47 ) .
(3) أتباع رجل يقال له : ناووس .. قالوا : بأن الإمام السادس جعفر بن محمد لم يمت , وهو حيٌّ وسوف يظهر ويلي الأمر .. ( انظر : المقالات والفرق ص80 , وفرق الشيعة ص67 , والزينة للرازي ص286 , والحور العين ص162 ) .
(4) رجال الكشي ص456 , 563 , 597 , 616 لأبي عمرو محمد بن عمر الكشي المتوفى سنة 350هـ .(10/60)
قاصمة ظهور علماء الشيعة :
لقد روى علماء الشيعة أنفسهم : عن ابن حازم قال : قلت لأبي عبدالله .. فأخبرني عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , صدقوا على محمد , أم كذبوا ؟ قال : بل صَدَقوا (1) .
الله أكبر : ? صدق الله العظيم ? - الله أكبر ? الله ? - ? - - الله أكبر الله - - الله ? الله - - ? - - الله ? الله ? الله } الله ? - ??- جل جلاله -? - الله أكبر الله - - ? - - الله الله ? تمهيد - - ??- جل جلاله -? - الله أكبر الله - - ? - - الله ? - - ? - - الله أكبر ?? - ? الله } ? } - - { .
س 22/ ما هي حقيقة ( حكايات الرقاع ) وما مكانتها في المذهب الشيعي ؟ .
ج/ لما توفي إمامهم الحسن العسكري ع لم يُرَ له خلفٌ , ولم يُعرف له ولدٌ ظاهر , وقد تم استبراء زوجاته وإمائه للتأكد من ذلك , حتى تبين لهم بطلان الحَبَل , فقُسِّمَ ميراثه بين أمه وأخيه جعفر , وأودعت أمه وصيته , وثبت ذلك عند القاضي والسلطان (2) .
فكانت هذه الواقعة قاصمة الظهر للتشيع , فمنهم من قال : انقطعت الإمامة (3) .
ومنهم من قال : إنَّ الحسن بن علي ع توفي ولا عقب له , والإمام بعده جعفر بن علي أخوه (4) .
__________
(1) أصول الكافي ج1/65 .
(2) المقالات والفرق ص102 .
(3) بحار الأنوار للمجلسي ج51/212 , وكتاب الغيبة للحجة لأبي جعفر الطوسي ص224 .
(4) المقالات والفرق لسعد القمي ص108-110 .(10/61)
وفي خِضَمِّ هذه الحيرة والاضطراب التي يعيشها علماء الشيعة , قام رجلٌ يُدعى ( عثمان بن سعيد العمري ) وادَّعى أن للحسن العسكري ولداً في الخامسة من عمره , مختفياً عن الناس لا يظهر لأحد غيره , وهو الإمام بعد أبيه الحسن , وأنَّ هذا الطفل الإمام قد اتخذه وكيلاً عنه في قبض الأموال , ونائباً يجيب عنه في المسائل الدينية (1) .
ولما مات عثمان بن سعيد ( سنة 280 ) ادَّعى ابنه محمد بن عثمان نفس دعوى أبيه .
ولما توفي محمد ( سنة 305 ) خلفه الحسين بن روح النوبختي في نفس الدعوى , ولما توفي ( سنة 326 ) خلفه أبو الحسن علي بن محمد السمري ( سنة 329 ) وهو آخر المدَّعين للنيابة عند علماء الشيعة الإمامية , ولما كثر المدَّعون للبابية من أجل الأرصدة الباهرة من الأموال , قال علماء الشيعة بانقطاع البابية ووقوع الغيبة الكبرى بوفاة السمري .
وكان هؤلاء النواب عن الإمام يَتلَّقون أسئلة السفهاء , كما يتلقفون أموالهم !! ويأتون بأجوبتها وإيصالها من الإمام المنتظر ويسمونها ( توقيعات ) وهي خطوط إمامهم المنتظر بزعمهم (2) .
__________
(1) حصائل الفكر في أحوال الإمام المنتظر لمحمد البحراني ص36-37 .
(2) انظر : بحار الأنوار للمجلسي ج51/359-362 .(10/62)
وأما عن مكانة هذه الخرافة : فهي كقول الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - , حتى إنَّ علماء الشيعة رجّحوا هذه التوقيعات , على ما رُوي بإسناد صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حال التعارض , قال الحر العاملي : فإنَّ خطّ المعصوم أقوى من النقل بوسائط .. (1) 0
واعتبر علماء الشيعة المعاصرون هذه الرقاع من السنة التي لا يأتيها الباطل (2) .
س 23/ ما هو سبب تأليف الطوسي لكتابه تهذيب الأحكام , وكم عدد أحاديثه ؟ .
ج/ هذا الكتاب هو أحد أصول المذهب الشيعي المعتبرة , منذ تأليفه وإلى اليوم , وبلغت أحاديثه (13590 ) ويُعتبر الكتاب الثاني بعد الكافي لشيخهم الكليني .
والعجيب أن المؤلف الطوسي قد صرَّح في كتابه ( عدة الأصول ) أن أحاديث كتابه التهذيب وأخباره تزيد على : خمسة آلاف , أي لا تزيد على الستة آلاف !.
فهل معنى ذلك أنه قد زيد عليها أكثر من النصف في العصور المختلفة ؟! .
لا شكَّ أنها إضافات لأيدٍ خفيَّة , تسترت باسم الإسلام من علماء شيعتهم ؟ .
__________
(1) من لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي ج4/151 , ووسائل الشيعة ج20/108 , ولقد اهتمَّ شيوخ الشيعة بهذه التوقيعات , ودونوها , لأنها في اعتقادهم من الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه ! ( انظر مثلاً : أصول الكافي ج1/517 , وإكمال الدين لابن بابويه ص450 , والغيبة للطوسي ص172 , والاحتجاج على أهل اللجاج ج2/277 لأبي منصور أحمد بن أبي طالب الطبرسي المتوفي سنة 588هـ , وبحار الأنوار ج53/150-246 , وانظر : قرب الإسناد للحميري , والذريعة ج4/500 .
(2) الدعوة الإسلامية للخنيزي ج2/112 .(10/63)
وأما سبب تأليفه فهو ما آلت إليه أحاديثهم : من الاختلاف والتباين والمنافاةِ والتضادِّ , حتى لا يكاد يتفقُ خبرٌ إلا وبازائه ما يضادُّهُ , ولا يسلمُ حديثٌ إلا وفي مقابلته ما ينافيه حتى عدَّ مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا .. !! .
وقد علَّق كثيراً من اختلافات علمائهم على ( التَقِيَّة ) بدون دليل , سوى أن هذا الدليل أو ذاك يوافق أعدائهم أهل السنة (1) .
ولو وقفنا يسيراً مع كتاب الشيعة المقدَّس الكافي لرأينا العجب العجاب :
قالوا :
لما ألَّف الكليني كتابه الكافي , عَرَضه على إمامهم الثاني أو الثالث عشر الغائب , فقال ع : الكافي كاف لشيعتنا (2) .
وقال عباس القمي : الكافي هو أجلُّ الكتب الإسلامية , وأعظم المصنفات الإمامية , والذي لم يُعمل للإمامية مثله .
وقال محمد أمين الاستر أبادي : سمعنا من مشايخنا وعلمائنا : أنه لم يُصَنَّفْ في الإسلام كتاب يوازيه أو يدانيه (3) .
أيها القاريء :
اقرأ معي هذه الأقوال : قال الخوانساري : اختلفوا في كتاب الروضة هل هو من تأليف الكليني , أو مزيد فيما بعد على كتابه الكافي ؟ (4) .
وقال ثقتهم سيدهم حسين بن حيدر الكركي العاملي ( المتوفى سنة 1076هـ ) إن كتاب الكافي خمسون كتاباً بالأسانيد التي فيه لكل حديث متصل بالأئمة .. (5) .
بينما يقول شيخ الطائفة الطوسي ( المتوفى سنة 460هـ ) : كتاب الكافي مشتمل على ثلاثين كتاباً , أخبرنا بجميع رواياته الشيخ .. (6) .
__________
(1) تهذيب الأحكام المقدمة 2-3 ج1/2 , ومستدرك الوسائل ج3/719 , والذريعة ج4/504 .
(2) مقدمة الكافي ص25 .
(3) الكنى والألقاب القمي ج3/98 .
(4) الكنى والألقاب ج3/98 .
(5) الكنى والألقاب ج6/114 .
(6) الفهرست للطوسي ص161 .(10/64)
يتبين لك من الأقوال المتقدمة : أنَّ ما زيد على الكافي ما بين القرن الخامس والقرن الحادي عشر : ( عشرون كتاباً ) وكل كتاب يضم الكثير من الأبواب , أي : أن نسبة ما زيد في كتاب الكافي طيلة هذه المدة يبلغ ( 40% ) عدا تبديل الروايات , وتغيير ألفاظها , وحذف فقرات , وإضافة أخرى !! .
فمن الذي زاد في الكافي عشرين كتاباً ؟ أيمكن أن يكون من أصحاب العمائم من علماء يهود , وهل هو يهوديٌّ واحد ؟ أو يهودٌ كُثُر طيلة هذه القرون ؟ .
وأسأل كلَّ شيعي : أما زال كافيكم موثَّقاً من قبل معصومكم في سردابه , وما زال متمسكاً برأيه فيه وتوثيقه , وأنه كاف لشيعته ؟؟؟ نسأل الله تعالى الهداية لنا ولكم !! .
س 24/ ماذا يقول علماء الشيعة المعاصرون عن مصادرهم في التلقي ؟ .
ج/ لقد اعتمدوا في التلقي على أصول علمائهم القديمة المجموعة في الكتب الأربعة الأولى , وهي : الكافي , والتهذيب , والاستبصار , ومن لا يحضره الفقيه ! كما قرر ذلك طائفة من شيوخهم المعاصرين : كأغا برزك الطهراني (1) ومحسن الأمين (2) وغيرهما .
قال شيخهم وآيتهم في هذا العصر عبدالحسين الموسوي عن كتبهم الأربعة : وهي متواترة , ومضامينها مقطوع بصحتها , والكافي أقدمها , وأحسنها , وأتقنها (3) .
__________
(1) الذريعة ج17/245 .
(2) أعيان الشيعة ج1/280 .
(3) المراجعات ص311 ( المراجعة رقم 110 ) .(10/65)
فعلماء الشيعة المعاصرون لا يختلفون عن المتقدمين من علمائهم الغابرين , فهم جميعاً يرجعون إلى معين واحد , ومصدر واحد ؟ وليس هذا فحسب , بل إنَّ بعض المصادر الإسماعيلية (1) قد أصبحت عمدة عند علماء الشيعة المعاصرين , مثل كتاب دعائم الإسلام للقاضي النعمان بن محمد بن منصور ( ت 363هـ ) وهو إسماعيلي , يُنكر كل أئمة الشيعة بعد جعفر الصادق , فهو كافر عندهم لإنكاره إمامة واحد فأكثر من أئمتهم (2) .
ومع ذلك فإنَّ كبار شيوخهم المعاصرين يعتمدون عليه في كتبهم ؟ (3) .
س 25/ هل يوجد في المذهب الشيعي الاصطلاح المعروف في تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف , كما هو عند أهل السنة , ومتى وجد في المذهب الشيعي , ولماذا ؟ .
ج/ إنما هو مستحدث (4) .
__________
(1) الإسماعيلية : هم الذين قالوا : الإمام بعد جعفر هو إسماعيل بن جعفر , ثمَّ قالوا : بإمامة محمد بن إسماعيل بن جعفر , وأنكروا إمامة سائر ولد جعفر , ومن الإسماعيلية انبثق القرامطة والحشاشون والفاطميون والدروز وغيرهم , وللإسماعيلية فرق متعددة , وألقاب كثيرة تختلف باختلاف البلدان , ومذهبهم : ظاهره الرفض , وباطنه الكفر المحض , فهم يُعطلون الله تعالى عن صفاته , ويُبطلون النبوة والعبادات ويُنكرون البعث , ولا يُظهرون ذلك إلى لمن وصل الدرجة الأخيرة في مذهبهم ( انظر : الزينة للرازي الإسماعيلي ص287 , والفهرست لابن النديم ص267-268 , والملطي في التنبيه والرد ص218 ) .
(2) انظر : معالم العلماء لمحمد بن علي بن شهراشوب ص139 .
(3) انظر : الحكومة الإسلامية ص67 .
(4) انظر : الوافي المقدمته الثانية ج1/11 للفيض الكاشاني .(10/66)
وسبب ذلك : والفائدة في ذكره – أي السند - دفع تعيير العامة – أي أهل السنة - للشيعة , بأنَّ أحاديثهم غير معنعنة , بل منقولة من أصول قدمائهم والاصطلاح الجديد , موافق لاعتقاد العامة واصطلاحهم , بل هو مأخوذ من كتبهم , كما هو ظاهر بالتتبع (1) .
س 26/هل يوجد في المذهب الشيعي تناقضات واختلافات في جرح بعض رواتهم وتعديله ؟ .
ج/ نعم , قال الكاشاني : في الجرح والتعديل وشرائطهما اختلافات وتناقضات واشتباهات , لا تكاد ترتفع بما تطمئن إليه النفوس , كما لا يخفى على الخبير بها (2) .
ومن الأمثلة على ذلك : محدثهم الشهير : زرارة بن أعين , صاحب أئمتهم الثلاثة : الباقر والصادق والكاظم .
روى الكشي عن أبي عبدالله ? أنه قال : .. زرارة شرٌ من اليهود والنصارى ومن قال : إنَّ الله ثالث ثلاثة .. (3) .
وروى الكشي نفسه أنَّ أبا عبدالله ? قال : يا زرارة إن اسمك في أسامي أهل الجنة (4) !! .
ومثل هذا التناقض كثير وكثير : كجابر الجعفي , ومحمد بن مسلم , وأبي بصير الليث المرادي , وبريد العجلي وحمران بن أعين , وغيرهم ...
ومن يك هذا شأنهم , وهذه أحوالهم , فبأي شيء يحكم على مروياتهم وأخبارهم التي رووها ؟ .
س 27/ هل الإجماع حجة عند علماء المذهب الشيعي , ومتى ؟ .
ج/ ليس بحجة , إلا بوجود أحد أئمتهم المعصومين , قال شيخهم ابن المطهر الحلي : الإجماع إنما هو حجة عندنا لاشتماله على قول المعصوم , فكل جماعة كثرت أو قلت , كان قول الإمام في جملة أقوالها فإجماعها حجة لأجله , لا لأجل الإجماع (5) .
التعليق :
__________
(1) وسائل الشيعة ج20/100 .
(2) الوافي , المقدمة الثانية ج1/11-12 .
(3) رجال الكشي ص149-151 و160 .
(4) رجال الكشي ص133-136 .
(5) تهذيب الوصول إلى علم الأصول , لحسن بن يوسف بن المطهر الحلي ص70 , وأوائل المقالات للمفيد ص153 .(10/67)
ما قيمة الإجماع حينئذ , ما داموا يعتبرون إمامهم معصوماً , فقوله وحده كاف ؟؟ .
س 28/ ما عقيدة علماء المذهب الشيعي في توحيد الألوهية ؟ .
ج/ لقد أثَّرَ اعتقادهم في أئمتهم في إفرادهم لله بالعبادة , ومن ذلك :
أولاً : قول علماء الشيعة : ( إنَّ الله تعالى لا يستغني عن أئمتهم ) ؟ نعوذ بالله .
ومن ذلك : ما افتروه على أبي عبدالله - رضي الله عنه - أنه قال : إنَّ الله خلقنا وصوَّرنا فأحسن صورنا , وجعلنا عينه في عباده , ولسانه الناطق في خلقه , ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة , ووجهه الذي يُؤتى منه , وبابه الذي يدلُّ عليه , وخُزَّانه في سمائه وأرضه , بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار , وجرت الأنهار , وبنا ينزلُ غيث السماء , وينبت عشب الأرض , وبعبادتنا عُبد الله , ولولانا نحن ما عُبد الله (1) .
ثانياً : اعتقاد علماء الشيعة : ( بالحلول والاتحاد الكلي ) ؟ نعوذ بالله .
زعموا أنَّ أبا عبدالله - رضي الله عنه - قال : ثمَّ مسَحَنا بيمينه فأفضى نوره فينا (2) .
وفي رواية : .. ولكنَّ الله خلطنا بنفسه .. (3) .
وأنَّ الصادق ? قال : لنا مع الله حالات : نحن فيها هو ، وهو نحن , إلا أنه هو هو , ونحن نحن (4) .
ثالثاً : ( أنَّ المراد بنصوص القرآن الواردة في توحيد العبادة هو تقرير ولاية علي والأئمة ) ؟.
وقاعدتهم في ذلك : أنَّ الأخبار متضافرة في تأويل الشرك بالله , والشرك بعبادته : بالشرك في الولاية والإمامة , أي : يشرك مع الإمام من ليس من أهل الإمامة , وأن يتخذ مع ولاية آل محمد - رضي الله عنهم - ولاية غيرهم (5) .
فمثلاً :
__________
(1) أصول الكافي ج1/144 .
(2) أصول الكافي ج1/440 .
(3) أصول الكافي ج1/435 .
(4) شرح الزيارة الجامعة الكبيرة ص107 .
(5) مرآة الأنوار للعاملي ص202 .(10/68)
قول الله تعالى : ( ( - - { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ((- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( { - فهرس - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - { - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - درهم ( - ( تمهيد - - (((( - - - تمهيد ( - - عليه السلام - - ((- صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم - (- رضي الله عنه - تمهيد ( - - عليه السلام - - - - - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام - - - ( - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - صدق الله العظيم - ( - ( - ( - - ( - - - (((( ( فمعنى هذه الآية في أصحِّ كتاب عندهم : لئنْ أَمرتَ بولاية أحد مع ولاية عليٍّ - عليه السلام - من بعدك , ليحبطنَّ عملك (1) .
__________
(1) أصول الكافي للكليني ج1/427 رقم 76 .(10/69)
ومنها : قولهم في قول الله تعالى : ? ? الله أكبر ?- جل جلاله -? - - - - - سبحانه وتعالى - - ? بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - - - - جل جلاله - - - - - - تمهيد - - ?- جل جلاله -? - - - ? - - - - - سبحانه وتعالى - - ? الله - صدق الله العظيم - الله ? { - - رضي الله عنهم - - الله أكبر - ? - الله أكبر الله ? الله } ? بأنَّ لعلي - عليه السلام - ولاية ? ? تمهيد - - الله ? صدق الله العظيم ? الله - { الله أكبر ? - الله أكبر ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - - ? من ليسَ له ولاية ? المحتويات - - ? - ?- جل جلاله -? صدق الله العظيم ? - الله أكبر - - ? - ? - - - ? - - الله الله أكبر ? - جل جلاله -? بسم الله الرحمن الرحيم - ?- جل جلاله -? - - ?- جل جلاله -? الله ? - ? - - - } - - جل جلاله - - - ? - ? - - ? (1) .
ومنها : ( ( مقدمة ( - - ((- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم -( } تم بحمد الله ( - - - - ( قال أبو عبدالله - عليه السلام - : أي : إمام هدى مع إمام ضلال .. (2) .
القاصمة :
قال أبو عبدالله - رضي الله عنه - فيمن يقول بهذا التفسير : من قال هذا فهو مشرك بالله ثلاثاً , أنا إلى الله منهم بريء ثلاثاً , بل عنى الله بذلك نفسه (3) .
رابعاً : اعتقادهم : ( أنَّ أصل قبول الأعمال هو الإيمان بإمامة الأئمة ) (4) .
__________
(1) كنز جامع الفوايد ص277 , وبحار الأنوار ج23/364 , وتفسير القمي ج2/256 , وأصول الكافي ج1/421 .
(2) بحار الأنوار ج23/391 , وكنز جامع الفوايد ص207 لمحمد بن علي الكراجكي البرقي الطرابلسي المتوفى سنة 449هـ .
(3) تفسير البرهان للبحراني ج4/78 .
(4) بحار الأنوار ج27/166-202 .(10/70)
رووا : إنَّ الله عز وجل نصب علياً - عليه السلام - عَلَمَاً بينه وبين خلقه , فمن عَرَفَهُ كان مؤمناً , ومن أنكره كان كافراً , ومن جهله كان ضالاً , ومن نصب معه شيئاً كان مشركاً , ومن جاء بولايته دخل الجنة (1) .
التعليق : ما ذنب الذين ماتوا في الأمم السابقة , ولم يعلموا بعلي - رضي الله عنه - ولا بأهل بيته !؟ .
خامساً : اعتقاد علماء الشيعة : ( بأنَّ أئمتهم هم الواسطة بين الله سبحانه وبين خلقه ) ؟.
ولهذا عقد شيخهم المجلسي باباً بعنوان : أنَّ الناس لا يهتدون إلا بهم , وأنهم الوسائل بين الخلق وبين الله , وأنه لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وفيه : قال رسول الله ص لعليٍّ ع : ثلاثٌ أُقسم أنهنَّ حق : أنك والأوصياء من بعدك عرفاء , لا يُعرف الله إلا بسبيل معرفتكم , وعرفاء لا يدخل الجنة إلا من عرفكم وعرفتموه , وعرفاء لا يدخل النار إلا من أنكركم وأنكرتموه فإنهم حجب الرب , والوسائط بينه وبين الخلق (2) .
التعليق :
__________
(1) أصول الكافي ج1/437 .
(2) بحار الأنوار للمجلسي ج23/97-99 .(10/71)
إنَّ اعتقاد علماء الشيعة هذا يذكرنا باعتقاد عابدي الأصنام ؟ قال الله تعالى : { - صدق الله العظيم - صلى الله عليه وسلم - - ( - ((((- صلى الله عليه وسلم - - - - - ((( - - - - ( - - - - ((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - - ( تم بحمد الله - - (( تم بحمد الله ((( مقدمة ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم -( - - عليه السلام -( - - - عليه السلام - - ( - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( - ( تمهيد ((- رضي الله عنه - الله أكبر - صدق الله العظيم ( { - - - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - ( - - - { ( - ( - - فهرس - ( { ( - - - - - - - ( - ( - } تمت ( { { - - - ( المحتويات ( - (- رضي الله عنه - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - - - (( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( مقدمة - (( - - قرآن كريم ((( - - رضي الله عنه - - ( - - - } تمت ( { { - - - - صدق الله العظيم - ( - ( - - رضي الله عنه - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - ( - ( - - ( - - } ( - - ((( } .
وفي هذا الباب عدة مسائل لكي يتضح المقال :
المسألة الأولى : قول علماء الشيعة لا هداية للأنبياء إلا بولاية الأئمة , وما استأهل خلق النظر إليه إلا بالعبودية للأئمة ؟ نعوذ بالله .(10/72)
زعموا أنَّ أبا عبدالله - رضي الله عنه - قال : والله ما استوجب آدم أن يخلقه الله بيده , وينفخ فيه من روحه إلا بولاية عليٍّ - عليه السلام - , وما كلَّم الله موسى تكليماً إلا بولاية عليٍّ - عليه السلام - , ولا أقام الله عيسى ابن مريم آية للعامين إلا بالخضوع لعليٍّ - عليه السلام - , ثمَّ قال : أُجمل الأمر : ما استأهل خلق من الله النظر إليه إلا بالعبودية لنا (1) .
المسألة الثانية : قول علماء الشيعة ( لم يُعبد الله ويُعرف إلا بالأئمة ) ؟ .
زعموا أنَّ جعفر - رضي الله عنه - قال : بنا عُبد الله , وبنا عُرف الله , وبنا وُحِّد الله تبارك وتعالى (2) .
وفي رواية : ونحن السبيل إلى الله (3) .
وفي رواية : نحن ولاة أمر الله , وخزنة علم الله , وعيبة وحي الله , وأهل دين الله , وعلينا نزل كتاب الله , وبنا عُبد الله , ولولانا ما عُرف الله , ونحن ورثة نبي الله , وعترته (4) .
المسألة الثالثة : قول علماء الشيعة : لا يُقبلُ الدعاء إلا بأسماء الأئمة (5) .
رووا : من دعا الله بنا أفلح , ومن دعا الله بغيرنا هلك واستهلك (6) .
وبلغت جرأة علمائهم أن قالوا في أئمتهم : بابُ : أنَّ دعاء الأنبياء استجيب بالتوسل والاستشفاع بهم ص (7) .
__________
(1) الاختصاص للمفيد ص250 , وبحار الأنوار ج26/294 .
(2) الكافي ج1/145 .
(3) إرشاد القلوب للديلمي ج2/414 .
(4) بصائر الدرجات الكبرى للصفار ص61 .
(5) وسائل الشيعة ج4/1139 .
(6) بشارة المصطفى لشيعة المرتضى لعماد الدين الطبري الشيعي ص117-119 , وبحار الأنوار ج23/103 .
(7) بحار الأنوار ج23/279 .(10/73)
ورووا : عن الرضا - عليه السلام - قال : لما أشرف نوح - عليه السلام - على الغرق , دعا الله بحقنا فدفع الله عنه الغرق , ولما رُمي إبراهيم في النار دعا الله بحقنا , فجعل النار عليه برداً وسلاماً , وإنَّ موسى - عليه السلام - لمَّا ضرب طريقاً في البحر , دعا الله بحقنا , فجعله يَبسَاً , وإنَّ عيسى - عليه السلام - لما أراد اليهود قتله , دعا الله بحقنا , فنجي من القتل فرفعه الله (1) ويُنادون مهديهم بـ يا أرحم الراحمين (2) .
المسألة الرابعة : اعتقاد علماء الشيعة ( بأنَّ أئمتهم سريعي الإجابة ) ؟ .
أرسل أحد علمائهم رسالة إلى إمامه أبي الحسن الثالث يشتكي ويقول : إنَّ الرجل يُحب أن يُفضي إلى إمامه ما يُحب أن يُفضي إلى ربه فجاء الجواب : إذا كانت لك حاجة فحرِّك شفتيك فإنَّ الجواب يأتيك !! (3) .
المسألة الخامسة : قول علماء الشيعة ( لا يُستغاث إلا بالأئمة وأنهم هم النجاة والمفزع )(4) ؟ .
__________
(1) بحار الأنوار ج26/325 , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج4/143 .
(2) وسائل الشيعة ج8/184 , وبحار الأنوار ج51/304 , وجمال الأسبوع بكمال العمل المشروع ص280 , لعلي بن موسى بن جعفر بن طاوس المتوفى سنة 664هـ , ودلائل الإمامة ص304 لأبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري المازندراني , وفرج الهموم في تاريخ علماء النجوم لابن طاوس ص246 , ومصباح الكفعمي ص176 لإبراهيم بن علي العاملي الكفعمي المتوفى سنة 905هـ , وكتاب مكارم الأخلاق ص330 لرضى الدين الحسن بن الفضل الطبرسي المتوفى سنة 548هـ .
(3) بحار الأنوار ج94/22 .
(4) بحار الأنوار للمجلسي ج94/37 .(10/74)
قالوا : .. وأبو الحسن : فإنه ينتقم لك ممن ظلمك .. !! وأما علي بن الحسين : فللنجاة من السلاطين ونفث الشياطين .. !! وأما موسى بن جعفر : فالتمس به العافية من الله عز وجل !! وأما علي بن موسى : فاطلب به السلامة في البراري والبحار !! وأما محمد بن علي : فاستنزل به الرزق من الله تعالى .. !! وأما الحسن بن علي : فللآخرة !! وأما صاحب الزمان : فإذا بلغ منك السيف الذبح فاستعن به فإنه ُيعينك !! .... (1) .
تناقض :
روت كتبهم أنَّ الإمام جعفر الصادق - رضي الله عنه - كان من دعائه : اللهم إني أصبحتُ لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً , ولا حياة ولا موتاً ولا نشوراً , قد ذلَّ مصرعي , واستكان مضجعي , وظهر ضري , وانقطع عذري .. ودرست الآمال إلا منك , وانقطع الرجاء إلا من جهتك .. (2) .
المسألة السادسة : اعتقاد علماء الشيعة ( بأنَّ الحجَّ إلى مشاهد الأئمة أعظم من أداء الركن الخامس من أركان الإسلام ) ؟!! .
رووا : إنَّ زيارة أبي عبدالله - عليه السلام - تعدل ثلاثين حجة مبرورة متقبلة زاكية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3) .
من زار قبر الحسين ع كتب له سبعين حجة , من حجج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأعمارها ؟!! (4) .
__________
(1) بحار الأنوار ج94/33 , والبلد الأمين للكفعمي ص385 .
(2) بحار الأنوار ج86/318 , ومهج الدعوات ومنهج العبادات ص216 لرضى الدين علي بن موسى بن طاوس المتوفى664هـ .
(3) ثواب الأعمال لابن بابويه ص52 , وسائل الشيعة للحر العاملي ج10/350-351 .
(4) وسائل الشيعة ج10/351-352 .(10/75)
ألف ألف حَجة مع القائم - عليه السلام - , وألف ألف عمرة مع رسول الله ص (1) .
ثمَّ زادوا فقالوا : ألفي ألف حجة ؟ (2) .
ثمَّ طغو فقالوا : عن الرضا ع قال : من زار قبر الحسين - عليه السلام - بشط الفرات , كان كمن زار الله فوق عرشه ؟ (3) .
عن أبي عبدالله ع قال : من زار قبر الحسين بن علي - عليه السلام - يوم عاشوراء , عارفاً بحقه , كمن زار الله في عرشه (4) , وهل توقَّفت هذه المزادات والمزايدات !! أرجو ذلك .
تناقض :
عن حنَّان : قلتُ لأبي عبدالله - عليه السلام - : ما تقول في زيارة قبر الحسين صلوات الله عليه , فإنه بلغنا عن بعضكم أنه قال : تعدل حجة وعمرة ؟ قال فقال : ما أضعف هذا الحديث , ما تعدل هذا كلَّه , ولكن زوروه ولا تجفوه , فإنه سَيِّدُ شباب أهل الجنة (5) .
قاصمة ظهور علماء الشيعة :
روى الكليني أنَّ أمير المؤمنين - رضي الله عنه - قال : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هدم القبور , وكسر الصور (6) .
__________
(1) تهذيب الأحكام للطوسي ج6/49 , ووسائل الشيعة للعاملي ج14/460 , ومستدرك الوسائل للنوري ج10/250 , وبحار الأنوار ج98/88 , وروضة الواعظين وبصيرة المتعظين للنيشابوري ج1/195 , وكتاب المزار للمفيد ص46 .
(2) وسائل الشيعة ج10/351 – 353و379 .
(3) بحار الأنوار ج98/69 , وثواب الأعمال لابن بابويه القمي ص85 .
(4) مستدرك الوسائل ج10/291 , وبحار الأنوار ج98/105 , والاقبال ص567 لعلي بن موسى بن جعفر المعروف بابن طاوس المتوفى سنة 664هـ , وكتاب المزار للمفيد ص51 , ومصباح المتهجد للطوسي ص771 .
(5) بحار الأنوار ج101/35 , وقرب الإسناد ص48 لعبدالله بن جعفر الحميري من علمائهم في القرن الثالث .
(6) فروع الكافي ج2/226 .(10/76)
وفي رواية : لا تدع صورة إلا محوتها , ولا قبراً إلا سويته (1) .
المسألة السابعة : قول علماء الشيعة ( إنَّ الإمام يُحرِّم ما يشاء , ويُحلُّ ما يشاء ) ؟ .
رووا عن أبي جعفر ع قال : .. لأنَّ الأئمة منا مُفوَّض إليهم , فما أحلُّوا فهو حلال , وما حرَّموا فهو حرام (2) .
ورووا أنَّ إمامهم الرضا - رضي الله عنه - قال : الناس عبيد لنا في الطاعة (3) .
القاصمة :
__________
(1) فروع الكافي للكليني ج2/227 , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج2/869 .
(2) الاختصاص للمفيد 330 , وبحار الأنوار ج25/334 .
(3) الأمالي للمفيد ص48 , وبحار الأنوار ج25/279 .(10/77)
يقول تعالى : ? المحتويات - - ? - - الله - بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر - - - ?? - ? الله } - - الله أكبر الله أكبر الله أكبر - الله أكبر صدق الله العظيم - - - - ?? - ? الله ? - الله أكبر الله الله أكبر - صدق الله العظيم الله أكبر ? - } الله ? - - الله أكبر الله أكبر - - - الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر - صدق الله العظيم } - - - ?- جل جلاله - الله ? - ?? - - - ?- جل جلاله - - - - الله - - - جل جلاله - { الله ? - ? - - الله ? - ? صدق الله العظيم الله أكبر - - - الله ? الله الله أكبر ?? - الله ? - - الله ? الله ? المحتويات - - ? - - - جل جلاله -? الله أكبر - - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - المحتويات - - ? - - - - الله أكبر صدق الله العظيم ? الله - - جل جلاله -? - - ? - الله أكبر - الله أكبر ? - تمهيد - - - - - - جل جلاله - - - الله ? - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم الله ? - الله أكبر - ? - تمهيد - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - الله ? - ? - سبحانه وتعالى - - ? الله ? - الله أكبر - الله أكبر الله أكبر - صدق الله العظيم الله أكبر - - ? - الله الله ? الله ? - ?? - } - - { الله أكبر ? - الله أكبر ? ? } - - { .
قال أبو عبدالله - رضي الله عنه - : أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم , ولو دعوهم ما أجابوهم , ولكن أحلُّوا لهم حراماً , وحرَّموا عليهم حلالاً من حيث لا يشعرون (1) .
__________
(1) أصول الكافي ج1/53 .(10/78)
المسألة الثامنة : قولهم ( إنَّ تراب وطين قبر الحسين - عليه السلام - شفاء من كل داء ) ؟ (1) .
رووا : فإنَّ فيه شفاءً من كل داء , وأمناً من كل خوف (2) .
وقال أبو عبدالله : حَنِّكوا أولادكم بتربة الحسين - عليه السلام - فإنه أمان (3) .
وقال الخميني : ولا يُلحق به طين غير قبره , حتى قبر النبي ص والأئمة عليهم السلام (4) .
المسألة التاسعة : اعتقادهم ( بالاستنفاع بالدعاء بالطلاسم والرموز , والاستغاثة بالمجهول ) ؟ .
ومن أمثلة ذلك : زعمهم أنَّ حرز أمير المؤمنين - رضي الله عنه - للمسحور هو : بسم الله الرحمن الرحيم , أي كنوش أي كنوش ، ارشش عطنيطنيطح يا مطيطرون فريالسنون ، ما وما ، ساما سويا ، طيطشا لوش خيطوش ، مشفقيش , او صيعينوش ليطفيتكش .... ثمَّ وضع شيخهم المجلسي : رسم رموز غريبة على شكل خطوط متداخلة .. !؟ (5) .
وافتروا على علي - رضي الله عنه - أنه قال : ومن ضَلَّ منكم في سفر , وخاف على نفسه فليناد : يا صالح أغثني , فإنَّ في إخوانكم من الجن جنياً يُسمَّى صالح ... (6) .
التعليق :
__________
(1) في بحار الأنوار ج101/118-140 : ما يصل إلى 83 رواية عن تربة الحسين - رضي الله عنه - وفضلها وآداب أكلها , وأحكامها !! .
(2) أمالي الطوسي ج1/326 .
(3) بحار الأنوار ج101/124 , وكامل الزيارات ص278 لأبي القاسم جعفر بن محمد بن جعفر لابن قولويه القمي المتوفى سنة 367هـ .
(4) تحرير الوسيلة ج2/164 .
(5) بحار الأنوار ج91/193 .
(6) الخصال ج2/618 لابن بابويه القمي الملقب بالصدوق , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج8/325 .(10/79)
رووا : كانت العرب في جاهليتها , إذا نزلت مكاناً , يعوذون بعظيم ذلك المكان , أن يصيبهم بشيء يسؤهم .. فلَّما رأت الجن أن الإنس يعوذون بهم من خوفهم منهم , زادوهم رهقاً , أي خوفاً وإرهاباً وذعراً , حتى بقوا أشد منهم مخافة , وأكثر تعوذاً بهم مثلما قال الله عن المشركين : ? - سبحانه وتعالى - - ? الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - - - الله ? الله ? - - ? - ? - الله - - } الله ?- جل جلاله - الله ? - } ? - - تمهيد ? - - الله ?? - - ? - ? الله ? - ? - الله - - - - جل جلاله - - الله ?- جل جلاله - الله ? الله - ?- جل جلاله - - - ? - - صدق الله العظيم ? - ?? - - - الله { الله الله أكبر ? - - الله أكبر الله أكبر ? الله ? الله } ? } تمهيد { (1) .
المسألة العاشرة : قولهم : ( بمشروعية الاستخارة بالأزلام ) ؟ (2) .
رووا أنَّ استخارة أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - وحاشاه : أن تُضمر ما شئت , وتكتب هذه الاستخارة وتجعلهما في مثل البندق , ويكون بالميزان , وتضعهما في إناء فيه ماء , ويكون على ظهر إحداهما : افعل , والأخرى : لا تفعل , فأيُّهُمَا طلع على وجه الماء , فافعل به ولا تخالفه (3) .
وخصَّ بعض علمائهم مكان الاستخارة : عند قبر الحسين - رضي الله عنه - (4) .
التعليق :
__________
(1) تفسير البرهان ج4/391 , وتفسير القمي ج4/391 .
(2) الفروع من الكافي ج1/131 .
(3) بحار الأنوار ج91/238 , ووسائل الشيعة ج8/72 .
(4) وسائل الشيعة ج5/220 .(10/80)
هذه الاستخارة وغيرها كثير , مخالف لقول الله تعالى : ( تمت - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - ( - ( { - رضي الله عنه - - ( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - ( - - } - - ( - - ( المحتويات ( - ( - ( - - ( - ( - (( - - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - عليه السلام - - ( - - - { { ((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( - - ( - - - - ( ( المحتويات ( - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - - صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله ( تمت ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - عليه السلام - - ( - - - ( تمهيد ( - - رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - - - ( المحتويات ( - - - جل جلاله - - ( - ( تمهيد ( - - (( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( (( - - رضي الله عنهم - - ((( الله أكبر ( تمهيد - ((- عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - - - المحتويات ( فهرس - ( - تمهيد { - - - - جل جلاله -- جل جلاله - - ( - ( .(10/81)
ومخالف لما رواه بعض أئمتهم - رضي الله عنهم - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يُعلِّم الصحابة - رضي الله عنهم - الاستخارة في الأمور كلِّها , كما يعلمهم السورة من القرآن , يقول - صلى الله عليه وسلم - : إذا همَّ أحدكم بالأمر , فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك , وأستقدرك بقدرتك , وأسألك من فضلك العظيم , فإنك تقدر ولا أقدر , وتعلم ولا أعلم , وأنت علام الغيوب .... (1) .
المسألة الحادية عشرة : اعتقاد علماء الشيعة ( بالتشاؤم بالأمكنة والأزمنة ) ؟ .
ومن ذلك : ما افتراه علماؤهم أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : انتحوا مصر , ولا تطلبوا المكث فيها ، لأنه يورث الدِّياثة (2) .
وافتروا : لا تقولوا : من أهل الشام , ولكن قولوا : من أهل الشؤم .. لُعنوا على لسان داود - عليه السلام - فجعل الله منهم القردة والخنازير (3) .
التعليق :
__________
(1) بحار الأنوار ج91/265, مكارم الأخلاق للطبرسي ص372 , وانظر : مستدرك الوسائل ج6/236 , فتح الأبواب لابن طاوس ص149 .
(2) بحار الأنوار ج60/211 .
(3) تفسير القمي ص596 , بحار الأنوار ج60/208 .(10/82)
قال الله تعالى عن أرض الشام : ( - صدق الله العظيم (- رضي الله عنهم - - ( تمهيد ( - ( - ( - { - - - - - - عليه السلام - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - (( فهرس ( - ( - - رضي الله عنهم -(( - الله - ( - - - - (( } تم بحمد الله ( - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( الله - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - فهرس - ( { ( - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - - - (( - - } - - - ( - { - - - - - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - - (- رضي الله عنه - - (( مقدمة - - ( قرآن كريم - رضي الله عنهم - مقدمة (( مقدمة - رضي الله عنه - - ( - ( - ( - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - - جل جلاله -( - (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - (( مقدمة ( الله أكبر ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - (( - ( - - - - - - ( - - ((- رضي الله عنه - - ( - - - ((( ( .
س 29/هل يجوز عند علماء الشيعة دعاء غير الله تعالى , ومتى ؟ .
ج/ نعم يجوز , بشرط ألا يعتقد أن ذلك المدعو رباً ؟!! .
قال الخميني : إنَّ الشرك هو طلب الحاجة من غير الله , مع الاعتقاد بأنَّ هذا الغير هو إله ورب , وأما إذا طلب الحاجة من الغير من غير هذا الاعتقاد فليس بشرك , ولا فرق في هذا المعنى بين الحيِّ والميت , ولهذا لو طلب أحد حاجته من الحجر والمدر , لا يكون شركاً (1) .
س 30/ كيف خاطب الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج , في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
ج/ خاطبه وكلَّمه بلسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (2) .
س 31/ كيف انشقَّ القمر نصفين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
__________
(1) كشف الأسرار للخميني ص30 .
(2) شرح الزيارة الجامعة الكبيرة ج2/178 .(10/83)
ج/ بالاستشفاع وبالتوسل بدعاء علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (1) .
س 32/ هل يُفرِّق علماء الشيعة بين الله تعالى وبين أئمتهم ؟ .
ج/ لا ؟ فقد ذكر علماء الشيعة بأنَّ لأئمتهم : حالة روحانية برزخية أولية , تجري عليهم فيها صفات الربوبية , وإليه أُشير في الدعاء : لا فرق بينك وبينهم , إلا أنهم عبادك المخلصون (2) .
س 33/ ما هو الشرك بالله تعالى , وما مفهوم البراءة من المشركين في اعتقادهم ؟ .
ج/ مادة الشرك في القرآن الكريم في جميع مواردها تُؤَوُّلُ أو تطلق عند علماء الشيعة : على من لم يعتقد إمامة أمير المؤمنين والأئمة من ولده - رضي الله عنهم - , وفضَّل عليهم غيرهم (3) .
رووا أنَّ أبا جعفر - رضي الله عنه - قال في قوله تعالى : ? صدق الله العظيم - الله أكبر الله ? - ? الله ? - ?- جل جلاله - - ? الله أكبر - - ?? صدق الله العظيم - - ? تمهيد - - ? - ? تمهيد - - الله ? الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - ?- جل جلاله -? ??- جل جلاله -? صدق الله العظيم - الله الله أكبر ? ?? تمهيد - ? - ? ? - صدق الله العظيم } الله - صدق الله العظيم ? - - - ? بولاية علي- عليه السلام - ? الله الله ? - ? الله الله أكبر - صدق الله العظيم - الله - - ? ?? الله أكبر ? الله ? الله ? الله الله ? الله الله أكبر ?? الله أكبر ? الله الله أكبر - - ? الله ? الله ?- جل جلاله -? الله ?? - - - جل جلاله - { - الله أكبر الله أكبر الله - - ? - - ? (4) .
__________
(1) صحيفة الأبرار لميرزا محمد ص2 دار الجيل .
(2) مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار ج2 , الحديث 222 لعبدالله شبر , مؤسسة النور للمطبوعات .
(3) بحار الأنوار ج23/390 .
(4) تفسير فرات ص370 .(10/84)
وقال شيخهم أبو الحسن الشريف : إنَّ الأخبار متضافرة في تأويل الشرك بالله , والشرك بعبادته : بالشرك في الولاية والإمامة (1) .
وقال سيدهم المجلسي : إنَّ آيات الشرك ظاهرها في الأصنام الظاهرة , وباطنها في خلفاء الجور , الذين أُشركوا مع أئمة الحق , ونُصبوا مكانهم , يقول سبحانه : ( ( - ((( - - عليه السلام -(- رضي الله عنه - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - تمهيد (( - - - - - - } - ((( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (((( فهرس - - قرآن كريم - عليه السلام - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - { - الله ( - - } الله - - - - - - رضي الله عنه - - ( - الله } - - (((( ( أُريد في باطنها باللاَّت : الأول , وبالعزَّى : الثاني , وبمناة : الثالث , حيث سموهم : بأمير المؤمنين وبخليفة رسول الله وبالصدِّيق , والفاروق , وذي النورين , وأمثال ذلك (2) .
وقال : ومما عُدَّ من ضروريات دين الإمامية ... البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية (3) .
ومنكر الضروري عندهم : كافر !! كما تقدم مراراً .
وأول من أظهر البراءة من المشركين في اعتقادهم : عبدالله بن سبأ اليهودي ؟ كما تقدم .
هذه هي البراءة من المشركين في اعتقاد علماء الشيعة , والتي يُنادي بها آياتهم عبر مسيراتهم الغوغائية في موسم الحج , وفي أعظم أيام وأماكن الدنيا .
بل إنَّ من عقائد علماء الشيعة : أنَّ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يُظهران لهم في كل موسم حجٍّ , حتى يرمونهما بالحجارة أثناء رمي الجمار (4) .
__________
(1) مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار لأبي الحسن بن محمد النباطي العاملي الفروي ص202 .
(2) بحار الأنوار ج48/96 .
(3) الاعتقادات ص90-91 للمجلسي .
(4) بحار الأنوار ج27/305-306 , بصائر الدرجات ص82 .(10/85)
س 34/ هل للكواكب والنجوم تأثير في السعادة والشقاوة , بل وفي دخول الجنة والنار ؟ .
ج/ نعم , فقد زعم علماء الشيعة أنَّ أبا عبدالله قال : من سافر أو تزوج والقمر في العقرب , لم يَرَ الحُسنى (1) .
س 35/ هل اختصَّ الله تعالى أحداً بمفاتح الغيب غير نفسه في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
ج/ زعم علماء الشيعة أنَّ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال – وحاشاه - : وما بعث الله نبياً إلا وأنا أقضي دينه , وأنجز عداته , ولقد اصطفاني ربي بالعلم والظفر , ولقد وفدت إلى ربي اثني عشر مرَّة , فعرَّفني نفسه , وأعطاني مفاتيح الغيب (2) .
وزعموا أنَّ أبا عبدالله قال : إني أعلم ما في السموات وما في الأرض , وأعلم ما في الجنة , وأعلم ما كان وما يكون (3) .
التعليق :
__________
(1) الروضة من الكافي للكليني ج8/275 .
(2) تفسير فرات ص67 .
(3) بحار الأنوار ج26/111 .(10/86)
الله تعالى يقول عن نفسه في كتابه : ? - سبحانه وتعالى - - ? الله - الله أكبر ?- جل جلاله -? الله ? - - الله أكبر - جل جلاله - - - الله ? الله ? - درهم صدق الله العظيم - الله أكبر الله ?? - ? - - - الله درهم - - الله أكبر الله ? - ? - ? صدق الله العظيم ? الله الله أكبر ? - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - الله ? - ? ?- رضي الله عنهم - - ? صدق الله العظيم ? الله الله أكبر ? الله ? - الله ? ?- جل جلاله -? الله - } الله } الله أكبر - ? - - - - - صدق الله العظيم - الله الله أكبر - - ? - - الله ? - الله ? الله ? ?? - - ? { { الله الله أكبر - ?- جل جلاله -? { ? الله أكبر الله الله أكبر ? الله } الله الله ? - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - الله ? - ? - ? صدق الله العظيم ? الله الله أكبر ? - الله درهم الله ? - ? الله الله - الله أكبر الله - ? - - - الله أكبر الله ? - الله أكبر ???? - ? صدق الله العظيم } - - - - ? - - - الله درهم الله ? - درهم { ? الله } - الله درهم الله ? - } - جل جلاله - - - الله الله أكبر ? - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - ? - درهم - الله أكبر الله الله أكبر - - جل جلاله -? - ? - - - - الله ? ? } - - { ويقول سبحانه : ? ? - الله أكبر ? - ? - درهم ?- رضي الله عنهم - - ? صدق الله العظيم ? الله الله أكبر ? ? الله ? ? - - - الله ?? - الله أكبر ? الله الله { ? - - - ? صدق الله العظيم } - - - - ? - - الله ? ? درهم صدق الله العظيم - الله ?? - ? - - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - ? - - - - - - الله ? الله ? الله ?? - - - ? { الله أكبر(10/87)
? الله الله أكبر ? الله ? - الله الله الله أكبر ? - - - - ?? - - الله ? صدق الله العظيم - - الله أكبر ? ? } تمهيد - { .
س 36/ ما عقيدة علماء الشيعة في توحيد الربوبية ؟ .
ج / يتبين ملخصاً في المسائل الآتية إن شاء الله تعالى :
المسألة الأولى : قول علماء الشيعة : ( إنَّ الربَّ سبحانه هو إمامهم ) ؟ .
زعموا أنَّ علياً - رضي الله عنه - قال : أنا ربُّ الأرض الذي يسكن الأرض به (1) .
وقالوا في قول الله تعالى : ? - - الله الله أكبر ? الله - صدق الله العظيم ? - - - الله ? ?? صدق الله العظيم } - - - - ? - - - } ? - ?- جل جلاله - - - الله ? الله - جل جلاله - الله أكبر - الله } ? أي إمام الأرض ?? الله ? الله أكبر - جل جلاله -? - ? الله ? ? درهم - الله أكبر الله الله أكبر - - جل جلاله - الله أكبر ? - ? - - - ? - ? المحتويات - - جل جلاله - - الله ? الله ? - الله أكبر الله أكبر الله - جل جلاله - - - جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ?? - - - جل جلاله - - - جل جلاله -? - - - - الله ? الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ?? - - الله ? - ?- جل جلاله -? - الله أكبر ? الله ? ? - ? الله الله أكبر ? صدق الله العظيم - الله الله أكبر - الله - ? الله - - ? - - - جل جلاله - - صدق الله العظيم ? - ? الله ? - الله درهم الله ?? - ? الله الله أكبر ? { ?? - الله أكبر ? ? (2) .
__________
(1) مرآة الأنوار ص59 للعاملي .
(2) تفسير القمي ج2/253 وقال علماء الشيعة عن تفسيره : بأنه أصل أصول التفاسير عندهم ( انظر : مقدمة تفسير القمي ص10 ) وتفسير البرهان للبحراني ج4/87 .(10/88)
وفي قوله تعالى : ? الله ? - الله الله أكبر ? - الله الله ? - - - ? الله ? ?- رضي الله عنهم - - ???? ???? الله { الله الله أكبر ? - سبحانه وتعالى - - ? - الله أكبر - بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله - - الله ? - الله أكبر ? - ?- رضي الله عنهم - الله أكبر - الله - - الله - - الله أكبر ? - عليه السلام -? - ? - تمهيد - - - جل جلاله -?- جل جلاله - الله الله أكبر - الله } ? يُردُّ إلى أمير المؤمنين ? - سبحانه وتعالى - - ? - الله أكبر - بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله - - الله ? - - الله الله أكبر ? - - الله أكبر - - الله - الله ? - - - - ? بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر ? ? (1) .
المسألة الثانية : اعتقادهم : ( بأنَّ الدنيا والآخرة كلُّها للإمام , يتصرف بها كيف يشاء ) ؟ .
رووا عن أبي بصير عن أبي عبدالله ? قال : أما علمتَ أن الدنيا والآخرة للإمام , يَضعها حيث يشاء , ويَدفعها إلى من يشاء .. (2) .
التعليق :
قال الله تعالى : ( - ( - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ( - - ((( - - } - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنهم - - - (( تمت ( { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - ( - - - قرآن كريم ( - فهرس - (( - - (((( - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( - ( فلمَّا اعترف المشركون , وبَّّخهم الله تعالى منكراً عليهم شركهم بقوله : ( ( - ( - - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - - - صلى الله عليه وسلم -( - { - - - - - (((( ( .
__________
(1) مرآة الأنوار للعاملي ص59 .
(2) أصول الكافي ج1/409 تحت باب : أنَّ الأرض كلها للإمام .(10/89)
ثمَّ قال الله تعالى : ( ( - ( - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - { - ( المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم (- رضي الله عنهم - - - - - - - ((( - - - - - - - - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ((( - - رضي الله عنهم -(( - - - ( - (((- رضي الله عنهم -(( - - - (((( - - قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( - - ( فلمَّا أقرَّوا , وبخهم الله تعالى منكراً عليهم شركهم بقوله : ( ( - ( - - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - - قرآن كريم ( { ( - - - (((( ( .(10/90)
ثمَّ قال الله تعالى : ( ( - ( - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله (( فهرس ( - - عليه السلام - - ( - ( المحتويات قرآن كريم ( - صدق الله العظيم - - رضي الله عنه - تم بحمد الله (- صلى الله عليه وسلم - - ( - - ((( - ( - عليه السلام - قرآن كريم ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - ( - ( - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - { - ( - ( مقدمة ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - ( { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - ( - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - - (( - - (((( - - قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( - - ( فلمَّا أقروا , وبخهم الله تعالى منكراً عليهم شركهم بقوله : ( ( - ( - - - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - ( - - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - ( - ( - (((( ( - - رضي الله عنه - - المحتويات ( - ( - - جل جلاله -( - - - - صلى الله عليه وسلم - - ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( الله أكبر ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - ( - - - - (((( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - - ( تم بحمد الله - - ( - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - (( مقدمة - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - مقدمة ( - - ( { - - { - ( { - - - رضي الله عنهم - - - - { - - - ( - { مقدمة ( - - ( { - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - - فهرس - -(10/91)
رضي الله عنهم - } - - - رضي الله عنهم -( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ((((- رضي الله عنه - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( - (((- رضي الله عنه - - - - صدق الله العظيم (- رضي الله عنهم - - ( تمهيد ( - ( - - - - - - - رضي الله عنه -( - - قرآن كريم ((((- رضي الله عنه - - (((( ( المحتويات ( - (- رضي الله عنه -( ( - ( - - رضي الله عنه -(( - - - ( - - رضي الله عنهم - - (- رضي الله عنهم - - } ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - فهرس - (- رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - - ( - - - - رضي الله عنه -( - - قرآن كريم ( - ( - ((( - (((( ( .
المسألة الثالثة : قول علماء الشيعة : ( الحوادث الكونية كلها من فعل الإمام ) ؟ .
رووا عن سماعة بن مهران قال : كنت عند أبي عبدالله - عليه السلام - فأرعدت السماء وأبرقت , فقال أبو عبدالله - عليه السلام - : أما إنه ما كان من هذا الرعد , ومن هذا البرق , فإنه من أمر صاحبكم ؟ قلت : من صاحبنا ؟ قال : أمير المؤمنين - عليه السلام - (1) .
وفي رواية : والرعد صوته , والبرق تبسُّمُه (2) .
ورووا : أنَّ أمير المؤمنين - رضي الله عنه - أومأ إلى سحابتين فأصبحت كل سحابة كأنها بساط موضوع , فركب على سحابة بمفرده , وركب بعض أصحابه على الأخرى ... وقال وهو فوقها : أنا عين الله في أرضه , أنا لسان الله الناطق في خلقه , أنا نور الله الذي لا يطفأ , أنا باب الله الذي يؤتى منه , وحجته على عباده ... (3) .
التعليق :
__________
(1) الاختصاص للمفيد ص327 , بحار الأنوار ج27/33 .
(2) الاختصاص ص199 للمفيد , وبحار الأنوار ج27/33 , وبصائر الدرجات للصفار ص408 , وتفسير البرهان ج2/482 .
(3) بحار الأنوار ج27/34 .(10/92)
ماذا تستنبط أيها المسلم المنصف العاقل من هذه الروايات , أليس فيها ادعاء ممن وضعها من علماء الشيعة لربوبية علي - رضي الله عنه - , وأنَّ له شركاً في الربوبية , والله تعالى في كتابه الكريم يقول : ? الله ? - ? ?- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - - ? - - ? - - - الله أكبر ? ??? - الله - - ? - - - - الله أكبر الله أكبر ??? الله - - - الله أكبر الله أكبر ? الله ??? الله ? - - ?- جل جلاله -?? - الله أكبر ? الله ? ? - - الله - الله أكبر - ? { ? - - الله ? - الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله - - ? - - ? } - - { .
المسألة الرابعة : قول علماء الشيعة : ( بأنَّ عليَّاً - رضي الله عنه - فرعٌ من فروع الربوبية ) ؟ .
زعم علماؤهم أنَّ أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - قال : أنا فرعٌ من فروع الربوبية (1) .
وقال آيتهم : عبدالحسين العاملي , واصفاً علياً - رضي الله عنه - , برأه الله مما يقول :
أَبَا حَسَنٍ أنت عينُ الإلهِ وعنوانُ قدرته السامية
وأنتَ المحيطُ بعلم الغيوبِ فهل عندكَ تعزبُ من خافية
وأنت مُدَبِّرُ رحى الكائناتِ وعلَّة إيجادها الباقية
لَكَ الأمرُ إنْ شئتَ تُنجي غداً وإنْ شئتَ تسفعُ بالناصية (2) .
المسألة الخامسة : قول علماء الشيعة : ( إنَّ جزءاً من الله تعالى حلَّ في أئمتهم ) ؟ .
__________
(1) شرح الزيارة الجامعة الكبيرة للخوئي ج1/70 .
(2) ديوان الحسين , الجزء الأول من القسم الثاني الخاص في الأدب العربي ص48 , وانظر : مقتبس الأثر للحائري ج1/153 , 245-248 , وأعيان الشيعة لآيتهم محسن الأمين ج5/219 , والغدير لعبدالحسين الأميني ج7/34-67 , وغيرها .(10/93)
رووا أنَّ أبا عبدالله ع قال : ثمَّ مسَحَنا بيمينه فأفضى نوره فينا (1) .
وفي رواية : .. ولكنَّ الله خَلَطَنا بنفسه .. (2) .
وروى شيخهم الخوئي عن الإمام الصادق ? أنه قال : لنا مع الله حالات : نحنُ فيها هو ، وهو نحنُ , إلا أنه هو هو , ونحنُ نحنُ (3) .
المسألة السادسة : اعتقادهم ( بأنَّ علياً - رضي الله عنه - يُحيي الموتى ) ؟ .
رووا بأنه - رضي الله عنه - أحيا الشاب الذي من أخواله من بني مخزوم !! حيث ركض قبره برجله , فخرج الشاب من قبره (4) وأحيا - رضي الله عنه - موتى مقبرة الجبانة بأجمعهم , وضرب - رضي الله عنه - الحجر فخرجت منه مائة ناقة !! (5) .
إذاً : فما أعلى مقامات التوحيد عند علماء الشيعة ؟ .
هو : القول بوحدة الوجود !!! وحقيقتها : أنَّ وجود أئمتهم هو عين وجود الله تعالى , فهو الغاية في التوحيد (6) , تعالى الله وتقدَّس عما يقولون علواً كبيراً .
س 37/ ما عقيدة علماء الشيعة في توحيد الأسماء والصفات ؟ .
ج / يمكن أن نقسم اعتقاد علماء الشيعة في توحيد الأسماء والصفات إلى خمس مسائل :
المسألة الأولى : قول علماء الشيعة ( بالتجسيم ) ؟ .
وأول من قال من علماء الشيعة بأن الله جسم : هشام بن الحكم , قال : بأن الله جسم , ذو حدٍّ ونهاية , وأنه طويل عريض عميق , وأنَّ طوله مثل عرضه , وأنَّ الله سبعة أشبار بشبر نفسه ... (7) .
__________
(1) أصول الكافي ج1/440 .
(2) أصول الكافي ج1/435 .
(3) شرح الزيارة الجامعة الكبيرة ص107 , دار المفيد .
(4) أصول الكافي 1/457 .
(5) بحار الأنوار ج41/194-198 .
(6) انظر : جامع السعادات ص132-133 , لشيخهم : مهدي بن أبي ذر النراقي المتوفى سنة 1209هـ .
(7) تفسير البرهان ص41 , وبحار الأنوار ج3/288 , التنبيه والرد للملطي ص24 , وانظر : أصول الكافي ج1/103 .(10/94)
وقال ابن المرتضى : إنَّ جلَّ الروافض على التجسيم , إلا من اختلط منهم بالمعتزلة (1) .
التعليق :
قال يعقوب السراج لأبي عبدالله - عليه السلام - : إنَّ بعض أصحابنا يزعم أنَّ لله صورة مثل الإنسان , وقال آخر : إنه في صورة أمرد جعد قطط ! فخرَّ أبو عبدالله ع ساجداً ثمَّ رفع رأسه , فقال : سبحان الله الذي ليس كمثله شيء , ولا تدركه الأبصار , ولا يحيط به علم ... (2) !! .
المسألة الثانية : قول علماء الشيعة ( بالتعطيل ) ؟ .
فبعد أن غلو في إثباتهم لصفات الله تعالى , حتى قال بعضهم بالقول بوحدة الوجود ! .
بدأ التغير في المذهب الشيعي في أواخر المائة الثالثة , حيث تأثر علماؤهم بأئمة المعتزلة القائلين : بتعطيل الله تعالى من صفاته الثابتة له في الكتاب والسنة , وقد صرَّح علامتهم ابن المطهر بذلك فقال : بأنَّ مذهبنا الشيعي في الأسماء والصفات , كمذهب المعتزلة (3) .
التعليق :
__________
(1) المنية والأمل للزيدي أحمد بن المرتضى ص19 , والحور العين لنشوان الحميري ص148-149 .
(2) التوحيد لابن بابويه القمي ص103-104 , وبحار الأنوار ج3/304 .
(3) نهج المسترشدين ص32 للحسن بن يوسف بن المطهر الحلي المتوفى سنة 726هـ , وانظر : عقائد الإمامية الاثني عشرية لآية الله إبراهيم الموسوي الزنجاني ص28 , وقد وصفه شيخهم الخوئي في تقريظه للكتاب بأنه : ( ركن الإسلام ، عماد العلماء ) .(10/95)
الله سبحانه بعث رسله عليهم السلام في صفاته بإثبات مُفَصَّل , ونفي مجمل , ولهذا يأتي الإثبات للصفات في كتاب الله تعالى مفصلاً , والنفي مجملاً , قال الله تعالى : ? - - - جل جلاله -? - الله الله أكبر ? - - - الله ? - الله أكبر الله ? الله الله { ? - - - - ? صدق الله العظيم } - - - - ? - - الله ? ?? الله ? الله - - رضي الله عنهم - الله أكبر ? - ? ??- جل جلاله - الله ? ?? الله أكبر الله أكبر ?- جل جلاله - { - ?? - - - - - - - الله ? صدق الله العظيم } - - - الله ?- جل جلاله -? الله ? - - رضي الله عنهم - - الله أكبر الله الله أكبر { ? الله أكبر ? - - - ? - - - - - - - الله ? صدق الله العظيم } - - - ?? الله أكبر - } - ? الله } - - الله ? - - جل جلاله -? - - جل جلاله -? ? } صدق الله العظيم - الله أكبر - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - { ? - - جل جلاله -? - ? - - ? { ? الله أكبر الله ? الله ? - ? الله ? - ? - - جل جلاله -? الله الله { ? - - - } - - جل جلاله -? الله - الله أكبر - ? - - ? } - - { .
فالنفي جاء مجملاً : ? ? } صدق الله العظيم - الله أكبر - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - { ? - - جل جلاله -? - ? - - ? { ? الله أكبر الله ? ? وهذه طريقة القرآن الكريم في النفي غالباً , وأما في الإثبات فيأتي التفصيل : ? الله ? - ? الله ? - ? - - جل جلاله -? الله الله { ? - - - } - - جل جلاله -? الله - الله أكبر - ? - - ? وكآخر سورة الحشر , وشواهد هذا كثيرة .. إلخ .
ويمكن أيها القارئ أن نصور لك قول علماء الشيعة في التعطيل بالمسائل الآتية :
المسألة الأولى : قول علماء الشيعة ( بأنَّ القرآن مخلوق ) ؟ .(10/96)
فعلماء الشيعة حَذَوْ حَذْوَ الجهمية (1) والمعتزلة في القول بخلق القرآن , وقد عقد شيخ الشيعة في زمانه : المجلسي (2) في كتاب القرآن : باب أنَّ القرآن مخلوق .
ويقول آية الشيعة محسن الأمين : قالت الشيعة والمعتزلة (3) : القرآنُ مخلوق (4) .
وهذا بناءاً على إنكار علماء الشيعة لصفة الكلام لله تعالى , تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً .
القاصمة :
سُئل إمامهم الرضا عن القرآن فقال : إنه كلام الله غير مخلوق (5) .
المسألة الثانية : قول علماء الشيعة ( بأنَّ المؤمنين لا يرون ربهم سبحانه يوم القيامة ) ؟ .
روى علماؤهم أنَّ أبا عبدالله جعفر الصادق سُئل : هل يُرى الله تبارك وتعالى في المعاد ؟ فقال : سبحان الله وتعالى عن ذلك علواً كبيراً .. إنَّ الأبصار لا تدرك إلا ما له لون وكيفية , والله خالق الألوان والكيفية (6) .
وجعل شيخهم الحر العاملي نفي الرؤية من أصول أئمتهم (7) , وحكم شيخهم : جعفر النجفي بارتداد من نسب إلى الله بعض الصفات , كالرؤية وغيرها (8) .
التعليق :
__________
(1) الجهمية : أتباع الجهم بن صفوان , من ضلالته : القول بنفي الصفات وبدع أخرى , كالقول بالإرجاء , والجبر , وفناء الجنة والنار .. ( انظر : التنبيه والرد للملطي ص218 .. ) .
(2) بحار الأنوار ج92/117-121 .
(3) قال عبدالجبار المعتزلي في شرح الأصول الخمسة : وأما مذهبنا في ذلك ( أي في القرآن ) فهو : أنَّ القرآن كلام الله تعالى ووحيه , وهو مخلوق محدث شرح الأصول الخمسة ص528 .
(4) أعيان الشيعة ج1/461 .
(5) تفسير العياشي ج1/8 .
(6) بحار الأنوار ج4/31 .
(7) الفصول المهمة في أصول الأئمة للحر العاملي ص12 .
(8) كشف الغطا ص417 , وانظر : أعيان الشيعة لمحسن الأمين ج1/463 , وعقائد الإمامية للمظفر ص59 .(10/97)
هذه الرواية تتضمن نفي الوجود الحق لله تعالى , لأنَّ ما لا كيفية له مطلقاً لا وجود له , وهذا يناقض أيضاً ما رواه شيخهم الكليني عن أبي عبدالله ? أنه قال : ولكن لا بدَّ من إثبات أنَّ له كيفية , لا يستحقها غيرُه , ولا يُشارَكُ فيها , ولا يُحاط بها , ولا يعلمها غيره (1) .
قاصمة ظهور علماء الشيعة :
قال الله تعالى : ( ( فهرس قرآن كريم ( - (- صلى الله عليه وسلم - - - ((- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( - - عليه السلام - - (( - ( الله أكبر (((( - - فهرس - ( { - { - ( - - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - (( - - رضي الله عنه - الله أكبر (((( ( وقال تعالى في الكفار : ? - - ? - - ? صدق الله العظيم ? - ? بسم الله الرحمن الرحيم - ? - تمهيد - ? الله ? صدق الله العظيم ? - ? الله - جل جلاله - الله أكبر - الله الله } - - الله أكبر الله أكبر تمهيد - ? الله ? صدق الله العظيم ? الله ? الله ?? - - ? - - صدق الله العظيم - الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - ? ? } - - { وعن أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله - عليه السلام - : أخبرني عن الله عز وجل , هل يراه المؤمنون يوم القيامة ؟ قال : نعم (2) .
المسألة الثالثة : قول علماء الشيعة ( بنفي نزول الله تعالى ) ؟ (3) .
__________
(1) أصول الكافي ج1/85 .
(2) التوحيد لابن بابويه القمي ص117 , بحار الأنوار ج4/44 .
(3) انظر بعض رواياتهم في إنكار النزول الإلهي : أصول الكافي ج1/125-127 , وبحار الأنوار ج3/311-314 .(10/98)
قال شيخهم المعاصر محمد بن المظفر : ومن قال .. إنه ينزل إلى السماء الدنيا , أو إنه يظهر إلى أهل الجنة , أو نحو ذلك فإنه بمنزلة الكافر به .. وكذلك يُلحق بالكافر من قال : إنه يتراءى لخلقه يوم القيامة (1) .
التعليق :
سَأل رجلٌ أبا عبدالله ? : تقول إنه ينزل إلى السماء الدنيا ؟ قال أبو عبدالله ع : نقول ذلك , لأنَّ الروايات قد صحت به والأخبار (2) .
وقال إمامهم الرضا ? : للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب : نفي وتشبيه , وإثبات بغير تشبيه , فمذهب النفي لا يجوز , ومذهب التشبيه لا يجوز , لأنَّ الله تبارك وتعالى لا يشبهه شيء , والسبيل في الطريقة الثالثة : إثبات بلا تشبيه (3) .
المسألة الرابعة : وصف علماء الشيعة ( أئمتهم بأسماء وصفات الله ( ) ؟ .
__________
(1) عقائد الإمامية للمظفر ص59-60 .
(2) بحار الأنوار ج3/331 .
(3) بحار الأنوار ج3/263 .(10/99)
روى شيخهم الكليني عن أبي عبدالله - عليه السلام - في قول الله ( : ( ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( - - - (( - - } - - - ( - - ( - (- رضي الله عنه -( - - - ( فهرس قرآن كريم ((( - - - - ( - { - ( - } } - - صلى الله عليه وسلم -( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - { - - - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - ( - ( - (( (( مقدمة ((((- رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تمت (- صلى الله عليه وسلم -- رضي الله عنه - - ( - ( - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - ((((( ( قال : نحن والله الأسماء الحسنى , التي لا يقبل الله من العباد عملاً إلا بمعرفتنا (1) .
وفصَّلت روايات أخرى : نحن المثاني الذي أعطاه الله نبينا محمداً ص , نحن وجه الله نتقلب في الأرض بين أظهركم , ونحن عين الله في خلقه , ويده المبسوطة بالرحمة على عباده , عَرَفنَا من عَرَفَنا وجَهلنا مَن جَهلنا (2) .
وعن أبي عبدالله قال : إنَّ الله خلقنا فأحسن صورنا , وجعلنا عينه في عباده , ولسانه الناطق في خلقه , ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة , ووجهه الذي يُؤتى منه , وبابه الذي يدلُّ عليه , وخزَّانه في سمائه وأرضه , بنا أثمرت الأشجار , وأينعت الثمار , وجرت الأنهار , وبنا ينزل غيث السماء , وينبت عُشب الأرض , وبعبادتنا عُبد الله , ولولانا ما عُبد الله (3) .
__________
(1) أصول الكافي ج1/143-144 .
(2) أصول الكافي ج1/143 .
(3) أصول الكافي ج1/144 .(10/100)
وفي رواية أنَّ أئمتهم قالوا : ... ثمَّ يُؤتى بنا فنجلس على عرش ربنا (1) .
وافتروا : أنَّ علياً ? قال : أنا وجه الله , أنا جنب الله , وأنا الأول , وأنا الآخر , وأنا الظاهر , وأنا الباطن , وأنا بكل شيء عليم .. وأنا أُحيي , وأنا أُميت , وأنا حيٌ لا أموت .. (2) .
ما أشبه قولهم بقول فرعون : ? - - الله الله أكبر ? - - - - ? الله أكبر ? الله - - ? } - عليه السلام -? - ? صدق الله العظيم ? - - - ? - - ? } - - { .
ويعتقد علماء الشيعة أن أئمتهم هم المراد بقول الله تعالى : ? - عليه السلام -? الله ? صدق الله العظيم - الله أكبر الله ? الله ? - ? صدق الله العظيم - الله ? ?? - الله الله أكبر - الله } ? - - - ? - الله أكبر الله الله أكبر ? الله - - ? - - - جل جلاله - - - الله - الله أكبر - ? - تمهيد - ? - - الله ? ? } - - { وبقوله تعالى : ( - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - مقدمة ( - - ( { - صدق الله العظيم ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - - - - ( - - ((( - ( ( - ( - - - رضي الله عنهم - - - صدق الله العظيم ( { (( مقدمة - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( حيث افتروا على أئمتهم أنهم قالوا : نحن وجه الله الذي لا يهلك (3) , نعوذ بالله من الشرك وأهله .
التعليق :
__________
(1) تفسير العياشي ج2/312 , وبحار الأنوار ج3/302 , وتفسير البرهان للبحراني ج2/439 .
(2) رجال الكشي ص211 , وبحار الأنوار ج94/180 , ومناقب آل أبي طالب ج2/385 , وبصائر الدرجات ص151 .
(3) التوحيد لابن بابويه ص150 , بحار الأنوار ج24/201 , تفسير الصافي ج4/108 , تفسير البرهان ج3/241 .(10/101)
قال أبو عبدالله ع عن علماء شيعته : تعالى الله عزَّ وجلَّ عما يصفونه سبحانه وبحمده , ليس نحن شركاءه في علمه ولا في قدرته , بل لا يعلم الغيب غيره , كما قال في محكم كتابه تبارك وتعالى : ? ? - الله أكبر ? - ? - درهم ?- رضي الله عنهم - - ? صدق الله العظيم ? الله الله أكبر ? ? الله ? ? - - - الله ?? - الله أكبر ? الله الله { ? - - - ? صدق الله العظيم } - - - - ? - - الله ? ? درهم صدق الله العظيم - الله ?? - ? - - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - ? - - - - - ?? .. قد آذانا جهلاء الشيعة وحمقاؤهم , ومَن دينه جناح البعوضة أرجح منه , وأُشهد الله الذي لا إله إلا هو وكفى به شهيداً ... أنَّي بريءٌ إلى الله وإلى رسوله ممن يقول : إنا نعلم الغيب , أو نشارك الله في ملكه , أو يُحلنا محلاً سوى المحل الذي رضيه الله لنا !!! (1) 0
المسألة الخامسة : اعتقاد علماء الشيعة ( أنَّ في الأئمة جزءاً إلهياً ) ؟ .
أخرج شيخهم الكليني عن الأئمة أنهم قالوا : إنَّ الله خَلَطَنَا بنفسه (2) .
س 38/ ما مفهوم الإيمان عند علماء المذهب الشيعي ؟ .
ج/ لقد أدخل علماء الشيعة الإيمان بالأئمة الاثني عشر في مسمَّى الإيمان !! .
قال شيخهم ابن المطهر الحلي : مسألة الإمامة : هي أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان , والتخلص من غضب الرحمن (3) .
__________
(1) بحار الأنوار ج25/32و267و301و316 , والاحتجاج للطبرسي ج2/473 , ورجال الكشي ص323-325و518 .
(2) أصول الكافي ج1/146 .
(3) منهاج الكرامة في معرفة الإمامة ص1 لابن المطهر الحلي .(10/102)
وقال أمير محمد الكاظمي القزويني : إنَّ من يكفر بولاية علي ( وإمامته فقد أسقط الإيمان من حسابه , وأحبط بذلك عمله (1) .
س 39/هل قال علماء الشيعة بشهادة ثالثة مع الشهادتين ؟ .
ج/ نعم , وهي شهادة أنَّ علياً ? وليُّ الله تعالى , فيرددونها في أذانهم , وبعد صلواتهم (2) , ويُلقنوها موتاهم ؟ قال الباقر : لقنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله والولاية (3) .
س 40/ ما اعتقاد علماء الشيعة في الإرجاء ؟ .
ج/ إنَّ الإيمان عند المرجئة : هو معرفة الله ( , وأما عند الشيعة فهو : معرفة الإمام أو حُبه ! ؟ ولهذا رووا : حبُّ عليٍّ - عليه السلام - حسنة , لا تضرُّ معها سيئة (4) .
وافتروا : لا يدخل الجنة إلا من أحبَّهُ من الأولين والآخرين , ولا يدخل النار إلا من أبغضه من الأولين والآخرين (5) .
التعليق :
__________
(1) الشيعة في عقائدهم وأحكامهم ص24 للقزويني – من شيوخ الشيعة المعاصرين - .
(2) وسائل الشيعة للحر العاملي 4/103 , باب : استحباب الشهادتين , والاقرار بالأئمة بعد كل صلاة .
(3) فروع الكافي للكليني ج1/34 , وتهذيب الأحكام للطوسي ج1/82-287 , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج2/665 .
(4) الفضائل لشاذان بن جبرئيل القمي ص96 .
(5) علل الشرائع ص162 .(10/103)
قال الله تعالى : ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - - } (( قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( - ( - (( مقدمة ( - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - - (( مقدمة - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - صدق الله العظيم - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - ((- رضي الله عنه - الله أكبر ((((( ( وقال تعالى : ( صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( ( - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - - - { ( الله ( تم بحمد الله - - { - - - - - - ( - - رضي الله عنهم - - (( فهرس - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ((( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - - - { ( الله ( تم بحمد الله - - { - - - - - - - { (( فهرس - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ((( ( وأسقطوا الإيمان بالله ( ورسوله ( وجميع العقائد الدينية ... ولم يُبقوا في شريعة الإسلام غير حب أمير المؤمنين ؟! .
س 41/ ما اعتقاد علماء الشيعة في الوعد من الله ( ؟ .
ج/ قال شيخهم ابن بابويه : اعتقادنا في الوعد أنَّ من وعد الله على عمل ثواباً فهو منجزه (1) .
__________
(1) الاعتقادات لابن بابويه ص94 , وانظر : أوائل المقالات للمفيد ص57 , والاعتقادات للمجلسي ص100 .(10/104)
وقد اخترع علماء الشيعة روايات عن الأئمة , تثبت الوعد بالثواب على أعمال ليست في كتاب الله تعالى , ولا في سنة رسوله ( , ولا في سنة أمير المؤمنين - رضي الله عنه - فمثلاً :
لعن صحابة رسول الله ( : جعله علماء الشيعة من أفضل القربات (1) .
وجعلوا لطم الخدود .. باسم عزاء الحسين - رضي الله عنه - من عظيم الطاعات (2) .
وسُئل آل كاشف الغطاء عن : حكم الاحتفال في العاشر من محرَّم في كل عام بتمثيل قتل الحسين - رضي الله عنه - وما جرى عليه وعلى أهله , وإعلان الحزن من الندب والعويل والبكاء وضرب الصدور , وترديد : يا حسين يا حسين .. ؟ .
فأجاب آيتهم : ( - رضي الله عنهم - - ( - ( - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - (- رضي الله عنهم -(( - - عليه السلام - - ((((- رضي الله عنهم -( - { ( - - - - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر ( - - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - عليه السلام - قرآن كريم ( { - - ( - قرآن كريم ( - ( { ( - - - ( .. ولا ريب أنَّ تلك المواكب المحزنة , وتمثيل هاتيك الفاجعة المشجية , من أعظم شعائر الفرقة الجعفرية (3) .
__________
(1) انظر : وسائل الشيعة ج5/389 , وفروع الكافي ج1/95 , وتهذيب الأحكام ج1/227 , ومستدرك الوسائل ج1/342 .
(2) انظر : عقائد الإمامية مبحث المواكب الحسينية ج1/289 , ودائرة المعارف الإسلامية الشيعية لحسين الأمين ج21/706 .
(3) الآيات البينات ص5 للغطاء .(10/105)
ورووا أنَّ أئمتهم يملكون الضمان لشيعتهم بدخول الجنة : عن عبدالرحمن الحجاج قال : قلت لأبي الحسن ع : إنَّ علي بن يقطين , أرسلني إليك برسالة أسألك الدعاء له , فقال : في أمر الآخرة ؟ قلت : نعم , قال : فوضع يده على صدره ثمَّ قال : ضمنت لعلي بن يقطين ألا تمسه النار (1) .
س 42/ ما الذي حفظ الإسلام منذ أربعة عشر قرناً ؟ .
ج/ قال إمامهم الخميني : إنَّ البكاء على سيِّد الشهداء - عليه السلام - وإقامة المجالس الحسينية , هي التي حفظت الإسلام من أربعة عشر قرناً (2) .
س 43/ ما اعتقاد علماء الشيعة في الوعيد من الله تعالى ؟ .
ج/ قال شيخهم المفيد : اتفقت الإمامية : على أنَّ أصحاب البدع كلُّهم كفارٌ , وعلى أنَّ على الإمام أن يستتيبهم عند التمكن .. فإن تابوا عن بدعهم , وصاروا إلى الصواب , وإلا قتلهم لردتهم عن الإيمان , وأنَّ من مات منهم على تلك البدعة , فهو من أهل النار (3) .
ولذلك قال شيخهم ابن بابويه : واعتقادنا فيمن خالفنا في شيء واحد من أمور الدين , كاعتقادنا فيمن خالفنا في جميع أمور الدين (4) .
فعلماء الشيعة وعيديه بالنسبة لمن خالفهم , كما أنهم مرجئة فيمن دان واعتقد عقيدتهم , ولذلك رووا : إذا كان يوم القيامة وُلِّينا حساب شيعتنا , فمن كانت مظلمته فيما بينه وبين الله عزَّ وجلَّ , حكمنا فيها فأجابنا , ومن كانت مظلمته فيما بينه وبين الناس , استوهبناها فوهبت لنا , ومن كانت مظلمته فيما بينه وبيننا , كنا أحق من عفا وصفح (5) .
__________
(1) رجال الكشي ص431-432 , و ص447-448و484 , وانظر : الكافي ج1/474-475 .
(2) جريدة الاطلاعات الإيرانية ( العدد 15901 ) في 16/8/1399هـ .
(3) أوائل المقالات ص16 .
(4) الاعتقادات له ص116 , وانظر : الاعتقادات للمجلسي ص100 .
(5) بحار الأنوار للمجلسي ج68/99 , وعيون أخبار الرضا لابن بابويه الملقب بالصدوق ج2/68 .(10/106)
س 44/ ما اعتقاد علماء المذهب الشيعي في الإيمان بالملائكة ؟ .
ج/ يعتقدون أنَّ الملائكة خُلقوا من نور الأئمة : رووا أن رسول الله ( قال : خلق الله من نور وجه علي بن أبي طالب ع سبعين ألف ملك , يستغفرون له ولمحبِّيه إلى يوم القيامة (1) .
* من وظائف الملائكة : البكاء على قبر الحسين - رضي الله عنه - : رووا : عن أبي عبدالله ع قال : وكَّلَ الله بقبر الحسين ع أربعةَ آلاف ملك , شعث غبرٌ , يبكونه إلى يوم القيامة .. (2) .
* أُمْنِيَةُ ملائكة السموات : رووا : عن أبي عبدالله ع قال : وليس شيء في السموات , إلا وهم يسألون الله أن يُؤذن لهم في زيارة الحسين ع , ففوج ينزل , وفوج يعرج (3) .
* الملائكة في اعتقاد علماء الشيعة مكلفون بمسألة ولاية أئمتهم , ولكنَّ علماء الشيعة يقولون : بأنه لم يستجب من الملائكة إلا طائفة المقرَّبين , رغم أنَّ الله يُحلُّ العقوبة بمن يخالف من الملائكة , حتى إنَّ أحد الملائكة عُوقب بكسر جناحه لرفضه ولاية أمير المؤمنين ? , ولم يبرأ إلا حينما تمسَّح وتمرَّغ بمهد الحسين ? (4) .
* حياة الملائكة موقوفة على الأئمة والصلاة عليهم , فالملائكة ليس لهم طعام ولا شراب , إلا الصلاة على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( ومحبيه , والاستغفار لشيعته المذنبين , وكانت الملائكة لا تعرف تسبيحاً ولا تقديساً , من قبل تسبيح الأئمة عليهم السلام , وتسبيح شيعتنا (5) .
__________
(1) كنز جامع الفوايد ص334 للكراجكي , وبحار الأنوار ج23/320 , وإرشاد القلوب للديلمي ج2/294 , وتأويل الآيات للأسترآبادي ص643 , وكشف الغمة في معرفة الأئمة للأربلي ج1/103 , ومئة منقبة ص42 لابن شاذان القمي .
(2) وسائل الشيعة ج10/318 .
(3) تهذيب الأحكام ج2/16 .
(4) بحار الأنوار ج26/341 , وبصائر الدرجات الكبرى للصفار ص20 .
(5) بحار الأنوار ج26/344-349 , جامع الأخبار لابن بابويه ص9 .(10/107)
* لم يُشَرِّف الله الملائكة إلا بقبولها ولاية علي - عليه السلام - (1) .
* إذا خلا الشيعي بصاحبه الشيعي , قالت الملائكة الحفظة : اعتزلوا بنا , فإنَّ لهم سرَّاً , وقد ستره الله عليهما (2) .
تعارض :
قال الله - سبحانه وتعالى - : ( ( - ( { - } - فهرس - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ( تمت - - عليه السلام - - (- صلى الله عليه وسلم - { فهرس - - رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( (((( - - عليه السلام - - ( - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - عليه السلام - - (- صلى الله عليه وسلم -( - - - ( - - (( - - (((( - } تم بحمد الله ((((( - - رضي الله عنه - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - ( قرآن كريم - - - صدق الله العظيم ( { ( مقدمة ( - - رضي الله عنهم - - - - ( - - ( - - عليه السلام - - ( - - ( - - رضي الله عنه -( (((( ( وقال - سبحانه وتعالى - : ? صدق الله العظيم ? - - - الله ?? - - الله { صدق الله العظيم ? مقدمة ? مقدمة - - بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - - - - الله درهم - ? الله ? صدق الله العظيم { الله الله أكبر ? صدق الله العظيم ? - ? الله الله - - جل جلاله -? - - رضي الله عنهم - - ? - الله أكبر ? الله ? { - الله الله أكبر ? الله ? - عليه السلام -? - ? الله الله أكبر - - الله الله أكبر ? الله أكبر ? - ? - } الله ? صدق الله العظيم ? - ? صدق الله العظيم الله أكبر ? الله - - ? الله ?? - - - - - ? الله الله أكبر ? ? } - - { .
__________
(1) تفسير الحسن العسكري ص153 .
(2) وسائل الشيعة ج8/563-564 .(10/108)
* ما ورد في القرآن من أسماء للملائكة , فالمراد به عند علماء الشيعة : الأئمة الإثني عشر , ولهذا عقد شيخهم المجلسي : باب : أنهم عليهم السلام الصافون والمسبِّحون , وصاحب المقام المعلوم , وحملة العرش , وأنهم السفرة الكرام البررة (1) .
س 45/ما اعتقاد علماء الشيعة في الإيمان بالركن الثالث وهو الإيمان بالكتب ؟ .
ج / فيه مسألتان :
المسألة الأولى : يؤمن علماء الشيعة : ( بأنَّ الله - سبحانه وتعالى - أنزل كتباً على أئمتهم ) ؟ ومنها :
1 ) مصحفُ علي ? :
قال شيخهم الخوئي : إن وجود مصحف لعلي ( يُغاير القرآن الموجود في ترتيب السور ، وفي اشتماله على زيادات ليست في القرآن , مما لا ينبغي الشك فيه .. (2) .
2 ) كتابُ علي ? :
ووصفته رواياتهم بأنه : مثل فخذ الرجل مطوي (3) , وأنه خطُّ عليٍّ ( بيده , وإملاءُ رسول الله (4) .
3) مصحفُ فاطمة رضي الله تعالى عنها :
رووا عن علي بن سعيد عن أبي عبدالله ? قال : ... وخلَّفت فاطمة ع ما هو قرآن , ولكنه كلام الله أنزله عليها , إملاء رسول الله ( وخط عليٍّ ( (5) .
وفي رواية : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات , والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد , قال قلت : هذا والله العلم , قال : إنه العلم وما هو بذاك .. (6) .
تعارض :
في رواية مناقضة : مصحف فاطمة رضي الله تعالى عنها ما فيه شيء من كتاب الله , وإنما هو شيءٌ أُلقي عليها (7) .
تناقض :
__________
(1) بحار الأنوار ج24/87 .
(2) البيان في تفسير القرآن لأبي القاسم الموسوي الخوئي ص223 .
(3) بحار الأنوار 26/51 .
(4) بصائر الدرجات الكبرى للصفار ص45 .
(5) بحار الأنوار ج26/42 , وبصائر الدرجات ص42 .
(6) أصول الكافي ج1/239 .
(7) بحار الأنوار ج26/48 , وبصائر الدرجات ص43 .(10/109)
رووا عن أبي بصير عن رسول الله ( في حديث طويل : ثمَّ أتى الوحي إلى النبيِّ ص فقال : سأل سائل بعذاب واقع للكافرين بولاية عليٍّ ليس له دافع , من الله ذي المعارج , قال قلت : جعلت فداك إنا لا نقرؤها هكذا , فقال : هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمد ص , وهكذا والله مثبت في مصحف فاطمة ع (1) .
وأمَّا عن كيفية نزول هذا المصحف :
إليك يا طالب الحق هذه الرواية عن أئمة الشيعة في الوصف الدقيق لمصحف فاطمة رضي الله تعالى عنها : عن أبي بصير سألت أبا جعفر محمد بن علي عن مصحف فاطمة فقال : أُنزل عليها بعد موت أبيها قلت : ففيه شيء من القرآن , فقال : ما فيه شيء من القرآن , قلت : فصفه لي , قال : دفتان من زبرجدتين على طول الورق , وعرضه حمراوين , قلت : جعلت فداك فصف لي ورقه , قال : ورقه من درٍّ أبيض , قيل له : كن فكان , قلت : جعلت فداك فما فيه , قال : فيه خبر ما كان وخبر ما يكون إلى يوم القيامة , وفيه خبر سماء سماء , وعدد ما في السموات من الملائكة وغير ذلك , وعدد كل من خلق الله مرسلاً وغير مرسل , وأسماؤهم وأسماء من أُرسل إليهم , وأسماء من كذَّب وأجاب , وأسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين من الأولين والآخرين , وأسماء البلدان , وصفة كل بلد في شرق الأرض وغربها , وعدد ما فيها من المؤمنين , وعدد ما فيها من الكافرين , وصفة كل من كذَّب , وصفة القرون الأولى وقصصهم , ومن ولي من الطواغيت ومدة ملكهم وعددهم , وأسماء الأئمة وصفتهم , وما يملك كل واحد واحد , وصفة كبرائهم , وجميع من تردد في الأدوار , قلت : جعلت فداك , وكم الأدوار , قال : خمسون ألف عام , وهي سبعة أدوار , وفيه أسماء جميع ما خلق الله وآجالهم , وصفة أهل الجنة وعدد من يدخلها , وعدد من يدخل النار , وأسماء هؤلاء وهؤلاء , وفيه علم القرآن كما أُنزل ، وعلم التوراة كما أُنزلت , وعلم الإنجيل كما أُنزل ,
__________
(1) الكافي ج8/57 .(10/110)
وعلم الزبور , وعدد كل شجرة ومدرة في جميع البلاد .. (1) .
فيا تُرى كم سوف يكون هذا المصحف الكبير من مجلد وورقة ؟ .
بل ويقول الراوي : إنَّ إمامهم قال : وما وصفتُ لك بعد ما في الورقة الثانية , ولا تكلَّمتُ بحرف منه (2) .
4 ) كتابٌ أُنزل على الرسول ( قبل أن يأتيه الموت :
روى علماؤهم عن أبي الصادق ? قال : إنَّ الله عز وجل أنزل على نبيه كتاباً قبل أن يأتيه الموت , فقال : يا محمد , هذا الكتاب وصيتك إلى النجيب من أهل بيتك , فقال : ومن النجيب من أهلي يا جبرائيل ؟ فقال : عليُ بن أبي طالب ( , وكان على الكتاب خواتيم من ذهب , فدفعه النبيُّ ص إلى عليٍّ ع , وأمره أن يَفكَّ خاتماً منها ويعمل بما فيه , فَفَكَّ ع خاتماً وعمل بما فيه , ثم دفعه ع إلى ابنه الحسن ع ففك خاتماً .... ثمَّ كذلك أبداً إلى قيام المهدي ع (3) .
التعليق :
__________
(1) دلائل الإمامة لأبي جعفر محمد بن رستم الطبري الشيعي ص27-28 .
(2) دلائل الإمامة 27-28 .
(3) أصول الكافي للكليني ج1/280 .(10/111)
( - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - ( - ( - المحتويات ( - - الله قرآن كريم ( - ( - ( المحتويات ( - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( - - - ( فالرسول - صلى الله عليه وسلم - هنا كما يروون يسأل : من هو النجيب , فهو - صلى الله عليه وسلم - لم يعرفه حتى نزل به الموت ! فهذا يعني أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما في روايتهم هذه , لم يُعلن للناس من هو النجيب الوصي من أهله , بل لم يعرف ذلك إلا عند وفاته - صلى الله عليه وسلم - ( } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - رضي الله عنه - - (( - - - ( - ( - - - صلى الله عليه وسلم -( - ((- رضي الله عنه - - ( - ( - (( - - } - - ((( ( .
5 ) لوح فاطمة رضي الله تعالى عنها :
وهو في اعتقاد علمائهم : كتاب منزلٌ من عند الله تعالى على نبيه ( , وأهداه إلى ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها , فرووا عن أبي بصير أنَّ أبا عبدالله سأل جابر بن عبدالله عن لوح فاطمة فقال جابر : أشهد بالله أني دخلت على أمك فاطمة ع , في حياة رسول الله ص , فهنيتها بولادة الحسين , ورأيت في يديها لوحاً أخضر , ظننت أنه من زمرّد , ورأيت فيه كتاباً أبيض , شبه لون الشمس ... وفيه أنَّ الله قال : إني لم أبعث نبياً فأكملت أيامه , وانقضت مدته , إلا جعلت له وصياً , وإني فضلتك على الأنبياء , وفضلت وصيك على الأوصياء , وأكرمتك بشبليك وسبطيك , حسن وحسين , فجعلت حسناً معدن علمي بعد انقضاء مدة أبيه ... قال أبو بصير : لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث , لكفاك فصنه إلا عن أهله (1) .
القاصمة :
__________
(1) الكافي للكليني ج1/527-528 .(10/112)
لقد رووا في هذا الكتاب المزعوم رواية هدَّت بنيانهم من القواعد وخرَّ عليهم سقف تشيعهم , فقد حكموا على أنَّ علياً - رضي الله عنه - ليس من الأوصياء , فقالوا في روايتهم : دخلت على فاطمة ع وبين يديها لوحٌ فيه أسماء الأوصياء من ولدها , فعددت اثني عشر آخرهم القائم ع ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي (1) .
6 ) صحيفة فاطمة رضي الله تعالى عنها :
ومن صفتها في اعتقاد علمائهم كما رووه عن أبي عبدالله بن جابر : دخلت إلى مولاتي فاطمة بنت محمد رسول الله ص , لأهنيها بمولد الحسن ع , فإذا بيدها صحيفة بيضاء من درَّة , فقلت : يا سيدة النسوان , ما هذه الصحيفة التي أراها معك , قالت : فيها أسماء الأئمة من ولدي , قلت : ناوليني لأنظر فيها , قالت : يا جابر لولا النهي لكنتُ أفعل , لكنه قد نُهي أن يمسها إلا نبيٌّ , أو وصيُّ نبيٍّ , أو أهل بيت نبيٍّ .. (2) .
7 ) الإثنا عشر صحيفة :
روى علمائهم عن شيخهم ابن بابويه القمي , أنَّ رسول الله ( قال : إن الله تبارك وتعالى أَنزل عليَّ اثني عشر خاتماً , واثنتي عشرة صحيفة , اسم كل إمام على خاتمه , وصفته في صحيفته (3) .
8 ) صحف علي ? :
ومنها : صحيفة فيها تسع عشرة صحيفة , قد حباها أو خباها رسول الله ( عند الأئمة (4) , ورووا أنَّ أبا جعفر ع قال : إنَّ عندي لصحيفة فيها تسع عشرة صحيفة , قد حباها رسول الله ص (5) .
9) صحيفة ذؤابة السيف :
__________
(1) الكافي ج1/532 .
(2) بحار الأنوار ج36/193 , والاحتجاج للطبرسي ج2/373 , وعيون أخبار الرضا 24-25 , وإكمال الدين ص178 .
(3) إكمال الدين لابن بابويه ص263 , والصراط المستقيم للبياضي ج2/154 .
(4) بحار الأنوار 26/24 , وبصائر الدرجات الكبرى للصفار ص39 .
(5) بحار الأنوار ج26/24 , وبصائر الدرجات الكبرى للصفار ص144 .(10/113)
عن أبي بصير قال : قال أبو عبدالله : إنه كان في ذؤابة سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحيفة صغيرة , فيها الأحرف التي يفتح كل حرف منها ألف باب , قال أبو بصير : قال أبو عبدالله ع : فما خرج منها إلا حرفان حتى الساعة (1) .
10 ) الجفر الأبيض والجفر الأحمر :
عن أبي العلاء قال : سمعت أبا عبدالله ع يقول : إنَّ عندي الجفرَ الأبيض , قال : قلت : فأيُّ شئ فيه ؟ قال : زبورُ داودَ وتوراةُ موسى وإنجيلُ عيسى وصحفُ إبراهيم ع والحلالُ والحرامُ , ومصحفُ فاطمة ... وعندي الجفرُ الأحمرَ , قال : قلتُ : وأيُّ شئ في الجفرِ الأحمر : قال : السلاحُ , وذلك إنما يُفتح للدم , يَفتحه صاحب السيف للقتل , فقال له عبدالله بن أبي يعفورٍ : أصلحك اللهُ , أيعرفُ هذا بنو الحسن ؟ فقال : أيْ والله كما يعرفون الليلَ أنه ليلٌ والنهارَ أنه نهارٌ , ولكنهم يحملُهُم الحسدُ وطلب الدنيا على الجحودِ والإنكار , ولو طلبوا الحق بالحق لكان خيراً لهم (2) .
11) صحيفة الناموس :
رووا أنَّ إمامهم قال : إنَّ شيعتنا مكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم .. ليس على ملَّة الإسلام غيرنا وغيرهم (3) .
12) صحيفة العبيطة :
رووا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : إنَّ عندي صحفاً كثيرة ... وإنَّ فيها لصحيفة يقال لها العبيطة , وما ورد على العرب أشد عليهم منها , وإنَّ فيها لستين قبيلة من العرب بهرجة , ما لها في دين الله من نصيب (4) .
13) الجامعة :
__________
(1) بحار الأنوار ج26/56 , وبصائر الدرجات ص89 .
(2) أصول الكافي ج1/24 و240 .
(3) بحار الأنوار ج26/123 , بصائر الدرجات ص47 .
(4) بحار الأنوار ج26/37 .(10/114)
روى علماؤهم عن أبي عبدالله ? أنه قال : إنَّ عندنا الجامعة , وما يدريهم ما الجامعة ! قال قلت : جعلت فداك وما الجامعة , قال : صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله ص وإملائه من فَلْقِ فيه , وخَطِّ عليٍّ ع بيمينه , فيها كلُّ حلال وحرام , وكل شئ يحتاج الناس إليه حتى الأرش في الخدش ... (1) .
الفاضحة :
أين هذه الصحف والكتب المقدسة الآن , وهل أضاعها علماء الشيعة المعاصرون ؟ .
أجاب آيتهم وأحد مراجعهم المعاصرين : محسن الأمين , وبلا تقية ! : إنْ ضاعت صحيفة الفرائض والجفر والجامعة .. فلم تضع عند أهلها (2) .
وإنَّ من أغرب الأمور وأنكرها , أن تكون كل هذه الكتب , قد نزلت من عند الله تعالى , واختصَّ بها أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - والأئمة من بعده , ولكنها تبقى مكتومة عن الأمة , وبالذات عنكم أيها الشيعة , سوى قرآن أهل السنة , والذي يعتقد علماؤكم تحريفه ونقصه , فما معنى إذاً إخفاء أئمتكم لهذه الكنوز السماوية عنكم ؟ وأخيراً هذه الكتب مخزونة عند مهديكم المنتظر (3) منذ ما يقارب الألف ومئتي سنة , لماذا ؟ لماذا ؟ .
أفلا تكون هناك أيدٍ خبيثة سبئية يهودية دسَّت هذه الروايات في كتبكم , وكَذَبَتْ على أئمتكم , فنحن نعلم جميعاً أنه ليس للمسلمين إلا كتاب واحد هو القرآن , وأما تعدد الكتب فهو من خصائص اليهود والنصارى ! أفلا يكفُّ علماؤكم عن مشابهة اليهود والنصارى ؟ .
المسألة الثانية : يؤمن علماء الشيعة ( بأنَّ جميع الكتب السماوية عند أئمتهم ) ؟ .
__________
(1) أصول الكافي ج1/239 .
(2) الشيعة بين الحقائق والأوهام لمحسن الأمين ص254 .
(3) انظر : صراط الحق ج3/347 لآيتهم المعاصر : محمد آصف المحسني , وأعيان الشيعة ج1/154-184 لمحسن الأمين .(10/115)
عقد شيخهم الكليني (1) باباً بعنوان : بابُ أنَّ الأئمة ع عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عزَّ وجلَّ , وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها وفيه عدة روايات .
س 46/ أيهما أفضل عند علماء الشيعة : رسول الله محمد ( والأنبياء , أو أئمتهم ؟ .
ج/ أئمتهم !!! بل لقد كان شيخهم العلباء بن ذراع الدوسي أو الأسدي يذمُّ رسول الله ( ويزعم أنه بُعث ليدعو إلى علي - عليه السلام - فدعا لنفسه (2) .
وعقد المجلسي : بابُ : تفضيلهم عليهم السلام على الأنبياء , وعلى جميع الخلق , وأخذ ميثاقهم عنهم , وعن الملائكة , وعن سائر الخلق , وأنَّ أولي العزم إنما صاروا أولي العزم بحبهم صلوات الله عليهم وذكر ( 88 ) حديثاً , وقال : والأخبار في ذلك أكثر من أن تُحصى , وإنما أوردنا في هذا الباب قليلاً منها .. (3) .
س 47/ هل تقوم الحجة لله تعالى على خلقه بالنبي ( أو بالإمام في اعتقاد علماء الشيعة ؟.
ج/ لا تقوم إلا بالإمام , قال ثقتهم الكليني : بابُ أنَّ الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمامٍ وذكر أربعة أحاديث منها : ولولانا ما عُبد الله لولاهم ما عُرف الله عز وجل .. (4) .
وزاد المجلسي : ولا يُدرى كيف يُعبد الرحمن (5) .
س 48/ هل يقول علماء الشيعة بنزول الوحي على أئمتهم ؟ .
ج/ إنَّ قاعدتهم : إنَّ الأئمة ع لا يتكلمون إلا بالوحي (6) .
__________
(1) أصول الكافي ج1/227 .
(2) رجال الكشي ص571 , وبحار الأنوار ج25/305 .
(3) بحار الأنوار ج26/267-298 – 319 .
(4) أصول الكافي ج1/177-193 .
(5) بحار الأنوار ج35/28 .
(6) بحار الأنوار ج17/155 وج54/237 .(10/116)
ورووا عن إمامهم أبي عبدالله أنه قال : إنَّ منَّا لمن يُنكت في أذنه , وإن منا لمن يُؤتى في منامه , وإنَّ منَّا لمن يَسمع صوت السلسة يقع على الطشت , وإنَّ منَّا لمن يأتيه صورة أعظم من جبرئيل وميكائيل (1) .
وفي رواية أنه قال : إنَّ الملائكة لتنزل علينا في رحالنا وتتقلب على فرشنا وتحضر موائدنا ... وتأتينا في وقت كلِّ صلاة لتصليها معنا , وما من يوم يأتي علينا ولا ليل إلا وأخبار أهل الأرض عندنا وما يحدث فيها .... (2) .
وقال الخميني : وإنَّ من ضروريات مذهبنا : أنَّ لأئمتنا مقاماً , لا يبلغه ملك مقرَّب ولا نبيٌ مرسل ؟؟؟ (3) ومنكر الضروري عندهم كافر , كما تقدم مراراً .
وقال الخميني أيضاً : فإنَّ للإمام مقاماً محموداً , ودرجة سامية , وخلافة تكوينية , تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون (4) وذكر : أنَّ الفقيه الشيعي بمنزلة موسى وهارون عليهما السلام (5) .
ولذلك ألمح جواد مغنية : إلى أنَّ الخميني أفضل من موسى - صلى الله عليه وسلم - (6) .
س 49/ما اعتقاد علماء الشيعة في الإيمان بالركن الخامس وهو الإيمان باليوم الآخر ؟ .
ج/ أوَّلَوا آيات القرآن في اليوم الآخر بالرجعة , كما سوف يأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
ورووا : الآخرة للإمام يضعها حيث يشاء , ويدفعها إلى من يشاء .. (7) .
س 50/ من الذي يُسهلُ موت المؤمنين ويُشدِّدُ موت الكافرين في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
__________
(1) بحار الأنوار ج26/358 .
(2) الخرائج والجرائح للراوندي ج2/852 .
(3) الحكومة الإسلامية ص52 .
(4) الحكومة الإسلامية ص52 .
(5) الحكومة الإسلامية ص95 .
(6) الخميني والدولة الإسلامية ص107 .
(7) أصول الكافي ج1/409 .(10/117)
ج/ قال شيخهم المجلسي : يجب الإقرار بحضور النبي والأئمة الاثني عشر ع , عند موت الأبرار والفجار , والمؤمنين والكفار , فينفعون المؤمنين بشفاعتهم في تسهيل غمرات الموت وسكراته عليهم , ويُشددون على المنافقين ومُبغضي أهل البيت ع , ولا يجوز التفكر في كيفية ذلك , إنهم يحضرون – كذا - في الأجساد الأصلية , أو المثالية , أو بغير ذلك (1) .
س 51/ ما الأمان للميت من عذاب القبر ؟ .
ج/ أن يُجعل معه تربة من تراب قبر الحسين ? !! وتوضع مع الميت في الحنوط والكفن (2) .
س 52/ ما أول ما يُسألُ عنه الميت عند وضعه في قبره , في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
ج/ حبُّ أئمة الشيعة !! أول ما يُسأل عنه العبد : حبنا أهل البيت (3) فيسأله ملكان عن اعتقاده في : الأئمة واحداً بعد واحد , فإنَّ لم يجب عن واحد منهم , يضربانه بعمود من نار , يمتلئ قبره ناراً إلى يوم القيامة ! (4) .
س 53/ هل يوجد في اعتقاد الشيعة حشر بعد الموت قبل يوم القيامة ؟ .
ج/ رووا يحشر الله تعالى في زمن القائم أو قبيله , جماعة من المؤمنين , لتقرَّ أعينهم برؤية أئمتهم ودولتهم , وجماعة من الكافرين والمخالفين , للانتقام عاجلاً في الدنيا (5) .
س 54/ من الذي يُستثنى من طول المقام والمرور على الصراط في اعتقادهم ؟ .
__________
(1) الاعتقادات للمجلسي ص93-94 .
(2) وسائل الشيعة ج2/742 , وتهذيب الأحكام ج2/27 , والاحتجاج للطبرسي ص274 , والمصباح للكفعمي ص511 .
(3) بحار الأنوار ج27/79 , عيون أخبار الرضا لابن بابويه ص222 .
(4) الاعتقادات للمجلسي ص95 .
(5) الاعتقادات للمجلسي ص98 .(10/118)
ج/ أهل مدينة قم بإيران مركز الدولة الصفوية , فإنهم يُحاسبون في حفرهم , ويُحشرون من حفرهم إلى الجنة (1) ولذلك أصبح علماء الشيعة أكبر السماسرة في بيع العقار في تلك المدينة ! .
تعارض :
قال الله تعالى : ? الله ??? الله أكبر الله ? - ?? - ? الله ? ? { - بسم الله الرحمن الرحيم - ?? - - - - - الله - - جل جلاله -? الله ? - - جل جلاله -? - ? - الله أكبر الله ? - ? - - ? } تمهيد { .
س 55/ ما اعتقاد علماء الشيعة في عدد أبواب الجنة , ولمن تكون ؟ .
ج/ رووا عن أبي الحسن الرضا ? قال : إنَّ للجنة ثمانية أبواب , ولأهل قم واحدٌ منها , فطوبى لهم ثمَّ طوبى , وهم خيار شيعتنا من بين سائر البلاد , خمَّر الله تعالى ولايتنا في طينتهم (2) .
التعليق :
زاد أحد تجار العقار من شيوخهم المعاصرين في عدد أبواب الجنة المفتوحة على ( قم ) .
فروى عن الرضا ( أنه قال : للجنة ثمانية أبواب , فثلاثة منها لأهل قم , فطوبى لهم , ثم طوبى لهم (3) .
فلماذا الانتظار يا شيعة العرب !! أدركوا أبواب جنتكم الثلاثة , قبل أن تُغلق في وجوهكم !؟ .
س 56/ من الذي يُحاسِبُ الناس يوم القيامة في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
ج/ أئمتهم , قال شيخهم الحر العاملي : إنَّ من أصول الأئمة عليهم السلام : الإيمان بأنَّ حساب جميع الخلق يوم القيامة إلى الأئمة (4) .
تناقض :
__________
(1) بحار الأنوار للمجلسي ج60/218 , والكنى والألقاب لعباس القمي ج3/71 .
(2) بحار الأنوار ج8/289 وج57/216 وج60/215-216 , وسفينة البحار للقمي ج1/446 , والكنى والألقاب ج3/7 .
(3) أحسن الوديعة لمحمد مهدي الكاظمي الأصفهاني ص313-314 , وبحار الأنوار ج57/228 .
(4) الفصول المهمة في أصول الأئمة للعاملي ص171 .(10/119)
قال أبو عبدالله : إلينا الصراط , وإلينا الميزان , وإلينا حساب شيعتنا (1) .
تعارض :
قال الله تعالى : ? ?? تمهيد - - ?? - ? - - - الله { - جل جلاله - - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - عليه السلام -? - ? الله ? - ? الله - جل جلاله - الله أكبر الله أكبر - الله } ?? الله أكبر - ? الله ?? - - - ? { الله أكبر ? - - ? } - - - { .
وقال الله تبارك وتعالى : ? الله الله ? الله أكبر - الله الله ? تمهيد - - - الله ? الله أكبر صدق الله العظيم - - ? الله ? ? - ? الله - - - الله أكبر { - جل جلاله - - ? } - تمهيد { .
س 57/ كيف يجوز الإنسان الصراط يوم القيامة في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
ج/ عن أبي جعفر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا عليُّ : إذا كان يوم القيامة , أقعدُ أنا وأنت وجبرائيل على الصراط , فلم يَجز أحدٌُ إلا من كان معه كتاب فيه براءة بولايتك (2) .
س 58/من الذي يُدخل من يشاء الجنة , ومن يشاء إلى النار في اعتقادهم ؟ .
ج/ هو عليٌ ( , نعوذ بالله من الضلال , زعم علماء الشيعة أنَّ إمامهم الرضا - رضي الله عنه - قال : سمعت أبي يُحدِّثُ عن آبائه عن علي - عليه السلام - أنه قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا عليُّ , أنت قسيم الجنة والنار يوم القيامة , تقول للنار هذا لي , وهذا لك (3) .
__________
(1) رجال الكشي ص337 .
(2) الاعتقادات لابن بابويه يُسمَّى دين الإمامية ص95 .
(3) عيون أخبار الرضا ص239 , وبحار الأنوار ج39/194 .(10/120)
ووصل الأمر بعلماء الشيعة أيضاً إلى أن قالوا : إنَّ أمير المؤمنين - عليه السلام - لديَّان الناس يوم القيامة (1) , وافتروا أنَّ علياً - عليه السلام - قال : أنا أُدخل أوليائي الجنة , وأعدائي النار (2) .
س 59/ ما هو اعتقاد علماء الشيعة : فيمن يَدخل الجنة من خلق الله تعالى ؟ .
ج/ قال علماؤهم : إنما خُلقت الجنة لأهل البيت , والنار لمن عاداهم (3) .
التعليق :
لقد نسي علماؤهم ذلك الاعتقاد , فقالوا : الشيعة يدخلون الجنة قبل سائر الناس من الأمم , بثمانين عاماً (4) , وشابهوا اليهود حيث قالوا : ? المحتويات - ? الله أكبر ? - الله الله أكبر ? الله ? ? - ? الله ? - - صدق الله العظيم - الله ? الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله - - ? - - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - ? الله ? الله ? - - ? - } - ? - ? صدق الله العظيم ? - - - - عليه السلام - - ? الله - - الله أكبر الله ? الله الله أكبر ? ?? - ?- جل جلاله - - ? - ? - ? الله - الله أكبر - - جل جلاله -? - الله ? - - - صدق الله العظيم ? - ? المحتويات - ? - - - - الله أكبر الله أكبر الله أكبر ? ?? - - الله ? - الله أكبر الله ?? - الله أكبر - الله أكبر - ? تمهيد - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ? - } - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله -- جل جلاله - - - الله أكبر الله ? ? .
س 60/ما اعتقاد علماء الشيعة في الإيمان بالقضاء والقدر ؟ .
__________
(1) بحار الأنوار ج39/200 , وبصائر الدرجات الكبرى للصفار ص122و414 , وتفسير فرات ص13 لفرات بن إبراهيم الكوفي .
(2) تفسير فرات ص67 , علل الشرائع لابن بابويه ص196 .
(3) المعالم الزلفى ص251 .
(4) المعالم الزلفى لهاشم البحراني ص255 .(10/121)
ج/ قال شيخهم المفيد : الصحيح عن آل محمد - صلى الله عليه وسلم - أنَّ أفعال العباد غير مخلوقة لله تعالى .. وقد روي عن أبي الحسن ع , أنه سُئل عن أفعال العباد , فقيل له : هل هي مخلوقة لله تعالى ؟ فقال ع : لو كان خالقاً لها لما تبرأ منها , وقد قال سبحانه : ( } تمت - صلى الله عليه وسلم - - { - - - ((( - ( - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله - رضي الله عنه -((( - ( - ((( - ( - - - - (( - ( - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( ولم يرد البراءة من خلق ذواتهم , وإنما تبرَّأ من شركهم وقبائحهم (1) .
واستمرَّ عدم التصريح من علماء الشيعة باعتقادهم بمذهب المعتزلة في الإيمان بالقضاء والقدر , إلى أنْ صرَّح شيخهم الحرُّ العاملي فقال : بابُ : أنَّ الله سبحانه خالق كل شيء , إلا أفعال العباد .
وقال : أقول مذهب الإمامية والمعتزلة , أنَّ أفعال العباد صادرة عنهم , وهم خالقون لها (2) .
التعليق :
روى الكليني عن أبي جعفر وأبي عبدالله ع قالا : إنَّ الله أرحم بخلقه من أنْ يُجبر خلقه على الذنوب , ثمَّ يعذبهم عليها , والله أعزّ من أنْ يريد أمراً فلا يكون , قال : فسئلا ع : هل بين الجبر والقدر منزلةٌ ثالثةٌ ؟ قالا : نعم أوسعُ مما بين السماء والأرض (3) .
قاصمة الظهر :
__________
(1) شرح عقائد الصدوق ص12-13 ملحق بكتاب أوائل المقالات .
(2) الفصول المهمة في أصول الأئمة لمحمد بن الحسن الحر العاملي المتوفى سنة 1104هـ ص80-81 .
(3) أصول الكافي ج1/159 .(10/122)
رووا عن أبي عبدالله ( قال : ويح هذه القدرية , أما يقرأون هذه الآية : ? - ? - الله أكبر الله الله أكبر ? صدق الله العظيم - الله - ? - - - الله الله أكبر ? - - سبحانه وتعالى - - ? - ? صدق الله العظيم ? - - - الله ? - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - سبحانه وتعالى - - ? الله الله أكبر - - - - الله - صدق الله العظيم ? - - - الله ? - الله أكبر الله الله أكبر ? صدق الله العظيم } بسم الله الرحمن الرحيم - - الله الله أكبر ? الله ?- جل جلاله -? الله ?? - } - جل جلاله - } - الله أكبر الله ?? - ? - - ? } - - { ويحهم , من قدَّرها إلا الله تبارك وتعالى (1) .
وللأسف فقد زادوا في تقليد أهل الاعتزال حتى قالوا : بأنَّ من أصول دينهم الشيعي : العدل كالمعتزلة سواءً بسواء , ومعنى هذه الكلمة : إنكار قدَر الله تعالى 0
قال شيخهم هاشم معروف : أمَّا الإمامية , فالعدل من أركان الدين عندهم , بل ومن أصول الإسلام (2) .
س 61/ كم عدد الأوصياء , ومن هو آخرهم في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
ج/ قال ابن بابويه القمي في ذكره لعقائد شيعته : يعتقدون بأنَّ لكل نبيٍّ وصياً أُوصي إليه بأمر الله تعالى وذكر بأنَّ عدد الأوصياء : مائة ألف وأربعة وعشرون ألف وصيٍّ (3) .
التعليق :
قال شيخهم المجلسي : وعلي - عليه السلام - آخر الأوصياء (4) .
__________
(1) بحار الأنوار ج5/56-116 .
(2) الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة ص240 لهاشم , وعقيدة المؤمن لعبد الأمير قبلان ص43 .
(3) عقائد الصدوق ص106 .
(4) بحار الأنوار ج39/342 .(10/123)
فمعنى هذا : أنه لا وصيَّ بعد أمير المؤمنين علي ( , وأنَّ إمامة من بعده باطلة , لأنهم ليسوا بأوصياء , وهذا ينقض مذهب الاثنى عشرية من أصله , فينقض بنيانهم من القواعد , كيف لم ينتبه لذلك علماء شيعتهم , ولكن صدق الله : ? ? صدق الله العظيم ? - ? الله ? الله ? - الله } ??- جل جلاله -? - جل جلاله - - ?- جل جلاله -? - } صدق الله العظيم - الله أكبر الله الله أكبر ?? - ?- جل جلاله - - - - المحتويات - ? - - الله - الله ? - ? - جل جلاله -? - - جل جلاله -? - - الله أكبر الله أكبر ? - الله أكبر الله أكبر - ?- جل جلاله - - { الله أكبر الله أكبر - - - - - } - - جل جلاله - - الله } ? } - - { .
س 62/ ما منزلة الإمامة عند علماء المذهب الشيعي ؟ .
ج/ 1- أنها كالنبوة :
قالوا : الإمامة منصبٌ إلهيٌ كالنبوة (1) .
ولذلك افترى البحراني على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? أنه قال : من لم يُقرَّ بولايتي , لم ينفعه الإقرار بنبوة محمد ( (2) .
ثمَّ زادوا في النصيب فقالوا :
2 - كونها أعظم وأجلُّ من النبوة :
قال الجزائري : الإمامة العامة التي هي فوق درجة النبوة والرسالة (3) .
وفي أحاديث الكليني في الكافي (4) : أنَّ الإمامة تعلو على مرتبة النبوة .
ثمَّ زادوا في النصيب فقالوا :
3- كونها أعظم ما بعث الله به نبيه - صلى الله عليه وسلم - :
قال شيخهم هادي الطهراني : إنَّ أعظم ما بعث الله تعالى نبيه ( من الدين , إنما هو أمر الإمامة (5) .
__________
(1) أصل الشيعة وأصولها ص58 .
(2) مقدمة تفسير البرهان للبحراني ص24 , وبحار الأنوار للمجلسي ج26/3 .
(3) زهر الربيع ص 12 لنعمة الله عبدالله الحسيني الموسوي الجزائري المتوفى سنة 1112هـ .
(4) ج1/175 .
(5) ودايع النبوة لهادي الطهراني ص115 .(10/124)
ثمَّ زادوا في النصيب فقالوا :
4- كونها ركناً من أركان الإسلام :
روى الكليني عن أبي جعفر قال : بني الإسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولايةِ , ولم يُنادَ بشيءٍ كما نودي بالولاية (1) .
وقد فضحهم آل كاشف الغطاء , فقال : إنَّ الشيعة زادوا في أركان الإسلام ركناً آخر , وهو الإمامة (2) .
ثمَّ تطوَّر الغلو عند علماء الشيعة فزادوا في النصيب فقالوا :
5- كونها أعظم أركان الإسلام :
روى الكليني عن أبي جعفر ( قال : إنَّ الإسلام بني على خمسة أشياءَ : على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية , قال زُرارة : فقلتُ : وأيُّ شيء من ذلك أفضلُ ؟ فقال : الولايةُ أفضل (3) .
س 63/ ما حكم الاحتفال بعيد الغدير , وما حكم من أنكره ؟ .
ج/ قال شيخهم عبدالله العلايلي : إنَّ عيد الغدير جزء من الإسلام , فمن أنكره فقد أنكر الإسلام بالذات (4) , وحدَّده الخميني باليوم الثامن عشر من ذي الحجة (5) .
س 64/هل الإمامة عندهم محصورة في عدد معين ؟ .
ج/ لقد كان شيخ شيوخ شيعتهم الأول ابن سبأ اليهودي , ينتهي بأمر الوصية عند علي ? (6) , ولكنْ جاء فيما بعد , منْ عمَّمها في مجموعة من أولاده , وفي رجال الكشي : أنَّ مؤمن الطاق أو شيطان الطاق ؟ هو الذي بدأ يشيع القول بأنَّ الإمامة محصورة بأناس مخصوصين من آل البيت !! .
__________
(1) أصول الكافي ج2/18 , وقال شيخهم المعاصر عبدالهادي الفضلي , الاستاذ الجامعي بإحدى جامعات المملكة في كتابه : التربية الدينية ص63 : بأن الإمامة ركن من أركان الدين ! .
(2) أصل الشيعة ص58 .
(3) أصول الكافي ج2/18 .
(4) الشيعة في الميزان لمحمد جواد مغنية رئيس المحكمة الجعفرية ببيروت ص258 .
(5) تحرير الوسيلة ج1/302-303 .
(6) انظر : بحار الأنوار ج39/342 .(10/125)
وعندما علم بذلك الإمام زيد بن علي - عليه السلام - استدعاه وقال له : بلغني أنك تزعم أنَّ في آل محمد إماماً مفترض الطاعة , قال مؤمن الطاق : نعم , وكان أبوك عليِّ بن الحسين أحدهم , فقال : وكيف وقد كان يُؤتى بلقمة وهي حارَّة فيبردها بيده ثمَّ يلقمنيها , أفترى أنه كان يُشفق عليَّ من حرِّ اللقمة , ولا يُشفق عليَّ من حرِّ النار ؟ قال مؤمن الطاق قلت له : كَرهَ أنْ يُخبركَ فتكفر ؟ فلا يكون له فيك الشفاعة , لا والله فيك المشيَّة (1) .
س 65/ هل يوجد بين علماء الشيعة اختلافٌ في عدد الأئمة ؟ .
ج/ نعم , فقد جاء في روايات الكافي كما تقدَّم : أنَّ علياً ( يُسرُّ بالولاية إلى من شاء .
وقال المازندراني شارح الكافي : إلى من شاء من الأئمة المعصومين (2) , فلم تحدِّد هذه الرواية العدد , ولا الأشخاص , فكأنَّ الأمر غير مستقرِّ في تلك الفترة التي وُضع فيها هذا الخبر ؟ .
ثمَّ تطوَّر الأمر عند علماء الشيعة , فوُجدت روايات تجعل الأئمة سبعة , وتقول : سابعنا قائمنا (3) , وهذا ما استقرَّ عليه الأمر عند الإسماعيلية .
ولكنْ لمَّا زاد عدد الأئمة أكثر عند الموسوية أو القطعية , والتي سُميت بالاثنى عشرية , صار هذا النص الآنف الذكر , مبعث شك في عقيدة الإمامة لدى أتباع هذه الطائفة , وحاول مؤسسو المذهب الشيعي التخلص منه , ونفي شك الأتباع بإصدار الرواية التالية :
__________
(1) رجال الكشي ص186 , أصول الكافي ج1/174 .
(2) شرح جامع للمازندراني ج9/123 .
(3) رجال الكشي ص373 , وبحار الأنوار ج48/260 .(10/126)
عن داود الرقي قال : قلت لأبي الحسن الرضا ع جعلت فداك , إنه والله ما يلج في صدري من أمرك شيءٌ , إلا حديثاً سمعته من ذريح يرويه عن أبي جعفر ع قال لي : وما هو , قال : سمعته يقول : سابعنا قائمنا إن شاء الله , قال : صدقتَ وصدقَ ذريح وصدقَ أبو جعفر ع , فازددت والله شكاً , ثمَّ قال : يا داود بن أبي خالد : أما والله لولا أنَّ موسى قال للعالم : ستجدني إن شاء الله صابراً ما سأله عن شيء , وكذلك أبو جعفر ع لولا أن قال : إن شاء الله , لكان كما قال , قال : فقطعتُ عليه (1) .
فجعل علماؤهم هذا من باب البداء وتغير المشيئة لله تعالى , كما سوف يأتي إن شاء الله مفصَّلاً .
ثمَّ تطوَّر الأمر عند علماء الشيعة :
فوُجدت روايات في الكافي تقول بأنَّ الأئمة عددهم ثلاثة عشر !!؟ .
فقد روى الكليني (2) عن أبي جعفر ( قال : قال رسول الله ص : إني واثني عشر من ولدي وأنتَ يا عليُّ زرُّ الأرض , يعني أوتادَها وجبالَها , بنا أوتدَ الله الأرضَ أن تسيخَ بأهلها , فإذا ذهبَ الاثنا عشرَ من ولدي , ساختِ الأرضُ بأهلها , ولم يُنظروا .
فهذا النصُّ أفاد أنَّ أئمتهم بدون الإمام علي ? اثنا عشر , ومع الإمام علي ? يُصبحون ثلاثة عشر , وهذا والله ينسف بنيان الشيعة كله !! .
عن أبي جعفر ? عن جابر قال : دخلتُ على فاطمة ع , وبين يديها لوحٌ فيه أسماءُ الأوصياءِ من ولدها ؟ فعددتُ اثني عشرَ , آخرُهم القائم (3) .
ويكفي في بيان ضلالهم بأن أختم بهذه الرواية :
روى شيخهم فرات الكوفي بسنده إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين ? قال : إنما المعصومون منَّا خمسة , لا والله ما لهم سادس .. (4) .
__________
(1) رجال الكشي ص373-374 لأبي عمرو محمد بن عمر الكشي المتوفى سنة 350هـ .
(2) الكافي ج1/534 .
(3) أصول الكافي ج1/532 .
(4) تفسير فرات لفرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي ص123 .(10/127)
قاصمة القواصم :
يا أتباع المذهب الشيعي : هل تعلمون كم يعتقد علماؤكم من مهدي لديهم ؟ .
إنَّ من غرائب الاعتقادات التي يعتقدها علماؤكم ، أنهم يقولون : إن بعد قائمكم اثني عشر مهدياً آخر !! رووا عن جعفر عن آبائه عن علي ع أنه قال : قال رسول الله ص في الليلة التي كانت فيها وفاته : يا أبا الحسن ، أحضر صحيفة ودواة , فأملى رسول الله وصيته – وفيها - فقال : يا علي ، إنه سيكون بعدي إثنا عشر إماماً ، ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً , فأنت أول الإثني عشر إماماً ... - وساق الحديث إلى أن قال - : وليسلمها الحسن - يعني الإمام العسكري - إلى إبنه محمد المستحفظ من آل محمد صلى الله عليه وعليهم ، فذلك إثنا عشر إماماً , ثمَّ يكون من بعده إثنا عشر مهدياً , فإذا حضرته الوفاة ، فليسلمها إلى إبنه أول المهديين , له ثلاثة أسامي : إسم كاسمي ، وإسم أبي وهو عبدالله ، والإسم الثالث المهدي ، وهو أول المؤمنين (1) .
وروى الطوسي : أنهم أحد عشر ، كما حكى عن أبى حمزة عن جعفر أنه قال : يا أبا حمزة : إنَّ منَّا بعد القائم أحد عشر مهدياً (2) .
س 66/ هل حصل بسبب اختلافهم في عدد أئمتهم تكفير بعضهم لبعض ؟ .
ج/ نعم وهذا كثيرٌ نسأل الله العافية , فمثلاً :
__________
(1) بحار الأنوار ج 13/137 .
(2) كتاب الغيبة للحجة ص 285 لأبي جعفر الطوسي المعروف بشيخ الطائفة المتوفى سنة 460هـ .(10/128)
في ( سنة 190 ) اجتمع ستة عشر رجلاً في باب أبي الحسن الثاني علي الرضا ? , فقال له أحدهم , ويُدعى جعفر بن عيسى : يا سيدي , نشكو إلى الله وإليك – نعوذ بالله !! - ما نحن فيه من أصحابنا , فقال : وما أنتم فيه منهم ؟ فقال جعفر : هم والله يزندقونا ويكفرونا ويتبرءون منا , فقال : هكذا كان أصحاب علي بن الحسين , ومحمد بن علي , وأصحاب جعفر وموسى صلوات الله عليهم , ولقد كان أصحاب زرارة يكفرون غيرهم , وكذلك غيرهم كانوا يكفرونهم .. وقال يونس : جعلت فداك : إنهم يزعمون أنَّا زنادقة (1) .
فهذا حال رعيلهم الأول فكيف بمن أتى بعدهم إلى عصر علماء شيعتهم في العصر الحاضر ! وصدق الله العظيم : ? ?? الله أكبر - ? بسم الله الرحمن الرحيم - ? - تمهيد - المحتويات - ?? الله أكبر الله ? - ? - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ? - ? - الله - - - ? - ? - بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله -? - - الله أكبر الله ? } تمهيد - { ?? - ? الله الله أكبر ? - عليه السلام - - ? - ? الله ? ??- جل جلاله -? - - - الله أكبر الله أكبر - - - - ? الله ?? - ? الله - الله أكبر صدق الله العظيم ? - الله أكبر ? ? } - - { .
س 67/ ما المخرج الذي خرجوا به أمام عوامهم من ورطتهم في القول بتحديد عدد الأئمة ؟ .
ج/ هو قولهم بمسألة : نيابة المجتهد عن الإمام !!؟ .
ومع ذلك : فقد اختلف قولهم في تحديد النيابة (2) .
وفي هذا العصر : اضطر علماء الشيعة للخروج نهائياً عن هذا الأصل الذي هو قاعدة دينهم , فجعلوا رئاسة الدولة الإيرانية تتمُّ عن طريق الانتخاب (3) .
س 68/ ما حكم من أنكر إمامة واحد من الأئمة في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
__________
(1) رجال الكشي ص498-499 .
(2) الخميني والحكومة الإسلامية لمغنية ص68 .
(3) الحكومة الإسلامية ص48 .(10/129)
ج/ قال شيخهم المفيد : اتفقت الإمامية : على أنَّ من أنكر إمامة أحد من الأئمة , وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة , فهو كافرٌ ضالٌ مستحقٌ للخلود في النار (1) .
تعارض :
فلماذا يَقبلون روايات من أنكر كثيراً من أئمتهم !!؟ كروايات الفطحية ؟ مثل : عبدالله بن بكير ؟ , وأخبار الواقفة مثل : سماعة بن مهران , والناووسية .. ومع ذلك كلِّه , وثَّق علماء الشيعة بعض رجال هذه الفرق , التي أنكرت كثيراً من الأئمة (2) .
س 69/ ما موقف الرسول ( والأئمة من الصحابة - رضي الله عنهم - كما في بعض كتب الشيعة المعتبرة ؟ .
ج/ قال الرسول ( : اللهم اغفر للأنصار , ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار , يا معشر الأنصار : أما ترضون أن يرجع غيركم بالشاة والنعم , وترجعون أنتم وفي سهمكم رسول الله , قالوا : بلى رضينا , قال النبيُّ ص حينئذ : الأنصار كرشي وعيبتي , لو سلك الناس وادياً , وسلكت الأنصار شعباً , لسلكت شعب الأنصار , اللهم اغفر للأنصار (3) .
وقال علي ? : لقد رأيت أصحاب محمد ( , فما أرى أحداً يشبههم منكم , لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً , وقد باتوا سجداً وقياماً , يروحون بين جباههم وخدودهم .. إذا ذُكر الله هملت أعينهم , حتى تبل جيوبهم , ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف , خوفاً من العقاب , ورجاءً للثواب (4) .
__________
(1) أوائل المقالات ص44 .
(2) انظر : السؤال 19 .
(3) تفسير منهج الصادقين في إلزام المخالفين لفتح الله الكاشاني ج4/340 , والارشاد للمفيد ج1/145 , وإعلام الورى للطبرسي ص118 , وتفسير القمي ج2/177 .
(4) نهج البلاغة ص143 للشريف المرتضى المتوفى سنة 436 هـ .(10/130)
وقال ? : أوصيكم في أصحاب رسول الله ( لا تسبوهم , فإنهم أصحاب نبيكم , وهم أصحابه الذين لم يبتدعوا في الدين شيئاً , ولم يوقروا صاحب بدعة , نعم : أوصاني في هؤلاء (1) .
وقال - رضي الله عنه - عن المهاجرين - رضي الله عنهم - : فاز أهل السبق بسبقهم , وذهب المهاجرون الأولون بفضلهم (2) .
وقال - رضي الله عنه - عن الأنصار - رضي الله عنهم - : فلما آووا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ونصروا الله ودينه , رمتهم العرب عن قوس واحدة , وتحالفت عليهم اليهود , وغزتهم القبائل قبيلة بعد قبيلة , فتجرَّدوا للدين , وقطعوا ما بينهم وبين العرب من الحبائل .. وأقاموا قناة الدين , وتصبروا تحت أحلاس الجلاد , حتى دانت لرسول الله صلى الله عليه وآله العرب , ورأى فيهم قرَّة العين قبل أن يقبضه الله إليه .. (3) .
وكان زين العابدين ? يدعو لهم في صلاته فيقول : اللهم وأصحابُ محمد خاصةً , الذين أحسنوا الصحابةَ , والذين أبلوا البلاءَ الحسنَ في نصرهِ ... اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان خير جزائك .. وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته , وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته .. (4) .
وقال جعفر الصادق ? : كان أصحاب رسول الله ( اثني عشر ألفاً .. ولم يُرَ فيهم قدري , ولا مرجئي , ولا حروري , ولا معتزلي , ولا صاحب رأي .. (5) .
__________
(1) حياة القلوب للمجلسي ج2/621 .
(2) نهج البلاغة ص383 , وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج15/117 , وبحار الأنوار ج33/104 .
(3) الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي المتوفى سنة 283هـ ج2/330 , والأمالي للطوسي ص173 , وشرح نهج البلاغة ج2/88 .
(4) صحيفة كاملة لزين العابدين ص13و42 .
(5) الخصال للصدوق 640 .(10/131)
وسُئل الرضا عن قول الرسول ( : أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم وقوله : دعوا لي أصحابي ؟ فقال هذا صحيح (1) .
وقال الحسن العسكري ? : إنَّ كليم الله موسى ( سأل ربهُ : هل في أصحاب الأنبياء أكرم عندك من صحابتي ؟ قال الله : يا موسى , أما علمت أنَّ فضل صحابة محمد ( على جميع صحابة المرسلين , كفضل محمد ( على جميع المرسلين والنبيين (2) .
وقال - رضي الله عنه - : إنَّ رجلاً يُبغض آل محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الخيرين , أو واحداً منهم , يعذبه الله عذاباً , لو قُسِّمَ على مثل عدد خلق الله , لأهلكهم أجمعين (3) .
س 70/ هل اتبع علماء الشيعة أئمتهم في اعتقادهم في صحابة رسول الله ( , وباختصار ؟ .
ج/ لا !! ويتبين لك ذلك عبر المسائل الآتية بإذن الله تعالى :
المسألة الأولى : يعتقد علماء الشيعة ( ردَّة كلِّ المسلمين بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) ؟! .
قال شيخهم محمد رضا المظفر : مات النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ولا بدَّ أن يكون المسلمون كلهم , لا أدري الآن قد انقلبوا على أعقابهم (4) .
بل قالوا : بأنه لم يؤمن بالنبي ( من البشر كلهم إلا رجلٌ واحدٌ , وهو الذي خرج من بلاده يطلب الحقيقة .. ألا وهو : سلمان الفارسي ? (5) .
التعليق :
انظر : كيف حكم علماء الشيعة على كلِّ المسلمين من الصحابة والقرابة وآل البيت - رضي الله عنهم - بانقلابهم على أعقابهم , نعوذ بالله من الشرك وأهله .
__________
(1) عيون أخبار الرضا لابن بابويه ج2/87 , وبحار الأنوار ج28/18 .
(2) تفسير الحسن العسكري ص65 , وبحار الأنوار ج13/340 , وتفسير البرهان للبحراني ج3/228 واللفظ له .
(3) تفسير الحسن العسكري ص196 .
(4) السقيفة ص19 .
(5) كتاب الشيعة والسنة في الميزان ص20-21 .(10/132)
المسألة الثانية : اعتقاد علماء الشيعة ( ردَّة كل الصحابة - رضي الله عنهم - بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ثلاثة نفر فقط ) قال شيخ الشيعة التستري عن الصحابة - رضي الله عنهم - : جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - وهدى خلقاً كثيراً , لكنهم بعد وفاته ارتدوا على أعقابهم ! (1) .
ورووا أنَّ أبا جعفر - رضي الله عنه - قال : كان الناسُ أهلَ الردَّة بعد النبيِّ ص إلا ثلاثةً , فقلتُ : ومن الثلاثةُ ؟ فقال : المقدادُ بنُ الأسودِ , وأبو ذرٍّ الغفاريُّ , وسلمانُ الفارسي (2) .
تعارض :
عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر ? قال : إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قُبض صار الناس كلهم أهل جاهلية إلا أربعة : عليٌ , و المقداد , وسلمان , وأبو ذر , فقلت : فعمار , فقال ع : إن كنت تريد الذين لم يدخلهم شيء فهؤلاء الثلاثة (3) .
قاصمة ظهور علماء الشيعة :
إنَّ هذه الروايات المشئومة على علماء الشيعة , والتي حاولوا تأويلها ومسحها , فلم يستطيعوا , ففي هذه الروايات دليل من أئمتهم وعلمائهم , على أنّ الحسن والحسين , وفاطمة وخديجة , وآل عقيل وآل جعفر , وآل العباس وآل علي - رضي الله عنهم - , كلهم أهل جاهلية ومرتدون , نعوذ بالله ؟؟؟ .
فهل هذا أيها القارئ : إلا دليل واضح على أنَّ التشيُّع إنما هو ستار لتنفيذ أغراض خبيثة ضد الإسلام وأهله , وأنَّ واضعي هذه الروايات من علماء الشيعة أعداءٌ للصحابة وأهل البيت - رضي الله عنهم - ؟ .
__________
(1) إحقاق الحق للتستري ص316 .
(2) رجال الكشي ص6 , الكافي كتاب الروضة ج12/312-322 ( مع شرح جامع للمازندراني ) .
(3) تفسير العياشي ج1/199 , وتفسير البرهان ج1/319 , وتفسير الصافي للكاشاني ج1/305 , وبحار الأنوار ج22/333 .(10/133)
المسألة الثالثة : اعتقاد علماء الشيعة ( نفاق أكثر الصحابة - رضي الله عنهم - في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ) ؟ .
قال التستري : إنهم لم يُسلموا , بل استسلم الكثير رغبة في جاه رسول الله .. إنهم داموا مجبولين على توشح النفاق , وترشح الشقاق (1) .
وقال الكاشاني : أكثرهم كانوا يُبطنون النفاق , ويجترئون على الله , ويفترون على رسول الله في عزة وشقاق (2) .
وقال إمامهم الخميني : الصحابة الذين يُسمونهم المنافقين (3) .
القاصمة :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : طوبى لمن رآني , وطوبى لمن رأى من رآني , وطوبى لمن رأى من رأى من رآني (4) .
وقال إمامهم جعفر ? : كان أصحاب رسول الله ( اثني عشر ألفاً .. ولم يُرَ فيهم قدري , ولا مرجئي , ولا حروري , ولا معتزلي , ولا صاحب رأي , كانوا يبكون الليل والنهار .. (5) .
س 71/ لو ذكرتم عقيدة الأئمة في أبي بكر - رضي الله عنه - باختصار ؟ .
ج/ لقد كان علي ? يصلي الصلوات الخمس خلف الصديق ( راضياً بإمامته (6) .
قال شيخهم الطوسي : فذاك مسلَّم , لأنه الظاهر (7) .
__________
(1) إحقاق الحق ص3 للقاضي الملا نور الله الشوشتري التستري المتوفى سنة 1019هـ .
(2) تفسير الصافي ج1/4 .
(3) الحكومة الإسلامية ص69 , وانظر : علي ومناوئوه للدكتور الرافضي : نوري جعفر ص12 .
(4) بحار الأنوار ج22/305 .
(5) كتاب الخصال للصدوق 640 , وفي الطبعة الأخرى ج2/639-640 .
(6) الاحتجاج ص53 للطبرسي , والسقيفة ص203 المعروف بكتاب سليم بن قيس , ومرآة العقول للمجلسي ص388 .
(7) تلخيص الشافي ص354 للطوسي , وهو مؤلف كتابين من كتب الشيعة الأربعة المعتمدة لديهم وهما : التهذيب والاستبصار .(10/134)
وتواتر عن علي - رضي الله عنه - قوله : خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر (1) .
وكان - رضي الله عنه - يقول : لا أُوتى برجل يُفضلني على أبي بكر وعمر , إلا جلدته حدَّ المفتري (2) .
ولما سُئل عليٌّ - رضي الله عنه - عن سبب بيعته لأبي بكر - رضي الله عنه - بالخلافة قال : لولا أنا رأينا أبا بكر لها أهلاً , لما تركناه (3) .
وقال ? لما قيل له : ألا توصي , قال : ما أوصى رسول الله ( فأوصي , ولكن إذا أراد الله بالناس خيراً , استجمعهم على خيرهم , كما جمعهم بعد نبيهم ( على خيرهم (4) .
وقال ( : حبيباي وعماك أبو بكر وعمر , إماما الهدى , وشيخا الإسلام , ورجلا قريش , والمقتدى بهما بعد رسول الله ( , من اقتدى بهما عصم , ومن اتبع آثارهما هدي إلى صراط مستقيم (5) .
__________
(1) الصوارم المهرقة ص25 للشوشتري التستري .
(2) العيون والمحاسن للمجلسي ج2/122-123 .
(3) شرح نهج البلاغة ج1/130 , وج2/45 , وج6/40 , وانظر : الاحتجاج للطبرسي ص50 .
(4) الشافي في الإمامة لعلم الهدى المرتضى علي بن الحسين ص171 .
(5) تلخيص الشافي للطوسي ج2/428 ط النجف , والصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم للبياضي ج3/149 .(10/135)
وقَدِمَ على علي بن الحسين نفرٌ من العراق , فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - , فلما فرغوا من كلامهم , قال لهم : ألا تخبروني , أنتم الْمُهَاجِرِينَ الأولون ? الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - المحتويات - ? - - - - صدق الله العظيم الله أكبر - الله أكبر - - ?- جل جلاله -? ??- جل جلاله -? - - - الله أكبر الله أكبر الله الله أكبر ?- جل جلاله - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ?- جل جلاله -? - الله ? صدق الله العظيم ? - - - الله ? الله ?? الله أكبر - ?? الله الله أكبر - صدق الله العظيم - الله الله أكبر ? ? - { ? الله الله أكبر ? الله ?- جل جلاله - بسم الله الرحمن الرحيم ? - ?- جل جلاله - - - - - - الله أكبر ? - الله ? { ?- جل جلاله - } الله ? الله ?? - - - ?? الله الله أكبر ? الله ? - ? الله - - - - - سبحانه وتعالى - - - ? - ?? - ? الله } الله ? ?? تمهيد - ? - - الله أكبر الله أكبر - ? بسم الله الرحمن الرحيم ? - الله أكبر - - ? - ? الله ?? - الله أكبر ?- جل جلاله - - - الله أكبر - عز وجل - - الله أكبر ?? - - ? } - { قالوا : لا ! قال : أنتم { - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام - - صلى الله عليه وسلم -(( { قرآن كريم - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام - - - } - - - - - صدق الله العظيم (- رضي الله عنهم - - - تمهيد { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ( } ( - ( تمهيد - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم - - (- رضي الله عنه -( - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنهم - - ( المحتويات ( - ( - - - ( { - صدق(10/136)
الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - (( ( المحتويات ( - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - (( - { - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنه - فهرس - - - - ( } تم بحمد الله } - قرآن كريم ( - - صلى الله عليه وسلم -( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( المحتويات ( - ( } (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - - - ( المحتويات ( - ( - ( { - ( - - (- رضي الله عنهم - - } قالوا : لا ! .(10/137)
قال : أما أنتم قد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين , وأنا أَشهد أنكم لستم من الذين قال الله تعالى فيهم : ? - ? الله أكبر ?- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - الله ? ? - ? - - الله - - ?- جل جلاله -? ??- جل جلاله -?- جل جلاله - - صدق الله العظيم ? الله الله أكبر - - ?? الله أكبر ?? - ? الله الله أكبر ? - الله الله أكبر ? الله الله الله أكبر - الله } ? - الله أكبر - جل جلاله -? - ?? - - - - الله أكبر الله أكبر الله أكبر ? - ? - الله ?- جل جلاله - الله أكبر ? الله - ? صدق الله العظيم الله أكبر - - تمهيد - - درهم الله ? - ? الله أكبر ?- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - - الله الله أكبر ?? - ? الله - الله ? - ? - الله أكبر الله ?? - - تمهيد ? - - - جل جلاله - - - الله درهم الله ? صدق الله العظيم ? الله ? صدق الله العظيم ?? مقدمة - ? - الله ?- جل جلاله - الله أكبر - ? - الله أكبر ? - الله أكبر ? - فهرس - - جل جلاله -?? الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله -? المحتويات - ? - ? الله ? - - ? - - الله ? الله الله الله أكبر - الله } ?? بسم الله الرحمن الرحيم - ? تمهيد - - - ?? - ? الله } - صلى الله عليه وسلم -? - - جل جلاله - - الله الله } ? } - - { .
اخرجوا عني , فعل الله بكم (1) .
__________
(1) كشف الغمة في معرفة الأئمة ج2/78 لعلي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي المتوفى سنة 693هـ , والصوارم المهرقة ص249 للقاضي نور الله الشوشتري التستري المتوفى سنة 1019هـ .(10/138)
وذكر أبو عبدالله - رضي الله عنه - : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي سمَّى أبا بكر - رضي الله عنه - بالصديق (1) .
وسُئل أبو جعفر الباقر عن حلية السيف فقال : لا بأس به , قد حلَّى أبو بكر الصديق رضي الله عنه سيفه قال : قلت : تقول الصديق , قال : نعم الصديق ! نعم الصديق ! نعم الصديق ! فمن لم يقل له الصديق , فلا صدَّق الله له قولاً في الدنيا وفي الآخرة (2) .
و حضر أناس من رؤساء الكوفة وأشرافها والذين بايعوا زيداً , فقالوا له : رحمك الله , ماذا تقول في حق أبي بكر وعمر ؟ قال ? : ما أقول فيهما إلا خيراً كما لم أسمع فيهما من أهل بيتي إلا خيراً , ما ظلمانا ولا أحداً غيرنا , وعملا بكتاب الله وسنة رسوله , فلما سمع منه أهل الكوفة هذه المقالة رفضوه , ومالوا إلى أخيه الباقر , فقال زيد ? : رفضونا اليوم , ولذلك سموا هذه الجماعة بالرافضة (3) .
وروى عنه شيخهم نشوان الحميري أنهم لمَّا قالوا له : إنْ برئت منهما وإلا رفضناك فقال : الله أكبر , حدثني أبي أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي ع : ( إنه سيكون قوم يدَّعون حبَّنا , لهم نَبْزٌ يُعرَفون به , فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون ) اذهبوا فأنتم الرافضة !! (4) .
س 72/ هل اتبع علماء الشيعة أئمتهم في اعتقادهم في أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ؟ .
ج/ لا !! بل لقد أعلن علماء الشيعة التكفير والتفسيق واللعن ... لأبي بكر - رضي الله عنه - ولم يتبعوا أئمتهم في ذلك , ومما يعتقدونه فيه - رضي الله عنه - :
__________
(1) تفسير البرهان للبحراني ج2/125 .
(2) الصوارم المهرقة ص235 .
(3) ناسخ التواريخ ج2/590 , تحت عنوان : أحوال الإمام زين العابدين ع , للمرزا تقي خان سيبهر .
(4) الحور العين للحميري ص185 .(10/139)
أنه - رضي الله عنه - أمضى أكثر عمره مقيماً على الكفر , خادماً للأوثان (1) , عابداً للأصنام (2) , وأنَّ إيمانه - رضي الله عنه - كإيمان اليهود والنصارى (3) .
وأنه - رضي الله عنه - كان له صنم يعبده ويسجد عليه في زمن الجاهلية والإسلام سرَّاً , واستمرَّ على ذلك إلى أن توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فأظهر ما في قلبه (4) .
وجزم شيخهم المجلسي بعدم إيمانه - رضي الله عنه - (5) , وأنَّ علماء الشيعة اطلعوا على باطنه - رضي الله عنه - , فتبين لهم أنه كافر (6) .
وأنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يأخذ أبا بكر - رضي الله عنه - معه إلى الغار إلا خوفاً منه أن يُخبر المشركين بمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (7) .
س 73/ ما عقيدة الأئمة في عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - باختصار ؟ .
__________
(1) ذكر ذلك البياضي في الصراط المستقيم ج3/155 , والكاشاني في علم اليقين 2/707 .
(2) بحار الأنوار ج25/172 .
(3) الكشكول للآملي ص104 .
(4) الأنوار النعمانية للجزائري ج2/111 .
(5) مرآة العقول للمجلسي ج3/429-430 .
(6) الاستغاثة في بدع الثلاثة ص20 لأبي القاسم علي بن أحمد الكوفي الشيعي المتوفى سنة 352هـ .
(7) الطرائف في معرفة مذهب الطوائف ص401 لابن طاوس علي بن طاوس الحسيني المتوفى سنة 664هـ .(10/140)
ج/ قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : ووليهم وال , فأقام واستقام , حتى ضرب الدين بجرانه (1) , وقال شرَّاح النهج , ومنهم الميثم البحراني والدنبلي : إنَّ الوالي : عمر بن الخطاب , وضربه بجرانه : كناية بالوصف المستعار , عن استقراره وتمكنه , كتمكن البعير البارك من الأرض (2) .
مبايعته له : قال علي - رضي الله عنه - : فلما احتُضر – أي أبو بكر - بعث إلى عمر فولاه , فسمعنا وأطعنا وناصحنا , وكان مرضي السيرة , ميمون النقبة (3) .
تزويجه من ابنته أم كلثوم : ذكره كبير مؤرخي الشيعة : أحمد بن أبي يعقوب في تاريخه (4) .
خوفُ علي - رضي الله عنه - على عمر - رضي الله عنه - من الروم , لأنه ردأ الناس ومثابة للمسلمين , وأصل العرب :
لما أراد عمر - رضي الله عنه - الخروج بنفسه إلى غزو الروم , استشار علياً - رضي الله عنه - , فقال له علي - رضي الله عنه - : إنك متى تسر إلى هذا العدو بنفسك , فتلقهم فتُنكب , لا تكن للمسلمين كانفة دون أقصى بلادهم , ليس بعدك مرجع يرجعون إليه , فابعث إليهم رجلاً محرباً , واحفز معه أهل البلاء والنصيحة , فإن أظهر الله فذاك ما تحب , وإن تكن الأخرى , كنت ردأاً للناس ومثابة للمسلمين .
__________
(1) نهج البلاغة ت/الصالح ص507 , ت/عبده ج4/107 , وخصائص الأئمة ص124 لأبي الحسن محمد بن الحسين الموسوي البغدادي المتوفى سنة 406هـ ( يتحدث فيه عن حياة وكلمات أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - ) .
(2) شرح نهج البلاغة لابن الميثم ج5/463 , والدرة النجفية للدنبلي ص394 وهو شرح لنهج البلاغة .
(3) الغارات ج1/307 لإبراهيم بن محمد الثقفي المتوفى 283هـ .
(4) تاريخ اليعقوبي ج2/149-150 , وانظر : الفروع من الكافي ج5/346 , وتهذيب الأحكام ج8/161 للطوسي .(10/141)
وفي رواية : قال علي - رضي الله عنه - : إنَّ الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولوا : هذا أصل العرب , فإذا اقتطعتموه استرحتم ... (1) .
تمنِّي علي - رضي الله عنه - أن يَلقى الله تعالى بمثل عَمَلِ عمر - رضي الله عنه - : لما طَعن أبو لؤلؤة المجوسي الفارسي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - , دخل عليه ابنا عمِّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - : علي بن أبي طالب وعبدالله بن عباس فقال ابن عباس - رضي الله عنه - : فسمعنا صوت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب : واعمراه , وكان معها نسوة يبكين فارتجَّ البيت بكاء .. فقال ابن عباس : .. فوالله لقد كان إسلامك عزاً , وإمارتك فتحاً , ولقد ملأت الأرض عدلاً , فقال عمر : أتشهد لي بذلك يا ابن عباس , قال : فكأنه كره الشهادة فتوقف , فقال له علي ع : قل نعم , وأنا معك , فقال : نعم وفي رواية : فضرب عليٌ بين كتفي وقال : اشهد (2) .
ولما غُسِّلَ عمر وكُفِّنَ , دخل عليٌّ - عليه السلام - فقال : ما على الأرض أحدٌ , أُحبُّ أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجَّى بين أظهركم (3) .
وسُئل المجلسي عن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اللهم أعزَّ الإسلام بعمر بن الخطاب ؟ فقال : الخبر صحيح , وهو مروي عن محمد الباقر - عليه السلام - (4) .
وبلغ من إكرام عمر - رضي الله عنه - لآل البيت - رضي الله عنهم - : أنه كان يُفضل الحسين - رضي الله عنه - على ابنه عبدالله - رضي الله عنه - , حتى قال - رضي الله عنه - كلمته المشهورة في الحسين - رضي الله عنه - : وهل أنبت الشعر على الرأس غيركم (5) .
__________
(1) نهج البلاغة ت/صبحي صالح ص193 و 203-204 .
(2) شرح النهج ج3/146 .
(3) كتاب الشافي لعلم الهدى ص171 , ومعاني الأخبار للصدوق ص117 .
(4) بحار الأنوار ج4 كتاب السماء والعالم .
(5) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج3/110 .(10/142)
س 74/ هل اتبع علماء الشيعة أئمتهم في اعتقادهم في عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ؟ 0
ج/ لا !!! بل لقد أعلن علماء الشيعة التكفير والتفسيق واللعن ... لعمر - رضي الله عنه - , ومما يعتقدونه فيه - رضي الله عنه -
: أنَّ عمر - رضي الله عنه - كان مصاباً بداءٍ في دُبُره لا يَهدأ إلا بماء الرجال , وكان - رضي الله عنه - ممَّن يُؤتى في دبره (1) , ويزعم علماء الشيعة أنَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان كافراً , يُبطن الكفر , ويُظهر الإسلام (2) , ويزعمون أنَّ كفر عمر - رضي الله عنه - مساوٍ لكفر إبليس إن لم يكن أشد منه (3) .
وقال شيخ الدولة الصفوية المجلسي : لا مجال لعاقلٍ أن يشكَّ في كفر عمر , فلعنة الله ورسوله عليه , وعلى كلِّ من اعتبره مسلماً , وعلى كلِّ من يكفُّ عن لعنه (4) .
ويحتفل علماء الشيعة بيوم مقتله - رضي الله عنه - ويجعلونه عيداً , وأنَّ لهذا اليوم عندهم أكثر من اثنين وسبعين اسماً منها : يوم تنفيس الكربة ويوم ندامة الظالم , ويوم فرح الشيعة ... ويذكرون أناشيد كثيرة , تُقال في هذه الأعياد (5) , ويُلقبون أبا لؤلؤة : ببابا شجاع الدين , ويدعون الله أن يحشرهم معه (6) .
قال المجلسي : فقد حصل الإجماع على كفره بعد إظهاره الإيمان (7) .
__________
(1) الأنوار النعمانية ج1/63 .
(2) الصراط المستقيم ج3/129 , وإحقاق الحق للتستري ص284 , وعقائد الإمامية للزنجاني 3/27 .
(3) تفسير العياشي 2/223-224 , والبرهان 2/310 , والبحار 8/220 .
(4) جلاء العيون للمجلسي ص45 .
(5) دلائل الإمامة لابن رستم الطبري ص257-258 , والصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم للبياضي 2/26 و3/29 , وبحار الأنوار ج20/330 , والأنوار النعمانية للجزائري ج1/108-111 , وفصل الخطاب للنوري الطبرسي ص219 .
(6) الكنى والألقاب لعباس القمي 1/147 , وبحار الأنوار للمجلسي ج95/198 .
(7) العيون والمجالس ج1/9 .(10/143)
س 75/ ما عقيدة علماء الشيعة في أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما مجتمعين باختصار ؟ .
ج/ لقد أجمع علماء الشيعة على وجوب لعن الشيخين , وعلى التبرؤ منهما رضي الله عنهما , بل وعدوا ذلك من ضروريات دين الإمامية (1) , ومنكر الضروري عندهم كافر كما تقدم , وأنَّ من لعنهما في المساء لم يُكتب عليه ذنبٌ حتى يُصبح (2) , وقال المجلسي : إنَّ أبا بكر وعمر كانا كافرين , الذي يحبهما فهو كافر أيضاً (3) .
وأنه ما أُهريق في الإسلام من دم , ولا اكتُسب مال من غير حلِّه , ولا نُكح فرج حرام , إلا كان ذلك في عنق أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما (4) و إنهما لم يكن عندهما مثقال ذرَّة في الإسلام (5) .
وقال آيتهم المعاصر : عبدالحسين المرشتي : إنَّ أبا بكر وعمر , هما السببان لإضلال هذه الأمة إلى يوم القيامة (6) .
وحكَمَ علماءُ الشيعة : على من زعم بأنَّ لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما نصيب في الإسلام : أنَّ الله تعالى لا يُكلمه يوم القيامة , ولا يُزكيه , وله عذاب أليم (7) .
__________
(1) الاعتقادات للمجلسي ص90-91 .
(2) ضياء الصالحين لمحمد صالح الجوهري ص513 .
(3) حق اليقين للمجلسي ص522 , وكشف الأسرار للخميني ص112 .
(4) رجال الكشي ص41 .
(5) وصول الأخيار إلى أصول الأخبار للعاملي ص94 .
(6) كشف الاشتباه للمرشتي ص98 .
(7) أصول الكافي ج1/373-374 .(10/144)
وفي كتاب مفتاح الجنان ( أو مفتاح النيران ! ) لعباس القمي , دعاء علماء الشيعة المشهور على أبي بكر وعمر وابنتيهما عائشة وحفصة - رضي الله عنهم - , والذي هو من أذكار الصباح والمساء عندهم , ونصه : اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد , والعن صنمي قريش وجبتيها , وطاغوتيها , وإفكيها , وابنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك , وجحدا إنعامك , وعصيا رسولك , وقلبا دينك , وحرَّفا كتابك , وأحبا أعدائك .. وألحدا في آياتك .. فقد أخربا بيت النبوة ... وقتلا أطفاله , وأخليا منبره من وصيِّه , ووارث علمه , وجحدا إمامته , وأشركا بربهما .. وخلدهما في سقر , وما أدراك ما سقر , لا تبقي ولا تذر , اللهم اللعنهم بكل منكر أتوه , وحق أخفوه .. ونفاق أسروه .... (1) .
ويُسمونهما رضي الله تعالى عنهما بفرعون وهامان (2) , وبالوَثَنَيْنِ (3) , وباللات والعزى (4) .
وصرَّح علماء الشيعة بأن مهديهم المنتظر يُحيي أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما ثمَّ يصلبهما على جذع نخلة , ويقتلهما كلَّ يوم ألف قتلة (5) .
قاصمة القواصم :
__________
(1) مفاتيح الجنان لعباس القمي ص114 , وممن ذكر هذا الدعاء كاملاً من علماء الشيعة : الكفعمي في البلد الأمين ص511-514 , وفي المصباح ( الجنة الواقية ) ص548-557 , والكاشاني في علم اليقين ج2/701-703 , وأسد الله الطهراني الحائري في مفتاح الجنان ص113-114 , ومنظور حسين في تحفة عوام مقبول ص423-424 , وغيرهم كثير .
(2) قرة العيون للكاشاني ص432-433 .
(3) انظر : تفسير العياشي ج2/116 , بحار الأنوار ج27/58 .
(4) إكمال الدين لابن بابويه القمي الملقب بالصدوق ص246 , ومقدمة البرهان لأبي الحسن العاملي ص294 .
(5) إيقاظ من الهجعة بتفسير البرهان على الرجعة للحر العاملي ص287 .(10/145)
روى الكليني : أنَّ امرأة سألت جعفر الصادق عن أبي بكر وعمر : أتتولاهما وتُحبهما فقال لها توليهما قالت : فأقول لربي إذا لقيته إنَّك أمرتني بولايتهما قال : نعم (1) .
بل وأخبر زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - أصحابه : أنَّه لم يَسمع أحداً من آبائه يَتبرأ من أبي بكر وعمر (2) .
وقال رحمه الله تعالى : أنا أتبرأ ممن يتبرأ منهما , والبراءة من أبي بكر وعمر براءة من علي , فقالوا له : إذن نرفضك (3) .
س 76/ لو ذكرتم لنا بعض مواقف عليٍّ - رضي الله عنه - مع عثمان بن عفان - رضي الله عنه - باختصار ؟ .
ج/ نعم , فمن هذه المواقف :
إعطاء عثمان مهر فاطمة لعلي - رضي الله عنهم - (4) .
مبايعة علي لعثمان رضي الله تعالى عنهما : قال علي - رضي الله عنه - : لما قُتل جعلني سادس ستة , فدخلت حيث أدخلني , وكرهت أن أُفرَّق جماعة المسلمين , وأشق عصاهم , فبايعتم عثمان , فبايعته (5) .
قاصمة ظهور علماء الشيعة :
هذا هو فعل علي - رضي الله عنه - ومبايعته لأمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - .
فماذا حكم علماء الشيعة على من بايع عثمان - رضي الله عنه - ؟ .
__________
(1) الروضة من الكافي للكليني ص101 .
(2) الانتفاضات الشيعية لهاشم الحسيني ص497 .
(3) مروج الذهب ج3/220 للشيعي علي بن الحسين بن علي المسعودي المتوفى 436هـ , وروضات الجنَّات في أحوال العلماء السادات , لمحمد باقر الخوانساري ج1/324 , وفي الصوارم المهرقة ص242 : ( إنا نرفضك , فقال : اذهبوا فأنتم الرافضة ) .
(4) مناقب آل أبي طالب لأبي جعفر رشيد الدين محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني المتوفى سنة 588هـ ص252-253 , وكشف الغمة في معرفة الأئمة للأربلي ج1/358-359 , وبحار الأنوار ج43/130 .
(5) الأمالي للطوسي ج2/جزء18/121 , وشرح نهج البلاغة ج12/192 .(10/146)
حكموا عليه : بالكفر !! (1) نسأل الله العافية .
ضَرْبُ علي - رضي الله عنه - ابنيه الحسن والحسين على عدم نصرتهما لعثمان - رضي الله عنهم - : قال مؤرخهم المسعودي : .. ودخل عليٌ - عليه السلام - الدار وهو كالواله الحزين وقال لابنيه : كيف قُتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب , ولَطَمَ الحسن , وضرب صدر الحسين , وشتم محمد بن طلحة , ولعن عبدالله بن الزبير (2) .
س 77/ هل اتبع علماء الشيعة أئمتهم في عقيدتهم في عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ؟ 0
ج/ لا !! فقد أعلن علماء الشيعة التكفير والتفسيق واللعن ... لعثمان - رضي الله عنه - , ومما يعتقدونه فيه - رضي الله عنه - :
أنه ما كان لعثمان - رضي الله عنه - اسم على أفواه الناس إلا الكافر , وكان - رضي الله عنه - ممن يُلعب به , وكان - رضي الله عنه - مخنثاً (3) .
وقال شيخهم المجلسي : إنَّ عثمان حذف من القرآن ثلاثة أشياء : مناقب أمير المؤمنين علي - عليه السلام - , وأهل البيت ع , وذم قريش والخلفاء الثلاثة , مثل آية : يا ليتني لم أتخذ أبا بكر خليلاً (4) وأنَّ عثمان - رضي الله عنه - ضرب عبد الله بن مسعود ليطلب منه مصحفه حتى يغيره ويبدله , مثلما اصطنع لنفسه , حتى لا يبقى قرآن محفوظ صحيح (5) .
__________
(1) حق اليقين للمجلسي ص270 .
(2) مروج الذهب للشيعي علي بن الحسين بن علي المسعودي المتوفى سنة 436هـ ج2/344 .
(3) الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم للبياضي ج3/30 .
(4) تذكرة الأئمة لمحمد باقر المجلسي ص9 .
(5) بحر الجواهر ص347 لميرزا محمد باقر الموسوي .(10/147)
و كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله ممَّن أظهر الإسلام وأبطن الكفر (1) إنَّ من لم يجد في قلبه عداوة لعثمان , ولم يستحلَّ عرضه , ولم يعتقد كفره , فهو عدوٌ لله ورسوله , كافرٌ بما أنزل الله (2) .
وقالوا في تفسير قول الله تعالى : ? ? - الله - الله ? الله ? - ? - - - - ? - الله - الله الله أكبر ? - ? الله أكبر ?- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله -? المحتويات - ? - ? الله ? - - ? ? - - - - الله - صدق الله العظيم ? - - - ??? الله أكبر الله ?? - - جل جلاله - الله أكبر ? - - - تمهيد - { - - ? - الله الله أكبر ? - - - - الله } - ? صدق الله العظيم الله أكبر - - - ?- جل جلاله -? ?? الله - ?- جل جلاله -? - - الله أكبر - صدق الله العظيم - الله الله أكبر - ? - جل جلاله -? بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله - - ? - - ?- جل جلاله -? الله - جل جلاله - - الله الله أكبر ? الله ? ?- جل جلاله -? الله ??? الله أكبر الله ?? - - جل جلاله - الله أكبر ? - - جل جلاله -?- جل جلاله -? الله ? الله ? الله ? ?- جل جلاله -? الله - جل جلاله - - الله الله أكبر ? الله ? - ?- جل جلاله -? - جل جلاله - - ?? الله ? - ? - - - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله -? - الله أكبر - ???? - - ? } - - { قال : هذا مثل ضربه الله لرقية بنت رسول الله التي تزوَّجها عثمان بن عفان , قال : ? ?- جل جلاله -? الله - جل جلاله - - الله الله أكبر ? الله ? - ?- جل جلاله -? - جل جلاله - - ?? الله ? - ? - - - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله -? - الله أكبر - ???? - - ? يعني من
__________
(1) الأنوار النعمانية ج1/81 .
(2) نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت ق57/أ لعلي بن هلال الكركي المتوفى سنة 984هـ .(10/148)
الثالث : عثمان (1) .
وفسَّروا قوله تعالى : ? ? درهم الله { صدق الله العظيم مقدمة ? مقدمة ? - - - - ? - - - ? - بسم الله الرحمن الرحيم ? الله } - جل جلاله - - { الله أكبر ? الله ? - جل جلاله -? صدق الله العظيم - - ? الله ? تمت - الله أكبر الله الله أكبر - - - - ? } - { يعني عثمان - رضي الله عنه - في قتله ابنة النبي صلى الله عليه وآله (2) وقالوا : بأنَّ المقتولة هي رقية رضي الله عنها (3) , ونسوا فقالوا : بأنَّ المقتولة هي أم كلثوم (4) .
وافتروا :
بأنه - رضي الله عنه - كسَّر أضلاعها (5) , وأنه ضربها حتى ماتت رضي الله تعالى عنهما (6) .
س 78/ لو بينت لنا عقيدة علماء الشيعة في الخلفاء الثلاثة - رضي الله عنهم - باختصار ؟ .
ج/ يعتقد علماء الشيعة : أنَّ في قعر جهنم جُبَّاً تتأذى النار من حره , إذا فُتح استعرت جهنم , هو منزل الخلفاء الثلاثة - رضي الله عنهم - (7) .
وقال المجلسي : ومن ضروريات دين الإمامية : البراءة من أبي بكر , وعمر , وعثمان , ومعاوية (8) , ومنكر الضروري عندهم كافر ! كما تقدَّم ذلك مراراً .
__________
(1) نقله البحراني عن شرف الدين النجفي عن أبي عبدالله - تفسير البرهان ج4/358 .
(2) تفسير القمي ج2/423 .
(3) الفروع من الكافي للكليني ط حجرية 2/222 , وانظر : حق اليقين لعبدالله شبر 2/83 .
(4) الأنوار النعمانية ج1/367 للجزائري .
(5) انظر : سيرة الأئمة الإثني عشر لهاشم الحسيني 1/67 .
(6) كما في الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم للبياضي 3/34 .
(7) الفصول المهمة للعاملي ص91-92 .
(8) الاعتقادات للمجلسي ص17 .(10/149)
وأنَّ من لم يَبرأ من أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - فهو عدوٌ وإنَّ أحبَّ علياً - رضي الله عنه - (1) , وعلى وجوب لعنهم - رضي الله عنهم - دبر كلِّ صلاة (2) .. وأنَّ من تبرَّأ منهم - رضي الله عنهم - في ليلة فمات في ليلته دخل الجنة (3) .
وفسروا قوله تعالى : ? الله الله ? تمهيد - - - ? الله - - - - - - ? - - - الله الله أكبر ? - ? صدق الله العظيم - الله أكبر الله الله أكبر ? - ? - - - جل جلاله - - - ? - الله أكبر الله { صدق الله العظيم - ? - - ? - - ? ? - ? - - الله - ? - تمهيد - الله ? ?- جل جلاله - - - عليه السلام -? الله الله أكبر - ? - - ? - ? - - - عليه السلام -? الله ? صدق الله العظيم ? الله ? الله ? - ? الله ? - جل جلاله -? - - الله ? صدق الله العظيم - الله ? - ? - - ( أبو بكر ) - - الله - ? - ? - ? - - الله ? ( عمر ) - - ? { الله أكبر الله أكبر ?? الله - - ? - - الله ? ( عثمان ) ?? الله أكبر ????- جل جلاله -? الله الله أكبر ? ?? الله أكبر ? بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله ? - ? - ?? - - بسم الله الرحمن الرحيم - ?? - الله الله أكبر - ? } - - { (4) .
قال المجلسي : وعقيدتنا في التبرؤ : أننا نتبرأ من الأصنام الأربعة : أبي بكر وعمر وعثمان .. ومن جميع أتباعهم وأشياعهم , وأنهم شرُّ خلق الله على وجه الأرض .. (5) .
س 79/ ما اعتقاد علمائهم في زوجتي النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة وحفصة رضي الله تعالى عنهما ؟ .
__________
(1) وسائل الشيعة ج5/389 .
(2) انظر : فروع الكافي ج1/95 , تهذيب الأحكام ج1/227 , وسائل الشيعة ج4/137 , مستدرك الوسائل ج1/342 .
(3) الأصول من الكافي ج2/389 .
(4) تفسير القمي ص218 .
(5) حق اليقين ص519 .(10/150)
ج/ يعتقد علماء الشيعة كفر عائشة وحفصة رضي الله تعالى عنهما (1) .
ويعتقدون : أن عائشة وحفصة وأبويهما - رضي الله عنهم - هم الذين قتلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
روى شيخهم العياشي تدرون مات النبي صلى الله عليه وآله أو قُتل ؟ إن الله يقول : ? ? بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر ? - تمهيد - الله الله أكبر ? - - - ? - - الله الله ? صدق الله العظيم ? - - - الله ?- جل جلاله - الله أكبر الله أكبر - - الله أكبر ? ?? - الله أكبر - صدق الله العظيم - - ? الله ?? - - - عليه السلام - - ? - ? الله ? - ?? الله أكبر ?- جل جلاله - - - الله أكبر الله الله أكبر ? صدق الله العظيم ? - - - ? فسُمَّ قبل الموت , إنهما سقتاه قبل الموت , فقلنا : إنهما وأبويهما شرُّ من خلق الله (2) .
قال المجلسي : إنَّ العياشي روى بسند معتبر عن الصادق : أنَّ عائشة وحفصة لعنة الله عليهما وعلى أبويهما , قتلتا رسول الله بالسمِّ دبرتاه (3) .
ويعتقد علماء الشيعة أنَّ عائشة وحفصة رضي الله تعالى عنهما قد وقعتا في الفاحشة ؟!! وأقسم على ذلك القمي بقوله : والله ما عنى بقوله : ? - الله ? - ? - الله - الله الله أكبر ? - الله - الله الله أكبر ? ? إلا الفاحشة (4) .
س 80/ ما عقيدة علماء الشيعة في أمِّ المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما ؟ .
ج/ يعتقد علماء الشيعة : أنَّ أحد أبواب النار السبعة لعائشة رضي الله عنها ؟! .
__________
(1) الصراط المستقيم للبياضي ج3/168 , وفصل الخطاب للنوري ص313 , وبحار الأنوار ج22/246 .
(2) تفسير العياشي ج1/200 .
(3) حياة القلوب للمجلسي ج2/700 .
(4) تفسير القمي ج2/377 .(10/151)
رووا في تفسير قوله تعالى : ? - الله ? - ? - ? الله ? صدق الله العظيم - الله ? - - - الله ? صدق الله العظيم الله أكبر - - - - ? يُؤتى بجهنم لها سبعة أبواب .. والباب السادس لعسكر .. (1) .
ويعتقد علماء الشيعة : بأنَّ عائشة رضي الله تعالى عنها ( زانية !! ) ? ?? الله ?? - الله أكبر - صدق الله العظيم - الله أكبر - ? - الله - - الله أكبر الله ? { ? - الله أكبر الله الله أكبر - صدق الله العظيم ? - الله أكبر - - - رضي الله عنهم - - - جل جلاله -?? الله ? ? } - تمهيد { وأنَّ مهديهم المنتظر سيقيم عليها حداً آخر .
قال شيخهم رجب البرسي : إنَّ عائشة جمعت أربعين ديناراً من خيانة , وفرَّقتها على مُبغضي عليٍّ - عليه السلام - (2) نعوذ بالله العظيم , وقال المجلسي : إذا ظهر المهديُّ , فإنه سيُحيي عائشة , ويُقيم عليها الحد (3) .
س 81/ ما هو آخر ما توصلوا إليه في أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عائشة وحفصة ؟ .
ج/قال سيدهم علي غروي - أحد أكبر علماء الحوزة - : إنَّ النبيَّ لا بدَّ أن يدخل فرجه النار , لأنه وطئ بعض المشركات (4) .
قاصمة ظهور علماء الشيعة :
أختم هذا المبحث المتعلِّق بعقيدة علماء الشيعة في أم المؤمنين - رضي الله تعالى عنها - من تكفيرها ولعنها ووو .. بهذه الرواية القاصمة لكل بنيان الرافضة ؟! .
__________
(1) تفسير العياشي ج2/243 , والمراد بعسكر : عائشة رضي الله تعالى عنها , بحار الأنوار ج4/378 ج8/220 .
(2) مشارف أنوار اليقين للبرسي ص86 .
(3) حق اليقين للمجلسي ص347 .
(4) كشف الأسرار للموسوي ص24 .(10/152)
حيث أسند عالم الشيعة أبو علي محمد بن محمد الأشعث الكوفي في كتابه إلى الحسين بن علي - رضي الله عنه - : أنَّ أبا ذر أخبره : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يموت دعا بالسواك فأرسله إلى عائشة فقال : لتبلينه لي بريقك , ففعلت , ثمَّ أُتي به فجعل يستاك به ويقول بذلك : ريقي على ريقك يا حميراء , ثمَّ شخص يُحرِّك شفتيه كالمخاطب , ثمَّ مات - صلى الله عليه وسلم - (1) .
وعلى كلِّ حال , ومع مرارة ما تقدم من أقوال بني رفض :
__________
(1) الأشعثيات للأشعث الكوفي ص212 , ومستدرك الوسائل للنوري ج16/434 .(10/153)
فأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه - رضي الله عنهم - أجمعين , انقطع عنهم العمل , فأحبَّ الله أن لا يقطع عنهم الأجر ؟ قال تعالى : ?? تمت - الله الله ? الله الله أكبر - - الله ? - ?? - ? الله الله } - - جل جلاله - - ? - - - الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - الله ? - - سبحانه وتعالى - - ? الله ? الله ? - ? - - - ? - - جل جلاله -? - - - ? - ? الله ? - جل جلاله - } - بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله أكبر ? - ? - - - ? - - الله ? الله - - } ? - ? - ? الله الله أكبر ? صدق الله العظيم - الله الله أكبر - ?? - ? - الله أكبر ? الله - الله الله أكبر - - - ? بسم الله الرحمن الرحيم - } - } - - - - ? الله أكبر - - ? الله ?? - ?? الله الله أكبر - صدق الله العظيم - الله الله أكبر ? ? - { ? الله الله أكبر ? الله ?- جل جلاله - الله ? - ?- جل جلاله - - - - - - - الله أكبر الله أكبر ? - الله ? { ? - } الله ? ?? - ? - الله ? - - جل جلاله -? ?- جل جلاله -? - رضي الله عنهم - - ?- جل جلاله -?? - - - ? ?? الله - جل جلاله -? - - الله الله أكبر - - - - - جل جلاله - - - ? - - - ? { ? - - ??- جل جلاله -? - - - ?? - ? الله أكبر ? الله - الله ? ? - جل جلاله - - ? - الله أكبر ? الله } صدق الله العظيم ? بسم الله الرحمن الرحيم - - ? - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ? - الله أكبر ? الله الله أكبر - الله ? الله ? ? - ? - - جل جلاله - - ? - - تمهيد ? - - صدق الله العظيم ? صدق الله العظيم } الله { - ? الله - الله - صدق الله العظيم - - - - - سبحانه وتعالى - - ? - الله الله أكبر الله أكبر { ? الله ? - سبحانه وتعالى - - ? الله }(10/154)
الله } - - الله الله أكبر الله أكبر الله الله أكبر ? ??? - ? { الله أكبر الله أكبر ?? الله - صدق الله العظيم ? - - الله الله أكبر ? - عليه السلام -? الله ? الله - الله أكبر صدق الله العظيم ? - - الله الله أكبر ? - عليه السلام -? - ? الله ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - الله أكبر ?? - ? ? درهم - جل جلاله - - صدق الله العظيم ? - الله أكبر ? الله ? - الله الله } الله - { - ? - - ??? - - جل جلاله -?? الله - - جل جلاله -? - ? - ?- جل جلاله - - الله } - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - - ? - - ?? .
وقد ذكر علماء الشيعة أنفسهم , بأنَّ علياً ? سمَّى بعض أبناءه بأسماء الخلفاء الراشدين الثلاثة : أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - (1) , وكذلك فعل الحسن ? , فقد سمَّى ابنيه بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما (2) , وكذلك فعل الحسين ? , فقد سمَّى ابنيه بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما (3) , وغيرهم كثير .
س 82/ ما حقيقة أرض فدك كما نطقت به كتب الشيعة ؟ .
ج/ فدك : قرية بخيبر , وقيل : بناحية الحجاز , فيها عين ونخل , مما أفاء الله على رسوله (, وبعد وفاة الرسول ( أرسلت فاطمة رضي الله عنها إلى خليفة رسول الله ( أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - تطلب ميراثها من رسول الله ( في أرض فدك .
__________
(1) إعلام الورى للطبرسي ص203 , والارشاد للمفيد ص186 , وتاريخ اليعقوبي ج2/213 , ومقاتل الطالبين ص84 .
(2) إعلام الورى ص213 , وتاريخ اليعقوبي ج2/228 لأحمد بن أبي يعقوب الكاتب العباسي , ومقاتل الطالبين لأبي الفرج الأصفهاني ص78 , ومنتهى الآمال لعباس القمي ج1/240 .
(3) التنبيه والإشراف للمسعودي الشيعي ص263 , وجلاء العيون للمجلسي ص582 .(10/155)
قال ابن الميثم في شرحه لنهج البلاغة (1) : إنَّ أبا بكر قال لها : إنَّ لك ما لأبيك , كان رسول الله ص يأخذ من فدك قوتكم , ويقسم الباقي ويحمل منه في سبيل الله , فما تصنعين بها , قالت : أصنع بها كما يصنع بها أبي , قال : فلك على الله أن أصنع فيها كما يصنع فيها أبوك , قالت : الله لتفعلنَّ , قال : الله لأفعلنَّ , قالت : اللهم فاشهد , وكان أبو بكر يأخذ غلتها فيدفع إليهم ما يكفيهم ويقسم الباقي , وكان عمر كذلك , ثمَّ كان عثمان كذلك , ثمَّ كان علي ع كذلك .
وقال زيد بن علي بن الحسين ? : وأيم الله , لو رجع الأمر إليَّ لقضيت فيه بقضاء أبي بكر (2) .
القاصمة :
إنَّ من تناقض هؤلاء أن رووا في كتاب علي : فإذا فيه إنَّ النساء ليس لهنَّ من عقار الرجل إذا هو توفي عنها شيء , فقال أبو عبدالله ع : هذا والله خط علي ع بيده , وإملاء رسول الله (3) .
س 83/ هل ذكرت كتب الشيعة أنَّ فاطمة رضي الله عنها غضبت على علي - رضي الله عنه - ؟ .
ج/ نعم , روى صدوقهم غضب فاطمة رضي الله عنها ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عليٍّ - رضي الله عنه - عندما أراد الزواج بابنة أبي جهل .. حتى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مناصحاً لعلي - رضي الله عنه - : يا عليُّ , أما علمت أنَّ فاطمة بضعة مني وأنا منها , فمن آذها فقد آذاني , ومن آذاني فقد آذى الله , ومن آذها بعد موتي كان كمن آذها في حياتي , ومن آذها في حياتي كان كمن آذها بعد موتي (4) .
__________
(1) ج5/107 وج16/215 .
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج4/82 , والصوارم المهرقة للشوشتري ص243 .
(3) بحار الأنوار 26/51 , وبصائر الدرجات الكبرى للصفار ص45 .
(4) علل الشرائع لابن بابويه ص185-186 .(10/156)
وقال - صلى الله عليه وسلم - : فاطمة بضعة مني , وهي روحي التي بين جنبيَّ , يسوؤني ما ساءها , ويسرُّني ما سرَّها (1) .
وكذلك فقد أغضب عليٌّ - رضي الله عنه - فاطمة رضي الله عنها مرة أخرى عندما رأته واضعاً رأسه في حجر جاريته , واشتملت جلبابها وذهبت إلى بيت أبيها , وقالت : يا ليتني مت قبل هذا , وكنت نسياً منسياً , إنما أشكو إلى أبي , وأختصم إلى ربي (2) .
التعليق :
ألا يستحي علماء الشيعة من افترائهم لهذه المفتريات على عليٍّ وفاطمة رضي الله عنهما ؟ أيتجاهلون قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من آذاها فقد آذاني , ومن غاظها فقد غاظني , ومن سرَّها فقد سرَّني (3) .
س 84/ بماذا تجيبون عمَّا يزعمه علماء الشيعة من مثالب ومعايب على الصحابة - رضي الله عنهم - ؟ .
ج/ إنَّ ذنب الصحابة - رضي الله عنهم - عند علماء الشيعة هو : بيعتهم لأبي بكر - رضي الله عنه - بالخلافة ! والمثالب التي ينقلونها عن الصحابة - رضي الله عنهم - نوعان : أحدهما : ما هو كذب , إما كذبٌ كلُّه , وإما محرَّف قد دخله من الزيادة والنقصان ما يُخرجه إلى الذم والطعن , وأكثر نقل علماء الشيعة من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب , يرويها الكذابون المعروفون بالكذب , كما اعترفت بذلك كتبهم .
__________
(1) بحار الأنوار للمجلسي ج27/62 .
(2) علل الشرائع ص163 , حق اليقين للمجلسي ص203-204 .
(3) من لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي الملقب بالصدوق ج4/125 .(10/157)
النوع الثاني : ما هو صدق ولكنه أقلُّ من القليل , وأكثره لهم فيها معاذير , تُخرجها من أن تكون ذنوباً , وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فله أجران , وإن أخطأ فله أجر , وعامة منقول علماء الشيعة الثابت , والذي هو أقل من القليل من هذا الباب , وما قُدِّر من هذه الأمور القليلة جداً ذنباً محققاً , فإنَّ ذلك لا يَقدح فيما عُلم من فضائلهم وسوابقهم - رضي الله عنهم - , وكونهم - رضي الله عنهم - من أهل الجنة , لأنَّ الذنب المحقق يرتفع عقابه في الآخرة بأسباب متعددة , منها : التوبة , ومنها : الحسنات الماحية للذنوب , فإنَّ الحسنات يُذهبن السيئات , ومنها : المصائب المكفرة .. إلخ .
س 85/ ما معنى عصمة الإمام , وهل هي من المسائل المجمع عليها عند علمائهم ؟ .
ج/ قال شيخهم المجلسي : اعلم أنَّ الإمامية اتفقوا على عصمة الأئمة عليهم السلام من الذنوب , صغيرها وكبيرها , فلا يقع منهم ذنب أصلاً , لا عمداً ولا نسياناً , ولا لخطأ في التأويل , ولا للإسهاء من الله سبحانه (1) .
التعليق :
إنَّ هذه الصورة للعصمة التي يرسمها المجلسي , ويُعلن اتفاق الشيعة عليها , لم تتحقق لأنبياء الله تعالى ورسله عليهم السلام , كما دلَّ على ذلك صريح القرآن والسنة وإجماع الأمة ؟ .
والمسلمون يعتقدون أنَّ الأمة معصومة بكتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - , وأما علماء الشيعة فيعتقدون أنَّ الأمة معصومة من الضلال بإمامهم المختفي الخائف ؟ لأنه كالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - , بل يعتقدون أنه أعظم من النبي - صلى الله عليه وسلم - كما تقدَّم , والإمامة في اعتقادهم استمرار للنبوة (2) .
__________
(1) بحار الأنوار ج25/211 وانظر : مرآة العقول ج4/352 , وأوائل المقالات ص276 .
(2) عقائد الإمامية لمحمد رضا المظفر ص66.(10/158)
س 86/ هل يعتقد علماء الشيعة بعدم حصول السهو , والنسيان , من أئمتهم ؟ .
ج/ نعم , وهو من ضروريات مذهبهم الشيعي (1) .
ويعتبرها شيخهم المعاصر محمد رضا المظفر : من عقائد شيعته الثابتة , وأنه لا يوجد فيها أدنى خلاف عندهم (2) , ويذكر أيضاً آيتهم المعاصر : محمد مغنية : بأنها مذهب جميع الشيعة (3) , ونقل شيخهم المعاصر : محمد آصف المحسني : إجماع الشيعة عليها (4) , بل إنَّ إمامهم الأكبر عندهم الخميني : ينفي مجرَّد تصوُّر السهو في أئمته (5) , وكان هذا المعتقد من أسباب نشوء عقيدة البداء والتَقِيَّة – كما سيأتي إن شاء الله تعالى – فإذا حصل اختلاف أو تناقض في أقوالهم , قال علماؤهم : هذا بداء أو تَقِيَّة كما اعترف بهذا إمامهم : سليمان بن جرير , والذي ترك مذهب الإمامية وتبعه جماعة من شيعتهم .
التعليق :
قيل لإمامهم الرضا رحمه الله : إنَّ في الكوفة قوماً يزعمون أن النبي صلى الله عليه وآله , لم يقع عليه السهو في صلاته , فقال : كذبوا لعنهم الله , إنَّ الذي لا يسهو , هو الله الذي لا إله إلا هو (6) .
الفاضحة :
إنَّ علماء الشيعة المتقدمين :
يُعلنون برائتهم من هذه العقيدة , بل وكفَّروا من قال بها , وذكروا أنَّ ردَّ الروايات التي فيها إثبات سهو النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُفضي إلى إبطال الدين والشريعة (7) .
__________
(1) انظر : تصحيح الاعتقاد للمفيد ص160-161 , وتنقيح المقال في علم الرجال ج3/240 لعبدالله المامقاني .
(2) عقائد الإمامية للمظفر ص95 .
(3) الشيعة في الميزان ص272-273 .
(4) صراط الحق لآصف المحسني ج3/121 .
(5) الحكومة الإسلامية ص91 .
(6) بحار الأنوار ج25/350 , وعيون أخبار الرضا لابن بابويه ص326 .
(7) انظر : من لا يحضره الفقيه لابن بابويه ج1/234 , وبحار الأنوار للمجلسي ج17/111 .(10/159)
ونجد علماء الشيعة المتأخرين : يعدُّونها من الضروري عندهم , ومنكر الضروري عندهم كافر ؟ .
فعلماؤهم المتقدمون يُكفِّرون المتأخرين , والمتأخرون يُكفرون المتقدمين ؟!! .
س 87/ لو لخصتم لنا كيف طوَّر علماء الشيعة عقيدتهم بعصمة أئمتهم ؟ .
ج/ لقد تقدَّم أنَّ استاذهم الأول ابن سبأ اليهودي قال بألوهية علي - رضي الله عنه - , ولم يُنقل عنه : القول بعصمته حسب نظرية علماء الشيعة ؟ .
ثمَّ طوَّر العصمة هشام بن الحكم فقال : إنَّ الإمام لا يُذنب (1) .
التعليق :
إنَّ قولهم بأنَّ إمامهم لا يُذنب , يتعارض مع اعتقادهم في القدر , من قولهم بالحرية والاختيار , وأنَّ العبد يخلق فعله , مما يدلُّك أيها القاريء : أنَّ مفهوم العصمة عندهم سابق لمذهبهم في القدر , والذي أخذوه عن المعتزلة في المائة الثالثة !! .
ثمَّ طوَّر العصمة شيخهم المفيد ( ت413هـ ) فقال : بأنها لطف يفعله الله تعالى بالمكلَّف , بحيث يمنع منه وقوع المعصية , وترك الطاعة , مع قدرته عليها (2) .
التعليق :
تلاحظ أيها القاريء : اصطباغ مفهوم العصمة ببعض الأفكار الاعتزالية كفكرة اللطف الإلهي , وفكرة الاختيار الإنساني , فليس معنى العصمة : أن يُجبر الله إمامهم على ترك المعصية , بل يفعل به ألطافاً يترك معها المعصية مختاراً ؟ .
__________
(1) بحار الأنوار ج25/192-193 .
(2) النكت الاعتقادية للمفيد ص33-34 .(10/160)
ثمَّ طوَّر العصمة شيخهم ابن بابويه ( ت381هـ ) فقال : اعتقادنا في .. الأئمة .. أنهم معصومون , مطهرون من كل دنس , وأنهم لا يُذنبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً , ولا يعصون الله ما أمرهم , ويفعلون ما يُؤمرون , ومن نفى عنهم العصمة في شيء من أحوالهم فقد جهلهم , ومن جهلهم فهو كافر , واعتقادنا فيهم : أنهم معصومون موصوفون بالكمال والتمام والعلم من أوائل أمورهم وأواخرها , لا يوصفون في شيء من أحوالهم بنقص ولا عصيان ولا جهل (1) .
ثمَّ طور العصمة شيخهم المجلسي ( ت1111هـ ) فقال : إنَّ أصحابنا الإمامية أجمعوا على عصمة الأئمة , صلوات الله عليهم , من الذنوب الصغيرة والكبيرة , عمداً وخطأً ونسياناً , من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله عز وجل (2) .
تناقض :
قال المجلسي نفسه : وبالجملة : المسألة في غاية الإشكال , لدلالة كثير من الأخبار والآيات , على صدور السهو عنهم , وإطباق الأصحاب , إلا من شذَّ منهم على عدم الجواز .. (3) .
التعليق :
فهذا اعتراف من إمامهم المجلسي , على أنَّ إجماع علماء شيعته على عصمة أئمتهم , يصادم رواياتهم , وهذا يجعلهم يقولون وبمضاضة شديدة : إنَّ علماء شيعتهم قد أجمعوا على ضلالة !! .
س 88/ هل من الممكن ذكر بعض ما يزعمه علماء الشيعة من فضائل أئمتهم ؟ .
ج/ لقد أكثر علماء المذهب الشيعي من الروايات المختلَقة الدالة على فضل الأئمة وأنهم يصلون إلى درجة الألوهية أحياناً , ولذلك عقد علماؤهم أبواباً كثيرة في كتب مذهبهم الشيعي المعتمدة ومنها :
1 ) بابُ أنهم أعلم من الأنبياء عليهم السلام وفيه ثلاثة عشر حديثاً منها :
__________
(1) الاعتقادات لابن بابويه ص108-109 .
(2) بحار الأنوار ج25/351 .
(3) بحار الأنوار ج25/351 .(10/161)
قال أبو عبدالله ? : وربِّ هذه الكعبة – ثلاث مرات – لو كُنتُ بين موسى والخضر لأخبرتهما أني أعلم منهما , ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما (1) .
2 ) بابُ تفضيلهم عليهم السلام على الأنبياء وعلى جميع الخلق , وأخذ ميثاقهم عنهم وعن الملائكة وعن سائر الخلق , وأنَّ أولي العزم إنما صاروا أولي العزم , بحبهم صلوات الله عليهم (2) وفيه 88 حديثاً , منها :
عن أبي عبدالله ? قال : والله ما استوجب آدم أن يخلقه الله بيده وينفخ فيه من روحه إلا بولاية علي - عليه السلام - , وما كلَّم الله موسى تكليماً إلا بولاية علي - عليه السلام - , ولا أقام الله عيسى ابن مريم آية للعالمين إلا بالخضوع لعلي - عليه السلام - , ثم قال : أُجمل الأمر : ما استأهل خلق من الله النظر إليه إلا بالعبودية لنا (3) .
وفي رواية : .. أنكرها يونس , فحبَسَه الله في بطن الحوت حتى أقرَّ بها (4) .
وقال الخميني : وإنَّ من ضروريات مذهبنا : أنَّ لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرَّب ولا نبيٌّ مرسل .
وقال : فإنَّ للإمام مقاماً محموداً , ودرجة سامية , وخلافة تكوينية , تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرَّات هذا الكون (5) .
3 ) بابُ أنَّ دعاءَ الأنبياء استجيب بالتوسل والاستشفاع بهم ص (6) .
__________
(1) الكافي ج1/260-261 , بحار الأنوار ج26/194 .
(2) بحار الأنوار ج26/267 .
(3) بحار الأنوار ج26/294 .
(4) بحار الأنوار للمجلسي ج14/391 وج26/282 , وبصائر الدرجات الكبرى للصفار ص75 .
(5) الحكومة الإسلامية ص52 .
(6) بحار الأنوار ج26/319 .(10/162)
منها : عن الرضا ع قال : لما أشرف نوح ع على الغرق , دعا الله بحقنا فدفع الله عنه الغرق , ولما رُمِي إبراهيم ع في النار دعا الله بحقنا فجعل الله النار عليه برداً وسلاماً , وإنَّ موسى ع لما ضرب طريقاً في البحر دعا الله بحقنا فجعله يبساً , وإنَّ عيسى ع لما أراد اليهود قتله دعا الله بحقنا فنجي من القتل فرفعه إليه (1) .
4 ) أنَّ عندهم عليهم السلام علم ما في السماء , وعلم ما في الأرض , وعلم ما كان , وعلم ما يكون , وما يحدث بالليل والنهار , وساعة وساعة , وعندهم علم النبيين وزيادة (2) .
5 ) بابُ أنهم ع يعرفون الناس بحقيقة الإيمان , وبحقيقة النفاق , وعندهم كتاب فيه أسماء أهل الجنة , وأسماء شيعتهم وأعدائهم , وأنه لا يزيلهم خبر مخبر عما يعلمون من أحوالهم (3) .
6 ) بابُ أنَّ الأئمة ع إذا شاءوا أن يعلموا علموا , وأنَّ قلوبهم مورد إرادة الله سبحانه , إذا شاء شيئاً شاءوه .
وفيه ثلاثة أحاديث (4) .
7 ) بابُ أنَّ الأئمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون , وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم وفيه خمسة أحاديث (5) .
8 ) بابُ .. وأنهم يعلمون ما في الضمائر , وعلم المنايا والبلايا وفصل الخطاب والمواليد (6).
9 ) بابُ أنه لولا أمير المؤمنين ( لما عرف جبريل ربه تعالى , ولما عرف اسم نفسه (7) .
__________
(1) بحار الأنوار ج11/69 , ووسائل الشيعة للعاملي ج7/103 , والقصص للراوندي ص105 .
(2) ينابيع المعاجز وأصول الدلائل لهاشم البحراني , الباب الخامس ص35-42 .
(3) بحار الأنوار ج26/117 وفيه أربعون حديثاً .
(4) الكافي ج1/258 .
(5) الكافي للكليني ج1/258-260 .
(6) بحار الأنوار ج26/137و153 وفيه 43 حديثاً .
(7) شرح الزيارة الجامعة الكبيرة للخوئي ج2/371 .(10/163)
10 ) أنهم يتكلمون وهم في بطون أمهاتهم , ويقرءون القرآن , ويعبدون ربهم عزّ وجل وهم في بطون أمهاتهم , وعند الرضاع تطيعهم الملائكة وتنزل عليهم صباحاً ومساءاً (1) .
11 ) أنَّ الأئمة عليهم السلام أولاد الله ومن صلب عليٍّ ع (2) !!! نعوذ بالله من الشرك .
12 ) أنهم أركان الأرض وأنَّ علياً - رضي الله عنه - قال : أُعطيت خصالاً لم يُعطهنَّ أحدٌ قبلي , علمتُ علم المنايا والبلايا .. فلم يفتني ما سبقني , ولم يعزب عني ما غاب عني (3) .
13 ) بابُ أنَّ الله عز وجل لم يُعلِّم نبيه علماً , إلا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين - عليه السلام - , وأنه شريكه في العلم (4) .
التعليق :
إنَّ هذه الدعاوى من علماء الشيعة لأئمتهم , في غاية الغرابة وغاية الكفر , يُخرجون بها أئمتهم من منزلة الإمامة , إلى منزلة النبوة والرسالة أحياناً , وأحياناً إلى مرتبة الألوهية , نعوذ بالله من الشيطان , ولا يختلف اثنان أنَّ هذا هو الكفر الأكبر بعينه , بل لم يأت أحدٌ من الأولين والآخرين بمثل هذا الكفر والضلال , نسأل الله العافية .
س 89/هل يعتقدون بقاء معجزات أئمتهم حتى بعد موتهم , وما أَثَرُ ذلك في حياتهم اليومية ؟ .
ج/ نعم , بل ولا تزال تولد عندهم وتتجدد , واتخذت صورة واقعية تتمثل في جانبين :
الأول : ما ينسبه علماء الشيعة لغائبهم المنتظر من معجزات وخوارق ؟ .
__________
(1) إكمال الدين وتمام النعمة للصدوق , ط حديثة ج2/394 .
(2) الغدير ج1/214-216 لشيخهم المعاصر عبد الحسين الأميني النجفي .
(3) أصول الكافي ج1/197-198 .
(4) أصول الكافي ج1/263 .(10/164)
الثاني : ما يدَّعيه علماء شيعتهم من حصول الخوارق عند قبور أئمتهم , كقصص تتحدث عن شفاء الضريح للأمراض المستعصية , فتذكر أن أعمى أَبصَرَ بمجرد مجاورته للضريح !! وأنَّ الحيوانات وخاصة الحمير تذهب للأضرحة طلباً للشفاء !! وقصص تتحدث أنَّ الأئمة في قبورهم تُودع عند أضرحتهم الأمانات والودائع فيحفظونها ! فارتفعت بذلك أرصدة السدنة ! (1) .
س 90/ ما حكم زيارة قبور وأضرحة الأئمة والأولياء عند علماء الشيعة ؟ .
ج/ فريضة من فرائض مذهبهم الشيعي , ويكفر تاركها (2) .
وَسَأَلَ هارون ابن خارجة إمامهم أبو عبدالله وحاشاه : عمَّن ترك زيارة قبر الحسين ع من غير علَّة , فقال : هذا رجل من أهل النار (3) .
س 91/ ما هي الآداب التي يوجبها علماء الشيعة لمن أراد زيارة المشاهد من شيعتهم ؟ .
ج/ كثيرة , ومنها : الغسل قبل دخول المشهد , والوقوف والاستئذان بالمأثور (4) .
والإتيان بخضوع وخشوع , في ثياب طاهرة نظيفة جدد (5) .
والوقوف على الضريح وتقبيله : قال آيتهم العظمى محمد الشيرازي : نُقَبِّلُ أضرحتهم , كما نقبل الحجر الأسود (6) .
ووضع الخدِّ عليه (7) وقالوا : لا كراهة في تقبيل الضرايح , بل هو سنة عندنا (8) .
والطواف به إلا أن نطوف حول مشاهدكم (9) .
تعارض :
__________
(1) بحار الأنوار ج42/312-318 .
(2) انظر روايات ذلك في : تهذيب الأحكام ج2/14 , وكامل الزيارات ص194 , ووسائل الشيعة ج10/233-337 .
(3) كامل الزيارات لابن قولويه ص193 , ووسائل الشيعة ج10/336-337 .
(4) بحار الأنوار ج97/134 وج101/369 .
(5) بحار الأنوار ج97/134 .
(6) مقالة الشيعة لمرجعهم الديني محمد الشيرازي ص8 .
(7) عمدة الزائر لحيدر الحسيني ص31 .
(8) بحار الأنوار ج100/136 .
(9) بحار الأنوار ج 100/126 , ومستدرك الوسائل للنوري ج10/366 .(10/165)
لقد أصدروا هم بأنفسهم روايات تنهى عن ذلك ومنها : ولا تطف بقبر ... (1) .
وردَّ ذلك علامتهم المجلسي بقوله : يُحتمل أن يكون المراد بالطواف المنفي هنا : التغوُّط (2) .
استقبال وجه صاحب القبر واستدبار القبلة :
قال المجلسي : إنَّ استقبال القبر أمرٌ لازم , وإنْ لم يكن موافقاً للقبلة .. واستقبال القبر للزائر , بمنزلة استقبال القبلة , وهو وجه الله .. (3) .
والانكباب على القبر والدعاء بالمأثور :
ومنه قولهم : إذا أتيت الباب , فقف خارج القبة , وأوم بطرفك نحو القبر , وقل : يا مولاي يا أبا عبدالله يا ابن رسول الله : عبدك وابن عبدك وابن أمتك , الذليل بين يديك , المقصر في علو قدرك , المعترف بحقك , جاءك مستجيراً بذمتك , قاصداً إلى حرمك , متوجهاً إلى مقامك .. ثمَّ انكب على القبر وقل : يا مولاي أتيتك خائفاً فآمني , وأتيتك مستجيراً فأجرني , وأتيتك فقيراً فأغنني .. يا سيدي أنت وليي ومولاي .. (4) .
واتخاذ القبر قبلة , واستدبار الكعبة , وصلاة ركعتين إلى القبر وجوباً (5) .
__________
(1) علل الشرائع للقمي ص283 , وبحار الأنوار ج100/226 , وانظر : الكافي ج6/534 , ووسائل الشيعة ج1/340 .
(2) بحار الأنوار ج100/127 .
(3) بحار الأنوار ج100/369 .
(4) بحار الأنوار ج101/257-261 .
(5) بحار الأنوار ج100/128-134 , وانظر : تحرير الوسيلة للخميني ج1/152 , والاحتجاج للطبرسي ج2/312 .(10/166)
ويَعدُّ علماء الشيعة هذه الشركيات من أفضل القربات .. ويُوهمون أتباعهم بأنَّ هذه الشركيات تُوجب غفران الذنوب , ودخول الجنة , والعتق من النار , وحطِّ السيئات , ورفع الدرجات , وإجابة الدعوات (1) وتعدل الحجَّ والعمرة , والجهاد , والاعتاق (2) .
تناقض :
عن أبي عبدالله - رضي الله عنه - قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُصلَّى على قبر , أو يُقعد عليه , أو يُبنى عليه (3) .
ثمَّ أليست هذه النصوص المروية كذباً عن أئمتهم دعوة إلى الشرك بالله عز وجل , وتغيير شرع الله ودينه , واختيار نحلة المشركين على ملة المسلمين , واستبدال الوثنية بالحنيفية ؟ بلى والله الذي لا إله غيره ولا ربَّ سواه .
__________
(1) هذا من عناوين بحار الأنوار ج101/21-28 , وقد ضمَّ ( 37 ) رواية في هذا المعنى .
(2) هذا من عناوين بحار الأنوار ج101/28-44 , وقد ضمَّ ( 84 ) رواية في هذا المعنى .
(3) تهذيب الأحكام ج1/130 , والاستبصار ج1/482 كلاهما للطوسي , ووسائل الشيعة للعاملي ج2/869 .(10/167)
ماذا يُسمَّى هذا الدين الذي يأمر أتباعه باستدبار الكعبة , واستقبال قبور الأئمة , وماذا يُسمَّى هؤلاء العلماء المفترون , الذين عمّروا بيوت الشرك , التي يُسمّونها المشاهد , وعطلوا بيوت التوحيد ( المساجد ) والواقع خير شاهد ؟ وصدق الله العظيم القائل : ( ( بسم الله الرحمن الرحيم - صلى الله عليه وسلم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - } - ( - (( - - - عليه السلام - - (( } - قرآن كريم ((- عليه السلام - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ((((- صلى الله عليه وسلم - - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( المحتويات - - - تمت - - ( - - رضي الله عنه - - ( مقدمة ( - ( - - - - - صدق الله العظيم ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - (( - (( - - - - (((( { - - ( المحتويات ( - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - - } تمت ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ((( - ( - ( { ( - - - ( المحتويات ( - - - ( - - - - - رضي الله عنه -( ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( - - صلى الله عليه وسلم - - (((( ( .
قاصمة الظهر :
لقد روى أبو جعفر محمد الباقر أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجداً , فإنَّ الله عزَّ وجل لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) .
س 92/ هل لمدن ( النجف وكر بلاء وقم والكوفة ) فضل عند علماء المذهب الشيعي ؟ .
__________
(1) علل الشرائع ص358 , وبحار الأنوار ج100/128 , وانظر : وسائل الشيعة ج5/161 , ومن لا يحضره الفقيه ج1/178 .(10/168)
ج/ نعم , رووا أنَّ أبا عبدالله ع فيما أوحاه الله إلى الكعبة : .. ولولا تربة كر بلاءَ ما فضلتكِ , ولولا من تضمه أرض كر بلاء , ما خلقتك , ولا خلقتُ البيت الذي به افتخرت , فقرِّي واستقرِّي , وكوني ذَنَباً متواضعاً , ذليلاً , مهيناً .. (1) .
وقال آيتهم آل كاشف الغطاء عن كربلاء : أشرف بقاع الأرض بالضرورة !! (2) , ومنكر الضروري عندهم كافر كما تقدَّم مراراً .
يقول آيتهم ميرزا حسين الحائري : وكذلك أصبحت هذه البقعة المباركة , بعدما صارت مدفناً للإمام مزاراً للمسلمين ! وكعبة للموحدين !! ومطافاً للملوك والسلاطين , ومسجداً للمصلين !! (3) .
وقد جاء في بعض نصوص علماء الشيعة المقدسة : أن الحجر الأسود سيُنزع من مكانه من الكعبة المشرفة , ويوضع في حرمهم في الكوفة (4) .
وهذا ما دفع إخوانهم القرامطة إلى فعلتهم وجريمتهم المشهورة في بيت الله الحرام , وانتزاعهم الحجر الأسود من الكعبة المشرفة عام 317هـ (5) , ولكنهم لم يضعوه في حرمهم بالكوفة , لماذا ؟!! .
التعليق :
أفلا تكون مصادر علماء الشيعة مزرعةً لأمثال ما فعل إخوانهم القرامطة ؟ .
ثمَّ لماذا الحرص فقط على الكوفة ؟ .
__________
(1) وسائل الشيعة ج14/514 .
(2) الأرض والتربة الحسينية لآل كاشف ص55-56 .
(3) أحكام الشيعة للحائري ج1/32 .
(4) كما في كتاب الوافي المجلد الثاني في ج8/215 .
(5) انظر : كتاب المسائل العكبرية ص84 -102 لمحمد بن محمد النعمان الملقب بالمفيد المتوفى سنة 413هـ .(10/169)
ألأنه لم يستمع لدين ابن سبأ اليهودي من بلاد المسلمين سوى ( الكوفة ) ! وذلك أنَّ بلاد الإسلام لقربها من العلم والإيمان , لم تقبل دين ابن سبأ اليهودي ( التشيَّع ) سوى الكوفة التي بُليت بها , بتأثير ابن سبأ اليهودي , الذي طاف الأمصار , فلم يجد من يقبل دعوته أحد إلا في ذلك المكان القاصي البعيد في تلك الفترة عن نور العلم والإيمان , ولهذا خرج ( التشيُّع من الكوفة ) كما ظهر الإرجاء أيضاً من الكوفة , وظهر القدر والاعتزال والنسك الفاسد من البصرة , وظهر التجهُّم من ناحية خراسان , وكان ظهور هذه البدع بحسب البعد عن الدار النبوية , ذلك أنَّ سبب ظهور البدع في كلِّ أمة هو خفاء سنن المرسلين فيهم , وبعدهم عن ديار العلم والإيمان , وبهذا يقع الهلاك .(10/170)
وأختم هذا الجواب بقول الله تبارك وتعالى : ( } تمت ( { - رضي الله عنه - - } - صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - تمهيد ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم -((((- صلى الله عليه وسلم - ( } - } - جل جلاله - - ( - - ( - { - - - - { { - - رضي الله عنه - تمهيد ( - - - - - عليه السلام - - - - رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله - - جل جلاله - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - فهرس - (- رضي الله عنهم -(( - ( - - (((( ( مقدمة - (( - تمهيد (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( ( تمهيد (- عليه السلام - - ( } - - رضي الله عنه - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - - { } تم بحمد الله - بسم الله الرحمن الرحيم - ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( { } صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( - - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - تمت - - - - - جل جلاله -- جل جلاله -( تم بحمد الله - - عليه السلام -( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( } - } - - - - - - ( مقدمة ( تمهيد ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - - - ( مقدمة ( - - - ( { الله - - ( تمهيد - رضي الله عنهم - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - - ( - - } تمت ( - - ( { - - - - (( - - ( ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( - رضي الله عنه -((( - فهرس - (- رضي الله عنهم -(( - - - (((( ( .(10/171)
س 93/ ما هو اعتقادهم في : الصلاة , والدعاء والتوسل والحج إلى قبور أئمتهم ؟ .
ج/ رووا بأنَّ رجلاً جاء إلى أبي عبدالله فقال له : إنِّي قد حججتُ تسعَ عشرةَ حَجةً , فادع الله أن يرزقني تمام العشرين حجة , قال : هل زرتَ قبر الحسين ع قال : لا , قال : لزيارته خيرٌ من عشرين حجة (1) .
وفي رواية : والله لو أني حدثتكم بفضل زيارته وبفضل قبره , لتركتم الحجَّ رأساً , وما حجَّ منكم أحد (2) , والحمد لله أنه لم يحدثهم !!! .
وأما عن اعتقادهم في فضل الحجِّ في يوم عرفة لقبر الحسين - رضي الله عنه - :
قال الإمام الصادق ع : إنَّ الله تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن علي - عليه السلام - عشية عرفة قبل نظره إلى أهل الموقف , قيل له : قبل نظره إلى أهل الموقف ! وكيف ذلك ؟ قال : لأنَّ في أولئك أولاد زنا , وليس في هؤلاء أولاد زنا (3) .
وعن زيد الشحام قلت : لأبي عبدالله : ما لمن زار قبر الحسين ( ؟ قال : كان كمن زار الله في عرشه (4) .
ورووا أنَّ أبا عبدالله ع قال : ألا تزور من يزوره الله مع الملائكة , ويزوره الأنبياء , ويزوره المؤمنون .. (5) .
وأما عن اعتقادهم في فضل الصلاة عند القبور :
__________
(1) الوافي للكاشاني ج8/219 , والكافي ج4/581 , ووسائل الشيعة ج14/447 , وثواب الأعمال للصدوق ص94 .
(2) بحار الأنوار ج98/33 وج101/33 , وكامل الزيارات ص266 .
(3) تهذيب الأحكام ج6/50 , ومستدرك الوسائل ج10/282 .
(4) كامل الزيارات ص147و174 , وبحار الأنوار ج98/76 , ومستدرك الوسائل ج2/190 .
(5) الكافي ج4/579 , وبحار الأنوار ج25/361 وج97/257 .(10/172)
قال أبو عبدالله ع عن الصلاة في حرم الحسين ع : لك بكل ركعة تركعها عنده كثواب من حج ألف حجة , واعتمر ألف عمرة , وأعتق ألف رقبة , وكأنما وقف في سبيل الله ألف ألف مرة مع نبي مرسل (1) .
س 94/ هل قَصَرَ علماؤهم هذه الفضائل المزعومة على زيارة قبور أئمتهم فقط ؟ .
ج/ لا , بل جاوزوا ذلك إلى قبور أوليائهم ومشايخهم وأقاربهم وأصدقائهم !! :
رووا أنَّ الحسن العسكري ع قال : من زار قبر عبدالعظيم كان كمن زار قبر الحسين (2) .
وعن ابن الرضا ع قال : من زار قبر عمتي بقم فله الجنة (3) .
وذكروا عن أبي الحسن موسى ع قال : من زار قبر ولدي علي كان له عند الله كسبعين حجة مبرورة , قال قلت : سبعين حجة , قال : نعم وسبعين ألف حجة .. (4) .
لقد أغضب إمامه فزاد الإمام في النصيب !! .
التعليق :
لماذا يُشاهَدُ عموم الشيعة بل وعلماؤهم يحجُّون ويعتمرون ويزورون مكة والمدينة النبوية ؟ مع وجود هذه الفضائل العظيمة لهذه القبور المزعومة !!؟ .
س 95/ لو ذكرتم لنا بعض فضائلهم المزعومة لزيارة قبر أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - باختصار ؟ .
ج/ نعم , فمن ذلك : من زار قبر أمير المؤمنين كتب الله بكل خطوة حجة مقبولة وعمرة مبرورة , والله يا ابن مارد , ما يُطعم الله النارَ قدماً اغبرت في زيارة أمير المؤمنين ع .. (5) .
__________
(1) الوافي للكاشاني ج8/234 , وتهذيب الأحكام للطوسي ج6/73 , ووسائل الشيعة للعاملي ج14/568 .
(2) بحار الأنوار ج102/268 , وكامل الزيارات لابن قولويه القمي ص324 .
(3) وسائل الشيعة ج14/576 .
(4) تهذيب الأحكام ج6/84 .
(5) تهذيب الأحكام ج6/21 , وسائل الشيعة ج14/376 , وإرشاد القلوب إلى الصواب للحسن الديلمي ج2/442 .(10/173)
وفي رواية : من زار قبر أمير المؤمنين عارفاً بحقه , غير متجبر ولا متكبر , كتب الله له أجر مائة ألف شهيد , وغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .. (1) .
وأخيراً : قال المجلسي : إنَّ قبر أمير المؤمنين يزوره الله مع الملائكة , ويزوره الأنبياء , ويزوره المؤمنون (2) .
س 96/ لو ذكرتم لنا بعض فضائلهم المزعومة لزيارة قبر الحسين - رضي الله عنه - باختصار ؟ .
ج/ افترى علماء الشيعة روايات كثيرة , منها : عن أبي جعفر قال : لو يعلم الناس ما في زيارة الحسين - عليه السلام - من الفضل لماتوا شوقاً , وتقطعت أنفسهم عليه حسرات .. (3) .
القاصمة :
ماذا يجيب علماء الشيعة عما رووه : عن حنَّان : قلت لأبي عبدالله - عليه السلام - : ما تقول في زيارة قبر الحسين صلوات الله عليه , فإنه بلغنا عن بعضكم أنه قال : تعدل حجة وعمرة ؟ قال فقال : ما أضعف هذا الحديث , ما تعدل هذا كلَّه , ولكن زوروه ولا تجفوه فإنه سَيِّدُ شباب أهل الجنة (4) .
س 97/ما عقيدة علماء الشيعة في المجتهد من شيعتهم , وما حكم من ردَّ عليه ؟ .
ج/ قال شيخهم محمد رضا المظفر : عقيدتنا في المجتهد : أنه نائب للإمام في حال غيبته , وهو الحاكم والرئيس المطلق ... والرادُ عليه رادٌ على الإمام , والراد على الإمام رادٌ على الله تعالى , وهو على حدِّ الشرك بالله (5) .
__________
(1) وسائل الشيعة ج14/375 .
(2) بحار الأنوار ج100/258 .
(3) كامل الزيارات لابن قولويه ص143 , ووسائل الشيعة للعاملي ج1/353 , بحار الأنوار ج101/18 .
(4) بحار الأنوار ج101/35 , وقرب الإسناد ص48 لعبدالله بن جعفر الحميري من علمائهم في القرن الثالث .
(5) عقائد الإمامية للمظفر ص34 .(10/174)
وقال إمامهم الخميني : إن معظم فقهائنا في هذا العصر , تتوفر فيهم الخصائص التي تؤهلهم للنيابة عن الإمام المعصوم وقال أيضاً : والفقيه هو وصي النبي - صلى الله عليه وسلم - , وفي عصر الغيبة يكون إماماً للمسلمين وقائدهم (1) .
التعليق :
قال محمد جواد مغنية (2) , في كلام طويل مفادهُ : كيف يَدَّعي الخميني النيابة المطلقة عن الإمام الغائب , والإمام الغائب بمنزلة النبيِّ , أو الإله عندنا ... .
وأوجبوا على الشيعي أن يُقلِّد مجتهداً حيَّاً معيَّناً , وإلا فجميع عباداته باطلة لا تقبل منه , وإن صلَّى وصام , إلا إذا وافق عمله رأي من يقلده بعد ذلك (3) .
التعليق :
إنَّ هذه المكانة العالية للمجتهدين من علماء الشيعة , تذكرنا بمكانة الباباوات والقسس عند النصارى ! بل هي أعظم .
س 98/ما هي التَقِيَّة , وما فضلها عند علماء المذهب الشيعي ؟ .
ج/ قال شيخهم المفيد : التقية كتمان الحق , وستر الاعتقاد فيه , وكتمان المخالفين , وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراً في الدين أو الدنيا (4) .
وقال محمد جواد مغنيه : هي أن تقول أو تفعل غير ما تعتقد , لتدفع الضرر عن نفسك أو مالك أو لتحتفظ بكرامتك (5) , فهي إظهار الإيمان بمذهب أهل السنة , وإخفاء مذهب الشيعة ! .
قال علي - رضي الله عنه - : التقية من أفضل أعمال المؤمن (6) .
وقال الحسين بن علي - رضي الله عنه - : لولا التقية ما عُرف ولينا من عدوِّنا (7) .
__________
(1) الحكومة الإسلامية ص67 و113 .
(2) الخميني في كتابه : الدولة الإسلامية ص 59 .
(3) انظر : عقائد الإمامية للمظفر ص55 .
(4) شرح عقائد الصدوق ص261 , ملحق بكتاب أوائل المقالات .
(5) الشيعة في الميزان لمحمد جواد مغنية , ص48 , دار الشروق ببيروت .
(6) تفسير الحسن العسكري ص162 .
(7) المصدر السابق .(10/175)
وقال أبو عبدالله ع : والله ما عُبد الله بشيء أحب إليه من الخبأ , فقلتُ : ما الخبء ؟ قال : التقية (1) , وقال ع : فإنه لا إيمان لمن لا تَقِيَّة له (2) .
وقال أبو جعفر ع : التَقِيَّة من ديني ودين آبائي , ولا إيمان لمن لا تَقِيَّة له (3) .
وقال الخميني : إن الأنبياء لم يفضلهم الله على بقية خلقه إلا بتقيتهم للناس (4) .
التعليق :
هذه النصوص الماضية يسندها علماء الشيعة إلى أئمتهم علي - رضي الله عنه - ( الشهيد سنة 40 ) وابنه الحسين - رضي الله عنه - ( الشهيد سنة 61 ) وأبي جعفر ( المولود سنة 57 والمتوفى سنة 114 ) وأبي عبدالله ( المولود سنة 80 والمتوفى سنة 148 ) فهم عاشوا في فترة عزِّ الإسلام والمسلمين , وإلاَّ فأي حاجة إلى التَقِيَّة في ذلك الزمن , إلا إذا كان الدين المُتَّقَى به غير الإسلام , نعوذ بالله من ذلك ؟ .
س 99/ما حكم ترك التَقِيَّة عند علماء المذهب الشيعي ؟ .
ج/ أنَّ تاركها كتارك الصلاة (5) .
ثمَّ زادوا في النصيب فقالوا : إنَّ تركها من الموبقات التي تُلقي صاحبها قعر جهنم , وهي توازي جحد النبوة , والكفر بالله العظيم (6) .
__________
(1) معاني الأخبار لابن بابويه ص162 , ووسائل الشيعة ج11/462 .
(2) أصول الكافي ج2/219 .
(3) الكافي ج1/174 وج2/218-219 , وتفسير العياشي ج1/214 وج2/351 , وتفسير البرهان ج1/309 .
(4) المكاسب المحرمة للخميني ج2 /163 .
(5) من لا يحضره الفقيه ج2/80 , وجامع الأخبار ص110 كلاهما لابن بابويه القمي , ووسائل الشيعة ج7/94 , والسرائر لابن إدريس الحلي ص479 , وبحار الأنوار ج75/412-414 .
(6) المكاسب المحرمة للخميني ج2/162 .(10/176)
ثمَّ زادوا في النصيب فقالوا : إنَّ تسعة أعشار الدين في التَقِيَّة , ولا دين لمن لا تَقِيَّة له (1) .
ثمَّ زادوا في النصيب فقالوا : بأنَّ تركها ذنبٌ لا يُغفر أبداً (2) , ورووا أنَّ أبا عبدالله ع قال : إنكم على دين , من كتمه أعزَّهُ الله , ومن أذاعه أذله الله (3) .
وأخيراً : بأنَّ تارك التقية كافر (4) .
التعليق :
إنَّ هذه النصوص وغيرها تدل على أنَّ هناك كتماناً وتَقِيَّة من علماء المذهب الشيعي لعامتهم , وأنَّ ذلك الكتمان واجبٌ على علمائهم وإذاعته كفر , وذلك لعدم تحمل عقول كثير من شيعتهم وقلوبهم لأخبار وعقائد مذهبهم الشيعي , وهذا مما يدعو عموم شيعتهم لكره مذهبهم الشيعي والنفور منه .
وعن سفيان السمط قال : قلت لأبي عبدالله : جعلت فداك إنَّ رجلاً يأتينا من قبلكم يُعرف بالكذب فيحدث بالحديث فنستبشعه , فقال أبو عبدالله ع : يقول لك إني قلت لليل إنه نهار أو للنهار إنه ليل , قال : لا , قال : فإن قال لك هذا أني قلته فلا تكذب به , فإنك إنما تكذبني (5) .
فهذا النص وغيره كثير , يدل على أن من الشيعة من يستبشع روايات علمائهم عن الأئمة , ولكنهم يُلزمونه بالإيمان الأعمى بها .
__________
(1) أصول الكافي ج2/217 , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج11/460 , وبحار الأنوار ج75/423 .
(2) انظر : تفسير الحسن العسكري ص130 , ووسائل الشيعة ج11/474 , وبحار الأنوار ج75/415 .
(3) أصول الكافي ج1/222 , وج2/222 , ووسائل الشيعة ج16/235 , وبحار الأنوار ج72/72 , والمحاسن ج1/257 .
(4) الاعتقادات لابن بابويه ص114-115 , وانظر : أصول الكافي ج2/220 .
(5) بحار الأنوار ج2/211-212 , وانظر : بصائر الدرجات الكبرى للصفار ص537 .(10/177)
رووا عن جابر قال : قال أبو جعفر ع قال رسول الله ص : إنَّ حديث آل محمد صعب مستصعبٌ , لا يؤمن به إلا ملك مقرب , أو نبي مرسل , أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان , فما ورد عليكم من حديث آل محمد ص فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه , وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى العالم من آل محمد , وإنما الهالك أن يحدث أحدكم بشيء منه لا يحتمله , فيقول والله ما كان هذا , والله ما كان هذا , والانكار هو الكفرُ (1) .
س 100/ متى تُترك التقية عند علماء الشيعة ؟ .
ج/ التقية ملازمة للشيعي ما دام في ديار المسلمين , فعلماء الشيعة يُسمُّون دار الإسلام : دار التقية ؟ رووا : والتقية في دار التقية واجبة (2) .
ويُسمُّون دار الإسلام أيضاً : بدولة الباطل ؟ .
رووا : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر , فلا يتكلم في دولة الباطل إلا بالتقية (3) .
ويُسمون دار الإسلام أيضاً : بدولة الظالمين ؟ .
رووا : التقية فريضة واجبة علينا في دولة الظالمين , فمن تركها فقد خالف دين الإمامية وفارقه (4) , وأوجبوا معاشرة أهل السنة بالتقية (5) .
تناقض :
لقد رووا : فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا (6) , لماذا ؟ .
__________
(1) الكافي ج1/401 , وبحار الأنوار ج2/189 , وبصائر الدرجات ص20 , والخرائج والجرائح للراوندي ج2/792 .
(2) جامع الأخبار ص110 , بحار الأنوار ج75/411 .
(3) جامع الأخبار ص110 , بحار الأنوار ج75/412 .
(4) بحار الأنوار ج75/421 .
(5) وسائل الشيعة ج11/470 .
(6) أعلام الورى للطبرسي ص408 , وإكمال الدين ص210 , ووسائل الشيعة ج11/465 , وانظر : أصول الكافي ج1/217 .(10/178)
أجاب شيخهم المعاصر محمد باقر الصدر لأنَّ تركها يؤدي : إلى بطء وجود العدد الكافي من المخلصين الممحصين , الذين يُشكل وجودهم أحد الشرائط الأساسية للظهور (1) .
س 101/ لماذا نُشاهد بعض الشيعة يُصلِّي خلف أئمة المسجد الحرام والمسجد النبوي ؟ .
ج/ أصدر علماء الشيعة هذه الرواية : من صلَّى معهم في الصف الأول , فكأنما صلَّى مع رسول الله في الصف الأول (2) .
وعلَّق إمامهم الخميني بقوله : ولا ريب أنَّ الصلاة معه - صلى الله عليه وسلم - صحيحة ذات فضيلة جمة , فكذلك الصلاة معهم حال التقية (3) .
ورووا : من صلَّى خلف المنافقين بتقية , كان كمن صلَّى خلف الأئمة (4) .
س 102/ هل ما زالت التقية تؤدِّي دورها الخطير في المذهب الشيعي ؟ .
ج/ نعم , لا يزال الأثر العملي للتَقِيَّة يؤدي دوره الخطير في جوانب عديدة منها :
أولاً : أن عقيدة التَقِيَّة استغلها دعاة التفرقة بين الأمة والزندقة من شيعتهم , استغلوها لإبقاء الخلاف بين المسلمين , وذلك برد الأحاديث الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , والآثار المنقولة عن أئمتهم الموافقة لها , ردُّوها بحجة أنها تَقِيَّة لموافقتها لما عند أهل السنة ؟ .
__________
(1) تاريخ الغيبة الكبرى لمحمد باقر الصدر ص353 .
(2) بحار الأنوار ج75/421 .
(3) رسالة في التقية ص108 .
(4) جامع الأخبار ص110 , ومن غرائبهم : أنَّ من مبطلات الصلاة عندهم , وضع اليد اليمنى على اليسرى حال القيام , إلا عن تقية ( تحرير الوسيلة ج1/280 للخميني ) .(10/179)
فمثلاً الأحاديث الواردة في الثناء على الصحابة - رضي الله عنهم - , قالوا بأنها تَقِيَّة ... وتزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - لابنتيه من عثمان بن عفان وأبي العاص بن الربيع - رضي الله عنهم - أجمعين , تَقِيَّة , وتزويج علي ابنته أم كلثوم لعمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - , تَقِيَّة ..... (1) .
ثانياً : جعل علماؤهم عقيدتهم في التَقِيَّة هي المخرج من الاختلافات والتناقض في أخبارهم وأحاديثهم , فإنَّ ظاهرة التناقض في أحاديثهم كانت أقوى الدلائل على أنها من عند غير الله تعالى : ? ? - الله الله أكبر ? - - - الله ?? - - الله الله الله أكبر - الله - الله - الله ? - الله ? - - ?? - - ? - ? - - صدق الله العظيم ? - ? الله ? الله ? - الله } ??- جل جلاله -? - جل جلاله - - ?- جل جلاله -? - } صدق الله العظيم - الله أكبر الله الله أكبر ?? - ?- جل جلاله - - - - المحتويات - ? - - الله - الله ? - ? - جل جلاله -? - - جل جلاله -? - - الله أكبر الله أكبر ? - الله أكبر الله أكبر - ?- جل جلاله - - { الله أكبر الله أكبر - - - - - } - - جل جلاله - - الله } ? } - - { .
ولقد كشف شيخهم هاشم البحراني : ما يُعانيه الشيعة من الحيرة والاظطراب في روايات أئمتهم , وبأي الأقوال يأخذون , أو يتوقفون , أو يُخيِّرون أتباعهم , أم ماذا يفعلون بهذه الروايات المتعارضة المتناقضة , فجَعلت التقية كما يقول البحراني : مناط الأحكام لا تخلو من شوب وريب وتردد , لكثرة الاختلافات في تعارض الأدلة , وتدافع الأمارات (2) .
القاصمة :
__________
(1) فروع الكافي الذي بهامش مرآة العقول ج2/10 .
(2) درة نجفية للبحراني ص61 .(10/180)
لقد كان الاختلاف الكثير في أخبار علماء الشيعة من أسباب ترك كثير من الشيعة للتشيع , بل وحتى من علمائهم , كما اعترف بذلك شيخهم الطوسي في زمنه فكيف بزماننا الآن ... ؟؟؟ .
ولقد تألم الطوسي لِمَا آلت إليه أحاديثهم من الاختلاف والتباين والمنافاةِ والتضادِّ , حتى لا يكاد يتفقُ خبرٌ إلا وبإزائه ما يضادُّهُ , ولا يسلمُ حديثٌ إلا وفي مقابلته ما يُنافيه , حتى عدَّ مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا .. (1) .
وكذلك اشتكى أيضاً شيخهم الفيض الكاشاني من اختلاف طائفته فقال : تراهم يختلفون في المسألة الواحدة على عشرين قولاً , أو ثلاثين قولاً , أو أزيد , بل لو شئتُ أقول : لم تبق مسألة فرعية لم يختلفوا فيها , أو في بعض متعلقاتها (2) .
ثالثاً : قال علماؤهم كما تقدم بعصمة الأئمة , وأنهم لا ينسون ولا يسهون ولا يخطئون , مع أنَّ كتبهم المعتمدة حفظت ما يخالف ذلك , فقال علماؤهم حينئذ بالتَقِيَّة , للمحافظة على دعواهم عصمة أئمتهم , تلك العصمة التي بسقوطها يسقط المذهب الشيعي بأكمله .
رابعاً : انبثق من عقيدتهم في التَقِيَّة , مبدأ وجوب مخالفة أهل السنة وأنَّ فيه الهداية , وأنَّ ما ورد عن أئمتهم من موافقة أهل السنة , إنما هو من باب التَقِيَّة ؟ .
رووا عن أبي عبدالله ? : إذا ورد عندكم حديثان مختلفان , فخذوا بما خالف القوم (3) .
وفي رواية : فخذوا بأبعدهما من قول العامة أي أهل السنة (4) .
__________
(1) تهذيب الأحكام للطوسي , المقدمة 2-3 ج1/2 , ومستدرك الوسائل للنوري ج3/719 , والذريعة ج4/504 .
(2) الوافي المقدمة ص9 .
(3) أي : أهل السنة , انظر : بحار الأنوار ج2/233 , ووسائل الشيعة ج27/118 .
(4) جوابات أهل الموصل للمفيد ص14 .(10/181)
فعلامة إصابتهم للحق هو مخالفة ما عليه أهل السنة , حتى ولو وافق قول أهل السنة القرآن الكريم وكلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - , كما هو واضحٌ في اعتقاد علماء المذهب الشيعي ؟؟ .
س 103/ ما هي الرجعة , ولمن تكون , وما عقيدة علماء الشيعة فيها ؟ .
ج/ الرجعة هي : رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة , وعودتهم إلى الحياة بعد الموت , في صورهم التي كانوا عليها (1) .
والراجعون إلى الدنيا في اعتقادهم هم :
النبيُّ الخاتم , وسائر الأنبياء , والأئمة المعصومون , ومن محَّض في الإسلام , ومن محَّض في الكفر دون الطبقة الجاهلية , المعبَّر عنها بالمستضعفين (2) .
وأما عن عقيدتهم فيها :
فقد قال المفيد : واتفقت الإمامية : على وجوب رجعة كثير من الأموات (3) .
وأصدروا هذه الرواية : ليس منا من لم يؤمن بكرتنا (4) .
ونقل شيخهم المجلسي أنهم : أجمعوا على القول بها في جميع الأعصار (5) .
بل هي من ضروريات مذهبهم (6) .
__________
(1) أوائل المقالات للمفيد ص51 و95 .
(2) دائرة المعارف العلوية لجواد تارا ج1/253 .
(3) أوائل المقالات ص51 .
(4) من لا يحضره الفقيه ج3/291 , ووسائل الشيعة ج7/438 , وتفسير الصافي ج1/347 , وعقائد الاثني عشرية ص240 .
(5) بحار الأنوار ج53/92 .
(6) عقائد الاثني عشرية للزنجاني ص239 , والايقاظ من الهجعة ص60 .(10/182)
وقال الطبرسي والحر العاملي وابن المظفر وغيرهم : بأنَّ الرجعة موضع إجماع جميع الشيعة الإمامية (1) , وقد حكم علماء الشيعة على أنَّ منكر الضروري عندهم : أنه كافر (2) !! .
التعليق :
__________
(1) مجمع البيان ج5/252 لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي المتوفى سنة 548هـ , والإيقاظ من الهجعة للعاملي ص33 , وتفسير نور الثقلين لعبدالله بن جمعة الحويري ج4/101 , وبحار الأنوار ج53/123 , وعقائد الإمامية ص113 .
(2) انظر مثلاً : الاعتقادات للمجلسي ص90 , ومهذب الأحكام للسيزواري ج1/388-393 , والشيعة في الميزان ص14 .(10/183)
لقد أبطل الله تعالى الرجعة بقوله : ? - عليه السلام - - ? بسم الله الرحمن الرحيم - - الله أكبر الله - - - - - تمهيد - - ? - - الله أكبر الله - - ? - ? الله - الله - - - - ? - ?? الله أكبر الله ? - ? - - الله ? - الله الله أكبر ? - - - الله } - ?? - ?- جل جلاله - - صدق الله العظيم } - - } - - { ?? بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله -? الله ? - ? - ? الله ? صدق الله العظيم ? - - - - - - - جل جلاله -? - الله أكبر الله أكبر الله ? - الله ? - - جل جلاله -? - ? - صدق الله العظيم } الله - الله الله أكبر - - - - ? - - ? - الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? تمهيد - - - ? الله ?- جل جلاله -? - ? الله ? - ? - - الله ? الله أكبر ? تمهيد - ? - - الله الله أكبر ? ?- جل جلاله -? الله ? ? - ? تمهيد - ? - - الله } الله ? - ? - الله } ? - الله أكبر الله الله أكبر - - عليه السلام -? - ? - تمهيد - - جل جلاله - - ?? الله أكبر الله الله أكبر ? الله ?? - الله أكبر - الله ? صدق الله العظيم الله أكبر - - الله أكبر ? ? - وقال تعالى : ( ( بسم الله الرحمن الرحيم - - - صلى الله عليه وسلم - - } - (- صلى الله عليه وسلم -- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ( - - - - - عليه السلام - - ( - فهرس - ( - - صلى الله عليه وسلم - - المحتويات ( - فهرس - ( تمهيد - - - (( } تم بحمد الله ( تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( { ( - - - ( المحتويات ( - } - - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - ( - - - ( { - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - ( - - رضي الله عنه - - (((( ( .(10/184)
س 104/ لماذا يُرجع جميع الأنبياء والمرسلين في اعتقاد علماء المذهب الشيعي ؟ .
ج/ لكي يُصبحوا جنوداً يُقاتلون تحت راية علي - رضي الله عنه - ؟! رووا لم يبعث الله نبياً ولا رسولاً إلا ردَّ جميعهم إلى الدنيا , حتى يُقاتلوا بين يدي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين - عليه السلام - (1) .
س 105/ متى يكون حساب الخلق يوم القيامة , ومن الذي يتولى الحساب في اعتقادهم ؟ .
ج/ يكون قبل يوم القيامة !! قال أبو عبدالله : إنَّ الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة : الحسين بن علي - عليه السلام - , فأما يوم القيامة , فإنما هو بعث إلى الجنة , وبعث إلى النار (2) .
تعارض :
قال تعالى : ? ?? تمهيد - - ?? - ? - - - الله { - جل جلاله - - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - عليه السلام -? - ? الله ? - ? الله - جل جلاله - الله أكبر الله أكبر - الله } ?? الله أكبر - ? الله ?? - - - ? { الله أكبر ? - - ? } - - - { ? الله الله ? الله أكبر - الله الله ? تمهيد - - - الله ? الله أكبر صدق الله العظيم - - ? الله ? ? - ? الله - - - الله أكبر { - جل جلاله - - ? } - تمهيد { .
س 106/ من أول من قال بالرجعة , وكيف دخلت هذه العقيدة على المذهب الشيعي ؟ .
ج/ هو المؤسس الأول للمذهب الشيعي : عبدالله بن سبأ اليهودي , كما نطقت بذلك كتبهم , حيث قال برجعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ .
__________
(1) بحار الأنوار ج53/41 .
(2) بحار الأنوار ج53/43 .(10/185)
ثم تحوَّل الأمرُ إلى القول برجعة أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - , فلمَّا بلغه نعي أمير المؤمنين عليٌ - رضي الله عنه - قال للذي نعاه : كذبت , لو جئتنا بدماغه في سبعينَ صُرَّة , وأقمت على قتله سبعين عدلاً لعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل , ولا يموت حتى يملك الأرض ... (1) .
ثم تطوَّر الأمر أيضاً حتى قالت أكثر فرق المذهب الشيعي , والبالغة أكثر من ثلاثمائة فرقة , برجعة إمامها ! .
فمثلاً فرقة من الكيسانية , ينتظرون الإمام محمد بن الحنفية - رضي الله عنه - , ويزعمون أنه حيٌ محبوسٌ بجبل رضوى إلى أن يُؤذن له بالخروج ! .
وكذا فرقة المحمدية ينتظرون إمامهم : محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - , ولا يصدقون بقتله ولا بموته (2) .
س 107/ ما هو البداء , وما عقيدة علماء الشيعة فيه , ومن هو أول من قال به منهم ؟ .
ج/ البداء في اللغة عند شيخهم المجلسي له معنيان : الأول : الظهور والانكشاف , الثاني : نشأة الرأي الجديد (3) والبداء في الأصل عقيدة يهودية ضالة ! ؟ ومع ذلك فإن اليهود يُنكرون النسخ , لأنه في اعتقادهم يستلزم البداء (4) .
وانتقل الاعتقاد في البداء : إلى فرق السبئية من الشيعة , فكلهم يقولون بالبداء , إن الله تبدو له البداوات (5) تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
والقول بالبداء من أصول عقائد الشيعة :
__________
(1) المقالات والفرق لسعد القمي ص21 , والنوبختي في فرق الشيعة ص20 .
(2) المقالات والفرق للقمي ص27-43 .
(3) بحار الأنوار ج4/114-122 .
(4) انظر : سفر التكوين , الفصل السادس , فقرة : 5 , وسفر الخروج , الفصل 32 , فقرة 12-14 , وسفر قضاة الفصل الثاني فقرة 18 , وغيرها كثير , وانظر : مسائل الإمامة لعبدالله الناشئ الأكبر ص75 .
(5) أبو الحسين الملطي في التنبيه والرد ص19 .(10/186)
عن أبي عبدالله قال : ما عُبد الله بشيء , مثل البداء (1) ولو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر , ما فتروا من الكلام فيه ... (2) .
وهي موضع اتفاق بين علماء الشيعة :
حيث : اتفقوا على إطلاق لفظ البداء في وصف الله تعالى (3) .
وَتَحَمَّلْ أخي المسلم : قراءة ما نسبوه إلى الإمام أبي الحسن من قوله : بدا لله في أبي جعفر ع ما لم يكن يعرف .. (4) .
التعليق :
__________
(1) أصول الكافي : كتاب التوحيد , باب البداء , وذكر فيه : ستة عشر حديثاً منسوبة للأئمة ج1/146 , وبحار الأنوار ج4/107 كتاب التوحيد : باب البداء , وذكر فيه سبعين حديثاً , والتوحيد لابن بابويه , باب البداء ص332 .
(2) الكافي ج1/148 , وبحار الأنوار ج4/108 , والتوحيد لابن بابويه القمي الملقب بالصدوق ص334 .
(3) أوائل المقالات للمفيد ص46و51 .
(4) أوائل المقالات للمفيد ص46و51 .(10/187)
يا علماء الشيعة : ( - } تم بحمد الله ( - ( - - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - - - ( - - - جل جلاله - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (((( ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - { فهرس - - } - ( - - - عليه السلام - قرآن كريم ((- صلى الله عليه وسلم - - (((( ( بسم الله الرحمن الرحيم - - - صلى الله عليه وسلم - - } - (- صلى الله عليه وسلم -- رضي الله عنه - - - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - رضي الله عنه - - فهرس - - رضي الله عنهم - } ( - - - - رضي الله عنهم -(( - - رضي الله عنهم - - - المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم (- رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - - - { - - - رضي الله عنه - - (( (((( - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - { ( - - - - صدق الله العظيم ( - - (( - - جل جلاله - - قرآن كريم ( الله أكبر - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - { { ( - } ( - - - - } صدق الله العظيم - - عليه السلام - - ( - (((( ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ( - - رضي الله عنه - - - عليه السلام - - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ((( - - } - - - - جل جلاله - - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - الله أكبر (((( { المحتويات ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - ( - - ((( - - { - - (( ( المحتويات ( تمهيد ( - ( - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - } صدق الله العظيم - - رضي الله عنه - - ( - ( { (((( ( - - - - عليه السلام -- صلى الله(10/188)
عليه وسلم - - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - عليه السلام -(( - - } - - - الله ( - - - ( - (((( } - قرآن كريم ( - ( - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - { - ( { ( تم بحمد الله الله - ( - ( - - } صدق الله العظيم - - رضي الله عنهم -((( (((( ( .
إنَّ عقيدتكم هذه والتي تقولون : بأنه لم يُعبد الله بمثلها ... تستلزم وصفكم الله تعالى بالجهل , تعالى الله عن ذلك , أمَّا عن وصفكم يا علماء الشيعة لأئمتكم : فافتريتم أنَّ أبا عبدالله ع قال : إنَّ الإمام إذا شاء أن يَعلم عَلِمَ (1) .
القاصمة :
روى ابن بابويه عن منصور بن حازم قال : سألت أبا عبدالله : هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله تعالى بالأمس ؟ قال : لا , من قال هذا فأخزاه الله , قلت : أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله , قال : بلى قبل أن يخلق الخلق (2) .
وحسب علماء الشيعة عاراً وفضيحة , أن ينسبوا إلى الله جل وعلا هذه العقيدة , على حين أنهم يبرؤون ويُنزهون منها أئمتهم , نسأل الله العافية .
س 108/ ما سبب قولهم بعقيدة البداء , مع مخالفتها للنقل من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة ؟ .
__________
(1) أصول الكافي في كتاب الحجة ج1/258 .
(2) أصول الكافي ج1/148 رقم 10 .(10/189)
ج/ قال شيخهم سليمان بن جرير : إنَّ أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين لا يظهرون معهما من أئمتهم على كذبهم أبداً , وهما القول بالبداء , وإجازة التقية , فأما البداء : فإنَّ أئمتهم لما أحلوا أنفسهم من شيعتهم محل الأنبياء عليهم السلام من رعيتها في العلم فيما كان ويكون , والإخبار بما يكون في الغد , وقالوا لشيعتهم : إنه سيكون في غد وفي غابر الأيام : كذا وكذا , فإن جاء ذلك الشيء على ما قالوه , قالوا لهم : ألم نعلمكم أن هذا يكون , فنحن نعلم من قبل الله عز وجل ما علمه الأنبياء , وإن لم يكن ذلك الشيء الذي أخبروا به على ما قالوا , اعتذروا لشيعتهم بقولهم : بدا لله في ذلك (1) .
فمثلاً : زعم علماء الشيعة لأئمتهم علم الآجال والأرزاق والبلايا والأعراض والأمراض , ويشترط لهم فيه البداء (2) , فالبداء حيلة ليستروا به كذبهم إذا أخبروا خلاف الواقع .
وقد أمر علماء الشيعة أتباعهم بمقتضى هذه العقيدة , بالتسليم بالتناقض والاختلاف والكذب , فرووا أنَّ إمامهم عندما أخبر بخلاف الواقع , قال : إذا حدثناكم بشيء فكان كما نقول , فقولوا : صدق الله ورسوله , وإن كان بخلاف ذلك فقولوا : صدق الله ورسوله تؤجروا مرتين .. (3) .
س 109/ ما هي عقيدة علماء الشيعة في الغيبة , ومن أول من أحدثها ؟ .
ج/ قال شيخهم عبدالله فياض : الغيبة من العقائد الأساسية عند الإمامية (4) .
فعلماء الشيعة يعتقدون : أن الأرض لا تخلوا من إمام لحظة واحدة !! .
روى شيخهم الكليني عن أبي عبدالله ع قال : لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت (5) .
__________
(1) المقالات والفرق لسعد القمي ص78 , وفرق الشيعة للنوبختي ص65 .
(2) تفسير القمي ج2/290 , بحار الأنوار ج4/101 .
(3) تفسير القمي ج1/310-311 , بحار الأنوار ج4/99 .
(4) تاريخ الإمامية ص165 .
(5) الكافي ج1/179 .(10/190)
ورووا : عن أبي جعفر ع قال : لو أنَّ الإمام رُفع من الأرض ساعة , لماجت بأهلها , كما يموج البحر بأهله (1) .
وذلك أن الإمام عندهم هو الحجة على أهل الأرض (2) , فلا حجة عندهم سواه , حتى كتاب الله تعالى , ليس حجة بدون الإمام لأن القرآن لا يكون حجة إلا بقيِّم (3) .
والقيِّم : هو أحد أئمتهم الاثني عشر كما هو معلوم من نصوصهم العقدية .
وأول من أحدثها باعتراف علماء الشيعة : إمامهم الأول : عبدالله بن سبأ اليهودي , الذي قال بالوقف على علي - رضي الله عنه - وغيبته (4) .
س 110/ ولنا أن نسأل علماء الشيعة فنقول : أين إمامكم اليوم ؟ .
ج/ لقد توفي الحسن العسكري إمامهم الحادي عشر سنة 260هـ بلا عقب (5) .
واعترفت كتبهم الشيعية بأنه : لم يُرَ له خلف , ولم يُعرف له ولدٌ ظاهر , فاقتسم ما ظهر من ميراثه أخوه جعفر وأمه (6) .
واضطرب علماء شيعتهم بعد وفاة الحسن بلا ولد , وتفرَّقوا فيمن يخلفه فرقاً شتى حتى بلغوا : أربع عشرة فرقة كما قاله النوبختي (7) , والمفيد (8) , أو خمسة عشر فرقة أو أكثر كما قاله القمي (9) , أو إلى عشرين فرقة كما قاله المسعودي (10) .
__________
(1) بحار الأنوار ج23/34 .
(2) الكافي ج1/188 , والخرائج والجرائح للراوندي ج1/115 , والفضائل لشاذان ص73 , وقرب الإسناد للحميري ص132 .
(3) الكافي ج1/168و188 , ووسائل الشيعة ج27/176 , وبحار الأنوار ج23/17 , وعلل الشرائع للقمي ج1/192.
(4) المقالات والفرق للقمي ص19-20 , وفرق الشيعة للنوبختي ص22 .
(5) كتاب الغيبة للطوسي ص258 .
(6) المقالات والفرق للقمي ص102 , وفرق الشيعة للنوبختي ص96 .
(7) فرق الشيعة ص96 .
(8) الفصول المختارة للمفيد ص258 , يتحدث فيه مؤلفه عن حواراته مع أهل السنة بزعمه .
(9) المقالات والفرق ص102 .
(10) مروج الذهب ج4/190 .(10/191)
حتى إنَّ بعض علمائهم قال : إنَّ الإمامة قد انقطعت ... (1) .
وقيل : قد بطلت بعد الحسن وارتفعت الإمامة (2) .
وكاد أن يكون موت الحسن بلا عقب , نهاية المذهب الشيعي والشيعة والتشيع , حيث سقط عموده وهو : الإمام .
ولكنَّ ( فكرة غيبة الإمام ) كانت هي القاعدة التي قام عليها كيانهم بعد أن تصدَّع , وأمسك بنيانهم عن الانهيار أمام عوامهم , لهذا أصبح الإيمان بغيبة ( ابن للحسن العسكري ) هو المحور الذي تدور عليه عقائدهم , ودان بذلك أكثر شيعتهم بعد التخبط والاضطراب , فلم يكن لعلماء الشيعة ملجأ إلا ذلك , أي إلا فكرة القول بغيبة الإمام حفاظاً على دسائسهم في مذهبهم الشيعي من الانهيار ؟؟ .
وإذا كان شيخ شيوخ الشيعة الأول :
ابن سبأ اليهودي , هو الذي وضع عقيدة ( النص على علي - رضي الله عنه - بالإمامة ) التي هي أساس تشيعهم ؟ .
فإن هناك ابن سبأ آخر , هو الذي وضع البديل ( لفكرة الإمامة ) بعد انتهائها حسياً بانقطاع نسل الحسن , أو أنه واحد من مجموعة وضعت هذه الفكرة , لكنه هو الوجه البارز لهذه الدعوى , هذا الرجل هو : أبو عمر عثمان بن سعيد العمري الأسدي العسكري , المتوفى سنة 280 (3) زعم : أنَّ للإمام الحسن ولداً قد اختفى وعمره أربع سنوات (4) .
وقال شيخهم المجلسي : أكثر الروايات على أنه أقل من خمس سنين بأشهر , أو بسنة وأشهر (5) ؟! .
__________
(1) المقالات والفرق للقمي ص108 , وكتاب الغيبة للطوسي ص135 .
(2) بحار الأنوار ج37/21 , والفصول المختارة ص320 .
(3) الغيبة للطوسي ص 214 .
(4) الغيبة للطوسي ص258 .
(5) بحار الأنوار ج25/103و123 .(10/192)
على الرغم من أن هذا الولد كما تعترف كتبهم الشيعية , لم يظهر في حياة أبيه الحسن ولا عرفه الجمهور بعد وفاته (1) , ولكنَّ هذا الرجل ( أي عثمان ) هو الذي يزعم أنه يعرفه , وأنه وكيله في استلام أموال شيعتهم والإجابة عن أسئلتهم ؟ .
ومن الغريب أنَّ علماء الشيعة يزعمون أنهم لا يقبلون إلا قول معصوم , حتى إنهم رفضوا الإجماع بدون المعصوم , وها هم يقبلون في أهم عقائدهم الشيعية دعوى رجل غير معصوم , وقد ادَّعى مثل دعواه آخرون , وكل منهم يزعم أنه الباب للغائب , وكان النزاع بين هؤلاء المرتزقة شديداً , وكل واحد منهم يُخرج توقيعاً , يزعم أنه صدر من الغائب المنتظر , يلعن فيه الآخرين ويكذبهم , وقد ذكر بعضهم الطوسي في مبحث بعنوان : ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية لعنهم الله (2) .
بل لقد رفض عثمان ومن معه : البوح باسم هذا الولد المزعوم , أو ذكر مكان وجوده – وذلك في بادئ الأمر – فعن أبي عبدالله الصالحي قال : سألت أصحابنا بعد مضي أبي محمد الحسن العسكري , أسأل عن الاسم والمكان , فخرج الجواب : إنْ دللتم على الاسم أذاعوه , وإن عرفوا المكان دلوا عليه (3) .
وقد روى الكليني : صاحب هذا الأمر , لا يُسميه باسمه إلا كافر ولما قيل : كيف نذكره ؟ قال قولوا : الحجة من آل محمد صلوات الله وسلامه (4) .
ويبدوا أن عملية كتمان اسمه ومكانه , ما هي إلا محاولات لستر هذا الكذب , إذ كيف يأمر علماؤهم بكتمانه وهم أنفسهم يقولون : من لم يعرف الإمام , فإنما يعرف ويعبد غير الله (5) .
__________
(1) الارشاد للمفيد ص345 .
(2) الغيبة للطوسي ص244 .
(3) الكافي للكليني ج1/181 .
(4) أصول الكافي ج1/333 .
(5) أصول الكافي ج1/333 .(10/193)
وعقيدة الغيبة كما نادى بها عثمان , نادى بها من بعده ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان ( ت304هـ أو 305هـ ) فانقسم الشيعة عدَّة انقسامات , فلعن بعضهم بعضاً , وتبرأ بعضهم من بعض , وكان السبب : هو الطمع في جمع الأموال (1) , ثم عيَّن محمد بن عثمان من بعده أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي , فأحدث هذا التعيين نزاعاً كبيراً بين المرتزقة , فانفصلوا وكثر التلاعن بينهم (2) .
وأخيراً وقطعاً للنزاع :
أوصى ابن روح بالبابية لعليِّ بن محمد السمري (3) .
واستمرَّ السمري في منصبه ثلاث سنوات , وأدركته : الخيبة , وشعر بتفاهة منصبه كوكيل معتمد للإمام الغائب , فلما قيل له وهو على فراش الموت , من وصيك من بعدك ؟ قال : لله أمر هو بالغه (4) .
وتُسمَّى فترة نيابة هؤلاء الأربعة عن المهدي الغيبة الصغرى .
وقد طوَّر علماء الشيعة عقيدة الغيبة , فبدلاً من أن تكون بيد واحد من علماء شيعتهم يلتقي بالإمام مباشرة , أعلنوا انقطاع الصلة المباشرة بالمهدي , وأصدرت الدوائر الاثنا عشرية توقيعاً منسوباً للمنتظر الموهوم , بأنَّ : كل مجتهد شيعي هو نائب عن الإمام , يقول التوقيع : وأما الحوادث الواقعة , فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا , فإنهم حجتي عليكم , وأنا حجة الله (5) .
ولماذا فعلوا ذلك ونسبوه للباب السمري ؟ .
__________
(1) الغيبة للطوسي ص245 .
(2) الغيبة للطوسي ص241 .
(3) بحار الأنوار ج51/107-108 و343 و345 و347-348 و352 و362 وج74/198 , والغيبة للطوسي ص244 .
(4) الغيبة للطوسي ص242 .
(5) مرآة العقول للمجلسي ج4/55 , ووسائل الشيعة للعاملي ج18/101 .(10/194)
قال أحد النواب عن المهدي وهو شيخهم أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني : ما دخلنا مع أبي القاسم الحسين بن روح في هذا الأمر , إلا ونحن نعلم فيما دخلنا فيه , فلقد كنا نتهارش على هذا الأمر , كما تتهارش الكلاب على الجيف (1) .
نعم , إنَّ مسألة ( غيبة الإمام ) وهي من أركان مذهبهم الشيعي , من المسائل التي حيَّرت كثيراً من علماء شيعتهم , لشكهم في أمره وطول غيبته , وانقطاع أخباره , وحُقَّ لهم ذلك ؟ .
يقول شيخهم ابن بابويه القمي : رجعت إلى نيسابور , وأقمت فيها فوجدت أكثر المختلفين عليَّ من الشيعة قد حيَّرتهم الغيبة , ودخلتْ عليهم في أمر القائم - عليه السلام - الشبهة ... (2) .
أيها القارئ المنصف العاقل :
هذا الشك في أمر منتظرهم في عصر شيخهم ابن بابويه القمي ( ت 381هـ ) فكيف يكون الشك الآن بعد مضي هذه القرون الطويلة ؟ .
س 111/ بماذا يُعلِّل علماء الشيعة سبب غيبة مهديهم المزعوم ؟ .
ج/ يعللون غيبته بأنه : يخاف القتل !! (3) .
وعن زرارة قال : إنَّ للقائم غيبة قبل ظهوره , قلت : لم ؟ , قال : يخاف القتل (4) .
التعليق :
كيف يقولون هذا الافتراء !! وهم يُلزمون عوامهم بأن يعتقدوا بأنَّ أئمتهم يعلمون متى يموتون , بل وكيف يموتون , بل ولا يموتون إلا باختيار منهم (5) .
وإذا كان منتظركم قد اختفى لخوفه على نفسه ! .
__________
(1) بحار الأنوار للمجلسي ج51/267-368 , وكتاب الغيبة للطوسي ص213-241 و391-392 .
(2) إكمال الدين وتمام النعمة لابن بابويه القمي ص2 , وبحار الأنوار للمجلسي ج1/73 .
(3) أصول الكافي ج1/337-338 .
(4) بحار الأنوار ج52/97 , وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج11/109 , وكتاب الغيبة للطوسي ص329 .
(5) انظر : أصول الكافي ج1/258 .(10/195)
فلم لم يظهر ساكن السرداب , ويُعلن نفسه عندما استولى آل بويه الشيعة على بغداد , وصيَّروا خلفاء بني العباس طوع أمرهم , وأزالوا بسيوف يأجوج ومأجوج دولة الإسلام , فهل كانت تلك الفرصة غير صالحة لأن يعجل الله فرجه ؟ .
لم لم يظهر عندما قام الشاه إسماعيل الصفوي , وأجرى من دماء أهل السنة أنهاراً ؟ .
لم لم يظهر عندما كان كريمخان الزندي , وهو من أكابر سلاطين إيران , يضرب على السكة اسم إمامهم ( صاحب الزمان ) ويعدُّ نفسه وكيلاً عنه ؟ .
لم لم يظهر اليوم وقد قامت دولة إمامهم الخميني , الذي يزعم النيابة عن المعصوم في كل شيء ؟!! .
وبعد , فلم لم يظهر حتى اليوم , وقد كمل عدد الشيعة أكثر من مائتي مليون (1) وأكثرهم من منتظريه ؟!! .
وكيف عاش هذه المدة الطويلة , ولَمَّا لم يمت حتى الآن , وإمامهم علي الرضا قال له رجل : إنَّ قوماً وقفوا على أبيك , ويزعمون أنه لم يمت , قال : كذبوا , وهم كفار بما أنزل الله عز وجل على محمد - صلى الله عليه وسلم - , ولو كان الله يمدُّ في أجل أحد , لَمَدَّ الله في أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2) .
س 112/ ما حكم علماء المذهب الشيعي فيمن أنكر خروج القائم ؟ .
ج/ رووا أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من أنكر القائم من ولدي فقد أنكرني (3) .
وقال شيخهم ابن بابويه القمي : ومثل من أنكر القائم - عليه السلام - في غيبته , مثل إبليس في امتناعه عن السجود لآدم (4) .
وقال لطف الله الصافي : والأخبار الواردة في فضيلة الانتظار كثيرة متواترة (5) .
وانتظار خروجه من غيبته من أصول دينهم :
__________
(1) الحكومة الإسلامية ص132 .
(2) رجال الكشي ص458 .
(3) بحار الأنوار ج51/73 .
(4) إكمال الدين ص13 .
(5) منتخب الأثر 499 .(10/196)
رووا أنَّ أبا جعفر قال : والله لأعطينك ديني ودين آبائي الذي ندين الله عز وجل به , شهادة أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله ص , والاقرار بما جاء به من عند الله , والولاية لولينا , والبراءة من عدونا , والتسليم لأمرنا , وانتظار قائمنا , والاجتهاد , والورع (1) .
س 113/ ما الفائدة التي جناها علماء الشيعة من اختراعهم : لعقيدة الغيبة ؟ .
ج/ الفائدة الكبرى هي : ارتداد أكثر شيعتهم عن دينهم ؟ .
لا تستغرب أيها القاريء , فهذا ليس من كلامي , ولكنه موجود في جفرهم المقدَّس ! حيث قال أحد أصحاب إمامهم جعفر الصادق : تأملتُ فيه مولد قائمنا , وغيبته , وإبطاءه , وطول عمى وبلوى المؤمنين من بعده في ذلك الزمان , وتولد الشكوك في قلوب الشيعة من طول غيبته , وارتداد أكثرهم عن دينه .. (2) .
س 114/ متى تجب صلاة الجمعة عند علماء الشيعة ؟ .
ج/ لا تجب حتى يخرج مهديهم من سردابه لكي يصلي بهم (3) ؟ .
واعترف بذلك بعض شيوخهم فقال : إنَّ الشيعة من زمان الأئمة كانوا تاركين للجمعة (4) .
س 115/ هل يجوز الجهاد قبل خروج مهدي علماء الشيعة ؟ .
ج/ رووا : القتال مع غير الإمام المفترض طاعته , حرام مثل الميتة , والدم ولحم الخنزير (5) .
س 116/ إذاً ما حكم المجاهدين الذين فتحوا بلاد الكفار على مرِّ التاريخ ؟ .
__________
(1) الكافي ج2/21-22 .
(2) كتاب الغيبة للطوسي ص105-106 .
(3) مفتاح الكرامة , كتاب الصلاة ج2/69 , وتحرير الوسيلة للخميني ج1/131 .
(4) نقل ذلك شيخهم الخالصي في كتابه الجمعة ص131 .
(5) فروع الكافي للكليني ج1/334 , وتهذيب الأحكام للطوسي ج2/45 , ووسائل الشيعة للعاملي ج11/32 .(10/197)
ج/ قال إمامهم : الويل يتعجلون , قتلة في الدنيا , وقتلة في الآخرة , والله ما الشهيد إلا شيعتنا , ولو ماتوا على فرشهم (1) .
س 117/ ما عقيدة علماء الشيعة فيما سيفعله إمامهم الثاني عشر المزعوم عند خروجه ؟ .
ج/ 1- الانتقام من أبي بكر وعمر وعائشة - رضي الله عنهم - :
لقد صرَّح علماء الشيعة بأن مهديهم المنتظر , يُحيي أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما , ثمَّ يصلبهما على جذع نخلة .
ويقتلهما كلَّ يوم ألف قتلة (2) , قالوا : ويُحَرِّق قائمهم الشيخان , وينسفهما في اليمِّ نسفاً , كما فعل موسى - صلى الله عليه وسلم - بالعجل , بل ويقتل كلَّ من أحبهما , ويُصنِّفون الأدعية التي يُدعى بها قائمهم المزعوم كلَّ يوم لكي يخرج , فينتقم منهما (3) .
وقال المجلسي : إذا ظهر المهديُّ , فإنه سيُحيي عائشة , ويُقيم عليها الحدَّ (4) .
2- وضع السيف في العرب :
روى النعماني : عن أبي عبدالله - عليه السلام - : ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح (5) .
وروى أيضاً : عن أبي عبدالله أنه قال : اتق العرب , فإن لهم خبر سوء , أَمَا إنه لم يخرج مع القائم منهم واحد (6) , وقال الطوسي : قال ع : لا يكون هذا الأمر حتى يذهب تسعة أعشار الناس (7) .
التعليق :
__________
(1) تهذيب الأحكام للطوسي ج2/42 .
(2) إيقاظ من الهجعة للعاملي ص287 .
(3) الصراط المستقيم ج2/252 , ومختصر الدرجات ص191 , والشيعة والرجعة ص139 للطبيسي , وتفسير البرهان ج3/220 .
(4) حق اليقين للمجلسي ص347 .
(5) بحار الأنوار ج52/349 , والغيبة للنعماني ص155 .
(6) بحار الأنوار ج52/333 , والغيبة للطوسي ص284 .
(7) الغيبة للطوسي ص146 , وبحار الأنوار ج52/244 .(10/198)
أفلا آن لكم يا شيعة العرب أنْ تعلموا أنَّ الذي اخترع وأسَّسَ دينكم هو : ابن سبأ اليهودي وإخوانه من المجوس , انظروا كيف يتوعدونكم بمهديهم إذا خرج بقتلكم كلِّكم ؟ .
وانظروا إلى ما اخترعه علماؤكم حول أصول ديانتهم الحقيقية , وهي المجوسية واليهودية , حيث روى علماء شيعتكم : أنَّ أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - قال عن ملك ديانتكم كسرى : إن الله قد خلَّصه من النار , وإن النار محرَّمة عليه (1) .
ولماذا يُعمِل مهديكم المزعوم سيفه فيكم ؟ ألئن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عربي , وأمير المؤمنين - رضي الله عنه - وجميع أئمتكم عرب , أليس مهديكم المزعوم عربي .. !! أم أنه من يهود فقهاء أصبهان !!؟ .
3- هدم المسجد الحرام , والمسجد النبوي , والحجرة النبوية :
روى شيخهم المجلسي : عن أبي عبدالله ع قال : القائم ع يهدمُ المسجد الحرام , حتى يردَّه إلى أساسه , ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى أساسه .. (2) .
وعندما تأخر مهديهم المزعوم من الخروج من مخبأه , نفَّذَ القرامطة قلع الحجر الأسود في غزوهم لمكة المكرمة عام 317هـ , ولكن لم يذهبوا به إلى ( قم ) بل ذهبوا به إلى البحرين , وبقي في حوزتهم ( 22 ) سنة !! .
ولماذا ؟ وأين ستكون قبلة الناس ؟ .
روى شيخهم الفيض الكاشاني : أنَّ أمير المؤمنين ع خطب في مسجد الكوفة فقال : يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عز وجل بما لم يحبُ به أحداً من فضل , مُصلاكم بيت آدم وبيت نوح وبيت إدريس ومصلى إبراهيم .. ولا تذهب الأيام والليالي حتى يُنصب الحجر الأسود فيه (3) .
__________
(1) بحار الأنوار للمجلسي ج41/4 .
(2) بحار الأنوار ج52/338 , وكتاب الغيبة للطوسي ص282و472 .
(3) الوافي للفيض الكاشاني ج1/215 , ومن لا يحضره الفقيه لابن بابويه ج1/231-232 , ووسائل الشيعة ج5/257 .(10/199)
وزعموا قول المهدي : وأجيء إلى يثرب , فأهدم الحجرة .. (1) .
قال شيخهم وآيتهم المعاصر حسين الخراساني : إنَّ طوائف الشيعة , يترقبون من حين لآخر , أنَّ يوماً قريباً آت , يفتح لهم تلك الأراضي المقدَّسة لمرة أخرى , ليدخلوها آمنين مطمئنين , فيطوفوا ببيت ربهم , ويؤدوا مناسكهم , ويزوروا قبور ساداتهم ومشايخهم .. ولا يكون هناك سلطان جائر يتجاوز عليهم بهتك أعراضهم , وذهاب حرمة إسلامهم , وسفك دمائهم المحقونة , ونهب أموالهم المحترمة , ظلماً وعدواناً , حقق الله تعالى آمالنا (2) .
وفي احتفال رسمي وجماهيري أُقيم في عبادان في 17/3/1979م تأييداً لثورة الخميني , ألقى أحد شيوخهم وهو : د/محمد مهدي صادقي , خطبة قال فيها : أُصرِّحُ يا إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها , أنَّ مكة المكرَّمة حرم الله الآمن , يحتلها شرذمة من اليهود (3) ووعدهم بفتحها .
ويَكثرُ في إعلام الدولة الخمينية : الصور المعبِّرة عن هذا الاعتقاد , ومنها : صورة تمثل الكعبة , وإلى جانبها المسجد الأقصى , وبينهما : يدٌ قابضة على بندقية , وتحتها تعليق نصُّه : سنحرر القبلتين (4) .
4- إقامة حكم آل داود (5) :
بوَّب شيخهم الكليني : بابُ في الأئمة أنهم إذا ظهر أمرهم , حكموا بحكم داود وآل داود , ولا يُسألون البينة وسُئل علي بن الحسين - رضي الله عنه - : بأي حكم تحكمون ؟ قال : حكم آل داود , فإن أعيانا شيء تلقانا به روح القدس (6) .
__________
(1) بحار الأنوار ج53/104-105 .
(2) الإسلام على ضوء التشيع للخراساني ص132-133 .
(3) أُذيعت هذه الخطبة من : صوت الثورة الإسلامية من عبادان , الساعة 12 ظهراً من يوم 17/3/1979م .
(4) مجلة الشهيد الإيرانية - لسان علماء الشيعة في قم - عدد ( 46 ) في 16/10/1400هـ .
(5) أي أنهم ينسخون الدين الإسلامي ويرجعون إلى دين اليهود !! .
(6) أصول الكافي ج1/398 .(10/200)
تعارض :
عن أبي عبدالله قال : وأن القائم يحكم بينهم مرة بحكم آدم , ومرة بحكم داود , ومرة بقضاء إبراهيم , وفي كل واحد منها يُعارُضهُ بعض أصحابه .. فيضرب أعناقهم , ثم يقضي الرابعة بقضاء محمد - صلى الله عليه وسلم - , فلا ينكر أحدٌ عليه (1) .
وقال أبو عبدالله : والله لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام , يبايع الناس على كتاب جديد , على العرب شديد (2) .
التعليق :
مساكين يا شيعة العرب , ومع ذلك تعترف رواياتكم السابقة , بأن أفعال القائم مهدي شيعتكم :
يُخرج كتاباً غير القرآن الموجود بين يدي الناس الآن ! .
وبأنه يسير في الناس خلاف سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي والحسن والحسين - رضي الله عنهم - ففي بحار الأنوار (3) : أنّ علياً والحسين ع يسيران بسيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وقد بُعث رحمة للعالمين , وأن القائم بُعث نقمة .. , وسُئل إمامهم الباقر : أيسير القائم بسيرة محمد ؟ فقال : هيهات ! إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سار في أمته باللين .. (4) .
فمقتضى هذا عند علماء الشيعة : أن القائم لا يسير بسيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي والحسن والحسين - رضي الله عنهم - ؟؟ أفلا يكون قائمكم المنتظر هو دولة يهود ( إسرائيل ) أو ( المسيح الدجال ) ؟ .
__________
(1) بحار الأنوار ج52/389 .
(2) بحار الأنوار ج52/135 , والغيبة للنعماني ص176و194 , والصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ج2/260 .
(3) ج52/314 .
(4) الغيبة للنعماني ص153 , بحار الأنوار ج52/353 .(10/201)
ولماذا حكم آل داود ؟ أليس إشارة إلى الأصول اليهودية للتشيع ؟ فقيام دولة إسرائيل لا بدَّ أنْ يسودها حكم آل داود , وإذا قامت دولة إسرائيل فإنَّ من أوائل أعمالها وضع السيف في المسلمين من العرب خاصة , وحلم دولة بني إسرائيل : هدم المسجد الحرام والمسجد النبوي , وأن يضعوا بدل القرآن كتاباً جديداً , وما يدَّعيه مؤسسي مذهب التشيع من أنَّ الأئمة اثني عشر , هو عدد أسباط بني إسرائيل , وكرهوا جبريل - عليه السلام - , والله سبحانه وتعالى : ? صدق الله العظيم ? - ? ? الله ? الله ? - - ? - الله - ? - - الله ? الله ?? - { } } - جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - سبحانه وتعالى - - ? بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - تمهيد - الله الله أكبر ? - سبحانه وتعالى - - ? - ? الله الله { الله الله أكبر ? - عليه السلام -? - ? الله ? ??- جل جلاله - - - ? الله أكبر - ? - ? - - - تمهيد - الله أكبر الله أكبر - جل جلاله - - - ?- جل جلاله - - - - - - الله أكبر الله أكبر ? بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله - - ?? - ? - الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله -? الله ? صدق الله العظيم - الله أكبر الله الله أكبر - - جل جلاله -? صدق الله العظيم الله أكبر ? الله - الله الله أكبر ? ? - - الله أكبر الله أكبر - ? الله ? - عليه السلام -? الله - { الله أكبر ? - الله أكبر - الله ? - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله -? صدق الله العظيم ? - ? - ?- جل جلاله -? } - - { ? الله ? الله ? - - ? - الله - ? - - الله ? - جل جلاله -? بسم الله الرحمن الرحيم - ?- جل جلاله - بسم الله الرحمن الرحيم ? - - جل جلاله -- جل جلاله -?- جل جلاله - - الله - تمهيد - ? - - الله أكبر - الله أكبر ? الله ? الله ? - - جل جلاله -- جل جلاله -?- جل جلاله(10/202)
-? الله أكبر - ? - } الله ? الله ? الله أكبر الله أكبر ? - } صدق الله العظيم } - - الله ? الله ? - الله أكبر ? - ? - - جل جلاله -? الله ? - عز وجل - - ? تمهيد - - الله الله أكبر ? الله - ? - - - الله تمت ? - - الله ? الله ?? - - الله أكبر - جل جلاله -? - الله أكبر - ? - ?- جل جلاله - بسم الله الرحمن الرحيم ? ? .
س 118/ هل ورد عن علماء الشيعة توقيت لخروج قائمهم ؟ .
ج/ نعم , ففي أصول الكافي (1) : أنَّ علياً - رضي الله عنه - سُئل : كم تكون الحيرة والغيبة ؟ قال : ستة أيام , أو ستة أشهر أو ست سنين , فقلت : وإنَّ هذا لكائن , فقال : نعم كما أنه مخلوق .. .
فلم يخرج ؟ فوقَّت علماؤهم ظهوره في السبعين من الغيبة ؟ فلم يخرج ؟ فغيروه إلى مائة وأربعين سنة ؟ ثمَّ أعلن علماؤهم بعد ذلك أنه لا وقت معين لخروجه ؟؟ .
وذلك بعد أن طال بهم الانتظار واستشبدَّت بهم الحيرة !! .
فروى الكليني نفسه عن أبي بصير عن أبي عبدالله ع قال : سألته عن القائم ع فقال : كذب الوقَّاتون , إنا أهل بيت لا نوقت ؟ (2) .
س 119/ما المخرج الذي خرجوا به أمام أتباعهم , من عقيدة وجوب انتظار مهديهم المزعوم ؟.
ج/ هي قولهم : بعموم ولاية الفقيه ؟ فافتروا عن أبي جعفر أنه قال : كلُّ راية تُرفع قبل راية القائم , فصاحبها طاغوت , وإن كان يدعو إلى الحق (3) .
واخترعوا توقيعاً , يُخولهم بعض صلاحيات مهديهم المزعوم : وأما الحوادث الواقعة , فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا , فإنهم حجتي عليكم , وأنا حجة الله (4) .
__________
(1) ج1/338 .
(2) أصول الكافي ج1/368 .
(3) الكافي بشرح المازندراني ج12/371 .
(4) مرآة العقول ج4/55 , ووسائل الشيعة ج18/101 , الاحتجاج ج2/469 , الخرائج والجرائح ج3/113 , الغيبة ص177 .(10/203)
فاستقرَّ الرأي عند علمائهم على أنَّ ولاية فقهائهم خاصة بمسائل الإفتاء وأمثالها , وأما الولاية العامة التي تشمل إقامة الدولة , فهي من خصائص الغائب حتى يرجع ! .
واستمروا على ذلك ! .
حتى ضجر الخميني من طول الانتظار لعلمه بخرافته , فقال : قد مرَّ على الغيبة الكبرى لإمامنا المهدي أكثر من ألف عام , وقد تمرُّ ألوف السنين .. (1) .
وقال الخميني عن نفسه وزملائه بأنهم هم الحجة على الناس , كما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - حجة الله عليهم , وكل من يتخلف عن طاعتهم , فإنَّ الله يؤاخذه ويحاسبه على ذلك (2) .
وقال : وعلى كل حال فقد فَوَّض إليهم - يعني زملاءه من فقهاء شيعته - الأنبياء جميع ما فُوِّض إليهم , وائتمنوهم على ما اؤتمنوا عليه (3) .
التعليق :
هذه شهادة خطيرة من آيتهم الخميني على فساد مذهب شيعته من أصله , وأنَّ إجماع طائفته كل القرون الماضية كان على ضلالة , وأنَّ عقيدتهم في النص على إمام معين أمرٌ فاسدٌ , أثبت التاريخ والواقع فساده بوضوح تام , وهاهم يضطرون للخروج عليه بعقيدة جديدة وهي : عموم ولاية الفقيه ! .
س 120/ما هي الحقيقة في انتساب علماء الشيعة لآل البيت ؟ .
ج/ قال أمير المؤمنين عليٌ ? : لو ميَّزت شيعتي لم أجدهم إلا واصفة , ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مرتدين , ولو تمحصتهم لما خلص من الألف واحد , ولو غربلتهم غربلة لم يبق منهم إلا ما كان لي , إنهم طال ما اتكوا على الأرائك فقالوا : نحن شيعة علي .. (4) .
__________
(1) الحكومة الإسلامية ص26 .
(2) الحكومة الإسلامية ص80 .
(3) الحكومة الإسلامية ص80 .
(4) الروضة من الكافي ج8/338 .(10/204)
وقال ? : يا أشباه الرجال ولا رجال , حلوم الأطفال , وعقول ربَّات الحجال , لوددتُ أني لم أركم ولم أعرفكم , معرفةً والله جرَّت ندماً , وأعقبت ذماً , قاتلكم الله ! لقد ملأتم قلبي قيحاً , وشحنتم صدري غيظاً .. (1) .
وقال الحسين ? في دعائه على شيعته : ثم رفع الحسين ع يده وقال : اللهم إنْ متَّعتهم إلى حين ففرِّقهم فرقاً , واجعلهم طرائق قدداً , ولا تُرض الولاة عنهم أبداً ؟ فإنَّهم دَعَوْنا لينصرونا , ثم عَدَوْا علينا فقتلونا (2) .
وقال - رضي الله عنه - لما طُعن : أرى والله معاوية خير لي من هؤلاء , يزعمون أنهم لي شيعة , ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي وأخذوا مالي , والله لأن آخذ من معاوية عهداً أحقنُ به دمي , وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني , فتضيع أهل بيتي وأهلي .. (3) .
ولما رأى زين العابدين نساء الكوفة ينتدبن مشققات الجيوب , والرجال معهن يبكون قال بصوت ضئيل وقد نهكته العلة : إنَّ هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم .. (4) .
وقالت زينب بنت علي ع : يا أهل الكوفة يا أهل الختل والغدر والخذلان .. ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون , أتبكون أخي ؟ أجل والله فابكوا , فإنكم أحرى بالبكاء , فابكوا كثيراً , واضحكوا قليلاً , فقد أبليتم بعارها , ومنيتم بشنارها .. وبؤتم بغضب من الله , وضُربت عليكم الذلة والمسكنة .. (5) .
وقال الباقر ع : لو كان الناس كلهم لنا شيعة , لكان ثلاثة أرباعهم لنا شكاكاً , والربع الآخر أحمق ... (6) .
__________
(1) الكافي ج5/5-6 .
(2) الارشاد للمفيد ص241 , ومثير الأحزان ص74 لابن نما الحلي , وإعلام الورى للطبرسي ص249 .
(3) الاحتجاج للطبرسي ج2/10و290 .
(4) الاحتجاج ج2/29و303-304 .
(5) بحار الأنوار ج45/162 .
(6) أصول الكافي ج1/496 .(10/205)
ولما جاء زعماء الشيعة إلى أبي عبدالله ع فقالوا له : إنا قد نُبزنا نبزاً أثقل ظهورنا وماتت له أفئدتنا , واستحلت له الولاة دمائنا في حديث رواه لهم فقهاؤهم , فقال أبو عبدالله ع : الرافضة ؟ قالوا : نعم , فقال ع : لا والله ما هم سمَّوكم , ولكن الله سمَّاكم به (1) .
وبوَّب المجلسي : فضل الرافضة ومدح التسمية بها , وذكر أربعة أحاديث (2) .
القاصمة :
عن أبي عبدالله ع قال : ما أنزل الله سبحانه آية في المنافقين إلا وهي فيمن ينتحل التشيع (3) .
س 121/ هل سلم آل البيت - رضي الله عنهم - من سبِّ وطعن علماء الشيعة , مع التمثيل لذلك ؟ .
ج/ لا ؟ بل لقد حكم علماء الشيعة بردَّة آل البيت كلهم , ما عدا علي بن أبي طالب !! .
فعن أبي جعفر ? قال : إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قُبض , صار الناس كلهم أهل جاهلية إلا أربعة : عليٌ , والمقداد , وسلمان , وأبو ذر .. (4) .
وقالوا : بتلعثم وتردُّد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في قبوله للإسلام , وطلبه من الرسول - صلى الله عليه وسلم - مهلة , وقال - رضي الله عنه - للرسول - صلى الله عليه وسلم - : إنَّ هذا دين مخالفٌ دين أبي , وأنا أنظر فيه (5) .
__________
(1) الكافي ج5/34 .
(2) البحار ج68/96-97 .
(3) رجال الكشي ص253-254 .
(4) تفسير العياشي ج1/199 , وتفسير البرهان ج1/319 , وتفسير الصافي للكاشاني ج1/305 , وبحار الأنوار ج22/333 .
(5) سعد السعود لابن طاوس ص216 .(10/206)
وفي بعض كتبهم (1) : تسمية سفيان بن ليلى للحسن بن علي - رضي الله عنه - : بمذلِّ المؤمنين ؟ لتنازله عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - .
بل ووثب عليه شيعته فانتهبوا فسطاطه وأخذوا متاعه , بل : وطعنه ابن بشير الأسدي في خاصرته !! فردوه جريحاً إلى المدائن (2) .
وقالوا عن جعفر بن علي : جعفر معلن الفسق , فاجر ماجن , شرِّيب للخمور , وأهتكهم لنفسه , خفيف , قليل في نفسه ... (3) .
وكان محدث الشيعة الشهير زرارة : يضرط في لحية أبي عبدالله ع !! (4) .
وأنَّ قول الله تعالى : ? المحتويات - ? - ? صدق الله العظيم - الله أكبر الله ? ?- جل جلاله -? - ?? - - - ?- جل جلاله - - - - - الله ? - الله درهم - سبحانه وتعالى - - ? الله - - ?? الله الله أكبر ? - الله ? الله ? - الله درهم - سبحانه وتعالى - - - ? - ? الله ?? الله الله أكبر ? ??- جل جلاله -? - - - الله ? - ? ?? - الله أكبر - ? - ??? - - - - - - جل جلاله -? الله الله أكبر - - ? - - ? } - - { نزلت في العباس - رضي الله عنه - عمِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (5) , وحكم الكليني على عبدالله بن عباس - رضي الله عنه - بالكفر (6) .
__________
(1) انظر : الاختصاص للمفيد ص82 , وبحار الأنوار للمجلسي ج10/105 , وج70/286 , وتحف العقول ص307 لحسن بن شعبة الحراني , وتنزيه الأنبياء ص169 للمرتضى علم الهدى علي بن الحسين , ودلائل الإمامة لابن رستم الطبري ص64 .
(2) رجال الكشي ص113 .
(3) الأصول من الكافي ج1/504 .
(4) رجال الكشي ص142 .
(5) رجال الكشي ص52-53 .
(6) أصول الكافي ج1/247 .(10/207)
وشكَّ زعماء الشيعة في ابن إمامهم الرضا ع هل هو ابنه أم لا , وعرَّضوا بزنى زوجته , ولم يقتنعوا حتى حكَّموا القافة , فحكمت القافة , فصدَّقوا بعد ذلك إمامهم الرضا !! (1) .
وروى الكليني في الفروع : أنَّ فاطمة ما كانت راضية بزواجها من علي .... وقالت : والله قد اشتدَّ حزني , واشتدت فاقتي , وطال سقمي (2) .
س 122/ كم عدد بنات النبي - صلى الله عليه وسلم - عند علماء الشيعة ؟ .
ج/ قال علماؤهم : ولدى التحقيق في النصوص التاريخية , لم نجد دليلاً على ثبوت بنوَّة غير الزهراء منهنَّ , بل الظاهر أنَّ البنات الأخريات , كنَّ بنات خديجة من زوجها الأول قبل محمد (3) .
س 123/ ما عقيدة علماء الشيعة في الطينة ؟ .
ج / يعتقدون بأنَّ : الشيعي خلق من طينة خاصة , والسني خلق من طينة أخرى , وجرى المزج بين الطينيتين بوجه معين , فما في الشيعي من معاص وجرائم , هو من تأثره بطينة السني , وما في السني من صلاح وأمانة , هو من تأثره بطينة الشيعي , فإذا كان يوم القيامة , فإنَّ سيئات وموبقات الشيعة توضع على أهل السنة , وحسنات أهل السنة تُعطى للشيعة (4) .
__________
(1) أصول الكافي ج1/322 .
(2) كشف الغمة في معرفة الأئمة للأربلي ج1/149 – 150 .
(3) دائرة المعارف الإسلامية الشيعية لحسين الأمين ج1/27 , وانظر : كشف الغطاء لجعفر النجفي ص5 .
(4) علل الشرائع للقمي ص490 – 491 , وبحار الأنوار ج5/247 – 248 , وانظر إلى ما عقده شيخهم الكليني بعنوان : باب طينة المؤمن والكافر , وذكر فيه سبعة أحاديث ( أصول الكافي ج2/2-6 ) وما زالت هذه الأحاديث السبعة في ازدياد وتولَّد !! حتى بلغت في عهد المجلسي إلى سبعة وستين حديثاً ج5/225-276 , وما زالت تتولد حتى عصرنا الحاضر ؟!! .(10/208)
وقال الجزائري : إنَّ أصحابنا قد رووا هذه الأخبار بالأسانيد المتكثرة في الأصول وغيرها , فلم يبق مجال في إنكارها , والحكم عليها بأنها أخبار آحاد , بل صارت أخباراً مستفيضة , بل متواترة (1) .
التعليق :
كما قال إبليس : ( بسم الله الرحمن الرحيم - - رضي الله عنه - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( مقدمة ( - ( } تم بحمد الله (( - - رضي الله عنه - - ( { فهرس - - رضي الله عنهم - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - ( الله أكبر (( مقدمة - رضي الله عنه - - ( { فهرس - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - (((( (((( ( .
مقتطفات مضحكة :
* عن أبي عبدالله ? قال : في طين قبر الحسين الشفاء من كل داء , وهو الدواء الأكبر (2) .
* قال الصادق ع : السجود على طين قبر الحسين ع , يُنور إلى الأرض السابعة (3) .
* أفضل ما يفطر عليه الصائم وغيره , طين قبر الحسين ع (4) .
* حنكوا أولادكم بتربة الحسين ع , فإنها أمان (5) .
س 124 / ما عقيدة علماء الشيعة في أهل السنة , والذين يسمونهم بالنواصب والعامة .. ؟ .
ج / 1- تُجرى عليهم أحكام الإسلام في الظاهر فقط , وأجمعوا على أنهم من أهل النار :
__________
(1) السابق ج1/293 .
(2) كتاب المزار للمفيد ص 125و143 , ومن لا يحضره الفقيه ج2/599 , وتهذيب الأحكام ج6/74 , ووسائل الشيعة ج14/524 , وروضة الواعظين للنيشابوري ج2/411 , وكامل الزيارات ص275 , ومكارم الأخلاق للطبرسي ص167 .
(3) وسائل الشيعة للحر العاملي ج5/365 , ومن لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي ج1/268 .
(4) بحار الأنوار ج88/132 .
(5) كتاب المزار للمفيد ص144 .(10/209)
قال زين العابدين بن علي العاملي , الملقب عندهم بالشهيد الثاني ( ت 966هـ ) : إنَّ القائلين بإسلام أهل الخلاف يريدون .. صحة جريان أكثر أحكام المسلمين عليهم في الظاهر , لا أنهم مسلمون في نفس الأمر , ولذا نقلوا الإجماع على دخولهم النار (1) .
وقال المجلسي عن أهل السنة : ويظهر من بعض الأخبار , بل كثير منها : أنهم في الدنيا أيضاً في حكم الكفار .. وفي الآخرة يدخلون النار ماكثين فيها أبداً مع الكفار , وبه يُجمع بين الأخبار , كما أشار إليه المفيد والشهيد الثاني (2) .
2- أنهم كفار أنجاس بالإجماع : قال الجزائري : إنهم كفار أنجاس , بإجماع علماء الشيعة الإمامية , وإنهم شرٌّ من اليهود والنصارى .. (3) .
3- لا تجوز الصلاة عليهم ولا تحلُّ ذبائحهم : قال الخميني : ولا تجوز الصلاة على الكافر بأقسامه حتى المرتد , ومن حُكم بكفره ممن انتحل الإسلام كالنواصب .
وقال : فتحلُّ ذبيحة جميع فرق الإسلام , عدا الناصب وإن أظهر الإسلام (4) .
4- أنهم أولاد زنا : روى شيخهم وإمام علماء شيعتهم الكليني : عن أبي جعفر ع قال : والله إنَّ الناس كلهم أولاد بغايا , ما خلا شيعتنا (5) .
5- أنهم قردة وخنازير (6) .
__________
(1) بحار الأنوار ج8/368 .
(2) بحار الأنوار ج8/369-370 .
(3) الأنوار النعمانية ج2/206- 207 .
(4) تحرير الوسيلة ج1/79 ج2/146 .
(5) الروضة من الكافي للكليني ص135 .
(6) بحار الأنوار ج27/29-30 .(10/210)
6- وجوب قتل أهل السنة واغتيالهم : قلتُ لأبي عبدالله : ما تقول في قتل الناصب , قال : حلال الدم , لكني أتقي عليك , فإن قدرتَ أن تقلب عليه حائطاً , أو تغرقه في ماءٍ , لكيلا يُشهِد به عليك فافعل , قلتُ : فما ترى في ماله , قال : خذه ما قدرت (1) .
وفي رواية : .. وعليكم بالاغتيال (2) .
8- وجوب الاختلاف معهم : روى صدوقهم عن علي بن أسباط قال : قلتُ للرضا : يَحدثُ الأمرُ لا أجد بُدَّاً من معرفته , وليس في البلد الذي أنا فيه مَن أستفتيه من مواليك ؟ فقال : ائت فقيه البلد فاستفته في أمرك , فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه , فإنَّ الحقَّ فيه (3) .
ورووا : أنَّ الصادق قال في الحديثين المختلفين : اعرضوهما على أخبار العامة , فما وافق أخبارهم فذروه , وما خالف أخبارهم فخذوه (4) .
س 125 / هل ورد فضلٌ في المتعة , وما حكم من أنكرها عند علماء المذهب الشيعي ؟ .
ج / افتروا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من تمتَّع بامرأة مؤمنة , كأنما زار الكعبة سبعين مرَّة (5) .
وأنه - صلى الله عليه وسلم - قال : من تمتع مرَّة أمِن سخط الجبار , ومن تمتع مرتين حُشر مع الأبرار , ومن تمتع ثلاث مرَّات زاحمني في الجنان (6) .
__________
(1) المحاسن النفسانية لحسين آل عصفور البحراني ص166 , ووسائل الشيعة ج18/463 , وبحار الأنوار ج27/231 .
(2) المصادر السابقة , وقد نُشر في جريدة الشرق الأوسط في العدد 6865 يوم الأحد 13/5/1418هـ خبر : تلوث واردات دولة الإمارات العربية من الفستق الإيراني بمادة ( افلانوكسين ) السرطانية .
(3) تهذيب الأحكام ج6/294 , ووسائل الشيعة ج27/115 , وعلل الشرائع ج2/531 , ورسالة التعادل والترجيح ص82 .
(4) علل الشرائع للقمي ص531 , ووسائل الشيعة ج27/118 .
(5) كشف الأسرار للموسوي ص35 .
(6) من لا يحضره الفقيه ج3/366 .(10/211)
وروى سيدهم فتح الله الكاشاني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من تمتع مرة كانت درجته كدرجة الحسين , ومن تمتع مرتين فدرجته كدرجة الحسن , ومن تمتع ثلاث مرات كانت درجته كدرجة علي بن أبي طالب , ومن تمتع أربع فدرجته كدرجتي (1) .
وحكموا على من أنكر المتعة بالكفر ! قال شيخهم العاملي : لأنَّ إباحة المتعة من ضروريات مذهب الإمامية (2) , ومنكر الضروري في اعتقادهم كافر كما تقدَّم .
تناقض :
رووا أنَّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : حرَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر , لحوم الحمر الأهلية , ونكاح المتعة (3) , وسُئل أبو عبدالله ? عن المتعة فقال : لا تُدنِّس نفسك بها (4) .
س 126/ هل يجوز عند علماء الشيعة التمتع بالرضيعة وبالزانية , وبالمرأة وابنتها ؟ 0
ج/ نعم !! قال إمامهم الخميني : وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ , فلا بأس بها حتى في الرضيعة .
وقال في التمتع بالزانية : يجوز التمتع بالزانية على كراهية .. وإن فعل فليمنعها من الفجور (5) .
ولا بأس بالتمتع بالمرأة وأمها وأختها (6) .
س 127/ ما هو الخمس , وما عقيدة علماء الشيعة فيه ؟ .
__________
(1) منهج القاصدين للكاشاني ص356 .
(2) وسائل الشيعة ج7/441 .
(3) تهذيب الأحكام ج2/184 , ووسائل الشيعة ج7/441 .
(4) بحار الأنوار ج110/318 , ومستدرك الوسائل ج14/455 , والنوادر للأشعري ص87 .
(5) تحرير الوسيلة للخميني ج2/241 و 292 .
(6) قال ذلك شيخهم الموسوي في كشف الأسرار وتبرئة الأئمة الأطهار ص46 .(10/212)
ج/ الخمس ضريبة ادَّعاها علماء الشيعة لأئمتهم ؟ وأصدروا رواية تقول : الخمسُ لنا فريضة (1) .
ومن أسباب اختراع هذا الخمس : إغراء العلماء وطلبة العلم , باتباع مذهبهم الشيعي (2) .
و عن أبي بصير قال : قلتُ : ما أيسرَ ما يدخل به العبد النار ؟ قال : من أكل من مال اليتيم درهماً , ونحن اليتيم (3) .
فإنَّ في إخراجه مفتاح رزقكم (4) .
التعليق :
عن ضريس الكناني قال أبو عبدالله ع : أتدري من أين دخل على الناس الزنا ؟ فقلت : لا أدري , فقال : من قبل خمسنا أهل البيت , إلا لشيعتنا الأطيبين , فإنه محلل لهم ولميلادهم (5) .
وقد أثبت علماء الشيعة في كتبهم المعتمدة : أن أئمتهم أسقطوا خمسهم عن شيعتهم (6) .
ولكنَّ علمائهم آنذاك قيَّدوه بزمان الغيبة , حتى يخرج المهدي من مخبأه (7) ولن يخرج .
س 128/ نأمل منكم تلخيص تطوَّر الخمس لدى تُجَّار علماء المذهب الشيعي ؟ .
__________
(1) وسائل الشيعة للحر العاملي ج4/337 , ومن لا يحضره الفقيه ج1/13 , والخصال كلاهما لابن بابويه القمي ج1/139 , وتفسير العياشي ج7/39 , وتفسير البرهان للبحراني ج2/88 .
(2) انظر : أصول الكافي للكليني ج2/244 .
(3) وسائل الشيعة ج4/374 , ومن لا يحضره الفقيه ج1/13 , ومفتاح الكتب الأربعة لمحمود الموسوي ج11/259 .
(4) تهذيب الأحكام ج1/389 , و الاستبصار ج2/59 وكلاهما للطوسي , ووسائل الشيعة ج4/375 , والكافي ج1/547 , ومفتاح الكتب الأربعة ج11/257 .
(5) أصول الكافي ج2/502 .
(6) أصول الكافي ج2/268 و502 .
(7) شرائع الإسلام للحلي ص182-183 , والجامع للشرائع ليحيى بن سعيد الحلي ت690هـ ص151 , ومجمع الفائة وتفسير البرهان للشهيد الثاني ت966هـ ج4/355-358 , ومسالك الأفهام في شرح شرايع الإسلام ص68 للشهيد الثاني العاملي .(10/213)
ج/ الطور الأول : بعد انقطاع سلسلة الإمامة المزعومة , وغيبة المهدي المزعوم , وهو : أنَّ الخمس من حق الإمام الغائب فقط ؟! .
فقام أكثر من عشرين سارقاً !! وادعوا النيابة عن الإمام المزعوم المختفي , من أجل أخذ الخمس وإعطائه إليه في سردابه !! .
ثمَّ تطوَّر الأمر إلى الطور الثاني :
فحسدوا النواب على سرقاتهم , وقالوا بوجوب دفع الخمس ولكن لا للنواب , بل يُخرج ويدفن بالأرض ! حتى يخرج الإمام المختفي من سردابه فيأخذه .
ثمَّ تطوَّر إلى الطور الثالث :
فقالوا يجب دفع الخمس ولكن لا يُدفن , بل يجب أن يوضع عند رجل أمين , ولا تتوفر هذه الأمانة إلا في فقهائهم , الذين سيوصلونها للمهدي الغائب (1) .
ثمَّ تطوَّر إلى الطور الرابع :
وهو وجوب تسليم هذه الأخماس لفقهاء المذهب الشيعي , لا لحفظها بل لتوزيعها على من يرونه مستحقاً لها من فقراء آل البيت ! (2) .
ثم تطوَّر إلى الطور الخامس :
وهو أنَّ للفقهاء أن يصرفوا هذه الأخماس في الوجوه التي يرونها كنشر كتبهم , وأن يبدأ بأخذ حصته الكبرى منها أولاً ! (3) .
وخاصة أنَّ كلَّ فقهاء الشيعة يزعمون أنهم من آل البيت !!! .
وعندما تقاعس بعض أتباعهم عن إيداع هذه المبالغ في أرصدتهم , أصدروا رواية تقول :
ومن منع منه درهماً أو أقلَّ , كان مندرجاً في الظالمين لآل البيت , والغاصبين لحقهم , بل منْ كان مستحلاً لذلك , كان من الكافرين ... (4) .
وعظم التنافس بين علماء الشيعة في كيفية الحصول على أكبر عدد ممكن من هذه الأخماس , فكثرت الدعوة منهم علانية للتخفيضات الهائلة لمن يُسدِّد أولاً بأول !! .
__________
(1) المهذب للسبزواري ج8/180 .
(2) الوسيلة لابن حمزة ص682 .
(3) العروة الوثقى لمحسن الحكيم ج9/548 .
(4) العروة الوثقى ج2/366 .(10/214)
وكثرت المنافسات التجارية ( الشريفة !! ) بين علمائهم !! فهذا العالم يُنزِّل تخفيضاً بمقدار خمسين في المائة , وذاك أكثر .. وهكذا (1) .
وآخر ما وصلت إليه الأخماس في هذه السنوات الأخيرة : أن أصدروا فتاوى بأنَّ من أراد أن يحجَّ أو يعتمر , عليه أن يُقوِّم جميع ممتلكاته ويدفع خمسها إلى فقهاء شيعته , وإذا لم يفعل فحجه باطل !! (2) .
قاصمة القواصم :
عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله ع يقول : ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة (3) .
وختام القول في عقيدة علماء الشيعة في ضريبة أو ضرائب الخمس :
أنهم أخذوا هذه العقيدة اقتداءاً بعلماء النصارى في القرون الوسطى في التاريخ الأوربي , حين فرضوا على أتباعهم الإتاوات والعشور !؟ .
يقول النصراني ويلز : فرضت – يعني الكنيسة – ضريبة العشور على رعاياها , وهي لم تَدْعُ لهذا الأمر , بوصفه عملاً من أعمال الإحسان والبرِّ , بل طالبت به كحق (4) .
س 129 / ما عقيدة علماء المذهب الشيعي في البيعة ؟ .
ج/ رووا عن أبي جعفر أنه قال : كلُّ راية تُرفع قبل راية القائم فصاحبها طاغوت (5) .
__________
(1) كشف الأسرار للموسوي ص74 .
(2) كتاب مناسك الحج ص22 لشيخ مشايخهم في هذا العصر الذي يلقبونه بالإمام الأكبر أبو القاسم الموسوي الخوئي .
(3) من لا يحضره الفقيه ج1/13 , وتهذيب الأحكام ج1/384 , والاستبصار ج2/56 , ووسائل الشيعة ج4/338 .
(4) معالم تاريخ الإنسانية ج3/895 .
(5) الكافي بشرح المازندراني ج12/371 , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج15/92 , والغيبة للنعماني ص29 , وبحار الأنوار للمجلسي ج25/113 , ومستدرك الوسائل للنوري ج11/34 , وقال شارح الكافي : وإن كان رافعها يدعو إلى الحق .(10/215)
وأصدروا فيمن يتحاكم لمحاكم أهل السنة وولاتهم : من تحاكم إليهم في حق أو باطل , فإنما تحاكمَ إلى الطاغوت , وما يُحكم له فإنما يأخذ سُحتاً , وإنْ كان حقاً ثابتاً , لأنه أخذه بحكم الطاغوت (1) .
وقال الخميني معلِّقاً على هذا الحديث بقوله : الإمام نفسه , ينهى عن الرجوع إلى السلاطين وقضاتهم , ويعتبر الرجوع إليهم رجوعاً إلى الطاغوت (2) .
ويُفتي علماء الشيعة : بعدم جواز العمل لدى حكومات أهل السنة , إلا بشرط إضمار الكيد لها ولأهلها , ونفع شيعته , وإلا وقع فيما يُعادل الكفر بالله العظيم .. ؟!! .
فأصدروا رواية تقول : الدخول في أعمالهم , والعون لهم , والسعي في حوائجهم : عديل الكفر (3) .
س 130/ هل يجوز لأحد من الشيعة أن يُبايع أحداً من الأمراء قبل خروج قائمهم المزعوم ؟ .
ج/ إنَّ النصوص التي يرويها علماؤهم عن أئمتهم , تدعوا كل شيعي منذ أكثر من أحد عشر قرناً , أن لا يُبايع لخليفة من خلفاء المسلمين إلا تَقِيَّة , ويجب عليهم أن يجددوا البيعة للقائم كل صباح .
ومن أدعية علمائهم ( دعاء العهد ) وفيه : اللهم إني أُجدِّدُ له في صبيحة يومي هذا , وما عشت فيه من أيامي , عهداً وعقداً وبيعة له في عنقي , لا أحول عنها ولا أزول أبداً ... (4) .
وسبب ذلك : ما قاله شيخهم المعاصر محمد جواد مغنية : فمبدأ التشيع لا ينفصل بحال عن معارضة الحاكم إذا لم تتوفر فيه الشروط وهي : النص , والحكمة , والأفضلية .. ومن هنا كانوا يمثلون الحزب المعارض ديناً وإيماناً (5) .
س 131/ متى يجوز للشيعي العمل لدى خلفاء المسلمين ؟ .
__________
(1) الكافي للكليني ج1/67 , وتهذيب الأحكام للطوسي ج6/301 .
(2) الحكومة الإسلامية ص33-34 و74 .
(3) تفسير العياشي ج1/238 .
(4) مفتاح الجنان لعباس القمي ص538-539 .
(5) الشيعة والحاكمون لمحمد مغنية ص24 .(10/216)
ج/قال شيخهم الخميني : وطبيعي أن يَسمح الإسلام بالدخول في أجهزة الجائرين , إذا كان الهدف الحقيقي من وراء ذلك , هو الحدُّ من المظالم , أو إحداث انقلاب على القائمين بالأمر , بل إنَّ ذلك الدخول قد يكون واجباً , وليس عندنا في ذلك خلاف (1) .
وقال : إنََّ من التقية الجائزة دخول الشيعي في ركب السلاطين , إذا كان في دخوله الشكلي نصرٌ للإسلام ووالمسلمين , مثل دخول نصير الدين الطوسي (2) .
وقال شيخهم المعاصر عبدالهادي الفضلي : إنَّ التوطئة لظهور الإمام المنتظر تكون بالعمل السياسي عن طريق إثارة الوعي السياسي , والقيام بالثورة المسلحة (3) .
س 132/ لو ذكرتم لنا أبرز الفتوحات الإسلامية التي حققها الشيعة في التاريخ ؟ .
ج/ لم يفتحوا شبراً واحداً من ديار الكفر , بل سلَّموا ما استطاعوا عليه من بلاد المسلمين وعوراتهم للكفار من جميع الديانات , ويشهد لذلك التاريخ , فمن ذلك :
ما ذكره بعض علماء الشيعة : عن بعض ما فعله شيخه أبو طاهر القرمطي ببيت الله الحرام , والكعبة المشرفة , وحجاج بيت الله الحرام عام 317هـ .
فقد وصل حجاج بيت الله الحرام إلى مكة سالمين , وأتوا من كلِّ فجٍّ عميق , فما شعروا إلا بأبي طاهر القرمطي قد خرج عليهم يوم التروية , فانتهب أموالهم واستباح قتالهم , فقتل في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام , وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقاً كثيراً .
وجلس القرمطي على باب الكعبة , والحجاج يُصرعون حوله والسيوف تُعمل فيهم , وهو يقول :
أنا لله وبالله أنا يخـ ــلق الخلق وأفنيهم أنا
__________
(1) ولاية الفقيه للخميني ص142-143 .
(2) الحكومة الإسلامية للخميني ص142 .
(3) في انتظار الإمام للفضلي ص70 .(10/217)
وأمر القرمطي أن يُدفن القتلى في بئر زمزم , ودَفن كثيراً منهم في أماكنهم من الحرم وفي المسجد الحرام , وهدَم قبة زمزم , وأمر بقلع الكعبة , ونَزَعَ كسوتها عنها , وشقَّقَها بين أصحابه , وأمر رجلاً أن يصعد إلى ميزاب الكعبة فيقتلعه , فسقط على أمِّ رأسه فمات , فعند ذلك انكفَّ عن الميزاب .
ثمَّ أمر بأن يُقلع الحجر الأسود , فجاء رجل من جنوده فضرب الحجر الأسود بمثقل في يده وهو يقول : أين الطير الأبابيل , أين الحجارة من سجيل , ثمَّ قلع الحجر الأسود , وأخذوه معهم , فمكث عندهم ثنتين وعشرين سنة , ولم يُحج تلك السنة , حيث مُنع الناس من الوقوف بعرفة (1) .
وأيضاً : ما فعله شيخهم ابن العلقمي وزير الخليفة العباسي المستعصم , وكذا نصير الدين الطوسي , حيث اجتهد ابن العلقمي والطوسي في نقض الجيش الإسلامي , فطردا الكثير من الجيش الإسلامي ببغداد , حتى صار قوامه عشرة آلاف .
وكاتبا التتار , وأطمعاهما في أخذ بغداد , وكشفا لهم ضعف البلاد وعوراتها , ولما جاء جيش التتار , نهى ابن العلقمي الخليفة والمسلمين عن قتالهم , وأنَّ التتار ما جاؤا إلا لمصالحتهم , وأقنع الخليفة بالخروج إلى التتار ومعه خاصته من أجل الصلح , وأشار ابن العلقمي وأخاه الطوسي على التتار بعدم مصالحة المسلمين , بل وبقتل الخليفة ومن معه .
فقُتل الخليفة ومن معه جميعاً , ثمَّ مال التتار على بغداد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان , ولم يَنجُ أحدٌ من أهل بغداد إلا أهل الذمة من اليهود والنصارى !! ؟؟ .
__________
(1) انظر : كتاب المسائل العكبرية للمفيد ص84 -102 .(10/218)
فقتلوا ما يقارب المليون من المسلمين ببغداد , ولم يُرَ في الإسلام ملحمة مثل ملحمة الترك الكفار المُسمَّين بالتتر , وقتلوا الهاشميين , وسبوا نساءهم من العباسيين وغير العباسيين ... (1) .
وبعد ذلك نرى علماء الشيعة يُجلِّون شيخهم ابن العلقمي , وزميله الطوسي , ويَعدُّون فعلتهم بالمسلمين من عظيم مناقبهم , فوصف المجلسي شيخه نصير الدين الطوسي بقوله : وكان الشيخ الأعظم خواجة نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي , وزيراً للسلطان هولا كو (2) .
وقال الخميني : ويشعر الناس بالخسارة .. بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي وأضرابه ممَّن قدَّم خدمات جليلة للإسلام !! (3) .
وهذه الخدمات الجليلة , كشفها شيخه الخوانساري من قبله في قوله في ترجمة النصير الطوسي : ومن جملة أمره المشهور , المعروف المنقول حكاية استيزاره للسلطان المحتشم .. هلاكو خان .. ومجيئه في موكب السلطان المؤيد مع كمال الاستعداد إلى دار السلام بغداد , لإرشاد العباد وإصلاح البلاد .. بإبادة ملك بني العباس , وإيقاع القتل العام من أتباع أولئك الطغام , إلى أن أسال من دمائهم الأقذار , كأمثال الأنهار , فانهار بها في دجلة , ومنها إلى نار جهنم دار البوار (4) .
وهذا شيخهم الآخر : علي بن يقطين , وزير الخليفة الرشيد , قتل في ليلة واحدة من المسلمين خمسمائة مسلم .
__________
(1) مختصر أخبار الخلفاء ص136-137 لابن الساعي الشيعي , وانظر : أعيان الشيعة لمحسن الأمين ج1/305 .
(2) بحار الأنوار للمجلسي ج106/12 , وانظر : كشف اليقين ص80 للحسن بن يوسف بن علي المطهر الحلي المتوفى 726هـ.
(3) الحكومة الإسلامية ص128 .
(4) روضات الجنات في أحوال العلماء السادات , لمحمد باقر الخوانساري المتوفى سنة 1125هـ , ج6/300-301 , وانظر : وسائل الشيعة للحر العاملي ج3/483 , والكنى والألقاب لعباس القمي ج1/356 .(10/219)
قال شيخهم الجزائري : إنَّ في أخبارهم : أنَّ علي بن يقطين , وهو وزير الرشيد , قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين , فأمر غلمانه وهدموا أسقف الحبس على المحبوسين , فماتوا كلهم , وكانوا خمسمائة رجل تقريباً .. (1) .
س 133/ وأخيراً : هل علماء الشيعة يجتمعون معنا نحن أهل السنة على ربٍّ واحدٍّ , ونبيٍّ واحدٍّ - صلى الله عليه وسلم - , وإمامٍّ واحد ؟؟!!! .
ج/ أجاب إمامهم نعمة الله الجزائري بقوله : إنا لم نجتمع معهم – أي مع أهل السنة - على إلهٍّ , ولا على نبيٍّ , ولا على إمامٍّ , وذلك أنهم يقولوا : إنَّ ربَّهُمُ هو الذي كان محمداً نبيُّه , وخليفته بعده أبو بكر , ونحن لا نقول بهذا الرَّبِّ , ولا بذلك النَّبيِّ , بل نقول : إن الرَّبَّ الذي خليفة نبيِّه أبو بكرٍ ليس ربُّنا , ولا ذلك النبيُّ نبيُّنا (2) .
أخي المسلم : وبعد هذه الرحلة القصيرة في معرفة عقيدة الشيعة الإمامية , هل تظن أنَّه يُمكن
أن يكون هناك تقريبٌ بين عقيدتك وعقيدتهم ؟! (3) .
نسأل الله السلامة والعافية .
واعلم أخي المسلم :
__________
(1) الأنوار النعمانية للجزائري ج2/308 .
(2) الأنوار النعمانية ج2/ 278-279 .
(3) انظر : رسالتي ( حقيقة التقريب بين الفرق المنتسبة للإسلام ) راجعها وعلَّق عليها : شيخنا الإمام /صالح بن فوزان الفوزان , وشيخنا العلامة/عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي , وشيخنا ناصر السنة/محمد بن رزق السلمي , وغيرهم جزاهم الله خيراً .(10/220)
أنه لا لقاء بين أهل السنة وغيرهم من الفرق المبتدعة المنتسبة للإسلام , إلا وفق الأصول الشرعية التي نصَّت عليها الآية الكريمة , قال الله تبارك وتعالى : { ( - ( - - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - } - ( قرآن كريم - - - - رضي الله عنهم -( - - - - فهرس - ( { - { - رضي الله عنهم - - ( - - - { ( - - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام - - - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - - ( - ( - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - ((- رضي الله عنه - الله أكبر - صدق الله العظيم ( { { - - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ( - ((( - (( مقدمة ( - - - (( - - { - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ( - ( - - رضي الله عنه - - - - عليه السلام - - ((((- رضي الله عنه - - - ((((- رضي الله عنه - - - - - - - رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - تمت ( - - ( } - ( قرآن كريم { - - عليه السلام - قرآن كريم - - } - قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - ( } - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - ( { - - - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - - قرآن كريم ( - ( - ( - ( تم بحمد الله (((( } .
وهي توحيد الله تعالى ونبذ الإشراك به , وطاعته في الحكم والتشريع , وإتباع خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم .(10/221)
فيجب أن تكون هذه الآية شعار كل مجادلة بين أهل الإسلام وبين أهل الكتاب , وبين أهل السنة وغيرهم من الفرق المنتسبة للإسلام , وكل جهد يُبذل لتحقيق غير هذه الأصول فهو باطلٌ . . باطلٌ . . باطلٌ (1) .
إنَّ الشيعة اليوم وهي تتنادى بالتقارب , وتزعم أنه لا خلاف بينها وبين المسلمين , وتدعو أن يرجع المسلمون إلى كتبها في الحديث ..
فكيف يحتجُّ ويثق المسلمون بكتب الشيعة التي تواتر فيها الطعن في كتاب الله , وأنه ناقص ومحرَّف .. وكيف نجتمع مع الشيعة على كتاب الله على حسب تأويلهم المنحرف , وتفسيرهم الباطني , ثم كيف يُؤمن المسلمون بتلك الدعاوى الشيعية التي تزعم بنزول كتب إلاهية سماوية على أئمتهم بعد القرآن ..
كيف نجتمع مع الشيعة في السنة : وهم يزعمون أنَّ أقوال أئمتهم الاثنى عشر كأقوال الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - , وأنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - كتم جزءاً من الشريعة وأودعه أئمتهم , ويُؤمنون بحكايات الرقاع , ويبنون عليها دينهم , ويقيلون مرويات الكذبة والدجالين , ويطعنون في خيار الخلق بعد النبيين عليهم الصلاة والسلام .
كيف نجتمع مع الشيعة : وهم يقذفون زوجات رسول رب العالمين - صلى الله عليه وسلم - , أمهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ بالزنا , لعن الله من قال ذلك .
كيف نجتمع مع الشيعة : وهم يرفضون الإجماع , ويتعمدون مخالفة المسلمين , لأنَّ في مخالفة المسلمين الرشاد في اعتقادهم .
__________
(1) يُنظر : الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان للشيخ بكر أبو زيد شفاه الله تعالى ص29 .(10/222)
كيف نجتمع مع الشيعة : وهم يُكفِّرون جميع المسلمين , وعلى رأسهم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وعلى رأسهم الخلفاء الثلاثة - رضي الله عنهم - , وزوجات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1) .
كيف نجتمع مع الشيعة القائلين : إنا لم نجتمع معهم – أي مع أهل السنة - على إلهٍّ , ولا على نبيٍّ , ولا على إمامٍّ , وذلك أنهم يقولوا : إنَّ ربَّهُمُ هو الذي كان محمداً نبيُّه , وخليفته بعده أبو بكر , ونحن لا نقول بهذا الرَّبِّ , ولا بذلك النَّبيِّ , بل نقول : إن الرَّبَّ الذي خليفة نبيِّه أبو بكرٍ ليس ربُّنا , ولا ذلك النبيُّ نبيُّنا (2) .
لقد كانت دعوة التقريب بين أهل السنة والشيعة هي ( البدعة الكبرى ) التي أرادت أن تُعطي الكفر والضلال والإلحاد صفة الشرعية , واسم الإسلام .
وقد سبَّبت دعوة التقريب خسارة كبرى لأهل السنة , وضرراً كبيراً لا يتصوره إلا من وقف على عدد القبائل التي ترفضت بجملتها , فضلاً عن الأفراد , حتى تحولت العراق – مثلاً – بسبب هذه الدعوة من أكثرية سنية إلى أكثرية شيعية , وشيوخ الروافض يخططون لنشر الرفض بكل وسيلة تحت شعار التقريب , وبعد العراق بدأوا في كل بلاد العالم الإسلامي , واشتروا الأقلام – كما هو مشاهد في الصحف - وغروا ضعاف النفوس والإيمان , وخدعوا أصحاب الغفلة والجهل , وجعلوا منهم أبواق دعاية للرفض والروافض .
وبسبب دعوة التقريب : سكت أكثر علماء أهل السنة عن بيان باطل الحوار والتسامح مع الروافض وغيرهم , وإيضاح الحق .
وباسم الحوار والتقريب : وُجدت كتب ونشرات ورسائل الرافضة وغيرهم من المبتدعة في مكتبات أهل السنة .
__________
(1) مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة لشيخنا ناصر القفاري وفقه الله تعالى ج1/375-390 بتصرف .
(2) الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ج2/ 278-279 .(10/223)
وباسم الحوار : أصبح علماء الرافضة وغيرهم يتحركون وسط بلاد السنة بيسر وسهولة , وينشرون كتبهم , ويستضيفهم بعض الجهلة وأرباب الدنيا في بلاد السنة لإلقاء محاضراتهم .
فهل ينتبه الذين سقطوا في فتنة التقريب , فما أكبر وأخطر مسؤليتهم , ألا يقرأون كتب الروافض العقدية والحديثية المعتبرة عندهم ... فإن كانوا مخلصين فسيرجعون عن هذه البدعة فوراً , وإن كانت الأخرى : فبأس ما قدَّمت لهم أنفسهم .. (1) .
وإنَّ الدعوة للتقريب والتسامح مع الفرق المبتدعة هو من الضلال المبين ، والغش والتدليس للمسلمين ... وهذه جادة الأخسرين أعمالاً ، وقد فضح الله المنافقين بها ، وهتك أستارهم فيها في مواضع من كتابه ، منها في صدر سورة البقرة ؛ إذ قالوا لتأييد إفسادهم : ? المحتويات - - الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر ? - تمهيد - - ? صدق الله العظيم الله أكبر مقدمة ?? - - ?? - - - جل جلاله -? صدق الله العظيم ? - ? ? } - - { فكذبهم الله بقوله : ? - - الله درهم - - - ?? - ? بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - تمهيد - - ? - ? الله ?? - - - جل جلاله - { - ? - ? - ? - - ?- جل جلاله -? - الله أكبر - ? الله ? - ? - درهم الله ?? - - - ? { الله أكبر ? الله الله أكبر ? ? } - - { .
__________
(1) مسألة التقريب لشيخنا ناصر القفاري وفقه الله تعالى ج2/278-281 بتصرف .(10/224)
ولما صَدُّوا عما أنزل الله تعالى حكى الله عنهم اعتذارهم : ? الله الله ? الله أكبر - ??? - ? - - الله - الله ?? - ?- جل جلاله -? مقدمة ? مقدمة صدق الله العظيم ? - - جل جلاله - - ? - - - - جل جلاله - - ?? تمهيد - - - - الله الله أكبر ? صدق الله العظيم - الله } - - - - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - - الله أكبر الله أكبر ? - الله أكبر الله { صدق الله العظيم - - تمهيد - - } الله أكبر ? - الله أكبر - جل جلاله - الله أكبر ??? الله الله أكبر - الله ? ? } تمهيد - { .
فالواجب ردُّ الباطل والأهواء المضلة بالكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة من الصحابة - رضي الله عنهم - فمن تبعهم بإحسان .
ولا نرى مثل هذا التوجه إلى نصرة التقريب ، وإدخاله في الإسلام ، إلا من السقوط في الفتنة ? - - درهم - - - ? - جل جلاله -? الله الله أكبر ? صدق الله العظيم - - جل جلاله -? - ? - - - المحتويات - ? الله أكبر ? الله ? - الله أكبر الله أكبر الله أكبر ? ? (1) .
أيها المسلم : إنَّ هذه الدعوة بجذورها ، وشعاراتها ، ومفرداتها ، هي من أشدِّ ما ابتُليَ به المسلمون في عصرنا هذا ..
وهذه الدعوة الآثمة ، والمكيدة المهولة ، قد اجتمعت فيها بلايا التحريف ، والانتحال ، وفاسد التأويل ، فلا ولاء ، ولا براء ، ولا تقسيم للملأ إلى مسلم وكافر أبداً ، فضلاً عن سني وبدعي , ولا لتعبدات الخلائق إلى حق وباطل , ونصبوا لذلك مجموعة من الشعارات , وصاغوا له كوكبة من الدعايات ، وعقدوا له المؤتمرات ، والندوات ، والجمعيات ، والجماعات ، إلى آخر ما هنالك من مخططات وضغطوط ، ومباحثات ظاهرة ، أو خفية ، معلنة ، أو سرية ، وما يتبع ذلك من خطوات نشيطة ، ظهر أمرها وانتشر , وشاع واشتهر .
__________
(1) درء الفتنة للشيخ بكر أبو زيد ص8 بتصرف .(10/225)
وإنَّ هذه الأمة المرحومة ، أمة الإسلام ، لن تجتمع على ضلالة (1) .
ولا يزال فيها - بحمد الله - طائفة ظاهرة على الحق ، حتى تقوم الساعة (2) ، من أهل العلم والقرآن ، والهدى والبيان ، تنفي عن دين الله تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، فكان حقاً علينا وعلى جميع المسلمين : التعليم ، والبيان ، والنصح ، والإرشاد ، وصد العاديات عن دين الإسلام , ومن حذَّر فقد بشَّر (3) .
ومن أراد الله سعادته جعله يعتبر بما أصاب غيره فيسلك مسلك من أيده الله ونصره ، ويجتنب مسلك من خذله الله وأهانه … (4) .
__________
(1) لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنَّ الله لا يجمع أمتي - أو قال - أمةَ محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالةٍ , ويدُ الله مع الجماعة رواه الترمذي , ب7/ما جاء في لزوم الجماعة , ح2167 , وصححه الألباني في المشكاة ج3/11 , وأما لفظ : لا تجتمع أمتي على ضلالة فقد ضعفه العيني في عمدة القاري ج2/52 .
(2) لقوله صلى الله عليه وسلم : لا يزال من أمتي أمةٌ قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم , ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك رواه البخاري رقم 3442 ومسلم باب 53 حديث 1037 رحمهما الله تعالى .
(3) الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان للشيخ بكر أبو زيد شفاه الله تعالى ص11 .
(4) مجموع الفتاوى35/388 .(10/226)
اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نُفتن (1) .
__________
(1) من دعاء ابن أبي مليكة رحمه الله تعالى ( رواه البخاري ح6641 باب/ما جاء في قول الله تعالى : ? المحتويات - ? - ? بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر - - - الله ? - ? الله ? الله أكبر الله أكبر صدق الله العظيم - - جل جلاله -? - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم الله الله ? الله } - - ? - الله أكبر - الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - المحتويات - ? - ? - ? - ?? صدق الله العظيم ? الله أكبر ??- جل جلاله -? - - ? الله أكبر - عز وجل - - الله أكبر الله أكبر ? - - الله - ? وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحذِّر من الفتن , ومسلم ح2293 باب/إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته .(10/227)
قال أصحاب السماحة والفضيلة رئيس وأعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية برئاسة سماحة الشيخ/عبدالعزيز بن عبدالله بن باز , وسماحة نائبه/عبدالرزاق عفيفي رحمهما الله تعالى , وعضوية فضيلة الشيخ/عبدالله بن قعود , وفضيلة الشيخ/عبدالله الغديان وفقهما الله تعالى , في الفتوى رقم ( 7807 ) : إنَّ الدروز والنصيرية والإسماعيلية , ومن حذا حذوهم من البابية والبهائية قد تلاعبوا بنصوص الدين , وشرعوا لأنفسهم ما لم يأذن به الله , وسلكوا مسلك اليهود والنصارى في التحريف والتبديل , اتباعاً للهوى , وتقليداً لزعيم الفتنة الأول : عبدالله بن سبأ الحميري رأس الابتداع والإضلال والإيقاع بين جماعة المسلمين , وقد عمَّ شره وبلاؤه وافتتن به جماعات كثيرة فكفروا بعد إسلامهم , وتمكنت بسببه الفرقة بين المسلمين , فكانت الدعوة إلى التقارب بين هذه الطوائف وجماعة المسلمين الصادقين دعوة غير مفيدة , وكان السعي في تحقيق اللقاء بينهم وبين الصادقين من المسلمين سعياً فاشلاً , لأنهم واليهود والنصارى تشابهت قلوبهم في الزيغ والإلحاد والكفر والضلال والحقد على المسلمين والكيد لهم , وإن تنوَّعت منازعهم ومشاربهم واختلفت مقاصدهم وأهواؤهم , فكان مثلهم في ذلك مثل اليهود والنصارى مع المسلمين , ولأمرٍ ما سعى جماعة من علماء الأزهر المصريين مع القُمِّي الإيراني الرافضي في أعقاب الحرب العالمية الثانية , وجدّوا في التقارب المزعوم , وانخدع بذلك قلة من كبار العلماء الصادقين ممّن طهرت قلوبهم , ولم تعركهم الحياة , وأصدروا مجلة سمّوها : ( مجلة التقريب ) وسرعان ما انكشف أمرهم لمن خُدع بهم , فباء أمر جماعة التقريب بالفشل , ولا عجب , فالقلوب متباينة , والأفكار متضاربة , والعقائد متناقضة , وهيهات هيهات أن يجتمع النقيضان , أو يتفق الضدان (1) .
__________
(1) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2/133-134 .(10/228)
وسُئل سماحة الشيخ / عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى : س7 : من خلال معرفة سماحتكم بتاريخ الرافضة ، ما هو موقفكم من مبدأ التقريب بين أهل السنة وبينهم ؟ .
ج7 : التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة غير ممكن , لأن العقيدة مختلفة ، فعقيدة أهل السنة والجماعة توحيد الله وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى ، وأنه لا يدعى معه أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل , وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الغيب ، ومن عقيدة أهل السنة : محبة الصحابة رضي الله عنهم جميعاً والترضي عنهم , والإيمان بأنهم أفضل خلق الله بعد الأنبياء , وأن أفضلهم أبو بكر الصديق ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي ، رضي الله عن الجميع ، والرافضة خلاف ذلك , فلا يمكن الجمع بينهما ، كما أنه لا يمكن الجمع بين اليهود والنصارى والوثنيين وأهل السنة ، فكذلك لا يمكن التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة لاختلاف العقيدة التي أوضحناها .
س8 : وهل يمكن التعامل معهم لضرب العدو الخارجي كالشيوعية وغيرها ؟ .
ج8 : لا أرى ذلك ممكناً ، بل يجب على أهل السنة أن يتحدوا وأن يكونوا أمة واحدة وجسداً واحداً , وأن يَدْعُوا الرافضة أن يلتزموا بما دلَّ عليه كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم من الحق ، فإذا التزموا بذلك صاروا إخواننا وعلينا أن نتعاون معهم ، أما ما داموا مصرِّين على ما هم عليه من بغض الصحابة وسبِّ الصحابة إلا نفراً قليلاً , وسب الصديق وعمر , وعامة أهل البيت كعلي - رضي الله عنه - وفاطمة والحسن والحسين ، واعتقادهم في الأئمة الاثني عشرة أنهم معصومون وأنهم يعلمون الغيب , كل هذا من أبطل الباطل , وكل هذا يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة (1) .
__________
(1) مجموع فتاوى سماحته رحمه الله تعالى ج5/130-131 .(10/229)
وإنَّ حال الدعاة إلى التقريب من الفرق المبتدعة هم كما قال الله تعالى : ? - - - - تمهيد - الله ? ?? الله أكبر ?? - ? - ? المحتويات - - ? - الله أكبر ? - الله الله أكبر ? - بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله ? - - ? - - - - تمهيد - الله ? المحتويات - ?? - ? الله - المحتويات - ? - ?? الله ? - ? الله أكبر ? صدق الله العظيم - - ? الله ? الله ?- جل جلاله -? - الله الله أكبر ? - - - ? - - الله ?- جل جلاله -? - - جل جلاله -?? صدق الله العظيم - الله ?? - ? - - ? .
اللهم إني قد بينتُ ونصحتُ في هذا كلَّ مسلم قدَّر نفسه حق قدرها , مؤمناً بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ، فأذعنَ للحق ، اللهم فاشهد (1) .
وإنني أدعو مشايخي وإخواني طلبة العلم إلى بذل الجهد في التحذير من البدع والإحداث في الدين , وخاصة بدعة التقريب بين الأديان , وبين الفرق المنتسبة للإسلام .
فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قامَ خطيباً , فكان فيما قال : ألا , لا يَمنعنَّ رجلاً هيبةُ الناسِ , أنْ يقولَ بحقٍّ إذا علمهُ , قال : فبكى أبو سعيد , وقال : قد والله ! رأينا أشياءَ فَهِبْنَا (2) .
__________
(1) كتاب الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان للشيخ بكر أبو زيد شفاه الله تعالى ص28-29 بتصرف يسير .
(2) رواه الإمام أحمد ح11516 , وابن ماجة ح4007 ب/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , والترمذي ح2191 ب/ما جاء ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بما هو كائن إلى يوم القيامة , وصححه الألباني في الصحيحة رقم 168 .(10/230)
وقال - صلى الله عليه وسلم - : عليكم بسنتي وسنةِ الخلفاء الراشدينَ المهديينَ , تَمسَّكوا بها , وعَضُّوا عليها بالنواجذِ , وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ , فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ , وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ (1) .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : ما ابتدعَ قومٌ بدعةً إلا نزَعَ الله عنهم من السُّنةِ مثلَها (2) .
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : أن تحذير الأمة من البدع والقائلين بها واجب باتفاق المسلمين (3) .
__________
(1) رواه أبو داود ح4607 ب/في لزوم السنة , واللفظ له , وابن ماجة ح42 ب/اتباع سنة الخلفاء الراشدين , والترمذي ك/العلم , ب/ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع , ح2676 وقال : حديث حسن صحيح , وصحح إسناده الحاكم في المستدرك , ك/العلم ج1/95-96 ووافقه الذهبي , وصححه الألباني ( ابن ماجة 42 ) .
(2) رواه الإمام أحمد ح16970 , وجوَّد إسناده الحافظ في الفتح ج13/267 .
(3) مجموع الفتاوى ج28/231 .(10/231)
وأختم كتابي هذا بحديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال : كان الناسُ يَسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير , وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يُدركني , فقلت يا رسول الله : إنا كنا في جاهلية وشر , فجاءنا الله بهذا الخير , فهل بعد هذا الخير شر ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : نعم ! فقلت : هل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : نعم , وفيه دخن ؟ قلت : وما دخنه ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : قوم يستنون بغير سنتي , ويهدون بغير هديي , تعرف منهم وتنكر ! فقلت : هل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : نعم , دعاةٌ على أبواب جهنم , من أجابهم إليها قذفوه فيها ! فقلت : يا رسول الله صفهم لنا ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : نعم , قوم من جلدتنا ! ويتكلمون بألسنتنا ! قلت يا رسول الله : فما ترى إن أدركني ذلك ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ! فقلت : فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : فاعتزل تلك الفرق كلَّها , ولو أن تعضَّ على أصل شجرة , حتى يدركك الموت وأنت على ذلك (1) .
__________
(1) رواه البخاري ح3411 باب : علامات النبوة في الإسلام , ومسلم ح1847 باب : وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال , وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة .(10/232)
قال أبو العالية : تعلَّموا الإسلام , فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه , وعليكم بالصراط المستقيم , فإنه الإسلام , ولا تنحرفوا عن الصراط يميناً ولا شمالاً , وعليكم بسنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - وإياكم وهذه الأهواء , انتهى , تأمل كلام أبي العالية هذا ما أجلَّهُ , واعرف زمانه الذي يُحذِّرُ فيه من الأهواء التي من اتبعها فقد رغب عن الإسلام , وتفسير الإسلام بالسنة , وخوفه على أعلام التابعين وعلمائهم من الخروج عن السنة والكتاب !! يتبين لك معنى قوله تعالى : ( ( - ( { - رضي الله عنه - - - - - (( - - - ((( مقدمة - - - عليه السلام - - ( المحتويات ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( وقوله : ( - ( - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - { - ( - ( بسم الله الرحمن الرحيم (( - (- رضي الله عنه - - ( - ( { ( مقدمة - ( - - رضي الله عنه - - ( - قرآن كريم ( { ((- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( - - رضي الله عنه - تمهيد (- رضي الله عنه - - } تمت ( { { - - - - - - - - ((( - - ( المحتويات ( - - - - رضي الله عنه -(((- صلى الله عليه وسلم - - - - - - - - ( - صدق الله العظيم ( - قرآن كريم ( - - - - صدق الله العظيم ( { بسم الله الرحمن الرحيم ( - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - ( - - تم بحمد الله ((((( ( وقوله تعالى : ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - (( - - رضي الله عنه - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ( - { - ( } تم بحمد الله - بسم الله الرحمن الرحيم (( - (- رضي الله عنه - - ( - ( { - صدق الله العظيم ( { صدق(10/233)
الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - مقدمة ((- رضي الله عنهم - - (( مقدمة - - ((- رضي الله عنه - الله أكبر ( وأشباه هذه الأصول الكبار التي هي أصل الأصول , والناس عنها في غفلة , وبمعرفته يتبين معنى الأحاديث في هذا الباب وأمثالها , وأما الإنسان الذي يقرأها وأشباهها , وهو آمن مطمئن أنها لا تناله !! ويظنها في قوم كانوا فبادوا !! ( } - قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - - ( تمهيد - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - - - - - - ( ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ( تمهيد - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - - - صدق الله العظيم ( { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - { ( - - - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (- رضي الله عنهم - - ( - - - (((( ( (1) .
أسأل الله سبحانه أن يهدي ضالَّ المسلمين , وأن يُذهب عنا وعنهم البأس , وأن يصرف عنا وعنهم كيد الكائدين , والفتن والفواحش ما ظهر منها وما بطن , وأن يثبتنا جميعاً على الإسلام حتى نلقاه , وأنْ يرزقني الإخلاص والصواب في القول والعمل , وأن يُصلح لي النيَّة والذريَّة وأن يُحسن لي الخاتمه , وأن يغفر لي ولوالدي وأهلي وجميع المسلمين , إنَّ الله لسميع الدعاء .
يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك , وعظيم سلطانك , والحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين .
المؤلف
عبدالرحمن بن سعد الشثري
رحمه الله تعالى
( الفهرس )
العنوان الصفحة
__________
(1) فضل الإسلام لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى ص28-29 .(10/234)
المقدمة ... 1
س 1/ من هم الشيعة ؟ . ... 5
س 2/ ما أصل نشأة المذهب الشيعي ؟ . 5
س 3/لو عرَّفتم لنا من هم الأئمة الاثني عشر في اعتقاد علماء الشيعة الإمامية ؟ . ... 6
س 4/هل قال أحدٌ من علماء الشيعة المعتبرين : بوجود آيات سخيفة في كتاب الله تعالى !! ؟ ... 6
س 5/ هل قال أحدٌ من علماء الشيعة بأنَّ جبريل - عليه السلام - قد غلط في إنزاله الوحي ؟ . ... 7
س6 /هل قال أحد منهم بأنَّ قول أحد أئمتهم ينسخ القرآن أو يُقيِّدُ مطلقه أو يُخصِّص عامَّه ُ؟. ... 7
س 7/ ما اعتقاد علماء المذهب الشيعي في تأويل القرآن ؟ . 8
س 8/ما أصل وجذور هذه التأويلات التي يذكرونها للقرآن , مع ذكر بعض الأمثة لذلك ؟ . ... 10
س 9/ من أول من قال بنقص القرآن وزيادته من علماء الشيعة ؟ . ... 13
س 10/ كيف كانت بداية قول علماء الشيعة بنقص القرآن وزيادته وتحريفه ؟ . ... 14
س 11/ نأمل تلخيص معتقد علماء الشيعة , في وجود التحريف والنقص والزيادة في القرآن ؟ . ... 15
س 12/هل القول بتحريف القرآن ونقصانه في اعتقاد علماء الشيعة بلغ مبلغ التواتر عندهم ؟ ... 16
س 13/ نأمل ذكر بعض الأمثلة التي صرَّح فيها علماء الشيعة بمعتقدهم بتحريف القرآن ؟ . ... 16
س 14/ إذاً : ما هو اعتقاد علماء الشيعة في العدد الصحيح لآيات القرآن , وهل اتفقوا ؟ . ... 18(10/235)
س 15/ ما موقف علماء الشيعة المعاصرين من عقيدة القول بتحريف القرآن باختصار ؟ . ... 18
س 16/ لو ذكرتم لنا نماذج من تفسير علماء الشيعة للآيات الكتاب العزيز ؟ . ... 20
س 17/ بماذا يفسرون قول الله تعالى : ? - جل جلاله -? بسم الله الرحمن الرحيم - ?- جل جلاله -? الله ? - ? - - الله ? صدق الله العظيم ? - - - - ? - - - عليه السلام -? الله ? { { - - - ? - - - ?? - ? صدق الله العظيم - - - الله الله أكبر ? - - الله ?- جل جلاله - - ? . ... 22
س 18 / ما هي منزلة أقوال الأئمة الاثني عشر وأطفالهم عند علماء المذهب الشيعي ؟ 22
س 19/ إذاً : ما هي السنة عند علماء الشيعة ؟ . 23
س 20/ إذاً : فهل بلَّغَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشريعة كلها قبل وفاته , في اعتقادهم ؟ . 23
س 21/ ما هو موقف علماء المذهب الشيعي من مرويات الصحابة - رضي الله عنهم - ؟ . ... 23
س 22/ ما هي حقيقة ( حكايات الرقاع ) في المذهب الشيعي ؟ . ... 25
س 23/ ما هو سبب تأليف الطوسي لكتابه تهذيب الأحكام , وكم عدد أحاديثه ؟ . 26
س 24/ ماذا يقول علماء الشيعة المعاصرون عن مصادرهم في التلقي ؟ . 27
س 25/ هل يوجد في المذهب الشيعي الاصطلاح المعروف في تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف , كما هو عند أهل السنة , ومتى وجد في المذهب الشيعي , ولماذا ؟ . 28(10/236)
س 26/هل يوجد في المذهب الشيعي تناقضات واختلافات في جرح بعض رواتهم وتعديله ؟ . 28
س 27/ هل الإجماع حجة عند علماء المذهب الشيعي , ومتى ؟ . 28
س 28/ ما عقيدة علماء الشيعة في توحيد الألوهية ؟ . ... 29
أولاً : أنّ علمائهم يعتقدون : ( أنّ الله تعالى لا يستغني عن أئمتهم ) ؟ . ... 29
ثانياً : اعتقاد علماء الشيعة : ( بالحلول والاتحاد الكلي ) ؟ . ... 29
ثالثاً : أنَّهم يعتقدون : أنّ نصوص القرآن الواردة في أعظم أصل .. ... 29
رابعاً : اعتقادهم ( أنّ أصل قبول الأعمال إنما هو الإيمان بإمامة الأئمة الاثني عشر .. ) ؟. ... 30
خامساً : اعتقاد علماء المذهب الشيعي : ( بأن أئمتهم هم الواسطة بين الله سبحانه وخلقه ) ... 30
المسألة الأولى : قول علماء الشيعة لا هداية للأنبياء إلا بولاية الأئمة .. . ... 31
المسألة الثانية : قول علماء الشيعة ( لم يُعبد الله ويُعرف إلا بأئمتهم ) ؟ . ... 31
المسألة الثالثة : قول علماء الشيعة : لا يُقبلُ الدعاء إلا بأسماء أئمتهم ؟ . ... 31
المسألة الرابعة : اعتقاد علماء الشيعة ( بأنَّ أئمتهم سريعي الإجابة ) ؟ . ... 31
المسألة الخامسة : قول علماء الشيعة ( لا يُستغاث إلا بالأئمة وأنهم هم النجاة والمفزع ) ؟ . ... 31
المسألة السادسة : اعتقادهم ( بأنّ الحجَّ إلى مشاهد الأئمة أعظم من أداء الركن الخامس..) ؟ ... 31(10/237)
المسألة السابعة : قول علماء الشيعة ( إنّ الإمام يُحرّم ما يشاء , ويُحلّ ما يشاء ) ؟ . ... 33
المسألة الثامنة : قولهم ( إنَّ تراب وطين قبر الحسين - عليه السلام - شفاء من كل داء ) ؟ . ... 33
المسألة التاسعة : اعتقادهم : ( بالاستنفاع بالدعاء بالطلاسم والرموز , والاستغاثة بالمجهول ) ... 34
المسألة العاشرة : قول علماء الشيعة : ( بمشروعية الاستخارة بالأزلام ) ؟ . ... 34
المسألة الحادية عشرة : اعتقاد علماء الشيعة ( بالتشاؤم بالأمكنة والأزمنة ) ؟ . ... 35
س 29/هل يجوز عند علماء الشيعة دعاء غير الله تعالى , ومتى ؟ . ... 35
س 30/ كيف خاطب الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج , في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 35
س 31/ كيف انشقَّ القمر نصفين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 36
س 32/ هل يُفرِّق علماء الشيعة بين الله تعالى , وبين أئمتهم ؟ . ... 36
س 33/ ما هو الشرك بالله تعالى , وما مفهوم البراءة من المشركين في اعتقادهم .. ؟ . ... 36
س 34/ هل للكواكب والنجوم تأثير في السعادة والشقاوة , بل وفي دخول الجنة والنار .. ؟ 37
س 35/ هل اختصّ الله تعالى أحداً بمفاتح الغيب غير نفسه في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 37
س 36/ ما عقيدة علماء الشيعة في توحيد الربوبية ؟ . ... 37
المسألة الأولى : قول علماء الشيعة : ( إنّ الربَّ سبحانه هو إمامهم ) ؟ . ... 37(10/238)
المسألة الثانية : قولهم : ( بأنّ الدنيا والآخرة كلّها للإمام , يتصرف بها كيف يشاء ) ؟ . 38
المسألة الثالثة : قول علماء الشيعة : ( الحوادث الكونية كلّها من فعل الإمام ) ؟ . ... 38
المسألة الرابعة : قول علماء الشيعة : ( بأنّ عليّاً - رضي الله عنه - فرعٌ من فروع الربوبية ) ؟ . ... 39
المسألة الخامسة : قول علماء الشيعة : ( إنّ جزءاً من الله تعالى حلّ في أئمتهم ) ؟ . ... 39
المسألة السادسة : اعتقدادهم ( بأنَّ علياً - رضي الله عنه - يُحيي الموتى ) ؟ . ... 39
أعلى مقامات التوحيد عند علماء الشيعة ؟ . ... 40
س 37/ ما عقيدة علماء الشيعة في توحيد الأسماء والصفات ؟ . ... 40
المسألة الأولى : قول علماء الشيعة ( بالتجسيم ) . ... 40
المسألة الثانية : قول علماء الشيعة ( بالتعطيل ) ؟ . ... 40
المسألة الأولى : قول علماء الشيعة ( بأنّ القرآن مخلوق ) ؟ . ... 41
المسألة الثانية : قول علماء الشيعة ( بأنّ المؤمنين لا يرون ربهم سبحانه يوم القيامة ) ؟ . ... 41
المسألة الثالثة : قول علماء الشيعة ( بنفي نزول الله تعالى ) ؟ . ... 42
المسألة الرابعة : وصف علماء الشيعة ( أئمتهم بأسماء وصفات الله ( ) ؟ . ... 42(10/239)
المسألة الخامسة : زعم علماء الشيعة ( أنَّ في الأئمة جزءاً إلهياً ) ؟ . ... 43
س 38/ ما مفهوم الإيمان عند علماء المذهب الشيعي ؟ . ... 44
س 39/هل قال علماء الشيعة بشهادة ثالثة مع الشهادتين .. ؟ . ... 44
س 40/ ما اعتقاد علماء الشيعة في الإرجاء ؟ . ... 44
س 41/ ما اعتقاد علماء الشيعة في الوعد من الله ( ؟ . ... 44
حكم الاحتفال في العاشر من محرَّم في كل عام بتمثيل قتل الحسين - رضي الله عنه - ؟ . ... 45
س 42/ ما الذي حفظ الإسلام منذ أربعة عشر قرناً في اعتقاد إمام الشيعة الأكبر الخميني ؟ 45
س 43/ ما اعتقاد علماء الشيعة في الوعيد من الله تعالى ؟ . ... 45
س 44/ ما اعتقاد علماء المذهب الشيعي في الإيمان بالملائكة ؟ . ... 46
س 45/ما اعتقاد علماء الشيعة في الإيمان بالركن الثالث وهو الإيمان بالكتب ؟ . ... 47
المسألة الأولى : يؤمن علماء الشيعة : ( بأنّ الله - سبحانه وتعالى - أنزل كتباً على أئمتهم ) ؟ . ... 47
المسألة الثانية : يؤمن علماء الشيعة ( بأنّ جميع الكتب السماوية عند أئمتهم ) ؟ . ... 51
س 46/ أيهما الأفضل عند علماء الشيعة : رسول الله محمد ( والأنبياء أو أئمتهم ؟. ... 51
س 47/ هل تقوم الحجة لله تعالى على خلقه بالنبي ( أو بالإمام , في اعتقاد علماء الشيعة ؟. ... 52
س 48/ هل يقول علماء الشيعة بنزول الوحي على أئمتهم ؟ . ... 52(10/240)
س 49/ما اعتقاد علماء الشيعة في الإيمان بالركن الخامس وهو الإيمان باليوم الآخر ؟ . ... 53
س 50/ من الذي يُسهلُ موت المؤمنين ويُشدّدُ موت الكافرين في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 53
س 51/ ما الأمان للميت من عذاب القبر , في اعتقاد علماء المذهب الشيعي ؟ . ... 53
س 52/ ما أول ما يُسألُ عنه الميت عند وضعه في قبره , في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 53
س 53/ هل يوجد في اعتقاد الشيعة حشر بعد الموت قبل يوم القيامة ؟ . ... 53
س 54/ من الذي يُستثنى من طول المقام والمرور على الصراط يوم القيامة في اعتقادهم ؟ . ... 54
س 55/ ما اعتقاد علماء الشيعة في عدد أبواب الجنة , ولمن تكون ؟ . ... 54
س 56/ من الذي يُحاسِبُ الناس يوم القيامة في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 54
س 57/ كيف يجوز الإنسان الصراط يوم القيامة في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 55
س 58/من الذي يُدخل من يشاء الجنة , ومن يشاء إلى النار يوم القيامة , في اعتقادهم ؟ . ... 55
س 59/ ما هو اعتقاد علماء الشيعة : فيمن يَدخل الجنة من خلق الله تعالى ؟ . ... 55
س 60/ما اعتقاد علماء الشيعة في الإيمان بالقضاء والقدر ؟ . ... 55
س 61/ كم عدد الأوصياء , ومن هو آخرهم في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 56
س 62/ ما منزلة الإمامة عند علماء المذهب الشيعي ؟ . ... 57(10/241)
س 63/ ما حكم الاحتفال بعيد الغدير , وما حكم من أنكره لديهم ؟ . ... 58
س 64/هل الإمامة عندهم محصورة في عدد معين , ومن هو أول من قال بذلك من علمائهم ؟ ... 58
س 65/ هل يوجد بين علماء الشيعة اختلافٌ في عدد الأئمة ؟ . ... 58
س 66/ هل حصل بسبب اختلافهم في عدد أئمتهم , تكفير بعضهم لبعض ؟ . ... 60
س 67/ ما المخرج الذي خرج به علماء الشيعة من ورطتهم في القول بتحديد عدد الأئمة ؟. ... 60
س 68/ ما حكم من أنكر إمامة واحد من الأئمة في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 61
س 69/ ما موقف الرسول ( والأئمة من الصحابة - رضي الله عنهم - ؟ . ... 62
س 70/ هل اتبع علماء الشيعة أئمتهم في اعتقادهم في صحابة رسول الله ( , وباختصار ؟ 62
المسألة الأولى : يعتقد علماء الشيعة ( ردّة كلّ المسلمين بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) ؟ . ... 63
المسألة الثانية : اعتقادهم ( ردّة كل الصحابة - رضي الله عنهم - بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ثلاثة نفر فقط ) ... 63
المسألة الثالثة : اعتقاد علماء الشيعة ( نفاق أكثر الصحابة - رضي الله عنهم - في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ) ؟ . ... 64
س 71/ لو ذكرتم عقيدة الأئمة في أبي بكر - رضي الله عنه - باختصار ؟ . ... 66
س 72/ هل اتبع علماء الشيعة أئمتهم في اعتقادهم في أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ؟ . 65(10/242)
س 73/ ما عقيدة الأئمة في عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - باختصار ؟ . ... 66
س 74/ هل اتبع علماء الشيعة أئمتهم في اعتقادهم في عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ؟ 0 67
س 75/ ما عقيدة علماء الشيعة في أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما مجتمعين باختصار ؟ . 68
س 76/ لو ذكرتم لنا بعض مواقف عليّ - رضي الله عنه - مع عثمان بن عفان - رضي الله عنه - باختصار ؟ . ... 69
س 77/ هل اتبع علماء الشيعة أئمتهم في عقيدتهم في عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ؟ 0 ... 70
س 78/ لو بينت لنا عقيدة علماء الشيعة في الخلفاء الثلاثة - رضي الله عنهم - باختصار ؟ . ... 71
س 79/ ما اعتقاد علمائهم في زوجتي النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة وحفصة رضي الله تعالى عنهما ؟ . ... 71
س 80/ ما عقيدة علماء الشيعة في أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما ؟ ... 72
س 81/ ما هو آخر ما توصّلوا إليه في أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عائشة وحفصة ؟ . ... 72
س 82/ ما حقيقة أرض فدك كما نطقت به كتب الشيعة ؟ . ... 73
س 83/ هل ذكرت كتب الشيعة أنّ فاطمة رضي الله عنها غضبت على علي - رضي الله عنه - ؟ . ... 74
س 84/ بماذا تجيبون عمَّا يزعمه علماء الشيعة من مثالب ومعايب على الصحابة - رضي الله عنهم - ؟ . 74
س 85/ ما معنى عصمة الإمام وما منزلتها وهل هي من المسائل المجمع عليها عند علمائهم ؟. ... 74(10/243)
س 86/ هل يعتقد علماء الشيعة بعدم حصول السهو , والنسيان , من أئمتهم ؟ . ... 75
س 87/ لو لخصتم لنا كيف طوَّر علماء الشيعة عقيدتهم بعصمة أئمتهم ؟ . ... 76
س 88/ هل من الممكن ذكر بعض ما يزعمه علماء الشيعة من فضائل أئمتهم ؟ . ... 77
س 89/هل يعتقد علماء الشيعة بقاء معجزات أئمتهم وما أَثَرُ ذلك في حياة عوامهم اليومية ؟ ... 79
س 90/ ما حكم زيارة قبور وأضرحة الأئمة والأولياء عند علماء الشيعة ؟ . ... 79
س 91/ ما هي الآداب التي يوجبها علماء الشيعة لمن أراد زيارة المشاهد من شيعتهم ؟ . ... 80
س 92/ هل لمدن ( النجف وكر بلاء وقم والكوفة ) فضل عند علماء المذهب الشيعي ؟ . ... 81
س 93/ ما هو اعتقادهم في الصلاة والتوسل بقبور الأئمة والأولياء والحج إلى قبورهم ؟ . ... 82
س 94/ هل قَصَرَ علماؤهم هذه الفضائل المزعومة على زيارة قبور أئمتهم فقط ؟ . ... 83
س 95/ لو ذكرتم لنا بعض الفضائل المزعومة لزيارة قبر أمير علي - رضي الله عنه - باختصار ؟ . 84
س 96/ لو ذكرتم لنا بعض الفضائل المزعومة لزيارة قبر الحسين - رضي الله عنه - باختصار ؟ . ... 84
س 97/ما عقيدة علماء الشيعة في المجتهد من شيعتهم , وما حكم من ردّ عليه ؟ . ... 84
س 98/ما هي التَقِيَّة , وما فضلها في اعتقاد علماء المذهب الشيعي ؟ . ... 85
س 99/ما حكم ترك التقية عند علماء المذهب الشيعي ؟ . ... 86(10/244)
س 100/ متى تُترك التقية عند علماء الشيعة ؟ . ... 87
س 101/ لماذا نُشاهد بعض الشيعة يُصلي خلف أئمة المسجد الحرام والمسجد النبوي ؟ ... 87
س 102/ هل ما زالت التقية تؤدي دورها الخطير في المذهب الشيعي ؟ . ... 88
س 103/ ما هي الرجعة , ولمن تكون , وما عقيدة علماء الشيعة فيها ؟ . ... 89
س 104/ لماذا يُرجع جميع الأنبياء والمرسلين في اعتقاد علماء المذهب الشيعي ؟ . ... 90
س 105/ متى يكون حساب الخلق يوم القيامة , ومن الذي يتولى الحساب في اعتقادهم ؟ . ... 90
س 106/ من أول من قال بالرجعة , وكيف دخلت هذه العقيدة على المذهب الشيعي ؟ . 90
س 107/ ما هو البداء , وما عقيدة علماء الشيعة فيه , ومن هو أول من قال به منهم ؟ . ... 91
س 108/ ما سبب قولهم بعقيدة البداء مع مخالفتها للنقل من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة ؟ ... 92
س 109/ ما هي عقيدة علماء الشيعة في الغيبة , ومن أول من أحدثها ؟ . ... 93
س 110/ ولنا أن نسأل علماء الشيعة فنقول : أين إمامكم اليوم ؟ . ... 93
س 111/ بماذا يُعلّل علماء الشيعة سبب غيبة مهديهم المزعوم ؟ . ... 96
س 112/ ما حكم علماء المذهب الشيعي فيمن أنكر خروج القائم ؟ . ... 97
س 113/ ما الفائدة التي جناها علماء الشيعة من اختراعهم : لعقيدة الغيبة ؟ . ... 98
س 114/ متى تجب صلاة الجمعة عند علماء الشيعة ؟ . 98(10/245)
س 115/ هل يجوز الجهاد قبل خروج مهدي علماء الشيعة ؟ . ... 98
س 116/ إذاً ما حكم المجاهدين الذين فتحوا بلاد الكفار على مرّ التاريخ ؟ . ... 98
س 117/ ما هي عقيدة علماء الشيعة فيما سيفعله إمامهم الثاني عشر المزعوم عند خروجه ؟ 98
1- الانتقام من أبي بكر وعمر وعائشة - رضي الله عنهم - : ... 98
2- وضع السيف في العرب : ... 99
3- هدم المسجد الحرام , والمسجد النبوي , والحجرة النبوية : ... 99
4- إقامة حكم آل داود : ... 100
س 118/ هل ورد عن علماء الشيعة توقيت لخروج قائمهم ؟ . ... 101
س 119/ما المخرج الذي خرج به علماء الشيعة من عقيدة وجوب انتظار مهديهم المزعوم ؟. ... 102
س 120/ما هي الحقيقة في انتساب علماء الشيعة لآل البيت ؟ . ... ... 103
س 121/ هل سلم آل البيت - رضي الله عنهم - من سبّ وطعن علماء الشيعة , مع التمثيل لذلك ؟ 104
س 122/ ما عقيدة علماء الشيعة في الطينة ؟ . ... 105
س 123/ كم عدد بنات النبي - صلى الله عليه وسلم - عند علماء الشيعة ؟ . 105
س 124/ما عقيدة علماء الشيعة في أهل السنة ( ويسمونهم بالنواصب – العامة - المخالفين ؟ ... 106
س 125 / هل ورد فضل في المتعة , وما حكم من أنكرها عند علماء المذهب الشيعي ؟ . ... 107(10/246)
س 126/ هل يجوز عند علماء الشيعة التمتع بالرضيعة , وبالزانية ؟ 0 ... 108
س 127/ ما هو الخمس , وما عقيدة علماء الشيعة فيه ؟ . ... ... 108
س 128/ نأمل منكم تلخيص تطوّر الخمس لدى تجّار علماء المذهب الشيعي ؟ . 109
س 129 / ما عقيدة علماء المذهب الشيعي في البيعة ؟ . ... 110
س 130/ هل يجوز لأحد من الشيعة أن يُبايع أحداً من الأمراء أو الخلفاء .. ؟ . ... 111
س 131/ متى يجوز للشيعي العمل لدى خلفاء المسلمين ؟ . ... ... 111
س 132/ لو ذكرتم لنا أبرز الفتوحات الإسلامية التي حققها الشيعة في التاريخ ؟ . ... 111
س 133/ وأخيراً : هل علماء الشيعة يجتمعون معنا نحن أهل السنة على ربٍّ واحدٍّ .. ... 112
الخاتمة ... ... 114
الفهرس ... ... 132(10/247)
إغاثة الغريق وإنارة الطريق
إجابات
لشيخ الإسلام ابن تيميّة
رحمه الله وغفر له
إعداد
شريف بن علي الراجحي
غفر الله له
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد :
فإن من نعم الله تعالى على هذه الأمة ، أن قيّض لها علماء ربانيون ، قاموا بالدفاع عن الإسلام والذب عنه ، ووقفوا ضد أعداءه وحذروا منهم ، ودعوا إلى اتّباع الكتاب والسنة ، وكان من أولئك العلماء الكبار ، شيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن تيميّة – رحمه لله – فقد جاهد في سبيل الله بالبيان والسنان ، وكان لمؤلفاته ومصنفاته العظيمة ، أثر كبير ، ونفع كثير ، فكانت بحق : هداية للحيارى ، وإغاثة للغريق ، وإنارة للطريق ، ومرجعاً لكل متمسك بالكتاب والسنة ، ولهذا اهتمّ بها العلماء وطلابهم ، وعنوا بها أشد عناية ، - رحمهم الله تعالى بواسع رحمته - .
وقد أحببت أن أشارك في الأجر ونفع المسلمين بما تيسر من ( إجابات شيخ الإسلام ) فوضعت الأسئلة ونقلت جواب شيخ الإسلام بنصّه وبدون إضافة أو زيادة .
رحم الله شيخ الإسلام بن تيمية وغفر له ، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ، وضاعف المثوبة لمن قام بطباعة ونشر كتبه وتوزيعها ابتغاء ثواب الله عز وجل .
س1- ما هو موقف أهل السنة من الصحابة – رضي الله عنهم – ؟
ج1- من أصول أهل السنة والجماعة : سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله به في قوله تعالى :
{ والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم }.
[ شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 184 ]
س2 – ما هو موقف أهل السنة من آل البيت ؟(11/1)
ج2 – يحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم :
( أذكركم الله في أهل بيتي ) وقال أيضاً للعباس عنه وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم فقال : ( والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي ) .
[ شرح العقيدة الواسطية ص 195 ]
س3 – ما هو موقف أهل السنة من أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
ج3 – يتولون أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ، ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة ، خصوصاً خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولاده وأول من آمن به وعاضده على أمره وكان لها منه المنزلة العالية ، والصدّيقة بنت الصدّيق رضي الله عنها التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم :
( فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ) .
[ شرح العقيدة الواسطية ص 198 ]
س4 - ما هو موقف أهل السنة من الروافض والنواصب ؟
ج4 – يتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم ، ومن طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل .[ شرح العقيدة الواسطية ص 201 ]
س5 - ما هو موقف أهل السنة مما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم ؟(11/2)
ج5 - يمسكون عما شجر بين الصحابة ، ويقولون : إن هذه الآثار المروية في مساويهم ، منها ما هو كذب ، ومنها ما قد زيد فيه ونقص ، وغيّر عن وجهه ، والصحيح منه : هم فيه معذورون ، إما مجتهدون مصيبون ، وإما مجتهدون مخطئون ، وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كلّ واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره ، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة ، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر ، حتى أنهم يغفر لهم من السيئات مالا يغفر لمن بعدهم ، لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم ، وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون ، وأن المدّ من أحدهم إذا تصدّق به كان أفضل من جبل أحد ذهباً ممن بعدهم ، ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه ، أو أتى بحسنات تمحوه أو غُفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته ، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه ، فإذا كان هذا في الذنوب المحقَقَة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا لهم أجر واحد والخطأ مغفور ، ثم القدر الذي ينكر من فعلهم قليل نزر مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح ، ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقيناً أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم ، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله .
[شرح العقيدة الواسطية ص 201 – 202 ]
س6 - ما هو أصل قول الرافضة ؟(11/3)
ج6 - أصل قول الرافضة : أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي نصاً قاطعاً للعذر ، وأنه إمام معصوم ومن خالفه كفر ، وأن المهاجرين والأنصار كتموا النص وكفروا بالإمام المعصوم ، واتبعوا أهواءهم ، وبدلوا الدين ، وغيّروا الشريعة ، وظلموا واعتدوا ، بل كفروا إلا قليلاً : إما بضعة عشر أو أكثر ، ثم يقولون : إن أبا بكر وعمر ونحوهما ما زالا منافقين ، وقد يقولون : بل آمنوا ثم كفروا ، وأكثرهم يكفر من خالف قولهم ، ويسمون أنفسهم المؤمنين ، ومن خالفهم كفاراً .
[ مجموع فتاوى ج3 ص 356 ]
س7 – كيف يفعل الرافضة إذا تعارض عندهم قولان ؟
ج7 – رأيت طائفة من شيوخ الرافضة كابن العود الحلي يقول : إذا اختلفت الإمامية على قولين ، أحدهما يعرف قائله ، والآخر لا يعرف قائله ، كان القول الذي لا يعرف قائله هو الحق الذي يجب اتّباعه ، لأن المنتظر المعصوم في تلك الطائفة . وهذا غاية الجهل والضلال ، فإنه بتقدير وجود المنتظر المعصوم ، لا يعلم أنه قال ذلك القول ، إذ لم ينقله عنه أحد ، ولا عمّن نقله عنه ، فمن أين يجزم بأنه قوله ؟ ولم لا يجوز أن يكون القول الآخر هو قوله ، وهو لغيبته وخوفه من الظالمين لا يمكنه إظهار قوله ، كما يدّعون ذلك فيه ؟! فكان أصل دين هؤلاء الرافضة مبنياً على مجهول ومعدوم ، لا على موجود ولا معلوم ، يظنون أن إمامهم موجود معصوم ، وهو مفقود معدوم ، ولو كان موجوداً معصوماً ، فهم معترفون بأنهم لا يقدرون أن يعرفوا أمره ونهيه ، كما كانوا يعرفون أمر آبائه ونهيهم . [منهاج السنة ج1 ص 89 – 90 ]
س8 – ما هي حقيقة التوحيد ؟
ج8 – حقيقة التوحيد : أن نعبد الله وحده ، فلا يدعى إلا هو ، ولا يخشى ولا يتّقى إلا هو ، ولا يتوكل إلا عليه ، ولا يكون الدين إلا له ، لا لأحد من الخلق ، وأن لا نتخذ الملائكة والنبييّن أرباباً ، فكيف بالأئمة والشيوخ والعلماء والملوك وغيرهم .
[ منهاج السنة ج 3 ص 490 ](11/4)
س9 – ماذا أحدث أهل الأهواء في يوم عاشوراء ؟
ج9 – أحدث بعض أهل الأهواء في يوم عاشوراء من التعطش والتحزن والتجمع وغير ذلك من الأمور المحدثة التي لم يشرعها الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من السلف لا من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من غيرهم ، لكن لما أكرم الله فيه سبط نبيه ، أحد سيدي شباب أهل الجنة ، وطائفة من أهل بيته ، بأيدي الفجرة الذين أهانهم الله ، وكانت هذه مصيبة عند المسلمين ، يجب أن تتلقى بما يتلقى به المصائب ، من الاسترجاع المشروع ، فأحدث بعض أهل البدع ، في مثل هذا اليوم خلاف ما أمر الله به عند المصائب ، وضموا إلى ذلك من الكذب والوقيعة في الصحابة البرآء من فتنة الحسين رضي الله عنه ، وغيرها ، أموراً أخرى ، مما يكرهها الله ورسوله ، وقد روي عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين بن علي رضي الله عنهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أصيب بمصيبة فذكر مصيبته فأحدث استرجاعاً وإن تقادم عهدها كتب الله له من الأجر مثلها يوم أصيب ) " رواه أحمد وابن ماجة " . فتدبر كيف روى مثل هذا الحديث الحسين رضي الله عنه ، وعنه بنته التي شهدت مصابه . وأما اتخاذ أمثال أيام المصائب مآتم فهذا ليس في دين المسلمين ، بل هو إلى دين الجاهلية أقرب . ثم فوتوا بذلك ما في صوم هذا اليوم من الفضل .(11/5)
وأحدث بعض الناس فيه أشياء مستندة إلى أحاديث موضوعة لا أصل لها ، مثل : فضل الاغتسال فيه ، أو التكحل ، أو المصافحة ، وهذه الأشياء ونحوها من الأمور المبتدعة ، كلها مكروهة ، وإنما المستحب صومه . وقد روي في التوسيع على العيال في آثار معروفة ، أعلى ما فيها حديث إبراهيم ابن محمد بن المنتشر عن أبيه قال : ( بلغنا أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته ) رواه عنه ابن عيينه . وهذا بلاغ منقطع لا يعرف قائله . والأشبه أن هذا وضع لما ظهرت العصبية بين الناصبة ، والرافضة ، فإن هؤلاء اتخذوا يوم عاشوراء مأتماً ، فوضع أولئك فيه آثاراً تقتضي التوسع فيه ، واتخاذه عيداً ، وكلاهما باطل .
[ اقتضاء الصراط المستقيم ج2 ص 624 – 625 – 626 – 627 ]
س10 – على ماذا يبنى الشرك والبدع ؟
ج10 – الشرك والبدع مبناها على الكذب والافتراء ، ولهذا : كلّ من كان عن التوحيد والسنة أبعد ، كان إلى الشرك والابتداع والافتراء أقرب ، كالرافضة الذين هم أكذب طوائف أهل الأهواء وأعظمهم شركاً ، فلا يوجد في أهل الأهواء أكذب منهم ، ولا أبعد عن التوحيد منهم ، حتى أنهم يخربون مساجد الله التي يذكر فيها اسمه فيعطلونها عن الجماعات والجمعات ، ويعمرون المشاهد التي على القبور ، التي نهى الله ورسوله عن اتخاذها ، والله سبحانه في كتابه إنما أمر بعمارة المساجد لا المشاهد .
[ اقتضاء الصراط المستقيم ج2 ص 759 – 760 ]
س11- ما قولكم في دعوى الرافضة محبة علي رضي الله عنه ؟(11/6)
ج11- هم يحبون ما لم يوجد ، وهو الإمام المعصوم المنصوص على إمامته ، الذي لا إمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا هو ، الذي كان يعتقد أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ظالمان معتديان أو كافران ، فإذا تبيّن لهم يوم القيامة أن عليّاً لم يكن أفضل من واحد من هؤلاء ، وإنما غايته أن يكون قريباً من أحدهم ، وأنه كان مقرّاً بإمامتهم وفضلهم ، ولم يكن معصوماً لا هو ولا هم ، ولا كان منصوصاً على إمامته ، تبيّن لهم أنهم لم يكونوا يحبّون عليّاً ، بل هم من أعظم الناس بغضاً لعلي رضي الله عنه في الحقيقة ، فإنهم يبغضون من اتّصف بالصفات التي كانت في عليٍّ أكمل منها في غيره : من إثبات إمامة الثلاثة وتفضيلهم ، فإن عليّاً رضي الله عنه كان يفضّلهم ويقرّ بإمامتهم ، فتبيّن أنهم مبغضون لعليٍّ قطعاً .
[ منهاج السنة ج 4 ص 295 – 296 ]
س12 - من أول من ابتدع مذهب الرافضة .. ولماذا ؟
ج12 – ذكر العلماء أن الرفض أساس الزندقة ، وأن أول من ابتدع الرفض إنما كان منافقاً زنديقاً وهو عبد الله بن سبأ ، فإنه إذا قدح في السابقين الأولين فقد قدح في نقل الرسالة ، أو في فهمها أو في اتّباعها ، فالرافضة تقدح تارة في علمهم بها وتارة في اتّباعهم لها ، وتحيل ذلك على أهل البيت وعلى المعصوم الذي ليس له وجود في الوجود . [ مجموع ج4 ص 102 ]
س13 - وماذا كان دينه ؟
ج13 – كان ابن سبأ يهودياً .
[ مختصر فتاوى ابن تيمية ص 156 ]
س14 - هل القدح في الصحابة قدح في الرسول صلى الله عليه وسلم ؟(11/7)
ج14 – القدح في خير القرون ، الذين صحبوا الرسول قدح في الرسول عليه السلام ، كما قال مالك وغيره من أئمة العلم : هؤلاء طعنوا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنما طعنوا في أصحابه ليقول القائل : رجل سوء كان له أصحاب سوء ، ولو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحين . وأيضاً فهؤلاء الذين نقلوا القرآن والإسلام وشرائع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهم الذين نقلوا فضائل علي وغيره ، فالقدح فيهم يوجب أن لا يوثق بما نقلوه من الدين ، وحينئذ : فلا تثبت فضيلة لا لعلي ولا لغيره . [ مجموع ج4 ص 429 ]
س15 - هل القدح في الصحابة قدح في القرآن والسنة ؟(11/8)
ج15 – القرآن قد أثنى على الصحابة في غير موضع ، كقوله تعالى : { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ، رضي الله عتهم ورضوا عنه } وقوله تعالى : { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى } وقال تعالى : { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من ربهم ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار } وقال تعالى : { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً }وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة ) وفي الصحيحين عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ) وقد ثبت عنه في الصحيح من غير وجه أنه قال : ( خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ) وهذه الأحاديث مستفيضة بل متواترة في فضائل الصحابة والثناء عليهم وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون ، فالقدح فيهم قدح في القرآن والسنة . [ مجموع ج4 ص 430 ]
س16- هل من نصيحة توجهونها لكل عاقل ؟
ج16 – دع ما يسمع وينقل عمّن خلا ، فلينظر كل عاقل فيما يحدث في زمانه ، وما يقرب من زمانه ، من الفتن والشرور والفساد في الإسلام ، فإنه يجد معظم ذلك من قِبَلِ الرافضة ، وتجدهم من أعظم الناس فتناً وشراً ، وأنهم لا يقعدون عما يمكنهم من الفتن والشر وإيقاع الفساد بين الأمة .
[ منهاج السنة ج 6 ص 372 ]
س17 - ما هو أصل الرفض ؟(11/9)
ج17 – أصل الرفض من المنافقين الزنادقة ، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق ، وأظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة والنص عليه وادعى العصمة له ، ولهذا لما كان مبدأه من النفاق قال بعض السلف : حب أبي بكر وعمر إيمان وبغضهما نفاق ، وحب بني هاشم إيمان وبغضهم نفاق . [ مجموع ج4 ص 435]
س18 - هل تصفون لنا الرافضة ؟
ج18 – هم من أعظم الطوائف كذباً وجهلاً ، ودينهم يدخل على المسلمين كل زنديق ومرتد ، كما دخل فيهم النصيرية والاسماعيلية وغيرهم ، فإنهم يعمدون إلى خيار الأمة يعادونهم ، وإلى أعداء الله من اليهود والنصارى والمشركين يوالونهم ، ويعمدون إلى الصدق الظاهر المتواتر يدفعونه ، وإلى الكذب المختلق الذي يعلم فساده يقيمونه ، فهم كما قال فيهم الشعبي – وكان من أعلم الناس بهم - : لو كانوا من البهائم لكانوا حمراً ، ولو كانوا من الطير لكانوا رخما ، ولهذا كانوا من أبهت الناس وأشدهم فرية . [ مجموع ج4 ص 502- 503 ]
س19 - الرافضة يعظمون القبور ويعطلون المساجد .. هل من توضيح ؟
ج19 – رأيت كتاباً كبيراً قد صنفه بعض أئمة الرافضة – محمد بن النعمان الملقب بالشيخ المفيد - … سماه : الحج إلى زيارة المشاهد ، ذكر فيه من الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ، وزيارة هذه المشاهد والحج إليها ، ما لم يذكر مثله في الحج إلى بيت الله الحرام ، وعامّة ما ذكره من أوضح الكذب وأبين البهتان ، حتى أني رأيت في ذلك الكتاب من الكذب والبهتان أكثر مما رأيته من الكذب في كثير من كتب اليهود والنصارى ، وهذا إنما ابتدعه وافتراه في الأصل قوم من المنافقين والزنادقة ليصدوا به الناس عن سبيل الله ، ويفسدوا عليهم دين الإسلام ، وابتدعوا لهم أصل الشرك المضاد لإخلاص الدين لله . [ مجموع ج4 ص 517 ]
س20 - ما صحة ما تنسبه الرافضة إلى جعفر بن محمد من أقوال ؟(11/10)
ج20 – كذب عليه ما لم يكذب على أحد لأنه كان فيه من العلم والدين ما ميزه الله به ، وكان هو وأبوه أبو جعفر وجده علي بن الحسين من أعيان الأئمة علماً وديناً ، ولم يجيء بعد جعفر مثله في أهل البيت ، فصار كثير من أهل الزندقة والبدع ينسب مقالته إليه . [ مجموع ج11 ص 581 ]
س21 - ماذا عن تكذيبهم بأحاديث أهل السنة ؟
ج21 – أصل بدعتهم مبنيّة على الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكذيب الأحاديث الصحيحة .
[ مجموع ج13 ص 31 ]
س22 - متى ظهر لفظ الرافضة ؟
ج22 – هذا اللفظ أول ما ظهر في الإسلام لما خرج زيد بن علي بن الحسين في أوائل المائة الثانية في خلافة هشام بن عبد الملك ، واتّبعه الشيعة ، فسئل عن أبي بكر وعمر ، فتولاهما وترحم عليهما ، فرفضه قوم ، فقال : رفضتموني رفضتموني ، فسموا الرافضة ، فالرافضة تتولى أخاه أبا جعفر محمد بن علي ، والزيدية يتولون زيداً وينسبون إليه ، ومن حينئذ انقسمت الشيعة إلى زيدية ورافضة إمامية .
[ مجموع ج13 ص 35 – 36 ]
س23 - ماذا عن غلوا الرافضة في أئمتهم المزعومين ؟
ج23 – الشيعة غلوا في الأئمة وجعلوهم معصومين ، يعلمون كل شيء ، وأوجبوا الرجوع إليهم في جميع ما جاءت به الرسل ، فلا يعرجون لا على القرآن ولا على السنة ، بل على قول من ظنّوه معصوماً ، وانتهى الأمر إلى الائتمام بإمام معدوم لا حقيقة له . [ مجموع ج13 ص 209 ]
س24 - من أصول دينهم النفاق ويسمونه " التّقيّة " .. كيف ذلك ؟(11/11)
ج24 – الرافضة هم أجهل الطوائف وأكذبها وأبعدها عن معرفة المنقول والمعقول ، وهم يجعلون التّقيّة من أصول دينهم ، ويكذبون على أهل البيت كذباً لا يحصيه إلا الله ، حتى يرووا عن جعفر الصادق أنه قال : ( التّقيّة ديني ودين آبائي ) . والتّقيّة هي شعار النفاق ، فإن حقيقتها عندهم : أن يقولوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، وهذا حقيقة النفاق ، ثم إذا كان هذا من أصول دينهم صار كل ما ينقله الناقلون عن علي أو غيره من أهل البيت مما فيه موافقة أهل السنة والجماعة ، يقولون : هذا قالوه على سبيل التّقيّة . [ مجموع ج13 ص 263 ]
س25 - تزعم الرافضة أن لهم إماماً معصوماً ؟
ج25 – من نصب إماماً فأوجب طاعته مطلقاً ، اعتقاداً أو حالاً ، فقد ضلّ في ذلك كأئمة الضلال الرافضة الإمامية ، حيث جعلوا في كل وقت إماماً معصوماً تجب طاعته ، فإنه لا معصوم بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا تجب طاعة أحد بعده في كل شيء .[ مجموع ج19 ص 69 ]
س26 - من أول من وضع الأحاديث في الحث على عبادة القبور ؟
ج26 – أول من وضع هذه الأحاديث في السفر لزيارة المشاهد التي على القبور : أهل البدع من الرافضة ونحوهم ، الذين يعطلون المساجد ، ويعظمون المشاهد ، يدعون بيوت الله التي أمر أن يذكر فيها اسمه ، ويعبد وحده لا شريك له ، ويعظمون المشاهد التي يشرك فيها ويكذّب ، ويبتدع فيها دين لم ينزل الله به سلطاناً . [ مجموع ج27 ص 191 ]
س27 - الرافضة عمّن تنقل أحاديثها ؟
ج27 – ينقلون أحاديث وحكايات ، ويذكرون مذاهب ومقالات ، وإذا طالبتهم بمن قال ذلك ونقله ، لم يكن لهم عصمة يرجعون إليها ، ولم يسمّوا أحداً معروفاً بالصدق في نقله ، ولا بالعلم في قوله ، بل غاية ما يعتمدون عليه أن يقولوا : أجمعت الطائفة الحقّة ؟ وهم عند أنفسهم : الطائفة الحقّة ؟ الذين هم عند أنفسهم المؤمنون ، وسائر الأمة سواهم كفّار ، ويقولون : إنما كانوا على الحق لأن فيهم الإمام المعصوم .(11/12)
[ مجموع ج27 ص 451 ]
س28 - من هو معصوم الرافضة الذي ينتظرونه ويوجبون طاعته ؟
ج28 - المعصوم عند الرافضة الإمامية الاثني عشرية ، هو الذي يزعمون أنه دخل إلى سرداب سامرا بعد موت أبيه الحسن بن علي العسكري سنة ستين ومائتين ، وهو إلى الآن غائب لم يعرف له خبر ، ولا وقع له أحد على عين ولا أثر ، وأهل العلم بأنساب أهل البيت يقولون : إن الحسن بن علي العسكري لم يكن له نسل ولا عقب ، ولا ريب أن العقلاء كلهم يعدون هذا القول من أسفه السفه، واعتقاد الإمامة والعصمة في مثل هذا ممّا لا يرضاه لنفسه إلا من هو أسفه الناس وأضلهم وأجهلهم … وهؤلاء … الجهال الضلال يزعمون أن هذا المنتظر كان عمره عند موت أبيه إما سنتين أو ثلاثاً أو خمساً ، وعلى اختلاف بينهم في ذلك ، وقد علم بنص القرآن والسنة المتواترة وإجماع الأمة : أن مثل هذا يجب أن يكون تحت ولاية غيره في نفسه وماله ، فيكون هو نفسه محضوناً مكفولاً لآخر يستحق كفالته في نفسه وماله تحت من يستحق النظر والقيام عليه من ذمّي أو غيره ، وهو قبل السبع طفل لا يؤمر بالصلاة ، فإذا بلغ العشر ولم يصلّ أدب على فعلها ، فكيف يكون مثل هذا إماماً معصوماً يعلم جميع الدين ، ولا يدخل الجنة إلا من آمن به ؟!. ثم بتقدير وجوده وإمامته وعصمته : إنما يجب على الخلق أن يطيعوا من يكون قائماً بينهم ، يأمرهم بما أمر الله به ورسوله ، وينهاهم عمّا نهاهم عنه الله ورسوله ، فإذا لم يروه ولم يسمعوا كلامه ، لم يكن لهم طريق إلى العلم بما يأمر به وما ينهى عنه ، فلا يجوز تكليفهم طاعته ، إذ لم يأمرهم بشيء سمعوه وعرفوه ، وطاعة من لا يأمر ممتنعة لذاتها ، وإن قدّر أنه يأمرهم ولكن لم يصل إليهم أمره ولا يتمكنون من العلم بذلك ، كانوا عاجزين غير مطيقين لمعرفة ما أمروا به . وإن قيل : إن ذلك بسبب ذنوبهم ، لأنهم أخافوه أن يظهر ؟ قيل : هب أن أعداءه أخافوه ،فأي ذنب لأوليائه ومحبيه ؟ وأي منفعة لهم من الإيمان(11/13)
به وهو لا يعلّمهم شيئاً ولا يأمرهم بشيء ؟ ثم كيف جاز له مع وجوب الدعوة عليه أن يغيب هذه الغيبة التي لها الآن أكثر من أربعمائة وخمسين سنة ، وما الذي سوغ له هذه الغيبة دون آبائه الذين كانوا موجودين قبل موتهم ، كعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي العسكري ؟! فإن هؤلاء كانوا موجودين ، يجتمعون بالناس ، وقد أخذ عن علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد من العلم ما هو معروف عند أهله ، والباقون لهم سيرة معروفة وأخبار مكشوفة ، فما باله استحلّ هذا الاختفاء هذه المدة الطويلة ، أكثر من أربعمائة سنة ، وهو إمام الأمة ، بل هو على زعمهم هاديها وداعيها ومعصومها ، الذي يجب عليها الإيمان به ، ومن لم يؤمن به فليس بمؤمن عندهم ؟! فإن قالوا : الخوف ..!! قيل : الخوف على آبائه كان أشد ، بلا نزاع بين العلماء ، وقد حبس بعضهم ، وقتل بعضهم ، ثم الخوف إنما يكون إذا حارب ، فأما إذا فعل كما كان يفعل سلفه من الجلوس مع المسلمين ، وتعليمهم ، لم يكن عليه خوف .
[ مجموع ج27 ص 452 – 453 – 454 ]
س29-إذا تمكنوا ماذا يفعلون ؟
ج29- الرافضة إذا تمكنوا لا يتّقون ، وانظر إلى ما حصل لهم في دولة السلطان خدابندا ، … كيف ظهر فيهم من الشرّ الذي لو دام وقوي أبطلوا به عامة شرائع الإسلام ، لكن يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ، ويأبى الله إلا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون .[ منهاج السنة ج 6 ص 375 ]
س30 - للرافضة في نقل الأحاديث كذب كثير .. هل من توضيح ؟(11/14)
ج30 – ينقلون سيراً أو حكايات وأحاديث ، إذا ما طالبتهم بإسنادها لم يحيلوك على رجل معروف بالصدق ، بل حسب أحدهم أن يكون سمع ذلك من آخر مثله ، أو قرأه في كتاب ليس فيه إسناد معروف ، وإن سمّوا أحداً :كان من المشهورين بالكذب والبهتان ، ولا يتصور قط أن ينقلوا شيئاً مما لا يعرف عند علماء السنة إلا وهو عن مجهول لا يعرف ، أو عن معروف بالكذب . [ مجموع ج27 ص 455 ]
س31 - ما هو اعتقاد الرافضة في المسلمين ؟
ج31 – اعتقادهم : أن أبا بكر وعمر وعثمان وأهل بدر وبيعة الرضوان وجمهور المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان وأئمة الإسلام وعلماءهم أهل المذاهب الأربعة وغيرهم ، ومشايخ الإسلام وعبّادهم ، وملوك المسلمين وأجنادهم ، وعوامّ المسلمين وأفرادهم ، كلّ هؤلاء عندهم كفّار مرتدون ، أكفر من اليهود والنصارى ، لأنهم مرتدون عندهم ، والمرتد شرّ من الكافر الأصلي ، ولهذا السبب يقدّمون الفرنج والتتار على أهل القرآن والإيمان . [ مجموع ج28 ص 400 ]
س32- هل من توضيح أكثر ؟
ج32- الرافضة كفّرت أبا بكر وعمر وعثمان وعامّة المهاجرين والأنصار والذين اتّبعوهم بإحسان ، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وكفّروا جماهير أمّة محمد صلى الله عليه وسلم من المتقدمين والمتأخرين ، فيكفّرون كلّ من اعتقد في أبي بكر وعمر والمهاجرين والأنصار العدالة ، أو ترضى عنهم كما رضي الله عنهم ، أو يستغفر لهم كما أمر الله بالاستغفار لهم .
[ مجموع ج28 ص 477 ]
س33- وكيف ينظر الرافضة إلى أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
ج33- أكثر محققيهم – عندهم – يرون أن أبا بكر وعمر وأكثر المهاجرين والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل عائشة ، وسائر أئمة المسلمين وعامّتهم ، ما آمنوا بالله طرفة عين قط .[مجموع ج28 ص 481]
س34- وماذا قال بعض الرافضة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟(11/15)
ج34- منهم من يرى أن فرج النبي صلى الله عليه وسلم الذي جامع به عائشة و حفصة لا بد أن تمسه النار ليطهّر بذلك من وطئ الكوافر على زعمهم ، لأن وطئ الكوافر حرام عندهم .
[ مجموع ج28 ص 481 ]
س35- ما قولكم في كذب الرافضة على خير القرون ؟
ج35- رأينا في كتبهم من الكذب والافتراء على النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وقرابته أكثر مما رأينا من الكذب في كتب أهل الكتاب . [ مجموع ج28 ص 482 ]
س36- يقول من استفتاكم بشأن الرافضة : أنهم يؤمنون بكل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم .. ما قولكم ؟
ج36- أمّا ما ذكر المستفتي أنهم يؤمنون بكلّ ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، فهذا عين الكذب ، بل كفروا مما جاء به بما لا يحصيه إلا الله ، فتارة يكذّبون بالنصوص الثابتة عنه ، وتارة يكذّبون بمعاني التنزيل ، وما ذكرناه وما لم نذكره من مخازيهم يعلم كل أحد أنه مخالف لما بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم . [ مجموع ج28 ص 484 ]
س37- ما موقف الرافضة من ولاة أمور المسلمين ؟
ج37- لا يرون لأحد من ولاة أمور المسلمين طاعة ، سواء كان عدلاً أو فاسقاً ، إلا لمن لا وجود له .
[ مجموع ج28 ص 487 – 488 ]
س38- هل في قلوب الرافضة حب للمسلمين ؟
ج38- في قلوبهم من الغلّ والغيظ على كبار المسلمين وصغارهم وصالحيهم وغير صالحيهم ما ليس في قلب أحد .
[ مجموع ج28 ص 488 ]
س39- ما هي أعظم عبادة في عقيدة الرافضة ؟
ج39- اعظم عباداتهم عندهم : لعن المسلمين من أولياء الله مستقدمهم ومستأخرهم . [ مجموع ج28 ص 488 ]
س40- ما أعظم أصول دينهم ؟
ج40- أعظم أصولهم عندهم : التكفير واللعن والسّب لخيار ولاة الأمور كالخلفاء الراشدين والعلماء المسلمين ومشايخهم ، لاعتقادهم أن كلّ من لم يؤمن بالإمام المعصوم الذي لا وجود له فما آمن بالله ورسوله . [ مجموع ج28 ص 488 ]
س41- ماذا تقولون للمسلمين عن الرافضة ؟(11/16)
ج41- هؤلاء الطوائف المحاربين لجماعة المسلمين ، من الرافضة ونحوهم ، شرّ من الخوارج الذين نصّ النبي صلى الله عليه وسلم على قتالهم ورغّب فيه ، وهذا متفق عليه بين علماء الإسلام العارفين بحقيقته . [ مجموع ج28 ص 494 ]
س42- هل الرافضة يعتبرون من الخوارج ؟
ج42- في الصحيحين من حديث أبي سعيد ( يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ) وهذا نعت سائر الخارجين كالرافضة ونحوهم ، فإنهم يستحلّون دماء أهل القبلة ، لاعتقادهم أنهم مرتدون ، أكثر مما يستحلّون من دماء الكفّار الذين ليسوا مرتدين ، لأن المرتد شرّ من غيره . [ مجموع ج28 ص 497 ]
س43- ما هي أصناف الرافضة ؟
ج43- دخل في الرفض أهل الزندقة والإلحاد من النصيرية والاسماعيلية وأمثالهم من الملاحدة القرامطة وغيرهم .
[ مجموع ج28 ص 528 ]
س44- ما قولكم عن كذب الرافضة ؟
ج44- فيهم من الكذب والبدع والافتراء على الله ورسوله أعظم مما في الخوارج المارقين ، الذين قاتلهم أمير المؤمنين علي وسائر الصحابة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ مجموع ج28 ص 528 ]
س45- من لعن أحداً من الصحابة – رضي الله عنهم – ماذا عليه ؟
ج45- من لعن أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم ، كمعاوية ، وعمرو بن العاص ، أومن هو أفضل من هؤلاء : كأبي موسى الأشعري ، وأبي هريرة ، أو من هو أفضل من هؤلاء : كطلحة والزبير وعثمان أوعلي ، أو أبي بكر الصديق أوعمر ، أو عائشة ، أو نحو هؤلاء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ، فإنه يستحق العقوبة البليغة باتفاق المسلمين . وتنازعوا : هل يعاقب بالقتل أو ما دون القتل ؟ [ مختصر فتاوى ابن تيمية ص 478 – 479 ]
س46- ما قولكم في كثرة الكذب على علي – رضي الله عنه – ؟(11/17)
ج46- كذب على علي بن أبي طالب من أنواع الكذب الذي لا يجوز نسبته إلى أقل المؤمنين ، حتى أضافت إليه القرامطة والباطنية والخرّميّة والمزدكيّة والاسماعيلية والنصيرية مذاهبها التي هي من أفسد مذاهب العالمين . [ مجموع ج35 ص 186 ]
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلّ الله وسلّم على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين .
إعداد : شريف الراجحي . الرياض . ص.ب
( 261532 ) الرمز البريدي (11342 )
المراجع
1- اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم . تأليف شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية . الطبعة الثانية 1411 هـ . مكتبة الرشد . تحقيق وتعليق د . ناصر العقل .
2- العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية . مع شرحها . د صالح الفوزان . مكتبة المعارف . الطبعة الخامسة 1410هـ
3- مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيميّة ، جمع عبد الرحمن بن قاسم وابنه محمد .
4- منهاج السنة النبوية . لشيخ الإسلام ابن تيمية .الطبعة الأولى . إدارة الثقافة والنشر في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية . 1406هـ
5- مختصر فتاوى ابن تيميّة .تأليف محمد البعلي المتوفى سنة 777 هـ . دار الكتب العلمية . طبع الطبعة الأولى بأمر الملك عبد العزيز عام 1368 هـ .(11/18)
قراءة في عقيدة
الشيعة الإمامية
إعداد
فؤاد بن عبد العزيز الشلهوب
بسم الله الرحمن الرحيم
قراءة في عقيدة الشيعة
(مقدمة)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسئيات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى يوم الدين.
وبعد: فأضع بين يدي القارئ الكريم بعضاً من المسائل التي تتعلق بالمعتقد الشيعي (الرافضي)، حاولت فيها أن أُجلي الصورة عن خفايا هذا المعتقد، أو أصحح بعض الأفكار تجاه هذا المعتقد الذي جرّ على الأمة ويلات ومحن ! .
ولقد دعاني إلى كتابة تلك المسائل هو جهل كثير من أهل السنة بحقيقة المعتقد، بل وحتى كثير من عوام الشيعة يجهلون حقيقة مذهبهم ! . ويتردد على ألسنة كثير من الناس أن أولئك القوم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ويصلون معنا، ويصومون .. إلخ .. من تلكم العبارات . ولكن كثير من أهل السنة لا يعلمون بحقيقة عقيدة التقية التي يحتمي بها أولئك القوم ويتقربون بها إلى مولاهم ، ولا يعلمون بالعقائد التي يخفونها ويتدينون بها .
وسوف نأتي في هذه الرسالة على بعض عقائد الشيعة الإمامية الذي هو غالب ما يعتقده الشيعة اليوم في معظم أجزاء المعمورة .
بقي أن أشير إلى أن مادة هذه الرسالة مستقاة من كتاب السنة النبوية لشيخ الإسلام بن تيمية-رحمه الله- وكتاب أصول مذهب الشيعة الاثنا عشرية للشيخ ناصر القفاري –حفظه الله- وهذا من باب رد الحق إلى أهله فجزاهما الله خيرا .
فأسأل مولانا الجليل أن يعيننا على إكمال مابدأناه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، فبه المستعان وعليه التكلان، وبالله التوفيق .
1- مؤسس المذهب، وإنقسام الشيعة إلى ثلاثة طوائف في مرحلة النشأة .(12/1)
تظافرت الروايات التي لا تدع مجالاً للشك، بأن واضع بذرة التشيع الأولى هو عبد الله بن سبأ اليهودي الديانة . قدم من اليمن بغرض إفساد دين المسلمين، كما أفسد اليهود دين النصارى عندما دخل (بولص) في النصرانية وتسنم المناصب العالية التي مكنته من إدخال الضلالات إلى دين النصارى . وعبد الله بن سبأ (ابن السوداء) هاله ما رأى من علو الإسلام والمسلمين، فأعلن إسلامه وأظهر الديانة، ولكنه استبطن النفاق والكفر وأضمر الشر والكيد للإسلام .
فجاء إلى المدينة زمن عثمان بن عفان –رضي الله عنه- وكان هو محرك الناس على إمامهم إذ ذاك عثمان بن عفان –رضي الله عنه- والذي على إثرها قُتل شهيداً –رضي الله عنه – وجمعنا بنبينا صلى الله عليه وسلم وبصحابته الكرام .
ولما تولى علي-رضي الله عنه- إمامة المسلمين، وجد ابن السوداء أن هناك جماعة من الناس تتشيع لعلي-رضي الله عنه – وأهل بيته، وكانت تلك تُعظم علياً وتحبه لقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم تكن تفضله على الشيخين أبي بكر وعمر-رضي الله عنهما-، إلا من ألحد وغلى (انظر منهاج السنة لابن تيمية 7/391). فاستفاد ابن السوداء من هذه المحبة، فعمل على تأجيجها في النفوس، ووضعت الأحايث في فضائل علي –رضي الله عنه- ، التي أوجدت نوعاً من التعظيم غير اللائق بمقام البشرية والصحبة، وكانت تلك مهيئة للنفوس لما بعدها . ثم لما تمكن التعظيم الغالي من قلوب فريق من الشيعة، أظهر ابن السوداء عبدالله ابن سباً القول بإلهية علي –رضي الله عنه-، الأمر الذي أفقد أمير المؤمنين –علي رضي الله عنه- صوابه ! كيف يعبد من دون الله ؟ ! . فأمر بالإخاديد وخدت، وبالنار فأضرمت وأنشد :
لما رأيت الأمر أمراً منكراً أججت ناري ودعوت قنبراً(12/2)
فكان كل من لا يرجع عن مقولته النكراء تلك يرمي في النار . وقيل إنه كان يقتلهم ثم يرميهم في النار . ولكن الثابت أن ابن عباس أنكر عليه طريقة قتله لا أصل القتل، فهم مرتدون يجب قتلهم . قال ابن عباس : لو كنت أنا لقتلتهم لقول صلى الله عليه وسلم : ( من بدل دينه فاقتلوه ) . والعجب يأخذك إذا علمت أنه وبعد أن أمر علي رضي الله عنه بإضرام النار -وعقوبة كل من لم يرجع عن مقالته تلك – قال أولئك المفتونون : لا يعذب بالنار إلا رب النار !!، فتلاعب بهم الشيطان وأرداهم .
وفائدة القول :
أن طوائف الشيعة في زمن علي رضي الله عنه ثلاث طوائف :
الطائفة الأولى : هم الذين زعموا أن علياً إلههم . وهؤلاء لما علم بهم أحرق من لم يرجع عن قوله ويتوب .
الطائفة الثانية : هم الذين كانوا يسبون أبا بكر وعمر (رضي الله عنهما) وهذا يتمثل في ابن السوداء، وهذا لما طلبه علي بن أبي طالب هرب وترك المدينة .
الطائفة الثالثة : هم الذين يفضلونه على أبي بكر وعمر : وهؤلاء رد عليهم مراراً، وقال على منبر الكوفة : خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر . وكان يقول: لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري . (انظر فتاوى ابن تيمية 13/32-34)
2- تفريق السلف في التعامل بين الشيعة والخوارج .
كان ظهور فرقتا الشيعة والخوارج متزامنا بعض الشيء، إلا أن السلف فرقوا في التعامل بين الفرقتين، والناظر في كتب التاريخ والحديث يرى أن وطأة السلف على الخوارج أشد، وذلك لأن السلف قاتلوا الخوارج ولم يقاتلوا الشيعة، ثم إنك تجد أن المحدثين يجوزون النقل عن الخوارج ولا يجوزونه عن الروافض ! . وقد يذهب العقل كل مذهب ويحتار في موقف السلف من الفرقتين .ولكن يزول عجبك وحيرتك إذا علمت أن السلف فرقوا في علاج كلتا الفرقتين لاعتبارات وفروق بينهما :(12/3)
الفرق الأول: أن الخوارج أهل زهد وعبادة مريدون للحق، لكن أخطأوا وضلوا السبيل، ولم يكن لهم قدوة في العلم والإيمان يأخذون عنهم دينهم، فأولوا القرآن وضلوا في ذلك ضلالاً مبيناً، فكان ذلك وبالاً عليهم ، فكان من سوء تأويلهم أنهم حكموا بالكفر على كثير من المسلمين بموجب تأويلهم الفاسد، فكانوا يقتلون أولاد المسلمين لما حكموا بكفر آبائهم ويرددون قول الله تعالى: { وقال نوحٌ رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً . إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفار } [نوح:26-27] ، وقتلوا خبيب بن عدي رضي الله عنه وبقروا بطن جاريته ولم يروا بذلك بأساً، وكانوا يتحرجون الأكل من مزارع أهل الكتاب ! .
وأما الرافضة: فأصل دينهم زندقة وخروج عن ملة الإسلام، وواضع دينهم يبتغي الكيد للإسلام والنيل منه، ولذا تجد في عقائدهم كثير من الخرافات المستمدة من الفرس والمجوس والنصارى واليهود ، فهي عقائد مركبة –وسوف يأتي الكلام على ذلك إن شاء الله -. ولذلك حكم كثير من علماء أهل الإسلام بإسلام الخوارج، كقول علي رضي الله عنه فيهم لما سألوه : أكفار هم ؟ . فقال رضي الله عنه : من الكفر فروا . وأما الروافض، فالغلاة منهم لا شك في كفرهم ، وأما من دونهم فمن جاء بناقض من نواقض الإسلام حُكم بكفره ، ومن لم يأتي بناقض فهو على البراءة وهذا عزيزٌ الآن فيهم .(12/4)
الفرق الثاني : أن الكذب في الرافضة كثير وهو مشهور عنهم ولذلك يقال: أكذب من رافضي . وأما الخوارج فغالبهم أهل زهد وعبادة ويتحرجون من الكذب لأنه كبيرة من كبائر الذنوب ، ومرتكب الكبيرة على أصل الخوارج مخلد في النار ! . ولذلك هم يتقون الكذب ويتحرزون من الوقوع فيه، ولذلك تجد بعض المحدثين يجوز النقل عن الخوارج، كما أخرج البخاري لعمر بن عبيد وهو من رؤوس الخوارج . ولم يخرج المحدثون من كان غالياً في التشيع، ولكنهم كانوا يروون عمن فيه تشيع خفيف، وكانوا يدققون النظر في الروايات التي تقوي مذهبهم أو تدعو إليه-وأنظر هذا مبسوطاً في كتب الجرح والتعديل - .
الفرق الثالث: أن من أصول الخوارج، الخروج على الأئمة بالسيف، وهم يرون هذا تديناً يدينون الله به، وأما الروافض فهم أجبن من ذلك، ويعللون ذلك بأنهم لا يخرجون إلا بعد عودة إمامهم فيصرونه ويقتلون (العامة) أي أهل السنة والجماعة وينكلون بهم .
ولذلك قاتل السلف الخوارج وقتلوهم، وذلك لأنهم حملوا السيف على المسلمين، وعليٌ رضي الله عنهم لما اعتزلوه، لم يمنعهم من الصلاة ومخالطة إخوانهم المسلمين، حتى استباحوا الدم المعصوم وقتلوا خبيباً ، ولما طالبهم بمن قتله، أبوا وقالوا: كلنا قتله ! . فعندئذ قاتلهم علي رضي الله عنه . وله في هذا أصل وسلف :
أما الأصل : فهو إخبار المعصوم صلى الله عليه وسلم عنهم وبخروجهم ، وتوعدهم صلى الله عليه وسلم بالقتل، وذكر أجر قاتهلم .
وأما السلف : فإن عمر رضي الله عنه لما قُتل في اليمن رجل، وكان القاتلة عدد من الرجال ، قتلهم عمر وقال : لو تمالأ عليه أهل صنعاء أو اليمن -[الشك مني ]- لقتلتهم به . أضف إلى ذلك أن علياً رضي الله عنه، خليفة راشد وله سنة متبعة .
تلكم بعض الفروق بين الخوارج والرافضة ، والتي تبين كيف تعامل السلف مع كلا الفرقتين .
3- أكثر عقائد وعبادات الشيعة ملفقة من عقائد الأمم الكافرة.(12/5)
أصل دين الشيعة وواضع بذورها هو عبد الله بن سبأ اليهودي الأصل، تظاهر بالإسلام لإفساده، كما أفسد بولص دين النصرانية . قال الشيخ ناصر القفاري-حفظه الله- ولهذا أشار القمي، والنوبختي، والكشي، وهم من شيوخ الشيعة القدامى .. وذلك حين استعرضوا آراء ابن سبأ والتي أصبحت فيما بعد من أصول الشيعة قالوا: (فمن هنا قال من خالف الشيعة: إن أصل الروافض كان مأخوذا من اليهودية ) [(انظر: أصول مذهب الإمامية (1/82) وفي الحاشية ذكر المصادر: القمي: المقالات والفرق ص20 ، والبوبختي : فرق الشيعة ص22، رجال الكشي ص108 )] .
وعلى هذا فلا تعجب أخي إن رأيت كثيراً مما عليه الرافضة في معتقداتهم وعباداتهم، قد جلبوه من أمم كافرة حرفت كتبها، وأشركت بربها، وضلت عن الصراط المستقيم، أو من فرق خالفت نهج محمد صلى الله عليه وسلم وابتدعت في دين الله ما لم يأذن به . وسوف نتعرض لمشابهة الشيعة للأمم السابقة لترى كيف ركبوا دينهم من أديان مختلفة . يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في المنهاج (7/210) : فالرافضة فيهم شبه من اليهود من وجه، وشبه من النصارى من وجه. ففيهم شرك وغلو وتصديق بالباطل كالنصارى، وفيهم جبن وكِبر وحسد وتكذيب بالحق كاليهود .
فالنصارى أدعوا بأن عيسى إلها فعبدوه من دون الله ، وكذا الشيعة ادعوا في علي بن أبي طالب رضي الله عنه الإلهية . وهم الآن وإن كانوا لا يصرحون بذلك، إلا أنهم خلعوا عليه من الصفات والأفعال، ما لايقدر عليها إلا الله، كجلب النفع، ودفع الضر، وإغاثة المستغيث، وإجابة الداعي ... إلخ .(12/6)
وقالت اليهود : إن إلياس عليه السلام، وفنحاس بن عازار بن هارون عليه السلام، أحياء إلى اليوم . (انظر : أصول مذهب الشيعة للقفاري (1/83) والفصل لابن حزم : 5/37) ، والمجوسية تدعي أن لهم منتظراً حياً باقياً مهدياً من ولد بشتاف ابن بهراسف يقال له : أبشاوثن، وأنه في حصن عظيم من خراسان والصين (أصول مذهب الإمامية:2/833). وكذلك الشيعة؛ فإن عبد الله بن سبأ لما جاءه خبر موت علي بن أبي طالب كذبه وقال : لو أتيتمونا بدماغه في سبعين صرة ما صدقنا موته، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً . وكذا قولهم في محمد بن الحسن العسكري بأنه حي لم يمت، وسوف يخرج آخر الزمان من سرداب سامراء ، يملأ الأرض عدلاًً كما ملئت جوراً.. ! . (وللفائدة انظر: أصول مذهب الشيعة الإمامية: (2/824)].
وقالت اليهود -أيضاً- بالبداء، وهذا موجود في التوراة التي حرفها اليهود، ونقلها ابن سبأ إلى الشيعة، والسبأية تقول بذلك . وعقيدة البداء من أصول عقيدة الشيعة، وهم يعظمونها تعظيماً شديداً، فقالوا: ( ما عبد الله بشيء مثل البداء ) ، ( ولو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه ) ( أصول الكافي لابن بابويه : 1/146، 148) انظر أصول مذهب الإمامية 2/937) . والبداء معناه : الظهور بعد الخفاء، أو نشاة الرأي الجديد . ولإيضاح ذلك يقال: إن أئمة الروافض لما كان عندهم أن أئمتهم معصومون من الكذب، أو الإخبار بخلاف الواقع، وكانوا يخبرون بالمغيبات . فإذا وقع الأمر خلاف قولهم لجأوا إلى عقيدة البداء ، وقالوا : قد بدا لربكم كذا وكذا، أي أن الله ظهر له أمر آخر جعله يغير حكمه أو خبره . وهذا القول منهم ضلال وكفر، لأنه ينسب الجهل إلى الله –تعالى عما يقولون علواً كبيرا ً - .(12/7)
والفرس تدين بالملك ووراثة الحكم في البيت المالك، ولا تقيم للشورى وانتخاب الخليفة وزناً، وكذلك الشيعة فإنهم يعدون أبا بكر وعمر قد اغتصبا حق علي في الخلافة، فهو من بيت النبوة (من آل البيت)، وهم دون ذلك . يقول محمد أبو زهرة : ( إنا نعتقد أن الشيعة قد تأثروا بالأفكار الفارسية حول الملك والوراثة والتشابه بين مذهبهم ونظام الملك الفارسي واضح، ويزكي هذا أن أكثر أهل فارس من الشيعة، وأن الشيعة الأولين كانوا من فارس ) [تاريخ المذاهب الإسلامية : (1/38) نقلاً من أصول مذهب الإمامية للقفاري (1/85) ].(12/8)
والبوذية القديمة : تقول بتناسخ الأرواح : وكذا قالت الكيسانية بتناسخ الأرواح. قال ابن حزم : ( وبهذا كان يقول السيد الحميري الشاعر لعنه الله، ويبلغ الأمر بمن ذهب إلى هذا أن يأخذ أحدهم البغل والحمار فيعذبه، ويضربه، ويعطشه، ويجيعه، على أن روح أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فيه . [أي : حلت فيه ] !! (انظر: الفصل : 3/115-116) ] ، وقال أحمد أمين : (وتحت التشيع ظهر القول بتناسخ الأرواح، وتجسيم الله، والحلول، ونحو ذلك من الأقوال التي كانت معروفة عند البراهمة والفلاسفة والمجوس قبل الإسلام) (انظر: فجر الإسلام : 277) . وبعد فإن الكلام حول هذا يطول ولكن نختم بكلام المحدث : عامر الشعبي-رحمه الله - فيهم، وهو قبل كان رأساً من رؤوسهم، ولكنه آثر الحق على الهوى، فهُدي إلى السنة . قال يخاطب مالك ابن مغول : ( ... يا مالك إن محنتهم محنة اليهود . قالت اليهود: لا يصلح الملك إلا في آل داود، وكذلك قالت الرافضة : لا تصلح الإمامة الإ في ولد علي . وقالت اليهود: لا جهاد في سبيل الله حتى يبعث الله المسيح الدجال وينزل سيف من السماء، وكذلك قال الرافضة قالوا: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج الرضا من آل محمد وينادي مناد من السماء: اتبعوه ..... واليهود عادوا جبريل فقالوا: هو عدونا ، وكذلك الرافضة قالوا: أخطأ جبريل بالوحي . واليهود يستحلون أموال الناس... وكذلك الرافضة يستحلون مال كل مسلم . ..إلخ ) (انظر منهاج السنة لا بن تيمية 1/29-33 بتصرف ) .
4- الشيعة كانوا سباقين إلى كل شر ! .
انتهينا قريبا من تقرير أن عقيدة الشيعة جُمعت من ديانات شتى، فاجتمع فيها كل شر..، وسوف نعرض الآن لسبقهم غيرهم في إحداث البدع والشركيات .(12/9)
فأول من قال بإن الله جسم هو هشام بن الحكم الرافضي، ونقل ابن تيمية عن الجاحظ قوله: ليس على ظهرها رافضي إلا ويزعم أن ربه مثله ! . (انظر منهاج السنة النبوية : 1/72-73) . ومن المعلوم من دين المسلمين، وعليه أهل السنة والجماعة أن الله ليس كمثله شيء .
وأول من فتح باب تحريفات الملاحدة الباطنية في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم هم الجهمية والشيعة . قالوا في قوله تعالى : (والشجرة الملعونة في القرآن ) هم بنو أمية . وقالوا إن البقرة المأمور بذبحها : هي عائشة رضي الله عنها . وقالوا المراد باللؤلؤ والمرجان : هما الحسن والحسين . (انظر فتاوى ابن تيمية : 5/550) .
أول من أظهر دعوى النبوة من المنتسبين إلى الإسلام المختار بن عبيد وكان من الشيعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (سيكون في ثقيف كذاب ومبير ) فأما الكذاب فهو المختار، وأما المبير فهو الحجاج . قاله ابن تيمية في المنهاج: ( 3/459) .
وأول من أحدث المشاهد هم القرامطة العبيدية القداحية ، وذلك عندما ضعفت خلافة بني العباس، وتسلطت على الحكم في مصر، فنشرت بدع الشيعة من إقامة المشاهد، وإقامة شعار الرفض في يوم عاشوراء وغير ذلك . (انظر فتاوى ابن تيمية : 27/466) والدرسات التاريخية لآثار القبور أثبتت رجوع أوائل تلك المشاهد إلى هذه الفترة . ( انظر كتاب: دمعة على التوحيد حقيقة القبورية وآثارها في واقع الأمة ص 17 ومابعدها ) .(12/10)
وأول من أحدث النوح والحزن والصراخ واللطم في يوم عاشوراء هم الشيعة . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وصار الشيطان بسبب قتل الحسين رضي الله عنه يُحدث للناس بدعتين : بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء، من اللطم والصراخ والبكاء والعطش وإنشاد المراثي، وما يُفضي إليه ذلك من سب السلف ولعنهم، وإدخال من لا ذنب له مع ذووي الذنوب، حتى يُسب السابقون الأولون، وتُقرأ أخبار مصرعه التي كثير منها كذب، وكان قصد من سنّ ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة؛ فإن هذا ليس واجبا ولا مستحبا باتفاق المسلمين، بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرمه الله ورسوله .. ( منهاج السنة النبوية : 4/554) .
5- دين الشيعة مبني على الضلالات والجهل ، لا على العلم الصحيح المؤصل ! .
الشيعة ليس لهم طريق علمي صحيح يقيمون به دينهم، بل هي ضلالات، وجهالات، وأكاذيب يروجون بها على عوامهم، لشدهم وربطهم بدينهم .
وسوف نستعرض بعض الأمور والتي بها يتبين لنا فساد دينهم وخراب عقائدهم .
1- بطلان أدلتهم : وهي لا تخلو من نقل كاذب وهذا كثير في أخبارهم وكتبهم ، أو نقل صحيح ولكنه دلالة مجملة مشبهة لا تقاوم الأدلة المحكمة، أو قياس فاسد لعدم تحقق شروط القياس أو لمخالفته النصوص الصحيحة الصريحة . (انظر منهاج السنة : 7/419) .(12/11)
2-جهلهم الشديد بدين الإسلام : ومن تأمل كتبهم، تبين له خفة عقولهم وسماجتها . وإليك أمثلة : منها : نتف النعجة يريدون بذلك النيل من عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، ومنها: شق جوف الكبش كأنهم يشقون جوف عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومنها : كراهيتهم للفظ العشرة، وتفضيلهم للفظ التسعة . مع أن القرآن ذكر لفظ العشرة في مواضع كقوله تعالى : {والفجر وليال عشر } وقوله تعالى : {وأتممناها بعشر } . وأما لفظ التسعة فجاءت في معرض الذم كقوله تعالى : {وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون} . (انظر المنهاج 7/416-417) ،ومنها : ضربهم لصدورهم وجباههم في يوم عاشوراء تكفيراً عن تركهم لنصرة الحسين حتى قُتل ! . ولو تأملوا قليلاً وفكروا لبان لهم جهلهم وضلالهم من ناحيتين، الأولى: أن الحسين رضي الله عنه قتل شهيداً، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه من أهل الجنة، فما الداعي الآن إلى ضرب الصدور وشق الجيوب وإسالة الدماء مع أنه رضي الله عنه يتنعم الآن . و الثانية : أن القوم الذين يعذبون أنفسهم الآن، لم يتخاذلوا عن نصرة الحسين، فلم يؤخذون بجريرة غيرهم، والله سبحانه يقول: {ولا تزر وازرة وزر أخرى }، فكان الأولى بهذا [ليس هذا من باب الإقرار ولكن من باب بيان الأولوية ] أولئك القوم الذين تخلوا عن نصرة الحسين وتقاعسوا عن القتال معه .(12/12)
3-أحاديثهم التي يروونها أكثرها كذب وليس لها إسناد : وإن وجدت فهي إما منقطعة تنتهي إلى أئمتهم، أو رواتها مجاهيل لا يعرفون وهذا الغالب عليها . والكذب ظاهر في رواتهم ولذا منع كثير من المحدثين الرواية عنهم لما عهدوا منهم الكذب وعدم توقيه، وفي مقابل ذلك قبلوا من بعض الخوارج روايتهم لما رأوا فيهم الصدق وتحريه . ويكفي في بيان وهن رواياتهم وجهالة رجالها أن تعلم أن أول كتاب ظهر للشيعة هو كتاب سليم بن قيس الهلالي رواه عن ابان بن عياش (انظر الفهرست لابن النديم 321-322) ، قال الشيخ القفاري –حفظه الله- : (وقد أكثر الشيعة من مدحه وتوثيقه والثناء على كتابه، رغم أنني لم أجد لمؤلفه ذكراً فيما رجعت إليه من مصادر، ولو صدق بعض ما تذكره الشيعة فيه لكان شيئاً مذكوراً، ولكنه لم يذكر إلا في كتب الشعية وحدها، بل إن من متقدمي الشيعة من قال : (( إن سليماً لا يعرف ولا ذكر في خبره )) . وإن كان هذا ليس بمرضي عند متأخري الشيعة . ورغم أن الكتاب يحمل أخطر آراء السبئية وهو تأليه علي ووصفه بأوصاف لا يوصف بها إلا رب العالمين. [أصول مذهب الشيعة الإمامية: 1/221-222]. وقد حمل بعض الشيعة على هذا الكتاب وبينوا أنه موضوع، لا لأنه يحمل تلك الآراء؛ بل لأجل أنه يقرر أن الأئمة ثلاثة عشر ! . فلأجل ذا حملوا عليه، وكما قال الشيخ القفاري: ولقد كفونا مؤنة ذلك ) . وإذا تبين أن هذا الكتاب موضوع ومصنوع، فإن كتاب (بصائر الدرجات في علوم آل محمد وما خصهم الله به ) لمؤلفه أبو جعفر القمي محمد بن الحسن بن فروخ الصفار القمي (ت290) قد يكون أول كتبهم حيث حوى مجموعة من أحاديثهم (انظر أصول مذهب الشيعة الإمامية 1/352)، وبالنظر إلى تاريخ وفاة القمي هذا يتبين الفاصل الزمني بينه وبين عصر الرسالة الذي يوحي لنا استحالة اتصال أسانيدهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.(12/13)
4-والشيعة تعمد إلى الأمور المتواترة فتنكرها، وإلى الأمور المعدومة فتثبتها : وذلك أن هناك من الأحداث التي علمها القاصي والداني، والتي يستحيل أن يتواطأ العدد الكثير من الناس على الكذب، كحادثة الجمل وصفين، وظهور مسيلمة الكذاب، والأسود العنسي، وغيرها من الأمور المعلومة والتي تواتر النقل بها جيلاً عن جيل، وامتلأت بها كتب التاريخ والسير .. إلخ .
ولكن الشيعة لشدة كذبهم وتعنتهم ينكرون بعض هذه الأمور التي تواتر النقل بها وأصبحت معلومة لدى الصغير والكبير، ثم إنهم لم يكتفوا بذلك، بل أثبتوا أموراً يعلم بطلانها وكذبها . فمن ذلك : أن الشيعة تنكر أن مسيلمة الكذاب ادعى النبوة وأن المسلمين قاتلوه على ذلك . وأنكر بعضهم أن يكون أبو بكر وعمر قد دفنا بجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومنها: أنهم يدعون أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ارتدوا عن الإسلام ... إلخ (انظر: مناج السنة4/492).
5- الشيعة تجعل الإمامة أهم مطالب الدين وأشرف مسائل المسلمين : قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وهذا كذب بإجماع المسلمين سنيهم وشيعيهم؛ بل هذا كفر . (المنهاج: 1/75). ويكفي في بطلانه أن أركان الإسلام خمسة ، وأصول الإيمان أو أركانه ستة، وليس من بينها ذكر الإمامة ! . وهم إنما ذكروا ذلك لتعظيم بدعتهم التي انتحلوها في الأئمة .(12/14)
6- إدعاء الشيعة للعلم المكتوم : وأن ذلك مما خُص به أهل البيت، ولهذا انتسبت إليهم الباطنية والقرامطة . فهم يدعون أن عندهم من الحقائق والأسرار الإلهية ما ليس عندهم، وهم يدعون أنهم أخذوها من أهل البيت، وهم كاذبون فيما ادعوه . وقد كان هذا يحدث في زمن علي رضي الله عنه، فقد كان يدعي ناس من الشيعة بأن علياً اختصهم بعلم، فإذا سأل أصحاب علي؛ علياً عن ذلك نفى ذلك وبينه للناس . فعن أبي جحيفة قال: ( سألت علياً : هل عندكم شيء ليس في القرآن؟ فقال: لا ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما عندنا إلا ما في القرآن ، إلا فهما يعطيه الله الرجل في كتابه ... الحديث ) والحديث مخرج في البخاري . وسؤال أبي ححيفة لعلي إنما كان بعد أن أشيع أن آل البيت اختصوا بعلم لا يعلمه غيرهم، فأراد معرفة حقيقة ذلك، فنفى علي رضي الله عنه ذلك الأمر .
6- تعمد المخالفة من عقيدة الشيعة ! .
دين الشيعة قائم على المخالفة؛ مخالفة إجماع المسلمين، بل ومخالفة أهل البيت الذي يعظمونه ! ، وما ذاك إلا غلاتهم وأئمتهم أوغلوا في الحقد والكبر والعناد، وإمعانا في الإضلال جعلوا مخالفة جماعة المسلمين من دينهم ومن عقيدتهم .
والاجتماع ولزوم الجماعة أمرٌ مطلوب من المشرع وهو الله جل في علاه، قال تعالى : {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً } . وسبيل المؤمنين: هو ما أجمعوا عليه واتفقوا عليه . وقال صلى الله عليه وسلم : (لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهو ظاهرون على الناس ) [رواه مسلم ] . وفي الحديث المشهور إن هذه الأمة: ( لا تجتمع على ضلالة ) .
ولكن أبى الشيعة إلا مخالفة الحق والركون إلى الباطل حسداً وبغياً وعدواناً وإمعاناً في الضلال .(12/15)
ففي أصول الكافي سؤال لأحد أئمتهم يقول: إذا ( ... وجدنا أحد الخبرين موافقاً للعامة (يعني أهل السنة) والآخر مخالفاً لهم بأي الخبرين يؤخذ ؟ . فقال: ما خالف العامة ففيه الرشاد، فقلت (القائل هو الراوي ) : جعلت فداك ، فإن وافقهما الخبران جميعاً ؟ قال : ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر ! ، فقلت: فإن وافق حكامهم الخبران جميعاً ؟ قال: إذا كان ذلك فارجئه حتى تلقى إمامك، فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات ! ) [ الكليني / أصول الكافي : 1/67-68، ابن بابويه القمي/ من لا يحضره الفقيه : 3/5 (نقلاً من عقيدة الشيعية الإمامية 1/413) ] .
وذكر ثقتهم الكليني أن من وجوه التمييز عند اختلاف رواياتهم قول إمامهم: ( دعوا ما وافق القوم [أي أهل السنة والجماعة] فإن الرشد في خلافهم ) ، وقال أبو عبد الله –كما يفترون- ( إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم ) [عقيدة الشيعية الإمامية للشيخ القفاري 1/414) ] .
وهم أي الشيعة ينطلقون في المخالفة من نصوص وآثار وضعت لهم من قبل زنادقة –كما مر معنا-همها أن تعيش هذه الطائفة في الضلال المبين، وعمق تلك الهوة علماء السوء والضلال .
فيروون عن علي بن أسباط قال : قلت للرضا –رضي الله عنه- : ( يحدث الأمر لا أجد بداً من معرفته، وليس في البلد الذي أنا فيه أحد استفتيه من مواليك، قال: ائت فقيه البلد، فاستفته عن أمرك، فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه، فإن الحق فيه ! ) .
وعلق الحر العاملي على ذلك في الإيقاظ من الهجعة ص 70 فقال: ( ومن جملة نعماء الله على هذه الطائفة المحقة أنه خلى بين الشيطان وبين علماء العامة [أي علماء أهل السنة والجماعة]، فأضلهم في جميع المسائل النظرية حتى يكون الأخذ بخلافهم ضابطة لنا، ونظيره ما ورد في حق النساء شاوروهن وخالفوهن ) [عقيدة الشيعية الإمامية للشيخ القفاري 1/415)] .(12/16)
ولذلك لم تنفرد الشيعة عن أهل السنة بصواب قط، فكل مخالفة لأهل السنة والجماعة فهم مخطئون فيه قطعاً، لأن الله عصم هذه الأمة أن تجتمع على ضلالة (انظر منهاج السنة النبوية 3/98 ، 3/409).
والشيعة خالفت أهل البيت في عامة الأصول : يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( ولكن الإمامية تخالف أهل البيت في عامة أصولهم، فليس في أئمة أهل البيت مثل علي بن الحسين، وأبي جعفر الباقر، وابنه جعفر بن محمد الصادق، من كان ينكر الرؤية، أو يقول بخلق القرآن، أو ينكر القدر، أو يقول بالنص على علي، أو بعصمة الأئمة الاثني عشر ، أو يسب أبا بكر وعمر . والمنقولات الثابتة المتواترة عن هؤلاء معروفة موجودة، وكانت مما يعتمد عليه أهل السنة ) [منهاج السنة النبوية : 2/368-369] .
ومن مخالفة الشيعة : أنهم أعظم الناس مخالفة لولاة أمور المسلمين، والخروج عن طاعتهم، ولا يدخلون في الطاعة إلا كرهاً . [انظر المنهاج 1/111].
7- الشيعة عطلت المساجد وعظمت المشاهد .
حذر النبي صلى الله عليه وسلم من تعظيم القبور وإتخاذها مصلى وعيداً، فقال : (اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) رواه مالك في موطأه . وقال صلى الله عليه وسلم : (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) يحذر ما فعلوا . وقال : (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك ) رواه مسلم . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
ولكن الشيعة أبت إلا أن تعظم المشاهد، وتعطل المساجد . فهم يعكفون على القبور ويطوفون بها، ويدعون أصحابها من دون الله ، ويلتمسون منهم البركة وجلب النفع ودفع الضر .. ألخ . وفي المقابل لا يقيمون الجماعة ولا الجمعة في مساجدهم، وإن صلوا صلوا فرادى . (انظر منهاج السنة النبوية : 1/474) .(12/17)
-فإن قلت : إن تعظيم المشاهد لم يختص به الشيعة وحدهم، بل من أهل السنة من يعظم المشاهد ويطوف بها ويلتمس منها البركة، ويستغيث بأصحابها . .. إلخ .
والجواب عن ذلك : أن الشرك الحاصل في أهل السنة من القبوريين ونحوهم، لا تقره أصولهم وكتب السنة مملوة بالتحذير منه، وتجعل فاعل ذلك مشركاً بالله، حابط العمل .
وأما شرك القبور لدى الشيعة، فأصولهم تؤيده، وكتبهم تحث عليه، ففيه أُلفت الكتب والرسائل الكثيرة، وفيه وضعت الأحاديث الكثيرة في تعظيم ذلك والرغبة إليه –وسوف يأتي ذكر شيء من ذلك - .
-والدلائل التاريخية ونتائج دراسات الآثار، تقطع بأن منشأ المشاهد على القبور من صنع دولة بني بويه لما ظهرت القرامطة بأرض المشرق والمغرب، وكان بها زنادقة كفار مقصودهم تبديل دين الإسلام، فأحدثوا هذه المشاهد الشركية (انظر كتاب: دمعة على التوحيد ص16) .
وقد عمد غلاة الشيعة إلى تغذية هذا الشرك، وإحاطة بهالة من التعظيم والتقديس، فصنفت الكتب، والرسائل، والمناسك، والأحاديث المكذوبة، حتى يتسم بصفة الشرعية . بل عدوه أصلاً من أصول دينهم . وإليك بيانه :
عقد المجلسي في كتابه بحار الأنوار[101/1-11] باباً بعنوان : (باب أن زيارته [يعني الحسين] واجبة مفترضة مأمور بها، وما ورد من الذم والتأنيب والتوعد على تركها ) وذكر فيها (40) حديثاً من أحاديثهم . (انظر عقيدة الشعية الإمامية للقفاري 2/467). وهذا أصل أصلوه من عندهم، فزائر الحسين مأجور، وتارك زيارته مأزور متوعد بالعذاب والنكال ! .
- ( صنف شيخهم ابن النعمان المعروف عندهم بالمفيد وهو شيخ الموسوي والطوسي، كتاباً سماه ((مناسك المشاهد )) جعل قبور المخلوقين تحج كما تحج الكعبة البيت الحرام ...) [منهاج السنة النبوية 1/476] .(12/18)
الحج إلى المشاهد أعظم عند الشيعة من الحج إلى بيت الله الحرام . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (حدثني الثقات أن فيهم من يرى الحج إلى المشاهد أعظم من الحج إلى بيت الله العتيق، فيرون الإشراك بالله أعظم من عبادة الله وحده، وهذا من أعظم الإيمان بالطاغوت ) ... [قال الشيخ القفاري:] جاء في الكافي وغيره: (أن زيارة قبر الحسين تعدل عشرين حجة، وأفضل من عشرين عمرة ) . وحينما قال أحد الشيعة لإمامه (إني حججت تسع عشرة حجة، وتسع عشرة عمرة أجابه الإمام بأسلوب يشبه السخرية قائلاً : حج حجة أخرى، واعتمر عمرة أخرى، تكتب لك زيارة قبر الحسين عليه السلام ) (أصول الشيعة الإمامية : 2/453-454) .
زيارة كربلاء يوم عرفة أفضل من سائر الأيام . فمن أحاديثهم : (من أتى قبر الحسين عارفاً بحقه في غير يوم عيد كتب الله له عشرين حجة وعشرين عمرة ..... قال : ومن أتاه يوم عرفة عارفاً بحقه كتب الله له ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات ، وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل ) [الكليني / فروع الكليني 1/324 ، وابن بابويه من لا يحضره الفقيه : 1/182 . انظر أصول الشيعة الإمامية : 2/460] . وفي حديث آخر قال : (إن الله يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن علي عشية عرفة قبل نظره إلى أهل الموقف (قال الراوي وكيف ذلك ؟ ) قال أبو عبد الله –كما يزعمون- لأن في أولئك أولاد زنا وليس في هؤلاء أولاد زنا ) [الفيض للكاشاني/ الوافي/ المجلد الثاني: 8/222 . انظر أصول الشيعة الإمامية 2/460]وأولاد الزنا عند الشيعة هم غير الشيعة من المسلمين . قلت : لا اخالك لا تعرف السبب من وضع مثل هذه الأحاديث، فمقصودهم واضح جلي، وهو صرف الشيعة عن حج بيت الله الحرام، وزيادة في إيغالهم في الشرك ! .(12/19)
كربلاء أفضل من الكعبة : قال علي بن الحسين –كما يفترون عليه – ( اتخذ الله أرض كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق الله أرض الكعبة، ويتخذها حرماً بأربعة وعشرين ألف عام، وقدسها وبارك عليها ، فما زالت قبل خلق الله الخلق المقدسة مباركة، ولا تزال كذلك حتى يجعلها الله أفضل أرض في الجنة...) [بحار الأنوار 101/107. انظر أصول الشيعة الإمامية 2/463-464] . قلت : فيه تكذيب لكتاب الله، ولرسوله صلى الله عليه وسلم . وفيه صرف الشيعة عن قصد بيت الله الحرام والحج إليه أو العمرة .
قاصمة :
الإمام علي-رضي الله عنه- تدعي الشيعة أنه مدفون بالنجف، وهذا كذب، بل مات في الكوفة ودفن في قصر الأمارة بالكوفة . (انظر البداية والنهاية7/365 – أحدث سنة أربعين من الهجرة )
والحسين-رضي الله عنه- له ثلاثة أضرحة؛ ضريحٌ في عسقلان، وضريحٌ في القاهرة، وضريحٌ في النجف، وكلهم يدعون أن رأس الحسين موجودٌ عندهم . والصحيح من الأدلة التاريخية أن الحسين لما قتل وقطعت رأسه أُرسل إلى المدينة ودفن بها .(انظر فتاوى ابن تيمية (507-510) . ثم نحن نعلم يقيناً أن الحسين –رضي الله عنه- ليس له إلا رأس واحد !.
. انظر كتاب دمعة على التوحيد (حقيقة القبورية وأثرها في واقع الأمة) ص25-37) من إصدارات المنتدى الإسلامي ط.1420هـ
8- الشيعة توالي الكفار وتنصرهم، وتعادي المسلمين وتكفرهم ! .
موالاة الشيعة للكفار من اليهود والنصارى وغيرهم من المشركين ونصرهم على المسلمين أمرٌ ظاهر، شهدت به كتب التاريخ، وقبل أن نسوق صوراً من موالاتهم للكفار ومعاداتهم للمسلمين، لعل سائل يقول: كيف تنصر الشيعة الكفار على المسلمين ؟ والجواب : أنهم لا يعدوننا مسلمين بل كفار . بل إن الصحابة عندهم كفار إلا ثلاثة نفر .(12/20)
-فقد جاء في رجال الكشي ( ... عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان الناس أهل الردة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة ، فقلت: ومن الثلاثة ؟ فقال: المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي... ) [رجال الكشي : ص6، والكافي، كتاب الروضة ِ: 12/322- انظر أصول مذهب الشيعة الإمامية 2/719] . وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لم يسلم من التكفير –ولولا الإطالة لسقت النصوص التي تدل على ذلك ولكن انظر : أصول مذهب الإمامية للشيخ القفاري 2/734 وما بعده - .
-وهم يكفرون حكام المسلمين وخلفائهم : يقول المجلسي عن الخلفاء الراشدين في بحار الأنوار : 4/385 : ( إنهم لم يكونوا إلا غاصبين جائرين مرتدين عن الدين لعنة الله عليهم على من اتبعهم في ظلم أهل البيت من الأولين والآخرين ) . وفي الكافي : (كل راية ترفع قبل راية القائم رضي الله عنه صاحبها طاغوت ) [انظر أصول مذهب الشيعة الإمامية 2/738].
- وهم يحكمون على بلاد المسلمين بأنها دار كفر ! . ففي أصول الكافي أنهم يقولون: (أهل الشام شر من أهل الروم (يعني شر من النصارى) وأهل المدينة شر من أهل مكة، وأهل مكة يكفرون بالله جهرة ) [2/409] . وفي في بحار الأنوار 60/208 : ( بئس أبناء مصر لعنوا على لسان داود عليه السلام، فجعل الله منهم القردة والخنازير .. ) . ولم يستثنى من ذلك إلا الكوفة !، فقد جاء في بحار الأنوار (60/209) : (إن الله عرض ولا يتنا على أهل الأمصار فلم يقبلها إلا أهل الكوفة ) [انظر أصول مذهب الشيعة الإمامية : 2/739-741].(12/21)
وعلى هذا فإنه لا يستغرب أن تعين الشيعة الكفار على المسلمين متى وجدت إلى ذلك سبيلاً . يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : (ولهذا يوالون أعداء الدين، الذين يعرف كل أحد معاداتهم، من اليهود والنصارى المشركين: مشركي الترك، ويعادون أولياء الله الذين هم خيار أهل الدين، وسادات المتقين، وهم الذين أقاموه وبلغوه ونصروه . ولهذا كان الرافضة من أعظم الأسباب في دخول الترك الكفار إلى بلاد الإسلام . وأما قصة الوزير ابن العلقمي وغيره، كالنصير الطوسي، مع الكفار، وممالأتهم على المسلمين- فقد عرفها الخاصة والعامة . وكذلك من كان منهم بالشام: ظاهروا المشركين على المسلمين، وعاونوهم معاونة عرفها الناس . وكذلك لما انكسر عسكر المسلمين ، لما قدم غازان، ظاهروا الكفار النصارى وغيرهم من أعداء المسلمين، وباعوهم أولاد المسلمين-بيع العبيد- وأموالهم، وحاربوا المسلمين محاربة ظاهرة، وحمل بعضهم راية الصليب . وهم كانوا من أعظم الأسباب في استيلاء النصارى قديما على بيت المقدس، حتى استنقذه المسلمون منهم ) [منهاج السنة النبوية : 7/414].
ونكتفي بهذا القدر، والله الهادي إلى سواء السبيل .
9- عقيدة الشيعة الإمامية في القرآن (1 ) .(12/22)
بداية لا بد من الإشادة بالجهد الذي بذله فضيلة الشيخ ناصر القفاري –حفظه الله- عند إخراجه رسالته لنيل درجة الدكتوراة في عقيدة الشيعة الإمامية . فالمطلع على هذه الرسالة يرى أنه اطلع على كثير من كتبهم وقرأ الكثير منها، ونقل لنا خلاصتها، ولذا فإن من يقرأ هذه الرسالة الموسومة بـ: (أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية – عرض ونقد )، يكاد يلم بهذا المذهب . ولذلك فإنك سوف تجدني أكثر النقل منه وحق لنا أن ننقل منه ! . وقد يقول قائل: لما ذا الإمامية بالذات من بين فرق الشيعة ؟ والجواب: أن يقال إن الشيعة الإمامية يكاد يكون مذهبهم هو الغالب الآن بين الشيعة . وثانياً : أن دولة إيران تتبنى هذا المذهب وتدعو إليه وسفاراتها في الدول بمثابة مراكز دعوة لهذا المذهب ! . ثالثاً : عظم تأثيرها في الأمة بما تحمله من أفكار وعقائد.
-وسوف نستعرض عقيدة الشيعة الإمامية في القرآن، وفي الحقيقة هي جملة من العقائد، نستعرضها واحدة واحدة ونستعين بمولانا في بيان بطلانها وفسادها :
أ- اعتقادهم وقولهم : بأن القرآن ليس بحجة إلا بقيم .(12/23)
ففي أصول الكافي للكليني : ( ... إن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم .. وأن علياً كان قيم القرآن، وكانت طاعته مفترضة، وكان الحجة على الناس بعد رسول الله ) [ أصول الكافي: 1/188] . ومعنى ذلك أن النص القرآني لا يمكن الاحتجاج به إلا بالرجوع إلى الإمام ! ، ومؤدى كلامهم ولازمه أن أن القرآن بنفسه ليس بحجة بل لا بد من إمام يبين معانيه ويسفر عن مرامه ، !. وهو قولٌ لم يسبقه إليهم أحد من طوائف المسلمين . ولذلك فهم يروون عن علي رضي الله عنه أنه قال : ( هذا كتاب الله الصامت، وأنا كتاب الله الناطق ) [ الحر العاملي / الفصول المهمة ص 235] . وفي أصول الكافي : ( ذلك القرآن فاستنطقوه فلن ينطق لكم، أخبركم عنه .... ) [ أصول الكافي 1/61] . وحاصل كلامهم : أن كلام إمامهم أفصح من كلام الرحمن وأبين ! . ولاشك أن هذا القول مصادم لنصوص الكتاب والسنة، وإجماع أهل العلم . وفساد هذا القول يُعلم بتصوره وعرضه علىالنصوص .
يقول الشيخ القفاري عن هذه المصادمة والمخالفة الصريحة قال: إنها أقوال يضرب بعضها ببعض ، وهو برهان أكيد على أنها من وضع زنديق يريد إفساد دين المسلمين . [أصول مذهب الإمامية 1/129] .
ب- اعتقادهم بأن الأئمة اختصوا بمعرفة القرآن لا يشركهم فيه أحد.
تحرير المسألة :(12/24)
نزل القرآن بلغة العرب وبالتحديد بلغة قريش، وأعجزهم ببيانه وفصاحته، وكان الواحد منهم إذا سمع آية منه فهم المراد منها إلا جوانب يسيرة يُشكل معناها عليهم فيبينها لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . والصحابة نزل عليهم القرآن، وشاهدوا مواقع التنزيل، وحضروا الوقائع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فكانوا أولى و أجدر من غيرهم في فهم معاني القرآن ومعرفة المراد منه . فإذا جاءنا مدعي وقال إن معاني القرآن لا تعلم إلا عند آل البيت، أو عند الطائفة الفلانية . رددنا عليه قوله؛ وقلنا : وما ذا كان يصنع الناس قبل وجود طائفتكم هل كانوا على ضلالة ؟ فإن قالوا:نعم . فقد كذبوا . لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة .
والشيعة الإمامية تدعي أن لدى أئمتها علم في معرفة معاني القرآن لا يشركهم فيه أحد ولا يعرفه غيرهم، ويتبين هذا بالرواية التالية التي وضعها ابن سبأ قال: ( أن القرآن جزء من تسعة أجزاء وعلمه عند علي ) [الجوزجاني / أحوال الرجال ص 38] . وفي تفسير فرات : ( ... إنما على الناس أن يقرأوا القرآن كما أنزل، فإذا احتاجوا إلى تفسيره، فالاهتداء بنا وإلينا ) [تفسير فرات ص 91/ ووسائل الشيعة 18/149] . وفي الكافي والبحار –وهي من أعظم كتبهم – مجموعة من الأبواب التي رتبوا عليها أحاديث كثيرة :
باب : أهل الذكر الذين أمر اله الخلق بسؤالهم هم الأئمة . [أصول الكافي : 1/210].
باب: إنهم [أي الأئمة] خزان الله على علمه . [البحار 26/ -105] .
وفي وسائل الشيعة للحر العاملي : باب عدم جواز استنباط الأحكام النظرية وظواهر القرآن إلا بعد معرفة تفسيرها من كلام الائمة رضي الله عنهم . وفيه ثمانون حديثاً من أحاديثهم . [وسائل الشيعة 18/129-152] .(12/25)
قلت : وهذه الفرية منقوضة ، فندها علي بن أبي طالب رضي الله عنه : فعن أبي جحيفة( سألت علياً : هل عندكم شيء ليس في القرآن؟ فقال: لا ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما عندنا إلا ما في القرآن ، إلا فهما يعطيه الله الرجل في كتابه ... الحديث ) والحديث مخرج في البخاري . وهذا السؤال من أبي جحيفة بعدما أشيع أن أهل البيت اختصوا بعلم وفهم للقرآن لا يشركهم فيه أحد . وبظهور هذه العقيدة، فإنها تحيل بين الشيعة وبين معرفة ما أراد الله من عباده معرفته، إذ أنها تسوغ لأئمتهم وعلمائهم أن يحدثوا في دين الله ما شاءوا فيصدونهم عن الحق المبين .
ت- اعتقادهم أن قول الإمام ينسخ القرآن، ويقيد مطلقه، ويخصص عامه.
وهذه عقيدة تخفى على كثير من الناس، وهي أن الإمام عند الشيعة الإمامية له حق نسخ القرآن، وله حق أن يقيد ما أطلقه القرآن، وله حق أن يخصص ما عممه القرآن ! . وعند التأمل نجد أن هذه العقيدة محصلة للعقيدة الأولى التي سقناها وهي أن القرآن ليس بحجة إلا بقيم . والقيم هو الإمام الذي يبين غامضه ويحل إشكاله، ويصرف ظاهره إلى معنى آخر . ومن كان كذلك فإنه لا يمنع من نسخ بعض آي القرآن أو تقيد مطلقه أو تخصص عامه، مادام أنه هو القيم ! . والحق أقول: أنني كنت سابقاً اتعجب من تأويلات الشيعة الإمامية لنصوص الكتاب والسنة، ولكن بعد إطلاعي على هذه العقيدة زال عجبي وعلمت أن بيان القرآن والسنة عند الشيعة ليس إلى القرآن وليس إلى الله ، بل إلى علمائهم وأئمتهم !! .
يقول المازندراني في شرحه على الكافي : ( أن حديث كل واحد من الأئمة الطاهرين قول الله عزوجل، ولا اختلاف في أقوالهم كما لا اختلاف في قول الله تعالى ) [2/272] .(12/26)
ويقول أحد المعاصرين هو : محمد حسين كاشف آل الغطاء : ( أن حكمة التدريج اقتضت بيان جملة من الأحكام وكتمان جملة ، ولكنه –سلام الله عليه - أودعها عند أوصيائه : كل وصي يعهد به إلى الآخر لينشرها في الوقت المناسب لها حسب الحكمة من عام مخصص، او مطلق أو مقيد، أو مجمل مبين، إلى أمثال ذلك . فقد يذكر النبي عاماً ويذكر مخصصه بعد برهة من حياته، وقد لا يذكره أصلاً بل يودعه عند وصيه إلى وقته ) [أصل الشيعة ص 77] .
قلت: وقولهم ذا يقتضي أن محمد صلى الله عليه وسلم توفي ولم تكتمل شريعته، والله أخبر أنها قد كملت : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) . ونحن أمامنا كتاب الله يخبرنا أن الشريعة قد كملت ، وأمامنا نصوص الشيعة الإمامية التي تدل على أن أئمتهم عندهم علم مودع يظهر في حينه ووقته! . فهل نترك كتاب ربنا لخزعبلات وبواطيل ؟! .
قال أبو جعفر اننحاس في الناسخ والمنسوخ : وقال آخرون : باب الناسخ والمنسوخ إلى الإمام ينسخ ما شاء . فقال أبو جعفر بعد أن بين أن شنع على هذه المقالة وعدها من الكفر، قال: لإن النسخ لم يكن إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا بالوحي من الله عزوجل ، إما بقرآن مثله على قول، وإما بوحي من غير القرآن ، فلما ارتفع هذان بموت النبي صلى الله عليه وسلم، ارتفع النسخ ) ( ص8-9) .
ث- اعتقاد الشيعة بأن للقرآن معاني باطنة تخالف الظاهرة :
إن تفسير القرآن بمعانٍ أخرى غير ما دلت عليه ظواهر الآيات، طريق الفلاسفة والملاحدة الذين أخضعوا نصوص القرآن لما توصلت إليه فلاسفة اليونان ونظارهم من مقدمات ونتائج وأفكار، ولما حصلوه بأنفسهم من خواطر نفسية، وأوهام وخيالات . فجعلوا للقرآن ظاهر وباطن؛ فالظاهر لعوام الناس، والباطن للخواص ! .(12/27)
وطريقة جعل القرآن له ظاهر وباطن، لا يمكن أن تأتي بها شريعة من الشرائع، وحتى الرسل الذين كانوا يُرسلون إلى أممهم بخاصة لم يفرقوا في دعوتهم بين الخواص والعوام، ولم تكن التوراة والإنجيل وغيرها من الكتب لفئة معينة، فكيف بالقرآن الذي نزل لهداية الجن والإنس إلى صراط الله المستقيم، فهل يعقل أن يقال إن له معانٍ ظاهرة وباطنة، ثم يختص الشيعة بمعرفة معانيها الباطنة دون الناس كلهم !! ، هذا لا يمكن بحال؛ إلا أن يقولوا بمقولة اليهود بأنهم شعب الله المختار ! .
وجعل القرآن له ظاهر وباطن طريقة تحير الناس وتجعلهم في شك من قبول ظواهر النصوص القرآنية، بل حتى الشيعة أنفسهم قد يتردد الواحد منهم في قبول النص القرآني حتى يسأل إمامه عن معناه الباطن ! . ونحن لا نتجنى على القوم، وإليك نصوص أئمتهم وعلمائهم في هذا :
-جاء في أصول الكافي : (... عن محمد بن منصور قال: سألت عبداً صالحاً [يعنون به : موسى الكاظم ] عن قول الله عز وجل : {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن } . قال: إن القرآن له ظهر وبطن، فجميع ما حرم الله في القرآن هو الظاهر والباطن من ذلك أئمة الجور[وأئمة الجور عندهم : كل ما عدا أئمتهم فهم أئمة جور ]، وجميع ما أحل الله تعالى في الكتاب هو الظاهر والباطن من ذلك أئمة الحق ! . [أصول الكافي: 1/374] .
-بل يظهر هذا جلياً في الرواية التالية : عن جابر الجعفي قال: ( سألت أبا جعفر عن شيء من تفسير القرآن فأجابني ، ثم سألت ثانية فأجابني بجواب آخر فقلت: جعلت فداك كنت قد أُجبت في هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم، فقال لي : يا جابر . إن للقرآن بطناً، وللبطن بطناً وظهراً، وللظهر ظهراً يا جابر ... إلخ ) [تفسير العياشي 1/11] .
ج- اعتقادهم بأن جل القرآن نزل فيهم وفي اعدائهم :(12/28)
يزعم الشيعة أن جل القرآن إنما نزل فيهم (أي في أئمتهم الاثني عشرية) وفي أوليائهم، وفي اعدائهم . [تفسير الصافي 1/24 ] . وبهذا القول يتبين لنا بطلان زعمهم فإننا نقرأ القرآن ولا نجد ما يزعمونه ، بل لا نجد ذكر أئمتهم لا من قريب ولا من بعيد، فكيف يقال جل القرآن نزل في أئمتهم وفي اعدائهم !! . إلا إذا حرفوا القرآن وقلبوا ظاهره وجعلوا له معانٍ باطنة،فسيستقيم لهم ما يريدون، وهذا هو عين ما فعلوه .
-يقول أبو الحسن الشريف –أحد شيوخهم-: ( إن الأصل في تنزيل آيات القرآن إنما هو الإرشاد إلى ولاية النبي والأئمة –صلوات الله وسلامه عليهم- بحيث لا خير خبّر الله به إلا وهو فيهم وفي أتباعهم وعارفيهم، ولا سوء ذكر فيه إلا وهو صادق على أعدائهم وفي مخالفيهم ) [مرآة الأنوار (مقدمة البرهان) ص 4 ] .
-ويقول : الفيض الكاشاني : (وردت أخبار جمة عن أهل البيت في تأويل كثير من آيات القرآن بهم وبأوليائهم، وبأعدائهم حتى أن جماعة من أصحابنا صنفوا كتباً في تأويل القرآن على هذا النحو جمعوا فيها ما ورد عنهم في تأويل القرآن آية آية، إما بشيعتهم، أو بعدوهم على ترتيب القرآن ....) [الكاشاني/ تفسير الصافي : 1/24-25] .
قال الشيخ ناصر القفاري –حفظه الله- رداً على زعمهم السابق-: (... أنك لو فتشت في كتاب الله وأخذت معك قواميس اللغة العربية كلها وبحثت عن اسم من أسماء هؤلاء الاثني عشر فلن تجد لها ذكراً، ومع ذلك فإن شيخهم البحراني يزعم بأن علياً وحده ذكر في القرآن (1154) مرة ويؤلف في هذا الشأن كتاباً سماه : (اللوامع النورانية في أسماء علي وأهل بيته القرآنية )[طبع في المطبعة العلمية بقم 1394هـ] يحطم فيه كل مقاييس لغة العرب، ويتجاوز فيه أصول العقل والمنطق، ويفضح من خلاله قومه على رؤوس الأشهاد بتحريفاته التي سطرها في هذا الكتاب ...) (أصول الشيعة الإمامية الاثني عشرية 1/156) .(12/29)
ح- نماذج من تأويلات الشيعة للقرآن الكريم :
اعلم أن الصحابة رضي الله عنهم جميعاً لم يُشكل عليهم فهم القرآن، فهو قد نزل بلغتهم أي بلغة العرب، وبالتحديد بلغة قريش، وكان الصحابة إذا أشكل عليهم فهم آية يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبرهم بمراد الله منها، وأما أغلب آيات القرآن فكانوا يفهمونها حين نزولها على ما تقتضيه اللغة العربية . ولم يُحتج إلى التفسير إلا بعد القرون المفضلة –فيما أعلم - . وطريقة السلف للتفسير وهي الأصح والأسلم : أنهم كانوا يفسرون القرآن بالقرآن، فإن لم يوجد في القرآن طلبوا تفسيره في السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يجدوه في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم طلبوا تفسيره من أقوال الصحابة وما قالوا في تفسير الآية، وإن لم يجدوه في تفسير الصحابة وتأويلهم، ذهب بعض العلم إلى الأخذ بأقوال التابعين .
هذه هي الطريقة السليمة في تأويل كلام الله، ولكن الشيعة لم تسلك هذا المسلك ولم ترتضه ديناً، بل اعتمدت في تفسيرها لآيات الله على أحاديث أسانيدها منقطعة ، أو رواتها مجاهيل لا يعرفون، أو أقوال أئمتهم ليس لها زمام ولا خطام... إلخ . ولا شك أن هذه الطريقة لا يمكن الاعتماد عليها بحال في تأويل كلام الله، ولكن ما ذا نفعل بالشيعة التي سلكت في هذا الباب مسالك القول على الله بغير علم، والافتراء على الله .
وسوف نسوق بعض تأويلهم للآيات، ورغبة في الاختصار فإننا لن نسوق أقوال السلف في تفسير الآية فمظانها معروفة . فمن تأويلاتهم للآيات :
في قوله تعالى: {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين } قالوا: إنه علي . [اللوامع النورانية في أسماء علي وأهل بيته القرآنية : هاشم البحراني : ص321-323] .
في قوله تعالى: {والشجرة الملعونة في القرآن } قالوا: بأنها بنو أمية . [تفسير القمي: 2/12 ، تفسير العياشي :2/29، تفسير الصافي : 3/199-202، البرهان : 2/424.. ] .(12/30)
في قوله تعالى: {فقاتلوا آئمة الكفر } قالوا: المراد بها طلحة والزبير –رضي الله عنهما- !! [البرهان 2/106-107، تفسير الصافي : 2/324، تفسير العياشي : 2/77-78].
وفي قوله تعالى: {وقال الشيطان لما قُضي الأمر } قال أبو جعفر : هو الثاني وليس في القرآن شيء . وقال الشيطان إلا وهو الثاني . [يريد بذلك عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-] [تفسير العياشي:2/223، وتفسير الصافي: 3/84، وبحار الأنوار 3/378] . وفي الكافي عن أبي عبد الله قال: (وكان فلان شيطاناً )، قال المجلسي في شرحه على الكافي : المراد بفلان عمر ) [الكافي المطبوع بمرآة العقول : 4/416]
وفي قوله تعالى: {لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد } قال أبو عبد الله : -كما يزعمون-: يعني بذلك لا تتخذوا إمامين إنما هو إمام واحد !!! . [تفسير العياشي : 2/261، والبرهان في تفسير القرآن : 2/373، وتفسير نور الثقلين : 3/60] .
وفي قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم } : هو أمير المؤمنين عندهم [تفسير القمي: 1/28].
واكتفي بهذا القدر من تأويلات الشيعة التي يعلم المسلمون بطلانها وفسادها .
والله الهادي إلى صراطه المستقيم .
10 - عقيدة الشيعة في القرآن : هل القرآن ناقص أو محر ف أو مبدل ؟ (2) .
هل الشيعة تقول بأن كتاب الله الذي بين أيدينا ناقص أو محرف ومبدل ؟ .
بادي ذي بدء يجب أن لا نعمم الحكم على جميع الشيعة بأنهم يقولون بهذه المقالة، وهذا من العدل والإنصاف الذي أمرنا به الله جل في علاه . فالشيعة المتقدمين أكثرهم لم يقولوا بهذه المقالة، وكذا هناك فرق من الشيعة لا تقول بذلك، ومنها الزيدية، وقد يكون هناك أفراد منهم يقولون بذلك، ولكن لا يكون هذا حكماً عاماً ينسحب على الطائفة كلها. وأغلب المتأخرين يقولون بهذه المقالة الشنيعة وإن كان فيهم أفراد ينكرون هذا القول ويأباه .(12/31)
ودراستنا لهذه المقالة التي اشتهرت عن الشيعة لا لأجل الرد عليها، لأن الله تكفل بحفظ كتابه : {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} . فلا خوف علىكتاب الله من التحريف والتبديل ما دام أن الذي أنزله تكفل بحفظه . ولكن نريد أن نبين نسبة هذه المقالة إلى الشيعة من كتبهم ورسائلهم.
وقبل ذكر مصادرهم يحسن بنا أن نعرج على ما قاله أهل السنة في هذه الفرية الشنيعة . قال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري (المولود سنة 271هـ) : لم يزل أهل الفضل والعقل يعرفون شرف القرآن وعلو منزلته.. حتى نبغ في زماننا هذا زائغ عن الملة وهجم على الأمة بما يحاول به إبطال الشريعة.. فزعم أن المصحف الذي جمعه عثمان-رضي الله عنه- باتفاق أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على تصويبه فيما فعل لا يشتمل على جميع القرآن، إذ كان قد سقط منه خمسمائة حرف... (ثم قال ابن الأنباري: ) وأخذ هذا الزنديق يقرأ آيات من القرآن على غيره وجهها زندقة وإلحاداً فكان يقرأ : (ولقد نصركم الله ببدر [بسيف علي] وأنتم أذلة !!)[تاريخ بغداد 3/181-186] . وكلام الملطي (ت377هـ) يشير إلى أن هذا الزنديق هو هشام بن الحكم [المطلي/ التنبيه والرد: ص 338]، فهو قد زعم بأن القرآن الذي بأيدي الناس من وضع عثمان ، وقال بالتجسيم ، وله أمور كثيرة منكرة .
وجنوح الشيعة الغلاة إلى هذه الفرية، هو إيجاد مستند لهم في إثبات الإمامة؛ لإن القرآن ليس فيه ذكر للإمامة والأئمة لا من قريب ولا من بعيد، فأحدثوا هذا القول حتى يقولوا إن ذكر الإمامة والأئمة في الآيات التي سقط أو حُرف وبُدل ! .
و هذا المبحث وإن طال –بعض الشيء- سوف نتكلم عن عدة أمور وهي :
التطور التأريخي لهذه العقيدة .
هل لدى الشيعة مصحف آخر غير الذي بين أيدينا، يتلونه ويتدارسونه بينهم ؟ .
هل الشيعة مجتمعة على هذه العقيدة ؟ .
فأولاً : التطور التأريخي لعقيدة أن القرآن ناقص وفيه تحريف وتبديل .(12/32)
أول مصدر من مصادر الشيعة يطالعنا بهذه الفرية هو كتاب سليم بن قيس الهلالي المتوفي سنة (90هـ) . وقد سبق الكلام عن هذا الكتاب ، وذكرنا أن الشيعة كفتنا مؤنة إبطال هذا الكتاب وبيان زيفه -مع ضعف ناقله وهو أبان بن عياش المتفق على ضعفه-، ومع ذلك فهذا الكتاب معظم عند أكثرهم، ومن طريقه ظهرت بعض العقائد .
وفي هذا الكتاب أول إشارة إلى فرية التحريف ولكنها لم تكن صريحة، فقد جاء في كتاب سليم : ( أن علياً لزم بيته حتى جمعه وكان في الصحف والرقاع ) [كتاب سليم بن قيس: ص 81] وفي رواية أخرى بينت سبب تأخر علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- عن إجابة أبو بكر الصديق والمسارعة في بيعته قال –أي: علي بن أبي طالب-: (إني آليت ألا آخذ ردائي إلا للصلاة حتى أجمع القرآن، فجمعه) وقد ضعف ابن حجر هذه الرواية في فتح الباري [9-12-13]. ولنا على هذه الرواية الضعيفة ملاحظتان :
الأولى: أن الجمع الذي أشار إليه علي بن أبي طالب، ليس صريحاً في أنه يجمع قرآناً غير الذي بأيدينا، فقد يكون علياً يجمع مصحفاً لنفسه، كما كان عند ابن مسعود مصحفاً خاصاً به .
الثانية: أن هذه الرواية تنسف ما يقرره الشيعة من أن تأخر علي رضي الله عنه كان من أجل أن الصحابة غصبوا حقه في الخلافة وعهدوا بها إلى أبي بكر الصديق . ففي هذه الرواية أن تأخر علي رضي الله عنه كان من أجل جمع القرآن !! . ولكن الشيعة كما قال الشيخ ناصر القفاري عنهم : (...وهذه سمة مطردة في كثير من المسائل التي يريدون إثباتها .. حيث يثبتونها من وجه تنتفي معه العقيدة الأخرى ) [أصول مذهب الشيعة : 1/236] .
المرحلة الثانية :(12/33)
توضحه روايات ذكرها الطبرسي (صاحب كتاب الاحتجاج)-وسوف يأتي بيانه- حيث تبين هذه الروايات أن أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب حاولا قتل علي بن أبي طالب !! ، ولما لم يقدرا على ذلك حاولا استدراج علي بن أبي طالب وأخذ القرآن الذي معه لاتلافه أو تحريفه ولكنهما عجزا عن ذلك .
وسأل عمر عن هذا المصحف متى أوان ظهوره ؟ فقال –أي :علي – ( إنه سيظهر مع القائم من ولدي يظهره ويحمل الناس عليه فتجري السنة به ) [الاحتجاج للطبرسي 1/225-228 ط: النجف ] .
وهنا تكمن عدة أسئلة :
مادام أن محاولات الشيخان والصحابة باءت بالفشل، فلم لم يظهر علي المصحف المذكور ؟
ثم لما ذا لم يخرج علي رضي الله عنه هذا المصحف في فترة خلافته، وقد أمن ؟ .
والمهم في الأمر أنه كيف تُترك الأمة طوال هذه القرون الطويلة وهم بدون هداية، وهم يقرؤون كتاب محرف مبدل ناقص . وهل هذا من الأمانة، وهل هذا إلا غش للأمة ؟ . إن من يتأمل في هذه الروايات يجزم أن هذه الروايات مصنوعة لخدمة المذهب الشيعي ،وإلا كيف ننسب لعلي بن أبي طالب هذه اللوازم التي لا محيد عنها ! ؟ .
ولقد عجز الشيعة عن الأجابة عن هذه المسائل المحرجة، وتخلص شيخهم نعمة الله الجزائري بجواب، تصوره كافٍ في بيان فساده وبطلانه . قال : (ولما جلس أمير المؤمنين –عليه السلام- على سرير الخلافة لم يتمكن من إظهار ذلك القرآن وإخفاءه هذا لما فيه من إظهار الشناعة على من سبقه ) [الأنوار النعمانية : 2/362] . أي : أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، راعى شعور من سبقه من الصحابة ولم يظهر هذا المصحف لمافيه من إظهار الشناعة عليهم ، ولا يهم بعد ذلك أن تضل الأمة قروناً طويلة حتى يخرج المهدي !! .(12/34)
وهنا كلامٌ جميل لم استطع تجاوزه، قال الشيخ القفاري: (ومعنى هذا أن الأمة ضائعة كل هذه القرون الطويلة .. منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ليس معها إلا ثلث كتابها.. والأئمة تقف موقف المتفرج.. لديها القرآن الكامل –كما يزعمون – ولا تبلغه للأمة، لتتركها أسيرة ضلالها، لا تعرف وليها من عدوها، وتعدهم بظهوره مع منتظرهم، وتمر آلاف السنين ولا غائب يعود، ولا مصحف يظهر فإن كانت الأمة تهتدي بدونه فما فائدة ظهوره مع المنتظر، وإن كان أساساًً في هدايتها فلماذا يحول الأئمة بينه وبين الأمة، لتبقى الأمة في نظر هؤلاء حائرة ضالة تائهة، وهل أنزل الله سبحانه كتابه ليبقى أسيراً مع المنتظر لا سبيل للأمة الوصول إليه؟ مع أن الله سبحانه لم يترك حفظ كتابه لا لنبي معصوم ولا لمنتظر موهوم، بل تكفل بحفظه سبحانه ) [أصول مذهب الشيعة الإمامية : 1/248] . .
المرحلة الثالثة :
جاءت هذه المرحلة لبيان ماهية الناقص من القرآن الذي بأيدينا، وقد صرحوا بذلك، وزعموا أن الجزء الناقص من القرآن فيه ذكر النص على الإمامة، وذكر الأئمة الاثني عشر من نسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
جاء في بعض الروايات : ( لولا أنه زيد في كتاب الله ونقص منه لما خفي حقنا على ذي حجى ) [البرهان -المقدمة-ص 37 ، وبحار الأنوار : 19/30، وتفسير الصافي : 1/41] .
وأخرى تقول: (لو قريء القرآن كما أنزل لألفينا مسمين به )[تفسير العياشي: 1/13، بحار الأنوار: 92/55، وتفسير الصافي: 1/41] .
وقد افتروا على الله سورة الولاية يتداولونها بينهم، ويزعمون أنها مما نقص من القرآن، ومن قرأ العربية ، ويقرأ هذه السورة المزعومة يعلم أنها من جنس قرآن مسيلمة الكذاب شيطان اليمامة . [انظر : الخطوط العريضة لمحب الدين الخطيب : ص 12 حيث نشر هذه السورة وأخبر أنها مصورة من مصحف إيراني مخطوط عند المستشرق براين ] .
المرحلة الرابعة :(12/35)
وهي بمثابة توطيد هذه الفرية وتمكينها في المعتقد الشيعي ، وقد تزعم هذه المرحلة بعض شيوخ القرن الثالث والرابع، حيث قاد زمامها شيخهم علي بن إبراهيم القمي ، وتبعه تلميذه الكليني ، فعملا علىنشرها في كتبهم . وقد اتخذت هذه المرحلة إقحام بعض الكلمات التي تدعم قولهم بالنص على الإمامة وذكر الأئمة في القرآن الذي بأيدينا وزعم أنه من القرآن ولكنه أًسقط على أيدي الصحابة، بناء على ما يعتقدونه في القرآن من النقص، قال المازندراني شارح الكافي : (إن آي القرآن ستة آلاف وخمسمائة ، والزائد على ذلك مما سقط بالتحريف )[شرح جامع للكافي: 11/76] .
وطريقة إقحام الكلمات في نصوص القرآن تتخذ الشكل التالي :
فالكلمات التي فيها لفظ : (أنزل الله إليك) أو : (أنزلنا إليك ) يجعلون بعدها لفظ : (في علي ) . وشاهد ذلك ما يرويه الكليني عن القمي بسنده إلى جابر الجعفي عن أبي جعفر قال: نزل جبرائيل بهذه الآية على محمد :-بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله (في علي)بغياً - . [أصول الكافي : 1/417] .
والكلمات التي فيها لفظ : (اشركوا أو كفروا) يأتون بعدها لفظ (في ولاية علي ). ففي قوله تعالى: ( فلنذيقن الذين كفروا ) [يزيدون] (بتركهم ولاية أمير المؤمنين عليه السلام عذاباً شديداً في الدنيا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون ) . [سورة فصلت آية 27(والتحريف من الكافي : 1/421)]
والكلمات التي فيها ذكر (أمة) ، يجعلونها (أئمة ) . فقالوا في قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس ) يجعلونها (خير أئمة أخرجت للناس )[تفسير القمي : 1/110]
المرحلة الخامسة :
وهذه المرحلة فاقت كل المراحل بشدة إظهار هذه الفرية وإشاعتها في المذهب الشيعي، وحمل لوائها كثير من مشايخة الشيعة في زمن الدولة الصفوية، فقد تجرأ شيوخ الشيعة في هذه الفترة علىالتصريح بهذه الفرية لأمنهم من العقوبة ولا رتفاع التقية قليلاً .(12/36)
ولذا تجد في كلام (المجلسي، ونعمة الله الجزائري، وأبي الحسن الشريف، والمازندراني، والكاشاني ) ممن عاش في القرن السادس ، ما لا تجده عند غيرهم وسبقوهم في القرن الرابع . –وسوف نأتي بكلامهم في حلقة قادمة إن شاء الله –
وفائدة القول :
إن الشيعة في أول أمرها لم تعرف هذه المقالة النكراء ، ولم تتكون كعقيدة إلا في أواخر القرن الثاني وبداية الثالث تقريباً، ولم يعرف في صدر الإسلام هذه المقالة الشنيعة من الشيعة إلا بعد زمن . والمشهور عنهم في أول أمرهم وكلامهم حول الإمامة ، أما زعمهم بنقص القرآن وتحريفه فلم يعهد إلا بعد مدة من الزمن .
ثانياً : هل لدى الشيعة مصحف آخر غير الذي بين أيدينا، يتلونه ويتدارسونه بينهم ؟
نشر محب الدين الخطيب في الخطوط العريضة (ص12) صورة فوتغرافية لسورة الولاية، وقال إنها مصورة من مصحف إيراني مخطوط عند المستشرق (براين ) . وهذه السورة مما يدعي الشيعة أنها مما نقص من القرآن .
وكثير من الشيعة إذا حدثتهم بهذا ينكرونه إما جهلاً بمذهبهم أو تقية وهم الأكثر . ولكن سوف نخاصمهم بكتب أئمتهم والتي أُلفت لهم وبها يتدارسون وبها يعملون، فلا تقية حينئذٍ . وقبل ذكر هذه الروايات نود أن نوضح أن أخبارهم في هذه المسألة اتخذت ثلاثة إتجاهات :
الاتجاه الأول: أخبار جاءت بالأمر بقراءة القرآن الذي بين أيدينا والعمل به حتى يقوم القائم (مهديهم المنتظر ) . ومن نصوص هذا الاتجاه ما يحدث به المفيد قال: (إن الخبر قد صح من أئمتنا –عليهم السلام- أنهم أمروا بقراءة القرآن ما بين الدفتين وأن لا نتعداه بلا زيادة فيه ولا نقصان منه، حتى يقوم القائم –عليه السلام- فيقرأ الناس القرآن على ما أنزله الله تعالى وجمعه أمير المؤمنين-عليه السلام- ) [بحار الأنوار : 92/74] .(12/37)
-وكذلك ما أخبر به شيخهم نعمة الله الجزائري : (قد روي في الأخبار أنهم عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس إلى السماء ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين فيقرأ ويعمل بأحكامه ) [الأنوار النعمانية : 2/363-364] .
الأتجاه الثاني: أخبار جاءت لتزهيد الناس في القرآن الذي بين أيدينا، ومن حفظه فإنه يعسر عليه حفظ القرآن الذي يأتي به القائم .
ومن نصوص هذا الاتجاه : ما رواه المفيد بإسناده إلى جعفر الجُعفي عن أبي جعفر أنه قال: ( إذا قام قائم آل محمد صلى الله عليه وآله ، ضرب فساطيط، ويعلم الناس القرآن على ما أنزل الله عز وجل ، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم، لأنه يخالف فيه التأليف ) [الإرشاد: ص413] .
قلت : ولا يخفى أن هذه الرواية وأشباهها تجعل الشيعي لا يحرص كثيراً على تلاوة القرآن أو حفظه فضلاً عن تدبره والعمل به . والواقع يشهد بذلك فإنك تجد الشيعة لا يحرصون على تلاوة كتاب الله أو حفظه إيماناً منهم بالعقيدة المزعومة بظهور القرآن الذي كتبه علي رضي الله عنه ، وعهده به إلى الأئمة من بعده .
ومن تأمل هذه الرويات التي في هذا الصدد يجزم أنها مصنوعة والذي صنعها يبتغي الكيد للإسلام.
الاتجاه الثالث : أخبار تشير إلى وجود مصحف غير المصحف الذي بأيدينا ، لا يطلع عليه إلا الخواص . ومن روايات هذا الاتجاه : ما رواه المجلسي في بحار الأنوار : ( ... عن ابن عبد الحميد قال: دخلت على أبي عبد الله –رضي الله عنه- فأخرج إلي مصحفاً ، قال: فتصفحته فوقع بصري على موضع منه فإذا فيه مكتوب : (هذه جهنم التي كنتم بها تكذبان. فاصليا فيها لا تموتان فيها ولا تحييان ) . قال المجلسي : (يعني الأولين ) [بحار الأنوار:92/48] . أي أبا بكر وعمر !!(12/38)
- وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: دفع إلي أبو الحسن مصحفاً وقال: ( لا تنظر فيه، ففتحته وقرأت فيه : لم يكن الذين كفروا . فوجدت فيه اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم . قال: فبعث إليّ ، ابعث إليّ بالمصحف ) [أصول الكافي: 2/631] .
قلت : وهذا الاتجاه يدعم ما نشره محب الدين الخطيب لسورة الولاية . ولكن الحيرة تنتاب كل من يطالع هذه الرويات المتعارضة ، فإن كان عندهم مصحفاً فلم لم يخرجوه ويهتدي به العباد في دينهم ودنياهم ، وقد أمنوا في زمن الدولة الصفوية، ثم ما يمنعهم الآن وقد بُسط المذهب الشيعي في إيران وأظهروا شعائر دينهم، فأين القرآن المزعوم، ولما ذا يتسترون بالتقية ؟ ! . ثم إن كان المصحف عند إمامهم المنتظر فما هذا المصحف الذي تشيره إليه هذه الروايات، وقد أخبر عنه ابن النديم : ( بأنه رأى قرآناً بخط علي يتوارثه بيت من البيوت المنتسبة للحسن ) . [الفهرست: ص28 ].
وخلاصة القول:
أن الشيعة مضطربة حائرة في كتاب ربها، هل تقرأ في الكتاب الموجود الآن ؟ هل تحفظه؟ هل تعمل به ؟ أو تنتظر حتى يقوم القائم ؟ ! .
وأهل السنة والجماعة كفتهم آية في كتاب ربهم : {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} . وهي تقضي على كل خبر مهما علا سنده أو تواتر نقله . فلله الحمد والمنة على برد اليقين في القلوب.
ثالثاً: هل الشيعة مجتمعة علىهذه العقيدة ، مع بيان اختلاف مشايخ وعلماء الشيعة في مسألة هل القرآن ناقص أو محرف ومبدل ! .
أ – موقف علماء الشيعة المتقدمين :
وبعد فإن الناظر في كتب الشيعة والمطلع عليها ليحتار أشد الحيرة عندما يرى اختلافهم وتناقض أقوالهم على مسألة تُعد من أهم مسائل الدين، وهو بيان المصدر الأول للتشريع : هل هو محفوظ بحفظ الله ؟ أم أنه قد ناله التحريف والتبديل والنقصان ؟
أقول: انقسم علماء الشيعة في تقرير هذه المسألة إلى فريقين :(12/39)
الفريق الأول وهم الأقل:أنكروا أن يكون القرآن قد ناله النقص أو التحريف والتبديل . ومنهم :
1- ابن بابويه القمي (ت381هـ) يلقب عند الشيعة بالصدوق، صاحب (من لا يحضره الفقيه) وهو أحد صحاحهم الأربعة في الحديث والموصوف عندهم برئيس المحدثين . أنكر مقالة التحريف وقال : (اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبينا محمد هو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ... . ومن نسب إلينا أنا نقول أكثر من ذلك فهو كاذب )[الاعتقادات: ص 101-102] .
2- أبو الفضل الطبرسي صاحب كتاب (مجمع البيان) وهو غير الطبرسي الآخر صاحب كتاب (الاحتجاج) . حيث أنكر الطبرسي الأول هذه المقالة وبرأ الشيعة منها فقال: (ومن ذلك الكلام في زيادة القرآن ونقصانه، فإنه لا يليق بالتفسير ، فأما الزيادة فيه فمجمع على بطلانها، وأما النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامة أن في القرآن تغييراً ونقصاناً، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه وهو الذي نصره المرتضى قدس الله روحه ... ) [انظر مجمع البيان : 1/31] . . قلت : وفي قوله –آخر كلامه- إن حشوية العامة خالفوا في ذلك . مراده بذلك أن أهل السنة اختلفوا في هذه المسألة كما اختلف الشيعة . وهذا كذب ترده كتب أهل السنة قاطبة، فإنهم أجمعوا على أن القرآن الذي بأيديهم تام كامل محفوظ بحفظ الله . ولكنه –أي الطبرسي – حاول أن يجد لقومه العذر في هذا الاختلاف، فأراد أن يشرك أهل السنة مع بني قومه في هذا الاختلاف الضال .(12/40)
3- الشريف المرتضى (ت436) كان ينكر هذه المقالة ويكفر من قال بها: (إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب المسطورة، فإن العناية اشتدت والدواعي توافرت على نقله وحراسته .... [إلى أن قال:] فكيف يجوز أن يكون مغيراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد... [انظر أصول مذهب الشيعة الإمامية 1/293]
4- الطوسي (ت450) صاحب كتابين من كتب الحديث الأربعة المعتمدة عندهم، وصاحب كتابين من كتب الرجال الأربعة المعتمدة عندهم . يقول: (وأما الكلام في زيادته ونقصانه ممما لا يليق به أيضاً، لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها، والنقصان منه فالظاهر أيضاًَ من مذهب المسلمين خلافه وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا، ورويت روايات كثيرة من جهة العامة والخاصة بنقصان كثير من آي القرآن ونقل شيء منه من موضع إلى موضع، لكن طريقها الآحاد التي لا توجب علماً، فالأولى الإعراض عنها، وترك التشاغل بها لأنه يمكن تأويلها...) [التبيان : 1/3] .
وبعد أن سقنا كلام بعض مشايخ الشيعة علمائها المعتبرين عندهم، لا بد أن نذكر جملة من كلام الطرف الآخر المؤيد لمقالة وقوع النقص والتحريف في كتاب الله عز وجل . فمنهم :
1- شيخهم المفيد (ت413هـ) فقد سجل في كتابه أوائل المقالات إجماع طائفته على وقوع النقص والتحريف في القرآن فقال: (إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الطاعنين فيه من الحذف والنقصان ) [أوئل المقالات ص54] . .(12/41)
2- علي بن إبراهيم القمي –شيخ الكليني صاحب الكافي – له تفسير باسمه (تفسير القمي ) حشاه من هذا القول المفترى وصرح في مقدمته بهذا [انظر على سبيل المثال : تفسيره 1/84، 100، 110، 118 .. ]. قال الكاشاني –وهو من شيوخ الشيعة- عن تفسيره : (فإن تفسيره مملوء منه وله غلو فيه ) [تفسير الصافي : 1/52]. ونود أن نشير إلى أن علي بن إبراهيم القمي هذا معظم عند بعض المعاصرين ككبير علماء الشيعة اليوم (الخوئي ) فهو يوثق روايتها كلها فقال: (ولذا نحكم بوثاقة جميع مشايخ علي بن إبراهيم القمي الذي روى عنهم في تفسيره مع انتهاء السند إلى أحد المعصومين ) [أبو القاسم الخوئي: معجم رجال الحديث : 1/63] .
3- الكليني (ت328هـ) وهو يلقب عند الشيعة بـ (ثقة الإسلام) ومؤلف أصح كتاب من كتبهم الأربعة المعتمدة في الرواية وهو (الكافي ) وروياته عند شيوخ الشيعة في أعلى درجات الصحة . يقول الكليني : ( إن القرآن الذي جاء به جبرائيل إلى محمد (ص) [هكذا] وآله وسلم ، سبعة عشر ألف آية ) [أصول الكافي : 2/134] . والمعلوم أن آيات القرآن أقل من هذا العدد بكثير، ومعنى القول : أن هناك آيات كثيرة ساقطة من القرآن . ولذا فإن الكاشاني يقول عن الكليني : (إنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن ، لأنه روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي ولم يتعرض لقدح فيها مع أنه ذكر في أول كتابه أنه يثق بما رواه ) [تفسير الصافي: المقدمة السادسة ص 52] ط: الأعلمي .(12/42)
4- ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي : مؤلف كتاب : (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب ) . وهذا الكتاب هو الذي أظهر خلاف الشيعة في هذه المسألة، أو بمعنى آخر أجج الخصومة بين الشيعة، حيث حشد فيه من الأدلة وأقوال من سبقوه على إثبات التحريف والنقص في كتاب الله ، ورد على المخالفين الذين ينكرون التحريف . ولا نحتاج إلى أن نعزو شيئاً من صفحاته، بل تأمله من أوله إلى منتهاه فإنه لا تخلو صفحة منه من تقرير أن القرآن الذي بأيدينا ناقص ومحرف ومبدل .
هذا غيض من فيض ولقد تركنا ذكر بعض مشايخ الشيعة خوفاً من الإطالة، ونكتفي بسرد سريع لهم :
6- العياشي في تفسيره (1/13،168،169).
7-فرات بن إبراهيم الكوفي ( تفسير فرات : ص18، 85)
8- محمد بن إبراهيم النعماني ، كتاب الغيبة (ص218).
9- إبو القاسم الكوفي : كتاب الاستغاثة (ص29).
10-الطبرسي (صاحب كتاب الاحتجاج ) (ص14).
11-المجلسي (ت1111) (مرآة العقول : 2/536).
12- نعمة الله الحزائري : الأنوار النعمانية 2/356 .
13-المازندراني (ت1081) شارح الكافي : (11/76)
وغيرهم .
ولكن ومع ظهور مقالات الشيعة وتكاثرها في كتبهم إلا أنك لا تظفر بشيء منهم فيما لو ناقشتهم في هذه المسألة، فتارة يحيلونك إلى التقية، وتارة إلى أن هذا الأمر لم يكن من طريق التواتر، وغير ذلك من الطرق الملتوية التي يلبسونها على غير شيعتهم، ولكنهم فيما بينهم مختلفون، فمنهم من يقر بهذا التحريف وأنه واقع في القرآن وهم الأكثر ، ومنهم من لا يقر به وهم القليل . وصاحب كتاب فصل الخطاب : يهون من شأن المخالفين له ويصف بعضهم بقلة العلم كما قاله في حق الطوسي ، قال: (والطوسي في إنكاره [يعني لتحريف القرآن ] معذور لقلة تتبعه الناشيئ من قلة تلك الكتب عنده) [فصل الخطاب ورقة 175] .(12/43)
أو يلجأ إلى التقية إن لم يجد ما يفند به قول خصمه . وأما الخلاف بينهم فهو واقع وتشهد به كتبهم . والحمد الله الذي هدانا ولم يضلنا في كتابه .
ب: موقف علماء الشيعة المعاصرون وكتابها من عقيدة نقصان القرآن وتحريفه .
اختلف علماء الشيعة المعاصرون في هذه المسألة كما اختلف اسلافهم، ولكن مع اختلاف بسيط فيما بينهم . وسوف يأخذ البحث محورين :
المحور الأول : إنكار بعض المعاصرين من الشيعة لمقالة التحريف .
المحور الثاني: الاعتراف بوجود هذه المقالة في كتبهم ومحاولة تبريرها .
فالأول: إنكار بعض المعاصرين من الشيعة لمقالة التحريف .
ومنهم :
1- عبد الحسين الأمين النجفي في كتابه الغدير . حيث خطأ ابن حزم في نسبة هذه المقالة إلى شيعته ، فقال : (ليت هذا المجتريء أشار إلى مصدر فريته من كتاب للشيعة موثوق به، أو حكاية عن عالم من علمائهم تقيم له الجامعة وزناً.... ثم قال : وهذه فرق الشيعة في مقدمتهم الإمامية مجمعة على أن ما بين الدفتين هو ذلك الكتاب لا ريب فيه ) [الغدير: 3/94-86] .
والجواب عنه : قول النجفي هذا تقية بلا شك ، وإلا هل يُعقل أن يجهل شيخ من شيوخهم ما تحتويه بعض كتب الشيعة من إنكار هذه الفرية ، أو حتى ذكر الخلاف فيه . وقوله إن الإمامية مجمعة على ذلك : كذب لا شك فيه، تكذبه كتب الشيعة . وقد سقنا في الحلقات الماضية ما يثبت ذلك من واقع كتبهم .
2- عبد الحسين شرف الدين الموسوي قال: (نسب إلى الشيعة القول بالتحريف بإسقاط كلمات وآيات، فأقول نعوذ بالله من هذا القول ونبرأ إلى الله من هذا الجهل، وكل من نسب هذا الرأي إلينا جاهل بمذهبنا أو مفتر علينا، فإن القرآن الحكيم متواتر من طرقنا بجميع آياته وكلماته ) [أجوبة مسائل جار الله : 28-29] . .(12/44)
والجواب عنه : أما تعوذه بالله من هذا القول فنحن نوافقه على ذلك، وأما إنكار نسب هذا القول لبعض مشايخ الشيعة فيقال فيه ما قيل في الجواب السابق . ولكن ينبغي أن يلحظ أن قوله : ( فإن القرآن الحكيم متواتر من طرقنا .. ) . ففي هذا القول إيهام للقاريء . فماذا يقصد من طرقنا ؟ فإن كان يقصد من طريق المسلمين جميعهم فنحن نوافقه، فالقرآن تواتر عند المسلمين جميعهم . وإن كان يقصد تواتر من طرقهم أي من طرق الأئمة المعصومين، أي القرآن المنتظر الغائب، فهذا هو الذي لانوافقه عليه بل نضلل قائله .
3- لطف الله الصافي، وأغا برزك الطهراني . حيث ذهبا إلى محاولة (غبية مكشوفة ) في بيان قصد النوري الطبرسي من تأليفه كتاب (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) . فقالا: إن مراد المؤلف هو الرد على من أثبت هذه الفرية، والقصد من تأليفه هو محاربة هذه المقالة !! .
والجواب عنه : أن اسم الكتاب ظاهر من عنوانه لا يحتاج معه إلى تأويل . وثانياً : أن مؤلف الكتاب نفسه قد صرح بهذا الغرض في مقدمة كتابه ، وكتابه كله في تقرير هذه المسألة وبيان وقوع التحريف والنقص في كتاب الله . وبهذا يتبين فساد قول الصافي والطهراني .
المحور الثاني: الاعتراف بوجود هذه المقالة في كتب الشيعة ومحاولة تبريرها .
وهذا الصنف من علماء الشيعة لم يسعهم إنكار ما سطرته كتبهم واطلع عليها المسلمون وغيرهم ، فلم يمكنهم من إنكار ما تحويه كتبهم فيكونوا مكذبين لعلمائهم ومشايخهم ، فذهب أولئك إلى تلمس الأعذار وجلب التأويلات، والبحث في بطون كتبهم علهم يجدون شيئا يتشبثون به . وقد اختلفوا في تبرير هذه المقالة، وهي محاولة منهم لحفظ عقيدة الشيعة من الظهور أمام المسلمين بمخالفتها لما استقر عندهم من حفظ الله لكتابه .(12/45)
1- فذهبت طائفة إلى القول : أن الروايات التي فيها ذكر هذه المقالة : (ضعيفة شاذة وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً ، فأما أن تؤول بنحو من الاعتبار أو يضرب بها الجدار )[محمد حسين آل كاشف الغطا (أصل الشيعة 63-64)] .
والجواب عنه :
إن ذكر أن هذه الأخبار ضعيفة وشاذة وأخبار آحاد ، لا يستقيم مع ما ذكره علمائهم ومشايخهم المعتبرين عندهم كالمفيد والكاشاني والمجلسي الذين صرحوا باستفاضة هذه الروايات وتواترها عندهم وشهرتها وصحتها . واعتماد هذا القول من شيخهم المعاصر ينسف ما قرره أولئك الاوائل ! . فبأي قول تأخذ الشيعة ؟ أم أن الأمر يعود تقية ؟ هذا ما نخشاه ! .
2- وذهبت طائفة إلى القول بأن القرآن الذي بأيدينا ليس فيه تحريف ، ولكنه ناقص قد سقط منه ما يختص بولاية علي ( وكان الأولى أن يعنون المبحث تنقيص الوحي أو يصرح بنزول وحي آخر وعدمه حتى لا يتمكن الكفار من التمويه على ضعفاء العقول بأن في كتاب الإسلام تحريفاً باعتراف طائفة من المسلمين ) [أغا برزك الطهراني (الذريعة3-313)] . .
والجواب عنه :
ما الفرق بين أن يقال تحريف القرآن ، أو تنقيص القرآن ؟ . كلاهما تلاعب بالآيات. والدعوى بأن ما سقط هو ما يختص بولاية علي رضي الله عنه، هو تأكيد لما يقرره جمهور الشيعة من وجود النقصان في القرآن الذي بأيدينا ! . ولا يخفى عليك أخي ما تحمله كلمة (باعتراف طائفة من المسلمين ) . فهو يريد التلبيس على المسلمين بأن فيهم من قال بهذه المقالة، والحق أن هذا القول انفرد به الشيعة دون غيرهم من الطوائف .(12/46)
3- وذهبت طائفة إلى القول : بأن القرآن الذي بين الدفتين هو كلام الله الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم بدون زيادة ولا نقصان ، ولكن : ( أننا معاشر الشيعة –الاثني عشرية – نعترف بأن هناك قرآناً كتبه الإمام علي رضي الله عنه بيده الشريفة، بعد أن فرغ من كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنفيذ وصاياه، فجاء به إلى المسجد النبوي فنبذه الفاروق عمر بن الخطاب قائلاً للمسلمين حسبنا كتاب الله وعندكم القرآن فرده الإمام علي إلى بيته ولم يزل كل إمام يحتفظ به كوديعة إلهية إلى أن ظل محفوظاً عند الإمام المهدي القائم عجل الله تعالى فرجنا بظهوره ) [الخراساني (الإسلام على ضوء التشيع : 204)] . .
والجواب عنه :
إن كان مصحف علي رضي الله عنه ، كما كان عند ابن مسعود مصحف خاص به، لا يختلف عن مصاحف المسلمين، فلا حاجة بنا إلى رد هذه المقالة لا تفاقنا وإياهم على ذلك . وإن كان مصحف علي رضي الله عنه الذي عهد به إلى الأئمة بعده يخالف ما عندنا وفيه زيادة على القرآن الذي بين أيدينا ، عاد الأمر إلى أصله وهو أننا نقرأ في قرآن ناقص، وأن قوله تعالى : {إنانحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} ليس على حقيقته . –نعوذ بالله من ذلك - . ثم إن غياب هذا المصحف طوال هذه القرون إلى أن يظهر المهدي فيه إشقاق على الناس وضلالهم عن الهدى .
4- وطائفة تقول : (وقع بعض علمائنا المتقدمين بالاشتباه فقالوا بالتحريف ولهم عذرهم، كما لهم اجتهادهم ، وإن أخطأوا بالرأي، غير أنا حينما فحصنا ذلك ثبت عندنا عدم التحريف فقلنا به وأجمعنا عليه ) [الشيعة والسنة في الميزان، محاكمة بقلم س خ ، نشر نادي الخاقاني ص 48-49] .
والجواب عنه :(12/47)
ونحن نقول بأن القرآن لم يحرف ، وأن جمهور علماء الشيعة كانوا في ضلال في هذا الباب، ونحن نطالب بأن يكون هذا هو الذي تجمع الشيعة عليه الآن لا تقية . ولكن الواقع يكذب ذلك ولا يصدقه، فما تزال بعض الكتب المعاصرة الشيعية تطفح بهذا المقالة وتنصرها، وإن كان الأعم الأغلب منها يقررها ولكن بطرق خفية .
والحاصل : أن المعاصرين من علماء الشيعة إن كانوا صادقين فيما يدعونه فليظهروا هذا الأمر وليطبقوه واقعاً وليشهروه علنا صريحاً بلا مواربة . أما سرد العبارات الملبسة أو الصريحة المغلفة بالتقية بدون عمل فلا . ويبقى الأمر في خلفهم كما هو في سلفهم .
11- السنة عند الشيعة، وطرق تلقي العلم والوحي عند الأئمة .
يذكر بعض علماء السنة أن الشيعة وبعض الفرق الأخرى رفضوا الأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لتكفيرهم الصحابة رواة الأخبار . [انظر الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي ص322] . ولكن جاءت بعض الأخبار في كتب الشيعة لتنفي هذا الزعم الذي أُلصق بها ومن ذلك قولهم عن أئمتهم: (أن كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف ) [البهبودي/ صحيح الكافي : 1/11] .
ولكن الناظر في كتب الشيعة والمدقق لها يجد روايات أخرى كثيرة تخالف ما قرروه سابقاً، بل إنك لتعجب من مخالفتهم لما قرره علماء الإسلام في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم - الأصل الثاني-من أصول التلقي- المفسر لكتاب الله الشارح له- على مدى قرون طويلة . وسوف نعرض لشيء من هذه المخالفة على وجه الإيجاز، وإلا فبسطه يطول جداً .(12/48)
1- وأول شيء تطالعنا به كتبهم أن إتصال السند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديثهم ليست لازمة في صحة النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل يكفي أن يروي إمامهم المعصوم الحديث، فيُعلم بذلك صحته ونسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بل عندهم أن الإمام المعصوم إذا حدث بحديث يجوز لك أن تقول : قال الله !! .
يقول عبد الله فياض–أحد الشيوخ المعاصرين- : (إن الاعتقاد بعصمة الأئمة جعل الأحاديث التي تصدر عنهم صحيحة دون أن يشترطوا إيصال سندها إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما هو الحال عند أهل السنة ) [تاريخ الإمامية : 140] . ويصف محمد رضا المظفر ذلك بأنه ( استمرار للنبوة ) [عقائد الإمامية : 66] .
ويقول المازندراني شارح الكافي : (يجوز من سمع حديثاً عن أبي عبد الله-رضي الله عنه- أن يرويه عن أبيه أو عن أحد من أجداده، بل يجوز أن يقول قال الله تعالى !!) [المازندراني: شرح جامع على الكافي : 2/272] .
قلت : وبهذا يُنسف كل ما قرره علماء الحديث وغيرهم لثبوت صحة الحديث المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتصال السند وعدالة رواته، وموافقته للأصول العامة في متنه، وعدم غرابته ونكارته، وعدم مخالفته للقرآن والأحاديث الصحيحة الأخرى...إلخ . كل هذا يُنسف برواية عن إمامهم المعصوم ! . ليس لها زمام ولا خطام .
وإن اعتقاد هذا يفتح باب الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الله . نسأل الله العافية .
2- جعل الشيعة الإمامية لأئمتهم سنة معتبرة كما لرسول الله صلى الله عليه وسلم !، وفي هذا يقول محمد تقي الحكيم : (وألحق الشيعة الإمامية كل ما يصدر عن أئمتهم الا ثنا عشر من قول أو فعل أو تقرير بالسنة الشريفة ) [سنة أهل البيت : ص 9] .(12/49)
ومن هذا ومما سبق يتضح أن الشيعة الإمامية جعلت كلام أئمتها حجة واجب الاتباع من طريقين : الأول كونها سنة معتبرة كسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم طريقها الوحي، والثاني : أنهم يأخذون علمهم من الأئمة المعصومين قبلهم . وبهذا فإن الشيعة لا مناص لها ولا محيد عنها من الأخذ بما يقوله أئمتهم وقبوله على وجه الإذعان والتسليم حتى ولو خالف النصوص القرآنية أو الأحاديث الصريحة الصحيحة، بل حتى ولو خالف إجماع المسلمين .
3- طرق تلقي العلم عند الأئمة يكاد يضاهي بل ضاهى ما يحصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند تلقيه للوحي من ربه . ويبين هذا رواية في الكافي عن موسى بن جعفر قال –كما يزعمون - : ( مبلغ علمنا على ثلاثة وجوه : ماض ، وغابر ، وحادث . فأما الماضي فمفّسر، وأما الغابر فمزبور ، وأما الحادث فقذف في القلوب ونقر في الأسماع وهو أفضل علمنا ولا نبي بعد نبينا ) [أصول لكافي : 1/264] .
قلت: يعنون بالماضي المفسر هو ما حدث به رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأما الغابر المزبور : فهو ما كتبه علي بن أبي طالب رضي الله عنه بيده إملاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من الملائكة مثل الجامعة . وأما الحادث : فهو علمٌ يحدث لأئمتهم المعصومين من الله مباشرة بلا واسطة ملك، ثم هذا الحادث متنوع فهو إما قذف في القلوب فيحدث العلم في قلب الإمام المعصوم بمجرد القذف، وإما نقر في الأسماع حيث يحدثه الملك بما كان أو يكون أو نحو ذلك .(12/50)
ثم قال : (وهو أفضل علمنا ولا نبي بعد نبينا ) . أقول: إن هذه الجملة الأخيرة تناقض ما ذُكر قبل ، وبيانه : أن النبي بشر كسائر الناس إلا أن الله اصطفاه وخصه بالرسالة وبالوحي لتبليغ شرع الله ودينه إلىالناس . قال تعالى آمراً نبيه أن يقول : {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي .. الآية } [الكهف : 110] . ولكن ما يحدث للأئمة المعصومين عند الشيعة الإمامية من تلقي الوحي والنكت في الأسماع والقذف في القلوب، لهو من خصائص النبوة والرسالة التي لا تكون لأحد غيرهم، وبهذا يظهر أن الذي وضع هذه الرواية لم يُحسن سبكها ! .
4- اعتقاد أن هناك علماً ووحياً إلهياً مودعاً عند الأئمة المعصومين . و لا يظهر إلى عند الحاجة إليه . يقول شيخهم محمد بن حسين آل كاشف الغطا –وهو من المعاصرين- : ( أن حكمة التدريج اقتضت بيان جملة من الأحكام وكتمان جملة ، ولكنه –سلام الله عليه - أودعها عند أوصيائه : كل وصي يعهد به إلى الآخر لينشرها في الوقت المناسب لها حسب الحكمة من عام مخصص، او مطلق أو مقيد، أو مجمل مبين، إلى أمثال ذلك . فقد يذكر النبي عاماً ويذكر مخصصه بعد برهة من حياته، وقد لا يذكره أصلاً بل يودعه عند وصيه إلى وقته ) [أصل الشيعة ص 77] . ويقول شيخهم بحر العلوم –وهو معاصر أيضاً - : (لما كان الكتاب العزيز متكفلاً بالقواعد العامة دون الدخول في تفصيلاتها، احتاجوا إلى سنة النبي ... والسنة لم يكمل بها التشريع !، لأن كثيراً من الحوادث المستجدة لم تكن على عهده صلى الله عليه وسلم ، احتاج أن يدخر علمها عند أوصيائه ليؤدوها عنه في أوقاتها ) [مصابيح الأصول: ص 4] . وذهب إلى مثل ذلك آيتهم العظمى شهاب الدين النجفي في تعليقه على إحقاق الحق : 2/288-289 .(12/51)
قلت : سبق بيان كلام الغطا والرد عليه، وأما بحر العلوم: فنقول له ولشيعته : نعم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم جاءت بالقواعد العامة والضوابط والأصول ولم تدخل في كل جزئية إذ هذا متعذر ويصعب حفظه وضبطه – إلا ما دعت الحاجة إلى تفصيله- ، وهذا من عظمة التشريع وحكمة الباري إذ جعل قواعد وأصول تُرد إليها الجزئيات والتفصيلات الدقيقة في كل ما يستجد للناس من أحوال ، ولو أن الشريعة جاءت بتفصيلات فقط لوقعنا في حرج عظيم الآن لما يحصل من مستجدات ونوازل يحتاج معها إلى حكم يوافق الشرع . وقوله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ادخر هذا العلم عند الأوصياء ، فنقول له : {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } . ولن تجد ذلك أبداً إلا في روياتهم عن أئمتهم ! . وقد سبق الكلام على ما تزعمه الشيعة من وجود علم لا يعلمه إلا آل البيت مما جعل أبو جحيفة يسأل علي بن أبي طالب عن ذلك، فعن أبي جحيفة قال: ( سألت علياً : هل عندكم شيء ليس في القرآن؟ فقال: لا ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما عندنا إلا ما في القرآن ، إلا فهما يعطيه الله الرجل في كتابه ... الحديث ) والحديث مخرج في البخاري .
5- بقي أن يقال ما موقف الشيعة الإمامية من السنة التي بين أيدينا، مع أنهم يستشهدون بها أحيانا في كتبهم . والجواب عن ذلك أن يقال: هم يستشهدون بها في كتبهم لإقناعنا بطروحاتهم وأفكارهم، ليس إلا ، وإلا فهل يعقل أن يؤخذ الحديث عن كافر ؟ لأنهم يعدون جل الصحابة كفاراً ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولهذا فهم لا يذكرون الأحاديث التي تُظهر بطلان عقيدتهم وإن ذكروها أولوها وبدلوا في معناها . اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه . آمين .
12 - بداية تدوين الحديث عند الشيعة(12/52)
ليس مقصودنا هنا تتبع بداية تدوين الحديث والكلام على كتب الحديث عندهم ومناقشتها من الناحية الحديثية، لا . وإنما غرضنا هو بيان للمعتقدات التي ارتكزت على هذه الكتب هل كانت تقوم على أسس وقواعد اصطلاحية كتتبع الأسانيد وبيان عدالة الرواة، ونقد المتن وهل هو موافق للأصول والقواعد الشرعية العامة، أو للقرآن ، أو للأحاديث الأخرى .
- فأول كتاب ظهر للشيعة وهو كتاب سليم بن قيس الهلالي، وقد صرح بهذا ابن النديم في الفهرست [219] . والشيعة تعظم أمر سليم بن قيس، وكثير من كتبهم تعتمد على الأصول التي وردت في كتاب سليم بن قيس . ولكن بعض علماء الشيعة ينفي نسبة هذا الكتاب لهم وأظهروا فيه من التناقضات والأخطاء التي يظهر بها بطلان نسبة هذا الكتاب إلى الشيعة وأنه منحول عليهم . وقد تستغرب أن ينفي بعض علماء الشيعة نسبة هذا الكتاب إليهم مع أن كتبهم تذهب إلى بعض ما قُرر في هذا الكتاب . وحتى يزول عجبك اعلم أن سبب نفيهم للكتاب كان من أجل أن مؤلفه صرح بأن الأئمة ثلاثة عشر . بينما كتبهم ورواياتهم تنص على أنهم أثني عشر ، وهذا تناقض صارخ، فما كان منهم إلا أن ينقدوا الكتاب ويظهروا عواره للناس حتى لا يكون هناك تناقض بينه وبين كتبهم . ولكن يقال لمن نفى نسبة هذا الكتاب إليهم : أنتم فررتم من شيء ووقعتم في آخر أعظم منه، وهو أن بعض العقائد والأقوال والمرويات في كتاب سليم بن قيس الهلالي-وهو أقدم كتاب ينسب للشيعة-، تروى وتقرر في كتبكم، فكما أنكم نسفتم نسبة هذا الكتاب إليكم، ألا ينبغي أن يعاد النظر في المرويات والأقوال التي نادى بها كتاب سليم بن قيس وهو موجودة بنصوصها في كتبكم الآن ؟ ! .(12/53)
- وبعد ذلك يأتي في التسلسل الزمني كتاب (بصائر الدرجات في علوم آل محمد وما خصهم الله به ) لأبي جعفر القمي محمد بن الحسن بن فروخ الصفار القمي (ت290) هو أوسع كتاب يحوي أحاديثهم . وقد اعتبره بعض النقاد من المسلمين والشيعة و المستشرقين المؤسس الحقيقي لفقه الإمامية والناشر لمروياتها . [انظر أصول مذهب الإمامية : 1/352] .
وفي القرن الرابع جدد الكليني تأليف كتابه الكافي ، ثم تتابعت الكتب عند الشيعة بعد ذلك .
13- كتب الحديث المعتمدة عند الشيعة .
الكتب الرئيسية المعتمدة عند الاثني عشرية ، ثمانية كتب ، وهي مصادر أخبارهم وآثارهم . وهي كالتالي :
المصادر الأربعة المتقدمة وهي :
1- الكافي : لمحمد بن يعقوب الكليني . قال الشيخ ناصر القفاري : وهو يعد من أصح الكتب الأربعة المعتمدة عندهم ، وأنه كتبه في فترة الغيبة الصغرى التي بواسطتها يجد طريقاً إلى تحقيق منقولاته ... ، مع أنه الكتاب الوحيد من بين الكتب الأربعة التي ورد فيه أساطير الطعن في كتاب الله ، وبلغت أحاديث الكافي كما يقول العاملي : 16099 حديثاً .[أصول مذهب الإمامية 1/353 حاشية 4] .
قلت : أشدد على قول الشيخ : مع أنه الكتاب الوحيد من بين الكتب الأربعة التي ورد فيه أساطير الطعن في كتاب الله . اهـ . مما يوضح لك أن هذه الرويات في الطعن في كتاب الله مصنوعة منحولة ، وإلا لماذا لم تذكرها الكتب الأخرى وخصوصاً التي سبقتها ككتاب بصائر الدرجات للصفار !.
2-كتاب من لا يحضره الفقيه . لشيخهم محمد بن بابويه القمي . وقد اشتمل على 176 باباً و (9044) حديثاً ، وقد حذف أسانيدها لئلا تكثر الطرق عليه، وقال : بأنه استخرجها من كتب مشهورة عندهم وعليها المعول، ولم يورد فيها إلا ما يؤمن صحته . [انظر مقدمة الكتاب ] .(12/54)
قلت : حذف الأسانيد لئلا تكثر الطرق ليس سبباً كافياً عند أهل الحديث لقبول الحديث، و لا نرتضي حديثاً بدون زمام ولا خطام، ثم ننسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نقيم عليه ديننا ! . فما يكون صحيحاً عند محدث قد لا يكون صحيحاً عند آخر . ولكنهم قوم أعجزهم الإسناد لعلمهم بأن هناك نقاداَ سبروا الرجال ومحصوهم، وعرفوا الطرق وخبروها، وبينوا صحيحها من سقيمها . فخافوا إن هم سموا رجالاً أن يُفضحوا ، فأتوا بأحاديثهم وروياتهم هكذا لا يعرف سندها ولا رجالها وذلك ليتسنى لهم أن يضعوا من الحديث ما شاءوا .
3- كتاب تهذيب الأحكام .
4- كتاب الاستصار : وكلاهما لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 360هـ)
وقد أُلف تهذيب الأحكام لمعالجة التناقض والاختلاف الواقع في رواياتهم . وأما الاستبصار فهو يقع في ثلاثة أجزاء . وعدد أحاديثه حسب حصر المؤلف له (5511) وقال المؤلف : حصرتها لئلا يقع فيها زيادة أو نقصان . اهـ . ولكن جاء في كتاب الذريعة(2/14) أن عدد أحاديثه بلغت (6531) . مما يدل على أن الطبعات الأخيرة أضافت إليه أحاديث كثيرة لم يضعها المؤلف، مما يدل على أن أيدي التحريف بالزيادة والنقصان تلاعبت بكتاب الاستبصار .
- وهذه الكتب الأربعة قال عنها الفيض الكاشان (ت1091هـ)ي : (إن مدار الأحكام الشرعية اليوم على هذه الأصول الأربعة ، وهو المشهود عليها بالصحة من مؤلفيها ) [الوافي: 1/11] . وقال أغا بزرك الطهراني من المعاصرين : (الكتب الأربعة والمجامع الحديثية التي عليها استنباط الأحكام الشرعية حتى اليوم ) [الذريعة : 2/14] . [انظر أصول مذهب الإمامية /1/354-355] .
-ويلي ذلك المجاميع الأربعة أو المصادر الأربعة المتأخرة التي أُلفت في القرن الحادي عشر وهي :
1- الوافي : لمحمد بن مرتضى المعروف بملا محسن الفيض الكاشاني .(12/55)
2- بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار . لمحمد باقر المجلسي . قيل عنه إنه أجمع كتاب في الحديث .
3- كتاب وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة : لمحمد بن الحسن الحر العاملي، . وهو من أجمع الكتب عندهم وقد جمعها من الكتب المعتبرة الأربعة عندهم وزاد عليها من كتب أخرى .
4- كتاب مستدرك الوسائل لحسين النوري الطبرسي . وهذا الكتاب من المعاصرين من أيده بشدة كأغا بزرك الطهراني، ومنهم من انتقده كصاحب أحسن الوديعة .
14- الملاحظات العامة على كتب الشيعة الإمامية الثمانية .
نسوق هنا بعض الملاحظات التي ظهرت على الكتب الثمانية المعتمدة أو المصادر المعتمدة عند الشيعة :
أولاً : أن بعض هذه الكتب الثمانية إما جمعاً لبعض الكتب الأخرى أو اختصاراً لها، أو تلاعبت بها أيدي الشيعة بعد وضعها وتصنيفها من مؤلفها .
فكتاب الوافي : وإن عدوه أصلاً معتمداً فهو لا يعدوا أن يكون جمعاً لأحاديث الكتب الأربعة (الكافي-التهذيب- الاستبصار- من لا يحضره الفقيه )
وكتاب الاستبصار للطوسي : هو في حقيقته اختصاراً لكتاب تهذيب الأحكام للطوسي ، وقد صرح بذلك الطوسي في مقدمة الاستبصار فكيف يُعد أصلاً متسقلاً . [انظر : الاستبصار 1/ 2 ] .
وكتاب بحار الأنوار للمجلسي : جعله مؤلفه في (25) مجلداً ، وكان المجلد الخامس والعشرين كبيراً، فجاء من بعده وقسموه إلى قسمين فأصبح (26) مجلداً . ولما جاء المعاصرون أضافوا له كتباً كثيرة ليست من وضع المؤلف كجنة المأوى للنوري الطبرسي وغيره . فأصبح هذا الكتاب الذي أصله (25) مجلداً ، (110) مجلداً ! . بل ومن العجب أن المجلد الأول يحمل الرقم (0) صفر .(12/56)
ثانياً : تشابه كثير من مسائلهم الفقهية مع أهل السنة ، مما يؤكد ما ذهب إليه شيخ الإسلام من أن الشيعة أخذوا فقههم عن أهل السنة، وخالفوهم في أمور كثيرة . فما وافقوا أهل السنة فقد أصابوا ، وما خالفوهم فيه فقد ضلوا فيه وأخطأوا . قال شيخ الإسلام : (والحق أن أهل السنة لم يتفقوا قط على خطأ، ولم تنفرد الشيعة عنهم قط بصواب، بل كل ما خالفت فيه الشيعة جميع أهل السنة فالشيعة فيه مخطئون ... ثم قال : وإن كان كثير من المسلمين قد يخطئ ) [منهاج السنة النبوية : 3/98] . فنحن لا ننكر أن يكون من علماء أهل السنة من يخطئ ، ولكنهم إذا اتفقوا لايخرج الحق عنهم بحال أبداً .
ثالثاً : الأحاديث التي يرويها الشيعة سواء كانت منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى أئمتهم، لا يفرقون بينها في التلقي والعصمة ، فالكل حق عندهم .
وأما أهل السنة والجماعة فإنهم يفرقون بين الحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وبين من دونه . في العصمة والتلقي . فمن دون النبي صلى الله عليه وسلم دائرٌ بين القبول والرد، فإن وافق النصوص الشرعية قبل وإلا رد .
رابعاً : قلنا أن الكتب المعتمدة عندهم ثمانية أربعة منها متقدمة وهي الكافي ومن لا يحضره الفقيه ، وكتاب تهذيب الأحكام ، والاستبصار .
وأربعة منها متأخرة وهي : الوافي ، بحار الأنوار ، وسائل الشيعة، وكتاب مستدرك الوسائل .
وهذه الكتب المتأخرة لم تدون إلا بعد القرن الحادي عشر الهجري وآخرها تأليفاً هو كتاب مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي (ت 1320هـ ) .
والملاحظ على هذه الكتب أن فيها كماً هائلاً من الأحاديث لا توجد في الكتب الأربعة المعتمدة المتقدمة . وفيها ما يقرب من ثلاثة وعشرين ألف حديث عن الأئمة [انظر الذريعة : 21/7] .(12/57)
والسؤال الذي يطرح نفسه : أين السند الذي يثبت صحة هذه المرويات علىمدى أحد عشر قرناً ؟! . ويجيب عن هذا السؤال بعض علمائهم وشيوخهم : بأنه توفرت عندهم كتب كثيرة غير الكتب الأربعة المتقدمة، وفيها أحاديث كثيرة، وبها أخرجنا هذه الأحاديث .
ولكن هذه الحجة رد عليها شيخهم وعالمهم -المتقدم-الطوسي، فإنه قال : أنه جمع في كتابه تهذيب الأحكام جميع ما يتعلق بالفقه من أحاديث أصحابهم وكتبهم وأوصولهم لم يتخلف عن ذلك إلا نادر قليل وشاذ يسير . [الاستبصار : 1/2] .
خامساً : اختلاف وتضاد الروايات والأحاديث التي في كتبهم اختلافاً كثيراً متضاداً ، ولقد تألم شيخهم محمد بن الحسن الطوسي من هذا كثيراً لما آلت إليه كتبهم وأحاديث من التضاد والاختلاف والمنافاة والتباين ، وقال : (لا يكاد يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده، ولا يسلم حديث إلا وفي مقابلته ما ينافيه ) [انظر : تهذيب الأحكام : 1/ 2-3] . ثم حاول الطوسي أن يجد عذراً لقومه فأحال اختلاف الأمر إلى التقية ، ويالله كم ضيع دين الشيعة باسم التقية ! .
وكذا الفيض الكاشاني صاحب الوافي فقد اشتكى من ذلك كثيراً فقال عن علمائهم: (تراهم يختلفون في المسألة الواحدة على عشرين قولاً أو ثلاثين قولاً أو أزيد؛ بل لو شئت أقول لم تبق مسألة فرعية لم يختلفوا عليها أو في بعض متعلقاتها ) [الوافي ، المقدمة: ص 9] .(12/58)
بل اشتكى قبلهم إمامهم . جاء في رجال الكشي –أحد كتبهم المعتبرة في الرجال- : اشتكى الفيض بن المختار إلى أبي عبد الله قال : (جعلني الله فداك ، ماهذا الاختلاف الذي بين شيعتكم ؟ فقال: وأي الاختلاف ؟ فقال: إني لأجلس في حلقهم بالكوفة فأكاد أشك في اختلافهم في حديثهم .. فقال: أبو عبد الله أجل هو ما ذكرت أن الناس أولعوا بالكذب علينا ، وإن أحدث أحدهم بالحديث ، فلا يخرج من عندي ، حتى يتأوله على غير تأويله، وذلك أنهم لا يطلبون بحديثنا وحبنا ما عند الله، وإنما يطلبون الدنيا، وكل يحب أن يدعى رأساً ) [رجال الكشي: ص 135-136 ، وكذلك بحار الأنوار: 2/246] .
سادساً : أول كتاب في الرجال عند الشيعة كان في المائة الرابعة الهجرية ، وهو رجال الكشي، وهو كتاب في غاية الاختصار، وفيه أخبار متعارضة في الجرح والتعديل ، وفيه أخطاء كثيرة وواشتباه في أسامي الرجال أو آبائهم أو كناهم أو القابهم . [انظر: الممقاني/ تنقيح المقال: 1/177] . بل قال الطوسي –وهو قد جمع ثلاثة كتب في رجال الشيعة- : (إن كثيراً من مصنفي أصحابنا ينتحلون المذاهب الفاسدة-ومع هذا يقول- إن كتبهم معتمدة ! ) [انظر الفهرست للطوسي : ص24-25] . وكلام الطوسي هذا يشعر بأن فساد المذهب ليس بلازم في تحقيق الرواية وقبولها ما دام أنه ينتنحل المذهب الشيعي ! .
قاصمة :(12/59)
تعتمد كثيراً من مرويات الشيعة على رجال يكثر ذكرهم في الأسانيد، كجابر الجعفي وزرارة بن أعين . وهاذان قد أكثر الأئمة من ذمهما بل ولعنهما، ومع ذلك فإن كتب الشعية تروي لهما الكثير من الأحاديث . يقول الحر العاملي عن جابر الجعفي : ( روى سبعين ألف حديث عن الباقر عليه السلام وروى مائة وأربعين ألف حديث، والظاهر أنه ما روى بطريق المشافهة عن الأئمة عليهم السلام ) [وسائل الشيعة : 20/151] . وذكر الخوئي أن مجموع رواياته ف كتبهم الأربعة تبلغ : (2094) مورداً . [الخوئي / معجم رجال الحديث : 7/247] .
وإذا علمنا أن مجموع أحاديث الكتب الأربعة لم تبلغ سوى (44244) حديثاً [انظر : أعيان الشيعة : 1/280] . تبين لنا أن هذين قد رويا كثيراً من أحاديث الشيعة وهي معتمدة عندهم ولها قبول .
جاء في رجال الكشي : أن زرارة بن أعين قال : (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أحاديث جابر ؟ فقال ما رأيته عند أبي قط إلا مرة واحدة، وما دخل علي قط ) [رجال الكشي: ص191 ] . وطبعاً جنح شيوخ الشيعة إلى حمل هذه الرواية علىالتقية [انظر : معجم رجال الحديث : 5/25 للخوئي ] . وقال النجاشي عن الجعفي : (وكان في نفسه مخلطاً ) [رجال النجاشي/ ص100] . وقال هاشم معروف : (إن جابر الجعفي من المتهمين عند أكثر المؤلفين في الرجال ) [الموضوعات في الآثار والأخبار : 234] .
ومما قاله أهل السنة في جابر الجعفي ، قال أبو حنيفة : (ما رأيت أحداً أكذب من جابر الجعفي)، وقال ابن حبان : (كان سبئيا من أصحاب عبد الله بن سبأ ..)، وقال جرير بن عبد الحميد : (لا استحل أن أحدث عن جابر الجعفي ، وقال هو كذاب يؤمن بالرجعة ) [انظر : العقيلي / الضعفاء الكبير : 1/196، وابن حبان / المجروحين : 1/208] .(12/60)
وأما زرارة بن أعين : فقد تكلم فيه علماء الحديث من أهل السنة وأجمعوا على أن زرارة بن أعين لم يرى أبا جعفر فكيف يحدث عنه . [انظز لسان الميزان : 2/474] . وبالتأكيد أن الشيعة لاتقبل كلاماً من نقاد الحديث من أهل السنة . ونقول لهم جاء في الفهرست للطوسي : أن زرارة بن أعين من أسرة نصرانية وجده يدعى (سنسن ) كان راهباً في بلاد الروم، وكان أبوه عبداً رومياً لرجل من بني شيبان . [الفهرست للطوسي : 104] .
وفي رجال الكشي : قال أبو عبد الله : (ما أحدث أحد في الإسلام ما أحدث زرارة بن أعين من البدع عليه لعنة الله ) [رجال الكشي : 149] .
وقال: ( زرارة شر من اليهود والنصارى ، ومن قال : إن مع الله ثالث ثلاثة ) [رجال الكشي: 160] . ونقل الكشي أن ابا عبد الله لعنه ثلاثاً وقال: (إن الله نكس قلب زرارة ..) [رجال الكشي : 160] .
ونقول : ما مصير الروايات التي جاءت من طريق هذين ؟ سؤال ننترك الإجابة عليه لكل شيعي ! ؟
[انظر هذا المبحث بتوسع في : منهاج السنة المجلد الثالث .
و أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية للشيخ ناصر القفاري حفظه الله . ( 1/ 353-366 ]
15- حقيقة الإجماع عند الشيعة ! .
الإجماع هو الأصل الثالث عند المسلمين بعد الكتاب والسنة .
يقول الله في محكم كتابه : {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً } . استدل بهذه الآية علماء الإسلام على أن المخالف لما أجمع عليه المسلمون، متبع لغير سبيل المؤمنين، وخارج عنهم، وبهذا استدل الشافعي وغيره على تحريم مخالفة الإجماع . مع الرويات الكثيرة عنه صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة : لا تجتمع على ضلالة . والحديث تكلم عليه كثير من نقاد الحديث . واستشهد به كثير من أصحاب الأصول إحتجاجاً به .
والشيعة هل تقول بهذا الأصل كأهل السنة والجماعة ؟(12/61)
كعادتنا لن نسوق كلام أهل السنة في بيان ما ذهب إليه الشيعة في هذا الجانب، ولكن سوف نحاجهم بكتبهم وكلام علمائهم ومشايخهم .
يقول ابن المطهر الحلي : (الإجماع إنما هو حجة عندنا )، وليت هذا الأمر يقف عند هذا الحد فنسلم لهم بموافقة أهل السنة على ذلك؛ بل إن الشيعة تنحو منحىً آخر في تفسير معنى الإجماع .
فالاجماع عندهم لا ينعقد و لايصح إلا إذا كان موافقاً لقول المعصوم . فيقول المطهر بن الحلي : (الإجماع إنما هو حجة عندنا لا شتماله على قول المعصوم، فكل جماعة كثرت أو قلت كان قول الإمام في جملة أقوالها ، فإجماعها حجة لأجله، لا لأجل الإجماع ) [تهذيب الوصول إلى علم الأصول : ص 70] .
وعلى هذا لو اجتمع علماء المسلمين كلهم من السنة والشيعة لم ينعقد الإجماع إلا إذا وافق قول الإمام المعصوم ، ولو اجتمع اثنان من العلماء لكان اجماعاً معتبراً !! . وبهذا يتبين أن الأجماع عند الشيعة ليس من شرطه إجماع الأمة؛ بل بوجود نص المعصوم . ففي معالم الدين قالوا: (أما الإجماع فعندنا هو حجة بانضمام المعصوم ، فلو خلا المائة، من فقهائنا عن قوله لما كان حجة ، ولو كان في اثنين لكان قولهما حجة ، لا باعتبار اتفاقهما بل باعتبار قوله ) [ص405] .
وقد أوضح محمد جواد مغنية –وهو من شيوخهم المعاصرين – عن مذهب الشيعة في الإجماع فقال : (أن ثمة تبايناً بين موقف متقدمي الشيعة وبين موقف متأخريهم من مسألة الإجماع، حيث اتفق المتقدمون (من الشيعة) على أن مصادر التشريع أربعة: الكتاب، والسنة، والإجمع، والعقل، وغالوا في الاعتماد على الإجماع حتى كادوا يجعلونه دليلاً على كل أصل وكل فرع، وعد المتأخرون لفظ الإجماع مع هذه المصادر ولكنهم أهملوه، بل لم يعتمدوا عليه إلا منضماً مع دليل آخر في أصل معتبر ) [أصول الفقه للشيعة الإمامية بين القديم والحديث/ بحث بمجلة رسالة الإسلام، السنة الثانية، العدد الثالث: ص 284-286] .(12/62)
قلت : ولم يسلم بعض مشايخ الشيعة بما تضمنه كلامه عن المتأخرين ، فهذا الشعراني في تعاليق علمية على شرح جامع المازندراني[2/414] : يؤكد على أن الإجماع حجة مستقلة ثم ساق نصوصاً عن بعض مشايخهم و علمائهم . وهذا يوضح أن علماء ومشايخ الشيعة المعاصرين مختلفون في هذا الأصل . وأرجع الشيخ القفاري حفظه الله ، الخلاف في هذا بين الأصوليين والإخباريين من الشيعة ، فالأولون ذهبوا إلى حجية الإجماع . والأخباريون جعلوا وجود قول المعصوم شرطاً في قبوله .
وقبل أن نختم هذا المبحث لا بد أن نوضح حقيقة مهمة جداً وهي : أن الإجماع الذي يسوقه مشايخ الشيعة وعلمائهم يضاد بعضه بعضاً ، بل إن إجماعهم أصبح كروياتهم تضارب بعضها بعضاً !! . وقد اشتكى بعض مشايخ الشيعة من استفحال هذا الأمر .
فهذا الطريحي صاحب جامع المقال يقول عن ابن بابويه القمي الملقب عنده بالصدوق إنه : (... ليدعي الإجماع في مسألة ويدعي إجماعاً آخر على خلافها وهو كثير ) [جامع المقال فيما يتعلق بأحوال الحديث والرجال : ص 15] .
وهذا النوري الطبرسي يقول : ( ربما يدعي الشيخ والسيد إجماع الإمامية على أمر وإن لم يظهر به قائل !!!) [فصل الخطاب : ص34] . قلت : وهذه طامة كبرى . فإنه من الممكن أن يُدعى الإجماع على أمر قال به إثنان أو ثلاثة ونحو ذلك، أما أن يُدعى الإجماع على أمر لم يقل به أحد فهذه شنيعة كبرى !! .
16- حقيقة توحيد الألوهية عند الشيعة .
بسم الله الواحد الأحد .
توحيد الألوهية وهو توحيد الله بأفعالنا، وصرف العبادات كلها لله عز وجل، ومن أجله أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، قال تعالى : (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) وقال تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) . فهل هذا هو التوحيد عند الشيعة ؟(12/63)
إن من تأمل كتب الشيعة وصحاحهم ليجد أن توحيد الألوهية عند الشيعة مخالف للتوحيد الذي أرسل الله به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم . وسوف نعرض شيئاَ من ذلك :
أ- التوحيد عندهم هو الإيمان بإمامة علي رضي الله عنه والأئمة من بعده، والشرك : هو الشرك في ولاية علي والأئمة .
ويتضح هذا بالنصوص التالية :
- ففي قوله تعالى: {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك } . جاء تفسيرها في الكافي (1/427): (يعني إن أشركت في الولاية غيره ) . وفي تفسير القمي (2/251) : (لئن أمرت بولاية أحد مع ولاية علي من بعدك ليحبطن عملك ) . وانظر البرهان (4/83) ، وتفسير الصافي : (4/328) .
والآيات قبلها وبعدها لا تساعد الشيعة إلى تأويلهم المخالف فإن الله قال : {قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون . ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين . بل الله فاعبد وكن من الشاكرين } .
وهي واضحة جلية في توحيد الله وعبادته ، ونبذ الشرك بالله . بل إنك لا تجد ذكراً لعلي لا من قريب ولا من بعيد . انظر قوله في أول الآيات {قل أفغير الله تأمروني ...} وقوله في آخرها : {بل الله فاعبد وكن من الشاكرين } . فأين ذكر علي ؟ إلا أن يكون مرادهم بالله هو علي ؟ ! نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى .
- وفي قوله تعالى : {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } . جاء في تفسير العياشي (3/134) : (ما بعث الله نبياً قط إلا بولايتنا والبراءة من أعدائنا) ، وفي أصول الكافي (1/437) : (ولا يتنا ولاية الله التي لم يبعث نبياً قط إلا بها ) .(12/64)
ولقد صرح صاحب مرآة الأنوار (202) فقال: (إن الأخبار متضافرة في تأويل الشرك بالله الشرك بعبادته بالشرك في الولاية والإمامة، أي يشرك مع الإمام من ليس من أهل الإمامة، وأن يتخذ مع ولاية آل محمد رضي الله عنهم (أي : الأئمة الاثنا عشر ) ولاية غيرهم ) .
والتناقض في كتب الشيعة كثير، وإليك هذه الرواية التي تبطل مزاعمهم : جاء في تفسير البرهان (4/78) : (عن حبيب ابن معلى الخثعمي قال: ذكرت لأبي عبد الله رضي الله عنه ما يقول أبو الخطاب، فقال: أجل إليّ ما يقول . قال : في قوله عز و جل {وإذا ذكر الله وحده } أنه أمير المؤمنين ، {وإذا ذكر الذين من دونه} فلان وفلان [أي أبو بكر وعمر] . قال أبو عبد الله : من قال هذا فهو مشرك بالله عز وجل ثلاثاً أنا إلى الله منهم بريء ثلاثاً ... ) .
ب- الولاية عند الشيعة الإمامية هي أصل قبول الأعمال .
فالعمل إن سلم من الشرك رُجي لصاحبه الجنة، برحمة الله وعفوه وغفرانه : {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } .
ولكن قبول العمل عند الشيعة الإمامية، لا يكون إلا بالإيمان بولاية الأئمة ! . فمن كان مؤمناً بولاية الأئمة ولو جاء بقراب الأرض خطايا فهو مقبول مغفور له عند الشيعة . ومن جاء بأعمال صالحة كالجبال ولكنه لم يؤمن بولاية الأئمة فهو حابط العمل في النار ! وإليك شيئاً من أخبارهم :
- ففي بحار الأنوار (27/169) زعموا أن الله قال لنبيه : (يا محمد لو أن عبداً يعبدني حتى ينقطع ويصير كالشن البالي ثم أتاني جاحداً لولايتهم ما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي ) .
- وفي أمالي الشيخ الطوسي (1/314) قال: (لو جاء أحدكم يوم القيامة بأعمال كأمثال الجبال ولم يجيء بولاي علي بن أبي طالب لأكبه الله عز وجل بالنار ) .(12/65)
قلت : والشواهد على هذا كثيرة من كتب الشيعة، وينقض دعوىالشيعة الإمامية، أن القرآن بين أيدينا وليس في ذكرٌ للإمامة لامن قريب ولا من بعيد، ومسألة عظيمة كهذه لا يمكن أن تخفى علىالمسلمين ، ولم يكن الله ليجعل خلقه في ضلال لا يعرف هذا الأصل العظيم وهو الإمامة ، فإن هذا لا يليق بالله جل جلاله، ولما لم يذكر في القرآن ، ولم تحوه كتب السنة المعتبرة ، عُلم أنه مما وضعته الشيعة لإيجاد سبيل إلى تعظيم الأئمة وتثبيت عقيدة الإئمة الاثني عشر .
ت- الأئمة هم الواسطة بين الله وبين خلقه .
أهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الأنبياء والرسل وسائط بين الله وبين الخلق في تبليغ الشرائع، وأمر الناس بما أوجبه عليهم، ونهيهم عما حرمه عليهم .
أما أن تكون الوسائط لها ما لله من جلب النفع ودفع الضر، وتفريج الكربات، وإجابة الدعوات، وتحليل الحرام ، وتحريم الحلال ...إلخ . فهذا هو الكفر و الشرك بالله عز وجل .
والشيعة الإمامية تقول : أن أئمتهم وسائط بين الله وبين خلقه في تبليغ الشرائع، وتفريج الكربات، ورفع الشدائد، وتحصيل المنافع ودفع المضار .
يقول المجلسي عن أئمته (بحار الأنوار 23/97) : (فإنهم حجب الرب، والوسائط بينه وبين الخلق ) .
ث- الدعاء عند الشيعة الإمامية لا ينفع ولا يُرفع إلا إذا كان باسم الأئمة ! .(12/66)
جاء في البحار (23/103) و وسائل الشيعة (4/1142) : (من دعا الله بنا أفلح، ومن دعا بغيرنا هلك واستهلك ) . وفي بحار الأنوار (26/325)، و وسائل الشيعة (4/1143) عن الرضا عليه السلام قال : (لما أشرف نوح عليه السلام على الغرق دعا الله بحقنا فدفع الله عنه الغرق، ولما رمي إبراهيم عليه السلام في النار دعا الله بحقنا فجعل الله النار عليه برداً وسلاماً، وإن موسى عليه السلام لما ضرب طريقا في البحر دعا الله بحقنا فجعله يبساً ، وإن عيسى عليه السلام لما أراد اليهود قتله دعا الله بحقنا فنجي من القتل فرفعه الله ) .
قلت : هذه الروايات تنسف ما يقرره القرآن، وما تقرره السنة الصحيحة من إخلاص الدعاء لله وحده . {وقال ربكم ادعوني استجب لكم}، وقال تعالى : {وادعوه مخلصين له الدين} ، وقال تعالى : {فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون} . وغير ذلك من الآيات .
وإن صرف الدعاء لغير الله شرك، وصاحبه من أهل النار . {وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } .
ثانياً : هل كان الأنبياء والرسل في حاجة إلى يسألوا الأئمة الذين لم يوجدوا بعد في إجابة الله سؤلهم ودفع الضر عنهم وهم أقرب الخلق إلى ربهم ومليكهم ؟
وهذه الروايات والنصوص جعلت كثيراً من الشيعة تعلق قلوبها بأئمتها دون الله، فهو إن دعا كان أول ما يخطر بعقله وقلبه إمامه المعصوم، فيظن أنه لن تُجاب دعوته إلا عن طريق إمامه، فوقع في الشرك من حيث يشعر ومن حيث لا يشعر .
ج - جواز الاستغاثة بالأئمة عند الشيعة الإمامية .
الاستغاثة في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله شرك أكبر، كجلب النفع أو دفع الضر، أو رفع البلاء، أو استنزال النصر . {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء} . {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم } .(12/67)
ولكن الشيعة الإمامية تجوز أن يستغاث بالأئمة؛ بل إنها جعلت لكل إمام وظيفة عند طلب الغوث ! . فقد جاء في بحار الأنوار (94/33) : (... أما علي بن الحسين فللنجاة من السلاطين ونفث الشياطين، وأما محمد بن علي وجعفر بن محمد فللآخرة وما تبتغيه من طاعة الله عز وجل، وأما موسى بن جعفر فالتمس به العافية من الله عز وجل، وأما علي بن موسى فاطلب به السلامة في البراري والبحار، وأما محمد بن علي فاستنزل به الرزق من الله تعالى، وأما علي بن محمد فللنوافل وبر الإخوان وما تبتغيه من طاعة الله عز وجل، وأما الحسن بن علي فللآخرة، وأما صاحب الزمان فإذا بلغ منك السيف الذبح فاستعن به فإنه يعينك ) .
وانظر ما جاء في بحار الأنوار -أيضاً- (94/37) في وصف الإمام المنتظر قال: (.. أركان البلاد، وقضاة الأحكام، وأبواب الإيمان،... منائح العطاء، بكم إنفاذه محتوماً مقروناً، فما شيء منه إلا وأنتم له السبب وإليه السبيل.. فلا نجاة ولا مفزع إلا أنتم، ولا مذهب عنكم يا أعين الله الناظرة .. ) . فانظر إلى هذا التأليه وما ذا أبقوا لله عز وجل .
وفي الرقاع التي يكتبها الشيعة الإمامية ويضعونها عند قبور أئمتهم ! دعاء باسم الأئمة واستغاثة بهم، فمن ذلك : (بسم الله الرحمن الرحيم، كتبت إليك ما مولاي صلوات الله عليك مستغيثاً...، فأغثني يا مولاي صلوات الله عليك عند اللهف، وقدم المسألة لله عز وجل في أمري قبل حلول التلف وشماتة الأعداء، فبك بسطت النعمة علي، واسأل الله[خطاب للإمام صاحب القبر] جل جلاله لي نصراً عزيزاً ..) (بحار الأنوار : 94/29-30) .
ح- الحج إلى المشاهد أعظم من الحج إلى بيت الله الحرام .
فمن أركان الإسلام الحج . وهو حج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً ، ولم يخالف في ذلك أحد إلا الشيعة وغلاة الصوفية .(12/68)
فالشيعة الإمامية جعلت التقرب إلى مشهد الإمام أعظم من الطواف ببيت الله الحرام ، ففي الكافي (1/324)وتهذيب الأحكام للطوسي (2/16)، وفي وسائل الشيعة للحر العاملي : (10/348) : ( إن زيارة الحسين تعدل عشرين حجة، وأفضل من عشرين عمرة وحجة ) .
ولما قال أحد الشيعة الإمامية لإمامه : (إني حججت تسع عشرة حجة، وتسع عشرة عمرة ) أجابه الإمام بأسلوب يشبه السخرية – قائلاً - : (حج حجة أخرى، واعتمر عمرة أخرى، تكتب لك زيارة قبر الحسين عليه السلام ) !! . [ ( تهذيب الأحكام للطوسي : (2/16)، وبحار الأنوار : (101/38)، ووسائل الشيعة : (10/348) ] .
فانظروا إلى أي درجة وصل تعظيم القبور ، أن جُعل زيارة قبر الحسين أعظم من حج بيت الله الحرام والعمرة فيه بعشرين مرة !! .
وعلى هذا فنقول للشيعة الإمامية : أن المعظم للقبر الراجي من صاحبه النفع ، أو دفع الضر، أو الغوث .. قد خلع على صاحب القبر صفة الألوهية، فمن يجلب النفع إلا الله، ومن يدفع الضر إلا الله، ومن يجيب دعوة الداعي إلا الله، ومن يجيب المضطر إذا دعاه إلا الله . فإذا كان الله هو الخالق، الرازق، المالك، المتصرف، المحيي، المميت، كان من الواجب أن يصرف له الدعاء، ويسأل الرحمة والمغفرة، ويطلب منه دفع الضر، وجلب النفع ... ، وصرف تلك العبادات لغيره ظلم شرك بالله عز وجل . ثم هو ظلم للمخلوق المدعو في قبره الذي يرجو رحمة ربه وتجاوزه عنه ، ثم إنهم عباد فقراء إلى الله فكيف تسألونهم من دون الله ؟ {إن الذين تدعون من دون الله عبادٌ أمثالكم } .
ومع كثرة الروايات في كتب الشيعة من هذا الشرك إلا أنك تجد في بعض الروايات ما يضادها، وهذه عادة مستمرة في كتب الشيعة أنك تجد التناقض في كثير من مسائلهم .(12/69)
( ...فعن حنان قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ما تقول في زيارة قبر الحسين صلوات الله وسلامه عليه ، فإنه بلغنا عن بعضكم أنه قال: تعدل حجة وعمرة ؟ قال ، فقال: ما أضعف هذا الحديث، ما تعدل هذا كله؛ ولكن زوروه ولا تجفوه فإنه سيد شباب أهل الجنة ) [بحار الأنوار: 101/35] .
قلت وكعادة مشايخ الشيعة ردت هذا الأمر إلى التقية عند تأويل كلام أبي عبد الله ! ، فها هو المجلسي يقول : (لعل المراد أنها لا تعدل الواجبين من الحج والعمرة، والأظهر أنه محمول على التقية ) [بحار الأنوار: 101/35] .
وحتى لا نطيل في الكلام عن عقيدة الشيعة الإمامية في الأئمة المقبورين، نسرد لكم بعض عبادتهم عند قبور أئمتهم بشكل موجز :
1- الطواف بقبور أئمتهم :
لم يبح الله لأمتهم طوافاً قط إلا ببيته المعظم (الكعبة )، والشيعة الإمامية من دينها الطواف على قبور أئمتها ، مع أنه جاء عن بعض أئمتهم تحريم ذلك فقال : (... لا تشرب وأنت قائم، ولا تطف بقبر، .... فإن من فعل ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ومن فعل شيئاً من ذلك لم يكن يفارقه إلا ما شاء الله .. ) [علل الشرع لا بن بابويه ص 283، وبحار الأنوار : 100/126] . ولم يرتض المجلسي هذا الكلام من إمامهم فأجهد نفسه في تأويل قوله (ولا تطف بقبر) حتى أخرجه عن معناه الصحيح إلى معنى يُضحك المجانين فقال : (يحتمل أن يكون المراد بالطواف المنفي هنا التغوط !!) . [بحار الأنوار : 100/127] . قلت : في أي قاموس تجد أن من معاني الطواف، التغوط . نسأل الله السلامة والعافية .
2- الصلاة عند القبر :(12/70)
وهذه مخالفة أخرى تسجلها كتب الشيعة الإمامية، حيث وضعوا أحاديث في فضائل الصلاة عند قبور الآئمة، ففي بحار الأنوار (100/137-138) : (من زار الرضا أو واحد من الأئمة فصلى عنده ، فإنه يكتب له بكل ركعة تركعها عنده كثواب من حج ألف حجة، واعتمر ألف عمرة، وأعتق ألف رقبة وكأنما وقف في سبيل الله ألف ألف مرة مع نبي مرسل، وله بكل خطوة مائة حجة، ومائة عمرة ، وعتق مائة رقبة في سبيل الله، وكتب له مائة حسنة، وحط عنه مائة سيئة ) .
قلت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) [البخاري مع فتح الباري: 1/532] وفي رواية : وصالحيهم .
والناظر لتركيب هذه الأجور العظيمة على مجرد زيارة لقبر إمام من الأئمة ليعلم علم اليقين أن هذا الحديث مصنوع، صنعه ووضعه من أراد صد الناس عن مساجد الله ، وإيقاعهم في البدع والشرك والخرافات .
3- الانكباب على القبر .
يقول الطوسي في وصفه لأعمال زيارة يوم الجمعة : ( .... ثم تنكب على القبر وتقول : مولاي .. الخ ) [مصباح المجتهد للطوسي : ص 195]. وفي بحار الأنوار (101/257) قال : ( فإذا اتيت فقف خارج القبة، وأوم بطرفك نحو القبر وقل: يا مولاي .... ثم قال : ثم انكب على القبر وقل: يا مولاي أتيتك خائفاً فآمني ، وأتيتك مستجيراً فأجرني ) . اهـ .
أقول : و والله إن اللسان ليعجز أن يقول مثل هذا الكلام لغير الله سبحانه وتعالى ، فما بال الشيعة أوغلت في الشرك ، وهل هذا الانكباب على القبر إلا سجود لغير الله ، وهل هذا الكلام والتضرع إلا دعاء غير الله ! .
4- إتخاذ قبور الأئمة قبلة .
سئل الإمام المهدي الغائب المنتظر ! عند الشيعة عن الصلاة عند القبور فقال : (أما الصلاة فإنها خلفه ويجعل القبر أمامه، ولا يجوز أن يصلي بين يديه ولا عن يمينه ولا عن يساره، لأن الإمام صل الله عليه لا يتقدم عليه ولا يساوى) [الاحتجاج للطبرسي : 2/312] .(12/71)
قلت : ومع أن قبلة المسلمين واحدة، وهي الكعبة المشرفة ، إلا أن الشيعة الإمامية جعلت من قبور أئمتهم قبلة أينما كانوا ! .
وفي المقابل جاءت بعض الروايات التي تضاد هذه الاتجاه ، كقول أبي جعفر محمد الباقر : (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجداً، فإن الله عز وجل لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) [ابن بابويه في علل الشرائع ص 358، وبحار الأنوار : 100/128] .
وكعادة المجلسي حمل قول الباقر على التقية ورجح القول النص السابق . فنعوذ بالله من الخذلان .
17- حقيقة توحيد الربوبية عند الشيعة .
بسم الله الديان .
توحيد الربوبية هو توحيد الله بأفعاله، فهو الرازق المحيي المميت المالك المتصرف ... . وصرف شيء من صفات الرب للمخلوق شرك بالخالق . ولم يعرف عن أمة من الأمم أنها أنكرت أن يكون هناك رباً سوى الله، وإنما جعلت بعض الأمم المشركة أن ثم خالقاً خلق بعض الخلق . ولكن ماهي نظرت الشيعة الإمامية تجاه الرب، وهل صرفت له ما يستحقه من الصفات ؟ هذا سوف يتبين في المسائل التالية :
أ- خلعهم على بعض الأئمة صفة الربوبية :
جاء في [مرآة الأنوار (ص59)، وهو بصائر الدرجات للصفار ] : أن علياً -زعموا- قال : (أنا رب الأرض الذي يسكن الأرض به ) .
قلت : وأين هذا القول من قوله تعالى : {... فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا} . أو قوله تعالى : { قل من رب السموات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا..}الآية .
ب- قولهم : بأن الدينا والآخرة كلها للإمام يتصرف بها كيف يشاء .(12/72)
ففي أصول الكافي : (1/407-410) : باب : (أن الأرض كلها للإمام ) . ومما جاء فيه من الروايات (1/409): عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (أما علمت أن الدنيا والآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء جائز له ذلك من الله ..) .
قلت : من دعاء المؤمنين أنهم يقولون : {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } . فمن هو الرب الذي يدعى ؟ أهو الله الخالق الرازق المحيي المميت ؟ أم هو علي رضي الله عنه –تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً - ؟ .
ثم إنك تلحظ في تلك الرواية قوله : (ويدفعها إلى من يشاء جائز له ذلك من الله ) . حيث ترى تستراً خفياً ، الغرض منه إيجاد مسوغ لمثل هذه الرويات، التي تنشر الكفر الصريح !! .
ت- قولهم : بإسناد الحوادث الكونية إلى الأئمة .
حيث تطالعنا الرواية المشهورة : (فعن سماعة بن مهران قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فأرعدت السماء وأبرقت ، فقال أبوعبد الله عليه السلام : أما إنه ما كان من هذا الرعد ومن هذا البرق فهو من أمر صاحبكم ، قلت : ومن صاحبنا؟ قال: أمير المؤمنين عليه السلام ) [المفيد/ الاختصاص ص 327، وبحار الأنوار : (27/33)، والبرهان : (2/482) ] .
قلت : هذا مما تنطق به كتب الشيعة، فأمر السماء والرعد والبرق ليس بيد الله ، بل هو بيد أمير المؤمنين !! . ولذا تجدهم إذا أرعدت السماء أو أبرقت ينادون باسم علي !، فكفر بالله صريح، وخروج عن الصراط المستقيم، وبعد عن سنة المصطفى الذي أمر بالتسبيح عند سماع الرعد { ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال}. فبالله عليكم كيف يتجرأ قلم أو ينطق لسان بمثل هذا ، ألم يقرأوا قوله تعالى: {هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينشيء السحاب الثقال } .(12/73)
بل لم يق الأمر عند هذا الحد حتى جعلوا تسيير السحاب بأمر علي رضي الله عنه ! ، ففي أحد رواياتهم : (... ما كان من سحاب فيه رعد صاعقة وبرق فصاحبكم يركبه ، أما أنه سيركب السحاب، ويرقى في الأسباب أسباب السموات والأرضين السبع ، خمس عوامر وثنتان خراب ) [الاختصاص: ص199، وبحار الأنوار : 27/32] .
قلت : وإنا لنجد حرجا في سوق مثل هذه الروايات، ولكن ما لنا من بيان الحق بد، ولعل الشيعة يرجعون، ولعلهم يعلمون ما في كتبهم من الكفر المبين . أسأل الله أن يهديهم إلى الحق المبين . آمين .
ث- قولهم بحلول جزء من الإله في الأئمة :
تزعم الشيعة الإمامية أن أئمتهم أُعطوا قدرات مطلقة من الله ، جعلت لهم ما لله من القدرات . قال أبو عبد الله : (ثم مسحنا بيمينه فأفضى نوره فينا )[أصول الكافي: 1/440] ، وأخرى : (... ولكن الله خلطنا بنفسه ) [أصول الكافي : 1/435] .
ولذا تجد عند الشيعة الإمامية كم هائل من الروايات التي تضفي علىالأئمة صفات الخالق ، ثم هي مدعمة ببعض العبارات التي توهم القارئ بأن تلك القدرات من الله، وهذا أسلوب مخادع موهم، وإلا فالنصوص المحكمة لم تدع مجالاً للشك بأن لله صفاته التي لا ينازعها فيها أحد من الرزق والإحياء والإماته ...إلخ . ولعلك تعجب مثلي أن ترى أن من الصفات التي خُعلت على علي رضي الله عنه زوراً وبهتاناً ، أن جعلوا له صفة إحياء الموتى . فهم يزعمون أن علياً أحييى موتى مقبرة الجبانة بأجمعهم [بحار الأنوار : 41/194] ، وضرب الحجر فخرجت منه مائة ناقة [بحار الأنوار : 41/198]، وقال سلمان –كما يفترون- : (لو أقسم أبو الحسن على الله أن يحيى الأولين والآخرين لأحياهم ) [بحار الأنوار : 41/201 ]. ومع أن له تلك الصفة إلا أنه لم يقدر إلى إنجاء نفسه من الموت !! ، أليس هذا عجيباً وغريباً ؟ .فأين عقولكم يا شيعة ! .(12/74)
وكالعادة تجد روايات أخرى تناقض هذا الكفر الصريح ، ففي رجال الكشي أن جعفر بن محمد قال : (فو الله ما نحن إلا عبيد الذي خلقنا واصطفانا ، ما نقدر على ضر ولا نفع ، وإن رحمنا فبرحمته، وإن عذبنا فبذنوبنا ، والله ما لنا على الله من حجة ، ولامعنا من الله براءة وإنا لميتون ومقبورون ومنشورون ومبعوثون وموقوفون ومسؤولون . ويلهم ما لهم لعنهم الله فقد آذوا الله، وآذوا رسول الله في قبره ، وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي صلوات الله عليه ...) [رجال الكشي : ص 225-226] .
ولا حاجة بنا أن نقول ما ذا فعلوا بمثل هذه الروايات ، فباب التقية لم يدع للحق مقالاً . نسأل الله السلامة .
ج- التطير عند الشيعة الإمامية .
ثبت عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (الطيرة شرك، الطيرة شرك، ثلاثاً ) [رواه أبو داود (3910) وغيره] . والطيرة من الشرك، وهو ينافي التوكل على الله، الذي هو عبادة لله .
وكتب الشيعة فيها التشاؤم والتطير ببعض الأيام والرويات فيها متناقضة متضاربة . فقد جاء في من لا يحضره الفقيه (1/95، ووسائل الشيعة 8/253) قال أبو عبد الله : (لا تخرج يوم الجمعة فإذا كان يوم السبت وطلعت الشمس فاخرج في حاجتك ) ، وقال : (السبت لنا ، والأحد لبني أمية) [من لا يحضره الفقيه : 2/342، وسائل الشيعة : 8/253] .
قلت : واضع هذه الرواية لا شك أنه يهودي حيث فضل يوم السبت وعظمه، واليهود تعظم يوم السبت . وجعل الجمعة يوماً مشئوماً ، وهو عيد المسلمين ! .(12/75)
ويناقضها من حيث الوضع الرواية التالية : قال أمير المؤمنين -زعموا- : ( يوم السبت يوم مكر وخديعة، ويوم الأحد يوم غرس وبناء، ويوم الاثنين يوم سفر وطلب، ويوم الثلاثاء يوم حرب ودم، ويوم الأربعاء يوم شؤم يتطير فيه الناس، ويوم الخميس يوم الدخول على الأمراء وقضاء الحوائج، ويوم الجمعة يوم خطبة ونكاح ) [علل الشرائع : ص 199، والخصال : 2/82، عيون الأخبار: ص 137] .
قلت : وعلى هذا لا يكون عند الشيعي سوى أربعة أيام يجد فيها الراحة والأنس والعمل، لأن الرواية السابقة جعلت يوم السبت والثلاثاء والأربعاء أيام شؤم ! .
لكن ومع هذا جاءت روايات أُخر تنفي هذا التطير وتحذر منه : قال أبو عبد الله : (لا طيرة) [روضة الكافي : 196، وسائل الشيعة : 8/262]، وقال: (كفارة الطيرة التوكل ) [روضة الكافي: 198، وسائل الشيعة : 8/262] . وهناك روايات أخرى لما أرى ذكرها خشية الإطالة . ولا نحتاج مع هذا أن نذكركم أنهم يفسرون هذا التناقض بالتقية !! فما ذا بعد الحق إلا الضلال .
18- حقيقة توحيد الأسماء والصفات عند الشيعة الإمامية .
بسم الله الرحمن الرحيم { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }
أ- القول بالتجسيم .
وصف الله بأنه جسم بدعة ، وهي من الألفاظ التي يوقف قائلها حتى يعرف مراده منها، فإن أراد معنى صحيحاً قبل، وإن أراد معنى فاسداً رد، وعلى هذا درج المحققين، فلا بد من الاستفصال .(12/76)
وأول من أحدثها اليهود، ولا أدل على ذلك من قوله تعالى حاكياً عن إفكهم : {وقالت اليهود عزير ابن الله } . وأول بدء ظهورها في الإسلام كان من قبل هشام بن الحكم، وهشام بن سالم الجواليقي، ويونس بن عبد الرحمن القمي، وأبي جعفر الأحول [انظر اعتقادات فرق المسلمين والمشركين : ص97] . والنصب الأكبر لهشام بن الحكم فتلك المقالة سمعت عنه أولاً [انظر فتاوى ابن تيمية : 13/154، 305،ومنهاج السنة : 1/20، ومقالات الإسلاميين للأشعري : 1/106-109] . ويقول ابن حزم : (قال هشام : إن ربه سبعة أشبار بشبر نفسه ..) [الفصل : 5/40]، [وانظر الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي : ص 65، 68،69] حيث نقل عن هشام بن سالم الجواليقي بأنه كان يقول بأن معبوده على صورة إنسان ، وأنه ذو حواس خمس كحواس الإنسان ! . ويقول ابن المرتضى اليماني وهو من الزيدية : ( بأن جل الروافض على التجسيم إلا من اختلط منهم بالمعتزلة ) [المنية والأمل : ص 19] .
ولقد دافع شيوخ الإمامية ومنهم المجلسي عن الهشامين في بحار الأنوار : (3/288) فقال: (ولعل المخالفين نسبوا إليهما هذين القولين معاندة ) ويقصد بالقولين : القول بالتجسيم والصورة .(12/77)
قلت : الروايات في أصول الكافي وغيره لا تساعد المجلسي على إنكار هذه المقولة عن الهشامين، ففي أصول الكافي : ( يروي القمي [الصدوق] عن سهل قال : كتبت إلى أبي محمد سنة (255هـ) قد اختلف يا سيدي أصحابنا في التوحيد منهم من يقول هو جسم ، ومنهم من يقول هو صورة ، فإن رأيت يا سيدي أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه فعلت متطولاً على عبدك ؟ ...إلخ ) [أصول الكافي : 1/103، والتوحيد لابن بابويه: 101-102] . وعن محمد بن الفرج الرخجي قال : (كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عما قال هشام بن الحكم في الجسم وهشام بن سالم في الصورة ، فكتب : دع عنك حيرة الحيران واستعذ بالله من الشيطان ، ليس القول ما قال الهشامان ) [أصول الكافي : 1/105] . قلت : وهذا دليل على أن هذه المقولة كانت موجودة عندهم، ومحاولة المجلسي وغيره من شيوخ الشيعة الإمامية لإنكارها ترده النصوص التي ذكرناها وغيرها مما لم نذكرها؛ ولكن كان الأولى بدل أن يحاول بعض مشايخ الشيعة من طمس هذه الحقيقة عن بعض متقدميهم ، أن ينكروا هذه المقالة ويشنعوا على قائلها، ولكن هو التعصب لشيوخ المذهب أعماهم عن قول الحق ! . مع أنه هناك روايات كثيرة عن الشيعة الإمامية تنفي هذه المقالة وتذم قائلها . وأصبح المذهب الشيعي يتنازعه إتجاهان ، الاتجاه الأول إتجاه تنزيه المولى جل في علاه ، وهذا هو مذهب أهل البيت وهو الحق ، والاتجاه الثاني هو مذهب التجسيم والقول بالصورة ، وهذا يتزعمه الهشامان وهو الباطل . وللشيعة الإمامية أن تختار ؟ .
ب- الشيعة الإمامية تقول بالتعطيل .(12/78)
في أواخر المائة الثالثة اتجه معتقد مذهب الشيعة الإمامية إلى القول بالتعطيل بعد أن كان يقول بالتجسيم، وبين القولين تضاد ! ، فكيف نفسر ذلك ؟ والجواب: هو أنه في تلك الفترة أخذ علماء الشيعة الإمامية يقررون ما يقرره المعتزلة في مسائل الصفات، وكذلك تبعوهم في كثير من مسائلهم كقولهم بالقدر، وخلق القرآن وغير ذلك؛ بل إنك لتجد كتب الشيعة الإمامية في الصفات مطابقة لكتب المعتزلة حذو القذة بالقذة، حتى الشبهات التي يثيرها المعتزلة على أهل السنة هي نفس الشبهات التي يثيرها متأخري الشيعة؛ ولكن مع فرق واحد وهو : أن الشيعة الإمامية دعمت قولها بروايات تدل على صدق دعواهم ! ، وهي لا تعدوا كونها روايات موضوعة ومصنوعة .
ومما يدل على فساد هذا المذهب : أن صفات الله واسمائه تقريرها عن طريق السمع ، أي عن طريق النصوص من القرآن والسنة، ولا مدخل للعقل في إثبات صفة أو نفي صفة عن الله، كما هو ديدن أهل الكلام من المعتزلة والأشاعرة والجهمية وغيرهم .
والطريقة التي اعتمدها المفيد في النكت الاعتقادية، والمطهر في نهج المسترشدين، وغيرهم في تقرير صفات الله وإثباته أو نفيها هي طريقة المعتزلة الكلامية ، ولكنهم –أي علماء الشيعة الإمامية الذين خاضوا في الصفات - فارقوا المعتزلة بإيراد روايات عن الأئمة المعصومين تشد من قولهم وتقويه . ولذلك سوف نسوق بعض الروايات المفتراة في تقرير عقيدة التعطيل .
يقول الزنجاني –شيخ معاصر- في عقائد الإمامية الاثني عشرية (ص 28) تحت عنوان طريقة معرفة الصفات: (هل يبقى مجال للبحث عن الصفات، وهل له طريق إلا الاذعان بكلمة أمير المؤمنين رضي الله عنه : كمال الإخلاص نفي الصفات عنه ) اهـ . و والله ما كان لعلي بن أبي طالب أن يكذب بكلام الله : {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } فربنا يثبت لنفسه أنه سميع بصير ، ثم يأتي متقول على علي بن أبي طالب بكلام كذب ! . سبحانك هذا بهتان عظيم .(12/79)
والشيعة الإمامية تبعت المعتزلة في تعطيل صفات الله ، ووصفه بالصفات السلبية ، فهذا شيخهم محمد الحسيني القزويني[قلائد الخرائد في أصول العقائد ص 50، وانظر كذلك : نهج المسترشدين ابن المطهر: ص 45-47]، يقول في وصف الله سبحانه وتعالى : (... لا جزء له، وما لا جزء له لا تركيب فيه، وما ليس بمركب ليس بجوهر ولا عرض ، وما ليس بجوهر ... )إلخ هذه العبارات التي تخالف طريقة القرآن في إثبات الصفات . فإن القرآن جاء بإثبات مفصل ونفي مجمل : {ليس كمثله شي ء} نفي مجمل {وهو السميع البصير} إثبات مفصل .
ت- الأئمة هم اسماء الله وصفاته عند الشيعة الإمامية ! .
أوغلت الشيعة الإمامية وغلت في هذا الباب غلواً كبيراً ، وخلعت على أئمتها أوصاف الألوهية، وتجرأت على كتاب ربها وأولت معانيه ليوافق ما ذهبت إليه . وتوحيد الاسماء والصفات من أبواب التوحيد العظيمة الذي به يعرف الخالق جل في علاه، وتعرف اسمائه الحسنى وصفاته العلى، فتطمئن النفس إلى بارئها، وتتعلق القلوب بخالقها الخلاق العليم السميع البصير الأول الآخر الظاهر الباطن العزيز الجبار الحي القيوم .. إلخ من الأوصاف والنعوت الحميدة التي لا تكون إلا لله . ولكن ما سطرته كتب الشيعة الإمامية يجل عن الوصف ، ولولا بيان الحق ما سقنا رواياتهم.
في أصول الكافي عن أبي عبد الله في قول الله عز وجل : {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } قال: نحن والله الأسماء الحسنى، التي لا يقبل الله من العباد عملاًَ إلا بمعرفتنا ) [أصول الكافي: 1/143-144] .
وهذا من التفسير الباطني الذي الذي لا يعرف بحال، وإلا ففي أي معجم من معاجم اللغة يأتي مثل هذا التفسير ؟ إلا على مذهب الباطنية . ولم تكتف الرويات بهذا؛ بل تعدته إلى أمور أخرى أشنع وأعظم .(12/80)
فعن أبي عبد الله –كما يزعمون- : (إن الله خلقنا فأحسن صورنا وجعلنا عينه في عباده، ولسانه الناطق في خلقه، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة، ووجهه الذي يؤتى منه، وبابه الذي يدل عليه، وخزانه في سمائه وأرضه، بنا أثمرت الأشجار، وأينعت الثمار، وجرت الأنهار، وبنا ينزل غيث السماء وينبت عشب الأرض ، وبعبادتنا عبد الله ولو لانا ما عبد الله ) [أصول الكافي: 1/144، ابن بابويه / التوحيد : 151-152، بحار الأنوار: 24/197] .
وزعموا أن علي بن أبي طالب قال : (أنا عين الله، وأنا يد الله، وأن جنب الله، وأنا باب الله ) [اصول الكافي : 1/145، بحار الأنوار : 24/194] . وقال –كما يزعمون- : (أنا علم الله، وأنا قلب الله الواعي، ولسان الله الناطق، وعين الله الناظرة، وأنا جنب الله، وأنا يد الله ) [ابن بابويه / التوحيد ص 164، بحار الأنوار : 24/198] .
قلت : ولو أنهم يخشون أن تثور عليهم (العامة)[وصف أطلقه الشيعة على أهل السنة]، لأتموا الرواية بقولهم : (وأنا الله ) . أما الشيعة فهم قد أغلقوا عقولهم وأوصدوا الأبواب في طريق التفكير في مصدر هذه الرويات ومخالفتهم للدين والعقل والحس؛ بل جاء في وصفهم لإمامهم علي بن أبي طالب وهو منهم براء، أن علياً قال : (أنا وجه الله ، أنا جنب الله، وأنا الأول، وأنا الآخر، وأنا الظاهر، وأنا الباطن ..) [رجال الكشي : ص211، وانظر بحار الأنوار : 94/180] .
قلت : قال الله تعالى : { هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم} [سورة الحديد : 3]. فالله يصف ذاته المقدسة بهذا الوصف، ثم يأتي الشيعة الإمامية ويجعلون هذا الوصف الذي لا يكون إلا للخالق، ويجعلونه للمخلوق ! .سبحانك هذا بهتان عظيم .
وفي أصول الكافي : (1/261) قال أبو عبد الله –افتراء عليه-: (إني لأعلم ما في السموات وما في الأرض، وأعلم ما في الجنة، وأعلم ما في النار، وأعلم ما كان وما يكون ..) !(12/81)
قلت : قال الله تعالى : { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} [الأنعام :59].
وقال تعالى : { قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون} [النمل : 65] .
والروايات في ذلك عن الشيعة الإمامية كثيرة، ولبعض شيوخهم محاولات في اللجوء إلى المجاز كباب من أبوب التأويل أو إيجاد العذر لمثل هذه الروايات التي تؤله الأئمة صراحة [انظر على سبيل المثال : بحار الأنوار للمجلسي : (24/202)] .
ولكن ما تقول الشيعة الإمامية في الروايات الموجودة في كتبهم، والتي ترد هذه الروايات وتنسفها، أفلا قالوا بها وتبرأوا من الركام الهائل من الروايات التي تؤله الأئمة ؟ . وإليكم بعض تلك الروايات التي تبين بطلان الروايات السابقة :
قال أبو عبد الله : (يا عجباً لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب، ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل ، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة فهربت مني، فما علمت في أي بيوت الدار هي ..) [أصول الكافي: 1/257] . فها هو أبو عبد الله لا يعلم أين اختفت جاريته ؟ فكيف يعلم غيب السموات والأرض ! .
وفي بحار الأنوار :[ 25/301، ورجال الكشي : 323] أن أبا عبد الله حينما قيل له : ( إن المفضل بن عمر يقول: إنكم تقدرون أرزاق العباد . فقال : والله ما يقدر أرزاقنا إلا الله ، ولقد احتجب إلى طعام لعيالي فضاق صدري وأبلغت بي الفكرة في ذلك حتى أحرزت قوتهم فعندها طابت نفسي، لعنه الله –يريد بذلك المفضل- وبريء منه ) .
19- متابعة الشيعة الإمامية للمعتزلة في بعض مسائل العقيدة .(12/82)
رضي بعض متأخري الشيعة بما رضي به المعتزلة لأنفسهم من مخالفة جمهور المسلمين، فخالفوهم في كثير من مسائل الاعتقاد، جرياً وراء العقل وإحاطته بالقدسية والعلو على نصوص الشرع . وسوف نعرض في هذا المبحث عن مسألتين من مسائل الاعتقاد الكبيرة، والتي حصل فيها كلام كثير وردود مستفيضة مشهورة، وهما : مسألة القول بخلق القرآن ، ومسألة رؤية الله جل جلاله.
المسألة الأولى : القول بخلق القرآن .
اشتهر عن المعتزلة تبعاً للجهمية القول بخلق القرآن ،وأن القرآن مخلوق ليس كلاماً لله تكلم به . ونحن هنا في هذا المبحث لن نخوض في تفصيل هذه المسألة وإنما نريد إثبات هل الشيعة الإمامية يقولون بخلق القرآن متابعة للمعتزلة الجهمية أم لا .
وقبل أن نذكر الروايات التي تذكر هذه العقيدة عن الشيعة الإمامية، نود أن نلفت القاريء إلى أن المتقدمين من أئمة الشيعة من آل البيت نفوا ذلك . فقد جاء في تفسير العياشي (1/8) : (عن الرضا أنه سئل عن القرآن فقال .... إنه كلام الله غير مخلوق .. ) . وعند الكشي في رجاله (ص490) : (...إن الكلام ليس بمخلوق ..) .
وفي التوحيد لا بن بابويه القمي، قيل لأبي الحسن موسى رضي الله عنه (يا بن رسول الله ما تقول في القرآن : فقد اختلف فيه من قبلنا فقال قوم : إنه مخلوق، وقال قوم إنه غير مخلوق ، فقال رضي الله عنه : أما إني لا أقول في ذلك ما يقولون ، ولكني أقول : إنه كلام الله عز وجل ) .
قلت وفي العبارة الأخيرة : (إنه كلام الله عز وجل ) بيان ما عليه السلف أهل السنة والجماعة .
وأما روايات متأخري الشيعة الإمامية فقد جاءت على عكس ما عُهد عن آل البيت ، فقد عقد المجلسي في البحار باباً بعنوان : (باب : أن القرآن مخلوق ) [بحار الأنوار : 92/117-121] . وساق فيه روايات كثيرة، ومعظمها تخالف ما عنون له ، ولكن للشيعة الإمامية تأويل في معنى القول بخلق القرآن وسوف يأتي .(12/83)
ومما يثبت نسبة هذه المسألة إلى الشيعة، ما ذهب إليه آية الشيعة محسن الأمين حيث قال : (قالت الشيعة والمعتزلة القرآن مخلوق ) [أعيان الشيعة : 1/461] . بل جعل الكلام الذي كُلم به موسى ليس من الله بل من الشجرة ! وهذا هو عين ما تذهب إليه المعتزلة، فقال محسن الأمين : ( ... يوجد الكلام في بعض مخلوقاته كالشجرة حين كلم موسى، وكجبريل حين أنزله الله بالقرآن ) [أعيان الشيعة : 1/453] .
ومع هذا ومع ثبوت نسبة هذه المقالة عن الشيعة الإمامية إلا أن ابن بابويه القمي حاول أن يجد عذراً لمن قال بأنه مخلوق ،حيث نهج في هذا مسلكان :
الأول : جعل معنى مخلوق أي : مكذوب . قال : (وإنما امتنعنا من إطلاق المخلوق عليه لأن المخلوق في اللغة قد يكون مكذوباً ، ويقال : كلام الله مخلوق أي مكذوب ) [التوحيد : 225، وكذا البحار : 92/119] . قلت : محاولة التأويل هذه يردها الاختلاف الكبير الذي حصل بين أهل السنة والجماعة (السلف)، وبين المعتزلة والجهمية حول هذه المسألة وهي معروفة ومشهورة.
والثاني: جعل هذه المقالة من باب التقية، فقد نقل آيتهم البرو جردي في كتابه تفسير الصراط المستقيم (1/304) عن ابن بابويه قوله : ( ولعل المنع من إطلاق الخلق على القرآن إما للتقية مماشاة للعامة ، أو كونه موهماً لمعنى آخر ..) .
قلت : هذه من المسائل المستشنعة التي تفوه بها المعتزلة والجهمية قبلهم، وتابعهم عليها الشيعة الإمامية، وحقيقتها نفي صفة الكلام لله ، والله سبحانه يتكلم كيف شاء متى شاء حيث شاء ، ونفي هذه الصفة أعني صفة الكلام ، فيه نسبة النقص إلى الله . فإن المخلوق الأخرس ناقص الخلقة ، والله جل في علاه - وله المثل الأعلى - تنزه عن المشابهة وهو الكامل المنزه من كل نقص وعيب . ثم إن نفي كون القرآن كلام الله، يلزم منه عدم قدسية القرآن ويؤدي إلى إهمال نصوصه لكونه مخلوقاً كأحد مخلوقاته وليس كلامه ! .(12/84)
المسألة الثانية : رؤية الله عز وجل .
أخبر الله في كتابه أن عبادة المؤمنين يرونه في الآخرة فقال :{وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة }. وفي قوله تعالى : {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } . حيث فسر جمهور المفسرين الزيادة بأنها النظر إلى وجه ربهم جل جلاله والتلذذ به . وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم في أيما حديث بأنهم سوف يرون ربهم ، فعن جرير بن عبد الله قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة يعني البدر فقال: (إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ) [رواه البخاري: 554].
وأما في هذه الدنيا فإننا لا نرى ربنا ولا نستطيع، وقد سأل موسى عليه السلام ربه أن يراه فقال له ربه : {لن تراني }، ولم يقل ربنا لا تراني، والمعنى أنك يا موسى لن تراني في هذه الدنيا، وبسط هذه المسألة يطول ليس هذا موضعها ، إنما القصد هو بيان ما عليه الشيعة الإمامية تجاه رؤية ربها في الدنيا والآخرة .(12/85)
والشيعة الإمامية تابعت المعتزلة فيما ذهبت إليه في رؤية الله عز وجل ، فنفت أن يرى المؤمنون ربهم في الآخرة، وحججهم هي نفس حجج المعتزلة، ولكن زادوا عليهم أن لهم روايات وأخبار تؤكد هذه العقيدة، فيروون عن أبي عبد الله جعفر الصادق بأنه سئل : (عن الله تبارك وتعالى هل يرى في المعاد ؟ فقال: سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيراً .. إن الأبصار لا تدرك إلا ما له لون وكيفية، والله خالق الأكوان والكيفية ) [بحار الأنوار : 4/31- وعزاه إلى أمالي الصدوق ] . قلت : كأنك تلحظ في هذه الرواية نفي وجود الرب، والسلف وأهل السنة والجماعة، لا ينفون ذات الله ، ولكن ينفون معرفة كيفيته، وكيف هو . كما في قول مالك في الاستواء : (الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ...) ، أي أننا نعلم كيف الاستواء وما معنى الاستواء، ولكن استواء ربنا كيف هو لا نعلمه وهو مجهول لدينا، لا ننا لا نعرف ذات الله فكيف نصف استواءه كيف هو . وفي الرواية السابقة : (.. إن الأبصار لا تدرك إلا ماله لون وكيفية، والله خالق الأكوان والكيفية)، فيه تعرض لكنه ذات الرب، وهذا لا يعلمه إلا الله ! .
ويناقض الرواية السابقة ما رواه الكليني في الكافي (1/85) عن أبي عبد الله أنه قال : (... ولكن لا بد من إثبات أن له كيفية لا يستحقها غيره ، ولا يشارك فيه ولا يحاط بها ولا يعلمها غيره ) .
قلت : فهذا رد على الرواية السابقة، وبيان خطأ ما روي في بحار الأنوار .
وقد غلا جعفر النجفي صاحب كشف الغطاء في هذه المسألة كثيراً وكفّر من قال بالرؤية ، قال : (ولو نسب إلى الله بعض الصفات ... كالرؤية حكم بارتداده ) [كشف الغطا ص 417] . وجعل الحر العاملي هذه المسألة من أصول الدين، فعقد لهذه المسألة باباً في وسماه : (أن الله سبحانه لا تراه عين ولا يدركه بصر في الدنيا ولا في الآخرة ) [الفصول المهمة في أصول الأئمة ص 12] .(12/86)
قلت يكفينا في ذلك ما رواه ابن بابويه القمي عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت : له أخبرني عن الله عز وجل هل يراه المؤمنون يوم القيامة ؟ قال : نعم ) [ابن بابويه/ التوحيد ص 117، وبحار الأنوار : 4/44] .
وخلاصة القول : إن الشيعة الإمامية إما أن تقول بمقالة المعتزلة وتنفي رؤية الله عز وجل في الآخرة، فتكون مكذبة لما روته كتبهم عن أئمتهم في رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة . أو تتبرأ من مقالة المعتزلة وتكون متبعة لمنهج السلف وجمهور المسلمين .
20- الإيمان ومفهومه عند الشيعة الإمامية .
الإيمان عند أهل السنة والجماعة، هو قول وعمل واعتقاد، قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان ، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان . وأركانه ستة هي :
الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره .
فهل هذا هو مفهوم الإيمان عند الشيعة الإمامية ؟
لعلنا نستعرض سريعاً بعض ما تذهب إليه الشيعة الإمامية في ذلك .
أولاً : أحدثت الشيعة في الإيمان أمراً لم يأت في قرآن ولا سنة، وهو الإيمان بالأئمة الاثني عشر، وأدخلوه في مسمى الإيمان . وبالإيمان بالأئمة فسرت الشيعة قوله تعالى : {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم ... إلى قوله : فإنما هم في شقاق } . [انظر تفسير العياشي : 1/62، وتفسير الصافي : 1/92] .
ولهذا يقول المطهر ابن الحلي : (إن مسألة الإمامة (إمامة الاثني عشر )... هي أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان والتخلص من غضب الرحمن )[منهاج الكرامة في معرفة الإمامة: ص1] . ويقول محمد جواد العاملي : (الإيمان عندنا إنما يتحقق بالاعتراف بإمامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام ، إلا من مات في عهد أحدهم فلا يشترط في إيمانه إلا معرفة إمام زمانه ومن قبله ) [مفتاح الكرامة : 2/80] .(12/87)
قلت : لم يرتب الله على دخول الجنان، الإيمان بالأئمة الاثني عشرية، ولم يرد ذكرهم في القرآن والسنة ولا حتى إشارة إلى ذكرهم فضلاً على الإيمان بهم . ولا نجد ذكرهم إلا في نصوص القرآن المحرفة عند الشيعة الإمامية، فإنهم أكثروا من ذكرهم في كتاب الله دساً وتحريفاً، ونسجوا من الأساطير عن أئمتهم روايات كثيرة في الإيمان بهم وتعظيمهم والحث على العناية بهم .
ثانياً : أحدثت الشيعة الإمامية شهادة ثالثة ، فلا يكمل الإيمان حتى يشهد المسلم بأن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله ، وأن علياً ولي الله ! . ولذا تراهم يرددون في أذانهم ويلقون موتاهم الشهادة بأن علياً ولي الله وكذا الولاية للأئمة .
فعن أبي بصير عن جعفر عليه السلام قال : ( ... لقنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله والولاية ) [ فروع الكافي : 1/34، تهذيب الأحكام : 1/82] .
وأما شهادتهم بالولاية لعلي بن أبي طالب ورفعها على المنابر والمآذن ، فهذا أشهر من أن يجهل الآن ، ولا نبعد كثيراً حتى نسمع هذا الذكر فمآذن القطيف وما جاورها تشهد بذلك..! .
ثالثاً : القول بالإرجاء مما تذهب إليه الشيعة الإمامية .
يتبين هذا بالمرويات الكثيرة التي توضح هذه النزعة ، فقد جاء في الكافي باب : (أن الإيمان لا يضر معه سيئة ، والكفر لا ينفع معه حسنة ) [أصول الكافي : 2/463] . وأورد فيها مجموعة من الرويات نأخذ منها على سبيل المثال قول أبي عبد الله : (الإيمان لا يضر معه عمل، وكذلك الكفر لا ينفع معه عمل ) [أصول الكافي : 2/464] .(12/88)
قلت : هذا هو عين مذهب المرجئة وطريقتهم ، وبه يتبين أن الشيعة أخذت من عقائد الطوائف ما يحلو لها ، فضربت من كل طائفة بسهم . وهذا المنهج هو سمة غالبة فيهم؛ بل ولما قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : (إن أكثر الشيعة يعتقدون أن حب علي حسنة لا يضر معها سيئة ) [منهاج السنة : 1/31] ، رد عليه محمد مهدي الكاظمي –شيخ معاصر- فقال : (ما نسبه إلى كثير من الشيعة من القول بأن حب علي حسنة ليس يضر معها سيئة، فإنه بهتان منه ، فإنهم جميعاً متفقون على ذلك، فتخصيصه الكثير منهم بهذه العقيدة ليس له وجه سوى الكذب ) [منهاج الشريعة في الرد على ابن تيمية : 1/98] .
رابعاً : قولهم في الوعد والوعيد :
وعد الله المؤمنين المتقين بالجنة، وتوعد الكافرين بالنار .
ورتب على الطاعات قولية كانت أم عملية أجوراً ثواباً وفضلاً من عنده . ولكن الشيعة الإمامية كعادتها أحدثت ورتبت على بعض الأعمال أجوراً لم ينزل الله بها من سلطان فجعلت لعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفضل الطاعات والقربات [انظر بحار الأنوار: 27/218] وسيأتي مزيد بسط لهذه المسألة إن شاء الله . وجعلت شق الجيوب ولطم الخدود وضرب الصدور وتعذيب الجسد لأجل الحسين من أعظم الطاعات[انظر عقائد الإمامية للزنجاني: 1/289] . وجعلت الحج إلى الأضرحة والطواف بها أعظم وأكثر أجراً من حج بيت الله الحرام ! . وأعظم الأجر عندهم أن يضمن لك الإمام الجنة، فمن نصوصهم ما جاء في رجال الكشي (... عن زياد القندي عن علي بن يقطين، أن أبا الحسن قد ضمن له الجنة) [رجال الكشي : ص430-432] قلت : الضمان لرجل لم يشهد الرسول له بالجنة يذكرنا بصكوك الغفران عند النصارى! ، والسؤال هل أخذ الشيعة الإمامية هذه العقيدة من النصارى ؟ ! .(12/89)
وأما الوعيد : فهم وافقوا أهل السنة والجماعة في الظاهر وخالفوهم في الباطن ، فيقول المفيد : (اتفقت الإمامية على أن الوعيد بالخلود في النار متوجه إلى الكفار خاصة دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى والإقرار بفرائضه من أهل الصلاة ) [أوائل المقالات : ص14] . حيث لم تقف الشيعة الإمامية عند هذا الحد بل توسعوا في مفهوم الكفر وشملت أصحاب البدع ، ومن المعلوم أن البدع منها ما هو كفر ومنها ماهو دون ذلك، فيقول المفيد : (اتفقت الإمامية على أن أصحاب البدع كلهم كفار، وأن على الإمام أن يستتيبهم عند التمكن بعد الدعوة لهم وإقامة البينات عليهم فإن تابوا عن بدعهم وصاروا إلى الصوار وإلا قتلهم لردتهم عن الإيمان، وأن من مات منهم على تلك البدعة فهو من أهل النار ) [أوائل المقالات : ص16] .
بل أن كل من حارب علياً رضي الله عنه فهو كافر مخلد في النار ! : وأنهم (كفار ضلال ملعونون بحربهم أمير المؤمنين وأنهم بذلك في النار مخلدون ) [أوائل المقالات للمفيد : ص 10] . وهذا خلاف قول أهل السنة والجماعة في معاوية رضي الله عنه وفئته،والتي حاربت علياً رضي الله عنه. بل إن من كل من خالف الشيعة الإمامية ضال مضل، ولذا يقول ابن بابويه : (واعتقادنا في من خالفنا في شيء واحد من أمور الدين كاعتقادنا في من خالفنا في جميع أمور الدين ) [الاعتقادات : ص 116، وانظر الاعتقادات للمجلسي :ص100] .
قلت: وعلى هذا فأهل السنة والجماعة كفار في نظر الشيعة الإمامية، وإن اتقونا ونفوا ذلك عنهم وعن أئمتهم، ونقول لدعاة التقريب : كيف يكون التقارب بين مؤمن وكافر ! .
21- الإيمان بالملائكة في عقيدة الشيعة الإمامية .
بسم الله رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل .(12/90)
سبق وأن تكلمنا عن معتقد الشيعة الإمامية في توحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات، ولا حاجة بنا ههنا إلى تسطيره مرة أخرى، وسوف نستكمل بعون الله الذي نعبده، ما تبقى من أركان الإيمان لنرى هل الشيعة الإمامية تابعت المسلمين في الإيمان بالملائكة كما جاء في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أم حادت عن الصراط المستقيم .
والملائكة خلقهم الله من نور، ولهم أعمال كثيرة، منها ما أخبرنا الله عنها في كتابه، ومنها ما أخبرنا عنها رسوله صلى الله عليه وسلم .
فجبريل أعظم الملائكة قدراً وأعظمهم شأناً عند الله، كان رسول الله إلى رسله وانبيائه من البشر لتبليغ دين الله ونشره في الأرض، وميكائيل موكل بالقطر والنبات، وإسرافيل للنفخ في الصور، وملك الموت لقبض أرواح الخلق، وملائكة موكلة بإحصاء أعمال العباد، وملائكة لحفظ بعض الخلق، وملائكة ركعاً سجداً لله، وملائكة لحمل العرش، وملائكة خزنة للجنة والنار.... إلخ .
ولكن ما هو معتقد الشيعة الإمامية في الملائكة ؟ .
فمما ذهبوا إليه قولهم أن الملائكة خلقت من نور الأئمة ! ، ففي كنز جامع الفوايد [ص:334، وبحار الأنوار : 23/320 ] : (خلق الله من نور وجه علي بن أبي طالب سبعين ألف ملك يستغفرون له ولمحبيه إلى يوم القيامة ) . وفي المعالم الزلفى [ص249] : (خلق الله الملائكة من نور علي ) .
قلت : هذه الرواية وما شاكلها ترفع علي بن أبي طالب من مرتبة البشرية إلى مرتبة الألوهية . وهي فتح لطريق عبادته من دون الله .(12/91)
ومن معتقدهم في الملائكة قولهم : بأن الملائكة تتردد على زيارة قبر الحسين والبكاء عليه، وزيارة قبره أمنية ملائكة السماء . ففي وسائل الشيعة [10/318ن وفروع الكافي: 1/325] : (وكل الله بقبر الحسين أربعة الآف ملك شعث غير يبكونه إلى يوم القيامة !) ، وفي التهذيب للطوسي [2/16، ووسائل الشيعة : 10/322] قال : وليس شيء في السموات إلا وهم يسألون الله أن يؤذن لهم في زيارة الحسين ففوج ينزل وفوج يعرج ) .
قلت : وهذه العقيدة تغذي شرك القبور ، وإقامة المآتم على الحسين رضي الله عنه .
ومن معتقدهم في الملائكة قولهم : بأن الملائكة خدم لأئمتهم ومحبيهم ، ففي بحار الأنوار [26/335] قالوا: (إن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا) . وفي بحار الأنوار [26/356] قال أبو عبد الله : (إن الملائكة لتنزل علينا في رحالنا وتتقلب على فرشنا ، وتحضر موائدنا، وتأتينا من كل نبات في زمانه رطب ويابس... إلخ ) .
قلت : رد هذه الفرية شيخ الإسلام ابن تيمية فقال : (فتسمية جبريل رسول الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم خادماً عبارة من لا يعرف قدر الملائكة وقدر إرسال الله لهم إلى الأنبياء ..) [2/158] . ثم هو مخالف لكلام الله ، فالله يصفه بأنه رسول كريم، والشيعة الإمامية تصفه بأنه خادم ! فأي الوصفين أحق بالأخذ والاعتبار ؟ .
ومن معتقدهم في الملائكة : أنها لم تشرف –أي الملائكة- إلا بولاية علي [الاحتجاج للطبرسي:ص31، وبحار الأنوار : 26/338] . وأن لا هم لها إلا الصلاة والسلام على الأئمة : فـ : (ليس لهم طعام ولا شراب إلا الصلاة على علي بن أبي طالب ومحبيه ، والاستغفار لشيعته المذنبين ) [بحار الأنوار : 26/349] .
هذا بعض ما لدى الشيعة الإمامية نحو ملائكة الله الكرام الكاتبين، جعلوهم خدم لهم ولا هم لها إلا الاستغفار للشيعة والعناية بها وزيارة أئمتها والبكاء على قبورها ! . فنسألك اللهم لزوم صراطك المستقيم حتى نلقاك .(12/92)
22- الإيمان بالكتب في عقيدة الشيعة الإمامية .
بسم الله منزل الكتاب .
أنزل الله جل وعلا كتباً على بعض رسله، وقد قص الله علينا من أخبارها ونبأنا عن بعضها، فأنزل الزبور على داود، والتوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، والصحف على إبراهيم، والقرآن على محمد عليهم الصلاة والسلام .
وجعل الله القرآن مهيمناً على الكتب التي قبلها، أي: حاكماً عليها وناسخاً لها، فبطل بذا دعوة أهل الضلال، وأمة الغضب بأن كتبهم معتبرة سالمة من التحريف والتبديل .
وكملت الشريعة بهذا القرآن، وتمت نعمة الله على عباده، وحفظ كتابه بحفظ الله له، فبطل بذا دعوة أهل الزيغ والعناد الذين يزعمون أن هذا القرآن عملت فيه الأيدي بالدس والتحريف والتبديل –قاتلهم الله أني يؤفكون- .
والشيعة الإمامية خالفت نهج أهل السنة والجماعة، نهج السلف، وارتضت لنفسها مقولة : (ما خالف العامة ففيه الرشاد!!) . فاعتقدت في كتاب الله عقائد ما أنزل الله بها من سلطان . و ادعت تنزل كتب إ لهية على الأئمة :
وقبل بيان هذه العقيدة، لا بد أن يلحظ القارئ مسلك الشيعة الإمامية ومحاولاتهم في ربط كل عقيدة بالإمامة، تثبيتاً لها ورغبة في تعلق عامة الشيعة بها .
أقول: بدأت هذه الدعوى في زمن علي رضي الله عنه، حيث انتشر بأن علي بن أبي طالب وأهل بيته لديهم علمٌ اختصوا به لا يشركه فيه غيرهم، وعلى إثر هذا سأله أبو جحيفة فقال :(12/93)
: ( سألت علياً : هل عندكم شيء ليس في القرآن؟ فقال: لا ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما عندنا إلا ما في القرآن ، إلا فهما يعطيه الله الرجل في كتابه ... ) وفي رواية : (هل عندكم كتاب ؟ قال : لا إلا كتاب الله ، أو فهم أعطيه رجل مسلم أو ما في هذه الصحيفة . قال : قلت: فما في هذه الصحيفة ؟ قال : العقل وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر ) وفي رواية : (هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله )[والرويات جميعها عند البخاري] . وإشاعة هذه المقالة في زمن علي رضي الله عنه كانت من السبئية، ومقدمهم عبد الله بن سبأ الذي زعم أن نبي الله كتم تسعة أعشار القرآن [انظر الجوزجاني/ أحوال الرجال ص 38] . وفي رسالة الإرجاء لمحمد بن يحيى العدني قالوا: (هدينا لوحي ضل عنه الناس، وزعموا أن نبي الله كتم تسعة أعشار القرآن ) [هذه الرسالة ضمن كتاب الإيمان ص 249-250(مخطوط)] .
وسوف نعرض في عجالة بعض المزاعم الموجودة في كتب الشيعة الإمامية عن كتب لها من القدسية كقدسية القرآن :
أولاً : مصحف فاطمة :
جاء في الكافي : ... إن الله تعالى لا قبض نبيه صلى الله عليه وآله، دخل على فاطمة عليها السلام من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، فأرسل الله إليها ملكاً يسلي غمها ويحدثها فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه فقال: إذا أحسست بذلك، وسمعت الصوت قولي لي ، فأعلمته بذلك فجعل أمير المؤمنين رضي الله عنه يكتب كل ما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفاً.. أماإنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون ) [أصول الكافي: 1/240، وبحار الأنوار: 26/44، وبصائر الدرجات : ص 43] .
قلت : هذا الذي يزعمونه ويدعونه يسمى بمصحف فاطمة . ثم هذه الرواية تناقض كلام الله ، فالله يقول لرسوله قل لهم : {ولو كنت أعلم الغيب لا ستكثرت من الخير }الآية . وهذه الرواية تقول : أن هذا المصحف فيه علم ما يكون !! .(12/94)
وفي الكافي -أيضاً- تصور هذه المحاورة بين أبي بصير وأبي عبد الله حجم هذا المصحف . قال أبو عبد الله : (وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام . قلت [القائل:أبو بصير] وما مصحف فاطمة عليها السلام ؟ قال : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات ما فيه من قرآنكم حرف واحد ) [أصول الكافي: 1/239] .
ولكن ثمة رويات أخر تخالف ما جاء في الكافي في أن علياً كتب مصحف فاطمة إملاءً من الملك ، ففي دلائل الإمامة : أن (جبرائيل وإسرافيل وميكائيل .. . فهبطوا به [أي مصحف فاطمة] وهي قائمة تصلي، فما زالوا قياماً حتى قعدت، ولما فرغت من صلاتها سلموا عليها وقالوا: السلام يقرئك السلام ووضعوا المصحف في حجرها )... وفي آخر الرواية : قال : (قلت : جعلت فداك فلمن صار ذلك المصحف بعد مضيها ؟ قال : دفعته إلى أمير المؤمنين، فلما مضى صار إلى الحسن ثم الحسين، ثم عند أهله حتى يدفعوه إلى صاحب الأمر ..)[محمد بن جرير بن رستم الطبري / دلائل الإمامة: ص 27-28 (ابن جرير الطبري هذا غير الطبري صاحب التفسير وصاحب التاريخ فليتنبه له، فإن بعض كتاب الشيعة قد موه على أهل السنة لأجل التشابه بين الأسماء فنسبوا إلى ابن جرير الطبري السني أموراً لم يقلها إنما هي من كلام ابن جرير الشيعي )] .
ثانياً : كتاب أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم قبل موته وعُهد به إلى علي بن أبي طالب .
ثم عهد به علياً رضي الله عنه إلى الأئمة من بعده .(12/95)
يوضح هذه رواية بحار الأنوار (36/192-193): (عن أبي عبد الله الصادق قال : إن الله عز وجل أنزل على نبيه كتاباً قبل أن يأتيه الموت فقال: يا محمد هذا الكتاب وصيتك إلى النجيب من أهل بيتك ، فقال: ومن النجيب من أهلي يا جبرائيل؟ فقال : علي بن أبي طالب عليه السلام ، وكان علىالكتاب خواتيم من ذهب، فدفعه النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي عليه السلام وأمره أن يفك خاتماً منها ويعمل بما فيه، ففك عليه السلام خاتماً وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى ابنه الحسن ....) ...ثم دفعه الحسن إلى الحسين..... ثم دفعه إلى علي بن الحسين : (ففك خاتمه فوجد فيه اصمت والزم منزلك واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ففعل ...) وهكذا إلى قيام المهدي .
قلت : هذه الرواية فيها إغضاء من قدر النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى أنه لا يعلم من هو النجيب من أهل بيته إلا عند وفاته ! .
ثم إن الوصية لعلي بن الحسين تناقض ما أثر عنه ، فقد جاء في طبقات ابن سعد(5/214) : أن علي بن الحسين قال مخاطباً الشيعة : (أحبونا حب الإسلام فو الله ما زال بنا ما تقولون حتى بغضتمونا إلى الناس ) . فهذه مقالة علي بن الحسين فلم يصمت ولم يلزم بيته بل قال الحق الذي كان يجب أن يقال .
ثالثاً : لوح فاطمة :(12/96)
وهو غير مصحف فاطمة، وهذا اللوح أهدي إلى فاطمة رضي الله عنها –كما يزعمون – في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما مصحف فاطمة فروياتهم تدل على أنه كان بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سبق . وسوف نسوق مقطع من رواية ذكرها الكليني في الكافي [1/527-528، وكذلك عند الفيض الكاشاني في الوافي: المجلد الأول: 2/72] . حيث دار بين أبي عبد الله وجابر بن عبد الله الأنصاري، فقال أبو عبد الله : ( ... يا جابر أخبرني عن عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، وما أخبرتك به أمي أنه في ذلك اللوح مكتوب، فقال جابر: أشهد بالله أني دخلت على أمك فاطمة عليها السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله، فهنيتها بولادة الحسين، فرأيت في يديها لوحاً أخضر ظننت أنه من زمرد، ورأيت فيه كتاباً أبيض شبه لون الشمس فقلت لها : بأبي وأمي أنت يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا اللوح فقالت: هذا لوح أهداه الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابني واسم الأوصياء من ولدي أعطانيه أبي ليبشرني بذلك ... ) ونص هذا اللوح موجود في كتب الشيعة وأوله : بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز الحكيم ، لمحمد نبيه ونوره وسفيره وحجابه ودليله ، نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين، عظم يا محمد أسمائي واشكر نعمائي ...[نص اللوح تجده في : الكافي: 1/527ي،و انظر الطبرسي / الاحتجاج : 1/84-87] .(12/97)
قلت : هذه الرويات وأشبابها الغرض منها تعميق عقيدة الأئمة في أنفس الشيعة الإمامية، وإيجاد الشرعية لها من خلال كثرة النصوص الورادة في ذلك . وإلا فالإمامة والأئمة لم يرد لهم ذكر لا في الكتاب ولا في السنة، وخفاء مثل هذا الأمر وعدم ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم له ، مع عظمته عند الشيعة دليل على انتحاله من قبل بعض رواتهم، والكذب سيماهم والنصوص عن بعض أهل البيت تذكر أن كثيرا من الرواة يكذبون عليهم .
رابعاً: دعوى تنزل اثني عشر صحيفة من السماء فيها ذكر كل إمام وصفته :
وهذا من المزاعم التي تطفح بها كتب الشيعة، وليس هذا بمستغرب عنهم :
فيذكر ابن بابويه القمي في إكمال الدين [ص263] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول-زعموا- : (.... إن الله تبارك وتعالى أنزل عليّ اثني عشر خاتماً، واثني عشر صحيفة، اسم كل إمام على خاتمه وصفته في صحيفته ) .
قلت : هذه الرواية باطلة من أوجه :
أولاً: أن الإيمان بهذه الكتب، يتضمن التكذيب بالقرآن الذي ختم به الكتب السابقة، وكتاب الله القرآن هو خاتم الكتب كما أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الرسل، وعلى هذا الكتاب والسنة والإجماع . بل والرويات في كتب الشيعة الإمامية تؤيد ذلك ، منها يقول الرضا : (شريعة محمد صلى الله عليه وسلم لا تنسخ إلى يوم القيامة، فمن ادعى بعده نبوة، أو أتى بعد القرآن بكتاب فدمه مباح لكل من سمع ذلك منه ) [بحار الأنوار: 79/221].
ثانياً: أنها أتت بذكر اثني عشر صحيفة ، أي أن هناك علماً إلهياً لا يعلمه إلا الشيعة الإمامية، واختصوا به دون غيرهم، والشريعة المحمدية لا تختص بقوم ولا مكان ولا زمان . فالشريعة المحمدية للجن والإنس، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ودعواهم هذا فيه إتهام لرسول الله صلى الله عليه وسلم –وهو منزه عنه- : بأنه كتم العلم عن غير الشيعة الإمامية وهذا محال .(12/98)
ثالثاً: أن هذه الرواية كسابقتها من الروايات تغذي عقيدة الإمامية والأئمة ، فهي مصنوعة منحولة .
23- الإيمان بالرسل في عقيدة الشيعة الإمامية .
الإيمان بالانبياء والرسل أصل من أصول الإيمان، فنؤمن بأنهم رسل الله إلى خلقه، اصطفاهم الله على الناس جميعاً لتبليغ شريعته، والله يخلق ما يشاء ويختار، والله أعلم حيث يجعل رسالته، وهم أكمل الناس حالاً، وأوفرهم عقلاً، وأطوعهم لربهم، فحازوا قصب السبق، وأكرموا بأعظم وظيفة . فكان حقاً على الناس أن تعرف لهم فضلهم وتقر لهم بذلك . وهذا أمرٌ متقرر عند أهل السنة والجماعة، والخوض فيه عندهم قد يكون تحصيل حاصل .
ولكن ماذا نفعل بقوم حطوا من قدر أنبياء الله ورسله، وأنزلوهم عن مرتبتهم التي أنزلهم الله إياها، ورفعوا عليهم رجالاً أفضلهم حالاً حاز فضيلة الصحبة والمصاهرة . ولهم في هذا طريقين :
الأول : خلع صفات وأوصاف على الأئمة لا تكون إلا لمن عصمه الله من الأنبياء والرسل، وهم في هذا الطريق فضلوا الأئمة على الأنبياء والرسل شاءوا أم أبوا ، كما قال شيخ الإسلام : (فمن جعل بعد الرسول معصوماً يجب الإيمان بكل ما يقوله، فقد أعطاه معنى النبوة وإن لم يعطه لفظها ) [منهاج السنة : 3/174]. ويظهر هذا جلياً في المعجزات التي أحيط بها الولي، كما قال البحراني في [ينابيع المعاجز: ص 2 ]: إن الله ( أظهر على أيديهم المعاجز والدلائل لأنهم حجته على عباده ). فمنها :
- ما قاله البحراني في الباب الخامس : (إن عندهم عليهم السلام علم ما في السماء وعلم ما في الأرض، وعلم ما كان، وعلم ما يكون، وما يحدث بالليل والنهار، وساعة وساعة ..)[ينابيع المعاجز وأصول الدلائل : 35-42] .(12/99)
- ومن معجزات علي رضي الله عنه : -وهي كثيرة – فقد ذكر البحراني في ينابيع المعاجز .. أن له (550) معجزة، كميلاده [ص5]، ومناجاة الله له [ص9] ، وعروجه للسماء [ص12] ، وكلام الأرض معه [ص16] ، وكلام إبليس معه [16] ..
وهناك معجزات عند مشاهد الأئمة وأضرحتهم: كشفاء المريض عند الضريح، وحصول البصر للأعمى ! [انظر : بحار الأنوار: 42/317 ] ..
وهناك معجزات كثيرة لا يتسع المقام لسردها، وهي أساطير بل أضغاث أحلام .
الطريق الثاني: تفضيل الأئمة على الأنبياء :
وكتبهم تصرح بذلك، ولهم في ذكر أخبار ورويات كثيرة، بل إن الأنبياء يجب عليهم الإيمان بولاية علي ! . فعن حبة العرني : قال : (قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله عرض ولا يتي على أهل السموات والأرض، أقر بها من أقر، وأنكرها من أنكر، أنكرها يونس فحبسه الله في بطن الحوت حتى أقر بها ) [بحار الأنوار : 26/282، بصائر الدرجات : ص 22] .
وعقد المجلسي في بحار الأنوار باباً وسماه : (باب تفضيلهم عليهم السلام على الأنبياء وعلى جميع الخلق وأخذ ميثاقهم عنهم وعن الملائكة وعن سائر الخلق، وأن أولي العزم إنما صاروا أولي العزم بحبهم صلوات الله عليهم ) وفيه ثمان وثمانون رواية ! [بحار الأنوار : 26/267] .
- وجنح ابن بابويه القمي إلى تفضيل محمد صلى الله عليه وسلم على الخلق، وقرن به الأئمة، فقال : (يجب أن يعتقد أن الله عز وجل لم يخلق خلقاً أفضل من محمد صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة، وأنهم أحب الخلق إلى الله عز وجل وأكرمهم وأولهم إقراراً به لما أخذ الله ميثاق النبيين في الذر ....) [اعتقادات ابن بابويه : ص 106-107، وانظر:بحار الأنوار: 26/297-298].(12/100)
قلت : المتأمل في كلام ابن بابويه، يلحظ تفضيل الأئمة على الأنبياء خلا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا خلاف نهج السلف ونهج أهل السنة والجماعة . ثم إنهم جعلوا ذكر محمداً صلى الله عليه وسلم ستاراً يخفون من ورائه تعظيم الأئمة، فهم إن اظهروا فضل الأئمة على الخلق كلهم لم يسلموا من تشغيب الناس عليهم والإنكار عليهم، فجعلوا في ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ستاراً يموهون به على عوام الناس وبسطائهم .
والحاصل : أن المسلمين كلهم لا يقدمون على الأنبياء أحداً من البشر، فما بال الشيعة الإمامية خالفت نهج المسلمين وطريقتهم .
24- الإيمان باليوم الآخر في عقيدة الشيعة الإمامية الاثني عشرية .
بسم الله مالك يوم الدين .
من حكمة الله وعدله جل في علاه أن جعل هناك يوماً آخراً، يعود فيه الجن والإنس إلى ربهم ليحكم بينهم –وهو الحكيم الخبير- فيما عملوه على ظهر الدنيا من حسنات وسيئات، فمن أحسن، أحسن إليه مولاه الكريم وضاعف له أجره ما شاء الله ، ومن أساء فعليه إساءته ولا يظلم ربك أحداً .
والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة، ولسنا في حاجة لتقرير هذا الأمر لدى عامة المسلمين إنما غرضنا بيان مذهب الشيعة الإمامية في الإيمان باليوم الآخر، وسوف نعرض شيئاً مما ورد في كتبهم عن الإيمان باليوم الآخر لننظر هل هم متابعون لأهل السنة والجماعة فيما تذهب إليه في ذلك أم لا .
-فأعظم ما تتفوه به كتبهم في هذا الباب ما رواه الكليني في أصول الكافي [1/409]، الذي تقول عنه الشيعة الإمامية : الكافي، كافي لشيعتنا !! . قال صاحب الكافي : (الآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء جائز له ذلك من الله ) .
قلت : وما ذا بقي لله ! ، والله يقول في كتابه : {مالك يوم الدين } . ثم لا تغتر بقوله (جائز له ذلك من الله ) . فهي عبارة أُريد بها ذر الرماد في العيون والتلبيس بها على الناس .(12/101)
ثم الشيعة الإمامية تفسر كثير من آيات القرآن الكريم التي جاءت بذكر اليوم الآخر، وتريد بها الرجعة، وهي عقيدة طالما دندن عليها مشايخ الشيعة وعلمائها، ولنا معها وقفة مستقلة إن شاء الله الأول الآخر الظاهر الباطن .
-وفي الاعتقادات لابن بابويه : [ص106-107] : (ويجب أن يعتقد أنه لولاهم[أي: لولا الأئمة] لما خلق الله سبحانه السماء والأرض ولا الجنة ولا النار، ولا آدم ولا حواء ، ولا الملائكة، ولا شيئاً مما خلق ) .
- وفي المعالم الزلفى (ص249) : (إن الله خلق الجنة من نور الحسين ) . ويروون أيضاً : أن الشيخ الطوسي يروي في مجالسه عن أبي بصير عن أبي عبد الله قال : إن الله تعالى أمهر فاطمة رضي الله عنها ربع الدنيا، فربعها لها، وأمهرها الجنة والنار، تدخل أعداءها النار وتدخل أولياءها الجنة ) [المعالم الزلفى: ص350] .
قلت : ما أسخف عقول تصدق بهذا، فكيف تكون الجنة مخلوقة من نور الحسين، وهي قبل كانت مهراً لفاطمة !!، ألا تستيقظ الشيعة من سباتها وغفلتها وانسياقها وراء هذه الشنائع التي يعلم بطلانها الأطفال ؟ . ثم أين نذهب بالنصوص الكثيرة في القرآن والسنة والتي لا تدع مجالاً للشك بأن الله هو المتصرف في خلقه يدخل من يشاء الجنة برحمته، ويدخل من يشاء النار بعدله .
-وفي الاعتقادات للمجلسي[39-94] قال : يجب الإقرار بحضور النبي والأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم عند موت الأبرار والفجار والمؤمنين والكفار، فينفعون المؤمنين بشفاعتهم في تسهيل غمرات الموت وسكراته عليهم، ويشددون على المنافقين ومبغضي أهل البيت صلوات الله عليهم، ولا يجوز التفكر في كيفية ذلك إنهم يحضرون -كذا- في الأجساد الأصلية أو المثالثة أو بغير ذلك ! ) .(12/102)
قلت : الآيات القرآنية والسنن النبوية الصحيحة، نصت على أن الملائكة هي التي تحضر ساعات النزع، فتشدد على الكفار، وتهون على المؤمنين الأبرار . وأما حضور الأئمة الاثني عشر فليس له وجود إلا في كتب الشيعة ! . فكيف يخفى هذا الأمر الجلل عن جل الأمة وعلمته الشيعة ! . وعلى قولهم : فإن تخفيف سكرات الموت تكون على الشيعة الإمامية ومن تابعه فقط ، وغيرهم مسلمهم وكافرهم يعذب ، وعندهم ما ثم مسلم إلا هم ومن دان بدينهم، وأهل السنة عندهم كفار لأنهم ممن يبغض آل البيت ! فأهل السنة مشدد عليهم في النزع لا محالة ! .
-وجاء في أصول الكافي [2/606]، والمعالم الزلفى [ص133] : عن حفص قال : سمعت موسى بن جعفر يقول : الرجل يحب البقاء في الدنيا؟ قال : نعم، فقال : ولم ؟ قال : لقراءة قل هو الله أحد. فسكت عنه فقال له بعد ساعة : يا حفص من مات من أوليائنا وشيعتنا ولم يحسن القرآن علم في قبره ليرفع به الله من درجته، فإن درجات الجنة على قدر آيات القرآن ) .
قلت : وهذه من فرائد الشيعة الإمامية، فإن العمل ينقطع بعد الموت، إلا ما استنثي من صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له ، أو علم ينتفع به .
وفي هذه الرواية دعوة مبطنة إلى تجاهل كتاب الله في الدنيا، إمعانا في إضلال الشيعة وإبعادهم وصرفهم عن تلاوة كتاب الله وحفظه .
-وخالفت الشيعة الإمامية المسلمين في سؤال منكر ونكير في القبر ، فزعمت أن أول سؤال يسأل عنه الميت هو : حب الأئمة الاثني عشر . ففي بحار الأنوار [27/79] : (أول ما يسأل عنه العبد حبنا أهل البيت ) . والملائكة تسأل الميت (من يعتقده من الأئمة واحد بعد واحد، فإن لم يجب عن واحد منهم يضربانه بعمود من نار يمتليء قبره ناراً إلى يوم القيامة ) [الاعتقادات للمجلسي : ص95] . وأما من رد على أسئلتهم وأجاب عنها فإنه يكون في رغد العيش إلى يوم القيامة [انظر : محمد الحسيني الجلالي : الإسلام عقيدة ودستور : ص 77] .(12/103)
قلت : الأدلة متضافرة على أن الملكين يسألان الميت ثلاثة أسئلة : من ربك ؟ وما دينك ؟ وما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ . وأما السؤال عن حب الأئمة الاثني عشر، فما ندري ما هو، إن هو إلا من بدع الشيعة، ورغبتهم في تأصيل هذه العقيدة في نفوس شيعتهم .
-وتؤمن الشيعة الإمامية بأن هناك حشراً قبل يوم الحشر، وذلك في زمن القائم، وذلك من أجل أن تقر أعينهم، برؤية أئمتهم، وعذاب أعدائهم . يقول المجلسي في الاعتقادات [ص98] : (يحشر الله تعالى في زمن القائم أو قبيله جماعة من المؤمنين لتقر أعينهم برؤية أئمتهم ودولتهم، وجماعة من الكافرين والمخالفين للانتقام عاجلاً في الدنيا ) .
قلت : يؤمنون بهذا كله، ويجزمون أن هناك يوماً يبعث فيه أبا بكر وعمر وغيرهم من الصحابة ثم يعذبوا ويقتلوا شر قتلة .
ونحن نجزم أنه لا بعث بعد الموت إلا بعد نفخة الصور الثانية ، عندها يخرج الناس من قبورهم إلى أرض المحشر لملاقاة ربهم والمجازاة بأعمالهم، وعلى هذا الأدلة من القرآن والسنة . ومن العجب أن الشيعة الإمامية (أهل قم ) غلبتهم العنصرية والعصبية حتى جعلوا أهل قم يحشرون إلى الجنة بدون حساب ، تقول أخبارهم : (إن أهل مدينة قم ، يحاسبون في حفرهم ويحشرون من حفرهم إلى الجنة) [بحار الأنوار : 60/218، وانظر عباس القمي في الكنى والألقاب : 3/71] . بل زاد بعض المعاصرين من شيوخهم أن جعل ثلاثة من أبواب الجنة الثمانية لأهل قم !، فيذكرون عن الرضا أنه قال : (للجنة ثمانية أبواب ، فثلاثة منها لأهل قم ) [محمد مهدي الكاظمي: أحسن الوديعة/ ص313-314] .
قلت : واضع هذا الإفك رجل من قم لا نشك في ذلك . ثم هنيئاً لأهل قم أن سبقوا الأنبياء والرسل إلى الجنة، فإن الأنبياء والرسل تشهد المشاهد مع أقوامهم، وأما أهل قم فهم يجتازون المحشر إلى الجنة ! .(12/104)
-وفي الفصول المهمة في أصول الأئمة للحر العاملي [ص171] : أن حساب جميع الخلق يوم القيامة إلى الأئمة . وفي رجال الكشي [ص337]: (إلينا الصراط ، وإلينا الميزان، وإلينا حساب شيعتنا ) .
قلت : ما ذا أبقوا لله . والله يقول : لمن الملك اليوم ، فيجيب نفسه لله الواحد القهار . والشيعة الإمامية جعلت اليوم الآخر في يد أئمتها وتحت تصرفهم .
وختاماً : لولا خشية الإطالة لسقت كثيراً مما حوته كتب الشيعة من هذا الباطل الذي تزخر به كتبهم، وتؤمن به شيعتهم ، هداهم الله للحق، وبصرهم بعقيدة المسلمين الصحيحة .
25- الإيمان بالقدر عند الشيعة الإمامية الاثني عشرية .
بسم الله ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن .
الإيمان بالقدر من أصول الإيمان، ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن بالقدر من الله خيره وشره حلوه ومره. وأفعال العباد مخلوقة لله . {والله خلقكم وما تعملون}، وللعبد مشيئة وقدرة ولكنها خاضعة لمشيئة الله وقدرته، {وما تشاءون إلا أن يشاء الله } . فما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن .
فمن سلك في القدر على هذا الاعتقاد اطمأنت نفسه وسلم من الحيرة . ومن قال بالقدر أو بالجبر لم يسلم من التناقض والحيرة .
وعلماء أهل البيت الأوائل –قدماء الشيعة- لم يخالفوا هذا المنهج، ولم يقولوا بمقالة القدر حتى أخذوا بقول المعتزلة وتبنوه فكراً ومنهجاً وعقيدة، وذلك في أواخر المائة الثالثة وأوائل المائة الرابعة [انظر: منهاج السنة النبوية : 1/229].
ومصادر الشيعة لم تستقم على قدم واحدة بل تباينت أقوالها، وسوف نعرض لشيء من ذلك :
-يذكر ابن بابويه القمي في عقائد الصدوق[ص75] : (اعتقادنا في أفعال العباد أنها مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين، ومعنى ذلك أنه لم يزل الله عالماً بمقاديرها ) .(12/105)
قلت : تحلظ في هذه المقالة إثبات علم الله عز وجل بأعمال العباد، ولكنها تنفي أن يكون الله خالقاً لأفعال العباد . وهذا القول لم يرتضه شارح عقائد الصدوق وهو المفيد فقال متعقباً : (الصحيح عن آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن أفعال العباد غير مخلوقة لله، والذي ذكره أبو جعفر قد جاء به حديث غير معمول به، ولا مرضي الإسناد، والأخبار الصحيحة بخلافه، وليس يعرف من لغة العرب أن العلم بالشي هو خلق له ) [شرح عقائد الصدوق : ص12] .
والمفيد نفسه يقول بخلق أفعال العباد وأنهم خالقون لها ولكنه لا يطلق عليهالفظ الخلق، بل يسلك بها مسلكاً آخر، فاختلفت الألفاظ واتفقت المعاني، والعبرة بالمعاني لا بالمباني، فقال : (أقول إن الخلق يفعلون، ويحدثون، ويخترعون، ويصنعون، ويكتسبون ولا أطلق القول عليهم بأنهم يخلقون ولاهم خالقون ، ولا أتعدى ذكر ذلك فيما ذكره الله تعالى ولا أتجاوز به مواضع القرآن وعلى هذا القول إجماع الإمامية والزيدية ....) [أوائل المقالات: ص 25] .
قلت : يعتقد المفيد إنه تابع أهل السنة والجماعة في عدم إطلاق لفظ الخلق على أفعال العباد، ولكن المعنى الذي ذهب إليه لا يساعده ، والإجماع الذي ذكره لم يستمر على حال، بل بانت عقيدة المعتزلة في القدر في عبارات بعض شيوخ الشيعة الإمامية، فقد عقد الحر العاملي باباً في الفصول المهمة في أصول الأئمة [ص 80] وسماه : (باب أن الله سبحانه خالق كل شيء إلا أفعال العباد ) ، وقال : (أقول مذهب الإمامية والمعتزلة أن أفعال العباد صادرة عنهم وهم خالقون لها ) [الفصول المهمة ... ص 81] . وذهب إلى مثل هذا شيخهم الطبطبائي في مجالس الموحدين في بيان أصول الدين [ص21] فقال : (ذهب الإمامية والمعتزلة إلى أن أفعال العباد وحركاتهم واقعة بقدرتهم واختيارهم فهم خالقون لها ...) .(12/106)
قلت : كتب الحديث لدى الشيعة الإمامية تخالف كثيراً ما ذهب إليه مشائخهم في القول بخلق أفعال العباد، وسوف نعرض لبعض الروايات التي وردت في كتب الحديث عندهم لبيان مخالفة مشائخهم لما قال به علماء آل البيت .
-قال أبو جعفر وأبو عبد الله : إن الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب، ثم يعذبهم عليها، والله أعز من أن يريد أمراً فلا يكن، قال: فسئلا عليهما السلام هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة ؟ قال : نعم أوسع ما بين السماء والأرض ) [أصول الكافي: 1/159] .
- وقال أبو عبد الله : (إنك لتسأل عن كلام أهل القدر وما هو من ديني ولا دين آبائي، ولا وجدت أحداً من أهل بيتي يقول به ) [بحار الأنوار: 5/56، والبرهان: 1/398] .
-وقال أبو عبد الله : (ويح القدرية أما يقرأون هذه الآية {إلا امرأته قدرناها من الغابرين} ويحهم من قدرها إلا الله تبارك وتعالى ) [بحار الأنوار : 5/56] .
- وقبل أن أختم هذا المبحث أجدني مضطراً إلى أن أسوق معنى نفيساً ذكره المظفر في عقائد الإمامية [ص67-68] فقال : (أن أفعالنا من جهة هي أفعالنا حقيقة ونحن أسبابها الطبيعية، وهي تحت قدرتنا واختيارنا، ومن جهة أخرى هي مقدورة لله تعالى وداخله تحت سلطانه، لأنه هو مفيض الوجود ومعطيه، فلم يجبرنا على أفعالنا حتى يكون قد ظلمنا في المعاصي، لأن لنا القدرة والاختيار فيما نفعل، ولم يفوض إلينا خلق أفعالنا حتى يكون قد أخرجها عن سلطانه بل له الخلق والأمر وهو قادر على كل شيء ومحيط بالعباد ) . قلت : هذا الكلام موافق لما عليه أهل السنة والجماعة، ونرجو أن يكون هذا الكلام علىحقيقته وليس تقية ، فإنه معنى جيداً .(12/107)
وختاماً الأمثلة على هذا كثير من كتب الحديث عندهم، ومنهم يُعلم أن بعض مشايخ الشيعة الإمامية لم يتابعوا أئمتهم القدماء على الاعتقاد بقول سلف هذه الأمة كما جاء في كتاب ربها وعلى لسان رسولها ، فوافقوا المعتزلة، وخالفوا الحق . والله الهادي إلى صراطه المستقيم .
26- الأصول التي خالفت فيها الشيعة الإمامية أهل السنة والجماعة (مقدمة) .
بسم الله الرحمن الرحيم .
لم ترتض الشيعة ما رضيه الله لعباده، وشرع لهم من الدين حتى أحدثوا عقائد ما أنزل الله بها من سلطان، أهلكت الشيعة عامتهم وخاصتهم وصدتهم عن سبيل الله، وسوف نعرض إن شاء مولانا، بعض تلك الأصول في حلقات متوالية بشيء من الإيجاز، وإلا فإن المهتمين بنقد معتقد الشيعة أفردوا لها كتباً مستقلة، ونحن نحاول أن نقرب المسألة المخالف فيها أو الأصل المخالف فيه ثم ننقده بما ييسره لنا مولانا، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ومن تلك الأصول المخالفة التي ننوي أن نفردها بالدراسة :
1- الإمامة .
2- التقية .
3- الغيبة .
4-الرجعة .
5- الظهور .
6- البداء .
7- الطينة .
27- الإمامة عند الشيعة الإمامية .
أ- لا يكمل إيمان عبد عند الشيعة حتى يقر ويؤمن بعقيدة الإمامة، وإنك لتعجب من هذا الأصل العظيم عند الشيعة، الذي أفرد لأجله الرسائل والكتب الشيعية، ثم لا تجد لكلمة الإمامة ذكراً في القرآن، ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وكيف يخطر بال امرء أن يغفل رسول الله صلى الله وسلم عن ذكر هذه المسألة المهمة من مسائل الدين!، {وما كان ربك نسيا} .
نعم . للإمامة ذكرٌ في نصوص القرآن التي يدعي الشيعة الإمامية أنها مما تصرفت فيها أيدي السنة، وكذلك في رواياتهم بإسانيدهم ، وفي غير هذين الموضعين لا تجد ذكراً لها ! .(12/108)
وأول من أشاع فكرة الإمامة عند الشيعة هو عبد الله ابن سبأ اليهودي الأصل، وبهذا نطقت كتب الشيعة كما في رجال الكشي (108-109) : (كان أول من أشهر القول بفرض إمامة علي ، وأظهر البراءة من أعدائه ، وكاشف مخالفيه وكفرهم ) . ويقول ابن بابويه القمي في عقائد الصدوق (ص106) : (يعتقدون –أي الشيعة – بأن لكل نبي وصياً أوصى إليه بأمر الله تعالى ).
قلت : فكرة الوصاية، عقيدة يهودية، فإن اليهود يرون أن لكل نبي وصياً ، وأن يوشع بن نون وصي موسى عليه السلام، ومن هنا دخلت فكرة الوصاية على معقتد الشيعة، ولذلك يذكر المجلسي في أخباره (أن علياً هو آخر الأوصياء) (بحار الأنوار : 39/342).
ب- والإمامة عند الشيعة تختلف عن الإمامة في الدين عند أهل السنة والجماعة، فالإمام عند الشيعة له من الخصائص كما للنبي !، يقرر ذلك محمد حسين آل كاشف الغطا –شيخ معاصر- ي كتابه أصل الشيعة وأصولها (ص85) يقول: (أن الإمامة منصب إلهي كالنبوة، فكما أن الله سبحانه يختار من يشاء من عباده للنبوة والرسالة، ويؤيد بالمعجزة التي هي كنص من الله عليه.. فكذلك يختار للإمامة من يشاء ويأمر نبيه بالنص عليه وأن ينصبه إماماً للناس من بعده ) .
قلت : كلام الغطا وقبله المجلسي ، من جنس كلام غلاة الصوفية، الذين يزعمون أن الولي له من المنزلة التي تفوق الرسل فيقول شاعرهم :
مقام الولاية في برزخ فويق الرسول ودون النبي(12/109)
فغلاة الصوفية جعلوا مرتبة الولاية في مرتبة وسطى ما بين النبوة والرسالة، ومن جهلهم أن جعلوا مقام النبوة أعلى من مقام الرسالة !، والشيعة الإمامية تعدت ذلك وجعلت منصب الإمام أعلى من منصب النبي والرسول، يقول نعمة الله الجزائري في زهر الربيع (ص 12) : (الإمامة العامة التي هي فوق درجة النبوة والرسالة ) ؛ بل إن أحد آياتهم في هذا العصر وهو هادي الطهراني أخذ منحنى عجيباً في هذا الباب إذ يقول : (الإمامة أجل من النبوة، فإنها مرتبة ثالثة شرف الله تعالى بها إبراهيم بعد النبوة والخلة ...) (ودايع النبوة : ص 114) .
ولما قال بعض غلاة الصوفية إنه آخر الأولياء، كما أن محمداً صلى الله عليه وسلم آخر الآنبياء، قالت الشيعة الإمامية بأن علياً رضي الله عنه هو آخر الأوصياء ! . فالأمر لا يعدوا كونه متابعة لليهود أوغلاة الصوفية .
ت- والإمامة عند الشيعة أحد مباني الإسلام الخمسة، أعني أركان الإسلام الخمسة ، فهم يعتقدون كما جاء في أصول الكافي عن أبي جعفر أنه قال : (بني الإسلام على خمس ، على الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج والولاية، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية، فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه –يعني الولاية-) (أصول الكافي : 2/18) وفي الشافي شرح الكافي تصحيح لهذا الحديث (5/28) .
قلت : تواترت الأحاديث على ذكر الشهادتين وأنها أحد مباني الإسلام الخمسة، وأسقطتها الشيعة الإمامية، وأحلت بدلاً منها الإيمان بالولاية . أقول: هذا الحديث من شنائع الشيعة وصنع رواتها، وإلا فهذا الحديث قد بلغ شهرة عظيمة لا يكاد يجهله أحد من أبناء الإسلام، فهلا وعت الشيعة الإمامية هذا .
ثم بأي شيء يكون المرء مسلماً إن لم يأت بالشهادتين !، وكأن واضع هذا الحديث أراد أن يحرم الشيعة من الدخول في دين الإسلام، وإلا فما معنى إسقاط الشهادتين التي هي مفتاح الدخول في الإسلام ؟ فهل تعي الشيعة ذلك ؟ .(12/110)
ث-و قلنا إن الإمامة لم يرد لها ذكر في كتاب ولا سنة، ولم تعرف لها ذكر في العصور المتقدمة العصور الفاضلة، وهذا الأمر أقلق الشيعة مما جعلها تصنع الرويات وتختلقها في أن الإمامة من الأسرار التي لا ينبغي إذاعتها ونشرها ! ، فعن علي الرضا قال : (ولا ية الله أسرها إلى جبرائيل، وأسرها جبرائيل إلى محمد، وأسرها محمد إلى علي، وأسرها علي إلى من شاء الله، ثم أنتم تذيعون ذلك، من الذي أمسك حرفاً سمعه) (المازندراني: شرح جامع: 9/123)، ومعنى الجملة الأخيرة، (من الذي أمسك حرفاً سمعه) أي أن هذا الذي ينبغي له ان يكتم أشيع ونشر ! .
وعن جعفر -زعموا- أنه قال : (المذيع حديثنا كالجاحد له ) [أصول الكافي: 2/224] . وتشير بعض رواياتهم إلى أن الكيسانية هي أول من أذاعت هذا السر وكشفته، ففي أصول الكافي : (2/223) : (ما زال سرنا مكتوماً حتى صار في ولد كيسان، فتحدثوا به في الطريق وقرى السواد ).
ج-مما تميزت به عقيدة الإمامة لدى الشيعة الإمامية هو قولهم بتعدد الأئمة وحصرها في عدد معين ، وهم اثناعشر إماماً . وتشير بعض الرويات إلى أن من أشاع هذه المقالة الكاذبة هو (شيطان الطاق) وهذا هو اسمه عند أهل السنة والجماعة، وأما الشيعة الإمامية فتسميه مؤمن الطاق، وله قصص في الكذب على الله وتحريف بعض آي القرآن الكريم، ( انظر : رجال الكشي: ص186، و أصول الكافي: 1/174) .(12/111)
ففي باديء الأمر أظهر شيطان الطاق فكرة الإمام مفترض الطاعة بمعاونة هشام بن الحكم الرافضي، وأنتشرت في الكوفة، وأنكرها أبو عبد الله جعفر إنكاراً بليغاً، فيروي سعيد الأعرج كما جاء في رجال الكشي : أنه قال كنا عند أبي عبد الله فاستأذن رجلان، فأذن لهما ، فقال أحدهما: أفيكم إمام مفترض الطاعة؟ قال : ما أعرف ذلك فينا، قال: بالكوفة قوم يزعمون أن فيكم إماماً مفترض الطاعة، وهو لا يكذبون أصحاب ورع واجتهاد.. منهم عبد الله بن يعفور وفلان وفلان، فقال أبو عبد الله رضي الله عنه: ما أمرتهم بذلك، ولا قلت لهم أن يقولوه، قال-القائل أبو عبد الله-: فما ذنبي ! وأحمر وجهه وغضب غضباً شديداً ، قال: فلما رأيا الغضب في وجهه قاما فخرجا .. ) [رجال الكشي : ص427] .
قلت : الإنكار الشديد من أبي عبد الله لهو دلالة على فساد هذه العقيدة وبطلانها وأنها مخترعة لصد وإفساد دين الشيعة . ولكن الشيعة تكذب بهذا دائماً وتضعف هذه الرويات أو تحملها على التقية ! .
ح-ثم إن المتأمل لروايات الشيعة الإمامية فيما يتعلق بالإمامة يجد أنها لم تحدد اثني عشر إماماً في أول الأمر، وإنما تم ذلك بعد وفاة الحسن العسكري-وسوف يأتي الحديث عنه -، إذ جاءت روايات تشير إلى أن علياً يسر بهذا الأمر إلى من يشاء، وجاءت رويات تقول بأن القائم هو سابع سبعة : كما في رجال الكشي (373) : (سابعنا قائمنا) وهذا هو الأمر المستقر عند الإسماعيلية . ولكن الموسوية أو القطعية زادتهم إلى اثني عشر فسميت بالاثني عشرية .(12/112)
ولم يقف الأمر عند ذلك فقد جاء في كتاب سليم بن قيس الذي تكلمناعنه في حلقة سابقة أنه ذكر أن الأئمة ثلاثة عشر، مما جعل بعض مشايخ الشيعة قديماً وحديثاً يطعن في هذا الكتاب، مع احتوائه على أصول عقائد الشيعة الإمامية الآن . وللدلالة على ذلك (انظر: أصول الكافي: 1/534، والغيبة : ص 92، وأصول الكافي : : 1/532-) . وهذه الإحالات نذكرها لمن أراد الوقوف على حقيقة القول، ليرى حجم التناقض بين الروايات وتضاربها .
خ- ويحتج الشيعة الإمامية على عقيدة الإمامة وثبوتها بأدلة من القرآن ، والسنة، والرويات الكثيرة في كتب الشيعة .
1-فأما استدلالهم بالقرآن فهو تحريف لكتاب الله، وتأويله على غير مراد الله، وصرفه عن دلالته، ففي قوله تعالى : {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون } .-هذه أكبر دليل عند الشيعة الإمامية حيث يستدلون بها على ولاية علي رضي الله عنه- فيقول الطبرسي : (وهذه الآية من أوضح الدلائل على صحة إمامة علي بعد النبي صلى الله عليه وسلم ) [مجمع البيان : 2/182] . فيقولون في تفسير هذه الآية : (اتفق المفسرون والمحدثون من العامة والخاصة أنها نزلت في علي لما تصدق بخاتمه على المسكين في الصلاة بمحضر من الصحابة .. )[انظر ابن المطهر الحلي في منهاج الكرامة حيث عده البرهان الأول (ص 147)] . وقد رد على هذا الاستدلال ابن تيمية في منهاج أهل السنة وغيره من عدة أوجه ، نسوقها مختصرة، ونترك الأوجه الأخرى لمن اراد الاستزادة :
أ- بطلان زعمهم أن المفسرين أ جمعوا على أن علياً هو المقصود وأنه تصدق بخاتمه على المسكين وهو يصلي ! ، إلا أن يكون مرادهم بالاجماع؛ إجماع الشيعة الإمامية ! فهذا قد يكون، أما أهل السنة فلا يعرف لهم ذلك .(12/113)
ب- الشيعة الإمامية تمدح بذلك علياً أن تصدق بخاتمه وهو يصلي، وهذا منقصة وذماًَ في حق علي رضي الله عنه، فإن لب الصلاة الخشوع، والتصدق على المساكين في الصلاة يذهب الخشوع وينافيه، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر في الحديث إن في الصلاة لشغلاً . وعلى هذا فإن الشيعة أرادت أن تمدح علياً بأمر في حقيقته ذم، وهو منزه عنه رضي الله عنه .
ت-هناك فرقاً كبيراً بين الولاية بالكسر التي هي بمعنى المحبة والنصرة التي ضد العداوة ، والولاية بالفتح التي هي بمعنى الأمارة . والآية جاءت بالمعنى الأول وهي الولاية التي بمعنى المحبة والنصرة ، ومراد الشيعة هو الولاية التي بمعنى الأمارة، فهناك فرقٌ ظاهر في اللغة . فتأمل .
2- وأما استدلالهم بالسنة فهو ليس من باب الإيمان بالأحاديث التي جاءت عن طريق أهل السنة، ولكنهم وجدوا في بعض الأحاديث التي يرويها أهل سنداً لمعتقدهم فرووها واستدلوا بها على ما يريدون .
فهم يحتجون بما رواه جابر بن سمرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يكون اثنا عشر أميراً فقال : كلمة لم أسمعها فقال أبي إنه قال : كلهم من قريش ) البخاري (8/127) ، وعند مسلم عن جابر قال : (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة) ثم قال كلمة لم أفهمها . فقلت لأبي : ما قال ؟ فقال : (كلهم من قريش ) (مسلم : 2/1453) . وهناك الفاظ أخرى لهذا الحديث .
فالشيعة الإمامية يتمسكون بهذه النصوص التي وردت عن طريق السنة، لا لإيمانهم بما جاء فيها، فهم لا يأخذون عن كفار، إنما لأن فيها ما يوافق معتقدهم في الأئمة الاثني عشر . وهم يأخذون بنقلهم ولا يأخذون بتفسيرهم لهذا الحديث ! ، ولكن ليس في هذا الحديث حجة ولا مستمسك لهم به ، وذلك من أوجه ثلاثة نكتفي بها :(12/114)
أ- وصفوا هولاء الأئمة بأنهم يكونون في عزة ومنعة وأن الإسلام عزيزاً ما داموا، وبالنظر إلى حال الإئمة الاثني عشر نجد أنه قد تفاوتت أزمانهم، والإسلام في بعض أزمانهم لم يكن عزيزاً ، بل إن مهديهم مختبيء الآن منذ أزمان طويلة خائف على نفسه ! .
ب-أن الإمامة واجتماع الناس وانقيادهم للإمام لم يحصل إلا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وزمناً يسيراً للحسن رضي الله عنه . وأما باقي الأئمة فلم تحصل لهم الإمامة التي يجتمع عليه الناس .
ت- الخلفاء الأربعة ومن خلفهم من حكام بني أمية معاوية وابنه يزيد ثم عبد الملك وأولاده، اجتمع في حقهم الأوصاف التي وردت في الحديث، فكلهم من قريش، والإسلام في تلك الفترة كان في عزة ومنعة، والإسلام وشرائعه ظاهرة . . إلخ .
3- وأما احتجاجهم بالرويات التي جاءت عن طريق أهل السنة وعن طريق الشيعة ، كحديث غدير خم .
فأما أهل السنة فقد نقلوا هذه الواقعة بأمانه، وليس فيها دليل صريح على إمامة الأئمة، وكل ما فيه هو الحث على العناية بأهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقيرهم والبر بهم ، ولهم منا ذلك سمعاً وطاعة لرسول الله صلى عليه وسلم ، وحباً فيه وفي أهل بيته .
وأما روايات الشيعة لهذه الواقعة فقد زادوا فيها وحرفوا وبدلوا لتأسيس هذه العقيدة في نفوس الشيعة . ولا يتسع المقام لبسط هذه الواقعة ، والراغب في الاستزادة فليرجع إلىكتاب شيخ الإسلام ابن تيمية منهاج السنة فقد فصل القول في هذه المسألة .
4- وأما الروايات التي جاءت عن طريق كتب الشيعة الإمامية، فهي رويات منقطعة الإسناد، ورواتها مجهولون أو اشتهر عنهم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الناس، أو مطعون في ديانتهم، وقد سقنا من قبل نصوصاً كثيرة وتبين حجم تحريف الشيعة الإمامية وتلاعبهم بالنصوص لدعم معتقداتهم وإقرارها . ولعل الله ييسر لنا بسط هذه المسألة أكثر .
قاصمة :(12/115)
من أبين الدلائل على أن معتقد الشيعة الإمامية في الأئمة الاثني عشرية مأخوذ من دين اليهود، ماوجده ابو الحسين بن المنادى في كتاب دانيال، وفيه : إذا مات المهدي ملك بعده خمسة رجال من ولد السبط الأكبر، ثم خمسة من ولد السبط الأصغر، ثم يوصي آخرهم بالخلافة لرجل من ولد السبط الأكبر، ثم يملك بعده ولده فيتم بذلك اثنا عشر ملكاً، كل واحد منهم إمام مهدي . (انظر : فتح الباري : 4/213)
28- عقيدة التقية عند الشيعة .
التقية كما عرفها المفيد : (التقية كتمان الحق، وستر الاعتقاد فيه، وكتمان المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراً في الدين ) [شرح عقائد الصدوق: ص261] .
والمعنى: أنه يتعين على الشيعي أن يكتم الحق وهو دين الشيعة ولا يظهره لأهل السنة، بل عليه أن يظهر أنه على دينهم مع كتمان دينه وعدم إظهار دينه لهم حتى لا يأتيه الضرر .
والتقية في دين الله التي جاءت في كتابه هي تقية حال الاضطرار، وهي مع الكفار خاصة لا المسلمين، ففي قوله تعالى : {إلا أن تتقوا منهم تقاة} قال ابن جرير الطبري : (التقية التي ذكرها الله في هذه الآية إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم ) [تفسير الطبري : 6/316] .
قلت : والشيعة لا ترتضي هذا حتى؛ بل إنها لتتقي السني المسلم أعظم من النصراني واليهودي ! . والتقية لا تكون إلا في حال الضعف وخوف العدو الكافر، أما مع الأمن والعزة والقوة فلا تقية حينئذ، يقول معاذ بن جبل ومجاهد رضي الله عن الجميع : (كانت التقية في جدة الإسلام قبل قوة المسلمين، أما اليوم فقد أعز الله المسلمين أن يتقوا منهم تقاة ) [انظر : تفسير القرطبي: 4/57، وكذا فتح القدير للشوكاني : 1/331] .(12/116)
ولا ينقضي عجبك من معتقد الشيعة الإمامية، فإنهم جعلوا التقية من أركان الدين كالصلاة والصيام وسائر الأركان، بل وعدوها أعظم شعائر الدين؛ بل هي الدين ! . يقول ابن بابويه : (اعتقادنا في التقية أنها واجبة من تركها بمنزلة من ترك الصلاة )[الاعتقادات : ص114] . بل جعلوا هذا من كلام محمد صلى الله عليه وسلم –وهو منه براء – فقالوا على لسان نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام : (تارك التقية كتارك الصلاة ) [جامع الأخبار: ص110، وبحار الأنوار: 75/412] .
وهي –أعني التقية – تسعة أعشار الدين، فيرون أن جعفراً بن محمد قال : (إن تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له ) [أصول الكافي: 2/217، بحار الأنوار: 75/423، و وسائل الشيعة : 11/460] ؛ بل وتارك التقية ذنباً لا يغفر كالشرك ، فقد جاء في أخبارهم : (يغفر الله للمؤمن كل ذنب، يظهر منه في الدنيا والآخرة، ما خلا ذنبين: ترك التقية، وتضييع حقوق الإخوان) [تفسير الحسن العسكري: ص130، وسائل الشيعة 11/474، بحار الأنوار: 75/415] .
والتقية عند أهل السنة تكون في حالات فردية وفي أوقات مخصصة حال الاضطرار والخوف من الكافر، وأما عند الشيعة فالتقية عندهم سلوك جماعي، ينبغي أن تسلكه الشيعة حال الأمن وحال الخوف ! مع المسلمين وغيرهم فقد جاء في أخبارهم : (عليكم بالتقية فإنه ليس منا من لم يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمنه ، لتكون سجيته مع من يحذره)[أمالي الطوسي:1/199، وسائل الشيعة: 11/466، بحار الأنوار: 75/395] ؛ بل ما ثم غير شيعتهم مؤمن، وباقي الناس كافر الكفر الأكبر . ولذلك فهم يسمون كل البلاد غير بلادهم، حتى بلاد أهل السنة: (دار التقية)، (دولة الظالمين)، (دولة الباطل)[انظر : جامع الأخبار : ص110 ، وبحار الأنوار : 75/ 411،412، 421].
والشيعة لجأت إلى استعمال التقية وجعلها عقيدة لازمة للشيعي لتحقيق عدة أمور :(12/117)
أولاً : لما كانت خلافة الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعاً ، غير معتبرة عند الشيعة ولا مرضية لهم ، ولما كان علي رضي الله عنه بايعهم وتابعهم على ذلك، لجأوا إلى هذه العقيدة كتبرير لفعل علي بين أبي طالب ومبايعته لهم، وقالوا :إنما كان هذا تقية منه رضي الله عنه.
ثانياً: أن الأئمة عندهم لا يخطئون ولا ينسون أي معصومون، فإذا ثبت عنهم أمراً يخالف ما أصلوه في دينهم قالوا : إنما صدر ذلك منهم على سبيل التقية ! ، وهو تبرير لكل مايصدر عن أئمتهم يخالف أصول معتقدهم . فشيخ الطائفة الطوسي يرد خبر علي رضي الله عنه عندما غسل رجليه في الوضوء وقال : (هذا خبر موافق للعامة [يعني أهل السنة] وقد ورد مورد التقية لأن المعلوم الذي لا يتخالج منه الشك من مذاهب أئمتنا عليهم السلام، القول بالمسح على الرجلين، ثم قال : إن رواة هذا الخبر كلهم عامة ، ورجال الزيدية وما يختصون به لا يعمل به )[الاسبتصار: 1/65،66] . ولهم في هذا الباب أخبار كثيرة ليس هذا مكان بسطها .
وكلما كان الشيعي مظاهراً بالتقية أكثر كلما كان معظماً أكثر، فهذا محمد باقر الصدر يثني على الحسين بن روح [وهو الباب الثالث من أبواب مهديهم !] فيقول: بأنه قام بمهمة البابية خير قيام لأنه (كان من مسلكه الالتزام بالتقية المضاعفة، بنحو ملفت للنظر بإظهار الاعتقاد بمذهب أهل السنة ) [تاريخ الغيبة الصغرى ص411] .
وحاصل القول : أن التقية من أعظم العقائد التي صرفت كثيراً من الشيعة عن إتباع الحق، وموهت بها عليهم، وصدتهم عن سبيل الله ، وصدتهم عن كشف التناقضات الكثيرة في نصوص الشيعة . فآه لأناس سلمت عقولها لمشايخها تلعب بها كيف شاءت .
هداهم لله للزوم طريق الحق .
29- عقيدة الغيبة عند الشيعة الإمامية. .
أ- المنشأ والأسباب .
بسم الله المبدي المعيد ..(12/118)
عقيدة الغيبة أو فكرة الإيمان بالإمام الغائب أو الإمام الخفي ، موجودة عند معظم فرق الشيعة، وهي تختلف فيما بينها في تحديد الغائب، فالسبئية اتباع عبد الله ابن سبأ (ابن السوداء اليهودي)، تؤمن بعودة علي بن أبي طالب وأنه يملك الأرض، فإنه لما بلغ عبد الله بن سبأ خبر نعي علي بن أبي طالب، قال للذي نعاه : ( كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة ، وأقمت على قتله سبعين عدلا لعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل و لا يموت حتى يملك الأرض ) [فرق الشيعة: ص 23، والمقالات والفرق : ص21] . ثم ظلت تنتظر عودته من غيبته . وكذلك فرقة الكربية من الكيسانية تنتظر محمد بن الحنفية وتدعي أنه ( حي لم يمت وهو في جبل رضوى بين مكة والمدينة عن يمينه أسد وعن يساره نمر موكلان به يحفظانه إلى أوان خروجه وقيامه )وقالوا إنه المهدي المنتظر [مسائل الإمامة : ص26، وفرق الشيعة : ص27] ، وزعموا أنه سيغيب عنهم سبعين عاماً ثم يعود ويقتل الظلمة والجبابرة من بني أمية ، ولما انقضت تلك المدة ولم يظهر -ولن يظهر-، أظهروا مقولة بأنه سوف يظهر ولو عُمر عمر نوح ، فيقول شاعرهم :
لو غاب عنا عمر نوح أيقنت منا النفوس بأنه سيؤوب
إني لأرجوه وآمله كما قد كان يأمل يوسفا يعقوب
وهكذا كل فرقة إذا مات إمامها تدعي بأنه غائب مدة كذا وسيعود ! ، ولهم في ذلك خلاف كبير، ولذلك قال السمعاني : (ثم إنهم في انتظارهم الإمام الذي انتظروه مختلفون اختلافاً يلوح عليه حمق بليغ ) [الأنساب : 1/345] .
والجارودية من الزيدية لم تسلم من هذا الاتجاه بل تاهت فيه كما تاهت فيه من قبلها من الفرق الشيعية . ومن الملاحظ أن عودة الإمام من غيبته عند فرق الشيعة عامة ارتبطت بشخصيات لها وجود ومعروفة، ولكن هل هذا هو نفس الاتجاه لدى الشيعة الإمامية الاثني عشرية ؟
يتبين هذا بمعرفة نشأة فكرة الغيبة عند الشيعة الإمامية الاثني عشرية .(12/119)
ونشأة هذه الغيبة، أنه لما مات الحسن –وهو الإمام الحادي عشر للشيعة الإمامية- ، لم يكن له خلف ولم يعقب ، واقتسم ميراثه أخوه جعفر وأمه . [انظر: المقالات والفرق : ص102، وفرق الشيعة : ص 96] . وكتب الشيعة تعترف بهذا ! .
ولما وقع هذا الأمر احتارت الشيعة في أمرها وافترقت إلى فرق كثيرة وصلت إلى أربع عشرة أو خمس عشرة [كما يينقل ذلك النوبختي في في فرق الشيعة : ص96، والقمي في المقالات والفرق : ص102] . بل إن الأمر زاد عن ذلك حتى وصل إلى عشرين فرقة .
وحقيقة الأمر إن موت الحسن –الإمام الحادي عشر-، كاد أن يقوض عروش عقيدة الإمامية الاثني عشرية . لإن الإمامية الاثني عشرية تذهب إلى أن الأرض لو بقيت بغير إمام لساخت [انظر: أصول الكافي : 1/188] . فالإمام أمان لأهل الأرض وهو الحجة على أهل الأرض، ولا دين بدون إمام ! .
وكان من أثر ذلك ان افترقوا ، ففرقة ذهبت إلى القول بغيبة الحسن العسكري، وفرقة ذهبت إلى إمامة جعفرمن بعده ، وفرقة أبطلت إمامة الحسن لأنه مات عقيماً . وفرقة قالت بأن للحسن العسكري ولداً ( كان قد أخفي مولده، وستر أمره لصعوبة الوقت وشدة طلب السلطان له ... فلم يظهر ولده في حياته ، ولا عرفه الجمهور بعد وفاته ) [المفيد/ الإرشاد : ص 389] . وفرقة ذهبت بانقطاع الإمامة ووقوفها عند الحسن العسكري وكثير من هؤلاء بان لهم زيف هذه العقيدة ورجعوا عما هم فيه ... الخ .(12/120)
ولكن يا ترى ما سبب إصرار آيات ومشايخ الشيعة على توطين الناس على هذه العقيدة ؟ والجواب عن ذلك يتضح بما ذكره الطوسي عن أحداث غيبة موسى الكاظم ، يقول ناقلا قول طائفة موسى الكاظم : (مات أبو إبراهيم (موسى الكاظم) وليس من قوامه [أي نوابه ووكلاؤه ] أحد إلا وعنده المال الكثير، وكان ذلك سبب وقفهم وجحدهم موته طمعاً في الأموال، وكان عند زياد بن مروان القندي سبعون ألف دينار، وعند علي بن حمزة ثلاثون ألف دينار...)[الغيبة للطوسي: ص42-43]. فالداعي إذا هو طمعاً في المال وتسابقاً إليه، ولا يكون إلا بهذا ! .
وهناك أسباباً أخرى أهمها وهو محاولة منهم إلى إيجادكيان مستقل للشيعة، وبث الأمل في نفوس شيعتهم بأن الغلبة لهم في النهاية حتى يصبروا . وكما قلنا سابقاً : أن عقيدة الشيعة تأثرت بالديانات الأخرى وخصوصاً اليهودية، واليهود لديهم مثل هذا المعتقد، حيث يعتقدون بأن إيليا رفع إلى السماء وسيعود آخر الزمان [جولد سيهر/ العقيدة والشريعة : ص192] ، وهناك من رجح أن هذه العقيدة مأخوذة من المجوس، لكون أكثر الشيعة من الفرس كما ذهب إلى ذلك بعض الباحثين وساقوا على ذلك الأدلة من كتب المجوس .
ب- فكرة الباب والوكلاء .
بسم الإله الحق(12/121)
أول من أثر عنه بشكل ظاهر بارز ، أنه أدعى بأنه السفير بين محمد بن الحسن العسكري الغائب وبين الشيعة هو عثمان بن سعيد العمري، حيث كان يتلقى اسئلتهم ومشكلاتهم، ويتلقى أموالهم التي يتقربون بها، ومن ثم يوصلها إلى الإمام الغائب . وقد تسابق كثير من الشيعة وادعوا بأنهم الباب، ويقومون بنقل مسائلهم ومشاكلهم إلى الإمام الغائب، طمعا في الأموال الوفيرة التي يجنونها من وراء ذلك، ولعثمان بن سعيد هذا وكلاء في البلاد الإسلامية يجبون الأموال ويحلون المشكلات عن طريق الإمام الغائب المزعوم ! . والفرق بين الباب والوكيل ، أن الباب يلتقي بالإمام مباشرة، أما الوكيل فإنه يقابل الباب فقط ولا يقابل الإمام . ولما مات عثمان بن سعيد أوصى بمنصب البابية بعده لابنه محمد،ولكن كثير من الشيعة لم ترتض هذا، وحصل بينهم هرج كبير ، واستفحل هذا الأمر كل يطلب هذا المنصب للحصول على المال ولا يهمه بعد ذلك ضل الناس أو اهتدوا. وأصبح يلعن بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضاً، فيذكر الطوسي في كتابه الغيبة (ص 244، ص 213-214) : بابين أحدهما : (باب : ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية لعنهم الله ) ، و (باب : ذكر المذمومين من وكلاء الأئمة ) .(12/122)
وبعد محمد بن عثمان بن سعيد ، تسلم البابية رجل يدعى أبا القاسم الحسين بن روح، وحصل جدل كبير حيث اختير ابا القاسم الحسين بن روح وترك غيره أكثر علماً وفضلا منه ، كالنوبختي، الذي اعتذر له بأن ابا القاسم اختير لأنه كان أحفظ للسر من غيره ! . ومع ذلك لم يسلم أبا القاسم من اللعن وحصل بعد ذلك خلاف كبير [انظر : الغيبة ص 240]. ثم تسلمها من بعده رجل يقال له : أبا الحسن علي بن محمد السمري ، وفي وقته بدأ الناس يتكشف للناس زيف هذا الأمر . وبعد ثلاث سنوات ولما قيل له من توصي بعدك قال : لله أمر هو بالغه ) [الغيبة للطوسي: 242] . وبهذا تصل دعوى الغيبة إلى طريق مسدود حيث لم تنجح فكرة البابية . ولكن هل وقف الأمر عند هذا الحد، لا ؛ بل اخترعوا بعدها منصب جديد أسموه النيابة .
ت- قصة المهدي عند الشيعة الإمامية .
بسم الله الواحد الأحد
قصة المهدي -بدء من زواج الحسن بأمه المزعومة وحتى حملها بالمهدي، وكذا ولادة المهدي، ونموه- لهي من أعجب القصص، حتى فاقت أساطير الأولين في حبكها وغرابتها، ويطول بنا المقام لو سردنا قصته من البداية ولكن أحاول تلخيصها في سطور قلائل :(12/123)
...أول ذلك أن أرسل الحسن خادمه إلى السوق ليشتري له جارية وأعطاه أوصافها الدقيقة، وأرس معه كتاب بالرومية، فلما رأى الخادم تلك الأوصاف أراها الكتاب فلما رأته بكت بكاء شديداً، ثم ذكرت قصتها في بلادها في بلاد الروم وأنه رأت في منامها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ! وهو يخطبها من المسيح !! للحسن العسكري !!! ... -ثم تقول الأسطورة -: ثم تزوجها الحسن وحملت بمحمد ولم يظهر عليها آثار الحمل حتى يوم ولادتها ! ،[قلت: لعل هذا هروبا مما فعله جعفر أخو الحسن بعد وفاته حيث حبس نساء الحسن لا ستبرائهن، حتى يثبت للقاضي براءة أرحامهن من الحمل، فكان أن نسجت هذه الحادثة كمهرب ] . .. ثم أن يوم الولادة عجيب حيث خرج محمد من بطن أمه : (جاثياً على ركتبتيه ، رافعاً سبابته إلى السماء ثم عطس فقال : الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله، زعمت الظلمة أن حجة الله داحضة لو أذن لنا في الكلام لزال الشك ) [إكمال الدين : ص408، والغيبة للطوسي :ص 147 ] . ثم عرج بالمولود إلى السماء بواسطة طيور خضر... ونمو هذا المولود غريباً، حيث أنه أصبح يمشي على الأرض وله أربعون يوماً !! [انظر : الغيبة للطوسي : ص144] .
قلت : هذه الأسطورة لا تروج على المجانين والصبيان، فكيف راجت على الشيعة ؟ ! .
ثم تروي كتب الشيعة عن طريق حكيمة –امرأة – قصة غيبة المهدي . والعجب أن الشيعة الإمامية لا تقبل ولا تؤمن بالرويات إلا عن طريق المعصوم ، فكيف قبلت هذه الرواية التي تقوم عليها عقيدة الغيبة من طريق امرأة !! . ومبدأ غيبته تضاربت فيها الروايات، فرواية قالت إنه غاب بعد ثلاث من مولده، ورواية بعد سبعة أيام من مولده، والرواية السابقة أنها رأته بعد أربعين يوماً وهو يمشي ، وروايات أخرى أن حكيمة تزوره كل أربعين يوماً [انظر : الغيبة للطوسي : ص 142-144] .(12/124)
ولقد حاولت الشيعة الإمامية معرفة مكان المهدي الغائب، ولكن الباب –الذي له صلة به – أخرج توقيعاً سرياً ينسب للمهدي يقول فيه : (.. إن عرفوا المكان دلوا عليه )[أصول الكافي: 1/333] ، واختلفت بعد الروايات في تحديد مكانه، فرواية تشير إلى أنه في مكان ما في طيبة [أصول الكافي : 1/333]، ورواية تشير إلى أنه مختبئ في جبل رضوى [الغيبة : ص103، ] ، ورواية أنه مختفي في بعض وديان مكة [تفسير العياشي : 2/56]، وأما أدعيتهم ومقامات زياراتهم للقبور ففيها بيان أنه في سرداب بسامراء [انظر: علي بن طاووس/مصباح الزائر ص 229] . وأما سبب اختفائه هو خوفه وعدم الأمن على نفسه، وسوف يظهر عند الأمن وينتصر للشيعة من الظلمة ، ويحكم في الأرض بالعدل ...
قلت : لا زال كثير من الشيعة يؤمنون إلى الآن بعودة مهديهم ، ويجتمعون عند السرداب يناجون مهديهم الغائب ويناشدونه بالخروج والانتصار لهم من الظلمة !، ولهم في ذلك أدعية كثيرة يطول سردها، حتى أن هذا الأمر أصبح بعد مثار سخرية الناس وتعييرهم بذلك حتى قال القائل:
ما آن للسرداب أن يلد الذي ........ كلمتموه بجهلكم ما آنا
فعلى عقولكم العفا فإنكم ...... ثلثتم العنقاء والغيلانا [انظر: الصواعق المحرقة ص 168].
وأما مدة غيبته فالرويات متضاربة كالعادة، قيل ستة أيام، وقيل ستة أشهر، وقيل ست سنين [انظر: أصول الكافي : 1/338] . ثم وقت بسبعين سنة ، ثم ما ئة وأربعين ، ثم لما طالت الغيبة جعل ظهوره إلى أمد .. [انظر: الغيبة للطوسي : ص263، والغيبة للنعماني: ص197] . وجاءت أخبار تكذب بالتوقيت وأنه لم يوقت لخروجه بشيء كالرواية التي تقول : (كذب الوقاتون إنا أهل بيت لا نوقت )[أصول الكافي : 1/368] .(12/125)
قلت : هكذا تتضارب الأخبار ويعيش الشيعي الإمامي في حيرة واضطراب، وأماني خادعة، وسراب لا ينقشع . وهنا تكمن عدة أسئلة . لماذا لم يخرج المهدي إلى الآن مع كثرة الروايات التي حددت خروجه؟ . ثانياً : ما ذا يمنع المهدي المنتظر من الخروج وقد أمن الشيعة وكان لهم سطوة وقوة في عهد الدولة الصفوية، وكذلك لماذا لا يظهر الآن وعدد الشيعة الإمامية الآن يقارب ستين مليوناً إن لم يكن أكثر ؟ [التشيع والشيعة : ص42] .
وهكذا فإن هذه العقيدة، عقيدة الإيمان بالمهدي المنتظر الغائب، كادت تودي بالشيعة الإمامية، وتقض عروشهم، ولكن صناعة الأحاديث والرويات التي تشد من أزرهم وتصبرهم، حالت دون وقوع ذلك، ومع ذلك فإنه ما زالت الشكوك تحيط بهذه العقيدة، وتثير ألف سؤال وسؤال عند طالبي الحق من الشيعة الإمامية ، وأما الذين سلموا عقولهم لمشايخهم وآياتهم فهم في غيهم يترددون .
ث- دفاع الشيعة الإمامية عن طول أمد الغيبة .
تحاول الشيعة الإمامية أن تبرهن للناس ولشيعتهم قبل، أن إمامهم المنتظر الغائب منذ أحد عشر قرناً سيعود، وأن غيبته لها نظائر، وهناك دلائل على صحة الغيبة ! .
ويلجم الشيعة الإمامية حديث في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في آخر عمره : (أرأيتكم ليلتكم هذه ، فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممن هو اليوم عليها أحد) . وهذا نص قاطع في زوال من كان حياً في ذاك العصر ولو لسنة واحدة فإنه لا يبقى أكثر من مائة سنة .
ولكن للشيعة الإمامية تعلق بأشباه أدلة يذكرونها كمستند لهم وهي دليل عليهم . حيث يشبهون أعمار الأئمة والقائم المنتظر ببعض الأنبياء كنوح الذي عمر الف سنة إلا خمسين عاماً، فيذكرون أن علياً بن الحسين قال : (في القائم سنة من نوح عليه السملا وهو طول العمر )[إكمال الدين ص 488] .(12/126)
قلت : أوردوا هذه المقارنة حتى يبعثوا الأمل في أنفس الشيعة الإمامية، وحتى يخصموا الخصوم، وهم مخصومون ومجوجون في ذلك، فإن زمن نوح عليه السلام ليس كزماننا، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن أعمار أمته ما بين الستين إلى السبعين وقليل من يجاوز ذلك . فإن قيل المهدي عمر كعمر نوح أو سيعمر عمر نوح فقد كذبنا بقول نبينا صلى الله عليه وسلم ، ولا ندع كلام خير البرية ، لرواية لا يدرى خطامها من زمامها .
ثانياً: استشهدوا ببقاء عيسى عليه السلام ، والخضر وإلياس، بل عقدوا المقارنة حتى مع أبليس !.
قلت : لا مستمك لهم بذلك فإن عيسى عليه السلام، وإبليس عليه لعائن الله المتتابعة ، قد قضى الله فيهم في كتابه ، وعلم أمرهما ، وأما الخضر وإلياس فقصة بقائه أنكرها كثير من العلماء ومستندهم في ذلك ما سقناه قبل من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتمسك ببقائه إلا الصوفية ، ولهم في ذلك مآرب . والصحيح أنهما ماتا .
وحاول بعض مشايخ الشيعة المعاصرين أن يقرب هذه الغيبة إلى الفهم ومخاطبة الناس بلغة العصر يقول المظفر : (وطول الحياة أكثر من العمر الطبيعي أو الذي يتخيل أنه العمر الطبيعي لا يمنع منه الطب ولا يحيلها ، غير أن الطب بعد لم يتوصل إلى ما يمكنه من تعميره حياة الإنسان ، وإذا عجز عنه الطب فإن الله قادر على كل شي ) [عقائد الإمامية ص 108].
قلت: لا يمكن العلم الحديث أن يخالف النقل الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم البتة، وكلام المظفر ما هو إلا إضفاء للشرعية على عقيدة الغيبة، وإيهام العوام بأن ذلك الأمر لا يحيله الطب ! . ونحن نقول لا تحيلنا على مجهول .
ويستدل محمد حسين آل كاشف الغطا: (بأن أكابر فلاسفة الغرب قالوا: بإمكان الخلود في الدنيا للإنسان ) [أصل الشيعة ص 70] .(12/127)
قلت : قال الشيخ ناصر القفاري : هذه مقالة شيعية اعتزالية، مبنية على مذهب المعتزلة الذين يقولون بأن القاتل قد قطع على المقتول أجله، وهي مقالة مخالفة لما ثبت في الكتاب والسنة، بأن كل من مات فقد استكمل أجله .
ونختم بقول علي الرضا ، كما ورد في رجال الكشي : أن علياً الرضا قيل له إن قوماً وقفوا على أبيك ويزعمون أنه لم يمت قال: ( كذبوا وهم كفار بما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم ، ولو كان الله يمد في أجل أحد ، لمد في أجل رسول الله صلى الله عليه وآله ) [رجال الكشي : ص458] .
ج- المهدي بعد عودته المزعومة .
بسم الله المبديء المعيد .
المطلع على الرويات التي تخص عودة المهدي المنتظر، يرى فيها أموراً يستشف منها خبايا صدور الشيعة الإمامية، ولا نقول هذا القول تخرصاً وعصبيةً ، بل هي الرويات كما سنذكرها :
فمن الرويات ما جاء الاعتقادات لابن بابويه، حيث يذكر عن الصادق أنه قال : (إن الله آخى بين الأرواح في الأظلة ، قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام ، فلو قد قام قائمنا أهل البيت، أورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة، ولم يرث الأخ من الولادة )[الاعتقادات : ص83].
قلت: مما يظهر من الرواية التعصب المقيت للشيعة، حيث أنها تركت العلاقة الظاهرة هي علاقة النسب، إلى علاقة الأظلة .
ومن الرويات : ما جاء في بحار الأنوار أن قائمهم لا يأخذ الجزية ولا يقبلها : (ولا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ) [بحار الأنوار: 52/349] .
قلت : عدم قبول مهديهم المزعوم للجزية دائر بين ثلاثة أمور :
الأول : رفضه لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا كفر وزندقة .
الثاني: نقمته على ما سبق من أخذ الجزية من مجوس هجر ، ومن أهل الكتاب، لكون واضعي روايات الشيعة لا تسلم من أيدي يهودية أو مجوسية . فعبد الله بن سبأ رأس الطائفة يهودي أسلم ظاهراً وبقي على يهوديته في الباطن .(12/128)
الثالث: تشبهاً بعيسى عليه السلام عند نزوله، فهو لا يقبل الجزية إما الإسلام أو القتل .
ومن الرويات :
أن القائم المنتظر إذا عاد فإنه يحكم بحكم آل داود ! ، فقد جاء في الكافي وغيره : (قال أبو عبد الله : إذا قام قائم آل محمد حكم بين الناس بحكم داود عليه السلام ولا يحتاج إلى بينة ) [المفيد/ الإرشاد ص 413، الطبرسي / أعلام الورى : ص433].
قلت: الله ختم بمحمد صلى الله عليه وسلم الشرائع السابقة، والحكم بشريعة منسوخة ردة عن دين الإسلام .
ثانياً : هذه الرواية تقرر ماقلنا سابقاً أن الأيدي اليهودية تلاعبت كثيراً بكتب الشيعة، فنكاد نجزم بأن واضع هذه الرواية يهودي، وإلا فلما فُضل داود على غيره من الرسل ! .
ومن الرويات:
أن مهديهم إذا عاد يهدم المسجد الحرام ويرده إلى أساسه، ويتجه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يكسر الحائط الذي على القبر : ثم يخرج أبا بكر وعمر رضي الله عنهما غضين طريين ثم يعلنهما ويتبرأ منهما ويصلبهما ثم ينزلهما ويحرقهما ثم يذريهما في الريح [انظر بحار الأنوار: 52/368] . وعند ابن بابويه : (وهذا القائم … هو الذي يشفي قلوب شيعتنا من الظالمين والجاحدين والكافرين ، فيخرج اللات والعزى (أي أبي بكر وعمر ) طريين فيحرقهما) [عيون أخبار الرضا: 1/58، وبحار الأنوار: 52/379] .
قلت : رضي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينالا شرف جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بينهم علي والحسن والحسين، ولم ترضى الشيعة بذلك، بل نالا منهم كل أذى . وليس بضارهما ذلك شيئا بل هو أعظم لأجرهما، وكما قيل : انقطع عنهم العمل فأحب الله أن لا ينقطع عنهم الأجر ، أو كلمة نحوها .
ومن روياتهم :(12/129)
أن العرب موعودين بالاستئصال على يد قائمهم ، فيروي النعماني في الغيبة : (عن الحارث بن المغيرة وذريح المحاربي قالا: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح) [الغيبة : ص 155، وبحار الأنوار: 52/349] .وأما العرب من الشيعة فإنهم سيمحصون ولا يبقى إلا القليل .
قلت : العدواة للعرب وتخصيص القتل بهم ، لتدل على مدى الحقد الدفين على جنس العرب، وإلا فإن الواجب هو استئصال غير الشيعة ، سواء عربي أو غير عربي، أما وقد خصص بجنس العرب، لهو دلالة على حقد واضع هذه الرويات .
ومن الرويات ونختم بها : أن عائشة أم المؤمنين تبعث من قبرها ويقام عليها الحد !! ؟ ،فتنص أساطيرهم كما في بحار الأنوار:[ 52/314-315] أن أبا جعفر-زعموا- يقول: أما لو قام قائمنا لقد ردت إليه الحميراء [لقب لعائشة]، حتى يجلدها الحد .. إلخ .
قلت : الله الموعد، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
وبهذا نختم هذا المبحث ، ولقد تركنا كثيراً من الجزئيات خوفا من إملال القاريء، والله المستعان .
30- عقيدة الرجعة عند الشيعة الإمامية .
بسم الله ، إليه المعاد والمرجع .
الرجعة عند الشيعة الإمامية تعني ، العودة بعد الموت . وهي من أصول المذهب الشيعي الاثني عشري، يقول ابن بابويه في الاعتقادات [ص90]: (واعتقادنا في الرجعة أنها حق )، وقال المفيد: (واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات )[أوائل المقالات: ص51] .
قلت : هذا الأمر الذي اتفقت عليه الشيعة الإمامية مخالفة صريحة للكتاب والسنة التي نصتا على أن من قضى نحبه وانتهى أجله أنه لا يعود مرة أخرى حتى يبعث الناس من قبورهم يوم القيامة . كقوله تعالى : {قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت . كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون}. وقوله تعالى : {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون } صريح في أن الناس بعد موتهم يمكثون في البرزخ حتى تقوم الساعة .(12/130)
وجنوح الشيعة الإمامية لتأصيل هذه العقيدة وبثها في نفوس الشيعة، من باب تصبير الشيعة وتثبيتهم على معتقدهم، لما يرون من حالات الضعف والمهانة التي لقوها من الناس عبر التاريخ، وهي تبعث الأمل لدى الشيعة الإمامية بأن هناك يوماً ما سينتقم فيه الشيعة الإمامية من أعدائهم، وتكون الغلبة لهم .
وفي باديء الأمر كان المعتقد في الرجعة هو عودة الإمام ورجعته وهذا ما ذهبت إليه السبئية والكيسانية، ولكن الاثني عشرية لم تقصره على الأئمة؛ بل جعلته عامة للإمام والناس . وقد رصد الأولوسي وأحمد أمين هذا التحول وحددوه بالقرن الثالث الهجري [روح المعاني: 20/27، ضحى الإسلام : 3/237] .
ولذلك قسم الشيعة الإمامية رجوع الناس بعد الموت إلى ثلاثة أصناف :
الأول : رجوع المهدي أو خروجه من مخبئه، وكذلك رجوع الأئمة بعد موتهم .
الثاني: رجوع خلفاء المسلمين الذين اغتصبوا الخلافة ! ، والاقتصاص منهم .
الثالث : رجوع أصحاب الإيمان المحض (وهم الشيعة الإمامية ومن تابعهم ) ، ورجوع أصحاب الكفر المحض (وهم جميع من لم يؤمن بمذهبهم ، وعلى رأسهم أهل السنة بلا شك)، ويستثنى من ذلك المستضعفين (وهم النساء، والبله، ومن لم تتم عليه الحجة كأصحاب الفترة… وهؤلاء عند الشيعة الإمامية مرجون لأمر الله إما يعذبهم أو يتوب عليهم [انظر بحار الأنوار: 8/363، والاعتقادات للمجلسي ص 100]) .
قلت : وهذا التقسيم يؤيد ما قلناه آنفاً : فبرجعة الأئمة يفرح الشيعة الإمامية بملاقاة أئمتهم وخصوصاً المهدي الذي طالما اشتاقت إليه نفوسهم، وبعودة الأئمة تكون الغلبة لهم والرفعة لهم . وبرجعة الخلفاء الذين اغتصبوا الخلافة، تطيب نفوسهم، وتشفى صدورهم بالانتقام ممن اغتصب الخلافة من علي وهم أبو بكر وعمر وعثمان –رضي الله عن الجميع-.(12/131)
وفي رجعة المؤمنين (أي الشيعة الإمامية أهل الإيمان المحض ! )، والكافرين (وهم غير الشيعة الإمامية) تتمة لسرورهم برؤية أعدائهم وهم يعذبون وينكل بهم . فكان الأولى أن تسمى عقيدة التنكيل والانتقام بدلاً من عقيدة الرجعة، لأنها مبنية على الانتقام والتشفي. ويدل لذلك ما رواه في بحار الأنوار [53/40] أن أبا عبد الله قال : (كأني بحمران بن أعين، وميسر ابن عبد العزيز، يخبطان الناس بأسيافهما بين الصفا والمروة !) .
وأما زمن الرجعة فمنهم من خصها بزمن قيام المهدي [انظر أوائل المقالات للمفيد ص95]، ومنهم من أبى ذلك وقال الرجعة غير الظهور، فالإمام الغائب حي وسيظهر، والرجوع غير الظهور . ومنهم من قال بأن مبدأ الرجعة يكون عند رجوع الحسين بن علي –رضي الله عنهما-، فـ : (أول من تنشق الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا، الحسين بن علي عليه السلام ) [بحار الأنوار: 53/39] . وبعض الرويات حددت الرجعة بهدم الحجرة النبوية وإخراج جسد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما . ففي بحار الأنوار [53/104-105] أن منتظرهم يقول : (وأجيء إلى يثرب، فأهدم الحجرة، وأخرج من بها وهما طريان، فآمر بهما تجاه البقيع، وآمر بخشبتين يصلبان عليهما، فتورقان من تحتهما، فيفتتن الناس بهما أشد من الأول، فينادي منادي الفتنة من السماء: ياسماء انبذي، ويا أرض خذي، فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلا مؤمن [أي شيعي]ثم يكون بعد ذلك الكرة والرجعة ) .
-والأحداث التي تصاحب الرجعة كثيرة وغريبة : فالأنبياء والرسل يكونون جنداً لعلي بن أبي طالب ! ، فتقول روياتهم : (لم يبعث ا لله بنبياً ولا رسولاً إلا رد جميعهم إلى الدنيا حتى يقاتلوا بين يدي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ) [بحار الأنوار : 53/41] . قلت : صفوة الخلق، ورسل الله إلى خلقه يكونون جنداً لعلي بن أبي طالب ! . اللهم نبرأ إليك مما يقولون .(12/132)
- وفي الرجعة يخير الشيعي بين المقام في قبره مكرماً وبين الرجعة !، ويقال له : (يا فلان هذا إنه قد ظهر صاحبك فإن تشأ أن تلحق به فالحق وإن تشأ أن تقيم في كرامة ربك فأقم ) [الغيبة للطوسي ص 276، وبحار الأنوار : 53/92] .
قلت : ومع هذا فالشيعة الإمامية تتقي وتنكر أن يكون الرجعة من مذهبها وعقيدتها، فقد جاء في بعض كتب الشيعة عن أبي جعفر قال : ( لا تقولوا الجبت والطاغوت، ولا تقولوا الرجعة، فإن قالوا لكم فإنكم قد كنتم تقولون ذلك فقولوا: أما اليوم فلا نقول ) [بحار الأنوار: 53/39] . ويروون أن الصادق قال : ( لا تقولوا الجبت والطاغوت، وتقولوا الرجعة ، فإن قالوا : قد كنتم تقولون ؟ قولوا: الآن لا نقول: وهذا من باب التقية التي تعبد الله بها عبادة في زمن الأوصياء )
31- عقيدة الظهور عند الشيعة الإمامية .
بسم الله
يعتقد بعض الناس أن عقيدة الرجعة عند الشيعة الإمامية هي عقيدة الظهور، وهو ليس كذلك، فعقيدة الظهور تعني أن يظهر الإمام أو غيره بعد موته لأناس معينين، ولذا فقد بوب المجلسي في بحار الأنوار ، باب : أنهم يظهرون [أي الأئمة] بع موتهم، ويظهر منهم الغرائب [بحار الأنوار: 27/303] . وهذا الظهور خاضع لإرادة الإمام فمتى أراد أن يظهر ظهر . فتذكر كتب الشيعة أن أبا الحسن الرضا كان يقابل أباه بعد موته ، ويتلقى وصاياه وأقواله [بحار الأنوار: 27/303، وبصائر الدرجات : ص 78] . ويزعمون أن رجلاً من شيعتهم دخل على أبي عبد الله فقاله له : تشتهي أن ترى أبا جعفر (أي بعد موتته) ؟ قال : فقلت : نعم ، قال: قم فادخل البيت، فدخلت فإذا هو أبو جعفر ) [بحار الأنوار: 27/303] .(12/133)
وزعموا أن أبا عبد الله قال : أتى قوم من الشيعة الحسن بن علي عليه السلام بعد مقتل أمير المؤمنين عليه السلام، فسألوه فقال: تعرفون أمير المؤمنين إذا رأيتموه ؟ قالوا: نعم ، قال: فارفعوا الستر فرفعوه ، فإذا هم بأمير المؤمنين عليه السلام لا ينكرونه . [المصدر السابق ] .
ولا يقتصر الظهور بالأئمة، بل حتى أعداء الشيعة يظهرون لهم وينتقمون منهم !! ، فيزعمون –كما يفترون- أن محمد الباقر قام يرمي خمسة حجارة في غير موضع رمي الجمار، ولما قيل له في ذلك قال : (إذا كان كل موسم أخرجا الفاسقين الغاصبين [يريدون بذلك أبا بكر وعمر رضي الله عنهما –ومعاذ الله أن يكونا كذلك -] ثم يفرق بينهما ههنا لا يراهما إلا إمام عدل، فرميت الأول اثنتين، والآخر ثلاثة، لأن الآخر أخبث من الأول )[بحار الأنوار : 27/305، وبصائر الدرجات : ص 82] .
قلت : رويات الشيعة في هذا الباب أعني عقيدة الظهور، لا عاضد لها لا من نقل صحيح، ولا عقل صريح، وهي تتمة لسلسلة الرويات التي ينسجها الشيعة لشد الشيعة الإمامية إلى مذهبهم ، والثبات عليه، وتعليقهم بأماني كاذبة خادعة . وإلا فمن مات في الدنيا لا يعود حتى يبعث الله من في القبور لا من نبي مرسل، ولا إمام معظم، فالكل في دار البرزخ إما منعم، أو معذب حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
والله يهدي من يشاء إلى صراطه المستقيم .
32- عقيدة البداء عند الشيعة الإمامية .
بسم الله الخلاق العليم .
البداء عند الشيعة الإمامية هو بمعنى نشأة الرأي الجديد، أو ظهور رأي آخر غير الأول، ويعنون بذلك أن الله قد يظهر له رآي آخر أو أمر آخر غير الأول . وسوف نتكلم عن فساد هذا المعتقد بعد أن نذكر مكانة هذه العقيدة عند الشيعة الإمامية .(12/134)
فالبداء تعده الشيعة الإمامية من أصولها التي لا بد من الإيمان والإقرار بها . فمما جاء فيه : (ما عبد الله بشيء مثل البداء) [أصول الكافي : 1/146، والتوحيد لابن بابويه: ص 332] . وقالوا: (ما عظم الله عز وجل بمثل البداء ) [أصول الكافي: 1/146، والتوحيد لابن بابويه: ص 333 ] . وقالوا : (ولو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا من الكلام فيه ) [أصول الكافي : 1/148، التوحيد لابن بابويه : ص 334، وبحار الأنوار : 4/108]، وقالوا : ( ما بعث الله نبياً قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء ) [نفس المصدر السابق ] .
ويتضح من سياق الرويات أن البداء عند الشيعة الإمامية جزء لا يتجزأ من توحيد الله، وهذا مالم نره في كتاب ربنا ، ولم نرى له ذكراً على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم المبلغ عن ربه، وخفاء عقيدة كهذه فيه إتهام للنبي صلى الله عليه وسلم بعدم تبليغ رسالة ربه ! وهذا محال . وكون الشيعة الإمامية اختصت من دون الناس بمعرفة هذه العقيدة فيه إجحاف بأمم عظيمة لا يعلم قدرها إلا الله، وشريعة الله ليست خاصة بأمة ولا بنحلة، فليتنبه لهذا . {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ..}الآية . فقال يا أيها الناس الدالة على أن دعوته تعم كل الناس .
وأعظم مما سبق أن البداء فيه نسبة الجهل إلى الله وأنه لا يعلم حقيقة الأمور ومآلها –تعالى الخلاق العليم عن ذلك-، والله يعلم ما كان وما يكون وما سيكون أن لو كان كيف يكون . فكيف يستجيز عاقل لنفسه أن يؤمن بهذه العقيدة التي تنسب الجهل إلى ربه ! ؟ . اللهم غفراً
ولعل سائلاً يقول: ما غرض الشيعة الإمامية من إحداث هذه العقيدة، ونشرها بين الناس ؟(12/135)
والجواب : أن من عقيدة الشيعة الإمامية أن أئمتهم يعلمون الغيب، ويعلمون ما كان وما سيكون ، وأنهم لا يخفى عليهم شيء ! . فإذا أخبر أئمتهم بأمر مستقبل وجاء الأمر على خلاف ما قالوا ، فإما أن يكذبوا بالأمر وهذا محال لوقوعه بين الناس، وإما أن يكذبوا أئمتهم وينسبوا الخطأ إليهم ، وهذا ينسف عقيدتهم التي أصلوها فيهم من علمهم للغيب .
فكان أن أحدثوا عقيدة البداء . فإذا وقع الأمر على خلاف ما قاله الإمام قالوا: بد لله كذا ، أي أن الله قد غير أمره .
ولكن الشيعة الإمامية وقعت في شر أعمالها، فهي أرادت أن تنزه إمامها عن الخلف في الوعد وعن الكذب في الحديث، فاتهمت ربها من حيث تشعر أو لا تشعر بالجهل ! .
فقد جاء في البحار عن أبي حمزة الثمالي قال : قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام : ( يا أبا حمزة إن حدثناك عن بأمر أنه يجيء من هاهنا فجاء من هاهنا، فإن الله يصنع ما يشاء، وإن حدثناك اليوم بحديث وحدثناك غداً بخلافه فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت ) [بحار الأنوار: 4/119، وتفسير العياشي : 2/217] .
قلت : هذه رويات نسجوها على لسان أبي جعفر وأبي عبد الله وهما منها براء . والمقصد بيناه آنفاً . ولقد كان بعض شيوخ الشيعة الإمامية في إحدى الفترات يمنون شيعتهم بأن الأمر سيعود إليهم والغلبة ستكون لهم ولدولتهم بعد سبعين سنة، ولما انقضت تلك المدة ولما يتحقق من ذلك شيء ، لجاءوا إلى البداء وقالوا قد بدا لله سبحانه ! . [انظر: تفسير العياشي : 2/218، والغيبة للطوسي : ص263] .(12/136)
ثم لما رأت الشيعة الإمامية ممثلة في مشايخها أن هذه العقيدة قد تجلب الشناعة على مذهبهم، نسجوا رويات أخرى تحدث أن البداء قد منع الأئمة من التحديث بما سيكون من الأمور المستقبلة . فهاهم يزعمون أن علي بن الحسين يقول : (لولا البداء لحدثتكم بما يكون إلى يوم القيامة ) [تفسير العياشي : 2/215، وبحار الأنوار : 4/118] . إذا المانع للأئمة من التحديث بأخبار الغيب هو خوفهم من أن يبدوا لله أمراً آخر بخلاف ما حدثوا به ! . وهذا كله مهرب من التحديث بأمر لا يعلمه إلا الله، وهو علم الغيب الذي أخبر الله في مواضع كثيرة من كتابه أن الغيب لا يعلمه إلا هو . فما للشيعة لا يفقهون حديثاً.
ثمة أمر لابد من الإشارة إليه وهو يقطع الطريق على الشيعة الإمامية وهو أن بعض مشايخة الشيعة الإمامية قد يوهم الناس بأن البداء كالنسخ الذي أخبر الله عنه في كتابه أو أنه هو . وليس كذلك، فالنسخ ليس هو ظهور أمر جديد لله ، بل الله عالم بالأمر المنسوخ والأمر الناسخ ، ولكن الله يأمر بأمر في وقت من الأوقات يناسب الحال وقت ذاك ، ثم ينسخه بأمر معلوم عنده في الأزل . أما البداء فهو أن الله يظهر له أمر جديد لم يكن يعلمه في السابق، وبين النسخ والبداء كما بين السماء والأرض، وأين هذا من هذا ؟ .
قاصمة :
جاء في التوراة : ( فرأى الرب أنه كثر سوء الناس على الأرض .... فندم الرب خلقه الإنسان على الأرض وتنكد بقلبه ، وقال الرب: لأمحون الإنسان الذي خلقته على وجه الأرض ) [سفر التكوين ، الفصل السادس، فقرة : 5] وتكرر هذا المعنى في التوراة . وهذا هو البداء بعينه .
والسؤال : هل مؤسس الطائفة الشيعية ابن سبأ قد أخذه هذه العقيدة من اليهود وأشاعها في الشيعة ؟ ويكفي في الإجابة أن تعلم ، أن فرق السبأية ( كلهم يقولون بالبداء وأن الله تبدوا له البداوات ) [انظر: الملطي/ التنبيه والرد ص 19] .
33- عقيدة الطينة عند الشيعة الإمامية .(12/137)
بسم الله الرحمن الرحيم
{ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء : 15] .
عقيدة الطينة من العقائد التي تواصى أرباب العلم في البيت الشيعي على كتمانها وإخفائها على عوامهم، لأنهم يخشون من عاقبة وبالها عليهم . والشيعي لو اطلع على هذه العقيدة لـ ( تعمد أفعال الكفار لحصول اللذة الدنيوية، ولعلمه بأن وبالها الأخروي إنما هو على غيره ) [الأنوار النعمانية : 1/295] .
وملخص هذه العقيدة كما ذكرها الشيخ القفاري-حفظه الله - : (أن الشيعي خلق من طينة خاصة والسني خلق من طينة أخرى ، وجرى المزج بين الطينتين بوجه معين، فما في الشيعي من معاصي وجرائم هو من تأثره بطينة السني، وما في السني من صلاح وأمانة هو بسبب تأثره بطينة الشيعي ، فإذا كان يوم القيامة فإن سيئات وموبقات الشيعة توضع على أهل السنة، وحسنات أهل السنة تعطى للشيعة ) [أصول مذهب الشيعة الإمامية : 2/956] .
ولم يوافق على هذه العقيدة بعض عقلاء الشيعة المتقدمين، وأنكروها وقالوا ما وجد في كتب الشيعة من أخبارها، إنما هي أخبار آحاد تخالف الكتاب والسنة والإجماع فيجب ردها [انظر: الأنوار النعمانية : 1/293] . ولكن شيخهم نعمة الله الجزائري أبى ذلك وقال بأن النصوص قد استفاضت واشتهرت ولم يبقى مجال للإنكارها والحكم عليها بأنها أخبار آحاد [انظر: الأنوار النعمانية : 1/293] .(12/138)
وهذه العقيدة مذكورة في أهم كتب الشيعة ، فقد بوب الكليني في كافيه بقوله : باب . طينة المؤمن وطينة الكافر . وأدرج تحته سبعة أحاديث [انظر : أصول الكافي : 2/2-6]. وعقد المجلسي في بحار الأنوار باباً وعنونه بـ : باب الطينة والميثاق . وأدرج تحته سبعة وستين حديثاً [بحار الأنوار : 5/225-276] . ولذلك فإن منكر هذه العقيدة من الشيعة الإمامية إما مكذب بكتب شيعته أو متقي ، فهما أمران أحلاهما مر ! .
بقي أن يقال ما سبب ظهور هذه العقيدة ؟ والجواب: أن كثرة الشكاوي من بعض الشيعة الإمامية لما يجدونه من الموبقات التي يرتكبها كثير من الشيعة، وفي المقابل كثرة الأعمال الصالحة والحسنات التي يعملها أهل السنة، أوجد لديهم شكوك حيال شيعتهم ، فكان منهم أن أحدثوا القول بالطينة لأجل تسكين ما في قلوبهم من شك وحيرة ! .
ويتضح الأمر بالرواية التالية :
يقول أسحاق القمي لأبي جعفر : (جعلت فداك أرى المؤمن الموحد [أي الشيعي] الذي يقول بقولي، ويدين الله بولايتكم ، وليس بيني وبينه خلاف، يشرب السكر، ويزني،ويلوط، وآتيه في حاجة واحدة فأصيبه معبس الوجه، كالح اللون، ثقيلاً في حاجتي ، بطيئاً فيها، وقد أرى الناصب المخالف لما أنا عليه، ويعرفني بذلك [أي يعرف أنني شيعي]، فآتيه في حاجة، فأصيبه طلق الوجه، حسن البشر، متسرعاً في قضاء حاجتي، فرحاً بها، يحب قضاءها، كثير الصلاة، كثير الصوم، كثير الصدقة، يؤدي الزكاة، ويُستودع فيؤدي الأمانة ) [علل الشرائع لابن بابويه : ص 489-490، وبحار الأنوار: 5/246-247] .(12/139)
ولقد أجاب مشايخ الشيعة عن هذه الشكوك والحيرة التي انتبابت بعض شيعتهم برويات فحواها أن الله في الأزل جمع بين طينة الشيعة –وهي غير طينة الأئمة- وطينة أهل السنة ، فما كان من حسنات وخير عند أهل السنة فسبب طينة الشيعة ، وما كان من فجور وشر عند الشيعة فهو من جراء طينة أهل السنة .يقول أبو جعفر -زعموا- لأبي اسحاق القمي : ثم إذا كان ( يوم القيامة نزع الله عز وجل مسحة الإيمان منهم [أي من أهل السنة] فردها إلى شيعتنا، ونزع مسحة الناصب بجميع ما اكتسبوا من السيئات فردها على أعدائنا، وعاد كل شيء إلى عنصره الأول ... قلت : جعلت فداك تؤخذ حسناتهم فترد إلينا؟ وتؤخذ سيئاتنا فترد إليهم؟ قال : إي والله الذي لاإله إلا هو ) [علل الشرائع لابن بابويه : ص 489-490، وبحار الأنوار: 5/246-247] .
قلت: عقيدة الطينة مخالفة للكتاب والسنة والإجماع ، التي تخبر أن الإنسان لا يحمل وزر غيره، إلا إذا كان محدثاً فعليه آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شي، ولا يكسب الإنسان حسنات غيره إلا إذا سن في الإسلام سنة حسنة فله مثل حسناتهم لا ينقص ذلك من حسناتهم شيء . والقول بمقالة الشيعة هذه ، فيه اجتراء على الله ونسب الظلم إليه، فالعدل سبحانه لا يظلم الناس شيئاً ، ولا يبخس العامل عمله . والله الهادي .
الخاتمة .
بسم الله ذي الفضل والمن .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين، محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم الدين .
فإن منحة الباري علينا أن وفقنا لبيان بعض مايعتقده الشيعة الإمامية تجاه ربها وكتابه وانبيائه والمسلمين . وقد كتبنا ما يسره لنا مولانا، نصحاً للأمة، وتنبيهاَ للشيعة بما عندهم من المخالفات في العقيدة والتي تضاد أصول الشريعة .
فنسأل مولانا الجليل أن يصلح نياتنا، وأن يهدي ضال أمة الإسلام إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .(12/140)
وكتبه :
فؤاد بن عبد العزيز الشلهوب(12/141)
من هو الخميني؟
قبل كل شئ يجب أن نعرف شخصية الخميني وهو جواب لأسئلة كثير تطرح نفسها .
1- الخميني الذي يمجد نفسه يقدسها بحيث يجازي فخر الحجازي
كثيرة الذي قال أن الخميني أعظم من النبي موسى وإبراهيم نائبا
عن طهران ورئيسا لمؤسسة المستضعفين، أعظم مؤسسة مالية في
البلاد .
2- الخميني الذي جعل نفسه أعظم من النبي الكريم وأدخل اسمه في
أذان الصلاة .
3- الخميني الذي يرى نفسه حارسا إلهيا أرسله الله لإنقاذ البشرية
ونصب نفسه وخلفائه في الدستور الإيراني الجديد متصفا بهذه
الصفة، كما احتكر لشخصه كل الصلاحيات التي احتكرها
المستبدون الطغاة .
4- الخميني هذا الذي ترمز وتطبل له كل أجهزة إعلامه والصحف التي
استولى عليها من الصباح إلى المساء وتصفه بالصفات البطولية
-3-(13/1)
العظمى وتنسب إليه الكرامات والمعاجز لماذا هذا الإعلام وهذه الصحف نست أو تناست تماما أسرة خميني ونسبة وموطنه قبل أن يهاجر إلى إيران وهكذا الحالة الاجتماعية التي كانت أسرته تعيس فيها أن الذي يعرفه الجميع هو أن جدّ الخميني أحمد قدم من الهند إلى إيران، وذلك قبل مائة عام وسكن قرية خمين ووالد أباه مصطفى الذي قتل في أبان الشباب في تلك القرية، وهذا كل ما يعرفه الشعب الإيراني من نسب الرجل والقه أما من هم أسرته وأين كان موطنها في الهند قل الهجرة إلى إيران فهذا شئ لا يعرف أحد شيئا عنها ولا هو أشار إليها لا من القريب ولا البعيد ولا أجهزة الإعلام أشارت شيئا إلى هذا الموضوع الحيوي من حياة أسرته خميني، وكما أشرنا قبل قليل بما أن هجرة جدّ خميني إلى :غيران كانت قبل مائة عام، والمائة من السنين في حياة الأسرة يعتبر تاريخا لثلاثة أجيال فقط، فإذاً لا يمكن أن نصدق أن صلة الخميني مقطوعة بأسرته في الهند وقد نساهم، فإذاً ما هو السر لدفين تناسي أسرته وأقربائه وقطع الصلة بهم، أليس هناك ما يعتبر غريبا وخطيرا في هذا الكتمان الشديد وهذا التعميم غير طبيعي على نسب خميني ومؤسسي الجمهورية الإسلامية ومرشد الثورة الإسلامية في إيران . أبرك الجواب للمعجبين بالرجل ومريديه وصحافته وزمرته في أرجاء إيران وكل أملي أن لا يهمس بعضهم في أذن البعض الآخر قوله تعالى((لا تسئلوا عن شيئا أن تبد لكم تسوءكم )) صدق الله العظيم.
وهنا أورد أن أعرج إلى موضوع خطير له علاقة مباشرة بالحالة الراهنة في إيران المنكودة الحظ، وهذا أهم بكثير من معرفة نسب الخميني لأن هذا الأخير، سواء كان من سلالة الإمام موسى بن جعفر كما يحمل توقيعه أو لا يكون فالإنسان مسؤول أما الله بأعماله وبما يصدر منه من خير أو شر، (( يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم
-4-(13/2)
فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره )) . فقد يكون الإنسان منحدرا من أرفع السلالات ولكن عنصره سيئ لا يساوي خردلة، وقصة ابن نوح والتي جاءت في القرآن الكريم تغنينا عن الإسهاب في هذا الموضوع: (( ونادى نوح ربه فقال إن أبني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين، قال يا نوح أنه ليس من أهلك أنه عمل غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين)) . وتقول الآية الكريمة في مكان آخر "" فإذا نفح في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون )) .صدق الله العظيم .
فالمهم إذاً تقيم الخميني بأعماله التي تحكى عن سريرته ودخائل نفسه.
إن ما يحدث الآن في إيران من كرب وبلاء ومحنة هو من أزمة نفسية داخلية أو من تعقيدات في تركيب شخصية وبحكم اللقاءات الكثيرة معه والأحاديث المختلفة التي كانت تدور بيننا وما لمست فيه من تناقضات صارخة بين القول والفعل أدت إلى قطعية التي أشر إليها في مكان آخر من هذا الكتاب فقد كان تقييمي لرجل حسب قناعتي الخاصة كما يلي:
الخميني شديد التعلق بنفسه وبكل ما يتعلق به من القريب وأو البعيد ولا يأنف أن يفني العالم في سبيل أنانيته التي جعلت منه الرجل الذي لا يرى إلا شخصية وما يتعلق بشخصه، وهذه الصفة من أخطر الصفات لدى الحاكم المستبد ولا سيما إذا كان ذلك الحاكم يزعم بأنه له السلطة الإلهية في معاملة العباد .
وكل الصفات الأخرى التي تتناقض مع الزعامة الروحية وعلو الرتبة، تتبع من الأنانية وحب النفس ولذلك إذا أرتاي الخميني شيئا لا
-5-(13/3)
يحيد عنه قيد النملة ولو انقلبت ذي على ذه ، ومن هنا لا يتعامل معه إلا المطيعين والمتقادين، ثم أن الرجل شديد الظن بلك شئ ومن الصعب عليه أن يسمع كلاما ويحمله على الصحة أو الإخلاص، ومن هنا جاءت معاملته لكثير من المتعاونين معه سيئة بل اقتدى كثيرا منهم لفظ سمعته ونقاء صورته، وإن من أهم الصفات السيئة التي يحملها هو حقده الدفين على كل من أساء إليه ولو قبل نصف قر، فهو لا ينسى الإساءة ولا بد أن ينتقم لها عندما تسنح له الظروف، ولذلك نرى أنه أمر بإعدام علامة الوحيدي والدكتور جمشيد أعلم وهما عضوان من أعضاء مجلس الشيوخ الإيراني في عهد الشاه من بين 60 عضوا آخر لأنهما تطاولا في الكلام عليه في المجلس عندما كان يعارض حكم الشاه، أما سائر أعضاء مجلس الأعيان فلهم مطلق الحرية يسرحون ويمرحون في إيران، وأغرب من هذا أن أحد أقربائه المتصلين به سألني يوما هل تذكر يوم كنا في بيتك مع الخميني وتغذينا على مائدتك ؟
قلت: معم أنه كان في عام 1955 وعندما كنت مقيما في طهران فأضاف محدثي معلقا فإذا كان صحيحا ما سمعناه عن أيام إقامته في العراق ومن أنه كان يطلب منك العون في بعض الحالات .
فكن على حذر منه فإنه سيقتلك إذا ظفر بك، لأن الخميني يحقد على شخصين ويريد أن يزجهما من الوجود إذا استطاع، شخص أساء غليه وشخص أحسن إليه لأنهما يذكر إنه بأيام ضعفه وهو لا يريد ان يذكر تلك الأيام حتى ولو كانت له. وقد ثبت لي صحة كلام الرجل بعد أن قتل الخميني الجواهريان ودستمالجي وكلاهما من أخلص المخلصين له، وكانا قد قدما له عشرات الملايين لنجاح ثورته عندما كان في العراق وفي باريس، أما التهمة الموجهة إليهما فكانت اتفه من التافه ، أنها مساعدة بني صدر الموقوف ضد الملالي والزمرة .
-6-(13/4)
كما أن قتل الشباب المجاهدين الذين على أكنافهم وبنضالهم وصل إلى سدة الحكم، وحربه مع العراق الذي أواه واسنده وقدم له العون طيلة 15عاما خير دليل على سداد رأي الرجل وصوابه، ورحم الله المتنبي الذي قال: " إذا أنت أكرمت ملكته … وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا "
أما حبه للحياة وشهوته إلى الحكم وهو في أرذل العمر، وما ارتكب في سبيله من الأثام فإنه فريد في التاريخ، لقد قلت لبني صدر عندما التقيت به في باريس، أن سبب عداء الخميني لك هو إنك أظهرت نفسك بالشخصية التي يحبها الشعب أكثر من الخميني، وجهازك نشر إحصائية للرأي العام تؤكد أن شعبيتك 57 بالمائة وشعبية الخميني 47 بالمائة أن هذا التحدي كان انتحارا لك، ألم تكن تعرف الخميني، أنه يفتي الدنيا في سبيل أنانيته النابغة من جنون العظمة، وقلت له أيضا عندما قرأت في الصحف هذه الإحصائية تنبأت أن أيامك في الرئاسة معدودة، وهكذا كانت . أيد السيد بني صدر هذا الرأي قائلا أن صهر الخميني الشيخ الإشراقي كان ينصحني دوما أن لا أظهر بمظهر الزعيم الذي يحبه الناس لأن الخميني لا يتحمل أن يرى غيره زعيما يتعلق به الشعب .
والخميني لا يهمه إراقة الدماء والعتل بالجملة والجماعات، فقد سمعت منه وهو يحاور الإمام الحكيم في النجف ويقول له قتل أتاتورك تسعين عالما دينيا في واقعة واحدة وزرت مقابر هؤلاء عندما كنت المنفى في تركيا، فماذا لا نضحي نحن بالجملة على غرار أولئك ليبقى اسمنا في التاريخ مخلدا، فأجابه الإمام الحكيم بابتسامة ساخرة، هل نقتل ليبقى اسمنا في التاريخ فقط ؟
وضحك الحاضرون وامتقع لون الخميني وقال من جديد وكأنه يريد أن يدفع عن نفسه هذه السخرية لما لا لماذا لا تذكر الإمام الحسين
-7-(13/5)
عليه السلام الذي قتل لأنه حارب الظلم …… فقال له الإمام الحكيم بنفس للهجة والابتسامة ، لماذا لا نذكر الإمام الحسن عليه السلام الذي صالح معاوية حقنا للدماء وجلس في البيت. وساد المجلس سكوت وصمت رهيب، خرج الخميني أثره من منزل الإمام الحكيم ولم يودعه الحكيم التوديع اللائق .
الرجل لا يعرف الرحمة والعفو، فحتى الصخرة بكث ورقت بإعدام ثلاثة آلاف شاب وشابة من المجاهدين وكلهم في ريعان الشباب وفي غضون ثلاثة أشهر فقط، ولكن الرحمة والرقة لم تجد إلى قلبه سبيلا. فلم يصدر العفو حتى على واحد من هذا الجمع الغفير الذي أعدمته محاكمة الثورية بالتهم السياسية .
والخميني لا يأبى من الكذب أمام الخاصة والعامة على السواء، وإذا كذب يصر في الكذب ما استطاع إلى الإصرار سبيلا، فقد رأينا كيف أن كل أجهزته عندما اعترفت بشراء الأسلحة من إسرائيل أنكر الخميني ذلك أكثر من مرة، حينما ثبت ذلك أمام العالم بعد سقوط الطائرة الأرجنتينية وانكشفت حقيقة النظام الحاكم في إيران واعترفت إسرائيل بذلك في آخر الأمر، كرر الخميني إنكاره لشراء السلاح وبإصرار وعناد وكأنما هذا الشيخ العجوز يعيش في عالم آخر لا يرى الشمس حتى في رائعة النهار .
والخميني دوانيقي في كرمه، ولا تزال الأزمات الخانقة المالية والفقر المدفع الذي لمّ به عندما كان طالبا بسيطا في قم مسيطر على تفكيره وعظمائه، وقد قال أحد المقربين منه أن الإمام إذا أراد أن يعطي أحدا ما يكفيه لشروة نقير ارتجفت يداه حتى الكتف، فالحوزة العلمية الدينية في قم بطلابها البالغ اثني عشر ألف طالب تعيش في حالة مالية مؤسفة بسبب جشع الخميني في تكديس الأموال في البنوك وعدم صرفها
-8-(13/6)
عليهم وكلما حاولت زعماء الحوزة الكبار أمثال الإمام السيد كاظم شريعتمادري وكلبايكاني والمرعشي أن يحسنوا الوضع المالي للطلبة رفض الخميني ذلك ووقف ضد الإصلاح المالي بإصرار وعناد، قائلا أن الله قد جعل العلم في الجوع. وطلب الدين في الحوزة الدينية في قم تقاضى ما يعادل مائة دولار شهريا فقط حتى إذا كانت في عنقه عائلة تتجاوز أفرادها العشرة أو العشرين، يجزي هذا الظلم القادح على كل الحوزات الدينية في إيران وطلابها يأتون من أذى الفقر والجوع لأن الخميني لا يريد الرفاهية لهم وهو يملك مئات الملايين التي كدسها في البنوك باسمه وهذه الأموال أعطيت له كي يعطيها إلى الذين حرمهم منها، وهكذا أمام الأمة يخفون أموال الأمة .
والخميني مغرء بمظاهر التكبر والجبروت وأذكر هنا ما حدث أمامي في مستشفى الأمراض القلبية الذي كان الخميني راقد فيه . كانت هناك غرفة صغيرة ملاصقة بالغرفة التي كان الخميني راقد فيها وهذه الغرفة كانت مخصصة لكبار زائريه . كنت أنا والمهندس نازركان وصهره الإشراقي وابنه أحمد والشيخ أحمد المولائي سادن الحضرة في مدينة قم في تلك الغرفة عندما دخل عليه صادق قطب زاده وزير خارجية إيران آنذاك وكان قد رشح نفسه لرئاسة الجمهورية فقاطعة الإشراقي قائلا ما هذا السؤال لابد أنه صوت لنفسه .
فقلت أنا ضاحكا: إذا كان لقطب زاده ضمير حي فلا يختار نفسه لمثل هذا المنصب .
وهنا ضح الحاضرون بصوت عال جدا . وبعد قليل جاء المرافق وقال للإشراقي ( أجب الإمام) وعندما عاد الإشراقي أخبرنا أن الإمام سأله عن أسباب الضجيج الذي أقلق مضجعه وقد بلغني بعد ذلك أنه أمر بغلق تلك الغرقة وستتقبال الزائرين جميعا في الصالون العام .
-9-(13/7)
واختم هذا الفصل بقصة هدم مقبرة رضا بهلوي، تلك المقبرة التي كلفت الشعب 200مليون دولار في وقته، وكانت من البنايات الأثرية في إيران . لقد أمر الخميني بهدمها كي يثبت للشعب الإيراني أن تنبؤاته صادقة وأنه يلهم من عالم الغيب، فقد سبق وأنه قال في عهد الشاه وفي إحدى خطبه ( أنه يأتي اليوم الذي يهدم الشعب مقبرة بهلوي ) وعندما بلغني أن الشيخ الخلخالي جلاد الثورة بدأ يهدم المقبرة اتصلت به هاتفيا وقلت له: كما يعلم الجميع فإن جثمان بهلوي خرج من إيران بصحبة ابنه الشاه وهذه البناية هي ملك الشعب وليست ملكا لأسرة بهلوي وكنت قد اقترحت أن تكون متحفا لجرائم بهلوي الأب والابن فلماذا تهدم بناءا شاهقا هو من أجل المباني في هذه البلاد والشعب هو الذي دفع ثمن هذه البناية من عرقه وقوته، وهل تريد أن ينظر العالم إليكم كما ينظر إلى جنكيز وتيمور ويصفكم بهدام الحضارة .
وبعد يومين أعلن الشيخ الجلاد أن الشعب هدم مقبرة بهلوي ليعلم الناس أن تنبؤات الإمام الخميني صادقة دوما .
على مثل هذا الزيف والدجل والتلاعب بمعتقدات الناس وسذاجتهم بني الخميني صرح إمامته . وحول هذا الصرح يزمر ويطيل قوم ذكرهم الله تعلى في كتابه الكريم (( أولئك كالأنعام بل هم أضل سبيلا )) ووصفهم الإمام علي بقوله: " همج رعاع يميلون مع كل ريح، أتباع كل ناعق لم يستضيؤوا بنور الله " .
الخميني في قم
لم يكن يفكر أحد قط أن شيخا بلغ الثمانين وهو متلبس الزهد والتقوى وقد عمم بالسود إشعارا بأنه من أبناء الرسول الكريم(ص) وهو يدعي التفقه في الدين وقد سمعه العالم أكثر من مرة يندد بالظلم والاستبداد الذي يجري في إيران على يد الشاه محمد رضا بهلوي، إن هذا الرجل نفسه وبهذه الميزات عندما ألت إليه السلطة يرتكب من الجرائم ما تقشعر من سماعه الأبدان، ويرتكب باسم الإسلام فسادا ونكرا يبقى وصمه عار في تاريخ البشرية ما شاء الله أن يبقى .(13/8)
إذاً من هو هذا الزاهد الطاغوت وهذا الفقيه الجبار وهذا الثائر المستبد وهذا العجوز الذي اتكل من الأمهات وأيتم من الأولاد وقتل من أبناء الشعب الإيراني بقومياته المختلفة في أربع سنوات عشرة أضعاف ما قتل سلفه في ثلاثين سنة، من هو هذا الذي يكون أعظم خداع في التاريخ بحق، وأكثر ممثل على مسرح الزمان منذ بداية إلى نهايته .
كان روح الله الخميني مغمورا في أوائل الخمسينات عندما كان في قم يقوم بتدريس الفلسفة الإسلامية وكلما كان يعرف عنه أن الإمام البروجردي زعمي إيران الديني آنذاك غاضب عليه بسبب تطرفه الديني وقد قال الإمام عنه أن هذا الرجل سيهدم الحوزة الدينية ويكون على الإسلام وبالا، وتوفى الإمام البروجردي في عام 1961 وقد خلفه في الزعامة الإمام الشريعتمداري والكلبايكاني والنجفي المرعشي وكلهم الآن على قيد الحياة ولم يذكر أحدا الخميني في عداد خلفاء الإمام الراحل ولم يفكر أحد قط أن الخميني سيكون في عداد الزعماء الدينيين الجدد في قم، لأن الحوزة الدينية كانت تنظر إلى الخميني كأستاذ في الفلسفة ولم تكن تنظر إليه كفقيه مجتهد يحق له تصدير الفتوى ومن شروط الزعامة الدينية هو التفقه في الدين والاجتهاد في الأحكام غير
-11-(13/9)
أن هذا الوضع لم يدم طويلا فقد أعلن الشاه تقسيم الأراضي الزراعية على الدهاقين فثار ثائرة رجال الدين وكان أكثرهم تحمسا وشدة في الكلام وهجوما على الشاه هو الخميني فاشتهر اسمه واعتلى نجمه ولا سيما أن الزعماء الدينيين الثلاث مع مخالفتهم لقرار التقسيم لم يخرجوا م طور المجاملة في التخاطب مع الشاه، ومع أن الخميني في بادئ البدء كان يخاطب الشاه في رسائله وأحاديثه بحضرة صاحب الجلالة والملك المعظم وكان يقول أنه لا يرى لإيران بديلا من الملكية إلا أنه يريد الإصلاح ولكنه عندما رأى أنه خرج من العزلة بسبب خطبه العنيفة، واشتهر صيته في البلاد واصبح يذكر مع الزعماء الثلاثة الآخرين فأراد أن يسبق الرهان فبدأ يتحرك في كل محور من محاور العمل الشعبي الجاد ضد الشاه فاجتمع على بابه رهط كبير من الناقمين والساخطين والمعجبين بخطبه الحماسية التي كانت تلهب مشاعر الشعب الإيراني واستغل هو وجماعته عنه المقربين هذا الإقبال الجماهيري لينادون به فقيها يستطيع تصدر الفتوى فكان لهم ما أرادوا وبعد تطاول على الشاه عاد إلى قم وهو يسير في نفس الطريق فنفاه الشاه بعد تسعة أشهر إلى تركيا ليظل تحت الرقابة في بورما سنة كاملة وقد تركها بعد ذلك إلى العراق بموافقة الشاه واستئذان الحكومة العراقية وبقى في العراق 15 عاما يأكل من قمح العراق وملحه،وقد شاءت الأقدار والظروف السياسية التي ذكرناها في هذا الكتاب أن يزاح الشاه عن عرشه ويحل الخميني عنه وكما قال لويس الرابع عشر( إذا مت فليكن الطوفان وقد كان ) .
الخميني في العراق
وصل الخميني إلى العراق في أيلول من عام 1965 واتخذ من النجف الأشرف مقرا له واجتمع حول نفر من مريديه ثم انضم إليه رهط من إيران . وبقى الخميني في النجف حتى نهاية عام 1978 حيث غادرها إلى باريس في قصة يعرفها العالم .(13/10)
كان الخميني في النجف منطويا على نفسه له برنامج خاص يتبعه كل يوم لم يكن له نشاط يذكر ضد الشاه حتى عام 1968 أي سنة التي وصل حزب البعث إلى الحكم فلم يمض شهور قلائل على تسلم الحكومة الحاضرة لمقاليد الأمور حتى نشب نزاع مرير بين الحكومة العراقية والشاه بسبب المساعدات التي كان يقدمها هذا الأخير للملا البرازاني والانفصاليين الأكراد، وبدأت أجهزة إعلام الدولتين حرابا إعلامية ضد الدولة الأخرى وأعلنت الحكومة العراقية أنها تساعد وتأوي كل لاجئ يصل إلى العراق هاربا من حكم الشاه فوصلت إلى العراق جماعات كثيرة من مختلف الأحزاب والاتجاهات في المعارضة الإيرانية، وفي ضمن هذه مجموعات رجال من مؤيدي الخميني فأكرمهم العراق وأواهم وأعطى الأولوية للخميني في العناية ولجماعته .
وعندما بدأت الإذاعة الفارسية في بغداد تشن هجوما عنيفا ضد حكم الشاه خصصت قناتا خاصة للخميني كان يقوم البث فيها رجل من أنصاره يدعى محمود دعائي وكان اسم البرنامج ( النهضة الروحية)، وحصل تعاون وثيق بين الخميني والحكومة الحاضرة بحيث كان ابنه مصطفى يزور شخصيات السياسية في بغداد حاملا إليهم رسالة أبيه وثنائه وشكره على الحكومة التي أوتهم وأعطتهم كل الإمكانيات للانطلاق السياسي الذي ما كانوا يحملون بمثله في أي مصر وعصر .
-13-
ولكي أضع النقاط على الحروف أود أن أسجل هنا للتاريخ قائمة بتفاصيل المساعدات التي كان يتلقاها الخميني من الحكومة العراقية التي هو اليوم في حرب معها، ليعلم الشعب الإيراني قبل الشعب العراقي حجم المساعدات التي تلقاها الخميني من الحكومة العراقية طيلة العشر سنوات التي قضاها في كنفها ليعود بعد ذلك إلى إيران ويجازي العراق وشعبه جزاء سنمار .(13/11)
(1) أعطت الحكومة العراقية الأولوية القصوى بين اللاجئين السياسيين المتواجدين آنذاك في العراق للخميني وحاشيته وسهلت لهم العيش والحياة وزودت كثيرا منهم بالجوازات العراقية بعد أن حرمهم الشاه من هويتهم الإيرانية فسهلت له التنقل بين البلاد والاتصال بالعباد .
(2) خصصت وزارة الإعلام للخميني قناتا خاصة في القسم الفارسي بإذاعة بغداد كان يبث منها لكما يتصل بالخميني ونضاله ضد الشاه وكان المذيعون فيها جماعته والمنتسبين إليه وكان يذاع منها برنامجا يوميا اسمه ( النهضة الروحية ) .
(3) كان مصطفى ابن الخميني على اتصال وثيق بالحكومة العراقية وكان يجري الاتصال بأركان الدولة مباشرة أو عن طريق المرحوم جنرال بختيار ويطلب المساعدات المختلفة لجماعة أبي وكانت طلباته لا ترد .
(4) كانت الجهات المعينة بشئون التدريب العسكري تدرب جماعة الخميني خارج مدينة النجف وكان ممثل الخميني لدى الحكومة للإشراف على التدريب هو الشيخ يزدي زاده الموجود حاليا في إيران وكانت الحكومة تعطي لهم المال والسلاح .
(5) كان الخميني يستقبل شخصيات كبيرة في الدولة وكانت أحاديثه معهم هو التغيير عن الشكر والامتنان للحكومة مع الدعاء لها بالتوفيق والتسديد .
-14-
(6) كان الخميني يقدم الرجاء إلى الرئيس العراقي في القضايا المتعلقة به وكان رجائه يقبل حتى في المناسبات الخطيرة كما جدث ذلك في عام 1970 عندما حكمت محكمة الثورة على السيد حسن الشيرازي الإعدام لاتهامه التجسس لصالح دولة أجنبية وكان هذا الشخص محسوبا على الخميني ومن حاشيته فكتب رسالة بخطه إلى الجنرال تيمور بختيار الموجود آنذاك في بغداد يطلب منه نقل رجائه إلى الرئيس صدام الحسين الذي كان آنذاك نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة يطلب الرحمة العفو عن المتهم فقبل رجائه وأعفى عن الشيرازي وأطلق سراحه بعد شهرين الأمر الذي لم يحدث له نظير من قبل .(13/12)
(7) عندما توفى ابنه مصطفى قدم الخميني رجاءا إلى الرئيس العراقي يطلب إصدار الأمر بدفن ابنه ( بصورة استثنائية ) في الروضة الحيدرية الأمر الذي كان ممنوعا بقرار من مجلس قيادة الثورة، ورفع الخميني هذا الرجاء عن طريقي فرفعه إلى الرئيس العرقي عن طريق وزير الأوقاف فقبل الرجاء ودفن ابنه حيثما أراد الخميني .
(8) كان أحمد ابن الخميني يقدم الرجاء الحكومة يطلب حماية أبيه من اغتيال السافاك فكانت حكومة تجند لحماية الخميني رجالها وبالتنسيق مع أحمد .
عندما غادر الخميني العراق إلى الكويت ولم تسمح له السلطات الكويتية بالدخول إلى أراضيها بقي في الحدود الكويتية حيرانا لا يدري ماذا يفعل فعلمت حكومة العراق بذلك فوافقت لعودته إلى العراق وقبل له عندما وصل إلى بغداد أنه يستطيع العودة إلى النجف والعيش فيها إذا شاء على شرط أن يحترم قوانين العراق .
وبعد كل هذا ليت شعري كيف يبرر الخميني والخمينيون حربهم مع العراق وكيف يبررون هذا الموقف العدائي لهذه الدولة التي أكرمتهم
-15-(13/13)
وأوتهم وأحسنت وفادهم ثم هم يعبرون عن حكومة العراق في خطبهم وأجهزة أعلامهم ( بالكافرة) فليت شعري أن أعرف متى أصبحت الدولة هذه كافرة يجب محاربتها وقبل أبنائها وتدمير أرضيها، هل كانت كافرة وهو في كنفهم يدعو لها بالتأكيد والعمر المديد أم أصبحت كافرة بعد أن قبلت له كلمتان ( احترم قوانيننا أو اذهب إلى حيث ما شاء ) ولا اعتقد أنه يوجد ( ما عدا السذج الغفل ) من الناس من لا يعرف أن هذه الحرب إنما هي كما سميناها ( حرب الأحقاد ) وليست حرب المبادئ والمصالح .وهنا أورد أن اكشف سرا للشعب الإيراني والعراقي معا وبذلك أكون قد أديت واجبي أمام الله والتاريخ ليعلم المسلمون في كل مكان وزمان فداحة الخطر الذي يحدق بالإسلام من هذه الطغمة الحاقدة التي آلت على نفسها القضاء على الإسلام باسم الإسلام، وخراب بلاد المسلمين باسم مصالح المسلمين، لقد حضرت حوار بين المرحوم جنرال بختيار ومصطفى ابن الخميني وأن كشف مضمونها بوضع للرأي العام الانحدار الخطير الذي وصل إليه الخميني وجماعته بعد وصولهم إلى السلطة وتحكمهم في رقاب الأمة وهذا تفصيل الحوار: لقد قطعت الحكومة العراقية علاقتها الدبلوماسية مع حكومة الشاه في عام 1970 وبعد أن احتلت إيران الجزر الثلاثة أبو موسى وطنب الكبرى والصغرى وتدهورت العلاقات وصلت إلى الصفر وأمر الشاه جيشه بالتحرك إلى الحدود المتاخمة للعراق وكانت هناك نذرا تنذر بنشوب الحرب بين الدولتين فحضر مصطفى ابن الخميني إلى بغداد والتقى بالجنرال بختيار في قصر السلام ليطلب منه أن يبلغ الحكومة العراقية أن والده بصفته الزعيم الروحي لإيران قد أعد البيان الذي سيقرأه على الجيش الإيراني إذا ما أراد الشاه الهجوم على العراق وأنه يقول في خطابه " أن الواجب المحتم على الجيش الإيراني هو أن يحارب الشاه لا العراق لأن الشاه خارج عن ربقة الإسلام إذا ما تسبب في حرب وقودها
-16-(13/14)
المسلمون وأن عرش الرحمن سيهتز كما أراق مسلم دم أخيه جار شقيق دم جاره الشقيق " .
هكذا كان الخميني عندما كان في العراق بعيدا عن السلطة وهكذا يكون اليوم في إيران وهو على رأس السلطة حقا أن هذا الانحراف في تفكير الرجل الذي يقود إيران كارثة ليست بعدها كارثة .
الخميني والبدع في الدين
إن البدع التي أبدعها الخميني في الدين كثيرة أشرت إليها عبر خطاب إذاعي وجهته إلى الشعب الإيراني، وهنا أعدد تلك البدع ليعلم علماء الإسلام في العالم والمصلحين من رواد الأمة الإسلامية. أنهم إذا سكتوا أمام هذه البدع التي تلطخ اسم الإسلام وسمعته فإن أمة الإسلام ستشهد مذهبا جديدا باسم الخمينية يضاف إلى البهائية والقادرية، وإني أدعو علماء الإسلام لعقدوا محكمة إسلامية كبرى تضم رجال الدين الكبار من مختلف طوائف المسلمين لمحاكمة الخميني وإبداء رأي الإسلام فيه وفي بدعه حتى يعلم المجتمع البشري أن ما يحدث في ظل الخمينية في إيران المسلم ليس من الإسلام بشيء بل أن الإسلام برئ منه، أن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إذا ظهرت البدع في أمتي فعلى العالم أن يظهر عليه وإلا فعليه لعنة الله " ويقول صلى الله عليه وآله وسلم في مقام آخر : " الساكت عن الحق كشيطان أخرس " .
إن الوقت قد حان على العلماء أن يظهروا علمهم ورأيهم في أخطر مرحلة عصيبة تمر على الإسلام في العصر الحديث وما تعرض إليه من البدع والزيف وزور القول والضلال على يد جماعة تنسب نفسها إلى الإسلام . وإلى العلماء الإسلام أرفع هذا النداء وأعدد لهم بدع الخميني في الدين :
(1) أدخل الخميني اسمه في أذان الصلوات وقدم اسمه حتى على اسم النبي الكريم، فأذان الصلوات في إيران بعد استلام الخميني لحكم وفي كل جوامعها كما يلي :
-18-
الله أكبر الله أكبر( خميني رهبر) أي أن الخميني هو القائد، ثم أشهد أن محمدا رسول الله … الخ .(13/15)
نستثني جامع كوهو شهادة في المشهد الرضوي، حيث لم يسمح الإمام الطباطبائي القمي أن تدخل هذه البدعة إلى الجامع الذي يصلي فيه، وأبلى البلاد حسنا في مقاومته لهذه البدعة، ولكن الله كتب له النجاح فتغلب على زمرة الخميني في آخر المطاف (1) .
(2) لقد جرت العادة في البلاد الإسلامية إذا ذكر اسم النبي الكريم صلّى الله عليه وسلم صلّى الحاضرون عليه إجلالا وإكبارا ، وفي إيران اليوم إذا ذكر اسم الخميني صلّى الحاضرون ثلاث مرّات، وقال بازركان في خطاب جماهيري ( ماذا تقولون لرسول الله إذا قال لكم تصلون عليّ مرّة إذا ذكرت وثلاثة مراّت إذا ذكر ابني ) وكان البازركان يقد من (ابني) الخميني الذي يدعي أنه من أولاد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم وكاد البازركان يدفع حياته ثمنا لهذا الكلام .
(3) رفض الخميني الصلح مع العراق الجار المسلم حيث تنص الآية الكريمة في القرآن الكريم على وجوب الصلح في كل الأحوال وبغض النظر على أسبابها والبادئ بها ويأمر بمقاتلة الرافضين للصلح حيث يقول تعالى (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما )) (( وإن بغت إحداهما على الآخر فقاتلوا التي تبغي حتى تفي إلى أمر الله)).
(4) قتل المرابي كما حكمت به محاكمة الشرعية .
(5) قتل الآلاف من المعارضين السياسيين باسم المفسدين في الأرض.
(6) قتل الآلاف من الأقليات القومية التي كانت تطالب بحقوقها
المغتصبة باسم الكفار الذين شهروا السلاح في وجه الدولة الإسلامية .
ـــــــــــــــــ
(1) منذ سنة والإمام الطباطبائي معتكف في داره .
-19-
(7) المحاكمات الثورية الارتجالية التي تحاكم 100 شخص في مائة دقيقة .
(8) قتل المهربين للمواد المخدرة .
(9) مصادرة أموال الناس زورا وبهتانا باسم حماية المستضعفين .
(10) تبني فكرة ولاية الفقيه وجعل نفسه حاكما بأمر الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد .(13/16)
(11) تعيين ولي عهد لنفسه يدعى حسين علي منتظري بالطريقة التي سلكها معاوية بن أبي سفيان في تعيين ابنه يزيد وليا لأمور المسلمين، وجعل الزعامة الدينية والتي كانت الانتخاب المباشر ملكا عضوضا .
(12) بث الفرقة وإيجاد القلاقل بين صفوف المسلمين في البلاد المجاورة والتي أدت إلى مئات الضحايا وإراقة الدماء .
الخميني والتناقضات
أما التناقضات التي تصدر من الرجل في القول والعمل فهي محيرة للعقل .
(1)- فعندما كنت في العراق وصلتني رسالة من الملا مصطفى البارزاني يدعوني إلى ( كلالة) عاصمته التي كان يعيش فيها حتى يبحث معي سبل التعاون ضد الشاه . وعجبت من مضمون الرسالة لأنني كنت أعلم أن البارزاني هو عميل الشاه ولولا هذا الأخير لم يكن للبارزاني شأن. كما ثبت فيما بعد .
وبما أنني لم أكن اشك بأن كاتب الرسالة هو الملا البارزاني لأن السيد مهدي الحكيم ابن الإمام الحكيم والذي كان على اتصال بالبارزاني هو الذي طلب مني أن أقاتل رسول البارزاني حامل الرسالة المذكورة .
ومع الشكوك حول نوايا الرجل إلا أني فكرت بجد أنه ليس من الأخلاق أن يقوم زعيم يرى نفسه قائدا لأمته بدور رديء في حق رجل لم يعرف ولم يصدر منه أية إساءة بالنسبة إليه وذلك في سبيل إرضاء مخلوق آخر .
فذهبت إلى مقابلة الرئيس العراقي أحمد حسن البكر رحمه الله وأطلعته على الرسالة وقلت له قد يكون من المصلحة الاستجابة لدعوة البارزاني لعلي أستطيع القيام بدور الوفاق بينكم وبينه إذا ما التقيت بالرجل .
فضحك الرئيس البكر وقال إنها خدعة.ثم أضاف لقد سلّم البازراني خمسة أشخاص من المناضلين الإيرانيين الذين لجأوا إليه من بطش الشاه إلى هذا الأخير وقد أعدمهم الشاه فورا .
ثم أضاف الرئيس قائلا إياك والذهاب إليه فإنه خبيث مخادع يريد قتلك .
-21-(13/17)
وبعد أيام رأيت الخميني وقد علم بالموضوع فقال لي لا يخدعنك البارزاني أنه يريد تسليمك إلى الشاه وأضاف أن البارزاني وأولاده عملاء مزدوجين للشاه وللمخابرات الأمريكية .
وبعد عشر سنوات من ذلك التاريخ صافح الخميني ابني البارزاني العملاء المزدوجين على حد تعبيره وزدهم بالسلاح والمال لقتل الشعب العراقي الجار المسلم .
(2) والتناقض الثاني في سياسة الخميني هو أن فئة من أصحاب الإمام الحكيم اصدروا بيانا بعد وفاته بتوقيع شخصيات بارزة دينية من علماء النجف الأشرف جاء فيه أن الشخص المؤهل للزعامة الدينية بعد الإمام الحكيم هو الإمام السيد أبو القاسم الخوئي وليس غيره، وفي وقته اعتبر هذا البيان طعنا لاذعا في الخميني الذي كان في النجف أيضا ينافس الإمام الخوئي على الزعامة . وقد أعلن الخميني وأنصاره أن هذا البيان إنما صدر باعاز من السفارة الإيرانية في بغداد بتوجيه السافاك الإيراني لتحطيم الخميني وكان الحرب سجالا بين الخمينيين وحكيمين بعد صدور ذلك البيان الذي قام بتوزيعه في العراق عناصر من حزب الدعوة .
وكان هذا الحرب يلقب الخميني المفسد الأكبر ومخرب الإسلام والحوزة العلمية وقد شكا الخميني عندي مرّة من الأذى الذي يلاقيه من أفراد هذا الحرب وعبّر عنهم بعملاء الشاه الحقراء المأجورين وخلايا النحل الذي يمده السافاك بالمال والتوجيه .
وإذا بالخميني نفسه وبعد أن يعتلي سدة الحكم يصافح تلك الأيدي التي كان ينعتها بتلك النعوت ويقربهم إليه ويعطي لهم المال والسلاح يشكل منهم خلايا لمحاربة العراق . أنه مدعاة للسخرية حقا .
-22-(13/18)
(3) والتناقض الثالث الذي لا بد من الإشارة إليه: لقد ذهب السيد موسوي الصدر إمام الشيعة في لبنان إلى ليبيا وبدعوة من العقيد القذافي ولم يعد منها أبدا .وقال الخميني إني ربيب الصدر وأدبته وهو بمثابة ابني ولا بد أن انتقم له . وعندما كنت في طهران قال لي أحمد ابن الخميني أنه سأل من ياسر عرفات عن مصير الصدر فكان جوابه: إنه طار . وإنه أخبرناه بمقتل الصدر في ليبيا ومع كل هذا قال الخميني أعلن الولاء للرجل الذي قتل تلميذه وأحب الناس إلى قلبه لأن يغدق بالأموال الكثيرة .
على خليفته حسين علي المنتظري. والمنتظري هو الشيخ الذي قال للصحفيين بكل وقاحة. أنه يأخذ المال من العقيد القذافي لأنه أخيه ولا كلفه بين الأخوة ( والجيب واحد ) .
وبهذه المناسبة أذكر هذه القصة الطريقة عن حياة هذا الشيخ العميل: عندما كنت في طهران زارني سعد مجبر سفير ليبيا في داري ليسلمني دعوة من العقيد القذافي لزيارة ليبيا وفي أثناء الحديث أخبرني أنه كان في قم في زراية المنتظري وتغذى على مائدته الخبز والتمر واللبن ثم أشاد يزهد الشيخ وورعه . وهنا سألت السفير الليبي هل أن المنتظري يزهد أيضا في الدولارات التي تسلمها إليه أم يبتلعها حتى الثمالة ؟ فقال السفير ضاحكا ولا والله أنه يكاد يطير فرحا عندما أسلّمه الأموال .
(4) وتناقض رابع في حياة الرجل لا ينساه التاريخ فالرجل الذي يدعي أنه جاء لحماية الإسلام يتعاون مع أعداء الإسلام الحقيقيين وهو على أحسن العلاقات وأتمها من الاتحاد السوفيتي في حين أن أن الحرب سجال بين الإسلام والإلحاد في أفغانستان، ومئات الآلاف من المسلمين قتلوا ويقتلون على يد الجيش الأحمر بقنابل النابالم وبلغت الوقاحة إلى الشيخ الرفنسجاني رئيس مجلس الشورى أنه منع من الكلام واحد النواب الذي كان يريد الهجوم على الاتحاد السوفيتي بسبب الحرب التي
-23-(13/19)
يخوضها ضد الشعب الأفغاني الأمن ، وقال له تريد أن تفسد علاقتنا الحسنة مع الاتحاد السوفياتي، والخميني نفسه الذي يهجم دوما على البلاد الإسلامية وزعماء المسلمين ويحارب الجار الشقيق المسلم العراق ساكت على ما يجري في أفغانستان من إراقة الدماء ولم يذكر الاتحاد السوفياتي إلى الآن بكلمة غير سليمة .
(5) ومن المتناقضات الصارخة في سياسة الرجل وعمله هو موقعه العدائي من كثير من دول المنطقة وتعاونه الحميم مع البعض الآخر، لقد قمت له في آخر لقاء تم بيننا في قم، لماذا تعادي دول المنطقة والخليج وكلهم جيران والجار لا يستطيع أن يعادي الجار بما في ذلك العداء يكمن أخطارا جسيمة لإيران والمنطقة بكاملها، فكان جوابه أنه لا يستطيع أن يصافح حكام هذه الدول لأن شعوبها من المستضعفين الذين وجدوا في الثورة الإيرانية أملا لمستقبلهم وهم لا يحبون حكامهم .
قلت له: إذا قبلت كلامك جدلا، فهل تعتقد أن الشعب السوري يحب حكامه ؟ وهل أن الشعب الليبي يحب حكامه ؟ وأنت مددت بد الصداقة إليهم وترتبط معهم بأوثق الصلات. لم يتفوه الخميني بكلمة وقد طأطأ رأسه وامتقع لونه، وبدأ ينظر إلى الأرض شررا .
ولذلك لم يستغرب أحد من الضالعين بشئون التناقضات الخمينية عندما سمع من الرجل إن حزب البعث العربي في العراق كافر يجب محاربته،ولكن حزب البعث العربي في سوريا مسلمي يجب مصادقته .
صدق الله العظيم حيث يقول (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين )).
لقد سألت مصطفى ابن الخميني يوما ، لقد كان والدك قبل الزعامة وفي أيام إقامته في قم هنا بشا لم تغادر الابتسامة شفتيه وكان لطيف المعشر
-24-(13/20)
حلو الحديث لم يسأم الإنسان من محادثة وقد أصبح الآن قاسيا غليظا متعجرفا شائكا كظهر القنفذ، فما عدا مما بدا ؟ فأجابني: عندما دخل أبي معمعمة السياسة كثر النقاش والجدال عنده حول طريقته في معالجة الأمور وآرائه السياسية، وتفاديا للنقاش والجدال بدأ يعبس ويقلل من الحديث حتى يسأم الزائرون من الجلوس عنده، وقد أصبحت هذه الحالة المصطنعة عادة ثانوية عنده لا تغادره حتى في حياته العائلية. أن أبي يعتقد أن الزعيم يجب أن يأمر فيطاع وإذا حلوا فقد أكله الناس وفقد سيطرته عليهم .
(6) والتناقض الآخر في سياسة الخميني هو موقفه الشائن من فرنسا البلد الذي وفر له الحماية وكل الوسائل اللازمة للانطلاق ضد الشاه. فعندما كان الخميني في باريس كان يمجد بفرنسا ويعبر عنها بمهد الحرية وبعد أن وصل إلى سدة الحكم ملك طريق العداء معها. لأن فرنسا أوت المناضلين الإيرانيين الذين فرّوا من جحيم الجمهورية الإسلامية كما أوت الذين فرّو من جحيم الشاه من قبل .
والخميني الذي أدخل الرعب في قلوب شعب إيران بقسوته التي تفوق القساوة النازية يزعم أنه سيرعب فرنسا أيضا بتهديداته الجوفاء الحمقاء وبالسب والشتائم والكلام البذيء وهذا هو شأن كل متكبر جبار يحاط به أقوام جبناء يصيرون له أن العالم يتحرك حسب إرادته وهواء، فهو لا ولن يفهم معنى الحرية والديمقراطية وسيادة الشعب على مقدراته. إن كل ما يعلمه المستبد الظالم هو الإسراف في القتل والتعذيب والمزيد من إراقة الدماء حتى أن يلمس نهايته الكئيبة التعيسة التي يعض يده عليها ويقول ياليتني مت قبل هذا وكنت ترابا .
وأنني عندما استمع إلى التهديدات الجوفاء الحمقاء التي يطلقها الخميني زمرته ضد دول العالم أذكر قصة تلك الفأرة التي قالت للجبل: سأرحل عنك حتى تستريح قليلا من عنائي . فأجابها الجبل: أيتها المسكينة أنا لم أعرف بغدوك كيف برواحك .
الخميني والشيوعية(13/21)
ليس الشبه الوحيد بين السيد الخميني مرشد الثورة في إيران والسيد لينين مرشد الثورة الشيوعية في روسيا، أن كليهما بدا بالعمل لإسقاط نظام بلديهما من باريس، ودخلا بلديهما بعد أن سقطت في إيران أسرة بهلوي الملكية وفي روسيا أسرة رومانوف القيصرية، كما أن الشبه بين الرجلين ليس أن كلا منهما كانت تحركه روح الانتقام الشخصي، فالخميني أراد أن ينتقم من الشاه لأنه قتل ابنه على حدّ زعمه ولينين أراد أن ينتقم من قيصر لأنه قتل أخاه ولكن وجه الشبه الحقيقي هو :
1- إن الشيوعية اتخذت كلمة الفقراء ( برولتراليسم ) شعارا للثورة الشيوعية، وأخذ الخميني كلمة المستضعفين شعار للثورة الإسلامية الإيرانية .
2- النظام الشيوعي لا يؤمن بالملكية المطلقة، ولذلك صودرت أموال كبار التجار والمعامل والأراضي في ظل الشيوعية، وخلقت من الأغبياء طبقة فقيرة تضاف إلى الفقراء، والخميني ونظامه صادروا أموال التجار وأراضي الناس والمعامل الكبيرة وأضافوا طبقة فقيرة إلى الفقراء وشعارهم أن الإسلام لا يؤمن بالملكية المطلقة المحدودة كما قال كارل ماركس .
3- النظام الشيوعي يعتقد بأن الصحافة والإعلام يجب أن يعبر عن سياسة الحزب ويجب أن تكون في خدمة النظام الحاكم وتكون بوقا من أبواقه، ونظام الخميني صادر الصحف واستولى على الإعلام واستعمله في صالح حزبه .
-27-
4- الحزب الشيوعي هو الذي يحكم في النظام الشيوعي ، ويحكم الحزب الجمهوري الإسلامي إيران بقيادة الخميني .
5- الشعب ممنوع من السفر إلى خارج البلاد في الأنظمة الشيوعية، والسفر ممنوع على شعب إيران في نظام الخميني .
6- الشيوعية تدعو إلى الأممية ونبذ القومية، وأول شعار نادى به الخميني هو الأممية واعتبار القومية كفرا وإلحادا .(13/22)
7- وفي الأنظمة الشيوعية يؤلّه الحاكم كما إلّه ستالين في روسيا، وماوتسي تونغ في الصين وتيتو في يوغسلافيا، وفي نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية ألّه الخميني أكثر من أي إله آخر .
8- في كثير من الدول الشيوعية تتخذ كلمات الحاكم إنجيلا واجب اتباعه، ويرددها الشعب في كل مناسبة ومكان، وكلمات الخميني اعتبرت إنجيلا يرددها اتباعه وأعوانه في كل مكان .
9- النظام الشيوعي هو النظام القائم على القيادة الجمعية في حكم البلاد على شرط أن يكون القادة من المؤمنين بالماركسية، ونص دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية على القيادة الجماعية شريطة أن يكونوا من المؤمنين بالخميني، وشعارهم " حب خميني حسنة لا تضر معها سيئة " .
10- في النظام الشيوعية تخضع كل دائرة للجنة شيوعية تنبثق من داخل تلك الدائرة، وفي نظام الخميني تخضع كل دائرة للجنة خمينية تنبثق من داخل تلك الدائرة .
11- النظام الشيوعي يتخذ الفلسفة المكيافيلية ( النتائج تبرر أساسا للمقدمات ) دعامة للعمل السياسي، والنظام الخميني اتخذ الفلسفة نفسها أساسا للقمع الدموي .
12- النظام الشيوعية يرى من واجبه مساعدة الشيوعية في الدول الأخرى لاستلام السلطة بأي ثمن ونظام الخميني يرى من واجبه مساعدة أنصار ( ولاية الفقيه) في أي مكان من العالم لاستلام السلطة .
-28-
13- النظام الشيوعي قسم الشعب إلى البرجوازية والفقراء واستغل هذا التقسيم في بسط نفوذه، والخميني قسم الشعب إلى أهل الشمال والجنوب، أي الأثرياء القاطنين في شمال طهران والفقراء الساكنين في جنوبها، واستغل هذه التفرقة لبسط سلطانه على الشعب .
14- النظام الشيوعي يرى التصفية الجسدية لأعدائه ضرورة في بعض الأحيان كما تعرض لها تروتسكي أحد بناة الشيوعية وقادتها عندما كان لاجئا في المكسيك، ونظام الخميني اتخذ التصفية الجسدية شعارا له وهدد به المناوئين بكل وقاحة .(13/23)
15- في النظام الشيوعي كل حزب مكلف بأدلاء المعومات عن أعداء النظام، والخميني سن هذا القانون عندما طلب من كل أبناء الشعب أن يتجسسوا لصالح نظامه ولو على أقرب المقربين .
16- قال لينين اعطني مرحا أعطيك شعبا، وقال الخميني اعطني الإعلام أعطيك شعبا. وبعد هذه المقارنة، لابد من الإشارة إلى عدة حقائق، هل أن تعاون المخابرات الروسية ( ك ج ب ) مع المخابرات الخمينية وتعليم الحرس الثوري طرق التجسس أمرا اعتباطي ؟ وهل أن مصافحة الخميني للدول الشيوعية واستخدام الخبراء من كوريا الشمالية أمر اعتباطي ؟
وكيف يمكن تفسير الحرية التي يتمتع بها الحزب الشيوعي ( تودة) (2) في العمل السياسي والإعلامي في إيران الأول مرة منذ تأسيسها، وفي ظل نظام يدعي أنه جاء لحماية الإسلام. وماذا يعني سكوت الخميني عن المجازر التي ترتكب بحق المسلم في أفغانستان على يد المحتلين الروس ؟ وما هو معنى هذا الهجوم العنيف ليل نهار على الاستعمار الغربي فقط، وعده ذكر الاستعمار الشرقي، بل الإصرار
ــــــــــــــــ
(2) راجع فصل الرعب المدمر .
-29-
وعدّه ذكر الاستعمار الشرقي، بل الإصرار بعد التعرض له ؟ وكيف يبرر الخميني إعطاء المناصب الحساسة في الدولة للشيوعية، والتعاون مع الحزب الشيوعي لقتل ( مجاهدي خلق) ؟ ومما أن الكلمات العبارات لا تغرني أبدا، بل انظر إلى العمل كمقياس حقيقي لتقيم الأفراد والجماعات، فلذلك لا أجد صعوبة في رمي الخميني بالشيوعية مع ما عليه من الطيلسان والعمة والرداء، وتكراره اسم الله والإسلام في كل أحاديثه .(13/24)
فالخميني الذي لم يتورع من الكذب وقتل الأبرياء والحرب مع الاخوة المسلمين واغتصاب أموال الناس والسطو على حقوق الشعب والتعاون مع إسرائيل لضرب المسلمين، وكل هذه القبائح لم تكن تعرف عنه قبل أن يعتلي سده الحكم بل لم يحلج بخلد أي بشر أنه سيتوغل فيها حتى قمة رأسه في يوم ما، فهل يكون من الصعب عليه أن يخفى آرائه السياسية كما أخفى دهرا أخلاقه للشيمة ؟
وسواء كان الخميني شيوعيا أم غير شيوعي، فالشيوعيون الإيرانيون يعيشون في ظل نظامه في عهد ذهبي لم يحملوا به من قبل إبداء ، وأن إيران في ظل هذا النظام الفوضوي الجائر أصبحت أكثر استعدادا من أي وقت مضى لقبول السيطرة الشيوعية، وأن الشيوعيين الآن في إيران ينظرون اللحظة المناسبة للوثبة الأخيرة يساعدهم الدب القطبي من خارج البلاد والطابور الخامس من داخلها (3) .
ـــــــــــــــــــ
(3) قبل عام اعتقلت السلطات الإيرانية زعماء الحزب الشيوعي في إيران بعد أن اتهمتهم بمحاولة انقلابية فاشلة واعتقلت أيضا بعض القادة العسكريين بتهمة التعاون مع الحزب الشيوعي وفي ضمن المعتقلين العقيد بهرام أفضلي قائد القوات البحرية .
الخميني بين القول والفعل
لابد من المقارنة ما قاله الخميني عن الشاه وهو يقود المعارضة ضده وما فعله هو بعد أن وصل إلى السلطة وأزاح الشاه من عرشه ليكون القارئ الكريم على بينة من أمر الرجل الذي خدع أمة الإسلامية بمعول الكلام والوعود الكذبة والمستقبل المشرق .
كان الخميني يندد الدستور الإيراني ويسخر من البند الذي كان ينص على: أن الملكية وديعة الهبة أعطاها الله للملك عن طريق إرادة الشعب التي تجلت في الاستفتاء العام .
وها هو الخميني جعل في البند بعد المائة من دستور الجمهورية الإسلامية نصا مماثلا. يقول: إن ولاية الفقيه سلطة إلهية أعطاها الله للفقيه عن طريق إرادة الشعب التي أقرها في الاستفتاء العام .(13/25)
ندد الخميني في خطبة بصلاحيات الشاه كقائد أعلى للقوات المسلحة وإقالة الوزراء ونصهم وتعيين رئيس ديوان التمييز والمدعي العام وها هو حصل في البند الحادي عشر بعد المائة من الدستور الجديد هذا النص. آية الله الإمام الخميني هو القائد الأعلى المحكمة العليا والمدعي العام ورئيس ديوان التمييز وتنفيذ رئاسة الجمهورية بعد أن ينتخب الشعب الرئيس .
كان الخميني يندد بالشاه لتدخله في شؤون البلاد الكبيرة والصغيرة وكان يندد بأسرته وحاشيته ويتهمهم بالتلاعب بمقدرات البلاد والعباد
-31-
واستغلال أموال الشعب وعندما وصل هو إلى الحكم سلك الطريق نفسه كما أن ابنه أحمد وزمرته من آل الخميني يسيرون على سيرة أسلافهم من آل بهلوي في التلاعب بمقدرات الأمة واستغلال موارد البلاد وسرقة أموال الشعب، ويعتقد الضالعون بشؤون آل الخميني أن أرصدة أحمد في البنوك السويس تتجاوز المئات الملايين من الدولارات .
(4) كان الخميني يندد في خطة بالزمرة الحاكمة ويصفها بأنها المحسوبة على النظام وكان يقول أن الشرط الوحيد لتسلم كرسي الحكم هو الإخلاص والوفاء والإطاعة العمياء للشاه . وها هو جعل الشرط الأول والأخير لأشغال المناصب الحساسة في جمهوريته الولاء والعبودية لشخصه ولتفكره ولاية العقيه .
(5) كان الخميني يسخر ويندد في خطبة بتشكيل الأحزاب الحكومية في عهد الشاه وكان يعتبرها أحزابا غير شرعية كما كان يندد بالانتخابات النيابية ويعتبرها مزورة والخميني نفسه عندما وصل إلى الحكم أمر بطانته بتشكيل الحزب الجهوري الإسلامي أي الحزب الحاكم فعلنيا وكما كان الحزب الحاكم في عهد الشاه يزور الانتخابات ويفوز بالأكثرية النيابية هكذا زور الحزب الجمهوري الإسلامي والانتخابات وفاز بالأكثرية . فما شابه الليلة بالبارحة .(13/26)
(6) كان الخميني يندد بالشاه ويتهمه بإرسال جلاوزته لإخماد المتظاهرين بالعصي والهروات وها هو نفسه تجاوز سلفه في هذا المضمار كيرا حيث أرسل جلاوزته " حزب الله " إلى الاجتماعات التي تعقد ضده لإخماد الأنفاس كما أن هؤلاء المرتزقة يستعملون الأسلحة النارية في غالب الأحيان كما فعلوا مع المجاهدين وغيرهم وقتلوا سبعن طالبا جامعيا في حرم جامعة طهران .
-32-
(7) كان الخميني يدافع عن الجرائد التي انتقدت سياسة الشاه والتي عطلها هذا الأخير انتقاما منها . وعندما وصل هو إلى الحكم عطل العشرات من الجرائد التي كانت تنتقد سياسة بل ذهب إلى أبعد من ذلك حيث صادر الصحف الكبيرة مثل جريدة كيهان وجريدة إطلاعات وجعلها بوقا من أبواقه .
(8) كان الخميني يندد بأسرة الشاه ويتهمهم الاتجار بالمخدرات وقبل بضعة أشهر اعتقل الشرطة الألمانية في مطار دوسلدوف صادق الطباطبائي صهر الخميني وهو يحمل حقيبة مليئة بالأفيون وكان وهكذا يفضح الله المنافقين والذين في قلوبهم مرض ليكونوا عبرة للناس كافة .
(9) ندد الخميني في كثير م خطبة بإعدام المتهمين بتجارة الأفيون وكان يقول أن هذه ذريعة اتخذها الشاه لإعدام المناؤين لنظامه كما أنه كان يقول ويؤكد أن الإسلام لا يقر عقوبة الإعدام لتجّار المخدرات ولكنه عندما استلم السلطة أعدم أكثر من ألف وأربعمائة شخصا بتهمة الاتجار بالمخدرات .(13/27)
(10) كان الخميني يتهم الشاه بالهذيان في الكلام عندما كان يقول أن قوة بلاده أصبحت تخيف الدول القريبة والبعيدة لأنها القوة الرابعة في العالم أو أن اقتصاد إيران سيكون أكثرها ازدهار من الاقتصاد الياباني في عام 1980، وها هو الخميني يهذي في الكلام ما استطاع إلى الهذيان سبيلا. فتارة يزعم أنه ينظم جيشا قوامه عشرين مليون جندي يحارب به أمريكا وتارة يهدد فرنسا وضرب مصالحها في العالم وتارة يقول أنه تم في إيران بناء مائة ألف مدرسة في عام واحد كما أن العالم سمعه يهدد العراق باحتلال عاصمته في غضون أربع ساعات .
-33-
(11) كان الخميني يندد سياسة القمعية ولا سيما تصفية المناوئين في خارج البلاد على يد بوليسه السري ( السافاك ) وها هو الخميني سلك نفس الطريق حيث قتل بوليسه السري محيط الطباطبائي في واشنطن وابن شقيقة الشاه المسمى شهرام في باريس. كا قام بوليسه باغتيالات فاشلة بالنسبة لكل من الدكتور شاهبور بختيار رئيس الوزراء في عهد الشاه وبني صدر أول رئيس جهورية في عهده والدكتور علي أميني رئيس الوزراء الإيراني الأسبق وغيرهم .
(12) كان الخميني يندد بالمحاكم العسكرية التي تصدر أحكاما بالإعدام في حق المناوئين لنظام الشاه ومحاكم الخميني الثورية أعدت من مناوئي حكمه في أربعة أعوام مئات أضعفا ما فعلت محاكم الشاه في ثلاثين عاما. وبهذا الفارق أيضا هو أن المتهمين السياسيين كان يحق لهم الدفاع عن أنفسهم في محاكم الشاه وكان يحق لهم التمييز والاستئناف في الأحكام الصادرة بحقهم أما في محاكم الثورة الإسلامية فلا دفاع ولا استئناف ولا تمييز مائة إعدام في مائة دقيقة .
(13) سخر الخميني من الشاه عندما لقبه المجلس الثوري بـ(اريامهر) أي محبوب الشعب الاري ولكنه استبشر سرورا عندما لقبه أصحابه ( إمام الأمة ) .(13/28)
(14) كان بيت القصيدة في خطب الخميني ضد الشاه اضطهاد هذا الأخير للأقليات القومية في أنحاء البلاد وعدم الاستجابة لمطالبهم المشروعة وها هو الخميني بعد استلام السلطة قتل اباد من القوميات الإيرانية المختلفة في شرق البلاد وغربها عشرات الآلاف ولا زالت الحرب سجلات بين حرس الخميني والأكراد في غرب إيران ومع التركمان في شرق البلاد. وقد قتل الخميني من الأكراد العرب والبلوش والتركمان في غضون أربعة أعوام من حكمه مئات أضعاف ما قتل سلفه في ثلاثين عاما .
-34-
(15) كان الخميني يسخر بالشاه عندما كان يدعي أنه يأتيه الإلهام من عالم الغيب والملكوت ويصفه بالكذب المخادع وها هو الخميني نفسه يبتسم راضيا عن أولئك الذين قالوا فيه ما ادعى سلفه بل زادوا في ذلك وقالوا أنه فعل ما لم يعله الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم . وهكذا ابتلى الشعب الإيراني المسلكين بمعتوه مجرم متعطش للدماء ولكنه ليس في لبوس الأباطرة بل في لبوس الزهاد والكهنوت .
أنا والخميني
لقد رأيت من الضرورة بمكان إضافة هذا الفضل إلى الفصول الأخرى من الكتاب حتى لا يتوهم القارئ الكريم ولا أولئك الذين يؤرخون هذه الحقيقة من تاريخ إيران أن مؤلف هذا الكتاب طفيلي على الثورة أو كان بعيدا عنها أو أنه بعيد عن الشؤون الإسلامية ومعارفها. وها أنا أعلن لأولئك الذين بهرتهم فكرة ولاية الفقيه بأني كأحد فقهاء الإسلام أعلن بصراحة مطلقة وصريح القول أن فكرة ولاية الفقيه بدعة ابتدعها الخميني وضلال أضل به المجتمع وأنه والله كملة لا يؤمن هو بها ولا زمرته، بل اتخذها ذريعة للسلطة على رقاب المسلمين ظلما وعدوانا، وأن الله ورسوله برئ منه كل من يحكم بالباطل ويتخذ الظالمين إماما وهاديا .(13/29)
لقد عشت في كنف الإمام الأكبر جدنا السيد أبو الحسن الموسوي الأصفهاني رحمه الله سبعة عشر عاما وكان هو المرجع الأعلى للطائفة الشيعية في شرق الأرض ومغاربها حتى قال فيه الإمام كاشف الغطاء الكبير رحمه الله أن السيد أبو الحسن ( أنسى من قبله واتعب من بعده ) فوالله لم اسمع منه مرة واحدة كلاما كهذا ، بل كان رحمه الله دوما يوصي مراجع الإسلام بالابتعاد عن السلطة الزمنية والترفع عنها وكان يقول ( واجب المجتهد هو هداية النفوس وإرشاد العباد والسعي في تكوين جامعة فاضلة لا حقد فيها ولا كراهية ولا ظلم ولا عدوان ). وعندما استشهد ابنه الكبير في النجف وبين صلاة المغرب والعشاء وهو أبي ، الذي قتله رجل متلبس بلباس طلبة العلوم الدينية أرسله الاستعمار من مدينة قم الإيرانية إلى النجف كي ينفذ جريمته النكراء ، عفى الإمام الأكبر جدنا عن القاتل وقال ( لا ينبغي لإمام المسلمين أن يتقاضى أحد أفراد أمته . ولو كان قاتل أنه ظلما وعدوانا ) .
-36-
وكتب إلى المحكمة بخطه (( إمام المسلمين بمثابة الأب الروحي لجميع المسلمين ولا يليق به أن يتقاضى أحدا منهم وإلى الله المشتكى وهو نعم المولى ونعم النصير )) .
لقد كان تصور الشعب الإيراني أن الإمام الخميني قائد المسيرة ومرشد ثورته له خصال السابقين من مراجع الإسلام ولم يمر بخلده قط أن هذا الإمام بعيد عن الرحمة قريب إلى الشر إذ قتل أسرف في القتل، وإذا أسرف في القتل لم يأبى سيفه من قطع رقاب الصغار من الفتيات والشباب من الفتان، وقد قتل في غضون ثلاثة أشهر من عمر الزمان الثلاثة آلاف شاب مسلم وشابة مسلمة لأنهم قالوا كلمة واحدة ( الموت للخميني ) . ولست أدري كسف يلقي الخميني ربه وفي رقبته من دماء المسلمين ما لا تعد ولا تحصى . وأعود الآن إلى بيت القصيد من هذا الفصل وأذكر معرفتي بالخميني منذ كان مغمورا في مدينة قم ، لا يعرفه أحدا إلى أن أصبح مشهورا يعرف اسمه كل واحد .(13/30)
كنت إذا زرت مدينة قم التقيت بالخميني في قارعة الطريق أو في دار أحد الأصدقاء وكان مجلسه لطيفا لا تخلو أحاديثه من الفكاهة، وكانت له حلقه تدريس في الفلسفة الإسلامية ممزوجة بالتصوف والعرفان، وكان يقضي الصيف في مصايف طهران بعيدا عن مدينة قم وهجيرها في كل عام، وكنت إذا ما جاء إلى طهران أزوره مرة أو مرتين في بعض السنوات وأذكر إني دعوته مرة إلى طعام الغذاء في دارنا وكان بصحبه الإمام الشيخ مرتضى الحائري وهو الآن حي يرزق في مدينة قم ومن أكبر علمائها ، وطبعا لم يلج ببالي آنذاك أن القدر سيسخر يوما ما بأمة إيران ويجعل من هذا الذي كنت اسقيه الماء والطعام بيدي الفاعل لما يشاء والحاكم لما يريد ومن ورائه دماء شامل وفناء عام ، كان هذا في صيف عام 1955 .
-37-
وتركت إيران إلى فرنسا لحصول على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون وكنت أول مجتهد يحمل الشهادة العليا في الفقه الإسلامية يسافر لطلب المعرفة الحديثة إلى أوربا حتى يكون كالسيف ذو الحدين ، وانقطعت صلتي بالخميني ولم أسمع شيئا عن أخباره طيلة السنوات الأربع التي قضيتها في أوربا، وعدت إلى إيران في عام 1959 ودخلت معامع السياسية وانتخبت من ل منطقتي نائبا في المجلس النيابي، وعندما كنت نائبا كنت أقود المعارضة ضد الحكومة والنظام، لم اسمع شيئا عن الخميني أيضا وشغلتني واجباتي عن التفكير حتى بالرجل. وتوفى الزعيم الروحي الكبير الإمام البروجردي في عام 1961 في مدينة قم وبرزت أسماء الزعماء الجدد ولم يكن في ضمنها اسم الخميني، بل كان الزعماء الجدد وكلهم إلى الآن على قيد الحياة الشريعتمداري والكلبايكاني والمرعشي .(13/31)
ودارت الدوائر وإذا بالشاه يعلن تقسيم الأراضي على الدهاقين ، فانبرت للشاه فئات كثيرة في ضمنها زعماء الدين والتحق الخميني تلك المجموعة ، وأظهر من الحماس والجرأة في الكلام الكثير فاستقطب الجماهير وعلا يحمه واشتهرت صيته كما قلنا في موضع أخر من هذا الكتاب . وسجن الخميني بأمر الشاه وبرفقته الإمام القمي والإمام المحلاتي وزعماء دينيون آخرون وحصلت مجابهة دموية بين الشعب والنظام، ولم يدم سجن الخميني كثيرا فأطلق سراحه وبقي الخميني بعض الوقت رهين الإقامة الجبرية في طهران ثم عاد إلى قم واستأنف نشاطه ضد الشاه فسافر إلى تركيا لقيم في بورما وغادر تركيا إلى العراق، ليعيش في النجف رهطا من الزمان . عندما سجن الخميني ورفقائه في طهران ذهبت إلى الشاه لعلني أستطيع التوصل إلى حل بينه وبين الزعامة الدينية التي كادت تفجر البلاد، وكان اللقاء معه ساخنا
-38-
ودار حديث صريح بيننا انتهى إلى خروجي من قصر سعد آباد مأيوسا، كما كان ذلك اللقاء أحد الأسباب التي أدت إلى القطيعة الأبدية بيني وبين الشاه ومن ثم مغادرتي لإيران وما تعرضت إليه من أدى وأخيرا محاولة الاغتيال الفاشلة على يد سافاك الشاه في البصرة والتي نجوت منها بإرادة إلهية بعد أن استقرت رصاصة في ظهري واخترقت الأخرى يدي اليمنى. ولا أيريد أن أسرد هنا تفصيل الحوار مع الشاه مرة أخرى فقد نشرته في ضمن مذكراتي ( إيران في ربع قرن) ولا داعي لتكراره. والمذكرات قد طبعت في عام 1972 .(13/32)
وفي صيف 1965وصل الخميني إلى العراق وكنت أنا في النجف الأشرف ورحبت به كل الترحيب واستقبلته في الكاظمية وذهبت بصحبته إلى سامراء لزيارة الإمامين العسكريين وفي الطريق كان يحدثني عن الاضطهاد الذي لاقاه في تركيا وكيف أن الأتراك أرغموه على خلق الملابس الدينية وارتداء الزي الإفرنجي إذا أراد الخروج من الدار التي كان فيها تحت الحراسة حتى لا يعرفه الناس،وجاءني انبه مصطفى بعد أيام من وصله إلى النجف يستشيرني في أمير أبيه والضيقة المالية التي يتعرض هلا، فكتبت كتابا إلى السيد عباس المهري أحد العلماء البارزين في الكويت وهو الآن حي يرزق في قم بعد أن نفته السلطات الكويتية لعلاقته بالخميني، طلبت منه مساعدة الخميني ماليا لأنه كان على صلة بالتجار الموالين للزعماء الروحيين الذين كانوا ضد الشاه ، وكانت له علاقة خاصة بالخميني، وبالفعل استجاب السيد المهري لندائي ووصلت إمداداته المالية إلى الرجل ، ومرة أخرى أكرر هنا أن الخميني لم يكن هو الزعيم الروحي الذي كان يعارض الشاه بل كان آخرون يسيرون في نفس الطريق، وكان نصيبهم السجن والعذاب والتشرد، وقد أشرنا إلى أسمائهم في مكان لاحق غير أن الخميني عندما استبد بالسلطة قضى على رفقاء النضال بصورة أخرى .
-39-
فالإمام الشريعتمداري شبه مسجون في داره والإمام الخلقالي مسجون في داره .
والإمام القمي الذي قضى 14 عاما في سجن الشاه يعيش نفس المأساة .
والإمام الزنجاني الذي قضى 7 سنوات في سجن الشاه، جالس في داره ولم يغادرها منذ سنين .
نعود إلى الحديث عن الخميني وما قدمته إليه من مساعدات وفي الفترة التي قضاها في النجف . كانا إذا ألمت به مشكلة طلب مني حلّها، ومرّات وكرات أنقذت جماعته من السجن أنهما كانوا يدخلون العراق خلسة وبصورة غير مشروعة فيلقى القبض عليهم، فكان يرجو مني أن أتدخل لدى السلطات لإنقاذهم وكان له ما يريد .(13/33)
وطلب مني أبيه مصطفى أن أطلب من السلطات العراقية تدريب جماعة أبيه على استعمال السلاح في خارج النجف فكان ما أراد . وطلب السلاح فحصلت له على السلاح من السلطات أيضا .
وفي السنوات الأول من وجود في النجف كان الخميني يلاقي صعوبة ومعارضة داخلية من الحوزة العلمية التي كانت رئاستها مناطة بالإمام الحكيم المرجع الشيعي الأعلى في العراق آنذاك وكان الإمام الحكيم على صلة وثيقة بالشاه وكانت حاشيته وبعض أورده وأقربائه عملاء مأجورين للشاه يأخذون الأموال من هذا الأخير ويتعاونون مع سافاك الشاه ما استطاعوا إلى التعاون سبيلا . وكان الإمام الحكيم بطبيعة صلاته بالشاه وصلات بعض أولاده وحاشيته بالنظام الإيراني يقفون موقف الاستنكار من الخميني ونشاطه وأفكاره، وقد قال لي ابنه مصطفى ان جماعة الحكيم وبعض أولاده عندما يرون أبي في الطريق يصفحون بوجوههم عنه (*)
ـــــــــــــــــ
(*) لم أتمكن الكتابة من السطر الأخير من هذه الصفحة نفسها بسبب عدم وضوح الكتابة ، والنسخة الموجودة عندي رديئ الطباعة .
-40-
يتحدث باسم النجف والحوزة الدينية عندما كان على قيد الحياة، وشكى لي مصطفى مرة أخرى مما يلاقيه أباه من جماعة الحكيم وقال لي أنهم يصفون أبي بهادم الإسلام وهدام الحوزة العلمية، وعندما زار عباس أرام وزير خارجية الشاه النجف ظهرت صورة الإمام الحكيم واقفا بجنب الوزير في الصحف الإيرانية حتى يعرف الشعب الإيراني الذي كان يرجع أغلبيته إلى الحكيم في التقليد أن الزعامة الدينية العليا من الشاه وليس كما يقول الخميني أنها ضد الشاه، بل أن الخميني شذ عن الطريق وقد طلب مصطفى مني جماعة الحكيم فهددتهم بالويل والثبور إذا لم يقلعوا عن ملاحقة الرجل وكانوا يعلمون أن مركزي في النجف والعراق وانتسابي إلى الإمام الحكيم وكانوا لا يريدون أن يصل الأمر إلى المجابه فتركوا الخميني وشأنه .(13/34)
وبدأت اكتشف الرجل ونفسيته وحبه لنفسه إلى مرحلة الجنون شيئا فشيئا أثر اللقاءات التي كانت لي معه، وقد زاد يقيني عندما صدر في كتاب إيران في ربع قرن الذي كان يحتوي على مذكراتي وكثيرا من القضايا السياسية التي عاصرتها في إيران، وقد أحدث الكتاب ضجة كبرى في وقته لأهم الأسرار التي كان يحتويها ، وكان فصل ( الزعامة الدينية ) من أهم فصول الكتاب وكشفت فيه علاقة الإمام الحكيم وجماعته بالشاه، وفي هذا الفصل ذكرت الخميني بإجلال وإكبار، وذكرت جهاده ونضاله ضد الشاه بإسهاب. وبعد صدور الكتاب بأيام زارني أحد أقربائي ليقول لي أنه يحمل رسالة شفهية من الخميني قلت بلغ . قال يقول: بلغ الدكتور موسى إني أعرف أنك ألفت هذا الكتاب لتشويه صورتي فقط وقد كنت موثقا . لقد دهشت دهشة عظيمة عندما سمعت هذا الكلام .
-41-
وقلت لمحدّثي: هل جن الرجل ؟ إن الكتاب ملئ بإجلال الرجل وإكبار دوره وعظيم منزلته في النضال، لماذا قال لك مثل هذا الكلام ؟
قال يقول: إنك كلما ذكرت اسمه ذكرت الإمام الطباطبائي القمي معه ويعتبر هذا الترديف إهانة عظيمة أه فهو يرى نفسه الزعيم الكبير الذي لا يحق لأحد أن يردف اسمه به .
قلت لمحدّثي: قل له أن الإمام الطباطبائي القمي مجتهد ومرجع مثلك، ودخل السجن برفقتك وقضى معك أشهرا في زنزانة واحدة وهو لم يزل أسير السجن منذ سبع سنوات وأنت طليق حر تنتقل في إرجاء العالم الفسيح لماذا تأنف تأبى أن يذكر اسمه معك ؟ النضال ليس احتكار لأحد، كما أن المرجعية ليست احتكارا لأحد، ثم أنت كنت مدرس الأخلاق في قم لسنوات طوال هلا تعلمت درسا واحدا من الدروس التي ألقيتها على طلابك ؟ أليس أول درس من دروس الأخلاق ( ترك الذات وحب العباد) .(13/35)
وحدثت بيننا فجوة بعد تلك الرسالة الجوفاء لكنها لم تصل إلى القطيعة حتى أن حل عام 1973 فقد زارني مصطفى الخميني في بغداد وقال يطلب مساعدتي في نشر مجلة شهرية باللغة الفارسية تصدر في النجف، تنطق باسم المناضلين ويريد تسميتها ( النهضة الروحية ) وأن صحابة أبيه سيتولون نشرها في النجف إذا ما سمعت الحكومية العراقية بذلك وأخذت مصطفى معي إلى دار الشخصية المسؤولة عن شؤون اللاجئين الإيرانيين . فطرحنا عليه الفكرة وحصلت الموافقة، وعين مصطفى المشرفين على المجلة وكلهم من صحابة والده، وانفق السيد شبيب المالكي محافظة كربلاء آنذاك من ميزانية الدولة على المشرفين في إصدار المجلة المال اللازم . وصدر عددين من المجلة أو ثلاثة وإذا بأحد المشرفين عليها يزورني في الدار ويقول أن الخميني يريد أن يراك على عجل، فذهبت إلى داره وسمعت منه حديثا غريبا ..
-42-
قال أريد منك أن تغير اسم المجلة إلى آخر .
قلت : لماذا ؟
قال: لأني أنا الزعيم المسؤول عن النضال الروحي، واسم المجلة يوحي بأنها الناطقة باسمي وأنا لا أريد أن تكون لي مجلة .
قلت: ( أولا) هناك غيرك من الزعماء الروحيون الذين خاضوا عمار النضار ولم يزالوا يخضونها وبعضهم في السجن مثل الإمام الطباطبائي القمي وبعضهم في المنفى مثل الإمام الزنجاني قلت أنت الوحيد في الميدان، ( ثانيا) ابنك مصطفى هو الذي اقترح إصدار المجلة واقترح الاسم، وصدرت المجلة بناء على طلب منه . ( ثالثا) لك قناة خاصة في إذاعة بغداد اشملها النهضة الروحية، أي اسم المجلة نفسها واحد أفرادك هو الذي يشرف عليه ويبث فمنها ساعتين في كل يوم، فلماذا لم تطلب غلق القناة تلك ؟
قال: الكلام عبر الفضاء هواء في شبك أما المجلة هذه فمطبوع وملموس، والفرق كبيرين الكلام والكتابة . وبعد كلام طويل دار بيننا ومثل عادته أصر على رأيه .(13/36)
فقلت: لا أستطيع تغيير اسم المجلة لأنه ليس من اللائق أن تصدر مجلة لشهرين ثم يغير اسمها لأسباب ما أنز الله بها من سلطان ، أن هذا مدعاة للسخرية والاستهزاء .
قال: إن كان كذلك فأصحابي لا يقولون إصدارها .
قلت: سيتولاها قوم آخرون، وكفى الله المؤمنين القتال .
وامتنع أصحابه بناء على أوامره من العمل في المجلة كما قال، وتولاها مناضلون آخرون وصدرت المجلة حتى العدد الثلاثين بنفس الاسم ونفس المنهج المرسوم لها .
-43-
ومنذ أن أشرف على المجلة آخرون لم يذكر الخميني ونضاله في صفحاتها الأولى كما كان يذكر عندما كانت تحت إشراف زمرته. وحصلت لي قناعة أن من الأصلح أن اقطع صلاتي بالرجل الذي سبب لي متاعب لا أستطيع تحملها ، وحصلت القطعية التي دامت لخمس سنوات لم أر فيها الخميني من القريب اللهم إلا في بعض المجالس العامة في النجف، ولم استجب الكثير من نداءات أصحابه أو ابنه لتجديد العلاقة به. وزار السيد أبو الحسن بني صدر العراق وحل في بيتي ضيفا في بغداد وحاول جاهدا أن يعيد العلاقات بيننا ، فكان آخر كلامي له ( هذا الرجل مريض بجنون العظمة، وأنه يضحي العالم وما فيه في سبيل حبه لنفسه وأنانيته ، والتعاون مع إنسان كهذا لا يخلوا من الخطورة على الفرد المجتمع ) .
قال بني صدر: أوافقك على كل ما تقوله ،ولكن نحن نحتاج إلى زعم روحي يقود النضال ضد الشاه ولا يلين في جهاده بالوعد أو الوعيد وهذا هو الخميني ولا بديل له .
قلت: حتى لو صح ما تقول فإنا لم أزل عند رأيي .(13/37)
ودامت القطيعة إلى عام 1967 حيث توفى ابنه مصطفى في حادث غامض لم يعرف له سبب وكنت في بغداد عندما اتصل بي هاتفيا ممثلة العام في النجف واخبرني بوفاة مصطفى وقال أن السيد الخميني يبلغك السلام ويرجو منك في هذه الساعة العصيبة أن تقف بجانبه في عرض رجائه على رئيس الجمهورية بإصدار الأمر لدفن ابنه في الروضة الحيدرية الأمر الذي كان ممنوعا بقرار مجلس قيادة الثورة، وما إني اعتقد أن محاسبة الناس في ساعات المحنة والنكبة مغاير مع الشهامة والأخلاق، ومع أنه لم يحضر فاتحة والدتي رحمة الله عليها في النجف بسبب القطيعة بيننا، وكان من حقي أن أرفض طلبه عملا بالمثل لكني قررت تلبية رجائه فاتصلت فورا بوزير الأوقاف الدكتور الجواري وأخبرته بالحادث وبرجاء الخميني، ونقل الوزير رجاء الخميني إلى
-44-(13/38)
الرئيس الرجاء واعلم المسؤولين في النجف بالقرار ودفن مصطفى حيثما أراد واتصل بي حسين الخميني وهو يقد الشكر والامتنان الجزيل. وذهبت إلى النجف عصر نفس اليوم لتقديم التعازي إلى الأب المنكوب بفقد أكبر أولاده وطبعا يفقد صديق لي في الوقت نفسه، فاستقبلني وهو حزين القلب يردد عبارات الشكر والحمد وكان ابنه أحمد حاضرا في الجلسة وهو يبكي ويقول لي لن ننسى أفضالك. وأسجل هنا للتاريخ أن السيد المصطفى إذا كان على قيد الحياة لم يجرأ الخميني أن يفعل كثير من الأفعال التي فعلها، فهو كان بالنسبة لأبيه صمام الأمان وكان والده يخشى منه ومن غضبه، وكانت زمرة الخميني تخشاه أكثر مما كانت تخشى الخميني نفسه . وبعد أن مات مصطفى بصورة غامضة أشيعت في النجف شائعة مفادها أن زمرة الخميني هي التي قتلت مصطفى حتى يفصح لهم المجال بحرية العمل فمصطفى كان يمنع أباه من القيام بعمل حاد يتنافي مع مقامه وشيخوخته، وبالفعل بعد موت مصطفى خلا الجو لأحمد وللزمرة الخمينية واستطاعت أن تلعب بعقل الشيخ العجوز لتجعل منه مهزلة القرن وأضحوكة الزمان، وقد سمعت من مصطفى أكثر من مرة كان يقول ( أبي هدام وليس بناء )، وكان إذا أغلظ أباه في الحديث ضد الشاه في خطبه وسبه وقذف عائلته كما كانت عادته منع مصطفى من تسجيل الحديث وطبعه إلا بعد حذف تلك العبارات الشانئة وكان يقول ( هذا النوع من الكلام لا يليق بمرجع دين أو زعيم أو رجل في عمر أبي ) ، إنه كلام ( المهرجين ) . ولم ألتق بالخميني بعد وفاة ابنه إلا مرة واحدة أخرى في نجف، ثم سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لغرض التفرغ العلمي في جامعة هارت فارد، وكنت في طرق العودة إلى بغداد وفي مطار أورلي في باريس صادف دخولي صالة المطار ورود الخميني صالة الداخلين،
-46-
فتصافحنا وسألته خيران إن شاء الله ؟
قال: الخير فيما وقع .(13/39)
واجتمع نفر حوله كانوا في انتظاره،وبعد ذلك بشهرين كنت عائدا إلى أميركا ومارا بباريس حيث بقيت فيها أسبوعين ورأيت الخميني فيها عدة مرات، وأسجل هنا حوارين دار بيننا في آخر لقاء تم بيننا، أحد الحوارين يدل على أن الرجل من أهل الأحقاد العظام، والثاني يدل على أن الرجل مخادع مكار .
الحوار الأول /
قلت له: إني سأعود إلى طهران في القريب العاجل .
قال: لماذا تعود إلى طهران إذاً ؟
قلت: لأداء الواجب نحو الوضع الراهن .
قال: تستطيع أن تؤدي واجبك في الخارج بعقد المؤتمرات الصحفية والعمل الإعلامي .
قلت: ولكني سأعمل داخل إيران أفضل من خارجها .
قال: لا اعتقد .
قلت: ولكني سأعود على كل حال .
وسكت الرجل ووجهه مكفهر ، وانتهى الحوار .
ولما خرجت من عنده قال لي صاحبي أرأيت كيف يريد إبعادك ولا يريد عودتك إلى إيران، أن حقده عظيم عليك . وكل ما بدر منه وفاة ابنه نحوك من الرجاء والشكر والثناء كان مكرا .
قلت: لصديقي: ولا تكن في ضيقا مما يمكرون . إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون .
وأما الحوار الثاني /
سألته، ماذا يكون عقاب الشاه لو ظفر الشعب به ؟
-47-
قال: إذا لم يثبت إنه قتل أحدا من الناس مباشرتا فلا يجوز الاقتصاص منه .
قلت: وفي رقبته دماء الآلاف من أبناء الشعب .
قال: يقتص من المباشر في القتل وليس من الأمر .
أن من أعجب العجائب وأغرب الغرائب أن صاحب هذا الكلام والرأي يقتل أربعين ألف إنسان في خلال أربع أعوام من حكمه، بين فتى وفتاة والشيخ والشيخة لأنهم قالوا ( لتحيى الحرية وليسقط الاستبداد )، وصاحب هذا الرأي أيضا هو الذي أمر بقتل آلاف من الأكراد والعرب والبلوش والتركمان لأنهم قالوا ( نريد حقوقنا المشروعة والتي اغتصبت في عهد الشاه ) .(13/40)
وأختم الفصل برد قضية سمعتها من ابنه مصطفى قبل بضع سنوات وأيدها الخميني عندما سألته عن صحته، قال لي مصطفى، عندما كان والدي في سجن الشاه وفي أشد الخلاف معه حكم محاكم الشاه على نفر من أنصاره بالإعدام ومنهم الطيب والحاجي رضائي لأنهما قادا التظاهرات في تأييده وقدمت جهات مختلفة التماس العفو إلى الشاه ليعفو عنهما فرض الشاه ذلك أن والدي عندما سمع ذلك قال إني مستعد أن أذهب إلى قصر الشاه وأقدم الالتماس للعفو عن هؤلاء المحكومين فيما إذا أكون على يقين بأنه يقبل التماسي ورجائي لأن فيه إنقاذ رجلين مسلمين من الموت وقد سألت الخميني عندما كان في النجف وفي مناسبة خاصة عن هذا الحديث الذي سمعته من مصطفى، فقال لقد صح ما سمعت .
هكذا كان الخميني يتظاهر بالحب والحنان نحو عباد الله وخلقه حتى إذا وصل سدة الحكم انقض عليهم كالوحش الكاسر لم يأمن من سيفه حتى الصغار من صبية والصبيان وحتى الحوامل والجرحى . لقد صدق قائل هذا البيت :
صلى وصام لأمر كان يطلبه
فلما قضى الأمر لا صلى ولا صاما .
-48-
فهرس
من هو الخميني ----------------------ص3
الخميني في قم ----------------------ص 11
الخميني في العراق -------------------ص13
الخميني والبدع في الدين ----------------ص18
الخميني والمتناقضات ------------------ص21
الخميني والشيوعية -------------------ص28
الخميني بين القول والفعل ---------------ص31
أنا والخميني -----------------------ص36(13/41)
الإسعاف
في الكشف عن حقيقة حسن السقاف
غالب الساقي
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا .
من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
+ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"
(آل عمران:102). + يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً" (النساء:1) . + يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً " (الأحزاب:71)
أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد × وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
أخي المسلم القارئ الغيور على دين الله ، هذه رسالة جمعت فيها لك أمثلة واضحة ، دالة على حقيقة حسن بن علي السقاف ـ هداه الله ـ !
لم أقصد بها الرد ، وإنما قصدت بيان حقيقة حسن بن علي السقاف ؛ لينتبه الناس ويحذروا من السقوط في شباكه ،
سائلا الله تعالى أن يحمي هذا الدين العظيم من كيد الكائدين ، وحسد الحاسدين بمنه وكرمه ، وأن يتقبل مني إنه هو السميع العلي كتبه غالب الساقي .
الفصل الأول : أسني السقاف أم شيعي ؟!
كشف مؤامرة السقاف مع الروافض(14/1)
قال حسن السقاف يخاطب الأسدي الرافضي المعروف :
(( فضيلة الشيخ الأسدي حفظه الله عز وجل وسدد خطاه ، لو أنكم تتشاورون معي ، يعني وهذا إن شاء الله مما يعلي منزلتكم ويرفعها ، لأن أهل السنة لا يفهمون إلا بطريقة معينة ، إذا أردنا أن نوصل المعلومات لهم هم عندهم طريقة يعني لفهم المعلومات ، فلا بد أن نسلكها معهم حتى نستطيع …… )) ( (1) .
موقف السقاف من خلافة أبي بكرالصديق ـ رضي الله عنه ـ
قال أبو الحسن الأشعري ـ رحمه الله ـ: (( وإذا وجبت إمامة عمر رضي الله عنه وجبت إمامة أبي بكر رضي الله عنه ، كما وجبت إمامة عمر رضي الله عنه ؛ لأنه العاقد له الإمامة فقد دل القرآن على إمامة الصديق رضي الله عنه والفاروق رضي الله عنه )) .
قال السقاف ـ معلقا على كلامه ـ : (( لقد ترك النبي الناس دون أن يعين لهم إماما كما يزعم المصنف وأمثاله ويتخبطون لقول عمر رضي الله عنه في إمامة سيدنا أبي بكر ( كانت فلتة وقى الله شرها ) البخاري (6830 ) فلو كان منصوصا عليه لم تكن فلتة !! فالسنة إذن ترك الناس ليكون أمرهم شورى بينهم فكيف يترك الصديق هذا المنهج القرآني النبوي ويوصي لمن جاء بعده بالخلافة فيعينه ؟! )) (2) .
وقال أبو الحسن الأشعري في كتاب الإبانة (295 ) : (( وقد أجمع هؤلاء الذين أثنى الله عليهم ومدحهم على إمامة أبي بكر الصديق )) .
فقال السقاف ـ معلقا على كلامه ـ :
(( لم يجمعوا… )) ! .
وقال أبو الحسن الأشعري في (( الإبانة )) (ص 297 ) : (( وقول من قال : هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، هو بإجماع المسلمين )) .
__________
(1) عرض هذا الكلام من شريط بصوت السقاف في مناظرة قناة المستقلة الحلقة الثامنة ( الجزء الثاني ) .
(2) الإبانة عن أصول الديانة لأبي الحسن الأشعري )) تقديم وتعليق حسن بن علي السقاف . دار الإمام النووي الطبعة الأولى 1426هـ ـ 2005 م . ص (296 )(14/2)
قال السقاف ـ معلقا على قوله ـ : (( ليست المسألة إجماعية ولذلك وقع الخلاف بين فرق المسلمين ومذاهبهم في هذه المسألة ! )) .
موقف السقاف من خلافة أبي بكر وعمر وعثمان
قال أبو الحسن الأشعري في (( الإبانة )) (ص 298 ) : ((وإذا ثبتت إمامة الصديق رضي الله عنه ثبتت إمامة الفاروق رضي الله عنه ؛ لأن الصديق رضي الله عنه نص عليه وعقد له الإمامة واختاره لها )) .
قال السقاف ـ معلقا على هذا الكلام ـ : (( كلام إنشائي لا يحتاج لتعليق !! )) .
ثم قال الأشعري : (( وثبتت إمامة عثمان رضي الله عنه بعد عمر رضي الله عنه بعقد من عقد له الإمامة من أصحاب الشورى ؛ الذين نص عليهم عمر رضي الله عنه فاختاروه ورضوا بإمامته وأجمعوا على فضله وعدله .
وثبتت إمامة علي رضي الله عنه بعد عثمان رضي الله عنه لعقد من عقدها له من الصحابة رضي الله عنهم من أهل الحل والعقد ؛ ولأنه لم يدعيها أحد من أهل الشورى غيره في وقته ، وقد اجتمع على فضله وعدله ، وأن امتناعه عن دعوى الأمر لنفسه في وقت الخلفاء قبله كان حقا ؛ لعلمه أن ذلك ليس بوقت قيامه ، وأنه قلما كان لنفسه في وقت الخلفاء قبله )) . قال السقاف ـ معلقا على هذا الكلام من هذا الإمام ـ : (( لسنا ههنا في صدد الرد عليه في هذه المغالطات لأن لها مكانا آخر ! فهو قد جعل خلافة أبي بكر ثابتة في القرآن وأن سيدنا عليا الذي جاءت فيه النصوص المختلفة التي منها : [ من كنت مولاه فعلي مولاه ] و [ أنت مني بمنزلة هارون من موسى ] وغيرها لم يأت فيه نص ! )) .
السقاف يفضل عليا على أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ
قال الإمام أبو الحسن الأشعري ـ رحمه الله ـ في (( الإبانة )) ص (296 ) :(14/3)
(( وإذا وجبت إمامة أبي بكر رضي الله عنه بعد رسول الله × وجب أنه أفضل المسلمين )) يقول السقاف ـ معلقا على قوله ـ : (( بل سيدنا علي عندنا وعند طوائف من الصحابة ومن بعدهم أفضل المسلمين !! )) .
السقاف لا يجيز لعن من يبغض أبا بكر الصديق
قال السقاف ـ تعليقا على قول الإمام الذهبي ـ : (( وعلى باغض الصديق اللعنة )) .
ما يلي : (( ثم إن قوله ( وعلى باغض الصديق اللعنة ) لا ندري هل تدخل السيدة فاطمة عليها السلام في هذا التعميم أم لا ؟! وكما قيل حبك للشيء يعمي ويصم !! )) (1) .
موقف السقاف من الفتن التي وقعت بين الصحابة
قال السقاف في تعليقه على كتاب (( الإبانة )) ص ( 97 ) :
(( لا يجوز الكف عما شجر بينهم شرعا )) .
موقف السقاف من الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ
قال السقاف في مقدمته للإبانة ص (9 ) : (( وكما هو معلوم أن عبد الله بن قيس أرسله سيدنا علي عليه السلام والرضوان ليكون أحد الحكمين فخلع (2) من أرسله )).
السقاف يقدح في عبد الله بن سلام ـ رضي الله عنه ـ
قال السقاف في مقدمته لكتاب (( العلو)) ( ص 25 ) :
(( ومما يجب التأمل فيه جيدا أن ابن سلام الإسرائيلي هذا وضعوا له فضائل ليجعلوا له حصانة تمنع أي إنسان من أن يتكلم فيه أو يقدح بما يأت به من خرافات !! فزعموا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما شهد لأحد حي بالجنة إلا له !! وأن القرآن نزل بفضائله حيث أنزل الله في فضله آيتين !! والغريب أن بعض ذلك وقع في صحيح البخاري للأسف !! )) .
__________
(1) العلو للعلي الغفار)) للإمام الذهبي ، تعليق حسن بن علي السقاف . دار الإمام النووي الطبعة الثانية 1424 هـ ـ 2003 م . ( ص 241 ) .
(2) كذب عليه رضي الله عنه . وانظر كتاب (( حقبة من التاريخ )) لفضيلة الشيخ عثمان الخميس، ص (84 ) .(14/4)
قدح السقاف في معاوية رضي الله عنه (1)
والخلافة الأموية والعباسية التي هي من آل البيت
قال السقاف في (( صحيح شرح العقيدة الطحاوية )) (651 ) :
(( وكذا من النفاق بغض السيدة فاطمة والحسن والحسين وآل البيت وقد وقع في جناية بغضهم معاوية وأصحابه وآله بنو أمية إلا نفرا يسيرا منهم كعمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى )) .
قال السقاف في تعليقه على (( العتب الجميل )) ص ( 51 ) : (( لم يسمع بأشنع من فجور وظلم وفسق الأمويين والعباسيين الظلمة قتلة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعاوية هو من أسس لهم هذا المنهاج )) (2). وقال السقاف ص (134 ) :
(( ومن هذا تعلم أن بني أمية النواصب الذين خربوا الدين والإسلام كانوا يتغنون بهجاء سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام وهذا الكفر البواح والشرك الصراح ! عاملهم الله بما يستحقون هم والمدافع عنهم )) (4) .
السقاف يقدح في رواية أبي هريرة وأبي سعيد ـ رضي الله عنهما ـ
قال السقاف : (( وهو من رواية أبي هريرة وأبي سعيد وهما ممن يروون عن كعب الأحبار ومنه أتت هذه الطامات !! )) (3)
السقاف يقدح في رواية ابن عمر وأنس بن مالك ولو كانت في الصحيحين !
قال الغماري في (( الفوائد المقصودة )) (61 ) : (( ثبت في الصحيحين عن أنس قال : قال النبي × : (( ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب ، ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور ، وإن بين عينيه مكتوبا كافر )) .
__________
(1) انظر كتاب (( من سب الصحابة ومعاوية فأمه هاوية )) لأبي سهل محمد بن عبد الرحمن المغراوي .
(2) العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل )) تحقيق وتعليق حسن السقاف .دار الإمام النووي . الطبعة الأولى
(3) الفوائد المقصودة في بيان الأحاديث الشاذة المردودة )) للغماري قدم لها وعلق عليها وخرج أحاديثها حسن السقاف . الطبعة الأولى . ص (67 ) .(14/5)
فقال السقاف معلقا على كلامه : (( هذا حديث لا يثبت عندنا ، رواه البخاري (7131و7408 ) ومسلم (2933) عن أنس بن مالك ، وروياه أيضا عن ابن عمر ، وهما ممن يروي عن كعب الأحبار فهذا من الإسرائيليات )) (1) .
السقاف يقدح في رواية النواس بن سمعان ـ رضي الله عنه ـ
قال السقاف في تعليقه على (( الفوائد المقصودة )) ص ( 52 ) :
(( والنواس بن سمعان كان نصرانيا على ما يقال وأسلم وسكن الشام فأحاديثه عن أهل الكتاب )) .
السقاف يخرج زوجات النبي × من آل البيت ولا يبالي بصريح القرآن (2)
قال السقاف في (( شرح صحيح العقيدة الطحاوية )) ( الطبعة الثانية ) ص (657 ) :
(( يريد هذا المبتدع هنا أن يصرف الناس عن اعتقاد أن أهل البيت هم على وجه الخصوص أصحاب الكساء سيدنا علي والسيدة فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فادعى أن أهل البيت هنا أزواجه × !! )) .
وقال في الكتاب نفسه ص ( 655 ) : (( وأهل البيت هم سيدنا علي والسيدة فاطمة وسيدنا الحسن وسيدنا الحسين عليهم السلام وذريتهم من بعدهم ومن تناسل منهم )) .
وزن من ليس من آل البيت عند السقاف !
قال السقاف :
__________
(1) الفوائد المقصودة )) للغماري ، تعليق حسن السقاف .
(2) قال تعالى : + يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً(33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً" (الأحزاب) .(14/6)
((فإن المجسمة المشبهة النواصب أعداء آل بيت النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لا يزالون يشعرون بل هم متيقنون أنه بوجود أهل البيت على وجه الأرض إلى قيام الساعة لا قيمة لوجودهم )) (1) .
السقاف يتهم أهل السنة بالنصب
قال السقاف : (( قلت : فكيف يقول بعض النواصب الذين يظهرون الاعتدال : لعلي أجران ولمعاوية أجر لأنه مجتهد ؟!! )) (2)
وقال السقاف : (( وما ذكره الطائي عن ابن حجر العسقلاني ص ( 37 ) فيما رواه ابن عساكر من طريق ابن أخي أبي زرعة واسمه عبد الله بن محمد بن عبد الكريم : ( رب معاوية رحيم وخصم معاوية خصم كريم فما دخولك بينهما ) فكلام لا يصح ولو صح لم تكن فيه حجة على شيء إلا تكهنات النواصب وآمالهم !! )) (3) .
السقاف يحث على ترك مذاهب السنة واتباع مذاهب الشيعة
قال السقاف : (( المراد بالعترة هنا علماء آل البيت وهم الفقهاء المجتهدون منهم ، والاعتصام والتمسك بهم هو التمسك بإجماعهم واتفاقهم وترجيح كفتهم على غيرهم وخاصة في القرون الثلاثة التي تقعدت فيه مذاهبهم وكانت فيه جهابذة أئمتهم ، فالتمسك والرجوع إلى ما قالوه أولى من الرجوع لغيرهم ممن يسمونهم بعلماء السلف ويقابلهم النواصب فيجب على المرء المسلم أن يكون في كفة أهل البيت لا في حزب أعدائهم )) (4) .
السقاف على مذهب الشيعة في إنكار رؤية الله في الدار الآخرة
__________
(1) مجموع رسائل السقاف )) (2/419 ) .
(2) دفع شبه التشبيه )) للإمام ابن الجوزي ، علق عليه السقاف ص ( 240 ).
(3) زهر الريحان في الرد على تحقيق البيان )) لحسن السقاف ص ( 141 ) .
(4) مجموع رسائل السقاف )) ( البراعة في كشف معنى عليكم بالجماعة )) ( 2/ 747 ) . وأعداء آل البيت ـ في الحقيقة ـ هم الذين أخرجوا زوجات النبي × وبني العباس من آل البيت ، وكفروهم وسبوهم ، وأكثروا الكذب على بعض آل البيت ، كجعفر الصادق رحمه الله .(14/7)
قال السقاف :((وما نعتقده هو مذهب أئمة آل البيت ومن تبعهم المؤيد بدلائل المنقول والمعقول من أن الله تعالى لا يرى في الدارين وهو منزه عن ذلك سبحانه وتعالى )) (1).
السقاف يعتقد أن فاعل الكبيرة مخلد في النار !!
نقل السقاف عن الغزالي أنه قال : (( وأن يؤمن بإخراج الموحدين من النار بعد الانتقام حتى لا يبقى في جهنم موحد بفضل الله تعالى فلا يخلد في النار موحد )) .
قال السقاف معلقا على قوله : (( قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء : أخرجه ذلك البخاري ومسلم : والحقيقة أن هذه المسألة تحتاج إلى إعادة بحث وتحقيق لا سيما أن السادة الزيدية والمعتزلة والإباضية ذهبوا إلى أنه لا يخرج من النار أحد دخلها )) (2) .
وقال السقاف في (( زهر الريحان )) ص (129 ) : (( وأختم هذه النقطة بتأكيد أن في هذه الآية وغيرها من آي القرآن الكريم دليلا للمعتزلة وغيرهم في أن صاحب الكبيرة مخلد في النار ـ وليست المسألة على هواك وكما يريد مزاجك ـ )) .
وقال السقاف في تعليقه على (( الإبانة )) ص ( 62 ) : (( شفاعة الرسول للمذنبين إن لم يكونوا من أصحاب الكبائر فلا بأس بها وأما المجرمين (3) من أصحاب الكبائر فلا يشفع لهم )) .
السقاف يعتقد نجاة أبي طالب
قال السقاف في تعليقه على كتاب (( أسنى المطالب في نجاة أبي طالب )) ص(28 ) :
(( وقال الشيخ الطوسي في تفسيره التبيان (8/164 ) : وعن أبي عبد الله وأبي جعفر أن أبا طالب كان مسلما وعليه إجماع الإمامية لا يختلفون فيه )) .
السقاف يدعو إلى الخروج على الحاكم الجائر
قال السقاف في تعليقه على (( القول الأسد )) ص (30 ) :
(( والخارجية التي ينبزونه بها أمر حسن ولكنهم لا يفقهون )) .
__________
(1) مجموع رسائل السقاف ))(( عقيدة أهل السنة والجماعة ))( 1/312 ) .
(2) المصدر نفسه )) (1/318 ) .
(3) كذا !! .(14/8)
وقال السقاف في (( صحيح شرح العقيدة الطحاوية )) ص (638 ) : (( ففكرة عدم الخروج على أئمة الجور ليست صحيحة )) .
وقال السقاف : (( قلت : قوله ( كان قليل الحديث ) من ممادحه ، لأن مذهبه كان مذهب آل البيت وهو الخروج على الطغاة والبغاة بالسيف )) (1) .
السقاف يدعو إلى تأخير الإفطار حتى يطلع النجم
قال ابن حجر في تهذيب التهذيب ( 8/410 ): (( وأيضا فأكثر من يوصف بالنصب يكون مشهورا بصدق اللهجة والتمسك بأمور الديانة ، بخلاف من يوصف بالرفض فإن غالبهم كاذب ولا يتورع في الأخبار )) [ فقال السقاف معلقا على كلامه ] : (( وهذا كلام عجيب من ابن حجر وهو مصنف (( تهذيب التهذيب )) . وإليك مثالا يوضح لك شيئا من ذلك : أراد الحافظ ابن حجر أن يشنع على الشيعة فزعم أن من بدعهم تأخير الإفطار بعد الغروب إلى أن يطلع النجم ! وهذا مع كونه سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صحيح مسلم وغيره إلا أنه غير صحيح عن الشيعة )) (2) .
السقاف يدعو إلى الحداد على موت الحسين
قال السقاف : (( كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أمر بصيام عاشوراء لأنه يوم أنجى الله تعالى فيه سيدنا موسى عليه السلام وأغرق فرعون ، ثم حدثت في هذه الأمة على آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأطهار البررة مصيبة قتل فيها سيدنا الحسين سيد شباب أهل الجنة رضي الله عنه فما أصابنا أولى بالاهتمام به مما أصاب غيرنا )) (3) .
__________
(1) مجموع رسائل السقاف )) (2/435 ) .
(2) العتب الجميل )) تحقيق وتعليق حسن السقاف ص ( 28 ) وليس في (( صحيح مسلم )) ما يدل على ما قال .
(3) صحيح صفة صيام النبي × )) لحسن السقاف ص ( 61 ).(14/9)
السقاف يدعو إلى عبادة الأموات والقبور (1)
قال السقاف في (( الإغاثة بأدلة الاستغاثة )) ص ( 165 ) : (( ونحن ننصح المتمسلفة أن يذهبوا إلى قبر سيدنا جعفر الطيار رضي الله عنه أو إلى قبر أبي عبيدة ويدعوا الله تعالى متوسلين أو مستغيثين به ليدلهم الله على الحق ويلهمهم الصواب وليخلصهم من الميل إلى الدراهم التي يقلبون بها الحق باطلا والباطل حقا )) (2) .
الفصل الثاني : هل يوثق بكلام السقاف ونقله ؟ !
* ادعى أن ابن تيمية لم يحج
قال السقاف : (( أم الشيخ ابن تيمية الذي عاش أكثر من سبعين سنة (3) والذي لم يتزوج ولم يحج ؟! )) (4) .
كذا قال السقاف أما ابن كثيرـ رحمه الله ـ فقد قال في كتابه
(( البداية والنهاية )) (13/333 ) :
__________
(1) قال تعالى : + وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ " (الأحقاف5-6) .
وقال : + إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ" (فاطر:14) وانظر (( حكم دعاء غير الله في الإسلام )) .
(2) مجموع رسائل السقاف )) ( 1/165 ) .
(3) ولد شيخ الإسلام سنة (661) وتوفي سنة (728) فقد عاش (67) سنة ـ تغمده الله برحمته ـ .
(4) فتح المعين بنقد كتاب الأربعين ويليه بيني وبين الشيخ بكر للغماري )) تقديم وتعليق حسن السقاف ، الطبعة الثانية ص (77) .(14/10)
(( وكان ممن حج في هذه السنة [ يعني سنة692] الشيخ تقي الدين ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وكان أميرهم الباسطي ونالهم في معان ريح شديدة جدا مات بسببها جماعة وحملت الريح جمالا عن أماكنها وطارت العمائم عن الرؤوس واشتغل كل أحد بنفسه )) .
* ادعى أن أهل السنة عندهم مصحف سري !!
قال السقاف ـ في أثناء رده على بعض أئمة السنة ـ : (( افتتح كلامه المغلوط الذي يغالط ويكابر فيه ص ( 3 ) بآيتين أخطأ في إحداهما إشارة من الله سبحانه وتعالى لنا إلى أنه يهرف ويهذي بالباطل والخطأ !! فقال في السطر العاشر : (( قل بفضل الله وبرحمته فليفرحوا ذلك خير مما يجمعون )) !! فحرف الآية على عادته في تحريف الحديث وأقوال العلماء !! ولا غرو ولا عجب فهو الماهر في ذلك !! والحق أن الله تعالى قال في سورة يونس : +قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " إلا أن يكون قد قرأها من مصحف الحشوية !! الذي يتناقلونه بينهم بالدس والسرية !! والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون !! )) (1) .
سبحانك هذا بهتان عظيم ، وإفك مبين !.
* أنكر جهاد ابن تيمية !
__________
(1) الشماطيط في بيان ما يهذي به الألباني في مقدماته من تخبطات وتخليط )) ضمن ((مجموع رسائل السقاف )) (1/279 ) .(14/11)
قال السقاف : (( ومما أشاعه المتمسلفون في هذا العصر ليخدعوا به الشباب وليأسروهم فيكونوا في جانبهم ويضعوهم تحت حوزتهم هو ادعاؤهم بأن ابن تيمية الحرّاني !! كان مجاهدا !! وهذا مما يقضي بالعجب العجاب !! حيث يدعون بأن ابن تيمية جاهد التتار !! وهذه الدعاية الفارغة ما هي إلا سراب بقيعة ليست بشيء في ميزان التحقيق العلمي !! وذلك لأن الذي جاهد التتار هو الشيخ العز بن عبد السلام الأشعري المتوفى سنة (660 ) هـ وقد حارب المسلمون التتار وانتصروا عليهم في معركة عين جالوت سنة (658هـ ) قبل أن يولد ابن تيمية الحراني !! ب(3) سنوات !! وذلك لأن الحراني ولد سنة (661 ) هـ أي بعد حصول المعركة الخالدة بثلاث سنوات ! فكيف يكون ابن تيمية مجاهدا ؟!! ثم المتتبع للتاريخ والوقائع في مثل (( البداية والنهاية )) لابن كثير وهو ممن أخذ فترة على ابن تيمية لا يجد ما يثبت أن ابن تيمية خاض في يوم واحد من أيام حياته معركة وأمسك بيده سيفا يقاتل به أعداء الله تعالى !! )) (1) .
__________
(1) تهنئة الصديق المحبوب)) ضمن ((مجموع رسائل السقاف)) ( 2/785 ) .(14/12)
كذا قال السقاف وقد قال الإمام الحافظ ابن كثير في (( البداية والنهاية )) (14/30) في أثناء حديثه عن وقعة ( شقحب) ما يلي : (( وفي يوم الاثنين رابع الشهر رجع الناس من الكسوة ، إلى دمشق فبشروا الناس بالنصر . وفيه دخل الشيخ تقي الدين بن تيمية البلد ومعه أصحابه من الجهاد ، ففرح الناس به ودعوا له وهنأوه بما يسر الله على يديه من الخير ، وذلك أنه ندبه العسكر الشامي أن يسير إلى السلطان يستحثه على السير إلى دمشق فسار إليه فحثه على المجيء إلى دمشق بعد أن كاد يرجع إلى مصر فجاء هو وإياه جميعا فسأله السلطان أن يقف معه في معركة القتال ، فقال له الشيخ السنة أن يقف الرجل تحت راية قومه ، ونحن من جيش الشام لا نقف إلا معهم ، وحرض السلطان على القتال وبشره بالنصر وجعل يحلف بالله الذي لا إله إلا هو إنكم منصورون عليهم في هذه المرة فيقول له الأمراء : قل إن شاء الله فيقول: إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا . وأفتى الناس بالفطر مدة قتالهم وأفطر هو أيضا ، وكان يدور على الأجناد والأمراء فيأكل من شيء معه في يده ليعلمهم أن إفطارهم ليتقووا على القتال أفضل فيأكل الناس ، وكان يتأول في الشاميين قوله × : (إنكم ملاقوا العدو غدا ، والفطر أقوى لكم ) فعزم عليهم في الفطر عام الفتح كما في حديث أبي سعيد الخدري ……. ثم نزل النصر على المسلمين قريب العصر يومئذ ، واستظهر المسلمون عليهم ولله الحمد والمنة )) .
وقال الحافظ عمر بن علي البزار في كتابه (( الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية )) ص (67 ) : (( كان رضي الله عنه ، من أشجع الناس وأقواهم قلبا ، ما رأيت أحدا أثبت جأشا منه ، ولا أعظم عناء في جهاد العدو منه . كان يجاهد في سبيل الله بقلبه ولسانه ويده ولا يخاف في الله لومة لائم .(14/13)
وأخبر غير واحد : أن الشيخ رضي الله عنه ، كان إذا حضر مع عسكر المسلمين في جهاد يكون بينهم واقيتهم وقطب ثباتهم . إن رأى من بعضهم هلعا أو رقة ، أو جبانة ، شجعه وثبته وبشره ووعده بالنصر والظفر والغنيمة ، وبين له فضل الجهاد والمجاهدين وإنزال الله عليهم السكينة .
وكان إذا ركب الخيل يتحنك ويجول في العدو كأعظم الشجعان ويقوم كأثبت الفرسان ، ويكبر تكبيرا أنكى في العدو من كثير من الفتك بهم ، ويخوض فيهم خوض رجل لا يخاف الموت .
وحدثوا أنهم رأوا منه في فتح عكة أمورا من الشجاعة يعجز الواصف عن وصفها .
قالوا : ولقد كان السبب في تملك المسلمين إياها بفعله ومشورته وحسن نظره )) (1).
* السقاف يزعم أن العلامة ابن باز لا يعرف التوحيد
قال السقاف في تعليقه على (( دفع شبه التشبيه )) ص ( 188 ) (الطبعة الثانية ) :
(( ولا عبرة بكلام المعلق عليه ـ الفتح ـ البتة لأنه لا يعرف التوحيد !! )) .
* ادعى أن أهل السنة يبغضون السيرة النبوية وآل البيت
قال السقاف في (( مجموع رسائله )) (2/800 ) :
(( وهؤلاء يتظاهرون الآن بأنهم يحرصون على إثبات فضائل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع كونهم نواصب يبغضون قراءة السيرة النبوية أشد البغض كما يبغضون آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يحترمونهم ولا يوقرونهم إلى غير ذلك مما هو معروف ومشهور !! )) .
ما أحسن أن نذكر أمام هذا الكذب الشنيع والافتراء القبيح قوله × :
(( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت )) رواه البخاري.
* حذف من (حديث ابن عمر) كلمة (بعدها)
مما استدل به السقاف على إثبات سنة قبلية للجمعة ما يلي :
__________
(1) وانظر أيضا في جهاد شيخ الإسلام : (( العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية )) للإمام الحافظ ابن عبد الهادي .(14/14)
(( 3ـ وعن نافع قال : ( كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلي ركعتين في بيته ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يفعل ذلك )رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه )) (1) . استخرج هذا الحديث من(سنن أبي داود ) و(صحيح ابن حبان) تجد أن لفظه كما يلي :
(( عن نافع قال كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلي بعدها ركعتين في بيته ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك)) .
تأمل الفرق بين معناه قبل حذف كلمة (بعدها ) وبعد حذفها يتبين لك جلية الأمر .
* نقل عن ابن تيمية أن الله جسم
قال السقاف في كتابه (( السلفيه الوهابية )) ص (58 ) ( الطبعة الأولى ) : (( يعتقد الوهابية السلفيون أن الله تعالى جسم له حد وغاية صرح بذلك ابن تيمية في كتابه ( موافقة صريح المعقول ) )) .
كذا زعم السقاف مع أن الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية يقول في (( موافقة صريح المعقول )) :
(5 / 363 ) : (( ولفظ (الجسم ) في حق الله وفي الأدلة الدالة عليه ، لم يرد في كتاب الله ولا سنة رسوله ، ولا كلام أحد من السلف والأئمة ، فما منهم أحد قال : إن الله جسم أو جوهر أو ليس بجسم ولا جوهر )) .
وقال ـ أيضا ـ في الكتاب نفسه ( 1 / 133 ) :
__________
(1) الأدلة الجلية لسنة الجمعة القبلية )) ضمن(( مجموع رسائل السقاف )) (2/657 ) .
.(14/15)
((أما الشرع فليس فيه ذكر هذه الأسماء في حق الله لا بنفي ولا إثبات ، ولم ينطق أحد من سلف الأمة وأئمتها في حق الله تعالى بذلك ، لا نفيا ولا إثباتا بل قول القائل : إن الله جسم أو ليس بجسم أو جوهر أو ليس بجوهر أو متحيز أو ليس بمتحيز أو في جهة أو ليس في جهة أو تقوم به الأعراض والحوادث أو لا تقوم به ونحو ذلك ـ كل هذه الأقوال محدثة بين أهل الكلام المحدث لم يتكلم السلف والأئمة فيها لا بإطلاق النفي ولا بإطلاق الإثبات بل كانوا ينكرون على أهل الكلام الذين يتكلمون بمثل هذا النوع في حق الله تعالى نفيا وإثباتا )) .
وقال شيخ الإسلام الإمام المجاهد ابن تيمية ـ رحمه الله ـ
في (( مجموع الفتاوى )) (5 / 295 ) : (( وإثبات لفظ الجسم ونفيه بدعة لم يتكلم به أحد من السلف والأئمة كما لم يثبتوا لفظ التحيز ولا نفوه ولا لفظ الجهة ولا نفوه ولكن أثبتوا الصفات التى جاء بها الكتاب والسنة ونفوا مماثلة المخلوقات )) . وقال ـ عليه سحائب الرحمة ـ أيضا في (( مجموع الفتاوى )) : ( 5 / 434 ) : (( وأما الشرع فمعلوم أنه لم ينقل عن أحد من الأنبياء ولا الصحابة ولا التابعين ولا سلف الأمة أن الله جسم أو أن الله ليس بجسم بل النفي والإثبات بدعة فى الشرع )) وقال شيخ الإسلام ـ أيضا ـ في (( مجموع الفتاوى )) ( 6 / 102 ) : (( كما أن قوله (الرب جسم ) بدعة وقوله (ليس بجسم ) بدعة)) .(14/16)
وقال ـ أيضا ـ في (( بيان تلبيس الجهمية )) ( 1 / 396 ، 397) : (( قلت هذا الكلام فيه تقصير كثير في معرفة مذاهب الناس وتحقيقها وذلك أن القائلين بأن الله تعالى فوق العرش والقائلين بالصفات الخبرية وهم السلف وأهل الحديث وأئمة الأمة وجماهيرها وجمهور الصفاتية من الكلابية والأشعرية والكرامية وجمهور المشهورين بالإمامة في الفقه والتصوف في الأمة من جميع الطوائف جمهورهم لا يقول هو جسم ولا ليس بجسم لما في اللفظين من الإجمال والاشتراك المشتمل على الحق والباطل )) .
من خلال عرض كلام السقاف مع كلام شيخ الإسلام ابن تيمية تعرف كيف يكذب السقاف عليه إذ يزعم أنه يصرح (بأن الله جسم ) مع أن ابن تيمية يصرح بخلاف ذلك تماما ، ويبين بأن إطلاق لفظ الجسم على الله بدعة . فيا للعجب! كيف يتجرأ على هذا الكذب الصريح دونما حياء أو خجل ؟.
* زعم أن أهل السنة يثبتون صفة الجنب لله
قال السقاف : (( وذلك مثل قوله تعالى + أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله " الزمر : 56 ، فجميع الناس حتى في هذا العصر يفهمون أن معناها هو : يا حسرتى على ما فرطت في حق الله أو في أمره .
وقد أولها بمثل هذا أيضا السلف الصالح ، قال الحافظ ابن جرير وهو من السلف في تفسيره ( جزء 24/19 ) : (( وقوله + على ما فرطت في جنب الله " يقول : على ما ضيعت من العمل بما أمرني الله به وقصرت في الدنيا في طاعة الله )) اهـ(14/17)
ونقل الحافظ ابن جرير ذلك عن جماعة من السلف وهم مجاهد والسدي وقتادة . فهذا ما يفهمه جميع المسلمين والعقلاء حسب أساليب العربية ولا يحتاج الإنسان أن يبين بعد تلاوته لهذه الآية الكريمة أنه هل أثبت الله لنفسه جنبا في هذه الآية أم لا ؟! وهل له جنب أم ليس له ؟! لكن العجب العجاب أن ترى المجسمة يثبتون له سبحانه وتعالى عما يقولون جنبا بل يقولون ـ زائدين على ذلك ـ إنه ولو لم يذكر إلا جنبا واحدا في كتابه فليس معنى ذلك أنه ليس له جنب آخر !! كما يقول ذلك ابن قيم الجوزية في كتابه (( الصواعق المرسلة )) انظر مختصر الصواعق ( 1/33 ) . وأقول كبرت كلمة تخرج من أفواههم وسطرتها أيديهم !! )) (1) انتهى كلام حسن السقاف .
وإليك الآن كلام الإمام الكبير الشهير ابن قيم الجوزية ـ عليه سحائب الرحمة والرضوان ـ ؛ لتعلم حقيقة السقاف
قال ابن قيم الجوزية في كتابه (( الصواعق المرسلة )) ( 1 / 247 ) :
(( السادس : أن يقال من أين في ظاهر القرآن إثبات جنب واحد ، هو صفة الله ؟ ومن المعلوم أن هذا لا يثبته أحد من بني آدم ، وأعظم الناس إثباتا للصفات هم أهل السنة والحديث الذي يثبتون لله الصفات الخبرية ، ولا يقولون : إن لله جنبا واحدا ، ولا ساقا واحدة ، قال عثمان بن سعيد الدارمي في نقضه على المريسي : وادعى المعارض زورا على قوم أنهم يقولون في تفسير قول الله :
__________
(1) مناظرة بين السيد العلامة محمد الزمزمي والألباني المتناقض !! لمحمد الزمزي بن الصديق ، علق عليها وقدم لها حسن السقاف )) الطبعة الأولى 1414 هـ ـ 1993 ، دار الإمام النووي . ص (12 ) .(14/18)
+ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ " (الزمر:56) .إنهم يعنون بذلك الجنب الذي هو العضو ، وليس ذلك على ما يتوهمونه . قال الدارمي : فيقال لهذا المعارض : ما أرخص الكذب عندك وأخفه على لسانك ، فإن كنت صادقا في دعواك فأشربها إلى أحد من بني آدم قاله ، وإلا فلم تشنع بالكذب على قوم هم أعلم بهذا التفسير منك وأبصر بتأويل كتاب الله منك ، ومن إمامك ؟ إنما تفسيرها عندهم تحسر الكفار على ما فرطوا في الإيمان والفضائل التي تدعو إلى ذات الله ، واختاروا عليها الكفر والسخرية بأولياء الله فسماهم الساخرين فهذا تفسير الجنب عندهم ، فمن أنبأك أنهم قالوا جنب من الجنوب فإنه لا يجهل هذا المعنى كثير من عوام المسلمين فضلا عن علمائهم .
وقد قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : (الكذب مجانب للإيمان ) . وقال ابن مسعود : (لا يجوز من الكذب جد ولا هزل ) وقال الشعبي : (من كان كذابا فهو منافق ) اهـ وتوجيه ذلك أن الله قال :
+ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ*أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ*أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ*بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ" (الزمر:56ـ 59) .(14/19)
فهذا إخبار عما تقوله هذه النفس الموصوفة بما وصفت به وعامة هذه النفوس لا تعلم أن لله جنبا ولا تقر بذلك ، كما هو الموجود منها في الدنيا . فكيف يكون ظاهر القرآن أن الله أخبر عنهم بذلك وقد قال عنهم + يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله " والتفريط فعل أو ترك فعل وهذا لا يكون قائما بذات الله لا في جنب ولا في غيره، بل يكون منفصلا عن الله وهذا معلوم بالحس والمشاهدة ، وظاهر القرآن يدل على أن قول القائل : +يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله " ليس أنه جعل فعله أو تركه في جنب يكون من صفات الله ، وأبعاضه فأين في ظاهر القرآن ما يدل على أنه ليس لله إلا جنب واحد يعني به الشق .
السابع : أن يقال هب أن القرآن دل ظاهره على إثبات جنب هو صفة فمن أين يدل ظاهره أو باطنه على أنه جنب واحد وشق واحد ومعلوم أن إطلاق مثل هذا لا يدل على أنه شق واحد كما قال النبي × لعمران بن حصين : (صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنب ) . وهذا لا يدل على أنه ليس لعمران بن حصين إلا جنب واحد . فإن قيل : المراد على جنب من جنبيك ، قلنا : فقد علم أن ذكر الجنب مفردا لا ينفي أن يكون معه غيره ولا يدل ظاهر اللفظ على ذلك بوجه .
ونظير هذا اللفظ القدم إذا ذكر مفردا لم يدل على أنه ليس لمن نسب إليه إلا قدم واحد كما في الحديث الصحيح (حتى يضع عليها رب العزة قدمه ) وفي الحديث : ( أنا العاقب الذي يحشر الناس على قدمي) )) . فكل من كان فطنا لبيبا ، أو أحمق بليدا إذا قرأ كلام هذا وذاك فسيعلم أن السقاف قد افترى إفكا مبينا ، وزوّر بهتانا عظيما ، وتحمل وزرا كبيرا فحسابه على ربه يوم الآزفة،إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع .
*السقاف يقول عن كفار قريش (( ما كانوا يقرون بوجود الله )) (1)
__________
(1) مجموع رسائل السقاف )) 2/596 .(14/20)
والله سبحانه يقول : + قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ"(يونس :31 )
وقال تبارك وتعالى : + وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ" (العنكبوت:61) وقال : + وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ"(العنكبوت:63) وقال :+ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ" (لقمان:25) وقال : + وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ" (الزمر:38) وقال :+ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ" (الزخرف:9) وقال :+ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ" (الزخرف:87) وقال :+ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ(14/21)
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ" (يونس:18) وقال :+ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ" (الزمر:3) وقال :+ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ"(1) . (يوسف:106) .
الفصل الثالث : موقف السقاف من علماء السنة أئمة الهدى ومصابيح الدجى
السقاف يرى أن المجسمة كفار والمجسمة عنده هم أهل السنة
قال حسن السقاف في (( صحيح شرح العقيدة الطحاوية )) ص (713 ) :
(( المسألة السابعة : اعلم بأننا لا نوافق بعض المتأخرين من الفقهاء على أشياء ذكروها في باب الردة لمخالفتهم للنصوص أولا ، ولأئمة مذاهبهم ثانيا ، وللمتقدمين ثالثا ، ولأن أقوالهم لا تعتبر نصوصا شرعية لا يمكن مخالفتها رابعا .
ومن تلك المسائل قول بعضهم بأن المجسمة مبتدعة لكنهم غير كفار(2)، وهذا خطأ محض لا يوافقون عليه البتة ، والصواب القول بتكفير المجسمة كما قال الإمام النووي (3) في شرح المهذب (4/253 ) )) .
السقاف يرى أن كل من نطق بكلمة الكفر فهو كافر
قال حسن السقاف في (( صحيح شرح العقيدة الطحاوية )) ص ( 707 ) :
__________
(1) انظر (( القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد )) لعبد الرزاق بن عبد المحسن البدر .
(2) قال السقاف في هامش كتابه : ((ومنهم العز بن عبد السلام ومن قلده في ذلك !!لأن قولهم في ذلك مخالف للدليل !! )) .
(3) وأهل السنة يثبتون صفات الله ؛ كما يليق بجلال الله ، وكماله بدون تمثيل ولا تشبيه ولا تكييف ولا تعطيل ؛ فهم بريئون من التجسيم الصريح وغير الصريح . وانظر ص (16 ) لتعلم أن السقاف أصبح يعد النووي نفسه من المجسمة .(14/22)
(( يخطئ بعض الناس الذين ينسبون أنفسهم للعلم فيقول أحدهم عن قول كفري : نعم أوافقك على أن هذا الأمر كفر ، ولكن نقول : هذا كفر ولا نكفر صاحبه !! )) .
ما هو التشبيه في مفهوم السلف؟ (1)
اعلم – رعاك الله – أن التشبيه عند السلف هو أن يُقال: يد كيد ، وسمع كسمع .
وأما من رمى من يثبت الصفات الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة بالتشبيه ، فهو جهمي معطل .
قال الإمام الحافظ الترمذي رحمه الله تعالى في
» سننه« تحت » باب ما جاء في فضل الصدقة « من أبواب الزكاة :
» وقد قال غيرُ واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرّب تبارك وتعالى كلَّ ليلةِ إلى السماء الدنيا ، قالوا : قد تثبتُ الروايات في هذا ويُؤمًنُ بها ولا يُتَوَهمُ ولا يُقال كيف .
هكذا روي عن مالك بن أنس وسفيان بن عيينه وعبدالله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمرّوها بلا(كيف) ، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنّة والجماعة.
وأمّا الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه.
وقد ذكر الله تعالى في غير موضع من كتابه اليدَ والسمعً والبصرَ فتأوّلت الجهمية هذه الآيات وفسّروها على غير ما فسّر أهل العلم وقالوا إنّ الله لم يخلق آدم بيده ، وقالوا إنّما معنى اليد القوّة . وقال إسحق بن إبراهيم : إنّما يكون التشبيه إذا قال يدٌ كيدٍ أو مثل يدٍ أو سمع كسمع أو مثل سمع ، فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا تشبيه .وأمّا إذا قال كما قال الله يدٌ وسمعٌ وبصرٌ ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيهاً وهو كما قال الله تبارك وتعالى في كتابه { ليس كمثله شيء وهو لسميع البصير } (2) .
__________
(1) الخلاصة المفيدة في إثبات معاني صفات الله الحميدة وإبطال طريقة التفويض )) ، ص : 63 .
(2) » سنن الترمذي « ( أبواب الزكاة /باب ما جاء في فضل الصدقة )(14/23)
% وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم سمعت أبي يقول: » علامة الجهمية تسميتهم أهل السنة مشبهة « (1) .
% وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في » الفتوى الحموية« (ص 64 ) :
» فإنّ الجهمية والمعتزلة إلى اليوم يسمون من أثبت شيئاً من الصفات مشبهاً ، كذباً منهم وافتراء ، حتى إن منهم من غلا ورمى الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم بذلك، حتى قال ثمامة بن الأشرس من رؤساء الجهمية : ثلاثة من الأنبياء مشبهة : موسى حيث قال { إن هي إلا فتنتك } [الأعراف:155 ]، وعيسى حيث قال { تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك } [المائدة:116] ومحمد حيث قال [ ينزل ربّنا ] وحتى إن جلّ المعتزلة تُدخل عامة الأئمة – مثل مالك وأصحابه والثوري وأصحابه والأوزاعي وأصحابه والشافعي وأصحابه وأحمد وأصحابه وإسحاق بن راهويه وأبي عبيد وغيرهم – في قسم المشبهة « .
السقاف يثني على الجهم الذي اتفق السلف على ذمه (2) !
قال السقاف في (( مجموع رسائله )) (1/21 ) : (( والحق عندنا : أن ما ينسب للجهم بن صفوان وأقوال (3)
وعقائد فاسدة مكذوب عليه لا يثبت عنه ، والظاهر أنه رجل فاضل من العلماء المنزهين )) .
السقاف يحاول إخفاء تجسيم الروافض
__________
(1) » شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة « (2 / 588)
(2) قال الحافظ ابن حجر ـ في (( فتح الباري )) ( أول شرحه كتاب التوحيد ) ـ : (( وأما الجهمية فلم يختلف أحد ممن صنف في المقالات أنهم ينفون الصفات حتى نسبوا إلى التعطيل ، وثبت عن أبي حنيفة أنه قال بالغ جهم في نفي التشبيه حتى قال إن الله ليس بشيء …. وإنما الذي أطبق السلف على ذمهم بسببه إنكار الصفات ….. وعن ابن المبارك إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى ونستعظم أن نحكي قول جهم …. )) .
(3) كذا في الأصل .(14/24)
قال السقاف : : (( ونقل الإمام البغدادي في (( الفرق ))ص(332) : أن أهل السنة (اتفقوا على نفي النهاية والحد عن صانع العالم خلافا للهشامية والكرامية المجسمة اهـ ))(1) .
بعد أن قرأت نقل السقاف عن البغدادي إليك كلام البغدادي من كتابه ((الفرق)) :
(( وقالوا بنفي النهاية والحد عن صانع العالم ، على خلاف قول هشام بن الحكم الرافضي في دعواه أن معبوده سبعة أشبار بشبر نفسه ، وخلاف من زعم من الكرامية أنه ذو نهاية من الجهة التي يلاقي منها العرش ، ولا نهاية له من خمس جهات سواها )) (2).
فلماذا يحاول السقاف أن يخفي هذه الحقيقة ، وهي أن قدماء الروافض الذين يزعمون أنهم على مذهب آل البيت في العقيدة والفروع زورا وبهتانا كانوا مجسمة ممثلة ؟!! أما المتأخرون منهم فهم جهمية معطلة .
أهل السنة جميعا عند السقاف مجسمة والمجسمة عنده كفار
قال السقاف في تعليقه على(( الإبانة )) ص (198 ) ((فإن من قال له يدين ثنتين (3) وعينين ووجه لم يكن إلا مجسما وإن تظاهر بنفي الجارحة ! )) .
وقال ص (170 ) تعليقا على قول الأشعري :
(( لأنه مستو على العرش الذي فوق السموات )) : وهذا تصريح بالتجسيم الباطل عقلا ونقلا ! )) .
وقال ص (171 ) معلقا على قول الإمام الأشعري : (( فلو لا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش )) : هل بقي تصريح بالتجسيم بعد هذا الهذيان ؟! )) .
وقال ص ( 120 ) معلقا على قول الإمام الأشعري : (( وإنما أراد من نفى رؤية الله عز وجل بالأبصار التعطيل )) : (( مسكين ! وإنما أراد من يثبت رؤية الله عز وجل بالأبصار التجسيم والتشبيه ! ))
__________
(1) عقيدة أهل السنة والجماعة )) ضمن (( مجموع رسائل السقاف )) (1/308 ) .
(2) الفرق بين الفرق )) للبغدادي ، دار المعرفة ص (291 ) .
(3) كذا في الأصل .(14/25)
وبناء على معتقد السقاف الباطل يكون جميع أهل السنة من المجسمة ، والمجسمة عنده كفار فنسأل الله العافية !!
وقد صرح السقاف بتكفير شيخ الإسلام ابن تيمية (1)
قال السقاف : (( ومن هذا الكلام تعرف أنه لا يجوز أن نتهاون مع المجسمة فالمجسمة كفار بلا مثنوية ، والمجسم يعبد صنما ، وقد جزم بذلك الإمام الحافظ النووي رحمه الله تعالى فإنه قال في باب صفات الأئمة من المجموع ( 4/253 ) : فممن يكفر من يجسم تجسيما صريحا )) اهـ فيدخل في ذلك الحراني بتشديد الراء وتقديم المهملة !!)) (2). انتهى كلام السقاف . وقال السقاف : (( مع أن أهل الحديث متفقون على كفر من يقول بقدم النوع (3) وعلى كفر ابن تيمية القائل بذلك قولا واحدا لا خلف فيه !! )) (4) .
لاحظ أيها المسلم ما يلي ؛ لتعلم خطر وضرر أفكار السقاف على الأمة الإسلامية :
* قد سلك شيخ الإسلام ابن تيمية سبيل الحق في اتباعه الكتاب والسنة وسلف الأمة ، في العلم والعمل . ومع ذلك يحكم السقاف بكفره فهو بهذا القول يكون قائلا بتكفير كل من سلك مسلكه واتبع سبيله فنسأل الله السلامة وحسن الخاتمة !.
* والسقاف يصرح بأن المجسمة كفار ثم يفسر التجسيم تفسيرا باطلا مخالفا تفسير السلف والأئمة فيدخل من يثبت أن المؤمنين يرون الله في الدار الآخرة ـ مثلا ـ في طائفة المجسمة فهو بذلك يكون مكفرا جميع أهل السنة وهذا يؤدي إلى استباحة دمائهم وأموالهم ونسائهم
__________
(1) انظر كتاب (( الرد الوافر على من زعم بأن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر )) للحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي .
(2) دفع شبه التشبيه)) ص (245 ) .
(3) انظر كتاب (( دفع الشبه الغوية عن شيخ الإسلام ابن تيمية )) .
(4) تهنئة الصديق المحبوب )) ضمن (( رسائل السقاف )) (2/806 ) .(14/26)
* وحتى لا يتوهم أحد أنه يقصد تكفير الأقوال دون القائلين يوضح السقاف أن كل من نطق بالكفر فهو كافر دون نظر أتوفرت فيه شروط التكفير وانتفت عنه الموانع أم لا ؟.
* ثم هو لم يرتض قول أهل السنة في أصحاب الكبائر في أنهم تحت مشيئة الله ، إن شاء عذبهم ، وإن شاء غفر لهم ، وأن من دخل النار منهم لا بد أن يخرج منها . بل يصرح بأن أهل الكبائر من المسلمين مخلدون في النار فهو بذلك يخرجهم من دائرة الإسلام .
* وهو ينفي صحة مذهب أهل السنة في عدم الخروج على الحاكم المسلم ، ولو كان جائرا لما يترتب على ذلك من المفاسد العظيمة من استباحة الدماء ، وفقدان الأمن ونهب الأموال ، وانتهاك الأعراض ، ويدعو بكل صراحة إلى الخروج بل يثني على الخوارج ثناء صريحا ، ويوضح صحة طريقتهم . وطريقتهم هي سفك دماء المسلمين ، وتكفيرهم . فما الذي يريده السقاف من هذه السموم التي ينفثها في الأمة ؟! .
السقاف يعتقد أن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه !! وهذا هو التعطيل الذي حذر منه السلف ...
قال السقاف في تعليقه على (( الإبانة )) ص ( 203 ) :
(( حقيقة العلم الذي يفهمه الإنسان يتنزه الله تعالى عنه كما أن حقيقة الوجود الذي يفهمه الإنسان يتنزه الله تعالى عنه ! ………)) .
وقال السقاف في تعليقه على (( العلو )) ص (540 ) :
(( لفظة قائما بذاته لا دليل عليها !! )) .
وقال السقاف في (( صحيح شرح العقيدة الطحاوية )) ص (316 ) : (( وكذا ينبغي أن يقال ليس بداخل في العالم وليس بخارج منه )) .
السقاف يقدح في السلف وعلماء الحديث
قال السقاف في تعليقه على كتاب (( الإبانة )) ( ص 77 ) :
(( ومن هنا تعرف مبلغ هؤلاء الرواة وأصحاب المسانيد من الدين والعقل وأنهم من دهور طويلة فقدوا عقولهم وأدمغتهم ومبلغ علمهم صح الإسناد أم لم يصح وفيه علة أم هو خلو من التعليل )).
وقال في الكتاب نفسه ص (98 ) :(14/27)
(( أهل الزيغ في الحقيقة هم أولئك المحدثون الذين يصنفون كتبا يسمونها بكتب السنة )) وقال في الكتاب نفسه ص (22 ) :
(( والذين جاءوا بالقول بالظاهر هم جماعة من أهل الحديث كابن المبارك والسفيانين ووكيع والأوزاعي وأمثالهم ، فإنهم حاولوا أن يحافظوا على الإرث الأموي ـ بقصد أو بغير قصد ـ الذي تبنى التشبيه والتجسيم )) .
قال السقاف في تعليقه على (( الإبانة )) ص (152 ) :
(( ومختصر الأمر : أن ابن المبارك وأمثاله ممن يسمونهم بالسلف كانوا على نظام المحدثين الموالين للفكر الأموي المتمثل فيما بعد بالفكر الحنبلي المبني على التجسيم والنصب )) .
وقال في الصفحة التي تليها :
(( وأقوال من يسمونهم بأئمة السلف ليس لها وزن عندنا إلا إن وافقت الحق وإلا فيضرب بها عرض الحائط ، والسلام )) .
وقال السقاف في كتابه (( مسألة الرؤية )) الطبعة الأولى ص (54 ) :
وينبغي أن نتكلم هنا على إسناده لأن المتمسلفين البلهاء لا يعقلون بطلان الحديث إلا إذا قلنا لهم قال أبو زرعة وقال أبو مرعة !! )) .
السقاف يطعن في إمام أهل السنة والجماعة
أحمد بن حنبل (1)
قال السقاف في تعليقه على (( الإبانة )) ص ( 74 ) :
(( ثم إن أحمد بن حنبل ليس له مذهب مدون في العقائد كما يقولون ! وإن كان الصواب عند بعض العلماء وضعه في قائمة المجسمة والمشبهة )) .
السقاف يطعن في الإمام الذهبي
قال السقاف في تعليقه على (( العتب الجميل )) ص ( 135 ) :
(( الذهبي ناصبي مشهور وقد رجع عن بعض نصبه )) .
وقال السقاف في تعليقه على (( العلو )) ص (538 ) :
(( كلا لم يحتج البيهقي لذلك بهذا الذي ذكره الذهبي فلا أدري ما تسمى هذه الأفعال وهذا التدليس ؟ وبذلك لا نستطيع أن نثق بالذهبي في نقل عن إمام أو عالم في هذه البابة !! )) .
__________
(1) وباقي الأئمة الأربعة على عقيدته .(14/28)
وقال السقاف في (( إعلام الثقلين )) (1) ص ( 82 ) :
(( بل الذهبي نفسه يروج الأفكار الباطلة في كتبه ومؤلفاته ثم يتظاهر بالإنكار على هؤلاء الذي يزعم بأنهم مغالون وهو مثلهم لا يختلف عنهم في مآل الأمر وخلاصته !! ))
السقاف يتهم الإمام ابن كثير بالنصب
قال السقاف في (( زهر الريحان )) ص (139 ) : (( قال ابن كثير الناصبي )) .
السقاف يطعن في الإمام أبي الحسن الأشعري (2)
تحدث حسن السقاف عن الإمام أبي الحسن الأشعري في تعليقه على كتابه (( الإبانة )) كلاما كثيرا منه ما يلي :
قال ص ( 200 ) :
(( هذه المواضع تفيد أنه يأخذ القرآن في أمور الصفات على الظاهر وهذا نفس قول المشبهة والمجسمة وهو منهم عندنا جزما ! )) .
وقال ص (12 ) : (( فهل كان هو بذلك المستوى العقلي حتى يكون ممن لا يستطيع أن يكتشف ضلال أو خطأ مذهب المعتزلة أربعين سنة ؟! المفترض من الإمام الذكي أن يكتشف الضلال والخطأ من أول الجلسات أو خلال أشهر أو على الأكثر سنة ! لا أن تجري عليه أربعون سنة ثم يصور مذهب المعتزلة في الإبانة والمقالات بغير صورته الحقيقية ويتقول عليهم بأنواع الفرى وهم برءاء منها ! )) وقال ص (39 ) : (( وقد كان الأشعري يتزلف للحنابلة بشكل غريب وعجيب وكتب الحنابلة وعلى رأسها كتاب السنة لابن أحمد وما ينقلونه عن أحمد ابن حنبل نفسه طافحة بالتجسيم والتشبيه )) وقال ص (74 ) : (( والآن أرى أن الكتاب من تصنيف الأشعري وأنه كان حنبليا يعتقد عقيدتهم )) . وقال ص (162 ) :
(( اعتراض سمج لا معنى له ، وهذا يثبت أن المصنف حنبلي لا عقل له أو متزلف منافق ليرضى عنه البربهاري ولم يحصل على الرضا فما قبل ! )) .
__________
(1) القول الأسد )) للغماري ، ويليه (( إعلام الثقلين )) للسقاف ، الطبعة الأولى .
(2) انظر (( معتقد أبي الحسن الأشعري ومنهجه )) لفضيلة الأستاذ عمر سليمان الأشقر . طبع دار النفائس .(14/29)
وقال ص (192 ) : (( من الذي قال بأن معنى قوله تعالى ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) معناه بنعمتي ؟! إذا كان يعني المعتزلة الذين يقال أنه درس عندهم أربعين سنة فهم لم يقولوا بذلك ! وهذا يثبت أن القصص التي تحكى في ذلك وأنه يعرف تفاصيل مذهب المعتزلة قصص خرافية ! أو كان المذكور غبيا بحيث يجلس في مذهب أربعين سنة فلا يعرف أقواله ولا آراء ذلك المذهب ! ونحن نرى اليوم كثيرا في شيوخ ينتسبون إليه اسما وعمرهم يقارب الستين والسبعين وأكثر وهم من أجهل الناس بمذهب الأشعري والأشاعرة ! )) .
السقاف يصرح بأن الإمام النووي من النواصب
قال السقاف في (( زهر الريحان )) ص (137 ) : (( والقسم الثالث : نواصب وهم على نوعين ! نواصب بالتوارث دون قصد أمثال النووي ، ونواصب عن قصد وهم مثل الجوزجاني وابن العربي المالكي صاحب القواصم واحترت في الهيتمي هل هو قائل بالنصب وراثة متأثرا بالأجواء التي عاش بها أم أنه متعمد قاصد لكن تصنيفه لذلك الكتاب الفارط يرجح القصد والتعمد ! )) .
السقاف يطعن في الإمام البخاري وصحيحه
قال السقاف في تعليقه على (( الإبانة )) ص (100 ) :
(( والحقيقة أن البخاري كان الأليق به أن ينزه صحيحه عن مثل هذا الحديث الساقط بنفسه ! ولكنه هو وغيره توسعوا في الصفات والتوحيد في قبول الأحاديث المردودة المضحكة ليردوا على المعتزلة ومن ينعتونهم بالجهمية والمعطلة ! فعطلوا عقولهم وأخذوا بهذه الروايات المستبشعة المستهجنة !! )) .
وقال السقاف في تعليقه على (( العتب الجميل )) ص (78 ) :
(( وعلى هذا نقول وأحاديث الصفات التي رواها البخاري في صحيحه شبهت عليه وهي مردودة وإن كان رواتها ثقات ! )) .
السقاف يتهم الإمام الباقلاني بالتجسيم والنصب (1)
قال السقاف في تعليقه على (( العلو )) ص (519 ) :
(( وهي للباقلاني المجسم )) وقال ص (540 ) :
__________
(1) انظر ترجمته في (( سير أعلام النبلاء )).(14/30)
(( وكان الباقلاني ناصبيا ومنه دخل النصب لهذا المذهب !! ومنه اقتبس أبو بكر بن العربي المالكي ما كتبه في أواخر (العواصم ) مما يتعلق بالخلفاء !! اقتبسه من آخر كتاب (تمهيد الأوائل) للباقلاني !! )) .
وقال الذهبي في (( العلو)) ص ( 541 ) عن الإمام الباقلاني : (( وقال مثل هذا القول في كتاب (( التمهيد )) له ، وقال في كتاب الذب عن أبي الحسن الأشعري : (( كذلك قولنا في جميع المروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صفات الله إذا صح من إثبات اليدين والوجه والعينين ، ويقول :إنه يأتي يوم القيامة في ظلل من الغمام ، وأنه ينزل إلى سماء الدنيا كما في الحديث وأنه مستو على عرشه ، إلى أن قال : وقد بينا دين الأئمة وأهل السنة أن هذه الصفات تمر كما جاءت بغير تكييف ولا تحديد ، ولا تجنيس ولا تصوير كما روي عن الزهري وعن مالك في الاستواء ، فمن تجاوز هذا فقد تعدى وابتدع وضل )) .
علق عليه السقاف بقوله : (( بل المبتدع الضال المتعدي من أثبت لله عينين !! تعالى الله عن خرطكم وهذركم أيها الأئمة النجباء والجهابذة النبغاء علوا كبيرا !! )) (1) .
السقاف يتهم الإمام البيهقي بالتجسيم
قال السقاف في تعليقه على (( الإبانة ))
__________
(1) العلو للعلي الغفار )) للإمام الذهبي تعليق حسن السقاف.(14/31)
ص ( 167 ) : (( وبالمناسبة : فإن البيهقي في كتاب (الاعتقاد) جاء بنصوص الإبانة وطورها وطولها وعرضها ولم يفعل إلا التقليد والمتابعة لترهات الإبانة المخزية فما نرد به على هذه النصوص ههنا نرد به على تلك !! )) . وقال ص ( 30 ) : (( فهنا يلتقي الحنابلة المجسمة وابن تيمية مع الأشعري والبيهقي والخطابي وشيوخه الأشاعرة في حمل الأمور على ظاهرها وهذا ما يأباه أهل التنزيه والحق !! )) . وقال ص (31 ) : (( فظهر أن طريقة من يسميهم بعض الناس بالمجسمة أمثال ابن تيمية هي نفس طريقة بعض السلف والأشعري والخطابي والبيهقي لا فرق ، مهما حاول المتعصبون أن يتمحلوا لإظهار فروق بين الفريقين لأنها فروق خيالية يتوهمونها وهي لا ثم !!)) .
الفصل الرابع : أخطاء السقاف النحوية والإملائية
هذه أخي القارئ بعض أخطاء السقاف في النحو والإملاء ، وهي غيض من فيض لتعلم حقيقة حسن السقاف ومبلغ علمه :
من أخطائه في تعليقه على كتاب (( الإبانة )) (1)
ما يلي :
ص (14 ) : ( عن الشيخ أبو حامد ) ص (27 ) :(أن كثير مما فيه مما لا يصح إسناده ) . ص (62 ) : ( وأما المجرمين من أصحاب الكبائر ) ص (70 ) :
( فالمخالفين ذكروا ) ص (72 ) : ( كل المسلمون ) .ص (73 ) : ( التي سمونها مذهب ) ص ( 82 ) : ( ومما شاءه أن يكون العباد مخيرون ) . ص
( 83 ) : ( وهو أننا مسيرين ) ص ( 99) : ( أن السلف والنقلة متخبطين ) .
__________
(1) الإبانة عن أصول الديانة لأبي الحسن الأشعري )) تعليق حسن السقاف ، دار الإمام النووي ، الطبعة الأولى .(14/32)
ص ( 101) : ( فمن كان مكرها من الصحابة في تلك الحال أفيبنى على أفعاله أحكاما شرعية ) . ص ( 102) : ( يشتمون سيدنا علي عليه السلام ) ص ( 103) : ( لأن في ذلك تيئيس ) . ص ( 112 ) : ( فنهى الله تعالى سيدنا نوح ) . ص ( 194) ( بأنه هو وسيدنا آدم عليه السلام مخلوقين بيدي الله ) . ص ( 195) : ( بأن اليدين هنا النعمتين ) ص ( 196 ) :
( وليست يد واحدة ) . ص ( 196 ) : ( مخالفيه لا يقولون بذلك ) ص
(198) : ( فإن من قال له يدين ثنتين وعينين ووجه لم يكن إلا مجسما ) ص
(198 ) : ( لأن حياة الله ليست روح ودم ولحم ) .
ص ( 200 ) : ( أما اليدين فإنهما ) . ص ( 221 ) : ( وأصحاب الشهوات مستمرين ) ص (236 ) : ( فالله تعالى دعا أبو بكر رضي الله عنه وأبو لهب لعنه الله إلى الهدى بواسطة سيد الخلق ) . ص ( 240) : ( وفي السند رجلين مجهولين ) ص ( 252) : ( ولا يكونوا بذلك ) ص ( 271 ) : ( ويبني على ذلك ترهات باطلة وأفكار غير صحيحة ) ص ( 275 ) : ( لأن المفسرين مختلفين ) ص ( 297) : ( هل كانت خلافة أبي بكر مجمع عليها أم لا ) .
من أخطائه في مجموع رسائله (1) :
ص ( 50 ) : ( أنه ليس محقق ) ص ( 50 ): (الذي فيه أنواعا وأشكالا) .ص ( 51 ) : ( وأنه مطبوع بإسمه ) ص ( 123 ) : ( الإجتهاد ) .
ص ( 193 ) : ( وقد يذكروا أحيانا ) . ص ( 196): ( لم يكن منهي ) ص ( 196) : ( وليس ذلك مأخوذ ) . ص ( 198) : ( لئلا ينطلي على ضعفة الطلبة ما أراده المتقنعين بقناع السلفية ) ص ( 198) : ( فهو منطوق وليس مفهوم ) .
ص ( 198 ) : ( وليس منطوق ) ص ( 221) : ( وليس آحاد )
ص ( 222) : ( والإفتراء ) ص ( 230) : ( على شكل إنسان له ساقين ) 275ص ( 275 ) : (الإثني عشر ) ص ( 338) : ( الفكر الوهابي الذي يخدماه ) ص ( 370) :
__________
(1) مجموع رسائل السقاف )) دار الرازي .(14/33)
( إجتماع ) ص ( 400 ) :( إذا لم يكن هذا تشبيه وتجسيم) .ص ( 536) : (إذا كان البخاري مشهور ) ص ( 538) : (وأن أبي حاتم ) ص ( 566) : ( الإختلاف ) ص ( 578) : ( الإتفاق ) ص ( 583 ) : (إزدهار )
ص ( 739) : (لا يلزمنا ونحن مخيرين في قبوله ) .
ومن أخطائه في تعليقه على(( القول الأسد)) (1) )
ص ( 91 ) : ( فإن كان له تعالى قدمين )
ص (94 ) : ( قول أبو منصور ) ص ( 95 ) : ( والأزهري هو بلدي أبو إسماعيل ) .
ومن أخطائه في (( زهر الريحان )) (2)
ص ( 14 ) : ( ثم سب سيدنا علي عليه السلام )
ص ( 21) : ( كان يحب سيدنا علي رضي الله عنه)
ص ( 63) : (يثبت فيه أن معاوية كاتبا للوحي )
ص ( 71) :( صار سند أبو يعلى ) ص (84 ) : (لأن سيدنا علي ) .
ص (107 ) : (كان يشتم سيدنا علي ) ص (122 ) : (ذكر ابن كثير عن أبو أحمد ) ص (136 ) :( فكيف يولي معاوية على الأمة ظالم غاشم فاسق سكير) .
ومن أخطائه في (( فتح المعين )) (3)
ص (77 ) : (أكثر من عشر أولاد ) ص (78 ) : ( يا دكتور أبي زيد )
ص (81 ) : ( لا شك أن الإمام أبي حنيفة من التابعين ) .
ومن أخطائه في (( صحيح صفة صيام النبي )) (4)
ص (58 ) : (صام ثلاث أيام ) ص (90 ) : (أن يبقى المسلمين في حال ) .
__________
(1) القول الأسد )) للغماري ، تعليق حسن السقاف ، ويليه (( إعلام الثقلين )) للسقاف . دار الإمام النووي ، الطبعة الأولى .
(2) زهر الريحان في الرد على تحقيق البيان التعقب على ما كتبه قاسم بن نعيم الطائي حول ابن أبي سفيان )) لحسن السقاف ، دار الإمام الرواس .
(3) فتح المعين بنقد كتاب الأربعين ويليه بيني وبين الشيخ بكر )) للغماري ، تعليق السقاف ، دار الإمام النووي ، الطبعة الثانية .
(4) صحيح صفة صيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم )) لحسن السقاف ، دار الإمام النووي ، دار الرازي ، الطبعة الأولى .(14/34)
ومن أخطائه في (( مسألة الرؤية )) (1) :
ص ( 25 ) (وهو من طريق أبو قدامة ) ص(39) ( على أبو عاصم ) ص(75) ( وهي قول أبو منصور ) ص (133)
( أن يكون للأشعري قولين فيها ) .
ومن أخطائه في تعليقه على (( دفع شبه التشبيه ))(2) :
ص ( 73 ) :( وأين إسناد أبو محمد ) . ص ( 105 ): ( أن سيدنا علي كان ) .
أخي المسلم لعلك بعد هذه الرحلة في كتب السقاف علمت حقيقة هذا الكاتب ، وضرره على الإسلام ، وأهله .
نسأل الله تعالى أن يرزقنا ثواب الذب عن عقيدة الإسلام وأئمته بمنه وكرمه ! وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت ، استغفرك وأتوب إليك .
كتبه الفقير إلى عفو الله وكرمه غالب الساقي
في شهر محرم سنة 1427
محتويات الكتاب
المقدمة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ2
الفصل الأول : أسني السقاف أم شيعي؟! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ4
كشف مؤامرة السقاف مع الروافض ــــــــــــــــــــــــــــــ4
موقف السقاف من خلافة أبي بكر ـــــــــــــــــــــــــــــــــ4
موقف السقاف من خلافة أبي بكر وعمر وعثمان ــــــــــــــــ 6
السقاف يفضل عليا على أبي بكر ــــــــــــــــــــــــــــــــ 7
السقاف لا يجيز لعن من يبغض أبا بكر ــــــــــــــــــــــــــــ8
موقف السقاف من الفتن التي وقعت بين الصحابة ــــــــــــــــ 8
موقف السقاف من الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري ـــــــ 8
السقاف يقدح في الصحابي عبد الله بن سلام ـــــــــــــــــــ 9
قدح السقاف في معاوية والخلافة الأموية والعباسية ــــــــــــــ 9
السقاف يقدح في رواية أبي هريرة وأبي سعيد ـــــــــــــــــــ 10
__________
(1) مسألة الرؤية )) لحسن السقاف ، دار الإمام النووي ، الطبعة الأولى .
(2) دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه )) للإمام ابن الجوري ، تحقيق حسن السقاف .(14/35)
السقاف يقدح في رواية ابن عمر وأنس بن مالك ولو كانت في الصحيحين ــــــــــــــــــــ 11
السقاف يقدح في رواية النواس بن سمعان ــــــــــــــــــــــ 11
السقاف يخرج زوجات النبي × من آل البيت ـــــــــــــــــ 12
وزن من ليس من آل البيت عند السقاف ــــــــــــــــــــــــ 13
السقاف يتهم أهل السنة بالنصب ــــــــــــــــــــــــــــــــ 13
السقاف يحث على ترك مذاهب السنة واتباع مذاهب الشيعة ــــ14
السقاف على مذهب الشيعة في إنكار رؤية الله في الدار الآخرة ـ 15
السقاف يعتقد أن فاعل الكبيرة مخلد في النار ــــــــــــــــــــ15
السقاف يعتقد نجاة أبي طالب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 16
السقاف يدعو إلى الخروج على الحاكم الجائر ــــــــــــــــــــ 16
السقاف يدعو إلى تأخير الإفطار حتى يطلع النجم ــــــــــــــ 17
السقاف يدعو إلى الحداد على موت الحسين ـــــــــــــــــــــ18
السقاف يدعو إلى عبادة الأموات والقبور ــــــــــــــــــــــــ19
الفصل الثاني :هل يوثق بكلام السقاف ونقله ؟! ـــــــــــــــــــــــــــــــ 20
ادعى أن ابن تيمية لم يحج ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 20
ادعى أن أهل السنة عندهم مصحف سري !! ـــــــــــــــــــ 21
أنكر جهاد ابن تيمية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 21
السقاف يزعم أن العلامة ابن باز لا يعرف التوحيد ــــــــــــ 25
ادعى أن أهل السنة يبغضون السيرة النبوية وآل البيت ــــــــــ 26
حذف من ( حديث ابن عمر ) كلمة ( بعدها ) ــــــــــــــــ 27
نقل عن ابن تيمية أن الله جسم ــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ 27
زعم أن أهل السنة يثبتون صفة الجنب لله ـــــــــــــــــــــــ 30
السقاف يقول عن كفار قريش ( ما كانوا يقرون بوجود الله )ـــ 35
الفصل الثالث : موقف السقاف من علماء السنة ـــــــــــــــــــــــــــــــــ 37(14/36)
السقاف يرى أن المجسمة كفار والمجسمة عنده هم أهل السنة ــــ 37
السقاف يرى أن كل من نطق بكلمة الكفر فهو كافر ــــــــــــ 38
ما هو التشبيه في مفهوم السلف ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــ 38
السقاف يثني على الجهم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 41
السقاف يحاول إخفاء تجسيم الروافض ــــــــــــــــــــــــــ 41
أهل السنة جميعا عند السقاف مجسمة والمجسمة عنده كفار ـــــــ 42
وقد صرح السقاف بتكفير شيخ الإسلام ابن تيمية ــــــــــــــ 43
السقاف يعتقد أن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه !! ـــــــ 46
السقاف يقدح في السلف وعلماء الحديث ــــــــــــــــــــــ 46
السقاف يطعن في الإمام أحمد ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 48
السقاف يطعن في الإمام الذهبي ــــــــــــــــــــــــــــــــــ 48
السقاف يتهم الإمام ابن كثير بالنصب ــــــــــــــــــــــــــ 49
السقاف يطعن في الإمام أبي الحسن الأشعري ـــــــــــــــــــ 49
السقاف يصرح بأن الإمام النووي من النواصب ــــــــــــــــ 51
السقاف يطعن في الإمام البخاري وصحيحه ــــــــــــــــــــ 51
السقاف يتهم الإمام الباقلاني بالتجسيم والنصب ـــــــــــــــ 52
السقاف يتهم الإمام البيهقي بالتجسيم ــــــــــــــــــــــــــ 53
الفصل الرابع : أخطاء السقاف النحوية والإملائية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 55(14/37)
المقدمة
... إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، القائل : { وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله } [ الأنعام : 153 ] ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله - - صلى الله عليه وسلم - - الذي حذر أمته مما وقعت فيه الأمم من الابتداع والافتراق ، بقوله : (( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر ، وذراعًا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتموه )) (1) .
... وبعد :
... فإن من أهم الموضوعات التي ينبغي أن يعنى بها أهل العلم وطلابه في هذا العصر ، والتي هي من أحوج ما يحتاج إليه المسلمون بعامة ، وطلاب العلم بخاصة ، مسألة الافتراق ( الافتراق مفهومه وأسبابه ، وسبل التوقي منه ، والحذر من الوقوع فيه ) .
__________
(1) رواه البخاري ومسلم .(15/1)
... لاسيما في هذا العصر الذي كثرت فيه البدع وأخرجت أعناقها ، وكثرت فيه الأهواء ، وسيطرت على الناس ، وكثر فيه الخبث والنفاق ، نعم ، لقد كثرت الأهواء رغم كثرة العلم وانتشاره ، إلا أن منه ما لا بركة فيه لأصحابه ، ولا يفيد الكثيرين ممن تلقوه ؛ لأنه إما أن يكون تلقيه عن غير المصادر الأصلية ، أي من غير الكتاب والسنة والآثار ومصنفات أئمة الهدى المقتدى بهم في الدين ، أو عن غير أهله ، أو على غير منهج أهل العلم والفقه في الدين ، وكثرة وسائل العلم ، وهذه نعمة من الله لكن رغم أنها نعمة ، إلا أنها قد ضرت كثيرًا من الناس حين استعجلوها على غير وجهها وحين اكتفوا بها عن أخذ العلم عن أهله ، وهذا من العلم الذي لا ينفع ، الذي استعاذ منه النبي - - صلى الله عليه وسلم - - (1) ، فإن البركة إنما تتحقق في العلم الذي يؤخذ عن العلماء ، وهو الأصل الذي هو سبيل المؤمنين ، أما أخذ العلم عن الوسائل فقط دون الرجال فإنه لا ينفع إلا قليلاً ، مما نتج عنه ظهور الأهواء والآراء الشاذة عن السنة ، وشيوع مظاهر الافتراق والتنازع في الدين وبحثنا هذا سيكون عن : الافتراق : مفهومه ، أسبابه ، وسبل التوقي منه (2) .
... وسأحصر الحديث في هذا الموضوع على خمس مسائل :
المسألة الأولى : مفهوم الافتراق
... الافتراق في اللغة : من المفارقة وهي المباينة والمفاصلة والانقطاع ، والافتراق أيضًا مأخوذ من الانشعاب والشذوذ ومنه الخروج عن الأصل ، والخروج عن الجادة ، والخروج عن الجماعة .
__________
(1) جاء ذلك في حديث أخرجه مسلم وغيره عن زيد بن أرقم وفيه : ( اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ) الحديث . صحيح مسلم ، كتاب الذكر ، الحديث (2723) .
(2) ألقيت هذا الموضوع في محاضرة بالرياض في شهر ربيع الثاني عام 1412هـ .(15/2)
... وفي الاصطلاح : الافتراق هو الخروج عن السنة والجماعة في أصل أو أكثر من أصول الدين القطعية ، سواءً كانت الأصول الاعتقادية ، أو الأصول العملية المتعلقة بالقطعيات ، أو المتعلقة بمصالح الأمة العظمى ، أو بهما معًا .
... عن أبي هريرة - - رضي الله عنه - - عن النبي - - صلى الله عليه وسلم - - أنه قال : (( من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات ، مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية ، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ، ولا يفي لذي عهدًا عهده فليس مني ولست منه )) (1) .
... فمخالفة أهل السنة والجماعة في أصل من أصول الدين في العقيدة افتراق ومفارقة للجماعة ، ومخالفة إجماع المسلمين افتراق ومفارقة للجماعة ، ومخالفة جماعة المسلمين وإمامهم فيما هو من المصالح الكبرى افتراق ومفارقة للجماعة .
... والخروج عن إجماع المسلمين عملاً افتراق ؛ لأنه مفارقة للجماعة .
... وكل كفر أكبر يُعدُّ افتراقًا وليس كل افتراق كفرًا .
__________
(1) رواه مسلم .(15/3)
... أعني أن كل عمل أو اعتقاد يخرج به الإنسان عن أصول الإسلام وعن قطعيات الدين وعن السنة والجماعة ، وهو يقتضي الكفر فإنه مفارقة ، لكن ليس كل افتراق كفرًا ، بمعنى أنه قد يقع الافتراق من طائفة أو فريق من الناس أو جماعة ، لكن قد لا توصف بالكفر ، حتى إن افترقت عن جماعة المسلمين في عمل ما ، كافتراق الخوارج ، فالخوارج الأولون افترقوا عن الأمة ، وخرجوا عليها بالسيف ، وفارقوا جماعة المسلمين وإمامهم ، ومع ذلك لم يحكم الصحابة بكفرهم ، بل اختلفوا فيه ، ولما سئل عنهم علي - - رضي الله عنه - - لم يحكم بكفرهم ، وكذلك ابن عمر وغيره من الصحابة - - رضي الله عنهم - - ، كانوا يصلون خلف نجدة الحروري ، وكان ابن عباس يجيب نافع بن الأزرق ويناظره بالقرآن كما يتناظر المسلمان (1) .
المسألة الثانية : الفرق بين الاختلاف والافتراق
... الفرق بين الافتراق والاختلاف أمر مهم جدًا ، وينبغي أن يُعنى به أهل العلم ؛ لأن كثيرًا من الناس خاصة بعض الدعاة وبعض طلاب العلم الذين لم يكتمل فقههم في الدين ، لا يفرقون بين مسائل الخلاف ومسائل الافتراق ، ومن هنا قد يرتب بعضهم على مسائل الاختلاف أحكام الافتراق ، وهذا خطأ فاحش أصله الجهل بأصول الافتراق ، ومتى يكون هذا ؟ وكيف يكون ؟ ومن الذي يحكم بمفارقة شخص أو جماعة ما ؟
... من هنا كان لابد من ذكر بعض الفروق بين الاختلاف وبين الافتراق ، وسأذكر خمسة فروق على سبيل المثال لا على سبيل الحصر :
... الفرق الأول : أن الافتراق أشد أنواع الاختلاف ، بل هو من ثمار الخلاف ، إذ قد يصل الخلاف إلى حد الافتراق ، وقد لا يصل ، فالافتراق اختلاف وزيادة ، لكن ليس كل اختلاف افتراقًا . وينبني على هذا الفرق الثاني .
__________
(1) انظر منهاج السنة ، لشيخ الإسلام ، 5/247،248 .(15/4)
... الفرق الثاني : وهو أنه ليس كل اختلاف افتراقًا ، بل افتراق اختلاف ، فكثير من المسائل التي يتنازع فيها المسلمون هي من المسائل الخلافية ، ولا يجوز الحكم على المخالفة فيها بالكفر ولا المفارقة ولا الخروج من السنة .
... الفرق الثالث : أن الافتراق لا يكون إلا على أصول كبرى ، أي أصول الدين التي لا يسع الخلاف فيها ، والتي ثبتت بنص قاطع أو بإجماع ، أو استقرت منهجًا عمليًا لأهل السنة والجماعة لا يختلفون عليه ، فما كان كذلك فهو أصل ، من خالف فيه فهو مفترق ، أما ما دون ذلك فإنه يكون من باب الاختلاف .
... فالاختلاف يكون فيما دون الأصول مما يقبل التعدد في الرأي ، ويقبل الاجتهاد ، ويحتمل ذلك كله ، وتكون له مسوغات عند قائله ، أو يحتمل فيه الجهل والإكراه والتأول ، وذلك في أمور الاجتهاديات والفرعيات ، ويكون في بعض الأصول التي يعذر فيها بالعوارض عند المعتبرين من أئمة الدين ، والفرعيات أحيانًا قد تكون في : بعض مسائل العقيدة التي يتفق على أصولها ، ويختلف على جزئياتها ، كإجماع الأئمة على وقوع الإسراء والمعراج ، واختلافهم وتنازعهم في رؤية النبي - - صلى الله عليه وسلم - - لربه فيه ، هل كانت عينية ، أو قلبية ؟
... الفرق الرابع : أن الاختلاف قد يكون عن اجتهاد وعن حسن نية ويؤجر عليه المخطئ ما دام متحريًا للحق ، والمصيب أكثر أجرًا ، وقد يحمد المخطئ على الاجتهاد أيضًا ، أما إذا وصل إلى حد الافتراق فهو مذموم كله ، بينما الافتراق لا يكون عن اجتهاد ، ولا عن حسن نية ن وصاحبه لا يؤجر عليه ، بل هو مذموم وآثم على كل حال ، ومن هنا فهو لا يكون إلا عن ابتداع أو عن اتباع هوى ، أو تقليد مذموم ، أو جهل مطبق .(15/5)
... الفرق الخامس : أن الافتراق يتعلق به الوعيد ، وكله شذوذ وهلكة ، أما الاختلاف فليس كذلك ، مهما بلغ الخلاف بين المسلمين في أمور يسع فيها الاجتهاد ، أو يكون صاحب الرأي المخالف له مسوغ أو يحتمل أن يكون قال الرأي المخالف عن جهل بالدليل ولم تقم عليه الحجة ، أو عن إكراه يعذر به قد لا يطلع عليه أحد ، أو عن تأول ولا يتبين ذلك إلا بعد إقامة الحجة .
التنبيه على بعض الأخطاء
... وبمناسبة الفرق بين الاختلاف والافتراق لابد من التنبيه على بعض الأخطاء التي يقع فيها كثير من الناس في هذا العصر ، خاصة الذين يواجهون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أو الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ، مع ضعف في العلم ، وقلة الفقه في الدين ، أو قلة التجربة ، أو قصور أو انحراف في التصور ، وأخص بعض رواد الدعوة الإسلامية المعاصرة .
... فمن هذه الأخطاء :(15/6)
... الخطأ الأول : إنكار أن يكون في الأمة افتراق ، وينبني عليه نزوع بعضهم إلى إنكار حديث الافتراق الذي ورد عن النبي - - صلى الله عليه وسلم - - وسيأتي الكلام عنه تفصيلاً بعد قليل ، وهذا خطأ فادح ، أن يميل بعض الناس أو يدعي أنه ليس في الأمة افتراق ، وهو بذلك يزعم أنه يريد أن يظهر حسن النية في الأمة ، وأن يعامل الأمة بالظاهر ، ومن هنا يتنكر لحديث الافتراق أو يؤوله ، أو يصرف الافتراق إلى فرق خارجة عن الإسلام قطعًا ، أو إلى فرق في الأمة هي من غير المسلمين ، وهذا خطأ فادح ، بل هو معارضة صريحة لأخبار النبي - - صلى الله عليه وسلم - - ، بل الأخبار القاطعة في الكتاب والسنة ، تدل على وقوع الافتراق (1) ، فالأمة فعلاً فيها افتراق وهذا حق ، والافتراق من الابتلاء ، والحق لا يتبين إلا بضده ، والله سبحانه وتعالى كتب منذ الأزل ألا يبقى على الحق إلا الأقلون ، وعلى هذا فإن القول بوقوع الافتراق لا يعد إساءة ظن بالأمة ، بل هو أمر واقع لابد من الاعتراف به ، ولابد من تصديق خبر النبي - - صلى الله عليه وسلم - - فيه كما أخبر ، وكون الافتراق يقع في الأمة لا يعني أن الإنسان يُسلم بالأمر الواقع ، أو يزعم أن المفارقة مشروعة ، أو يرضى بأن يفارق أو لا يتحرى الحق ولا يبحث عنه استسلامًا لقدر المفارقة ، بل إن وقوع الافتراق هو دافعٌ لكل مسلم بأن يتحرى الحق ويستمسك به ، ويعرف الشر ليحذره ويتجنب مسالكه ، وليعلم أن الحق لابد متحدّد في نهج النبي - - صلى الله عليه وسلم - - وفي نهج صحابته ، ونهج السلف الصالح .
__________
(1) ستأتي النصوص القاطعة الدالة على وقوع الافتراق في فصل لاحق .(15/7)
... الخطأ الثاني : وهو قد يتخذ ذريعة للمفارقة ، وهو يقابل الخطأ الأول بالتمام وهو اعتقاد أن المفارقة ما دامت أمرًا واقعًا فهذا يعني أن الأمة تقع فيه برضى وتسليم ، وأنه يشرع للدعاة أن يرضوا بواقع الافتراق ويسلموا به ، وأن يقبلوا هذا الضلال دون أن يسعوا لعلاجه ، وأنه لا يضر المسلم أن يكون مع أي فريق كان ؛ لأن المفارقة أمر واقع ، فعلى المسلم أن يذهب مع من يعجبه من أهل الأهواء وأهل الفرق ، أو يتعاطف معهم ، أو يسعى لجمعهم على ما هم فيه من افتراق .(15/8)
... وهذه أيضًا دعوى باطلة ، بل هي تلبيس على المسلمين ، فلا يجوز أن يكون الخبر عن الاختلاف ذريعة للمفارقة ، أو ذريعة للرضى بالبدع ، أو ذريعة للرضى بالأهواء والرضى بالخطأ ؛ لأن الخبر عن الافتراق في الدين جاء بمعرض النهي والتحذير الشديد ، ولقد وصل الأمر عند البعض ممن ينتسبون للدعوة أن يقول ما دام الرسول - - صلى الله عليه وسلم - - أخبر بأن الأمة ستفترق ، فإذًا لابد أن نرضى بالبدع ونقرَّها أمرًا واقعًا ، ونرضى بالأهواء ونُقرها أمرًا واقعًا ، ونسلم للأمر الواقع ولنعرف بأنه لا دين إلا بدخن !! وهذه دعوى باطلة ، بل هي من مداخل الشيطان على الإنسان ، لأن الرسول - - صلى الله عليه وسلم - - حينما أخبر عن الافتراق ، أخبر بأنه ستبقى طائفة من هذه الأمة على الحق ، ظاهرة منصورة (1) ، ظاهرة بالحق تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، وهذه الطائفة تقوم بها الحجة ، ويهتدي بها من أراد الهدى ، ويقتدي بها من أراد الحق والخير والسنة ، فإذًا الحجة لابد أن تكون قائمة ، والحق لابد أن يظهر ، ولا يمكن أن يخفى على كل ذي بصيرة ، ولا على كل من يريد الحق ويسعى إليه صادقًا ، فإنه من يتق الله يجعل له مخرجًا ، فما دام الحق واضح والسنة قائمة فلا يجوز للداعية ولا لغيره أن يعدل عن السنة مهما قل اتباعها ولا أن يستسلم ويرضى بالبدع والأهواء مهما كثر أتباعها ، فإن الفرقة الناجية واحدة من ثلاث وسبعين فرقة - فافهم رعاك الله - .
... فمن هنا كان الرضى بالبدع والأهواء على أنها أمر واقع لا يجوز شرعًا ، بل هو تلبيس عل المسلمين ، وهو أيضًا تحقيق للباطل ، وإعراض عن الحق ، واتباع لغير سبيل المؤمنين ، نسأل الله السلامة .
__________
(1) ونص الحديث قوله - - صلى الله عليه وسلم - - : ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله ) وهو عند مسلم ، والترمذي ، وابن ماجه .(15/9)
... الخطأ الثالث : خطأ الذين يجعلون من الاختلاف ذريعة للتسرع في وصف المخالفين بالخروج ، أو المفارقة ، أو المروق من الدين ، وما يستتبع ذلك من الاستعجال في الحكم على المخالفين دون رجوع إلى قواعد الشرع وأصول الحكم ، ومناهج أئمة الدين في ذلك ؛ لأن التكفير له ضوابطه وأصوله ، حتى مع مرتكبي البدع والأهواء ؛ لأن ترتيب الأحكام عليهم بالكفر أو بالبراء والبغض والهجر ، والتحذير من المخالف مطلقًا ، دون التثبت ودون إقامة الحجة لا يجوز ، أعني بذلك أنه لا ينبغي لكل من رأى أي بدعة في شخص أن يصفه بالمفارقة ولا كل من رأى أمرًا مخالفًا للشرع والدين والسنة أن يصفه بالمفارقة ؛ لأن من الناس من يجهل الأحكام ، والجاهل معذور حتى يعلم ، ومن الناس من يكون مكرهًا في بيئة ، أو في مكان ما ، كما يحدث في بعض البلاد الإسلامية التي يُكره فيها المسلمون - مثلاً - على حلق اللحى ، أو على ترك الجماعة ، أو على التلفظ بالكفر ، أو على ممارسة بعض الأعمال التي لا تجوز شرعًا ، ويكرهون على ذلك ، ولو لم يفعلوا لقتلوا ، أو عذبوا ، أو انتهكت أعراضهم ، أو نحو ذلك .
... إذًا فإن عارض الإكراه لابد أن يرد في ذهن الحاكم على الناس بأي حكم من الأحكام ، وقد يكون فاعل البدع أو معتقد الضلالة متأولاً ، ولم تقم عليه الحجة ، فلابد من إقامة الحجة على الناس ، فقد يرى أحدنا منا إنسانًا يرتكب بدعة من البدع التي عادة إنما يرتكبها أهل الافتراق - كبدعة المولد مثلاً - فإذا فعلها إنسان عامي جاهل فلا يعني أن يوصف بالضلال ، حتى يُبيّن له الأمر ، وتقام عليه الحجة ، ولا أن يوصف بالافتراق ، أما فعله فيوصف بالابتداع ، لكن لا يوصف بأنه مفارق أو أنه خارج عن الجماعة ، أو أنه من الفرق الهالكة بمجرد رؤية بدعة أظهرها حتى تقام عليه الحجة ، اللهم إلا البدع المكفرة ، وليس المقام هنا يتسع للكلام عنها .(15/10)
... بل اتهام الناس بالمفارقة للدين فيما هو دون الأصول من البدع والمخالفات والمحدثات لا يجوز ، بل هو من التعجل المذموم ، وينبغي على من رأى شيئًا من ذلك أن يتثبت وأن يسأل أهل العلم ويفترض أن المسلم الذي وقع في ذلك جاهل ، أو متأول ، أو مقلد يحتاج إلى نصح ، وبيان ، وإرشاد ، وأن يعامل ابتداءً بإشفاق ورفق ؛ لأن القصد هدايته لا تجريحه .
... الخطأ الرابع : الجهل بما يسع فيه الخلاف وبما لا يسع ، أي عدم التفريق عند كثير من المنتسبين للإسلام ، بل ومن المنتسبين للدعوة ، بين ما هو من أمور الخلاف ، وما هو من الأمور التي لا يصح فيها خلاف ، وأضرب لذلك أمثلة :
... 1- من الناس من يعد بعض المسائل الخلافية من القطعية والأصول دون أن يرجع إلى أصول أهل العلم ، وإلى أقوالهم أو دون أن يهتدي بأهل الفقه في الدين ، الذين يبصرونه في هذه الأمور .
... 2- ومن ذلك عدم التفريق بين الأمور المكفرة وغير المكفرة .
... 3- عدم التفريق بين البدعيات الكبرى وما دونها والبدعيات المخرجة من الدين أو المكفرة وما دونها ، كثيرًا من الأخطاء التي تحدث من الأشخاص ، أو من الهيئات ، أو من الجماعات - ويكفرهم بعض المتعجلين بسببها - هي ليست كذلك ، فإن بعض الناس إذا عرف بأصل من الأصول التي تكفر ، كالقول مثلاً بأن القرآن مخلوق طبَّقه على كل قائل بهذه المقولة دون الأخذ بأحكام التكفير ، وهكذا في بقية المسائل ، وعدم التفريق بين الأصل وبين الحكم على المعين أمر مخالف لأصول السلف وأصول أهل السنة والجماعة .(15/11)
... إن أهل السنة والجماعة يفرِّقون بين الأحكام العامة بالكفر ، وبالفسق ، وبالتبديع على وجه العموم ، وبين الحكم على المعين ، فقد نحكم على عمل أو شيء ما بأنه كفر ، ونحكم على مقولة ما من المقولات بأنها كفر ، وهذا لا يعني أن كل من اعتقد أو فعل هذا الكفر يكفر ، ولا كل من قال بهذا القول يكفر ، هناك كثيرون لا يفرقون في هذه المسائل فيُكفّرون باللوازم ويُكفّرون دون الأخذ بضوابط التكفير ، مع أن الكفر لا يجوز إطلاقه حتى يتم التثبت ، وبيان الحجة وإقامتها ، وبيان الدليل ومعرفة عدم وجود العوارض المانعة من إطلاق التكفير على المعين ، كالجهل وعدم وجود الإكراه ، وعدم وجود التأول . وهذه مسألة تحتاج إلى مقامات طويلة ، وإلى مقابلة للأشخاص ، وإلى الجلوس إليهم ، ونقاشهم ونصيحتهم ، أما أن نرتب أحكام الكفر على كل من ظهرت منه حالة كفر ، أو مقولة كفر ، أو اعتقاد كفر ، فإن هذا لا يجوز إلا في الأمور الكبرى التي تعلم من الدين بالضرورة ، كمن أنكر شهادة ألا إله إلا الله ، فهذا معلوم من الدين بالضرورة كفره ، أو من أنكر شهادة أن محمدًا رسول الله ، فهذا معلوم من الدين بالضرورة كفره ، أو من سب الرسول - - صلى الله عليه وسلم - - فهذا معلوم من الدين بالضرورة كفره ، لكن هناك من أصول الدين ما تخفى دقائقه وتفصيلاته ، وألفاظ الاعتقاد به على العامة ، ومن في حكمهم كمسائل الصفات ، ومسائل القدر ، ومسائل الرؤية ، والشفاعة ومسائل الصحابة ، وغير ذلك من الأمور التي لا يعلمها العامة تفصيلاً ، بل تخفى حتى على بعض من ينتسبون إلى العلم ، تخفى عليهم تفاصيلها ، وربما يتلفظ بعضهم بلفظ كفر ، وهو لا يشعر ، أو وهو لم يعتمد أو هو لا يدري ، أو لم يتمعن العبارة ، فهل هذا يحكم بكفره ابتداءً ؟ طبعًا لا .(15/12)
... إن من أشد الأخطاء التي يقع فيها كثيرون من الذين يتعرضون للحكم على الناس - خاصة بعض صغار طلاب العلم والأحداث منهم ، الذين لم يتفقهوا في الدين على أهل العلم ، إنما أخذوا العلوم الشرعية عن الكتب والوسائل دون الاهتداء ، ودون اقتداء ، دون مراعاة للأصول ، ولا معرفة بأصول الاستدلال وأصول الأحكام - هؤلاء يقع بعض منهم في هذه المسائل الخطيرة ، وهي عدم التفريق بيت الأصول وبين تطبيق الأصول على الجزئيات والحوادث والنوازل .
... فأحكام الكفر والتكفير وأحواله ، لا تعني تكفير كل شخص يقول بها ، أو يعملها ، أو يعتقدها ، وأحكام الولاء والبراء ، مثل أحكام التكفير ، لا تعني تطبيق هذا الولاء والبراء على كل من يظهر منه موجبه ، حتى يتم التأكد ، أقصد بذلك البراء بخاصة ، أما الولاء فهو الأصل لكل مسلم ، ولا يجوز التوقف والتبين في الولاء إذا الولاء واجب لكل من يظهر منه الإسلام ، حتى يظهر ويتأكد ما يخالفه .
... كذلك عدم اعتبار المصالح والمفاسد أو الجهل بقواعد جلب المصالح ودرء المفاسد سبب من أعظم أسباب الوقوع في هذه الأخطاء وأمثالها .
المسألة الثالثة : وقوع الافتراق في الأمة
... هل وقوع الافتراق في هذه الأمة ؟ وهل يقع أو لا يقع ؟
... هذه المسألة محسومة بأمور :(15/13)
... أولها : الأخبار المتواترة عن النبي - - صلى الله عليه وسلم - - بوقوع الافتراق في هذه الأمة ، ومن ذلك حديث الافتراق : (( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة )) ، هذا حديث للنبي - - صلى الله عليه وسلم - - مشهور ، وقد رواه جمع من الصحابة ، وخرَّجه الأئمة العدول ، الحفاظ في السنن ، كالإمام احمد ، وكأبي داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، والحاكم ، وابن حبان ، وأبي يعلى الموصلي ، وابن أبي عاصم ، وابن بطة ، والآجري ، والدارمي ، واللالكائي . كما صححه جمع من أهل العلم كالترمذي ، والحاكم ، والذهبي ، والسيوطي ، والشاطبي ، وأيضًا للحديث طرق حسنة كثيرة ، بمجموعها تصل إلى حد القول بصحته .
... الثاني : أن النبي - - صلى الله عليه وسلم - - أخبر بخبر آخر أن الأمة ستتبع الأمم السابقة ، وهو الحديث الصحيح المتفق عليه في الصحاح والسنن ، وهو حديث : (( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر ، وذراعًا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموه )) . قلنا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟! قال : (( فمن )) (1) ؟!
__________
(1) أخرجه البخاري ، فتح الباري ، 13/300 . ومسلم ، رقم (2669) .(15/14)
... وهذا الحديث أيضًا فسر بما يدل على أن المراد التشبه بنصوص وألفاظ كثيرة ، مثل قول النبي - - صلى الله عليه وسلم - - : (( حذو القذة بالقذة )) ، وغير ذلك من الألفاظ التي تدل على أن النبي - - صلى الله عليه وسلم - - أخبر - على سبيل التحذير - أن الأمة ستقع في الافتراق حتمًا ، وأن وقوعها أمر واقع تبتلى به هذه الأمة ، وليس وقوع الافتراق ذمًا إلا للمفترقين ، وليس هو ذمًا على الإسلام ، ولا انتقاصًا ، ولا ذمًا لأهل السنة والجماعة وأهل الحق ، إنما هو ذم للمفترقين ، والمفترقون ليسوا هم أهل السنة والجماعة ، بل أهل السنة هم الباقون على الأصل ، وهم الباقون على الإسلام ، وهم الذين أقام بهم الله الحجة على الناس ، إلى قيام الساعة .
... إذًا فالافتراق واقع حتمًا ، وهو خبر صادق حتى لو لم يشهد به الواقع ، وتشهد به العقول ، فهو ثابت عن النبي - - صلى الله عليه وسلم - - من طرق وألفاظ عديدة ، لذلك ورد التحذير منه ، وإذا كثر التحذير دل على أن الأمر واقع أو سيقع .
... الثالث : والنصوص الواردة في القرآن والسنة تتضمن التحذير من اتباع السبل وهي الأهواء والفرق .
... من ذلك قوله تعالى : { واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تتفرقوا } [ آل عمران : 103 ] ، وقال تعالى : { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم } [ الأنفال : 46 ] ، وقوله تعالى : { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات } [ آل عمران: 105 ]، وقال تعالى : { أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } [ الشورى: 13 ]، وقوله تعالى : { وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله } [ الأنعام : 153 ] .(15/15)
... وقد شرح النبي - - صلى الله عليه وسلم - - هذه الآيات شرحًا بينًا مفصلاً ، بأن خط خطًا طويلاً - مستقيمًا - ثم خط خطوطًا تتفرع عن هذا الخط وتخرج عنه ، فبيَّن أن هذا صراط الله ، وهذه السبل (1) هي الجواد التي تخرج عن السبيل الأساسية ، وأنه سيكون على سبل الهلاك دعاة يدعون إلى سبل الشيطان فمن أطاعهم قذفوه في مهاوي الهلكة (2) .
... رابعًا : وكذلك نهانا الله سبحانه وتعالى عن التنازع فقال : { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم } [ الأنفال : 46 ] ، والتنازع قد وقع في طوائف هذه الأمة ، وافترقت به الفرق .
... خامسًا : كذلك توعد الله سبحانه وتعالى الذين يخرجون عن سبيل المؤمنين ، قال تعالى : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا } [ النساء : 115 ] ، وقد حصلت المشاقة لله ولرسوله واتباع غير سبيل المؤمنين من أهل النفاق والشقاق والافتراق ، نسأل الله العافية .
... وسبيل المؤمنين هو سبيل أهل السنة والجماعة .
... سادسًا : كما أن النبي - - صلى الله عليه وسلم - - رتب أحكامًا على المفارقة بدليل أنها ستقع ، فقد حذر من مفارقة الجماعة في مثل قوله - - صلى الله عليه وسلم - - : (( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة )) (3) .
__________
(1) جاء ذلك في أحاديث من طرق صحح بعضها الحاكم ووافقه الذهبي والألباني . السنة ، لابن أبي عاصم ، 1/13،14 .
(2) المصدر السابق .
(3) متفق عليه ، البخاري ، 4/317 . ومسلم ، 5/106 .(15/16)
... سابعًا : وقد أخبر النبي - - صلى الله عليه وسلم - - بالافتراق في هذه الأمة ، حين أخبر عن الخوارج ، وأنهم سيخرجون عن هذه الأمة ، وأنهم يمرقون من الدين ، والمروق قد لا يعني الكفر أو الخروج من الملة بالكلية ، إنما المروق قد يعني الخروج من أصل الإسلام ، أو عن حدوده ، أو بعض ذلك ، والخروج يكون بالكفر ، أو ما دون الكفر ، وقد يعني الخروج من أمة الإسلام وهي جماعته ، أو من السنة التي عليها أهل السنة وهم أهل الإسلام في الحقيقة .
... ثامنًا : والنبي - - صلى الله عليه وسلم - - أمر بقتل المفارق للجماعة ، كما مر في الحديث السابق ، وهذا تشريع في أمر لابد حاصل ، إذ لا يكون تشريع النبي - - صلى الله عليه وسلم - - ترفًا أو افتراضًا .
... تاسعًا : كذلك بين النبي - - صلى الله عليه وسلم - - أن من مات مفارقًا للجماعة مات ميتة جاهلية (1) ، وأن الفرقة عذاب ، وأن الشذوذ هلكة ، وغير ذلك من الأمور والمعاني التي تدل على أن الفرقة واقعة ، والتحذير منها لم يكن عبثًا ، إنما لأنها ستقع ابتلاءً ولا تقع إلا والناس على بصيرة ، يعرفون الحق وهو الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ، والباحثون عن الحق يميزون بين الحق والباطل ، فمن اهتدى اهتدى على بصيرة ، ومن ضل بعد ذلك ضل على علم ، نسأل الله العافية من الضلالة .
... وبعد : فإن هذه الأدلة القاطعة على صحة حدوث الافتراق في الأمة ، ابتلاءً وفتنة وأنه من سنن الله التي لا تتبدل ، وأن الافتراق كله مذموم ، وعلى المسلم أن يعرفه ، ويعرف أهله ، فيجنب مواطن الزلل .
المسألة الرابعة : تاريخ الافتراق في الإسلام
__________
(1) جاء ذلك في الحديث الذي رواه مسلم وغيره ، وسبق تخريجه .(15/17)
... والحديث عن تاريخ الافتراق مفيد ، لأن في ما حديث في أول الإسلام عبرة ، ولا أستطيع أن أتكلم عن تاريخ الافتراق تفصيلاً ، لكني سأقف على بعض النقاط التي هي مواطن عبرة ، ولابد من تصحيح المفهوم فيها ، وفيما أخطأ فيه كثير من الناس في العصر الحاضر :
... أولاً : أول عقائد الافتراق التي ظهرت في الأمة كانت مجرد أفكار وعقائد مغمورة لا تسمع إلا همسًا ! وهي العقائد السبئية ( عقائد الشيعة وأصول الخوارج ) وهي أول ما سمع المسلمون ، وأول ما سمع الصحابة من عقائد الافتراق وبذور الفرقة بين المسلمين ، يهمس بها أصحابها همسًا ، وأول من قال بها شخص غريب الأطوار ، اختلف في اسمه ، والأشهر أنه قال ابن السوداء : عبدالله بن سبأ ، فقال بها ، وأخذ يوسوس بها بين المسلمين ، فاعتنقها كثير من المنافقين ، ومن الكائدين الذين كادوا للإسلام ، ومن الجهلة وحدثاء السن ، ومن الموتورين الذين ظهر الإسلام على بلادهم ، وعلى أديانهم ، وقوض ملكهم - بحمد الله - ومن حديثي الإسلام من الفرس والأعراب ونحوهم ؛ فاعتنقوا مقولات ابن سبأ ، فسرت بين المسلمين سرًا ، حتى ظهرت منها الشيعة والخوارج .
... هذا بالنسبة لأول العقائد ومقولات الفرق التي ظهرت بين المسلمين وهي تخالف بعض أصول الإسلام والسنة .
... أما أول الفرق ظهورًا وافتراقًا عن إمام المسلمين وعن جماعتهم ، فهي الخوارج ، والخوارج نزعة نزعت من السبئية ، وبعض الناس يظن أن السبئية شيء والخوارج شيء آخر ، والحقيقة أن الخوارج نبتة من نبتات السبئية النكدة ، كما أن الشيعة نبتة من نبتات السبئية النكدة ، فالسبئية افترقت إلى فرقتين رئيسيتين ، هي الخوارج والشيعة . هذا ورغم ما بين الخوارج والشيعة من بعض الفوارق ، إلا أن الأصل واحد ، وكلها نشأن عن أحداث الفتنة على عثمان - رضي الله عنه التي أثارها ابن سبأ بأفكاره وعقائده وأعماله ، فانبجست منها أخبث العقائد حينذاك وهي الخوارج والشيعة .(15/18)
... والفرق بين الخوارج والشيعة صنعه المبطلون إمعانًا في تفريق الأمة ، بمعنى أن ابن سبأ وأمثاله بذروا بذورًا تناسب طائفة من أهل الأهواء ، وبذورًا أخرى تناسب طائفة أخرى ، وجعلوا بينهم شيئًا من العداء ، لتفترق الأمة كما يحدث الآن ، حيث أوجد أعداء الإسلام ضد المسلمين ما يسمى بلعبة اليمين واليسار ، وقسموا المسلمين إلى أحزاب ، أحزاب يمين وأحزاب يسار ، ولما استنفذت غرضها ، جاءت لعبة العلمانية والأصولية ، والتقدمية والرجعية ، والأصالة والحداثة ، وهكذا ، وهذه اللعبة واحدة ، منشؤها واحد ، وأصل القائلين بها واحد ، وغرضها واحد ، وإن اختلفت الأشكال والمشارب ، إذ كل هذه تمثل قوى الباطل ، وإن تعادت .(15/19)
... ثانيًا : أمر مهم لابد من التنبيه عليه ؛ وهو أنه في تاريخ الافتراق لم يحصل من الصحابة افترق البتة ، وما حصل بين الصحابة إنما هو خلافات كانت تنتهي إما بالإجماع وإما بالخضوع لرأي الجماعة والالتفاف حول الإمام ، هذا ما حصل بين الصحابة ، ولم يحصل من صحابي أن كان مفترقًا عن الجماعة ، وليس فيهم من قال ببدعة ، أو عمل محدثًا في الدين ، إن الصحابة وهم الأئمة المقتدى بهم في الدين لم يحصل من أحد منهم أنه فارق الجماعة أبدًا ، ولم يحصل أن أحدًا منهم أيضًا يُعد قوله أصلاً في البدع ، ولا أصلاً في الافتراق ، والذين نسبوا بعض المقولات أو نسبوا بعض الفرق إلى بعض الصحابة ، إنما كذبوا عليهم ، وافتروا عليهم أكبر الفرية ، فلا صحة لما يقال من أن علي بن أبي طالب هو أصل التشيع ، أو أن أبا ذر هو أصل الاشتراكية ، أو أن أهل الصفة هم أصل الصوفية ، أو أن معاوية هو أصل الجبرية ، أو أن أبا الدرداء أصل القدرية ، أو أن فلانًا من الصحابة هو أصل كذا من المقولات ، أو المحدثات أو البدع أو المواقف الشاذة ، بل كل ذلك إنما هو من لباطل المحض (1) .
__________
(1) من الباطل زعم بعض المتصوفة أن أصل بدعتهم عن أهل الصفة من أصحاب النبي - - صلى الله عليه وسلم - - وحاشاهم . لكن نقول لهؤلاء المفترين : كونوا على هدي أصحاب الصفة إن كنتم صادقين .(15/20)
... ثم إن الافتراق لم يحدث إلا بعد مقتل عثمان ، فلم يحدث افتراق ظاهر في عهد عثمان ، وحينما حديث الفتنة بين المسلمين في عهد علي ، خرجت خارجة الخوارج ، وخارجة الشيعة ، أما في عهد الخليفتين أبي بكر وعمر ، بل حتى في عهد عثمان ، لم يحدث افتراق حقيقي البتة ، ثم إن الصحابة قاوموا الافتراق ، ولا يظن ظان أن الصحابة غفلوا ، أو أنهم جهلوا ، أو أنهم لم يتنبهوا لمسائل الافتراق ، سواءً كانت أفكارًا أو عقائد ، أو مواقف أو أعمالاً ، بل لقد وقفوا ضد الافتراق أشد الوقوف ، وأبلوا في ذلك بلاءً حسنًا بحزم وقوة ، لكن أمر الله لابد أن يقع .
رؤوس البدع
... امتدادًا للحديث عن تاريخ الافتراق ، فمن المناسب أن نشير إلى أصول البدع ، أي الرؤوس التي انبثقت منها الفرق ، ثم انبثق عنها الافتراق ، وأقصد بذلك الأشخاص الذين تولوا كبرهم وصاروا أئمة ضلالة إلى يوم القيامة ، وبعدهم انفتح باب الافتراق ، وكثر المضللون ، فأذكر منهم :
... 1- أول أولئك : ابن السوداء ، وهو ابن سبأ اليهودي الذي ادعى الإسلام ، وأبتاعه وأشياعه ، وقد بدأت مقولاته سنة (34هـ) تقريبًا ، وهذا يجمع بين بدعة الخوارج وبدعة الشيعة .
... 2- ثم بعد ذلك أظهر معبد الجهني (ت80هـ) بدعة القول بالقدر سنة (64هـ) تقريبًا ، حيث أنكر علم الله السابق وتقديره لأفعال العباد ، وقال بها على نحو معلن ، وصار له أثر وأتباع ، لكن بدعته وجدت مقاومة شديدة من السلف آنذاك وعلى رأسهم متأخرو الصحابة كابن عمر .(15/21)
... 3- ثم جاء بعده غيلان الدمشقي ، وقد تولى كبره في إثارة كثير من القضايا حول القدر - قبل سنة 98هـ - وأيضًا حول التأويل والتعطيل لبعض أسماء الله وصفاته والإرجاء ، فتصدى له السلف . وممن جادل غيلان الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز ، وقد أقام عليه الحجة ، فالتزم الصمت حتى مات عمر ، ثم نكص على عقبيه ، وهذه سمة غالبة في أهل الافتراق والأهواء ، أي أنهم لا يتوبون ، ولو انقطعت حجة أحدهم حاد ونكص ، وغيلان قتل سنة (105هـ) بعدما استتيب ولم يتب .
... 4- ثم جاء بعده الجعد بن درهم المقتول سنة (124هـ) فتوسع في هذه المقولات ، وجمع بين مقولات القدرية ومقولات المعطلة والمؤولة ، وأثار الشبهات بين المسلمين ، حتى انبرى له كثير من السلف ، واستتابوه ، ولم يتب ، وجادلوه وأقاموا عليه الحجة ، فلم يرجع ، فلما افتتن به الناس ، حكموا بضرورة قتله درءًا للفتنة ، فقتله خالد بن عبدالله القسري في قصته المشهورة حينما قال بعد خطبته في عيد الأضحى : ( ضحوا تقبل الله ضحاياكم ، فإني مُضحٍ بالجعد بن درهم ، فإنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلم موسى تكليمًا ... إلخ ) من المقولات ، ثم نزل من المنبر وقتله سنة (124هـ) .
... 5- وبعد ذلك انطفأت الفتنة بعض الوقت ، حتى ظهرت على يد الجهم بن صفوان ، الذي جمع بين مساوئ الأولين وضلالاتهم وزاد عليها ، وخرجت عنه بدعة الجهمية ، وبدع الجهمية ومقولاتها ، وانحرافاتها كفريات ، وقد قال الجهم بأكثر مقولات غيلان والجعد ، وزاد عليها بالتعطيل والتأويل والإرجاء والجبر وإنكار الكلام والاستواء والعلو والرؤية ، وقتل حدًا سنة (128هـ) .
... 6- وظهر في وقته واصل بن عطاء ، وعمرو بن عبيد ، وقد وضعا أصول المعتزلة القدرية .(15/22)
... ثم انفتح باب الافتراق ، فبدأت الرافضة تعلن عقائدها وانقسمت إلى فرق كثيرة ، وظهرت المشبهة من الرافضة على يد داود الجواربي ، وهشام بن الحكم ، وهشام الجواليقي ، وهؤلاء هم أصول المشبهة الأوائل ، وهم رافضة ، ثم جاء المتكلمون من الكلابية والأشعرية والماتريدية ، ثم المتصوفة والفلاسفة ، فانفتح باب الافتراق على مصراعيه لكل ضالٍ ومبتدع ومتبع للهوى ، وبقيت أصول الفرق بين المسلمين .
... فلا تزال أصول الفرق بين المسلمين باقية حتى يومنا هذا ، بل تتجدد بدع وحوادث تضيف إلى الافتراق افتراقًا جديدًا بحسب أهواء الناس وتمرُّسهم في البدع والضلالات .
... ويدعي بعض الناس عن جهل أو تجاهل أن الفرق انقرضت وصارت مطمورة في أحداث التاريخ ، وركام التراث !! وهذه مغالطة ، فكل الفرق القديمة الكبرى والخطيرة لا تزال موجودة بين ظهراني المسلمين ، بل وتزيد كثرة وخطورة وانحرافًا ، فالرافضة وفرقها الباطلة ، وبقية فرق الشيعة ، والخوارج ، والقدرية ، والمعتزلة ، والجهمية ، وأهل الكلام ، والمتصوفة ، والفلاسفة ، كلها لا تزال تنخر بأسلوب أنكى على الأمة من أي وقت مضى ، لما تدعيه من التعالم والثقافة والفكر ، ولقلة فقه أكثر المسلمين في الدين وجهلهم بالعقيدة ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
المسألة الخامسة : أسباب الافتراق
... وأسباب الافتراق لو حاولنا أن نستقرئها منذ أن بدأ الافتراق حتى يومنا هذا ، لوجدناها كثيرة جدًا ، لا تكاد تحصى ، وكلما تجددت للناس أفكار وثقافات وأهواء تجددت معها أسباب للافتراق ، لكن هناك أسباب كبرى رئيسة ، وتكاد تتفق عليها أصول الفرق قديمًا وحديثًا ، ألخصها بما يلي :(15/23)
... أول أسباب الافتراق وأشدها نكاية على الأمة : كيد الكائدين بأصنافهم من أهل الديانات ، كاليهود والنصارى والصابئة والمجوس والدهريين ، وكذلك من الموتورين ، أي الذين حقدوا على الإسلام والمسلمين ؛ لأن الجهاد قضى على دولتهم ، ومعا عزة أديانهم وهيمنة سلطانهم من الأرض ، كالفرس والروم ، فهؤلاء منهم الذين بقوا على كفرهم وحقدهم على المسلمين والدين والإسلام ، وآثروا النفاق والزندقة بإعلان الإسلام ظاهرًا فقط ، أو البقاء على دياناتهم مع دفع الجزية ، حفاظًا على رقابهم ، وإيثارًا للسلامة ، للتعايش مع المسلمين ، وهؤلاء هم أشد المعاول عملاً في الفتك بالمسلمين ، والكيد لهم بالأفكار ، وبث المبادئ والبدع والأهواء بينهم .
... السبب الثاني : رؤوس أهل الأهواء ، الذين يجدون مصالح شخصية أو شعوبية في الافتراق ، وكذلك أتباعهم من الغوغائية ، فكثير من أتباع الفرق نجد أنهم يجدون في الفرق تحقيقًا لمصالح شخصية أو شعوبية أو حزبية أو قبلية أو غيرها ، وربما بعضهم يقاتل على هذا الأمر لهوى ، أو لعصبية ، هذا الصنف هم مادة وقود الفرق ، فهم الذين يكثِّرون أتباع تلك الفرق ، ويجتمعون حولهم لتحقيق هذه المصالح ، وهذه الفئة موجودة في كل زمان وفي كل مكان ، فإنه متى ما ظهر في الناس رأي شاذ ، أو بدعة أو صاحب هوى ، فإنه يجد من الغوغاء ، ومن أصحاب الأهواء وأصحاب الشهوات والأغراض الشخصية ، من يتبعه لتحقيق ذلك وما أكثرهم في كل زمان - لا كثرهم الله - .(15/24)
... السبب الثالث : الجهل ، والجهل داء عضال وقاسم مشترك يشكل كل الأسباب ، لكن الجهل المقصود هنا هو عدم التفقه في الدين عقيدة وشريعة ، وهو الجهل بالسنة وأصولها وقواعدها ومناهجها ، وليس مجرد عدم تحصيل المعلومات ؛ لأن الإنسان قد يكفيه أن يحصل ما يحصن به نفسه ، وما يحفظ به دينه ، ويكون بذلك عالمًا بدينه ، ولو لم يتبحر في العلم ، والعكس كذلك ، قد يوجد من الناس من يعلم الشيء الكثير ، وذهنه محشو بالمعلومات ، لكنه يجهل بديهيات الأصول والقواعد الشرعية في الدين ، فلا يفقه أصول العقيدة وأحكام الافتراق ، وأحكام التعامل مع الافتراق ، وأحكام التعامل مع الآخرين ، وهذه مصيبة كبرى أصيب بها كثير من الناس اليوم ، وهي أن الواحد منهم توجد لديه معلومات شرعية ، أو يكون ممن يتعلمون ويأخذون العلم الشرعي عن مصادر كثيرة ، لكن تجده جاهلاً في العقيدة وفقه أحكام التعامل مع الناس ، والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فيفسد من حيث لا يشعر ، فالجهل مصيبة ، والجهل سبب رئيسي لوجود الافتراق ، والجهلاء هم مادة الفرق ، وهم وقودها .
... السبب الرابع : الخلل في منهج تلقي الدين ، وأقصد بذلك أنه قد يوجد لدى كثير من الناس - كما أسلفت - علم ، وقد يطلع على كثير من الكتب ، لكنه يجهل أو اختل عنده منهج تلقي الدين ، لأن تلقي الدين له منهج مأثور منذ عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين ، وسلف الأمة ، واقتفاه أئمة الهدى إلى يومنا هذا .
... وهذا المنهج إنما هو العلم والعمل والاهتداء والاقتداء والسلوك والتعامل ، وهو الإلمام بالقواعد الشرعية والأصول العامة أكثر من مجرد الإلمام بفرعيات الأحكام أو بكميات النصوص .(15/25)
... وذلك يتم بتلقي الدين عن القدوة ، الأئمة العدول الثقات ، وعن طلال العلم الموثوق بهم ، وبعلمهم ، وأن يؤخذ العلم بالتدرج النوعي والكمي حسب المدارك والاستعداد ، والعلم الذي يحصل به الفقه في الدين هو العلم الشرعي المستمد من الكتاب والسنة والآثار الصحيحة عن أئمة الهدى ، فالكتب الثقافية والفكرية والأدبية والتاريخية ونحوها لا تفقه في الدين ، إنما هي علوم وافدة مساعدة لمن أحسن انتقاءها .
مظاهر الخلل في منهج التلقي
... ومن مظاهر هذا الخلل في منهج التلقي التي يتبين بها المقصود :
... 1- أخذ العلم عن غير أهله : وأقصد بذلك أن الناس صاروا يأخذون العلم عن كل من دعاهم إلى التعلم ، وكل من رفع فوق رأسه راية الدعوة ، وقال أنا داعية ، جعلوه إمامًا في الدين ، وتلقوا عنه ، وقد لا يفقه من الدين شيئًا ، فلذلك ظهرت في العالم الإسلامي دعوات كبرى ، ينضوي تحت لوائها الفئام من الناس خاصة الشباب ، وقادتها ورؤساؤها جهلة في بديهيات الدين ، فيفتون بغير علم ، ويَضلون ويُضلون ، وسبب ذلك أنهم وجدوا أتباعًا لهم يأخذون عنهم دون تروٍّ ، دون تثبت ، دون منهج صحيح سليم ، ولا يتثبتون من حال القادة في كونهم أهلٌ لأخذ الدين أو التلقي عنهم ، ثم إن كثيرًا من الناس تجذبهم العواطف أكثر مما يجذبهم العلم والفقه ، وهذا خطأ فادع ، بمعنى أنه بمجرد أن يظهر داعية له شهرة وأثر في ناحية ما ، يجعله الناس إمامًا في الدين ، حتى لو لم يكن يعلم من السنة والفقه شيئًا ، وهذا مصداق قول الرسول - - صلى الله عليه وسلم - - : (( إن الله لا ينتزع العلم بعد أن أعطاكموه انتزاعًا ، ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم ، فيبقى ناسٌ جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيَضلون ويُضلون )) (1) .
__________
(1) البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ، الفتح 13/282 . وروي بألفاظ أخرى عند مسلم وأحمد والترمذي وابن ماجه وأبي دواد .(15/26)
... ولا ينبغي أن يتصدر الدعوة إلى الله ، ولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا العلماء الأجلاء ، الذين يفقهون الدين ، ويأخذون عن أصوله ، على منهج سليم صحيح ، وإلا فليس كل من حُشي ذهنه بالمعلومات الثقافية والأفكار يكون إمامًا في الدين ؛ لأنه قد يوجد من الفسقة بل من الكفرة من يعلم من فرعيات الدين الشيء الكثير ، وقد وُجد من المستشرقين من يحفظ بعض الكتب الكبيرة في الفقه الإسلامي ، بل حتى منهم من يحفظ القرآن ، ويحفظ صحيح البخاري ، ويحفظ بعض السنن ونحو ذلك ، فهذا الصنف يحفظ العلم لكن لا يفقه من الدين شيئًا ، وكذا بعض من يدعي الإسلام ، قد يكون عنده من المعلومات الشيء الكثير ، لكن لا يفقه منهج التلقي والعمل والتعامل والتزام السنة ، ولم يأخذ الدين على منهجه الصحيح ، وعلى العلماء الربانيين ، فصار يفتي بغير علم ، ويوجه بلا فقه ، ويجمع بلا عقيدة سليمة .(15/27)
... 2- من مظاهر الخلل في منهج التلقي وهو سببٌ للافتراق : الاستقلالية عن العلماء والأئمة ، أي استقلالية بعض المتعلمين وبعض الدعاة وبعض الأحداث عن العلماء ، فيكتفون بأخذ العلم عن الكتاب والشريط والمجلة والوسيلة ، ويعزفون عن التلقي عن العلماء ، وهذا منهج خطير ، بل هو بذرة خطيرة للافتراق ، ولو رجعنا إلى أسباب الافتراق في أول تاريخ الإسلام ، كافتراق الخوارج والرافضة ، لوجدنا أن من أهم أسباب وجود هذا الافتراق عند من ينتسبون للإسلام ، لا أقصد أصحاب الأغراض أو المنافقين أو الزنادقة ، لكن ممن ينتسبون للإسلام ، أعظم أسباب هلاكهم وافتراقهم ، استقلاليتهم وانعزالهم عن الصحابة ، واستهانتهم بهم ، وترك أخذ الدين عنهم ، وأخذهم العلم عن أنفسهم وعن بعضهم ، قالوا : علمنا القرآن ، وعلمنا السنة ، فلسنا بحاجة إلى الرجال ، يعنون علماء الصحابة والتابعين . فمن هنا استقلوا وخرجوا عن منهج التلقي الصحيح ، وعن سبيل المؤمنين المأخوذ عن النبي - - صلى الله عليه وسلم - - بالقدوة والاهتداء ، والذي أخذه التابعون عن الصحابة بهذا الطريق ، ثم عنهم السلف بهذا الطريق يأخذه الأئمة العدول جيلاً بعد جيل .
... كما ورد عن النبي - - صلى الله عليه وسلم - - أنه (( يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله )) (1) والعدول هم الحفاظ الثقات ، الذين يأخذون الدين عن أئمته ، ثم ينقلونه إلى الآخرين .
... فالاستقلالية عن العلماء خطر كبير جدًا ؛ لأن العلم إنما تكون بركته وتلقيه الصحيح عن العلماء ، والعلماء لا يمكن أن ينقطعوا في أي زمان .
__________
(1) أخرجه الخطيب في شرف أصحاب الحديث ، 28/29 . وابن عدي في الكامل ، 1/152،153 ، 3/902 وحسنه . وصححه العلاني في بغية الملتمس ، 34،35 .(15/28)
... ودعوى بعض الناس أن في العلماء نقصًا وتقصيرًا ، دعوى مضللة ، نعم العلماء بشر ، لا يخلون من نقص وتقصير ، لكنهم مع ذلك في جملتهم هم القدوة ، وهم الحجة ، وهم الذين جعل الله الدين يؤخذ عن طريقهم ، وهم أهل الذكر ، وهم الراسخون ، وهم أئمة الهدى ، وهم المؤمنون الذين من تخلف عن سبيلهم هلك ، وهم الجماعة ومن فارقهم هلك ، وتلقي العلم من غير أهله خطر على أصحابه ، وعلى الأمة .
... 3- من مظاهر الخلل عند بعض المتعالمين والدعاة : ازدراء العلماء واحتقارهم والتعالي عليهم ، وهذه مظاهر شاذة مع الأسف بدأنا نرى نماذج منها ، وهذا أمر مقلق ، يجب أن نتناصح فيه ، وما لم يعالجه طلاب العلم والعلماء فالأمر خطير .(15/29)
... 4- تتلمذ الأحداث أي صغار السن على بعضهم ، أو على طلاب العلم الذين هم دون من هم أعلم منهم ، بمعنى التتلمذ الكامل وترك المشايخ الكبار والانقطاع عنهم ، ولا أقصد بذلك أنه لا يجوز أخذ العلم عن أي طالب علم ، بل من أجاد أي علم من العلوم الشرعية وكان صالحًا أخِذَ عنه ، لكن لا يعني الاستغناء به عمن هو أعلم منه ، أو الانقطاع إليه وترك المشايخ الكبار ، وهذا هو مكمن الانحراف ، أي أن يستغني بعض الشباب في أخذ علمه وقدوته ودعوته وسلوكه وهديه ببعض طلاب العلم عن العلماء الذين هم أجل وأكبر وأعلم ، وهذا مسلك خطير ، بل أخطر منه أن يكون الصغار بعضهم شيوخًا لبعض في العلم ، ولا أقصد بذلك عدم جواز المجالسة والمخالطة والمشاركة في الدعوة إلى الله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن هذا أمر مطلوب ، والاجتماع على ذلك مطلب شرعي ضروري ، لكن أقصد أن تلقي العلم بهذه الطريقة الخاطئة ، والاستغناء بها عن أخذه عن هؤلاء العلماء ، من سمات أهل الفرق والأهواء ، وهذا مسلك خطير ، وهو من أبرز أسباب وجود الافتراق ؛ لأن هذا يؤدي إلى حصر أخذ الدين عن أناس معينين ، والتحزب لهم ، والتعصب لهم ، لا سيما وهم قد لا تتوفر فيهم صفات العالم القدوة ، ومن ثم تكون هذه بذورًا للافتراق .
... 5- ومن أسباب الافتراق : اعتبار اتباع الأئمة على هدى وبصيرة تقليدًا : وهذه شنشنة نسمعها كثيرًا من بعض المتعالمين ، فيقولون : إن اتباع المشايخ تقليد ، والتقليد لا يجوز في الدين ، وهم رجال ونحن رجال ، وعلينا أن نجتهد كما اجتهدوا ، ونحن نملك الوسائل والكتب ، والآن توفرت وسائل العلم ، فما لنا وأخذ العلم عن العلماء ، بل أخذ العلم عن العلماء تقليد والتقليد باطل .(15/30)
... نعم ، التقليد باطل ، لكن ما مفهوم التقليد ؟ هناك فرق بين التقليد وبين الاتباع والاهتداء ، الاتباع واجب شرعًا ، وعامة المسلمين بل كثير من طلاب العلم لا يجيدون ممارسة الاجتهاد أو أخذ أصول العلم عن الطريقة الصحيحة ، فممن يأخذون العلم ؟ وكيف يأخذون أصول التلقي ومنهج السنة ومنهج السلف الصالح ومنهج الأئمة ؟ لا يمكن أن يأخذوه إلا باتباع العلماء ، والاتباع ليس بتقليد ، وإلا فهذا يعني أن كل إنسان هو إمام نفسه ، ومن هنا يكون كل إنسان فرقة ، وتكون الفرق بعدد الناس ، وهذا باطل قطعًا ، إذًا اتباع الأئمة على هدى وبصيرة ليس بتقليد ، إنما الاتباع الأعمى هو التقليد ؛ لأن الله تعالى يقول : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } .
... ومن المظاهر الخطيرة التمشيخ ، أو التتلمذ على مجرد الوسائل ، وهو أن يكتفي طالب العلم بأخذ العلم عن الكتب وينطوي وينعزل عن الناس ، وينعزل عن أهل العلم ، عن أهل الخير ، وأهل الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعن العلماء ، ويقول : أنا أتلقى العلم عن الكتب وعن الوسائل ، ولدي الشريط ، والكتاب والإذاعة ... إلخ ، من الوسائل المقروءة والمسموعة ثم يقول : أنا بإمكاني أن أتعلم هذه الوسائل .(15/31)
... أقول : لا شك أن هذه الوسائل نعمة ، لكنها أيضًا سلاح ذو حدين ، فالاكتفاء بأخذ العلوم الشرعية عنها إنما هو مسلك زلل ، وهو من أسباب الافتراق ؛ لأن هذا ينمي العزلة المحرمة ، أو يُوجدُ أشخاصًا صورًا ممسوخة لأهل العلم ، يأخذون العلم على غير أصوله ، وعلى غير قواعده ، بغير اهتداء وبغير اقتداء ، ويأخذون العلم بمشاربهم هم ، وبأهوائهم ، وبأمزجتهم ، وبأحكامهم المفردة ، فإذا ظهرت الأحداث والفتن شذوا عن العلماء ، وازدروا آراءهم ، والإنسان مهما بلغ من الذكاء والقدرة والتأهل للعلم ، فإنه وحده لا يستطيع في كثير من الأمور أن يصل إلى الحق ما لم يعرف ما عليه السلف وما عليه أهل العلم في وقته ، ويعالج قضايا العلم وقضايا الأمة والأحداث مع العلماء فإنه إن لم يفعل ذلك فقد يَهلك ويُهلك .
... بل إن الوسائل هذه أوجدت عندنا صورًا ممسوخة لمن يسمون بالمثقفين ، وعندهم من المعلومات ما يعجب الناس ويبهرهم لكنهم لا يقرون بأصل ، ولا يفهمون منهج السلف ، ويجدون من يقتدي بهم بغير علم ، وهذا الأمر أو هذه الظاهرة كثرت بشكل مزعج ، حتى وجد من هذا الصنف أناس يتصدرون الدعوة إلى الله ، وتوجيه الشباب على هذا النمط ، لمجرد أنهم يملكون من المعرفة والثقافة العامة ما يبهر السُذَّج ، وعندهم كمٌّ هائل من المعلومات الشرعية ، دون معرفة للضوابط ، ولا للأصول ، ولا للمناهج ، ولا لكيفيات التطبيق وكيفيات العمل ، ولا لطريقة أئمة الدين في تناول مسائل العلم وتطبيقها على النوازل والحوادث .
... السبب السادس : من أسباب وجود الافتراق : التقصير في فهم فقه الخلاف :(15/32)
... وأقصد بفقه الخلاف معرفة أحكام الخلاف بين المسلمين ، وماذا يترتب على وقوع الخلاف ؟ وما يجوز الخلاف فيه وما لا يجوز ؟ وإذا خالف المخالف متى يُعذر ومتى لا يُعذر ؟ وماذا نطلق عليه ؟ ومتى نطلق عليه الكفر أو الفسوق ؟ وهل إطلاق الحكم على المخالف أو الموقف منه متروك لكل أحد ؟ وتفصيل ذلك أمر يجهله كثير من الناس ، ومن هنا قد يحدث الافتراق في أمور لا يجوز الافتراق عليها .
... وكذلك التقصير في فقه الاجتماع والجماعة ، وهو فقه مهم جدًا قد غفل عنه الكثير من الذين يأخذون العلوم الشرعية ، كما غفلوا عن المقاصد العظمى للدين في الاجتماع ! اجتماع الأمة وجمع الشمل وفقه الجماعة ، وأكثرهم لا يفقه محاذير الافتراق ، وكيف يكون ؟ ومحاذير الفتن ، وما توصل إليه ؟ ولا يُحسن التفريق بين الثوابت وبين المتغيرات من الأحكام والأصول .
... وسمتهم الجهل بقواعد الشرع العامة ، وبمقاصد الشرع العامة مثل قاعدة جلب المصالح ودرء المفاسد ، إن المشقة تجلب التيسير ، ومسألة متى يكون للناس في أمر من الأمور رخصة ؟ ومتى يكون لهم ضرورة ؟ واللجوء إلى الضرورة كيف يكون ؟ وأحكام الفتن ، وأحكام السلم ، ولا يجيدون أحكام التعامل مع المخالفين ، ولا أحكام التعامل مع العلماء ، ولا أحكام التعامل مع ولاة الأمور ، لذلك نجد كثيرًا من الناس لا يُفرق في كلامه وأحكامه بين ظروف الشدة والفتن ، وبين ظروف السلم والأمن ، وهذا خلل كبير ، وسبب للافتراق .(15/33)
... وأضرب مثلاً لذلك ما حدت في ما شجر بين إخواننا الأفغان ، إن ما حدث من النزاع في كنر فتنة ، فالمتبصر يدرك أن المسألة ليست صراعًا بين الحق والباطل من كل وجه ، أو الصراع ربما لم يكن عقائديًا من كل وجه ، ولم يكن هناك دليلٌ قطعيٌ على أن الحق مع إحدى الطائفتين ، إنما قد يترجح الحق مع إحدى الطائفتين عند فريق من الناس ، وآخر لا يسلم له ، فكان مقتضى الحال التثبت ، والسعي للإصلاح ، وإطفاء الفتنة أولاً ، والرجوع في ذلك إلى أهل العلم .
... لكن تكلم في الفتنة من لا يفقه أحكام الكلام في الفتن ، ومتى يكون الكلام مناسبًا ومتى لا يكون ؟ ومتى يجوز الحديث عن الأشخاص والحكم عليهم ؟ ومتى لا يجوز ؟ ولا بصيرة له بفقه المصالح الكبرى للأمة ، والمصالح المعتبرة في جمع الشمل ، وجمع الكلمة والإصلاح ، وضرورة السكوت إذا كان الكلام يُشعل الفتن ، والإعراض والكف عما يشجر بين المسلمين أثناء الفتن ، ودرء المفاسد إلى آخره ، وقد ولج كثير من الناس على غير هدى ولا بصيرة في هذا الأمر ، ولم يهتدوا بكلام أهل العلم ، ولم يسترشدوا بالمشايخ من بين ظهرانيهم ، وكان جهد كثير منهم ينسب على محاولة إقناع المشايخ بوجهة نظره ، وأن يحجبهم عن سماع الرأي المقابل .
... السبب السابع : التشدد والتعمق في الدين وهو من أعظم الأسباب :(15/34)
... والتشدد يقصد به التضييق على النفس ، أو على الناس في الأحكام الشرعية ، أو المواقف تجاه الآخرين ، أو التعامل معهم بما لا تقتضيه قواعد الشرع ومقاصد الدين ؛ لأن الدين مبني على الأخذ بالأحكام الشرعية ، مع مراعاة التيسير ودفع المشقة والأخذ بالرخص في مواطنها ، ودرء الحدود بالشبهات ، وإحسان الظن بالناس ، والإشفاق عليهم ، والإحسان إليهم ، والنصح لهم ، والعفو عنهم ، والتماس الأعذار لهم ، هذا هو الأصل ، والخروج عنه لغير مصلحة راجحة مقدرة عند أهل الفقه في الدين يُعد من التشديد المنهي عنه في قول النبي - - صلى الله عليه وسلم - - : (( إن الدين يسر ، ولن يش،اد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )) (1) ، وقد يقول قائل : كيف نفرق بين التشدد المذموم والتمسك المشروع ؟ فأقول : إن العبرة بهدي النبي - - صلى الله عليه وسلم - - ، فهو الأنموذج الأعلى ، وعليه سار الصحابة والتابعون وأئمة الهدى ، وهو سمت العلماء المقتدى بهم ، وفي يومنا هذا توزن الأمور بمن كان على السنة من خلال أمور :
... أ - العلماء العاملون المهتدون ، فهم القدوة والمثل الأعلى ، فمن زاد على هديهم وعلى سمتهم في الأحكام والمواقف ، وفي الهدي والسلوك ، فهو المتشدد إن كان غاليًا ، والمقصر والمفرط إن كان متساهلاً .
... ب - الخروج عن مقتضى التيسير وإيقاع المسلمين في العنت والحرج في أمور دينهم ، وأقصد المسلمين الذين هم على السنة - إذ لا عبرة بالفساق وأهل الفجور - فمن أوقع المؤمنين في حرج في دينهم ، أو شدد عليهم ولم يسلك مسلك التيسير في أمورهم التي يضطرون إليها فهو متشدد .
__________
(1) صحيح البخاري ، الإيمان ، الحديث 39 ، فتح الباري ، 1/93 .(15/35)
... جـ - ومن علامات التشدد : التسرع في إطلاق الأحكام ، إذ بمجرد أن يسمع أحدهم قضية أو حادثة أو خبرًا أو مقولة ما ، يحكم على صاحبها غيابيًا ، أو يحكم قبل أن يتثبت ، أو يحكم باللوازم ، كأن يقول : ( إذا كان فلان قد قال كذا فهو كافر ) بدون نقاش ، ومثل قولهم : ( من لم يُكفر فلانًا فهو كافر ) وربما لم يتبين له كفر فلان ، ومثل قولهم : ( فلان رأى بدعة فلم ينكرها ، أو تنتشر بين قومه فلم يغيرها ، إذًا فهو مبتدع ) ، وهكذا ، فنزعة إطلاق الأحكام والإلزامات في الأقوال ، والإكثار من التكفير بما يخرج عن سمت العلماء وحكمهم ورأيهم ، هذا مظهر بارز من مظاهر التشدد في الدين .
... د - ومن علامات التشدد الممقوت الحكم على القلوب وإساءة الظن والتوقف في مجهول الحال والمستور ، والبراء على المسائل الخلافية .
... فالتشدد في الدين سبب رئيسي من أسباب الافتراق ، وهو الذي افترقت به الخوارج عن الأمة ، ثم ما تلاها من فرق وأهواء .
... السبب الثامن : من أسباب الافتراق : الابتداع ، والبدع في الدين ، سواء في العقائد والعبادات والأحكام أو غيرها ، ويتلخص ذلك في : اعتقاد ما لم يرد في القرآن والسنة ، أو التعبد بما لم يشرعه الله ورسوله اعتقادًا أو قولاً أو عملاً ، وهذا أمر معلوم وواضح لا يحتاج إلى مزيد من التفصيل .
... السبب التاسع : من أسباب الافتراق : العصبيات بشتى أصنافها وأنواعها ، سواءً كانت مذهبية أو عرقية أو شعوبية أو قبلية أو حزبية أو شعارات أو غيرها ، وأخطر تلكم العصبيات هي ما يكون في مجال الدعوة ؛ لأنه يُلبس على الناس ، وتكون هذه العصبيات في الدعوة مبررة باسم الدين .
... وهذه السمة من أبرز السمات في أكثر الدعوات الإسلامية المعاصرة التي يقل في أتباعها وقادتها الفقه في الدين ، وتعتمد على الفكر والثقافة والحركة أكثر من اعتمادها على العلوم الشرعية والعلماء .(15/36)
... السبب العاشر : من الأسباب الكبرى للافتراق قديمًا وحديثًا : تأثر المسلمين بالأفكار والفلسفات الوافدة من بلاد الكفار على المسلمين ، أيًا كان نوع هذه الأفكار والفلسفات ، ما دامت تتعلق بأمور الدين أو الأحكام أو العادات والأخلاق ، وهو نوع من اتباع سنن السابقين الذي أخبر به النبي - - صلى الله عليه وسلم - - : (( لتتبعن سنن من كان قبلكم ... )) [ الحديث سبق تخريجه ] .
... ولذلك تجد كل فرقة في الإسلام تكون قد استحدث بعض أصولها أو أكثرها من الملل السابقة ، فالرافضة أخذت عن اليهود والمجوس ، والجهمية والمعتزلة عن الصائبة وفلاسفة اليونان ، والقدرية عن النصارى ، وهكذا .
... السبب الحادي عشر : من الأسباب للافتراق والتي حدثت بعد القرون الثلاثة الفاضلة : هي دعاوى التجديد في الدين ، وقد صح عن النبي - - صلى الله عليه وسلم - - : (( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل سنة من يجدد لها دينها )) (1) ، والمفهوم الحقيقي للتجديد إنما يعني استئناف العمل بالدين اعتقادًا وعملاً ، وإحياء ما اندثر من السنن ، وإماتة ما ابتدع من البدع والمحدثات ، كما صنع المجددون من أئمة الدين في تاريخ المسلمين إلى يومنا ، حيث كانوا يجددون العمل بالسنة وهدي السلف الصالح في العلم والعمل ، كما فعل عمر بن عبدالعزيز والإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام محمد بن عبدالوهاب وغيرهم من أئمة السنة .
... وليس التجديد وضع أصول وقواعد ومناهج جديدة للدين ، كما يزعم كثير من المفكرين والكتاب ، فيما بين وقت وآخر يظهر على المسلمين بلية يدعي صاحبها أنه يريد أن يجدد للناس أمر دينهم ، وقد يكون هذا المجدد ينسف بتجديده قواعد أهل العلم وما عليه أهل السنة والجماعة في المناهج والأصول .
__________
(1) أخرجه أبو داود . والحاكم في المستدرك . والبيهقي في المعرفة عن أبي هريرة وهو حديث صحيح ، راجع صحيح الجامع الصغير، رقم (1870).(15/37)
... وهذه الدعاوى التي تدعو إلى الافتراق كثرت في الآونة الأخيرة في مجال الدعوات المعاصرة ، وقد كثر الذين يدعون إلى تجديد ، وليتهم قصدوا بالتجديد تجديد أمور الحياة والوسائل والأساليب والأسباب ، هذا أمر بديهي وهو من سنن الله في خلقه ، لكنهم قصدوا بالتجديد تجديد الأصول والمناهج في الدين ، وتجديد أصول العلوم الشرعية وما استقر عند الأئمة في الدين ومناهج الفقه في الدين ومآخذ الأحكام من النصوص وغير ذلك مما هو من سبيل المؤمنين الذين لا يجوز العدول عنه كما قال تعالى : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا } ، وهذا أمر خطير ينسف كل ما كان عليه أهل السنة والجماعة من الأصول التي أبقتهم على هدي النبي - - صلى الله عليه وسلم - - وأصحابه والتابعين والقرون الفاضلة ، وذلك النوع من التجديد إنما هو اتباع غير سبيل المؤمنين الذي حذرنا الله منه .
... السبب الثاني عشر : التساهل في مقاومة ومحاربة مظاهر البدع في المسلمين ، بمعنى أنه قد تظهر بعض البدع فيغفل عنها الناس ، ويتساهلون فيها ، ثم تنمو وتزيد وتكثر ، وقد تظهر بعض البدع أول أمرها بمظاهر ملبِّسة ، تظهر على شكل عادات معينة أو أحوال معينة ، فتأخذ تبريرات وأشكالاً وأسماء أخرى غير أسماء البدع حتى تستقر ، ثم تتحول مع مرور الزمن إلى بدع ، ثم بعد ذلك ينزع أتباعها إلى الفرقة أو الافتراق عن الدين وعن الأمة ، وأغلب البدع وبذور الافتراق في التاريخ نشأت بهذا التدرج وهي من حيل الشيطان على الأمم .(15/38)
... السبب الثالث عشر : كذلك من أسباب وقوع الأمة في الفرقة والتنازع : ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وترك المناصحة لولاة الأمور والأئمة وذوي الشأن في الأمة ، ووقوع المداهنة في الدين أو سلوك مسلك التشاؤم واليأس من الإصلاح ، أو التعبد بترك المناصحة للولاة كما تفعل الفرق وأهل الأهواء والحزبيات ، وعدم قيام طائفة من الأمة في أداء النصيحة ودرء الفساد والافتراق عنها يوقعها في الذل والهوان وفساد ذات البين والفرقة ، فالمناصحة باب عظيم من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد ، كما أوصى بذلك الرسول - - صلى الله عليه وسلم - - : (( وأن تُناصحوا من ولاه الله أمركم )) (1) ، والمناصحة تزيل الغل من القلوب وهي قوة للخير وإعذار عند الله ، أو دفع للبلاء والنقمة عن الأمة .
وأخيرًا : كيف نتوقى الافتراق ؟!
... لاشك أن نتوقى الافتراق وسد ذرائعه قبل وقوعه خير من علاجه بعد وقوعه .
... وينبغي أن نعرف أن توقي الافتراق يكون بتوقي الأسباب التي ذكرتها .
... وهناك أمور أخرى تكون سببًا للوقاية من الافتراق ، وهي عامة وخاصة : فمن الأسباب العامة :
... الاعتصام بالكتاب والسنة ، وهذه قاعدة كبرى لابد أن يندرج تحتها توصيات وأمور كثيرة ، وهي الأسباب الخاصة :
... 1- من ذلك معرفة هدي النبي - - صلى الله عليه وسلم - - والتمسك به ، ومن فعل هذا سيهتدي إن شاء الله ويكون من دينه على بصيرة ، ومن ثم يبتعد عن الافتراق أو النزاع إلى الفرقة أو الوقوع فيها وهو لا يشعر .
__________
(1) رواه مالك في الموطأ (20) . وأحمد في المسند ، 2/327،360 ، وذكر النبي - - صلى الله عليه وسلم - - : ( مناصحة ولاة الأمر من الثلاث التي لا يغل عليهم قلب مسلم ) رواه ابن حبان في صحيحه ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ، 1/40 .(15/39)
... 2- من الأسباب الخاصة التي تقي من الافتراق : السير على نهج السلف الصالح ، الصحابة والتابعين وأئمة الدين أهل السنة والجماعة .
... 3- التفقه في الدين بأخذه عن العلماء وبطريقته الصحيحة بمنهج أهل العلم .
... 4- ومنها الالتفاف حول علماء الأمة ، الأئمة المهتدين الذين تثق الأمة بدينهم وعلمهم وأمانتهم ، وهم بحمد الله كثيرون ولا يمكن أن تفقدهم الأمة ، ومن زعم أنهم يفقدون ، فقد زعم أن الدين ينتهي ، وهذا لا يصح ؛ لأن الله تكفل بحفظه إلى قيام الساعة ؛ ولأن الأمة إنما تمثل بعلمائهم ، وأهل السنة والجماعة لابد ظاهرون إلى قيام الساعة ، وإنما يمثلهم أهل العلم والفقه في الدين ، فمن ادعى في يوم من الأيام أنه يمكن أن يكون هناك فقد لأهل العلم ، أو لا يوجد القدوة من العلماء تهتدي بهم الأمة فقد زعم أنه ليست هناك طائفة منصورة ولا فرقة ناجية ، وأن الحق ينقطع ويعمى عن الناس ، وهذا يخالف قطعيات النصوص وبدهيات الدين .
... 5- ومنها الحذر من التعالي على العلماء ، أو الشذوذ عنهم بأني نوع من أنواع الشذوذ التي تؤدي إلى الفتنة أو المفارقة .
... 6- من ذلك أيضًا ضرورة معالجة مظاهر الفرقة خاصة عند بعض الأحداث أو المتعجلين والذين تخفى عليهم الحكمة في الدعوة ، وينقصهم الفقه في الدين والتجارب .
... 7- الحرص على الجماعة والاجتماع والإصلاح بمعانيها العامة وبأصولها ، إذ لابد أن يحرص كل مسلم وكل طالب علم بالأخص وكل داعية بشكل أخص ، على الجماعة والاجتماع والإصلاح بين الدعاة وأهل الخير ، وبين الناس وولاتهم ، وعلى جمع الكلمة على البر والتقوى .(15/40)
... 8- من أراد أن يعتصم بالسنة والجماعة وينجو إن شاء الله من الافتراق فعليه أن يلازم أهل العلم ، ويلازم الصالحين من أهل التقوى والخير والاستقامة ، فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم ولا يضل عن الهدى رفيقهم وأنيسهم ، ومن أراد بحبوحة فليلزم الجماعة ، والجماعة من كان على ما كان عليه الرسول - - صلى الله عليه وسلم - - وأصحابه .
... 9- ومن توقي الوقوع في الفرقة تجنب الحزبيات وإن كانت في الدعوة ، وكذلك العصبيات أيًا كان نوعها ومصدرها ؛ لأنها بذور للفرقة .
... 10- ومنه بذل النصيحة لولاة الأمور أبرارًا أو فجارًا ، وكذلك بذل النصيحة للعامة ؛ لأن النصيحة لولاة الأمور تتحقق فيها مصالح كبرى للأمة ، أو يكون بها الأعذار ودفع البلاء العام ، ويرتفع بها الغل من القلوب ، وتقام بها الحجة ، وهي من وصايا النبي - - صلى الله عليه وسلم - - العظمى التي أمر أمته بالصبر عليها والاستمساك بها ، وهي من نهج السلف الصالح الذي يميزهم عن أهل الأهواء والافتراق ، والتقصير في مناصحة ولاة الأمر - أيًّا كانوا - تفريط بحق الإسلام والمسلمين ، ونزعة هوى تؤذن بشر وفتنة .
... 11- ومنه إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على فقه وبصيرة .
خاتمة
... وأخيرًا توصية أخص بها الشباب : بأنهم ينبغي أن يلتفوا حول العلماء وعلى طلاب العلم الموثوقين ، ويتلقوا عنهم الدين ويتفقهوا على أيديهم ، ويحترموهم ويوقروهم ، ويصدروا عن رأيهم في كل أمر ذي بال من أمور الأمة ، ويلتزموا ما يقررونه في مصالح الأمة ، وفي مشكلات المسلمين الكبرى ، وعليهم أن يلتزموا بتوجيهات أهل العلم والفقه والتجربة تحقيقًا للمصلحة ، وجمعًا للشمل ، وصونًا من الفرقة ، وذلك هو منهج السلف الصالح ، وهو الهدى ، وهو الذي به نستطيع أن نقتدي بأئمة الدين أهل السنة وأهل الجماعة ، وذلك هو سبيل المؤمنين ، وهدي الصالحين والصراط المستقيم .(15/41)
... أسأل الله تعالى أن يجمع كلمة المسلمين على الحق والخير والهدى ، وأن يوحد صفوفهم ، وأن ينصرهم على أعدائهم ، كما أسأله تعالى أن يكفينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن ، ونعوذ به من شر الافتراق والأهواء والبدع . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .(15/42)
الإمَامَةُ
في ضَوءِ الكتابِ والسُّنَّة
لشيخ الإسلام ابن تيمية
ولد سنة 661ه توفي سنة 728ه
رضي الله عنه
الجزء الثاني
جمع وتقديم وتعليق
محمد مال الله
الفصل الأول
بيان كذب ووضع الرافضي لحديث جمعه (
أربعين رجلاً من بني عبد المطلب
قال الرافضي: "المنهج الثالث في الأدلة المستندة إلى السنة، المنقولة عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم.
الأول: ما نقله الناس كافة أنه لما نزل قوله تعالى: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } [الشعراء: 214] جمع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بني عبد المطلب في دار أبي طالب وهم أربعون رجلاً، وأمر أن يصنع لهم فخذ شاة مع مُدٍّ من البر ويعدّ لهم صاعاً من اللبن، وكان الرجل منهم يأكل الجذعة في مقعد واحد، ويشرب الفَرَق من الشراب في ذلك المقام، فأكلت الجماعة كلهم من الطعام اليسير حتى شبعوا، ولم يتبين ما أكلوه، فبهرهم النبي صلَّى الله عليه وآله بذلك، وتبين لهم آية نبوته، فقال: يا بني عبد المطلب، إن الله بعثني بالحق إلى الخلق كافة، وبعثني إليكم خاصة، فقال: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان، ثقيلتين في الميزان، تملكون بهما العرب والعجم، وتنقاد لكم بهما الأمم، وتدخلون بهما الجنة، وتنجون بهما من النار: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّي رسول الله، فمن يجيبني إلى هذا الأمر، ويؤازرني على القيام به يكن أخي ووزيري، ووصيي ووارثي، وخليفتي من بعدي. فلم يجبه أحد منهم. فقال أمير المؤمنين: أنا يا رسول الله أؤازرك على هذا الأمر. فقال: اجلس. ثم أعاد القول على القوم ثانية فصمتوا. فقال عليّ: فقمت فقلت مثل مقالتي الأولى، فقال: اجلس، ثم أعاد القول ثالثة، فلم ينطق أحد منهم بحرف، فقمت فقلت: أنا أؤازرك يا رسول الله على هذا الأمر. فقال: اجلس فأنت أخي ووزيري، ووصيي ووارثي، وخليفتي من بعدي. فنهض القوم وهو يقولون لأبي طالب: ليهنك(16/1)
اليوم أن دخلت في دين ابن أخيك، فقد جعل ابنك أميراً عليك".
والجواب من وجوه: الأول: المطالبة بصحة النقل. وما ادّعاه من نقل الناس كافة من أظهر الكذب عند أهل العلم بالحديث، فإن هذا الحديث ليس في شيء من كتب المسلمين التي يستفيدون منها علم النقل: لا في الصحاح ولا في المساند والسنن والمغازي والتفسير التي يُذكر فيها الإسناد الذي يُحتج به( )، وإذا كان في بعض كتب التفسير التي يُنقل منها الصحيح والضعيف، مثل تفسير الثعلبي والواحدي والبغوي، بل وابن جرير وابن أبي حاتم،لم يكن مجرد رواية واحدٍ من هؤلاء، دليلاً على صحته باتفاق أهل العلم؛ فإنه إذا عُرف أن تلك المنقولات فيها صحيح وضعيف، فلابد من بيان أن هذا المنقول من قسم الصحيح دون الضعيف.
وهذا الحديث غايته أن يُوجد في بعض كتب التفسير التي فيها الغث والسمين، وفيها أحاديث كثيرة موضوعة مكذوبة، مع أن كتب التفسير التي يُوجد فيها هذا مثل تفسير ابن جرير وابن أبي حاتم والثعلبي والبغوي، يُنقل فيها بالأسانيد الصحيحة ما يناقض هذا، مثل بعض المفسرين الذين ذكروا هذا في سبب نزول الآية، فإنهم ذكروا مع ذلك بالأسانيد الصحيحة الثابتة التي اتفق أهل العلم على صحتها ما يناقض ذلك، ولكن هؤلاء المفسرون ذكروا ذلك على عادتهم في أنهم ينقلون ما ذُكر في سبب نزول الآية من المنقولات الصحيحة والضعيفة، ولهذا يذكر أحدهم في سبب نزول الآية عدة أقوال، ليذكر أقوال الناس وما نقلوه فيها، وإن كان بعض ذلك هو صحيح وبعضه كذب، وإذا احتج بمثل هذا الضعيف وأمثاله واحدٌ بذكر بعض ما نُقل في تفسير الآية من المنقولات، وترك سائر ما ينقل مما يناقض ذلك، كان هذا من أفسد الحجج، كمن احتجّ بشاهد يشهد له ولم تثبت عدالته بل ثبت جرحه، وقد ناقضه عدولٌ كثيرون يشهدون بما يناقض شهادته، أو يحتج برواية واحدٍ لم تثبت عدالته بل ثبت جرحه، ويدع روايات كثيرين عدول، وقد رووا ما يناقض ذلك.(16/2)
بل لو قُدِّر أن هذا الحديث من رواية أهل الثقة والعدالة، وقد روى آخرون من أهل الثقة والعدالة ما يناقض ذلك، لوجب النظر في الروايتين: أيهما أثبت وأرجح؟ فكيف إذا كان أهل العلم بالنقل متفقين على أن الروايات المناقضة لهذا الحديث هي الثابتة الصحيحة، بل هذا الحديث مناقض لِمَا عُلم بالتواتر، وكثير من أئمة التفسير لم يذكروا هذا بحال لعلمهم أنه باطل.
الثاني: أنّا نرضى منه من هذا النقل العام بأحد شيئين: إما بإسنادٍ يذكره مما يحتج به أهل العلم في مسائل النزاع، ولو أنه مسألة فرعية، وإما قول رجل من أهل الحديث الذين يعتمد الناس على تصحيحهم.
فإنه لو تناظر فقيهان في فرع من الفروع، لم تقم الحجة على المناظرة إلا بحديث يُعلم أنه مسند إسناداً تقوم به الحجة، أو يصححه من يُرجع إليه في ذلك. فأما إذا لم يُعلم إسناده، ولم يثبته أئمة النقل، فمن أين يُعلم؟ لا سيما في مسائل الأصول التي يُبنى عليها الطعن في سلف الأمة وجمهورها، ويُتوسل بذلك إلى هدم قواعد المسألة، فكيف يقبل في مثل ذلك حديث لا يُعرف إسناده ولا يثبته أئمة النقل ولا يعرف أن عالماً صححه.
الثالث: أن هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة بالحديث، فما من عالم يعرف الحديث إلا وهو يعلم أنه كذب موضوع، ولهذا لم يروه أحد منهم في الكتب التي يُرجع إليها في المنقولات، لأن أدنى من له معرفة بالحديث يعلم أن هذا كذب.
وقد رواه ابن جرير والبغوي بإسنادٍ فيه عبد الغفار بن القاسم بن فهد، أبو مريم الكوفي( ) وهو مجمع على تركه، كذَّبه سماك بن حرب وأبو داود، وقال أحمد: "ليس بثقةٍ، عامة أحاديثه بواطيل. قال يحيى: ليس بشيء. قال ابن المديني: كان يضع الحديث. وقال النسائي وأبو حاتم: متروك الحديث. وقال ابن حبان البستي: كان عبد الغفار بن قاسم يشرب الخمر حتى يسكر، وهو مع ذلك يقلب الأخبار، لا يجوز الاحتجاج به، وتركه أحمد ويحيى"( ).(16/3)
ورواه ابن أبي حاتم، وفي إسناده عبد الله بن عبد القدوس، وهو ليس بثقة. وقال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء رافضي خبيث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني: ضعيف( ).
وإسناد الثعلبي أضعف، لأن فيه من لا يعرف، وفيه من الضعفاء والمتهمين من لا يجوز الاحتجاج بمثله في أقل مسألة.
الرابع: أن بني عبد المطلب لم يبلغوا أربعين رجلاً حين نزلت هذه الآية، فإنها نزلت بمكة في أول الأمر. ثم ولا بلغو أربعين رجلاً في مدّة حياة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فإن بني عبد المطلب لم يُعقِب منهم باتفاق الناس إلا أربعة: العباس، وأبو طالب، والحارث، وأبو لهب. وجميع ولد عبد المطلب من هؤلاء الأربعة، وهم بنو هاشم، ولم يدرك النبوة من عمومته إلا أربعة: العباس، وحمزة، وأبو طالب، وأبو لهب، فآمن اثنان، وهما حمزة والعباس، وكفر اثنان، أحدهما نصره وأعانه، وهو أبو طالب، والآخر عاداه وأعان أعدائه، وهو أبو لهب.
وأما العمومة وبنو العمومة فأبو طالب كان له أربعة بنين: طالب، وعقيل، وجعفر، وعليّ. وطالب لم يدرك الإسلام، وأدركه الثلاثة، فآمن عليّ وجعفر في أول الإسلام، وهاجر جعفر إلى أرض الحبشة، ثم إلى المدينة عام خيبر.
وكان عقيل قد استولى على رباح بني هاشم لما هاجروا وتصرف فيها، ولهذا لما قيل للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم في حجته: "ننزل غداً في دارك بمكة" قال: ”وهل ترك لنا عقيل من دار“؟( ).
وأما العباس فبنوه كلهم صغار، إذ لم يكن فيهم بمكة رجل.
وهب أنهم كانوا رجالاً فهم: عبد الله، وعبيد الله، والفضل، وأما قثم فولد بعدهم، وأكبرهم الفضل، وبه كان يُكَنَّى. وعبد الله ولد في الشعب بعد نزول قوله: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } [الشعراء: 214] وكان له في الهجرة نحو ثلاث سنين أو أربع سنين، ولم يولد للعباس في حياة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلا الفضل وعبد الله وعُبيد الله، وأما سائرهم فولدوا بعده.(16/4)
وأما الحارث بن عبد المطلب وأبو لهب فبنوهما أقل، والحارث كان له ابنان: أبو سفيان وربيعة، وكلاهما تأخر إسلامه، وكان من مسلمة الفتح.
وكذلك بنو أبي لهب تأخر إسلامهم إلى زمن الفتح، وكان له ثلاثة ذكور، فأسلم منهم اثنان: عتبة ومغيث، وشهد الطائف وحنيناً، وعتبة دعا عليه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يأكله الكلب، فقتله السبع بالزرقاء من الشام كفراً( ).
فهؤلاء بنو عبد المطلب لا يبلغون عشرين رجلاً، فأين الأربعون؟!
الخامس: قوله: "إن الرجل منهم كان يأكل الجذعة ويشرب الفَرَق من اللبن" فكذب على القوم، ليس بنو هاشم معروفين بمثل هذه الكثرة في الأكل، ولا عُرف فيهم من كان يأكل جذعة ولا يشرب فرقاً.
السادس: أن قوله للجماعة: "من يجيبني إلى هذا الأمر ويؤازرني على القيام به يكن أخي ووزيري ووصي وخليفتي من بعدي" كلام مفترى على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، لا يجوز نسبته إليه، فإن جرد الإجابة إلى الشهادتين والمعاونة على ذلك لا يوجب هذا كله، فإن جميع المؤمنين أجابوا إلى هاتين الكلمتين، وأعانوا على هذا الأمر، وبذلوا أنفسهم وأموالهم في إقامته وطاعته، وفارقوا أوطانهم، وعادوا إخوانهم، وصبروا على الشتات بعد الألفة، وعلى الذل بعد العز، وعلى الفقر بعد الغنى، وعلى الشدة بعد الرخاء، وسيرتهم معروفة مشهورة، ومع هذا فلم يكن أحد منهم بذلك خليفة له.(16/5)
وأيضاً فإن كان عرض هذا الأمر على أربعين رجلاً أمكن أن يجيبوه – أو أكثرهم أو عدد منهم – فول أجابه منهم عدد من كان الذي يكن الخليفة بعده؟ أيعيّن واحداً بلا موجب؟ أم يجعل الجميع خلفاء في وقت واحد؟ وذلك أنه لم يعلق الوصية والخلافة، والأخوة والمؤازرة، إلا بأمر سهل، وهو الإجابة إلى الشهادتين، والمعاونة على هذا الأمر. وما من مؤمن يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر إلى يوم القيامة، إلا وله من هذا نصيب وافر، ومن لم يكن له من ذلك حظ فهو منافق، فكيف يجوز نسبة مثل هذا الكلام إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم؟!
السابع: أن حمزة وجعفراً وعبيدة بن الحارث أجابوا إلى ما أجابه عليّ من الشهادتين والمعاونة على هذا الأمر، فإن هؤلاء من السابقين الأولين الذين آمنوا بالله ورسوله في أول الأمر، بل حمزة أسلم قبل أن يصير المؤمنين أربعين رجلاً، وكان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في دار الأرقم بن أبي الأرقم، وكان اجتماع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم به في دار الأرقم، ولم يكن يجتمع هو وبنو عبد المطلب كلهم في دار واحدة، فإن أبا لهب كان مظهراً لمعاداة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولما حُصر بنو هاشم في الشِعب لم يدخل معهم أبو لهب.(16/6)
الثامن: أن الذي في الصحاح من نزول هذه الآية غير هذا. ففي الصحيحين عن ابن عمر وأبي هريرة – واللفظ له – عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لما نزلت: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } [الشعراء: 214] دعا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قريشاً، فاجتمعوا، فخص وعم فقال: "يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مُرَّة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار. فإني لا أملك لكم من الله شيئاً غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها"( ).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً لَمَّا نزلت هذه الآية قال: "يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا بني عبد المطلب لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً. يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاً. سلاني ما شئتما من مالي"( ) وخرجه مسلم من حديث ابن المخارق وزهير بن عمرو( )، ومن حديث عائشة وقال فيه: "قام على الصفا"( ).
وقال في حديث قبيصة: "انطلق إلى رضمة من جبل، فعلا أعلاها حجراً، ثم نادى: يا بني عبد مناف إني لكم نذير، إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو فانطلق بربأ أهله، فخشي أن يسبقوه، فجعل يهتف: يا صباحاه"( ).(16/7)
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس قال: "لما نزلت هذه الآية خرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتى صعد الصفا، فهتف: ”يا صباحاه“ فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد، فاجتمعوا إليه، فجعل ينادي: ”يا بني فلان، يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب“ وفي رواية: ”يا بني فهر، يا بني عدي، يا بني فلان“ لبطون قريش فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً ينظر ما هو، فاجتمعوا فقال: ”أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل، أكنتم مصدّقي“؟ قالوا: ما جربنا عليك كذباً. قال: ”فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد“ قال: فقال أبو لهب: تبّاً لك أما جمعتنا إلا لهذا؟ فقام فنزلت هذه السورة: { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } [المسد: 1]( ).
وفي رواية: "”أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبّحكم ويمسّيكم أكنتم تصدّقوني“؟ قالوا: بلى"( ).
فإن قيل: فهذا الحديث قد ذكره طائفة من المفسرين والمصنِّفين في الفضائل، كالثعلبي والبغوي وأمثالهما والمغازلي.(16/8)
قيل له: مجرد رواية هؤلاء لا توجب ثبوت الحديث باتفاق أهل العلم بالحديث، فإن في كتب هؤلاء من الأحاديث الموضوعة ما اتفق أهل العلم على أنه كذب موضوع، وفيها شيء كثير يُعلم بالأدلة اليقينية السمعية والعقلية أنها كذب، بل فيها ما يُعلم بالاضطرار أنه كذب. والثعلبي وأمثاله لا يتعمدون الكذب، بل فيهم من الصلاح والدين ما يمنعهم من ذلك، لكن ينقلون ما وجدوه في الكتب، ويروون ما سمعوه، وليس لأحدهم من الخبرة بالأسانيد ما لأئمة الحديث، كشعبة، ويحيى بن سعيد القطَّان، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وإسحاق، ومحمد بن يحيى الذهلي، والبخاري، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، وأبي حاتم، وأبي زرعة الرازيين، وأبي عبد الله بن منده، والدارقطني، وأمثال هؤلاء من أئمة الحديث ونقاده وحكامه وحفاظه الذين لهم خبرة ومعرفة تامة بأحوال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأحوال من نقل العلم والحديث عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن بعدهم من نقلة العلم.
وقد صنَّفوا الكتب الكثيرة في معرفة الرجال الذين نقلوا الآثار وأسماءهم، وذكروا أخبارهم وأخبار من أخذوا عنه، ومن أخذ عنهم، مثل كتاب "العلل وأسماء الرجال" عن يحيى القطَّان، وابن المديني، وأحمد، وابن معين والبخاري، ومسلم، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والنسائي، والترمذي، وأحمد بن عدي، وابن حبان، وأبي الفتح الأزدي، والدارقطني وغيرهم.
وتفسير الثعلبي فيه أحاديث موضوعة وأحاديث صحيحة، ومن الموضوع فيه من الأحاديث التي في فضائل السور: سورة سورة.
وقد ذكر هذا الحديث الزمخشري والواحدي( )، وهو كذب موضوع باتفاق أهل الحديث. وكذلك غير هذا.
وكذلك الواحدي تلميذ الثعلبي. والبغوي اختصر تفسيره من تفسير الثعلبي والواحدي، لكنهما أخبر بأقوال المفسرين منه، والواحدي أعلم بالعربية من هذا وهذا، والبغوي أتبع للسنة منهما.(16/9)
وليس كون الرجل من الجمهور الذين يعتقدون خلافة الثلاثة يُوجب له أن كل ما رواه صدق، كما أن كونه من الشيعة لا يوجب أن يكون كل ما رواه كذباً، بل الاعتبار بميزان العدل.
وقد وضع الناس أحاديث كثيرة مكذوبة على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: في الأصول، والأحكام، والزهد، والفضائل، ووضعوا كثيراً من فضائل الخلفاء الأربعة، وفضائل معاوية.
ومن الناس من يكون قصده رواية ما رُوي في الباب، من غير تمييز بين صحيح وضعيف، كما فعله أبو نُعيم في فضائل الخلفاء وكذلك غيره ممن صنَّف في الفضائل، ومثل ما جمعه أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو علي الأهوازي وغيرهما في فضائل معاوية، ومثل ما جمعه النسائي في فضائل عليّ، وكذلك ما جمعه أبو القاسم بن عساكر في فضائل عليّ وغيره، فإن هؤلاء وأمثالهم قصدوا أن يرووا ما سمعوا من غير تمييز بين صحيح ذلك وضعيفه، فلا يجوز أن يُجزم بصدق الخبر بمجرد رواية الواحد من هؤلاء باتفاق أهل العلم.
وأما من يذكر الحديث بلا إسناد من المصنّفين في الأصول والفقه والزهد والرقائق، فهؤلاء يذكرون أحاديث كثيرة صحيحة، ويذكر بعضهم أحاديث كثيرة ضعيفة وموضوعة، كما يوجد ذلك في كتب الرقائق والرأي وغير ذلك.
الفصل الثاني
بيان أن إمامة عليّ لم تكن من الدين الذي أمر بتبليغه صلَّى الله عليه وسلَّم(16/10)
قال الرافضي: الثاني: الخبر المتواتر عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: أنه لَمّا نزل قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } [المائدة: 67] خطب الناس في غدير خُم وقال للجمع كله: يا أيها الناس ألست أولى منكم بأنفسكم؟ قالوا: بلى. قال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه. اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله. فقال عمر: بخٍ بخٍ، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. والمراد بالمولى هنا الأولى بالتصرف لتقدم التقرير منه صلَّى الله عليه وسلَّم بقوله: ألست أولى منكم بأنفسكم؟.
والجواب عن هذه الآية والحديث المذكور قد تقدم، وبيَّنّا أن هذا كذب، وأن قوله: { بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } [المائدة: 67] نزل قبل حجة الوداع بمدة طويلة.
ويوم الغدير إنما كان ثامن عشر ذي الحجة بعد رجوعه من الحج، وعاش بعد ذلك شهرين وبعض الثالث. ومما يبين ذلك أن آخر المائدة نزولاً قوله تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } [المائدة: 3] وهذه الآية نزلت بعرفة تاسع ذي الحجة في حجة الوداع، والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم واقف بعرفة، كما ثبت ذلك في الصحاح والسنن، وكما قاله العلماء قاطبة من أهل التفسير والحديث وغيرهم.
وغدير خم كان بعد رجوعه إلى المدينة ثامن عشر ذي الحجة بعد نزول هذه الآية بتسعة أيام، فكيف يكون قوله: { بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } [المائدة: 67] نزل ذلك الوقت، ولا خلاف بين أهل العلم أن هذه الآية نزلت قبل ذلك، وهي من أوائل ما نزل بالمدينة، وإن كان ذلك في سورة المائدة، كما أن فيها تحريم الخمر، والخمر حُرِّمت في أوائل الأمر عقب غزوة أحد.(16/11)
وكذلك فيها الحكم بين أهل الكتاب بقوله: { فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ } [المائدة: 42]. وهذه الآية نزلت إما في الحد لما رجم اليهوديين، وإما في الحكم بين قريظة والنضير لما تحاكموا إليه في الدماء، ورجم اليهوديين كان أول ما فعله بالمدينة، وكذلك الحكم بين قريظة والنضير، فإن بني النضير أجلاهم قبل الخندق، وقريظة قتلهم عقب غزوة الخندق.
والخندق باتفاق الناس كان قبل الحديبية، وقبل فتح خيبر، وذلك كله قبل فتح مكة وغزوة حنين، وذلك كله قبل حجة الوداع وحجة الوداع قبل خطبة الغدير.
فمن قال: إن المائدة نزل فيها شيء بغدير خم فهو كاذب مفتر باتفاق أهل العلم.
وأيضاً فإن الله تعالى قال في كتابه: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } [المائدة: 67] فضمن له سبحانه أنه يعصمه من الناس إذا بلَّغ الرسالة ليؤمنه بذلك من الأعداء، ولهذا روي أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان قبل نزول هذه الآية يُحرس، فلما نزلت هذه الآية ترك ذلك( ).
وهذا إنما يكون قبل تمام التبليغ، وفي حجة الوداع تم التبليغ.
وقال في حجة الوداع: ”ألا هل بلغت ألا هل بلغت“؟ قالوا: نعم. قال: ”اللهم اشهد“ وقال لهم: ”أيها الناس إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله. وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون“؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فجعل يرفع إصبعه إلى السماء وينكبها إلى الأرض ويقول: ”اللهم اشهد، اللهم اشهد“ وهذا لفظ حديث جابر في صحيح مسلم وغيره من الأحاديث الصحيحة( ).
وقال: ”ليبلِّغ الشاهد الغائب، فربَّ مُبلَّغٍ أوعى من سامع“( ).(16/12)
فتكون العصمة المضمونة موجودة وقت التبليغ المتقدم، فلا تكون هذه الآية نزلت بعد حجة الوداع، لأنه قد بلَّغ قبل ذلك، لأنه حينئذ لم يكن خائفاً من أحدٍ يحتاج أن يُعصم منه، بل بعد حجة الوداع كان أهل مكة والمدينة وما حولهما كلهم مسلمين منقادين له ليس فيهم كافر، والمنافقون مقموعون مُسِرُّون للنفاق، ليس فيهم من يحاربه، ولا من يخاف الرسول منه. فلا يُقال له في هذه الحال: { بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } [المائدة: 67].
وهذا مما يبين أن الذي جرى يوم الغدير لم يكن مما أمر بتبليغه، كالذي بلَّغه في حجة الوداع، فإن كثيراً من الذين حجُّوا معه – أو أكثرهم – لم يرجعوا معه إلى المدينة، بل رجع أهل مكة إلى مكة، وأهل الطائف إلى الطائف، وأهل اليمن إلى اليمن، وأهل البوادي القريبة من ذاك إلى بواديهم. وإنما رجع معه أهل المدينة ومن كان قريباً منها.
فلو كان ما ذكره يوم الغدير مما أمر بتبليغه، كالذي بلَّغه في الحج، لبلَّغه في حجة الوداع كما بلَّغ غيره، فلما لم يذكر في حجة الوداع إمامةً ولا ما يتعلق بالإمامة أصلاً، ولم ينقل أحد بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه في حجة الوداع ذكر إمامة عليّ، بل ولا ذكر عليّاً في شيء من خطبته، وهو المجمع العام الذي أمر فيه بالتبليغ العام، عُلم أن إمامة عليّ لم تكن من الدين الذي أمر بتبليغه، بل ولا حديث الموالاة وحديث الثقلين ونحو ذلك مما يُذكر في إمامته.
والذي رواه مسلم أنه بغدير خم قال: ”إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله“ فذكر كتاب الله وحضَّ عليه ثم قال: ”وعترتي أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي“ ثلاثاً. وهذا مما انفرد به مسلم( )، ولم يروه البخاري، وقد رواه الترمذي وزاد فيه: ”وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض“( ).(16/13)
وقد طعن غير واحد من الحفاظ في هذه الزيادة، وقال: إنها ليست من الحديث. والذين اعتقدوا صحتها قالوا: إنما يدل على أن مجموع العترة الذين هم بنو هاشم لا يتفقون على ضلالة. وهذا قاله طائفة من أهل السنة، وهو من أجوبة القاضي أبي يعلى وغيره.
والحديث الذي في مسلم، إذا كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قد قاله، فليس فيه إلا الوصية باتِّباع كتاب الله. وهذا أمر قد تقدمت الوصية به في حجة الوداع قبل ذلك، وهو لم يأمر باتباع العترة، ولكن قال: ”أذكركم الله في أهل بيتي“ وتذكير الأمة بهم يقتضي أن يذكروا ما تقدم الأمر به قبل ذلك من إعطائهم حقوقهم، والامتناع من ظلمهم، وهذا أمر قد تقدم بيانه قبل غدير خُم.
فعلم أنه لم يكن في غدير خُم أمر يشرع نزل إذ ذاك، لا في حق عليّ ولا غيره، لا إمامته ولا غيرها.
لكن حديث الموالاة قد رواه الترمذي وأحمد في مسنده عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: ”من كنت مولاه فعليّ مولاه“. وأما الزيادة وهي قوله: ”اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه..“ إلخ، فلا ريب أنه كذب( ).
ونقل الأثرم في "سننه" عن أحمد أن العباس سأله عن حسين الأشقر، وأنه حدّث بحديثين:
أحدهما: قوله لعليّ: إنك ستعرض على البراءة مني فلا تبرأ.
والآخر: اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه، فأنكره أبو عبيد الله جداً، لم يشك أن هذين كذب.
وكذلك قوله: أنت أولى بكل مؤمن ومؤمنة، كذب أيضاً.
وأما قوله: "من كنت مولاه فعليّ مولاه" فليس هو في الصحاح، لكن هو مما رواه العلماء، وتنازع الناس في صحته، فنُقل عن البخاري وإبراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث أنهم طعنوا فيه وضعَّفوه، ونُقل عن أحمد بن حنبل أنه حسَّنه كما حسَّنه الترمذي. وقد صنَّف أبو العباس بن عُقْدَة مصنَّفاً في جميع طرقه( ).(16/14)
وقال ابن حزم( ): "الذي صح من فضائل عليّ فهو قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ”أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي“ وقوله( ): ”لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله“ وهذه صفة واجبة لكل مسلم ومؤمن وفاضل( )، وعهده صلَّى الله عليه وسلَّم( ): أن عليّاً ”لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق“. وقد صح مثل هذا في الأنصار أنهم( ) ”لا يبغضهم من يؤمن بالله واليوم الآخر“.
قال( ): "وأما "من كنت مولاه فعليّ مولاه" فلا يصح من طريق الثقات أصلاً. وأما سائر الأحاديث التي يتعلق بها الروافض( ) فموضوعه، يعرف ذلك من له أدنى علم بالأخبار ونقلها"( ).
فإن قيل: لم يذكر ابن حزم ما في الصحيحين من قوله: "أنت مني وأنا منك" وحديث المباهلة والكساء.
قيل: مقصود ابن حزم: الذي في الصحيح من الحديث الذي لا يُذكر فيه إلا عليّ. وأما تلك ففيها ذكر غيره، فإنه قال لجعفر: ”أشبهت خَلقي وخُلقي“ وقال لزيد: ”أنت أخونا ومولانا“. وحديث المباهلة والكساء فيهما ذكر عليّ وفاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم، فلا يرد هذا على ابن حزم.
ونحن نجيب بالجواب المركّب فنقول: إن لم يكن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قاله فلا كلام، وإن كان قاله فلم يرد به قطعاً الخلافة بعده، إذ ليس في اللفظ ما يدل عليه. ومثل هذا الأمر العظيم يجب أن يبلَّغ بلاغاً مبيناً.(16/15)
وليس في الكلام ما يدل دلالة بيّنة على أن المراد به الخلافة، وذلك أن المولى كالولي. والله تعالى قال: { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ } [المائدة: 55]، وقال: { وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ } [التحريم: 4]، فبيَّن أن الرسول وليُّ المؤمنين، وأنهم مواليه أيضاً، كما بيَّن أن الله وليّ المؤمنين، وأنهم أولياؤه، وأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض.
فالموالاة ضد المعاداة، وهي تثبت من الطرفين، وإن كان أحد المتواليين أعظم قدراً، وولايته إحسان وتفضل، وولاية الآخر طاعة وعبادة، كما أن الله يحب المؤمنين، والمؤمنون يحبونه. فإن الموالاة ضد المعاداة والمحاربة والمخادعة، والكفّار لا يحبون الله ورسوله، ويحادّون الله ورسوله ويعادونه.
وقد قال تعالى: { لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ } [الممتحنة: 1]. وهو يجازيهم على ذلك، كما قال تعالى: { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } [البقرة: 279].
وهو وليّ المؤمنين وهو مولاهم يخرجهم من الظلمات إلى النور. وإذا كان كذلك فمعنى كون الله وليّ المؤمنين ومولاهم، وكون الرسول وليهم ومولاهم، وكون عليّ مولاهم، هي الموالاة التي هي ضد المعاداة.
والمؤمنين يتولون الله ورسوله الموالاة المضادة لملعاداة، وهذا حكم ثابت لكل مؤمن، فعليُّ رضي الله عنه من المؤمنين الذين يتولون المؤمنين ويتولونه.(16/16)
وفي هذا الحديث إثبات إيمان عليّ في الباطن، والشهادة له بأنه يستحق الموالاة باطناً وظاهراً، وذلك يرد ما يقوله فيه أعداؤه من الخوارج والنواصب، لكن ليس فيه أنه ليس للمؤمنين مولى غيره فكيف ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم له موالي، وهم صالحوا المؤمنين، فعليّ أيضاً له مولى بطريق الأولى والأحرى، وهم المؤمنون الذين يتولونه.
وقد قال الني صلَّى الله عليه وسلَّم: إن أسلم وغفاراً ومزينة وجهينة وقريشاً والأنصار ليس لهم مولى دون الله ورسوله( )، وجعلهم موالي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، كما جعل صالح المؤمنين مواليه والله ورسوله مولاهم.
وفي الجملة فرق بين الوليّ والمولى ونحو ذلك وبين الوالي. فباب الولاية – التي هي ضدّ العداوة – شيء، وباب الولاية – التي هي الإمارة – شيء.
والحديث إنما هو في الأولى دون الثانية. والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يقل: من كنت واليه فعليّ واليه. وإنما اللفظ "من كنت مولاه فعليّ مولاه".
وأما كون المولى بمعنى الوالي، فهذا باطل. فإن الولاية تثبت من الطرفين، فإن المؤمنين أولياء الله، وهو مولاهم.
وأما كونه أولى بهم من أنفسهم، فلا يثبت إلا من طرفه صلَّى الله عليه وسلَّم. وكونه أولى بكل مؤمن من نفسه من خصائص نبوته، ولو قُدِّر أنه نصَّ على خليفة من بعده، لم يكن ذلك موجباً أن يكون أولى بكل مؤمن من نفسه، كما أنه لا يكون أزواجه أمهاتهم. ولو أريد هذا المعنى لقال: من كنت أولى به من نفسه. وهذا لم يقله، ولم ينقله أحد، ومعناه باطل قطعاً؛ لأن كون النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أولى بكل مؤمن من نفسه أمر ثابت في حياته ومماته، وخلافة عليّ – لو قدر وجودها – لم تكن إلا بعد موته، لم تكن في حياته، فلا يجوز أن يكون عليٌّ خليفة في زمنه، فلا يكون حينئذ أولى بكل مؤمن من نفسه، بل ولا يكون مولى أحد من المؤمنين، إذا أريد به الخلافة.(16/17)
وهذا مما يدل على أنه لم يُرِد الخلافة؛ فإن كونه وليّ كل مؤمن، وصف ثابت له في حياة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، لم يتأخر حكمه إلى الموت. وأما الخلافة فلا يصير خليفة إلا بعد الموت. فعُلم أن هذا ليس هذا.
وإذا كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم في حياته وبعد مماته إلى يوم القيامة، وإذا استخلف أحداً على بعض الأمور في حياته، أو قُدِّر أنه استخلف أحداً على بعض الأمور في حياته، أو قُدِّر أنه استخلف أحداً بعد موته، وصار له خليفة بنص أو إجماع، فهو أولى بتلك الخلافة وبكل المؤمنين من أنفسهم، فلا يكون قط غيره أولى بكل مؤمن من نفسه، لا سيما في حياته.
وأما كون عليّ وغيره مولى كل مؤمن، فهو وصف ثابت لعليّ في حياة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وبعد مماته، وبعد ممات عليّ، فعليّ اليوم مولى كل مؤمن، وليس اليوم متولياً على الناس. وكذلك سائر المؤمنين بعضهم أولياء بعض أحياءً وأمواتاً.
الفصل الثالث
نقض احتجاج الرافضة بحديث "أنت مني بمنزلة هارون من موسى"
قال الرافضي: الثالث: قوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي. أثبت له "عليه السلام" جميع منازل هارون من موسى عليه السلام للاستثناء. ومن جملة منازل هارون أنه كان خليفة لموسى، ولو عاش بعده لكان خليفة أيضاً، وإلا لزم تطرّق النقض إليه، ولأنه خليفته مع وجوده وغيبته مدة يسيرة، فبعد موته وطول مدة الغيبة، أولى بأن يكون خليفته".
والجواب: أن هذا الحديث ثبت في الصحيحين بلا ريب وغيرها، وكان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال له ذلك في غزوة تبوك. وكان صلَّى الله عليه وسلَّم كلما سافر في غزوة أو عُمرة أو حج يستخلف على المدينة بعض الصحابة، كما استخلف على المدينة في غزوة ذي أمر عثمان( )، وفي غزوة بني قَيْنُقَاع بشير بن عبد المنذر( )، ولما غزا قريشاً ووصل إلى الفُرع استعمل ابن أم مكتوم( )، وذكر ذلك محمد بن سعد( ) وغيره.(16/18)
وبالجملة فمن المعلوم أنه كان لا يخرج من المدينة حتى يستخلف. وقد ذكر المسلمون من كان يتسخلفه، فقد سافر من المدينة في عُمرتين: عُمرة الحديبية وعمرة القضاء. وفي حجة الوداع، وفي مغازيه – أكثر من عشرين غزاة – وفيها كلها استخلف، وكان يكون بالمدينة رجال كثيرون يستخلف عليهم من يستخلفه، فلما كان في غزوة تبوك لم يأذن لأحد في التخلف عنها، وهي آخر مغازيه صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يجتمع معه أحد كما اجتمع معه فيها، فلم يتخلف عنه إلا النساء والصبيان، أو من هو معذور لعجزه عن الخروج، أو من هو منافق، وتخلّف الثلاثة الذين تِيب عليهم، ولم يكن في المدينة رجال من المؤمنين يستخلف عليهم، كما كان يستخلف عليهم في كل مرة بل كان هذا الاستخلاف أضعف من الاستخلافات المعتادة منه، لأنه لم يبق في المدينة رجال من المؤمنين أقوياء يستخلف عليهم أحداً، كما كان يبقي في جميع مغازيه، فإنه كان يكون بالمدينة رجال كثيرون من المؤمنين أقوياء يستخلف عليهم مَن يستخلف، فكل استخلاف استخلفه في مغازيه، مثل استخلافه في غزوة بدر الكبرى والصغرى، وغزوة بني المصطلق، والغابة، وخيبر، وفتح مكة، وسائر مغازيه التي لم يكن فيها قتال، ومغازيه بضع عشرة غزوة، وقد استخلف فيها كلها إلا القليل، وقد استخلف في حجة الوداع وعمرتين قبل غزوة تبوك.
وفي كل مرة يكون بالمدينة أفضل ممن بقى في غزوة تبوك، فكان كل استخلاف قبل هذه يكون عليٌّ أفضل ممن استخلف عليه عليّاً، فلهذا خرج إليه عليٌّ رضي الله عنه يبكي، وقال: أتخلّفني مع النساء والصبيان؟(16/19)
وقيل: إن بعض المنافقين طعن فيه، وقال: إنما خلّفه لأنه يبغضه. فبيّن له النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: إني إنما استخلفتك لأمانتك عندي، وإن الاستخلاف ليس بنقص ولا غضٍّ، فإن موسى استخلف هارون على قومه، فكيف يكون نقصاً وموسى يَفْعَله بهارون؟ فطيَّب بذلك قلب عليّ، وبيّن أن جنس الاستخلاف يقتضي كرامة المستخلَف وأمانته، لا يقتضي إهانته ولا تخوينه، وذلك لأن المستخلَف يغيب عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد خرج معه جميع الصحابة.
والملوك – وغيرهم – إذا خرجوا في مغازيهم أخذوا معهم من يعظم انتفاعهم به، ومعاونته لهم، ويحتاجون إلى مشاورته والانتفاع برأيه ولسانه، ويده وسيفه.
والمتخلف إذا لم يكن له في المدينة سياسة كثيرة لا يحتاج إلى هذا كله، فظن من ظن أن هذا غضاضة من عليّ، ونقص منه، وخفض من منزلته، حيث لم يأخذه معه في المواضع المهمة، التي تحتاج إلى سعي واجتهاد، بل تركه في المواضع التي لا تحتاج إلى كثير سعي واجتهاد.
فكان قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مبيّناً أن جنس الاستخلاف ليس نقصاً ولا غضّاً، إذ لو كان نقصاً أو غضاً لما فعله موسى بهارون، ولم يكن هذا الاستخلاف كاستخلاف هارون، لأن العسكر كان مع هارون، وإنما ذهب موسى وحده.
وأما استخلاف النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فجميع العسكر كان معه، ولم يُخَلَّف بالمدينة – غير النساء والصبيان – إلا معذورٌ أو عاصٍ.
وقول القائل: "هذا بمنزلة هذا، وهذا مثل هذا" هو كتشبيه الشيء بالشيء. وتشبيه الشيء بالشيء يكون بحسب ما دلّ عليه السياق، لا يقتضي المساواة في كل شيء.(16/20)
ألا ترى إلى ما ثبت في الصحيحين من قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في حديث الأسارى لَمّا استشار أبا بكر، وأشار بالفداء، واستشار عمر، فأشار بالقتل. قال: "سأخبركم عن صاحبيكم. مثلك يا أبا بكر كمثل إبارهيم إذ قال: { فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [إبراهيم: 36]، ومثل عيسى إذ قال: { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [المائدة: 118]. ومثلك يا عمر مثل نوح إذ قال: { رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } [نوح: 26]، ومثل موسى إذ قال: { رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ } [يونس: 88]".
فقوله لهذا: مثلك كمثل إبراهيم وعيسى، ولهذا: مثل نوح وموسى، أعظم من قوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى؛ فإن نوحاً وإبراهيم وعيسى أعظم من هارون، وقد جعل هذين مثلهم، ولم يرد أنهما مثلهم في كل شيء، لكن فيما دلّ عليه السياق من الشدة في الله واللين في الله.
وكذلك هنا إنما هو بمنزلة هارون فيما دلّ عليه السياق، وهو استخلافه في مغيبه، كما استخلف موسى هارون. وهذا الاستخلاف ليس من خصائص عليّ، بلا ولا هو مثل استخلافاته، فضلاً عن أن يكون أفضل منها.
وقد استخلف مَنْ عليّ أفضل منه في كثير من الغزوات، ولم تكن تلك الاستخلافات توجب تقديم المستخلف على عليّ إذا قعد معه، فكيف يكون موجباً لتفضيله على عليّ؟
بل قد استخلف على المدينة غير واحد، وأولئك المستخلفون منه بمنزلة هارون من موسى من جنس استخلاف عليّ، بل كان ذلك الاستخلاف يكون على أكثر وأفضل ممن استخلف عليه عام تبوك، وكانت الحاجة إلى الاستخلاف أكثر، فإنه كان يخاف من الأعداء على المدينة.(16/21)
فأما عام تبوك فإنه كان قد أسلمت العرب بالحجاز، وفُتحت مكة وظهر الإسلام وعزّ. ولهذا أمر الله نبيّه أن يغزو أهل الكتاب بالشام، ولم تكن المدينة تحتاج إلى من يقاتل بها العدو.
ولهذا لم يَدَع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عند عليّ أحداً من المقاتلة، كما كان يَدَع بها في سائر الغزوات، بل أخذ المقاتلة كلهم معه.
وتخصيصه لعليّ بالذكر هنا هو مفهوم اللقب، وهو نوعان: لقب هو جنس، ولقب يجري مجرى العلم، مثل زيد، وأنت. وهذا المفهوم أضعف المفاهيم، ولهذا كان جماهير أهل الأصول والفقه على أنه لا يُحتج به. فإذا قال: محمد رسول الله. لم يكن هذا نفياً للرسالة عن غيره، لكن إذا كان في سياق الكلام ما يقتضي التخصيص، فإنه يحتج به على الصحيح.
كقوله: { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ } [الأنبياء: 79]، وقوله: { كَلاّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ } [المطففين: 15].
وأما إذا كان التخصيص لسبب يقتضيه، فلا يُحتج به باتفاق الناس. فهذا من ذلك؛ فإنه إنما خصَّ عليّاً بالذكر لأنه خرج إليه يبكي ويشتكي تخليفه مع النساء والصبيان.
ومن استخلفه سوى عليّ، لما لم يتوهموا أن في الاستخلاف نقصاً، لم يحتج أن يخبرهم بمثل هذا الكلام، والتخصيص بالذكر إذا كان لسبب يقتضي ذاك لم يقتضِ الاختصاص بالحكم، فليس في الحديث دلالة على أن غيره لم يكن منه بمنزلة هارون من موسى، كما أنه لما قال للمضروب الذي نَهَى عن لعنه: ”دعه فإنه يحب الله ورسوله“( ) لم يكن هذا دليلاً على أن غيره لا يحب الله ورسوله، بل ذكر ذلك لأجل الحاجة إليه لينهى بذلك عن لعنه.
ولما استأذنه عمر رضي الله عنه في قتل حاطب بن أبي بلتعة، قال: ”دعه فإنه قد شهد بدراً“( ) ولم يدل هذا على أن غيره لم يشهد بدراً، بل ذكر المقتضى لمغفرة ذنبه.
وكذلك لما شهد للعشرة بالجنة، لم يقتض أن غيرهم لا يدخل الجنة، لكن ذكر ذلك لسبب اقتضاه.(16/22)
وكذلك لما قال للحسن وأسامة: ”اللهم إني أحبهما فأحبهما، وأحب من يحبهما“( ) لا يقتضي أنه لا يحب غيرهما، بل كان يحب غيرهما أعظم من محبتهما.
وكذلك لما قال: ”لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة“ لم يقتض أن من سواهم يدخلها.
وكذلك لَمّا شبّه أبا بكر بإبراهيم وعيسى، لم يمنع ذلك أن يكون في أمته وأصحابه من يشبه إبراهيم وعيسى.
وكذلك لَمّا شبّه عمر بنوح وموسى، لم يمتنع أن يكون في أمته من يشبه نوحاً موسى.
فإن قيل: إن هذين أفضل من يشبههم من أمته.
قيل: الاختصاص بالكمال لا يمنع المشاركة في أصل التشبيه.
وكذلك لما قال عن عروة بن مسعود: ”إنه مثل صاحب ياسين“( ). وكذلك لما قال للأشعريين: ”هم مني وأنا منهم“( ) لم يختص ذلك بهم، بل قال لعلي: ”أنت مني وأنا منك“ وقال لزيد: ”أنت أخونا ومولانا“( ) وذلك لا يختص بزيد، بل أسامة أخوهم ومولاهم.
وبالجملة الأمثال والتشبيهات كثيرة جداً، وهي لا توجب التماثل من كل وجه، بل فيما سبق الكلام له، ولا تقتضي اختصاص المشبَّه بالتشبيه، بل يمكن أن يشاركه غيره له في ذلك.
قال الله تعالى: { مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ } [البقرة: 261].
وقال تعالى: { وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ } [يس: 13].
وقال: { مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هِذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ } [آل عمران: 117].
وقد قيل: إن في القرآن اثنين وأربعين مثلاً.
وقول القائل: إنه جعله بمنزلة هارون في كل الأشياء إلا في النبوة باطل، فإن قوله: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى"؟ دليل على أنه يسترضيه بذلك ويطيِّب قلبه لِمَا توهم من وهن الاستخلاف ونقص درجته، فقال هذا على سبيل الجبر له.(16/23)
وقوله: "بمنزلة هارون من موسى" أي مثل منزلة هارون، فإن نفس منزلته من موسى بعينها لا تكون لغيره، وإنما يكون له ما يشابهها، فصار هذا كقوله: هذا مثل هذا، وقوله عن أبي بكر: مثله مثل إبراهيم وعيسى، وعمر: مثله مثل نوح وموسى.
ومما يبين ذلك أن هذا كان عام تبوك، ثم بعد رجوع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بعث أبا بكر أميراً على الموسم، وأردفه بعليّ، فقال لعليّ: أمير أم مأمور؟ فقال: بل مأمورن فكان أبو بكر أميراً عليه، وعليّ معه كالمأمور مع أمره: يصلّي خلفه، ويطيع أمره وينادي خلفه مع الناس بالموسم: ألا لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عُريان( ).
وإنما أردفه به لينبذ العهد إلى العرب، فإنه كان من عادتهم أن لا يعقد العقود وينبذها إلا السيد المطاع، أو رجل من أهل بيته. فلم يكونوا يقبلون نقض العهود إلا من رجل من أهل بيت النبي صلَّى الله عليه وسلَّم.
ومما يبيّن ذلك أنه لو أراد أن يكون خليفة على أمته بعده، لم يكن هذا خطاباً بينهما يناجيه به، ولا كان أخَّرَهُ حتى يخرج إليه عليّ ويشتكي، بل كان هذا من الحكم الذي يجب بيانه وتبليغه للناس كلهم، بلفظ يبين المقصود.
ثم من جهل الرافضة أنهم يتناقضون، فإن هذا الحديث يدل على أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يخاطب عليّاً بهذا الخطاب إلا ذلك اليوم في غزوة تبوك، فلو كان عليّ قد عرف أنه المستخلف من بعده – كما رووا ذلك فيما تقدم – لكان عليّ مطمئن القلب أنه مثل هارون بعده وفي حياته، ولم يخرج إليه يبكي، ولم يقل له: أتخلفني مع النساء والصبيان؟(16/24)
ولو كان عليّ بمنزلة هارون مطلقاً لم يستخلف عليه أحداً. وقد كان يستخلف على المدينة غيره وهو فيها، كما استخلف على المدينة عام خيبر غير عيّ، وكان عليّ بها أرمد، حتى لحق بالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فأعطاه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم الراية حين قدم، وكان قد أعطى الراية رجلاً فقال: ”لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله“.
وأما قوله: "لأنه خليفته مع وجوده وغيبته مدة يسيرة، فبعد موته وطول مدة الغيبة أولى بأن يكون خليفته".
فالجواب: أنه مع وجوده وغيبته قد استخلف غير عليّ استخلافاً أعظم من استخلاف عليّ، واستخلف أولئك على أفضل من الذين استخلف عليهم عليّاً، وقد استخلف بعد تبوك على المدينة غير عليّ في حجة الوداع، فليس جعل عليّ هو الخليفة بعده لكونه استخلفه على المدينة بأولى من هؤلاء الذين استخلفهم على المدينة كما استخلفه، وأعظم مما استخلفه، وآخر الاستخلاف كان على المدينة كان عام حجة الوداع، وكان عليّ باليمن، وشهد معه الموسم، لكن استخلف عليها في حجة الوداع غير عليّ.
فإن كان الأصل بقاء الاستخلاف، فبقاء من استخلفه في حجة الوداع أولى من بقاء استخلاف من استخلفه قبل ذلك.
وبالجملة فالاستخلافات على المدينة ليست من خصائصه، ولا تدل على الأفضلية، ولا مع الإمامة، بل قد استخلف عدداً غيره. ولكن هؤلاء جهّال يجعلون الفضائل العامة المشتركة بين عليّ وغيره خاصة بعليّ، وإن كان غيره أكمل منه فيها، كما فعلوا في النصوص والوقائع.(16/25)
وهكذا فعلت النصارى: جعلوا ما أتى به المسيح من الآيات دالاًّ على شيء يختص به من الحلول والاتحاد، وقد شاركه غيره من الأنبياء فيما أتى به، وكان ما أتى به موسى من الآيات أعظم مما جاء به المسيح، فليس هناك سبب يوجب اختصاص المسيح دون إبراهيم وعيسى، لا بحلول ولا اتحاد، بل إن كان ذلك كله ممتنعاً، فلا ريب أنه كله ممتنع في الجميع، وإن فُسِّرَ ذلك بأمر ممكن، كحصول معرفة الله والإيمان به، والأنوار الحاصلة بالإيمان به ونحو ذلك، فهذا قدر مشترك وأمر ممكن.
وهكذا الأمر مع الشيعة: يجعلون الأمور المشتركة بين عليّ وغيره، التي تعمّه وغيره، مختصةً به، حتى رَبَّبوا عليه ما يختص به من العصمة والإمامة والأفضلية. وهذا كله منتفٍ.
فمن عرف سيرة الرسول، وأحوال الصحابة، ومعاني القرآن والحديث: علم أنه ليس هناك اختصاص بما يوجب أفضليته ولا إمامته، بل فضائله مشتركة، وفيها من الفائدة إثبات إيمان عليّ وولايته، والرد على النواصب الذين يسبّونه أو يفسقونه أو يكفرونه ويقولون فيه من جنس ما تقوله الرافضة في الثلاثة.
ففي فضائل عليّ الثابتة ردٌّ على النواصب، كما أن في فضائل الثلاثة ردّاً على الروافض.
وعثمان رضي الله عنه تقدح فيه الروافض والخوارج، ولكن شيعته يعتقدون إمامته، ويقدحون في إمامة عليّ. وهم في بدعتهم خير من شيعة عليّ الذين يقدحون في غيره. والزيديدة الذين يتولون أبا بكر وعرم مضطربون فيه.
وأيضاً فالاستخلاف في الحياة نوع نيابة، لابد منه لكل ولي أمر، وليس كل مَنْ يصلح للاستخلاف في الحياة على بعض الأمة يصلح أن يُستخلف بعد الموت؛ فإن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم استخلف في حياته غير واحد، ومنهم من لا يصلح للخلافة بعد موته، وذلك كبشير ابن عبد المنذر وغيره.(16/26)
وأيضاً فإنه مطالب في حياته بما يجب عليه من القيام بحقوق الناس، كما يُطالب بذلك ولاة الأمور. وأما بعد موته فلا يطالب بشيء، لأنه قد بلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وعبد الله حتى أتاه اليقين من ربّه. ففي حياته يجب عليه جهاد الأعداء، وتقسيم الفيء، وإقامة الحدود، واستعمال العمّال، وغير ذلك مما يجب على ولاة الأمور بعده، وبعد موته لا يجب عليه شيء من ذلك.
فليس الاستخلاف في الحياة كالاستخلاف بعد الموت. والإنسان إذا استخلف أحداً في حياته على أولاده وما يأمر به من البرّ، كان المستخلف وكيلاً محضاً يفعل ما أمر به الموكِّل، وإن استخلف أحداً على أولاده بعد موته، كان وليّاً مستقلاًّ يعمل بحسب المصلحة، كما أمر الله ورسوله، ولم يكن وكيلاً للميّت.
وهكذا أولو الأمر إذا استخلف أحدهم شخصاً في حياته، فإنه يفعل ما يأمره به في القضايا المعيّنة. وأما إذا استخلفه بعد موته فإنه يتصرف بولايته كما أمر الله ورسوله، فإن هذا التصرف مضاف إليه لا إلى الميت، بخلاف ما فعله في الحياة بأمر مستخلفه، فإنه يُضاف إلى من استخلفه لا إليه. فأين هذا من هذا؟!.
ولم يقل أحد من العقلاء: إن من استخلف شخصاً على بعض الأمور. وانقضى ذلك الاستخلاف: إنه يكون خليفة بعد موته على شيء، ولكن الرافضة من أجهل الناس بالمعقول والمنقول.
الفصل الرابع
نقض قياس الرافضة الاستخلاف في الممات على الاستخلاف في المغيب
قال الرافضي: الرابع: "أنه صلَّى الله عليه وسلَّم استخلفه على المدينة مع قصر مدة الغيبة، فيجب أن يكون خليفة له بعد موته. وليس غير عليّ إجماعاً، ولأنه لم يعزله عن المدينة، فيكون خليفة له بعد موته فيها، وإذا كان خليفة فيها كان خليفة في غيرها إجماعاً".
والجواب: أن هذه الحجة وأمثالها من الحجج الداحضة، التي هي من جنس بيت العنكبوت. والجواب عنها من وجوه:(16/27)
أحدها: أن نقول على أحد القولين: إنه استخلف أبا بكر بعد موته كما تقدم. وإذا قالت الرافضة: بل استخلف عليّاً. قيل: الراوندية من جنسكم قالوا: استخلف العبّاس، وكل من كان له علم بالمنقولات الثابتة يعلم أن الأحاديث الدالة على استخلاف أحدٍ بعد موته إنما تدل على استخلاف أبي بكر، ليس فيها شيء يدل على استخلاف عليّ ولا العباس، بل كلها تدل على أنه لم يستخلف واحداً منهما. فيقال حينئذ: إن كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم استخلف أحداً فلم يستخلف إلا أبا بكر، وإن لم يستخلف أحداً فلا هذا ولا هذا.
فعلى تقدير كون الاستخلاف واجباً على الرسول، لم يستخلف إلا أبا بكر، فإن جميع أهل العلم بالحديث والسيرة متفقون على أن الأحاديث الثابتة لا تدل على استخلاف غير أبي بكر، وإنما يدل ما يدل منها على استخلاف أبي بكر. وهذا معلوم بالاضطرار عند العالم بالأحاديث الثابتة.
الوجه الثاني: أن نقول: أنتم لا تقولون بالقياس، وهذا احتجاج بالقياس، حيث قستم الاستخلاف في الممات على الاستخلاف في المغيب. وأما نحن إذا فرضنا على أحد القولين فنقول: الفرق بينهما ما نبّهنا عليه في استخلاف عمر في حياته، وتوقفه في الاستخلاف بعد موته، لأن الرسول في حياته شاهد على الأمة، مأمور بسياستها بنفسه أو نائبه، وبعد موته انقطع عنه التكليف.
كما قال المسيح: { وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ } [المائدة: 117] الآية، لم يقل: كان خليفتي الشهيد عليهم. وهذا دليل على أن المسيح لم يستخلف، فدل على أن الأنبياء لا يجب عليهم الاستخلاف بعد الموت.
وكذلك ثبت عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: "فأقول كما قال العبد الصالح: { وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ } [المائدة: 117]"( ).(16/28)
وقد قال تعالى: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } [آل عمران: 144].
فالرسول بموته انقطع عنه التكليف، وهو لو استخلف خليفة في حياته لم يجب أن يكون معصوماً، بل كان يولّي الرجل ولايةً، ثم يتبيّن كذبه فيعزله، كما ولّى الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وهو لو استخلف رجلاً لم يجب أن يكون معصوماً، وليس هو بعد موته شهيداً عليه، ولا مكلَّفاً بردّه عما يفعله، بخلاف الاستخلاف في الحياة.
الوجه الثالث: أن يُقال الاستخلاف في الحياة واجبٌ على كل وليّ أمر؛ فإن كل وليّ أمر – رسولاً كان أو إماماً – عليه أن يستخلف فيما غاب عنه من الأمور، فلابد له من إقامة الأمر: إما: بنفسه، وإما بنائبه. فما شهده من الأمر أمكنه أن يقيمه بنفسه، وأما ما غاب عنه فلا يمكنه إقامته إلا بخليفة يستخلفه عليه، فيولّي على مَنْ غاب عنه مِن رعيته مَنْ يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويأخذ منهم الحقوق، ويقيم فيهم الحدود، ويعدل بينهم في الأحكام، كما كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يستخلف في حياته على كل ما غاب عنه، فيولِّي الأمراء على السرايا: يصلّون بهم، ويجاهدون بهم، ويسوسونهم، ويؤمِّر أمراء على الأمصار، كما أمَّر عتاب بن أسيد على مكة، وأمَّر خالد بن سعيد بن العاص وأبان بن سعيد بن العاص وأبا سفيان بن حرب ومعاذاً وأبا موسى على قرى عُرينة وعلى نجران وعلى اليمن، وكما كان يستعمل عمالاً على الصدقةن فيقبضونها ممن تجب عليه، ويعطونها لمن تحلّ له، كما استعمل غير واحد.
وكان يستخلف في إقامة الحدود، كما قال لأنيس: ”يا أنيس اغد على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها“( ) فغدا عليها فاعترفت فرجمها.(16/29)
وكان يستخلف على الحج، كما استخلف أبا بكر على إقامة الحج عام تسع بعد غزوة تبوك، وكان عليّ من جملة رعية أبي بكر: يصلّي خلفه، ويأتمر بأمره، وذلك بعد غزوة تبوك.
وكما استخلف على المدينة مراتٍ كثيرة، فإنه كان كلما خرج في غزاة استخلف. ولما حج واعتمر استخلف، فاستخلف في غزوة بدر، وبني المصطلق، وغزوة الفتح، واستخلف في غزوة الحديبية، وفي غزوة القضاء، وحجة الوداع، وغير ذلك.
وإذا كان الاستخلاف في الحياة واجباً على متولي الأمر وإن لم يكن نبيّاً، مع أنه لا يجب عليه الاستخلاف بعد موته، لكون الاستخلاف في الحياة أمراً ضرورياً لا يؤدى الواجب إلا به، بخلاف الاستخلاف بعد الموت، فإنه قد بلَّغ الأمة، وهو الذي يجب عليهم طاعته بعد موته، فيمكنهم أن يعينوا مَنْ يؤمّرونه عليهم، كما يمكن ذلك في كل فروض الكفاية التي تحتاج إلى واحد معيّن – عُلم أنه لا يلزم من وجوب الاستخلاف في الحياة وجوبه بعد الموت.
رابع: أن الاستخلاف في الحياة واجبٌ في أصناف الولايات، كما كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يستخلف على من غاب عنهم مَنْ يقيم فيهم الواجب، ويستخلف في الحج، وفي قبض الصدقات، وحفظ مال الفيء، وفي إقامة الحدود، وفي الغزو وغير ذلك.(16/30)
ومعلوم أن هذا الاستخلاف لا يجب بعد الموت باتفاق العقلاء، بل ولا يمكن، فإنه لا يمكن أن يعيّن للأمة بعد موته مَنْ يتولّى كل أرم جزئي، فإنهم يحتاجون إلى واحدٍ بعد واحد، وتعيين ذلك متعذر، ولأنه لو عيَّن واحداً. فقد يختلف حاله ويجب عزله، فقد كان يولّى في حياته من يُشكى إليه فيعزله، كما عزل الوليد بن عقبة، وعزل سعد بن عبادة عام الفتح وولى ابنه قيساً، وعزل إماماً كان يصلّي بقوم لما بصق في القبلة، وولَّى مرة رجلاً فلم يقم بالواجب، فقال: ”أعجزتم إلا ولّيت من لا يقوم بأمر أن تولّوا رجلاً يقوم بأمري“( ) فقد فوّض إليهم عزل مَنْ لا يقوم بالواجب من ولاته، فكيف لا يفوض إليهم ابتداء تولية من يقوم بالواجب؟!
وإذا كان في حياته مَنْ يولّيه ولا يقوم بالواجب فيعزله، أو يأمر بعزله، كان لو ولّى واحداً بعد موته يمكن فيه أن لا يقوم بالواجب، وحينئذ فيحتاج إلى عزله، فإذا ولّته الأمة وعزلته، كان خيراً لهم مِنْ أن يعزلوا مَنْ ولاّه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم. وهذا مما يتبين به حكمة ترك الاستخلاف، وعلى هذا فنقول في:
الوجه الخامس: أن ترك الاستخلاف بعد مماته كان أولى من الاستخلاف، كما اختاره الله لنبيه، فإنه لا يختار له إلا أفضل الأمور. وذلك لأنه: إما أن يُقال: يجب أن لا يستخلف في حياته من ليس بمعصوم، وكان يصدر من بعض نوّابه أمور منكرة فينكرها عليهم، ويعزل من يعزل منهم. كما استعمل خالد بن الوليد على قتال بني جذيمة فقتلهم، فوَدَاهم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بنصف دياتهم، وأرسل عليّ بن أبي طالب فضمن لهم حتى مبلغة الكلب، ورفع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يديه إلى السماء وقال: ”اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد“.(16/31)
واختصم خالد وعبد الرحمن بن عوف حتى قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ”لا تسبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أُحُدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه“ ولكن مع هذا لم يعزل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم خالداً.
واستعمل الوليد بن عقبة على صدقات قومٍ، فرجع فأخبره أن القوم امتنعوا وحاربوا، فأراد غزوهم، فأنزل الله تعالى: { إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ } [الحجرات: 6].
وولّى سعد بن عبادة يوم الفتح، فلما بلغه أن سعداً قال:
اليوم يوم الملحمة اليوم تستباح الحرمة
عزله، وولّى ابنه قيساً، وأرسل بعمامته علامةً على عزله، ليعلم سعد أن ذلك أمرٌ من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم.
وكان يُشْتَكى إليه بعض نوابه فيأمره بما أمر الله به، كما اشتكى أهل قباء معاذاً لتطويله الصلاة بهم، لما قرأ البقرة في صلاة العشاء فقال: ”أفتَّان أنت يا معاذ؟ اقرأ بسبح اسم ربك الأعلى، والليل إذا يغشى، ونحوها“( ).
وفي الصحيح أن رجلاً قال له: إني أتخلّف عن صلاة الفجر مما يطوِّل بنا فلان، فقال: ”يا أيها الناس إذا أمَّ أحدكم فليخفف، فإن من ورائه الضعيف والكبير وذا الحاجة، وإذا صلّى لنفسه فليطوّل ما شاء“( ).
ورأى إماماً قد بصق في قبلة المسجد، فعزله عن الإمامة، وقال: ”إنك آذيت الله ورسوله“( ).
وكان الواحد من خلفائه إذا أشكل عليه الشيء أرسل إليه يسأله عنه.
فكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في حياته يعلّم خلفاءه ما جهلوا، ويقوِّمهم إذا زاغوا، ويعزلهم إذا لم يستقيموا، ولم يكونوا مع ذلك معصومين، فعلم أنه لم يكن يجب عليه أن يولّي المعصوم.
وأيضاً فإن هذا تكليف ما لا يمكن، فإن الله لم يخلق أحداً معصوماً غير الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم. فلو كُلِّف أن يستخلف معصوماً لكُلِّف ما لا يقدر عليه، وفات مقصود الولايات، وفسدت أحوال الناس في الدين والدنيا.(16/32)
وإذا عُلم أنه يجوز – بل يجب – أن يستخلف في حياته من ليس بمعصوم، فلو استخلف بعد موته كما استخلف في حياته، لاستخلف أيضاً غير معصوم، وكان لا يمكنه أن يعلّمه ويقوِّمه كما كان يفعل في حياته، فكان أن لا يستخلف خيراً من أن يستخلف.
والأمة قد بلغها أمر الله ونهيه، وعلموا ما أمر الله به ونهى عنه، فهم يستخلفون من يقوم بأمر الله ورسوله، ويعاونونه على إتمامهم القيام بذلك، إذا كان الواحد لا يمكنه القيام بذلك، فما فاته مِنَ العلم بيّنه له مَنْ يعلمه، وما احتاج إليه من القدرة عاونه عليه من يمكنه الإعانة، وما خرج فيه عن الصواب أعادوه إليه بحسب الإمكان بقولهم وعملهم، وليس على الرسول ما حُمِّلوه، كما أنهم ليس عليهم ما حُمِّل.
فعُلم أن ترك الاستخلاف من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بعد الموت أكمل في حق الرسول من الاستخلاف، وأن مَنْ قاس وجوب الاستخلاف بعد الممات على وجوبه في الحياة كان من أجهل الناس.
وإذا علم الرسول أن الواحد من الأمة هو أحق بالخلافة، كما كان يعلم أن أبا بكر هو أحق بالخلافة من غيره، كان في دلالته للأمة على أنه أحق، مع علمه بأنهم يولُّونه، ما يغنيه عن استخلافه، لتكون الأمة هي القائمة بالواجب، ويكون ثوابها على ذلك أعظم من حصول مقصود الرسول.
وأما أبو بكر فلما علم أنه ليس في الأمة مثل عمر، وخاف أن لا يولُّوه إذا لم يستخلفه لشدته، فولاه هو، كان ذلك هو المصلحة للأمة.
فالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم عَلِمَ أن الأمة يولُّون أبا بكر، فاستغنى بذلك عن توليته، مع دلالته لهم على أنه أحق الأمة بالتولية، وأبو بكر لم يكن يعلم أن الأمة يولُّون عمر إذا لم يستخلفه أبو بكر. فكان ما فعله النبي صلَّى الله عليه وسلَّم هو اللائق به لفضل علمه، وما فعله صدِّيق الأمة هو اللائق به إذ لم يعلم ما علمه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم.(16/33)
الوجه السادس: أن يقال: هب أن الاستخلاف واجب، فقد استخلف النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أبا بكر، على قول من يقول: إنه استخلفه، ودلَّ على استخلافه على القول الآخر.
وقوله: "لأنه لم يعزله عن المدينة".
قلنا: هذا باطل، فإنه لَمّا رجع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم انعزل عليّ بنفس رجوعه، كما كان غيره ينعزل إذا رجع. وقد أرسله بعد هذا إلى اليمن، حتى وافاه بالموسم في حجة الوداع، واستخلف على المدينة في حجة الوداع غيره.
أفترى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فيها مقيماً وعليّ باليمن، وهو خليفة بالمدينة؟!
ولا ريب أن كلام هؤلاء كلام جاهل بأحوال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، كأنهم ظنّوا أن عليّاً مازال خليفة على المدينة حتى مات النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يعلموا أن عليّاً بعد ذلك أرسله النبي صلَّى الله عليه وسلَّم سنة تسع مع أبي بكر لنبذ العهود، وأمَّر عليه أبا بكر، ثم بعد رجوعه مع أبي بكر أرسله إلى اليمن، كما أرسل معاذاً وأبا موسى.
ثم لما حج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم حجة الوداع استخلف على المدينة غير عليّ، ووافاه عليّ بمكة، ونحر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مائة بدنة، نحر بيده ثُلُثَيها، ونحر عليّ ثُلُثَها.
وهذا كله معلوم عند أهل العلم، متفق عليه بينهم، وتواترت به الأخبار، كأنك تراه بعينك.
ومن لم يكن له عناية بأحوال الرسول لم يكن له أن يتكلم في هذه المسائل الأصولية.
والخليفة لا يكون خليفة إلا مع مغيب المستخلف أو موته، فالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم إذا كان بالمدينة امتنع أن يكون له خليفة فيها، كما أن سائر من استخلفه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لما رجع انقضت خلافته.
وكذلك سائر ولاة الأمور: إذا استخلف أحدهم على مصره في مغيبه بطل استخلافه ذلك إذا حضر المستخلف.
ولهذا لا يصلح أن يُقال: إن الله يستخلف أحداً عنه، فإنه حيّ قيوم شهيد مدبِّر لعباده، مُنزّه عن الموت والنوم والغَيبة.(16/34)
ولهذا لما قالوا لأبي بكر: يا خليفة الله. قال: لستُ خليفة الله، بل خليفة رسول الله، وحسبي ذلك.
والله تعالى يوصف بأنه يخلف العبد، كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ”اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل“( )، وقال في حديث الدّجَّال: ”والله خليفتي على كل مسلم“( ).
وكل من وصفه الله بالخلافة في القرآن فهو خليفة عن مخلوق كان قبله.
كقوله: { ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم } [يونس: 14]، { وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } [الأعراف: 69]، { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } [النور: 55].
وكذلك قوله: { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً } [البقرة: 30]، أي: عن خلقٍ كان في الأرض قبل ذلك، كما ذكر المفسرون وغيرهم( ).
وأما ما يظنه طائفة من الاتحادية وغيرهم أن الإنسان خليفة الله، فهذا جهل وضلال.
الفصل الخامس
إثبات أن حديث "عليّ أخي ووصيي وخليفتي وقاضي ديني" كذب وموضوع
قال الرافضي: "الخامس: ما رواه الجمهور عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال لأمير المؤمنين: أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي وقاضي دَيْني، وهو نصٌّ في الباب".
والجواب من وجوه: أحدها: المطالبة بصحة هذا الحديث، فإن هذا الحديث ليس في شيء من الكتب التي تقوم الحجة بمجرد إسناده إليها، ولا صححه إمام من أئمة الحديث.(16/35)
وقوله: "رواه الجمهور": إن أراد بذلك أن علماء الحديث رووه في الكتب التي يُحتج بما فيها، مثل كتاب البخاري ومسلم ونحوهما، وقالوا: إنه صحيح، فهذا كذب عليهم، وإن أراد بذلك أن هذا يرويه مثل أبي نُعيم في "الفضائل" والمغازلي وخطيب خوارزم ونحوهم، أو يُروى في كتب الفضائل، فمجرد هذا ليس بحجة باتفاق أهل العلم في مسألة فروع، فكيف في مسألة الإمامة، التي قد أقمتم عليها القيامة؟!
الثاني: أن هذا الحديث كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث( ). وقد تقدّم كلام ابن حزم أن سائر هذه الأحاديث موضوعة، يعلم ذلك من له أدنى علم بالأخبار ونقلتها.
وقد صدق في ذلك، فإن من له أدنى معرفة بصحيح الحديث وضعيفه، ليعلم أن هذا الحديث ومثله ضعيف، بل كذب موضوع، ولهذا لم يُخَرِّجْه أحد من أهل الحديث في الكتب التي يُحتج بما فيها، وإنما يرويه مَنْ يرويه في الكتب التي يُجمع فيها بين الغثّ والسمين، التي يعلم كل عالم أن فيها ما هو كذب، مثل كثير من كتب التفسير: تفسير الثعلبي والواحدي ونحوهما، والكتب التي صنّفها في الفضائل مَنْ يجمع الغثّ والسمين، لا سيما خطيب خوارزم، فإنه مِن أَرْوَى الناس للمكذوبات، وليس هو من أهل العلم بالحديث، ولا المغازلي.
قال أبو الفرج بن الجوزي في كتابه "الموضوعات" لما رَوى هذا الحديث( ) من طريق أبي حاتم البستي، حدثنا محمد بن سهل بن أيوب، حدثنا عمّار بن رجاء، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا مطر بن ميمون الإسكاف، عن أنس( ) أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "إن أخي ووزيري وخليفتي من أهلي، وخير من أترك بعدي، يقضي دَيْني، وينجز موعدي: عليّ بن أبي طالب"( ) قال: هذا حديث موضوع. قال ابن حبان: مطر بن ميمون يروي الموضوعات عن الأثبات، لا تحل الرواية عنه".(16/36)
رواه أيضاً من طريق أحمد بن عدي بنحو هذا اللفظ، ومداره على عبيد الله بن موسى، عن مطر بن ميمون، وكان عبيد الله بن موسى في نفسه صدوقاً روى عنه البخاري، لكنه معروف بالتشيع، فكان لتشيعه يروي عن غير الثقات ما يوافق هواه، كما روى عن مطر بن ميمون هذا، وهو كذب. وقد يكون علم أنه كَذَب ذلك، وقد يكون لهواه لم يبحث عن كذبه، ولو بحث عنه لتبين له أنه كذب هذا، مع أنه ليس في اللفظ الذي رواه هؤلاء المحدِّثون: "وخليفتي من بعدي" وإنما في تلك الطريق: "وخليفتي في أهلي" وهذا استخلاف خاص.
وأما اللفظ الآخر الذي رواه ابن عدي فإنه قال( ): "حدثنا ابن أبي سفيان( )، حدثنا عدي( ) بن سهل، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا مطر( )، عن أنس قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "عليّ أخي وصاحبي وابن عمي وخير من أترك من بعدي( )، يقضي دَيْني وينجز موعدي"( ).
ولا ريب أن مطراً هذا كذَّاب، لم يرو عنه أحد من علماء الكوفة، مع روايته عن أنس، فلم يرو عنه يحيى بن سعيد القطّان، ولا وكيع، ولا أبو معاوية، ولا أبو نُعيم، ولا يحيى بن آدم ولا أمثالهم، مع كثرة مَنْ بالكوفة من الشيعة، ومع أن كثيراً من عوامّها يفضّل عليّاً على عثمان، ويروي حديثه أهل الكتب الستة، حتى الترمذي وابن ماجه قد يرويان عن ضعفاء، ولم يرووا عنه، وإنما روى عنه عبيد الله بن موسى، لأنه كان صاحبَ هوى متشيعاً، فكان لأجل هواه يروي عن هذا ونحوه، وإن كانوا كذَّابين.
ولهذا لم يكتب أحمد عن عبيد الله بن موسى، بخلاف عبد الرزاق، وذكر أحمد أن عبيد الله( ) كان يظهر ما عنده بخلاف عبد الرزاق.(16/37)
ومما افتراه مطر هذا ما رواه أبو بكر الخطيب في "تاريخه" من حديث عبيد الله بن موسى، عن مطر، عن أنس، قال: كنت عند النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فرأى عليّاً مقبلاً، فقال: "أنا وهذا حجة الله على أمتي يوم القيامة" قال ابن الجوزي( ): "هذا حديث موضوع، والمتهم بوضعه مطر. قال أبو حاتم: يروي الموضوعات عن الأثبات لا تحل الرواية عنه".
الوجه الثالث: أن دَيْن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يقضه عليّ بل في الصحيح أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مات ودرعه مرهونة عند يهودي على ثلاثين وسقاً من شعير ابتاعها لأهله( )، فهذا الدين الذي كان عليه يُقضى من الرهن الذي رهنه، ولم يُعرف عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم دَيْن آخر.
وفي الصحيح عنه أنه قال: "لا يقتسم ورثتي ديناراً ولا درهماً، ما تركت بعدَ نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة"( )، فلو كان عليه دَيْن قُضِيَ مما تركه، وكان ذلك مقدَّماً على الصدقة، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح.
الفصل السادس
إثبات أن أحاديث المؤاخاة بين عليّ والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم كلها موضوعة(16/38)
قال الرافضي: "السادس: حديث المؤاخاة. روى أنس أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لما كان يوم المباهلة، وآخى بين المهاجرين والأنصار، وعليٌّ واقف يراه ويعرفه، ولم يؤاخ بينه وبين أحد، فانصرف باكياً، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ما فعل أبو الحسن؟ قالوا: انصرف باكي العين، قال: يا بلال اذهب فائتني به، فمضى إليه. ودخل منزله باكي العين فقالت له فاطمة ما يبكيك؟ قال: آخى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بين المهاجرين والأنصار، ولم يؤاخ بيني وبين أحد. قالت: لا يخزيك الله، لعله إنما ادخرك لنفسه. فقال بلال: يا عليّ أجب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأتى فقال: ما يبكيك يا أبا الحسن؟ فأخبره، فقال: إنما أدّخرك لنفسي، ألا يسرك أن تكون أخا نبيك؟ قال: بلى، فأخذه بيده، فأتى المنبر، فقال: اللهم هذا مني وأنا منه، ألا إنه مني بمنزلة هارون من موسى، ألا مَنْ كنت مولاه فعليّ مولاه، فانصرف فاتبعه عمر، فقال: بخٍ بخٍ يا أبا الحسن، أصبحت مولاي ومولى كل مسلم. فالمؤاخاة تدل على الأفضلية، فيكون هو الإمام".
والجواب أولاً: المطالبة بتصحيح النقل، فإنه لم يعزُ هذا الحديث إلى كتاب أصلاً، كما عادته يعزو، وإن كان عادته يعزو إلى كتبٍ لا تقوم بها الحجة، وهنا أرسله إرسالاً على عادة أسلافه شيوخ الرافضة، يكذبون يروون الكذب بلا إسناد، وقد قال ابن المبارك: الإسناد من الدين، لولا الإسناد لقال مَنْ شاء ما شاء، فإذا سُئل: وقف وتحيّر.
الثاني: أن هذا الحديث موضوع عند أهل الحديث، لا يرتاب أحد من أهل المعرفة بالحديث أنه موضوع( )، وواضعه جاهل، كذب كذباً ظاهراً مكشوفاً، يعرف أنه كذب من له أدنى معرفة بالحديث، كما سيأتي بيانه.(16/39)
الثالث: أن أحاديث المؤاخاة لعليّ كلها موضوعة( )، والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يؤاخ أحدأً، ولا آخى بين مهاجري ومهاجري، ولا بين أبي بكر وعمر ولا بين أنصاري وأنصاري، ولكن آخى بين المهاجرين والأنصار في أول قدومه المدينة( ).
وأما المباهلة فكانت لما قدم وفد نجران سنة تسع أو عشر من الهجرة.
الرابع: أن دلائل الكذب على هذا الحديث بيّنة، منها: أنه قال: "لما كان يوم المباهلة وآخى بين المهاجرين والأنصار". والمباهلة كانت لما قدم وفد نجران النصارى، وأنزل الله سورة آل عمران، وكان ذلك في آخر الأمر سنة عشر أو سنة تسع، لم يتقدم على ذلك باتفاق الناس والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يباهل النصارى، لكن دعاهم إلى المباهلة، فاستنظروه حتى يشتوروا، فلما اشتوروا قالوا: هو نبيٌّ، وما باهل قومٌ نبيّاً إلا استؤصلوا، فأقرُّوا له بالجزية، ولم يباهلوا، وهم أول من أقرّ بالجزية من أهل الكتاب، وقد اتفق الناس على أنه لم يكن في ذلك اليوم مؤاخاة.
الخامس: أن المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار كانت في السنة الأولى من الهجرة في دار بني النجار، وبين المباهلة وذلك عدة سنين.
السادس: أنه كان قد آخى بين المهاجرين والأنصار، والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم وعليّ كلاهما من المهاجرين، فلم يكن بينهما مؤاخاة، بل آخى بين عليّ وسهل بن حنيف، فعُلم أنه لم يؤاخ عليّاً، وهذا مما يوافق ما في الصحيحين من أن المؤاخاة إنما كانت بين المهاجرين والأنصار، لم تكن بين مهاجري ومهاجري.
السابع: أن قوله: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى" إنما قاله في غزوة تبوك مرة واحدة، لم يقل ذلك في غير ذلك المجلس أصلاً باتفاق أهل العلم بالحديث.
وأما حديث الموالاة فالذين رووه ذكروا أنه قاله بغدير خم مرة واحدة، لم يتكرر في غير ذلك المجلس أصلاً.(16/40)
الثامن: أنه تقدم الكلام على المؤاخاة، وأن فيها عموماً وإطلاقاً لا يقتضي الأفضلية والإمامة، وأن ما ثبت للصّدّيق من الفضيلة لا يشركه فيه غيره، كقوله: "لو كنت متخذاً خليلاً من أهل الأرض لاتخذت أبا بكر خليلاً"، وإخباره: أن أحب الرجال إليه أبو بكر، وشهادة الصحابة له أنه أحبهم إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وغير ذلك مما يبين أن الاستدلال بما روي عن المؤاخاة باطل نقلاً ودلالة.
التاسع: أن مِنَ الناس مَنْ يظن أن المؤاخاة وقعت بين المهاجرين بعضهم مع بعض، لأنه روي فيها أحاديث، لكن الصواب المقطوع به أن هذا لم يكن، وكل ما روي في ذلك فإنه باطل: إما أن يكون من رواية مَنْ يتعمد الكذب، وإما أن يكون أخطأ فيه، ولهذا لم يخرج أهل الصحيح شيئاً من ذلك.
والذي في الصحيح إنما هو المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ومعلوم أنه لو آخى بين المهاجرين بعضهم مع بعض وبين الأنصار بعضهم مع بعض، لكان هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، ولكان يذكر في أحاديث المؤاخاة، ويذكر كثيراً، فكيف وليس في هذا حديث صحيح، ولا خرَّج أهل الصحيح من ذلك شيئاً.
وهذه الأمور يعرفها مَنْ كان له خبرة بالأحاديث الصحيحة والسيرة المتواترة، وأحوال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وسبب المؤاخاة وفائدتها ومقصودها، وأنهم كانوا يتوارثون بذلك، فآخى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بين المهاجرين والأنصار، كما آخى بين سعد بن الربيع وعبد الرحمن بن عوف، وبين سلمان الفارسي وأبي الدرداء، ليعقد الصلة بين المهاجرين والأنصار، حتى أنزل الله تعالى: { وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ } [الأنفال: 75] وهي المحالفة التي أنزل الله فيها: { وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } [النساء: 33]( ).(16/41)
وقد تنازع الفقهاء: هل هي محكمة يورث بها عند عدم النسب أو لا يورث بها؟ على قولين، هما روايتان عن أحمد، الأول: مذهب أبي حنيفة، والثاني: مذهب مالك والشافعي.
الفصل السابع
الرد على من يثبت الإمامة لعليّ بقوله إنه اختص بحب الله ورسوله دون غيره
قال الرافضي: السابع: ما رواه الجمهور كافة أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لما حاصر خيبر تسعاً وعشرين ليلة، وكانت الراية لأمير المؤمنين عليّ، فلحقه رمد أعجزه عن الحرب، وخرج مرحب يتعرض للحرب، فدعا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أبا بكر، فقال له: خذ الراية، فأخذها في جمع من المهاجرين، فاجتهد ولم يغن شيئاً، ورجع منهزماً، فلما كان من الغد تعرَّض لها عمر، فسار غير بعيد، ثم رجع يخبر أصحابه، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: جيئوني بعليّ، فقيل: إنه أرمد، فقال: أرونيه أروني رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، ليس بفرَّار، فجاءوا بعليّ، فتفل في يده ومسحها على عينيه ورأسه فبرئ، فأعطاه الراية، ففتح الله على يديه، وقتل مرحباً، ووَصْفُهُ عليه السلام بهذا الوصف يدل على انتفائه عن غيره، وهو يدل على أفضليته، فيكون هو الإمام".
والجواب من وجوه:(16/42)
أحدها: المطالبة بتصحيح النقل. وأما قوله: "رواه الجمهور" فإن الثقات الذين رووه لم يرووه هكذا، بل الذي في الصحيح أن عليّاً كان غائباً عن خيبر، لم يكن حاضراً فيها، تخلّف عن الغزاة لأنه كان أرمد، ثم إنه شقَّ عليه التخلف عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فلحقه، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قبل قدومه: "لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه". ولم تكن الراية قبل ذلك لأبي بكر ولا لعمر، ولا قربها واحد منهما، بل هذا من الأكاذيب، ولهذا قال عمر: "فما أحببت الإمارة إلا يومئذ، وبات الناس كلهم يرجون أن يُعطاها، فلما أصبح دعا عليّاً، فقيل له: إنه أرمد، فجاءه فتفل في عينيه حتى برأ، فأعطاه الراية".
وكان هذا التخصيص جزاء مجيء عليّ مع الرمد، وكان إخبار النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بذلك وعليّ ليس بحاضر لا يرجونه من كراماته صلَّى الله عليه وسلَّم، فليس في الحديث تنقيص بأبي بكر وعمر أصلاً.
الثاني: أن إخباره أن عليّاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله حق، وفيه رد على النواصب، لكن الرافضة الذين يقولون: إن الصحابة ارتدوا بعد موته لا يمكنهم الاستدلال بهذا، لأن الخوارج تقول لهم: هو ممن ارتد أيضاً، كما قالوا لَمّا حكم الحكمين: إنك قد ارتددت عن الإسلام فعد إليه.
قال الأشعري في كتاب "المقالات"( ): "أجمعت الخوارج على كفر عليّ"( ).
وأما أهل السنة فيمكنهم الاستدلال على بطلان قول الخوارج بأدلة كثيرة، لكنها مشتركة تدل على إيمان الثلاثة، والرافضة تقدح فيها، فلا يمكنهم إقامة دليل على الخوارج على أن عليّاً مات مؤمناً، بل أي دليل ذكروه قدح فيه ما يبطله على أصلهم، لأن أصلهم فاسد.(16/43)
وليس هذا الوصف نم خصائص عليّ، بل غيره يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، لكن فيه الشهادة لعينه بذلك، كما شهد لأعيان العشرة بالجنة، وكما شهد لثابت بن قيس بالجنة، وشهد لعبد الله حمار بأنه يحب الله ورسوله، وقد كان ضربه في الحد مرات.
وقول القائل: "إن هذا يدل على انتفاء هذا الوصف عن غيره".
فيه جوابان:
أحدهما: أنه إن سلَّم ذلك، فإنه قال: "لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه"، فهذا المجموع اختصّ به، وهو أن ذلك الفتح كان على يديه، ولا يلزم إذا كان ذلك الفتح المعين على يديه أن يكون أفضل من غيره، فضلاً عن أن يكون مختصاً بالإمامة.
الثاني: أن يقال: لا نسلِّم أن هذا يوجب التخصيص. كما لو قيل: لأعطين هذا المال رجلاً فقيراً، أو رجلاً صالحاً، ولأدعون اليوم رجلاً مريضاً صالحاً، أو لأعطين هذه الراية رجلاً شجاعاً، ونحو ذلك، لم يكن في هذه الألفاظ ما يوجب أن تلك الصفة لا توجد إلا في واحد، بل هذا يدل على أن ذلك الواحد موصوف بذلك.
ولهذا لو نذر أن يتصدق بألف درهم على رجل صالح أو فقير، فأعطى هذا المنذر لواحدٍ، لم يلزم أن يكون غيره ليس كذلك، ولو قال: أعطوا هذا المال لرجل قد حجَّ عني، فأعطوه رجلاً، لم يلزم أن غيره لم يحج عنه.
الثالث: أنه لو قُدِّر ثبوت أفضليته في ذلك الوقت، فلا يدل ذلك على أن غيره لم يكن أفضل منه بعد ذلك.
الرابع: أنه لو قدَّرنا أفضليته، لم يدل ذلك على أنه إمام معصوم منصوص عليه، بل كثير من الشيعة الزيدية ومتأخري المعتزلة وغيرهم يعتقدون أفضليته، وأن الإمام هو أبو بكر، وتجوز عندهم ولاية المفضول. وهذا مما يجوزه كثير من غيرهم، ممن يتوقف في تفضيله بعض الأربعة على بعض، أو ممن يرى أن هذه المسألة ظنية لا يقوم فيها دليل قاطع على فضيلة واحدٍ معين، فإن من لم يكن له خبرة بالسنة الصحيحة قد يشك في ذلك.(16/44)
وأما أئمة المسلمين المشهورين فكلهم متفقون على أن أبا بكر وعمر أفضل من عثمان وعليّ، ونقل هذا الإجماع غيرُ واحد، كما روى البيهقي في كتاب "مناقب الشافعي" – مسنده عن الشافعي – قال: "ما اختلف أحد من الصحابة والتابعين في تفضيل أبي بكر وعمر وتقديمهما على جميع الصحابة"( ).
وروى مالك عن نافع عن ابن عمر قال: "كنا نفاضل على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فنقول: خير الناس بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أبو بكر ثم عمر"( ).
وقد تقدم نقل البخاري عن عليّ هذا الكلام.
والشيعة الذين صحبوا عليّاً كانوا يقولون ذلك، وتواتر ذلك عن عليّ من نحو ثمانين وجهاً. وهذا مما يقطع به أهل العلم، ليس هذا مما يخفى على مَنْ كان عارفاً بأحوال الرسول والخلفاء.
الفصل الثامن
إثبات أن حديث الطير من المكذوبات الموضوعات
قال الرافضي: "الثامن: خبر الطائر. روى الجمهور كافة أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أُتِيَ بطائر، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإليّ يأكل معي من هذا الطائر، فجاء عليّ، فدق الباب، فقال انس: إن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم على حاجة، فرجع. ثم قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كما قال أولاً، فدق الباب، فقال أنس: ألم أقل لك إنه على حاجة؟ فانصرف، فعاد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فعاد عليّ فدق الباب أشد من الأولين، فسمعه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فأذن له بالدخول، وقال: ما أبطأك عني؟ قال: جئت فردني أنس، ثم جئت فردني أنس، ثم جئت فردني الثالثة، فقال: يا أنس ما حملك على هذا؟ فقال: رجوت أن يكون الدعاء لرجل من الأنصار، فقال: يا أنس أوَ في الأنصار خير من عليّ؟ أوَ في الأنصار أفضل من عليّ؟ فإذا كان أحب الخلق إلى الله، وجب أن يكون هو الإمام".(16/45)
والجواب من وجوه: أحدها: المطالبة بتصحيح النقل. وقوله: "روى الجمهور كافة" كذب عليهم؛ فإن حديث الطير لم يروه أحد من أصحاب الصحيح، ولا صححه أئمة الحديث، ولكن هو مما رواه بعض الناس، كما رووا أمثاله في فضل غير عليّ، بل قد رُوي في فضائل معاوية أحاديث كثيرة، وصُنِّف في ذلك مصنفات. وأهل العلم بالحديث لا يصححون لا هذا ولا هذا.
الثاني: أن حديث الطائر من المكذوبات الموضوعات عند أهل العلم والمعرفة بحقائق النقل( ). قال أبو موسى المديني: "قد جمع غير واحد من الحفَّاظ طرق أحاديث الطير للاعتبار والمعرفة، كالحاكم النيسابوري، وأبي نُعيم، وابن مردويه. وسئل الحاكم عن حديث الطير فقال: لا يصح".
هذا مع أن الحاكم منسوب إلى التشيع، وقد طُلب منه أن يروي حديثاً في فضل معاوية فقال: ما يجيء من قلبي، ما يجيء من قلبي، وقد ضربوه على ذلك فلم يفعل. وهو يروي في "الأربعين" أحاديث ضعيفة بل موضوعة عند أئمة الحديث، كقوله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، لكن تشيعه وتشيع أمثاله من أهل العلم بالحديث، كالنسائي وابن عبد البر وأمثالهما، لا يبلغ إلى تفضيله على أبي بكر وعمر، فلا يُعرف في علماء الحديث من يفضِّله عليهما، بل غاية المتشيع منهم أن يفضّله على عثمان، أو يحصل منه كلام أو إعراض عن ذكر محاسن من قاتله ونحو ذلك، لأن علماء الحديث قد عصمهم وقيدهم ما يعرفون من الأحاديث الصحيحة الدالة على أفضلية الشيخين، ومن ترفّض ممن له نوع اشتغال بالحديث، كابن عُقدة وأمثاله، فهذا غايته أن يجمع ما يُروي في فضائله من المكذوبات والموضوعات، لا يقدر أن يدفع ما تواتر من فضائل الشيخين، فإنها باتفاق أهل العلم بالحديث أكثر مما صح في فضائل عليّ وأصح وأصرح في الدلالة.(16/46)
وأحمد بن حنبل لم يقل: إنه صحّ لعليّ من الفضائل ما لم يصح لغيره، بل أحمد أجلّ من أن يقول مثل هذا الكذب، بل نُقل عنه أنه قال: "رُوي له ما لم يُرو لغيره" مع أن في نقل هذا عن أحمد كلاماً ليس هذا موضعه.
الثالث: أن أكل الطير ليس فيه أمر عظيم يناسب أن يجيء أحب الخلق إلى الله ليأكل منه، فإن إطعام الطعام مشروع للبرّ والفاجر، وليس في ذلك زيادة وقربة عند الله لهذا الآكل، ولا معونة على مصلحة دين ولا دنيا، فأي أمر عظيم هنا يناسب جعل أحب الخلق إلى الله يفعله؟!
الرابع: أن هذا الحديث يناقض مذهب الرافضة؛ فإنهم يقولون: إن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان يعلم أن عليّاً أحب الخلق إلى الله، وأنه جعله خليفة من بعده. وهذا الحديث يدل على أنه ما كان يعرف أحب الخلق إلى الله.
الخامس: أن يقال: إما أن يكون النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان يعرف أن عليّاً أحب الخلق إلى الله، أو ما كان يعرف. فإن كان يعرف ذلك، كان يمكنه أن يرسل يطلبه، كما كان يطلب الواحد من الصحابة، أو يقول: اللهم ائتني بعليّ فإنه أحب الخلق إليك، فأي حاجة إلى الدعاء والإبهام في ذلك؟! ولو سَمَّى عليّاً لاستراح أنس من الرجاء الباطل، ولم يغلق الباب في وجه عليّ.
وإن كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يعرف ذلك، بطل ما يدّعونه من كونه كان يعرف ذلك. ثم إن في لفظه: "أحب الخلق إليك وإليّ" فكيف لا يعرف أحب الخلق إليه؟!
السادس: أن الأحاديث الثابتة في الصحاح، التي أجمع أهل الحديث على صحتها وتلقّيها بالقبول، تناقض هذا، فكيف تعارض بهذا الحديث المكذوب الموضوع الذي لمي صححوه؟!(16/47)
يبيّن هذا لكل متأملٍ ما في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما من فضائل القوم، كما في الصحيحين أنه قال: ”لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً“. وهذا الحديث مستفيض، بل متواتر عند أهل العلم بالحديث؛ فإنه قد أخرج في الصحاح من وجوه متعددة، من حديث ابن مسعود وأبي سعيد وابن عباس وابن الزبير، وهو صريح في أنه لم يكن عنده من أهل الأرض أحد أحب إليه من أبي بكر؛ فإن الخلة هي كمال الحب، وهذا لا يصلح إلا لله، فإذا كانت ممكنة، ولم يصلح لها إلا أبو بكر، عُلم أنه أحب الناس إليه.
وقوله في الحديث الصحيح لما سئل: "أيُّ الناس أحب إليك؟ قال: ”عائشة“ قيل: من الرجال؟ قال: ”أبوها“.
وقول الصحابة: "أنت خيرنا وسيدنا وأحب إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم" يقوله عمر بين المهاجرين والأنصار، ولا ينكر ذلك منكر.
وأيضاً فالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم محبته تابعة لمحبة الله، وأبو بكر أحبهم إلى الله تعالى، فهو أحبهم إلى رسوله.
وإنما كان كذلك لأنه أتقاهم وأكرمهم، وأكرم الخلق على الله تعالى أتقاهم بالكتاب والسنة.
وإنما كان أتقاهم لأن الله تعالى قال: { وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى، الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى، وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى، إِلاّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى، وَلَسَوْفَ يَرْضَى } [الليل: 17-21].
وأئمة التفسير يقولون: إنه أبو بكر( ).(16/48)
ونحن نبيّن صحة قولهم بالدليل فنقول: الأتقى قد يكون نوعاً وقد يكون شخصاً. وإذا كان نوعاً فهو يجمع أشخاصاً. فإن قيل: إنهم ليس فيهم شخص هو أتقى، كان هذا باطلاً، لأنه لا شك أن بعض الناس أتقى من بعض، مع أن هذا خلاف قول أهل السنة والشيعة، فإن هؤلاء يقولون: إن أتقى الخلق بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من هذه الأمة هو أبو بكر، وهؤلاء يقولون: هو عليّ. وقد قال بعض الناس: هو عمر. ويُحكى عن بعض الناس غير ذلك. ومن توقف أو شَكَّ لم يقل: إنهم مستوون في التقوى. فإذا قال: إنهم متساوون في الفضل، فقد خالف إجماع الطوائف. فتعين أن يكون هذا أتقى.
وإن كان الأتقى شخصاً، فإما أن يكون أبا بكر أو عليّاً. فإنه إذا كان اسم جنس يتناول من دخل فيه، وهو النوع، وهو القسم الأول، أو معيناً غيرهما. وهذا القسم منتف باتفاق أهل السنة والشيعة، وكونه عليّاً باطل أيضاً لأنه قال: { الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى، وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى، إِلاّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى، وَلَسَوْفَ يَرْضَى } [الليل: 17-21].
وهذا الوصف منتف في عليّ لوجوه:
أحدها: أن هذه السورة مكية بالاتفاق، وكان عليٌّ فقيراً بمكة في عيال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يكن له مالٌ ينفق عنه، بل كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قد ضمّه إلى عياله لما أصابت أهل مكة سنة.
الثاني: أنه قال: { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى } [الليل: 19].
وعليّ كان للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم عنده نعمة تجزى، وهو إحسانه إليه لما ضمه إلى عياله. بخلاف أبي بكر؛ فإنه لم يكن له عنده نعمة دنيوية، لكن كان له عنده نعمة الدين، وتلك لا تُجزى؛ فإن أجر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فيها على الله، لا يقدر أحد يجزيه. فنعمة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عند أبي بكر دينية لا تجزى، ونعمته عند عليّ دنيوية تجزى، ودينية.(16/49)
وهذا الأتقى ليس لأحد عنده نعمة تُجزى، وهذا الوصف لأبي بكر ثابت دون عليّ.
فإن قيل: المراد به أنه أنفق ماله لوجه الله، لا جزاء لمن أنعم عليه. وإذا قُدِّر أن شخصاً أعطى من أحسن إليه أجراً، وأعطى شيئاً آخر لوجه الله، كان هذا مما ليس لأحد عنده من نعمة تجزى.
قيل: هب أن الأمر كذلك، لكن عليّ لو أنفق لم ينفق إلا فيما يأمره به النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، والنبي له عنده نعمة تجزى، فلا يخلص إنفاقه عن المجازاة، كما يخلص إنفاق أبي بكر.
وعليّ أتقى من غيره، لكن أبا بكر أكمل في وصف التقوى، مع أن لفظ الآية أنه ليس عنده قط لمخلوق نعمة تُجزى. وهذا وصف من يجازي الناس على إحسانهم إليه، فلا يبقى لمخلوق عليه منّة. وهذا الوصف منطبق على أبي بكر انطباقاً لا يساويه فيه أحد من المهاجرين؛ فإنه لم يكن في المهاجرين: - عمر وعثمان وعليّ وغيرهم – رجل أكثر إحساناً إلى الناس، قبل الإسلام وبعده، بنفسه وماله من أبي بكر. كان مؤلّفاً محبباً يعاون الناس على مصالحهم، كما قال فيه ابن الدُّغُنَّة سيد القارة لما أراد أن يخرج من مكة: "مثلك يا أبا بكر لا يَخْرُج ولا يُخْرَج؛ فإنك تحمل الكل، وتُقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق"( ).
وفي صلح الحديبية لما قال لعروة بن مسعود: "امصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ قال لأبي بكر: لولا يَدٌ لك عندي لم أجزك بها لأجبتك"( ).
وما عُرف قط أن أحداً كانت له يدٌ على أبي بكر في الدنيا، لا قبل الإسلام ولا بعده، فهو أحق الصحابة: { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى } فكان أحق الناس بالدخول في الآية.
وأما عليّ رضي الله عنه فكان للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم عليه نعمة دنيوية. وفي المسند لأحمد أن أبا بكر رضي الله عنه كان يَسْقُط السوط من يده فلا يقول لأحد: ناولني إياه. ويقول: إن خليلي أمرين أن لا أسال الناس شيئاً( ).(16/50)
وفي المسند والترمذي وأبي داود حديث عمر، قال عمر: "أمرنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن نتصدّق، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت اليوم أسبق أبا بكر، إن سبقته يوماً، فجئت بنصف مالي. فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ”ما أبقيت لأهلك“؟ فقلت: مثله. قال: وأتى أبو بكر بكل ما عنده. فقال: ”ما أبقيت لأهلك“؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبداً".
فأبو بكر رضي الله عنه جاء بماله كله، ومع هذا فلم يكن يأكل من أحد: لا صدقةً ولا صلةً ولا نذراً، بل كان يتجر ويأكل من كسبه، ولما وَلِيَ الناس واشتغل عن التجارة بعمل المسلمين أكل من مال الله ورسوله الذي جعله الله له، لم يأكل من مال مخلوق.
وأبو بكر لم يكن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يعطيه شيئاً من الدنيا يخصه به، بل كان في المغازي كواحد من الناس، بل يأخذ من ماله ما ينفقه على المسلمين. وقد استعمله النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وما عُرف أنه أعطاه عمالة، وقد أعطى عمر عمالة وأعطى عليّاً من الفيء، وكان يعطي المؤلّفة قلوبهم من الطلقاء وأهل نجد، والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار لا يعطيهم، كما فعل في غنائم حُنين وغيرها، ويقول: "إني لأعطي رجالاً وأدع رجالاً، والذي أدع أحب إليّ من الذي أعطي. أعطي رجالاً لما في قلوبهم من الجزع والهلع، وأكل رجالاً إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير"( ).(16/51)
ولما بلغه عن الأنصار كلام سألهم عنه، فقالوا: يا رسول الله أما ذوو الرأي منّا فلم يقولوا شيئاً، وأما أناس منا حديثة أسنانهم، فقالوا: يغفر الله لرسول الله، يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ”فإني أعطي رجالاً حديثي عهد بكفر أتألفهم، أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعوا إلى رحالكم برسول الله، فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به“ قالوا: بلى يا رسول الله قد رضينا. قال: ”فإنكم ستجدون بعدي أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله على الحوض" قالوا: سنصبر“( ).
وقوله تعالى: { وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى، الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى، وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى، إِلاّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى، وَلَسَوْفَ يَرْضَى } [الليل: 17-21] استثناء منقطع. والمعنى: لا يقتصر في العطاء على من له عنده يد يكافئه بذلك؛ فإن هذا من العدل الواجب للناس بعضهم على بعض، بمنزلة المعاوضة في المبايعة والمؤاجرة.
وهذا واجب لكل أحد على كل أحد، فإذا لم يكن لأحد عنده نعمة تجزى لم يحتج إلى هذه المعادلة، فيكون عطاؤه خالصاً لوجه ربه الأعلى، بخلاف من كان عنده لغيره نعمة يحتاج أن يجزيه لها، فإنه يحتاج أن يعطيه مجازاة له على ذلك. وهذا الذي ما لأحد عنده من نعمة تجزى إذا أعطى ماله يتزكّى، فإنه في معاملته للناس يكافئهم دائماً ويعاونهم ويجازيهم، فحين أعطاه الله ماله يتزكى لم يكن لأحد عنده من نعمة تجزى.
وفيه أيضاً ما يبين أن التفضيل بالصدقة لا يكون إلا بعد أداء الواجبات من المعاوضات. كما قال تعالى: { وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ } [البقرة: 219]، ومن تكون عليه ديون وفروض وغير ذلك أدّاها، ولا يقدّم الصدقة على قضاء هذه الواجبات، ولو فعل ذلك: فهل ترد صدقته؟ على قولين معروفين للفقهاء.(16/52)
وهذه الآية يحتج بها من تُرد صدقته، لأن الله إنما أثنى على من آتى ماله يتزكّى، وما لأحد عنده من نعمة تجزى، فإذا كان عنده نعمة تجزى فعليه أن يجزيها قبل أن يؤتي ماله يتزكّى، فأما إذا آتى ماله يتزكّى قبل أن يجزيها لم يكن ممدوحاً، فيكون عمله مردوداً، لقوله عليه الصلاة والسلام: ”من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد“( ).
الثالث: أنه قد صح عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: ”ما نفعني مال كمال أبي بكر“، وقال: ”إنّ أمَنّ الناس علينا في صحبته وذات يده أبو بكر“، بخلاف عليّ رضي الله عنه فإنه لم يذكر عنه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم شيئاً من إنفاق المال، وقد عُرف أن أبا بكر اشترى سبعة من المعذّبين في الله في أول الإسلام، وفعل ذلك ابتغاءً لوجه ربّه الأعلى، لم يفعل ذلك كما فعله أبو طالب، الذي أعان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لأجل نسبه وقرابته، لا لأجل الله تعالى ولا تقرباً إليه.
وإن كان "الأتقى" اسم جنس، فلا ريب أنه يجب أن يدخل فيه أتقى الأمة، والصحابة خير القرون، فأتقاها أتقى الأمة، وأتقى الأمة إما أبو بكر وإما عليّ وإما غيرهما. والثالث منتفٍ بالإجماع، وعليّ إن قيل: إنه يدخل في هذا النوع، لكونه بعد أن صار له مال آتى ماله يتزكّى، فيقال: أبو بكر فعل ذلك في أول الإسلام وقت الحاجة إليه، فيكون أكمل في الوصف، الذي يكون صاحبه هو الأتقى.
وأيضاً فالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم إنما كان يقدّم الصديق في المواضع التي لا تحتمل المشاركة، كاستخلافه في الصلاة والحج، ومصاحبته وحده في سفر الهجرة، ومخاطبته وتمكينه من الخطاب، والحكم والإفتاء بحضرته ورضاه بذلك، إلى غير ذلك من الخصائص التي يطول وصفها.
ومن كان أكمل في هذا الوصف، كان أكرم عند الله، فيكون أحب إليه. فقد ثبت بالدلائل الكثيرة أن أبا بكر هو أكرم الصحابة في الصديقيّة. وأفضل الخلق بعد الأنبياء الصدِّيقون، ومن كان أكمل في ذلك كان أفضل.(16/53)
وأيضاً فقد ثبت في النقل الصحيح عن عليّ أنه قال: "خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر" واستفاض ذلك وتواتر عنه، وتوعّد بجلد المفتري من يفضّله عليه، وروي عنه أنه سمع ذلك من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا ريب أن عليّاً لا يقطع بذلك إلا عن علم.
وأيضاً فإن الصحابة أجمعوا على تقديم عثمان الذي عمر أفضل منه وأبو بكر أفضل منهما. وهذه المسألة مبسوطة في غير هذا الموضع، وتقدّم بعض ذلك، ولكن ذُكر هذا لنبين أن حديث الطير من الموضوعات.
الفصل التاسع
سيد المرسلين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين هو رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم باتفاق المسلمين
قال الرافضي: "التاسع: ما رواه الجمهور أنه أمر الصحابة أن يسلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين، وقال: إنه سيد المسلمين، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين. وقال: هذا وليّ كل مؤمن بعدي. وقال في حقّه: إن عليّاً مني وأنا منه، أولى بكل مؤمن ومؤمنة، فيكون عليّ وحده هو الإمام لذلك. وهذه نصوص في الباب".
والجواب من وجوه:
أحدهما: المطالبة بإسناده وبيان صحته، وهو لم يعزه إلى كتاب على عادته. فأما قوله: "رواه الجمهور" فكذب، فليس هذا في كتب الأحاديث المعروفة: لا الصحاح، ولا المساند، ولا السنن وغير ذلك. فإن كان رواه بعض حاطبي الليل كما يُروى أمثاله، فعُلِم أن مثل هذا ليس بحجة يجب اتباعها باتفاق المسلمين.
والله تعالى قد حرَّم علينا الكذب، وأن نقول عليه ما لا نعلم. وقد تواتر عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: ”مَن كَذَب عليَّ مُتعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار“( ).
الوجه الثاني: أن هذا كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث، وكل من له أدنى معرفة بالحديث( ) يعلم أن هذا كذب موضوع لم يروه أحد من أهل العلم بالحديث في كتاب يعتمد عليه: لا الصحاح، ولا السنن، ولا المساند المقبولة.(16/54)
الثالث: أن هذا مما لا يجوز نسبته إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فإن قائل هذا كاذب، والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم منزّه عن الكذب. وذلك أن سيد المسلمين وإمام المتقين، وقائد الغرّ المحجلين هو رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم باتفاق المسلمين.
فإن قيل: عليّ هو سيدهم بعده.
قيل: ليس في لفظ الحديث ما يدل على هذا التأويل، بل هو مناقض لهذا؛ لأن أفضل المسلمين المتّقين المحجّلين هم القرون الأول ولم يكن لهم على عهد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم سيد ولا إمام ولا قائد غيره، فكيف يخبر عن شيء بعد أن لم يحضر، ويترك الخبر عمّا هم أحوج إليه، وهو حكمهم في الحال ؟
ثم القائد يوم القيامة هو رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فمن يقود عليّ ؟
وأيضاً فعند الشيعة جمهور المسلمين المحجّلين كفّار أو فسّاق، فلمن يقود ؟
وفي الصحيح عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: ”وددت أني قد رأيت إخواني“. قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال: ”أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد“. قالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله ؟ قال: ”أرأيتم لو أن رجلاً له خيل غرٌّ محجّلة بين ظهري خيل دُهم بُهم، ألا يعرف خيله“؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ”فإنهم يأتون يوم القيامة غرّاً محجّلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض“ الحديث.
فهذا يبيّن أنّ كلّ من توضّأ وغسل وجهه ويديه ورجليه فإنه من الغرّ المحجّلين، وهؤلاء جماهيرهم إنما يقدّمون أبا بكر وعمر. والرافضة لا تغسل بطون أقدامها ولا أعقابها، فلا يكونون من المحجّلين في الأرجل، وحينئذ فلا يبقى أحد من الغرّ المحجلين يقودهم، ولا يُقادون مع الغرّ المحجلين؛ فإن الحجلة لا تكون إلا في ظهر القدم، وإنما الحجلة في الرجل كالحجلة في اليد( ).(16/55)
وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: ”ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار“. ومعلوم أن الفرس لو لم يكن البياض إلا لمعة في يده أو رجله لم يكن محجّلاً، وإنما الحجلة بياض اليد أو الرجل، فمن لم يغسل الرجلين إلى الكعبين لم يكن من المحجّلين، فيكون قائد الغر المحجلين بريئاً منه كائناً من كان.
ثم كون عليّ سيدهم وإمامهم وقائدهم بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مما يُعلم بالاضطرار أنه كذب، وأن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يقل شيئاً من ذلك بل كان يفضّل عليه أبا بكر وعمر تفضيلاً بيّناً ظاهراً عرفه الخاصة والعامة، حتى أن المشركين كانوا يعرفون منه ذلك.
ولما كان يوم أحد قال أبو سفيان، وكان حينئذ أمير المشركين: أفي القوم محمد ؟ أفي القوم محمد ؟ ثلاثاً. فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ”لا تجيبوه“. فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ ثلاثاً. فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ”لا تجيبوه“. فقال: أفي القوم ابن الخطاب ؟ أفي القوم ابن الخطاب ؟ ثلاثاً. فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ”لا تجيبوه“ فقال أبو سفيان لأصحابه: أمّا هؤلاء فقد كفيتموهم. فلم يملك عمر نفسه أن قال: كذبت يا عدو الله، إن الذين عددت لأحياء، وقد بقي لك ما يسوءك. وقد ذكر باقي الحديث، رواه البخاري وغيره.
فهذا مقدّم الكفار إذ ذاك لم يسأل إلا عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأبي بكر وعمر، لعله وعلم الخاص والعام أن هؤلاء الثلاثة هم رؤوس هذا الأمر، وأن قيامه بهم، ودلّ ذلك على أنه كان ظاهراً عند الكفار أن هذين وزيراه وبهما تمام أمره، وأنهما أخص الناس به، وأن لهما من السعي في إظهار الإسلام ما ليس لغيرهما.(16/56)
وهذا أمر كان معلوم للكفّار، فضلاً عن المسلمين. والأحاديث الكثيرة متواترة بمثل هذا. وكما في الصحيحين عن ابن عباس قال: وُضع عمر على سريره فتكنّفه الناس يدعون له ويُثنون عليه ويصلُّون عليه قبل أن يرفع، وأنا فيهم، فلم يرعني إلا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي، فالتفت، فإذا هو عليّ فترحّم على عمر، وقال: ما خلّفت أحداً أحب إليّ أن ألقى الله بمثل عمله منك. وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وذلك أني كثيراً ما كنت أسمع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ”جئت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر، فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما“( ).
فلم يكن تفضيلهما عليه وعلى أمثاله مما يخفى على أحد. ولهذا كانت الشيعة القدماء الذين أدركوا عليّاً يقدّمون أبا بكر وعمر عليه، إلا من ألحد منهم. وإنما كان نزاع من نازع منهم في عثمان.
وكذلك قوله: "هو وليّ كل مؤمن بعدي" كذب على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، بل هو في حياته وبعد مماته وليّ كل مؤمن، وكل مؤمن وليّه في المحيا والممات. فالولاية التي هي ضد العداوة لا تختص بزمان. وأما الولاية التي هي الإمارة فيقال فيها: والي كل مؤمن بعدي، كما يقول في صلاة الجنازة: إذا اجتمع الوليّ والوالي قُدِّم الوالي في قول الأكثر. وقيل: يقدّم الولي.
فقول القائل: "عليّ ولي كل مؤمن بعدي" كلام يمتنع نسبته إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فإنه إن أراد الموالاة لم يحتج أن يقول: بعدي. وإن أراد الإمارة كان ينبغي أن يقول: والٍ على كل مؤمن.
وأما قوله لعليّ: "أنت مني وأنا منك" فصحيح في غير هذا الحديث.(16/57)
ثبت أنه قال له ذلك عام القضية، لما تنازع هو وجعفر وزيد بن حارثة في حضانة بنت حمزة، فقضى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بها لخالتها، وكانت تحت جعفر. وقال: "الخالة أم". وقال لجعفر: "أشبهت خَلْقي وخُلُقي". وقال لعليّ: "أنت مني وأنا منك". وقال لزيد: "أنت أخونا ومولانا".
وفي الصحيحين عنه أنه قال: "إن الأشعريين إذا أرملوا في السفر، أو نقصت نفقة عيالاتهم بالمدينة جمعوا ما كان معهم في ثوب واحد فقسموه بينهم بالسوية، هم مني وأنا منهم" فقال للأشعريين: "هم مني وأنا منهم" كما قال لعليّ: "أنت مني وأنا منك" وقال لجليبيب: "هذا مني وأنا منه" فعُلم أن هذه اللفظة لا تدل على الإمامة، ولا على أن من قيلت له كان هو أفضل الصحابة.
الفصل العاشر
سيد العترة هو رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وليس عليّ رضي الله عنه
قال الرافضي: "العاشر: ما رواه الجمهور من قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض. وقال: أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح: من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق، وهذا يدل على وجوب التمسك بقول أهل بيته، وعليُّ سيدهم، فيكون واجب الطاعة على الكل، فيكون هو الإمام".
والجواب من وجوه:
أحدها: أن لفظ الحديث الذي في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم: "قام فينا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خطيباً بماءٍ يدعى خُمّاً بين مكة والمدينة، فقال: ”أما بعد أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب ربي، وإني تارك فيكم ثقلين: أولهما: كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به“ فحثّ على كتاب الله، ورغّب فيه. ثم قال: ”وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي“( ).
وهذا اللفظ يدل على أن الذي أمرنا بالتمسك به وجُعل المتمسك به لا يضل هو كتاب الله.(16/58)
وهكذا جاء في غير هذا الحديث، كما في صحيح مسلم عن جابر في حجّة الوداع لما خطب يوم عرفة وقال: ”قد تركت فيكم ما لن تضلّوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تُسألون عني فما أنتم قائلون“؟ قالوا: نشهد أنك قد بلّغت وأدّيت ونصحت. فقال بإصبعه السبّابة يرفعها إلى السماء وينكبها إلى الناس: ”اللهم اشهد“ ثلاث مرات( ).
وأما قوله: "وعترتي أهل بيتي. وأنها لن يفترقا حتى يردا على الحوض" فهذا رواه الترمذي( ). وقد سئل عنه أحمد بن حنبل فضعّفه، وضعّفه غير واحد من أهل العلم، وقالوا: لا يصح. وقد أجاب عنه طائفة بما يدل على أن أهل بيته كلهم لا يجتمعون على ضلالة. قالوا: ونحن نقول بذلك، كما ذكر ذلك القاضي أبو يعلى وغيره.
لكن أهل البيت لم يتفقدوا – ولله الحمد – على شيء من خصائص مذهب الرافضة، بل هم المبرّؤون المنزّهون عن التدنس بشيء منه.
وأما قوله: "مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح" فهذا لا يعرف له إسناد لا صحيح، ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يُعتمد عليها، فإن كان قد رواه مثل من يروي أمثاله من حطّاب الليل اللذين يروون الموضوعات فهذا مما يزيده وَهْناً.
الوجه الثاني: أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال عن عثرته: إنها والكتاب لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض، وهو الصادق المصدوق، فيدل على أن إجماع العترة حجة. وهذا قول طائفة من أصحابنا، وذكره القاضي في "المعتمد". لكن العترة هم بنو هاشم كلهم: ولد العباس، وولد عليّ، وولد الحارث بن عبد المطلب، وسائر بني أبي طالب وغيرهم. وعليُّ وحده ليس هو العترة، وسيد العترة هو رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
يبيّن ذلك أن علماء العترة – كابن عباس وغيره – لم يكونوا يوجبون اتّباع عليّ في كل ما يقوله، ولا كان عليّ يوجب على الناس طاعته في كل ما يُفتي به، ولا عُرف أن أحداً من أئمة السلف – لا من بني هاشم ولا غيرهم – قال: إنه يجب اتّباع عليّ في كل ما يقوله.(16/59)
الوجه الثالث: أن العترة لم تجتمع على إمامته ولا أفضليته، بل أئمة العترة كابن عباس وغيره يقدّمون أبا بكر وعمر في الإمامة والأفضلية، وكذلك سائر بني هاشم من العباسيين والجعفريين وأكثر العلويين وهم مقرّون بإمامة أبي بكر وعمر، وفيهم من أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم أضعاف من فيهم من الإمامية.
والنقل الثابت عن جميع علماء أهل البيت، من بني هاشم، من التابعين وتابعيهم، من ولد الحسين بن عليّ، وولد الحسن، وغيرهما: أنهم كانوا يتولّون أبا بكر وعمر، وكانوا يفضلونهما على عليّ. والنقول عنهم ثابتة متواترة.
وقد صنّف الحافظ أبو الحسن الدارقطني كتاب "ثناء الصحابة على القرابة وثناء القرابة على الصحابة"( ) وذكر فيه من ذلك قطعة، وكذلك كل من صنّف من أهل الحديث في السنة، مثل كتاب "السنة" لعبد الله بن أحمد و"السنة" للخلال، و"السنة" لابن بطّة، و"السنة" للآجري واللالكائي والبيهقي وأبي ذرّ الهروي والطلمنكي وأبي حفص بن شاهين، وأضعاف هؤلاء الكتب التي يحتج هذا بالعزو إليها، مثل كتاب "فضائل الصحابة" للإمام أ؛مد ولأبي نُعيم وتفسير الثعلبي، وفيها من ذكر فضائل الثلاثة ما هو من أعظم الحجج عليه. فإن كان هذا القدر حجة فهو حجة له وعليه، وإلا فلا يحتج به.
الوجه الرابع: أن هذا معارض بما هو أقوى منه، وهو أن إجماع الأمة حجة بالكتاب والسنة والإجماع. والعترة بعض الأمة، فيلزم من ثبوت إجماع الأمة إجماع العترة. وأفضل الأمة أبو بكر كما تقدم ذكره ويأتي. وإن كانت الطائفة التي إجماعها حجة يجب اتّباع قول أفضلها مطلقاً. وإن لم يكن هو الإمام ثبت أن أبا بكر هو الإمام، وإن لم يجب أن يكون الأمر كذلك بطل ما ذكروه في إمامة عليّ. فنسبة أبي بكر إلى جميع الأمة بعد نبيها كنسبة عليّ إلى العترة بعد نبيها على قول هذا.
الفصل الحادي عشر
الرد على من ادعى الإمامة لعلي سنداً لحديث المحبة(16/60)
قال الرافضي: "الحادي عشر: ما رواه الجمهور من وجوب محبته وموالاته. روى أحمد بن حنبل في مسنده أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أخذ بيد حسن وحسين، فقال: من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما فهو معي في درجتي يوم القيامة( ).
وروى ابن خالويه عن حذيفة قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: من أحب أن يتمسك بقصبة الياقوت التي خلقها الله بيده ثم قال لها: كوني فكانت، فليتولّ عليّ بن أبي طالب من بعدي. وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لعليّ: حبك إيمان وبغضك نفاق، وأول من يدخل الجنة محبّك، وأول من يدخل النار مبغضك، وقد جعلك الله أهلا لذلك، فأنت مني وأنا منك، ولا نبي بعدي. وعن شقيق بن سلمة عن عبد الله قال: رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو آخذ بيد عليّ وهو يقول: هذا وليي وأنا وليّه، عاديت من عادى، وسالمت من سالم. وروى أخطب خوارزم عن جابر قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: جاءني جبريل من عند الله بورقة خضراء مكتوب فيها ببياض: إني قد افترضت محبة عليّ على خلقي فبلّغهم ذلك عني. والأحاديث في ذلك لا تحصى كثرة من طرق المخالفين، وهي تدل على أفضليته واستحقاقه للإمامة".
والجواب من وجوه:
أحدها: المطالبة بتصحيح النقل، وهيهات له بذلك. وأما قوله: "رواه أحمد" فيقال: أولاً: أحمد له المسند المشهور، وله كتاب مشهور في "فضائل الصحابة" روى فيه أحاديث، لا يرويها في المسند لما فيها من الضعف، لكونها لا تصلح أن تُروى في المسند، لكونها مراسيل أو ضعافاً بغير الإرسال. ثم إن هذا الكتاب زاد فيه ابنه عبد الله زيادات، ثم إن القطيعي – الذي رواه عن ابنه عبد الله – زاد عن شيوخه زيادات وفيها أحاديث موضوعة باتفاق أهل المعرفة.(16/61)
وهذا الرافضي وأمثاله من شيوخ الرافضة جهّال، فهم ينقلون من هذا المصنّف، فيظنون أن كل ما رواه القطيعي أو عبد الله قد رواه أحمد نفسه، ولا يميّزون بين شيوخ أحمد وشيوخ القطيعي. ثم يظنون أن أحمد إذا رواه فقد رواه في المسند، فقد رأيتهم في كتبهم يعزون إلى مسند أحمد أحاديث ما سمعها أحمد قط، كما فعل ابن البطريق، وصاحب "الطرائف" منهم، وغيرهما بسبب هذا الجهل منهم. وهذا غير ما يفترونه من الكذب، فإن الكذب كثير منهم.
وبتقدير أن يكون أحمد روى الحديث، فمجرد رواية أحمد لا توجب أن يكون صحيحاً يجب العمل به، بل الإمام أحمد روى أحاديث كثيرة ليعرف ويبين للناس ضعفها. وهذا في كلامه وأجوبته أظهر وأكبر من أن يحتاج إلى بسط، لا سيما في مثل هذا الأصل العظيم.
مع أن هذا الحديث الأول من زيادات القطيعي( )، رواه عن نصر بن عليّ الجهضمي عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر( ). والحديث الثاني ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" وبيّن أنه موضوع( ). وأما رواية ابن خالويه فلا تدل على أن هذا الحديث صحيح باتفاق أهل العلم. وكذلك رواية خطيب خوارزم؛ فإن في روايته من الأكاذيب المختلقة ما هو من أقبح الموضوعات باتفاق أهل العلم.
الوجه الثاني: أن هذه الأحاديث التي رواها ابن خالويه كذب موضوعة عند أهل الحديث وأهل المعرفة، يعلمون علماً ضرورياً يجزمون به أن هذا كذب على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم. وهذه ليست في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها علماء الحديث: لا الصحاح، ولا المساند، ولا السنن، ولا المعجمات، ولا نحو ذلك من الكتب.(16/62)
الثالث: أن من تدبّر ألفاظها تبين له أنها مفتراة على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، مثل قوله: من أحب أن يتمسّك بقصبة الياقوت التي خلقها الله بيده، ثم قال لها: كوني فكانت. فهذه من خرافات الحديث. وكأنهم لما سمعوا أن الله خلق آدم بيده من تراب ثم قال له كن فكان، قاسوا هذه الياقوتة على خلق آدم، وآدم خلق من تراب، ثم قال له: كن فكان، فصار حيّاً بنفخ الروح فيه.
فأما هذا القصب فبنفس خلقه كمل، ثم لم يكن له بعد هذا حال يُقال له فيها: كن، ولم يقل أحد من أهل العلم إن الله خلق بيده ياقوتة، بل قد رُوي في عدة آثار: أن الله لم يخلق بيده إلا ثلاثة أشياء: آدم، والقلم، وجنة عدن، ثم قال لسائر خلقه كن فكان. فلم يُذكر فيها هذه الياقوتة.
ثم أيّ عظيم في إمساك هذه الياقوتة حتى يَجْعَل على هذا وعداً عظيماً.
وكذلك قوله: أول من يدخل النار مبغضك. فهل يقول مسلم: إن الخوارج يدخلون النار قبل أبي جهل بن هشام وفرعون وأبي لهب وأمثالهم من المشركين ؟!
وكذلك قوله: أول من يدخل الجنة محبّك. فهل يقول عاقل: إن الأنبياء والمرسلين دخولهم الجنة أولاً هو حب عليّ دون حب الله ورسوله وسائر الأنبياء ورسله، وحب الله ورسله هو السبب في ذلك. وهل تعلّق السعادة والشقاوة بمجرد حب عليّ دون حب الله ورسوله، إلا كتعلقها بحبّ أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية رضي الله عنهم؟ فلو قال قائل: من أحب عثمان ومعاوية دخل الجنة، ومن أبغضهما دخل النار، كان هذا من جنس قول الشيعة.
الفصل الثاني عشر
إثبات كذب بعض الأحاديث المفتراة على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
في حب عليّ(16/63)
قال الرافضي: "الثاني عشر: روى أخطب خوارزم بإسناده عن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: من ناصب عليّاً الخلافة فهو كافر، وقد حارب الله ورسوله، ومن شكّ في عليّ فهو كافر. وعن أنس قال: كنت عند النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فرأى عليّاً مقبلاً فقال: أنا وهذا حجة الله على أمتي يوم القيامة. وعن معاوية بن حَيْدة القشيري قال: سمعت النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لعليّ: من مات وهو يبغضك مات يهودياً أو نصرانياً".
والجواب من وجوه:
أحدها: المطالبة بتصحيح النقل. وهذا على سبيل التنزل، فإن مجرد رواية الموفق خطيب خوارزم لا تدل على أن الحديث ثابت قاله رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهذا لو لم يُعلم ما في جمعه من الأحاديث من الكذب والفِرية، فأما من تأمّل ما في جمع هذا الخطيب فإنه يقول: سبحانك هذا بهتان عظيم !
الثاني: أن كل من له معرفة بالحديث يشهد أن هذه الأحاديث كذب مفتراة على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم( ).
الثالث: أن هذه الأحاديث إن كانت مما رواها الصحابة والتابعون فأين ذكرها بينهم ؟ ومن الذي نقلها عنهم ؟ وفي أي كتاب وُجد أنهم رووها ؟ ومن كان خبيراً بما جرى بينهم علم بالاضطرار أن هذه الأحاديث مما ولّدها الكذّابون بعدهم، وأنها مما عملت أيديهم.
الوجه الرابع: أن يُقال: علمنا بأن المهاجرين والأنصار كانوا مسلمين يحبون الله ورسوله، وأن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان يحبّهم ويتولاهم، أعظم من علمنا بصحة شيء من هذه الأحاديث، وأن أبا بكر الإمام بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم. فكيف يجوز أن يُرد ما علمناه بالتواتر المتيقن بأخبار هي أقل وأحقر من أن يُقال لها: أخبار آحاد لا يُعلم لها ناقل صادق، بل أهل العلم بالحديث متفقون على أنها من أعظم المكذوبات، ولهذا لا يوجد منها شيء في كتب الأحاديث المعتمدة، بل أئمة الحديث كلهم يجزمون بكذبها.(16/64)
الوجه الخامس: أن القرآن يشهد في غير موضع برضا الله عنهم وثنائه عليهم، كقوله تعالى: { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ } [التوبة: 100].
وقوله: { لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى } [الحديد: 10].
وقوله: { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً } [الفتح: 29].
وقوله: { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ } [الفتح: 18].
وقوله: { لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً } [الحشر: 8]، وأمثال ذلك. فكيف يجوز أن يرد ما علمنا دلالة القرآن عليه يقيناً بمثل هذه الأخبار المفتراة، التي رواها من لا يخاف مقام ربّه ولا يرجو لله وقاراً ؟!
الوجه السادس: أن هذه الأحاديث تقدح في عليّ، وتوجب أنه كان مكذّباً بالله ورسوله، فيلزم من صحتها كفر الصحابة كلهم: هو وغيره. أما الذين ناصبوه الخلافة فإنهم في هذا الحديث المفترى كفّار. وأما عليّ فإنه لم يعمل بموجب هذه النصوص، بل كان يجعلهم مؤمنين مسلمين. وشر من قاتلهم عليّ هم الخوارج، ومع هذا فلم يحكم فيهم بحكم الكفّار بل حرّم أموالهم وسبيهم، وكان يقول لهم قبل قتالهم: إن لكم علينا أن لا نمنعكم مساجدنا ولا حقكم من فيئنا. ولما قتله ابن ملجم قال: إن عشت فأنا وليّ دمي، ولم يجعله مرتداً بقتله.(16/65)
وأما أهل الجمل فقد تواتر عنه أنه نهى عن أن يتّبع مدبرهم، وأن يجهز على جريحهم، وأن يقتل أسيرهم، وأن تغنم أموالهم، وأن تسبى ذراريهم. فإن كان هؤلاء كفّاراً بهذه النصوص، فعليّ أول من كذّب بها، فيلزمهم أن يكون عليّ كافراً.
وكذلك أهل صفّين كان يصلّي على قتلاهم، ويقول: إخواننا بَغَوا علينا طهّرهم السيف. ولو كانوا عنده كفّاراً لما صلّى عليهم، ولا جعلهم إخوانه، ولا جعل السيف طهراً لهم.
وبالجملة نحن نعلم بالاضطرار من سيرة عليّ رضي الله عنه أنه لم يكن يكفّر الذين قاتلوه، بل ولا جمهور المسلمين، ولا الخلفاء الثلاثة، ولا الحسن والحسين كفّروا أحداً من هؤلاء، ولا عليّ بن الحسين ولا أبو جعفر. فإن كان هؤلاء كفّاراً فأول من خالف النصوص عليّ وأهل بيته، وكان يمكنهم أن يفعلوا ما فعلت الخوارج، فيعتزلوا بدراً غير دار الإسلام، وإن عجزوا عن القتال، ويحكموا على أهل دار الإسلام بالكفر والردة، كما يفعل مثل ذلك كثير من شيوخ الرافضة، وكان الواجب على عليّ إذا رأى أن الكفّار لا يؤمنون، أن يتخذ له ولشيعته داراً غير دار أهل الرّدّة والكفر، ويباينهم كما باين المسلمون لمسيلمة الكذّاب وأصحابه.
وهذا نبيّ الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان بمكة هو وأصحابه في غاية الضعف، ومع هذا فكانوا يباينون الكفّار، ويظهرون مباينتهم بحيث يُعرف المؤمن من الكافر. وكذلك هاجر من هاجر منهم إلى أرض الحبشة، مع ضعفهم، وكانوا يباينون النصارى، ويتكلمون بدينهم قدّام النصارى.
وهذه بلاد الإسلام مملوءة من اليهود والنصارى، وهم مظهرون لدينهم، متحيّزون عن المسلمين.
فإن كان كل من يشكّ في خلافة عليّ كافراً عنده وعند أهل بيته، وليس بمؤمن عندهم إلا من اعتقد أنه الإمام المعصوم بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ومن لم يعتقد ذلك فهو مرتدٌّ عند عليّ وأهل بيته، فعليّ أول من بدّل الدين، ولم يميّز المؤمنين من الكافرين، ولا المرتدين من المسلمين.(16/66)
وهب أنه كان عاجزاً عن قتالهم وإدخالهم في طاعته، فلم يكن عاجزاً عن مباينتهم، ولم يكن أعجز من الخوارج الذين هم شرذمة قليلة من عسكره، والخوارج اتخذوا لهم داراً غير دار الجماعة، وباينوهم كما كفّروهم، وجعلوا أصحابهم هم المؤمنين.
وكيف كان يحلّ للحسن أن يسلّم أمر المسلمين إلى من هو عنده من المرتدّين، شرّ من اليهود والنصارى كما يدّعون في معاوية، وهل يفعل هذا من يؤمن بالله واليوم الآخر؟ وقد كان الحسن يمكنه أن يقيم بالكوفة، ومعاوية لم يكن بدأه بالقتال، وكان قد طلب منه ما أراد، فلو قام مقام أبيه لم يقاتله معاوية. وأين قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الثابت عنه في فضل الحسن: ”إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين“( ) فإن كان عليّ وأهل بيته – والحسن منهم – يقولون: لم يصلح الله إلا بين المؤمنين والمرتدّين، فهذا قدح في الحسن وفي جدّه الذي أثنى على الحسن، إن كان الأمر كما يقوله الرافضة.
فتبين أن الرافضة من أعظم الناس قدحاً وطعناً في أهل البيت، وأنهم الذين عادوا أهل البيت في نفس الأمر، ونسبوهم إلى أعظم المنكرات، التي من فعلها كان من الكفّار. وليس هذا ببدع من جهل الرافضة وحماقاتهم.
ثم إن الرافضة تدّعي أن الإمام المعصوم لطف من الله بعباده، ليكون ذلك أدعى إلى أن يطيعوه فيرحموا. وعلى ما قالوه فلم يكن على أهل الأرض نقمة أعظم من عليّ؛ فإن الذين خالفوه وصاروا مرتدّين كفّاراً، والذين وافقوه، أذلاّء مقهورين تحت النقمة، لا يدٌّ ولا لسان، وهم مع ذلك يقولون: إن خلقه مصلحة ولطف، وإن الله يجب عليه أن يخلقه، وإنه لا تتم مصلحة العالم في دينهم ودنياهم إلا به. وأي صلاح في ذلك على قول الرافضة ؟(16/67)
ثم إنهم يقولون: إن الله يجب عليه أن يفعل أصلح ما يقدر عليه للعباد في دينهم ودنياهم، وهو يمكّن الخوارج الذين يكفرون به بدارٍ لهم فيها شوكة ومن قتال أعدائهم، ويجعلهم هم والأئمة المعصومين في ذل أعظم من ذل اليهود والنصارى وغيرهم من أهل الذمة؛ فإن أهل الذمة يمكنهم إظهار دينهم، وهؤلاء الذين يدّعي انهم حجج الله على عباده ولطفه في بلاده، وأنه لا هدى إلا بهم، ولا نجاة إلا بطاعتهم، ولا سعادة إلا بمتابعتهم – قد غاب خاتمتهم من أكثر من أربعمائة وخمسين سنة، فلم ينتفع به أحد في دينه ولا دنياه، وهم لا يمكنهم إظهار دينهم كما تظهر اليهود والنصارى دينهم.
ولهذا مازال أهل العلم يقولون: إن الرفض من إحداث الزنادقة الملاحدة الذين قصدوا إفساد الدين: دين الإسلام، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. فإن منتهى أمرهم تكفير عليّ وأهل بيته، بعد أن كفّروا الصحابة والجمهور.
ولهذا كان صاحب دعوى الباطنية الملاحدة رتّب دعوته مراتب: أول ما يدعو المستجيب إلى التشيع، ثم إذا طمع فيه قال له: عليّ مثل الناس، ودعاه إلى القدح في الرسول، ثم إذا طمع فيه دعاه إلى إنكار الصانع. هكذا ترتيب كتابهم الذي يسمونه "البلاغ الأكبر" و"الناموس الأعظم"، وواضعه الذي أرسل به إلى القرمطي الخارج بالبحرين، لما استولى على مكة، وقتلوا الحجّاج، وأخذوا الحجر الأسود، واستحلّوا المحارم، وأسقطوا الفرائض، وسيرتهم مشهورة عند أهل العلم.
وكيف يقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: من مات وهو يبغض عليّاً مات يهودياً أو نصرانياً، والخوارج كلهم تكفّره وتبغضه ؟! وهو نفسه لم يكن يجعلهم مثل اليهود والنصارى، بل يجعلهم من المسلمين أهل القبلة، ويحكم فيهم بغير ما يحكم به بين اليهود والنصارى.(16/68)
وكذلك من كان يسبّه ويبغضه من بني أمية وأتباعهم. فكيف يكون من يصلّي الصلوات ويصوم شهر رمضان ويحج البيت ويؤدي الزكاة مثل اليهود والنصارى ؟! وغايته أن يكون قد خفي عليه كون هذا إماماً، أو عصاه بعد معرفته.
وكل أحد يعلم أن أهل الدين والجمهور ليس لهم غرض مع عليّ، ولا لأحد منهم غرض في تكذيب الرسول، وأنهم لو علموا أن الرسول جعله إماماً كانوا أسبق الناس إلى التصديق بذلك.
وغاية ما يُقدِّر أنهم خفي عليهم هذا الحكم. فكيف يكون من خفي عليه جزء من الدين مثل اليهود والنصارى ؟!
وليس المقصود هنا الكلام في التفكير، بل التنبيه على أن هذه الأحاديث مما يُعلم بالاضطرار أنها كذب على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنها مناقضة لدين الإسلام، وأنها تستلزم تكفير عليّ وتكفير من خالفه، وأنه لم يقلها من يؤمن بالله واليوم الآخر، فضلاً عن أن تكون من كلام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، بل إضافتها – والعياذ بالله – إلى رسول الله من أعظم القدح والطعن فيه. ولا شك أن هذا فعل زنديق ملحد لقصد إفساد دين الإسلام، فلعن الله من افتراها، وحسبه ما وعده به الرسول حيث قال: ”من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار“.
الفصل الثالث عشر
الرد على بعض النقول المعتمدة عند الرافضة لتكون حجة عليهم يوم القيامة
قال الرافضي: "إن الإمامية لما رأوا فضائل أمير المؤمنين وكمالاته لا تحصى قد رواها المخالف والموافق، ورأوا الجمهور قد نقلوا عن غيره من الصحابة مطاعن كثيرة، ولم ينقلوا في عليّ طعناً ألبتة، اتّبعوا قوله وجعلوه إماماً لهم حيث نزَّهه المخالف والموافق، وتركوا غيره، حيث روى فيه من يعتقد إمامته من المطاعن ما يطعن في إمامته. ونحن نذكر هنا شيئاً يسيراً مما هو صحيح عندهم ونقوله في المعتمد من قولهم وكتبهم، ليكون حجة عليهم يوم القيامة.(16/69)
فمن ذلك ما رواه أبو الحسن الأندلسي في "الجمع بين الصحاح الستة" موطأ مالك وصحيحي البخاري ومسلم وسنن أبي داود وصحيح الترمذي وصحيح النسائي عن أم سلمة زوج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أن قوله تعالى: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } [الأحزاب: 33]. أنزلت في بيتها وأنا جالسة عند الباب، فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت ؟ فقال: إنك على خير، إنك من أزواج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم. قالت: وفي البيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وعليّ وفاطمة والحسن والحسين فجللهم بكساء، وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراًِ".
والجواب أن يقال: إن الفضائل الثابتة في الأحاديث الصحيحة لأبي بكر عمر أكثر وأعظم من الفضائل الثابتة لعليّ، والأحاديث التي ذكرها هذا وذكر أنها في الصحيح عند الجمهور، وأنهم نقلوها في المعتمد من قولهم وكتبهم، هو من أبْيَن الكذب على علماء الجمهور؛ فإن هذه الأحاديث التي ذكرها أكثرها كذب أو ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث، والصحيح الذي فيها ليس فيه ما يدل على إمامة عليّ ولا على فضيلته على أبي بكر وعمر، بل وليست من خصائصه، بل هي فضائل شاركه فيها غيره، بخلاف ما ثبت من فضائل أبي بكر وعمر؛ فإن كثيراً منها خصائص لهما، لا سيما فضائل أبي بكر، فإن عامتها خصائص لم يشركه فيها غيره.
وأما ذكره من المطاعن، فلا يمكن أن يوجّه على الخلفاء الثلاثة من مطعن إلا وُجه على عليّ ما هو مثله أو أعظم منه.
فتبين أن ما ذكره في هذا الوجه من أعظم الباطل، ونحن نبيّن ذلك تفصيلاً.
وأما قوله: إنهم جعلوه إماماً لهم حيث نزّهه المخالف والموافق وتركوا غيره حيث روى فيه من يعتقد إمامته من المطاعن ما يطعن في إمامته".(16/70)
فيقال: هذا كذب بيّن؛ فإن عليّاً رضي الله عنه لم ينزهّه المخالفون، بل القادحون في عليّ طوائف متعددة، وهم أفضل من القادحين في أبي بكر وعمر عثمان، والقادحون فيه أفضل من الغلاة فيه، فإن الخوارج متفقون على كفره، وهم عند المسلمين كلهم خير من الغلاة الذين يعتقدون إلاهيته أو نبوته، بل هم – والذين قاتلوه من الصحابة والتابعين – خير عند جماهير المسلمين من الرافضة الإثني عشرية، الذين اعتقدوه إماماً معصوماً.
وأبو بكر وعمر وعثمان ليس في الأمة من يقدح فيهم إلا الرافضة، والخوارج المكفِّرون لعليّ يوالون أبا بكر وعمر ويترضُّون عنهما، والمروانية الذين ينسبون عليّاً إلى الظلم، ويقولون: إنه لم يكن خليفة يوالون أبا بكر وعمر مع أنهما ليسا من أقاربهم، فكيف يُقال مع هذا: إن عليّاً نزَّهه المؤالف والمخالف بخلاف الخلفاء الثلاثة ؟
ومن المعلوم أن المنزِّهين لهؤلاء أعظم وأكثر وأفضل، وأن القادحين في عليّ – حتى بالكفر والفسوق والعصيان – طوائف معروفة، وهم أعلم من الرافضة وأدين، والرافضة عاجزون معهم علماً ويداً، فلا يمكن الرافضة أن تقيم عليهم حجة تقطعهم بها، ولا كانوا معهم في القتال منصورين عليهم.
والذين قدحوا في عليّ رضي الله عنه وجعلوه كافراً وظالماً ليس فيهم طائفة معروفة بالردة عن الإسلام، بخلاف الذين يمدحونه ويقدحون في الثلاثة، كالغالية الذين يدّعون إلاهيته من النصيرية وغيرهم، وكالإسماعيلية الملاحدة الذين هم شر من النصيرية، وكالغالية الذين يدّعون نبوَّته؛ فإن هؤلاء كفار مرتدُّون، كفرهم بالله ورسوله ظاهر لا يخفى على عالم يدين الإسلام، فمن اعتقد في بشر الإلهية، أو اعتقد بعد محمد صلَّى الله عليه وسلَّم نبياً، أو أنه لم يكن نبياً بل كان عليّ هو النبي دونه وإنما غلط جبريل، فهذه المقالات ونحوها مما يظهر كفر أهلها لمن يعرف الإسلام أدنى معرفة.(16/71)
بخلاف من يكفِّر عليّاً ويلعنه من الخوارج، وممن قاتله ولعنه من أصحاب معاوية وبني مروان وغيرهم؛ فإن هؤلاء كانوا مقرّين بالإسلام وشرائعه: يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، ويصومون رمضان، ويحجون البيت العتيق، ويحرّمون ما حرم الله ورسوله، وليس فيهم كفر ظاهر، بل شعائر الإسلام وشرائعه ظاهرة فيهم معظمة عندهم، وهذا أمر يعرفه كل من عرف أحوال الإسلام، فكيف يُدَّعى مع هذا أن جميع المخالفين نزَّهوه دون الثلاثة ؟
بل إذا اعتُبر الذين كانوا يبغضونه ويوالون عثمان، والذين كانوا يبغضون عثمان ويحبون عليّاً، وُجِدَ هؤلاء خيراً من أولئك من وجوه متعددة، فالمنزِّهون لعثمان القادحون في عليّ أعظم وأدْيَن وأفضل من المنزِّهين لعليّ القادحين في عثمان، كالزيدية مثلاً.
فمعلوم أن الذين قاتلوه ولعنوه وذمُّوه من الصحابة والتابعين وغيرهم هم أعلم وأدين من الذين يتولونه ويلعنون عثمان، ولو تخلّى أهل السنة عن موالاة عليّ رضي الله عنه وتحقيق إيمانه ووجوب موالاته، لم يكن في المتولّين له من يقدر أن يقاوم المبغضين له من الخوارج والأموية والمروانية؛ فإن هؤلاء طوائف كثيرة.
ومعلوم أن شر الذين يبغضونه هم الخوارج الذين كفَّروه، واعتقدوا أنه مرتد عن الإسلام، واستحلُّوا قتله تقرباً إلى الله تعالى، حتى قال شاعرهم عمران بن حطَّان:
يا ضربة من تقيّ ما أراد بها
إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره حيناً فأحسبه
أوفى البرية عند الله ميزانا
فعارضه شاعر أهل السنة فقال:
يا ضربة من شقي ما أراد بها
إلا ليبلغ من ذي العرش خسرانا
إني لأذكره حيناً فألعنه
لعناً وألعن عمران بن حطّانا(16/72)
وهؤلاء الخوارج كانوا ثمان عشرة فرقة، كالأزارقة أتباع نافع بن الأزرق( ) والنجدات أتباع نجدة الحروري( )، والإباضية أتباع عبد الله بن إباض( )، ومقالاتهم وسيرهم مشهورة في كتب المقالات والحديث والسير، وكانوا موجودين في زمن الصحابة والتابعين يناظرونهم ويقاتلونهم، والصحابة اتفقوا على وجوب قتالهم، ومع هذا فلم يكفّروهم ولا كفَّرهم عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
وأما الغالية في عليّ رضي الله عنه فقد اتفق الصحابة وسائر المسلمين على كفرهم، وكفَّرهم عليّ بن أبي طالب نفسه، وحرَّقهم بالنار. وهؤلاء الغالية يُقتل الواحد منهم المقدور عليه، وأما الخوارج فلم يقاتلهم عليّ حتى قتلوا واحداً من المسلمين، وأغاروا على أموال الناس فأخذوها، فأولئك حكم فيهم عليّ وسائر الصحابة بحكم المرتدين، وهؤلاء لم يحكموا فيهم بحكم المرتدين.
وهذا مما يبين أن الذين زعموا أنهم والوه دون أبي بكر وعمر عثمان يوجد فيهم من الشر والكفر باتفاق عليّ وجميع الصحابة ما لا يوجد في الذين عادوه وكفَّروه، ويبين أن جنس المبغضين لأبي بكر وعمر شر عند عليّ وجميع الصحابة من جنس المبغضين لعلي.
وأما حديث الكساء فهو صحيح رواه أحمد والترمذي من حديث أم سلمة( )، ورواه مسلم في صحيحه( ) من حديث عائشة. قالت: خرج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ذات غَداة وعليه مِرْطٌ مُرَحَّل( ) من شعر أسود، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليّ فأدخله، ثم قال: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } [الأحزاب: 33].(16/73)
وهذا الحديث قد شركه فيه فاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم فليس هو من خصائصه. ومعلوم أن المرأة لا تصلح للإمامة، فعُلم أن هذه الفضيلة لا تختص بالأئمة، بل يشاركهم فيها غيرهم. ثم إن مضمون هذا الحديث أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم دعا لهم بأن يذهب عنهم الرجس ويطهّرهم تطهيراً.
وغاية ذلك أن يكون دعا لهم بأن يكونوا من المتّقين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم، واجتناب الرجس واجب على المؤمنين، والطهارة مأمور بها كل مؤمن.
قال الله تعالى: { مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ } [المائدة: 6]. وقال: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم } [التوبة: 103].
وقال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } [البقرة: 222].
فغاية هذا أن يكون هذا دعاء لهم بفعل المأمور وترك المحظور.
والصديق رضي الله عنه قد أخبر الله عنه بأنه: { وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى، الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى، وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى، إِلاّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى، وَلَسَوْفَ يَرْضَى } [الليل: 17-21].(16/74)
وأيضاً فإن السابقين الأوَّلين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه: { وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [التوبة: 100] لابد أن يكونوا قد فعلوا المأمور وتركوا المحظور، فإن هذا الرضوان وهذا الجزاء إنما يُنال بذلك. وحينئذ فيكون ذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم من الذنوب بعض صفاتهم. فما دعا به النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لأهل الكساء هو بعض ما وصف الله به السابقين الأوَّلين. والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم دعا لغير أهل الكساء بأن يصلّي الله عليهم، ودعا لأقوام كثيرين بالجنة والمغفرة وغير ذلك، مما هو أعظم من الدعاء بذلك، ولم يلزم أن يكون من دعا له بذلك أفضل من السابقين الأوَّلين.
ولكن أهل الكساء لما كان قد أوجب عليهم اجتناب الرجس وفعل التطهير، دعا لهم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بأن يعينهم على فعل ما أمرهم به، لئلا يكونوا مستحقين للذم والعقاب، ولينالوا المدح والثواب.
الفصل الرابع عشر
الرد على من ادعى الإمام لعلي محتجاً بتقديمه الصدقة عند النجوى دون غيره
قال الرافضي: "في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } [المجادلة: 12] قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: لم يعمل بهذه الآية غيري، وبي خفف الله عن هذه الأمة أمر هذه الآية"( ).
والجواب أن يقال: الأمر بالصدقة لم يكن واجباً على المسلمين حتى يكونوا عصاة بتركه، وإنما أمر به من أراد النجوى، واتفق أنه لم يُرد النجوى إذ ذاك إلا عليّ رضي الله عنه، فتصدق لأجل المناجاة( ).(16/75)
وهذا كأمره بالهَدْي لمن تمتع بالعمرة إلى الحج، وأمره بالهدي لمن أحصر، وأمره لمن به أذى من رأسه بفدية من صيام أو صدقة أو نسك. وهذه الآية نزلت في كعب بن عجرة لما مرّ به النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وهو ينفخ تحت قدر وهوامّ رأسه تؤذيه( ). وكأمره لمن كان مريضاً أو على سفر بعدّةٍ من أيام أخر، وكأمره لمن حنث في يمينه بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، وكأمره إذا قاموا إلى الصلاة أن يغسلوا وجوههم وأيديهم إلى المرافق، وكأمره إذا قرأوا القرآن أن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم، ونظائر هذا متعددة.
فالأمر المعلّق بشرط إذا لم يوجد ذلك الشرط إلا في حق واحد لم يؤمر به غيره. وهكذا آية النجوى؛ فإنه لم يناج الرسول قبل نسخها إلا عليّ، ولم يكن على من ترك النجوى حرج. فمثل هذا العمل ليس من خصائص الأئمة، ولا من خصائص عليّ رضي الله عنه، ولا يُقال: إن غير عليّ ترك النجوى بخلا بالصدقة، لأن هذا غير معلوم، فإن المدة لم تطل، وفي تلك المدة القصيرة قد لا يحتاج الواحد إلى النجوى، وإن قُدِّر أن هذا كان يخص بعض الناس لم يلزم أن يكون أبو بكر وعمر رضي الله عنهما من هؤلاء. كيف وأبو بكر رضي الله عنه قد أنفق ماله كله يوم رغَّب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في الصدقة، وعمر رضي الله عنه جاء بنصف ماله بلا حاجة إلى النجوى. فكيف يبخل أحدهما بدرهمين أو ثلاثة يقدمها بين يدى نجواه ؟
وقد روى زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر يقول: أمرنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً، فجئت بنصف مالي. فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ”ما أبقيت لأهلك يا عمر“؟ فقلت: مثله. قال: وأتى أبو بكر بكل مال عنده. فقال: ”يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك“؟ فقال: أبقيت لهم الله ورسوله. فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبداً.
الفصل الخامس عشر(16/76)
الرد على من يدّعي الإمامة لعليّ بقوله: أنا صاحب الجهاد
قال الرافضي: "وعن محمد بن كعب القرظي قال: افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدار وعباس بن عبد المطلب وعليّ بن أبي طالب. فقال طلحة بن شيبة: معي مفاتيح البيت، ولو أشاء بتٌّ فيه. وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها، ولو أشاء بتُّ في المسجد. وقال عليّ: ما أدري ما تقولان، لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد. فأنزل الله تعالى: { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [التوبة: 19].
والجواب أن يقال: هذا اللفظ لا يعرف في شيء من كتب الحديث المعتمدة بل دلالات الكذب عليه ظاهرة. منها: أن طلحة بن شيبة لا وجود له، وإنما خادم الكعبة هو شيبة بن عثمان بن أبي طلحة( ). وهذا مما يبين لك أن الحديث لم يصح. ثم فيه قول العباس: "لو أشاء بِتُّ في المسجد" فأيّ كبير أمر في مبيته في المسجد حتى يتبجح به ؟
ثم فيه قول عليّ: "صليت ستة أشهر قبل الناس" فهذا مما يُعلم بطلانه بالضرورة، فإن بين إسلامه وإسلام زيد وأبي بكر وخديجة يوماً أو نحوه، فكيف يصلّي قبل الناس بستة أشهر ؟!
وأيضاً فلا يقول: أنا صاحب الجهاد، وقد شاركه فيه عدد كثير جداً.(16/77)
وأما الحديث فيقال: الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه( )، ولفظ عن النعمان بن بشير قال: كنت عند منبر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال رجل: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج. وقال آخر: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام. وقال آخر: الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم. فزجرهم عمر وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم. وهو يوم الجمع. ولكن إذا صليت الجمعة دخلت فاستفتيه فيما اختلفتم فيه. فأنزل الله عزَّ وجلَّ: { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } [التوبة: 19] الآية إلى آخرها".
وهذا الحديث ليس من خصائص الأئمة، ولا من خصائص عليّ فإن الذين آمنوا بالله واليوم الآخر وجاهدوا في سبيل الله كثيرون، والمهاجرون والأنصار يشتركون في هذا الوصف.
وأبو بكر وعمر أعظمهم إيماناً وجهاداً، لا سيما وقد قال: { الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ } [الأنفال: 72]. ولا ريب أن جهاد أبي بكر بماله ونفسه أعظم من جهاد عليّ وغيره.
كما قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث الصحيح: ”إن أمنّ الناس علينا في صحبته وذات يده أبو بكر“( ).(16/78)
وقال: ”ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر“( ). وأبو بكر كان مجاهداً بلسانه ويده، وهو أول من دعا إلى الله، وأوّل من أوذِيَ في الله بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأوّل من دافع عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وكان مشاركاً لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في هجرته وجهاده حتى كان هو وحده معه في العريش يوم بدر، وحتى أن أبا سفيان يوم أحد لم يسأل إلا عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأبي بكر وعمر، لما قال: أفيكم محمد ؟ فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ”لا تجيبوه“. فقال: أفيكم ابن أبي قحافة ؟ فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ”لا تجيبوه“ فقال أفيكم ابن الخطاب ؟ فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ”لا تجيبوه“. فقال: أما هؤلاء فقد كفيتموهم. فلم يملك عمر نفسه فقال: كذبت عدوّ الله، إن الذين عددت لأحياء، وقد أبقى الله لك ما يخزيك" ذكره البخاري وغيره( ).
الفصل السادس عشر
التنبيه على أن كل ما روي في مسند أحمد ليس بالضروري أن يكون صحيحاً
قال الرافضي: "ومنها ما رواه أحمد بن حنبل عن أنس بن مالك، قال: قلنا لسلمان: سل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من وصيه، فقال له سلمان: يا رسول الله من وصيك؟ فقال: يا سلمان من كان وصيّ موسى ؟ فقال: يوشع بن نون. قال: فإن وصِييّ ووارثي يقضي دَيْني وينجز موعدي عليّ بن أبي طالب".
والجواب: أن هذا الحديث كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث( )، ليس هو في مسند الإمام أحمد بن حنبل.
وأحمد قد صنَّف كتاباً في "فضائل الصحابة" ذكر فيه فضل أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وجماعة من الصحابة، وذكر فيه ما رُوي في ذلك من صحيح وضعيف للتعريف بذلك( )، وليس كل ما رواه يكون صحيحاً.
ثم إن في هذا الكتاب زيادات من روايات ابنه عبد الله، وزيادات من رواية القطيعي عن شيوخه.(16/79)
وهذه الزيادات التي زادها القطيعي غالبها كذب، كما سيأتي ذكر بعضها إن شاء الله، وشيوخ القطيعي يروون عمن في طبقة أحمد.
وهؤلاء الرافضة جهَّال إذا رأوا فيه حديثاً ظنوا أن القائل لذلك أحمد بن حنبل، ويكون القائل لذلك هو القطيعي، وذاك الرجل من شيوخ القطيعي الذين يروون عمن في طبقة أحمد.
وكذلك في المسند زيادات ابنه عبد الله، لا سيما في مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فإنه زاد زيادات كثيرة( ).
الفصل السابع عشر
فضيلة حمل عليّ للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم
قال الرافضي: "وعن يزيد بن أبي مريم عن عليّ رضي الله عنه: قال: انطلقت أنا ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتى أتينا الكعبة، فقال لي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: اجلس، فصعد على منكبي، فذهبت لأنهض به، فرأى مني ضعفاً، فنزل وجلس لي نبي الله صلَّى الله عليه وسلَّم وقال: اصعد على منكبي، فصعدت على منكبه. قال: فنهض بي. قال: فإنه تخيل لي أني لو شئت لنلت أفق السماء، حتى صعدت على البيت وعليه تمثال صفر أو نحاس، فجعلت أزاوله عن يمينه وعن شماله وبين يديه ومن خلفه، حتى إذا استمكنت منه قال لي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: اقذف به، فقذفت به فتكسر كما تنكسر القوارير، ثم نزلت فانطلقت أنا ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نستبق حتى توارينا في البيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس".(16/80)
والجواب: أن هذا الحديث إن صح فليس فيه شيء من خصائص الأئمة ولا خصائص عليّ؛ فإن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان يصلّي وهو حامل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع على منكبه، إذا قام حملها، وإذا سجد وضعها. وكان إذا سجد جاء الحسن فارتحله، ويقول: "إن ابني ارتحلني"( ) وكان يقبل زبيبة الحسن. فإذا كان يحمل الطفلة والطفل لم يكن في حمله لعليّ ما يوجب أن يكون ذلك من خصائصه، بل قد أشركه فيه غيره، وإنما حمله لعجز عليّ عن حمله، فهذا يدخل في مناقب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وفضيلة من يحمل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أعظم من فضيلة من يحمله النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، كما حمله يوم أحد من حمله من الصحابة، مثل طلحة بن عبيد الله( )، فإن هذا نفع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وذاك نفعه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، ومعلوم أن نفعه بالنفس والمال أعظم من انتفاع الإنسان بنفس النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وماله.
الفصل الثامن عشر
حديث أنت مني وأنا منك
قال الرافضي: "وعن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال لعليّ: "أنت مني وأنا منك".
والجواب: أن هذا حديث صحيح أخرجاه في الصحيحين من حديث البراء بن عازب، لَمّا تنازع علي وجعفر وزيد في ابنة حمزة فقضي بها لخالتها، وكانت تحت جعفر، وقال لعليّ: ”أنت مني وأنا منك“( ). وقال لجعفر: ”أشبهت خَلْقِي وخُلُقي“. وقال لزيد: ”أنت أخونا ومولانا“.
لكن هذا اللفظ قد قاله النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لطائفة من أصحابه، كما في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ”إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قلت نفقة عيالهم في المدينة جمعوا ما كان معهم في ثوب واحد، ثم قسموه بينهم بالسوية. هم مني وأنا منهم“( ).(16/81)
وكذلك قال عن جليبيب: ”هو مني وأنا منه“ فروى مسلم في صحيحه( ) عن أبي برزة قال: كنا مع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في مغزة له. فأفاء الله عليه، فقال لأصحابه: ”هل تفقدون من أحد“؟ قالوا: نعم، فلاناً وفلاناً. ثم قال: ”هل تفقدون من أحد“؟ قالوا: نعم، فلاناً وفلاناً وفلاناً. ثم قال: ”هل تفقدون من أحد“؟ قالوا: لا. قال: ”لكني أفقد جُلَيْبيباً، فاطلبوه“ فطلبوه في القتلى، فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه. فأتى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فوقف عليه فقال: ”قتل سبعة ثم قتلوه. هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه“ قال: فوضعه عليّ على ساعديه، ليس له إلا ساعداً النبي صلَّى الله عليه وسلَّم. قال: فحفر له فوضع في قبره، ولم يذكر غسلاً.
فتبين أن قوله لعليّ: ”أنت مني وأنا منك“ ليس من خصائصه، بل قال ذلك للأشعريين، وقاله لجليبيب. وإذا لم يكن من خصائصه، بل قد شاركه في ذلك غيره من هو دون الخلفاء الثلاثة في الفضيلة، لم يكن دالاًّ على الأفضلية ولا على الإمامة.
الفصل التاسع عشر
فضائل عليّ العشر
قال الرافضي: "وعن عمرو بن ميمون قال: لعلي بن أبي طالب عشر فضائل ليست لغيره. قال له النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: لأبعثن رجلاً لا يخزيه الله أبداً، يحب الله ورسوله، ويحب الله ورسوله، فاستشرف إليها من استشرف. قال: أين عليّ بن أبي طالب؟ قالوا: هو أرمد في الرحي يطحن. قال: وما كان أحدهم يطحن قال: فجاء وهو أرمد لا يكاد أن يبصر. قال: فنفث في عينيه ثم هز الراية ثلاثاً وأعطاها إياه. فجاء بصفية بنت حيي. قال: ثم بعث أبا بكر بسورة التوبة، فبعث عليّاً خلفه فأخذها منه وقال: لا يذهب بها إلا رجل هو مني وأنا منه.(16/82)
وقال لبني عمه: أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ قال: وعليّ معهم جالس فأبَوا، فقال عليّ: أنا أواليك في الدنيا والآخرة. قال: فتركه، ثم أقبل على رجلٍ رجل منهم، فقال: أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ فأبَوا، فقال عليٌّ: أنا أواليك في الدنيا والآخرة، فقال: أنت وليي في الدنيا والآخرة.
قال: وكان عليّ أول من أسلم من الناس بعد خديجة. قال: وأخذ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثوبه فوضعه على عليّ وفاطمة والحسن والحسين، فقال: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } [الأحزاب: 33].
قال: وشرى عليّ نفسه ولبس ثوب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثم نام مكانه وكان المشركون يرمونه بالحجارة.
وخرج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بالناس في غزاة تبوك، فقال له عليّ: أخرج معك ؟ قال: لا. فبكى عليٌّ، فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ؟ إلا أنك لست بنبي، لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي.
وقال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: أنت وليي في كل مؤمن بعدي.
قال: وسدّ أبواب المسجد إلا باب عليّ. قال: وكان يدخل المسجد جُنُباً، وهو طريقه ليس له طريق غيره.
وقال له: من كنت مولاه فعليّ مولاه.
وعن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مرفوعاً أنه بعث أبا بكر في براءة إلى مكة، فسار بها ثلاثاً ثم قال لعليّ: "الحق فردّه وبلغها أنت، ففعل. فلما قدم أبو بكر على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بكى وقال: يا رسول الله حدث فيّ شيء ؟ قال: لا. ولكن أمرت أن لا يبلغها إلا أنا أو رجل مني".(16/83)
والجواب: أن هذا ليس مسنداً بل هو مرسل لو ثبت عن عمرو بن ميمون، وفيه ألفاظ هي كذب على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، كقوله: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنك لست بنبي لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي. فإن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ذهب غير مرة وخليفته على المدينة غير عليّ، كما اعتمر عمرة الحديبية وعليّ معه وخليفته غيره، وغزا بعد ذلك خيبر ومعه عليّ وخليفته بالمدينة غيره، وغزا غزرة الفتح وعليّ معه وخليفته في المدينة غيره، وغزا حُنَيْناً والطائف وعليّ معه وخليفته بالمدينة غيره، وحج حجة الوداع وعليّ معه وخليفته بالمدينة غيره، وغزا غزوة بدر ومعه عليّ وخليفته بالمدينة غيره.
وكل هذا معلوم بالأسانيد الصحيحة وباتفاق أهل العلم بالحديث وكان عليّ معه في غالب الغزوات وإن لم يكن فيها قتال.
فإن قيل: استخلافه يدل على أنه لا يستخلف إلا الأفضل، لزم أن يكون عليٌّ مفضولاً في عامة الغزوات، وفي عمرته وحجته، لا سيما وكل مرة كان يكون الاستخلاف في رجال مؤمنين، وعام تبوك ما كان الاستخلاف إلا على النساء والصبيان ومن عَذَرَ الله، وعلى الثلاثة { الَّذِينَ خُلِّفُواْ } أو مُتّهم بالنفاق، وكانت المدينة آمنة لا يُخاف على أهلها، ولا يحتاج المستخلِف إلى جهاد، كما يحتاج في أكثر الاسخلافات.(16/84)
وكذلك قوله: "وسد الأبواب كلها إلا باب علي" فإن هذا مما وضعته الشيعة على طريق المقابلة( )، فإن الذي في الصحيح عن أبي سعيد عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال في مرضه الذي مات فيه "إن أمنّ الناس عليّ في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربّي لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن أخوة الإسلام ومودّته، لا يبقين في المسجد خَوْخة إلا سُدَّت إلا خوخة أبي بكر" ورواه ابن عباس أيضاً في الصحيحين( ). ومثل قوله: "أنت وليي في كل مؤمن بعدي" فإن هذا موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث( ) والذي فيه من الصحيح ليس هو من خصائص الأئمة، بل ولا من خصائص عليّ، بل قد شاركه فيه غيره، مثل كونه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ومثل استخلافه وكونه منه بمنزلة هارون من موسى، ومثل كون عليّ مولى من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مولاه فإن كل مؤمن موالٍ لله ورسوله، ومثل كون "براءة" لا يبلِّغها إلا رجلٌ من بني هاشم؛ فإن هذا يشترك فيه جميع الهاشميين، لما رُوى أن العادة كانت جارية بأن لا ينقض العهود ويحلها إلا رجل من قبيلة المطاع.
الفصل العشرون
فضل حب عليّ
قال الرافضي: "ومنها ما رواه أخطب خوارزم عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: يا عليّ لو أن عبداً عبد الله عزَّ وجلَّ مثل ما قام نوح في قومه، وكان له مثل أُحُد ذهباً فأنفقه في سبيل الله، ومدّ في عمره حتى حج ألف عام على قدميه، ثم قُتل بين الصفا والمروة مظلوماً، ثم لم يوالك يا عليّ، لم يشم رائحة الجنة ولم يدخلها.
وقال رجل لسلمان: ما أشدّ حبك لعليّ. قال: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: من أحب عليّاً فقد أحبني، ومن أبغض عليّاً فقد أبغضني. وعن أنس قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: خلق الله من نور وجه عليّ سبعين ألف مَلَك يستغفرون له ولمحبيه إلى يوم القيامة.(16/85)
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: من أحب عليّاً قبل الله عنه صلاته وصيامه وقيامه، واستجاب دعاءه. ألا ومن أحب عليّاً أعطاه الله بكل عرق من بدنه مدينة في الجنة. ألا ومن أحب آل محمد أمن من الحساب والميزان والصراط. ألا ومن مات على حب آل محمد فأنا كفيله في الجنة مع الأنبياء، ألا ومن أبغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: "آيس من رحمة الله".
وعن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: من زعم أنه آمن بي وبما جئت به وهو يبغض عليّاً فهو كاذب ليس بمؤمن.
وعن أبي برزة قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ونحن جلوس ذات يوم: والذي نفسي بيده لا يزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأله الله تبارك وتعالى عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله مم اكتسبه وفيم أنفقه، وعن حُبنا أهل البيت. فقال له عمر: فما آية حبكم من بعدكم ؟ فوضع يده على رأس عليّ بن أبي طالب وهو إلى جانبه فقال: إن حبي من بعدي حب هذا.
وعن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وقد سئل: بأي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج ؟ فقال: خاطبني بلغة عليّ، فألهمني أن قلت: يا رب خاطبتني أم عليّ ؟ فقال: يا محمد أنا شيء لست كالأشياء، لا أقاس بالناس ولا أوصف بالأشياء، خلقتك من نوري وخلقت عليّاً من نورك فاطلعت على سرائر قلبك، فلم أجد إلى قلبك أحبُّ من عليّ، فخاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: لو أن الرياض أقلام والبحر مداد، والجنّ حسّاب، والإنس كتّاب ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب.(16/86)
وبالإسناد قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: إن الله تعالى جعل الأجر على فضائل علي لا يُحصى كثره، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرّاً بها غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم، ومن استمع فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع، ومن نظر إلى كتاب من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر، ثم قال: النظر إلى وجه أمير المؤمنين عليّ عبادة، وذكره عبادة، لا يقبل الله إيمان عبدٍ إلا بولايته والبراءة من أعدائه.
وعن حكيم بن حزام عن أبيه عن جده عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: لَمُبارزة عليّ لعمرو بن عبد ودّ يوم الخندق أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة.
وعن سعد بن أبي وقاص قال: أمر معاوية بن أبي سُفيان سعداً بالسبّ فأبى، فقال: ما منعك أن تسب علي بن أبي طالب ؟ قال: ثلاث قالهن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فلن أسبه، لأن يكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لعليّ وقد خلّفه في بعض مغازيه، فقال له عليٌّ: تخلّفني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: أما ترضى أن تكون معنى بمنزلة هارون من موسى ؟ إلا أنه لا نبي بعدي. وسمعته يقول يوم خيبر لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. قال: فتطاولنا، فقال: ادعوا لي عليّاً، فأتاه وبه رمد، فبصق في عينيه ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه. وأنزلت هذه الآية: { فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ } [آل عمران: 61] دعا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عليّاً وفاطمة والحسن والحسين فقال: "هؤلاء أهلي".(16/87)
والجواب: أن أخطب خوارزم هذا له مصنّف في هذا الباب فيه من الأحاديث المكذوبة ما لا يخفى كذبه على من له أدنى معرفة بالحديث، فضلاً عن علماء الحديث، وليس هو من علماء الحديث ولا ممن يُرجع إليه في هذا الشأن ألبتة( ). وهذه الأحاديث مما يعلم أهل المعرفة بالحديث أنها من المكذوبات. وهذا الرجل قد ذكر أنه يذكر ما هو صحيح عندهم، ونقوله في المعتمد من قولهم وكتبهم، فكيف يذكر ما أجمعوا على أنه كذب موضوع، ولم يُروَ في شيء من كتب الحديث المعتمدة، ولا صححه أحد من أئمة الحديث.(16/88)
فالعشرة الأول كلها كذب إلى آخر حديث: قتله لعمرو بن عبد ودّ. وأما حديث سعد لما أمره معاوية بالسب فأبى، فقال: ما منعك أن تسبّ عليَّ بن أبي طالب ؟ فقال: ثلاث قالهن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فلن أسبه، لأن يكون لي واحدة منهن أحب إليَّ من حمر النعم.. الحديث. فهذا حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه( ) وفيه ثلاث فضائل لعليٍّ لكن ليست من خصائص الأئمة ولا من خصائص عليّ، فإن قوله وقد خلّفه في بعض مغازيه فقال له عليّ: يا رسول الله تخلّفني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لا نبي بعدي، ليس من خصائصه؛ فإنه استخلف على المدينة غير واحد ولم يكن هذا الاستخلاف أكمل من غيره. ولهذا قال له عليّ: أتخلفني مع النسائي والصبيان ؟ لأن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان في كل غزاة يترك بالمدينة رجالاً من المهاجرين والأنصار، إلا في غزوة تبوك فإنه أمر المسلمين جميعهم بالنفير، فلم يتخلف بالمدينة إلا عاصٍ أو معذور غير النساء والصبيان. ولهذا كره عليّ الاستخلاف، وقال: أتخلفني مع النساء والصبيان ؟ يقول تتركني مخلفاً لا تستصحبني معك ؟ فبيّن له النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أن الاستخلاف ليس نقصاً ولا غضاضه؛ فإن موسى استخلف هارون على قومه لأمانته عنده وكذلك أنت استخلفتك لأمانتك عندي، لكن موسى استخلف نبيّاً وأنا لا نبي بعدي. وهذا تشبيه في أصل الاستخلاف، فإن موسى استخلف هارون على جميع بني إسرائيل، والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم استخلف عليّاً على قليل من المسلمين، وجمهورهم استصحبهم في الغزاة. وتشبيهه بهارون ليس بأعظم من تشبيه أبي بكر وعمر: هذا بإبراهيم وعيسى، وهذا بنوح وموسى؛ فإن هؤلاء الأربعة أفضل من هارون، وكل من أبي بكر وعمر شبه باثنين لا بواحد، فكان هذا التشبيه أعظم من تشبيه عليّ، مع أن استخلاف عليّ له فيه أشباه وأمثال من الصحابة.(16/89)
وهذا التشبيه ليس لهذين فيه شبيه، فلم يكن الاستخلاف من الخصائص، ولا التشبيه بنبي في بعض أحواله من الخصائص.
وكذلك قوله: "لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال: فتطاولنا، فقال: ادعوا لي عليّاً، فأتاه وبه رمد، فبصق في عينيه ودفع الراية إليه، ففتح الله على يديه. وهذا الحديث أصح ما رُوي لعليّ من الفضائل، أخرجاه في الصحيحين من غير وجه. وليس هذا الوصف مختصّاً بالأئمة ولا بعليّ؛ فإن الله ورسوله يحب كل مؤمن تقي، وكل مؤمن تقي يحب الله ورسوله، لكن هذا الحديث من أحسن ما يُحتج به على النواصب الذين يتبرؤون منه ولا يتولونه ولا يحبونه، بل قد يكفِّرونه أو يفسقونه كالخوارج؛ فإن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم شهد له بأنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله.
لكن هذا الاحتجاج لا يتم على قول الرافضة الذين يجعلون النصوص الدالة على فضائل الصحابة كانت قبل ردتهم؛ فإن الخوارج تقول في عليّ مثل ذلك، لكن هذا باطل، فإن الله – ورسوله – لا يطلق هذا المدح على من يعلم أنه يموت كافراً، وبعض أهل الأهواء من المعتزلة وغيرهم، وبعض المروانية ومن كان على هواهم، الذين كانوا يبغضونه ويسبونه.
وكذلك حديث المباهلة شركه فيه فاطمة وحسن وحسين، كما شركوه في حديث الكساء، فعُلم أن ذلك لا يختص بالرجال ولا بالذكور ولا بالأئمة، بل يشركه فيه المرأة والصبي، فإن الحسن والحسين كانا صغيرين عند المباهلة، فإن المباهلة كانت لما قدم وفد نجران بعد فتح مكة سنة تسع أو عشر، والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم مات ولم يكمل الحسين سبع سنين، والحسن أكبر منه بنحو سنة، وإنما دعا هؤلاء لأنه أمر أن يدعو كل واحد من الأقربين: الأبناء والنساء والأنفس، فيدعو الواحد من أولئك: أبناءه ونساءه، وأخص الرجال به نسباً.(16/90)
وهؤلاء أقرب الناس إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم نسباً، وإن كان غيرهم أفضل منهم عنده، فلم يؤمر أن يدعو أفضل أتباعه، لأن المقصود أن يدعو كل واحد منهم أخصّ الناس به، لما في جبلة الإنسان من الخوف عليه وعلى ذوي رحمه الأقربين إليه، ولهذا خصهم في حديث الكساء.
والدعاء لهم والمباهلة مبناها على العدل، فأولئك أيضاً يحتاجون أن يدعوا أقرب الناس إليهم نسباً، وهم يخافون عليهم ما لا يخافون على الأجانب، ولهذا امتنعوا عن المباهلة، لعلمهم بأنه على الحق، وأنهم إذا باهلوه حقت عليهم بهلة الله وعلى الأقربين إليهم، بل قد يحذر الإنسان على ولده ما لا يحذره على نفسه.
فإن قيل: فإذا كان ما صح من فضائل عليّ رضي الله عنه، كقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ”لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله“، وقوله: ”أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى“، وقوله: ”اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً“ ليس من خصائصه، بل له فيه شركاء، فلماذا تمنّى بعض الصحابة أن يكون له ذلك، كما روى عن سعد وعن عمر ؟
فالجواب: أن في ذلك شهادة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لعليّ بإيمانه باطناً وظاهراً، وإثباتاً لموالاته لله ورسوله ووجوب موالاة المؤمنين له. وفي ذلك رد على النواصب الذين يعتقدون كفره أو فسقه، كالخوارج المارقين الذين كانوا من أعبد الناس، كما قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فيهم: "يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، أينما لقيتموهم فاقتلوهم"( ) وهؤلاء يكفّرونه ويستحلّون قتله، ولهذا قتله واحد منهم، وهو عبد الرحمن بن ملجم المرادي، مع كونه كان من أعبد الناس.(16/91)
وأهل العلم والسُّنَّة يحتاجون إلى إثبات إيمان عليّ وعدله ودينه للرد على هؤلاء، أعظم مما يحتاجون إلى مناظرة الشيعة؛ فإن هؤلاء أصدق وأَدْيَن، والشبه التي يحتجون بها أعظم من الشبه التي تحتج بها الشيعة، كما أن المسلمين يحتاجون في أمر المسيح صلوات الله وسلامه عليه إلى مناظرة اليهود والنصارى، فيحتاجون أن ينفوا عنه ما يرميه به اليهود من أنه كاذب ولد زنا وإلى نفي ما تدّعيه النصارى من الإلهية، وجدل اليهود أشد من جدل النصارى، ولهم شبه لا يقدر النصارى أن يجيبوهم عنها، وإنما يجيبهم عنها المسلمون. كما أن للنواصب شبهاً لا يمكن الشيعة أن يجيبوا عنها، وإنما يجيبهم عنها أهل السُّنَّة.(16/92)
فهذه الأحاديث الصحيحة المثبتة لإيمان عليّ باطناً وظاهراً ردّ على هؤلاء، وإن لم يكن ذلك من خصائصه، كالنصوص الدالة على إيمان أهل بدر وبيعة الرضوان باطناً وظاهراً؛ فإن فيها ردّاً على من ينازع في ذلك من الروافض والخوارج، وإن لم يكن ما يستدل به من خصائص واحد منهم. وإذا شهد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لمعيَّن بشهادة، أو دعا له بدعاء، أحب كثير من الناس أن يكون له مثل تلك الشهادة ومثل ذلك الدعاء، وإن كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يشهد بذلك لخلق كثير ويدعو به لخلق كثير، وكان تعينه لذلك المعيّن من أعظم فضائله ومناقبه، وهذا كالشهادة بالجنة لثابت بن قيس بن شماس( ) وعبد الله بن سلام( ) وغيرهما، وإن كان قد شهد بالجنة لآخرين. والشهادة بمحبة الله ورسوله لعبد الله حمار الذي ضرب في الخمر( )، وإن شهد بذلك لمن هو أفضل منه، وكشهادته لعمرو بن تغلب بأنه ممن لا يعطيه لما في قلبه من الغنى والخير لما قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث الصحيح: "إني لأعطي رجالاً وأدع رجالاً، والذي أدع أحبُّ إليَّ من الذي أعطى. أعطى رجالاً لما في قلوبهم من الهلع والجزع، وأكِلُ رجالاً إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير، منهم عمرو بن تغلب"( ).
وفي الحديث الصحيح لما صلّى على ميت قال: ”اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم منزله، ووسّع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبَرَدَ، ونقِّه من الذنوب والخطايا كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وقه فتنة القبر وعذاب النار، وأفسح له في قبره، ونوِّر له فيه“. قال عوف بن مالك: فتمنيت أن أكون أنا ذلك الميت( ). وهذا الدعاء ليس مختصاً بذلك الميت.
الفصل الحادي والعشرون
حديث يوم الشورى(16/93)
قال الرافضي: "وعن عامر بن واثلة قال: كنت مع عليّ عليه السلام يوم الشورى يقول لهم: لأحتجنّ عليكم بما لا يستطيع عربيّكم ولا عجميكم تغيير ذلك، ثم قال: أنشدكم بالله أيها النفر جميعاً، أفيكم أحد وحَّد الله تعالى قبلي ؟ قالوا: اللهم لا قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر الطيّار في الجنة مع الملائكة غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله: هل فيكم أحد له عمّ مثل عمي حمزة أسد الله وأسد رسوله سيد الشهداء غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت محمد سيدة نساء أهل الجنة غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطيّ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة غيري؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد ناجى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عشر مرات قدّم بين يدي نجواه صدقة غيري؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ليبلغ الشاهد الغائب غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإليّ يأكل معي من هذا الطير، فأتاه فأكل معه غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه إذ رجع غيري منهزماً غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لبني وكيعة: لتنتهنّ أو لبعثنّ إليكم رجلاً نفسه كنفسي، وطاعته كطاعتين ومعصيته كمعصيتي يفصلكم بالسيف غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: كذب من(16/94)
زعم أنه يحبني ويبغض هذا غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد سلَّم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف من الملاشكة: جبرائيل وميكائيل وإسرافيل حيث جئت بالماء إلى رسول الله من القليب غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد نودي به من السماء: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا عليّ غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له جبريل هذه هي المواساة، فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: إنه مني وأنا منه. فقال جبريل: وأنا منكم غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله: تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، على لسان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: إني قاتلت على تنزيل القرآن وأنت تقاتل على تأويله غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد رُدّت عليه الشمس حتى صلى العصر في وقت غيري ؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد أمره رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يأخذ "براءة" من أبي بكر فقال له أبو بكر: يا رسول الله أنزل فيّ شيء ؟ فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: إنه لا يؤدّي عني إلا عليّ غيري ؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق كافر غيري ؟ قالوا: اللهم لا .
قال: فأنشدكم بالله هل تعلمون أنه أمر بسدّ أبوابكم وفتح بابي فقلتم في ذلك، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ما أنا سددت أبوابكم ولا فتحت بابه، بل الله سد أبوابكم وفتح بابه غيري ؟ قالوا: اللهم لا.(16/95)
قال: فأنشدكم بالله أتعلمون أنه ناجاني يوم الطائف دون الناس فأطال ذلك، فقلتم: ناجاه دوننا، فقال: ما أنا انتجيته بل الله انتجاه غيري ؟ قالوا: اللهم نعم.
قال: فأنشدكم بالله أتلعمون أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: الحق مع عليّ وعليّ مع الحق يزول الحق مع عليّ كيفما زال ؟ قالوا: اللهم نعم.
قال: فأنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، لن تضلوا ما استمسكتم بهما، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ؟ قالوا: اللهم نعم.
قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد وقى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بنفسه من المشركين واضطجع في مضجعه غيري ؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد بارز عمرو بن عبد ودّ العامري حيث دعاكم إلى البراز غيري ؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد نزل فيه آية التطهير حيث يقول: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } [الأحزاب: 33] غيري ؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: أنت سيد المؤمنين غيري ؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ما سألت الله شيئاً إلا وسألت لك مثله غيري ؟ قالوا: اللهم لا.
ومنها ما رواه أبو عمرو الزاهد عن ابن عباس قال: لعليّ أربع خصال ليست لأحد من الناس غيره، هو أوّل عربي وعجمي صلّى مع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف، وهو الذي صبر معه يوم حنين، وهو الذي غسَّله وأدخله قبره.(16/96)
وعن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال مررت ليلة المعراج بقوم تُشرشر أشداقهم، فقلت: يا جبريل من هؤلاء ؟ قال: قوم يقطعون الناس بالغيبة. قال: ومررت بقوم وقد ضوضؤا، فقلت: يا جبريل من هؤلاء ؟ قال: هؤلاء الكفار. قال: ثم عدلنا عن الطريق، فلما انتهينا إلى السماء الرابعة رأيت عليّاً يصلّي، فقلت: يا جبريل هذا عليّ قد سبقنا. قال: لا ليس هذا عليّاً. قلت: فمن هو ؟ قال: إن الملائكة المقرَّبين والملائكة الكروبيين لما سمعت فضائل عليّ وخاصته وسمعت قولك فيه: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي، اشتاقت إلى عليّ، فخلق الله تعالى لها مَلَكاً على صورة عليّ، فإذا اشتاقت إلى عليّ جاءت إلى ذلك المكان، فكأنها قد رأت عليّاً.
وعن ابن عباس قال: إن المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ذات يوم وهو نشيط: أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتي. قال: فقوله أنا الفتى يعني هو فتى العرب، وقوله ابن الفتى، يعني إبراهيم من قوله تعالى: { سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ } [الأنبياء: 60] وقوله: أخو الفتى، يعني عليّاً، وهو معنى قول جبريل في يوم بدر وقد عرج إلى السماء وهو فرح وهو يقول: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا عليّ. وعن ابن عباس قال: رأيت أبا ذر وهو متعلق بأستار الكعبة وهو يقول من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر، لو صمتم حتى تكونوا كالأوتار، وصليتم حتى تكونوا كالحنايا، ما نفعكم ذلك حتى تحبوا عليّاً.
والجواب: أما قوله عن عامر بن واثلة ما ذكره يوم الشورى، فهذا كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث( )، ولم يقل عليّ رضي الله عنه يوم الشورى شيئاً من هذا ولا ما يشابهه، بل قال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: لئن أمرتك لتعدلنّ؟ قال: نعم قال: وإن بايعت عثمان لتسمعن وتطيعن ؟ قال: نعم. وكذلك قال لعثمان. ومكث عبد الرحمن ثلاثة أيام يشاور المسلمين.(16/97)
ففي الصحيحين( )- وهذا لفظ البخاري( )- عن عمرو بن ميمون في مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فلما فُرِعَ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم. قال( ) الزبير: قد جعلت أمري إلى عليّ. وقال( ) طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان. وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن( ). فقال عبد الرحمن: أيكم تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه؟
فأُسْكِت الشيخان. فقال عبد الرحمن: أتجعلونه إليَّ والله عليَّ أن لا آلو عن أفضلكم. قالا: نعم، فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم والقدم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليكم لئن أمَّرتك لتعدلن ولئن أمَّرت عليك لتسمعن ولتطيعن. ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان"( ).(16/98)
وفي حديث المسور بن مخرمة قال المسور: "إن الرهط الذين ولاّهم عمر اجتمعوا فتشاوروا. قال لهم عبد الرحمن: لست بالذي أتكلم في هذا الأمر( ) ولكنكم إن شئتم اخترت لكم منكم، فجعلوا ذلك إلى عبد الرحمن، فلما ولَّوا عبد الرحمن أمرهم مال الناس على عبد الرحمن حتى ما أرى أحداً من الناس يتبع ذلك الرهط ولا يطأ عقبه، ومال الناس على عبد الرحمن( ) يشاورونه تلك الليالي، التي أصبحنا منها فبايعنا عثمان. قال المسور: طرقني عبد الرحمن بعد هَجْعٍ من الليل، فضرب الباب حتى استيقظت، فقال: أراك نائماً، فوالله ما اكتحلت هذه الليلة بكبير نوم، انطلق فادع الزبير وسعداً، فدعوتهما له، فشاورهما ثم دعاني، فقال: ادع لي عليّاً، فدعوته، فناجاه حتى إبهار الليل، ثم قام عليّ من عنده وهو على طمع، وقد كان عبد الرحمن يخشى زحف، فإن هذا من الكذب المعلوم، إذ لواء النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان يوم أحد مع مصعب بن عمير باتفاق الناس، ولواؤه يوم الفتح كان مع الزبير بن العوام، وأمره رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يركّز رايته بالحجون، فقال العباس للزبير بن العوام: أهاهنا أمرك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن تركز الراية؟ أخرجه البخاري في صحيحه( ).
وكذلك قوله: "وهو الذي صبر معه يوم حُنين".(16/99)
وقد عُلم أنه لم يكن أقرب إليه من العباس بن عبد المطلب، وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، والعباس آخذ بلجام بغلته وأبو سفيان بن الحارث آخذ بركابه، وقال له النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: "ناد أصحاب السمرة" قال: فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة؟ فوالله كأن عطفتهم عليَّ حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك يا لبيك. والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: "أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب" ونزل عن بغلته وأخذ كفّاً من حصى فرمى بها القوم وقال: "انهزموا ورب الكعبة" قال العباس: "فوالله ما هو إلا أن رماهم فما زلت أرى حدّهم كليلاً وأمرهم مدبراً، حتى هزمهم الله" أخرجاه في الصحيحين( ). وفي لفظ للبخاري قال: "وأبو سفيان آخذ بلجام بلغته"( ) وفيه: "قال العباس: لزمت أنا وأبو سفيان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوم حُنين فلم نفارقه"( ).
وأما غُسله صلَّى الله عليه وسلَّم وإدخاله قبره، فاشترك فيه أهل بيته، كالعباس وأولاده، ومولاه شقران، وبعض الأنصار، لكن عليٌّ كان يباشر الغسل، والعباس حاضر لجلالة العباس، وأن عليّاً أولادهم بمباشرة ذلك.
وكذلك قوله: "هو أوّل عربي وعجمي صلَّى" يناقض ما هو المعروف عن ابن عباس.
وأما حديث المعراج وقوله فيه: إن الملائكة المقرَّبين والملائكة الكروبيين لما سمعت فضائل عليّ وخاصته وقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى"؟ "اشتاقت إلى عليّ فخلق الله لها مَلَكاً على صورة عليّ".
فالجواب: أن هذا من كذب الجُهّال الذين لا يحسنون أن يكذبوا فإن المعراج كان بمكة قبل الهجرة بإجماع الناس، كما قال تعالى: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِير } [الإسراء: 1].(16/100)
وكان الإسراء من المسجد الحرام. وقال: { وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى } [النجم: 1-4] إلى قوله: { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى، وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى } [النجم: 12-14] إلى قوله: { أَفَرَأيْتُمُ الَّلاَتَ وَالعُزَّى } [النجم: 19] وهذا كله نزل بمكة بإجماع الناس.
وقوله: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى"؟ قاله في غزوة تبوك، وهي آخر الغزوات عام تسعٍ من الهجرة. فكيف يُقال: إن الملائكة ليلة المعراج سمعوا قوله: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى"؟.(16/101)
ثم قد علم أن الاستخلاف على المدينة مشترك، فكل الاستخلافات التي قبل غزوة تبوك وبعد تبوك كان يكون بالمدينة رجال من المؤمنين المطيعين يستخلف عليهم. وغزوة تبوك لم يكن فيها رجل مؤمن مطيع إلا من عذره الله ممن هو عاجز عن الجهاد، فكان المستخلف عليهم في غزوة تبوك أقل وأضعف من المستخلف عليهم في جميع أسفاره ومغازيه وعمره وحجه، وقد سافر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من المدينة قريباً من ثلاثين سفرة، وهو يستخلف فيها من يستخلفه، كما استخلف في غزوة الأبواء سعد بنُ عبادة، واستخلف في غزوة بُوَاط سعد بن معاذ( )، ثم لما رجع وخرج في طلب كُرْز بن جابر الفِهري استخلف زيد بن حارثة( )، واستخلف في غزوة العُشَيْرَة أبا سلمة بن عبد الأشهل( )، وفي غزوة بدر استخلف ابن أم مكتوم( )، واستخلفه في غزوة قَرْقَرَة الكُدر( )، ولما ذهب إلى بني سُليم، وفي غزوة حمراء الأسد، وغزوة بني النضير، وغزوة بني قريظة، واستخلفه لما خرج في طلب اللقاح التي استاقها عيينة بن حصن، ونودي ذلك اليوم: يا خيل الله اركبي وفي غزوة الحديبية، واستخلفه في غزوة الفتح، واستخلف أبا لبابة في غزوة بني قينقاع وغزوة السويق، واستخلف عثمان بن عفان في غزوة غطفان التي يقال لها غزوة أنمار، واستخلفه في غزوة ذات الرقاع، واستخلف ابن رواحة في غزوة بدر الموعد، واستخلف سباع بن عرفطة الغفاري في غزوة دومة الجندل وفي غزوة خَيْبر، واستخلف زيد بن حارثة في غزوة المريسيع، واستخلف أبا رهم في عمرة القضية، وكانت تلك الاستخلافات أكمل من استخلاف عليّ رضي الله عنه عام تبوك، وكلهم كانوا منه بمنزلة هارون من موسى، إذ المراد التشبيه في أصل الاستخلاف.
وإذا قيل: في تبوك كان السفر بعيداً.(16/102)
قيل: ولكن كانت المدينة وما حولها أمناً، لم يكن هناك عدوّ يُخاف، لأنهم كلهم أسلموا، ومن لم يسلم ذهب. وفي غير تبوك كان العدو موجوداً حول المدينة، وكان يُخاف على من بها، فكان خليفته يحتاج إلى مزيد اجتهاد ولا يحتاج إليه في الاستخلاف في تبوك.
وكذلك الحديث المذكور عن ابن عباس: أن المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم قال ذات يوم وهو نشيط: أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتى" قال: فقوله أنا الفتى: يعني فتى العرب، وقوله: ابن الفتى، يعني إبراهيم الخليل صلوات الله عليه، من قوله { سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ } [الأنبياء: 60] وقوله: أخو الفتى: يعني عليّاً، وهو معنى قول جبريل في يوم بدر وقد عرج إلى السماء وهو فرح وهو يقول: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا عليّ".
فإن هذا الحديث من الأحاديث المكذوبة الموضوعة باتفاق أهل المعرفة بالحديث( )، وكذبه معروف من غير جهة الإسناد من وجوه.
منها: أن لفظ "الفتى" في الكتاب والسُّنَّة ولغة العرب ليس هو من أسماء المدح، كما ليس هو من أسماء الذم، ولكنه بمنزلة اسم الشاب والكهل والشيخ ونحو ذلك، والذين قالوا عن إبراهيم: سمعنا فتى يذكرهم يُقال له: إبراهيم، هم الكفار، ولم يقصدوا مدحه بذلك، وإنما الفتى كالشاب الحدَث.
ومنها: أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أجلُّ من أن يفتخر بجده وابن عمه.
ومنها: أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يؤاخ عليّاً ولا غيره، وحديث المؤاخاة لعليّ، ومؤاخاة أبي بكر لعمر من الأكاذيب. وإنما آخى بين المهاجرين والأنصار، ولم يؤاخ بين مهاجريّ ومهاجريّ.
ومنها: أن هذه المناداة يوم بدر كذب.(16/103)
ومنها: أن ذا الفقار لم يكن لعليّ، وإنما كان سيفاً من سيوف أبي جهل غنمة المسلمون منه يوم بدر، فلم يكن يوم بدر ذو الفقار من سيوف المسلمين، بل من سيوف الكفّار، كما روى ذلك أهل السنن. فروى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم تنفل سيفه ذا الفَقَار يوم بدر( ).
ومنها: أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان بعد النبوة كهلاً قد تعدّى سن الفتيان.
وأما حديث أبي ذر الذي رواه الرافضي فهو موقوف عليه ليس مرفوعاً، فلا يحتج به، مع أن نقله عن أبي ذر فيه نظر، ومع هذا فحب عليّ واجب، وليس ذلك من خصائصه، بل علينا أن نحبه، كما علينا أن نحب عثمان وعمر وأبا بكر، وأن نحب الأنصار.
ففي الصحيح عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: ”آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار“( ) وفي صحيح مسلم عن عليّ رضي الله عنه أنه قال: "إنه لعهد النبي الأميّ إليّ أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق"( ).
الفصل الثاني والعشرون
الرد على القول بأن حب عليّ حسنة لا تضر معها سيئة
قال الرافضي: "ومنها ما نقله صاحب "الفردوس" في كتابه عن معاذ بن جبل عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: "حب علي حسنة لا تضر معها سيئة وبغضه سيئة لا ينفع معها حسنة".
والجواب: أن كتاب "الفردوس" فيه من الأحاديث الموضوعات ما شاء الله، ومصنفه شيرويه بن شهردار الديلمي( ) وإن كان من طلبة الحديث ورواته، فإن هذه الأحاديث التي جمعها وحذف أسانيدها، نقلها من غير اعتبار لصحيحها وضعيفها وموضوعها؛ فلهذا كان فيه من الموضوعات أحاديث كثيرة جداً.(16/104)
وهذا الحديث مما يشهد المسلم بأن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لا يقوله( )؛ فإن حب الله ورسوله أعظم من حب علي، والسيئات تضر مع ذلك. وقد كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يضرب عبد الله بن حمار في الخمر، وقال: "إنه يحب الله ورسوله"( ) وكل مؤمن فلابد أن يحب الله ورسوله والسيئات تضره. وقد أجمع المسلمون وعُلم بالاضطرار من دين الإسلام أن الشرك يضر صاحبه ولا يغفره الله لصاحبه، ولو أحب عليّ بن أبي طالب؛ فإن أباه أبا طالب كان يحبه وقد ضره الشرك حتى دخل النار، والغالية يقولون إنهم يحبونه وهم كفّار من أهل النار.
وقد قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث الصحيح: ”لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها“( ). وقد عُلم بالاضطرار من دين الإسلام أن الرجل لو سرق لقُطعت يده وإن كان يحب عليّاً، ولو زنى أقيم عليه الحد ولو كان يحب عليّاً، ولو قتل لأقيد بالمقتول وإن كان يحب عليّاً. وحب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أعظم من حب عليّ، ولو ترك رجل الصلاة والزكاة وفعل الكبائر لضرّه ذلك مع حب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فكيف لا يضره ذلك مع حب علي؟.
ثم من المعلوم أن المحبّين له الذين رأوه وقاتلوا معه أعظم من غيرهم، وكان هو دائماً يذمّهم ويعيبهم ويطعن عليهم ويتبرأ من فعلهم به، ودعا الله عليهم أن يبدله بهم خيراً منهم، ويبدلهم به شرّاً منه، ولو لم تكن إلا ذنوبهم بتخاذلهم في القتال معه ومعصيتهم لأمره – فإذا كان أولئك خيار الشيعة وعليّ يبين أن تلك الذنوب تضرهم – فكيف بما هو أعظم منها لمن هو شر من أولئك ؟!
وبالجملة فهذا القول كفر ظاهر يُستتاب صاحبه، ولا يجوز أن يقول هذا من يؤمن بالله واليوم الآخر.
وكذلك قوله: "وبغضه سيئة لا ينفع معها حسنة" فإن من أبغضه إن كان كافراً فكفره هو الذي أشقاه، وإن كان مؤمناً نفعه إيمانه وإن أبغضه.(16/105)
وكذلك الحديث الذي ذكره عن ابن مسعود أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: حب آل محمد يوماً خير من عبادة سنة، ومن مات عليه دخل الجنة وقوله عن عليّ: أنا وهذا حجة الله على خلقه – هما حديثان موضوعان عند أهل العلم بالحديث( ). وعبادة سنة فيها الإيمان والصلوات الخمس كل يوم وصوم شهر رمضان، وقد أجمع المسلمين على أن هذا لا يقوم مقامه حب آل محمد شهراً، فضلاً عن حبهم يوماً.
وكذلك حجة الله على عباده قامت بالرسل فقط. كما قال تعالى: { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } [النساء: 165]. ولم يقل: بعد الرسل والأئمة أو الأوصياء أو غير ذلك.
وكذلك قوله: "لو اجتمع الناس على حب عليّ لم يخلق الله النار" من أبين الكذب باتفاق أهل العلم والإيمان، ولو اجتمعوا على حب عليّ لم ينفعهم ذلك حتى يؤمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ويعملوا صالحاً، وإذا فعلوا ذلك دخلوا الجنة وإن لم يعرفوا عليّاً بالكلية، ولم يخطر بقلوبهم لا حبه ولا بغضه.
قال الله تعالى: { بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة: 112].
وقال تعالى: { وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } [النساء: 69].(16/106)
وقال تعالى: { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران: 133-136] فهؤلاء في الجنة، ولم يشترط عليهم ما ذكروه من حب علي.
وكذلك قوله تعالى: { إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا، إِلاّ الْمُصَلِّينَ } [المعارج: 19-22] إلى قوله: { أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ } [المعارج: 35] وأمثال ذلك، ولم يشترط حب علي.
وقد قَدِم على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عدة وفود، وآمنوا به، وآمن به طوائف ممن لم يره، وهم لم يسمعوا بذكر عليّ ولا عرفوه، وهم من المؤمنين المتقين المستحقين للجنة. وقد اجتمع على دعوى حبه الشيعة الرافضة والنصيرية والإسماعيلية، وجمهور هم من أهل النار بل مخلّدون في النار.
الفصل الثالث والعشرون
الرد على القول برد الشمس على عليّ(16/107)
قال الرافضي: "رجوع الشمس له مرتين: إحداهما: في زمن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم. والثانية: بعده. أما الأولى فروي جابر وأبو سعيد الخدري أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نزل عليه جبريل يوماً يناجيه من عند الله فلما تغشّاه الوحي توسّد فخذ أمير المؤمنين، فلم يرفع رأسه حتى غابت الشمس، فصلّى عليّ العصر بالإيماء، فلما استيقظ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال له: سل الله تعالى يرد عليك الشمس لتصلي العصر قائماً، فدعا، فرُدّت الشمس، فصلّى العصر قائماً.
وأما الثانية: فلما أراد أن يعبر الفرات ببابل اشتغل كثير من أصحابه بتعبير دوابهم، وصلَّى لنفسه في طائفة من أصحابه العصر، وفات كثير منهم، فتكلّموا في ذلك، فسأل الله رد الشمس فردت. ونظمه الحميري فقال:
رُدّت عليه الشمسُ لما فاتَهُ
وقتُ الصلاةِ وقد دنت للمَغْرِبِ
حتى تبلّجَ نورُها في وقتِها
للعصرِ ثم هَوَتْ هُوِيَّ الكوكبِ
وعليه قد رُدَّت ببابلَ مرةً
أخرى وما رُدت لخَلْقٍ مُعْرِبِ(16/108)
والجواب: أن يقال: فضل عليّ وولايته لله وعلو منزلته عند الله معلوم، ولله الحمد، من طرق ثابتة أفادتنا العلم اليقيني، لا يُحتاج معها إلى كذب ولا إلى ما لا يُعلم صدقه. وحديث الشمس له قد ذكره طائفة، كالطحاوي والقاضي عياض وغيرهما، وعدُّوا ذلك من معجزات النبي صلَّى الله عليه وسلَّم. لكن المحققون من أهل العلم والمعرفة بالحديث يعلمون أن هذا الحديث كذب موضوع، كما ذكره ابن الجوزي في كتاب "الموضوعات"( ) فرواه من كتاب أبي جعفر العقيلي في الضعفاء، من طريق عبيد الله بن موسى، عن فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن بن الحسن، عن فاطمة بنت الحُسين، عن أسماء بنت عُميس، قالت: كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُوحى إليه ورأسه في حجر عليّ فلم يصل العصر حتى غربت الشمس( )، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: صليت يا عليّ؟ قال: لا(2)، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس. فقالت أسماء: فرأيتها غربت، ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت". قال أبو الفرج( ): "هذا حديث موضوع بلا شك، وقد اضطرب الرواة فيه، فرواه سعيد بن مسعود، عن عبيد الله بن موسى، عن فضيل بن مرزوق، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن عليّ بن الحسين( )، عن فاطمة بنت علي( )، عن أسماء". قال( ): "وفضيل بن مرزوق ضعّفه يحيى، وقال أبو حاتم بن حبّان: يروي الموضوعات ويخطئ على الثقات( ). قال أبو الفرج: "وهذا الحديث مداره على عبيد الله بن موسى عنه"( ).(16/109)
قلت: والمعروف أن سعيد بن مسعود رواه عن عبيد الله بن موسى، عن فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن، عن فاطمة بنت الحسين، عن أسماء. ورواه محمد بن مرزوق، عن حسين الأشقر، عن عليّ بن عاصم، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار( )، عن عليّ بن الحسين، عن فاطمة بنت عليّ، عن أسماء، كما سيأتي ذكره. قال أبو الفرج( ): "وقد روى هذا الحديث ابن شاهين، حدثنا( ) أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي، حدثنا( ) عبد الرحمن بن شريك حدثني أبي، عن عروة بن عبد الله بن قشير قال: دخلت على فاطمة بنت عليّ بن أبي طالب فحدثتني أن أسماء بنت عميس حدثتها أن علي بن أبي طالب. وذكر حديث رجوع الشمس. قال أبو الفرج( ): "وهذا حديث باطل. أما عبد الرحمن بن شريك، فقال أبو حاتم( ): هو واهي الحديث. قال: وأنا لا أتهم بهذا الحديث إلا ابن عقدة( )، فإنه كان رافضياً يحدّث بمثالب الصحابة" "قال أبو أحمد بن عدي الحافظ سمعت أبا بكر بن أبي طالب( ) يقول: ابن عقدة لا يتدين بالحديث، كان يحمل شيوخاً( ) بالكوفة على الكذب، يسوّي لهم نسخاً، ويأمرهم أن يرووها، وقد بيّنّا ذلك منه في غير نسخة( )، *وسئل عنه الدارقطني فقال: رجل سوء. قال أبو الفرج: وقد رواه ابن مردويه من حديث داود بن فراهيج عن أبي هريرة، قال: وداود ضعيف ضعّفه شعبة"*( ).
قلت: فليس في هؤلاء من يُحتج به فيما دون هذا.
وأما الثاني ببابل فلا ريب أن هذا كذب. وإنشاد الحميري لا حجة فيه، لأنه لم يشهد ذلك، والكذب قديم، فقد سمعه فنظمه وأهل الغلو في المدح والذم ينظمون ما لا تتحقق صحته، لا سيما والحميري معروف بالغلو( ).(16/110)
وقد أخرجا في الصحيحين عن أبي هريرة قال: "غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل قد مَلَك بُضع امرأة يريد أن يبني بها ولما يبن، ولا رجل قد بنى بيتاً ولم يرفع سقفه، ولا رجل اشترى غنماً – أو خلفات – وهو ينتظر ولادها، قال: فغزوا، فدنا من القرية، حتى صلى العصر قريباً من ذلك، فقال للشمس: أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها عليّ شيئاً، فحُبست عليه حتى فتح الله عليه" الحديث( ).
فإن قيل: فهذه الأمة أفضل من بني إسرائيل، فإذا كانت قد رُدّت ليوشع، فما المانع أن ترد لفضلاء هذه الأمة ؟
فيقال: يوشع لم تُرد له الشمس، ولكن تأخر غروبها: طُوّل له النهار، وهذا قد لا يظهر للناس، فإن طول النهار وقصره لا يدرك ونحن إنما علمنا وقوفها ليوشع بخبر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم.
وأيضاً لا مانع من طول ذلك، لو شاء الله لفعل ذلك. لكن يوشع كان محتاجاً إلى ذلك، لأن القتال كان محرماً عليه بعد غروب الشمس، لأجل ما حرّم الله عليهم من العمل ليلة السبت ويوم السبت. وأما أمة محمد فلا حاجة لهم إلى ذلك، ولا منفعة لهم فيه، فإن الذي فاتته العصر إن كان مفرّطاً لم يسقط ذنبه إلا بالتوبة، ومع التوبة لا يحتاج إلى رد، وإن لم يكن مفرّطاً، كالنائم والناسي فلا ملام عليه في الصلاة بعد الغروب.
وأيضاً فبنفس غروب الشمس خرج الوقت المضروب للصلاة، فالمصلّى بعد ذلك لا يكون مصلّياً في الوقت الشرعي ولو عادت الشمس.
وقول الله تعالى: { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } [طه: 130] يتناول الغروب المعروف، فعلى العبد أن يصلّي قبل هذا الغروب، وإن طلعت ثم غربت. والأحكام المتعلقة بغروب الشمس حصلت بذلك الغروب، فالصائم يفطر، ولو عادت بعد ذلك لم يبطل صومه، مع أن هذه الصورة لا تقع لأحد، ولا وقعت لأحد، فتقريرها تقدير ما لا وجود له. ولهذا لا يوجد الكلام على حكمٍ مثل هذا في كلام العلماء المفرِّعين.(16/111)
وأيضاً فالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم فاتته العصر يوم الخندق، فصلاّها قضاءً، هو وكثير من أصحابه، ولم يسأل الله ردّ الشمس.
وفي الصحيح أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال لأصحابه بعد ذلك، لما أرسلهم إلى بني قريظة: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة" فلما أدركتهم الصلاة في الطريق قال بعضهم: لم يرد منا تفويت الصلاة فصلّوا في الطريق، فقالت طائفة: لا نصلّي إلا في بني قريظة، فلم يعنف واحدةً من الطائفتين( ).
فهؤلاء الذين كانوا مع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم صلّوا العصر بعد غروب الشمس، وليس عليّ بأفضل من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فإذا صلاّها هو وأصحابه معه بعد الغروب، فعليّ وأصحابه أولى بذلك.
فإن كانت الصلاة بعد الغروب لا تجزئ أو ناقصة تحتاج إلى رد الشمس، كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أولى برد الشمس، وإن كانت كاملةً مُجزئة فلا حاجة إلى ردها.
وأيضاً فمثل هذه القضية من الأمور العظام الخارجة عن العادة التي تتوفر الهمم والدواعي على نقلها، فإذا لم ينقلها إلا الواحد والاثنان عُلم بيان كذبهم في ذلك.
وانشقاق القمر كان بالليل وقت نوم الناس، ومع هذا فقد رواه الصحابة من غير وجه، وأخرجوه في الصحاح والسنن والمساند من غير وجه( )، ونزل به القرآن، فكيف برد الشمس التي تكون بالنهار، ولا يشتهر ذلك، ولا ينقله أهل العلم نقله مثله ؟!
ولا يعرف قط أن الشمس رجعت بعد غروبها، وإن كان كثير من الفلاسفة والطبيعيين وبعض أهل الكلام ينكر انشقاق القمر، وما يشبه ذلك، فليس الكلام في هذا المقام. لكن الغرض أن هذا من أعظم خوارق العادات في الفَلَك، وكثير من الناس ينكر إمكانه، فلو وقع لكان ظهوره ونقله أعظم من ظهور ما دونه ونقله، فكيف يُقبل وحديثه ليس له إسناد مشهور، فإن هذا يوجب العلم اليقيني بأنه كذب لم يقع.(16/112)
وإن كانت الشمس احتجبت بغيم، ثم ارتفع سحابها، فهذا من الأمور المعتادة، ولعلهم ظنوا أنها غربت، ثم كشف الغمام عنها.
وهذا وإن كان قد وقع، ففيه أن الله بيّن له بقاء الوقت حتى يصلّي فيه. ومثل هذا يجري لكثير من الناس.
وهذا الحديث قد صنّف فيه مصنّف جمعت فيه طرقه، صنّفه أبو القاسم عبد الله بن عبد الله بن أحمد الحكاني سماه "مسألة في تصحيح رد الشمس وترغيب النواصب الشمس"( ) وقال: هذا حديث رُوي عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من طريق أسماء بنت عُميس الخثعمية، ومن طريق أمير المؤمنين عليّ بين أبي طالب، ومن طريق أبي هريرة وأبي سعيد. وذكر حديث أسماء من طريق محمد بن أبي فديك. قال: أخبرني محمد بن موسى – وهو القطري – عن عون بن محمد، عن أمه – أم جعفر – عن جدتها أسماء بنت عميس أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم صلّى الظهر، ثم أرسل عليّاً في حاجة، فرجع وقد صلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، يعني العصر، فوضع رأسه في حِجر عليّ ولم يحركه حتى غابت الشمس، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: اللهم إن عبدك عليّاً في طاعتك وطاعة رسولك احتبس نفسه على نبيّه، فرد عليه شرقها. قالت أسماء: فطلعت الشمس حتى وقعت على الجبال، فقام عليّ فتوضأ وصلى العصر، ثم غابت الشمس".(16/113)
قال أبو القاسم المصنّف: "أم جعفر هذه هي أم محمد بن جعفر بن أبي طالب، والراوي عنها هو ابنها عون بن محمد بن عليّ، المعروف: أبوه محمد بن الحنفية، والراوي عنه هو محمد بن موسى المديني، المعروف بالقطري: محمود في روايته ثقة. والراوي عنه محمد بن إسماعيل بن أبي فديك المدني: ثقة. وقد رواه عنه جماعة: منهم هذا الذي ذكرت روايته، وهو أحمد بن الوليد الأنطاكي، وقد رواه عنه نفر منهم أحمد بن عمير بن حوصاء، وذكره بإسناده من طريقه، وفيه أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم صلّى الظهر بالصهباء، ثم أرسل عليّاً في حاجة، فرجع وقد صلّى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم العصر، فوضع رأسه في حِجر عليّ، فلم يحركه حتى غربت الشمس، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: اللهم إن عبدك عليّاً احتبس نفسه على نبيه، فرد عليه شرقها. قالت أسماء: فطلعت الشمس حتى وقعت على الجبال وعلى الأرض، فقام عليّ وتوضأ وصلّى العصر وذلك في الصهباء في غزوة خيبر.
قال: ومنهم أحمد بن صالح المصري، عن ابن أبي فديك، رواه أبو جعفر الطحاوي في كتاب "تفسير متشابه الأخبار" من تأليفه من طريقه.
ومنهم الحسن بن داود عن ابن أبي فديك، وذكره بإسناده، ولفظه: أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم صلّى الظهر بالصهباء من أرض خيبر، ثم أرسل عليّاً في حاجة، فرجع وقد صلّى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم العصر، فوضع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم رأسه في حِجر عليّ، فلم يحركه حتى غربت الشمس، فاستيقظ. وقال: يا علي صليت العصر؟ قال: لا. وذكره. قال: ويرويه عن أسماء فاطمة بنت الحسين الشهيد.(16/114)
ورواه من طريق أبي جعفر الحضرمي، حدثنا محمد بن مرزوق، حدثنا حسين الأشقر، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن، عن فاطمة، عن أسماء بنت عميس، قالت: نزل جبريل على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بعدما صلّى العصر، فوضع رأسه – أو خده: لا أدري أيهما قال - في حِجر عليّ، ولم يصل العصر حتى غابت الشمس" وذكره.
قال المصنف: "ورواه عن فضيل بن مرزوق جماعة، منهم عبيد الله بن موسى العبسي. ورواه الطحاوي من طريقه، ولفظه: كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُوحى إليه ورأسه في حِجر عليّ، فلم يصل العصر حتى غابت الشمس.
ورواه أيضاً من حديث عمّار بن مطر، عن فضيل بن مرزوق، من طريق أبي جعفر العقيلي صاحب كتاب "الضعفاء".
قلت: وهذا اللفظ يناقض الأول، ففيه أنه نام في حِجره من صلاة العصر إلى غروب الشمس، وأن ذلك في غزوة خيبر بالصهباء. وفي الثاني أنه كان مستيقظاً يُوحِي إليه جبريل، ورأسه في حِجر عليّ حتى غربت الشمس. وهذا التناقض يدل على أنه غير محفوظ، لأن هذا صرح بأنه كان نائماً هذا الوقت، وهذا قال: كان يقظان يُوحى إليه، وكلاهما باطل؛ فإن النوم بعد العصر مكروه منهي عنه، والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم تنام عيناه ولا ينام قلبه، فكيف تفوت عليّاً صلاة العصر ؟
ثم تفويت الصلاة بمثل هذا، إما أن يكون جائزاً، وإما أنه لا يجوز. فإن كان جائزاً لم يكن على عليّ إثم إذا صلّى العصر بعد الغروب، وليس عليّ أفضل من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم فاتته العصر يوم الخندق حتى غربت الشمس، ثم صلاّها، ولم ترد عليه الشمس، وكذلك لم ترد لسليمان لما توارت بالحجاب.
وقد نام النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ومعه عليّ وسائر الصحابة عن الفجر حتى طلعت الشمس، ولم ترجع لهم إلى الشرق.
وإن كان التفويت محرّماً، فتفويت العصر من الكبائر. وقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ”من فاتته صلاة العصر فكأنما وُتِر أهله وماله“( ).(16/115)
وعليّ كان يعلم أنها الوسطى، وهي صلاة العصر. وهو قد روي عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في الصحيحين لما قال: ”شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر، حتى غربت الشمس، ملأ الله أجوافهم وبيوتهم ناراً“( ) وهذا كان في الخندق، وخيبر بعد الخندق.
فعليّ أجلّ قدراً من أن يفعل مثل هذه الكبيرة، ويقرّه عليها جبريل ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم. ومن فعل هذا كان من مثالبه لا من مناقبه، وقد نزّه الله عليّاً عن ذلك. ثم إذا فاتت لم يسقط الإثم عنه بعود الشمس.
وأيضاً فإذا كانت هذه القصة في خيبر في البرّيّة قدّام العسكر والمسلمون أكثر من ألف وأربعمائة، كان هذا مما يراه العسكر ويشاهدونه. ومثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، فيمتنع أن ينفرد بنقله الواحد والاثنان، فلو نقله الصحابة لنقله منهم أهل العلم، كما نقلوا أمثاله، لم ينقله المجهولون الذين لا يُعرف ضبطهم وعدالتهم.
وليس في جميع أسانيد هذا الحديث إسناد واحد يثبت، تُعلم عدالة ناقليه وضبطهم ولا يعلم اتصال إسناده.
وقد قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عام خيبر: ”لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله“( ) فنقل ذلك غير واحد من الصحابة وأحاديثهم في الصحاح والسنن والمساند.
وهذا الحديث ليس في شيء من كتب الحديث المعتمدة: لا رواه أهل الصحيح ولا أهل السنن ولا المساند أصلاً، بل اتفقوا على تركه والإعراض عنه، فكيف يكون مثل هذه الواقعة العظيمة، التي هي لو كانت حقّاً من أعظم المعجزات المشهورة الظاهرة، ولم يروها أهل الصحاح والمساند، ولا نقلها أحد من علماء المسلمين وحفاظ الحديث، ولا يعرف في شيء من كتب الحديث المعتمدة !!(16/116)
والإسناد الأول رواه القطري، عن عون، عن أمه، عن أسماء بنت عميس. وعون وأمه ليسا ممن يُعرف حفظهم وعدالتهم، ولا من المعروفين بنقل العلم، ولا يُحتج بحديثهم في أهون الأشياء، فكيف في مثل هذا؟ ولا فيه سماع المرأة من أسماء بنت عميس، فلعلها سمعت من يحكيه عن أسماء فذكرته.
وهذا المصنف ذكر عن ابن أبي فديك أنه ثقة، وعن القطري أنه ثقة، ولم يمكنه أن يذكر عمن بعدهما أنه ثقة، وإنما ذكر أنسابهم ومجرد المعرفة بنسب الرجل لا تُوجب أن يكون حافظاً ثقة.
وأما الإسناد الثاني فمداره على فُضيل بن مرزوق، وهو معروف بالخطأ على الثقات، وإن كان لا يتعمّد الكذب( ). قال فيه ابن حبان: يخطئ على الثقات ويروي عن عطية الموضوعات( ) وقال فيه أبو حاتم الرازي( ): لا يحتج به. وقال فيه يحيى بن معين مرة: هو ضعيف. وهذا لا يناقضه قول أحمد بن حنبل فيه: لا أعلم إلا خيراً، وقول سفيان: هو ثقة، وقول يحيى مرة: هو ثقة فإنه ليس ممن يتعمد الكذب، ولكنه يخطئ، وإذا روى له مسلمُ ما تابعه غيره عليه، لم يلزم أن يُروى ما انفرد به، مع أنه لم يُعرف سماعه عن إبراهيم، ولا سماع إبراهيم من فاطمة، ولا سماع فاطمة من أسماء.
ولابد في ثبوت هذا الحديث من أن يعلم أن كلاًّ من هؤلاء عدل ضابط، وأنه سمع من الآخر. وليس هذا معلوماً، وإبراهيم هذا لم يرو له أهل الكتب المعتمدة – كالصحاح والسنن – ولا له ذكر في هذه الكتب، بخلاف فاطمة بنت الحسين، فإن لها حديثاً معروفاً، فكيف يُحتج بحديث مثل هذا؟ ولهذا لم يروه أحد من علماء الحديث المعروفين في الكتب المعتمدة.(16/117)
وكون الرجل أبوه كبير القدر لا يوجب أن يكون هو من العلماء المأمونين على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيما يرويه عنه. وأسماء بنت عُميس كانت عند جعفر، ثم خلف عليها أبو بكر، ثم خلف عليها عليّ، ولها من كل من هؤلاء ولد، وهم يحبون عليّاً، ولم يرو هذا أحد منهم عن أسماء. ومحمد بن أبي بكر الذي في حِجر عليّ هو ابنها ومحبته لعليّ مشهورة، ولم يرو هذا عنها.
وأيضاً فاسماء كانت زوجة جعفر بن أبي طالب، وكانت معه في الحبشة، وإنما قدمت معه بعد فتح خيبر. وهذه القصة قد ذُكر أنها كانت بخيبر. فإن كانت صحيحة كان ذلك بعد فتح خيبر، وقد كان مع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ممن شهد خيبر أهل الحديبية: ألف وأربعمائة، وازداد العسكر بجعفر وازداد العسكر ومن قَدِم معه من الحبشة، كأبي موسى الأشعري وأصحابه، والحبشة الذين قدموا مع جعفر في السفينة، وازدادوا أيضاً بمن كان معهم من أهل خيبر، فلم يرو هذا أحد من هؤلاء، وهذا مما يوجب القطع بأن هذا من الكذب المختلق.
والطعن في فضيل ومن بعده إذا تيقّن بأنهم رووه، وإلا ففي إيصاله إليهم نظر، فإن الراوي الأول من فُضيل: الحسين بن الحسن الأشقر الكوفي( ). قال البخاري: عنده مناكير. وقال النسائي وقال الدارقطني: ليس بالقوي. وقال الأزدي: ضعيف. وقال السعدي: حسين الأشقر غالٍ من الشاتمين للخِيرة. وقال ابن عدي: روى حديثاً منكراً، والبلاء عندي منه، وكان جماعة من ضعفاء الكوفة يحيلون ما يروون عنه من الحديث فيه( ).
وأما الطريق الثالث ففيه عمّار بن مطر، عن فضيل بن مرزوق. قال العُقيلي: يحدّث عن الثقات بالمناكير، وقال الرازي: كان يكذب، أحاديثه بواطل. وقال ابن عدي: متروك الحديث( ).(16/118)
والطريق الأول من حديث عبيد الله بن موسى العبسي( )، وفي بعض طرقه عن فُضيل، وفي بعضها: "حدثنا" فإذا لم يثبت أنه قال: "حدثنا" أمكن أن لا يكون سمعه، فإنه من الدعاة إلى التشيّع، الحراص على جمع أحاديث التشيع، وكان يروي الأحاديث في ذلك عن الكذابين، وهو من المعروفين بذلك. وإن كانوا قد قالوا فيه: ثقة، وإنه لا يكذب، فالله أعلم أنه هل كان يتعمد الكذب أم لا؟ لكنه كان يروي عن الكذابين المعروفين بالكذب بلا ريب. والبخاري لا يروي عنه إلا ما عُرف أنه من غير طريقه، وأحمد بن حنبل لم يرو عنه شيئاً. قال المصنف: وله روايات عن فاطمة سوى ما قدمنا( ).
ثم رواه بطريق مظلمة، يظهر أنها كذب لمن له معرفة منوطة بالحديث، فرواه من حديث أبي حفص الكتاني( )، حدثنا محمد بن عمر القاضي – هو الجعاني – حدثنا محمد بن إبراهيم بن جعفر العسكري من أصل كتابه، حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد بن سليم، حدثنا خلف بن سالم، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا سفيان الثوري، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن أمه، عن فاطمة، عن أسماء أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم دعا لعلي حتى ردت عليه الشمس.
وهذا مما لا يقبل نقله إلا ممن عُرف عدالته وضبطه، لا من مجهول الحال، فكيف إذا كان مما يعلم أهل الحديث أن الثوري لم يحدّث به، ولا حدّث به عبد الرزاق. وأحاديث الثوري وعبد الرزاق يعرفها أهل العلم بالحديث، ولهم أصحاب يعرفونها. ورواه خلف بن سالم. ولو قُدِّر أنهم رووه فأم أشعث مجهولة لا يقوم بروايتها شيء.
وذكر طريقاً ثانياً من طريق محمد بن مرزوق، حدثنا حسين الأشقر، عن عليّ بن هاشم، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن علي بن الحسين، عن فاطمة بنت عليّ، عن أسماء بنت عُميس .... الحديث.(16/119)
قلت: وقد تقدّم كلام العلماء في حسين الأشقر، فلو كان الإسناد كلهم ثقات، والإسناد متصل، لم يثبت بروايته شيء، فكيف إذا لم يثبت ذلك؟ وعليّ بن هاشم بن البريد. قال البخاري: هو وأبوه غاليان في مذهبهما. وقال ابن حبان: كان غالياً في التشيع، يروي المناكير عن المشاهير( ). وإخراج أهل الحديث لما عرفوه من غير طريقه لا يوجب أن يثبت ما انفرد به.
ومن العجب أن هذا المصنف جعل هذا والذي بعده من طريق رواية فاطمة بنت الحسين. وهذه فاطمة بنت عليّ لا بنت الحسين.
وكذلك ذكر الطريق الثالث عنها: من رواية عبد الرحمن بن شريك، حدثنا أبي، عن عروة بن عبد الله، عن فاطمة بنت عليّ، عن أسماء، عن علي بن أبي طالب، رُفع إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد أوحي إليه فجلله بثوبه، فلم يزل كذلك حتى أدبرت الشمس. يقول: غابت أو كادت تغيب، وأن نبي الله صلَّى الله عليه وسلَّم سُرِّي عنه، فقال: أصليت يا علي؟ قال: لا. قال: اللهم ردّ على عليّ الشمس فرجعت الشمس حتى بلغت نصف المسجد.
فيقتضي أنها رجعت إلى قريب وقت العصر، وأن هذا كان بالمدينة. وفي ذاك الطريق أنه كان بخيبر، وأنها إنما ظهرت على رؤوس الجبال. وعبد الرحمن بن شريك. قال أبو حاتم الرازي: هو واهي الحديث، وكذلك قد ضعّفه غيره.
ورواه من طريق رابع من حديث محمد بن عمر القاضي – وهو الجعاني – عن العباس بن الوليد عن عباد وهو الرواجني حدثنا عليّ بن هاشم، عن صباح بن عبد الله بن الحسين أبي جعفر عن حسين المقتول، عن فاطمة، عن أسماء بنت عُميس قال: كان يوم خيبر شَغَل عليّاً ما كان من قَسْم المغانم، حتى غابت الشمس أو كادت. فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: أما صليت؟ قال: لا. فدعا الله فارتفعت حتى توسطت السماء، فصلّى عليّ، فلما غابت الشمس سمعت لها صريراً كصرير المنشار في الحديد.(16/120)
وهذا اللفظ الرابع بناقض الألفاظ الثلاثة المتناقضة، وتبين أن الحديث لم يروه صادق ضابط، بل هو في نفس الأمر مما اختلقه واحد وعملته يداه، فتشبه به آخر، فاختلق ما يشبه حديث ذلك. والقصة واحدة. وفي هذا أن عليّاً إنما اشتغل بقسم المغانم لا برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم. وعليّ لم يقسم مغانم خيبر، ولا يجوز الاشتغال بقسمتها عن الصلاة، فإن خيبر بعد الخندق، سنة سبع، وبعد الحديبية، سنة ست. وهذا من المتواتر عن أهل العلم.
والخندق كانت قبل ذلك، إما سنة خمس أو أربع، وفيها أنزل الله تعالى: { حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى } [البقرة: 238]، ونُسخ التأخير بها يوم الخندق، مع أنه كان للقتال عند أكثر أهل العلم. ومن قال: إنه لم ينسخ، بل يجوز التأخير للقتال، كأبي حنيفة وأحمد – في إحدى الروايتين – فلم يتنازع العلماء أنه لم يجز تفويت الصلاة لأجل قسم الغنائم، فإن هذا لا يفوت، والصلاة تفوت.
وفي هذا أنها توسطت المسجد، وهذا من الكذب الظاهر، فإن مثل هذا من أعظم غرائب العالم، التي لو جرت لنقلها الجم الغفير. وفيه أنها لما غابت سُمع لها صرير كصرير المنشار، وهذا أيضاً من الكذب الظاهر، فإن هذا لا موجب له أيضاً، والشمس عند غروبها لا تلاقي من الأجسام ما يوجب هذا الصوت، الذي يصل من الفلك الرابع إلى الأرض. ثم لو كان هذا حقّاً لكان من أعظم عجائب العالم التي تنقلها الصحابة، الذين نقلوا ما هو دون هذا مما كان في خيبر وغير خيبر.(16/121)
وهذا الإسناد لو رُوي به ما يمكن صدقه لم يثبت به شيء، فإن عليّ بن هاشم بن البريد كان غالياً في التشيع، يروي عن كل أحدٍ يحرضه على ما يقوي به هواه، ويروى عن مثل صباح هذا، وصباح هذا لا يُعرف من هو. ولهم في هذه الطبقة صباح بن سهل الكوفي، يروي عن حصين بن عبد الرحمن. قال البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم: منكر الحديث. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال ابن حبان: يروي المناكير عن أقوام مشاهير، لا يجوز الاحتجاج بخبره.
ولهم آخر يُقال له: صباع بن محمد بن أبي حازم البجلي الأحمسي الكوفي يروي عن مرّة الهمداني. قال ابن حبان: يروي عن الثقات الموضوعات.
ولهم شخص يقال له صباح العبدي قال الرازي: هو مجهول. وآخر يُقال له: ابن مجالد، مجهول يروي عنه بقية. قال ابن عدي: ليس بالمعروف، هو من شيوخ بقية المجهولين.
وحسين المقتول: إن أريد به الحسين بن عليّ، فذلك أجلّ قدراً من أن يروي عن واحد عن أسماء بنت عميس، سواء كانت فاطمة أخته أو ابنته، فإن هذه القصة لو كانت حقّاً لكان هو أخبر بها من هؤلاء، وكان قد سمعها من أبيه ومن غيره، ومن أسماء امرأة أبيه، وغيرها، لم يروها عن بنته أو أخته، عن أسماء امرأة أبيه.
ولكن ليس هو الحسين بن عليّ، بل هو غيره، أو هو عبد الله بن الحسن أبو جعفر، ولهما أسوة أمثالهما.
والحديث لا يثبت إلا برواية مَنْ عُلِم أنه عَدْلٌ ضَابِطٌ ثقة يعرفه أهل الحديث بذلك. ومجرد العلم بنسبته لا يفيد ذلك، ولو كان من كان. وفي أبناء الصحابة والتابعين من لا يحتج بحديثه، وإن كان أبوه من خيار المسلمين.(16/122)
هذا إن كان عليّ بن هاشم رواه، وإلا فالراوي عنه عبّاد بن يعقوب الراواجني. قال: ابن حبان كان رافضياً داعية يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك، وقال ابن عدي: روى أحاديث أنكرت عليه في فضائل أهل البيت ومثالب غيرهم. والبخاري وغيره روى عنه من الأحاديث ما يعرف صحته، وإلا فحكاية قاسم المطرز عنه أنه قال: إن عليّاً حفر البحر، وإن الحسن أجرى فيه الماء، مما يقدح فيه قدحاً بيّناً( ).
قال المصنف: قد رواه عن أسماء سوى هؤلاء، ورُوي من طريق أبي العباس بن عقدة، وكان مع حفظه جمّاعاً لأكاذيب الشيعة. قال أبو أحمد بن عدي: رأيت مشايخ بغداد يسيئون الثناء عليه، يقولون: لا يتدين بالحديث، ويحمل شيوخاً بالكوفة على الكذب، ويسوي لهم نسخاً، ويأمرهم بروايتها. وقال الدارقطني: كان ابن عقدة رجل سوء( ). قال ابن عقدة: حدثنا يحيى بن زكريا، أخبرنا يعقوب بن معبد، حدثنا عمرو بن ثابت، قال سألت عبد الله بن حسن بن حسن بن عليّ عن حديث رد الشمس على عليّ: هل ثبت عندكم؟ فقال لي: ما أنزل الله في عليّ في كتابه أعظم من رد الشمس. قلت: صدقت جعلني الله فداك، ولكني أحب أن أسمعه منك. قال: حدثني عبد الله حدثني أبي الحسن، عن أسماء بنت عميس أنها قالت: أقبل عليٌّ ذات يوم وهو يريد أن يصلي العصر مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فوافق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وقد انصرف ونزل عليه الوحي، فأسنده إلى صدره، فلم يزل مسنده إلى صدره حتى أفاق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: أصليت العصر يا عليّ؟ قال: جئت والوحي ينزل عليك، فلم أزل مسندك إلى صدري حتى الساعة. فاستقبل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم القبلة وقد غربت الشمس، فقال: اللهم إن عليّاً كان في طاعتك فارددها عليه. قالت أسماء: فأقبلت الشمس ولها صرير كصرير الوحي حتى ركدت في موضعها وقت العصر، فقام عليّ متمكناً فصلّى العصر، فلما فرغ رجعت الشمس ولها صرير كصرير الرحى فلما(16/123)
غابت الشمس اخلط الظلام، وبدت النجوم.
قلت: فهذا اللفظ الخامس يناقض تلك الألفاظ المتناقضة، ويزيد الناظر بياناً في أنها مكذوبة مختلقة، فإنه ذكر فيها أنها رُدّت إلى موضعها وقت العصر، وفي الذي قبله: إلى نصف النهار، وفي الآخر: حتى ظهرت على رؤوس الجبال، وفي هذا أنه كان مسنده إلى صدره، وفي ذاك أنه كان رأسه في حجره.
وعبد الله بن الحسن لم يحدث بهذا قط، وهو كان أجلّ قدراً من أن يروي مثل هذا الكذب، ولا أبوه الحسن روى هذا عن أسماء. وفيه: ما أنزل الله في عليّ في كتابه أعظم من رد الشمس شيئاً. ومعلوم أن الله لم ينزل في عليّ ولا غيره في كتابه في ردّ الشمس شيئاً.
وهذا الحديث، إن كان ثابتاً عن عمرو بن ثابت، الذي رواه عن عبد الله( )، فهو الذي اختلقه، فإنه كان معروفاً بالكذب. قال أبو حاتم بن حِبان: يروي الموضوعات عن الأثبات. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال مَرَّةً: ليس بثقة ولا مأمون. وقال النسائي: متروك الحديث( ).
قال المصنف: وأما رواية أبي هريرة فأنبأنا عقيل بن الحسن العسكري، حدثنا أبو محمد صالح بن أبي الفتح الشناسي، حدثنا أحمد بن عمرو بن حوصاء، حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا يحيى بن يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن أبيه، قال: حدثنا داود بن فراهيج، عن عمارة بن فرو، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وذكره.. قال المصنف: اختصرته من حديث طويل.
قلت: هذا إسناد مظلم لا يثبت به شيء عند أهل العلم، بل يُعرف كذبه من وجوه، فإنه وإن كان داود بن فراهيج مضعفاً، كان شعبة يضعفه، وقال النسائي: ضعيف الحديث لا يثبت الإسناد إليه، فإن فيه يزيد بن عبد الملك النوفلي، وهو الذي رواه عنه وعن عمارة. قال البخاري: أحاديثه شبه لا شيء وضعفه جداً وقال النسائي: متروك ضعيف الحديث. وقال الدارقطني: منكر الحديث جداً. وقال أحمد: عنده مناكير. وقال الدارقطني: ضعيف.(16/124)
وإن كان حدث به إبراهيم بن سعيد الجوهري، فالآفة من هذا. وإن كان يُقال: إنه لم يثبته لا إلى إبراهيم بن سعيد الجوهري ولا إلى ابن حوصاء، فإن هذين معروفان، وأحاديثهما معروفة قد رواها عنهما الناس. ولهذا لما روى ابن حوصاء الطريق الأول كان الإسناد إليه معروفاً عنه، رواه بالأسانيد المعروفة، لكن الآفة فيه ممن بعده. وأما هذا فمن قبل ابن حوصاء لا يعرفون. وإن قدر أنه ثابت عنه، فالآفة بعده.
وذكر أبو الفرج بن الجوزي أن ابن مردويه رواه من طريق داود ابن فراهيج، وذكر ضعف ابن فراهيج، ومع هذا فالإسناد إليه فيه الكلام أيضاً.
قال المصنف: وأما رواية ابي سعيد الخدري، فأخبرنا محمد بن إسماعيل الجرجاني كتابة، أن أبا طاهر محمد بن عليّ الواعظ أخبرهم، أنبأنا محمد بن أحمد بن منعم، أنبأنا القاسم بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر، حدثني أبي، عن أبيه محمد، عن أبيه عبد الله، عن أبيه محمد، عن أبيه عمر قال: قال الحسين بن علي: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: دخلت على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فإذا رأسه في حجر عليّ، وقد غابت الشمس، فانتبه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وقال: يا عليّ صليت العصر؟ قال: لا يا رسول الله ما صليت، كرهت أن أضع رأسك من حجري وأنت وجع. فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ادع يا علي أن تُرد عليك الشمس. فقال عليّ: يا رسول الله ادع أنت أُؤَمّن. قال: يا رب إن عليّاً في طاعتك وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس. قال أبو سعيد: فوالله لقد سمعت للشمس صريراً كصرير البكرة، حتى رجعت بيضاء نقية.
قلت هذا الإسناد لا يثبت بمثله شيء، وكثير من رجاله لا يعرفون بعدالة ولا ضبط، ولا حمل للعلم، ولا لهم ذكر في كتب العلم، وكثير من رجاله لو لم يكن فيهم إلا واحد بهذه المنزلة لم يكن ثابتاً فكيف إذا كان كثير منهم – أو أكثرهم – كذلك، ومن هو معروف بالكذب، مثل عمرو بن ثابت ؟!(16/125)
وفيه: أنه كان وجعاً، وأنه سمع صوتها حين طلعت كصرير البكرة، وهذا باطل عقلاً، ولم يذكره أولئك. ولو كان مثل هذا الحديث عن أبي سعيد – عن محبته لعلي وروايته لفضائله – لرواه عنه أصحابه المعروفون، كما رووا غير ذلك من فضائل عليّ، مثل رواية أبي سعيد عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لما ذكر الخوارج، قال: "تقتلهم أولى الطائفتين بالحق" ومثل روايته أنه قال لعمار: "تقتلك الفئة الباغية". فمثل هذا الحديث الصحيح عن أبي سعيد بيّن فيه أن عليّاً وأصحابه أولى بالحق من معاوية وأصحابه، فكيف لا يروي عنه مثل هذا لو كان صحيحاً ؟!
ولم يحدث بمثل هذا الحسين ولا أخوه عمر ولا عليّ، ولو كان مثل هذا عندهما لحدث به عنهما المعروفون بالحديث عنهما، فإن هذا أمر عظيم.
قال المصنف: وأما رواية أمير المؤمنين، فأخبرنا أبو العباس الفرغاني، أخبرنا أبو الفضل الشيباني، حدثنا رجاء بن يحيى الساماني، حدثنا هارون بن مسلم بن سعيد بسامراً سنة أربعين ومائتين، حدثنا عبد الله بن عمرو الأشعث، عن داود بن الكميت، عن عمه المستهل بن زيد، عن أبي زيد بن سهلب، عن جويرية بنت مسهر، قالت: خرجت مع عليّ فقال: يا جويرية إن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان يوحى إليه ورأسه في حجري، وذكره..
قلت: وهذا الإسناد أضعف مما تقدم، وفيه من الرجال المجاهيل الذين لا يُعرف أحدهم بعدالة ولا ضبط. وانفرادهم بمثل هذا الذي لو كان عليّ قاله لرواه عنه المعروفون من أصحابه، وبمثل هذا الإسناد عن هذه المرأة – ولا يُعرف حال هذه المرأة، ولا حال هؤلاء الذين رووا عنها، بل ولا تُعرف أعيانهم، فضلاً عن صفاتهم – لا يثبت فيه شيء، وفيه ما يناقض الرواية التي هي أرجح منه، مع أن الجميع كذب، فإن المسلمين رووا من فضائل عليّ ومعجزات النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ما هو دون هذا، وهذا لم يروه أحدٌ من أهل العلم بالحديث.(16/126)
وقد صنف جماعة من علماء الحديث في فضائل عليّ، كما صنف الإمام أحمد فضائله، وصنف أبو نُعيم في فضائله، وذكر فيها أحاديث كثيرة ضعيفة، ولم يذكر هذا، لأن الكذب ظاهر عليه، بخلاف غيره. وكذلك لم يذكره الترمذي، مع أنه جمع في فضائل عليّ أحاديث، كثير منها ضعيف. وكذلك النسائي وأبو عمر بن عبد البر. وجمع النسائي مصنفاً في خصائص عليّ.
قال المصنف: وقد حكى أبو جعفر الطحاوي( ) عن عليّ بن عبد الرحمن، عن أحمد بن صالح المصري، أنه كان يقول( ): لا ينبغي لمن كان سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء في رد الشمس، لأنه من علامات النبوة( ).
قلت: أحمد بن صالح رواه من الطريق الأول، ولم يجمع طرقه وألفاظه التي تدل من وجوه كثيرة على أنه كذب. وتلك الطريق راويها مجهول عنده، ليس معلوم الكذب عنده، فلم يظهر له كذبه.
والطحاوي ليست عادته نقد الحديث كنقد أهل العلم. ولهذا روى في "شرح معاني الآثار" الأحاديث المختلفة، وإنما يرجح ما يرجحه منها في الغالب من جهة القياس الذي رآه حجة. ويكون أكثرها مجروحاً من جهة الإسناد لا يثبت، ولا يتعرض لذلك، فإنه لم تكن معرفته بالإسناد كمعرفة أهل العلم به، وإن كان كثير الحديث فقيهاً عالماً( ).
قال المصنف: وقال أبو عبد الله البصري: عود الشمس بعد مغيبها آكد حالاً فيما يقتضي نقله، لأنه وإن كان فضيلة لأمير المؤمنين، فإنه من أعلام النبوة، وهو مفارق لغيره من فضائله في كثير من أعلام النبوة.
قلت: وهذا من أظهر الأدلة على أنه كذب، فإن أهل العلم بالحديث رووا فضائل عليّ التي ليست من أعلام النبوة، وذكروها في الصحاح والسنن والمساند، رووها عن العلماء الأعلام الثقات المعروفين. فلو كان هذا مما رواه الثقات، لكانوا أرغب في روايته وأحرص الناس على بيان صحته، لكنهم لم يجدوا أحداً رواه بإسناد يعرف أهله بحمل العلم، ولا يعرفون بالعدالة والضبط، مع ما فيه من الأدلة الكثيرة على تكذيبه.(16/127)
قال: وقال أبو العباس بن عقدة، حدثنا جعفر بن محمد بن عمرو، أنبأنا سليمان بن عباد، سمعت بشّار بن دراع، قال: لقي أبو حنيفة( ) محمد بن النعمان( ) فقال: عمّن رويت حديث ردّ الشمس ؟ فقال: عن غير الذي رويت عنه يا سارية الجبل. قال المصنف: وكل هذه أمارات ثبوت الحديث.
قلت: هذا يدل على أن أئمة أهل العلم لم يكونوا يصدقون بهذا الحديث، فإنه لم يروه إمام من أئمة المسلمين. وهذا أبو حنيفة، أحد الأئمة المشاهير، وهو لا يُتهم على عليّ، فإنه من أهل الكوفة دار الشيعة، وقد لقي من الشيعة، وسمع من فضائل عليّ ما شاء الله، وهو يحبه ويتولاه، ومع هذا أنكر هذا الحديث على محمد بن النعمان. وأبو حنيفة أعلم وأفقه من الطحاوي وأمثاله، ولم يجبه ابن النعمان بجواب صحيح، بل قال: عن غير من رويت عنه حديث: يا سارية الجبل.
فيقال له: هب أن ذلك كذب، فأي شيء في كذبه مما يدل على صدق هذا. فإن كان كذلك، فأبو حنيفة لا يُنكر أن يكون لعمر وعليّ وغيرهما كرامات، بل أنكر هذا الحديث للدلائل الكثيرة على كذبه ومخالفته للشرع والعقل، وأنه لم يروه أحدٌ من العلماء المعروفين بالحديث، من التابعين وتابعيهم، وهم الذين يروون عن الصحابة، بل لم يروه إلا كذّاب أو مجهول لا يُعلم عدله وضبطه، فكيف يُقبل هذا من مثل هؤلاء ؟!
وسائر علماء المسلمين يودون أن يكون مثل هذا صحيحاً، لما فيه من معجزات النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وفضيلة عليّ، على الذين يحبونه ويتولونه، ولكنهم لا يستجيزون التصديق بالكذب، فردوه ديانة.
فهارس القسمين: الأول والثاني
من كتاب
"الإمامة في ضوء الكتاب والسنة"
فهرس الآيات القرآنية الكريمة.
فهرس الأحاديث النبوية الشريفة.
فهرس الآثار.
فهرس الأعلام.
فهرس الكتب الواردة بالمتن.
فهرس الأماكن والبلدان.
فهرس المراجع والمصادر.
أولاً: فهرس الآيات القرآنية الكريمة
الآية
رقمها
الجزء / الصفحة
في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا
10
1/165(16/128)
وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة..
30
1/50
فتلقى آدم من ربه كلمات ...
37
1/139
وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ...
43
1/20
واركعوا مع الراكعين ...
43
1/296، 300
فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ...
54
1/132
ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم ...
85
1/132
أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى ...
87
1/229
وقالوا لن يدخل الجنة ...
111
1/8
لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً ...
111-112
1/291
بلى من أسلم وجهه لله ...
112
2/202
وآتى المال على حبه ...
117
1/200
إني جاعلك للناس إماماً ...
124
1/142
واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ...
125
1/173
وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ...
143
1/277
ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً ...
165
1/162
وآتى المال على حبه ذوي القربى ...
177
1/185
يريد الله بكم اليسر ...
185
1/78
ومن الناس من يشري نفسه ...
207
1/119، 120
ويسألونك ماذا ينفقون ...
219
2/113
إن الله يحب التوابين ...
222
2/150
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ...
238
2/225
الله ولي الذين آمنوا ...
257
1/32
مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ...
261
2/53
الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ...
274
1/149، 251
فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله سورة آل عمران
279
2/41
إن الله اصطفى آدم ونوحاً
33
1/265
يا مريم اقنتي لربك واسجدي ...
43
1/21، 202
فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم ...
61
1/120، 131، 133
فقل تعالوا ندع أبناءنا وأنباءكم ...
61
2/175
ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم ...
66
1/68
وغذ أخذ الله ميثاق النبيين ...
81
1/185
لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ...
92
1/201
ضربت عليهم الذلة ...
112
1/228(16/129)
مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا ...
117
2/53
وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ...
133-136
2/202، 203
وما محمد إلا رسول ...
144
2/62
سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب ...
151
1/228
وما أصابكم يوم التقى الجمعان ...
166، 167
1/165
الذين قال لهم الناس ...
173
1/221
سورة النساء
يريد الله ليبين لكم ويهديكم ...
26، 27
1/35
ولا تقتلوا أنفسكم ...
29
1/132
إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه ...
31
1/90
والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ...
33
2/85
يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى..
43
1/260
إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات ...
58
1/297
ومن يطع الله والرسول ...
69
1/296، 2/202
يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله ...
94
1/255
فأولئك مع المؤمنين ...
146
1/296
لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ...
165
2/202
سورة المائدة
اليوم أكملت لكم دينكم ...
3
1/75، 59، 2/20
ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ...
6
1/78، 2/150
فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ...
42
2/21
ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ...
44
1/286
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود ...
51
1/22
ومن يتولهم منكم فإنه منهم ...
51
1/286
فترى الذين في قلوبهم مرض ...
52-53
1/22
يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم ...
54
1/22، 231، 239
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ...
54
1/231، 237
إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ...
55
1/5، 7، 13، 22، 305- 2/40
ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا ...
56
1/23، 35
يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك ...
67
1/36، 51، 2/20، 21، 22، 23
إنما الخمر والميسر والأنصاب ...
90
1/8
وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم ...
117
2/61(16/130)
إن تعذبهم فإنهم عبادك ...
118
2/48
سورة الأنعام
ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً ...
21
1/209
وجعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً ...
96
1/221
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره ...
125
1/79
قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً ...
145
1/88
سورة الأعراف
ربنا ظلمنا أنفسنا ...
23
1/140
قل إنما حرم ربي الفواحش ...
33
1/67
واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ...
69
2/73
إنهم أناس يتطهرون ...
82
1/87
قد افترينا على الله كذباً ...
89
1/144
وإذ أخذ ربك من بني آدم ...
172
1/319
أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل ...
173
1/320
سورة الأنفال
وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك ...
30
1/124
وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق ...
32
1/50
وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ...
33
1/50
واعلموا أنما غنمتم من شيء ...
41
1/109
هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين ...
62
1/28، 212، 213، 223
وألف بين قلوبهم ...
63
1/124، 223
يا أيها النبي حسبك الله ...
64
1/219
الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا ...
72
2/157
إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا ...
72-75
1/32
وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض ...
75
2/84
سورة التوبة
فقاتلوا أئمة الكفر ...
12
1/329
أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ...
19
1/173، 2/155، 156
الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا ...
20
1/172
اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً ...
31
1/228
إلا تنصروه فقد نصره الله ...
40
1/28، 129
ومنهم من يقول ائذن لي ...
49
1/163
ومنهم من يلمزك في الصدقات ...
58
1/163
ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله ...
59
1/22
ومنهم الذين يؤذون النبي ...
61
1/163
والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ...
71
1/32(16/131)
يحلفون بالله ما قالوا ...
74
1/165
ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله ...
75-76
1/163
والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ...
100
1/169، 2/135، 136، 151
خذ من أموالهم صدقة ...
103
1/87، 90-2/150
لمسجد أسس على التقوى من أول يوم ...
108
1/81
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ...
119
1/294
سورة يونس
ثم جعلناكم خلائف في الأرض ...
14
2/73
ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ...
62-63
1/32
ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم ...
88
2/48
فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك ...
94
1/278
سورة هود
ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم ...
34
1/79
رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ...
73
1/264
فاعبده وتوكل عليه ...
123
1/31
سورة يوسف
أيها الصديق ..
46
1/247
وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً ...
109
1/278
سورة الرعد
إنما أنت منذر ولكم قوم هاد ...
7
1/149
قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب
43
1/276
سورة إبراهيم
وقال الذين كفروا لنخرجنكم من أرضنا ...
13
1/145
فمن تبعني فإنه مني ...
36
2/48
سورة الحجر
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ...
9
1/235
إخوانا على سرر متقابلين ...
47
1/307
سورة النحل
فاسألوا أهل الذكر ...
43
1/278
سورة الإسراء
سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ...
1
2/192
وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى ...
2
1/143
ولا تقف ما ليس لك به علم ...
36
1/67
والشجرة الملعونة في القرآن ...
60
1/270
يوم ندعو كل أناس بإمامهم ...
71
1/153
وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ...
111
1/35
سورة مريم
فهب لي من لدنك ولياً ، يرثني ...
5-6
1/310
واذكر في الكتاب إبراهيم ...
41
1/247(16/132)
واذكر في الكتاب إدريس ...
56
1/247
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً ...
96
1/114، 146، 147
سورة طه
واجعل لي وزيراً من أهلي
29
1/304
رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري ...
25-32
1/7
وأشركه في أمري ...
32
1/306
وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس ...
130
2/209
سورة الأنبياء
سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم ...
60
2/187، 195
ففهمناها سليمان ...
79
2/50
ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ...
72-73
1/143
سورة الحج
ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ...
3
1/8
فاجتنبوا الرجس من الأوثان ...
30
1/88
ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء ...
31
1/228
سورة النور
لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون ...
12
1/131، 132، 133
ولولا فضل الله عليكم ورحمته ...
21
1/90
الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات ...
26
1/89
والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ...
26
1/89
في بيوت أذن الله أن ترفع ...
36-37
1/97، 98، 100
وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ...
55
2/73
سورة الفرقان
وجاهدهم به جهاداً كبيراً ...
52
1/171
وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات ...
53
1/273
وهو الذي خلق من الماء بشراً ...
54
1/292
قل ما أسألكم عليه من أجر ...
57
1/110
سورة الشعراء
وأنذر عشيرتك الأقربين ...
214
2/5، 11، 14
سورة النمل
وورث سليمان داود ...
16
1/310
أحطت بما لم تحط به ...
22
1/174
أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ...
64
1/8
سورة القصص
ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا
5-6
1/143
سنشد عضدك بأخيك ...
35
1/7
سورة العنكبوت
مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء
41
1/228
ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً
68
1/209، 217
سورة الروم(16/133)
أم أنزلنا عليهم سلطاناً فهو يتكلم ...
35
1/68
فآت ذا القربى حقه والمسكين ...
38
1/109
سورة لقمان
ألم تر أن الفلك تجري في البحر ...
31
1/189
سورة السجدة
وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا ...
24
1/143
سورة الأحزاب
من يأت منكن بفاحشة مبينة ...
30
1/87
يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة ...
30-32
1/80
إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ...
33
1/76، 78، 79، 80، 186، 2/143، 150، 167
واذكرن ما يتلى في بيوتكن ...
34
1/115
لا تدخلوا بيوت النبي ...
53
1/99
وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ...
53
1/260
إن الله وملائكته يصلون على النبي ...
56
1/262
سورة سبأ
قل ما سألتكم من أجر فهو لكم ...
47
1/110
سورة فاطر
من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً ...
10
1/35
وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ...
24
1/151، 152
ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا ...
32
1/169
سورة يس
وكل شيء أحصيناه في إمام مبين ...
12
1/270
واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية ...
13
2/53
وآية لهم أنّا حملنا ذريتهم ...
41-42
1/189
سورة الصافات
بل عجبت ويسخرون، وإذا ذكروا لا يذكرون ...
12-37
1/156، 157
وقفوهم إنهم مسؤولون ...
24
1/155
سلام على آل ياسين ...
130
1/265
أم لكم سلطان مبين، فأتوا بكتابكم ...
156-157
1/68
سورة ص
قل ما أسألكم عليه من أجر ...
86
1/109
سورة الزمر
فمن أظلم ممن كذب على الله ...
32-33
1/207-210
والذي جاء بالصدق وصدّق به ...
33
1/205، 207، 209
ليكفر الله عنهم أسوأ ما عملوا ...
35
1/207
أليس الله بكاف عبده ...
36
سورة غافر
1/222
الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان ...
35
1/68
إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا ...
51
1/24(16/134)
سورة فصلت
قل أرأيتم إن كان من عند الله ...
52
1/278
سورة الشورى
قل لا أسألكم عليه أجراً ...
23
1/103، 107
وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم، صراط الله ...
52-53
1/151
سورة الزخرف
وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم
4
1/270
واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا
45
1/184، 186
سورة الأحقاف
وشهد شاهد من بني إسرائيل ...
10
1/278
سورة محمد
ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا ...
11
1/32
ولتعرفنهم في لحن القول ...
30
1/159
سورة الفتح
لقد رضي الله عن المؤمنين ...
18
1/113 - 2/136
محمد رسول الله والذين معه أشداء ...
29
1/114 – 2/136
سورة الحجرات
يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم ...
1/260
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق ...
1/58 – 2/66
إنما المؤمنون إخوة
10
1/311
ولا تلمزوا أنفسكم
11
1/132، 133
سورة الطور
أم يقولون شاعر نتربص به ...
30
1/124
أم تسألهم أجراً فهم من مغرم ...
40
1/109
سورة النجم
والنجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم وما غوى
1 – 2
1/67، 71، 73
والنجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم ...
1 – 4
2/193
افتمارونه على ما يرى، ولقد رآه ...
12 – 14
2/193
أفرأيتم اللات والعزى .
19
2/193
إن هي إلا أسماء سميتموها ...
23
1/68
إن يتبعون إلا الظن وما تهوى ...
23
1/287
هذا نذير من النذر الأولى ...
56
1/152
سورة القمر
إلا آل لوط نجيناهم ...
34
1/264
سورة الرحمن
مرج البحرين يلتقيان، بينهما برزخ ...
19 – 22
1/269، 270، 1/274
سورة الواقعة
والسابقون السابقون، أولئك المقربون ...
10-11
1/168
سورة الحديد
لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح
10
1/27، 170، 2/136(16/135)
يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم
12
1/283
والذين آمنوا بالله ورسله ...
19
1/242، 248
سورة المجادلة
يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول
12
1/176 – 2/152
سورة الحشر
فاعتبروا يا أولي الأبصار ...
2
1/89
وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه
7
1/222
للفقراء المهاجرين الذين أخرجا من ديارهم
8
2/136
ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة
9
1/182، 183، 200
سورة الممتحنة
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم
1
1/62، 255
لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ...
1
2/41
فإن علمتموهن مؤمنات ...
10
1/298
سورة الصف
يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون
2 – 3
1/255
سورة الجمعة
مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها
5
1/321
سورة الطلاق
وأشهدوا ذَوَيْ عدل منكم ...
2
1/297
سورة التحريم
وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه ...
4
1/31، 84، 323
2/40
يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا ...
8
1/280، 283
سورة الحاقة
لما طغى الماء حملناكم في الجارية ...
11 – 12
1/189
وتعيها أذن واعية ...
12
1/188
سورة المعارج
سأل سائل بعذاب واقع، للكافرين ...
1 – 3
1/38، 49
إن الإنسان خلق هلوعاً، إذا مسه الشر ...
19 – 22
2/203
أولئك في جنات مكرمون ...
35
2/203
سورة نوح
رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً
26
2/48
سورة المدثر
قم فأنذر، وربك فكبر، والرجز ...
2 – 7
1/31
وثيابك فطهر
4
1/87
سورة الإنسان
هل أتى على الإنسان حين ...
1
1/193
ويطعمون الطعام على حبه ...
8
1/200
إنما نطعمكم لوجه الله ...
9
1/203
سورة المطففين
كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ...
15
2/50
سورة الأعلى(16/136)
قد أفلح من تزكى
14
1/90
سورة الشمس
قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها
9 – 10
1/89
سورة الليل
وسيجنبها الأتقى، الذي يؤتي ماله ...
17-21
1/27-2/106، 107، 108، 113، 151
وما لأحد عنده من نعمة تجزى ...
19
2/108، 110
سورة الشرح
فإذا فرغت فانصب، وإلى ربك فارغب
7 – 8
1/222
سورة التين
والتين والزيتون، وطور سينين، وهذا البلد الأمين
1 – 3
1/251
سورة البينة
إن الذين كفروا من أهل الكتاب ...
6
1/290
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ...
7
1/285، 288، 290
سورة المسد
تبت يدا أبي لهب وتب ..
1
2/16
ثانياً: فهرس أطراف الحديث النبوية
الجزء / الصفحة
طرف الحديث
1/82
آل محمد كل مؤمن تقي ...
1/160 – 2/198
آية الإيمان حب الأنصار ...
1/161
آية المنافق ثلاث ...
1/89
ائذنوا له مرحباً بالطيب المطيب ...
1/246
اثبت أحد فما عليك إلا نبي ...
1/76
ادعي زوجك وابنيك ...
1/110
أذكركم الله في أهل بيتي ...
2/16
أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج ...
2/17
أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبحكم ...
1/165
أربع من كن فيه كان منافقاً
1/203 – 2/164
أشبهت خَلقي وخُلُقي ...
1/153
أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم ...
2/65
أعجزتم إذا وليت من لا يقوم بأمري ...
2/67
أفتان أنت يا معاذ ؟
2/168
الحقه فرده وبلغها أنت ...
1/53
الإمامة في قريش ...
1/180
أما أنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة ...
1/264
أما علمت أنّا أهل البيت لا نأكل الصدقة ...
2/124
أما بعد أيها الناس إنما أنا بشر ...
1/181
أما صاحبكم فقد غامر فسلم ...
1/311
أنا أخوك، وبنتك حلال لي ...
1/282
أنا سيد ولد آدم ولا فخر ...
2/187، 195
أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتى ...
1/149(16/137)
أنا المنذر وعليّ الهادي ...
2/78، 134
أنا وهذا حجة الله على أمتي ...
1/208
أن تصدق وأنت صحيح شحيح ...
1/28
إن تك أحسنت فقد أحسن فلان ...
1/311-2/52، 164
أنت أخونا ومولانا
2/74
أنت أخي ووصيي وخليفتي ...
2/38
أنت مني بمنزلة هارون من موسى ...
2/164
أنت مني وأنا منك ...
1/142
انتهت الدعوة إليّ وإلى عليّ ...
1/73
انظروا إلى هذا الكوكب ...
1/324
إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء ...
1/83
إنّ آل بني فلان ليسوا لي بأولياء ...
2/162
إنّ ابني ارتحلني ...
2/139
إنّ ابني هذا سيد، وسيصلح الله به ...
2/76
إنّ أخي ووزيري وخليفتي من أهلي ...
2/122، 165
إنّ الأشعريين إذا أرملوا في السفر ...
2/157، 170
إنّ أمنّ الناس علينا في صحبته ...
1/25، 171، 179
إنّ أمنّ الناس عليّ في صحبته ...
1/84
إنّ أوليائي المتقون حيث كانوا
1/325
إنّ عبد الله رجل صالح لو كان يصلي من الليل
1/137
إنّ له مرضعاً في الجنة ...
2/173
إنّ الله تعالى جعل الأجر على فضائل عليّ ...
1/266
إنّ الله اصطفى كنانة من بني إسماعيل ...
1/268
إنّ الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ...
1/220
إنّ الله الله حرم بيع الخمر والميتة ...
1/281
إنّ الناس يصعقون يوم القيامة ...
1/197
إنّ النذر يرد ابن آدم إلى القدر ...
2/68
إنك آذيت الله ورسوله ...
1/297
إنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن
2/52
إنه مثل صاحب ياسين ...
1/326
إنه من صالحيكم، فاستوصوا به ...
2/25
إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله ...
2/112، 181
إني لأعطي رجالاً وأدع رجالاً ...
1/281
أول من يُكسى يوم القيامة ...
2/23
ألا هل بلغت ؟
1/257
أيها الناس اعرفوا لأبي بكر حقه
1/30
أيها الناس إني جئت إليكم فقلت ...
1/179
بينما راعٍ في غنمه ...(16/138)
1/178
بينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها ...
1/97
بيوت الأنبياء ...
1/285
تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة ...
1/56
تقتل عماراً الفئة الباغية ...
1/54
تكون خلافة النبوة ثلاثين سنة ...
1/63
تمرق مارقة على خير فرقة من المسلمين ...
1/227
ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ...
2/130
جاءني جبريل من عند الله بورقة خضراء ...
2/199
حب علي حسنة لا تضر معها سيئة ...
2/129
حبك إيمان وبغضك نفاق ...
2/122
الخالة أم ...
2/172
خلق الله من نور وجه عليّ سبعين ألف ملك ...
1/263
خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ...
2/50
دعه فإنه قد شهد بدراً ...
2/50
دعه فإنه يحب الله ورسوله ...
1/126
ربح البيع أبا يحيى ...
2/48
سأخبركم عن صاحبيكم ...
2/216
شغلونا عن الصلاة الوسطى ...
1/242
الصديقون ثلاثة : ...
1/246، 296
عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر
1/5
عليّ قائد البررة ...
1/103
عليّ وفاطمة وابناهما ...
2/208
غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه : ...
2/112
فإني أعطي رجالاً حديثي عهد بكفر ...
1/71
في دار من وقوع هذا النجم ...
2/166
قتل سبعة ثم قتلوه، هذا مني ...
2/125
قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده ...
1/262
قولوا: اللهم صلّ على محمد ...
1/62
كذبت، إنه شهد بدراً ...
2/87، 88، 177، 179، 217
لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ...
1/265
لقد أوتي هذا مزماراً من مزامير آل داود ...
1/57
الله أكبر على إكمال الدين ...
2/92
اللهم ائتني بأحب خلقك ...
2/182
اللهم اغفر له وارحمه وعافه ...
2/72
اللهم أنت الصاحب في السفر ...
1/77
اللهم إنّ هؤلاء أهل بيتي ...
1/76
اللهم إنّ هؤلاء أهلي حقاً ...
2/66
اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ...
2/51
اللهم إني أحبهما فأحبهما(16/139)
1/87
اللهم باعد بيني وبين خطاياي ...
1/265
اللهم صلّ على آل أبي أوفى ...
1/83
اللهم صلّ على محمد وأزواجه ...
1/263
اللهم صلّ على محمد وعلى أزواجه ...
2/144، 179
اللهم هلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس ...
1/131
اللهم هؤلاء أهلي ...
2/174
لمبارزة عليّ لعمرو بن عبد ود يوم الخندق ..
2/200
لو أن فاطمة بنت محمد سرقت ...
2/293
لو كانت عندنا ثالثة لزوجناها عثمان ...
1/30، 115، 313، 2/106
لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً ...
1/319
لو يعلم الناس متى سمي عليّ أمير المؤمنين ...
2/23
ليبلغ الشاهد الغائب ...
1/286
ليزادن رجالاً عن حوضي ...
1/180 – 2/154
ما أبقيت لأهلك ...
1/25
ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم ...
1/24، 175، 179
ما نفعني مال كمال أبي بكر ...
2/157
ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر ...
1/112
مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم ...
2/187
مررت ليلة المعراج بقوم تشرشر أشداقهم ...
1/305
مروهم بالصلاة لسبع ...
1/312
المسلم أخو المسلم ...
2/129
من أحب أن يتمسك بقصبة الياقوت ...
2/129
من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما ...
1/177
من أصبح منكم اليوم صائماً ؟
1/178
من أنفق زوجين في سبيل الله ...
1/67
من انقض هذا النجم في منزله ...
1/254
من بدل دينه فاقتلوه ...
2/172
من زعم أنه آمن بي وبما جئت به ...
2/114
من عمل عملاً ليس عليه أمرنا ...
2/216
من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله ...
2/117، 142، 1/37، 48، 61، 2/26، 39، 42
من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده ...
2/134
من مات وهو يبغضك مات يهوداً ...
2/134
من ناصب علياً الخلافة فهو كافر ...
1/44
من وسع على عياله يوم عاشوراء ...
1/183
من يضيفه هذه الليلة رحمه الله ؟...
2/190
ناد أصحاب السمرة ...
1/122(16/140)
نم على فراشي واتشع ببردي هذا ...
1/5
هذا أمير البررة ...
1/200
هذا خير لك من خادم ...
1/314
هذان سيدا كهول أهل الجنة ...
2/165
هل تفقدون من أحد ...
1/81
هو مسجدي هذا ...
2/165
هو مني وأنا منه ...
1/84
وددت أني رأيت إخواني ...
1/311 – 2/119
وددت أني قد رأيت إخواني ...
2/25
وعترتي أهل بيتي ...
1/261
وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ...
1/311
ولكن أخوة الإسلام ...
1/307
والذي بعثني بالحق نبياً ...
1/312
والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى ...
1/110
والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى ...
2/173
والذي نفسي بيده لا يزول قدم عبد ...
2/72
والله خليفتي على كل مسلم ...
2/11
وهل ترك لنا عقيل من دار ؟...
1/134
وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ؟
2/120
ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار ...
1/215
لا تجيبوه
1/287
لا ترجعوا بعدي كفاراً ...
1/64
لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ...
1/26، 204، 2/66
لا تسبوا أصحابي ...
1/312
لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ...
1/160
لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله ...
1/61، 62، 2/51
لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة ...
1/64
لا يزال أهل الغرب ظاهرين حتى ...
2/210
لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة ...
2/79
لا يقتسم ورثتي ديناراً ...
1/182
لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمهم غيره .
2/63
يا أنيس اغد على امرأة هذا ...
2/67
يا أيها الناس إذا أمَّ أحدكم فليخفف ...
2/5
يا بني عبد المطلب إن الله بعثني بالحق ...
2/14
يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم ..
2/16
يا صباحاه ...
1/88
يا عائشة إن كنت بريئة فسيبرئك الله ...
1/199، 124
يا عليّ اتشح ببردي الحضرمي ...
1/188
يا عليّ إن الله أمرني أن أدنيك ...
1/146(16/141)
يا عليّ قل: اللهم اجعل لي عندك عهداً ...
2/15
يا معشر قريش اشتروا أنفسكم ...
1/290 – 2/179
يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ...
ثالثاً: فهرس الآثار
الجزء / الصفحة
القائل
الأثر
1/204
عمر بن الخطاب
أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا
2/87
الأشعري
أجمعت الخوارج على كفر عليّ
2/81
ابن المبارك
الإسناد من الدين، لولا الإسناد ...
2/110
أبو بكر الصديق
امصص بظر اللات
1/115
سعيد بن جبير
أن لا تؤذوا محمداً في قرابته
1/313
عمر بن الخطاب
أنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
2/110
أبو بكر الصديق
إن خليلي أمرني أن لا أسأل الناس شيئاً
1/140
عبد الله بن عباس
إنما نزلت في علي لما هرب
1/160-2/198
علي بن أبي طالب
إنه لعهد النبي الأميّ إليّ
1/21
عبادة بن الصامت
إني يا رسول الله أتولى الله ورسوله
1/42
عبد الرحمن بن مهدي
أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم
1/280
عبد الله بن عباس
أول من يكسى من حلل الجنة
1/164
عبد الله بن مسعود
أيها الناس حافظوا على هؤلاء الصلوات
1/115
عمر بن الخطاب
بل أنت سيدنا وخيرنا وأحبنا
2/115
علي بن أبي طالب
خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر
1/314
علي بن أبي طالب
خيرة هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر
1/295
كعب بن مالك
فقام إليّ طلحة يهرول فعانقني
2/87
عمر بن الخطاب
فما أحببت الإمارة إلا يومئذ
1/222
عبد الله بن عباس
قالها إبراهيم حين ألقي في النار
1/309
أنس بن مالك
قد حالف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بين قريش والأنصار ...
1/17
عبد الله بن عباس
كل من آمن فقد تولى الله
2/90
عبد الله بن عمر
كنا نفاضل على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
1/315
الشافعي
لم يختلف أحد من الصحابة والتابعين في تفضيل أبي بكر وعمر
1/283(16/142)
عبد الله بن عباس
ليس أحد من المسلمين إلا يُعطى نوراً
2/90
الشافعي
ما اختلف أحد من الصحابة والتابعين في تفضيل أبي بكر وعمر
2/121
علي بن أبي طالب
ما خلفت أحداً أحب إليّ أن ألقى الله ...
1/162
جابر
ما كنا نعرف المنافقين على عهد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلا...
2/109
ابن الدغنة
مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يُخرج
1/212
أبو هريرة
مكتوب على العرش لا إله إلا الله
1/52
عائشة
من زعم أن محمداً كتم شيئاً ...
2/67
أبو ذر
من عرفني فقد عرفني ...
1/17
عبد الله بن عباس
نزلت في أبي بكر ...
1/11
السدي
هؤلاء جميع المؤمنين
1/17
أبو جعفر محمد بن علي
هم الذين آمنوا
2/66
سعد بن عبادة
اليوم يوم الملحمة
رابعاً: فهرس الأعلام الواردة
الجزء / الصفحة
العلم
1/139، 140، 141، 196، 321، 2/132
آدم
1/14، 17، 40، 196، 2/6
ابن أبي حاتم
1/317
ابن أبي ذئب
1/317
ابن أبي ليلى
2/45
ابن أم مكتوم
1/196، 232، 317
ابن جريج
1/316 – 2/6، 7 ،9
ابن جرير
2/18
ابن حبان
1/15، 196
ابن حميد
1/276
ابن الحنفية
1/233
ابن الخطيب
1/54
ابن الزبير
1/238
ابن سبأ
1/292
ابن سيرين
1/319
ابن شيرويه الديلمي الهمذاني
1/67، 256، 274، 228، 299، 300، 305
ابن عباس
1/321
ابن عربي الطائي
1/199
ابن عقب
2/207، 228
ابن عقدة
1/299، 325
ابن عمر
1/317
ابن عيينة
1/39، 317
ابن المبارك
1/136، 142، 267
ابن مسعود
1/7، 10، 18، 67، 70، 139، 142، 168، 242، 2/17
ابن المغازلي الواسطي الشافعي
2/137
ابن ملجم
1/14
ابن المنذر
1/317
ابن وهب
2/73
أبان بن سعيد بن العاص
1/137، 143، 144، 222
إبراهيم بن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
1/317
إبراهيم الحربي
1/39
أبو أحمد بن عدي(16/143)
1/40
أبو بكر البزار البصري
1/207
أبو بكر الخلال
1/23، 24، 25، 28، 29، 30، 31، 34، 37، 42، 46، 54، 94، 95، 97، 100، 104، 113، 155، 117، 120، 121، 228، 129، 136، 147، 148، 157، 158، 170، 171، 175، 177، 178، 179، 180، 181، 182، 185، 187، 189، 191، 204، 206، 207، 213، 215، 216، 231، 232، 233، 235، 236، 237، 239، 246، 250، 254، 257، 258، 259، 269، 270، 277، 279، 283، 284، 293، 294، 298، 303، 309، 313، 314، 315، 316، 317، 318، 323، 324، 326، 2/48، 51، 53، 57، 60، 61، 63، 69، 70، 87، 89، 90، 104، 107، 108، 109، 111، 116، 119، 120، 127، 144، 145، 149، 154، 157، 158، 177
أبو بكر الصديق
1/74
أبو بكر العطار
1/104، 105، 106، 243
أبو بكر القطيعي
1/196
أبو بكر بن المنذر
1/207
أبو بكر عبد العزيز بن جعفر
1/316
أبو ثور
1/82، 104
أبو جعفر محمد بن علي
1/122
أبو جهل بن هشام
1/39، 308، 2/17
أبو حاتم
1/39، 317، 2/17
أبو داود
1/309 – 2/84
أبو الدرداء
1/127، 190، 263
أبو ذر جندب
1/39 – 2/17، 18
أبو زرعة
2/12
أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب
1/215، 2/63، 120، 191
أبو سفيان بن حرب
1/317
أبو سليمان الداراني
1/71
أبو صالح
1/152
أبو الضحى
1/162، 2/5، 10، 11
أبو طالب بن عبد المطلب
2/18
أبو عبد الله بن منده
1/39، 317
أبو عبيد
1/61
أبو الغادية
2/18
أبو الفتح الأزدي
2/19
أبو القاسم بن عساكر
1/74
أبو قضاعة
1/167
أبو لؤلؤة
2/10، 11، 12، 14، 16
أبو لهب
1/98
أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي
1/56، 232، 237، 2/63
أبو موسى
1/10، 38، 42، 51، 57، 58، 70، 189، 285
أبو نعيم
1/40
أبو يعلى الموصلي
1/141
أبو يوسف
1/47، 136
أبيّ بن كعب(16/144)
1/15، 39، 40، 44، 54، 58، 63، 64، 82، 104، 106، 196، 242، 243، 267، 315، 2/18
أحمد بن حنبل
1/40
أحمد بن منيع
1/70 – 2/175
أخطب خوارزم
2/14
الأرقم بن أبي الأرقم
1/258، 326، 2/51، 52
أسامة بن زيد
1/15، 39، 58، 186، 267، 316، 2/17
إسحاق بن راهويه
2/218، 219، 220، 227
أسماء بنت عميس
1/48
أسماء بنت يزيد بن السكن
1/266
إسماعلي
1/29
أسيد بن حضير
1/118، 264
الأشتر النخعي
1/47، 48، 259، 2/143
أم سلمة
1/137، 262، 293
أم كلثوم بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
2/162
أمامة بنت أبي العاص بن الربيع
2/92
أنس بن مالك
1/316، 317، 1/37
الأوزاعي
1/39، 233، 234، 235، 317، 2/17، 18
البخاري
1/258
بريرة
2/44، 58
بشير بن عبد المنذر
1/13، 2/6، 7، 9، 17، 18
البغوي
1/14، 196
بقي بن مخلد
1/204، 2/80
بلال
1/257
بنت أبي جهل
2/88، 181، 1/5، 10، 16، 36، 39، 42، 47، 70، 97، 106، 119، 189، 194، 231، 2/17، 18
ثابت بن قيس
1/74
ثوبان
1/287
الجاحظ
1/119، 124، 125، 126، 193، 2/130، 146، 184
جبريل
1/85، 134، 203، 263، 267، 279، 2/11، 14، 164، 183
جعفر بن أبي طالب
2/165، 166
جليبيب
1/317
الجنيد
1/262، 2/10، 12
الحارث بن عبد المطلب
1/37، 48، 49، 1/62، 255، 2/50
الحارث بن النعمان الفهري
1/242
حبيب بن موسى النجار
1/264
الحجاج بن يوسف
1/44، 267
حرب الكرماني
1/242
حزقيل
1/137
حسان بن ثابت
1/231، 232
الحسن البصري
1/316
الحسن بن صالح بن حيّ
1/18، 76، 81، 85، 111، 116، 130، 131، 134، 135، 137، 139، 141، 143، 165، 190، 192، 193، 196، 197، 199، 264، 269، 270، 272، 327، 2/40، 51، 138، 139، 143، 150
الحسن بن عليّ
162، 183
الحسين بن الحسن الأشقر الكوفي(16/145)
2/220، 1/18، 76، 77، 81، 85، 111، 116، 130، 131، 134، 135، 137، 139، 141، 143، 147، 165، 190، 192، 193، 196، 197، 199، 269، 270، 272، 2/40، 138، 39، 143، 150، 183
الحسين بن عليّ
1/293
حفصة بنت عمر
1/47، 267، 2/10، 14
حمزة بن عبد المطلب
1/317
حماد بن زيد
1/317
حماد بن سلمة
1/267
الحميدي
1/48
خارجة
2/63
خالد بن سعيد بن العاص
1/31، 2/167
خديجة
1/174
الخضر
1/44
خيثمة بن سليمان الأطرابلسي
1/39، 140، 253، 2/18
الدارقطني
1/315
داود
1/5
الذهبي
1/74
ذو النون المصري
1/239
ذو رعين
1/239
ذوعمرو
1/239
ذو كلاع
2/12
ربيعة بن الحارث
1/137، 262، 293
رقية بنت محمد صلَّى الله عليه وسلَّم
1/254
الزبير بن بكار
1/29، 62، 136، 157، 171، 216، 217، 255، 2/188، 189، 190
الزبير بن العوام
1/253
زكريا بن يحيى الكسائي
1/99 – 2/18
الزمخشري
1/309
زيد بن أبي أوفى
1/83
زيد بن أرقم
1/31، 311، 2/52، 164
زيد بن حارثة
1/137
زينب بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
1/236
سجاح
1/317
السري السقطي
1/29، 130، 157، 217، 2/174، 188، 189
سعد بن أبي وقاص
1/309 – 2/84
سعد بن الربيع
1/317
سعد بن سالم
2/65
سعد بن عباده
1/29 – 2/194
سعد بن معاذ
1/196، 317
سعيد بن أبي عروبة
1/317
سعيد بن عبد العزيز
1/267
سعيد بن منصور
1/39، 271، 299، 315، 317
سفيان
1/190، 278، 209، 2/84
سلمان الفارسي
1/74
سليمان بن أحمد
2/9
سماك بن حرب
1/63، 190، 309، 2/83
سهل بن حنيف
1/317
سهل بن عبد الله التستري
1/137
سيرين
1/39، 63، 82، 299، 315
الشافعي ( الإمام )
1/317
الشافعي بن حنبل
1/317
شريك بن عبد الله
1/39، 58، 299، 2/17
شعبة
2/192
شقران
2/155(16/146)
شيبة بن عثمان بن أبي طلحة
2/15
صفية عمة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
1/199
صلاح الدين
1/126، 127، 128
صهيب أبو يحيى
1/17، 232، 274
الضحاك
2/11
طالب بن أبي طالب
1/29، 62، 121، 136، 157، 216، 217، 295، 2/162، 188، 189
طلحة ( بن عبد الله )
2/155
طلحة بن شيبة
1/236
طليحة الأسدي
1/258، 293
عائشة بنت أبي بكر
1/327
عباد بن يعقوب
1/21
عبادة بن الصامت
1/134، 262، 2/10، 12، 60
العباس بن عبد المطلب
1/15
عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم
1/152
عبد الرحمن بن زيد
1/29، 209، 2/84، 188، 189
عبد الرحمن بن عوف
1/39، 58، 317، 2/17
عبد الرحمن بن مهدي
1/16، 196
عبد الرزاق
2/14
عبد شمس
1/317
عبد العزيز بن الماجشون
2/9
عبد الغفار بن القاسم بن فهد أبو مريم الكوفي
2/148
عبد الله بن إباض
1/21
عبد الله بن أبي
1/34
عبد الله بن جحش
2/88، 181
عبد الله بن حمار
2/88، 181
عبد الله بن الزبير
1/276، 278، 2/181
عبد الله بن سلام
1/309
عبد الله بن شرحبيل
2/10
عبد الله بن عبد القدوس
1/308
عبد المؤمن بن عباد
2/14
عبد مناف
2/11، 12
عبيد الله بن العباس
1/267
عبيدة بن الحارث
2/63
عتاب بن اسيد
2/12
عتبة بن أبي لهب
1/23، 24، 25، 29، 42، 46، 54، 93، 94، 95، 100، 104، 113، 116، 117، 129، 136، 157، 171، 182، 185، 189، 207، 213، 225، 226، 237، 239، 246، 250، 254، 269، 270، 279، 283، 286، 293، 294، 298، 315، 316، 2/44، 48، 90، 104، 109، 116، 145، 146، 149، 188، 189
عثمان بن عفان
1/39
العجلي
2/52
عروة بن مسعود
1/263 – 2/11
عقيل بن أبي طالب
1/152
عكرمة
1/61، 62، 63، 89، 190، 263
عمار بن ياسر(16/147)
1م23، 34، 37، 42، 46، 54، 58، 94، 95، 97، 100، 104، 113، 115، 117، 128، 129، 147، 148، 157، 158، 160، 167، 171، 173، 179، 180، 181، 185، 187، 189، 191، 204، 207، 213، 215، 216، 217، 232، 233، 237، 239، 246، 250، 254، 258، 259، 269، 270، 277، 279، 283، 284، 293، 294، 298، 309، 314، 315، 318، 323، 324، 326، 2/20، 48، 50، 51، 53، 57، 61، 69، 70، 86، 87، 90، 104، 107، 109، 111، 116، 119، 120، 127، 144، 145، 149، 154، 177.
عمر بن الخطاب
1/267
عمران بن حصين الخزاعي
2/147
عمران بن حطان
2/182
عمرو بن تغلب
1/140
عمرو بن ثابت
1/244، 245
عمرو بن جميع
1/317
عمرو بن الحارث
1/48
عمرو بن العاص
2/174، 186
عمرو بن عبد ود
2/194
عيينة بن حصن
1/28، 76، 77، 81، 95، 97، 103، 111، 116، 130، 131، 134، 135، 137، 139، 141، 192، 193، 196، 197، 198، 199، 200، 201، 202، 203، 260، 261، 263، 269، 272، 273، 2/14، 15، 40، 80، 143، 150، 183
فاطمة بنت محمد صلَّى الله عليه وسلَّم
1/274
الفراء
1/192، 199، 200
فضة (ادعي أنها جارية فاطمة )
2/11، 12
الفضل بن العباس
1/317
الفضيل بن عياض
2/218، 220
فضيل بن مرزوق
1/327
قاسم بن زكريا المطرز
1/152، 231، 232، 274
قتادة
2/11
قثم بن العباس
1/127
قنفذ بن عمير بن جدعان
2/194
كرز بن جابر الفهري
1/278
كعب الأحبار
2/14
كعب بن لؤي
1/295
كعب بن مالك
1/71، 72
الكلبي
1/316، 317
الليث
1/144
لوط
1/137
مارية القبطية
1/39، 58، 63، 140، 299، 299، 315، 316
مالك بن أنس
1/74
مالك النهشلي
1/205، 206، 231، 274
مجاهد
1/196
محمد بن أسلم الطوسي
1/14، 196
محمد بن جرير الطبري
1/317
محمد بن الحسن
2/45
محمد بن سعد
1/122
محمد بن كعب القرظي
1/71(16/148)
محمد بن مروان السدي
1/63
محمد بن مسلمة
2/17
محمد بن يحيى الذهلي
1/264
المختار بن أبي عبيد
2/86
مرحب
2/14
مرة بن كعب
1/247،
مريم
1/39، 233، 234، 235، 2/17، 18
مسلم
1/317
مسلم بن خالد
1/213، 236، 2/138
مسيلمة الكذاب
1/29 – 2/190
مصعب
1/13، 76، 77، 78
مطر بن ميمون
1/136، 2/63، 67
معاذ بن جبل
1/45، 48، 54، 56، 63، 65، 224، 328، 2/19، 93، 139، 146، 174
معاوية بن أبي سفيان
1/317
معروف الكرخي
2/12
مغيث بن أبي لهب
1/190، 263، 267
المقداد بن الأسود الكندي
1/137، 187
المقوقس
1/119، 124، 125، 126
ميكائيل
1/140
المنصور ( الخليفة )
2/147
نافع بن الأزرق
2/148
نجدة الحروري
1/39، 2/17، 18، 19
النسائي
1/10، 16، 38، 39، 42
النقاش
1/199
نور الدين
1/216
هبل
1/12، 13، 16، 39، 98، 194، 2/6، 18
الواحدي
1/39، 317
وكيع بن الجراح
2/62، 65
الوليد بن عقبة بن أبي معيط
1/39، 40، 58، 299، 2/17
يحيى بن سعيد القطان
1/39، 40، 140، 253، 2/17، 18
يحيى بن معين
1/308
يزيد بن معن
1/40
يعقوب بن سفيان
1/145
يوسف عليه السلام
1/168
يوشع بن نون
ثالثاً: فهرس الكتب الواردة في المتن
الجزء / الصفحة
المؤلف
اسم الكتاب
2/104
الحاكم
الأربعين
1/51
ابن عبد البر
الاستيعاب
1/40
البخاري
تاريخ البخاري
1/44
ابن عساكر
تاريخ دمشق
1/196
ابن جريج
تفسير ابن جريج
2/6، 7
ابن جرير
تفسير ابن جرير
2/6، 7
البغوي
تفسير البغوي
1/196
بقي بن مخلد
تفسير بقي بن مخلد
1/146، 188، 192، 269، 270، 276، 292، 2/6، 7، 18، 75، 127
الثعلبي
تفسري الثعلبي
2/214
أبو جعفر الطحاوي
تفسير متشابه الأخبار
2/7
الواحدي
تفسير الواحدي
1/51
البكري
تنقلات الأنوار(16/149)
1/127
أبو الحسن الدارقطني
ثناء الصحابة على القرابة وثناء القرابة على الصحابة
1/195
الترمذي
جامع الترمذي
1/172، 176، 2/143
أبو الحسن رزين بن معاوية الأندلسي
الجمع بين الصحاح الستة
1/42، 213
أبو نعيم
الحلية
1/195
أبو نعيم
الخصائص
1/243
أبو داود
سنن أبي داود
2/38
الأثرم
سنن الأثرم
1/121
ابن إسحاق
السيرة
1/98
أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي
شرح السنة
2/234
الطحاوي
شرح معاني الآثار
1/140
القاضي عياض
الشفا
2/215
أبو جعفر العقيلي
الضعفاء
1/40
ابن سعد
الطبقات
1/104، 106، 2/131
ابن سعد
الطرائف في الرد على الطوائف
2/18
يحيى القطان
العلل وأسماء الرجال
104، 106
ابن البطريق
العمدة
1/149، 155، 1/242، 319، 2/199
شيرويه بن شهردار الديلمي
الفردوس "فردوس الأخبار"
1/213 – 2/74
أبو نعيم
فضائل الصحابة
1/253، 2/127، 130، 159
أحمد بن حنبل
فضائل الصحابة
2/212
أبو القاسم عبد الله بن عبد اله بن أحمد الحكاني
مسألة في تصحيح رد الشمس وترغيب النواصب الشمس
1/104، 105، 243، 307، 308، 320
أحمد بن حنبل
مسند أحمد
1/98
أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي
المصابيح
1/267
القاضي أبو يعلى
المعتمد
2/87
الأشعري
مقالات الإسلاميين
2/90
البيهقي
مناقب الشافعي
1/70، 139، 2/75، 132
أبو الفرج بن الجوزي
الموضوعات
1/320
الإمام مالك
الموطأ
1/93
الإمام مالك
نهج البلاغة
سادساً: فهرس الأماكن والبلدان
الجزء / الصفحة
المكان أو البلد
1/37، 48
الأبطح
1/47، 215، 217، 246
أحد
1/122
الأردن
1/47، 62، 126، 196، 203، 217، 2/46، 50
بدر
1/254، 317
البصرة
1/65
البيرة
1/295، 2/44، 45، 46، 49، 195
تبوك
2/11، 138، 220
الحبشة
1/225، 2/49
الحجاز
1/62، 170، 2/21، 45(16/150)
الحديبية
1/65
حران
1/218، 2/12
حنين
1/225
خراسان
1/218، 2/11، 21، 46، 86، 215، 216، 217
خيبر
1/65
الرَّقَّة
2/12
الزرقاء من الشام
1/65
سميساط
1/217، 225، 317، 2/49
الشام
2/15، 16
الصفا
2/137
صفين
2/12، 24
الطائف
1/251
طور سينا – طورسينين
1/127
الظهران
1/225
العراق
1/59، 2/20، 21
عرفة
1/37، 48، 50، 57، 75، 110، 2/20، 21، 22، 25، 26
غدير خم
1/251
فاران
1/217
القادسية
1/81
قباء
1/134
مؤتة
1/73، 74، 119، 120، 125، 126، 213، 2/23، 54، 45، 46، 49، 55، 56، 70، 195
المدينة
1/199، 217، 225، 317
مصر
1/225
المغرب
1/47
مقابر دمشق
1/49، 50، 65، 71، 73، 74، 75، 125، 126، 215، 218، 251، 255، 304، 305، 317، 2/10، 11، 23، 24، 36، 49، 63، 108، 138، 192
مكة
1/236
نجد
2/63
نجران
1/48
النجف
1/236
اليمامة
1/215، 218، 225، 231، 232، 237، 239، 2/24، 56، 63، 70
اليمن
فهرس المراجع
( أ )
الإبانة عن أصول الديانة، لأبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، ط. المنيرية، بدون تاريخ.
طبعة أخرى: تحقيق الدكتورة فوقية حسين محمود، ط. دار الأنصار، القاهرة، 1397/ 1977 .
إبراهيم بن سيار النظَّام، تأليف الدكتور محمد عبد الهادي أبو ريدة، القاهرة، 1365/ 1946.
ابن الجوزي وآراؤه الكلامية والأخلاقية، ( رسالة ماجستير )، للدكتورة آمنة محمد نصير.
ابن عربي، لآسين بلاثيوس، ترجمة الدكتور عبد الرحمن بدوي، ط. الأنجلو، القاهرة، 1965 .
ابن الفارض والحب الإلهي، تأليف الدكتر محمد مصطفى حلمي، القاهرة، 1364/ 1945.
أبو بكر الصديق، تأليف الأستاذ علي الطنطاوي، الطبعة الثانية، ط. المطبعة السلفية، القاهرة، 1372.
أبو الهذيل العلاف، تأليف الأستاذ علي مصطفى الغرابي، القاهرة، 1949.(16/151)
الاتحافات السنية في الأحاديث القدسية، للشيخ محمد المدني، ط. حيدر آباد، 1158 .
الآثار الباقية عن القرون الخالية، للبيروني، ط. ألمانيا 1878 .
الأحكام السلطانية، لأبي الحسن الماوردي، القاهرة، 1298.
الإحكام في أصول الأحكام، للآمدي، ط. دار الكتب المصرية، 1332/ 1914 .
إحياء علوم الدين، لأبي حامد الغزالي، نشر الثقافة الإسلامية، القاهرة، 1356- 1357 .
أخبار الرجال، لمحمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي، بمبئ محلة جبور كلى، إيران، 1317.
الأخبار الطوال، الدينوري، تحقيق الأستاذ عبد المنعم عام، مراجعة الدكتور جمال الدين الشيال، ط. وزارة الثقافة، القاهرة، 1960 .
إخبار العلماء بأخبار الحكماء، لعلي بن يوسف القفطي.
أخبار عمر، للأستاذين: علي وناجي الطنطاوي، ط. دمشق، 1379/ 1959 .
إخوان الصفا، للدكتور جبور عبد النور، في سلسلة نوابغ الفكر العربي، ط. المعارف، القاهرة، 1954.
إخوان الصفا، للأستاذ عمر الدسوقي، ط. عيسى الحلبي، القاهرة 1366/ 1947.
الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، لإمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني، تحقيق الدكتور محمد يوسف موسى، والأستاذ علي عبد المنعم عبد الحميد، ط. الخانجي، القاهرة، 1369/ 1950 .
الاستقامة، لابن تيمية، تحقيق الدكتور محمد رشال سالم، ط. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، 1404/ 1983.
الاستيعاب في أسماء الأصحاب، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي، على هامش الإصابة لابن حجر، ط. المكتبة التجارية، القاهرة، 1358/ 1939.
أسد الغابة في معرفة الصحابة، لعز الدين علي بن محمد بن الأثير الجزري، ط. دار الشعب، القاهرة، 1390/ 1970.
الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة، لعلي القاري، تحقيق الدكتور محمد الصباغ، ط. بيروت، 1391/ 1971.(16/152)
الأسماء والصفات، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق الشيخ محمد زاهد الكوثري، ط. السعادة، القاهرة، 1358.
الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر العسقلاني، ط. المكتبة التجارية، القاهرة، 1358/1939.
اصطلاحات الصوفية، لابن عربي، (رسالة مطبوعة مع كتاب "التعريفات" للجرجاني)، ط. مصطفى الحلبي، 1357/ 1938.
اصطلاحات الصوفية، للقاشاني، تحقيق الدكتور محمد كمال جعفر، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1981.
أصول الدين، لعبد القاهر بن طاهر البغدادي، استانبول، 1346/ 1928.
أصول الفلسفة الإشراقية، تأليف الدكتور محمد علي أبو ريان، ط. مكتبة الأنجلو، القاهرة، 1959.
الأصول من الكافي، لأبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني، ط. طهران، 1381.
اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، لفخر الدين محمد بن عمر الرازي تحقيق الدكتور علي سامي النشار، نشر مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1356/ 1938.
الأعلام، تأليف خير الدين الزركلي، الطبعة الثانية، القاهرة، 1373-1378.
أعيان الشيعة، للعاملي ( محسن الأمين الحسيني )، ط. مطبعة ابن زيدون، دمشق، 1356/ 1937.
اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم، لابن تيمية، تحقيق الدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل، ط. الرياض، 1404.
الإكمال، لابن ماكولا، ط. حيدر آباد، 1381/ 1962.
الأم، للشافعي، تصحيح الشيخ محمد زهري النجار، ط. القاهرة، 1381/ 1961.
أمالي المرتضى ( غرر الفوائد ودرر القلائد )، تأليف علي بن الحسين الموسوي العلوي، تحقيق الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم، ط. دار إحياء الكتب العربية، القاهرة 1954.
إمتاع الأسماع، لتقي الدين أحمد بن علي المقريزي، تحقيق الأستاذ محمود محمد شاكر، ط. لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، 1941.
الإمتاع والمؤانسة، لأبي حيان الوحيدي، ط. لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، 1942.(16/153)
الأموال، لأبي عبيد القاسم بن سلام، تحقيق الشيخ محمد خليل هراس، ط. مكتبة الكليات الأزهرية، 1389/ 1969.
إنباه الرواة على أنباه النحاة، لأبي الحسن علي بن يوسف القفطي، تحقيق الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم، ط. دار الكتب المصرية، القاهرة، 1369/ 1950.
الانتصار والرد على ابن الراوندي الملحد، لأبي الحسن عبد الرحيم بن محمد بن عثمان الخياط، تحقيق نيبرج، ط. دار الكتب المصرية، القاهرة، 1925.
الأنساب، لتاج الإسلام عبد الكريم بن محمد بن أبي المظفر التميمي السمعانين ط. مرجليوث، وحيدر آباد.
الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به، للقاضي أبي بكر محمد بن الطيب الباقلاني، تحقيق الشيخ محمد زاهد الكوثري، نشر عزت العطار، القاهرة، 1369/ 1950.
( ب )
بحث عن حياة ابن التومرت ومذهبه، للأستاذ عبد الله كنون، ضمن كتاب "نصوص فلسفية مهداة إلى الدكتور إبراهيم مدكور"، ط. القاهرة، 1976.
البدء والتاريخ، لمطهر بن طاهر القدسي، ط. باريس 1899-1919.
البداية والنهاية في التاريخ = تاريخ ابن كثير، لإسماعيل بن عمر بن كثير، تحقيق الدكتور مصطفى عبد الواحد، ط. عيسى الحلبي، القاهرة، 1384/ 1964.
بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، لجلال الدين عب الرحمن السيوطي، . الخانجي، القاهرة، 1326.
( ت )
تاج التراجم في طبقات الحنفية، لأبي العدل زين الدين قاسم بن قطلوبغا، ط. المثني، بغداد، 1962.
تاج العروس من جواهر القاموس، لمحمد مرتضى الحسيني الزبيدي، المطبعة الخيرية، القاهرة، 1306-1307.
تاج اللغة وصحاح العربية، للجوهري، ط. القاهرة 1282.
تاريخ الأدب العربي، لكارل بروكلمان، ترجمة الدكتور عبد الحليم النجار، ط. المعارف، القاهرة، 1962.
التاريخ الإسلامي، للأستاذ محمود شاكر، ط. المكتب الإسلامي، 1403/ 1983 .
تاريخ بغداد، للحافظ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، القاهرة، 1349/ 1931.(16/154)
تاريخ التراث العربي، لفؤاد سزكين، ط. الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، القاهرة، 1971-1978.
وطبعة جامعة الإمام محمد بن مسعود الإسلامية بالرياض.
تاريخ الجهمية والمعتزلة، لجمال الدين القاسمي، القاهرة، 1321ه.
تاريخ الحكماء، لعلي بن يوسف القفطي، ط. ليبزج، ألمانيا، 1903.
تاريخ حكماء الإسلام، لظهير الدين علي بن زيد البيهقي، ط. الترقي، دمشق، 1365/1946.
تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، تحقيق الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم، ط. المعارف، 1386/ 1963.
تاريخ عمر بن الخطاب، لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي، القاهرة، مطبعة صبيح، 1929.
التاريخ الكبير، لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، ط. حيدر آباد، 1361.
تاريخ مختصر الدول، لابن العبري، ط. بيروت، 1890.
تاريخ مدينة دمشق، لعلي بن الحسن هبة الله بن عساكر، ط. المجمع العلمي العربي، دمشق، 1373/ 1954.
تاريخ اليعقوبي، لأحمد بن أبي يعقوب بن واضح الكاتب المعروف باليعقوبي، ط. بيروت، 1379/ 1960.
التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين، لأبي المظفر الإسفراييني، تحقيق الشيخ محمد زاهد الكوثري، القاهرة، 1359/ 1940.
تبصير المنتبه بتحرير المشتبه، لابن حجر، تحقيق الأستاذ علي محمد البجاوي، مراجعة الأستاذ محمد علي النجار، ط. الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، 1954-1966.
تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري، لعلي ابن الحسن بن عساكر، ط. القدسي، دمشق، 1347.
تثبيت دلائل النبوة، للقاضي عبد الجبار، تحقيق الدكتور عبد الكريم عثمان، ط. دار العروبة، بيروت، 1386/ 1966.
تذكرة الحفاظ، لبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، الطبعة الثالثة، ط. حيدر آباد، 1375/ 1955.
تذكرة الموضوعات، لمحمد بن طاهر بن علي الفتني، ط. المنيرية، القاهرة، 1343.(16/155)
ترتيب مسند الطيالسي = منحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي أبي داود، تحقيق الأستاذ أحمد عبد الرحمن البنا، ط. المطبعة المنيرية بالأزهر القاهرة، 1372.
الترغيب والترهيب من الحديث الشريف، لعبد العظيم بن عبد القوي المنذري، تحقيق الأستاذ مصطفى محمد عمارة، ط. مصطفى الحلبي، القاهرة 1352/ 1933.
التعرف لمذهب أهل التصوف، لأبي بكر محمد بن إسحاق الكلاباذي، نشر الأستاذ آرثر جون آربري، القاهرة، 1352/ 1933.
طبعة أخرى: بتحقيق الدكتور عبد الحليم محمود، والأستاذ طه سرور، ط. عيسى الحلبي، 1380/ 1960.
التعريفات، لعلي بن محمد بن علي الجرجاني، ط. مصطفى الحلبي، القاهرة، 1357-1938.
تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لأبي محمد عبد الحق بن عطية الغرناطي، تحقيق المجلس العلمي، فاس، المغرب، 1397/ 1977.
تفسير سورة الإخلاص، لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية، ط. القاهرة والرياض (في مجموع فتاوى شيخ الإسلام 17/214-503)، 1381-1389.
تفسير الطبري = جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، تحقيق الأستاذ محمود محمد شاكر، مراجعة الشيخ أحمد محمد شاكر، ط. المعارف، القاهرة.
تفسير الطبري، ط. بولاق، القاهرة، 1323.
تفسير غريب القرآن، لابن قتيبة، تحقيق الأستاذ السيد أحمد صقر، ط. عيسى الحلبي، القاهرة، 1378/ 1958.
تفسير القرآن العظيم، لأبي الفداء إسماعيل بن كثير، ط. دار الشعب، القاهرة، 1390/ 1971.
تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن، لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، ط. دار الكتب، القاهرة، 1372/ 1952. 1380/ 1960.
التفسير الكبير، للرازي، ط. عبد الرحمن محمد، القاهرة، 1357/ 1938.
تلبيس إبليس، لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي، الطبعة الثانية، ط. المنيرية، القاهرة، 1368.
تلخيص كتاب الاستغاثة في الرد على البكري، لابن تيمية، ط. السلفية، مكة المكرمة، 1346.(16/156)
تلخيص المستدرك (المستدرك على الصحيحين في الحديث)، لشمس الدين الذهبي، ط. حيدر آباد، الدكن، 1334.
التمهيد في الرد على الملحدة المعطلة والرافضة والخوارج والمعتزلة، للقاضي أبي بكر محمد بن الطيب الباقلاني.
الطبعة الأولى: بتحقيق د. محمد عبد الهادي أبو ريدة، والأستاذ محمود محمد الخضيري، ط. لجنة التأليف والترجمة، القاهرة، 1366/ 1947.
الطبعة الثانية: بتحقيق رتشرد يوسف مكارثي، ط. بيروت، 1957.
تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث، لابن الديبع الشيباني، ط. محمد علي صبيح، القاهرة، 1347.
التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع، لأبي الحسين محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي، تحقيق الشيخ محمد زاهد الكوثري، ط. عزت العطار، القاهرة، 1368/ 1949.
تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي، للبقاعي = مصرع التصوف، تحقيق الأستاذ عبد الرحمن الوكيل، ط. السنة المحمدية، القاهرة، 1373/ 1953.
تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة، لأبي الحسن علي بن محمد بن عراق الكناني، تحقيق الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف، مكتبة القاهرة، 1378.
تهافت الفلاسفة، للغزالي، تحقيق الدكتور سليمان دنيا، الطبعة الثالثة، دار المعارف، القاهرة، 1958.
تهذيب الأسماء واللغات، لأبي زكريا محيي الدين بن شرف النووي، ط. المنيرية، بدون تاريخ.
تهذيب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، ط. حيدر آباد، 1325-1327ه.
التوحيد وإثبات صفات الرب، لأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، تحقيق الدكتور الشيخ محمد خليل هراس، ط. مكتبة الكليات الأزهرية، 1387/ 1968.
طبعة أخرى: المطبعة المنيرية، القاهرة، 1353.
( ج )
جامع الأصول من أحاديث الرسول، لأبي السعادات مبارك بن محمد بن الأثير الجزري، تصحيح الشيخ محمد حامد الفقي، ط. السنة المحمدية، القاهرة، 1368/ 1949.
جامع بيان العلم وفضله، لأبي عمر يوسف بن عبد البر، ط. المطبعة المنيرية، القاهرة.(16/157)
جامع التواريخ، لرشيد الدين الهمذاني، ط. الحلبي، القاهرة، 1960.
جامع الرسائل، لابن تيمية، تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم، ط. المدني، القاهرة، 1389/ 1969.
الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير، لجلال الدين السيوطي، ط. مصطفى الحلبي، القاهرة، 1358/ 1939.
الجامع الكبير = جمع الجوامع، لجلال الدين السيوطي، نسخة مصورة عن مخطوطة دار الكتب المصرية، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة.
الجرح والتعديل، لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي، الطبعة الأولى، حيدر آباد، 1361/ 1942.
جواب أهل العلم والإيمان في تفسير أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، لابن تيمية، ط. المطبعة الخيرية، القاهرة، 1325، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام (17/5/213)، الرياض، 1381-1389.
الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح، لابن تيمية، ط. المدني، القاهرة، 1379/ 1959.
جوامع السيرة النبوية، لعلي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، تحقيق الدكتور إحسان عباس، والدكتور ناصر الدين الأسد، مراجعة الأستاذ أحمد محمد شاكر، ط. دار المعارف، القاهرة، 1956.
( ح )
حركات الشيعة المتطرفين، تأليف الدكتور محمد جابر عبد العال، ط. مطبعة السنة المحمدية، القاهرة، 1373/ 1954.
حصول المأمول من علم الأصول، للأستاذ صديق حسن خان، ط. استانبول 1926.
الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، لآدم متز، نقله إلى العربية الدكتور محمد عبد الهادي أبو ريده، ط. لجنة التأليف والترجمة، الطبعة الثانية، القاهرة، 1367/ 1948.
الحلة السيراء، لابن الأبار، ط. ليدن، 1847-1851.
حلية الأولياء، لأبي نعيم الأصبهاني، ط. الخانجي، القاهرة، 1351/ 1932.
( خ )
الخطط ( المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار )، لتقي الدين أحمد بن علي المقريزي، ط. الأميرية ببولاق، القاهرة، 1270.
خلاصة تهذيب الكمال في أسماء الرجال، لأحمد بن عبد الله الخزرجي الأنصاري، ط. الخيرية، القاهرة، 1322.(16/158)
خلع النعلين، لأبي القاسم بن قَسِيّ، ط. بيروت.
الخطوط العريضة، تأليف محب الدين الخطيب، تحقيق وتعليق محمد مال الله، ط. القاهرة، 1409ه.
( د )
دائرة المعارف الإسلامية، ط. كتاب الشعب، القاهرة.
دائرة المعارف الإسلامية، ترجمة إبراهيم زكي خورشيد وآخرين، ط. القاهرة.
الدر المنثور في التفسير بالمأثور، لجلال الدين السيوطي، ط. طهران، 1377.
درء تعارض العقل والنقل، لابن تيمية، تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم، ط. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة الأولى، الرياض، 1403/ 1983.
الدرر المنتشرة في الأحاديث المشتهرة، لجلال الدين السيوطي، تحقيق الدكتور محمد لطفي الصباغ، ط. الرياض، 1403/ 1983.
دلائل النبوة، لأحمد بن الحسين بن علي البيهقي، تقديم وتحقيق الأستاذ عبد الرحمن محمد عثمان، ط. دار النصر للطباعة، القاهرة، 1969.
الدليل الشافي على المنهل الصافي، لابن تغري بردي، تحقيق الأستاذ فهيم شلتوت، نشر جامعة أم القرى، مكة المكرمة، 1399/ 1979.
الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، لإبراهيم بن علي بن محمد بن فرحون المالكي، ط. مطبعة المعاهد، القاهرة، 1351.
ديوان الأعشى، ط. جابر.
ديوان العجاج، ط. د. عزة حسن.
ديوان عمرو بن معد يكرب الزبيدي، صنعه هاشم الطعان، ط. بغداد، 1390/ 1970.
ديوان الفرزدق، ط. مطبعة الصاوي، القاهرة، 1354/ 1936.
ديوان كُثير عزّة، جمع وشرح الدكتور إحسان عباس، نشر دار الثقافة، بيروت لبنان 1391/ 1971.
( ذ )
ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الحديث، لعبد الغني النابلسي، ط. جمعية النشر والتأليف الأزهرية، القاهرة 1352/ 1934.
الذيل على طبقات الحنابلة، لابن رجب الحنبلي، تحقيق الشيخ محمد حامد الفقي، ط. السنة المحمدية، القاهرة، 1372/ 1952.
ذيل اللآلئ المصنوعة، للسيوطي، ط. حجر، الهند، 1303.
( ر )
ربيع الفكر اليوناني، للدكتور عبد الرحمن بدوي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1958.(16/159)
الرجال، لأبي عمر محمد بن عبد العزيز الكشي، تعليق أحمد الحسيني، ط. مؤسسة الأعلمي، مطبعة الآداب، النجف، بدون تاريخ.
رجال الطوسي، لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق الأستاذ محمد صادق آل بحر العلوم، ط. الحيدرية، النجف، 1381/ 1961.
رجال العلامة الحلي، لابن المطهر الحلي، تصحيح الأستاذ محمد صادق آل بحر العلوم، الطبعة الثانية، ط. الحيدرية، النجف، 1381/ 1961.
رد الإمام الدارمي عثمان بن سعيد علي بشر المريسي العنيد، تحقيق الشيخ محمد حامد الفقي، ط. السنة المحمدية، 1358.
الرد على الجهمية والزنادقة، للإمام أحمد بن حنبل، تحقيق الدكتور علي سامي النشار، ط. دار العارف، القاهرة، 1971.
طبعة أخرى: تحقيق الدكتور عبد الرحمن عميرة، ط. دار اللواء، الرياض، 1977.
الرد على المنطقيين، لابن تيمية، تحقيق عبد الصمد شرف الدين الكتبي، بمباى، الهند، 1358/ 1949.
رسائل ابن سبعين، تحقيق الدكتور عبد الرحمن بدوي، القاهرة، 1965.
رسائل إخوان الصفات وخلان الوفا، عنى بتصحيحه خير الدين الزركلي، المطبعة العربية بمصر، 1347/ 1928.
رسائل الجاحظ، جمع ونشر الأستاذ حسن السندوبي، القاهرة، 1352/ 1933.
رسائل فلسفية، للرازي، جمع وتصحيح بول كراوس، نشر كلية الآداب، جامعة فؤاد الأول، القاهرة، 1939.
الرسالة "السبعينية" = بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية، لابن تيمية، ضمن الجزء الخامس من مجموع الفتاوى الكبرى، نشر فرج الله زكي الكردي، مطبعة كردستان العلمية، القاهرة، 1329.
الرسالة القشيرية في علم التصوف، لأبي القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري النيسابوري، تحقيق الدكتور عبد الحليم محمود، ومحمود بن الشريف، نشر دار الكتب الحديثة، القاهرة، 1385/ 1966.
روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات، لميرزا محمد باقر الموسوي الخوانساري، الطبعة الثانية، ( طبع حجر )، طهرا، 1367.(16/160)
الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية، لزين الدين الجبعي العاملي، ط. بيروت، 1379/1960.
الروضة البهية فيما بين الأشاعرة والماتريدية، لأبي عذبة، ط. حيدر آباد، 1322.
الرياض النضرة في مناقب العشرة، لأبي جعفر أحمد المحب الطبري الطبعة الثانية، نشر الخانجي، القاهرة، 1372/ 1953.
( ز )
زاد المسير في علم التفسير، لعبد الرحمن بن علي بن الجوزي، ط. المكتب الإسلامي، دمشق، 1387/ 1967.
زاد المعاد في هدي خير العباد، لابن قيم الجوزية، تحقيق شعيب الأرنؤوط، وعبد القادر الأرنؤوط، ط. بيروت، 1399/ 1979.
الزهر النضر في نبأ الخضر، رسالة لابن حجر، نشرت ضمن "مجموعة الرسائل المنبرية" لابن تيمية، ط. المنيرية، القاهرة، 1343/ 1946.
( س )
سرح العيون شرح رسالة ابن زيدون، لجمال الدين محمد بن محمد بن نباته، تحقيق الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم.
سلسلة الأحاديث الصحيحة، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ط. المكتب الإسلامي، القاهرة، 1980.
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ط. دار الفكر، دمشق، 1379/ 1959.
السلوك لمعرفة دول الملوك، للمقريزي، ط. دار الكتب المصرية، القاهرة، 1934-1936.
السنة، لأحمد بن حنبل، ط. المطبعة السلفية، مكة، 1349.
سنن ابن ماجه ( أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني )، تحقيق الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، ط. عيسى الحلبي، القاهرة، 1372/ 1952.
سنن أبي داود، لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، تحقيق الأستاذ محمد محيي الدين عبد الحميد، الطبعة الثانية، المكتبة التجارية، القاهرة، 1369-1370/ 1950-1951.
سنن الترمذي، لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (بشرح ابن العربي) ط. المطبعة المصرية بالأزهر، القاهرة، 1350/ 1931.
طبعة أخرى: بتحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، نشر المكتبة السلفية بالمدينة المنورة (ط. المدني بالقاهرة)، 1384/ 1964.(16/161)
سنن الدارمي، لأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل الدارمي، ط. دمشق، 1349.
السنن الكبرى، للبيهقي، ط. حيدر آباد، 1354.
سنن النسائي ( المجتبى )، للحافظ أبي عبد الرحمن بن شعيب النسائي، ومعه شرحه: زهر الربى على المجتبى، للحافظ الجلال السيوطي، ط. مصطفى الحلبي، القاهرة، 1383/ 1964.
سير أعلام النبلاء، للذهبي، تحقيق شعيب الأرناؤوط، ط. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض.
سيرة عمر بن عبد العزيز، لابن الجوزي، ط. المؤيد، القاهرة، 1331/ 1921.
السيرة النبوية، لابن كثير، تحقيق الدكتور مصطفى عبد الواحد، ط. عيسى الحلبي، القاهرة، 1384/ 1964.
السيرة النبوية، لابن هشام، تحقيق الأستاذ مصطفى السقا وآخرين، ط. مصطفى الحلبي، القاهرة، 1355/ 1936.
( ش )
شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لابن العماد الحنبلي، ط. القدسي، 1350.
الشرح والإبانة على أصول الديانة، لابن بطة العكبري، تحقيق الأستاذ هنري لاوست، ط. المعهد الفرنسي، دمشق، 1958.
شرح الدرة النجفية، للدنبلي، ط. إيران، 1292.
شرح ديوان لبيد، تحقيق د. إحسان عباس، الكويت، 1962.
شرح ديوان المتنبي، وضع الأستاذ عبد الرحمن البرقوقي، ط. طار الكتاب العربي، بيروت، 1980.
شرح الطحاوية، لعلي بن محمد بن أبي العز الحنفي، تحقيق الأستاذ أحمد محمد شاكر، الرياض، 1396.
شرح العقيدة الطحاوية، تحقيق شعيب الأرنؤوط، 1401/1981.
شرح العيون، لأبي السعد الجشمي، (ضمن كتاب "فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة" تحقيق الأستاذ فؤاد السيد) ط. دار التونسية للنشر، تونس، 1393/1974.
شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد، تحقيق الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم، ط. عيسى الحلبي، القاهرة، 1958.
طبعة أخرى، لابن ميشم البحراني، ط. طهران.
شرح النووي على صحيح مسلم، ليحيى بن شرف النووي، ط. المطبعة المصرية بالأزهر، القاهرة، 1347/1929.(16/162)
الشريعة، للآجري، تحقيق الشيخ محمد حامد الفقي، ط. السنة المحمدية، القاهرة، 1369/1950.
الشيعة وأهل البيت، تأليف الأستاذ إحسان إلهي ظهير، ط. إدارة ترجمان السنة، لاهور، باكستان، الطبعة الثالثة، 1403/1983.
الشيعة والتشيع، تأليف الأستاذ إحسان إلهي ظهير، ط. لاهور، باكستان، 1404/1984.
الشيعة وتحريف القرآن، تأليف محمد مال الله، ط. القاهرة، 1409ه.
( ص )
الصارم المسلول على شاتم الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، ط. حيدر آباد، الدكن، 1322.
طبعة أخرى: بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، 1379/1960.
صحيح البخاري، لمحمد بن إسماعيل البخاري، ط. المطبعة الأميرية، القاهرة، 1314.
صحيح الجامع الصغير، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، منشورات المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى، 1388/1969.
صحيح مسلم، لأبي الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، تحقيق الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، ط. عيسى الحلبي، القاهرة، 1374/1955.
طبعة أخرى = الجامع المسلول، استنابول، 1329-1333.
صفة الصفوة، لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي، ط. حيدر آباد، 1355.
صفة صلاة النبي، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ط. الفكر العربي، 1403/1983.
الصفدية، لابن تيمية، تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم، ط. الرياض، 1396/1976.
( ض )
ضحى الإسلام، للأستاذ أحمد أمين، القاهرة، 1949.
الضعفاء، للإمام النَّسائي، ط. حيدر أباد، الدكن، 1323.
( ط )
طبقات الأطباء = عيون الأنبياء في طبقات الأطباء، لابن أبي أصيبعة، ط. دار الفكر، بيروت، 1376/1956.
طبقات الأطباء والحكماء، لابن جلجل، تحقيق الأستاذ فؤاد السيد، ط. المعهد الفرنسي، القاهرة، 1955.
طبقات الحنابلة، لابن أبي يعلى، تحقيق الشيخ محمد حامد الفقي، ط. مطبعة السنة المحمدية، القاهرة، بدون تاريخ.
طبقات الشافعية الكبرى، للسبكي، تحقيق الأستاذين عبد الفتاح الحلو، ومحمود الطناحي، ط. عيسى الحلبي، القاهرة، 1383/1964.(16/163)
طبقات الصوفية، لأبي عبد الرحمن السلمي، تحقيق الأستاذ نور الدين شريبة، القاهرة، مطبعة المنياوي، 1372/1953.
طبقات الفقهاء، لطاش كبرى زاده، ط. الموصل، 1380/1961.
طبقات القراء = غاية النهاية في طبقات القراء، لشمس الدين بن الجرزي، ط. الخانجي، القاهرة، 1351/1932.
الطبقات الكبرى، لابن سعد، ط. بيروت، 1376/1957.
طبقات النحويين واللغويين، لأبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي، تحقيق الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم، ط. سامي الخانجي، القاهرة، 1373/1954.
( ع )
عائشة والسياسة، للأستاذ سعيد الأفغاني، ط. القاهرة، 1957.
العبر في خبر من غبر، للحافظ شمس الذهبي، ط. الكويت، 1960.
العثمانية، للجاحظ، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، ط. الخانجي، القاهرة، 1955.
العقد الفريد، لأحمد بن محمد بن عبد ربه، ط. لجنة التأليف والترجمة، القاهرة، 1940.
العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، لابن عبد الهادي، تحقيق الشيخ محمد حامد الفقي، ط. محمود توفيق، القاهرة، 1356/ 1938.
العلل = علل الحديث، لابن أبي حاتم، ط. المطبعة السلفية، القاهرة، 1930.
العواصم من القواصم، لأبي بكر بن العربي، تعليق الأستاذ محب الدين الخطيب، ط. المطبعة السلفية، القاهرة، 1371.
عيون الأنباء في طبقات الأطباء: انظر: طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة.
( غ )
غاية المرام في علم الكلام، للآمدي، تحقيق الدكتور حسن محمود عبد اللطيف، ط. لجنة إحياء التراث الإسلامي، القاهرة، 1391/ 1971.
( ف )
الفائق في غريب الحديث، للزمخشري، ط. عيسى الحلبي، القاهرة، 1366/ 1947.
فتاوى الرياض = مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم وابنه محمد، طبعت في 37 جزءاً، ط. الرياض، 1381-1389.
فتح الباري بشرح البخاري، لابن حجر العسقلاني، تحقيق الشيخ عبد العزيز بن باز، ط. المطبعة السلفية، القاهرة، 1380.(16/164)
فتوح البلدان، للبلاذري، تحقيق الأستاذ صلاح الدين المنجد، ط. النهضة المصرية، القاهرة، 1956.
الفتوحات المكية، لمحيي الدين محمد بن علي بن عربي، ط. دار الكتب العربية الكبرى، القاهرة، 1329.
الفرق بين الفرق، لابن طاهر البغدادي، تحقيق الأستاذ محمد محيي الدين عبد الحميد، ط. صبيح، القاهرة، بدون تاريخ.
فرق الشيعة، للنوبختي، تعليق محمد صادق آل بحر العلوم، ط. المطبعة الحيدرية، النجف، 1379/ 1959.
طبعة أخرى: استانبول، 1931.
الفصل في الملل والأهواء والنحل، لابن حزم، ط. المطبعة الأدبية القاهرة، 1317-1321.
طبعة أخرى: بتحقيق الدكتور محمد إبراهيم نصر، والدكتور عبد الرحمن عميرة، ط. عكاظ، الرياض، 1402/ 1982.
فصوص الحكم، لابن عربي، تحقيق الدكتور أبو العلا عفيفي، ط. عيسى الحلبي، القاهرة، 1946.
الفصول في اختصار سيرة الرسول، لابن كثير، تحقيق الأستاذين محمد العيد الخطراوي، ومحيي الدين مستو، ط. بيروت، 1399-1400.
فضائح الباطنية، للغزالي، تحقيق الدكتور عبد الرحمن بدوي، ط. الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، 1383/ 1964.
فضائل الصحابة، للإمام أحمد بن حنبل، تحقيق وصي الدين بن محمد بن عباس، إصدار جامعة أم القرى، مكة المكرمة، 1403/ 1983.
فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، للقاضي عبد الجبار، تحقيق الأستاذ فؤاد سيد، ط. الدار التونسية للنشر، تونس، 1393/ 1974.
الفهرست، لابن النديم، ط. التجارية، القاهرة، 1348.
طبعة أخرى: تحقيق جوستاف فلوجل (مصورة عن طبعة ليبزج، ألمانيا، 1871)، ط. بيروت، 1964.
فهرست الطوسي، لمحمد بن الحسن الطوسي، المكتبة المرتضية بالنجف، العراق، 1356/ 1937.
الفوائل المجموعة في الأحاديث الموضوعة، لمحمد بن علي الشوكاني، تحقيق الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني، ط. السنة المحمدية، القاهرة، 1380/ 1960.(16/165)
فوات الوفيات، لابن شاكر الكتبي، تحقيق الشيخ محمد بن يحيى الدين عبد الحميد، ط. النهضة المصرية، القاهرة، 1951.
في الفلسفة الإسلامية، منهج وتطبيق، للدكتور إبراهيم مدكور، ط. عيسى الحلبي، القاهرة 1367/ 1947.
( ق )
قاضي القضاية عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، تأليف الدكتور عبد الكريم عثمان، ط. دار العربية، بيروت، 1386/ 1967.
القاموس الإسلامي، للأستاذ أحمد عطية الله.
القاموس المحيط، للفيروزآبادي، ط. المطبعة المصرية، الطبعة الثالثة، القاهرة 1353/ 1935.
قواعد عقائد آل محمد الباطنية، لمحمد بن الحسن الديلمي، ط. القاهرة، 1950.
( ك )
الكامل، للمبرد، ط. التجارية، 1365 .
الكامل في التاريخ، لابن الأثير الجزري، ط. الحلبي، القاهرة، 1303.
الكتاب التذكاري لابن عربي، إشراف وتقديم الدكتور إبراهيم مدكور، ط. دار الكتاب العربي للطباعة، القاهرة، 1389/ 1969.
الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار، تحقيق الأستاذ عبد الخالق الأفغاني، الطبعة الثانية، ط. الدار السلفية، بمبي، الهند، 1399/ 1979.
الكشاف = تفسير الكشاف، للزمخشري، ط. مصطفى الحلبي، القاهرة، 1385/ 1966.
كشاف اصطلاحات الفنون، للتهانوين ط. بيروت.
كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، لإسماعيل بن محمد العجلوني، ط. القدسي، القاهرة، 1351.
كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لمصطفى بن عبد الله الشهير بحاجي خليفة، ط. استانبول، 1360/ 1941.
كشف المحجوب، للهجويري، ترجمة نيكلسون، ط. شوكوفسكي.
الكلم الطيب، لابن تيمية، تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ط. المكتب الإسلامي، 1397.
( ل )
اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، للسيوطي، ظ. المكتبة الحسينية بالأزهر، القاهرة، 1352.
اللباب في تهذيب الأنساب، لابن الأثير، ط. القدسي، القاهرة، 1357/ 1369.
لسان العرب = اللسان، لابن منظور، ط. بيروت.(16/166)
لسان الميزان، لابن حجر العسقلاني، ط. حيدر آباد، 1329.
لطائف الأسرار، لابن عربي، تحقيق الأستاذين أحمد زكي عطية، وطه عبد الباقي سرور، ط. دار الفكر العربي، القاهرة، 1380/ 1961.
اللمع في التصوف، لأبي نصر السراج الطوسي، تحقيق الدكتور عبد الحليم محمود، وطه عبد الباقي سرور، ط. القاهرة. 1960.
( م )
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لعلي بن أبي بكر الهيثمي، ط. القدسي، القاهرة، 1352-1353.
مجموعة تفسير ابن تيمية، ط. بمباي، 1374/ 1954.
مجموعة رسائل ابن تيمية، ط. المطبعة الحسينية، القاهرة، 1323.
مجموعة الرسائل المنيرية، ط. المنيرية، القاهرة 1343/ 1946.
مجموعة الفتاوى الكبرى، لابن تيمية، نشر فرج الله الكردي، ط. مطبعة كردستان العلمية، القاهرة، 1329، وانظر: الرسالة السبعينية والتسعينية.
المحصّل = محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء لفخر الدين الرازي، ط. المطبعة الحسينية، الطبعة الأولى، القاهرة، 1350.
المحلَّى، لابن حزم، ط. المنيرية، القاهرة، 1350.
المختار الثقفي، تأليف الدكتور علي الخربوطلي، سلسلة أعلام العرب، القاهرة، 1963.
مختصر العلو للعلي الغفار، للذهبي، تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، الطبعة الأولى، المكتب الإسلامي، بيروت، 1401/ 1981.
المخصص، لابن سيده.
مدخل إلى التصوف الإسلامي، تأليف د. أبو الوفا التفتازاني، ط. دار الثقافة، القاهرة، 1979.
مرآة الزمان، لسبط بن الجوزي، ط. حيدر آباد، 1370/ 1951.
مروج الذهب ومعادن الجوهر، للمسعودي، تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، الطبعة الثالثة، ط. التجارية، القاهرة، 1377/ 1958.
المستدرك على الصحيحين، للحاكم النيسابوري، ط. حيدر آباد 1334.
المسند، لأحمد بن حنبل، تحقيق الأستاذ الشيخ أحمد شاكر، ط. المعارف، القاهرة، 1365-1374/ 1946-1955.
المسند، لأحمد بن حنبل، ط. الحلبي، القاهرة، 1313.(16/167)
المشتبه في أسماء الرجال، للذهبي، ط. عيسى الحلبي، القاهرة، 1381/ 1962.
مشكاة المصابيح، للخطيب التبريزي، تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ط. دمشق، 1380/ 1961.
مشكل الآثار، لأبي جعفر الطحاوي، ط. حيدر آباد، الدكن، 1333.
مشكل الحديث وبيانه، لابن فورك تحقيق الأستاذ موسى محمد علي، مطبعة حسان، القاهرة.
المصنف في الحديث = مصنف ابن أبي شيبة، لأبي بكر بن أبي شيبة، ط. الهند، 1935.
المعارف، لابن قتيبة، ط. المعارف، القاهرة، 1969.
معالم العلماء، لابن شهراشوب، ط. النجف، 1380/ 1961.
المعتزلة، تأليف الأستاذ زهدي جاد الله، القاهرة، 1947.
المعتمد في أصول الدين، للقاضي أبي يعلى، تحقيق الدكتور وديع زيدان حداد، ط. بيروت، 1974.
معجم الأدباء، لياقوت الحموي، تحقيق الأستاذ أحمد فريد رفاعي، القاهرة، دار المأمون، 1936.
معجم البلدان، لياقوت الحموي، ط. مطبعة السعادة، الطبعة الأولى، 1323/ 1906.
معجم الشعراء للمرزباني، تحقيق عبد الستار فراج، ط. دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1960.
معجم المؤلفين، لعمر رضا كحالة، نشر المثني، ودار إحياء التراث العربي، بيروت، 1376/ 1957.
المغني، لابن قدامة، تصحيح الشيخ محمد خليل هراس، مطبعة الإمام، القاهرة، 1965.
المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، لمحمد بن عبد الرحمن السخاوي، تحقيق عبد الله محمد الصديق، نشر الخانجي القاهرة، 1375/ 1956.
مقالات الإسلاميين واختلاف المصلِّين، لأبي الحسن الأشعري، تحقيق هـ. ريتر، استانبول، 1929.
مقدمة ابن خلدون، ط. د. علي عبد الواحد وافي، القاهرة، 1378/ 1958.
ملخص إبطال القياس والرأي والاستحسان والتقليد والتعليل (رسالة لابن حزم). نشر الأستاذ سعيد الأفغاني، دمشق، 1379/ 1960.
الملل والنحل، للشهرستاني، تحقيق الشيخ محمد بن فتح الله بدران الطبعة الثانية، نشر الأنجلو المصرية، القاهرة، 1375/ 1956.(16/168)
مناقب الإمام أحمد بن حنبل، لابن الجوزي، ط. الخانجي، القاهرة، 1349.
مناقب الشافعي، للبيهقي، تحقيق الأستاذ السيد أحمد صقر، ط. دار التراث، القاهرة، 1391/ 1971.
مناقب عمر بن الخطاب، لابن الجوزي، ط. السعادة، القاهرة، 1941.
المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، لابن الجوزي، ط. حيدر آباد، 1357.
المنتقى من منهاج الاعتدال، لشمس الدين الذهبي، تحقيق الأستاذ محب الدين الخطيب، المطبعة السلفية، القاهرة، 1374.
منهاج الشريعة في الرد على ابن تيمية، لمحمد المهدي الكاظمي القزويني، ط. المطبعة العلوية، النجف، 1347.
منهاج الكرامة في إثبات الإمامة، لابن المطهر الحلي.
المنهج الأحمد في تراجم الإمام أحمد، لعبد الرحمن بن محمد العليمي، تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، ط. المدني، القاهرة 1383/ 1963.
المنية والأمل في شرح كتاب الملل والنحل، لابن المرتضى، تحقيق توماس أرنولد، ط. حيدر آباد، 1316.
المواقف، للإيجي، ط. القاهرة، 1956.
مورد الظمآن إلى زوائد ابن حبان، ط. السلفية.
الموضوعات، لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي، ط. المكتبة السلفية بالمدينة المنورة، 1386/ 1966.
الموضوعات، لعلي القارئ، استانبول، بدون تاريخ.
الموطأ، لمالك بن أنس، تحقيق الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، ط. عيسى الحلبي، القاهرة، 1370/ 1951.
ميزان الاعتدال، للحافظ شمس الدين الذهبي، ط. مطبعة السعادة، القاهرة.
( ن )
نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ط. المكتب الإسلامي، دمشق، 1372/ 1952.
نظرية الإمامة لدى الشيعة الإثني عشرية، تأليف الدكتور أحمد صبحي، ط. المعارف، القاهرة، 1969.
نكت الهميان في نكت العميان، لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، تحقيق الأستاذ أحمد زكين مطبعة الجمالية، القاهرة، 1329/ 1911.
النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير الجزري، ط. المطبعة العثمانية، 1311.(16/169)
نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، للشوكاني، الطبعة الثانية، ط. المنيرية، 1344.
وغير ذلك من المراجع المذكورة في هذه السلسلة.
فهرس محتوى الجزء الثاني
الموضوع ... ... ... ... ... ... ... ... ... الصفحة
الفصل الأول:
بيان كذب ووضع الرافضي لحديث جمعه ( أربعين رجلاً من بني عبد المطلب.
الفصل الثاني:
بيان أن إمامة عليّ لم تكن من الدين الذي أمر بتبليغه ( .
الفصل الثالث:
نقض احتجاج الرافضة بحديث ”أنت مني بمنزلة هارون من موسى“.
الفصل الرابع:
نقض قياس الرافضة الاستخلاف في الممات على الاستخلاف في المغيب.
الفصل الخامس:
إثبات أن حديث ”عليّ أخي ووصيي وخليفتي وقاضي ديني“ كذب وموضوع.
الفصل السادس:
إثبات أن أحاديث المؤاخاة بين عليّ والنبي ( كلها موضوعة.
الفصل السابع:
الرد على من يثبت الإمامة لعليّ بقوله إنه اختص بحب الله ورسوله دون غيره.
الفصل الثامن:
إثبات أن حديث الطير من المكذوبات والموضوعات.
الفصل التاسع:
سيد المرسلين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين هو رسول الله ( باتفاق المسلمين.
الفصل العاشر:
سيد العترة هو رسول الله ( وليس عليّ رضي الله عنه.
الفصل الحادي عشر:
الرد على من ادعى الإمامة لعليّ سنداً لحديث المحبة.
الفصل الثاني عشر:
إثبات كذب بعض الأحاديث المفتراة على رسول الله ( في حب عليّ.
الفصل الثالث عشر:
الرد على بعض النقول المعتمدة عند الرافضة لتكون حجة عليهم يوم القيامة.
الفصل الرابع عشر:
الرد على من ادعى الإمامة لعليّ محتجاً بتقديمه الصدقة عند النجوى دون غيره.
الفصل الخامس عشر:
الرد على من يدعي الإمامة لعلي بقوله: أنا صاحب الجهاد.
الفصل السادس عشر:
التنبيه على أن كل ما روي في مسند أحمد ليس بالضروري أن يكون صحيحاً.
الفصل السابع عشر:
فضيلة حمل عليّ للنبي ( .
الفصل الثامن عشر:
حديث ”أنت مني وأنا منك“.
الفصل التاسع عشر:
فضائل عليّ العشر.
الفصل العشرون:
فضل حبّ عليّ.(16/170)
الفصل الحادي والعشرون:
حديث يوم الشورى.
الفصل الثاني والعشرون:
الرد على القول بأن حب عليّ حسنة لا تضر معها سيئة.
الفصل الثالث والعشرون:
الرد على القول برد الشمس على عليّ.
فهارس الكتاب
فهرس الآيات القرآنية الكريمة .
فهرس الأحاديث النبوية الشريفة .
فهرس الآثار .
فهرس الأعلام .
فهرس الكتب .
فهرس الأماكن والبلدان .
فهرس المراجع والمصادر .
فهرس محتوى القسم الثاني .
تم الكتاب ولله الحمد.(16/171)
الإمَامَةُ
في ضَوءِ الكتابِ والسُّنَّة
لشيخ الإسلام ابن تيمية
ولد سنة 661ه توفي سنة 728ه
رضي الله عنه
الجزء الثاني
جمع وتقديم وتعليق
محمد مال الله
الفصل الأول
بيان كذب ووضع الرافضي لحديث جمعه - صلى الله عليه وسلم -
أربعين رجلاً من بني عبد المطلب
قال الرافضي: "المنهج الثالث في الأدلة المستندة إلى السنة، المنقولة عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم.
الأول: ما نقله الناس كافة أنه لما نزل قوله تعالى: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } [الشعراء: 214] جمع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بني عبد المطلب في دار أبي طالب وهم أربعون رجلاً، وأمر أن يصنع لهم فخذ شاة مع مُدٍّ من البر ويعدّ لهم صاعاً من اللبن، وكان الرجل منهم يأكل الجذعة في مقعد واحد، ويشرب الفَرَق من الشراب في ذلك المقام، فأكلت الجماعة كلهم من الطعام اليسير حتى شبعوا، ولم يتبين ما أكلوه، فبهرهم النبي صلَّى الله عليه وآله بذلك، وتبين لهم آية نبوته، فقال: يا بني عبد المطلب، إن الله بعثني بالحق إلى الخلق كافة، وبعثني إليكم خاصة، فقال: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان، ثقيلتين في الميزان، تملكون بهما العرب والعجم، وتنقاد لكم بهما الأمم، وتدخلون بهما الجنة، وتنجون بهما من النار: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّي رسول الله، فمن يجيبني إلى هذا الأمر، ويؤازرني على القيام به يكن أخي ووزيري، ووصيي ووارثي، وخليفتي من بعدي. فلم يجبه أحد منهم. فقال أمير المؤمنين: أنا يا رسول الله أؤازرك على هذا الأمر. فقال: اجلس. ثم أعاد القول على القوم ثانية فصمتوا. فقال عليّ: فقمت فقلت مثل مقالتي الأولى، فقال: اجلس، ثم أعاد القول ثالثة، فلم ينطق أحد منهم بحرف، فقمت فقلت: أنا أؤازرك يا رسول الله على هذا الأمر. فقال: اجلس فأنت أخي ووزيري، ووصيي ووارثي، وخليفتي من بعدي. فنهض القوم وهو يقولون(17/1)
لأبي طالب: ليهنك اليوم أن دخلت في دين ابن أخيك، فقد جعل ابنك أميراً عليك".
والجواب من وجوه: الأول: المطالبة بصحة النقل. وما ادّعاه من نقل الناس كافة من أظهر الكذب عند أهل العلم بالحديث، فإن هذا الحديث ليس في شيء من كتب المسلمين التي يستفيدون منها علم النقل: لا في الصحاح ولا في المساند والسنن والمغازي والتفسير التي يُذكر فيها الإسناد الذي يُحتج به(1)، وإذا كان في بعض كتب التفسير التي يُنقل منها الصحيح والضعيف، مثل تفسير الثعلبي والواحدي والبغوي، بل وابن جرير وابن أبي حاتم،لم يكن مجرد رواية واحدٍ من هؤلاء، دليلاً على صحته باتفاق أهل العلم؛ فإنه إذا عُرف أن تلك المنقولات فيها صحيح وضعيف، فلابد من بيان أن هذا المنقول من قسم الصحيح دون الضعيف.
__________
(1) انظر كلام ابن تيمية التالي بعد صفحات، ويذكر فيها ورود هذا الحديث الموضوع في تفسير الطبري. ولم أجد الحديث في كتب السنة التي رجعت إليها.(17/2)
وهذا الحديث غايته أن يُوجد في بعض كتب التفسير التي فيها الغث والسمين، وفيها أحاديث كثيرة موضوعة مكذوبة، مع أن كتب التفسير التي يُوجد فيها هذا مثل تفسير ابن جرير وابن أبي حاتم والثعلبي والبغوي، يُنقل فيها بالأسانيد الصحيحة ما يناقض هذا، مثل بعض المفسرين الذين ذكروا هذا في سبب نزول الآية، فإنهم ذكروا مع ذلك بالأسانيد الصحيحة الثابتة التي اتفق أهل العلم على صحتها ما يناقض ذلك، ولكن هؤلاء المفسرون ذكروا ذلك على عادتهم في أنهم ينقلون ما ذُكر في سبب نزول الآية من المنقولات الصحيحة والضعيفة، ولهذا يذكر أحدهم في سبب نزول الآية عدة أقوال، ليذكر أقوال الناس وما نقلوه فيها، وإن كان بعض ذلك هو صحيح وبعضه كذب، وإذا احتج بمثل هذا الضعيف وأمثاله واحدٌ بذكر بعض ما نُقل في تفسير الآية من المنقولات، وترك سائر ما ينقل مما يناقض ذلك، كان هذا من أفسد الحجج، كمن احتجّ بشاهد يشهد له ولم تثبت عدالته بل ثبت جرحه، وقد ناقضه عدولٌ كثيرون يشهدون بما يناقض شهادته، أو يحتج برواية واحدٍ لم تثبت عدالته بل ثبت جرحه، ويدع روايات كثيرين عدول، وقد رووا ما يناقض ذلك.
بل لو قُدِّر أن هذا الحديث من رواية أهل الثقة والعدالة، وقد روى آخرون من أهل الثقة والعدالة ما يناقض ذلك، لوجب النظر في الروايتين: أيهما أثبت وأرجح؟ فكيف إذا كان أهل العلم بالنقل متفقين على أن الروايات المناقضة لهذا الحديث هي الثابتة الصحيحة، بل هذا الحديث مناقض لِمَا عُلم بالتواتر، وكثير من أئمة التفسير لم يذكروا هذا بحال لعلمهم أنه باطل.
الثاني: أنّا نرضى منه من هذا النقل العام بأحد شيئين: إما بإسنادٍ يذكره مما يحتج به أهل العلم في مسائل النزاع، ولو أنه مسألة فرعية، وإما قول رجل من أهل الحديث الذين يعتمد الناس على تصحيحهم.(17/3)
فإنه لو تناظر فقيهان في فرع من الفروع، لم تقم الحجة على المناظرة إلا بحديث يُعلم أنه مسند إسناداً تقوم به الحجة، أو يصححه من يُرجع إليه في ذلك. فأما إذا لم يُعلم إسناده، ولم يثبته أئمة النقل، فمن أين يُعلم؟ لا سيما في مسائل الأصول التي يُبنى عليها الطعن في سلف الأمة وجمهورها، ويُتوسل بذلك إلى هدم قواعد المسألة، فكيف يقبل في مثل ذلك حديث لا يُعرف إسناده ولا يثبته أئمة النقل ولا يعرف أن عالماً صححه.
الثالث: أن هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة بالحديث، فما من عالم يعرف الحديث إلا وهو يعلم أنه كذب موضوع، ولهذا لم يروه أحد منهم في الكتب التي يُرجع إليها في المنقولات، لأن أدنى من له معرفة بالحديث يعلم أن هذا كذب.
وقد رواه ابن جرير والبغوي بإسنادٍ فيه عبد الغفار بن القاسم بن فهد، أبو مريم الكوفي(1) وهو مجمع على تركه، كذَّبه سماك بن حرب وأبو داود، وقال أحمد: "ليس بثقةٍ، عامة أحاديثه بواطيل. قال يحيى: ليس بشيء. قال ابن المديني: كان يضع الحديث. وقال النسائي وأبو حاتم: متروك الحديث. وقال ابن حبان البستي: كان عبد الغفار بن قاسم يشرب الخمر حتى يسكر، وهو مع ذلك يقلب الأخبار، لا يجوز الاحتجاج به، وتركه أحمد ويحيى"(2).
__________
(1) قال الطبري في تفسيره (ط. بولاق) 19/74: "قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد الغفار بن القاسم، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، عن علي بن أبي طالب: لما نزلت هذه الآية... إلخ.
(2) انظر ترجمة أبي مريم عبد الغفار بن القاسم في: ميزان الاعتدال (2/640-641)، لسان الميزان (4/42-43). وذكر الحديث الموضوع ابن كثير في تفسيره (ط. الشعب) 6/180 نقلاً عن الطبري وقال: "تفرد بهذا السياق عبد الغفار بن القاسم أبي مريم، وهو متروك كذّاب شيعي، اتهمه عليّ بن المديني وغيره بوضع الحديث، وضعّفه الأئمة رحمهم الله".(17/4)
ورواه ابن أبي حاتم، وفي إسناده عبد الله بن عبد القدوس، وهو ليس بثقة. وقال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء رافضي خبيث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني: ضعيف(1).
وإسناد الثعلبي أضعف، لأن فيه من لا يعرف، وفيه من الضعفاء والمتهمين من لا يجوز الاحتجاج بمثله في أقل مسألة.
الرابع: أن بني عبد المطلب لم يبلغوا أربعين رجلاً حين نزلت هذه الآية، فإنها نزلت بمكة في أول الأمر. ثم ولا بلغو أربعين رجلاً في مدّة حياة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فإن بني عبد المطلب لم يُعقِب منهم باتفاق الناس إلا أربعة: العباس، وأبو طالب، والحارث، وأبو لهب. وجميع ولد عبد المطلب من هؤلاء الأربعة، وهم بنو هاشم، ولم يدرك النبوة من عمومته إلا أربعة: العباس، وحمزة، وأبو طالب، وأبو لهب، فآمن اثنان، وهما حمزة والعباس، وكفر اثنان، أحدهما نصره وأعانه، وهو أبو طالب، والآخر عاداه وأعان أعدائه، وهو أبو لهب.
وأما العمومة وبنو العمومة فأبو طالب كان له أربعة بنين: طالب، وعقيل، وجعفر، وعليّ. وطالب لم يدرك الإسلام، وأدركه الثلاثة، فآمن عليّ وجعفر في أول الإسلام، وهاجر جعفر إلى أرض الحبشة، ثم إلى المدينة عام خيبر.
__________
(1) هو عبد الله بن عبد القدوس التميمي الرازي، قال عنه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (ق2 م1 ص104): "روى عن الأعمش وعبيد المكتب وعبيد الملك بن عمير وليث بن أبي سليم، وروى عنه سعيد بن سليمان.." وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال" 2/457: "كوفي رافضي، نزل الري، روى عن الأعمش وغيره. قال يحيى: ليس بشيء، رافضي خبيث، وقال النسائي وغيره: ليس بثقة، وقال الدارقطني. وقال أبو معمر: حدثنا عبد الله بن عبد القدوس، وكان خشبياً".(17/5)
وكان عقيل قد استولى على رباح بني هاشم لما هاجروا وتصرف فيها، ولهذا لما قيل للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم في حجته: "ننزل غداً في دارك بمكة" قال: ”وهل ترك لنا عقيل من دار“؟(1).
وأما العباس فبنوه كلهم صغار، إذ لم يكن فيهم بمكة رجل.
وهب أنهم كانوا رجالاً فهم: عبد الله، وعبيد الله، والفضل، وأما قثم فولد بعدهم، وأكبرهم الفضل، وبه كان يُكَنَّى. وعبد الله ولد في الشعب بعد نزول قوله: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } [الشعراء: 214] وكان له في الهجرة نحو ثلاث سنين أو أربع سنين، ولم يولد للعباس في حياة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلا الفضل وعبد الله وعُبيد الله، وأما سائرهم فولدوا بعده.
وأما الحارث بن عبد المطلب وأبو لهب فبنوهما أقل، والحارث كان له ابنان: أبو سفيان وربيعة، وكلاهما تأخر إسلامه، وكان من مسلمة الفتح.
__________
(1) الحديث عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما في: البخاري 2/147 (كتاب الحج، باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها) ونصه.. أنه قال: يا رسول الله أين ننزل في دارك بمكة؟ فقال: "وهل ترك عقيل من رباع أو دور"؟ وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب، ولم يرثه جعفر ولا عليّ رضي الله عنهما شيئاً، لأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل وطالب كافرين.. إلخ. والحديث في: مسلم 2/984-985 (كتاب الحج، باب النّزول بمكة للحاج وتوريث دورها)، سنن ابن ماجه 2/912 (كتاب الفرائض، باب ميراث أهل الإسلام من أهل الشرك).(17/6)
وكذلك بنو أبي لهب تأخر إسلامهم إلى زمن الفتح، وكان له ثلاثة ذكور، فأسلم منهم اثنان: عتبة ومغيث، وشهد الطائف وحنيناً، وعتبة دعا عليه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يأكله الكلب، فقتله السبع بالزرقاء من الشام كفراً(1).
فهؤلاء بنو عبد المطلب لا يبلغون عشرين رجلاً، فأين الأربعون؟!
الخامس: قوله: "إن الرجل منهم كان يأكل الجذعة ويشرب الفَرَق من اللبن" فكذب على القوم، ليس بنو هاشم معروفين بمثل هذه الكثرة في الأكل، ولا عُرف فيهم من كان يأكل جذعة ولا يشرب فرقاً.
__________
(1) جاء هذا الخبر في كتاب "الفصول في اختصار سيرة الرسول" لابن كثير، تحقيق الأستاذين محمد العيد الخطراوي، ومحيي الدين مستو، ص207، ط. بيروت، 1399-1400 ونصه: "دعا علي ابن أبي لهب، فسلّط اله عليه السَّبُع بالشام وفق دعائه عليه السلام" وعلق المحققان: "ابن أبي لهب: هو عتبة (كذا) بن العزى (أبو لهب)، والحديث رواه الحاكم وابن إسحاق من طرق صحيحة مسنده. انظر نسيم الرياض شرح كتاب الشفاء 3/126". ولم أجد الحديث في سيرة ابن هشام وهو في المستدرك للحاكم 2/539 في تفسير سورة أبي لهب ونصه: "كان لهب بن أبي لهب يسب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ”اللهم سلّط عليه كلبك“ فخرج في قافلة يريد الشام، فنزل منزلاً فقال: إني أخاف دعوة محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قالوا: ك. فحطوا متاعهم حوله، وقعدوا يحرسونه، فجاء الأسد، فانتزعه، فذهب به. قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.(17/7)
السادس: أن قوله للجماعة: "من يجيبني إلى هذا الأمر ويؤازرني على القيام به يكن أخي ووزيري ووصي وخليفتي من بعدي" كلام مفترى على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، لا يجوز نسبته إليه، فإن جرد الإجابة إلى الشهادتين والمعاونة على ذلك لا يوجب هذا كله، فإن جميع المؤمنين أجابوا إلى هاتين الكلمتين، وأعانوا على هذا الأمر، وبذلوا أنفسهم وأموالهم في إقامته وطاعته، وفارقوا أوطانهم، وعادوا إخوانهم، وصبروا على الشتات بعد الألفة، وعلى الذل بعد العز، وعلى الفقر بعد الغنى، وعلى الشدة بعد الرخاء، وسيرتهم معروفة مشهورة، ومع هذا فلم يكن أحد منهم بذلك خليفة له.
وأيضاً فإن كان عرض هذا الأمر على أربعين رجلاً أمكن أن يجيبوه – أو أكثرهم أو عدد منهم – فول أجابه منهم عدد من كان الذي يكن الخليفة بعده؟ أيعيّن واحداً بلا موجب؟ أم يجعل الجميع خلفاء في وقت واحد؟ وذلك أنه لم يعلق الوصية والخلافة، والأخوة والمؤازرة، إلا بأمر سهل، وهو الإجابة إلى الشهادتين، والمعاونة على هذا الأمر. وما من مؤمن يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر إلى يوم القيامة، إلا وله من هذا نصيب وافر، ومن لم يكن له من ذلك حظ فهو منافق، فكيف يجوز نسبة مثل هذا الكلام إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم؟!
السابع: أن حمزة وجعفراً وعبيدة بن الحارث أجابوا إلى ما أجابه عليّ من الشهادتين والمعاونة على هذا الأمر، فإن هؤلاء من السابقين الأولين الذين آمنوا بالله ورسوله في أول الأمر، بل حمزة أسلم قبل أن يصير المؤمنين أربعين رجلاً، وكان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في دار الأرقم بن أبي الأرقم، وكان اجتماع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم به في دار الأرقم، ولم يكن يجتمع هو وبنو عبد المطلب كلهم في دار واحدة، فإن أبا لهب كان مظهراً لمعاداة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولما حُصر بنو هاشم في الشِعب لم يدخل معهم أبو لهب.(17/8)
الثامن: أن الذي في الصحاح من نزول هذه الآية غير هذا. ففي الصحيحين عن ابن عمر وأبي هريرة – واللفظ له – عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لما نزلت: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } [الشعراء: 214] دعا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قريشاً، فاجتمعوا، فخص وعم فقال: "يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مُرَّة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار. فإني لا أملك لكم من الله شيئاً غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها"(1).
__________
(1) الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري 6/111-112 (كتاب التفسير، سورة الشعراء)، مسلم 1/192 (كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}، المسند (ط. الحلبي) 2/333، 360، 519 .(17/9)
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً لَمَّا نزلت هذه الآية قال: "يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا بني عبد المطلب لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً. يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاً. سلاني ما شئتما من مالي"(1) وخرجه مسلم من حديث ابن المخارق وزهير بن عمرو(2)، ومن حديث عائشة وقال فيه: "قام على الصفا"(3).
وقال في حديث قبيصة: "انطلق إلى رضمة من جبل، فعلا أعلاها حجراً، ثم نادى: يا بني عبد مناف إني لكم نذير، إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو فانطلق بربأ أهله، فخشي أن يسبقوه، فجعل يهتف: يا صباحاه"(4).
__________
(1) الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري 4/6-7 (كتاب الوصايا، باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب)، 4/185 (كتاب المناقب، باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية)، 6/112 (كتاب التفسير، سورة الشعراء)، مسلم 1/192-193 (كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}. والحديث في سنن النسائي والدارمي والمسند.
(2) الحديث في: مسلم في الموضع السابق 1/193 (رقم 353، 354).
(3) الحديث في: مسلم 1/192 (الموضع السابق) حديث رقم 350 .
(4) الحديث هو حديث ابن المخارق وزهير بن عمرو السابق، وابن المخارق هو قبيصة بن المخارق. والرضمة: حجارة مجتمعة ليست بثابتة في الأرض كأنها منثورة، وعبارة "فعلا أعلاها حجراً": أي فرقي في أرفعها، وكلمة "يربأ" على وزن يقرأ: معناه: يحفظهم ويتطلع لهم، ويقال لفاعل ذلك؛ ربيئة. وكلمة "واصباحاه" هي كلمة يعتادونها عند وقوع أمر عظيم، فيقولونها ليجتمعوا ويتأهبوا له.(17/10)
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس قال: "لما نزلت هذه الآية خرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتى صعد الصفا، فهتف: ”يا صباحاه“ فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد، فاجتمعوا إليه، فجعل ينادي: ”يا بني فلان، يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب“ وفي رواية: ”يا بني فهر، يا بني عدي، يا بني فلان“ لبطون قريش فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً ينظر ما هو، فاجتمعوا فقال: ”أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل، أكنتم مصدّقي“؟ قالوا: ما جربنا عليك كذباً. قال: ”فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد“ قال: فقال أبو لهب: تبّاً لك أما جمعتنا إلا لهذا؟ فقام فنزلت هذه السورة: { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } [المسد: 1](1).
وفي رواية: "”أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبّحكم ويمسّيكم أكنتم تصدّقوني“؟ قالوا: بلى"(2).
فإن قيل: فهذا الحديث قد ذكره طائفة من المفسرين والمصنِّفين في الفضائل، كالثعلبي والبغوي وأمثالهما والمغازلي.
__________
(1) الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما – مع اختلاف في الألفاظ – في: البخاري 6/111 (كتاب التفسير، سورة الشعراء)، 6/122 (كتاب التفسير، سورة سبأ)، 6/179-180 (كتاب التفسير، سورة تبت يدا أبي لهب وتب)، مسلم 1/193-194 (كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}، سنن الترمذي 5/121 (كتاب التفسير، ومن سورة تبت)، المسند (ط. المعارف) 4/186، 286 .
(2) هذه الرواية جزء من حديث عن ابن عباس رضي الله عنهما في: البخاري 6/122 (كتاب التفسير، سورة سبأ)، 6/180 (كتاب التفسير، سورة تبت يدا أبي لهب وتب).(17/11)
قيل له: مجرد رواية هؤلاء لا توجب ثبوت الحديث باتفاق أهل العلم بالحديث، فإن في كتب هؤلاء من الأحاديث الموضوعة ما اتفق أهل العلم على أنه كذب موضوع، وفيها شيء كثير يُعلم بالأدلة اليقينية السمعية والعقلية أنها كذب، بل فيها ما يُعلم بالاضطرار أنه كذب. والثعلبي وأمثاله لا يتعمدون الكذب، بل فيهم من الصلاح والدين ما يمنعهم من ذلك، لكن ينقلون ما وجدوه في الكتب، ويروون ما سمعوه، وليس لأحدهم من الخبرة بالأسانيد ما لأئمة الحديث، كشعبة، ويحيى بن سعيد القطَّان، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وإسحاق، ومحمد بن يحيى الذهلي، والبخاري، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، وأبي حاتم، وأبي زرعة الرازيين، وأبي عبد الله بن منده، والدارقطني، وأمثال هؤلاء من أئمة الحديث ونقاده وحكامه وحفاظه الذين لهم خبرة ومعرفة تامة بأحوال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأحوال من نقل العلم والحديث عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن بعدهم من نقلة العلم.
وقد صنَّفوا الكتب الكثيرة في معرفة الرجال الذين نقلوا الآثار وأسماءهم، وذكروا أخبارهم وأخبار من أخذوا عنه، ومن أخذ عنهم، مثل كتاب "العلل وأسماء الرجال" عن يحيى القطَّان، وابن المديني، وأحمد، وابن معين والبخاري، ومسلم، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والنسائي، والترمذي، وأحمد بن عدي، وابن حبان، وأبي الفتح الأزدي، والدارقطني وغيرهم.
وتفسير الثعلبي فيه أحاديث موضوعة وأحاديث صحيحة، ومن الموضوع فيه من الأحاديث التي في فضائل السور: سورة سورة.
وقد ذكر هذا الحديث الزمخشري والواحدي(1)، وهو كذب موضوع باتفاق أهل الحديث. وكذلك غير هذا.
__________
(1) ذكر الزمخشري هذا الحديث بمعناه مختصراً في تفسير "الكشاف" 3/131 (ط. مصطفى الحلبي 1385/ 1966) عند تفسير قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} (الشعراء: 214).(17/12)
وكذلك الواحدي تلميذ الثعلبي. والبغوي اختصر تفسيره من تفسير الثعلبي والواحدي، لكنهما أخبر بأقوال المفسرين منه، والواحدي أعلم بالعربية من هذا وهذا، والبغوي أتبع للسنة منهما.
وليس كون الرجل من الجمهور الذين يعتقدون خلافة الثلاثة يُوجب له أن كل ما رواه صدق، كما أن كونه من الشيعة لا يوجب أن يكون كل ما رواه كذباً، بل الاعتبار بميزان العدل.
وقد وضع الناس أحاديث كثيرة مكذوبة على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: في الأصول، والأحكام، والزهد، والفضائل، ووضعوا كثيراً من فضائل الخلفاء الأربعة، وفضائل معاوية.
ومن الناس من يكون قصده رواية ما رُوي في الباب، من غير تمييز بين صحيح وضعيف، كما فعله أبو نُعيم في فضائل الخلفاء وكذلك غيره ممن صنَّف في الفضائل، ومثل ما جمعه أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو علي الأهوازي وغيرهما في فضائل معاوية، ومثل ما جمعه النسائي في فضائل عليّ، وكذلك ما جمعه أبو القاسم بن عساكر في فضائل عليّ وغيره، فإن هؤلاء وأمثالهم قصدوا أن يرووا ما سمعوا من غير تمييز بين صحيح ذلك وضعيفه، فلا يجوز أن يُجزم بصدق الخبر بمجرد رواية الواحد من هؤلاء باتفاق أهل العلم.
وأما من يذكر الحديث بلا إسناد من المصنّفين في الأصول والفقه والزهد والرقائق، فهؤلاء يذكرون أحاديث كثيرة صحيحة، ويذكر بعضهم أحاديث كثيرة ضعيفة وموضوعة، كما يوجد ذلك في كتب الرقائق والرأي وغير ذلك.
الفصل الثاني
بيان أن إمامة عليّ لم تكن من الدين الذي أمر بتبليغه صلَّى الله عليه وسلَّم(17/13)
قال الرافضي: الثاني: الخبر المتواتر عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: أنه لَمّا نزل قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } [المائدة: 67] خطب الناس في غدير خُم وقال للجمع كله: يا أيها الناس ألست أولى منكم بأنفسكم؟ قالوا: بلى. قال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه. اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله. فقال عمر: بخٍ بخٍ، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. والمراد بالمولى هنا الأولى بالتصرف لتقدم التقرير منه صلَّى الله عليه وسلَّم بقوله: ألست أولى منكم بأنفسكم؟.
والجواب عن هذه الآية والحديث المذكور قد تقدم، وبيَّنّا أن هذا كذب، وأن قوله: { بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } [المائدة: 67] نزل قبل حجة الوداع بمدة طويلة.
ويوم الغدير إنما كان ثامن عشر ذي الحجة بعد رجوعه من الحج، وعاش بعد ذلك شهرين وبعض الثالث. ومما يبين ذلك أن آخر المائدة نزولاً قوله تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } [المائدة: 3] وهذه الآية نزلت بعرفة تاسع ذي الحجة في حجة الوداع، والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم واقف بعرفة، كما ثبت ذلك في الصحاح والسنن، وكما قاله العلماء قاطبة من أهل التفسير والحديث وغيرهم.
وغدير خم كان بعد رجوعه إلى المدينة ثامن عشر ذي الحجة بعد نزول هذه الآية بتسعة أيام، فكيف يكون قوله: { بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } [المائدة: 67] نزل ذلك الوقت، ولا خلاف بين أهل العلم أن هذه الآية نزلت قبل ذلك، وهي من أوائل ما نزل بالمدينة، وإن كان ذلك في سورة المائدة، كما أن فيها تحريم الخمر، والخمر حُرِّمت في أوائل الأمر عقب غزوة أحد.(17/14)
وكذلك فيها الحكم بين أهل الكتاب بقوله: { فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ } [المائدة: 42]. وهذه الآية نزلت إما في الحد لما رجم اليهوديين، وإما في الحكم بين قريظة والنضير لما تحاكموا إليه في الدماء، ورجم اليهوديين كان أول ما فعله بالمدينة، وكذلك الحكم بين قريظة والنضير، فإن بني النضير أجلاهم قبل الخندق، وقريظة قتلهم عقب غزوة الخندق.
والخندق باتفاق الناس كان قبل الحديبية، وقبل فتح خيبر، وذلك كله قبل فتح مكة وغزوة حنين، وذلك كله قبل حجة الوداع وحجة الوداع قبل خطبة الغدير.
فمن قال: إن المائدة نزل فيها شيء بغدير خم فهو كاذب مفتر باتفاق أهل العلم.(17/15)
وأيضاً فإن الله تعالى قال في كتابه: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } [المائدة: 67] فضمن له سبحانه أنه يعصمه من الناس إذا بلَّغ الرسالة ليؤمنه بذلك من الأعداء، ولهذا روي أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان قبل نزول هذه الآية يُحرس، فلما نزلت هذه الآية ترك ذلك(1).
وهذا إنما يكون قبل تمام التبليغ، وفي حجة الوداع تم التبليغ.
__________
(1) الحديث عن عائشة رضي الله عنه في: سنن الترمذي 4/317 (كتاب تفسير القرآن، باب سورة المائدة) ونصه: كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يُحرس حتى نزلت هذه الآية: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} فأخرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم رأسه من القبة، فقال لهم: ”يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله“ قال الترمذي: "هذا حديث غريب، وروى بعضهم هذا الحديث عن الجريري عن عبد الله بن شقيق. قال: كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يُحرس، ولم يذكروا فيه عائشة". وذكر ابن كثير الحديث في تفسيره وقال إن ابن أبي حاتم رواه عن عائشة وذكر رواية الترمذي له ثم قال: "وهكذا رواه جرير والحاكم في مستدركه من طريق مسلم بن إبراهيم به، ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وكذا رواه سعيد بن منصور عن الحارث بن أبي قدامة الأبادي عن الجريري عن عبد الله بن شقيق عن عائشة به". وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في "عمدة التفسير عن ابن كثير" (4/193): "إسناده صحيح، وهو في الترمذي (4/96)، والطبري: (76/122). والحاكم (2/313) ووافقه الذهبي على تصحيحه، ورواه بعضهم مرسلاً – عند الطبري وغيره – وأشار الترمذي إلى ذلك، وما هذه بعلة تقدح في صحة الموصول".(17/16)
وقال في حجة الوداع: ”ألا هل بلغت ألا هل بلغت“؟ قالوا: نعم. قال: ”اللهم اشهد“ وقال لهم: ”أيها الناس إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله. وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون“؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فجعل يرفع إصبعه إلى السماء وينكبها إلى الأرض ويقول: ”اللهم اشهد، اللهم اشهد“ وهذا لفظ حديث جابر في صحيح مسلم وغيره من الأحاديث الصحيحة(1).
وقال: ”ليبلِّغ الشاهد الغائب، فربَّ مُبلَّغٍ أوعى من سامع“(2).
فتكون العصمة المضمونة موجودة وقت التبليغ المتقدم، فلا تكون هذه الآية نزلت بعد حجة الوداع، لأنه قد بلَّغ قبل ذلك، لأنه حينئذ لم يكن خائفاً من أحدٍ يحتاج أن يُعصم منه، بل بعد حجة الوداع كان أهل مكة والمدينة وما حولهما كلهم مسلمين منقادين له ليس فيهم كافر، والمنافقون مقموعون مُسِرُّون للنفاق، ليس فيهم من يحاربه، ولا من يخاف الرسول منه. فلا يُقال له في هذه الحال: { بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } [المائدة: 67].
__________
(1) الحديث – مع اختلاف في الألفاظ – عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه في: مسلم 2/890 (كتاب الحج، باب حجة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم)، المسند (ط. الحلبي) 4/367 .
(2) الحديث عن أبي بكرة رضي الله عنه في: البخاري 2/176-177 (كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى) وهو بمعناه في: البخاري 1/20 (كتاب العلم، باب قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: رُبّ مبلغ أوعى من سامع).(17/17)
وهذا مما يبين أن الذي جرى يوم الغدير لم يكن مما أمر بتبليغه، كالذي بلَّغه في حجة الوداع، فإن كثيراً من الذين حجُّوا معه – أو أكثرهم – لم يرجعوا معه إلى المدينة، بل رجع أهل مكة إلى مكة، وأهل الطائف إلى الطائف، وأهل اليمن إلى اليمن، وأهل البوادي القريبة من ذاك إلى بواديهم. وإنما رجع معه أهل المدينة ومن كان قريباً منها.
فلو كان ما ذكره يوم الغدير مما أمر بتبليغه، كالذي بلَّغه في الحج، لبلَّغه في حجة الوداع كما بلَّغ غيره، فلما لم يذكر في حجة الوداع إمامةً ولا ما يتعلق بالإمامة أصلاً، ولم ينقل أحد بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه في حجة الوداع ذكر إمامة عليّ، بل ولا ذكر عليّاً في شيء من خطبته، وهو المجمع العام الذي أمر فيه بالتبليغ العام، عُلم أن إمامة عليّ لم تكن من الدين الذي أمر بتبليغه، بل ولا حديث الموالاة وحديث الثقلين ونحو ذلك مما يُذكر في إمامته.
والذي رواه مسلم أنه بغدير خم قال: ”إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله“ فذكر كتاب الله وحضَّ عليه ثم قال: ”وعترتي أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي“ ثلاثاً. وهذا مما انفرد به مسلم(1)، ولم يروه البخاري، وقد رواه الترمذي وزاد فيه: ”وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض“(2).
__________
(1) مسلم 4/1873-1874 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عليّ ابن أبي طالب رضي الله عنه).
(2) الحديث بألفاظ مقاربة عن زيد بن أرقم وأبي سعيد الخدري وزيد بن ثابت رضي الله عنهم في: سنن الترمذي 5/328-329 (كتاب المناقب، باب مناقب أهل بيت النبي صلَّى الله عليه وسلَّم)، المسند (ط. الحلبي) 3/14، 17، 26، 59، 15/181-182، 189-190. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب".(17/18)
وقد طعن غير واحد من الحفاظ في هذه الزيادة، وقال: إنها ليست من الحديث. والذين اعتقدوا صحتها قالوا: إنما يدل على أن مجموع العترة الذين هم بنو هاشم لا يتفقون على ضلالة. وهذا قاله طائفة من أهل السنة، وهو من أجوبة القاضي أبي يعلى وغيره.
والحديث الذي في مسلم، إذا كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قد قاله، فليس فيه إلا الوصية باتِّباع كتاب الله. وهذا أمر قد تقدمت الوصية به في حجة الوداع قبل ذلك، وهو لم يأمر باتباع العترة، ولكن قال: ”أذكركم الله في أهل بيتي“ وتذكير الأمة بهم يقتضي أن يذكروا ما تقدم الأمر به قبل ذلك من إعطائهم حقوقهم، والامتناع من ظلمهم، وهذا أمر قد تقدم بيانه قبل غدير خُم.
فعلم أنه لم يكن في غدير خُم أمر يشرع نزل إذ ذاك، لا في حق عليّ ولا غيره، لا إمامته ولا غيرها.
لكن حديث الموالاة قد رواه الترمذي وأحمد في مسنده عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: ”من كنت مولاه فعليّ مولاه“. وأما الزيادة وهي قوله: ”اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه..“ إلخ، فلا ريب أنه كذب(1)
__________
(1) قال أبو عبد الرحمن: الحق خلاف ما ذهب إليه الإمام ابن تيمية رحمة الله عليه، والزيادة التي ذكرها ابن تيمية صحيحة. وقد أفاض العلامة الألباني – حفظه الله تعالى – في تخريج حديث الموالاة، واذكر كلامه بتمامه – لينتفع به طلبة العلم – ثم أعقب على كلامه بما يتيسر، وهذا التعقيب – رغم احترامي وتقديري لفضيلته – إنما هو محاولة إثبات أن ابن تيمية رحمه الله تعالى لم ينفرد بتضعيف حديث الموالاة وتلك الزيادة التي ذكرها رحمه الله تعالى.
قال العلامة الألباني – حفظه الله تعالى – في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" ج4 ص330 وما بعدها، بعد أن أورد حديث الموالاة:
ورد من حديث زيد بن أرقم، وسعد بن أبي وقاص، وبريدة بن الحصيب، وعليّ بن أبي طالب، وأبي أيوب الأنصاري، والبراء بن عازب، وعبد الله بن عباس، وأنس بن مالك، وأبي سعيد، وأبي هريرة.
1 - حديث زيد، وله عنه طرق خمس:
الأولى: عن أبي الطفيل عنه قال: لما دفع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من حجة الوداع، ونزل غدير (خُم)، أمر بدوحات فقُمِمنَ، ثم قال: كأني دعيت فأجبت، وإني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض، ثم قال: ”إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن“. ثم إنه أخذ بيد عليّ رضي الله عنه فقال:
”من كنت وليه، فهذا وليه، اللهم والِ من والاه، وعاد من عاداه“.
أخرجه النسائي في "خصائص عليّ" (ص15) والحاكم (3/109) وأحمد (1/118) وابن أبي عاصم (1365) والطبراني (4969-4970) عن سليمان الأعمش قال: حدثنا حبيب بن أبي ثابت عنه، وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
قلت: سكت عنه الذهبي، وهو كما قال لولا أن حبيباً كان مدلساً، وقد عنعنه. لكنه لم يتفرد به، فقد تابعه فطر بن خليفة عن أبي الطفيل قال: "جمع عليّ رضي الله عنه الناس في الرحبة ثم قال لهم: أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام، فقام ثلاثون من الناس، (وفي رواية: فقام ناس كثير) فشهدوا حين أخذ بيده فقال للناس: ”أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم“؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: ”من كنت مولاه، فهذا مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه“.
قال: فخرجت وكأن في نفسي شيئاً، فلقيت زيد بن أرقم، فقلت له: إني سمعت عليّاً يقول كذا وكذا، قال: فما تنكر، قد سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول ذلك له".
أخرجه أحمد (4/370) وابن حبان في "صحيحه" (2205 – موارد الظمآن) وابن أبي عاصم (1367 و1368) والطبراني (4968) والضياء في "المختارة" (رقم 527 بتحقيقي).
قلت: وإسناده صحيح على شرط البخاري.
وقال الهيثمي في "المجمع" (9/104): "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة، وهو ثقة".
وتابعه سلمة بن كهيل قال: سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم – شك شعبة – عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم به مختصراً: ”من كنت مولاه، فعلي مولاه“.
أخرجه الترمذي (2/298) وقال: "حديث حسن صحيح".
قلت: وإسناده على شرط الشيخين.
وأخرجه الحاكم (3/109-110) من طريق محمد بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبي الطفيل عن ابن واثلة أنه سمع زيد بن أرقم به مطولاً نحو رواية حبيب دون قوله: "اللهم والِ....". وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
ورده الذهبي بقوله: "قلت: لم يخرجا لمحمد، وقد وهاه السعدي".
قلت: وقد خالف الثقتين السابقين فزاد في السند ابن واثلة، وهو من أوهامه. وتابعه حكيم بن جبير – وهو ضعيف – عن أبي الطفيل به. أخرجه الطبراني (4971).
الثانية: عن ميمون أبي عبد الله به نحو حديث حبيب. أخرجه أحمد (4/372) والطبراني (5092) من طريق أبي عبيد عنه. ثم أخرجه من طريق شعبة، والنسائي (ص16) من طريق عوف كلاهما عن ميمون به دون قوله: "اللهم وال" إلا أن شعبة زاد: "قال ميمون: فحدثني بعض القوم عن زيد أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: اللهم...).
وقال الهيثمي: "رواه أحمد والبزار، وفيه ميمون أبو عبد الله البصري، وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة". قلت: وصحح له الحاكم (3/125).
الثالث: عن أبي سليمان (المؤذن) عنه قال: "استشهد عليّ الناس. فقال: أنشد الله رجلاً سمع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: اللهم من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعاد من عاداه"، قال: فقام ستة عشر رجلاً فشهدوا". أخرجه أحمد (5/370) وأبو القاسم هبة الله البغدادي في الثاني من "الأمالي" (ق20/2) عن أبي إسرائيل الملائي عن الحكم عنه. قال أبو القاسم: "هذا حديث حسن، صحيح المتن". وقال الهيثمي (9/107): "رواه أحمد وفيه أبو سليمان، ولم أعرفه إلا أن يكون بشير بن سليمان، فإن كان هو فهو ثقة، وبقية رجاله ثقات". وعلق عليه الحافظ ابن حجر بقوله: "أبو سليمان هو زيد بن وهب كما وقع عند الطبراني".
قلت: وهو ثقة من رجال البخاري، لكن وقع عند أبي القاسم تلك الزيادة "المؤذن"، ولم يذكروها في ترجمة زيد هذا، فإن كانت محفوظة، فهي فائدة تلحق بترجمته.
لكن أبو إسرائيل واسمه إسماعيل بن خليفة مختلف فيه، وفي "التقريب": "صدوق سيئ الحفظ".
قلت: فحديثه حسن في الشواهد. ثم استدركت فقلت: قد أخرجه الطبراني أيضاً (4996) من الوجه المذكور لكن وقع عنده: "عن أبي سليمان المؤذن" بدون المثناة بين اللام والميم، وهو الصواب فقد ترجمه المزي في "التهذيب" فقال: "أبو سليمان المؤذن: مؤذن الحجاج، اسمه يزيد بن عبد الله، يروي عن زيد بن أرقم، ويروي عنه الحكم بن عتيبة وعثمان بن المغيرة الثقفي ومسعر بن كدام، ومن عوالي حديثه ما أخبرنا..". ثم ساق الحديث من الطرق المذكورة. وقال: "ذكرناه للتمييز بينهما". يعني: أن أبا سليمان المؤذن هذا هو غير أبي سليمان المؤذن، قيل: اسمه همام... الذي ترجمه قبل هذا، وهذه فائدة هامة لم يذكرها الذهبي في كتابه "الكاشف".
قلت: فهو إذن أبو سلمان وليس (أبو سليمان)، وبالتالي فليس هو زيد بن وهب كما ظن الحافظ، وإنمايزيد بن عبد الله كما جزم المزي، وإن مما يؤيد هذا أن الطبراني أورد الحديث في ترجمة (أبو سلمان المؤذن عن زيد بن أرقم) وساق تحتها ثلاثة أحاديث هذا أحدهما.
نعم وقع عنده (4985) من رواية إسماعيل بن عمرو البجلي: حدثنا أبو إسرائيل الملائي عن الحكم عن أبي سليمان زيد بن وهب عن زيد بن أرقم... وهذه الرواية هي التي أشار إليها الحافظ واعتمد عليها في الجزم بأنه أبو سليمان زيد بن وهب، وخفي عليه أن فيها إسماعيل بن عمرو البجلي، وهو ضعيف، ضعفه أبو حاتم والدارقطني كما ذكر ذلك الحافظ نفسه في "اللسان".
الرابعة: عن يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم قال: "خرجنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتى انتهينا إلى غدير (خم)...". الحديث نحو الطريق الأولى، وفيه: "يا أيها الناس إنه لم يبعث نبي قط إلا عاش نصف ما عاش الذي قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده: كتاب الله..". الحديث.
وفيه حديث الترجمة دون قوله: "اللهم والِ....". أخرجه الطبراني (4986) ورجاله ثقات.
الخامسة: عن عطية العوفي قال: سألت زيد بن أرقم... فذكره بنحوه دون الزيادة إلا أنه قال: "قال: فقلت له: هل قال: اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه؟ قال: إنما أخبرك كما سمعت". أخرجه أحمد 4/368 والطبراني (5068-5071) ورجاله ثقات، رجال مسلم غير عطية، وهو ضعيف. وله عند الطبراني (4983 و5058 و5059) طرق أخرى لا تخلو من ضعف.
2 - سعد بن أبي وقاص، وله عنه ثلاث طرق:
الأولى: عن عبد الرحمن بن سابط عنه مرفوعاً بالشطر الأول فقط. أخرجه ابن ماجه (121). قلت: وإسناده صحيح.
الثانية: عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه به. أخرجه النسائي في "الخصائص" (16) وإسناده صحيح أيضاً، رجاله ثقات رجال البخاري غير أيمن والد عبد الواحد، وهو ثقة كما في "التقريب".
الثالثة: عن خيثمة بن عبد الرحمن عنه به وفيه الزيادة. أخرجه الحاكم (3/116) من طريق مسلم الملائي عنه.
قال الذهبي في "تلخيصه": "سكت الحاكم عن تصحيحه، ومسلم متروك".
3 - حديث بريدة، وله عنه ثلاث طرق:
الأولى: عن ابن عباس عنه قال:
خرجت مع عليّ رضي الله عنه إلى اليمن فرأيت منه جفوة، فقدمت على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فذكرت عليّاً، فتنقصته، فجعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يتغير وجهه، فقال: ”يا بريدة! ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم“؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: ”من كنت مولاه، فعلي مولاه“. أخرجه النسائي والحاكم (3/110) وأحمد (5/347) من طريق عبد الملك بن أبي غَنِيَّة قال: أخبرنا الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وتصحيح الحاكم على شرط مسلم وحده قصور.
وابن أبي غَنِيَّة بفتح الغين المعجمة وكسر النون وتشديد التحتانية ووقع في المصدرين المذكورين (عيينة) وهو تصحيف، وهذا اسم جده، واسم أبيه حميد.
الثانية: عن ابن بريدة عن أبيه:
"أنه مر على مجلس وهم يتناولون من عليّ فوقف عليهم، فقال: إنه قد كان في نفسي على عليّ شيء، وكان خالد بن الوليد كذلك، فبعثني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في سرية عليها عليّ، وأصبنا سبياً، قال: فأخذ عليّ جارية من الخمس لنفسه، فقال خالد بن الوليد: دونك، قال: فلما قدمنا على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم جعلت أحدثه بما كان، ثم قلت: إن عليّاً أخذ جارية من الخمس، قال: وكنت رجلاً مكباباً، قال: فرفعت رأسي، فإذا وجه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قد تغير، فقال.." فذكر الشطر الأول.
أخرجه النسائي وأحمد (5/350 و358 و361) والسياق له من طرق عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عنه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين أو مسلم. فإن ابن بريدة إن كان عبد الله، فهو من رجالهما، وإن كان سليمان فهو من رجال مسلم وحده.
وأخرج ابن حبان (2204) من هذا الوجه المرفوع منه فقط.
الثالثة: عن طاووس عن بريدة به دون قوله: "اللهم...".
أخرجه الطبراني في "الصغير" (رقم – 171 – الروض) و"الأوسط" (341) من طريقين عن عبد الرزاق بإسنادين له عن طاووس. ورجاله ثقات.
4 - عليّ بن أبي طالب، وله عنه تسعُ طرق:
الأولى: عن عمرو بن سعيد أنه سمع عليّاً رضي الله عنه وهو ينشد في الرحبة: من سمع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: (فذكر الشطر الأول) فقام ستة نفر فشهدوا.
أخرجه النسائي من طريق هانئ بن أيوب عن طاووس (الأصل: طلحة) عن عمرو بن سعيد (الأصل: سعد).
قلت: وهاني قال ابن سعد: فيه ضعف. وذكره ابن حبان في "الثقات" فهو ممن يستشهد به في الشواهد والمتابعات.
الثانية: عن زاذان بن عمر قال:
"سمعت عليّاً في الرحبة..." الحديث مثله. وفيه أن الذين قاموا فشهدوا ثلاثة عشر رجلاً.
أخرجه أحمد (1/84) وابن أبي عاصم (1372) من طريق أبي عبد الرحيم الكندي عنه.
قلت: والكندي هذا لم أعرفه، وبيض له في "التعجيل"، وقال الهيثمي: "رواه أحمد وفيه من لم أعرفهم".
والثالثة والرابعة: عن سعيد بن وهب وعن زيد بن يُيع قالا:
نشد عليّ الناس في الرحبة: من سمع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول يوم غدير خم إلا قام، فقام من قبل سعيد ستة، ومن قبل زيد ستة، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لعلي رضي الله عنه يوم غدير خم:
”أليس الله أولى بالمؤمنين“ قالوا: بلى، قال: ”اللهم من كنت مولاه...“ الحديث بتمامه.
أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد "المسند" (1/118) وعنه الضياء المقدسي في "المختارة" (456 بتحقيقي) من طريق شريك عن أبي إسحاق عنهما.
ومن هذا الوجه أخرجه النسائي (16)، لكنه لم يذكر سعيد بن وهب في السند، وزاد في آخره:
"قال شريك: فقلت لأبي إسحاق: هل سمعت البراء بن عازب يحدث بهذا عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قال: نعم".
قال النسائي: عمران بن أبان الواسطي ليس بالقوي في الحديث. يعني راويه عن شريك.
قلت: لكنه عند ابن أبي عاصم (1375) من طريق آخر عن شريك.
قلت: وشريك هو ابن عبد الله القاضي وهو سيئ الحفظ. وحديثه جيد في الشواهد، وقد تابعه شعبة عند النسائي (ص16) وأحمد ببعضه (5/366) وعنه الضياء في "المختارة" (رقم 455 – بتحقيقي).
وتابعه غيره كما سيأتي بعد الحديث (10).
الخامسة: عن شريك أيضاً عن أبي إسحاق عن عمرو ذي مُر يمثل حديث أبي إسحاق يعني عن سعيد وزيد وزاد فيه: "وانصر من نصره، واخذل من خذله".
أخرجه عبد الله أيضاً، وقد عرفت حال شريك. وعمرو ذي مر، لم يذكر فيه ابن أبي حاتم (3/1/232) شيئاً.
السادسة: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:
"شهدتُ عليّاً رضي الله عنه في الرحبة ينشد الناس.." فذكره مثله دون زيادة "وانصر...".
أخرجه عبد الله بن أحمد (1/119) من طريق يزيد بن أبي زياد وسماك بن عبيد بن الوليد العبسي عنه.
قلت: وهو صحيح بمجموع الطريقين عنه، وفيهما أن الذين قاموا اثنا عشر. زاد في الأولى: بدرياً.
السابعة والثامنة: عن أبي مريم ورجل من جلساء عليّ عن عليّ أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال يوم غدير خم... فذكره دون الزيادة، وزاد:
"قال: فزاد الناس بعد: والِ من والاه، وعادِ من عاداه".
أخرجه عبد الله (1/152) عن نعيم بن حكيم: حدثني أبو مريم ورجل من جلساء عليّ.
وهذا سند لا بأس به في المتابعات، أبو مريم مجهول. كما في "التقريب".
التاسعة: عن طلحة بن مصرف قال: سمعت المهاجر بن عميرة أو عميرة بن المهاجر يقول: سمعت عليّاً رضي الله عنه ناشد الناس.... الحديث مثل رواية ابن أبي ليلى.
أخرجه ابن أبي عاصم (1373) بسند ضعيف عنه، وهو المهاجر بن عميرة. كذا ذكره في "الجرح والتعديل" (4/1/261) من رواية عدي بن ثابت الأنصاري عنه. ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وكذا هو في "ثقات ابن حبان" (3/256).
5 - أبو أيوب الأنصاري. يرويه رباح بن الحارث قال:
"جاء رهط إلى عليّ بالرحبة، فقالوا: السلام عليكم يا مولانا، قال: كيف أكون مولاكم، وأنتم قوم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوم غدير خم يقول: (فذكره دون الزيادة) قال رباح: فلما مضوا تبعتهم فسألت: من هؤلاء؟ قالوا: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري".
أخرجه أحمد (5/419) والطبراني (4052 و4053) من طريق حنش بن الحارث بن لقيط النخعي الأشجعي عن رباح بن الحارث.
قلت: وهذا إسناد جيد رجاله ثقات.
وقال الهيثمي: "رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد ثقات".
6 - البراء بن عازب. يرويه عدي بن ثابت عنه قال: "كنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في سفر فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا: الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تحت شجرتين فصلى الظهر، وأخذ بيد عليّ رضي الله تعالى عنه، فقال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟..." الحديث مثل رواية فطر بن خليفة عن زيد. وزاد:
"قال: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال له: هنيئاً يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة".
أخرجه أحمد وابنه في زائدة (4/281) وابن ماجه (116) مختصراً من طريق علي بن زيد عن عدي بن ثابت.
ورجاله ثقات رجال مسلم غير علي بن زيد وهو ابن جدعان، وهو ضعيف وله طريق ثانية عن البراء تقدم ذكرها في الطريق الثانية والثالثة عن عليّ.
7 - ابن عباس. يرويه عنه عمرو بن ميمون مرفوعاً دون الزيادة.
أخرجه أحمد (1/330-331) وعنه الحاكم (3/132-134) وقال: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.
8 و 9 و 10 – أنس بن مالك وأبو سعيد وأبو هريرة. يرويه عنهم عَميرة بن سعد قال: شهدت عليّاً رضي الله عنه على المنبر يناشد أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: من سمع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوم غدير (خُم) يقول ما قال فليشهد. فقام اثنا عشر رجلاً، منهم أبو هريرة وأبو سعيد وأنس بن مالك، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: فذكره.
أخرجه الطبراني في "الصغير" (ص33 – هندية رقم 116 – الروض) وفي "الأوسط" (رقم 2442) عن إسماعيل بن عمر: حدثنا مسعر عن طلحة بن مصرف عن عَميرة بن سعد به وقال: "لم يروه عن مسعر إلا إسماعيل".
قلت: وهو ضعيف، ولذلك قال الهيثمي (9/108) بعد ما عزاه للمعجمين: "وفي إسناده لين".
قلت: لكن يقويه أن له طرقاً أخرى عن أبي هريرة وأبي سعيد وغيرهما من الصحابة.
أما حديث أبي هريرة، فيرويه عكرمة بن إبراهيم الأزدي: حدثني إدريس بن يزيد الأودي عن ابيه عنه.
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1105) وقال: "لم يروه عن إدريس إلا عكرمة".
قلت: وهو ضعيف.
وأما حديث أبي سعيد، فيرويه حفص بن راشد: أخبرنا فضيل بن مرزوق عن عطية. عنه.
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (8599) وقال:
"لم يروه عن فضيل إلا حفص بن راشد".
قلت: ترجمه ابن أبي حاتم (1/2/172-173) فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وأما غيرهما من الصحابة، فروى في "الأوسط" (2302 و7025) من طريقين عن عميرة بن سعد قال:
سمعت عليّاً ينشد الناس: من سمع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: (فذكره)، فقام ثلاث عشر فشهدوا أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: فذكره.
وعميرة موثّق.
ثم روى الطبراني فيه (5301) عن عبد الله بن الأجلح عن أبيه عن أبي إسحاق عن عمرو بن ذي مُر قال: سمعت عليّاً.. الحديث، إلا أنه قال: ".. اثنا عشر".
وقال: "لم يروه عن الأجلح إلا ابنه عبد الله".
قلت: وهو ثقة، وقد رواه حبيب بن حبيب أخو حمزة الزيات عن أبي إسحاق عن عمرو بن ذي مر وزيد بن أرقم قالا:
خطب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوم غدير (خُم) فقال: فذكره، وزاد:
"... وانصر من نصره، وأعن من أعانه".
أخرجه الطبراني في "الكبير" (5059).
وحبيب هذا ضعيف كما قال الهيثمي (9/108).
وأخرج عبد الله بن أحمد في "زوائده على المسند" (1/118) عن سعيد بن وهب وزيد بن يثيع قالا:
نشد عليّ الناس في الرحبة: من سمع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول يوم غدير (خم) إلا قام، فقام من قبل سعيد ستة، ومن قبل زيد ستة، فشهدوا... الحديث. وقد مضى في الحديث الرابع – الطريق الثانية والثالثة.
وإسناده حسن، وأخرجه البزار بنحوه وأتم منه.
وللحديث طرق أخرى كثيرة، جمع طائفة كبيرة منها الهيثمي في "المجمع" (9/103-108)، وقد ذكرت وخرجت ما تيسر لي منها مما يقطع الواقف عليها بعد تحقيق الكلام على أسانيدها بصحة الحديث يقيناً، وإلا فهي كثيرة جداً، وقد
وأما قوله في الطريق الخامس من حديث عليّ رضي الله عنه:
"وانصر من نصره، واخذل من خذله".
ففي ثبوته عندي وقفة، لعدم ورود ما يجبر ضعفه، وكأنه رواية بالمعنى للشطر الآخر من الحديث: "اللهم والِ من والاه، وعاد من عاداه".
ومثله قول عمر لعلي: "أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة".
لا يصح أيضاً لتفرد عليّ بن زيد به كما تقدم.
إذا عرفت هذا، فقد كان الدافع لتحرير الكلام على الحديث وبيان صحته أنني رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية، قد ضعف الشطر الأول من الحديث، وأما الشطر الآخر، فزعم أنه كذب! وهذا من مبالغاته الناتجة في تقديري من تسرعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها ويدقق النظر فيها. والله المستعان.
أما ما يذكره الشيعة في هذا الحديث وغيره أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال ي عليّ رضي الله عنه: "إنه خليفتي من بعدي".
فلا يصح بوجه من الوجه، بل هو من أباطيلهم الكثيرة، التي دل الواقع التاريخي على كذبها، لأنه لو فرض أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قاله لوقع كما قال، لأنه { وَحْيٌ يُوحَى } [النجم: 4]، والله سبحانه لا يخلف وعده، وقد خرجت بعض أحاديثهم في ذلك في الكتاب الآخر: "الضعيفة" (4923 و4932) في جملة أحاديث لهم احتج بها عبد الحسين في "المراجعات" بيّنت وهاءها وبطلانها، وكذبه هو في بعضها، وتقوله على أئمة السنة فيها.
قال أبو عبد الرحمن: لم ينفرد ابن تيمية رحمه الله تعالى بتضعيف الشطر الأول وبتكذيب الشطر الآخر. وللاستزادة انظر: الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي: (2/772)، (3/948، 1107)، (4/1327)، (5/1691)، (6/2102، 2222، 2378). والعلل المتناهية لابن الجوزي 1/223 .
وحديث الموالاة لا شك أنه من المتواتر، والزيادة رويت بأسانيد قوية. والحق خلاف ما ذهب إليه ابن تيمية وكذلك ابن حزم رحمهما الله تعالى، فالحق أحق بأن يتبع.(17/19)