والحقيقة غير هذا تمامًا، فالأمّة معصومة بكتاب ربّها وسنّة نبيّها صلى الله عليه وسلم، ولا تجمع الأمّة على ضلالة، وعصمة الأمّة مغنية عن عصمة الإمام، وهذا مما ذكره العلماء في حكمة عصمة الأمة قالوا: لأن من كان من الأمم قبلنا كانوا إذا بدلوا دينهم بعث الله نبيًا يبين الحق، وهذه الأمّة لا نبي بعد نبيّها، فكانت عصمتها تقوم مقام النّبوّة، فلا يمكن أحد منهم أن يبدّل شيئًا من الدّين إلا أقام الله من يبيّن خطأه فيما بدّله، ولذلك فإنّ الله – سبحانه – قرن سبيل المؤمنين بطاعة رسوله في قوله – عزّ وجلّ -: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} [النّساء، آية: 155.].
فعصمة الأمة وحفظها من الضلال – كما جاءت بذلك النصوص الشرعية – تخالف تمامًا من "يوجب عصمة واحد من المسلمين، ويجوز على مجموع المسلمين – إذا لم يكن فيهم معصوم – الخطأ" [المنتقى (مختصر منهاج السنة): ص410.].
وكل ما سطروه وملأوا به الصفحات من أدلة عقلية تؤكد الحاجة إلى معصوم قد تحققت بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك فإن الأمة ترد عند التنازع إلى ما جاء به الرسول من الكتاب والسنة ولا ترد إلى الإمام {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ} [النّساء، آية:59.]. "قال العلماء: إلى كتاب الله، وإلى نبيّه صلى الله عليه وسلم، فإن قبض فإلى سنّته" [ابن عبد البرّ/ التّمهيد: 4/264.]، وهي بهدي الكتاب والسنة لا تجمع على ضلالة؛ لأنها لن تخلو من متمسك بهما إلى أن تقوم الساعة.(6/297)
ولهذا فإن الحجة على الأمة قامت بالرسل، قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ} إلى قوله: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النّساء، آية:165.]، ولم يقل – سبحانه -: والأئمة، وهذا يبطل قول من أحوج الخلق إلى غير الرسل كالأئمة [انظر: ابن تيمية/ الفتاوى: 19/66.].
وأدلّتهم العقليّة التي تؤكّد الحاجة إلى إمام معصوم، وأنّ الأمّة بدونه لا إيمان لها ولا أمان، هذه الحجج هي أيضًا تؤدّي في النّهاية إلى إبطال عصمة الأئمّة عندهم؛ لأنّ أئمّتهم لم يتحقّق بهام مقاصد الإمامة التي يتحدّثون عنها.
والواقع أنّه يكفي من ذلك انتهاء ظهور الإمام عندهم منذ سنة (260ه)، سواء كان لم يوجد أصلاً – كما يقوله أكثر الفرق الشّيعيّة التي وجدت إثر وفاة الحسن، وكما تقوله أسرة الحسن وعلى رأسهم أخوه جعفر، وكما يؤكّده علماء النّسب والتّاريخ، كما سيأتي – أو هو مختف لم يظهر – كما تقوله الاثنا عشريّة – فإنّ هذا الغائب الموعود أو المعدوم لم ينتفع به في دين ولا دنيا.(6/298)
وهذه ثلمة لا تسد، وفتق لا يرتق في المذهب الاثني عشري لا يبقي ولا يذر لحججهم وزنًا ولا أثرًا، وكذلك أجداده من قبل إذ لم يتول منهم أحد ما عدا أمير المؤمنين علي، والحسن قبله تنازله، ولهذا قال أهل العلم: إن دعوى العصمة عندهم ليس عليها دليل إلا زعمهم بأن الله لم يخل العالم من أئمة معصومين لما في ذلك من المصلحة واللطف.. وكذلك أجداده المتقدمون لم يحصل بهم المصلحة واللطف الحاصلة من إمام معصوم ذي سلطان كما كان النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، فإنه كان إمام المؤمنين الذي يجب عليهم طاعته، ويحصل بذلك سعادتهم، ولم يحصل بعده أحد له سلطان تدعى له العصمة إلا علي – رضي الله عنه – ومن المعلوم أن المصلحة واللّطف الذي كان المؤمنون فيها زمن الخلفاء الثّلاثة أعظم من المصلحة واللّطف الذي كان في خلافة علي زمن القتل والفتنة والافتراق [منهاج السّنّة: 2/104.].
أما من دون علي فإنما كان يحصل للناس من علمه ودينه مثل ما يحصل من نظرائه، وكان علي بن الحسين وابنه أبو جعفر، وابنه جعفر بن محمد يعلمون الناس ما علمهم الله كما علمه علماء زمانهم، وكان في زمانهم من هو أعلم منهم وأنفع للأمة، وهذا معروف عند أهل العلم، ولو قدر أنهم كانوا أعلم وأدين فلم يحصل من أهل العلم والدين ما يحصل من ذوي الولاية من القوة والسلطان، وإلزام الناس بالحق ومنعهم باليد عن الباطل.
وأما من بعد الثلاثة كالعسكريين فهؤلاء لم يظهر عليهم علم تستفيده الأمة، ولا كان لهم يد تستعين بها الأمة؛ بل كانوا كأمثالهم من الهاشميين لهم حرمة ومكانة، وفيهم من معرفة ما يحتاجون إليه في الإسلام والدين ما في أمثالهم، وهو ما يعرفه كثير من عوام المسلمين.. ولذلك لم يأخذ عنهم أهل العلم كما أخذوا عن أولئك الثلاثة [منهاج السنة: 3/248.].
نقد عام لمبدأ "عصمة الأئمة":(6/299)
دعوى العصمة للأئمّة تضاهي المشاركة في النّبوّة، فإنّ المعصوم يجب اتّباعه في كلّ ما يقول، ولا يجوز أن يخالف في شيء، وهذه خاصّة الأنبياء ولهذا أمرنا أن نؤمن بما أنزل إليهم فقال – تعالى -: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة، آية:136] فأمرنا أن نقول: آمنا بما أوتي النبيون.. فالإيمان بما جاء به النبيون مما أمرنا أن نقوله ونؤمن به، وهذا ما اتفق عليه المسلمون.. فمن جعل بعد الرّسول معصومًا يجب الإيمان بكلّ ما يقوله فقد أعطاه معنى النّبوّة، وإن لم يعطه لفظها [منهاج السّنّة: 3/174.].
وهذا مخالف لدين الإسلام، للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها.
أما القرآن فقال – سبحانه -: {وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ} [النّساء، آية:59.]، فلم يأمرنا بالرد عند التنازع إلا إلى الله والرسول، ولو كان للناس معصوم غير الرسول صلى الله عليه وسلم لأمرهم بالرد إليه؛ فدل القرآن أن لا معصوم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم [منهاج السنة: 2/105.].(6/300)
وقال – تعالى -: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النّساء، آية: 69.]، وقال: {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن، آية:23.] فدل القرآن – في غير موضع – على أن من أطاع الرسول كان من أهل السعادة، ولم يشترط في ذلك طاعة معصوم آخر، ومن عصى الرسول كان من أهل الوعيد وإن قدر أنه أطاع من ظن أنه معصوم.
وقد اتفق أهل العلم أهل الكتاب والسنة على أن كل شخص – سوى الرسول – فإنه يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يجب تصديقه في كل ما أخبر، واتباعه فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع فإنه المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى [منهاج السنة: 3/175.].
والسنة المطهرة دلت على ذلك، ولكنهم – كما سلف – لا يرجعون إلا إلى أقوال أئمتهم، وإليك ما ينقض مذهبهم من أقوالهم:
جاء في نهج البلاغة – الذي لا تشك الشيعة في كلمة منه – ما يهدم كل ما بنوه من دعاوى في عصمة الأئمة؛ حيث قال أمير المؤمنين – كما يروي صاحب النهج -: "لا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بي استثقالاً في حق قيل لي، ولا التماس إعظام النفس، فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفوا عن مقالة بحق، أو مشهورة بعد، فإنّي لست في نفسي بفوق أن أخطئ ولا آمن ذلك من فعلي" [نهج البلاغة: ص335.].(6/301)
فأمير المؤمنين يطلب من أصحابه ألا يترددوا في إبداء النصيحة والمشورة، ولا يمنعهم من ذلك المجاملة والمصانعة، أو أن يظن به أنه لا يقبل الحق إذا قيل له، استثقالاً له وتعظيمًا لنفسه، فإن الحكم الذي لا يقبل مشورة الرعية ولا يرضى أن يقال له: أخطأت هو عن العمل بالحق والعدل أبعد؛ لأن من يثقله استماع النصيحة فهو عن العمل بها أعجز، فلا تكفوا عن مقالة بحق ولا مشورة بعدل فالجماعة أقرب إلى الحق والعصمة، والفرد لا يأمن على نفسه الوقوع في الخطأ.
فهو هنا لم يدّع ما تزعم الشيعة فيه من أنه لا يخطئ بل أكد أنه لا يأمن على نفسه من الخطأ، كما لم يعلن استغناءه عن مشورة الرعية بل طلب منهم المشورة بالحق والعدل لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة، وكل فرد لوحده معرض للضلالة، فعلم أن دعوى العصمة من مخترعات غلاة الشيعة.
وجاء في نهج البلاغة – أيضًا -: "لابدّ للنّاس من أمير برّ أو فاجر يعمل في إمرته المؤمن، ويجمع به الفيء، ويقاتل به العدو، وتأمن به السّبل، ويؤخذ به للضّعيف من القوي" [نهج البلاغة: ص82.].
فأنت ترى أنه لم يشترط العصمة في الأمير، ولم يشر لها من قريب أو بعيد، بل رأى أنه لابدّ من نصب أمير تناط به مصالح العباد والبلاد، ولم يقل أنه لا يلي أمر الناس إلا إمام معصوم، وكل راية تقوم غير راية المعصوم فهي راية جاهلية – كما تقول كتب الشيعة - ولم يحصر الإمارة في الاثني عشر المعصومين عند الشيعة ويكفر من تولاها من خلفاء المسلمين كما تذهب إليه الشيعة، بل رأى ضرورة قيام الإمام ولو كان فاجرًا، وجعل إمارته شرعية بدليل أنه أجاز الجهاد في ظل إمارة الفاجر؛ فأين هذا مما تقرره الشريعة بمنع الجهاد حتى يخرج المنتظر [انظر: فصل الغيبة والمهدية: ص824.].. لأن الإمامة الشرعية محصورة في الاثني عشر؟!
وكان الأئمة يعترفون بالذنوب ويستغفرون الله منها..(6/302)
فأمير المؤمنين يقول في دعائه – كما في نهج البلاغة -: "اللّهمّ اغفر لي ما أنت أعلم به منّي، فإن عدت فعد عليّ بالمغفرة، اللّهمّ اغفر لي ما وأيت [وأيت: وعدت.] من نفسي ولم تجد له وفاء عندي، اللّهمّ اغفر لي ما تقرّبت به إليك بلساني، ثم خالفه قلبي، اللّهمّ اغفر لي رمزات الألحاظ، وسقطات الألفاظ، وشهوات الجنان، وهفوات اللّسان" [نهج البلاغة: ص104.].
فأنت ترى الإقرار بالذنب، وبالعودة إليه بعد التوبة، والاعتراف بسقطات الألفاظ وشهوات الجنان، ومخالفة القلب للسان.. كل ذلك ينفي ما تدعيه الشيعة من العصمة، إذ لو كان علي والأئمة معصومين لكان استغفارهم من ذنوبهم عبثًا.. وكل أئمتهم قد نقلت عنهم كتب الشيعة الاستغفار إلى الله – سبحانه – من الذنوب والمعاصي، ولو كانوا معصومين لما كانت لهم ذنوب.
قال أبو عبد الله – كما تروي كتب الشيعة -: "إنّا لنذنب ونسيء ثم نتوب إلى الله متابًا" [بحار الأنوار: 25/207.].
وكان أبو الحسن (موسى الكاظم) يقول – حسب روايات الشيعة -: "ربّ عصيتك بلساني ولو شئت وعزّتك لأخرستني، وعصيتك ببصري ولو شئت لأكمهتني [كمه بصره: اعترته ظلمة تطمس عليه، عمى أو صار أعشى (بحار الأنوار: 25/203 –الهامش-).]، وعصيتك بسمعي ولو شئت وعزّتك لأصممتني، وعصيتك بيدي ولو شئت وعزّتك لكنعتني [كنع يده: أشلّها وأيبسها. (بحار الأنوار: 25/203-الهامش-).]، وعصيتك بفرجي ولو شئت وعزّتك لأعقمتني، وعصيتك برجلي ولو شئت وعزّتك لجذمتني، وعصيتك بجميع جوارحي التي أنعمت بها عليّ ولم يكن هذا جزاك منّي" [بحار الأنوار: 25/203.].
ولقد احتار شيوخ الشيعة في توجيه مثل هذه الأدعية والتي تتنافى ومقرراتهم في العصمة.(6/303)
ولقد نقل لنا أحدهم صورة لهذا التردد حول الحديث السابق فقال: "كنت أفكر في معناه وأقول: كيف يتنزل على ما تعتقده الشيعة من القول بالعصمة؟ وما اتضح لي ما يدفع التردد الذي يوجبه" ثم يذكر بأنه توجه بالسؤال عن هذا إلى شيخهم رضي الدين أبي الحسن علي بن موسى بن طاووس العلوي الحسني وذكر له هذا الإشكال، فقال ابن طاووس: "إنّ الوزير مؤيّد الدّين العلقمي سألني عنه فقلت: كان يقول هذا ليعلم النّاس"، ويبدو أن ابن العلقمي اقتنع بالجواب ولكن صاحب الإشكال استدرك على جواب ابن طاووس وقال: "إنّي فكّرت بعد ذلك فقلت: هذا كان يقوله في سجدته في اللّيل وليس عنده من يعلّمه".
يقول: "ثم خطر ببالي جواب آخر وهو أنه كان يقول ذلك على سبيل التواضع".
ولكن لم يقنعه هذا الجواب.. واستقر جواب السائل على أن اشتغالهم بالمباحات من "المأكل والمشرب والتفرغ إلى النكاح يعدونه ذنبًا، ويعتقدونه خطيئة ويستغفرون الله منه". ويذكر أن هذا هو الجواب الذي لا شيء بعده ويتمنى حياة ابن العلقمي ليهديه إليه ويكشف حيرته به [بحار الأنوار: 25/203-205.].
وهذا الجواب الذي يرى أنه هو الكاشف لهذه المعضلة عندهم لا يتفق وشريعة الإسلام التي تنهى عن تحريم ما أحل الله وترفض الرهبانية {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف، آية: 32.].
وكيف يعد الأئمة هذه الأمور ذنوبًا، كيف يجعلون النكاح الذي هو من شرائع الإسلام ذنبًا يستغفرون الله منه، والله – سبحانه – يقول: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء} [النساء، آية: 3.]. ويعتبرون الأكل والشرب معاصي والله يقول: {كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [الأعراف، آية:160، طه، آية:81.].(6/304)
ولكن الجواب الذي يكشف هذه المعضلة، ويتفق مع واقع الأئمة وشرائع الإسلام هو بطلان دعوى العصمة بالصورة التي تراها الشيعة وأن الأئمة ليسوا بمعصومين من الخطأ والعصيان، وهذا كما يتفق مع النصوص الشرعية ينسجم مع واقع الأئمة، وبه تتحقق إمكانية القدوة.
ولهذا فإن أنبياء الله – سبحانه – كانوا كسائر البشر يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق.. ويسعون في نشر الدعوة، ويعانون من أذى قومهم، ومن تكاليف الجهاد، كل ذلك لتتحقق بهم القدوة، وليكونوا لمن بعدهم أسوة.
وأمر آخر يبطل دعوى العصمة ومن كتب الشيعة نفسها؛ ذلك هو الاختلاف والتّناقض حيال بعض المواقف والمسائل، وأعمال المعصومين لا تتناقض ولا تختلف بل يصدق بعضها بعضًا ويشهد بعضها لبعض.. والاختلاف ناقض للعصمة التي هي شرط للإمامة عندهم، وهو ناقض بالتالي لأصل الإمامة نفسها، ولذلك فإن ظاهرة الاختلاف في أعمال الأئمة كانت سببًا مباشرًا لخروج بعض الشيعة من نطاق التشيع حيث رابهم أمر هذا التناقض.
ومن أمثلة ذلك ما يذكره القمي والنوبختي من أنه بعد قتل الحسين حارت فرقة من أصحابه وقالت: قد اختلف علينا فعل الحسن وفعل الحسين، لأنه إن كان الذي فعله الحسن حقًا واجبًا صوابًا من موادعته معاوية وتسليمه له عند عجزه عن القيام بمحاربته مع كثرة أنصار الحسن وقوتهم - فما فعله الحسين من محاربته يزيد بن معاوية مع قلة أنصار الحسين وضعفهم، وكثرة أصحاب يزيد حتى قُتل وقُتل أصحابه جميعًا باطل غير واجب، لأن الحسين كان أعذر في القعود من محاربة يزيد وطلب الصلح والموادعة من الحسن في القعود عن محاربة معاوية، وإن كان ما فعله الحسين حقًا واجبًا صوابًا من مجاهدته يزيد حتى قتل ولده وأصحابه، فقعود الحسن وتركه مجاهدة معاوية وقتاله ومعه العدد الكثير باطل، فشكوا في إمامتهما ورجعوا فدخلوا في مقالة العوام" [القمي/ المقالات والفرق: ص25، النوبختي/ فرق الشيعة: ص25-26.].(6/305)
أما الأمثلة على الاختلاف والتّناقض في أقوال الأئمّة فهو باب واسع، وكان هو الآخر من أسباب انصراف بعض الشيعة من التشيع، وقد شهد بذلك شيخ الطّائفة الطّوسي وقال بأنّ أخبارهم متناقضة متباينة مختلفة حتى لا يوجد خبر إلا بإزائه ما يضادّه، ولا رواية إلا ويوجد ما يخالفها، وعدّ ذلك من أعظم الطّعون على المذهب الشّيعي، ومن أسباب مفارقة بعض الشّيعة للمذهب [انظر: ص361 من هذه الرّسالة.].
وكتابا التهذيب والاستبصار – وهما المصدران المعتمدان من المصادر الأربعة عند الشيعة – يشهدان بهذا التناقض والاختلاف عبر رواياتهما الكثيرة، وقد حاول الطوسي درء هذا الاختلاف ومعالجة هذا التناقض بحمله على التقية فما أفلح إذ زاد الطين بلة.
وقد أوجد الشّيعة عقيدة التّقية والبداء لتغطية هذا الاختلاف في أخبار الأئمةّ وأعمالهم.. فاكتشف بعض الشيعة هذه المحاولة، وعرف سبب وضع هاتين العقيدتين، فترك التشيع وقال: إن أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين لا يظهرون معهما من أئمتهم على كذب أبدًا، وهما القول بالبداء وإجازة التقية [المقالات والفرق: ص78، فرق الشيعة: ص55-56، والقائل هو: سليمان بن جرير الذي تنسب له طائفة السليمانية من الزيدية.].
وتنقل كتب الشيعة أن الإمام في مجلس واحد وفي مسألة واحدة يجيب بثلاثة أجوبة مختلفة متباينة، ويحيل ذلك على التقية، أو على حرية الإمام في الفتوى وأن له أن يجيب على الزيادة والنقصان.(6/306)
وقد ذهب رجل من الشيعة يدعى عمر بن رياح ليسأل إمامه، فلما أفتاه عاد إليه من قابل فسأله عن نفس المسألة فأفتاه بخلاف الجواب الأول فاستنكر ذلك وقال: هذا خلاف ما أجبتني في هذه المسألة العام الماضي، فقال له: (أي الإمام): إن جوابنا خرج على التقية، فتشكك في أمره وإمامته. ثم خرج من عنده ولقي أحد الشيعة (ويدعى محمد بن قيس) وقص عليه ما حدث وقال له: وقد علم الله أني ما سألته عنها إلا وأنا صحيح العزم على التدين بما يفتيني به وقوله في العمل به، فلا وجه لاتقائه إياي وهذه حالي، فقال له محمد بن قيس: فلعله حضرك من اتقاه؟ فقال: ما حضر مجلسه في واحدة من المسألتين غيري ولكن جوابيه جميعًا خرجا على وجه التبخيت – كذا – ولم يحفظ ما أجاب به في العام الامضي فيجيب بمثله، فرجع عن إمامته وقال: لا يكون إمامًا من يفتي بالباطل [فرق الشيعة: ص59-61.].
وقد روى الكليني عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر – رضي الله عنه – قال (زرارة): "سألته عن مسألة فأجابني، ثم جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني، ثم جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي، فلما خرج الرجلان قلت: يا ابن رسول الله، رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت صاحبيه؟ فقال: يا زرارة إن هذا خير لنا ولكم، ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا ولكان أقل لبقائنا وبقائكم" [أصول الكافي: 1/65.].
وأحيانًا يفتي في تفسير آية من كتاب الله بثلاثة أجوبة مختلفة متباينة، ويزعم أن هذا قد فوض إليه، يقولون فيه ما يشاؤون [انظر: أصول الكافي: 1/265-266.].(6/307)
فأنت ترى اختلاف الجواب في مسألة واحدة وفي مجلس واحد، والاختلاف ينفي دعوى العصمة.. هذا بحسب المنطق الشيعي، وإلا فإن شيئًا من ذلك لم يحدث من أبي جعفر محمد الباقر، فدينه وعلمه وورعه ينفي أن يفتي في دين الله بالكذب خوفًا وتقية، ولكن هذه الرواية وأمثالها هي حيلة ممن اخترع عقيدة العصمة والغلو في الأئمة لستر الخلاف والتناقص الحاصل في روايتهم والتي هي في الغالب – أيضًا – من صنع أيديهم، فيحصل فيها من التناقض ما يليق بجهلهم.
ثم إن المعصوم الذي يدعون اتباعه لم يعصمهم من الخلاف في أصل الدين عندهم وأساسه وهو الإمامة؛ فتجدهم مختلفين متنابذين متلاعنين يكفر بعضهم بعضًا لاختلافهم في عدد الأئمة، وفي تحديد أعيانهم، وفي الوقف وانتظار عودة الإمام، أو المضي إلى إمام آخر.. هذا عدا الروايات المختلفة المتناقضة في الكثير من أمور الدين – أصوله وفروعه – فما منعت العصمة المزعومة أهل الطائفة من الاختلاف.. وعدم وجود أثرها يدل على انعدام أصلها.
هذا، وقد يكون مبدأ العصمة ورثته الشيعة عن المذهب المجوسي، ذلك أن المجوس تدعي في منتظرهم الذي ينتظرون وأصحابه أنهم لا يكذبون، ولا يعصون الله، ولا يقع منهم خطيئة صغيرة ولا كبيرة [تثبيت دلائل النبوة: 1/179.].
وقد يقال بأن اعتقادهم في عصمة الأئمة أمر لا يؤثر اليوم لأن الأئمة قد انتهى وجودهم الفعلي منذ عام 260ه.. ولم يبق إلا الانتظار للغائب الموعود.
وأقول: إن هذه العقيدة لها آثارها اليوم في واقع الشيعة، ويتمثل ذلك في جوانب منها:
أولاً: علمهم بما يؤثر عن الأئمة الاثني عشر كما يعلم سائر المسلمين بالقرآن والسنة.
ثانيًا: غلوهم في قبورهم وأضرحتهم؛ فالغلو في عصمتهم إلى حد وصفهم بصفات الألوهية تحول إلى غلو في قبورهم ومشاهدهم فيطاف بها وتدعى من دون الله سبحانه.(6/308)
ثالثًا: أن المجتهد الشيعي أصبح له شيء من هذه الصفة، فهم يرون أن الراد عليه كالراد على الله، وهو على حد الشرك بالله [سيأتي – إن شاء الله – ذكر بعض نصوصهم في ذلك في فصل الغيبة.]، وهذا من الخطورة بمكان؛ لأن آيات الشيعة اليوم هم الذين يقودون الحكم في دولة الشيعة.. فينفذ الشعب تعاليمهم على أنها من شرع الله، ولا يعترض عليهم خشية الوقوع في الشرك.
رابعًا: حمل هذا الاعتقاد الفاسد والدينونة به.
الفصل الثالث
التقية [اتَّقَيْتُ الشيء، وتَقَيتُه أتقِيه وأتَّقيه تقَى وتَقِيّةً وتقاء: حَذِرته، (لسان العرب مادة: وقي). ولهذا قال ابن حجر: التقية: الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير (فتح الباري: 12/314)، وهذا يعني الكتمان، وقد يضطر لإظهار خلاف ما في النفس بلسانه، قال ابن عباس: "التقية باللسان، والقلب مطمئن بالإيمان" وقال أبو عالية: التقية باللسان وليس بالعمل (تفسير الطبري: 6/314-315، تحيق شاكر، فتح الباري: 12/314).
فالتقية: إظهار خلاف ما في الباطن (انظر: النهاية لابن الأثير: 1/193)، وأكثر العرب ينطقون التقيّة «تقاة»، ولهذا جاء في القرآن: {إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران، آية: 28]. وإن كان نطقها تقية صوابًا كما قال الفراء، وقد قرئ: "تقية" (انظر: معاني القرآن للفراء ص205، تفسير الطبري: 6/317).]
تعريفها:
يعرف المفيد التقية عندهم بقوله: "التقية كتمان الحق، وستر الاعتقاد فيه، وكتمان المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررًا في الدين أو الدنيا" [شرح عقائد الصدوق: ص261 (ملحق بكتاب أوائل المقالات).].(6/309)
فالمفيد يعرف التقية بأنها الكتمان للاعتقاد خشية الضرر من المخالفين – وهم أهل السنة كما هو الغالب في إطلاق هذا اللفظ عندهم – أي هي إظهار مذهب أهل السنة (الذي يرونه باطلاً)، وكتمان مذهب الرافضة الذي يرونه هو الحق، من هنا يرى بعض أهل السنة: أن أصحاب هذه العقيدة هم شر من المنافقين؛ لأن المنافقين يعتقدون أن ما يبطنون من كفر هو باطل، ويتظاهرون بالإسلام خوفًا، وأما هؤلاء فيرون أن ما يبطنون هو الحق، وأن طريقتهم هي منهج الرسل والأئمة [ابن تيمية: رسالة في علم الظاهر والباطن، ضمن مجموعة الرسائل المنيرية: 1/248.].
والتقية في الإسلام غالبًا إنما هي مع الكفار، قال تعالى: {إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران، آية:28.]. قال ابن جرير الطبري: "التقية التي ذكرها الله في هذه الآية إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم" [تفسير الطبري: 6/316 (تحقيق شاكر).].
ولهذا يرى بعض السلف أنه لا تقية بعد أن أعز الله الإسلام، قال معاذ بن جبل، ومجاهد: كانت التقية في جدة الإسلام قبل قوة المسلمين، أما اليوم فقد أعز الله المسلمين أ يتقوا منهم تقاة [انظر: تفسير القرطبي: 4/57، فتح القدير للشوكاني: 1/331.].
ولكن تقية الشيعة هي مع المسلمين ولاسيما أهل السنة حتى إنهم يرون عصر القرون المفضلة عهد تقية كما قرره شيخهم المفيد [مضى نص قوله ص: (43-44).]، وكما تلحظ ذلك في نصوصهم التي ينسبونها للأئمة؛ لأنهم يرون أهل السنة أشد كفرًا من اليهود والنصارى؛ لأن منكر إمامة الاثني عشر أشد من منكر النبوة [انظر: ص(714) من هذا الكتاب.].(6/310)
والتقية رخصة في حالة الاضطرار، ولذلك استثناها الله – سبحانه – من مبدأ النهي عن موالاة الكفار فقال – سبحانه -: {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران، آية: 28.].
فنهى الله – سبحانه – عن موالاة الكفار، وتوعد على ذلك أبلغ الوعيد فقال: {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ} أي ومن يرتكب نهي الله في هذا فقد برئ من الله، ثم قال – سبحانه -: {إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً} أي: إلا من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته [تفسير ابن كثير: 1/371، وراجع في هذا المعنى كتب التفسير عند آيتي: آل عمران، آية: 28، والنحل، آية:106.].
وأجمع أهل العلم على أن التقية رخصة في حال الضرورة، قال ابن المنذر: "أجمعوا على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل فكفر وقلبه مطمئن بالإيمان أنه لا يحكم عليه بالكفر" [فتح الباري: 12/314.].
ولكن من اختار العزيمة في هذا المقام فهو أفضل، قال ابن بطال: "وأجمعوا على أن من أكره على الكفر واختار القتل أنه أعظم أجرًا عند الله" [فتح الباري: 12/317.]. ولكن التقية التي عند الشيعة خلاف ذلك، فهي عندهم ليست رخصة بل هي ركن من أركان دينهم كالصلاة أو أعظم، قال ابن بابويه: "اعتقادنا في التقية أنها واجبة، من تركها بمنزلة من ترك الصلاة" [الاعتقادات: ص114.].
قال الصادق: "لو قلت أن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقًا" [ابن إدريس/ السرائر: ص479، ابن بابويه/ من لا يحضره الفقيه: 2/80، جامع الأخبار: ص110، الحر العاملي/ وسائل الشيعة: 7/94، بحار الأنوار: 75/412،414.].(6/311)
بل نسبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تارك التقية كتارك الصلاة" [جامع الأخبار: ص110، بحار الأنوار: 75-412.] ثم زادوا في درجة التقية فجعلوها "تسعة أعشار الدين".
ثم لم يكفهم ذلك فجعلوها هي الدين كله ولا دين لمن لا تقية له، جاء في أصول الكافي وغيره أن جعفر بن محمد قال: "إن تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له" [أصول الكافي: 2/217، البرقي/ المحاسن: ص259، الحر العاملي/ وسائل الشيعة: 11/460، المجلسي/ بحار الأنوار: 75/423.].
وعدّوا ترك التقية ذنبًا لا يغفر على حد الشرك بالله، قالت أخبارهم: "يغفر الله للمؤمن كل ذنب، يظهر منه في الدنيا والآخرة، ما خلا ذنبين: ترك التقية، وتضييع حقوق الإخوان" [تفسير الحسن العسكري: ص130، وسائل الشيعة: 11/474، بحار الأنوار: 75/415.].
والتقية في دين الإسلام دين الجهاد والدعوة، لا تمثل نهجًا عامًا في سلوك المسلم، ولا سمة من سمات المجتمع الإسلامي، بل هي – غالبًا – حالة فردية مؤقتة، مقرونة بالاضطرار، مرتبطة بالعجز عن الهجرة، وتزول بزوال حالة الإكراه.
ولكنها في المذهب الشيعي تعد طبيعة ذاتية في بنية المذهب، يقول أبو عبد الله: "إنكم على دين من كتمه أعزه الله، ومن أذاعه أذله الله" [أصول الكافي: 1/222.]، وقال: ".. أبى الله – عز وجل – لنا ولكم في دينه إلا التقية" [أصول الكافي: 2/218.].
والتقية عندهم حالة مستمرة، وسلوك جماعي دائم، قال ابن بابويه في كتابه "الاعتقادات" المسمى دين الإمامية: "والتقية واجبة لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله – تعالى – وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة" [الاعتقادات: ص114-115.].(6/312)
وروت كتب الشيعة عن علي بن موسى الرضا – عليه السلام – قال: "لا إيمان لمن لا تقية له، وإن أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية" [وكأنهم يفسرون قوله – سبحانه -: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].].. فقيل له: يا ابن رسول الله إلى متى؟ قال: "إلى يوم الوقت المعلوم وهو يوم خروج قائمنا، فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا" [ابن بابويه/ إكمال الدين: ص355، الطبرسي/ أعلام الورى: ص408، أبو القاسم الرازي/ كفاية الأثر: ص323، وسائل الشيعة: 11/465، 466، وانظر في هذا المعنى: جامع الأخبار: ص110، وبحار الأنوار: 75/412.].
والتقية ملازمة للشيعي في كل ديار المسلمين حتى إنهم يسمون دار الإسلام "دار التقية"، جاء في رواياتهم: ".. والتقية في دار التقية واجبة" [جامع الأخبار: ص110، بحار الأنوار:75/411.].
ويسمونها "دولة الباطل". قالوا: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يتكلم في دولة الباطل إلا بالتقية" [جامع الأخبار: ص110، بحار الأنوار:75/412.].
ويسمونها: "دولة الظالمين" قالوا: "التقية فريضة واجبة علينا في دولة الظالمين، فمن تركها فقد خالف دين الإمامية وفارقه" [بحار الأنوار: 75/421.].
ويؤكدون على أن تكون عشرة الشيعة مع أهل السنة التقية، وقد ترجم لذلك الحر العاملي فقال: "باب وجوب عشرة العامة (أهل السنة) بالتقية" [وسائل الشيعة: 11/470.].
ونسبوا لأبي عبد الله أنه قال: "من صلى معهم في الصف الأول فكأنما صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف الأول" [بحار الأنوار: باب التقية: 75/421.] وقال: "من صلى خلف المنافقين بتقية كان كمن صلى خلف الأئمة" [جامع الأخبار: ص110، بحار الأنوار:75/412.].
وقال صاحب كشف الغطاء: "التقية إذا وجبت فمتى أتي بالعبادة على خلافها بطلت، وقد ورد فيها الحث العظيم، وأنها من دين آل محمد، ومن لا تقية له لا إيمان له" [جعفر النجفي/ كشف الغطاء: ص61.].(6/313)
بل إن التقية تجري حتى وإن لم يوجد ما يبررها، فأخبارهم تحث الشيعي على استعمال التقية مع من يأمن جانبه حتى تصبح له سجية وطبيعة فيمكنه التعامل بها حينئذ مع من يحذره ويخافه بدون تكلف ولا تصنع، فقد روت كتبهم: "عليكم بالتقية فإنه ليس منا من لم يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمنه، لتكون سجيته مع من يحذره" [أمالي الطوسي: 1/199، وسائل الشيعة: 11/466، بحار الأنوار: 75/395.].
ولأن التقية لا تعني – بهذه الصورة – سوى الكذب والنفاق، وهو مما تكرهه الفطرة السليمة وتمجه النفوس السوية ولا تقبله العقول، حاولت روايات الشيعة أن تحببها للأتباع، وتغريهم بالتزامها؛ فزعموا أنها عبادة لله، بل هي أحب العبادات إليه، روى الكليني: ".. عن هشام الكندي قال: سمعت أبا عبد الله يقول: والله ما عبد الله بشيء أحب إليه من الخبء، فقلت: ما الخبء؟ قال: التقية" [أصول الكافي: 2/219، وانظر: ابن بابويه/ معاني الأخبار: ص162، وسائل الشيعة: 11/462.].
وجاء في الكافي وغيره: ".. عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله – رضي الله عنه – قال: كان أبي – عليه السلام – يقول: وأي شيء أقر لعيني من التقية" [أصول الكافي: 2/220.]، وفي رواية: "ما خلق الله شيئًا أقر لعين أبيك من التقية" [ابن بابويه/ الخصال: ص22، جامع الأخبار: ص110، البرقي/ المحاسن: ص258، الحر العاملي/ وسائل الشيعة: 11/460، 464، بحار الأنوار: 75/394.].
هذه هي معالم التقية عند الشيعة الاثني عشرية، وقد ذكر صاحب الكافي أخبارها في "باب التقية" [أصول الكافي: 2/217.]، و"باب الكتمان" [أصول الكافي: 2/221.] و"باب الإذاعة" [أصول الكافي: 2/369.].
وذكر المجلسي في بحاره من رواياتهم فيها مائة وتسع روايات في باب عقده بعنوان "باب التقية والمداراة" [بحار الأنوار: 75/393-443.].
أما سبب هذا الغلو في أمر التقية فيعود إلى عدة أمور منها:(6/314)
أولاً: أن الشيعة تعد إمامة الخلفاء الثلاثة باطلة، وهم ومن بايعهم في عداد الكفار، مع أن عليًا بايعهم، وصلى خلفهم، وجاهد معهم، وزوجهم وتسرى من جهادهم، ولما ولي الخلافة سار على نهجهم ولم يغير شيئًا مما فعله أبو بكر وعمر، كما تعترف بذلك كتب الشيعة نفسها [انظر: ص422.]، وهذا يبطل مذهب الشيعة من أساسه.. فحاولوا الخروج من هذا التناقض المحيط بهم بالقول بالتقية.
ثانيًا: أنهم قالوا بعصمة الأئمة وأنهم لا يسهون ولا يخطئون ولا ينسون، وهذه الدعوى خلاف ما هو معلوم من حالهم.. حتى إن روايات الشيعة نفسها المنسوبة للأئمة مختلفة متناقضة حتى لا يوجد خبر منها إلا وبإزائه ما يناقضه، كما اعترف بذلك شيخهم الطوسي [انظر: ص360.]. وهذا ينقض مبدأ العصمة من أصله.
فقالوا بالتقية لتبرير هذا التناقض والاختلاف والتستر على كذبهم، روى صاحب الكافي عن منصور بن حازم قال: "قلت لأبي عبد الله – عليه السلام -: ما بالي أسألك عن المسألة فتجيبني فيها بالجواب، ثم يجيئك غيري فتجيبه فيها بجواب آخر؟ فقال: إنا نجيب الناس على الزيادة والنقصان.." [أصول الكافي: 1/65.].
قال شارح الكافي: "أي زيادة حكم عند التقية، ونقصانه عند عدمها.. ولم يكن ذلك مستندًا إلى النسيان والجهل بل لعلمهم بأن اختلاف كلمتهم أصلح لهم، وأنفع لبقائهم إذ لو اتفقوا لعرفوا بالتشيع وصار ذلك سببًا لقتلهم، وقتل الأئمة عليهم السلام" [المازندراني/ شرح جامع: 2/397.].(6/315)
ولذلك رأى سليمان بن جرير الزيدي في مقالة التقية أنها مجرد تستر على الاختلاف والتناقض؛ إذ لما رأوا في أقوال الأئمة في المسألة الواحدة عدة أجوبة مختلفة متضادة، وفي مسائل مختلفة أجوبة متفقة، فلما وقفوا على ذلك منهم، قالت لهم أئمتهم [حسب مقالة شيوخ السوء عنهم.] : إنما أجبنا بهذا للتقية، ولنا أن نجيب بما أجبنا وكيف شئنا، لأن ذلك إلينا، ونحن نعلم بما يصلحكم، وما فيه بقاؤنا وبقاؤكم، وكف عدوكم عنا وعنكم، قال: فمتى يظهر من هؤلاء على كذب، ومتى يعرف لهم حق من باطل؟! [القمي/ المقالات والفرق: ص78، النوبختي/ فرق الشيعة: ص65-66.].
ثالثًا: تسهيل مهمة الكذابين على الأئمة ومحاولة التعتيم على حقيقة مذهب أهل البيت بحيث يوهمون الأتباع أن ما ينقله (واضعو مبدأ التقية) عن الأئمة هو مذهبهم، وأن ما اشتهر وذاع عنهم، وما يقولونه، ويفعلونه أمام المسلمين لا يمثل مذهبهم وإنما يفعلونه تقية فيسهل عليهم بهذه الحيلة رد أقوالهم، والدس عليهم، وتكذيب ما يروى عنهم من حق، فتجدهم مثلاً يردون كلام الإمام محمد الباقر أو جعفر الصادق الذي قاله أمام ملأ من الناس، أو نقله العدول من المسلمين بحجة أنه حضره بعض أهل السنة فاتقى في كلامه، ويقبلون ما ينفرد بنقله الكذبة أمثال جابر الجعفي بحجة أنه لا يوجد أحد يتقيه في كلامه.(6/316)
وبحسبك أن تعرف أن الإمام زيد بن علي وهو من أهل البيت يروي عن علي – رضي الله عنه – كما تنقله كتب الاثني عشرية نفسها – أنه غسل رجليه في الوضوء، ولكن من يلقبونه ب "شيخ الطائفة" لا يأخذ بهذا الحديث ولا يجد حجة يحتج بها سوى دعوى التقية، فهو يورد الحديث في الاستبصار عن زيد بن علي عن جده علي بن أبي طالب قال: "جلست أتوضأ فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ابتدأت الوضوء – إلى أن قال – وغسلت قدمي، فقال لي: يا علي خلل بين الأصابع لا تخلل بالنار" [الاستبصار: 1/65/66.]. فأنت ترى أن عليًا كان يغسل رجليه في وضوئه، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكد عليه بأن يخلل أصابعه، والشيعة تخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي علي في ذلك، ولا تلتفت لمثل هذه الروايات، وإن جاءت في كتبها بروايات أئمة أهل البيت، ولا يكلف شيوخ الشيعة أنفسهم بالتفكر في أمر هذه الروايات ودراستها، فلديهم هذه الحجة الجاهزة "التقية"، ولهذا قال الطوسي: "هذا خبر موافق للعامة (يعني أهل السنة) وقد ورد مورد التقية لأن المعلوم الذي لا يتخالج منه الشك من مذاهب أئمتنا – عليهم السلام – القول بالمسح على الرجلين، ثم قال: إن رواة هذا الخبر كلهم عامة، ورجال الزيدية، وما يختصون به لا يعمل به" [الاستبصار: 1/65-66.].
ثم ساق رواية أخرى عن أبي عبد الله جعفر الصادق في النص على غسل الرجلين وحملها على التقية [الاستبصار: 1/65.].
وفي الأذان حمل ما لم يتفق ومذهب شيوخه على التقية [الاستبصار: 1/308 (مثل ما جاء عندهم أنه يقول في أذان الفجر: الصلاة خير من النوم).].(6/317)
وفي قسمة المواريث يقررون أن المرأة لا ترث من العقار والدور والأرضين شيئًا [انظر: الاستبصار للطوسي، باب في أن المرأة لا ترث من العقار والدور شيئًا: 4/151-155.]. ولما يأتي عندهم نص عن الأئمة يخالف ذلك وهو حديث أبي يعفور عن أبي عبد الله قال: "سألته عن الرجل هل يرث من دار امرأته أو أرضها من التربة شيئًا؟ أو يكون في ذلك منزلة المرأة فلا يرث من ذلك شيئًا؟ فقال: يرثها وترثه من كل شيء ترك وتركت" [الاستبصار: 4/154.].
قال الطوسي: "نحمله على التقية، لأن جميع من خالفنا يخالف في هذه المسألة، وليس يوافقنا عليها أحد من العامة، وما يجري هذا المجرى يجوز التقية فيه" [الاستبصار: 4/155.].
وفي النكاح: "جاءت عندهم روايات في تحريم المتعة، ففي كتبهم عن زيد بن علي عن آبائه عن علي – عليه السلام – قال: حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة" [انظر: الطوسي/ تهذيب الأحكام: 2/184، الاستبصار: 3/132، الحر العاملي/ وسائل الشيعة: 7/441.].
قال شيخهم الحر العاملي: "أقول: حمله الشيخ [إذا أطلق الشيخ في كتب الشيعة فالمراد به "شيخهم الطوسي".] وغيره على التقية يعني في الرواية، لأن إباحة المتعة من ضروريات مذهب الإمامية" [وسائل الشيعة: 7/441.].
رابعًا: وضع مبدأ التقية لعزل الشيعة عن المسلمين لذلك، جاءت أخبارهم فيها على هذا النمط، يقول إمامهم (أبو عبد الله): "ما سمعتَ مني يشبه قول الناس فيه التقية، وما سمعت مني لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه" [بحار الأنوار: 2/252، وعزاه إلى تهذيب الأحكام للطوسي.].
وهذا مبدأ خطير، تطبيقه يخرج بالشيعة من الإسلام رأسًا وينظمهم في سلك الملاحدة والزنادقة، لأنهم جعلوا مخالفة المسلمين هي القاعدة، فتكون النتيجة أنهم يوافقون الكافرين ويخالفون المسلمين، فانظر إلى أي مدى لعب بهم زنادقة القرون البائدة.(6/318)
وكان من آثار عقيدة التقية ضياع مذهب الأئمة عند الشيعة، حتى إن شيوخهم لا يعلمون في الكثير من أقوالهم أيها تقية وأيها حقيقة [انظر: احتجاج السويدي على علماء الشيعة في هذا النص، وانقطاعهم وعجزهم عن الإجابة (مؤتمر النجف: ص106).]، ووضعوا لهم ميزانًا، أخرج المذهب إلى دائرة الغلو، وهو أن ما خالف العامة فيه الرشاد [انظر: فصل الإجماع.].
وقد اعترف صاحب الحدائق بأنه لم يُعلم من أحكام دينهم إلا القليل بسبب التقية حيث قال: "فلم يعلم من أحكام الدين على اليقين إلا القليل لامتزاج أخباره بأخبار التقية، كما قد اعترف بذلك ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني في جامعه الكافي، حتى إنه تخطأ العمل بالترجيحات المروية عند تعارض الأخبار والتجأ إلى مجرد الرد والتسليم للأئمة الأبرار" [يوسف البحراني/ الحدائق الناضرة: 1/5.].
أما تطبيق التقية عندهم فإنه خير كاشف بأن تقيتهم غير مرتبطة بحالة الضرورة.
وقد اعترف – أيضًا – صاحب الحدائق بأن الأئمة "يخالفون بين الأحكام وإن لم يحضرهم أحد من أولئك الأنام، فتراهم يجيبون في المسألة الواحدة بأجوبة متعددة، وإن لم يكن بها قائل من المخالفين" [الحدائق الناضرة: 1/5.].
والأمثلة في هذا الباب كثيرة جدًا.(6/319)
روى الكليني "... عن موسى بن أشيم قال: كنت عند أبي عبد الله فسأله رجل عن آية من كتاب الله – عز وجل – فأخبره بها، ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر به الأول، قال: فدخلني من ذلك ما شاء الله حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين فقلت في نفسي: تركت أبا قتادة بالشام لا يخطئ في الواو وشبهه، وجئت إلى هذا يخطئ هذا الخطأ كله. فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي، فسكنت نفسي فعلمت أن ذلك منه تقية، قال: ثم التفت إليّ فقال لي: يا ابن أشيم إن الله فوض إلى نبيه فقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} فما فوض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد فوضه إلينا" [أصول الكافي: 1/265-266.].
فانظر كيف نسبوا إلى جعفر أنه يضل بتأويل القرآن على غير تأويله؛ بل وإشاعة التأويلات المختلفة المتناقضة بين الأمة، ثم يزعمون أنه قد فوض له أمر الدين، يفعل ما يشاء.. فهذه ليست تقية، هذا إلحاد في كتاب الله وصد عن دينه، ثم هل هناك حاجة للتقية في تفسير القرآن وفي القرون المفضلة ومن عالم أهل البيت في عصره؟!
ويزعمون أن أئمتهم كانوا يفتون بتحريم الحلال وتحليل الحرام بموجب التقية بلا مبرر، ففي الكافي "عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله يقول: كان أبي – عليه السلام – يفتي في زمن بني أمية أن ما قتل البازي والصقر فهو حلال، وكان يتقيهم، وأنا لا أتقيهم وهو حرام ما قتل" [فروع الكافي، باب صيد البزاة والصقور: 6/208.].(6/320)
ومما يدل صراحة على أن التقية ليست إلا الكذب الصريح بلا مبرر ما رواه شيخهم الكليني عن محمد بن مسلم قال: دخلت على أبي عبد الله – عليه السلام – (جعفر الصادق) وعنده أبو حنيفة فقلت له: جعلت فداك رأيت رؤيا عجيبة، فقال لي: يا ابن مسلم هاتها إن العالم بها جالس، وأومأ بيده إلى أبي حنيفة (فعرض الراوي الرؤيا على أبي حنيفة فأجابه أبو حنيفة عليها – كما يزعمون) فقال أبو عبد الله – عليه السلام -: أصبت والله يا أبا حنيفة.
قال (الراوي): ثم خرج أبو حنيفة من عنده فقلت له: جعلت فداك إني كرهت تعبير هذا الناصب، فقال: يا ابن مسلم لا يسؤك الله فما يواطئ تعبيرهم تعبيرنا، ولا تعبيرنا تعبيرهم وليس التعبير كما عبره، قال: فقلت له: جعلت فداك: فقولك: أصبت وتحلف عليه وهو مخطئ؟ قال: نعم حلفت علي أنه أصاب الخطأ [روضة الكافي: 8/292. ط: إيران.].
فهل استعمال التقية في هذا النص له مسوغ؟ هل أبو حنيفة ذو سلطة وقوة حتى يخشى منه ويتقى، وهل من ضرورة لمدحه والقسم على صواب إجابته ثم لما خرج يحكم عليه بالنصب ويخطئ في جوابه، هل لهذا تفسير غير أن الخداع والكذب بلا مسوغ ونحن نبرئ جعفر الصادق من هذا الافتراء ونقول: إن هذا سب وطعن في جعفر ممن يزعم التشيع له ومحبته.
وكلما كان الرافضي أبرع في الكذب والخداع كلما عظم مقامه عندهم ونال أعلى شهادة، ولذلك أثنى محمد باقر الصدر على الحسين بن روح [وهو الباب الثالث من أبواب مهديهم.]، وقال بأنه قام بمهمة "البابية" خير قيام لأنه "كان من مسلكه الالتزام بالتقية المضاعفة، بنحو ملفت للنظر بإظهار الاعتقاد بمذهب أهل السنة" [تاريخ الغيبة الصغرى: ص411.].(6/321)
وجاء في الغيبة للطوسي: ".. عن عبد الله بن غالب قال: ما رأيت من هو أعقل من الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح، ولعهدي به يومًا في دار ابن يسار، وكان له محل عند السيد والمقتدر عظيم، وكانت العامة – أيضًا – تعظمه.. وعهدي به وقد تناظر اثنان، فزعم واحد أن أبا بكر أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم ثم عمر ثم علي [كذا ورد بدون ذكر عثمان، فكأن مجلسهم يسوده اتجاه شيعي عام، ومع ذلك تجري فيه التقية.]، وقال الآخر: بل علي أفضل من عمر، فزاد الكلام بينهما، فقال أبو القاسم – رضي الله عنه -: الذي اجتمعت الصحابة عليه هو تقديم الصديق ثم بعده الفاروق، ثم بعده عثمان ذو النورين ثم علي الوصي، وأصحاب الحديث على ذلك، وهو الصحيح عندنا.
فبقي من حضر المجلس متعجبًا من هذا القول، وكاد العامة الحضور يرفعونه على رؤوسهم، وكثر الدعاء له، والطعن على من يرميه بالرفض، فوقع عليّ الضحك، فلم أزل أتصبر وأمنع نفسي، وأدس كمي في فمي، فخشيت أن أفتضح فوثبت عن المجلس، ونظر إليّ ففطن بي، فلما حصلت في منزلي فإذا الباب يطرق، فخرجت مبادرًا فإذا بأبي القاسم الحسين ابن روح راكبًا بغلته قد وافاني من المجلس قبل مضيه إلى داره فقال لي: يا أبا عبد الله – أيدك الله – لم ضحكت؟ فأردت أن تهتف بي كأن الذي قلته عندك ليس بحق، فقلت: كذلك هو عندي، فقال لي: اتق الله أيها الشيخ فإني لا أجعلك في حل تستعظم هذا القول مني؟ فقلت: يا سيدي، رجل يرى بأنه صاحب الإمام ووكيله يقول ذلك القول يتعجب منه ويضحك من قوله هذا، فقال لي: وحياتك [الحلف بغير الله من شريعة "نائب المعصوم وبابه".] لئن عدت لأهجرنك وودعني وانصرف" [الغيبة للطوسي: ص236-237.].(6/322)
نقلت هذه القصة رغم طولها؛ لأنها تصور كيف يخادعون أهل السنة، ويقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، ويتندرون فيما بينهم على تصديق بعض أهل السنة لنفاقهم وكذبهم، وعقلية شيعة هذا العصر لا تزال تؤمن بهذا النفاق وجدواه [انظر: محمد باقر الصدر/ تاريخ الغيبة الصغرى: ص385، فقد نقل هذه الحادثة عن ابن روح مؤيدًا لمنهجه. مثنيًا على مسلكه.]، وقد جاءت عندهم أخبار كثيرة على هذا النهج، لولا ضيق المجال لعرضت لها، وأعقبتها بالنقد والتحليل، وهي تستحق دراسة خاصة لما فيها من كشف لحيل الروافض وأساليبهم [انظر: جملة منها في بحار الأنوار: 75/402 وما بعدها.].
استدلالهم على التقية:
يستدل الاثنا عشرية [انظر: الشيعة في الميزان: ص49-50.] بآيتي آل عمران [الآية (28): {إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً}.]، والنحل [الآية (106): {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}.]، وغيرهما [وهي الآيات التي يؤلونها بحسب المنهج الباطني عندهم كتأويلهم قوله – سبحانه -: {فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} [الكهف: 97]، بقولهم: ما استطاعوا له نقبًا إذا عمل بالتقية.
وفي قوله: {فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء} [الكهف: 98]. قالوا: "رفع التقية عند الكشف فينتقم من أعداء الله". (انظر في تأويلهم للآيتين بذلك في: تفسير العياشي: 2/351، البرهان: 2/486، البحار: 5/168). وغيرها من الآيات (راجع: فكرة التقريب: ص220-221).] على عقيدتهم في التقية، ولكن استدلالهم (بالآيتين) واقع في غير موقعه كما تبين أثناء توضيح معالم التقية عندهم، ولذلك قرر أهل العلم من خلال معرفتهم بواقع الشيعة أن تقيتهم إنما هي الكذب والنفاق ليس إلا. وقد تبينت لنا هذه الحقيقة من خلال "النص الشيعي" أيضًا.(6/323)
فأنت ترى أن التقية عندهم هي الكذب والنفاق، ومع هذا يعتبرون ذلك من الدين، بل هو الدين كله.
وأن حالهم من جنس حال المنافقين لا من جنس حال المكره الذي أكره وقلبه مطمئن بالإيمان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية موضحًا الفرق بين تقية النفاق، والتقية في الإسلام: التقية... ليست بأن أكذب وأقول بلساني ما ليس في قلبي فإن هذا نفاق، ولكن أفعل ما أقدر عليه.. فالمؤمن إذا كان بين الكفار والفجار، لم يكن عليه أن يجاهدهم بيده مع عجزه، ولكن إن أمكنه بلسانه، وإلا فبقلبه مع أنه لا يكذب ويقول بلسانه ما ليس في قلبه، إما أن يظهر دينه وإما أن يكتمه، وهو مع هذا لا يوافقهم على دينهم كله، بل غايته أن يكون كمؤمن آل فرعون؛ حيث لم يكن موافقًا لهم على جميع دينهم، ولا كان يكذب، ولا يقول بلسانه ما ليس في قلبه، بل كان يكتم إيمانه، وكتمان الدين شيء، وإظهار الدين الباطل شيء آخر، فهذا لم يبحه الله قط إلا لمن أكره بحيث أبيح له النطق بكلمة الكفر [منهاج السنة: 3/260.] فيعذره الله في ذلك، والمنافق والكذاب لا يعذر بحال.
ثم إن المؤمن الذي يعيش بين الكفار مضطرًا ويكتم إيمانه يعاملهم – بمقتضى الإيمان الذي يحمله – بصدق وأمانة ونصح وإرادة للخير بهم، وإن لم يكن موافقًا لهم على دينهم، كما كان يوسف الصديق يسير في أهل مصر وكانوا كفارًا.. بخلاف الرافضي الذي لا يترك شرًا يقدر عليه إلا فعله بمن يخالفه [منهاج السنة: 3/260.].
الفصل الرابع
المهدية والغيبة
في هذا الفصل سأتناول – بحول الله – مسألة المهدية والغيبة عند الفرق الشيعية بوجه عام، ثم نشأة هذه الفكرة عند الاثني عشرية وتطورها، وبعد ذلك أبين الخطوط العريضة لهذه العقيدة عندهم، وما يستدلون به لإسناد هذا المعتقد ودفاعهم عن طول زمن الغيبة الذي مضى عليه الآن أكثر من أحد عشر قرنًا، ومناقشة ذلك.(6/324)
يلي ذلك بيان لما يتخيله الاثنا عشرية لدولة المهدي بعد عودته من غيبته، وهي خيالات صاغوها على شكل روايات عن أئمة أهل البيت لتأخذ صفة العصمة والقداسة عند أتباعهم، فأبين ما قالوه حول شريعته، وسيرته، وجنده.
ثم أعرض بعد هذا للشيعة في فترة الغيبة، والمبادئ التي شرعوها، والشرائع التي عطلوها بسبب هذه العقيدة، ومحاولة شيوخهم لمواجهة فقد إمامهم باختراع عقيدة "النيابة عن المهدي".
وأختم الموضوع بنقد لأصل هذه الفكرة ومناقشتها.
المهدية والغيبة عند فرق الشيعة
فكرة الإيمان بالإمام الخفي أو الغائب توجد لدى معظم فرق الشيعة، حيث تعتقد في إمامها بعد موته أنه لم يمت، وتقول بخلوده، واختفائه عن الناس، وعودته إلى الظهور في المستقبل مهديًا، ولا تختلف هذه الفرق إلا في تحديد الإمام الذي قدرت له العودة، كما تختلف في تحديد الأئمة وأعيانهم والتي يعتبر الإمام الغائب واحدًا منهم.
وتعتبر السبئية – كما يقول القمي، والنوبختي، والشهرستاني وغيرهم – أول فرقة قالت بالوقف على علي [أي لم تسق الإمامة لمن بعده.] وغيبته [القمي/ المقالات والفر: ص19-20، النوبختي/ فرق الشيعة: ص22، الشهرستاني/ الملل والنحل: 1/174.]، حيث زعمت "أن عليًا لم يقتل ولم يمت، ولا يقتل ولا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، ويملأ الأرض عدلاً وقسطًا كما ملئت ظلمًا وجورًا" [المقالات والفرق: ص19، فرق الشيعة: ص22، مقالات الإسلاميين: 1/86.].(6/325)
ولما بلغ عبد الله بن سبأ نعي علي بالمدائن قال للذي نعاه: "كذبت، لو جئنا بدماغه في سبعين صرة، وأقمت على قتله سبعين عدلاً لعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل، ولا يموت حتى يملك الأرض" [فرق الشيعة: ص23، المقالات والفرق: ص21.] وظلت تنتظر عودته من غيبته، ثم انتقلت هذه "الفكرة" من السبئية إلى بعض فرق الكيسانية كالكربية [الكربية: أتباع أبي كريب الضرير، وقد مضى التعريف بالكيسانية.] حيث قالت لما مات محمد بن الحنفية – وهو الذي تدعي أنه إمامها -: إنه حي لم يمت وهو في جبل رضوى بين مكة والمدينة عن يمينه أسد وعن يساره نمر موكلان به يحفظانه إلى أوان خروجه وقيامه [وقد تغنى شعراؤهم بذلك حتى قال شاعرهم (كثير عزة) :
ألا إن الأئمة من قريش ولاة الحق أربعة سواء
علي والثلاثة من بنيه هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبط سبط إيمان وبرّ وسبط غيبته كربلاء
وسبط لا يذوق الموت حتى يقود الخيل يقدمها اللواء
تغيب لا يرى عنا زمان برضوا عنده عسل وماء
(انظر: مسائل الإمامة ص26، مقالات الإسلاميين: 1/92-93، الفرق بين الفرق ص41)، وقد أوردت كتب المقالات أيضًا أشعارًا في هذا المعنى لشعراء آخرين (انظر: مسائل الإمامة ص26، 27، 28، 29)، وقد نظم البغدادي بعض الأبيان في الرد عليها الفرق بين الفرق: ص41-43).]، وقالوا: إنه المهدي المنتظر [مسائل الإمامة: ص26، فرق الشيعة: ص27، مقالات الإسلاميين: 1/92، الفرق بين الفرق: ص39، التبصير في الدين: ص18-19.]. وزعموا أنه سيغيب عنهم سبعين عامًا في جبل رضوى ثم يظهر فيقيم لهم الملك، ويقتل لهم الجبابرة من بني أمية [مسائل الإمامة: ص27.]... فلما مضت سبعون سنة ولم ينالوا من أمانيهم شيئًا حاول بعض شعرائهم توطين أصحابه على هذه العقيدة، وأن يرضوا بالانتظار ولو غاب مهديهم مدة عمر نوح عليه السلام [يقول شاعرهم في ذلك:(6/326)
لو غاب عنا عمر نوح أيقنت منا النفوس بأنه سيؤوب
إني لأرجوه وآمله كما قد كان يأمل يوسفًا يعقوب
(المصدر السابق: ص29).].
ثم شاع التوقف على الإمام وانتظار عودته مهديًا بعد ذلك بين فرق الشيعة.. فبعد وفاة كل إمام من آل البيت تظهر فرقة من أتباعه تدعي فيه هذه الدعوى.. وتنتظر عودته، وتختلف فيما بينها اختلافًا شديدًا في تحديد الإمام الذي وقفت عليه وقدرت له العودة – في زعمهم – ولذلك قال السمعاني: "ثم إنهم في انتظارهم الإمام الذي انتظروه مختلفون اختلافًا يلوح عليه حمق بليغ" [الأنساب: 1/345.].
وحتى بعض فرق الزيدية وهي الجارودية تاهت في وهم هذا الانتظار للإمام الذي قد مات، مع اختلاف فروع هذه الطائفة في تحديد الإمام المنتظر، كما نقل ذلك الأشعري [مقالات الإسلاميين: 1/141-142.] والبغدادي [الفرق بين الفرق: ص31-32.] والشهرستاني [الملل والنحل: 1/158-159.] وغيرهم [نشوان/ الحور العين: ص156.]. ولذلك فإنه لا صحة لما قاله بعضهم من أن الزيدية كلها تنكر هذا الاتجاه كما قاله أحمد أمين [ضحى الإسلام: 3/243.]، وأشار إليه جولد سيهر [العقيدة والشريعة: ص211.].(6/327)
هذه عقيدة الغيبة عند فرق الشيعة، ارتبطت بأفراد من أهل البيت معروفين وجدوا في التاريخ فعلاً وعاشوا حياتهم كسائر الناس، فلما ماتوا ادعت فيهم هذه الفرق تلك الدعوى، حيث لم تصدق بموتهم، وزعمت أنهم غابوا، وسيعودون للظهور مرة أخرى. أما هذه الفكرة عند الاثني عشرية فتختلف من حيث إنها ارتبطت عندهم "بشخصية خيالية" لا وجود لها عند أكثر فرق الشيعة المعاصرة لظهور هذه "الدعوى" وهي عند أصحابها شخصية رمزية [وتتداول الشيعة أخبارها بالرمز إليه بدون ذكر اسمها.]، لم يرها الناس، ولم يعرفوها، ولا يعلمون مكانها، غابت – كما يدعون – بعد ولادتها، ولم يظهر حملها، وأحيطت ولادتها بسياج من السرية والكتمان، بل إن عائلتها، ووكيلها وأقرب الناس إليها لم يعلموا بأمر هذا الحمل وذلك المولود، وكانوا له منكرين، بل لم يظهر للشيعة التي تدعيه إلا من خلال نواب يدعون الصلة به.
هذه الشخصية هي شخصية المهدي المنتظر عندهم، ويشكّل الإيمان بها عند الاثني عشريّة الأصل الذي ينبني عليه مذهبهم، والقاعدة التي تقوم عليها بنية التّشيّع عندهم؛ إذ بعد انتهاء وجود أئمّة الشّيعة بوفاة الحسن العسكري أصبح الإيمان بغيبة ابنه المزعوم هو المحور الذي تدور عليه عقائدهم، والأساس الذي يمسك بنيان الشّيعة من الانهيار.
ولكن كيف ومتى بدأت هذه الفكرة عند الاثني عشرية؟
نشأة فكرة الغيبة عند الشيعة الاثني عشرية وتطورها
حال الشيعة بعد وفاة الحسن العسكري:
لابد في الحديث عن النشأة أن نتناول حال الشيعة بعد وفاة الحسن لعلاقته الوثيقة بنشأة هذه الفكرة.
إذ بعد وفاة الحسن – إمامهم الحادي عشر – سنة (260ه) "لم ير له خلف، ولم يعرف له ولد ظاهر، فاقتسم ما ظهر من ميراثه أخوه جعفر وأمّه" [المقالات والفِرَق: ص102، فِرَق الشّيعة: ص96 (وفيها: "ولم ير له أثر").] كما تعترف بذلك كتب الشيعة نفسها.(6/328)
وبسبب ذلك اضطرب أمر الشّيعة، وتفرّق جمعهم، لأنّهم أصبحوا بلا إمام، ولا دين عندهم بدون إمام، لأنّه هو الحجّة على أهل الأرض [أصول الكافي: 1/188.]. وحتى كتاب الله سبحانه ليس حجة عندهم إلا به – كما سلف -، وبالإمام بقاء الكون، إذ "لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت" [أصول الكافي: 1/179.]، وهو أمان النّاس "ولو أنّ الإمام رفع من الأرض ساعة لَمَاجَتْ بأهلها كما يموج البحر بأهله" [أصول الكافي: 1/179.]. ولكن الإمام مات بلا عقب، وبقيت الأرض بلا إمام، ولم يحدث شيء من هذه الكوارث.. فتحيرت الشيعة واختلفت في أعظم أمر عندها وهو تعيين الإمام، فافترقت إلى أربع عشرة فرقة كما يقول النّوبختي [فِرَق الشّيعة: ص96، المفيد/ الفصول المختارة: ص258.]، أو خمس عشرة فرقة كما ينقل القمّي [المقالات والفِرَق: ص102.]، وهما من الاثني عشريّة. وممّن عاصر أحداث الاختلاف، إذ هما من القرن الثّالث، فمعلوماتهما مهمة في تصوير ما آل إليه أمر الشيعة بعد الحسن العسكري.
ومن بعدهما زادت الفرقة واتّسع الاختلاف، حيث يذكر المسعودي الشّيعي (المتوفّى سنة 346ه) ما بلغه اختلاف شيعة الحسن بعد وفاته، وأنّه وصل إلى عشرين فرقة [مروج الذّهب: 4/190، وانظر: الصّواعق المحرقة: ص168] فما بالك بما بعده [وعندي أن هذا الاختلاف لم يتوقف إلا بعد قيام السمري – كما سيأتي – بإلغاء فكرة البابية واختراع فكرة النيابة العامة عن المهدي من جميع شيوخهم، فاتفقوا حينئذ على دعوى غيبة المولود لاتفاقهم على قسمة الغنائم التي تجبى باسمه فيما بينهم باسم النيابة.].(6/329)
وقد ذهبت هذه الفرق مذاهب شتّى في أمر الإمامة، فمنهم من قال: "إنّ الحسن بن علي حيّ لم يمت، وإنّما غاب وهو القائم، ولا يجوز أن يموت ولا ولد له ظاهر، لأنّ الأرض لا تخلو من إمام" [فرق الشّيعة: ص96، المقالات والفِرَق: ص106.]. فوقفت هذه الفِرقة على الحسن العسكري وقالت بمهديته وانتظاره كما هي العادة عند الشّيعة بعد وفاة كلّ إمام تدّعي إمامته، وذهبت فرقة أخرى إلى الإقرار بموته، ولكنّها زعمت أنّه حيّ بعد موته، ولكنّه غائب وسيظهر [فِرَق الشّيعة: ص97، المقالات والفِرَق: ص107.]، بينما فِرَق أخرى حاولت أن تمضي بالإمامة من الحسن إلى أخيه جعفر [المقالات والفرق: ص110.]، وأخرى أبطلت إمامة الحسن بموته عقيمًا [انظر: المقالات والفرق: ص109، فرق الشّيعة: ص 100-101.].
أما الاثنا عشريّة فقد ذهبت إلى الزّعم بأن للحسن العسكري ولدًا "كان قد أخفى (أي الحسن) مولده، وستر أمره لصعوبة الوقت وشدّة طلب السّلطان له.. فلم يظهر ولده في حياته، ولا عرفه الجمهور بعد وفاته" [المفيد/ الإرشاد: 1005آ+3.].
ويقابل ذلك اتجاه آخر يقول: "إن الحسن بن علي قد صحت وفاته كما صحت وفاة آبائه بتواطؤ الأخبار التي لا يجوز تكذيب مثلها، وكثرة المشاهدين لموته، وتواتر ذلك عن الولي له والعدو، وهذا ما لا يجب الارتياب فيه، وصح بمثل هذه الأسباب أنه لا ولد له، فلما صح عندنا الوجهان ثبت أنه لا إمام بعد الحسن بن علي، وأن الإمامة انقطعت.. كما جاز أن تنقطع النبوة بعد محمد، فكذلك جائز أن تنقطع الإمامة، لأن الرسالة والنبوة أعظم خطرًا وأجل، والخلق إليها أحوج، والحجة بها ألزم، والعذر بها أقطع، لأن معها البراهين الظاهرة والأعلام الباهرة، فقد انقطعت، فكذلك يجوز أن تنقطع الإمامة" [المقالات والفرق: ص107-108، فرق الشيعة: ص105.].(6/330)
وقطعت كذلك فرقة أخرى بموت الحسن بن علي وأنه لا خلف له، وقالت: إن الله سيبعث قائمًا من آل محمد ممن قد مضى، إن شاء بعث الحسن بن علي، وإن شاء بعث غيره، ونحن الآن في زمن فترة انقطعت فيه الإمامة [المقالات والفرق: ص108، وانظر: فرق الشيعة: ص105.].
وهكذا تضاربت أقوالهم، واختلفت اتجاهاتهم، وتفرقوا شيعًا وأحزابًا كل حزب بما لديهم فرحون.. وبلغت الحيرة في تلك الفترة أن اختار بعضهم التوقف وقال: "نحن لا ندري ما نقول في ذلك وقد اشتبه علينا الأمر.." [المقالات والفرق: ص115-116، وانظر: فرق الشيعة: ص108.].
هذه بعض ملامح الخلاف الذي دب بين الشيعة بعد وفاة الحسن.
أسباب القول بالغيبة:
ولعل القارئ يعجب من ذلك الإصرار الشديد على القول بإمامة أحد من آل البيت حتى ينكرون موت من مات، أو يدعون أنه حي بعد موته، أو يخترعون ولدًا لمن لا عقب له، وقليل منهم ثاب إلى رشده لما انكشف له الغطاء بموت الإمام عقيمًا فترك التحزب والتشيع وقال بانقطاع الإمامة، ورجع إلى شئون حياته. ولعل هذه الفئة هي التي تتشيع عن صدق، فلما تبين لها الأمر، وسقط القناع رجعت.
إن أهم سبب لهذا الإصرار يتبين من خلال اختلاف هذه الفرق ونزاعها فيما بينها للدفاع عن رأيها والفوز بأكثر قدر من الأتباع، حيث إن كل طائفة تنادي بمهدي لها وتكذب الأخرى، ومن خلال تلك الخصومة تتسرب الحقيقة.
لنستمع – مثلاً – إلى ما ترويه الاثنا عشرية – التي تقول بالغيبة والوقف على الابن المزعوم للحسن للعسكري – في كشف حقيقة دعوى الطائفة الأخرى التي تقول بالغيبة والوقف على موسى الكاظم تقول: "مات أبو إبراهيم (موسى الكاظم) وليس من قوامه [نوابه ووكلاؤه.] أحد إلا وعنده المال الكثير، وكان ذلك سبب وقفهم وجحدهم موته طمعًا في الأموال، كان عند زياد بن مروان القندي سبعون ألف دينار، وعند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار.." [الغيبة للطّوسي: ص42-43.].(6/331)
وجاء عندهم روايات أخر بهذا المعنى [انظر: المصدر السابق: ص43 وما بعدها، ورجال الكشي/ الروايات رقم: 759، 871، 888، 893.] تكشف ما خفي.. وأن وراء دعوى غيبة الإمام وانتظار رجعته الرغبة في الاستئثار بالأموال، وأن هناك فئات منتفعة بدعوى التّشيّع تغرّر بالسّذّج، وتأخذ أموالهم باسم أنّهم نوّاب الإمام، فإذا ما توفّي الإمام أنكروا موته لتبقى الأموال في أيديهم، ويستمرّ دفع الأموال إليهم باسم خمس الإمام الغائب.
وهكذا تدور عمليات النهب والسلب.. والضحية هم أولئك السذج المغفلون الذين يدفعون أموالهم إلى من زعموا أنهم نواب الإمام في بلدان العالم الإسلامي. والذين استمرأوا هذه الغنيمة الباردة فظلوا يذكون في النفوس محبة آل البيت، واستشعار ظلم آل البيت، والحديث عن محن آل البيت، والمطالبة بحق آل البيت.. ليفرقوا الأمة، ويتخذوا من تلك الأموال وسيلة لتغذية جمعياتهم السرية التي تعمل على تقويض كيان الدولة الإسلامية.
ولعل من أسباب القول بالمهدية والغيبة أيضًا تطلع الشيعة إلى قيام كيان سياسي لهم مستقل عن دولة الإسلام، وهذا ما نلمسه في اهتمامهم بمسألة الإمامة، ولما خابت آمالهم، وغلبوا على أمرهم وانقلبوا صاغرين هربوا من الواقع إلى الآمال والأحلام كمهرب نفسي ينقذون به أنفسهم من الإحباط وشيعتهم من اليأس، وأخذوا يبثون الرجاء والأمل في نفوس أصحابهم، ويمنونهم بأن الأمر سيكون في النهاية لهم. ولذلك فإن القول بالمهدية والغيبة ينشط دعاته بعد وفاة كل إمام لمواجهة عوامل اليأس وفقدان الأمل، بالإضافة إلى تحقيق المكاسب المادية.
كما أن التشيع كان مهوى قلوب أصحاب النحل والأهواء والمذاهب المتطرفة؛ لأنهم يجدون من خلاله الجو المناسب لتحقيق أهدافهم، والعودة إلى معتقداتهم.(6/332)
فانضم إلى ركب التشيع أصناف من أصحاب هذه الاتجاهات الغالية.. وكان هذا «الخليط» يشطح "بالشيعة" نحو معتقداته الموروثة، ولا سيما بعد أن عزلت الشيعة نفسها عن أصول الأمة، وإجماعها.
ولهذا فإن مسألة المهدية والغيبة حسب الاعتقاد الشيعي لها جذورها في بعض الديانات والنحل، مما لا يستبعد معه أن لأتباع تلك الديانات دورًا في تأسيس هذه الفكرة في أذهان الشيعة.
ويميل بعض المستشرقين أنها ذات أصل يهودي، لأن اليهود يعتقدون بأن إيليا رفع إلى السماء وسيعود في آخر الزمان، ولذلك فإن إيليا هو – حسب رأيهم – النموذج الأول لأئمة الشيعة المختفين الغائبين [جولد سيهر/ العقيدة والشريعة: ص192.].
وفي نظري أن هذا لا يكفي لإظهار الأثر اليهودي، لأن في الإسلام أن عيسى رفع إلى السماء وسيعود في آخر الزمان، فليست هذه الفكرة التي عرضوها غريبة على الأصول الإسلامية، ولكن لأن المستشرقين ينكرون مسألة المهدية أصلاً قالوا هذا القول. إنما يبرز إيضاح الأثر اليهودي أكثر من أوجه أخرى هي أن نظرية الغيبة ترجع في أصولها إلى ابن سبأ وهو حبر من أحبار اليهود.
كذلك ما صرح به بعض شعراء الشيعة من أن فكرة المهدية مستمدة من أخبار كعب الأحبار الذي كان على دين اليهودية قبل إسلامه، ويبدو ذلك بوضوح فيما قاله شاعر الكيسانية كثير عزة في ابن الحنفية:
هو المهدي خبرناه كعب أخو الأحبار في الحقب الخوالي [ديوان كثير عزة: 1/275.].
ويقول فان فلوتن: "وأما نحن معاشر الغربيين فقد استرعت عقيدة المهدي المنتظر بوجه خاص أنظار المستشرقين منا" [السيادة العربية والإسرائيليات: ص110.].(6/333)
ثم يربط هذه العقيدة بالإسرائيليات ويردها إلى أصول يهودية ونصرانية، لأنه يرى أنها تخل تحت نطاق التنبؤ ببعض الأشخاص والحوادث المعينة، وهو التنبؤ الذي أفاضت فيه كتب إسرائيلية لم تكن معروفة عند العرب في بادي الأمر، وإنما وصلت إليهم عن طريق اليهود والمسيحيين الذين اعتنقوا الإسلام [السيادة العربية والإسرائيليات: ص112.].
ويبدو أن ربطه هذه العقيدة باليهودية والنصرانية لمجرد أنها تدخل في نطاق الإخبار بالمغيبات الذي لا يعرفه العرب كما يقول هو ربط ضعيف، ذلك أن من معجزات رسول الإسلام العربي الهاشمي الإخبار ببعض المغيبات، لكن هؤلاء يحللون هذه المسائل وفق عقليتهم الكافرة، واتجاههم المنكر لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأرجح في هذه المسألة أن عقيدة الاثني عشرية في المهدية والغيبة ترجع إلى أصول مجوسية، فالشّيعة أكثرهم من الفرس، والفرس من أديانهم المجوسيّة، والمجوس تدّعي أنّ لهم منتظرًا حيًّا باقيًا مهديًّا من ولد بشتاسف بن بهراسف يُقال له: أبشاوثن، وأنّه في حصن عظيم من [لعلها "بين".] خراسان والصّين [تثبيت دلائل النّبوّة: 1/179.].
وهذا مطابق لجوهر المذهب الاثني عشري.
واضع مبدأ الغيبة عند الاثني عشرية:(6/334)
إذا كان ابن سبأ هو الذي وضع عقيدة النص على علي بالإمامة – كما تذكره كتب الفرق عند الشيعة وغيرها – فإن هناك ابن سبأ آخر هو الذي وضع البديل "لفكرة الإمامة" بعد انتهائها حسيًا بانقطاع نسل الحسن، أو أنه واحد من مجموعة وضعت هذه الفكرة، لكنه هو الوجه البارز لهذه الدعوى. هذا الرجل يدعى عثمان بن سعيد العمري [ويرى الأستاذ محب الدين الخطيب أن مؤسس فكرة الغيبة هو محمد بن نصير من موالي بني نمير (الخطوط العريضة: ص37)، وقد ورد في كتب الاثني عشرية أنه ممن ادعى البابية للغائب، وقد سبقه في ذلك رجل آخر يدعى الشريعي، وتلاه آخرون ادعوا كدعواه. (انظر: الغيبة للطوسي: ص244).]، وقد قام بدوره في منتهى السرية حيث "كان يتجر في السمن تغطية على الأمر"، وكان يتلقى الأموال التي تؤخذ من الأتباع باسم الزكاة والخمس وحق أهل البيت فيضعها "في جراب السمن وزقاقة.. تقية وخوفًا" [الغيبة للطوسي: ص214-215، محمد الصدر/ تاريخ الغيبة الصغرى: ص396-397.]. وقد زعم – في دعواه – أن للحسن ولدًا قد اختفى وعمره أربع سنوات [انظر: الغيبة للطوسي: ص258، وقد اختلفوا في عمره حينما غاب لاختلاف رواياتهم في ذلك – كما سيأتي -، قال المجلسي: أكثر الروايات على أنه ابن أقل من خمس سنين بأشهر أو بسنة وأشهر. (بحار الأنوار: 25/123).]، وزعم أنه لا يلتقي به أحد سواه فهو السفير بينه وبين الشيعة يستلم أموالهم ويتلقى أسئلتهم ومشكلاتهم ليوصلهم للإمام الغائب.(6/335)
ومن الغريب أن الشيعة تزعم أنها لا تقبل إلا قول معصوم حتى ترفض الإجماع بدون المعصوم، وها هي تقبل في أهم عقائدها دعوى رجل واحد غير معصوم وقد ادعى مثل دعواه آخرون، كل يزعم أنه الباب للغائب وكان النزاع بينهما على أشده، وكل واحد منهم يخرج توقيعًا يزعم أنه صدر عن الغائب المنتظر يتضمن لعن الآخر وتكذيبه، وقد جاء على ذكر أسمائهم الطوسي في مبحث بعنوان: "ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية لعنهم الله" [الغيبة: ص244.].
ولعثمان بن سعيد – كما تنقل كتب الشيعة – وكلاء في معظم الديار الإسلامية يدعون لإمامة هذا المعدوم والقول ببابية عثمان بن سعيد. وقد جاء على ذكر هؤلاء الوكلاء ابن بابويه القمي، وهو أجمع نص لأسمائهم، كما يذكر محمد باقر الصدر [تاريخ الغيبة الصغرى: ص60.]. وهناك وكلاء آخرون غير مرضيين من عثمان بن سعيد ومن يشايعه، وقد ذكر منهم الطوسي سبعة في مبحث بعنوان "ذكر المذمومين من وكلاء الأئمة" [الغيبة للطوسي: ص213-214.].
والفرق عندهم بين الباب والوكيل: أن الباب يلتقي بالإمام الغائب، والوكيل يلتقي بالباب ولا يرى الإمام، ويكون الواسطة بين الشيعة والباب [انظر: الصدر/ تاريخ الغيبة الصغرى: ص609.].
ولما توفي عثمان بن سعيد الباب الأول المعتمد عند الاثني عشرية، عين من بعده ابنه محمدًا، ولكن خالفه في ذلك طائفة منهم، فلم ترتض بابية ابنه، ونشأ نزاع بينهم ولعن بعضهم بعضًا.(6/336)
فهذا أحد المخالفين ويدعى أحمد بن هلال الكرخي لما قيل له: "ألا تقبل أمر أبي جعفر محمد بن عثمان وترجع إليه، وقد نص عليه الإمام المفترض الطاعة [يعنون إمامهم المنتظر، لأنهم يعتبرون قول الباب الأول هو قول الإمام، لأنه بابه وسفيره الوحيد، فاعتبروا تعيين عثمان بن سعيد لابنه نصًا مقدسًا من الإمام يلعن مخالفه.]؟ فقال لهم: لم أسمعه ينص عليه بالوكالة، ولست أنكر أباه – يعني عثمان بن سعيد – فأما أن أقطع أن أبا جعفر وكيل [يلاحظ أنه سماه وكيلاً مع أن الاثني عشرية تسميه بالباب، وتفرق بين الوكيل والباب.] صاحب الزمان فلا أجسر عليه. فقالوا: قد سمعه غيرك، فقال: أنتم وما سمعتم.. فلعنوه وتبرؤوا منه" [الغيبة للطوسي: ص245.].
وتكشف بعض أوراقهم سبب هذا التنازع بينهم، يذكر الطوسي – مثلاً – عن رجل يدعى محمد بن علي بن بلال بأنه رفض بابية محمد بن عثمان العمري، وأنه جرى بينه وبين العمري قصة معرفة – كما يقول – حيث تمسك الأول "بالأموال التي كانت عنده للإمام، وامتنع من تسليمها وادعى أنه الوكيل حتى تبرأت منه الجماعة ولعنوه" [الغيبة للطوسي: ص245.].
فأت تلاحظ أنه شارك عثمان بن سعيد في الوكالة، فلما توفي استأثر بالمال.
فهو تزاحم وتكالب على البابية والوكالة من أجل جمع الأموال.. وإلا لو كان هناك «إمام» غائب، يسير أم شيعته عن طريق الأبواب لما صارت الأموال إلى هذا الرجل المحتال، ولما كان محل ثقة الإمام صاحب الزمان، لأن الإمام عندهم يعلم ما كان وما يكون.. فلماذا لم يصدر أمره من البداية في التحذير من التعامل معه حتى لا يأخذ أموال الناس؟! لكن الحقيقة أنه لا إمام غائب؛ بل عصابات تأكل أموال الناس بالباطل باسم التشيع والتدين، وأن نزاعها كان لأجل ذلك.(6/337)
ثم توفي محمد بن عثمان بن سعيد [انظر عنه: الغيبة للطوسي: 223، رجال الحلي: ص149.] (ت304 أو30ه) بعد أن تولى البابية "نحوًا من خمسين سنة [الغيبة للطوسي: ص223، رجال الحلي: ص149.]، يحمل الناس إليه أموالهم، ويخرج إليهم التوقيعات بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن عليه السلام إليهم بالمهمات في أمر الدين والدنيا وفيما يسألونه من المسائل بالأجوبة العجية" [الغيبة للطوسي: ص223.].
وتولى بعده رجل يدعى أبا القاسم الحسين بن روح، وقد كان كما تذكر رواياتهم يقوم بمهمة البابية في آخر حياة محمد بن عثمان؛ حيث كان يحيل إليه استلام الأموال التي يأتي بها الأشياع، ولذلك قال رجل يدعى (محمد بن علي الأسود) : كنت أحمل الأموال التي تحصل في باب الوقف إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري فيقبضها مني فحملت إليه شيئًا من الأموال في آخر أيامه قبل موته بسنتين أو ثلاث سنين، فأمر بتسليمه إلى أبي القاسم الروحي فكنت أطالبه بالقبوض، فشكا ذلك إلى أبي جعفر (محمد بن عثمان) فأمرني ألا أطالبه بالقبوض، وقال: كل ما وصل إلى أبي القاسم فقد وصل إليّ، فكنت أحمد بعد ذلك الأموال إليه ولا أطالبه بالقبوض [الغيبة للطوسي: ص225-226.].
ولما تردد أحدهم في تسليم أمواله إلى أبي القاسم بن روح غضب منه الباب محمد بن عثمان وقال له: لم لم تمتثل ما قلته لك؟ ولكن الرجل حاول أن يلاطفه ويهدئ من غضبه خشية أن يخرج له توقيعًا بلعنه والبراءة منه كعادة [وهي كصكوك الحرمان عند النصارى.] الأبواب فيمن يرفض دفع الأموال إليهم، فقال له متلطفًا: "لم أجسر على ما رسمته لي" إلا أن الباب أجابه وهو غاضب وقال له: "قم كما أقوال لك" يقول الرجل: "فلم يكن عندي غير المبادرة، فصرت إلى أبي القاسم بن روح وهو دار ضيقة فعرّفته ما جرى فسر به وشكر الله عز وجل، ودفعت إليه الدنانير، وما زلت أحمد إليه ما يحصل في يدي بعد ذلك من الدنانير" [الغيبة للطوسي: ص224.].(6/338)
فأنت تلاحظ ما تحيط به الرموز الشيعية نفسها من صفة القداسة، وما تضفي به على قولها من العصمة ووجوب الطاعة المطلقة، وإلا فاللعن والطرد من رحمة الله.
كما تلاحظ بأن لغة المال هي السائدة في التوقيعات المنسوبة للمنتظر وعلى ألسنة الأبواب والوكلاء.
وكان اختيار أبي القاسم لأنه أحفظ لسر المكان الذي يقيم فيه الغائب، حيث إن اختيار الباب يتم من قبل الدوائر الشيعية حسب مواصفات خاصة لعل من أبرزها حفظ السر، وعدم الظهور والشهرة، يدل على ذلك ما جاء في الغيبة للطوس "أن سهلاً النوبختي سئل فقيل له: كيف صار هذا الأمر إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح دونك؟ فقال: هم أعلم وما اختاروه [لاحظ أنه عزا الاختيار – فيما يظهر – إلى شيوخ الشيعة، وهم يزعمون أن ذلك إلى الإمام الغائب.]، ولكن أنا رجل ألقى الخصوم وأناظرهم، ولو علمت بمكانه [أي مكان المهدي الغائب لأنه لا يعلم بمكانه سوى الباب.] كما علم أبو القاسم وضغطتني الحجة على مكانه لعلي كنت أدل على مكانه، وأبو القاسم فلو كانت الحجة [يعني القاسم المنتظر الغائب.] تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه" [الغيبة: ص240.].
ورغم ذلك فقد أثار تعيين أبي القاسم بن روح نزاعًا كبيرًا بين الخلايا السرية، فانفصل عدد من رؤسائهم وادعوا البابية لأنفسهم.. وكثر التلاعن بينهم.
وقد اضطر بعضهم لأن يكشف حقيقة دعوى البابية تلك بسبب أنه لم ينجح في اقتناص مجموعة أكبر من الأتباع، ومن هؤلاء محمد بن علي الشلمغاني المقتول سنة (323ه) [انظر عنه: الغيبة للطوسي: ص248، البداية والنهاية لابن كثير: 11/179، الكامل: 8/290.] وهو ممن ادعى النيابة عن مهدي الروافض، ونافس أبا القاسم الحسين بن روح عليها، وفضح أمرهم فقال: "ما دخلنا مع أبي القاسم الحسين بن روح إلا ونحن نعلم فيما دخلنا فيه، لقد كنا نتهارش على هذا الأمر كما تتهارش الكلاب على الجيف" [الغيبة للطوسي: ص241.].(6/339)
ويعقب على ذلك أحمد الكروي الإيراني (الشيعي الأصل): "لقد صدق فيما قال، فإن التخاصم لم يكن إلا لأجل الأموال، كان الرجل يجمع المال ويطمع فيه فيدعي البابية لكيلا يسلمه إلى آخر" [التشيع والشيعة: ص33.].
ثم ما لبث ابن روح أن توفي سنة (326ه) فانتقلت البابية بوصية منه إلى رجل رابع يدعى: أبا الحسن علي بن محمد السمري [انظر: الغيبة للطوسي: ص244.]. والذي تولى منصب البابية وكان قد انقضى على غيبة الإمام قرابة سبعين عامًا لم يتحقق فيها أمل الشيعة في رجعته رغم انتظارهم إياه وتلهفهم عليه.
وقد تخلفت وعود الشيعة بالظهور للغائب المستور، وساد الشك الأوساط الشيعية، وبدأت تتكشف حقيقة الأمر بعد النزاع الحاد الذي وقع بين أدعياء البابية، ولذلك اختفى نشاط الباب تمامًا، فلا تجد له في كتب الشيعة مثل ما تجد لأسلافه من الرقاع والتوقيعات التي ينسبونها للغائب المنتظر. وقد اعترف بذلك بعض الشيعة وإن حاول أن يتستر على تلك الأسباب فيعزو الأمر إلى كثرة الضغوط على الشيعة [محمد باقر الصدر/ تاريخ الغيبة الصغرى: ص414.].
وقد استمر السمري في منصبه (الشكلي) ثلاث سنوات [لأنه توفي سنة (329ه)، انظر: الغيبة للطوسي: ص243، تاريخ الغيبة الصغرى للصدر: ص413.]، وربما أدركته "الخيبة وشعر بتفاهة منصبه كوكيل معتمد للإمام الغائب [رونلدسن/ عقيدة الشيعة، ص 257.]، فلما قيل له وهو على فراش الموت: من وصيك من بعدك؟ قال: لله أمر هو بالغه" [الغيبة للطوسي: ص242.]. وهكذا انتهت دعوى الصلة المباشرة بالغائب، لأن أوراقها انكشفت بسبب التنافس عليها.
ووصلت دعوى الغيبة إلى طريق مسدود، إذ لم تنجح فكرة البابية الخاصة، ولكن أخرج شيوخ الشيعة توقيعًا منسوبًا للسمري عن المنتظر يعلن فيه انقطاع البابية المباشرة، واختراع مبدأ النيابة العامة التي يشترك فيها شيوخ الشيعة – كما سيأتي -.(6/340)
وبعد هذا التغيير خرجت قضية غيبة المهدي من طريقها المسدود، واختفت ظواهر النزاع على منصب البابية واقتسمت الغنيمة بين الجميع بالسوية، وقررت عقيدة النيابة والتي سنتحدث عنها بعد استعراضنا لقضية المهدي عند الشيعة.
هؤلاء الأبواب الأربعة: عثمان بن سعيد، وابنه، وابن روح، والسمري، هم المؤسسون لقضية الغيبة والمهدية، أو هم الوجوه البارزة التي رسمت نظرية المهدي عند الاثني عشرية، وتسمى فترة عملهم بالبابية: "الغيبة الصغرى" والتي استمرت سبعين سنة أو تزيد [يقول شيخهم وآيتهم جعفر النجفي أن الغيبة الصغرى استمرت 74 سنة. (انظر: كشف الغطا: ص13) ويبدو أن هذا التحديد غير متفق عليه بينهم، ففي تنقيح المقال للمامقاني رد – فيما يظهر – لهذا التحديد حيث قال: "وما قيل إن مدة الغيبة أربع وسبعون سنة اشتباه بلا شبهة، إلا أن يحسبها من سنة الولادة" (أي ولادة منتظرهم المزعومة) ثم ذكر أن مدتها ثمان أو تسع وستون سنة إلا شهرًا (تنقيح المقال: 1/189) بينما يذكر الصدر أن مدتها سبعون سنة (انظر: تاريخ الغيبة الصغرى: ص345).].
وسنتناول نظرية المهدية والغيبة كما جاءت في كتب الاثني عشرية، ونتعرف على مضامينها، حيث أصبحت اليوم هي أساس المذهب الشيعي.
الخطوط العامة لقصة المهدية عند الاثني عشرية
قصة المهدي في كتب الشيعة قصة غريبة، نسج الخيال خيوطها وبلغ مداه في صياغة أحداثها، وتحولت إلى أسطورة كبرى لا تجد إلى العقل منفذًا، ولا في الفطر السليمة قبولاً حتى أنكرتها أكثر الفرق الشيعية التي عاصرت ولادتها [انظر: ص828-830 من هذه الرسالة.]. ولنعرض لخطوطها العامة بدءًا من اختيار الحسن لأم المهدي المزعوم، إلى ولادة المهدي، واختفائه، ثم عودته، وسيرته.(6/341)
أما اقتران الحسن بأم المهدي فقد صاغت كتب الشيعة أحداثه بما يشبه قصص ألف ليلة وليلة، فاختيار الحسن العسكري للجارية التي ينسبون لها الولد قد تم – كما تصوره كتب الشيعة – عن دراية بالغيب المستور، فهو يبعث خادمه لسوق بيع الجواري، ويعطيه أوصاف الجارية، ونوع لباسها، والكلام الذي ستنطق به أثناء بيعها، وما يحدث أثناء المساومة، ويرسل معه كتابًا لها بالرومية ما إن تنظر إليه حتى تبكي بكاءً شديدًا وتتمسح به، وحينما يعجب الخادم من كل ذلك تكشف له عن هويتها وأنها مليكة بنت يوشع بن قيصر ملك الروم. وتسرد له قصة حياتها، ووقوف الكوارث أمام زواجها من خطابها، وأنها رأت في منامها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يخطبها من المسيح وقال له: "يا روح الله جئتك خاطبًا من وصيك شمعون فتاته مليكة لابني هذا، وأومأ بيده إلى أبي محمد" (الحسن العسكري). ثم تتابع الرؤى عليها حتى تزورها في المنام أم الحسن العسكري، ومعها مريم بنت عمران، وألف وصيفة من وصائف الجنان فتقول لها مريم: هذه سيدة النساء [لاحظ إطلاق هذا اللقب على أم الحسن العسكري؛ فهل هي أفضل من فاطمة؟!] أم زوجك أبي محمد عليه السلام، فتتعلق بها أم المهدي وتبكي وتشكو إليها امتناع الحسن العسكري من زيارتها، لكن أم الحسن قالت لها: إن ابني محمد لا يزورك وأنت مشركة بالله [أبو محمد لا يزورها وهي مشركة، وسيدة النساء، ومريم، ووصائف الجنة يزرنها وهي مشركة!]. ثم تمضي أحداث القصة حتى تسلم بتأثير هذه المنامات، فتبدأ زيارات الحسن العسكري لها في الأحلام.(6/342)
ثم تذكر قصة وقوعها في أسر المسلمين، واختيارها لاسم "نرجس" إخفاءً لحقيقتها، ثم طلبها من مالكها ألا يبعها إلا لمن ترضاه وهو الذي يحمل المواصفات التي أوحي إليه بها في المنام، ثم تلتقي بعد ذلك بالحسن ولا تجد غراب في لقائه لأنها تعرفه وتتصل به قبل ذلك من خلال الرؤى والأحلام، فيزف لها البشرى بولد يملك الدنيا شرقًا وغربًا ويملأ الأرض قسطًا وعدلاً [انظر: ابن بابويه/ إكمال الدين: ص395-400 (باب ما روي في نرجس أم القائم).].
أما حملها بالمهدي فأغرب وأعجب، إذ لم يظهر عليها أثر الحمل مع أن حكيمة بنت محمد [حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى بن جعفر الصادق.] – كما يقولون – حاولت التثبت من حملها فوثبت إليها – كما تزعم رواياتهم – فقلبتها ظهرًا لبطن فلم تر فيها أثرًا للحمل، وعادت إلى الحسن وأخبرته، لكنه أكد لها وجود الحمل وقال لها: "إذا كان وقت الفجر يظهر لك الحبل" [إكمال الدين: ص404.]. والأغرب من ذلك أن أم الولد نفسها حتى ليلة ولادتها لم تعلم بأمر حملها حتى قالت لحكيمة: "يا مولاتي ما أرى بي شيئًا من هذا" [إكمال الدين: ص404.].
ويبدو أن نفي ظهور أثر الحمل عليها هي حيلة أو محاولة للتخلص مما ثبت حتى لدى الشيعة من قيام جعفر (أخي الحسن العسكري) بحبس نساء الحسن وإمائه – بعد وفاة الحسن – لاستبرائهن حتى ثبت للقضاي والسلطان براءة أرحامهن من الحمل، وتم بعد ذلك قسمة ميراث الحسن [انظر: الغيبة للطوسي: ص74.].(6/343)
وهذه الرواية التي تنفي تبين أمارات الحمل حتى لأم الوليد تثبت في آخرها ما ينقض هذا الزعم وهو أن المولود كان يتكلم وهو في بطن أمه حتى قالت حكيمة: "فأجابني الجنين من بطنها يقرأ مثل ما أقرأ وسلم علي" [إكمال الدين: ص404.]، وكذلك يروي الطوسي عن حكيمة نفسها أنها قالت حينما استدعاها الحسن إلى بيته للإشراف على ولادة المهدي من جاريته فقالت: "جعلت فداك يا سيدي الخلف ممن هو؟ قال: من سوسن – تقول – فأدرت نظري فيهن فلم أر جارية عليها أثر غير سوسن.." [الغيبة: ص141.] فهي في هذه الرواية تدرك حملها بمجرد النظر إليها، وفي رواية ابن بابويه تقلبها ظهرًا لبط فلا تجد أثرًا، وهي هنا تسميها سوسن، وهناك تسميها نرجس، كما تسمى في بعض رواياتهم بأسماء أخرى [تسمى ريحانة، وصقيل. (إكمال الدين: ص408).]. وكل يضع كما يشاء، وكتب الاثني عشرية تستوعب الجميع.
وحينما ولد "سقط.. من بطن أمه جائيًا على ركبتيه، رافعًا سبابتيه إلى السماء ثم عطس فقال: الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله، زعمت الظلمة أن حجة الله داحضة، لو أذن لنا في الكلام لزال الشك" [إكمال الدين: ص406، وانظر: الغيبة للطوسي: ص147.].
وفي رواية أخرى أنه سقط ساجدًا لله وهو يتشهد، ويدعو بقوله: "اللهم أنجز لي ما وعدتني.." [إكمال الدين: ص404-405.]. ثم عرج بهذا المولود إلى السماء بواسطة طيور خضر، وحينما تبكي الأم نرجس خوفًا على ولدها يجيبها الحسن بقوله: "سيعاد إليك كما رد موسى إلى أمه" [إكمال الدين: ص405.].(6/344)
أما نموه فهو مخالف تمامًا لسنة الله في خلقه، وخارج عن النواميس الطبيعية التي يخضع لها الكائن الحي بأمر الله، يصور ذلك الخبر المروي على لسان حكيمة بنت محمد، حيث تقول: "لما كان بعد أربعين يومًا [يعني من مولده.] دخلت على أبي محمد عليه السلام فإذا مولانا الصاحب يمشي في الدار فلم أر وجهًا أحسن من وجهه، ولا لغة أفصح من لغته، فقال أبو محمد عليه السلام: هذا المولود الكريم على الله عز وجل، فقلت: سيدي أرى من أمره ما أرى وله أربعون يومًا، فتبسم وقال: يا عمتي أما علمت أنا معاشر الأئمة ننشأ في اليوم ما ينشأ غيرنا في السنة" [الغيبة للطوسي: ص144.].
وفي رواية القمي "إن الصبي منا إذا كان أتى عليه شهر كان كمن أتى عليه سنة، وإن الصبي منا يتكلم في بطن أمه ويقرأ القرآن، ويعبد ربه عز وجل عند الرضاع، تطيعه [كذا في الأصل المنقول عنه ولعله "تطعمه".] الملائكة وتنزل إليه صباحًا ومساءً" [إكمال الدين: ص405.].
ولكن هذا المولود الذي يحمل كل هذه الظواهر الخارقة لا يعلم به أحد ولا يرى له أثر، فما فائدة إجراء هذه الخوارق إذن؟
ثم ما لبث أن غاب ولم يعلم بأمره ولا غيبته أحد إلا "حكيمة" والتي تقول – كما تنسب إليها الرواية -: إن الحسن أمرها ألا تفشي هذا الخبر في أمر هذا المولود حتى ترى اختلاف شيعته بعد وفاته، حيث قال – الحسن -: "فإذا غيب الله شخصي وتوفاني ورأيت شيعتي قد اختلفوا فأخبري الثقات منهم فإن ولي الله يغيبه الله عن خلقه ويحجبه عن عباده فلا يراه أحد حتى يقدم له جبرائيل عليه السلام فرسه ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً" [الغيبة للطوسي: ص142.].
فمسألة المهدي وغيبته تسربت إلى الشيعة عن طريق حكيمة كما تقوله رواية شيخ الطائفة وما أدري كيف يقبل الشيعة قول امرأة واحدة غير معصومة في أصل المذهب، وهم الذين يردون إجماع الأمة بأسرها إذا لم يكن المعصوم فيهم ولو في مسألة فرعية؟!(6/345)
وتلاحظ أن إمامهم يأمر بحجب أمر المهدي وغيبته إلا عن الثقات من شيعته، مع أن من لم يعرف الإمام – عندهم – فإنما يعرف ويعبد غير الله [أصول الكافي: 1/181.]، وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق [أصول الكافي: 1/184.].
أما وقت غيبة المهدي فإن روايات الشيعة تتضارب في تحديده. فيروي الطوسي أن حكيمة قالت: ".. فلما كان بعد ثلاث (من مولده) اشتقت إلى ولي الله فصرت إليهم فبدأت بالحجرة التي كانت سوسن فيها، فلم أر أثرًا ولا سمعت ذكرًا، فكرهت أن أسأل فدخلت على أبي محمد عليه السلام فاستحيت أن أبدأ بالسؤال فبدأني فقال: هو يا عمة في كنف الله وحرزه وستره وغيه حتى يأذن الله له" [الغيبة للطوسي: ص142.].
وفي رواية ثانية أن حكيمة فقدته بعد سبعة أيام [الغيبة للطوسي: ص142.]، وفي رواية ثالثة: أنها رأته بعد أربعين يومًا يمشي في الدار ثم فقدته بعد ذلك [الغيبة للطوسي: ص144.]، وفي رواية أخرى أن حكيمة كانت تختلف إلى دار العسكري، تزوره كل أربعين يومًا، وقبل وفاته بأيام قلائل – كان عمر المهدي آنذاك خمس سنوات على الأكثر [لأن مولده كما تقول رواياتهم في سنة 255 أو256، ووفاة العسكري سنة 260ه.]- زارت دار العسكري كعادتها، تقول: ف "رأيته رجلاً فلم أعرفه، فقلت لابن أخي عليه السلام: من هذا الذي تأمرني أن أجلس بين يديه؟ فقال لي: هذا ابن نرجس، هذا خليفتي من بعدي وعن قليل تفقدوني فاسمعي له وأطيعي" [إكمال الدين: ص405-406.].
وهكذا غاب المهدي ولم يعلم بأمره أحد سوى حكيمة التي أودعت خبره ثقات الشيعة – كما تقول رواياتهم -.(6/346)
أما مكان الغيبة فإنه كان موضع السرية والكتمان، ولما تناهى إلى شيعته خبر الغيبة المزعومة حاولوا التعرف على مكانه إلا أن الباب الذي يدعي الصلة به رفض البوح بشيء من ذلك وأخرج "توقيعًا" سريًا ينسبه للمهدي يقول فيه: ".. إن عرفوا المكان دلوا عليه" [أصول الكافي: 1/333.] فهذا النص يشير إلى أنه في مكان معين، وفي مخبأ سري لا يعرفه إلا الباب، وأن سب كتمان مكان غيبته عن شيعته هو خوفه من إخبارهم للغير بمكانه.
ولكن دلت بعض روايات الكافي على البلد الذي يختفي فيه، حيث قالت: "لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة، ولابد له في غيبته من عزلة، ونعم المنزل طيبة" [أصول الكافي: 1/340، الغيبة للنعماني: ص125، بحار الأنوار: 52/153.].
فهي تشير إلى أنه يختبئ بالمدينة المنورة، لأن طيبة من أسمائها [انظر: معجم ما استعجم: 2/900.]، ولما قال أحدهم للحسن العسكري: إن حدث بك حدث فأين أسأل عنه؟ قال: بالمدينة [أصول الكافي: 1/328، وقال المازندراني في شرح الكافي: يحتمل أن يراد بالمدية سر من رأى (شرح جامع: 6/208) وهذا الاحتمال قد لا يرد في الرواية التي قبلها.].
بينما يروي الطوسي في الغيبة أنه مقيم بجبل يدعى رضوى، حيث يقول في روايته: ".. عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: خرجت مع أبي عبد الله عليه السلام فلما نزلنا الروحاء [الروحاء: بفتح أوله: ممدود: قرية جامعة لمزينة، بينما وبين المدينة أحد وأربعون ميلاً. (معجم ما استعجب: 1/681).] نظر إلى جبلها مطلاً عليها، فقال لي: ترى هذا الجبل؟ هذا جبل يدعى رضوى [رضوى: وهو جبل بالمدينة فيه أشجار ومياه كثيرة، وهو الجبل الذي يزعم الكيسانية أن محمد بن الحنفية به مقيم حي يرزق (معجم البلدان: 3/51).] من جبال فارس أحبنا فنقله الله إلينا، أما إن فيه كل شجرة مطعم، ونعم أمان للخائف مرتين، أما إن لصاحب هذا الأمر فيه غيبتين واحدة قصيرة والأخرى طويلة" [الغيبة: ص103.].(6/347)
وتذكر روايات أخرى أنه يختفي في بعض وديان مكة، فقد جاء في تفسير العياشي وغيره أن أبا جعفر قال: "يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب – ثم أومأ بيده إلى ناحية ذي طوى [ذي طوى: بفتح أوله، مقصور منون، على وزن فعل: واد بمكة. (انظر: معجم ما استعجم: 2/896).]- .." [تفسير العياشي: 2/56، البرهان: 2/81-82، بحار الأنوار: 52/341.].
غير أن أحاديثهم في الأدعية والزيارة لمقامات الأئمة تلوح إلى أنه مقيم بسرداب سامراء [قال ياقوت: سامراء بلد على دجلة فوق بغداد بثلاثين فرسخًا يقال لها: سر من رأى فخففها الناس وقالوا: سامراء وفيها السرداب المعروف في جامعها الذي تزعم الشيعة أن مهديهم يخر منه (معجم البلدان 3/173).]، ولذلك جاء فيها "ثم ائت سرداب الغيبة وقف بين البابين، ماسكًا جانب الباب بيدك، ثم تنحنح كالمستأذن، وسم وانزل، وعليك السكينة والوقار، وصل ركعتين في عرضة السرداب وقل:.. اللهم طال الانتظار وشمت بنا الفجار، وصعب علينا الانتصار، اللهم أرنا وجه وليك الميمون، في حياتنا وبعد المنون، اللهم إني أدين لك بالرجعة، بين يدي صاحب هذه البقعة، الغوث الغوث الغوث يا صاحب الزمان، قطعت في وصلتك الخلاف، وهجرت لزيارتك الأوطان، وأخفيت أمري على أهل البلدان لتكون شفيعًا عند ربك وربي.. يا مولاي يا ابن الحسن بن علي جئتك زائرًا لك" [علي بن طاووس/ مصباح الزائر: ص229، محمد المشهدي/ المزار الكبير: ص216، المجلسي/ بحار الأنوار: 102/102-102، الشيرازي/ كلمة المهدي: ص471-472.].
وتشير بعض أخبارهم إلى أن معه في غيبته ثلاثين من أوليائه يؤنسونه في وحدته "وما بثلاثين من وحشة" [أصول الكافي: 1/340.].(6/348)
وتخصيص السرداب بتلك ادعية والمناجاة والاستئذان عند الدخول.. يدل على أن واضعي تلك الروايات يوهمون أتباعهم بوجوده في السرداب، ولهذا قال ابن خلكان: "والشيعة ينتظرون خروجه في آخر الزمان من السرداب بسر من رأى" [وفيات الأعيان: 4/176.]. وذكر ابن الأثير أنهم يعتقدون أن المنتظر بسرداب سامراء [الكامل: 5/373.].
ورغم ذلك فإن بعض الشيعة المعاصرين ينفي ما هو واقع ويقول: "لم يرد خبر ولا وجد في كتاب من كتب الشيعة أن المهدي غاب في السرداب.. ولا أنه عند ظهوره يخرج منه، بل يكون خروجه بمكة ويبايع بين الركن والمقام" [محسن الأمين/ البرهان على وجود صاحب الزمان: ص102.].
ولكن عمل الشيعة يخالف ذلك، ويتفق مع ما جاء في كتب الزيارة عندهم. فقد ظل الشيعة – كما يقول الشيعي أمير علي – إلى أواخر القرن الرابع عشر الميلادي الذي صنف فيه ابن خلدون تاريخه الكبير يجتمعون في كل ليلة بعد صلاة المغرب بباب سرداب سامراء فيهتفون باسمه ويدعونه للخروج حتى تشتبك النجوم ثم ينفضون إلى بيوتهم بعد طول الانتظار وهم يشعرون بخيبة الأمل والحزن [أمير علي/ روح الإسلام: 1/210، وانظر: مقدمة ابن خلدون: 2/531- 532، وانظر: ابن القيم/ المنار المنيف: ص152.].
وكان هذا الانتظار مثار سخرية الساخرين حتى قيل:
ما آن للسرداب أن يلد الذي كلمتموه بجهلكم ما آنا
فعلى عقولكم العفاء فإنكم ثلثتم العنقاء والغيلانا [انظر: الصواعق المحرقة: ص168، المنار المنيف: ص152.].
وقال ابن القيم: "ولقد أصبح هؤلاء عارًا على بني آدم، وضحكة يسخر منهم كل عاقل" [المنار المنيف: ص152-153.]. ولهذا جاء في أدعيتهم ما يشعر بأنهم صاروا بهذا الاعتقاد موضع السخرية والشماتة فيدعو أحدهم ويقول – مناجيًا الغائب -: "طال الانتظار وشمت بنا الفجار.." [مضى تخريج هذا النص ص:848.].(6/349)
وقد جاء في بعض أدعية الزيارات عندهم ما ينبئ عن حيرتهم في مكانه الذي يختفي فيه، فهم يهتفون به ويقولون: ".. ليت شعري أي استقر بك النوى، بل أي أرض تقلك أو ثرى، أبرضوى أم غيرها، أم ذي طوى.." [بحار الأنوار: 102/108.].
هذا وتذكر روايات أخرى لهم أنه ليس له مكان ثابت بل هو يعيش بين الناس "يشهد الموسم فيراهم ولا يرونه" [أصول الكافي: 1/337-338، الغيبة للنعماني: ص116.].
وهكذا تختلف أخبارهم في تحديد مكانه، وكل زمرة تذهب في هذا مذهبًا على اختلاف الفصائل الشيعية أو على اختلاف الأحوال والأزمنة، أو حتى تستمر لعبة التلبيس والتزوير.
ومن الطبيعي أن تختلف مادام غائبهم لا وجود له.
وإذا كان مكانه موضع السرية في بعض أخبارهم، فإن اسمه أيضًا قد حجب عن شيعته، فقد جاء في "توقيعات" المنتظر التي تصدر عن "بابه": "إن دللتم على الاسم أذاعوه.." [أصول الكافي: 1/333.].
فهذا النص يشير إلى أنه مجهول الاسم، كما هو مجهول المكان والولادة والنشأة.. ولكن ورد في كتب الشيعة أن اسمه محمد، غير أن روايات الشيعة كانت تحرم تسميته باسمه حيث جاء فيها: "ولا يحل لكم ذكره باسمه" [أصول الكافي: 1/333، الإرشاد: ص394، إكمال الدين: ص608.] بل اعتبرت من يسميه باسمه في عداد الكافرين، وقالت: "صاحب هذا الأمر لا يسميه باسمه إلا كافر" [أصول الكافي: 1/333، إكمال الدين: ص607.]، ولذلك تلاحظ حين يرد ذكره في رواياتهم يكتب اسمه بالحروف المقطعة هكذا: م ح م د [انظر – مثلاً – أصول لاكافي: 1/329.]. ولما قالوا: كيف نذكره؟ قال الحسن العسكري: "قولوا: الحجة من آل محمد صلوات الله عليه وسلامه" [أصول الكافي: 1/33، الإرشاد: ص394.].(6/350)
وكانت الدوائر الشيعية القديمة لا تذكره فيما بينها إلا بالرمز الذي لا يعرفه سواهم كالغريم. ولهذا قال المفيد عن إطلاق هذا اللقب عليه: "هذا رمز كانت الشيعة تعرفه قديمًا بينها، ويكون خطابها عليه السلام – كذا – للتقية" [الإرشاد: ص400.]. ورموزهم التي يطلقونها عليه كثيرة مثل: "القائم والخلف، والسيد، والناحية المقدسة، والصاحب، وصاحب الزمان، وصاحب العصر [انظر: حصائل الفكر: ص35.]، وصاحب الأمر وغيرها" [انظر: أصول الكافي:1/333، ويرى بعض شيوخهم أن النهي عن التصريح بالاسم خاص بزمن الخوف والتقية (انظر: المازندراني/ شرح جامع: 6/216-217).].
وعملية الكتمان تلك تنبئ عن تنظيم سري داخل الدولة الإسلامية، يتخذ أتباعه لغة الرمز والإشارة للتفاهم فيما بينهم، وهي من جانب آخر محاولة للتستر على الكذب، وإخفاء الحقيقة، ثم هي تنقض مايدعونه أن مهديهم قد ذكر باسمه، ووصفه من قبل [انظر: أصول الكافي، باب ما نص الله عز وجل ورسوله على الأئمة واحدًا واحدًا: 1/286 وما بعدها.].
أما مدة الغيبة: فإن مخترعي هذه الفكرة كانوا يمنون أتباعهم بقصر المدة، وسرعة العودة لغائبهم، حتى أكدوا في رواياتهم بأنها لا تعدو ست سنين في أقصى الأحوال، فقد جاء في الكافي عن علي بن أبي طالب – كما يفترون – أنه قال عن منتظرهم: "تكون له غيبة وحيرة يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون" [أصول الكافي: 1/338.].
ولما سئل كم تكون الحيرة والغيبة، قال: "ستة أيام أو ستة أشهر، أو ست سنين.." [أصول الكافي: 1/338.].(6/351)
ويبدو أن هذا النص قد وضع في الأيام الأولى لنشوء فكرة الغيبة، لتسكين النفوس الثائرة وتهدئة القلوب الحائرة التي أفاقت على الحقيقة المرة حينما مات الإمام بلا عقب، وانجلت الخدعة وتبينت الحقيقة، فربطت حينئذ دعوى الغيبة بهذا الوعد القريب لتكون أقرب للتصديق وأسهل، وليضمنوا الكسب الحاضر للمال الجاهز الذي ينتظر ظهور الإمام ليدفع إليه باسم حق آل البيت..، وفي البداء والتقية متسع للتأويل، والرجوع عن الكلام.. في المستقبل.. وهذا ما وقع بالنسبة لموقف شيوخهم المتأخرين من هذا النص، حيث قال بعضهم: يحتمل أن يكون المراد أن الغيبة والحيرة في ذلك القدر من الزمان أمر محتوم ويجري فيهما البداء بعد ذلك [المازندراني/ شرح جامع (على الكافي): 6/237.]، ومنهم من حاول التخلص بغير هذا [حيث قال بعضهم: يحتمل أن المقصود تحديد مدة الحيرة بهذه الفترة لا الغيبة (نفس الموضع من المصدر السابق) مع أن الحيرة والشك قد صاحبتهم في أمر الغيبة كما يظهر ذلك لك من الكتب التي ألفت في هذه المسألة، وأن السبب في تأليفها يعود لعنصر الشك في الغيبة الذي سيطر على أذهان الكثير منهم. (انظر – مثلاً -: إكمال الدين/ لابن بابويه: ص2).]، ولكن لم يجرؤ أحد منهم على الطعن في مسألة الغيبة ذاتها.
كما جاء عندهم توقيت ظهور هذا الأمر في السبعين من الغيبة، ثم غير إلى مائة وأربعين، ثم أخر إلى غير أمد معين [انظر: أصول الكافي (مع شرحه للمازندراني): 6/314، وانظر: الغيبة للطوسي: ص263، والغيبة للنعماني: ص197.]، ونسبوا للأئمة استطلاع وقت خروج الغائب من الحروف المقطعة في أوائل السور [انظر: تفسير العياشي: 2/2، البرهان: 2/3، بحار الأنوار: 62/106-109.].(6/352)
ويظهر من رواياتهم أن الرموز التي تدير دفة التشيع كانت تمني أتباعها بقرب الفرج والظهور للغائب المستور، حتى كان من الشيعة من يتوقع خروج الغائب بين لحظة وأخرى، فقد جاء في أخبارهم أن منهم من ترك البيع والشراء والعمل بانتظار الغائب واشتكوا من هذه الحالة حتى قال بعضهم: "لقد تركنا أسواقنا انتظارًا لهذا الأمر حتى ليوشك الرجل منا أن يسأل في يده" [انظر: روضة الكافي: 8/80، عن مفتاح الكتب الأربعة: 3/331.].
ولكن الهدف من هذه الوعود هو ما أشرنا إليه من محاولتهم إمرار "لعبتهم" وإزالة شك الأتباع وحيرتهم، وهذا ديدنهم في تعليل الشيعة بالأماني، وتخديرهم بالوعود حتى اعترفوا في أخبارهم: "إن الشيعة تربى بالأماني منذ مائتي سنة" [أصول الكافي: 1/369، الغيبة للنعماني: ص198، الغيبة للطوسي: ص207-208، بحار الأنوار: 52/102. والخبر مروي عن علي الرضا.]. وسبب ذلك أنه لو قيل لهم: "إن هذا الأمر لا يكون إلا مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة لقست القلوب، ولرجعت عامة الناس عن الإسلام (يعني مذهبهم)، ولكن قالوا: ما أسرعه وما أقربه تألفًا لقلوب الناس وتقريبًا للفرج" [أصول الكافي: 1/369، الغيبة للنعماني: ص198، الغيبة للطوسي: ص207-208، بحار الأنوار: 52/102.].
واختلفت رواياتهم التي وضعت لمعالجة مشكلة تحديد فترة الغيبة في طريقة معالجتها، فهي تارة أمر بالتسليم وتقول: "إذا حدثناكم بحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله، وإذا حدثناكم بحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله، تؤجروا مرتين" [أصول الكافي: 1/369، الغيبة للنعماني: ص198، بحار الأنوار: 52/118.].(6/353)
وهي تارة تعزو سبب إخلاف الوعد للظهور الذي حددته الأئمة بإفشاء الشيعة لسره، ولذلك حينما قال بعضهم: "ما لهذا الأمر أمد ينتهي إليه ويريح أبداننا؟ قال (إمامهم): بلى، ولكنكم أذعتم فأخره الله" [الغيبة للنعماني: ص194، الغيبة للطوسي: ص263، بحار الأنوار: 52/117.]. وتقول رواياتهم: "إن الله تبارك وتعالى قد كان وقّت هذا الأمر.. إلى أربعين ومائة، فحدثناكم" فأذعتم الحديث، فكشفتم قناع الستر [في بعض النسخ قناع السر.] ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتًا عندنا [أصول الكافي: 1/368، الغيبة للنعماني: ص197، الغيبة للطوسي: ص263، بحار الأنوار: 52/117.].
وهي تارة تعزو ذلك لقتل الحسين. يقول أبو عبد الله [من المعلوم أن جعفرًا مات قبل نشوء فكرة الغيبة، ولكنهم ينسبون لجميع الأئمة أخبارًا في وقوع الغيبة.] : "إن الله تبارك وتعالى قد كان وقت هذا الأمر في السبعين [قال شارح الكافي: في السبعين من الغيبة على الظاهر (المازندراني/ شرح جامع: 6/314).] فلما أن قتل الحسين صلوات الله عليه اشتد غضب الله تعالى على أهل الأرض، فأخره.." [أصول الكافي: 1/368، الغيبة للنعماني: ص197، الغيبة للطوسي: ص263، بحار الأنوار: 52/117.].
وهم ينظمون ذلك كله في عقيدة البداء، ولذلك قال المازندراني: "توقيت ظهور هذا الأمر.. توقيت بدائي فلذلك جرى فيه البداء" [شرح جامع: 6/314، وراجع الغيبة للطوسي: ص263-264.].(6/354)
وهي حينًا تنفض اليد من أخبار التوقيت كلها وتقول: "كذب الوقاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلمون" [أصول الكافي: 1/368، الغيبة للطوسي: ص262، الغيبة للنعماني: ص198، بحار الأنوار: 52/103-104.]، "كذب الوقاتون، إنا أهل بيت لا نوقت" [أصول الكافي: 1/368، الغيبة للنعماني: ص198.] "ما وقتنا فيما مضى ولا نوقت فيما يستقبل" [الغيبة للطوسي: ص262، بحار الأنوار: 52/103.]، "من وقت لك من الناس شيئًا فلا تهابن أن تكذبه فلسنا نوقت لأحد وقتًا" [الغيبة للنعماني: ص195، الغيبة للطوسي: ص262، بحار الأنوار: 52/104.] "أبى الله إلا أن يخالف وقت الموقتين" [أصول الكافي: 1/368، وانظر: الغيبة للنعمان: ص198.].
وهكذا تتضارب أخبارهم وتتناقض، لأن الوضع يتم حسب الظروف والمناسبات.
أما سبب غيبته: فقد جاء في الكافي عن زرارة قال: "سمعت أبا عبد الله يقول: إن للقائم عليه السلام غيبة قبل أن يقوم، قلت: ولم؟ قال: إنه يخاف – وأومأ بيده إلى بطنه – يعني القتل" [أصول الكافي: 1/338، الغيبة للنعماني: ص118، إكمال الدين: ص449.].
وجاءت عندهم روايات عدة في هذا المعنى [انظر: أصول الكافي 1/337، 340، الغيبة للنعماني: ص118، إكمال الدين: ص449.]. وأكد ذلك شيخ الطائفة الطوسي بقوله: "لا علة تمنع من ظهوره إلا خوفه على نفسه من القتل، لأنه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار وكان يتحمل المشاق والأذى، فإن منازل الأئمة وكذلك الأنبياء عليهم السلام إنما تعظم لتحملهم المشاق العظيمة في ذات الله تعالى" [الغيبة لطلوسي، فصل في ذكر العلة المانعة لصاحب الأمر من الظهور: ص199.].(6/355)
ولكن هذا التعليل للغيبة الذي يؤكده شيخ الطائفة لا يتصور في حق الأئمة – على ما يعتقد الشيعة – لأن الأئمة "يعلمون متى يموتون، ولا يموتون إلا باختيار منهم". كما أثبت ذلك الكليني في الكافي في روايات عديدة، وبوب لها بهذا اللفظ المذكور [أصول الكافي: 1/258.]. وأثبت ذلك المجلسي في بحار الأنوار وبوب له بلفظ: "أنهم عليهم السلام يعلمون متى يموتون وأنه لا يقع ذلك إلا باختيارهم" [بحار الأنوار: 27/285.]. فكيف يخرجون من هذا التناقض؟! [وقد رجعت إلى شرح الكافي للمازندراني لأطلع على ما يقوله في روايات الكافي التي تعلل غيبته بخوفه من القتل.. فوجدته مر عليها ولم يتعقبها بشيء.].
كما أن الأئمة – على حد ما يعتقد الشيعة – "يعلمون ما كان وما يكون ولا يخفى عليهم الشيء" [أصول الكافي: 1/260.]، كما قرر ذلك الكليني في باب يحمل العنوان المذكور.
فبوسعهم أن يحترزوا من الخطر بما لا يخطر على بال أحد.
ثم لماذا لم يقتل واحد من أولئك النواب الأربعة الذين يدعون الصلة بالإمام مباشرة وهم ليسوا كالإمام لا يموتون إلا باختيار منهم؟!
كذلك قد توفر الأمن التام للإمام في أثناء قيام بعض الدول الشيعية فلماذا لم يخرج إليهم، ويأنسوا بطلعته، ويستفيدوا من علمه، وسلاحه، وقوته.. وإذا مازالت الدولة رجع إلى مكمنه؟ ولذلك قال أحمد الكسروي – الشيعي الأصل -: "إذا كان منتظرهم قد اختفى لخوفه على نفسه فلم لم يظهر عندما استولى آل بويه الشيعيون على بغداد، وصيروا خلفاء بني العباس طوع أمرهم؟
فلم لم يظهر عندما قام الشاه إسماعيل الصفوي وأجرى من دماء السنيين أنهارًا؟
فلم لم يظهر عندما كان كريمخان الزندي وهو من أكبر سلاطين إيران يضرب على السكة اسم إمامكم (صاحب الزمان) ويعد نفسه وكيلاً عنه؟
وبعد، فلم لا يظهر اليوم وقد كمل عدد الشيعيين ستين مليونًا وأكثرهم من منتظريه؟" [التشيع والشيعة: ص42.].(6/356)
وكذلك اليوم – من بعد الكسروي – قامت دولة الآيات فلم لا يخرج إليهم ولا سيما وهم يجأرون بالدعوات، والاستغاثة لخروجه منذ مئات السنين.
كما وضعت روايات تعلل الغيبة بامتحان قلوب الشيعة واختبارهم، وقد يكون هذا التعليل الذي تحمله تلك الروايات محاولة منهم لمعالجة ظاهرة الشك الذي تسلل إلى قلوب الشيعة، حيث لم تجد هذه المسألة طريقها إلى عقول كثير منهم حتى اضطرهم ذلك إلى نبذ عقيدة التشيع ورفضها.
كما مل الشيعة الانتظار للغائب الموعود حتى قال قائلهم: "قد طال هذا الأمر علينا حتى ضاقت قلوبنا ومتنا كمدًا.." [الغيبة للنعماني: ص120.] وأطل عليهم شبخ الشك الرهيب وقد شهد بذلك ابن بابويه القمي حيث قال: "رجعت إلى نيسابور، وأقمت فيها فوجدت أكثر المختلفين عليّ من الشيعة قد حيرتهم الغيبة، ودخلت عليهم في أمر القائم عليه السلام الشبهة" [إكمال الدين: ص2.].
وقد صورت رواياتهم – التي وضعت لمعاجلة هذا الأمر كما يظهر – حيرتهم في أمر الغائب، وطول غيبته وانقطاع أخباره، جاء في الكافي "عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله يقول: إن للغلام غيبة قبل أن يقوم.. وهو المنتظر وهو الذي يشك في ولادته، منهم من يقول: مات أبوه بلا خلف، ومنهم من يقول: حمل، ومنهم من يقول: إنه ولد قبل موت أبيه بسنتين وهو المنتظر، غير أن الله عز وجل يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون" [أصول الكافي: 1/337.].. فعللوا هذا الاختلاف بأنه امتحان للشيعة.
وقد نقلت لنا كتب الفرق أن هذا ما حدث لهم بعد موت الحسن العسكري – كما سبق – فكأن هذه الرواية وأمثالها اخترعت لمواجهة نزعة الحيرة والشك التي داهمتهم بعد موت إمامهم عقيمًا.
وقد أكثروا من الروايات التي تجري هذا المجرى، وتصور واقعهم أبلغ تصوير.(6/357)
فقد جاء في الكافي: "لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تغربلوا، لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تمحصوا، لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تميزوا، لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم إلا بعد إياس، لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى يشقى من يشقى ويسعد من يسعد" [أصول الكافي: 1/370.].
فهم يدعون أن ما حل بهم بسبب دعوى الغيبة إنما هو من أجل التمحيص والابتلاء، وأنه إذا تم ذلك رجع القائم، ونسبوا إلى جعفر الصادق: أنه دخل عليه بعض أصحابه وهو يبكي كالثكلى، لأنه نظر – كما يقولون – في كتاب الجفر المشتمل على علم البلايا والمنايا، وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة فقال: "تأملت فيه مولد قائمنا عليه السلام، وغيبته وإبطاءه وطول عمى وبلوى المؤمنين من بعده في ذلك الزمان، وتولد الشكوك في قلوب الشيعة من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينه.." [الغيبة للطوسي: ص105-106.].
فهذه الرواية المنسوبة إلى جعفر تتحدث عن درة كثير من الشيعة بسبب دعوى الغيبة التي طال أمدها، وهي قد وضعت – كغيره – بعدما حل بهم هذا الأمر لحضهم على البقاء في نطاق التشيع، وذلك بدعوى أن هذا أمر أخبرت به الأئمة وهو من أمارات رجعة الإمام المفقود.
وقد شهد شيخهم النعماني وهو من شيوخ القرن الثالث، وممن عايش واقع الشيعة في الفترة المبكرة لدعوى الغيبة، فشهادته في ذلك في غاية الأهمية، شهد بشك جميع الشيعة في أمر الغيبة – إلا القليل – يقول: "فإنا رأينا طوائف من العصابة المنسوبة إلى التشيع، المنتمية إلى نبينا محمد وآله صلى الله عليهم ممن يقول بالإمامة.. قد تفرقت كلمتها، وتشعبت مذاهبها، واستهانت بفرائض الله عز وجل، وخفت إلى محارم الله تعالى فطال بعضهم غلوًا، وانخفض بعضهم تقصيرًا، وشكوا جميعًا إلى القليل في إمام زمانهم وولي أمرهم وحجة ربهم.. للمحنة الواقعة بهذه الغيبة" [الغيبة للنعماني: ص11.].(6/358)
وقد أخذ بعضهم يلعن بعضًا، ويبرأ منه ويشهد عليه بالكفر، كما تصور ذلك رواية النعماني التي تقول: "لا يكون الأمر الذي ينتظر حتى يبرأ بعضكم من بعض ويتفل بعضكم في وجوه بعض، فيشهد بعضكم على بعض بالكفر ويلعن بعضكم بعضًا" [الغيبة للنعماني: ص137-138، بحار الأنوار: 52/114-115.] وجعلت الرواية هذه الظاهرة الخطيرة خيرًا، لأنها مؤذنة بخروج القائم فقالت: "الخير كله في ذلك الزمان، يقوم قائمنا ويدفع ذلك كله" [الغيبة للنعماني: ص138، بحار الأنوار: ص115.].
فيبدو من خلال هذه النصوص أن محدثي الشيعة عملوا على مواجهة هذه النكسة بوضع هذه الروايات على أهل البيت وجعلوها تشير إلى ما يلحق الشيعة من التمحيص والابتلاء والردة عند وقوع الغيبة وذلك من أجل إغرائهم بالبقاء داخل نطاق التشيع الإمامي.
ورغم هذه الاعترافات والشهادات فإن فكرة الغيبة التي اضطرت الإمامية للقول بها قد أحدثت هزة عنيفة زلزلت كيان التشيع الإمامي وكادت أن تؤدي إلى سقوطه بذهاب أتباعه.. رغم ذلك فإنهم يقولون في رواياتهم: "لو علم الله أنهم يرتابون ما خيب حجته طرفة عين" [أصول الكافي: 1/333، الغيبة للنعماني: ص107.] فأي ريبة أشد من شك الجميع إلا القليل، ومن التفرق والتلاعن؟!.(6/359)
ويلاحظ كثرة التكذيب للغيبة من لدن الشيعة، ولا سيما في مراحل نشأتها، ولعل السبب يعود إلى وضوح كذبها لمن عاصرها وعايش ظروفها، ولذلك فقد نشط مؤسسو هذه الفكرة لسد الثغرات التي تهب عليهم منها رياح الشك، وتسديد الفجوات التي تتضح منها صورة الكذب، فعالجوا مشكلة التكذيب والتلاعن والتفرق بوضع روايات على أهل البيت تنبئ بحدوثها وتبشر بالخير عند وقوعها لأنها مؤذنة بعودة القائم (ولكنها وقعت ولم يخرج القائم)، حاولوا معالجة ما ترامى إلى أسماع الشيعة من تكذيب أسرة الحسن لهذه الدعوات بوضع روايات تقول: "إن للقائم غيبة ويجحده أهله" وحينما سأل زرارة – الموضوع عليه الخبر [لأنه مات قبل نشوء فكرة الغيبة.] – عن سبب ذلك قال أبو جعفر – فيما تزعم الرواية -: "يخاف، وأومأ بيده إلى بطنه" [الغيبة للنعماني: ص118.].
ومن الفجوات كذلك أنه لا أحد من أسرة الحسن ولا غيرهم، يعلم بولادته ولا بمنشئه فوضعوا روايات تقول: "يبعث الله لهذا الأمر غلامًا منا، خفي الولادة والمنشأ" [أصول الكافي: 1/341-342، الغيبة للنعماني: ص112.].
ومن تتبع رواياتهم بهذه الطريقة وجد العجب.
كما قاموا من جهة أخرى بوضع روايات تجعل من انتظار الفرج بخروج القائم من أفضل الأعمال وأعظمها وذلك – فيما يظهر – لطرد الملل من طول الانتظار، وإزالة الأسى الناتج عن شدة الترقب، والشعور بالحرمان من صحبة القائم الإمام. جاء في الكافي: "أقرب ما يكون العباد من الله جل ذكره وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجة الله جل وعز ولم يظهر لهم ولم يعلموا مكانه وهم في ذلك يعلمون أنه لم تبطل حجة الله جل ذكره ولا ميثاقه، فعندها فتوقعوا الفرج صباحًا ومساءً" [أصول الكافي: 1/333، بحار الأنوار: 52/145.].(6/360)
فجعلوا الغيبة أمارة على ظهور الفرج مع أنه قد مضى اليوم على الغيبة أكثر من ألف ومائة سنة، ولم يقع شيء من هذه الوعود، فما تأثير ذلك على من يقرأ أمثال هذه الأماني من الشيعة؟! ألا يزداد الشك ويضعف اليقين، وقد يبحث عن مذهب آخر سوى الإسلام، لأنه قيل له – زورًا وبهتانًا – إن هذا المهدي الموعود متفق عليه بين السنة والشيعة.
ولهم روايات كثيرة في عقيدة الانتظار، وقد ذكر المجلسي منها (77) رواية في باب عقده بعنوان "باب فضل انتظار الفرج، ومدح الشيعة في زمن الغيبة وما ينبغي فعله في ذلك الزمان" [بحار الأنوار: 52/122-150، وانظر: إكمال الدين: ص603 وما بعدها.] حتى نسبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أفضل أعمال أمتي انتظار فرج الله عز وجل" [بحار الأنوار: 52/122.] يعنون به خروج منتظرهم.
وجعلوا الانتظار أحب الأعمال إلى الله [بحار الأنوار: 52/122.] و"المنتظرون لظهوره أفضل أهل كل زمان" [بحار الأنوار: 52/122.]، وزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عنهم لأصحابه: "سيأتي قوم من بعدكم الرجل الواحد منهم له أجر خمسين منكم، قالوا: يا رسول الله نحن كنا معك ببدر وأحد وحنين ونزل فينا القرآن. فقال: إنكم لو تحملوا ما حملوا لم تصبروا صبرهم" [بحار الأنوار: 52/130.]. وغاب عن واضع الرواية من زلة الصحابة عند الرافضة.
وجاءت عندهم روايات تطفئ ذلك التطلع لخروجه وتقول "من عرف هذا الأمر ثم مات قبل أن يقوم القائم عليه السلام كان له مثل أجر من قتل معه" [بحار الأنوار: 52/131.].
وبجانب هذا الترغيب فهناك التهديد والوعيد بالكفر والخلود في النار لمن أنكر غيبة القائم حتى جعلوا إنكارها كالكفر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، بل عدّوا ذلك مثل كفر إبليس.(6/361)
روى صدوقهم بسنده المزعوم "عن ابن أبي يعفور قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من أقر بالأئمة من آبائي وولدي، وجحد المهدي من ولدي كان كمن أقر بجميع الأنبياء وجحد محمدًا صلى الله عليه وسلم. فقلت: يا سيدي ومن المهدي من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع، يغيب عنهم شخصه ولا يحل لهم تسميته" [إكمال الدين: ص388.]، وافتروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أنكر القائم من ولدي فقد أنكرني" [إكمال الدين: ص390، لطف الله الصافي/ منتخب الأثر: ص492.].
وقال صدوقهم: "مثل من أنكر القائم عليه السلام في غيبته مثل إبليس في امتناعه في السجود لآدم" [إكمال الدين: ص13.].
ومسألة الغيبة صارت بفعل شيوخ الشيعة مصدر حقد، ضد الصحابة ومن تبعهم بإحسان، حتى قال شيخهم الجزائري: "إني كلما أشكلت عليّ مسألة أوجبت على نفسي لعنهم، لأنهم سبب في استتار الحجة" [شرح الصحيفة السجادية: ص37.].
فتلاحظ أنهم يحاولون توجيه السخط والحقد الكامن في نفوس الشيع من مرارة الانتظار، ولوعة الاعتقاد بأن "الإمام الغائب مقموع مقهور مزاحم في حقه قد غلب قهرًا" [إكمال الدين: ص12.].
وأنه بسبب غيبته – كما يزعمون – "جرى على شيعته من أعداء الله ما جرى من سفك الدماء ونهب الأموال.." [إكمال الدين: ص12.].
فيوجهون هذا الحقد الناتج من هذا الشعور إلى سب ولعن لخير جيل عرفته البشرية.. ومن اقتفى أثرهم.
الاستدلال على وقوع الغيبة
عني الإمامية عناية شديدة بالبرهنة على صحة عقيدتهم في غيبة المهدي.. وقد اتجهوا إلى كتاب الله سبحانه يبحثون فيه عن سند لعقيدتهم، فلما لم يجدوا فيه ما يريدون استنجدوا كعادتهم بالتأويل الباطني المتسم بالتكلف الشديد والشطط البالغ وأولوا عدة آيات من كتاب الله بهذا المنهج.(6/362)
جاء في أصل أصول التفسير عندهم (تفسير القمي) في قوله سبحانه: {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} [الليل، آية: 2.]. قال: النهار هو القائم عليه السلام منا أهل البيت [تفسير القمي: 2/425.]..
وجاء في أصح كتبهم الأربعة في قوله سبحانه: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ} [الملك، آية: 30.]، قال: إذا غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد [أصول الكافي: 1/339، وانظر: تفسير العياشي: 2/76، إكمال الدين: ص339، البرهان: 2/102.]. وفي تفسير العياشي في قوله سبحانه: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ} [التوبة، آية: 3.]. قال: "خروج القائم وأذان دعوته إلى نفسه" [تفسير العياشي: 2/76، البرهان: 2/102.].
والأمثلة في مثل هذا اللون من التأويل كثيرة حتى ألفوا في هذا كتبًا مستقلة مثل "ما نزل من القرآن في صاحب الزمان" [للرافضي عبد العزيز الجلودي (انظر: الذريعة 19/30).]، و"المحجة فيما نزل في القائم الحجة" [لشيخهم هاشم البحراني.]، وقد نشر الأخير في طبعة حديثة [نشر سنة (1403ه) عن مؤسسة الوفاء، بيروت.] قام على تحقيقها بعض الروافض المعاصرين [يدعى محمد منير الميلاني، وقد أرجع نصوص الكتاب إلى مجموعة من كتبهم المعتمدة عندهم.]، وقد أول فيه مؤلفه أكثر من (120) آية من كتاب الله بمهديهم المنتظر في تأويلات هي من فضائحهم التي لا تستر، ولكن المحقق لم يقتنع بهذا العدد فأضاف إليه تأويل اثنتي عشرة آية أخرى من كتاب الله ووضعها في آخر الكتاب تحت عنوان "مستدرك المحجة".
والنظر الموضوعي المنصف يرى في هذه التأويلات الباطنية التي يراد الاحتجاج بها لمسألة غيبة مهديهم غلوًا شديدًا وأنها تحريف لكتاب الله لا استدلال به، وهي تدل دلالة ظاهرة على فساد الفكرة التي يحاول تقريرها من أصلها.(6/363)
ويلتمس الإمامية من الغيبة التي وقعت لبعض الأنبياء دليلاً على صحة وقوع غيبة مهديهم؛ فيحتجون – مثلاً – بغيبة "موسى بن عمران عليه السلام من وطنه وهربه من فرعون ورهطه كما نطق به القرآن"، وغيبة يوسف عليه السلام، واستتار خبره عن أبيه – كما جاءت به سورة في القرآن – إلى أن كشف الله أمره وظهر خبره وجمع بينه وبين أبيه وإخوته، وقصة يونس بن متى نبي الله عليه السلام مع قومه وفراره منهم حين تطاول خلافهم له، واستخفافهم بحقوقه، وغيبته عنهم وعن كل أحد حتى لم يعلم أحد من الخلق مستقره، وستره الله تعالى وأمسك عليه رمقه بضرب من المصلحة، إلى أن انقضت تلك المدة ورده الله تعالى إلى قومه، وجمع بينهم وبينه [الغيبة للطوسي: ص77.].
وكذلك استتار نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الغار، وقد احتج بها الطوسي على من قال: "إذا كان (إمامكم) مكلفًا للقيام بالأمر وتحمل أعباء الإمامة كيف يغاب؟" [انظر: الغيبة للطوسي: ص13.] فيجيبه الطوسي بقوله: "أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد اختفى في الشعب ثلاث سنين لم يصل إليه أحد واختفى في الغار ثلاثة أيام" [الغيبة للطوسي: ص13.].
والواقع أن هذه المقارنات التي يقوم بها الإمامية لإقناع أتباعهم والمتشككين في أمر الغيبة لا تجدي في نزع فتيل الشك المشتعل في أفئدة القوم كلما تأملوا أمر الغيبة بعين عقولهم، رغم أنهم يعولون على هذه المقارنات كثيرًا، حتى إن ابن بابويه ألف في شأنه كتابًا لإقناع كبير شيوخهم الذي داخله الشك في أمر الغيبة ولإقناع الحافين به من الشيعة الذين داهمهم الريب والحيرة في شأنها كما أشار إلى ذلك في كتابه [انظر: إكمال الدين: ص2-4.].(6/364)
أقول: إن هذه المقارنات غير مجدية في إثبات فكرة غيبة إمامهم لأسباب كثيرة، منها أن غيبة موسى ويوسف ويونس ومحمد [أما غيبة الشعب فليست بغيبة، بل حصار ومقاطعة فلا تدخل في موضوعنا.] عليهم السلام قد أخبر الله سبحانه بها في كتابه بنص واضح صريح لا لبس فيه ولا غموض، أما غيبة مهديهم فتنتهي رواياته إلى حكيمة إن صحت النسبة إليها، ثم أخبار الأبواب الأربعة المطعون في شهادتهم، لأنهم يجرون المصلحة إليهم، حيث المال المتدفق.
ولهذا ادعى كثيرون هذه البابية، كذلك غيبة الأنبياء معروفة لدى قومهم لأنهم عاشوا بينهم، وعرفوا، أما غائبهم فلم يعرفه أحد ولم ير له أثر، وكان أهله أنفسهم ينكرون وجوده. كما شهد ثقات المؤرخين أن الحسن العسكري لم يعقب – كما سيأتي -.
ثم إن غيبة هؤلاء الأنبياء محدودة الزمان والمكان، ما لبثوا أن عادوا إلى قومهم وأهلهم.
أما منتظرهم فقد مضت القرون ولم يعرف له أثر ولم يعلم له مكان.
كذلك رسل الله الذين غابوا قد أقاموا الحجة على قومهم، وبلغوا رسالات الله في جيلهم، أما غائبهم فقد مرت الأجيال ولم نسمع منه شيئًا.
يضاف إلى ذلك أن الغيبة للأنبياء كانت طبيعية في جملتها، فغيبة يوسف هي مفارقة لأبيه وظهوره عند قوم آخرين، كما يسافر المرء من بلد إلى بلد. وهي موقوته بزمن محدود، وهي حوادث استثنائية حتى بالنسبة للأنبياء عليهم السلام، فإنهم جم غفير، ولم ينقل أن هذا حدث لغير المذكورين.(6/365)
أما احتجاج الاثني عشرية باختفاء النبي صلى الله عليه وسلم في الغار "فإن هذا الاستدلال واقع في غير موقعه، لأن استتار النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن لإخفاء دعوى النبوة، بل كانت من جنس التورية في الحرب، حتى لا يسد الكفار عليه الطريق، ثم هذا الاختفاء كان ثلاث أيام، فقياس ذلك على غيبة مهديهم في غاية الحماقة، فرق واضح بين الاختفاء الذي كان مقدمة عاجلة لظهور الدين وبين الاختفاء المتطاول الذي لازمه الخذلان وترك الدعوة وانتشار الطغيان" [مختصر التحفة: ص119.].
دفاعهم عن طول أمد الغيبة:
إن مما يعرف به كذب دعوى الشيعة وجود إمامها، هو استبعاد بقائه حيًا طول هذه المدة التي تجاوزت الآن ألف ومائة سنة. فإن تعمير واحد من المسلمين هذه المدة هو – كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – أمر يعرف كذبه بالعادة المطردة في أمة محمد، فلا يعرف أحد ولد في زمن الإسلام عاش مائة وعشرين سنة فضلاً عن هذا العمر، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في آخر عمره "أريأتكم ليلتكم هذه، فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممن هو اليوم عليها أحد" [منهاج السنة: 2/65، وانظر الحديث في: صحيح البخاري، كتاب العلم، باب السمر في العلم: 1/37، ومسند أحمد: 2/121، 131.]. فمن كان في ذاك الوقت له سنة ونحوها لم يعش أكثر من مائة سنة قطعًا، وإذا كانت الأعمار في ذلك العصر لا تتجاوز هذا الحد فما بعده من الأعصار أولى بذلك في العادة الغالبة العامة... ثم أعمار هذه الأمة ما بين الستين إلى السبعين، وقليل ممن يجوز ذلك [منهاج السنة: 2/165.(6/366)
وانظر الحديث في سنن الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في فناء أعمال هذه الأمة ما بين الستين إلى السبعين: 4/566 (2331)، وكتاب الدعوات، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: 5/553 (3550)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه، قال ابن حجر: وهو عجيب منه فقد رواه في الزهد أيضًا من طريق أخرى عن أبي هريرة (فيض القدير: 2/11). ورواه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب الأمل والأجل: 2/1415 (4236). ورواه ابن حبان (انظر: فيض القدير: 2/11)، والحاكم (المستدرك: 2/427)، والخطيب (تاريخ بغداد: 6/397، 12/48)، وأورده السيوطي في الجامع ورمز له بالحسن (الجامع الصغير ص48)، وقال ابن حجر في الفتح: سنده حسن (انظر: فيض القدير: 2/11)، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي (المستدرك 2/427)، وتعقب ذلك الألباني وقال: الصواب أنه حسن لذاته وصحيح لغيره. سلسلة الأحاديث الصحيحة: 2/397 (757)، وانظر: صحيح الجامع (للألباني) 1/354 (1084).] كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح [منهاج السنة: 2/165.].
هذا الاعتراض يأخذ بخناق الإمامية، ويجتث جذور اعتقادهم من أساسه.. وقد حاول شيوخ الشيعة دفعه بإجراء مقارنات بين مهديهم وبعض الأنبياء عليهم السلام الذي زادت أعمارهم عن المعدل الطبيعي المألوف للبشر، فالمهدي عندهم شبيه بنوح عليه السلام الذي لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا [انظر: الغيبة للطوسي: ص79.].(6/367)
وأسندوا هذه المقارنة إلى بعض آل البيت لتحظى بالقبول عند أتباعهم، فروى ابن بابويه – بسنده – أن علي بن الحسين قال: "في القائم سنة من نوح عليه السلام وهو طول العمر" [إكمال الدين: ص488.]. وكذلك يقولون إن بقاء مهديهم هو كبقاء عيسى بن مريم عليه السلام [عقائد الإمامية: ص108.]. والخضر وإلياس، ويعقدون المقارنة حتى بإبليس [الحائري/ إلزام الناصب: 1/283.]. ويسندون جملة من هذه المقارنات إلى بعض آل البيت لتكسب صفة القطع عن أتباعهم؛ لأنها من قول المعصوم [انظر هذه الروايات في: أصول الكافي: 1/336-337، الغيبة للنعماني: ص108 وما بعدها، إكمال الدين: ص134 وما بعدها، إلزام الناصب: 1/285.]، وكذلك يحتجون بأخبار المعمرين من البشر [انظر: الغيبة للطوسي: ص79 وما بعدها.]، وفاتهم أن يعقدوا المقارنة مع جبرائيل وملك الموت، والملائكة عمومًا وبالسماوات والأرض.
وهذا الدفاع قد أبطله الشيعة أنفسهم؛ لأنهم يقولون بأن مهديهم هو الحاكم الشرعي للأمة منذ أحد عشر قرنًا أو يزيد، وهو القيم على القرآن ولا يحتج بالقرآن إلا به، ولا هداة للبشر إلا بواسطته.. وهو الذي معه القرآن الكامل ومصحف فاطمة والجفر والجامعة، وما يحتاجه الناس في دينهم ودنياهم، فمهديهم مسؤول عن الأمة، ومعه وسائل هدايتهم وسعادتها في الدنيا والآخرة.
أما غيره ممن يعقدون المقارنة به فيختلفون عنه اختلافًا كثيرًا، فإن نوحًا عليه السلام قد لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى الله سبحانه حتى أوحى الله إليه {أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ} [هود، آية: 36.] ولم يكن غائبًا في سردابه أو في مخبئه لا يعلم مستقره ومكانه، يرى الناس في ضلالهم وكفرهم ويتوارى عن الأنظار فلا يرونه مع تعاقب الأجيال وكر القرون. على أن عمر المهدي – الآن – قد زاد عن هذه المدة.(6/368)
وكذلك عيسى عليه السلام قد بلغ رسالة ربه، وأقام الحجة وأدى الأمانة قبل رفعه إلى السماء فلم يكن يضير أتباعه أن يغيب عنهم بخلاف منتظرهم الذي غاب منذ طفولته وترك شيعته يختلفون في وجوده وبابيته، وتعميهم التقية عن معرفة حقيقة مذهبه، ويختلفون ويتنازعون حتى يكفر بعضهم بعضًا ويلعن بعضهم بعضًا.
أما الخضر وإلياس فإن الذي عليه المحققون من أهل العلم أنهما قد ماتا [انظر: المنتقى ص26، ويرى ابن حزم أن القول بحياة إلياس والخضر.. فكرة مأخوذة عن اليهودية، فاليهود هم الذين قالوا بحياة إلياس وحياة فنحاس بن العازار ابن هارون عليه السلام، وسار في سبيلهما بعض الصوفية فادعى أنه يلقى إلياس في الفلوات (الفصل: 5/37)، وكذلك قال الصوفية بحياة الخضر، ولهم حكايات في الاجتماع به والأخذ عنه (انظر: ابن عربي/ الفتوحات المكية: 1/241، ابن عطاء الله السكندري/ لطائف المنن: ص52-53، وطبقات الشعراني: 1/97، 2/5، وانظر: الفصل: 5/37-38، ابن حجر/ تهذيب التهذيب: 7/477، وقد اعتبر ابن حزم دعاوى الصوفية الأخذ عن الخضر خروجًا عن عقيدة ختم النبوة (انظر: الفصل: 5/38).
ودعوى بقاء الخضر إلى اليوم مخالف للدليل، وما عليه أهل التحقيق، انظر في ذلك: منهاج السنة: 1/28، ابن القيم/ المنار المنيف: ص67-76، وانظر عن الخضر: ابن كثير/ البداية والنهاية: 1/325-337، ابن حجر/ فتح الباري: 6/309-312 الإصابة: 2/286-335. ولابن حجر رسالة في تحقيق أمر الخضر، قال في خاتمتها: والذي تميل إليه النفس من حيث الأدلة القوية خلاف ما يعتقده العوام من استمرار حياته (الزهر النضر في نبأ الخضر، ضمن مجموعة الرسائل المنيرية: 2/234).]، وعلى تقدير حياتها فلا تسلم لهما المقارنة، لأنهما ليسا بمكلفين في هداية هذه الأمة وقيادتها بخلاف إمامهم الذي هو مسؤول – في اعتقادهم – عن المسلمين جميعًا في كل أمورهم.(6/369)
أما إبليس فالخبر في بقائه ورد به القرآن بخلاف مهديهم الذي أنكره حتى أهله وطوائف من شيعته، ثم إن إبليس يمارس مهمته في إضلال الخلق عن سبيل الله، ولا شك أن ضلال الشيعة باتباع هذا "المعدوم" من أعماله، أما منتظرهم فليس له أثر ولا خبر. كما أن إبليس ليس من جنس الناس.. فلا تسلم لهم المقارنة في كل الأحوال.
أما بقية المعمرين من البشر فإنهم مهما بلغوا من العمر فلا يصلوا إلى بعض ما يدعونه في غائبهم، وكل الأمثلة التي ضربها شيوخهم في القرن الرابع ليس لها قيمة اليوم لتجاوز عمر منتظرهم أضعافها، كما أن هؤلاء ليس لهم مهمة غائبهم ومسؤولياته.
ويحاول بعض المعاصرين من شيوخهم أن يستنجد بلغة العلم الحديث في التدليل على إمكانية بقاء منتظرهم، فيقول المظفر: "وطول الحياة أكثر من العمل الطبيعي أو الذي يتخيل أنه العمر الطبيعي لا يمنع منها الطب ولا يحيلها، غير أن الطب بعد لم يتوصل إلى ما يمكنه من تعميرة حياة الإنسان وإذا عجز عنه الطب فإن الله قادر على كل شيء" [عقائد الإمامية: ص108.].
ويقول محمد حسين آل كاشف الغطا: "بأن أكابر فلاسفة الغرب قالوا بإمكان الخلود في الدنيا للإنسان" [أصل الشيعة: ص70.]. ثم قال: "قال بعض كبار علماء أوروبا: لولا سيف ابن ملجم [هذه مقالة شيعية اعتزالية مبنية على مذهب المعتزلة الذين يقولون بأن القاتل قد قطع على المقتول أجله، وهي مقالة مخالفة لما ثبت في الكتاب والسنة بأن كل من مات فقد استكمل أجله (انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 8/516، شرح الطحاوية.] لكان علي بن أبي طالب من الخالدين، لأنه قد جمع جميع صفات الكمال والاعتدال" [أصل الشيعة: ص70.].(6/370)
هذا ما تقوله – نظريات بعض الكفار – إن صدق هؤلاء في نقلهم – ولكن الله سبحانه يقول لنبيه: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء، آية: 34.]، ويقول: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران، آية: 185، الأنبياء، آية: 35، العنكبوت، آية: 57.]، ويقول سبحانه: {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} [الواقعة، آية: 60.]. وهو سبحانه أعلم بمن خلق، وأصدق القائلين، فلا عبرة بعد ذلك بقول كافر يحاول أن يتشبث بالبقاء في هذه الحياة ولو بالأوهام.
ولعلي الرضا – كما تنقل كتب الشيعة – كلمة صادقة قالها في الرد على الفرق الشيعية الكثيرة التي تقول بحياة بعض آل البيت ولا تصدق بموتهم وتدعي أنها غيبة وسيرجعون، وهي من أقوى الردود على الاثني عشرية من كلامهم أنفسهم، فقد جاء في رجال الكشي أن عليًا الرضا قيل له: إن قومًا وقفوا على أبيك ويزعمون أنه لم يمت، قال: "كذبوا وهم كفار بما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم، ولو كان الله يمد في أجل أحد لمدّ الله في أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم" [رجال الكشي: ص458.].
ولكنهم يخالفون قول إمامهم ويزعمون أن الله مدّ في عمره لحاجة البشر إليه؛ بل لحاجة الكون وكل شيء في الحياة إليه؛ إذ لولاه – كما يفترون – لساخت الأرض، وماجت بأهلها [انظر: أصول الكافي: 1/179.].
المهدي بعد عودته المزعومة
أ ـ شريعة مهديهم المنتظر:
يشير ابن بابويه في الاعتقادات التي تسمى دين الإمامية إلى أن المهدي إذا رجع من غيبته ينسخ شريعة الإسلام فيما يتعلق بأحكام الميراث، فيذكر عن الصادق أنه يقول: "إن الله آخى بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام، فلو قد قام قائمنا أهل البيت أورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة ولم يرث الأخ من الولادة" [الاعتقادات: ص83.].(6/371)
لعل هذه الرواية تكشف عما يختلج في نفوس أرباب تلك العصابة من رغبة في إحلال العلاقة الحزبية والتنظيمية بين أفرادها محل القرابة والولادة في الميراث، ونهب أموال الناس باسم هذه العلاقة والأخوة! وما تحلم به عند قيام دولتها الموعودة من تطبيق هذه التطلعات والتي أرادت إعطائها صيغة مقبولة بنسبها لآل البيت.
كما تفصح هذه الرواية عن موقف واضعي هذه الروايات من تطبيق الشريعة الإسلامية ورغبتهم في تعطيلها.. ثم هي تعكس مضمونًا إلحاديًا يسعى لهدم الشريعة، والخروج على عقيدة ختم النبوة.
وهذه الدعوى فضلاً عن أنها خروج عن شريعة الإسلام فهي مخالفة لمنطق العقل، فالتوارث منوط بالعلاقة الظاهرة من الولادة والقرابة، أما المؤاخاة الأزلية المزعومة فلا يدركها البشر، فكيف تكون أساسًا لقسمة الميراث؟.
وكذلك يغير منتظرهم شريعة الإسلام فيما يتعلق بأخذ الجزيرة من أهل الكتاب، وتنص رواياتهم أن منتظرهم بهذا المنهج يخالف هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول: "ولا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم" [بحار الأنوار: 52/349.]. ويكفي هذا الاعتراف في تأكيد خروجه عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبديله لها عمدًا.. فهل أراد واضع هذه الروايات أن يهون من شأن التشريع الإسلامي في نفوس الأتباع ويغري بالخروج عليه؟!
بل إن الحكم والقضاء في دولة المنتظر يقام على غير شريعة المصطفى صلى الله عليه وسلم. جاء في الكافي وغيره، قال أبو عبد الله: "إذا قام قائم آل محمد حكم بحكم داود وسليمان ولا يسأل بينة" [أصول الكافي: 1/397.]، وفي لفظ آخر: "إذا قام قائم آل محمد حكم بين الناس بحكم داود عليه السلام ولا يحتاج إلى بينة" [المفيد/ الإرشاد: ص413، الطبرسي/ أعلام الورى: ص433.].(6/372)
وقد تبنى ثقة إسلامهم الكليني هذه العقيدة وبوب لها بابًا خاصًا بعنوان: "باب في الأئمة عليهم السلام أنهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود وآل داود ولا يسألون البينة" [أصول الكافي: 1/397.]. ولا يخفى ما في هذا الاتجاه من عنصر يهودي. ولهذا علق بعضهم على هذا العنوان بقوله: "أي ينسخون الدين المحمدي ويرجعون إلى دين اليهود" [محب الدين الخطيب/ في تعليقه على المنتقى: ص302 (هامش4).].
وانظر كيف يحلم واضعو هذه الروايات – الذين لبسوا ثوب التشيع زورًا وبهتانًا – بدولة تحكم بغير شريعة الإسلام.
وتشير بعض رواياتهم إلى أنه أيضًا يحكم بحكم آدم مرة، ومرة بحكم داود، ومرة بقضاء إبراهيم. ولكن يعارضه في هذا الاتجاه للحكم بغير شريعة الإسلام بعض أتباعه، إلا أنه يواجه هذه المعارضة بشدة حيث يأمر بهم فتضرب أعناقهم [انظر: بحار الأنوار: 52/389.].
وتقدم رواياتهم بعض أحكامه وأقضيته فتقول: إنه يحكم بثلاث لم يحكم بها أحد قبله؛ يقتل الشيخ الزاني، ويقتل مانع الزكاة، ويورث الأخ أخاه في الأظلة [ابن بابويه/ الخصال: ص169، بحار الأنوار: 52/359، الكاظمي/ بشارة الإسلام: ص275.]، وأنه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه في الدين [الطبرسي/ أعلام الورى: ص431، بحار الأنوار: 52/152.].. إلخ.
وتقوم دولة المنتظر على الحكم لأهل كل دين بكتابهم، مع أن الإسلام لم يجز لأحد أن يحكم بغير شريعة القرآن باتفاق المسلمين [انظر: ابن تيمية/ منهاج السنة النبوية: 3/127، المنتقى: ص343.].
جاء في أخبارهم "إذا قام القائم قسم بالسوية، وعدل في الرعية، واستخرج التوراة وسائر كتب الله تعالى من غار بأنطاكية، حتى يحكم بين أهل التوراة بالتوراة، وبين أهل الإنجيل بالإنجيل، وبين أهل الزبور بالزبور، وبين أهل القرآن بالقرآن" [الغيبة للنعماني: ص157، وانظر: بحار الأنوار: 52/351.].(6/373)
وهذا القانون الذي يطمح إلى تطبيقه واضعو هذه الروايات ويعدون بتنفيذه على يد المنتظر هو شبيه – إلى حد كبير – بفكرة الديانة العالمية التي ترفع شعارها الماسونية.. وهي فكرة إلحادية تقوم أساسًا على إنكار الأديان السماوية تحت دعوى حرية الفكر والعقيدة.
وفي حومة هذه الأفكار التي تسعى لنسخ شريعة القرآن وابتداع أحكام جديدة لم يأذن بها الله، والرجوع إلى حكم داود لا شريعة محمد صلى الله عليه وسلم.. وتطبيق شرائع الأديان لا حكم القرآن – نلتقي بعد ذلك بفكرة مسمومة تعد نتيجة لهذه المقدمات والتغييرات التي سبقتها، وفحوى هذه الفكرة هو إلغاء المهدي الحكم بالقرآن وإحلال كتاب آخر محله، وهذا ما تشير إليه رواية النعماني عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر رضي الله عنه: "يقوم القائم بأمر جديد، وكتاب جديد، وقضاء جديد" [الغيبة للنعماني: ص154، بحار الأنوار: 52/354، إلزام الناصب: 2/283.]، "لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد" [الغيبة للنعماني: ص176، بحار الأنوار: 52/135.].
وتصف روايات أخرى عندهم ما يقوم به منتظرهم من محاولة لصرف الناس عن القرآن بدعوى أنه محرف وإخراج كتاب آخر مخالف له، وسعيه لتضليل الناس بدعوى أن كتابه هو الكتاب الكامل الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيام "العجم" بالسعي لنشره بين الناس، وتعليمهم إياه، ومواجهتهم صعوبة بالغة لتغيير ما في أفئدة الناس وأذهانهم من كتاب الله [وقد مضى نقل نص ذلك بحروفه ص: (257-258).].(6/374)
هذه هي الروايات التي كانت موضع التداول السري [ولذلك نرى شيخهم النعماني يصدر روايات الغيبة بما روي عندهم في صون سر آل محمد عمن ليس من أهله، كما أشار إلى ذلك في بداية كتابه (انظر: الغيبة ص17).] في إبان قوة الدولة الإسلامية عن حكومة المهدي بعد رجعته، وقد يقول من لم يسلم بأمر منتظرهم إنه خيالات لا حقيقة لها، لأن القائم المنتظر لا وجود له، فلا تحقق لهذه الدولة الموعودة.. فالحديث عنها قد يكون حديثًا خياليًا.
وهذا حق؛ لكن القيمة الواقعية لهذه الروايات أنها تفصح عن مكنون نفوس واضعيها، وأهدافها ضد شريعة الإسلام، فهي "إسقاطات" نفسية تنطوي على مدلولات خطيرة تحدد رغبات واضعي تلك الأخبار وتطلعاتهم إلى نوعية الحكم الذي ينشدونه، وهي أحلام قد تكشف عن خطط تلك العناصر التي اندست في صفوف الدولة الإسلامية مكتسبة مسوح التشيع لتغيير شريعة القرآن، وإن منازعتهم لحكم ولاة المسلمين تحت ستار (لا حكم إلا للأئمة) يرمي إلى إزالة الحكومة الإسلامية لإقامة دولة أخرى في مكانها تحكم بحكم القائم الموعود.
ب ـ سيرة القائم المنتظر:
أما سيرته فتحمل سمات من شريعته الجديدة، حيث يتولى مضايقة المسلمين في مقدساتهم ومساجدهم، فيقوم بعملية هدم وتخريب في الحرمين الشريفين، حيث تنص أخبارهم "أن القائم يهدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أساسه، ويرد البيت إلى موضعه وإقامته على أساسه" [الطوسي/ الغيبة ص282، بحار الأنوار: 52/338.].(6/375)
كذلك يتجه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ويبدأ – كما تقول أخبارهم – "بكسر الحائط الذي على القبر... ثم يخرجهما (يعني صاحبي رسول الله) غضين رطبين فيلعنهما ويتبرأ منهما ويصلبهما ثم ينزلهما ويحرّقهما ثم يذريهما في الريح" [بحار الأنوار: 52/386.]. وفي رواية أخرى "أول ما يبدأ به القائم.. يخرج هذين رطبين غضين فيحرّقهما ويذريهما في الريح، ويكسر المسجد" [بحار الأنوار: 52/386.].
ونسبوا إلى الله – سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون – أنه قال لنبيه – حينما أسرى به -: "وهذا القائم... هو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين، فيخرج اللات والعزى (يعنون خليفتي رسول الله) طريين فيحرقهما" [ابن بابويه/ عيون أخبار الرضا: 1/58، بحار الأنوار: 52/379.].
وتشير بعض رواياتهم إلى أن هذا العمل يثير المسلمين، حيث تقول: ".. ثم يحدث حدثًا فإذا فعل ذلك قالت قريش: اخرجوا بنا إلى هذا الطاغية، فوالله لو كان محمديًا ما فعل، ولو كان علويًا ما فعل، ولو كان فاطميًا ما فعل.." [تفسير العياشي: 2/58، بحار الأنوار: 52/342.].
قال شيخهم وفخرهم [لأن من ألقابه عندهم "فخر الأمة" كما تجد ذلك في صدور كتبه.] المجلسي: "لعل المراد بإحداث الحدث إحراق الشيخين الملعونين فلذا يسمونه عليه السلام بالطاغية" [بحار الأنوار: 52/346.].
ولا يخفى أن هذه "الوعود" بصنائع المنتظر التي تطفح بها رواياتهم إنما تنم عن دخائل نفوسهم وما تكنه صدورهم من مناوأة لدين الإسلام وسعي في الكيد له حتى يتمنوا أن تتاح لهم فرصة لهدم الحرمين، ونبش القبرين الطاهرين، وحينما يحسون بعجزهم عن تحقيق ذلك لقوة الدولة الإسلامية آنذاك يعزون أنفسهم ويعللونها، ويشفون غيظ قلوبهم على الإسلام ورواده الذين فتحوا ديارهم، وأزالوا ملكهم، ونشروا الإسلام بينهم.. بهذه الأحلام والآمال.. فهي تكشف في الحقيقة ماذا يتمنون تحقيقه لو واتتهم فرصة الحكم والتسلط.(6/376)
ولذلك فإن المعاصرين منهم يتمنون فتح مكة والمدينة، كما جاء على ألسنة آياتهم، ليحققوا أحلامهم التي أفصحت عنها أخبارهم – كما سيأتي [في باب الشيعة المعاصرين وصلتهم بأسلافهم.]- ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
ولم يكتف منتظرهم بهذا؛ بل إنه يقوم بقتل عام شامل للجنس العربي واستئصال وجوده، ولذلك فإن أخبارهم تعد العرب بملحمة على يد غائبهم – إذا رجع – لا تبقي ولا تذر على رجل أو امرأة ولا صغير ولا كبير بل تأخذهم جميعًا فلا تغادر منهم أحدًا. فيروي النعماني: ".. عن الحارث بن المغيرة وذريح المحاربي قالا: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح" [الغيبة للنعماني: ص155، بحار الأنوار: 52/349.].
وكأن روايتهم هذه لا تفرق بين من يتشيع وغيره: لكن تؤكد أخبارهم أنه لن يتشيع أحد من العرب للقائم، ولهذا تحذر منهم فتقول: "اتق العرب فإن لهم خبر سوء أما إنه لم يخرج مع القائم منهم واحد" [الغيبة للطوسي: ص284، بحار الأنوار: 52/333.].
ولكن في الشيعة من العرب كثير غير أن أخبارهم تقول بأنهم سيمحصون فلا يبقى منهم إلا النزر اليسير [انظر: الغيبة للنعماني: ص137، بحار الأنوار: 52/114.].
وتقول رواياتهم بأن القائم "يبهرج سبعين قبيلة من قبائل العرب" [بهرج الدماء: أهدرها، وفي الطبعة الأخرى للبحار يهرج، ومعنى الهرج: الفتنة والاختلاط والقتل (انظر: بحار الأنوار: 52/333، هامش1).].(6/377)
ويخصون قبيلة رسول الله صلى الله عليه وسلم: قريش التي منها صفوة أصحابه بالذكر التفصيلي لعمليات القتل التي يجريها عليها القائم، ففي الإرشاد للمفيد "عن عبد الله بن المغيرة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قام القائم من آل محمد عليه السلام أقام خمسمائة من قريش فضرب أعناقهم، ثم أقام خمسمائة فضرب أعناقهم، ثم خمسمائة أخرى حتى يفعل ذلك ست مرات. قلت: ويبلغ عدد هؤلاء هذا؟ قال: نعم منهم ومن مواليهم" [الإرشاد: ص411، بحار الأنوار: 52/338.].
ولا يخفى أن تخصيص العرب بالقتل يدل على تغلغل الاتجاه الشعوبي لدى واضعي هذه الروايات.. وهي تبين مدى العداوة للجنس العربي لدى مؤسسي "الرفض" والرغبة في التشفي منهم بقتلهم، وذلك – في حقيقة الأمر – لا يعود لجنسيتهم بل للدين الذي يحملونه.
ولا تنسى رواياتهم أن تخص البيت النبوي الطاهر ببائقة من بوائق منتظرهم حيث يزعمون أن أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبعث من قبرها قبل يوم القيامة [وذلك حسب عقيدتهم في الرجعة التي سنتحدث عنها بعد هذا المبحث إن شاء الله.]، وذلك لأنها ارتكبت – كما يفترون – حدًا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن رسول الله لم يقم عليها الحد – كما يزعمون -.(6/378)
وهو الذي يقول: "وأيم الله لو أن فاطمة ابنة محمد سرقت لقطعت يدها" [جزء من حديث رواه البخاري، كتاب الأنبياء: 4/151، كتاب فضائل الأصحاب، باب ذكر أسامة بن زيد: 4/214، كتاب الحدود، باب كراهية الشفاعة في الحد: 8/16، ومسلم، كتاب الحدود، باب قطع يد السارق: 2/1315 (1688)، وأبو داود، كتاب الحدود، باب في الحد يشفع فيه: 4/537 (4373)، والترمذي، كتاب الحدود، باب ما جاء في كراهية أن يشفع في الحدود: 4/37-38 (1430)، والنسائي، كتاب قطع السارق، باب ذكر المخزومية التي سرقت 8/72، وابن ماجه، كتاب الحدود، باب الشفاعة والحدود: 2/851 (2547) والدارمي، كتاب الحدود، باب الشفاعة في الحدود دون السلطان: 1/569، وغيرهم]، وقد أخذته الرحمة بها، مع أن الله سبحانه يقول: {وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [النور، آية: 2.] فلم يقم عليها الحد ولكن قائمهم يتولى تنفيذ ما عجز أفضل الخليقة عن تنفيذه وذلك في عصر الرجعة المزعوم [ونص الأسطورة (المنسوبة لأبي جعفر) يقول: أما لو قام قائمنا لقد ردّت إليه الحميراء (تصغير حمراء وهو لقب لعائشة رضي الله عنها) حتى يجلدها الحد، وحتى ينتقم لابنة محمد فاطمة عليها السلام منها.
قلت: جعلت فداك ولم يجلدها الحدّ؟ قال: لفريتها على أم إبراهيم صلى الله عليه وسلم.
قلت: فكيف أخره الله للقائم عليه السلام؟ فقال له: إن الله تبارك وتعالى بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم رحمة، وبعث القائم عليه السلام نقمة (علل الشرائع: ص579-580، بحار الأنوار: 52/314، 315). ثم علق على ذلك شيخهم المعاصر بنص يبين الفرية المزعومة وأن عائشة قالت – كما يفترون -: "إن إبراهيم ليس منك وإنه ابن فلان القبطي" وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كلف عليًا برجمها ولكن عليًا اكتشف براءتها. (بحار الأنوار: 52/315 – الهامش -).] – كما يفترون -.(6/379)
وهذا يعني أن القائم أكمل من خاتم النبيين، وأقدر على تحقيق دين الله ممن أرسل قدوة للعالمين.
وهو ما صرحت به أخبارهم حيث روى شيخهم ابن بابويه: ".. عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة، آية: 33.].
فقال: والله ما نزل تأويلها بعد ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم عليه السلام.." [إكمال الدين: ص628، بحار الأنوار: 52/324.] أي أن القائم سيحقق ما عجز عنه الأنبياء.
وهذا ما صرح به بعض شيوخهم الكبار عندهم [وهو "الخميني".] – في هذا العصر – واستنكره العالم الإسلامي – كما سيأتي – [في باب: الشيعة المعاصرون وصلتهم بأسلافهم.].
ذلك أنهم يزعمون أن ما عند القائم أضعاف ما عند الأنبياء من العلم، حتى جاء في بحار الأنوار وغيره "عن أبان عن أبي عبد الله قال: العلم سبعة وعشرون حرفًا فجميع ما جاءت به الرسل حرفان، فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين، فإذا قام قائمنا أخرج الخمسة والعشرين حرفًا فبثها في الناس، وضم إليها الحرفين حتى يبثها سبعة وعشرين حرفًا" [بحار الأنوار: 52/336، وهي مروية في الخرائج للراوندي كما أشار إلى ذلك المجلسي (نفس الموضع من المصدر السابق).].(6/380)
وعملية الاجتياح الدموي الرهيب التي تحلم بها الشيعة الاثنا عشرية على يد مهديهم تكاد تتناول كل الفئات والأجناس البشرية باستثناء طائفتهم، حيث يخرج قائمهم "موتورًا غضبان أسفًا.. يجرد السيف على عاتقه" [بحار الأنوار: 52/361.] ويبدأ القتل، فيحصد أهل السنة الذين تلقبهم أخبار الشيعة – أحيانًا – بالمرجئة [قال شيخهم الطريحي: "وسماهم مرجئة لأنهم زعموا أن الله تعالى أخر نصب الإمام، ليكون نصبه باختيار الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم" (مجمع البحرين: 1/177-178، وانظر: مرآة العقول: 4/371).] حتى قال إمامهم: "ويح هذه المرجئة، إلى من يلجؤون غدًا إذا قام قائمنا" [الغيبة للنعماني: ص190، بحار الأنوار: 52/357.] ولم يستثن من ذلك إلا من تاب، أي دخل بمذهبهم فقال: "من تاب تاب الله عليه، ومن أسر نفاقًا فلا يبعد الله غيره، ومن أظهر شيئًا أحرق الله دمه. ثم قال: يذبحهم والذي نفسي بيده كما يذبح القصاب شاته – وأومأ بيده إلى حلقه –" [بحار الأنوار: 52/357، الغيبة للنعماني: ص190-191.].
وتسميهم أحيانًا بالنواصب وتقول: "فإذا قام القائم عرضوا كل ناصب عليه فإن أقر بالإسلام وهي الولاية وإلا ضربت عنقه أو أقر بالجزية فأداها كما يؤدي أهل الذمة" [تفسير فرات: ص100، بحار الأنوار: 52/373، وقوله: "أو أقر بالجزية"، يناقض رواياتهم التي تقول بأنه لا يقبل الجزية كما سبق ذكر بعضها في بيان "شرعته".].(6/381)
لكن بعض رواياتهم تقول بأن الجزية لا تقبل منهم كما تقبل من أهل الذمة، فقد سئل إمامهم عن وضع أهل الذمة في دولة القائم فقال: "يسالمهم كما سالمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤدون الجزية عن يد وهم صاغرون" [بحار الأنوار: 52/376.]. أما غيرهم من المخالفين للرافضة فقال فيه: "ما لمن خالفنا في دولتنا من نصيب، إن الله قد أحل لنا دماءهم عند قيام قائمنا" [بحار النوار: 52/376.]. حتى إن قائمنا يتتبع الشيعة الزيدية غير الغلاة، فيقتلهم. تقول أخبارهم: "إذا قام القائم عليه السلام سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر آلاف أنفس – كذا – يدعون البترية [البترية: هم أصحاب الحسن بن صالح بن حي، وأصحاب كثير النوى، وكان كثير يلقب بالأبتر، وقد يسمون "الصالحية" نسبة للحسن بن صالح، ومن مذهبهم – كما يقول الأشعري – أنهم ينكرون رجعة الأموات قبل يوم القيامة، ولا يرون لعلي إمامة إلا حين بويع، وهي فرقة من الزيدية. (انظر: مقالات الإسلاميين: 1/144، الملل والنحل: 1/161، الخطط: 2/352).] عليهم السلاح فيقولون له: ارجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم" [الإرشاد: ص411-412، بحار الأنوار: 52/338).].. بل إنه يقتل من لا ذنب له. تقول رواياتهم: "إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين بفعل آبائها" [علل الشرائع: ص229، عيون أخبار الرضا: 1/273، بحار الأنوار: 52/313.]. وهكذا فإن قائمهم "ليس شأنه إلا القتل لا يستبقي أحدًا" [بحار الأنوار: 52/231.] "ولا يستتيب أحدًا" [بحار الأنوار: 52/349، وفي لفظ: "ولا يستنيب أحدًا" أي يتولى ذلك بنفسه (انظر: نفس الموضع من المصدر السابق).].(6/382)
وتصور بعض رواياتهم مبلغ ما يصل إليه من سفك دماء الناس (من غير طائفته) حتى تقول: "لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم ألا يروه مما يقتل من الناس.. حتى يقول كثير من الناس: ليس هذا من آل محمد، لو كان من آل محمد لرحم" [الغيبة للنعماني: ص154، بحار الأنوار: 52/354.].
وهذا قول يدين القائم بالخروج عن سنن الرحمة والعدل التي عرف بها أهل البيت. بل إنه خرج عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهذا ما يصرحون به؛ فقد سئل الباقر – على حد زعمهم – أيسير القائم بسيرة محمد؟ فقال: "هيهات! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار في أمته باللين وكان يتألف الناس، والقائم أمر أن يسير بالقتل وألا يستتيب أحدًا، فويل لمن ناوأه" [الغيبة للنعماني: ص153، بحار الأنوار: 52/353.].
فالشيعة تزعم أنه أمر بسيرة تخالف سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أجمع المسلمون أن كل ما خالف سيرته صلى الله عليه وسلم؟ فهو ليس من الإسلام، فهل بعث برسالة غير رسالة الإسلام؟!
وكيف يؤمر بخلاف سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فهل هو نبي أوحي إليه من جديد؟ ولا نبي بعد خاتم الأنبياء، ولا وحي بعد وفاته، وكل من ادعى خلاف ذلك فهو مفتر دجال؛ لمعارضته للنصوص القطعية وإجماع الأمة على ختم الوحي والنبوة بوفاة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
ولكن هذه الروايات تصور ما في قلوب واضعيها من حقد على الناس ولاسيما أمة الإسلام التي تخالفهم في نهجهم، وأنهم يتمنون يومًا قريبًا آتيًا يحققون فيه هذه "الأحلام" التي تكشف حقيقتها هذه الروايات ويترجمها واقع الشيعة في العهد الصفوي وفي دولة الآيات القائمة، وفي منظماتهم في لبنان – كما سيأتي – [في باب أثر الشيعة في العالم الإسلامي.].(6/383)
ومعلوم أن أمير المؤمنين عليًا الذي يزعمون التشيع له لم يكفر مخالفيه، ولم يقاتل إلا من بغى عليه، فقائمهم الذي يفعل هذه الأفاعيل ومن تبعه في نهجه، ليس من شيعة علي، وقد اعترفوا في رواياتهم أن قائمهم لا يأخذ بسيرة علي، فقد سئل الصادق – كما يزعمون – "أيسير القائم بخلاف سيرة علي؟ فقال: نعم، وذاك أن عليًا سار بالمن والكف لعلمه أن شيعته سيظهر عليهم من بعده، أما القائم فيسير بالسيف والسبي، لأنه يعلم أن شيعته لن يظهر عليهم من بعده أبدًا" [الغيبة للنعماني: ص153، بحار الأنوار: 52/353.].
وقال صادقهم يخاطب بعض الشيعة: "كيف أنت إذا رأيت أصحاب القائم قد ضربوا فساطيطهم في مسجد الكوفة، ثم أخرج المثال الجديد، على العرب شديد.
قال (الراوي): قلت: جعلت فداك ما هو؟ قال: الذّبح، قال: قلت بأي شيء يسير فيهم؛ بما سار علي بن أبي طالب في أهل السواد؟ قال: لا، إن عليًا سار بما في الجفر الأبيض، وهو الكف، وهو يعلم أنه سيظهر على شيعته من بعده، وأن القائم يسير بما في الجفر الأحمر وهو الذبح، وهو يعلم أنه لا يظهر على شيعته" [بحار الأنوار: 52/318، وهذه الرواية في بصائر الدرجات كما أشار إلى ذلك المجلسي (نفس الموضع من المصدر السابق).].
وهكذا "يقوم المزعوم بأمر جديد، وكتاب جديد، وسنة جديدة، وقضاء جديد" [بحار الأنوار: 52/231.].
وهذا كاف في إيضاح أن ما تحلم به الشيعة ليس له أصل في كتاب الله وسنة نبيه، بل هي بدعة جديدة يخرج بها قائمهم.(6/384)
وبينما الناس في عصر القائم يعيشون بين الدماء والأشلاء، وفي خوف ورعب من قائم الشيعة الذي كان بعثه نقمة عليهم، كما أن بعث محمد صلى الله عليه وسلم رحمة [روى الكليني في الكافي: "إن الله بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم رحمة ويبعث القائم نقمة". (بحار الأنوار: 52/376، حيث عزاه إلى الكافي، كتاب الروضة: ص233).]، فإن عسكر القائم وأصحابه يعيشون في حياة أخرى حافلة بألوان النعيم وأنواع المسرات، فهو يأمرهم في ميسرهم ألا يحملوا "طعامًا ولا شرابًا ولا علفًا، فيقول أصحابه: إنه يريد أن يقتلنا يقتل دوابنا من الجوع والعطش [وهذا يدل على شكهم في أمر القائم فكيف يكونون من أصحابه؟!.] فيسير ويسيرون معه؛ فأول منزل ينزله يضرب الحجر فينبع منه طعام وشراب وعلف فيأكلون ويشربون ودوابهم حتى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة" [الغيبة للنعماني: ص158.]، وهكذا "لا ينزل منزلاً إلا انبعث منه عيون، فمن كان جائعًا شبع ومن كان ظمآن روي" [الغيبة للنعماني: ص158.]، وإنه إذا قام اجتمعت إليه أموال الدنيا من بطن الأرض وظهرها، فيعطي أصحابه ما لم يعطه أحد كان قبله، ويتضاعف الرزق على يديه فيرزق في الشهر رزقين ويعطي في السنة عطاءين [الغيبة للنعماني: ص158.]، حتى إن أحدًا من الشيعة لا يجد لديناره ودرهمه موضعًا يصرفه فيه [الغيبة للنعماني: ص76.].
وهذه روايات تصور التطلعات والأماني التي كانت تفيض بها قلوب الشيعة انتظارًا لهذا الغد المأمول، ويصور النزعة المادية التي يشتركون فيها مع اليهود! وهو حلم النظام الشيوعي في العالم حسب رأي ماركس.
أما عن جند القائم وأصحابه الذين يشاركونه في مجازره، ويرفلون في نعيمه ويتبوءون جنته فهذا ما سيتبين في الفقرة التالية.
ج ـ جند القائم:(6/385)
تشير بعض رواياتهم إلى أن جند القائم من الموالي والعجم ويبلغ عددهم اثني عشر ألفًا، وأنه يمنحهم القائم سلاحًا من عنده عبارة عن سيف وبيضة ذات وجهين، ثم يقول لهم: "من لم يكن عليه مثل ما عليكم فاقتلوه" [بحار الأنوار: 52/377.]. وتذكر رواية للنعماني أن "أصحاب القائم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً أولاد العجم" [الغيبة للنعماني: ص214.].
بينما تقول رواية في البحارك "إذا قام قائم آل محمد استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلاً، خمسة وعشرين من قوم موسى الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أصحاب الكف، ويوشع وصي موسى، ومؤمن آل فرعون، وسلمان الفارسي، وأبا دجانة الأنصاري ومالك الأشتر" [هكذا ورد النص في بحار الأنوار: 52/346، ولم تتعقبه لجنة التصحيح بشيء، مع أنه ذكر أن مجموع العدد (27) ولما فصّل زاد العدد إلى (37)، وفي تفسير العياشي: 1/32، قال: "وخمسة عشر من قوم موسى" فيتوافق بهذا مع المجموع الكلي (27)، أما في تفسير البرهان 2/41 فقد زاد واوًا لتلتئم العبارة فقال: "سبعة وعشرين رجلاً وخمسة وعشرين من قوم موسى.. إلخ" وواضح أن الواو مقحمة.].
وواضح في هذا النص تغلغل العنصر اليهودي في المجموعة التي وضعت دين التشيع.
كما يظهر أن التشيع استوعب مجموعة من العنصر المختلفة، كل يصنع ما يشاء له هواه، وما تملي عليه عنصريته.. فالعجم يضعون روايات في صالحهم، واليهود كذلك.. وهكذا، وموسوعات الاثني عشرية استوعبت الجميع بلا تمييز.
وجاء في بعض أخبارهم البيان التفصيلي لأسماء جنده واحدًا واحدًا وموطن كل جندي أو قبيلته أو حرفته في رواية طويلة. منها قوله: "ومن أهل الشام رجلين يقال لهما إبراهيم بن الصباح، ويوسف بن جريا" (صريا) [هكذا وردت في الأصل، فيما يبدو أنه اهتمام من المحقق المعاصر في الثبيت من الاسم بإثباته في الأصل حسب ما جاء في اختلاف النسختين.].(6/386)
فيوسف عطار من أهل دمشق، وإبراهيم قصاب من قرية صويقان "ومضى في ذكرهم على هذا النسق حتى ذكر (313) رجلاً ليبلغ بهم عدة أهل بدر" [انظر: البحراني/ الحجة: ص46، وأحال المحقق أيضًا على دلائل الإمامة ص314.].
كما يقول: "ونسي موقفهم المخزي من أهل بدر وسائر الصحابة".
ولا تملك نفسك وأنت تقرأ تلك الأسماء من ابتسامة تغالبك، وأنت تلمح بوضوح التكلف في الكذب، والمحاولات الغبية لستره، ولا ينقضي العجب من تلك الجرأة على الكذب، وخفة العقل، والأغرب كيف لا يستحي شيعة هذا العصر من إخراج هذا "العار" للناس، وطبعه وتحقيقه ؟!، أو أن الله سبحانه أراد أن يكشف أمرهم ويفضح زيفهم.
الشيعة وغيبة مهديهم:
في ظل الغيبة التي دانت بها الشيعة، وعاشت في حكمها منذ أكثر من ألف ومائة سنة أوقف شيوخ الشيعة – بحكم نيابتهم عن المنتظر – العمل بجملة من أحكام الدين، كما استحدثوا عقائد وأحكامًا لم يأذن بها الله سبحانه. لقد أوقف الشيعة بسبب الغيبة للمنتظر إقامة صلاة الجمعة، كما منعوا إقامة إمام للمسلمين وقالوا: "الجمعة والحكومة لإمام المسلمين" [مفتاح الكرامة/ كتاب الصلاة: 2/69.] والإمام هو هذا المنتظر.
ولهذا فإن معظم الشيعة إلى اليوم لا يصلون الجمعة [يقول كاظم الكفائي – وهو من شيوخهم المعاصرين -: "في العراق الآن: الشيعة لا يصلون الجمعة إلا الشيخ الخالصي في المسجد الصفوي في الصحن الكاظمي (كتب هذا القول بخطه للدكتور علي السالوس، ونشره الأخير في كتابه فقه الشيعة ص264)، وفي الكويت لا يقيم الجمعة إلا الشيخ إبراهيم جمال الدين مرجع الإخباريين هناك" (انظر: السالوس فقه الشيعة ص203).(6/387)
وحينما سأل بعض أفراد الشيعة كبير شيوخهم وهو محسن الحكيم عن دليلهم في شرطية وجوب الإمام لصلاة الجمعة، كان جوابه بأن لا يسأل هذا السؤال، كما أن بعض شيوخهم يقول بوجوب صلاة الجمعة ولا يقيمها (انظر: محمد عبد الرضا الأسدي/ نص الكتاب ومتواتر الأخبار عن وجوب الجمعة في جميع الأعصار: ص24/27، 28).]، حتى قال بعض المتأخرين: "إن الشيعة من زمان الأئمة كانوا تاركين للجمعة" [البهباني في تعليقه على المدارك، كما نقل ذلك عنه شيخهم الخالصي في كتابه الجمعة: ص131.].
كما أن الشيعة لا ترى بيعة شرعية إلا للقائم المنتظر، ولذلك فإنهم يجددون البيعة له كل يوم، ففي دعاء لهم يسمونه "دعاء العهد" وفيه: "اللهم إني أجدد له في صبيحة يومي هذا، وما عشت من أيامي عهدًا أو عقدًا أو بيعة له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول أبدًا" [عباس القمي/ مفتاح الجنان: ص538.].
وفي دعاء يومي آخر للغائب المنتظر يتضمن الإقرار له بالبيعة فيقول: "اللهم هذه بيعة له في عنقي إلى يوم القيامة" [عباس القمي/ مفتاح الجنان: ص538.].
قال المجلسي: ".. ويصفق بيده اليمنى على اليسرى كتصفيق البيعة" [بحار الأنوار: 102/111، وانظر: مفتاح الجنان: ص538-539.].
كذلك منع الشيعة الجهاد مع ولي أمر المسلمين، لأنه لا جهاد إلا مع الإمام، فقد جاء في الكافي وغيره عن أبي عبد الله قال: "القتال مع غير الإمام المفترض طاعته حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير" [فروع الكافي: 1/334، تهذيب الأحكام: 2/45، وسائل الشيعة: 11/32.].
والإمام المفترض الطاعة على المسلمين منذ سنة 260ه إلى اليوم هو منتظرهم الغائب في السرداب. وما قبل سنة 260ه هم بقية الأئمة الاثني عشر، فالجهاد مع أبي بكر وعمر وعثمان وبقية خلفاء المسلمين إلى اليوم هو حرام كحرمة الميتة والدم.(6/388)
وجنود الإسلام الذين يرابطون على الثغور، ويجاهدون في سبيل الله، ولا يريدون علوًا في الأرض ولا فسادًا والذين فتحوا بلاد الفرس وغيرها! ما هم في اعتقاد الشيعة إلا قتلة، الويل لهم، يتعجلون مصيرهم. روى شيخهم الطوسي في التهذيب: ".. عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك ما تقول في هؤلاء الذين يقتلون في هذه الثغور؟ قال: فقال: الويل يتعجلون قتلة في الدنيا، وقتلة في الآخرة، والله ما الشهيد إلا شيعتنا ولو ماتوا على فرشهم" [التهذيب: 2/42، وسائل الشيعة: 11/21.].
فأنت ترى أن الشيعة ترى أن جهاد المسلمين على مرور التاريخ جهاد باطل لا أجر فيه ولا ثواب، حتى يصفون المجاهدين المسلمين "بالقتلة" ويجردونهم من الأسماء التي شرفهم الله بها "كالمجاهد" و"الشهيد".
فهل يشك عاقل متجرد من الهوى والتعصب أن واضع هذا المبدأ عدو موتور، وزنديق حاقد.. يتربص بالأمة الدوائر ويبغي فيها الفشل، ولا يريد لها أن تبقى مجاهدة في سبيل الله، رافعة راية الله، ليحتفظ بدينه ودياره، وقد بلغ به التآمر لإشاعة هذا المبدأ أن نسبه لجعفر الصادق وغيره من أهل البيت حتى يجد الرواج بين الأتباع الجهلة من جانب، وحتى يسيء لأهل بيت رسول الله من جانب آخر.
كذلك صرح الشيعة أيضًا بمنع إقامة حدود الله سبحانه في دولة الإسلام بسبب غيبة إمامهم، لأن أمر الحدود موكول – كما يقولون – إلى الإمام المنصوص عليه، ولم ينص الله سبحانه – بزعمهم – إلا على اثني عشر إمامًا آخرهم قد غاب منذ منتصف القرن الثالث تقريبًا ولابد من انتظار عودته، حتى يقيم الحدود، إلا أنه بحكم التفويض الذي أجراه لشيوخ الشيعة بعد قرابة سبعين سنة من غيبته يحق للشيخ الشيعي فقط من دون سائر قضاة المسلمين أن يتولى إقامة الحدود، وإذا لم يوجد في قطر من أقطار الإسلام أحد من شيوخهم فلا يجوز إقامة الحدود، لأنه لا يتولاها إلا المنتظر أو نائبه من مراجع الشيعة وآياتهم.(6/389)
روى شيخهم ابن بابويه وغيره: ".. عن حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام: من يقيم الحدود: السلطان أو القاضي؟ فقال: إقامة الحدود من إليه الحكم" [ابن بابويه/ من لا يحضره الفقيه: 4/51، تهذيب الأحكام: 10/155، وسائل الشيعة: 18/338.] – كذا -.
وقال المفيد: "فأما إقامة الحدود فهو إلى سلطان الإسلام المنصوب من قبل الله، وهم أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام، ومن نصبوه لذلك من الأمراء والحكام، وقد فوضوا النظر فيه إلى فقهاء شيعتهم مع الإمكان" [المقنعة: ص130، وسائل الشيعة: 18/338.].
وتحذر روايات الشيعة من الرجوع إلى محاكم المسلمين وقضاتهم حتى تقول: "من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى طاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتًا، وإن كان حقه ثابتًا، لأنه أخذه بحكم الطاغوت" [فروع الكافي: 7/412، التهذيب: 6/218، وسائل الشيعة: 18/4.].
هذه جملة من شرائع الإسلام حرمتها الشيعة بسبب غيبة مهديهم، وأوقفت العمل بها حتى خروجه من غيبته.
كما أنهم شرعوا لأنفسهم أحكامًا في فترة اختفاء هذا المنتظر لم يأذن بها الله سبحانه، ومن ذلك: مسألة التقية والتي هي في الإسلام رخصة عارضة عند الضرورة جعلوها فرضًا لازمًا ودائمًا في فترة الغيبة لا يجوز الخروج عنها حتى يعود المنتظر الذي لن يعود أبدًا، لأنه لم يولد كما يؤكد ذلك المؤرخون، وأهل العلم بالأنساب، وفرق كثيرة من الشيعة نفسها، ومن ترك التقية قبل عودة المنتظر كان كمن ترك الصلاة [انظر: فصل التقية.].
كذلك جعلوا الاستشهاد في سبيل الله يحصل بمجرد اعتناق التشيع، وانتظار عودة الغائب، لا في الجهاد في سبيل الله، فالشيعي شهيد ولو مات على فراشه.
قال إمامهم: "إذا مات منكم ميت قبل أن يخرج قائمنا كان شهيدًا، ومن أدرك قائمنا فقتل معه، كان له أجر شهيدين.." [بحار الأنوار: 52/123، وهو مروي في أمالي الطوسي (انظر: المصدر السابق: 52/122-123).].(6/390)
وعقد شيخهم البحراني في المعالم الزلفى بابًا بعنوان: "الباب 59 في أن شيعة آل محمد شهداء وإن ماتوا على فرشهم" [المعالم الزلفى في بيان أحوال النشأة الأولى والأخرى: ص101.] وأورد فيه جملة من أخبارهم.
ثم زادت مبالغاتهم – كالعادة – إلى أكثر من هذا القدر حتى روى ابن بابويه بسنده إلى علي بن الحسين قال: "من ثبت على موالاتنا في غيبة قائمنا أعطاه الله عز وجل أجر ألف شهيد من شهداء بدر وأحد" [إكمال الدين: ص315، بحار الأنوار: 52/125.].
ومن أحكامهم فرضية البيعة للغائب المنتظر، حتى شرع عندهم تجديد البيعة مرات وكرات عبر الأدعية في الزيارات لمشاهد الأئمة – كما مر -، لأن "من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من الله جل وعز ظاهرًا [هذه الكلمة تؤكد أن إمامهم المختفي ليس بإمام، لأنه ليس بظاهر.] عادلاً أصبح ضالاً تائهًا، وإن مات على هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق" [أصول الكافي: 1/375.].
أما المبدأ الأكبر الذي اخترعوه في ظل الغيبة فهو مبدأ نيابة الفقيه الشيعي عن الغائب المنتظر.
وقد استحل الفقيه الشيعي باسم النيابة أمورًا كثيرة.
واختلف شيوخ الشيعة في حدود النيابة بين مقل ومستكثر، حتى بلغت النيابة الحد الأقصى لوظائف الإمام الغائب وهو رئاسة الدولة، والاستفتاء على تشكيل الحكومة في دولة "الآيات" الحاضرة، وهم الذين لا يؤمنون إلا بالإمام المنصوص عليه.. ولخطورة عقيدة النيابة، ولأنها – في اعتقادي – تمثل الخروج المقنع للمهدي، على يد مجموعة كبيرة من شيوخهم كل يزعم أحقيته في النيابة سنخصها بالحديث التالي.
النيابة عن المنتظر:
أرسيت دعائم فكرة الغيبة لولد للحسن العسكري – كما سلف – وكان لابد من وجود وكيل مفوض يتولى شئون الأتباع في أثناء فترة الاحتجاب، ويكون الواسطة والباب للغائب في السرداب، أو في جبال رضوى، أو وديان مكة.(6/391)
فكان أول زعيم تولى شئون الشيعة – كما كشفت ذلك أوراق الاثني عشرية – هي امرأة.. وما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم [البخاري، كتاب المغازي، باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر: 5/136، وكتاب الفتن: 8/97، والترمذي، كتاب الفتن: 4/527-528 (2262)، والنسائي/ باب النهي عن استعمال النساء في الحكم: 8/227، وأحمد: 5/43، 51.]، إذ بعد وفاة الحسن العسكري، وإشاعة وجود الولد المختفي، وبقاء الشيعة بدون إمام ظاهر، بدأ الشيعة يتساءلون إلى من يرجعون؟
ففي سنة (262ه) أي بعد وفاة الحسن العسكري بسنتين،، توجه بعض الشيعة [وهو كما تقول الرواية: أحمد بن إبراهيم، وانظر: رجال الحلي: ص16.] إلى بيت الحسن العسكري وسأل – كما تقول الرواية – خديجة بنت محمد بن علي الرضا عن ولد الحسن العسكري المزعوم، فسمته له [يلحظ أنهم يحرمون تسميته حتى قالوا: من سماه باسمه فهو كافر – كما سلف -.]، يقول راوي الخبر: "قلت لها: فأين الولد؟ قالت: مستور، فقلت: إلى من تفزع الشيعة؟ قالت: إلى الجدة أم أبي محمد عليه السلام" [الغيبة للطوسي: ص138.].(6/392)
ويبدو أن رجال الشيعة أرادوا أن تبقى النيابة عن الغائب في بيت الحسن العسكري، فأشاعوا بين أتباعهم في بداية الأمر أن أم الحسن العسكري هي الوكيلة عن المنتظر، فهي الرئيسة العامة للمسلمين (بالنيابة). ويظهر أن هذا "التعيين" كان القصد منه إيجاد الجو المناسب لنمو هذه الفكرة بين الأتباع لأن أم الحسن هي الوصية للحسن بعد وفاته كما تذكر أخبار الشيعة، فكان من الطبيعي أن تتولى عن ابنه، إلا أن محاربة بيت الحسن العسكري لفكرة الولد – كما سيأتي – قد وجه رجال الشيعة إلى اختيار رجل من خارج أهل البيت، ولهذا جاء في الغيبة للطوسي "ولد الخلف المهدي صلوات الله عليه سنة ست وخمسين ومائتين، ووكيله عثمان بن سعيد، فلما مات عثمان بن سعيد، أوصى إلى أبي جعفر محمد بن عثمان، وأوصى أبو جعفر إلى أبي القاسم الحسين بن روح، وأوصى أبو القاسم إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري.." [الغيبة للطوسي: ص241-242.].
فهؤلاء النواب الأربعة، ويزاحمهم على مسألة النيابة آخرون، هم من خارج بيت الحسن، وتمثل نيابتهم صلة شخصية مباشرة بالمهدي المنتظر. ولذلك تسمى فترة نيابتهم في عرف الشيعة بالغيبة الصغرى.
وهؤلاء النواب الأربعة لهم ما للإمام من حق الطاعة، وثقة الرواية، جاء في الغيبة للطوسي أن الحسن العسكري قال: "هذا إمامكم من بعدي (وأشار إلى ابنه) وخليفتي عليكم، أطيعوه، ولا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم، ألا وإنكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتى يتم له عمر فاقبلوا من عثمان (الباب الأول) ما يقوله، وانتهوا إلى أمره فهو خليفة إمامكم والأمر إليه [الغيبة للطوسي: ص217.]، فما قاله لكم فعنّي يقوله، ما أدى إليكم فعني يؤديه" [الغيبة للطوسي: ص15.].(6/393)
وهكذا أصبح للباب حق النيابة عن الإمام والأمر إليه، لقوله صفة القداسة والعصمة، لأنه ينطق عن الإمام، ويؤدي عنه، ولذلك فإن من خالف هؤلاء الأبواب حلت به اللعنة، واستحق النار. كما جاء في التواقيع التي خرجت من المتنظر في حق من خالف هؤلاء الأبواب [انظر: الغيبة للطوسي: ص244.].
إذن مسألة النيابة لهؤلاء الأربعة تخولهم التشريع، لأنهم ينطقون عن المعصوم، وللمعصوم حق تخصيص، أو تقييد، أو نسخ نصوص الشريعة – كما مر – ولذلك كان للتوقيعات الصادرة منهم نفس المنزلة التي لكلام الإمام أو أقوى كما سلف [انظر: ص(338).].
وكذلك تخولهم إصدار صكوك الغفران أو الحرمان، وأخذ أموال الوقف والزكاة والخمس باسم الإمام. ولكن هذه النيابة انتهت إذ "لما حضرت السمري الوفاة سئل أن يوصي فقال: لله أمر هو بالغه. فالغيبة التامة هي التي وقعت بعد السمري" [الغيبة للطوسي: ص241-242.].
وقد يكون من أهداف موافقة القواعد الشيعية لإغلاق السمري للبابية وإشاعة ذلك بين الأتباع هو المحافظة على فكرة غيبة المهدي من افتضاح حقيقتها وانكشاف أمرها؛ حيث كثر الراغبون فيها من شيوخ الشيعة ولا سيما في عهد سلفه أبي القاسم بن روح، وعظم النزاع بينهم ووصل الأمر إلى التلاعن والتكفير والتبري، كما يلحظ ذلك في التوقيعات التي خرجت على يد الأبواب منسوبة للمنتظر [انظر: الغيبة للطوسي: ص244، وما بعدها.].
فأغلق السمري حكاية البابية.(6/394)
وهنا حصل تطور آخر في مسألة النيابة، وفي المذهب الشيعي عمومًا، حيث جعلت النيابة حقًا مطلقًا للشيوخ، فقد أصدرت الدوائر الاثنا عشرية "توقيعًا" منسوبًا للمنتظر الموهوم. وخرج بعد إعلان انتهاء البابية على يد السمري. يقول التوقيع: "أما الوقائع الحادثة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله" [الكافي – مع شرحه مرآة العقول -: 4/55، إكمال الدين: ص451، الغيبة للطوسي: ص177، الاحتجاج للطبرسي: ص163، وسائل الشيعة: 18/101، محمد مكي العاملي/ الدرة الطاهرة: ص47.] فأعلن انقطاع الصلة المباشرة بالمهدي وفوض أمر النيابة عن المنتظر إلى رواة حديثهم وواضعي أخبارهم.
ولقد حقق هذا الإعلان مجموعة من الأهداف، فقد أصبحت دعوى البابية غير مقصورة على واحد، والذي قد تكشف حقيقة أمره بسهولة، وبمجرد مراقبة مجموعة له، ولذلك يلاحظ كثرة الشك والتكذيب في فترات الغيبة الأولى.
كما أن ذلك خفف التنافس على البابية التي كان لها آثارها، فبقيت مشاعة بين شيوخ الشيعة، وأطلق على انقطاع البابية الخاصة وتحولها إلى نيابة عامة «الغيبة الكبرى» فصار للإمام غيبتان صغرى وكبرى رغم أن لهم روايات لا تتحدث إلا عن غيبة واحدة [جاءت عندهم روايات صنعت – فيما يبدو – في الفترة الأولى من موت الحسن العسكري تحكي غيبة الابن المزعوم للحسن العسكري، يقول بعضها: "إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها" (أصول الكافي: 1/340).
فكأن هذه الرواية تلقي فكرة الغيبة على الأتباع بدون تأكيد لتتحسس ردة الفعل وتحسب لها حسابها، وهي تذكر بأن له غيبة واحدة.(6/395)
وتؤكد بعض رواياتهم بأنه بعد هذه الغيبة سيظهر. جاء في الكافي « عن أم هاني قالت: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام عن قول الله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ، الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} [التكوير: آية: 16،17] قالت: فقال: إمام يخنس سنة ستين ومائتين ثم يظهر، فما بعد غيبته إلا الظهور". (أصول الكافي: 1/341).
فإعلان السمري البابية قد يراد منه إشعارهم بقرب الظهور.. ولكن مرت الأيام والسنون ولم يظهر.].
ولكن وضعت روايات تناسب هذا الوضع وتتحدث عن غيبتين، يقول بعضها: "قال أبو عبد الله عليه السلام: للقائم غيبتان أحدهما قصيرة والأخرى طويلة، الأولى لا يعلم بمكانه إلا خاصة شيعته، والأخرى لا يعلم إلا خاصة مواليه في دينه" [الغيبة للنعماني: ص113.].
فأنت ترى أن هذه الرواية أثبتت له غيبتين الأولى يتصل به خاصة شيعته، وهذا قد يكون إشارة إلى السفراء الذين تناوبوا على دعوى البابية، والأخرى يتصل به خاصة مواليه، وقد أشارت رواية في الكافي إلى أن عددهم ثلاثون [انظر: أصول الكافي: 1/340.]، فلم تنف رواياتهم الصلة المباشرة بالمنتظر في الحالتين، رغم أن السمري حينما حل وظيفة البابية أصدر توقيعًا على لسان المنتظر يقول فيه: "من ادعى المشاهدة للمنتظر فهو كاذب" [مضى ذكره بنصه ص(340).].(6/396)
وإن شيوخهم يقولون بأنه وقعت في الغيبة الكبرى المحرومية العظمى من الإمام. يقول شيخهم النعماني بعد ذكره لأخبارهم في الغيبتين: "هذه الأحاديث التي يذكر فيها أن للقائم غيبتين أحاديث قد صحت عندنا.. فأما الغيبة الأولى فهي الغيبة التي كانت السفراء فيها بين الإمام عليه السلام وبين الخلق منصوبين ظاهرين موجودي الأشخاص والأعيان يخرج على أيديهم الشفاء من العلم وعويص الحكمة والأجوبة [تقدم في فصل السنة ذكر نماذج من هذه الأجوبة الصادرة عن الإمام المزعوم، وقد تبين لنا ما فيها من جهل وسطحية، ولولا ضيق المجال وخشية الخروج عن المقصود لعرضناها بأكملها ودرسناها دراسة نقدية فاحصة، وأرجو أن ييسر الله سبحانه دراسة مستقلة لمسألة الغيبة يراعى فيها هذا الجانب.] عن كل ما كان يسأل عنه من المعضلات والمشكلات وهي الغيبة القصيرة التي انقضت أيامها وتصرمت مدتها.
والغيبة الثانية هي التي ارتفع فيها أشخاص السفراء والوسائط" [الغيبة للنعماني: ص115.].
ولكن شيوخ الشيعة يدعون في فترة الغيبة الثانية النيابة عن الإمام المنتظر ويستندون في ذلك على التوقيع الذي أظهره السمري عن منتظرهم، والذي يحيلهم إلى رواة حديثهم في كل الحوادث الواقعة الجديدة.
فيلحظ أنه لم يحلهم على الكتاب والسنة، وإنما أرجعهم إلى الشيوخ.
وقد تبوأ شيوخ الشيعة بذلك منصب البابية عن الغائب واستمدوا القداسة بين الأتباع بفضل هذه النيابة عن الإمام الذي أضفوا عليه تلك الصفات الخارقة، والفضائل الكاملة.. ولذلك يطلقون على شيوخهم الذين وصلوا إلى منصب "النيابة عن الإمام" اسم "المراجع وآيات الله" فهم مظاهر للإمام المعصوم، ولذلك يقرر أحد شيوخهم المعاصرين بأن الراد على النائب كالراد على الله تعالى وهو على حد الشرك بالله وذلك بمقتضى عقيدة النيابة.(6/397)
يقول شيخهم المظفر: "عقيدتنا في المجتهد الجامع للشرائط، أنه نائب للإمام عليه السلام في حال غيبته، وهو الحاكم والرئيس الملطق، له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس، والراد عليه راد على الإمام، والراد على الإمام راد على الله تعالى، وهو على حد الشرك بالله كما جاء في الحديث عن صادق آل البيت – عليهم السلام -. فليس المجتهد الجامع للشرائط مرجعًا في الفتيا فقط، بل له الولاية العامة، فيرجع إليه في الحكم والفصل والقضايا، وذلك من مختصاته لا يجوز لأحد أن يتولاها دونه إلا بإذنه، كما لا تجوز إقامة الحدود والتعزيرات إلا بأمره وحكمه. ويرجع إليه في الأموال التي هي من حقوق الإمام ومختصاته.
وهذه المنزلة أو الرئاسة أعطاها الإمام عليه السلام للمجتهد الجامع للشرائط ليكون نائبًا عنه في حال الغيبة ولذلك يسمى (نائب الإمام)" [عقائد الإمامية: ص57.].
فأنت ترى أن شيوخ الشيعة تخلوا عن آل البيت رأسًا، وتعلقوا بهذا المعدوم، ووضعوا أنفسهم مكان الإمام من أهل البيت باسم هذا المعدوم، وهذه غنيمة كبيرة، لذلك ما إن اتفقوا عليها بعد إخفاق فكرة البابية المباشرة، حتى اختفت الخلافات على منصب البابية، ورجعت فرق شيعية كثيرة، ودانت بهذه الفكرة، لأنها تجعل من كل واحد من تلك الرموز الشيعية "إمامًا" "ومهديًا" "وحاكمًا مطلقًا مطاعًا" "وجابيًا للأموال" ولا يقاسمهم في ذلك أحد من أهل البيت، ولا يفضحهم ويكشف أوراقهم رجل من أهل البيت.
ويبدو من التوقيع المنسوب للمنتظر أنه يجعل لشيوخ الشيعة حق النيابة في الفتوى حول المسائل الجديدة، إذ هو يقول: فأما المسائل الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا – كما سلف – ولا يخلوهم النيابة العامة، ولكن الشيوخ توسعوا في مفهوم النيابة حتى وصلت إلى قمة غلوها في هذا العصر على يد الخميني [انظر: فصل "دولة الآيات" من الباب الرابع.].(6/398)
كما نلحظ شيئًا من هذا في تقرير شيخهم المظفر لعقيدتهم في هذا الشأن، وكما تراه في دولتهم الحاضرة.
وقد كان لهؤلاء الشيوخ دعاوى عريضة حول الصلة بالمهدي بعد غيبته الكبرى – كما سلف – [ص340 وما بعدها.].
نقد عقيدة الغيبة والمهدية عند الاثني عشرية:
إن فرق المسلمين تخالف الاثني عشرية في خلق المهدي ووجوده فكيف ببلوغه، فكيف برشده، فكيف بإمامته، فكيف بعصمته، فكيف بمهديته؟! والشيعة لا يقدرون ببرهان واضح على إثبات واحدة من هذه الأمور [أبو المحاسن الواسطي/ المناظرة بين أهل السنة والرافضة، الورقة (59).] – كما سلف أثناء استعراضنا لعقيدتهم وأدلتهم -.
فأهل السنة يقررون بمقتضى النصوص الشرعية، والحقائق التاريخية.. والدلائل العقلية أن مسألة غيبة المهدي عند الاثني عشرية لا تعدو أن تكون وهمًا من الأوهام، إذ "ليس له عين ولا أثر، ولا يعرف له حس ولا خبر، لم ينتفع به أحد لا في الدنيا ولا في الدين، بل حصل باعتقاد وجوده من الشر والفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد" [منهاج السنة: 4/213.].
وقد ذكر أهل العلم بالأنساب والتواريخ أن الحسن بن علي العسكري لم يكن له نسل ولا عقب [انظر: منهاج السنة: 2/164.].(6/399)
ثم إنهم يقولون: إن المهدي دخل السرداب بعد موت أبيه، وعمره سنتان أو ثلاث أو خمس على اختلاف رواياتهم، وأصبح من ذلك الوقت هو الإمام على المسلمين رغم طفولته واختفائه، مع أن الواجب في حكم الله الثابت بنص القرآن والسنة والإجماع أن يكون هذا اليتيم – على فرض وجوده – عند من يستحق حضانته من قرابته، وأن يكون ماله عند من يحفظه حتى يؤنس منه الرشد، فكيف يكون من يستحق الحجر عليه في بدنه وماله إمامًا لجميع المسلمين معصومًا لا يكون أحد مؤمنًا إلا بالإيمان به؟! [منهاج السنة: 2/164.]. "فكيف إذا كان معدومًا أو مفقودًا مع طول هذه الغيبة؟! والمرأة إذا غاب وليها، زوجها الحاكم أو الولي الحاضر لئلا تضيع مصلحة المرأة بغيبة الولي الموجود، فكيف تضيع مصلحة الأمة مع هذا الإمام المفقود على طول الدهور" [منهاج السنة: 1/30، المنتقى: ص31، رسالة رأس الحسين: ص6.].
وبغض النظر عن موقف أهل السنة من مهدي الاثني عشرية وغيبته.. فإن المتأمل لنصوص المهدية والغيبة في كتب الاثني عشرية المعتمدة، يلاحظ ملاحظة جديرة بالاهتمام وهي أن هذه الدعوى لم تلق قبولاً لدى الشيعة أنفسهم إلا في العصور المتأخرة نسبيًا، وذلك حين جدت الدعاية الشيعية في ترويج هذه العقدية، وألغت فكرة البابية التي انكشف بواسطتها أمر الغيبة، ولذلك فإن شيخهم النعماني وهو من معاصري الغيبة الصغرى يقرر أن جميع الشيعة في شك من أمر الغيبة إلا قليلاً منهم.
ذلك أن أمارات الشك واضحة بيّنة لهم، حيث إن الحسن العسكري – كما يعترفون – توفي ولم ير له أثر، ولم يعرف له ولد ظاهر فاقتسم أخوه جعفر وأمه ما ظهر من ميراثه [انظر: ص(828).].(6/400)
وقد ورد في الكافي – أصح كتب الحديث عندهم – وغيره عن أحمد بن عبد الله بن خاقان [كان أميرًا على الضياع والخراج بقم في خلافة المعتمد على الله أحمد بن المتوكل. (انظر: أصول الكافي: 1/503، إكمال الدين ص39).] قال:... لما مات الحسن العسكري سنة ستين ومائتين ضجت سر من رأى ضجة واحدة مات ابن الرضا، وبعث السلطان إلى داره من يفتشها ويفتش حجرها وختم على جميع ما فيها، وطلبوا أثر ولده، وجاءوا بنساء يعرفن الحمل، فدخلن إلى جواريه ينظرن إليهن فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حمل، فوضعت تلك الجارية في حجرة ووكل بها بعض النسوة، ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته... فلما فرغوا من ذلك بعث السلطان إلى أبي عيسى بن المتوكل للصلاة عليه، فلما دنا أبو عيسى منه كشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب... ثم قال: هذا الحسن بن علي بن محمد الرضا، مات حتف أنفه على فراشه، حضره من حضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته.. ثم صلى عليه.. وبعد دفنه أخذ السلطان والناس في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل والدور، وتوقفوا عن قسمة ميراثه، ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي وهم عليها الحمل ملازمين لها حتى تبين بطلان الحمل، فلما بطل الحمل عنهن قسم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر [أصول الكافي: 1/505، إكمال الدين: ص41-42.].(6/401)
فأنت تلاحظ أن الاثني عشرية ساقوا هذه الرواية للدلالة عن بطلان قول من قال من الشيعة بالوقف على الحسن العسكري في إنكار وفاته، ولكن تبين من خلالها بطلان دعوى الولد، لأن أسرة الحسن، ونقابة أهل البيت، والسلطان حققوا علنيًا في حقيقة الأمر وذلك لإبطال ما يزعمه الشيعة في هذا المجال، ولهذا قرر القمي والنوبختي وغيرهما بأن الشيعة افترقوا – بعد وفاة الحسن العسكري – إلى فرق عديدة أنكر أكثرها وجود الولد أصلاً [المقالات والفرق: ص102-116، فرق الشيعة: ص96-112.] حتى قال بعضهم: إنا قد طلبنا الولد بكل وجه فلم نجده، ولو جاز لنا دعوى أن للحسن ولدًا خفيًا لجاز مثل هذه الدعوى في كل ميت من غير خلف، ولجاز أن يقال في النبي صلى الله عليه وسلم أنه خلف ابنًا نبيًا رسولاً، لأن مجيء الخبر بوفاة الحسن بلا عقب كمجيء الخبر بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخلف ولدًا من صلبه، فالولد قد بطل لا محالة [المقالات والفرق: ص114-115، فرق الشيعة: ص103-104.].
وهذا الواقع – في نظري – هو الذي حدًا بشيوخ الشيعة إلى وضع روايات تجعل من لوزام منتظرهم اختفاء حمله، وولادته، والشك فيه.. كمحاولة من شيوخهم لتجاوز هذه المرحلة التي كاد أن ينكشف فيها أمر التشيع.
وعلاوة على إنكار جل الشيعة لذلك، فإن لأهل البيت موقفًا صريحًا حاسمًا في هذا الأمر. وهو من البراهين الواضحة على بطلان هذه الدعوى، حيث جاء في تاريخ الطبري في حوادث سنة 302ه أن رجلاً ادعى – في زمن الخليفة المقتدر – أنه محمد بن الحسن بن علي بن موسى بن جعفر، فأمر الخليفة بإحضار مشايخ آل أبي طالب وعلى رأسهم نقيب الطالبيين أحمد بن عبد الصمد المعروف بان طومار.(6/402)
فقال له ابن طومار: لم يعقب الحسن. وقد ضج بنو هاشم من دعوى هذا المدعي وقالوا: يجب أن يشهر هذا بين الناس، ويعاقب أشد عقوبة. فحمل على جمل وشهر يوم التروية ويوم عرفة، ثم حبس في حبس المصريين بالجانب الغربي [تاريخ الطبري: 13/26-27، المطبعة الحسينية ط: الأولى، أو ج11 ص49-50 من طبعة دار المعارف، تحقيق: أبو الفضل إبراهيم.].
وهذه الشهادة من بني هاشم، وعلى رأسهم نقيب الطالبيين مهمة لأنها من نقيب العلويين الذي كان عظيم العناية بتسجيل أسماء مواليد هذه الأسرة في سجل رسمي [محب الدين الخطيب في تعليقه على المنتقى: ص173.]، ولقدم فترتها الزمنية حيث إنها واقع في زمن الغيبة الصغرى التي كثر فيها ادعاء هذا الولد وادعاء بابيته من العديد من الرموز الشيعية.
وعلاوة على شهادة نقيب الطالبيين وبني هاشم، فإن أقرب الناس إلى الحسن العسكري وهو أخوه جعفر يؤكد أن أخاه مات ولا نسل له ولا عقب [انظر: الصواعق المحرقة: ص168.].
والشيعة يعترفون بذلك، بل ينقلون أنه حبس جواري أخيه وحلائله حتى ثبت له براءتهن من الحمل [انظر: الغيبة للطوسي: ص75.]، وأنه شنع على من ادعى ذلك وأبلغ دولة الخلافة الإسلامية [سفينة البحار: ص162.] بتآمره، ولكن الطوسي يقول: إن هذا الإنكار من جعفر "ليس بشبهة يعتمد على مثلها أحد من المحصلين لاتفاق الكل على أن جعفرًا لم يكن له عصمة كعصمة الأنبياء فيمتنع عليه لذلك إنكار حق ودعوى باطل، والغلط غير ممتنع منه" [الغيبة: ص75.].
فالطوسي لا يقبل الإنكار من جعفر، لأنه غير معصوم، ولكن الطوسي ومعه طائفة الاثني عشرية يقبلون دعوى عثمان بن سعيد في إثبات الولد ودعوى بابيته وهو غير معصوم، أليس هذا تناقضًا؟!.(6/403)
كيف يكذب جعفر وهو أخو الحسن العسكري ومن سلالة أهل البيت، وعميد الأسرة بعد وفاة الحسن، ويصدق رجل أجنبي عن أهل البيت، وهو متهم في دعواه، لأنه يجر المصلحة لنفسه من المال والجاه باسم البابية، ومن هذا شأنه ألا يشك في قوله وترد شهادته؟!
ولموقف جعفر المتميز ضد محاولات الرموز الشيعية اختراع ولد لأخيه، ضاق الشيعة ذرعًا بأمره، حتى لقبوه "بجعفر الكذاب" [انظر: ابن بابويه/ إكمال الدين: ص312، سفينة البحار: 1/162، أصول الكافي: 1/504 (هامش2)، مقتبس الأثر: 14/314، قالوا: إنه يلقب جعفر بن محمد بالصادق في مقابل جعفر هذا الذي يلقبونه بالكاذب أو الكذاب (مقتبس الأثر: 14/314) فقد يكون شيوع إطلاق لقب «الصادق» على جعفر، وتمييزه بذلك بين آبائه وأقرانه مصدره الشيعة، نكاية بحفيدة جعفر.] ووضعوا روايات نسبوها لأوائل أهل البيت تتنبأ بالغيب فتتحدث بما سيقع من جعفر، وتندد به.
فنسبوا للسجاد أنه قال: "كأني بجعفر الكذاب قد حمل طاغية زمانه، على تفتيش أمر ولي الله المغيب في حفظ الله جهلاً منه بولادته، وحرصًا على قتله إن ظفر به طمعًا في ميراث أبيه حتى يأخذه بغير حقه" [إكمال الدين: ص312، سفينة البحار: 1/162.].
نلاحظ في هذه الرواية أنهم اتهموا جعفرًا بأنه أنكر ولادته طمعًا في الميراث، على حد المثل القائل: رمتني بدائها وانسلت، ذلك أن صانعي هذه الروايات هم الذين ادعوا الولد وقالوا ببابيته حرصًا على الأموال – كما سلف – كذلك فإن الرواية تتناقض حينما تقول بأن جعفرًا يجهل ولادته، ثم تقول بأنه يحرص على قتله، فإذا كان يجهل أنه ولد له ولد فكيف يحرص على قتل مجهول وجوده؟! ثم انظر كيف يدافعون عن عثمان بن سعيد، ويتهمون جعفرًا وهم يدعون التشيع للآل.(6/404)
وليس جعفر هو وحده من أسرة الرضا الذي ينكر هذه الدعوى. بل يظهر من روايات الشيعة أن الإنكار كان من بيت الولد المزعوم ومن بني عمه، يدل على ذلك ما جاء في كتب الشيعة "عن إسحاق بن يعقوب [لاحظ الأسماء يهودية.] قال: سألت محمد بن عثمان العمري [الباب الثاني لمهدي الاثني عشرية.] أن يوصل لي كتابًا قد سألت فيه مسائل أشكلت علي، فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان [وما يدريهم أنه خط صاحب الزمان – على فرض وجوده – والخطوط تتشابه، والرجل الذي خرجت على يده "الرقعة" غير معصوم، ومشكوك في أمره لأنه يجر المصلحة لنفسه، وناقل هذا التوقيع عن محمد بن عثمان أحد الأسماء اليهودية.] صلى الله عليه: أما ما سألت عنه أرشدك الله من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا. فاعلم أنه ليس بين الله عز وجل وبين أحد قرابة، ومن أنكرني فليس مني وسبيله سبيل ابن نوح، وأما سبيل عمي جعفر وولده فسبيل أخوة يوسف.." [إكمال الدين: ص451، الاحتجاج: 2/283 ط: النجف 1386ه، وص 469-470 ط: بيروت 1401ه، سفينة البحار: 1/163، مقتبس الأثر: 14/316.].
فيدل هذا على أن إنكار وجود الولد صدر من أهل بيته وعمومته، والدعوى جاءت من الخارج.. فأيهما أقرب للتصديق؛ أيكذب أشراف أهل البيت، ويصدق سمان لا يعرف له شأن في دين ولا علم ولا نسب ولا مقام ولا أصل؟!.
وقد يقال بأن أهل بيته وعمومته يتسترون عليه صيانة له، لكن التوقيع الصادر عن المنتظر المزعوم يدل على أن الإنكار حقيقي لأنه يحكم عليهم بأنهم كابن نوح في الكفر، إذ ليس بين الله وبين أحد قرابة، مع أن مذهبهم قائم على أن قرابة أئمتهم من الرسول صلى الله عليه وسلم هي التي خولتهم تلك المكانة..(6/405)
كذلك حملتهم على جعفر ووصفه "بالكذاب" ورميه بكل عيب ونقيصة [انظر: مراجع هذه المسألة في ص(903) هامش رقم (1).] يدل على أن الإنكار من أسرة الحسن حقيقي، ولذلك صنع أصحاب هذه الدعوة تلك الروايات التي تهاجم جعفرًا، وأهل بيت المنتظر وبني عمه وتندد بإنكارهم وتفيض بالحقد عليهم. وقد كان لموقفهم أثره في ذلك الوقت، حيث شك جميع الشيعة في هذه الدعوى إلا القليل، كما شهد بذلك شيخهم النعماني وغيره.
وعلاوة على ذلك كله فإن الحسن العسكري نفسه المنسوب له هذا الولد قد نفى ذلك وأنكره حيث أسند وصيته في مرضه الذي توفي فيه إلى والدته، وأوكل لها النظر في أوقافه وصدقاته وأشهد على ذلك وجوه الدولة وشهود القضاء، كما يروي ذلك الكليني في الكافي [أصول الكافي: 1/505.]، وابن بابويه في إكمال الدين [إكمال الدين: ص42.] وغيرهما [انظر: الغيبة للطوسي: ص75.]، ولو كان له ولد هو إمام المسلمين، يحمل تلك الأوصاف الكاملة والخارقة لما وسعه إلا توكيله، فمن هو وكيل ورئيس على الأمة، ومن هو أمان للكون والناس لا يعجزه مع غيبته أن يقوم بأعباء النظر على أوقاف أبيه وصدقاته.. فلمّا لم يفعل دل على أنه لا ولد له أصلاً.
وليس ينال من هذه الشهادة العملية للحسن العسكري قول الطوسي: إن الحسن فعل ذلك قصدًا إلى إخفاء ولادة ابنه وسترًا له عن سلطان الوقت [الغيبة: ص75.]، لأن هذا القول دعوى بلا برهان.
وبهذا يثبت بطلان وجوده، وبطلان ما ترتب على ذلك.(6/406)
فهذه شهادة أهل السنة، وأكثر فرق الشيعة، ونقابة آل أبي طالب، وأسرة آل أبي طالب وأخيه جعفر، والحسن العسكري، وكل هذه الشهادات والبينات تنفي دعوى الولد، وهي ترد دعوى الأجانب البعداء في نواياهم مم ادعى البابية والمشاهدة. فكيف إذا أضيف إلى ذلك استبعاد بقائه – على فرض وجوده – مئات السنين ولو مدّ الله في عمر أحد من خلقه لحاجة الناس إليه لمد في عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال أبو الحسن الرضا، وهو مع طول هذه المدة لا يعرف أحد مكانه، ولا يعلم مستقره ومقامه، ولا يأتي بخبره من يوثق بقوله.
وكل من اتفق له الاستتار عن ظالم لخوف منه على نفسه أو لغير ذلك من الأغراض يكون مدة استتاره قريبة، ولا يخفى على الكل.
وكيف يغيب المسؤول الأول عن الأمة هذه الغيبة الطويلة؟ أليس هذا كله دليلاً واضحًا جليًا على أن حكاية الغيبة أسطورة من الأساطير التي صنعها المرتزقة والزنادقة والحاقدون؟!.
ويبدو أن هذه المقالة كان الدافع وراءها ماديًا وسياسيًا، فالرغبة في الاستئثار بالأموال، ومحاولة الإطاحة بدولة الخلافة كانا هدفين أساسيين في اختراع هذه الفكرة، والدليل على ذلك أن لغة المال تسود توجيهات الفرق الشيعية، وهي مصدر نزاعهم واختلافهم، كما حفظت نصوص ذلك كتب الاثني عشرية – كما مر -.
كذلك فإن قضية "الإمامة والخلافة" هي حديث هذه الخلايا الشيعية وهم في فلكها يسيرون.. وابتداع فكرة الإمام الخفي يخلصهم من أهل البيت، ويجعل الزعامة في أيديهم.
ولم يتكلفوا شيئًا من عناء التفكير والبحث والتأمل للوصول إلى هذه الغاية، إذ إنهم وجدوا هذه الفكرة في الديانة المجوسية، ذلك أن "المجوس" تدعي أن لهم منتظرًا حيًا باقيًا مهديًا.. – كما مر -.
الفصل الخامس
الرجعة(6/407)
الرجعة من أصول المذهب الشيعي، فمن رواياتهم "ليس منا من لم يؤمن بكرتنا" [مضى تخريجه في كتب الشيعة ص: (46).]. وقال ابن بابويه في الاعتقادات: "واعتقادنا في الرجعة أنها حق" [الاعتقادات: ص90.]. وقال المفيد: "واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات" [أوائل المقالات: ص51.].
وقال الطبرسي والحر العاملي وغيرهما من شيوخ الشيعة: بأنها موضوع "إجماع الشيعة الإمامية [الطبرسي/ مجمع البيان: 5/252، الحر العاملي/ الإيقاظ من الهجعة: ص33، الحويزي/ نور الثقلين: 4/101، المجلسي/ بحار الأنوار: 53/123 (وقد ذكر المجلسي أنهم أجمعوا على القول بها في جميع الأعصار).]، وأنها من ضروريات مذهبهم" [الإيقاظ من الهجعة: ص60.]، وأنهم "مأمورون بالإقرار بالرجعة واعتقادها وتجديد الاعتراف بها في الأدعية والزيارات ويوم الجمعة وكل وقت كالإقرار بالتوحيد والنبوة والإمامة والقيامة" [الإيقاظ من الهجعة: ص64.].
ومعنى الرجعة: الرجوع إلى الدنيا بعد الموت [القاموس: 3/28، مجمع البحرين: 4/334.].
ويشير ابن الأثير: أن هذا مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم [النهاية: 3/202.].
وقد ذهبت فرق شيعية كثيرة إلى القول برجوع أئمتهم إلى هذه الحياة، ومنهم من يقر بموتهم ثم رجعتهم، ومنهم من ينكر موتهم ويقول بأنهم غابوا وسيرجعون – كما مر في مبحث الغيبة – وكان أول من قال بالرجعة ابن سبأ، إلا أنه قال بأنه غاب وسيرجع ولم يصدق بموته.
وكانت عقيدة الرجعة خاصة برجعة الإمام عند السبئية، والكيسانية وغيرها، ولكنها صارت عند الاثني عشرية عامة للإمام وكثير من الناس. ويشير الألوسي إلى أن تحول مفهوم الرجعة عند الشيعة من رجعة الإمام فقط إلى ذلك المعنى العام كان في القرن الثالث [روح المعاني: 20/27، وانظر: أحمد أمين/ ضحى الإسلام: 3/237.].(6/408)
وقد اشتهرت بعض الفرق الشيعية باسم "الرجعية" لقولهم بالرجعة [وقد ذكرها كفرقة بهذا الاسم ابن الجوزي في تلبيس إبليس: ص22، والقرطبي في "بيان الفرق" الورقة 3 أ (مخطوط)، وصاحب الرسالة الفرقية المشهور بعالم محمد أفندي: ص2 (مخطوط غير مرقم الصفحات)، والسلخي في شرح.. الاثنتين والسبعين فرقة/ الورقة 13ب (مخطوط).] واهتمامهم بها.
أما المفهوم العام لمبدأ الرجعة عن الاثني عشرية فهو يشمل ثلاثة أصناف:
الأول: الأئمة الاثني عشر، حيث يخرج المهدي من مخبئه، ويرجع من غيبته، وباقي الأئمة يحيون بعد موتهم ويرجعون لهذه الدنيا.
الثاني: ولاة المسلمين الذين اغتصبوا الخلافة – في نظرهم – من أصحابها الشرعيين (الأئمة الاثني عشر) فيبعث خلفاء المسلمين وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر وعثمان.. من قبورهم ويرجعون لهذه الدنيا – كما يحلم الشيعة – للاقتصاص منهم بأخذهم الخلافة من أهلها فتجري عليهم عمليات التعذيب والقتل والصلب.
الثالث: عامة الناس، ويخص منهم: من محض الإيمان محضًا، وهم الشيعة عمومًا، لأن الإيمان خاص بالشيعة، كما تتفق على ذلك رواياتهم وأقوال شيوخهم – كما سلف [انظر: ص(572-573).] – ومن محض الكفر محضًا، وهم كل الناس ما عدا المستضعفين [المستضعفون: مصطلح عند الشيعة يرد في مصادرهم على ألسنة شيوخهم القدامى والمعاصرين، وهم كما يقول المجلسي: ضعفاء العقول مثل النساء العاجزات والبله وأمثالهم، ومن لم يتم عليه الحجة ممن يموت في زمن الفترة، أو كان في موضع لم يأت غليه خبر الحجة فهم المرجون لأمر الله، إما يعذبهم وإما يتوب عليهم، فيرجى لهم النجاة من النار (بحار الأنوار: 8/363، والاعتقادات للمجلسي: ص100).].(6/409)
ولهذا قالوا في تعريف الجرعة: إنها "رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة [المفيد/ أوائل المقالات: ص51.] وعودتهم إلى الحياة بعد الموت" [الحر العاملي/ الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة.] في صورهم التي كانوا عليها [أوائل المقالات: ص95.].
والراجعون إلى الدنيا هم: "النبي الخاتم، وسائر الأنبياء، والأئمة المعصومون، ومن محض في الإسلام، ومن محض في الكفر، دون الطبقة الجاهلية المعبر عنها بالمستضعفين" [جواد تارا/ دائرة المعارف العلوية: 1/253.].
أو بعبارة شيخهم المفيد: "من علت درجته في الإيمان، ومن بلغ الغاية في الفساد، كلهم يرجعون بعد موتهم" [أوائل المقالات: ص95.]. وكذا من كان له قصاص وإن لم يكن ماحضًا فيرجع ويقتص من قاتله [كريم بن إبراهيم/ الفطرة السليمة: ص383.].
وزمن الرجعة العامة هو كما يذكر شيخهم المفيد وغيره "عند قيام مهدي آل محمد عليهم السلام" [انظر: أوائل المقالات: ص95، الحر العاملي/ الإيقاظ من الهجعة: ص58.] ورجوعه من غيبته، ولكن بعض شيوخهم يقول: إن الرجعة العامة غير مرتبطة بأمر ظهور المهدي. ذلك أن الرجعة – كما يقول – "غير الظهور، لأن الإمام عليه السلام حي غائب وسيظهر إن شاء الله ولم يسلب الملك فيرجع إليه، فمبدأ الرجعة من رجوع الحسين إلى الدنيا" [كريم بن إبراهيم/ الفطرة السليمة: ص383.].
وهذا قد يتفق مع رواياتهم التي تقول "أول من تنشق الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا، الحسين بن علي عليه السلام" [بحار الأنوار: 53/39.].(6/410)
وقد ذكرت بعض رواياتهم أن الرجعة تبدأ بعد هدم الحجرة النبوية وإخراج الجسدين الطاهرين للخليفتين الراشدين – كما يحلم القوم – حيث جاء في أخبارهم أن منتظرهم يقول: "وأجيء إلى يثرب، فأهدم الحجرة، وأخرج من بها وهما طريّان، فآمر بهما تجاه البقيع وآمر بخشبتين يصلبان عليهما فتورقان من تحتهما، فيفتتن الناس بهما أشدّ من الأولى، فينادي منادي الفتنة من السماء: يا سماء انبذي، ويا أرض خذي فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلا مؤمن (أي إلا شيعي) ثم يكون بعد ذلك الكرة والرجعة" [بحار الأنوار: 53/104-105.].
والغرض من الرجعة هو انتقام الأئمة والشيعة من أعدائهم [انظر: الإيقاظ من الهجعة: ص58.] وهم سائر المسلمين من غير الشيعة ما عدا المستضعفين، ولذلك فإن سيوف الشيعة تقطر دمًا من كثرة القتل للمسلمين حتى قال أبو عبد الله: "كأني بحمران بن أعين وميسر بن عبد العزيز يخبطان الناس بأسيافهما بين الصفا والمروة" [بحار الأنوار: 53/40، وعزاه إلى الاختصاص للمفيد، ولم أجده في الطبعة التي بين يدي.].
ولا شك بأن تحديد موضع القتل العام بالمسجد الحرام يدل دلالة أكيدة أن المقصود بالقتل هم المسلمون، وأن هذا ما تحلم به الإمامية.. وهذا الخبر وأمثاله يعطينا – بغض النظر عن العنصر الخرافي فيه – صورة لتفكير تلك الزمر الشيعية التي وضعت تلك الروايات، وأهدافها ومخططاتها، فهي "إسقاطات" لرغبات مكبوتة، ونوازع مقهورة لفرقة تتربص بالأمة الدوائر.(6/411)
كما أن هذه الأخبار السرية [لأن الرجعة كانت سرًا من الأسرار كما سيأتي.] قد توضح لنا بعض ما جرى في التاريخ من قيام القرامطة بقتل حجاج بيت الله داخل الحرم [انظر خبر ذلك في حوادث سنة 317ه، في المنتظم لابن الجوزي: 6/222 وما بعدها، والبداية والنهاية لابن كثير: 11/160، وتاريخ ابن خلدون (العبر) : 3/191.]، وأنها كانت تتخذ من مثل هذه الأخبار المنسوبة لآل البيت سندًا لها لدفع تلك العناصر التخريبية للقيام بدورها الدموي.
كما أنها تكشف لنا فحوى الأماني التي يعلنها شيعة هذا العصر ويصرحون فيها بتحرقهم وتلهفهم لفتح مكة والمدينة وكأنها بأيدي كفار [سيأتي نص كلامهم في باب الشيعة المعاصرين.].
كذلك يتحقق في الرجعة حساب الناس على يد الحسين: يقول أبو عبد الله: "إن الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة الحسين بن علي عليه السلام، فأما يوم القيامة فإنما هو بعث إلى الجنة وبعث إلى النار" [بحار الأنوار، باب الرجعة: 53/43.].
وفي الرجعة يتحول صفوة الخلق وهم أنبياء الله ورسله إلى جند لعلي كما يقول هؤلاء الأفاكون حيث قالوا: "لم يبعث الله نبيًا ولا رسولاً إلا رد جميعهم إلى الدنيا حتى يقاتلوا بين يدي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين" [بحار الأنوار: 53/41.].
كما يحلم الشيعة بأن حياتهم في الرجعة ستكون في نعيم لا يخطر على البال حتى "يكون أكلهم وشربهم من الجنة [بحار الأنوار: 53/116.]، ولا يسألون الله حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلى وتقضى لهم" [بحار الأنوار: 53/116.].
ويخير الشيعي وهو في قبره بين الرجعة أو الإقامة في القبر. ويقال له: « يا هذا إنه قد ظهر صاحبك فإن تشأ أن تلحق به فالحق، وإن تشأ أن تقيم في كرامة ربك فأقم » [الغيبة للطوسي: ص276، بحار الأنوار: 53/92.].(6/412)
وتنتهي الرجعة بالنسبة للشيعة بالقتل لمن مات من قبل، وبالموت لمن قتل، وهذه النهاية إحدى أغراض الرجعة فهم يقولون في أخبارهم: "ليس أحد من المؤمنين قتل إلا سيرجع حتى يموت، ولا أحد من المؤمنين مات إلا سيرجع حتى يقتل" [تفسير القمي: 2/131، البرهان: 3/211، تفسير الصافي: 4/76، بحار الأنوار: 53/40، وانظر: ص39، 41، 53، 77، 137 من نفس الجزء، وانظر: رجال الكشي: ص407-408.].
هذا وكانت عقيدة الرجعة سرًا من أسرار المذهب الشيعي، ولذلك قال أبو الحسين الخياط – أحد شيوخ المعتزلة [كان حيًا قبل سنة 300ه (انظر: معجم المؤلفين: 5/223).] -: "بأنهم قد تواصلوا بكتمانها وألا يذكروها في مجالسهم ولا في كتبهم إلا فيما قد أسروه من الكتب ولم يظهروه" [الانتصار: ص97.].
وقد وجدت في كتب الاثني عشرية ما أشار إليه الخياط من التواصي بكتمان أمر الرجعة، حيث روت بعض كتب الشيعة عن أبي جعفر قال: "لا تقولوا الجبت والطاغوت [قال المجلسي: أي لا تسموا الملعونين بهذين الاسمين، أو لا تتعرضوا لهما بوجه. (بحار الأنوار: 53/40)، وهو يشير بهذا إلى خليفتي رسول الله وصهريه وحبيبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.]، ولا تقولوا الرجعة، فإن قالوا لكم فإنكم قد كنتم تقولون ذلك فقولوا: أما اليوم فلا نقول" [بحار الأنوار: 53/39.].
وفي رواية أخرى ينسبونها للصادق: "لا تقولوا الجبت والطاغوت وتقولوا الرجعة، فإن قالوا: قد كنتم تقولون؟ قولوا: الآن لا نقول، وهذا من باب التقية التي تعبد الله بها عباده في زمن الأوصياء" [بحار الأنوار: 53/115-116.].
هذه تعميمات سرية، تتبادلها الخلايا الشيعية، وحتى تعطيها صفة القطع والقوة، أسندتها لبعض علماء آل البيت، للتعزيز بالأحداث والأعاجم وسائر الأتباع من الجهال.
استدلالهم على الرجعة:(6/413)
اتجه شيوخ الشيعة إلى كتاب الله سبحانه ليأخذوا منه الدليل على ثبوت الرجعة التي ينفردون بالقول بها عن سائر المسلمين.. ولما لم يجدوا بغيتهم تعلقوا كعادتهم بالتأويل الباطني، وركبوا متن الشطط، وتعسفوا أيما تعسف في هذا السبيل، حتى أصبح استدلالهم حجة عليهم، ودليلاً على زيف معتقدهم، وبرهانًا على بطلان مذهبهم.
وحتى تتبين هذه الحقيقة نستعرض أقوى أدلتهم وأشهرها – حسب نظرهم -.
يرى شيخ المفسرين عندهم أن من أعظم الأدلة على الرجعة قوله سبحانه: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} [الأنبياء، آية: 95.]؛ حيث يقول ما نصه: "هذه الآية من أعظم الأدلة على الرجعة؛ لأن أحدًا من أهل الإسلام لا ينكر أن الناس كلهم يرجعون يوم القيامة من هلك ومن لم يهلك" [تفسير القمي: 2/76، وقد وُضع عنوان في أعلى الصفحة لهذا الدليل المزعوم على الرجعة يقول: "أعظم آية دالة على الرجعة" (بحار الأنوار).].
مع أن الآية حجة عليهم، فهي تدل على نفي الرجعة إلى الدنيا؛ إذ معناها كما صرح به ابن عباس وأبو جعفر الباقر وقتادة وغير واحد: حرام على أهل كل قرية أهلكوا بذنوبهم أنهم يرجعون إلى الدنيا قبل يوم القيامة [انظر: تفسير ابن كثير: 3/205.]، وهذا كقوله سبحانه: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ} [يس، آية: 31.]، وقوله: {فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} [يس، آية: 50.]، وزيادة "لا" هنا لتأكيد معنى النفي من "حرام"، وهذا من أساليب التنزيل البديعة البالغة النهاية في الدقة. وسر الإخبار بعدم الرجوع مع وضوحه، هو الصدع بما يزعجهم ويؤسفهم ويلوعهم من الهلاك المؤبد، وفوات أمنيتهم الكبرى وهي حياتهم الدنيا [تفسير القاسمي: 11/293.].(6/414)
وإذا كان المقصود إثبات الرجعة فهي رجعة للناس ليوم القيامة بلا ريب [من المفسرين من يذهب لهذا ويرى أن الآية لتقرير الإيمان بالبعث، وهي تتمة وتقرير لما قبلها وهو قوله تعالى: {كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ} [الأنبياء، آية: 93] فتكون "لا" فيها على بابها، وهي مع "حرام" من قبيل نفي النفي، فيدل على الإثبات.
والمعنى: وحرام على القرية المهلكة عدم رجوعها إلى الآخرة، بل واجب رجعها للجزاء، فيكون الغرض إبطال قول من ينكر البعث. (انظر: تفسير القاسمي: 11/293).]، أي ممتنع البتة عدم رجوعهم إلينا للجزاء [فتح القدير: 3/426.].
وتخصيص امتناع رجوعهم بالذكر مع شمول الامتناع لعدم رجوع الكل حسبما نطق به قوله تعالى: {كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ}؛ لأنهم المنكرون للبعث والرجوع دون غيرهم [روح المعاني: 17/91.].
ومن أشهر الآيات التي يستدل بها الإمامية على الرجعة – كما يقول الألوسي [روح المعاني: 20/26.] – قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا} [النمل، آية: 83.]. والآية كما يقول المفسرون في يوم الجزاء والحساب، يوم يقوم الناس لرب العالمين [انظر: تفسير الطبري: 20/17، تفسير البغوي: 3/430، ابن الجوزي/ زاد المسير: 6/194، القرطبي/ الجامع لأحكام القرآن: 13/238، البحر المحيط لأبي حيان: 7/98، تفسير ابن كثير: 3/393، الشوكاني/ فتح القدير: 4/153-154 وغيرها.]، إلا أن هؤلاء يجعلونها في عقيدتهم في الرجعة، ولذا قال شيخهم شبر بأنها فسرت في أخبارهم في الرجعة [تفسير شبر: ص369.].
وقال الطبرسي: "استدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الإمامية بأن قال: إن دخول "من" في الكلام يوجب التبعيض فدل بذلك على أنه يحشر قوم دون قوم وليس ذلك صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف، آية: 47.]" [تفسير الطبرسي: 5/251-252.].(6/415)
أما كون "من (الأولى) للتبعيض فهذا شائع" [انظر: البحر المحيط لأبي حيان: 7/98، روح المعاني للألوسي: 20/26.]؛ لأن كل أمة منقسمة إلى مصدق ومكذب، أي ويوم يجمع من كل أمة من أمم الأنبياء، أو من أهل كل قرن من القرون جماعة كثيرة مكذبة بآياتنا [روح المعاني: 20/26، وانظر في معنى الآية المصادر السابقة في هامش رقم (5) من الصفحة السابقة.] وهذا لا يدل على مسألة الرجعة إلى الدنيا بعد الموت بحال من الأحوال، ولكن الشيعة تتعلق بكل آيات اليوم الآخر المتضمنة لرجوع الناس لربهم لتجعلها في عقيدتهم في الرجعة كما هو دأبها.
وتخصيص المكذبين بهذا الحشر لا يدل على ما يزعمون؛ لأن هذا حشر للمكذبين للتوبيخ والعذاب، بعد الحشر الكلي الشامل لكافة الخلق [انظر: فتح القدي: 4/154، روح المعاني: 20/26.]، أما «من» الثانية فهي بيانية جيء بها لبيان "فوجًا" [روح المعاني: 20/26.]، ولهذا فإن بعض مفسري الشيعة المعاصرين أدرك ضلال قومه في هذا التأويل فقال في تفسير الآية: «من» هنا بيانية وليست للتبعيض تمامًا كخاتم من حديد، والمعنى: أن في الأمم مصدقين ومكذبين بآيات الله وبيناته، وهو يحشر للحساب والجزاء جميع المكذبين بلا استثناء، وخصهم بالحشر مع أنه يعم الجميع؛ لأنه تعالى قصد التهديد والوعيد [محمد جواد مغنية/ التفسير المبين: ص441.].
ومن الآيات التي يتأولونها في الرجعة قوله تعالى: {قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} [عبس، آية: 17.] الآيات؛ حيث جاء في تفسير القمي {قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} قال: هو أمير المؤمنين، قال: ما أكفره أي ماذا فعل وأذنب حتى قتلوه.." {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ، ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ} [عبس، آية: 21، 22.] قال: في الرجعة {كَلا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} [عبس، آية: 23.]، أي لم يقض أمير المؤمنين ما قد أمره، وسيرجع حتى يقضي ما أمره" [تفسير القمي: 2/405.].
فيلاحظ هنا عدة أمور:(6/416)
1 ـ أوّل شيخهم القمي "الإنسان" في قوله سبحانه: {قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} بعلي بن أبي طالب – مع أن الآية تدل بنصها وسياقها على أن المراد "بالإنسان" هنا الكافر، ولهذا قال السلف في تفسيرها: "لعن الإنسان الكافر ما أكفره" [تفسير الطبري: 30/54.].
فهل وضع مثل هذا التأويل للإساءة لأمير المؤمنين من طرف خفي، أو أنه أثر من آثار طائفة الكاملية [الكاملية: هم الذين كفروا عليًا – رضي الله عنه – لأنه ترك منازعة الصحابة ومنعهم من مبايعة أبي بكر، وكفروا سائر الصحابة؛ لأنها لم تسلم الإمامة لعلي، وقد وردت عند الناشئ الأكبر باسم الكميلية. وقال بأنهم أصحاب كميل بن زياد، وحكى مذهبهم على ما ذكر، وقد وردت عند الأشعري، والبغدادي والشهرستاني الكاملية. وقال الأشعري: أنهم أتباع أبي كامل (مسائل الإمامة: ص45، المقالات والفرق: ص14، مقالات الإسلاميين: 1/89، الفرق بين الفرق: ص54، الملل والنحل: 1/174).] من الشيعة التي تذهب إلى تكفير أمير المؤمنين وبقية الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وتلقفته الاثنا عشرية وغيرت فيه أو أن مخترع هذا النص أعجمي جاهل بلغة القرآن وإنما كتب ما أملاه عليه تعصبه وزندقته؟!
على أية حال فهذا التأويل يدل على مدى إفلاس أصحاب هذا الاعتقاد في العثور على ما يدل على مبدئهم.
2 ـ أوّل قول سبحانه: {ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ} وهي نص صريح في البعث والنشور أوله بالرجعة، وهذا فضلاً عن أنه تحريف لمعاني القرآن، فإنه يصرف من يصدق بهذه الروايات عن الإيمان باليوم الآخر إلى هذه العقيدة المبتدعة، ولهذا يلاحظ أن طوائف من غلاة الشيعة أنكرت الإيمان باليوم الآخر وقالت بالتناسخ [انظر: الفرق بين الفرق: ص272، وانظر: فلهوزن/ الخوارج والشيعة: ص248 (ترجمة عبد الرحمن بدوي)، وعبد الرحمن الوكيل/ البهائية: ص45 (الهامش).].(6/417)
ويلاحظ أن الاثني عشرية قد عمدت إلى كل نص في اليوم الآخر فجعلته في الرجعة، وقد مر بنا أن هذا قد أصبح قاعدة عامة عندهم [انظر: ص(183).].
3 ـ جعلت هذه الروايات الغرض من الرجعة أن عليًا لم يقض ما أمره الله به.
وهذا بهتان كبير في حق أمير المؤمنين وأنه قد تخلى عن أوامر الله سبحانه، ليقضيها في الرجعة، فهل أرادوا بهذا تشبيهه بالمشركين الذين ابتعدوا عن شرع الله سبحانه فغذا عاينوا العذاب تمنوا الرجعة.. فكم أساء هؤلاء إلى أهل البيت.
ومن الآيات التي جعلوها في الرجعة قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران، آية: 185.]؛ حيث قالا في تأويلها: "لم يذق الموت من قتل، ولابد أن يرجع حتى يذوق الموت" [تفسير العياشي: 1/210، بحار الأنوار: 53/71.].
فهذه الرواية تجعل الرجعة لجميع الناس حتى يتحقق لكل أحد منهم موت وقتل – كما يعتقدون – بينما هم قالوا بأن الرجعة خاصة بمن محض الإيمان، ومحض الكفر – كما سلف – كما أن هذا التأويل يحمل جهلاً بلغة العرب التي نزل بها القرآن؛ حيث عدّ القتل ونحوه ليس من قبيل الموت الذي تنص عليه الآية وهذا مبلغ علمهم.(6/418)
ويتعلق الشيعة بآيات كثيرة يؤولونها بمثل هذا التأويل الباطني، وتسابق شيوخهم كعادتهم في الإكثار من هذه التأويلات، والتي أسندوها للآل حتى تكتسب الرواج عند الأتباع.. فقد بلغ – مثلاً – عدد الآيات التي أولوها بالرجعة حسب ما جمعه شيخهم الحر العاملي (72) آية [انظر: الحر العاملي/ الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة: ص72-98.]، وصل فيها التأويل الباطني المتعسف الغاية القصوى [وإليك أمثلة من أدلته – بالإضافة لما مضى – لا تحتاج إلى تعليق، وتدل على مبلغ إفلاسهم، وأنهم يخبطون خبط عشواء. قال الحر العاملي: "الباب الثالث في جملة من الآيات القرآنية الدالة على صحة الرجعة" ومن الآيات التي استدل بها قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً} [سبأ، آية: 10] انظر: المصدر السابق ص92، وقوله: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ} [الروم، آية: 9] السابق ص93، وقوله: {وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ} [غافر، آية: 81] السابق ص93، وقوله: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} [الأحقاف، آية: 15]، السابق ص94، وقوله: {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات، آية: 22] السابق ص95، هذا مبلغ استدلالهم وغاية احتجاجهم، فجمعوا بين بدعة الرجعة وتحريف آيات القرآن.]، مع أن العاملي لم يذكر كل ما عندهم، وقد اعتذر عن ذلك – في نهاية استدلاله بالآيات التي ذكرها – بعدم حضور الكتب عنده [انظر: الإيقاظ من الهجعة: ص98.].(6/419)
كما يستدل الشيعة ببعض ما أخبر الله به سبحانه من معجزات الأنبياء كإحياء الموتى لعيسى عليه السلام، أو بما أخبر الله به سبحانه في كتابه من إحياء الموتى كقوله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة، آية:243.] [انظر: بحار الأنوار: 53/129، الإيقاظ من الهجعة: ص131.].
وكأنهم بهذا النهج يستدلون على قدرة الله سبحانه التي ليست هي موضع الخلاف؛ ذلك أنه لا أحد ينكر ما وقع مما ورد به الخبر الثابت القطعي المتواتر، ولكن الذي ينكر هو دعوى الرجعة إلى الدنيا بعد الموت للحساب والجزاء قبل يوم الحساب والجزاء، هذا هو المنكر الأعظم الذي ليس عليه دليل، والذي أريد به إضعاف جانب اليوم الآخر في النفوس، وإلا فمعجزات الأنبياء وآيات الله في خلقه ليست محل خلاف.
ويأخذ الشذوذ في الاستدلال على صحة الرجعة مداه الأكبر حينما يقررون أن أوضح دليل على صحتها، وأظهر برهان على ثبوتها هو أنه لا قائل بها من غير الشيعة الإمامية [الإيقاظ من الهجعة: ص3.]؛ حيث "لم يقل بصحتها أحد من العامة (وهم ما سوى الشيعة الإمامية) وكل ما كان كذلك فهو حق" [الإيقاظ من الهجعة: ص69.]؛ لأن الأئمة قالوا في حق العامة: "والله ما هم على شيء مما أنتم عليه، ولا أنتم على شيء مما هم عليه فخالفوهم فما هم من الحنيفية على شيء" [الإيقاظ من الهجعة: ص70.]!!!
ولهذا أشار الطبرسي وغيره بأن المعول في ثبوتها إجماع الإمامية عليها [مجمع البيان: 5/252، وانظر: نور الثقلين: 4/101، بحار الأنوار: 53/127.].
ويلاحظ على هذا الاستدلال ما يلي:(6/420)
أن الإجماع غير حجة عند الشيعة – كما سلف – فكيف يجعلونه عمدة ثبوت عقيدة الرجعة ؟! لكن لعلهم يعدّون عدم وجود مخالف من الشيعة في أمر الجرعة دليلاً على دخول المعصوم مع المجمعين فيكون الإجماع حجة بهذا الاعتبار، لأن حجة الإجماع عندهم إنما هو بكشفه عن قول المعصوم.
لكن الشيعة الزيدية ينقلون روايات عن أئمة أهل البيت تبين براءتهم من عقيدة الرجعة وتعارض روايات الإمامية، ولذلك فإن الزيدية الحقة ينكرون هذه الدعوى إنكارًا شديدًا، وقد ردوها في كتبهم على وجه مستوفى [الألوسي/ روح المعاني: 20/27، وانظر: أحمد صبحي/ الزيدية: ص77.]، فكيف يجزم الإمامية بنسبة الرجعة إلى الأئمة والنقل عنهم مختلف بين فرق الشيعة نفسها ؟! بل إن من الإمامية من أنكر الرجعة وأول أخبارهم برجوع دولة الشيعة كما نقل ذلك شيوخ الشيعة [انظر: مجمع البيان: 5/252، بحار الأنوار: 53/127.]، فأين بعد هذا إجماع الشيعة، وأين صدق النقل عن الأئمة؟!
ثم إن الصحابة بما فيهم أمير المؤمنين علي لم يؤثر عنهم شيء في خرافة الرجعة، كما اتفقت على ذلك مصادر أهل السنة والشيعة الزيدية، ولو وجد شيء من ذلك لعرف واشتهر.
وإنما نسبت خرافة الرجعة في ذلك العصر إلى ابن سبأ، كما تقر بذلك كتب الشيعة، وابن سبأ أحد الكذابين الملعونين على ألسنة الأئمة، كما تروي كتب الاثني عشرية وغيرها.
أما من بعد عصر الصابة فقد تحمل وزر روايتها جابر الجعفي وهو متهم في كتب الشيعة فضلاً عن كتب أهل السنة – كما سلف [انظر: ص(375-378).] -.
نقد مقالة الرجعة:(6/421)
فكرة الرجعة إلى الدنيا بعد الموت مخالفة صريحة لنص القرآن، وباطلة بدلالة آيات عديدة من كتاب الله سبحانه، قال تعالى: {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون، آية: 99-100.]. فقوله سبحانه: {وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} صريح في نفي الرجعة مطلقًا [مختصر التحفة: ص201.].
وقال سبحانه: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ} [يس، آية: 31.]. وقال سبحانه: {وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ} [إبراهيم، آية: 44.].
وقال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} [السجدة، آية: 12.].
وقال تعالى: {وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام، آية: 27-28.].
فهؤلاء جميعًا يسألون الرجوع عند الموت، وعند العرض على الجبار جل علاه، وعند رؤية النار فلا يجابون، لما سبق في قضائه أنهم إليها لا يرجعون ولذلك عدّ أهل العلم القول بالرجعة إلى الدنيا بعد الموت من أشد مراحل الغلو في بدعة التشيع.(6/422)
قال ابن حجر: التشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة، فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو غال في تشيعه ويطلع عليه رافضي، وإلا فشيعي، فإن انضاف إلى ذلك السب أو التصريح بالبغض فغال في الرفض، وإن اعتقد الرجعة إلى الدنيا فأشد في الغلو [هدي الساري مقدمة فتح الباري: ص459.].
وقد جاء في مسند أحمد أن عاصم بن ضمرة (وكان من أصحاب علي رضي الله عنه) قال للحسن بن علي: إن الشيعة يزعمون أن عليًا يرجع. قال الحسن: كذب أولئك الكذابون، لو علمنا ذاك ما تزوج نساؤه، ولا قسمنا ميراثه [مسند أحمد: 2/312 رقم(1265)، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح، وانظر: طبقات ابن سعد: 3/39.].
والقول بالرجعة بعد الموت إلى الدنيا لمجازاة المسيئين وإثابة المحسنين ينافي طبيعة هذه الدنيا وأنها ليست دار جزاء {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران، آية: 185.].
كما أنه يضعف جانب الإيمان بيوم البعث والجزاء، ويبدوا أن هذا من أهداف واضع هذا المبدأ [وقد ذكر بعضهم أن ابن سبأ قال بالرجعة وإبطال الآخرة (السكسكي/ البرهان: ص50).].
وقد تمثل هذا عمليًا في تأويلات الاثني عشرية لآيات اليوم الآخر بالرجعة، وفي تأثير هذه التأويلات، وهذا المذهب على بعض الفرق المنتسبة للتشيع، وإنكارها لليوم الآخر، واعتقادها بالتناسخ الذي ربما تكون عقيدة الرجعة هي البوابة إليه، كما أن تأويلاتهم تدعو له.(6/423)
ويرى بعض الباحثين أن عقيدة الرجعة تسربت عن طريق المؤثرات اليهودية والمسيحية [انظر: جولد سيهر/ العقيدة والشريعة: ص215، أحمد أمين/ فجر الإسلام: ص270، محمد عمارة/ الخلافة: ص159.]، ودخلت التشيع بتأثير اتباع تلك الديانات. وقد استنتج شيخهم الصادقي (من شيوخهم المعاصرين) أن مبدأ الرجعة عند قومه يرجع في أصله إلى ما ورد في كتب اليهود [ونقل بعض نصوص اليهود في ذلك، وأرجعها إلى كتاب دانيال: 12/1-13.] واعتبر ذلك بشارة للشيعة [انظر: رسول الإسلام في الكتب السماوية: ص239-241.].
وقد كان لابن سبأ اليهودي – كما تنقل ذلك كتب الشيعة، والسنة على السواء – دور التأسيس لمبدأ الرجعة، إلا أنها رجعة خاصة بعلي، كما أنه ينفي وقوع الموت عليه أصلاً كحال الاثني عشرية مع مهديهم الذي يزعمون وجوده.
لكن يبدو أن الذي تحمل كبر نشره، وتعميم مفهومه وتأويل آيات من القرآن فيه هو جابر الجعفي حتى امتدحته روايات الشيعة بفقهه في أمر الرجعة؛ حيث جاء في تفسير القمي أن أبا جعفر قال: "رحم الله جابرًا بلغ فقهه أنه كان يعرف تأويل هذه الآية {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص، آية: 85، قال ابن كثير في تفسير الآية: يقول تعالى آمرًا رسوله صلوات الله وسلامه عليه ببلاغ الرسالة، وتلاوة القرآن على الناس، ومخبرًا بأنه سيرده إلى معاد وهو يوم القيامة فيسأله عما استرعاه من أعباء النبوة، ومعنى {فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} أي: افترض عليك أداءه إلى الناس (تفسير ابن كثير 3/419)، كما فسر "المعاد" بأقوال أخرى ترجع – كما يقول ابن كثير – إلى قول من فسر ذلك بيوم القيامة (تفسير ابن كثير: 3/420) وانظر في معنى الآية: تفسير الطبري: 20/123-126، تفسير البغوي: 3/458-459، زاد المسير: 6/249-251.] يعني الرجعة" [تفسير القمي: 2/147.].(6/424)
وعقيدة الرجعة عند الإمامية هي – كما قال السويدي رحمه الله – خلاف ما علم من الدين بالضرورة من أنه لا حشر قبل يوم القيامة، وأن الله تعالى كلما توعد كافرًا أو ظالمًا إنما توعده بيوم القيامة [ولكن الشيعة تتوعد كل ما سوى الشيعة بالرجعة.]، كما أنها خلاف الآيات والأحاديث المتواترة المصرحة بأنه لا رجوع إلى الدنيا قبل يوم القيامة [السويدي/ نقض عقائد الشيعة: ص1 (مخطوط).].
ولكن شيوخ الإمامية يصرون على القول بها، ويعتبرون شذوذهم عن الأمة فيها دليل صحتها.. {الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ}.
الفصل السادس
الظهور
أي ظهور الأئمة بعد موتهم لبعض الناس ثم عودتهم لقبورهم، وهذه العقيدة غير رجعة الأئمة، وقد بوب لها المجلسي بعنوان "باب أنهم يظهرون بعد موتهم، ويظهر منهم الغرائب" [بحار الأنوار: 27/303-304، بصائر الدرجات: ص78.].. فالأئمة يظهرون بعد موتهم، ويراهم بعض الناس، وهذا الظهور غير مرتبط بوقت معين كالرجعة بل هو خاضع لإرادة الأئمة، حتى نسبوا لأمير المؤمنين أنه قال: "يموت من مات منا وليس بميت". وتذكر أساطيرهم أن أبا الحسن الرضا كان يقابل أباه بعد موته، ويتلقى وصاياه وأقواله [بحار الأنوار: 27/303، بصائر الدرجات: ص78.].
ويزعم بعض الشيعة أنه دخل على أبي عبد الله فقال له (أي أبو عبد الله) : تشتهي أن ترى أبا جعفر (بعد موته)؟ قال: "قلت: نعم، قال: قم فادخل البيت، فدخلت فإذا هو أبو جعفر" [بحار الأنوار: 27/303، بصائر الدرجات: ص78.]، ويزعم آخر بأنه دخل على أبي الحسن فقال له: أتحب أن ترى أبا عبد الله؟ يقول: فقلت: وددت والله، فقال: قم وادخل ذلك البيت، فدخلت البيت فإذا أبو عبد الله عليه السلام قاعد [بحار الأنوار: 27/303، بصائر الدرجات: ص78.].(6/425)
"وقال أبو عبد الله – كما يفترون -: أتى قوم من الشيعة الحسن بن علي عليه السلام بعد قتل أمير المؤمنين عليه السلام فسألوه فقال: تعرفون أمير المؤمنين إذا رأيتموه؟ قالوا: نعم، قال: فارفعوا الستر، فعرفوه [كذا في الأصل، وقد تكون "فرفعوه".] فإذا هم بأمير المؤمنين عليه السلام لا ينكرونه" [بحار الأنوار: 27/303، بصائر الدرجات: ص78.]. بل وتمتد عقيدتهم هذه لتدعي أيضًا أن الأموات من الأولين يظهرون لهم، جاء في بصائر الدرجات ".. عن عثمان بن عيسى عمّن أخبره!! عن عباية الأسدي قال: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام وعنده رجل رث الهيئة، وأمير المؤمنين عليه السلام مقبل عليه يكلمه، فلما قام الرجل قلت: أي أمير المؤمنين، من هذا الذي أشغلك عنا؟ قال: هذا وصي موسى عليه السلام" [بصائر الدرجات: ص81، بحار الأنوار: 27/305.].
وتزعم رواياتهم أن عليًا كان يذهب إلى مقبرة اليهود وأنه خاطب أهل القبور "فأجابوه من جوف القبور: لبيك لبيك مطاع، فقال: كيف ترون العذاب؟ فقالوا: بعصياننا لك كهارون، فنحن ومن عصاك في العذاب.." [كنز الفوائد: ص82، بحار الأنوار: 27/306.].(6/426)
كما تدعي رواياتهم بأن رسول الله ظهر بعد موته ليأمر أبا بكر بطاعة علي [انظر: بحار الأنوار: 27/ 304، بصائر الدرجات: ص78.]. وأن أبا بكر وعمر يظهران للأئمة في كل موسم حتى يرمونهما بالحجارة أثناء رم الجمار [انظر: بحار الأنوار: 27/305-306، بصائر الدرجات: ص82.]، ولهذا قام محمد الباقر – كما يفترون عليه – برمي خمسة أحجار في غير موضع الجمار ولما قيل له في ذلك قال: "إذا كان كل موسم أخرجا الفاسقين الغاصبين [هكذا في المصدر المنقول عنه، وفي نسخة أخرى – كما أشار في الهامش – أخرجا الفاسقان الغاصبان. (انظر: بحار الأنوار: 27/305، تعليقه رقم (6).]، ثم يفرق بينهما ههنا لا يراهما إلا إمام عدل، فرميت الأول اثنتين والآخر ثلاثة، لأن الآخر أخبث من الأول" [بحار الأنوار: 27/305-306، بصائر الدرجات: ص82.].
هذه بعض أخبارهم في هذه "المقالة". وقد ذكر المجلسي بأنه "أورد أكثر أخبار هذا الباب في باب البرزخ، وباب كفر الثلاثة، وباب كفر معاوية، وأبواب معجزات أمير المؤمنين وسائل الأئمة عليهم السلام" [بحار الأنوار: 27/307.] فأخبارهم في شأن هذه الخرافة متكاثرة، وقد ذكر المجلسي أن هذا الظهور قد يكون في أجسادهم الأصلية، ثم قال: "والإيمام الإجمالي في تلك الأمور كاف للمتدين المسلم لما ورد عنهم، ورد علم تفاصيلها إليهم صلوات الله عليهم" [بحار الأنوار: 27/307.].
نقد هذه المقالة:
هذه المقالة لم أر من تعرض لها من ضمن معتقدات الشيعة.. مع أنها من مقالاتهم التي استفاضت أخبارها عندهم، وهي مقالة يكفي عرضها لبيان فسادها، فهي لا تتفق بأي حال مع النقل الصحيح ولا مع العقل الصريح ولا الفطر السليمة، وهي تقدح في المذهب الشيعي، وتلحقه في المذاهب الخرافية التي تعشعش في أذهان جملة من البشر. وهي مقالة من ضمن مقالات عديدة في هذا المذهب، تعتبر من البراهين على بطلانه، مثلها في ذلك مثل عقيدة الغيبة والرجعة والبداء.. إلخ.(6/427)
وكثرة أخبارهم عندهم دليل واقعي حاسم على استفاضة الكذب عندهم، وأنه لا عبرة ولا صحة لرواياتهم ولو كثرت ما دامت تكثر في تأييد المقالات الخرافية التي يكذبها الواقع، والتي لو حدث شيء منها لاستفاض نقله بين المسلمين، ولم تنفرد بنقله شرذمة من الروافض.
ورجعة الأموات قبل يوم القيامة باطلة بالنقل وإجماع المسلمين – كما سلف – وهذه الخرافات تعتبر من فضائحهم وعوراتهم التي هي قائمة في مذهبهم، ولعلها من حكمة الباري سبحانه؛ إذ ما من قوم أرادوا أن ينسبوا لله دينًا ما أنزله إلا وفضحهم على رؤوس الشهاد، كما أثبتت ذلك الوقائع والأيام.
الفصل السابع
البداء
من أصول الاثني عشرية القول البداء على الله سبحانه وتعالى حتى بالغوا في أمره، فقالوا: "ما عبد الله بشيء مثل البداء" [أصول الكافي، كتاب التوحيد، باب البداء: 1/146، ابن بابويه/ التوحيد، باب البداء: ص332، بحار الأنوار، كتاب التوحيد، باب البداء: 4/107.] و"ما عظم الله عز وجل بمثل البداء" [أصول الكافي: 1/146، التوحيد لابن بابويه ص333، بحار الأنوار: 4/107.]، "ولو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما افتروا من الكلام فيه" [أصول الكافي: 1/148، التوحيد لابن بابويه: ص334، بحار الأنوار: 4/108.]، « وما بعث الله نبيًا قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء" [أصول الكافي: 1/148، التوحيد لابن بابويه: ص334، بحار الأنوار: 4/108.].
ويبدو أن الذي أرسى أسس هذا المعتقد عند الاثني عشريّة هو الملقّب عندهم بثقة الإسلام وهو شيخهم الكليني (ت328 أو 329ه) حيث وضع هذا المعتقد في قسم الأصول من الكافي، وجعله ضمن كتاب التوحيد، وخصّص له بابًا بعنوان "باب البداء" وذكر فيه ستّة عشر حديثًا من الأحاديث المنسوبة للأئمة.(6/428)
وجاء من بعده ابن بابويه (ت381ه)، وسجل ذلك ضمن عقائد طائفته، وعقد له بابًا خاصًا بعنوان "باب البداء" وذلك في كتاب "الاعتقادات" الذي يسمى دين الإمامية [الاعتقادات: ص89.]. ومثل ذلك فعل في كتابه "التوحيد" [التوحيد: ص331.].
وقد اهتمّ شيخهم المجلسي (ت1111ه) بأمر البداء وبوّب له في بحاره بعنوان "باب النّسخ والبداء"، وذكر (70) حديثًا من أحاديثهم عن الأئمة [بحار الأنوار: 4/92-129.].
وكذلك جاءت هذه المقالة ضمن كتب العقيدة عند المعاصرين [انظر – مثلاً -: المظفر/ عقائد الإمامية: 69، الزنجاني/ عقائد الإمامية الاثني عشرية: 1/34.]. وألف شيوخهم في شأنها مؤلفات مستقلة بلغت (25) مصنفًا كما في الذريعة [انظر: الذريعة إلى تصانيف الشيعة: 3/53-57.].
ولعل القارئ المسلم يعجب من أمر هذه العقيدة، التي لا يعرفها المسلمون، وليس له ذكر في كتاب الله سبحانه، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم مع أنها من أعظم ما عبد الله به، ومن أصول رسالات الرسل، وفيها من الأجر ما لو علم به المسلم لأصبحت تجري على لسانه دائمًا كشهادة التوحيد (كما يزعمون).
إذا رجعت إلى اللغة العربية لتعرف معنى البداء تجد أن القاموس يقول: بدا بدوًا وبدوًا وبداءة: ظهر. وبدا له في الأمر بدوًا وبداء وبداة: نشأ له فيه رأي [القاموس المحيط، مادة: بدو (4/302).]. فالبداء في اللغة – كما ترى – له معنيان:
الأول: الظهور بعد الخفاء. تقول: بدا سور المدينة أي: ظهر.
والثاني: نشأة الراي الجديد. قال الفراء: بدا لي بداء أي: ظهر لي رأي آخر، وقال الجوهري: بدا له في الأمر بداء أي: نشأ له فيه رأي [الصحاح (6/2278)، ولسان العرب (14/66)، وانظر هذا المعنى في كتب الشيعة مثل: مجمع البحرين للطريحي: 1/45.].(6/429)
وكلا المعنيين وردا في القرآن، فمن الأول قوله تعالى: {وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ} [البقرة، آية: 284.]. ومن الثاني قوله: {ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} [يوسف، آية: 35.].
وواضح أن البداء بمعنييه يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم وكلاهما محال على الله سبحانه. ونسبته إلى الله سبحانه من أعظم الكفر، فكيف تجعل الشيعة الاثنا عشرية هذا من أعظم العبادات، وتدعي أنه ما عظم الله عز وجل بمثل البداء؟! سبحانك هذا بهتان عظيم.
وهذا المعنى المنكر يوجد في كتب اليهود، فقد جاء في التوراة التي حرفها اليهود وفق ما شاءت أهواؤهم نصوص صريحة تتضمن نسبة معنى البداء إلى الله سبحانه [جاء في التوراة: "فرأى الرب أنه كثر سوء الناس على الأرض. فندم الرب خلقه الإنسان على الأرض وتنكد بقلبه، وقال الرب: لأمحون الإنسان الذي خلقته عن وجه الأرض.." (سفر التكوين، الفصل السادس، فقرة: 5) ومثل هذا المعنى الباطل وما أشبه يتكرر في توراتهم (انظر: سفر الخروج، الفصل: 32 فقرة: 12، 14، وسفر قضاة، الفصل الثاني، فقرة: 18، وسفر صموئيل الأول، الفصل الخامس عشرة فقرة: 10، 34، وسفر صموئيل الثاني، الفصل: 24، فقرة: 16، وسفر أخبار الأيام الأول، الفصل: 21، فقرة: 1، وسفر أرميا، الفصل: 42، فقرة: 10، وسفر عاموس، الفصل: 7، فقرة: 3، وسفر يونان، الفصل: 3، فقرة: 10 وغيرها).
هذا ما جاء في توراة اليهود، مع أنهم ينكرون النسخ، لأنه بزعمهم يستلزم البداء (انظر: مسائل الإمامة: ص75، مناهل العرفان: 2/78)، فانظر إلى تناقضهم وردهم للحق وقبولهم بالباطل.].(6/430)
ويبدو أن ابن سبأ اليهودي قد حاول إشاعة هذه المقالة، التي ارتضعها من «توراته» في المجتمع الإسلامي الذي حاول التأثير فيه باسم التشيع وتحت مظلة الدعوة إلى ولاية علي، ذلك أن فرق السبيئة "كلهم يقولون بالبداء وأن الله تبدو له البداوات" [الملطي/ التنبيه والرد: ص19.].
ثم انتقل هذه المقالة إلى فرقة "الكيسانية" أو "المختارية" أتباع المختار بن أبي عبيد الثقفي وهي الفرقة التي اشتهرت بالقول "بالبداء" والاهتمام به، والتزامه عقيدة.
ويذكر أصحاب المقالات أن السبب الذي جوزت لأجله الكيسانية البداء على الله تعالى هو: أن مصعب بن الزبير أرسل جيشًا قويًا لقتال المختار وأتباعه فبعث المختار إلى قتالهم أحمد بن شميط مع ثلاثة آلاف من المقاتلة وقال لهم: أوحي إلي أن الظفر يكون لكم، فهزم ابن شميط [وهو من قواد المختار، وقتل سنة (67ه).] فيمن كان معه فعادوا إليه فقالوا: أين الظفر الذي قد وعدتنا؟ فقال المختار: هكذا كان قد وعدني ثم بدا فإنه سبحانه وتعالى قد قال: {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد، آية: 39.] [الإسفراييني/ التبصير في الدين: ص20، وانظر: البغدادي/ الفرق بين الفرق: ص50-52.].
فالسبب كما ترى أن المختار كان يدعي علم الغيب وما يحدث بالمستقبل، فكان إذا وقع خلاف ما أخبر به قال: قد بدا لربكم.
وتجد هذا المعنى في أخبار الاثني عشرية، فإنهم قد أشاعوا بين أتباعهم أن أئمتهم "يعلمون ما كان وما يكون ولا يخفى عليهم الشيء" [أصول الكافي، باب أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم الشيء: 1/260.]. فإذا نسبوا إلى الأئمة أخبارًا لم تقع قالوا: هذا من باب البداء.(6/431)
جاء في البحار في باب البداء "عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام: يا أبا حمزة إن حدثناك بأمر أنه يجيء من هاهنا فجاء من هاهنا، فإن الله يصنع ما يشاء، وإن حدثناك اليوم بحديث وحدثناك غدًا بخلافه فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت" [بحار الأنوار: 4/119، تفسير العياشي: 2/217، البرهان: 2/299.].
وكان شيوخ الشّيعة يمنون أتباعهم بأنّ الأمر سيعود إليهم، والدّولة ستكون لهم، حتى إنّهم حدّدوا ذلك بسبعين سنة في رواية نسبوها لأبي جعفر، فلمّا مضت السّبعون ولم يتحقّق شيء من تلك الوعود اشتكى الأتباع من ذلك، فحاول مؤسّسو المذهب الخروج من هذا المأزق بالقول بأنّه قد بدا لله سبحانه ما اقتضى تغيير هذا الوعد [انظر: تفسير العياشي: 2/218، الغيبة للطّوسي: ص263، بحار الأنوار: 4/214.].
وكانت روايات الشّيعة في حياة جعفر الصّادق تتحدّث بأخبار تنسبها لجعفر أنّ الإمامة ستكون بعد موته لابنه إسماعيل، ولكن وقع ما لم يكن بالحسبان، إذ مات إسماعيل قبل موت أبيه فكانت قاصمة الظّهر لهم، وحدث أكبر انشقاق باق إلى اليوم في المذهب الشّيعي، وهو خروج طائفة كبيرة منهم ثبتت على القول بإمامة إسماعيل وهم الإسماعيليّة، رغم أنّهم فزعوا إلى عقيدة البداء لمعالجة هذه المعضلة فنسبوا روايات لجعفر تقول: "ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل ابني.. إذ اخترمه قبلي ليعلم بذلك أنّه ليس بإمام بعدي" [التّوحيد لابن بابويه: ص336، وانظر مثل هذا المعنى في أصول الكافي 1/327.].
واستجاب لهذا التّأويل طائفة الاثني عشريّة الذين قالوا بإمامة موسى دون إسماعيل.(6/432)
ومؤسسو التشيع يدعون في الأئمة أنهم يعلمون الحوادث الماضية والمستقبلة والآجال والأرزاق.. إلخ. ولكن الأتباع وسائر الناس لا يرون فيهم شيئًا من هذه الدعاوى، والأئمة لا يخبرون الناس بشيء من ذلك، لأنهم لا يملكون ذلك أصلاً ولا يدعونه في أنفسهم فلم يجد مؤسسو التشيع تعليلاً يبررون به هذا العجز إلا عقيدة البداء فنقلوا عنهم أنهم لا يخبرون عن الغيب مخافة أن يبدو له تعالى فيغيره [زعموا – مثلاً – أن علي بن الحسين قال: لولا البداء لحدثتكم بما يكون إلى يوم القيامة. (تفسير العياشي: 2/215، بحار الأنوار: 4/118).].
وزعموا أن الأئمة يعطون علم "الآجال والأرزاق والبلايا والأعراض والأمراض ويشترط (لهم) فيه البداء" [تفسير القمي: 2/290، بحار الأنوار: 4/101.]. وهذه حيلة أخرى منهم ليستروا بها كذبهم إذا أخبروا خلاف الواقع.
وقد أمر الشيعة بمقتضى هذه العقيدة بالتسليم بالتناقض والاختلاف والكذب، ففي رواية طويلة في تفسير القمي تخبر عن نهاية دولة بني العباس، قال فيها إمامهم: "إذا حدثناكم بشيء فكان كما نقول فقولوا: صدق الله ورسوله، وإن كان بخلاف ذلك فقولوا: صدق الله ورسوله تؤجروا مرتين.." [تفسير القمي: 1/310-311، بحار الأنوار: 4/99.].
وقد كان لعقيدة البداء في إبان نشأتها أثرها في ظهور بوادر الشك لدى العقلاء من أتباع المذهب، وقد اكتشف بعضهم حقيقة اللعبة، فتخلى عن المذهب الإمامي أصلاً، وقد حفظت لنا بعض كتب الفرق قصة أحد هؤلاء وهو سليمان بن جرير الذي تنسب إليه فرقة السليمانية من الزيدية، فقال – كما تنقل ذلك كتب الفرق عند الشيعة نفسها -: "إن أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين، لا يظهرون معهما من أئمتهم على كذب أبدًا وهما القول بالبداء وإجازة التقية" [المقالات والفرق للقمي: ص78، فرق الشيعة للنوبختي: ص64.].(6/433)
ثم كشف – من خلال حياته في المجتمع الشيعي، ومخالطته لهم – كيف يتخذون من عقيدة البداء وسيلة للتستر على كذبهم في دعوى علم الأئمة للغيب فقال: "إنّ أئمّتهم لمّا أحلّوا أنفسهم من شيعتهم محلّ الأنبياء من رعيّتها في العلم فيما كان ويكون، والإخبار بما يكون في غد، وقالوا لشيعتهم إنّه سيكون غدًا وفي غابر الأيّام كذا وكذا، فإن جاء ذلك الشّيء على ما قالوه، قالوا لهم: ألم نعلّمكم أنّ هذا يكون فنحن نعلم من قبل الله عزّ وجلّ ما علمته الأنبياء، وبيننا وبين الله عزّ وجلّ مثل تلك الأسباب التي علمت بها الأنبياء عن الله ما علمت، وإن لم يكن ذلك الشّيء الذي قالوا إنّه يكون على ما قالوه، قالوا لشيعتهم: بدا لله في ذلك فلم يكوِّنه" [المقالات والفِرَق للقمي: ص78، فرق الشّيعة للنّوبختي: ص64-65، وانظر في هذا المعنى: محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين للرّازي: ص249، وسليمان بن جرير ينسب الخداع إلى بعض أهل البيت، والحقّ أنّ ذلك من أولئك الزّنادقة المنتسبين إلى أهل البيت لأكل أموال النّاس بالباطل والتّآمر والتّخريب.].
ثم شرح أيضًا كيف يخدعون أتباعهم بمقتضى عقيدة التقية، فتأثر بقوله طائفة من الشيعة واتبعوه [انظر: المقالات والفرق: ص78، فرق الشيعة: ص65.].
فأنت ترى بعد هذا العرض أنه لو سقطت عقدية البداء لانتقض دين الاثني عشرية من أصله، لأن أخبارهم ووعودهم التي لم يتحقق منها شيء تنفي عنهم صفة الإمامة.
وهذا سر مغالاة شيوخهم بأمر البداء، ودفاعهم عنه، وجعله من أعظم العبادات.
لكن مقالة البداء ارتدت عليهم بأوخم العواقب وهي إضافة سبب جديد لكفرهم وردتهم [انظر: الغزالي/ المستصفى: 1/110.] لأنهم بهذا المعتقد نزهوا المخلوق وهو الإمام عن الخلف في الوعد، والاختلاف في القول، والتغير في الرأي، ونشأة رأي جديد، ونسبوا ذلك إلى عالم الغيب والشهادة. تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا [الوشيعة: ص182.].(6/434)
فنزهوا المخلوق دون الخالق، لأن غلوهم في الإمام – فيما يظهر – لم يجعل للحق جل شأنه في قلوبهم وقارًا، فتاهوا في بيداء هذا الضلال والكفر والإلحاد.
ولقد حاول شيوخ الشيعة أن يجدوا مخلصًا من وصمة هذا العار، ومهربًا من التكفير.
فالنصير الطوسي الذي يلقبه المجلسي بالمحقق (المتوفى سنة 672ه) أنكر وجود البداء كعقيدة للاثني عشرية وقال عن طائفته: "إنهم لا يقولون بالبداء، وإنما القول بالبداء ما كان إلا في رواية رووها عن جعفر الصادق أنه جعل إسماعيل القائم مقامه، فظهر من إسماعيل ما لم يرتضه منه، فجعل القائم موسى فسئل عن ذلك فقال: بدا لله في أمر إسماعيل، وهذه رواية، وعندهم أن خبر الواحد لا يوجب علمًا ولا عملاً" [الطوسي/ تلخيص المحصل: ص250.].
ولكن هذا – كما ترى – مخالف للواقع؛ إذ إن البداء من عقائدهم المقررة، ورواياتهم وأخبارهم فيه كثيرة، ولذلك قال المجلسي بأن هذا الجواب عجيب من الطوسي، وعزا ذلك « لعدم إحاطته بالأخبار" [بحار الأنوار: 4/123.].
وصنف من الشيعة يقر بالبداء كعقيدة ويحاول أن يجد له تأويلاً مقبولاً.
فابن بابويه القمي يوجه "أحاديثهم" في البداء توجيهًا «تبدو» عليه ملامح الاضطراب، فهو في البداية يقول: "ليس البداء كما يظنه جهال الناس بأنه بداء ندامة تعالى الله عن ذلك، ولكن يجب علينا أن نقر لله عز وجل بأن له البداء معناه أن له أن يبدأ بشيء من خلقه فيخلقه قبل شيء ثم يعدم ذلك الشيء ويبدأ بخلق غيره" [التوحيد: ص335.].
فأنت ترى أن حديثه هنا خارج الموضوع تمامًا لأنه تكلم عن البدء لا البداء ولا يخالف مسلم في هذا الأمر الذي يقوله، ولو كان هذا مقصودهم بالبداء لما أنكره عليهم أحد، ولما وجدوا فيه مخرجًا لتناقض رواياتهم، وتخلف وعودهم.(6/435)
فالله سبحانه: {وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ} [السجدة، آية: 7.] وهو {يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [يونس، آية: 4.]، {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ} [القصص، آية: 68.] وليس هذا من البداء.
ولكنه رجع وفسر البداء بالنسخ، فقال بعد الكلام السابق مباشرة: "أو يأمر بأمر ثم ينهى عن مثله، أو ينهى عن شيء ثم يأمر بمثل ما نهى عنه، وذلك مثل نسخ الشرايع، وتحويل القبلة، وعدة المتوفى عنها زوجها" [التوحيد: ص335.].
وهذا جهل أو تجاهل؛ إذ لا بداء في النسخ، والحكم كان مؤقتًا في علم الله، وأجل الحكم، وانتهاء الحكم عند حلول الأجل معلوم لله قبل الحكم. نعم بدا لنا ذلك من الله بعد نزول الناسخ، والبداء لنا في علمنا لا لله [الوشيعة: ص183.].
"من أجل ذلك تنزه الله سبحانه عن أن يوصف بالبداء؛ لأن البداء ينافي إحاطة علم الله بكل شيء، ولم يتنزه عن النسخ؛ لأن النسخ لا يعدو أن يكون بيانًا لمدة الحكم الأول على نحو ما سبق في علم الله تعالى، وإن كان رفعه لهذا الحكم بداء بالنسبة لنا" [مصطفى زيد/ النسخ في القرآن: 1/20.]. "فإن الله سبحانه قدر في علمه الأزلي لكل حكم ميقاتًا وزمانًا معلومًا فإذا انتهى زمانه حل محله حكم آخر بأمره ونهيه سبحانه، فليس فيه تغيير في علمه الأزلي" [محمد أبو زهرة/ الإمام الصادق: ص241.]. قال تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة، آية: 106.].
وقد شنع عبد القاهر البغدادي على الشيعة؛ حيث "جعلت النسخ من قبيل البداء فزعمت أنه إذا أمر سبحانه بشيء ثم نسخه فإنما نسخه لأنه بدا له منه" [الملل والنحل: ص52.].(6/436)
وقد تمادت الشيعة في هذا الغي، وساق صاحب البحار بعض الروايات المنسوخة واعتبرها من قبيل البداء [بحار الأنوار: 93/83-84.]، مع أنه لا صلة للنسخ بالبداء [راجع أيضًا في التفريق بين النسخ والبداء والرد على أوهام الرافضة واليهود في عدم التفريق بينهما: الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس: ص44، المعتمد في أصول الفقه لأبي الحسين البصري: 1/368-369، الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي القيسي: ص98-99، الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم: 4/68-69، الآمدي/ الإحكام في أصول الأحكام: 3/109-112، دراسات الأحكام والنسخ في القرآن/ محمد حمزة: ص59.].
ثم إن ابن بابويه عاد في نهاية توجيهه لعقيدة البداء إلى القول بأن البداء "إنما هو ظهور أمر، يقول العرب: بدا لي شخص في طريقي أي: ظهر. قال الله عز وجل: {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر، آية: 47.] أي: ظهر لهم، ومتى ظهر لله تعالى ذكره من عبد صلة لرحمه زاد في عمره. ومتى ظهر له منه قطيعة لرحمه نقص من عمره" [التوحيد: ص336.].
فهذا عودة منه لتقرير ذلك المنكر في معتقدهم في البداء، بعد تلون وتقلب.
وزيادة عمر من وصل رحمه ليست من باب البداء، وظهور ما لم يكن في علم الله، بل صلة الرحم سبب لطول العمر، والله قدر الأجل وسببه فهو سبحانه "قدر أن هذا يصل رحمه فيعيش بهذا السبب إلى هذه الغاية، ولولا ذلك السبب لم يصل إلى هذه الغاية، ولكن قدر هذا السبب وقضاه، وكذلك قدر أن هذا يقطع رحمه فيعيش إلى كذا" [شرح الطحاوية: ص92.].
ولكن شيخ الطائفة الطوسي يسلك في تأويل البداء طريقًا أسلم من طريق ابن بابويه، حيث يقول: "قوله: بدا لله فيه معناه بدا من الله فيه، وهكذا القول في جميع ما يروي من أنه بدا لله في إسماعيل معناه أنه بدا من الله، فإن الناس كانوا يظنون في إسماعيل بن جعفر أنه الإمام بعد أبيه، فلما مات علموا بطلان ذلك" [الغيبة للطوسي: ص55.].(6/437)
هذا اعتذار الطوسي، ولا شك بأن البداء إذا كان للخلق بأن يقع لهم ما لم يحتسبوا، فليس فيه ما يمس العقيدة الإسلامية.
وقد تابع الطوسي في الاعتذار نفسه أحد مراجع الشيعة في هذا العصر وهو محمد حسين آل كاشف الغطا فقال: "البداء وإن كان في جوهر معناه هو ظهور الشيء بعد خفائه، ولكن ليس المراد به هنا ظهور الشيء لله جل شأنه وأي ذي حريجة ومسكة يقول بهذه المضلة، بل المراد ظهور الشيء من الله لمن يشاء من خلقه بعد إخفائه عنهم، وقولنا: (بدا لله) أي بدا حكم الله أو شأن الله" [الدين والإسلام: ص173.].
ولكن المطلع على رواياتهم لا يرى أنها تتفق مع هذا التأويل، إذ تدل على نسبة البداء إلى الله لا إلى الخلق، ولذلك اعتذر أئمتهم عن الإخبار بالمغيبات خشية البداء.. ونسبوا إلى نبي الله لوط أنه كان يستحث الملائكة لإنزال العقوبة بقومه خشية أن يبدو لله، ويقول: "تأخذونهم الساعة فإني أخاف أن يبدو لربي فيهم. فقالوا: يا لوط إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب" [فروع الكافي: 5/546.]. فهل مثل هذا "الإلحاد" يقبل التأويل؟!.
وجاء في الكافي ".. عن أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلام بعد مضي ابنه أبو جعفر وإني لأفكر في نفسي أريد أن أقول كأنهما أعني: أبا جعفر وأبا محمد في هذا الوقت كابي الحسن موسى وإسماعيل ابني جعفر بن محمد عليهم السلام، وإن قصتهما كقصتهما، إذ كان أبو محمد المرجي بعد أبي جعفر عليه السلام، فأقبل علي أبو الحسن قبل أن أنطق فقال: نعم يا أبا هاسم بدا لله في أبي محمد بعد أبي جعفر عليه السلام ما لم يكن يعرف له، كما بدا له في موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به عن حاله وهو كما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون" [أصول الكافي: 1/327.].(6/438)
فانظر إلى قوله "بدا لله.. ما يكن يعرف له.." تجد أنهم ينسبون "البداء" إلى الله صراحة، فهؤلاء القوم لا يرجون لله وقارًا، وقد اتخذوا من عقيدة البداء وسيلة لإبقاء فرصة الاختيار في أهل البيت، والرجوع عن الاختيار بدون تثريب عليهم من أتباعهم.. ولم يراعوا في هذه الحيلة حق الله جل شأنه، لأن واضعي هذه النصوص قد فرغت نفوسهم من خوف الله ورجائه. ثم إن التأويل للبداء بظهور الأمر للناس من الله لا يسوغ كل هذه المغالاة في البداء وجعله من أعظم الطاعات وأصول الاعتقادات، كما أن لفظ البداء يحمل معنى باطلاً في لغة العرب التي نزل بها القرآن، فكيف يعد أصل في الدين وهو بهذه المثابة، ويلتمس له تأويل ومخرجٌ؟!
استدلالهم على البداء:
وبعد أن استقرت مسألة البداء عندهم كعقيدة بمقتضى روايات الكليني وأضرابه، حاول شيخ الشيعة – كعادتهم – البحث في كتاب الله عن سند لدعواهم.
وكأنه لم يكفهم أن نسبوا هذه الفرية إلى الله، حتى زعموا أن كتاب الله أثبت فريتهم، فتعلقوا بقوله سبحانه: {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد، آية: 39.].
ويلحظ أن أول من استدل بهذه الآية على فرية البداء هو المختار بن أبي عبيد [انظر: ص(940).] وتابعه شيوخ الشيعة، ووضعوا روايات في ذلك أسندوها لبعض علماء آل البيت لتحظى بالقبول [انظر: أصل الكافي: 1/146، التوحيد لابن بابويه: ص333 وما بعدها.].(6/439)
واستدلالهم بهذه الآية على أن المحو والإثبات بداء شطط في الاستدلال، وتعسف بالغ، ذلك أن المحو والإثبات بعلمه وقدرته وإرادته، من غير أن يكون له بداء في شيء، وكيف يتوهم له البداء وعنده أم الكتاب، وله في الأزل العلم المحيط {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [الأنعام، آية: 59.]، {..وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [سبأ، آية: 3.].
وأمثالها من الآيات، وتوهم البداء لله تكذيب لكل هذه الآيات [وانظر في الرد عليهم أيضًا: المستصفى للغزالي: 1/110، مختصر الصواعق: 1/110، الأحكام للآمدي: 3/111.].
وقد اختلف المفسرون في المراد بالذي يمحو ويثبت على ثمانية أقوال (ابن الجوزي/ زاد المسير: 4/337-338) فمنهم من قال: يمحو الله ما يشاء من الشرائع وينسخه، ويثبت ما يشاء فلا ينسخه، قال شارح الطحاوية: والسياق أدل على هذا الوجه (شرح الطحاوية ص94).(6/440)
قال ابن جرير الطبري: "وأولى الأقوال التي ذكرت في تأويل الآية.. أن الله تعالى ذكره توعد المشركين الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات بالعقوبة، وتهددهم بها، وقال لهم: {وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد، آية: 38]. يعلمهم بذلك أن لقضائه فيهم أجلاً مثبتًا في كتاب هم مؤخرون إلى وقت ذلك الأجل، ثم قال لهم: فإذا جاء ذلك الأجل يجيء الله بمن شاء ممن قد دنا أجله، وانقطع رزقه.. فيقض ذلك في خلقه، فذلك محوه، ويثبت ما شاء ممن بقي أجله ورزقه.. فيتركه على ما هو عليه فلا يمحوه" (تفسير الطبري: 13/170).
ورجح بعضهم عموم المحو والإثبات في جميع الأشياء (انظر: فتح القدير: 3/88). واعترض ابن جزي على من قال بالعموم في تأويل الآية بقوله: "وهذا ترده القاعدة المتقررة أن القضاء لا يبدل وأن علم الله لا يتغير" (التسهيل 2/136).
ولكن قال الشوكاني: بأن القول بالعموم لا ينافي ذلك "لأن المحو والإثبات هو من جملة ما قضاه الله وقدره" (فتح القدير: 3/88).
ورجح القاسمي أن المراد: الآيات (التي تسمى المعجزات) (انظر: تفسير القاسمي: 13/372-373).
وانظر أيضًا في تأويل الآية: تفسير البغوي: 3/22-23، تفسير ابن كثير: 2/559-561، تفسير الألوسي: 13/ 169-172، السعدي/ تيسير الكريم الرحمن: 4/116-117.
هذه أقوال مفسري المسلمين في تأويل الآية، لم يقل أحد منهم بمثل شناعة الرافضة.].
وقد بين الله تعالى في آخر الآية أن كل ما يكون منه من محو وإثبات وتغيير، واقع بمشيئته ومسطور عنده في أم الكتاب [عبد الرزاق عفيفي/ في تعليقه على الإحكام للآمدي: 3/111 (الهامش).].
روايات في كتب الاثني عشرية تنقض عقيدة البداء:(6/441)
إن نقض الخصم كلامه بنفسه، من أبلغ النقض، لأنه يقضي على نفسه بسلاحه، وإن ظهور تناقضه من أوضح أمارات بطلان معتقده، وأنت تجد في كتب الاثني عشرية روايات عن الأئمة ترمي من قال بالبداء بالخزي، وتناقض ما سلف من روايات.
وهذه الروايات قد تكون روايات وثيقة الصلة بعلماء آل البيت لأنها تعبر عن المعنى الحق وهو ما يليق بأولئك الصفوة، وقد تكون من آثار الشيعة المعتدلة بقيت آثارها في كتب الاثني عشرية، ولا يبعد أن تكون هذه الروايات ستارًا وضعه أولئك الزنادقة على عقيدتهم في البداء.
وعلى أية حال فإن إثبات مثل هذه الروايات تبين مدى تناقض هذه الطائفة في رواياتها، وأن دينها قائم على الأخذ بالجانب الشاذ، والمخالف للجماعة من أخبارهم، لأن ما خالف الجماعة ففيه الرشاد كما هو قانون أولئك الزنادقة، الذي يخرج من أخذ به عن الدين رأسًا.
جاء في كتاب التّوحيد لابن بابويه: ".. عن منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله – عليه السّلام – هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله تعالى بالأمس؟ قال: لا، من قال هذا فأخزاه الله، قلت: أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله؟ قال: بلى، قبل أن يخلق الخلق" [التّوحيد: ص334، أصول الكافي: 1/148 رقم (10)، وانظر قريبًا من هذا المعنى رواية أخرى في الكافي: 1/148 (رقم9).].
ولا شك بأن عقيدة البداء بمقتضى معناها اللّغوي، وبموجب روايات الاثني عشريّة، وحسب تأويل بعض شيوخهم تقتضي أن يكون في علم الله اليوم ما لم يكن في الأمس.
وحسب الاثني عشرية عارًا وفضيحة أن تنسب إلى الحق جل شأنه هذه العقيدة، على حين تبرئ أئمتها منها، فإذا وقع الخلف في قول الإمام نسبت ذلك إلى الله لا إلى الإمام.(6/442)
وإذا رجعت إلى معتقدهم في توحيد الألوهية والربوبية، والأسماء والصفات، وجدت أن الإمام قد حل محل الرب سبحانه في قلوبهم وعقولهم، بتأثير ذلك الركام المظلم من الأخبار.. فعقيدة البداء أثر لغلوهم في الإمام.
الفصل الثامن
الطينة
هذه العقيدة من مقالاتهم السرية، وعقائدهم التي يتواصون بكتمانها حتى من عامتهم، لأنه لو اطلع العامي الشيعي على هذه العقيدة "تعمد أفعال الكبار لحصول اللذة الدنيوية، ولعلمه بأن وبالها الأخروي إنما هو على غيره" [انظر: الأنوار النعمنية: 1/295.].
وكانت هذه المقالة موضع إنكار من بعض عقلاء الشّيعة المتقدّمين كالمرتضى وابن إدريس، لأنّها في نظرهم وإن تسللت أخبارها في كتب الشيعة إلا "أنّها أخبار آحاد مخالفة للكتاب والسّنّة والإجماع فوجب ردّها" [الأنوار النّعمانيّة: 1/293.].
لكن هذه الأخبار تكاثرت على مر الزمن حتى قال شيخهم نعمة الله الجزائري (ت1112ه): "إنّ أصحابنا قد رووا هذه الأخبار بالأسانيد المتكثّرة في الأصول وغيرها، فلم يبق مجال في إنكارها، والحكم عليها بأنّها أخبار آحاد، بل صارت أخبارًا مستفيضة، بل متواترة" [الأنوار النّعمانيّة: 1/293.]، قال هذا في الرد على من أنكرها من شيوخهم السابقين.
والذي تولى كبر إرساء هذه العقيدة – فيما يظهر – هو شيخهم الكليني الذي بوّب لها بعنوان "باب طينة المؤمن والكافر"، وضمّن ذلك سبعة أحاديث في أمر الطّينة [أصول الكافي: 2/ 2-6.].
ثمّ ما زالت تكثر هذه الأخبار من بعد الكليني حتى سجّل منها شيخهم المجلسي سبعة وستّين حديثًا في باب عقده بعنوان "باب الطّينة والميثاق" [بحار الأنوار: 5/225-276.].
وكأن القارئ يتطلع إلى معرفة تفاصيل هذه المقالة التي تجعل الشيعي يعتقد بأن كل بائقة يرتكبها فذنبها على أهل السنة، وكل عمر صالح يعمله أهل السنة فثوابه للشيعة، ولذلك فإن شيوخ الشيعة يكتمون ذلك عن عوامهم حتى لا يفسدوا عليهم البلاد والعباد.(6/443)
هذه العقيدة أوسع تفصيل لها هو رواية ابن بابويه في علل الشّرائع حيث استغرقت عنده خمس صفحات وختم بها كتابه [علل الشّرائع: ص606-610.]، ورأى بعض شيوخهم المعاصرين أنّ هذا كمسك الختام فقال: "إنّه ختم بهذا الحديث الشّريف كتاب علل الشّرائع" [بحار الأنوار (الهامش): 5/233.].
وملخص ذلك يقول بأنّ الشّيعي خلق من طينة خاصّة والسّنّي خلق من طينة أخرى، وجرى المزج بين الطينتين بوجه معين، فما في الشّيعي من معاصٍ وجرائم هو من تأثّره بطينة السّنّيّ، وما في السّنّيّ من صلاح وأمانة هو بسبب تأثّره بطينة الشّيعي، فإذا كان يوم القيامة فإنّ سيّئات وموبقات الشّيعة تُوضع على أهل السّنّة، وحسنات أهل السّنّة تُعطى للشّيعة.
وعلى هذا المعنى تدور أكثر من ستّين رواية من رواياتهم.
ويمكن أن يستنبط سبب القول بهذه العقيدة من الأسئلة التي وجهت للأئمة، والشكاوى التي رفعت إليهم، فالشيعة يشكون من انغماس قومهم بالموبقات والكبائر، ومن سوء معاملة بعضهم لبعض، ومن الهم والقلق الذي يجدونه ولا يعرفون سببه.
ولكن يعزو إمامهم ذلك كله لتأثر طينة الشيعي بطينة السني في الخلقة الأولى.
ولنستمع إلى بعض هذه الأسئلة المثيرة التي تكشف واقع المجتمع الشيعي المغلق:(6/444)
روى ابن بابويه بسنده: "عن أبي إسحاق اللّيثي قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر – عليه السّلام -: يا بن رسول الله، أخبرني عن المؤمن المستبصر [يعني الرّافضي.] إذا بلغ في المعرفة وكمل هل يزني؟ قال: اللّهمّ لا، قلت: فيشرب الخمر؟ قال: لا، قلت: فيأتي بكبيرة من هذه الكبائر أو فاحشة من هذه الفواحش؟ قال: لا..، قلت: يا ابن رسول الله، إنّي أجد من شيعتكم من يشرب الخمر، ويقطع الطّريق، ويخيف السّبيل، ويزني، ويلوط، ويأكل الرّبا، ويرتكب الفواحش ويتهاون بالصّلاة والصّيام، والزّكاة، ويقطع الرّحم، ويأتي الكبائر، فكيف هذا ولِمَ ذاك؟ فقال: يا إبراهيم، هل يختلج في صدرك شيء غير هذا؟ قلت: نعم يا ابن رسول الله أخرى أعظم من ذلك، فقال: وما هو يا أبا إسحاق؟ قال: فقلت: يا ابن رسول الله، وأجد من أعدائكم ومناصبيكم [يشير إلى أهل السنة.] من يكثر من الصلاة والصيام ويخرج الزكاة ويتابع بين الحج والعمرة، ويحرص على الجهاد، ويأثر – كذا – على البر، وعلى صلة الأرحام، ويقضي حقوق إخوانه، ويواسيهم من ماله، ويتجنب شرب الخمر والزنا، واللواط وسائر الفواحش، فما ذاك؟ ولِمَ ذاك؟ فسّره لي يا ابن رسول الله وبرهنه وبينه، فقد والله كثر فكري وأسهر ليلي، وضاق ذرعي" [علل الشرائع: ص606-607، بحار الأنوار: 5/228-229.].
هذا واحد من الأسئلة والشكاوى التي تكشف انزعاج الشيعة من واقعهم المليء بالمعاصي والموبقات بالمقارنة بواقع سلف هذه الأمة، وأئمة أهل السنة ومعظم عامتهم من تقى وأمانة وصلاح، وقد أجيب السائل بمقتضى عقدية الطينة وهي أن المعاصي الموجودة عند الشيعة هي بسبب طينة أهل السنة، والأعمال الصالحة التي تسود المجتمع السني بسبب طينة الشيعي.(6/445)
ويأتي سائل آخر يدعى إسحاق القمي فيقول لأبي جعفر الباقر: "جعلت فداك أرى المؤمن الموحد الذي يقول بقولي، ويدين الله بولايتكم، وليس بيني وبينه خلاف، يشرب السكر، ويزني، ويلوط، وآتيه في حاجة واحدة فأصيبه معبس الوجه، كالح اللون، ثقيلاً في حاجتي، بطيئًا فيها، وقد أرى الناصب المخالف لما أنا عليه، ويعرفني بذلك [أي يعرف أنه رافضي.]، فآتيه في حاجة، فأصيبه طلق الوجه، حسن البشر، متسرعًا في حاجتي، فرحًا بها، يحب قضاءها، كثير الصلاة، كثير الصوم، كثير الصدقة، يؤدي الزكاة، ويُستودَع فيؤدي الأمانة" [علل الشرائع: 489-490، بحار الأنوار: 5/246-247.].
فهذا السائل يزيد عن سابقه بشكواه من سوء معاملة أصحابه، وجَفاء طبعهم، وقلة وفائهم، على حين يجد أهل السنة وهم خصومه أحسن له من أصحابه وأقضى للحاجة، وأفضل في الخلق والمعاملة والعبادة.
وقريب من ذلك ما شكاه بعض الشيعة إلى أبي عبد الله فقال: "أرى الرجل من أصحابنا ممن يقول بقولنا خبيث اللسان، خبيث الخلطة، قليل الوفاء بالميعاد فيغمني غمًا شديدًا، وأرى الرجل من المخالفين علينا حسن السمت، حسن الهدي [الهدي: الطريقة، السيرة (بحار الأنوار: 5/251).]، وفيًا بالميعاد فأغتم غمًا" [البرقي/ المحاسن: ص137-138، بحار الأنوار: 5/251.].
ويأتي سائل رابع يشكو ما يجده من قلق وهم لا يعرف له تفسيرًا. تقول روايتهم: "عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله، ومعي رجل من أصحابنا فقلت له: جعلت فداك يا ابن رسول الله، إني لأغتم وأحزن من غير أن أعرف لذلك سببًا.." [بحار الأنوار: 5/242، وعزاه إلى علل الشرائع: ص42.].
ويبدو أن مصدر القلق تلك العقيدة غير الواضحة والمستقرة التي تأخذ بها الروافض، ولكن "إمامه" يفسر هذا القلق بمقتضى عقيدة الطينة.(6/446)
هذه الأسئلة والشكاوى وغيرها كثير [تجدها في أبواب الطينة في الكافي والبحار، وسيأتي «نماذج» أخرى في باب أثر الشيعة في العالم الإسلامي.] توضح طبيعة التركيبة الشيعية في نفسيتها، وعلاقاتها، وخلقها، ومعاملاتها ودينها..
وقد احتال شيوخ الشيعة لمواجهة هذا الإحساس الذي ينتاب بعض الصادقين من الشيعة، إزاء هذه الظواهر المقلقة والمخيفة فكانت محاولة الخروج من إلحاح هذه التساؤلات والشكاوى بقولهم بهذه العقيدة.
ولنستمع إلى بعض الأجوبة على تلك الشكاوى [والجواب المذكور هو على السؤال الذي قالوا إنه سأله إسحاق القمي، وقد مضى نصه: ص(958)، وباقي الأجوبة نكتفي بما مضى من إحالات عليها، خشية الإطالة والتكرار، لأنها ترجع في النهاية إلى معنى واحد ونتيجة واحدة غالبًا.]. يقول (إمامهم): "يا إسحاق (راوي الخبر) ليس تدرون من أين أوتيتم؟ قلت: لا والله، جعلت فداك إلا أن تخبرني، فقال: يا إسحاق، إن الله – عز وجل – لما كان متفردًا بالوحدانية ابتدأ الأشياء لا من شيء، فأجرى الماء العذب على أرض طيبة طاهرة سبعة أيام مع لياليها، ثم نضب [أي نشح ماؤه ونشف. (بحار الأنوار: 5/230/ هامش3).] الماء عنها فقبض قبضة من صفاوة ذلك الطين وهي طينتنا أهل البيت، فلو أن طينة شيعتنا تركت كما تركت طينتنا لما زنى أحد منهم، وسرق، ولا لاط، ولا شرب المسكر ولا اكتسب شيئًا مما ذكرت، ولكن الله – عز وجل – أجرى الماء المالح على أرض ملعونة من حمأ مسنون [الحمأ: الطين الأسود والمتغير، والمسنون: المنتن. (بحار الأنوار: 5/247، هامش2).]، وهي طينة خبال [الخبال: الفساد، النقصان، (بحار الأنوار: 5/247، هامش رقم3).]، وهي طينة أعدائنا، فلو أن الله – عز وجل – ترك طينتهم كما أخذها لم تروها في خلق الآدميين، ولم يقرّوا بالشهادتين، ولم يصوموا ولم يصلوا، ولم يزكوا، ولم يحجوا البيت، ولم تروا أحدًا منهم بحسن خلق، ولكن الله – تبارك وتعالى – جمع الطينتين – طينتكم(6/447)
وطينتهم – فخلطهما وعركهما عرك الأديم، ومزجهما بالماءين فما رأيت من أخيك من شر لفظ، أو زنا، أو شيء مما ذكرت من شرب مسكر أو غيره، ليس من جوهريته وليس من إيمانه، إنما هو بمسحة الناصب اجترح هذه السيئات التي ذكرت، وما رأيت من الناصب من حسن وجه وحسن خلق، أو صوم، أو صلاة، أو حج بيت، أو صدقة، أو معروف فليس من جوهريته، إنما تلك الأفاعيل من مسحة الإيمان اكتسبها وهو اكتساب مسحة الإيمان.
قلت: جعلت فداك فإذا كان يوم القيامة فَمَهْ؟ قال لي: يا إسحاق أيجمع الله الخير والشر في موضع واحد؟ إذا كان يوم القيامة نزع الله – عزّ وجلّ – مسحة الإيمان منهم فردّها إلى شيعتنا، ونزع مسحة النّاصب بجميع ما اكتسبوا من السّيّئات فردّها على أعدائنا، وعاد كلّ شيء إلى عنصره الأوّل.
قلت: جعلت فداك تُؤخذ حسناتهم فتردّ إلينا، وتُؤخذ سيّئاتنا فتردّ إليهم؟ قال: إي والله الذي لا إله إلا هو [علل الشّرائع: ص490-491، بحار الأنوار: 5/247-248.].
هذه عقيدة الطينة عندهم، وقد جاء في سياق رواية القمّي في أوّلها قوله: "خذ إليك بيانًا شافيًا فيما سألت، وعلمًا مكنونًا من خزائن الله وسرّه" [علل الشّرائع: ص607، بحار الأنوار: 5/229.].
وجاء في خاتمتها: "خذها إليك يا أبا إسحاق، فوالله إنّه لَمِن غرر أحاديثنا، وباطن سرايرنا، ومكنون خزائننا، وانصرف ولا تطلع على سرّنا أحدًا إلا مؤمنًا مستبصرًا، فإنّك إن أذعت سرّنا بليت في نفسك ومالك وأهلك وولدك" [علل الشّرائع: ص610، بحار الأنوار: 5/233.].
فهي – كما ترى – عقيدة سرية في إبّان قوة الدولة الإسلامية، يؤكَّد على سريتها في بدايتها ونهايتها، فهل خطر ببال مخترع هذه العقيدة أنها ستقع في أيدي أهل السنة، ويعلنونها أمام الملأ كإحدى الفضائح..؟
نقد هذه العقيدة:(6/448)
أولاً: إن هذه الرّوايات ناقضت نفسها بنفسها، فالشّيعي كما ترى في عرض الشّكاوى والأسئلة هو أغرق في الجريمة، وأكثر إيغالاً في المعاصي والموبقات، وأسوأ معاملة، وأردأ خلقًا ودينًا، فكيف يكون مَنْ هذه حاله أفضل طينة، وأطهر خلقة؟
ثانيًا: قد خلق الله سبحانه النّاس جميعًا على فطرة الإسلام، قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الرّوم، آية:30.].
والتّفريق بينهما ممّا شذّت به أساطير الشّيعة.
ثالثًا: ناقضت الشّيعة في أخبار الطّينة مذهبها في أفعال العباد؛ لأنّ مقتضى هذه الأخبار أن يكون العبد مجبورًا على فعله وليس له اختيار له؛ إذ أفعاله بمقتضى الطّينة. مع أنّ مذهبهم أنّ العبد يخلق فعله كمذهب المعتزلة [انظر: ص(638)، وما بعدها.].
رابعًا: تقرر أخبار طينتهم « أن موبقات الشيعة وأوزارها يتحملها أهل السنة، وحسنات المسلمين جميعًا تعطى للشيعة، وهذا مخالف للعدل الرّباني ولا يتفق مع العقل الصريح ولا الفطرة السليمة، فضلاً عن نصوص الشرع وأصول الإسلام، قال تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام، آية: 164، فاطر، آية:18، والزّمر، آية:7.]، وقال – عز وجل -: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: آية: 21.]. وقال – عز وجل -: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [الطّور: آية:21.]، وقال – تعالى -: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة، الآيتان: 7، 8.]، وقوله – سبحانه -: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [غافر، آية: 17.] وغيرها كثير.
وهذه المقالة ظاهرة البطلان، يكفي مجرد تصورها لمعرفة فسادها، وهي من فضائح المذهب الاثني عشري وعوراته.(6/449)
ولا يستحي الشيعة إلى اليوم من التجاهر بهذه العقيدة وإعلانها، فتجد أخبار هذه «الفرية» في بحار الأنوار [الأنوار النّعمانيّة: 1/287، تعليقه رقم(1).]، والأنوار النّعمانيّة [بحار الأنوار: 5/233، هامش (3).]، يعلق عليها المحقق الشيعي بما يؤكد رضاه عن هذه الأساطير واعتقادها.
وإذا لم تستح فاصنع ما شئت.
الجزء الثالث
الباب الرابع
الشيعة المعاصرون وصلتهم بأسلافهم
ويشتمل علي أربعة فصول:
الفصل الأول: الصلة في مصادر التلقي.
الفص الثاني: صلتهم بالفرق القديمة.
الفصل الثالث: الصلة العقدية بين القدامى والمعاصرين.
الفصل الرابع: دولة الآيات.
الباب الرابع
الشعية المعاصرون وصلتهم بأسلافهم
تمهيد:
سأتناول بمشيئة الله في هذا الباب بيان مذهب المعاصرين من الاثني عشرية، ولذلك لا تجد فيه إلا كلام هؤلاء المعاصرين، اللهم إلا ما جاء عرضاً في مناقشة بعض الأقوال، وأعني بالمعاصرين، من عاش في المائة سنة الأخيرة من زمننا.
وسأوضح مدى موافقتهم ورضاهم عن مصادرهم القديمة التي ورد فيها تلك الطامات التي مرَّ ذكر جملة منها.
ونوع علاقتهم بالفرق الشيعية القديمة، وهل هي علاقة رضى وقبول أو رفض وإنكار؟
ثم أوضح جملة من آرائهم العقدية؛ ليتبين من خلالها هل حدث تغير في المذهب الاثني عشري في هذا العصر.
ثم يكون الحديث بعد هذا عن "دولة الآيات" وحقيقة التشيع من خلالها.
الفصل الأول
الصلة في مصادر التلقي
إن وحدة مصادر التلقي هي العامل الأول والأخير في اتفاق الاعتقاد والوجهة عند أية طائفة من الطوائف.. وهي التي تصل اللاحقين بالسابقين.(6/450)
والشعية المعاصرون قد اعتمدوا في التلقي على أصولهم القديمة المجموعة في الكتب الأربعة الأولى، وهي: الكافي، والتهذيب، والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه. كما قرر ذلك طائفة من شيوخهم كآغا بزرك الطهراني في الذريعة [الذريعة: 17/245.]، ومحسن الأمين في أعيان الشيعة [أعيان الشيعة: 1/280.]، وغيرهما [انظر: مقدمة سفينة البحار.].
قال شيخهم وآيتهم في هذا العصر عبد الحسين الموسوي عن كتبهم الأربعة: "وهي: الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه، وهي متواترة، ومضامينها مقطوع بصحتها، والكافي أقدمها وأحسنها وأتقنها" [المرجعات: ص311 (المراجعة 110).].
فبعد هذا هل يختلف المعاصرون عن طبقة الكليني وأمثالها من الغابرين وهم يرجعون إلى مَعِين واحد ومصدر واحد؟
بالطبيعي لن يختلفوا، ولا سيما في الأصول الأساسية، لكن الأمر لم يقتصر على هذا الحد.
بل عدّ شيوخهم المعاصرون ما جمعه متأخروهم في القرن الثاني عشر والثالث عشر والتي كان آخرها ما جمعه شيخهم النوري المتوفى سنة (1320ه) في مستدرك الوسائل – عدوها مصادر للتلقي سموها "الكتب الأربعة المتأخرة"، وبغض النظر عن اعتمادهم لروايات سجلت في القرن الرابع عشر عن الأئمة في العصر الأول.
وما يقال في ذلك، فإن تلك الكتب – ما عدا مستدرك الوسائل – قد ألفت وجمعت إبان الحكم الصفوي، لذلك حوت من الغلو والبلاء ما لم يخطر ببال الشيعة السابقين كما ترى في البحار للمجلسي، وأصبحت – مع ذلك – عمدة عند شيعة هذا العصر، وهذا يعني بطبيعة الحال تطوراً خطيراً عند المعاصرين ينقلهم إلي دركات من الضلال والتطرف.
وليس ذلك فحسب، بل إن المعاصرين اعتمدوا عشرات المصادر التي وصلتهم منسوبة لسابقيهم واعتبروها في المنزلة والاحتجاج كالكتب الأربعة الأولى. كما تجد ذلك في مقدمات تلك المصادر، وهذا منهم متابعة لشيخ الدولة الصفوية المجلسي الذي عدها في "بحاره" بهذه المنزلة.(6/451)
وليس هذا فقط، بل إن بعض المصادر الإسماعيلية قد أصبحت عمدة عند المعاصرين من الاثني عشرية مثل كتاب "دعائم الإسلام" للقاضي النعمان بن محمد بن منصور، المتوفى سنة (363ه) وهو إسماعيلي كما تؤكد ذلك بعض مصادر الاثني عشرية نفسها [قال الشيعي الاثنا عشري ابن شهراشوب (588ه): القاضي النعمان بن محمد ليس بإمامي (معالم العلماء ص139). وأنت تلاحظ أن الاثني عشرية - كما سلف - تعتبر من ينكر إماماً من الأئمة كمن جحد كمن جحد نبوة أحد الأنبياء، أي: أنه كافر، والإسماعيلي ينكر إمامة كل الأئمة بعد جعفر الصادق.. ومع ذلك تتلقى الأثنا عشرية عن الإسماعيلية، ومعنى ذلك أنها تتلقى دينها من كفار.]. ومع ذلك فإن كبار شيوخهم المعاصرين يرجعون إليه [مثل الخميني في كتابه "الحكومة الإسلامية" انظر: ص67 من الحكومة.].
ويشير بعض علماء الاثني عشرية المعاصرون إلى وحدة الأصل في التلقي بين الإسماعيلية والاثني عشرية فيقول: "وإذا لم يكن الفاطميون على المذهب الاثني عشري فإن هذا المذهب قد اشتد أزره ووجد منطلقاً في عهدهم فقد عظم نفوذه ونشط دعاته... ذلك أن الاثني عشرية والإسماعيلية وإن اختلفوا من جهات، فإنهم يلتقون في هذه الشعائر بخاصة في تدريس علوم آل البيت والتفقة بها وحمل الناس عليها [محمد جواد مغنية/ الشيعة في الميزان: ص 163.].
وقد جاء في دائرة المعارف عن انفتاح الاثني عشرية على الغلاة هذا القول: "على أن الحدود لم تقفل تماماً أمام الغلاة، يدل على ذلك التقدير الذي دام طويلاً للكتاب الأكبر للإسماعيلية وهو كتاب "دعائم الإسلام" " [دائرة المعارف الإسلامية: 14/72.].
ومن يطالع بعض الكتب الإسماعيلية يرى وفاقاً في جملة من الروايات بين الطائفين [من الأمثلة لذلك أنه يرد حديثهم "من لم يؤمن برجعتنا فليس منا" في كتب الإسماعيلية. انظر: ص49 من مسائل مجموعة ضمن كتاب "أربعة كتب إسماعيلية"، كما جاء ذلك في كتب الاثني عشرية: ص 46.].(6/452)
وهذا كله يعني أن هذه الطائفة في العصر الحاضر قد وضعت نفسها في بحر مظلم عميق تتقلب بها أمواجه، حينما ارتضت أن تضع معظم ما وصلها من كتب السابقين مصادر معتمدة لها.
وقد قامت في هذا العصر حركة نشطة لبعث التراث العشبي القديم وتعريف الناس به وترويجه بينهم. وهذا التراث مليء بالطعن في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومليء باللعن والتفكير والتخليد بالنار لرجال الصدر الأول للإسلام، وفي مقدمتهم الخلفاء الثلاثة، وبعض أمهات المؤمنين ومن معهم المهاجرين والأنصار ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه بنص القرآن.
وحركة النشر هذه قام بها علماء من أشهر مجتهدي الشيعة في هذا العصر وعلى كثير من هذه الكتب تصحيحاتهم، وتعليقاتهم وتقريضاتهم، ومع هذا لم نر اعتراضاً ولا انتقاداً من أحد منهم لما في هذه الكتب من كفر وإلحاد، أليس في ذلك إقراراً من هؤلاء لما فيها؟
وقد توجه د. علي السالوس إلي أحد علماء الشيعة المعاصرين وسأله عن رأيهم فيما اشتمل عليه أصول الكافي من روايات طافحة بالغلو فأجابه – كتابة بخطه -:
"أما الروايات التي ذكرها شيخنا الكليني في كتابة الكافي فهي موثوقة الصدور عندنا.. وما ورد في الكافي أن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل، وأنهم إذا شاء أن يعلموا علموا، ويعلمون متى يموتون ولا يموتون إلا باختيار منهم، ويعلمون علم ما كان وما يكون ولا يخفى عليهم الشيء، لاشك أنهم أولياء الله وعباده الذين أخلصوا في الطاعة، ثم ذكر قولاً عن أئمتهم وهو: "قولوا فينا ما شئتم ونزهونا عن الربوبية" [حديث لكاظم الكفائي نشرة علي السالوسي بخط الكفائي. (انظر: فقة الشيعة: ص265).].(6/453)
وهذا لا يحتاج إلى تعليق إذ أقر وصف أئمته بما لا ينبغي إلا للخالق جل شأنه، وليس هذا هو رأي الكفائي وحده في مضامين أصول الكافي المتضمنة للغلو في الأئمة، بل للخنيزي الذي ألف كتاباً يدعو فيه إلى وحدة أهل السنة والإمامية جواب عن هذه المسائل لا يخالف جواب الكفائي في حقيقته [أبو الحسن الخنيزي/ الدعوة الإسلامية: 1/27-28.]، مع أنه يقرر ذلك في كتاب قد وضع بأسلوب التقية؛ لأنه منشور للدعوة للوحدة المزعومة بينهم وبين أهل السنة، والتي هي في حقيقتها تبشير بالرفض في صفوف أهل السنة.
وكذلك أجاب شيخهم الآخر لطف الله الصافي على محب الدين الخطيب الذي عرض في خطوطه العريضة بعض عناوين أبواب أبواب الكافي الطافحة بالغلو [انظر الخطوط العريضة: ص 29.]، فقال الصافي: بأن الأبواب المعنونة في الكافي ليست إلا عناوين لبعض ما ورثوا عن جدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم [مع محب الدين في خطوطه العريضة: ص 149.].
بل إن تلك المصنفات التي حوت ذلك الغلو هي موضع الفخر والتباهي عند المعاصرين.
استمع لأحد آياتهم يتحدث عما تركه أئمته من آثار تدل بزعمه على إمامتهم يقول: "إن لهم آثاراً تدل على تلك الإمامة المقصودة، ولا أريد أن أدلك على مجاميع عديدة رويت عنهم وألفت في عصورهم أو ما قاربها.. أمثال تحف العقول، وبصائر الدرجات، والخرائج والجرائح، واحتجاج الطبرسي، والخصال والتوحيد للصدوق.. إلى ما يكثر تعداده. بل إنما أريد أن أدلك على أثر واحد جامع، وفيه القدح المعلى لكل إمام، ألا وهو أصول الكافي لثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني، وقد ألّف هذا الكتاب النفيس في عشرين عاماً وأثبت فيه لكل إمام في كتبه وأبوابه من الأحاديث ما ينبيك على أن ذلك الفرات السائغ يمتد من ينبوع الفيض الإلهي، وإن الناس فارغة الحقائب عن مثل تلك النفائس" [الشيعة والإمامة/ لمحمد رضا المظفر: ص 101.].(6/454)
ثم مضى يعظم من أمر أصول الكافي حتى طلب من القارىء أن يراجع أبوابه ليعرف الحقيقة [مع محب الدين الخطيب في خطوطه العريضة: ص 102.].
وقد ثبتت الحقيقة – فيما مر من فصول – أن هذا الكافي قد جمع من الغلو والكفر ما لا يخطر بالبال، ويكفي النظر في أبوابه فضلاً عن مراجعة أخباره.
الفصل الثاني
صلتهم بالفرق القديمة
ما صلة هؤلاء بالفرق الشيعية القديمة التي يرد ذكرها في كتب الفرق والمقالات؟
لقد لاحظت أن شيوخ الشيعة المعاصرين و"آياتها" إذا تحدثوا عن طائفتهم ورجالها ودولها نسبوا لها كل الفرق والدول والرجال المنتمين للتشيع، وإن كانوا من الإسماعيلية والباطنية، أو من الزنادقة الدهرية، أو من المجسمة الغلاة.
فهم إذا تحدثوا – مثلاً - عن دول الشيعة ذكروا الدولة الفاطمية في صدر دولهم مع أنها غير اثني عشرية [انظر: الشيعة في الميزان، مبحث دول الشيعة: ص 127 وما بعدها، وانظر: أعيان الشيعة: 1/44-45، وانظر: دول الشيعة/ لمحمد جواد مغنية.].
وإذا جاء ذكر رجالهم رأيت منهم كثيراً من رؤوس الضلال والزندقة ممن تنسب إليهم فرق خاصة ليست من الاثني عشرية، بل تحمل النسبة لأسمائهم بأعيانها.
لهذا ترى – على سبيل المثال – شيخ الشيعة محسن الأمين يقول عن الهشامية أتباع هشام بن الحكم، واليونسية أتباع يونس بن عبد الرحمن القمي، والشيطانية أتباع محمد بن النعمان شيطان الطاق وغيرهم: "أنهم عند الشيعة الإمامية كلهم ثقات صحيحو العقيدة فكلهم إمامية واثنا عشرية" [أعيان الشيعة 1/21.].
بل الأخطر من ذلك أننا نجد الاثني عشرية تحاول أن تحتضن كل فرقة تنتسب إلى التشيع، وإن كانت من فرق الكفر باعتراف كتب الشيعة القديمة نفسها.
فتلحظ - مثلاً – أنهم يضفون صفة الشرعية على بعض الغلاة الكفرة باتفاق المسلمين كالنصيرية.(6/455)
وقد كتب أحد علماء الاثني عشرية المعاصرين وهو المدعو حسن الشيرازي رسالة سماها (العلويون شيعة أهل البيت) - والعلويون لقب للنصيرة - وذكر في رسالته هذه أنه التقى بالنصيريين في سوريا ولبنان، وذلك بأمر من مرجعهم الديني محمد الشيرازي وقال: بأنه وجدهم كما يظن من شيعة أهل البيت الذين يتمتعون بصفاء الإخلاص وبراءة الالتزام بالحق، وينتمون إلى علي بن أبي طالب بالولاية، وبعضهم ينتمي إليه بالولاية والنسب... وقال بأن العلويين والشيعة كلمتان مترادفتان مثل كلمتي الإمامية والجعفرية [حسن الشيرازي/ العلويون شيعة أهل البيت: ص 2-3.].
هذا ولم ينكر على هذا الشيرازي أحد من شيوخ الاثني عشرية، مع أنه قد عرف واشتهر عن النصيرية الكفر والزندقه [انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 35/145 وما بعدها.]، بل إن كتب الشيعة القديمة تكفر النصيرية وتعتبرها فرقة خارجة عن الإسلام [انظر ذلك في بحار الأنوار: 25/285.].
والمعاصرون يرونها من الجعفرية وإن تسمت بغير هذا الاسم. وذهب بعض كبار مراجع الشيعة في هذا العصر إلى أنه لا يوجد اليوم على ظهر الأرض فرقة من الفرق الغالية مع وجود النصيرية والدروز والأغاخانية وغيرها، فكأنه يحكم علية بعدم الغلو.
يقول محمد حسين آل كاشف الغطا:
"إن جميع الفرق الغالية قد بادت ولا يوجد منها اليوم نافخ ضرمة" [أصل الشيعة وأصولها ص38، وانظر: دعوة التقريب: ص75.].
وقد علق د. سليمان دنيا –رحمة الله -على ذلك بقوله: "فيما يكون الأغاخانية، أليسوا قائلين بالحلول؟! أم ليسوا مع قولهم بالحلول ملاحدة؟! أم ليسوا منتسبين إلى الشيعة، ثم أليسوا على رقعة الأرض اليوم [بين السنة والشيعة: ص37.].
والواقع أن أسماء الكثير من الفرق الشيعية قد اختفى وبقيت آراؤها وعقائدها في كتب الاثني عشرية.(6/456)
والمعاصرون اليوم حينما يقررون أن الكتب الثمانية وما في منزلتها هي مصادرهم في التلقي، إنما هم بهذا يرتضون كل آراء وعقائد الفرق الشيعية التي وجدت علي مدار التاريخ.. ذلك أن هذه المدونات هي النهر الذي انسكبت فيه كل الجداول والروافد الشيعية الأخرى، وهذه حقيقة واقعة شواهدها كثيرة؛ حيث نلاحظ أنه ما من عقيدة من عقائد تلك الفرق إلا ولها شاهد ودليل في كتب الاثني عشرية.
فأنت تلاحظ أن عقيدة البداء اعتبرها أصحاب الفرق من عقائد الغلاة [انظر: الشهرستاني/ الملل والنحل: 1/173.] ونسبوها للمختارية [المختارية: أتباع المختار بن أبي عبيد الثقفي، ومن مذهبه أنه يقول بالبداء على الله تعالى (الملل والنحل: 1/147-148). وانظر: التعريف بالكيسانية.]، ومع ذلك - كما مر - قد ورد في صحيحهم الكافي ستة عشر حديثاً في البدء، وفي البحار في باب البدء والنسخ أكثر من سبعين حديثاً، وصار البداء من عقائد الاثني عشرية، وإن حاول شيوخهم أن يلتمسوا مخلصاً لينجو من تكفير المسلمين لهم لقولهم بهذه العقيدة الضالة.
ومثل ذلك عقيدة الرجعة اعتبروها من عقائد الغلاة.
وقد ذكرت كتب السنة، واعترفت الكتب الاثني عشرية أن الرجعة من أصول عقيدة ابن سبأ، ومع ذلك هي من أصول عقائد الاثني عشرية [انظر: فصل الرجعة.].
وعقيدة "تأليه الأئمة" هي من عقائد الفرق الغالية كالسبئية وغيرها، وتجد عند الاثني عشرية في الكافي والبحار، وفي كتب التفسير بالمأثور كتفسير القمي والعياشي، وكتب الرجل كرجال الكشي نصوصاً كثيرة تؤله الأئمة - كما مر نقل بعضه -.
ومسألة تفضيل الأئمة على الأنباء كان مذهباً لغلاة الروافض، كما قرر ذلك الإمام عبد القاهر البغدادي (ت429ه)، والقاضي عياض (544ه)، وشيخ الإسلام ابن تيمية (ت728ه)، فورثت هذه العقيدة طائفة الاثني عشرية [انظر: ص(614) من هذه الرسالة.].(6/457)
وبسط هذا الموضوع يحتاج لبحث مستقل، وإن دراسة آراء الفرق الشيعية القديمة ومقارنتها بما جاء في كتب الأثني عشرية ومدوناتهم لهي دراسة جديدة تكشف الصلات بين هذه الطائفة والفرق القديمة.
لقد تسللت آراء الفرق الشيعية الغالية إلى كتب الاثني عشرية على شكل روايات منسوبة للأئمة وارتضى ذلك المعاصرون.
وكان السبب وراء حدوث هذا "التسرب" هو شيوخ الشيعة أنفسهم الذين حملهم التعصب على قبول رواية الشيعي أيًا كان مذهبه والإعراض عن رواية ما يسمونهم بالعامة وهم "أهل السنة". وقد اعترف شيخهم الطوسي بأن معظم رجالهم في الحديث من أصحاب المذهب الفاسدة، ومع ذلك قال بأن كتبهم معتمدة. ومن يراجع تراجم رجالهم يلحظ ذلك.. حيث فيهم الواقفي، والفطحي [انظر: فصل السنة.].. وغيرهما.
وقد أقر بعض مفكري الشيعة في العصر الحاضر بأن الفكر الاثني عشري قد استوعب آراء وعقائد الفرق الشيعة القديمة، حيث قال: "ولكن يجب أن نشير قبل أن نضع القلم بأن ما مر بنا من أفكار الشيعة مما كان خاصاً بفرقة بعينها لم يلبث أن دخل كله في التشيع الاثني عشري ودعم بالحجج العقلية وبالنصوص. والتشيع الحالي إنما هو زبدة الحركات الشيعية كلها من عمار إلى حجر بن عدي إلى المختار وكيسان إلى محمد بن الحنفية وأبي هاشم إلى بيان ابن سمعان، والغلاة الكوفيين إلى الغلاة من أنصار عبد الله بن الحارث إلى الزيديين والإسماعيليين، ثم الإمامية التي صادرت اثنا عشرية، وقام بعملية المزج متكلمو الشيعة ومصنوفها" [مصطفى الشيبي/ الصلة بين التصوف والتشيع: ص235.].
إذن التشيع الحالي قد استوعب خلاصة الاتجاهات الشيعية بكل ما فيها من غلو وتطرف. حتي رأينا النزعة السبئية بكل غلوها في علي تطل علينا من خلال رويات الاثني عشرية، يدرك هذا من راجع مجرد عناوين أبواب الكافي والبحار.(6/458)
كما أن الاتجاه الباطني واضح في كتب الاثني عشرية من خلال تأويلهم لآيات القرآن وأركان الإسلام وما قالوه في التقية والكتمان.. فأصبحت الاثنا عشرية هي المصب الأخير لكل الروافد الشيعية بكل ما فيها من شطحات، ويجد كل صاحب غلو وتطرف بغيته وما يؤيد مذهبه في كتب هذه الطائفة.
ولقد صدر إقرار خطير، وبيان مثير من أكبر شيخ من شيوخهم المعاصرين في علم الرجال يتضمن الاعتراف بتغير المذهب وتطوره، وأن ما عليه المذهب الاثنا عشري في العصر الحاضر يعتبر غلوًا وتطرفًا عند قدماء الشيعة، وأن شيعة العصر الحاضر يعتقدون عقائد يرونها من ضرورات المذهب وأركانه، وهي عند قدماء السيعة من الغلو والكفر.
يقول هذا الشيخ وهو عبد الله الممقاني [عبد الله بن محمد حسن الممقاني، من كبار شيوخ الشيعة، ولد بالنجف سنة (1290ه) وتوفي بها سنة (1351ه). ومن كتبه: "تنقيح المقال في عالم الرجال" في ثلاثة مجلدات. (معجم المؤلفين: 6/116).] في معرض دفاعه عن المفضل بن عمرو الجعفي فيما رمي به من قبل بعض علماء الشيعة القدماء، يقول: "إنا قد بينا غير مرة أن رمي القدماء الرجل بالغلو لا يعتمد عليه ولا يركن إليه لوضوح كون القول بأدنكى مراتب فضائلهم (يعني الأئمة) غلواً عند القدماء، وكون ما نعده اليوم من ضروريات مذهب التشيع غلواً عند هؤلاء، وكفاك في ذلك عدّ الصدوق نفي السهو عنهم غلوًا، مع أنه اليوم من ضروريات المذهب، وكذلك إثبات قدرتهم على العلم بما يأتي (أي علم الغيب) بتوسط جبرائيل والنبي غلواً عندهم ومن ضروريات المذهب اليوم" [تنقيح المقال: 3/240، وانظر: ص(373–374) من هذه الرسالة.].(6/459)
من هذا النص يتبين أن شيعة العصر الحاضر لم يكتفوا بمتابعة سابقيهم حتى زادوا عليهم في الغلو والتطرف حتى أن شيوخ الشيعة في القرن الرابع كالصدوق وغيره يرون أن من يعتقد أن الأئمة لا يسهون، أو أن الأئمة يعلمون ما يأتي أو حسب عبارة الكليني: يعلمون ما كان وما يكون، ولا يخفى عليهم الشيء. من يعتقد هذه العقائد وأمثالها هو في نظر كبار شيوخ الشيعة في ذلك العصر من الغلاة الذين لا تقابل رواياتهم عن الأئمة، ولكن المذهب تغير وأصبح ذلك اليوم من ضرورات مذهب التشيع، كما يعترف الممقاني، ومعنى هذا أن الشيعة المتقدمين يعتبرون - بناء على ذلك – المعاصرين من الغلاة ولا يثقون بأقوالهم.
ولاحظ أن الحكم بغلو أصحاب هذه العقائد صدر من قبل شيوخ الشيعة لا من قبل علماء السنة، ثم إن هذا رأيهم في القرن الرابع بعدما تغير التشيع وتطور، فكيف يكون موقف الشيعة الأول الذين كان تشيعهم هو في تقديم علي على عثمان فقط؟!
ولعل هذه الظواهر هي التي دعت الشيخ محب الدين الخطيب يحكم بأن مدلول الدين عند الشيعة يتطور، وأشار في هذا إلى كلام الممقاني السالف الذكر، ثم قال: "هذا تقرير علمي في أكبر وأحدث كتاب لهم في الجرح والتعديل يعترفون فيه بأن مذهبهم الآن غير مذهبهم قديماً، فما كانوا يعدونه قديماً من الغلو وينبذونه وينبذون أهله بسبب ذلك صار الآن - أي الغلو – من ضروريات المذهب، فمذهبهم اليوم غير مذهبهم قبل الصفويين، ومذهبهم قبل الصفويين غير مذهبهم قبل ابن المطهر. ومذهبهم قبل ابن المطهر غير مذهبهم قبل آل بويه، ومذهبهم قبل آل بويه غير مذهبهم قبل الشيطان الطاق، ومذهبهم قبل شيطان الطاق غير مذهبهم في حياة الحسن والحسي وعلي بن الحسين" [هامش المنتقى: ص 193.].
الفصل الثالث
الصلة العقدية بين القدامى والمعاصرين(6/460)
ومادامت وحدة المصدر في التلقي موجودة، فهل نحتاج للحديث عن الصلة العقدية بين القدامى والمعاصرين، ولا سيما أن تلك المصدر قد استوعبت – كما بينا – معظم ما تناقلته كتب الفرق والمقالات من آراء غلاة الشيعة، وما لم تنقله؟!
فهل هناك من داع لدراسة هذه الصلة العقدية؟
الواقع أن هناك حاجة.. ذلك أن المعاصرين قد أكثروا من طبع الكتيبات والرسائل، وبعث الدعاة للعالم الإسلامي.. لبيان أن مذهب الشيعة لا يختلف عن مذهب أهل السنة.. وأن هذه الطائفة مظلومة مفترى عليها من قبل الخصوم والأعداء، فنسب إليها عقائد وأقول هي بريئة منها.. ونشط دعاة منهم للدعوة للتقريب بين أهل السنة والشيعة، ورفعت شعارات الواحدة الإسلامية.. وأقيمت مراكز وألفت كتب، وتخصص دعاة لهذا الغرض..
وقيل بأن المعاصرين قد تخلوا عن ذلك التطرف والغلو المعهود عند سابقيهم.
وأنه قد آن الأوان لأن تلتقي السنة والشيعة على كلمة سواء فكيد الأعداء كبير ووضع العالم الإسلامي خطير.
ثم ما أكثر ما يقول بعض شيعة العصر الحاضر حينما تقول لهم بأن عندكم حديث يقول بكذا، أو أن شيخكم فلان يقول بكذا.. فيقولون: ليس كل ما ورد في كتبنا نرتضيه.
أو ما يقول به الشيخ فلان هو المسؤول عن قوله ولا حجة إلا في كلام المعصوم.
أو يقولون بأن أهل السنة يقولون مثل ذلك، وكثيراً ما يفترون ويتجاوزون ويتحايلون في هذا بشكل عجيب، ولهذا دعت الحاجة لبيان رأي المعاصرين في القضايا الأساسية والخطيرة التي تفصل بينهم وبين الجماعة، أو تحول بينهم وبين الإسلام.(6/461)
وهناك أقلام شيعية كثيرة قد وظفت للكتابة للعالم الإسلامي، والرد على ما يثار حول الشيعة، وأعطتهم عقيدة التقية حرية القول وإطلاق الأحكام بلا تأثم بينما هناك كتب خاصة لا تنشر في العالم الإسلامي [مثل كتاب "فصل الخطاب" للمجوسي النوري الطبرسي، وبعض أجزاء بحار الأنوار، وكتاب "نبوة أبي طالب" تأليف الرافضي مزمل حسين المثيمي الغديري، الحوزة العلمية "قم" وغيرها.].
أو بعبارة أخرى أن هناك وجهاً ظاهراً للاثني عشرية تقدمه وسائل الإعلام الشيعية المختلفة للترويج للمذهب ونشره في العالم الإسلامي، ووجه باطن لا يظهر إلا في الحوزات العلمية وفي المجتمعات الشيعية، وفي أمهات مصادرهم كالكافي وتفسير القمي.
وقد صدّق من صدّق ذلك الأسلوب "الدعائي" أو الوجه المعلن.. وتأثر بذلك من تأثر.. ووجد التشيع طريقه إلى قلوب أعداد غير قليلة من شباب العالم الإسلامي، والمنتسبين للحركات الإسلامية، الذين أرق عيونهم الواقع المفجع للعالم الإسلامي، فطفقوا يبحثون عن طريق ومخلص.. وكانت صورة العدو الظاهر أمامهم بكل غطرسته وكيده قد حجبت عنهم العدو الكامن بينهم، والمتستر بإسلامهم فصدقوا ما يقال.. وتعجلوا الخطى.. وظنوا أن كل ما يقال من خلاف بين السنة والشيعة هي ضجة مفتعلة، لا رصيد لها من الواقع [انظر: السنة والشيعة ضجة مفتعلة.].
ولذلك لابد من استماع لما يقوله شيوخ الشيعة المعاصرون في عقائدهم الخطرة التي تفصل بينهم وبين المسلمين، وسأختار من هذه الآراء ما فيه دعوى جديدة أو تغيير، أو زيادة تطور وغلو عما مضى ذكره عن سابقيهم لتتضح مدى صلة السابقين باللاحقين وذلك من خلال المباحث التالية:
المبحث الأول
عقيدة المعاصرين في كتاب الله
ونتحدث عن ذلك في مجالين:
المجال الأول:
ما امتلأت به كتب الشيعة من أساطير تقول بأن في كتاب الله نقصاً وتحريفاً.(6/462)
وما تفوه به بعض زنادقتهم من القول بهذا مما عرضنا له فيما سبق.. فماذا يقول شيعة العصر الحاضر عن هذه القضية التي تحول بينهم وبين الإسلام.. وهم يسطون في الدعوة للتقارب مع أهل السنة.. ويرفعون شعار الوحدة الإسلامية؟!
المجال الثاني:
ماذا يقول شيعة العصر الحاضر عن ذلك التأويل الباطني لكتب الله والذي هو تحريف لمعناه وإلحاد في آياته.. والذي يجعل من كتاب الله كتاباً آخر غير ما في أيدي المسلمين مما عرضنا صورة له فيما سلف.
المجال الأول:
نستطلع فيما يلي آراء المعاصرين في "فرية التحريف" التي شاع الحديث عنها في كتب لشيعة. فمإذا نجد؟
نجد وجوهاً أربعة مختلفة:
الوجه الأول: إنكار وجودها في كتبهم أصلاً.
الوجه الثاني: الاعتراف بوجودها ومحاولة تبريره.
الوجه الثالث: المجاهرة، والاحتجاج علي هذا الافتراء.
الوجه الرابع: التظاهر بإنكار هذه الفرية، ومحاولة إثباتها بطرق ماكرة خفية.
الوجه الأول: إنكار وجودها في كتبهم أصلاً:
لقد اتجه صنف من شيوخهم إلى إنكار وجودها أصلاً، ومن هؤلاء عبد الحسين الأميني النجفي في كتابه الغدير، وذلك حينما رد على ابن حزم ما نسبه إلى الشيعة من القول بهذه المقالة، فقال هذا النجفي: "ليت هذا المجترئ أشار إلى مصدر فريته من كتاب للشيعة موثقة به، أو حكاية عن عالم من علمائهم تقيم له الجامعة وزناً، بل نتنازل معه إلى قول جاهل من جهالهم، أو قروي من بسطائهم أو ثرثار، كمثل هذا الرجل يرمي القول على عواهنه، وهذه فرق الشيعة في مقدمتهم الإمامية مجمعة على أن ما بين الدفتين هو ذلك الكتاب لا ريب فيه" [الغدير: 3/94–95، وبمثل هذا الإنكار قال شيخهم الآخر: لطف الله الصافي في كتابه "مع الخطيب في خطوطه العريضة": ص71.].(6/463)
ويقول عبد الحسين شرف الدين الموسوي: "نسب إلى الشيعة القول بالتحريف بإسقاط كلمات وآيات فأقول: نعوذ بالله من هذا القول ونبرأ إلى الله من هذا الجهل. وكل من نسب هذا الرأي إلينا جاهل بمذهبنا أو مفتر علينا، فإن القرآن الحكيم متواتر من طرقنا بجميع آياته وكلماته [أجوبة مسائل جار الله: ص28-29.].
كما نفى لطف الله الصافي أن يكون كتاب فصل الخطاب قد ألف لإثبات هذه الفرية، وقال بأن القصد من تأليفه محاربتها [مع الخطيب في خطوطه العريضة: ص64-66.]، كما نهض بعضهم للدفاع عن الكليني الذي هو أحد أعمدة هذا الكفر [يقول صاحب عقيدة الشيعة في دفاعه عن الكليني: "النقص لا يدعيه أحد من علماء الإمامية حتى ثقة الإسلام الإمام الكليني رضي الله عنه (!) فإنه يعتقد بنزاهة القرآن وصيانته عن النقص والزيادة، ومع ذلك فقد تهجم الشيخ أبو زهرة وتحامل علية وأكثر من الطعن فيه. (عقيدة الشيعة ص162)، وقال: "أن الكليني لا يقول بنقص القرآن، فكيف يجوز لمسلم أن ينسب إليه هذا القول، وكيف جاز للشيخ أبو زهرة أن ينسبه إليه دون تورع، وكيف جاز له أن يهاجمه بتلك المهاجمة القاسية؟".
وأقول: إن الأصل في نسبة ذلك إلي الكليني هم شيوخ الشيعة، وكتابه الكافي شاهد علي ذلك وهو عار عليه. وعلى الشيعة أبد الدهر، ولو وقع الكافي في أيدي أئمة الإسلام لكان لهم حكم على الاثني عشرية غير هذا الحكم، وقد اعتمد أبو زهرة – رحمة الله – على ما قاله الكاشاني في تفسير الصافي حينما نسب ذلك إلى الكليني (تفسير الصافي 1/ المقدمة السادسة ص52).
والكاشاني هذا من أعمدة المذهب الاثني عشري، فهو صاحب الوافي الجامع لكتبهم الأربعة، والذي يعدونه من المصادر المعتمدة عندهم، كما نسب ذلك أيضاً إلي الكليني خاتمة شيوخهم ومحدثيهم النوري في كتابه: فصل الخطاب (انظر: فصل الخطاب ص30-31) وغيرهما – كما مر -.(6/464)
فهل يظن هؤلاء أن هذا يخفى على أهل السنة، وكيف يدافعون عن مثل الكليني الذي سطر هذا الكفر، ويقعون في صحابة رسول الله الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه؟!].
النقد:
إن إنكار ما هو واقع لا يجدي شيئاً في الدفاع، وسيؤول من جانب الشيعة ومن جانب المطلعين على كتبهم من أهل السنة بأنه تقية.. فالمسألة اليوم لم تعد تقبل مثل هذا الأسلوب في الرد، فقد فضحتهم مطلبع النجف وطهران، وقد كشف المستور، وأبان المخفي شيخهم الطبرسي فيما جمعه في كتابه "فصل الخطاب" فلا ينفع مثل هذا الموقف.
وهذا المسلك في الإنكار يسلكونه في كل مسألة ينفردون بها عن المسلمين، كما نبه على ذلك شيخهم الطوسي في الاستبصار في أكثر من موضع بأن ما كان موضع إجماع من أهل السنة تجري فيه التقية [انظر: الاستبصار: 4/155.]، وبهذا المبدأ هدموا كل الروايات التي تتفق مع المسلمين وتعبر عن مذهب البيت وعاشوا مع المسلمين بالخداع والتزوير، يوافقونهم في الظاهر ويخالفونهم في الباطن.
ولكن هذه التقية سرعان ما تنكشف في الوقت الحاضر، إذ إن كتبهم أصبحت بمتناول الكثيرين.
فالنجفي الذي طلب - في رده على ابن حزم – أن يثبت دعواه بكلام أي فرد من أفراد الشيعة هل يجهل ما جاء في الكافي والبحار، وما صرح به شيوخهم في هذا الضلال مما مضى ذكره.. وهل يتصور أن هذا القول ينخدع به أحد في حوزته كتاب من كتبهم التي سارت على هذا الكفر؟.
ومن العجيب أنه وهو ينكر وجود تلك المقالة في كتبهم في الجزء الثالث من كتابه نراه في الجزء التاسع من الكتاب نفسه يصرح هو بهذا الكفر، حيث قال وهو - يتحدث عن بيعة المهاجرين والأنصار لصديق هذه الأمة تلك البيعة العظيمة التي جمعت الأمة – وأحبطت مؤامرات أعدائها - قال: ".. بيعة عمت شؤمها الإسلام وزرعت في قلوب أهلها الآثام.. وحرفت القرآن وبدلت الأحكام" [الغدير: 9/388.].(6/465)
بل أورد آية مفتراة في نفس الكتاب [ونص هذه الآية المزعومة: (اليوم أكملت لكم دينكم بإمامته فمن لم يأتم به وممن كان من ولدي(؟!) من صلبه إلى يوم القيامة فأولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون إن إبليس أخرج أدم "عليه السلام" من الجنة مع كونه صفوة الله بالحسد فلا تحسدوا فتحبط أعمالكم وتزل أقدامكم). (المصدر السابق: 1/214-216).
وهي واضحة الافتراء في ركاكة لفظها، ومعناها، ومع ذلك يزعم هذا الرافضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنها نزلت في علي، وحاول أن يموه ويخدع القراء فنسب هذا الافتراء لمحمد بن جرير الطبري السني، وهو محمد بن جرير الطبري الرافضي إن صحت النسبة إليه.. فالرجل افترى على الله وكتابه ورسوله وأئمة المسلمين.]... وهكذا يثبت الرجل ما نفاه. وهذا الأسلوب: الإثبات مرة والإنكار مرة أخرى، والظهور أمام الناس بأقوال مختلفة ونصوص متناقضة مسلك لهم مطرد في أحديثهم وفي كلام شيوخهم، وقد ورد في أخبارهم بيان للسبب في هذا "النهج" وهو عدم وقوف العامة (أهل السنة) على حقيقة مذهبم فلا يتعرضون له بشيء [انظر: أصول الكافي: 1/65، وبحار الأنوار: 2/236.].
أما أسلوب عبد الحسين في نفيه لهذا الأسطورة ففيه شيء من المكر والمراوغة قد لا ينتبه له إلا من اعتاد على أساليبهم وحيلهم.. تأمل قوله: "فإن القرآن الحكيم متواتر من طرقنا بجميع آياته وكلماته" ماذا يعني بالقرآن المتواتر من طرقهم؟ هل هو القرآن الذي بين أيدنا أو القرآن الغائب مع المنتظر كما يدعون؟!
إن تخصيصه بأنه متواتر من طريقهم يلمس منه الإشارة للمعنى الأخير؛ ذلك أن القرآن العظيم كان من أسباب حفظه تلك العناية التي بذلها عظيما الإسلام أبو بكر وعمر، وأتمها أخوهما ذو النورين عثمان بن عفان في جمعه وتوحيد رسمه.. تحقيقًا لوعده عز وجل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر، آية: 9.].(6/466)
ومعتقد الشيعة في الخلفاء الثلاثة معروفة، فهذا القرآن إذًا غير متواتر من طرقهم.
أما المحاولة الغبية من لطف الله الصافي وأغا بزرك الطهراني في التستر على فضيحة الشيعة الاثني عشرية الكبرى، والعار الذي لا يستر: وهو "كتاب فصل الخطاب" فهي محاولة يائسة، لا سيما وأن هذا الكتاب قد خرج من الدوائر الشيعية ووصل إلى أيدي السنة، بل قد وصل إلى أعداء المسلمين ليستفيدوا منه في الكيد لهذا الأمة ودينها [وقد صرح بهذا بعض الشيعة وهو: محمد مهدي الأصفهاني في كتابه أحسن الوديعة: ص90.].
وقد نص في مقدمته على غرضه، وأقام الحجج المزعومة على مراده - كما سيأتي -.
فهل يمكن التستر عليه وقد جمع كل أساطيرهم، وأقوال شيوخهم بعد أن كانت متفرقة؟.
الوجه الثاني: الاعتراف بوجودها ومحاولة تبريره:
وقد أتخذ هذا الاعتراف صوراً متعددة، فصنف منهم يعترف بأن عندهم بعض الروايات في تحريف القرآن ولكنه يقول: إنها "ضعيفة شاذة وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً ، فإما أن تؤول بنحو من الاعتبار أو يضرب بها الجدار" [محمد حسين آل كاشف الغطاء/ أصل الشيعة: ص63-64.].
وصنف يقول بأنها ثابتة، ولكن "المراد في كثير من رويات التحريف من قولهم عليه السلام: كذا نزل هو التفسير بحسب التنزيل في مقابل البطن والتأويل" [الطبطبائي/ الميزان في تفسير القرآن: 12/ 108.].
وصنف ثالث يقول بأن القرآن الذي بين أيدينا ليس فيه تحريف، ولكنه ناقص قد سقط منه ما يختص بولاية علي "وكان الأولى أن يعنون المبحث تنقيص – كذا – الوحي أو يصرح بنزول وحي آخر وعدمه حتي لا يتمكن الكفار من التمويه على ضعفاء العقول بأن في كتاب الإسلام تحريفاً باعتراف طائفة من المسلمين" [أغابزرك الطهراني/ الذريعة: 3/313-314.]!!!.(6/467)
وصنف رابع يقول: نحن معاشر الشيعة نعتقد بأن هذا القرآن الذي بين أيدينا الجامع بين الدفتين (كذا يعني المجموع) هو الذي أنزله الله تعالى على قلب خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم من غير أن يدخله شيء بالنقص أو بالزيادة، كيف وقد كفل - كذا – الشارع بنفسه تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر 9]. على أننا معاشر الشيعة (الاثني عشرية) نعترف بأن هناك قرآن كتبه الإمام علي رضي الله عنه بيده الشريفة، بعد أن فرغ من كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنفيذ وصاياه، فجاء به إلي المسجد فنبذه الفارق عمر بن الخطاب قائلاً للمسلمين: حسبنا كتاب الله وعندكم القرآن، فرده الإمام إلى بيته ولم يزل كل إمام يحتفظ عليه كوديعة إلهية إلى أن ظل محفوظًا عند الإمام المهدي القائم عجل الله تعالى فرجنا بظهوره [الخراساني/ الإسلام على ضوء التشيع: ص204.].
واتجاه خامس يقول: "وقع بعض علمائنا المتقدمين بالاشتباه فقالوا بالتحريف ولهم عذرهم، كما لهم اجتهادهم، وإن أخطأوا بالرأي، غير أنا حينما فحصنا ذلك ثبت لنا عدم التحريف فقلنا به وأجمعنا علية" [الشيعة والسنة في الميزان، محاكمة بقلم س خ، نشر نادي الخاقاني ص48-49.].
وفريق سادس يقول بأن هذه الفرية، إنما ذهب إليها من لا تمييز عنده بين صحيح الأخبار وسقيمها من الشيعة وهم الإخباريون، أما الأصوليون فهم ينكرون هذا الباطل [انظر: الطبطبائي/ في تعليقه على الأنوار النعمانية: 2/359.].
النقد:
نبدأ في مناقشة الآراء السابقة علي حسب ترتيب عرضها:(6/468)
أولاً: إن القول بأن تلك "الأساطير" هي في مقياس الشيعة روايات ضعيفة شاذة يرد عليه ما ردده طائفة من شيوخهم من القول باستفاضتها وتواترها كالمفيد والكاشاني، ونعمة الله الجزائري وغيرهم، بل إن المجلسي جعل أخبارها كأخبار الإمامة في الكثرة والاستفاضة – كما سلف -، كما أن هذه المقالة قد أصبحت مذهباً لطائفة من كبار شيوخهم.
ومع ذلك فإن هذا الحكم من كبير علماء الشيعة على تلك الروايات بالشذوذ مع كثرتها التي اعترف بها شيوخهم تدل على شيوع الكذب في هذا المذهب بشكل كبير، وهذا الحكم المعلن – إن كان بصدق – ينبغي أن يكون دافعاً للحكم على عقائد الشيعة الأخرى التي شذّت بها عن المسلمين ، كما ينبغي أن يكون منطلقاً لنقد رواياتهم وجرح رجالهم ، فمن روى تلك الروايات وجعلها مذهبه لا ينبغي أن يوثق به كالكليني وإبراهيم القمي الذين كان لهما النصيب الأكبر في تأسيس هذا الكفر في مذهب الشيعة وإشاعته بينهم [ولكن صاحب هذا القول – الذي نناقشه – وهو محمد حسين آل كاشف الغطاء يعظم بعض ملحدي الشيعة، الذين يجاهرون بهذا الكفر فيقول عن النوري الطبرسي صاحب فصل الخطاب: "حجة الله على العالمين، معجب الملائكة بتقواه، من لو تجلى الله لخلقه لقال: هذا نوري، مولانا ثقة الإسلام حسين النوري" (محمد آل كاشف الغطاء/ مقدمة كشف الأستار لحسين النوري الطبرسي، مطبعة مؤيد العلماء الجديدة بقم 1318). وهذا المديح جاء بعد اقتراف النوري الطبرسي لجريمته.].(6/469)
ثانياً: أما القول بأن المقصود بروأيات الشيعة في هذا هو تحريف بعض النصوص التي نزلت لتفسير آيات القرآن فهذا تأكيد للأسطورة وليس دفاعاً عنها؛ ذلك أن من حرّف وردّ وأسقط النصوص النازلة من عند الله والتي تفسر القرآن وتبينة، هو لرد وتحريف الآيات أقرب، ومن لم يكن بأمين على المعنى كيف يؤتمن على اللفظ؟ ثم إذا فقدت المعاني ما قيمة الألفاظ؟ ثم كيف يكون تفسير الصحابة هو تحريف نظر هذه الفئة، و"تحريفات" القمي والكليني والمجلسي لمعاني القرآن هي التفسير، والتي لا يشك من له أدنى صلة بلغة العرب أنها إلحاد في آيات الله وتحريف لها، وإذا فقدت معاني القرآن وغابت مع المنتظر فكيف تهتدي الأمة بآياته أم تبقى الأمة ضائعة تائهة؟!
ثم إنك ترى أن "النموذج" الذي أخرجوه لنا على أنه من معاني القرآن الوارد عن الأمة يكفي مجرد تأمله لمعرفة كذبة فكيف يجعل هو "التفسير الإلهي" الذي رده الصحابة كما يفترون؟!
على أن هذا "التأول لنصوص الأسطورة" لا يتلاءم مع كثير من تلك الروايات؛ إذ إن في رواياتهم "المفتراة" التصريح بأن النص القرآني قد شابه – بزعمهم – تغيير في ألفاظه وكلماته [مثل ما يفترونه أن علياً قال: وأما ما حرف من كتاب فقوله: "كنتم خير (أئمة) أخرجت للناس" فحرفت إلى خير أمة، ومنهم الزناة واللاطة والسراق وقطاع الطريق والظلمة وشراب الخمر والمضيعون لفرائض الله والعدوان عن حدوده أفترى الله تعالى مدح من هذه صفته (يعني واضح هذه الرواية – لعنه الله – صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن القرآن العظيم أثنى عليهم، ودين الشيعة يقوم علي سبهم فطعنوا في كتاب الله لهذا السبب.(6/470)
ومنه قوله تعالى: (أن تكون أمة هي أربى من (أئمة) فجعلوها أمة... وقوله تعالى: (وكذلك جعلناكم (أئمة) وسطًا (بين الرسول وبين الناس) فحرفوها وجعلوها أمة. ومثله في سورة عم "ويقول الكافر يا ليتني كنت (ترابياً) فحرفوها وقالوا تراباً وذلك أن الرسول كان يكثر من مخاطبتي بأبي تراب، ومثل هذا كثير.
(بحار الأنوار: 93/26-28).
فهل هذا الرواية وأمثالها تتفق مع تأويلهم لها بأنها من قبيل التفسير؟] فهذا التأويل ليس بمخرج سليم من هذا العار والكفر.. والموقف الحق هو ردها ورد مرويات من اعتقدها لأنه ليس من أهل القبلة.
ثالثاً: أما القول بأن القرآن ناقص وليس بمحرف فهذا كسابقه ليس بدفاع ولكنه تأكيد لأساطيرهم وطعن في كتاب الله بما يشبه الدفاع فكيف تهتدي الأمة بقرآن ناقص، ومن قدر واستطاع على إسقاط قسم منه هو قادر على تحريف ما بقي.. ولكن الشيء من معدنه لا يستغرب فصاحب هذا القول هو أغا بزرك الطهراني وهو تلميذ النوري صاحب "فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب".
ولذلك ترى هذا الطهراني يحاول خداع المسلمين بزعمه أن مؤلف فصل الخطاب شافهه أنه أراد الدفاع عن القرآن وإنما أخطأ في العنوان [ذكر ذلك كتابه أعلام الشيعة، الجزء الأول، من القسم الثاني: ص550.] فهو يحاول أن يتستر على معتقده الباطل بأساليب من المكر والمراوغة، وهاهو ينكشف بهذا الدفاع فهو يصرح بأن للقرآن بقية، وأن للوحي الإلهي تكملة، وأن الأولى أن يُعَنون بدل التحريف بعنوان "نقص القرآن أو نزول وحي إلهي آخر"، ويزعم أن في هذا دفاعاً عن القرآن أمام الأعداء؟ وهذا هو مبلغ دفاعه عن القرآن والإسلام – سبحانك هذا بهتان عظيم ـ.(6/471)
رابعاً: أما ما قاله المصنف الرابع بوجود قرآن عند منتظرهم.. فهذا يعني أن الدين لم يكمل، والله يقول {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة 3] ثم ما فائدة العبادة من كتاب غائب مع منتظر مضى عل احتجابه – المزعوم – قرون، فإن كان لابد منه فما حكم الشيعة على ما مضى من القرون بما فيهم أسلافهم من الشيعة هل هم على ضلال.. وإن كانت الأمة تهتدي بدونه فما قيمة كل هذه الدعاوى؟!
الحقيقة أن كل هذه "الترهات" لإقناع أتباعهم بما عليه الرافضة من شذوذ لا شاهد لها من كتاب الله، فحالوا التلبيس على الأتباع والتغرير بهم بأن دليلها يوجد في القرآن الآخر، أو الكامل، أو المفسر الغائب مع المنتظر.
ثم إن مسألة وجود قرآن آخر، ومسألة الطعن في كتاب الله سبحانه هما في كتب الشيعة الأساسية مسألة واحدة لا تنفصل إحداهما عن الأخرى، فهم يزعمون أن علياً جمع القرآن بتمامه وجاء به إلى الصحابة فردوه وألفوا قرآناً حذفوا منه ما يتصل بولاية علي.. وبقي القرآن المزعوم يتوارثه الأمة حتى وصل إلى المنتظر؟
فهذا الرافضي ومن على منهجه أراد الخداع والتلبيس، فتراه يتدرج بالقارئ المسلم لإقناعه بهذه الفرية بإطلاعه علي أحد وجوهها.
خامساً: أما الفئة الخامسة الذين يقولون بأن القول بالتحريف رأي خاطئ، وضلال سابق كنا نذهب إليه ثم تبين لنا الحق فعدلنا عنه. فإنه ليسر المسلم أن يرجعوا عن هذا الملف الفاسد.. ولكن هذا القول قد يكون للتقية أثر فيه.. ذلك أن أصحاب هذه المقالة والكتب التي حوت هذا الكفر، هي محل تقدير عند هؤلاء، وصدق الموقف في هذه المسألة يقتضي البراءة من معتقديها وكتبهم كالكليني وكتابة الكافي، والقمي وتفسيره وغيرهما ممن ذهب إلى هذا الكفر، فكيف يكونون إلى اليوم موضع القدوة، ومحل الثقة، تعتمد كتابهم كمصادر في تلقي العقيدة والشريعة، ويوثق بأقوالهم ويقتدى بأفعالهم؟!(6/472)
ثم إن القول بأن الاثني عشرية أجمعهم رجعوا عن هذا منقوض بصنيع عالمهم المعاصر حسين النوري الطبرسي في كتابه "فصل الخطاب"، والذي ألفه لإثبات هذه الفرية - كما سلف -.
وهو منقوض أيضاً بكتاب تحريف القرآن لسيدهم علي تقي بن السيد أبي الحسن النقوي اللكنهوي – المعاصر –المولود سنة (1323ه) وهو بالأردية [الذريعة إلي تصانيف الشيعة: 3/394.] وغيرهما من مؤلفاتهم في هذا الضلال، وهو معارض أيضاً بما قدمناه عن أغا بزرك الطهراني والأميني النجفي وغيرهما. فلا تزال فئة منهم يتيهون في هذا الضلال ويضربون فيه بسهم.. ثم لِمَ يقال في أمر أجمع عليه المسلمون وهو سلامة كتاب الله سبحانه وحفظ الله له لِمَ يقال إن من خالف فيه له عذره واجتهاده، وهل هي مسألة اجتهادية، وهل فيها عذر وتأويل سائغ..؟
سادساً: أما ما ذهبت إليه الطائفة الأخيرة من أن هذه المقالة لم يقال بة كل الاثني عشرية وإنما هي مقالة لفرقة منهم وهم الأخباريون الذين لا يميزون بين صحيح الحديث وسقيمه.. فهذا قول قاله أيضاً بعض شيوخ الشيعة القدامى وهو الشريف المرتضى، حيث قال: "من خالف في ذلك من الإمامية لا يعتد بخلافهم، فإن الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث (من الشيعة) نقلوا أخباراً ضعيفة وظنوا صحتها لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته" [نقل ذلك عنه: الطوسي في التبيان: 1/3، والطبرسي في مجمع البيان: 1/15.].
كما أن القول بأن هذه الفرية خاصة بالأخباريين قالها وأكدها مرجع الشيعة الأكبر في عصره جعفر النجفي المتوفى سنة (1227ه).(6/473)
ولكنه وهو من الأصوليين يذهب في روايات التحريف الواردة في كتب الشيعة مذهباً لا يقل خطورة عن رأي إخوانه الأخباريين، حيث قال بعد أن ذكر أن تلك الفرية هي رأي للأخباريين وهو باطل بدلاله العقل والنقل وما علم من الدين بالضرورة، قال: "فلا بد من تنزيل تلك الأخبار، إما على النقص من الكلمات المخلوقة [لأنهم يعتقدون – كما سلف – أن القرآن مخلوق على نفس منهج أهل الاعتزال.] قبل النزول إلى سماء الدنيا، أو بعد النزول إليها قبل النزول إلى الأرض، أو على أن نقص المعنى في تفسيره، والذي يقوى في نظر القاصر التنزيل على أن النقص بعد النزول إلى الأرض، فيكون القرآن قسمين: قسم قرأه النبي صلى الله عليه وسلم على الناس وكتبوه وظهر بينهم وقام به الإعجاز، وقسم أخفاه ولم يظهر عليه أحد سوى أمير المؤمنين رضي الله عنه، ثم منه إلى باقي الأئمة الطاهرين، وهو الآن محفوظ عند صاحب الزمان جعلت فداه" [كشف الغطاء: ص299.].
لم يجرؤ صاحب كشف الغطاء – كما ترى - أن يكذب تلك الأساطير كما فعل المرتضى، بل تاه في بيداء من التكلفات والتمحلات حتى وقع في شر مما فر منه، أو كاد.
لقد زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتم قسماً من القرآن أنزله الله عليه، ولم يبلغ به أحداً من أمته سوى علي، وأن علياً أخفاه عند أبنائه وهو اليوم عند المنتظر فماذا بعد هذا الافتراء ؟!
الوجه الثالث: المجاهرة بهذا الكفر والاستدلال به:
والذي تولى كبر هذا البلاء المدعو حسين النوري الطبرسي المتوفى سنة (1320ه)، الذي ألف كتابه "فصل الخطاب" لإثبات هذه الأسطورة.(6/474)
ولربما الأول مرة في التاريخ يحدث هذا الجمع "لأساطير" الشيعة المتفرقة وأقوال شيوخها، والآيات المفتراة التي يزعمونها في كتاب واحد يطبع وينشر.. ليصبح فضيحة لهم أبد الدهر.. ولو كان للمسلمين قوة وسلطان لعقدت المحاكم لهذا الكتاب وصاحبه وحكم في ضوئه على دخول الاثني عشرية في الإسلام أو خروجها منه، وارتاح المسلمين من شر أولئك المرتزقة الذين ينتشرون في العالم الإسلامي لنشر التشيع.. وأفاق من غرّر به شيوخ الشيعة من أولئك الأتباع الجهلة.. الذين لا يدركون من التشيع إلا أنه حب آل البيت الذي سيدخلهم الجنة بغير حساب!
ولقد قام الأستاذ إحسان إلهي ظهير بنشر قسم كبير من الكتاب في كتابه الشيعة والقرآن.. مع ذكر أدلة هذا المفتري وشبهه، ومع أن ذلك يعد كشافاً لحقيقة الاثني عشرية في هذا العصر، إلا أن الأستاذ إحسان قد اكتفى بنقل النصوص دون تعليق أو نقد.. وهذا من الخطورة بمكان، ولا سيما أن المؤلف قد ذكر اثنتي عشرة شبهة لإثبات فريته، وهي وإن كانت أشبه بخيوط العنكبوت إلا أن فيها ما قد يخفى على بعض من لا علاقة له بالعلم الشرعي، فكان من الواجب أن تكشف ترهاته وأن تدك شبهاته. ويؤتى عليها من القواعد. وفيما يلي عرض موجز لمحتويات هذا الكتاب باعتبار أن مؤلفه من المعاصرين [وقد سبقت الإشارة إلى الكتاب في أثناء الحديث عن كتب الشيعة التي قالت بهذه الأسطورة: ص233، وفي هذا الموضع نناقش شبهات الكتاب ومحتوياته.].. مع نقده وكشف شبهاته وأغاليطه - بحول الله -.
بناء على أن كتاب إحسان قد سار بها في كل مكان في العالم الإسلامي ولم تحظ منه بنقد ولا رد على أساس أن الأمر أوضح من أن يبين، ومجرد عرض هذه الفرية كاف في بيان بطلانها.. وأقول: إن هذا حق باعتبار أصل الفرية ومنطلقها، ولكن الشبه التي أثارها لابد من أبطالها وكشف ضلالها.(6/475)
لقد قام المؤلف بكشف الغطاء عن عقيدة الشيعة الاثني عشرية في تحريف القرآن وجمع ما تفرق من أخبارهم فيها، ونقل تصريحات شيخهم بتواترها، وأنها تزيد على ألفي حديث، واتهم صحابة رسول الله بتحريفه والتواطؤ على ذلك ولم يستثن من ذلك سوى أمير المؤمنين علي، وهذا الاستثناء صوري، إذ إن لازم قوله تواطؤ الجميع، لأن القرآن الذي عند علي والسالم من التحريف بزعمهم لم يظهره علي ولا إبان خلافته..
ثم قدّم – من كتبهم – (1062) رواية معظمها تقول في آيات من كتاب الله أنها خطأ ويذكر تصويبها من كتبهم الأسطورية، فيرد ما أجمعت عليه الأمة ويرتضي ما قاله حثالة من الأفاكين.
كما لم يجبن عن ذكر بعض "سور" بكاملها تتناقلها الدوائر الشيعية وليس لها ذكر في المصحف، وعلامة الكذب والافتراء واضحة بيّنة في نصها ومعناها لا يخفى إلا على أعجمي جاهل ولا يروّجها إلا زنديق مغرّض.
كما رد على من أنكر التحريف من طائفته وبيّن أن إنكار القدامى كان تقية وأن من أنكر أخبار التحريف يلزمه رد أخبار الإمامة لما بينهما من تلازم.
وهذا الكتاب الذي حوى هذا الكفر قد طبع في إيران سنة (1298ه) وما إن خرج حتى انزعج كثير من الشيعة لظهوره، وقد وصف أحد شيوخهم ذلك فقال: "فلا تدخل مجلساً في الحوزة العلمية إلا وتسمع الضجة والعجة ضد ذلك الكتاب ومؤلفه وناشره يسلقونه بألسنة حداد" [المرعشي/ المعارف الجلية: ص21.].
ويرى الأستاذ محب الدين الخطيب أن سبب الضجة أنهم يريدون أن يبقى التشكيك في صحة القرآن محصوراً بين خاصتهم ومتفرقاً في مئات الكتب المعتبرة عندهم، وأن لا يجمع ذلك كله في كتاب واحد تطبع منه ألوف من النسخ ويطلع عليه خصومهم فيكون حجة عليهم ماثلة أمام أنظار الجميع، ويقول: ولما أبدى عقلاؤهم هذه الملاحظات خالفهم فيها مؤلفه، وألّف كتاباً آخر سماه (رد بعض الشبهات عن فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) [الخطوط العريضة: ص11.].(6/476)
وإذا كان غلاة الشيعة يحاولون التستر علي هذه الفضيحة في معظم الأحيان بحكم عقيدة التقية التي أصبحت لهم حصناً وملاذاً، وأن تلك الضجة التي حدثت قد شارك فيها من يذهب إلى هذا الكفر ويرى وجوب التستر عليه صيانة لسمعة قومه، ووقاية لدينهم من فضيحة تزلزل كيانهم، وتمنع انتشار عقيدتهم، فإنني لا أجزم كالأستاذ محب الدين في تعميم هذا الحكم على كل الشيعة، بل إن هناك فئة من الشيعة لا تزال تنكر هذا الكفر وتتبرأ منه، وقد كتبوا ردوداً على كتاب فصل الخطاب من هذا المنطلق – فيما يظهر – مثل ما كتبه شيخهم وآيتهم محمد حسين المرعشي في كتابه الموسوم ب"رسالة حفظ الكتاب الشريف من شبهة القول بالتحريف" وهو رد على كتاب فصل الخطاب [لا يزال هذا الكتاب مخطوطاً (انظر: المعارف الجلية: ص21).].
كما أنني ألاحظ من خلال كتاب فصل الخطاب أنه يرد على المنكرين لهذا الفرية من قومه، ويجادلهم في هذا الأمر، ومن يقرأ الكتاب يرى أنه ألف لإقناع من خالف هذا الكفر من الشيعة [انظر: فصل الخطاب: ص360 وما بعدها.].
ثم أن ما كتبه صاحب فصل الخطاب بعنوان "رد بعض الشبهات عن فصل الخطاب.." كما يقول محب – رحمه الله – ليس – فيما يبدو – للرد على من قال: إن هذه القضية ينبغي أن تكون سرية بينهم؛ ذلك أن ما يشير إليه محب صورته الظاهرة كالآتي:(6/477)
لما ظهر كتاب "فصل الخطاب" قام بالرد عليه شيخهم محمود بن أبي القاسم الشهير بالمعرب الطهراني بكتاب سماه "كشف الارتياب في عدم تحريف الكتاب" وقد نقل لنا صاحب الذريعة أول رد لصاحب كشف الارتياب، وهو يفيد إنكار التحريف لا الدعوة إلى التستر عليها. قال صاحب الذريعة: "وأول شبهات" [لا حظ أنه يسميها شبهات؛ لأن صاحب الذريعة على مذهب صاحب فصل الخطاب في هذا الكفر، فهو يسمي أدلة كشف الارتياب شبهات إمعانًا في الكفر، كيف وصاحب فصل الخطاب هو شيخ لصاحب الذريعة وقد أعظم الثناء عليه وغلا في مديحه في ترجمته التي كتبها عنه.] "كشف الارتياب" هو أنه إذا ثبت تحريف القرآن فلليهود أن يقولوا: إذاً لا فرق بين كتابنا وكتابكم في عدم الاعتبار" [انظر: أغا بزرك الطهراني/ الذريعة إلى تصانيف الشيعة: 18/9 حرف الكاف، 10/12 حرف الراء.].
فكتب الطبرسي رداً عليه – وهو ما يشير إليه محب فيما يبدو – في كتاب سماه "الرد على كشف الارتياب" [انظر: المصدر السابق: 10/211.] قال صاحب الذريعة: "وكان يوصي كل من عنده فصل الخطاب أن يضم إليه هذه الرسالة التي هي في دفع الشبهات التي أوردها الشيخ محمود عليه وهي فارسية لم تطبع بعد".(6/478)
وكان جواب الطبرسي في رده على دليل صاحب كشف الارتياب محاولة منه للتراجع، وبرهاناً على التناقض، حيث قال: "هذه مغالطة لفظية حيث إن المراد بالتحريف... غير ما حملت عليه ظاهراً للفظ، أعني التغيير والتبديل والزيادة والتنقيص وغيرها المحقق والثابت جميعها في كتب اليهود وغيرهم، بل المراد من التحريف خصوص التنقيص فقط في غير آيات الأحكام جزماً، وأما الزيادة فالإجماع المحقق الثابت من جميع فرق المسلمين والاتفاق العام من كل منتحل للإسلام على عدم زيادة كلام واحد في القرآن المجموع فيما بين هاتين الدفتين ولو بمقدار أقصر آية يصدق عليه كلام فصيح، بل الإجماع والاتفاق من جميع أهل القبلة على عدم زيادة كلمة واحدة في جميع القرآن، بحيث لا نعرف مكانها، فأين التنقيص الإجمالي المراد لنا عما حملت ظاهر اللفظ وهل هذا إلا مغالطة لفظية؟" [الذريعة: 10/221.].
هذا جزء مما دار في الرسالتين، نقله لنا صاحب الذريعة وهو يكشف أن الحوار كان في مسألة وقوع التحريف من عدمه، لا في وجوب التستر على هذه الفرية، وهو لا ينفي أن يوجد اتجاهٌ عند الشيعة يرى ضرورة التستر صيانة لحرمة المذهب..
ولكنه ينفي تعميم الحكم بهذا على الجميع.
هذا وفي كلام صاحب الذريعة الذي لخصه، من الرسالة الفارسية لصاحب فصل الخطاب ونقلناه مع صياغته التي يبدو علها أثر العجمة تخليط وتناقض وتقية وضح دليلها في أثناء كلامه كما هي عادة هؤلاء الروافض في الغالب [لاحظ مثلاً أنه نفى الزيادة مطلقاً ثم عاد بعد ذلك وقال: "بل الإجماع والاتفاق على عدم زيادة كلمة واحدة في جميع القرآن بحيث لا نعرف مكانها" انظر إلى قوله: "لا نعرف مكانها" فهو يشير بهذه الجملة من طرف خفي إلى ما يذهب إليه صاحب هذا الخطاب ويوافقه هو علي هذا المذهب من افترائهم بالقول بالزيادة في كلام الله.(6/479)
قال صاحب فصل الخطاب وهو يذكر صور التغيير في القرآن الذي أوحاه إليه شيطانه ودفعه إليه حقده على الإسلام وأهله: "السابعة زيادة كلمة كزيادة عن في قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}" (فصل الخطاب: ص25)، كما أن قوله بالنقيصة لا يخرجه عن تكذيب قول الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.].
وهذا الكتاب رتبه مؤلفه – عليه من الله ما يستحق – على ثلاث مقدمات وبابين.
ففي المقدمة الأولى نقل مجموعة من أخبارهم التي تتحدث عن جمع القرآن – حسب تصور هؤلاء الزنادقة – كرواية ثقة دينهم التي تقول: "ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله، كما أنزل إلا كذاب، وما جمعه وحفظه كما أنزل الله إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده".
وهذا مبني على مذهب الشيعة في القول بعصمة رجل واحد وهو علي، وضلال الأمة بأجمعها، وهو من آثار البيئة الفارسية التي تحيط ملوكها بهالة من التقديس.
وما أسخف عقلاً يرد ما أجمع عليه الصحابة كلهم، ويدعي أن لا ثقة إلا بقل واحد منهم، مع أن هذه الدعوى لا وجود لها غلا في خيالات هؤلاء الزنادقة، فلم يعرف علي والأمة إلا هذا القرآن.
ثم يواصل نقله عن "قرآن علي" الذي لم يُنقص منه حرف كما يزعمون.. فينقل مجموعة من رواياتهم ينتهي القارئ لها إلى أن العقل الشيعي.. من أسرع العقول إلى تصديق الخرافة، فهو يؤمن بكتاب لا وجود له إلا في أساطيرهم ويكفر بقرآن أجمعت علية الأمة.. بما فيهم الأئمة.
تتحدث هذه الأساطير عن جمع عليّ للقرآن وعرضه على الصحابة ورد الصحابة له..(6/480)
فيورد من هذه الروايات خبر الشيعي الذي التقى بمنتظرهم – والذي لم يولد أصلاً – وفيه يقول له المنتظر: "لما انتقل سيد البشر محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وآله من دار الفناء وفعلا صنماً [يعنون بهما صديق هذه الأمة وفار وقها، ومن أقاما الإسلام بعد رسول الله.] قريش ما فعلا من نصب الخلافة جمع أمير المؤمنين رضي الله عنه القرآن كله ووضعه في إزار وأتى به إليهم وهم في المسجد، فقال لهم: هذا كتاب الله سبحانه أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أعرضه عليكم لقيام الحجة عليكم يوم العرض بين يدي الله تعالى، فقال له فرعون هذه الأمة ونمرودها [يعني الفاروق عمر رضي الله عنه وأرضاه، والذي فتح بلاد فارس، ونشر الإسلام فيها، فكان جزاؤه عند هؤلاء الحاقدين السب والتكفير.]: لسنا محتاجين إلى قرآنك، فقال له: أخبرني حبيبي محمد صلى الله عليه وآله بقولك هذا وإنما أردت بذلك إلقاء الحجة عليكم، فرجع أمير المؤمنين إلى منزله.. فنادى ابن أبي قحافة بالمسلمين وقال لهم: كل من عنده قرآن من آية أو سورة فليأت بها، فجاءه أبو عبيدة بن الجراح، وعثمان، وسعيد بن أبي وقاص، ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله، وأبو سعيد الخدري، وحسان بن ثابت، وجماعات المسلمين وجمعوا هذا القرآن وأسقطوا ما كان فيه من المثالب التي صدرت عنهم بعد وفاة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله، فلذا ترى الآيات غير مرتبطة، والقرآن الذي جمعه أمير المؤمنين بخطه محفوظ عند صاحب الأمر عجل الله فرجه وفيه كل شيء حتى أرش الخدش. وأما هذا القرآن فلا شك ولا شبهة في صحته، وأنه من كلام الله سبحانه، هكذا صدر عن صاحب الأمر" [فصل الخطاب: ص9-10.].
وهذا النص نقلناه رغم طوله، لأن معظم حكاياتهم تدور على ما جاء فيه. فالمسألة أصلاً نابعة من حقد هذه "الفئة" على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبغضها للدين الذي يحملونه.(6/481)
فأنت ترى أن الحديث عن مثالب الصحابة وأن من جمع القرآن – بزعمهم – قد أسقطها فأباح هؤلاء بالسر المكنون وكشفوا المستور، وما تخفي قلوبهم أعظم.
ثم إذا رفض الصحابة القرآن – كما يزعمون – فلم يحجب عن الأجيال والقرون التي بعدهم؟ وإذا قامت الحجة على الصحابة فإنها لم تقم على من بعدهم.. وكيف لم يُقم عليٌّ الحجة وهو في قوة سلطانه إبان خلافته؟
إن أساطيرهم تنقض نفسها بنفسها. وإذا امتنع الصحابة عن قبوله – كما يزعمون – أليس في الأمة من يقبله عبر مراحل القرون كلها، وفيهم من صحب الأئمة، والتقي بالمنتظر.. وقامت للشيعة دول وسلطان؟ فلماذا يحجب عنهم ويظل مع الغائب في سرادبه؟ ألا يؤكد هذا لكل عاقل خرافة هذه الدعوى بغض النظر عن جميع الأدلة الأخرى، بل إن صاحب فصل الخطاب ينقل في هذه المقدمة أخباراً تقول إن علياً امتنع عن تسليم القرآن الذي جمعه للصحابة حينما طلبوا منه ذلك، واحتج بأنه لا يمسه إلا المطهرون، وأن المطهرين هم الأئمة الاثني عشر [فصل الخطاب: ص7.].
وهذه قاصمة الظهر.. فعليٌّ كما يفترون – هو الذي رفض إبلاغ القرآن، وادعى أنه خاص به وبولده.. وهذا لا يقول به أحد من المسلمين فضلاً عن أمير المؤمنين، فهو كلام المقصود به الإساءة إلى أهل البيت والطعن فيهم، ولذلك ذهبت بعض فرق الشيعة كالكاملية إلى تفكير أمير المؤمنين عليّ.
وهذه الآثار التي جمعتها كتب الاثني عشرية تؤدي إلى هذا المذهب، فهؤلاء يشايعون الشيطان ولا يشايعون أمير المؤمنين، ومن ينزه أمير المؤمنين من هذه الأباطيل وأمثالها هم شيعته وأنصاره على الحقيقة.
أما المقدمة الثانية عنده فتتضمن صور التحريف التي يزعم وقوعها في كتاب الله سبحانه أو امتناعها، فعرض مجموعة من الصور التي أوحاها له شيطانه: في السورة، والآية، والكلمة، والحرف.(6/482)
وقرر "أن زيادة السورة وتبديلها بأخرى أمر ممتنع [فصل الخطاب: ص24.]؛ لأن الله يقول: {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ} [البقرة 23] فهو يقول بأن القرآن الذي بين أيدي المسلمين لا زيادة فيه أصلاً؛ لأن البشر عاجزون عن الإتيان بسورة من مثله.. ولكنه ينقض هذا حينما يزعم أن "نقصان السورة جائز كسورة الولاية" [فصل الخطاب: ص24.].
فهو بهذا يزعم أن في كتاب الله نقصاً، ويمثل لذلك بسورة الولاية، ولا شك أن هذه الدعوى تتضمن زيادة سورة على كتاب الله، وهو قد قرر امتناعها.. ثم إن هذه السورة المفتراة يشهد نصها على كذبها.. وقد كشف ذلك بعض شيوخ الشيعة أنفسهم [وهو شيخهم: محمد جواد البلاغي في تفسيره آلاء الرحمن ص24-25.]. وهي عبارة عن نص ملفق، وتركيب متهافت، ومعنى ساقط يتضح من خلاله أن واضعه أعجمي جاهل – كما سيأتي -.
ويقول: إن زيادة آية على القرآن، أو تبديل آية بأخرى هو أيضاً منتف بالإجماع، ثم يناقض ذلك بزعمه أن نقصان الآية غير ممتنع [فصل الخطاب: ص24.].
أما زيادة كلمة في القرآن فيرى على ضوء أساطيرهم أنها ممكنة، ويمثل لذلك بقوله: كزيادة "عن" في قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ} [الأنفال 1]. فهو يفتري أن القرآن زيادة كلمة "عن"، وغرض الرافضة في هذا الزعم أن الأنفال كانت خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم هي للأئمة الاثني عشر المعصومين من بعده، والصحابة إنما كانوا يسألون الرسول أن يعطيهم منها على سبيل الصدقة ولم يكن سؤالها عن حكمها، وهذا لا يتأتى للرافضة إلا بحذف كلمة "عن".(6/483)
ثم يقول: نقصانها – أي الكلمة – وهو كثير ك "في عليّ" في مواضع، أي أن اسم علي ورد بزعمهم في القرآن، وحذفه الصحابة، وهذه دعوى لإسكات أتباعهم الذين داهمهم الشك في مذهبهم الذي لا شاهد له من كتاب الله، وهذا أحد الأساليب القريبة التي دفعت الرافضة للقول بهذه الفرية.. وأما الأسباب البعيدة وجذور هذه المقالة فهي هدم التشيع أصلاً وإبعاد الشيعة عن الإسلام كلياً.
ثم بعد ذلك يذكر من الصور للتغير المزعوم في كتاب الله تبديل الكلمات ويقرر علي هدي من خرافاتهم وقوعه فيقول : " كتبديل آل محمد بعد قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ} [آل عمران 23]. بآل عمران" وواضح غرض الشيعة من ذلك فهي تبحث بأي وسيلة عما يثبت ذكر أئمتهم في كتاب الله؛ إذ كيف يذكر آل عمران ولا يذكر أئمتهم..؟
ثم يتحدث عن الحرف فيرى بمقتضى أساطيرهم أن زيادته ونقصانه أمر ممكن وواقع، فيقول: "نقصان الحرف كنقصان "همزة" من قوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آل عمران 110]، و"يا" في قوله تعالى: {يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا} [النبأ 40]".
والهدف من خلال هذا الافتراء مكشوف، فأمة محمد في قاموس هؤلاء القوم الذين أكل الحقد قلوبهم عليها؛ لأنها فتحت ديارهم وأسقطت عروشهم، ونشرت الإسلام بينهم، هذه الأمة في اعتقادهم ملعونة ضالة ظالمة.. ويؤلمهم أن يثني الله سبحانه عليها، فحاولوا أن يجعلوا الثناء خاصاً بالاثني عشر الذين لم يولد آخرهم أصلاً.. فقالوا: إنها ليست الأمة، بل الأئمة.
وكذلك أرادوا من افترائهم بزيادة الياء في قوله "تراباً" أرادوا ترابياً والهدف النسبة إلى علي الذي كان يلقب بأبي تراب، وأن الكافر يقول: يا ليتني كنت ترابياً أي: من شيعة علي، وما أدري لِمَ لا يتمنى أن يكون من شيعة محمد، وهل عليٌّ أفضل من محمد؟!
إلى آخر هذيانه.. الذي عاد على الشيعة بأسوأ العواقب.. وأورثها العار إلى الأبد.(6/484)
المقدمة الثالثة: وعقدها لذكر أقول شيوخ طائفته في تغيير القرآن وعدمه فقال: "اعلم أن لهم في ذلك أقوالاً مشهورها اثنان: الأول: وقوع التغيير والنقصان فيه" ثم ذكر من قال به من شيوخهم كالقمي في تفسيره، والكليني في الكافي وهما كما قال ممن غلا وأكثرا من الرواية في هذا المذهب، ومثل المجلسي في مرآة العقول، والصفار في بصائر الدرجات، والنعماني في الغيبة، والعياشي وفرات الكوفي في تفسيرهما، ومفيدهم في المسائل السروية، ومحدثهم البحراني في الدرر النجفية.
وأخذ على هذا المنوال يعدد من مشاهير علماء مذهبه ممن قال بهذه الأسطورة مع تفخيمهم بالألقاب، أو نعت بعضهم بأنه "ممن لم يعثر له على زلة"، مع أنه يكفيه مقالته هذه إغراقاً في الضلال وزلةً إلى الكفر.. فذكر أسماء شيوخهم وكتبهم في هذا الكفر واستشهد ببعض كلماتهم التي كشفت حقيقة التشيع في عصوره المتأخرة؛ كنقله لقول شيخهم أبي الحسن الشريف صاحب مرآة الأنوار، والذي ذكر فيه أن هذه المقالة من ضروريات مذهب التشيع [انظر: فصل الخطاب: ص32.].
ثم قال: "الثاني: عدم وقع التغيير والنقصان فيه، وأن جميع ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله هو الموجود بأيدي الناس فيما بين الدفتين، وإليه ذهب الصدوق في عقائده، والسيد المرتضى، وشيخ الطائفة في التبيان ولم يعرف من القدماء موافق لهم إلا ما حكاه المفيد عن جماعة من أهل الإمامة والظاهر أنه أراد منها الصدوق وأتباعه" [فصل الخطاب: ص33.].
وأنت تلاحظ – كما أسلفنا – أنه يريد أن يجعل هذه المقالة هي الأصل في التشيع.. وإلا فإن قدماء شيوخ الذهب كانوا بعيدين عن هذا الكفر.. وقد مضى الحديث عن الأصل في الافتراء وبدايته.
ثم ذكر بعض كلمات المنكرين وناقش إنكارهم لبعض ما جاء في كتبهم من القول بهذه الفرية ليصل إلى أن الإنكار ليس على حقيقته، بل هو من باب الخداع لأهل السنة [فصل الخطاب: ص33 وما بعدها.].(6/485)
وفي الباب الأول: عرض ما يسميه ب"الأدلة التي استدلوا بها، ويمكن الاستدلال بها على وقوع التغيير والنقصان في القرآن".
فذكر اثنتي عشرة شبهة بعدد أئمته..
الشبهة الأولى:
قال الملحد: "الدليل الأول: أن اليهود والنصارى غيروا وحرفوا كتاب نبيهم بعده، فهذه الأمة أيضاً لابد وأن يغيروا القرآن بعد نبينا صلى الله عليه وآله؛ لأن كل ما وقع في بني إسرائيل لابد وأن يقع في هذه الأمة على ما أخبر به الصادق المصدوق صلوات الله عليه" [فصل الخطاب: ص36.].
والجواب عن هذه الشبهة من وجوه:
الوجه الأول:
سلمنا أن كل ما وقع في بني إسرائيل سيقع في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لكننا نقول: يخرج من هذا العموم ما دل الليل على خروجه، وتحريف القرآن مستثنى من هذا العموم بنص القرآن: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر 9]. وهل هناك أقوى من أن يخص عموم حديث بنص من القرآن.. فأين عقول هؤلاء القوم؟ ولهذا قال الباقلاني: "أول جهلكم أنكم قطعتم بخبر واحد على أن القرآن غُيّر وبُدّل مع ردكم لما هو أقوى منه" [نكت الانتصار: ص104.].
ثم إن الله سبحانه قد استحفظ أهل الكتاب التوراة واستودعهم إياها فخانوا الأمانة، ولم يحفظوها، بل ضيعوها عمداً.
والقرآن الكريم لم يكل الله حفظه إلى أحد حتى يمكنه تضييعه، بل تولى حفظه جل وعلا بنفسه الكريمة المقدسة كما أوضحة بقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، وقوله: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت 42] إلى غير ذلك من الآيات [انظر: الشنقيطي/ أضواء البيان: 2/100-101.].
وذلك لأن القرآن العظيم هو آخر الكتب، فلا كتاب بعده، والرسول صلى الله عليه وسلم هو آخر الرسل فلا نبي بعده، وبموته انقطع الوحي.. فمن رحمة الله بعباده أن حفظ كتابه ليبقي هداية للأمة ونوراً إلى يوم القيامة.
الوجه الثاني:(6/486)
أن زعمه أن كل ما وقع في بني إسرائيل لابد أن يقع في هذه الأمة، هذه المقدمة غير مسلّمة له على الإطلاق، فالنتيجة التي اعتمدها بناءً على هذه المقدمة، نتيجة كاذبة؛ لأنها مبنية على مقدمة ليست مسلمة له على إطلاقها بدليل أن بني إسرائيل قتلوا أنبياءهم ولم يتحقق ذلك في هذه الأمة، وإن حاول فئة من المنافقين ذلك، وبنو إسرائيل عبدوا العجل ولم يحصل من الأمة نظيره، فتلك المقدمة ليست على إطلاقها، وتحريف القرآن أولى مما ذكرنا لاستثنائه من هذا العموم بالنص كما بينا، وإن حاول فئات من المنافقين الذين تستروا بالتشيع ذلك.
كذلك أمتنا تختلف عن بني إسرائيل؛ حيث لا تزال طائفة ظاهرة علي الحق لا يضرهم من خالفهم، ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة، ولهذا لا يسلط الله عليهم عدواً من غيرهم فيجتاحهم، كما ثبت هذا وهذا في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر أنه لا تزال طائفة من أمته ظاهرة على الحق لا يضرهم من خالفهم إلى يوم القيامة، وأخبر أنه سأل ربه أن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم فأعطاه ذلك، وسأله أن لا يهلكهم بسنة عامة فأعطاه ذلك وسأله أن لا يجعل بأسهم بينهم شديداً فمنعه ذلك [رواه مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض: 3/2216 (ح2890)، والترمزي، كتاب الفتن، باب ما جاء في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا في أمته: 4/471–472، (ح 2175، 2176)، وابن ماجه في كتاب الفتن، باب ما يكون من الفتن: 2/303 (ح3951)، وأحمد: 1/175، 181، 3/146، 156، 5/108، 240، 243، 6/396.].
ومن قبلنا كان الخُلْف فيهم حتى لا تقوم بالحق منهم طائفة ظاهرة منصورة ولهذا كان العدو يسلط عليهم فيجتاحهم كما سلط على بني إسرائيل وخرب بيت المقدس مرتين ولم يبق لهم ملك [مناهج السنة: 3/242.].
* الوجه الثالث:(6/487)
لو سلمنا جدلاً أن القرآن لم يخرج من ذلك العموم بالنص المذكور، فإن التحريف هو ما تقوم به الشيعة من تحريف للمعنى، ومحاولة لتحريف اللفظ، وما قدمناه عنهم هو الدليل، لكنهم لم يحققوا أهدافهم؛ لأن الله هو الذي تكفل بحفظه بنص الآية السابقة [في هذا الموضوع أملى علي د. محمد رشاد سالم – رحمه الله – فقال: "وجه الشبه بين فعل الأمتين أن من أمة محمد من حاول تحريف القرآن بالفعل مثل الشيعة الرافضة، أو تأويله تأويلاً باطلاً متعسفاً كالجهمية.. لكن النتيجة مختلفة؛ فقد تم التحريف بالفعل في أمة بني إسرائيل الذين كتموا التوراة وأخفوها، وأظهروا التوراة المحرفة، وكذلك فعل النصارى في إنجيلهم، أما أمة محمد فقد تكفل الله سبحانه بحفظ كتابهم القرآن".].
الشبهة الثانية:
قال الملحد: "الدليل الثاني أن كيفية جمع القرآن وتأليفه مستلزمة عادة لوقوع التغيير والتحريف فيه، وقد أشار إلى ذلك العلامة المجلسي في مرآة العقول، حيث قال: والعقل يحكم بأنه إذا كان القرآن متفرقاً منتشراً عند الناس وتصدى غير المعصوم لجمعه يمتنع أن يكون جمعه كاملاً موافقاً للواقع" [فصل الخطاب: ص97.].
والجواب: إن هذه الشبهة مبنية على العقلية الإمامية التي تحتم على جميع الأمة إذا أجمعت الخطأ، وتجعل رأي واحد منها (ليس بنبي) هو الصواب، كما يلحظ ذلك في قوله: "وتصدى غير المعصوم لجمعه". وهو رأي منقوض وباطل كما أسلفنا في الحديث عن العصمة، وما بني على باطل فهو باطل.(6/488)
وصياغته لهذه الشبهة تدل على أن كثيراً من شيوخ الإمامية قوم بُهْتٌ يكذبون بالحقائق الواضحات ويصدقون بالأكاذيب والخرافات. فجمع القرآن جاء على أدق الطرق وأوثقها ضبطًا وإتقاناً، فكتبة الوحي يكتبون، والحفظة يحفظون، والأمة بأكملها تردد آيات القرآن في صلواتها وحلقاتها، كلما نزل شيء من القرآن هبوا لحفظه وكتابته وتعلمه والعمل به، فالممتنع هو أن يزاد في القرآن حرف أو ينقص منه حرف آخر، ولذا أجمعت الأمة على ذلك والإجماع معصوم.
فلنحكّم عقولنا؛ ما جاءت هذه الدعوى إلا من طائفة الاثني عشرية من بين فرق الشيعة كلها، وهي تتحدث عن قرآن جمعه عليّ هو الكامل في نظرها وترفض ما أجمع عليه المسلمون.. فأيهما نصدق أبالقرآن أم بكتاب غائب لم ير ولم يعرف، معلق خروجه على منتظر موهوم.. تولى جمعه – باعترافهم – فرد واحد..؟
أخرج لنا الشيعة منه آيات يستحيل أن تكون من كلام رب العزة جل علاه لسقوطها عن أداء الإنسان العادي، فكيف بكلام رب العالمين المعجز؟ ورأينا من تنسب الشيعة إليه هذا الكتاب المزعوم يتعبد ويقرأ بالقرآن الذي بأيدي المسلمين، والشيعة تفتري عليه بأن ذلك منه تقية. فهل تجوز التقية في مثل هذا الذي يترتب عليه ضياع الدين وضلال الأجيال؟! إنها مقالة تنطق الشواهد بكذبها، وهي من تقدير الله سبحانه لينكشف أمر هذه الطائفة للمسلمين جميعاً، بعدما عاشت بينهم بالتقية قروناً متطاولة.(6/489)
ثم إن من العلوم أن جمع الأمة للقرآن في زمن الصديق وأمير المؤمنين عثمان قد تم بإجماع الصحابة، وكان أمير المؤمنين عليٌّ على رأس الكتبة وأغلب القراءات المتداولة ترجع بالسند المتواتر إليه باعتراف الشيعة نفسها كما سلف نقل ذلك عنهم [انظر: ص 266 – 267 من هذه الرسالة.]، وليس في الطرق إلى علي ّما يخالف قرآن الأمة، وقد أثنى أمير المؤمنين على الصديق، وعلى ذي النورين فيما قاما به من أمر المصحف [انظر: ص 236 – 265 من هذه الرسالة.] فهل تنكر ضوء الشمس ليس دونها سحاب وتصدق أساطير نقلها شرذمة من أعداء الأمة والدين؟! ومن أضل ممن يدعو أتباعه للإعراض عن كتاب الله وانتظار كتاب موهوم مفترى عند إمام مخترع أو هارب في سردابه منذ أكثر من ألف عام.. وكيف تقوم الحجة على العباد بمثل هذا الكتاب الموهوم.. والشيعة لا علم لها بهذا المصحف ولا صلة لها به، إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون.
الشبهة الثالثة:(6/490)
قال الملحد: "إن أكثر العامة وجماعة من الخاصة ذكروا في أقسام الآيات المنسوخة ما نسخت تلاوتها دون حكمها، وما نسخت تلاوتها وحكمها معاً وذكروا للقسمين أمثلة ورووا أخبارًا ظاهرة بل صريحة في وجود بعض الآيات والكلمات التي ليس لها في القرآن المتداول أثر ولا عين وأنه كان منه في عصر النبي صلى الله عليه وآله يتلونه الأصحاب وحملوها على أحد القسمين من غير أن تكون فيها دلالة وإشارة على ذلك، وحيث إن نسخ التلاوة غير واقع عندنا، فهذه الآيات والكلمات لابد وأن تكون مما سقط أو سقطوها من الكتاب جهلاً أو عمداً، لا بإذن من الله ورسوله وهو المطلوب" [فصل الخطاب: ص106.]. هذه الشبهة تتكرر على ألسنة المعاصرين من الشيعة كثيًرا، ويحاولون أن ينفذوا من خلالها إلى فكر القارئ للتأثير عليه بإيهامه أن الآيات المنسوخة تلاوة الواردة من طرق السنة هي كأخبار التحريف عند الشيعة، فلا تكاد تقرأ كتاباً من كتب هذه الطائفة، ويأتي الحديث عن هذه الفرية إلا وتجدهم يبررون ما شاع من أساطير في كتبهم بالأخبار المنسوخة عند أهل السنة [مثل عبد الحسين الموسوي في أجوبة مسائل جار الله، ومحسن الأمين في كتابه الشيعة بين الحقائق والأوهام، وعبد الحسين الرشتي في "كشف الاشتباه" والخنيزي في "الدعوة إلى وحدة أهل السنة والإمامية" وغيرهم.].
ولا شك أن حجتهم داحضة؛ ذلك أن النسخ من الله سبحانه، قال تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة 106]. أما التحريف فمن فعل البشر، وشتان بين هذا وذاك، ولذلك وجد من شيوخ الشيعة الكثير ممن يذهب إلى هذا المذهب الباطل بمقتضى دلالة أساطيرهم، ولم يوجد أحد من علماء السنة يقول بهذه الفرية، فالنسخ شيء آخر غيرها.(6/491)
بل إن هذه الأسطورة لا مكان لها أصلاً عند المسلمين، ولذلك نجد الحديث عن الانحراف فيما يتصل بالقرآن عند أهل السنة في مسألة خلق القرآن وما شابه ذلك من الأقوال الباطلة التي وجدت في محيط السنة العام، أما تلك القضية فغير واردة أصلاً عندهم، فكيف يجعل النسخ كالقول بالتحريف؟ إن ذلك إلا ضلال مبين وكيد متعمد.. لأن غاية ما تدل عليه تلك الآثار أن ذلك كان قرآناً ثم رفع في حياة الرسول والوحي ينزل، ولهذا وضعت في باب النسخ من مباحث علوم القرآن عند أهل السنة، ولم يكن يخطر ببال أحد منهم أن ذلك يدل على تحريف المنزّل، بخلاف أخبار هذه الأسطورة عند الاثني عشرية التي تنسب التحريف إلى صحابة رسول الله الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه لأنها تصدق خبر شرذمة من الأفاكين وتكذب بالضرورات والأخبار المتواترات وشهادة الله ورسوله لهم.
والصحابة عند أهل السنة هم أتقى وأخشى لله من يفعلوا شيئًا من ذلك، ولو فرضنا جدلاً أنهم حاولوا فعل هذا لم يمكنهم الله سبحانه وتعالى وإلا لزم الخلف في قوله وهو محال. بل يستحيل أن يقع منه شيء من ذلك ولو على سبيل السهو؛ لأن الله هو الذي وعد بحفظه.
ونسخ التلاوة يقر به الروافض أنفسهم، وإن أنكره هذا النوري الطبرسي لتأييد مذهبه الباطل ونسب الإنكار للشيعة كلها، فإن صدق في هذه النسبة فهو ينصرف إلى بعض المعاصرين من طائفته، وهذا يعني أنهم أكثر غلواً من السابقين في ذلك، فقد قرر شيخهم الطبرسي (ت 548ه) في هذه المسألة ثبوت نسخ التلاوة، حيث قال في مجمع البيان: "ومنها ما يرتفع اللفظ ويثبت الحكم كآية الرجم" [مجمع البيان: 1/180.]. والطبرسي قد أنكر التحريف، ويستشهد شيوخ الشيعة بإنكاره على براءة مذهبهم من هذا العار، ولم يقل أحد بأن إثباته لنسخ التلاوة قول بالتحريف.
ومن قبله شيخهم الطوسي (ت460ه) في تفسيره التبيان، حيث قال: "لا يخلو النسخ في القرآن الكريم من أقسام ثلاثة: أحدهم نسخ حكمه دون لفظه...(6/492)
والثاني ما نسخ لفظه دون حكمه كآية الرجم، فإن وجوب الرجم على المحصنة لا خلاف فيه، والآية التي كانت متضمنة له منسوخة بلا خلاف وهي قوله: "والشيخ والشيخة إذا زنيا" [التبيان: 1/13.].
وقال في موضع آخر: "وقد أنكر قوم جواز نسخ القرآن، وفيما ذكرناه دليل على بطلان قولهم، وجاءت أخبار متضافرة بأنه كانت أشياء في القرآن نسخت تلاوتها" [التبيان: 1/394.].
ومن قبلهما شيخ الشيعة "المرتضى" (ت436ه) وهو ممن ينكرون هذه الفرية وهو الذي استثناه ابن حزم من جمهور الإمامية القائلين بهذه الأسطورة.
والشيعة المعاصرون يستدلون بإنكاره على براءة مذهب الشيعة من هذا الكفر، وهو يقر بنسخ التلاوة، ففي كتابه الذريعة قال: "فصل في جواز نسخ الحكم دون التلاوة، ونسخ التلاوة دونه" ثم تكلم عن ذلك [الذريعة إلى أصول الشيعة: ص428 –429.].
إذن الإقرار بنسخ التلاوة أمر مشترك بين الفريقين وهو شيء أخر غير التحريف.
ومن المكر والكيد الذي لا يكاد يخلو منه كتاب شيعي معاصر ناقش هذه القضية التظاهر بإنكار الشيعة لهذه الفرية والاستدلال بإنكار المرتضى والطبرسي وغيرهما، ثم يحاولون نسبة هذه الفرية إلى أهل السنة، لأنهم قالوا بنسخ التلاوة.. مع أن الطبرسي والمرتضى يقولان بذلك، ولكن ذلك مكر مقصود لتحقيق هدف لا يجرؤون على إظهاره وهو اعتقادهم هذا الكفر.
الشبهة الرابعة:
قال الملحد: "الدليل الرابع أنه كان لأمير المؤمنين قرآناً مخصوصاً – كذا – مخالف الموجود في الترتيب، وفيه زيادة ليست من الأحاديث القدسية، ولا من التفسير والتأويل".(6/493)
وأقول: لو كان لأمير المؤمنين مصحف لأخرجه للمسلمين، ولم يسعه كتمانه، وإذا لم يستطع ذلك في خلافة من سبقه – على حد تفكيركم – فإنه يستطيع إخراجه إبان خلافته.. وكتمان ذلك كفر وضلال.. فمن ألصق ذلك بأمير المؤمنين فهو ليس من شيعته، بل من عدوه؛ لأنه يدعي أنه كتم إظهار الحق وبيانه خوفاً وجبناً، وهو أسد الله وأسد رسوله.. وكتمان أصل الدين وأساسه خروج عن الإسلام.
ولو لم يستطيع عليّ إخراجه لأخرجه الحسن إبان خلافته، ولكن الذي يشهد به الجميع حتى الروافض أن علياً لم يقرأ في صلاته، ويحكم في خلافته إلا بهذا القرآن، وكذلك سائر علماء أهل البيت – كما مر [ص 265 وما بعدها.]– وهذا يبطل كل دعاوى الروافض الذين أقض مضاجعهم وأرق عيونهم وفض جمعهم وشتت أمرهم خلو كتاب الإسلام العظيم مما يثبت شذوذهم فادعوا قرآناً غائباً لما لم يجدوا في كتاب المسلمين ضالتهم، كما ادعوا إماماً غائباً لما مات إمامهم من غير عقب.
وإذا كان لأمير المؤمنين مصحف فهو أمر طبيعي لا يدل على ما يذهب إليه هذا المجوسي، فهو كبعض الصحابة الذين اتخذوا لأنفسهم مصاحف خاصة كتبوها لهم ولكنها لا تصل إلى مستوى المصحف الإمام الذي يكتبه كتبة الوحي بإشراف رسول الهدى صلى الله عليه وسلم.
وإذا كان لعليًّ كما يدعون مصحف يخالف المصحف الإمام، فما يخالف المصحف الذي أجمع عليه المسلمين لا اعتداد به، لأن الإجماع معصوم والعبرة بما أجمع عليه أهل الإسلام، مع أن أمير المؤمنين كان على رأس المجمعين والجامعين وثناؤه على أبي بكر وعثمان في ذلك مشهور – كما قدمنا -.
قال الباقلاني: "فإن قالوا: فإنما لم يغير ذلك ولم ينكره لأجل التقية قيل لهم: ومن كان أقوى منه جانباً وهو في بني هاشم مع عظم قدره وشجاعته وامتناع جانبه. هذا غاية الامتناع والباطل" [نكت الانتصار: ص108.].(6/494)
ثم أشار إلى تناقض الروافض، حيث إن مقالتهم هذه في عليّ تنقض ما يزعمونه من شجاعته وصدعه بالحق، وعدم سكوته عن باطل.
وذكر بأن واقع أمير المؤمنين في خلافته ينفي مجرد تصور التقية في هذا الباب "فأي تقية بعد أن شهر سيفه وقاتل بصفين ونصب الحرب بينة وبين مخالفيه فيما هو دون تغيير القرآن وتحريفه، هذا مما يعلم بطلانه ويقطع على استحالته" [نكت الانتصار: ص108.].
الشبهة الخامسة:
قال الملحد: الخامس أنه كان لعبد الله بن مسعود مصحف معتبر فيه ما ليس في القرآن الموجود". ثم ذكر نماذج مما جاء في مصحف ابن مسعود – كما تزعم رواياتهم – ومما ذكره "وكفى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب ورفعنا لك ذكرك بعلي صهرك" [فصل الخطاب: ص136.].
أقول: لا خلاف أن بعض الصحابة كانت لهم مصاحف خاصة بهم يكتبون فيها ما يسمعون من النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن.. وهذا لا يطعن في المصحف الإمام، ولا يدل على ما يذهب إلية هؤلاء الطغام؛ لأن العمدة والأصل هو ما أجمع عليه المسلمون ولا عبرة بما انفرد به أحدهم.
وأنت تلاحظ أنه جعل مصحف ابن مسعود هو المعتبر والهدف واضح؛ لأنه ورد فيه – كما يزعم – ذكر علي.. ولكن ما استشهد به من نماذج يدل على أن ما ينسبونه لابن مسعود أو لمصحفه هو من افتراءاتهم، فقوله: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} هذه الآية من سورة "الانشراح" وهي مكية بكل آياتها كما هو معلوم، والزيادة التي زادوها وهي قولهم: (وجعلنا علياً صهرك) كشفت كذبهم؛ ذلك أن صهره الوحيد في مكة هو العاص بن الربيع الأموي، فهم وضعوا ولم يحسنوا الوضع لجهلهم بالتاريخ.. فهل يكتب ابن مسعود ما يخالف الواقع وما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم؟!.(6/495)
وكذلك الشاهد الآخر "وكفى الله المؤمنين القتال بعلي" فهو مخالف لنص القرآن وللواقع، فالله سبحانه أخبر بمن كفى عباده المؤمنين، وذلك في قوله سبحانه: {إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب 9].
ولذلك قال السلف في تأويل قوله سبحانه: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} [الأحزاب 25] أي: بجنود من الملائكة، والرياح التي بعثها عليها [تفسير الطبري: 21/148، فتح القدير: 4/272.].
أما مخالفة الواقع فإن علياً لم يكن كافياً من دون المؤمنين، ولو لم يكن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا علي لما أقام دينه، وهذا علي لم يغن عن نفسه ومعه أكثر جيوش الأرض.. في حربه مع معاوية [انظر: منهاج السنة: 4/56.].
ولذا قال الباقلاني: "فأما ادعاؤهم أن ابن مسعود قرأ: "وكفى الله المؤمنين القتال بعلي" وما أشبه ذلك من الأحاديث فإنه إفك وزور ولا يصح.." [نكت الانتصار: ص 107، وانظر: روح المعاني: 21/175.].
وقال ابن حزم: "وأما قولهم [يعني النصارى؛ لأنهم يعترضون علي أمة الإسلام بشبه هؤلاء الروافض.]: إن مصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه خلاف مصحفنا فباطل وكذب وإفك، مصحف عبد الله بن مسعود إنما فيه قراءته بلا شك، وقراءته هي قراءة عاصم المشهورة عند جميع أهل الإسلام، في شرق الأرض وغربها" [الفصل: 2/212.].
الشبهة السادسة:
قال الملحد: "الدليل السادس أن الموجود غير مشتمل لتمام ما في مصحف أبيّ المعتبر عندنا".
انظر مبلغ تعنت وتعصب هذا الملحد، فمصحف أبيّ معتبر عندهم دون مصحف الأمة!!
وما الدليل على اعتبار وصحة ما في مصحف أبيّ دون مصحف الأمة؟! لا دليل لديهم إلا رغبة هؤلاء المجوس في الطعن في كتاب الله وأنّى لهم ذلك.. فلا مصحف إلا هذا القرآن وكلماتهم عادت عليهم بأسوأ العواقب..(6/496)
وإذا كان لابن مسعود وأبيّ بن كعب وعائشة وسالم مولى حذيفة مصاحف كما جاءت به الأخبار في كتب السنة والشيعة.. فهذه المصاحف الخاصة هي عمل فردي من بعض الصحابة ولم يكن هدفهم كتابة مصحف تلتزم به الأمة، لهذا كانت هذه المصاحف الخاصة غير حجة على الأمة، فما عدا مصحف عثمان لا يقطع عليه، وإنما يجري مجرى الآحاد [البرهان: 1/222.].
وإذا نقل منه ما يخالف المصحف الإمام فهذا طبيعي، لأن الواحد منهم كان يكتب لنفسه، ولذلك قد يكتبون تفسيراً لبعض الآيات في نفس المصحف وهم آمنون من اللبس، لأنهم إنما يكتبون لأنفسهم.
قال ابن الجزري: "ربما كانوا يدخلون التفسير في القراءات إيضاحاً وبياناً، لأنهم محققون لما تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم قرآنا فهم آمنوا من الالتباس، وربما كان بعضهم يكتبه معه" [ابن الجزري/ النشر: 1/32، السيوطي/ الإتقان: 1/77.].
وربما كتبوا ما نسخت تلاوته "ولذلك نص كثير من العلماء على أن الحروف التي وردت عن أبيّ وابن مسعود وغيرهما مما يخالف هذه المصاحف منسوخة... ولا شك أن القرآن نسخ منه وغُيّر فيه في العرضة الأخيرة" [ابن الجزري/ النشر: 1/32.].
ذلك أنهم يكتبون لأنفسهم لا للأمة، كما لا ننسى ما يضعه الروافض في هذا الباب، وينسبونه لهذا المصاحف [ولهذا ذكر أهل العلم أن من أنواع القراءات ما هو موضوع. (انظر: الإتقان: 1/77).]. أما القرآن فقد قام به الحفظة من الصحابة، وجمعوا ما في الصحف التي كتبها كتاب الوحي بإشراف النبي صلى الله عليه وسلم على حسب ما استقر في العرضة الأخيرة من جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه الآن من غير زيادة ولا نقصان "ولذلك لم يختلف عليهم اثنان حتى إن علي بن أبي طالب لم ينكر حرفاً ولا غيره" [النشر: 1/33.].
الشبهة السابعة:
قال الملحد: "السابع أن عثمان لما جمع القرآن ثانياً أسقط بعض الكلمات والآيات.." [فصل الخطاب: ص150.].(6/497)
ثم يحاول أن يقيم الدليل على هذه الدعوى بأن "العلم بمطابقة ما جمعه لتمام المنزل.. متوقف على.. عدالة الناسخين أو الكاتبين أو صدقهم أو العرض علي الصحيح التمام.." [فصل الخطاب: ص154.] وهذا في نظره لا يثبت.
فأنت تلاحظ أنه بنى دعواه على عقيدة الرافضة في الصحابة المخالفة للكتاب والسنة وإجماع الأمة وما تواترت به الأحداث والوقائع [انظر: نقض عقيدتهم في الصحابة: ص(752) وما بعدها.].
كما اعتبر الوهم الذي تدعيه الشيعة من وجود مصحف جمعه علي وتوارثه الأئمة هو الأصل في تصديق المصحف الإمام.. وكل ذلك غير مسلّم له، كما لا يسلّم له احتجاجه بذلك "الغثيان" من الأقوال والروايات التي نقلها من كتبهم لإثبات هذه المقالة.
ومن المعلوم أن "القرآن كله كتب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يأمر أبو بكر إلا بكتابة ما كان مكتوباً، ولذلك توقف عن كتابة الآية من آخر سورة براءة حتى وجدها مكتوبة، مع أنه كان يستحضرها هو ومن ذكر معه" [فتح الباري: 9/12-13.]؛ لأنهم كانوا يعتمدون في جمع القرآن على الحفظ والكتابة معاً؛ ولم يعتمدوا على الحفظ وحده؛ حيث إن "قصدهم أن ينقلوا من عين المكتوب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.. لا من مجرد حفظهم" [أبو شامة/ المرشد الوجيز: ص57، وانظر الإتقان للسيوطي: ص58.].
وقد أعلم الله تعالى في القرآن بأنه مجموع في الصحف في قوله: {يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً} [البينة، 2]... الآية، فكان القرآن مكتوباً في الصحف لكن كانت مفرقة فجمعها أبو بكر في مكان واحد، ثم كانت بعده محفوظة إلى أن أمر عثمان بالنسخ منها عدة مصاحف وأرسل بها إلى الأمصار [فتح الباري : 9/13.].(6/498)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية يلخص عملية جمع القرآن: "لما كان العام الذي قبض فيه النبي صلى الله عليه وسلم عارضه جبريل بالقرآن مرتين، والعرضة الأخيرة هي قراءة زيد بن ثابت وغيره، وهي التي أمر الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بكتابتها في المصاحف، وكتبها أبو بكر وعمر في خلافة أبي بكر في صحف أمر زيد بن ثابت بكتابتها، ثم أمر عثمان في خلافته بكتابتها في المصاحف، وإرسالها إلى الأمصار، وجمع الناس عليها باتفاق من الصحابة عليّ وغيره" [مجموعة فتاوى شيخ الإسلام: 13/395.].
فالذي يُخَطّئ أبا بكر وعثمان قد خطأ علًيا، وجميع الصحابة؛ لأن الحقيقة التي يتفق عليها المسلمون أن أمير المؤمنين عثمان جمع القرآن بموافقة الصحابة جميعاً [انظر: المرشد الوجيز لأبي شامة: ص53.].
ولو حدث هذا الذي تقوله الشيعة لما جاز لأحد السكوت على تغيير أصل الإسلام وأساسه، ولضل الجميع بسبب ذلك بما فيهم علي رضي الله عنه، والبراهين المتفق عليها والتي لا يختلف فيها اثنان أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يسكتوا على ما هو أقل من ذلك.
لقد قاتلوا من منع الزكاة، وقاتل علي – رضي الله عنه – معاوية على أقل من هذا الأمر العظيم والشأن الخطير، ولو حصل الذي تقوله الرافضة لتناقله أعداد الإسلام الذين يتربصون بأمة الإسلام الدوائر، ولم تنفرد بنقله طائفة الروافض.
وهذه الطائفة التي نقلت هذا الكفر قد نقلت ما يثبت خلافه، روى ابن طاوس وهو من كبار شيوخ الشيعة أن "عثمان جمع المصحف برأي مولانا علي ابن أبي طالب" [تاريخ القرآن للزنجاني ص67.] وهذا ينقض ما افتراه الشيعة عبر القرون؛ لأنه يتفق مع إجماع الأمة، وهو اعتراف منهم وإقرار.. واعتراف المخالف أشد وقعاً في النفس من اعتراف الموافق.(6/499)
ولم يملك صاحب فصل الخطاب – وهو الحريص على إثبات هذه الفرية – حيال هذا النص إلا أن يقول: "إنه من الغرابة بمكان" [فصل الخطاب: ص 153.]. وليس بغريب إلا عند هذا الملحد ومن يشايعه.
وقد أخرجه ابن أبي داود بسند صحيح – كما قال ابن حجر – عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال: "لا تقولوا في عثمان إلا خيراً فوا لله ما فعل ما فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا" [فتح الباري: 9/18، وانظر: ابن أبي داود/ كتاب المصاحف: ص19، أبو شامة/ المرشد الوجيز: ص53.].
وبعد هذا كله فإن "النموذج" الذي يخرجه لنا هؤلاء "الكذبة" ويزعمون أن عثمان أسقطه، هو أكبر شاهد على حقيقة قولهم..
فقد جاء صاحب فصل الخطاب بأربع روايات عن أربعة من كتبهم تقول إن علي بن موسى الرضا قال: "لا والله لا يرى في النار منكم اثنان أبداً، لا والله ولا واحداً. قال: قلت: أصلحك الله، أين هذا من كتاب الله تعالى؟ قال: هو في الرحمن وهو في قوله تبارك وتعالى: لا يسئل عن ذنبه منكم إنس ولا جان، قال: قلت: ليس فيها منكم؟ قال: بلى، والله إنه لمثبت فيها وإن أول من غيّر ذلك لابن أروى" [فصل الخطاب: ص157.].
والروايات الثلاث الأخر لا تخرج عن هذا المعنى، ويعنون بابن أروى عثمان.
فهذا "المثال" الذي تقدمه كتب الروافض كشاهد لما أسقطه عثمان يكشف الحقيقة المخبأة.. فوقت تنزل القرآن لا يوجد شيعة، ولا مرجئة ولا غيرهما من الفرق.
والآية كما لا يدعون تثبيت أن الشيعي لا يسأل عن ذنبه.. وهذه دعوى خطيرة لا يسندها دليل، بل هي مناقضة لنصوص التنزيل، وما علم من الإسلام بالضرورة.. ولها آثارها الخطيرة من التحلل من التكاليف الشرعية.. والجرأة على اقتراف المعاصي والموبقات.
وإمامهم يقسم على شيعته أنه لن يدخل النار منهم واحد.. أطلع الغيب، أم اتخذ عند الله عهداً؟!(6/500)
وهم بهذه الدعوى أكثر غلواً من يهود، الذين قالوا: {لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً}، ورد الله عليهم بقوله سبحانه: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ، بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة، 80، 81].
وهي تكشف كذب هذه الدعاوى كلها.. وأن الغرض من دعوى التحريف تحقيق شذوذ لا سند له من كتاب أو سنة صحيحة. ثم هي تكشف أن واضع هذه الرواية زنديق جاهل بمعاني كتاب الله، فالآية في المجرمين وهو ظنّ أنها في الصالحين فأولها في شيعته.. وحاول أن يؤكد ذلك بزيادة قوله: "منكم" وعلل ذلك بأنة لو لم يضع هذه الزيادة لسقط العقاب عن الخلق، وهو لا يسقط إلا عن شيعته – كما يفتري – مع أن الآية هي كقوله سبحانه: {وَلا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} [القصص، 78].
فهي في أهل الجرائم والذنوب.
ولهذا قال ابن عباس في تفسيرها: لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا؟؛ لأنه أعلم بذلك منهم. وقال مجاهد: لا يسأل الملائكة عن المجرم، يعرفون بسيماهم [تفسير الطبري: 27/142 – 143، تفسير ابن كثير 4/294.].
ونختم القول بما قاله الجاحظ في دحض شبهتهم حول جمع أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه. قال الجاحظ:
"والذي يخطئ عثمان في ذلك فقد خطأ علياً وعبد الرحمن وسعداً، والزبير وطلحة وعلية الصحابة.(7/1)
ولو لم يكن ذلك رأي علي لغيّره، ولو لم يمكنه التغيير لقال فيه، ولو لم يمكنه في زمن عثمان لأمكنه في زمن نفسه، وكان لا أقل من إظهار الحجة إن لم يملك تحويل الأمة، وكان لا أقل من التجربة إن لم يكن من النّجاح على ثقة، بل لم يكن لعثمان في ذلك ما لم يكن لجميع الصحابة، وأهل القدم والقدوة، ومع أن الوجه فيما صنعوا واضح، بل لا نجد لما صنعوا وجهاً غير الإصابة والاحتياط، والإشفاق والنظر للعواقب، وحسم طعن الطاعن.
ولو لم يكن ما صنعوا لله تعالى فيه رضاً لما اجتمع عليه أول الأمة وآخرها، وإن أمراً اجتمعت عليه المعتزلة والشيعة، والخوارج والمرجئة، لظاهر الصواب، واضح البرهان، على اختلاف أهوائهم.
فإن قال قائل: هذه الروافض بأسرها تأبى ذلك وتنكره، وطعن فيه، وترى تغييره.
قلنا: إن الروافض ليست منا بسبيل، لأن من كان أذانه غير أذاننا، وصلاته غير صلاتنا، وطلاقه غير طلاقنا، وعتقه غير عتقنا، وحجته غير حجتنا، وفقهاؤه غير فقهائنا، وإمامه غير إمامنا، وقراءته غير قراءتنا، وحلاله غير حلالنا، وحرامه غير حرامنا، فلا نحن منه ولا هو منا [رسائل الجاحظ، رسالة حجج النبوة: 3/233–234.].
الشبهة الثامنة:
قال الملحد: "الثامن في أخبار كثيرة دالة صريحاً على وقوع النقصان زيادة على ما مر رواها المخالفون" [فصل الخطاب: ص162.].
ثم ذكر ما جاء عن طريق أهل السنة من أخبار نسخ التلاوة.
ولا مستمسك له في ذلك كما أسلفنا؛ لأن النسخ من الله سبحانه والتحريف من البشر.. ولذلك جاء الحديث عنها في كتب أهل السنة في باب النسخ.. ولا نعيد هنا ما قلناه سابقاً.. وهو يعيد الأدلة ويكررها بصور مختلفة ليصل بالأدلة إلى عدد أئمته الاثني عشر.(7/2)
وقد أورد في هذا الموضع سورة مفتراة قال بأنه وجدها في كتاب دبستان مذاهب [بالغة الإيرانية لمؤلفه محسن فاني الكشميري، وهو مطبوع في إيران طبعات متعددة، ونقل عنه هذه السورة المكذوبة على الله المستشرق نولدكه في كتابه "تاريخ المصاحف": 2/102، ونشرتها الجريدة الآسيوية الفرنسية سنة 1842م (ص431–439) (انظر: الخطوط العريضة ص13).] ولم يجدها في غيره من كتب الشيعة، وقال: لعلها سورة "الولاية" التي أشار إليها بعض شيوخ الشيعة، ثم أورد نصها بتمامه [فصل الخطاب: ص180.] وهي عبارات ركيكة، وألفاظ ساقطة، ومعان متهافتة، وسياق مفكك، وجمل ينبو بعضها عن بعض.
فهي عبارة عن كلمات ملفقة تلفيقاً رديئاً من بعض ألفاظ القرآن، وموضوعها هو الأمر الذي أقلق الشيعة وهو خلو كتاب الله من شذوذهم، ولذلك فهي تذكر مسألة الوصية لعلي بالإمامة، وتكفير الصحابة لعصيانهم الوصي. تقول كلماتها"
"يا أيها الذين آمنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي. إن الذين يوفون ورسوله في آيات لهم جنات نعيم. والذين كفروا من بعد ما آمنوا بنقضهم ميثاقهم وما عاهدهم الرسول عليه يقذفون في الجحيم. ظلموا أنفسهم وعصوا الوصي الرسول يسقون من حميم. إن الله الذي نور السموات والأرض بما شاء واصطفى من الملائكة وجعل من المؤمنين أولئك في خلقه يفعل الله ما يشاء... إن علياً من المتقين وإنا لنوفيه حقه يوم الدين.. فإنه وذريته الصابرون، وإن عدوهم إمام المجرمين... يا أيها الرسول قد جعلنا لك في أعناق الذين آمنوا عهداً فخذه وكن من الشاكرين بأن علياً قانتاً بالليل . يحذر الآخرة ويرجو ثواب ربه قل هل يستوي الذين ظلموا وهم بعذابي يعلمون. سيجعل الأغلال في أعناقهم وهم على أعمالهم يندمون" [فصل الخطاب: ص180–181.] إلخ.
هذه بعض كلماتها وهي لا تحتاج إلى نقد.(7/3)
فهي من هذر الكلام وسقط المتاع، تلفيق مهلهل مضطرب المعاني والألفاظ، وإن أقل الأدباء ليأبى نسبتها إليه فضلاً عن أن تكون من كتاب الله الذي أعجز أرباب البيان وفرسان الفصاحة.
وقد نقد هذه "السورة المخترعة" الشيخ يوسف الدجوي في كتابه: "الجواب المنيف في الرد على مدعي التحريف في القرآن الشريف" [انظر: الجواب المنيف: ص174 وما بعدها.].
وقد ردها – أيضاً – وبيّن زيفها أحد شيوخ الشيعة وهو البلاغي في تفسيره آلاء الرحمن [انظر: آلاء الرحمن: ص24-25.].
وبطلانها أوضح من أن يبيّن، فلا حاجة إلى نقل ما قالاه، فأنت تلحظ أن الأمر ظاهر من مجرد النظر في ألفاظها، انظر إلى قوله – مثلاً -: "واصطفى من الملائكة، وجعل من المؤمنين أولئك في خلقه" تجد أنها من وضع أعجمي لا يستطيع أن ينبئ عما يريد.
فماذا اصطفى من الملائكة؟ لم يكمل المعنى.
ولعله يريد اصطفي من الملائكة رسلاً إلى الأوصياء، فلم يستطيع إكمال الجملة.
وماذا جعل من المؤمنين؟
وما معنى أولئك في خلقه؟
وأنت ترى أنه ما رام أحد محاكاة القرآن إلا وابتلاه الله بالعي، وفضحه على رؤوس الأشهاد.
الشبهة التاسعة:
قال الملحد: "إنه تعالى ذكر أسامي أوصيائه وشمائلهم في كتبه المباركة السالفة، فلا بد أن يذكرها في كتاب المهيمن عليها" [فصل الخطاب: ص184.].
وكونها لم توجد فهذا دليل تحريفه بزعمه، ثم ساق مجموعة من رواياتهم تذكر بأن أئمتهم الاثني عشر قد جاء ذكرهم في الكتب السماوية السابقة [فصل الخطاب: ص184–204.].(7/4)
وأقول: إن هذه الدعوى مبنية على أن أسماء الأئمة الاثني عشر قد ذكرت في كتب الأنبياء السابقة.. فهي دعوى باطلة بنيت على باطل، وخرافة عُلِّق ثبوتها على خرافة أخرى، فمن يسلّم بذكرهم في الكتب السماوية حتى يسلم بذكرهم في القرآن! "وهذه كتب الأنبياء التي أخرج الناس ما فيها من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ليس في شيء منها ذكر عليٍّ – فضلاً عن سائر أئمتهم – وهؤلاء الذين أسلموا من أهل الكتاب لم يذكر أحد منهم أنه ذكر عليٌّ عندهم" [منهاج السنة: 4/46.].
لقد جاءت البشارة في الكتب السابقة بخاتم المرسلين. قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ} [الأعراف، 157].
وجاء ذكر الصحابة والثناء عليهم في التوراة والإنجيل، قال تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} [الفتح، 29].
وقد عز على هذه الزمرة أن يذكر رسول الهدى صلى الله عليه وسلم وصحابته ولا يذكر أئمتهم، والصحابة عندهم أهل ردة، وأئمتهم أفضل من الأنبياء والرسل.. فكيف يقولون لأتباعهم؟ لقد اخترعوا روايات تقول بأن الأئمة قد ذكروا في الكتب السماوية ولكن لِمَ لم يذكروا في كتاب الله؟ هذا ما لم يجدوا له جوابًا إلا القول بالتحريف الذي ارتد عليهم بأسوأ العواقب.
الدليل العاشر:(7/5)
قال فيه: "لا إشكال ولا اختلاف بين أهل الإسلام في تطرق اختلافات كثيرة وتغيرات غير محصورة في كلمات القرآن وحروفه بالزيادة والنقصان واستقرار آراء المخالفين على اختيار سبعة من القراء منهم أو عشرة على ما بينهم من الاختلاف.. واعتنائهم بتوجيه قراءاتهم وإرجاعها إلى الرسول، كما زعموا فيكون القرآن في نفسه وعند نزوله مبنياً على الاختلاف وموضوعاً على المغايرة، وحيث إن القرآن لا تغير فيه ولا اختلاف فتكون هذه القراءات هي قراءة بغير ما أنزل الله".
وأورد جملة من أخبارهم تقول: بأن "القرآن واحد نزل من عند واحد وإنما الاختلاف من الرواة".
وطعن على الرواة السبعة وقال بعدم الاحتجاج بقراءتهم.. لأن "أول طبقات القراء هم الذين استبدوا الآراء ولم يبايعوا إمام زمانهم أمير المؤمنين" [فصل الخطاب: ص210.].
يحاول هذا الملحد أن يتمسك بما ورد من القراءات لإثبات فرية طائفته وأسطورتهم، ولا مستمسك له به، ذلك أن اختلاف القراءات لا يؤدي إلى شيء من ذلك كما افترى، لأن ذلك كان يمكن لو أن كل واحد من القراء المختلفين في قراءة بعض الآيات كان يقرأ من عند نفسه ما يراه، لكن الأحاديث صريحة الدلالة في أن كل واحد منهم قد أخذ قراءته من الرسول صلى الله عليه وسلم وهي مخالفة لقراءة صاحبه، وأن النبي أقر كلاً منهم وأخبر بأنها هكذا أنزلت [انظر: صحيح البخاري – مع الفتح -: 9/22.] فبان أن الجميع نازل من عند الله، والفرق بين ذلك وأسطورة الشيعة فرق واضح جلي.
وقد اختلط على هذا الأفاك الأمر في مسألة القراءات والقرآن فظن التلازم بينهما، وهو جهل واضح؛ فالقرآن متواتر بإجماع المسلمين يتناقله الأجيال عن الأجيال حتى يبلغوا به النبي صلى الله عليه وسلم بينما القراءات فيها المتواتر والآحاد والشاذ، ومنها المدرج [هو ما زيد في القراءات علي وجه التفسير (الإتقان: ص77).] والموضوع.(7/6)
ولم يقل أحد أن القرآن أخذ عن السبعة أو العشرة؛ إذ إن القراءات "مذهب من مذاهب النطق في القرآن يذهب به إمام من الأمة القراء مذهباً يخالف غيره".
قال الزركشي: "واعلم أن القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان، فالقرآن هو الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للبيان والإعجاز، والقراءات اختلاف الوحي المذكور في كتابه الحروف أو كيفيتها من تخفيف وتثقيل وغيرهما" [البرهان: 1/318.].
والقراءات غير الأحرف السبعة [وهذا لا نزاع فيه بين أهل العلم، وإنما يظن أنهما شيء واحد بعض الجهلة، لأن أول من جمع القراءات السبع أبو بكر بن مجاهد في أثناء المائة الرابعة.
(انظر: المرشد الوجيز لأبي شامة ص146، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 13/390، النشر لابن الجزري: 1/24).] التي أنكرها هذا الرافضي – وخلط بينها وبين القراءات السبع – مع أن الحديث في الأحرف السبعة ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم [والحديث بهذا المعنى أخرجه البخاري، في كتاب فضائل القرآن، باب أنزل على سبعة أحرف: ج9 (من البخاري مع شرحه فتح الباري) ص23 ح4992، ومسلم كتاب صلاة المسافرين، باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه (ح818)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف: 2/158 (ح1475).].
وقد جاءت الرواية بنزول القرآن على سبعة أحرف في كتب الشيعة نفسها في جملة أحاديث حتى بوّب القمي لها في كتابه الخصال [الخصال "نزل القرآن على سبعة أحرف": ص358.].
والمتأمل لأسانيد تلك القراءات يرى أن جملة منها متصلة بمن ترى الشيعة إمامتهم كأمير المؤمنين عليّ، وجعفر وغيرهما. وقد مر بنا نقل اعتراف الشيعة بذلك [ص266 – 267.].
الشبهة الحادية عشرة:(7/7)
قال الملحد: "الدليل الحادي عشر: في ذكر الأخبار المعتبرة الصريحة في وقوع السقط ودخول النقصان في الموجود من القرآن، وأنه أقل مما نزل إعجازاً على قلب سيد الإنس والجان، وهي متفرقة في الكتب المعتبرة التي عليها المعول عند الأصحاب"، وذكر أخباراً كثيرة من كتب طائفته في ذلك.
وهذه الروايات الكثيرة التي استشهد بها لا تدل على تحريف القرآن الذي أجمعت عليه الأمة، وتكفل الله بحفظه وقامت القرائن والبراهين القطعية على سلامته؛ إنما تشهد على كذب هذه الروايات وسقوط تلك الأحاديث، التي ينسبونها للأئمة وأنه لا ثقة برواياتها بعد هذا، وأن كتبهم هي المحرفة المفتراة.. وقد انكشف أمرها بهذه الفرية.. وبانت حقيقتها بهذه الأسطورة.
ودلالة أخباره على مطلوبه إنما يلزم بها أهل ملته، أما أمة الإسلام فلا.
وقد شهد شاهد من أهلها بأن أخبارهم في هذا الباب إنما رواها الغلاة والكذابون والمطعون في دينهم ممن لا تحل الرواية عنهم، والذي شهد بذلك شيخهم البلاغي في آلاء الرحمن، حيث قال: "هذا وإن المحدث المعاصر جهد في كتاب فصل الخطاب في جميع [كذا في الأصل، ولعلها "جمع".] الروايات التي استدل بها على النقيصة".
وفي جملة ما أورده من الروايات ما لا يتيسر احتمال صدقها، ومنها ما هو مختلف باختلاف يؤول به إلى التنافي والتعارض.. هذا مع أن القسم الوافر من الروايات ترجع أسانيده إلى بضعة أنفار، وقد وصف علماء الرجال كلاً منهم إما بأنه ضعيف الحديث فاسد المذهب مجفو الرواية، وإما بأنه مضطرب الحديث والمذهب يعرف حديثه وينكر ويروي عن الضعفاء، وإما بأنه كذب متهم لا أستحل أن أروي من تفسيره حديثاً واحداً، وأنه معروف بالوقف وأشد الناس عداوة للرضا عليه السلام، وإما بأنه كان غالباً كذاباً، وإما بأنه ضعيف لا يلتفت إليه ولا يعول عليه ومن الكذابين، وإما بأنه فاسد الرواية يرمى بالغلو.(7/8)
ومن الواضح أن أمثال هؤلاء لا تجدي كثرتهم شيئاً [البلاغي/ آلاء الرحمن: ص26.].
كذلك يذكر مرجع الشيعة في زمنه ميرزا مهدي الشيرازي بأن أخبارهم في ذلك شاذة ضعيفة في إسنادها، متناقضة في متونها؛ حيث قال: "وأما ما ورد في الأخبار التي ظاهرها وقوع التحريف في بعض الآي فلا يثبت بها ذلك (حيث) إنها شاذة ضعيفة الأسانيد، فإن كثيراً منها عن السياري [جاء في ترجمته عندهم: أحمد بن محمد بن سيار، أبو عبد الله الكاتب البصري، يعرف بالسياري، ضعيف الحديث، مجفو الرواية، كثير المراسيل.
(الفهرست للطوسي: ص51، رجال النجاشي: ص62، رجال الحلي: ص203)، قال ابن حجر: "كان في أواخر المائة الثالثة". (لسان الميزان: 1/252).] الذي ضعفه علماء الرجل كما في الفهرست لشيخ الطائفة، والخلاصة للعلامة، والرجل للنجاشي أنه "ضعيف الحديث فاسد المذهب مجفو الرواية" [المعارف الجليلة: ص18.].
ثم بيّن تناقض متنها بقوله: "معارضة بعضها مع البعض من وجهين أحدهما: تعارضها في تعيين الساقط.. وثانيهما: ما ورد في روايات من سقوط اسم علي في مواضع كثيرة، مع أن بعض الروايات تدل على أن الله تعالى لم يسم علياً في القرآن" [المعارف الجليلة: ص18.].
هذا قول البلاغي والشيرازي في رجالهم وأسانيدهم.
ولسنا بحاجة إلى حكم الروافض، ولكن نذكرها لبيان تناقض أقوالهم، وشعورهم بتفاهة قولهم وسقوطه، ومحاولتهم التستر على مذهبهم، أو نفي هذا الكفر والعار الذي ألحقه بالطائفة شيوخهم الأوائل، بوضعهم هذا الإلحاد والكفر في أصولهم أمثال الكليني وإبراهيم القمي، والمجلسي وأضربهم.
ونأخذ أقوالهم في الحكم على أسانيدهم لهذا السبب.
الشبهة الثانية عشر:(7/9)
قال الملحد: "الدليل الثاني عشر الأخبار الواردة في الموارد المخصوصة من القرآن الدالة على تغيير بعض الكلمات والآيات والسور بإحدى الصور المتقدمة وهي كثيرة جداً (يعني حسب أساطيرهم)، حتى قال السيد نعمة الله الجزائري في بعض مؤلفاته كما حكي عنه: أن الأخبار الدالة علي ذلك تزيد على ألفي حديث وادعى استفاضتها جماعة كالمفيد والمحقق الداماد والعلامة المجلسي وغيرهم، بل الشيخ أيضاً صرح في التبيان بكثرتها، بل ادعى تواترها جماعة ونحن نذكر ما يصدق دعواهم" [فصل الخطاب: ص 251-252.].
ثم أخذ في ذكر ما جاء في أخبارهم مما يزعمون أنه هو القرآن السالم من التحريف، فذكر (1062) مثالاً على ترتيب سور القرآن، وعلى مدى مائة صفحة، وسأذكر شيئًا منها لتتبين حقيقة الأهداف المتوخاة من هذه الافتراءات. وقبل ذلك أقول: إن كثيرة أخبارهم في هذا الباب إنما يلزم بها أهل دينه، أما أمة الإسلام فلا.. وهذه الكثرة التي يحكيها تدل على أن دين الشيعة سداه ولحمته الكذب، والكيد للإسلام بمحاربة ركنه العظيم، وأصله الذي يقوم عليه هو القرآن.
وهذا الملحد يحكي كثرة هذا الباطل عندهم واستفاضته، وآخرون يدعون ندرته وشذوذه، والكل من شيوخهم المعتبرين عندهم.. أليس هذا عنوان تاقض هذا المذهب وأصحابه؟!
وهذه الدعوى يعدها دليلاً على إثبات مراده، وهي عنوان كفره، ووصمة عار يلطخ بها قومه إلى الأبد، وإذا لم تستح فاصنع ما شئت، وليس بعد الكفر ذنب.
وهو بهذه الدعوى يريد أن يصرف قومه عن كتاب الله، لأن كتابهم المزعوم لا زال مع غائبهم الموهوم رهين العزلة الدائمة، والغيبة الأبدية، لأنه لم يولد أصلاً.
أما الأمثلة التي ساقها فهي محاولة يائسة لوضع سند لعقائدهم في كتاب الله، وإقناع أتباعهم والحائرين من بني قومهم الذين حيرهم وزلزل بنيانهم خلو أصل الإسلام العظيم من أمر ولاية الاثني عشر، وهي عندهم الدين كله، فمما قال هذا الملحد:(7/10)
1ـ سورة البقرة: "... عن جابر الجعفي عن أبي عبد الله في قول الله عز وجل: (وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله (في علي) قالوا نؤمن بما أنزل علينا) [فصل الخطاب: ص254.].
فأنت ترى أنهم أقحموا "في علي" على الآية الكريمة، ولم يفطن هؤلاء الزنادقة أن الآية في بني إسرائيل، وأن ما زادوه يكاد يلفظه السياق، وأن لفظ الآية يكذبهم؛ فقولهم: "بما أنزل علينا" نص صريح في أنها ليست في هذه الأمة. ولكن هؤلاء إما أنهم زنادقة أعاجم لا يفقهون معنى الآيات، وإما أن هذا أمر مقصود لإضلال الشيعة والخروج بهم إلى طريق الكفر والإلحاد..
2 ـ سورة الأنعام: روى الكليني عن أبي عبد الله: "إن الذين فارقوا أمير المؤمنين وصاروا أحزاباً" [فصل الخطاب: ص262.].. يحاولون بذلك تغيير قوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام، 159].
ولم يعرف هؤلاء الملحدون كيف يضعون؛ إذ إن الآية مكية، ولم يكن ثمة أمير للمؤمنين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، والجميع أتباع لرسول الله لا أتباع لعلي حتى يفارقوه.
3 ـ سورة براءة: قال الملحد: "روى الكليني والعياشي عن أبي الحسن الرضا أن الحسين بن الجهم قال له: إنهم يحتجون علينا بقول الله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} قال: وما لهم في ذلك، لقد قال الله: (فأنزل الله سكينته على رسوله).. وما ذكر فيها بخير قال: قلت له: وهكذا قراءتها؟ قال: هكذا قراءتها، وعن أبي جعفر مثله، ألا ترى أن السكينة إنما نزلت على رسوله وجعل كلمة الذين كفروا السفلى، وهو الكلام الذي تكلم به عتيق (يعني أبا بكر)". قال الملحد: "والآية تدل على عدم إيمان الصاحب" [فصل الخطاب: ص 266.].
فترى هؤلاء الزنادقة حاولوا تحريف قوله سبحانه: {فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} [التوبة، 40].(7/11)
بحذفهم "عليه" وزيادتهم (على رسوله)، وهدف الرافضة تكفير أبي بكر بتحريف النص الذي هو أعظم مناقب الصديق رضي الله عنه، وغاب عن هؤلاء الأعاجم أن هذا التغيير لا يؤدي الغرض الذي يذهبون إليه [قال ابن كثير في قوله: {فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} أي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أشهر القولين (تفسير ابن كثير: 2/384)، وقيل: على أبي بكر وهو قول علي بن أبي طالب وابن عباس، وحبيب بن ثابت (زاد المسير: 3/41).].
فأنت ترى أن "تحريفاتهم" وأساطيرهم، تسير في فلك الولاية وتكفير الصحابة.
وعلى هذا المنوال تجري غالب أساطير هذا الملحد التي ذكرها.
وبعد أن عرض هذا الملحد شبهاته الاثني عشر [بإمكان القارئ الرجوع للتوسع في الرد على أباطيل الروافض في هذا الباب إلى "الانتصار" للباقلاني (يوجد الجزء الأول منه في 304 ورقة بمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة) أو إلى "نكت الانتصار لنقل القرآن" تحقيق د. محمد زغلول. فشبهات هذا الرافضي ليست جديدة؛ إذ قال بها أسلافه من الزندقة، ورد عليها علماء المسلمين، ويبدو لي أن هذا الرافضي أخذ هذه الشبهات مما كتبه بعض علماء المسلمين بدون ردودهم ليضل قومة سواء السبيل. (قارن شبهاته بما جاء في نكت الانتصار للباقلاني).]، حاول أن يرد على الجناح الآخر من الشيعة الذي أبى أن يوافق على هذه الأسطورة، لوضوح فسادها، وعقد الباب الآخر لكتابه في هذا الشأن، حيث عرض أدلتهم وحاول الإجابة عليها.
وسأذكر فيما يلي حجج المنكرين لهذه الفرية من الشيعة، وأشير إلى إجابات هذا الملحد عليها، وأناقشه فيما يقول.
والحقيقة أن هذا الباب الذي عقده أبطل به افتراءاته؛ لأنه لم يستطيع أن يجيب على أدلة قومه المنكرين لكفره – كما سترى –:
قال الملحد: "الباب الثاني في ذكر أدلة القائلين بعدم تطرق التغيير مطلقاً في كتاب الله تعالى، وأن الموجود هو تمام ما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وهي أمور عديدة:(7/12)
الأول: قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر، 9]:
قال الملحد: "واعترض بأن المراد الحفظ من تطرق شبه المعاندين؛ حيث لا يوجد فيه بحمد الله مدخل إلى القدح فيه" [فصل الخطاب: ص360.].
فانظر إلى هذا الاعتراض الأبله من هذا الملحد؛ حيث عدّ قولهم "بالتحريف" ليس من شبه المعاندين فلا يدخل في عموم الحفظ!.
إن الحفظ أقرب معانيه: الحفظ من التغيير والتبديل، والآية ظاهرة في العموم وإن كره الكافرون.
وقال: "واعترض أيضاً: بأن الضمير في قوله: "له" راجع النبي صلى الله عليه وسلم لا إلى القرآن فلا شاهد عليه" [فصل الخطاب: ص 360.].
ومن الواضح الجلي أن الضمير يعود إلى الذكر، والضمير في لغة العرب يعود إلى أقرب مذكور، "فهو واضح من السياق" [تفسير ابن كثير: 2/592.] ثم هل يحفظ الله رسوله ويضيع كتابه؟!، فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً.
وقال الملحد: "لو سلم شموله للحفظ من التغيير [أي: ولم يقتصر على مجرد الحفظ من تطرق شبه المعاندين كما يفهم الأمر هؤلاء الملاحدة.] أيضاً فإنما هو القرآن في الجملة، لا لكل فرد، فإن ذلك واقع، ربما مزق كما صنع الوليد وغيره" [فصل الخطاب: ص360.].
وهذا اعتراض جاهل زعم أن احتراق نسخة من القرآن هو تغيير له، ولهذا رد على هذا بعض شيوخهم المنكرين لهذا الكفر، فقال: "هذا كلام لم يصدر عن روية، فإن المراد من حيث هو؛ أعني ما أرسل به محمد صلى الله عليه وسلم، لا ما رسم فيه من النسخ، فإن جميعها يؤول إلى التلف وهو في الصدور، والصحف محفوظة، حتى لو فرض – ونعوذ بالله – تلف كل نسخة على وجه الأرض.. لكان أيضاً محفوظاً" [وهذا قاله محسن الكاظمي في شرح الوافية، ونقلة عند صاحب فصل الخطاب ص 360.].
الثاني: قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ، لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت، 42].(7/13)
وقد تلجلج الملحد واضطرب في الإجابة عن الآية، فهو تارة يقول: "إن الحذف والتغيير وإن كان باطلاً لكن ليس المراد من الآية" [فصل الخطاب: ص362.].
أما لماذا لا يكون مراداً مع أن التغيير فيه هو من أبطل الباطل، فإن شهوة التعصب عند هذا الملحد تقول: "ظاهرها (يعني الآية) أن لا يجوز أن يحصل فيه ما يستلزم بطلانه من تناقض أحكامه أو كذب في إخباراته وقصصه" [فصل الخطاب: ص362.].
فانظر إلى هذا التأويل الذي يدل على عقلية سقيمة، أو زندقة مقنعة، أو كلاهم معاً، فإن القرآن لو وقع فيه – معاذ الله – ما يراه الملحد من التغيير لوقع فيه التناقض في أحكامه والكذب في أخباره.
ثم قال: "وأما ثانياً [ما مضى هو الوجه الأول عنده.] فلأنه منقوض بمنسوج التلاوة والحكم أو التلاوة فقط" [فصل الخطاب: ص362.].
وهذه عودة على حجته التي نقضناها.. وكأنه بهذا يكذب رب العالمين لأنه يزعم أن النسخ من الباطل وقد وقع في كتاب الله، فانظر ما أعظم جرمه؟!
والنسخ حق لأنه جاء من عند الحق، وقد أقر به حتى شيوخ هذا الملحد المتقدمين كالمرتضى والطبرسي [انظر: ص(1020) من هذه الرسالة.]، فكأن هذا ومن يشايعه من المعاصرين قد ركبوا طورًا من الغلو لم يخطر ببال أسلافهم.
ثم قال الملحد: "فيكفي في انتفاء الباطل عنه انتفائه من ذلك الفرد المحفوظ عند أهل البيت" [فصل الخطاب: ص363.].
فتعجب من نظرة هؤلاء الروافض، كيف يؤولون آيات حفظ الله لكتابه، بكتابهم الموهوم، مع غائبهم المزعوم، والذي لم تعرف الأمة عنهما شيئاً، ولم تر لهما أثرًا.
ثم ماذا يجدي حفظه عند منتظرهم، وهل يغني ذلك شيئاً للناس؟ وإلا لأغنى عدم تغيره عند الله.. ولا شك أن الله سبحانه حفظ القرآن بعد نزوله ليبقى للأمة دستوراً ومنهج حياة إلى أن تقوم الساعة، ولا معنى ولا حكمة من الحفظ إلا هذا.
الثالث: الأخبار الكثيرة الواردة – عندهم – في بيان ثواب سور القرآن [فصل الخطاب: ص363.].(7/14)
قال الصدوق: "وما روي من ثواب قراءة كل سورة من القرآن، وثواب من ختم القرآن كله، وجواز قراءة سورتين في ركعة نافلة، والنهي عن قراءة سورتين في ركعة فريضة (هذا حسب رواياتهم) تصديق لما قلناه في أمر القرآن، وأن مبلغه ما في أيدي الناس، وكل ما روي من النهي عن قراءة القرآن كله في ليلة واحدة، وأنه لا يجوز أن يختم القرآن في أقل من ثلاثة أيام تصديق لما قلناه" [الاعتقادات: ص102، فصل الخطاب: 363.
وقد حاول الإجابة عن ذلك فقال بأن الأمر بقراءة القرآن وختمه... إلخ لا يعني عدم تحريفه، واحتج على هذه الدعوى بمقتضى أصولهم المنكرة. وهو باطل بني على باطل، فقال بأنه كالحث على التمسك باتباع الإمام.. وعدم القدرة على ذلك لعدم تمكنه لإظهار ما أودع عنده لخوف أو تقية. (فصل الخطاب: ص363).
وهذا مبني على مذهب الروافض في الغيبة والتقية وولاية الإمام، وقد تقدم بطلان ذلك ومخالفته للنقل والعقل وما علم بالضرورة والتواتر، وإثارة هذا الموضوع أصلاً مبني على شذوذهم الذي لم يجدوا له شاهداً في كتاب الله.].
الرابع: الأخبار المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة بعرض أخبارهم عليه والعرض على المحرف لا وجه له، وعلى المنزل المحفوظ لا يستطاع [فصل الخطاب: ص364.
وهذا الوجه كشف تناقض الشيعة بشكل كبير، وقد استغلق الأمر على صاحب فصل الخطاب فاضطر إلى الإجابة على هذا الوجه بالاعتراف ببعض الحق، حيث قال: "هو قرينة على أن الساقط لم يضر بالموجود وتمامه من المنزل للإعجاز، فلا مانع من العرض عليه مضافاً إلى اختصاص ذلك بآيات الأحكام لعدم دخول نقص على الخلفاء من جهتها". (فصل الخطاب: ص364).
وهذه الإجابة لا تكفي في إزالة التناقض بين نصوصهم التي تأمر بالعرض على القرآن، ونصوصهم التي تقول بالتحريف ودعوى تخصيص ذلك بآيات الأحكام لا دليل عليه، لأن أخبارهم في وجوب عرض جميع رواياتهم على القرآن عامة شاملة لم تخصص ذلك في آيات الأحكام.].(7/15)
الخامس: من الأدلة التي استدل بها الجناح المناهض لخرافة التحريف عند أصحابهم – بأنه قد ورد عندهم.. متواتراً – الأمر بالتمسك بالكتاب والعترة، وهذا يدل على أنه موجود في كل عصر، لأنه لا يجوز أن تؤمر الأمة بالتمسك بما لا تقدر على التمسك به [انظر: الطوسي/ التبيان: 1/3، فصل الخطاب: ص364.
وقد رد الملحد هذا الدليل بمقتضى خرافات الشيعة، حيث جاء الأمر عندهم بالتمسك بالعترة، ومع ذلك غاب الإمام منذ قرون، فالكتاب كذلك، وقد رد على ذلك أحد شيوخهم (وهو محسن كاظمي في شرح الوافية) فقال: "إن التمسك بهم.. ممكن مع الغيبة (يعني غيبة منتظرهم) للعلم بهم وبطريقتهم، وهذا بخلاف التمسك بالكتاب فإنه إنما يتحقق بالأخذ به، ولا يمكن إلا بالاطلاع عليه" (انظر: فصل الخطاب ص365).
ولم يرتض الملحد هذا الجواب فقال: "إن العلم بجميع طريقة الإمام في الغيب لم يدعه أحد من الأعلام" ثم ذكر كلاماً مفاده أنه يكفي العلم ببعض طريقة الإمام، وكذلك يكفي العلم ببعض القرآن السالم من التحريف. (فصل الخطاب: ص365).
وهكذا فإن المذهب يهدم بعضه بعضاً.].
السادس: أنه لو سقط منه شيء لم تبق ثقة في الرجوع إليه [وهنا انكشف – أيضاً – هذا الملحد في جوابه عن هذا الدليل فقال: إن هذا لا يقدح "لاحتمال كون الظاهر المصروف عن ظاهر من الظواهر الغير المتعلقة – كذلك – بالأحكام الشرعية العملية التي أمرنا بالرجوع فيما إلى ظاهر الكتاب" (فصل الخطاب: ص365).
كأنه يشير إلى أن رجوعهم إلى القرآن إنما هو فقط في آيات الأحكام أو أنهم يرجعون إلى تأويلاتهم الباطنية لآيات القرآن إلا في آيات الأحكام فيرجعون إلي الظواهر.. ثم قال: "إن إرشاد الأئمة إلى التمسك بها (يعني آيات الأحكام) وتقريرهم الأصحاب عليه وتمسكهم بها في غير واحد من الموارد كاشف عن عدم سقوط ما يوجب الإجمال – كذا – في الموجود من آيات الأحكام وغير مناف للسقوط في غيرها" (السابق ص365).(7/16)
فهو هنا يجعل أخباره وأساطيره هي الحاكمة على القرآن، فيقبل حكمها بالرجوع إلى آيات الأحكام، ويفسر الأمر برواياتها بالتمسك بالكتاب بذلك.
والحقيقة أن صورة التناقض عندهم واضحة، فالأمر بالتمسك بالكتاب عام يشمل آيات الأحكام وغيرها، وأساطير التحريف عامة كذلك.. والتناقض دليل سقوط أخبارهم وأنهم ليسوا على شيء.].
السابع: أن سقوط شيء منه مع شدة هذا الضبط والاهتمام خارج عن مجاري العادات. قال السيد شارح الوافية [محسن بن السيد الأعرجي الحسيني الكاظمي المتوفى سنة 1227ه، له كتاب "شرح الوافية" أو "المحصول" أشار صاحب الذريعة إلى أنه رأى عدة نسخ منه عند بعض شيوخهم. (الذريعة: 20/151).] فيه: أن طول المدة أدعى لضبط ما تمد إليه الأعناق، ولا يرو إلا لداع، وأنى يخفى مثله وهو صلى عليه وآله إذا تغشاه الوحي ثقل حتى إذا كان راكباً ارتدت قوائم الدابة، فإذا تسرى عنه تلا عليهم ما نزل عليه فليكن كخطيب مصقع أو كشاعر مغلق ينشد البيت بعد البيت، ويلقي الكلام بعد الكلام في مظان الحكمة، ومحل الحاجة خصوصاً إذا كان لوروده شاهد معلوم وعلامة بينة وهو صلى الله عليه وآله إنما يأتيهم بالوعد والوعيد، والترغيب والتهديد، والتكاليف الحادثة، وأقاصيص الأمم السافلة، والأقاويل الغريبة، وهناك أمم من الناس يتطلعون لما برز منه رغبة أو رهبة، وقد كلفهم بتلقيه وتلاوته، وحفظه والنظر في معانيه، ووعدهم على ذلك الجنات.. وجعل تلاوته من أعظم أنواع العبادات.. ولهذا كان منهم من يقطع الليل بتلاوته. على أنه لم يقنع بهذا كله حتى وكل لكتابته وحفظه وحراسته أربعة عشر [كتاب النبي صلى الله عليه وسلم عديدون أحصى أسماءهم عدد من العلماء، وقد ذكر منهم أبو شامة نحواً من خمسة وعشرون اسماً. (انظر: المرشد الوجيز ص46). وذكر منهم ابن القيم سبعة عشر صاحبياً. (زاد المعاد 1/117).(7/17)
ولعل من أكثرهم استيعاباً الحافظ العراقي، إذ ذكر اثنين وأربعين كاتباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم. (انظر: التراتيب الإدارية للكتاني: 1/116)، وعدهم البرهان الحلبي في حواشي الشفا فأوصلهم إلى ثلاثة وأربعين (المصدر السابق: 1/117، وانظر: الصباغ/ لمحات في علوم القرآن: ص67).] يعرضون عليه، ويدرسونه لديه، لأنه معجز النبوة ومأخذ الأحكام ومأخذ الأحكام الشرعية، ومرجع الأمة، وشاهد الأئمة، حتى إن جماعة منهم كعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب ختموه عليه عدة ختمات.
وما زال يفشو أمره وينتشر ضياؤه، ويعلو سناؤه يوماً فيوماً وعاماً فعاماً وقرناً فقرناً حتى صار من أعظم المتواترات ظهوراً، ومن هنا تعرف سرّ ما قال سيدنا المرتضى فيما حكى عنه شيخنا أبو علي في المجمع أن: العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان، والحوادث الكبار، والوقايع العظام... (ثم نقل ما سبق أن نقلنا عن الشريف المرتضى) [ص:(292–293).].
وقال: إن القرآن المجيد ليس بذلك الكثير الذي لا يمكن جمعه ولا بالمبثوث الذي لا يضم نشره؛ وإنما هو بمنزلة ديوان شعر لعظيم من الشعراء قد اشتمل على نفائس الشعر وطرف الحكمة وشوارد الأمثال، وله حملة وحفاظ، وناس يتناشدونه في مجامعهم، ويكتبونه في دفاترهم بحيث إذا ذهب عليهم بيت منه فضلاً عن قصيدة أو مقطوعة افتقدوه... ونادى منادي السلطان في حملته وحفاظه والذين يتناشدونه ويكتبونه أن ائتونا بما عندكم.. أتراه يشذ عليه بعد هذا شيء؟(7/18)
والكتاب العزيز أجلّ مما ضربنا، وحملته وكتابه وحفظته أكثر مما قلناه، وتوجه الرغبات إليه أشد، وله قراء كثيرون وحفاظ. وجمعيه في أيام النبي صلى الله عليه وسلم وآله – فضلاً عما بعده – جماعة حتى قال القرطبي: قد قتل يوم اليمامة سبعون من القراء، وقتل في عهد النبي صلى الله عليه وآله في بئر معونة مثل ذلك، وروى البخاري عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: أربعة من الأنصار: أبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، قلت: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي.
هذا كله مضافاً إلى شدة اعتناء الله جل ذكره بشأنه وصدق وعد الله بحفظه وإظهار هذا الدين الذي هو من أعظم أركانه، حتى جعل أشد الناس إباء لظهوره، وأقلهم احتفالاً بمكانه من السعادة في حفظه وصيانته كما حفظ بيضة الإسلام مع تهالكهم في استئصال ذريته [انظر: فصل الخطاب: ص365–367.].
وتوفر الدواعي على نشره للمسلمين والكفار والمنافقين للتحدي والإعجاز واشتماله على أمهات الأحكام، والقراءة في المصحف والعلم بما فيه والتعلم والتعليم لأنفسهم ولأولادهم، وللختم في شهر رمضان، وفي كل شهر مرة، وفي كل سبعة أيام أو ثلاث أو ليلة كله، أو قراءة شيء منه في كل ليلة، والحفظ وشرف الحمل والنظر فيه والتفكر في معانيه، وأمثاله، ووعده ووعيده.. إلى غير ذلك مما لا تحصى (يعني من دواعي حفظه) مع كثرة المسلمين وغلبتهم حتى في غزوة تبوك كان عسكر الإسلام ثلاثين ألفاً، وفي حجة الوداع اجتمع سبعون ألفاً [انظر: فصل الخطاب: ص367.].
وقد ضاق ذرعاً صاحب فصل الخطاب وهو ينقل هذه الكلمات عن شيوخه المنكرين لهذه الفرية وعقب عليها بقوله: "انتهى ما أوردنا نقله من الكلمات التي تشبه بكلام من لا عهد له بمباحث الإمامة، وحال أصحاب النبي صلى الله عليه وآله في الضلالة والغواية في حياته وبعد وفاته" [فصل الخطاب: ص367.].(7/19)
ولجملة من شيوخهم كلمات من هذا القبيل في دحض هذه الفرية لظهور فسادها، ولذلك قال الألوسي بعدما ذكر إنكار الطبرسي لهذا الكفر: "وهو كلام دعاه إليه ظهور فساد مذهب أصحابه حتى للأطفال، والحمد لله على أن ظهر الحق وكفى الله المؤمنين القتال" [روح المعاني: 1/24.].
وبعد، فهذا الكتاب الذي كتبه صاحبه وصوبه سهماً إلى كتاب الله سبحانه، لم يضر كتاب الله شيئاً، بل ارتد إلى طائفته وعاد عليها بأسوأ العواقب، فقد أصبح فضيحة الشيعة الكبرى، وكان من أعظم الأدلة والبراهين على سقوط أخبارهم وتهافت رواياتها، وأنه لا عبرة بتواترها واستفاضتها، ولهذا قال أحد شيوخ الشيعة المعاصرين:
"ما أجاد في تأليفه، ولا وافق الصواب في جمعه، وليته لم يؤلفه، وإن ألفه لم ينشره، وقد صار ضرره أكثر من نفعه، بل لا نفع يتصور من نشره، فإنه جهز السلاح للعدو وهيأه..".
ثم قال: "ويقال: إن بعض أعداد الدين وخصماء المذهب حرضه على تأليف ذلك الكتاب وهو – رحمه الله – لم يشعر بذلك الغرض الفاسد، وليس هذا الحدس أو النقل ببعيد" [الطبطبائي/ الأنوار النعمانية: 2/364 (الهامش).].
هكذا يتمنون أن تكون هذه المسألة مستورة لا مفضوحة، وأن تبقى رواياتها متفرقة لا مجموعة، لأنه قد صار ضرره عليهم أكثر من نفعه، بل لا نفع من نشره، وليبق سري التداول بينهم. فهل هذا يدلنا على أن لديهم كتباً لا تحظى بالنشر، لأن معلوماتها مثيرة للعالم الإسلامي، وآثارها خطيرة فبقيت رهينة التداول بينهم؟ إن هذا ليس ببعيد [بل قد يكون واقعاً، حتى أنك ترى أن بعض أجزاء البحار قد منع طبعها، بأمر من "حوزاتهم".].
الوجه الرابع: التظاهر بإنكار هذه الفرية مع محاولة إثباتها بطرق ماكرة خفية:(7/20)
درج بعض شيوخهم المعاصرين على التظاهر بإنكار هذه الفرية، والدفاع عن كتاب الله سبحانه.. لكنك تلاحظ المنكر في فلتات لسانه، وترى الباطل يحاول دسه في الخفاء هنا وهناك.. ومن أخبث من سلك هذا الطريق شيخهم الخوئي [أبو القاسم الموسمي الخوئي، مرجع الشيعة الحالي في العراق وبعض الأقطار الأخرى.] في تفسيره "البيان"؛ فهو يقرر: "أن المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم، بل المتسالم عليه بينهم هو القول بعدم التحريف" [البيان: ص226.].
ولكنه يقطع بصحة جملة من روايات التحريف فيقول: "إن كثرة الروايات تورث القطع بصدور بعضها عن المعصومين، ولا أقل من الاطمئنان بذلك، وفيها ما روي بطريق معتبر" [البيان: ص222.].
وبتتبع رواياتهم وأساطيرهم بهذا الخصوص ويعتبر رواياتهم التي تتحدث عن مصحف لعلي فيه زيادات ليست في كتاب الله القرآن وقد ذكرت فيها أسماء الأئمة، وأساطيرهم التي تقول بنقص القرآن، كل ذلك يعتبره ثابتاً عندهم، ولكنه يرى أنه من قبيل التفسير الذي نزل من عند الله وأن تلك الزيادات كانت تفسيراً بعنوان التأويل وما يؤول إليه الكلام، أو بعنوان التنزيل من الله شرحاً للمراد [البيان: ص223 وما بعدها.].
أما أساطيرهم التي دلت على التحريف بعنوانه (على حسب تعبيره) وبلغت عندهم باعترافه عشرين رواية وهو يعني بذلك أساطيرهم التي تقول بأن الصحابة حرفوا القرآن وبدلوه، حيث استشهد لذلك بقوله: ما عن الكافي والصدوق بإسنادهما عن علي بن سويد قال: كتبت إلى أبي الحسن كتاباً – إلى أن ذكر جوابه بتمامه وفيه قوله عليه السلام -: اؤتمنوا على كتاب الله فحرفوه وبدلوه.(7/21)
وكان موقفه من هذه الأساطير هو قبولها، ولكنه يقول بأنها لا تدل على تحريف ألفاظ القرآن "فهي ظاهرة الدلالة على أن المراد بالتحريف حمل الآيات على غير معانيها.. ولولا هذا التحريف لم تزل حقوق العترة محفوظة وحرمة النبي منهم مرعية، ولما انتهى الأمر إلى ما انتهى إليه من اهتضام حقوقهم وإيذاء النبي صلى الله عليه وسلم فيهم [البيان: ص229.].
فهو يزعم بأن الأمة وفي طليعتهم الصحابة حملوا آيات القرآن على غير معانيها الحقيقية، أما تحريفات الكليني والقمي والعياشي لآيات القرآن فهي التفسير الحقيقي عنده لكتاب الله، فإذا كان هذا مبلغ علم أكبر مراجع الشيعة اليوم، وغاية دفاعه عن كتاب الله، فإن أمر الشيعة اليوم في غاية الخطورة.
وهو لا ينسى وهو يضع هذه "السموم" هنا وهناك أن يحاول إطفاء غضب القارئ ولاسيما حينما يجد أن تأويله عند من عرف نصوصهم وخبر أخبارهم بعيد التصديق فيقول: "وإذا لم يتم هذا الحمل فلا بد من طرح هذه الروايات" [البيان: ص230–231.].
ويقول عن أساطير نقص القرآن عندهم: أكثر هذه الروايات بل كثيرها ضعيفة السند.. ثم نقل عن بعض علمائهم قوله: "إن نقصان الكتاب مما لا أصل له وإلا لاشتهر وتواتر نظرًا إلى العادة في الحوادث العظيمة وهذا منها بل أعظمها" [البيان: ص233.].
ثم يقول عن أساطيرهم التي دلت – كما يقول – علي وقوع التحريف في القرآن بالزيادة النقصان: وإن الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم غيرت بعض الكلمات وجعلت مكانها كلمات أخرى، وذكر لذلك أمثلة، ومما أورده "ما عن العياشي عن هشام بن سالم قال: سألت أبا عبد الله رضي الله عنه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ} قال: هو آل إبراهيم وآل محمد على العالمين فوضعوا اسمًا مكان اسم، أي أنهم غيروا فجعلوا مكان آل محمد آل عمران".(7/22)
وكان جوابه عن ذلك أنها مخالفة للكتاب والسنة وإجماع المسلمين على عدم الزيادة في القرآن ولا حرفاً واحداً حتى من القائلين بالتحريف [البيان: ص232–233.].
لاحظ مبلغ الخداع؛ فهو بهذا التعقيب على الزمرة الأخيرة من أساطيرهم يوهم القارئ أن ما سبق عرضه من أنواع أساطيرهم ليس بطلانها موضوع اتفاق بين المسلمين.. وهو يجعل من يرمي كتاب الله سبحانه بهذه الفرية ممن يعد قوله ضمن إجماع المسلمين.
إن هذه المحاولة من شيخ الشيعة هي مجرد غطاء جميل خادع لتحقيق هدف خبيث، فهي مؤامرة الهدف منها المساس بكتاب الله بطرق خفية ماكرة، ولذلك لم يثر كتابه فصل الخطاب، بل اعتبر البعض منهم ذلك من قبيل الدفاع عن القرآن، ولقد لاحظت أنه يحاول أن يثبت "أسطورته" من طرق أهل السنة بأسلوب غريب ماكر، حيث قال – وهو يتظاهر بالدفاع عن كتاب الله -: إن القول بنسخ التلاوة هو بعينه القول بالتحريف، وعليه فاشتهار القول بوقوع النسخ في التلاوة عند علماء أهل السنة يستلزم – في زعمه – اشتهار القول بالتحريف [البيان: ص201.].
وقال: "إن الالتزام بصحة هذه الروايات (يعني: روايات نسخ التلاوة) التزام بوقوع التحريف في القرآن" [البيان: ص201.]. وقال: "فيمكن أن يدعي أن القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنة لأنهم يقولون بجواز نسخ التلاوة" [البيان: ص206.].
وهذا الكيد الذي سطره شيخ الشيعة في العصر الحاضر ليس جديداً، فقد ردده بعض الملاحدة من قبل، ورد عليهم أهل السنة [انظر: الباقلاني/ نكت الانتصار: ص103، حيث دحض هذه الشبهة.].
والأمر واضح بيِّن، والفرق جليّ بين النسخ والتحريف لا يخفى إلا على مغرض صاحب هوى – كما أسلفنا – ذلك أن التحريف من صنع البشر، وقد ذم الله فاعله، قال تعالى: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ..} [النساء 46، المائدة 13].(7/23)
والنسخ من الله سبحانه. قال عز وجل: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة 106]. وهو لا يستلزم مس كتاب الله سبحانه بأي حال، وعلماء الشيعة القدامى الذين ينكرون هذه الفرية يقرون به كالطبرسي في مجمع البيان والمرتضى في الذريعة وغيرهما – كما سلف -.
وترى أنه يخادع في القول حينما يقرر: "أن القول بعدم التحريف هو المشهور بل المتسالم عليه بين علماء الشيعة ومحققيهم" [البيان: ص200.]. ويستدل على ذلك بما قاله الطبرسي في مجمع البيان في إنكار هذه الفرية [انظر: ص(1020) من هذا الكتاب.]، مع أن الطبرسي قرر بعد هذا بصفحات نسخ التلاوة واستدل له، في حين أن الخوئي يرى أن نسخ التلاوة قول بالتحريف، أليس هذا تناقضاً؟!
بل تراه يقول بأن القول بعدم التحريف هو قول علماء الشيعة ومحققيهم، في حين أن مذهب جملة من أساطين شيوخهم المجاهرة بهذا الكفر كالكليني، والقمي، والطبرسي صاحب الاحتجاج وغيرهم من رؤوس هذا الكفر [انظر: ص(247) وما بعدها.] وهم يعدون عندهم من كبار شيوخهم ومحققيهم، أليس هذا خداعاً؟!
بل الأمر أشد من هذا، ذلك أن شيخهم إبراهيم القمي قد أكثر من أخبار هذه الأسطورة في تفسيره، وكان هذا معتقده مع آخرين من شيوخهم. قال الكاشاني: "وأما اعتقاد مشايخنا في ذلك فالظاهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن.. وكذلك أستاذه علي بن إبراهيم القمي، فإن تفسيره مملو منه وله غلو فيه". ثم ذكر بقية من سار في الإلحاد من شيوخهم [تفسير الصافي، المقدمة السادسة: 1/52.].(7/24)
فأنت ترى أنه يعترف بأن تفسير القمي مملو من هذا الكفر. ومع ذلك فإن هذا الخوئي الذي يتظاهر بالإنكار يذهب إلى صحة تفسير هذا القمي، ويقرر أن روايات تفسيره كلها ثابتة وصادرة من المعصومين، لأنها انتهت إليه بواسطة المشايخ الثقات – كما يزعم – من الشيعة [معجم رجال الحديث: 1/63، ط: الأولى بالنجف 1398هـ، أو ص49 ط: الثالثة: بيروت 1403هـ، وقد نقل ذلك بنصه في المقدمة.].
فتبين من خلال ذلك أن الخوئي صاحب البيان هو في غايته كصاحب فصل الخطاب، إلا أن الأخير استخدم الطريقة المكشوفة، والأول سلك مسلك المكر والاحتيال.
المجال الثاني: (اتجاه المعاصرين في تأويل كتاب الله): هل تخلص شيعة العصر الحاضر من لوثة ذلك الاتجاه المغرق في التأويل الباطني الذي درج عليه شيوخهم القدامى في تأويل كتاب الله كالقمي والكليني والعياشي والكاشاني والبحراني وأضرابهم.. أو هم على آثارهم يهرعون؟
إن المتتبع لما يكتبه شيعة العصر الحاضر في تفسير كتاب الله يجد أن العقلية الشيعية المعاصرة لا تزال في الغالب تعيش أسيرة لتلك التأويلات التي وضعها علماؤهم السابقون والتي عرضنا لها فيما مضى.. وآية ذلك أن تلك التفاسير الباطنية تأخذ المكانة الأولى عندهم في الوثاقة والاعتماد، ولا أدل على هذا من توثيق أكبر مراجع الشيعة في العصر الحاضر وهو الخوئي لأسانيد وروايات القمي في تفسيره [انظر: ص18.].. وتفسير القمي قد بلغ الغاية في التأويل الباطني وأربى على النهاية.
وكذلك الطبطبائي وهو من كبار شيوخهم المعاصرين يقرر أن تفسير العياشي محل ثقة الشيعة واعتمادهم.. إلى عصرنا هذا [انظر: ما سبق نقله عن الطبطبائي في المقدمة.]، وتفسير العياشي على خطى القمي في المنهج الباطني الغالي الذي يكفر الصحابة، ويفسر كل آيات القرآن بالأئمة وأعدائهم، ويدس أساطير التحريف في تفسيره.(7/25)
وهكذا سائر التفاسير ذات الاتجاه الغالي تحظى بتوثيق الشيعة واعتمادهم.. كتفسير البرهان، وتفسير الصافي، ومرآة الأنوار وغيرها [انظر: مقدمات هذا التفاسير.].
فماذا بقي بعد هذا؟
أما اتجاه المعاصرين في تأويل كتاب الله، فقد أخذ وجهين مختلفين: وجه غال متطرف، ووجه معتدل متوسط، إذا ما قسناه بالاتجاه الغالي: فقد ظهرت ملامح التطرف والغلو في تأويل كثير من آيات القرآن بعقائدهم التي شذوا بها عن أمة الإسلام، فهذا أحد علمائهم المعاصرين ويدعا "علي محمد دخيل" يتحدث عن غيبة مهديهم المنتظر – وهو كما يقول بعض كتاب الشيعة من أشهر الكتاب الإمامية الذين عالجوا الغيبة [عبد الله الفياض/ تاريخ الإمامية: ص162.]– فيعقد فصلاً بعنوان: "المهدي في القرآن الكريم" ويورد في هذا الفصل خمسين آية من القرآن كلها يزعم تأويلها بالمهدي ويتوصل بذلك إلى أن موضوع المهدي لا يختلف عن ضروريات الإسلام الأخرى، وإنكاره إنكار لضرورة من ضروريات الدين [علي دخيل/ الإمام المهدي (عبد الله الفياض/ تاريخ الإمامية: ص162).].
بل بلغت تأويلات شيوخهم المتأخرين لآيات القرآن بالمهدي إلى (120) آية [انظر: هاشم البحراني/ المحجة فيما نزل في القائم بالحجة.] ولم يقنع بعض المعاصرين بذلك فوضع مستدركًا لهم ليبلغ بها إلى ( 132 ) آية [انظر: محمد منير الميلاني/ مستدرك الحجة.].
ونجد شيخهم المعاصر – محمد رضا الطبيسي النجفي (ت1365ه) – يفسر (76) آية من كتاب الله بعقيدة الرجعة عندهم [انظر ذلك في كتابه "الشيعة والراجعة" مطبعة الآداب/ النجف 1385ه.]، وهذا شطط لم يبلغ مداه شيوخهم القدامى. حيث بدأ التأويل بمسألة الرجعة في آية واحدة عند ابن سبأ [انظر: تاريخ الطبري: 4/340.]. ثم لم يزل الأمر يزيد، ففسر شيوخهم القدامى بالرجعة عشرين آية ونيفاً [انظر: جواد تارا/ دائرة المعارف العلوية: ص256.].(7/26)
وفي القرن الثاني عشر تطور الأمر إلى تأويل (64) آية بتلك العقيدة الباطلة على يد شيخهم الحر العالمي [انظر: الحر العاملي/ الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة: ص72–98.]، ثم كانت نهاية الشطط على يد هذا الطبيسي وغيره من شيوخهم المعاصرين.
وقد يستمر طريق التأويل إلي أرقام أخرى. وفي تفسير الميزان للإمام الأعظم عندهم محمد حسين الطبطبائي كثير من التفسيرات الباطنية التي يختارها من كتب التفسير القديمة عندهم. يذكرها تحت عنوان "بحث روائي".. ومن الأمثلة التي نقلها مقرًا لها ما ذكره عن تفسيرهم البرهان في قوله سبحانه: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ} [التحريم 10]. قال: "الآية مثل ضربه الله لعائشة وحفصة أن تظاهرتا على رسول الله وأفشتا سره" [الطبطبائي/ الميزان: 19/346.].
فانظر كيف يحرف معاني القرآن، ويكفر أمهات المؤمنين بذلك.
وعند قوله سبحانه: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن 27] نقل ما يروونه عن (الصادق) أنه قال: "نحن وجه الله" [الميزان: 19/103.]. وهكذا يلتقي التأويل الباطني الغابر بالحاضر.. صورة واحدة ووجه واحد.
والأمثلة كثيرة.
ولكن هناك وجه معاصر معتدل، ومظاهر اعتداله تكمن في ثلاث ظواهر، الأولى: اختفاء ذلك الغلو بتفسير كثير من آيات القرآن بالإمامة وما يدور في فلكها.. والثانية: تطهره من ملامح أسطورة التحريف وأخبارها وآثارها في تفسيره، والثالثة: التنزه عن ذلك التكفير الصريح الواضح لخير جيل عرفته البشرية.. جيل الصحابة رضوان الله عليهم.
ومن أمثلة هذا الاتجاه تفسير الكاشف لمحمد جواد مغنية، والتفسير المبين له أيضًا.
فأنت تلحظ ثناءه على الصحابة في تفسير قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} [الحشر 8] الآية.(7/27)
حيث قال: "لا لشيء إلا لوقوفهم مع الحق، وإعلاء كلمة الإسلام وتضحيتهم في سبيله {يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} إيمانًا وقولاً وعملاً، وبهؤلاء المهاجرين وأمثالهم من الأنصار استقام الإسلام وانتشر في شرق الأرض وغربها، ولا بدع فإن قائدهم محمد صلى الله عليه وسلم، ولن تكون الأمة فاسدة وقائدها صالحاً {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ}، المراد بالذين: الأنصار، وتبوءوا: سكنوا، والدار: دار الهجرة وهي المدينة، والإيمان مفعول لفعل محذوف أي: وأخلصوا الإيمان، وقد أثنى الله على الأنصار بأنهم: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
{وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ} جاء في التفاسير: أن المراد بالذين جاءوا من بعد الصحابة التابعون لهم بإحسان أخذا بقرينة السياق، ومع هذا فإن الثناء يعم ويشمل كل من سار بسيرة الصحابة إلى يوم القيامة" [التفسير المبين: ص631، وقارن هذا التفسير المتناسب مع سياق الآيات ومفهوماتها بما سجله البحراني من روايات عن أئمته في تفسير هذه الآية. (انظر: البرهان: 4/316–319).].
فإذا قرأت هذا الكلام لا تعرف أن قائله من الروافض الذي يكفرون صحابة رسول الله ويشتمونهم... وقد مر بنا أن له كلاماً في الطعن في بعض صحابة رسول الله.. ولكنه لم يصرح بالتكفير كغيره من شيعته.(7/28)
وعند قوله سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. قال: "المراد بالذكر هنا القرآن الكريم، وضمير "له" يعود إليه، والمعنى أن القرآن موجود فعلاً بين الدفتين، المألوف لدى كل الناس، وهو بالذات الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بلا تقليم وتطعيم، على العكس من الكتاب المعروف بالتوراة، فإنه غير الذي جاء به موسى عليه السلام، وكذلك الكتاب المعروف بالإنجيل فهو غير الذي جاء به عيسى عليه السلام" [التفسير المبين: ص286.].
في حين أن الرجل لم يدع التأويل لبعض الآيات بمقتضى أصول عقيدته، لكنه لم يجاهر بالغلو في التأويل كالآخرين من طائفته، فنجده مثلاً في تفسيره الكاشف يوؤل قوله سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة 3] بقوله: "معنى الآية أن الله سبحانه أكمل الدين مع هذا اليوم بالنص على علي بالخلافة".
هذا الاتجاه المعتدل إنما هو ثمرة اعتماده على جمع الجوامع لشيخهم الطبرسي، كما ألملح إلى ذلك في المقدمة.. والطبرسي قد اعتمد في الغالب على مرويات أهل السنة وتفاسيرهم، كما أشار شيخ الإسلام ابن تيمية [انظر: منهاج السنة: 3/246.].
فإذن هناك وجهان للاتجاه الشيعي في تأويل القرآن: اتجاه غال، واتجاه معتدل. كما كان لهم في القرون الماضية كتب تفسير باطنية غالبة كتفسير القمي والعياشي والكاشاني والبحراني وغيرهم، وكتب تفسير معتدلة مثل تفسير التبيان للطوسي، ومجمع البيان، وجمع الجوامع للطبرسي..
وقد جاء في أخبارهم بالأمر لهم بظهورهم بوجهين مختلفين حتى لا يعرف الناس حقيقة مذهبهم. وقال إمامهم: "إن هذا خير لنا ولكم، ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا (أي لعرف الناس المذهب) ولكان أقل لبقائنا وبقائكم" [أصول الكافي: 1/65.].(7/29)
وأنت إذا قارنت بين المنهجين وجدت الاتجاه الغالي المتطرف يستقي مادته من روايات الشيعة وأخبارهم، أما الاتجاه المعتدل فتلاحظ أنه قد فتح قلبه وعقله لروايات أهل السنة وآثارهم في التفسير، فتخلص من لوثة الغلو والتطرف، إما تقية أو اقتناعاً، لكنك لا تجد تفسيراً شيعياً اعتمد على رواياتهم فقط يخلو من الطريقة الباطنية في التفسير.
فأي الطريقين هو الذي يمثل مذهب الشيعة؟!
لقد ذكرت فيما سلف محاولة بعض شيوخ الشيعة قطع الطريق على هذا الاتجاه المعتدل بحمله على التقية [انظر: ص(198) من هذه الرسالة.].
وقد صرح شيخهم المجلسي بأن اعتمادهم على مرويات أهل السنة إنما هو للاحتجاج عليهم، وعقد لذلك باباً بعنوان " الباب الثامن والعشرون ما ترويه العامة (يعني أهل السنة) من أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم وأن الصحيح من ذلك عندهم (يعني شيعته) والنهي عن الرجوع إلى أخبار المخالفين" [بحار الأنوار: 2/214.] ثم استثنى من ذلك مقام الاحتجاج عليهم لنشر التشيع.
بل إن مرجع الشيعة في العراق "الخوئي" يعتبر ما جاء عن الصحابة في تفسير القرآن هو معنى التحريف الذي جاء به رواياتهم [انظر: حملة لأساطيرهم التي تقول بتحريف الصحابة لكتاب الله "على أن المراد حمل الآيات على غير معانيها" (البيان ص229).].
وحين أشار محب الدين الخطيب إلى أن القرآن الذي ينبغي أن يكون الجامع لنا ولهم على التقارب نحو الوحدة، قد قامت أصول الدين عندهم على تأويل آياته وصرف معانيها إلى غير ما فهمه منها الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإلى غير ما فهمه منها أئمة الإسلام عن الجيل الذي نزل عليه القرآن [الخطوط العريضة: ص10.].(7/30)
ردّ عليه أحد شيوخ الشيعة بقوله: "إن الشيعة ترى من الكيد للإسلام أن يأخذوا.. تفسيرهم للقرآن عمن تقصدهم وتعنيهم بالذات أمثال أبي هريرة وسمرة بن جندب.. وأنس بن مالك ممن أتقنوا صناعة التلفيق والدس والكذب والافتراء" [عبد الواحد الأنصاري/ أضواء على خطوط محب الدين: ص65.].
فهذا الجواب ينسبه المؤلف للشيعة.. فإذا كانت الشيعة تعتقد أن تلقي الدين عن طريق الصحابة هو من الكيد للإسلام فلهم دينهم ولنا ديننا.. إذ إن قولهم هذا يؤدي إلى رفض الإسلام كلية.
أليس هذا يعني أن ذلك الطريق المعتدل والوجه الآخر هو من باب التقية..؟!
إن بعض أصحاب ذلك الاتجاه المعتدل وهو شيخهم محمد جواد مغنية لا يقر بوجود اتجاه باطني في التفسير عندهم. ويقول بأن الاثني عشرية أبعد الناس من هذه البدع والضلالات، وأن كتبهم تشهد بذلك وهي في متناول كل يد [تفسير الكاشف: 7/104.]، وكذلك شيخهم الآخر محسن الأمين يقر بوجودها، ولكنه يقول بأنها روايات شاذة [انظر: الشيعة بين الحقائق والأوهام: ص419–420.]. ومثل ذلك يقول الخنيزي، مع إنكاره لبعض ما هو واقع في كتبهم من روايات [انظر: الدعوة الإسلامية إلى وحدة أهل السنة والإمامية: 1/178–202.].
وهذا الإنكار لما هو واقع وموجود أمارة التقية، والأمر ليس مجرد روايات شاذة – كما يزعمون – بل تفاسير كاملة تخصصت في التأويل الباطني يأتي في طليعتها تفسير القمي الموثق من كبار شيوخهم، وأبواب كاملة في الكافي أصح كتاب عندهم في الحديث، وفي البحار وغيرهما، أبواب تضم عشرات الأحاديث كلها تفسير الآيات تفسيراً باطنياً، فلم هذه "الجرأة" في إنكار الحقائق الواضحات، وهل يظنون أنهم يخدمون دينهم بهذه الوسيلة؟!
كما أن هذا الإنكار منقوض بصنيع من شيوخهم المعاصرين الذين لا يزالون يهذون في هذا الضلال.(7/31)
بل إن شيوخهم وآيتهم عبد الحسين شرف الدين الموسوي يرى أن تلك التأويلات الباطنية للآيات والواردة في حق الأئمة هي مسلمة عندهم بحكم الضرورة [وذلك حينما قال الشيخ موسى جار الله بأن "في كتب الشيعة أبواب في آيات وسور نزلت في الأئمة والشيعة، وفي آيات وسور نزلت في كفر أبي بكر وعمر، وكفر من اتبعهما، والآيات تزيد على المئة، بل فيها سور مستقلة.. يذكر ذلك أكبر إمام للشيعة في أقداس كتبها في أصول الكافي". (الوشيعة: ص27، وانظر: ص65).
فأجاب شيخهم عبد الحسين على ذلك بقوله: أما ما نزل في فضل الأئمة من أهل البيت وشيعتهم فمسلّم بحكم الضرورة من علم التفسير المأثور من السنن، وبحكم ما ثبت في السنة المقدسة من أسباب النزول.
وأما نزول شيء من القرآن في كفر فلان وفلان، فإنه مما نبرأ إلى الله منه، والبلاء فيه إنما جاء من بعض غلاة المفوضة وربما كان في كتبهم فرآه هذا الرجل فرمى البريء بحجر المسيء شأن الجهال بحقائق الأحوال. (أجوبة مسائل جار الله: ص67).
فأنت تلاحظ أن هذه "الآية" عندهم قد اعتبر ما جاء في الكافي من تأويلات للقرآن بالإمام والإمامة مسلم بحكم الضرورة، لكنه استعمل التقية، حينما نفى تأويلهم لآيات الكفر والكافرين بأبي بكر وعمر، وزعم أن ذلك لا يوجد في الكافي.
وهذه "تقية" بلا ريب، لأنه أنكر وجود ذلك في الكافي وهو موجود ويتمثل في عشرات الرويات تفسير آيات الكفر والكفار بالشيخين رضي الله عنهما. (انظر: أصول الكافي، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية: 1/412).
لكن هذا الرجل يريد أن يخدع الناس وينكر ما هو واقع ويلصق ذلك بالفوضة والتي لم يقل الكاتبون عنها أن هذا مسلكها واعتقادها (انظر في بيان عقيدة الفوضة شرح عقائد الصدوق للمفيد: ص258) ثم إن هذه الفرقة اندرست ولا توجد هي ولا كتبها كما يقوله مرجع الشيعة محمد حسين آل كاشف الغطا (انظر: أصل الشيعة: ص38).].(7/32)
إذن الصورة في مجال التأويل متشابهة بين الأوائل والأواخر، والجديد عند المعاصرين أنهم ارتضوا ما كتبه أسلافهم، حتى المتأخرون منهم فقد اعتبروا ما كتبه المجلسي وغيره من المتأخرين مراجع معتمدة في الرواية فاتسع بذلك نطاق التأويل عندهم وازداد بفضل جهود شيوخ الدولة الصفوية الذي أربوا على النهاية في هذا.
لكن بعض المعاصرين كتب بعض التفاسير المعتدلة كما فعل بعض شيوخهم الأقدمين.. وأنكر وجود التأويلات المتطرفة عندهم.. وإذا كان الإنكار في القديم قد يصدق، فإنه اليوم بعد ظهور حركة الطبع لا يجدي ولا يفيد، ويحمل على التقية لا محالة.
أما ظهورهم بوجهين مختلفين فهذا أمر قد قرر في مذهبهم حتى لا يقف الناس على حقيقتهم [انظر: أصول الكافي: 1/65. ومضى نصه ص: (1060).].
السنة عند المعاصرين:
إن الشيعة المعاصرين لم يتغير شيء من مواقفهم حول المسائل التي تحدثنا عنها في مبحث السنة، فلا يزالون يعتبرون أقوال أئمتهم الاثني عشر كأقوال الله ورسوله.
يقول شيخهم الخميني: "إن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن يجب تنفيذها واتباعها" [الحكومة الإسلامية: ص13.].
ويقول محمد جواد مغنية: "قول المعصوم وأمره تماماً كالتنزيل من الله العزيز العليم: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم 3، 4]" [محمد جواد مغنية/ الخميني والدولة الإسلامية: ص59.].
فكأنهم بهذا قد اعتبروا هؤلاء الأئمة بما فيهم الغائب الذي لم يوجد أصلاً، والحسن العسكري الذي عده ابن الجوزي من الضعفاء في الموضوعات.. اعتبروا هؤلاء كأنبياء الله ورسله.. وهذا مبني على دعوى عصمتهم التي تبين لنا زيفها وبطلانها فيما مضى.
أما دعواهم أن الرسول كتم جزءاً من الشيعة وأودعها علياً فهذا لا يكفون عن التصريح به في كتبهم "الدعائية" كما سجل ذلك شيخهم محمد حسين آل كاشف الغطا في كتابه "أصل الشيعة وأصولها" [انظر: أصل الشيعة وأصولها: ص77، ونقلت نص ذلك ص (146).].(7/33)
أما تلك الكتب الوهمية كالجفر والجامعة والتي تتحدث عنها كتب الرواية عندهم.. فلما نعى الشيخ موسى جار الله على الشيعة المعاصرين تصديقهم بمثل هذه الأوهام. أجابه أحد مراجع الشيعة المعاصرين وهو محسن الأمين – بلا حياء – بقوله: "إن ضاعت صحيفة الفرائض والجفر والجامعة وما ذكر معها عنده وعند أمثاله (يعني موسى جار الله) فلم تضع عند أهلها" [الشيعة بين الحقائق والأوهام: ص254.].
بل إن من شيوخهم الكبار عندهم في هذا العصر من يتباهى بذكر تلك الكنوز الوهمية، والأسماء التي لا مسمى لها ويذهب يعدد هذه "الكتب" بكل خفة عقل.
ويفتخر بكثرة هذه الأوهام التي لا حقيقة لها.. وإذا سئل أين هذه "الكتب المزعومة" أجاب بأنها المنتظر.. ولولا خشية الإطالة لنقلنا كلامهم في ذلك [انظر: محمد آصف المحسني/ صراط الحق: 3/347، محسن الأمين/ أعيان الشيعة: 1/154–184.].
ومنتظر الشيعة الذي تزعم غيبته وحياته منذ مئات السنين حتى أصبحت هذه الدعوى عار عليها وفضيحة لها تزداد على مر السنين.
هذا المنتظر الذي لم يولد أصلاً نسب له بعض الأفاكين "رقاعاً" صدرت عنه مضى الحديث عنها [انظر: ص (332).].
وكان يظن بشيعة العصر الحاضر، ولا سيما وهم يرفعون شعار التقريب، ودعوة الوحدة مع أهل السنة أنهم قد ارتفعوا بمذهبهم قومهم عن ترهات الماضي لكن لم يحصل شيء من ذلك واعتبروا هذه الرقاع من "السنة التي لا يأتيها الباطل" [الخنيزي/ الدعوة الإسلامية: 2/112.].
وأدهى من ذلك أن هذا المنتظر يزعمون أنه على صلة مباشرة ببعض شيوخهم حتى الآن، وهذا يعني استمرار حكاية التوقيعات، وخروج الفتاوى المعصومة والنصوص التي هي كالوحي الإلهي – كما يزعمون -.(7/34)
قال شيخهم محمد تقي المدرسي: "لا نستبعد - بل هو كائن فعلاً – وجود علاقات سرية بين الإمام [يعني إمامهم الغائب الذي لا حقيقة له إلا في خيال الشيعة.] (ع) وبين مراجع الشيعة، وهذا هو السر العظيم" [الفكر الإسلامي مواجهة حضارية: ص305.].
ومع اعتماد على هذه الأوهام، وقبولهم لمرويات الكذابين، فإنهم لا يزالون في غيهم يعمهون في إعراضهم، عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم التي نقلها أصحابه – رضي الله عنهم – بلا حجة وبرهان إلا دعوى أنهم ردوا إمامة علي المنصوصة بزعمهم حتى قال أحد مراجعهم وآياتهم في هذا العصر: "إن ما يرونه مثل أبي هريرة وسمرة بن جندب وعمر بن العاص ونظائرهم ليس لهم عند الإمامية مقدار بعوضة" [محمد حسين آل كاشف الغطا/ أصل الشيعة وأصولها: ص79.].
بل صرح بعض معاصريهم أن الشيعة ترى أن قبول رواية صحابة رسول الله من الكيد للإسلام [انظر: ص(1061).].
ولذا قال بعض معاصريهم: "إن الشيعة لا تعول على تلك الأسانيد (أي أسانيد أهل السنة)، بل لا تعتبرها ولا تعرج في مقام الاستدلال عليها فلا تبالي بها وافقت مذهبها أو خالفته" [عبد الله السبيتي/ تحت راية الحق: ص146.].
وقال: "إن لدى الشيعة أحاديث أخرجوها من طرقهم المعتبرة عندهم ودونوها في كتب لهم مخصوصة وهي كافية وافيه لفروع الدين وأصوله، عليها مدار علمهم وعملهم، وهي لا سواها الحجة عندهم" [عبد الله السبيتي/ تحت راية الحق: ص162.].(7/35)
ولأن هذا هو حقيقة موقفهم من السنة النبوية.. فإن لهم نشاطاً واسعاً لمحاربة السنة والتشكيك فيها.. ولكبار شيوخهم حملات مسعورة ضد المكثرين من الرواية من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صنع آيتهم العظمى عبد الحسين الموسوي في كتابه (أبو هريرة) وغيره، ولهم سب وتجريح لكبار محدثي الأمة، ولأمهات كتب المسلمين ما لا يوجد مثله في كتب طائفة من طوائف الكفر، كما تجد ذلك في كتاب الغدير لشيخهم الأميني.. والمجال لا يتسع لنقل شواهد من هذا الغثاء.
الإجماع عند المعاصرين:
لا جديد في حديثهم في ذلك حتى نثبته، اللهم إلا محاولة صياغة مذهبهم في "الإجماع" بأسلوب خادع قد يغتر به من لا علم له بحقيقة مقالتهم.. يقول – مثلاً -: محمد جواد مغنية: إجماع الصحابة بأن تتفق كلمة الأصحاب جميعاً على حكم شرعي، وقد أوجب السنة والشيعة الأخذ بهذا الإجماع واعتباره أصلاً من أصول الشريعة، ثم يذكر أن الشيعة قالوا بحجته لوجود الإمام مع الصحابة [الشيعة في الميزان: ص321.].
انظر إلى هذا التحايل رغم أن مؤدى قوله أن الشيعة ترى أن الحجة في قول المعصوم لا في الإجماع نفسه، لكنه استعمل هذا الأسلوب الملتوي للخداع والتغرير [انظر ما سللف عن عقيدته في "الإجماع" ص(403) وما بعدها.]، وقد انخدع بذلك البعض [مثل الشيخ محمد الغزالي الذي نقل كلام مغنية هذا واحتج به في أنه لا فرق في أصول الأحكام بين السنة والشيعة (انظر: ليس من الإسلام: ص79–80).].
اعتقادهم في أصول الدين:
ففي مقام توحيد الربوبية وإفراد الله جل شأنه بأفعاله فإن للمعاصرين كلمات في إعطاء الأئمة ما للرب جل شأنه بأفعاله مما لم يؤثر عن أسلافهم من الاثني عشرية.
فهذا أحد شيوخهم ويدعى عبد الحسين العاملي قالوا: إنه كان آية من آياتهم التي ينسبونها - زوراً – إلى الله سبحانه. يقول هذا العاملي في مدح أمير المؤمنين علي – برأه الله مما يفترون -:
وعنوان قدرته السامية(7/36)
فهل عندك تعزب من خافية
وعلة إيجادها الباقية
وإن شئت تفسح بالناصية [ديون الحسين/ الجزء الأول من القسم الثاني الخاص في الأدب العربي: ص48.]
أبا حسن أنت عين الإله
وأنت المحيط يعلم الغيوب
وأنت مدير رحى الكائنات
لك الأمر إن شئت تنجي غداً
انظر كيف جعل مخلوقًا من مخلوقات الله هو الإله بعينه، والمتصف بما للرب من تدبير وإحياء وإماتة.. فهو مدبر أمر الكائنات وعلة إيجادها ومظهر القدرة الإلهية.. وهو المحيط بعلم الغيب، بل هو مالك يوم الدين، إذ له الأمر في ذلك اليوم، ونجاة العباد، وهلاكهم بمشيئته [بل صرح شاعرهم الآخر بأن علياً تجمعت فيه كل صفات الإله، حيث قال: جميع صفات الرب فيه تجمعت.. وما اجتمعت إلا لسر وحكمة.
(انظر: الحائري/ مقتبس الأثر: 1/246).].
وهذا ثمرة مرة (طبيعية) لروايات الكليني والقمي والمجلسي.. التي سلف عرض أمثلة من موادها التي تتجه إلى هذا الاتجاه.
واثنا عشرية اليوم تمثل في رواياتها، وبلسان طائفة من شيوخها السبئية وغيرها من الفرق التي تؤله علياً، والتي كنا نظن أنها بادت وانقرضت، فإذا بها تعيش في أحضان الاثني عشرية حتى يقال بأن السبئية هي الاسم الأقدام والاثنا عشرية هي الاسم الأحدث لحقيقة واحدة.. وتلك الكلمات لم تصدر عن عامي من عوامهم، أو كاتب صغير من كتابهم، بل صدرت من آية من آياتهم يرجع لقوله الآلاف.
وتجد أن محمد حسيين آل كاشف الغطا أحد كبار مراجع الشيعة وآياتهم، ومن ينادي بالتقريب بين أهل السنة والشيعة يقول في مدح أئمته:
يا كعبة الله إن حجت لها الـ أملاك فعرشه ميقاتها
أنتم مشيئته التي خلقت بها الـ أشياء بل ذرئت بها ذراتها
أنا في الورى قال لكم إن لم أقل ما لم تقله في المسيح غلاتها [ديوان شعراء الحسين/ جمع محمد باقر النجفي: ص12 (ط: طهران 1374ه).](7/37)
لقد جعل أئمته هم الكعبة التي تحج إليها الملائكة، وجعل عرش الرحمن هو ميقاتها، وجعلهم هم مشيئة الله وقدرته التي خلقت بها الأشياء. وقطع على نفسه عهداً أن يقول في أئمته ما لم تقله غلاة النصرانية في المسيح، ولعله بهذه الأوصاف قد وصل إلى ما أراد.
هذا ما يقوله كبير مراجع الشيعة في هذا العصر، ومن يمثلهم في مؤتمرات ومن يعتبر عند بعض أهل السنة الذين لم يطلعوا على حقيقته من معتدلي الشيعة ولهذا قدموه إماماً لهم في مؤتمر القدس الأول [انظر: في مؤتمر القدس الأول مجلة الأزهر، المجلد 25/506، 638، 979، المسلمين، المجلد السادس ص45. وانظر: تعليق محمد رشيد رضا في المنار على تقديم محمد حسين آل كاشف الغطا إماماً لهم في الصلاة في مجلة المنار: المجلد 29 ص 628.]، لأن له وجهين وقولين والتقية لا تنتهي أسرارها وأساليبها عندهم.
ولو ذهبت أسجل ما وجدته لهم في هذا الاتجاه لطال بنا المقام [لمن أراد المزيد من الأمثلة والشواهد ينظر: الحائري/ مقتبس الأثر: 1/153، 245–248، محسن الأمين/ أعيان الشيعة: 5/219، وديون الحسين لمجموعة من شيوخ الروافض في مواضع كثيرة، وعبد الحسين الأميني/ الغدير: 7/34–67 وغيرها.].. وأقول: إن المادة الشعرية الكبيرة التي تركها شعراء الشيعة وأدباؤها فيها من هذا "الغلو" ما لا يخطر على البال.. ويبدو أن لهيب العاطفة وجذوة الحماس يغطي سلطان التقية فتظهر الحقيقة عارية بلا خداع أو تزوير.. ولهذا فإن هذا الموضوع يستحق دراسة خاصة.
وفي مقام توحيد الألوهية فإن مزارات الشيعة ومشاهدها اليوم قد أصبحت من أكبر مظاهر الشرك بالله تعالى، ولا أمل في تغيير هذا المنكر عندهم، لأنه مؤيد بتلك الروايات المنسوبة زوراً لأهل البيت، عكس الأمر عند أهل السنة والذي هو انحرف في واقعهم تنكره أصولهم، وقد رأى هذا الشرك كل من زار تلك المشاهد.(7/38)
يقول الشيخ موسى جار الله بعد زيارة له لإيران والعراق استمرت عدة أشهر بأنه رأى المشاهد والقبور عندهم معبودة [الوشيعة: المقدمة ص (ط).].
ويقول الشيخ أبو الحسن الندوي بعد زيارة له إلى إيران عن مشهد علي الرضا: "فإذا دخل غريب في مشهد سيدنا علي الرضا لم يشعر إلا وأنه داخل الحرم فهو غاص بالحجيج مدوي بالبكاء والضجيج، عامر بالرجل والنساء، مزخوف بأفخر الزخارف والزينات، قد تدفقت إليه ثروة الأثرياء، وتبرعات الفقراء" [أبو الحسن الندوي/ من نهر كإبل إلى نهر اليرموك: ص93، مجلة الاعتصام، السنة (41)، العدد (3).].
وقد ذكر صاحب التحفة الاثني عشرية بأنهم لا يزالون يغلون في قبور الأئمة ويطوفون حولها، بل ويصلون إليها مستدبرين القبلة، إلى غير ذلك من الأمور التي يستقل لديها فعل المشركين مع أصنامهم [انظر: مختصر التحفة الاثني عشرية: ص300.]. ثم قال: إن حصل لك ريب من ذلك فاذهب إلى بعض مشاهدهم لترى الحقيقة بعينك [مختصر التحفة الاثني عشرية: ص300.].
وتجد شيخهم المعاصر محمد المظفر في كتابه الذي ألفه لبيان عقائد طائفته وسماه "عقائد الإمامية" والذي ارتضاه شيعته فلم نر أحدًا أنكر عليه شيئًا مما جاء فيه، وقد صاغه بأسلوب يغلب عليه طابع الدعاية للتشيع، ومع ذلك تجده لم يحجم عن التأكد على عقيدة الرافضة في قبور الأئمة فذكر أن مما امتازت به طائفته واختصت به في أضرحة أئمتهم "تشيدها وإقامة العمارات الضخمة عليها، ولأجلها يضحون بكل غال ورخيص عن إيمان وطيب نفس" [محمد رضا المظفر/ عقائد الإمامية: ص133.].(7/39)
ثم صرح بأن سبب ذلك ما زعمه من "وصايا" الأئمة وحثهم شيعتهم على الزيارة، وترغيبهم فيما لها من الثواب الجزيل عند الله تعالى.. وباعتبار أن هاتيك القبور – كما يزعم - من خير المواقع لاستجابة الدعاء [لو كانت من خير المواقع وفيها كل ذلك الفضل الذي يتحدثون عنه لورد ذكر ذلك في الكتاب الكريم والسنة المطهرة، ولأصبحت من الأمور المعلومة المشهورة، ولما خفيت على الأمة، واختص بنقلها حثالة من الكذابين المعروفين بالافتراء على أهل البيت..، ولو كان شيء مما قالوه حقاً لما ورد النهي الصريح المؤكد بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد.]، والانقطاع إلى الله تعالى [محمد رضا المظفر/ عقائد الإمامية: ص133.].
ثم ذكر آداب ومناسك الزيارة عندهم بلا حياء ولا خوف من إعلان هذه المظاهر الوثنية [محمد رضا المظفر/ عقائد الإمامية: ص135–139.].
وما فتئ ثلة شيوخهم المعاصرين يجاهرون – بلا وجل أو خجل – بأن كربلاء أفضل من الكعبة المشرفة، فهذا كبير مراجع الشيعة ومن يتزعم الدعوة للتقريب بين السنة والشيعة يدعي أن كربلاء أفضل من الكعبة البيت الحرم الذي جعله الله قياماً للناس ومثابة وأمنًا وبارك فيه بنص التنزيل الإلهي.
فيترنم مرجع الشيعة محمد حسين آل كاشف الغطاء مخالفاً لنص القرآن وإجماع المسلمين يترنم بهذا البيت الوثني وهو قوله:
ومن حديث كربلاء والكعبة لكربلاء بان علو الرتبة
وهو يرى أن هذا من ضرورات مذهبهم فيقول بأن كربلاء "أشرف بقاع الأرض بالضرورة" [محمد حسين آل كاشف الغطاء/ الأرض والتربة الحسينية: ص55–56.]. لأنه قد شهدت بذلك آثارهم وأخبارهم – كما يقرر -.(7/40)
وهذه الشهادة التي يعتمدها يجب أن تنجعل برهان ودليلاً على كذب هذه الأخبار، ومروق من وضعها عن الدين، وخروج من صدق بها عن إجماع المسلمين.. وأين كربلاء من قول الله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ، فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران 96–97].
فهل بعد هذا يبقى قول لقائل:
{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد 24].
هذا وأقوال شيوخهم المعاصرين في هذا المعنى كثيرة [كقول آيتهم ميرزا حسين الحائري: "كربلاء تلك التربية الطيبة الطاهرة، والأرض المقدسة التي قال في حقها رب السموات والأرضين (انظر كيف يفترون الكذب على رب العالمين) مخاطباً للكعبة حينما افتخرت على سائر البقاع: قري واستقري لولا أرض كربلاء وما ضمته لما خلقتك، ثم يقول هذا "الرافضي": وكذلك أصبحت هذه البقعة المباركة بعدما صارت مدفناً للإمام رضي الله عنه مزاراً للمسلمين (!) وكعبة للموحدين (!) ومطافاً للملوك والسلاطين ومسجداً للمصلين (الحائري/ أحكام الشيعة: 1/32).
ويقول د/ عبد الجواد آل طعمة في كتاب له يسمى تاريخ كربلاء بأن نصوصهم قد اعتبرت كربلاء أفضل بقاع الأرض فهي تعتبر عند الشيعة أرض الله المختارة المقدسة المباركة، وهي في مقاييسهم حرم الله وحرم رسوله وقبة الإسلام، وفي تربتها الشفاء، وأن هذه المزايا لم تجتمع لأي بقعة حتى الكعبة. (تاريخ كربلاء: ص115–116، والكتاب موثق من عدد من آياتهم، انظر: مقدمات الكتاب).(7/41)
ويقول آيتهم العظمى محمد الشيرازي بأننا "نقبل أضرحتهم كما نقبل الحجر الأسود، وكما نقبل جلد القرآن الكريم". (مقالة الشيعة/ المرجع الديني عندهم محمد الشيرازي: ص8).].
وإذا كانت كتب الشيعة القديمة تقرر بأن الله قد تاب على الأنبياء بتوسلهم بالأئمة [انظر: ص(445) من هذا الكتاب.]، فإن هذا المعنى المتناهي في الغلو والذي يتضمن تفضيل الأئمة على الأنبياء [وهو مذهب غلاة الروافض كما يقوله القاضي عياض، والبغدادي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، ونقل الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإجماع على كفر من ذهب إلى ذلك انظر: ص(614) من هذه الرسالة.]. والمتناهي في السذاجة والغفلة؛ إذ يفترض وجود هؤلاء الأئمة في حياة الأنبياء السابقين، والموغل في الدعوة إلى الشرك بالله سبحانه وعبادة غيره جل شأنه.. فإن هذا المعنى الذي يحمل هذه "البلايا" وغيرها يقرره بعض كبار شيوخهم ويوصي ابنه بالعمل بمقتضاه فيقول آيتهم وحجتهم عبد الله الممقاني: "وعليك بني بالتوسل بالنبي وآله صلى الله عليهم أجمعين، فإني قد استقصيت الأخبار فوجدت أنه ما تاب الله على نبي من أنبيائه من الزلة [لاحظ اعترافهم بزلات الأنبياء مع أنهم يدعون العصمة المطلقة في الأئمة!] إلا بالتوسل بهم [مرآة الرشاد: ص104.].
واذا كانت مصادرهم القديمة تجعل زيارة قبر الحسين أفضل من الحج إلى بيت الله سبحانه، فإن هذا المعنى الخطير يتكرر على ألسنة شيوخهم المعاصرين، ويدعون إلى هذا، لأن فيه – كما يخدعون أتباعهم – " الثواب الجزيل عند الله باعتبار أنها من أفضل الطاعات والقربات.." [عقائد الإمامية: ص133.].
ولهذا يوصي آيتهم عبد الله الممقاني ابنه بزيارة الحسين في كل يوم يقول: "وعليك بني بزيارته (يعني قبر الحسين) في كل يوم من البعد مرة، والمضي إليه في كل شهر مرة، وإن كنت في بلدة بعيدة ففي السنة مرة" [مرآة الرشاد: ص105–114.].(7/42)
لاحظ أن هذا الشيخ لم يوص ابنه بالصلاة.. بل أوصاه بالاتجاه إلى القبر حيث ترفع للشرك رايات، لأن ذلك عندهم من أفضل القربات.. وهذه شرعة المشركين.
وقد علق الابن [محيي الدين الممقاني.] على هذه الوصية بقوله: "قد ورد أن من زاره – عارفاً بحقه – كتب الله له ثواب ألف حجة وألف عمرة".
إلي أن قال: "وكأنما زار الله (!!). وحق على الله ألا يعذبه بالنار، ألا وإن الإجابة تحت قبته والشفاء في تربيه.." [مرآة الرشاد: ص110 (الحاشية).] ومن زار قبر الحسين عليه السلام ليله النصف من شعبان وليلة الفطر، وليله عرفة في سنة واحدة كتب الله له ألف حجة مبرورة، وألف عمرة متقبلة، وقضيت له ألف حاجة من حوائج الدنيا والآخرة [مرآة الرشاد: ص113 (الحاشية).] "ومن أتاه يوم عرفة عارفاً بحقه كتب الله له ألف حجة، وألف عمرة متقبلات، وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل" [مرآة الرشاد: ص113 (الحاشية).].
وهكذا تتفق كتب الشيعة قديمها وجديدها على هذا الاعتقاد الوثني وينسبون هذا لأئمة أهل البيت بل وللإسلام، ولا يعلم المسلمون كلهم بهذا الأمر، بل ينفرد بنقله الروافض دون غيرهم.. ولا شك أنهم بشذوذهم هذا يعلنون كذبهم، ويفضحون مذهبهم.. ولقد كان لهذه "النصوص" أثرها الخطير في دنيا الشيعة، حيث أحيت عقيدة المشركين في مزارات الشيعة ومشاهدها فأصبحت المشاهد معمورة والمساجد مهجورة، وعلماؤهم يؤيدون هذا المنكر ويسعون لتثبيته واستمراره.
بل قد جاءت روايات لهم صريحة في التحذير من هذا المنكر الذي يفعلونه.
ولكن مراجعهم تتستر على مثل هذه النصوص ولا تود أن تظهر لأولئك الأتباع الأغرار، بل إنها تنكر وجودها عندهم إمعاناً في حجب هذا "النور" عن شيعتهم وأتباعهم.(7/43)
يقول مجتهد الشيعة الأكبر – كما يصفونه – محسن الأمين في كتابه "الحصون المنيعة" وهو يدافع عن اتخاذ الشيعة للقبور مساجد.. يقول في رده للنصوص الواردة في أمهات كتب المسلمين في النهي عن اتخاذ القبور مساجد والبناء عليها بأن ذلك مما انفرد أهل السنة بنقلة وهو معارض بما زعمه متواتراً من طرق أهل البيت [محسن الأمين/ الحصون المنيعة: ص27.].
أقول: إن هذا النهي قد جاء أيضاً من طرق الشيعة بروايات كثيرة أخرجها الحر العالمي في وسائل الشيعة وغيره – كما مر [انظر ما نقلته عن كتبهم المعتمدة في ذلك: ص481.] – فإما أن كان هذا المدعو بالأمين غير أمين وأراد التكتم على حقيقة موجودة في كتبهم، أو هو جاهل بما في مدوناتهم.. مع أنه آية من آياتهم المنسوبة زواراً إلى الله سبحانه.
وفي باب الأسماء والصفات: يقرر شيوخهم المعاصرين مذهب المتأخرين عند الشيعة وهو التعطيل، ويقتفون أثر المعتزلة في ذلك حذو القذة بالقذة فيقولون – مثلا – بخلق القرآن [انظر: محسن الأمين/ أعيان الشيعة: 1/461، الأميني النجفي/ الغدير: 3/139.]، وينكرون رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة [انظر: محسن الأمين/ أعيان الشيعة: 1/463، عقائد الإمامية: ص59.]، وينكرون صفاته سبحانه [انظر: الغدير: 3/139.] الثابتة له بالكتاب والسنة، ويصفون الله سبحانه بالسلوب بقول شيخهم المظفر في كتابه عقائد الإمامية تحت عنوان عقيدتنا في الله: ".. ليس هو بجسم ولا صورة، وليس جوهراً ولا عرضاً، وليس له ثقل أو خفة، ولا حركة أو سكون، ولا مكان ولا زمان، ولا يشار إليه" [عقائد الإمامية: ص59.].
وأنت ترى أنهم في وصفهم له سبحانه بهذه الصفات السلبية المحضة قد نفوا الوجود الحق له تعالى، ولا جديد عندهم في ذلك، فهذه كلمات رددها الجهمية من قبلهم وهم على آثارهم يهرعون، ومن هنا يخطئ من يظن أن الجهمية المعطلة قد توارت عن الوجود واندثرت.(7/44)
وهم يكفرون من يخالفهم في تعطيلهم. يقول المظفر: "ومن قال.. إنه ينزل إلى السماء الدنيا، أو إنه يظهر إلى أهل الجنة كالقمر، أو نحو ذلك فإنه بمنزلة الكافر به.. وكذلك يلحق بالكافر من قال: إنه يتراءى لخلقه يوم القيامة" [عقائد الإمامية: ص59–60.].
ويزعمون أن العقل دلهم على هذا التعطيل [عقائد الإمامية: ص60.].
وهل كان العقل مصدراً للتلقي في أمر غيبي، وهل يوافق العقل السوي على وصف الله سبحانه بهذه الصفات السلبية التي ليس عليها دليل، ويرد ما نزل به الوحي؟
ثم ما حصيلة الأفكار والفلسفات التي تحدثت عن هذه المسألة بمعزل عن الوحي الإلهي؟ إنها لم تخلف سووي ركام من التناقضات، وعبث كعبث الأطفال، وعادت على أصحابها بالحيرة والقلق.
وما نهاية من جعل العقل دليله وقائده من المتكلمين في التاريخ الإسلامي؟ أليست هي الحيرة والضياع. وقد وجد من جرب الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية أنها لا تروي غليلاً ولا تشفي عليلاً، وأن أقرب الطرق طريقة القرآن، ولكنهم حين أعراضوا عنها كان سعيهم في ضلال [انظر: أمثلة من حيرتهم، وثمرة تجربتهم في: مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 5/10–11، ابن أبي العز/ شرح الطحاوية: ص 169–172، ملا علي القاري/ في الفقه الأكبر: ص10-12.]، وأضاعوا الجهد والوقت، وأشغلوا الأمة، وصرفوها عن وظائفها الواجبة.
ومنهج أهل السنة في الأسماء والصفات منهج عظيم لالتزامه بالكتاب والسنة، وحفظه لوقت المسلم وجهده وطاقته وعقله من أن يبددها في البحث عما لم يكلف به، ولا سبيل للوصول إلى معرفة كيفيته.(7/45)
بقي أن نضيف اتجاهاً آخر لمعاصريهم في عقيدتهم في التوحيد وهو اقتفاء أثر الصوفية الذين يذهبون إلى القول بأن التوحيد مراتب أدناها مرتبة عندهم هو مدلول كلمة الإسلام العظيمة: "لا إله إلا الله" فشرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، ووصلوا عن طريق هذه المراتب إلى الكفر البواح، والقول بالاتحاد، وأن المخلوق عين الخالق؛ فخرجوا بذلك عن العقل والنقل، والدين، وفاقوا النصارى في شركهم الذين قالوا بحلول الإله في عيسى؛ لأن النصارى قالوا بحلول خاص وهؤلاء قالوا بالحلول العام.
ولكن شيوخ الشيعة الذين ينقلون لهذه الطائفة على مر العصور وكر الدهور حثالة المذاهب المبتدعة، وزبالة الأفكار البشرية الساقطة، وغثاء النفوس المعقدة.. أخذوا بهذا الاتجاه الصوفي المريب، ونقلوه إلى قومهم، بل عدوه هو عقيدتهم المعتمدة.
يقول شيخهم وآيتهم إبراهيم الزنجاني [وقد وصفه شيخهم الخوئي في تقريظه للكتاب بأنه "ركن الإسلام، عماد العلماء..".] في كتاب عقائد الإمامية الاثني عشرية [والكتاب موثق من كبار شيوخهم وآياتهم كالخوئي، وحسن الموسوي.] تحت عنوان "عقيدة الشيعة في التوحيد": "إن مراتب التوحيد أربع.. توحيد العوام وتوحيد الخواص، وتوحيد خاص الخاص، وتوحيد أخص الخواص، والأول مدلول كلمة لا إله إلا الله" [عقائد الإمامية الاثني عشرية: ص24.].
ويذكر بأن شيعته تمتاز عن المسلمين جميعاً بعقيدة توحيد خاص الخاص، وتوحيد أخص الخواص [عقائد الإمامية الاثني عشرية: ص24.].(7/46)
ويقول بأن المقام لا يتسع لشرح وتفاصيل هذه المراتب، لكنه يقول بأنهم أخذوها عن أمير المؤمنين علي في قوله: "أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده.. نفي الصفات عنه.. فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده.." [عقائد الإمامية الاثني عشرية: ص24.].
وهذا النص الذي ينسبه – زواراً وافتراءً – إلى أمير المؤمنين علي يتضمن تعطيل الله سبحانه من صفاته الثابتة بالكتاب والسنة. والاعتقاد بأن نفي الصفات هو كمال التوحيد، هو اعتقاد الجهمية الذين جعلوا من أصولهم "التوحيد" وضمنوه نفي الصفات، وكان مؤدى قولهم ونهاية أمرهم، تعطيل الذات؛ لأن نفي الصفات يؤدي إلى نفي الذات، لأن ذات مجردة عن الصفات، لا يتصور لها وجود في الخارج.
ولأن مذهب الجهمية في تعطيل الصفات مؤد لمذهب الحلول والاتحاد [انظر: شرح الطحاوية: ص16.] صار – فيما يظهر – هو عمدته، في ما ذهب إليه من القول بالتوحيد الخاص وخاص الخاص.
وحسبك أن تعرف مبلغ ضلالهم في اعتبارهم التوحيد الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب، وأمر الله به الأولين والآخرين هو في المرتبة الدنيا من مراتب توحيدهم، وهم عندهم مقام يليق بالعوام ويناسب حالهم، وهل عندهم بذلك من علم فيخرجوه لنا؟ [انظر: شرح الطحاوية: ص16.].
وهذا كلام الله المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا كلام خير القرون بعد الرسول صلى الله عليه وسلم. هل جاء هذا التقسيم عن أحد منهم؟ إن يتبعون في ذلك إلا أقوال شيوخهم وزنادقتهم، وما لهم بذلك من علم إلا اتباع الظن وما تهوى الأنفس وما تمليه عليهم شياطين الإنس والجن.(7/47)
وحسبك أيضاً أن تدرك أن مبلغ أمرهم في سلوك هذه المقامات والتي باعترافهم ليست من مدلول معنى لا إله إلا الله هو الوصول بالسالك إلى مقام الإلحاد وهو ما يسمى بالحلول أو الاتحاد [ذكر شيخ الإسلام أن مبدأ حدوث قول الاتحادية وأمثاله في أمة محمد صلى الله عليه وسلم هو زمن حدوث دولة التتار. (مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 2/171).].
الإمامة:
الإمامة بإقرار المعاصرين كالنبوة [محمد حسين آل كاشف الغطا/ أصل الشيعة: ص58، خليل ياسين/ الإمام علي: ص327، باقر القرشي/ الرسول الأعظم مع خلفائه: ص18.]، واستمرار للنبوة [المظفر/ عقائد الإمامية: ص94.]، أو "تنصيب من الله كالنبوة" [السماوي/ الإمامة: 1/65.].
وهي من أركان الإسلام عندهم. قال كاشف الغطا: "إن الشيعة زادوا في أركان الإسلام ركناً آخر وهو الإمامة" [أصل الشيعة: ص58، وهذا اعتراف منه أن الإمامة زيادة من الشيعة على أركان الإسلام.]… إلخ.
ولا أجد عندهم تغييراً لشيء من غلوهم الذي جاء الحديث عنه فيما سبق، لكن ثمة دعوى جديدة في كتبهم التي تكتب للعالم الإسلامي حول ثلاث مسائل: الأولى تفكيرهم لمنكر الإمامة، والثانية حكمهم على حكومات المسلمين بأنها حكومات كافرة، والثالثة تكفيرهم للصحابة.
المسألة الأولى: موقف المعاصرين من تكفير أصولهم للمسلمين:
تجد في هذه المسألة موقفين للمعاصرين قد يظن من ليس على دراية بأصولهم أنهما مختلفان:
الموقف الأول: يقول بأن منكر الإمامة لا يخرج عن الإسلام، وينكر على من يقول بأن الشيعة يكفرون غيرهم.
والموقف الثاني: يجاهر بالتكفير بدون تقية ولا مواربة.(7/48)
أما بالنسبة للموقف الأول فيقول محسن الأمين - في الرد على موسى جار الله الذي قال: "إن كتب الشيعة صرحت أن كل الفرق كافرة وأهلها نواصب" [الوشيعة ص105، وقد مر إثبات ذلك من كتب الشيعة ص(745).] - قال محسن الأمين: سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم، لا يعتقد أحد من الشيعة بذلك، بل هي متفقة على أن الإسلام هو ما عليه جميع فرق المسلمين من الإقرار بالشهادتين إلا من أنكر ضروريًا من ضروريات الدين كوجوب الصلاة وحرمة الخمر وغير ذلك، وعمدة الخلاف بين المسلمين هو في أمر الخلافة، وهي ليست من ضروريات الدين بالبديهة؛ لأن ضروري الدين ما يكون ضروريًا عند جميع المسلمين وهي ليست كذلك [محسن الأمين/ الشيعة بين الحقائق والأوهام: ص176، أعيان الشيعة: 1/457.].
ويقول محمد حسين آل كاشف الغطا: "ومن لم يؤمن بالإمامة فهو مسلم، ومؤمن بالمعنى الأعم، تترتب عليه جميع أحكام الإسلام من حرمة دمه وماله وعرضه، ووجوب حفظه، وحرمة غيبته [إذن لماذا تسبون الصحابة رضوان الله عليهم وهم بإقراركم لا يخالفون إلا بالإمامة؟] وغير ذلك، لا أنه بعدم الاعتقاد بالإمامة يخرج من كونه مسلماً - معاذ الله - نعم يظهر أثر التدين بالإمامة في منازل القرب، والكرامة يوم القيامة [أصل الشيعة: ص58-59.].
وبمثل هذا الرأي قال آخرون من شيعة هذا العصر [انظر: عبد الحسين الموسوي/ أجوبة مسائل جار الله: ص39، محمد حسين الزين العاملي/ الشيعة في التاريخ: ص32، الخنيزي/ الدعوة الإسلامية: 2/260، محمد جواد مغنية/ الشيعة في الميزان: ص269، لطف الله الصافي/ مع محب الدين في خطوطه العريضة: ص95.].(7/49)
أما فيما يتعلق بالموقف الثاني، فإنه لا يزال "طغام" من شيوخهم وآياتهم يهذون في هذا الضلال، ويصرحون بتكفير المسلمين مثل: شيخهم علي اليزدي الحائري [والذي وصفوه بأنه "شيخ الفقهاء والمجتهدين، وحجة الإسلام والمسلمين، وآية الله الكبرى في العالمين" والإسلام منه بريء، ومن كتبه إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب، فأهل السنة وكل المسلمين الذين يخالفونه في مهديهم المعدوم هم جميعاً في رأيه نواصب، وقد هلك سنة (1333ه).]، وشيخهم عبد الحسين المرشتي [وهو الذي يحكم على الأمة جميعاً بالكفر ما عدا طائفته، ويرى أن سبب كفر الأمة هو أبو بكر وعمر ويقول: "إن أبا بكر وعمر هما السببان لإضلال هذه الأمة إلى يوم القيامة" (كشف الاشتباه ص98). فانظر كيف يعيش هؤلاء الشيوخ أسارى لفكر زنادقة القرون البائدة، وهذا القول الذي يجاهر به الرشتي يكتبه للرد على بعض أهل السنة وهو الشيخ موسى جار الله، ومعنى ذلك أن للتقية ظلالاً وأثراً، وأن ما خفي كان أعظم.]، وشيخهم عبد الهادي الفضلي [والذي يقرر أن الإمامة ركن من أركان الدين (التربية الدينية ص63) أي فمنكر إمامتهم منكر لركن الدين فهو في عداد الكافرين، وهو يفتري هذا المنكر مع أنه يعيش في وسط أهل السنة، ويأكل من خيراتهم، بعد أن عاش طريداً منبوذاً من بلاده. (فهو عراقي الأصل يعيش في السعودية، ويعمل في بعض جامعاتها).].
وقد يسلك بعض هؤلاء الشيوخ المسلكين جميعاً، أي يخرج تارة بوجه التكفير، وحيناً بالوجه الآخر حسب المناسبات والأحوال، وفي التقية متسع، وهو هؤلاء محمد رضا المظفر الذي يشير في كتابه "عقائد الإمامية" إلى أن المسلم عندهم هو من يشهد الشهادتين أياً كان مذهبه [عقائد الإمامية: ص155.].(7/50)
ولكنه في كتابه "السقيفة" يحكم بردة المسلمين بأجمعهم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "مات النبي صلى الله عليه وسلم ولابد أن يكون المسلمون كلهم - لا أدري الآن - قد انقبلوا على أعقابهم" [السقيفة: ص19.].
فانظر كيف يحكم على الصحابة والقرابة والأمة جميعاً بالردة، ويشك في إيمان واحد منهم.. ولم يلغ غلو أحد من الشيعة السابقين ذلك إلا ما ينسب إلى طائفة "الكاملية" الذين يكفرون علياً لتخليه عن المطالبة بحقه، ويكفون الصحابة لعدم مبايعتهم لعلي، لكن هذه الطائفة لا وجود لها اليوم بهذا الاسم، وكان يظن أنه لا قائل بمذهبها في هذا الزمن. ثم ما لبث هذا الظن أن توارى، فها هي تعيش في أحضان الاثني عشرية في هذا العصر، ويجاهر بمذهبها بعض الشيوخ الكبار عندهم.
والمذهب الاثنا عشري مؤهل لإخراج كثير من فرق الغلو، بمدوناته التي جمعت من الشذوذ فأوعت.
وهذا الموقف من شيخهم المظفر له أمثاله عند شيوخهم المعاصرين [انظر - مثلاً: عبد الحسين الموسوي، حيث يزعم أن الشيعة لا تكفر المسلمين في عدة من كتبه (انظر: رسالته إلى المجمع العلمي العربي بدمشق ط: النجف 1387ه، وكتابه أجوبة مسائل جار الله: ص39، وغيرها من كتبه) ولكنه يكفر أبا هريرة الصحابي الجليل، راوية الإسلام، بل إنه يكفر كل من لم يؤمن بأئمته الاثني عشر، لأنه يزعم أن "ولايتهم من أصول الدين" (الفصول المهمة ص32) وأن الأخبار التي وردت بإيمان مطلق الموحدين تخصص بولاية الاثني عشر، لأنهم باب حطة لا يغفر إلا لمن دخلها (المصدر السابق: ص32). ويقرر أن من تأول أو أخطأ فيها لا يعذر بإجماعهم (المصدر السابق: ص45).].
هذان موقفان في الظاهر مختلفان، وهما في الحقيقة متفقان، فالذين يحكمون بإسلام الأمة لا يختلفون عمن يحكم بكفرها، أما كيف ذلك فإليك البيان: إنهم يقولون: إننا نحكم بإسلام الناس في ظاهر الأمر فقط، أما في الباطن فهم كافرون وهم مخلدون في النار بإجماع الطائفة.(7/51)
وقد صرح بهذه "الحقيقة" شيوخهم القدامى، والمعاصرون، وتجد إذا تأملت في كلام القائلين بأنهم لا يكفرون المسلمين إشارات إلى هذا المهذب يدركها من عرف عقيدتهم في هذا الأمر، وطريقتهم في التقية.
وممن صرح بذلك من شيوخهم السابقين زين الدين بن علي العاملي المقلب عندهم بالشهيد الثاني (المتوفى سنة 966ه) حيث يقول: "إن القائلين بإسلام أهل الخلاف (يعني أهل السنة وسائر المسلمين من غير طائفتهم) يريدون.. صحة جريان أكثر أحكام المسلمين عليهم في الظاهر، لا أنهم مسلمون في نفس الأمر، ولذا نقلوا الإجماع على دخولهم النار" [انظر: بحار الأنوار: 8/368.].
ويقول: "كأن الحكمة في ذلك [يعني الحكم بإسلامهم ظاهراً.] هو التخفيف عن المؤمن [يعني طائفته، لأنهم يرون أن وصف الإيمان خاص بهم.] لمسيس الحاجة إلى مخالطتهم في أكثر الأزمنة والأمكنة" [انظر: بحار الأنوار: 8/368.].
ويقول شيخهم المجلسي: "ويظهر من بعض الأخبار بل كثير منها أنهم في الدنيا أيضاً في حكم الكفار، لكن لما علم الله أن أئمة الجور وأتباعهم يستولون على الشيعة وهم يبتلون بمعاشرتهم.. أجرى الله عليهم حكم الإسلام توسعة، فإذا ظهر القائم يجري عليهم حكم سائر الكفار في جميع الأمور، وفي الآخرة يدخلون النار ماكثين فيها أبداً مع الكفار، وبه يجمع بين الأخبار كما أشار إليه المفيد والشهيد الثاني" [بحار الأنوار: 8/369-370.].
أما أقوال المعاصرين فيقول آيتهم العظمى شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي: "أصول دين الإسلام على قسمين:
قسم يترتب عليه جريان حكم المسلم وهو الشهادة بالوحدانية والشهادة بالرسالة.
وقسم: يتوقف عليه النجاة في الآخرة، والتخلص من عذاب الله، والفوز برضوانه، والدخول في الجنة، فيحرم دخولها على من لم يعترف به ويساق إلى النار في زمرة الكافرين ويسمى هذا القسم بأصول الإيمان".(7/52)
ثم ذكر أن من هذا القسم "الاعتقاد بالإمامة، والاعتراف بالإمام"، وقال: "إن الدليل على ذلك هو ارتداد جماعة من الصحابة بعد ارتحال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكفر، ومن المعلوم أنه لم يصدر بعد ارتحال النبي من الصحابة ما يصلح أن يكون موجباً للارتداد إلى الكفر، ولم يعدلوا عن الشهادة بالوحدانية والنبوة غير أنهم أنكروا الإمامة" [شهاب الدين النجفي/ من تعليقاته على كتاب إحقاق الحق للتستري: 2/294-295.].
وبعد هذا البيان تتجلى سحابة التقية، ويتضح أن حكم بعض شيوخهم المعاصرين على مخالفيهم بالإسلام إنما يعنون به "الإسلام الظاهر" كما اصطلحوا عليه، وأنت إذا تأملت كلامهم أدركت مغزاهم؛ فانظر إلى قول آل كاشف الغطاء تجده أشار إلى هذا المذهب بقوله: "نعم يظهر أثر التدين بالإمامة في منازل القرب والكرامة يوم القيامة"، ومع ذلك فقد اعتد بكلامه بعض المنتسبين لأهل السنة" [فتحي عبد العزيز/ الخميني الحل الإسلامي والبديل: ص58-59.].
أما محسن الأمين فإنه رمز له المذهب الباطل في عدة جمل من كلامه كقوله: "الإسلام هو ما عليه جماعة الناس من الفرق كلها"، فلا شك بأن من الفرق ما هو خارج عن الإسلام بالاتفاق، ولكن يريد هنا مصطلح الإسلام عندهم.
وكقوله: "إلا من أنكر ضرورياً من ضروريات الدين كوجوب الصلاة وحرمة الخمر".
فالإمامة عندهم أعظم من وجوب الصلاة وحرمة الخمر - كما تقدم - بلا خلاف بينهم، فنبه بالأدنى على الأعلى تقية.
أما قوله: "وعمدة الخلاف بين المسلمين هو في أمر الخلافة وهي ليست من ضروريات الدين.." فهذا فيه "تقية" قد لا يتنبه لها من لم يتعامل مع "أساليبهم" ولهذا فات هذا على البعض [الزعبي/ لا سنة ولا شيعة: ص84.].
فهو هنا يعني الخلافة عند المسلمين لا مسألة الإمامة عندهم، ولذا عبر بالخلافة.(7/53)
وعندهم أنهما متغايران تماماً، قال أحد شيوخهم المعاصرين: "الإمامة تعني رئاسة دين، والخلافة رئاسة دولة، كما فهم من النصوص الواردة" [محمد علي الحسني/ في ظلال التشيع: ص38.] ولذلك قالوا: إن إمامة علي بدأت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم [المفيد/ الإرشاد: ص12، ومضى نص ذلك: ص(41).]، وأن الصحابة في خلافتهم "فصلوا الدين عن الدولة" [انظر: الصادقي/ علي والحاكمون: ص83.].
المسألة الثانية: موقفهم من الحكومات الإسلامية:
لما قال الشيخ موسى جار الله: "إن الشيعة تعتبر الحكومات الإسلامية وقضاتها طواغيت" [الوشيعة: ص105، ومضى إثبات ذلك من كتب الشيعة: ص(738).].
أجابه أحد آيات الشيعة بقوله: "الطواغيت من الحكومات وقضاتها عند الشيعة إنما هم الظالمون الغاشمون المستحلون من آل محمد ما حرم الله ورسوله.. أما غيرهم من حكومات الإسلام فإن من مذهب الشيعة وجوب مؤازرتهم في أمر يتوقف عليه عز الإسلام ومنعته، وحماية ثغوره وحفظ بيضته، ولا يجوز عندهم شق عصا المسلمين وتفريق جماعتهم بمخالفته، بل يجب أن تعامل سلطانها القائم بأمورها والحامي لثغورها معاملة الخلفاء بالحق" [أجوبة مسائل جار الله: ص 38-39.].
وبمثل هذا "الأسلوب" قال آخرون من شيوخهم [انظر - مثلاً -: لطف الله الصافي/ مع محب الدين الخطيب في خطوطه العريضة: ص89-90.].
فهل هذا القول يعتبر خروجاً من شيعة هذا العصر عن أصل مذهبهم الذي مضى الحديث عنه في هذه المسألة؟ أو أن في الأمر تقية ومداراة، لأن الخطاب مع سنيّ وموجه لأهل السنة وما يكون كذلك تجري فيه التقية؟
وللجواب على ذلك أقول: لا يزال جمع من شيوخهم المعاصرين يصرح بأن مذهبهم لا يعترف إلا بحكومة الاثني عشر، ولا يذكرون في ذلك خلافاً بينهم.(7/54)
يقول شيخهم محمد جواد مغنية: إن شروط الإمامة "لم تتوافر في واحد ممن تولى الخلافة غير الإمام علي وولده الحسن بخاصة من جاء بعدهما - كذا - فمن الطبيعي إذن - كما يقول - أن لا يعترفوا بإمامة أي حاكم غير علي وأبنائه، وأن ينظروا إليه نظرهم إلى من غضب أهل البيت حقهم الإلهي ودفعهم عن مقامهم ومراتبهم التي رتبهم الله فيها، وكان الحاكم يرى في الشيعة العدو الللدود والحزب المعارض لحكمه.
ثم قال: "فمبدأ التشيع لا ينفصل بحال عن معارضة الحاكم إذا لم تتوفر فيه الشروط وهي: النص: والحكمة، والأفضلية.. ومن هنا كانوا يمثلون الحزب المعارض ديناً وإيماناً" [الشيعة والحاكمون: ص24.].
فأنت ترى أنه ينسب إلى عموم الشيعة رفض أي حكومة غير حكومة الأئمة المنصوص عليهم بزعمهم، ولذلك يحكمون بهذا الحكم حتى على الخلافة الراشدة وخلافة النبوة. يقول شيخهم الصادقي [وهو ممثل الحوزة العلمية في النجف كما يقول عن نفسه.]: "الخلفاء الثلاثة شركاء في التآمر على الإسلام" [علي والحاكمون: ص78، وانظر: ص83.] ويقول شيخهم الآخر: "تلاعبت الأيادي الأثيمة بالإسلام والمسلمين من الحكام والحاكمين منذ وفاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم" [محمد علي الحسني/ في ظلال التشيع: ص558.].
كما أنهم يرون أن حكم الأمة الإسلامية بيد الغائب المنتظر، وكل من تولى الحكم سواه فهو غاصب، ويستثنى بعضهم ولاية الفقيه الشيعي، لأن له حق النيابة، يقول شيخهم عبد الهادي الفضلي: "إن دولة المنتظر هي دولة الإسلام" [في انتظار الإمام: ص57.]. ولا يوجد دولة للإسلام غيرها، لذلك يقول: "إن علينا أن نعيش في فترة الغيبة مترقبين لليوم الموعود الذي يبدؤه الإمام المنتظر عليه السلام بالقضاء على الكفر" [في انتظار الإمام: ص67.].
ولكن لا يعني انتظارهم لعودة مهديهم موادعة الحكومات الإسلامية.(7/55)
فهو يقول: "إن الذي يفاد من الروايات في هذا المجال هو أن المراد من الانتظار هو: وجوب التمهيد والتوطئة بظهور الإمام المنتظر" [في انتظار الإمام: ص69.]. ثم يشرح معنى التوطئة بقوله: "إن التوطئة لظهور الإمام المنتظر تكون بالعمل السياسي عن طريق إثارة الوعي السياسي، والقيام بالثورة المسلحة" [في انتظار الإمام: ص70.].
فأنت ترى من خلال هذه "الأقوال" رفضهم لأي حكومة إسلامية إلا حكومة شيعية، والأمر بتهيئة الناس لقبول ثوراتهم عن طريق نشر معتقداتهم بمختلف الوسائل وهو ما يسميه الفضلي "بالوعي السياسي".
وغير خفي أن هذا المنهج الذي صار إليه شيوخ الاثني عشرية غير متفق مع خط الاثني عشرية التي كانت عليه أولاً، ولذلك جاء في الغيبة للنعماني: "عن أبي الجاورد، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قلت له عليه السلام: أوصني، فقال: أوصيك بتقوى الله، وأن تلزم بيتك، وإياك والخوارج منا، فإنهم ليسوى على شيء ولا إلى شيء.." [الغيبة للنعماني: ص129. وبحار الأنوار: 52/136.].
قال المجلسي: "والخوارج منا أي مثل زيد وبني الحسن" [بحار الأنوار: 52/136.]. فروايتهم تمنع الخروج ولو كان عن طريق أهل البيت، فكيف ممن عداهم من شيوخ الشيعة؟ وأمرهم أبو عبد الله - حسب رواياتهم - بعد غيبة مهديهم بالكف عن إثارة الفتن فقالوا: "كونوا أحلاس بيوتكم فإن الفتنة على من أثارها" [الغيبة: ص131.].
وقال الباقر: "اسكنوا ما سكنت السموات والأرض، أي ولا تخرجوا على أحد" [الغيبة: ص134.].
وعقد شيخهم النعماني باباً في هذا الشأن بعنوان "باب ما روي فيما أمر به الشيعة من الصبر والكف والانتظار في حال الغيبة وترك الاستعجال بأمر الله وتدبيره" [الغيبة: ص129.].
ثم ساق مجموعة من رواياتهم في ذلك، وعقب عليها بقوله: "انظروا رحمكم الله إلى هذا التأديب من الأئمة عليهم السلام إلى أمرهم ورسمهم في الصبر والكف، والانتظار للفرج، وذكرهم هلاك المستعجلين.." [الغيبة: ص134.].(7/56)
هذا ما يقرر شيوخ الاثني عشرية في القرن الثالث.. فإما أن المعاصرين لا يعرفون مذهبهم، وإما أنهم لا يهتمون بأمر "الانتظار" لعلمهم أن ذلك المنتظر لن يخرج، لأنه لم يوجد، ولذلك دعوا إلى الثورة وتأسيس الدولة.
هذا ما يقوله ويجاهر به الشيوخ المعاصرين، فزادوا على حكمهم بكفر الحكومات الإسلامية، إلى الدعوة إلى الخروج عليها، قبل خروج منتظرهم.
بل إن شيخهم الخميني يقرر بأنه لا يجوز البدء في الجهاد حتى يخرج المنتظر [تحرير الوسيلة: 1/482.].
ولكنه يخالف ذلك بتصدير ثورته بالقوة - كما سيأتي [انظر: فصل دولة الآيات ص1172.]- لأن مذهبهم يتغير حسب الأحوال والظروف فهو تابع لأهواء الشيوخ، والتأويلات عندهم باب واسع.. بل لا حدود لها ولا قيود..
ومن منطلق هذا الاعتقاد يرون أن حكم الكفار للديار الإسلامية أولى من حكم المسلمين، وقد نقل الشيخ رشيد رضا أن الرافضي (أبو بكر العطاس) قال: "إنه يفضل أن يكون الإنكليز حكاماً في الأراضي المقدسة على ابن سعود" [المنار - المجلد (9) ص(605).].
وقد كشف لنا آيتهم حسين الخراساني أن كل شيعي يتمنى فتح مكة والمدنية، وإزالة الحكم الوهابي - كما يسميه - عنها. وقال: "إن طوائف الشيعة يترقبون من حين وآخر أن يوماً قريباً آت يفتح الله لهم تلك الأراضي المقدسة لمرة أخرى - كذا - ليدخلوها آمنين مطمئنين فيطوفوا ببيت ربهم، ويؤدوا مناسكهم، ويزوروا قبور سادتهم ومشايخهم.. ولا يكون هناك سلطان جائر يتجاوز عليهم بهتك أعراضهم، وذهاب حرمة إسلامهم، وسفك دمائهم المحقونة، ونهب أموالهم المحترمة ظلماً وعدوناً، حقق الله تعالى آمالنا" [الإسلام على ضوء التشيع: ص132-133.].
هكذا يتمنى هذا الرافضي فتح الديار المقدسة، وكأنها بيد كفار، ويعلل هذا التمني بأنه يريد الحج والزيارة، وكأنه وطائفته قد منعوا من ذلك، والواقع أنه يريد إقامة الشرك وهدم التوحيد في الحرمين الطاهرين.(7/57)
فإذا كان هذا ا يجاهر به شيوخهم، وذاك ما استقرت عليه أصولهم فما حقيقة قول عبد الحسين وأضرابه؟
الواقع أن قوله لا يختلف عن قول من استشهدنا بكلامه من شيوخهم، إلا أنه صاغ كلامه بأسلوب التورية، وبطريقة تخدع من لا يعرف أساليبهم في التقية؛ فهو يقول: "إن الطواغيت من الحكومات وقضاتها عند الشيعة إنما هم الظالمون لآل محمد". وهو في هذا لم يخرج عن مذهبه، فهم يعدون كل من تولى الحكم من المسلمين غير أمير المؤمنين على والحسن هو ظالم لآل محمد، لأن منصب الإمامة مختص بهم، وحق من حقوقهم لا يشركون فيه أحد. ومن يتولاه من غيرهم فهم ظالم لهم، ولذلك قال ابن بابويه: "فمن ادعى الإمامة وهو غير إمام فهو الظالم الملعون" [الاعتقادات: ص112.]. ولهذا يعدون أبا بكر - رضي الله عنه - أول ظالم لهم.
وفي قوله: "وإن الشيعة ترى وجوب مؤازرتهم - أي الحكام - في أمر يتوقف عليه عز الإسلام". فهو في هذا أيضاً لم يخرج عن طريقة الروافض، ومراده بـ"عز الإسلام" انتصار مذهب طائفته، أي أن الدخول في حكومات المسلمين للإطاحة بها، أو التمكين للشيعة من القيام بمذهبهم، أو استغلال مواردها لتمويل نشاطهم واجب.. ولهذا ترى شيخهم الخميني يؤيد ما صنعه النصير الطوسي من دخوله في العمل وزيراً لهولاكو بقصد هدم دول الخلافة الإسلامية، وإظهار مذهب الشيعة فيقول:
"إن من باب التقية الجائزة دخول الشيعي في ركب السلاطين، إذا كان في دخوله الشكلي نصر للإسلام والمسلمين مثل دخول نصير الدين الطوسي" [الحكومة الإسلامية: ص142.].
فمذهب القوم - كما ترى - لم يزدد إلا غلواً وتطرفاً.
المسألة الثالثة: موقف المعاصرين من الصحابة رضوان الله عليهم:(7/58)
هل تغير شيء في مذهب هذه الطائفة في أمر الصحابة عما عرضناه من قبل في ضوء أصولهم – ولاسيما - بعد قيام دعوات التقارب والوحدة.. وتكالب العدو الكافر على الأمة من كل حدب وصوب.. ومضي القرون المتطاولة ولم تعرف الأمة أشرف ولا أعظم ولا أفضل من ذلك الجيل القرآني الفريد جيل الصحابة رضوان الله عليهم؟
فهل تفتحت عقول الشيعة وقلوبهم على الحقيقة، وعرفت خطورة تلك الأسطورة التي تتناقلها كتبهم القديمة من حكاية ردة الصحابة، ومن افتعال ذلك الصراع المكذوب بين الآل والأصحاب؟! أما آن لها أن تؤمن بالتنزيل الإلهي، والسنة المطهرة، وإجماع الأمة، وما علم من الدين والتاريخ بالضرورة وتوازن بالعقل بين الأخذ بذلك، أو الاغترار بنقل حثالة من الكذابين استفاض ذمهم وتكذيبهم.. فهل يقبل عقل سليم تصديق شرذمة من الكذابين، وتكذيب الصحابة أجمعين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه؟!
إن تلك الصفحات السوداء التي تتضمن الطعن واللعن والتكفير لأولئك الصحب العظام وهم الذين تلقوا هذا الدين، ونقلوه لنا، هي في الحقيقة طعن في دين الإسلام ورسول الإسلام.. وإن على الصادقين المخلصين من الشيعة وهم يريدون التقارب مع المسلمين أن يعلنوا براءتهم من تلك الأقوال الشاذة الملحدة التي تتناول خيار صحابة رسول الله باللعن والتكفير ويبينوا لأقوامهم أولاً وللمسلمين عامة أن تلك الروايات والأقوال هي آراء لبعض الطوائف المنحرفة الضالة القديمة يبوؤن بإثمها وإثم من اتبعهم فيها إلى يوم القيامة حتى يزيلوا تلك النفرة التي سكنت في قلوب أهل السنة منذ أقدم العصور إلى الآن.(7/59)
وإن أجدى طريق لإزالتها هو بيان أنهم لا يعتقدون صحة تلك الآراء التي يستوحش منها المؤمنون في كل بقاع الأرض، فأي مؤمن صادق الإيمان يعلم أن فرقة من الفرق تدين بلعن صدّيق هذه الأمة الذي لو وزن إيمانه بإيمان الأمة لرجح بهم، أو فاروقها الذي لم يَفْرِ في الإسلام فريه أحد، ثم بعد ذلك يقبل على دراسة مذهبها، إلا إذا أوتي قدرة فكرية خاصة.
وأي مؤمن يثق بآراء هذه الطائفة إذا كان يعلم أنها تدين بهذا اللعن! إن إزالة هذه الأدران والبلايا هي من أركان التقارب وأسسه، وإن عليهم أن يعلنوا هذه الإزالة والتغيير [انظر: محمد أبو زهرة/ الإمام الصادق: ص12.]، إذا كانوا صادقين في رغبتهم في التآلف مع المسلمين، وليس الأمر مؤامرة لنشر معتقداهم في ديار السنة.
فماذا يقول شيعة العصر الحاضر في هذه المسألة؟ لقد خرج من شيعة العصر الحاضر رجل يدعى "أحمد الكسروي" قال عنه الأستاذ محمود الملاح بأنه: "لم يظهر في عالم الشيعة [يعني بالشيعة والشيعي: الرافضة والرافضي، لا مطلق شيعي، وإلا فلا يصح هذا الإطلاق.] أحد في عياره منذ ظهور اسم شيعي على وجه الأرض" [محمود الملاح/ الوجيز على الوجيز (ضمن مجموع السنة) ص278.]. وقد عمل أستاذاً في جامعة طهران، كما تولى عدة مناصب قضائية [انظر عن الكسروي: يحيى ذكاء، مقدمة "كاروند كسروي" أي مقالات الكسروي، ومقدمة كتاب التشيع والشيعة، ومعجم المؤلفين: 2/53.].(7/60)
وقد اكتشف الكسروي بطلان مذهب الشيعة حول الصحابة، وتخلص من تلك الأساطير التي وضعتها تلك الزمرة الحاقدة حول الصحابة وارتدادهم لمخالفتهم النص على إمامة علي - كما يزعمون - وبين ضلال طائفته في هذا المذهب فقال: "وأما ما قالوا عن ارتداد المسلمين بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة أو أربعة منهم فاجتراء منهم على الكذب والبهتان، فلقائل أن يقول: كيف ارتدوا وهو كانوا أصحاب النبي، آمنوا به حين كذبه الآخرون ودافعون عنه، واحتملوا الأذى في سبيله ثم ناصروه في حروبه ولم يرغبوا عنه بأنفسهم. ثم أي نفع لهم في خلافة أبي بكر ليرتدوا عن دينهم لأجله فأي الأمرين أسهل احتمالاً: أكذب رجل أو رجلين من ذوي الأغراض الفاسدة، أو ارتداد بضع مئات من خلص المسلمين؟ فأجيبونا إن كان لكم جواب" [التشيع والشيعة: ص 66، وقد مر ذكره، وأعدناه هنا لأهميته ومناسبته.].
وقد كان لهذا الاتجاه عند الكسروي أثره في التفاف بعض المثقفين حوله وإقبال الشباب عليه فأحاط به الآلاف منهم، وقاموا بنصرته وبث آرائه ونشر كتبه.
إلا أن خصومه من الروافض عاجلوه بالقتل قبل انتشار دعوته وظهورها [انظر ما مر من مصادر ترجمته.
وقد حثني بعض الإخوان بأن له اتجاهاً إلحادياً، ولم يتوفر لي أدلة على ذلك، وقد يكون هذا من دعاية بعض الروافض ضده.. والرجل يحاكم بمقتضى ما خلفه من نصوص، ولو أر في كتابه الذي اطلعت عليه مظهراً من هذه المظاهر.. ولم تقع لي رسائله ومقالاته لأتعرف على ذلك.. وقد تقدم ثناء الأستاذ الملاح عليه.
ولم أنقل عنه هنا إلا ما هو حق. وقد لاقت دعوته تلك رواجاً في المجتمعات الشيعية.].
وقد ظهرت كتابات لبعض المعاصرين من الشيعة ممن يتظاهر بالدعوة للتقارب وهي موضوعة للدفاع عن معتقد التشيع والدعاية للشيعة، وموجهة لبلاد السنة.
وقد تضمنت القول بأن الشيعة لا تسب فضلاً عن أن تكفر الخلفاء الثلاثة وأنها تقدر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.(7/61)
فالخنيزي في كتابه الدعوة الإسلامية إلى وحدة أهل السنة والإمامية يقول: "بأن الإمامية - في هذا العصر - لا تمس كرامة الخلفاء البتة فهذه كتاباتهم، وهذه كتبهم تنفي علناً السب عن الخلفاء وتثني عليهم" [الدعوة الإسلامية: 1/256-257.].
وقال الخنيزي: وممن صرح بنفي السب محمد باقر أحد مشاهير المجتهدين في كربلاء في منظموته المطبوعة في بمبي قال:
فلا نَسُبّ عمراً كلا ولا عثمان والذي تولى أولاً
ومن تولى سبهم ففاسق حكم به قضى الإمام الصادق
ثم قال:
وعندنا فلا يحل السبُّ ونحن أيم الله لا نسب [الدعوة الإسلامية: 1/8.].
ولذلك فإن الخنيزي يقلب عمر بن الخطاب أمير المؤمنين ويترضى عنه [الدعوة الإسلامية: 1/9.]. ويطلق على عائشة وحفصة أمهات المؤمنين.. وكذا يلقب أبا بكر بأمير المؤمنين [الدعوة الإسلامية: 1/13.].
ويقول: "إن جعفر الصادق يقول مفتخراً: ولدني أبو بكر مرتين، لأن أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأمها بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، فهي بكرية أماً وأباً". ويقول: إن من قضاء جعفر الصادق "فسق من سب الخلفاء الثلاثة" [الدعوة الإسلامية: 1/74.].
ويرى الشيعي أحمد مغنية أن الشيعة تثني على عمر بن الخطاب وتترضى عنه، وأن القول بأن الشيعة تنال من عمر هو من أحط أنواع الدس، ثم يكشف السبب في وجود مثل هذه الإشاعة عنهم فيقول: "إن المفرقين وجدوا في اتفاق الاسمين: عمر بن الخطاب الخليفة العظيم، عمر بن سعد قاتل الحسين ميداناً واسعاً يتسابق فيه في تشويه الحقيقة والدس على الشيعة بأحط أنواع الدس.. وكان طبيعياً أن يكون لعنة اللعنات عمر بن سعد، لأنه بطل الجريمة وقائد المجرمين الجبناء، ومَنْ من المسلمين لا يلعن عمر بن سعد قاتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!(7/62)
إن أولئك الآثمين المفرقين استغلوا كلمة (عمر) وقالوا: إن الشيعة تنال من خليفة النبي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وإني في الوقت الذي أثور فيه على الدساسين التجار أصحاب الغابات والمصالح الرخيصة لا أنكر وجود أفراد بالأمس من سواد الشيعة وبسطائها لا يفرقون بين هذين الاسمين، بل لا يعرفون أن في دنيا التاريخ الإسلامي عمرين تقياً وشقياً" [أحمد مغنية: الإمام جعفر الصادق: ص113-114.].
فهو يرى أن وجود هذا التشابه في الأسماء، واستغلال المفرقين من الأعداء لذلك، ووجود بعض عوام الشيعة في الماضي الذين لا يفرقون بين العمرين.. كل ذلك ساعد على نسبة سب عمر إلى الشيعة.. أما كتب الشيعة، وشيوخها فهي بريئة من هذه التهمة.. لأنها ترى فيه الخليفة النقي العظيم خليفة رسول الله.
وهذا أحد روافض العراق قد لجأ إلى مصر لنشر التشيع وأنشأ جمعية لهذا الغرض سمها "جمعية أهل البيت" وسمى نفسه ب"إمام التشيع في جمهورية مصر العربية" [انظر: كتيبه: مع الإمام علي في نهجه: ص64.]. على الرغم بأنه لا يوجد في مصر شيعة بعد جهود العظيم صلاح الدين الأيوبي.. وقد أصدر في مصر كتاباً بعنوان "تقدير الإمامية للصحابة" وفي هذه الكتيب نفى أن تكون الشيعة ترمي الشيخين ومن بايعيهما بلعن أو تفكير" [تقدير الإمامية للصحابة: ص36.].
وقال: بأن الشيعة لو كفرتهما لكفرت علياً، لأنه بابيعهما، ولكفّرت سلمان وعماراً لأنهما بايعوهما؛ بل إن سلمان تولى على المدائن لعمر فكيف يتصور منه أن يلي لعمر لو كان يرى كفره [تقدير الإمامية للصحابة: ص37-39.]؟! ثم قال: بأن الشيعة تؤمن بالقرآن وقد جاء فيه الثناء على الأصحاب واستدل بالآية المائة من سورة التوبة، والآية التاسعة والعشرين من سورة الفتح، ثم أردف ذلك ببعض ما جاء في نهج البلاغة والصحيفة السجادية من الثناء عليهم [تقدير الإمامية للصحابة: ص39-43 من ط: القاهرة.].(7/63)
ونقل بعد هذا أقوال بعض شيوخهم المعاصرين في مدح الصحابة، واستدل بقول باقر الصدر: "إن الصحابة بوصفهم الطليعة المؤمنة والمستنيرة كانوا أفضل وأصلح بذرة لنشوء أمة رسالية، حتى إن تاريخ الإنسان لم يشهد جيلاً عقائدياً أروع وأنبل وأطهر من الجيل الذي أنشأ الرسول القائد" [تقدير الإمامية للصحابة: ص43-46، وأرجع كلام الصدر إلى كتابه: التشيع ظاهرة طبيعية ص80.].
ثم ختم حديثه عن هذه المسألة بقوله: "إن من ينسب إليهم ذلك (أي الصحابة) فهو إما أن يكون خصماً سيء النية، وإما لم يطلع على مذهب الشيعة إلا من خلال كتب خصومها، ولم يتمكن من الاطلاع على كتب أصحاب المذهب نفسه" [تقدير الإمامية للصحابة: ص46-47.].
وفي تفسير الكاشف لرئيس المحكمة الجعفرية في بيروت محمد جواد مغنية يقول: إن الشيعة لا ينالون من الصحابة، ويستدل بقوة زين العابدين علي بن الحسين في الصحيفة السجادية من دعاء له في الصلاة على أتباع الرسل وهو: "اللهم وأصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا الصحبة والذين أبلو البلاء الحسن في نصره.. وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته.." [الصحيفة السجادية: ص43-44.].
ثم قال جواد: هذه المناجاة جاءت في الصحيفة السجادية التي تعظمها الشيعة وتقدس كل حرف منها [قال ابن تيمية عن صحيفتهم التي ينسبونها لعلي بن الحسن، ويقدسون كل حرف فيها - على حد تعبيره، وكأنها وحي سماوي - قال: إن أكثرها كذب على علي بن الحسين (منهاج السنة: 3/209).]. وهي رد مفحم لمن قال: إن الشيعة ينالون من مقام الصحابة [تفسير الكاشف: 10/515.].(7/64)
وبمثل هذه الأقوال قال آخرون من شيعة العصر الحاضر [مثل حسين يوسف مكي العاملي الذي قال: "لا نسوغ لأحد أن يسبهما (يعني الشيخين) ولا أن يتحامل على مقامهما، ولا أفتينا لأحد بجواز سبهما، فلهما عندنا من المقام ما يقتضي الإجلال والاحترام، وإننا نحرص كل الحرص على تدعيم قواعد المودة والألفة بين المسلمين". (عقيدة الشيعة في الإمام الصادق: ص19/ بيروت، دار الأندلس ط: الأولى 1382ه، وانظر: ص30 من المصدر السابق).].
النقد:
هل تغير موقف الشيعة المعاصرين نحو الصحابة؟
هل حقيقة ما يقول هؤلاء أو تقية ومصانعة؟
إننا نقول للخنيزي وأحمد مغنية، والرفاعي، ومحمد جواد مغنية وغيرهم ممن يقول إننا نقدر الصحابة، ولا ننقصهم ونترضى عنهم: تلك كلمات طيبة تنزل على قلوبنا برداً وسلاماً، ومرحباً بهذه الروح الكريمة الجامعة الموحدة بين المسلمين.
وإننا لنفتح صدورنا لكل كلمة توفق ولا تفرق.. ونستبشر بكل محاولة صادقة لرفع تلك الأدران والصفحات السوداء التي تمس صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكن ألا يعلم الخنيزي وغيره أن المكتبة الشيعية المعاصرة قد أخرجت كتباً مليئة بالسب والطعن والتكفير لخيار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم القول بأن شيعة العصر الحاضر لا يسبون، وأن سب الشيخين عندهم فسق؟(7/65)
فهذا أحد آيات الشيعة ويدعى "حسين الخراساني" يقول في كتابه "الإسلام على ضوء التشيع" والذي أهداه إلى مكتبة دار التقريب بالقاهرة، وجاء على غلافه بأنه قد نشر باللغات الثلاثة العربية والفارسية والإنجليزية، وحاز على رضى وزارة المعارف الإيرانية، يقول في هذا الكتاب: تجويز الشيعة لعن الشيخين أبي بكر وعمر وأتباعهما، فإنما فعلوا ذلك أسوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم واقتفاء الأثره" [الإسلام على ضوء التشيع: ص88 (الهامش).].، "فإنهم ولا شك - كما يفتري - قد أصبحوا مطرودين من حضرة النبوي - كذا- وملعونين من الله تعالى بواسطة سفيره صلى الله عليه وسلم" [الإسلام على ضوء التشيع: ص88.].
فانظر كيف يعلن أحد آياتهم لا واحد من عوامهم، أن اتجاه الشيعة هو اللعن والتكفير لعظيمي هذه الأمة وأفضل الخلق بعد النبيين، ومن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أمته بالاقتداء بهما، وأنهم يرون لعنهما شريعة وديناً، فكيف ينكر أولئك وجود السب، مع اللعن والتكفير الصريح والذي يجاهر به، ويطبع باللغات المختلفة؟
وقد وقع بيدي كتاب من كتب الأدعية عندهم باللغة الأردية موثق من ستة من شيوخ الشيعة، وصف كل منهم بأنه "آية عظمى" منهم الخوئي والخميني وشريعتمداري.. وفي هذا الكتاب الموثق من هؤلاء الآيات دعاء بالعربية بحدود صفحتين يتضمن لعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وابنتيهما أمهات المؤمنين وحفصة رضي الله عنهما، ومما جاء في هذا الدعاء:
"اللهم العن صنمي قريش وجبتيها، وطاغوتيها، وإفكيها، وابنتيهما الذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك وجحدا إنعامك وعصيا رسولك، وقلبا دينك، وحرفاً كتابك، وأحبا أعدائك، وجحدا آلائك - كذا - وعطلا أحكامك، وألحدا في آياتك.." [منصور حسين/ تحفة العوام مقبول: ص423-424، وانظره بتمامه في ملحق الوثائق من رسالتي "فكرة التقريب".].(7/66)
هكذا يوجه هؤلاء الآيات كل شيعي على وجه الأرض، لأن يدعو بهذا الدعاء ويتعبد الله بهذا اللعن ليزرعوا الحقد والكراهية في نفوس أتباعهم ضد خير القرون ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. وليضعوا العقبات والعراقيل في وجه كل تآلف وتقارب.. وحتى يضمنوا أن باطلهم لا ينكشف، يخدعون ويخادعون بقولهم: إننا لا نسب.. وهيا إلى التقارب والتعاون.
إذن الشيعة لم تترك السب واللعن، ولا يزال طائفة من شيوخهم يهذون بهذا الضلال، وعوامهم على أثرهم يهرعون يشتمون ويكفرون.
وقد كشف لنا الشيخ موسى جار الله حينما زار ديار الشيعة في إيران والعراق وحضر مجالسها، ومحافلها وحلقات درسها في البيوت والمساجد والمدارس فاطلع على ما يدور في واقع الشيعة من تكفير لمن رضي الله عنهم ورضوا عنه حتى قال:
"كان أول شيء سمعته وأنكرته هو لعن الصديق والفاروق، وأمهات المؤمنين: السيدة عائشة والسيدة حفصة، ولعن العصر الأول كافة، وكنت أسمع هذا في كل خطبة وفي كل حفلة ومجلس في البداية والنهاية، وأقراه في ديابيج الكتب والرسائل وفي أدعية الزيارات كلها، حتى في الأسقية ما كان يسقي ساق إلا ويعلن، وما كان يشرب شارب إلا ويعلن. وأول كل حركة وكل عمل هو الصلاة على محمد وآل محمد، واللعن على الصديق والفاروق عثمان الذين غصبوا حق علي - بزعمهم - وظلموه، حتى أصبح السب واللعن عندهم أعرف معروف يلتذ به الخطيب، ويفرح عنده السامع، وترتاح إليه الجماعة" [موسى جار الله/ الوشيعة: ص27.].(7/67)
وهذا الواقع المظلم الذي تجري ألسنة أهله باللعن والتكفير والسب ليس بغريب على من يرتضع منذ طفولته كره أصحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلقن من صغره أن ما يقع له من مصائب هو بسببهم، وتجرى أمامه في كل عام "التمثيليات" التي تصور ما جرى على أهل البيت من ظلم - كما يزعمون - من قبل الصحابة أو بسببهم، وقد أشار صاحب الوشيعة إلى ما شاهده من أعمالهم في ذلك. وقال بأن كل هذه التمثيليات والألعاب فيها إغراء وعداوة وبغضاء [موسى جار الله/ الوشيعة: ص26.]، بل هي مدرسة لزرع الحقد والكراهية ضد خير القرون وأتباعهم.
وهذا ليس من أفعال عوامهم، بل شيوخهم وآياتهم يغرونهم بذلك ويدفعونهم إليه بمختلف الوسائل، فقد قدم إلى آيتهم ومرجعهم محمد آل كاشف الغطاء السؤال التالي:
"ما يقول مولانا حجة الإسلام.. في المواكب المشجية التي اعتاد الجعفريون اتخاذها في العشر من المحرم تمثيلاً لفاجعة ألطف وإعلاماً لما انتهك فيها من حرمة الرسول صلى الله عليه وسلم في عترته المجاهدين بالتمثيل للشهداء وجهادهم، وماجرى عليهم، وما جرى على الأطفال من القتل والقسوة، وبإعلانهم الحزن لذلك بأنواعه من ندب، ونداء وعويل، وبكاء، وضرب بالأكف على الصدور، وبالسلاسل على الظهور، فهل هذه الأعمال مباحة في الشرع أم لا أفتونا مأجورين"؟
فأجاب آيتهم على ذلك بقوله:
"بسم الله الرحمن الرحيم، قال سبحانه وتعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ، لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} [الحج 32، 33]، ولا ريب أن تلك المواكب المحزنة، وتمثيل هاتيك الفاجعة المشجية من أعظم شعائر الفرقة الجعفرية.." [الآيات البينات: ص5.].(7/68)
فهو يعد هذه "البدعة الخطيرة في دينهم" والتي هي من أعظم الباطل، من شعائر الله، فإذا كان هذا رأي مرجعهم فما بالك بمن دونه مع أنه يجري فيها تعذيب للنفس وقتلها وتكفير للمسلمين من الصحابة والتابعين، والنياحة ولطم الخدود..، والشرك بدعاء المخلوق.. إلخ مما يعلم بطلانه من الإسلام بالضرورة، ومع ذلك يتفاخر شيخهم محسن الأمين أنه أقام مجلساً للعزاء في دمشق - كما يزعم - حضره عدد كبير، "وختم باللطم المهيج المؤثر" [رسالة التنزيه لأعمال الشبيه: ص30.].
وهذه الأعمال التي تجري منهم في المحرم من كل عام لا موضوع لها إلا سب الصحابة، وإعلان الشرك بالله؛ حيث تسمع أصواتهم تردد "يا حسين يا حسين" وتصب اللعنات على العصر الأول، ولاسيما الخلفاء الثلاثة رضوان الله عليهم، فتزرع في نفوسهم أحقاداً لا حدود لها، ولذلك ترى المعاصرين منهم يكتبون عن الصراع المزعوم بين الآل والأصحاب وكأنه واقع الساعة، كأنه خطر محيط بالأمة يهدد وجودها.
هذا ولا تزال مظاهر الطعن والتكفير للصحابة موجودة ومستمرة عبر روافد أخرى، وشيوخهم يمدونهم بهذا الغي ويدفعونهم إليه، ولا يقصرون، فمن هذه المظاهر الموجودة، والروافد الجارية التي لا تنبت إلا أشجار الحنظل، ولا تزرع إلا الفرقة والحقد والبغضاء والتي لم تتوقف حتى هذه الساعة ما يلي:
أولاً: لا تزال تقوم حركة نشطة لبعث التراث الرافضي القديم ونشره بين الناس وترويجه بينهم، وهذا التراث مليء باللعن والتكفير والتخليد بالنار للمهاجرين والأنصار الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، وفي مقدمته الخلفاء الثلاثة وبقية العشرة المبشرين بالجنة ما عدا أمير المؤمنين علياً [في حين أن أمير المؤمنين يناله من ذلك أمور كثيرة بشكل غير مباشر كما يظهر ذلك في نصوصهم.].
فكيف يقال أن شيعة هذا العصر لا يسبون وهم قد ألبسوا تلك الصفحات السوداء المظلمة ثياباً جديدة ونشروها بين أتباعهم بلا نقد ولا اعتراض؟(7/69)
ثانياً: ولا يزال أيضاً هناك مجموعة كبيرة من شيوخهم المعاصرين قد تفرغوا لهذا "الباطل" فلا همّ لهم فيما يكتبون وينشرون إلا سب رجال الصدر الأول وتجريحهم وكأنه لا همّ للشيعة في هذا العصر إلا هذا.
وقد تخصصت كتب عندهم لهذا تفوق ماجاء في كتبهم القديمة في البذاءة وسوء المقال، مثل كتاب الغدير - لشيخهم المعاصر عبد الحسين الأميني النجفي- المليء بالدس والكذب والطعن فيمن رضي الله عنهم ورضوا عنه.. وعليه تفريظات عدد من آياتهم.
وكانت حملته ضد صحابة رسول الله ولا سيما الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه محل رضى أعداء الأمة، كما تجد ذلك - مثلاً - في كلمات بولس سلامة الشاعر النصراني الذي استكتبه هذا الرافضي في مقدمة الجزء السابع من الكتاب، فكتب كلمات يظهر فيها رضاه وغبطته بما قام به هذا "الأفاك" ضد الأمة ودينها، وإشادته بحملته المسعورة ضد فاروق هذه الأمة وعظيمها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه والتي كانت فتوحاته وجهاده ونشره للإسلام شجى وغصة في حلوق الأعداء إلى اليوم [صدر الرافضي الجزء السابع من كتابه بتقريظ هذا النصراني فكتب له النصراني بعد ذلك يقول: "وقد شرفتموني بإدراج رسالتي في المقدمة وقد اطلعت على هذا السفر النفيس فحسبت أن لآلئ البحار قد اجتمعت في غديركم. ولقد لفت نظري على الأخص ما ذكرتموه بشأن الخليفة الثاني، فلله دركم ما أقوى حجتكم" (الغدير: 7/ح) وقد ابتهج هذا الرافض الرافضي المغفل، أو الزنديق المرتدي ثوب الإسلام بثناء هذا الكافر فبادله الثناء وقال عن رسالته تلك: "أتانا من بحاثة المسيحيين القاضي الحر والشاعر النبي الأستاذ بولس سلامة... الخالد الذكر فشكراً له ثم شكراً" (الغدير: ج7/ص ح). لاحظ هذا الرافضي الذي يرمي الصحابة بكل مذمة ونقيصة.. وهو يمتدح الكفار ويتقرب إليهم.. وهذه عادة الروافض من قديم الزمان.].(7/70)
ومثل كتاب (أبو هريرة) لشيخهم عبد الحسين شرف الدين الموسوي الذي اتهم فيه أبا هريرة - رضي الله عنه - رواية الإسلام بالكذب والنفاق في حين تجده يدافع عن الكذابين الوضاعين أمثال جابر الجعفي [انظر: المراجعات: ص75.]. وغيره [كدفاعه عن هشام بن الحكم، انظر: المراجعات: ص312، 313.]. ومثل كتاب السقيفة لشيخهم محمد رضا المظفر الذي صور فيه الصحابة عصابة لا هدف لها إلا التآمر على الإسلام حتى قال: ممات النبي صلى الله عليه وسلم، ولابد أن يكون المسلمون كلهم (لا أدري الآن) قد انقلبوا على أعقابهم [السقيفة: ص19، ونسب خيار الصحابة إلى التآمر على علي رضي الله عنه. انظر: ص85 من السقيفة.].
وغيرها كثير [مثل كتاب "النص والاجتهاد" لشيخهم عبد الحسين شرف الدين الموسوي الذي أراد أن يعتذر عن الصحابة لمخالفتهم - بزعمه - النص على علي فاعتذر عنهم اعتذاراً ماكراً خبيثاً، حيث زعم أنهم يدينون بمبدأ فصل الدين عن الدولة، ولذلك لم يأخذوا بالنص وهذه فرية مكشوفة يكشفها ثناء الله عليهم ورسوله، وورعهم وزهدهم وجهادهم..، ومثل كتاب: "الإمام الصادق والمذاهب الأربعة" لأسد حيدر الذي يهاجم فيه خلفاء المسلمين، ويفتري على أئمة المسلمين كالإمام أحمد وغيره افتراءات لتأييد مذهب الرافضة، ويتحدث عن المحن المزعومة لآل البيت. ومثل كتاب "علي ومناوئوه" للدكتور نوري جعفر والذي يفتعل وجود صراع بين علي والصحابة، ويقول إنه كالصراع بين النبي وكفار قريش، يقول: "وإذا كان النصر قد كتاب للنبي في نزاعه مع مناوئيه لاعتصامهم بالأوثان، فإن النصر لم يكن في متناول الإمام لتقمص مناوئيه رداء الإسلام" (علي ومناوئوه ص12).(7/71)
فالتفكير كما ترى لم يتغير عن زنادقة الماضي، وإن كان الكاتب يحمل شهادة علمية.. ومن غرائب "إصداراتهم" كتاب "الرسول الأعظم مع خلفائه" لشيخهم مهدي القرشي، والذي صور فيه حسب خياله، ومعتقده ما يجري يوم القيامة لأبي بكر وعمر والصحابة، وكان يضع محاورات من عنده يزعم أنها ستجري بين الرسول وصحابته يحاسبهم فيها على تركهم بيعة علي.].
ثالثاً: تلك الأدعية التي يرددها الشيعة كل يوم وهي لا تكاد تخلو من لعن خيار هذه الأمة وروادها وأحباء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصهاره وبعض زوجاته أمهات المؤمنين.. ولا تختلف كتب الأدعية المؤلفة حديثاً عما تراه في كتبهم القديمة، كما نجد في كتاب "مفاتيح الجنان" لشيخهم المعاصر عباس القمي، و"ضياء الصالحين" لشيخهم محمد الجوهري وغيرهما.
وبعد هذا كله فهل يبقى لإنكار هؤلاء المنكرين تفسير إلا التقية والكذب؟ فالخنيزي الذي يقول إن الشيعة لا تسب، هل يتجاهل ما سطره شيوخهم القدامى والمعاصرون في ذلك؟! بل إن الخنيزي نفسه ارتكب جريمة السب فهو يطعن في الصديق رضي الله عنه [الدعوة الإسلامية: 1/12.]، ويزعم بأن ما ورد عندهم في الكافي من سب للصحابة وتكفيرهم يوجد مثله في صحيح البخاري [الدعوة الإسلامية: 1/5-14.]. وهي دعوى لا حقيقة لها.. إلا البحث عن مسوغ لمذهبهم في الصحابة، ولو كان في صحيح البخاري مثل مما يوجد في الكافي لكان في السنة من هو كالشيعة يطعن ويكفر، ولكن الرجل يريد إثبات معتقده الباطل بأي وسيلة.
أما الأستاذ أحمد مغنية الذي يرى أن الشيعة إنما تلعن عمر بن سعد لا عمر بن الخطاب وإنما وقع الوهم في التشابه في الأسماء فهل خفي عليه أن عمر بن الخطاب قد تعرض للعن والتكفير في كتب الشيعة المعتمدة وعلى رأسها الكافي والبحار، وتفسير القمي والعياشي وغيرهما؟ كما سلف نقل ذلك [انظر: ص(723) وما بعدها.]. فلا حاجة لإعادته.(7/72)
وهل غاب عنه أن شيعة العصر الحاضر أيضاً لا يزالون على هذا النهج يتخبطون كما رأينا من صاحب "الغدير" و"السقيفة" و"الإسلام على ضوء التشيع".. وغيرهم.
بل إن من يلهج بالدعوة للوحدة الإسلامية منهم لا يزال في هذا الضلال يهذي ويفتري؛ فهذا آيتهم محمد الخالصي من كبار مراجع الروافض في العراق وممن يتزعم الدعوة إلى الوحدة الإسلامية بين السنة والشيعة يشكك في إيمان أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فيقول: "وإن قالوا: إن أبا بكر وعمر من أهل بيعة الرضوان الذين نص على الرضى عنهم القرآن في قوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح 18].
قلنا: لو أنه قال: لقد رضي عن الذين يبايعونك تحت الشجرة لكان في الآية دلالة على الرضى عن كل من بايع ولكن لما قال: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ} فلا دلالة فيها إلا على الرضى عمن محض الإيمان" [الخالصي/ إيحاء الشريعة في مذهب الشيعة: 1/63-64.].
ومعنى هذا أن أبا بكر وعمر لم يمحضا الإيمان فلم يشملهما رضى الله في زعم هذا الرافضي، وهل هناك فهم أسقم من هذا الفهم الذي يجعل وصفهم بالإيمان دليلاً على خروج خيارهم من الإيمان؟
ولهذا الخالصي أمثاله من روافض العصر الحاضر [انظر مثلاً - شهاب الدين النجفي/ تعليقاته على إحقاق الحق للتستري: 2/291وغيرها من المواضع.].
فهل خفي ذلك على أحمد مغنية أو أراد خداع أهل السنة؟! الله أعلم بالحقيقة.. والتقية بلية الشيعة ومصيبتها.
أما الرفاعي الذي يقول بأن الشيعة تقدر الصحابة.. وأن من نسب إلى الشيعة خلاف ذلك فهو خصم سيء النية.. فهل يخفى عليه أن الذي نسب إلى الشيعة هذا المذهب هو كتبهم.. والذي سجل عليهم هذا العار هو مشايخهم أمثال الكليني والقمي والعياشي والمجلسي، وليس خصماً سيء النية أو جاهلاً بما في كتبهم؟!(7/73)
والرفاعي نفسه قد رجع في كتيبه الذي سماه "تقدير الإمامية للصحابة" إلى البحار [انظر: ص15، 17، 19.]. للمجلسي، والذي حوى من السب واللعن والتكفير ما تقشعر منه جلود المؤمنين؛ حتى إنه عقد باباً بعنوان باب كفر الثلاثة [بحار الأنوار: 2/208-252، الطبعة الحجرية.] (أي الخلفاء قبل علي) فكيف يقول بأن الشيعة تقدر الصحابة؟ وإذا كان يؤمن بمبدأ تقدير الصحابة فعليه أن ينشر ذلك في الوسط الشيعي لا في القاهرة، وأن يجاهد من أجل إقناع إخوانه الإمامية حتى يغيروا هذا البلاء الذي عم وطم في كتبهم أو يعرضوا عنها ويعلنوا فسادها، أما نفي ما هو واقع فلا يجدي في الدفاع لأنه سيؤول من قبل الشيعة والمطلعين على كتبهم من غير الشيعة بأنه تقية.
وهذا الرفاعي الذي يكتب في القاهرة بين أهل السنة "تقدير الإمامية للصحابة" ويتجاهل ما جاء في كتبهم قديمها وحديثها، وما يجري في واقعهم من عوامهم وشيوخهم.. هو نفسه يسب خيار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو من الذين يقولون ما لا يفعلون، كما هو من الذين ينكرون ما يعرفون.. فيتهم فاروق هذه الأمة بالتآمر وأنه أول من قال بالرجعة من المسلمين [انظر تعليقه على كتيب التشيع/ لمحمد باقر الصدر: ص30-31.]. كما يسب أبا بكر وعمر وأبا عبيدة رضوان الله عليهم [انظر تعليقه على كتيب التشيع/ لمحمد باقر الصدر: ص46.].
والغريب أنه يستدل بما جاء في رسالة محمد باقر الصدر والتي سماها "التشيع ظاهرة طبيعية في إطار الدعوة الإسلامية" مع أن هذه الرسالة محاولة يائسة وعاجزة لإثبات أصالة مذهب الرافضة.. وأن الصحابة رضوان الله عليهم ليسوا بأهل لحمل الرسالة وتبليغ الشريعة - كما يفتري - وأن الجدير بحملها والمبلغ لها هو علي.. وهذا مع ما فيه من النيل من صحابة رسول الله فهي دعوى جاهلية غبية، أو حاقدة مغرضة تحاول النيل من السنة المطهرة، وتواتر هذا الدين.(7/74)
فهي تزعم أن نقل الواحد أوثق من نقل المجموع.. وهذا "إفراز" لعقيدة عصمة الأئمة، وتكفير الصاحبة.. والثناء المزعوم على الصحابة الذي نقله من رسالة الصدر قد قاله الصدر من باب تخدير القارئ حتى يتقبل ما يفتريه على استدلاله ويبطله، فالصدر يقول: "وبالرغم من أن الصحابة بوصفهم الطليعة المؤمنة كانوا أفضل وأصلح بذرة لنشوء أمة رسالية.. بالرغم من ذلك نجد من الضروري التسليم بوجود اتجاه واسع منذ كان النبي حياً يميل إلى تقديم الاجتهاد في تقدير المصلحة واستنتاجها من الظروف على التعبد بحرفية النص الديني، وقد تحمل الرسول صلى الله عليه وسلم المرارة في كثير من الحالات بسبب هذا الاتجاه.." [التشيع: ص80.].
فهل ترى في هذا النص مدحاً؟ إنه يزعم أن الصحابة رضوان الله عليهم يجتهدون مع وجود النص؛ بل يرفضون أوامر رسول الله، ويتبعون مصالحهم.. فهل هذا تقدير للصحابة؟! إن من المعروف إنه لا اجتهاد مع النص، وأن مخالفة أمر رسول الله جرم عظيم: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور 63]..
وكل هذه الدعاوى من هذا الرافضي لتأييد فريته وهي دعوى النص على علي وأن الصحابة أعرضوا عن العمل بها لمصلحة راعوها، فأي مصلحة لهم في بيعة أبي بكر؟!
ولا يستدل الرفاعي من رسالة الصدر فحسب؛ بل ينشر باطلها، ويتحفه بتقريظه وتأييده، ويقول في كتيب آخر: إن الإمامية يقدرون الصحابة، فأي تقدير هذا؟! إلا إن كان يريد أن تقدير الإمامية للصحابة هو السب واللعن والتكفير.
فما أجرأ هؤلاء على الكذب!!
وأما محمد جواد مغنية الذي يقول بأن الشيعة لا تنال من مقام الصحابة ويستدل بقول علي بن الحسين.(7/75)
فأقول: إنكم لم تقتفوا أثر الإمام علي بن الحسين..؛ لأن ما جاء في كتبكم قديمها وحديثها، وما يحدث في واقعكم دليل على مفارقتكم لنهجه..؛ لأنه كان باعترافكم، وبنقلكم عنه، كان يترضى عن الصحابة.. رضي الله عن الجميع، فأنتم ليس بإمامكم اقتدتم، ولا بقولكم صدقتم والتزمتم.. ومغنية الذي يكتب هذا الكلام.. هو الذي يقول في كتابه "في ظلال نهج البلاغة" عن الخليفة الراشد ذي النورين صاحب الجود والحياء، وصهر النبي صلى الله عليه وسلم في ابنتيه، ومجهز جيش العسرة، وصاحب الهجرتين والمبشر بالجنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول هذا الرافضي فيه:" إن عثمان انحرف عن سنة الرسول وخالف شريعة الإسلام، واستأثر هو وذووه بأموال المسلمين فامتلكوا القصور والمزارع والرياش والخيول والعبيد والإماء، ومن حولهم ملايين الجياع والمعدمين" [مغنية/ في ظلال نهج البلاغة: 2/264.]. ويقول: "وكان الزبير وطلحة وعائشة وراء ما حدث لعثمان وعليهم تقع التبعة في دمه.." [مغنية/ في ظلال نهج البلاغة: 1/292-293.]. ويتهم عمر رضي الله عنه وأهل الشورى الذين فوض لهم عمر اختيار خليفة من بعده يتهم الجميع بالخيانة والتآمر [مغنية/ في ظلال نهج البلاغة: 2/2-3.].
فأي احترام لمقام الصحابة وهذا الكلام الحاقد يوجه لخيارهم !!
وأي إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم أشد من هذا الإيذاء الذي يوجه له بسب بعض زوجاته، وأصهاره، وخيار أصحابه.
وبعد كهذا كله.. فكيف نفسر هذا التناقض من هؤلاء الراوفض؟ هل هذا تقية؟ والتقية عندهم تسعة أعشار الدين ولا دين لمن لا تقية له، أو هي مؤامرة للدعاية للشيعة والتشيع؟
وقبل أن أرفع القلم في هذا الموضوع أحاول أن أكشف بعض الحقائق المهمة والأسرار الخفية في حقيقة ثنائهم على الصحابة والتي قد لا يهتدي إليها من لم يدمن المطالعة في كتبهم ويتأمل في أساليبهم ومصطلحاتهم.
حقيقة ثناء الروافض على الصحابة:(7/76)
إن هؤلاء الروافض - كما يزعمون - أنهم يوالون أهل البيت ويعنون بهم أئمتهم الاثني عشر ويتناولون البقية ولا سيما من خرج منهم لطلب الإمامة بالسب والتجريح بل التكفير والتخليد بالنار. فكذلك يزعمون - أحياناً - أنهم يوالون الصحابة ويريدون بهم الثلاثة أو الأربعة أو السبعة الذين لم يرتدوا كما تصور ذلك أساطيرهم.
والذي لا يعرف هذه الحقيقة قد ينخدع بكلامهم في هذا الباب ولا يتصور أن للصحابة عندهم تفسيراً معيناً.
وهناك تفسير آخر لهم في الصحابة جاء بيانه في بعض رواياتهم، تقول رواياتهم بعد ثناء على الصحابة وأمر بالرجوع لأقوالهم وإجماعهم: فقيل: يا رسول الله، ومن أصحابك؟ قال: أهل بيتي [انظر: ص(762).]. فهم يفسرون الصحابة بأهل البيت.
ثم هناك مسلك ثالث يسلكونه في الثناء على الصحابة وهو حمله على التقية، وقد أشار إليه شيخهم الطوسي، حيث قال بعد أن سب عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: "فإن قيل: أليس قد روي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر أن سائلاً سأله عن عائشة وعن مسيرها في تلك الحرب، فاستغفر لها وقال له (الراوي): تستغفر لها وتتولاها؟ فقال: نعم، أما علمت ما كانت تقول: يا ليتني كنت شجرة، ليتني كنت مدرة" قال الطوسي: "لا حجة في ذلك على مذاهبنا لأنا نجيز عليه صلوات الله عليه التورية، ويجوز أن يكون السائل من أهل العداوة واتقاه بهذا القول وروى فيه تورية يخرجه من أن يكون كذباً، وبعد، فإنه علق توبتها بتمنيها أن تكون شجرة ومدرة وقد بينا أن ذلك لا يكون توبة وهو عليه السلام بهذا أعلم" [الطوسي/ الاستفياء في الإمامة، الورقة 288 (النسخة المخطوطة).].(7/77)
إن على الذين يقولون بتقدير الشيعة للصحابة أن يعلنوا خطأ هذه المسالك وعدم صحتها، وأن يعترفوا ببطلان تلك الروايات السوداء، وأن يصدقوا ولا يتناقضوا، حتى يقبل منهم موقفهم، ثم لِمَ يذهبون للرد على أهل السنة إذا قالوا: إن مذهب الشيعة الطعن في الصحابة وتكفيرهم ولا يردون على أنفسهم وعلى كتبهم وعلى مشايخهم المعاصرين الذين لا يزالون يهذون في هذا الضلال؟
وأي فائدة اليوم في اللعن والسب والتكفير الذي ملأوا به كتبهم، وأسواقهم، ومزاراتهم، وقد انقضى العصر الأول بكل ما فيه؟! لا هدف في الحقيقة إلا الطعن في القرآن والسنة والدين بعامة، وإلا إثارة الفتنة وتفرقة الأمة.
وماذا يبقى من أمجادنا وتاريخنا إذا كان أولئك السادة القادة الأتقياء الأصفياء الأوفياء الرواد الذين نشروا الإسلام وأقاموا دولته، وفتحوا البلاد وأرشدوا العباد، وبنوا حضارة لم تعرف لها الدنيا مثيلاً، إذا كان هؤلاء الرواد الأوائل لكل معالم الخير والعدل والفضائل يستحقون اللعن من أحفادهم، وتشويه تاريخهم، وهم الذين أثنى الله عليهم ورسوله، وسجل التاريخ الصادق مفاخرهم بمداد من نور. فمن الذي يستحق الثناء والمديح وأين أمجادنا وتاريخنا إذا كان أولئك كذلك؟!
العصمة:
الجديد في هذه المسألة عند المعاصرين هو أخذهم برأي المتأخرين من الشيعة في دعوى العصمة المطلقة للأئمة، والذي يمثل نهاية الغلو والشطط حيث إن هؤلاء يزعمون أن الأئمة لا يسهون ولا ينسون.
وهذا المذهب كان في نظر الشيعة في القرن الرابع بمثل الاتجاه الغالي المتطرف حتى اعتبر شيخهم ابن بابويه القمي - صاحب من لا يحضره الفقيه أحد أصولهم الأربعة المعتمدة - اعتبر علامة الغلو في التشيع هو نفي السهو عن الأئمة. وقال: "إن الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي صلى الله عليه وسلم.." [ابن بابويه/ من لا يحضره الفقيه: 1/234.].
ومن ينكر سهو الأئمة أغرق في الغلو والتطرف.(7/78)
وأقر شيخهم المجلسي "بدلالة كثير من الأخبار والآيات على صدور السهو منهم" [بحار الأنوار: 25/351.]. ولكن متأخريهم لم يبالوا بذلك وأطبقوا على مخالفته باعتقاد أن الأئمة لا يسهون، ولهذا رأى المجلسي أن هذه "المسألة في غاية الإشكال" [بحار الأنوار: 25/351.]، لأن أصحابه أطبقوا على مخالفة أخبارهم الكثيرة [بحار الأنوار: 25/351.].
وقد سار المعاصرون على خطى المتأخرين مخالفين لأخبار الشيعة نفسها، وما قاله كبار شيوخهم، فهذا شيخ الشيعة المعاصر ومن يلقب عندهم بـ"الآية العظمى" (عبد الله الممقاني) يؤكد أن نفي السهو عن الأئمة أصبح من ضرورات المذهب الشيعي" [الممقاني/ تنقيح المقال: 3/240.]. وهو لا ينكر أن من شيوخهم السابقين من يعتبر ذلك غلواً، لكنه يقول: "إن ما يعتبر غلواً في الماضي أصبح اليوم من ضرورات المذهب" [الممقاني/ تنقيح المقال: 3/240.].
وهذه المقالة: أن الأئمة لا يسهون - يتكرر التأكيد عليها في أقوال شيوخهم المعاصرين؛ فالمظفر يعتبرها من عقائد الإمامية الثابتة، ولا يذكر أدنى خلاف بينهم في ذلك [عقائد الإمامية: ص95.]، والخنيزي وهو يكتب كتابه في "الدعوة الإسلامية إلى وحدة أهل السنة والإمامية" يؤكد على هذه المقالة ولا يتقي في ذلك [الخنيزي/ الدعوة الإسلامية: 1/92.]، والخميني في كتابه "الحكومة الإسلامية" ينفي مجرد تصور السهو في أئمته [الحكومة الإسلامية: ص91.].
وإذا كانت دعوى عصمة الأئمة تعني الارتفاع بالأئمة إلى مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في القول والفعل: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم 3-4]. فإن دعوى أن الأئمة لا يسهون أولا يتصور فيهم السهو هو تأليه لهم.
ولهذا قال شيخهم ابن بابويه: إن الله سبحانه أسهى نبيه "ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ رباً معبوداً دونه" [من لا يحضره الفقيه: 1/234.].(7/79)
وكان ابن بابويه وغيره من شيعة القرن الرابع يعتبرون الرد لهذه الروايات (روايات سهو النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته) يفضي إلى إبطال الدين والشريعة. يقول ابن بوبايه: "ولو جاز أن ترد الأخبار الواردة في هذا المعنى لجاز أن ترد جميع الأخبار، وفي ردها إبطال الدين والشريعة، وأنا احتسب الأجر في تصنيف كتاب منفرد في إثبات سهو النبي صلى الله عليه وآله والرد على منكريه إن شاء الله تعالى" [بحار الأنوار: 17/111.].
ولكن الزمرة المتأخرة والمعاصرة لم تبال بما قاله ابن بابويه، كما لم تبال في قوله برد أسطورتهم في التحريف، ولم تراع أي قول يخالف ما تواضع عليه شيوخ الدولة الصفوية.
لقد عد الشيعة المعاصرون على لسان شيخهم "الممقاني" نفس السهو عن الأئمة من ضرورات المذهب الشيعي - كما مر -.
وقد قرر شيخهم محسن الأمين أن منكر ما هو ضروري في التشيع كافر عندهم [محسن الأمين/ كشف الارتياب، المقدمة الثانية، وهو أيضاً مقرر عندهم في: مهذب الأحكام: 1/388-393.].
ومعنى هذا أن متأخريهم يكفرون متقدميهم لإنكارهم ما هو من ضروريات مذهب التشيع، ومتقدموهم يلعنون متأخريهم لأخذهم بمذهب الغلاة المفوضة الملعونين على لسان الأئمة.
وليس ذلك فحسب؛ بل إننا نجد في الكتابات الموجهة لديار السنة [وهي كتابات محمد جواد مغنية التي نرى فيها التحرر من بعض غلو الشيعة وتعصباتهم.. وهي تنشر في ديار السنة فاحتمال التقية فيها وارد.] القول بأن الاعتقاد بأن الأئمة يسهون هو مذهب جميع الشيعة [محمد جواد مغنية/ الشيعة في الميزان: ص272-273.]، ونرى في كتابات شيعية معاصرة أخرى نقل إجماع الشيعة على نفي السهو عنهم [محمد آصف المحسني/ صراط الحق: 3/121.].. وأن ذلك من ضرورات مذهب التشيع [كما سبق نقله عن الممقاني في تنقيح المقال.].
فمن نصدق، ومن هو الذي يعبر عن مذهب الشيعة؟
وهكذا يكفر بعضهم بعضاً وينقض بعضهم بعضاً، وكل يزعم أن ما يقوله هو مذهب الطائفة.(7/80)
الرجعة:
الجديد في مذهب المعاصرين في هذه المسألة ظهور فئة من شيوخهم، ولا سيما ممن يتظاهر منهم بالدعوة للوحدة والتقريب بينهم وبين السنة يرى أن الرجعة خرافة لا حقيقة لها. ويقول: "فالحق الذي عليه المحققون هو أن لا رجعة سوى ظهور الإمام الثاني عشر" [الخنيزي/ الدعوة الإسلامية إلى وحدة أهل السنة والإمامية: 2/94.]. يعني مهديهم المنتظر.
وصنف آخر لا ينكرها ولكن يرى أن مسألة الرجعة وإن وردت في بعض أخبارهم إلا أنها ليست من أصول مذهبهم ولا من الضرورات عندهم، ولا من معتقداتهم، بل وليست بذات بال عندهم. يقول هاشم الحسيني: "إن الرجعة ليست من معتقدات الإمامية ولا من الضرورات عندهم" [هاشم الحسيني/ الشعية بين الأشاعرة والمعتزلة: ص237.].
ويقول محمد حسين آل كاشف الغطاء: "وليس التدين بالرجعة في مذهب التشيع بلازم ولا إنكارها بضار، وإن كانت ضرورية عندهم" [أصل الشيعة: ص35.]. وقال: "وليس لها (يعني الرجعة) عندي من الاهتمام قدر صغير أو كبير" [أصل الشيعة: ص36.].
ولعل القارئ يدرك التناقض في هذا الكلام، ولعله تناقض مقصود كأمارة على التقية كعادتهم في التلاعب بالكلام، إذ كيف تكون ضرورية عندهم مع أن اعتقادها ليس بلازم، وإنكارها ليس بضار وليس لها اهتمام عنده مع أن منكر الضروري كافر كما يقرره شيوخهم [انظر: السبزواري/ مهذب الأحكام: 1/388، وما بعدها، محسن الأمين/ كشف الارتياب المقدمة الثانية.].
وقريب من ذلك صنع شيخهم محمد رضا المظفر حينما قال: "إن الرجعة ليست من الأصول التي يجب الاعتقاد بها والنظر فيها.." [عقائد الأمامية: ص113.] مع أنه يقول: "إن الرجعة من الأمور الضرورية فيما جاء عن آل البيت من الأخبار المتواترة" [عقائد الأمامية: ص113.].(7/81)
هذا ما يقوله طائفة المعاصرين في أمر الرجعة، صنف ينكرها، وأخر يهون من شأنها، وثالث يتردد أو يتناقض في بيان مذهبهم فيها، وكل يزعم بأن ما يقوله هو مذهب الشيعة فمن نأخذ بقوله؟ وكلهم من كبار شيوخ الشيعة الاثني عشرية، وفي عصر واحد ومع هذا ترى الاختلاف والتباين في أقوالهم هل هذا من آثار التقية عندهم لأن أمر الرجعة اعتبرها بعض علماء السنة علامة على الغلو في الرفض؟ ولهذا قال شيخهم المظفر: "إن الاعتقاد بالرجعة من أكبر ما تنبز به الشيعة الإمامية ويشنع به عليهم" [عقائد الأمامية: ص110.].
وما هكذا شأنه تجري فيه التقية عندهم.
والكتابات التي نقلت منها تلك الأقوال المتناقضة هي كتب شيعية موجهة لأهل السنة كما يبدو من مقدماتها ومنهجها وأسلوبها في الحديث عن العقائد الشيعية بينما نجد كتباً أخرى معاصرة لشيوخ آخرين لا تزال تغالي في أمر الرجعة وتعتبر منكرها خارجاً عن رتبة المؤمنين.
قالوا:
"تضافرت الأخبار (يعني أخبارهم) ليس منا من لم يؤمن برجعتنا" [إبراهيم الزنجاني/ عقائد الاثني عشرية: ص240 (ط: الأولى)، وانظر: عبد الله شبر/ حق اليقين: 2/3.]. وقالوا: "إن ثبوت الرجعة مما اجتمعت عليه الشيعة الحقة والفرقة المحقة، بل هي من ضروريات مذهبهم" [عقائد الاثني عشرية: ص239، ط: الاولى، حق اليقين: 2/3.]. "ومنكرها خارج من رتبة المؤمنين، فإنها من ضرورات مذهب الأئمة الطاهرين" [عقائد الاثني عشرية: ص241.].
وقال الزنجاني في كتابه عقائد الاثني عشرية: "إن اعتقادي.. واعتقاد علماء الاثني عشرية قدس الله أسرارهم من أن الله تعالى يعيد عند ظهور الإمام الثاني جماعة من الشيعة إلى الدنيا ليفوزوا بثواب نصرته ومشاهدة دولته، ويعيد جماعة من الظلمة والغاصبين والظالمين لحق آل محمد عليهم السلام لينتقم منهم" [عقائد الاثني عشرية: ص239.].
"... وظني أن من يشك في أمثالها فهو شاك في أئمة الدين" [عقائد الاثني عشرية: ص240.].(7/82)
وبعد، فكيف نفسر هذا التناقض؟ هل هم قد اختلفت آراؤهم في هذه المسألة على حقيقة، أم وهم استحلوا بعقدية التقية كل شيء..؟.
وإذا أخذنا كل شي على ظاهره نقول: إن هناك فئة قد تحررت من ربقة التقليد، وخرجت على أساطيرهم رغم دعوى التواتر والاستفاضة ولكن هذه الفئة يخنق صوتها ويمحى أثرها باسم العقيدة الخطيرة وهي التقية ولن يؤثر في هذه الطائفة مصلح ما دامت هذه العقيدة من أصولها.. وسيكون مذهبهم مذهب الغلاة لا المعتدلين وقول الشيوخ، لا روايات الأئمة.
هذا ولا تزال الصور الأسطورية التي تحكيها أخبارهم عما يجري في تلك الرجعة تتردد في كلماتهم.. وهي بغض النظر عن الجانب الخرافي فيها، إلا أنها تمثل مشاعر مكبوتة ورغبات خفية وأحقاداً مبيتة ضد هذه الأمة.
إن ذلك الشيعي ليستمتع بتلك الصور الخيالية للمجازر المرتقبة والتي ينتظر حصولها في الرجعة المزعومة غاية الاستمتاع، ولذلك يهتم في أدعيته اليومية بالتوجه بالدعاء، لأن يشارك في هذه العودة التي يجرى فيها الانتقام الموعود [كما في الدعاء الذي يسمونه دعاء العهد وفيه: "اللهم إن حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتماً مقضياً فأخرجني من قبري مؤتزراً كفني شاهراً سيفي مجرداً قناتي ملبياً دعوة الداعي في الحاضر والبادي". انظر: الزنجاني/ عقائد الإمامية الاثني عشرية: ص236 ط: الأولى، وجعل هذا الدعاء من أدلة ثبوت الرجعة عندهم.].
فلم يتغير شعور المعاصرين في هذه القضية على الرغم من تغير الزمان، وكر القرون.. واستمع إلى أحد آياتهم يجيب عما يجري - بزعمهم - لخليفتي رسول الله وحبيبيه وصهريه - أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما في رجعتهم المزعومة.(7/83)
يقول: "وأما مسألة نبش قبر صاحبي رسول الله وإخراجهما حيين وهما طريان وصلبهما على خشبة وإحراقهما، لأن جميع ما ارتكبه البشر من المظالم والجنايات والآثام من آدم إلى يوم القيامة منهما فأوزارهما عليهما، فمسألة عويصة جداً، وليس عندي شيء يرفع هذا الإشكال، وقد صح عن أئمتنا أن حديثنا صعب مستصعب" [الرشتي/ كشف الاشتباه: ص131.].
هل يخطر بالبال أن هذه الخرافة تجد طريقها إلى رجل علم عندهم بلغ في مقاييسهم مرحلة "الآية العظمى" ولا يتجرأ على تكذيب هذه الأسطورة، ويعتبرها من الأمور العويصة المشكلة، ولا يجد ملجأ يلجأ إليه إلا خرافة أخرى وهي أن دينهم صعب مستصعب؟!
لا شك أن هذا الدين الصعب المستصعب ليس هو الإسلام.. لأنه خلاف الفطرة، لا تقبله العقول لشذوذه ومخالفته للأصول.
فننتهي من هذا إلى أن خرافة الرجعة وما يجري فيها لا تزال تتغلغل في عقول هذه الطائفة.
التقية:
هل يوجد تغير في مذهب المعاصرين يختلف عن السابقين فنسجله هنا أو لم يتغير مذهب المعاصرين، عما ذكرناه عن سلفهم، وعما جاء في كتبهم المعتمدة في أمر التقية؟
لقد قال بعض شيوخهم المعاصرين: إن الأمر قد تغير.. وأنه لا تقية اليوم عند الشيعة.. لأن الشيعة إنما التزمت بالتقية بسبب الظلم الواقع عليها في العصور البائدة، أما وقد ارتفع الظلم اليوم فلا تقية ولا كذب ولا نفاق، بل صدق وصراحة ووضوح.
يقول شيخهم محمد جواد مغنية: "إن التقية كانت عند الشيعة حيث كان العهد البائد عهد الضغط والطغيان، أما اليوم حيث لا تعرض للظلم في الجهر بالتشيع فقد أصبحت التقية في خبر كان" [مغنية/ الشيعة في الميزان: ص52، 345، أهل البيت: ص66، 67.].
ويقول: "قال لي بعض أستاذة الفلسفة في مصر: أنتم الشيعة تقولون بالتقية..(7/84)
فقلت له: لعن الله من أحوجنا إليها، اذهب الآن أنى شئت من بلاد الشيعة فلا تجد للتقية عيناً ولا أثراً، ولو كانت ديناً ومذهباً في كل حال لحافظوا عليها محافظتهم على تعاليم الدين ومبادئ الشريعة" [الشيعة في الميزان: ص25.].
وكذلك يقول مجموعة من أعلامهم المعاصرين ممن يوصفون عندهم "بالمراجع والآيات" بأن التقية عند الشيعة لا تستعمل إلا في حال الضرورة، وذلك عند الخوف على النفس، أوالمال، أو العرض، ولا تختص الشيعة بهذا.. وإنما تميز الشيعة بهذا الاعتقاد لكثرة وقوع الظلم عليهم [انظر: أقوالهم في ذلك: محمد حسين كاشف الغطا/ أصل الشيعة ص 150-153، عبد الحسين الموسوي/ أجوبة ومسائل جار الله ص68-70، عبد الحسين الرشتي/ كشف الاشتباه ص130، محسن الأمين/ الشيعة بين الحقائق والأوهام ص158، وما بعدها، القزويني/ الشيعة في عقائدهم وأحكامهم ص346، هاشم الحسيني/ دراسات في الحديث والمحدثين ص326 وما بعدها، وغيرها.].
فهل ما يقوله هؤلاء حقيقة، أو أن الأمر تقية على التقية، وتستر على هذا المعتقد مادام أمرهم قد افتضح، ومذهبهم قد انكشف أمام المسلمين؟ فلنتعرف على حقيقة الأمر، وجلية الخبر..
إننا لو قلنا معهم بأن التقية عندهم قد ارتفعت كلياً، ولم يعد للشيعة سر تكتمه، ولا معتقد تتقيه بل تجاهر بكل ما عندها أمام المسلمين بكل الصراحة والوضوح.. فإن أثر التقية لم ينته، وإعمال شيوخهم للتقية في نصوصهم لم يتوقف، وهذا هو الخطر الأكبر والداء الأعظم والذي قد لا يعرفه من ليس على صلة بكتبهم الأساسية.(7/85)
إن الخطورة تتمثل في أن مبدأ التقية عندهم قد عطل تعطيلاً تاماً إمكانية استفادة الشيعة مما في كتبهم المعتمدة من نصوص توافق ما عند المسلمين، وتخالف ما شذوا به من عقائد وآراء.. ذلك أنه ما من رأي - في الغالب - شذوا به عن المسلمين إلا وتجد عندهم بعض الروايات التي تنقضه من أصله، ولكن الشيخ الشيعي يتعامل مع تلك الروايات التي تنقض شذوذهم وتوافق ما عند المسلمين وتخالف ما درج عليه قومه بأنها إنما خرجت من الإمام مخرج التقية.. ولا يختلف في تطبيق هذا المنهج شيوخهم المعاصرون عن شيوخهم القدامى..
ولذلك تجد أن من قواعدهم الأصولية - والتي كما قررتها كتبهم القديمة [انظر: ص411 وما بعدها.]. قررتا كتبهم الحديثة [انظر: تعارض الأدلة/ تقرير لأبحاث محمد باقر الصدر/ نشرها محمود الهاشمي ص3، وانظر أيضاً: مجلة رسالة الإسلام التي تصدرها كلية أصول الدين ببغداد، العدد (3-4) السنة الخامسة، شوال 1391ه بحث وظيفة المجتهد عند تعارض الأدلة، داود العطار، مدرس التفسير وعلوم القرآن في الكلية ص133 (والكلية شيعية، ومجلتها تعتمد في أبحاثها على كتب الشيعة).] أيضاً- الأمر بالأخذ بما خالف العامة - أي أهل السنة- وذلك عند اختلاف الأحاديث في كتبهم بحجة أن الأحاديث التي توافق ما عند أهل السنة محمولة على التقية.
وإذا لوحظ أن أحاديثهم متناقضة ومتضادة ويوجد فيها في مختلف أبواب العقائد والأحكام ما يوافق ما عند المسلمين أدركنا خطورة معتقد التقية عندهم وآثاره السيئة في إبقاء الخلاف بين المسلمين.. وتناقض أحاديثهم ليست دعوى ندعيها، بل حقيقة يقررها شيوخهم حتى اعترف الطوسي بأنه لا يكاد يوجد عندهم حديث إلا وفي مقابله ما يضاده [انظر: الطوسي/ تهذيب الأحكام: 1/2، وقد مضى بنصه.].
وهذا ما يعترف به الطوسي صاحب كتابين من أصولهم الأربعة المعتمدة في الحديث، وصاحب كتابين من كتبهم الأربعة المعتمدة في الرجال.(7/86)
ولم يجد الطوسي ما ينقذه وشيعته من التناقض في رواياتهم إلا القول في كل ما يوافق جمهور المسلمين ويخالف شذوذهم، بأن ذلك ورد على سبيل التقية، ويتمثل هذا في عشرات الأمثلة في كتابي التهذيب، والاستبصار [انظر: الاستبصار: 1/60، 61، 62، 63، 64، 65، 66 إلخ.].
فكانت عقيدة التقية حيلة لرد السنن الثابتة، ومنفذاً للغلو، ووسيلة لإبقاء الفرقة والخلاف، فكيف يقال: إن التقية ارتفعت اليوم وشيوخ الشيعة كلهم يعلمون بموجبها في رد النصوص [إن جمع نصوصهم المتفرقة في كتبهم والتي تخالف شذوذهم والتي ردوها بحجة التقية.. إن القيام بهذا عمل نافع في هذا العصر.. وقد بدأ بعض علماء الهند وباكستان هذا "المشروع" انظر مثلاً: مناقب الخلفاء الأربعة في مؤلفات الشيعة/ للشيخ عبد الستار التونسوي، ولعل أول من بدأ ذلك شاه عبد العزيز الدهلوي في كتابه التحفة الاثني عشرية.]؟!
وكما كان معتقد التقية سداً منيعاً حال دون استفادة الشيعة من الروايات التي رووها في كتبهم عن الأئمة والتي توافق ما عند الأمة.. كذلك فإن مبدأ التقية منع تأثير كل صوت عاقل معتدل ينشأ بينهم، وحرمهم من الانتفاع به.
ولعل من وضع هذه العقيدة أراد لهذه الطائفة أن تبقى هكذا لتستعصي على الإصلاح وتمتنع عن الهداية.. وهذا ليس مجرد كلام نظري لا يسنده الواقع.. بل إن واقع الشيعة يشهد بذلك.. فمثلاً من أعظم مصائب الشيعة وبلاياها: أساطير نقص القرآن وتحريفه والتي سرت في مذهبهم وفشت في كبتهم.. وحينما تصدى لذلك شيخهم المرتضى وابن بابويه القمي، والطبرسي.. ونفوا عن مذهب الشيعة هذه المقالة.. حمل ذلك طائفة من متأخري شيوخهم كنعمة الله الجزائري، والنوري الطبرسي- حملوا ذلك على التقية [انظر: ص(279) من هذه الرسالة.].(7/87)
فكيف يقال: إن التقية انتهت في مذهب الشيعة.. وهي تستخدم في كل آن لإزهاق الحق وإبطاله؟! ولما قام شيخهم الطوسي بتفسير كتاب الله.. وحاول التخلص من تلك النزعة الباطنية المغرقة في التأويل.. والمألوفة عندهم ورغب الاستفادة من آثار السلف في تفسير القرآن.. حمل شيوخهم صنيعه هذا على التقية [انظر: ص(198-199) من هذه الرسالة.].
فأنت تلاحظ أن هذه العقيدة قد أصبحت معولاً هداماً يستخدمه غلاة الشيعة لإبقاء هذه الطائفة في دائرة الغلو والبعد بها عن جماعة المسلمين أو الإسلام كله.. فكيف يقال إن عهد التقية قد انتهى وآثارها السامة تسري في كيان المذهب، وتعمل فيه هدماً وتخريباً؟!
وإذا كان اليوم حيث ساد الكفر والضعف أمر المسلمين قد ارتفعت التقية عند الشيعة فيه كما كان يقول شيعة هذا الزمن.. فما هو العصر الذي لزمته فيه الشيعة مبدأ التقية؟
إنهم يعتبرون عهد الخلفاء الثلاثة وعصر الإسلام الذهبي هو عهد تقية وكأنهم يقولون بأن وضع المسلمين في وقتنا هذا أفضل من وضعهم في عهد الخلافة الراشدة ولهذا قرر المفيد بأن علياً كان يعيش في عهد الخلفاء الثلاثة مستعملاً للتقية والمداراة، ويشبِّه حاله بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعيش بين ظهراني المشركين قبل الهجرة [وقد مضى نقل النص في ذلك عن مفيدهم ص: 43-44.].. فيعتبر الصحابة رضوان الله عليهم في عهد الخلافة الراشدة كالمشركين الذين عاصرهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه وعلاقة علي معهم كعلاقة رسول الله مع المشركين!!
فالوقت الذي يضعف فيه أمر المسلمين هو وقت عز الشيعة وتخلصها من التقية.. لأن لهم ديناً غير دين الصحابة.. الذي تلقوه عن نبيهم.(7/88)
والقرن الذي شهد له الرسول بالخيرية، والجيل الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه هو عهد تقية، وجيل كفر في قواميس هذه الزمرة الحاقدة.. التي أضلت قومها سواء السبيل.. ولما احتارت هذه "الزمر" المتواطئة على الضلال في عهد الخلافة الفعلي لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه، لأن له أقوالاً وأعمالاً تخالف ما قالوه لأتباعهم، اعتبروا عهد علي - أيضاً - عهد تقية لأنه لا مخرج لهم إلا ذلك.. يقول شيخهم نعمة الله الجزائري الموصوف عندهم بـ"السيد السند والركن المعتمد": ولما جلس أمير المؤمنين [أي جلس على كرسي الخلافة.] رضي الله عنه لم يتمكن من إظهار ذلك القرآن [هو القرآن الغائب مع مهديهم المنتظر - كما يفترون - راجع ص257 وما بعدها و874.] وإخفاء هذا لما فيه من إظهار الشيعة على من سبقه كما لم يقدر على النهي عن صلاة الضحى، وكما لم يقدر على إجراء متعة النساء، كما لم يقدر على عزل شريح عن القضاء ومعاوية عن الإمارة [نعمة الله الجزائري/ الأنوار النعمانية: 2/362.].
هكذا يصرفون "الوقائع" التي تثبت مذهب علي الحقيقي عن مدلولها بدعوى التقية.. فأي ضرورة لاستعمال التقية حينئذ، ولاسيما أن الأمر يتعلق بأصل هذا الدين وهو القرآن.. وأي حاجة للتقية في عهد عز الإسلام والمسلمين.. فكيف يقال بعد هذا إن عهد التقية انقضى ودين الشيعة قائم عليها وشيوخ الشيعة يوجهون سفينة التشيع إلى بحر الهلاك تحت علم "التقية"؟
ثم إن المتأمل لنصوصهم لا يجد أن التقية يلجأ إليها عند الضرورة، بل إنها قد استغلت للكذب والخداع وتحليل الحرام وتحريم الحلال، حتى إن رواياتهم تقول بأن الأئمة كانت تستعملها في مجلس لا يوجد به من يتقونه، وليس هناك أدنى مسوغ لها، كم سلف ذكر شواهد ذلك [انظر: فصل التقية من هذه الرسالة: 805 وما بعدها.].(7/89)
وإذا كانت التقية لا تزال تعمل عملها في المذهب الشيعي، وإنها استعملت كما تقرر رواياتهم- في غير ضرورة، بل تمارس عن حب ورغبة لا عن خوف ورهبة، وتستعمل في جو شيعي خالص.. ويفسر القرآن على غير وجهه باسم التقية حتى إن إمامهم فسر آية من كتاب الله في مجلس واحد بثلاثة تفسيرات مختلفة متباينة.. واعتبر ذلك من قبيل التقية كما سلف [انظر: ص(815) من هذه الرسالة.]. مع أنه لا يتصور عاقل أن يتقي في تفسير القرآن في عهد عز الإسلام والمسلمين! فإذن التقية لم تستعمل في مجال الضرورة.. ولم ينته أثرها في مذهبهم.
وقد أكد شيخهم المعاصر محمد صادق روحاني والملقب عندهم ب"الآية العظمى" بأن للتقية في دين الشيعة مجالات غير مجال الضرورة، وذلك حينما قسم التقية عندهم إلى أربعة أقسام:
التقية الخوفية، والتقية الإكراهية، والتقية الكتمانية، والتقية المداراتية [محمد صادق روحاني/ رسالة في التقية (ضمن كتاب الأمر بالعروف والنهي عن المنكر له أيضا): ص 148-149.].
فهؤلاء الذين يقولون إن الشيعة لا تعمل بالتقية إلا عند الضرورة إنما ينطبق كلامهم على تقية الخوف والإكراه، لا تقية الكتمان والمداراة.. وهذا يدل على أن التقية لا تزال تستخدم عند الشيعة، لأن مجالها أوسع من مجال الضرورة والخوف.. فاستحلوا باسم تقية الكتمان والمداراة الكذب والخداع والتزوير.. كما سيأتي شواهد من ذلك في أعمال المعاصرين.
ومع ذلك كله فإن في كتب الشيعة المعتمدة نصوصاً ثابتة عندهم تؤكد أن التقية لا يجوز رفعها بحال من الأحوال حتى يرجع مهديهم المنتظر من غيبته وتاركها في زمن الغيبة كتارك الصلاة؛ بل من تركها عندهم فقد فارق دين الإمامية!!
فكيف يقول مغنية: إن زمن التقية قد انتهى، فهل يجهل حقيقة مذهبه أو ماذا؟(7/90)
وقد تناقلت كتبهم المعتمدة روايتهم التي تقول: "فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا" [الطبرسي/ أعلام الورى: ص408، ابن بابويه/ إكمال الدين: ص210، الحر العاملي/ وسائل الشيعة: 11/465-466، وانظر: أصول الكافي: 1/217.].
وقرر شيخهم وآيتهم في هذا العصر محمد باقر الصدر أن أخبارهم في هذا الشأن هي "من الكثرة إلى حد الاستفاضة بل التواتر" [تاريخ الغيبة الكبرى: ص353.] وعلل الأمر بالتقية إلى خروج القائم بقوله: لأن تركها يؤدي "إلى بطء وجود العدد الكافي من المخلصين الممحصين، الذين يشكل وجودهم أحد الشرائط الأساسية للظهور" [تاريخ الغيبة الكبرى: ص353-354.] للمهدي عندهم.
ورواياتهم تجعل التقية تسعة أعشار الدين عندهم، وتنفي الإيمان عمن لا تقية له [انظر: ص(807) من هذه الرسالة..]. ولا تستثني وقتاً دون وقت.
إذن هل يجهل مغنية وغيره من شيوخ الشيعة هذه الحقائق في مذهبهم حتى يقولوا: انتهى عهد التقية، وإن التقية ليست بدين لهم؟! أعتقد أن القارئ لنصوصهم والتي عرضنا شيئاً منها ينتهي إلى الحكم الذي انتهى إليه الأستاذ محمود الملاح [الأستاذ محمود الملاح عالم عراقي معاصر تصدى لمؤامرات الشيعة في العراق لنشر التشيع باسم الوحدة الإسلامية وذلك عبر صفحات جريدة السجل، وعبر رسائل أصدرها في هذا الشأن، من كتبه "الوحدة الإسلامية بين الأخذ والرد".] حينما قال: إن قول مغنية: انتهى عهد التقية اليوم عند الشيعة إنما هو تقية على التقية [مجموع السنة: 1/111.].
وفي كتاب الوافي الجامع لكتبهم الأربعة المعتمدة في الحديث ما يشير إلى أن ما يقوله مغنية وغيره من المدافعين عن التشيع حول ارتفاع التقية إنما هو جزء من أعمال التقية وتكاليفها وهو أمر مطلوب من كل رافضي حتى يمكن أن يستفيدوا من عقيدة التقية. يقول الوافي: عن حسان بن أبي علي قال: سمعت أبا عبد الله يقول:(7/91)
لا تذكروا سرنا بخلاف علانيتنا، ولا علانيتنا بخلاف سرنا، حسبكم أن تقولوا ما نقول وتصمتوا عما نصمت.. إلخ.
قال صاحب الوافي في شرح هذا النص: "يعني لا تظهروا للناس ما نكتمه عنهم، ولا تقولوا لهم إن سرنا غير موافق لعلانيتنا، وإنا نكتم عنهم غير ما نظهر لهم، ونظهر غير ما نكتم، فإن ذلك مفوت لمصلحة التقية التي بها بقاؤنا وبقاء أمرنا؛ بل كونوا على ما نحن عليه، قائلين ما نقول، صامتين عما نصمت، موافقين لنا غير مخالفين عن أمرنا" [الفيض الكاشاني/ الوافي، كتاب الحجة، باب النوادر، المجلد الأول: 2/60.].
فكأنه يقول بأسلوب مغنية: لا تقولوا للناس إن عهد التقية باق، وإن ظاهرنا يخالف باطننا، فإن ذلك يلغي فائدة التقية.
وهل ينتظر من مغنية وهو يتحدث - كما يقول - لأساتذة الفلسفة في مصر - هل ينتظر منه أن يقول: إن التقية باقية.. وإننا نتعامل معكم بموجبها.. إن ما قاله ينسجم مع مذهبه الذي يوجب التكتم على التقية ذاتها.
ومن يقرأ في المكتبة الشيعية المعاصرة ويتأمل ويقارن يرى أن العمل بالتقية لم يتوقف.
وقد رأينا فيما سلف كيف أنهم ينفون عن مذهبهم ما هو من أصوله كمسألة الرجعة، وينكرون وجود نصوص توجد في العشرات من كتبهم.. كما أنكر عبد الحسين النجفي وجود قول أو نص لهم في نقص القرآن أو تحريفه - كما سلف - بل إن الشيخ الواحد يتناقض في أقواله، لأنه يتحدث بموجب التقية حسب المقام، وحسب من يتحدث إليه.. فهذا مغنية - نفسه - والذي يقول بارتفاع التقية يقول: إن الشيعة لا ينالون من مقام الصحابة وذلك في تفسيره الكاشف، ثم في كتابه "في ظلال نهج البلاغة" يتناول كبار الصحابة بالنقد والتجريح.. كما مضى [انظر: ص(1109) من هذه الرسالة.].(7/92)
ويقول: إن الإمامة ليست أصلاً من أصول دين الإسلام، وإنما هي أصل لمذهب التشيع فمنكرها مسلم إذا اعتقد بالتوحيد والنبوة والمعاد ولكنه ليس شيعياً.. يقول هذا في كتابه "مع الشيعة الإمامية" [مع الشيعة الإمامية: ص268 (ضمن كتاب الشيعة في الميزان).]. ولكنه يقول في كتابه الآخر "الشيعة والتشيع" في عيد لهم يسمونه "عيد الغدير" [وتنسج الشيعة حول هذا العيد أساطير كثيرة تدول حول النص على علي بالإمامة، وانظر في مناقشة ذلك: ابن تيمية/ منهاج السنة: 4/84-87، المنتقى: ص466.].
يقول: "إن احتفالنا بهذا اليوم هو احتفال بالقرآن الكريم، وسنة النبي العظيم بالذات، احتفال بالإسلام ويوم الإسلام.. إن النهي عن يوم الغدير تعبير ثان عن النهي بالأخذ بالكتاب والسنة وتعاليم الإسلام ومبادئه" [الشيعة والتشيع: ص258 (ضمن كتاب الشيعة في الميزان).].. ثم استشهد بما قاله شيخهم المعاصر عبد الله العلايلي وهو: "أن عيد الغدير جزء من الإسلام، فمن أنكره فقد أنكر الإسلام بالذات" [الشيعة والتشيع (الهامش) ص258، وقد قال العلايلي هذا الكلام في خطبة أذاعتها محطة الإذاعة اللبنانية في 18 ذي الحجة سنة 1380ه (الشيعة والتشيع ص258).].
وبالمقارنة بين النصين تتضح الحقيقة؛ فهو في النص الأول يقول: إن من أنكر الإمامة فهو مسلم، وفي النص الآخر يحكم على منكر عيد الغدير والذي هو بدعة من بدع الشيعة ما أنزل الله به من سلطان، يحكم على أن منكره منكر للإسلام بالذات.. فهل من وجه لتأويل هذا التناقض الواضح إلا التقية التي تغلغلت في أعماقهم.
ولكن أي القولين هو الحقيقة والذي يمثل مذهب الشيعة.. إن النص الأخير بلا شك هو الذي يتفق مع ما جاء في مصادرهم القديمة.. ولعل ما قاله فيه هو حقيقة مذهبه، وقد انكشف في ظل الحماس وفورة العاطفة التي صاحبت الاحتفال بالعيد المزعوم.(7/93)
ولقد أخرجت المكتبة الشيعية "المعاصرة" كتباً للدعوة للتشيع ونشره بين أهل السنة.. ولعل المطلع على هذه الكتب يدرك أن واضعها أحد رجلين، إما زنديق ملحد هدفه إضلال عباد الله بالكذب والخداع، أو رافضي جاهل استحل باسم التقية كل شيء.
لكن العقد العام الذي ينتظمها، والأصل الذي تنتمي له هو التقية، ولذلك لم نر انتقاداً لها في الوسط الشيعي كله على الرغم من ظهور عنصر "الكذب فيها".
ومن أبرز الأمثلة على ذلك كتاب يسمى "المراجعات" وضعه آيتهم العظمى عبد الحسين شرف الدين الموسوي.
ولقد اهتم دعاة "الرفض" بهذا الكتاب، وجعلوه وسيلة من أهم وسائلهم التي يخدعون بها الناس، أو بعبارة أدق يخدعون به أتباعهم وشيعتهم، لأن أهل السنة ولا سيما أهل العلم فيهم لا يعلمون شيئاً عن هذا الكتاب ولا غيره من عشرات الكتب التي تخرجها مطابع الروافض.. اللهم إلا من له عناية واهتمام خاص بمذهب الشيعة.
ولقد زاد كلفهم بهذا الكتاب وعنايتهم بترويجه ونشره حتى طبع هذا الكتاب أكثر من مائة مرة كما زعم ذلك بعض الروافض [أحمد مغنية/ الخميني أقواله وأفعاله: ص45.].. وقد تكون فتنة هذا الكتاب بين الأتباع الأغرار مثل فتنة كتاب ابن المطهر الحلي الذي كشف باطله شيخ الإسلام في منهاج السنة.. ولعل الله يهيء الأسباب لتعقب هذه "الأكذوبة" وفضحها في دراسة مستقلة.. وسأشير هنا بإيجاز إلى بعض ما فيه:
الكتاب عبارة عن مراسلات بين شيخ الأزهر سليم البشري وهو - بزعم الرافضي - يمثل أهل السنة ويستدل لمذهبها.. وبين عبد الحسين وهو يمثل الشيعة ويستدل لمذهبها.. وانتهت هذه المراسلات بإقرار شيخ الأزهر بصحة مذهب الروافض وبطلان مذهب أهل السنة.. والكتاب بلا شك مكيدة رافضية، ومؤامرة مصنوعة لترويج مذهب الرفض.(7/94)
والذي يعرف مذهب الرافضة عن كثب ويتعامل مع كتبها لا يستنكر هذا الأسلوب، إذ لا جديد فيها.. فهو أسلوب قديم درج عليه الروافض.. فقد كان من دأبهم وضع بعض المؤلفات المشتملة على مطاعن في الصحابة، وبطلان مذهب أهل السنة، وغيرها مما يؤيد مذهبهم.. ونسبة ذلك لبعض مشاهير أهل السنة.
وقد عقد الشوكاني في كتابه "الفوائد المجموعة" مبحثاً بعنوان "النسخ الموضوعة" وبعد عرضه لها ذكر أن أكثرها من وضع الرافضة وهي موجودة عند أتباعهم [الفوائد المجموعة: ص425.].
كما أشار اصحب التحفة الاثني عشرية لهذا الأسلوب ومثل له بكتاب سر العالمين، وقال إنهم نسبوه إلى الإمام أبو حامد الغزالي وشحنوه بالهذيان، وذكروا في خطبته عن لسان الإمام وصيته بكتمان هذا السر وحفظ هذه الأمانة.
"وما ذكر في هذا الكتاب فيه عقيدتي؛ وما ذكر في غيره فهو للمداهنة" [مختصر التحفة الاثني عشرية: ص33، وانظر: السويدي/ نقض عقائد الشيعة: ص25.].
وقد رأيتهم في بعض مؤلفاتهم المعاصرة يرجعون لهذا الكتاب ويحتجون ببعض ما فيه على أهل السنة [انظر مثلاً - مصادر كتاب "كشف الاشتباه" للرافضي عبد الحسين الرشتي والمطبوع في المطبعة العسكرية بطهران في 1368ه.].
وقد طبع هذا الكتاب عدة طبعات [طبع في بومباي سنة 1314ه، وفي القاهرة سنة 1324ه، وسنة 1327ه، وفي طهران، بغير تاريخ. (انظر: عبد الرحمن بدوي/ مؤلفات الغزالي ص225).].(7/95)
وقد ذكر د. عبد الرحمن بدوي: أن ثلاثة من المستشرقين ذهبوا إلى القول بأن الكتاب منحول (جولد تسيهر، بويج، ومكدونلد) [مؤلفات الغزالي: ص271.]، ويذهب عبد الرحمن بدوي إلى هذا الرأي ويقطع به ويحتج لذلك فيقول: "والأمر الذي يقطع بأن الكتاب ليس للغزالي هو ما ورد في ص82 من قوله: "أنشدني المعري لنفسه وأنا شاب في صحبته يوسف بن علي شيخ الإسلام" فإن المعري توفي سنة (448ه) بينما ولد الغزالي سنة (450ه)، فكيف ينشده لنفسه" [مؤلفات الغزالي: ص271، والغريب أني رأيت الذهبي - رحمه الله - ينسب هذا الكتاب إلى أبي حامد الغزالي (ميزان الاعتدال: 1/500)، فقد يكون هذا الأمر قد فات على الإمام الذهبي، أو يكون للغزالي كتاب بهذا العنوان قد فُقِد فألف الروافض كتاباً يحمل اسم ذلك الكتاب المفقود ونسبوه للغزالي.]!؟
والغرض من فتح صفحة الماضي هنا هو الإشارة إلى أن كتاب المراجعات هو حلقة من حلقات، ومؤامرة من سلسلة مؤامرات ضاربة جذورها في أعماق الزمن مرد على فعلها الروافض.. حتى لا يفقدوا أتباعهم، ولينشروا "الفتنة" والرفض بين المسلمين.
وأرجح القول إلى كتاب "المراجعات" للإشارة على سبيل الإيجاز إلى بعض الأمارات التي تؤكد وضعه:
أولاً: مما يقطع بوضعه أن أسلوب الرسائل المسجلة في كتاب المراجعات والتي تمثل شخصيتين مختلفتين فكراً وثقافة وعلماً ووضعاً اجتماعياً هو أسلوب واحد لا تغاير فيه ولا تمايز مما يقطع بأن واضعها هو شخص واحد وهو عبد الحسين.(7/96)
ثانياً: أن شيخ الأزهر وهو في ذلك الوقت شيخ الأزهر بالعلم والمكانة لا في المنصب والوظيفة ظهر في هذه الرسائل بصورة تلميذ صغير، أو طالب مبتدئ، وظيفته التسليم لكل ما يقوله هذا الرافضي؛ بل والثناء والتعظيم لكل حرف يسطره، حتى ولو كان جواب الشيعي هو تفسير باطني لا تربطه بآيات القرآن أدنى رابطة [انظر تأويلاته الباطنية لكتاب الله في "مراجعاته" ص: 62-73.]، يدرك ضلاله صغار أهل العلم عند أهل السنة؛ بل قد ينكره عوامهم، أو توثيق لحديث موضوع، أو تأكيد على خرافة من الخرافات.
لقد نقل هذا الرافضي إقرار شيخ الأزهر بصحة وتواتر أحاديث هي عند أهل الحديث ضعيفة؛ بل موضوعة، ولا يجهل ضعفها، أو وضعها صغار المتعلمين، فضلاً عن شيخ الأزهر وفي ذلك الوقت بالذات الذي لا يصل إلى منصب المشيخة إلا من ارتوى من معين العلم وتضلع في علوم الإسلام [انظر ما نسبه إليه من ذلك - مثلاً - في ص55-60 من المراجعات، وانظر البينات في الرد على أباطيل المراجعات: ص45 وما بعدها.].
وليس ذلك فحسب؛ بل إن هذا الرافضي صور شيخ الأزهر بصورة العاجز عن معرفة مواضع أحاديث في كتب أهل السنة لا في كتب الشيعة، فنجده يطلب من هذا الرافضي أن يذكرها له [انظر- مثلاً -: المراجعات: ص237.].
فهل يجهل شيخ الأزهر مثل ذلك، وهل يعجز عن البحث ولديه المكتبات، وهل يضطر إلى تكليف هذا الرافضي ولديه علماء الأزهر وطلابه، ومتى صار الرافضي أميناً في نقل الحديث عند محدثي السنة؟!!
ثالثاً: ولقد جاء نشر الرافضي للكتاب خالياً من أي توثيق، فلم يرد فيه ما يثبت صحة تلك الرسائل بأي وسيلة من وسائل التوثيق كأن يثبت صوراً لبعض الرسائل المتبادلة والتي بلغت - حسب مدعاه - 112 رسالة نصيب شيخ الأزهر منها 56 رسالة.(7/97)
وهذه الرسائل كانت خطية فلِمَ لم يثبت ولو رسالة واحدة تشهد لقوله.. ولاسيما في رسائل حملت أمراً في غاية الخطورة وهو تحول شيخ الأزهر من مذهب أهل السنة إلى مذهب الرافضة.. وانتقاله من الحق إلى الباطل، وعجز الرافضي عن إقامة هذا الدليل برهان بطلان دعواه، وكذب نسبه تلك الرسائل إلى الشيخ سليم.. بل انتفاء الموضوع من أساسه.
ولقد جاءت هذه الدعوى، من هذا الرافضي فقط، ولم يصدر من الشيخ سليم أي شيء يدل على ذلك، ولم يوجد لما يدعيه هذا الرافضي من نسبته إلى الرفض أي أثر في حياته.
بل إن هذا الرافضي لم يتجرأ على إخراج هذا "الكتاب" إلا بعد عشرين سنة من وفاة البشري [توفي البشري سنة 1335ه (انظر ترجمته في الأعلام: 3/180).]، وأمام عجزه عن إقامة الدليل على دعواه.. اضطر الرافضي أن يفضح نفسه في مقدمته لأنه لا سبيل له لأن يصنع رسائل تحاكي أسلوب البشري، ولا أن ينشر صورة لرسالة من تلك الرسائل بخط البشري فاعترف بوضع هذه الرسائل فقال: "وأنا لا أدعي أن هذه الصحف تقتصر على النصوص التي تألفت يومئذ بيننا، ولا أن شيئاً من ألفاظ هذه المراجعات خطه غير قلمي" [انظر: مقدمة المراجعات: ص27.]. فإذا كان لم يخط هذه المراجعات غير قلمه فلم يبهت شيخ الأزهر بهذا "المنكر"؟
ثم إنه أضاف إلى ذلك فضيحة أخرى بقوله: "إنه زاد في هذه الرسائل ما يقتضيه المقام والنصح والإرشاد" [مقدمة المراجعات: ص27.]، وهذا اعتراف آخر بأنه نسب إلى شيخ الأزهر ما لم يقله، ولكن سوغ هذا الكذب بأنه مما يقتضيه "النصح" وهذا عند أصحاب التقية مشروع.
ومادام القوم كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته وأهل بيته فهل يستكثر منهم بعد ذلك أن يكذبوا على الآخرين..؟!
هذه صورة من صور التقية، ومثال بارز من أمثلتها في هذا العصر.(7/98)
والأمثلة في هذا الباب كثيرة.. وصنوف الكذب باسم التقية متنوعة ومختلفة تحتاج لبحث مستقل [ومن الأمثلة - أيضاً - كتاب يسمى: "لماذا اخترت مذهب الشيعة" وهو يتضمن قصة مخترعة ومؤامرة مصنوعة تحكي أن عالماً من كبار علماء السنة يدعى "محمد مرعي الأنطاكي" قد ترك مذهب السنة وأخذ بمذهب الروافض بعد أن تبين له بطلان الأول، والكتاب مليء بالدس والكذب والافتراء كما هي عادة الروافض بحكم عقيدة "التقية" عندهم.
وهل يغتر من تضلع بعلوم الشريعة بعقيدة الرفض فيؤمن بخرافتهم في انتظار الغائب والذي يرتقبون خروجه من أحد عشر قرناً، أو بأسطورة الرجعة التي ينتقمون فيها من أحباب رسول الله وأصهاره وبعض زوجاته أمهات المؤمنين أو بفرية البداء.. إلخ.
لا يغتر أحد بمثل هذا المذهب، ولهذا حكى بعض السلف أنهم إنما يخشون البدعة على الأعجمي أو الحدث.. أما من ارتوى من معين العلم الشرعي فلا ينخدع بأكاذيب الروافض. (انظر: مقدمة الرسالة ص:6) ولهذا قال أهل العلم بأن شيوخ الرافضة أحد الرجلين: إما جاهل، وإما زنديق (انظر: منهاج السنة: 4/77).
وهذا "الباطني" المدعو بالأنطاكي يدعي بأنه نزيل حلب ويشغل قاضي القضاة على مذهب أهل السنة، مع أنه لا يعرفه من رجال العلم في حلب أحد.. كما أجابني غير واحد من أهل العلم فيها منهم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة وغيره.].
وهذا الأسلوب في الوضع له خطورته.. وقد امتهنه الروافض، وأصبح من أعمال التقية عندهم، ولهذا ذكر السويدي أنه على هذه الطريقة نسبت كتب كثيرة ولا يعرفها إلا من كان عارفاً بمذاق كلام أهل السنة [السويدي/ نقض عقائد الشيعة: ص25 (مخطوط).].(7/99)
وقد أجرى الله سبحانه الله على لسان بعض الروافض فأنطقهم بكشف هذه الحقيقة فاعترف أحد أساطينهم المعاصرين عند الحديث عن كتاب سليم بن قيس بأن هذا الكتاب وجملة أخرى من كتبهم موضوعة (أي مكذوبة على من نسبت إليه) لغرض صحيح [الشعراني/ تعليقات علمية (على الكافي مع شرحه للمازراني) 2/373-374.]. فأنهم يستجيزون لأنفسهم هذا "الوضع" مادام الغرض صحيحاً عندهم.
ولا نسترسل في دراسة ذلك [وهذا الباب يستحق دراسة خاصة لخطورته من جانب، ولأهميته في كشف حقيقة مذهبهم من جانب آخر.] لضيق المجال، ولأن هذا الباب خاص بالمعاصرين.
شيوخ الشيعة يعملون بالتقية مع أتباعهم:
والشيعة التي تزعم على لسان بعض علمائها ارتفاع التقية لا تزال تمارس التقية، لا مع أهل السنة فحسب كما بينا، بل ما أتباعها.. فإن من شيوخ المعاصرين من يعمل بالتقية (بإظهاره خلاف ما يبطن) مع أتباعه من الشيعة.
وهذه ليست دعوى ندعيها، بل حقيقة ثابتة باعترافهم.. لقد أحجم ثلاثة من كبار علماء الشيعة عن إعلان مسألة فرعية فقهية في دينهم خوفاً من العوام.. وكانوا يفتون بخطئها، ويقولون بخلافها سراً ولخواصهم فقط [مع أنهم مافتئوا يتبجحون بفتح باب الاجتهاد عندهم.. وإذا كان هذا موقفهم في مسألة فرعية فكيف يرجى منهم إعادة النظر في أصولهم التي شذوا بها عن أمة الإسلام؟!].(7/100)
ومن الطريف أن الذي كشف هذه الحقيقة هو من يقول بارتفاع التقية وهو شيخهم محمد جواد مغنية، حيث قال: "أحدث القول بنجاسة أهل الكتاب مشكلة اجتماعية للشيعة، وأوقعهم في ضيق وشدة وبخاصة إذا سافروا إلى بلد مسيحي كالغرب، أو كان فيه مسيحيون كلبنان.. وقد عاصرت ثلاثة مراجع كبار من أهل الفتيا والتقليد: الأول: كان في النجف الأشرف وهو الشيخ محمد رضا آل يس، والثاني: في قم وهو السيد صدر الدين الصدر. والثالث: في لبنان وهو السيد محسن الأمين، وقد أفتوا جميعاً بالطهارة، وأسروا بذلك إلى من يثقون به، ولم يعلنوا خوفاً من المهوشين، على أن يس كان أجرأ الجميع، وأنا على يقين بأن كثيراً من فقهاء اليوم والأمس يقولون بالطهارة، ولكنهم يخشون أهل الجهل، والله أحق أن يخشوه" [مغنية/ فقه الإمام جعفر الصادق: ص31-33.].
ويذكر مغنية في تفسيره "الكاشف" إن إمامهم الأكبر السيد الخوئي أسرّ برأيه لمن يثق به [مغنية/ الكاشف: 6/18.].
وكذلك يقول الرافضي "كاظم الكفائي" بأن إمامهم "الغطا" أفتى بالطهارة لخاصته، لأن عقول العامة لا تحتمله [نقل ذلك د. علي السالوس (انظر: فقه الإمامية ص81- الهامش).].
وقد علق على ذلك د. علي السالوس فقال: وهكذا يضيع العلم، ويفترى على الإسلام، لأن أناساً ائتمنوا على العلم فضيّعوه وزيّفوه، لأنهم يخشون الناس ولا يخشون الله [علي السالوس/ فقه الإمامية: ص81 (الهامش).].
وأقول: إن من أسباب مراعاة (أو تقية) علماء الشيعة لجهال الشيعة وعوامهم هو أن هؤلاء هم مصدر رزقهم الذي يسلبونه منهم باسم الخمس.
وإذا كان هذا موقف خمسة من كبار مراجع الشيعة في العصر الحاضر إزاء مسألة فرعية يجزمون بخطئها، فكيف يرجى أن يستجيبوا لتعديل أصولهم؟!
ومن هذه الحقائق يتبين أن الشيعة لا يتركون تقيتهم.. ولا يتخلون عنها حتى يقوم القائم كما تؤكده نصوصهم وأفعالهم.(7/101)
وإن كان استعمال "التقية" عندهم يخف ويشتد بحسب الظروف والأحوال.. أعني أنه كلما كانت للشيعة دولة وقوة كان التزامها بالتقية أضعف، ونجد هذا واضحاً في مقارنة بين ما كتبه شيوخ الدولة الصفوية، مثل: كتابات المجلسي في بحار الأنوار، ونعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية، والكاشاني في تفسير الصافي، والبحراني في تفسير البرهان وغيرهم، بحيث تجد منهم الجرأة على إعلان كثير من الأفكار التي كانت موضع السرية عند الشيعة.. بالمقارنة إلى سابقيهم إبان قوة الدولة الإسلامية، حيث نجد في الغالب في نهاية كل نص من نصوصهم الأمر بحفظ السر وكتمان المبدأ [انظر – مثلاً -: نص عقيدة الطينة ص(960-961) من هذه الرسالة.]. حتى إن مسألة الولاية كانت موضع السرية عندهم في بادئ الأمر [انظر: ص(658) من هذه الرسالة.]..
وبعد، هذه جملة من آراء المعاصرين وعقائدهم تبين نهجهم العقدي في هذا العصر.. وما لم يكن فيه جديد أو دعوى جديدة عما مضى لم أتعرض له، لأن الصلة مادامت قائمة ووثيقة في أصول التلقي فلا أمل في تغيير إلى الأفضل.
وبهذا يتبين أن المعاصرين هم أخطر من سابقين؛ لأنهم ورثوا كل ما صنعته القرون من الدس والتزوير، واعتبروا تلك مصادر معتمدة.. ووفرت لهم "الطباعة الحديثة" انتشار الكتب عنهم.. وكان ضعف المسلمين سبباً في زيادة نشاطهم، وكان فشو الجهل وضعف السنة عاملاً من عوامل التأثر بهم، وتأثير ضلالهم.
الفصل الرابع
دولة الآيات
وبعد أن تبين صلة الشيعة المعاصرين بقدمائهم، وأن الارتباط قائم ووثيق بينم، بل إن ما كان يعد غلواً عند الماضين أصبح ضرورياً عند المعاصرين، فهل ثمة حاجة بعد ذلك للوقوف عند دولتهم؟ أليس الأمر قد اتضح لكل ذي عينين؟ إن سبب تخصيص دولتهم الحاضرة بالدارسة والتقويم، يعود إلى أمرين أساسيين:
الأول:(7/102)
أنها طرحت بلسان زعيمها، ونص دستورها فكرة جديدة في محيط التشيع الاثني عشري، أثارت جدلاً بين شيوخ الشيعة بين مؤيد ومعارض، تلك هي فكرة نقل وظائف المهدي وصلاحياته بعد طول غيبته، وتأخر خروجه إلى الفقيه الشيعي بالكامل كما سيأتي تفصيله والحديث عن آثاره، حيث إن الخميني استولى تماماً على وظائف مهديهم المنتظر بعد قيام دولته.
السبب الثاني:
بأنه قيل إن هذه الدولة هي التي تمثل الإسلام في هذا العصر، وشيوخها هم المراجع للمسلمين، ومؤسسها من المجددين، وراجع هذا على بعض المسلمين، وقيل بعد قيام دولتهم بأنه قد عاد "المذهب الشيعي إلى نقائه الأصيل ولاء لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وحباً لآل بيته حباً صادقاً لوجه الله لا يفقد صاحبه احترام غيرهم من المسلمين وخصوصاً صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم" [مجلة البلاغ، العدد (512)، 9 ذي القعدة 1399هـ.].
وزعمت بعض الصحف "أن ردود الفعل التي أحدثتها (حركة الخميني) كان مبعثها أن حركة الخميني حركة إسلامية مائة في المائة" [مجلة الاعتصام، العدد الخامس، السنة الثانية والأربعون، ربيع أول 1399هـ.].. ورشحت مجلة المعرفة التونسية الخميني لنيل جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام [انظر: مجلة المعرفة التونسية ، العدد (9) ، السنة الخامسة ، ذي الحجة 1399هـ.].
ومضت على هذا النهج مجلات أخرى كالرائد [انظر: الرائد الألمانية، العدد (34) ذي الحجة 1398هـ، ص25-26.]، والدعوة [انظر: الدعوة المصرية، العدد (30) في 1/12/1398هـ، ص8.]، والرسالة [انظر: الرسالة اللبنانية، العدد (31)، جمادى الثانية 1399هـ.]، والأمان [انظر: الأمان اللبنانية، العدد (31)، 9 شوال 1399هـ.] وغيرها. وهذه المجلات كلها منتسبة لأهل السنة.(7/103)
وقد كتب بعض المنتمين لأهل السنة كتابات عن الخميني وثورته، يشيد بها ويعدها المثال الصادق للحكومة الإسلامية [مثل: "الخميني الحل الإسلامي والبديل"، تأليف فتحي عبد العزيز، ونشرته دار المختار الإسلامي، و"مع ثورة إيران" وهو البحث الثالث من البحوث التي يصدرها المركز الإسلامي في آخن، وكتاب: "نحو ثورة إسلامية" لمحمد عنبر.].
وأصدرت بعض الحركات الإسلامية بيانات تثني وتؤيد المنهج الخميني حتى جاء في بيان التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وصف حكم الخميني بأنه "الحكم الإسلامي الوحيد في العالم" [انظر: الشيعة والسنة ضجة مفتعلة، وهو من سلسلة الكتب التي تصدرها دار المختار الإسلامي: ص52.].
فكانت فتنة مدلهمة لا تزال آثارها باقية، وإن أفاق البعض، وتبينت له الحقيقة، إلا أن منهم من لا يزال يعد ما يثار عن شيعة الخميني إنما هي "ضجة مفتعلة" [انظر: الشيعة والسنة ضجة مفتعلة، وهو من سلسلة الكتب التي تصدرها دار المختار الإسلامي: ص52.].
وقد استغل الشيعة هذا الجو بالدعاية لمذهبهم ونشره، وساهمت هذه الحملة الإعلامية الدعائية في الصحف الإسلامية على إخفاء الحقيقة أمام شباب المسلمين، لأنها هي لا تعرف شيئاً من الخلاف بين الشيعة والسنة إلا أنه خلاف حول من يستحق الولاية: عليّ أم أبو بكر، وتلك أمة خلت، وليس هذا الخلاف بأمر ذي بال اليوم.
فكان هذا الوضع مجالاً خصباً لنشر الفتنة والرفض.. ومن هنا فإنه لابد من بيان الحقيقة ونشرها بين الناس.
ولابد من نقد دعوى الجديد والتجديد، وحكاية التغيير وتقويمها، ولعل دراسة فكر مؤسسها، ومواد دستورها، هي التي يمكن على ضوئها إصدار حكم موضوعي محايد في أمرها [وقد كتبت عن مسألة الخميني والتقريب في رسالتي للماجستير، وفي هذه الدراسة أكمل الموضوع بكشف جوانب جديدة، لعلها لم تطرق من قبل فيما نشر من كتب حول الخميني.].
فكر مؤسسها(7/104)
من خلال الرجوع إلى ما كتبه الخميني في كشف الأسرار [وهو باللغة الفارسية، وتم تعريب أجزاء من الكتاب من قبل أحد أبناء هذه اللغة، وقد أرسل لي صورة من هذه الترجمة أحد أساتذة الجامعة الإسلامية جزاه الله خيراً.]، وتحرير الوسيلة، والحكومة الإسلامية، ومصباح الإمامة والولاية، ورسائل التعدد والترجيح والتقية، ودروس في الجهاد والرفض، وسر الصلاة.. وغيرها.
يتبين أن له مجموعة من الاتجاهات، لعل أهمها ما يلي:
أولاً: الاتجاه الوثني.
ثانياً: الاتجاه الصوفي الغالي.
ثالثاً: دعوى النبوة.
رابعاً: الغلو في الرفض.
خامساً: عموم ولاية الفقيه (أو النيابة الكاملة عن المنتظر).
أولاً: الاتجاه الوثني [لم أجد أحداً كتب عن هذا الاتجاه عند الخميني رغم خطورته الكبرى.]:
في كتابه كشف الأسرار ظهر الخميني داعياً للشرك ومدافعاً عن ملة المشركين حيث يقول تحت عنوان: "أليس من الشرك طلب الحاجة من الموتى":
"يمكن أن يقال إن التوسل إلى الموتى وطلب الحاجة منهم شرك؛ لأن النبي والإمام ليس إلا جمادين فلا يتوقع منهما النفع والضرر.
والجواب: إن الشرك هو طلب الحاجة من غير الله، مع الاعتقاد بأن هذا الغير هو إله ورب، وأما إذا طلب الحاجة من الغير من غير هذا الاعتقاد فذلك ليس بشرك، ولا فرق في هذا المعنى بين الحي والميت، ولهذا لو طلب أحد حاجته من الحجر والمدر لا يكون شركاً، مع أنه قد فعل باطلاً.
ومن ناحية أخرى نحن نستمد من أرواح الأنبياء المقدسة والأئمة الذين أعطاهم الله قدرة.
لقد ثبت بالبراهين القطعية والأدلة العقلية المحكمة حياة الروح بعد الموت، والإحاطة الكاملة للأرواح على هذا العالم" [كشف الأسرار: ص30.]. ثم ذكر أقوالاً للفلاسفة في إثبات ادعائه.
فقد اشتمل هذا النص على ما يلي:
أ- اعتقاده أن دعاء الأحجار والأصنام والأضرحة من دون الله لا يكون شركاً، إلا إذا اعتقد الداعي أنها هي الإله والرب.(7/105)
وهذا باطل من القول وزور؛ لأن هذه هو الشرك الأكبر بعينه، والذي أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب لإبطاله، وهو شرك المشركين الذين جاهدهم الرسول صلى الله عليه وسلم، ذلك أنه غير خاف أن المشركين ما كانوا يعتقدون في "أصنامهم" أنها الرب بل كانوا يقولون كما قال الله عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر 3]. وقال سبحانه: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس 18].
وقال سبحانه : {قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ، قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ، قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون 84-89]..
فثبت بهذا أن مشركي العرب كانوا مقرين بأن الله وحده خالق كل شيء، وكانوا مع هذا مشركين، وكان شركهم من هذا الشرك الذي يدعو إليه خميني.
ب- اعتقاده أن الأمة الأموات لهم قدرة على النفع والضر. ويقول بأنهم يستمدون منهم ذلك. وهذا من الشرك الأكبر بلا ريب، فالأموات لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً.. وهل يوجد فرق بين هذا وشرك مشركي قريش.. وغيرهم من مشكري الأمم الذي كان غالب شركهم من هذه الباب [انظر: شرح الطحاوية: ص20.].
إن الفرق أن هؤلاء يسمون شركهم إسلاماً ويرون أنه من دين محمد صلى الله عليه وسلم كما ترى في دفاع هذا الرجل وغيره.(7/106)
جـ- دعواه الإحاطة الكاملة للأرواح على هذا العالم، ثم خاص في ركام الفلسفة لإثبات مدعاه.
الإحاطة بهذا العالم لله وحده {وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا} [النساء 126]، والروح مخلوقة مدبّرة، وهي بعد مفارقتها للجسد في نعيم أو عذاب، وليس لها من أمر الإحاطة بالعالم نصيب، ولكن الشيء من معدنه لا يستغرب، فمن يجمع بين إلحاد الفلاسفة وغلو الرافضة لا يخرج منه إلا هذا وأشنع.
اعتقاده تأثير الكواكب والأيام على حركة الإنسان:
لا يزال فكر الخميني أسير أوهام الشرك والمشركين، فهو يزعم أن هناك أياماً منحوسة من كل شهر يجب أن يتوقف الشيعي فيها عن كل عمل، وأن لانتقال القمر إلى بعض الأبراج تأثيراً سلبياً على عمل الإنسان، فليتوقف الشيعي عن القيام بمشروع معين حتى يتجاوز القمر ذلك البرج المعين.
ولاشك بأن من يعتقد في الأيام والكواكب تأثيراً في جلب سعادة، أو إحداث ضرر أو منعه فهو مشرك كافر، وهو اعتقاد الصابئة في الكواكب.
ومما يشهد لاتجاه خميني هذا ما جاء في تحرير الوسيلة؛ حيث يقول: "يكره إيقاعه (يعني الزواج) والقمر في برج العقرب، وفي محاق الشهر، وفي أحد الأيام المنحوسة في كل شهر وهي سبعة: يوم 3، ويوم 5، ويوم 13، ويوم16، ويوم 21، ويوم 24، ويوم 25 (وذلك من كل شهر)" [تحرير الوسيلة: 2/238.].
هذا معتقد الخميني، فيصدق فيه ومن تبعه قول صاحب التحفة الاثني عشرية: "إن الصابئين كانوا يحترزون عن أيام يكون القمر بها في العقرب، أو الطرف، أو المحاق، وكذلك الرافضة.. وكانت الصابئة يعتقدون أن جميع الكواكب فاعلة مختارة، وأنها هي المدبر للعالم السفلي، وكذلك الرافضة" [مختصر التحفة: ص299، وراجع: باب ما جاء في التنجيم من كتاب التوحيد مع شرحه فتح المجيد ص365.].
حقيقة الشرك عند الخميني:
وإذا كانت وثنية المشركين ليست عنده بشرك.. فما هو الأمر الذي يكون شركاً في نظره؟(7/107)
يقول: "توجد نصوص كثيرة تصف كل نظام غير إسلامي بأنه شرك، والحاكم أو السلطة فيه طاغوت، ونحن مسؤولون عن إزالة آثار الشرك من مجتمعنا المسلم، ونبعدها تماماً عن حياتنا" [الحكومة الإسلامية: ص 33-34، وانظر: اعتقادهم في توحيد الألوهية ص(425) وما بعدها من هذه الرسالة.].
فأنت ترى أن مفهوم الشرك عنده هو أن يتولى على بلاد المسلمين أحد من أهل السنة فحاكمها حينئذ مشرك، وأهلها مشركون، فدين هؤلاء "الولاية" لا التوحيد، ولذلك فإن الشرك قد ضرب بجرانه في أقطارهم.
ثانياً: الغلو في التصوف (أو القول بالحلول والاتحاد) :
وتتمثل "صورة التصوف عنده" في أوضح مظاهرها في كتابه "مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية" ثم كتابه الآخر "سر الصلاة".. وفيما يلي بيان لبعض اتجاهاته الصوفية الغالية:
أ- قوله بالحلول الخاص:
يقول عن أمير المؤمنين علي: "خليفته (يعني خليفة الرسول صلى الله عليه وسلم) القائم مقامه في الملك والملكوت، المتحد بحقيقته في حضرت الجبروت واللاهوت، أصل شجرة طوبى، وحقيقة سدرة المنتهى، الرفيق الأعلى في مقام أو أدنى، معلم الروحانيين، ومؤيد الأنبياء والمرسلين علي أمير المؤمنين" [مصباح الهداية: ص1.].
فانظر إلى قوله: "المتحد.. باللاهوت" تجده كقول النصارى باتحاد اللاهوت بالناسوت، ومن قبل زعمت غلاة الشيعة أن الله حلّ في علي [انظر القول بالحلول عند عدد من فرق غلاة الشيعة في: مقالات الإسلاميين: 1/83-86، وأشار الشهرستاني إلى أن غلاة الشيعة كلهم متفقون على القول بالحلول (الملل والنحل: 1/175).] ولا تزال مثل هذه الأفكار الغالية والإلحادية تعشعش في أذهان هؤلاء الشيوخ كما ترى.
ومن منطلق دعوى حلول الرب بعلي - كما يفتري - ينسب الخميني لأمير المؤمنين علي أنه يقول: "كنت من الأنبياء باطنياً ومع رسول الله ظاهراً" [مصباح الهداية: ص142.].(7/108)
ويعلق عليه فيقول: "فإنه عليه السلام صاحب الولاية المطلقة الكلية والولاية باطن الخلافة.. فهو عليه السلام بمقام ولايته الكلية قائم على كل نفس بما كسبت، ومع كل الأشياء معيّة قيّومية ظليّة إلهية ظل المعية القيومية الحقة الإلهية، إلا أن الولاية لما كانت في الأنبياء أكثر خصهم بالذكر" [مصباح الهداية: ص142.].
فأنت ترى أن الخميني يعلق على تلك الكلمة الموغلة في الغلو والمنوسبة زوراً لأمير المؤمنين، بما هو أشد منها غلواً وتطرفاً؛ فهو عنده ليس قائماً على الأنبياء فحسب، بل على كل نفس ويختار الآية المختصة بالله سبحانه ليصف بها المخلوق. قال تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد 33].
أي أنه سبحانه: "حفيظ عليم رقيب على كل نفس منفوسة" قال تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس 61]. [تفسير ابن كثير: 2/556.].
وقد تبينت الحقيقة لكل ذي عينين، فماذا بعد القول بأن علياً هو القائم على كل نفس غلواً، إذ هو تأليه صريح؟!
وقال في قوله عز وجل: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} [الرعد 2] قال: "أي ربكم الذي هو الإمام" [مصباح الهداية: ص145.].
ب- قوله بالحلول والإتحاد الكلي:
وتجاوز الخميني مرحلة القول بالحلول الجزئي، أو الحلول الخاص بعليّ إلى القول بالحلول العام.. فهو يقول - بعد أن تحدث عن التوحيد ومقاماته حسب تصوره -: "النتيجة لكل المقامات والتوحيدات عدم رؤية فعل وصفة حتى من الله تعالى، ونفى الكثرة بالكلية، وشهود الوحدة الصرفة.." [مصباح الهداية: ص134.].(7/109)
ويبدو أن قوله: "عدم رؤية فعل وصفة حتى من الله تعالى" للتأكيد على مذهب الاتحادية، لأن رؤية فعل متميز، وإثبات صفة معنية لله يعني إثبات الغيرية والتثنية وهذا شرك عندهم.
ثم ينقل عن أحد أئمته أنه قال: "لنا مع الله حالات هو هو ونحن نحن، وهو نحن، ونحن هو" [مصباح الهداية: ص114.].
ثم يعلق على ذلك بقوله: "وكلمات أهل المعرفة خصوصاً الشيخ الكبير محي الدين مشحونة بأمثال ذلك مثل قوله: الحق خلق، والخلق حق، والحق حق، والخلق خلق".
وقال في نصوصه: "إن الحق المنزه هو الحق المشبه" [في الأصل المنقول عنه "المشيئة" وهو تصحيف واضح.].. ثم نقل جملة من كلمات ابن عربي [مصباح الهداية: ص114.].. وقال: "لا ظهور ولا وجود إلا له تبارك وتعالى والعالم خيال في خيال عند الأحرار" [مصباح الهداية: ص123.].
وقال: "وإذا نظف دار التحقق من غبار الكثرة، وطوى الحجب النورانية والظلمانية ونال مقام التوحيد الذاتي، والفناء الكلي تحصل له الاستعاذة الحقيقية..".
ثم قال: وقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} رجوع العبد إلى الحق بالفناء الكلي المطلق" [سر الصلاة: ص178.].
ثم تراه كثيراً ما يستدل على مذهبه في وحدة الوجوع بقول ابن عربي والذي يصفه بالشيخ الكبير [انظر - مثلاً -: ص84، 94، 112 من مصباح الهداية.]، والقونوي، ويصفه بـ"خليفة الشيخ الكبير محيي الدين" [انظر: ص110 من مصباح الهداية.].
وهكذا تبين أن الخميني قد أخذ منهج أهل الحلول والاتحاد.
ثالثاً: دعوى النبوة:
أفرزت لوثات التصوف، وخيالات الفلسفة عنده دعوى غريبة، وكفراً صريحاً، حيث رسم للسالك أسفاراً أربعة:
ينتهي السفر الأول إلى مقام الفناء "وفيه السر الخفيّ والأخفى.. ويصدر عنه الشطح، فيحكم بكفره، فإن تداركته العناية الإلهية.. فيقر بالعبودية بعد الظهور بالربوبية" [مصباح الهداية: ص148.] كما يقول.(7/110)
وينتهي السفر الثاني عنده إلى أن "تصير ولايته تامة، وتفنى ذاته وصفاته وأفعاله في ذات الحق وصفاته وأفعاله، وفيه يحصل الفناء عن الفنائية أيضاً الذي هو مقام الأخفى، وتتم دائرة الولاية" [مصباح الهداية: ص148-149.].
أما في السفر الثالث فإنه "يحصل له الصحو التام ويبقى بإبقاء الله، ويسافر في عوالم الجبروت والملكوت والناسوت، ويحصل له حظ من النبوة، وليست له نبوة التشريع، وحينئذ ينتهي السفر الثالث ويأخذ في السفر الرابع" [مصباح الهداية: ص149.].
وبالسفر الرابع "يكون نبياً بنبوة التشريع" [مصباح الهداية: ص149.].
فمراحل السفر عنده: الفناء، والولاية وفيها الفناء عن الفناء، والنبوة بلا تشريع، ثم النبوة الكاملة، وهي تتضمن أن النبوة مكتسبة عن طريق "رياضات" ومجاهدات أهل التصوف. وهي دعوى ترتد إلى أصول فلسفية صوفية قديمة، ولذا قال القاضي عياض: "ونكفر... من ادعى النبوة لنفسه، أو جوز اكتسابها والبلوغ بصفاء القلب إلى مرتبتها كالفلاسفة وغلاة الصوفية" [الشفاء: 2/1070-1071.].
فهذه المقالة كفر صريح، وإلحاد مكشوف، كفر بالنبوة وبالأنبياء، وخروج عن دين الإسلام، ويبدو أنه يدعي لنفسه سلوك هذه "المقامات".. وقد ذكر في كتابه الحكومة الإسلامية "أن الفقيه الرافضي بمنزلة موسى وعيسى" [الحكومة الإسلامية: ص95.].
وينبغي أن لا يغيب عن البال أن مقام الإمامة عندهم أعلى من مقام النبوة - كما سبق ذكره [انظر: ص(565).]- وسيأتي ذكر ذلك أيضاً من كلام الخميني نفسه، ومع ذلك فإن الخميني لا يدعى في إيران إلا "بالإمام" أي بالوصف الذي فوق وصف النبوة عندهم [مصطلح الإمام عند الشيعة يختلف تماماً في مفهومه عند أهل السنة، ولذلك لا يلفت استعمال الشيعة له أنظار أهل السنة.].(7/111)
ولهذا قال مرتضى كتبي [مرتضى كتبي: أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة طهران.]، وجان ليون [جان ليون فاندورن: صحافي فرنسي.]: "بالنسبة للغالبية العظمى من الشعب الإيراني لم يعد روح الله الخميني آية الله، إنما الإمام، وهو لقب نادرًا ما أعطي في تاريخ الشيعة" [المجتمع والدين عند الإمام الخميني، وقد نشر هذا البحث في: "اللوموند الفرنسية" ثم طبع في كتاب باسم "إيران" ص216.].
وقد أكد هذا المعنى أحد المسئولين الإيرانيين ويدعى فخر الدين الحجازي حين قال: "إن الخميني أعظم من النبي موسى وهارون" فنال بهذا القول رضى الخميني فعينه نائباً عن طهران، ورئيساً لمؤسسة المستضعفين أعظم مؤسسة مالية في البلاد" [موسى الموسوي/ الثورة البائسة: ص147.].
ونجد محمد جواد مغنية يلمح إلى شيء من تفضيل الخميني على نبي الله موسى عليه السلام حين قال: "وقال السيد المعلم (يعني الخميني) ص(111) من الحكومة الإسلامية: "لماذا الخوف؟ فليكن حبساً أو نفياً أو قتلاً فإن أولياء الله يشرون أنفسهم ابتغاء مرضاة الله".
ثم علق على ذلك مغنية بقوله :" وليست هذه الكلمات مجرد سورة من سورات الغضب كما فعل موسى (ع) حين ألقى الألواح - التوراة - وأخذ برأس أخيه يجره، بل تنبني أيضاً على العلم والمنطق الصارم دون أن تلفحه نار العاطفة" [الخميني والدولة الإسلامية: ص107.].
هذا نص مغنية بحروفه، وهو يفيد - كما يظهر - أن الخميني أكمل من نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام، وأن فعل الخميني مبني على العلم والمنطق، وموسى على الغضب والعاطفة.
وموسى عليه السلام أكرم وأعظم من أن يقارن بصفوة الصالحين، فكيف يفضل عليه الخميني، أو يذكر معه في مقارنة؟! ولكنه منطق الغلاة الذين فرغت قلوبهم من توقير أنبياء الله ورسله، لأن غلوهم في أئمتهم ونواب الأئمة قد استفرغ من نفوسهم عظمة الرسالة والرسل.
ويقال: إن الخميني أدخل اسمه في أذان الصلاة وقدمه على الشهادتين.(7/112)
يقول د. موسى الموسوي [وهو حفيد شيخهم أبي الحسن الموسوي الأصبهاني، وهو أستاذ يحمل الدكتوراه من جامعة طهران، وجامعة باريس، وعمل في عدة جامعات كأستاذ في الاقتصاد والفلسفة.] "أدخل الخميني اسمه في أذان الصلوات، وقدم اسمه على اسم النبي الكريم، فأذان الصلوات في إيران بعد استلام الخميني للحكم، وفي كل جوامعها كما يلي: "الله أكبر، الله أكبر (خميني رهبر) أي أن الخميني هو القائد، ثم أشهد أن محمداً رسول الله" [الثورة البائسة: ص162-163، وانظر: عبد الجبار العمر/ الخميني بين الدين والدولة: ص6.].. (بل لم تذكر شهادة أن لا إله إلا الله أصلاً وقد كون هذا سهواً من المؤلف).
وإذا كان شيخهم ابن بابويه في القرن الرابع يرى أن قول الشيعة في الأذان: "أشهد أن علياً ولي الله.. هو من وضع المفوضة" [المفوضة: من غلاة الشيعة، زعموا أن الله خلق محمداً ثم فوض له خلق العالم وتدبيره، ثم فوض محمد تدبير العالم إلى علي فهو المدبر الثاني.
(انظر عن المفوضة: مقالات الإسلاميين للأشعري: 1/88، الفرق بين الفرق للبغدادي: ص251، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي: ص90، الخطط للمقريزي: 2/351، ومن كتب الشيعة: انظر المفيد/ تصحيح الاعتقاد: ص64-65، المجلسين/ بحار الأنوار: 25/345).] لعنهم الله تعالى [انظر: من لا يحضره الفقيه: 1/188-189.].
عرفت انفصال المعاصرين عن الغابرين، وأن المعاصرين قد امحت الفوارق بينهم وبين الغلاة، ولم يعد لديهم حدود يتوقفون عندها في السير بمذهبهم قدماً نحو الغلو والزندقة.
رابعاً: الغلو في الرفض:
بالنسبة لاتجاه الخميني في التشيع فإنه يأخذ بالمذهب الغالي والمتطرف وهو مذهب غلاة الروافض [ومن شغفه باسم الرافضة يسمي أحد كتبه "دروس في الجهاد والرفض".]. ومما يدل على ذلك أنه يعتمد مقالة غلاتهم في تفضيل الأئمة على أنبياء الله ورسله؛ فيقول:(7/113)
"إن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل.. وقد ورد عنهم (ع) أن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل" [الحكومة الإسلامية: ص52.].
وهذا هو مذهب غلاة الرافضة كما يقرر ذلك عبد القاهر البغدادي [انظر: أصول الدين: ص298.]، والقاضي عياض [الشفاء: 2/290.]. وشيخ الإسلام ابن تيمية [منهاج السنة: 1/177.].
وترى الخميني ينسب هذا المذهب لكل المعاصرين، وأن هذا من الضرورات عندهم؛ فالمعاصرون هم - بناء على ذلك - من غلاة الروافض في حكم أئمة الإسلام.
وليس ذلك فحسب، بل عقيدة الخميني في أئمته هي عقيدة الغلاة في حكم كبار شيوخ الشيعة في القرن الرابع؛ يدل على ذلك أنه يذهب إلى القول بأن أئمته "لا يتصور فيهم السهو والغفلة" [الحكومة الإسلامية: ص91.].
وهذا في نظر شيخهم ابن بابويه الملقب برئيس المحدثين هو مذهب الغلاة والمفوضة في الأئمة، والذين هم في نظر ابن بابويه وغيره يستحقون اللعن حيث قال: "إن الغلاة والمفوضة - لعنهم الله ينكرون سهو النبي صلى الله عليه وسلم.." [من لا يحضره الفقيه: 1/234.].
ونقل عن شيخه محمد بن الحسن بن الوليد أنه كان يعد نفي السهو عن النبي والإمام من الغلو [من لا يحضره الفقيه: 1/234.]. وفي كتابه الاعتقادات حكم على هؤلاء الغلاة والمفوضة بقوله: "اعتقادنا في الغلاة والمفوضة أنهم كفار بالله جل اسمه، وأنهم شر من اليهود والنصارى والمجوس" [الاعتقادات: ص109.].
هذا والخميني في بقية عقائده لا يختلف عن عقائد الاثني عشرية التي تحدثت عنها صفحات هذا البحث.(7/114)
وذلك في تكفيره لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم [حتى إنه يقرر في كتابه تحرير الوسيلة مشروعية التبري من أعداء الأئمة في الصلاة - وأعداء الأئمة في قاموس الشيعة هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة أو سبعة - (تحرير الوسيلة: 1/169) وهو في كتابه: كشف الأسرار يصرح بتكفير الشيخين (انظر: كشف الأسرار: ص112 وما بعدها) وانظر: الندوي/ صورتان متضادتان: ص57-58، محمد منظور النعماني/ الثورة الإيرانية في ميزان الإسلام: ص 48 وما بعدها.] ولأهل السنة عموماً، حتى ينعتهم بالنواصب - ما عدا من يسمونهم بالمستضعفين [تقدم تعريف هذا المصطلح عندهم ص: (913).]- بل هو يأخذ بالرأي المتطرف من آراء قومه في ذلك، وهو معاملتهم كالحربي حيث قال: "والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم وتعلق الخمس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أينما وجد، وبأي نحو كان، ووجوب إخراج خمسه" [تحرير الوسيلة: 1/352، وانظر: وجاء دور المجوس: ص186.].
وهو يريد بالناصب أهل السنة وما يحلق بهم - في نظرهم - من الشيعة الزيدية ما عدا الجارودية - كما مر - لا الخوارج فقط والذين هم يسمون بالنواصب عند أهل السنة لإجماعهم على تكفير أمير المؤمنين علي، ولذلك يذكر الخوارج كقسم آخر مع النواصب فيقول مثلاً: "وأما النواصب والخوارج لعنهم الله تعالى فهما نجسان.." [تحرير الوسيلة: ص1/118.].
وفي عقيدتهم في القرآن يلمح الخميني إلى تصديقه بخرافة وجود قرآن لعلي عرضه على الصحابة فرفضوه، وأنه متضمن لزيادات ليست في القرآن فيقول: "ولعل القرآن الذي جمعه (يعني علياً) وأراد تبليغه على الناس بعد رسول الله [هكذا في النص بدون ذكر الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم -.] هو القرآن الكريم مع جميع الخصوصيات الدخيلة في فهمه المضبوطة عنده بتعليم رسول الله" [رسالة في التعادل والترجيح: ص26 (ضمن الجزء الثاني من الرسائل للخميني).].(7/115)
وهو يترحم على المجوسي الملحد صاحب فصل الخطاب، ويتلقى عن كتابه: مستدرك الوسائل ويحتج به [انظر: الحكومة الإسلامية: ص77.]، كما يتلقى من أصولهم التي حوت هذا الكفر، كالكافي للكليني [انظر: الحكومة الإسلامية: 62، 63، 94.]. والاحتجاج للطبرسي [انظر: الحكومة الإسلامية: ص77.] وغيرهما.
هذا وقد ذكر الندوي في ترجمته لبعض نصوص كشف الأسرار ما يتضمن مجاهرة الخميني بهذا الكفر [انظر: صورتان متضادتان: ص58.]. وفي النص المترجم الذي بين يدي من كشف الأسرار يجيب الخميني على من يقول: لماذا لم يذكر الأئمة في القرآن بقوله:
"إن الذين لم يكن ارتباطهم بالإسلام والقرآن إلا لأجل الرئاسة والدنيا، وكانوا يجعلون القرآن وسيلة لمقاصدهم الفاسدة، كان من الممكن أن يحرفوا هذا الكتاب السماوي في حالة ذكر اسم الإمام في القرآن وأن يمسحوا هذه الآيات منه وأن يلصقوا وصمة العار هذه على حياة المسلمين" [كشف الأسرار: ص114.].. فهو هنا لم يصرح بوقوع التحريف إلا بالتمليح، ولكنه يزعم صراحة أنه بإمكان أحد من الناس تحريف كتاب الله، وفي هذا تكذيب لقوله سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر 9]..
وانظر إلى هذه العقلية المتعصبة والمغلقة، والتي تزعم أن الله سبحانه لم يذكر في كتابه ما هو - حسب اعتقادهم - أصل الدين وأساسه المتين خشية تحريف الصحابة له.(7/116)
وكذلك يقول الخميني بخرافة الغيبة ويزعم رجعته، بل يقول: لقد جاء الأنبياء جميعاً من أجل إرساء قواعد العدالة في العالم لكنهم لم ينجحوا حتى النبي محمد خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاح البشرية.. لم ينجح في ذلك، وإن الشخص الذي سينجح في ذلك هو المهدي المنتظر" [من خطاب ألقاه الخميني بمناسبة ذكرى مولد الإمام المهدي - كما يعتقدون - في الخامس عشر من شهر شعبان 1400هـ، وأذيع في راديو طهران. (الرأي العام الكويتية بتاريخ 17 شعبان 1400هـ، وانظر: مجلة المجتمع الكويتية، العدد (488) في 8/7/1980م، وانظر: أحمد الأفغاني/ سراب في إيران: ص41-42 ونهج الخميني: ص45-47).].
وقد استنكر المسلمون ذلك وأصدرت رابطة العالم الإسلامي بيانًا تنكر هذه المقالة وتوضح أنها تحوي مناقضة صريح للإسلام وما جاء به القرآن والسنة النبوية المطهرة، وما أجمعت عليه الأمة [انظر: الاستنكار في جديدة المدينة (السعودية) 4 رمضان 1400هـ، وجريدة أخبار العالم الإسلامي بتاريخ 9 رمضان 1400هـ.]. كما جرى الإنكار من جهات عديدة [فقد أصدر علماء المغرب بياناً في ذلك نشر في مجلة (دعوى الحق) العدد الرابع، الصادر في: شعبان - رمضان 1400هـ، انظر: نهج الخميني: ص49.].(7/117)
وقد نشرت مجلة الجماعة الإسلامية بباكستان خطاب الخميني، وعلقت عليه بقولها: "هذا نفي للإسلام، وتاريخ الإسلام، وأمر لا يحتمله حتى الأصدقاء" [وذلك في عددها الصادر في 29 ذي الحجة 1404ه، انظر: نهج خميني في ميزان الفكر الإسلامي: ص52.]. وهو في تصريحه هذا لم يخرج عن طبيعة مذهبه المفرطة في الغلو، فهو يرى أن الأئمة (والمهدي منهم) أفضل من الأنبياء، ويرى أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدوا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بسبب بيعة أبي بكر دون علي، وجوهر الرسالة عندهم هو إمامة علي، ولهذا قال: "يعتبر الرسول لولا تعيينه الخليفة من بعده غير مبلغ للرسالة" فمن هنا قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينجح لأنه لم يتول علي الخلافة بعده مباشرة!
وقد أصدر الخميني بياناً يجيب فيه على المنكرين، وليس في جوابه إلا التأكيد على هذا المنكر، حيث قال: "ونقول بأن الأنبياء لم يوفقوا في تنفيذ مقاصدهم، وأن الله سيبعث في آخر الزمان شخصاً يقوم بتنفيذ مسائل الأنبياء"، ثم ينكر على المنكرين بأنهم يسعون لتفريق المسلمين" [الخميني/ مسألة المهدي المنتظر مع رسالة أخرى ص22، مركز الإعلام العالم للثورة الإسلامية في إيران.].(7/118)
ويقول خميني إن "تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن" [الحكومية الإسلامية: ص113.]، بل هو يعمل حتى بحكايات الرقاع ويعطيها نفس القدسية التي توليها الأمة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم [وقد استدل بها على مذهبه في عموم ولاية الفقيه (انظر: الحكومة الإسلامية ص76-77).] إلى آخر قائمة العقائد التي تقول بها الاثنا عشرية، ويتابعهم فيها خميني، وقد يأخذ بأشدها تطرفاً مما لا حاجة إلى تفصيله واستقصائه. إذ الغرض بيان أنه لم يكن كما يتوهم أصحاب تلك النظرة السطحية الساذجة.. لكن رأيت بعضهم يقول: بأن الخميني قد تخلى عن بعض عقيدته في التقية [انظر: أحمد جلي/ دراسة عن الفرق: ص154-155.]، وأنه قد أمر أتباعه بالصلاة مع أهل السنة مما يعد اعتدالاً في صورته الظاهرة.
والجواب عن ذلك يوجد في رسالته في التعادل والترجيح، وفي رسالته في التقية، وحسبك أن تعلم من هذا إيمانه بأن أصل دينهم يقوم على مخالفة أهل السنة، وأن هذا الأصل هو من المرجحات عنده في حالة اختلاف الروايات.. فهو يقول: "إن أخبارهم الآمرة بالأخذ بخلاف العامة.. كقوله: "ما خالف العامة ففيه الرشاد".. وقوله: "دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم" هي من أصول الترجيح، وليس الترجيح بها بمحض التعبد، بل "لكون المخالفة لهم طريقاً إلى الواقع، والرشد في مخالفتهم" [انظر: رسالة التعادل والترجيح: ص71.].
ثم عقد مبحثاً بعنوان "في الأخبار الواردة بمخالفة العامة" [رسالة التعادل والترجيح: ص80.]. وذكر أن أخبارهم في هذا الباب نوعان: الأول يأمر بالأخذ بما خالف العامة في حالة تعارض الروايات عن الأئمة، والنوع الثاني يأمر بالمخالفة مطلقاً.
فذكر من النوع الأول خمس روايات:(7/119)
قال: "عن الحسن بن الجهم قال: قلت للعبد الصالح [يعني الإمام.]... يروى عن أبي عبد الله عليه السلام شيء ويروى عنه خلافه فبأيهما نأخذ؟ فقال: خذ بما خالف القوم وما وافق القوم فاجتبنه" [رسالة التعادل والترجيح: ص80.].
والروايات الباقية لا تخرج عن هذا المعنى، وفي بعضهما الأمر بالعرض على كتب الحديث عند أهل السنة فيقول: "فاعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه" [رسالة التعادل والترجيح: ص80-81.].
وعقب الخميني على هذا النوع من الأخبار بقوله: "ولا يخفى وضوح دلالة هذه الأخبار على أن مخالفة العامة مرجحة في الخبرين المتعارضين مع اعتبار سند بعضهما، بل صحة بضعها على الظاهر واشتهار مضمونها بين الأصحاب، بل هذا المرجع هو المتداول العام الشايع في جميع أبواب الفقه وألسنة الفقهاء" [رسالة التعادل والترجيح: ص82.].
فأنت ترى خميني يؤكد على رفض أي خبر عندهم يوافق أهل السنة وكأنهم من اليهود والنصارى المنهي عنه التشبه بهم، ولكن في كتبهم ما يصرح أنهم أكفر من اليهود والنصارى [انظر: ص(714-715) من هذه الرسالة.].
أما النوع الثاني: وهو أخبارهم التي تأمرهم بمخالفة أهل السنة مطلقاً وذلك بالبحث عن أعمال أهل السنة وأقوالهم وعقائدهم لمخالفتها، فذكر من هذا النوع خمس روايات.
الرواية الأولى: وهي التي تأمر الشيعي بسؤال مفتي البلد للعمل بخلاف فتواه، حيث يقول: "ائت فقيه البلد فاستفته من أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه، فإن الحق فيه" [رسالة التعادل والترجيح: ص82.].(7/120)
وهذه الرواية وما أشببها من هذا النوع أثارات إشكالاً عند الشيعة وهو أن في أخبار أهل السنة – ولا سيما في الفقه - ما هو موافق لأخبار الشيعة فإذا عمل بهذه الروايات بإطلاق، فقد يترتب على ذلك الخروج من المذهبين رأساً، ولذلك عقب الخميني على كل رواية من هذه الروايات بما يحاول به أن يتخلص به من هذا الإشكال، فعقب على الرواية السابقة بقوله:
"موردها صورة الاضطرار وعدم طريق إلى الواقع فأرشده إلى طريق يرجع إليه لدى سد الطرق، ولا يستفاد منها جواز رد الخبر من طريقنا إذا كان موافقاً لهم" [رسالة التعادل والترجيح: ص82.].
ثم قال: "وقوله.. ما أنتم والله على شيء مما هم فيه، ولا هم على شيء مما أنتم فيه فخالفوهم فما هم من الحنيفية على شيء.
فالظاهر منها المخالفة في عقائدهم وفي أمر الإمامة وما يرتبط بها، ولا تدلان على رد الخبر الموافق لهم" [رسالة التعادل والترجيح: ص83.]. (يعني الموافق للأمة).
فترى الخميني يعد مخالفة أهل السنة من أصول الترجيح عندهم، فأين الذين يمدون أيديهم للتقارب معه؟ وأين الذين يزعمون أنه تخلى عن تقيته مع أهل السنة؟!
أما أمره لطائفته بالصلاة مع أهل السنة فهو جزء من عمله بالتقية، وهو ما فصل القول فيه في رسالته في التقية، ولكن جملة من أهل السنة الذين يأخذون الأمور بظواهرها ولا معرفة لهم بخفايا المذهب الشيعي يشيدون بهذه الخطورة، ويعدونها من مناقب الخميني، ومساعيه في جمع المسلمين" [انظر: ما كتبه في ذلك الشيخ محمد المجذوب في جريدة المدينة المنورة العدد (4808)، 1 ربيع الأول 1400هـ.].(7/121)
مع أنه عقد في رسالته في التقية مبحثاً خاصاً في ذلك بعنوان "في الروايات الدالة على صحة الصلاة مع العامة".. وقال فيه: "إنه قد وردت روايات خاصة تدل على صحة الصلاة مع الناس والترغيب في الحضور في مساجدهم والاقتداء بهم والاعتداد بها كصحيحة حماد بن عثمان عن أبي عبد الله أنه قال: "من صلى معهم في الصف الأول كان كمن صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف الأول".
وعقب عليه الخميني بقوله: "ولا ريب أن الصلاة معه - يعني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- صحيحة ذات فضيلة جمة فذلك الصلاة معهم حال التقية" [رسالة في التقية: ص108 (ضمن الجزء الثاني من الرسائل).].
ثم قال: "وموثقة سماعه قال: سألته عن مناكحتهم والصلاة خلفهم؟ فقال: هذا أمر شديد لن تستطيعوا ذلك، قد أنكح رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى علي وراءهم" [رسالة في التقية: ص198 (ضمن الجزء الثاني من الرسائل).].
ثم أشار إلى أن هذا النوع من التقية ليس مرتبطاً بالضرورة، وهو خاص بمعاملة أهل السنة، لأنه يرى أن التقية تكون اضطرارية في حال الخوف، وتكون للمداراة وهي حينئذ من أفضل الأعمال عندهم.. والحالة الأولى الأمر فيها واضح، لكن الحالة الثانية يبينها بقوله: "وأما التقية المداراتية المرغوب فيها – كذا - مما تكون العبادة معها أحب العبادات وأفضلها، فالظاهر اختصاصها بالتقية عن العامة، كما هو مصب الرويات على كثرتها" [رسالة في التقية: 200.].
فالتقية مع أهل السنة من أفضل الأعمال، وهي مشروعة بإطلاق عندهم.. ثم يشير بعد ذلك إلى نوع ثالث من أنواع التقية عندهم وهو الكتمان المقابل للإذاعة كما يقول: "فتكون على حد تعبيره بمعنى التحفظ عن إفشاء المذهب وعن إفشاء سر أهل البيت" [رسالة في التقية: ص184.].
فهل بعد هذا يقال: بأن الخميني قد تخلى عن التقية والمخادعة؟(7/122)
لكن من قال ذلك خفي عليه أن التقية عندهم أنواع، وأن التقية مع أهل السنة من أفضل الأعمال عندهم، وليست مشروطة بالضرورة.
وأخيراً حسبك أن تعرف أنه يعد عصر الخلفاء الراشدين عصر تقية فيقول: "إن من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زمان خلافة أمير المؤمنين ومن بعده إلى زمن الغيبة كان الأئمة وشيعتهم مبتلين بالتقية أكثر من مائتي سنة" [رسالة في التقية: ص296.].
فتبين أن خميني من غلاة الروافض؛ بل هو يأخذ من آرائهم ما هو أكثر شذوذاً، ويتعمد مخالفة أهل السنة، وإن خرج عن ذلك فهو تقية.
خامساً: قوله بعموم ولاية الفقيه:
تعتقد الاثنا عشرية أن الولاية العامة على المسلمين منوطة بأشخاص معينين بأسمائهم وعددهم، قد اختارهم الله كما يختار أنبياءه [انظر: فصل الإمامة.].. وهؤلاء الأئمة أمرهم كأمر الله، وعصمتهم كعصمة رسل الله، وفضلهم فوق فضل أنبياء الله.
ولكن آخر هؤلاء الأئمة - حسب اعتقادهم - غائب منذ سنة (260ه) ولذا فإن الاثني عشرية تحرم أن يلي أحد منصبه في الخلافة حتى يخرج من مخبئه، حتى تقول: "كل راية ترفع قبل أن يقوم القائم فصاحبها طاغوت وإن كان يدعو إلى الحق" [مضى تخريجه من كتب الشيعة ص(738).].
وعلى هذا مضى شيعة القرون الماضية.. وقد استطاعوا أن يأخذوا "مرسوماً إمامياً" وتوقيعاً من الغائب - على حد زعمهم - يسمح لشيوخهم أن يتولوا بعض الصلاحيات الخاصة به، لا كل الصلاحيات وهذا التوقيع يقول: "أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا.." [مضى تخريجه من كتب الشيعة ص(894).].
وواضح من خلال هذا "النص" أنه يأمرهم بالرجوع في معرفة أحكام الحوادث الواقعة والجديدة إلى شيوخهم.(7/123)
ولذلك استقر الرأي عند الشيعة على أن ولاية فقهائهم خاصة بمسائل الإفتاء وأمثالها، كما ينص عليه "توقيع المنتظر". أما الولاية العامة التي تشمل السياسة وإقامة الدولة، فهي من خصائص الغائب وهي موقوفة حتى يرجع من غيبته، ولذلك عاش أتباع هذا المذهب وهم ينظرون إلى خلفاء المسلمين على أنهم غاصبون مستبدون، ويتحسرون لأنهم قد استولوا على سلطان إمامهم، ويدعون الله في كل لحظة أن يعجل بفرجه حتى يقيم دولتهم، ويتعاملون مع الحكومات القائمة بمقتضى عقيدة التقية، لكن غيبة الحجة طالت، وتوالت قرون قاربت الاثني عشر دون أن يظهر، والشيعة محرمون من دولة شرعية حسب اعتقادهم، فبدأت فكرة القول بنقل وظائف المهدي للفقيه تداعب أفكار المتأخرين منهم.
وقد أشار الخميني إلى أن شيوخهم النراقي [أحمد بن محمد بن مهدي النراقي الكاشاني (1185-1245ه).] (ت1245ه) والنائيني [حسين بن عبد الرحمن النجفي النائيني (1273-1355ه).] (ت1355ه) قد ذهبا إلى أن للفقيه جميع ما للإمام من الوظائف والأعمال في مجال الحكم والإدارة والسياسة [الحكومة الإسلامية: ص74.].
ولم يذكر الخميني أحداً من شيوخهم نادى بهذه الفكرة قبل هؤلاء، ولو وجد لذكره، لأنه يبحث عما يبرر مذهبه.
فإذن عقيدة عموم ولاية الفقيه لم توجد عند الاثني عشرية قبل القرن الثالث عشر.(7/124)
وقد التقط الخميني هذا الخيط الذي وضعه من قبله، وراح ينادي بهذه الفكرة، وضرورة إقامة دولة برئاسة نائب الإمام لتطبيق المذهب الشيعي، فهو يقول: "واليوم - في عهد الغيبة - لا يوجد نص على شخص معين يدير شؤون الدولة، فما هو الرأي؟ هل تترك أحكام الإسلام معطلة؟ أم نرغب بأنفسنا عن الإسلام؟ أم نقول: إن الإسلام جاء ليحكم الناي قرنين من الزمان فحسب ليهملهم بعد ذلك؟ أو نقول: إن الإسلام قد أهمل أمور تنظيم الدولة؟ ونحن نعلم أن عدم وجود الحكومة يعني ضياع ثغور الإسلام وانتهاكها، ويعني تخاذلنا عن أرضنا، هل يسمح بذلك في ديننا؟ أليست الحكومة ضرورة من ضرورات الحياة؟" [الحكومة الإسلامية: ص48.].
ويقول في موضع آخر: "قد مر على الغيبة الكبرى لإمامنا المهدي أكثر من ألف عام، وقد تمر ألوف السنين قبل أن تقتضي المصلحة قدوم الإمام المنتظر في طول هذه المدة المديدة، هل تبقى أحكام الإسلام معطلة؟ يعمل الناي من خلالها ما يشاؤون؟ ألا يلزم من ذلك الهرج والمرج؛ القوانين التي صدع بها نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم وجهد في نشرها، وبيانها وتنفيذها طيلة ثلاثة وعشرين عاماً، هل كان كل ذلك لمدة محدودة؟ هل حدد الله عمر الشريعة بمائتي عام مثلاً؟ الذهاب إلى هذا الرأي أسوأ في نظري من الاعتقاد بأن الإسلام منسوخ" [الحكومة الإسلامية: ص26.].
ثم يقول: "إذن فإن كل من يتظاهر بالرأي القائل بعدم ضرورة تشكيل الحكمة الإسلامية فهو ينكر ضرورة تنفيذ أحكام الإسلام، ويدعو إلى تعطيلها وتجميدها، وهو ينكر بالتالي شمول وخلود الدين الإسلامي الحنيف" [الحكومة الإسلامية: ص26-27.].
فخميني يرى لهذه المبرارات التي ذكرها خروج الفقيه الشيعي وأتباعه للاستيلاء على الحكم في بلاد الإسلام نيابة عن المهدي، وهو يخرج بهذا عن مقررات دينهم ويخالف وصايا أئمته الكثيرة في ضرورة انتظار الغائب وعدم التعجيل بالخروج [انظر: ص1089-1090 من هذه الرسالة.].(7/125)
حتى قال أحد آياتهم ومراجعهم في هذا العصر: "وقد توافرت عنهم ( ع) حرمة الخروج على أعدائهم وسلاطين عصرهم" [محمد الحسيني البغدادي النجفي (يلقب بالاية العظمى، والمرجع الديني الأعلى) في كتابه "وجوب النهضة لحفظ البيضة": ص93.]، ذلك أن منصب الإمامة لا يصلح عندهم إلا للمنصوص عليه من عند الله ولا يعني رضاهم بهذه الحكومات.
وهذه المبررات التي ساقها الخميني لبيان ضرورة إقامة الدولة الشيعية، ونيابة الفقيه عن المهدي في رئاستها كان ينبغي أن توجه جهة أخرى لو كان لشيوخ الشيعة صدق في القول ونصح لأتباعهم، هذه الوجهة هي نقد المذهب من أصله الذي قام على خرافة الغيبة وانتظار الغائب، والذي انتهى بهم إلى هذه النهاية.
وعلى كل فهذه شهادة مهمة وخطيرة من هذه الحجة والآية على فساد مذهب الرافضة من أصله، وأن إجماع طائفته كل القرون الماضية كان على ضلالة، وأن رأيهم في النص على إمام معين، والذي نازعوا من أجله أهل السنة طويلاً وكفروهم أمر فاسد أثبت التاريخ والواقع فساده بوضوح تام، وهاهم يضطرون للخروج عليه بقوله: "بعموم ولاية الفقيه" بعد أن تطاول عليهم الدهر، ويئسوا من خروج من يسمونه "صاحب الزمان"، فاستولوا حينئذ على صلاحياته كلها، وأفرغ الخميني كل مهامه ووظائفه لنفسه، ولبعض الفقهاء من بني جنسه ودينه، لأنه يرى ضرورة تولي مهام منصب الغائب في رئاسة الدولة. ومن أجل إقناع طائفته بهذا المبدأ ألف كتابه "الحكومة الإسلامية" أو "ولاية الفقيه".
وهو لا يوافق على ولاية كل أجد أمور الدولة ؛ بل يخصص ذلك بفقهاء الشيعة، ويحصر الحكم والسلطان بهم، حيث يقول :" وبالرغم من عدم وجود نص على شخص من ينوب عن الإمام (ع) حال غيبته،إلا أن خصائص الحاكم الشرعي.. موجودة في معظم فقهائنا في هذا العصر، فإذا أجمعوا أمرهم كان في ميسورهم إيجاد وتكوين حكومة عادلة منقطعة النظير" [الحكومة الإسلامية: ص48-49.].(7/126)
وأقول: إذا كانت حكومة الآيات والفقهاء لا مثيل لها في العدل - كما يقول - فيما حاجتهم بخروج المنتظر إذاً؟
وهو يرى أن ولاية الفقيه الشيعي كولاية رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "فالله جعل الرسول ولياً للمؤمنين جميعاً.. ومن بعده كان الإمام (ع) ولياً، ومعنى ولايتهما أن أوامرهما الشرعية نافذة في الجميع" [الحكومة الإسلامية: ص51.].
ثم يقول: "نفس هذه الولاية والحاكمية موجودة لدى الفقيه، بفارق واحد هو أن ولاية الفقيه على الفقهاء الآخرين لا تكون حيث يستطيع عزلهم أو نصبهم، لأن الفقهاء في الولاية متساوون من ناحية الأهلية" [الحكومة الإسلامية: ص51.].
فنظرية الخميني - كما ترى - ترتكز على أصلين:
الأول: القول بالولاية العامة للفقيه.
والثاني: أنه لا يلي رئاسة الدولة إلا الفقيه الشيعي.
وهذا خروج عن دعوى تعيين الأئمة، وحصرهم باثني عشر، لأن الفقهاء لا يحصرون بعدد معين، وغير منصوص على أعيانهم فيعني هذا أنهم عادوا لمفهوم الإمامة حسب مذهب أهل السنة - إلى حد ما [أقول: إلى حد ما؛ لأنهم خرجوا من حصر الإمامة بالشخص إلى حصرها بالنوع وهو الفقيه الشيعي.]- وأقروا بضلال أسلافهم وفساد مذهبهم بمقتضى هذا القول.
لكنهم يعدون هذا المبدأ (ولاية الفقيه) نيابة عن المهدي حتى يرجع، فهم لم يتخلوا عن أصل مذهبهم، ولهذا أصبح هذا الاتجاه - في نظري - لا يختلف عن مذهب البابية، لأنه يزعم أن الفقيه الشيعي هو الذي يمثل المهدي، كما أن الباب يزعم ذلك، ولعل الفارق أن الخميني يعد كل فقهائهم أبواباً.(7/127)
وإن شئت قل: إن الخميني أخرج "المهدي المنتظر" عند الروافض، لأن صلاحياته ووظائفه أناطها بالفقيه؛ بل إنه بهذا المبدأ لم يخرج "مهدياً" واحداً بل أخرج العشرات، لأن كثيراً من شيوخهم وآياتهم لهم الأحقية بهذا المنصب فهو يقول: "إن معظم فقهائنا في هذا العصر تتوفر فيهم الخصائص التي تؤهلهم للنيابة عن الإمام المعصوم" [الحكومة الإسلامية: ص113.].
وبمقتضى هذه النيابة يكون أمرهم كأمر الرسول حيث يقول: "هم الحجة على الناس كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم حجة الله عليهم، وكل من يتخلف عن طاعتهم، فإن الله يؤاخذه ويحاسبه على ذلك" [الحكومة الإسلامية: ص80.].
ويقول: "وعلى كل فقد فوض إليهم (يعني إلى شيوخ الروافض) الأنبياء جميع ما فوض إليهم، وائتمنوهم على ما اؤتمنوا عليه" [الحكومة الإسلامية: ص80.].
بل أشار إلى أن دولة الفقيه الشيعي كدولة مهديهم الموعودة، وقال: "كل ما يفقدنا [يريد أن يقول: كل ما نفقده.] هو عصا موسى، وسيف علي بن أبي طالب" [وهذه من مواريث المهدي عن الأنبياء والأئمة (انظر: أصول الكافي: 1/231).] (ع) وعزيمتهما الجبارة، وإذا عزمنا على إقامة حكم إسلامي سنحصل على عصا موسى، وسيف علي بن أبي طالب" [الحكومة الإسلامية: ص135.].
والجمع بين عصا موسى، وسيف علي بن أبي طالب كناية - فيما يبدو لي - عن تعاون اليهود مع الشيعة في دولة الآيات، وهذا ما وقع بعضه في دولة الخميني، كما في فضائح صفقات الأسلحة، والتعاون السري بينهما الذي تناقلته وكالات الأنبياء واشتهر أمره.(7/128)
والخميني يقرر أن تشكيل الحكومة الشيعية لم يقع من شيعته الماضيين حيث يقول: "في السابق لم نعمل ولم ننهض سوية لتشكيل حكومة تحطم الخائنين المفسدين" [الحكومة الإسلامية: ص 40.] ويقول: "ولم تسنح الفرصة لأئمتنا للأخذ بزمام الأمور، وكانوا بانتظارها حتى آخر لحظة من الحياة، فعلى الفقهاء العدول أن يتحينوا هم الفرص وينتهزوها من أجل تنظيم وتشكيل حكومة..." [الحكومة الإسلامية: ص 54.].
وقد قامت حكومات شيعية، ولكنها ليست محكومة من قبل "الآيات" و"نواب المعصوم"، ولذا عدوا حكومتهم أول دولة إسلامية (يعني شيعية).
قال بعض الروافض: "إن الخميني أسس الجمهورية الإسلامية العظمى في إيران.. لأول مرة في تاريخ الإسلام وحقق حلم الأنبياء والرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم والأئمة المعصومين عليهم السلام" [أحمد الفهري (ويلقبونه بالعلامة) في تقديمه لكتاب سر الصلاة للخميني: ص10.].
ويرى آيتهم "الطالقاني" أن حكومة الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه لا تصل إلى مقام دولتهم، وأنها تمهيد لقيامها، حيث يقول: "إننا نعتقد أن الجمهورية الإسلامية هي المؤهلة للحياة في هذا الزمان، ولم تكن مؤهلة للحياة في فجر الإسلام.. إن التحولات الاجتماعية والسياسية التي شهدها العالم منذ الرسول والخلفاء الراشدين وحتى اليوم هي التي توفر الأساس الموضوعي لقيام الجمهورية الإسلامية" [نشرت ذلك جريدة السفير اللبنانية بتاريخ 31/3/1979م وقد نقل ذلك: محمد جواد مغنية، واعتبره فهماً جديداً للجمهورية الإسلامية لا يقوله إلا من عاش الإسلام بقلبه وعقله (!) (انظر: الخميني والدولة الإسلامية: ص113).].
فأنت ترى أن طبيعة النظرة الشيعية دائماً تجنح إلى الغلو، وتقديس الأشخاص، والتطرف في الاعتقادات.. كما ترى في نظرة طالقاني إلى جمهورية خميني، بل ادعى بعضهم أن خميني قد بشر به أئمتهم من قبل [محمد جواد مغنية/ الخميني والدولة الإسلامية: ص38-39.].(7/129)
هذا وقد مضى ما ترويه الشيعة عن سيرة مهديهم بعد عودته من غيبته - حسب اعتقادهم - وأنه لا همّ له ولا عمل إلا القتل والانتقام، حتى يقولون: إنه بعث "بالجفر الأحمر" وبالذبح، وإنه يخص العرب بمجازره.. إلخ [انظر: ص875 وما بعدها.] ونجد اليوم هذه السيرة المزعومة قد بدت ملاحمها في دولة الآيات، حيث بدأ الخميني وأعوانه مشروع دولة المهدي بمجازرهم الرهيبة في داخل إيران وخارجها.
والحقيقة أن واضعي روايات القتل العام الموعود بعد خروج الغائب المفقود يدركون أن مسألة الغيبة والمهدية لا تعدو أن تكون وهماً من الأوهام، ولكنهم يعبرون عما تكنه صدورهم، وتجيش به نفوسهم من أحقاد، وكذلك معظم شيوخ الشيعة غالبهم زنادقة يعرفون أن المهدي خرافة، ولذلك فهم إذا واتتهم فرصة لتحقيق أمانيهم في قتل المسلمين اهتبلوها، ولم ينتظروا فيها خروج مهديهم، لأنهم يعرفون أنه لن يخرج أبداً؛ لأنه لم يوجد أصلاً!
ولا أدل على ذلك من أن الخميني نفسه يقرر في كتابه تحرير الوسيلة أنه لا يجوز بسبب غيبة مهديهم البدء في الجهاد فيقول: "في عصر غيبة ولي الأمر وسلطان العصر عجل الله فرجه الشريف يقوم نوابه وهم الفقهاء الجامعون لشرائط الفتوى والقضاء مقامه في إجراء السياسات وسائر ما للإمام عليه السلام إلا البدأة بالجهاد" [تحرير الوسيلة: 1/284.].
ولكنه حينما أقام دولته قرر في دستورها: "أن جيش الجمهورية الإسلامية.. لا يحتملان فقط مسؤولية حفظ وحراسة الحدود، وإنما يتكفلان أيضاً بحمل رسالة عقائدية أي الجهاد في سبيل الله، والنضال من أجل توسيع حاكمية قانون الله في كافة أرجاء العالم" [الدستور لجمهورية إيران الإسلامية: ص16، منشورات مؤسسة الشهيد، وانظر: الطبعة الأخرى من الدستور، التي أصدرتها وزارة الإرشاد الإيرانية: ص10.].(7/130)
فأنت ترى التناقض واضحاً، فهو في تحرير الوسيلة يجعل الجهاد من وظائف المهدي، وفي دستور دولتهم بعد قيامها يجعل الجهاد منوطاً بجيشها، ومن وظائف الفقيه، وذلك بمقتضى مذهبه الجديد في ولاية الفقيه، والتي نقلت فيها صلاحيات المهدي كلها للشيخ الشيعي. وقد نص أيضاً على ذلك دستورهم فقال: "وفي زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه تعتبر ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه.." [دستور الجمهورية الإسلامية في إيران: ص18، ط: وزارة الإرشاد.].
ولذلك بعد قيام دولتهم أول ما بدأوا به قتال الشعوب الإسلامية بجنودهم، وبالمنظمات التابعة لهم في الولاء في بعض أقطار المسلمين.
ومع ذلك يزعم الخميني أحياناً أن هذا يدخل في نطاق الدفاع، والتأويل ليس له حدود فيقول: "إننا لا نريد أن نرفع السلاح ونهاجم أحداً، فالعراق يهاجمنا منذ مدة، بينما نحن لا نهاجمه، وإنما ندافع فقط، فالدفاع أمر واجب" [خطاب الخميني حول مسألة تحرير القدس والمهدي المنتظر: ص9-10.].
ولكنه يقرر أنه يريد أن يصدر ثورته حيث يقول: "إننا نريد أن نصدر ثورتنا الإسلامية إلى كافة البلاد الإسلامية" [خطاب الخميني حول مسألة تحرير القدس والمهدي المنتظر: ص10.]. وهو لا يريد التصدير السلمي فحسب؛ بل يريد فرض مذهبه على المسلمين بالقوة، وقد أشار إلى ذلك قبل قيام دولته، وقرر أن سبيل ذلك هو إقامة دولة شيعية تتولى هذا الأمر فيقول: "ونحن لا نملك الوسيلة إلى توحيد الأمة الإسلامية [يعني على مذهب الروافض.]، وتحرير أراضيها من يد المستعمرين وإسقاط الحكومات العميلة لهم، إلا أن نسعى إلى إقامة حكومتنا الإسلامية، وهذه بدورها سوف تتكلل أعمالها بالنجاح يوم تتمكن من تحطيم رؤوس الخيانة، وتدمر الأوثان والأصنام البشرية التي تنشر الظلم والفساد في الأرض" [الحكومة الإسلامية: ص35.].(7/131)
وهؤلاء الروافض لا ينتقدون الحكومات لهذه الأسباب التي يذكرها، إذ لو كانت الحكومة أفضل حكومة على وجه الأرض لما نالت إلا سخطهم ومقتهم، إلا أن تكون على مذهب الرفض، وحسبك في هذا نظرتهم إلى خلافة الخلفاء الثلاثة الراشدين - رضوان الله عليهم -.
ولا تزال مهمة المهدي الموعودة في قتل المسلمين، تظهر على ألسنة حجتهم وآياتهم، وأنه سيبدأها خميني لأنه ينوب عن مهديهم في كل وظائفه. وقد كشف بعض شيوخهم عن ذلك؛ لأنهم كما يقول إمامهم: "مبتلون بالنزق وقلة الكتمان" [أصول الكافي: 1/222.].
ففي احتفال رسمي وجماهيري أقيم في عبادان في 17/3/1979م تأييداً لإقامة الجمهورية الإسلامية، ألقى د. محمد مهدي صادقي خطبة في هذا الاحتفال سجلت باللغتين العربية والفارسية، ووصفتها الإذاعة بأنها مهمة ومما جاء في هذه الخطبة:
"أصرح يا إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن مكة المكرمة حرم الله الآمن يحتلها شرذمة أشد من اليهود.." وذكر قبل ذلك بأنه حين تثبت ثورته سينتقلون "إلى القدس وإلى مكة المكرمة، وإلى أفغانستان، وإلى مختلف البلاد" [أذيعت هذه الخطبة من صوت الثورة الإسلامية من عبادان الساعة 12 ظهراً من يوم 17/3/1979م، انظر: وجاء دور المجوس: ص344-347.].
فتراهم يعتبرون الوضع في مكة، كوضع القدس الذي يحتله اليهود، ووضع أفغانستان التي يحتلها الشيوعيون.. على حين تجدهم يتعاطفون مع الحكم النصيري الكافر في سوريا ولا يمسونهم بنقد.(7/132)
وقد نشرت مجلة الشهيد - لسان علماء الشيعة في قم - في العدد (46) الصادر بتاريخ 16 شوال 1400هـ صورة تمثل الكعبة المشرفة، وإلى جانبها صور تمثل المسجد الأقصى المبارك وبينهما (يد قابضة على البندقية) وتحتها تعليق نصه: "سنحرر القبلتين" [انظر: مجلة الشهيد، العدد المذكور، وانظر: جريدة المدينة السعودية الصادرة في 27 ذي القعدة 1400هـ، وانظر ما كتبه الشيخ محمد عبد القادر آزاد/ رئيس مجلس علماء باكستان عما شاهده في أثناء زيارته لإيران، حتى يقول بأنه رأى على جدران فندق هيلتون في طهران، والذي يقيمون فيه شعارات مكتوبًا عليها: "سنحرر الكعبة والقدس وفلسطين من أيدي الكفار": (انظر: الفتنة الخمينية للشيخ محمد آزاد: ص9).].
معارضة بعض شيوخ الشيعة لمذهب الخميني في ولاية الفقيه:
أثار مذهب الخميني - في نقله لوظائف مهديهم بالكامل للفقيه، وحصر الولاية به - ثائرة جملة من شيوخ الشيعة، ونشب صراع حاد بين الخميني وأحد مراجعهم الكبار عندهم وهو "شريعتمداري" [انظر: عبد الجبار العمر/ الخميني بين الدين والدولة، مبحث الخميني وشريعتمداري ص144 وما بعدها.] كما أعلن طائفة من شيوخهم معارضتهم لهذا المذهب [انظر: الخميني بين الدين والدولة ص153-154.].
وقد تعجب شيخهم محمد جواد مغنية أن يذهب الخميني هذا المذهب، ويساوي في الصلاحيات بين المعصوم والفقهاء فقال:
"قول المعصوم [الأئمة عندهم معصومون كرسول الله صلى الله عليه وسلم.] وأمره تماماً كالتنزيل من الله العزيز العليم {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم 3]. ومعنى هذا أن للمعصوم حق الطاعة والولاية على الراشد والقاصر والعالم والجاهل، وأن السلطة الروحية والزمنية - مع وجوده - تنحصر به وحده لا شريك له، وإلا كانت الولاية عليه وليست له، علماً بأنه لا أحد فوق المعصوم عن الخطأ والخطيئة إلا من له الخلق والأمر جل وعز..(7/133)
أبعد هذا يقال: إذا غاب المعصوم انتقلت ولايته بالكامل إلى الفقيه؟" [الخميني والدولة الإسلامية: ص59.].
فهذا في نظره غاية الغلو، إذ كيف يجعل حكم الفقيه كحكم المعصوم؟ ثم يوضح ذلك بقوله: "حكم المعصوم منزه عن الشك والشهبات؛ لأنه دليل لا مدلول، وواقعي لا ظاهري.. أما الفقيه فحكمه مدلول يعتمد على الظاهر، وليس هذا فقط، بل هو عرضة للنسيان وغلبة الزهو والغرور، والعواطف الشخصية، والتأثير المحيط والبيئة، وتعيير الظروف الاقتصادية والمكانة الاجتماعية، وقد عاينت وعانيت الكثير من الأحكام الجائرة، ولا يتسع المجال للشواهد والأمثال سوى أني عرفت فقيهاً بالزهد والتقوى قبل الرياسة، وبعدها تحدث الناس عن ميله مع الأولاد والأصهار" [الخميني والدولة الإسلامية: ص59-60.].
وهذه شهادة منه على قومه من فئة الشيوخ، وأنه ما إن تتاح لهم فرصة رئاسة حتى تزول الصورة التي يتظاهرن بها من الزهد والتعبد، وهؤلاء الشيوخ الذين هذا وصفهم، يرى الخميني أنهم هم الولاة على الأمة.
وأصحاب هذا الاتجاه المعارض لخط الخميني يرون: "أن ولاية الفقيه أضعف وأضيق من ولاية المعصوم" [الخميني والدولة الإسلامية: ص61.]، فهي لا تتعدى ما ثبت في أخبارهم - كما يقولون - من "ولاية الفتوى والقضاء وعلى الأوقاف العامة، وأموال الغائب وإرث من لا وراث له" [الخميني والدولة الإسلامية: ص60.].(7/134)
وقد استدل مغنية على هذا المذهب بجملة من أقوال شيوخهم الكبار عندهم، ونقض ما ساقه الخميني من أدلة لإثبات مذهبه، وبين أنها لا تدل على ما يريد من القول بعموم الولاية. ولا مجال لاستعراض ذلك، ولا فائدة منه، لكن الفائدة هنا أن الخميني يحكم على مذهب طائفته بمقتضى قولهم بقصور ولاية الفقيه عن الحكم والولاية، بأن هذا يعطل أحكام الإسلام، وأنه بمثابة القول بنسخ الدين، لكن الخميني لا ترتقي أدلته في تأييد مذهبه إلى ما يريد فتبقى أحكامه على مذهب طائفته صادقة، وأنه مبني على ما يخالف أصول الشرع، ومنطق العقل وطبيعة الأشياء.
والاتجاه المخالف للخميني يرجع أمر الولاية إلى عموم الناس، ولا يخصها بشيوخ الشيعة، بل يبقى هؤلاء الشيوخ في وضعهم الذي وضعوا فيه وولايتهم الخاصة حتى يخرج الغائب فيتولى أمور الدين والدينا. وهذه بلغة هذا العصر فصل الدين عن الدولة، فصار المذهب دائراً بين غلو في الفقيه، أو دعوة إلى فصل الدين عن الدولة، وهكذا كل مذهب باطل لابد أن يخرج أمثال هذه التناقضات.
وكلا الرأيين استقرا على بطلان المذهب في دعوى النص والتعيين؛ لأن كليهما لم يحدد الرئيس بشخص معين، إلا التعيين الشكلي للغائب المفقود والذي لن يعود؛ لأنه لا حقيقة له في الوجود.
دستور دولة الآيات:
أعلنت الجمهورية الإسلامية في إيران دستورها، في كتاب أصدرته وزارة الإرشاد الإسلامي ونشر في طبعته الأولى عام 1406هـ، وكانت مواد هذا الدستور قد نشرت من قبل في مجلة الشهيد الإيرانية في إصدار خاص [طبعة مؤسسة الشهيد، قم سنة 1979م.].
وهذا عرض لبعض مواد الدستور ليتبين هل هو يمثل الدستور لدولة إسلامية - كما يزعمون - أو لا؟(7/135)
يقرر الدستور في "الأصل الثاني عشر": أن المذهب الجعفري دين للدولة يقول: "الدين الرسمي لإيران هو الإسلام، والمذهب الجعفري الاثني عشري، وهذا الأصل يبقى إلى الأبد غير قابل للتغيير" [الدستور: ص20.]، وكذلك ينص الدستور على فكرة الاثني عشرية في الإمامة، بحيث يربط مذهب خميني في ولاية الفقيه بقضية الإمامة فيقول: "إن ولاية الفقيه اعتماداً (يعني معتمدة) على استمرار ولاية الأمر والإمامة" [الدستور: ص9.].
فتراهم يعلنونها طائفية متعصبة في دستورهم وهم يسمون أنفسهم "بالجمهورية الإسلامية"، ولعل قولهم هذا يوحي أن مذهبهم لا يدخل في اسم الإسلام، بل لابد من النص عليه مع الإسلام كدين آخر مشارك له، مع أنك تراهم كثيراً ما يدعون بأن مذهبهم لا يختلف عن المذاهب الإسلامية إلا في الفروع، وإذا كان الأمر في تصورهم كذلك فلماذا ينص على المذهب الجعفري بذاته في دستورهم؟
ثم لماذا تكون هذه المادة غير قابلة للتغيير إلى الأبد؟ أطلعوا الغيب أم اتخذوا عند الرحمن عهداً، ولماذا لا يفتحون عقولهم وقلوبهم لرؤية الحق الذي عند أهل السنة، ويتخلصون من داء التعصب المقيت، فيجب أن تسمى هذه الدولة بموجب هذه المادة "الجمهورية الجعفرية" ذلك أن الدولة الإسلامية تقوم على أساس الإسلام لا المذهب، وحين يتبنى الخليفة شيئاً من هذا المذهب أو ذاك، فإنما يتبناه بناء على قوة الدليل، وليس بناء على الوراثة أو التعصب، ولكنهم برهنوا بهذه المادة على متابعتهم لما قاله بعض شيوخهم وهو أن الاثني عشرية دين لا مذهب [انظر: ص729 هامش (4).].
وجاء في بعض مواد الأصل الثاني من الدستور ما يضع أخبارهم عن الأئمة موضع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير حيث يقول:
"يقوم نظام الجمهورية الإسلامية على أساس الاجتهاد المستمر من قبل الفقهاء جامعي الشرائط على أساس الكتاب وسنة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين" [الدستور: ص15-16.].(7/136)
فليس في هذه المادة اعتراف بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، لأنهم لا يؤمنون بها، بل يأخذون بسنة المعصومين الذين يعدونهم أفضل من الأنبياء والمرسلين.
فهل يبقى للدستور صفته الإسلامية وهو يلغي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من حسابه؟
وهم سيأخذون بمقتضى هذه المادة بما جاء في أصول الكافي، والبحار للمجلسي وغيرهما بكل ما فيها من كفر وضلال، لأن هذه هي المصادر التي نقلت لهم سنة المعصومين.
وترى في بعض مواد الدستور النعرة الفارسية، واللوثة القومية، يقول الأصل الخامس عشر من الدستور:
"اللغة والكتابة الرسمية والعامة هي الفارسية لشعب إيران، فيجب أن تكون الوثائق والمراسلات والمتون الرسمية والكتب الدراسية بهذه اللغة".
فترى أن هذه المادة موضوعة على أساس القومية الإيرانية، لأن للإسلام لغة واحدة هي العربية لا باعتبارها لغة العرب، بل باعتبارها لغة القرآن والسنة ولغة دولة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين.
ويقرر الأصل السادس من الدستور: بأن مرجعهم رأي الأمة (لا الكتاب والسنة) فيقول: "يجب أن تدار شئون البلاد في جمهور إيران الإسلامية على رأي الأمة.." [الدستور: ص18.].
ولاشك أن دولة الخلافة في الإسلام تدار شئونها بهدي من الكتاب والسنة، وليس الرأي العام هو أساس الحكم في الإسلام، إنما هو أساس في الأنظمة الوضعية.
ويوضح هذا المبدأ أكثر ما جاء في الأصل التاسع والخمسين عندهم والذي يقول: "ممارسة السلطة التشريعية قد تتم أحياناً عن طريق الاستفتاء الشعبي العام وذلك في القضايا الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية الهامة، ويجري هذا الاستفتاء العام بناء على طلب أكثر من ثلثي مجموع أعضاء المجلس" [الدستور: ص46.].(7/137)
ولا غرابة أن يلجأوا إلى استفتاء الناس في شئونهم بعد أن حرموا أنفسهم من المصدر الثاني في التشريع وهو "السنة المطهرة". ولقد اقترح عليهم شيخهم يوسف البحراني صاحب الحدائق أن يبحثوا لهم عن مذهب غير هذا المذهب لعدم وفائه بما يريدون [انظر: نص كلامه بحروفه وتمامه: ص(388).].
هذا بعض ما جاء في دستورهم حسب الطبعة الأخيرة منه عام 1406هـ [مما يجدر تسجيله هنا هو أنه نشر الدستور في جريدة السفير اللبنانية مترجماً بقلم محمد صادق الحسيني بصورة مغايرة للنشر الرسمي الأخير للدستور، والتغيير الذي جرى قد يكون للتقية أثر فيه، وذلك من أجل صيانة سمعة المذهب من النقد.
وقد قام حزب التحرير - وهو كما يظهر من الأحزاب المتعاطفة مع ثورة إيران والموالية لها، بل الذي يرى فيها الحكم الإسلامي المنشود - بدراسة مواد الدستور، كما نشرته جريدة السفير بعد أن سأل السفارة الإيرانية في بيروت عن مدى اعتمادهم لما نشر فأفادوه بأن الترجمة المنشورة في السفير "ترجمة دقيقة وأمينة".. وقد تبين له بعد الدراسة - كما نشر ذلك في كتيب صغير - أن الدستور لا صلة له بالإسلام إلا بالاسم، حتى ذكر أنه جاء في "الفصل الثامن المتعلق بالسلطة القضائية" في مواده رقم 131، 132، 135، 136 ما يدل على أن القانون المدني الوضعي.. هو الذي سيوضع في المحاكم (انظر: نص نقض مشروع الدستور الإيراني، والذي نشره حزب التحرير ص48) وانتهى الحزب من نظره في الدستور إلى أنه "ليس دستوراً إسلامياً، ولم يأخذ أحكامه من كتاب الله وسنة رسوله، ويتبين أن واضعه يتميز بعقلية غربية، ولا يتمتع بعقلية إسلامية" (المصدر السابق: ص52) وقال بأنه "إذا وضع هذا الدستور موضع التنفيذ فإنه لا يجعل الدولة دولة إسلامية" وقال بأنه يجب أن يكون الدستور منبثقاً من العقيدة الإسلامية، ومأخوذة كل مواده من كتاب الله وسنة رسوله (المصدر السابق).(7/138)
هذا حكم حزب التحرير مع أنه موال للحكومة الإيرانية، وفي اتجاهه شبه بالاتجاه الرافضي، لأنه يرجئ تطبيق بعض أحكام الإسلام حتى تقوم دولة الخلافة، كما يرجئ الشيعة تطبيق أحكام مذهبهم حتى يعود الغائب.. ومع ذلك فإنه يحكم على دستورهم بهذا الحكم. ولولا ضيق المجال لعرضت أوجه نقدهم للدستور، وقد أرسل هذا النقد إلى خميني، مشفوعاً بدستور إسلامي مقترح، ويبدو أن الشيعة استفادوا من ذلك في تغيير بعض المواد التي تثير النقد لدستورهم، كما يتبين ذلك في نشرته الأخيرة، ومع ذلك لم يسلم من ضلال كما تبين أثناء النقد (وانظر في التعريف بحزب التحرير: كتاب الجماعة الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة/ تأليف سليم الهلالي، وزياد الدبيج ص:137 وما بعدها).].
وقد تبين أنه لا يمثل دستور دولة إسلامية، وإنما يمثل دولة فارسية، عنصرية، ورافضية جعفرية، ولا يأخذ أحكامه من الكتاب والسنة، وإنما يرتبط بروايات الكليني وأضرابه والتي يسمونها سنة المعصومين.
الباب الخامس
أثرهم في العالم الإسلامي والحكم عليهم
ويشمل على:
الفصل الأول: أثرهم في العالم الإسلامي.
الفصل الثاني: الحكم عليهم.
الفصل الأول
أثرهم في العام الإسلامي
أثر الشيعة في العالم الإسلامي في مراحل التاريخ المختلفة وحقبه المتطاولة.. موضوع واسع كبير، بل موضوعات متعددة، وجوانب مختلفة تقتضي رسائل عديدة، وتستدعي جهوداً كبيرة.. وإن مراجعة الأحداث التاريخية - مثلاً - التي جرت في العراق في القرن الرابع والخامس وما بعدها والتي كان للشيعة فيها دور وأثر لموضوع واسع، فيكف بدراسة ذلك في العالم الإسلامي، وإن رصد حركات الشيعة المتزايدة في الواقع المعاصر في مختلف أصقاع العالم الإسلامي وما تحدثه من آثار ليحتاج إلى دراسات ميدانية وصلات واسعة، ورحلات متعددة.
وشيء من ذلك لا يمكن تحقيقه في رسالة بل في فصل من رسالة، هي معنية بالأساس، بدراسة أصولهم ونقدها.(7/139)
لهذه الأسباب سنكتفي في هذا الفصل بالإشارة الدالة، واللمحة المعبرة، والكلمة الموجزة، ونكتفي بالجزء عن الكل، وبالمثال الواحد مثلاً في بلد واحد وزمن واحد عن الاستقصاء وبالتفصيل.
ولعلي أحاول أن أبرز بعض آثارهم وفق مجالات محددة حتى لا يتشعب بنا الحديث وهي المجالات التالية:
1-المجال العقدي والفكري.
2- السياسي.
3- الاجتماعي.
4- الاقتصادي.
وهذا مجرد تقسيم لتوضيح هذه الآثار، وإلا فإنها مترابطة ومتصلة الحلقات.
ذلك أن شؤم البدعة خطير على الأمة، يؤثر في جميع جوانب حياتها، ومن يدرس تاريخ هذه الأمة، والاتجاهات البدعية التي ظهرت يجد أثرها السلبي على الدولة الإسلامية كلها. استمع - مثلاً - لما يقوله شيخ الإسلام ابن تيمية عن أسباب سقوط الدولة الأموية يقول - رحمه الله -:
"إن دولة بني أمية كان انقراضها بسبب هذا الجعد المعطل" [يعني الجعد بن درهم أول من أحدث مقالة التعطيل لأسماء الله وصفاته. انظر: ص(546) من هذه الرسالة.] وغيره من الأسباب [مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 13/182.]. وقال: "وهذا الجعد إليه ينسب مروان بن محمد الجعدي آخر خلفاء بني أمية، وكان شؤمه عاد عليه حتى زالت الدولة، فإنه إذا ظهرت البدع التي تخالف دين الرسول صلى الله عليه وسلم انتقم الله ممن خالف الرسل، وانتصر لهم" [مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 13/177.].
وهذا التفسير الإسلامي لأحداث التاريخ يخالف ما درج عليه جملة من المؤرخين الذين لا يفسرون أحداث التاريخ إلا بأسبابه مادية بحتة، وهو من العمل الذي لا يفقهه إلا أهل الإيمان.
المجال العقدي والفكري
وهو موضوع واسع كبير، نشير فيما يلي إلى بعض معالمه:
إحداث الشرك في أمة محمد صلى الله عليه وسلم:(7/140)
لقد كان لعقيدتهم في الإمامة والإمام الأثر الواضح في إحداث "الشرك" و"الشركيات في العالم الإسلامي"، بل قرر طائفة من أهل العلم أن الشيعة هم أول من أحدث الشرك وعبادة القبور في الأمة المحمدية. فقد تحول غلو الشيعة في أئمتها إلى غلو في قبورها، ووضعوا روايات لمساندة مسيرتهم الوثنية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأول من وضع هذه الأحاديث في السفر لزيارة المشاهد التي على القبور أهل البدع من الروافض ونحوهم الذين يعطلون المساجد ويعظمون المشاهد التي يشرك فيها ويكذب فيها ويبتدع فيها دين لم ينزل الله به سلطاناً، فإن الكتاب والسنة إنما فيهما ذكر المساجد دون المشاهد" [انظر: الرد على الأخنائي: ص47.].
واليوم أصبحت مشاهد الشيعة ومزاراتها موطناً للشرك، وعبادة غير الله سبحانه.. وتحدث الكثير ممن زار ديار الشيعة عن هذه المظاهر الشوكية [انظر: ص(1071-1072) من هذه الرسالة.]، وقد سرى هذا "البلاء" إلى بعض ديار السنة. والرافضة هم الأصل فيه، وكتبهم تشهد له وتؤيده.
ولا حاجة بنا إلى استعراض أسماء المشاهد وأماكنها، وصور ما يجري فيها لشهرة ذلك وذيوعه.
الصد عن دين الله:
كان الاتجاه الرافضي - بكل شذوذه وضلالاته التي مرَّ ذكرها - ولا يزال مصحوباً بدعاية كبيرة من شيوخ الروافض الذين يبحثون عن تكثير سوادهم بأي وسيلة.
وكانت هذه الدعاية مرتكزة على "أكذوبة كبرى" أتقن الشيعة "اللعب فيها" وخداع أتباعهم، والجهلة من أتباع المسلمين بها.. هذه الأكذوبة تقول بأن شذوذ الشيعة هذا مؤيد بروايات عند أهل السنة.. ولذلك يكثر قولهم: لا خلاف بين السنة والشيعة من هذا المنطلق.(7/141)
وما أكثر ما نقرأ في كتبهم مثل هذا الاتجاه في الاستدلال والاحتجاج من طريق من يسمونهم بالعامة [لا يخلو - غالباً – كتاب من كتبهم المتأخرة والمعاصرة من هذا الأسلوب، ومن أشدها غلواً وأعظمها كذباً كتاب "غاية المرام" وهو كله قائم على هذا المسلك، وهو بكذبه الجلي الواضح عار على الشيعة إلى الأبد ، ومع ذلك يعده أحد مراجعهم في هذا العصر موضع الفخر (محسن العاملي/ الشيعة: ص124، وانظر: ملحق الوثائق والنصوص من رسالة فكرة التقريب).].
وهذه "الأكذوبة" قد انخدع بها من أزاغ الله قلبه فظن أن دين الإسلام ليس إلا ما يقوله أولئك المبتدعون ورأوا ذلك فاسداً في العقل فخرجوا من الإسلام إلى مهاوي الإلحاد والزندقة.
ولهذا كان غلاتهم طاعنين في دين الإسلام بالكلية باليد واللسان كالخرمية [الخرمية: فرقتان: فرقة منهم كانوا قبل دولة الإسلام وهم أتباع مزدك الإباحي دعاة الاشتراك في الأموال والأبضاع، الذين أفسدوا بلاد الفرس فقضى عليهم أنو شروان الملك الساساني الملقب بالعادل والذي توفي قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم.
والفرقة الثانية من الخرمية ظهروا في دولة الإسلام كالبابكية أتباع بابك الخرمي الذي ظهر بناحية أذربيجان، وكثر أتباعه، وكان يستحل المحرمات كلها وهزم كثيراً من عساكر بني العباس في مدة عشرين سنة إلى أن أسر مع أخيه إسحاق وصالب "بسر من رأى" في أيام المعتصم سنة (223ه).(7/142)
ولا شك في أن الخرمية الذين ظهروا في الإسلام هم امتداد للديانة الفارسية القديمة "المزدكية" الأولى، وهم الذين زادوا في انحراف التشيع، ولذلك قال النوبختي الشيعي: ومنهم كان بدء الغلو في القول حتى قالوا: إن الأئمة آلهة وإنهم أنبياء وإنهم رسل، وقالوا بالتناسخ وإبطال القيامة، (انظر: النوبختي/ فرق الشيعة ص36، ابن النديم/ الفهرست: ص342-344، الإسفراييني/ التبصير في الدين: ص79-80، الملطي/ التنبيه والرد: ص22، الغزالي/ فضائح الباطنية: ص14 وما بعدها).] أتباع بابك الخرمي، وقرامطة [القرامطة: إحدى فرق الإسماعيلية التي سبق التعريف بها ص: 97. وهم يسمون بالقرامطة نسبة إلى رجل يقال له: حمدان قرمط كان أحد دعاتهم في بداية أمرهم (فضائح الباطنية: ص12).] البحرين أتباع أبي سعيد الجنابي وغيرهم [انظر: منهاج السنة: 1/114.].
ولاشك في أن إظهار بدعة الرفض على أنها الإسلام هو من أعظم أسباب الصد عن سبيل الله، إذ كيف يقبل عاقل خرافة الغيبة والرجعة والطعن في الصحابة والتأويلات الباطنية؟!
ولا يبعد اليوم أن إقامة دولة الآيات في إيران وسيلة لهذا الغرض لمواجهة تطلعات المسلمين لعودة الخلافة ووحدة الأمة، وللحد من انتشار مظاهر الصحوة الإسلامية في العالم.. فإن إقامة دولة تشوه الإسلام، وتعطي صورة مخالفة لتطلعات المسلمين وآمالهم من شأنه أن يحبط الآمال ويطفئ وقدة التطلعات وشعلة الحماس في شباب المسلمين.(7/143)
والمستعمر الكافر معنيّ بمعرفة هذه الاتجاهات البدعية.. على يد ثلة ممن يسمون "بالمستشرقين" والذين يعمل معظمهم كمستشارين في وزارات الخارجية، وبالتالي فإن سياسات الدول الكبرى تتخذ منهجها من تقارير المستشرقين المبنية على دراسة تاريخية وطائفية لأمة الإسلام.. والمستعمر الكافر لم ينس تاريخه معنا، كما شهدت بذلك مواقفة وأقوال بعض قادته، وكما كشف ذلك بعض الأوربيين الذين دخلوا في الإسلام كالأستاذ محمد أسد في كتابه "الإسلام على مفترق الطرق" [وقد تحدث عن ذلك في فصل بعنوان "شبح الحروب الصليبية" وقال: "إن الحروب الصليبية هي التي عينت في المقام الأول والمقام الأهم موقف أوربة من الإسلام لبضعة قرن تتلو" (الإسلام على مفترق الطرق: ص55). وقال: "لقد استفادت أوربا أكثر مما استفاد العالم الإسلامي منها، ولكنها لم تعترف بهذا الجميل وذلك بأن تنقص من بغضائها للإسلام، بل كان الأمر على العكس، فإن تلك البغضاء قد نمت مع تقدم الزمن ثم استحالت عادة، ولقد كانت هذه البغضاء تغمر الشعور الشعبي كلما ذكرت كلمة مسلم. ولقد دخلت في الأمثال السائرة عندهم حتى نزلت في قلب كل أوربي رجلاً أو امرأة". (المصدر السابق: ص59-60).
ويقول بأن هذه المشاعر العدائية ظلت حية بعد جميع أدوار التبادل الثقافي واستمرت في تطور رغم أن الشعور الديني الذي كان سبب هذا العداء قد أخلى مكانه. ويقول بأن هذا ليس بغريب إذ إنه من المقرر في علم النفس أن الإنسان قد يفقد جميع الاعتقادات الدينية في تلقنها في أثناء طفولته، بينما تظل عنده بعض الخرافات الخاصة تتحدى كل تعليل عقلي (المصدر السابق: ص60-61).
وأقول: إن مقررات علم النفس هذه إنما تنطبق على أديان أوروبا لا دين الفطرة دين الإسلام.].(7/144)
وسواء كان قيام دولة الآيات، أو تصاعد المد الشيعي في العالم الإسلامي مقصوداً للعدو الكافر أو غير مقصود فإنه بلا شك له آثاره في الصد عن سبيل الله، وظهور الزندقة المقنعة التي ينخدع بها المسلمون، وهذا هو الداء الأكبر، وهذا ما يتضح بالمسألة التالية:
ظهور فرق الزندقة والإلحاد:
يذكر شيخ الإسلام - رحمه الله - أن مبدأ ضلال الإسماعيلية والنصيرية وغيرهم من الزنادقة الملاحدة المنافقين تصديق الرافضة في أكاذيبهم التي يذكرونها في تفسير القرآن والحديث [منهاج السنة: 4/3.].
وكان أئمة العبيديين إنما يقيمون مبدأ دعواهم بالأكاذيب التي اختلقتها الرافضة ليستجيب لهم بذلك الشيعة الضلال، ثم ينقلون الرجل من القدح في الصحابة إلى القدح في علي ثم في الإلهية كما رتبه لهم صاحب البلاغ الأكبر والناموس الأعظم، ولهذا كان الرفض أعظم باب ودهليز إلى الكفر والإلحاد [منهاج السنة: 4/3.].
"فالرافضة هم الباب لهؤلاء الملحدين منهم يدخلون إلى سائر أصناف الإلحاد في أسماء الله، وآيات كتابه المبين، كما قرر ذلك روؤس الملاحدة من القرامطة والباطنية وغيرهم من المنافقين" [منهاج السنة: 1/3.].
وقد تبين - فيما مضى - كيف أن روايات الاثني عشرية وأحاديثها التي يزعمون تلقيها عن آل البيت هي المناخ الملائم، والتربة الصالحة لظهور الأفكار الغالية وخروج الفرق الملحدة، لأنها جمعت "حثالة" آراء وأقوال الفرق الشيعية الشاذة بمختلف اتجاهاتها، والتي فرقت الأمة وأفسدت عليها أمرها، والتي وصلتنا أقوالها بواسطة كتب الفرق والمقالات، ثم وجدنا روايات الاثني عشرية تشهد لهذه الاتجاهات وتؤيدها [انظر: ص(979-980) من هذه الرسالة.].
ومن هنا انبثق من الاثني عشرية فرق كثيرة اشتهر غلوها وكفرها كالشيخية والكشفية والبابية وغيرها. وقد قال صاحب المنتقى بأن "الرفض مأوى شر الطوائف.." [انظر: المنتقى: ص77.].(7/145)
ثم ذكر جملة من فرق الزندقة والإلحاد الذين يعيشون تحت مظلة الرفض، ولذا قال الغزالي: "إن مذهب الباطنية ظاهره الرفض، وباطنه الكفر المحض" [فضائح الباطنية: ص37.].
فهم كفرة يتظاهرون بالتشيع.. ويبدو أن هؤلاء يشكلون السواد الأعظم منهم حتى ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن "كثيراً من أئمة الرافضة وعامتهم زنادقة وملاحدة ليس لهم غرض في العلم ولا في الدين" [منهاج السنة: 4/70.].
فجو التشيع مناخ خصب لمختلف النحل والأهواء، وقد سجل محب الدين الخطيب أن التشيع كان عاملاً من عوامل انتشار الشيوعية والبهائية في إيران [الخطوط العريضة: ص44-45.].
محاولة إضلال المسلمين في سنة نبيهم:
ومن آثارهم الفكرية أن طائفة منهم اندسوا في رجال الحديث وحاولوا إدخال بعض الروايات التي تخدم التشيع.. حتى وُجدت مادة من هذه اللون في معاجم أهل السنة ودواوين الحديث عندهم، لكن تنبه لذلك رجال الحديث فبينوا الحق وكشفوا الكيد الرافضي، وقد بين الشيخ السويدي هذا الأثر الذي تركه هؤلاء الروافض حينما قال: "إن بعض علمائهم اشتغلوا بعلم الحديث، وسمعوا الأحاديث من ثقات المحدثين وحفظوا أسانيد أهل السنة الصحيحة، وتحلوا في الظاهر بحلي التقوى والورع بحيث كانوا يعدون من محدثي أهل السنة، فكانوا يروون الأحاديث صحاحاً وحساناً، ثم أدرجوا في تلك الأحاديث موضوعات مطابقة لمذهبهم، وقد ضل بذلك كثير من خواص أهل السنة، فضلاً عن العوام ولكن قيض الله - بفضله - أئمة الحديث فأدركوا الموضوعات فنصوا على وضعها فتبين حالها حينئذ والحمد لله على ذلك.(7/146)
وقد أقرت طائفة منهم بالوضع بعدما انكشف حالهم، ثم قال السويدي: "وتلك الأحاديث الموضوعة إلى الآن موجودة في المعاجم والمصنفات وقد تمسك بها أكثر التفضيلية [التفضيلية أو المفضلة هم الذين يفضلون علياً على أبي بكر وعمر من الزيدية وغيرهم. (انظر: التسعينية لابن تيمية: ص40).]. والمتشيعة" [السويدي/ نقض عقائد الشيعة (مخطوط غير مرقم الصفحات، وبالعد ينظر ص25-26، وانظر: الألوسي/ السيوف المشرقة: ص50 (مخطوط)، ومختصر التحفة: ص32.].
ويقول الألوسي بأن ممن يستخدم هذه الوسيلة جابر الجعفي [السيوف المشرقة: ص50.]، وذكر ابن القيم أن الحافظ أبا يعلى قال في كتابه الإرشاد: وضعت الرافضة من فضائل علي رضي الله عنه وأهل البيت نحو ثلاثمائة ألف حديث، وعقب على ذلك ابن القيم بقوله: ولا نستبعد هذا؛ فإنك لو تتبعت ما عندهم من ذلك لوجدت الأمر كما قال [المنار المنيف: ص116.].
دخولهم في مذهب أهل السنة - في الظاهر - للإضلال:
ومن الآثار الفكرية التي تركها الكيد الرافضي هو ما وقع بسبب قيام طائفة من شيوخهم بالدخول في مذهب أهل السنة في الظاهر وتلقبوا بالحنفي والشافعي زيادة في الإضلال، وألفوا مصنفات تؤيد المذهب الرافضي [ولهم في ذلك مسالك مختلفة كشفها صاحب التحفة الاثني عشرية: فهم قد يؤلفون كتاباً في فضائل الخلفاء الأربعة، فإذا جاءوا لذكر فضائل علي ضمنوه ما يؤيد مذهب الرفض من دعوة النص، والقدح في الصحابة (انظر: تفصيل ذلك في التحفة الاثني عشرية/ الورقة: 46 مخطوط).
ويؤلفون كتاباً في فقه بعض الماذهب ينشرونها في الأوساط التي لا تعتنق هذا المذهب، ويضمنون هذا المهذب شناعات عظيمة مثل: الأخذ بالقياس مع رد الأحاديث، أو إقرار بعض الفواحش، ويشير صاحب التحفة في هذا الصدد إلى كتاب ألفوه ونسبوه للإمام مالك وهو: "المختصر" وضعوا فيه على الإمام جواز اللواط بالبعيد. (انظر: تفصيل ذلك في المصدر السابق/ الورقة 45 ب).(7/147)
وقد يؤلفون كتباً يزعمون فيها أنهم كانوا على مذهب أهل السنة ثم تبين لهم بطلانه فرجعوا (مثل كتابهم "لماذا اخترت مذهب الشيعة" والذي نسبوه لمن أسموه مرعي الأنطاكي). ولهم مسالك بسطها يحتاج لمؤلف مستقل.].
كما قام بعض شيوخهم المتسترين بالانتساب للسنة بابتداع بعض الأفكار المشابهة للفكر الشيعي وطرحها في الوسط الإسلامي.. ويرى الشيخ محمد أبو زهرة بأن الطوفي نجم الدين (المتوفى سنة 716هـ) قد تعمد الترويج للمذهب الشيعي بهذه الوسيلة في بحثه عن المصلحة الذي قرر فيه بأن المصلحة تقدم على النص؛ لأن هذا مسلك شيعي حيث عند الشيعة أن للإمام أن يخصص أو ينسخ النص بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
فالطوفي قد أتى بالفكرة كلها، وإن لم يذكر كلمة الإمام وأبدلها بالمصلحة ليروج القول وينشر الفكرة، ثم يقرر أبو زهرة بأن الطوفي في تهوينه في شأن النص ونشر فكرة نسخه أو تخصيصه بالمصالح المرسلة قد أراد تهوين القدسية التي تعطيها الجماعة الإسلامية لنصوص الشارع [انظر: ابن حنبل: ص326، وقد ترجم أبو زهرة للطوفي، وأثبت أنه من الشيعة (المصدر السابق: ص324-325). وقد اعتمد أبو زهرة في حكمه على الطوفي بما جاء عنه في طبقات الحنابلة لأبي يعلى.].
بل إن الروافض استغلوا التشابه في أسماء بعض أعلامهم مع أعلام أهل السنة وقاموا بدس فكري رخيص يضلل الباحثين عن الحق.. حيث ينظرون في أسماء المعتبرين عند أهل السنة فمن وجدوه موافقاً لأحد منهم في الاسم واللقب لأسندوا حديث رواية ذلك الشيعي أو قوله إليه.(7/148)
ومن ذلك محمد بن جرير الطبري الإمام السني المشهور صاحب التفسير والتاريخ، فإنه يوافقه في هذا الاسم محمد بن جرير بن رستم الطبري من شيوخهم [وله مصنفات في مذهب الرفض مثل: المسترشد في الإمامة، ونور المعجزات في مناقب الأئمة الاثني عشر (انظر في ترجمته: جامع الرواة: 2/82-83، بحار الأنوار: 1/177، تنقيح المقال: 2/91، وانظر: ابن حجر/ لسان الميزان: 5/103).]، وكلاهما في بغداد، وفي عصر واحد، بل كانت وفاتهما في سنة واحدة، وهي سنة (310هـ). وقد استغل الروافض هذا التشابه فنسبوا للإمام ابن جرير بعض ما يؤيد مذهبهم مثل: كتاب المسترشد في الإمامة [انظر: ابن النديم/ الفهرست: ص335.] مع أنه لهذا الرافضي [انظر: طبقات أعلام الشيعة في المائة الرابعة: ص252، ابن شهراشوب/ معالم العلماء: ص106.]، وهم إلى اليوم يسندون بعض الأخبار التي تؤيد مذهبهم إلى ابن جرير الطبري الإمام [انظر: الأميني النجفي/ الغدير: 1/214-216.].
ولقد ألحق صنيع الروافض هذا - أيضاً - الأذى بالإمام الطبري في حياته وقد أشار ابن كثير إلى أن بعض العوام اتهمه بالرفض، ومن الجهلة من رماه بالإلحاد [انظر: البداية والنهاية: 11/146.]. وقد نسب إليه كتاب عن حديث غدير خم يقع في مجلدين، ونسب إليه القول بجواز المسح على القدمين في الوضوء [انظر: البداية والنهاية: 11/146.].
ويبدو أن هذه المحاولة من الروافض قد انكشف أمرها لبعض علماء السنة من قديم، فقد قال ابن كثير: ومن العلماء من يزعم أن ابن جرير اثنان أحدهما شيعي وإليه ينسب ذلك، وينزهون أبا جعفر من هذه الصفات [انظر: البداية والنهاية: 11/146.].(7/149)
وهذا القول الذي نسبه ابن كثير لبعض أهل العلم هو عين الحقيقة كما تبين ذلك من خلال كتب التراجم، ومن خلال آثارهما، وأين الثرى من الثريا..؟ فالفرق بين آثار الرجلين لا يقاس [انظر أيضاً في التفرقة بين الرجلين مجلة المجمع العلمي العراقي، المجلد التاسع: ص345.]، وعقيدة الإمام ابن جرير لا تلتقي مع الرفض بوجه [انظر - مثلاً - جزء في الاعتقاد لابن جرير الطبري: ص6-7.]، فهو أحد أئمة الإسلام علماً وعملاً بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهناك رافضي آخر يدعى بأبي جعفر الطبري [وهو أبو جعفر محمد بن أبي القاسم بن علي الطبري، من علماء الإمامية في القرن السادس (انظر: طبقات أعلام الشيعة (في القرن السادس) ص242، 278).]، وهو غير الأول، وإن كان الأستاذ فؤاد سزكين قد خلط بينهما [فنسب كتاب بشارة المصطفى للأول (ابن رستم) في حين أنه للأخير (ابن أبي القاسم) (انظر: تاريخ التراث: 260).] رغم أنه يفصلهما عن بعض أكثر من قرنين. وقد نشرت - لهذا الرافضي الأخير - جريدة المدينة المنورة حكاية موضوعة بعنوان: "عقد الزهراء" وما كانت لتأخذ طريقها للنشر لولا استغلال الروافض للتشابه في الأسماء [جريدة المدينة/ عدد (4621) الثلاثاء 24 رجب 1399ه، ص: 7، اختيار محمد سالم محمد، نقلاً عن كتاب بشارة المصطفى، وكتاب "بشارة المصطفى" هذا قد تناهى في الغلو، ففيه تأويل الجبت والطاغوت بأبي بكر وعمر (ص238)، وفيه قوله بأن من شك في تقديم علي وتفضيله ووجوب طاعته، وولايته محكوم بكفره وإن أظهر الإسلام (ص51).].
ومثل ابن جرير آخرون [كابن قتيبة؛ فإنهما رجلان: أحدهما عبد الله بن قتيبة رافضي غال، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة من ثقات أهل السنة، وقد صنف كتاباً سماه بالمعارف فصنف ذلك الرافضي كتاباً وسماه بالمعارف قصداً للإضلال. انظر: مختصر التحفة الاثني عشرية ص32، مختصر الصواقع ص51 (مخطوط)، والسويدي/ نقض عقائد الشيعة: ص25 (مخطوط).(7/150)
وقد احتار الباحثون في نسبة كتاب الإمامة والسياسة إلى ابن قتيبة السني لما فيه من أباطيل، وحاول بعضهم التعرف على المؤلف فلم يفلح حتى قال: "لقد حاولت كثيراً أن أتعرف على شخصية المؤلف الحقيقي لكتاب الإمامة والسياسة ولكني لم أعثر على شيء" (عبد الله عسيلان/ الإمامة والسياسة: ص20).
بل قد طرح افتراض أن يكون المؤلف من أتباع الإمام مالك (المصدر السابق ص: 20) رغم أن الكتاب فيه المسحة الرافضية جلية واضحة، حيث الطعن في الصحابة ودعوى أن علياً رفض بيعة أبي بكر لأنه - كما يزعم - أحق بالأمر، وقد ساق د. عبد الله عسيلان أمثلة لذلك من الكتاب المذكور (المصدر السابق: ص17، 18، 19)، وغاب عنه وعن الكثيرين الدسائس الرافضية، وأن ابن قتيبة رجلان، وكتاب الإمامة والسياسة هو لذلك الرافضي، بل لم أر من نبه على ذلك مع أهميته.]، والمقام لا يحتمل البسط، فإن هذا الأمر يستحق دراسة خاصة.
نشر الرفض في العالم الإسلامي:
مما يبين مدى الأثر الرافضي في نشر عقائدهم في أوساط المسلمين ما سجل في نصوصهم القديمة من أنه لم يقبل فكرتهم إلا أهل مدينة واحدة هي الكوفة.
قال أبو عبد الله: "إن الله عرض ولايتنا على أهل الأمصار فلم يقبلها إلا أهل الكوفة" [بحار الأنوار: 60/209، 100/259، وعزاه إلى بصائر الدرجات.].
فالتشيع لم يجد موطناً في بلاد الإسلام إلا في الكوفة لبعدها عن العلم وأهله [انظر: مقدمة الرسالة: ص6.]. وهذا من آثار ابن سبأ، فقد كان له نشاط مبكر في الكوفة، وما غادرها حتى ترك فيها خلية تعمل على نهجه [انظر: سليمان العودة/ عبد الله بن سبأ: ص49.].
وقد لاحظ شيخ الكوفة وعالمها أبو إسحاق السبيعي (ت127ه) التغير الذي طرأ على هذه البلدة، فقد غادر الكوفة وهم على السنة، لا يشك أحد منهم في فضل أبي بكر وعمر وتقديمهما، ولكنه حينما عاد إليها وجد فيها ما ينكر من القول "بالرفض" [انظر: ص (54).].(7/151)
ثم ما لبث أن سرى داء الرفض إلى العالم الإسلامي حتى يذكر بعض الباحثين بأن الشيعة يشكلون عشرة في المائة من مجموع المسلمين اليوم [روم لاندو/ الإسلام والعرب: ص95.].
ودعاة التشيع في العصر يشكون خلايا سرية نشطة تسرح في العالم الإسلامي لنشر الرفض بموجب خطة مدروسة، وتموين مالي من الحوزات العلمية التي تستمد رصيدها المالي من عرق وجهد أولئك الأتباع الأغرار الذين خدرت أفكارهم، وشحنت عواطفهم بتلك الدعوى الجميلة الخادعة "حب آل البيت" والتي ليس لشيوخ الشيعة نصيب منها إلا الاسم والدعوى، فاستولوا على الأموال الكبيرة باسم خمس الإمام، وهذه الخلايا السرية تتخذ شعارات أشبه ما تكون بشعارات الماسونية فهي تارة ترفع شعار "التقريب بين المذاهب الإسلامية" [انظر: فكرة التقريب ص511.] وأخرى باسم "جمعية أهل البيت" [انظر: فكرة التقريب ص514.].
وبعد قيام دولة الآيات في إيران تحولت السفارات للحكومة الإيرانية إلى مراكز للدعوة إلى الرفض، واستغلوا المراكز الإسلامية، والمساجد ولا سيما في أيام الجمع للدعوة للاتجاه الرافضي.
وقد نشرت مجلة المجتمع تحقيقاً عما يجري من نشاط رافضي في أوربا قالت فيه: "تحولت السفارات والقنصليات الإيرانية في أوربا إلى مراكز لنشر عقيدتهم في أوساط المسلمين (لا الكفار) المقيمين في أوربا، وتؤكد ذلك عشرات بل مئات وآلاف الكتيبات والمنشورات الخاصة بالفكر الشيعي، وتوزيع هذه الكتيبات على المسلمين الأوربيين في أماكن تجمعهم وخاصة عند أبواب المساجد، أو في البريد، أو من خلال وسائل أخرى.. وحتى المراكز الثقافية والمكتبات تبدو وكأنها أقيمت من أجل نشر دعوة التشيع دعوة التشيع الإيراني بين الأقلية المسلمة في أوربا، فبالإضافة إلى ما تحتويه هذه المكتبات من كتب ونشرات حول الثورة الإيرانية ومنهجها العقائدي.. نجد أن القائمين على هذه المكتبات ينظمون دروساً وندوات تتعلق في معظمها بالقضية العقدية.(7/152)
ثم أشارت المجلة إلى أسماء بعض المكتبات في أوربا والتي تقوم بتنظيم محاضرات عقدية في فكر الثورة الإيرانية أيام الخميس والسبت من كل أسبوع، وتوزع خلال ذلك المجلات والكتيبات والتسجيلات الصوتية.. ويدعا إلى حضور هذه المحاضرات المسلمون كوسيلة من وسائل نشر المنهج الشيعي على الطريقة الإيرانية.
كما بدأت المراكز الإيرانية بدفع بعض الشباب الذين غررت بهم وجعلتهم عملاء للمنهجية الإيرانية إلى بعض مساجد المسلمين للاتصال بالمصلين وخاصة أيام الجمع، حيث يتواجد عدد كبير من المسلمين في صلاة الجمعة.. وأشارت المجلة إلى أن هذه الاتصالات غالباً من تؤدي إلى وقوع بعض المصادمات والفتن داخل المسجد، وقدمت لذلك بعض الأمثلة، كما أشارت إلى أن هذه النشاطات الإيرانية بما تحدثه من فتن سيكون لها آثارها السلبية على المسلمين [انظر: مجلة المجتمع، العدد: 760، السنة السابعة عشرة 15 رجب 1406ه.].
ونشاط "الروافض" متعدد الوجوه، متنوع الوسائل لا يراعى فيه مبدأ كحال أهل السنة، لأن الروافض يرون في "التقية" تسعة أعشار الدين. وقد اعترف بعض علمائهم المعاصرين من حيث لا يدري أن التقية عندهم هي - كما يقول بالحرف الواحد - "الغاية تبرر الواسطة" [محمد جواد مغنية/ الشيعة في الميزان: ص49.] يعني في سبيل الغاية التي تنشدها استخدم أي وسيلة، أي هي "الميكافيلية" [أسلوب في المعاملات يتسم بالخداع والمراوغة والغدر والأنانية مبنى على مبدأ "الغاية تبرر الواسطة" وهو ينسب إلى المفكر الإيطالي (نيكولا ماكيافلي 1469-1527م) رائد هذا المبدأ، والذي سجله في كتابه "الأمير" وقدمه لأحد ملوك "أوربا" في القرون الوسطى. (انظر: أحمد عطية/ القاموس السياسي: ص1105-1106).] التي اعتمدها الذين لا دين لهم في تحقيق أهدافهم.. أما في الإسلام فإن الغاية لا تبرر ولا تبيح الوسيلة المحرمة.(7/153)
ولذلك فإن وسائل الروافض لنشر مذهبهم قد اكتست بألوان من الخداع والتغرير راح ضحيتها جملة من القبائل المسلمة والأفراد المسلمين.. فقد دفعوا مجموعة من شيوخ القبائل إلى اعتناق الرفض عن طريق إغرائهم بالمتعة [في سنة 1326ه كشف الشيخ العلامة محمد كامل الرافعي في رسالة أرسلها من بغداد لصديقه الشيخ رشيد رضا، ونشرتها مجلة المنار في المجلد السادس عشر، كشف أثناء سياحته في تلك الديار ما يقوم به علماء الشيعة من دعوة الأعراب إلى التشيع واستعانتهم في ذلك بإحلال متعة النكاح لمشايخ قبائلهم الذين يرغبون الاستمتاع بكثير من النساء في كل وقت.
وقد نشرت الرسالة في مجلة المنار ولم يفصح عن اسم كاتبها في أول الأمر، ثم بيّن الشيخ رشيد فيما بعد اسم كاتب الرسالة، حيث أشار إلى ذلك في المجلد (29)، وقال بأننا لم ننشر اسم الكاتب حينذاك لئلا تؤذيه الحكومة الحميدية كما هو معلوم من حالها (انظر: مجلة المنار، المجلد (29)، وانظر أيضاً: المجلد: الثاني ص687).].
وقد قدّم الحيدري في "عنوان المجد" بياناً خطيراً بالقبائل السنية التي ترفضت بجهود الروافض وخداعهم فقال: "وأما العشائر العظام في العراق الذين ترفضوا من قريب فكثيرون، منهم ربيعة.. ترفضوا منذ سبعين سنة، وتميم وهي عشيرة عظيمة ترفضوا في نواحي العراق منذ ستين سنة بسبب تردد شياطين الرافضة إليهم. والخزاعل ترفضوا منذ أكثر من مائة وخمسين سنة وهي عشيرة عظيمة من بني خزاعة فحرفت وسميت خزاعل.. وعشيرة زبيد وهي كثيرة القبائل وقد ترفضت منذ ستين سنة بتردد الرافضة إليهم وعدم العلماء عندهم.
ومن العشائر المترفضة بنو عمير وهم بطن من تميم، والخزرج وهم بطن من بني مزيقيا من الأزد، وشمرطوكه وهي كثيرة، والدوار، والدفافعة.(7/154)
ومن المترفضة عشائر العمارة آل محمد وهي لكثرتها لا تحصى وترفضوا من قريب، وعشيرة بني لام وهي كثيرة العدد، وعشائر الديوانية، وهم خمس عشائر: آل أقرع، آل بدير، وعفج، والجبور، وجليحة، والأقرع ست عشرة قبيلة، وكل قبيلة كثيرة العدد، وآل بدير ثلاث عشرة قبيلة وهي أيضًا كثيرة العدد، وعفج ثماني قبائل كثيرة العدد، وجليحة أربع قبائل كثيرة الأعداد، والجبور كذلك. ومن عشائر العراق العظيمة المترفضة منذ مائة سنة فأقل عشيرة كعب وهي عشيرة عظمية ذات بطون كثيرة.." [عنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد: ص112-118.].
وهكذا مضى الحيدري على هذا المنوال يذكر قبائل أهل السنة التي اعتنقت الرفض في غفلة من أهل السنة، ولأنهم انخدعوا بأقاويل الروافض: دعونا نلتق ونتعاون، وهيا إلى الوحدة والتقارب، والمذهب الشيعي لا يعدو الخلاف بينه وبين أهل السنة الخلاف بين المذاهب السنية نفسها، فهيأ أهل السنة بسكوتهم الأرضية لشيوخ الرافضة لنشر مذهبهم، وإلا لو أعلن الحق وبُيّن لما انخدع بالرفض أحد.
وهم لا يزالون إلى اليوم ينشرون معتقدهم على كل المستويات.
ولهم اهتمامات بالاتصال ببعض رؤساء الدول الذين يتوسمون فيهم الاستجابة لمذهبهم، كما فعل قديماً ابن المطهر الحلي مع خدا [خدا (بالفارسية) الله. وبنده: عبد. أي عبد الله.
وخدا بنده هو الثامن من ملوك الإيلخانية، والسادس من ذرية جنكيز خان واسمه الحقيقي الجايتو بن أرغون بن أبغا بن هولاكو. قال ابن كثير: "أقام سنة على السنة، ثم تحول إلى الرفض وأقام شعائره في بلاده". (البداية والنهاية: 14/77) ذلك أنه كان حديث عهد بدين الإسلام، ولا معرفة له بالعقيدة الإسلامية، وتاريخ الإسلام، فالتقى بابن المطهر الحلي فزين له مذهب الرافضة الباطل، فدخل فيه جميع عشائره وقبائله وأتباعه.(7/155)
وقد صنف ابن المطهر تصانيف كثيرة كنهج الحق، ومنهاج الكرامة وغيرهما لدعوة السلطان المذكور، وإغرائه بالتمسك بالمذهب الرافضي.
قال ابن كثير: "وقد جرت في أيامه فتن كبار، ومصائب عظام فأراح الله منه البلاد والعباد". وقصم عمره وهو ابن ست وثلاثين سنة. وبعدما توفي السلطان المذكور تاب انه في سنة 710ه من الرفض ورجع عن هذه العقيدة الخبيئة بإرشاد أهل السنة، وأبعد الروافض، فهرب الحلي إلى الحلة وسائر علمائهم (انظر: التحفة الاثني عشرية/ الورقة 43 "مخطوط" وتعليقات محب الدين الخطيب على المنتقى ص18-19).] بنده، وقد كان لذلك آثاره المعروفة تاريخياً، وكما فعلوا حديثاً مع الزعيم الليبي، حيث بدت من الأخير بوادر الاتجاه الرافضي في الرأي والولاء.
كما قاموا بشراء بعض أصحاب الأقلام والعقول الخاوية من الإيمان واستكتبوها للدعاية للتشيع والتقديم لكتب الشيعة [كما ترى ذلك في بعض كتبهم التي ترسل للعالم الإسلامي للدعاية للتشيع، ويستكتب فيها أمثال هؤلاء كما في كتاب "أصل الشيعة"، و"عقائد الإمامية" وغيرهما.].
ويقومون بانتقاء الأذكياء من الطلاب والطالبات في العالم الإسلامي ويعطونهم منحاً دراسية في قم ليغسلوا أدمغتهم ويربوهم على الرفض حتى يعودا لبلدانهم ناشرين للرفض داعين له.(7/156)
يقول شيخ الأزهر: "الأنباء التي تصلني من كافة أنحاء العالم الإسلامي تدل على أن هذه الحركة الإيرانية الخومينية الآن تنشر العنف، وتحاول أن تستقطب الشباب بوجه خاص في كثير من البلدان الإسلامية بالإغراءات المتعددة المالية والدراسية في إيران وغير ذلك من السبل بقصد إحداث الفرقة باستقطاب هؤلاء الشباب، ودفعهم إلى إثارة الخلافات في بلادهم وبين شعوبهم.. وأعتقد أنه على الشعوب الإسلامية أن تكون حذرة فيما تساق إليه بواسطة الخمينية أو غيرها، فهي حركة من الحركات الموفدة لتفتيت الأمة الإسلامية وبث الصراع والخلاف فيما بينها" [أخبار اليوم، العدد: (2160) السنة 42، السبت 11 رجب 1406ه.].
ظهور اتجاه رافضي عند بعض الكتاب المنتسبين للسنة:
وظهر في كتابات بعض المفكرين من المنتسبين لأهل السنة "لوثات" من الفكر الرافضي، وبرزت كتابات لهؤلاء متأثرة بالشبهات التي يثيرها "الروافض" في أمر الإمامة والصحابة، والمطالع لما يكتبه ثلة من المفكرين والأدباء حول تاريخ صد الإسلام، أو "نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام" أو "مسائل الإمامة والخلافة" يدرك مدى تأثير الكيد الرافضي في تحوير الحقائق أمام هؤلاء.
وأنا لا أشك أن هناك من هذا الصنف "زمرة" مرتزقة قد أغراها بريق المال ودفعها "متاع الغرور" لتقول ما قالت، ولتكتب ما سطرت، والروافض يدفعون المال "للرموز المشهورة" حتى يكتبوا للناس ما يتفق والمذهب الرافضي ومن قديم قال بعض السلف: لو أردت أن يملؤوا داري ورقاً وأكذب على علي لفعلوا والله لا كذبت عليه أبداً [وهو الشعبي. انظر: السنة للإمام عبد الله بن أحمد: 2/549.].(7/157)
فكيف اليوم وقد كثر المال في أيديهم، وقلت الأمانة في نفوس الكثيرين وغرتهم الدنيا وغرهم بالله الغرور [على حد المثل القائل: "كل إناء بما فيه ينضح" والقائل: "رمتني بدائها وانسلت" يتهم رئيس المحكمة الجعفرية ببيروت محمد جواد مغنية الأستاذ محمد حسين هيكل بأنه قد حذف في الطبعة الثانية لكتابه: "حياة محمد" نصاً من نصوص مقابل 500 جنيه. كل ذلك لأن هيكل حذف نصاً موضوعاً تبين له ضعفه فتدراكه في طبعة تالية فأول هذا الرافضي بمقتضى صنيع قومه وما يفعلون، فانظر وتعجب (انظر: محمد جواد مغنية/ الشيعة في الميزان: ص18 "الهامش").].
وإذا أردت مثالاً على هذا التأثر الفكري بالمنهج الرافضي فإليك ذلك: هذا د. علي سامي النشار صاحب كتاب "شهداء الإسلام في عصر النبوة" يكتب كتاباً باسم "نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام" ويضع فيه ما تقر به عيون الروافض فيكفر فيه بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول مثلاً عن معاوية رضي الله عنه: "ومهما قيل في معاوية، ومهما حاول علماء المذهب السلفي المتأخر، وبعض أهل السنة من وضعه في نسق صحابة رسول الله، فإن الرجل لم يؤمن أبداً بالإسلام، ولقد كان يطلق نفثاته على الإسلام كثيراً ولكنه لم يستطع أكثر من هذا" [نشأة الفكر الفلسفي: 2/19.].
فانظر إلى عظيم افترائه.. وهل يعهد مثل هذا القول إلا من الروافض وأشباههم.. وكيف يتفوه مسلم بهذه المقالة في صحابي جاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث شهد معه غزوة حنين [انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 4/458.]، وكان أميناً عنده يكتب له الوحي، وكان متولياً على المسلمين أربعين سنة نائباً ومستقلاً يقيم معهم شعائر الإسلام [مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 4/472.]؟.(7/158)
ثم هو يفتري على أهل السنة حين يزعم أن القول بصحبة معاوية هو قول للبعض من أهل السنة، وكأن الأكثرية على مذهبه، وهذا كذب واختلاق كمسلك الروافض في الكذب، فإن إيمان معاوية رضي الله عنه ثابت بالنقل المتواتر وإجماع أهل العلم على ذلك [مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 4/477.].
وقال أيضاً عن أبيه (أبو سفيان بن حرب): "ولقد كان أبو سفيان زنديقاً أي ممن يؤمنون بالمجوسية الفارسية" [نشأة الفكر الفلسفي: 2/31.]، مع أن أبا سفيان قد استعمله النبي صلى الله عليه وسلم نائباً له، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان عامله في نجران، فكيف يكون زنديقاً والنبي صلى الله عليه وسلم يأتمنه على أحوال المسلمين في العلم والعمل؟! [مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 4/454، 35/66.].
ويوافق أهل الرفض في قولهم بأن قلة من الصحابة كانوا يرون الحق لعلي، وأن الأمر قد نزع منه.. يقول: "وقد أحسَّ قلة من خلص الصحابة أن الأمر نزع من علي للمرة الثالثة، وأنه إذا كان الأمر قد سلب منه أولاً لكي يعطى للصاحب الأول، ثم يأخذ منه ثانياً لكي يعطى للصاحب الثاني فقد أخذ منه ثالثاً لكي يعطى لشيخ متهاوٍ متهالك لا يحسن الأمر ولا يقيم العدل يترك الأمر لبقايا قريش الضالة" [نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام: 1/228.]. وهو يقصد بهذا الخليفة الراشد ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه، الذي اتفق الصحابة على خلافته.. فكأنه يزري بهم جميعاً بهذه الفرية.
ويقول عن الرافضة التي تتسمى بالاثني عشرية والتي قالت كل ما مضى من كفر وشنيعة، واستفاض ذمهم ومقتهم في كلام أئمة الإسلام. يقول: "إن الأفكار الفلسفية للشيعة الاثني عشرية هي في مجموعها إسلامية بحتة" [نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام: 1/13.].(7/159)
فانظر إلى هذه المفارقات الغريبة وتعجب [حدثني د. محمد رشاد سالم - رحمه الله - أنه طرأ على حياة الرجل بسبب: علاقة مصاهرة مع زوجة كافرة مشبوهة، وسفر لأوربا بإلزام عبد الناصر، ووضع مالي سيء ما كان له أثره على فكره ونهجه، ولا يستكثر مثل هذا على من ينال من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.].
ويقول - وكأنه المتحدث أحد الروافض - بأن شيعة علي الذين أحبوه عن يقين وإيمان، وساروا في ركب الإمام وهم على إيمان مطلق بأنه الأثر الباقي لحقيقة الإسلام الكبرى، وبجانب هذا "العثمانية" و"الأموية" الذين كرهوا الإسلام أشد الكراهية، وامتلأت صدورهم بالحقد الدفين نحو رسول الله وآله وأصحابه [نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام: 1:/228-229.].
وبعد، فهذا مثال واحد أكتفي به، لأن هذه المسألة تستحق دراسة نقدية مستقلة.
تشويه تاريخ المسلمين:
للرافضة كتابات في التاريخ تعمدوا الإساءة فيها لتاريخ الأمة الإسلامية كما في روايات وأخبار الكلبي [محمد بن السائب بن بشبر الكلبي، قال ابن حبان: كان الكلبي سبئياً من أولئك الذين يقولون: إن علياً لم يمت وإنه راجع إلى الدنيا، توفي سنة (146ه) (ميزان الاعتدال: 3/558، وانظر: ابن أبي حاتم/ الجرح والتعديل: 7/270-271، تهذيب التهذيب: 9/178).]، وأبي مخنف [لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف الأزدي (أبو مخنف) من أهل الكوفة، قال ابن عدي: شيعي محترق صاحب أخبارهم، توفي سنة (157ه)، له تصانيف كثيرة منها: "الردة"، و"الجمل"، و"صفين" وغيرها.
(انظر: ميزان الاعتدال: 3/419-420، الأعلام للرزكلي 6/110-111).]، ونصر بن مزاحم المنقري [نصر بن مزاحم بن سيار المنقري الكوفي، قال الذهبي: رافضي جلد تركوه، توفي سنة 212ه، ومن كتبه: وقعة صفين، وهو مطبوع، والجمل، ومقتل الحسين.(7/160)
(انظر: ميزان الاعتدال: 4/253، العقيلي/ الضعفاء الكبير 4/30، ابن أبي حاتم/ الجرح والتعديل: 8/468، لسان الميزان: 6/157، الأعلام: 8/350).]، والتي توجد حتى عند الطبري في تاريخه، لكن الطبري يذكرها مسندة لهؤلاء فيعرف أهل العلم حالها [انظر: روايات الكلبي في تاريخ الطبري: 1/355، 2/237، 238، 272، 370، 465، 3/168، 274، 286، 425، 4/108، 368، 5/449، 6/103، 349، 364.
وروايات أبي مخنف وهي كثيرة جداً في أكثر من 300 موضع. وقال المستشرق بل A.Bel في دائرة المعارف الإسلامية: 1/399: صنف (يعني أبا مخنف) 32 رسالة في التاريخ، عن حوادث مختلفة وقعت في إبان القرن الأول للهجرة، وقد حفظ لنا الطبر معظمها في تاريخه، أما المصنفات التي وصلت إلينا منسوبة إليه فهي من وضع المتأخرين. (انظر: الأعلام: 6/111- الهامش).
وروايات نصر بن مزاحم: 4/458، 465، 485، 487. (انظر: فهارس الطبري التي وضعها أبو الفضل إبراهيم في ج10 من التاريخ).].
وكما في كتابات المسعودي في مروج الذهب، واليعقوبي في تاريخه.. وقد أشار الأستاذ محب الدين الخطيب في حاشية العواصم إلى أن التدوين التاريخي إنما بدأ بعد الدولة الأموية، وكان للأصابع الباطنية والشعوبية المتلفعة برداء التشيع دور في طمس معالم الخير فيه وتسويد صفحاته الناصعة [انظر: العواصم من القواصم (الحاشية) ص:177.].
ويظهر هذا الكيد لمن تدبر كتاب العواصم من القواصم لابن العربي مع الحاشية الممتازة التي وضعها عليه العلامة محب الدين الخطيب.
لقد سوّد شيوخ الروافض آلاف الصفحات بسب أفضل قرن عرفته البشرية، وصرفوا أوقاتهم وجهودهم لتشويه تاريخ المسلمين.
وكانت هذه المادة "الرافضية" الكبيرة والتي تجدها في كتب التاريخ التي وضعها الروافض، أو شاركوا في بعض أخبارها، وتراها في كتب الحديث عندهم كالكافي، والبحار، وفي ما كتب شيوخهم في القديم كإحقاق الحق، وفي الحديث ككتاب الغدير.(7/161)
هذه المادة السوداء المظلمة الكريهة الشائهة هي المرجع لما كتبه أعداء المسلمين من المستشرقين وغيرهم.
وجاء ذلك الجيل المهزوم روحياً، والذي يرى في الغرب قدوته وامثولته من المستغربين فتلقف ما كتبته الأقلام الاستشراقية وجعلها مصدره ومنهله.. وتبنى أفكارهم ونشر شبهاتهم في ديار المسلمين.
وكان لذلك أثره الخطير في أفكار المسلمين وثقافاتهم، وكان الرفض هو الأصل في هذا الشر كله.
وإن دراسة آراء المستشرقين وصلتها بالشيعة لهي موضوع هام يستحق الدراسة والتتبع.. ولا يمكن بحال أن نخوض غماره في هذا البحث لضيق المجال، وحسبنا أن نشير إليه وننبه عليه.
لقد بدأت استفادة العدو الكافر من شبهات الروافض وأكاذيبهم ومفترياتهم على الإسلام والمسلمين منذ وقت ليس بالقريب.
ففي عصر الإمام ابن حزم (ت456ه) كان النصارى يتخذون من فرية الروافض حول كتاب الله سبحانه حجة لهم في مجادلة أهل الإسلام، وقد أجاب ابن حزم عن ذلك بكل حزم فأبان أنه لا عبرة بأقوال هذه الفئة، لأن الروافض ليسوا من المسلمين [انظر: ص(1256) من هذه الرسالة.].
أثرهم في الأدب العربي:
لم يسلم الأدب ودولة الشعر والنثر من تأثير أهل التشيع فيه، وقد ترك التشيع بصماته "السوداء" على الأدب العربي.. وقد استغل "شعراء" الشيعة وخطباؤها ما يسمى بمحن آل البيت في إثارة عواطف الناس واستجاشة مشاعرهم وإلهاب العواطف والنفوس، وتحريكها ضد الأمة ودينها.
وتلمس في بعض ما وصلنا من "أدب" بعض الاتجاهات العقدية عند الشيعة، وتلمح المبالغة في تصوير ما جرى على أهل البيت من محن، واستغلال ذلك في نشر التشيع، والطعن في الصحابة رضوان الله عليه.
وقد أجهد رواد التشيع أنفسهم في نشر الخرافات والأساطير عن أئمتهم في ثوب قصصي مثير، أو في خطبة أو في شعر مبالغ في الغلو في مدح الأئمة.
ولقد تأثرت عقائد العامة وتصوراتهم، حتى أثر ذلك على عقيدة التوحيد عندهم فاتخذوا من الأئمة أرباباً من دون الله.(7/162)
يقول الأستاذ محمد سيد كيلاني:
"فترى أن التشيع قد أخرج لوناً من الأدب كان سبباً في الهبوط بالمسلمين إلى هوة سحيقة من التأخر والانحطاط، وقد أفلح الوهابيون في القضاء على كثير من هذه الخرافات في داخل بلادهم، أما في الأقطار الإسلامية الأخرى فالحال باقية كما هي عليه حتى بين طبقة المتعلمين" [أثر التشيع في الأدب العربي/ محمد سيد كيلاني: ص43، دار الكتاب العربي بمصر.].
ويكفي هذا مطالعة القصيدة المشهورة والمعتمدة عندهم وهي "القصيدة الأزرية" [وتسمى القصيدة الهائية لشيخهم محمد كاظم الأزري المتوفى سنة 1211ه (الذريعة: 17/135)، وللأستاذ محمود الملاح نقد لهذه القصيدة سماه "الرزية في القصيدة الأزرية" ذكر أنه قدم لها شيخهم محمد رضا المظفر، وقال - نقلاً عن المظفر -: إن شيخهم صاحب الجواهر (وهو محمد بن حسن بن باقر النجفي المتوفى سنة 1266ه، والجواهر هو شرح "شرائع الإسلام" من كتبهم المعتمدة في الفقه. انظر: محمد جواد مغنية/ مقدمته لـ "شرائع الإسلام") كان يتمنى أن تكتب في ديوان أعماله "القصيدة الأزرية" مكان كتابه "جواهر الكلام" ثم ذكر بعض أبياتها وهي تعج بالكفر الصريح، كقوله عن علي:
وهو الآية في المحيط في الكون ففي عين كل شيء تراها
وقوله:
كل ما في القضاء من كائنات أنت مولى بقائها وفناها
(انظر: الرزية في القصيدة الأزرية: ص33-35).].(7/163)
كما اتخذوا من حرفة الأدب وسيلة للنيل من الأمة بالإساءة لسمعة خلفائها، وتشويه صورة المجتمع المسلم، حيث نجد تضخيم الجانب الهزلي والمنحرف والضال في المجتمع، بل تصوير المجتمع وخليفته بصورة هابطة كما فعلوا مع الخليفة هارون الرشيد وأخباره مع أبي نواس، وهو الخليفة الذي يغزو عاماً ويحج عاماً، كما وجدوا في الأدب متنفساً لهم، حيث ترتفع التقية في جو العاطفة والخيال.. فيصبوا أحقادهم وكرههم للخليفة والأمة في قصة أو شعر أو مثل أو خطبة.. ويكفي كمثال على ذلك كله الاطلاع على كتاب الأغاني للرافضي أبي الفرج الأصفهاني.
المجال السياسي
الشيعة - كما تؤكد أصولهم - لا يؤمنون بشرعية أي دولة في العالم الإسلامي، ويرون أن الخليفة على العالم الإسلامي طاغوت، ودولته غير شرعية، ولا يستثنون من ذلك إلا خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وخلافة الحسن (وقد مضى أنهم يقولون في رواياتهم: كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت) [انظر: ص(738).].
ولهذا وجد العدو المتربص بالأمة المسلمة ضالته المنشودة في الشيعة، وحقق الكثير من أغراضه بواسطتها، لوجود هذه العقيدة التي من ثمارها فقدان الولاء والطاعة، وإضمار العداء والكراهية للأمير والمأمورين من المسلمين.
ولذا كانت الزمر الرافضية أداة مطيعة بيد العدو، ومركباً ذلولاً سخره للوصول إلى مآربه.
وكانت عقيدة التقية تيسر للعناصر الشيعية إحكام الخطط، وترتيب المؤامرات، فهم أشبه ما يكونون بخلية سرية ماسونية تلبس للأمة المسلمة رداء الإسلام، وترتدي ثوب المودة والطاعة لإمام المسلمين في الظاهر، وتعمل على الكيد له وللأمة في الباطن، فقد قالوا: "خالطوهم بالبرانية وظاهروهم بالجوانية إذا كانت الإمرة صبيانية" [أصول الكافي: 2/220، و"البرانية" هي العلانية، و"الجوانية" هي السر والباطني. (هامش الكافي: 2/220-221).].(7/164)
ولقد كان الشيعة في مختلف فترات التاريخ موضع استغلال من الملحدين يسخرونهم في خدمة أغراضهم وتنفيذ مخططاتهم، وقد انضم رؤوس الزنادقة إلى ركب التشيع حتى يمكنهم الاستفادة من أولئك الرعاع، ولذا ذكر شيخ الإسلام "أن أكثر معتنقي التشيع لا يعتقدون دين الإسلام، إنما يتظاهرون بالتشيع لقلة عقل الشيعة وجهلهم ليتوسلوا بهم إلى أغراضهم" [انظر: منهاج السنة: 2/48.].
وقد شهدت الوقائع والأحداث أن التشيع كان مأوى لكل من يريد الكيد للإسلام وأهله.
لقد وجدت طوائف من الفرس الذين قضى المسلمون على دولتهم في سبع نسين في التشيع ضالتهم المنشودة، كذلك وجد يهود الفرصة سانحة لتحقيق أهدافهم عن طريق التشيع.
وإلى اليوم يتستر بالتشيع أعداء الإسلام والمتآمرين على أهله.. وقد برزت أثناء الخلاف بين الفصائل الشيعية المنبثقة من الاثني عشرية "اعترافات" من القوم أنفسهم تصدق هذا القول.. فقد نقل أحد الباحثين الشيعة بأن السفير الروسي في إيران - كنياز دكوركي كان يحضر دروس شيخهم الرشتي [انظر: ترجمته في الأعلام للزركلي: 6/67، وانظر: أحسن الوديعة: 1/72.] صاحب الكشفية إحدى فرق الاثني عشرية - كما مر [انظر: ص(112) من هذه الرسالة.]- والتي يلقيها في كربلاء باسم مستعار هو "الشيخ عيسى اللنكراني" وقد كشفت ذلك مجلة الشرق التي أصدرتها وزارة الخارجية الروسية (السوفياتية) لسنة 1924-1925م [انظر: آل طعمة/ مدينة الحسين: ص53.].
كم كان الجنرال الانكليزي المتقاعد جعيفر عليخان (ويبدو أنه اتخذ هذا الاسم للتمويه) كان يتزيا بالزي الشيعي ويحضر هو الآخر دروس كاظم الرشتي [آل طعمة/ مدينة الحسين: ص 53.].(7/165)
ويعلل الباحث الشيعي هذه الظاهرة بأن الأعداء "كانوا على علم مسبق بأن سكان هذين القطرين - العراق وإيران - من المحبين لأهل البيت فجاءوهم من الناحية العقائدية [آل طعمة/ مدينة الحسين: ص 53.].. فأشاعوا بينهم - كما يقول - من خلال المذهب الكشفي الغلو في الأئمة وجعلهم شركاء لله في خلقه ورزقه.. ونفي العقاب عن كل مرتكتب معصية صغيرة كانت أو كبيرة [آل طعمة/ مدينة الحسين: ص54.].
ثم يقول: "وهكذا وجد الاستعمار في هذه الديار العربية المسلمة أرضاً خصبة لغرس شجرة العقيدة الحنظلية" [انظر: آل طعمة/ مدينة الحسين: ص 54.].
وأقول: ومن قبل كان للاتجاه الصفوي دوره الخطير في بذر أصول الغلو على يد ثلة من شيوخ السوء أمثال المجلسي والجزائري والكاشاني وغيرهم.
وهذا العدو الذي لبس ثوب التشيع زرواً، واندس في صفوف الشيعة قد يجد المكانة الرفيعة بينهم، كيف وعقيدتهم في الإجماع تجعل لقول الفئة المجهولة، ورأي الشخص المجهول الأحقية على غيره على احتمال أن يكون هذا المجهول هو المهدي [وهو لا يعدم حينئذ شيئاً من شهواته التي كان يمارسها قبل دخوله في الاتجاه الشيعي، فالشهوات الجنسية تتحقق له عن طريق المتعة وعارية الفرج واللواط بالنساء المقررة في شرعتهم.
والتكاليف الشريعة قد تخف بجمع الصلوات.. وقد تسقط بحب آل البيت.
والجهاد معطل حتى يخرج المنتظر فلا خوف على النفس ، وإن وصل إلى مرحلة الآية والحجة والمرجعية فالذهب الرنان يبذل تحت قديمه باسم الخمس.
و"البابوية" أو التقديس والتعظيم يناله باسم النيابة عن المنتظر.
فماذا يضيره حينئذ أن يندس في صفوفهم، ويعمل لقومه بين ظرانيهم متستراً بزي رجال الدين المتوشحين بالسواد عندهم، وقد ينتسب إلى العترة ليجد الحظوة.].(7/166)
هذا ومن يتتبع أحداث التاريخ وملاحمه يرى أن معول مدعي التشيع كان من أخطر المعاول التي أتت على الدولة الإسلامية من أطرافها، ذلك أنهم مع المسلمين في الظاهر، وهم من أعظم الأعداء لهم في الباطن، حتى قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن أصل كل فتنة وبلية هم الشيعة، ومن انضوى إليهم، وكثير من السيوف التي سلت في الإسلام إنما كان من جهتهم، وبهم تسترت الزنادقة" [منهاج السنة: 3/243.].
ولأنهم يرون أن المسلمين أكفر من اليهود والنصارى [انظر: ص 714-715 من هذه الرسالة.]، فهم يوالون أعداء الدين الذين يعرف كل أحد معاداتهم من اليهود والنصارى والمشركين، ويعادون أولياء الله الذين هم خيار أهل الدين وسادات المتقين [منهاج السنة: 4/110.].
وقال شيخ الإسلام: "فقد رأينا ورأى المسلمون أنه إذا ابتلي المسلمون بعدو كافر كانوا معه على المسلمين" [منهاج السنة: 3/38.].
فقد شهد الناس أنه لما دخل هولاكوا ملك الكفار الترك الشام سنة 658هـ كانت الرافضة الذين كانوا بالشام من أعظم الناس أنصاراً وأعواناً على إقامة ملكه وتنفيذ أمره في زوال ملك المسلمين، وهكذا يعرف الناس عامة وخاصة ما كان بالعراق لما قدم هولاكو إلى العراق وسفك فيها من الدماء ما لا يحصيه إلا الله، فكان وزير الخليفة ابن العلقمي والرافضة هم بطانته الذين عاونوه على ذلك بأنواع كثيرة باطنة وظاهرة يطول وصفها [وسيأتي تفصيل بعض أحداثها في آخر هذا المبحث.].
وقبل ذلك كانت إعانتهم لجد هولاكو هو جنكيز خان، فإن الرافضة أعانته على المسلمين.(7/167)
وقد رآهم المسلمون بسواحل الشام وغيرها إذا اقتتل المسلمون والنصارى هواهم مع النصارى يناصرونهم بحسب الإمكان، ويكرهون فتح مدائنهم كما كرهوا فتح عكا وغيرها، ويختارون إدالتهم على المسلمين حتى إنهم لما انكسر المسلمون سنة غازان [هو أخو خدابنده، من أحفاد جنكيز خان ملك الترك الكفار المسمون بالتتار، أما الواقعة التي يشير إليها شيخ الإسلام فانظر تفاصيل أحداثها في البداية والنهاية لابن كثير: 14/6.]. سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وخلت الشم من جيش المسلمين عاثوا في البلاد، وسعوا في أنواع من الفساد من القتل وأخذ الأموال، وحمل راية الصليب، وتفضيل النصارى على المسلمين وحمل السبي والأموال والسلاح من المسلمين إلى النصارى بقبرص وغيرها، فهذا وأمثاله قد عاينه الناس، وتواتر عند من لم يعاينه [منهاج السنة: 3/244، وانظر: ص38-39من نفس الجزء، وانظر: ج4 ص110-111، والمنتقى: ص 329-332، وتعليقات محب الدين الخطيب في هذا الموضوع.].
وقال: "وكذلك كانوا من أعظم الأسباب في استيلاء النصارى قديماً على بيت المقدس حتى استنقذه المسلمون منهم" [منهج السنة: 4/110.].
والحديث في هذا الباب ممتد، وقد حفلت كتب التاريخ بتصوير أحداثه المريرة.
وإذا كان هذا تأثير الشيعة الذين يعيشون داخل الدولة الإسلامية، فإن تأثير دول الشيعة التي قامت أشد، ولهذا قال شيخ الإسلام عن دولة بني بويه [وقد ظهرت في العراق وقسم من إيران سنة 334، وانقرضت سنة 437هـ، والاثنا عشرية تعدها من دولها. (انظر: الشيعة في التاريخ ص98، والشيعة في الميزان: ص138-148).] بأن هذه الدولة قد انتظمت أصناف المذاهب المذمومة: قوم منهم زنادقة، وفيهم قرامطة كثيرة ومتفلسفة، ومعتزلة، ورافضة.(7/168)
وقد حصل لأهل الإسلام والسنة في أيامهم من الوهن ما لم يعرف، حتى استولى النصارى على ثغور الإسلام، وانتشرت القرامطة في أرض مصر والمغرب والمشرق وغير ذلك، وجرت حوادث كثيرة [مجوع فتاوى شيخ الإسلام: 4/22.].
وقال عن دولة خدا بنده [انظر: ص1203 هامش (1) من هذه الرسالة.]: "وانظر ما حصل لهم في دولة السلطان خدا بنده الذي صنف له هذا الكتاب [يعني كتاب "منهاج الكرامة" الذي وضعه ابن المطهر الحلي ورد عليه شيخ الإسلام في منهاج السنة.] كيف ظهر فيهم من الشر الذي لو دام وقوي أبطلوا به عامة شرائع الإسلام لكن يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون" [منهاج السنة: 3/244.]، وكذلك كان الأمر أشد في الدولة الصفوية من بعد شيخ الإسلام.
وإلى اليوم يجري الأثر الرافضي في أرض المسلمين فساداً من دولة الآيات في إيران، ومن منظماتهم في لبنان [انظر: أمل والمخيمات الفلسطينية للدكتور محمد الغريب.]، وفي خلاياهم في دول الخليج وغيرها.
ويذكر إحسان إلهي ظهير أن انفصال باكستان الشرقية كان وراءه الكيد الرافضي، حيث قال: "وها هي باكستان الشرقية ذهبت ضحية بخيانة أحد أبناء "قزلباش" الشيعة يحيى خان في أيدي الهندوس" [الشيعة والسنة: ص11.].
وقد عارض شيوخ الشيعة في باكستان تطبيق الشريعة الإسلامية [انظر: مظالم الشيعة: ص 9-10، وقد قال زعيم الشيعة مفتي جعفر حسين في مؤتمر صحفي بأن الشيعة يرفضون تطبيق الحدود الإسلامية لأنها ستكون على مذهب أهل السنة. (الأبناء الكويتية في 1/5/1979م).]؛ لأنها تحد من شهواتهم التي يمارسونها باسم المتعة، وتعاقبهم على جرائمهم التي يستسهلون ارتكابها بحجة أن حب علي لا تضر معه سيئة.
وبعد.. هذه إشارات لقضايا كبيرة، شرحها ودراستها يحتاج لمؤلفات.
وحسبي أن أختار مثالين منها للوقوف عندها قليلاً لأخذ العبرة:(7/169)
الأول: يتصل بتأثير الشيعة داخل الدولة الإسلامية، وسأتوقف عند حادثة ابن العلقمي وتآمره لإسقاط الدولة الإسلامية.
والثاني: في تأثير دول الشيعة على المسلمين، وسأتوقف عند الدولة الصفوية.
مؤامرة ابن العلقمي الرافضي:
وملخص الحادثة أن ابن العلقمي كان وزيراً للخليفة العباسي المستعصم، وكان الخليفة على مذهب أهل السنة، كما كان أبوه وجده، ولكن كان فيه لين وعدم تيقظ، فكان هذا الوزير الرافضي يخطط للقضاء على دولة الخلافة، وإبادة أهل السنة، وإقامة دولة على مذهب الرافضة، فاستغل منصبه، وغفلة الخليفة لتنفيذ مؤامراته ضد دولة الخلافة، وكانت خيوط مؤامراته تتمثل في ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: إضعاف الجيش، ومضايقة الناس.. حيث سعى في قطع أرزاق عسكر المسلمين، وضعفتهم:
قال ابن كثير: "وكان الوزير ابن العلقمي يجتهد في صرف الجيوش، وإسقاط اسمهم من الديوان، فكانت العساكر في أخر أيام المستنصر قريباً من مائة ألف مقاتل.. فلم يزل يجتهد في تقليلهم، إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف" [البداية والنهاية: 13/202.].
المرحلة الثانية: مكاتبة التتار: يقول ابن كثير: "ثم كاتب التتار، وأطمعهم في أخذ البلاد، وسهل عليهم ذلك، وحكى لهم حقيقة الحال وكشف لهم ضعف ا لرجال" [البداية والنهاية: 13/202.].
المرحلة الثالثة: النهي عن قتال التتار وتثبيط الخليفة والناس:(7/170)
فقد نهى العامة عن قتالهم [منهاج السنة: 3/38.] وأوهم الخليفة وحاشيته أن ملك التتار يريد مصالحتهم، وأشار على الخليفة بالخروج إليه والمثول بين يديه لتقع المصالحة على أن يكون نصف خراج العراق لهم، ونصفه للخليفة، فخرج الخليفة إليه في سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء والأمراء والأعيان.. فتم بهذه الحيلة قتل الخليفة ومعن معه من قواد الأمة وطلائعها بدون أي جهد من التتر. وقد أشار أولئك الملأ من الرافضة وغيرهم على المنافقين على هولاكو أن لا يصالح الخليفة، وقال الوزير ابن العلقمي: متى وقع الصلح على المناصفة لا يستمر هذا إلا عاماً أو عامين، ثم يعود الأمر إلى ما كان عليه قبل ذلك، وحسنوا له قتل الخليفة، ويقال إن الذي أشار بقتله الوزير ابن العلقمي، ونصير الدين الطوسي [وكان النصير عند هولاكوا قد استصحبه في خدمته لما فتح قلاع الألموت، وانتزعها من أيدي الإسماعيلية (ابن كثير/ البداية والنهاية: (13/201) ).].
ثم مالوا على البلد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان، ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى، ومن التجأ إليهم، وإلى دار الوزير ابن العلقمي الرافضي [البداية والنهاية: 13/201-202.].
وقد قتلوا من المسلمين ما يقال إنه بضعة عشر ألف ألف إنسان أو أكثر أو أقل، ولم ير في الإسلام ملحمة مثل ملحمة الترك الكفار المسمين بالتتر، وقتلوا الهاشميين، وسبوا نساءهم من العباسيين وغير العباسيين، فهل يكون موالياً لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم من يسلط الكفار على قتلهم وسبيهم وعلى سائر المسلمين [منهاج السنة: 3/38.].؟
وقتل الخطباء والأئمة، وحملة القرآن، وتعطلت المساجد والجماعات والجمعات مدة شهور ببغداد [البداية والنهاية: 13/203.].(7/171)
وكان هدف ابن العلقمي "أن يزيل السنة بالكلية وأن يظهر البدعة الرافضة، وأن يعطل المساجد والمدارس، وأن يبني للرافضة مدرسة هائلة ينشرون بهذا مذهبهم فلم يقدره الله على ذلك، بل أزال نعمته عنه وقصف عمره بعد شعور يسيرة من هذه الحادثة، وأتبعه بولده" [البداية والنهاية: 13/202-203.].
فتأمل هذه الحادثة الكبرى والخيانة العظمى، واعتبر بطيبة بعض أهل السنة إلى حد الغفلة بتقريب أعدى أعدائهم، وعظيم حقد هؤلاء الروافض وغلهم على أهل السنة، فهذا الرافضي كان وزيراً للمستعصم أربع عشرة سنة، وقد حصل له من التعظيم والوجاهة ما لم يحصل لغيره من الوزراء، فلم يجد هذا التسامح والتقدير في إزالة الحقد والغل الذي يحمله لأهل السنة، وقد كشف متأخروا الرافضة القناع عن قلوبهم، وباحوا بالسر المكنون فعدوا جريمة ابن العلقمي والنصير الطوسي في قتل المسلمين من عظيم مناقبهما عندهم. فقال الخميني في الإشادة بما حققه نصير الطوسي: ".. ويشعر الناس (يعني شيعته) بالخسارة.. بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي وأضرابه ممن قدم خدمات جليلة للإسلام" [الحكومة الإسلامية: ص128.].
والخدمات التي يعني هنا هي ما كشفها الخوانساري من قبله في قوله في ترجمة النصير الطوسي: "ومن جملة أمره المشهور المعروف المنقول حكاية استيزاره للسلطان المحتشم.. هولاكو خان.. ومجيئه في موكب السلطان المؤيد مع كمال الاستعداد إلى دار السلام بغداد لإرشاد العباد وإصلاح البلاد.. بإبادة ملك بني العباس، وإيقاع القتل العام من أتباع أولئك الطغام، إلى أن أسال من دمائهم الأقذار كأمثال الأنهار، فانهار بها في ماء دجلة، ومنها إلى نار جهنم دار البوار" [روضات الجنات: 6/300-301، وانظر أيضاً في ثناء الروافض على النصير الطوسي النوري الطبرسي/ مستدرك الوسائل: 3/483، القمي/ الكنى والألقاب: 1/356.].(7/172)
فهم يعدون تدبيره لإيقاع القتل العام بالمسلمين، من أعظم مناقبه، وهذا القتل هو الطريق عندهم لإرشاد العباد وإصلاح البلاد، ويرون مصير المسلمين الذي استشهدوا في هذه "الكارثة" إلى النار، ومعنى هذا أن هولاكو الوثني وهو الذي يصفه بالمؤيد، وجنده هم عندهم من أصحاب الجنة؛ لأنهم شفوا غيظ هؤلاء الروافض من المسلمين، فانظر إلى عظيم هذا الحقد!! حتى صار قتل المسلمين من أغلى أمانيهم.. وصار الكفار عندهم أقرب إليهم من أمة الإسلام.
هذه قصة ابن العلقمي أوردتها معظم كتب التاريخ [وانظر أيضاً في قصة تآمره: ابن شاكر الكتبي/ فوات الوفيات: 2/313، الذهبي/ العبر: 5/225، السبكي/ طبقات الشافعية: 8/262-263 وغيرها.]، وأقرتها كتب الرافضة، وأشادت بها.. ومع ذلك فقد حاول الراوفض المعاصرين توهين القصة والطعن في ثبوتها، وحجته أن الذين ذكروا الحادثة غير معاصرين للواقعة، وحينما جاء على من ذكر الحادثة من معاصريها مثل: أبي شامة شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل (ت665هـ) كان جوابه عن ذلك بأنه وإن عاصر الحادثة معاصرة زمانية، لكنه من دمشق فلم تتوفر فيه المعاصرة المكانية [انظر: محمد الشيخ الساعدي/ مؤيد الدين بن العلقمي وأسرار سقوط الدولة العباسية، وقد ساعدت جامعة بغداد على نشر الكتاب.].
وهي محاولة لرد ما استفاض أمره عند المؤرخين، كمحاولتهم في إنكار وجود ابن سبأ، وقد بحثت في كتب التاريخ فوجدت شهادة هامة لأحد كبار المؤرخين تتوفر فيه ثلاث صفات: الأولى: أن الشيعة يعدونه من رجالهم، والثانية: أنه من بغداد، والثالثة: أنه متوفى سنة 674هـ.(7/173)
فهو شيعي بغدادي معاصر للحادثة؛ ذلك هو الإمام الفقيه علي بن أنجب المعروف بابن الساعي الذي شهد بجريمة ابن العلقمي فقال: "... وفي أيامه (يعني المستعصم) استولت التتار على بغداد، وقتلوا الخليفة، وبه انقضت الدولة العباسية من أرض العراق، وسببه أن وزير الخليفة مؤيد الدين ابن العلقمي كان رافضياً.. ثم ساق القصة [مختصر أخبار الخلفاء: ص136-137.].. وابن الساعي هذا ذكره محسن الأمين من رجال الشيعة فقال: "علي بن أنجب البغدادي المعروف بابن الساعي له أخبار الخلفاء ت674هـ" [أعيان الشيعة: 1/305.].
ويكفي دلالة على صلة الروافض بنكبة المسلمين وتمني حصول أمثالها هذا التشفي الذي صدر على ألسنة شيوخهم المتأخرين والمعاصرين كالخوانساري، والخميني وأمثالهما.
الدولة الصفوية [استمر ملك الدولة الصفوية من سنة 1905إلى سنة 1148هـ (مغنية/ الشيعة في الميزان: ص182).]:
في الدولة الصفوية، والتي أسسها الشاه إسماعيل الصفوي فرض التشيع الاثني عشري على الإيرانيين قسراً، وجعل المذهب الرسمي لإيران.. وكان إسماعيل قاسياً متعطشاً للدماء إلى حد لا يكاد يصدق [علي الوردي/ لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث: ص56.]، ويشيع عن نفسه أنه معصوم وليس بينه وبين المهدي فاصل، وأنه لا يتحرك إلا بمقتضى أوامر الأئمة الاثني عشر [كامل مصطفى الشيبي/ الفكر الشيعي والنزعات الصوفية حتى مطلع القرن الثاني عشر الهجري: ص413.].(7/174)
ولقد تقلد سيفه وأعمله في أهل السنة، وكان يتخذ سب الخلفاء الثلاثة وسيلة لامتحان الإيرانيين، فمن يسمع السب منهم يجب عليه أن يهتف قائلاً: "بيش باد كم باد".. هذه العبارة تعني في اللغة الأذربيجانية أن السامع يوافق على السب ويطلب المزيد منه، أما إذا امتنع السامع عن النطق بهذه العبارة قطعت رقبته حالاً، وقد أمر الشاه أن يعلن السب في الشوارع، والأسواق وعلى المنابر منذراً المعاندين بقطع رقابهم [كامل مصطفى الشيبي/ الفكر الشيعي والنزعات الصوفية حتى مطلع القرن الثاني عشر الهجري: ص58.]، وكان إذا فتح مدينة أرغم أهلها على اعتناق الرفض فوراً بقوة السلاح.
ويروى عنه أنه عندما فتح تبريز في بداية أمره وأراد فرض التشيع على أهلها بالقوة، أشار عليه بعض شيوخهم أن يتريث، لأن ثلثي سكان المدنية من أهل السنة، وأنهم لا يصبرون على سب الخلفاء الثلاثة على المنابر، ولكنه أجابهم: "إذا وجدت من الناس كلمة اعتراض شهرت سيفي بعون الله فلا أبقي منهم أحداً حياً" [كامل مصطفى الشيبي/ الفكر الشيعي والنزعات الصوفية حتى مطلع القرن الثاني عشر الهجري: ص58، وانظر: تاريخ الصفويين: ص55.].
ومن ناحية أخرى اتخذ مسألة قتل الحسين وسيلة للتأثير النفسي، بالإضافة إلى أسلوب التهديد والإرهاب فأمر بتنظيم الاحتفال بذكر مقتل الحسين على النحو الذي يتبع الآن عندهم [الشيبي/ الفكر الشيعي: ص415.]. وأضاف إليه فيما يقال مجالس التعزية.
وهي التي يسمونها الآن "الشبيه" ويجرى فيها تمثيل مقتل الحسين.. فكان لهذا أثره على أولئك الأعاجم حتى رأى بعضهم أنه من أهل العوامل في نشر التشيع في إيران، لأن ما فيه من مظاهر الحزن والبكاء وما يصاحبه من كثرة الأعلام ودق الطبول وغيرهما يؤدي إلى تغلغل في العقيدة في أعماق النفس والضرب على أوتارها الكامنة" [الوردي/ لمحات اجتماعية: ص59.].(7/175)
ولقد آزر شيوخ الروافض سلاطين الصفويين في الأخذ بالتشيع إلى مراحل من الغلو وفرض ذلك على مسلمي إيران بقوة الحديد والنار.
وكان من أبرز هؤلاء الشيوخ شيخهم علي الكركي [علي بن هلال الكركي، هلك سنة (948هـ).]، الذي يلقبه الشيعة بالمحقق الثاني الذي قربه الشاه طهماسب، ابن الشاه إسماعيل وجعله الآمر المطاع في الدولة، فاستحدث هذا الكركي بدعاً جديدة في التشيع، فكان منها: "التربة التي يسجد عليها الشيعة الآن في صلواتهم. وقد ألف فيها رسالة سنة (933هـ) [الفكر الشيعي: ص416 عن ترجمته في روضات الجنات ص404.]، كما ألف رسالة في تجويز السجود للعبد [لمحات اجتماعية: ص63.]، وذلك مسايرة للسلطان إسماعيل الصفوي الذي كان يغلو فيه أصحابه حتى إنهم يعبدونه ويسجدون له [ولذا قال الحيدري بأن إسماعيل خرج عن جادة الرفض، وادعى الربوبية، وكان يسجد له عسكره (عنوان المجد: ص116-117).].
وكانت بدعه الكثيرة في المذهب الشيعي داعية للمصنفين من غير الشيعة إلى تلقيبه بمخترع الشيعة [النواقض/ الورقة: 98ب.]. وقد ألف رسالة في لعن الشيخين - رضي الله عنهما - سماها "نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت" [الفكر الشيعي: ص416.].
ويقال: إنه هو الذي شرع السب في المساجد أيام الجمع [الفكر الشيعي: ص416.].
كذلك كان من شيوخ الدولة الصفوية المجلسي، والذي شارك السلطة في التأثير على المسلمين في إيران حتى يقال بأن كتابه "حق اليقين" كان سبباً في تشيع سبعين ألف سني من الإيرانيين" [دونلد سن/ عقيدة الشيعة: ص302.].
والأقرب أن هذا من مبالغات الشيعة، فإن الرفض في إيران لم يجد مكانه إلا بالقوة والإرهاب، لا بالفكر والإقناع.
ثم نشأ الجيل اللاحق في جو المآتم الحسينية السنوية التي طورها الصفويون ليمتلئ الناشئ بتأثيرها حقداً وغيظاً حتى لا يكاد يستمع بسبب ذلك إلى حجة أو برهان.(7/176)
وكان لكتاب المجلسي "بحار الأنوار" أثره في إشاعة الغلو بين الشيعة، حيث "جاء قراء التعزية، وخطباء المنابر فصاروا يأخذون منه ما يروق لهم وبذا ملؤوا أذهان العامة بالغلو والخرافة".
وقد كان هذا الكتاب من أوائل المؤلفات التي طبعت على نطاق واسع في العهد القاجاري، وقد وردت منه إلى العراق نسخ كثيرة مما أدى إلى انتشار معلوماته الغثة في أوساط الشعب العراقي على منوال ما حدث في إيران [لمحات اجتماعية: ص77-78.].
كذلك لا ينسى الجانب الآخر من آثر الدولة الصفوية، وذلك في حروبها لدولة الخلافة الإسلامية، وتعاونها مع الأعداء من البرتغال ثم الإنجليز ضد المسلمين، وتشجيعها لبناء الكنائس ودخول المبشرين والقسس، مع محاربتهم للسنة وأهلها [انظر تفاصيل ذلك في: تاريخ الصفويين ص93 وما بعدها، وانظر: حاضر المعالم الإسلامي للدكتور جميل المصري: ص117.].
هذه بعض أثار دولهم وأفرادهم في هذا المجال..
ومن كلمات شيخ الإسلام ابن تيمية (الخالدة) والمهمة في هذا الموضوع، والتي إذا طبقتها على الواقع، وإذا استقرأت من خلالها وقائع التاريخ رأيت صدقها كالشمس قوله - رحمه الله -:
"فلينظر كل عاقل فيما يحدث في زمانه، وما يقرب من زمانه من الفتن والشرور والفساد في الإسلام، فإنه يجد معظم ذلك من قبل الرافضة، وتجدهم من أعظم الناس فتناً وشراً، وأنهم لا يقعدون عما يمكنهم من الفتن والشرور وإيقاع الفساد بين الأمة" [منهاج السنة: 3/243.].
ونحن قد علمنا بالمعاينة والتواتر أن الفتن والشرور العظيمة التي لا تشابهها فتن، إنما تخرج عنهم [منهاج السنة: 3/245.].
المجال الاجتماعي
وهو باب واسع سأشير لبعض معالمه.
أولاً: علاقتهم مع المسلمين:
الشيعة يعيشون مع المسلمين، ويحملون الهوية الإسلامية، ولا يوجد تمييز لهم عن غيرهم، والأصل في علاقة المسلمين الحب والمودة والتكافل والإيثار.(7/177)
والإسلام أرسى دعائم الود بين المسلم وأخيه، وقدم جيل الصحابة رضوان الله عليهم أعظم صور المحبة والوفاء امتثالاً لهدي القرآن والسنة، ولا شك في أن صورة التلاحم تلك كانت هدفاً من أهداف العدو المتربص بالأمة.
وكانت مؤامراته في تقويض البناء المتماسك كثيرة.. ولقد اندس هؤلاء في التشيع وأعملوا من خلاله الهدم والتخريب لهذا الأساس المتين في المجتمع الإسلامي.
ولهذا كان من الشائع والمستفيض أن علاقة الشيعي مع غيره مبنية على حب الإيذاء بأي وسيلة، واتخاذ ذلك قربة عند الله.
وإن إضمار العداء والكره من صفاتهم.
وإن عدم الوفاء ومراعاة الحقوق من طبيعتهم.
وإن الغدر والخيانة والمكر والخديعة من أعمالهم المعروفة عنهم، والتي تصل إلى حد القتل.
قال شيخ الإسلام: "وأما الرافضي فلا يعاشر أحداً إلا استعمل معه النفاق؛ فإن دينه الذي في قلبه دين فاسد يحمله على الكذب والخيانة، وغش الناس، وإرادة السوء بهم، فهو لا يألوهم خبالاً ولا يترك شراً يقدر عليه إلا فعله بهم، وهو ممقوت عند من لا يعرفه، وإن لم يعرف أنه رافضي تظهر على وجهه سيما النفاق وفي لحن القول، ولهذا تجده ينافق ضعفاء الناس ومن لا حاجة به إليه لما في قلبه من النفاق الذي يضعف قلبه.." [منهاج السنة: 3/260.].
وقد قدّم العلامة الشوكاني مشاهدات شخصية من خلال معايشته للرافضة في اليمن، وكشف من خلال ذلك أموراً عجيبة وأكد أنه "لا أمانة لرافضي قط على من يخالفه في مذهبه ويدين بغير الرفض، بل يستحل ماله ودمه عند أدنى فرصة تلوح له، لأنه عنده مباح الدم والمال، وكل ما يظهره من المودة فهو تقية يذهب أثره بمجرد إمكان الفرصة" [طلب العلم: ص70-71.].(7/178)
وبيّن حقيقة ذلك بالتجربة العملية مع هذه الطائفة فقال: "وقد جربنا هذا تجريباً كثيراً فلم نجد رافضياً يخلص المودة لغير رافضي، وإن آثره بجميع ما يملكه، وكان له بمنزلة الخول، وتودد إليه بكل ممكن، ولم نجد في مذهب من المذاهب المبتدعة ولا غيرها ما نجده عند هؤلاء من العداوة لمن خالفهم، ثم لم نجد عند أحد ما نجد عندهم من التجري على شتم الأعراض المحترمة، فإنه يلعن أقبح اللعن، ويسب أفظع السب كل من تجري بينه وبينه أدنى خصومة وأحقر جدال، وأقل اختلاف، ولعل سبب هذا والله أعلم أنهم لما تجرّؤا على سب السلف الصالح هان عليهم سب من عداهم، ولا جرم، فكل شديد ذنب يهون ما دونه" [طلب العلم: ص71.].
وقد أشار الشوكاني - رحمه الله - إلى أنهم لا يتورعون من اقتراف أي جريمة في المجتمع الإسلامي، ولا يتنزهون عن فعل أي محرم، فقال: وقد جربنا وجرب من قبلنا فلم يجدوا رجلاً رافضياً يتنزه عن محرمات الدين كائناً من كان ولا تغتر بالظواهر؛ فإن الرجل قد يترك المعصية في الملأ ويكون أعف الناس عنها في الظاهر، وهو إذا أمكنته فرصة انتهزها انتهاز من لا يخاف ناراً ولا يرجو جنة.
ثم استشهد على ذلك ببعض مشاهداته الشخصية فقال: "وقد رأيت منهم من كان مؤذناً ملازماً للجماعات فانكشف سارقاً، وآخر كان يؤم الناس في بعض مساجد صنعاء، وله سمت حسن وهدي عجيب وملازمة للطاعة، وكنت أكثر التعجب منه كيف يكون مثله رافضياً ثم سمعت بعد ذلك عنه بأمور تقشعر لها الجلود وترجف منها القلوب"، ثم ذكر رجلاً ثالثاً كان به رفض يسير ثم تطور به الرفض حتى ألف في مثالب جماعة من الصحابة. قال الشوكاني: "وكنت أعرف عنه في مبادئ أمره صلابة وعفة، فقلت: إذا كان ولابد من رافضي عفيف فهذا، ثم سمعت عنه بفواقر، نسأل الله الستر والسلامة" [طلب العلم: ص73.].(7/179)
ثم قال - رحمه الله -: "وأما وثوب هذه الطائفة على أموال اليتامى والمستضعفين ومن يقدرون على ظلمه كائناً من كان فلا يحتاج إلى برهان، بل يكفى مدعيه إحالة منكره على الاستقرار والتتبع فإنه سيظفر عند ذلك بصحة ما ذكرناه" [طلب العلم: ص74.].
هذه "مشاهدات" مهمة سجلها الشوكاني، وبيّن كيف يفعل "الرفض" بصاحبه وأثر ذلك في علاقته مع المسلمين، لأنه يقيم مع هذه "الفئة" من الرافضة في اليمن والتي خرجت من نطاق الزيدية إلى الرفض كما هو معروف عن الجارودية" [الزيدية الجارودية: هي وإن تسمت بالزيدية فهي رافضة تكفر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولذلك فإن شيخ الإمامية "المفيد" في كتابه "أوائل المقالات" أخرج الزيدية من دائرة التشيع واستثنى منهم "الجارودية" لأنهم على مذهبه. انظر: ص(42) من هذه الرسالة.].
هذه "الشهادة" من الشوكاني قد يقول قائل: إنها من خصم للرافضة، فلا تؤخذ عليهم.. والحقيقة أن أهل السنة أعدل وأنصف وأتقى من الوقوع في ظلم هذه الطوائف والكذب عليها، كما أثبتت ذلك الوقائع "بل هم للرافضة خير وأعدل من بعض الرافضة لبعض، وهذا ما يعترفون هم به ويقولون: أنتم تتصفوننا ما لا ينصف بعضنا بعضاً" [منهاج السنة: 3/39.].
وقد وقفت على نص مهم في الكافي للكليني يشهد لكلام الشوكاني ويعترف بصدق ما قاله، والاعتراف سيد الأدلة.. ويبيّن طبيعة الرافضي في علاقاته مع الناس.(7/180)
جاء في الكافي أن أحد الشيعة ويسمى عبد الله بن كيسان قال لإمامهم: "إني.. نشأت في أرض فارس، وإنني أخالط الناس في التجارات وغير ذلك، فأخالط الرجل فأرى له حسن السمت [هيئة أهل الخير/ هامش الكافي: 2/4.]، وحسن الخلق، وكثرة أمانة، ثم أفتشه فأتبينه من عدواتكم (يعني من أهل السنة) وأخالط الرجل فأرى منه سوء الخلق وقلة أمانة وزعارة [الزعارة: سوء الخلق، وفي بضع النسخ (للكافي) الدعارة: وهو الفساد والفسوق والخبث.] ثم أفتشه فأتبينه عن ولايتكم" [أصول الكافي: 2/4، تفسير نور الثقلين: 4/47.].
فهذه الرواية تعترف لأهل السنة بحسن الخلق، وكثرة الأمانة وحسن السمت، بينما تصف الرافضة بضد هذه الأوصاف.
وفي خبر أخر في الكافي أن رجلاً شكا لإمامه ما يجده في أصحابه من الرافضة من "النزق والحدّة والطيش" وأنه يغتم لذلك غماً شديداً، بينما يرى من خالفهم من أهل السنة حسن السمت، قال إمامهم: لا تقل حسن السمت، فإن السمت سمت الطريق [من المعلوم في اللغة أن السمت يطلق على الوقار والهيئة، كما يطلق على الطريق. قال في المصباح: السمت الطريق، والقصد، والسكينة والوقار والهيئة.]، ولكن قل: حسن السيما؛ فإن الله عز وجل يقول: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح 29] قال: قلت: فأراه حسن السيما وله وقار فأغتم ذلك [أصول الكافي: 2/11، وقد كان جواب إمامهم على هذه الشكاوى بالاعتراف بها وتعليلها بطبيعة الطينة التي خلق منها كل فريق.
وهو يؤكد الأمر ولا ينفيه. وانظر ما سبق في عقيدتهم في الطينة: ص(956) وما بعدها.].(7/181)
وهذا شيعي ثالث يقال له عبد الله بن أبي يعفور لا ينقضي عجبه من ذلك البون الواسع بين أخلاق أهل السنة وبين خلق شيعته.. ويرفع ذلك لإمامه فيقول: "إني أخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلاناً وفلاناً [المراد بفلان وفلان أبي بكر وعمر كما قاله شراح الكافي، وهذا إشارة لأهل السنة.] لهم أمانة وصدق ووفاء، وأقوام يتولونكم (يعني الرافضة) ليس لهم تلك الأمانة ولا الوفاء والصدق، قال: فاستوى أبو عبد الله جالساً فأقبل عليّ كالغضبان، ثم قال: لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله، ولا عتب على من دان بولاية إمام عادل من الله. قلت: لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء. قال: نعم" [أصول الكافي: 1/375.].
وهذا الجواب الذي ينفي العتب والذم عنهم، وان اقترفوا الموبقات هو الذي أدى بهم إلى هذا الدرك الهابط من التعامل والتساهل في ارتكاب المنكرات، لأن الدين عندهم "ولاية الإمام" وحب علي حسنة لا يضر معها سيئة، وما لم يصلح هذا الأساس فستبقى هذه "الخصيصة فيهم".
ومن الملاحظ أن كتبهم تقرر مبدأ الغيلة، وتصفية الخصوم بهذا الأسلوب وتشترط أن يأمن الشيعي الضرر عليه.
تقول كتب الشيعة: عن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في قتل الناصب؟ فقال: "حلال الدم، ولكن أتقي عليك فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً، أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد به عليك فافعل" [ابن بابويه/ علل الشرائع: ص200، الحر العاملي/ وسائل الشيعة: 18/463، المجلسي/ بحار الأنوار: 27/231.].(7/182)
وفي رجال الكشي يحكي أحد الشيعة لإمامه كيف استطاع أن يقتل مجموعة من مخالفيه فيقول: "منهم من كنت أصعد سطحه بسلّم حتى أقتله، ومنهم من دعوته بالليل على بابه فإذا خرج عليّ قتلته، ومنهم من كنت أصحبه في الطريق فإذا خلا لي قتلته" [رجال الكشي: ص342-343.]. وذكر أنه قتل بهذه الطريقة ثلاثة عشر مسلماً، لأنه يزعم أنهم يتبرأون من علي [رجال الكشي: ص342-343.].
ويقول شيخهم نعمة الله الجزائري أنه في إخبارهم "أن عليّ بن يقطين [وقد وصفه الجزائري بأنه من خواص الشيعة (الأنوار النعمانية: 2/308) وقد ذكر الطبري أنه قتل على الزندقة (انظر: ص(579) من هذه الرسالة).] وهو وزير الرشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين، فأمر غلمانه وهدموا أسقف المحبس على المحبوسين فماتوا كلهم وكانوا خمسمائة رجل تقريباً، فأراد الخلاص من تبعات دمائهم، فأرسل إلى الإمام مولانا الكاظم (ع) فكتب إليه جواب كتابه بأنك لو كنت تقدمت إليّ قبل قتلهم لما كان عليك شيء من دمائهم. وحيث إنك لم تتقدم إليّ فكفر عن كل رجل قتلت منهم بتيس، والتيس [التيس من المعز.] خير منه" [الأنوار النعمانية: 2/308.].
فانظر كيف يعيشون وسط المسلمين وهم يتحينون أدنى فرصة للقتل. وهذه اعترافاتهم تشهد بآثارهم السوداء.. وإمامه هنا يقره على قتل خمسمائة مسلم لمجرد أنهم ليسوا بروافض، ويأمره بالتكفير بتيس، لأنه لم يستأذنه قبل ذلك.. فالشيعي إذا استأذن إمامه أو نائبه وهو الفقيه فليفعل كما يريد، وإن لم يستأذن فالأمر لا يعدو ذبح تيس.
وقد علق شيخهم الجزائري على دية التيس بقوله: "فانظر إلى هذه الدية الجزيلة التي لا تعادل دية أخيهم الأصغر وهو كلب الصيد، فإن ديته عشرون درهماً، ولا دية أخيهم الأكبر وهو اليهودي أو المجوسي، فإنهما ثمانمأة – كذا - درهم، وحالهم في الآخرة أخس وأنجس" [الأنوار النعمانية: 2/308.].(7/183)
وهذا قول من الشناعة بمكان، ولا يحتاج إلى تعليق فهو ينطق بنفسه على حقدهم على أهل السنة، وأنهم أكفر عندهم من المجوس.
ثانياً: الفتن الداخلية:
وهي فتنتهم التي يثيرونها بسبب سبهم للصحابة عبر مآتمهم السنوية، فمنذ أن اخترع البوبهيون إقامة المآتم بذكرى مقتل الحسين وذلك في بغداد في القرن الرابع الهجري، والشيعة تثير في هذه الذكرى السنوية فتناً لا حدود لها.. وينشب صراع عنيف بين السنة والشيعة بسبب تجرؤ الروافض على شتم الصحابة رضوان الله عليهم، وقد بدأت فتنة في سنة 338هـ، وذلك لأول في تاريخ بغداد [عبد الرزاق الحصان/ المهدي والمهدوية: ص74.]، ثم توالت الفتن بينهما بعد ذلك [انظر - مثلاً - حوادث سنة 406، 408، 421، 422، 425، 439، 443، 444، 445، 447، 478، 481، 482، 486، 510... إلخ في البداية والنهاية وغيرها من كتب التاريخ.]، وقتل فيها خلق كثير من المسلمين، ولا تزال لهذه البدعة آثارها في العالم الإسلامي الذي يوجد فيه شيعة.
فكم أزهقت من أرواح، وكم زرعت من أحقاد، وكم أحدثت من فرقة وفتن ومحن ومع ذلك كله فإنه شيخ الشيعة اليوم الخميني يذكي أوار هذه الفتنة ويقول: "في تلفزيون إيران بالحرف الواحد": "إن شعار الفرقة الناجية وعلامتهم الخاصة من أول الإسلام إلى يومنا هذا إقامة المآتم" [نقل ذلك العالم السني الإيراني محمد ضيائي في مجلة "المجتمع" العدد (589)، السنة الثالثة عشرة، في 18 ذي الحجة 1402هـ.].
ويقول: "إن البكاء على سيد الشهداء (ع) وإقامة المجالس الحسينية هي التي حفظت الإسلام عن أربعة عشر قرناً" [جريدة "الاطلاعات" العدد (15901) في تاريخ 16/8/1399هـ (عن كتاب إقناع اللائم على إقامة المآتم صفحة الغلاف).].
وقد مضى قول بعض شيوخهم: إن إقامة المآتم من تعظيم شعائر الله [انظر: ص(1102).].(7/184)
والحسين رضي الله عنه أكرمه الله تعالى بالشهادة في ذلك اليوم.. وله أسوة حسنة بمن سبقه من الشهداء.. وقتله مصيبة عظيمة، والله سبحانه قد شرع الاسترجاع عند المصيبة [مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 4/511.].. وليس ما تفعله الرافضة من الإسلام في شيء، إنما غرض المخترعين لهذه البدعة، والمشجعين عليها، هو إشغال أمة الإسلام في نفسها حتى لا تتفرغ لنشر دين الله في الأرض.
ثالثاً: الإباحية:
ومن آثارهم في المجال الاجتماعي، تلك الإباحية التي يدعون إليها، ويسهلون أسبابها ويمارسونها وسط المجتمع الإسلامي باسم عارية الفرج [جاء في كتبهم: "عن الحسن العطار قال: سالت أبا عبد الله عليه السلام عن عارية الفرج قال: لا بأس. (وسائل الشيعة: 7/536-537، تهذيب الأحكام للطوسي: 2/185، والاستبصار 3/141).]، أو التي يسمونها بالمتعة والتي يقارفون باسمها الزنا، لأن متعتهم تعني الاتفاق السري [قال الطوسي: يجوز أن يتمتع بها من غير إذن أبيها وبلا شهود، ولا إعلان. (النهاية: ص490).]. على فعل الفاحشة مع أي امرأة تتفق لهم ولو كانت من المومسات [قال الطوسي: لا بأس أن يتمتع الرجل بالفاجرة (النهاية: ص490)، وقال الخميني: يجوز التمتع بالزانية. (تحرير الوسيلة: 2/292)، وجاء في أخبارهم "عن إسحاق بن جرير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن عندنا بالكوفة امرأة معروفة بالفجور أيحل أن أتزوجها متعة؟ قال: فقال: رفعت راية؟ قلت: لا لو رفعت راية أخذها السلطان، قال: نعم تزوجها متعة، قال: ثم أصغى إلى بعض مواليه فأسر إليه شيئاً، فلقيت مولاه فقلت له: ما قال لك؟ فقال: إنما قال لي: ولو رفعت راية ما كان عليه في تزويجها شيء إنما يخرجها من حرام إلى حلال (وسائل الشيعة: 14/455، تهذيب الأحكام: 2/249).]، أو من ذوات الأزواج [جاء في أخبارهم: عن محمد بن عبد الله الأشعري قال: قلت للرضاع: الرجل يتزوج بالمرأة فيقع في قلبه لها زوجاً، فقال: وما عليه.. (وسائل الشيعة:(7/185)
14/457، عن تهذيب الأحكام: 2/187)، وقيل له (أي جعفر كما يزعمون) إن فلاناً تزوج امرأة متعة، فقيل له إن لها زوجاً، فسألها، فقال أبو عبد الله (ع): ولم سألها؟ (الموضع نفسه من المصدرين السابقين)، ولذا قال شيخهم الطوسي: "وليس على الرجل أن يسألها هل لها زوج أم لا" (النهاية: ص490).]، ولذلك قالوا: ممكن أن يتفق معها على يوم أو مرة أو مرتين [انظر: النهاية للطوسي: ص491، الخميني/ تحرير الوسيلة: 2/290، وجاء في أخبارهم عن خلف بن حماد، قال: أرسلت إلى أبي الحسن (ع) كم أدنى أجل المتعة؟ هل يجوز أن يتمتع الرجل بشرط مرة واحدة؟ فقال: نعم. (فروع الكافي: 2/46، وسائل الشيعة: 14/479).]، وقد صرح بعضهم للشيخ محمد نصيف بأنه يجري عندهم استعمال المتعة الدورية بحيلة وضعها شيوخهم [المتعة الدورية أن يستمتع جماعة بامرأة واحدة ويقرروا الدورة والنوبة لكل منهم (انظر: مختصر التحفة الاثني عشرية ص227) وانظر ما ذكره الشيخ العاني عن شيوع استعمالها في بعض مدارس مدراس النجف (الذريعة لإزالة شبه كتاب الشيعة ص45-46) وقد استطاع الشيخ محمد نصيف رحمه الله أن يكتشف إقرار شيوخ الشيعة بأمر المتعة الدورية في حوار له مع شيخهم أحمد سرحان، حيث قال نصيف للشيعي: إن أهل السنة ثبت عندهم نسخ المتعة، ولم يثبت عند الشيعة ذلك، لكني لم أعرف دليلكم على جواز المتعة الدورية، فأجاب الشيعي بأن المتمتع بالمرأة يعقد عليها بعد نهاية متعته منها عقد زواج دائم ثم يطلقها قبل الدخول فتصبح لا عدة عليها، فيتمتع بها آخر ويفعل كالأول.. فتدور المرأة على مجموعة من الرجال بهذه الطريقة بلا عدة. (انظر: مجلة الفتح العدد 845، الصادر في رجب سنة 1366هـ).].(7/186)
ولذا قال الألوسي: "من نظر إلى أحوال الرافضة في المتعة في هذا الزمان لا يحتاج في حكمه عليهم بالزنا إلى برهان، فإن المرأة الواحدة تزني بعشرين رجلاً في يوم وليلة، وتقول إنها متمتعة، وقد هيئت عندهم أسواق عديدة للمتعة توقف فيها النساء ولهن قوادون يأتون بالرجال إلى النساء وبالنساء إلى الرجال فيختارون ما يرضون ويعينون أجرة الزنا ويأخذون بأيديهن إلى لعنة الله تعالى وغضبه.." [كشف غياهب الجهالات/ الورقة 3 (مخطوط).].
ثم ذكر رحمه الله بعض تفاصيل وحكايات ما يجري هنالك [كشف غياهب الجهالات/ الورقة 3 (مخطوط).].
وهذه الفاحشة يدفعون إليها النساء والرجال دفعاً بالتهديد والترغيب فهم يعدونها من أفضل أعمالهم [جاءت عندهم أخبار كثيرة في اعتبارها أعظم عبادة، حتى قالوا في حديثهم الموضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تمتع مرة فدرجته كدرجة الحسين، ومن تمتع مرتين فدرجته كدرجة الحسن، ومن تمتع ثلاث مرات فدرجته كدرجة علي، ومن تمتع أربع مرات فدرجته كدرجتي (تفسير منهج صادقين: ص356).
بل لم يدعوا باباً من أبواب الإغراء بالفاحشة إلا وفتحوه، ومن يقرأ أخبارهم في ذلك يجزم بأن واضعيها من الإباحيين الذين يريدون أن يتمتعوا بنساء المسلمين، ومما قالوه: إذا تزوجها متعة "لم يكلمها كلمة إلا كتب الله لها بها حسنة، ولم يمد يده إليها إلا كتب الله له حسنة - إلى أن يقول -: فإذا اغتسل غفر الله له.. بعدد الشعر" (وسائل الشيعة: 14/442، من لا يحضره الفقيه: 2/151).
وزعموا أن امرأة كانت ترد الخطاب لأنها لا رغبة لها في الزواج ولكنها أرسلت لابن عم لها لتتزوجه متعة رغبة في عصيان عمر كما تقول الرواية... فهي تفضل الزنا على شرعة الزواج.
(انظر: أخبارهم في فضل المتعة المزعوم في وسائل الشيعة، باب استحباب المتعة: 14/442 وما بعدها).].(7/187)
والذي يتنزه عنها فالويل له يوم القيامة [من رواياتهم في ذلك أن من خرج من الدنيا ولم يتمتع جاء يوم القيامة وهو أجدع "يعني مقطوع الأنف والأذن" (تفسير منهج الصادقين: ص356).].
كذلك يبيح شيوخهم اللواط بالنساء حتى قال شيخهم الخميني "والأقوى والأظهر جواز وطئ الزوجة مع الدبر" [تحرير الوسيلة: 2/241.]. فأين هذا الهبوط من قول ابن نجيم: "استحلال اللواطة بزوجته كفر عند الجمهور" [الأشباه والنظائر: ص191.].
فهذه الصور بمجموعها لا تبعد عن إباحية الخرمية من أتباع مزدك وبابك، وقد لا تقل عن "إباحية أوربا".
وقد استغلوا هذه الفوضى الأخلاقية في إغراء طلاب المتعة الرخيصة في اعتناق مذهبهم كما سلف [انظر: ص1201.].
بل جاء في أخبارهم ما يبيح الزنا الصريح إذا كان بأجرة "عن عبد الرحمن ابن كثير عن أبي عبد الله قال: جاءت امرأة إلى عمر فقالت: إني زنيت فطهرني فأمر بها أن ترجم فأخبر بذلك أمير المؤمنين (ع) فقال: كيف زنيت؟ قالت: مررت بالبادية فأصابني عطش شديد فاستقيت أعرابياً فأبى أن يسقيني إلا أن أمكنه من نفسي، فلما أجهدني العطش وخفت على نفسي سقاني فأمكنته من نفسي فقال أمير المؤمنين: "تزويج وربّ الكعبة" [فروع الكافي: 2/48، وسائل الشيعة: 14/471-472.].
وهم لا يخصون إباحيتهم ببني قومهم، بل يوصي إمامهم بأن يعرض التمتع على نساء أهل السنة [انظر: وسائل الشيعة: 14/452، وفروع الكافي: 2/44.]، ونساء اليهود والنصارى [انظر: وسائل الشيعة: 14/452 ، تهذيب الأحكام: 2/188، من لا يحضره الفقيه: 2/148.].
فإباحيتهم شاملة لا تذر مجتمعاً أتت عليه إلا أفسدته.. فهم "زناة" يعيشون بين المسلمين، ويحملون اسم الإسلام، ويسعون في الأرض فساداً وأقوالهم تشهد على آثارهم.
المجال الاقتصادي(7/188)
لقد كان للتشيع أثره في المجال الاقتصادي في حياة المسلمين في صور عديدة، ومن ذلك: قامت الرموز الشيعية في قديم الزمان بأخذ أموال المسلمين بدعوى خادعة ما أنزل الله بها من سلطان وهو حق آل البيت.. حيث توظف هذه الأموال في تحقيق رغباتها وتستغلها للتآمر ضد الأمة والكيد لها.
استمع لهذا الإقرار الخطير:
قالت كتب الشيعة: "مات أبو الحسن (ع) وليس من قوامه أحد إلا وعنده المال الكثير، فكان ذلك سبب وقوفهم وجحودهم موته، وكان عند زياد القندي سبعون ألف دينار، وعند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار، وكان أحد القوام عثمان بن عيسى وكان يكون بمصر وكان عنده مال كثير وست جواري. قال: فبعث إليه أبو الحسن الرضا عليه السلام فيهن وفي المال. فكتب إليه: أن أباك لم يمت، فكتب إليه: إن أبي قد مات وقد اقتسمنا ميراثه وقد صحت الأخبار بموته. فكتب إليه: إن لم يكن أبوك مات فليس لك من ذلك شيء، وإن كان مات فلم يأمرني بدفع شيء إليك، وقد أعتقت الجواري وتزوجتهن" [الإمامة/ علي بن الحسين بن بابويه (والد الصدوق) ص75، وانظر: رجال الكشي: ص493 رقم 946، وص 598 رقم 1120، بحار الأنوار: 48/253، الطوسي/ الغيبة: ص43.].
هذا النص مأخوذ من كتب الاثني عشرية، وندع الجانب الذي وضعوا من أجله النص وهو الاستدلال على بطلان الوقف بما قاله إمامهم الرضا ونأخذ منه ما يكشف لنا عما يدور في الخفاء من التكالب وراء جمع المال، وأن أولئك الذين راحوا يجوبون الأمصار كل يدعو لإمام من الأئمة إنما كان غرضهم الاستئثار بأكبر قدر من المال.
فكانوا يحققون من وراء تلك الدعوات المزعومة للأئمة المال الوفير الذي تتداوله تلك العناصر السرية فيما بينها.(7/189)
والمتأمل للحركات الشيعية الكثيرة التي ظهرت في تاريخ الأمة المسلمة وكانت من أقوى العوامل التي شغلت الأمة عن أعدائها، وصرفت جهودها عن بناء الدولة الإسلامية الكبرى، المتأمل لهذه الحركات وكثرتها وقوتها لا ينبغي أن يفوته أن المادة الممولة لهذه الحركات هي ما أخذ من أولئك الأتباع الأغرار باسم آل البيت وحقهم من الخمس.
بل إن الحركات الشيعية في العالم الإسلامي إلى اليوم إنما تمول من هذا المورد، وآيات الشيعة يعتبرون من كبار الرأسماليين في العالم، ومنصب الآية والمرجع منصب تهفو إليه القلوب وتتطلع له الأنظار، لأنه مصب القناطير المقنطرة من الذهب والفضة.
وهذا الجانب التمويلي هو الذي غذى ويغذي دور النشر التي تقذف سنوياً بمئات النشرات والكتب والمراجع المليئة بما هو ضد الأمة ودينها.
وهذا المال المتدفق على الآيات والمراجع من أولئك الأتباع المخدوعين هو الذي جعل أمر الشيعة يكبر وخطرهم يعظم، وأصبح هؤلاء الآيات أو المراجع يوجهون فتاواهم على رغبات رجل الشارع، بل ويكتمون الحقيقة مجاراة لهم [انظر: ص 1035-1036 من هذه الرسالة.].
وقد اهتم "شيوخ" التشيع بالقضية المالية التي يسلبونها باسم الخمس وأولوها عناية غير عادية، واعتبروا من يستحل منعهم درهماً منها في عداد الكافرين [حيث قالوا: "ومن منع منه درهماً أو أقل كان مندرجاً في الظالمين لهم (أي لأهل البيت بزعمهم) والغاصبين لحقهم، بل من كان مستحلاً لذلك كان من الكافرين، ففي الخبر عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال (ع): من أكل من مال اليتيم درهماً ونحن اليتيم.. (اليزدي/ العروة الوثقى وبهامشها تعليقات مراجعهم في هذا العصر2/366).(7/190)
قال د. علي السالوس في السخرية بهذا المبدأ: "إن مسلمي اليوم إن أردوا ألا يحكم عليهم الجعفرية بالكفر، فعليهم أن يجعلوا خمس مكاسبهم ورؤوس أموالهم ويبعثوا به إلى علماء الجعفرية". علي السالوس/ أثر الإمامة في الفقه الجعفري ص 394 (الهامش).].
والمطالع لكتب الفقه الإسلامي لا يجد فيها كتاباً مستقلاً بعنوان "الخمس" وإنما يلاحظ الحديث عن خمس الغنائم في كتاب الجهاد، وفي كتاب الزكاة يوجد حديث عن خمس الركاز والمعدن.
ولكن الأمر مختلف عند هؤلاء، فالخمس له كتاب مستقل، حيث أوجبوا على أتباعهم "فيما يفضل عن مؤنة السنل من أرباح التجارات، ومن سائر التكسبات من الصناعات، والزراعات، والإيجارات، حتى الخياطة، والكتابة، والنجارة، والصيد، وحيازة المباحات، وأجرة العبادات الاستيجارية من الحج والصوم والصلاة - كذا - والزيارات وتعليم الأطفال وغير ذلك من الأعمال التي لها أجرة [العروة الوثقى: 2/389.]، وقالوا: بل الأحوط ثبوته في مطلق الفائدة، وإن لم تحصل بالاكتساب كالهبة والهدية، والجائزة، والمال الموصى به ونحوها [العروة الوثقى: 2/389.].. كما جعلوا الأحوط إخراج خمس رأس المال وكذا في الآلات المحتاج إليها في كسبه مثل: آلات النجارة للنجار، وآلات النساجة للنساج، وآلات الزراعة للزراع، وهكذا فالأحوط خمسها أيضاً أولاً [العروة الوثقى: 2/394-395.]. حتى قالوا: "لو زاد ما اشتراه وادخره للمؤنة من مثل الحنطة والشعير ونحوها مما يصرف عينه فيها يجب إخراج خمسه عند تمام الحول.. ولو استغنى عن الفرش والأواني والألبسة والعبد والفرس والكتب وما كان مبناه على بقاء عينه فالأحوط إخراج الخمس.." [العروة الوثقى: 2/395-396.].
وهذا المال المتدفق يصرف لمن؟
قالوا بأنه في زمن الغيبة يدفع للفقيه الشيعي [انظر: علي كاشف الغطا/ النور الساطع "وجوب دفع الخمس للفقيه زمن الغيبة": 1/439.].(7/191)
فمخرجو الخمس الآن يعطونه فقهاءهم، فقد قرر شيخوهم أن الخمس يقسم "ستة أسهم: سهم لله، وسهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وسهم للإمام، وهذه الثلاثة الآن لصاحب الزمان" [العروة الوثقى: 2/403، هدية العباد: ص178.]. (مهديهم المنتظر) وهو غائب ولن يرجع من غيبته لأنه لم يولد أصلاً. فاستحق نصيبه حينئذ الفقيه الشيعي، حيث قالوا بأن "النصف من الخمس الذي للإمام (ع) أمره في زمان الغيبة راجع إلى نائبه وهو المجتهد الجامع للشرائط" [العروة الوثقى: 2/405، هدية العباد: ص179.].
والثلاثة الأسهم الأخرى "للأيتام والمساكين وأبناء السبيل" [العروة الوثقى: 2/403، هدية العباد: ص179.] قالوا: بشرط الإيمان [العروة الوثقى: 2/403، هدية العباد: ص179.] في هؤلاء، أي: بشرط أن يكونوا روافض لأن اسم الإيمان مختص بهم كما يفترون. وهذا النصف الآخر الذي قرروا صرفه لهؤلاء الأصناف الثلاثة قالوا فيه: "الأحوط فيه أيضاً الدفع إلى المجتهد" [العروة الوثقى: 2/405، هدية العباد: ص179.].
فأصبحت النتيجة أنه يصرف لشيوخهم الروافض لينفقوا منه على أنفسهم، وعلى الأصناف الثلاثة المذكورة، جاء في كتاب النور الساطع: "أن الفقيه يأخذ نصف الخمس لنفسه، ويقسم النصف الآخر منه على قدر الكفاية، فإن فضل كان له، وإن أعوز أتمه من نصيبه" [النور الساطع: 1/439.].
قال الدكتور علي السالوس: "ومن واقع الجعفرية في هذا الأيام نجد أن من أراد أن يحج يقوم كل ممتلكاته جميعاً ثم يدفع خمس قيمتها إلى الفقهاء الذين أفتوا بوجوب هذا الخمس وعدم قبول حج من لم يدفع، واستحل هؤلاء الفقهاء أموال الناس بالباطل" [أثر الإمامة في الفقه الجعفري: ص391.].
قلت: ولعل هذا هو أحد العوامل في حرص حكومة الآيات على زيادة حصتهم من عدد الحجاج في كل عام.(7/192)
هذا الاعتقاد في الخمس هو أثر من آثار عقيدة الإمام عندهم، وأن المال كله للإمام والذي وضعه زنادقة العصور القديمة واستمر العمل به إلى اليوم.. مع أن مسألة الخمس بدعة ابتدعها هؤلاء لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفائه الراشدين حتى أمير المؤمنين علي الذي يدعون التشيع له.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما ما تقوله الرافضة من أن خمس مكاسب المسلمين يؤخذ منهم، ويصرف إلى من يرونه هو نائب الإمام المعصوم أو إلى غيره، فهذا قول لم يقله أحد من الصحابة لا علي ولا غيره، ولا أحد من التابعين لهم بإحسان، ولا أحد من القرابة لا بني هاشم ولا غيرهم.
وكل من نقل هذا عن علي أو علماء أهل بيته كالحسن والحسين وعلي بن الحسين وأبي جعفر الباقر وجعفر بن محمد فقد كذب عليهم، فإن هذا خلاف المتواتر من سيرة علي رضي الله عنه، فإنه قد تولى الخلافة أربع سنين وبعض أخرى، ولم يأخذ من المسلمين من أموالهم شيئاً، بل لم يكن في ولايته قط خمس مقسوم.
وأما المسلمون فما خمس لا هو ولا غيره أموالهم، وأما الكفار فمتى غنمت منهم أموال خمست بالكتاب والسنة، ولكن في عهده لم يتفرغ المسلمون لقتال الكفار بسبب ما وقع بينهم من الفتنة والاختلاف.
وكذلك من المعلوم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخمس أموال المسلمين، ولا طلب أحداً قط من المسلمين بخمس ماله.." [منهاج السنة: 3/154.].
وهذه الأموال التي يأخذها شيوخ الشيعة باسم فريضة إسلامية وحق من حقوق آل البيت، وهي تتدفق اليوم عليهم كالسيل من كل قطر، هي من أكبر العوامل على بقاء خرافة الاثني عشرية إلى اليوم، وإليها يعزى هذا النشاط في حماس شيوخهم في الدفاع عن مذهبهم، لأنهم يرون فيمن يمس مذهبهم، أنه يحاول قطع هذه الأموال التي تجري عليهم.(7/193)
ولهذا قال د. علي السالوس: "وأعتقد أنه لولا هذه الأموال لما ظل الخلاف قائماً بين الجعفرية وسائر الأمة الإسلامية إلى هذا الحد، فكثير من فقهائهم يحرصون على إذكاء هذا الخلاف حرصهم على هذه الأموال" [أثر الإمامة: ص408.].
ومن آثارهم الظاهرة أيضاً: أنهم في البلدان التي يتواجدون فيها يحاولون السيطرة على معظم الأعمال التجارية والشركات ومواد التموين، حتى يتحكموا بأقوات الناس وضرورياتهم، والواقع أكبر شاهد [انظر في ذلك: "وجاء دور المجوس" ص312 وما بعدها.].
هذا ومن الصور الأخرى الظاهرة في تأثير الشيعة على اقتصاد الأمة أن تلك الزمر الشيعية كانت تشكل خلايا مخربة لاقتصاد الدولة الإسلامية وشعوبها، ذلك أن مال المسلمين عندهم لا حرمة له، يجوز أخذه ولا شبهة في ذلك.
بل إن أحاديثهم تأمرهم بذلك كما جاء في أخبارهم "خذ مال الناصب حيثما وجدته وادفع إلينا الخمس" [الطوسي/ تهذيب الأحكام: 1/384، ابن إدريس/ السرائر: ص484، الحر العاملي/ وسائل الشيعة: 6/340.].
وقال أبو عبد الله - كما يفترون -: "مال الناصب وكل شيء يملكه حلال" [الطوسي/ تهذيب الأحكام: 2/48، الحر العاملي/ وسائل الشيعة: 11/60.].
وشيوخهم توسعوا في معنى "الناصبي" ليشمل ما عدا الجعفرية [وقد نصوا في أخبارهم على أن النصب هو تقديم أبي بكر وعمر على علي. (انظر: السرائر: ص471، وسائل الشيعة: 6/341-342، بشارة المصطفى: ص51، وراجع أيضاً: المحاسن النفسانية في أجوبة المسائل الخراسانية، المسألة السادسة: ص138 وما بعدها).].(7/194)
وجاء في كتب الفقه عندهم "إذا أغار المسلمون على الكفار فأخذوا أموالهم فالأحوط بل الأقوى إخراج خمسها من حيث كونها غنيمة ولو في زمن الغيبة وكذا إذا أخذوا بالسرقة والغيلة" [اليزدي/ العروة الوثقى (وبهامشه تعليقات مراجع الشيعة في العصر الحاضر) 2/367-368.]، و"لو أخذوا منهم بالربا أو بالدعوى بالباطلة فالأقوى إلحاقه بالفوائد المكتسبة فيعتبر فيه الزيادة من مؤنة السنة وإن كان الأحوط إخراج خمسه مطلقاً" [اليزدي/ العروة الوثقى: ص368، وانظر أيضاً: (شريعتمداري)/ هداية العباد: ص168.].
وقد مر بنا مفهوم الكافر عند الاثني عشرية وأنه يشمل معظم المسلمين، بل جميعهم ما عدا طائفتهم [انظر: ص 714 وما بعدها.]، وهذا يعني أنهم يبيحون الاستيلاء على أموال المسلمين بالإغارة، والسرقة، والغيلة، ويستحلون أخذ أموالهم عن طريق الربا والدعاوى الباطلة، وهذا تترجمه الأحداث التاريخية التي جرت منهم.. كما يصدقه واقع دولة الآيات اليوم في "اللصوصية" التي يمارسونها في الخليج وتهديدهم لحرية الملاحة فيه، واستيلائهم على بعض البواخر المارة بمياه الخليج.. واعتبارها غنائم وهي ملك للمسلمين.
هذه آثارهم وسلبياتهم فهل لهم شيء من الإيجابيات في تاريخ هذه الأمة؟(7/195)
إن الإجابة العليمة الدقيقة تقتضي تقصي أحوالهم، ودراسة سيرهم، ومعرفة تفاصيل تاريخهم.. وقد كفانا علماء الإسلام مؤنة ذلك، فشهدوا بأنه "لا يوجد في أئمة الفقه الذين يرجع إليهم رافضي، ولا في الملوك الذين نصروا الإسلام وأقاموه وجاهدوا عدوه من هو رافضي، ولا في الوزراء الذين لهم سيرة محمودة من هو رافضي، وأكثر ما نجد الرافضي إما في الزنادقة المنافقين الملحدين، وإما في جهال ليس لهم علم بالمنقولات ولا بالمعقولات، قد نشأوا بالبوادي والجبال، وتحيزوا عن المسلمين فلم يجالسوا أهل العمل والدين، وإما في ذوي الأهواء ممن قد حصل له بذلك رياسة ومال، أو له نسب يتعصب له كفعل أهل الجاهلية، وأما من هو عند المسلمين من أهل العلم والدين فليس في هؤلاء رافضي" [منهاج السنة: 1/223.].
ولكن لهم مصنفات في التفسير والحديث والفقه، إلا يعتبر ذلك منهم إضافة أثر حميد للفكر الإسلامي؟ وأقول: إن المتأمل لهذه المدونات يرى أن الصالح في هذه المصنفات هو مما أخذوه عن أهل السنة "فمن صنف منهم في تفسير القرآن فمن تفاسير أهل السنة يأخذ" [منهاج السنة: 3/246.]. وإذا نقل من قومه أتى بظلمات بعضها فوق بعض كما في تفسير القمي والبرهان وغيرهما.
"وأما في الحديث فهم من أبعد الناس عن معرفته لا إسناده ولا متنه.. وأي كتاب وجدوا فيه ما يوافق هواهم نقلوه من غير معرفة بالحديث" [منهاج السنة: 3/246.].(7/196)
وأما في الفقه فهم من أبعد الناس عن الفقه، وما في كتبهم من "إفادة" فهي ليس من شيوخهم؛ إذ هم عيال على أهل السنة في هذا الجانب، وقد كشف شيخ الإسلام - رحمه الله - كيف يسرقون "المادة العلمية" من فقهاء المسلمين فقال: "وإذا صنف واحد منهم كتاباً في الخلاف وأصول الفقه كالموسوي وغيره؛ فإذا كانت المسألة فيها نزاع بين العلماء أخذوا حجة من يوافقهم، واحتجوا مما احتج به أولئك، وأجابوا عما يعارضهم بما يجيب به أولئك، فيظن الجاهل أن هذا قد صنف كتاباً عظيماً في الخلاف والفقه والأصول، ولا يدري الجاهل أن عامته استعارة من كلام علماء أهل السنة الذين يكفرونهم ويعادونهم، وما انفردوا به فلا يساوي مداده، فإن المداد ينفع ولا يضر، وهذا يضر ولا ينفع" [منهاج السنة: 3/246.].
الفصل الثاني
الحكم عليهم
ويشتمل على:
المبحث الأول: حكم بعض أهل العلم عليهم بأنهم مبتدعة لا كفار.
المبحث الثاني: القول بتكفيرهم.
المبحث الأول
الحكم عليهم بأنهم مبتدعة وليسوا بكفرة
قال الإمام النووي [يحيى بن شرف بن حسن بن حسين النووي. قال ابن كثير: شيخ المذهب (يعني الشافعي) وكبير الفقهاء في زمانه، توفي سنة 676هـ. (البداية والنهاية: 3/278-279).]: "إن المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون والمحققون أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع" [شرح النووي على صحيح مسلم: 2/50.].
وقد فهم الشيخ ملا علي القاري [ستأتي ترجمته.] من هذا النص أن النووي لا يرى تكفير الروافض لدخولهم في "أهل البدع" ولكنه أشار إلى أن الرافضة يتطور مذهبها ويتغير، وأن متأخري الرافضة ليسوا كسابقيهم، وأن رافضة زمانه غير الرافضة الذين تحدث عنهم النووي وغيره من أهل العلم. فعقب على كلام النووي هذا وقال:
"قلت: وهذا في غير حق الرافضة الخارجة في زماننا فإنهم يعتقدون كفر أكثر الصحابة فضلاً عن سائر أهل السنة والجماعة، فهم كفرة بالإجماع بلا نزاع" [مرقاة المفاتيح: 9/137.].(7/197)
وأقول: إن الدليل على أن الإمامية في عصر النووي لا يكفرون الصحابة، أو أن الإمام - رحمه الله - لم يعرف ذلك عنهم وهذا الأقرب لوجود روايات تكفر الصحابة في أصول الرافضة الموضوعة من قِبَل النووي، الدليل على ذلك أن النووي يذكر في شرح مسلم أن الإمامية لا يكفرون الصحابة، ويرى أن التكفير إنما هو عند غلاة الشيعة [انظر: النووي/ شرح مسلم: 15/173.].
المبحث الثاني
القول بكفرهم
وقد ذهب إلى هذا كبار أئمة الإسلام كالإمام مالك، وأحمد، والبخاري، وغيرهم.
وفيما يلي نصوص فتاوى أئمة الإسلام وعلمائه في الروافض المسمون بالاثني عشرية والجعفرية [انظر: ص103، 107، 109 من هذه الرسالة.].
وفي مقالاتهم التي اشتهروا بها، وثبتت في مدوناتهم الأساسية.
وأبدأ بذكر فتوى الإمام مالك، ثم الإمام أحمد، ثم الإمام البخاري، ثم أذكر بعد ذلك فتاوى الأئمة الباقين حسب تاريخ وفياتهم.. وقد اخترت فتاوى الأئمة الكبار، أو من عاش مع الروافض في بلد واحد، أو كتب عنهم ودرس مذهبهم من علماء المسلمين.
الإمام مالك:
روى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد الله يقول: قال الإمام مالك: الذي يشتم [وقد ثبت فيما مضى ص716 وما بعدها، أنهم يرون اللعن للصحابة ديناً وشرعة ويصرحون بتكفيرهم إلا ما يتجاوز أصابع اليد.] أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليس لهم اسم - أو قال -: نصيب في الإسلام [الخلال/ السنة: 2/557، قال محقق الرسالة: إسناده صحيح.].(7/198)
وقال ابن كثير - عند قوله سبحانه -: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ..} [الفتح 29] قال: "ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمة الله عليه وفي رواية عنه بتكفير الروافض الذي يبغضون الصحابة رضي الله عنهم، قال: لأنهم يغيظونهم ومن غاظ الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الآية، ووافقه طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك" [تفسير ابن كثير: 4/219، وانظر: روح المعاني للألوسي: 26/116، وانظر أيضاً في استنباط وجه تكفيرهم من الآية: الصارم المسلول: ص579.].
قال القرطبي: "لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله، فمنت نقص واحداً منهم، أو طعن عليه في روايته [وقد مضى قول مرجع الشيعة في هذا العصر أن روايات الصحابة كأبي هريرة وعمرو بن العاص وسمرة بن جندب لا تساوي عندهم جناح بعوضة (انظر: ص343).] فقد ردّ على الله رب العالمين، وأبطل شرائع المسلمين" [تفسير القرطبي: 16/297.].
الإمام أحمد:
رويت عنه روايات عديدة في تكفيرهم..
روى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: سألت أبا عبد الله عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة؟ قال: ما أراه على الإسلام [الخلال/ السنة: 2/557 قال محقق الرسالة: "إسناده صحيح" وانظر: شرح السنة لابن بطة: ص161، الصارم المسلول: ص571.].(7/199)
وقال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: سمعت أبا عبد الله قال: من شتم أخاف عليه الكفر مثل الروافض، ثم قال: من شتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نأمن أن يكون قد مرق عن الدين [الخلال/ السنة: 2/558 قال محقق الرسالة: "إسناده صحيح".].
وقال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن رجل شتم رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما أراه على الإسلام [الخلال/ السنة: 2/558، وانظر: مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي: ص214.].
وجاء في كتاب السنة للإمام أحمد قوله عن الرافضة: "هم الذين يتبرؤون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويسبونهم، ويتنقصون ويكفرون الأئمة إلا أربعة: علي، وعمار، والمقداد، وسلمان، وليست الرافضة من الإسلام في شيء" [السنة للإمام أحمد: ص82، تصحيح الشيخ إسماعيل الأنصاري.].
والاثنا عشرية تكفر الصحابة إلا قليلاً لا يتجاوز عدد أصابع اليد وتلعنهم في دعواتها وزياراتها، ومشاهدها، وأمهات كتبها.. وتكفر أتباعهم إلى يوم الدين [انظر: ص(716) وما بعدها من هذه الرسالة.].
قال ابن عبد القوي: "وكان الإمام أحمد يكفر من تبرأ منهم (أي الصحابة) ومن سب عائشة أم المؤمنين ورماها مما برّأها الله منه وكان يقرأ: {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [الآية رقم (17) من سورة النور، والنص من كتاب ما يذهب إليه الإمام أحمد/ للإمام أبي محمد رزق الله بن عبد القوي التميمي، المتوفى سنة (480هـ) الورقة 21.].
ولكن ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى أن في تكفير الروافض نزاعاً عن أحمد وغيره [الفتاوى: 3/352.].
وما مضى من نصوص عن الإمام أحمد صريحة في قوله بتكفيرهم، وقد نبه شيخ الإسلام ابن تيمية إلى وجه من لم يكفر الروافض في سبهم للصحابة، وبه يزول التعارض المتوهم في نصوص أحمد.. فقال:(7/200)
"وأما من سبهم سباً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن، أو قلة العلم، أو عدم الزهد ونحو ذلك فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم" [الصارم المسلول: ص 586، وانظر: ص 571 في توجيه القاضي أبي يعلى لرواية عدم التكفير.].
يعني: فمن سبهم سباً يقدح في عدالتهم ودينهم فيحكم بكفره عند أهل العلم. فكيف الحال إذن بمن يحكم بردتهم؟
البخاري (ت256هـ):
قال - رحمه الله -: ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافض، أم صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يناكحون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم [الإمام البخاري/ خلق أفعال العباد: ص125.].
عبد الله بن إدريس [عبد الله بن إدريس بن زيد بن عبد الرحمن الأودي: قال أبو حاتم: هو حجة يحتج بها، وهو إمام من أئمة المسلمين، وقال أحمد: كان نسيجا ًوحده، وقال ابن سعد: كان ثقة مأموناً كثير الحديث، حجة، صاحب سنة وجماعة، توفي سنة (192هـ). (تهذيب التهذيب: 5/144-145، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: 5/8-9) وهو من أعيان أئمة الكوفة (الصارم المسلول: ص570). والكوفة مطلع الرفض هو أدرى بهم وبمذاهبهم، لأن أهل البيت أدرى بما فيه.]:
قال: "ليس لرافضي شفعة إلا لمسلم" [الصارم المسلول: ص570، السيف المسلول على من سب الرسول/ علي بن عبد الكافي السبكي، الورقة 71أ (مخطوط).].
عبد الرحمن بن مهدي [الإمام الحافظ العلم عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن العنبري، البصري، (ت198هـ) (تهذيب التهذيب: 6/279-281).]:
قال البخاري: قال عبد الرحمن بن مهدي: هما ملتان: الجهمية والرافضية [خلق أفعال العباد للبخاري: ص125، وانظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 35/415.].
الفريابي [محمد بن يوسف الفريابي، روى عنه البخاري (26) حديثاً، وكان من أفضل أهل زمانه، توفي سنة (212هـ). (تهذيب التهذيب: 9/535).]:(7/201)
روى الخلال، قال: أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني، قال: حدثنا موسى بن هارون بن زياد قال: سمعت الفرياني ورجل يسأله عمن شتم أبا بكر: قال: كافر، قال: فيصلي عليه؟ قال: لا، وسألته كيف يصنع به وهو يقول: لا إله إلا الله؟ قال: لا تمسوه بأيديكم ارفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته [الخلال/ السنة: 2/566، قال محقق الكتاب: "في إسناده موسى بن هارون بن زياد لم أتوصل إلى معرفته". وقد نسبه شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلوم ص570 إلى الفريابي على سبيل الجزم.].
أحمد بن يونس [أحمد بن يونس هو: ابن عبد الله، ينسب إلى جده، وهو إمام من أئمة السنة، ومن أهل الكوفة منبت الرفض فهو أخبر بالروافض ومذاهبهم أيضاً، قال أحمد بن حنبل لرجل: اخرج إلى أحمد بن يونس فإنه شيخ الإسلام، وقد أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقال أبو حاتم: كان ثقة متقناً، وقال النسائي: كان ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة صدوقاً صاحب سنة وجماعة، وذكر ابن حجر أن ابن يونس قال: أتيت حماد بن زيد فسألته أن يملي عليّ شيئاً من فضائل عثمان رضي الله عنه، فقال: من أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، فقال: كوفي يطلب فضائل عثمان، والله لا أمليتها عليك إلا وأنا قائم وأنت جالس. وقد توفي سنة (227هـ) (تهذيب التهذيب: 1/50، تقريب التهذيب: 1/29).].
قال: لو أن يهودياً ذبح شاة، وذبح رافضي لأكلت ذبيحة اليهودي، ولم آكل ذبيحة الرافضي؛ لأنه مرتد عن الإسلام [الصارم المسلول ص570، ومثل هذا المعنى قاله أبو بكر بن هانئ (الموضع نفسه من المصدر السابق)، وانظر: السيف المسلول على من سب الرسول/ علي بن عبد الكافي السبكي: الورقة 71أ (مخطوط).].
أبو زرعة الرازي [عبد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ المخزومي بالولاء أبو زرعة الرازي من حفاظ الحديث وكبار الأئمة، كان يحفظ مائة ألف حديث، ويقال: كل حديث لا يعرفه أبو زرعة ليس له أصل. توفي سنة 264هـ.]:(7/202)
قال: إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، لأن مؤدى قوله إلى إبطال القرآن والسنة [انظر: الكفاية ص49، ومضى نصه بتمامه ص(767).].
ابن قتيبة [أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، صاحب المصنفات البديعة، المحتوية على علوم جمة نافعة كما يقول ابن كثير. توفي سنة (276هـ) (انظر: وفيات الأعيان: 3/42-44، تاريخ بغداد: 10/170-171، البداية والنهاية: 11/48).]:
قال: بأن غلو الرافضة في حب علي المتمثل في تقديمه على من قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته عليه، وادعائهم له شركة النبي صلى الله عليه وسلم في نبوته، وعلم الغيب للأئمة من ولده وتلك الأقاويل والأمور السرية قد جمعت إلى الكذب والكفر إفراط الجهل والغباوة [الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة: ص47، مطبعة السعادة بمصر 1349هـ.].
عبد القادر البغدادي [عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي، التميمي الإسفراييني، أبو منصور، كان يلقب "صدر الإسلام" في عصره، ويدرس في سبعة عشر فناً، توفي سنة (429هـ) (انظر: السبكي/ طبقات الشافعية: 5/136-145، القفطي/ إنباه الرواة: 2/185، 186، السيوطي/ بغية الوعاة: 2/105).]:
يقول: "وأما أهل الأهواء الجارودية الهاشمية والجهمية، والإمامية الذين أكفروا خيار الصحابة.. فإنا نكفرهم، ولا تجوز الصلاة عليهم عندنا ولا الصلاة خلفهم" [الفرق بين الفرق: ص357.].
وقال: "وتكفير هؤلاء واجب في إجازتهم على الله البداء، وقولهم بأنه قد يريد شيئاً ثم يبدو له، وقد زعموا أنه إذا أمر بشيء ثم نسخه، فإنما نسخه لأنه بدا له فيه..
وما رأينا ولا سمعنا بنوع من الكفر إلا وجدنا شعبة منه في مذهب الراوافض.." [الملل والنحل: ص52-53، تحقيق ألبير نصري نادر.].
القاضي أبو يعلى [محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء أبو يعلى، عالم عصره في الأصول والفروع، توفي سنة (458هـ).(7/203)
(انظر: طبقات الحنابلة: 2/193-230).]:
قال: وأما الرافضة فالحكم فيهم.. إنْ كفر الصحابة، أو فسهم بمعنى يستوجب به النار فهو كافر [المعتمد: ص267.].
والروافض كما تبين بعد انتشار أصولهم يكفرون أكثر الصحابة.
ابن حزم:
قال: وأما قولهم (يعني النصارى) في دعوى الروافض تبديل القرآن فإن الروافض ليسوا من المسلمين [يعني فلا حاجة في كلامهم على المسلمين، ولا على كتابهم.]، إنما هي فرقة حدث أولها بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة. وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر [الفصل: 2/213.].
وقال: "ومن قول الإمامية قديماً وحديثاً أن القرآن مبدل.." [واستثنى ثلاثة منهم - كما مر -.].
ثم قال: القول بأن بين اللوحين تبديلاً كفر صريح وتكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم" [الفصل: 5/40.].
وقال: "ولا خلاف بين أحد من الفرق المنتمية إلى المسلمين من أهل السنة، والمعتزلة والخوارج، والمرجئة والزيدية في وجوب الأخذ بما في القرآن وأنه المتلو عندنا.. وإنما خالف في ذلك قوم من غلاة الروافض وهم كفار بذلك مشركون عند جميع أهل الإسلام وليس كلامنا مع هؤلاء، وإنما كلامنا مع أهل ملتنا" [الأحكام في أصول الأحكام: 1/96.].
وقال: "واعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكتم من الشريعة كلمة فما فوقها، ولا أطلع أخص الناس به من ابنة أو ابن عم أو زوجة أو صاحب على شيء من الشريعة كتمه عن الأحمر والأسود ورعاة الغنم، ولا كان عنده عليه السلام سر ولا رمز ولا باطن غير ما دعا الناس كلهم إليه، فلو كتمهم شيئاً لما بلغ كما أمر، ومن قال هذا فهو كافر.." [الفصل: 2/274-275، وهذا الاعتقاد الذي يكفر ابن حزم معتقده قد أصبح اليوم من أصول الاثني عشرية، ويؤكد على القول به شيوخهم المعاصرون، والغابرون.
(انظر: ص(315) من هذه الرسالة).].(7/204)
الإسفراييني [أبو المظفر شهفور بن طاهر بن محمد بن الإسفراييني، الإمام الأصولي الفقيه المفسر، له تصانيف منها: "التفسير الكبير" و"التبصير في الدين" توفي عام 417هـ.
(انظر: طبقات الشافعية: 5/11، الأعلام: 3/260).]:
نقل جملة من عقائدهم كتكفير الصحابة، وقولهم: إن القرآن قد غيّر عما كان، ووقع فيها الزيادة والنقصان، وانتظارهم لمهدي يخرج إليهم ويعلمهم الشريعة.. وقال: بأن جميع الفرق الإمامية التي ذكرناها متفقون على هذا، ثم حكم عليهم بقوله:
"وليسوا في الحال على شيء من الدين، ولا مزيد على هذا النوع من الكفر إذ لا بقاء فيه على شيء من الدين" [التبصير في الدين: ص24-25.].
أبو حامد الغزالي [محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الغزالي، قال ابن كثير: كان من أذكياء العالم في كل ما يتكلم فيه، وله مصنفات منتشرة في فنون متعددة. من كتبه: فضائح الباطنية، توفي سنة (505هـ).
(انظر: البداية والنهاية: 12/173-174، مرآة الجنان: 3/177-192).]:
قال: "ولأجل قصور فهم الروافض [من درس مذهب الرافضة في البداء عرف أنه ليس بقصور فهم، ولكنه نهج متعمد ساقهم إليه غلوهم في الأئمة، وهذا القول من الغزالي يشبه كلام الآمدي (في الإحكام: 3/109) حيث قال: إن الرافضة خفي عليها الفرق بين النسخ والبداء، وقد علق على ذلك الشيخ عبد الرزاق عفيفي فقال:
"من تبين حال الرافضة ووقف على فساد دخيلتهم، وزندقتهم بإبطال الكفر وإظهار الإسلام، وأنهم ورثوا مبادئهم عن اليهود، ونهجوا في الكيد للإسلام منهجهم عرف أن ما قالوه من الزور والبهتان (يعني في أمر البداء) إنما كان عن قصد سيء وحسد للحق وأهله وعصبة ممقوته دفعتهم إلى الدس والخداع وإعمال معاول الهدم سراً وعلناً للشرائع ودولها القائمة عليها".(7/205)
(الإحكام في أصول الأحكام: 3/109-110 - الهامش).] عنه ارتكبوا البداء، ونقلوا عن علي رضي الله عنه أنه كان لا يخبر عن الغيب مخافة أن يبدو له تعالى فيه فيغيره [وهذه الرواية موجودة عن المجلسي في البحار، وعزاها إلى "قرب الإسناد" (بحار الأنوار: 4/97)، وفي خبر آخر نسبوا هذا القول إلى علي بن الحسين (انظر: تفسير العياشي: 2/215، بحار الأنوار: 4/118، البرهان: 2/299، تفسير الصافي: 3/75).]، وحكوا عن جعفر بن محمد أنه قال: ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل أي في أمره بذبحه [انظر: هذه الرواية في كتاب التوحيد لابن بابويه ص336.]... وهذا هو الكفر الصريح، ونسبة الإله تعالى إلى الجهل والتغير، ويدل على استحالته ما دل على أنه محيط بكل شيء علماً" [المستصفى: 1/110.].
ويقول الغزالي: فلو صرح مصرح بكفر أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - فقد خالف الإجماع وخرقه، ورد ما جاء في حقهم من الوعد بالجنة والثناء عليهم والحكم بصحة دينهم وثبات يقينهم وتقدمهم على سائر الخلق في أخبار كثيرة.. ثم قال: "فقائل ذلك إن بلغته الأخبار واعتقد مع ذلك كفرهم فهو كافر.. بتكذيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن كذبه بكلمة من أقاويله فهو كافر بالإجماع" [فضائح الباطنية: ص149.].
القاضي عياض [عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي عالم المغرب، وإمام أهل الحديث في وقته، توفي سنة ( 544هـ).
(انظر: وفيات الأعيان: 3/483، والعبر للذهبي: 2/467، الضبي/ بغية الملتمس ص437، النباهي/ تاريخ قضاة الأندلس: ص101).]:
قال رحمه الله: "نقطع بتكفير غلاة الرافضة في قولهم إن الأئمة أفضل من الأنبياء" [انظر: (614) من هذه الرسالة، والشيعة المعاصرون يعدون هذا الكفر من ضرورات مذهبم ومنكر الضروري كافر عندهم (انظر: ص 1116) من هذه الرسالة).(7/206)
يقول شيخهم الممقاني: "ومن ضروريات مذهبنا أن الأئمة عليهم السلام أفضل من أنبياء بني إسرائيل كما نطقت بذلك النصوص المتواترة.. ولا شبهة عند كل ممارس لأخبار أهل البيت عليهم السلام (يعني أئمته الاثني عشر) أنه كان يصدر من الأئمة عليهم السلام خوارق للعادة نظير ما كان يصدر من الأنبياء بل أزيد، وأن الأنبياء والسلف انفتحت لهم باب أو بابان من العلم، وانفتحت للأئمة عليهم السلام بسبب العبادة والطاعة التي تذر العبد مثل الله إذا قال لشيء كن فيكون جميع الأبواب" (تنقيح المثال: 3/232).
فانظر كيف فضلهم في البداية على الأنبياء، وانتهى إلى أنهم مثل الله تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.. فماذا بعد هذا من زندقة وإلحاد؟.].
وكذلك يحكم بكفر من قال: بمشاركة علي في الرسالة للنبي صلى الله عليه وسلم وبعده، وأن كل إمام يقول مقام النبي صلى الله عليه وسلم في النبوة والحجة، وأشار بأن هذا مذهب أكثر الرافضة [ونجد ذلك عند الاثني عشرية في زعمهم أن الإمامة أرفع درجة من النبوة. انظر: ص(656) وأن الأئمة حجة على الناس كالرسل. انظر: (ص623).] وكذلك من ادعى منهم أنه يوحى إليه وإن لم يدع النبوة [وهذا ما يقول به الروافض. انظر: ص 310 وما بعدها.].
وقال: وكذلك نكفر "من أنكر القرآن أو حرفاً منه، أو غير شيئاً منه، أو زاد فيه كفعل الباطنية أو الإسماعيلية" [هنا ملاحظة مهمة وهي أن بعض الأئمة ينسبون القول بتغيير القرآن إلى الإسماعيلية، في حين أنه من أقوال الاثني عشرية، والاسماعيلية لم تخض في القرآن بهذا القول، وإنما سلكت التأويل الباطني.].(7/207)
السمعاني [الإمام الحافظ المحدث أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني، مصنف الأنساب وغيره، رحل وسمع الكثير حتى كتب عن أربعة آلاف شيخ، قال ابن كثير: وذكر له ابن خلكان مصنفات عديدة منها كتابه الذي جمع فيه ألف حديث عن مائة شيخ وتكلم عليها إسناداً ومتناً وهو مفيد جداً، توفي سنة (562هـ).
(وفيات الأعيان: 3/209، البداية والنهاية: 12/175).] (ت562هـ):
قال رحمه الله: "واجتمعت الأمة على تكفير الإمامية، لأنهم يعتقدون تضليل الصحابة، وينكرون إجماعهم وينسبون إلى ما يليق بهم" [قوله: "إلى ما يليق بهم" كذا في الأصل، وإذا كان الضمير يعود إلى الرافضة، فالعبارة مستقيمة أي ينسبون الصحابة إلى ضلال يليق بالرافضة أنفسهم، إما إذا كان الضمير يعود إلى الصحابة، ففي العبارة تصحيف، ولعل صحتها "إلى ما لا يليق بهم".] [الأنساب: 6/341.].
الرازي [محمد بن عمر بن الحسين المعروف بالفخر الرازي، مفسر متكلم فقيه أصولي، من تصانيفه: التفسير الكبير، والمحصول، وغيرهما، سب له نوع تشيع، توفي سنة (606هـ) (لسان الميزان: 4/426، السيوطي/ طبقات المفسرين: ص 115، عيون الأنباء: ص414-427).]:
يذكر الرازي أن أصحابه من الأشاعرة يكفرون الروافض من ثلاثة وجوه:
أولها: أنهم كفروا سادات المسلمين، وكل من كفر مسلماً فهو كافر لقوله عليه السلام: "من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما" [سيأتي تخريجه.] فإذن يجب تكفيرهم.
وثانيها: أنهم كفروا قوماً نص الرسول عليه السلام بالثناء عليهم وتعظيم شأنهم، فيكون تكفيرهم تكذيباً للرسول عليه السلام.
وثالثها: إجماع الأمة على تكفير من كفر سادات الصحابة [الرازي/ نهاية العقول، الورقة 212 (مخطوط).].
ابن تيمية:
قال رحمه الله: من زعم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت، أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة، فلا خلاف في كفرهم.(7/208)
ومن زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً، أو إنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضاً في كفره؛ لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم.
بل من يشكك في كفر مثل هذا؟ فإن كفره متعين، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق، وأن هذه الآية التي هي: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران 110] وخيرها هو القرن الأول، كان عامتهم كفاراً، أو فساقاً، ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها وكفر هذه مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام [الصارم المسلول: ص 586-587.].
وقال شيخ الإسلام: "إنهم شر من عامة أهل الأهواء، وأحق بالقتال من الخوارج" [مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 28/482.].
وأنهم كفروا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بما لا يحصيه إلا الله، فتارة يكذبون بالنصوص الثابتة عنه، وتارة يكذبون بمعاني التنزيل.
فإن الله قد ذكر في كتابه من الثناء على الصحابة، والرضوان عليهم والاستغفار لهم ما هم كافرون بحقيقته، وذكر في كتابه من الأمر بالجمعة والأمر بالجهاد وبطاعة أولي الأمر ما هم خارجون عنه.
وذكر في كتابه من موالاة المؤمنين وموادتهم والإصلاح بينهم ما هم عنه خارجون.
وذكر في كتابه من النهي عن موالاة الكفار وموادتهم ما هو خارجون عنه.
وذكر في كتابه من تحريم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم وتحريم الغيبة والهمز واللمز ما هو أعظم الناس استحلالاً له.
وذكر في كتابه من الأمر بالجماعة والائتلاف، والنهي عن الفرقة والاختلاف ما هم أبعد الناس عنه.
وذكر في كتابه من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته واتباع حكمه ما هم خارجون عنه وذكر في كتابه من حقوق أزواجه ما هم براء منه.(7/209)
وذكر في كتابه من توحيده وإخلاص الملك له وعبادته وحده لا شريك له ما هم خارجون عنه، فإنهم مشركون لأنهم أشد الناس تعظيماً للمقابر التي اتخذت أوثاناً من دون الله.
وقد ذكر في كتابه من أسمائه وصفاته ما هم كافرون به.
وذكر في كتابه أنه على كل شيء قدير وأنه خالق كل شيء وأنه ما شاء الله لا قوة إلا بالله ما هم كافرون به.
ثم قال شيخ الإسلام: ومن اعتقد من المنتسبين إلى العلم أو غيره أن قتال هؤلاء بمنزلة قتال البغاة الخارجين عن الإمام بتأويل سائغ.. فهو غالط جاهل بحقيقة شريعة الإسلام.. لأن هؤلاء خارجون عن نفس شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته شراً من خروج الحرورية، وليس لهم تأويل سائغ [انظر: الفتاوى 28/484-485.]، فإن التأويل السائغ هو الجائز الذي يقر صاحبه عليه إذا لم يكن فيه جواب كتأويل العلماء المتنازعين في موارد الاجتهاد. وهؤلاء ليس لهم ذلك بالكتاب والسنة والإجماع، ولكن لهم تأويل من جنس تأويل اليهود والنصارى، وتأويلهم شر تأويلات أهل الأهواء [انظر: الفتاوى 28/486.].
ولكن شيخ الإسلام وهو يكفر أصحاب هذه المقالات، إلا أن تكفيره للمعين مشروط عنده بقيام الحجة وبلوغ الرسالة، ولذلك أفتى في الرافضة الذين تم القبض عليهم بالفتوى التالية:
فتوى شيخ الإسلام في الرافضة بعد الاستيلاء عليهم:(7/210)
يقول - رحمه الله -: "وقد علم أنه كان بساحل الشام جبل كبير فيه ألوف من الرافضة يسفكون دماء الناس ويأخذون أموالهم، وقتلوا خلقاً عظيماً، وأخذوا أموالهم، ولما انكسر المسلمون سنة غازان [انظر ص: (1216) من هذه الرسالة.] أخذوا الخيل والسلاح والأسارى وباعوهم للكفار والنصارى بقبرص، وأخذوا من مر بهم من الجند وكانوا أضرّ على المسلمين من جميع الأعداء، وحمل بعضهم أمرائهم راية النصارى، وقالوا له: أيما خير المسلمون أو النصارى؟ فقال: بل النصارى، فقالوا له: مع من تحشر يوم القيامة؟ فقال: مع النصارى، وسلموا إليهم بعض بلاد المسلمين.
ومع هذا فلما استشار أهل ولاة الأمر في غزوهم وكتبت جواباً مبسوطاً في غزوهم [لعله من جاء في الفتاوى: 28/398.].. وذهبنا إلى ناحيتهم، وحضر عندي جماعة منهم وجري بيني وبينهم مناظرات ومفاوضات يطول وصفها، فلما فتح المسلمون بلدهم، وتمكن المسلمون منهم نهيتهم عن قلتهم، وعن سبيهم، وأنزلناهم في بلاد المسلمين متفرقين لئلا يجتمعوا" [منهاج السنة: 3/39.].
وهذه الفتوى من إمام أهل السنة في وقته تبين أن أهل السنة يتبعون الحق من ربهم الذي جاء به الرسول، ولا يكفرون كل من خالفهم فيه؛ بل هم أعلم بالحق وأرحم بالخلق بخلاف أهل الأهواء الذين يبتدعون رأياً ويكفرون من خالفهم فيه [منهاج السنة: 3/39.].
ابن كثير [الإمام المحدث المفتي البارع - كما قال الذهبي - أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير، قال الشوكاني: له تصانيف مفيدة منها: التفسير، من أحسن التفاسير إن لم يكن أحسنها، توفي سنة (774هـ).
(ابن حجر/ الدرر الكامنة: 1/373-374، الشوكاني/ البدر الطالع (1/153) ).]:
ساق ابن كثير بعض الأحاديث الثابتة في السنة، والمتضمنة نفي دعوى النص والوصية التي تدعيها الرافضة لعلي، ثم عقب عليها بقوله:(7/211)
"ولو كان الأمر كما زعموا لما رد ذلك أحد من الصحابة فإنهم كانوا أطوع لله ولرسوله في حياته وبعد وفاته، من أن يفتاتوا عليه فيقدموا غير من قدمه، ويؤخروا من قدمه بنصه، حاشا وكلا، ومن ظن بالصحابة رضوان الله عليهم ذلك فقد نسبهم بأجمعهم إلى الفجور، والتواطؤ على معاندة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومضادتهم في حكمه ونصه، ومن وصل من الناس إلى هذا المقام فقد خلع ربقة الإسلام، وكفر بإجماع الأئمة الأعلام، وكان إراقة دمه أحل من إراقة المدام" [البداية والنهاية: 5/252.].
ومن الثابت عن الرافضة - كما مر - أنها تدعي أن الرسول صلى الله عليه وسلم نص على علي، وأن الصحابة ردوا النص، وارتدوا بسبب ذلك، وهذا ما يقوله المعاصرون وأسلافهم من الروافض [انظر: ص(716) و ص(1099) من هذه الرسالة.].
أبو حامد محمد المقدسي [محمد بن خليل بن يوسف الرملي المقدسي، من فقهاء الشافعية، توفي سنة (888هـ).
(انظر: السخاوي/ الضوء اللامع: 7/234، الشوكاني/ البدر الطالع: 2/169).]:
قال - بعد حديثه عن فرق الشيعة وعقائدهم -: "لا يخفى على كل ذي بصيرة وفهم من المسلمين أن أكثر ما قدمناه في الباب قبله من عقائد هذه الطائفة الرافضة على اختلاف أصنافها كفر صريح، وعناد، مع جهل قبيح لا يتوقف الواقف عليه من تكفيرهم والحكم عليهم بالمروق من دين الإسلام" [رسالة في الرد على الرافضة: ص200.].
أبو المحاسن يوسف الواسطي [يوسف الجمال أبو المحاسن الواسطي من علماء القرن التاسع. (انظر: السخاوي/ الضوء اللامع: 10/338-339).]:
وقد ذكر جملة من مكفراتهم، فمنها قوله:(7/212)
"إنهم يكفرون بتكفيرهم لصحابة سول الله صلى الله عليه وسلم الثابت تعديلهم وتزكيتهم في القرآن بقوله تعالى: {لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة 143] وبشهادة الله تعالى لهم أنهم لا يكفرون بقوله تعالى: {فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام 89].
ويكفرون باستغنائهم عن حج بيت الله الحرام بزيارة قبر الحسين لزعمهم أنها تغفر الذنوب وتسميتهم لها بالحج الأكبر، ومن ذلك أنهم يكفرون بترك جهاد الكفار والغزو لهم الذي يزعمون أنه لا يجوز إلا مع الإمام المعصوم وهو غائب" [المناظرة بين أهل السنة والرافضة/ الورقة 66 (مخطوط).].
"وأنهم يكفرون بإعابتهم السنن المتواتر فعلها عن النبي صلى الله عليه وسلم من الجماعة والضحى والوتر والرواتب قبل المكتوبات من الصلوات الخمس وبعدها، وغير ذلك من السنن المؤكدات" [المناظرة بين أهل السنة والرافضة/ الورقة 67 (مخطوط).].
علي بن سلطان بن محمد القاري [علي بن سلطان بن محمد الهروي المعروف بالقاري الحنفي، أحد صدور العلم، ألف التآليف الكثيرة النافعة منها: شرحه المشكاة وهو أكبرها، وشرح الشفاء، والنخبة وغيرها. توفي سنة (1014هـ).
(انظر: خلاصة الأثر: 3/185-186، البدر الطالع: 1/445-446).]:
قال: "وأما من سب أحداً من الصحابة فهو فاسق ومبتدع بالإجماع إلا إذا اعتقد أنه مباح كما عليه بعض الشيعة وأصحابهم، أو يترتب عليه ثواب كما هو دأب كلامهم أو اعتقد كفر الصحابة وأهل السنة فإنه كافر بالإجماع" [شم العوارض في ذم الروافض/ الورقة 6 أ (مخطوط)].
ثم ساق مجموعة من الأدلة من الكتاب والسنة تتضمن الثناء على الصحابة رضوان الله عليهم، واستنبط منها كفر الرافضة في مذهبها في الصحابة" [شم العوارض في ذم الروافض/ الورقة 252-254].(7/213)
ثم ذكر بأن من مكفرات الرافضة ما يدعونه في كتاب الله من نقص وتغيير، وعرض بعض أقوالهم في ذلك [شم العوارض في ذم الروافض/ الورقة 259 أ].
محمد بن عبد الوهاب [محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن أحمد التميمي النجدي، الإمام المجدد للإسلام في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر من الهجرة، كانت دعوته إلى التوحيد الخالص ونبذ البدع هي الشعلة الأولى لليقظة الحديثة في العالم الإسلامي كله، تأثر بها رجال الإصلاح في الهند، ومصر والعراق والشام وغيرها. توفي - رحمه الله - سنة (1206هـ).
(انظر: عبد العزيز بن باز/ الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته/ وسليمان الندوي/ محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه، وبهجة الأثري/ محمد بن عبد الوهاب داعية التوحيد والتجديد في العصر الحديث وغيرها. وانظر: أحمد أمين/ زعماء الإصلاح: ص10، مجلة الزهراء: 3/82-98).]:
حكم الإمام محمد بن عبد الوهاب على جملة من عقائد الاثني عشرية بأنها كفر، ومن ذلك قال - رحمه الله - بعد أن عرض عقيدة الاثني عشرية في سب الصحابة ولعنهم، وما قاله الله ورسوله في الثناء عليهم - قال:
"فإذا عرفت أن آيات القرآن تكاثرت في فضلهم، والأحاديث المتواترة بمجموعها ناصة على كمالهم؛ فمن اعتقد فسقهم أو فسق مجموعهم، وارتدادهم وارتداد معظمهم عن الدين، أو اعتقد حقية سبهم وإباحته، أو سبهم مع اعتقاد حقية سبهم، أو حليته فقد كفر بالله تعالى ورسوله... والجهل بالتواتر القاطع ليس بعذر، وتأويله وصرفه من غير دليل معتبر غير مفيد، كمن أنكر فرضية الصلوات الخمس جهلاً لفرضيتها، فإنه بهذا الجهل يصير كافراً، وكذا لو أولها على غير المعنى الذي نعرفه فقد كفر، لأن العلم الحاصل من نصوص القرآن والأحاديث الدالة على فضلهم قطعي.(7/214)
ومن خص بعضهم بالسب فإن كان ممن تواتر النقل في فضله وكماله كالخلفاء فإن اعتقد حقية سبه أو إباحته فقد كفر لتكذيبه ما ثبت قطعياً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكذبه كافر، وإن سبه من غير اعتقاد حقية سبه أو إباحته فقد تفسق؛ لأن سباب المسلم فسوق، وقد حكم بعض فيمن سب الشيخين بالكفر مطلقاً.
وإن كان ممن لم يتواتر النقل في فضله وكماله، فالظاهر أن سابه فاسق إلا أن يسبه من حيث صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك كفر.
وغالب هؤلاء الرافضة الذين يسبون الصحابة يعتقدون حقية سبهم أو إباحته بل وجوبه، لأنهم يتقربون بذلك إلى الله تعالى ويرون ذلك من أجل أمور دينهم" [رسالة في الرد على الرافضة: ص18-19.]. [بل تجاوزوا أمر السب إلى التكفير، بل قالوا بأن من اعتقد في أبي بكر وعمر الإسلام فلا ينظر الله إليه ولا يكلمه وله عذاب أليم (انظر: ص724 من هذه الرسالة).
فشناعاتهم في أمر الصحابة تزيد وتغلو على مر الأيام حتى استقرت اليوم على الغلو الذي ما بعده شيء.].
ثم قال - رحمه الله -: "وما صح عن العلماء من أنه لا يكفر أهل القبلة فمحمول على من لم يكن بدعته مكفرة.. ولا شك أن تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه قطعاً كفر، والجهل في مثل ذلك ليس بعذر" [رسالة في الرد على الرافضة: ص20.].
وقال – رحمه الله – بعد عرض ما جاء في كتبهم من دعواهم نقص القرآن وتغييره: "يلزم من هذا تكفير الصحابة حتى علي، حيث رضوا بذلك... وتكذيب قوله تعالى: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت 42] وقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر 9]. ومن اعتقد عدم صحة حفظه من الإسقاط، واعتقد ما ليس منه أنه فقد كفر" [رسالة في الرد على الرفضة: ص 14-15.].(7/215)
وقال الشيخ - رحمه الله - فيمن اتخذ بينه وبين الله وسائط... كحال الرافضة في أئمتها: "ومن جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة، ويتوكل عليهم كفر إجماعاً" [رسالة نواقض الإسلام: ص283 (ضمن الجامع الفريد ط: الجميح).].
وكذلك قال بأن من فضل الأئمة على الأنبياء كفر بالإجماع كما نقله غير واحد من أهل العلم [رسالة في الرد على الرافضة: ص29، وانظر: ص614 من هذا الكتاب.].
شاه عبد العزيز الدهلوي [عبد العزيز بن أحمد (ولي الله) بن عبد الرحيم العمري الفاروقي الملقب سراج الهند، قال محب الدين الخطيب: "كان كبير علماء الهند في عصره ، وكان رحمه الله مطلعاً على كتب الشيعة مبحراً فيها". توفي سنة (1239هـ).
(انظر: الأعلام: 4/138، مقدمة مختصر التحفة الاثني عشرية لمحب الدين الخطيب/ ص: يب).]:
قال - بعد دراسة مستفيضة لمذهب الاثني عشرية من خلال مصادرهم المعتمدة قال: "ومن استكشف عقائدهم الخبيثة وما انطووا عليه؛ علم أن ليس لهم في الإسلام نصيب وتحقق كفرهم لديه" [مختصر التحفة الاثني عشرية: ص300.].
محمد بن علي الشوكاني [الإمام محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني، علامة اليمن، صاحب فتح القدير، ونيل الأوطار وغيرهما من المؤلفات النافعة. توفي سنة (1250هـ).
(انظر في ترجمته: البدر الطالع: 2/214-225).]:
قال: إن أصل دعوة الروافض كياد الدين، ومخالفة شريعة المسلمين.
والعجب كل العجب من علماء الإسلام، وسلاطين الدين، كيف تركوهم على هذا المنكر البالغ في القبح إلى غايته ونهايته، فإن هؤلاء المخذولين لما أرادوا رد هذه الشريعة المطهرة ومخالفتها طعنوا في أعراض الحاملين لها، الذين لا طريق لنا إليها إلا من طريقهم، واستزلوا أهل العقول الضعيفة بهذه الذريعة الملعونة، والوسيلة الشيطانية، فهم يظهرون السب واللعن لخير الخليقة، ويضمرون العناد للشريعة، ورفع أحكامها عن العباد.(7/216)
وليس في الكبائر أشنع من هذه الوسيلة إلا ما توسلوا بها إليه، فإنه أقبح منها، لأنه عناد لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولشريعته.
فكان حاصل ما هم فيه من ذلك أربع كبائر كل واحدة منها كفر بواح:
الأولى: العناد لله عز وجل.
والثانية: العناد لرسول صلى الله عليه وسلم.
والثالثة: العناد لشريعتهم المطهرة ومحاولة إبطالها.
والرابعة: تكفير الصحابة رضي الله عنهم، الموصوفين في كتاب الله سبحانه بأنهم أشداء على الكفار، وأن الله تعالى يغيظ بهم الكفار، وأنه قد رضي عنهم، مع أنه قد ثبت في هذه الشريعة المطهرة أن من كفر مسلماً كفر كما في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الرجل لأخيه: يا كفر، فقد باء بهما أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه" [الحديث بنحوه في صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب من كفر أخاه من غير تأويل فهو كما قال: ج7/97، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر: 1/79، وأبي داود كتاب السنة، باب زيادة الإيمان ونقصانه: 5/64 (ح4687) والترمذي كتاب الإيمان، باب ما جاء فيمن رمى أخاه بكفر: 5/22 (ح2637)، ومالك في الموطأ، كتاب الكلام، باب ما يكره من الكلام: ص984، وأحمد: 2/18، 23، 44، 47، والطيالسي: ص252 (ح1842).}.
وبهذا يتبين أن كل رافضي خبيث يصير كافراً بتكفيره لصحابي واحد، فكيف بمن كفر كل الصحابة، واستثنى أفراداً يسيرة تغطية لما هو فيه من الضلال على الطغام الذين لا يعلقون الحجج؟! [الشوكاني/ نثر الجوهر على حديث أبي ذر، الورقة: 15-16 (مخطوط).].
شيوخ وعلماء الدولة العثمانية:
نقل زين العابدين بن يوسف الأسكوبي في رسالة كتبها أيام السلطان العثماني محمد خان بن السلطان إبراهيم خان أن علماء الدولة المتأخرين جميعاً أفتوا بكفرهم [الأسكوبي/ الرد على الشيعة: الورقة 5ب.].(7/217)
علماء ما وراء النهر [ما وراء النهر: يراد نهر جيحون بخراسان، فما كان في شرقيه يقال له بلاد الهياطلة، وفي الإسلام سموه ما رواء النهر، وما كان في غربيه فهو خراسان وولاية خوارزم. (معجم البلدان: 5/45).]:
قال الألوسي - صاحب التفسير -: "ذهب معظم علماء ما وراء النهر إلى كفر الاثني عشرية وحكموا بإباحة دمائهم وأموالهم وفروج نسائهم، حيث إنهم يسبون الصحابة رضي الله عنهم لا سيما الشيخين وهما السمع والبصر منه عليه الصلاة والسلام، وينكرون خلافة الصديق، ويقذفون عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها مما برأها الله تعالى منه، ويفضلون بأسرهم علياً كرم الله وجه.. على غير أولي العزم من المرسلين، ومنهم من يفضله عليه أيضاً.. ويجحدون سلامة القرآن العظيم من الزيادة والنقص" [نهج السلامة: ص29، 30 (مخطوط).].
هذه بعض فتاوى أئمة المسلمين وعلمائهم في هذه المسألة.
وأكتفي بهذا القدر، وفي الكتب الفقهية أقوال كثيرة في تكفيرهم، يمكن الرجوع إليها بيسر ولذا لا داعي لذكرها [انظر - مثلاً - العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية لابن عابدين، وقد ساق فيها فتوى الشيخ نوح الحنفي، حيث كفرهم لوجوه كثيرة، وهي فتوى طويلة (انظر: العقود الدرية: ص92). وكذلك ذكر ما قاله أبو السعود المفسر ونقل فيه إجماع علمائهم على تكفيرهم (المصدر السابق: ص93).
وفي الفتاوى البزازية للشيخ محمد بن شهاب المعروف بابن البزاز المتوفى سنة (827هـ) قال: يجب إكفار الكيسانية في إجازتهم البداء على الله تعالى، وإكفار الروافض في قولهم برجعة الأموات.. إلخ. (الفتاوى البزازية المطبوعة على هامش الفتاوى الهندية: 6/318).(7/218)
وفي الأشباه والنظائر لابن نجيم قال: سب الشيخين ولعنهما كفر. (الأشباه والنظائر ص190). وانظر: نواقض الروافض لمخدوم الشيرازي حيث ساق أقوال أصحاب المذاهب الأربعة في تكفير الرافضة/ الورقة: 187أ وما بعدها، وتكفير الشيعة، لمطهر بن عبد الرحمن بن إسماعيل/ الورقة: 51.].
ويلاحظ هنا عدة أمور:
أولاً: إن هذا حكمهم - رحمة الله عليهم - قبل انتشار كتب الروافض، ومجاهرتهم بعقائدهم بمثل ما هو واقع اليوم.. ولهذا تضمنت صفحات هذا البحث عقائد للاثني عشرية كان ينسبها علماء الإسلام للقرامطة الباطنية كمسألة نقص القرآن وتحريفه، والذي استفاض أمرها في كتبهم، وكذلك جملة مما جاء في اعتقادهم في أصول الدين، وهناك عقائد لم تكن معروفة كعقيدة الطينة ونحوها..
ومعنى هذا أن حكمهم اليوم عليهم أشد.
ثانياً أن الرافضة المتأخرين والمعاصرين جمعوا أخس المذاهب وأخطرها..
جمعوا مقالة القدرية في نفي القدر، والجهمية في نفي الصفات، وقولهم إن القرآن مخلوق، والصوفية - عند جملة من رؤساء مذهبهم - في ضلالة الوحدة والاتحاد، والسبيئة في تأليه علي، والخوارج والوعيدية في تكفير المسلمين، والمرجئة في قولهم: إن حب علي حسنة لا يضر معها سيئة.. بل ساروا في سبيل أهل الشرك في تعظيم القبور، والطواف حولها، بل ويصلون إليها مستدبرين القبلة، إلى غير ذلك مما هو عين مذهب المشركين [انظر تفصيل ذلك كله وإثبات أن الاثني عشرية تقول بهذه المذاهب، الباب الثاني من هذه الرسالة، و ص: (1069) وما بعدها.].
فهل يبقى بعد ذلك شك في أن هذه الطائفة ارتضت لنفسها مذهباً غير مذهب المسلمين؟! فهم إن شهدوا الشهادتين إلا أنهم نقضوا بنواقض كثيرة كما ترى.(7/219)
لكن مما يجب مراعاته حسب منهج أهل السنة في التكفير "أن هذه الأقوال التي يقولونها والتي يعلم أنها مخالفة لما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم هي كفر، وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي أيضاً كفر.. لكن تكفير الواحد المعين من أهل القبلة والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير، وانتفاء موانعه؛ فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق ولا يحكم للمعين بدخوله في ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضي الذي لا معارض له، ولهذا لا يكفر العلماء من استحل شيئاً من المحرمات لقرب عهده بالإسلام أو لنشأته ببادية بعيدة، فإن حكم الكفر لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة، ومن هؤلاء من لا يكون بلغته النصوص المخالفة لما يراه، ولا يعلم أن الرسول بعث بذلك، فيطلق أن هذا القول كفر، ويكفر من قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها دون غيره" [الفتاوى: 28/500-501، وانظر لتفصيل هذه المسألة: الفتاوى: 12/466 وما بعدها، 23/345 وما بعدها.].
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على من ختم الله به النبوات، وعلى آله وصحبه الذين كان ولاؤهم وتشيعهم لمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وللحق الذي جاء به، وكانوا بنعمة الله إخواناً في جميع الأوقات.(7/220)
لقد أمضيت أكثر من أربع سنوات أقلب النظر في مسائل هذا البحث، وأجمع مادته العلمية من مصادر الشيعة المعتمدة وغيرها وأرتبها وأصوغها وأدرسها وأنقذها، وكم هي معاناة أن تقرأ وتستمع لقوم أشقاهم الله فأضلهم وأعمى أبصارهم فصاروا يتبعون إماماً معدوماً، ويقولون بكتاب موهوم، وجعفر مزعوم، وأساطير أخرى، وتقدح أخبارهم في كتاب أنزله الله وحفظه، وأجمع عليه المسلمون عبر القرون، وفي سنة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم جمعتها الأمة، وبذلت الجهود في حفظها، وينبذون إجماع السلف، ويأخذون بقول طائفة مجهولة تحسباً أن يكون المهدي خرج من مخبئه متنكراً وأدلى بصوته معهم.
ويكفرون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، وجاهدوا في سبيله، ونشروا كلمة الله في الأرض تصديقاً لمفتريات نسبها بعض الزنادقة لأهل البيت.
فحمداً لله سبحانه على نعمة العقل، والإيمان واليقين.
وفي نهاية هذا البحث لابد من وقفة نستجمع فيها بعض حصاده ونعرض في تركيز جوانب من معالمه في النقاط التالية:
1- أن المعنى اللغوي للتشيع هو النصرة والمتابعة، وهذا المعنى لا يتوفر في مدعي التشيع اليوم، ومن قبل اليوم في الغالب، فهم الرافضة كم سماهم السلف، أو المنتسبون للتشيع، وليسوا شيعة على الحقيقة.
2- لفظ التشيع لم يرد في القرآن غالباً إلا على سبيل الذم. ولم يأت في السنة ذكر لهذه الفرقة على وجه التخصيص إلا في روايات ضعيفة جاء فيها ذكر الرافضة على سبيل الذم أيضاً.
3- إن الشيعة أطوار، وفرق، ودرجات ما بين إغراق في الغلو واقتصاد فيه، ولذا كان للغلو في التشيع مفهوم عند السلف يختلف عمن بعدهم، بل تبين أن جملة من عقائد شيعة هذا العصر هي من الغلو في التشيع عند أسلافهم من شيعة القرن الرابع، فكيف بالشيعة الأولى.(7/221)
وتعريف الشيعة إذن مرتبط بأطوار نشأتهم، ومراحل التطور العقدي عندهم، ولذا كان الشيعي فيما مضى هو من يقدّم علياً على عثمان.. ولكن بعد اعتماد شيوخ الشيعة كتب الكليني والقمي والمجلسي وأضرابهم مصادر في التلقي شاع الغلو في الشيعة، واستقر مركبها على التطرف والشطط حتى رأينا أكبر مراجعهم في هذا العصر "الخوئي" يوثق روايات إبراهيم القمي في تفسيره مع ما فيه من كفر.
ويكفي أن يطلع كل متشكك في أمر الشيعة - اليوم - على هذا الكتاب الموثق عندهم ليرى أن شيعة اليوم ارتضت لنفسها ديناً غير الإسلام.
4- إن المنتسبين للتشيع قد أخذوا من مذاهب الفرس والروم واليونان والنصارى واليهود وغيرهم أموراً مزجوها بالتشيع مصداقاً لما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من اتباع بعض هذه الأمة سنن من كان قبلهم.
وقد بدأت محاولة إدخال بعض هذه الأصول إلى المجتمعات الإسلامية على يد (ابن سبأ) وأتباعه، فلم يجد لها مكاناً في أمصار المسلمين، إلا عند فئة قليلة بالكوفة.. إلا أن ما جرى من أحداث على بعض أهل البيت كمقتل علي والحسين سهل لهم مهمة إشاعتها في العالم الإسلامي تحت ستار التشيع.
5- افترقت الشيعة إلى فرق كثيرة حتى ذكر بعضهم أنها بلغت ثلاثمائة فرقة، وقد انحصرت اليوم في ثلاثة اتجاهات: الإسماعيلية، والزيدية، والاثني عشرية وهي أكبرها وأكثرها عدداً.
ولقد لحظت مسألة جديرة بالاهتمام والتتبع في بحث مستقل وهي أنه ما من رأي وجد لفرقة شيعية ظهرت في التاريخ في مختلف مراحله إلا وتجد ما يشهد له في الغالب في مصادر الاثني عشرية اليوم حتى آراء ابن سبأ والمختار ابن أبي عبيد، وبيان بن سمعان، والمغيرة بن سعيد وغيرهم من رؤوس الغلاة.(7/222)
6- الاثنا عشرية تلقب بالرافضة، والجعفرية، والإمامية، وكانوا يسمون بالقطعية والموسوية، وذهب جمع إلى أن مصطلح الشيعة إذا أطلق اليوم لا ينصرف إلا إليهم. وانبثق من الإثني عشرية فرق كثيرة: كالشيخية، والكشفية، والبابية، وغيرها.
7- سار الشيعة للاستدلال على شذوذهم في كل اتجاه.
فمرة يزعمون أن ما يدل على مذهبهم من آيات في القرآن قد حذفها الصحابة.
وتارة يلجؤون إلى تأويلات باطنية ما أنزل الله بها من سلطان.
وحيناً يزعمون نزل كتب إلهية على الأئمة للدلالة على مذهبهم.
وأحياناً يتعلقون بروايات من طرق أهل السنة وهي إما كذب، أو لا تدل على ما يزعمون، ولهم وسائل ماكرة في هذا الاتجاه لا تدري اليهود بعشرها.
وهذا كله إنما يدل على عجز هذه الطائفة عن إثبات مذهبها بأصول شرعية.
8- الشيعة منذ سنة (260هـ) وهي لا تتبع إلا معدوماً لا وجود له، فهم شيعة مشايخهم لا شيعة أهل البيت، أو هم أتباع الشياطين الذين يتشكلون لهم بصورة الإمام الغائب، كما استفاضت أحاديثهم بلقاء هذا المعدوم.
ولقد اجتمع شمل فرق الشيعة بالقول بهذا المعدوم لأنه يخلصهم من آل البيت الذين كان منهم علماء وأتقياء بررة فضحوا أمر هؤلاء المرتزقة الذين يأكلون أموال الناس بالباطل باسم آل البيت، ويبتدعون في دين الله ما لم ينزل به سلطاناً.. وينسبونه للآل.. وبالتشيع لهذا المعدوم صارت السلطة والمال والوجاهة للشيوخ لا للآل.
9- قالت الشيعة: إن القرآن ليس بحجة إلا بقيم وهو أحد الأئمة الاثني عشر حتى إنها قالت: إن الإمام هو القرآن الناطق، وكتاب الله هو القرآن الصامت، وزعمت أن علم القرآن كله عند هذا القيم لا يشركه فيه أحد، فهو تفسيره بل هو القرآن نفسه، ولذا له حق تخصيص عام القرآن وتقييد مطلقه وبيان مجمله ونسخ ما شاء منه.. بل قد فوض الإمام في أمر الدين كله.(7/223)
وزعمت أن لكل آية معنى باطنياً، ثم قالت: لكل آية سبعة بطون، ثم طاشت تقديراتهم فقالت: إن لكل آية سبعين بطناً.
وادعت أن كتاب الله الذي أنزله الله ليهدي هذه الأمة إلى التي هي أقوم، في كل جوانب حياتها إنما نزل في الأئمة الاثني عشر، وفي أعدائهم، وأعداؤهم - في زعمهم - الصحابة رضوان الله عليهم.
ولذا فسرت آيات التوحيد والإسلام وأركان الإيمان، والحلال والحرام بالأئمة الاثني عشر.
وفسرت الشرك والكفر، والفحشاء والمنكر، والبغي بالصحابة، ومن اتبعهم من المؤمنين.
وتبين أن أصل هذه التأويلات يرجع للمغيرة بن سعيد وجابر الجعفي، ثم سار على نهجهما غلاة الروافض بعدهما فزادوا وبالغوا في هذه حتى وصلوا إلى مرحلة لم تخطر ببال السابقين، وشيوخ هذا العصر يعدون هذه المدونات التي حوت هذا "الغثاء" من أوثق مصادرهم.
10- فرية "التحريف" ابتدأ القول بها الروافض في القرن الثاني، ونسبت إلى هشام بن الحكم، وشيطان الطاق، وكان من أسبابها أنهم لم يجدوا ما يقنعون به أتباعهم على ما يدعون، وذلك لخلو كتاب الله من النص على أئمتهم وعقائدهم.
ولكن ما إن جاء القرن الرابع حتى رمتهم الأمة عن قوس واحدة وكفروهم لسقوطهم في هذه الهاوية الشنيعة، فأعلن كبيرهم (ابن بابويه) براءة الشيعة من هذه العقيدة، وأن من نسب إليهم ذلك فهو كاذب، وتبعه ابن المرتضى، والطوسي ثم الطبرسي.
ولذا فإن بعض أهل العلم ينسب هذه العقيدة إلى الباطنية في حين أن الباطنية لم تخص بهذه المقالة، والذي تولى كبرها وأكثر من الوضع فيها هم الاثنا عشرية.
وقد سجلت هذه المقالة في أول كتاب ظهر لهم وهو الذي يسمونه أبجد الشيعة، وهو كتاب سليم بن قيس، والذي كشف بعض شيوخهم عن أمره، وأنه موضوع، ومؤلفه مجهول.(7/224)
11- وفي السنة المطهرة كانت لهم أصول منكرة كقولهم: إن الإمام يوحى إليه، بل يأتيه خلق أعظم من جبريل الذي يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن سمع حديثاً من أحد من الأئمة له أن يقول فيه: قال الله، لأن قولهم كقول الله، وطاعتهم طاعة الله.
وفيهم روح القدس التي بها "عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى"، وبها يرون ما غاب عنهم في أقطار الأرض، وما في عنان السماء، ويذهبون إلى عرش الرحمن كل جمعة ليأخذوا من العلم ما شاؤوا.
وقالوا: إن الله سبحانه يناجي علياً والأئمة.
وهذا كله يسمى عندهم "العلم الحادث"، أما العلم المزبور والذي ورثوه عن الرسول فهي كتب وهمية كثيرة كالجامعة، والجعفر، وكتاب علي، والعبيطة، و"ديوان الشيعة" وغيرها.
وقالوا بأن علياً استمر يتلقى هذه العلوم والأسرار والكتب في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، بل وبعد موته، من دون الصحابة أجمعين، فهو الباب الوحيد لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ادعى سماعاً من غيره فقد أشرك.
واستمر الوحي الإلهي عندهم عن طريق الأئمة لم ينقطع حتى سنة (260هـ) وبعد ذلك استمر أيضاً قرابة أربع وسبعين سنة عن طريق نواب المهدي، ثم بعد ذلك عن طريق الشيوخ الذين لهم صلة سرية بمهديهم، ولذلك فإن شيوخهم يضعون بدعاً جديدة حتى إن شيخ الدولة الصفوية علي الكركي وضع مبدأ جواز السجود للمخلوق، ووضع لهم أيضاً مبدأ السجود على التربة.
وشيخهم الخميني نقل عملياً وظائف المهدي كلها إليه وإلى دولته.
ولهم كتب جمعت هذا "الغثاء" واستقلوا بها عن المسلمين وهي مصادر أربعة: الكافي، والتهذيب، والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه. ألحق بها المتأخرون أربعة أخرى هي: الوافي، والبحار، والوسائل، ومستدرك الوسائل، ثم أضافوا إليها عدداً من كتب شيوخهم جعلوها في الاعتبار كالمصادر الأربعة.(7/225)
وكانوا يقبلون كل ما جاء في كتب أخبارهم. حتى جاء شيخ الإسلام ابن تيمية ورد على ابن المطهر الحلي ونعى على الشيعة جهلهم بالرواية، فوضع ابن المطهر طريقة تقسيم أحاديثهم إلى صحيح وحسن وموثق وضعيف، وكان الدافع لذلك هو اتقاء تعيير العامة لهم كما تبين ذلك أثناء النزاع الذي وقع بين الشيعة بسبب اختلافهم في هذه المسألة حتى انقسموا إلى أصوليين وأخباريين. وهذه نتيجة مهمة توصل إليها هذا البحث.
وقد اعترف أحد شيوخهم بأنهم إذا طبقوا علم الجرح والتعديل كأهل السنة لم يبق من أحاديثهم شيء فليبحثوا عن مذهب آخر.
ورجال أحاديثهم فيهم أسماء لا مسمى لها، وأكثرهم ينتحل المذاهب الفاسدة في نظر الاثني عشرية نفسها، فهم في عداد الكفرة ولكنهم يقبلون أخبارهم لأنهم شيعة، أما أهل السنة والزيدية، وأهل البيت ما عدا الاثني عشر فهم يردون رواياتهم حتى رفضوا روايات زيد بن علي. لكن الإمامي الذي على مذهبهم يقبل قوله مهما كان حتى قال بعض شيوخهم: "بأن القدح في دين الرجل لا يؤثر في صحة حديثه".
والرافضة تقيم كل عقائدها ومبادئها على روايات من وضع هؤلاء الأفاكين، نسبوها للأئمة، والأئمة منها براء، إذ منهم من هو خليفة راشد يجب طاعته كالخلفاء قبله وهو علي، ومنهم من هو من أئمة العلم والدين كعلي بن الحسين وأبي جعفر الباقر، وجعفر الصادق، ويجب لهم ما يجب لأمثالهم من أئمة العلم والدين، ومنهم دون ذلك، ومنهم من ضعفه بعض أهل العلم وهو الحسن العسكري، ومنهم معدوم ولا وجود له وهو إمامهم المزعوم منذ سنة (260هـ) وكل ما ينسبونه لهم من غلو هو من اختراع زنادقة القرون البائدة.(7/226)
12- ولا حجة عندهم بالإجماع، ولو نسب لإمامهم المعدوم بواسطة أحد أبوابه قول، وخالفته الأمة كلها لكانت الحجة في قوله لا في قول الأمة، بل مخالفة الأمة أصل مقرر في مذهبهم، حتى قالوا: إن ما خالف الأمة فيه الرشاد، بل لو أطبقت الشيعة على قول، وخالفه فئة مجهولة منتسبة للتشيع لكانت الحجة في قول الطائفة المجهولة تحسباً منهم أن يكون مهديهم المنتظر قد خرج متنكراً وشارك في الرأي مع تلك الطائفة، فكأن هذا يعني أن مذهبهم يتسع على مدى الزمان، لأن يضع فيه شياطين الإنس والجن ما يشاؤون ما دامت هذه الطائفة وضعت لنفسها هذا المبدأ.
13- وفي اعتقادهم في أصول الدين ظهر أنهم جهمية في نفي الصفات، وقدرية في نفي القدر، ومرجئة في قولهم بأن الإيمان معرفة الإمام وحبه، ووعيديه بالنسبة لغيرهم، حيث يكفرون ما عدا طائفتهم.
كما تبين أنهم يشركون بالله سبحانه في ربوبيته وألوهيته في مسائل عديدة.
وفي اعتقادهم بالكتب والرسل كان من أقوالهم فيها أن الأئمة نزلت عليهم كتب إلهية، وعندهم كتب الأنبياء يقرؤونها ويحكمون بها، ولهم معجزات كالرسل، بل هم أفضل من الرسل وبهم تقوم الحجة على العباد.
وفي الإيمان باليوم الآخر قالوا: إن الآخرة للإمام، وأن الجنة مهر فاطمة، وأن الأئمة يأكلون من الجنة في الدنيا، وأن حساب الخلق إلى الأئمة يوم القيامة.
وأن هناك جنة ونار يصير إليها الأموات غير الجنة والنار التي يؤمن بها المسلمون، وأن لقم باباً إلى الجنة وأهل قم لا يحشرون كسائر الناس.
14- ولهم عقائد أخرى تفردوا بها أيضاً عن المسلمين وهي إمامة الاثني عشر وعصمتهم، والتقية، والمهدية، والغيبة، والرجعة، والظهور، والطينة والبداء.
فإمامة المسلمين خاصة بالاثني عشر عندهم، وكل من يتولى على المسلمين من غيرهم فهو طاغوت لا ينظر الله إليه ولا يكلمه يوم القيامة وله عذاب أليم ومن بايعه أو رضي ببيعته فهو كذلك.(7/227)
وهؤلاء الاثنا عشر لا يسهون ولا ينسون ولا يخطئون منذ ولادتهم وطيلة عمرهم.
ولما كانت أقوال الأئمة وأفعالهم تخالف القول بعصمتهم اخترعوا للتستر على مزاعمهم تلك عقيدة البداء والتقية، فأعمال الأئمة الموافقة للمسلمين يحملونها على التقية، وأخبارهم المخالفة للواقع يحملونها على البداء.
ولما حددت الشيعة الأئمة بأشخاص معينين صدمت بانقطاع سلسلة الأئمة المزعومين بموت الحسن العسكري عقيماً، ولذلك اخترعوا بعد طول تخبط أن له ولداً اختفى وهو طفل، فهو الإمام على المسلمين إلى اليوم وسيظهر إليهم.
ثم ما لبث شيوخهم أن استولوا على صلاحياته بواسطة النواب والوكلاء، ثم جعلوها - تدريجياً - مشاعة بين شيوخهم، فأصبحوا هم الحاكمين بأمرهم في شان الرعاع من الشيعة الذين يخدعونهم بقولهم: أنتم أتباع أهل البيت وهو في الحقيقة أتباع المعدوم، أو أتباع الشيطان.
وفي عقيدة الرجعة يحلمون بالعودة للدنيا بعد الموت هم وأعداؤهم - الذين هم أهل السنة من الصحابة، ومن اتبعهم بإحسان - فيجري انتقام الشيعة منهم.
وفي عقيدة الظهور يخرج الأئمة من قبورهم لبعض الناس أحياناً قبل يوم القيامة، وفي غير الرجعة المزعومة، وهذه عقيدة جديدة سجلها المجلسي في بحاره في باب مستقل.
وأما عقيدة الطينة فهي عقدية سرية عندهم، تقول بأن حسنات أهل السنة هي للشيعة، وموبقات الشيعة هي على أهل السنة، ويفسرون على ضوئها ما يضج به مجتمعهم منذ القديم من ظلم ومعاص ومنكرات.
15- إن الشيعة المعاصرين يلتقون مع الغابرين في مصادر التلقي، بل ويأخذون بما افتراه شيوخ الدولة الصفوية ووضعوه من مدونات مليئة بالكفر والإلحاد، وقد سهلت المطابع إشاعة هذه الظلمات بينهم فركبوا من الغلو مركباً صعباً.
ولكنهم يخدعون أهل السنة فيزعم بعضهم أنهم لا يسبون الصحابة ولا يقولون بالرجعة، وقد بينت صفحات هذه الرسالة حقيقة هذه الدعاوى.(7/228)
وقد زعموا أن التقية انتهى العمل بها مع أن نصوصهم تأمرهم بالعمل بها إلى أن يخرج مهديهم، وأقوالهم وأفعالهم تبين استمرار العمل بها، فقولهم هذا إنما هو "تقية على التقية".
ولعله لا يوجد طائفة على وجه الأرض جعلت الكذب ديناً، بل هو تسعة أعشار الدين كهذه الطائفة.
16- وفي أثرهم في العالم الإسلامي تبين أن لهم آثارهم الفكرية الخطيرة في إحداث الشرك في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، والصد عن دين الله، وظهور فرق الزندقة والإلحاد، ومحاولة إضلال المسلمين في سنة نبيهم، والتأثير السلبي في الأدب والتاريخ، وعلى بعض المفكرين المنتسبين للسنة، ولهم وسائل في الإضلال ظاهرة وخفية.
كما أن لهم أثراً في المجال الاجتماعي في إثارة الفتن الداخلية بين المسلمين، وفي الاعتداء والاغتيالات للقيادات الإسلامية، ولعموم المسلمين، إذا حانت لهم فرصة في ذلك، وفي إشاعة الفاحشة ونشر الإباحية عن طريق ما يسمونه بالمتعة الدورية وغيرها.
وفي المجال الاقتصادي كان أثرهم واضحاً في أخذ أموال المسلمين بالقوة أو الخديعة، وفي تدمير اقتصاد الأمة بأي وسيلة، وكان ما يأخذونه من أموال باسم آل البيت من أهم أسباب رغبة شيوخ الشيعة في بقاء شذوذهم وخلافهم مع المسلمين.
وقد تبين أنهم كفرة ليسوا من الإسلام في شيء بسبب شركهم وتكفيرهم للصحابة، وطعنهم في كتاب الله وغيرها من عقائد الكفر عندهم.
ولا أغرب وأعجب من بقاء طائفة تعد بالملايين أسيرة لهذه الخرافات، ولا يفسر ذلك إلا أن شيوخ الشيعة يحجبون الحقيقة عن أتباعهم بوسائل كثيرة من الخداع، لعل من أبرزها دعواهم أن ما عندهم مؤيد بما جاء عن طريق أهل السنة، وأن دينهم يقوم على أساس محبة آل البيت وأتباعهم.
وفي ظل هذه الدعوى يؤججون مشاعر العامة وعواطفهم بذكر اضطهاد آل البيت، وتصوير الظلم الذين لحقهم من الصحابة - بزعمهم ويربون صغارهم على ذلك.(7/229)
ومن ذلك تمثيلهم لمأساة كربلاء وهو المعروف الآن باسم "الشبيه" وإقامتهم لمجالس التعزية، بكل ما فيها من مظاهر الحزن والبكاء، وما يصاحبها من كثرة الأعلام ودق الطبول وسرد الحكايات والأقاصيص عن الظلم المزعوم، وهذا يؤدي إلى شلل العقل والتقبل الأعمى للمعتقد ولا سيما عند الأعاجم والعوام.
وإن أعظم وسيلة لمعالجة وضع الشيعة هو بيان السنة للمسلمين في كل مكان وبمختلف الوسائل، وبيان حقيقة الشيعة ومخالفتها لأصول الإسلامي بدون تقليل أو تهويل.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين،،
فهرس الموضوعات
الموضوع الصفحة
المقدمة ... 5
التمهيد ... 34
تعريف الشيعة ... 35
لفظ الشيعة في القرآن ومعناه ... 38
لفظ الشيعة في السنة ومعناه ... 42
لفظ الشيعة ومعناه في كتب الحديث عند الشيعة ... 44
لفظ الشيعة في التاريخ ... 45
تعريف الشيعة في كتب الاثني عشرية ... 48
تعريف الشيعة في كتب الإسماعيلية ... 58
تعريف الشيعة في المصادر الأخرى ... 59
التعريف المختار للشيعة ... 64
نشأة الشيعة وجذورها التاريخية ... 70
رأي الشيعة في نشأة التشيع ... 70
آراء غير الشيعة في نشأة التشيع ... 84
الرأي المختار ... 95
أصل التشيع (أو أثر الفلسفات القديمة في المذهب الشيعي) ... 100
القول بالأصل اليهودي ... 100
القول بالأصل الفارسي ... 102
القول بأن التشيع مباءة للعقائد الآسيوية القديمة ... 106
الرأي المختار ... 108
فرق الشيعة ... 110
ألقاب الشيعة الإمامية الاثني عشرية ... 122
الشيعة ... 122
الإمامية ... 123
الاثنا عشرية ... 127
القطعية ... 130
أصحاب الانتظار ... 130
الرافضة ... 131
الجعفرية ... 134
الخاصة ... 135
فرق الاثني عشرية ... 136
الباب الأول: اعتقادهم في مصادر الإسلام:(7/230)
الفصل الأول: اعتقادهم في القرآن الكريم ... 153
المبحث الأول: اعتقادهم في حجية القرآن ... 155
المسألة الأولى: اعتقادهم أن القرآن ليس بحجة إلا بقيم ... 155
المسألة الثانية: اعتقادهم بأن الأئمة اختصوا بمعرفة القرآن لا يشركهم فيه أحد ... 162
المسألة الثالثة: اعتقادهم بأن قول الإمام ينسخ القرآن ويقيد مطلقه ويخصص عامه ... 176
اعتقادهم في تأويل القرآن ... 183
اعتقادهم بأن للقرآن معاني باطنة تخالف الظاهر ... 183
قولهم بأن جل القرآن نزل فيهم وفي اعدائهم ... 191
أصل هذه التأويلات وجذورها وامثلة لها ... 203
ملاحظات مهمة على معتقدهم في تأويل القرآن ... 232
هل الشيعة تقول بأن في كتاب الله نقصًا أو تغييرًا؟………… ... 245
بداية هذه الفرية عند الرافضة من خلال ما كشفته مصادر أهل السنة ... 250
شيوع مقالة التحريف بين الرافضة كما أفادته مصادر السنة ... 254
ما تقوله مصادر الشيعة في هذه الفرية ... 267
بداية الافتراء كما يؤخذ من كتب الشيعة ... 270 ...
فشو هذه الفرية وانتشارها في كتب الشيعة ... 276
مضامين روايات التحريف في كتب الشيعة ... 288
هل لدى الشيعة مصحف يتداولونه؟ ... 312
مصحف علي ... 319
حجم أخبار هذه الأسطورة في كتب الشيعة ووزنها عندهم ... 328
هل الشيعة جميعا تعتقد بصحة أخبار هذه الأسطورة ... 335
هل انكار بعض شيوخ الشيعة لهذه الاسطورة من قبيل التقية ... 341
ابن بابويه وانكاره لما ينسب لطائفته ... 346
الطوسي وانكاره لهذه الفرية ... 353
الشريف المرتضى وانكاره لأسطورتهم ... 358
الطبرسي وانكاره لهذه الأسطورة ... 360
نتائج الموضوع ... 366
اعتقادهم في السنة المطهرة ... 373
قول الامام كقول الله ورسوله في زعمهم ... 374
علم الامام يتحقق_عندهم_بطريقة الالهام والوحي ... 377
خزن العلم وايداع الشيعة عند الأئمة ... 383
حكايات الرقاع ... 384
عقيدته في مرويات الصحابة ... 404(7/231)
بداية تدوين الحديث عندهم ... 416
الكتب الرئيسية والأساسية في نظرهم ... 427
ملحوظات مهمة عل كتبهم الثمانية المعتمدة ... 428
مدى صحة روايات المدونات ... 431
رجال أسانيدهم ... 454
اقسام الحديث عندهم وصلة ابن تيمية بوضعهم لهذا التقسيم ... 465
تقويم حال الائمة الذين تدعي فيهم الشيعة كل هذه الدعاوى ... 475
عقيدتهم في الإجماع ... 487
قولهم بأن الحجة في قول إمامهم لا في الإجماع ... 488
اعتقادهم أن ما خالف الامة فيه الرشاد ... 497
الجانب النقدي لهذه المقالة ... 503
المجلد الثاني
عقيدتهم في أصول الدين ...
عقيدهم في توحيد الألوهية ... 517
نصوص التوحيد جعلوها في ولاية الأئمة ... 519
الولاية أصل قبول الأعمال عندهم ... 531
اعتقادهم أن الائمة هم الواسطة بين الله والخلق ... 536
قولهم لا هداية للناس إلا بالأئمة ... 539
قولهم أنه لايقبل الدعاء إلا بأسمائهم ... 540
الاستغلثة بالأئمة ... 545
قولهم ان الحج الى المشاهد اعظم من الحج الى بيت الله ... 550
زيارة كربلاء يوم عرفة افضل من سائر الأيام ... 558
زيارة قبر الحسين أفضل الأعمال ... 561
قولهم ان كربلاء أفضل من الكعبة ... 561
زوار الحسين تأتيهم الملائكة ويناجيهم الله ... 565
مناسك المشاهد ... 566
الطواف بها ... 567
الصلاة عند الضريح ... 569
الانكباب على القبر ... 571
اتخاذ القبور قبلة كبيت الله ... 574
الجانب النقدي لمسألة المشاهد عند الشيعة ... 580
قولهم ان الامام يحرم ما يشاءويحل ما يشاء ... 587
قولهمان تراب قبر الحسين شفاء من كل داء ... 594
دعاؤهم بالطلاسم والركوز واستغاثهم بالمجهول ... 600
ااستخارتهم بما يشبه أزلام الجاهلية ... 604
عقيدتهم في توحيد الربوبية ... 615
قولهم ان الرب هو الإمام ... 618
قولهم ان الدنيا والآخرة كلها للامام يتصرف بها كيف يشاء.. ... 621(7/232)
اسناد الحوادث الكونية الى الأئمة ... 623
الجزء الالهي الذي حل في الأئمة ... 628
قولهم بتأثير الأيام والليالي بالنفع والضر ... 632
عقيدتهم في اسماء الله وصفاته ... 639
الغلو في الاثبات التجسيم ... 640
التعطيل عندهم ... 649
قولهم بأن القرآن مخلوق ... 657
الرؤية ... 668
نزول الرب جل شأنه ... 671
وصفهم الائمة بأسماء الله وصفاته ... 677
دعوى التحريف لتأييد مذهبهم في التعطيل ... 687
اعتقادهم في الإيمان وأركانه ... 691
قولهم في الايمان والوعد والوعيد ... 692
مفهوم الايمان عندهم ... 692
الشهادة الثالثة ... 694
القول بالإرجاء ... 696
قولهم في الوعد ... 699
قولهم في الوعيد ... 702
قولهم في أركان الإيمان ... 705
الايمان بالملائكة ... 705
الايمان بالكتب ... 710
دعواهم تنزل كتب الهية على الأئمة ... 710
مصحف فاطمة ... 713
كتاب انزل على الرسول قبل موته ... 721
لوح فاطمة ... 724
دعواهم نزول اثني عشر صحيفة من السماء تتضمن صفات الأئمة ... 726
صورة لأحد الكتب المزعومة ... 729
دعواهم ان جميع الكتب السماوية عند الأئمة ... 734
الايمان بالرسل ... 743
تفضيلهم الأئمة على الرسل ... 744
معجزات الإمام ... 753
الايمان باليوم الآخر ... 764
الايمان بالقدر ... 774
أصولهم ومعتقداتهم الاخرى التي تفردوا بها
الإمامة ... 791
مفهوم الإمامة عند الشيعة ومنشؤه ... 792
منزلة الامامة عندهم ... 793
سرية هذا المبدأ ... 797
حصر الائمة بعدد معين ... 800
استدلالهم على مسألة الإمامة ... 818
الاستدلال بالامور المتفق عليها لابطال دعوى النص على الأئمة ... 854
حكمهم فيمن أنكر إمامة أحد الاثني عشر ... 866
تكفيرهم الصحابة ... 868
تكفيرهم أهل البيت ... 891
تكفيرهم خلفاء المسلمين وحكوماتهم ... 896
حكمهم على الامصار الاسلامية بأنها دار كفر ... 898(7/233)
عدهم قضاة اامسلمين طواغيت وحكام جور ... 902
اعتبارهم ائمة المذاهب الاربعة وائمة المسلمين كملل اهل الشرك ... 905
لعنهم وتكفيرهم للفرق الاسلامية كلها ما عدا طائفتهم ... 907
لعنهم وتكفيرهم للائمة كلها ... 911
الفئة التي تستثنيها الشيعة من عموم اللعن والتكفير ... 914
نقد هذا الاتجاه ... 915
عصمة الإمام ... 941
تعريف العصمة ... 941
نشأة هذه العقيدة وتطورها ... 944
استدلالهم على عصمة أئمتهم ومناقشته ... 951
نقد عام لمبدأ عصمة الأئمة ... 962
التقية ... 977
تعريفها ... 977
التقية في الاصل عندهم هي مع المسلمين ... 978
مغالاتهم في أمر التقية ... 979
سبب غلوهم في التقية ... 984
امثلة من التقية عندهم ... 990
استدلالهم على التقية ومناقشته ... 993
المهدية والغيبة ... 999
المهدية والغيبة عند فرق الشيعة ... 1000
نشأة فكرة الغيبة عند الشيعة الاثني عشرية وتطورها ... 1004
الخطوط العامة لقصة المهدية والغيبة عند الاثني عشرية ... 1020
الاستدلال على وقوع الغيبة ... 1047
دفاعهم عن طول امد الغيبة ... 1052
المهدي بعد عودته المزعومة ... 1059
شريعته التي يحكم بها ... 1059
سيرته بين الناس ... 1063
جنده عددهم وجنسهم ... 1075
الشيعة وغيبة مهديهم ... 1077
النيابة عن المنتظر ... 1083
نقد عقيدة الغيبة والمهدية عند الاثني عشرية ... 1091
الرجعة ... 1103
معناها ... 1104
زمنها ... 1106
الغرض منها ... 1107
استدلالهم على الرجعة ومناقشته ... 1110
نقد مقالة الرجعة ... 1121
الظهور ... 1127
البداء ... 1133
معنى البداء وبيان أنه من أصولهم ... 1134
اصل معتقد البداء وجذوره ... 1136
سبب قول الشيعة بالبداء ... 1136
محاولات شيوخ الشيعة الدفاع عن هذه العقيدة ... 1141
استدلالهم على البداء ومناقشته ... 1147
روايات في كتب الاثني عشرية تنقض معتقد البداء ... 1149
عقيدة الطينة ... 1155(7/234)
المجلد الثالث
الشيعة المعاصرون وصلتهم بأسلافهم
الصلة على مصادر التلقي ... 1175
الفرق الشيعية القديمة ... 1173
الصلة العقيدية بين القدامى والمعاصرين ... 1193
موقف المعاصرين من فرية التحريف ... 1196
انكارهم وجود فرية التحريف عندهم ... 1198
الاعتراف ومحاولة الترير ... 1203
المجاهرة بهذا الكفر والاستدلال عليه ... 1212
التظاهر بانكار هذه الفرية مع محاولة اثباتها بطرق ماكرة خفية ... 1269
اتجاه المعاصرين في تأويل كتاب الله ... 1274
السنة عند المعاصرين ... 1286
الاجماع عند المعاصرين ... 1289
اعتقادهم في اصول الدين ... 1290
الامامة عندهم ... 1305
موقف المعاصرين من تكفير أصولهم للمسلمين ... 1305
موقفهم من الحكومات الإسلامية ... 1312
اعتقاد المعاصرين في الصحابة ... 1319
العصمة عند المعاصرين ... 1343
الرجعة عند المعاصرين ... 1347
التقية عند المعاصرين ... 1352
دولة الآيات ... 1377
سبب تخصيص دولتهم الحاضرة بالدراسة والتقويم ... 1377
فكر مؤسسها ... 1380
الاتجاه الوثني ... 1380
الغلو في التصوف ... 1385
دعوى النبوة ... 1389
الغلو في الرفض ... 1394
قوله بعموم ولاية الفقيه ... 1405
معارضة بعض شيوخهم لمذهب الخميني في ولاية الفقيه ... 1418
دستور دولة الآيات ... 1421
أثرهم في العالم الإسلامي والحكم عليهم ... 1431
في المجال العقدي والفكري ... 1434
احداث الشرك في امة محمد ... 1434
الصد عن دين الله ... 1435
ظهور فرق الزندقة والإلحاد ... 1438
محاولة اضلال المسلمين في سنة نبيهم ... 1440
دخولهم في مذهب أهل السنة للإضلال ... 1441
نشر الرفض في العالم الإسلامي ... 1446
تأثر بعض الكتاب المنتسبين لسنة بالاتجاه الرافضي ... 1453
تشويه تاريخ المسلمين ... 1457
اثرهم في الادب العربي ... 1459
في المجال السياسي ... 1462
مؤامرة ابن العلقمي ... 1469(7/235)
الدولة الصفوية ... 1475
في المجال الاجتماعي ... 1480
علاقتهم مع المسلمين ... 1480
الفتن الداخلية ... 1487
الاباحية ... 1489
في المجال الاقتصادي ... 1494
الحكم عليهم ... 1505
الخاتمة ... 1541
الفهارس ... 1555
فهرس الأعلام والمترجم لهم ... 1557
فهرس الفرق والاديان المعرف بها في الحاشية ... 1571
دليل المراجع ... 1563
فهرس الموضوعات ... 1643(7/236)
إعانة المحتاج
من كتاب المنهاج
إعداد
شريف الراجحي
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد :
فهذه أسئلة وأجوبة تدور حول مذهب الرافضة - والذين يطيب لهم أن يلقبوا بالشيعة ، والإمامية ، والجعفرية ، والاثنى عشرية ، وهي أسماء متعددة تدل على حقيقة واحدة ، وفرقة واحدة ، وهي كبرى فرق الشيعة في عصرنا الحاضر – والأجوبة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في كتابه القيّم منهاج السنة ، ومن أراد التوسع فليرجع إلى الكتاب .. وهذه الأجوبة قاصرة على كلام شيخ الإسلام ، بدون أي إضافات أو زيادات ، وكلام شيخ الإسلام عن هؤلاء القوم يدلّ على سعة اطّلاعه على مذهبهم وأقوالهم ورواياتهم ، ولقد أتى – رحمه الله – على بنيانهم من القواعد فخرّ عليهم السقف من فوقهم ، فأصولهم منهارة ، وأسسهم مدمرة ، فلا يستطيعون لحُججه رداً ، ولا لأقواله نقداً ، فأدلة وبراهين نقلية وعقلية ، ومناقشة هادئة على أسسٍ سليمةٍ مبنية ، فأفحموا وولوا الأدبار ، كأنهم حمر مستنفرة فرّت من قسورة ، فرحم الله شيخ الإسلام وأجزل مثوبته ورفع درجته .
وأتركك الآن لتنتقل إلى الصفحات التالية ، لتقرأ وتنظر وتتأمل ، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ، ونصر دينه ، وأعلى كلمته ، وجعلنا من الذين يحبهم ويحبونه .. آمين .
إعانة المحتاج من كتاب المنهاج(8/1)
قال شيخ الإسلام رحمه الله : ولهذا أمرنا الله أن نقول في صلاتنا : {اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فالضال الذي لم يعرف الحق كالنصارى ، والمغضوب عليه الغاوي الذي يعرف الحق ويعمل بخلافه كاليهود . والصراط المستقيم يتضمن معرفة الحق والعمل به ، كما في الدعاء المأثور : اللهم أرني الحق حقاً ووفقني لاتباعه ، وأرني الباطل باطلاً ووفقني لاجتنابه ، ولا تجعله مشتبهاً علي فاتبع الهوى . [ ص 19 جـ (1 )] .
س1- ما قول شيخ الإسلام ابن تيمية في الرافضة ؟
ج1- هم أعظم ذوي الأهواء جهلاً وظلماً ، يعادون خيار أولياء الله تعالى ، من بعد النبيين ، من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان – رضي الله عنهم ورضوا عنه – ويوالون الكفار والمنافقين من اليهود والنصارى والمشركين وأصناف الملحدين ، كالنصيرية والإسماعيلية ، وغيرهم من الضالين . [ ص 20 جـ (1) ]
س2- هل هم متعاونون مع اليهود ؟
ج2- معاونتهم لليهود أمرٌ شهير . [ ص 21جـ (1) ]
س3- يدعي البعض أنّ قلوبهم طيبة ، ما قولكم ؟
ج3- من أعظم خُبث القلوب أن يكون في قلب العبد غلٌ لخيار المؤمنين وسادات أولياء الله بعد النبيين . [ ص 22 ج (1) ]
س4- متى أطلق عليهم لقب الرافضة ، ولماذا ، ومن أطلقه ؟
ج4- من زمن خروج زيد افترقت الشيعة إلى رافضة وزيدية ، فإنه لما سئل عن أبي بكر وعمر فترحم عليهما ، رفضه قوم فقال لهم: رفضتموني . فسُمّوا رافضة لرفضهم إياه ، وسُمّي من لم يرفضه من الشيعة زيدياً لانتسابهم إليه . [ ص 35 جـ (1) ]
س5- ممن يتبرأ الرافضة ؟
ج5- يتبرؤون من سائر أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلاّ نفراً قليلاً نحو بضعة عشر . [ص 39 جـ (1) ]
س6- لماذا يكثر فيهم الكذب والجهل ؟
ج6- لما كان أصل مذهبهم مستنداً إلى جهل ، كانوا أكثر الطوائف كذباً وجهلاً . [ ص 57 جـ (1) ](8/2)
س7- بماذا امتاز الروافض ؟
ج7- اتفق أهل العلم بالنقل والرواية والإسناد ، على أنّ الرافضة أكذب الطوائف ، والكذب فيهم قديم ، ولهذا كان أئمة الإسلام يعلمون امتيازهم بكثرة الكذب . [ ص 59 جـ (1) ]
س8- هل صحيح أنهم يقدسون الكذب والخداع وماذا يسمونه ؟
ج8- يقولون : ديننا التّقيّة !! وهو: أن يقول أحدهم بلسانه خلاف ما في قلبه، وهذا هو الكذب والنفاق . [ ص 68 جـ (1) ]
س9- ما هو موقف الرافضة من ولاة أمور المسلمين ؟
ج9- هم أعظم الناس مخالفة لولاة الأمور ، وأبعد الناس عن طاعتهم إلاّ كرهاً. [ ص 111 جـ (1) ]
س10- كيف تنظرون إلى أعمالهم ؟
ج10- أيُ سعي أضلُ من سعي من يتعب التعب الطويل ، ويُكثر القال والقيل ، ويفارق جماعة المسلمين ، ويلعن السابقين والتابعين ، ويعاون الكفار والمنافقين ، ويحتال بأنواع الحيل ، ويسلك ما أمكنه من السّبل ، ويعتضد بشهود الزور ، ويدلّي أتْباعه بحبل الغرور [ص 121 جـ (1) ]
س11- إلى أي حدٍ بلغ الغلو عندهم فيمن زعموا أنهم أئمة لهم ؟
ج11- إتخذوهم أرباباً من دون الله . [ ص 474 جـ (1) ]
س12- هل الروافض من عبّاد القبور ؟
ج12- صنف شيخهم ابن النعمان …كتاباً سمّاه مناسك المشاهد ، جعل قبور المخلوقين تُحجُ كما تحج الكعبة . [ ص 476 جـ (1) ]
س13- هل من أصولهم الكذب والنفاق ؟
ج13- أخبر الله تعالى عن المنافقين أنّهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم والرافضة تجعل هذا من أصول دينها وتسميه التّقيّة ، وتحكي هذا عن أئمة أهل البيت الذين برأهم الله عن ذلك ، حتى يحكوا عن جعفر الصادق أنه قال : التقية ديني ودين آبائي . وقد نزّه الله المؤمنين من أهل البيت وغيرهم عن ذلك ، بل كانوا من أعظم الناس صدقاً وتحقيقاً للإيمان ، وكان دينهم التقوى لا التقية . [ ص 46 جـ (2) ]
س14- في أي أصناف الناس يوجد الرافضة ؟(8/3)
ج14- أكثر ما تجد الرافضة : إمّا في الزنادقة المنافقين الملحدين ، وإمّا في جهال ليس لهم علم لا بالمنقولات ولا بالمعقولات .[ص 81 جـ (2)]
س15- هل عند الرافضة زهد وجهاد إسلامي صحيح ؟
ج15- حُبّهم للدنيا وحرصهم عليها ظاهر ، ولهذا كاتبوا الحسين – رضي الله عنه – فلما أرسل إليهم ابن عمه ثم قدم بنفسه ، غدروا به وباعوا الآخرة بالدنيا ، وأسلموه إلى عدوه ، وقاتلوه مع عدوه ، فأي زهد عند هؤلاء وأي جهاد عندهم ، وقد ذاق منهم علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – من الكاسات المرّة ما لا يعلمه إلاّ الله ، حتّى دعا عليهم فقال : اللهم إني سئمتهم وسئموني ، فأبدلني بهم خيراً منهم ، وأبدلهم بي شراً مني . [ ص 90-91 جـ (2) ]
س16- هل هم من الضالين ؟
ج16- هل يوجد أضلّ من قوم يعادون السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، ويوالون الكفار والمنافقين . [ ص 374 جـ(3) ]
س17- ما موقفهم من المنكرات ؟
ج17- هم غالباً لا يتناهون عن منكر فعلوه ، بل ديارهم أكثر البلاد منكراً من الظلم والفواحش وغير ذلك . [ ص 376 جـ (3) ]
س18- ما موقفهم من الكفار ؟
ج18- هم دائماً يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم . [ ص 378 جـ (3) ]
س19- ماذا أدخلوا في دين الله ؟
ج19- أدخلوا في دين الله من الكذب على رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ما لم يكذبه غيرهم ، وردوا من الصدق ما لم يرده غيرهم ، وحّرفوا القرآن تحريفاً لم يحرفه غيرهم . [ص 404 جـ (3) ]
س20- دعوى الرافضة متابعتهم لإجماع أهل البيت ما مدى صحتها ؟(8/4)
ج20- لا ريب أنهم متفقون على مخالفة إجماع العترة النبوية ، مع مخالفة إجماع الصحابة ، فإنه لم يكن في العترة النبوية – بنو هاشم – على عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم – من يقول بإمامة الاثني عشر ، ولا بعصمة أحد بعد النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا بكفر الخلفاء الثلاثة ، بل ولا من يطعن في إمامتهم ، بل ولا من ينكر الصفات ، ولا من يكذب بالقدر . [ص 406- 407 جـ (3) ]
س21- نرغب في ذكركم لبعض الصفات الخاصة بطائفتهم ؟ ج21- الكذب الذي يوجد فيهم ، والتكذيب بالحق ، وفرط الجهل ، والتصديق بالمحالات وقلة العقل ، والغلو في اتّباع الأهواء ، والتعلق بالمجهولات ، لا يوجد مثله في طائفة أخرى . [ ص 435 جـ (3) ]
س22- لماذا يطعنون في الصحابة ؟
ج22- الرافضة يطعنون في الصحابة ونقلِهِم ، وباطنُ أمرهم : الطعن في الرسالة. [ص 463 جـ (3) ]
س23- من الذي يوجّه الشيعة ؟
ج 23- الشيعة ليس لهم أئمة يباشرونهم بالخطاب ، إلاّ شيوخهم الذين يأكلون أموالهم بالباطل ، ويصدونهم عن سبيل الله .
[ص 488 جـ (3) ]
س24- بماذا يأمُرُ شيوخُ الرافضة أتباعهم ؟
ج24- يأمرونهم بالإشراك بالله ، وعبادة غير الله ، ويصدونهم عن سبيل الله فيخرجون عن حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فإنّ حقيقة التوحيد أن نعبد الله وحده ، فلا يُدعى إلا هو ، ولا يُخشى إلا هو ، ولا يُتّقى إلا هو ، ولا يُتوكل إلا عليه ، ولا يكون الدين إلاّ له ، لا لأحدٍ من الخلق ، وأن لا نتخذ الملائكة والنبيين أرباباً ، فكيف بالأئمة والشيوخ والعلماء والملوك وغيرهم .
[ص 490 جـ (3) ]
س25- ما حالهم مع الشهادة ؟
ج25- الرافضة …إن شهدوا : شهدوا بما لايعلمون ، أو شهدوا بالزور الذي يعلمون أنه كذب ، فهم كما قال الشافعي – رحمه الله – : ما رأيت قوماً أشهد بالزور من الرافضة . [ص 502 جـ (3) ](8/5)
س26- أصول الرافضة هل وضعها أهل البيت ؟
ج26- هم مخالفون لعلي – رضي الله عنه – وأئمة أهل البيت في جميع أصولهم التي فارقوا فيها أهل السنة والجماعة. [ص 16 جـ (4) ]
س27- ما قولكم فيما تنسبه الرافضة إلى جعفر الصادق ؟
ج27- كُذِب على جعفر الصادق أكثر مما كُذب على من قبله ، فالآفة وقعت من الكذّابين عليه ،لا منه ، ولهذا نُسب إليه أنواع من الأكاذيب [ص 54 جـ (4) ]
س28- ما رأيكم في انتساب الرافضة لآل البيت ؟
ج28- من المصائب التي ابتلي بها ولد الحسين انتساب الرافضة إليهم . [ ص 60 جـ (4) ]
س29- بِمَ يحتجُ الرافضة لإثبات دينهم ومذهبهم ؟
ج29- الرافضةُ غالبُ حججهم أشعارٌ تليق بجهلهم وظلمهم ، وحكايات مكذوبة تليق بجهلهم وكذبهم ، وما يُثبت أصول الدين بمثل هذه الأشعار ، إلاّ من ليس معدوداً من أولي الأبصار .
[ ص 66 جـ (4) ]
س30- للشعر دور في خدمة الإسلام فهل أثبتم شيئا منه ؟
ج30- إذا شئت أن ترضى لنفسك مذهباً
تنال به الزلفى وتنجوا من النارِ
فدن بكتاب الله والسنة التي
أتت عن رسول الله من نقل أخيار
ودع عنك دين الرفض والبدع التي
يقودك داعيها إلى النار والعار
وسر خلف أصحاب الرسول فإنهم
نجوم هدى في ضوئها يهتدي الساري
وعج عن طريق الرفض فهو مؤسس
على الكفر تأسيساً على جُرُفٍ هار
هما خطتا : إما هدىً وسعادة
وإما شقاءً مع ضلالة كفار
فأي فريقينا أحق بأمنه
وأهدى سبيلاً عندما يحكم الباري
أمن سبّ أصحاب الرسول وخالف ال
كتاب ولم يعبا بثابت أخبار
أم المقتدي بالوحي يسلك منهج ال(8/6)
صحابة مع حب القرابة الأطهار
[ ص 128 جـ (4) ]
س31- مذهب الرافضة ماذا جمع ؟
ج31- جمع عظائم البدع المنكرة :فإنّهم جهمية قدرية رافضة .
[ ص 131 جـ (4) ]
س32- مذهب الرافضة هل يشتمل على المتناقضات ؟
ج32- الرافضة من جهلهم وكذبهم يتناقضون تناقضاً كثيراً بيّناً ، إذ هم في قول مختلف ، يؤفكُ عنه من أفك . [ ص 285 جـ (4) ]
س33- هل الرافضة مُحبّون لعلي – رضي الله عنه – حقاً وصدقاً ؟
ج33- هم من أعظم الناس بغضاً لعلي – رضي الله عنه – .
[ ص 296 جـ (4) ]
س34- ما موقفهم من أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – ؟
ج34- هم يرمون عائشة بالعظائم ، ثم منهم من يرميها بالفاحشة التي برأها الله منها وأنزل القرآن في ذلك .
[ ص 344 - 345 جـ (4) ]
س35- هل يعتبر صنيعهم هذا أذىً للنبي – صلى الله عليه وسلم – ؟
ج35- من المعلوم أنّه من أعظم أنواع الأذى للإنسان أن يكذب على امرأته رجل ويقول : إنّها بغي . [ ص 345-346 جـ (4) ]
س36- من الذي ابتدع مذهب الرافضة ؟
ج36- الذي ابتدع مذهب الرافضة كان زنديقاً ملحداً عدواً لدين الإسلام وأهله . [ ص 363 جـ (4) ]
س37- بماذا يصفون علياً – رضي الله عنه – ؟
ج37- الرافضة يتناقضون : فإنّهم يصفون علياً بأنه كان هو الناصر لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذي لولا هو لما قام دينه ، ثم يصفونه بالعجز والذل المنافي لذلك . [ ص 485 جـ (4) ]
س38- الرافضة يجعلون الصحابة شراً من إبليس ، فما جوابكم ؟
ج38- من جعل أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شراً من إبليس فما أبقى غاية في الافتراء على الله ورسوله والمؤمنين ، والعدوان على خير القرون في مثل هذا المقام ، والله ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد . [ ص 516 جـ (4) ]
س39- هل تصفون لنا شيوخهم ؟(8/7)
ج39- إن كان أحدهم يعلم أنّ ما يقوله باطل ، ويظهره ، ويقول : إنّه حق من عند الله ، فهو من جنس علماء اليهود الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ، وإن كان يعتقد أنّه حقّ ، دلّ ذلك على نهاية جهله وضلاله . [ ص 162 جـ (5) ]
س40- ما قولكم في أبي جعفر الباقر ، وجعفر بن محمد الصادق ؟
ج40- لا ريب أنّ هؤلاء من سادات المسلمين ، وأئمة الدين ، ولأقوالهم من الحرمة والقدر ما يستحقّه أمثالهم ، لكنّ كثيراً مّمّا يُنقل عنهم كذب . [ ص 163 جـ (5) ]
س41- كيف ينظر أهل السنة إلى علي – رضي الله عنه – ؟
ج41- أهل السنة يحبّونه ويتولّونه ، ويشهدون بأنّه من الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين . [ ص 18 جـ (6) ]
س42- الرافضة ماذا يسمون الفاروق – رضي الله عنه – ؟
ج42- الرافضة تسميه : فرعون هذه الأمة . [ ص 164 جـ (6) ]
س43- ما هو موقف علي من أبي بكر وعمر – رضي الله عنهم – ؟
ج43- علي – رضي الله عنه – قد تواتر عنه من محبتهما وموالاتهما وتعظيمهما وتقديمهما على سائر الأمة ، ما يُعلم به حاله في ذلك ، ولم يُعرف عنه قط كلمة سوءٍ في حقهما ، ولا أنه كان أحق بالأمر منهما ، وهذا معروف عند من عرف الأخبار الثابتة المتواترة عند الخاصة والعامة ، والمنقولة بأخبار الثّقات . [ ص 178 جـ (6) ]
س44- هل الرافضة من الزائغين ؟
ج44- الرافضة من شرار الزائغين الذين يبتغون الفتنة الذين ذمّهم الله ورسوله . [ ص 268 جـ (6) ]
س45- كلام الرافضة المشتمل على رواياتهم وأقوالهم هل هو متناقض ؟ ج45- الرافضة تتكلم بالكلام المتناقض الذي ينقُضُ بعضه بعضا .
[ ص 290 جـ (6) ]
س46- من أين ظهرت الفتنة في الإسلام ؟(8/8)
ج46- أمّا الفتنة فإنّما ظهرت في الإسلام من الشيعة ، فإنهم أساس كل فتنة وشرّ ، وهم قطب رحى الفتن . [ص 364 جـ (6) ]
س47- لمن يوجهون سيوفهم ؟
ج47- أصل كل فتنة وبلية هم الشيعة ومن انضوى إليهم ، وكثير من السيوف التي سلّت في الإسلام إنما كانت من جهتهم .
[ ص 370 جـ (6) ]
س48- ماذا تقولون لكل مخدوع بالرافضة ؟
ج48- دع ما يُسمع ويُنقل عمن خلا ، فلينظر كل عاقل فيما يحدث في زمانه وما يقرب من زمانه من الفتن والشرور والفساد في الإسلام ، فإنه يجد معظم ذلك من قبل الرافضة ، وتجدهم من أعظم الناس فتناً وشراً ، وأنهم لا يقعدون عما يمكنهم من الفتن والشرّ وإيقاع الفساد بين الأمة . [ ص 372 جـ (6) ]
س49- رسالة توجّهونها للذين يمكّنون الرافضة ، ماذا بداخلها ؟
ج49- الرافضة إذا تمكّنوا لا يتّقون . [ ص 375 جـ (6) ]
س50- الرافضة ينافقون أهل السنة ويخادعونهم فكيف ذلك ؟
ج50- الرافضة من أعظم الناس إظهاراً لمودة أهل السنة ، ولا يُظهر أحدهم دينه ، حتى إنهم يحفظون من فضائل الصحابة والقصائد التي في مدحهم وهجاء الرافضة ما يتوددون به إلى أهل السنة .
[ ص 423 جـ (6) ]
س51- هل من توضيح أكثر ؟
ج51- الرافضي لا يعاشر أحداً إلا استعمل معه النفاق ، فإن دينه الذي في قلبه دين فاسد ، يحمله على الكذب والخيانة وغش الناس وإرادة السوء بهم فهو لا يألوهم خبالاً ولا يترك شراً يقدر عليه إلاّ فعله بهم . [ ص 425 جـ (6) ]
س52- هل تكثر فيهم صفات المنافقين ؟
ج52- الله وصف المنافقين في غير موضع : بالكذب والغدر والخيانة ، وهذه الخصال لا توجد في طائفة أكثر منها في الرافضة .
[ ص 427 جـ (6) ]
س53- هل مذهب الرافضة معادٍ للإسلام ؟
ج53- أصل الرفض كان من وضع قوم زنادقة منافقين ، مقصودهم الطّعن في القرآن والرسول ودين الإسلام . [ ص 9 جـ (7) ]
س54- إلى ماذا ينتهي بأصحابه ؟
ج54- الرفض أعظم باب ودهليز إلى الكفر والإلحاد .(8/9)
[ ص 10 جـ (7) ]
س55- من أين كان اشتقاقه وخروجه ؟
ج55- الرفض مشتق من الشرك والإلحاد والنفاق . [ص 27 جـ(7)]
س56- ما هو الهدف من ابتداع هذا المذهب ؟
ج56- الذي ابتدع الرفض كان مقصوده إفساد دين الإسلام ، ونقض عراه وقلعه بعروشه .. وهذا معروف عن ابن سبأ وأتباعه ، وهو الذي ابتدع النّص في علي ، وابتدع أنه معصوم .[ص 219-220 جـ (7)]
س57- هل لأهل البيت علاقة بمذهب الرافضة ؟
ج57- أهلُ البيت لم يتّفقوا – ولله الحمد – على شيء من خصائص مذهب الرافضة ، بل هم المبرّؤون المنزّهون عن التدنّس بشيء منه . [ ص 395 جـ (7) ]
س58- ما هو النقل الثابت عن أهل البيت تجاه الخلفاء الراشدين ؟
ج58- النقل الثابت عن جميع علماء أهل البيت من بني هاشم من التابعين وتابعيهم من ولد الحسين بن علي وولد الحسن وغيرهما: أنهم كانوا يتولّون أبا بكر وعمر وكانوا يفضلونهما على علي والنقول عنهم ثابتة متواترة . [ ص 396 جـ (7) ]
س59- الرافضة تزعُم أنها تُبجل أهل البيت ، هل هذا صحيح ؟
ج59- الرافضة من أعظم الناس قدحاً وطعناً في أهل البيت .
[ ص 408 جـ (7) ]
س60- ما هو مُنتهى أمر الرافضة ؟
ج60- منتهى أمرهم : تكفير علي وأهل بيته بعد أن كفّروا الصحابة والجمهور . [ ص 409 جـ (7) ]
س61- ما الذي تسعى إليه الرافضة ؟
ج61- الرافضة ليس لهم سعي إلاّ في هدم الإسلام ، ونقض عراه ، وإفساد قواعده . [ ص 415 جـ (7) ]
س62- هل لمذهب الرافضة علاقة بالإسلام ؟
ج62- من له أدنى خبرة بدين الإسلام يعلم أنّ مذهب الرافضة مناقض له . [ ص 479جـ (8) ]
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .
المرجع
* منهاج السنّة النبوية .
* لأبي العباس شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية – رحمه الله- .(8/10)
*أشرف على طباعته ونشره إدارة الثقافة والنشر في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .. الطبعة الأولى عام 1406هـ ….
إعداد
شريف الراجحي
الرياض . ص ب ( 261532 ) – الرمز البريدي – ( 11342 ) .
بريد إليكتروني sarajhi@yahoo.com(8/11)
عقائد
الشيعة الاثنى عشرية
133 سؤالاً وجواباً
تقديم
سماحة الشيخ/عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
وفقه الله تعالى
تأليف
عبد الرحمن بن سعد الشثري
تنبيه : جميع كتبي ورسائلي وقفٌ لله تعالى , ومن أراد طبعها لتوزيعها مجَّاناً , أو لبيعها بسعرٍ معتدلٍ فله ذلك وجزاه الله عني خيراً , ومن أراد إنزالها في الأنترنت فجزاه الله عني خيراً .
http://www.saaid.net/
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أرسل محمداً بشيراً ونذيراً , وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً , وفضَّل صحابته ومنحهم فضلاً كبيراً , فصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه صلاة وسلاما متتابعاً كثيراً .
وبعد : فقد قرأت هذه الرسالة القيِّمة التي جمعها وألَّفها الشيخ/عبدالرحمن بن سعد الشثري أحد طلبة العلم , والذي جمع فيها ما يتعلَّق بعقيدة الرافضة الاثنى عشرية , حيث أنهم قد تمكنوا وانتشروا ودعوا إلى عقيدتهم الزائغة , وأوهموا العامة والجهلة أنهم يُحبُّون أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم مع اقتصارهم على الإمام علي بن أبي طالب واثنين من أولاده الكثيرين دون أعمامه وأبناء عمه وسائر بني هاشم , مع أنهم أظهروا عقيدتهم في بقية الصحابة وبالأخص الخلفاء الأربعة دون علي وأعلنوا أنهم كفار منافقون مشركون , وصرَّحوا بكل وقاحة بلعنهم وسبِّهم وأقذعوا في ذلك , كما تُصرِّحُ به كتبهم وأشرطتهم ودعاتهم , فقد بيَّن الكاتب وفقه الله تعالى ما يُكنِّونه وما يعتقدونه , ناقلاً عن كتبهم التي لا يجرؤن على نشر ما فيها , لكنها فضحتهم , فنأمل من القارئ أن يُبيِّنَ للناس حقدهم وبُغضهم للسنة وأهلها حتى لا ينخدع بهم من يَجهلُ حقيقتهم .
ونسأل الله تعالى أن يَهدي ضالَّ المسلمين , وأن يُرشد غاويهم , وأن يُبطل كيد الماكرين , والله تعالى أعلم , وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم 8/1/1426هـ .
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
عضو إفتاء متقاعد(9/1)
بسم الله الرحمن الرحيم
( المقدمة )
الحمد لله العليِّ الكبير ، مجيب دعوة المضطرين ، وكاشف كرب المكروبين ، وموهن مكر الماكرين ، سبحانه لا يهدي كيد الخائنين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين , نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد : فأداء لبعض ما أوجب الله من البلاغ والبيان ، والنصح والإرشاد ، والدعوة إلى الحقِّ ، والتواصي به ، والدلالة عليه ، وبذل الأسباب لدفع الشرور عن المسلمين ، والتحذير منها ، حتى تكون أمة الإسلام كما أراد الله منها ، أمة متماسكة ، مترابطة متراحمة ، تَدينُ بالإسلام : اعتقاداً ، وقولاً ، وعملاً , مستمسكة بالوحيين الشريفين : الكتاب والسنة ، لا تتقاسمها الأهواء ، ولا تنفذ إليها الأفكار الهدامة ، ولا يبلغ منها الأعداء مبلغهم , كما قال الله تعالى : ? ? الله ? الله ? ?- جل جلاله -? الله الله أكبر - صدق الله العظيم ? الله الله أكبر ? - جل جلاله - - ? - - - - جل جلاله - - صدق الله العظيم - الله ? الله الله أكبر ? ??- جل جلاله - - - ? - عليه السلام -? - ? - تمهيد - - ? - الله - - ? - ? - - جل جلاله -? الله الله أكبر - الله أكبر ? { الله - ? ? وقال الله تعالى : ? الله الله ? - - - الله ? - الله - - الله أكبر الله ? ?- جل جلاله -? - الله - - ? - - ? - - جل جلاله -? الله الله أكبر - صدق الله العظيم { - الله ? - - ?? - ?- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر - - - الله أكبر الله الله أكبر ? - الله درهم الله ? المحتويات - ? - ?- جل جلاله - - الله الله - الله الله أكبر - الله ? - - الله أكبر الله أكبر - ? { ? - - ?? الله الله - الله ? الله - الله الله أكبر ? ?? الله أكبر ?- جل جلاله - - ? الله ? - - - جل(9/2)
جلاله -?- جل جلاله -? - - جل جلاله - - - الله أكبر الله أكبر ? ?? الله أكبر ?- جل جلاله -? - - - ? الله أكبر ? - ? - ?? الله ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - - ?? - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله ? - ? الله ?? - ? بسم الله الرحمن الرحيم - - ??? الله أكبر - ? .
وإننا نعيش في هذا الزمان الذي انفتح فيه العالم بعضه على بعض , حتى كثرت في ديار المسلمين الأخلاط , وكَثُرَ سَوادُ أهل الفرق , في وسط مِنْ تَدَاعي الأُمَمِ علينا , كما في حديث ثوبان - رضي الله عنه - مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يُوشكُ أنْ تَداعَى عليكم الأُمَمُ من كلِّ أُفُقٍ كما تَدَاعى الأَكَلَةُ على قَصْعَتِها , قال قلنا يا رسولَ الله : أَمِنْ قِلَّةٍ بنا يومئذٍ , قال - صلى الله عليه وسلم - : أنتم يومئذٍ كثيرٌ , ولكنْ تكونونَ غُثاءً كغثاء السَّيلِ , تُنْتَزَعُ المهابةُ من قلوب عدوِّكم , ويُجعلُ في قلوبكم الوَهْنُ , قال : قلنا : وما الوهنُ , قال - صلى الله عليه وسلم - : حبُّ الحياةِ , وكراهيةُ الموتِ (1) .
وأمامَ هذا : غيابُ كثير من رؤوس أهل العلم حيناً , وقعودهم عن تبصير الأمة في الاعتقاد أحياناً , وفي حالة غفلة سرت إلى مناهج التعليم , بضعف التأهيل العَقَدي , وتثبيت مسلَّمات الاعتقاد في أفئدة أولاد المسلمين , وقيام عوامل الصدِّ والصدود عن غرس عقيدة السلف وتعاهدها في عقول الأمة .
في أسباب تمورُ بالمسلمينَ موراً , يجمعها غايتان :
__________
(1) رواه الإمام أحمد رقم 22397 ج37/82 وغيره , وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 8183 .(9/3)
الأولى : كسر حاجز ( الولاء والبراء ) بين المسلم والكافر , وبين السني والبدعي , وهو ما يُسمَّى في التركيب المُوَلَّدِ باسم : ( الحاجز النفسي ) فيُكسرَ تحت شعارات مضلِّلَة : ( التسامح ) و ( تأليف القلوب ) ( نبذ الشذوذ والتطرف والتعصب ) ( الإنسانية ) ونحوها من الألفاظ ذات البريق , والتي حقيقتها ( مؤامراتٌ تخريبية ) تجتمع لغاية القضاء على المسلم المستمسك بدينه .
الثانية : فُشُوُّ ( الأُميَّةِ الدينية ) حتى ينفرط العقد وتتمزق الأمة , ويسقط المسلم بلا ثمن في أيديهم وتحت لواء حزبياتهم , إلى غير ذلك مما يُعايشه المسلمون في قالب ( أزمة فكرية غُثائية حادَّة ) أفقدتهم التوازن في حياتهم , وزلزلت السند الاجتماعي للمسلم ( وحدة العقيدة ) كلٌّ بقدر ما علَّ من هذه الأسباب ونَهَلَ , فصارَ الدَّخَلُ , وثارَ الدَّخَنُ , وضعفت البصيرة , وَوَجَدَ أهلُ الأهواء والبدع مجالاً فسيحاً لنثر بدعهم ونشرها , حتى أصبحت في كفِّ كلِّ لاقطٍ , وذلك من كلِّ أمرٍ تعبديٍّ مُحْدَث لا دليل عليه ( خارج عن دائرة وقف العبادات على النصِّ ومورده ) .
فامتدت من المبتدعة الأعناق ! وظهر الزيغ ! وعاثوا في الأرض الفساد ! وتجارت الأهواء بأقوام بعد أقوام ! فكم سمعنا بآلاف من المسلمين , وبالبلد من ديار الإسلام , يعتقدون طُرُقاً ونِحَلاً مَحَاها الإسلام , إلى آخر ما هنالك من الويلات التي يتقلَّبُ المسلمون في حرارتها , ويتجرَّعون مرارتها (1) .
__________
(1) هجرُ المبتدع للعلامة بكر بن عبدالله أبو زيد , ص5-6 بتصرف يسير .(9/4)
لذلك رأيتُ إخراج ما كتبته عن معتقد الشيعة الإمامية , ومن مصادرهم الأصلية فقط , على طريقة السؤال والجواب : تذكيراً بفرائض الدين ، ولإنقاذ المسلمين مما أَخَذَ بعض المفتونين – الذين سقطوا في الفتنة – كلُّ ذلك حراسة للدين , وحمايته من العاديات عليه , وعلى أهله , قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : فالمْرصَدُونَ للعلم , عليهم للأمة حفظ علم الدين , وتبليغه , فإذا لم يبلغوهم علم الدِّين , أو ضيعوا حفظه , كان ذلك من أعظم الظلم للمسلمين , ولهذا قال الله تبارك وتعالى : ? الله الله ? تمهيد - - الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - الله ?? - ? - - - ? الله ? - - الله ? - الله الله أكبر ? - ? الله { ? - - - الله ?- جل جلاله -? - - - الله أكبر الله الله أكبر ? الله - - الله أكبر الله أكبر الله - - ? - - - عليه السلام -? الله - - ? - ? - - الله ? - ?- جل جلاله -? - جل جلاله - - صدق الله العظيم ? الله الله أكبر - - الله ? - ? الله أكبر - الله أكبر الله أكبر الله الله الله أكبر ? الله الله - الله الله أكبر - - { - بسم الله الرحمن الرحيم - ?- جل جلاله -?? ? - - درهم - الله أكبر الله أكبر الله - - جل جلاله -? - ? - - ?? تمهيد - ? - - الله أكبر الله أكبر - ? بسم الله الرحمن الرحيم ? - الله أكبر - - ? - ? - ? الله ? - ? الله الله أكبر ? - ? - - - - - ? - ? - ? الله ? - ? الله الله أكبر ? الله ? - ?? - ?- جل جلاله -? - الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم - ?? - - ? } - - - { فإنَّ ضرر كتمانهم , تعدَّى إلى البهائم وغيرها , فلعنهم اللاعنون حتى البهائم (1) .
__________
(1) مجموع الفتاوى ج28/187 .(9/5)
وقال الإمام يحيى بن يحيى رحمه الله تعالى : الذبُّ عن السنة أفضل الجهاد (1) .
ولقد اشتدَّ نكيرُ السلف والأئمة رحمهم الله على البدع , وصاحوا بأهلها , من أقطار الأرض , وحذَّروا فتنتهم أشدَّ التحذير , وبالغوا في ذلك ما لم يُبالغوا مثله في إنكار الفواحش , والظلم , والعدوان , إذ مضرَّةُ البدع , وهدمها للدِّين , ومنافاتها له أشد (2) .
وقال أبو الوفاء بن عقيل رحمه الله تعالى : إذا أردت أن تعلم محلَّ الإسلام من أهل الزمان , فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع , ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك , وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة ... وهذا يدلُ على بُرودة الدين في القلب (3) .
__________
(1) مجموع الفتاوى ج4/13 .
(2) مدارج السالكين ج1/372 بتصرف .
(3) الآداب الشرعية لابن مفلح ج1/268 .(9/6)
وإني أدعو الله عزَّ وجل : أن يجعل هذه الرسالة وأصلها سببٌ مباركٌ لحمل النفوس , على إعمال هذه ( السنة الماضية ) في حياة المسلمين الجهادية الدفاعية عن حرمات الإسلام , وأنها من حقوق الله التعبدية من جنس : الجهاد , والأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر , لا سيَّما والحاجة إليها ملحَّة في هذه الأزمنة , فإنَّ وطأة الأهواء شديدة , وَسُبُلَها متكاثرة , لكثرة المضلِّين المفتونين الرابضين بيننا , المنطوين على رَشْحٍ أصاب ضمائرهم , بآراء ساقطة يُخْزي بعضُها بعضاً , من عَلْمنةٍ – أي النفاق - وحَدَاثةٍ , وعصرانيةٍ , وإباحيَّة ... وتلك الدعوة الفجة الفاجرة تحت غطاء : حرِّية الأديان , مجمع الأديان , زمالة الأديان العالمية .. والتي سرت في ظلالها الدعوة الفاشلة إن شاء الله تعالى للتقريب بين السنة والمذاهب الأخرى , إلى آخر تلك الدعوات التي تجتث من القلوب قاعدة الإسلام : الولاء والبراء , والله تعالى يقول : ? - الله درهم الله ? ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - - الله الله أكبر - صدق الله العظيم ? - ? - ? - - - ? صدق الله العظيم ? - - - ?? - ? صدق الله العظيم } الله - صدق الله العظيم - - - الله ? ? - - - الله ?? - ?- جل جلاله - - { الله أكبر ? الله الله أكبر ? - ? الله ? - ? صدق الله العظيم ? الله الله أكبر - - - الله ? الله ? الله { ? - - - - ? - - - - - ?? صدق الله العظيم - - ? تمهيد - - ? .
ومن أَلأَم تلك الأهواء : خُطَّةٌ كافرة المَنْبَت : تسليط المطاعن على السُنَّة وحملتها , والاستهزاء بهم , والسخرية منهم , والتسليط عليهم , وهذا من أوسع أودية الباطل التي يخوضها المبطلون جهاراً نهاراً .(9/7)
ومن أسوأ تلك الأهواء : نَفَثَات المخذِّلين المقصرِّين منا , فترى المُثْخَنَ بجراح التقصير , الكاتم للحق , البخيل ببذل العلم , إذا قام إخوانه بنصرة السُّنَّة يُضيف إلى تقصيره , مَرَضَ التخذيل ...
قال الإمام ابن القيم ( : وأيُّ دينٍ وأيُّ خيرٍ ، فيمن يَرَى محارم الله تُنتهك ، وحدوده تُضاع ، ودينه يُترك ، وسنة رسول الله ( يُرغب عنها ، وهو باردُ القلب ، ساكتُ اللسان ، شيطانٌ أخرس , كما أن المتكلم بالباطل شيطانٌ ناطق ؟! وهل بليَّةُ الدين إلا من هؤلاء !! الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياستهم , فلا مبالاةَ بما جرى على الدين ؟ وخيارُهم المتحزِّن المتلمِّظُ , ولو نُوزعَ في بعض ما فيه غضاضةٌ عليه في جاهه أو ماله بَذَلَ وتبذَّلَ ، وَجَدَّ واجتهدَ , واستعمل مراتبَ الإنكار الثلاثة بحَسَب وسعه ، وهؤلاء : مع سقوطهم من عين الله ومقتِ الله لهم , قد بُلُوا في الدنيا بأعظم بليَّة تكون وهم لا يشعرون , وهو موتُ القلوب , فإنه القلبُ كلَّما كانت حياته أتم , كان غضبه لله تعالى ورسوله ( أقوى , وانتصاره للدين أكمل (1) .
__________
(1) إعلام الموقعين ج2/121 .(9/8)
فقل لي بربِّك : إذا أظهر المبطلون أهواءهم , والمرصدون في الأمة : واحدٌ يُخذل , وواحدٌ ساكت , فمتى يتبين الحق ؟ ألا إنَّ النتيجة تساوي : ظهور الأقوال الباطلة , والأهواء الغالبة على الدِّين الحقِّ , بل والتبديل , وتغير رسومه في فِطَرِ المسلمين , فكيف يكون السكوت عن الباطل إذاً حقاً , والله يقول : ( ( - - رضي الله عنه - - ( - ( - ( { - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - { - رضي الله عنه -( - - - ( - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( - (((- رضي الله عنه - - ( - - - (( مقدمة ((- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - عليه السلام - - - ( - - - ( - - ( - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - ( - - - رضي الله عنهم - - - ( المحتويات ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - - - - - ( تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم (((( - - (((( ( .
ألا وإنَّ النفير خِفافاً وثقالاً , لِنَثْلِ السِّهام من كنانة الحقِّ , للرَّدِّ على كلِّ مخالف لعقيدتنا , ونقض شُبَهِهِ , وكشف فُتونه وتعريته , هو من حقِّ الله على عباده , وحقِّ المسلمين على علمائهم , في ردِّ كلِّ مخالِفٍ ومخالَفته , ومُضلٍّ وضلالته , ومخطيءٍ وخطئه .. حتى لا تتداعى الأهواء على المسلمين تَعثُوا فَسَاداً في فطرهم , وتَقصمُ وحدتهم , وتؤول بدينهم إلى دينٍ مُبَدَّلٍ , وشرعٍ محرَّف , ورُكامٍ من النِّحل والأهواء ... (1) .
ومن أكابر العلماء الذين أبلو البلاء الحسن في هذا الباب , وكل من أتى بعدهم فهو عالة عليهم , شيوخ الإسلام : ابن تيمية , وابن القيم , ومحمد بن عبدالوهاب , وأئمة الدعوة النجدية رحمهم الله تعالى , وغيرهم كثير ..
__________
(1) انظر : الرد على المخالف من أصول الإسلام للشيخ / بكر بن عبدالله أبو زيد ص5-11 بتصرف مع بعض الزيادات .(9/9)
وقد اعتمدتُ في النقل على كتب المذهب الشيعي المعتمدة المعتبرة عندهم , من باب العدل والإنصاف , وإقامة الحجة , وذكر ما يُناقضون به أنفسهم في جلِّ عقائدهم , وهذا بإذن الله من أعظم العون على رجوع من كتب الله له الهداية من شباب وفتيات المذهب الشيعي إلى المذهب الحق , مذهب صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وهذه الرسالة معتصرٌ لمختصر كتابي : سؤال وجواب , في أهم المهمات العقدية , لدى الشيعة الإمامية , عبر مصادرهم الأصلية , يسَّر الله إخراجها , وكتب القبول لها .
ولا يفوتني أن أعترف بالشكر بعد الله تعالى , لمشايخي الكرماء الفضلاء : صالح بن فوزان الفوزان , ومحمد بن ناصر السحيباني , وعبدالعزيز بن عبدالله الراجحي , وناصر بن عبدالله القفاري , ومحمد بن رزق طرهوني , وغيرهم ممَّن بذل ليَ النصح والتوجيه والدعاء , فجزاهم الله تعالى عني وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء , وجعل منزلهم الفردوس الأعلى من الجنة , ووالدينا وأزواجنا وذرياتنا وجميع المسلمين , آمين .
وإلى الرسالة , مستعيناً بالله تعالى وحده لا شريك له , ولا حول ولا قوة إلا به , وهو حسبنا ونعم الوكيل , فنعم المولى جل وعلا , ونعم النصير .
بسم الله الرحمن الرحيم
س 1/ من هم الشيعة ؟ .
ج/ أجاب الشيخ/محمد بن محمد بن النعمان بأنهم : أتباعُ أمير المؤمنين علي - عليه السلام - على سبيل الولاء والاعتقاد لإمامته بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلا فصل , ونفي الإمامة عمَّن تقدَّمَهُ في مقام الخلافة , وجعله في الاعتقاد متبوعاً لهم غير تابع لأحد منهم على وجه الاقتداء (1) .
__________
(1) أوائل المقالات في المذاهب المختارات لأبي عبدالله محمد بن محمد النعمان الملقب بالمفيد المتوفى سنة 413هـ .(9/10)
التعليق : إنَّ لفظ الشيعة إذا أُطلق اليوم , فإنه لا ينصرف إلا إلى طائفة الاثنى عشرية (1) .
وذلك لأنَّ الاثنى عشرية هم غالبية الشيعة اليوم , ولأنَّ مصادرهم في الحديث والرواية , قد استوعبت معظم آراء الفرق الشيعية التي خرجت في فترات التاريخ ... الخ .
س 2/ ما أصل نشأة المذهب الشيعي ؟ .
ج/ القول الراجح لدى المحققين من علمائهم : أنَّ الذي غرسه وأظهره عبدالله بن سبأ اليهودي ؟ باعتراف كتب المذهب الشيعي نفسها ؟ .
فقد دلَّت على أنَّ ابن سبأ اليهودي , هو أول من أشهر القول بإمامة علي - رضي الله عنه - , وهي عقيدة النص على علي - رضي الله عنه - بالإمامة , وهي أساس التشيع , وهو أول من أظهر الطعن في أصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - , وهو أول من أظهر القول بالرجعة ... الخ .
وقال العالم الشيعي : محمد حسين العاملي : إنَّ لفظ الشيعة قد أُهمل بعد أن تمَّت الخلافة لأبي بكر ، وصار المسلمون فرقة واحدة إلى أواخر أيام الخليفة الثالث (2) .
وقال العلامة النوبختي : السبئية : قالوا بإمامة علي - عليه السلام - وأنها فرض من الله عزَّ وجلَّ , وهم أصحاب عبدالله بن سبأ , وكان ممن أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم , وقال : إن علياً - عليه السلام - أمره بذلك , فأخذه علي - عليه السلام - فسأله عن قوله هذا فأقرَّ به , فأمر بقتله ... وحكى جماعة من أهل العلم أن عبدالله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووالى علياً - عليه السلام - .
__________
(1) قاله : حسين النوري الطبرسي في كتابه : مستدرك الوسائل ج3/311 , ووسيد أمير علي في كتابه : روح الإسلام ج2/92 , ومحمد آل كاشف الغطاء في أصل الشيعة وأصولها ص92 , ومحمد العاملي في الشيعة في التاريخ ص43 , وغيرهم .
(2) الشيعة في التاريخ للعاملي ص39-40 .(9/11)
وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى ص بهذه المقالة (1) , فقال في إسلامه في عليِّ بن أبي طالب - عليه السلام - مثل ذلك .
وهو أول من أشهر القول بفرض إمامة علي - عليه السلام - , وأظهر البراءة من أعدائه .. وأكفرهم , فمن هاهنا قال من خالف الشيعة : إنَّ أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية (2) .
ثم ذكر شيخ شيوخ المذهب الشيعي/القمي موقف ابن سبأ اليهودي , حينما بلغه موت علي ? , حيث ادَّعى أنه لم يمت , وقال برجعته وغلا فيه .... (3) .
س 3/لو عرَّفتم لنا من هم الأئمة الاثني عشر في اعتقاد علماء الشيعة الإمامية ؟ .
ج/ أولهم : الخليفة الراشد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - , يُكنَّى بأبي الحسن , ويلقبونه بالمرتضى ( ولد سنة 23 قبل الهجرة , واستُشهد - رضي الله عنه - سنة 40هـ ) .
2- ابنه الحسن - رضي الله عنه - , يُكنونه بأبي محمد , ويُلقب بالزَّكيِّ ( 2-50 ) .
3- ابنه الحسين - رضي الله عنه - , يُكنونه بأبي عبدالله , ويُلقب بالشهيد ( 3-61 ) .
4- علي بن الحسين بن علي - رضي الله عنهم - , يُكنونه بأبي محمد , ويلقب بزين العابدين ( 38- 95 ) .
5- محمد بن علي بن الحسين - رضي الله عنهم - , يُكنونه بأبي جعفر , ويلقب بالباقر ( 57- 114 ) .
6- جعفر بن محمد بن علي - رضي الله عنهم - , يُكنونه بأبي عبدالله , ويلقب بالصادق (83- 148) .
__________
(1) أي : يدَّعي فيهما الألوهية أيام يهوديته , ثم ادَّعاها في عليِّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - بعدما تظاهر بالإسلام , انظر : الأنوار النعمانية لنعمة الله عبدالله الحسيني الموسوي الجزائري المتوفى سنة 1112هـ , ج2/234 .
(2) فرق الشيعة للنوبختي ص19-20 و32-44 .
(3) انظر : المقالات والفرق ص10-21 للقمي , ورجال الكشي ص106-109 , وتنقيح المقال للمامقاني ج2/84 .(9/12)
7- موسى بن جعفر بن محمد - رضي الله عنهم - , يُكنى بأبي إبراهيم , ويلقب بالكاظم ( 128- 183هـ ) .
8- علي بن موسى بن جعفر - رضي الله عنهم - , يُكنى بأبي الحسن , ويلقب بالرضا ( 148- 203هـ ) .
9- محمد بن علي بن موسى - رضي الله عنهم - , يُكنى بأبي جعفر , ويلقب بالجواد ( 195- 220هـ ) .
10- علي بن محمد بن علي - رضي الله عنهم - , يُكنونه بأبي الحسن , ويلقبونه بالهادي ( 212-254هـ ) .
11- الحسن بن علي بن محمد - رضي الله عنهم - , يُكنونه بأبي محمد , ويلقبونه بالعسكري ( 232-260هـ ) .
12- محمد بن الحسن بن علي - رضي الله عنهم - , يُكنونه بأبي القاسم , ويلقبونه بالمهديِّ ( يزعمون أنه ولد سنة 255 أو 256هـ ويؤمنون بأنه حيٌ إلى اليوم ) (1) .
س 4/هل قال أحدٌ من علماء الشيعة المعتبرين : بوجود آيات سخيفة في كتاب الله تعالى !! ؟ .
ج/ نعم !! .
ومن أكابر علمائهم القائلين بذلك : شيخهم الطبرسي في الوثيقة ص211 حيث قال : .. وعلى اختلاف النظم , كفصاحة بعض فقراتها البالغة حدَّ الإعجاز , وسخافة بعضها الأخرى , وعلى اختلاف مراتب الفصاحة , ببلوغ بعضها أعلى درجاتها , ووصول بعضها إلى أدنى مراتبها ... !؟ .
التعليق :
لقد نَزَّهَ علماءُ الشيعة كتبهم أن يوجد فيها شيء سخيف (2) !! أمَّا كتاب الله ؟! .
س 5/ هل قال أحدٌ من علماء الشيعة بأنَّ جبريل - عليه السلام - قد غلط في إنزاله الوحي ؟ .
__________
(1) انظر : أصول الكافي ج1/452 .
(2) انظر مثلاً : شرح نهج البلاغة ج20/187 , لابن أبي الحديد المعتزلي المتوفى سنة 656هـ .(9/13)
ج/ نعم , فقد قالت الغرابية , وهي أحد فرق المذهب الشيعي : بأنَّ محمداً ص كان أشبه بعليٍّ - عليه السلام - من الغراب بالغراب , وأنَّ الله - سبحانه وتعالى - بعث جبرئيل بالوحي إلى عليٍّ - عليه السلام - , فغلط جبرئيل , وأَنزل الوحي على محمد ص (1) .
تعليق مهم :
هل هناك فرقٌ بين هذه المقالة وبين مقالة علمائهم : بأنَّ القرآن جزءٌ من تسعة أجزاء , وعلمه عند عليٍّ - عليه السلام - (2) .
ولهذا سمَّى علماء الشيعة القرآن : بالقرآن الصامت , والإمام : بالقرآن الناطق ؟ .
روى علماؤهم أنَّ علياً - رضي الله عنه - قال وحاشاه : هذا كتاب الله الصامت , وأنا كتاب الله الناطق (3) .
ويروون أيضاً : بأنَّ الأئمة ع هم القرآن نفسه (4) .
التعليق :
إنَّ الاثنى عشرية أعطوا أمير المؤمنين علياً - رضي الله عنه - الرسالة بدون دعوى الغلط , وزعموا أنَّ رسالة النبيِّ محمد - صلى الله عليه وسلم - : التعريف بعلي - رضي الله عنه - فقط !! ويقولون : بأن وظيفة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيان القرآن لعليٍّ - رضي الله عنه - وحده ؟ .
__________
(1) المنية والأمل لابن المرتضى ص30 ، وأبو الحسين الملطي في التنبيه والرد ص158 .
(2) أصول الكافي ج1/25 لأبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني المتوفى سنة 328هـ .
(3) الفصول المهمة في أصول الأئمة للحر العاملي ص235 , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج27/34 .
(4) الكافي ج1/194 , وتفسير العياشي المتوفى سنة 320هـ ج2/120 .(9/14)
والله - سبحانه وتعالى - يقول : ( ( تمهيد (- عليه السلام - - ( } - - رضي الله عنه - - ( - - - ( - ( - ( - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( { - رضي الله عنه - - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - - - - - رضي الله عنه -(( } (- رضي الله عنه - - ( - ( - ( } - } - - ( - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - - ( - - ( الله أكبر ( المحتويات ( - ( - - - ( { ( المحتويات ( - ( - - رضي الله عنهم -( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - صلى الله عليه وسلم -( - { - - (- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - (((( ( وأترك لك أيها القارئ تدبر الباقي ؟ ! .
س 6/هل قال أحد منهم بأنَّ قول أحد أئمتهم ينسخ القرآن أو يُقيِّدُ مطلقه أو يُخصِّص عامَّهُ ؟ .
ج/ نعم , وهم كثير !! وذلك بناء على اعتقادهم بأنَّ الإمام هو قيِّم القرآن , وهو القرآن الناطق .
رووا : أنَّ علياً - رضي الله عنه - قال - وحاشاه - : هذا كتابُ الله الصامت , وأنا كتاب الله الناطق (1) , وأنَّ أئمتهم خَزَنةُ علم الله , وعَيْبةُ وحيِّ الله (2) وفي رواية : وحَفَظَةُ سرِّ الله (3) .
وفي رواية : ولا يُدْرَكُ ما عند الله إلا بهم (4) .
__________
(1) الفصول المهمة في أصول الأئمة للحر العاملي المتوفى سنة 1104هـ ص235 , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج27/34 .
(2) الكافي ج1/192 .
(3) مستدرك الوسائل للنوري ج10/416 , والبلد الأمين للكفعمي ص297 .
(4) إعلام الورى بأعلام الهدى للفضل بن الحسن الطبرسي ص270 .(9/15)
فبناءاً على ذلك : فإنَّ مسألة تخصيص عام القرآن , أو تقييد مطلقه أو نسخه عند علماء الشيعة , هي مسألة لم تنته بوفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأنَّ النص النبوي , والتشريع الإلهي استمرَّ .. الخ .
فعلماء الشيعة يعتقدون : أنَّ حديثَ كل واحد من الأئمة الطاهرين , قول الله عز وجل , ولا اختلاف في أقوالهم , كما لا اختلاف في قوله تعالى (1) .
ويعتقدون أيضاً بأنه يجوز لمن سمع حديثاً عن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق , أن يرويه عن أبيه أو جدِّه أو أحد أجداده عليهم السلام , بل يجوز أن يقول : قال الله تعالى (2) .
وقد بوَّب شيخهم الكليني : بابُ : التفويض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى الأئمة عليهم السلام في أمر الدين (3) .
التعليق : المتأمل لهذه المقالة , والمحلِّل لأبعادها , يُدرك أن الهدف منها هو تبديل دين الإسلام , وتغيير شريعة سيد الأنام - صلى الله عليه وسلم - , من قبل علماء الشيعة أو من بعضهم , أو من جهلتهم أو .. أو .. أو.. ؟ .
ولماذا لا يأخذون بما رووه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن الأئمة أنهم قالوا : إذا جاءكم منا حديث فاعرضوه على كتاب الله , فما وافق كتاب الله فخذوه , وما خالفه فاطرحوه , أو ردُّوه علينا (4) .
__________
(1) شرح جامع على الكافي لمحمد صالح بن أحمد المازندراني المتوفى سنة 1081هـ ج2/272 .
(2) المصدر السابق ج2/272 .
(3) أصول الكافي ج1/265 .
(4) تهذيب الأحكام ج7/275 , والاستبصار فيما اختلف فيه من الأخبار ج1/190 وج3/158 كلاهما لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة 460هـ والملقب عندهم بشيخ الطائفة , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج20/463 .(9/16)
وليتذكروا قول الله تبارك وتعالى : ( - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( - ( - - { ( - ( المحتويات ( - ( - قرآن كريم ( - (- صلى الله عليه وسلم - - (( ( - - } - - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام - - - - ( - فهرس - (- رضي الله عنه - - - - - جل جلاله -(( - (- صلى الله عليه وسلم - - { - - - - - عليه السلام - - (( - (- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم قرآن كريم ( - { - - - - (((( } - قرآن كريم ( - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - جل جلاله -( - - عليه السلام - - - - ( الله أكبر ( { - - عليه السلام - - (( - (- صلى الله عليه وسلم - - - - عليه السلام - - - - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنه - الله أكبر - عليه السلام -( - - - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - ( - - - - ( تمهيد - - - - - (((( - - - - جل جلاله -( - - عليه السلام - - ( المحتويات ( - ( الله - - عليه السلام -( (((( - ((((( - (( تم بحمد الله ( - - - - - رضي الله عنهم -(( - - - ( المحتويات ( - ( { - رضي الله عنهم -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - جل جلاله - - (( - - - - - - ( - - - (((( ( .
س 7/ ما اعتقاد علماء المذهب الشيعي في تأويل القرآن ؟ .
ج/ أولاً : يعتقد علماء الشيعة أنَّ للقرآن معاني باطنة تخالف الظاهر :(9/17)
ولهذا نجد كثيراً من الأبواب : بابُ : أن للقرآن ظهراً وبطناً (1) .
التعليق : إنَّ الدافع لعلماء الشيعة لهذا الاعتقاد هو : أنَّ كتاب الله تعالى خلا من ذكر أئمتهم الاثنى عشر ( , ومن النصِّ على أعدائهم من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وهذا الأمر أقضَّ مضاجع علماء الشيعة , وأفسد عليهم أمرهم , وهم مع ذلك قد صرَّحوا بأنَّ القرآن قد خلا من ذكر أئمتهم .
فرووا : لو قُرأ القرآن كما أُنزل , لألفيتنا فيه مُسَّمَين (2) .
وانظر هداني الله تعالى وإياك سواء السبيل :
في بداية الأمر : هناك معنى ظاهراً واحداً للآية وواحداً باطناً !! .
ثم تطوَّر الأمر فقالوا : إنَّ للقرآن ظهراً وبطناً , وببطنه بطن إلى سبعة أبطن (3) .
ثم طاشت تقديرات علماء المذهب الشيعي فقالوا : .. بل لكل واحدة منها كما يظهر من الأخبار المستفيضة : سبعة بطون وسبعون بطناً ؟ (4) .
__________
(1) بحار الأنوار ج92/78-106 .
(2) تفسير العياشي ج1/13 لمحمد بن مسعود بن عياش المعروف بالعياشي المتوفى سنة 320 , وتفسير البرهان ص22 لهاشم بن سليمان البحراني الكتكاني المتوفى سنة 1107 .
(3) تفسير الصافي للفيض الكاشاني ج1/31 , وعوالي اللآلي لابن أبي جمهور الأحسائي ج4/107 .
(4) مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ص4-19 , ويُسمَّى مقدمة البرهان لأبي الحسن بن محمد العاملي الفتوني المتوفى سنة 1140 .(9/18)
واعترف علماء الشيعة بأنَّ كلَّ هذه البطون وتكثيرها إنما هو لأجل تحقيق أمرين : أحدهما : في فضل شأن السادة الأطهار ... بل الحق المتبين أن أكثر آيات الفضل والإنعام والمدح والإكرام , بل كلها فيهم وفي أوليائهم نزلت , والثاني : الطعن والتوبيخ والتشنيع والتهديد بل جملتها في مخالفيهم من الصحابة ومن بعدهم ... إنَّ الله عز وجل جعل جملة بطن القرآن في دعوة الإمامة والولاية , كما جعل ظهره في دعوة التوحيد والنبوة والرسالة (1) .
ثانياً : يعتقد علماء المذهب الشيعيِّ بأنَّ جُلَّ القرآن نزل فيهم وفي أعدائهم من الصحابة - رضي الله عنهم - :
يقول علماؤهم : جلُّ القرآن إنما نزل فيهم , وفي أوليائهم وأعدائهم (2) .
بل زعم البحراني : بأنَّ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ُذكر وحده في القرآن ( 1154 ) وألَّفَ كتاباً سمَّاه : اللوامع النورانية في أسماء علي وأهل بيته القرآنية , وقد طبع في المطبعة العلمية بقم عام 1394 .
التعليق :
أيها القارئ المنصف : لو تصفحتَ القرآن الكريم , وأخذتَ معك جميع قواميس اللغة العربية , لما وجدت اسم واحد من أئمتهم الاثنى عشر .
ثمَّ تطوَّر الأمر عند علماء الشيعة كما هي عادتهم في التطور ؟ فقالوا : عن أبي عبدالله ع قال : إن القرآن نزل أربعة أرباعٍ : ربعٌ حلالٌ , وَرُبُعٌ حرامٌ , وربع سننٌ وأحكامٌ , وربعٌ خبرُ ما كانَ قبلكم , ونبأُ ما يكونُ بعدكم , وفصلُ ما بينكم (3) .
التعليق :
__________
(1) مرآة الأنوار ص4-19 .
(2) تفسير الصافي ج1/24 .
(3) أصول الكافي ج2/627 .(9/19)
أين ذكر الأئمة الاثنى عشر ؟ فحاول بعض علماء المذهب الشيعي تدارك هذا الأمر , حيث لم يُذكر أئمتهم الاثنى عشر ( في الرواية السابقة , فأصدروا هذه الرواية : فقالوا : نزل القرآن أثلاثاً : ثلثٌ فينا وفي عدونا , وثلثٌ سنن وأمثال , وثلثٌ فرائض وأحكام (1) .
ثم تدارك علماؤهم فزادوا في النصيب , فقالوا : عن أبي جعفر ع قال : نزل القرآن أربعة أرباع : ربعٌ فينا , وربعٌ في عدونا , وربعٌ سننٌ وأمثالٌ , وربعٌ فرائض وأحكامٌ (2) .
ولاحظَ بعض المسلمين أنه ليس للأئمة ميزة ينفردون بها في القرآن عن مخالفيهم بالنسبة لهذا التقسيم , فتفطَّن لذلك بعض علمائهم , فأصدر رواية رابعة بنفس النص السابق إلا أنه زاد فيها : ولنا كرائم القرآن وقد أشار إلى ذلك صاحب تفسير الصافي فقال : وزاد العياشي : ولنا كرائم القرآن (3) .
س 8/ما أصل وجذور هذه التأويلات التي يذكرونها للقرآن , مع ذكر بعض الأمثة لذلك ؟ .
ج/ يرى بعض علمائهم : أنَّ أول كتاب وَضع الأساس لهذا اللون من تفاسير الشيعة , هو تفسير القرآن الذي وضعه شيخهم جابر بن يزيد ابن الحارث الجعفي الكوفي ( ت 127هـ ) وكان معروفاً بتكفيره لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وهو من أصحاب مؤسس المذهب الشيعي : ابن سبأ اليهودي .
ومن الغريب :
أنَّ الحديث عن توثيقه وتضعيفه في كتب المذهب الشيعي متناقضة ! .
__________
(1) أصول الكافي ج2/627 ، وتفسير البرهان ج1/21 ، وتفسير الصافي ج1/24 ، واللوامع النورانية للبحراني ص6 .
(2) أصول الكافي 2/627 .
(3) تفسير العياشي ج1/9 ، وتفسير فرات المقدمة ص43 , وبحار الأنوار للمجلسي ج24/305 ، وكنز الفوائد للكراجكي ص2 ، وتفسير البرهان ج1/21 ، واللوامع النورانية للبحراني ص7 .(9/20)
فأخبارٌ تجعله ممن انتهى إليه علم أهل البيت ( , وتُضفي عليه صفات الألوهية , بأنه يعلم الغيب ويعلم ما في الأرحام .... قال محمد بن حسين المظفر : بأن جابر روى عن الباقر ع خاصة , سبعين ألف حديث (1) .
ونقرأ أخباراً أخرى عندهم تطعن فيه وأنه كذَّاب دجالٌ ... قال زرارة : سألت أبا عبدالله ع عن أحاديث جابر , فقال : ما رأيته عند أبي قط إلا مرة واحدة , وما دخل عليَّ قط (2) .
وهذا من التناقض وهو كثير في الحكم على رجال الشيعة وشيوخهم !! (3) .
__________
(1) الإمام الصادق لمحمد الحسين المظفر ص143 .
(2) مستدرك وسائل الشيعة ج12/299 , وبحار الأنوار للمجلسي ج2/70 , وكتاب الغيبة للحجة الطوسي ص164 , وإكمال الدين وتمام النعمة لمحمد بن علي بن بابويه القمي الملقب بالصدوق المتوفى381هـ , ط حديثة ج2/349 , ورجال الكشي ص191 .
(3) رجال الكشي رقم 336 ص 191 وص223 .(9/21)
المهمُّ : أنَّ كتب الاثنا عشرية , قد ورثت من شيخهم جابر تأويله للشيطان في قوله - سبحانه وتعالى - : ( ( - - - - رضي الله عنهم - - - - ( صدق الله العظيم ( - (( - } ( - - - ( - ( { - رضي الله عنه - - - - - ( صدق الله العظيم ( - - - تمهيد - ( - ( - ((( - - - - - - فهرس - - ( - رضي الله عنه - - - ( - - - رضي الله عنه - - - - - - ( - الله أكبر ( { ((( - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - ( } تم بحمد الله ( - ( - الله أكبر ( { ( - - - } - صلى الله عليه وسلم - - { - - - - - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -((( - - - (- رضي الله عنهم -(( - - - (((( ( بأنه : عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - , وهذا التأويل بعينه قد ورثه الاثنى عشرية , ودوَّنه علماؤهم في مصادرهم الأصلية المعتمدة واعتمدوه وتناقلوه , بل وكفروا من لم يقل به , مع أنَّ مصدره يهودي (1) .
__________
(1) انظر ذلك التأويل بعينه في : كتاب الكليني المطبوع بهامش مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول للمجلسي المتوفى 1111هـ , ج4/416 ، وتفسير العياشي ج2/223 ، وتفسير الصافي ج3/84 ، وتفسير البرهان ج2/309 ، وبحار الأنوار ج3/378 .(9/22)
وقال علماء الشيعة في قول الله - سبحانه وتعالى - : ( ( - - { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - - ( الله - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - - (( (- صلى الله عليه وسلم - - ( - - { } تم بحمد الله ( - ( صدق الله العظيم قرآن كريم ( - { - ( أي إماماً ( ( - - صلى الله عليه وسلم - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( تمهيد (( - - { - - - ( أي بالأئمة ( } - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - المحتويات قرآن كريم ((( { ( - - - ( أي أبو بكر وعمر وقالوا في قوله تعالى : ( - رضي الله عنه - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - - صدق الله العظيم } - (- صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - - - ((((- رضي الله عنهم - - ( - - ( { ((((- عليه السلام - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - - ( أي إمامين اثنين ( - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( مقدمة ( - - ( { ( - ( فهرس (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( أي إمامٌ واحد ( { - (( - ( - - ( ( تمت قرآن كريم ( تمهيد - رضي الله عنهم - - ( - - - - ( (((( ( (1) .
__________
(1) تفسير البرهان ج2/373 ، وتفسير الصافي للكاشاني ج3/134 ، وتفسير نور الثقلين للحويري ج3/60 .(9/23)
وكقوله تعالى : ( - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( تمهيد ((- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم ( المحتويات ( - (( - ( - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - - (( - - - - رضي الله عنه - تمت - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - (( - - - ( - - - ( أي عمر بن الخطاب ( - - فهرس - - رضي الله عنه -( (( مقدمة ( فهرس - - عليه السلام - - ( أي عليٍّ ع ( - - - - ( - - ( (((( ( (1) .
وكقوله تعالى : ( ( تمهيد - - - عليه السلام - - ((- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ((( - - } - - ( - قرآن كريم ( - ( - - { - ( - - - عليه السلام - - ( أي بنور إمام الأرض , فيستغني الناس بنور الإمام عن نور الشمس والقمر (2) .
__________
(1) تفسير القمي ج2/115 .
(2) تفسير القمي ج2/253 ، وتفسير البرهان ج4/87 ، وتفسير الصافي ج4/331 .(9/24)
وكقوله تعالى : ( - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ((( - - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - - - ( - ( - - ( { - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام -( - - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - مقدمة ( - - ( { - صدق الله العظيم ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - - - - ( - - ((( - ( ( - ( - - - رضي الله عنهم - - - صدق الله العظيم ( { (( مقدمة - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( أي إلا الأئمة ع ( ( - - - ( - ( - (- رضي الله عنه -( - - - ( مقدمة ( - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((- رضي الله عنهم - - ( - ( - ( فالأئمة ع هم وجه الله , وهم الوجه الذي يُؤتى الله منه (1) .. إلخ .
التعليق :
1 ) ما مضى ذكره من أمثلة تفسير علماء الشيعة للقرآن قد اشتمل على ذكر أئمتهم الاثنى عشر ومخالفيهم .. وقد حشد شيوخ الشيعة لهذه المسألة آلاف النصوص لإثباتها .. .
وقد نُقل لأبي عبدالله - رضي الله عنه - ما يقوله علماء الشيعة من تأويل آيات الله بتلك التأويلات الباطنية , حيث قيل له : رُوي عنكم أن الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجال ؟ فقال ع : ما كان الله عز وجل ليخاطب خلقه بما لا يعلمون ؟ (2) .
__________
(1) تفسير القمي ج2/147و345 , وكنز الفوائد للكراجكي ص219 , ومناقب آل أبي طالب لأبي جعفر رشيد الدين بن شهر آشوب المازندراني المتوفى 588هـ , ص/63و343 , وتفسير الصافي ج5/110 , وتفسير القرآن الكريم لعبدالله شبر ص378 .
(2) وسائل الشيعة للحر العاملي ج17/167 , ورجال الكشي ص291 .(9/25)
إنَّ قول أبي عبدالله - رضي الله عنه - هذا والذي ورد في أوثق كتب الرجال في المذهب الشيعي , يهدم كل ما بناه علماؤهم من تلك التحريفات , وذلك الإلحاد في كتاب الله تعالى وآياته , قال الله تعالى : ( - - ( الله أكبر ( { ( مقدمة ( - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - ( الله أكبر (- عليه السلام -(( - ( - - صدق الله العظيم - ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -( ( المحتويات ( - ( - - رضي الله عنهم -( { - - - قرآن كريم ( - ( { (( - - ((( ( وقال تعالى : ( - ( الله أكبر ( { ( صدق الله العظيم (- رضي الله عنه - صدق الله العظيم - عز وجل - - - عليه السلام - - ( - } - - رضي الله عنه - الله أكبر - رضي الله عنه - - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - - - - - ( الله أكبر ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( مقدمة - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((((( { - رضي الله عنه - مقدمة - ((( ( .
قاصمة ظهور علماء الشيعة :
إنَّ هذه التأويلات الباطنية من علماء الشيعة في كتبهم المعتمدة , والمتفق عليها بينهم , حكم الإمام أبو عبدالله - رضي الله عنه - على من قالها , بأنه شرٌ من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا , فروى علماء الشيعة أنفسهم عنه - رضي الله عنه - أنه قال فيهم : هم شرٌ من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا , والله ما صغّر عظمة الله تصغيرهم شيء قط .. والله لو أقررتُ بما يقول فيَّ أهل الكوفة , لأخذتني الأرض , وما أنا إلا عبدٌ مملوكٌ , لا أقدرُ على ضرِّ شيء ولا نفع (1) .
__________
(1) بحار الأنوار ج25/294 , ورجال الكشي ص300 .(9/26)
2 ) هذه التأويلات ليست آراءً اجتهادية , قابلة للمناقشة بين علماء الشيعة , بل هي عند علماء الشيعة نصوصٌ قدسية قطعية الثبوت , لها سمة الوحي , بل وأرفع من الوحي لأنها لا تُنسخ , والوحي من القرآن قد يَنسخه إمامهم , كما سوف يأتي بيان اعتقادهم في ذلك إن شاء الله تعالى .
رووا : عن سفيان السمط قال : قلت لأبي عبدالله ع جعلت فداك , إنَّ رجلاً يأتينا من قبلكم , يُعرف بالكذب فيحدث بالحديث فنستبشعه , فقال أبو عبدالله ع : يقول لك إني قلت لليل إنه نهار أو للنهار إنه ليل , قال : فإن قال لك هذا إني قلته فلا تُكذِّب به , فإنك إنما تكذبني (1) .
3 ) إنَّ للتفسير عند علماء الشيعة كما تقدم ظاهر وباطن والجميع معتبر , فالظاهر يقال لجميع شيعتهم , وأما الباطن فلا يقال إلا لخواص شيعتهم ممن أُعطوا خاصية التحمل !!! .
__________
(1) بحار الأنوار للمجلسي ج2/211-212 , واللوامع النورانية للبحراني ص549-550 .(9/27)
عن عبدالله بن سنان عن ذريح المحاربي قال : قلت لأبي عبدالله ع : إن الله أمرني في كتابه بأمر فأحبُّ أن أعمله , قال : وما ذاك , قلت : قول الله عز وجل : ( - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم } - قرآن كريم ((( { - عليه السلام - - ( - ( المحتويات ( - - الله - ( - - } - قرآن كريم (( قرآن كريم ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( الله أكبر } - قرآن كريم (( { قرآن كريم { (- عليه السلام - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ( - ( - - ( - - رضي الله عنهم -(( - - - (((( ( قال : ( - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم } - قرآن كريم ((( { - عليه السلام - - ( - ( المحتويات ( - - الله - ( - - ( لقاء الإمام ( } - قرآن كريم (( قرآن كريم ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( الله أكبر ( تلك المناسك , قال عبدالله بن سنان : فأتيت أبا عبدالله ع فقلت : جعلت فداك , وسألته عن الآية الماضية فقال : أخذُ الشارب وقصُ الأظفار وما أشبه ذلك , قال : قلت : جعلت فداك , إن ذريحَ المحاربي حدثني عنك بأنك قلت له : لقاءُ الإمام وتلك المناسك , فقال : صدقَ ذريحٌ وصدقتَ , إنَّ للقرآن ظاهراً وباطناً , ومن يحتملُ ما يحتملُ ذريحٌ (1) !!! .
التعليق :
__________
(1) الفروع من الكافي للكليني ج4/549 , ومن لا يحضره الفقيه ج2/190-191 , وتفسير الصافي ج3/367 , وتفسير نور الثقلين ج2/492 , وتفسير البرهان ج3/88-89 , ووسائل الشيعة ج10/253 , ومفتاح الكتب الأربعة للموسوي ج5/228 .(9/28)
في هذا النص وغيره , التصريح بأنَّ للقرآن معاني ظاهرة تقال لعامتهم , وله معاني باطنة , لا تُذكر إلا للخاصة ممن يستطيع احتمالها , وهم قلَّة قد لا يوجدون ومن يحتملُ ما يحتملُ ذريح !! .
والسؤال هنا :
إذا كان أئمة الشيعة يَضنون بهذا العلم الباطني , ويتحاشون ذكره عند جميع الشيعة , إلا من كان على مستوى ذريح !! فلماذا خالفت كتب الاثنى عشرية نهج أئمتهم , وأشاعت هذا العلم المضنون به على غير أهله للخاص والعام , بل ولأعداء ملتهم من أهل السنة وغيرهم ؟! ( } تمت ( { - - - (- رضي الله عنهم - - ((((- رضي الله عنهم -( - - ( - - - رضي الله عنهم - - (( ( .(9/29)
4) إنَّ هذه التأويلات الباطنية التي يفعلها ويعتقدها ويدعو إليها علماء الشيعة , هو من باب الإلحاد في كتاب الله وآياته , وقد قال الله تعالى : ( } تمت ( { - رضي الله عنه -((( - { - - - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - ( - ( - (( - - عليه السلام - - ( - (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت ( قرآن كريم - (( - - - - - - عليه السلام - - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - - - - ( - ( - - (( ( - - } - - - - ( - ( - - رضي الله عنهم - - بسم الله الرحمن الرحيم - صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم } تم بحمد الله ( - ( - ( - - رضي الله عنه - - - - جل جلاله - - ( تم بحمد الله - - عليه السلام -( - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( { - رضي الله عنهم - - (- عليه السلام - - ( { ( - - - - } - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - (( - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( تمهيد ( - ( } ( { } (( مقدمة ( الله أكبر ( { - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - (( - - ( - - ((- رضي الله عنه - - ( .
س 9/ من أول من قال بنقص القرآن وزيادته وتحريفه من علماء الشيعة ؟ .
ج/ هو شيخهم : هشام بن الحكم الجهمي القائل بالتجسيم , فإنه زعم أنَّ القرآنَ وُضع في أيام الخليفة الراشد : عثمان بن عفان - رضي الله عنه - , وأن القرآن الحقيقي صُعد به إلى السماء عندما ارتدَّ الصحابة - رضي الله عنهم - كما يعتقد (1) .
__________
(1) التنبيه والرد ص25 لأبي الحسين الملطي .(9/30)
وأولُ كتاب من كتب الشيعة يُسَجَّلُ فيه اعتقادهم بنقص القرآن وزيادته هو : ( كتاب شيخ الشيعة سُليم بن قيس الهلالي , المتوفى سنة 90هـ ) أراد قتله الحجاج فهرب منه ولجأ إلى أبان بن أبي عياش , ولما حضرته الوفاة أعطاه – سليم – هذا الكتاب , فرواه عنه أبان , ولم يروه عنه أحدٌ غيره (1) , وهو أول كتاب ظهر للشيعة (2) .
وقال عنه شيخهم المجلسي : وهو أصل من أصول الشيعة , وأقدم كتاب صنف في الإسلام .
وذكر بأنَّ : علي بن الحسين ع قُرئ عليه الكتاب فقال : صدق سليم (3) .
مع أنَّ الكتاب يحمل أخطر آراء علماء الشيعة السبئية وهو : تأليهُ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - :
فمنها حين ينادي علماء الشيعة علياً - رضي الله عنه - يقولون : يا أولُ , يا آخرُ , يا ظاهرُ , يا باطنُ , يا من هو بكل شيء عليم !!؟؟ فيروون : بأنَّ الشمس قالت لعلي ع : يا أولُ , يا آخرُ , يا ظاهرُ , يا باطنُ , يا من هو بكل شيء عليم .. (4) .
ويروون أيضاً : أنَّ علياً ? يقول : أنا وجه الله , أنا جنب الله , وأنا الأول , وأنا الآخر , وأنا الظاهر , وأنا الباطن , وأنا بكل شيء عليم .. وأنا أُحيي , وأنا أُميت , وأنا حيٌ لا أموت .. (5) .
الطامة الكبرى على علماء الشيعة :
__________
(1) رجال الحلي ، ص82-83 , ورجال الكشي ص167 , والرجال للبرقي ص3-4 , والفهرست لابن النديم ص219 .
(2) الذريعة لأقا بزرك الطهراني ج2/152 , والفهرست لابن النديم ص219 .
(3) بحار الأنوار ج1/156-158 .
(4) كتاب سليم ص38 , وبحار الأنوار ج41/179 و 181 , والفضائل لشاذان بن جبرئيل القمي ص69 .
(5) رجال الكشي ص211 , وبحار الأنوار ج94/180 , ومناقب آل أبي طالب ج2/385 , وبصائر الدرجات ص151 .(9/31)
اكتشف بعض شيوخ الشيعة أمراً عظيماً في كتاب سليم , فرأوا كشفه قبل أن ُيقوِّض أساس التشيع الاثنى عشري نفسه , ولا تظن أيها القارئ أنه تأليهُ أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - لا , لأنهم ُيسلِّمون بهذا , ولكن الخطر الذي اكتشفوه في الكتاب : ( أنه جعل الأئمة ثلاثة عشر ) !!؟ وهذه الطامة الكبرى التي تهدد بنيان الاثنى عشرية بالسقوط ؟ .
س 10/ كيف كانت بداية قول علماء الشيعة بنقص القرآن وزيادته وتحريفه ؟ .(9/32)
ج/ لقد كانت البداية : من كتاب سليم بن قيس وذلك بروايتين فقط , وكادت أن تندثر , فأحياها شيخ الشيعة علي بن إبراهيم القمي ( المتوفى سنة 307 ) في القرن الثالث فقال : فالقرآن منه ناسخ ومنسوخ ... ومنه محرَّف , ومنه على خلاف ما أنزل الله عزَّ وجل .. وأما ما هو محرَّف , فهو قوله : ? - ?- جل جلاله -? - الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم - ? - ? - - - - - - الله ? { الله أكبر ? الله الله أكبر ? - - الله ?- جل جلاله - - الله ? الله { ? - - - - ?? صدق الله العظيم - - ? تمهيد - - ? في عليٍّ ? - سبحانه وتعالى - - ? - ? الله { ? - - - - - - جل جلاله -? الله أكبر الله أكبر - جل جلاله -? - ? الله أكبر الله أكبر - جل جلاله -?- جل جلاله - - - ? - ? - تمهيد تمهيد ? - - الله أكبر الله أكبر - ? الله ? - ? - - الله ? - الله ?? - - الله ? { الله أكبر ? الله الله أكبر ? ? وقوله : ? - الله ? الله - الله أكبر ? - - - - - الله أكبر الله أكبر الله الله أكبر ? - ?? - ? الله الله - ? - - - ?? الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله -? الله الله أكبر - - - الله ? الله ? - { ? - الله أكبر - ?? صدق الله العظيم - - ? تمهيد - - ?- جل جلاله -? ? - ?- جل جلاله - الله الله أكبر - الله الله } ? في عليٍّ ? ? تمهيد - - الله ? صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - بسم الله الرحمن الرحيم - ? صدق الله العظيم ? الله ? { الله أكبر ? الله الله أكبر - - الله ? الله الله أكبر ? ? - { الله أكبر الله أكبر ?? بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله الله أكبر - - سبحانه وتعالى - - - ? الله الله أكبر - - ? - الله ?- جل جلاله - } ? وقوله : ? الله الله ? تمهيد - - الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن(9/33)
الرحيم - ? - - المحتويات - ? - - الله ? الله } المحتويات - ? - ? - ? - ?? الله ? ? آل محمد حقهم ? صدق الله العظيم ? - ? - ? الله أكبر ? الله ? - ? - - - - الله - - جل جلاله -? الله أكبر { الله أكبر ?? الله - - جل جلاله -? صدق الله العظيم ? - ? - ? ? وقوله : ? صدق الله العظيم ? - ? - ? الله أكبر ? الله ? - ? - - - - الله - - جل جلاله -? الله أكبر { الله أكبر ?? الله - - جل جلاله -? صدق الله العظيم ? - ? - ? ? آل محمد حقهم ? - ?? - - - - درهم - ? الله ?? - ? الله ?? - - - جل جلاله -? الله ?? الله الله أكبر ? ? وقوله : ? ?? الله أكبر - ? الله ? - - عليه السلام -? الله - الله أكبر الله الله أكبر - ? الذين ظلموا آل محمد حقهم ? ? - - - الله - الله ? الله الله أكبر ?? - - ?? الله أكبر الله ? - ? - - ? ... وأما ما هو على خلاف ما أنزل الله فهو كقوله : ? ?? - - ? الله أكبر ? الله } صدق الله العظيم - الله أكبر الله - ? أئمة ? { - الله - - - { الله أكبر الله أكبر - الله أكبر - - - { - بسم الله الرحمن الرحيم - ?- جل جلاله -?? ? .. (1) .
ومن بعد شيخهم القمي جاء تلميذه شيخهم : محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي المتوفى سنة 328 هـ , ومن ذلك قوله : عن أبي عبدالله ع قال : إنَّ القرآن الذي جاء به جبرئيل ع إلى محمد ص , سبعةَ عشرَ ألف آيةٍ (2) .
__________
(1) تفسير القمي ج1/5 و9-10 وقال علماؤهم عن تفسيره : بأنه أصل أصول التفاسير عندهم - مقدمة تفسير القمي ص10 .
(2) الكافي ج2/634 .(9/34)
ومنهم : محمد بن مسعود بن عياش السلمي المعروف بالعياشي , ومن ذلك قوله : عن ميسر عن أبي جعفر ع قال : لولا أنه زيد في كتاب الله ونُقص منه , ما خفي حقنا على ذي حجى (1) .
ومنهم : محمد بن إبراهيم النعماني , حيث أثبت هذا الكفر في كتابه الغيبة (2) .
ومنهم : محمد بن الحسن الصفار , روى : عن أبي جعفر ع قال : .. أما كتاب الله فحرَّفوا , وأما الكعبة فهدموا , وأما العِترة فقتلوا , وكل ودائع الله فقد تبرؤا (3) .
ومنهم : فرات بن إبراهيم الكوفي , ومنهم : علي بن أحمد أبو القاسم الكوفي , شهد بالتحريف في كتابه الاستغاثة ( ص25 ) .
ومنهم :
هاشم بن سليمان البحراني الكتكاني , حيث قال في مقدمة تفسيره ( ص36 ) : إعلم أنَّ الحق الذي لا محيص عنه , بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها , أنَّ هذا القرآن الذي في أيدينا , قد وقع فيه بعد رسول الله ص شيء من التغييرات , وأَسقط الذين جمعوه بعده , كثيراً من الكلمات والآيات .. .
ومنهم :
شيخهم محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد ( ت413هـ ) : سجَّل في كتابه : أوائل المقالات ( ص51 ) إجماع علماء الشيعة على هذا الكفر , ونقل ذلك في كتابه : الإرشاد ( ص365 ) ومنهم : الطبرسي صاحب الاحتجاج (4) .
وفي آخر القرن الثالث عشر وقعت الفضيحة الكبرى للشيعة :
__________
(1) انظر مثلاً : ج1/13و168-169و206 ...وكذا تفسير فرات انظر مثلاً : ص18و85 ... ومقدمة تفسير البرهان ص37 , وبحار الأنوار ج29/30 , و ج89/55 , وتفسير محمد بن مسعود المعروف بالعياشي المتوفى سنة 320هـ ج1/13 .
(2) انظر : مثلاً ص218 .
(3) بصائر الدرجات الكبرى ص413 .
(4) انظر : الكافي ج2/634 .(9/35)
حيث ألَّف شيخ شيوخ الشيعة حسين النوري الطبرسي ( المتوفى سنة 1320هـ ) ألَّف مؤلفه الضخم , في جمع اعتقاد علماء الشيعة على هذا الكفر وسمَّاه : ( فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربِّ الأرباب ) فأصبح هذا الكتاب عاراً على الشيعة أبد الدهر .
س 11/ نأمل تلخيص معتقد علماء الشيعة حول وجود التحريف والنقص والزيادة في القرآن ؟.
ج/ قال شيخهم المفيد : أقول : إنَّ الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد ص , باختلاف القرآن ، وما أحدثه بعض الطاعنين فيه من الحذف والنقصان .
وقال أيضاً : واتفقوا - أي الإمامية - على أنَّ أئمة الضلال - أي كبار الصحابة - خالفوا في كثير من تأليف القرآن , وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبيِّ ص , وأجمعت المعتزلة , والخوارج , والزيدية , والمرجئة , وأصحاب الحديث , على خلاف الإمامية في جميع ما عددناه (1) .
وقال العاملي : وعندي في وضوح صحة هذا القول - أي التحريف - بعد تتبع الأخبار , وتفحُّص الآثار , بحيث عليه الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع , وأنه من أكبر مفاسد غصب الخلافة (2) .
وقال المجلسي : ولكنَّ أصحابه - صلى الله عليه وسلم - عملوا عمل قوم موسى , فاتبعوا عجل هذه الأمة وسامريها أعني أبا بكر وعمر فغصب المنافقون خلافته , خلافة رسول الله ص من خليفته , وتجاوزا إلى خليفة الله , أي الكتاب الذي أنزله فحرَّفوه , وغيروه , وعملوا به ما أرادوا (3) .
وقال مفسِّرُ الشيعة هاشم البحراني : وقد وردت في زيارات عديدة , كزيارة الغدير وغيرها , وفي الدعوات الكثيرة , كدعاء صنمي قريش وغيره , عبارات صريحة في تحريف القرآن وتغييره بعد النبيِّ ص .
__________
(1) أوائل المقالات ص13 , 46 , 54 , 80 .
(2) أبو الحسن العاملي مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ص36 , مقدمة البرهان ص49 , الفصل الرابع .
(3) حياة القلوب للمجلسي ج2/541 .(9/36)
وذكر إحدى وعشرين رواية في إثبات معتقده في التحريف (1) .
وقال الطبرسي عن الأخبار في الطعن في القرآن : وهي كثيرة جداً , حتى قال السيد نعمة الله الجزائري في بعض مؤلفاته كما حُكي عنه : إنَّ الأخبار الدالة على ذلك تزيد على ألفي حديث (2) .
وقال عالمهم الجزائري : إنَّ القول بصيانة القرآن وحفظه , يُفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة , بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن .. مع أنَّ أصحابنا رضوان الله عليهم , قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها (3) .
وقال زعيم حوزتهم العلمية : أبو القاسم الموسوي الخوئي : إنَّ النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات , واقعٌ في القرآن قطعاً (4) .
س 12/هل القول بتحريف القرآن ونقصانه في اعتقاد علماء الشيعة بلغ مبلغ التواتر عندهم ؟ .
ج/ نعم !! فقد قال علامتهم عبدالله شبر : بأنَّ القرآن الذي أُنزل على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أكثر مما في أيدينا اليوم , وقد أُسقط منه شيء كثير , كما دلَّت عليه الأخبار المتظافرة التي كادت أن تكون متواترة , وقد أوضحنا ذلك في كتابنا : منية المحصلين في حقية طريقة المجتهدين .. (5) .
قاصمة الظهر :
__________
(1) تفسير البرهان , المقدمة ص36-39 .
(2) فصل الخطاب ص125 لحسين النوري الطبرسي المتوفى سنة 1320هـ .
(3) الأنوار النعمانية للجزائري ج2/357 .
(4) البيان في تفسير القرآن ج1/136 .
(5) مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار لعبدالله شبر ص295 .(9/37)
رووا أنَّ علياً - رضي الله عنه - قال في قوله تعالى : ?? - الله ? الله ? ?? - - { الله أكبر ? الله أكبر - ? الله الله أكبر { - - - - - جل جلاله -? - - جل جلاله -? ?- جل جلاله -? - ? { ? الله أكبر الله ? - - سبحانه وتعالى - - ? - ? - ? - - الله الله أكبر ? ? - ? - تمهيد - - ?- جل جلاله - - - - - - ? الله أكبر ?- جل جلاله -? - - - - ? - - - - ? الله - جل جلاله - الله أكبر - الله } - جل جلاله -? صدق الله العظيم - الله أكبر - ? الله ? ? - - ? الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم - } الله ? الله الله أكبر - - جل جلاله -? الله أكبر صدق الله العظيم - الله أكبر - ? تمهيد - - الله ? ? درهم - - جل جلاله -? - الله أكبر - ? } - - { فالردُّ إلى الله الردُّ إلى كتابه (1) .
س 13/ نأمل ذكر بعض الأمثلة التي صرَّح فيها علماء الشيعة بمعتقدهم بتحريف القرآن ؟ .
__________
(1) نهج البلاغة , الخطبة رقم 213 .(9/38)
ج/ منها قولهم : أنَّ الله تعالى قال : ? ? تمهيد - - الله ? ?? - - ? - } ? - درهم صدق الله العظيم الله أكبر ? الله } - الله الله ? الله - جل جلاله -? - الله ? - ? بسم الله الرحمن الرحيم - { الله الله أكبر ? - عليه السلام -? - ? الله ? - الله الله أكبر ?- جل جلاله - - صدق الله العظيم - الله ? ? في عليٍّ ? المحتويات - ? - الله أكبر - - - - الله الله أكبر ? - ? الله } ? - { الله أكبر - جل جلاله - - ?- جل جلاله - الله ? - - جل جلاله -?- جل جلاله -? - - - جل جلاله - بسم الله الرحمن الرحيم ? المحتويات - ? - ? صدق الله العظيم - - - الله ? ? - } - ? - - الله - الله ? الله أكبر - ? ?- جل جلاله - الله ? - ?? - - - ?- جل جلاله - - - - ? تمهيد - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ? - } الله ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - - - الله أكبر الله ? ? (1) , وأنَّ الله تعالى قال : ? صدق الله العظيم ? - ? الله ? - بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - - - - الله الله أكبر ? صدق الله العظيم - الله - ?? صدق الله العظيم ? - ? صدق الله العظيم - - ? الله ? - ? - - - المحتويات - - ? - الله أكبر ? - الله أكبر - { الله أكبر الله أكبر ? - - صدق الله العظيم ? الله أكبر ? الله { - ?? - - - - ? - - - المحتويات - ? - - - - { الله أكبر - - - ?- جل جلاله -? ? الله أكبر ? - - - الله أكبر الله الله أكبر ?- جل جلاله - - - الله الله ? - ?? - الله أكبر ? الله ? الله الله أكبر ? - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - تمت ? - - جل جلاله - الله أكبر ? الله الله أكبر ? - صدق الله العظيم ? - ? صدق الله العظيم ? الله أكبر الله - جل جلاله
__________
(1) الكافي ج1/417 .(9/39)
-? صدق الله العظيم ? - ? الله ? صدق الله العظيم ? - ? بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - - - المحتويات - ? - الله أكبر ? الله ? الله الله أكبر ? - الله ? الله ?? الله أكبر ?? الله ?? - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - - ? في عليٍّ ? الله ? - - ? - ? - - } صدق الله العظيم - الله - صدق الله العظيم ? - ? بسم الله الرحمن الرحيم - ? بسم الله الرحمن الرحيم - - الله ? - - - الله ? - - الله أكبر الله أكبر - - الله أكبر الله أكبر - جل جلاله - - { الله أكبر الله أكبر - الله الله أكبر - ? (1) .
__________
(1) الكافي ج1/424 .(9/40)
وأنَّ الله تعالى قال : ? ? - - جل جلاله -? { ? - الله أكبر ? ?? الله أكبر ? - ? صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - الله أكبر ? - ? - الله أكبر الله ? صدق الله العظيم ? - - - ? - - جل جلاله -? { الله أكبر الله أكبر ?? الله الله أكبر ? الله ? صدق الله العظيم ? الله أكبر ? - ? - ?? الله أكبر ? الله الله أكبر - ? - الله أكبر ? - - ? الله ? الله ? - ? الله أكبر - جل جلاله -? - الله أكبر ? - ? الله - - - - سبحانه وتعالى - - ? - ?? - ? الله } الله ? ? في ولاية علي وولاية الأئمة من بعده ? صدق الله العظيم - الله ? الله الله أكبر ? الله } - الله الله أكبر ? - - } ?? الله أكبر الله الله أكبر ? - } ? - - جل جلاله -?? الله ? ? (1) وقولهم بأنَّ الله تعالى قال : ? الله الله ? تمهيد - - ? علياً - عليه السلام - ? - سبحانه وتعالى - - ? الله ? صدق الله العظيم ??- صلى الله عليه وسلم - - سبحانه وتعالى - - ? الله الله أكبر ? - - ?? - - الله أكبر ? الله ? } - - { - - - تمهيد - - الله الله أكبر ? - ? - الله أكبر الله الله أكبر ? - - - الله - الله الله أكبر ? ?? الله أكبر - جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر - - - الله الله أكبر ? - سبحانه وتعالى - - ? الله ? - - ?? - - الله أكبر ? ? } - - { (2) .
__________
(1) الكافي ج1/414 .
(2) فصل الخطاب ص116 , وانظر : مصباح المتهجد للطوسي الورقة 122 , وتفسير البرهان ج1/22و277و279و325 , وتفسير الصافي ج1/254و113 , وبحار الأنوار ج7/377 وج19/30 وج21/95 وج93/26-28 .(9/41)
وروى الكليني بسنده عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله ع في قوله : ? صدق الله العظيم - الله ? - ? الله ? - - الله الله أكبر ? صدق الله العظيم - - ? الله ? - عليه السلام - - ? - ? - تمهيد - الله ? الله - - - ? ?- جل جلاله -? - ? صدق الله العظيم - الله أكبر - ? ? كلمات في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة ع من ذريتهم ? - ?- جل جلاله - { الله ? الله الله أكبر ? ? هكذا والله نزلت على محمد ص (1) .
ورووا عن أبي عبدالله في قول الله تعالى : ? صدق الله العظيم ? - الله أكبر ? الله ? - ? - ? - الله أكبر الله ? صدق الله العظيم - الله الله - ? - - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله ? - - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - - - جل جلاله -? صدق الله العظيم - - ? الله ? الله ? - - الله ? - ? بسم الله الرحمن الرحيم - } الله ? الله الله أكبر - الله ?? - ? - ? صدق الله العظيم ? الله - الله { الله الله أكبر ? ?? الله ? الله ? - ? ? صدق الله العظيم ? - الله أكبر - ??? - ? - - جل جلاله - - - الله ? ? } - - { أيا معشر المكذبين حيث أنبأتكم رسالة ربي في ولاية علي - عليه السلام - والأئمة من بعده من هو في ضلال مبين , هكذا نزلت (2) .
__________
(1) الكافي ج1/16 .
(2) الكافي ج1/421 .(9/42)
وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : دفع إليَّ أبو الحسن - عليه السلام - مصحفاً وقال : لا تنظر فيه , ففتحته وقرأتُ فيه : ? صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ? - ? الله أكبر ? الله ? الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - المحتويات - ? - - الله ? - ? ??- جل جلاله -? - ? الله أكبر الله أكبر صدق الله العظيم ? - - - - درهم - الله أكبر الله أكبر الله - - جل جلاله -? - ? - - الله ? - - جل جلاله -? - - { الله أكبر ? - ? - ? - - الله ? الله ? - بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله -? الله ?? - ? - عليه السلام -? بسم الله الرحمن الرحيم - - الله أكبر الله - - ? - ? الله - الله أكبر - جل جلاله - - - - - الله - - ? الله الله أكبر ? الله - جل جلاله - - الله أكبر الله - الله أكبر - ? - - ? } - { فوجدت فيها اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم , قال : فابعث إليَّ بالمصحف (1) .
ورووا عن أبي الحسن - رضي الله عنه - قال : ولاية علي - عليه السلام - مكتوبة في جميع صحف الأنبياء , ولن يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ووصية علي - عليه السلام - (2) .
وقال شيخهم الكاشاني : المستفادُ من الروايات من طريق أهل البيت : أنَّ القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أُنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - , بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله ، ومنه ما هو محرَّف مغيَّر ، وأنه قد حُذف منه أشياء كثيرة منها : اسم علي - عليه السلام - في كثير من المواضع , ومنها لفظة آل محمد غير مرة ، ومنها أسماء المنافقين في مواضعها ، ومنها غير ذلك ، وأنه ليس أيضاً على الترتيب المرضيِّ عند الله وعند رسوله (3) .
__________
(1) الكافي ج2/631 .
(2) الكافي ج1/437 .
(3) تفسير الصافي ، المقدمة السادسة .(9/43)
تعليق مهم :
في النصوص السابقة شهادة من علماء الشيعة , على أنه ليس لأمر أئمتهم ولا وصاية علي - رضي الله عنه - ذكر في كتاب الله تعالى ، وهذه الظاهرة تنسف بنيانهم من القواعد , فلم يكن أمام علماء المذهب الشيعي من مسلك : إلا القول بتحريف القرآن ونقصه وزيادته , وإلزام عوامهم بهذا الاعتقاد ؟ .
ولهذا شهد إمامهم المجلسي – كما سبق – أنَّ أخبار تحريف القرآن عندهم لا تقلُّ عن أخبار الإمامة , وأنه إذا لم يثبت التحريف , فلا تثبت الإمامة , ولا يثبت غيرها من عقائدهم الشيعية ، وقد أصاب المجلسي فالتحريف لم يقع ، ومسألة الإمامة لم تثبت ، والرجعة كذلك , وغيرها مما انحرف به علماء المذهب الشيعي ؟ .
س 14/ إذاً : ما هو اعتقاد علماء الشيعة في العدد الصحيح لآيات القرآن , وهل اتفقوا ؟ .
ج/ لا بل اختلفوا !! روى شيخهم الكليني (1) عن هشام بن سالم عن أبي عبدالله ع قال : إنَّ القرآن الذي جاء به جبرئيل ع إلى محمد ص سبعةَ عشرَ ألف آية .
وقد حكموا بصحة هذه الأسطورة ؟ .
قال المجلسي : فالخبر صحيح (2) .
وقال المازنذدراني : إن آي القرآن ستة آلاف وخمسمائة , والزائد على ذلك مما سقط بالتحريف .. (3) .
وقال المجلسي : إن هذا الخبر وكثيراً من الأخبار الصحيحة , صريحة في نقص القرآن وتغييره (4) .
التعليق :
هذه الأسطورة ، رواها علماء الشيعة بلفظ عشرة آلاف آية (5) .
ثم تطوَّر العدد ( في المزاد العلني !! ) عند علماء الشيعة إلى : سبعة عشر ألف آية (6) .
__________
(1) الكافي ج2/134و 242 .
(2) مرآة العقول للمجلسي ج2/536 .
(3) شرح جامع على الكافي ج11/76 .
(4) مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول للمجلسي ج2/536 .
(5) الوافي المجلد الثاني ج1/274 .
(6) الكافي ج2/134 .(9/44)
ثم تطوَّر المزاد إلى : ثمانية عشر ألف آية كما في كتاب سليم بن قيس (1) .
ولازال التطوَّر مستمراً حتى اليوم !! .
س 15/ ما موقف علماؤهم المعاصرون من عقيدة مذهبهم بالقول بتحريف القرآن باختصار ؟ .
ج/ لقد انقسم علماء الشيعة المعاصرون إلى أربعة أقسام :
القسم الأول :
تظاهروا بإنكار وجود هذه العقيدة في كتبهم أصلاً :
ومنهم : عبدالحسين الأميني النجفي , حيث قال في ردِّه على ما ذكره ابن حزم : من أنَّ علماء الشيعة يقولون بأنَّ القرآن محرَّف : ليتَ هذا المجترئ أشار إلى مصدر فريته من كتاب للشيعة موثوق به .. بل نتنازل معه إلى قول جاهل من جهالهم , أو قَرَوي من بسطائهم أو ثرثار .. وهذه فرق الشيعة في مقدمتهم الإمامية , مُجمعة على أنَّ ما بين الدفتين هو ذلك الكتاب لا ريب فيه (2) .
التعليق :
__________
(1) المازندراني : شرح جامع ج11/76 .
(2) الغدير ج3/94-95 , ومن المضحك المبكي : أنَّ هذا النجفي صدَّر الجزء السابع من كتابه هذا , بتقريظ النصراني ( بولس سلامة ) فكتب له النصراني بعد ذلك يقول : وقد شرفتموني بإدراج رسالتي في المقدمة , وقد اطلعت على هذا السفر النفيس , فحسبت أن لآلئ البحار قد اجتمعت في غديركم , وقد لفت نظري على الأخص , ما ذكرتموه بشأن الخليفة الثاني , فلله دركم , ما أقوى حجتكم الغدير ج7/ح .
وقد ابتهج هذا الشيعي المغفل بثناء هذا النصراني , فبادله الثناء , وقال عن رسالة النصراني تلك : أتانا من بحَّاثة المسيحيين القاضي الحر , والشاعر النبي , الاستاذ بولس سلامة .. الخالد الذكر , فشكراً له ثمَّ شكراً الغدير ج7/ص ح .(9/45)
لقد أنطق الله تعالى النجفي نفسه من حيث لا يشعر , فأورد آية مفتراة في نفس كتابه (1) ونصها : قال الله : اليوم أكملت لكم دينكم بإمامته فمن لم يأتمَّ به وممن كان من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة فأولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون .. إنَّ إبليس أخرج آدم - عليه السلام - من الجنة مع كونه صنوة الله بالحسد , فلا تحسدوا فتحبط أعمالكم وتزلَّ أقدامكم .. .
وقال النجفي : بأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : بأنها نزلت في علي - عليه السلام - .
القسم الثاني :
اعترفوا بوجود التحريف في القرآن ولكن حاولوا تبريره ؟ .
فصنف منهم قال : بأنَّ روايات التحريف : ضعيفة شاذة , وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً , فإما أن تؤل بنحو من الاعتبار , أو يضرب بها الجدار (2) .
التعليق :
ماذا يجيبون عمَّا يردده كبارهم من القول : باستفاضة وتواتر أخبار وقوع التحريف والنقص والزيادة في القرآن , ومن روى روايات التحريف وأظهر إيمانه بها واعتقدها لا يجوز أنْ يوثق به .
وصنف ثان يقول : بأنَّ الروايات ثابتة , ولكن المراد في كثير من روايات التحريف من قولهم عليهم السلام : ( كذا نزل ) هو التفسير بحسب التنزيل في مقابل البطن والتأويل (3) .
التعليق :
قولهم هذا تأكيد لقولهم بالتحريف وليس دفاعاً عنه , وكيف يكون تفسير الصحابة - رضي الله عنهم - تحريف في نظر هذه الفئة , وتحريف شيخهم القمي والكليني والمجلسي للقرآن هو التفسير ؟!! .
__________
(1) ج1/214-216 .
(2) أصل الشيعة لمحمد آل كاشف الغطاء ص63-64 .
(3) الميزان في تفسير القرآن لمحمد حسن الطبطبائي ج12/108 مؤسسة الأعلمي ببيروت سنة 1391هـ .(9/46)
وصنف ثالث من علماء شيعتهم يقول : بأنَّ المراد بذلك النسخ : أو يكون (1) مما نسخ تلاوته (2) .
الفاضحة :
ولكن شيخ الشيعة اليوم , والذي يلقبونه بالإمام الأكبر , والآية العظمى ، زعيم الحوزة العلمية ، ومرجعها الأكبر : أبو القاسم الموسوي الخوئي يرى : أنَّ القول بنسخ التلاوة هو قول بالتحريف (3) .
والفرق واضح بين النسخ والتحريف ، فالتحريف من صنع البشر وقد ذم الله فاعله ، والنسخ من الله تعالى , قال الله تعالى : ? - الله ? صدق الله العظيم - الله { ? الله ? ??- جل جلاله -? { ? الله أكبر الله أكبر الله ? - - ? صدق الله العظيم ? - - - - الله ?- جل جلاله - { ? - الله أكبر ? - - - - - الله الله أكبر ? - } صدق الله العظيم - الله أكبر الله مقدمة - ? - - - الله ? صدق الله العظيم الله أكبر ? الله - جل جلاله -? صدق الله العظيم ? - - - - - - - الله أكبر الله أكبر الله أكبر ?- جل جلاله -? - - - جل جلاله -? ? (4) وهو لا يستلزم مس كتاب الله سبحانه بأي حال .
وصنف رابع يقول : بأنَّ القرآن الموجود بين أيدينا ليس فيه تحريف , ولكنه ناقص قد سقط منه ما يختص بولاية أمير المؤمنين علي - عليه السلام - (5) .
التعليق :
هذا القول كسابقه , فليس بدفاع , ولكنه تأكيد على وقوع التحريف بالقول بنقصه .
__________
(1) أي : العدد الزائد عما في القرآن .
(2) الكاشاني , الوافي المجلد الثاني ج1/274 .
(3) البيان للخوئي ص 210 .
(4) الآية 106 من سورة البقرة .
(5) انظر : أغابزرك الطهراني في الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج3/313-314 .(9/47)
وصنف خامس يقول : بأننا نؤمن بهذا القرآن الموجود , وليس فيه نقص ولا زيادة : على أننا معاشر الشيعة الإثني عشرية نعترف بأنَّ هناك قرآناً كتبه الإمام علي - عليه السلام - بيده الشريفة , بعد أن فرغ من كفن رسول الله وتنفيذ وصاياه ... ولم يزل كل إمام يحتفظ عليه كوديعة إلهية , إلى أن ظلَّ محفوظاً عند الإمام المهدي القائم , عجل الله تعالى فرجنا بظهوره الإسلام على ضوء التشيع لحسين الخراساني ص204 .
التعليق :
هذا القول يعترف فيه قائلوه بأنَّ هناك قرآن آخر , نعوذ بالله من الشرك .
القسم الثالث : المجاهرة بهذا الكفر والاستدلال به :
والذي تولى كبر هذا الكفر من علماء الشيعة , هو : حسين النوري الطبرسي ( ت1320 ) الذي ألف كتابه : فصل الخطاب , لإثبات إيمان علماء شيعته بهذا الكفر , فجمع في كتابه : كل أقوال علماء شيعته المتفرقة , وأقوال شيوخه , والآيات المحرَّفة في اعتقادهم , فجمعه وطبعه في كتاب واحد , وطُبع هذا الكتاب في إيران سنة 1298هـ .
س 16/ لو ذكرتم لنا نماذج من تفسير علماء الشيعة لآيات الكتاب العزيز ؟ .(9/48)
ج/ نعم : فالقرآن يفسرونه بالأئمة !! قالوا في قوله تعالى : ? المحتويات - ? - ?- جل جلاله -? - - الله الله أكبر الله أكبر الله الله أكبر ? - جل جلاله - - ? - - - - جل جلاله - - - - جل جلاله -?- جل جلاله -?? - ? الله } الله ? - } ? بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر ?? - - الله ? - ?- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - - - الله الله أكبر ? - ? الله { ? - - - - - ? - ? - - - - الله ? - الله ?- جل جلاله - - الله ?? - الله أكبر ? الله ? صدق الله العظيم ? الله الله أكبر - - } - - جل جلاله - - الله - ? } - { قالوا : قال أبو جعفر ع : النور والله : نور الأئمة من آل محمد ص إلى يوم القيامة , وهم والله نور الله الذي أنزل , وهم والله نور الله في السماوات والأرض (1) .
وكذلك النور : يُفسرونه بالأئمة ؟! .
__________
(1) الكافي ج1/194 , وتأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة ص671 لشرف الدين الأسترآبادي المتوفى سنة 940 .(9/49)
قال أبو عبدالله - رضي الله عنه - في قوله - عز وجل - : ? - ? - - - - - } ? - ? - جل جلاله - - - الله ?? - الله أكبر ? الله الله { ? - - - - ? صدق الله العظيم } - - - - ? - - الله ? - ? الله - الله ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - } ? - الله أكبر ? - ? - ? - ? { الله أكبر ?- جل جلاله -? - ? ? فاطمة ع ? - - الله أكبر الله أكبر الله أكبر ? - - جل جلاله -? - صلى الله عليه وسلم - - - - الله - صدق الله العظيم ?- جل جلاله -? ? أي : الحسنُ ? - - - الله - صدق الله العظيم ?- جل جلاله -? - ? - - ? - { ? الله - - الله - - } ? الحسينُ ? - ? الله - - الله - الله - { ? - - - الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - - - - ? - رضي الله عنه - درهم - } ?? - ? تمت الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله - } - - ? فاطمةُ كوكبٌ دري بين نساء أهل الدنيا ? - - الله الله أكبر ?? - الله أكبر ? ?- جل جلاله -? - ? الله - الله - الله ? - ? الله } الله - - الله أكبر الله - - الله ? ? إبراهيم ع ? - ? الله ?? - - صدق الله العظيم الله أكبر ? الله } - ? - درهم - ? الله الله - - جل جلاله -?? - الله ? - الله درهم الله ? - ? الله الله - - جل جلاله - الله أكبر - ? - الله ?? ? لا يهودية ولا نصرانية ? - - - - ? الله الله أكبر ? - الله ? - - صدق الله العظيم الله أكبر ? الله } - ? - ?- جل جلاله -? - الله أكبر ? ? يكاد العلم ينفجر بها ? ?? - ? الله ? صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ? - ? صدق الله العظيم { الله { صدق الله العظيم ? الله الله أكبر - - - } - الله الله أكبر ? - صلى الله عليه وسلم - } ? بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر الله أكبر ? - عليه(9/50)
السلام -? - ? الله ? - - } ? - الله أكبر ? ? إمام منها بعد إمام ? ?- جل جلاله - - صدق الله العظيم ? الله الله أكبر ? - ? - - - - - - جل جلاله -?- جل جلاله - } ? - ?- جل جلاله -? ? الله ? - - ? - - الله ? الله الله أكبر ? ? يهدي الله للأئمة من يشاء ? ? - - - { ? الله الله أكبر ? الله ? - ? - - - - الله ? - الله أكبر الله الله أكبر - صدق الله العظيم ? - - - ? - - - - { - بسم الله الرحمن الرحيم - ?- جل جلاله -?? ? (1) .
ويُفسرون الآيات التي تنهى عن الشرك : بالشرك في ولاية علي - رضي الله عنه - أو الكفر بولايته !! .
رووا عن الباقر - عليه السلام - في قوله تعالى : ? صدق الله العظيم - الله أكبر الله ? - ? الله ? - ?- جل جلاله - - ? الله أكبر - - ?? صدق الله العظيم - - ? تمهيد - - ? - ? تمهيد - - الله ? الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - ?- جل جلاله -? ??- جل جلاله -? صدق الله العظيم - الله الله أكبر ? ?? تمهيد - ? - ? ? - صدق الله العظيم } الله - صدق الله العظيم ? - - - ? قال : لئن أَمرتَ بولاية أحد مع ولاية علي - عليه السلام - ? الله الله ? - ? الله الله أكبر - صدق الله العظيم - الله - - ? ?? الله أكبر ? الله ? الله ? الله الله ? الله الله أكبر ?? الله أكبر ? الله الله أكبر - - ? الله ? الله ?- جل جلاله -? الله ?? - - - جل جلاله - { - الله أكبر الله أكبر الله - - ? - - ? .
__________
(1) الكافي ج1/695 .(9/51)
وقالوا : قال أبو جعفر ? في قوله تعالى : ? الله الله ? تمهيد - - - ? الله - - - - الله درهم - - - جل جلاله -? { الله أكبر ?? الله ? ? - - - ?? الله - { الله أكبر ? - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - - ? يعني أنه لا يغفر لمن يكفر بولاية عليٍّ , وأما قوله : ? - - - جل جلاله -? { الله أكبر الله أكبر ?? الله ? الله ? - الله ? الله ?? - - ??- جل جلاله -? - - - ? الله ?- جل جلاله -? - - ? - - الله ? الله ? ? يعني لمن والى علياً ع (1) .
__________
(1) تفسير الصافي ج1/156و361 , وتفسير نور الثقلين للحويري ج1/151 و488 , ج3/317-318 ج40/498 , وتفسير العياشي ج1/72و245 -246 ج2/353 , وتفسير البرهان ج1/172و375 ج2/497 , وبحار الأنوار ج81/349 .(9/52)
ويفسرون الآيات التي تأمر بعبادة الله وحده واجتناب الطاغوت : بولاية الأئمة والبراءة من أعدائهم ، فعن أبي جعفر - رضي الله عنه - : ما بعث الله نبياً قط إلا بولايتنا والبراءة من عدونا ، وذلك قول الله في كتابه : ? صدق الله العظيم - الله ? - ? الله ? - الله الله أكبر ? الله أكبر صدق الله العظيم - الله ? الله الله أكبر - ? الله - ? - } - ? الله أكبر الله أكبر الله الله ? الله أكبر - - - - درهم ? - ? الله الله } - ? - - - المحتويات - ? - - - الله أكبر - صدق الله العظيم ? - - - ? الله - - - المحتويات - ? - - - جل جلاله -? الله الله أكبر - صدق الله العظيم - - - الله ? - ? - ? - ?? - الله أكبر - ??? - - ? - ? صدق الله العظيم ?- جل جلاله -? الله الله أكبر ? ?? الله الله ? ? الله - الله أكبر الله ? - ? - - - - ? - ? صدق الله العظيم ?- جل جلاله -? الله ? ?? الله الله ? { - بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله - - جل جلاله -? صدق الله العظيم - - ? الله ? - - ? - ? - ? الله أكبر ? - ??? - - ? بتكذيب آل محمد ع .. (1) .
__________
(1) تفسير العياشي ج2/258-261 , والبرهان ج2/368-273 , والصافي ج1/923 , وتفسير نور الثقلين ج3/53-60 .(9/53)
وعن أبي عبدالله - عليه السلام - في قوله تعالى : ? الله ? - الله الله أكبر ? الله ? - ? - - - - - الله درهم المحتويات - - ? - - - جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - - الله الله أكبر - - ? صدق الله العظيم - الله أكبر الله ? - الله أكبر - ? - تمهيد - - - ? صدق الله العظيم - الله أكبر الله الله أكبر ? - - - - ? قال : يعني بذلك : لا تتخذوا إمامين اثنين ? - الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - ? - تمهيد - الله ? - ? تمت ? - الله أكبر - ? - تمهيد - - - - - جل جلاله - - - الله ? ? إمام واحد ? - ? - الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - تمهيد - الله الله أكبر ? - ?? - - الله ? صدق الله العظيم } - - الله الله أكبر ? ? (1) .
__________
(1) تفسير العياشي ج2/258 , و ج2/261 , البرهان ج2/368 ج2/373 , الصافي ج1/923 , نور الثقلين ج3/53-60 .(9/54)
ويفسرون الآيات الواردة في الكفار والمنافقين : بأكابر صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , قال أبو عبدالله - عليه السلام - في قوله تعالى : ? الله ? - الله الله أكبر ? الله ? - ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - المحتويات - ? - - الله ? الله } - - الله الله أكبر ? الله الله الله أكبر - الله } - الله الله أكبر ?- جل جلاله - } - - - - ? صدق الله العظيم الله أكبر ? الله - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - - الله الله أكبر ? - ? - الله ? - - - ??- جل جلاله -? الله - ?- جل جلاله - - - ? - - - } ? - - تمهيد ? - - الله ? - الله ? - ? - ? الله ? صدق الله العظيم مقدمة ?? - ? - صدق الله العظيم - الله الله أكبر - - الله أكبر الله ? الله أكبر - جل جلاله -? - ? - { الله أكبر الله أكبر ? - - - - الله الله أكبر ?? الله أكبر ? الله - - جل جلاله - الله أكبر ? الله ?- جل جلاله -? الله ? - - جل جلاله -? الله ? { الله أكبر ? - - - - - ? - - ? } - - { قال : هما ، ثم قال : وكان فلان شيطاناً قال المجلسي : هما أبو بكر وعمر ، والفلان الشيطان يحتمل أن يكون عمر لأنه شرك شيطان لكونه ولد زنا ، أو لأنه في المكر والخديعة كالشيطان ويحتمل أن يكون أبا بكر (1) .
__________
(1) فروع الكافي الذي بهامش مرآة العقول ج4/416 .(9/55)
ورووا أنَّ أبا عبدالله قال في قول الله تعالى : ? صدق الله العظيم الله ?? - ?- جل جلاله - { ?? - ? - - صدق الله العظيم - - جل جلاله - - - ? - - - جل جلاله - - - - ? - الله أكبر ?? - الله أكبر - ??? - - الله ? ? أبو بكر وعمر (1) .
س 17/ بماذا يفسر علماء الشيعة قول الله تعالى : ? - جل جلاله -? بسم الله الرحمن الرحيم - ?- جل جلاله -? الله ? - ? - - الله ? صدق الله العظيم ? - - - - ? - - - عليه السلام -? الله ? { { - - - ? - - - ?? - ? صدق الله العظيم - - - الله الله أكبر ? - - الله ?- جل جلاله - - المحتويات - ? - } الله - الله ? الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - - ?? - - - جل جلاله - - - ? - الله أكبر ? ??- جل جلاله -? - - - جل جلاله -? تمهيد - ? - - - الله أكبر الله أكبر الله ? صدق الله العظيم ? - - - الله ? صدق الله العظيم ? الله { صدق الله العظيم - - - الله ? - الله ? المحتويات - ? - الله أكبر ? - - ? الله ?? - الله أكبر ? الله ? صدق الله العظيم ? الله الله أكبر ? ? } - - - { .
__________
(1) تفسير العياشي ج1/102و246 , وتفسير البرهان ج1/208و377 , وتفسير الصافي ج1/208 , وبحار الأنوار ج3/378 , والوافي للكاشاني ج1/314 , وبشارة المصطفى للطبري ص193 , وبصائر الدرجات الكبرى للصفار ص34 .(9/56)
ج/ رووا عن الإمام الرضا ? أنه قال : إذا نزلت بكم شدة فاستعينوا بنا على الله ، وهو قول الله : ? - جل جلاله -? بسم الله الرحمن الرحيم - ?- جل جلاله -? الله ? - ? - - الله ? صدق الله العظيم ? - - - - ? - - - عليه السلام -? الله ? { { - - - ? - - - ?? - ? صدق الله العظيم - - - الله الله أكبر ? - - الله ?- جل جلاله - - ? قال : قال أبو عبدالله ع : نحن والله الأسماء الحسنى الذي لا يُقبل من أحد إلا بمعرفتنا ؟ قال : ? - ?? - ? صدق الله العظيم - - - الله الله أكبر ? - - الله ?- جل جلاله - - ? (1) .
س 18 / ما هي منزلة أقوال الأئمة الاثني عشر وأطفالهم عند علماء المذهب الشيعي ؟ .
ج/ هي كأقوال الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - !!! قالوا : إنَّ حديث كل واحد من الأئمة الظاهرين قول الله عز وجل , ولا اختلاف في أقوالهم كما لا اختلاف في قوله تعالى !!! (2) .
بل قالوا : يجوز من سمع حديثاً عن أبي عبدالله ع , أن يرويه عن أبيه أو عن أحد أجداده عليهم السلام , بل يجوز أن يقول : قال الله تعالى ؟ بل هذا هو الأولى ؟ لحديث أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله ع : الحديث أسمعه منك , أرويه عن أبيك , أو أسمعه عن أبيك , أرويه عنك ؟ قال : سواء , إلا أنك ترويه عن أبي أحبُّ إليَّ ! وقال أبو عبدالله ع لجميل : ما سمعت منِّي فاروه عن أبي (3) .
وقالوا : بأنَّ الإمامة استمرار للنبوة (4) .
وقال الخميني : إنَّ تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن , يجب تنفيذها واتباعها (5) .
__________
(1) تفسير العياشي ج2/42 , والصافي ج1/626 , والبرهان ج2/51 , ومستدرك الوسائل ج5/228 , والاختصاص ص252 .
(2) شرح جامع ج2/272 .
(3) أصول الكافي مع شرح جامع للمازندراني ج2/259 .
(4) عقائد الإمامية للمظفر ص66 .
(5) الحكومة الإسلامية ص13 .(9/57)
ويقول شيخهم محمد جواد مغنية : قول المعصوم وأمره تماماً كالتنزيل من الله العليم : ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - (( - - رضي الله عنه - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( - - - عليه السلام - قرآن كريم - - ( - - - ((( ( تمت ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - - صدق الله العظيم ( { (((- صلى الله عليه وسلم -- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (- رضي الله عنهم -- صلى الله عليه وسلم - قرآن كريم ( - ((( ( (1) .
فالنص النبوي استمرَّ في اعتقادهم حتى آخر أئمتهم ؟ .
التعليق :
هذه الروايات صريحة في استساغتهم الكذب البواح الصراح , حيث ينسبون مثلاً لأمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - ما لم يقله , بل قاله أحد أحفاده , بل هو الأولى , كما في الرواية السابقة ! ؟ .
س 19/ إذاً : ما هي السنة عند علماء الشيعة ؟ .
ج/ السنة عندهم هي : سنة المعصومين عليهم السلام (2) .
قالوا : وذلك لأنهم هم المنصوبون من الله تعالى على لسان النبيِّ , لتبليغ الأحكام الواقعية , فلا يحكمون إلا عن الأحكام الواقعية عند الله تعالى كما هي (3) .
فليست حينئذ مقصورة على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المعصوم وحده ؟ .
ولا فرق في كلام أئمتهم المعصومين الاثني عشر , بين سن الطفولة وسن النضج العقلي ؟ .
لأنهم في اعتقادهم : لا يُخطئون منذ ولدوا , وحتى يموتوا , لا عمداً ولا سهواً ولا نسياناً (4) .
س 20/ إذاً : فهل بلَّغَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشريعة كلَّها قبل وفاته في اعتقادهم ؟ .
__________
(1) الخميني والدولة الإسلامية ص59 .
(2) الدستور الإسلامي لجمهورية إيران ص20 , إصدار وزارة الارشاد الإيرانية .
(3) أصول الفقه المقارن للمظفر ج3/51 .
(4) عقائد الإمامية للمظفر ص66 .(9/58)
ج/ لا , بل بلَّغ جزءاً من الشريعة , وأودع الباقي عند علي - رضي الله عنه - ؟ قال آيتهم العظمى شهاب الدين النجفي : إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ضاقت عليه الفرصة , ولم يسعه المجال لتعليم جميع أحكام الدين .. وقد قدَّم الاشتغال بالحروب على التمحص ببيان تفاصيل الأحكام ... لا سيما مع عدم كفاية استعداد الناس في زمنه لتلقي جميع ما يحتاج إليه طول قرون (1) .
وقال الخميني : ونقول : بأنَّ الأنبياء لم يُوفقوا في تنفيذ مقاصدهم , وأنَّ الله سيبعث في آخر الزمان شخصاً يقوم بتنفيذ مسائل الأنبياء .. (2) .
س 21/ ما موقف علماء المذهب الشيعي من مرويات الصحابة - رضي الله عنهم - ؟ .
ج/ يقول شيخهم آل كاشف الغطاء أنهم : لا يَعتبرون من السنة إلا ما صَحَّ لهم من طريق أهل البيت .. أما ما يرويه مثل أبي هريرة وسمرة بن جندب ... فليس له عند الإمامية مقدار بعوضة (3) .
ولذلك فإنَّ من أصول عقائد الشيعة : أنَّ ..كلَّ ما لم يَخرج من عند الأئمة فهو باطل (4) .
وقال حسن بن فرحان المالكي ( وهو ممن خدم المذهب الشيعي ) : بقبول مرويات من آمن من الصحابة قبل صلح الحديبية فقط (5) .
القاصمة :
يُبرر علماء الشيعة ردهم لمرويات الصحابة - رضي الله عنهم - , بأنهم أنكرو إمامة واحد من أئمتهم , وهو : علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - على حدِّ زعمهم ؟ فلماذا يَقبلون روايات من أنكر كثيراً من أئمتهم !!؟ .
__________
(1) شهاب الدين النجفي وتعليقاته على إحقاق الحق للتستري ج2/288-289 .
(2) مسألة المهدي مع مسألة أخرى ص22 .
(3) أصل الشيعة وأصولها ص79 .
(4) أصول الكافي للكليني ج1/399 .
(5) كما في كتابه : الصحابة بين الصحبة اللغوية والصحبة الشرعية ص 25 .(9/59)
لماذا يعمل علماء الشيعة كما أكدَّ ذلك الحر العاملي : بروايات الفطحية (1) مثل : عبدالله بن بكير ؟ , وأخبار الواقفة (2) مثل : سماعة بن مهران , والناووسية (3) ..
ومع ذلك كلِّه وثَّق علماء الشيعة بعض رجال هذه الفرق التي أنكرت كثيراً من الأئمة ؟ .
قال النوبختي عن بعض رجال الفطحية كأمثال : محمد بن الوليد الخزاز , ومعاوية بن حكيم .. قال : وهؤلاء كلُّهم فطحية , وهم من أجلَّة العلماء والفقهاء والعدول .. !! .
وقال في بعض رؤوس الواقفة معرضاً هو وإخوانه من علماء شيعته عن قول إمامهم المعصوم في اعتقادهم ! : الواقف عائد عن الحق , ومقيم على سيئة , إن مات بها كانت جهنم مأواه , وبئس المصير وقال : يعيشون حيارى , ويموتون زنادقة !! .
وقال : فإنهم كفار مشركون زنادقة (4) .
__________
(1) هم أتباع : عبدالله بن جعفر بن محمد الصادق , وسموا الفطحية : لأنَّ عبدالله كان أفطح الرأس .. وقد قال النوبختي : بأنه مال إلى هذه الفرقة جل مشايخ الشيعة وفقهائها , ولم يعش عبدالله بعد أبيه إلا سبعين يوماً , فرجعوا عن القول بإمامته ( انظر : مسائل الإمامة لعبدالله الناشيء الأكبر ص46 , وفرق الشيعة للنوبختي ص77-78 , والحور العين لنشوان الحميري ص163-164 ) .
(2) الواقفة : هم الذين وقفوا على الإمام السابع للشيعة : موسى بن جعفر , فلم يقولوا بإمامة من بعده , حيث زعموا أنَّ موسى بن جعفر لم يمت وأنه حيٌّ , وينتظرون خروجه ( انظر : المقالات والفرق للقمي ص93 , ومسائل الإمامة ص47 ) .
(3) أتباع رجل يقال له : ناووس .. قالوا : بأن الإمام السادس جعفر بن محمد لم يمت , وهو حيٌّ وسوف يظهر ويلي الأمر .. ( انظر : المقالات والفرق ص80 , وفرق الشيعة ص67 , والزينة للرازي ص286 , والحور العين ص162 ) .
(4) رجال الكشي ص456 , 563 , 597 , 616 لأبي عمرو محمد بن عمر الكشي المتوفى سنة 350هـ .(9/60)
قاصمة ظهور علماء الشيعة :
لقد روى علماء الشيعة أنفسهم : عن ابن حازم قال : قلت لأبي عبدالله .. فأخبرني عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , صدقوا على محمد , أم كذبوا ؟ قال : بل صَدَقوا (1) .
الله أكبر : ? صدق الله العظيم ? - الله أكبر ? الله ? - ? - - الله أكبر الله - - الله ? الله - - ? - - الله ? الله ? الله } الله ? - ??- جل جلاله -? - الله أكبر الله - - ? - - الله الله ? تمهيد - - ??- جل جلاله -? - الله أكبر الله - - ? - - الله ? - - ? - - الله أكبر ?? - ? الله } ? } - - { .
س 22/ ما هي حقيقة ( حكايات الرقاع ) وما مكانتها في المذهب الشيعي ؟ .
ج/ لما توفي إمامهم الحسن العسكري ع لم يُرَ له خلفٌ , ولم يُعرف له ولدٌ ظاهر , وقد تم استبراء زوجاته وإمائه للتأكد من ذلك , حتى تبين لهم بطلان الحَبَل , فقُسِّمَ ميراثه بين أمه وأخيه جعفر , وأودعت أمه وصيته , وثبت ذلك عند القاضي والسلطان (2) .
فكانت هذه الواقعة قاصمة الظهر للتشيع , فمنهم من قال : انقطعت الإمامة (3) .
ومنهم من قال : إنَّ الحسن بن علي ع توفي ولا عقب له , والإمام بعده جعفر بن علي أخوه (4) .
__________
(1) أصول الكافي ج1/65 .
(2) المقالات والفرق ص102 .
(3) بحار الأنوار للمجلسي ج51/212 , وكتاب الغيبة للحجة لأبي جعفر الطوسي ص224 .
(4) المقالات والفرق لسعد القمي ص108-110 .(9/61)
وفي خِضَمِّ هذه الحيرة والاضطراب التي يعيشها علماء الشيعة , قام رجلٌ يُدعى ( عثمان بن سعيد العمري ) وادَّعى أن للحسن العسكري ولداً في الخامسة من عمره , مختفياً عن الناس لا يظهر لأحد غيره , وهو الإمام بعد أبيه الحسن , وأنَّ هذا الطفل الإمام قد اتخذه وكيلاً عنه في قبض الأموال , ونائباً يجيب عنه في المسائل الدينية (1) .
ولما مات عثمان بن سعيد ( سنة 280 ) ادَّعى ابنه محمد بن عثمان نفس دعوى أبيه .
ولما توفي محمد ( سنة 305 ) خلفه الحسين بن روح النوبختي في نفس الدعوى , ولما توفي ( سنة 326 ) خلفه أبو الحسن علي بن محمد السمري ( سنة 329 ) وهو آخر المدَّعين للنيابة عند علماء الشيعة الإمامية , ولما كثر المدَّعون للبابية من أجل الأرصدة الباهرة من الأموال , قال علماء الشيعة بانقطاع البابية ووقوع الغيبة الكبرى بوفاة السمري .
وكان هؤلاء النواب عن الإمام يَتلَّقون أسئلة السفهاء , كما يتلقفون أموالهم !! ويأتون بأجوبتها وإيصالها من الإمام المنتظر ويسمونها ( توقيعات ) وهي خطوط إمامهم المنتظر بزعمهم (2) .
__________
(1) حصائل الفكر في أحوال الإمام المنتظر لمحمد البحراني ص36-37 .
(2) انظر : بحار الأنوار للمجلسي ج51/359-362 .(9/62)
وأما عن مكانة هذه الخرافة : فهي كقول الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - , حتى إنَّ علماء الشيعة رجّحوا هذه التوقيعات , على ما رُوي بإسناد صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حال التعارض , قال الحر العاملي : فإنَّ خطّ المعصوم أقوى من النقل بوسائط .. (1) 0
واعتبر علماء الشيعة المعاصرون هذه الرقاع من السنة التي لا يأتيها الباطل (2) .
س 23/ ما هو سبب تأليف الطوسي لكتابه تهذيب الأحكام , وكم عدد أحاديثه ؟ .
ج/ هذا الكتاب هو أحد أصول المذهب الشيعي المعتبرة , منذ تأليفه وإلى اليوم , وبلغت أحاديثه (13590 ) ويُعتبر الكتاب الثاني بعد الكافي لشيخهم الكليني .
والعجيب أن المؤلف الطوسي قد صرَّح في كتابه ( عدة الأصول ) أن أحاديث كتابه التهذيب وأخباره تزيد على : خمسة آلاف , أي لا تزيد على الستة آلاف !.
فهل معنى ذلك أنه قد زيد عليها أكثر من النصف في العصور المختلفة ؟! .
لا شكَّ أنها إضافات لأيدٍ خفيَّة , تسترت باسم الإسلام من علماء شيعتهم ؟ .
__________
(1) من لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي ج4/151 , ووسائل الشيعة ج20/108 , ولقد اهتمَّ شيوخ الشيعة بهذه التوقيعات , ودونوها , لأنها في اعتقادهم من الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه ! ( انظر مثلاً : أصول الكافي ج1/517 , وإكمال الدين لابن بابويه ص450 , والغيبة للطوسي ص172 , والاحتجاج على أهل اللجاج ج2/277 لأبي منصور أحمد بن أبي طالب الطبرسي المتوفي سنة 588هـ , وبحار الأنوار ج53/150-246 , وانظر : قرب الإسناد للحميري , والذريعة ج4/500 .
(2) الدعوة الإسلامية للخنيزي ج2/112 .(9/63)
وأما سبب تأليفه فهو ما آلت إليه أحاديثهم : من الاختلاف والتباين والمنافاةِ والتضادِّ , حتى لا يكاد يتفقُ خبرٌ إلا وبازائه ما يضادُّهُ , ولا يسلمُ حديثٌ إلا وفي مقابلته ما ينافيه حتى عدَّ مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا .. !! .
وقد علَّق كثيراً من اختلافات علمائهم على ( التَقِيَّة ) بدون دليل , سوى أن هذا الدليل أو ذاك يوافق أعدائهم أهل السنة (1) .
ولو وقفنا يسيراً مع كتاب الشيعة المقدَّس الكافي لرأينا العجب العجاب :
قالوا :
لما ألَّف الكليني كتابه الكافي , عَرَضه على إمامهم الثاني أو الثالث عشر الغائب , فقال ع : الكافي كاف لشيعتنا (2) .
وقال عباس القمي : الكافي هو أجلُّ الكتب الإسلامية , وأعظم المصنفات الإمامية , والذي لم يُعمل للإمامية مثله .
وقال محمد أمين الاستر أبادي : سمعنا من مشايخنا وعلمائنا : أنه لم يُصَنَّفْ في الإسلام كتاب يوازيه أو يدانيه (3) .
أيها القاريء :
اقرأ معي هذه الأقوال : قال الخوانساري : اختلفوا في كتاب الروضة هل هو من تأليف الكليني , أو مزيد فيما بعد على كتابه الكافي ؟ (4) .
وقال ثقتهم سيدهم حسين بن حيدر الكركي العاملي ( المتوفى سنة 1076هـ ) إن كتاب الكافي خمسون كتاباً بالأسانيد التي فيه لكل حديث متصل بالأئمة .. (5) .
بينما يقول شيخ الطائفة الطوسي ( المتوفى سنة 460هـ ) : كتاب الكافي مشتمل على ثلاثين كتاباً , أخبرنا بجميع رواياته الشيخ .. (6) .
__________
(1) تهذيب الأحكام المقدمة 2-3 ج1/2 , ومستدرك الوسائل ج3/719 , والذريعة ج4/504 .
(2) مقدمة الكافي ص25 .
(3) الكنى والألقاب القمي ج3/98 .
(4) الكنى والألقاب ج3/98 .
(5) الكنى والألقاب ج6/114 .
(6) الفهرست للطوسي ص161 .(9/64)
يتبين لك من الأقوال المتقدمة : أنَّ ما زيد على الكافي ما بين القرن الخامس والقرن الحادي عشر : ( عشرون كتاباً ) وكل كتاب يضم الكثير من الأبواب , أي : أن نسبة ما زيد في كتاب الكافي طيلة هذه المدة يبلغ ( 40% ) عدا تبديل الروايات , وتغيير ألفاظها , وحذف فقرات , وإضافة أخرى !! .
فمن الذي زاد في الكافي عشرين كتاباً ؟ أيمكن أن يكون من أصحاب العمائم من علماء يهود , وهل هو يهوديٌّ واحد ؟ أو يهودٌ كُثُر طيلة هذه القرون ؟ .
وأسأل كلَّ شيعي : أما زال كافيكم موثَّقاً من قبل معصومكم في سردابه , وما زال متمسكاً برأيه فيه وتوثيقه , وأنه كاف لشيعته ؟؟؟ نسأل الله تعالى الهداية لنا ولكم !! .
س 24/ ماذا يقول علماء الشيعة المعاصرون عن مصادرهم في التلقي ؟ .
ج/ لقد اعتمدوا في التلقي على أصول علمائهم القديمة المجموعة في الكتب الأربعة الأولى , وهي : الكافي , والتهذيب , والاستبصار , ومن لا يحضره الفقيه ! كما قرر ذلك طائفة من شيوخهم المعاصرين : كأغا برزك الطهراني (1) ومحسن الأمين (2) وغيرهما .
قال شيخهم وآيتهم في هذا العصر عبدالحسين الموسوي عن كتبهم الأربعة : وهي متواترة , ومضامينها مقطوع بصحتها , والكافي أقدمها , وأحسنها , وأتقنها (3) .
__________
(1) الذريعة ج17/245 .
(2) أعيان الشيعة ج1/280 .
(3) المراجعات ص311 ( المراجعة رقم 110 ) .(9/65)
فعلماء الشيعة المعاصرون لا يختلفون عن المتقدمين من علمائهم الغابرين , فهم جميعاً يرجعون إلى معين واحد , ومصدر واحد ؟ وليس هذا فحسب , بل إنَّ بعض المصادر الإسماعيلية (1) قد أصبحت عمدة عند علماء الشيعة المعاصرين , مثل كتاب دعائم الإسلام للقاضي النعمان بن محمد بن منصور ( ت 363هـ ) وهو إسماعيلي , يُنكر كل أئمة الشيعة بعد جعفر الصادق , فهو كافر عندهم لإنكاره إمامة واحد فأكثر من أئمتهم (2) .
ومع ذلك فإنَّ كبار شيوخهم المعاصرين يعتمدون عليه في كتبهم ؟ (3) .
س 25/ هل يوجد في المذهب الشيعي الاصطلاح المعروف في تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف , كما هو عند أهل السنة , ومتى وجد في المذهب الشيعي , ولماذا ؟ .
ج/ إنما هو مستحدث (4) .
__________
(1) الإسماعيلية : هم الذين قالوا : الإمام بعد جعفر هو إسماعيل بن جعفر , ثمَّ قالوا : بإمامة محمد بن إسماعيل بن جعفر , وأنكروا إمامة سائر ولد جعفر , ومن الإسماعيلية انبثق القرامطة والحشاشون والفاطميون والدروز وغيرهم , وللإسماعيلية فرق متعددة , وألقاب كثيرة تختلف باختلاف البلدان , ومذهبهم : ظاهره الرفض , وباطنه الكفر المحض , فهم يُعطلون الله تعالى عن صفاته , ويُبطلون النبوة والعبادات ويُنكرون البعث , ولا يُظهرون ذلك إلى لمن وصل الدرجة الأخيرة في مذهبهم ( انظر : الزينة للرازي الإسماعيلي ص287 , والفهرست لابن النديم ص267-268 , والملطي في التنبيه والرد ص218 ) .
(2) انظر : معالم العلماء لمحمد بن علي بن شهراشوب ص139 .
(3) انظر : الحكومة الإسلامية ص67 .
(4) انظر : الوافي المقدمته الثانية ج1/11 للفيض الكاشاني .(9/66)
وسبب ذلك : والفائدة في ذكره – أي السند - دفع تعيير العامة – أي أهل السنة - للشيعة , بأنَّ أحاديثهم غير معنعنة , بل منقولة من أصول قدمائهم والاصطلاح الجديد , موافق لاعتقاد العامة واصطلاحهم , بل هو مأخوذ من كتبهم , كما هو ظاهر بالتتبع (1) .
س 26/هل يوجد في المذهب الشيعي تناقضات واختلافات في جرح بعض رواتهم وتعديله ؟ .
ج/ نعم , قال الكاشاني : في الجرح والتعديل وشرائطهما اختلافات وتناقضات واشتباهات , لا تكاد ترتفع بما تطمئن إليه النفوس , كما لا يخفى على الخبير بها (2) .
ومن الأمثلة على ذلك : محدثهم الشهير : زرارة بن أعين , صاحب أئمتهم الثلاثة : الباقر والصادق والكاظم .
روى الكشي عن أبي عبدالله ? أنه قال : .. زرارة شرٌ من اليهود والنصارى ومن قال : إنَّ الله ثالث ثلاثة .. (3) .
وروى الكشي نفسه أنَّ أبا عبدالله ? قال : يا زرارة إن اسمك في أسامي أهل الجنة (4) !! .
ومثل هذا التناقض كثير وكثير : كجابر الجعفي , ومحمد بن مسلم , وأبي بصير الليث المرادي , وبريد العجلي وحمران بن أعين , وغيرهم ...
ومن يك هذا شأنهم , وهذه أحوالهم , فبأي شيء يحكم على مروياتهم وأخبارهم التي رووها ؟ .
س 27/ هل الإجماع حجة عند علماء المذهب الشيعي , ومتى ؟ .
ج/ ليس بحجة , إلا بوجود أحد أئمتهم المعصومين , قال شيخهم ابن المطهر الحلي : الإجماع إنما هو حجة عندنا لاشتماله على قول المعصوم , فكل جماعة كثرت أو قلت , كان قول الإمام في جملة أقوالها فإجماعها حجة لأجله , لا لأجل الإجماع (5) .
التعليق :
__________
(1) وسائل الشيعة ج20/100 .
(2) الوافي , المقدمة الثانية ج1/11-12 .
(3) رجال الكشي ص149-151 و160 .
(4) رجال الكشي ص133-136 .
(5) تهذيب الوصول إلى علم الأصول , لحسن بن يوسف بن المطهر الحلي ص70 , وأوائل المقالات للمفيد ص153 .(9/67)
ما قيمة الإجماع حينئذ , ما داموا يعتبرون إمامهم معصوماً , فقوله وحده كاف ؟؟ .
س 28/ ما عقيدة علماء المذهب الشيعي في توحيد الألوهية ؟ .
ج/ لقد أثَّرَ اعتقادهم في أئمتهم في إفرادهم لله بالعبادة , ومن ذلك :
أولاً : قول علماء الشيعة : ( إنَّ الله تعالى لا يستغني عن أئمتهم ) ؟ نعوذ بالله .
ومن ذلك : ما افتروه على أبي عبدالله - رضي الله عنه - أنه قال : إنَّ الله خلقنا وصوَّرنا فأحسن صورنا , وجعلنا عينه في عباده , ولسانه الناطق في خلقه , ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة , ووجهه الذي يُؤتى منه , وبابه الذي يدلُّ عليه , وخُزَّانه في سمائه وأرضه , بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار , وجرت الأنهار , وبنا ينزلُ غيث السماء , وينبت عشب الأرض , وبعبادتنا عُبد الله , ولولانا نحن ما عُبد الله (1) .
ثانياً : اعتقاد علماء الشيعة : ( بالحلول والاتحاد الكلي ) ؟ نعوذ بالله .
زعموا أنَّ أبا عبدالله - رضي الله عنه - قال : ثمَّ مسَحَنا بيمينه فأفضى نوره فينا (2) .
وفي رواية : .. ولكنَّ الله خلطنا بنفسه .. (3) .
وأنَّ الصادق ? قال : لنا مع الله حالات : نحن فيها هو ، وهو نحن , إلا أنه هو هو , ونحن نحن (4) .
ثالثاً : ( أنَّ المراد بنصوص القرآن الواردة في توحيد العبادة هو تقرير ولاية علي والأئمة ) ؟.
وقاعدتهم في ذلك : أنَّ الأخبار متضافرة في تأويل الشرك بالله , والشرك بعبادته : بالشرك في الولاية والإمامة , أي : يشرك مع الإمام من ليس من أهل الإمامة , وأن يتخذ مع ولاية آل محمد - رضي الله عنهم - ولاية غيرهم (5) .
فمثلاً :
__________
(1) أصول الكافي ج1/144 .
(2) أصول الكافي ج1/440 .
(3) أصول الكافي ج1/435 .
(4) شرح الزيارة الجامعة الكبيرة ص107 .
(5) مرآة الأنوار للعاملي ص202 .(9/68)
قول الله تعالى : ( ( - - { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ((- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( { - فهرس - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - { - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - درهم ( - ( تمهيد - - (((( - - - تمهيد ( - - عليه السلام - - ((- صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم - (- رضي الله عنه - تمهيد ( - - عليه السلام - - - - - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام - - - ( - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - صدق الله العظيم - ( - ( - ( - - ( - - - (((( ( فمعنى هذه الآية في أصحِّ كتاب عندهم : لئنْ أَمرتَ بولاية أحد مع ولاية عليٍّ - عليه السلام - من بعدك , ليحبطنَّ عملك (1) .
__________
(1) أصول الكافي للكليني ج1/427 رقم 76 .(9/69)
ومنها : قولهم في قول الله تعالى : ? ? الله أكبر ?- جل جلاله -? - - - - - سبحانه وتعالى - - ? بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - - - - جل جلاله - - - - - - تمهيد - - ?- جل جلاله -? - - - ? - - - - - سبحانه وتعالى - - ? الله - صدق الله العظيم - الله ? { - - رضي الله عنهم - - الله أكبر - ? - الله أكبر الله ? الله } ? بأنَّ لعلي - عليه السلام - ولاية ? ? تمهيد - - الله ? صدق الله العظيم ? الله - { الله أكبر ? - الله أكبر ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - - ? من ليسَ له ولاية ? المحتويات - - ? - ?- جل جلاله -? صدق الله العظيم ? - الله أكبر - - ? - ? - - - ? - - الله الله أكبر ? - جل جلاله -? بسم الله الرحمن الرحيم - ?- جل جلاله -? - - ?- جل جلاله -? الله ? - ? - - - } - - جل جلاله - - - ? - ? - - ? (1) .
ومنها : ( ( مقدمة ( - - ((- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم -( } تم بحمد الله ( - - - - ( قال أبو عبدالله - عليه السلام - : أي : إمام هدى مع إمام ضلال .. (2) .
القاصمة :
قال أبو عبدالله - رضي الله عنه - فيمن يقول بهذا التفسير : من قال هذا فهو مشرك بالله ثلاثاً , أنا إلى الله منهم بريء ثلاثاً , بل عنى الله بذلك نفسه (3) .
رابعاً : اعتقادهم : ( أنَّ أصل قبول الأعمال هو الإيمان بإمامة الأئمة ) (4) .
__________
(1) كنز جامع الفوايد ص277 , وبحار الأنوار ج23/364 , وتفسير القمي ج2/256 , وأصول الكافي ج1/421 .
(2) بحار الأنوار ج23/391 , وكنز جامع الفوايد ص207 لمحمد بن علي الكراجكي البرقي الطرابلسي المتوفى سنة 449هـ .
(3) تفسير البرهان للبحراني ج4/78 .
(4) بحار الأنوار ج27/166-202 .(9/70)
رووا : إنَّ الله عز وجل نصب علياً - عليه السلام - عَلَمَاً بينه وبين خلقه , فمن عَرَفَهُ كان مؤمناً , ومن أنكره كان كافراً , ومن جهله كان ضالاً , ومن نصب معه شيئاً كان مشركاً , ومن جاء بولايته دخل الجنة (1) .
التعليق : ما ذنب الذين ماتوا في الأمم السابقة , ولم يعلموا بعلي - رضي الله عنه - ولا بأهل بيته !؟ .
خامساً : اعتقاد علماء الشيعة : ( بأنَّ أئمتهم هم الواسطة بين الله سبحانه وبين خلقه ) ؟.
ولهذا عقد شيخهم المجلسي باباً بعنوان : أنَّ الناس لا يهتدون إلا بهم , وأنهم الوسائل بين الخلق وبين الله , وأنه لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وفيه : قال رسول الله ص لعليٍّ ع : ثلاثٌ أُقسم أنهنَّ حق : أنك والأوصياء من بعدك عرفاء , لا يُعرف الله إلا بسبيل معرفتكم , وعرفاء لا يدخل الجنة إلا من عرفكم وعرفتموه , وعرفاء لا يدخل النار إلا من أنكركم وأنكرتموه فإنهم حجب الرب , والوسائط بينه وبين الخلق (2) .
التعليق :
__________
(1) أصول الكافي ج1/437 .
(2) بحار الأنوار للمجلسي ج23/97-99 .(9/71)
إنَّ اعتقاد علماء الشيعة هذا يذكرنا باعتقاد عابدي الأصنام ؟ قال الله تعالى : { - صدق الله العظيم - صلى الله عليه وسلم - - ( - ((((- صلى الله عليه وسلم - - - - - ((( - - - - ( - - - - ((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - - ( تم بحمد الله - - (( تم بحمد الله ((( مقدمة ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم -( - - عليه السلام -( - - - عليه السلام - - ( - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( - ( تمهيد ((- رضي الله عنه - الله أكبر - صدق الله العظيم ( { - - - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( - ( - - - { ( - ( - - فهرس - ( { ( - - - - - - - ( - ( - } تمت ( { { - - - ( المحتويات ( - (- رضي الله عنه - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - - - (( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( مقدمة - (( - - قرآن كريم ((( - - رضي الله عنه - - ( - - - } تمت ( { { - - - - صدق الله العظيم - ( - ( - - رضي الله عنه - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - ( - ( - - ( - - } ( - - ((( } .
وفي هذا الباب عدة مسائل لكي يتضح المقال :
المسألة الأولى : قول علماء الشيعة لا هداية للأنبياء إلا بولاية الأئمة , وما استأهل خلق النظر إليه إلا بالعبودية للأئمة ؟ نعوذ بالله .(9/72)
زعموا أنَّ أبا عبدالله - رضي الله عنه - قال : والله ما استوجب آدم أن يخلقه الله بيده , وينفخ فيه من روحه إلا بولاية عليٍّ - عليه السلام - , وما كلَّم الله موسى تكليماً إلا بولاية عليٍّ - عليه السلام - , ولا أقام الله عيسى ابن مريم آية للعامين إلا بالخضوع لعليٍّ - عليه السلام - , ثمَّ قال : أُجمل الأمر : ما استأهل خلق من الله النظر إليه إلا بالعبودية لنا (1) .
المسألة الثانية : قول علماء الشيعة ( لم يُعبد الله ويُعرف إلا بالأئمة ) ؟ .
زعموا أنَّ جعفر - رضي الله عنه - قال : بنا عُبد الله , وبنا عُرف الله , وبنا وُحِّد الله تبارك وتعالى (2) .
وفي رواية : ونحن السبيل إلى الله (3) .
وفي رواية : نحن ولاة أمر الله , وخزنة علم الله , وعيبة وحي الله , وأهل دين الله , وعلينا نزل كتاب الله , وبنا عُبد الله , ولولانا ما عُرف الله , ونحن ورثة نبي الله , وعترته (4) .
المسألة الثالثة : قول علماء الشيعة : لا يُقبلُ الدعاء إلا بأسماء الأئمة (5) .
رووا : من دعا الله بنا أفلح , ومن دعا الله بغيرنا هلك واستهلك (6) .
وبلغت جرأة علمائهم أن قالوا في أئمتهم : بابُ : أنَّ دعاء الأنبياء استجيب بالتوسل والاستشفاع بهم ص (7) .
__________
(1) الاختصاص للمفيد ص250 , وبحار الأنوار ج26/294 .
(2) الكافي ج1/145 .
(3) إرشاد القلوب للديلمي ج2/414 .
(4) بصائر الدرجات الكبرى للصفار ص61 .
(5) وسائل الشيعة ج4/1139 .
(6) بشارة المصطفى لشيعة المرتضى لعماد الدين الطبري الشيعي ص117-119 , وبحار الأنوار ج23/103 .
(7) بحار الأنوار ج23/279 .(9/73)
ورووا : عن الرضا - عليه السلام - قال : لما أشرف نوح - عليه السلام - على الغرق , دعا الله بحقنا فدفع الله عنه الغرق , ولما رُمي إبراهيم في النار دعا الله بحقنا , فجعل النار عليه برداً وسلاماً , وإنَّ موسى - عليه السلام - لمَّا ضرب طريقاً في البحر , دعا الله بحقنا , فجعله يَبسَاً , وإنَّ عيسى - عليه السلام - لما أراد اليهود قتله , دعا الله بحقنا , فنجي من القتل فرفعه الله (1) ويُنادون مهديهم بـ يا أرحم الراحمين (2) .
المسألة الرابعة : اعتقاد علماء الشيعة ( بأنَّ أئمتهم سريعي الإجابة ) ؟ .
أرسل أحد علمائهم رسالة إلى إمامه أبي الحسن الثالث يشتكي ويقول : إنَّ الرجل يُحب أن يُفضي إلى إمامه ما يُحب أن يُفضي إلى ربه فجاء الجواب : إذا كانت لك حاجة فحرِّك شفتيك فإنَّ الجواب يأتيك !! (3) .
المسألة الخامسة : قول علماء الشيعة ( لا يُستغاث إلا بالأئمة وأنهم هم النجاة والمفزع )(4) ؟ .
__________
(1) بحار الأنوار ج26/325 , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج4/143 .
(2) وسائل الشيعة ج8/184 , وبحار الأنوار ج51/304 , وجمال الأسبوع بكمال العمل المشروع ص280 , لعلي بن موسى بن جعفر بن طاوس المتوفى سنة 664هـ , ودلائل الإمامة ص304 لأبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري المازندراني , وفرج الهموم في تاريخ علماء النجوم لابن طاوس ص246 , ومصباح الكفعمي ص176 لإبراهيم بن علي العاملي الكفعمي المتوفى سنة 905هـ , وكتاب مكارم الأخلاق ص330 لرضى الدين الحسن بن الفضل الطبرسي المتوفى سنة 548هـ .
(3) بحار الأنوار ج94/22 .
(4) بحار الأنوار للمجلسي ج94/37 .(9/74)
قالوا : .. وأبو الحسن : فإنه ينتقم لك ممن ظلمك .. !! وأما علي بن الحسين : فللنجاة من السلاطين ونفث الشياطين .. !! وأما موسى بن جعفر : فالتمس به العافية من الله عز وجل !! وأما علي بن موسى : فاطلب به السلامة في البراري والبحار !! وأما محمد بن علي : فاستنزل به الرزق من الله تعالى .. !! وأما الحسن بن علي : فللآخرة !! وأما صاحب الزمان : فإذا بلغ منك السيف الذبح فاستعن به فإنه ُيعينك !! .... (1) .
تناقض :
روت كتبهم أنَّ الإمام جعفر الصادق - رضي الله عنه - كان من دعائه : اللهم إني أصبحتُ لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً , ولا حياة ولا موتاً ولا نشوراً , قد ذلَّ مصرعي , واستكان مضجعي , وظهر ضري , وانقطع عذري .. ودرست الآمال إلا منك , وانقطع الرجاء إلا من جهتك .. (2) .
المسألة السادسة : اعتقاد علماء الشيعة ( بأنَّ الحجَّ إلى مشاهد الأئمة أعظم من أداء الركن الخامس من أركان الإسلام ) ؟!! .
رووا : إنَّ زيارة أبي عبدالله - عليه السلام - تعدل ثلاثين حجة مبرورة متقبلة زاكية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3) .
من زار قبر الحسين ع كتب له سبعين حجة , من حجج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأعمارها ؟!! (4) .
__________
(1) بحار الأنوار ج94/33 , والبلد الأمين للكفعمي ص385 .
(2) بحار الأنوار ج86/318 , ومهج الدعوات ومنهج العبادات ص216 لرضى الدين علي بن موسى بن طاوس المتوفى664هـ .
(3) ثواب الأعمال لابن بابويه ص52 , وسائل الشيعة للحر العاملي ج10/350-351 .
(4) وسائل الشيعة ج10/351-352 .(9/75)
ألف ألف حَجة مع القائم - عليه السلام - , وألف ألف عمرة مع رسول الله ص (1) .
ثمَّ زادوا فقالوا : ألفي ألف حجة ؟ (2) .
ثمَّ طغو فقالوا : عن الرضا ع قال : من زار قبر الحسين - عليه السلام - بشط الفرات , كان كمن زار الله فوق عرشه ؟ (3) .
عن أبي عبدالله ع قال : من زار قبر الحسين بن علي - عليه السلام - يوم عاشوراء , عارفاً بحقه , كمن زار الله في عرشه (4) , وهل توقَّفت هذه المزادات والمزايدات !! أرجو ذلك .
تناقض :
عن حنَّان : قلتُ لأبي عبدالله - عليه السلام - : ما تقول في زيارة قبر الحسين صلوات الله عليه , فإنه بلغنا عن بعضكم أنه قال : تعدل حجة وعمرة ؟ قال فقال : ما أضعف هذا الحديث , ما تعدل هذا كلَّه , ولكن زوروه ولا تجفوه , فإنه سَيِّدُ شباب أهل الجنة (5) .
قاصمة ظهور علماء الشيعة :
روى الكليني أنَّ أمير المؤمنين - رضي الله عنه - قال : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هدم القبور , وكسر الصور (6) .
__________
(1) تهذيب الأحكام للطوسي ج6/49 , ووسائل الشيعة للعاملي ج14/460 , ومستدرك الوسائل للنوري ج10/250 , وبحار الأنوار ج98/88 , وروضة الواعظين وبصيرة المتعظين للنيشابوري ج1/195 , وكتاب المزار للمفيد ص46 .
(2) وسائل الشيعة ج10/351 – 353و379 .
(3) بحار الأنوار ج98/69 , وثواب الأعمال لابن بابويه القمي ص85 .
(4) مستدرك الوسائل ج10/291 , وبحار الأنوار ج98/105 , والاقبال ص567 لعلي بن موسى بن جعفر المعروف بابن طاوس المتوفى سنة 664هـ , وكتاب المزار للمفيد ص51 , ومصباح المتهجد للطوسي ص771 .
(5) بحار الأنوار ج101/35 , وقرب الإسناد ص48 لعبدالله بن جعفر الحميري من علمائهم في القرن الثالث .
(6) فروع الكافي ج2/226 .(9/76)
وفي رواية : لا تدع صورة إلا محوتها , ولا قبراً إلا سويته (1) .
المسألة السابعة : قول علماء الشيعة ( إنَّ الإمام يُحرِّم ما يشاء , ويُحلُّ ما يشاء ) ؟ .
رووا عن أبي جعفر ع قال : .. لأنَّ الأئمة منا مُفوَّض إليهم , فما أحلُّوا فهو حلال , وما حرَّموا فهو حرام (2) .
ورووا أنَّ إمامهم الرضا - رضي الله عنه - قال : الناس عبيد لنا في الطاعة (3) .
القاصمة :
__________
(1) فروع الكافي للكليني ج2/227 , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج2/869 .
(2) الاختصاص للمفيد 330 , وبحار الأنوار ج25/334 .
(3) الأمالي للمفيد ص48 , وبحار الأنوار ج25/279 .(9/77)
يقول تعالى : ? المحتويات - - ? - - الله - بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر - - - ?? - ? الله } - - الله أكبر الله أكبر الله أكبر - الله أكبر صدق الله العظيم - - - - ?? - ? الله ? - الله أكبر الله الله أكبر - صدق الله العظيم الله أكبر ? - } الله ? - - الله أكبر الله أكبر - - - الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر - صدق الله العظيم } - - - ?- جل جلاله - الله ? - ?? - - - ?- جل جلاله - - - - الله - - - جل جلاله - { الله ? - ? - - الله ? - ? صدق الله العظيم الله أكبر - - - الله ? الله الله أكبر ?? - الله ? - - الله ? الله ? المحتويات - - ? - - - جل جلاله -? الله أكبر - - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - المحتويات - - ? - - - - الله أكبر صدق الله العظيم ? الله - - جل جلاله -? - - ? - الله أكبر - الله أكبر ? - تمهيد - - - - - - جل جلاله - - - الله ? - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم الله ? - الله أكبر - ? - تمهيد - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - الله ? - ? - سبحانه وتعالى - - ? الله ? - الله أكبر - الله أكبر الله أكبر - صدق الله العظيم الله أكبر - - ? - الله الله ? الله ? - ?? - } - - { الله أكبر ? - الله أكبر ? ? } - - { .
قال أبو عبدالله - رضي الله عنه - : أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم , ولو دعوهم ما أجابوهم , ولكن أحلُّوا لهم حراماً , وحرَّموا عليهم حلالاً من حيث لا يشعرون (1) .
__________
(1) أصول الكافي ج1/53 .(9/78)
المسألة الثامنة : قولهم ( إنَّ تراب وطين قبر الحسين - عليه السلام - شفاء من كل داء ) ؟ (1) .
رووا : فإنَّ فيه شفاءً من كل داء , وأمناً من كل خوف (2) .
وقال أبو عبدالله : حَنِّكوا أولادكم بتربة الحسين - عليه السلام - فإنه أمان (3) .
وقال الخميني : ولا يُلحق به طين غير قبره , حتى قبر النبي ص والأئمة عليهم السلام (4) .
المسألة التاسعة : اعتقادهم ( بالاستنفاع بالدعاء بالطلاسم والرموز , والاستغاثة بالمجهول ) ؟ .
ومن أمثلة ذلك : زعمهم أنَّ حرز أمير المؤمنين - رضي الله عنه - للمسحور هو : بسم الله الرحمن الرحيم , أي كنوش أي كنوش ، ارشش عطنيطنيطح يا مطيطرون فريالسنون ، ما وما ، ساما سويا ، طيطشا لوش خيطوش ، مشفقيش , او صيعينوش ليطفيتكش .... ثمَّ وضع شيخهم المجلسي : رسم رموز غريبة على شكل خطوط متداخلة .. !؟ (5) .
وافتروا على علي - رضي الله عنه - أنه قال : ومن ضَلَّ منكم في سفر , وخاف على نفسه فليناد : يا صالح أغثني , فإنَّ في إخوانكم من الجن جنياً يُسمَّى صالح ... (6) .
التعليق :
__________
(1) في بحار الأنوار ج101/118-140 : ما يصل إلى 83 رواية عن تربة الحسين - رضي الله عنه - وفضلها وآداب أكلها , وأحكامها !! .
(2) أمالي الطوسي ج1/326 .
(3) بحار الأنوار ج101/124 , وكامل الزيارات ص278 لأبي القاسم جعفر بن محمد بن جعفر لابن قولويه القمي المتوفى سنة 367هـ .
(4) تحرير الوسيلة ج2/164 .
(5) بحار الأنوار ج91/193 .
(6) الخصال ج2/618 لابن بابويه القمي الملقب بالصدوق , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج8/325 .(9/79)
رووا : كانت العرب في جاهليتها , إذا نزلت مكاناً , يعوذون بعظيم ذلك المكان , أن يصيبهم بشيء يسؤهم .. فلَّما رأت الجن أن الإنس يعوذون بهم من خوفهم منهم , زادوهم رهقاً , أي خوفاً وإرهاباً وذعراً , حتى بقوا أشد منهم مخافة , وأكثر تعوذاً بهم مثلما قال الله عن المشركين : ? - سبحانه وتعالى - - ? الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - - - الله ? الله ? - - ? - ? - الله - - } الله ?- جل جلاله - الله ? - } ? - - تمهيد ? - - الله ?? - - ? - ? الله ? - ? - الله - - - - جل جلاله - - الله ?- جل جلاله - الله ? الله - ?- جل جلاله - - - ? - - صدق الله العظيم ? - ?? - - - الله { الله الله أكبر ? - - الله أكبر الله أكبر ? الله ? الله } ? } تمهيد { (1) .
المسألة العاشرة : قولهم : ( بمشروعية الاستخارة بالأزلام ) ؟ (2) .
رووا أنَّ استخارة أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - وحاشاه : أن تُضمر ما شئت , وتكتب هذه الاستخارة وتجعلهما في مثل البندق , ويكون بالميزان , وتضعهما في إناء فيه ماء , ويكون على ظهر إحداهما : افعل , والأخرى : لا تفعل , فأيُّهُمَا طلع على وجه الماء , فافعل به ولا تخالفه (3) .
وخصَّ بعض علمائهم مكان الاستخارة : عند قبر الحسين - رضي الله عنه - (4) .
التعليق :
__________
(1) تفسير البرهان ج4/391 , وتفسير القمي ج4/391 .
(2) الفروع من الكافي ج1/131 .
(3) بحار الأنوار ج91/238 , ووسائل الشيعة ج8/72 .
(4) وسائل الشيعة ج5/220 .(9/80)
هذه الاستخارة وغيرها كثير , مخالف لقول الله تعالى : ( تمت - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - ( - ( { - رضي الله عنه - - ( - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - ( - - } - - ( - - ( المحتويات ( - ( - ( - - ( - ( - (( - - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - عليه السلام - - ( - - - { { ((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - ( - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( - - ( - - - - ( ( المحتويات ( - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - - صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله ( تمت ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - عليه السلام - - ( - - - ( تمهيد ( - - رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - - - ( المحتويات ( - - - جل جلاله - - ( - ( تمهيد ( - - (( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( (( - - رضي الله عنهم - - ((( الله أكبر ( تمهيد - ((- عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - - - المحتويات ( فهرس - ( - تمهيد { - - - - جل جلاله -- جل جلاله - - ( - ( .(9/81)
ومخالف لما رواه بعض أئمتهم - رضي الله عنهم - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يُعلِّم الصحابة - رضي الله عنهم - الاستخارة في الأمور كلِّها , كما يعلمهم السورة من القرآن , يقول - صلى الله عليه وسلم - : إذا همَّ أحدكم بالأمر , فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك , وأستقدرك بقدرتك , وأسألك من فضلك العظيم , فإنك تقدر ولا أقدر , وتعلم ولا أعلم , وأنت علام الغيوب .... (1) .
المسألة الحادية عشرة : اعتقاد علماء الشيعة ( بالتشاؤم بالأمكنة والأزمنة ) ؟ .
ومن ذلك : ما افتراه علماؤهم أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : انتحوا مصر , ولا تطلبوا المكث فيها ، لأنه يورث الدِّياثة (2) .
وافتروا : لا تقولوا : من أهل الشام , ولكن قولوا : من أهل الشؤم .. لُعنوا على لسان داود - عليه السلام - فجعل الله منهم القردة والخنازير (3) .
التعليق :
__________
(1) بحار الأنوار ج91/265, مكارم الأخلاق للطبرسي ص372 , وانظر : مستدرك الوسائل ج6/236 , فتح الأبواب لابن طاوس ص149 .
(2) بحار الأنوار ج60/211 .
(3) تفسير القمي ص596 , بحار الأنوار ج60/208 .(9/82)
قال الله تعالى عن أرض الشام : ( - صدق الله العظيم (- رضي الله عنهم - - ( تمهيد ( - ( - ( - { - - - - - - عليه السلام - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - (( فهرس ( - ( - - رضي الله عنهم -(( - الله - ( - - - - (( } تم بحمد الله ( - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( الله - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - فهرس - ( { ( - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - - - (( - - } - - - ( - { - - - - - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - - (- رضي الله عنه - - (( مقدمة - - ( قرآن كريم - رضي الله عنهم - مقدمة (( مقدمة - رضي الله عنه - - ( - ( - ( - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - - جل جلاله -( - (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - (( مقدمة ( الله أكبر ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - (( - ( - - - - - - ( - - ((- رضي الله عنه - - ( - - - ((( ( .
س 29/هل يجوز عند علماء الشيعة دعاء غير الله تعالى , ومتى ؟ .
ج/ نعم يجوز , بشرط ألا يعتقد أن ذلك المدعو رباً ؟!! .
قال الخميني : إنَّ الشرك هو طلب الحاجة من غير الله , مع الاعتقاد بأنَّ هذا الغير هو إله ورب , وأما إذا طلب الحاجة من الغير من غير هذا الاعتقاد فليس بشرك , ولا فرق في هذا المعنى بين الحيِّ والميت , ولهذا لو طلب أحد حاجته من الحجر والمدر , لا يكون شركاً (1) .
س 30/ كيف خاطب الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج , في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
ج/ خاطبه وكلَّمه بلسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (2) .
س 31/ كيف انشقَّ القمر نصفين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
__________
(1) كشف الأسرار للخميني ص30 .
(2) شرح الزيارة الجامعة الكبيرة ج2/178 .(9/83)
ج/ بالاستشفاع وبالتوسل بدعاء علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (1) .
س 32/ هل يُفرِّق علماء الشيعة بين الله تعالى وبين أئمتهم ؟ .
ج/ لا ؟ فقد ذكر علماء الشيعة بأنَّ لأئمتهم : حالة روحانية برزخية أولية , تجري عليهم فيها صفات الربوبية , وإليه أُشير في الدعاء : لا فرق بينك وبينهم , إلا أنهم عبادك المخلصون (2) .
س 33/ ما هو الشرك بالله تعالى , وما مفهوم البراءة من المشركين في اعتقادهم ؟ .
ج/ مادة الشرك في القرآن الكريم في جميع مواردها تُؤَوُّلُ أو تطلق عند علماء الشيعة : على من لم يعتقد إمامة أمير المؤمنين والأئمة من ولده - رضي الله عنهم - , وفضَّل عليهم غيرهم (3) .
رووا أنَّ أبا جعفر - رضي الله عنه - قال في قوله تعالى : ? صدق الله العظيم - الله أكبر الله ? - ? الله ? - ?- جل جلاله - - ? الله أكبر - - ?? صدق الله العظيم - - ? تمهيد - - ? - ? تمهيد - - الله ? الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - ?- جل جلاله -? ??- جل جلاله -? صدق الله العظيم - الله الله أكبر ? ?? تمهيد - ? - ? ? - صدق الله العظيم } الله - صدق الله العظيم ? - - - ? بولاية علي- عليه السلام - ? الله الله ? - ? الله الله أكبر - صدق الله العظيم - الله - - ? ?? الله أكبر ? الله ? الله ? الله الله ? الله الله أكبر ?? الله أكبر ? الله الله أكبر - - ? الله ? الله ?- جل جلاله -? الله ?? - - - جل جلاله - { - الله أكبر الله أكبر الله - - ? - - ? (4) .
__________
(1) صحيفة الأبرار لميرزا محمد ص2 دار الجيل .
(2) مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار ج2 , الحديث 222 لعبدالله شبر , مؤسسة النور للمطبوعات .
(3) بحار الأنوار ج23/390 .
(4) تفسير فرات ص370 .(9/84)
وقال شيخهم أبو الحسن الشريف : إنَّ الأخبار متضافرة في تأويل الشرك بالله , والشرك بعبادته : بالشرك في الولاية والإمامة (1) .
وقال سيدهم المجلسي : إنَّ آيات الشرك ظاهرها في الأصنام الظاهرة , وباطنها في خلفاء الجور , الذين أُشركوا مع أئمة الحق , ونُصبوا مكانهم , يقول سبحانه : ( ( - ((( - - عليه السلام -(- رضي الله عنه - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - تمهيد (( - - - - - - } - ((( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (((( فهرس - - قرآن كريم - عليه السلام - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - { - الله ( - - } الله - - - - - - رضي الله عنه - - ( - الله } - - (((( ( أُريد في باطنها باللاَّت : الأول , وبالعزَّى : الثاني , وبمناة : الثالث , حيث سموهم : بأمير المؤمنين وبخليفة رسول الله وبالصدِّيق , والفاروق , وذي النورين , وأمثال ذلك (2) .
وقال : ومما عُدَّ من ضروريات دين الإمامية ... البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية (3) .
ومنكر الضروري عندهم : كافر !! كما تقدم مراراً .
وأول من أظهر البراءة من المشركين في اعتقادهم : عبدالله بن سبأ اليهودي ؟ كما تقدم .
هذه هي البراءة من المشركين في اعتقاد علماء الشيعة , والتي يُنادي بها آياتهم عبر مسيراتهم الغوغائية في موسم الحج , وفي أعظم أيام وأماكن الدنيا .
بل إنَّ من عقائد علماء الشيعة : أنَّ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يُظهران لهم في كل موسم حجٍّ , حتى يرمونهما بالحجارة أثناء رمي الجمار (4) .
__________
(1) مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار لأبي الحسن بن محمد النباطي العاملي الفروي ص202 .
(2) بحار الأنوار ج48/96 .
(3) الاعتقادات ص90-91 للمجلسي .
(4) بحار الأنوار ج27/305-306 , بصائر الدرجات ص82 .(9/85)
س 34/ هل للكواكب والنجوم تأثير في السعادة والشقاوة , بل وفي دخول الجنة والنار ؟ .
ج/ نعم , فقد زعم علماء الشيعة أنَّ أبا عبدالله قال : من سافر أو تزوج والقمر في العقرب , لم يَرَ الحُسنى (1) .
س 35/ هل اختصَّ الله تعالى أحداً بمفاتح الغيب غير نفسه في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
ج/ زعم علماء الشيعة أنَّ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال – وحاشاه - : وما بعث الله نبياً إلا وأنا أقضي دينه , وأنجز عداته , ولقد اصطفاني ربي بالعلم والظفر , ولقد وفدت إلى ربي اثني عشر مرَّة , فعرَّفني نفسه , وأعطاني مفاتيح الغيب (2) .
وزعموا أنَّ أبا عبدالله قال : إني أعلم ما في السموات وما في الأرض , وأعلم ما في الجنة , وأعلم ما كان وما يكون (3) .
التعليق :
__________
(1) الروضة من الكافي للكليني ج8/275 .
(2) تفسير فرات ص67 .
(3) بحار الأنوار ج26/111 .(9/86)
الله تعالى يقول عن نفسه في كتابه : ? - سبحانه وتعالى - - ? الله - الله أكبر ?- جل جلاله -? الله ? - - الله أكبر - جل جلاله - - - الله ? الله ? - درهم صدق الله العظيم - الله أكبر الله ?? - ? - - - الله درهم - - الله أكبر الله ? - ? - ? صدق الله العظيم ? الله الله أكبر ? - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - الله ? - ? ?- رضي الله عنهم - - ? صدق الله العظيم ? الله الله أكبر ? الله ? - الله ? ?- جل جلاله -? الله - } الله } الله أكبر - ? - - - - - صدق الله العظيم - الله الله أكبر - - ? - - الله ? - الله ? الله ? ?? - - ? { { الله الله أكبر - ?- جل جلاله -? { ? الله أكبر الله الله أكبر ? الله } الله الله ? - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - الله ? - ? - ? صدق الله العظيم ? الله الله أكبر ? - الله درهم الله ? - ? الله الله - الله أكبر الله - ? - - - الله أكبر الله ? - الله أكبر ???? - ? صدق الله العظيم } - - - - ? - - - الله درهم الله ? - درهم { ? الله } - الله درهم الله ? - } - جل جلاله - - - الله الله أكبر ? - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - ? - درهم - الله أكبر الله الله أكبر - - جل جلاله -? - ? - - - - الله ? ? } - - { ويقول سبحانه : ? ? - الله أكبر ? - ? - درهم ?- رضي الله عنهم - - ? صدق الله العظيم ? الله الله أكبر ? ? الله ? ? - - - الله ?? - الله أكبر ? الله الله { ? - - - ? صدق الله العظيم } - - - - ? - - الله ? ? درهم صدق الله العظيم - الله ?? - ? - - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - ? - - - - - - الله ? الله ? الله ?? - - - ? { الله أكبر(9/87)
? الله الله أكبر ? الله ? - الله الله الله أكبر ? - - - - ?? - - الله ? صدق الله العظيم - - الله أكبر ? ? } تمهيد - { .
س 36/ ما عقيدة علماء الشيعة في توحيد الربوبية ؟ .
ج / يتبين ملخصاً في المسائل الآتية إن شاء الله تعالى :
المسألة الأولى : قول علماء الشيعة : ( إنَّ الربَّ سبحانه هو إمامهم ) ؟ .
زعموا أنَّ علياً - رضي الله عنه - قال : أنا ربُّ الأرض الذي يسكن الأرض به (1) .
وقالوا في قول الله تعالى : ? - - الله الله أكبر ? الله - صدق الله العظيم ? - - - الله ? ?? صدق الله العظيم } - - - - ? - - - } ? - ?- جل جلاله - - - الله ? الله - جل جلاله - الله أكبر - الله } ? أي إمام الأرض ?? الله ? الله أكبر - جل جلاله -? - ? الله ? ? درهم - الله أكبر الله الله أكبر - - جل جلاله - الله أكبر ? - ? - - - ? - ? المحتويات - - جل جلاله - - الله ? الله ? - الله أكبر الله أكبر الله - جل جلاله - - - جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ?? - - - جل جلاله - - - جل جلاله -? - - - - الله ? الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ?? - - الله ? - ?- جل جلاله -? - الله أكبر ? الله ? ? - ? الله الله أكبر ? صدق الله العظيم - الله الله أكبر - الله - ? الله - - ? - - - جل جلاله - - صدق الله العظيم ? - ? الله ? - الله درهم الله ?? - ? الله الله أكبر ? { ?? - الله أكبر ? ? (2) .
__________
(1) مرآة الأنوار ص59 للعاملي .
(2) تفسير القمي ج2/253 وقال علماء الشيعة عن تفسيره : بأنه أصل أصول التفاسير عندهم ( انظر : مقدمة تفسير القمي ص10 ) وتفسير البرهان للبحراني ج4/87 .(9/88)
وفي قوله تعالى : ? الله ? - الله الله أكبر ? - الله الله ? - - - ? الله ? ?- رضي الله عنهم - - ???? ???? الله { الله الله أكبر ? - سبحانه وتعالى - - ? - الله أكبر - بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله - - الله ? - الله أكبر ? - ?- رضي الله عنهم - الله أكبر - الله - - الله - - الله أكبر ? - عليه السلام -? - ? - تمهيد - - - جل جلاله -?- جل جلاله - الله الله أكبر - الله } ? يُردُّ إلى أمير المؤمنين ? - سبحانه وتعالى - - ? - الله أكبر - بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله - - الله ? - - الله الله أكبر ? - - الله أكبر - - الله - الله ? - - - - ? بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر ? ? (1) .
المسألة الثانية : اعتقادهم : ( بأنَّ الدنيا والآخرة كلُّها للإمام , يتصرف بها كيف يشاء ) ؟ .
رووا عن أبي بصير عن أبي عبدالله ? قال : أما علمتَ أن الدنيا والآخرة للإمام , يَضعها حيث يشاء , ويَدفعها إلى من يشاء .. (2) .
التعليق :
قال الله تعالى : ( - ( - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ( - - ((( - - } - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنهم - - - (( تمت ( { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - ( - - - قرآن كريم ( - فهرس - (( - - (((( - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( - ( فلمَّا اعترف المشركون , وبَّّخهم الله تعالى منكراً عليهم شركهم بقوله : ( ( - ( - - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - - - صلى الله عليه وسلم -( - { - - - - - (((( ( .
__________
(1) مرآة الأنوار للعاملي ص59 .
(2) أصول الكافي ج1/409 تحت باب : أنَّ الأرض كلها للإمام .(9/89)
ثمَّ قال الله تعالى : ( ( - ( - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - { - ( المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم (- رضي الله عنهم - - - - - - - ((( - - - - - - - - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ((( - - رضي الله عنهم -(( - - - ( - (((- رضي الله عنهم -(( - - - (((( - - قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( - - ( فلمَّا أقرَّوا , وبخهم الله تعالى منكراً عليهم شركهم بقوله : ( ( - ( - - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - - قرآن كريم ( { ( - - - (((( ( .(9/90)
ثمَّ قال الله تعالى : ( ( - ( - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله (( فهرس ( - - عليه السلام - - ( - ( المحتويات قرآن كريم ( - صدق الله العظيم - - رضي الله عنه - تم بحمد الله (- صلى الله عليه وسلم - - ( - - ((( - ( - عليه السلام - قرآن كريم ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - ( - ( - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - { - ( - ( مقدمة ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - ( { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - ( - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - - (( - - (((( - - قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( - - ( فلمَّا أقروا , وبخهم الله تعالى منكراً عليهم شركهم بقوله : ( ( - ( - - - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - ( - - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - ( - ( - (((( ( - - رضي الله عنه - - المحتويات ( - ( - - جل جلاله -( - - - - صلى الله عليه وسلم - - ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( الله أكبر ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - ( - - - - (((( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - - ( تم بحمد الله - - ( - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - (( مقدمة - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - مقدمة ( - - ( { - - { - ( { - - - رضي الله عنهم - - - - { - - - ( - { مقدمة ( - - ( { - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - - فهرس - -(9/91)
رضي الله عنهم - } - - - رضي الله عنهم -( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ((((- رضي الله عنه - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( - (((- رضي الله عنه - - - - صدق الله العظيم (- رضي الله عنهم - - ( تمهيد ( - ( - - - - - - - رضي الله عنه -( - - قرآن كريم ((((- رضي الله عنه - - (((( ( المحتويات ( - (- رضي الله عنه -( ( - ( - - رضي الله عنه -(( - - - ( - - رضي الله عنهم - - (- رضي الله عنهم - - } ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - فهرس - (- رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - - ( - - - - رضي الله عنه -( - - قرآن كريم ( - ( - ((( - (((( ( .
المسألة الثالثة : قول علماء الشيعة : ( الحوادث الكونية كلها من فعل الإمام ) ؟ .
رووا عن سماعة بن مهران قال : كنت عند أبي عبدالله - عليه السلام - فأرعدت السماء وأبرقت , فقال أبو عبدالله - عليه السلام - : أما إنه ما كان من هذا الرعد , ومن هذا البرق , فإنه من أمر صاحبكم ؟ قلت : من صاحبنا ؟ قال : أمير المؤمنين - عليه السلام - (1) .
وفي رواية : والرعد صوته , والبرق تبسُّمُه (2) .
ورووا : أنَّ أمير المؤمنين - رضي الله عنه - أومأ إلى سحابتين فأصبحت كل سحابة كأنها بساط موضوع , فركب على سحابة بمفرده , وركب بعض أصحابه على الأخرى ... وقال وهو فوقها : أنا عين الله في أرضه , أنا لسان الله الناطق في خلقه , أنا نور الله الذي لا يطفأ , أنا باب الله الذي يؤتى منه , وحجته على عباده ... (3) .
التعليق :
__________
(1) الاختصاص للمفيد ص327 , بحار الأنوار ج27/33 .
(2) الاختصاص ص199 للمفيد , وبحار الأنوار ج27/33 , وبصائر الدرجات للصفار ص408 , وتفسير البرهان ج2/482 .
(3) بحار الأنوار ج27/34 .(9/92)
ماذا تستنبط أيها المسلم المنصف العاقل من هذه الروايات , أليس فيها ادعاء ممن وضعها من علماء الشيعة لربوبية علي - رضي الله عنه - , وأنَّ له شركاً في الربوبية , والله تعالى في كتابه الكريم يقول : ? الله ? - ? ?- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - - ? - - ? - - - الله أكبر ? ??? - الله - - ? - - - - الله أكبر الله أكبر ??? الله - - - الله أكبر الله أكبر ? الله ??? الله ? - - ?- جل جلاله -?? - الله أكبر ? الله ? ? - - الله - الله أكبر - ? { ? - - الله ? - الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله - - ? - - ? } - - { .
المسألة الرابعة : قول علماء الشيعة : ( بأنَّ عليَّاً - رضي الله عنه - فرعٌ من فروع الربوبية ) ؟ .
زعم علماؤهم أنَّ أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - قال : أنا فرعٌ من فروع الربوبية (1) .
وقال آيتهم : عبدالحسين العاملي , واصفاً علياً - رضي الله عنه - , برأه الله مما يقول :
أَبَا حَسَنٍ أنت عينُ الإلهِ وعنوانُ قدرته السامية
وأنتَ المحيطُ بعلم الغيوبِ فهل عندكَ تعزبُ من خافية
وأنت مُدَبِّرُ رحى الكائناتِ وعلَّة إيجادها الباقية
لَكَ الأمرُ إنْ شئتَ تُنجي غداً وإنْ شئتَ تسفعُ بالناصية (2) .
المسألة الخامسة : قول علماء الشيعة : ( إنَّ جزءاً من الله تعالى حلَّ في أئمتهم ) ؟ .
__________
(1) شرح الزيارة الجامعة الكبيرة للخوئي ج1/70 .
(2) ديوان الحسين , الجزء الأول من القسم الثاني الخاص في الأدب العربي ص48 , وانظر : مقتبس الأثر للحائري ج1/153 , 245-248 , وأعيان الشيعة لآيتهم محسن الأمين ج5/219 , والغدير لعبدالحسين الأميني ج7/34-67 , وغيرها .(9/93)
رووا أنَّ أبا عبدالله ع قال : ثمَّ مسَحَنا بيمينه فأفضى نوره فينا (1) .
وفي رواية : .. ولكنَّ الله خَلَطَنا بنفسه .. (2) .
وروى شيخهم الخوئي عن الإمام الصادق ? أنه قال : لنا مع الله حالات : نحنُ فيها هو ، وهو نحنُ , إلا أنه هو هو , ونحنُ نحنُ (3) .
المسألة السادسة : اعتقادهم ( بأنَّ علياً - رضي الله عنه - يُحيي الموتى ) ؟ .
رووا بأنه - رضي الله عنه - أحيا الشاب الذي من أخواله من بني مخزوم !! حيث ركض قبره برجله , فخرج الشاب من قبره (4) وأحيا - رضي الله عنه - موتى مقبرة الجبانة بأجمعهم , وضرب - رضي الله عنه - الحجر فخرجت منه مائة ناقة !! (5) .
إذاً : فما أعلى مقامات التوحيد عند علماء الشيعة ؟ .
هو : القول بوحدة الوجود !!! وحقيقتها : أنَّ وجود أئمتهم هو عين وجود الله تعالى , فهو الغاية في التوحيد (6) , تعالى الله وتقدَّس عما يقولون علواً كبيراً .
س 37/ ما عقيدة علماء الشيعة في توحيد الأسماء والصفات ؟ .
ج / يمكن أن نقسم اعتقاد علماء الشيعة في توحيد الأسماء والصفات إلى خمس مسائل :
المسألة الأولى : قول علماء الشيعة ( بالتجسيم ) ؟ .
وأول من قال من علماء الشيعة بأن الله جسم : هشام بن الحكم , قال : بأن الله جسم , ذو حدٍّ ونهاية , وأنه طويل عريض عميق , وأنَّ طوله مثل عرضه , وأنَّ الله سبعة أشبار بشبر نفسه ... (7) .
__________
(1) أصول الكافي ج1/440 .
(2) أصول الكافي ج1/435 .
(3) شرح الزيارة الجامعة الكبيرة ص107 , دار المفيد .
(4) أصول الكافي 1/457 .
(5) بحار الأنوار ج41/194-198 .
(6) انظر : جامع السعادات ص132-133 , لشيخهم : مهدي بن أبي ذر النراقي المتوفى سنة 1209هـ .
(7) تفسير البرهان ص41 , وبحار الأنوار ج3/288 , التنبيه والرد للملطي ص24 , وانظر : أصول الكافي ج1/103 .(9/94)
وقال ابن المرتضى : إنَّ جلَّ الروافض على التجسيم , إلا من اختلط منهم بالمعتزلة (1) .
التعليق :
قال يعقوب السراج لأبي عبدالله - عليه السلام - : إنَّ بعض أصحابنا يزعم أنَّ لله صورة مثل الإنسان , وقال آخر : إنه في صورة أمرد جعد قطط ! فخرَّ أبو عبدالله ع ساجداً ثمَّ رفع رأسه , فقال : سبحان الله الذي ليس كمثله شيء , ولا تدركه الأبصار , ولا يحيط به علم ... (2) !! .
المسألة الثانية : قول علماء الشيعة ( بالتعطيل ) ؟ .
فبعد أن غلو في إثباتهم لصفات الله تعالى , حتى قال بعضهم بالقول بوحدة الوجود ! .
بدأ التغير في المذهب الشيعي في أواخر المائة الثالثة , حيث تأثر علماؤهم بأئمة المعتزلة القائلين : بتعطيل الله تعالى من صفاته الثابتة له في الكتاب والسنة , وقد صرَّح علامتهم ابن المطهر بذلك فقال : بأنَّ مذهبنا الشيعي في الأسماء والصفات , كمذهب المعتزلة (3) .
التعليق :
__________
(1) المنية والأمل للزيدي أحمد بن المرتضى ص19 , والحور العين لنشوان الحميري ص148-149 .
(2) التوحيد لابن بابويه القمي ص103-104 , وبحار الأنوار ج3/304 .
(3) نهج المسترشدين ص32 للحسن بن يوسف بن المطهر الحلي المتوفى سنة 726هـ , وانظر : عقائد الإمامية الاثني عشرية لآية الله إبراهيم الموسوي الزنجاني ص28 , وقد وصفه شيخهم الخوئي في تقريظه للكتاب بأنه : ( ركن الإسلام ، عماد العلماء ) .(9/95)
الله سبحانه بعث رسله عليهم السلام في صفاته بإثبات مُفَصَّل , ونفي مجمل , ولهذا يأتي الإثبات للصفات في كتاب الله تعالى مفصلاً , والنفي مجملاً , قال الله تعالى : ? - - - جل جلاله -? - الله الله أكبر ? - - - الله ? - الله أكبر الله ? الله الله { ? - - - - ? صدق الله العظيم } - - - - ? - - الله ? ?? الله ? الله - - رضي الله عنهم - الله أكبر ? - ? ??- جل جلاله - الله ? ?? الله أكبر الله أكبر ?- جل جلاله - { - ?? - - - - - - - الله ? صدق الله العظيم } - - - الله ?- جل جلاله -? الله ? - - رضي الله عنهم - - الله أكبر الله الله أكبر { ? الله أكبر ? - - - ? - - - - - - - الله ? صدق الله العظيم } - - - ?? الله أكبر - } - ? الله } - - الله ? - - جل جلاله -? - - جل جلاله -? ? } صدق الله العظيم - الله أكبر - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - { ? - - جل جلاله -? - ? - - ? { ? الله أكبر الله ? الله ? - ? الله ? - ? - - جل جلاله -? الله الله { ? - - - } - - جل جلاله -? الله - الله أكبر - ? - - ? } - - { .
فالنفي جاء مجملاً : ? ? } صدق الله العظيم - الله أكبر - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - { ? - - جل جلاله -? - ? - - ? { ? الله أكبر الله ? ? وهذه طريقة القرآن الكريم في النفي غالباً , وأما في الإثبات فيأتي التفصيل : ? الله ? - ? الله ? - ? - - جل جلاله -? الله الله { ? - - - } - - جل جلاله -? الله - الله أكبر - ? - - ? وكآخر سورة الحشر , وشواهد هذا كثيرة .. إلخ .
ويمكن أيها القارئ أن نصور لك قول علماء الشيعة في التعطيل بالمسائل الآتية :
المسألة الأولى : قول علماء الشيعة ( بأنَّ القرآن مخلوق ) ؟ .(9/96)
فعلماء الشيعة حَذَوْ حَذْوَ الجهمية (1) والمعتزلة في القول بخلق القرآن , وقد عقد شيخ الشيعة في زمانه : المجلسي (2) في كتاب القرآن : باب أنَّ القرآن مخلوق .
ويقول آية الشيعة محسن الأمين : قالت الشيعة والمعتزلة (3) : القرآنُ مخلوق (4) .
وهذا بناءاً على إنكار علماء الشيعة لصفة الكلام لله تعالى , تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً .
القاصمة :
سُئل إمامهم الرضا عن القرآن فقال : إنه كلام الله غير مخلوق (5) .
المسألة الثانية : قول علماء الشيعة ( بأنَّ المؤمنين لا يرون ربهم سبحانه يوم القيامة ) ؟ .
روى علماؤهم أنَّ أبا عبدالله جعفر الصادق سُئل : هل يُرى الله تبارك وتعالى في المعاد ؟ فقال : سبحان الله وتعالى عن ذلك علواً كبيراً .. إنَّ الأبصار لا تدرك إلا ما له لون وكيفية , والله خالق الألوان والكيفية (6) .
وجعل شيخهم الحر العاملي نفي الرؤية من أصول أئمتهم (7) , وحكم شيخهم : جعفر النجفي بارتداد من نسب إلى الله بعض الصفات , كالرؤية وغيرها (8) .
التعليق :
__________
(1) الجهمية : أتباع الجهم بن صفوان , من ضلالته : القول بنفي الصفات وبدع أخرى , كالقول بالإرجاء , والجبر , وفناء الجنة والنار .. ( انظر : التنبيه والرد للملطي ص218 .. ) .
(2) بحار الأنوار ج92/117-121 .
(3) قال عبدالجبار المعتزلي في شرح الأصول الخمسة : وأما مذهبنا في ذلك ( أي في القرآن ) فهو : أنَّ القرآن كلام الله تعالى ووحيه , وهو مخلوق محدث شرح الأصول الخمسة ص528 .
(4) أعيان الشيعة ج1/461 .
(5) تفسير العياشي ج1/8 .
(6) بحار الأنوار ج4/31 .
(7) الفصول المهمة في أصول الأئمة للحر العاملي ص12 .
(8) كشف الغطا ص417 , وانظر : أعيان الشيعة لمحسن الأمين ج1/463 , وعقائد الإمامية للمظفر ص59 .(9/97)
هذه الرواية تتضمن نفي الوجود الحق لله تعالى , لأنَّ ما لا كيفية له مطلقاً لا وجود له , وهذا يناقض أيضاً ما رواه شيخهم الكليني عن أبي عبدالله ? أنه قال : ولكن لا بدَّ من إثبات أنَّ له كيفية , لا يستحقها غيرُه , ولا يُشارَكُ فيها , ولا يُحاط بها , ولا يعلمها غيره (1) .
قاصمة ظهور علماء الشيعة :
قال الله تعالى : ( ( فهرس قرآن كريم ( - (- صلى الله عليه وسلم - - - ((- رضي الله عنه - تم بحمد الله ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( - - عليه السلام - - (( - ( الله أكبر (((( - - فهرس - ( { - { - ( - - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - (( - - رضي الله عنه - الله أكبر (((( ( وقال تعالى في الكفار : ? - - ? - - ? صدق الله العظيم ? - ? بسم الله الرحمن الرحيم - ? - تمهيد - ? الله ? صدق الله العظيم ? - ? الله - جل جلاله - الله أكبر - الله الله } - - الله أكبر الله أكبر تمهيد - ? الله ? صدق الله العظيم ? الله ? الله ?? - - ? - - صدق الله العظيم - الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - ? ? } - - { وعن أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله - عليه السلام - : أخبرني عن الله عز وجل , هل يراه المؤمنون يوم القيامة ؟ قال : نعم (2) .
المسألة الثالثة : قول علماء الشيعة ( بنفي نزول الله تعالى ) ؟ (3) .
__________
(1) أصول الكافي ج1/85 .
(2) التوحيد لابن بابويه القمي ص117 , بحار الأنوار ج4/44 .
(3) انظر بعض رواياتهم في إنكار النزول الإلهي : أصول الكافي ج1/125-127 , وبحار الأنوار ج3/311-314 .(9/98)
قال شيخهم المعاصر محمد بن المظفر : ومن قال .. إنه ينزل إلى السماء الدنيا , أو إنه يظهر إلى أهل الجنة , أو نحو ذلك فإنه بمنزلة الكافر به .. وكذلك يُلحق بالكافر من قال : إنه يتراءى لخلقه يوم القيامة (1) .
التعليق :
سَأل رجلٌ أبا عبدالله ? : تقول إنه ينزل إلى السماء الدنيا ؟ قال أبو عبدالله ع : نقول ذلك , لأنَّ الروايات قد صحت به والأخبار (2) .
وقال إمامهم الرضا ? : للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب : نفي وتشبيه , وإثبات بغير تشبيه , فمذهب النفي لا يجوز , ومذهب التشبيه لا يجوز , لأنَّ الله تبارك وتعالى لا يشبهه شيء , والسبيل في الطريقة الثالثة : إثبات بلا تشبيه (3) .
المسألة الرابعة : وصف علماء الشيعة ( أئمتهم بأسماء وصفات الله ( ) ؟ .
__________
(1) عقائد الإمامية للمظفر ص59-60 .
(2) بحار الأنوار ج3/331 .
(3) بحار الأنوار ج3/263 .(9/99)
روى شيخهم الكليني عن أبي عبدالله - عليه السلام - في قول الله ( : ( ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( - - - (( - - } - - - ( - - ( - (- رضي الله عنه -( - - - ( فهرس قرآن كريم ((( - - - - ( - { - ( - } } - - صلى الله عليه وسلم -( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - { - - - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - ( - ( - (( (( مقدمة ((((- رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تمت (- صلى الله عليه وسلم -- رضي الله عنه - - ( - ( - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - ((((( ( قال : نحن والله الأسماء الحسنى , التي لا يقبل الله من العباد عملاً إلا بمعرفتنا (1) .
وفصَّلت روايات أخرى : نحن المثاني الذي أعطاه الله نبينا محمداً ص , نحن وجه الله نتقلب في الأرض بين أظهركم , ونحن عين الله في خلقه , ويده المبسوطة بالرحمة على عباده , عَرَفنَا من عَرَفَنا وجَهلنا مَن جَهلنا (2) .
وعن أبي عبدالله قال : إنَّ الله خلقنا فأحسن صورنا , وجعلنا عينه في عباده , ولسانه الناطق في خلقه , ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة , ووجهه الذي يُؤتى منه , وبابه الذي يدلُّ عليه , وخزَّانه في سمائه وأرضه , بنا أثمرت الأشجار , وأينعت الثمار , وجرت الأنهار , وبنا ينزل غيث السماء , وينبت عُشب الأرض , وبعبادتنا عُبد الله , ولولانا ما عُبد الله (3) .
__________
(1) أصول الكافي ج1/143-144 .
(2) أصول الكافي ج1/143 .
(3) أصول الكافي ج1/144 .(9/100)
وفي رواية أنَّ أئمتهم قالوا : ... ثمَّ يُؤتى بنا فنجلس على عرش ربنا (1) .
وافتروا : أنَّ علياً ? قال : أنا وجه الله , أنا جنب الله , وأنا الأول , وأنا الآخر , وأنا الظاهر , وأنا الباطن , وأنا بكل شيء عليم .. وأنا أُحيي , وأنا أُميت , وأنا حيٌ لا أموت .. (2) .
ما أشبه قولهم بقول فرعون : ? - - الله الله أكبر ? - - - - ? الله أكبر ? الله - - ? } - عليه السلام -? - ? صدق الله العظيم ? - - - ? - - ? } - - { .
ويعتقد علماء الشيعة أن أئمتهم هم المراد بقول الله تعالى : ? - عليه السلام -? الله ? صدق الله العظيم - الله أكبر الله ? الله ? - ? صدق الله العظيم - الله ? ?? - الله الله أكبر - الله } ? - - - ? - الله أكبر الله الله أكبر ? الله - - ? - - - جل جلاله - - - الله - الله أكبر - ? - تمهيد - ? - - الله ? ? } - - { وبقوله تعالى : ( - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - مقدمة ( - - ( { - صدق الله العظيم ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - - - - ( - - ((( - ( ( - ( - - - رضي الله عنهم - - - صدق الله العظيم ( { (( مقدمة - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( حيث افتروا على أئمتهم أنهم قالوا : نحن وجه الله الذي لا يهلك (3) , نعوذ بالله من الشرك وأهله .
التعليق :
__________
(1) تفسير العياشي ج2/312 , وبحار الأنوار ج3/302 , وتفسير البرهان للبحراني ج2/439 .
(2) رجال الكشي ص211 , وبحار الأنوار ج94/180 , ومناقب آل أبي طالب ج2/385 , وبصائر الدرجات ص151 .
(3) التوحيد لابن بابويه ص150 , بحار الأنوار ج24/201 , تفسير الصافي ج4/108 , تفسير البرهان ج3/241 .(9/101)
قال أبو عبدالله ع عن علماء شيعته : تعالى الله عزَّ وجلَّ عما يصفونه سبحانه وبحمده , ليس نحن شركاءه في علمه ولا في قدرته , بل لا يعلم الغيب غيره , كما قال في محكم كتابه تبارك وتعالى : ? ? - الله أكبر ? - ? - درهم ?- رضي الله عنهم - - ? صدق الله العظيم ? الله الله أكبر ? ? الله ? ? - - - الله ?? - الله أكبر ? الله الله { ? - - - ? صدق الله العظيم } - - - - ? - - الله ? ? درهم صدق الله العظيم - الله ?? - ? - - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - ? - - - - - ?? .. قد آذانا جهلاء الشيعة وحمقاؤهم , ومَن دينه جناح البعوضة أرجح منه , وأُشهد الله الذي لا إله إلا هو وكفى به شهيداً ... أنَّي بريءٌ إلى الله وإلى رسوله ممن يقول : إنا نعلم الغيب , أو نشارك الله في ملكه , أو يُحلنا محلاً سوى المحل الذي رضيه الله لنا !!! (1) 0
المسألة الخامسة : اعتقاد علماء الشيعة ( أنَّ في الأئمة جزءاً إلهياً ) ؟ .
أخرج شيخهم الكليني عن الأئمة أنهم قالوا : إنَّ الله خَلَطَنَا بنفسه (2) .
س 38/ ما مفهوم الإيمان عند علماء المذهب الشيعي ؟ .
ج/ لقد أدخل علماء الشيعة الإيمان بالأئمة الاثني عشر في مسمَّى الإيمان !! .
قال شيخهم ابن المطهر الحلي : مسألة الإمامة : هي أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان , والتخلص من غضب الرحمن (3) .
__________
(1) بحار الأنوار ج25/32و267و301و316 , والاحتجاج للطبرسي ج2/473 , ورجال الكشي ص323-325و518 .
(2) أصول الكافي ج1/146 .
(3) منهاج الكرامة في معرفة الإمامة ص1 لابن المطهر الحلي .(9/102)
وقال أمير محمد الكاظمي القزويني : إنَّ من يكفر بولاية علي ( وإمامته فقد أسقط الإيمان من حسابه , وأحبط بذلك عمله (1) .
س 39/هل قال علماء الشيعة بشهادة ثالثة مع الشهادتين ؟ .
ج/ نعم , وهي شهادة أنَّ علياً ? وليُّ الله تعالى , فيرددونها في أذانهم , وبعد صلواتهم (2) , ويُلقنوها موتاهم ؟ قال الباقر : لقنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله والولاية (3) .
س 40/ ما اعتقاد علماء الشيعة في الإرجاء ؟ .
ج/ إنَّ الإيمان عند المرجئة : هو معرفة الله ( , وأما عند الشيعة فهو : معرفة الإمام أو حُبه ! ؟ ولهذا رووا : حبُّ عليٍّ - عليه السلام - حسنة , لا تضرُّ معها سيئة (4) .
وافتروا : لا يدخل الجنة إلا من أحبَّهُ من الأولين والآخرين , ولا يدخل النار إلا من أبغضه من الأولين والآخرين (5) .
التعليق :
__________
(1) الشيعة في عقائدهم وأحكامهم ص24 للقزويني – من شيوخ الشيعة المعاصرين - .
(2) وسائل الشيعة للحر العاملي 4/103 , باب : استحباب الشهادتين , والاقرار بالأئمة بعد كل صلاة .
(3) فروع الكافي للكليني ج1/34 , وتهذيب الأحكام للطوسي ج1/82-287 , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج2/665 .
(4) الفضائل لشاذان بن جبرئيل القمي ص96 .
(5) علل الشرائع ص162 .(9/103)
قال الله تعالى : ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - - } (( قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( - ( - (( مقدمة ( - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - - (( مقدمة - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - صدق الله العظيم - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - ((- رضي الله عنه - الله أكبر ((((( ( وقال تعالى : ( صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( ( - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - - - { ( الله ( تم بحمد الله - - { - - - - - - ( - - رضي الله عنهم - - (( فهرس - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ((( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - - - { ( الله ( تم بحمد الله - - { - - - - - - - { (( فهرس - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ((( ( وأسقطوا الإيمان بالله ( ورسوله ( وجميع العقائد الدينية ... ولم يُبقوا في شريعة الإسلام غير حب أمير المؤمنين ؟! .
س 41/ ما اعتقاد علماء الشيعة في الوعد من الله ( ؟ .
ج/ قال شيخهم ابن بابويه : اعتقادنا في الوعد أنَّ من وعد الله على عمل ثواباً فهو منجزه (1) .
__________
(1) الاعتقادات لابن بابويه ص94 , وانظر : أوائل المقالات للمفيد ص57 , والاعتقادات للمجلسي ص100 .(9/104)
وقد اخترع علماء الشيعة روايات عن الأئمة , تثبت الوعد بالثواب على أعمال ليست في كتاب الله تعالى , ولا في سنة رسوله ( , ولا في سنة أمير المؤمنين - رضي الله عنه - فمثلاً :
لعن صحابة رسول الله ( : جعله علماء الشيعة من أفضل القربات (1) .
وجعلوا لطم الخدود .. باسم عزاء الحسين - رضي الله عنه - من عظيم الطاعات (2) .
وسُئل آل كاشف الغطاء عن : حكم الاحتفال في العاشر من محرَّم في كل عام بتمثيل قتل الحسين - رضي الله عنه - وما جرى عليه وعلى أهله , وإعلان الحزن من الندب والعويل والبكاء وضرب الصدور , وترديد : يا حسين يا حسين .. ؟ .
فأجاب آيتهم : ( - رضي الله عنهم - - ( - ( - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - (- رضي الله عنهم -(( - - عليه السلام - - ((((- رضي الله عنهم -( - { ( - - - - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر ( - - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - عليه السلام - قرآن كريم ( { - - ( - قرآن كريم ( - ( { ( - - - ( .. ولا ريب أنَّ تلك المواكب المحزنة , وتمثيل هاتيك الفاجعة المشجية , من أعظم شعائر الفرقة الجعفرية (3) .
__________
(1) انظر : وسائل الشيعة ج5/389 , وفروع الكافي ج1/95 , وتهذيب الأحكام ج1/227 , ومستدرك الوسائل ج1/342 .
(2) انظر : عقائد الإمامية مبحث المواكب الحسينية ج1/289 , ودائرة المعارف الإسلامية الشيعية لحسين الأمين ج21/706 .
(3) الآيات البينات ص5 للغطاء .(9/105)
ورووا أنَّ أئمتهم يملكون الضمان لشيعتهم بدخول الجنة : عن عبدالرحمن الحجاج قال : قلت لأبي الحسن ع : إنَّ علي بن يقطين , أرسلني إليك برسالة أسألك الدعاء له , فقال : في أمر الآخرة ؟ قلت : نعم , قال : فوضع يده على صدره ثمَّ قال : ضمنت لعلي بن يقطين ألا تمسه النار (1) .
س 42/ ما الذي حفظ الإسلام منذ أربعة عشر قرناً ؟ .
ج/ قال إمامهم الخميني : إنَّ البكاء على سيِّد الشهداء - عليه السلام - وإقامة المجالس الحسينية , هي التي حفظت الإسلام من أربعة عشر قرناً (2) .
س 43/ ما اعتقاد علماء الشيعة في الوعيد من الله تعالى ؟ .
ج/ قال شيخهم المفيد : اتفقت الإمامية : على أنَّ أصحاب البدع كلُّهم كفارٌ , وعلى أنَّ على الإمام أن يستتيبهم عند التمكن .. فإن تابوا عن بدعهم , وصاروا إلى الصواب , وإلا قتلهم لردتهم عن الإيمان , وأنَّ من مات منهم على تلك البدعة , فهو من أهل النار (3) .
ولذلك قال شيخهم ابن بابويه : واعتقادنا فيمن خالفنا في شيء واحد من أمور الدين , كاعتقادنا فيمن خالفنا في جميع أمور الدين (4) .
فعلماء الشيعة وعيديه بالنسبة لمن خالفهم , كما أنهم مرجئة فيمن دان واعتقد عقيدتهم , ولذلك رووا : إذا كان يوم القيامة وُلِّينا حساب شيعتنا , فمن كانت مظلمته فيما بينه وبين الله عزَّ وجلَّ , حكمنا فيها فأجابنا , ومن كانت مظلمته فيما بينه وبين الناس , استوهبناها فوهبت لنا , ومن كانت مظلمته فيما بينه وبيننا , كنا أحق من عفا وصفح (5) .
__________
(1) رجال الكشي ص431-432 , و ص447-448و484 , وانظر : الكافي ج1/474-475 .
(2) جريدة الاطلاعات الإيرانية ( العدد 15901 ) في 16/8/1399هـ .
(3) أوائل المقالات ص16 .
(4) الاعتقادات له ص116 , وانظر : الاعتقادات للمجلسي ص100 .
(5) بحار الأنوار للمجلسي ج68/99 , وعيون أخبار الرضا لابن بابويه الملقب بالصدوق ج2/68 .(9/106)
س 44/ ما اعتقاد علماء المذهب الشيعي في الإيمان بالملائكة ؟ .
ج/ يعتقدون أنَّ الملائكة خُلقوا من نور الأئمة : رووا أن رسول الله ( قال : خلق الله من نور وجه علي بن أبي طالب ع سبعين ألف ملك , يستغفرون له ولمحبِّيه إلى يوم القيامة (1) .
* من وظائف الملائكة : البكاء على قبر الحسين - رضي الله عنه - : رووا : عن أبي عبدالله ع قال : وكَّلَ الله بقبر الحسين ع أربعةَ آلاف ملك , شعث غبرٌ , يبكونه إلى يوم القيامة .. (2) .
* أُمْنِيَةُ ملائكة السموات : رووا : عن أبي عبدالله ع قال : وليس شيء في السموات , إلا وهم يسألون الله أن يُؤذن لهم في زيارة الحسين ع , ففوج ينزل , وفوج يعرج (3) .
* الملائكة في اعتقاد علماء الشيعة مكلفون بمسألة ولاية أئمتهم , ولكنَّ علماء الشيعة يقولون : بأنه لم يستجب من الملائكة إلا طائفة المقرَّبين , رغم أنَّ الله يُحلُّ العقوبة بمن يخالف من الملائكة , حتى إنَّ أحد الملائكة عُوقب بكسر جناحه لرفضه ولاية أمير المؤمنين ? , ولم يبرأ إلا حينما تمسَّح وتمرَّغ بمهد الحسين ? (4) .
* حياة الملائكة موقوفة على الأئمة والصلاة عليهم , فالملائكة ليس لهم طعام ولا شراب , إلا الصلاة على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( ومحبيه , والاستغفار لشيعته المذنبين , وكانت الملائكة لا تعرف تسبيحاً ولا تقديساً , من قبل تسبيح الأئمة عليهم السلام , وتسبيح شيعتنا (5) .
__________
(1) كنز جامع الفوايد ص334 للكراجكي , وبحار الأنوار ج23/320 , وإرشاد القلوب للديلمي ج2/294 , وتأويل الآيات للأسترآبادي ص643 , وكشف الغمة في معرفة الأئمة للأربلي ج1/103 , ومئة منقبة ص42 لابن شاذان القمي .
(2) وسائل الشيعة ج10/318 .
(3) تهذيب الأحكام ج2/16 .
(4) بحار الأنوار ج26/341 , وبصائر الدرجات الكبرى للصفار ص20 .
(5) بحار الأنوار ج26/344-349 , جامع الأخبار لابن بابويه ص9 .(9/107)
* لم يُشَرِّف الله الملائكة إلا بقبولها ولاية علي - عليه السلام - (1) .
* إذا خلا الشيعي بصاحبه الشيعي , قالت الملائكة الحفظة : اعتزلوا بنا , فإنَّ لهم سرَّاً , وقد ستره الله عليهما (2) .
تعارض :
قال الله - سبحانه وتعالى - : ( ( - ( { - } - فهرس - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ( تمت - - عليه السلام - - (- صلى الله عليه وسلم - { فهرس - - رضي الله عنه - - ( - ( - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( (((( - - عليه السلام - - ( - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - عليه السلام - - (- صلى الله عليه وسلم -( - - - ( - - (( - - (((( - } تم بحمد الله ((((( - - رضي الله عنه - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - ( قرآن كريم - - - صدق الله العظيم ( { ( مقدمة ( - - رضي الله عنهم - - - - ( - - ( - - عليه السلام - - ( - - ( - - رضي الله عنه -( (((( ( وقال - سبحانه وتعالى - : ? صدق الله العظيم ? - - - الله ?? - - الله { صدق الله العظيم ? مقدمة ? مقدمة - - بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - - - - الله درهم - ? الله ? صدق الله العظيم { الله الله أكبر ? صدق الله العظيم ? - ? الله الله - - جل جلاله -? - - رضي الله عنهم - - ? - الله أكبر ? الله ? { - الله الله أكبر ? الله ? - عليه السلام -? - ? الله الله أكبر - - الله الله أكبر ? الله أكبر ? - ? - } الله ? صدق الله العظيم ? - ? صدق الله العظيم الله أكبر ? الله - - ? الله ?? - - - - - ? الله الله أكبر ? ? } - - { .
__________
(1) تفسير الحسن العسكري ص153 .
(2) وسائل الشيعة ج8/563-564 .(9/108)
* ما ورد في القرآن من أسماء للملائكة , فالمراد به عند علماء الشيعة : الأئمة الإثني عشر , ولهذا عقد شيخهم المجلسي : باب : أنهم عليهم السلام الصافون والمسبِّحون , وصاحب المقام المعلوم , وحملة العرش , وأنهم السفرة الكرام البررة (1) .
س 45/ما اعتقاد علماء الشيعة في الإيمان بالركن الثالث وهو الإيمان بالكتب ؟ .
ج / فيه مسألتان :
المسألة الأولى : يؤمن علماء الشيعة : ( بأنَّ الله - سبحانه وتعالى - أنزل كتباً على أئمتهم ) ؟ ومنها :
1 ) مصحفُ علي ? :
قال شيخهم الخوئي : إن وجود مصحف لعلي ( يُغاير القرآن الموجود في ترتيب السور ، وفي اشتماله على زيادات ليست في القرآن , مما لا ينبغي الشك فيه .. (2) .
2 ) كتابُ علي ? :
ووصفته رواياتهم بأنه : مثل فخذ الرجل مطوي (3) , وأنه خطُّ عليٍّ ( بيده , وإملاءُ رسول الله (4) .
3) مصحفُ فاطمة رضي الله تعالى عنها :
رووا عن علي بن سعيد عن أبي عبدالله ? قال : ... وخلَّفت فاطمة ع ما هو قرآن , ولكنه كلام الله أنزله عليها , إملاء رسول الله ( وخط عليٍّ ( (5) .
وفي رواية : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات , والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد , قال قلت : هذا والله العلم , قال : إنه العلم وما هو بذاك .. (6) .
تعارض :
في رواية مناقضة : مصحف فاطمة رضي الله تعالى عنها ما فيه شيء من كتاب الله , وإنما هو شيءٌ أُلقي عليها (7) .
تناقض :
__________
(1) بحار الأنوار ج24/87 .
(2) البيان في تفسير القرآن لأبي القاسم الموسوي الخوئي ص223 .
(3) بحار الأنوار 26/51 .
(4) بصائر الدرجات الكبرى للصفار ص45 .
(5) بحار الأنوار ج26/42 , وبصائر الدرجات ص42 .
(6) أصول الكافي ج1/239 .
(7) بحار الأنوار ج26/48 , وبصائر الدرجات ص43 .(9/109)
رووا عن أبي بصير عن رسول الله ( في حديث طويل : ثمَّ أتى الوحي إلى النبيِّ ص فقال : سأل سائل بعذاب واقع للكافرين بولاية عليٍّ ليس له دافع , من الله ذي المعارج , قال قلت : جعلت فداك إنا لا نقرؤها هكذا , فقال : هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمد ص , وهكذا والله مثبت في مصحف فاطمة ع (1) .
وأمَّا عن كيفية نزول هذا المصحف :
إليك يا طالب الحق هذه الرواية عن أئمة الشيعة في الوصف الدقيق لمصحف فاطمة رضي الله تعالى عنها : عن أبي بصير سألت أبا جعفر محمد بن علي عن مصحف فاطمة فقال : أُنزل عليها بعد موت أبيها قلت : ففيه شيء من القرآن , فقال : ما فيه شيء من القرآن , قلت : فصفه لي , قال : دفتان من زبرجدتين على طول الورق , وعرضه حمراوين , قلت : جعلت فداك فصف لي ورقه , قال : ورقه من درٍّ أبيض , قيل له : كن فكان , قلت : جعلت فداك فما فيه , قال : فيه خبر ما كان وخبر ما يكون إلى يوم القيامة , وفيه خبر سماء سماء , وعدد ما في السموات من الملائكة وغير ذلك , وعدد كل من خلق الله مرسلاً وغير مرسل , وأسماؤهم وأسماء من أُرسل إليهم , وأسماء من كذَّب وأجاب , وأسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين من الأولين والآخرين , وأسماء البلدان , وصفة كل بلد في شرق الأرض وغربها , وعدد ما فيها من المؤمنين , وعدد ما فيها من الكافرين , وصفة كل من كذَّب , وصفة القرون الأولى وقصصهم , ومن ولي من الطواغيت ومدة ملكهم وعددهم , وأسماء الأئمة وصفتهم , وما يملك كل واحد واحد , وصفة كبرائهم , وجميع من تردد في الأدوار , قلت : جعلت فداك , وكم الأدوار , قال : خمسون ألف عام , وهي سبعة أدوار , وفيه أسماء جميع ما خلق الله وآجالهم , وصفة أهل الجنة وعدد من يدخلها , وعدد من يدخل النار , وأسماء هؤلاء وهؤلاء , وفيه علم القرآن كما أُنزل ، وعلم التوراة كما أُنزلت , وعلم الإنجيل كما أُنزل ,
__________
(1) الكافي ج8/57 .(9/110)
وعلم الزبور , وعدد كل شجرة ومدرة في جميع البلاد .. (1) .
فيا تُرى كم سوف يكون هذا المصحف الكبير من مجلد وورقة ؟ .
بل ويقول الراوي : إنَّ إمامهم قال : وما وصفتُ لك بعد ما في الورقة الثانية , ولا تكلَّمتُ بحرف منه (2) .
4 ) كتابٌ أُنزل على الرسول ( قبل أن يأتيه الموت :
روى علماؤهم عن أبي الصادق ? قال : إنَّ الله عز وجل أنزل على نبيه كتاباً قبل أن يأتيه الموت , فقال : يا محمد , هذا الكتاب وصيتك إلى النجيب من أهل بيتك , فقال : ومن النجيب من أهلي يا جبرائيل ؟ فقال : عليُ بن أبي طالب ( , وكان على الكتاب خواتيم من ذهب , فدفعه النبيُّ ص إلى عليٍّ ع , وأمره أن يَفكَّ خاتماً منها ويعمل بما فيه , فَفَكَّ ع خاتماً وعمل بما فيه , ثم دفعه ع إلى ابنه الحسن ع ففك خاتماً .... ثمَّ كذلك أبداً إلى قيام المهدي ع (3) .
التعليق :
__________
(1) دلائل الإمامة لأبي جعفر محمد بن رستم الطبري الشيعي ص27-28 .
(2) دلائل الإمامة 27-28 .
(3) أصول الكافي للكليني ج1/280 .(9/111)
( - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - ( - ( - المحتويات ( - - الله قرآن كريم ( - ( - ( المحتويات ( - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( - - - ( فالرسول - صلى الله عليه وسلم - هنا كما يروون يسأل : من هو النجيب , فهو - صلى الله عليه وسلم - لم يعرفه حتى نزل به الموت ! فهذا يعني أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما في روايتهم هذه , لم يُعلن للناس من هو النجيب الوصي من أهله , بل لم يعرف ذلك إلا عند وفاته - صلى الله عليه وسلم - ( } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - رضي الله عنه - - (( - - - ( - ( - - - صلى الله عليه وسلم -( - ((- رضي الله عنه - - ( - ( - (( - - } - - ((( ( .
5 ) لوح فاطمة رضي الله تعالى عنها :
وهو في اعتقاد علمائهم : كتاب منزلٌ من عند الله تعالى على نبيه ( , وأهداه إلى ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها , فرووا عن أبي بصير أنَّ أبا عبدالله سأل جابر بن عبدالله عن لوح فاطمة فقال جابر : أشهد بالله أني دخلت على أمك فاطمة ع , في حياة رسول الله ص , فهنيتها بولادة الحسين , ورأيت في يديها لوحاً أخضر , ظننت أنه من زمرّد , ورأيت فيه كتاباً أبيض , شبه لون الشمس ... وفيه أنَّ الله قال : إني لم أبعث نبياً فأكملت أيامه , وانقضت مدته , إلا جعلت له وصياً , وإني فضلتك على الأنبياء , وفضلت وصيك على الأوصياء , وأكرمتك بشبليك وسبطيك , حسن وحسين , فجعلت حسناً معدن علمي بعد انقضاء مدة أبيه ... قال أبو بصير : لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث , لكفاك فصنه إلا عن أهله (1) .
القاصمة :
__________
(1) الكافي للكليني ج1/527-528 .(9/112)
لقد رووا في هذا الكتاب المزعوم رواية هدَّت بنيانهم من القواعد وخرَّ عليهم سقف تشيعهم , فقد حكموا على أنَّ علياً - رضي الله عنه - ليس من الأوصياء , فقالوا في روايتهم : دخلت على فاطمة ع وبين يديها لوحٌ فيه أسماء الأوصياء من ولدها , فعددت اثني عشر آخرهم القائم ع ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي (1) .
6 ) صحيفة فاطمة رضي الله تعالى عنها :
ومن صفتها في اعتقاد علمائهم كما رووه عن أبي عبدالله بن جابر : دخلت إلى مولاتي فاطمة بنت محمد رسول الله ص , لأهنيها بمولد الحسن ع , فإذا بيدها صحيفة بيضاء من درَّة , فقلت : يا سيدة النسوان , ما هذه الصحيفة التي أراها معك , قالت : فيها أسماء الأئمة من ولدي , قلت : ناوليني لأنظر فيها , قالت : يا جابر لولا النهي لكنتُ أفعل , لكنه قد نُهي أن يمسها إلا نبيٌّ , أو وصيُّ نبيٍّ , أو أهل بيت نبيٍّ .. (2) .
7 ) الإثنا عشر صحيفة :
روى علمائهم عن شيخهم ابن بابويه القمي , أنَّ رسول الله ( قال : إن الله تبارك وتعالى أَنزل عليَّ اثني عشر خاتماً , واثنتي عشرة صحيفة , اسم كل إمام على خاتمه , وصفته في صحيفته (3) .
8 ) صحف علي ? :
ومنها : صحيفة فيها تسع عشرة صحيفة , قد حباها أو خباها رسول الله ( عند الأئمة (4) , ورووا أنَّ أبا جعفر ع قال : إنَّ عندي لصحيفة فيها تسع عشرة صحيفة , قد حباها رسول الله ص (5) .
9) صحيفة ذؤابة السيف :
__________
(1) الكافي ج1/532 .
(2) بحار الأنوار ج36/193 , والاحتجاج للطبرسي ج2/373 , وعيون أخبار الرضا 24-25 , وإكمال الدين ص178 .
(3) إكمال الدين لابن بابويه ص263 , والصراط المستقيم للبياضي ج2/154 .
(4) بحار الأنوار 26/24 , وبصائر الدرجات الكبرى للصفار ص39 .
(5) بحار الأنوار ج26/24 , وبصائر الدرجات الكبرى للصفار ص144 .(9/113)
عن أبي بصير قال : قال أبو عبدالله : إنه كان في ذؤابة سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحيفة صغيرة , فيها الأحرف التي يفتح كل حرف منها ألف باب , قال أبو بصير : قال أبو عبدالله ع : فما خرج منها إلا حرفان حتى الساعة (1) .
10 ) الجفر الأبيض والجفر الأحمر :
عن أبي العلاء قال : سمعت أبا عبدالله ع يقول : إنَّ عندي الجفرَ الأبيض , قال : قلت : فأيُّ شئ فيه ؟ قال : زبورُ داودَ وتوراةُ موسى وإنجيلُ عيسى وصحفُ إبراهيم ع والحلالُ والحرامُ , ومصحفُ فاطمة ... وعندي الجفرُ الأحمرَ , قال : قلتُ : وأيُّ شئ في الجفرِ الأحمر : قال : السلاحُ , وذلك إنما يُفتح للدم , يَفتحه صاحب السيف للقتل , فقال له عبدالله بن أبي يعفورٍ : أصلحك اللهُ , أيعرفُ هذا بنو الحسن ؟ فقال : أيْ والله كما يعرفون الليلَ أنه ليلٌ والنهارَ أنه نهارٌ , ولكنهم يحملُهُم الحسدُ وطلب الدنيا على الجحودِ والإنكار , ولو طلبوا الحق بالحق لكان خيراً لهم (2) .
11) صحيفة الناموس :
رووا أنَّ إمامهم قال : إنَّ شيعتنا مكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم .. ليس على ملَّة الإسلام غيرنا وغيرهم (3) .
12) صحيفة العبيطة :
رووا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : إنَّ عندي صحفاً كثيرة ... وإنَّ فيها لصحيفة يقال لها العبيطة , وما ورد على العرب أشد عليهم منها , وإنَّ فيها لستين قبيلة من العرب بهرجة , ما لها في دين الله من نصيب (4) .
13) الجامعة :
__________
(1) بحار الأنوار ج26/56 , وبصائر الدرجات ص89 .
(2) أصول الكافي ج1/24 و240 .
(3) بحار الأنوار ج26/123 , بصائر الدرجات ص47 .
(4) بحار الأنوار ج26/37 .(9/114)
روى علماؤهم عن أبي عبدالله ? أنه قال : إنَّ عندنا الجامعة , وما يدريهم ما الجامعة ! قال قلت : جعلت فداك وما الجامعة , قال : صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله ص وإملائه من فَلْقِ فيه , وخَطِّ عليٍّ ع بيمينه , فيها كلُّ حلال وحرام , وكل شئ يحتاج الناس إليه حتى الأرش في الخدش ... (1) .
الفاضحة :
أين هذه الصحف والكتب المقدسة الآن , وهل أضاعها علماء الشيعة المعاصرون ؟ .
أجاب آيتهم وأحد مراجعهم المعاصرين : محسن الأمين , وبلا تقية ! : إنْ ضاعت صحيفة الفرائض والجفر والجامعة .. فلم تضع عند أهلها (2) .
وإنَّ من أغرب الأمور وأنكرها , أن تكون كل هذه الكتب , قد نزلت من عند الله تعالى , واختصَّ بها أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - والأئمة من بعده , ولكنها تبقى مكتومة عن الأمة , وبالذات عنكم أيها الشيعة , سوى قرآن أهل السنة , والذي يعتقد علماؤكم تحريفه ونقصه , فما معنى إذاً إخفاء أئمتكم لهذه الكنوز السماوية عنكم ؟ وأخيراً هذه الكتب مخزونة عند مهديكم المنتظر (3) منذ ما يقارب الألف ومئتي سنة , لماذا ؟ لماذا ؟ .
أفلا تكون هناك أيدٍ خبيثة سبئية يهودية دسَّت هذه الروايات في كتبكم , وكَذَبَتْ على أئمتكم , فنحن نعلم جميعاً أنه ليس للمسلمين إلا كتاب واحد هو القرآن , وأما تعدد الكتب فهو من خصائص اليهود والنصارى ! أفلا يكفُّ علماؤكم عن مشابهة اليهود والنصارى ؟ .
المسألة الثانية : يؤمن علماء الشيعة ( بأنَّ جميع الكتب السماوية عند أئمتهم ) ؟ .
__________
(1) أصول الكافي ج1/239 .
(2) الشيعة بين الحقائق والأوهام لمحسن الأمين ص254 .
(3) انظر : صراط الحق ج3/347 لآيتهم المعاصر : محمد آصف المحسني , وأعيان الشيعة ج1/154-184 لمحسن الأمين .(9/115)
عقد شيخهم الكليني (1) باباً بعنوان : بابُ أنَّ الأئمة ع عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عزَّ وجلَّ , وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها وفيه عدة روايات .
س 46/ أيهما أفضل عند علماء الشيعة : رسول الله محمد ( والأنبياء , أو أئمتهم ؟ .
ج/ أئمتهم !!! بل لقد كان شيخهم العلباء بن ذراع الدوسي أو الأسدي يذمُّ رسول الله ( ويزعم أنه بُعث ليدعو إلى علي - عليه السلام - فدعا لنفسه (2) .
وعقد المجلسي : بابُ : تفضيلهم عليهم السلام على الأنبياء , وعلى جميع الخلق , وأخذ ميثاقهم عنهم , وعن الملائكة , وعن سائر الخلق , وأنَّ أولي العزم إنما صاروا أولي العزم بحبهم صلوات الله عليهم وذكر ( 88 ) حديثاً , وقال : والأخبار في ذلك أكثر من أن تُحصى , وإنما أوردنا في هذا الباب قليلاً منها .. (3) .
س 47/ هل تقوم الحجة لله تعالى على خلقه بالنبي ( أو بالإمام في اعتقاد علماء الشيعة ؟.
ج/ لا تقوم إلا بالإمام , قال ثقتهم الكليني : بابُ أنَّ الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمامٍ وذكر أربعة أحاديث منها : ولولانا ما عُبد الله لولاهم ما عُرف الله عز وجل .. (4) .
وزاد المجلسي : ولا يُدرى كيف يُعبد الرحمن (5) .
س 48/ هل يقول علماء الشيعة بنزول الوحي على أئمتهم ؟ .
ج/ إنَّ قاعدتهم : إنَّ الأئمة ع لا يتكلمون إلا بالوحي (6) .
__________
(1) أصول الكافي ج1/227 .
(2) رجال الكشي ص571 , وبحار الأنوار ج25/305 .
(3) بحار الأنوار ج26/267-298 – 319 .
(4) أصول الكافي ج1/177-193 .
(5) بحار الأنوار ج35/28 .
(6) بحار الأنوار ج17/155 وج54/237 .(9/116)
ورووا عن إمامهم أبي عبدالله أنه قال : إنَّ منَّا لمن يُنكت في أذنه , وإن منا لمن يُؤتى في منامه , وإنَّ منَّا لمن يَسمع صوت السلسة يقع على الطشت , وإنَّ منَّا لمن يأتيه صورة أعظم من جبرئيل وميكائيل (1) .
وفي رواية أنه قال : إنَّ الملائكة لتنزل علينا في رحالنا وتتقلب على فرشنا وتحضر موائدنا ... وتأتينا في وقت كلِّ صلاة لتصليها معنا , وما من يوم يأتي علينا ولا ليل إلا وأخبار أهل الأرض عندنا وما يحدث فيها .... (2) .
وقال الخميني : وإنَّ من ضروريات مذهبنا : أنَّ لأئمتنا مقاماً , لا يبلغه ملك مقرَّب ولا نبيٌ مرسل ؟؟؟ (3) ومنكر الضروري عندهم كافر , كما تقدم مراراً .
وقال الخميني أيضاً : فإنَّ للإمام مقاماً محموداً , ودرجة سامية , وخلافة تكوينية , تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون (4) وذكر : أنَّ الفقيه الشيعي بمنزلة موسى وهارون عليهما السلام (5) .
ولذلك ألمح جواد مغنية : إلى أنَّ الخميني أفضل من موسى - صلى الله عليه وسلم - (6) .
س 49/ما اعتقاد علماء الشيعة في الإيمان بالركن الخامس وهو الإيمان باليوم الآخر ؟ .
ج/ أوَّلَوا آيات القرآن في اليوم الآخر بالرجعة , كما سوف يأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
ورووا : الآخرة للإمام يضعها حيث يشاء , ويدفعها إلى من يشاء .. (7) .
س 50/ من الذي يُسهلُ موت المؤمنين ويُشدِّدُ موت الكافرين في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
__________
(1) بحار الأنوار ج26/358 .
(2) الخرائج والجرائح للراوندي ج2/852 .
(3) الحكومة الإسلامية ص52 .
(4) الحكومة الإسلامية ص52 .
(5) الحكومة الإسلامية ص95 .
(6) الخميني والدولة الإسلامية ص107 .
(7) أصول الكافي ج1/409 .(9/117)
ج/ قال شيخهم المجلسي : يجب الإقرار بحضور النبي والأئمة الاثني عشر ع , عند موت الأبرار والفجار , والمؤمنين والكفار , فينفعون المؤمنين بشفاعتهم في تسهيل غمرات الموت وسكراته عليهم , ويُشددون على المنافقين ومُبغضي أهل البيت ع , ولا يجوز التفكر في كيفية ذلك , إنهم يحضرون – كذا - في الأجساد الأصلية , أو المثالية , أو بغير ذلك (1) .
س 51/ ما الأمان للميت من عذاب القبر ؟ .
ج/ أن يُجعل معه تربة من تراب قبر الحسين ? !! وتوضع مع الميت في الحنوط والكفن (2) .
س 52/ ما أول ما يُسألُ عنه الميت عند وضعه في قبره , في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
ج/ حبُّ أئمة الشيعة !! أول ما يُسأل عنه العبد : حبنا أهل البيت (3) فيسأله ملكان عن اعتقاده في : الأئمة واحداً بعد واحد , فإنَّ لم يجب عن واحد منهم , يضربانه بعمود من نار , يمتلئ قبره ناراً إلى يوم القيامة ! (4) .
س 53/ هل يوجد في اعتقاد الشيعة حشر بعد الموت قبل يوم القيامة ؟ .
ج/ رووا يحشر الله تعالى في زمن القائم أو قبيله , جماعة من المؤمنين , لتقرَّ أعينهم برؤية أئمتهم ودولتهم , وجماعة من الكافرين والمخالفين , للانتقام عاجلاً في الدنيا (5) .
س 54/ من الذي يُستثنى من طول المقام والمرور على الصراط في اعتقادهم ؟ .
__________
(1) الاعتقادات للمجلسي ص93-94 .
(2) وسائل الشيعة ج2/742 , وتهذيب الأحكام ج2/27 , والاحتجاج للطبرسي ص274 , والمصباح للكفعمي ص511 .
(3) بحار الأنوار ج27/79 , عيون أخبار الرضا لابن بابويه ص222 .
(4) الاعتقادات للمجلسي ص95 .
(5) الاعتقادات للمجلسي ص98 .(9/118)
ج/ أهل مدينة قم بإيران مركز الدولة الصفوية , فإنهم يُحاسبون في حفرهم , ويُحشرون من حفرهم إلى الجنة (1) ولذلك أصبح علماء الشيعة أكبر السماسرة في بيع العقار في تلك المدينة ! .
تعارض :
قال الله تعالى : ? الله ??? الله أكبر الله ? - ?? - ? الله ? ? { - بسم الله الرحمن الرحيم - ?? - - - - - الله - - جل جلاله -? الله ? - - جل جلاله -? - ? - الله أكبر الله ? - ? - - ? } تمهيد { .
س 55/ ما اعتقاد علماء الشيعة في عدد أبواب الجنة , ولمن تكون ؟ .
ج/ رووا عن أبي الحسن الرضا ? قال : إنَّ للجنة ثمانية أبواب , ولأهل قم واحدٌ منها , فطوبى لهم ثمَّ طوبى , وهم خيار شيعتنا من بين سائر البلاد , خمَّر الله تعالى ولايتنا في طينتهم (2) .
التعليق :
زاد أحد تجار العقار من شيوخهم المعاصرين في عدد أبواب الجنة المفتوحة على ( قم ) .
فروى عن الرضا ( أنه قال : للجنة ثمانية أبواب , فثلاثة منها لأهل قم , فطوبى لهم , ثم طوبى لهم (3) .
فلماذا الانتظار يا شيعة العرب !! أدركوا أبواب جنتكم الثلاثة , قبل أن تُغلق في وجوهكم !؟ .
س 56/ من الذي يُحاسِبُ الناس يوم القيامة في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
ج/ أئمتهم , قال شيخهم الحر العاملي : إنَّ من أصول الأئمة عليهم السلام : الإيمان بأنَّ حساب جميع الخلق يوم القيامة إلى الأئمة (4) .
تناقض :
__________
(1) بحار الأنوار للمجلسي ج60/218 , والكنى والألقاب لعباس القمي ج3/71 .
(2) بحار الأنوار ج8/289 وج57/216 وج60/215-216 , وسفينة البحار للقمي ج1/446 , والكنى والألقاب ج3/7 .
(3) أحسن الوديعة لمحمد مهدي الكاظمي الأصفهاني ص313-314 , وبحار الأنوار ج57/228 .
(4) الفصول المهمة في أصول الأئمة للعاملي ص171 .(9/119)
قال أبو عبدالله : إلينا الصراط , وإلينا الميزان , وإلينا حساب شيعتنا (1) .
تعارض :
قال الله تعالى : ? ?? تمهيد - - ?? - ? - - - الله { - جل جلاله - - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - عليه السلام -? - ? الله ? - ? الله - جل جلاله - الله أكبر الله أكبر - الله } ?? الله أكبر - ? الله ?? - - - ? { الله أكبر ? - - ? } - - - { .
وقال الله تبارك وتعالى : ? الله الله ? الله أكبر - الله الله ? تمهيد - - - الله ? الله أكبر صدق الله العظيم - - ? الله ? ? - ? الله - - - الله أكبر { - جل جلاله - - ? } - تمهيد { .
س 57/ كيف يجوز الإنسان الصراط يوم القيامة في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
ج/ عن أبي جعفر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا عليُّ : إذا كان يوم القيامة , أقعدُ أنا وأنت وجبرائيل على الصراط , فلم يَجز أحدٌُ إلا من كان معه كتاب فيه براءة بولايتك (2) .
س 58/من الذي يُدخل من يشاء الجنة , ومن يشاء إلى النار في اعتقادهم ؟ .
ج/ هو عليٌ ( , نعوذ بالله من الضلال , زعم علماء الشيعة أنَّ إمامهم الرضا - رضي الله عنه - قال : سمعت أبي يُحدِّثُ عن آبائه عن علي - عليه السلام - أنه قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا عليُّ , أنت قسيم الجنة والنار يوم القيامة , تقول للنار هذا لي , وهذا لك (3) .
__________
(1) رجال الكشي ص337 .
(2) الاعتقادات لابن بابويه يُسمَّى دين الإمامية ص95 .
(3) عيون أخبار الرضا ص239 , وبحار الأنوار ج39/194 .(9/120)
ووصل الأمر بعلماء الشيعة أيضاً إلى أن قالوا : إنَّ أمير المؤمنين - عليه السلام - لديَّان الناس يوم القيامة (1) , وافتروا أنَّ علياً - عليه السلام - قال : أنا أُدخل أوليائي الجنة , وأعدائي النار (2) .
س 59/ ما هو اعتقاد علماء الشيعة : فيمن يَدخل الجنة من خلق الله تعالى ؟ .
ج/ قال علماؤهم : إنما خُلقت الجنة لأهل البيت , والنار لمن عاداهم (3) .
التعليق :
لقد نسي علماؤهم ذلك الاعتقاد , فقالوا : الشيعة يدخلون الجنة قبل سائر الناس من الأمم , بثمانين عاماً (4) , وشابهوا اليهود حيث قالوا : ? المحتويات - ? الله أكبر ? - الله الله أكبر ? الله ? ? - ? الله ? - - صدق الله العظيم - الله ? الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله - - ? - - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - ? الله ? الله ? - - ? - } - ? - ? صدق الله العظيم ? - - - - عليه السلام - - ? الله - - الله أكبر الله ? الله الله أكبر ? ?? - ?- جل جلاله - - ? - ? - ? الله - الله أكبر - - جل جلاله -? - الله ? - - - صدق الله العظيم ? - ? المحتويات - ? - - - - الله أكبر الله أكبر الله أكبر ? ?? - - الله ? - الله أكبر الله ?? - الله أكبر - الله أكبر - ? تمهيد - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ? - } - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله -- جل جلاله - - - الله أكبر الله ? ? .
س 60/ما اعتقاد علماء الشيعة في الإيمان بالقضاء والقدر ؟ .
__________
(1) بحار الأنوار ج39/200 , وبصائر الدرجات الكبرى للصفار ص122و414 , وتفسير فرات ص13 لفرات بن إبراهيم الكوفي .
(2) تفسير فرات ص67 , علل الشرائع لابن بابويه ص196 .
(3) المعالم الزلفى ص251 .
(4) المعالم الزلفى لهاشم البحراني ص255 .(9/121)
ج/ قال شيخهم المفيد : الصحيح عن آل محمد - صلى الله عليه وسلم - أنَّ أفعال العباد غير مخلوقة لله تعالى .. وقد روي عن أبي الحسن ع , أنه سُئل عن أفعال العباد , فقيل له : هل هي مخلوقة لله تعالى ؟ فقال ع : لو كان خالقاً لها لما تبرأ منها , وقد قال سبحانه : ( } تمت - صلى الله عليه وسلم - - { - - - ((( - ( - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله - رضي الله عنه -((( - ( - ((( - ( - - - - (( - ( - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( ولم يرد البراءة من خلق ذواتهم , وإنما تبرَّأ من شركهم وقبائحهم (1) .
واستمرَّ عدم التصريح من علماء الشيعة باعتقادهم بمذهب المعتزلة في الإيمان بالقضاء والقدر , إلى أنْ صرَّح شيخهم الحرُّ العاملي فقال : بابُ : أنَّ الله سبحانه خالق كل شيء , إلا أفعال العباد .
وقال : أقول مذهب الإمامية والمعتزلة , أنَّ أفعال العباد صادرة عنهم , وهم خالقون لها (2) .
التعليق :
روى الكليني عن أبي جعفر وأبي عبدالله ع قالا : إنَّ الله أرحم بخلقه من أنْ يُجبر خلقه على الذنوب , ثمَّ يعذبهم عليها , والله أعزّ من أنْ يريد أمراً فلا يكون , قال : فسئلا ع : هل بين الجبر والقدر منزلةٌ ثالثةٌ ؟ قالا : نعم أوسعُ مما بين السماء والأرض (3) .
قاصمة الظهر :
__________
(1) شرح عقائد الصدوق ص12-13 ملحق بكتاب أوائل المقالات .
(2) الفصول المهمة في أصول الأئمة لمحمد بن الحسن الحر العاملي المتوفى سنة 1104هـ ص80-81 .
(3) أصول الكافي ج1/159 .(9/122)
رووا عن أبي عبدالله ( قال : ويح هذه القدرية , أما يقرأون هذه الآية : ? - ? - الله أكبر الله الله أكبر ? صدق الله العظيم - الله - ? - - - الله الله أكبر ? - - سبحانه وتعالى - - ? - ? صدق الله العظيم ? - - - الله ? - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - سبحانه وتعالى - - ? الله الله أكبر - - - - الله - صدق الله العظيم ? - - - الله ? - الله أكبر الله الله أكبر ? صدق الله العظيم } بسم الله الرحمن الرحيم - - الله الله أكبر ? الله ?- جل جلاله -? الله ?? - } - جل جلاله - } - الله أكبر الله ?? - ? - - ? } - - { ويحهم , من قدَّرها إلا الله تبارك وتعالى (1) .
وللأسف فقد زادوا في تقليد أهل الاعتزال حتى قالوا : بأنَّ من أصول دينهم الشيعي : العدل كالمعتزلة سواءً بسواء , ومعنى هذه الكلمة : إنكار قدَر الله تعالى 0
قال شيخهم هاشم معروف : أمَّا الإمامية , فالعدل من أركان الدين عندهم , بل ومن أصول الإسلام (2) .
س 61/ كم عدد الأوصياء , ومن هو آخرهم في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
ج/ قال ابن بابويه القمي في ذكره لعقائد شيعته : يعتقدون بأنَّ لكل نبيٍّ وصياً أُوصي إليه بأمر الله تعالى وذكر بأنَّ عدد الأوصياء : مائة ألف وأربعة وعشرون ألف وصيٍّ (3) .
التعليق :
قال شيخهم المجلسي : وعلي - عليه السلام - آخر الأوصياء (4) .
__________
(1) بحار الأنوار ج5/56-116 .
(2) الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة ص240 لهاشم , وعقيدة المؤمن لعبد الأمير قبلان ص43 .
(3) عقائد الصدوق ص106 .
(4) بحار الأنوار ج39/342 .(9/123)
فمعنى هذا : أنه لا وصيَّ بعد أمير المؤمنين علي ( , وأنَّ إمامة من بعده باطلة , لأنهم ليسوا بأوصياء , وهذا ينقض مذهب الاثنى عشرية من أصله , فينقض بنيانهم من القواعد , كيف لم ينتبه لذلك علماء شيعتهم , ولكن صدق الله : ? ? صدق الله العظيم ? - ? الله ? الله ? - الله } ??- جل جلاله -? - جل جلاله - - ?- جل جلاله -? - } صدق الله العظيم - الله أكبر الله الله أكبر ?? - ?- جل جلاله - - - - المحتويات - ? - - الله - الله ? - ? - جل جلاله -? - - جل جلاله -? - - الله أكبر الله أكبر ? - الله أكبر الله أكبر - ?- جل جلاله - - { الله أكبر الله أكبر - - - - - } - - جل جلاله - - الله } ? } - - { .
س 62/ ما منزلة الإمامة عند علماء المذهب الشيعي ؟ .
ج/ 1- أنها كالنبوة :
قالوا : الإمامة منصبٌ إلهيٌ كالنبوة (1) .
ولذلك افترى البحراني على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? أنه قال : من لم يُقرَّ بولايتي , لم ينفعه الإقرار بنبوة محمد ( (2) .
ثمَّ زادوا في النصيب فقالوا :
2 - كونها أعظم وأجلُّ من النبوة :
قال الجزائري : الإمامة العامة التي هي فوق درجة النبوة والرسالة (3) .
وفي أحاديث الكليني في الكافي (4) : أنَّ الإمامة تعلو على مرتبة النبوة .
ثمَّ زادوا في النصيب فقالوا :
3- كونها أعظم ما بعث الله به نبيه - صلى الله عليه وسلم - :
قال شيخهم هادي الطهراني : إنَّ أعظم ما بعث الله تعالى نبيه ( من الدين , إنما هو أمر الإمامة (5) .
__________
(1) أصل الشيعة وأصولها ص58 .
(2) مقدمة تفسير البرهان للبحراني ص24 , وبحار الأنوار للمجلسي ج26/3 .
(3) زهر الربيع ص 12 لنعمة الله عبدالله الحسيني الموسوي الجزائري المتوفى سنة 1112هـ .
(4) ج1/175 .
(5) ودايع النبوة لهادي الطهراني ص115 .(9/124)
ثمَّ زادوا في النصيب فقالوا :
4- كونها ركناً من أركان الإسلام :
روى الكليني عن أبي جعفر قال : بني الإسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولايةِ , ولم يُنادَ بشيءٍ كما نودي بالولاية (1) .
وقد فضحهم آل كاشف الغطاء , فقال : إنَّ الشيعة زادوا في أركان الإسلام ركناً آخر , وهو الإمامة (2) .
ثمَّ تطوَّر الغلو عند علماء الشيعة فزادوا في النصيب فقالوا :
5- كونها أعظم أركان الإسلام :
روى الكليني عن أبي جعفر ( قال : إنَّ الإسلام بني على خمسة أشياءَ : على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية , قال زُرارة : فقلتُ : وأيُّ شيء من ذلك أفضلُ ؟ فقال : الولايةُ أفضل (3) .
س 63/ ما حكم الاحتفال بعيد الغدير , وما حكم من أنكره ؟ .
ج/ قال شيخهم عبدالله العلايلي : إنَّ عيد الغدير جزء من الإسلام , فمن أنكره فقد أنكر الإسلام بالذات (4) , وحدَّده الخميني باليوم الثامن عشر من ذي الحجة (5) .
س 64/هل الإمامة عندهم محصورة في عدد معين ؟ .
ج/ لقد كان شيخ شيوخ شيعتهم الأول ابن سبأ اليهودي , ينتهي بأمر الوصية عند علي ? (6) , ولكنْ جاء فيما بعد , منْ عمَّمها في مجموعة من أولاده , وفي رجال الكشي : أنَّ مؤمن الطاق أو شيطان الطاق ؟ هو الذي بدأ يشيع القول بأنَّ الإمامة محصورة بأناس مخصوصين من آل البيت !! .
__________
(1) أصول الكافي ج2/18 , وقال شيخهم المعاصر عبدالهادي الفضلي , الاستاذ الجامعي بإحدى جامعات المملكة في كتابه : التربية الدينية ص63 : بأن الإمامة ركن من أركان الدين ! .
(2) أصل الشيعة ص58 .
(3) أصول الكافي ج2/18 .
(4) الشيعة في الميزان لمحمد جواد مغنية رئيس المحكمة الجعفرية ببيروت ص258 .
(5) تحرير الوسيلة ج1/302-303 .
(6) انظر : بحار الأنوار ج39/342 .(9/125)
وعندما علم بذلك الإمام زيد بن علي - عليه السلام - استدعاه وقال له : بلغني أنك تزعم أنَّ في آل محمد إماماً مفترض الطاعة , قال مؤمن الطاق : نعم , وكان أبوك عليِّ بن الحسين أحدهم , فقال : وكيف وقد كان يُؤتى بلقمة وهي حارَّة فيبردها بيده ثمَّ يلقمنيها , أفترى أنه كان يُشفق عليَّ من حرِّ اللقمة , ولا يُشفق عليَّ من حرِّ النار ؟ قال مؤمن الطاق قلت له : كَرهَ أنْ يُخبركَ فتكفر ؟ فلا يكون له فيك الشفاعة , لا والله فيك المشيَّة (1) .
س 65/ هل يوجد بين علماء الشيعة اختلافٌ في عدد الأئمة ؟ .
ج/ نعم , فقد جاء في روايات الكافي كما تقدَّم : أنَّ علياً ( يُسرُّ بالولاية إلى من شاء .
وقال المازندراني شارح الكافي : إلى من شاء من الأئمة المعصومين (2) , فلم تحدِّد هذه الرواية العدد , ولا الأشخاص , فكأنَّ الأمر غير مستقرِّ في تلك الفترة التي وُضع فيها هذا الخبر ؟ .
ثمَّ تطوَّر الأمر عند علماء الشيعة , فوُجدت روايات تجعل الأئمة سبعة , وتقول : سابعنا قائمنا (3) , وهذا ما استقرَّ عليه الأمر عند الإسماعيلية .
ولكنْ لمَّا زاد عدد الأئمة أكثر عند الموسوية أو القطعية , والتي سُميت بالاثنى عشرية , صار هذا النص الآنف الذكر , مبعث شك في عقيدة الإمامة لدى أتباع هذه الطائفة , وحاول مؤسسو المذهب الشيعي التخلص منه , ونفي شك الأتباع بإصدار الرواية التالية :
__________
(1) رجال الكشي ص186 , أصول الكافي ج1/174 .
(2) شرح جامع للمازندراني ج9/123 .
(3) رجال الكشي ص373 , وبحار الأنوار ج48/260 .(9/126)
عن داود الرقي قال : قلت لأبي الحسن الرضا ع جعلت فداك , إنه والله ما يلج في صدري من أمرك شيءٌ , إلا حديثاً سمعته من ذريح يرويه عن أبي جعفر ع قال لي : وما هو , قال : سمعته يقول : سابعنا قائمنا إن شاء الله , قال : صدقتَ وصدقَ ذريح وصدقَ أبو جعفر ع , فازددت والله شكاً , ثمَّ قال : يا داود بن أبي خالد : أما والله لولا أنَّ موسى قال للعالم : ستجدني إن شاء الله صابراً ما سأله عن شيء , وكذلك أبو جعفر ع لولا أن قال : إن شاء الله , لكان كما قال , قال : فقطعتُ عليه (1) .
فجعل علماؤهم هذا من باب البداء وتغير المشيئة لله تعالى , كما سوف يأتي إن شاء الله مفصَّلاً .
ثمَّ تطوَّر الأمر عند علماء الشيعة :
فوُجدت روايات في الكافي تقول بأنَّ الأئمة عددهم ثلاثة عشر !!؟ .
فقد روى الكليني (2) عن أبي جعفر ( قال : قال رسول الله ص : إني واثني عشر من ولدي وأنتَ يا عليُّ زرُّ الأرض , يعني أوتادَها وجبالَها , بنا أوتدَ الله الأرضَ أن تسيخَ بأهلها , فإذا ذهبَ الاثنا عشرَ من ولدي , ساختِ الأرضُ بأهلها , ولم يُنظروا .
فهذا النصُّ أفاد أنَّ أئمتهم بدون الإمام علي ? اثنا عشر , ومع الإمام علي ? يُصبحون ثلاثة عشر , وهذا والله ينسف بنيان الشيعة كله !! .
عن أبي جعفر ? عن جابر قال : دخلتُ على فاطمة ع , وبين يديها لوحٌ فيه أسماءُ الأوصياءِ من ولدها ؟ فعددتُ اثني عشرَ , آخرُهم القائم (3) .
ويكفي في بيان ضلالهم بأن أختم بهذه الرواية :
روى شيخهم فرات الكوفي بسنده إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين ? قال : إنما المعصومون منَّا خمسة , لا والله ما لهم سادس .. (4) .
__________
(1) رجال الكشي ص373-374 لأبي عمرو محمد بن عمر الكشي المتوفى سنة 350هـ .
(2) الكافي ج1/534 .
(3) أصول الكافي ج1/532 .
(4) تفسير فرات لفرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي ص123 .(9/127)
قاصمة القواصم :
يا أتباع المذهب الشيعي : هل تعلمون كم يعتقد علماؤكم من مهدي لديهم ؟ .
إنَّ من غرائب الاعتقادات التي يعتقدها علماؤكم ، أنهم يقولون : إن بعد قائمكم اثني عشر مهدياً آخر !! رووا عن جعفر عن آبائه عن علي ع أنه قال : قال رسول الله ص في الليلة التي كانت فيها وفاته : يا أبا الحسن ، أحضر صحيفة ودواة , فأملى رسول الله وصيته – وفيها - فقال : يا علي ، إنه سيكون بعدي إثنا عشر إماماً ، ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً , فأنت أول الإثني عشر إماماً ... - وساق الحديث إلى أن قال - : وليسلمها الحسن - يعني الإمام العسكري - إلى إبنه محمد المستحفظ من آل محمد صلى الله عليه وعليهم ، فذلك إثنا عشر إماماً , ثمَّ يكون من بعده إثنا عشر مهدياً , فإذا حضرته الوفاة ، فليسلمها إلى إبنه أول المهديين , له ثلاثة أسامي : إسم كاسمي ، وإسم أبي وهو عبدالله ، والإسم الثالث المهدي ، وهو أول المؤمنين (1) .
وروى الطوسي : أنهم أحد عشر ، كما حكى عن أبى حمزة عن جعفر أنه قال : يا أبا حمزة : إنَّ منَّا بعد القائم أحد عشر مهدياً (2) .
س 66/ هل حصل بسبب اختلافهم في عدد أئمتهم تكفير بعضهم لبعض ؟ .
ج/ نعم وهذا كثيرٌ نسأل الله العافية , فمثلاً :
__________
(1) بحار الأنوار ج 13/137 .
(2) كتاب الغيبة للحجة ص 285 لأبي جعفر الطوسي المعروف بشيخ الطائفة المتوفى سنة 460هـ .(9/128)
في ( سنة 190 ) اجتمع ستة عشر رجلاً في باب أبي الحسن الثاني علي الرضا ? , فقال له أحدهم , ويُدعى جعفر بن عيسى : يا سيدي , نشكو إلى الله وإليك – نعوذ بالله !! - ما نحن فيه من أصحابنا , فقال : وما أنتم فيه منهم ؟ فقال جعفر : هم والله يزندقونا ويكفرونا ويتبرءون منا , فقال : هكذا كان أصحاب علي بن الحسين , ومحمد بن علي , وأصحاب جعفر وموسى صلوات الله عليهم , ولقد كان أصحاب زرارة يكفرون غيرهم , وكذلك غيرهم كانوا يكفرونهم .. وقال يونس : جعلت فداك : إنهم يزعمون أنَّا زنادقة (1) .
فهذا حال رعيلهم الأول فكيف بمن أتى بعدهم إلى عصر علماء شيعتهم في العصر الحاضر ! وصدق الله العظيم : ? ?? الله أكبر - ? بسم الله الرحمن الرحيم - ? - تمهيد - المحتويات - ?? الله أكبر الله ? - ? - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ? - ? - الله - - - ? - ? - بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله -? - - الله أكبر الله ? } تمهيد - { ?? - ? الله الله أكبر ? - عليه السلام - - ? - ? الله ? ??- جل جلاله -? - - - الله أكبر الله أكبر - - - - ? الله ?? - ? الله - الله أكبر صدق الله العظيم ? - الله أكبر ? ? } - - { .
س 67/ ما المخرج الذي خرجوا به أمام عوامهم من ورطتهم في القول بتحديد عدد الأئمة ؟ .
ج/ هو قولهم بمسألة : نيابة المجتهد عن الإمام !!؟ .
ومع ذلك : فقد اختلف قولهم في تحديد النيابة (2) .
وفي هذا العصر : اضطر علماء الشيعة للخروج نهائياً عن هذا الأصل الذي هو قاعدة دينهم , فجعلوا رئاسة الدولة الإيرانية تتمُّ عن طريق الانتخاب (3) .
س 68/ ما حكم من أنكر إمامة واحد من الأئمة في اعتقاد علماء الشيعة ؟ .
__________
(1) رجال الكشي ص498-499 .
(2) الخميني والحكومة الإسلامية لمغنية ص68 .
(3) الحكومة الإسلامية ص48 .(9/129)
ج/ قال شيخهم المفيد : اتفقت الإمامية : على أنَّ من أنكر إمامة أحد من الأئمة , وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة , فهو كافرٌ ضالٌ مستحقٌ للخلود في النار (1) .
تعارض :
فلماذا يَقبلون روايات من أنكر كثيراً من أئمتهم !!؟ كروايات الفطحية ؟ مثل : عبدالله بن بكير ؟ , وأخبار الواقفة مثل : سماعة بن مهران , والناووسية .. ومع ذلك كلِّه , وثَّق علماء الشيعة بعض رجال هذه الفرق , التي أنكرت كثيراً من الأئمة (2) .
س 69/ ما موقف الرسول ( والأئمة من الصحابة - رضي الله عنهم - كما في بعض كتب الشيعة المعتبرة ؟ .
ج/ قال الرسول ( : اللهم اغفر للأنصار , ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار , يا معشر الأنصار : أما ترضون أن يرجع غيركم بالشاة والنعم , وترجعون أنتم وفي سهمكم رسول الله , قالوا : بلى رضينا , قال النبيُّ ص حينئذ : الأنصار كرشي وعيبتي , لو سلك الناس وادياً , وسلكت الأنصار شعباً , لسلكت شعب الأنصار , اللهم اغفر للأنصار (3) .
وقال علي ? : لقد رأيت أصحاب محمد ( , فما أرى أحداً يشبههم منكم , لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً , وقد باتوا سجداً وقياماً , يروحون بين جباههم وخدودهم .. إذا ذُكر الله هملت أعينهم , حتى تبل جيوبهم , ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف , خوفاً من العقاب , ورجاءً للثواب (4) .
__________
(1) أوائل المقالات ص44 .
(2) انظر : السؤال 19 .
(3) تفسير منهج الصادقين في إلزام المخالفين لفتح الله الكاشاني ج4/340 , والارشاد للمفيد ج1/145 , وإعلام الورى للطبرسي ص118 , وتفسير القمي ج2/177 .
(4) نهج البلاغة ص143 للشريف المرتضى المتوفى سنة 436 هـ .(9/130)
وقال ? : أوصيكم في أصحاب رسول الله ( لا تسبوهم , فإنهم أصحاب نبيكم , وهم أصحابه الذين لم يبتدعوا في الدين شيئاً , ولم يوقروا صاحب بدعة , نعم : أوصاني في هؤلاء (1) .
وقال - رضي الله عنه - عن المهاجرين - رضي الله عنهم - : فاز أهل السبق بسبقهم , وذهب المهاجرون الأولون بفضلهم (2) .
وقال - رضي الله عنه - عن الأنصار - رضي الله عنهم - : فلما آووا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ونصروا الله ودينه , رمتهم العرب عن قوس واحدة , وتحالفت عليهم اليهود , وغزتهم القبائل قبيلة بعد قبيلة , فتجرَّدوا للدين , وقطعوا ما بينهم وبين العرب من الحبائل .. وأقاموا قناة الدين , وتصبروا تحت أحلاس الجلاد , حتى دانت لرسول الله صلى الله عليه وآله العرب , ورأى فيهم قرَّة العين قبل أن يقبضه الله إليه .. (3) .
وكان زين العابدين ? يدعو لهم في صلاته فيقول : اللهم وأصحابُ محمد خاصةً , الذين أحسنوا الصحابةَ , والذين أبلوا البلاءَ الحسنَ في نصرهِ ... اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان خير جزائك .. وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته , وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته .. (4) .
وقال جعفر الصادق ? : كان أصحاب رسول الله ( اثني عشر ألفاً .. ولم يُرَ فيهم قدري , ولا مرجئي , ولا حروري , ولا معتزلي , ولا صاحب رأي .. (5) .
__________
(1) حياة القلوب للمجلسي ج2/621 .
(2) نهج البلاغة ص383 , وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج15/117 , وبحار الأنوار ج33/104 .
(3) الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي المتوفى سنة 283هـ ج2/330 , والأمالي للطوسي ص173 , وشرح نهج البلاغة ج2/88 .
(4) صحيفة كاملة لزين العابدين ص13و42 .
(5) الخصال للصدوق 640 .(9/131)
وسُئل الرضا عن قول الرسول ( : أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم وقوله : دعوا لي أصحابي ؟ فقال هذا صحيح (1) .
وقال الحسن العسكري ? : إنَّ كليم الله موسى ( سأل ربهُ : هل في أصحاب الأنبياء أكرم عندك من صحابتي ؟ قال الله : يا موسى , أما علمت أنَّ فضل صحابة محمد ( على جميع صحابة المرسلين , كفضل محمد ( على جميع المرسلين والنبيين (2) .
وقال - رضي الله عنه - : إنَّ رجلاً يُبغض آل محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الخيرين , أو واحداً منهم , يعذبه الله عذاباً , لو قُسِّمَ على مثل عدد خلق الله , لأهلكهم أجمعين (3) .
س 70/ هل اتبع علماء الشيعة أئمتهم في اعتقادهم في صحابة رسول الله ( , وباختصار ؟ .
ج/ لا !! ويتبين لك ذلك عبر المسائل الآتية بإذن الله تعالى :
المسألة الأولى : يعتقد علماء الشيعة ( ردَّة كلِّ المسلمين بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) ؟! .
قال شيخهم محمد رضا المظفر : مات النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ولا بدَّ أن يكون المسلمون كلهم , لا أدري الآن قد انقلبوا على أعقابهم (4) .
بل قالوا : بأنه لم يؤمن بالنبي ( من البشر كلهم إلا رجلٌ واحدٌ , وهو الذي خرج من بلاده يطلب الحقيقة .. ألا وهو : سلمان الفارسي ? (5) .
التعليق :
انظر : كيف حكم علماء الشيعة على كلِّ المسلمين من الصحابة والقرابة وآل البيت - رضي الله عنهم - بانقلابهم على أعقابهم , نعوذ بالله من الشرك وأهله .
__________
(1) عيون أخبار الرضا لابن بابويه ج2/87 , وبحار الأنوار ج28/18 .
(2) تفسير الحسن العسكري ص65 , وبحار الأنوار ج13/340 , وتفسير البرهان للبحراني ج3/228 واللفظ له .
(3) تفسير الحسن العسكري ص196 .
(4) السقيفة ص19 .
(5) كتاب الشيعة والسنة في الميزان ص20-21 .(9/132)
المسألة الثانية : اعتقاد علماء الشيعة ( ردَّة كل الصحابة - رضي الله عنهم - بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ثلاثة نفر فقط ) قال شيخ الشيعة التستري عن الصحابة - رضي الله عنهم - : جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - وهدى خلقاً كثيراً , لكنهم بعد وفاته ارتدوا على أعقابهم ! (1) .
ورووا أنَّ أبا جعفر - رضي الله عنه - قال : كان الناسُ أهلَ الردَّة بعد النبيِّ ص إلا ثلاثةً , فقلتُ : ومن الثلاثةُ ؟ فقال : المقدادُ بنُ الأسودِ , وأبو ذرٍّ الغفاريُّ , وسلمانُ الفارسي (2) .
تعارض :
عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر ? قال : إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قُبض صار الناس كلهم أهل جاهلية إلا أربعة : عليٌ , و المقداد , وسلمان , وأبو ذر , فقلت : فعمار , فقال ع : إن كنت تريد الذين لم يدخلهم شيء فهؤلاء الثلاثة (3) .
قاصمة ظهور علماء الشيعة :
إنَّ هذه الروايات المشئومة على علماء الشيعة , والتي حاولوا تأويلها ومسحها , فلم يستطيعوا , ففي هذه الروايات دليل من أئمتهم وعلمائهم , على أنّ الحسن والحسين , وفاطمة وخديجة , وآل عقيل وآل جعفر , وآل العباس وآل علي - رضي الله عنهم - , كلهم أهل جاهلية ومرتدون , نعوذ بالله ؟؟؟ .
فهل هذا أيها القارئ : إلا دليل واضح على أنَّ التشيُّع إنما هو ستار لتنفيذ أغراض خبيثة ضد الإسلام وأهله , وأنَّ واضعي هذه الروايات من علماء الشيعة أعداءٌ للصحابة وأهل البيت - رضي الله عنهم - ؟ .
__________
(1) إحقاق الحق للتستري ص316 .
(2) رجال الكشي ص6 , الكافي كتاب الروضة ج12/312-322 ( مع شرح جامع للمازندراني ) .
(3) تفسير العياشي ج1/199 , وتفسير البرهان ج1/319 , وتفسير الصافي للكاشاني ج1/305 , وبحار الأنوار ج22/333 .(9/133)
المسألة الثالثة : اعتقاد علماء الشيعة ( نفاق أكثر الصحابة - رضي الله عنهم - في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ) ؟ .
قال التستري : إنهم لم يُسلموا , بل استسلم الكثير رغبة في جاه رسول الله .. إنهم داموا مجبولين على توشح النفاق , وترشح الشقاق (1) .
وقال الكاشاني : أكثرهم كانوا يُبطنون النفاق , ويجترئون على الله , ويفترون على رسول الله في عزة وشقاق (2) .
وقال إمامهم الخميني : الصحابة الذين يُسمونهم المنافقين (3) .
القاصمة :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : طوبى لمن رآني , وطوبى لمن رأى من رآني , وطوبى لمن رأى من رأى من رآني (4) .
وقال إمامهم جعفر ? : كان أصحاب رسول الله ( اثني عشر ألفاً .. ولم يُرَ فيهم قدري , ولا مرجئي , ولا حروري , ولا معتزلي , ولا صاحب رأي , كانوا يبكون الليل والنهار .. (5) .
س 71/ لو ذكرتم عقيدة الأئمة في أبي بكر - رضي الله عنه - باختصار ؟ .
ج/ لقد كان علي ? يصلي الصلوات الخمس خلف الصديق ( راضياً بإمامته (6) .
قال شيخهم الطوسي : فذاك مسلَّم , لأنه الظاهر (7) .
__________
(1) إحقاق الحق ص3 للقاضي الملا نور الله الشوشتري التستري المتوفى سنة 1019هـ .
(2) تفسير الصافي ج1/4 .
(3) الحكومة الإسلامية ص69 , وانظر : علي ومناوئوه للدكتور الرافضي : نوري جعفر ص12 .
(4) بحار الأنوار ج22/305 .
(5) كتاب الخصال للصدوق 640 , وفي الطبعة الأخرى ج2/639-640 .
(6) الاحتجاج ص53 للطبرسي , والسقيفة ص203 المعروف بكتاب سليم بن قيس , ومرآة العقول للمجلسي ص388 .
(7) تلخيص الشافي ص354 للطوسي , وهو مؤلف كتابين من كتب الشيعة الأربعة المعتمدة لديهم وهما : التهذيب والاستبصار .(9/134)
وتواتر عن علي - رضي الله عنه - قوله : خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر (1) .
وكان - رضي الله عنه - يقول : لا أُوتى برجل يُفضلني على أبي بكر وعمر , إلا جلدته حدَّ المفتري (2) .
ولما سُئل عليٌّ - رضي الله عنه - عن سبب بيعته لأبي بكر - رضي الله عنه - بالخلافة قال : لولا أنا رأينا أبا بكر لها أهلاً , لما تركناه (3) .
وقال ? لما قيل له : ألا توصي , قال : ما أوصى رسول الله ( فأوصي , ولكن إذا أراد الله بالناس خيراً , استجمعهم على خيرهم , كما جمعهم بعد نبيهم ( على خيرهم (4) .
وقال ( : حبيباي وعماك أبو بكر وعمر , إماما الهدى , وشيخا الإسلام , ورجلا قريش , والمقتدى بهما بعد رسول الله ( , من اقتدى بهما عصم , ومن اتبع آثارهما هدي إلى صراط مستقيم (5) .
__________
(1) الصوارم المهرقة ص25 للشوشتري التستري .
(2) العيون والمحاسن للمجلسي ج2/122-123 .
(3) شرح نهج البلاغة ج1/130 , وج2/45 , وج6/40 , وانظر : الاحتجاج للطبرسي ص50 .
(4) الشافي في الإمامة لعلم الهدى المرتضى علي بن الحسين ص171 .
(5) تلخيص الشافي للطوسي ج2/428 ط النجف , والصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم للبياضي ج3/149 .(9/135)
وقَدِمَ على علي بن الحسين نفرٌ من العراق , فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - , فلما فرغوا من كلامهم , قال لهم : ألا تخبروني , أنتم الْمُهَاجِرِينَ الأولون ? الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - المحتويات - ? - - - - صدق الله العظيم الله أكبر - الله أكبر - - ?- جل جلاله -? ??- جل جلاله -? - - - الله أكبر الله أكبر الله الله أكبر ?- جل جلاله - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ?- جل جلاله -? - الله ? صدق الله العظيم ? - - - الله ? الله ?? الله أكبر - ?? الله الله أكبر - صدق الله العظيم - الله الله أكبر ? ? - { ? الله الله أكبر ? الله ?- جل جلاله - بسم الله الرحمن الرحيم ? - ?- جل جلاله - - - - - - الله أكبر ? - الله ? { ?- جل جلاله - } الله ? الله ?? - - - ?? الله الله أكبر ? الله ? - ? الله - - - - - سبحانه وتعالى - - - ? - ?? - ? الله } الله ? ?? تمهيد - ? - - الله أكبر الله أكبر - ? بسم الله الرحمن الرحيم ? - الله أكبر - - ? - ? الله ?? - الله أكبر ?- جل جلاله - - - الله أكبر - عز وجل - - الله أكبر ?? - - ? } - { قالوا : لا ! قال : أنتم { - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام - - صلى الله عليه وسلم -(( { قرآن كريم - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام - - - } - - - - - صدق الله العظيم (- رضي الله عنهم - - - تمهيد { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ( } ( - ( تمهيد - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم - - (- رضي الله عنه -( - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنهم - - ( المحتويات ( - ( - - - ( { - صدق(9/136)
الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - - (( ( المحتويات ( - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - (( - { - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنه - فهرس - - - - ( } تم بحمد الله } - قرآن كريم ( - - صلى الله عليه وسلم -( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( المحتويات ( - ( } (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - - - ( المحتويات ( - ( - ( { - ( - - (- رضي الله عنهم - - } قالوا : لا ! .(9/137)
قال : أما أنتم قد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين , وأنا أَشهد أنكم لستم من الذين قال الله تعالى فيهم : ? - ? الله أكبر ?- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - الله ? ? - ? - - الله - - ?- جل جلاله -? ??- جل جلاله -?- جل جلاله - - صدق الله العظيم ? الله الله أكبر - - ?? الله أكبر ?? - ? الله الله أكبر ? - الله الله أكبر ? الله الله الله أكبر - الله } ? - الله أكبر - جل جلاله -? - ?? - - - - الله أكبر الله أكبر الله أكبر ? - ? - الله ?- جل جلاله - الله أكبر ? الله - ? صدق الله العظيم الله أكبر - - تمهيد - - درهم الله ? - ? الله أكبر ?- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - - الله الله أكبر ?? - ? الله - الله ? - ? - الله أكبر الله ?? - - تمهيد ? - - - جل جلاله - - - الله درهم الله ? صدق الله العظيم ? الله ? صدق الله العظيم ?? مقدمة - ? - الله ?- جل جلاله - الله أكبر - ? - الله أكبر ? - الله أكبر ? - فهرس - - جل جلاله -?? الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله -? المحتويات - ? - ? الله ? - - ? - - الله ? الله الله الله أكبر - الله } ?? بسم الله الرحمن الرحيم - ? تمهيد - - - ?? - ? الله } - صلى الله عليه وسلم -? - - جل جلاله - - الله الله } ? } - - { .
اخرجوا عني , فعل الله بكم (1) .
__________
(1) كشف الغمة في معرفة الأئمة ج2/78 لعلي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي المتوفى سنة 693هـ , والصوارم المهرقة ص249 للقاضي نور الله الشوشتري التستري المتوفى سنة 1019هـ .(9/138)
وذكر أبو عبدالله - رضي الله عنه - : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي سمَّى أبا بكر - رضي الله عنه - بالصديق (1) .
وسُئل أبو جعفر الباقر عن حلية السيف فقال : لا بأس به , قد حلَّى أبو بكر الصديق رضي الله عنه سيفه قال : قلت : تقول الصديق , قال : نعم الصديق ! نعم الصديق ! نعم الصديق ! فمن لم يقل له الصديق , فلا صدَّق الله له قولاً في الدنيا وفي الآخرة (2) .
و حضر أناس من رؤساء الكوفة وأشرافها والذين بايعوا زيداً , فقالوا له : رحمك الله , ماذا تقول في حق أبي بكر وعمر ؟ قال ? : ما أقول فيهما إلا خيراً كما لم أسمع فيهما من أهل بيتي إلا خيراً , ما ظلمانا ولا أحداً غيرنا , وعملا بكتاب الله وسنة رسوله , فلما سمع منه أهل الكوفة هذه المقالة رفضوه , ومالوا إلى أخيه الباقر , فقال زيد ? : رفضونا اليوم , ولذلك سموا هذه الجماعة بالرافضة (3) .
وروى عنه شيخهم نشوان الحميري أنهم لمَّا قالوا له : إنْ برئت منهما وإلا رفضناك فقال : الله أكبر , حدثني أبي أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي ع : ( إنه سيكون قوم يدَّعون حبَّنا , لهم نَبْزٌ يُعرَفون به , فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون ) اذهبوا فأنتم الرافضة !! (4) .
س 72/ هل اتبع علماء الشيعة أئمتهم في اعتقادهم في أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ؟ .
ج/ لا !! بل لقد أعلن علماء الشيعة التكفير والتفسيق واللعن ... لأبي بكر - رضي الله عنه - ولم يتبعوا أئمتهم في ذلك , ومما يعتقدونه فيه - رضي الله عنه - :
__________
(1) تفسير البرهان للبحراني ج2/125 .
(2) الصوارم المهرقة ص235 .
(3) ناسخ التواريخ ج2/590 , تحت عنوان : أحوال الإمام زين العابدين ع , للمرزا تقي خان سيبهر .
(4) الحور العين للحميري ص185 .(9/139)
أنه - رضي الله عنه - أمضى أكثر عمره مقيماً على الكفر , خادماً للأوثان (1) , عابداً للأصنام (2) , وأنَّ إيمانه - رضي الله عنه - كإيمان اليهود والنصارى (3) .
وأنه - رضي الله عنه - كان له صنم يعبده ويسجد عليه في زمن الجاهلية والإسلام سرَّاً , واستمرَّ على ذلك إلى أن توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فأظهر ما في قلبه (4) .
وجزم شيخهم المجلسي بعدم إيمانه - رضي الله عنه - (5) , وأنَّ علماء الشيعة اطلعوا على باطنه - رضي الله عنه - , فتبين لهم أنه كافر (6) .
وأنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يأخذ أبا بكر - رضي الله عنه - معه إلى الغار إلا خوفاً منه أن يُخبر المشركين بمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (7) .
س 73/ ما عقيدة الأئمة في عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - باختصار ؟ .
__________
(1) ذكر ذلك البياضي في الصراط المستقيم ج3/155 , والكاشاني في علم اليقين 2/707 .
(2) بحار الأنوار ج25/172 .
(3) الكشكول للآملي ص104 .
(4) الأنوار النعمانية للجزائري ج2/111 .
(5) مرآة العقول للمجلسي ج3/429-430 .
(6) الاستغاثة في بدع الثلاثة ص20 لأبي القاسم علي بن أحمد الكوفي الشيعي المتوفى سنة 352هـ .
(7) الطرائف في معرفة مذهب الطوائف ص401 لابن طاوس علي بن طاوس الحسيني المتوفى سنة 664هـ .(9/140)
ج/ قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : ووليهم وال , فأقام واستقام , حتى ضرب الدين بجرانه (1) , وقال شرَّاح النهج , ومنهم الميثم البحراني والدنبلي : إنَّ الوالي : عمر بن الخطاب , وضربه بجرانه : كناية بالوصف المستعار , عن استقراره وتمكنه , كتمكن البعير البارك من الأرض (2) .
مبايعته له : قال علي - رضي الله عنه - : فلما احتُضر – أي أبو بكر - بعث إلى عمر فولاه , فسمعنا وأطعنا وناصحنا , وكان مرضي السيرة , ميمون النقبة (3) .
تزويجه من ابنته أم كلثوم : ذكره كبير مؤرخي الشيعة : أحمد بن أبي يعقوب في تاريخه (4) .
خوفُ علي - رضي الله عنه - على عمر - رضي الله عنه - من الروم , لأنه ردأ الناس ومثابة للمسلمين , وأصل العرب :
لما أراد عمر - رضي الله عنه - الخروج بنفسه إلى غزو الروم , استشار علياً - رضي الله عنه - , فقال له علي - رضي الله عنه - : إنك متى تسر إلى هذا العدو بنفسك , فتلقهم فتُنكب , لا تكن للمسلمين كانفة دون أقصى بلادهم , ليس بعدك مرجع يرجعون إليه , فابعث إليهم رجلاً محرباً , واحفز معه أهل البلاء والنصيحة , فإن أظهر الله فذاك ما تحب , وإن تكن الأخرى , كنت ردأاً للناس ومثابة للمسلمين .
__________
(1) نهج البلاغة ت/الصالح ص507 , ت/عبده ج4/107 , وخصائص الأئمة ص124 لأبي الحسن محمد بن الحسين الموسوي البغدادي المتوفى سنة 406هـ ( يتحدث فيه عن حياة وكلمات أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - ) .
(2) شرح نهج البلاغة لابن الميثم ج5/463 , والدرة النجفية للدنبلي ص394 وهو شرح لنهج البلاغة .
(3) الغارات ج1/307 لإبراهيم بن محمد الثقفي المتوفى 283هـ .
(4) تاريخ اليعقوبي ج2/149-150 , وانظر : الفروع من الكافي ج5/346 , وتهذيب الأحكام ج8/161 للطوسي .(9/141)
وفي رواية : قال علي - رضي الله عنه - : إنَّ الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولوا : هذا أصل العرب , فإذا اقتطعتموه استرحتم ... (1) .
تمنِّي علي - رضي الله عنه - أن يَلقى الله تعالى بمثل عَمَلِ عمر - رضي الله عنه - : لما طَعن أبو لؤلؤة المجوسي الفارسي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - , دخل عليه ابنا عمِّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - : علي بن أبي طالب وعبدالله بن عباس فقال ابن عباس - رضي الله عنه - : فسمعنا صوت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب : واعمراه , وكان معها نسوة يبكين فارتجَّ البيت بكاء .. فقال ابن عباس : .. فوالله لقد كان إسلامك عزاً , وإمارتك فتحاً , ولقد ملأت الأرض عدلاً , فقال عمر : أتشهد لي بذلك يا ابن عباس , قال : فكأنه كره الشهادة فتوقف , فقال له علي ع : قل نعم , وأنا معك , فقال : نعم وفي رواية : فضرب عليٌ بين كتفي وقال : اشهد (2) .
ولما غُسِّلَ عمر وكُفِّنَ , دخل عليٌّ - عليه السلام - فقال : ما على الأرض أحدٌ , أُحبُّ أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجَّى بين أظهركم (3) .
وسُئل المجلسي عن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اللهم أعزَّ الإسلام بعمر بن الخطاب ؟ فقال : الخبر صحيح , وهو مروي عن محمد الباقر - عليه السلام - (4) .
وبلغ من إكرام عمر - رضي الله عنه - لآل البيت - رضي الله عنهم - : أنه كان يُفضل الحسين - رضي الله عنه - على ابنه عبدالله - رضي الله عنه - , حتى قال - رضي الله عنه - كلمته المشهورة في الحسين - رضي الله عنه - : وهل أنبت الشعر على الرأس غيركم (5) .
__________
(1) نهج البلاغة ت/صبحي صالح ص193 و 203-204 .
(2) شرح النهج ج3/146 .
(3) كتاب الشافي لعلم الهدى ص171 , ومعاني الأخبار للصدوق ص117 .
(4) بحار الأنوار ج4 كتاب السماء والعالم .
(5) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج3/110 .(9/142)
س 74/ هل اتبع علماء الشيعة أئمتهم في اعتقادهم في عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ؟ 0
ج/ لا !!! بل لقد أعلن علماء الشيعة التكفير والتفسيق واللعن ... لعمر - رضي الله عنه - , ومما يعتقدونه فيه - رضي الله عنه -
: أنَّ عمر - رضي الله عنه - كان مصاباً بداءٍ في دُبُره لا يَهدأ إلا بماء الرجال , وكان - رضي الله عنه - ممَّن يُؤتى في دبره (1) , ويزعم علماء الشيعة أنَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان كافراً , يُبطن الكفر , ويُظهر الإسلام (2) , ويزعمون أنَّ كفر عمر - رضي الله عنه - مساوٍ لكفر إبليس إن لم يكن أشد منه (3) .
وقال شيخ الدولة الصفوية المجلسي : لا مجال لعاقلٍ أن يشكَّ في كفر عمر , فلعنة الله ورسوله عليه , وعلى كلِّ من اعتبره مسلماً , وعلى كلِّ من يكفُّ عن لعنه (4) .
ويحتفل علماء الشيعة بيوم مقتله - رضي الله عنه - ويجعلونه عيداً , وأنَّ لهذا اليوم عندهم أكثر من اثنين وسبعين اسماً منها : يوم تنفيس الكربة ويوم ندامة الظالم , ويوم فرح الشيعة ... ويذكرون أناشيد كثيرة , تُقال في هذه الأعياد (5) , ويُلقبون أبا لؤلؤة : ببابا شجاع الدين , ويدعون الله أن يحشرهم معه (6) .
قال المجلسي : فقد حصل الإجماع على كفره بعد إظهاره الإيمان (7) .
__________
(1) الأنوار النعمانية ج1/63 .
(2) الصراط المستقيم ج3/129 , وإحقاق الحق للتستري ص284 , وعقائد الإمامية للزنجاني 3/27 .
(3) تفسير العياشي 2/223-224 , والبرهان 2/310 , والبحار 8/220 .
(4) جلاء العيون للمجلسي ص45 .
(5) دلائل الإمامة لابن رستم الطبري ص257-258 , والصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم للبياضي 2/26 و3/29 , وبحار الأنوار ج20/330 , والأنوار النعمانية للجزائري ج1/108-111 , وفصل الخطاب للنوري الطبرسي ص219 .
(6) الكنى والألقاب لعباس القمي 1/147 , وبحار الأنوار للمجلسي ج95/198 .
(7) العيون والمجالس ج1/9 .(9/143)
س 75/ ما عقيدة علماء الشيعة في أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما مجتمعين باختصار ؟ .
ج/ لقد أجمع علماء الشيعة على وجوب لعن الشيخين , وعلى التبرؤ منهما رضي الله عنهما , بل وعدوا ذلك من ضروريات دين الإمامية (1) , ومنكر الضروري عندهم كافر كما تقدم , وأنَّ من لعنهما في المساء لم يُكتب عليه ذنبٌ حتى يُصبح (2) , وقال المجلسي : إنَّ أبا بكر وعمر كانا كافرين , الذي يحبهما فهو كافر أيضاً (3) .
وأنه ما أُهريق في الإسلام من دم , ولا اكتُسب مال من غير حلِّه , ولا نُكح فرج حرام , إلا كان ذلك في عنق أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما (4) و إنهما لم يكن عندهما مثقال ذرَّة في الإسلام (5) .
وقال آيتهم المعاصر : عبدالحسين المرشتي : إنَّ أبا بكر وعمر , هما السببان لإضلال هذه الأمة إلى يوم القيامة (6) .
وحكَمَ علماءُ الشيعة : على من زعم بأنَّ لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما نصيب في الإسلام : أنَّ الله تعالى لا يُكلمه يوم القيامة , ولا يُزكيه , وله عذاب أليم (7) .
__________
(1) الاعتقادات للمجلسي ص90-91 .
(2) ضياء الصالحين لمحمد صالح الجوهري ص513 .
(3) حق اليقين للمجلسي ص522 , وكشف الأسرار للخميني ص112 .
(4) رجال الكشي ص41 .
(5) وصول الأخيار إلى أصول الأخبار للعاملي ص94 .
(6) كشف الاشتباه للمرشتي ص98 .
(7) أصول الكافي ج1/373-374 .(9/144)
وفي كتاب مفتاح الجنان ( أو مفتاح النيران ! ) لعباس القمي , دعاء علماء الشيعة المشهور على أبي بكر وعمر وابنتيهما عائشة وحفصة - رضي الله عنهم - , والذي هو من أذكار الصباح والمساء عندهم , ونصه : اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد , والعن صنمي قريش وجبتيها , وطاغوتيها , وإفكيها , وابنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك , وجحدا إنعامك , وعصيا رسولك , وقلبا دينك , وحرَّفا كتابك , وأحبا أعدائك .. وألحدا في آياتك .. فقد أخربا بيت النبوة ... وقتلا أطفاله , وأخليا منبره من وصيِّه , ووارث علمه , وجحدا إمامته , وأشركا بربهما .. وخلدهما في سقر , وما أدراك ما سقر , لا تبقي ولا تذر , اللهم اللعنهم بكل منكر أتوه , وحق أخفوه .. ونفاق أسروه .... (1) .
ويُسمونهما رضي الله تعالى عنهما بفرعون وهامان (2) , وبالوَثَنَيْنِ (3) , وباللات والعزى (4) .
وصرَّح علماء الشيعة بأن مهديهم المنتظر يُحيي أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما ثمَّ يصلبهما على جذع نخلة , ويقتلهما كلَّ يوم ألف قتلة (5) .
قاصمة القواصم :
__________
(1) مفاتيح الجنان لعباس القمي ص114 , وممن ذكر هذا الدعاء كاملاً من علماء الشيعة : الكفعمي في البلد الأمين ص511-514 , وفي المصباح ( الجنة الواقية ) ص548-557 , والكاشاني في علم اليقين ج2/701-703 , وأسد الله الطهراني الحائري في مفتاح الجنان ص113-114 , ومنظور حسين في تحفة عوام مقبول ص423-424 , وغيرهم كثير .
(2) قرة العيون للكاشاني ص432-433 .
(3) انظر : تفسير العياشي ج2/116 , بحار الأنوار ج27/58 .
(4) إكمال الدين لابن بابويه القمي الملقب بالصدوق ص246 , ومقدمة البرهان لأبي الحسن العاملي ص294 .
(5) إيقاظ من الهجعة بتفسير البرهان على الرجعة للحر العاملي ص287 .(9/145)
روى الكليني : أنَّ امرأة سألت جعفر الصادق عن أبي بكر وعمر : أتتولاهما وتُحبهما فقال لها توليهما قالت : فأقول لربي إذا لقيته إنَّك أمرتني بولايتهما قال : نعم (1) .
بل وأخبر زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - أصحابه : أنَّه لم يَسمع أحداً من آبائه يَتبرأ من أبي بكر وعمر (2) .
وقال رحمه الله تعالى : أنا أتبرأ ممن يتبرأ منهما , والبراءة من أبي بكر وعمر براءة من علي , فقالوا له : إذن نرفضك (3) .
س 76/ لو ذكرتم لنا بعض مواقف عليٍّ - رضي الله عنه - مع عثمان بن عفان - رضي الله عنه - باختصار ؟ .
ج/ نعم , فمن هذه المواقف :
إعطاء عثمان مهر فاطمة لعلي - رضي الله عنهم - (4) .
مبايعة علي لعثمان رضي الله تعالى عنهما : قال علي - رضي الله عنه - : لما قُتل جعلني سادس ستة , فدخلت حيث أدخلني , وكرهت أن أُفرَّق جماعة المسلمين , وأشق عصاهم , فبايعتم عثمان , فبايعته (5) .
قاصمة ظهور علماء الشيعة :
هذا هو فعل علي - رضي الله عنه - ومبايعته لأمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - .
فماذا حكم علماء الشيعة على من بايع عثمان - رضي الله عنه - ؟ .
__________
(1) الروضة من الكافي للكليني ص101 .
(2) الانتفاضات الشيعية لهاشم الحسيني ص497 .
(3) مروج الذهب ج3/220 للشيعي علي بن الحسين بن علي المسعودي المتوفى 436هـ , وروضات الجنَّات في أحوال العلماء السادات , لمحمد باقر الخوانساري ج1/324 , وفي الصوارم المهرقة ص242 : ( إنا نرفضك , فقال : اذهبوا فأنتم الرافضة ) .
(4) مناقب آل أبي طالب لأبي جعفر رشيد الدين محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني المتوفى سنة 588هـ ص252-253 , وكشف الغمة في معرفة الأئمة للأربلي ج1/358-359 , وبحار الأنوار ج43/130 .
(5) الأمالي للطوسي ج2/جزء18/121 , وشرح نهج البلاغة ج12/192 .(9/146)
حكموا عليه : بالكفر !! (1) نسأل الله العافية .
ضَرْبُ علي - رضي الله عنه - ابنيه الحسن والحسين على عدم نصرتهما لعثمان - رضي الله عنهم - : قال مؤرخهم المسعودي : .. ودخل عليٌ - عليه السلام - الدار وهو كالواله الحزين وقال لابنيه : كيف قُتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب , ولَطَمَ الحسن , وضرب صدر الحسين , وشتم محمد بن طلحة , ولعن عبدالله بن الزبير (2) .
س 77/ هل اتبع علماء الشيعة أئمتهم في عقيدتهم في عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ؟ 0
ج/ لا !! فقد أعلن علماء الشيعة التكفير والتفسيق واللعن ... لعثمان - رضي الله عنه - , ومما يعتقدونه فيه - رضي الله عنه - :
أنه ما كان لعثمان - رضي الله عنه - اسم على أفواه الناس إلا الكافر , وكان - رضي الله عنه - ممن يُلعب به , وكان - رضي الله عنه - مخنثاً (3) .
وقال شيخهم المجلسي : إنَّ عثمان حذف من القرآن ثلاثة أشياء : مناقب أمير المؤمنين علي - عليه السلام - , وأهل البيت ع , وذم قريش والخلفاء الثلاثة , مثل آية : يا ليتني لم أتخذ أبا بكر خليلاً (4) وأنَّ عثمان - رضي الله عنه - ضرب عبد الله بن مسعود ليطلب منه مصحفه حتى يغيره ويبدله , مثلما اصطنع لنفسه , حتى لا يبقى قرآن محفوظ صحيح (5) .
__________
(1) حق اليقين للمجلسي ص270 .
(2) مروج الذهب للشيعي علي بن الحسين بن علي المسعودي المتوفى سنة 436هـ ج2/344 .
(3) الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم للبياضي ج3/30 .
(4) تذكرة الأئمة لمحمد باقر المجلسي ص9 .
(5) بحر الجواهر ص347 لميرزا محمد باقر الموسوي .(9/147)
و كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله ممَّن أظهر الإسلام وأبطن الكفر (1) إنَّ من لم يجد في قلبه عداوة لعثمان , ولم يستحلَّ عرضه , ولم يعتقد كفره , فهو عدوٌ لله ورسوله , كافرٌ بما أنزل الله (2) .
وقالوا في تفسير قول الله تعالى : ? ? - الله - الله ? الله ? - ? - - - - ? - الله - الله الله أكبر ? - ? الله أكبر ?- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله -? المحتويات - ? - ? الله ? - - ? ? - - - - الله - صدق الله العظيم ? - - - ??? الله أكبر الله ?? - - جل جلاله - الله أكبر ? - - - تمهيد - { - - ? - الله الله أكبر ? - - - - الله } - ? صدق الله العظيم الله أكبر - - - ?- جل جلاله -? ?? الله - ?- جل جلاله -? - - الله أكبر - صدق الله العظيم - الله الله أكبر - ? - جل جلاله -? بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله - - ? - - ?- جل جلاله -? الله - جل جلاله - - الله الله أكبر ? الله ? ?- جل جلاله -? الله ??? الله أكبر الله ?? - - جل جلاله - الله أكبر ? - - جل جلاله -?- جل جلاله -? الله ? الله ? الله ? ?- جل جلاله -? الله - جل جلاله - - الله الله أكبر ? الله ? - ?- جل جلاله -? - جل جلاله - - ?? الله ? - ? - - - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله -? - الله أكبر - ???? - - ? } - - { قال : هذا مثل ضربه الله لرقية بنت رسول الله التي تزوَّجها عثمان بن عفان , قال : ? ?- جل جلاله -? الله - جل جلاله - - الله الله أكبر ? الله ? - ?- جل جلاله -? - جل جلاله - - ?? الله ? - ? - - - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله -? - الله أكبر - ???? - - ? يعني من
__________
(1) الأنوار النعمانية ج1/81 .
(2) نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت ق57/أ لعلي بن هلال الكركي المتوفى سنة 984هـ .(9/148)
الثالث : عثمان (1) .
وفسَّروا قوله تعالى : ? ? درهم الله { صدق الله العظيم مقدمة ? مقدمة ? - - - - ? - - - ? - بسم الله الرحمن الرحيم ? الله } - جل جلاله - - { الله أكبر ? الله ? - جل جلاله -? صدق الله العظيم - - ? الله ? تمت - الله أكبر الله الله أكبر - - - - ? } - { يعني عثمان - رضي الله عنه - في قتله ابنة النبي صلى الله عليه وآله (2) وقالوا : بأنَّ المقتولة هي رقية رضي الله عنها (3) , ونسوا فقالوا : بأنَّ المقتولة هي أم كلثوم (4) .
وافتروا :
بأنه - رضي الله عنه - كسَّر أضلاعها (5) , وأنه ضربها حتى ماتت رضي الله تعالى عنهما (6) .
س 78/ لو بينت لنا عقيدة علماء الشيعة في الخلفاء الثلاثة - رضي الله عنهم - باختصار ؟ .
ج/ يعتقد علماء الشيعة : أنَّ في قعر جهنم جُبَّاً تتأذى النار من حره , إذا فُتح استعرت جهنم , هو منزل الخلفاء الثلاثة - رضي الله عنهم - (7) .
وقال المجلسي : ومن ضروريات دين الإمامية : البراءة من أبي بكر , وعمر , وعثمان , ومعاوية (8) , ومنكر الضروري عندهم كافر ! كما تقدَّم ذلك مراراً .
__________
(1) نقله البحراني عن شرف الدين النجفي عن أبي عبدالله - تفسير البرهان ج4/358 .
(2) تفسير القمي ج2/423 .
(3) الفروع من الكافي للكليني ط حجرية 2/222 , وانظر : حق اليقين لعبدالله شبر 2/83 .
(4) الأنوار النعمانية ج1/367 للجزائري .
(5) انظر : سيرة الأئمة الإثني عشر لهاشم الحسيني 1/67 .
(6) كما في الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم للبياضي 3/34 .
(7) الفصول المهمة للعاملي ص91-92 .
(8) الاعتقادات للمجلسي ص17 .(9/149)
وأنَّ من لم يَبرأ من أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - فهو عدوٌ وإنَّ أحبَّ علياً - رضي الله عنه - (1) , وعلى وجوب لعنهم - رضي الله عنهم - دبر كلِّ صلاة (2) .. وأنَّ من تبرَّأ منهم - رضي الله عنهم - في ليلة فمات في ليلته دخل الجنة (3) .
وفسروا قوله تعالى : ? الله الله ? تمهيد - - - ? الله - - - - - - ? - - - الله الله أكبر ? - ? صدق الله العظيم - الله أكبر الله الله أكبر ? - ? - - - جل جلاله - - - ? - الله أكبر الله { صدق الله العظيم - ? - - ? - - ? ? - ? - - الله - ? - تمهيد - الله ? ?- جل جلاله - - - عليه السلام -? الله الله أكبر - ? - - ? - ? - - - عليه السلام -? الله ? صدق الله العظيم ? الله ? الله ? - ? الله ? - جل جلاله -? - - الله ? صدق الله العظيم - الله ? - ? - - ( أبو بكر ) - - الله - ? - ? - ? - - الله ? ( عمر ) - - ? { الله أكبر الله أكبر ?? الله - - ? - - الله ? ( عثمان ) ?? الله أكبر ????- جل جلاله -? الله الله أكبر ? ?? الله أكبر ? بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله ? - ? - ?? - - بسم الله الرحمن الرحيم - ?? - الله الله أكبر - ? } - - { (4) .
قال المجلسي : وعقيدتنا في التبرؤ : أننا نتبرأ من الأصنام الأربعة : أبي بكر وعمر وعثمان .. ومن جميع أتباعهم وأشياعهم , وأنهم شرُّ خلق الله على وجه الأرض .. (5) .
س 79/ ما اعتقاد علمائهم في زوجتي النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة وحفصة رضي الله تعالى عنهما ؟ .
__________
(1) وسائل الشيعة ج5/389 .
(2) انظر : فروع الكافي ج1/95 , تهذيب الأحكام ج1/227 , وسائل الشيعة ج4/137 , مستدرك الوسائل ج1/342 .
(3) الأصول من الكافي ج2/389 .
(4) تفسير القمي ص218 .
(5) حق اليقين ص519 .(9/150)
ج/ يعتقد علماء الشيعة كفر عائشة وحفصة رضي الله تعالى عنهما (1) .
ويعتقدون : أن عائشة وحفصة وأبويهما - رضي الله عنهم - هم الذين قتلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
روى شيخهم العياشي تدرون مات النبي صلى الله عليه وآله أو قُتل ؟ إن الله يقول : ? ? بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر ? - تمهيد - الله الله أكبر ? - - - ? - - الله الله ? صدق الله العظيم ? - - - الله ?- جل جلاله - الله أكبر الله أكبر - - الله أكبر ? ?? - الله أكبر - صدق الله العظيم - - ? الله ?? - - - عليه السلام - - ? - ? الله ? - ?? الله أكبر ?- جل جلاله - - - الله أكبر الله الله أكبر ? صدق الله العظيم ? - - - ? فسُمَّ قبل الموت , إنهما سقتاه قبل الموت , فقلنا : إنهما وأبويهما شرُّ من خلق الله (2) .
قال المجلسي : إنَّ العياشي روى بسند معتبر عن الصادق : أنَّ عائشة وحفصة لعنة الله عليهما وعلى أبويهما , قتلتا رسول الله بالسمِّ دبرتاه (3) .
ويعتقد علماء الشيعة أنَّ عائشة وحفصة رضي الله تعالى عنهما قد وقعتا في الفاحشة ؟!! وأقسم على ذلك القمي بقوله : والله ما عنى بقوله : ? - الله ? - ? - الله - الله الله أكبر ? - الله - الله الله أكبر ? ? إلا الفاحشة (4) .
س 80/ ما عقيدة علماء الشيعة في أمِّ المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما ؟ .
ج/ يعتقد علماء الشيعة : أنَّ أحد أبواب النار السبعة لعائشة رضي الله عنها ؟! .
__________
(1) الصراط المستقيم للبياضي ج3/168 , وفصل الخطاب للنوري ص313 , وبحار الأنوار ج22/246 .
(2) تفسير العياشي ج1/200 .
(3) حياة القلوب للمجلسي ج2/700 .
(4) تفسير القمي ج2/377 .(9/151)
رووا في تفسير قوله تعالى : ? - الله ? - ? - ? الله ? صدق الله العظيم - الله ? - - - الله ? صدق الله العظيم الله أكبر - - - - ? يُؤتى بجهنم لها سبعة أبواب .. والباب السادس لعسكر .. (1) .
ويعتقد علماء الشيعة : بأنَّ عائشة رضي الله تعالى عنها ( زانية !! ) ? ?? الله ?? - الله أكبر - صدق الله العظيم - الله أكبر - ? - الله - - الله أكبر الله ? { ? - الله أكبر الله الله أكبر - صدق الله العظيم ? - الله أكبر - - - رضي الله عنهم - - - جل جلاله -?? الله ? ? } - تمهيد { وأنَّ مهديهم المنتظر سيقيم عليها حداً آخر .
قال شيخهم رجب البرسي : إنَّ عائشة جمعت أربعين ديناراً من خيانة , وفرَّقتها على مُبغضي عليٍّ - عليه السلام - (2) نعوذ بالله العظيم , وقال المجلسي : إذا ظهر المهديُّ , فإنه سيُحيي عائشة , ويُقيم عليها الحد (3) .
س 81/ ما هو آخر ما توصلوا إليه في أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عائشة وحفصة ؟ .
ج/قال سيدهم علي غروي - أحد أكبر علماء الحوزة - : إنَّ النبيَّ لا بدَّ أن يدخل فرجه النار , لأنه وطئ بعض المشركات (4) .
قاصمة ظهور علماء الشيعة :
أختم هذا المبحث المتعلِّق بعقيدة علماء الشيعة في أم المؤمنين - رضي الله تعالى عنها - من تكفيرها ولعنها ووو .. بهذه الرواية القاصمة لكل بنيان الرافضة ؟! .
__________
(1) تفسير العياشي ج2/243 , والمراد بعسكر : عائشة رضي الله تعالى عنها , بحار الأنوار ج4/378 ج8/220 .
(2) مشارف أنوار اليقين للبرسي ص86 .
(3) حق اليقين للمجلسي ص347 .
(4) كشف الأسرار للموسوي ص24 .(9/152)
حيث أسند عالم الشيعة أبو علي محمد بن محمد الأشعث الكوفي في كتابه إلى الحسين بن علي - رضي الله عنه - : أنَّ أبا ذر أخبره : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يموت دعا بالسواك فأرسله إلى عائشة فقال : لتبلينه لي بريقك , ففعلت , ثمَّ أُتي به فجعل يستاك به ويقول بذلك : ريقي على ريقك يا حميراء , ثمَّ شخص يُحرِّك شفتيه كالمخاطب , ثمَّ مات - صلى الله عليه وسلم - (1) .
وعلى كلِّ حال , ومع مرارة ما تقدم من أقوال بني رفض :
__________
(1) الأشعثيات للأشعث الكوفي ص212 , ومستدرك الوسائل للنوري ج16/434 .(9/153)
فأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه - رضي الله عنهم - أجمعين , انقطع عنهم العمل , فأحبَّ الله أن لا يقطع عنهم الأجر ؟ قال تعالى : ?? تمت - الله الله ? الله الله أكبر - - الله ? - ?? - ? الله الله } - - جل جلاله - - ? - - - الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - الله ? - - سبحانه وتعالى - - ? الله ? الله ? - ? - - - ? - - جل جلاله -? - - - ? - ? الله ? - جل جلاله - } - بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله أكبر ? - ? - - - ? - - الله ? الله - - } ? - ? - ? الله الله أكبر ? صدق الله العظيم - الله الله أكبر - ?? - ? - الله أكبر ? الله - الله الله أكبر - - - ? بسم الله الرحمن الرحيم - } - } - - - - ? الله أكبر - - ? الله ?? - ?? الله الله أكبر - صدق الله العظيم - الله الله أكبر ? ? - { ? الله الله أكبر ? الله ?- جل جلاله - الله ? - ?- جل جلاله - - - - - - - الله أكبر الله أكبر ? - الله ? { ? - } الله ? ?? - ? - الله ? - - جل جلاله -? ?- جل جلاله -? - رضي الله عنهم - - ?- جل جلاله -?? - - - ? ?? الله - جل جلاله -? - - الله الله أكبر - - - - - جل جلاله - - - ? - - - ? { ? - - ??- جل جلاله -? - - - ?? - ? الله أكبر ? الله - الله ? ? - جل جلاله - - ? - الله أكبر ? الله } صدق الله العظيم ? بسم الله الرحمن الرحيم - - ? - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ? - الله أكبر ? الله الله أكبر - الله ? الله ? ? - ? - - جل جلاله - - ? - - تمهيد ? - - صدق الله العظيم ? صدق الله العظيم } الله { - ? الله - الله - صدق الله العظيم - - - - - سبحانه وتعالى - - ? - الله الله أكبر الله أكبر { ? الله ? - سبحانه وتعالى - - ? الله }(9/154)
الله } - - الله الله أكبر الله أكبر الله الله أكبر ? ??? - ? { الله أكبر الله أكبر ?? الله - صدق الله العظيم ? - - الله الله أكبر ? - عليه السلام -? الله ? الله - الله أكبر صدق الله العظيم ? - - الله الله أكبر ? - عليه السلام -? - ? الله ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - الله أكبر ?? - ? ? درهم - جل جلاله - - صدق الله العظيم ? - الله أكبر ? الله ? - الله الله } الله - { - ? - - ??? - - جل جلاله -?? الله - - جل جلاله -? - ? - ?- جل جلاله - - الله } - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - - ? - - ?? .
وقد ذكر علماء الشيعة أنفسهم , بأنَّ علياً ? سمَّى بعض أبناءه بأسماء الخلفاء الراشدين الثلاثة : أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - (1) , وكذلك فعل الحسن ? , فقد سمَّى ابنيه بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما (2) , وكذلك فعل الحسين ? , فقد سمَّى ابنيه بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما (3) , وغيرهم كثير .
س 82/ ما حقيقة أرض فدك كما نطقت به كتب الشيعة ؟ .
ج/ فدك : قرية بخيبر , وقيل : بناحية الحجاز , فيها عين ونخل , مما أفاء الله على رسوله (, وبعد وفاة الرسول ( أرسلت فاطمة رضي الله عنها إلى خليفة رسول الله ( أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - تطلب ميراثها من رسول الله ( في أرض فدك .
__________
(1) إعلام الورى للطبرسي ص203 , والارشاد للمفيد ص186 , وتاريخ اليعقوبي ج2/213 , ومقاتل الطالبين ص84 .
(2) إعلام الورى ص213 , وتاريخ اليعقوبي ج2/228 لأحمد بن أبي يعقوب الكاتب العباسي , ومقاتل الطالبين لأبي الفرج الأصفهاني ص78 , ومنتهى الآمال لعباس القمي ج1/240 .
(3) التنبيه والإشراف للمسعودي الشيعي ص263 , وجلاء العيون للمجلسي ص582 .(9/155)
قال ابن الميثم في شرحه لنهج البلاغة (1) : إنَّ أبا بكر قال لها : إنَّ لك ما لأبيك , كان رسول الله ص يأخذ من فدك قوتكم , ويقسم الباقي ويحمل منه في سبيل الله , فما تصنعين بها , قالت : أصنع بها كما يصنع بها أبي , قال : فلك على الله أن أصنع فيها كما يصنع فيها أبوك , قالت : الله لتفعلنَّ , قال : الله لأفعلنَّ , قالت : اللهم فاشهد , وكان أبو بكر يأخذ غلتها فيدفع إليهم ما يكفيهم ويقسم الباقي , وكان عمر كذلك , ثمَّ كان عثمان كذلك , ثمَّ كان علي ع كذلك .
وقال زيد بن علي بن الحسين ? : وأيم الله , لو رجع الأمر إليَّ لقضيت فيه بقضاء أبي بكر (2) .
القاصمة :
إنَّ من تناقض هؤلاء أن رووا في كتاب علي : فإذا فيه إنَّ النساء ليس لهنَّ من عقار الرجل إذا هو توفي عنها شيء , فقال أبو عبدالله ع : هذا والله خط علي ع بيده , وإملاء رسول الله (3) .
س 83/ هل ذكرت كتب الشيعة أنَّ فاطمة رضي الله عنها غضبت على علي - رضي الله عنه - ؟ .
ج/ نعم , روى صدوقهم غضب فاطمة رضي الله عنها ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عليٍّ - رضي الله عنه - عندما أراد الزواج بابنة أبي جهل .. حتى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مناصحاً لعلي - رضي الله عنه - : يا عليُّ , أما علمت أنَّ فاطمة بضعة مني وأنا منها , فمن آذها فقد آذاني , ومن آذاني فقد آذى الله , ومن آذها بعد موتي كان كمن آذها في حياتي , ومن آذها في حياتي كان كمن آذها بعد موتي (4) .
__________
(1) ج5/107 وج16/215 .
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج4/82 , والصوارم المهرقة للشوشتري ص243 .
(3) بحار الأنوار 26/51 , وبصائر الدرجات الكبرى للصفار ص45 .
(4) علل الشرائع لابن بابويه ص185-186 .(9/156)
وقال - صلى الله عليه وسلم - : فاطمة بضعة مني , وهي روحي التي بين جنبيَّ , يسوؤني ما ساءها , ويسرُّني ما سرَّها (1) .
وكذلك فقد أغضب عليٌّ - رضي الله عنه - فاطمة رضي الله عنها مرة أخرى عندما رأته واضعاً رأسه في حجر جاريته , واشتملت جلبابها وذهبت إلى بيت أبيها , وقالت : يا ليتني مت قبل هذا , وكنت نسياً منسياً , إنما أشكو إلى أبي , وأختصم إلى ربي (2) .
التعليق :
ألا يستحي علماء الشيعة من افترائهم لهذه المفتريات على عليٍّ وفاطمة رضي الله عنهما ؟ أيتجاهلون قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من آذاها فقد آذاني , ومن غاظها فقد غاظني , ومن سرَّها فقد سرَّني (3) .
س 84/ بماذا تجيبون عمَّا يزعمه علماء الشيعة من مثالب ومعايب على الصحابة - رضي الله عنهم - ؟ .
ج/ إنَّ ذنب الصحابة - رضي الله عنهم - عند علماء الشيعة هو : بيعتهم لأبي بكر - رضي الله عنه - بالخلافة ! والمثالب التي ينقلونها عن الصحابة - رضي الله عنهم - نوعان : أحدهما : ما هو كذب , إما كذبٌ كلُّه , وإما محرَّف قد دخله من الزيادة والنقصان ما يُخرجه إلى الذم والطعن , وأكثر نقل علماء الشيعة من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب , يرويها الكذابون المعروفون بالكذب , كما اعترفت بذلك كتبهم .
__________
(1) بحار الأنوار للمجلسي ج27/62 .
(2) علل الشرائع ص163 , حق اليقين للمجلسي ص203-204 .
(3) من لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي الملقب بالصدوق ج4/125 .(9/157)
النوع الثاني : ما هو صدق ولكنه أقلُّ من القليل , وأكثره لهم فيها معاذير , تُخرجها من أن تكون ذنوباً , وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فله أجران , وإن أخطأ فله أجر , وعامة منقول علماء الشيعة الثابت , والذي هو أقل من القليل من هذا الباب , وما قُدِّر من هذه الأمور القليلة جداً ذنباً محققاً , فإنَّ ذلك لا يَقدح فيما عُلم من فضائلهم وسوابقهم - رضي الله عنهم - , وكونهم - رضي الله عنهم - من أهل الجنة , لأنَّ الذنب المحقق يرتفع عقابه في الآخرة بأسباب متعددة , منها : التوبة , ومنها : الحسنات الماحية للذنوب , فإنَّ الحسنات يُذهبن السيئات , ومنها : المصائب المكفرة .. إلخ .
س 85/ ما معنى عصمة الإمام , وهل هي من المسائل المجمع عليها عند علمائهم ؟ .
ج/ قال شيخهم المجلسي : اعلم أنَّ الإمامية اتفقوا على عصمة الأئمة عليهم السلام من الذنوب , صغيرها وكبيرها , فلا يقع منهم ذنب أصلاً , لا عمداً ولا نسياناً , ولا لخطأ في التأويل , ولا للإسهاء من الله سبحانه (1) .
التعليق :
إنَّ هذه الصورة للعصمة التي يرسمها المجلسي , ويُعلن اتفاق الشيعة عليها , لم تتحقق لأنبياء الله تعالى ورسله عليهم السلام , كما دلَّ على ذلك صريح القرآن والسنة وإجماع الأمة ؟ .
والمسلمون يعتقدون أنَّ الأمة معصومة بكتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - , وأما علماء الشيعة فيعتقدون أنَّ الأمة معصومة من الضلال بإمامهم المختفي الخائف ؟ لأنه كالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - , بل يعتقدون أنه أعظم من النبي - صلى الله عليه وسلم - كما تقدَّم , والإمامة في اعتقادهم استمرار للنبوة (2) .
__________
(1) بحار الأنوار ج25/211 وانظر : مرآة العقول ج4/352 , وأوائل المقالات ص276 .
(2) عقائد الإمامية لمحمد رضا المظفر ص66.(9/158)
س 86/ هل يعتقد علماء الشيعة بعدم حصول السهو , والنسيان , من أئمتهم ؟ .
ج/ نعم , وهو من ضروريات مذهبهم الشيعي (1) .
ويعتبرها شيخهم المعاصر محمد رضا المظفر : من عقائد شيعته الثابتة , وأنه لا يوجد فيها أدنى خلاف عندهم (2) , ويذكر أيضاً آيتهم المعاصر : محمد مغنية : بأنها مذهب جميع الشيعة (3) , ونقل شيخهم المعاصر : محمد آصف المحسني : إجماع الشيعة عليها (4) , بل إنَّ إمامهم الأكبر عندهم الخميني : ينفي مجرَّد تصوُّر السهو في أئمته (5) , وكان هذا المعتقد من أسباب نشوء عقيدة البداء والتَقِيَّة – كما سيأتي إن شاء الله تعالى – فإذا حصل اختلاف أو تناقض في أقوالهم , قال علماؤهم : هذا بداء أو تَقِيَّة كما اعترف بهذا إمامهم : سليمان بن جرير , والذي ترك مذهب الإمامية وتبعه جماعة من شيعتهم .
التعليق :
قيل لإمامهم الرضا رحمه الله : إنَّ في الكوفة قوماً يزعمون أن النبي صلى الله عليه وآله , لم يقع عليه السهو في صلاته , فقال : كذبوا لعنهم الله , إنَّ الذي لا يسهو , هو الله الذي لا إله إلا هو (6) .
الفاضحة :
إنَّ علماء الشيعة المتقدمين :
يُعلنون برائتهم من هذه العقيدة , بل وكفَّروا من قال بها , وذكروا أنَّ ردَّ الروايات التي فيها إثبات سهو النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُفضي إلى إبطال الدين والشريعة (7) .
__________
(1) انظر : تصحيح الاعتقاد للمفيد ص160-161 , وتنقيح المقال في علم الرجال ج3/240 لعبدالله المامقاني .
(2) عقائد الإمامية للمظفر ص95 .
(3) الشيعة في الميزان ص272-273 .
(4) صراط الحق لآصف المحسني ج3/121 .
(5) الحكومة الإسلامية ص91 .
(6) بحار الأنوار ج25/350 , وعيون أخبار الرضا لابن بابويه ص326 .
(7) انظر : من لا يحضره الفقيه لابن بابويه ج1/234 , وبحار الأنوار للمجلسي ج17/111 .(9/159)
ونجد علماء الشيعة المتأخرين : يعدُّونها من الضروري عندهم , ومنكر الضروري عندهم كافر ؟ .
فعلماؤهم المتقدمون يُكفِّرون المتأخرين , والمتأخرون يُكفرون المتقدمين ؟!! .
س 87/ لو لخصتم لنا كيف طوَّر علماء الشيعة عقيدتهم بعصمة أئمتهم ؟ .
ج/ لقد تقدَّم أنَّ استاذهم الأول ابن سبأ اليهودي قال بألوهية علي - رضي الله عنه - , ولم يُنقل عنه : القول بعصمته حسب نظرية علماء الشيعة ؟ .
ثمَّ طوَّر العصمة هشام بن الحكم فقال : إنَّ الإمام لا يُذنب (1) .
التعليق :
إنَّ قولهم بأنَّ إمامهم لا يُذنب , يتعارض مع اعتقادهم في القدر , من قولهم بالحرية والاختيار , وأنَّ العبد يخلق فعله , مما يدلُّك أيها القاريء : أنَّ مفهوم العصمة عندهم سابق لمذهبهم في القدر , والذي أخذوه عن المعتزلة في المائة الثالثة !! .
ثمَّ طوَّر العصمة شيخهم المفيد ( ت413هـ ) فقال : بأنها لطف يفعله الله تعالى بالمكلَّف , بحيث يمنع منه وقوع المعصية , وترك الطاعة , مع قدرته عليها (2) .
التعليق :
تلاحظ أيها القاريء : اصطباغ مفهوم العصمة ببعض الأفكار الاعتزالية كفكرة اللطف الإلهي , وفكرة الاختيار الإنساني , فليس معنى العصمة : أن يُجبر الله إمامهم على ترك المعصية , بل يفعل به ألطافاً يترك معها المعصية مختاراً ؟ .
__________
(1) بحار الأنوار ج25/192-193 .
(2) النكت الاعتقادية للمفيد ص33-34 .(9/160)
ثمَّ طوَّر العصمة شيخهم ابن بابويه ( ت381هـ ) فقال : اعتقادنا في .. الأئمة .. أنهم معصومون , مطهرون من كل دنس , وأنهم لا يُذنبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً , ولا يعصون الله ما أمرهم , ويفعلون ما يُؤمرون , ومن نفى عنهم العصمة في شيء من أحوالهم فقد جهلهم , ومن جهلهم فهو كافر , واعتقادنا فيهم : أنهم معصومون موصوفون بالكمال والتمام والعلم من أوائل أمورهم وأواخرها , لا يوصفون في شيء من أحوالهم بنقص ولا عصيان ولا جهل (1) .
ثمَّ طور العصمة شيخهم المجلسي ( ت1111هـ ) فقال : إنَّ أصحابنا الإمامية أجمعوا على عصمة الأئمة , صلوات الله عليهم , من الذنوب الصغيرة والكبيرة , عمداً وخطأً ونسياناً , من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله عز وجل (2) .
تناقض :
قال المجلسي نفسه : وبالجملة : المسألة في غاية الإشكال , لدلالة كثير من الأخبار والآيات , على صدور السهو عنهم , وإطباق الأصحاب , إلا من شذَّ منهم على عدم الجواز .. (3) .
التعليق :
فهذا اعتراف من إمامهم المجلسي , على أنَّ إجماع علماء شيعته على عصمة أئمتهم , يصادم رواياتهم , وهذا يجعلهم يقولون وبمضاضة شديدة : إنَّ علماء شيعتهم قد أجمعوا على ضلالة !! .
س 88/ هل من الممكن ذكر بعض ما يزعمه علماء الشيعة من فضائل أئمتهم ؟ .
ج/ لقد أكثر علماء المذهب الشيعي من الروايات المختلَقة الدالة على فضل الأئمة وأنهم يصلون إلى درجة الألوهية أحياناً , ولذلك عقد علماؤهم أبواباً كثيرة في كتب مذهبهم الشيعي المعتمدة ومنها :
1 ) بابُ أنهم أعلم من الأنبياء عليهم السلام وفيه ثلاثة عشر حديثاً منها :
__________
(1) الاعتقادات لابن بابويه ص108-109 .
(2) بحار الأنوار ج25/351 .
(3) بحار الأنوار ج25/351 .(9/161)
قال أبو عبدالله ? : وربِّ هذه الكعبة – ثلاث مرات – لو كُنتُ بين موسى والخضر لأخبرتهما أني أعلم منهما , ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما (1) .
2 ) بابُ تفضيلهم عليهم السلام على الأنبياء وعلى جميع الخلق , وأخذ ميثاقهم عنهم وعن الملائكة وعن سائر الخلق , وأنَّ أولي العزم إنما صاروا أولي العزم , بحبهم صلوات الله عليهم (2) وفيه 88 حديثاً , منها :
عن أبي عبدالله ? قال : والله ما استوجب آدم أن يخلقه الله بيده وينفخ فيه من روحه إلا بولاية علي - عليه السلام - , وما كلَّم الله موسى تكليماً إلا بولاية علي - عليه السلام - , ولا أقام الله عيسى ابن مريم آية للعالمين إلا بالخضوع لعلي - عليه السلام - , ثم قال : أُجمل الأمر : ما استأهل خلق من الله النظر إليه إلا بالعبودية لنا (3) .
وفي رواية : .. أنكرها يونس , فحبَسَه الله في بطن الحوت حتى أقرَّ بها (4) .
وقال الخميني : وإنَّ من ضروريات مذهبنا : أنَّ لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرَّب ولا نبيٌّ مرسل .
وقال : فإنَّ للإمام مقاماً محموداً , ودرجة سامية , وخلافة تكوينية , تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرَّات هذا الكون (5) .
3 ) بابُ أنَّ دعاءَ الأنبياء استجيب بالتوسل والاستشفاع بهم ص (6) .
__________
(1) الكافي ج1/260-261 , بحار الأنوار ج26/194 .
(2) بحار الأنوار ج26/267 .
(3) بحار الأنوار ج26/294 .
(4) بحار الأنوار للمجلسي ج14/391 وج26/282 , وبصائر الدرجات الكبرى للصفار ص75 .
(5) الحكومة الإسلامية ص52 .
(6) بحار الأنوار ج26/319 .(9/162)
منها : عن الرضا ع قال : لما أشرف نوح ع على الغرق , دعا الله بحقنا فدفع الله عنه الغرق , ولما رُمِي إبراهيم ع في النار دعا الله بحقنا فجعل الله النار عليه برداً وسلاماً , وإنَّ موسى ع لما ضرب طريقاً في البحر دعا الله بحقنا فجعله يبساً , وإنَّ عيسى ع لما أراد اليهود قتله دعا الله بحقنا فنجي من القتل فرفعه إليه (1) .
4 ) أنَّ عندهم عليهم السلام علم ما في السماء , وعلم ما في الأرض , وعلم ما كان , وعلم ما يكون , وما يحدث بالليل والنهار , وساعة وساعة , وعندهم علم النبيين وزيادة (2) .
5 ) بابُ أنهم ع يعرفون الناس بحقيقة الإيمان , وبحقيقة النفاق , وعندهم كتاب فيه أسماء أهل الجنة , وأسماء شيعتهم وأعدائهم , وأنه لا يزيلهم خبر مخبر عما يعلمون من أحوالهم (3) .
6 ) بابُ أنَّ الأئمة ع إذا شاءوا أن يعلموا علموا , وأنَّ قلوبهم مورد إرادة الله سبحانه , إذا شاء شيئاً شاءوه .
وفيه ثلاثة أحاديث (4) .
7 ) بابُ أنَّ الأئمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون , وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم وفيه خمسة أحاديث (5) .
8 ) بابُ .. وأنهم يعلمون ما في الضمائر , وعلم المنايا والبلايا وفصل الخطاب والمواليد (6).
9 ) بابُ أنه لولا أمير المؤمنين ( لما عرف جبريل ربه تعالى , ولما عرف اسم نفسه (7) .
__________
(1) بحار الأنوار ج11/69 , ووسائل الشيعة للعاملي ج7/103 , والقصص للراوندي ص105 .
(2) ينابيع المعاجز وأصول الدلائل لهاشم البحراني , الباب الخامس ص35-42 .
(3) بحار الأنوار ج26/117 وفيه أربعون حديثاً .
(4) الكافي ج1/258 .
(5) الكافي للكليني ج1/258-260 .
(6) بحار الأنوار ج26/137و153 وفيه 43 حديثاً .
(7) شرح الزيارة الجامعة الكبيرة للخوئي ج2/371 .(9/163)
10 ) أنهم يتكلمون وهم في بطون أمهاتهم , ويقرءون القرآن , ويعبدون ربهم عزّ وجل وهم في بطون أمهاتهم , وعند الرضاع تطيعهم الملائكة وتنزل عليهم صباحاً ومساءاً (1) .
11 ) أنَّ الأئمة عليهم السلام أولاد الله ومن صلب عليٍّ ع (2) !!! نعوذ بالله من الشرك .
12 ) أنهم أركان الأرض وأنَّ علياً - رضي الله عنه - قال : أُعطيت خصالاً لم يُعطهنَّ أحدٌ قبلي , علمتُ علم المنايا والبلايا .. فلم يفتني ما سبقني , ولم يعزب عني ما غاب عني (3) .
13 ) بابُ أنَّ الله عز وجل لم يُعلِّم نبيه علماً , إلا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين - عليه السلام - , وأنه شريكه في العلم (4) .
التعليق :
إنَّ هذه الدعاوى من علماء الشيعة لأئمتهم , في غاية الغرابة وغاية الكفر , يُخرجون بها أئمتهم من منزلة الإمامة , إلى منزلة النبوة والرسالة أحياناً , وأحياناً إلى مرتبة الألوهية , نعوذ بالله من الشيطان , ولا يختلف اثنان أنَّ هذا هو الكفر الأكبر بعينه , بل لم يأت أحدٌ من الأولين والآخرين بمثل هذا الكفر والضلال , نسأل الله العافية .
س 89/هل يعتقدون بقاء معجزات أئمتهم حتى بعد موتهم , وما أَثَرُ ذلك في حياتهم اليومية ؟ .
ج/ نعم , بل ولا تزال تولد عندهم وتتجدد , واتخذت صورة واقعية تتمثل في جانبين :
الأول : ما ينسبه علماء الشيعة لغائبهم المنتظر من معجزات وخوارق ؟ .
__________
(1) إكمال الدين وتمام النعمة للصدوق , ط حديثة ج2/394 .
(2) الغدير ج1/214-216 لشيخهم المعاصر عبد الحسين الأميني النجفي .
(3) أصول الكافي ج1/197-198 .
(4) أصول الكافي ج1/263 .(9/164)
الثاني : ما يدَّعيه علماء شيعتهم من حصول الخوارق عند قبور أئمتهم , كقصص تتحدث عن شفاء الضريح للأمراض المستعصية , فتذكر أن أعمى أَبصَرَ بمجرد مجاورته للضريح !! وأنَّ الحيوانات وخاصة الحمير تذهب للأضرحة طلباً للشفاء !! وقصص تتحدث أنَّ الأئمة في قبورهم تُودع عند أضرحتهم الأمانات والودائع فيحفظونها ! فارتفعت بذلك أرصدة السدنة ! (1) .
س 90/ ما حكم زيارة قبور وأضرحة الأئمة والأولياء عند علماء الشيعة ؟ .
ج/ فريضة من فرائض مذهبهم الشيعي , ويكفر تاركها (2) .
وَسَأَلَ هارون ابن خارجة إمامهم أبو عبدالله وحاشاه : عمَّن ترك زيارة قبر الحسين ع من غير علَّة , فقال : هذا رجل من أهل النار (3) .
س 91/ ما هي الآداب التي يوجبها علماء الشيعة لمن أراد زيارة المشاهد من شيعتهم ؟ .
ج/ كثيرة , ومنها : الغسل قبل دخول المشهد , والوقوف والاستئذان بالمأثور (4) .
والإتيان بخضوع وخشوع , في ثياب طاهرة نظيفة جدد (5) .
والوقوف على الضريح وتقبيله : قال آيتهم العظمى محمد الشيرازي : نُقَبِّلُ أضرحتهم , كما نقبل الحجر الأسود (6) .
ووضع الخدِّ عليه (7) وقالوا : لا كراهة في تقبيل الضرايح , بل هو سنة عندنا (8) .
والطواف به إلا أن نطوف حول مشاهدكم (9) .
تعارض :
__________
(1) بحار الأنوار ج42/312-318 .
(2) انظر روايات ذلك في : تهذيب الأحكام ج2/14 , وكامل الزيارات ص194 , ووسائل الشيعة ج10/233-337 .
(3) كامل الزيارات لابن قولويه ص193 , ووسائل الشيعة ج10/336-337 .
(4) بحار الأنوار ج97/134 وج101/369 .
(5) بحار الأنوار ج97/134 .
(6) مقالة الشيعة لمرجعهم الديني محمد الشيرازي ص8 .
(7) عمدة الزائر لحيدر الحسيني ص31 .
(8) بحار الأنوار ج100/136 .
(9) بحار الأنوار ج 100/126 , ومستدرك الوسائل للنوري ج10/366 .(9/165)
لقد أصدروا هم بأنفسهم روايات تنهى عن ذلك ومنها : ولا تطف بقبر ... (1) .
وردَّ ذلك علامتهم المجلسي بقوله : يُحتمل أن يكون المراد بالطواف المنفي هنا : التغوُّط (2) .
استقبال وجه صاحب القبر واستدبار القبلة :
قال المجلسي : إنَّ استقبال القبر أمرٌ لازم , وإنْ لم يكن موافقاً للقبلة .. واستقبال القبر للزائر , بمنزلة استقبال القبلة , وهو وجه الله .. (3) .
والانكباب على القبر والدعاء بالمأثور :
ومنه قولهم : إذا أتيت الباب , فقف خارج القبة , وأوم بطرفك نحو القبر , وقل : يا مولاي يا أبا عبدالله يا ابن رسول الله : عبدك وابن عبدك وابن أمتك , الذليل بين يديك , المقصر في علو قدرك , المعترف بحقك , جاءك مستجيراً بذمتك , قاصداً إلى حرمك , متوجهاً إلى مقامك .. ثمَّ انكب على القبر وقل : يا مولاي أتيتك خائفاً فآمني , وأتيتك مستجيراً فأجرني , وأتيتك فقيراً فأغنني .. يا سيدي أنت وليي ومولاي .. (4) .
واتخاذ القبر قبلة , واستدبار الكعبة , وصلاة ركعتين إلى القبر وجوباً (5) .
__________
(1) علل الشرائع للقمي ص283 , وبحار الأنوار ج100/226 , وانظر : الكافي ج6/534 , ووسائل الشيعة ج1/340 .
(2) بحار الأنوار ج100/127 .
(3) بحار الأنوار ج100/369 .
(4) بحار الأنوار ج101/257-261 .
(5) بحار الأنوار ج100/128-134 , وانظر : تحرير الوسيلة للخميني ج1/152 , والاحتجاج للطبرسي ج2/312 .(9/166)
ويَعدُّ علماء الشيعة هذه الشركيات من أفضل القربات .. ويُوهمون أتباعهم بأنَّ هذه الشركيات تُوجب غفران الذنوب , ودخول الجنة , والعتق من النار , وحطِّ السيئات , ورفع الدرجات , وإجابة الدعوات (1) وتعدل الحجَّ والعمرة , والجهاد , والاعتاق (2) .
تناقض :
عن أبي عبدالله - رضي الله عنه - قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُصلَّى على قبر , أو يُقعد عليه , أو يُبنى عليه (3) .
ثمَّ أليست هذه النصوص المروية كذباً عن أئمتهم دعوة إلى الشرك بالله عز وجل , وتغيير شرع الله ودينه , واختيار نحلة المشركين على ملة المسلمين , واستبدال الوثنية بالحنيفية ؟ بلى والله الذي لا إله غيره ولا ربَّ سواه .
__________
(1) هذا من عناوين بحار الأنوار ج101/21-28 , وقد ضمَّ ( 37 ) رواية في هذا المعنى .
(2) هذا من عناوين بحار الأنوار ج101/28-44 , وقد ضمَّ ( 84 ) رواية في هذا المعنى .
(3) تهذيب الأحكام ج1/130 , والاستبصار ج1/482 كلاهما للطوسي , ووسائل الشيعة للعاملي ج2/869 .(9/167)
ماذا يُسمَّى هذا الدين الذي يأمر أتباعه باستدبار الكعبة , واستقبال قبور الأئمة , وماذا يُسمَّى هؤلاء العلماء المفترون , الذين عمّروا بيوت الشرك , التي يُسمّونها المشاهد , وعطلوا بيوت التوحيد ( المساجد ) والواقع خير شاهد ؟ وصدق الله العظيم القائل : ( ( بسم الله الرحمن الرحيم - صلى الله عليه وسلم - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - } - ( - (( - - - عليه السلام - - (( } - قرآن كريم ((- عليه السلام - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ((((- صلى الله عليه وسلم - - - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( المحتويات - - - تمت - - ( - - رضي الله عنه - - ( مقدمة ( - ( - - - - - صدق الله العظيم ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - (( - (( - - - - (((( { - - ( المحتويات ( - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - - } تمت ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ((( - ( - ( { ( - - - ( المحتويات ( - - - ( - - - - - رضي الله عنه -( ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( - - صلى الله عليه وسلم - - (((( ( .
قاصمة الظهر :
لقد روى أبو جعفر محمد الباقر أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجداً , فإنَّ الله عزَّ وجل لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1) .
س 92/ هل لمدن ( النجف وكر بلاء وقم والكوفة ) فضل عند علماء المذهب الشيعي ؟ .
__________
(1) علل الشرائع ص358 , وبحار الأنوار ج100/128 , وانظر : وسائل الشيعة ج5/161 , ومن لا يحضره الفقيه ج1/178 .(9/168)
ج/ نعم , رووا أنَّ أبا عبدالله ع فيما أوحاه الله إلى الكعبة : .. ولولا تربة كر بلاءَ ما فضلتكِ , ولولا من تضمه أرض كر بلاء , ما خلقتك , ولا خلقتُ البيت الذي به افتخرت , فقرِّي واستقرِّي , وكوني ذَنَباً متواضعاً , ذليلاً , مهيناً .. (1) .
وقال آيتهم آل كاشف الغطاء عن كربلاء : أشرف بقاع الأرض بالضرورة !! (2) , ومنكر الضروري عندهم كافر كما تقدَّم مراراً .
يقول آيتهم ميرزا حسين الحائري : وكذلك أصبحت هذه البقعة المباركة , بعدما صارت مدفناً للإمام مزاراً للمسلمين ! وكعبة للموحدين !! ومطافاً للملوك والسلاطين , ومسجداً للمصلين !! (3) .
وقد جاء في بعض نصوص علماء الشيعة المقدسة : أن الحجر الأسود سيُنزع من مكانه من الكعبة المشرفة , ويوضع في حرمهم في الكوفة (4) .
وهذا ما دفع إخوانهم القرامطة إلى فعلتهم وجريمتهم المشهورة في بيت الله الحرام , وانتزاعهم الحجر الأسود من الكعبة المشرفة عام 317هـ (5) , ولكنهم لم يضعوه في حرمهم بالكوفة , لماذا ؟!! .
التعليق :
أفلا تكون مصادر علماء الشيعة مزرعةً لأمثال ما فعل إخوانهم القرامطة ؟ .
ثمَّ لماذا الحرص فقط على الكوفة ؟ .
__________
(1) وسائل الشيعة ج14/514 .
(2) الأرض والتربة الحسينية لآل كاشف ص55-56 .
(3) أحكام الشيعة للحائري ج1/32 .
(4) كما في كتاب الوافي المجلد الثاني في ج8/215 .
(5) انظر : كتاب المسائل العكبرية ص84 -102 لمحمد بن محمد النعمان الملقب بالمفيد المتوفى سنة 413هـ .(9/169)
ألأنه لم يستمع لدين ابن سبأ اليهودي من بلاد المسلمين سوى ( الكوفة ) ! وذلك أنَّ بلاد الإسلام لقربها من العلم والإيمان , لم تقبل دين ابن سبأ اليهودي ( التشيَّع ) سوى الكوفة التي بُليت بها , بتأثير ابن سبأ اليهودي , الذي طاف الأمصار , فلم يجد من يقبل دعوته أحد إلا في ذلك المكان القاصي البعيد في تلك الفترة عن نور العلم والإيمان , ولهذا خرج ( التشيُّع من الكوفة ) كما ظهر الإرجاء أيضاً من الكوفة , وظهر القدر والاعتزال والنسك الفاسد من البصرة , وظهر التجهُّم من ناحية خراسان , وكان ظهور هذه البدع بحسب البعد عن الدار النبوية , ذلك أنَّ سبب ظهور البدع في كلِّ أمة هو خفاء سنن المرسلين فيهم , وبعدهم عن ديار العلم والإيمان , وبهذا يقع الهلاك .(9/170)
وأختم هذا الجواب بقول الله تبارك وتعالى : ( } تمت ( { - رضي الله عنه - - } - صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - تمهيد ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم -((((- صلى الله عليه وسلم - ( } - } - جل جلاله - - ( - - ( - { - - - - { { - - رضي الله عنه - تمهيد ( - - - - - عليه السلام - - - - رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله - - جل جلاله - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه -((( - فهرس - (- رضي الله عنهم -(( - ( - - (((( ( مقدمة - (( - تمهيد (- رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( ( تمهيد (- عليه السلام - - ( } - - رضي الله عنه - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - - { } تم بحمد الله - بسم الله الرحمن الرحيم - ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( { } صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( - - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - تمت - - - - - جل جلاله -- جل جلاله -( تم بحمد الله - - عليه السلام -( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( } - } - - - - - - ( مقدمة ( تمهيد ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - - - ( مقدمة ( - - - ( { الله - - ( تمهيد - رضي الله عنهم - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - - ( - - } تمت ( - - ( { - - - - (( - - ( ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( - رضي الله عنه -((( - فهرس - (- رضي الله عنهم -(( - - - (((( ( .(9/171)
س 93/ ما هو اعتقادهم في : الصلاة , والدعاء والتوسل والحج إلى قبور أئمتهم ؟ .
ج/ رووا بأنَّ رجلاً جاء إلى أبي عبدالله فقال له : إنِّي قد حججتُ تسعَ عشرةَ حَجةً , فادع الله أن يرزقني تمام العشرين حجة , قال : هل زرتَ قبر الحسين ع قال : لا , قال : لزيارته خيرٌ من عشرين حجة (1) .
وفي رواية : والله لو أني حدثتكم بفضل زيارته وبفضل قبره , لتركتم الحجَّ رأساً , وما حجَّ منكم أحد (2) , والحمد لله أنه لم يحدثهم !!! .
وأما عن اعتقادهم في فضل الحجِّ في يوم عرفة لقبر الحسين - رضي الله عنه - :
قال الإمام الصادق ع : إنَّ الله تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن علي - عليه السلام - عشية عرفة قبل نظره إلى أهل الموقف , قيل له : قبل نظره إلى أهل الموقف ! وكيف ذلك ؟ قال : لأنَّ في أولئك أولاد زنا , وليس في هؤلاء أولاد زنا (3) .
وعن زيد الشحام قلت : لأبي عبدالله : ما لمن زار قبر الحسين ( ؟ قال : كان كمن زار الله في عرشه (4) .
ورووا أنَّ أبا عبدالله ع قال : ألا تزور من يزوره الله مع الملائكة , ويزوره الأنبياء , ويزوره المؤمنون .. (5) .
وأما عن اعتقادهم في فضل الصلاة عند القبور :
__________
(1) الوافي للكاشاني ج8/219 , والكافي ج4/581 , ووسائل الشيعة ج14/447 , وثواب الأعمال للصدوق ص94 .
(2) بحار الأنوار ج98/33 وج101/33 , وكامل الزيارات ص266 .
(3) تهذيب الأحكام ج6/50 , ومستدرك الوسائل ج10/282 .
(4) كامل الزيارات ص147و174 , وبحار الأنوار ج98/76 , ومستدرك الوسائل ج2/190 .
(5) الكافي ج4/579 , وبحار الأنوار ج25/361 وج97/257 .(9/172)
قال أبو عبدالله ع عن الصلاة في حرم الحسين ع : لك بكل ركعة تركعها عنده كثواب من حج ألف حجة , واعتمر ألف عمرة , وأعتق ألف رقبة , وكأنما وقف في سبيل الله ألف ألف مرة مع نبي مرسل (1) .
س 94/ هل قَصَرَ علماؤهم هذه الفضائل المزعومة على زيارة قبور أئمتهم فقط ؟ .
ج/ لا , بل جاوزوا ذلك إلى قبور أوليائهم ومشايخهم وأقاربهم وأصدقائهم !! :
رووا أنَّ الحسن العسكري ع قال : من زار قبر عبدالعظيم كان كمن زار قبر الحسين (2) .
وعن ابن الرضا ع قال : من زار قبر عمتي بقم فله الجنة (3) .
وذكروا عن أبي الحسن موسى ع قال : من زار قبر ولدي علي كان له عند الله كسبعين حجة مبرورة , قال قلت : سبعين حجة , قال : نعم وسبعين ألف حجة .. (4) .
لقد أغضب إمامه فزاد الإمام في النصيب !! .
التعليق :
لماذا يُشاهَدُ عموم الشيعة بل وعلماؤهم يحجُّون ويعتمرون ويزورون مكة والمدينة النبوية ؟ مع وجود هذه الفضائل العظيمة لهذه القبور المزعومة !!؟ .
س 95/ لو ذكرتم لنا بعض فضائلهم المزعومة لزيارة قبر أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - باختصار ؟ .
ج/ نعم , فمن ذلك : من زار قبر أمير المؤمنين كتب الله بكل خطوة حجة مقبولة وعمرة مبرورة , والله يا ابن مارد , ما يُطعم الله النارَ قدماً اغبرت في زيارة أمير المؤمنين ع .. (5) .
__________
(1) الوافي للكاشاني ج8/234 , وتهذيب الأحكام للطوسي ج6/73 , ووسائل الشيعة للعاملي ج14/568 .
(2) بحار الأنوار ج102/268 , وكامل الزيارات لابن قولويه القمي ص324 .
(3) وسائل الشيعة ج14/576 .
(4) تهذيب الأحكام ج6/84 .
(5) تهذيب الأحكام ج6/21 , وسائل الشيعة ج14/376 , وإرشاد القلوب إلى الصواب للحسن الديلمي ج2/442 .(9/173)
وفي رواية : من زار قبر أمير المؤمنين عارفاً بحقه , غير متجبر ولا متكبر , كتب الله له أجر مائة ألف شهيد , وغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .. (1) .
وأخيراً : قال المجلسي : إنَّ قبر أمير المؤمنين يزوره الله مع الملائكة , ويزوره الأنبياء , ويزوره المؤمنون (2) .
س 96/ لو ذكرتم لنا بعض فضائلهم المزعومة لزيارة قبر الحسين - رضي الله عنه - باختصار ؟ .
ج/ افترى علماء الشيعة روايات كثيرة , منها : عن أبي جعفر قال : لو يعلم الناس ما في زيارة الحسين - عليه السلام - من الفضل لماتوا شوقاً , وتقطعت أنفسهم عليه حسرات .. (3) .
القاصمة :
ماذا يجيب علماء الشيعة عما رووه : عن حنَّان : قلت لأبي عبدالله - عليه السلام - : ما تقول في زيارة قبر الحسين صلوات الله عليه , فإنه بلغنا عن بعضكم أنه قال : تعدل حجة وعمرة ؟ قال فقال : ما أضعف هذا الحديث , ما تعدل هذا كلَّه , ولكن زوروه ولا تجفوه فإنه سَيِّدُ شباب أهل الجنة (4) .
س 97/ما عقيدة علماء الشيعة في المجتهد من شيعتهم , وما حكم من ردَّ عليه ؟ .
ج/ قال شيخهم محمد رضا المظفر : عقيدتنا في المجتهد : أنه نائب للإمام في حال غيبته , وهو الحاكم والرئيس المطلق ... والرادُ عليه رادٌ على الإمام , والراد على الإمام رادٌ على الله تعالى , وهو على حدِّ الشرك بالله (5) .
__________
(1) وسائل الشيعة ج14/375 .
(2) بحار الأنوار ج100/258 .
(3) كامل الزيارات لابن قولويه ص143 , ووسائل الشيعة للعاملي ج1/353 , بحار الأنوار ج101/18 .
(4) بحار الأنوار ج101/35 , وقرب الإسناد ص48 لعبدالله بن جعفر الحميري من علمائهم في القرن الثالث .
(5) عقائد الإمامية للمظفر ص34 .(9/174)
وقال إمامهم الخميني : إن معظم فقهائنا في هذا العصر , تتوفر فيهم الخصائص التي تؤهلهم للنيابة عن الإمام المعصوم وقال أيضاً : والفقيه هو وصي النبي - صلى الله عليه وسلم - , وفي عصر الغيبة يكون إماماً للمسلمين وقائدهم (1) .
التعليق :
قال محمد جواد مغنية (2) , في كلام طويل مفادهُ : كيف يَدَّعي الخميني النيابة المطلقة عن الإمام الغائب , والإمام الغائب بمنزلة النبيِّ , أو الإله عندنا ... .
وأوجبوا على الشيعي أن يُقلِّد مجتهداً حيَّاً معيَّناً , وإلا فجميع عباداته باطلة لا تقبل منه , وإن صلَّى وصام , إلا إذا وافق عمله رأي من يقلده بعد ذلك (3) .
التعليق :
إنَّ هذه المكانة العالية للمجتهدين من علماء الشيعة , تذكرنا بمكانة الباباوات والقسس عند النصارى ! بل هي أعظم .
س 98/ما هي التَقِيَّة , وما فضلها عند علماء المذهب الشيعي ؟ .
ج/ قال شيخهم المفيد : التقية كتمان الحق , وستر الاعتقاد فيه , وكتمان المخالفين , وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراً في الدين أو الدنيا (4) .
وقال محمد جواد مغنيه : هي أن تقول أو تفعل غير ما تعتقد , لتدفع الضرر عن نفسك أو مالك أو لتحتفظ بكرامتك (5) , فهي إظهار الإيمان بمذهب أهل السنة , وإخفاء مذهب الشيعة ! .
قال علي - رضي الله عنه - : التقية من أفضل أعمال المؤمن (6) .
وقال الحسين بن علي - رضي الله عنه - : لولا التقية ما عُرف ولينا من عدوِّنا (7) .
__________
(1) الحكومة الإسلامية ص67 و113 .
(2) الخميني في كتابه : الدولة الإسلامية ص 59 .
(3) انظر : عقائد الإمامية للمظفر ص55 .
(4) شرح عقائد الصدوق ص261 , ملحق بكتاب أوائل المقالات .
(5) الشيعة في الميزان لمحمد جواد مغنية , ص48 , دار الشروق ببيروت .
(6) تفسير الحسن العسكري ص162 .
(7) المصدر السابق .(9/175)
وقال أبو عبدالله ع : والله ما عُبد الله بشيء أحب إليه من الخبأ , فقلتُ : ما الخبء ؟ قال : التقية (1) , وقال ع : فإنه لا إيمان لمن لا تَقِيَّة له (2) .
وقال أبو جعفر ع : التَقِيَّة من ديني ودين آبائي , ولا إيمان لمن لا تَقِيَّة له (3) .
وقال الخميني : إن الأنبياء لم يفضلهم الله على بقية خلقه إلا بتقيتهم للناس (4) .
التعليق :
هذه النصوص الماضية يسندها علماء الشيعة إلى أئمتهم علي - رضي الله عنه - ( الشهيد سنة 40 ) وابنه الحسين - رضي الله عنه - ( الشهيد سنة 61 ) وأبي جعفر ( المولود سنة 57 والمتوفى سنة 114 ) وأبي عبدالله ( المولود سنة 80 والمتوفى سنة 148 ) فهم عاشوا في فترة عزِّ الإسلام والمسلمين , وإلاَّ فأي حاجة إلى التَقِيَّة في ذلك الزمن , إلا إذا كان الدين المُتَّقَى به غير الإسلام , نعوذ بالله من ذلك ؟ .
س 99/ما حكم ترك التَقِيَّة عند علماء المذهب الشيعي ؟ .
ج/ أنَّ تاركها كتارك الصلاة (5) .
ثمَّ زادوا في النصيب فقالوا : إنَّ تركها من الموبقات التي تُلقي صاحبها قعر جهنم , وهي توازي جحد النبوة , والكفر بالله العظيم (6) .
__________
(1) معاني الأخبار لابن بابويه ص162 , ووسائل الشيعة ج11/462 .
(2) أصول الكافي ج2/219 .
(3) الكافي ج1/174 وج2/218-219 , وتفسير العياشي ج1/214 وج2/351 , وتفسير البرهان ج1/309 .
(4) المكاسب المحرمة للخميني ج2 /163 .
(5) من لا يحضره الفقيه ج2/80 , وجامع الأخبار ص110 كلاهما لابن بابويه القمي , ووسائل الشيعة ج7/94 , والسرائر لابن إدريس الحلي ص479 , وبحار الأنوار ج75/412-414 .
(6) المكاسب المحرمة للخميني ج2/162 .(9/176)
ثمَّ زادوا في النصيب فقالوا : إنَّ تسعة أعشار الدين في التَقِيَّة , ولا دين لمن لا تَقِيَّة له (1) .
ثمَّ زادوا في النصيب فقالوا : بأنَّ تركها ذنبٌ لا يُغفر أبداً (2) , ورووا أنَّ أبا عبدالله ع قال : إنكم على دين , من كتمه أعزَّهُ الله , ومن أذاعه أذله الله (3) .
وأخيراً : بأنَّ تارك التقية كافر (4) .
التعليق :
إنَّ هذه النصوص وغيرها تدل على أنَّ هناك كتماناً وتَقِيَّة من علماء المذهب الشيعي لعامتهم , وأنَّ ذلك الكتمان واجبٌ على علمائهم وإذاعته كفر , وذلك لعدم تحمل عقول كثير من شيعتهم وقلوبهم لأخبار وعقائد مذهبهم الشيعي , وهذا مما يدعو عموم شيعتهم لكره مذهبهم الشيعي والنفور منه .
وعن سفيان السمط قال : قلت لأبي عبدالله : جعلت فداك إنَّ رجلاً يأتينا من قبلكم يُعرف بالكذب فيحدث بالحديث فنستبشعه , فقال أبو عبدالله ع : يقول لك إني قلت لليل إنه نهار أو للنهار إنه ليل , قال : لا , قال : فإن قال لك هذا أني قلته فلا تكذب به , فإنك إنما تكذبني (5) .
فهذا النص وغيره كثير , يدل على أن من الشيعة من يستبشع روايات علمائهم عن الأئمة , ولكنهم يُلزمونه بالإيمان الأعمى بها .
__________
(1) أصول الكافي ج2/217 , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج11/460 , وبحار الأنوار ج75/423 .
(2) انظر : تفسير الحسن العسكري ص130 , ووسائل الشيعة ج11/474 , وبحار الأنوار ج75/415 .
(3) أصول الكافي ج1/222 , وج2/222 , ووسائل الشيعة ج16/235 , وبحار الأنوار ج72/72 , والمحاسن ج1/257 .
(4) الاعتقادات لابن بابويه ص114-115 , وانظر : أصول الكافي ج2/220 .
(5) بحار الأنوار ج2/211-212 , وانظر : بصائر الدرجات الكبرى للصفار ص537 .(9/177)
رووا عن جابر قال : قال أبو جعفر ع قال رسول الله ص : إنَّ حديث آل محمد صعب مستصعبٌ , لا يؤمن به إلا ملك مقرب , أو نبي مرسل , أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان , فما ورد عليكم من حديث آل محمد ص فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه , وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى العالم من آل محمد , وإنما الهالك أن يحدث أحدكم بشيء منه لا يحتمله , فيقول والله ما كان هذا , والله ما كان هذا , والانكار هو الكفرُ (1) .
س 100/ متى تُترك التقية عند علماء الشيعة ؟ .
ج/ التقية ملازمة للشيعي ما دام في ديار المسلمين , فعلماء الشيعة يُسمُّون دار الإسلام : دار التقية ؟ رووا : والتقية في دار التقية واجبة (2) .
ويُسمُّون دار الإسلام أيضاً : بدولة الباطل ؟ .
رووا : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر , فلا يتكلم في دولة الباطل إلا بالتقية (3) .
ويُسمون دار الإسلام أيضاً : بدولة الظالمين ؟ .
رووا : التقية فريضة واجبة علينا في دولة الظالمين , فمن تركها فقد خالف دين الإمامية وفارقه (4) , وأوجبوا معاشرة أهل السنة بالتقية (5) .
تناقض :
لقد رووا : فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا (6) , لماذا ؟ .
__________
(1) الكافي ج1/401 , وبحار الأنوار ج2/189 , وبصائر الدرجات ص20 , والخرائج والجرائح للراوندي ج2/792 .
(2) جامع الأخبار ص110 , بحار الأنوار ج75/411 .
(3) جامع الأخبار ص110 , بحار الأنوار ج75/412 .
(4) بحار الأنوار ج75/421 .
(5) وسائل الشيعة ج11/470 .
(6) أعلام الورى للطبرسي ص408 , وإكمال الدين ص210 , ووسائل الشيعة ج11/465 , وانظر : أصول الكافي ج1/217 .(9/178)
أجاب شيخهم المعاصر محمد باقر الصدر لأنَّ تركها يؤدي : إلى بطء وجود العدد الكافي من المخلصين الممحصين , الذين يُشكل وجودهم أحد الشرائط الأساسية للظهور (1) .
س 101/ لماذا نُشاهد بعض الشيعة يُصلِّي خلف أئمة المسجد الحرام والمسجد النبوي ؟ .
ج/ أصدر علماء الشيعة هذه الرواية : من صلَّى معهم في الصف الأول , فكأنما صلَّى مع رسول الله في الصف الأول (2) .
وعلَّق إمامهم الخميني بقوله : ولا ريب أنَّ الصلاة معه - صلى الله عليه وسلم - صحيحة ذات فضيلة جمة , فكذلك الصلاة معهم حال التقية (3) .
ورووا : من صلَّى خلف المنافقين بتقية , كان كمن صلَّى خلف الأئمة (4) .
س 102/ هل ما زالت التقية تؤدِّي دورها الخطير في المذهب الشيعي ؟ .
ج/ نعم , لا يزال الأثر العملي للتَقِيَّة يؤدي دوره الخطير في جوانب عديدة منها :
أولاً : أن عقيدة التَقِيَّة استغلها دعاة التفرقة بين الأمة والزندقة من شيعتهم , استغلوها لإبقاء الخلاف بين المسلمين , وذلك برد الأحاديث الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , والآثار المنقولة عن أئمتهم الموافقة لها , ردُّوها بحجة أنها تَقِيَّة لموافقتها لما عند أهل السنة ؟ .
__________
(1) تاريخ الغيبة الكبرى لمحمد باقر الصدر ص353 .
(2) بحار الأنوار ج75/421 .
(3) رسالة في التقية ص108 .
(4) جامع الأخبار ص110 , ومن غرائبهم : أنَّ من مبطلات الصلاة عندهم , وضع اليد اليمنى على اليسرى حال القيام , إلا عن تقية ( تحرير الوسيلة ج1/280 للخميني ) .(9/179)
فمثلاً الأحاديث الواردة في الثناء على الصحابة - رضي الله عنهم - , قالوا بأنها تَقِيَّة ... وتزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - لابنتيه من عثمان بن عفان وأبي العاص بن الربيع - رضي الله عنهم - أجمعين , تَقِيَّة , وتزويج علي ابنته أم كلثوم لعمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - , تَقِيَّة ..... (1) .
ثانياً : جعل علماؤهم عقيدتهم في التَقِيَّة هي المخرج من الاختلافات والتناقض في أخبارهم وأحاديثهم , فإنَّ ظاهرة التناقض في أحاديثهم كانت أقوى الدلائل على أنها من عند غير الله تعالى : ? ? - الله الله أكبر ? - - - الله ?? - - الله الله الله أكبر - الله - الله - الله ? - الله ? - - ?? - - ? - ? - - صدق الله العظيم ? - ? الله ? الله ? - الله } ??- جل جلاله -? - جل جلاله - - ?- جل جلاله -? - } صدق الله العظيم - الله أكبر الله الله أكبر ?? - ?- جل جلاله - - - - المحتويات - ? - - الله - الله ? - ? - جل جلاله -? - - جل جلاله -? - - الله أكبر الله أكبر ? - الله أكبر الله أكبر - ?- جل جلاله - - { الله أكبر الله أكبر - - - - - } - - جل جلاله - - الله } ? } - - { .
ولقد كشف شيخهم هاشم البحراني : ما يُعانيه الشيعة من الحيرة والاظطراب في روايات أئمتهم , وبأي الأقوال يأخذون , أو يتوقفون , أو يُخيِّرون أتباعهم , أم ماذا يفعلون بهذه الروايات المتعارضة المتناقضة , فجَعلت التقية كما يقول البحراني : مناط الأحكام لا تخلو من شوب وريب وتردد , لكثرة الاختلافات في تعارض الأدلة , وتدافع الأمارات (2) .
القاصمة :
__________
(1) فروع الكافي الذي بهامش مرآة العقول ج2/10 .
(2) درة نجفية للبحراني ص61 .(9/180)
لقد كان الاختلاف الكثير في أخبار علماء الشيعة من أسباب ترك كثير من الشيعة للتشيع , بل وحتى من علمائهم , كما اعترف بذلك شيخهم الطوسي في زمنه فكيف بزماننا الآن ... ؟؟؟ .
ولقد تألم الطوسي لِمَا آلت إليه أحاديثهم من الاختلاف والتباين والمنافاةِ والتضادِّ , حتى لا يكاد يتفقُ خبرٌ إلا وبإزائه ما يضادُّهُ , ولا يسلمُ حديثٌ إلا وفي مقابلته ما يُنافيه , حتى عدَّ مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا .. (1) .
وكذلك اشتكى أيضاً شيخهم الفيض الكاشاني من اختلاف طائفته فقال : تراهم يختلفون في المسألة الواحدة على عشرين قولاً , أو ثلاثين قولاً , أو أزيد , بل لو شئتُ أقول : لم تبق مسألة فرعية لم يختلفوا فيها , أو في بعض متعلقاتها (2) .
ثالثاً : قال علماؤهم كما تقدم بعصمة الأئمة , وأنهم لا ينسون ولا يسهون ولا يخطئون , مع أنَّ كتبهم المعتمدة حفظت ما يخالف ذلك , فقال علماؤهم حينئذ بالتَقِيَّة , للمحافظة على دعواهم عصمة أئمتهم , تلك العصمة التي بسقوطها يسقط المذهب الشيعي بأكمله .
رابعاً : انبثق من عقيدتهم في التَقِيَّة , مبدأ وجوب مخالفة أهل السنة وأنَّ فيه الهداية , وأنَّ ما ورد عن أئمتهم من موافقة أهل السنة , إنما هو من باب التَقِيَّة ؟ .
رووا عن أبي عبدالله ? : إذا ورد عندكم حديثان مختلفان , فخذوا بما خالف القوم (3) .
وفي رواية : فخذوا بأبعدهما من قول العامة أي أهل السنة (4) .
__________
(1) تهذيب الأحكام للطوسي , المقدمة 2-3 ج1/2 , ومستدرك الوسائل للنوري ج3/719 , والذريعة ج4/504 .
(2) الوافي المقدمة ص9 .
(3) أي : أهل السنة , انظر : بحار الأنوار ج2/233 , ووسائل الشيعة ج27/118 .
(4) جوابات أهل الموصل للمفيد ص14 .(9/181)
فعلامة إصابتهم للحق هو مخالفة ما عليه أهل السنة , حتى ولو وافق قول أهل السنة القرآن الكريم وكلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - , كما هو واضحٌ في اعتقاد علماء المذهب الشيعي ؟؟ .
س 103/ ما هي الرجعة , ولمن تكون , وما عقيدة علماء الشيعة فيها ؟ .
ج/ الرجعة هي : رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة , وعودتهم إلى الحياة بعد الموت , في صورهم التي كانوا عليها (1) .
والراجعون إلى الدنيا في اعتقادهم هم :
النبيُّ الخاتم , وسائر الأنبياء , والأئمة المعصومون , ومن محَّض في الإسلام , ومن محَّض في الكفر دون الطبقة الجاهلية , المعبَّر عنها بالمستضعفين (2) .
وأما عن عقيدتهم فيها :
فقد قال المفيد : واتفقت الإمامية : على وجوب رجعة كثير من الأموات (3) .
وأصدروا هذه الرواية : ليس منا من لم يؤمن بكرتنا (4) .
ونقل شيخهم المجلسي أنهم : أجمعوا على القول بها في جميع الأعصار (5) .
بل هي من ضروريات مذهبهم (6) .
__________
(1) أوائل المقالات للمفيد ص51 و95 .
(2) دائرة المعارف العلوية لجواد تارا ج1/253 .
(3) أوائل المقالات ص51 .
(4) من لا يحضره الفقيه ج3/291 , ووسائل الشيعة ج7/438 , وتفسير الصافي ج1/347 , وعقائد الاثني عشرية ص240 .
(5) بحار الأنوار ج53/92 .
(6) عقائد الاثني عشرية للزنجاني ص239 , والايقاظ من الهجعة ص60 .(9/182)
وقال الطبرسي والحر العاملي وابن المظفر وغيرهم : بأنَّ الرجعة موضع إجماع جميع الشيعة الإمامية (1) , وقد حكم علماء الشيعة على أنَّ منكر الضروري عندهم : أنه كافر (2) !! .
التعليق :
__________
(1) مجمع البيان ج5/252 لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي المتوفى سنة 548هـ , والإيقاظ من الهجعة للعاملي ص33 , وتفسير نور الثقلين لعبدالله بن جمعة الحويري ج4/101 , وبحار الأنوار ج53/123 , وعقائد الإمامية ص113 .
(2) انظر مثلاً : الاعتقادات للمجلسي ص90 , ومهذب الأحكام للسيزواري ج1/388-393 , والشيعة في الميزان ص14 .(9/183)
لقد أبطل الله تعالى الرجعة بقوله : ? - عليه السلام - - ? بسم الله الرحمن الرحيم - - الله أكبر الله - - - - - تمهيد - - ? - - الله أكبر الله - - ? - ? الله - الله - - - - ? - ?? الله أكبر الله ? - ? - - الله ? - الله الله أكبر ? - - - الله } - ?? - ?- جل جلاله - - صدق الله العظيم } - - } - - { ?? بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله -? الله ? - ? - ? الله ? صدق الله العظيم ? - - - - - - - جل جلاله -? - الله أكبر الله أكبر الله ? - الله ? - - جل جلاله -? - ? - صدق الله العظيم } الله - الله الله أكبر - - - - ? - - ? - الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? تمهيد - - - ? الله ?- جل جلاله -? - ? الله ? - ? - - الله ? الله أكبر ? تمهيد - ? - - الله الله أكبر ? ?- جل جلاله -? الله ? ? - ? تمهيد - ? - - الله } الله ? - ? - الله } ? - الله أكبر الله الله أكبر - - عليه السلام -? - ? - تمهيد - - جل جلاله - - ?? الله أكبر الله الله أكبر ? الله ?? - الله أكبر - الله ? صدق الله العظيم الله أكبر - - الله أكبر ? ? - وقال تعالى : ( ( بسم الله الرحمن الرحيم - - - صلى الله عليه وسلم - - } - (- صلى الله عليه وسلم -- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ( - - - - - عليه السلام - - ( - فهرس - ( - - صلى الله عليه وسلم - - المحتويات ( - فهرس - ( تمهيد - - - (( } تم بحمد الله ( تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( { ( - - - ( المحتويات ( - } - - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - ( - - - ( { - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - ( - - رضي الله عنه - - (((( ( .(9/184)
س 104/ لماذا يُرجع جميع الأنبياء والمرسلين في اعتقاد علماء المذهب الشيعي ؟ .
ج/ لكي يُصبحوا جنوداً يُقاتلون تحت راية علي - رضي الله عنه - ؟! رووا لم يبعث الله نبياً ولا رسولاً إلا ردَّ جميعهم إلى الدنيا , حتى يُقاتلوا بين يدي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين - عليه السلام - (1) .
س 105/ متى يكون حساب الخلق يوم القيامة , ومن الذي يتولى الحساب في اعتقادهم ؟ .
ج/ يكون قبل يوم القيامة !! قال أبو عبدالله : إنَّ الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة : الحسين بن علي - عليه السلام - , فأما يوم القيامة , فإنما هو بعث إلى الجنة , وبعث إلى النار (2) .
تعارض :
قال تعالى : ? ?? تمهيد - - ?? - ? - - - الله { - جل جلاله - - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - عليه السلام -? - ? الله ? - ? الله - جل جلاله - الله أكبر الله أكبر - الله } ?? الله أكبر - ? الله ?? - - - ? { الله أكبر ? - - ? } - - - { ? الله الله ? الله أكبر - الله الله ? تمهيد - - - الله ? الله أكبر صدق الله العظيم - - ? الله ? ? - ? الله - - - الله أكبر { - جل جلاله - - ? } - تمهيد { .
س 106/ من أول من قال بالرجعة , وكيف دخلت هذه العقيدة على المذهب الشيعي ؟ .
ج/ هو المؤسس الأول للمذهب الشيعي : عبدالله بن سبأ اليهودي , كما نطقت بذلك كتبهم , حيث قال برجعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ .
__________
(1) بحار الأنوار ج53/41 .
(2) بحار الأنوار ج53/43 .(9/185)
ثم تحوَّل الأمرُ إلى القول برجعة أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - , فلمَّا بلغه نعي أمير المؤمنين عليٌ - رضي الله عنه - قال للذي نعاه : كذبت , لو جئتنا بدماغه في سبعينَ صُرَّة , وأقمت على قتله سبعين عدلاً لعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل , ولا يموت حتى يملك الأرض ... (1) .
ثم تطوَّر الأمر أيضاً حتى قالت أكثر فرق المذهب الشيعي , والبالغة أكثر من ثلاثمائة فرقة , برجعة إمامها ! .
فمثلاً فرقة من الكيسانية , ينتظرون الإمام محمد بن الحنفية - رضي الله عنه - , ويزعمون أنه حيٌ محبوسٌ بجبل رضوى إلى أن يُؤذن له بالخروج ! .
وكذا فرقة المحمدية ينتظرون إمامهم : محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - , ولا يصدقون بقتله ولا بموته (2) .
س 107/ ما هو البداء , وما عقيدة علماء الشيعة فيه , ومن هو أول من قال به منهم ؟ .
ج/ البداء في اللغة عند شيخهم المجلسي له معنيان : الأول : الظهور والانكشاف , الثاني : نشأة الرأي الجديد (3) والبداء في الأصل عقيدة يهودية ضالة ! ؟ ومع ذلك فإن اليهود يُنكرون النسخ , لأنه في اعتقادهم يستلزم البداء (4) .
وانتقل الاعتقاد في البداء : إلى فرق السبئية من الشيعة , فكلهم يقولون بالبداء , إن الله تبدو له البداوات (5) تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
والقول بالبداء من أصول عقائد الشيعة :
__________
(1) المقالات والفرق لسعد القمي ص21 , والنوبختي في فرق الشيعة ص20 .
(2) المقالات والفرق للقمي ص27-43 .
(3) بحار الأنوار ج4/114-122 .
(4) انظر : سفر التكوين , الفصل السادس , فقرة : 5 , وسفر الخروج , الفصل 32 , فقرة 12-14 , وسفر قضاة الفصل الثاني فقرة 18 , وغيرها كثير , وانظر : مسائل الإمامة لعبدالله الناشئ الأكبر ص75 .
(5) أبو الحسين الملطي في التنبيه والرد ص19 .(9/186)
عن أبي عبدالله قال : ما عُبد الله بشيء , مثل البداء (1) ولو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر , ما فتروا من الكلام فيه ... (2) .
وهي موضع اتفاق بين علماء الشيعة :
حيث : اتفقوا على إطلاق لفظ البداء في وصف الله تعالى (3) .
وَتَحَمَّلْ أخي المسلم : قراءة ما نسبوه إلى الإمام أبي الحسن من قوله : بدا لله في أبي جعفر ع ما لم يكن يعرف .. (4) .
التعليق :
__________
(1) أصول الكافي : كتاب التوحيد , باب البداء , وذكر فيه : ستة عشر حديثاً منسوبة للأئمة ج1/146 , وبحار الأنوار ج4/107 كتاب التوحيد : باب البداء , وذكر فيه سبعين حديثاً , والتوحيد لابن بابويه , باب البداء ص332 .
(2) الكافي ج1/148 , وبحار الأنوار ج4/108 , والتوحيد لابن بابويه القمي الملقب بالصدوق ص334 .
(3) أوائل المقالات للمفيد ص46و51 .
(4) أوائل المقالات للمفيد ص46و51 .(9/187)
يا علماء الشيعة : ( - } تم بحمد الله ( - ( - - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - - - ( - - - جل جلاله - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (((( ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - { فهرس - - } - ( - - - عليه السلام - قرآن كريم ((- صلى الله عليه وسلم - - (((( ( بسم الله الرحمن الرحيم - - - صلى الله عليه وسلم - - } - (- صلى الله عليه وسلم -- رضي الله عنه - - - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - رضي الله عنه - - فهرس - - رضي الله عنهم - } ( - - - - رضي الله عنهم -(( - - رضي الله عنهم - - - المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم (- رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - - - { - - - رضي الله عنه - - (( (((( - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - { ( - - - - صدق الله العظيم ( - - (( - - جل جلاله - - قرآن كريم ( الله أكبر - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - { { ( - } ( - - - - } صدق الله العظيم - - عليه السلام - - ( - (((( ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ( - - رضي الله عنه - - - عليه السلام - - - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ((( - - } - - - - جل جلاله - - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - الله أكبر (((( { المحتويات ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - ( - - ((( - - { - - (( ( المحتويات ( تمهيد ( - ( - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - } صدق الله العظيم - - رضي الله عنه - - ( - ( { (((( ( - - - - عليه السلام -- صلى الله(9/188)
عليه وسلم - - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - عليه السلام -(( - - } - - - الله ( - - - ( - (((( } - قرآن كريم ( - ( - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - { - ( { ( تم بحمد الله الله - ( - ( - - } صدق الله العظيم - - رضي الله عنهم -((( (((( ( .
إنَّ عقيدتكم هذه والتي تقولون : بأنه لم يُعبد الله بمثلها ... تستلزم وصفكم الله تعالى بالجهل , تعالى الله عن ذلك , أمَّا عن وصفكم يا علماء الشيعة لأئمتكم : فافتريتم أنَّ أبا عبدالله ع قال : إنَّ الإمام إذا شاء أن يَعلم عَلِمَ (1) .
القاصمة :
روى ابن بابويه عن منصور بن حازم قال : سألت أبا عبدالله : هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله تعالى بالأمس ؟ قال : لا , من قال هذا فأخزاه الله , قلت : أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله , قال : بلى قبل أن يخلق الخلق (2) .
وحسب علماء الشيعة عاراً وفضيحة , أن ينسبوا إلى الله جل وعلا هذه العقيدة , على حين أنهم يبرؤون ويُنزهون منها أئمتهم , نسأل الله العافية .
س 108/ ما سبب قولهم بعقيدة البداء , مع مخالفتها للنقل من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة ؟ .
__________
(1) أصول الكافي في كتاب الحجة ج1/258 .
(2) أصول الكافي ج1/148 رقم 10 .(9/189)
ج/ قال شيخهم سليمان بن جرير : إنَّ أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين لا يظهرون معهما من أئمتهم على كذبهم أبداً , وهما القول بالبداء , وإجازة التقية , فأما البداء : فإنَّ أئمتهم لما أحلوا أنفسهم من شيعتهم محل الأنبياء عليهم السلام من رعيتها في العلم فيما كان ويكون , والإخبار بما يكون في الغد , وقالوا لشيعتهم : إنه سيكون في غد وفي غابر الأيام : كذا وكذا , فإن جاء ذلك الشيء على ما قالوه , قالوا لهم : ألم نعلمكم أن هذا يكون , فنحن نعلم من قبل الله عز وجل ما علمه الأنبياء , وإن لم يكن ذلك الشيء الذي أخبروا به على ما قالوا , اعتذروا لشيعتهم بقولهم : بدا لله في ذلك (1) .
فمثلاً : زعم علماء الشيعة لأئمتهم علم الآجال والأرزاق والبلايا والأعراض والأمراض , ويشترط لهم فيه البداء (2) , فالبداء حيلة ليستروا به كذبهم إذا أخبروا خلاف الواقع .
وقد أمر علماء الشيعة أتباعهم بمقتضى هذه العقيدة , بالتسليم بالتناقض والاختلاف والكذب , فرووا أنَّ إمامهم عندما أخبر بخلاف الواقع , قال : إذا حدثناكم بشيء فكان كما نقول , فقولوا : صدق الله ورسوله , وإن كان بخلاف ذلك فقولوا : صدق الله ورسوله تؤجروا مرتين .. (3) .
س 109/ ما هي عقيدة علماء الشيعة في الغيبة , ومن أول من أحدثها ؟ .
ج/ قال شيخهم عبدالله فياض : الغيبة من العقائد الأساسية عند الإمامية (4) .
فعلماء الشيعة يعتقدون : أن الأرض لا تخلوا من إمام لحظة واحدة !! .
روى شيخهم الكليني عن أبي عبدالله ع قال : لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت (5) .
__________
(1) المقالات والفرق لسعد القمي ص78 , وفرق الشيعة للنوبختي ص65 .
(2) تفسير القمي ج2/290 , بحار الأنوار ج4/101 .
(3) تفسير القمي ج1/310-311 , بحار الأنوار ج4/99 .
(4) تاريخ الإمامية ص165 .
(5) الكافي ج1/179 .(9/190)
ورووا : عن أبي جعفر ع قال : لو أنَّ الإمام رُفع من الأرض ساعة , لماجت بأهلها , كما يموج البحر بأهله (1) .
وذلك أن الإمام عندهم هو الحجة على أهل الأرض (2) , فلا حجة عندهم سواه , حتى كتاب الله تعالى , ليس حجة بدون الإمام لأن القرآن لا يكون حجة إلا بقيِّم (3) .
والقيِّم : هو أحد أئمتهم الاثني عشر كما هو معلوم من نصوصهم العقدية .
وأول من أحدثها باعتراف علماء الشيعة : إمامهم الأول : عبدالله بن سبأ اليهودي , الذي قال بالوقف على علي - رضي الله عنه - وغيبته (4) .
س 110/ ولنا أن نسأل علماء الشيعة فنقول : أين إمامكم اليوم ؟ .
ج/ لقد توفي الحسن العسكري إمامهم الحادي عشر سنة 260هـ بلا عقب (5) .
واعترفت كتبهم الشيعية بأنه : لم يُرَ له خلف , ولم يُعرف له ولدٌ ظاهر , فاقتسم ما ظهر من ميراثه أخوه جعفر وأمه (6) .
واضطرب علماء شيعتهم بعد وفاة الحسن بلا ولد , وتفرَّقوا فيمن يخلفه فرقاً شتى حتى بلغوا : أربع عشرة فرقة كما قاله النوبختي (7) , والمفيد (8) , أو خمسة عشر فرقة أو أكثر كما قاله القمي (9) , أو إلى عشرين فرقة كما قاله المسعودي (10) .
__________
(1) بحار الأنوار ج23/34 .
(2) الكافي ج1/188 , والخرائج والجرائح للراوندي ج1/115 , والفضائل لشاذان ص73 , وقرب الإسناد للحميري ص132 .
(3) الكافي ج1/168و188 , ووسائل الشيعة ج27/176 , وبحار الأنوار ج23/17 , وعلل الشرائع للقمي ج1/192.
(4) المقالات والفرق للقمي ص19-20 , وفرق الشيعة للنوبختي ص22 .
(5) كتاب الغيبة للطوسي ص258 .
(6) المقالات والفرق للقمي ص102 , وفرق الشيعة للنوبختي ص96 .
(7) فرق الشيعة ص96 .
(8) الفصول المختارة للمفيد ص258 , يتحدث فيه مؤلفه عن حواراته مع أهل السنة بزعمه .
(9) المقالات والفرق ص102 .
(10) مروج الذهب ج4/190 .(9/191)
حتى إنَّ بعض علمائهم قال : إنَّ الإمامة قد انقطعت ... (1) .
وقيل : قد بطلت بعد الحسن وارتفعت الإمامة (2) .
وكاد أن يكون موت الحسن بلا عقب , نهاية المذهب الشيعي والشيعة والتشيع , حيث سقط عموده وهو : الإمام .
ولكنَّ ( فكرة غيبة الإمام ) كانت هي القاعدة التي قام عليها كيانهم بعد أن تصدَّع , وأمسك بنيانهم عن الانهيار أمام عوامهم , لهذا أصبح الإيمان بغيبة ( ابن للحسن العسكري ) هو المحور الذي تدور عليه عقائدهم , ودان بذلك أكثر شيعتهم بعد التخبط والاضطراب , فلم يكن لعلماء الشيعة ملجأ إلا ذلك , أي إلا فكرة القول بغيبة الإمام حفاظاً على دسائسهم في مذهبهم الشيعي من الانهيار ؟؟ .
وإذا كان شيخ شيوخ الشيعة الأول :
ابن سبأ اليهودي , هو الذي وضع عقيدة ( النص على علي - رضي الله عنه - بالإمامة ) التي هي أساس تشيعهم ؟ .
فإن هناك ابن سبأ آخر , هو الذي وضع البديل ( لفكرة الإمامة ) بعد انتهائها حسياً بانقطاع نسل الحسن , أو أنه واحد من مجموعة وضعت هذه الفكرة , لكنه هو الوجه البارز لهذه الدعوى , هذا الرجل هو : أبو عمر عثمان بن سعيد العمري الأسدي العسكري , المتوفى سنة 280 (3) زعم : أنَّ للإمام الحسن ولداً قد اختفى وعمره أربع سنوات (4) .
وقال شيخهم المجلسي : أكثر الروايات على أنه أقل من خمس سنين بأشهر , أو بسنة وأشهر (5) ؟! .
__________
(1) المقالات والفرق للقمي ص108 , وكتاب الغيبة للطوسي ص135 .
(2) بحار الأنوار ج37/21 , والفصول المختارة ص320 .
(3) الغيبة للطوسي ص 214 .
(4) الغيبة للطوسي ص258 .
(5) بحار الأنوار ج25/103و123 .(9/192)
على الرغم من أن هذا الولد كما تعترف كتبهم الشيعية , لم يظهر في حياة أبيه الحسن ولا عرفه الجمهور بعد وفاته (1) , ولكنَّ هذا الرجل ( أي عثمان ) هو الذي يزعم أنه يعرفه , وأنه وكيله في استلام أموال شيعتهم والإجابة عن أسئلتهم ؟ .
ومن الغريب أنَّ علماء الشيعة يزعمون أنهم لا يقبلون إلا قول معصوم , حتى إنهم رفضوا الإجماع بدون المعصوم , وها هم يقبلون في أهم عقائدهم الشيعية دعوى رجل غير معصوم , وقد ادَّعى مثل دعواه آخرون , وكل منهم يزعم أنه الباب للغائب , وكان النزاع بين هؤلاء المرتزقة شديداً , وكل واحد منهم يُخرج توقيعاً , يزعم أنه صدر من الغائب المنتظر , يلعن فيه الآخرين ويكذبهم , وقد ذكر بعضهم الطوسي في مبحث بعنوان : ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية لعنهم الله (2) .
بل لقد رفض عثمان ومن معه : البوح باسم هذا الولد المزعوم , أو ذكر مكان وجوده – وذلك في بادئ الأمر – فعن أبي عبدالله الصالحي قال : سألت أصحابنا بعد مضي أبي محمد الحسن العسكري , أسأل عن الاسم والمكان , فخرج الجواب : إنْ دللتم على الاسم أذاعوه , وإن عرفوا المكان دلوا عليه (3) .
وقد روى الكليني : صاحب هذا الأمر , لا يُسميه باسمه إلا كافر ولما قيل : كيف نذكره ؟ قال قولوا : الحجة من آل محمد صلوات الله وسلامه (4) .
ويبدوا أن عملية كتمان اسمه ومكانه , ما هي إلا محاولات لستر هذا الكذب , إذ كيف يأمر علماؤهم بكتمانه وهم أنفسهم يقولون : من لم يعرف الإمام , فإنما يعرف ويعبد غير الله (5) .
__________
(1) الارشاد للمفيد ص345 .
(2) الغيبة للطوسي ص244 .
(3) الكافي للكليني ج1/181 .
(4) أصول الكافي ج1/333 .
(5) أصول الكافي ج1/333 .(9/193)
وعقيدة الغيبة كما نادى بها عثمان , نادى بها من بعده ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان ( ت304هـ أو 305هـ ) فانقسم الشيعة عدَّة انقسامات , فلعن بعضهم بعضاً , وتبرأ بعضهم من بعض , وكان السبب : هو الطمع في جمع الأموال (1) , ثم عيَّن محمد بن عثمان من بعده أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي , فأحدث هذا التعيين نزاعاً كبيراً بين المرتزقة , فانفصلوا وكثر التلاعن بينهم (2) .
وأخيراً وقطعاً للنزاع :
أوصى ابن روح بالبابية لعليِّ بن محمد السمري (3) .
واستمرَّ السمري في منصبه ثلاث سنوات , وأدركته : الخيبة , وشعر بتفاهة منصبه كوكيل معتمد للإمام الغائب , فلما قيل له وهو على فراش الموت , من وصيك من بعدك ؟ قال : لله أمر هو بالغه (4) .
وتُسمَّى فترة نيابة هؤلاء الأربعة عن المهدي الغيبة الصغرى .
وقد طوَّر علماء الشيعة عقيدة الغيبة , فبدلاً من أن تكون بيد واحد من علماء شيعتهم يلتقي بالإمام مباشرة , أعلنوا انقطاع الصلة المباشرة بالمهدي , وأصدرت الدوائر الاثنا عشرية توقيعاً منسوباً للمنتظر الموهوم , بأنَّ : كل مجتهد شيعي هو نائب عن الإمام , يقول التوقيع : وأما الحوادث الواقعة , فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا , فإنهم حجتي عليكم , وأنا حجة الله (5) .
ولماذا فعلوا ذلك ونسبوه للباب السمري ؟ .
__________
(1) الغيبة للطوسي ص245 .
(2) الغيبة للطوسي ص241 .
(3) بحار الأنوار ج51/107-108 و343 و345 و347-348 و352 و362 وج74/198 , والغيبة للطوسي ص244 .
(4) الغيبة للطوسي ص242 .
(5) مرآة العقول للمجلسي ج4/55 , ووسائل الشيعة للعاملي ج18/101 .(9/194)
قال أحد النواب عن المهدي وهو شيخهم أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني : ما دخلنا مع أبي القاسم الحسين بن روح في هذا الأمر , إلا ونحن نعلم فيما دخلنا فيه , فلقد كنا نتهارش على هذا الأمر , كما تتهارش الكلاب على الجيف (1) .
نعم , إنَّ مسألة ( غيبة الإمام ) وهي من أركان مذهبهم الشيعي , من المسائل التي حيَّرت كثيراً من علماء شيعتهم , لشكهم في أمره وطول غيبته , وانقطاع أخباره , وحُقَّ لهم ذلك ؟ .
يقول شيخهم ابن بابويه القمي : رجعت إلى نيسابور , وأقمت فيها فوجدت أكثر المختلفين عليَّ من الشيعة قد حيَّرتهم الغيبة , ودخلتْ عليهم في أمر القائم - عليه السلام - الشبهة ... (2) .
أيها القارئ المنصف العاقل :
هذا الشك في أمر منتظرهم في عصر شيخهم ابن بابويه القمي ( ت 381هـ ) فكيف يكون الشك الآن بعد مضي هذه القرون الطويلة ؟ .
س 111/ بماذا يُعلِّل علماء الشيعة سبب غيبة مهديهم المزعوم ؟ .
ج/ يعللون غيبته بأنه : يخاف القتل !! (3) .
وعن زرارة قال : إنَّ للقائم غيبة قبل ظهوره , قلت : لم ؟ , قال : يخاف القتل (4) .
التعليق :
كيف يقولون هذا الافتراء !! وهم يُلزمون عوامهم بأن يعتقدوا بأنَّ أئمتهم يعلمون متى يموتون , بل وكيف يموتون , بل ولا يموتون إلا باختيار منهم (5) .
وإذا كان منتظركم قد اختفى لخوفه على نفسه ! .
__________
(1) بحار الأنوار للمجلسي ج51/267-368 , وكتاب الغيبة للطوسي ص213-241 و391-392 .
(2) إكمال الدين وتمام النعمة لابن بابويه القمي ص2 , وبحار الأنوار للمجلسي ج1/73 .
(3) أصول الكافي ج1/337-338 .
(4) بحار الأنوار ج52/97 , وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج11/109 , وكتاب الغيبة للطوسي ص329 .
(5) انظر : أصول الكافي ج1/258 .(9/195)
فلم لم يظهر ساكن السرداب , ويُعلن نفسه عندما استولى آل بويه الشيعة على بغداد , وصيَّروا خلفاء بني العباس طوع أمرهم , وأزالوا بسيوف يأجوج ومأجوج دولة الإسلام , فهل كانت تلك الفرصة غير صالحة لأن يعجل الله فرجه ؟ .
لم لم يظهر عندما قام الشاه إسماعيل الصفوي , وأجرى من دماء أهل السنة أنهاراً ؟ .
لم لم يظهر عندما كان كريمخان الزندي , وهو من أكابر سلاطين إيران , يضرب على السكة اسم إمامهم ( صاحب الزمان ) ويعدُّ نفسه وكيلاً عنه ؟ .
لم لم يظهر اليوم وقد قامت دولة إمامهم الخميني , الذي يزعم النيابة عن المعصوم في كل شيء ؟!! .
وبعد , فلم لم يظهر حتى اليوم , وقد كمل عدد الشيعة أكثر من مائتي مليون (1) وأكثرهم من منتظريه ؟!! .
وكيف عاش هذه المدة الطويلة , ولَمَّا لم يمت حتى الآن , وإمامهم علي الرضا قال له رجل : إنَّ قوماً وقفوا على أبيك , ويزعمون أنه لم يمت , قال : كذبوا , وهم كفار بما أنزل الله عز وجل على محمد - صلى الله عليه وسلم - , ولو كان الله يمدُّ في أجل أحد , لَمَدَّ الله في أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2) .
س 112/ ما حكم علماء المذهب الشيعي فيمن أنكر خروج القائم ؟ .
ج/ رووا أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من أنكر القائم من ولدي فقد أنكرني (3) .
وقال شيخهم ابن بابويه القمي : ومثل من أنكر القائم - عليه السلام - في غيبته , مثل إبليس في امتناعه عن السجود لآدم (4) .
وقال لطف الله الصافي : والأخبار الواردة في فضيلة الانتظار كثيرة متواترة (5) .
وانتظار خروجه من غيبته من أصول دينهم :
__________
(1) الحكومة الإسلامية ص132 .
(2) رجال الكشي ص458 .
(3) بحار الأنوار ج51/73 .
(4) إكمال الدين ص13 .
(5) منتخب الأثر 499 .(9/196)
رووا أنَّ أبا جعفر قال : والله لأعطينك ديني ودين آبائي الذي ندين الله عز وجل به , شهادة أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله ص , والاقرار بما جاء به من عند الله , والولاية لولينا , والبراءة من عدونا , والتسليم لأمرنا , وانتظار قائمنا , والاجتهاد , والورع (1) .
س 113/ ما الفائدة التي جناها علماء الشيعة من اختراعهم : لعقيدة الغيبة ؟ .
ج/ الفائدة الكبرى هي : ارتداد أكثر شيعتهم عن دينهم ؟ .
لا تستغرب أيها القاريء , فهذا ليس من كلامي , ولكنه موجود في جفرهم المقدَّس ! حيث قال أحد أصحاب إمامهم جعفر الصادق : تأملتُ فيه مولد قائمنا , وغيبته , وإبطاءه , وطول عمى وبلوى المؤمنين من بعده في ذلك الزمان , وتولد الشكوك في قلوب الشيعة من طول غيبته , وارتداد أكثرهم عن دينه .. (2) .
س 114/ متى تجب صلاة الجمعة عند علماء الشيعة ؟ .
ج/ لا تجب حتى يخرج مهديهم من سردابه لكي يصلي بهم (3) ؟ .
واعترف بذلك بعض شيوخهم فقال : إنَّ الشيعة من زمان الأئمة كانوا تاركين للجمعة (4) .
س 115/ هل يجوز الجهاد قبل خروج مهدي علماء الشيعة ؟ .
ج/ رووا : القتال مع غير الإمام المفترض طاعته , حرام مثل الميتة , والدم ولحم الخنزير (5) .
س 116/ إذاً ما حكم المجاهدين الذين فتحوا بلاد الكفار على مرِّ التاريخ ؟ .
__________
(1) الكافي ج2/21-22 .
(2) كتاب الغيبة للطوسي ص105-106 .
(3) مفتاح الكرامة , كتاب الصلاة ج2/69 , وتحرير الوسيلة للخميني ج1/131 .
(4) نقل ذلك شيخهم الخالصي في كتابه الجمعة ص131 .
(5) فروع الكافي للكليني ج1/334 , وتهذيب الأحكام للطوسي ج2/45 , ووسائل الشيعة للعاملي ج11/32 .(9/197)
ج/ قال إمامهم : الويل يتعجلون , قتلة في الدنيا , وقتلة في الآخرة , والله ما الشهيد إلا شيعتنا , ولو ماتوا على فرشهم (1) .
س 117/ ما عقيدة علماء الشيعة فيما سيفعله إمامهم الثاني عشر المزعوم عند خروجه ؟ .
ج/ 1- الانتقام من أبي بكر وعمر وعائشة - رضي الله عنهم - :
لقد صرَّح علماء الشيعة بأن مهديهم المنتظر , يُحيي أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما , ثمَّ يصلبهما على جذع نخلة .
ويقتلهما كلَّ يوم ألف قتلة (2) , قالوا : ويُحَرِّق قائمهم الشيخان , وينسفهما في اليمِّ نسفاً , كما فعل موسى - صلى الله عليه وسلم - بالعجل , بل ويقتل كلَّ من أحبهما , ويُصنِّفون الأدعية التي يُدعى بها قائمهم المزعوم كلَّ يوم لكي يخرج , فينتقم منهما (3) .
وقال المجلسي : إذا ظهر المهديُّ , فإنه سيُحيي عائشة , ويُقيم عليها الحدَّ (4) .
2- وضع السيف في العرب :
روى النعماني : عن أبي عبدالله - عليه السلام - : ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح (5) .
وروى أيضاً : عن أبي عبدالله أنه قال : اتق العرب , فإن لهم خبر سوء , أَمَا إنه لم يخرج مع القائم منهم واحد (6) , وقال الطوسي : قال ع : لا يكون هذا الأمر حتى يذهب تسعة أعشار الناس (7) .
التعليق :
__________
(1) تهذيب الأحكام للطوسي ج2/42 .
(2) إيقاظ من الهجعة للعاملي ص287 .
(3) الصراط المستقيم ج2/252 , ومختصر الدرجات ص191 , والشيعة والرجعة ص139 للطبيسي , وتفسير البرهان ج3/220 .
(4) حق اليقين للمجلسي ص347 .
(5) بحار الأنوار ج52/349 , والغيبة للنعماني ص155 .
(6) بحار الأنوار ج52/333 , والغيبة للطوسي ص284 .
(7) الغيبة للطوسي ص146 , وبحار الأنوار ج52/244 .(9/198)
أفلا آن لكم يا شيعة العرب أنْ تعلموا أنَّ الذي اخترع وأسَّسَ دينكم هو : ابن سبأ اليهودي وإخوانه من المجوس , انظروا كيف يتوعدونكم بمهديهم إذا خرج بقتلكم كلِّكم ؟ .
وانظروا إلى ما اخترعه علماؤكم حول أصول ديانتهم الحقيقية , وهي المجوسية واليهودية , حيث روى علماء شيعتكم : أنَّ أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - قال عن ملك ديانتكم كسرى : إن الله قد خلَّصه من النار , وإن النار محرَّمة عليه (1) .
ولماذا يُعمِل مهديكم المزعوم سيفه فيكم ؟ ألئن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عربي , وأمير المؤمنين - رضي الله عنه - وجميع أئمتكم عرب , أليس مهديكم المزعوم عربي .. !! أم أنه من يهود فقهاء أصبهان !!؟ .
3- هدم المسجد الحرام , والمسجد النبوي , والحجرة النبوية :
روى شيخهم المجلسي : عن أبي عبدالله ع قال : القائم ع يهدمُ المسجد الحرام , حتى يردَّه إلى أساسه , ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى أساسه .. (2) .
وعندما تأخر مهديهم المزعوم من الخروج من مخبأه , نفَّذَ القرامطة قلع الحجر الأسود في غزوهم لمكة المكرمة عام 317هـ , ولكن لم يذهبوا به إلى ( قم ) بل ذهبوا به إلى البحرين , وبقي في حوزتهم ( 22 ) سنة !! .
ولماذا ؟ وأين ستكون قبلة الناس ؟ .
روى شيخهم الفيض الكاشاني : أنَّ أمير المؤمنين ع خطب في مسجد الكوفة فقال : يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عز وجل بما لم يحبُ به أحداً من فضل , مُصلاكم بيت آدم وبيت نوح وبيت إدريس ومصلى إبراهيم .. ولا تذهب الأيام والليالي حتى يُنصب الحجر الأسود فيه (3) .
__________
(1) بحار الأنوار للمجلسي ج41/4 .
(2) بحار الأنوار ج52/338 , وكتاب الغيبة للطوسي ص282و472 .
(3) الوافي للفيض الكاشاني ج1/215 , ومن لا يحضره الفقيه لابن بابويه ج1/231-232 , ووسائل الشيعة ج5/257 .(9/199)
وزعموا قول المهدي : وأجيء إلى يثرب , فأهدم الحجرة .. (1) .
قال شيخهم وآيتهم المعاصر حسين الخراساني : إنَّ طوائف الشيعة , يترقبون من حين لآخر , أنَّ يوماً قريباً آت , يفتح لهم تلك الأراضي المقدَّسة لمرة أخرى , ليدخلوها آمنين مطمئنين , فيطوفوا ببيت ربهم , ويؤدوا مناسكهم , ويزوروا قبور ساداتهم ومشايخهم .. ولا يكون هناك سلطان جائر يتجاوز عليهم بهتك أعراضهم , وذهاب حرمة إسلامهم , وسفك دمائهم المحقونة , ونهب أموالهم المحترمة , ظلماً وعدواناً , حقق الله تعالى آمالنا (2) .
وفي احتفال رسمي وجماهيري أُقيم في عبادان في 17/3/1979م تأييداً لثورة الخميني , ألقى أحد شيوخهم وهو : د/محمد مهدي صادقي , خطبة قال فيها : أُصرِّحُ يا إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها , أنَّ مكة المكرَّمة حرم الله الآمن , يحتلها شرذمة من اليهود (3) ووعدهم بفتحها .
ويَكثرُ في إعلام الدولة الخمينية : الصور المعبِّرة عن هذا الاعتقاد , ومنها : صورة تمثل الكعبة , وإلى جانبها المسجد الأقصى , وبينهما : يدٌ قابضة على بندقية , وتحتها تعليق نصُّه : سنحرر القبلتين (4) .
4- إقامة حكم آل داود (5) :
بوَّب شيخهم الكليني : بابُ في الأئمة أنهم إذا ظهر أمرهم , حكموا بحكم داود وآل داود , ولا يُسألون البينة وسُئل علي بن الحسين - رضي الله عنه - : بأي حكم تحكمون ؟ قال : حكم آل داود , فإن أعيانا شيء تلقانا به روح القدس (6) .
__________
(1) بحار الأنوار ج53/104-105 .
(2) الإسلام على ضوء التشيع للخراساني ص132-133 .
(3) أُذيعت هذه الخطبة من : صوت الثورة الإسلامية من عبادان , الساعة 12 ظهراً من يوم 17/3/1979م .
(4) مجلة الشهيد الإيرانية - لسان علماء الشيعة في قم - عدد ( 46 ) في 16/10/1400هـ .
(5) أي أنهم ينسخون الدين الإسلامي ويرجعون إلى دين اليهود !! .
(6) أصول الكافي ج1/398 .(9/200)
تعارض :
عن أبي عبدالله قال : وأن القائم يحكم بينهم مرة بحكم آدم , ومرة بحكم داود , ومرة بقضاء إبراهيم , وفي كل واحد منها يُعارُضهُ بعض أصحابه .. فيضرب أعناقهم , ثم يقضي الرابعة بقضاء محمد - صلى الله عليه وسلم - , فلا ينكر أحدٌ عليه (1) .
وقال أبو عبدالله : والله لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام , يبايع الناس على كتاب جديد , على العرب شديد (2) .
التعليق :
مساكين يا شيعة العرب , ومع ذلك تعترف رواياتكم السابقة , بأن أفعال القائم مهدي شيعتكم :
يُخرج كتاباً غير القرآن الموجود بين يدي الناس الآن ! .
وبأنه يسير في الناس خلاف سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي والحسن والحسين - رضي الله عنهم - ففي بحار الأنوار (3) : أنّ علياً والحسين ع يسيران بسيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وقد بُعث رحمة للعالمين , وأن القائم بُعث نقمة .. , وسُئل إمامهم الباقر : أيسير القائم بسيرة محمد ؟ فقال : هيهات ! إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سار في أمته باللين .. (4) .
فمقتضى هذا عند علماء الشيعة : أن القائم لا يسير بسيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي والحسن والحسين - رضي الله عنهم - ؟؟ أفلا يكون قائمكم المنتظر هو دولة يهود ( إسرائيل ) أو ( المسيح الدجال ) ؟ .
__________
(1) بحار الأنوار ج52/389 .
(2) بحار الأنوار ج52/135 , والغيبة للنعماني ص176و194 , والصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ج2/260 .
(3) ج52/314 .
(4) الغيبة للنعماني ص153 , بحار الأنوار ج52/353 .(9/201)
ولماذا حكم آل داود ؟ أليس إشارة إلى الأصول اليهودية للتشيع ؟ فقيام دولة إسرائيل لا بدَّ أنْ يسودها حكم آل داود , وإذا قامت دولة إسرائيل فإنَّ من أوائل أعمالها وضع السيف في المسلمين من العرب خاصة , وحلم دولة بني إسرائيل : هدم المسجد الحرام والمسجد النبوي , وأن يضعوا بدل القرآن كتاباً جديداً , وما يدَّعيه مؤسسي مذهب التشيع من أنَّ الأئمة اثني عشر , هو عدد أسباط بني إسرائيل , وكرهوا جبريل - عليه السلام - , والله سبحانه وتعالى : ? صدق الله العظيم ? - ? ? الله ? الله ? - - ? - الله - ? - - الله ? الله ?? - { } } - جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - سبحانه وتعالى - - ? بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - تمهيد - الله الله أكبر ? - سبحانه وتعالى - - ? - ? الله الله { الله الله أكبر ? - عليه السلام -? - ? الله ? ??- جل جلاله - - - ? الله أكبر - ? - ? - - - تمهيد - الله أكبر الله أكبر - جل جلاله - - - ?- جل جلاله - - - - - - الله أكبر الله أكبر ? بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله - - ?? - ? - الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - جل جلاله -? الله ? صدق الله العظيم - الله أكبر الله الله أكبر - - جل جلاله -? صدق الله العظيم الله أكبر ? الله - الله الله أكبر ? ? - - الله أكبر الله أكبر - ? الله ? - عليه السلام -? الله - { الله أكبر ? - الله أكبر - الله ? - ? - - جل جلاله -?- جل جلاله -? صدق الله العظيم ? - ? - ?- جل جلاله -? } - - { ? الله ? الله ? - - ? - الله - ? - - الله ? - جل جلاله -? بسم الله الرحمن الرحيم - ?- جل جلاله - بسم الله الرحمن الرحيم ? - - جل جلاله -- جل جلاله -?- جل جلاله - - الله - تمهيد - ? - - الله أكبر - الله أكبر ? الله ? الله ? - - جل جلاله -- جل جلاله -?- جل جلاله(9/202)
-? الله أكبر - ? - } الله ? الله ? الله أكبر الله أكبر ? - } صدق الله العظيم } - - الله ? الله ? - الله أكبر ? - ? - - جل جلاله -? الله ? - عز وجل - - ? تمهيد - - الله الله أكبر ? الله - ? - - - الله تمت ? - - الله ? الله ?? - - الله أكبر - جل جلاله -? - الله أكبر - ? - ?- جل جلاله - بسم الله الرحمن الرحيم ? ? .
س 118/ هل ورد عن علماء الشيعة توقيت لخروج قائمهم ؟ .
ج/ نعم , ففي أصول الكافي (1) : أنَّ علياً - رضي الله عنه - سُئل : كم تكون الحيرة والغيبة ؟ قال : ستة أيام , أو ستة أشهر أو ست سنين , فقلت : وإنَّ هذا لكائن , فقال : نعم كما أنه مخلوق .. .
فلم يخرج ؟ فوقَّت علماؤهم ظهوره في السبعين من الغيبة ؟ فلم يخرج ؟ فغيروه إلى مائة وأربعين سنة ؟ ثمَّ أعلن علماؤهم بعد ذلك أنه لا وقت معين لخروجه ؟؟ .
وذلك بعد أن طال بهم الانتظار واستشبدَّت بهم الحيرة !! .
فروى الكليني نفسه عن أبي بصير عن أبي عبدالله ع قال : سألته عن القائم ع فقال : كذب الوقَّاتون , إنا أهل بيت لا نوقت ؟ (2) .
س 119/ما المخرج الذي خرجوا به أمام أتباعهم , من عقيدة وجوب انتظار مهديهم المزعوم ؟.
ج/ هي قولهم : بعموم ولاية الفقيه ؟ فافتروا عن أبي جعفر أنه قال : كلُّ راية تُرفع قبل راية القائم , فصاحبها طاغوت , وإن كان يدعو إلى الحق (3) .
واخترعوا توقيعاً , يُخولهم بعض صلاحيات مهديهم المزعوم : وأما الحوادث الواقعة , فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا , فإنهم حجتي عليكم , وأنا حجة الله (4) .
__________
(1) ج1/338 .
(2) أصول الكافي ج1/368 .
(3) الكافي بشرح المازندراني ج12/371 .
(4) مرآة العقول ج4/55 , ووسائل الشيعة ج18/101 , الاحتجاج ج2/469 , الخرائج والجرائح ج3/113 , الغيبة ص177 .(9/203)
فاستقرَّ الرأي عند علمائهم على أنَّ ولاية فقهائهم خاصة بمسائل الإفتاء وأمثالها , وأما الولاية العامة التي تشمل إقامة الدولة , فهي من خصائص الغائب حتى يرجع ! .
واستمروا على ذلك ! .
حتى ضجر الخميني من طول الانتظار لعلمه بخرافته , فقال : قد مرَّ على الغيبة الكبرى لإمامنا المهدي أكثر من ألف عام , وقد تمرُّ ألوف السنين .. (1) .
وقال الخميني عن نفسه وزملائه بأنهم هم الحجة على الناس , كما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - حجة الله عليهم , وكل من يتخلف عن طاعتهم , فإنَّ الله يؤاخذه ويحاسبه على ذلك (2) .
وقال : وعلى كل حال فقد فَوَّض إليهم - يعني زملاءه من فقهاء شيعته - الأنبياء جميع ما فُوِّض إليهم , وائتمنوهم على ما اؤتمنوا عليه (3) .
التعليق :
هذه شهادة خطيرة من آيتهم الخميني على فساد مذهب شيعته من أصله , وأنَّ إجماع طائفته كل القرون الماضية كان على ضلالة , وأنَّ عقيدتهم في النص على إمام معين أمرٌ فاسدٌ , أثبت التاريخ والواقع فساده بوضوح تام , وهاهم يضطرون للخروج عليه بعقيدة جديدة وهي : عموم ولاية الفقيه ! .
س 120/ما هي الحقيقة في انتساب علماء الشيعة لآل البيت ؟ .
ج/ قال أمير المؤمنين عليٌ ? : لو ميَّزت شيعتي لم أجدهم إلا واصفة , ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مرتدين , ولو تمحصتهم لما خلص من الألف واحد , ولو غربلتهم غربلة لم يبق منهم إلا ما كان لي , إنهم طال ما اتكوا على الأرائك فقالوا : نحن شيعة علي .. (4) .
__________
(1) الحكومة الإسلامية ص26 .
(2) الحكومة الإسلامية ص80 .
(3) الحكومة الإسلامية ص80 .
(4) الروضة من الكافي ج8/338 .(9/204)
وقال ? : يا أشباه الرجال ولا رجال , حلوم الأطفال , وعقول ربَّات الحجال , لوددتُ أني لم أركم ولم أعرفكم , معرفةً والله جرَّت ندماً , وأعقبت ذماً , قاتلكم الله ! لقد ملأتم قلبي قيحاً , وشحنتم صدري غيظاً .. (1) .
وقال الحسين ? في دعائه على شيعته : ثم رفع الحسين ع يده وقال : اللهم إنْ متَّعتهم إلى حين ففرِّقهم فرقاً , واجعلهم طرائق قدداً , ولا تُرض الولاة عنهم أبداً ؟ فإنَّهم دَعَوْنا لينصرونا , ثم عَدَوْا علينا فقتلونا (2) .
وقال - رضي الله عنه - لما طُعن : أرى والله معاوية خير لي من هؤلاء , يزعمون أنهم لي شيعة , ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي وأخذوا مالي , والله لأن آخذ من معاوية عهداً أحقنُ به دمي , وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني , فتضيع أهل بيتي وأهلي .. (3) .
ولما رأى زين العابدين نساء الكوفة ينتدبن مشققات الجيوب , والرجال معهن يبكون قال بصوت ضئيل وقد نهكته العلة : إنَّ هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم .. (4) .
وقالت زينب بنت علي ع : يا أهل الكوفة يا أهل الختل والغدر والخذلان .. ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون , أتبكون أخي ؟ أجل والله فابكوا , فإنكم أحرى بالبكاء , فابكوا كثيراً , واضحكوا قليلاً , فقد أبليتم بعارها , ومنيتم بشنارها .. وبؤتم بغضب من الله , وضُربت عليكم الذلة والمسكنة .. (5) .
وقال الباقر ع : لو كان الناس كلهم لنا شيعة , لكان ثلاثة أرباعهم لنا شكاكاً , والربع الآخر أحمق ... (6) .
__________
(1) الكافي ج5/5-6 .
(2) الارشاد للمفيد ص241 , ومثير الأحزان ص74 لابن نما الحلي , وإعلام الورى للطبرسي ص249 .
(3) الاحتجاج للطبرسي ج2/10و290 .
(4) الاحتجاج ج2/29و303-304 .
(5) بحار الأنوار ج45/162 .
(6) أصول الكافي ج1/496 .(9/205)
ولما جاء زعماء الشيعة إلى أبي عبدالله ع فقالوا له : إنا قد نُبزنا نبزاً أثقل ظهورنا وماتت له أفئدتنا , واستحلت له الولاة دمائنا في حديث رواه لهم فقهاؤهم , فقال أبو عبدالله ع : الرافضة ؟ قالوا : نعم , فقال ع : لا والله ما هم سمَّوكم , ولكن الله سمَّاكم به (1) .
وبوَّب المجلسي : فضل الرافضة ومدح التسمية بها , وذكر أربعة أحاديث (2) .
القاصمة :
عن أبي عبدالله ع قال : ما أنزل الله سبحانه آية في المنافقين إلا وهي فيمن ينتحل التشيع (3) .
س 121/ هل سلم آل البيت - رضي الله عنهم - من سبِّ وطعن علماء الشيعة , مع التمثيل لذلك ؟ .
ج/ لا ؟ بل لقد حكم علماء الشيعة بردَّة آل البيت كلهم , ما عدا علي بن أبي طالب !! .
فعن أبي جعفر ? قال : إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قُبض , صار الناس كلهم أهل جاهلية إلا أربعة : عليٌ , والمقداد , وسلمان , وأبو ذر .. (4) .
وقالوا : بتلعثم وتردُّد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في قبوله للإسلام , وطلبه من الرسول - صلى الله عليه وسلم - مهلة , وقال - رضي الله عنه - للرسول - صلى الله عليه وسلم - : إنَّ هذا دين مخالفٌ دين أبي , وأنا أنظر فيه (5) .
__________
(1) الكافي ج5/34 .
(2) البحار ج68/96-97 .
(3) رجال الكشي ص253-254 .
(4) تفسير العياشي ج1/199 , وتفسير البرهان ج1/319 , وتفسير الصافي للكاشاني ج1/305 , وبحار الأنوار ج22/333 .
(5) سعد السعود لابن طاوس ص216 .(9/206)
وفي بعض كتبهم (1) : تسمية سفيان بن ليلى للحسن بن علي - رضي الله عنه - : بمذلِّ المؤمنين ؟ لتنازله عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - .
بل ووثب عليه شيعته فانتهبوا فسطاطه وأخذوا متاعه , بل : وطعنه ابن بشير الأسدي في خاصرته !! فردوه جريحاً إلى المدائن (2) .
وقالوا عن جعفر بن علي : جعفر معلن الفسق , فاجر ماجن , شرِّيب للخمور , وأهتكهم لنفسه , خفيف , قليل في نفسه ... (3) .
وكان محدث الشيعة الشهير زرارة : يضرط في لحية أبي عبدالله ع !! (4) .
وأنَّ قول الله تعالى : ? المحتويات - ? - ? صدق الله العظيم - الله أكبر الله ? ?- جل جلاله -? - ?? - - - ?- جل جلاله - - - - - الله ? - الله درهم - سبحانه وتعالى - - ? الله - - ?? الله الله أكبر ? - الله ? الله ? - الله درهم - سبحانه وتعالى - - - ? - ? الله ?? الله الله أكبر ? ??- جل جلاله -? - - - الله ? - ? ?? - الله أكبر - ? - ??? - - - - - - جل جلاله -? الله الله أكبر - - ? - - ? } - - { نزلت في العباس - رضي الله عنه - عمِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (5) , وحكم الكليني على عبدالله بن عباس - رضي الله عنه - بالكفر (6) .
__________
(1) انظر : الاختصاص للمفيد ص82 , وبحار الأنوار للمجلسي ج10/105 , وج70/286 , وتحف العقول ص307 لحسن بن شعبة الحراني , وتنزيه الأنبياء ص169 للمرتضى علم الهدى علي بن الحسين , ودلائل الإمامة لابن رستم الطبري ص64 .
(2) رجال الكشي ص113 .
(3) الأصول من الكافي ج1/504 .
(4) رجال الكشي ص142 .
(5) رجال الكشي ص52-53 .
(6) أصول الكافي ج1/247 .(9/207)
وشكَّ زعماء الشيعة في ابن إمامهم الرضا ع هل هو ابنه أم لا , وعرَّضوا بزنى زوجته , ولم يقتنعوا حتى حكَّموا القافة , فحكمت القافة , فصدَّقوا بعد ذلك إمامهم الرضا !! (1) .
وروى الكليني في الفروع : أنَّ فاطمة ما كانت راضية بزواجها من علي .... وقالت : والله قد اشتدَّ حزني , واشتدت فاقتي , وطال سقمي (2) .
س 122/ كم عدد بنات النبي - صلى الله عليه وسلم - عند علماء الشيعة ؟ .
ج/ قال علماؤهم : ولدى التحقيق في النصوص التاريخية , لم نجد دليلاً على ثبوت بنوَّة غير الزهراء منهنَّ , بل الظاهر أنَّ البنات الأخريات , كنَّ بنات خديجة من زوجها الأول قبل محمد (3) .
س 123/ ما عقيدة علماء الشيعة في الطينة ؟ .
ج / يعتقدون بأنَّ : الشيعي خلق من طينة خاصة , والسني خلق من طينة أخرى , وجرى المزج بين الطينيتين بوجه معين , فما في الشيعي من معاص وجرائم , هو من تأثره بطينة السني , وما في السني من صلاح وأمانة , هو من تأثره بطينة الشيعي , فإذا كان يوم القيامة , فإنَّ سيئات وموبقات الشيعة توضع على أهل السنة , وحسنات أهل السنة تُعطى للشيعة (4) .
__________
(1) أصول الكافي ج1/322 .
(2) كشف الغمة في معرفة الأئمة للأربلي ج1/149 – 150 .
(3) دائرة المعارف الإسلامية الشيعية لحسين الأمين ج1/27 , وانظر : كشف الغطاء لجعفر النجفي ص5 .
(4) علل الشرائع للقمي ص490 – 491 , وبحار الأنوار ج5/247 – 248 , وانظر إلى ما عقده شيخهم الكليني بعنوان : باب طينة المؤمن والكافر , وذكر فيه سبعة أحاديث ( أصول الكافي ج2/2-6 ) وما زالت هذه الأحاديث السبعة في ازدياد وتولَّد !! حتى بلغت في عهد المجلسي إلى سبعة وستين حديثاً ج5/225-276 , وما زالت تتولد حتى عصرنا الحاضر ؟!! .(9/208)
وقال الجزائري : إنَّ أصحابنا قد رووا هذه الأخبار بالأسانيد المتكثرة في الأصول وغيرها , فلم يبق مجال في إنكارها , والحكم عليها بأنها أخبار آحاد , بل صارت أخباراً مستفيضة , بل متواترة (1) .
التعليق :
كما قال إبليس : ( بسم الله الرحمن الرحيم - - رضي الله عنه - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( مقدمة ( - ( } تم بحمد الله (( - - رضي الله عنه - - ( { فهرس - - رضي الله عنهم - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - ( الله أكبر (( مقدمة - رضي الله عنه - - ( { فهرس - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - (((( (((( ( .
مقتطفات مضحكة :
* عن أبي عبدالله ? قال : في طين قبر الحسين الشفاء من كل داء , وهو الدواء الأكبر (2) .
* قال الصادق ع : السجود على طين قبر الحسين ع , يُنور إلى الأرض السابعة (3) .
* أفضل ما يفطر عليه الصائم وغيره , طين قبر الحسين ع (4) .
* حنكوا أولادكم بتربة الحسين ع , فإنها أمان (5) .
س 124 / ما عقيدة علماء الشيعة في أهل السنة , والذين يسمونهم بالنواصب والعامة .. ؟ .
ج / 1- تُجرى عليهم أحكام الإسلام في الظاهر فقط , وأجمعوا على أنهم من أهل النار :
__________
(1) السابق ج1/293 .
(2) كتاب المزار للمفيد ص 125و143 , ومن لا يحضره الفقيه ج2/599 , وتهذيب الأحكام ج6/74 , ووسائل الشيعة ج14/524 , وروضة الواعظين للنيشابوري ج2/411 , وكامل الزيارات ص275 , ومكارم الأخلاق للطبرسي ص167 .
(3) وسائل الشيعة للحر العاملي ج5/365 , ومن لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي ج1/268 .
(4) بحار الأنوار ج88/132 .
(5) كتاب المزار للمفيد ص144 .(9/209)
قال زين العابدين بن علي العاملي , الملقب عندهم بالشهيد الثاني ( ت 966هـ ) : إنَّ القائلين بإسلام أهل الخلاف يريدون .. صحة جريان أكثر أحكام المسلمين عليهم في الظاهر , لا أنهم مسلمون في نفس الأمر , ولذا نقلوا الإجماع على دخولهم النار (1) .
وقال المجلسي عن أهل السنة : ويظهر من بعض الأخبار , بل كثير منها : أنهم في الدنيا أيضاً في حكم الكفار .. وفي الآخرة يدخلون النار ماكثين فيها أبداً مع الكفار , وبه يُجمع بين الأخبار , كما أشار إليه المفيد والشهيد الثاني (2) .
2- أنهم كفار أنجاس بالإجماع : قال الجزائري : إنهم كفار أنجاس , بإجماع علماء الشيعة الإمامية , وإنهم شرٌّ من اليهود والنصارى .. (3) .
3- لا تجوز الصلاة عليهم ولا تحلُّ ذبائحهم : قال الخميني : ولا تجوز الصلاة على الكافر بأقسامه حتى المرتد , ومن حُكم بكفره ممن انتحل الإسلام كالنواصب .
وقال : فتحلُّ ذبيحة جميع فرق الإسلام , عدا الناصب وإن أظهر الإسلام (4) .
4- أنهم أولاد زنا : روى شيخهم وإمام علماء شيعتهم الكليني : عن أبي جعفر ع قال : والله إنَّ الناس كلهم أولاد بغايا , ما خلا شيعتنا (5) .
5- أنهم قردة وخنازير (6) .
__________
(1) بحار الأنوار ج8/368 .
(2) بحار الأنوار ج8/369-370 .
(3) الأنوار النعمانية ج2/206- 207 .
(4) تحرير الوسيلة ج1/79 ج2/146 .
(5) الروضة من الكافي للكليني ص135 .
(6) بحار الأنوار ج27/29-30 .(9/210)
6- وجوب قتل أهل السنة واغتيالهم : قلتُ لأبي عبدالله : ما تقول في قتل الناصب , قال : حلال الدم , لكني أتقي عليك , فإن قدرتَ أن تقلب عليه حائطاً , أو تغرقه في ماءٍ , لكيلا يُشهِد به عليك فافعل , قلتُ : فما ترى في ماله , قال : خذه ما قدرت (1) .
وفي رواية : .. وعليكم بالاغتيال (2) .
8- وجوب الاختلاف معهم : روى صدوقهم عن علي بن أسباط قال : قلتُ للرضا : يَحدثُ الأمرُ لا أجد بُدَّاً من معرفته , وليس في البلد الذي أنا فيه مَن أستفتيه من مواليك ؟ فقال : ائت فقيه البلد فاستفته في أمرك , فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه , فإنَّ الحقَّ فيه (3) .
ورووا : أنَّ الصادق قال في الحديثين المختلفين : اعرضوهما على أخبار العامة , فما وافق أخبارهم فذروه , وما خالف أخبارهم فخذوه (4) .
س 125 / هل ورد فضلٌ في المتعة , وما حكم من أنكرها عند علماء المذهب الشيعي ؟ .
ج / افتروا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من تمتَّع بامرأة مؤمنة , كأنما زار الكعبة سبعين مرَّة (5) .
وأنه - صلى الله عليه وسلم - قال : من تمتع مرَّة أمِن سخط الجبار , ومن تمتع مرتين حُشر مع الأبرار , ومن تمتع ثلاث مرَّات زاحمني في الجنان (6) .
__________
(1) المحاسن النفسانية لحسين آل عصفور البحراني ص166 , ووسائل الشيعة ج18/463 , وبحار الأنوار ج27/231 .
(2) المصادر السابقة , وقد نُشر في جريدة الشرق الأوسط في العدد 6865 يوم الأحد 13/5/1418هـ خبر : تلوث واردات دولة الإمارات العربية من الفستق الإيراني بمادة ( افلانوكسين ) السرطانية .
(3) تهذيب الأحكام ج6/294 , ووسائل الشيعة ج27/115 , وعلل الشرائع ج2/531 , ورسالة التعادل والترجيح ص82 .
(4) علل الشرائع للقمي ص531 , ووسائل الشيعة ج27/118 .
(5) كشف الأسرار للموسوي ص35 .
(6) من لا يحضره الفقيه ج3/366 .(9/211)
وروى سيدهم فتح الله الكاشاني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من تمتع مرة كانت درجته كدرجة الحسين , ومن تمتع مرتين فدرجته كدرجة الحسن , ومن تمتع ثلاث مرات كانت درجته كدرجة علي بن أبي طالب , ومن تمتع أربع فدرجته كدرجتي (1) .
وحكموا على من أنكر المتعة بالكفر ! قال شيخهم العاملي : لأنَّ إباحة المتعة من ضروريات مذهب الإمامية (2) , ومنكر الضروري في اعتقادهم كافر كما تقدَّم .
تناقض :
رووا أنَّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : حرَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر , لحوم الحمر الأهلية , ونكاح المتعة (3) , وسُئل أبو عبدالله ? عن المتعة فقال : لا تُدنِّس نفسك بها (4) .
س 126/ هل يجوز عند علماء الشيعة التمتع بالرضيعة وبالزانية , وبالمرأة وابنتها ؟ 0
ج/ نعم !! قال إمامهم الخميني : وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ , فلا بأس بها حتى في الرضيعة .
وقال في التمتع بالزانية : يجوز التمتع بالزانية على كراهية .. وإن فعل فليمنعها من الفجور (5) .
ولا بأس بالتمتع بالمرأة وأمها وأختها (6) .
س 127/ ما هو الخمس , وما عقيدة علماء الشيعة فيه ؟ .
__________
(1) منهج القاصدين للكاشاني ص356 .
(2) وسائل الشيعة ج7/441 .
(3) تهذيب الأحكام ج2/184 , ووسائل الشيعة ج7/441 .
(4) بحار الأنوار ج110/318 , ومستدرك الوسائل ج14/455 , والنوادر للأشعري ص87 .
(5) تحرير الوسيلة للخميني ج2/241 و 292 .
(6) قال ذلك شيخهم الموسوي في كشف الأسرار وتبرئة الأئمة الأطهار ص46 .(9/212)
ج/ الخمس ضريبة ادَّعاها علماء الشيعة لأئمتهم ؟ وأصدروا رواية تقول : الخمسُ لنا فريضة (1) .
ومن أسباب اختراع هذا الخمس : إغراء العلماء وطلبة العلم , باتباع مذهبهم الشيعي (2) .
و عن أبي بصير قال : قلتُ : ما أيسرَ ما يدخل به العبد النار ؟ قال : من أكل من مال اليتيم درهماً , ونحن اليتيم (3) .
فإنَّ في إخراجه مفتاح رزقكم (4) .
التعليق :
عن ضريس الكناني قال أبو عبدالله ع : أتدري من أين دخل على الناس الزنا ؟ فقلت : لا أدري , فقال : من قبل خمسنا أهل البيت , إلا لشيعتنا الأطيبين , فإنه محلل لهم ولميلادهم (5) .
وقد أثبت علماء الشيعة في كتبهم المعتمدة : أن أئمتهم أسقطوا خمسهم عن شيعتهم (6) .
ولكنَّ علمائهم آنذاك قيَّدوه بزمان الغيبة , حتى يخرج المهدي من مخبأه (7) ولن يخرج .
س 128/ نأمل منكم تلخيص تطوَّر الخمس لدى تُجَّار علماء المذهب الشيعي ؟ .
__________
(1) وسائل الشيعة للحر العاملي ج4/337 , ومن لا يحضره الفقيه ج1/13 , والخصال كلاهما لابن بابويه القمي ج1/139 , وتفسير العياشي ج7/39 , وتفسير البرهان للبحراني ج2/88 .
(2) انظر : أصول الكافي للكليني ج2/244 .
(3) وسائل الشيعة ج4/374 , ومن لا يحضره الفقيه ج1/13 , ومفتاح الكتب الأربعة لمحمود الموسوي ج11/259 .
(4) تهذيب الأحكام ج1/389 , و الاستبصار ج2/59 وكلاهما للطوسي , ووسائل الشيعة ج4/375 , والكافي ج1/547 , ومفتاح الكتب الأربعة ج11/257 .
(5) أصول الكافي ج2/502 .
(6) أصول الكافي ج2/268 و502 .
(7) شرائع الإسلام للحلي ص182-183 , والجامع للشرائع ليحيى بن سعيد الحلي ت690هـ ص151 , ومجمع الفائة وتفسير البرهان للشهيد الثاني ت966هـ ج4/355-358 , ومسالك الأفهام في شرح شرايع الإسلام ص68 للشهيد الثاني العاملي .(9/213)
ج/ الطور الأول : بعد انقطاع سلسلة الإمامة المزعومة , وغيبة المهدي المزعوم , وهو : أنَّ الخمس من حق الإمام الغائب فقط ؟! .
فقام أكثر من عشرين سارقاً !! وادعوا النيابة عن الإمام المزعوم المختفي , من أجل أخذ الخمس وإعطائه إليه في سردابه !! .
ثمَّ تطوَّر الأمر إلى الطور الثاني :
فحسدوا النواب على سرقاتهم , وقالوا بوجوب دفع الخمس ولكن لا للنواب , بل يُخرج ويدفن بالأرض ! حتى يخرج الإمام المختفي من سردابه فيأخذه .
ثمَّ تطوَّر إلى الطور الثالث :
فقالوا يجب دفع الخمس ولكن لا يُدفن , بل يجب أن يوضع عند رجل أمين , ولا تتوفر هذه الأمانة إلا في فقهائهم , الذين سيوصلونها للمهدي الغائب (1) .
ثمَّ تطوَّر إلى الطور الرابع :
وهو وجوب تسليم هذه الأخماس لفقهاء المذهب الشيعي , لا لحفظها بل لتوزيعها على من يرونه مستحقاً لها من فقراء آل البيت ! (2) .
ثم تطوَّر إلى الطور الخامس :
وهو أنَّ للفقهاء أن يصرفوا هذه الأخماس في الوجوه التي يرونها كنشر كتبهم , وأن يبدأ بأخذ حصته الكبرى منها أولاً ! (3) .
وخاصة أنَّ كلَّ فقهاء الشيعة يزعمون أنهم من آل البيت !!! .
وعندما تقاعس بعض أتباعهم عن إيداع هذه المبالغ في أرصدتهم , أصدروا رواية تقول :
ومن منع منه درهماً أو أقلَّ , كان مندرجاً في الظالمين لآل البيت , والغاصبين لحقهم , بل منْ كان مستحلاً لذلك , كان من الكافرين ... (4) .
وعظم التنافس بين علماء الشيعة في كيفية الحصول على أكبر عدد ممكن من هذه الأخماس , فكثرت الدعوة منهم علانية للتخفيضات الهائلة لمن يُسدِّد أولاً بأول !! .
__________
(1) المهذب للسبزواري ج8/180 .
(2) الوسيلة لابن حمزة ص682 .
(3) العروة الوثقى لمحسن الحكيم ج9/548 .
(4) العروة الوثقى ج2/366 .(9/214)
وكثرت المنافسات التجارية ( الشريفة !! ) بين علمائهم !! فهذا العالم يُنزِّل تخفيضاً بمقدار خمسين في المائة , وذاك أكثر .. وهكذا (1) .
وآخر ما وصلت إليه الأخماس في هذه السنوات الأخيرة : أن أصدروا فتاوى بأنَّ من أراد أن يحجَّ أو يعتمر , عليه أن يُقوِّم جميع ممتلكاته ويدفع خمسها إلى فقهاء شيعته , وإذا لم يفعل فحجه باطل !! (2) .
قاصمة القواصم :
عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله ع يقول : ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة (3) .
وختام القول في عقيدة علماء الشيعة في ضريبة أو ضرائب الخمس :
أنهم أخذوا هذه العقيدة اقتداءاً بعلماء النصارى في القرون الوسطى في التاريخ الأوربي , حين فرضوا على أتباعهم الإتاوات والعشور !؟ .
يقول النصراني ويلز : فرضت – يعني الكنيسة – ضريبة العشور على رعاياها , وهي لم تَدْعُ لهذا الأمر , بوصفه عملاً من أعمال الإحسان والبرِّ , بل طالبت به كحق (4) .
س 129 / ما عقيدة علماء المذهب الشيعي في البيعة ؟ .
ج/ رووا عن أبي جعفر أنه قال : كلُّ راية تُرفع قبل راية القائم فصاحبها طاغوت (5) .
__________
(1) كشف الأسرار للموسوي ص74 .
(2) كتاب مناسك الحج ص22 لشيخ مشايخهم في هذا العصر الذي يلقبونه بالإمام الأكبر أبو القاسم الموسوي الخوئي .
(3) من لا يحضره الفقيه ج1/13 , وتهذيب الأحكام ج1/384 , والاستبصار ج2/56 , ووسائل الشيعة ج4/338 .
(4) معالم تاريخ الإنسانية ج3/895 .
(5) الكافي بشرح المازندراني ج12/371 , ووسائل الشيعة للحر العاملي ج15/92 , والغيبة للنعماني ص29 , وبحار الأنوار للمجلسي ج25/113 , ومستدرك الوسائل للنوري ج11/34 , وقال شارح الكافي : وإن كان رافعها يدعو إلى الحق .(9/215)
وأصدروا فيمن يتحاكم لمحاكم أهل السنة وولاتهم : من تحاكم إليهم في حق أو باطل , فإنما تحاكمَ إلى الطاغوت , وما يُحكم له فإنما يأخذ سُحتاً , وإنْ كان حقاً ثابتاً , لأنه أخذه بحكم الطاغوت (1) .
وقال الخميني معلِّقاً على هذا الحديث بقوله : الإمام نفسه , ينهى عن الرجوع إلى السلاطين وقضاتهم , ويعتبر الرجوع إليهم رجوعاً إلى الطاغوت (2) .
ويُفتي علماء الشيعة : بعدم جواز العمل لدى حكومات أهل السنة , إلا بشرط إضمار الكيد لها ولأهلها , ونفع شيعته , وإلا وقع فيما يُعادل الكفر بالله العظيم .. ؟!! .
فأصدروا رواية تقول : الدخول في أعمالهم , والعون لهم , والسعي في حوائجهم : عديل الكفر (3) .
س 130/ هل يجوز لأحد من الشيعة أن يُبايع أحداً من الأمراء قبل خروج قائمهم المزعوم ؟ .
ج/ إنَّ النصوص التي يرويها علماؤهم عن أئمتهم , تدعوا كل شيعي منذ أكثر من أحد عشر قرناً , أن لا يُبايع لخليفة من خلفاء المسلمين إلا تَقِيَّة , ويجب عليهم أن يجددوا البيعة للقائم كل صباح .
ومن أدعية علمائهم ( دعاء العهد ) وفيه : اللهم إني أُجدِّدُ له في صبيحة يومي هذا , وما عشت فيه من أيامي , عهداً وعقداً وبيعة له في عنقي , لا أحول عنها ولا أزول أبداً ... (4) .
وسبب ذلك : ما قاله شيخهم المعاصر محمد جواد مغنية : فمبدأ التشيع لا ينفصل بحال عن معارضة الحاكم إذا لم تتوفر فيه الشروط وهي : النص , والحكمة , والأفضلية .. ومن هنا كانوا يمثلون الحزب المعارض ديناً وإيماناً (5) .
س 131/ متى يجوز للشيعي العمل لدى خلفاء المسلمين ؟ .
__________
(1) الكافي للكليني ج1/67 , وتهذيب الأحكام للطوسي ج6/301 .
(2) الحكومة الإسلامية ص33-34 و74 .
(3) تفسير العياشي ج1/238 .
(4) مفتاح الجنان لعباس القمي ص538-539 .
(5) الشيعة والحاكمون لمحمد مغنية ص24 .(9/216)
ج/قال شيخهم الخميني : وطبيعي أن يَسمح الإسلام بالدخول في أجهزة الجائرين , إذا كان الهدف الحقيقي من وراء ذلك , هو الحدُّ من المظالم , أو إحداث انقلاب على القائمين بالأمر , بل إنَّ ذلك الدخول قد يكون واجباً , وليس عندنا في ذلك خلاف (1) .
وقال : إنََّ من التقية الجائزة دخول الشيعي في ركب السلاطين , إذا كان في دخوله الشكلي نصرٌ للإسلام ووالمسلمين , مثل دخول نصير الدين الطوسي (2) .
وقال شيخهم المعاصر عبدالهادي الفضلي : إنَّ التوطئة لظهور الإمام المنتظر تكون بالعمل السياسي عن طريق إثارة الوعي السياسي , والقيام بالثورة المسلحة (3) .
س 132/ لو ذكرتم لنا أبرز الفتوحات الإسلامية التي حققها الشيعة في التاريخ ؟ .
ج/ لم يفتحوا شبراً واحداً من ديار الكفر , بل سلَّموا ما استطاعوا عليه من بلاد المسلمين وعوراتهم للكفار من جميع الديانات , ويشهد لذلك التاريخ , فمن ذلك :
ما ذكره بعض علماء الشيعة : عن بعض ما فعله شيخه أبو طاهر القرمطي ببيت الله الحرام , والكعبة المشرفة , وحجاج بيت الله الحرام عام 317هـ .
فقد وصل حجاج بيت الله الحرام إلى مكة سالمين , وأتوا من كلِّ فجٍّ عميق , فما شعروا إلا بأبي طاهر القرمطي قد خرج عليهم يوم التروية , فانتهب أموالهم واستباح قتالهم , فقتل في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام , وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقاً كثيراً .
وجلس القرمطي على باب الكعبة , والحجاج يُصرعون حوله والسيوف تُعمل فيهم , وهو يقول :
أنا لله وبالله أنا يخـ ــلق الخلق وأفنيهم أنا
__________
(1) ولاية الفقيه للخميني ص142-143 .
(2) الحكومة الإسلامية للخميني ص142 .
(3) في انتظار الإمام للفضلي ص70 .(9/217)
وأمر القرمطي أن يُدفن القتلى في بئر زمزم , ودَفن كثيراً منهم في أماكنهم من الحرم وفي المسجد الحرام , وهدَم قبة زمزم , وأمر بقلع الكعبة , ونَزَعَ كسوتها عنها , وشقَّقَها بين أصحابه , وأمر رجلاً أن يصعد إلى ميزاب الكعبة فيقتلعه , فسقط على أمِّ رأسه فمات , فعند ذلك انكفَّ عن الميزاب .
ثمَّ أمر بأن يُقلع الحجر الأسود , فجاء رجل من جنوده فضرب الحجر الأسود بمثقل في يده وهو يقول : أين الطير الأبابيل , أين الحجارة من سجيل , ثمَّ قلع الحجر الأسود , وأخذوه معهم , فمكث عندهم ثنتين وعشرين سنة , ولم يُحج تلك السنة , حيث مُنع الناس من الوقوف بعرفة (1) .
وأيضاً : ما فعله شيخهم ابن العلقمي وزير الخليفة العباسي المستعصم , وكذا نصير الدين الطوسي , حيث اجتهد ابن العلقمي والطوسي في نقض الجيش الإسلامي , فطردا الكثير من الجيش الإسلامي ببغداد , حتى صار قوامه عشرة آلاف .
وكاتبا التتار , وأطمعاهما في أخذ بغداد , وكشفا لهم ضعف البلاد وعوراتها , ولما جاء جيش التتار , نهى ابن العلقمي الخليفة والمسلمين عن قتالهم , وأنَّ التتار ما جاؤا إلا لمصالحتهم , وأقنع الخليفة بالخروج إلى التتار ومعه خاصته من أجل الصلح , وأشار ابن العلقمي وأخاه الطوسي على التتار بعدم مصالحة المسلمين , بل وبقتل الخليفة ومن معه .
فقُتل الخليفة ومن معه جميعاً , ثمَّ مال التتار على بغداد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان , ولم يَنجُ أحدٌ من أهل بغداد إلا أهل الذمة من اليهود والنصارى !! ؟؟ .
__________
(1) انظر : كتاب المسائل العكبرية للمفيد ص84 -102 .(9/218)
فقتلوا ما يقارب المليون من المسلمين ببغداد , ولم يُرَ في الإسلام ملحمة مثل ملحمة الترك الكفار المُسمَّين بالتتر , وقتلوا الهاشميين , وسبوا نساءهم من العباسيين وغير العباسيين ... (1) .
وبعد ذلك نرى علماء الشيعة يُجلِّون شيخهم ابن العلقمي , وزميله الطوسي , ويَعدُّون فعلتهم بالمسلمين من عظيم مناقبهم , فوصف المجلسي شيخه نصير الدين الطوسي بقوله : وكان الشيخ الأعظم خواجة نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي , وزيراً للسلطان هولا كو (2) .
وقال الخميني : ويشعر الناس بالخسارة .. بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي وأضرابه ممَّن قدَّم خدمات جليلة للإسلام !! (3) .
وهذه الخدمات الجليلة , كشفها شيخه الخوانساري من قبله في قوله في ترجمة النصير الطوسي : ومن جملة أمره المشهور , المعروف المنقول حكاية استيزاره للسلطان المحتشم .. هلاكو خان .. ومجيئه في موكب السلطان المؤيد مع كمال الاستعداد إلى دار السلام بغداد , لإرشاد العباد وإصلاح البلاد .. بإبادة ملك بني العباس , وإيقاع القتل العام من أتباع أولئك الطغام , إلى أن أسال من دمائهم الأقذار , كأمثال الأنهار , فانهار بها في دجلة , ومنها إلى نار جهنم دار البوار (4) .
وهذا شيخهم الآخر : علي بن يقطين , وزير الخليفة الرشيد , قتل في ليلة واحدة من المسلمين خمسمائة مسلم .
__________
(1) مختصر أخبار الخلفاء ص136-137 لابن الساعي الشيعي , وانظر : أعيان الشيعة لمحسن الأمين ج1/305 .
(2) بحار الأنوار للمجلسي ج106/12 , وانظر : كشف اليقين ص80 للحسن بن يوسف بن علي المطهر الحلي المتوفى 726هـ.
(3) الحكومة الإسلامية ص128 .
(4) روضات الجنات في أحوال العلماء السادات , لمحمد باقر الخوانساري المتوفى سنة 1125هـ , ج6/300-301 , وانظر : وسائل الشيعة للحر العاملي ج3/483 , والكنى والألقاب لعباس القمي ج1/356 .(9/219)
قال شيخهم الجزائري : إنَّ في أخبارهم : أنَّ علي بن يقطين , وهو وزير الرشيد , قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين , فأمر غلمانه وهدموا أسقف الحبس على المحبوسين , فماتوا كلهم , وكانوا خمسمائة رجل تقريباً .. (1) .
س 133/ وأخيراً : هل علماء الشيعة يجتمعون معنا نحن أهل السنة على ربٍّ واحدٍّ , ونبيٍّ واحدٍّ - صلى الله عليه وسلم - , وإمامٍّ واحد ؟؟!!! .
ج/ أجاب إمامهم نعمة الله الجزائري بقوله : إنا لم نجتمع معهم – أي مع أهل السنة - على إلهٍّ , ولا على نبيٍّ , ولا على إمامٍّ , وذلك أنهم يقولوا : إنَّ ربَّهُمُ هو الذي كان محمداً نبيُّه , وخليفته بعده أبو بكر , ونحن لا نقول بهذا الرَّبِّ , ولا بذلك النَّبيِّ , بل نقول : إن الرَّبَّ الذي خليفة نبيِّه أبو بكرٍ ليس ربُّنا , ولا ذلك النبيُّ نبيُّنا (2) .
أخي المسلم : وبعد هذه الرحلة القصيرة في معرفة عقيدة الشيعة الإمامية , هل تظن أنَّه يُمكن
أن يكون هناك تقريبٌ بين عقيدتك وعقيدتهم ؟! (3) .
نسأل الله السلامة والعافية .
واعلم أخي المسلم :
__________
(1) الأنوار النعمانية للجزائري ج2/308 .
(2) الأنوار النعمانية ج2/ 278-279 .
(3) انظر : رسالتي ( حقيقة التقريب بين الفرق المنتسبة للإسلام ) راجعها وعلَّق عليها : شيخنا الإمام /صالح بن فوزان الفوزان , وشيخنا العلامة/عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي , وشيخنا ناصر السنة/محمد بن رزق السلمي , وغيرهم جزاهم الله خيراً .(9/220)
أنه لا لقاء بين أهل السنة وغيرهم من الفرق المبتدعة المنتسبة للإسلام , إلا وفق الأصول الشرعية التي نصَّت عليها الآية الكريمة , قال الله تبارك وتعالى : { ( - ( - - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - ( - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - } - ( قرآن كريم - - - - رضي الله عنهم -( - - - - فهرس - ( { - { - رضي الله عنهم - - ( - - - { ( - - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام - - - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - - ( - ( - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - ((- رضي الله عنه - الله أكبر - صدق الله العظيم ( { { - - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ( - ((( - (( مقدمة ( - - - (( - - { - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ( - ( - - رضي الله عنه - - - - عليه السلام - - ((((- رضي الله عنه - - - ((((- رضي الله عنه - - - - - - - رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - - تمت ( - - ( } - ( قرآن كريم { - - عليه السلام - قرآن كريم - - } - قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - ( } - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - ( { - - - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - - قرآن كريم ( - ( - ( - ( تم بحمد الله (((( } .
وهي توحيد الله تعالى ونبذ الإشراك به , وطاعته في الحكم والتشريع , وإتباع خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم .(9/221)
فيجب أن تكون هذه الآية شعار كل مجادلة بين أهل الإسلام وبين أهل الكتاب , وبين أهل السنة وغيرهم من الفرق المنتسبة للإسلام , وكل جهد يُبذل لتحقيق غير هذه الأصول فهو باطلٌ . . باطلٌ . . باطلٌ (1) .
إنَّ الشيعة اليوم وهي تتنادى بالتقارب , وتزعم أنه لا خلاف بينها وبين المسلمين , وتدعو أن يرجع المسلمون إلى كتبها في الحديث ..
فكيف يحتجُّ ويثق المسلمون بكتب الشيعة التي تواتر فيها الطعن في كتاب الله , وأنه ناقص ومحرَّف .. وكيف نجتمع مع الشيعة على كتاب الله على حسب تأويلهم المنحرف , وتفسيرهم الباطني , ثم كيف يُؤمن المسلمون بتلك الدعاوى الشيعية التي تزعم بنزول كتب إلاهية سماوية على أئمتهم بعد القرآن ..
كيف نجتمع مع الشيعة في السنة : وهم يزعمون أنَّ أقوال أئمتهم الاثنى عشر كأقوال الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - , وأنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - كتم جزءاً من الشريعة وأودعه أئمتهم , ويُؤمنون بحكايات الرقاع , ويبنون عليها دينهم , ويقيلون مرويات الكذبة والدجالين , ويطعنون في خيار الخلق بعد النبيين عليهم الصلاة والسلام .
كيف نجتمع مع الشيعة : وهم يقذفون زوجات رسول رب العالمين - صلى الله عليه وسلم - , أمهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ بالزنا , لعن الله من قال ذلك .
كيف نجتمع مع الشيعة : وهم يرفضون الإجماع , ويتعمدون مخالفة المسلمين , لأنَّ في مخالفة المسلمين الرشاد في اعتقادهم .
__________
(1) يُنظر : الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان للشيخ بكر أبو زيد شفاه الله تعالى ص29 .(9/222)
كيف نجتمع مع الشيعة : وهم يُكفِّرون جميع المسلمين , وعلى رأسهم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وعلى رأسهم الخلفاء الثلاثة - رضي الله عنهم - , وزوجات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1) .
كيف نجتمع مع الشيعة القائلين : إنا لم نجتمع معهم – أي مع أهل السنة - على إلهٍّ , ولا على نبيٍّ , ولا على إمامٍّ , وذلك أنهم يقولوا : إنَّ ربَّهُمُ هو الذي كان محمداً نبيُّه , وخليفته بعده أبو بكر , ونحن لا نقول بهذا الرَّبِّ , ولا بذلك النَّبيِّ , بل نقول : إن الرَّبَّ الذي خليفة نبيِّه أبو بكرٍ ليس ربُّنا , ولا ذلك النبيُّ نبيُّنا (2) .
لقد كانت دعوة التقريب بين أهل السنة والشيعة هي ( البدعة الكبرى ) التي أرادت أن تُعطي الكفر والضلال والإلحاد صفة الشرعية , واسم الإسلام .
وقد سبَّبت دعوة التقريب خسارة كبرى لأهل السنة , وضرراً كبيراً لا يتصوره إلا من وقف على عدد القبائل التي ترفضت بجملتها , فضلاً عن الأفراد , حتى تحولت العراق – مثلاً – بسبب هذه الدعوة من أكثرية سنية إلى أكثرية شيعية , وشيوخ الروافض يخططون لنشر الرفض بكل وسيلة تحت شعار التقريب , وبعد العراق بدأوا في كل بلاد العالم الإسلامي , واشتروا الأقلام – كما هو مشاهد في الصحف - وغروا ضعاف النفوس والإيمان , وخدعوا أصحاب الغفلة والجهل , وجعلوا منهم أبواق دعاية للرفض والروافض .
وبسبب دعوة التقريب : سكت أكثر علماء أهل السنة عن بيان باطل الحوار والتسامح مع الروافض وغيرهم , وإيضاح الحق .
وباسم الحوار والتقريب : وُجدت كتب ونشرات ورسائل الرافضة وغيرهم من المبتدعة في مكتبات أهل السنة .
__________
(1) مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة لشيخنا ناصر القفاري وفقه الله تعالى ج1/375-390 بتصرف .
(2) الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ج2/ 278-279 .(9/223)
وباسم الحوار : أصبح علماء الرافضة وغيرهم يتحركون وسط بلاد السنة بيسر وسهولة , وينشرون كتبهم , ويستضيفهم بعض الجهلة وأرباب الدنيا في بلاد السنة لإلقاء محاضراتهم .
فهل ينتبه الذين سقطوا في فتنة التقريب , فما أكبر وأخطر مسؤليتهم , ألا يقرأون كتب الروافض العقدية والحديثية المعتبرة عندهم ... فإن كانوا مخلصين فسيرجعون عن هذه البدعة فوراً , وإن كانت الأخرى : فبأس ما قدَّمت لهم أنفسهم .. (1) .
وإنَّ الدعوة للتقريب والتسامح مع الفرق المبتدعة هو من الضلال المبين ، والغش والتدليس للمسلمين ... وهذه جادة الأخسرين أعمالاً ، وقد فضح الله المنافقين بها ، وهتك أستارهم فيها في مواضع من كتابه ، منها في صدر سورة البقرة ؛ إذ قالوا لتأييد إفسادهم : ? المحتويات - - الله ? بسم الله الرحمن الرحيم - بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر ? - تمهيد - - ? صدق الله العظيم الله أكبر مقدمة ?? - - ?? - - - جل جلاله -? صدق الله العظيم ? - ? ? } - - { فكذبهم الله بقوله : ? - - الله درهم - - - ?? - ? بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر ? - تمهيد - - ? - ? الله ?? - - - جل جلاله - { - ? - ? - ? - - ?- جل جلاله -? - الله أكبر - ? الله ? - ? - درهم الله ?? - - - ? { الله أكبر ? الله الله أكبر ? ? } - - { .
__________
(1) مسألة التقريب لشيخنا ناصر القفاري وفقه الله تعالى ج2/278-281 بتصرف .(9/224)
ولما صَدُّوا عما أنزل الله تعالى حكى الله عنهم اعتذارهم : ? الله الله ? الله أكبر - ??? - ? - - الله - الله ?? - ?- جل جلاله -? مقدمة ? مقدمة صدق الله العظيم ? - - جل جلاله - - ? - - - - جل جلاله - - ?? تمهيد - - - - الله الله أكبر ? صدق الله العظيم - الله } - - - - - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم تمهيد - - - - الله أكبر الله أكبر ? - الله أكبر الله { صدق الله العظيم - - تمهيد - - } الله أكبر ? - الله أكبر - جل جلاله - الله أكبر ??? الله الله أكبر - الله ? ? } تمهيد - { .
فالواجب ردُّ الباطل والأهواء المضلة بالكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة من الصحابة - رضي الله عنهم - فمن تبعهم بإحسان .
ولا نرى مثل هذا التوجه إلى نصرة التقريب ، وإدخاله في الإسلام ، إلا من السقوط في الفتنة ? - - درهم - - - ? - جل جلاله -? الله الله أكبر ? صدق الله العظيم - - جل جلاله -? - ? - - - المحتويات - ? الله أكبر ? الله ? - الله أكبر الله أكبر الله أكبر ? ? (1) .
أيها المسلم : إنَّ هذه الدعوة بجذورها ، وشعاراتها ، ومفرداتها ، هي من أشدِّ ما ابتُليَ به المسلمون في عصرنا هذا ..
وهذه الدعوة الآثمة ، والمكيدة المهولة ، قد اجتمعت فيها بلايا التحريف ، والانتحال ، وفاسد التأويل ، فلا ولاء ، ولا براء ، ولا تقسيم للملأ إلى مسلم وكافر أبداً ، فضلاً عن سني وبدعي , ولا لتعبدات الخلائق إلى حق وباطل , ونصبوا لذلك مجموعة من الشعارات , وصاغوا له كوكبة من الدعايات ، وعقدوا له المؤتمرات ، والندوات ، والجمعيات ، والجماعات ، إلى آخر ما هنالك من مخططات وضغطوط ، ومباحثات ظاهرة ، أو خفية ، معلنة ، أو سرية ، وما يتبع ذلك من خطوات نشيطة ، ظهر أمرها وانتشر , وشاع واشتهر .
__________
(1) درء الفتنة للشيخ بكر أبو زيد ص8 بتصرف .(9/225)
وإنَّ هذه الأمة المرحومة ، أمة الإسلام ، لن تجتمع على ضلالة (1) .
ولا يزال فيها - بحمد الله - طائفة ظاهرة على الحق ، حتى تقوم الساعة (2) ، من أهل العلم والقرآن ، والهدى والبيان ، تنفي عن دين الله تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، فكان حقاً علينا وعلى جميع المسلمين : التعليم ، والبيان ، والنصح ، والإرشاد ، وصد العاديات عن دين الإسلام , ومن حذَّر فقد بشَّر (3) .
ومن أراد الله سعادته جعله يعتبر بما أصاب غيره فيسلك مسلك من أيده الله ونصره ، ويجتنب مسلك من خذله الله وأهانه … (4) .
__________
(1) لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنَّ الله لا يجمع أمتي - أو قال - أمةَ محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالةٍ , ويدُ الله مع الجماعة رواه الترمذي , ب7/ما جاء في لزوم الجماعة , ح2167 , وصححه الألباني في المشكاة ج3/11 , وأما لفظ : لا تجتمع أمتي على ضلالة فقد ضعفه العيني في عمدة القاري ج2/52 .
(2) لقوله صلى الله عليه وسلم : لا يزال من أمتي أمةٌ قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم , ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك رواه البخاري رقم 3442 ومسلم باب 53 حديث 1037 رحمهما الله تعالى .
(3) الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان للشيخ بكر أبو زيد شفاه الله تعالى ص11 .
(4) مجموع الفتاوى35/388 .(9/226)
اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نُفتن (1) .
__________
(1) من دعاء ابن أبي مليكة رحمه الله تعالى ( رواه البخاري ح6641 باب/ما جاء في قول الله تعالى : ? المحتويات - ? - ? بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر - - - الله ? - ? الله ? الله أكبر الله أكبر صدق الله العظيم - - جل جلاله -? - بسم الله الرحمن الرحيم - درهم الله الله ? الله } - - ? - الله أكبر - الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - المحتويات - ? - ? - ? - ?? صدق الله العظيم ? الله أكبر ??- جل جلاله -? - - ? الله أكبر - عز وجل - - الله أكبر الله أكبر ? - - الله - ? وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحذِّر من الفتن , ومسلم ح2293 باب/إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته .(9/227)
قال أصحاب السماحة والفضيلة رئيس وأعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية برئاسة سماحة الشيخ/عبدالعزيز بن عبدالله بن باز , وسماحة نائبه/عبدالرزاق عفيفي رحمهما الله تعالى , وعضوية فضيلة الشيخ/عبدالله بن قعود , وفضيلة الشيخ/عبدالله الغديان وفقهما الله تعالى , في الفتوى رقم ( 7807 ) : إنَّ الدروز والنصيرية والإسماعيلية , ومن حذا حذوهم من البابية والبهائية قد تلاعبوا بنصوص الدين , وشرعوا لأنفسهم ما لم يأذن به الله , وسلكوا مسلك اليهود والنصارى في التحريف والتبديل , اتباعاً للهوى , وتقليداً لزعيم الفتنة الأول : عبدالله بن سبأ الحميري رأس الابتداع والإضلال والإيقاع بين جماعة المسلمين , وقد عمَّ شره وبلاؤه وافتتن به جماعات كثيرة فكفروا بعد إسلامهم , وتمكنت بسببه الفرقة بين المسلمين , فكانت الدعوة إلى التقارب بين هذه الطوائف وجماعة المسلمين الصادقين دعوة غير مفيدة , وكان السعي في تحقيق اللقاء بينهم وبين الصادقين من المسلمين سعياً فاشلاً , لأنهم واليهود والنصارى تشابهت قلوبهم في الزيغ والإلحاد والكفر والضلال والحقد على المسلمين والكيد لهم , وإن تنوَّعت منازعهم ومشاربهم واختلفت مقاصدهم وأهواؤهم , فكان مثلهم في ذلك مثل اليهود والنصارى مع المسلمين , ولأمرٍ ما سعى جماعة من علماء الأزهر المصريين مع القُمِّي الإيراني الرافضي في أعقاب الحرب العالمية الثانية , وجدّوا في التقارب المزعوم , وانخدع بذلك قلة من كبار العلماء الصادقين ممّن طهرت قلوبهم , ولم تعركهم الحياة , وأصدروا مجلة سمّوها : ( مجلة التقريب ) وسرعان ما انكشف أمرهم لمن خُدع بهم , فباء أمر جماعة التقريب بالفشل , ولا عجب , فالقلوب متباينة , والأفكار متضاربة , والعقائد متناقضة , وهيهات هيهات أن يجتمع النقيضان , أو يتفق الضدان (1) .
__________
(1) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2/133-134 .(9/228)
وسُئل سماحة الشيخ / عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى : س7 : من خلال معرفة سماحتكم بتاريخ الرافضة ، ما هو موقفكم من مبدأ التقريب بين أهل السنة وبينهم ؟ .
ج7 : التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة غير ممكن , لأن العقيدة مختلفة ، فعقيدة أهل السنة والجماعة توحيد الله وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى ، وأنه لا يدعى معه أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل , وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الغيب ، ومن عقيدة أهل السنة : محبة الصحابة رضي الله عنهم جميعاً والترضي عنهم , والإيمان بأنهم أفضل خلق الله بعد الأنبياء , وأن أفضلهم أبو بكر الصديق ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي ، رضي الله عن الجميع ، والرافضة خلاف ذلك , فلا يمكن الجمع بينهما ، كما أنه لا يمكن الجمع بين اليهود والنصارى والوثنيين وأهل السنة ، فكذلك لا يمكن التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة لاختلاف العقيدة التي أوضحناها .
س8 : وهل يمكن التعامل معهم لضرب العدو الخارجي كالشيوعية وغيرها ؟ .
ج8 : لا أرى ذلك ممكناً ، بل يجب على أهل السنة أن يتحدوا وأن يكونوا أمة واحدة وجسداً واحداً , وأن يَدْعُوا الرافضة أن يلتزموا بما دلَّ عليه كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم من الحق ، فإذا التزموا بذلك صاروا إخواننا وعلينا أن نتعاون معهم ، أما ما داموا مصرِّين على ما هم عليه من بغض الصحابة وسبِّ الصحابة إلا نفراً قليلاً , وسب الصديق وعمر , وعامة أهل البيت كعلي - رضي الله عنه - وفاطمة والحسن والحسين ، واعتقادهم في الأئمة الاثني عشرة أنهم معصومون وأنهم يعلمون الغيب , كل هذا من أبطل الباطل , وكل هذا يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة (1) .
__________
(1) مجموع فتاوى سماحته رحمه الله تعالى ج5/130-131 .(9/229)
وإنَّ حال الدعاة إلى التقريب من الفرق المبتدعة هم كما قال الله تعالى : ? - - - - تمهيد - الله ? ?? الله أكبر ?? - ? - ? المحتويات - - ? - الله أكبر ? - الله الله أكبر ? - بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله ? - - ? - - - - تمهيد - الله ? المحتويات - ?? - ? الله - المحتويات - ? - ?? الله ? - ? الله أكبر ? صدق الله العظيم - - ? الله ? الله ?- جل جلاله -? - الله الله أكبر ? - - - ? - - الله ?- جل جلاله -? - - جل جلاله -?? صدق الله العظيم - الله ?? - ? - - ? .
اللهم إني قد بينتُ ونصحتُ في هذا كلَّ مسلم قدَّر نفسه حق قدرها , مؤمناً بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ، فأذعنَ للحق ، اللهم فاشهد (1) .
وإنني أدعو مشايخي وإخواني طلبة العلم إلى بذل الجهد في التحذير من البدع والإحداث في الدين , وخاصة بدعة التقريب بين الأديان , وبين الفرق المنتسبة للإسلام .
فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قامَ خطيباً , فكان فيما قال : ألا , لا يَمنعنَّ رجلاً هيبةُ الناسِ , أنْ يقولَ بحقٍّ إذا علمهُ , قال : فبكى أبو سعيد , وقال : قد والله ! رأينا أشياءَ فَهِبْنَا (2) .
__________
(1) كتاب الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان للشيخ بكر أبو زيد شفاه الله تعالى ص28-29 بتصرف يسير .
(2) رواه الإمام أحمد ح11516 , وابن ماجة ح4007 ب/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , والترمذي ح2191 ب/ما جاء ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بما هو كائن إلى يوم القيامة , وصححه الألباني في الصحيحة رقم 168 .(9/230)
وقال - صلى الله عليه وسلم - : عليكم بسنتي وسنةِ الخلفاء الراشدينَ المهديينَ , تَمسَّكوا بها , وعَضُّوا عليها بالنواجذِ , وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ , فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ , وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ (1) .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : ما ابتدعَ قومٌ بدعةً إلا نزَعَ الله عنهم من السُّنةِ مثلَها (2) .
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : أن تحذير الأمة من البدع والقائلين بها واجب باتفاق المسلمين (3) .
__________
(1) رواه أبو داود ح4607 ب/في لزوم السنة , واللفظ له , وابن ماجة ح42 ب/اتباع سنة الخلفاء الراشدين , والترمذي ك/العلم , ب/ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع , ح2676 وقال : حديث حسن صحيح , وصحح إسناده الحاكم في المستدرك , ك/العلم ج1/95-96 ووافقه الذهبي , وصححه الألباني ( ابن ماجة 42 ) .
(2) رواه الإمام أحمد ح16970 , وجوَّد إسناده الحافظ في الفتح ج13/267 .
(3) مجموع الفتاوى ج28/231 .(9/231)
وأختم كتابي هذا بحديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال : كان الناسُ يَسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير , وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يُدركني , فقلت يا رسول الله : إنا كنا في جاهلية وشر , فجاءنا الله بهذا الخير , فهل بعد هذا الخير شر ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : نعم ! فقلت : هل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : نعم , وفيه دخن ؟ قلت : وما دخنه ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : قوم يستنون بغير سنتي , ويهدون بغير هديي , تعرف منهم وتنكر ! فقلت : هل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : نعم , دعاةٌ على أبواب جهنم , من أجابهم إليها قذفوه فيها ! فقلت : يا رسول الله صفهم لنا ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : نعم , قوم من جلدتنا ! ويتكلمون بألسنتنا ! قلت يا رسول الله : فما ترى إن أدركني ذلك ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ! فقلت : فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : فاعتزل تلك الفرق كلَّها , ولو أن تعضَّ على أصل شجرة , حتى يدركك الموت وأنت على ذلك (1) .
__________
(1) رواه البخاري ح3411 باب : علامات النبوة في الإسلام , ومسلم ح1847 باب : وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال , وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة .(9/232)
قال أبو العالية : تعلَّموا الإسلام , فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه , وعليكم بالصراط المستقيم , فإنه الإسلام , ولا تنحرفوا عن الصراط يميناً ولا شمالاً , وعليكم بسنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - وإياكم وهذه الأهواء , انتهى , تأمل كلام أبي العالية هذا ما أجلَّهُ , واعرف زمانه الذي يُحذِّرُ فيه من الأهواء التي من اتبعها فقد رغب عن الإسلام , وتفسير الإسلام بالسنة , وخوفه على أعلام التابعين وعلمائهم من الخروج عن السنة والكتاب !! يتبين لك معنى قوله تعالى : ( ( - ( { - رضي الله عنه - - - - - (( - - - ((( مقدمة - - - عليه السلام - - ( المحتويات ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( وقوله : ( - ( - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - { - ( - ( بسم الله الرحمن الرحيم (( - (- رضي الله عنه - - ( - ( { ( مقدمة - ( - - رضي الله عنه - - ( - قرآن كريم ( { ((- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( - - رضي الله عنه - تمهيد (- رضي الله عنه - - } تمت ( { { - - - - - - - - ((( - - ( المحتويات ( - - - - رضي الله عنه -(((- صلى الله عليه وسلم - - - - - - - - ( - صدق الله العظيم ( - قرآن كريم ( - - - - صدق الله العظيم ( { بسم الله الرحمن الرحيم ( - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( - ( - - تم بحمد الله ((((( ( وقوله تعالى : ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - (( - - رضي الله عنه - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ( - { - ( } تم بحمد الله - بسم الله الرحمن الرحيم (( - (- رضي الله عنه - - ( - ( { - صدق الله العظيم ( { صدق(9/233)
الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - مقدمة ((- رضي الله عنهم - - (( مقدمة - - ((- رضي الله عنه - الله أكبر ( وأشباه هذه الأصول الكبار التي هي أصل الأصول , والناس عنها في غفلة , وبمعرفته يتبين معنى الأحاديث في هذا الباب وأمثالها , وأما الإنسان الذي يقرأها وأشباهها , وهو آمن مطمئن أنها لا تناله !! ويظنها في قوم كانوا فبادوا !! ( } - قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله - صلى الله عليه وسلم - - - (- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - - ( تمهيد - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - - - - - - ( ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ( تمهيد - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - - - صدق الله العظيم ( { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( قرآن كريم - { ( - - - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (- رضي الله عنهم - - ( - - - (((( ( (1) .
أسأل الله سبحانه أن يهدي ضالَّ المسلمين , وأن يُذهب عنا وعنهم البأس , وأن يصرف عنا وعنهم كيد الكائدين , والفتن والفواحش ما ظهر منها وما بطن , وأن يثبتنا جميعاً على الإسلام حتى نلقاه , وأنْ يرزقني الإخلاص والصواب في القول والعمل , وأن يُصلح لي النيَّة والذريَّة وأن يُحسن لي الخاتمه , وأن يغفر لي ولوالدي وأهلي وجميع المسلمين , إنَّ الله لسميع الدعاء .
يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك , وعظيم سلطانك , والحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين .
المؤلف
عبدالرحمن بن سعد الشثري
رحمه الله تعالى
( الفهرس )
العنوان الصفحة
__________
(1) فضل الإسلام لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى ص28-29 .(9/234)
المقدمة ... 1
س 1/ من هم الشيعة ؟ . ... 5
س 2/ ما أصل نشأة المذهب الشيعي ؟ . 5
س 3/لو عرَّفتم لنا من هم الأئمة الاثني عشر في اعتقاد علماء الشيعة الإمامية ؟ . ... 6
س 4/هل قال أحدٌ من علماء الشيعة المعتبرين : بوجود آيات سخيفة في كتاب الله تعالى !! ؟ ... 6
س 5/ هل قال أحدٌ من علماء الشيعة بأنَّ جبريل - عليه السلام - قد غلط في إنزاله الوحي ؟ . ... 7
س6 /هل قال أحد منهم بأنَّ قول أحد أئمتهم ينسخ القرآن أو يُقيِّدُ مطلقه أو يُخصِّص عامَّه ُ؟. ... 7
س 7/ ما اعتقاد علماء المذهب الشيعي في تأويل القرآن ؟ . 8
س 8/ما أصل وجذور هذه التأويلات التي يذكرونها للقرآن , مع ذكر بعض الأمثة لذلك ؟ . ... 10
س 9/ من أول من قال بنقص القرآن وزيادته من علماء الشيعة ؟ . ... 13
س 10/ كيف كانت بداية قول علماء الشيعة بنقص القرآن وزيادته وتحريفه ؟ . ... 14
س 11/ نأمل تلخيص معتقد علماء الشيعة , في وجود التحريف والنقص والزيادة في القرآن ؟ . ... 15
س 12/هل القول بتحريف القرآن ونقصانه في اعتقاد علماء الشيعة بلغ مبلغ التواتر عندهم ؟ ... 16
س 13/ نأمل ذكر بعض الأمثلة التي صرَّح فيها علماء الشيعة بمعتقدهم بتحريف القرآن ؟ . ... 16
س 14/ إذاً : ما هو اعتقاد علماء الشيعة في العدد الصحيح لآيات القرآن , وهل اتفقوا ؟ . ... 18(9/235)
س 15/ ما موقف علماء الشيعة المعاصرين من عقيدة القول بتحريف القرآن باختصار ؟ . ... 18
س 16/ لو ذكرتم لنا نماذج من تفسير علماء الشيعة للآيات الكتاب العزيز ؟ . ... 20
س 17/ بماذا يفسرون قول الله تعالى : ? - جل جلاله -? بسم الله الرحمن الرحيم - ?- جل جلاله -? الله ? - ? - - الله ? صدق الله العظيم ? - - - - ? - - - عليه السلام -? الله ? { { - - - ? - - - ?? - ? صدق الله العظيم - - - الله الله أكبر ? - - الله ?- جل جلاله - - ? . ... 22
س 18 / ما هي منزلة أقوال الأئمة الاثني عشر وأطفالهم عند علماء المذهب الشيعي ؟ 22
س 19/ إذاً : ما هي السنة عند علماء الشيعة ؟ . 23
س 20/ إذاً : فهل بلَّغَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشريعة كلها قبل وفاته , في اعتقادهم ؟ . 23
س 21/ ما هو موقف علماء المذهب الشيعي من مرويات الصحابة - رضي الله عنهم - ؟ . ... 23
س 22/ ما هي حقيقة ( حكايات الرقاع ) في المذهب الشيعي ؟ . ... 25
س 23/ ما هو سبب تأليف الطوسي لكتابه تهذيب الأحكام , وكم عدد أحاديثه ؟ . 26
س 24/ ماذا يقول علماء الشيعة المعاصرون عن مصادرهم في التلقي ؟ . 27
س 25/ هل يوجد في المذهب الشيعي الاصطلاح المعروف في تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف , كما هو عند أهل السنة , ومتى وجد في المذهب الشيعي , ولماذا ؟ . 28(9/236)
س 26/هل يوجد في المذهب الشيعي تناقضات واختلافات في جرح بعض رواتهم وتعديله ؟ . 28
س 27/ هل الإجماع حجة عند علماء المذهب الشيعي , ومتى ؟ . 28
س 28/ ما عقيدة علماء الشيعة في توحيد الألوهية ؟ . ... 29
أولاً : أنّ علمائهم يعتقدون : ( أنّ الله تعالى لا يستغني عن أئمتهم ) ؟ . ... 29
ثانياً : اعتقاد علماء الشيعة : ( بالحلول والاتحاد الكلي ) ؟ . ... 29
ثالثاً : أنَّهم يعتقدون : أنّ نصوص القرآن الواردة في أعظم أصل .. ... 29
رابعاً : اعتقادهم ( أنّ أصل قبول الأعمال إنما هو الإيمان بإمامة الأئمة الاثني عشر .. ) ؟. ... 30
خامساً : اعتقاد علماء المذهب الشيعي : ( بأن أئمتهم هم الواسطة بين الله سبحانه وخلقه ) ... 30
المسألة الأولى : قول علماء الشيعة لا هداية للأنبياء إلا بولاية الأئمة .. . ... 31
المسألة الثانية : قول علماء الشيعة ( لم يُعبد الله ويُعرف إلا بأئمتهم ) ؟ . ... 31
المسألة الثالثة : قول علماء الشيعة : لا يُقبلُ الدعاء إلا بأسماء أئمتهم ؟ . ... 31
المسألة الرابعة : اعتقاد علماء الشيعة ( بأنَّ أئمتهم سريعي الإجابة ) ؟ . ... 31
المسألة الخامسة : قول علماء الشيعة ( لا يُستغاث إلا بالأئمة وأنهم هم النجاة والمفزع ) ؟ . ... 31
المسألة السادسة : اعتقادهم ( بأنّ الحجَّ إلى مشاهد الأئمة أعظم من أداء الركن الخامس..) ؟ ... 31(9/237)
المسألة السابعة : قول علماء الشيعة ( إنّ الإمام يُحرّم ما يشاء , ويُحلّ ما يشاء ) ؟ . ... 33
المسألة الثامنة : قولهم ( إنَّ تراب وطين قبر الحسين - عليه السلام - شفاء من كل داء ) ؟ . ... 33
المسألة التاسعة : اعتقادهم : ( بالاستنفاع بالدعاء بالطلاسم والرموز , والاستغاثة بالمجهول ) ... 34
المسألة العاشرة : قول علماء الشيعة : ( بمشروعية الاستخارة بالأزلام ) ؟ . ... 34
المسألة الحادية عشرة : اعتقاد علماء الشيعة ( بالتشاؤم بالأمكنة والأزمنة ) ؟ . ... 35
س 29/هل يجوز عند علماء الشيعة دعاء غير الله تعالى , ومتى ؟ . ... 35
س 30/ كيف خاطب الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج , في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 35
س 31/ كيف انشقَّ القمر نصفين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 36
س 32/ هل يُفرِّق علماء الشيعة بين الله تعالى , وبين أئمتهم ؟ . ... 36
س 33/ ما هو الشرك بالله تعالى , وما مفهوم البراءة من المشركين في اعتقادهم .. ؟ . ... 36
س 34/ هل للكواكب والنجوم تأثير في السعادة والشقاوة , بل وفي دخول الجنة والنار .. ؟ 37
س 35/ هل اختصّ الله تعالى أحداً بمفاتح الغيب غير نفسه في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 37
س 36/ ما عقيدة علماء الشيعة في توحيد الربوبية ؟ . ... 37
المسألة الأولى : قول علماء الشيعة : ( إنّ الربَّ سبحانه هو إمامهم ) ؟ . ... 37(9/238)
المسألة الثانية : قولهم : ( بأنّ الدنيا والآخرة كلّها للإمام , يتصرف بها كيف يشاء ) ؟ . 38
المسألة الثالثة : قول علماء الشيعة : ( الحوادث الكونية كلّها من فعل الإمام ) ؟ . ... 38
المسألة الرابعة : قول علماء الشيعة : ( بأنّ عليّاً - رضي الله عنه - فرعٌ من فروع الربوبية ) ؟ . ... 39
المسألة الخامسة : قول علماء الشيعة : ( إنّ جزءاً من الله تعالى حلّ في أئمتهم ) ؟ . ... 39
المسألة السادسة : اعتقدادهم ( بأنَّ علياً - رضي الله عنه - يُحيي الموتى ) ؟ . ... 39
أعلى مقامات التوحيد عند علماء الشيعة ؟ . ... 40
س 37/ ما عقيدة علماء الشيعة في توحيد الأسماء والصفات ؟ . ... 40
المسألة الأولى : قول علماء الشيعة ( بالتجسيم ) . ... 40
المسألة الثانية : قول علماء الشيعة ( بالتعطيل ) ؟ . ... 40
المسألة الأولى : قول علماء الشيعة ( بأنّ القرآن مخلوق ) ؟ . ... 41
المسألة الثانية : قول علماء الشيعة ( بأنّ المؤمنين لا يرون ربهم سبحانه يوم القيامة ) ؟ . ... 41
المسألة الثالثة : قول علماء الشيعة ( بنفي نزول الله تعالى ) ؟ . ... 42
المسألة الرابعة : وصف علماء الشيعة ( أئمتهم بأسماء وصفات الله ( ) ؟ . ... 42(9/239)
المسألة الخامسة : زعم علماء الشيعة ( أنَّ في الأئمة جزءاً إلهياً ) ؟ . ... 43
س 38/ ما مفهوم الإيمان عند علماء المذهب الشيعي ؟ . ... 44
س 39/هل قال علماء الشيعة بشهادة ثالثة مع الشهادتين .. ؟ . ... 44
س 40/ ما اعتقاد علماء الشيعة في الإرجاء ؟ . ... 44
س 41/ ما اعتقاد علماء الشيعة في الوعد من الله ( ؟ . ... 44
حكم الاحتفال في العاشر من محرَّم في كل عام بتمثيل قتل الحسين - رضي الله عنه - ؟ . ... 45
س 42/ ما الذي حفظ الإسلام منذ أربعة عشر قرناً في اعتقاد إمام الشيعة الأكبر الخميني ؟ 45
س 43/ ما اعتقاد علماء الشيعة في الوعيد من الله تعالى ؟ . ... 45
س 44/ ما اعتقاد علماء المذهب الشيعي في الإيمان بالملائكة ؟ . ... 46
س 45/ما اعتقاد علماء الشيعة في الإيمان بالركن الثالث وهو الإيمان بالكتب ؟ . ... 47
المسألة الأولى : يؤمن علماء الشيعة : ( بأنّ الله - سبحانه وتعالى - أنزل كتباً على أئمتهم ) ؟ . ... 47
المسألة الثانية : يؤمن علماء الشيعة ( بأنّ جميع الكتب السماوية عند أئمتهم ) ؟ . ... 51
س 46/ أيهما الأفضل عند علماء الشيعة : رسول الله محمد ( والأنبياء أو أئمتهم ؟. ... 51
س 47/ هل تقوم الحجة لله تعالى على خلقه بالنبي ( أو بالإمام , في اعتقاد علماء الشيعة ؟. ... 52
س 48/ هل يقول علماء الشيعة بنزول الوحي على أئمتهم ؟ . ... 52(9/240)
س 49/ما اعتقاد علماء الشيعة في الإيمان بالركن الخامس وهو الإيمان باليوم الآخر ؟ . ... 53
س 50/ من الذي يُسهلُ موت المؤمنين ويُشدّدُ موت الكافرين في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 53
س 51/ ما الأمان للميت من عذاب القبر , في اعتقاد علماء المذهب الشيعي ؟ . ... 53
س 52/ ما أول ما يُسألُ عنه الميت عند وضعه في قبره , في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 53
س 53/ هل يوجد في اعتقاد الشيعة حشر بعد الموت قبل يوم القيامة ؟ . ... 53
س 54/ من الذي يُستثنى من طول المقام والمرور على الصراط يوم القيامة في اعتقادهم ؟ . ... 54
س 55/ ما اعتقاد علماء الشيعة في عدد أبواب الجنة , ولمن تكون ؟ . ... 54
س 56/ من الذي يُحاسِبُ الناس يوم القيامة في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 54
س 57/ كيف يجوز الإنسان الصراط يوم القيامة في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 55
س 58/من الذي يُدخل من يشاء الجنة , ومن يشاء إلى النار يوم القيامة , في اعتقادهم ؟ . ... 55
س 59/ ما هو اعتقاد علماء الشيعة : فيمن يَدخل الجنة من خلق الله تعالى ؟ . ... 55
س 60/ما اعتقاد علماء الشيعة في الإيمان بالقضاء والقدر ؟ . ... 55
س 61/ كم عدد الأوصياء , ومن هو آخرهم في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 56
س 62/ ما منزلة الإمامة عند علماء المذهب الشيعي ؟ . ... 57(9/241)
س 63/ ما حكم الاحتفال بعيد الغدير , وما حكم من أنكره لديهم ؟ . ... 58
س 64/هل الإمامة عندهم محصورة في عدد معين , ومن هو أول من قال بذلك من علمائهم ؟ ... 58
س 65/ هل يوجد بين علماء الشيعة اختلافٌ في عدد الأئمة ؟ . ... 58
س 66/ هل حصل بسبب اختلافهم في عدد أئمتهم , تكفير بعضهم لبعض ؟ . ... 60
س 67/ ما المخرج الذي خرج به علماء الشيعة من ورطتهم في القول بتحديد عدد الأئمة ؟. ... 60
س 68/ ما حكم من أنكر إمامة واحد من الأئمة في اعتقاد علماء الشيعة ؟ . ... 61
س 69/ ما موقف الرسول ( والأئمة من الصحابة - رضي الله عنهم - ؟ . ... 62
س 70/ هل اتبع علماء الشيعة أئمتهم في اعتقادهم في صحابة رسول الله ( , وباختصار ؟ 62
المسألة الأولى : يعتقد علماء الشيعة ( ردّة كلّ المسلمين بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) ؟ . ... 63
المسألة الثانية : اعتقادهم ( ردّة كل الصحابة - رضي الله عنهم - بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ثلاثة نفر فقط ) ... 63
المسألة الثالثة : اعتقاد علماء الشيعة ( نفاق أكثر الصحابة - رضي الله عنهم - في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ) ؟ . ... 64
س 71/ لو ذكرتم عقيدة الأئمة في أبي بكر - رضي الله عنه - باختصار ؟ . ... 66
س 72/ هل اتبع علماء الشيعة أئمتهم في اعتقادهم في أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ؟ . 65(9/242)
س 73/ ما عقيدة الأئمة في عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - باختصار ؟ . ... 66
س 74/ هل اتبع علماء الشيعة أئمتهم في اعتقادهم في عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ؟ 0 67
س 75/ ما عقيدة علماء الشيعة في أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما مجتمعين باختصار ؟ . 68
س 76/ لو ذكرتم لنا بعض مواقف عليّ - رضي الله عنه - مع عثمان بن عفان - رضي الله عنه - باختصار ؟ . ... 69
س 77/ هل اتبع علماء الشيعة أئمتهم في عقيدتهم في عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ؟ 0 ... 70
س 78/ لو بينت لنا عقيدة علماء الشيعة في الخلفاء الثلاثة - رضي الله عنهم - باختصار ؟ . ... 71
س 79/ ما اعتقاد علمائهم في زوجتي النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة وحفصة رضي الله تعالى عنهما ؟ . ... 71
س 80/ ما عقيدة علماء الشيعة في أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما ؟ ... 72
س 81/ ما هو آخر ما توصّلوا إليه في أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عائشة وحفصة ؟ . ... 72
س 82/ ما حقيقة أرض فدك كما نطقت به كتب الشيعة ؟ . ... 73
س 83/ هل ذكرت كتب الشيعة أنّ فاطمة رضي الله عنها غضبت على علي - رضي الله عنه - ؟ . ... 74
س 84/ بماذا تجيبون عمَّا يزعمه علماء الشيعة من مثالب ومعايب على الصحابة - رضي الله عنهم - ؟ . 74
س 85/ ما معنى عصمة الإمام وما منزلتها وهل هي من المسائل المجمع عليها عند علمائهم ؟. ... 74(9/243)
س 86/ هل يعتقد علماء الشيعة بعدم حصول السهو , والنسيان , من أئمتهم ؟ . ... 75
س 87/ لو لخصتم لنا كيف طوَّر علماء الشيعة عقيدتهم بعصمة أئمتهم ؟ . ... 76
س 88/ هل من الممكن ذكر بعض ما يزعمه علماء الشيعة من فضائل أئمتهم ؟ . ... 77
س 89/هل يعتقد علماء الشيعة بقاء معجزات أئمتهم وما أَثَرُ ذلك في حياة عوامهم اليومية ؟ ... 79
س 90/ ما حكم زيارة قبور وأضرحة الأئمة والأولياء عند علماء الشيعة ؟ . ... 79
س 91/ ما هي الآداب التي يوجبها علماء الشيعة لمن أراد زيارة المشاهد من شيعتهم ؟ . ... 80
س 92/ هل لمدن ( النجف وكر بلاء وقم والكوفة ) فضل عند علماء المذهب الشيعي ؟ . ... 81
س 93/ ما هو اعتقادهم في الصلاة والتوسل بقبور الأئمة والأولياء والحج إلى قبورهم ؟ . ... 82
س 94/ هل قَصَرَ علماؤهم هذه الفضائل المزعومة على زيارة قبور أئمتهم فقط ؟ . ... 83
س 95/ لو ذكرتم لنا بعض الفضائل المزعومة لزيارة قبر أمير علي - رضي الله عنه - باختصار ؟ . 84
س 96/ لو ذكرتم لنا بعض الفضائل المزعومة لزيارة قبر الحسين - رضي الله عنه - باختصار ؟ . ... 84
س 97/ما عقيدة علماء الشيعة في المجتهد من شيعتهم , وما حكم من ردّ عليه ؟ . ... 84
س 98/ما هي التَقِيَّة , وما فضلها في اعتقاد علماء المذهب الشيعي ؟ . ... 85
س 99/ما حكم ترك التقية عند علماء المذهب الشيعي ؟ . ... 86(9/244)
س 100/ متى تُترك التقية عند علماء الشيعة ؟ . ... 87
س 101/ لماذا نُشاهد بعض الشيعة يُصلي خلف أئمة المسجد الحرام والمسجد النبوي ؟ ... 87
س 102/ هل ما زالت التقية تؤدي دورها الخطير في المذهب الشيعي ؟ . ... 88
س 103/ ما هي الرجعة , ولمن تكون , وما عقيدة علماء الشيعة فيها ؟ . ... 89
س 104/ لماذا يُرجع جميع الأنبياء والمرسلين في اعتقاد علماء المذهب الشيعي ؟ . ... 90
س 105/ متى يكون حساب الخلق يوم القيامة , ومن الذي يتولى الحساب في اعتقادهم ؟ . ... 90
س 106/ من أول من قال بالرجعة , وكيف دخلت هذه العقيدة على المذهب الشيعي ؟ . 90
س 107/ ما هو البداء , وما عقيدة علماء الشيعة فيه , ومن هو أول من قال به منهم ؟ . ... 91
س 108/ ما سبب قولهم بعقيدة البداء مع مخالفتها للنقل من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة ؟ ... 92
س 109/ ما هي عقيدة علماء الشيعة في الغيبة , ومن أول من أحدثها ؟ . ... 93
س 110/ ولنا أن نسأل علماء الشيعة فنقول : أين إمامكم اليوم ؟ . ... 93
س 111/ بماذا يُعلّل علماء الشيعة سبب غيبة مهديهم المزعوم ؟ . ... 96
س 112/ ما حكم علماء المذهب الشيعي فيمن أنكر خروج القائم ؟ . ... 97
س 113/ ما الفائدة التي جناها علماء الشيعة من اختراعهم : لعقيدة الغيبة ؟ . ... 98
س 114/ متى تجب صلاة الجمعة عند علماء الشيعة ؟ . 98(9/245)
س 115/ هل يجوز الجهاد قبل خروج مهدي علماء الشيعة ؟ . ... 98
س 116/ إذاً ما حكم المجاهدين الذين فتحوا بلاد الكفار على مرّ التاريخ ؟ . ... 98
س 117/ ما هي عقيدة علماء الشيعة فيما سيفعله إمامهم الثاني عشر المزعوم عند خروجه ؟ 98
1- الانتقام من أبي بكر وعمر وعائشة - رضي الله عنهم - : ... 98
2- وضع السيف في العرب : ... 99
3- هدم المسجد الحرام , والمسجد النبوي , والحجرة النبوية : ... 99
4- إقامة حكم آل داود : ... 100
س 118/ هل ورد عن علماء الشيعة توقيت لخروج قائمهم ؟ . ... 101
س 119/ما المخرج الذي خرج به علماء الشيعة من عقيدة وجوب انتظار مهديهم المزعوم ؟. ... 102
س 120/ما هي الحقيقة في انتساب علماء الشيعة لآل البيت ؟ . ... ... 103
س 121/ هل سلم آل البيت - رضي الله عنهم - من سبّ وطعن علماء الشيعة , مع التمثيل لذلك ؟ 104
س 122/ ما عقيدة علماء الشيعة في الطينة ؟ . ... 105
س 123/ كم عدد بنات النبي - صلى الله عليه وسلم - عند علماء الشيعة ؟ . 105
س 124/ما عقيدة علماء الشيعة في أهل السنة ( ويسمونهم بالنواصب – العامة - المخالفين ؟ ... 106
س 125 / هل ورد فضل في المتعة , وما حكم من أنكرها عند علماء المذهب الشيعي ؟ . ... 107(9/246)
س 126/ هل يجوز عند علماء الشيعة التمتع بالرضيعة , وبالزانية ؟ 0 ... 108
س 127/ ما هو الخمس , وما عقيدة علماء الشيعة فيه ؟ . ... ... 108
س 128/ نأمل منكم تلخيص تطوّر الخمس لدى تجّار علماء المذهب الشيعي ؟ . 109
س 129 / ما عقيدة علماء المذهب الشيعي في البيعة ؟ . ... 110
س 130/ هل يجوز لأحد من الشيعة أن يُبايع أحداً من الأمراء أو الخلفاء .. ؟ . ... 111
س 131/ متى يجوز للشيعي العمل لدى خلفاء المسلمين ؟ . ... ... 111
س 132/ لو ذكرتم لنا أبرز الفتوحات الإسلامية التي حققها الشيعة في التاريخ ؟ . ... 111
س 133/ وأخيراً : هل علماء الشيعة يجتمعون معنا نحن أهل السنة على ربٍّ واحدٍّ .. ... 112
الخاتمة ... ... 114
الفهرس ... ... 132(9/247)
عقائد
الشيعة الاثنى عشرية
133 سؤالاً وجواباً
تقديم
سماحة الشيخ/عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
وفقه الله تعالى
تأليف
عبد الرحمن بن سعد الشثري
تنبيه : جميع كتبي ورسائلي وقفٌ لله تعالى , ومن أراد طبعها لتوزيعها مجَّاناً , أو لبيعها بسعرٍ معتدلٍ فله ذلك وجزاه الله عني خيراً , ومن أراد إنزالها في الأنترنت فجزاه الله عني خيراً .
http://www.saaid.net/
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أرسل محمداً بشيراً ونذيراً , وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً , وفضَّل صحابته ومنحهم فضلاً كبيراً , فصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه صلاة وسلاما متتابعاً كثيراً .
وبعد : فقد قرأت هذه الرسالة القيِّمة التي جمعها وألَّفها الشيخ/عبدالرحمن بن سعد الشثري أحد طلبة العلم , والذي جمع فيها ما يتعلَّق بعقيدة الرافضة الاثنى عشرية , حيث أنهم قد تمكنوا وانتشروا ودعوا إلى عقيدتهم الزائغة , وأوهموا العامة والجهلة أنهم يُحبُّون أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم مع اقتصارهم على الإمام علي بن أبي طالب واثنين من أولاده الكثيرين دون أعمامه وأبناء عمه وسائر بني هاشم , مع أنهم أظهروا عقيدتهم في بقية الصحابة وبالأخص الخلفاء الأربعة دون علي وأعلنوا أنهم كفار منافقون مشركون , وصرَّحوا بكل وقاحة بلعنهم وسبِّهم وأقذعوا في ذلك , كما تُصرِّحُ به كتبهم وأشرطتهم ودعاتهم , فقد بيَّن الكاتب وفقه الله تعالى ما يُكنِّونه وما يعتقدونه , ناقلاً عن كتبهم التي لا يجرؤن على نشر ما فيها , لكنها فضحتهم , فنأمل من القارئ أن يُبيِّنَ للناس حقدهم وبُغضهم للسنة وأهلها حتى لا ينخدع بهم من يَجهلُ حقيقتهم .
ونسأل الله تعالى أن يَهدي ضالَّ المسلمين , وأن يُرشد غاويهم , وأن يُبطل كيد الماكرين , والله تعالى أعلم , وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم 8/1/1426هـ .
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
عضو إفتاء متقاعد(10/1)
بسم الله الرحمن الرحيم
( المقدمة )
الحمد لله العليِّ الكبير ، مجيب دعوة المضطرين ، وكاشف كرب المكروبين ، وموهن مكر الماكرين ، سبحانه لا يهدي كيد الخائنين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين , نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد : فأداء لبعض ما أوجب الله من البلاغ والبيان ، والنصح والإرشاد ، والدعوة إلى الحقِّ ، والتواصي به ، والدلالة عليه ، وبذل الأسباب لدفع الشرور عن المسلمين ، والتحذير منها ، حتى تكون أمة الإسلام كما أراد الله منها ، أمة متماسكة ، مترابطة متراحمة ، تَدينُ بالإسلام : اعتقاداً ، وقولاً ، وعملاً , مستمسكة بالوحيين الشريفين : الكتاب والسنة ، لا تتقاسمها الأهواء ، ولا تنفذ إليها الأفكار الهدامة ، ولا يبلغ منها الأعداء مبلغهم , كما قال الله تعالى : ? ? الله ? الله ? ?- جل جلاله -? الله الله أكبر - صدق الله العظيم ? الله الله أكبر ? - جل جلاله - - ? - - - - جل جلاله - - صدق الله العظيم - الله ? الله الله أكبر ? ??- جل جلاله - - - ? - عليه السلام -? - ? - تمهيد - - ? - الله - - ? - ? - - جل جلاله -? الله الله أكبر - الله أكبر ? { الله - ? ? وقال الله تعالى : ? الله الله ? - - - الله ? - الله - - الله أكبر الله ? ?- جل جلاله -? - الله - - ? - - ? - - جل جلاله -? الله الله أكبر - صدق الله العظيم { - الله ? - - ?? - ?- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - الله أكبر - - - الله أكبر الله الله أكبر ? - الله درهم الله ? المحتويات - ? - ?- جل جلاله - - الله الله - الله الله أكبر - الله ? - - الله أكبر الله أكبر - ? { ? - - ?? الله الله - الله ? الله - الله الله أكبر ? ?? الله أكبر ?- جل جلاله - - ? الله ? - - - جل(10/2)
جلاله -?- جل جلاله -? - - جل جلاله - - - الله أكبر الله أكبر ? ?? الله أكبر ?- جل جلاله -? - - - ? الله أكبر ? - ? - ?? الله ? - - جل جلاله -?- جل جلاله - - ?? - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? الله ? - ? الله ?? - ? بسم الله الرحمن الرحيم - - ??? الله أكبر - ? .
وإننا نعيش في هذا الزمان الذي انفتح فيه العالم بعضه على بعض , حتى كثرت في ديار المسلمين الأخلاط , وكَثُرَ سَوادُ أهل الفرق , في وسط مِنْ تَدَاعي الأُمَمِ علينا , كما في حديث ثوبان - رضي الله عنه - مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يُوشكُ أنْ تَداعَى عليكم الأُمَمُ من كلِّ أُفُقٍ كما تَدَاعى الأَكَلَةُ على قَصْعَتِها , قال قلنا يا رسولَ الله : أَمِنْ قِلَّةٍ بنا يومئذٍ , قال - صلى الله عليه وسلم - : أنتم يومئذٍ كثيرٌ , ولكنْ تكونونَ غُثاءً كغثاء السَّيلِ , تُنْتَزَعُ المهابةُ من قلوب عدوِّكم , ويُجعلُ في قلوبكم الوَهْنُ , قال : قلنا : وما الوهنُ , قال - صلى الله عليه وسلم - : حبُّ الحياةِ , وكراهيةُ الموتِ (1) .
وأمامَ هذا : غيابُ كثير من رؤوس أهل العلم حيناً , وقعودهم عن تبصير الأمة في الاعتقاد أحياناً , وفي حالة غفلة سرت إلى مناهج التعليم , بضعف التأهيل العَقَدي , وتثبيت مسلَّمات الاعتقاد في أفئدة أولاد المسلمين , وقيام عوامل الصدِّ والصدود عن غرس عقيدة السلف وتعاهدها في عقول الأمة .
في أسباب تمورُ بالمسلمينَ موراً , يجمعها غايتان :
__________
(1) رواه الإمام أحمد رقم 22397 ج37/82 وغيره , وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 8183 .(10/3)
الأولى : كسر حاجز ( الولاء والبراء ) بين المسلم والكافر , وبين السني والبدعي , وهو ما يُسمَّى في التركيب المُوَلَّدِ باسم : ( الحاجز النفسي ) فيُكسرَ تحت شعارات مضلِّلَة : ( التسامح ) و ( تأليف القلوب ) ( نبذ الشذوذ والتطرف والتعصب ) ( الإنسانية ) ونحوها من الألفاظ ذات البريق , والتي حقيقتها ( مؤامراتٌ تخريبية ) تجتمع لغاية القضاء على المسلم المستمسك بدينه .
الثانية : فُشُوُّ ( الأُميَّةِ الدينية ) حتى ينفرط العقد وتتمزق الأمة , ويسقط المسلم بلا ثمن في أيديهم وتحت لواء حزبياتهم , إلى غير ذلك مما يُعايشه المسلمون في قالب ( أزمة فكرية غُثائية حادَّة ) أفقدتهم التوازن في حياتهم , وزلزلت السند الاجتماعي للمسلم ( وحدة العقيدة ) كلٌّ بقدر ما علَّ من هذه الأسباب ونَهَلَ , فصارَ الدَّخَلُ , وثارَ الدَّخَنُ , وضعفت البصيرة , وَوَجَدَ أهلُ الأهواء والبدع مجالاً فسيحاً لنثر بدعهم ونشرها , حتى أصبحت في كفِّ كلِّ لاقطٍ , وذلك من كلِّ أمرٍ تعبديٍّ مُحْدَث لا دليل عليه ( خارج عن دائرة وقف العبادات على النصِّ ومورده ) .
فامتدت من المبتدعة الأعناق ! وظهر الزيغ ! وعاثوا في الأرض الفساد ! وتجارت الأهواء بأقوام بعد أقوام ! فكم سمعنا بآلاف من المسلمين , وبالبلد من ديار الإسلام , يعتقدون طُرُقاً ونِحَلاً مَحَاها الإسلام , إلى آخر ما هنالك من الويلات التي يتقلَّبُ المسلمون في حرارتها , ويتجرَّعون مرارتها (1) .
__________
(1) هجرُ المبتدع للعلامة بكر بن عبدالله أبو زيد , ص5-6 بتصرف يسير .(10/4)
لذلك رأيتُ إخراج ما كتبته عن معتقد الشيعة الإمامية , ومن مصادرهم الأصلية فقط , على طريقة السؤال والجواب : تذكيراً بفرائض الدين ، ولإنقاذ المسلمين مما أَخَذَ بعض المفتونين – الذين سقطوا في الفتنة – كلُّ ذلك حراسة للدين , وحمايته من العاديات عليه , وعلى أهله , قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : فالمْرصَدُونَ للعلم , عليهم للأمة حفظ علم الدين , وتبليغه , فإذا لم يبلغوهم علم الدِّين , أو ضيعوا حفظه , كان ذلك من أعظم الظلم للمسلمين , ولهذا قال الله تبارك وتعالى : ? الله الله ? تمهيد - - الله ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - ? - - الله ?? - ? - - - ? الله ? - - الله ? - الله الله أكبر ? - ? الله { ? - - - الله ?- جل جلاله -? - - - الله أكبر الله الله أكبر ? الله - - الله أكبر الله أكبر الله - - ? - - - عليه السلام -? الله - - ? - ? - - الله ? - ?- جل جلاله -? - جل جلاله - - صدق الله العظيم ? الله الله أكبر - - الله ? - ? الله أكبر - الله أكبر الله أكبر الله الله الله أكبر ? الله الله - الله الله أكبر - - { - بسم الله الرحمن الرحيم - ?- جل جلاله -?? ? - - درهم - الله أكبر الله أكبر الله - - جل جلاله -? - ? - - ?? تمهيد - ? - - الله أكبر الله أكبر - ? بسم الله الرحمن الرحيم ? - الله أكبر - - ? - ? - ? الله ? - ? الله الله أكبر ? - ? - - - - - ? - ? - ? الله ? - ? الله الله أكبر ? الله ? - ?? - ?- جل جلاله -? - الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم - ?? - - ? } - - - { فإنَّ ضرر كتمانهم , تعدَّى إلى البهائم وغيرها , فلعنهم اللاعنون حتى البهائم (1) .
__________
(1) مجموع الفتاوى ج28/187 .(10/5)
وقال الإمام يحيى بن يحيى رحمه الله تعالى : الذبُّ عن السنة أفضل الجهاد (1) .
ولقد اشتدَّ نكيرُ السلف والأئمة رحمهم الله على البدع , وصاحوا بأهلها , من أقطار الأرض , وحذَّروا فتنتهم أشدَّ التحذير , وبالغوا في ذلك ما لم يُبالغوا مثله في إنكار الفواحش , والظلم , والعدوان , إذ مضرَّةُ البدع , وهدمها للدِّين , ومنافاتها له أشد (2) .
وقال أبو الوفاء بن عقيل رحمه الله تعالى : إذا أردت أن تعلم محلَّ الإسلام من أهل الزمان , فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع , ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك , وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة ... وهذا يدلُ على بُرودة الدين في القلب (3) .
__________
(1) مجموع الفتاوى ج4/13 .
(2) مدارج السالكين ج1/372 بتصرف .
(3) الآداب الشرعية لابن مفلح ج1/268 .(10/6)
وإني أدعو الله عزَّ وجل : أن يجعل هذه الرسالة وأصلها سببٌ مباركٌ لحمل النفوس , على إعمال هذه ( السنة الماضية ) في حياة المسلمين الجهادية الدفاعية عن حرمات الإسلام , وأنها من حقوق الله التعبدية من جنس : الجهاد , والأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر , لا سيَّما والحاجة إليها ملحَّة في هذه الأزمنة , فإنَّ وطأة الأهواء شديدة , وَسُبُلَها متكاثرة , لكثرة المضلِّين المفتونين الرابضين بيننا , المنطوين على رَشْحٍ أصاب ضمائرهم , بآراء ساقطة يُخْزي بعضُها بعضاً , من عَلْمنةٍ – أي النفاق - وحَدَاثةٍ , وعصرانيةٍ , وإباحيَّة ... وتلك الدعوة الفجة الفاجرة تحت غطاء : حرِّية الأديان , مجمع الأديان , زمالة الأديان العالمية .. والتي سرت في ظلالها الدعوة الفاشلة إن شاء الله تعالى للتقريب بين السنة والمذاهب الأخرى , إلى آخر تلك الدعوات التي تجتث من القلوب قاعدة الإسلام : الولاء والبراء , والله تعالى يقول : ? - الله درهم الله ? ??- جل جلاله - - بسم الله الرحمن الرحيم - - الله الله أكبر - صدق الله العظيم ? - ? - ? - - - ? صدق الله العظيم ? - - - ?? - ? صدق الله العظيم } الله - صدق الله العظيم - - - الله ? ? - - - الله ?? - ?- جل جلاله - - { الله أكبر ? الله الله أكبر ? - ? الله ? - ? صدق الله العظيم ? الله الله أكبر - - - الله ? الله ? الله { ? - - - - ? - - - - - ?? صدق الله العظيم - - ? تمهيد - - ? .
ومن أَلأَم تلك الأهواء : خُطَّةٌ كافرة المَنْبَت : تسليط المطاعن على السُنَّة وحملتها , والاستهزاء بهم , والسخرية منهم , والتسليط عليهم , وهذا من أوسع أودية الباطل التي يخوضها المبطلون جهاراً نهاراً .(10/7)