تنبيه: تاريخ الوفاة هو تاريخ تنصيب من بعده من الدعاة.(50/86)
من قتل الحسين رضي الله عنه ؟
عبد الله بن عبد العزيز
بسم الله الرحمن الرحيم
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لااله الا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله "ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وأنتم مسلمون " .
"ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ان الله كان عليكم رقيبا " . " ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً " .
أما بعد فان أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
مقتل الحسين رضي الله عنه من الأمور التي يلهج الشيعة به كثيراً ويحاولون من خلاله تشويه تاريخ هذه الأمة وكأن الصراع قد وقع بين من يمثل الشيعة وهو الحسين ويزيد الذي يمثل أهل السنة هكذا يصور الشيعة الصراع .
ان الحسين رضي الله عنه سيد من سادات أهل السنة والجماعة واعتقادهم فيه أنه مات شهيداً سعيداً أكرمه الله بالشهادة وأهان قاتليه ، فقتله مصيبة عظيمة يسترجع عندها بقوله عز وجل " وبشر الصابرين الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون(51/1)
أما الشيعة فيكفيك قول الحسين رضي الله عنه " … أما بعد فانه قد أتانا خبر فظيع ، قتل مسلم بن عقيل وهانىء بن عروة وعبد الله بن يقطر وقد خذلنا شيعتنا … "(1) بل ان أحدهم قال له والعياذ بالله : " ياحسين أبشر بالنار " لذا حملتهم زينب بنت على رضي الله عنهما مسئولية خذلان الحسين وقتله كما سترى في هذا المختصر الذي دفعني الى تأليفه كثرة الخوض في هذا الموضوع واسغلال الشيعة له استغلالاً مذهبياً طائفياً بعيداً عن العدل والانصاف ، يقابله اهمال أهل السنة لهذا الجانب .
وقد قسمت هذا البحث الى ستة فصول :
الفصل الأول : أهل السنة وآل البيت رضي الله عنهم ويتكون من مبحثين :
المبحث الأول : منزلة أهل البيت عند أهل السنة والجماعة .
المبحث الثاني : موقف أهل السنة من مقتل الحسين رضي الله عنه .
الفصل الثاني : ماذا تعرف عن الكوفة ؟ وفيه مبحثان :
المبحث الأول : الكوفة عقد دار الشيعة .
المبحث الثاني : الكوفة موطن الغدر .
الفصل الثالث : الشيعة وآل البيت رضي الله عنهم وفيه ثمانية مباحث
المبحث الأول : غدر الشيعة بأهل البيت رضي الله عنهم .
المبحث الثاني : كتب الشيعة تصل الى الحسين رضي الله عنه .
المبحث الثالث : الحسين يرسل مسلم بن عقيل .
المبحث الرابع : الحسين رضي الله عنه يتوجه الى الكوفة .
المبحث الخامس : الغدر بمسلم بن عقيل .
المبحث السادس : نزول الحسين رضي الله عنه أرض كربلاء .
المبحث السابع : من قتل الحسين رضي الله عنه ؟
المبحث الثامن : من قتل مع الحسين من أهل البيت رضي الله عنهم ؟
الفصل الرابع : الشعائر الحسينية وفيه أربعة مباحث :
المبحث الأول : الشعائر الحسينية طقوس لم تكن على عهد الأئمة .
المبحث الثاني : الشيعة يستحدثون بدعة النياحة واللطم .
المبحث الثالث : فتاوى كبار علماء الشيعة تجوز العمل ببدعة النياحة واللطم وغيرها
__________
(1) 1،2) وهو ما سنقف عليه في هذا المبحث بروايات الشيعة أنفسهم .(51/2)
المبحث الرابع : عدم جواز التطبير وضرب السلاسل اذا أوجب هتك حرمة التشيع .
الفصل الخامس : الشعائر الحسينية محرمة بروايات شيعية موافقة لأهل السنة وفيه ثمانية مباحث :
المبحث الأول : حرمة النياحة .
المبحث الثاني : حرمة اللطم .
المبحث الثالث : لبس السواد في عاشوراء .
المبحث الرابع : كلمة الى خطيب .
المبحث الخامس : النساء والحسينيات .
المبحث السادس : من الكاذب محمد باقر الصدر أم التيجان] .
المبحث السابع : التيجاني يعود الى الكذب مرة أخرى .
المبحث الثامن : الشيعة وانكارهم صوم عاشوراء .
الفصل السادس : ثواب زيارة الحسين وبدعة البناء على القبور وفيه مبحثان :
المبحث الأول : ثواب زيارة الحسين رضي الله عنه .
المبحث الثاني : بدعة البناء على القبور .
الخاتمة وتتضمن المستخلص من هذا البحث .
وقد التزمت في هذا البحث بمناقشة الشيعة برواياتهم المدونة في مصادرهم المتقدمة والمتأخرة المعتبرة والتي يعتمدون عليها ويتداو لونها فيما بينهم في فصول هذا البحث ما عدا الفصل الأول الذي بينت فيه موقف أهل السنة من أهل البيت ، ومن قتل الحسين رضي الله عنه وحشرنا الله معه .
أسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا البحث خالصاً لوجهه الكريم يوم لاينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم .
" المؤلف "
الفصل الأول
أهل السنة وآل البيت رضي الله عنهم
المبحث الأول :
منزلة أهل البيت عند أهل السنة والجماعة(51/3)
لاشك أن لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم منزلة رفيعة ودرجة عالية من الاحترام والتقدير عند أهل السنة والجماعة ، حيث يرعون حقوق آل البيت التي شرعها الله لهم ، فيحبونهم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي قالها يوم غدير خم " أذكركم الله في أهل بيتي "(1) . فهم أسعد الناس بالأخذ بهذه الوصية وتطبيقها .
فيتبرؤون من طريقة الشيعة الذين غلوا في بعض أهل البيت غلواً مفرطاً ، ومن طريقة النواصب الذين يؤذونهم ويبغضونهم ، فأهل السنة متفقون على وجوب محبة أهل البيت ، وتحريم ايذائهم أو الاساءة اليهم بقول أو فعل ، وكتب أهل السنة ولله الحمد والمنة مليئة وزاخرة بذكر مناقب أهل البيت ، مثل كتب الحديث والتراجم وغيرها .
وسأقتصر على ذكر بعض فضائل أمير المؤمنين علي وأولاده وأحفاده رضي الله عنهم أجمعين ، الذين يدعي الشيعة العصمة فيهم ، ويزعمون أن أهل السنة يكرهونهم وينصبون لهم العداء .
أولاً : أمير المؤمنين علي رضي الله عنه :
__________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي رضي الله عنه ( 15/188 )(51/4)
روى البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : " لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، فبات الناس يدوكون (1)ليلتهم أيهم يعطاها . قال : فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها فقال : أين علي ابن أبي طالب ؟ فقالوا : هو يارسول الله يشتكي عينيه قال : فأرسلوا اليه فأتى به ، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له ، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية . فقال علي يارسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال : انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم الى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم (2).
هذا الحديث فيه فضيلة عظيمة ومنقبة ظاهرة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث شهد له صلى الله عليه وسلم بالمحبة في قوله : " يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " .
ثانياً : فاطمة رضي الله عنها :
روى البخاري رحمه الله تعالى في" باب مناقب فاطمة رضي الله عنها"عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" فاطمة سيدة نساء أهل الجنة " (3).
ثالثاُ : الحسن والحسين رضي الله عنهما :
__________
(1) أي يخوضون ويتحدثون في ذلك . أنظر النهاية لابن الأثير ( 2/140 ).
(2) صحيح البخاري مع فتح الباري : كتاب فضائل الصحابة باب مناقب علي رضي الله عنه ( 7/70 ) حديث ( 1 ـ 37 ) صحيح مسلم : كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي رضي الله عنه ( 4/1872 ) حديث (3406 ) واللفظ له .
(3) صحيح البخاري في فتح الباري : فضائل الصحابة ( 7/105 ) .(51/5)
روى الترمذي باسناده الى البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر حسناً وحسيناً فقال : " اللهم اني أحبهما فأحبهما "(1) .
في هذا الحديث فضيلة ظاهرة للحسنين رضي الله عنهما حيث تضمن حث الأمة على حبهما وأن حبهما حب له صلي الله عليه وسلم .
وروى أحمد باسناده الى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة "(2) .
وفي هذا الحديث منقبتان عظيمتان للحسنين رضي الله عنهما ، حيث شهد النبي صلى الله عليه وسلم لهما بالجنة ، وأخبر بأنهما سيدا شباب أهل الجنة فرضي الله عنهما وأرضاهما .
رابعاً : علي بن الحسين ـ رحمه الله تعالى ـ :
قال عنه يحي بن سعيد : " هو أفضل هاشمي رأيته في المدينة "(3).
وقال الزهري : " لم أر هاشمياً أفضل من علي بن الحسين (4).
وقال محمد بن سعد : " كان ثقة مأموناً كثير الحديث عالياً رفيعاً ورعاً (5)" .
خامساً : محمد بن علي ( الباقر ) ـ رحمه الله تعالى :
قال ابن سعد : كان كثير العلم والحديث (6).
وقال الصفدي : هو أحد من جمع العلم والفقه والديانة(7) .
__________
(1) سنن الترمذي : كتاب المناقب باب مناقب الحسن والحسين ( 5/661 ) حديث ( 3782 ) وقال : حديث حسن صحيح ، وقال الألباني : صحيح كما في صحيح سنن الترمذي ( 3/226 ) .
(2) المسند (3/3) وسنن الترمذي : كتاب المناقب باب مناقب الحسن والحسين (5/656) حديث (3768) وقال : حديث حسن صحيح ، والحاكم في المستدرك (3/166-167) وصححه وفي رواية أخرى بزيادة وأبوهما خير منهما وصححها ووافقه الذهبي ، وابن خزيمة في صحيحه (2/206). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/184) رواه الطبراني واسناده حسن ، وصححه الألباني في الأحاديث الصحيحة (2/448).
(3) الحلية (3/138).
(4) الحلية (3/141) وتهذيب التهذيب (7/305).
(5) الطبقات الكبرى (5/222).
(6) الطبقات الكبرى (5/324).
(7) الوافي بالوفيات (4/102).(51/6)
وقداتفق الحفاظ على الاحتجاج به كما نص على ذلك الذهبي (1)
سادساً : جعفر بن محمد ( الصادق ) ـ رحمه الله تعالى ـ :
قال عنه أبو حنيفة : ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد (2).
وقال أبو حاتم : ثقة لايسأل عن مثله(3) .
وقال الذهبي : جعفر بن محمد الصادق سيد العلويين في زمانه وأحد أئمة الحجاز لم يلحق بالصحابة(4) .
سابعاً : موسى بن جعفر ( الكاظم ) ـ رحمه الله تعالى ـ :
قال فيه أبو حاتم الرازي: " ثقة صدوق امام من أئمة المسلمين (5)"
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية : " وموسى بن جعفر مشهود له بالعبادة والنسك(6) .
وقال الذهبي : كان موسى من أجواد الحكماء ومن العباد الأتقياء(7) " .
ثامناً : علي بن موسى ( الرضا ) ـ رحمه الله تعالى : ـ
قال عنه الذهبي : " كان من العلم والدين والسؤدد بمكان (8)" .
تاسعاً : محمد بن علي ( الجواد ) ـ رحمه الله تعالى ـ :
كان يعد من أعيان بني هاشم وهو معروف بالسخاء والسؤدد (9)
__________
(1) سير أعلام النبلاء (4/413).
(2) تذكرة الحفاظ (1/166).
(3) كتاب الجرح والتعديل (2/487).
(4) مختصر العلو (148).
(5) الجرح والتعديل (4/139).
(6) منهاج السنة (4/57).
(7) ميزان الاعتدال (4/202).
(8) السير للذهبي (9/387).
(9) منهاج السنة (4/68) لابن تيمية .(51/7)
قال البغدادي(1) : ( وقالوا ـ أي أهل السنة ) ـ بموالاة جميع أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكفروا من أكفرهن أو أكفر بعضهن . وقالوا بموالاة الحسن والحسين والمشهورين من أسباط رسول الله صلى الله عليه وسلم كالحسن بن الحسن ، وعبد الله بن الحسن ، وعلي بن الحسين زين العابدبن ، ومحمد بن علي بن الحسين المعروف بالباقر .. وجعفر بن محمد المعروف بالصادق ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى الرضا ، وكذلك قولهم في سائر أولاد علي من صلبه ، كالعباس ، وعمر ، ومحمد بن الحنفية ، وسائر من درج على سنن آبائه الطاهرين(2) .
وقال الاسفرائيني(3) : في بيان منهج أهل السنة :
وقد عصمهم الله أن يقولوا في أسلاف هذه الأمة منكراً ، أو يطعنوا فيهم طعناً ، فلا يقولون في المهاجرين والأنصار ، وأعلام الدين ، ولا في أهل بدر ، وأحد ، وأهل بيعة الرضوان ، الا أحسن المقال ، ولا في جميع من شهد النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالجنة ، ولا في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأولاده وأحفاده ، مثل الحسن ، والحسين ، والمشاهير من ذرياتهم مثل عبد الله بن الحسن وعلي بن الحسين ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى الرضا ،
__________
(1) هو : عبد القاهر بن طاهر بن محمد بن عبد الله البغدادي التميمي الاسفراييني فقيه شافعي أصولي أديب ولد ونشأ في بغداد وكانت وفاته سنة 429هـ باسفرائين . انظر وفيات الأعيان (3/203) والأعلام ( 4/48).
(2) الفرق بين الفرق (360).
(3) هو : طاهر الاسفراييني الشافعي الشهير بـ " أبو المظفر " امام أصولي فقيه مفسر كانت وفاته سنة 471هـ بطوس : أنظر طبقات الشافعية (3/175).(51/8)
ومن جرى منهم على السداد من غير تبديل ولاتغيير ، ولافي الخلفاء الراشدين ولم يستجيزوا أن يطعنوا في واحد منهم ، وكذلك في أعلام التابعين ، وأتباع التابعين الذين صانهم الله تعالى عن التلوث بالبدع واظهار شيء من المنكرات(1) .
فهذه عقيدة أهل السنة والجماعة في آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم . ومن أراد التوسع فعليه مراجعة كتب الحديث والسير والتراجم فسيجد باذن الله أن أهل السنة هم أنصار أهل البيت رضي الله عنهم أجمعين(2) .
المبحث الثاني :
موقف أهل السنة من مقتل الحسين رضي الله عنه
أما موقف أهل السنة من مقتل الحسين رضي الله عنه فيلخصه شيخ الاسلام ابن تيمية بقوله : " وقد أكرمه الله بالشهادة وأهان بذلك من قتله أو أعان على قتله ، أو رضي بقتله وله أسوة حسنة بمن سبقه من الشهداء ، فانه وأخوة سيدا شباب الجنة ، وقد كانا قد تربيا في عز الاسلام لم ينالا من الهجرة والجهاد والصبر والأذى في الله ما ناله أهل بيته فأكرمهما الله بالشهادة تكميلا لكرامتهما ورفعاً لدرجاتهما وقتله مصيبة عظيمة .
والله سبحانه وتعالى قد شرع الاسترجاع عند المصيبة بقوله تعالى:
" وبشر الصابرين الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون (3)"(4)
الفصل الثاني
ماذا تعرف عن الكوفة ؟
الفصل الثاني
ماذا تعرف عن الكوفة
المبحث الأول :
الكوفة عقر دار الشيعة
قال الشيخ الشيعي باقر شريف القرشي : " ان الكوفة كانت مهداً للشيعة ، وموطناً من مواطن العلويين ، وقد أعلنت اخلاصها لأهل البيت في كثير من المواطن (5)".
وقال أيضاً : " وقد غرست بذرة التشيع في الكوفة منذ خلافة عمر "(6).
__________
(1) التبصير في الدين (196).
(2) العقيدة في أهل البيت للسحيمي.
(3) سورة البقرة آية 155ـ156.
(4) مجموع الفتاوى (4/511).
(5) حياة الامام الحسين 3/12.
(6) حياة الامام الحسين 3/13.(51/9)
وقال الشيعي محمد التيجاني السماوي : " ودخل أبو هريرة الى الكوفة الى عقر دار الشيعة دار علي بن أبي طالب (1)".
المبحث الثاني :
الكوفة موطن الغدر :
قال الشيخ جواد محدثي : " اشتهر أهل الكوفة تاريخياً بالغدر ونقض العهد … وعلى كل حال فان تاريخ الاسلام لايحمل نظرة طيبة عن عهد والتزام أهل الكوفة "(2).
ويقول أيضاً : " ومن جملة الخصائص النفسية والخلقية التي يتصف بها أهل الكوفة يمكن الاشارة الى ما يلي : تناقض السلوك والتحايل والتلون والتمرد على الولاة والانتهازية وسوء الخلق والحرص والطمع وتصديق الاشاعات والميول القبلية اضافة الى أنهم يتألفون من قبائل مختلفة ، وقد أدت كل هذه الأسباب الى أن يعاني منهم الامام علي عليه السلام الأمرين ، وواجه الامام الحسن عليه السلام منهم الغدر ، وقتل بينهم مسلم بن عقيل مظلوماً ، وقتل الحسين عطشانا في كربلاء قرب الكوفة ، وعلى يد جيش الكوفة " (3).
وقال الشيخ الشيعي حسين كوراني : " فما هي أهم ملامح وخصائص هذا الايمان الكوفي ؟ يمكن اختصارها بما يلي :
اولاً : القعود عن نصرة الاسلام .
ثانياً : حب المال .
ثالثاً : التلون في المواقف (4).
وقال الشيخ جواد محدثي : ولم يكن عدد شيعة أهل البيت قليلاً في الكوفة ، الا أن ولاءهنم كان يتسم بالعاطفة والخطب الحماسية والمشاعر الفياضة تجاه عترة الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من تمسكهم بالخط العقائدي والعملي لآل علي ، والنزول الى ساحة المواجهة والتضحية(5) .
وقال الشيخ الشيعي باقر شريف القرشي : " لقد تناسى الكوفيون كتبهم التي أرسلوها للامام وبيعتهم له على يد سفره .(6)
الفصل الثالث
الشيعة وآل البيت
المبحث الأول :
غدر الشيعة بأهل البيت رضي الله عنهم
__________
(1) اعرف الحق ص 161.
(2) موسوعة عاشوراء ص 59.
(3) موسوعة عاشوراء ص59.
(4) في رحاب كربلاء ص53.
(5) موسوعة عاشوراء ص60.
(6) حياة الامام الحسين 2/370.(51/10)
نعود الى أمير المؤمنين علي رضى الله عنه فنجده يشتكي من شيعته ( أهل الكوفة ) فيقول : " ولقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها وأصبحت أخاف ظلم رعيتي . استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا ، وأسمعتكم فلم تسمعوا ، ودعوتكم سراً جهراً فلم تستجيبوا ، ونصحت لكم فلم تقبلول ، أشهود كغياب ، وعبيد كأرباب ؟ أتلو عليكم الحكم فتنفرون منه ، وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرقون عنها ، وأحثكم على جهاد أهل البغي فما آتي على آخر القول حتى أراكم متفرقين أيادي سبا ، ترجعون الى مجالسكم ، وتتخادعون عن مواعظكم ، أقومكم غدوة ، وترجعون الى عشية كظهر الحية ، عجز المقوم ، وأعضل المقوم ، أيها الشاهدة أبدانهم ، الغائبة عقولهم ، المختلفة أهواؤهم ، المبتلى بهم أمراؤهم . صاحبكم يطيع الله وأنتم تعصونه ، … لوددت والله أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني رجلاً منهم ، ياأهل الكوفة منيت بكم بثلاث واثنتين : صم ذوو أسماع ، وبكم ذوو كلام ، وعمي ذوو أبصار ، لاأحرار صدق عند اللقاء ، ولا اخوان ثقة عند البلاء ، تربت أيديكم ياأشباه الابل غاب عنها رعاتها ، كلما جمعت من جانب تفرقت من جانب آخر …. " (1).
__________
(1) نهج البلاغة 1/187ـ189.(51/11)
وينقل لنا الدكتور الشيعي أحمد راسم النفيس موقفاً آخر لتخاذل هؤلاء الشيعة وايذائهم أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه قال : " أما علي على المستوى العسكري فيروي نصر بن مزاحم وكان صبيحة ليلة الهدير قد أشرف على عسكر معاوية عندما جاءه رسول الامام علي عليه السلام ان ائتني فقال : ليس هذه بالساعة التي ينبغي لك أن تزيلني عن موقفي اني قد رجوت الفتح فلا تعجلني . فرجع يزيد بن هانىء الى علي عليه السلام فأخبره ، فما هو الا أن انتهى الينا حتى ارتفع الرهج ، وعلت الأصوات من قبل الأشتر ، وظهرت دلائل الفتح والنصر لأهل العراق ، ودلائل الخذلان والادبار على أهل الشام ، فقال القوم لعلي : والله مانراك أمرته الا بالقتال . قال : أرأيتموني ساررت رسولي اليه ؟ أليس انما كلمته على رؤوسكم علانية وأنتم تسمعون ؟ قالوا : فابعث اليه أن يأتيك والا فوالله اعتزلناك(1) . فقال : ويحك يايزيد قل له : أقبل فان الفتنة قد وقعت . فأتاه فأخبره فقال الأشتر : أيرفع هذه المصاحف ؟ قال : نعم . قال : والله ألا ترى الى الفتح . ألا ترى الى مايلقون . ألا ترى الى الذي يصنع الله لنا ؟ أينبغي أن ندع هذا وننصرف عنه . قال له يزيد : أتحب أنك ظفرت هاهنا وأن أمير المؤمنين بمكانه الذي هو فيه يسلم الى عدوه ؟؛ قال : لاوالله لاأحب ذلك . قال : فافهم قد قالوا له وحلفوا عليه لترسلن الى الأشتر فليأتينك أو لنقتلنك بأسيافنا كما قتلنا عثمان(2) أو لنسلمنك الى عدوك فأقبل الأشتر حتى انتهى اليهم وقال : ياأمير المؤمنين احمل الصف على الصف تصرع القوم . فتصايحوا : ان كان أمير المؤمنين عليه السلام قد قبل ورضي فقد رضيت . فأقبل الناس يقولون : قد رضي أمير المؤمنين ، قد قبل أمير المؤمنين ، وهو ساكت لاينطق بكلمة مطرق
__________
(1) لاحظ كيف أن الرفض مصدر للفتن والمصائب .
(2) لاحظ أن قتلة عثمان رضي الله عنه هم أنفسهم الذين هددوا عليا رضي الله عنه بالقتل فهل الرفض الا الفتن ؟؛؛(51/12)
الى الأرض ، ثم قام فسكت الناس كلهم ، فقال : ان أمري لم يزل معكم على ماأحب الى أن أخذت منكم الحرب ، وقد والله أخذت منكم وتركت وأخذت من عدوكم ولم تترك ، وانها فيكم أنكى وأنهك(1) ألا أني كنت أمس أمير المؤمنين فأصبحت اليوم مأموراً ، وكنت ناهياً فأصبحت منهياً ، وقد أحببتم البقاء وليس لي أن أحملكم على ما تكرهون ثم قعد "(2)
قلت : ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل اتهموه والعياذ بالله بالكذب .
روى الشريف الرضي ( ومعروف من هو الرضي ) عن امير المؤمنين علي رضي الله عنه أنه قال : أما بعد : ياأهل العراق فانما أنتم كالمرأة الحامل حملت فلما أتمت أقلصت ، ومات قيمها ، وطال تأيمها ، وورثها أبعدها ، أما والله ما أتيتكم اختياراً ، ولكن جئت اليكم سوقاً ، ولقد بلغني أنكم تقولون : علي يكذب قاتلكم الله فعلى من أكذب … "(3)
لذا قال رضي الله عنه لشيعته : قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحاً وشحنتم صدري غيظاً ، وجرعتموني نغب التهمام أنفاساً ، وأفسدتم على رأيي بالعصيان والخذلان "(4).
هذا هو حال الشيعة مع امامهم المعصوم الأول ( حسب زعمهم ) والغريب أنهم يرددون حديثاً موضوعاً نصه : ( ياعلي تقبل أنت وشيعتك راضين مرضيين ويقبل أعداؤك غضاباً مقمحين ).
أهؤلاء الذين سيقبلون راضين مرضيين ؟؛؛
__________
(1) لاحظ ما لقيه منهم علي رضي الله عنه .
(2) على خطى الحسين ص 34-35 .
(3) نهج البلاغة 1/118،119 .
(4) نهج البلاغة 1/70.(51/13)
ثم يأتي دور الشيعة مع الحسن بن علي رضي الله عنهما وننقل هنا ما كتبه الدكتور الشيعي أحمد النفيس عن أمر الامام الحسن شيعته وأتباعه للاستعداد للقتال حيث خطب فيهم الحسن رضي الله عنه قائلاً : " أما بعد : فان الله كتب الجهاد على خلقه وسماه كرهاً ، ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين ( اصبروا ان الله مع الصابرين ) فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون الا بالصبر على ماتكرهون ، اخرجوا رحمكم الله الى معسكركم بالنخيلة حتى ننظر وتنتظروا ونرى وتروا . قال : وانه في كلامه ليتخوف خذلان الناس له . قال : فسكتوا فما تكلم منهم أحد ، ولا أجابه بحرف . فلما رأى ذلك عدي بن حاتم قام فقال : أنا ابن حاتم سبحان الله ؛ ما أقبح هذا المقام ألا تجيبون امامكم وابن بنت نبيكم ؟؛ أين خطباء مضر الذين ألسنتهم كامخاريق في الدعة ؟؛ فاذا جد الجد فرواغون كالثعالب ، أما تخافون مقت الله ؟ ولا عيبها
وعارها ".(1)
وذكر هذه القصة الشيعي ادريس الحسين(2)
يعلق الدكتور أحمد راسم النفيس على خطاب أمير المؤمنين الحسن فيقول : " ان الهزيمة النفسية قد أصابتهم ، ولم تعد بهم رغبة في جهاد ، ولا بذل ، ولاتضحية ، فقد جربوا الدنيا وحلاوتها ، وباتوا يريدونها ، وهم لن يجدوا ما يطمعون فيه ، وخاصة رؤساؤهم في ظل العدل ، وانما اشرأبت نفوسهم الى بني أمية قادة المرحلة القادمة …"(3)
__________
(1) على خطى الحسين ص 38 .
(2) لقد شيعني الحسين ص274 ـ 275 .
(3) على خطى الحسين ص39 .(51/14)
وينقل ايضاً واقعة غدر الشيعة بأمير المؤمنين الحسن وطعنهم اياه فيقول : " ثم أعلن توجهه الى معسكر القتال ، وقام قيس بن سعد بن عبادة ومعقل بن قيس الرياحي فقالوا مثل ما قال عدي بن حاتم وتحركوا الى معسكرهم ، ومضى الناس خلفهما وعبأ الامام الحسن عليه السلام جيشه ثم خطبهم …. فنظر الناس بعضهم الى بعض وقالوا : ما ترونه يريد بما قال ؟ قالوا : نظنه يريد أن يصالح معاوية ، ويكل الأمر اليه ، كفر والله الرجل . ثم شدوا على فسطاطه فانتهبوه حتى أخذوا مصلاه من تحته ، ثم شد عليه عبد الرحمن بن عبد الله بن جعال الأزدي فنزع مطرفه من عاتقه فبقي جليساً متقلداً سيفاً بغير رداء ، فدعا بفرسه فركبه … فلما مر في مظلم ساباط قام اليه رجل من بني أسد فأخذ بلجام فرسه وقال : الله أكبر ياحسن أشرك أبوك ثم أشركت أنت . وطعنه بالمعول فوقعت في فخذه فشقه حتى سلخت أربيته ، وحمل الحسن عليه السلام على سرير الى المدائن "(1).
وينقل شيعي متعصب آخر هو ادريس الحسيني غدر أسلافه فيقول : " وتعرض الامام الحسن عليه السلام الى عمليات اغتيال من عناصر جيشه ، فجاءه مرة واحد من بني أسد الجراح بن سنان وأخذ بلجام بغلته وطعن الامام في فخذه فعتنقه الامام وخرا الى الأرض حتى انبرى له عبد الله بن حنظل الطائي فأخذ منه المعول وطعنه به ، وطعن مرة أخرى في أثناء الصلاة "(2).
يقول المرجع الشيعي الكبير محسن الأمين العاملي : " فبويع الحسن ابنه ، وعوهد ، ثم غدر به ، وأسلم ، ووثب عليه أهل العراق حتى طعن بخنجر في جنبه "(3).
__________
(1) على خطى الحسين ص39 ـ 40 .
(2) لقد شيعني الحسين ص279 .
(3) أعيان الشيعة 1/26 .(51/15)
ويقول محمد التيجاني السماوي : " كما اتهم بعض الجاهلين الامام الحسن بأنه مذل المؤمنين عندما صالح معاوية وحقن دماء المسلمين المخلصين "(1).
وقال آية الله العظمى حسين فضل الله :" فلقد كان قسم من جيشه من الخوارج الذين اندفعوا معه لاحباً ولكن لأنهم يريدون قتال معاوية بأية
وسيلة ، ومع أي شخص ، ولقد كان بين جيشه الأشخاص الذين دخلوا من أجل الغنائم ، وكان بينهم الأشخاص الذين عاشوا مع عصبيات عشائرهم التي كان يحركها زعماؤهم الذين كانوا يبحثون عن المال وعن الجاه ، وكانوا يريدون أن يفسدوا على الحسن جيشه ، وكان بين جيشه ومن قيادته بعض أقربائه الذين أرسل اليهم معاوية مالاً فتركوا الجيش من دون قيادة ، وكانت رسائل الكثيرين تذهب الى معاوية :" ان شئت سلمناك الحسن حياً أو ميتاً " وكان معاوية يرسل بذلك اليه ، واختبر جيشه ورأى كيف حاولوا أن يقتلوه(2)
__________
(1) كل الحلول عند آل الرسول ص122ـ123 ويلاحظ هنا صدور هذا الاتهام من شيعته لكن التيجاني عبر عنهم ببعض الجاهلين تدليساً على القراء .
(2) الندوة 3/208 ، وفي رحاب أهل البيت ص270 .(51/16)
لذا قال الحسن رضي الله عنه فيما رواه شيخهم أبو منصور الطبرسي :" أرى والله معاوية خيراً لي من هؤلاء ، يزعمون أنهم لي شيعة ؛ ابتغوا قتلي ، وانتهبوا ثقلي ، وأخذوا مالي ، والله لئن أخذ مني معاوية عهداً أحقن به دمي وأؤمن به في أهلي خير من أن يقتلوني ، فيضيع أهل بيتي وأهلي ، ولو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعونني اليه سلماً ".(1) ويقول شيعي آخر هو أمير محمد كاظم القزويني : " فان التاريخ الصحيح يثبت لنا بأن الذين كانوا مع الامام الحسن ( ع ) وان كانوا كثيرين الا أنهم كانوا خائنين وغادرين ، فلم تغنه كثرتهم في قتال عدوه ، ولقد بلغت الخيانة والغدر بهم الى درجة انهم كتبوا الى معاوية : " ان شئت تسليم الحسن سلمناه لك " وسل أحدهم معوله وطعن به الامام الحسن ( ع ) في فخذه حتى وصلت الطعنة الى العظم ، وخاطبه بخطاب لايستسيغ اللسان ذكره لولا أنهم ( ع ) : “ لقد أشركت ياحسن كما أشرك أبوك من قبل “ لذا فانه ( ع ) لما أحس منهم الغدر والخيانة ، وعلى أهل بيته ( ع ) من الفناء ، من غير فائدة تعود اليهم ولا الى الاسلام والمسلمين " (2).
وينقل الشيعي المتعصب ادريس الحسيني قول أمير المؤمنين الحسن رضي الله عنه لشيعته :” ياأهل العراق انه سخى بنفسي عنكم ثلاث : قتلكم أبي ، وطعنكم اياي ، وانتهابكم متاعي "(3).
__________
(1) الاحتجاج 2/10 وهذا النص في آداب المنابر لحسن مغنية ص20
(2) محاورة عقائدية ص122ـ123 . أيضاً ولاضرر يعود على المسلمين من تسليم الأمر الى معاوية .
(3) لقد شيعني الحسين هامش الصفحة 283 .(51/17)
ثم يأتي دور الشيعة مع أئمتهم المبتلين بهم بعد علي والحسن والحسين رضي الله عنهم لينال الامام جعفر الصادق رحمه الله منهم ما ناله أجداده ، فنجد من هؤلاء الشيعة رجلاً يقال له : زرارة بن أعين ( وهو ممن دافع عنهم عبد الحسين الموسوي في المراجعات دون وجه حق ) فنجده يغمز الامام جعفر الصادق رحمه الله بخبث وخسة فيقول : “ رحم الله أبا جعفر وأما جعفر فان في قلبي عليه لفتة (1).
وعندما أنكر الامام جعفر عليه بدعته ألصقها به قائلا :” والله لقد أعطاني الاستطاعة وما شعر (2)".
وعندما استأذن زرارة للدخول على الامام الصادق لم يأذن له وقال : لا تأذن له ، لاتأذن له ، لاتأذن له ، فان زرارة يريدني على القدر على كبر السن وليس من ديني ولا دين آبائي (3)“.
ولايبعد عن هذا بقية أصحاب الأئمة كأبي بصير وجابر الجعفي وهشام بن الحكم وغيرهم ممن دافع عنهم صاحب المراجعات(4).
والى هنا ينتهي رأي أهل البيت رضي الله عنهم باتهامهم شيعتهم بالنفاق وذلك على لسان جعفر الصادق رحمه الله بقوله :” ما أنزل الله سبحانه آية في المنافيق الا وهي فيمن ينتحل التشيع (5)“ .
وفي رواية عنه رحمه الله تعالى : “ لوقام قائمنا بدأ بكذابي شيعتنا فقتلهم “(6).
وقال فيهم الامام الكاظم رحمه الله تعالى :” لو ميزت شيعتي لم أجدهم الا واصفة ، ولو امتحنتهم لما وجدتهم الا مرتدين ، ولو تمحصتهم لما خلص من الألف واحد “(7).
__________
(1) رجال الكشي ص131 .
(2) رجال الشي ص134
(3) رجال الكشي ص142 .
(4) راجع تراجم هؤلاء في كتاب رجال الشيعة في الميزان ولجوء عبد الحسين الموسوي الى الكذب الصريح في الدفاع عنهم .
(5) رجال الكشي ص254 .
(6) رجال الكشي ص253 .
(7) الكافي 8/228 مجموعة ورام 2/152.(51/18)
وعن الامام الرضا عليه السلام أنه قال :” ان ممن ينتحل مودتنا أهل البيت من هو أشد فتنة على شيعتنا من الدجال “(1).
المبحث الثاني
كتب الشيعة تصل الى الحسين رضي الله عنه
يقول الشيعي كاظم حمد الاحسائي النجفي :
وجعلت الكتب تترى على الامام الحسين عليه السلام حتى ملأ منها خرجين ، وكان آخر كتاب قدم عليه من أهل الكوفة مع هانىء بن هانىء السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي ففضه وقرأه واذا فيه مكتوب : بسم الله الرحمن الرحيم للحسين بن علي من شيعة أبيه أمير المؤمنين أما بعد فان الناس ينتظرونك ولا رأي لهم الى غيرك فالعجل العجل (2).
ويقول الدكتور الشيعي أحمد النفيس :” كتب أهل الكوفة الى الحسين عليه السلام يقولون : ليس علينا امام فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق ، وتوالت الكتب تحمل التوقيعات تدعوه الى المجيء لاستلام البيعة ، وقيادة الأمة في حركتها في مواجهة طواغيت بني أمية ، وهكذا اكتملت العناصر الأساسية للحركة الحسينية وهي :
…. وجود ارادة جماهيرية تطلب التغيير وتستحث الامام الحسين للمبادرة الى قيادة الحركة وكان موقع هذه الارادة في الكوفة تمثلت في رسائل البيعة القادمة من أهلها (3)“.
وذكر محمد كاظم القزويني الشيعي أن أهل العراق كاتبوا الحسين وراسلوه وطلبوا منه التوجه الى بلادهم ليبايعوه بالخلافة الى أن اجتمع عند الحسين اثنا عشر ألف كتاب من أهل العراق وكلها مضمون واحد كتبوا اليه : قد أينعت الثمار واخضر الجناب وانما تقدم على جند لك مجند ان لك في الكوفة مائة ألف سيف اذا لم تقدم الينا فأنا نخاصمك غداً بين يدي الله(4)“.
__________
(1) وسائل الشيعة 11/441.
(2) عاشوراء ص 85 تظلم الزهراء ص141 .
(3) على خطى الحسين ص94 .
(4) فاجعة الطف ص6 .(51/19)
ويقول المحدث الشيعي عباس القمي :” وتواترت الكتب حتى اجتمع عنده في يوم واحد ستمائة كتاب من عديمي الوفاء أولئك وهو مع ذلك يتأنى ولا يجيبهم ، حتى اجتمع عنده اثنا عشر ألف كتاب (1)“.
وقال علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسيني الشيعي :” وسمع أهل الكوفة بوصول الحسين عليه السلام الى مكة ، وامتناعه من البيعة ليزيد ، فاجتمعوا في منزل سليمان بن صرد الخزاعي فلما تكاملوا قام سليمان بن صرد فيهم خطيباً ، وقال في آخر خطبته : يامعشر الشيعة انكم قد علمتم بأن معاوية قد هلك وصار الى ربه ، وقدم الى عمله ، وقد قعد في موضعه ابنه يزيد ، وهذا الحسين بن علي عليه السلام قد خالفه وصار الى مكة هارباً من طواغيت آل أبي سفيان ، وأنتم شيعته وشيعة أبيه من قبله ، وقد احتاج الى نصرتكم اليوم ، فان كنتم تعلمون أنكم ناصروه ومجاهدوا عدوه فاكتبوا اليه ، وان خفتم الوهن والفشل فلا تغروا الرجل من نفسه.
قال :فكتبوا اليه(2) “.
ويقول الشيعي عباس القمي : “ فاجتمعت الشيعة بالكوفة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي فذكروا هلاك معاوية والبيعة ليزيد ثم قام سليمان بهم خطيباً فقال :
__________
(1) منتهى الآمال 1/430 .
(2) اللهوف لابن طاووس ص22 المجالس الفاخرة ص58 ،59 ، منتهى الآمال 1/430 على خطى الحسين ص93 .(51/20)
" انكم قد علمتم بموت معاوية واستيلاء ولده يزيد على الملك وقدخالفه الحسين عليه السلام وخرج الى مكة ، وأنتم شيعته وشيعة أبيه فان كنتم تعلمون أنكم ناصروه ومجاهدو عدوه فاكتبوا اليه ، وان خفتم الوهن والفشل فلا تغروا الرجل في نفسه . فقالوا : لابل نقاتل عدوه ، ونقتل أنفسنا دونه ، ثم كتبوا اليه باسم سليمان بن صرد والمسيب بن نجبة ورفاعة بن شداد البجلي وحبيب بن مظاهر وشيعته المؤمنين من أهل الكوفة ومما جاء فيه بعد الحمد والثناء : “ سلام عليك أما بعد : فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد انه ليس علينا امام فأقبل لعل الله يجمعنا بك على الحق ، والنعمان بن بشير في قصر الامارة ولسنا نجتمع معه في جمعة ولا جماعة ، ولا نخرج معه الى عيد ، ولو قد بلغنا قد أقبلت الينا أخرجناه حتى نلحقه بالشام ان شاء الله . ثم سرحوا بالكتاب مع عبد الله بن مسمع الهمداني وعبد الله بن وال وأمروهما بالتعجيل ، فخرجا مسرعين حتى قدما على الحسين بمكة لعشر مضين من شهر رمضان ، ثم لبث أهل الكوفة يومين بعد تسريحهم بالكتاب وأنفذوا قيس بن مسهر الصيداوي وعبد الله بن شداد وعمارة بن عبد الله السلولي الى الحسين عليه السلام ومعهم نحو مئة وخمسين صحيفة من الرجل والاثنين والأربعة ، ثم لبثوا يومين وسحوا اليه هانىء بن هانىء السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي وكتبوا اليه : “ بسم الله الرحمن الرحيم الى الحسين بن علي عليه السلام من شيعته من المؤمنين والمسلمين أما بعد : فحي هلا فان الناس ينتظرونك لاأرى لهم غيرك ، فالعجل العجل ثم العجل العجل والسلام “. ثم كتب شبث بن ربعي وحجار بن أبجر ويزيد بن الحارث بن رويم بن قيس وعمرو بن الحجاج الزبيدي ومحمد بن عمرو التيمي يقولون :” أما بعد : لقد أضر الجناب ، ,أينعت الثمار ، فاذا شئت فأقبل على جند لك مجندة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته “(1).
__________
(1) منتهى الآمال 1/430 اللهوف ص22 المجالس الفاخرة ص58 .(51/21)
المبحث الثالث :
الحسين يرسل مسلم بن عقيل
قال الشيعي رضا حسين صبح الحسني :
" فخرج مسلم من مكة للنصف من شعبان ووصل الكوفة لخمس خلون من شوال ، وأقبلت الشيعة يبايعونه حتى بلغوا ثمانية عشر ألفاً وفي حديث الشعبي بلغ من بايعه أربعين ألفاً “(1).
قال هاشم معروف الحسني الشيعي : “ ويبدو من بعض الروايات أن مسلم بن عقيل لم يكن متفائلاً في سفره ، لما يعرفه من تقلب أهل العراق ومواقفهم الملتوية من عمه أمير المؤمنين ، الذي كان يتمنى فراقهم بالموت أو القتل ، وخيانتهم لابن عمه الحسن حتى اضطروه الى ترك السلطة لمعاوية ، وقد صارح الحسين بذلك ولكنه لم يعفه من تلك المهمة واتهمه بالجبن وسوء الرأي ، ومضى وهو متشائم من هذه المهمة ولما مات أحد دليليه في الطريق من العطش بعد أن ضلا عن الطريق كتب الى الحسين مرة أخرى يطلب منه اعفاءه ، ولكن الحسين ( ع ) أصر عليه بالمضي في طريقه الى الكوفة ، فمضى يجد السير حتى دخلها واستقبله أهلها بالترحاب فنزل ضيفاً على المختار بن أبي عبيد الثقفي ، ومنها راح يستقبل الناس وينشر الدعوة الى الحسين ( ع ) ، فبلغ عدد من بايعوه على الموت أربعين ألفاً ، وقيل أقل من ذلك ، وأمير الكوفة ليزيد يوم ذاك النعمان بن بشير كان كما يصفه المؤرخون مسالماً يكره الفرقة ويؤثر العافية (2)“ .
وقال الشيعي المتعصب عبد الحسين شرف الدين الموسوي : “ وجعلت الشيعة تختلف الى مسلم بن عقيل حتى علم النعمان بن بشير بذلك ( وكان والياً على الكوفة من قبل معاوية فأقره يزيد عليها ) وعلم بمكان مسلم فلم يتعرض له بسوء (3)“ .
__________
(1) الشيعة وعاشوراء ص167 .
(2) سيرة الأئمة الاثنى عشر 2/57 ـ 58 .
(3) المجالس الفاخرة ص61 .(51/22)
قال الشيعي عبد الرزاق الموسوي المقرم : “ ووافت الشيعة مسلماً في دار المختار بالترحيب وأظهروا له من الطاعة والانقياد ما زاد في سروره وابتهاجه … وأقبلت الشيعة يبايعونه حتى أحصى ديوانه ثمانية عشر ألفاً ، وقيل بلغ خمسة وعشرين ألفاً ، وفي حديث الشعبي بلغ من بايعه أربعين ألفا فكتب مسلم الى الحسين مع عبس بن شبيب الشاكري يخبره باجتماع أهل الكوفة على طاعته وانتظارهم ، وفيه يقول : الرائد لايكذب أهله ، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً …(1)"
وقال شيخهم عباس القمي : " قال المفيد وآخرون : وبايعه الناس ـ ًاي مسلم بن عقيل –حتى بايعه منهم ثمانية عشر ألفا ،فكتب مسلم إلى الحسين عليه السلام يخبره ببيعه ثمانية عشر ألفا ويأمره بالقدوم))(2).
وقال عباس القمي: وبرواية سايقة أن الشيعة أخذت تختلف إليه في دار هانئ على تستر واستخفاء فتبايعه ،وكان يأخذ على كل من بايعه القسم بالكتمان وسار الأمر على هذا المنوال حتى بلغ من بايعه خمسة وعشرين ألف رجل وابن زياد يجهل موضعه …(3)"
المبحث الرابع :
الحسين رضي الله عنه يتوجه الى الكوفة
__________
(1) مقتل الحسين للمقرم ص 147 . مأساة احدى وستين ص 24 .
(2) منتهى الآمال 1/436 .
(3) منتهى الآمال 1/437 .(51/23)
نقل المحدث الشيعي عباس القمي والكاتب الشيعي عبد الهادي الصالح أن الحسين لما أراد الخروج من مكة طاف وسعا وقص من شعره وأحل من احرامه ، لأنه لن يتمكن من اتمام الحج مخافة أن يقبض عليه أو يقتل في مكة وجمع أصحابه في الليلة الثامنة من ذي الحجة فخطب فيهم قائلاً : " الحمد لله ماشاء الله ولاقوة الا بالله وصلي الله على رسوله خط الموت على ولد آدم فخط القلادة على جيد الفتاة وما أولهني الى أسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف ، وخير لي مصرع أنا لاقيه ، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء ، فيملان مني أكراشاً جوفاً وأجربة سغباً ، لامحيص عن يوم خط بالقلم رضي الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا أجر الصابرين …(1) "
قال الدكتور الشيعي أحمد راسم النفيس : " فقد التقى الفرزدق الشاعر بقفلة الحسين فسلم عليه وقال له : بأبي أنت وأمي يابن رسول الله وما أعجلك عن الحج ؟ فقال : لو لم أعجل لأخذت … ثم سأله أبو عبد الله عن الناس ؟ فقال ( أي الفرزدق ) : قلوبهم معك وأسيافهم عليك . فقال عليه السلام : " صدقت لله الأمر وكل يوم هو في شأن " فان نزل القضاء بما نحب ونرضى فنحمد الله على نعمائه ، وهو المستعان على أداء الشكر ، وان حال القضاء دون الرجاء ، فلم يبعد من كان الحق نيته ، والتقوى سريرته (2)"
__________
(1) منتهى الآمال 1/453 خير الأصحاب ص 33 .
(2) على خطى الحسين ص99 ـ 100 الشيعة وعاشوراء ص178 ولاحظ أن قوله ( فان نزل القضاء بما نحب … " يناقض ما نقله عباس القمي " كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء .(51/24)
قال الشيعي علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسيني : قال الراوي : وسار الحسين عليه السلام حتى صار على مرحلتين من الكوفة ، فاذا بالحر ابن يزيد في ألف فارس ، فقال له الحسين عليه السلام : ألنا أم علينا ؟ فقال : بل عليك يأبا عبد الله . فقال : لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، ثم تردد الكلام بينهما حتى قال له الحسين عليه السلام : فان كنتم على خلاف ما أتتني به كتبكم ، وقدمت به على رسلكم ، فاني أرجع الى الموضع الذي أتيت منه . فمنعه الحر وأصحابه من ذلك ، وقال : بل خذ يابن رسول الله طرقاً لايدخلك الكوفة ولا يوصلك الى المدينة ، لاعتذر أنا لابن زياد بأنك خالفتني في الطريق ، فتياسر الحسين عليه السلام حتى وصل الى عذيب الهجانات (1)"
وقال آية الله محمد تقي آل بحر العلوم : خرج الحسين في ازار ورداء ونعلين متكئاً على قائم سيفه ، فاستقبل القوم فحمد الله وأثنى عليه وقال : انها منحدرة الى الله عز وجل واليكم واني لم آتكم حتى أتتني كتبكم ، وقدمت بها على رسلكم أن أقدم علينا فانه ليس لنا امام ، ولعل الله أن يجمعنا بك على الهدى ، فان كنتم على ذلك فقد جئتكم فأعطوني ما أطمئن به من
__________
(1) اللهوف لابن طاوس ص47 المجالس الفاخرة ص87 .(51/25)
عهودكم ومواثيقكم ، وان كنتم لمقدمي كارهين ، انصرفت عنكم الى المكان الذي جئت منه اليكم . فسكتوا جميعاً . وأذن الحجاج بن مسروق الجعفي لصلاة الظهر فقال الحسين للحر : أتصلي بأصحابك ؟ قل : لابل نصلي جميعاً بصلاتك فصلى بهم الحسين ، وبعد أن فرغ من الصلاة أقبل عليهم فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي محمد وقال : أيها الناس انكم ان تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله ، ونحن أهل بيت محمد صلى الله عليه وسلم أولى بولاية هذا الأمر من هؤلاء المدعين ما ليس لهم ، والسائرين بالجور والعدوان ، وان أبيتم الا الكراهية لنا ، والجهل بحقنا ، وكان رأيكم الآن على غير ما أتتني به كتبكم ، انصرفت عنكم . فقال الحر : ما أدري ما هذه الكتب التي تذكرها . فأمر الحسين عقبة بن سمعان فأخرج خرجين مملوئين كتباً . قال الحر : اني لست من هؤلاء ، واني أمرت أن لا أفارقك اذا لقيتك حتى أقدمك الكوفة على ابن زياد . فقال الحسين : الموت أدنى اليك من ذلك . وأمر أصحابه بالركوب وركبت النساء فحال بينهم وبين الانصراف الى المدينة ، فقال الحسين للحر : ثكلتك أمك ماتريد منا ؟ قال الحر : أما لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل هذا الحال ، ما تركت ذكر أمه بالثكل كائناً من كان ، والله مالي الى ذكر أمك من سبيل الا بأحسن ما نقدر ، ولكن خذ طريقاً نصفاً بيننا لايدخلك الكوفة ولا يردك الى المدينة حتى أكتب الى ابن زياد ، فلعل الله أن يرزقنا العافية ولايبتليني بشيء من أمرك (1)"
__________
(1) واقعة الطف لبحر العلوم ص191 ـ 192 .(51/26)
وقد نقل هذه الواقعة التي تتضمن محاولة الحسين رضي الله عنه الرجوع الى المكان الذي جاء منه بعد تخاذل الشيعة وخيانتهم غير واحد من أعلام الشيعة فقد ذكرها : عباس القمي(1) وعبد الرزاق الموسوي المقرم(2) وباقر شريف القرشي(3) وأحمد راسم النفيس(4) وفاضل عباس الحياوي(5) وشريف الجواهري(6) وأسد حيدر(7) وأروى قصير قليط(8) ومحسن الحسيني(9) والمفكر الشيعي عبد الهادي الصالح كما ذكرها عبد الحسين شرف الدين(10) وذكرها رضي القزويني (11).
__________
(1) في منتهى الآمال ص464 من الجزء الأول كما ذكرها في نفس المهموم ص 170 .
(2) مقتل الحسين ص 183 .
(3) في حياة الامام الحسين ص102 .
(4) على خطى الحسين ص102 .
(5) مقتل الحسين ص11 .
(6) مثير الأحزان ص43.
(7) مع الحسين في نهضته ص165.
(8) خطب المسيرة الكربلائية ص49 .
(9) الامام الحسين بصيرة وحضارة ص82.
(10) المجالس الفاخرة ص87.
(11) تظلم الزهراء ص174 وما بعدها .(51/27)
وينقل عباس القمي أن الحسين رضي الله عنه سار حتى نزل قصر بني مقاتل فاذا فسطاط مضروب ، ورمح مركوز ، وفرس واقف ، فقال الحسين عليه السلام : لمن هذا الفسطاط ؟ قالوا : لعبيد الله بن الحر الجعفي . فأرسل اليه الحسين عليه السلام رجلاً من أصحابه يقال له الحجاج بن مسروق الجعفي فأقبل فسلم عليه فرد عليه السلام ثم قال : ما وراؤك ؟ فقال : ورائي يابن الحر أن الله قد أهدى اليك كرامة ان قبلتها . فقال : وما تلك الكرامة ؟ فقال هذا الحسين بن علي يدعوك الى نصرته ، فان قاتلت بين يديه أجرت ، وان قتلت بين يديه استشهدت . فقال له عبيد الله بن الحر : والله ياحجاج ما خرجت من الكوفة الا مخافة أن يدخلها الحسين عليه السلام وأنا فيها ولاأنصره ، لأنه ليس في الكوفة شيعة ولا أنصار الا مالوا الى الدنيا(1) الا من عصم الله منهم ، فارجع اليه فأخبره بذلك . فقام الحسين عليه السلام وانتعل ثم سار اليه في جماعة من اخوانه وأهل بيته ، فلما دخل وسلم وثب عبيد الله بن الحر عن صدر مجلسه وقبل يديه ورجليه ، وجلس الحسين فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يابن الحر ان أهل مصركم قد كتبوا الي وأخبروني أنهم مجمعون على نصرتي وسألوني القدوم اليهم ، وقدمت وليس الأمر على ما زعموا وأنا أدعوك الى نصرتنا أهل البيت فان أعطينا حقنا حمدنا الله تعالى على ذلك وقبلناه ، وان منعنا حقنا وركبنا الظلم كنت من أعواني على طلب الحق . فقال عبيد الله : يابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله لو كان في الكوفة شيعة وأنصار يقاتلون معك لكنت أنا من أشدهم على ذلك ، ولكني رأيت شيعتك بالكوفة وقد فارقوا منازلهم خوفاً من سيوف بني أمية ، فلم يجبه الى ذلك وسار الحسين عليه السلام …(2)
المبحث الخامس
الغدر بمسلم بن عقيل
__________
(1) هاهم أتباعك أيها التيجاني .
(2) ذكر عباس القمي هذه الواقعة في منتهى الآمال 1/466 وفي هامش ص177 من نفس المهموم واللفظ للمصدر الثاني .(51/28)
قال الشيعي هاشم معروف : " لقد استطاع الوالي الجديد أن يحكم الحيلة ليقبض على هانىء بن عروة الذي آوى رسول الحسين ( ع ) ، وأحسن ضيافته ، واشترك معه في الرأي والتدبير ، فقبض عليه وقتله بعد حوار طويل جرى بينهما ، وألقى بجثمانه من أعلى القصر الى الجماهير المحتشدة حوله ، فاستولى الخوف والتخاذل على الناس ، وذهب كل انسان الى بيته ، وكأن الأمر لايعنيه(1) ".
وقال الشيعي محمد كاظم القزويني : فدخل ابن زياد الكوفة ، وأرسل الى رؤساء العشائر والقبائل يهددهم بجيش الشام ، ويطمعهم ، فجعلوا يتفرقون عن مسلم شيئاً فشيئاً الى أن بقي مسلم وحيداً (2)"
قلت : هذا ما كان يتوقعه مسلم بن عقيل عندما طلب من الحسين رضي الله عنه أن يعفيه من هذه المهمة ، لعلمه بغدر الشيعة بعمه علي ، وابنه الحسن رضي الله عنهم ، فقد تحقق ما كان يتوقعه ، وقتل مسلم بمرأى ومسمع من دعاه وبايعه باسم الحسين .
__________
(1) سيرة الأئمة الاثنى عشر 2/61 .
(2) فاجعة الطف ص7 وقريب منه ما في تظلم الزهراء ص149 وانظر سفير الحسين مسلم بن عقيل ص50 وما بعدها وانظر منه ص113 . يقول عبد الحسن نور الدين العاملي : فاخذ الناس يتفرقون وكانت المرأة تأتي ابنها وأخاها فتقول : انصرف ، الناس يكفونك ويجيء الرجل الى ابنه وأخيه فيقول : غداً يأتيك أهل الشم فما تصنع بالحرب والشر ؟ انصرف فيذهب به فما زالوا يتفرقون حتى أمسى ابن عقيل وصلى المغرب وما معه الا ثلاثون نفرا في المسجد فلما رأى أنه قد أمسى وما معه الا أولئك النفر خرج من المسجد متوجها نحو أبواب كندة فما بلغ الأبواب الا ومعه عشرة ثم خرج من الباب فاذا ليس معه انسان . مأساة احدى وستين ص27.(51/29)
وقال الشيعي المتعصب عبد الحسين شرف الدين ناقلاً غدر أسلافه بمسلم بن عقيل : " لكنهم نقضوا بعد ذلك بيعته ، وأخفروا ذمته ، ولم يثبتوا معه على عهد ، ولا وفوا له بعقد ، وكان بأبي هو وأمي من أسود الوقائع ، وسقاة الحقوق ، وأباة الذل ، وأولى الحفائظ ، وله حين أسلمه أصحابه واشتد البأس بينه وبين عدوه مقام كريم ،وموقف عظيم ، اذ جاءه العدو من فوقه ومن تحته وأحاط به من جميع نواحيه ، وهو وحيد فريد ، لاناصر له ولامعين …. حتى وقع في أيديهم أسيراً ؛ (1)"
الخبر الفظيع :
قال عباس القمي : " ثم انتظر ( أي الحسين ) حتى اذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه أكثروا من الماء فاستقوا وأكثروا ثم ارتحلوا فسار حتى انتهى الى زبالة فأتاه خبر عبد الله بن يقطر فجمع أصحابه فأخرج للناس كتاباً قرأه عليهم فاذا فيه : " بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد : فانه قد أتانا خبر فظيع ، قتل مسلم بن عقيل وهانىء بن عروة وعبد الله بن يقطر ، وقد خذلنا شيعتنا ، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج ليس عليه ذمام " .
فتفرق الناس عنه ممن اتبعوه طمعاً في مغنم وجاه ، حتى بقي في أهل بيته وأصحابه ممن اختاروا ملازمته ، عن يقين وايمان (2)"
المبحث السادس :
__________
(1) المجالس الفاخرة ص62 .
(2) في منتهى الآمال 1/462 وفي نفس المهموم ص 167 والمجسي في بحار الأنوار 44/374 ومحسن الأمين في لواعج الأشجان ص67 وعبد الحسين الموسوي في المجالس الفاخرة ص85 والكاتب عبد الهادي الصالح في خير الأصحاب ص37 ، ص107 كما ذكرها من أسموه بسلطان الواعظين محمد الموسوي الشيرازي في ليالي بشاور ص585 ، ومحمد مهدي المازندراني في معالي السبطين الجزء الأول صفحة 267 ومرتضى العسكري في معالم المدرستيين جـ3 صفحة 67 ، أسد حيدر في كتابه مع الحسين في نهضته ص163 وهو في دائرة المعارف الشيعية (8/264 ) والمحامي أحمد حسين يعقوب في كتابه كربلاء الثورة والمأساة ص244 .(51/30)
نزول الحسين رضي الله عنه أرض كربلاء :
قال عبد الرزاق الموسوي المقرم : وكان نزوله في كربلاء في الثاني من المحرم سنة احدى وستين (1)"
وقال عباس القمي : " اعلم أن هناك اختلافاً في اليوم الذي ورد فيه الامام الحسين عليه السلام الى كربلاء ، وأصح الأقوال : هو أنه قدم كربلاء في الثاني من المحرم الحرام سنة احدى وستين من الهجرة ، ولما انتهى اليها قال : ما اسم هذه الأرض ؟ فقيل له : كربلاء . فقال : " اللهم اني أعوذ بك من الكرب والبلاء (2)" .
وقال محمد تقي آل بحر العلوم : " قال أرباب السير والمقاتل : ولما نزل الحسين عليه السلام كربلاء جمع أصحابه وأهل بيته ، وقام فيهم خطيباً وقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه :
" أما بعد فانه قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون وان الدنيا قد تغيرت وتنكرت ، وأدبر معروفها ، واستمرت حذاء ، ولم يبق منها الا صبابة كصبابة الاناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ، ألا ترون الى الحق لايعمل به ، والى الباطل لايتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقاً ، فاني لاأرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما (3)"
__________
(1) مقتل الحسين للمقرم ص193.
(2) منتهى الآمال 1/471.
(3) مقتل الحسين لبحر العلوم ص263.(51/31)
وينقل لنا الدكتور الشيعي أحمد راسم النفيس مناشدة الحسين(1) رضي الله عنه وتذكيره لشيعته الذين دعوه لينصروه وتخلوا عنه فيقول: "كان القوم يصرون على التشويش على أبي عبد الله الحسين لئلا يتمكن من إبلاغ حجته، فقال لهم مغضباً: ما عليكم أن تنصتوا إليَّ فتسمعوا قولي؟ وإنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد، فمن أطاعني كان من المرشدين، ومن عصاني كان من المهلكين، وكلكم عاص لأمري غير مستمع لقولي، قد انخزلت عطياتكم من الحرام، وملئت بطونكم من الحرام، فطبع الله على قلوبكم، ويلكم ألا تنصتون؟ ألا تسمعون؟.. فسكت الناس. فقال عليه السلام: (تبا لكم أيها الجماعة وترما حين استصرختمونا والهين مستنجدين فأصرخناكم مستعدين، سللتم علينا سيفا في رقابنا، وحششتم علينا نار الفتن التي جناها عدونا وعدوكم، فأصبحتم ألبا على أوليائكم، ويدا عليهم لأعدائكم، بغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم إلا الحرام من الدنيا أنالوكم وخسيس عيش طمعتم… فقبحا لكم، فإنما أنتم من طواغيت الأمة، وشذاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، ونفثة الشيطان، وعصبة الآثام، ومجرمي الكتاب، ومطفئي السنن، وقتلة أولاد الأنبياء"(2).
__________
(1) وأصله في الاحتجاج للطبرسي (2/24) باختلاف يسير.
(2) على خطى الحسين ص 130 – 131.(51/32)
... هذا هو اللفظ الذي ضبطه الشيعي المذكور وقد روى أصل الخطبة شيخهم علي بن موسى بن طاووس(1) ونقلها عبد الرزاق المقرم(2) وفاضل عباس الحياوي(3) وهادي النجفي(4) وحسن الصفار(5) ومحسن الأمين(6) وعباس القمي(7) وغيرهم كثير(8) فلاحظ يا من تنشد الحق كيف وصف الإمام الحسين رضي الله عنه شيعته بأوصاف هم لها أهل :
" قد أنخزلت عطايتكم من الحرام".
" وطئت بطونكم الحرام".
"فطبع الله على قلوبكم".
... ولاحظ أنهم هم شيعته الذين استصرخوه ولهين… وحششتم عينا نار الفتن.
... فهؤلاء الشيعة:
... " شذاذ الأحزاب".
... "نبذة الكتاب".
... "عصبة الآثام".
... "مجرمو الكتاب".
... "مطفئو السنن".
... "قتلة أولاد الأنبياء".
المبحث السابع
من الذي قتل الحسين رضي الله عنه؟
... لقد نصح محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنيف أخاه الحسين رضي الله عنهم قائلا له: يا أخي إن أهل الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك. وقد خفت أن يكون حالك كحال من مضى(9).
... وقال الشاعر المعروف الفرزدق للحسين رضي الله عنه عندما سأله عن شيعته الذين هو بصدد القدوم إليهم:
__________
(1) اللهوف ص 58.
(2) مقبل الحسين ص 234.
(3) مقتل الحسين ص 16.
(4) يوم الطف ص 28.
(5) الحسين ومسئولية الثورة ص 61.
(6) لواعج الأشجان ص 97 وما بعدها وفيه ما يفيد أنهم أخذوا لا يكلمونه ولا ينصتون له.
(7) منتهى الآمال 1/ 487
(8) انظر: معالم المدرستين 3/100 كربلاء الثورة والمأساه للمحامي أحمد حسين يعقوب ص 283 – 284.
(9) هوف لابن طاووس ص 39، عاشوراء للإحسائي ص 115، المجالس الفاخرة لعبد الحسين ص 75، منتهى الآمال 1/454، على خطى الحسين ص 96.(51/33)
... "قلوبهم معك وأسيافهم عليك والأمر ينزل من السماء والله يفعل ما يشاء. فقال الحسين: صدقت لله الأمر، وكل يوم هو في شأن، فإن نزل القضاء بما نحب ونرضى فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد من كان الحق نيته والتقوى سريرته"(1).
... والإمام الحسين رضي الله عنه عندما خاطبهم أشار إلى سابقتهم وفعلتهم مع أبيه وأخيه في خطاب منه: "… وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم، وخلعتم بيعتي من أعناقكم، فلعمري مما هي لكم بنكر، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم، والمغرور من اغتر بكم … "(2) وسبق للإمام الحسين رضي الله عنه أن ارتاب من كتبهم وقال: " إن هؤلاء أخافوني وهذه كتب أهل الكوفة وهم قاتلي"(3).
... وقال رضي الله عنه في مناسبة أخرى :"اللهم أحكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا فقتلونا"(4).
... قلت: نعم إن شيعة الحسين رضي الله عنه دعوه ينصروه فقتلوه.
__________
(1) جالس الفاخرة ص 79، على خطى الحسين ص 100، لواعج الأشجان للأمين ص 60، معالم المدرستين 3/62.
(2) معالم المدرستين 3/71 – 72، معالي السبطين 1/ 275، بحر العلوم 194، نفس المهموم 172، خير الأصحاب 39، تظلم الزهراء ص 170.
(3) مقتل الحسين للمقرم ص 175.
(4) منتهى الآمال 1/535.(51/34)
... قال الشيعي حسين كوراني: " أهل الكوفة لم يكتفوا بالتفرق عن الإمام الحسين، بل انتقلوا نتيجة تلون مواقفهم إلى موقف ثالث، وهو أنهم بدأوا يسارعون بالخروج إلى كربلاء، وحرب الإمام الحسين عليه السلام، وفي كربلاء كانوا يتسابقون إلى تسجيل المواقف التي ترضي الشيطان، وتغضب الرحمن، مثلا نجد أن عمرو بن الحجاج الذي برز بالأمس في الكوفة وكأنه حامي حمى أهل البيت، والمدافع عنهم، والذي يقود جيشاً لإنقاذ العظيم هانئ بن عروة، يبتلع كل موفقه الظاهري هذا ليتهم الإمام الحسين بالخروج عن الدين لنتأمل النص التالي: وكان عمرو بن الحجاج يقول لأصحابه: "قاتلوا من مرق عن الدين وفارق الجماعة…"(1).
... وقال حسين كوراني أيضا: "ونجد موقفا آخر يدل على نفاق أهل الكوفة، يأتي عبد الله بن حوزة التميمي يقف أمام الإمام الحسين عليه السلام ويصيح: أفيكم حسين؟ وهذا من أهل الكوفة، وكان بالأمس من شيعة
علي عليه السلام، ومن الممكن أن يكون من الذين كتبوا للإمام أو من جماعة شبث وغيره الذين كتبوا … ثم يقول: يا حسين أبشر بالنار …"(2).
... ويتساءل مرتضى مطهري: كيف خرج أهل الكوفة لقتال الحسين عليه السلام بالرغم من حبهم وعلاقتهم العاطفية به؟ ثم يجيب قائلا:
__________
(1) في رحاب كربلاء ص 60 – 61.
(2) في رحاب كربلاء ص 61.(51/35)
... "والجواب هو الرعب والخوف الذي كان قد هيمن على أهل الكوفة. عموما منذ زمن زياد ومعاوية والذي ازداد وتفاقم مع قدوم عبيد الله الذي قام على الفور بقتل ميثم التمار ورشيد ومسلم وهانئ … هذا بالإضافة إلى تغلب عامل الطمع والحرص على الثروة والمال وجاه الدنيا، كما كان الحال مع عمر بن سعد نفسه… وأما وجهاء القوم ورؤساؤهم فقد أرعبهم ابن زياد، وأغراهم بالمال منذ اليوم الأول الذي دخل فيه إلى الكوفة، حيث ناداهم جميعاً وقال لهم من كان منكم في صفوف المعارضة فإني قاطع عنه العطاء. نعم وهذا عامر بن مجمع العبيدي أو مجمع بن عامر يقول: أما رؤساؤهم فقد أعظمت رشوتهم وملئت غرائزهم"(1).
... ويقول الشيعي كاظم الإحسائي النجفي:" إن الجيش الذي خرج لحرب الإمام الحسين عليه السلام ثلاثمائة ألف، كلهم من أهل الكوفة، ليس فيهم شامي ولا حجازي ولا هندي ولا باكستاني ولا سوداني ولا مصري ولا أفريقي بل كلهم من أهل الكوفة، قد تجمعوا من قبائل شتى"(2).
وقال المؤرخ الشيعي حسين بن أحمد البراقي النجفي: "قال القزويني: ومما نقم على أهل الكوفة أنهم طعنوا الحسن بن علي عليهما السلام، وقتلوا الحسين عليه السلام بعد أن
استدعوه"(3).
... وقال المرجع الشيعي المعروف آية الله العظمى محسن الأمين:
... "ثم بايع الحسين من أهل العراق عشرون ألفا غدروا به، وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم، فقتلوه"(4).
... وقال جواد محدثي: "وقد أدت كل هذه الأسباب إلى أن يعاني منهم الإمام علي عليه السلام الأَمَرَّين، وواجه الإمام الحسن عليه السلام منهم الغدر، وقتل بينهم مسلم بن عقيل مظلوماً، وقتل الحسين عطشاناً في كربلاء قرب الكوفة وعلى يدي جيش الكوفة"(5).
__________
(1) الملحمة الحسينية 3/47 – 48.
(2) عاشوراء ص 89.
(3) تاريخ الكوفة ص 113.
(4) أعيان الشيعة 1/26.
(5) موسوعة عاشوراء ص 59.(51/36)
... ونقل شيوخ الشيعة أبو منصور الطبرسي وابن طاووس والأمين وغيرهم عن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب المعروف بزين العابدين رضي الله عنه وعن آبائه أنه قال موبخاً شيعته الذين خذلوا أباه وقتلوه قائلا:
... "أيها الناس نشدتكم بالله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه، وأعطيتموه العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه وخذلتموه، فتباً لما قدمتم لأنفسكم، وسوأة لرأيكم، بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلى الله على آله وسلم إذ يقول لكم: "قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمتي".
...
... فارتفعت أصوات النساء بالبكاء من كل ناحية، وقال بعضهم لبعض: هلكتم وما تعلمون. فقال عليه السلام: رحم الله امرءاً قبل نصيحتي، وحفظ وصيتي في الله ورسوله وأهل بيته فإن لنا في رسول الله أسوة حسنة. فقالوا بأجمعهم: نحن كلنا سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك، فمرنا بأمرك يرحمك الله، فإنا حرب لحربك، وسلم لسلمك، لنأخذن يزيد ونبرأ ممن ظلمك وظلمنا، فقال عليه السلام: هيهات هيهات أيها الغدرة المكرة حيل بينكم ويبن شهوات أنفسكم، أتريدون أن تأتوا إليَّ كما أتيتم آبائي من قبل؟ كلا ورب الراقصات فإن الجرح لما يندمل، قتل أبي بالأمس وأهل بيته معه، ولم ينسني ثكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وثكل أبي وبني أبي ووجده بين لهاتي ومرارته بين حناجري وحلقي وغصته تجري في فراش صدري…"(1).
__________
(1) الطبري هذه الخطبة في الاحتجاج (2/32) وابن طاووس في الملهوف ص 92 والأمين في لواعج الأشجان ص 158 وعباس القمي في منتهى الآمال الجزء الأول ص 572، وحسين كوراني في رحاب كربلاء ص 183 وعبد الرزاق المقرم في مقتل الحسين ص 317 ومرتضى عياد في مقتل الحسين ص 87 وأعادها عباس القمي في نفس المهموم ص 360 وذكرها رضى القزويني في تظلم الزهراء ص 262.(51/37)
... وعندما مر الإمام زين العابدين رحمه الله تعالى وقد رأى أهل الكوفة ينحون ويبكون، زجرهم قائلا: "تنوحون وتبكون من أجلنا فمن الذي قتلنا؟"(1).
... وفي رواية أنه عندما مرَّ على الكوفة وأهلها ينوحون وكان ضعيفاً قد
انهكته العلة، فقال بصوت ضعيف: "أتنوحون وتبكون من أجلنا؟ فمن الذي قتلنا؟"(2).
... وفي رواية عنه رحمه الله أنه قال بصوت ضئيل وقد نهكته العله: "إن هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم؟"(3).
... وتقول أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهما: "يا أهل الكوفة سوأة لكم ما لكم خذلتم حسيناً وقتلتموه، وانتهبتم أمواله وورثتموه، وسبيتم نساءه، ونكبتموه، فتبا لكم وسحقا لكم، أي دواه دهتكم، وأي وزر على ظهوركم حملتم، وأي دماء سفكتموها، وأي كريمة أصبتموها، وأي صبية سلبتموها، وأي أموال انتهبتموها، قتلتم خير رجالات بعد النبي صلى الله عليه وآله، ونزعت الرحمة من قلوبكم"(4).
... ونقل لنا عنها رضي الله عنها الطبرسي والقمي والمقرم وكوراني وأحمد راسم وفي تخاطب الخونة الغدرة المتخاذلين قائلة:
... "أما بعد يا أهل الكوفة ويا أهل الختل والغدر والخذل والمكر، ألا فلا رقأت العبرة، ولا هدأت الزفرة، إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، تتخذون إيمانكم دخلاً بينكم، هل فيكم إلا الصلف والعجب، والشنف والكذب، وملق الإماء، وغمر الأعداء، كمرعى على دمنهُ،
__________
(1) لهوف ص 86 نفس المهموم 357 مقتل الحسين لمرتضى عياد ص 83 ط 4 عام 1996م تظلم الزهراء ص 257.
(2) منتهى الآمال 1/ 570.
(3) الاحتجاج 2/29.
(4) هوف ص 91 نفس المهموم 363 مقتل الحسين للمقرم ص 316، لواعج الأشجان 157، مقتل الحسين لمرتضى عياد ص 86 تظلم الزهراء لرضي بن نبي القزويني ص 261.(51/38)
أو كفضة على ملحودة، ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون. أتبكون أخي؟ أجل والله، فابكوا كثيراً واضحكوا قليلا، فقد بليتم بعارها ومنيتم بشنارها، ولن ترخصوها أبداً، وأنى ترخصون قتل سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ حربكم، ومعاذ حزبكم، ومقر سلمكم، ومفزع نازلتكم، والمرجع إليه عند مقالتكم، ومنار حجتكم، ألا ساء ما قدمتم لأنفسكم وساء ما تزرون ليوم بعثكم، فتعساً تعساً ونكساً نكساً، لقد خاب السعي، وتبت الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة، أتدرون ويلكم أي كبد لمحمد فريتم؟ وأي عهد نكثتم؟ وأي حرمة له انتهكتم؟ وأي دم له سفكتم؟ لقد جئتم شيئا إدّاً، تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّاً، لقد جئتم بها شوهاء خرقاء كطلاع الأرض وملء السماء"(1).
... وينقل الشيعي أسد حيدر عن زينب بنت علي رضي الله عنهما وهي نخاطب الجمع الذي استقبلها بالبكاء والعويل فقالت تؤنبهم: "أتبكون وتنتحبون؟! أي والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا، فقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا، وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة…"(2) .
... وفي رواية أنها أطلت برأسها من المحمل وقالت لأهل الكوفة: "صه يا أهل الكوفة تقتلنا رجالكم وتبكينا نساؤكم فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء"(3).
المبحث الثامن:
من قُتل مع الحسين من أهل البيت رضي الله عنهم:
__________
(1) الاحتجاج 2/29، منتهى الآمال 1/570، مقتل المقرم ص 311 وما بعدها، في رحاب كربلاء ص 146 وما بعدها، على خطر الحسين ص 138، تظلم الزهراء ص 258.
(2) مع الحسين في نهضته ص 295 وما بعدها.
(3) نقلها عباس القمي في نفس المهموم ص 365 وذكرها الشيخ رضى بن نبى القزويني في تظلم الزهراء ص 264.(51/39)
... من حب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه للخلفاء الثلاثة أن سمَّى أبناءه بأسمائهم، وقد قاتل هؤلاء مع أخيهم الحسين في كربلاء، ونلاحظ تعمد خطباء الشيعة عدم ذكر هذه الأسماء الطيبة حتى لا يعيد رواد الحسينيات النظر في مواقفهم من الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم، وأبناؤه هم:
... أبو بكر بن علي بن أبي طالب: ذكره المفيد(1) والطبرسي(2) والأربلي(3) وعباس القمي(4) وباقر شريف القرشي(5) وهادي النجفي(6) وصادق مكي(7) وابن شهر آشوب(8).
... عمر بن علي بن أبي طالب: ذكره المفيد(9) والطبرسي(10) وابن شهر آشوب(11) والأربلي(12) والنجفي(13).
... عثمان بن علي بن أبي طالب: ذكره محمد بن النعمان الملقب بالمفيد(14) وابن شهر آشوب(15) والطبرسي(16) والأربلي(17) والقمي(18) والقرشي(19) وهادي النجفي(20) وصادق
مكي(21).
... أبو بكر بن الحسين بن علي بن أبي طالب: ذكره المفيد(22) والطبرسي(23) والأربلي(24) والقمي(25) والقرشي(26) وهادي النجفي(27).
وصادق مكي(28).
... عمر بن الحسين بن علي بن أبي طالب: ذكره المفيد(29) والطبرسي(30) وصادق مكي(31).
__________
(1) الإرشاد للمفيد ص 248.
(2) إعلام الورى ص 203.
(3) كشف الغمة 1/440.
(4) منتهى الآمال 1/528.
(5) حياة الإمام الحسين 1/270.
(6) يوم الطف ص 171،172،173،174.
(7) مظالم أهل البيت ص 258.
(8) مناقب آل أبي طالب 3/305.
(9) الإرشاد ص 186.
(10) إعلام الورى ص 203.
(11) مناقب آل أبي طالب 3/304.
(12) كشف الغمة 1/440.
(13) يوم الطف ص 188.
(14) الإرشاد ص 186.
(15) مناقب آل أبي طالب 3/304.
(16) أعلام الورى ص 203.
(17) كشف الغمة 1/440.
(18) منتهى الآمال 1/526، 527.
(19) حياة الإمام الحسين 3/262.
(20) يوم الطف ص 175، 179.
(21) مظالم أهل البيت ص 257.
(22) الإرشاد ص 186،248.
(23) أعلام الورى ص 212.
(24) كشف الغمة 1/575،580.
(25) منتهى الآمال 1/526.
(26) حياة الحسين 3/254.
(27) يوم الطف ص 167.
(28) مظالم أهل البيت ص 258.
(29) الإرشاد ص 197.
(30) إعلام الورى ص 112.
(31) مظالم أهل البيت 254.(51/40)
... وهؤلاء الأخيار لقوا مصرعهم في كربلاء كما صرح بهذا من نقلنا عنهم في هذا المختصر، فرحمة الله عليهم وعلى آبائهم، وإنما ذكرناهم لكي يعلم الشيعي المنصف مبلغ حب أهل البيت للخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن هناك من أهل البيت أيضا من سمى أبناءه بأسماء الخلفاء ويكفيك منهم الإمام الجليل علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وهو المعصوم الرابع عند الإمامية الاثنى عشرية فإن له ابناً اسمه عمر ذكره المفيد(1) وقال الحر العاملي فيه: "كان فاضلا جليلا ولي صدقات النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين وكان ورعاً متجنباً "(2).
... ثم وجدت الشيعي الملقب عندهم بالعلامة والمحقق البحاثة مرتضى العسكري يذكر أبناء علي بن أبي طالب الثلاثة: أبا بكر وعمر وعثمان في كتابه معالم المدرسين صفحة 127 من الجزء الثالث.
... ولا شك أن الإنسان يختار لأبنائه أحب الأسماء إليه فأبو بكر وعمر وعثمان أحب الأصحاب إلى قلب علي رضي الله عنهم فسمى أبناءه بأسمائهم.
الفصل الرابع
الشعائر الحسينية
المبحث الأول:
الشعائر الحسينية طقوس لم تكن على عهد الأئمة:
... أخي القارئ إن ما يفعله الشيعة في المآتم والحسينيات مثل اللطم والنياحة والتطبير وغيرها لم تكن على عهد الأئمة باعتراف علماء الشيعة، وقد ذكر نجم الدين أبو القاسم الشيعي المعروف بالمحقق الحلي بأن الجلوس للتعزية لم ينقل عن أحد من الصحابة والأئمة، وأن اتخاذه مخالف لسنة السلف(3)، وهذا يعني أن المآتم والشعائر الحسينية من البدع التي يجب تركها، كما اعترف بهذا شيخهم آيه الله العظمى جواد التبريزي عندما وجه له هذا السؤال:
... ما هو رأيكم في الشعائر الحسينية وما هو الرد على القائلين بأنها طقوس لم تكن على عهد الأئمة الأطهار عليهم السلام فلا مشروعية لها؟
__________
(1) في الإرشاد.
(2) خاتمة الوسائل.
(3) المعتبر ص 94 وسيأتي كلامه بنصه.(51/41)
... فأجاب: "كانت الشيعة على عهد الأئمة عليهم السلام تعيش التقية وعدم وجود الشعائر في وقتهم لعد إمكانها لا يدل على عدم المشروعية في هذه الأزمنة، ولو كانت الشيعة في ذاك الوقت تعيش مثل هذه الأزمنة من حيث إمكانية إظهار الشعائر وإقامتها لفعلوا كما فعلنا، مثل نصب الأعلام
السوداء على أبواب الحسينيات بل الدور إظهاراً للحزن"(1).
... وبمثل هذا اعترف علامتهم آية الله العظمى علي الحسيني الفاني الأصفهاني(2) حيث أورد هذه الشبهة:
__________
(1) ق بالجزء الثاني من صراط النجاة للخوئي صفحة 562 ط 1417هـ.
(2) ويأتي تصريح الخونساري وعباس القمي بأن معز الدولة البويهي هو الذي أمر الناس بالنواح والبكاء وإقامة المآتم في السكك والأسواق…إلخ.(51/42)
... "إنه لم تعهد هذه الأمور في زمن المعصومين عليهم السلام وهم أهل المصيبة وأولى بالتعزية على الحسين عليه السلام، ولم يرد في حديث أمر بها منهم، فهذه أمور ابتدعها الشيعة وسموها الشعائر المذهبية والمأثور أن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فأجاب الفاني الأصفهاني بقوله: " والجواب واضح جداً أن ليس كل جديد بدعة إذ البدعة المبغوضة عبارة عن تشريع حكم اقتراحي لم يكن في الدين، ولا من الدين، والروايات الواردة في ذم البدعة والمبتدع ناظرة إلى التشريع في الدين، بل هي واردة مورد حكم العقل بقبح التشريع من غير المشرع بعنوان أنه شرع إلهي ومستمد من الوحي السماوي، وإلا فأين محل الشبهات الحكمية التي وردت الروايات بالبراءة فيها وحكم العقل بقبح العقاب عليها؟ وبديهي أن الشعائر الحسينية ليست كذلك كيف والإبكاء مأمور به(1) وهو فعل توليدي يحتاج إلى سبب وهو إما قولي: كذكر المصائب، وإنشاء المراثي، أو عملي: كما في عمل الشبيه
فللفقيه أن يحكم بجواز تلك الشعائر لما يترتب عليها من الإبكاء الراجح البتة كما أن التعزية عنوان قصدي ولا بد له من مبرز ونرى أن مبرزات العزاء في الملل المختلفة مختلقة وما تعارف عند الشيعة ليس مما نهى عنه الشرع أو حكم قبحه العقل وعلى المشكك أن يفهم المراد من البدعة ثم يطابقها على ما يشاء إن أمكن"(2).
__________
(1) روى أحمد بن فهد الحلي في عدة الداعي (ص 169) عن الصادق عليه السلام قال : كل عين باكية يوم القيامة إلى ثلاثة عيون : "عين غضت عن محارم الله وعين سهرت في طاعة الله وعين بكت في جوف الليل من خشية الله " فالبكاء يكون من خشية الله، لا كما يكون في الحسينيات والمآتم.
(2) مقتل الحسين لمرتضى عياد ص 192 الطبعة الرابعة.(51/43)
قال حسن معنية : " جاء العهد البويهي في القرن الرابع الهجري فتحرر هذا اليوم(1)، وتجلى كما ينبغي حزينا في بغداد والعراق كله وخرسان وما وراء النهر والدنيا كلها، إذ أخذت تتوشح البلاد بالسواد، ويخرج الناس بأتم ما تخرج الفجيعة الحية أهلها الثاكلين، وكذلك الحال في العهد الحمداني في حلب والموصل وما والأهم، أما في العهود الفاطمية فكانت المراسيم الحسينية في عاشوراء تخضع لمراسيم بغداد، وتقتصر على الأصول المبسطة التي تجري الآن في جميع الأقطار الإسلامية والعربية، وخاصة في العراق وإيران والهند وسوريا والحجاز فتقام المآتم والمناحات وتعقد لتسكب العبرات وأصبحت إقامة الشعائر الحسينية مظهراً من مظاهر خدمة الحق وإعلان الحقيقة"(2)،(3).
... ثم يستعرض إمامهم وشهيدهم آية الله حسن الشيرازي الأدوار التي
مرت بها هذه الشعائر فيشتكي من الظلم الذي منع الشيعة من إظهار هذه الشعائر فيقول: "غير أن الشيعة لم يقدروا على هذا التعبير الجريء عندما كانوا يرزحون في ظلمات بني أمية وبني العباس وإنما اختلفت عليهم الظروف القاسية والرخية اختلاف الفصول على مشاتل الورد فاختلفت تعبيراتهم باختلافها"(4).
ثم ذكر الشيرازي خمسة أدوار:
... الدور الأول: وهو دور الأئمة. قال الشيرازي: "انحصر فيه تعبير الشيعة على تجمع نفر منهم في بيت أحدهم، إنشاد فرد منهم أبيات من الشعر، أو تلاوته أحاديث في رثاء أهل البيت، وبكاء الآخرين بكل تكتم وإخفاء وتقية الحكومات الظالمة أن تطيش بهم في جنون فتطير رؤوسهم"(5).
__________
(1) أي أن المآتم والحسينيات لم تعرف إلا في هذا اليوم بسبب البويهيين.
(2) آداب المنابر ص 192.
(3) أي أنه قبل البويهيين والفاطميين ليست مظهراً من مظاهر خدمة الحق وإعلان الحقيقة فجاء هؤلاء وليس الأئمة المعصومون فجعلوها مظهراً من مظاهر خدمة الحق.
(4) الشعائر الحسينية للشيرازي ص 97 – 98.
(5) المصدر السابق ص 98.(51/44)
قلت وهذا كلام مردود وهو من كيس الشيرازي لأنه لم يذكر أي مصدر نقل منه هذا الكلام.
... الدور الثاني: دور بني العباس. وقد اشتكى الشيرازي من هذا الدور إلا إنه عاد فقال: "فتوسعت مجالس التأبين على الإمام الشهيد وعلت برثائه المنابر ولكن في إطار محدود يفصله عن حركة التشيع"(1).
... قلت: وكلام الشيرازي هذا مردود أيضا من قام هو بنسفه عندما قال: "… ولكن في إطار محدود يفصله عن حركة التشيع" فما الفائدة إذن من استشهادك به؟.
... ثم يذكر الشيرازي الدور الثالث فيقول:
"دور البويهيين والديالمة والفاطميين وخاصة أيام معز الدولة الديلمي، الذين رفعوا الإرهاب، وأطلقوا طاقات الشيعة، ومكنوهم من إخراج مجالس التأبين عن الدور إلى المجامع والشوارع والساحات العامة،وإعلان الحداد الرسمي العام يوم عاشوراء، إغلاق الأسواق، وتنظيم المواكب المتجولة في الشوارع والساحات"(2).
... ثم يذكر الدور الرابع فيقول: "دور الصفويين وخاصة عهد العلامة المجلسي الذي شجع الشيعة على ممارسة شعائرهم بكل حرية فأضافوا إليها التمثيل الذي كان إبداعاً منهم لتجسيد المأساة"(3).
... ثم يذكر الدور الخامس فيقول: "دور الفقهاء المتأخرين وعلى رأسهم الشيخ مرتضى الأنصاري وآية الله الدربندي حيث أكثرت الشيعة من مواكب السلاسل والتطبير"(4).
... ثم عاد الشيرازي ليعترف بما اعترف به التبريزي والفاني الأصفهاني قال: "ولو أن الشيعة في عهود الأئمة عليهم السلام وجدوا الحرية الكاملة لأقاموا هذه الشعائر القائمة اليوم وأكثر، غير أنهم لم يكونوا يجدون الحرية الكافية للتعبير الكامل عن مدى انفعالهم في كل العصور"(5).
__________
(1) المصدر السابق ص 98.
(2) الشعائر الحسينية ص 99.
(3) الشعائر الحسينية ص 99.
(4) الشعائر الحسينية ص 99.
(5) الشعائر الحسينية ص 100.(51/45)
... فيقول الشرازي "لأقاموا هذه الشعائر القائمة اليوم" دليل على أن هذه الشعائر القائمة اليوم لم تكن قائمة في تلك العصور التي تكلم عنها.
إذن هذه الشعائر لم تكن على عهد الأئمة ولم يأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فهي من محدثات الأمور التي حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار".
... فعلى الشيعي المنصف أن يدرك هذا ويعيد النظر في حضوره ومواظبته على هذه المآتم.
... وقبل أن ننهي هذا الفصل نوقف القارئ الكريم على إجابة محمد حسين فضل الله على من سأله عن تأسيس المأتم الحسيني.
قال حسين فضل الله: "المأتم الحسيني أسسه أئمة أهل البيت (ع) الذين كانوا يعقدونه في بيوتهم ويستدعون من يقرأ الأشعار التي تذكر مصيبة الحسين عليه السلام بطريقة عاطفية"(1).
وقد سئل بمناسبة سابقة عن تأسيس المأتم الحسيني فأجاب: "لا يبعد أن تأسيس الحسينيات انطلق من فكرة احترام المسجد لأن الناس قد يحتاجون إلى الاستماع لعزاء الحسين عليه السلام أو للمواعظ والإرشادات وفيهم الجنب وفيهم الحائض ومن جهة عدم جواز تنجيس المسجد فلربما جعلت الحسينيات إلى جانب المساجد لا لتكون بديلة عنها فهذا ما لم يفكر
فيه أحد، ولكن من أجل حماية المساجد وإفساح المجال للاستماع للموعظة والذكرى الحسينية حتى يحضرها كل الناس حتى لو أدى ذلك إلى تنجيسها أو ما إلى ذلك ولا نعرف متى بدأ إنشاء الحسينيات"(2).
قلت: فلاحظ أنه أول الأمر زعم أن أئمة أهل البيت هم الذين أنشأوا المآتم الحسينية، ثم جاء بعد ذلك ليقول: إنها انطلقت من فكرة احترام المسجد، وأنه لا يعرف متى بدأ إنشاء الحسينيات.
المبحث الثاني:
الشيعة يستحدثون بدعة النياحة واللطم:
__________
(1) الندوة 5/509.
(2) الندوة 4/478 – 479.(51/46)
أخي المسلم أن ما يفعله الشيعة في الحسينيات تحت مسمى الشعائر الحسينية هي من البدع التي استحدثها ودعا إليها علماء الشيعة فقد ألف داعيتهم عبد الحسين شرف الموسوي كتابا سماه (المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة) حاول فيه كعادته في مؤلفاته الدفاع عن البدع والخرافات التي يتعبد بها الشيعة، ومنها: المآتم كما يفهم من عنوان الكتاب، فقد حاول أن يثبت جواز إقامة المآتم من بكاء النبي صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم(1).
نعم لقد ذرفت عينا النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هل فعل النبي
صلى الله عليه وسلم ما تفعله الشيعة في مآتمهم؟
... وهل جعل النبي صلى الله عليه وسلم من موت عمه حمزة رضي الله عنه وغيره مناسبة سنوية يجمع فيها الناس ويتفنن باكيا أو متباكيا لكي يبكي الحاضرون كما يفعل علماء الشيعة وخطباؤهم في الحسينيات؟
... وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يوزع شراب العصير في ذكرى مقتل أو موت من ذكرهم هذا الشيعي؟.
... ولماذا استعمل عبد الحسين القياس، والقياس محرم في مذهبة؟
... يقول: "وقد استمرت سيرة الأئمة على الندب والعويل وأمروا أولياءهم بإقامة مآتم الحزن على الحسين جيلاً بعد جيل"(2).
... وقال وهو يرد على من يعيب على الشيعة نياحهم وعويلهم:
... "ولو علم اللائم الأحمق بما في حزننا على أهل البيت، والنصرة لهم، والحرب الطاحنة لأعدائهم، لخشع أمام حزننا الطويل، ولأكبر الحكمة المقصودة من هذا النوح والعويل، ولاذ من الأسرار في استمرارنا على ذلك في كل جيل"(3).
... ويقسِّم الدكتور الشيعي هادي فضل الله موافق علماء الشيعة من اللطم وغيرها مما يقوم به الشيعة في حسينياتهم إلى قسمين:
__________
(1) راجع صفحة 11 وما بعدها من مجالسة الفاخرة.
(2) المجالس الفاخرة ص 17، ويأتي إن شاء الله تعالى من كلام أئمتهم ما يدحض هذا الافتراء.
(3) المجالس الفاخرة ص 26 – 27.(51/47)
... 1- المدرسة الإصلاحية: وتضم فريق المجددين الذي تزعمه محسن الأمين، ومن الأمور التي تركز المدرسة الإصلاحية على الابتعاد عنها وتحرم
بعضها هي ضرر النفس بالضرب حتى الإدماء، واختلاق الأخبار، وذكرها، وإقامة الشبيه (أي تمثيل مسرحية لملحمة كربلاء)(1).
... 2- المدرسة المحافظة وتضم فريق المحافظين الذي تزعمه عبد الحسين صادق وهي تركز على أن كل شيء لك مباح وإن أدى إلى الأذى. ما دام لا نص على حرمته وبالتالي فلاشيء في نظرها محرم مما ذكرته المدرسة الإصلاحية"(2).
... ثم يتعرض هادي فضل الله إلى موقف عبد الحسين شرف الدين الموسوي من المدرستين فيقول: "لقد راح مفكرنا – أي عبد الحسين – يؤكد أن المآتم الحسينية بجميع مظاهرها ليست من الحرام في شيء معتمداً على القاعدة الشرعية التي تنص على أن الأصل في الأشياء الإباحة لا الحرمة، فهو لم يحرم مظاهر المآتم الحسينية كما تفعل المدرسة الإصلاحية …"(3).
... وقال حسن مغنية: "وأما فيما يتعلق بإقامة الشعائر الحسينية في عاشوراء فهو أمر له مظاهره، فإذا جاء المحرم رأيت المساجد العاملية والنوادي الحسينية ومداخل القرى مجللة بالسواد، متسربلة بالحزن، عليها علامات الأسى واللوعة، وتراءت وجوه العاملين تعلوها الكآبة، وتتشح بالشجن، فالنفوس منقبضة، والوجوه متجهمة، والقلوب فزعة جزعة، قد تملكها الهلع من فاجعة كربلاء، فهنا وهناك عويل ونواح يكربان القلب، ويوجعان الصدر … "(4).
__________
(1) رائد الفكر الإصلاحي ص 137.
(2) رائد الفكر الإصلاحي هامش صفحة 138.
(3) رائد الفكر الإصلاحي ص 137.
(4) آداب المنابر ص 176.(51/48)
... وقال أيضا : وفي صبيحة اليوم العاشر يكون قد وفد إلى النبطية عشرات الألوف من أبناء الطائفة وغيرها للاشتراك بإحياء الذكرى، ويبدأ الاحتفال بقراءة مصرع الحسين في حسينية النبطية التحتا في الساعة الثامنة صباحا، ينتهي في الساعة التاسعة والنصف تقريبا حيث يجري تمثيل المصرع، فيشترك في التمثيل أبناء النبطية كباراً وصغاراً نساء ورجالاً، بالإضافة إلى من نذره أهله لهذه الغاية من الأطفال، وتمثل في ساحة النبطية العامة واقعة الطف، حيث يشهدها حشد من المؤمنين يقدر بأكثر من خمسين ألفاً، يتم التمثيل في جو عابق بالحماس الديني، ثم يطوف بعد ذلك عدد من الشبان والأطفال في المدينة، وهم عراة الصدور يضربون رؤوسهم بالسيوف والخناجر، وظهورهم بالسلاسل، بشكل يبعث في النفوس الأسى …"(1).
... وقال الشيعي المعروف عند قومه الدكتور أحمد الوائلي(2) عندما سئل عن ضرب الشيعة أنفسهم وجرح صدورهم في يوم عاشوراء؟ قال: "سبق للعلماء وأعطوا رأيهم في هذا الموضوع، وقالوا: إن هذا الضرب إن أضر بالنفس فهو محرم، وإذا لم يلحق بالنفس ضرراً فلم يحرم، فهو مجرد تعبير وجداني عن حبهم للحسين"(3).
... ويقول الكاتب الشيعي عبد الهادي عبد الحميد الصالح: "في حالة عدم إيذاء النفس فإن اللطم جائز، ويعتبر نوعا من التعبير عما يجيش داخل النفس، وهي حالة فطرية، تجاه الإنسان في مشاعره فقد تراه يصفق أو يقوم من مكانة فرحاً بشرط عدم الضرر البليغ بالنفس، وهناك بعض من الفتاوى التي صدرت من بعض العلماء التي حرمت أو على الأقل لا تحبذ عملية التطبير، وهي على كل حال كما أرى حالة من واقع البيئة الاجتماعية تدعوا فعلا إلى تصحيحها وهي قضية لا تعبر بالضرورة عن أصل العقيدة"(4).
__________
(1) آداب المنابر ص 181.
(2) ويسمونه كبير خطباء المنبر الحسيني.
(3) مجلة مرآة الأمة الكويتية العدد 1073/16 يونيو 1997.
(4) تعال نتفاهم ص 61.(51/49)
... ويقول شيخهم مهدي محمد السويج في كتابه "مائة مسألة مهمة حول الشيعة" ما نصه: "ولهذا ترى اللاطمين في ذكرى مأساة الحسين (ع) إنما يعبرون عن العواطف الجياشة، والمودة الصادق من جانب، كما يعبرون من جانب آخر بنفس لطمهم يعبرون عن السخط على الظالمين ابتداء من هناك وصولاً إلى هنا، وامتداداً حتى النهاية، ففي كل الأزمان يزيد وابن زياد، وفي كل زمان ضعفاء يعبرون عن ذلك باللطم ونحوه"(1).
... ويقول من وصفوه بالأستاذ المحقق طالب الخَرسان: بهذا وأمثاله قامت النائحات في جميع العواصم الإسلامية يندبن الحسين (ع) ومن قتل معه من بنيه وأخوته وأنصاره"(2).
ونقل شيخهم الدكتور عبد علي محمد حبيل عن شيخهم حسن الدمستاني أنه قال: "النياحة على الحسين واجبة وجوباً عينيا"(3).
... وقال علي الخامنئي: هناك أمور تقرب الناس إلى الله وتعزز تمسكهم بتعاليم الدين، ومن هذه الأمور مراسم العزاء التقليدية، وأن ما أوصانا الإمام(4) بإقامة مواسم العزاء التقليدية هو المشاركة في المجالس الحسينية، ونعي الإمام الحسين، والبكاء عليه، واللطم على الصدور في مواكب العزاء، وهي من الأمور التي تعزز المشاعر الجياشة إزاء أهل البيت ... أجل من المراسم اللطم على الرؤوس والصدور"(5).
... وقال مرجع الشيعة الراحل آية الله العظمى الخميني موجهاً كلامه إلى خطباء الشيعة: "تكليف السادة الخطباء أن يقرءوا المراثي، وتكليف الناس يقتضي أن يخرجوا في المواكب الرائعة، مواكب اللطم …. ولكن لتخرج المواكب ولتلطم الصدور، وليفعلوا ما كانوا يفعلونه سابقا …"(6).
__________
(1) مائة مسألة مهمة حول الشيعة ص 168 – 169.
(2) ثورة الطف ص 75.
(3) ملحمة الطف ص 15.
(4) أي الخميني.
(5) فلسفة عاشوراء ص 8 – 9.
(6) نهضة عاشوراء ص 107.(51/50)
... وقال أيضا: "إن مواكب اللطم هذه هي التي تمثل رمزاً لانتصارنا، لتقم المآتم والمجالس الحسينية في أنحاء البلاد ، وليلق الخطباء مراثيهم، وليبك الناس …. ولتمارس مواكب اللطم والردات والشعارات الحسينية ما كانت تمارسه في السابق، واعلموا أن حياة هذا الشعب رهينة بهذه المراسم والمراثي والتجمعات والمواكب"(1).
المبحث الثالث:
فتاوى كبار علماء الشيعة تُجوّز العمل ببدعة النياحة
واللطم وغيرها
... وإليك فتوى أحد كبارهم وهو من أسموه بالإمام المحقق رئيس الفقهاء العظام آية الله العظمى الشيخ محمد حسين النائيني عندما سئل عن شعائرهم وطقوسهم التي يمارسونها في مآتمهم وحسينياتهم:
... الأولى: خروج المواكب العزائية في عشرة عاشوراء ونحوها إلى الطرق والشوارع، مما لا شبهة في جوازه ورجحانه، وكونه من أظهر مصاديق ما يقام به عزاء المظلوم، وأيسر الوسائل لتبليغ الدعوة الحسينية إلى كل قريب وبعيد، لكن اللازم تنزيه هذا الشعار العظيم عما لا يليق بعباده مثله، من غناء أو استعمال آلات اللهو والتدافع في التقدّم والتأخر بين أهل محلتين، ونحو ذلك، ولو اتفق شيء من ذلك، فذلك الحرام الواقع في البين هو المحرم، ولا تسري حرمته إلى الموكب العزائي، ويكون كالناظر إلى الأجنبية حال الصلاة في عدم بطلانها.
... الثانية: لا إشكال في جواز اللطم بالأيدي على الخدود والصدور حد الاحمرار والاسوداد، بل يقوى جواز الضرب بالسلاسل أيضاً على الأكتاف والظهور إلى الحد المذكور، بل وإن تأدى كل من اللطم والضرب إلى خروج دم يسير على الأقوى، وأما إخراج الدم من الناصية بالسيوف والقامات فالأقوى
__________
(1) نهضة عاشوراء ص 108.(51/51)
جواز ما كان ضرره مؤموناً، وكان من مجرد إخراج الدم من الناصية بلا صدمة على عظمها ولا يتعقب عادة بخروج ما يضر خروجه من الدم، ونحو ذلك، كما يعرفه المتدربون العارفون بكيفية الضرب، ولو كان عند الضرب مأموناً ضرره بحسب العادة، ولكن اتفق خروج الدم قدر ما يضر خروجه لم يكن ذلك موجباً لحرمته، ويكون كمن توضأ أو اغتسل أو صام آمناً من ضرره ثم تبيّن ضرره منه، لكن الأولى، بل الأحوط، أن لا يقتحمه غير العارفين المتدربين ولا سيما الشبان الذين لا يبالون بما يوردون على أنفسهم لعظم المصيبة وامتلاء قلوبهم من المحبة الحسينية. ثبتهم الله تعالى بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
... الثالثة: الظاهر عدم الإشكال في جواز التشبيهات والتمثيلات التي جرت عادة الشيعة الإمامية باتخاذها لإقامة العزاء والبكاء والإبكار منذ قرون، وإن تضمنت لبس الرجال ملابس النساء على الأقوى، فإنا وإن كنا مستشكلين سابقاً في جوازه، وقيّدنا جواز التمثيل في الفتوى الصادرة منه قبل أربع سنوات، لكنا لما راجعنا المسألة ثانياً اتضح عندنا أن المحرّم من تشبيه الرجل بالمرأة هو ما كان خروجاً من زي الرجال رأساً، وأخذاً بزي النساء دونما إذا تلبس بملابسها مقداراً من الزمان بلا تبديل لزيه، كما هو الحال في هذه التشبيهات، وقد استدركنا ذلك أخيراً في حواشينا على العروة الوثقى.
... نعم يلزم تنزيهاً أيضاً عن المحرمات الشرعية، وإن كانت على فرض وقوعها لا تسري حرمتها إلى التشبيه، كما تقدّم.
الرابعة: الدمام المتعمل في هذه المواكب مما لم يتحقق لنا إلى الآن حقيقته، فإن كان مورد استعماله هو إقامة العزاء وعند طلب الاجتماع تنبيه الراكب على الركوب وفي الهوسات القريبة ونحو ذلك.
... ولا يستعمل فيما يطلب فيه اللهو والسروة وكما هو المعروف عندنا في النجف الأشرف فالظاهر جوازه … والله أعلم"(1).
__________
(1) نقل الفتوى شيخهم مرتضى عياد في مقتل الحسين ص 146.(51/52)
... وقد وافقه على هذه الفتوى كما جاءت في المصدر المذكور كل من:
1- آية الله العظمى ميرزا عبد الهادي الشيرازي بقوله: ما ذكره قدس سره في هذه الورقة صحيح إن شاء الله تعالى(1).
2- آية الله العظمى محسن الحكيم الطباطبائي(2).
3- آية الله العظمى أبو القاسم الخوئي قال: "ما أفاده شيخنا الأستاذ قدس سره في أجوبته هذه عن الأسئلة البصرية هو الصحيح ولا بأس بالعمل على طبقه… "(3).
4- آية الله العظمى الإمام محمود الشاهرودي(4).
5- آية الله الشيخ محمد حسن المظفر(5).
6- آية الله العظمى حسين الحمامي الموسوي(6).
7- آية الله محمد الحسين آل كاشف الغطاء(7).
8- آية الله العظمى محمد كاظم الشيرازي(8).
9- آية الله جمال الدين الكبايكاني(9).
10- آية الله كاظم المرعشي(10).
11- آية الله مهدي المرعشي(11).
12- آية الله علي مدد الموسوي الفايني(12).
13- آية الله الشيخ يحيى النوري(13).
قال الشيخ مرتضى عياد: "وقد كتب جماعة كبيرة من عظماء الفقهاء فيما سبق ما يخص بالموضوع، ولا يسع المجال لذكر على ما كتبوه بهذا الصدد"(14).
... ثم ذكر مرتضى عياد فتاوى كثيرة لكثير من علمائهم تجيز العمل بهذه البدع التي استحدثوها في الدين، إليك فقرة من إحداها وهي لمن أسموه
بالعلامة الكبيرة الزاهد الورع المحدث آية الله الشيخ خضر بن شلال العفكاوي منها: "… قد يستفاد من النصوص التي منها ما دل على جواز زيارته ولو مع الخوف على النفس وجواز اللطم عليه والجزع لمصابه بأي نحو كان، ولو علم أنه يموت من حينه".
__________
(1) مقتل الحسين ص 147.
(2) مقتل الحسين ص 147.
(3) مقتل الحسين ص 148.
(4) مقتل الحسين ص 148.
(5) مقتل الحسين ص 149.
(6) مقتل الحسين ص 149.
(7) مقتل الحسين ص 149.
(8) مقتل الحسين ص 150.
(9) مقتل الحسين ص 150.
(10) مقتل الحسين ص150.
(11) مقتل الحسين ص 151.
(12) مقتل الحسين ص 151.
(13) مقتل الحسين ص 152.
(14) مقتل الحسين ص 152.(51/53)
... نقل هذا مرتضى عياد في كتابه "مقتل الحسين" صفحة 153 المطبوع عام 1996 طبعة مصورة على طبعة المطبعة العلوية في النجف وقد اطلعت على طبعة دار الزهراء ببيروت عام 1991م حيث نُقِلَت فتوى الشيخ المذكور مختصرة في الصفحة 154 ونصها: "الذي يستفاد من مجموع النصوص ومنها الأخبار الواردة في زيارة الحسين المظلوم ولو مع الخوف على النفس يجوز اللطم والجزع على الحسين كيفما كان حتى لو علم أنه يموت في نفس الوقت".
... ويقول شيخهم آية الله مرتضى الفيروز آبادي: "إن اللطم على الصدور ونحوه هو مما استقرت عله سيرة الشيعة في العصور السابقة والأزمنة الماضية، وفيها الأعاظم والأكابر من فقهاء الشيعة المتقدمين والمتأخرين، ولم يسمع ولن يسمع،أن أحداً منهم قد أنكر ذلك ومنع، ولو فرض أن هناك من منع لشبهة حصلت له، أو لاعوجاج في السليقة، فهو نادر والنادر كالمعدوم"(1).
... أما محمد حسين فضل الله فإليك ما صرح به في مسألة اللطم:
... قال: "أما بالنسبة إلى ما يسمى الشعائر الحسينية فإننا نرى أنها
تمثل الأساليب التعبيرية عن الحزن، وعن الولاء، وأساليب التعبير تختلف بين زمن وزمن. فالبكاء أسلوب إنساني في التعبير عن الحزن"(2).
... وقال فضل الله أيضا: "وعلى هذا الأساس فنحن نقول بأنه يمكن للإنسان أن يلطم بحسب ولائه، وبحسب محبته، لكن بشرط أن لا يكون اللطم مضراً بالجسد…(3).
... وقال أيضا: "إن اللطم الهادىء هو الذي تلطم صدرك فيه وأنت تستحضر المأساة فكل ما يكون تعبيراً عن الحزن من دون أن يضر الإنسان في بدنه فهو جائز"(4).
المبحث الرابع:
عدم جواز التطبير وضرب السلاسل إذا أوجب هتك حرمة التشيع:
__________
(1) مقتل الحسين ص 188-189 ط4 1996 م ص 170 ط دار الزهراء.
(2) الندوة 1/289 لاحظ عدم إتيانه بنص شرعي…. الأساليب التعبيرية !!!
(3) الندوة 1/337.
(4) الندوة 1/339.(51/54)
... إن الشيعة يتهربون من كل ما من شأنه أن يهتك ستار مذهبهم، حتى وإن كان جائزاً عندهم، وذلك لخداع مخالفيهم، وتلميع صورة التشيع أمامهم، وأكبر مثال على ذلك آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي في موقفه من التطبير وضرب السلاسل، قال محمد حسين فضل الله:"فحتى السيد الخوئي كان يفتي بحرمتها في كتاب المسائل الشرعية التي نشرتها الجماعة
الإسلامية في أميركا وكندا، فلقد سئل عن التطبير وضرب السلاسل هل يجوز؟ فقال: إذا أوجب هتك حرمة المذهب فلا يجوز. قالوا: كيف ذاك؟ قال: إذا أوجب سخرية الناس بالآخرين"(1).
... فلاحظ كيف أن تحريمها لمجرد هتكها حرمة المذهب !!!.
... هذا وقد سبق لنا نقل موافقة الخوئي لفتوى شيخهم وآيتهم العظمى محمد حسين النائيني والذي أجاز كل ما يقترفونه في مآتمهم من لطم بالأيدي على الخدود والصدور حد الاحمرار إلى ضرب بالسلاسل على الأكتاف والظهور.. إلخ.
وعلى هذا ليس لأحد أن يطمئن إلى ما يقررونه، أو إلى ما ينكرونه، لأن عقيدة التقية والكتمان تبيح لهم التدليس على خصومهم، والكذب عليهم، فلو سأل أحد من أهل السنة الخوئي عن حكم اللطم والضرب بالسلاسل وغيرها من بدعهم لإجابة هذا الخوئي(التقوي)(2) بأنه محرم عنده لأنه يهتك حرمة المذهب، لا أنه حرام كما يراه.
... لقد كنت قديما أسأل أهل العلم منهم عن حكم اللطم وغيره فيجيبونني بأنه من فعل العوام، وأنه حرام. ثم أتعجب عندما أجد هؤلاء وهم يحاضرون في المآتم والحسينيات والناس تلطم وتضرب أجسادها بالسلاسل وهم لا ينكرون عليهم، فانعقد اليقين عندي أن القوم يتعمدون عدم الوضوح مع مخالفيهم، وأعجب من ذلك أنه عندما ينكشف أمرهم لا يخجلون..
الفصل الخامس
الشعائر الحسينية محرمة في مصادر الشيعة
المبحث الأول:
حرمة النياحة
__________
(1) الندوة 1/338.
(2) لكثرة استعماله التقية.(51/55)
... أخي المسلم أن ما يفعله الشيعة في الحسينيات والمآتم تحت مسمى الشعائر الحسينية، مثل: اللطم والنياحة ولبس السواد والتطبير وغيرها، والتي أفتى علماؤهم وعظماؤهم بجوازها فإنها محرمة على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى ألسنة أئمة أهل البيت الكرام في المصادر الشيعية القديمة والحديثة، واعترف بهذا التحريم شيوخ وأعلام المذهب الشيعي الإثنى عشري، فهذا شيخهم محمد بن الحسين بن بابويه القمي الملقب عند الشيعة بالصدوق. قال: "من ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله التي لم يسبق إليها: " النياحة من عمل الجاهلية "(1) ورواه محمد باقر المجلسي بلفظ: "النياحة مل الجاهلية"(2).
... فالنوح الذي استمرت عليه الشيعة جيلاً بعد جيل من عمل الجاهلية كما أخبر به النبي- صلى الله عليه وسلم - .
... كما أن النوح من الأصوات الملعونة التي يبغضها الله ورسوله صلى الله
عليه وسلم، كما يرويه علماؤهم المجلسي والنوري والبروجردي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: "صوتان ملعونان يبغضهما الله إعوال عند مصيبة وصوت عند نغمة يعني النوح والغناء"(3).
... فليحذر الشيعي المغرر به من حضور هذه المآتم فإن ما فيه من نوح وعويل هو من الأصوات الملعونة التي يبغضها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) رواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه 4/271 – 272 كما رواه الحر العاملي في وسائل الشيعة 2/915، ويوسف البحراني في الحدائق الناضرة 4/167 والحاج حسين البروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/488.
(2) بحار الأنوار 82/103.
(3) أخرجه المجلسي في بحار الأنوار82/101 ومستدرك الوسائل 1/143-144 وجامع أحاديث الشيعة 3/488.(51/56)
... ومن هذه الروايات التي تنهى عما يقترفه الشيعة في الحسينيات، ما جاء في كتاب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه إلى رفاعة بن شداد: "وإياك والنوح على الميت ببلد يكون لك به سلطان"(1).
... ومنها قوله صلى الله عليه وآله من حديث: "…وإني نهيتكم عن النوح وعن العويل"(2).
ومنهما ما رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإني نهيت عن النوح وعن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند نغمة لهو ومزامير شيطان وصوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان"(3).
... وعن علي عليه السلام: ثلاث من أعمال الجاهلية لا يزال فيها
الناس حتى تقوم الساعة: الاستسقاء بالنجوم والطعن في الأنساب والنياحة على الموتى"(4).
... ومنها ما رواه الكليني وغيره عن الصادق عليه السلام أنه قال: "لا يصلح الصياح على الميت ولا ينبغي ولكن الناس لا يعرفون"(5).
... وما رواه الكليني أيضا عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لا ينبغي الصياح على الميت ولا بشق الثياب(6).
__________
(1) أخرجه النوري في مستدرك الوسائل 1/144 والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة 1/144وهو في البحار 82/101.
(2) أخرجه بهذا اللفظ الحاج حسين البروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/372.
(3) كما في مستدرك الوسائل 1/145 وجامع أحاديث الشيعة 3/486.
(4) أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 82/101 ومستدرك الوسائل 1/143-144 وجامع أحاديث الشيعة 3/488.
(5) أخرجه الكليني في الكافي 3/226 والملا محسن الملقب بالفيض الكاشاني في الوافي 13/88 والحر في وسائل الشيعة 2/916 والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/483.
(6) الكليني في الكافي 3/225، وأخرجه الفقيه الأكبر محمد بن مكي العاملي في ذكرى الشيعة ص 72 والفيض في الوافي 13/88، والحر في الوسائل 3/914، والنجفي في الجواهر 4/369، والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/483.(51/57)
... وقد سئل الإمام موسى بن جعفر عن النوح على الميت فكرهه(1).
... وروى محمد باقر المجلسي عن علي رضي الله عنه قال: لما مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني فغسلته، كفنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وحنطه، وقال لي: احمله يا علي، فحملته حتى جئت به إلى البقيع، فصلى عليه… فلما رآه منصبا بكى صلى الله عليه وآله فبكى المسلمون لبكائه حتى ارتفعت أصوات الرجال على أصوات النساء،
فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وآله أشد النهي وقال: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب وإنا بك لمصابون وإنا عليك لمحزونون…"(2).
... فلاحظ أخي المسلم كيف أن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أنكر عيهم أشد الإنكار ارتفاع أصواتهم بالبكاء.
... كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الرنة عند المصيبة ونهى عن النياحة والاستماع إليها"(3).
... وروى الكليني عن فضل بن ميسر قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فجاءه رجل فشكى إليه مصيبة أصب بها. فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أما إنك إن تصبر تؤجر، وإلا تصبر يمضي عليك قدر الله الذي قدّر عليك وأنت مأزور"(4).
... وعن الصادق جعفر بن محمد قال: إنّ الصبر والبلاء يستبقان إلى المؤمن، ويأتيه البلاء وهو صبور، وإنّ البلاء والجزع يستبقان إلى الكافر، فيأتيه البلاء هو جزوع"(5).
__________
(1) أخرجه الحر العاملي في وسائل الشيعة 12/92 وبين أن الكراهية هنا تعني التحريم كما أخرجه البحراني في الحدائق 4/168 وفي 18/139 وذكره البروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/488 وهو في بحار الأنوار 82/105.
(2) بحار الأنوار 82/100-101.
(3) أخرجه بهذا الفظ الحر العاملي في وسائل الشيعة2/915 والمجلسي في بحار الأنوار 82/104 ويوسف البحراني في الحدائق 4/167 وهو في كتاب الفقه للشيرازي 5/253.
(4) الكافي 3/225، الذكرى ص 71، وسائل الشيعة 2/913.
(5) الذكرى ص 71.(51/58)
... قال محمد بن مكي العاملي الملقب بالشهيد الأول: " والشيخ في المبسوط وابن حمزة حرما النوح وادعى الشيخ الإجماع"(1).
... فالشيخ وهو أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي الملقب بشيخ الطائفة قد حرم النوح، وادعى الإجماع، أي أنه وإلى عصر الطوسي، كان الشيعة مجمعين على تحريم النوح والعويل الذي نسمعه الآن في الحسينيات. فقارن بالله عليك بين هذا وبين فتاوى علمائهم التي مضى إيرادها.
... وقال آية الله العظمى محمد الحسيني الشيرازي: "لكن عن الشيخ في المبسوط ابن حمزة بالتحريم مطلقاً"(2).
وقال الشيرازي: "ففي الجواهر دعوى القطع بحرمة اللطم والعويل"(3).
وقال نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن الملقب بالمحقق الحلي المتوفى سنة 676هـ: "والشيخ استدل بالإجماع على كراهيته-الجلوس للتعزية- إذ لم ينقل عن أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك فاتخاذه مخالفة لسنة السلف"(4).
وقال محمد بن مكي العاملي: "والشيخ نقل الإجماع على كراهية الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة أيام، ورده ابن إدريس أنه اجتماع وتزاور، وانتصر المحقق لم ينقل من أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك فاتخاذه مخالف لسنة السلف ولا يبلغ التحريم، قلت: الأخبار المذكورة مشعرة به فلا معنى لاغترام حجة التزاور وشهادة الإثبات مقدمة…"(5).
__________
(1) الذكرى ص 72، بحار الأنوار 82/107.
(2) الفقه 15/253.
(3) الفقه 15/260.
(4) المعتبر ص 94.
(5) الذكرى ص 70.(51/59)
وقال يوسف البحراني معلقاً على روايات تحريم النياحة بما نصه: "وأكثر الأصحاب الإعراض عن هذه الأخبار وتأويلها بل تأويل كلام الشيخ أيضاً بالحمل على النوح المشتمل على شيء من المناهي كما هو ظاهر سياق الحديث الأول. قال في الذكرى بعد نقل القول بالتحريم عن الشيخ وابن حمزة: والظاهر أنهما أرادا النوح بالباطل أو المشتمل على المحرم كما قيده في النهاية، ثم نقل جملة من أخبار النهي، وقال: وجوابه الحمل على ما ذكرناه جمعاً بين الأخبار، ولأنّ نياحة الجاهلية كانت كذلك غالباً، ولأنّ أخبارنا خاصة والخاص مقدّم. أقول: من المحتمل قريباً حمل الأخبار الأخيرة على التقية، فإنّ القول بالتحريم قد نقله في المعتبر عن كثير من أصحاب الحديث من الجمهور"(1).
وتقييد الشيخ له في النهاية إن صح ما نقله البحراني عنه مردود بإقرار الشيخ نفسه بإجماع طائفته على تحريمه.
فماذا تنتظر بعد هذا أيها الشيعي المنصف؟!!
المبحث الثاني:
حرمة اللطم
... من الأدلة التي تدين الشيعة على هذه البدعة الشنيعة قول الإمام الباقر: "أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل، ولطم الوجه والصدر، وجز
الشعر من النواصي، ومن أقام النواحة فقد ترك الصبر، وأخذ في غير طريقه"(2).
... ومنها قول الصادق رحمه الله تعالى: "من ضرب يده على فخذه عند المصيبة حبط أجره"(3)
__________
(1) الحدائق 4/168.
(2) رواه الكليني في الكفي 3/222-223 وذكره الفقيه الأكبر محمد بن مكي العاملي الملقب بالشهيد الأول في ذكرى الشيعة ص 71 والفيض الكاشاني في الوافي 13/87 والحر العاملي في وسائل الشيعة 2/915 والمجلسي في بحار الأنوار 82/89 والبحراني في الحدائق 4/167 والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/483-484 والنجفي في جواهر الكلام 4/371.
(3) تجد هذا الحديث في الكافي 3/225 وذكرى الشيعة ص 71، والوسائل 2/914.(51/60)
... أقول: فما بالك بمن يلطم وجهه وصدره، ألا يحبط ذلك الأجر من باب أولى لمخالفته لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
... ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب"(1).
... وقد ذكر الدكتور محمد التيجاني السماوي الشيعي أنه سأل الإمام محمد باقر الصدر عن هذا الحديث فأجابه بقوله: "الحديث صحيح لا شك فيه"(2).
... ومنها ما جاء عن يحيى بن خالد أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: ما يحبط الأجر في المصيبة؟ قال: تصفيق الرجل يمينه على شماله، والصبر عند الصدمة الأولى، من رضي فله الرضا، ومن سخط فله
السخط، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنا برىء ممن حلق وصلق أي حلق الشعر ورفع صوته"(3).
... ومنها ما رواه جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث المناهي أنه نهى عن الرنة عند المصيبة ونهى عن النياحة والاستماع إليها ونهى عن تصفيق الوجه"(4).
... وقال محمد بن مكي العاملي: "يحرم اللطم والخدش وجز الشعر إجماعاً قاله في المبسوط ولما فيه من السخط لقضاء الله"(5).
... وقال الشيرازي: "وعن المنتهى يحرم ضرب الخدود ونتف الشعور"(6).
__________
(1) مستدرك الوسائل 1/144 وجامع أحاديث الشيعة 3/489 وهو في جواهر الكلام 4/370.
(2) ثم اهتديت ص 58.
(3) جامع أحاديث الشيعة 3/489 ومستدرك الوسائل 1/144.
(4) رواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه 4/3-4 والمجلسي في بحار الأنوار 82/104 والحر العاملي في وسائل الشيعة 12/91.
(5) في الذكرى ص 72 ونقله صاحب الجواهر في 4/367.
(6) الفقه 15/260.(51/61)
... ويشير الدكتور الشيعي محمد التيجاني السماوي إلى بكاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم على عمه أبي طالب وحمزة وزوجته خديجة فيقول: "ولكنه في كل الحالات يبكي بكاء الرحمة… ولكنه نهى أن يخرج الحزن بصاحبه إلى لطم الخدود وشق الجيوب فما بالك بضرب الأجسام بالحديد حتى تسيل الدماء؟"(1).
... ثم يذكر التيجاني أنّ أمير المؤمنين علياً لم يفعل بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يفعله عوام الشيعة(2) اليوم وكذلك لم يفعل الحسن والحسين والسجاد الذي قال فيه التيجاني: " إنه حضر محضراً لم يحضره أحد من الناس وشاهد بعينيه مأساة كربلاء التي قتل فيها أبوه وأعمامه وأخوته كلهم، ورأى من المصائب ما تزول به الجبال ولم يسجل التاريخ أنّ أحد الأئمة عليهم السلام فعل شيئاً من ذلك، أو أمر به أتباعه وشيعته(3).
... وقال أيضاً: "أغلب أهل السنة والجماعة ينتقدون أفعال الشيعة التي يقومون بها بمناسبة عاشوراء من ضرب وتطبير بالسلاسل والحديد حتى تسيل الدماء… ورغم أنّ الشيعة في الهند والباكستان يفعلون ذلك وأكثر من غير ذلك، غير أنّ وسائل الإعلام المرئية كالتلفزيون لا تركز إلا على شيعة إيران لحاجة في نفس يعقوب يعرفها كل متتبع للأحداث، وكل مهتم بشؤون الإسلام والمسلمين"(4).
__________
(1) في كتابه كل الحلول ص 151. وعلى التيجاني أن يبين أن هذا وقت المصيبة وليس إحياءاً لها، فالشيعة لا يكتفون بالمخالفة بل بإحيائها أيضاً.
(2) ما يفعله الشيعة هو بناءاً على فتاوى كبار علمائهم وقد سبق أن نقلنا بعض هذه الفتاوى حيث لا يوجد منكر لذلك من علمائهم عل حد كلام آيتهم مرتضى الفيروز أبادي. راجع مقبل الحسين لمرتضى عياد ص 170 ط دار الزهراء.
(3) كل الحلول عند آل الرسول صلى الله عليه وسلم ص 151. أقول الحمد لله الذي أنطق هذا المعتوه فاعترف بأن ما يقوم به الشيعة لم يسجله التاريخ عن أحد من الأئمة الذين ينتسبون إليهم.
(4) كل الحلول ص 147-148.(51/62)
... ويضيف التيجاني السماوي المتعصب قائلا: والحق يُقال: إنّ ما يفعله بعض الشيعة من تلك الأعمال ليست هي من الدين في شيء، ولو اجتهد المجتهدون، وأفتى بذلك المفتون، ليجعلوا فيها أجراً كبيراً وثواباً عظيماً، وإنما هي عادات وتقاليد وعواطف تطغى على أصحابها، فتخرج بها عن
المألوف وتصبح بعد ذلك من الفولكلور الشعبي الذي يتوارثه الأبناء عن الآباء في تقليد أعمى وبدون شعور، بل يشعر بعض العوام بأنّ إسالة الدم بالضرب هي قربة لله تعالى، ويعتقد البعض منهم بأن الذي لا يفعل ذلك لا يحب الحسين"(1).
... وقال أيضاً: "لم أقتنع بتلك المناظر التي تشمئز منها النفوس وينفر منها العقل السليم(2)، وذلك عندما يعرّى الرجل جسمه ويأخذ بيده حديداً ويضرب نفسه في حركات جنونية صائحاً بأعلى صوته حسين حسين، والغريب في الأمر والذي يبعث على الشك أنك ترى هؤلاء الذين خرجوا عن أطوارهم وظننت أنّ الحزن أخذ منهم كل مأخذ فإذا بهم بعد لحظات وجيزة من انتهاء العزاء تراهم يضحكون ويأكلون الحلوى ويشربون ويتفكهون وينتهي كل شيء بمجرد انتهاء الموكب، والأغرب أنّ معظم هؤلاء غير ملتزمين بالدين، ولذلك سمحت لنفسي بانتقادهم مباشرة عدة مرات وقلت لهم: إنّ ما يفعلونه هو فلكلور شعبي وتقليد أعمى"(3).
__________
(1) كل الحلول ص 148.
(2) قال آية الله العظمى مرتضى الفيروز أبادي فيما مر نقله: "إن اللطم على الصدور ونحوه هو مما استقرت عليه سيرة الشيعة في العصور السابقة والأزمنة الماضية وفيها الأعاظم والأكابر من فقهاء الشيعة المتقدمين والمتأخرين ولم ولن يسمع أن أحداً منهم أنكر ذلك ومنع ولو فرض أن هناك من منع لشبهة حصلت له أو لاعوجاج في السليقة فهو نادر(مقتل الحسين لمرتضى عياد عياد ص 188-189ط 1996 م ص 170ط الزهراء) فمعنى ذلك أن كبار علمائكم قد أجمعوا على إباحة ما تشمئز منه النفوس وتنفر منه العقول السليمة فهل ستعيد أيها التيجاني ترتيب أوراقك.
(3) كل الحلول ص 149.(51/63)
... هذا ما أقر به هذا المتعصب المحترق الذي تخصص في الطعن في
معتقدات أهل السنة والجماعة وقريب منه قول الشيخ حسن مغنية: "والواقع أنّ ضرب الرؤوس بالخناجر والسيوف وإسالة الدماء ليست من الإسلام في شيء، ولم يرد فيها نص صريح ولكنها عاطفة نبيلة تجيش في نفوس المؤمنين لما أريق من الدماء الزكية على مذابح فاجعة كربلاء"(1). ... ولا ندري كيف نوفق بين قول حسن مغنية: (إنّ ضرب الرؤوس بالخناجر والسيوف.. ليست من الإسلام في شيء ولم يرد فيها نص صريح) وبين قوله: (ولكنها عواطف نبيلة… ) ألا يدرك حسن مغنية أنّ هذه الأمور من المنكرات والبدع الشنيعة؟
البحث الثالث:
لبس السواد في عاشوراء
ويقوم الشيعة بلبس السواد في عاشوراء مع ما رووه من أنه لباس أهل النار، فقد سئل الإمام عن الصلاة في القلنسوة السوداء؟ فقال: لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار"(2).
... ورووا عن أمير المؤمنين علي فيما علم أصحابه أنه قال: "لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون"(3).
... ورووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكره السواد إلا في ثلاثة العمامة والخف والكساء(4).
وعن جبرئيل عليه السلام أنه هبط على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قباء أسود ومنطقة فيها خنجر، فقال صلى الله عليه وآله: ما هذا الزي؟ فقال: زي ولد عمك العباس يا محمد، ويل لولدك من ولد عمك العباس. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى العباس فقال: يا عم ويل لولدي من ولدك. فقال يا رسول الله أفأجب نفسي؟ قال: جرى القلم بما فيه"(5).
__________
(1) آداب المنابر ص 182.
(2) من لا يحضره الفقيه 1/162، وسائل الشيعة 3/281، نجاة الأمة ص85.
(3) فقيه من لا يحضره الفقيه 1/163، وسائل الشيعة 3/278، نجاة الأمة ص 84.
(4) من لا يحضره الفقيه 1/163، نجاة الأمة ص 84.
(5) من لا يحضره الفقيه1/163، وسائل الشيعة 3/279 نجاة الأمة ص 84-85. انظر مستدرك الوسائل 1/208.(51/64)
... قال شيخهم الحاج محمد رضا الحسيني الحائري: "المشهور بين أصحابنا الإمامية شهرة عظيمة، بل المدعى عليه الإجماع كما في الخلاف، كراهة لبس الثياب السود في الصلاة، بل مطلقا، إلاَّ في الخف والعمامة والكساء، وفي المعتبر الاقتصار على استثناء العمامة والخف ونسب ذلك إلى الأصحاب،وفي المنتهى نسبته إلى علمائنا، وعليه اقتصر في الشرايع والقواعد والإرشاد وفي الدروس، وعن اقتصار المفيد وسلار وابن حمزة الاقتصار على العمامة فقط، وعن الذكرى عدم الاستثناء في كلام كثير من الأصحاب، وفي كشف اللثام أن الكساء لم يستثنه أحد من الأصحاب إلا ابن سعيد"(1).
ويختتم الحائري كلامه بقوله: "هذه هي الروايات التي استدل بها الأصحاب لكراهة لبس الثياب السود والصلاة فيها مضافا إلى ما عرفت من دعوى الشهرة الإجماع في المسألة"(2).
قلت: إذا كانت هذه الروايات رواياتهم، والإجماع إجماعهم، فلماذا يقوم شيعة اليوم بلبس السواد في الأيام العشر الأولى من محرم؟.
لماذا لا يحترم الشيعة رواياتهم وإجماع علمائهم؟
المبحث الرابع:
كلمة إلى خطيب أباح النياحة واللطم
قال فقيه الشيعة الأكبر محمد بن مكي العاملي والذي يلقبونه بالشهيد الأول: "والشيخ في المبسوط وابن حمزة حرما النوح وادعى الشيخ الإجماع"(3).
وقال آية الله العظمى محمد الحسيني الشيرازي: "لكن الشيخ في المبسوط وابن حمزة القول بالتحريم مطلقا"(4).
وقال الشيرازي: "ففي الجواهر دعوى القطع بحرمة اللطم والعويل(5).
وقال الشهيد الأول: "يحرم اللطم والخدش وجز الشعر إجماعاً قاله في المبسوط ولما فيه من السخط لقضاء الله"(6).
وقال الشيرازي: "وعن المنتهى يحرم ضرب الخدود ونتف الشعور"(7).
__________
(1) نجاة الأمة في إقامة العزاء على الحسين والأئمة ص 83.
(2) المصدر نفسه ص 85.
(3) الذكرى ص 72.
(4) الفقه 15/253.
(5) الفقه 15/260.
(6) الذكرى ص 77، الجواهر 4/367.
(7) الفقه 15/260.(51/65)
وقال هاشم الهاشمي في حواره مع فضل الله: "نعم ذهب ابن حمزة والشيخ إلى حرمة النياحة وادعى الشيخ الإجماع عليها في مبسوطه"(1).
وقال أيضاً: "نعم ورد النهي عن النياحة في جملة من الأخبار… "(2).
فهذه نصوص علمائكن تحرم النوح والعويل واللطم بالإجماع اعتماداً على نصوص شرعية سقنا بعضها فلماذا تقام الحسينيات والمأتم وتضرب بهذا الإجماع عرض الجدار؟!.
... ثم اسمع أيها الخطيب كيف يتربى أهل البيت رضي الله عنهم ويربون أصحابهم على الصبر والاسترجاع لا على النوح والعويل كما تفعل أنت في المآتم والحسينيات.
__________
(1) حوار مع فضل الله حول الزهراء ص 231.
(2) المصدر نفسه ص 232 وقد ضعف إحدى هذه الروايات، وفاته أن هذه الرواية في الكافي وقد أوردناها في فصل حرمة اللطم والكافي هو أحد الكتب الأربعة عندهم وبما أنه يستشهد ويأنس برأي عبد الحسين شرف الدين فعبد الحسين هذا حكم بصحة جميع ما في كتبهم الأربعة ومنها الكافي وإليك كلامه بنصه كما في المراجعات المراجعة 110 قال: "الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها والكافي أقدمها وأحسنها وأتقنها". والغريب من عبد الحسين زعمه أن الأئمة أمروا اتباعهم بالندب والعويل مع أن النهي عنها جاء في مصادر يعتقد صحة ما فيها !!!.
وما هو رده على ما رواه المجلسي في بحار الأنوار(6/33،219و 63/99 و79/247) عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله قال: "كان إبليس أول من ناح وأول من تغنى وأول من حدا… ؟" !!!
وما هو رده على باقي الروايات؟
وما هو رده على اعتراف التيجاني بأن ما يقومون به في هذه المآتم من أعمال مما تشمئز منه النفوس وتنفر منه العقول؟(51/66)
... عن موسى بن جعفر رحمه الله قال: نعي إلى الصادق جعفر بن محمد
إسماعيل بن جعفر وهو أكبر أولاده وهو يريد أن يأكل، وقد اجتمع ندماؤه فتبسم ثم دعا بطعامه، وقعد مع ندمائه وجعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيام، ويحث ندماءه، ويضع بين أيديهم، ويعجبون منه أن لا يرون للحزن أثراً، فلما فرغ قالوا: يا ابن رسول الله لقد رأينا عجبا، أصبت بمثل هذا الابن وأنت كما ترى. قال: وما لي لا أكون كما ترون، وقد جاء في خبر أصدق الصادقين أني ميت وإياكم، إن قوماً عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم ولم ينكروا من يخطفه الموت منهم وسلموا لأمر خالقهم عز وجل"(1).
أرأيت بعد هذا براءة أهل البيت رضي الله عنهم مما يدور في هذه المأتم.
المبحث الخامس:
النساء والحسينيات:
إن التحذيرات الواردة في الروايات السابقة تشمل الرجال والنساء على حد سواء، ولمزيد من الفائدة نذكر الروايات التي تطرقت إلى النساء بشكل خاص لكي تعيها وتتدبرها النساء الشيعيات اللاتي يذهبن إلى المآتم والحسينيات حتى لا يقعن في المحظور.
قال الحسين رضي الله عنه لأخته زينب عندما لطمت وجهها وأهوت إلى جيبها فشقته وخرت مغشياً عليها:
"يا أُخَيَّة اتقي الله وتعزي بعزاء الله واعلمي أن أهل الأرض يموتون،
وأن أهل السماء لا يبقون، وأن كل شيء هالك إلا وجه الله تعالى، الذي خلق الخلق بقدرته فيعودون، وهو فرد وحده، أبي خير مني وأمي خير مني وأخي خير مني ولي ولكل مسلم برسول الله أسوة، فعزاها بهذا ونحوه ثم قال لها:
"يا أختاه إني أقسمت عليك فأبرى قسمي، إذا أنا قتلت فلا تشقي عليَّ جيبا، ولا تخمشي عليَّ وجهاً، ولا تدعي عليَّ بالويل والثبور"(2).
__________
(1) عيون أخبار الرضا 2/2، بحار الأنوار 82/128، جامع أحاديث الشيعة 3/511.
(2) أخرجها ابن طاووس في الملهوف ص 50 والشيخ عباس القمي في منتهى الآمال 1/48 وهي في الشعائر الحسينية للشيرازي ص 106 وذكرها الشيخ محمد حسين فضل الله في الندوة 5/209.(51/67)
... وفي رواية قال: "يا أختاه يا أم كلثوم يا فاطمة يا رباب انظرن إذا قتلت فلا تشققن على جيبا ولا تخمشن وجها"(1).
... وفي رواية: "يا أختي إني أقسمت عليك فأبرى قسمي لا تشقي عليَّ جيبا ولا تخمشي عليَّ وجها ولا تدعي عليَّ بالويل إذا أنا هلكت"(2).
... وروى الصدوق وغيره عن عمر بن أبي المقدام قال: سمعت أبا الحسن وأبا جعفر عليهما السلام يقولان في قول الله عز وجل: (ولا يعصينك في معروف) قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة عليها السلام:
إذا أنا مت فلا تخمشي عليَّ وجهاً ولا ترخي عليَّ شعراً ولا تنادي بالويل ولا تقيمي عليَّ نائحة. قال: ثم قال: هذا هو المعروف الذي قال الله عز وجل: (ولا يعصينك في معروف"(3).
__________
(1) ذكر هذه الرواية عبد الرزاق الموسوي المقرم في مقتل الحسين ص 218 وذكرها رضى القزويني في تظلم الزهراء ص 190.
(2) تجد هذه الرواية في مستدرك الوسائل 1/144، وفي مظالم أهل البيت ص 264 كما ذكرها محمد تقي آل بحر العلوم في مقتل الحسين ص 286، والدكتور أحمد راسم النفيس في كتابه على خطى الحسين ص 116، ورضى القزويني في تظلم الزهراء ص 190، ومحمد الصدر في أضواء على ثورة الحسين ص 103 وأوردها الشيخ عبد الحسين العاملي في كتابه المفيد في ذكر السبط الشهيد ص 67 بلفظ "أقسمت بحقي عليك أنت يا زينب وأنت يا أم كلثوم وأنت يا سكينة وأنت يا رباب فإذا أنا قتلت في هذه الأرض فلا تشققن علي جيباً ولا تخمشن خداً ولا تقلن هجراً".
(3) أخرج هذه الرواي ابن بابويه القمي الملقب بالصدوق في معاني الأخبار ص 390 والشيخ البحراني في الحدائق الناضرة 4/167-168، والحر في وسائل الشيعة 2/915-916 والنوري في مستدرك الوسائل 1/144، و الشيرازي في الفقه 15/254 والشيخ محمد حسين فضل الله في الندوة 5/72، انظر بحار الأنوار 82/76.(51/68)
... وعن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: "ولا يعصينك في معروف" قال: "المعروف أن لا يشققن جيباً ولا يلطمن وجهاً ولا يدعون ويلاً ولا يقمن عند قبر"(1).
وعن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وآله لعن النائحة المستمعة"(2).
قلت: فما الفائدة إذن من الذهاب إلى الحسينيات بعد الوقوف على هذه الأحاديث الصريحة؟ الحذر الحذر.
وروى القطب الراوندي في لب اللباب(3) أن رسول الله صلى الله عليه وآله لعن أربعة: امرأة تخون زوجها في ماله أو في نفسها، والنائحة والعاصية، لزوجها والعاق".
... وعندما سمع أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بكاء النساء على قتلى صفين وخرج إليه حرب بن شرحبيل الشامي وكان من وجوه قومه فقال علي عليه السلام: أتغلبكن نساؤكم على ما أسمع؟! ألا تنهونهن عن هذا الرنين"(4).
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أنعم الله عليه بنعمة فجاء عند تلك النعمة بمزمار فقد كفرها، ومن أصيب بمصيبة فجاء عند تلك المصيبة بنائحة فقد كفرها. وفي رواية فقد أحبطها"(5).
__________
(1) كما في تفسير نور الثقلين 5/308 ومستدرك الوسائل 1/144، وهو في بحار الأنوار 82/77.
(2) أخرجه الحاج النوري في مستدرك الوسائل 1/144 والآقا حسين البروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/487 وهو في البحار 82/93.
(3) فيما نقله عنه الحاج النوري في مستدرك الوسائل 2/431.
(4) جامع أحاديث الشيعة 3/387 انظر البحار 82/89.
(5) هذه الرواية ذكرها الحر العاملي في وسائل الشيعة 12/90 ويوسف البحراني في الحدائق 18/139 كما ذكرها المجلسي في بحار الأنوار 82/103 فانظري أيتها الشيعية كيف يضيع علماء الشيعة بفتاواهم أجر المصيبة.(51/69)
وعن جعفر بن محمد عن آبائه رضي الله عنهم في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي: يا علي من أطاع امرأته أكبه الله عز وجل على وجهه في النار قال علي رضي الله عنه: وما تلك الطاعة؟ قال: يأذن لها في الذهاب إلى الحمامات والعرسات والنياحات ولبس الثياب الرقاق"(1).
وروى الصدوق وغيره عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أربعة لا تزال في أمتي إلى يوم القيامة: الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة، وإن النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقوم يوم القيامة وعليها سربال
من قطران ودرع من جرب"(2).
... وعن أبي جعفر لثاني عن آبائه رضي الله عنهم قال: قال رسول لله صلى الله عليه وآله: لما أسري بي إلى السماء رأيت امرأة على صورة كلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار فسئل صلى الله عليه وآله وسلم عنها فقال: إنها كانت قينة نواحة حاسدة "(3).
وعن جعفر بن محمد رضي الله عنهما أنه أوصى عندما احتضر فقال: لا يلطمن عليَّ خد، ولا يشعن عليَّ جيب، فما من امرأة تشق جيبها إلا صدع لها في جهنم صدع كلما زادت زيدت"(4).
وعن علي رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله البيعة على النساء أن لا ينحن ولا يخمشن ولا يقعدن مع الرجال في الخلاء"(5).
المبحث السادس:
__________
(1) والرواية عند الحر العاملي في وسائل الشيعة 1/376.
(2) في الخصال صفحة 226 وذكرها البحراني في الحدائق 4/68 وأعادها في 18/139 كما ذكرها الحر في وسائل الشيعة 12/91، والمجلسي في بحار الأنوار 22/451، 58/226، 73/290، 82/74-75 وصفحة 93 مختصرة.
(3) عيون أخبار الرضا 2/11، بحار الأنوار 82/76، جامع أحاديث الشيعة 3/487-488، واللفظ للثاني.
(4) بحار الأنوار 82/101، جامع أحاديث الشيعة 3/490.
(5) بحار الأنوار 82/101، جامع أحاديث الشيعة 3/484.(51/70)
من الكاذب محمد باقر الصدر أم التيجاني؟
نقل الدكتور محمد التيجاني السماوي الشيعي عن شيخهم آية الله محمد باقر الصدر أنه قال له: "إن ما تراه من ضرب الأجسام وإسالة الدماء هو من فعل عوام الناس وجهالهم، ولا يفعل ذلك أي واحد من العلماء، بل هم دائبون على منعه وتحريمه"(1).
فيا لله العجب! آية الله مرتضى الفيروز آبادي يقول فيما مر نقله: "إن اللطم على الصدور ونحوه هو مما استقرت عليه سيرة الشيعة …. ولم يسمع ولن يسمع أن أحداً منهم –أي علماءهم- قد أنكر ذلك ومنع…" والصدر يقول: إن علماءهم دائبون على منعه وتحريمه فهل كذب الصدر أم أن التيجاني افترى عليه؟!
والذي أراه أن مصدر الكذب هنا هو التيجاني لأنه يذكر أنه سأل محمد باقر الصدر عند زيارته النجف هذا السؤال: "لماذا يبكي الشيعة ويلطمون ويضربون أنفسهم حتى تسيل الدماء وهذا محرم في الإسلام فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم "ليس منَّا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية؟ فأجابه محمد باقر الصدر كما نقله التيجاني نفسه: " الحديث صحيح لا شك فيه ولكنه لا ينطبق على مآتم أبي عبد الله، فالذي ينادي بثأر الحسين ويمشي على درب الحسين دعوته ليست دعوى جاهلية،
__________
(1) كل الحلول عند آل الرسول للتيجاني ص 150.(51/71)
ثم إن الشيعة بشر فيهم العالم وفيهم الجاهل ولديهم عواطف، فإذا كانت عواطفهم تطغى عليهم في ذكرى استشهاد أبي عبد الله وما جرى عليه وعلى أهله وأصحابه من قتل وهتك وسبي فهم مأجورون لأن نواياهم في سبيل الله"(1)،(2).
فالرجل يعترف بصحة الحديث الذي ينهى عن لطم الخدود وشق الجيوب فيرده مكابراً راداً على رسول اله صلى الله عليه وآله، زاعماً أنه لا ينطبق على منكرات أتباعه وبدعهم، والتيجاني يدعي أنه وعلماء الشيعة يحرمونها. فمن الكاذب؟
المبحث السابع:
التيجاني يعود إلى الكذب مرة أخرى:
قال التيجاني: "ولا يخفى أن كثيراً من العلماء كمحسن الأمين، واليوم سماحة السيد القائد علي الخامنئي، وآية الله محمد حسين فضل الله، وكثير من العلماء أفتوا بعدم جوازها… "(3).
__________
(1) ثم اهتديت للتيجاني ص 58.
(2) لو كانت نواياهم في سبيل الله لسمعوا وأطاعوا المصطفى صلى الله عليه وأله وسلم في نهيه لهم ولأمثالهم بقوله: "ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب" وكلام الصدر هنا غريب فقد اعترف بصحة الحديث وعدم تطرق الشك إليه لكنه عاد فالتف على الحديث الذي اعترف بصحته بقوله: ولكنه لا ينطبق على مآتم أبي عبد الله" وانتهى إلى أن الشيعة مأجورون على هذه العواطف التي طغت على نهي النبي صلى الله عليه وسلم. نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.
(3) كل الحلول عند آل الرسول ص 153.(51/72)
قلت: إن الكذب الذي طبع عليه التيجاني في سائر مؤلفاته التي اطلعنا عليها يدخل عنده في باب التقية التي يؤجر الشيعي عليها، فهو يريد أن يلمع صورة التشيع أمام المسلمين لأن كتبه توزع بكثرة(1) في أوساط أهل السنة والجماعة فكلامه الذي أمامك كذب مفضوح فاخامنئي (وهو مرشد الثورة) أجاز فيما مر نقله ما نفاه عنه هذا التيجان الأفاك.
... أما محمد حسين فضل الله فقد نقلنا لك تجويزه للطم الذي قيده بالهادىء، وفي مناسبة أخرى قال: له اللطم بحسب الولاء. ولك بعد هذا أن تحكم على التيجاني بما تراه.
وأما قوله (وكثير من العلماء أفتوا بعدم جوزاها) فكذب مفضوح، لأن آيتهم مرتضى الفيروز آبادي أضاع الفرصة على التيجاني دون تمرير كذبته وذلك بقوله: (ولم يسمع ولن يسمع أن أحداً منهم – يعنى أعاظم وكبار علمائهم المتقدمين والمتأخرين- قد أنكر ذلك ومنع…) فهل نصدق التيجاني الذي تكذبه النصوص والفتاوى أم كبار علمائهم؟
المبحث الثامن:
الشيعة وإنكارهم صوم عاشوراء:
الشيعة ينكرون صيام هذا اليوم ويتهمون الأمويين بوضع الروايات التي
تحث على صومه، وقد ألف أحدهم وهو المدعو جمال الدين بن عبد الله كتابا بعنوان "صيام عاشوراء" جمع فيه الروايات التي تتعرض لصوم هذا اليوم أمراً أو نهياً، وحاول الانتصار فيه لمذهبه، وما أفلح الرجل.
لقد حشد الروايات التي تنهى عن صوم هذا اليوم. أيقل لك طائفة منها وهي ولله الخمد متعارضة متناقضة يكذب بعضها بعضاً.
__________
(1) وقد رد عليه غير واحد من أهل السنة فبينوا بالأدلة الدامغة كذبه وتدليسه منهم الشيخ عثمان الخميس في "كشف الجاني" خالد العسقلاني في "بل ضللت" ثم الدكتور إبراهيم الرحيلي في الانتصار للصحب والآل.(51/73)
من هذه الروايات: ما رووه عن الرضا أنه سئل عن صوم يوم عاشوراء وما يقول الناس فيه؟ فقال: عن صوم ابن مرجانة تسألني! ذلك اليوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسين عليه السلام، وهو يوم يتشايع به آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ويتشايع به أهل الإسلام واليوم الذي يتشايع به أهل الإسلام لا يصام ولا يتبرك به، ويوم الاثنين يوم نحس قبض الله فيه نبيه صلى الله عليه وسلم، وما أصيب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلا في يوم الاثنين… فمن صامهما أو تبرك بهما لقي الله تبارك وتعالى ممسوخ القلب، وكان محشره مع الذين سنوا صومهما والتبرك بهما"(1).
وما رووه عن زيد النرسي قال: سمعت عبيد بن زرارة يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: من صامه كان حظه من صيام ذلك اليوم حظ ابن مرجانة وآل زياد. قال: قلت: وما كان حظهم من ذلك اليوم؟ قال: النار أعاذنا الله من النار، ومن عمل يقر من النار"(2).
وعن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: لا تصم في يوم
عاشوراء ولا عرفة بمكة(3).
... وعن نجية قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن صوم يوم عاشوراء؟
فقال: صوم متروك بنزول رمضان، والمتروك بدعة. قال نجية: فسألت أبا عبد الله عليه السلام من بعد أبيه عليه السلام عن ذلك؟ فأجابني بمثل جواب أبيه. ثم قال: أما إنه صوم يوم ما أنزل به كتاب ولا جرت به سنة إلا سنة آل زياد بقتل الحسين بن علي عليهما السلام"(4).
__________
(1) صيام عاشوراء ص 117- 118.
(2) صيام عاشوراء ص 118.
(3) صيام عاشوراء ص 114.
(4) صيام عاشوراء ص 144.(51/74)
فلاحظ أخي القارىء الكريم أن الرواية الأولى تصرح بأن عاشوراء يوم صامه آل زياد، وفي رواية أوردها المؤلف المذكور عن جعفر الصادق منها… لما قتل الحسين عليه السلام تقرب الناس بالشام إلى يزيد فوصفوا له الأخبار وأخذوا عليه الجوائز من الأموال فكان مما وضعوا له أمر هذا اليوم وأنه يوم بركة ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء والمصيبة والحزن إلى الفرح والسرور… "(1).
ومثلهما الروايتان الثانية والثالثة وأما الرواية الرابعة فتنسف الروايتين السابقتين مؤكدة أن صيام هذا اليوم موجود قبل وجوب شهر رمضان أي أن صيام هذا اليوم موجود قبل قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فانظر أخي القارىء كيف ينسف الباطل بعضه بعضاً.
__________
(1) صيام عاشوراء ص 122 ثم ذكر في الصفحة 188 رواية عن الصادق جاء فيها:…… إن آل أمية نذروا نذراً إن قتل الحسين عليه السلام أن يتخذوا ذلك اليوم عيداً لهم يصومون فيه شكراً ويفرحون أولادهم فصارت في آل أبي سفيان سنة إلى اليوم فلذلك يصومونه… الخ.(51/75)
كما أنكر المدعو/محمد التيجاني السماوي صوم عاشوراء ونسب إلى الأمويين صيام هذا اليوم. قال السماوي: "ويتبين لنا أيضا بأن أهل السنة والجماعة يحتفلون بيوم عاشوراء لأنهم اتبعوا سنة يزيد بن معاوية وبني أمية في احتفالهم بذلك اليوم، لأنهم انتصروا فيه على الحسين وأخمدوا ثورته التي كانت تهدد كيانهم، وقطعوا بذلك دابر الشغب على حد زعمهم… وتقرَّب إليهم علماء السوء من أهل السنة والجماعة فوضعوا لهم أحاديث في فضل ذلك اليوم، وأن عاشوراء هو اليوم الذي تاب الله فيه على آدم، وهو اليوم الذي رست فيه سفينة نوح على جبل الجودي، وهو اليوم الذي كانت فيه النار برداً وسلاماً على إبراهيم، وهو اليوم الذي خرج فيه يوسف من السجن ورد فيه بصر يعقوب، وهو اليوم الذي انتصر فيه موسى على فرعون، وهو اليوم الذي نزلت فيه على عيسى مائدة من السماء… وقد أمعنوا في الكذب عندما رووا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هاجر إلى المدينة فصادف دخوله إليها يوم عاشوراء فوجد يهود المدينة صياماً فسألهم عن السبب قالوا: هذا اليوم الذي انتصر فيه موسى على فرعون فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحن أولى بموسى منكم، ثم أمر المسلمين بصوم عاشوراء وتاسوعاء لمخالفة اليهود. وهذا كذب مفضوح(1).
ويتهجم على أهل السنة معارضاً صوم يوم عاشوراء، زاعماً أنه يومٌ سنَّه الأمويون لطمس ذكرى قتل الحسين رضي الله عنه. وذلك في شريط
مسجل بصوته في كلام طويل منه قوله: "في حين أن روايات أهل البيت عليهم السلام تحرم صيام هذا اليوم".
__________
(1) الشيعة هم أهل السنة للتيجاني ص 301-302 نشر شمس المشرق بيروت ومؤسسة الفجر بلندن، وردد هذه الأكاذيب في كتابه "فسيروا في الأرض" ص276.(51/76)
اسمع أيها التيجاني: إننا لا ندينك ولا نلزمك إلا بروايات شيعية محضة تأخذك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك… إن شاء الله تعالى، فهذا شيخ طائفتك على الإطلاق أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي يروي في كتابيه "تهذيب الأحكام" و"الاستبصار" وهما من أصولكم الأربعة التي قال فيها عبد الحسن شرف الدين العاملي وهو أحد أساطينكم: "الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها"(1). يروي عن أبي عبد الله علي السلام عن أبيه أن عليا عيهما السلام قال: "صوموا العاشوراء-هكذا- التاسع والعاشر فإنه يكفر ذنوب سنة"(2).
وروى عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: "صام رسول الله صلى عليه وآله يوم عاشوراء"(3).
وروي عن جعفر عن أبيه علي السلام أنه قال: "صيام يوم عاشوراء كفارة سنة"(4).
... وعن الصادق رحمه الله قال: من أمكنه صوم المحرم فإنه يعصم صاحبه من كل سيئة"(5).
__________
(1) المراجعات: المراجعة 110 ص 311.
(2) أخرج الطوسي هذه الرواية في تهذيب الأحكام 4/299، وفي الاستبصار 2/134 وأخرجها الفيض الكاشاني في الوافي 7/13 والحر العاملي في وسائل الشيعة 7/337، والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة 9/474-475 وذكرها جمال الدين في صيام عاشوراء ص 112.
(3) تهذيب الأحكام 4/29 والاستبصار 2/134 والفيض الكاشاني في الوافي 7/13 والحر في وسائل الشيعة 7/337 وهو في جامع أحاديث الشيعة 9/475 وكذلك في الحدائق الناضرة 13/370-371 وذكره جمال الدين في صيام عاشوراء ص 112.
(4) في تهذيب الأحكام 4/300 والاستبصار 2/134 وجامع أحاديث الشيعة 9/475 وهو في الحدائق الناضرة 13/371 وذكره جمال الدين في صيام عاشوراء ص 112، والوافي للكاشاني 7/13 والحر في وسائل الشيعة 7/337.
(5) أخرج هذه الرواية الحر في وسائل الشيعة 7/347 والبحراني في الحدائق الناضرة 13/377 والحاج آقا حسين بروجردي في جامع أحاديث الشيعة 9/474.(51/77)
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إن أفضل الصلاة بعد الصلاة الفريضة الصلاة في جوف الليل وإن أفضل الصيام من بعد شهر رمضان صوم شهر الله الذي يدعونه المحرم"(1).
أرأيت بعد هذا أيها التيجاني أن الذي سن صيام يوم عاشوراء هو المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لا الأمويون كما تزعم أنت آثما مفتريا على الله وعلى رسوله وعلى المؤمنين.
أرأيت افتراءك على أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما زعمت أنهم يحرمون صوم هذا اليوم.
وعن علي رضي الله عنه قال: صوموا يوم عاشوراء التاسع والعاشر احتياطاً فإنه كفارة السنة التي قبله وإن لم يعلم به أحدكم حتى يأكل فليتم
صومه"(2).
... أرأيت أيها المفتري حرص أمير المؤمنين علي رضوان الله عليه على صوم هذا اليوم الذي تحاول أنت وأضرابك حرمان المسلمين من أجره فانظر كيف أنه أمر من أكل في هذا اليوم أن يمسك ويتم صومه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إذا رأيت هلال المحرم فاعدد فإذا أصبحت من تاسعه فأصبح صائماً قلت(أي الراوي): كذلك كان يصوم محمد صلى الله عليه وآله قال: نعم"(3).
__________
(1) المصادر السابقة في المواضع نفسها.
(2) أخرج هذه الرواية المحدث الشيعي الحاج حسين النوري الطبرسي في مستدرك الوسائل 1/594 والحاج البروجردي في جامع أحاديث الشيعة 9/475.
(3) أخرج هذه الرواية الشيخ الشيعي رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس في كتابه إقبال الأعمال ص 554 والحر العاملي في وسائل الشيعة 7/347 والحاج النوري الطبرسي في مستدرك الوسائل 1/594 وهو في جامع أحاديث الشيعة9/475.(51/78)
وأما إنكاره وتحامله على علماء أهل السنة بأنهم وضعوا على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن هذا اليوم هو الذي تاب الله فيه على آدم وهو اليوم الذي رست فيه سفينة نوح … فدليل على جهله أو تجاهله بل وقلة علمه، فهذا شيخ طائفته أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي يروي عن أبي جعفر رحمه الله قال: "لزقت السفينة يوم عاشوراء على الجودي فأمر نوح عليه السلام من معه من الجن والإنس أن يصوموا ذلك اليوم. قال أبو جعفر عليه السلام: أتدرون ما هذا اليوم؟ هذا اليوم الذي تاب الله عز وجل فيه على آدم وحواء،وهذا اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل فأغرق فرعون ومن معه، وهذا اليوم الذي غلب فيه موسى عليه السلام فرعون
وهذا اليوم الذي ولد فيه إبراهيم عليه السلام، وهذا اليوم الذي تاب الله فيه على قوم يونس، وهذا اليوم الذي ولد فيه عيسى ابن مريم..."(1).
... ورواه الشيعي رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر ابن طاوس قائلاً:"ووردت أخبار كثيرة بالحث على صيامه"(2).
... وذكر هذه الرواية الحر العاملي(3) والنوري الطبرسي(4) حسين البروجردي(5) يوسف البحراني(6).
... وروى النوري الطبرسي عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: "أوفت السفينة يوم عاشوراء على الجودي فأمر نوح من معه من الإنس والجن بصومه، وهو اليوم الذي تاب الله فيه على آدم عليه السلام"(7).
__________
(1) تهذيب الأحكام للطوسي 4/300.
(2) في إقبال الأعمال ص558 ط دار الكتب الإسلامية بطهران.
(3) وسائل الشيعة 7/338.
(4) ذكرها النوري في مستدرك الوسائل 1/594.
(5) جامع أحاديث الشيعة 9/475 – 476.
(6) في الحدائق الناضرة 13/371 كما ذكرها الشيخ جمال الدين بن عبد الله في صيام عاشورا ص112 – ص113.
(7) أورد النوري الطبرسي هذه الرواية في مستدرك الوسائل 1/594 فراجعها لتعلم أن المنكرين لا أمانة علمية عندهم.(51/79)
... فهل هذه أيضاً من الروايات التي يرددها أهل السنة والجماعة؟!
... وروى الصدوق في المقنع: أنه في عشر من المحرم وهو يوم عاشوراء أنزل الله توبة آدم، وفيه استوت سفينة نوح على الجودي، وفيه عبر موسى البحر، وفيه ولد عيسى ابن مريم عليه السلام، وفيه أخرج الله يونس من بطن الحوت، وفيه أخرج الله يوسف من بطن الجب، وفيه تاب الله على قوم
يونس، وفيه قتل داود جالوت، فمن صام ذلك اليوم غفر له ذنوب سبعين سنة وغفر له مكاتم عمله”(1).
... وفي حديث الزهري عن علي بن الحسين عليهما السلام في عداد الصوم الذي صاحبه بالخيار: صوم عاشوراء(2). ومثله المروي في الفقه الرضوي(3).
... فماذا يقول التيجاني بعد هذا؟!!
... هذا وعلى التيجاني أن يعلم أن روايات صوم عاشوراء جاءت من طرق الشيعة بأسانيد معتبرة، في حين جاءت الروايات الناهية عن صومه بأسانيد ضعيفة، وقد اعترف بهذا شيخهم الحاج السيد محمد رضا الحسيني الحائري في كتابه “نجاة الأمة في إقامة العزاء على الحسين والأئمة" صفحة 145، 146، 148 طبع قم إيران 1413هـ.
... فماذا يقول بعد ذلك؟.
... وما رد الدكتور الشيعي أحمد راسم النفيس القائل: إن أجهزة الدعاية الأموية قلبت الحقائق، وحولت يوم الكارثة إلى يوم عيد وسرور، وهو الذي ما زال متداولاً إلى يومنا هذا"(4)
... فهل الطوسي والصدوق والحر العاملي والنوري الطبرسي وابن طاوس
الذين رووا فضل صوم عاشوراء من العاملين والمروجين للدعاية الأموية التي قلبت الحقائق؟
... لماذا تردّد الأكاذيب أيها الدكتور؟
__________
(1) المقنع للصدوق ص101 ، صام عاشوراء ص113 مختصرة.
(2) الهداية للصدوق ص303.
(3) صيام عاشوراء ص113.
(4) على خطى الحسين ص106 لاحظ جرأة الرجل فهل يوجد سني على وجه الأرض اتخذ يوم قتل الحسين عيداً؟!!(51/80)
... لماذا لا تنصف أهل السنة وتبيّن للشيعة أن أهل السنة يصومون هذا اليوم اقتداءً بنبيّهم محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم بروايات صحيحة عند الفريقين السنة والشيعة، اعترف شيخكم ابن طاوس بكثرتها؟!
... وإذا كنت ساخطاً على أهل السنة لعدم اتخاذهم يوم قتل الحسين رضي الله عنه حزناً كما هو حال الشيعة، فيُرد عليك من وجهين:
... الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر باتخاذ هذا اليوم حزناً ونياحة كما يفعل الشيعة، بل إنه صلوات الله وسلامه عليه نهى عن هذا بقوله صلى الله عليه وسلم:"النياحة من عمل الجاهلية " وهذا حديث متفق على صدوره بين الفريقين، وقد سقناه مع غيره في فصل "حرمة النياحة " فراجعه.
... ثم إنّ أعظم مصيبة أصيب بها المسلمون هي موت النبي صلى الله عليه وسلم بنص حديثه صلى الله عليه وسلم: "من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب" (1).
ومع هذا لم يتخذ المسلمون يوم وفاته حزناً ونياحة رغم أنها أكبر المصائب، وكذلك وفاة
الصديق وقتل الفاروق وذي النورين وعلي المرتضى رضي الله عنهم أجمعين لم يتخذ المسلمون وفاتهم حزناً ونياحة كما يفعل الشيعة.
فلماذا لم يحي الشيعة يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وهي أعظم من مصيبة قتل الحسين رضي الله عنه؟!!
لماذا لم يقم الحسن والحسين مأتماً سنوياً بمناسبة قتل أبيهما علي رضي الله عنهم جميعاً؟!!
أليس أبو الحسن خيراً من الحسن والحسين(2)؟!!
__________
(1) وهذا حديث متفق عليه بين الفريقين رواه الكليني في الكافي 3/220 والحر العاملي في وسائل الشيعة 2/911 واللفظ للثاني
فراجع هذين المصدرين تجد تخريجهما للحديث بألفاظ متقاربة.
(2) راجع مبحث "الشعائر الحسينية طقوس لم تكن على عهد الأئمة".(51/81)
إن أبناء جلدتك هم الذين دعوه فخذلوه ثم قتلوه، فهذا سبط رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإنه قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وعبدالله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج، ليس معه ذمام، فتفرق الناس عنه وأخذوا يميناً وشمالاً حتى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه، ونفر يسير ممن انضمّوا إليه"(1).
فأسلافك هم الذين دعوه فخذلوه.
ألم تقل أيها الدكتور: "... فالشيعة مسلمون ... والمنصف هو من
يعود إلى كتبهم العقيدية ليطلع على أفكارهم وعقائدهم لا أن يقرأ كتب خصومهم التي تحتوي على الافتراءات والأكاذيب بما لا يرتضيه دين ولا يقر به عاقل منصف"1).
وها هي كتب أتباعك تثبت سنة صوم عاشوراء وتنهى عن النياحة وأنتم تخالفونها.
وها هي تأمر بصوم عاشوراء وأنتم تلصقونه بالأمويين.
وأما خصوم الشيعة، وحسبك تهمة تحريف القرآن، فإن عمدتهم الروايات المتواترة والتي صرح كباركم بأنها معلومة من دينكم بالضرورة وأن ردّها ودفعها يستلزم دفع جميع الأخبار ولا أظنك ممن يجهل هذا ولكنها التقية التي قال عنها إمامك الخميني: "... ولولا التقية لصار المذهب في معرض الزوال والانقراض"(2).
والتي قال عنها جعفر الصادق رحمه الله – كما نسبتموه له!! - : "إنّكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله"(3).
وفي رواية عنه - ليس من شيعة علي من لا يتقي"(4).
وروى الكليني والكاشاني عن أبي عبدالله رحمه الله قال: "من استفتح
نهاره بإذاعة سرنا سلّط الله عليه حر الحديد وضيق المجالس"(5).
__________
(1) نقل هذا عبد الحسين شرف الدين في المجالس الفاخرة ص85 وقد مر نقله عنه وعن غيره فراجع.
(2) الرسائل للخميني 2/185.
(3) الكافي 2/222 ، والرسائل 2/185.
(4) جامع الأخبار للشعيري ص95.
(5) الكافي 2/372 ، الوافي 3/159.(51/82)
... وفي رواية عن الصادق: - ليس منّا من لم يلزم التقية"(1).
... فهل هذا خُلُق من يقول فيصدق في قوله أيها الدكتور؟!!
... وليس لك أيها الدكتور أن تلوذ وراء جواز التقية عند احتمال الخطر على النفس لأن إمامك الخميني أجازها حتى وإن كان الشيعي آمناً على نفسه قال:
... "ثم إنه لا يتوقف جواز هذه التقية بل وجوبها على الخوف على نفسه أو غيره بل الظاهر أن المصالح النوعية صارت سبباً لإيجاب التقية من المخالفين فتجب التقية وكتمان السر لو كان مأموناً وغير خائف على نفسه"(2).
... فكيف يُعرف أيها الدكتور صِدْقُكم من تقيتكم؟
... فهل لك أن تفيدنا في إجابة هذا السؤال المحيّر؟!!
... وهل لك أن تجيبنا وتوضّح لنا هذا السر الذي يجب كتمانه؟!!
... وهل هذه الروايات وما سقناه وأوردناه في هذه الرسالة من كتب خصومكم أم من كتبكم؟!!
... إن الذي أمر الناس بالنوح والبكاء وإقامة المآتم على الحسين في
السكك والأسواق وبالتهنئة والسرور يوم الغدير هو معز الدولة البويهي وكان من علماء الإمامية(3) وليس أهل البيت رضي الله عنهم .. فهل تعلم هذا أيها الدكتور؟!!
... أما أهل البيت رضي الله عنهم فقد سمعوا جدّهم صلى الله عليه وسلم يقول:"النياحة من عمل الجاهلية" فهيهات هيهات أن يأمروا بإقامة مآتم تقام بها أعمال الجاهلية.
... ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها:"إذا أنا مت فلا تخمشي عليّ وجهاً ولا ترخي عليّ شعراً ولا تنادي بالويل والثبور ولا تقيمي عليّ نائحة.."؟!!(4).
... ألم ينقل شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي تحريم النوح إجماعاً"؟(5).
__________
(1) وسائل الشيعة 11/466.
(2) الرسائل للخميني 2/201.
(3) كما نقل لنا هذا شيخكم محمد باقر الخونساري في روضات الجنات 6/139 ومحدثكم عباس القمي في الكنى والألقاب 2/430.
(4) راجع فصل النساء والحسينيات.
(5) راجع فصل وقفة مع من أباح النياحة واللطم.(51/83)
... هذا بالإضافة إلى تناقض الشيعة في نقل الحوادث ومبالغتهم فيها. فهذا المحامي الشيعي أحمد حسين يعقوب يقول ما نصه: "ولأجل قتل الإمام الحسين وإبادة بيت النبوة جمع عبيدالله ثلاثين ألف مقاتل" (1). ثم يأتي بعد ذلك لينسف كلامه هذا بما نقله عن الحسين رضي الله عنه أنه قال: "يا أهلي وشيعتي اتخذوا هذا الليل جملاً لكم وانجو بأنفسكم فليس المطلوب غيري ولو قتلوني ما فكروا فيكم فانجو رحمكم الله وأنتم في حل وسعة من
بيعتي وعهدي الذي عاهدتموني"(2).
... فالإمام الحسين يصرّح هنا بأنه هو المطلوب، ولو ظفروا به ما فكروا في غيره، وأنت تقول إن المطلوب إبادة أهل البيت فما الصحيح في كلامك أيها المحامي؟!!
... إن الأخبار التي ترددونها في مقتل الحسين رضي الله عنه وعلى ضوئها تطعنون وتسبّون وتحقدون وتتآمرون، هي من الأباطيل والأكاذيب التي لا أساس لها، وقد اعترف بهذا شيخكم ومجتهدكم عبد الحسين الحلي حيث قال: "نعم إن تلك الأخبار غير معلومة الصدق وهكذا جميع الأخبار بلا استثناء وشتان بين معلوم الكذب وبين غير معلوم الصدق، ولو لزم الناس أن لا ينقل أحد منهم إلا الصادق أو معلوم الصدق ولو بالطرق الظاهرية المعروفة في كتب الأصول والحديث لانسَدّ باب نقل الأخبار وبطل الاحتجاج بأقوال المؤرخين"(3).
__________
(1) كربلاء الثورة والمأساة ص280 . راجع أيضاً ص269 وما بعدها.
(2) كربلاء الثورة والمأساة ص297 وراجع ص295 ، 296 حيث ناقض المحامي نفسه لنتعجب بعد ذلك من تلاعب الحاقدين بالوقائع التاريخية.
(3) الشعائر الحسينية في الميزان الفقهي ص29.(51/84)
... ثم إن خبر "يا أهلي وشيعتي اتخذوا هذا الليل جملاً .." يناقض ويدحض ما نقله الدكتور أحمد راسم النفيس وغيره من أن الإمام الحسين رضي الله عنه قال لمن عرض عليه عدم اصطحاب نسوته معه وهو أخوه محمد ابن الحنفية عن جدّه المصطفى صلى الله عليه وسلم"إن الله قد شاء أن يرى نسوتك سبايا" (1).
... فليفسر لنا الدكتور النفيس هذين الخبرين المتناقضين.
... قال عبد الحسين الحلي الشيعي المتعصب جداً:"إن وقائع الطف لم تصل إلينا حتى التي تلقيناها بواسطة المفيد والشيخ والسيد وأضرابهم إلا مرسلة، وأكثر ما يرسل المؤرخون وأوثقهم ابن جرير الطبري عن أبي مخنف وهو لم يحضر الواقعة" (2).
... أرأيت أيها الدكتور كيف أنكم ترددون في مآتمكم أخباراً مرسلة غير معلومة الصدق وتخالفون النبي صلى الله عليه وسلم في نهيه عن النياحة وتتنكرون لصوم عاشوراء رغم ثبوته عندكم.
... فسر لنا أيها الدكتور كيف رفض الإمام الحسين عليه رضوان الله ورحمته صرف النسوة ثم جاء أخيراً وطلب من الجميع الانصراف وقد نقل عن النبي صلى الله عليه وآله أن الله شاء أن يرى نسوته سبايا"؟!!!
الفصل السادس:
ثواب زيارة الحسين وبدعة البناء على القبور
المبحث الأول:
ثواب زيارة الحسين - رضي الله عنه -
... روت الشيعة عن أبي الحسن الماضي قال: - من زار الحسين عليه السلام عارفاً بحقه غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر" (3).
... وعن أبي عبد الله قال:"من زار الحسين عليه السلام كتب الله له ثمانين حجة مبرورة(4)".
... وعن أبي عبد الله قال: - من أتى قبر الحسين عارفاً بحقه كان كمن حج ثلاث حجج مع رسول الله صلى الله عليه وآله" (5).
__________
(1) على خطى الحسين ص97 ، 101.
(2) الشعائر الحسينية ص27.
(3) كامل الزيارات ص262.
(4) المزار للمفيد ص47.
(5) كامل الزيارات ص267.(51/85)
... وعن أبي عبد الله قال: "من أتى قبر الحسين عارفاً بحقه كان كمن حج مائة حجة" (1).
... وعن حذيفة بن منصور قال: قال لي: أبو عبد الله: كم حججت؟ قلت: تسع عشرة. قال: فقال: أما إنّك لو أتممت إحدى وعشرين حجة لكتب لك
كمن زار الحسين" (2).
... وعن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله قال: "ومن زار قبر الحسين عارفاً بحقه كتب الله له ثواب ألف حجة مقبولة وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر (3) ".
... ومن هذه الأحاديث الباطلة المختلفة التي فضلوا بها السجود على ما يسمّونه بالتربة الحسينية على أرض الحرم فقد سئل آيتهم العظمى محمد الحسيني الشيرازي هذا السؤال:
... "يقال إن أرض كربلاء أفضل من أرض مكة والسجدة على التربة الحسينية أفضل من السجدة على أرض الحرم ... هل هذا صحيح؟".
... فأجاب: "نعم"(4).
... كما ردد شيخهم وآيتهم المعروف محمد الحسين كاشف الغطاء هذا البيت من الشعر:
... ومن حديث كربلاء والكعبة
... لكربلاء بأن علوم الرتبة لكربلاء بأن علوم الرتبة(5).
... ويقول آيتهم عبد الحسين د ستغيب: "لقد جعل رب العالمين لطفاً
بعباده زيارة قبر الحسين عليه السلام بدلاً من حج بيت الله الحرام ليتمسّك بها من لم يوفق إلى الحج، بل إن ثوابه لبعض المؤمنين وهم الذين يراعون شرائط الزيارة أكثر من ثواب الحج كما هو صريح كثير من الروايات الواردة في هذا المعنى(6).
... ونسبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن كربلاء: هي أطهر بقاع الأرض وأعظمها حرمة وإنها لمن بطحاء الجنة(7).
__________
(1) كامل الزيارات ص304 ، وسائل الشيعة 10/350.
(2) كامل الزيارات ص303-304 ، وسائل الشيعة 10/350.
(3) وسائل الشيعة 10/347.
(4) الفقه العقائد ص37.
(5) الأرض والتربة الحسينية ص26.
(6) الثورة الحسينية لدستغيب ص15 ط دار التعارف بيروت.
(7) السجود على التربة الحسينية لمحمد إبراهيم القزويني ص25، وكذلك السجود على الأرض لآية الله علي الأحمدي ص140.(51/86)
... إن زيارة الحسين رضي الله عنه ليست من الدين فقد اكتمل الدين قبل وجود ضريحه الذي وجدت فيما بعده هذه الروايات التي تبالغ فيه وحسبك قوله عز وجل: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً } . فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بها أمير المؤمنين علياً الحسن والحسين وأبا ذر والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان وأبا سعيد الخدري وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم لم يحصل لهم فضل زيارة هذا المرقد.
... أما من أتى بعد مقتله رضي الله عنه ومنهم الإمام الصادق عليه رحمة الله فقد روت الشيعة عن حنان بن سدير قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: ما تقول في زيارة قبر الحسين فإنه بلغنا عن بعضكم أنه قال: تعدل حجة وعمرة فقال: ما أصعب هذا الحديث ما تعدل هذا كله
ولكن زوروه فلا تجفوه فإنه سيد شباب أهل الجنة... "(1).
المبحث الثاني:
بدعة البناء على القبور
... أن الشيعة ارتكبت إثماً في البناء على قبره رضي الله عنه قال إمامهم الشيرازي:"الشيعة تعتقد أن بناء الأضرحة والقباب على مراقد الأنبياء والأئمة والشخصيات الإسلامية من أفضل المقربات إلى الله سبحانه"(2).
__________
(1) وسائل الشيعة 10/352 وهذا الحديث يصادر الروايات السابقة والتي تفرد الشيعة بنقلها والحق الذي لا مرية فيه أنها روايات لا أصل لها فهي ظاهرة البطلان ولك أخي القارئ أن تتساءل إذا كانت الزيارة بهذه الأهمية فلماذا لم يأت ذكرها في كتاب الله وفي سنته صلى الله عليه وسلم؟ فكل ما في الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بمقتل الحسين رضي الله عنه ولم يأمر بزيارة قبره ولا اتخاذ يوم مقتله مناسبة سنوية كما يفعل الشيعة.
(2) الفقه العقائد ص365.(51/87)
... وهذا باطل لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور فقد روت الشيعة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يصلى على قبر أو يقعد عليه أو يبنى عليه"(1).
... وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يجصص القبر أو يبنى عليه أو أن يقعد عليه(2)
لذا تناقل الأئمة هذا النهي فعن الإمام الصادق رحمه الله قال: - من أكل السحت سبعة: الرشوة في الحكم ومهر البغي وأجر الكاهن وثمن الكلب والذين يبنون البناء على القبور" (3).
... وعن علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن البناء على القبر والجلوس عليه هل يصلح؟ فقال: لا يصلح البناء عليه ولا الجلوس ولا تجصيصه ولا تطيينه(4).
... إننا ننصح الشيعة بعدم البناء على القبور وإن يقتدوا بأمير المؤمنين علي رضي الله عنه والذي بعثه النبي صلى الله عليه وآله ليهدم القبور ويكسر الصور حتى يكون قدوة لمن بعده. كما سيأتي إيراده.
... والحذر الحذر من بناء المساجد على القبور أو عندها فعن سماعة بن مهران أنه سأل عبد الله عليه السلام عن زيارة القبور وبناء المساجد فيها: فقال: أما زيارة القبور فلا بأس بها ولا يبنى عندها المساجد" (5).
... والحذر الحذر من اتخاذها قبلة ومسجداً لقوله صلى الله عليه وآله: "لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجداً فإن الله عز وجل لعن اليهود والنصارى حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"(6).
... وعن أمير المؤمنين رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله
__________
(1) وسائل الشيعة 2/869.
(2) مستدرك الوسائل 1/127.
(3) مستدرك الوسائل 1/127.
(4) وسائل الشيعة 2/869 ، جامع أحاديث الشيعة 3/444.
(5) الكافي 3/218 من لا يحضره الفقيه 1/114 ، وسائل الشيعة 2/887.
(6) من لا يحضره الفقيه 1/114 ، علل الشرايع ص358 ، الوافي 5/72 ، وسائل الشيعة 2/887 و 3/455.(51/88)
عليه وآله يقول: "لا تتخذوا قبري مسجداً ولا بيوتكم قبوراً وصلّوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم وسلامكم يبلغني" وزاد في رواية: "ولا تتخذوا قبوركم مساجد"(1).
... وعندما تعرض شيخهم محمد الحسيني آل كاشف الغطاء إلى مسألة البناء على القبور في رسالته "نقض فتاوى الوهابية!!" (ص27) لم يتعرض وبصورة متعمدة إلى الروايات التي وردت من طرق الشيعة إذ أوهم القراء بأن النهي عن البناء على القبور ورد من طرق السنة واتهم الوهابية على حد زعمه بالفهم الخاطئ. فقد أورد ما رواه مسلم عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني ألا أدع قبراً مشرفاً إلا سويته(2) ولم يشر إلى بقية الروايات التي تنهى نهياً صريحاً عن البناء على القبور من روايات الفريقين، وهذا من الأدلة القطعية التي تثبت أن علماء هذه الطائفة يتعمدون الدس والكذب والتضليل من أجل نصرة مذهبهم، أرأيت بعد هذا صدق الخميني عندما قال: "ولولا التقية لصار المذهب في معرض الزوال والانقراض"(3).
... أتدري أخي المسلم أنه بالإضافة إلى كتمانه الروايات السابقة تعمد عدم الإشارة إلى روايتين شيعيتين صريحتين تؤيدان رواية مسلم لحديث
علي. فالأولى ما رواه الكليني والحر العاملي عن أبي عبدالله رحمه الله قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة فقال: لا تدع صورة إلا محوتها ولا قبراً إلا سويته ولا كلباً إلا قتلته" (4).
__________
(1) مستدرك الوسائل للنوري 1/225.
(2) فهو يناقش هذه الرواية على سبيل التسليم للخصم في المناقشة لا أنها قد وردت من طرق الشيعة فراجع ص31 وما بعدها.
(3) الرسائل للخميني 2/185.
(4) الكافي 6/528 ، وسائل الشيعة 2/869 ، جامع أحاديث الشيعة 3/445.(51/89)
... والثانية ما رواه الكليني والحر العاملي عن أبي عبد الله رحمه الله قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في هدم القبور وكسر الصور"(1).
... ولا تنتهي الغرائب فقد تابع كاشف الغطاء شيعي آخر يدعى حسن سعيد حيث أورد رواية مسلم عن علي رضي الله عنه ثم ذكر رواية أخرى عند مسلم والترمذي في النهي عن تجصيص القبور والبناء عليها(2) ثم نسب إلى الأمة الإجماع على البناء على القبور والكتابة عليها(3). وهذا كذب محض وإن أردت الوقوف عليه فارجع إلى كتاب: - تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد تمهيد للألباني.
... وكذلك نسب إلى أئمته الإجماع على ذلك، وهذا كذب أيضاً، للروايات التي وقفت عليه عن أئمته والتي تحرم البناء على القبور حيث تابع كاشف الغطاء على كتمانها ولا تخلو المسألة هنا من طرافة، قال شيخهم يوسف البحراني: - إنه قد صرح جملة من الأصحاب بكراهة تجصيص القبور
والبناء عليها، بل ظاهر التذكرة الإجماع عليه. قال الشيخ في النهاية يكره تجصيص القبور وتظليلها، وفي المبسوط تجصيص القبر والبناء عليه في المواضع المباحة مكروه إجماعاً"(4).
... وقال علامتهم ومحققهم الملا محمد باقر السبزواري: "وأما البناء على القبر فمكروه عند الأصحاب، ونقل المصنف في التذكرة الإجماع عليه، وكذا الشيخ، وفي الذكرى: المشهور كراهية البناء على القبر واتخاذه مسجداً ... قال في الذكرى بعد نقل هذه الأخبار: وهذه الأخبار رواها الصدوق والشيخان وجماعة المتأخرين في كتبهم ولم يستثنوا قبراً" (5).
__________
(1) الكافي 6/528 ، وسائل الشيعة 2/870 ، جامع أحاديث الشيعة 3/445.
(2) في كتاب له بعنوان: - الرسول والشيعة تمهيد ص132 ، 136.
(3) ص137.
(4) الحدائق 4/130.
(5) ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد للسبزواري ص343.(51/90)
... ونقل الإجماع عندهم على كراهية البناء على القبور شيخهم محمد جواد الحسيني العاملي(1) ومع هذا ينقل شيخهم السبزواري عن شيخهم الشهيد الأول بأن الإمامية مجمعة على مخالفة هذا الإجماع الذي نقله شيخ طائفتهم أبو جعفر الطوسي وعلامتهم الحلى وغيرهما من علمائهم(2) مثلما خالفوا إجماعهم على حرمة النياحة النياحة واللطم فاعتبروا يا أولي الألباب.
... إنهم لا يحترمون ولا يلتزمون برواياتهم وإجماع علمائهم فهم ينقلون الإجماع ثم يخالفونه.
الخاتمة
... وفي ختام هذا البحث أحدد النتائج التي توصلت إليها وهي:
... 1 – أن أهل الكوفة هم الذين كتبوا إلى الحسين - رضي الله عنه - وطلبوا منه المجيء وما لبثوا أن خذلوا رسوله مسلم بن عقيل وغدروا به ثم جاء الدور على الحسين لينال منهم ما نله مسلم بن عقيل، وليس الحسين الوحيد الذي غدر به الشيعة بل غدروا قبله بأبيه وأخيه ثم من بعده أئمة أهل البيت رضي الله عنهم.
... 2 – أن من حُب علي وأهل بيته للصحابة أن سموا أبناءهم بأسمائهم كأبي بكر وعمر وعثمان، والمرء يختار لأبنائه الأسماء المحببة إلى قلبه.
... 3. أن ما يسمى بالشعائر الحسينية طقوس لم تكن على عهد الأئمة وإنما أحدثت في عصور متأخرة، فالنوح واللطم ولبس السواد محرم إ جماعاً كما سبق نقله عن علمائهم.
... 4. ينكر الشيعة صوم عاشوراء ويلصقونه بالأمويين، وقد تم إثبات صيام هذا اليوم من كتبهم.
... 5 – يجيز الشيعة البناء على القبور رغم ثبوت نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك من رواياتهم وإجماع علمائهم.
... ولا يفوتنا في خاتمة هذا المبحث إلا أن نبين لكل شيعي أنه ليس ملزماً
بدفع الخمس إلى من يُسَمّون بالسادة ونواب الإمام لسببين:
__________
(1) مفتاح الكرامة شرح قواعد العلامة للعاملي 2/856.
(2) ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد ص344.(51/91)
... الأول: أن الخمس لا يدفع إلا من غنائم الحرب خاصةً بدليل ما رواه عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة"(1).
... وعن أبي عبدالله وأبي الحسن عليهما السلام: - ليس الخمس إلا في الغنائم" (2).
... الثاني: أن الأئمة أباحوا الخمس لشيعتهم، فعن ضريس الكناسي قال: قال أبو عبدالله عليه السلام: أتدري من أين دخل على الناس الزنا؟ فقلت: لا أدري فقال: من قبل خمسنا أهل البيت إلا لشيعتنا الأطيبين فإنه محلل لهم ولميلادهم(3).
... وعن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام حللهم من الخمس يعني الشيعة ليطيب مولدهم" (4).
... وهناك روايات كثيرة تعفي الشيعة من دفع الخمس أعرضنا عنها خشية الإطالة. قال شيخ الطائفة الإمامية أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي: "فأما في حال الغيبة فقد رخصوا لشيعتهم التصرف في حقوقهم مما يتعلق
بالأخماس وغيرها فيما لا بدّ لهم منه من المناكح والمتاجر والمساكن" (5).
... وبمثل هذا أفتى المحقق الحلي في شرائع الإسلام، ومحمد باقر السبزواري في ذخيرة المعاد والملا محسن الملقب بالفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع وغيرهم من العلماء المعتمدين، وعلى هذا لا يوجد ما يُلزم الشيعي بدفع الخمس بل الأدلة على خلافه.
... هذا ما يسّر الله لي كتابته سائلاً المولى عز وجل أن ينفع به والحمد لله حمداً كثيراً، وصلى الله على محمد وآله وسلم.
المؤلف
السبت الثاني من رمضان 1422هـ
الموافق 17/11/2001م
مصادر الكتاب
( أ )
__________
(1) جامع أحاديث الشيعة 10/8 ، 17، 22، 24 وسائل الشيعة 6/336.
(2) جامع أحاديث الشيعة 10/8 ، 17 وسائل الشيعة 6/342.
(3) وسائل الشيعة 6/379 جامع أحاديث الشيعة 10/88.
(4) وسائل الشيعة 6/383 جامع أحاديث الشيعة 10/88 – 89.
(5) النهاية في مجرد الفقة والفتاوى ص200 ط2 دار الكتاب العرطبي – بيروت.(51/92)
الاحتجاج لأحمد بن علي الطبرسي – شركة الكبتي – بيروت 1414هـ.
آداب المنابر الحسينية لحسن مغنية – الطبعة الأولى مؤسسة عز الدين بيروت 1415هـ.
اعرف الحق لمحمد التيجاني السماوي– الطبعة الأولى – دار المجتبى – بيروت 1415هـ.
الاستبصار فيما اختلف من الأخبار لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي – طبع النجف.
أعيان الشيعة لمحسن الأمين طبع دار التعارف – بيروت.
الإرشاد لمحمد بن محمد النعمان – الطبعة الثالثة مؤسسة الأعلمي – بيروت 1979م.
أضواء على ثورة الحسين لمحمد الصدر.
الأرض والتربة الحسينية لمحمد بن الحسين كاشف الغطاء – طبع مؤسسة أهل البيت – بيروت 1402هـ.
إقبال الأعمال لابن طاووس – طبع دار الكتب الإسلامية بطهران.
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار لمحمد بن باقر المجلسي – الطبعة الثالثة دار إحياء التراث العربي – بيروت 1403هـ.
تعال نتفاهم لعبد الهادي عبد الحميد ط. الكويت.
تهذيب الأحكام لشيخ الطائفة الطوسي – طبع طهران.
تظلم الزهراء لرضى بن بني القزويني – بيروت لبنان.
تاريخ الكوفة لحسين بن أحمد البراقي – الطبعة الرابعة دار الأضواء – بيروت 1407هـ.
تفسير نور الثقلين لعبد علي العروسي الحويزي – طبع قم إيران.
تفسير الصافي للفيض الكاشاني – طبع المؤسسة الأعلمي – بيروت 1979م.
( ث )
ثورة الطف لطالب الخرسان / انتشارات أنوار الهدى قم 1413هـ.
الثورة الحسينية لعبد الحسين دستغيب – طبع دار التعارف – بيروت.
ثم اهتديت لمحمد التيجاني – ط. مؤسسة الفجر – لندن.
( جـ )
جامع أحاديث الشيعة / المطبعة العلمية قم إيران.
جواهر الكلام لمحمد بن الحسن النجفي – د. دار إحياء التراث العربي – بيروت.
( حـ )
حوار مع فضل الله حول الزهراء لهاشم الهاشمي – الطبعة الرابعة – نشر مدرسة الإيرواني.
الحدائق الناضرة ليوسف البحراني – الطبعة الثانية – دار الأضواء – بيروت 1405هـ.
الحسين ومسؤولية الثورة لحسن الصفار.
( خـ )(51/93)
خير الأصحاب لعبد الهادي عبد الحميد – الطبعة الأولى 1421هـ.
خطب المسيرة الكربلائية لقصير قليط – الطبعة الأولى – دار البلاغة – بيروت 1417هـ.
( ذ )
ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة لمحمد بن مكي العاملي – منشورات مكتبة بصيرتي.
ذخيرة المعاد في شرح الإرشاط لمحمد باقر السبزواري – نشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث.
( ر )
روضة الجنات في أحوال العلماء والسادات لمحمد باقر الخونساري - . بيروت 1991م.
رائد الفكر العربي لهادي فضل الله.
الرسائل لروح الله الخميني طبع قم إيران.
رجال الكشي – نشر مؤسسة الأعلمي للمطبوعات – كربلاء.
الرسول والشيعة لحسن سعيد – مكتبة الألفين – الكويت.
( س )
سيرة الأئمة الاثنى عشر لهاشم معروف الحسيني – منشورات الشريف الرضى قم إيران.
سفينة النجاة لعبد الحسين إبراهيم العاملي – الطبعة العشرون – دار الحوراء – بيروت 1407هـ.
السجود على التربة الحسينية لمحمد بن إبراهيم القزويني – الطبعة الثانية 1402هـ.
السجود على الأرض للشيخ علي الأحمدي – مركز الجواد – بيروت 1993م.
سفير الحسين مسلم بن عقيل لمحمد نعمة السماوي – دار المرتضى – بيروت.
( ش )
الشعائر الحسينية في الميزان الفقهي لعبد الحسين الحلي – مكتبة الطف – دمشق 1995هـ.
الشعائر الحسينية لحسن الشيرازي – دار الصادق – بيروت 1419هـ.
الشيعة هم أهل السنة لمحمد التيجاني – نشر شمس المشرف – بيروت.
الشيعة وعاشوراء لرضا حسين الحسيني – الطبعة الأولى – دار المرتضى – بيروت 1996م.
( ص )
صيام عاشوراء – جمال الدين بن عبدالله – الطبعة الأولى – بيروت 1418هـ.
صراط النجاة لأبي القاسم الخوئي مع تعليمات وملحق للميرزاً جواد التبريزي ط مكتبة الفقيه – الكويت.
( ط )
الطريق إلى مذهب أهل البيت للدكتور أحمد راسم النفيس / الغدير – بيروت.
( ع )
عيون أخبار الرضا لمحمد بن علي بن بابويه القمي طبع طهران – إيران.(51/94)
عدة الداعي ونجاح الساعي لأحمد بن فهد الحلبي ط دار الكتاب الإسلامي 1407هـ.
عاشوراء للشيخ كاظم حمد الإحسائي النجفي – الطبعة الأولى – مؤسسة البلاغ – بيروت 1411هـ.
على خطى الحسين للدكتور أحمد راسم النفيس – الغير – بيروت 1418هـ.
علل الشرايع لمحمد بن علي بن بابويه الصدوق طبع النجف.
( ف )
الفقه العقائد لمحمد الحسيني الشيرازي – الطبعة الأولى 1412هـ.
فقيه من لا يحضره الفقيه لمحمد بن علي بن بابويه القمي – طبع دار الكتب الإسلامية – طهران.
في رحاب أهل البيت لمحمد حسين فضل الله ط مكتبة الفقيه – الكويت.
في رحاب كربلاء للشيخ حسين كوراني – دار التعارف للمطبوعات – بيروت 1413هـ.
الفقه لمحمد الحسيني الشيرازي – الطبعة الثانية دار العلوم – بيروت 1408هـ.
فاجعة الطف لأمير محمد كاظم القزويني – الطبعة الثامنة 1971هـ.
فلسفة عاشوراء لعلي الخامنئي – مكتبة الأسفار – الكويت.
( ك )
الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني – طبع دار الكتب الإسلامية – طهران – إيران.
كربلاء الثورة والمأساة للمحامي أحمد حسين يعقوب – الغدير – بيروت 1418هـ.
كل الحلول لمحمد التيجاني – الطبعة الأولى – دار المجتبي – بيروت 1416هـ.
كامل الزيارات لابن قولوية – الطبعة الأولى – دار السرور – بيروت 1418هـ.
( ل )
لواعج الأشجان لمحسن الأمين العاملي – ط. دار الأمير بيروت 1996م.
لقد شيعني الحسين لأدريس الحسيني – الطبعة الأولى – دار النخيل – بيروت 1414هـ.
( م )
محاورة عقائدية لأمير محمد كاظم القزويني – الطبعة الأولى.
مقتل الحسين يوم عاشوراء لفاضل عباس الحناوي طبع قم 1412هـ.
ملحمة الطف لعبد علي !! محمد حبيل الطبعة الأولى دار أهل البيت جد حفص البحرين 1412هـ.
المعتبر في شرح المختصر لنجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن الحلي – منشورات مجمع الذخائر الإسلامية – قم – إيران.
موسوعة عاشوراء لجواد محدثي – الطبعة الأولى دار الرسول الأكرم – بيروت 1418هـ.(51/95)
مستدرك الوسائل للميرزا حسين النوري الطبرسي – طبع دار الكتب الإسلامية – طهران.
معاني الأخبار لأبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي الملقب بالصدوق – طبع دار
المعرفة بيروت 1399هـ.
مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب طبع إيران.
مائة مسألة حول الشيعة لمهدي محمد السويج – دار البيان العربي.
المراجعات لعبد الحسين شرف الموسوي.
المفيد في ذكر السبط الشهيد لعبد الحسين العاملي طبع دار مكتبة الهلال – بيروت 1974م.
المزار لمحمد بن محمد المفيد – الطبعة الأولى قم إيران 1409هـ.
مثير الأحزان للشيخ شريف الجواهري – توزيع دار الكتاب الإسلامي – بيروت.
الملحمة الحسينية لمرتضى مظهري – ط. الدار الإسلامية – بيروت 1413هـ.
المقنع لمحمد بن علي بن الحسين بن بابويه – الطبعة الأولى– دار المحجة البيضاء– بيروت 1414هـ.
مظالم أهل البيت لصادق مكي – طبع الدار العلمية – بيروت 1404هـ.
مجموعة ورام (تنبيه الخواطر ونزهة النواظر) للأمير ورام – طبع مؤسسة الأعلمي للمطبوعات – بيروت.
مأساة إحدى وستين لعبد الحسن نور الدين العاملي – الطبعة الأولى – دار الفردوس – بيروت 1986م.
مفتاح الكرامة شرح قواعد العلامة لمحمد جواد الحسيني العاملي – الطبعة الأولى – مؤسسة فقه الشيعة – بيروت 1996م.
مقتل الحسين لمرتضى عياد – طبعة رابعة 1417هـ - طبعة دار الزهراء – بيروت 1412هـ.
مقتل الحسين لعلي بن موسى بن طاووس (اللهوف) مؤسسة الأعلمي – بيروت 1414هـ.
المجالس الفاخرة في مآتم القدة الطاهرة لعبد الحسين العاملي ط مؤسسة الوفا – بيروت.
مقتل الحسين لعبد الرزاق الموسوي المقرم – دار الكتاب الإسلامي – بيروت 1399هـ.
مقتل الحسين (واقعة الطف) لمحمد تقي آل بحر العلوم – دار الزهراء – بيروت 1412هـ.
منتهى الآمال في تاريخ النبي والآل – الدار الإسلامية – بيروت 1414هـ.
معالم المدرستين لمرتضى العسكري – مكتبة الفقيه – الكويت.(51/96)
معالي السبطين لمحمد مهدي الحائري – ط. قم إيران 1407هـ.
مع الحسين في نهضته لأسد حيدر – دار التعارف للمطبوعات – بيروت 1399هـ.
( ن )
نجاة الأمة في إقامة العزاء على الحسين والأئمة – الطبعة الأولى قم 1413هـ.
نقض فتاوى الوهابية !! لمحمد الحسين كاشف الغطاء – الغدير – بيروت.
نفس المهموم للشيخ عباس القمي – دار المحجة البيضاء – بيروت 1412هـ.
نهج البلاغة للشريف الرضى ط دار المعرفة – بيروت لبنان.
نهضة عاشوراء لروح الله الخميني.
الندوة هي سلسلة حوارات الشيخ محمد حسين فضل.
الهداية لمحمد بن علي بن الحسين بن بابويه (مطبوع مع المقنع).
( و )
وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة لمحمد بن الحسن الحر العاملي طبع دار إحياء التراث العربي – بيروت.
الوافي لملأ محسن المعروف بالفيض الكاشاني ط قم إيران 1404هـ.
( ي )
يوم الطف لهادي النجفي ط قم 1413هـ.
فهرس الكتاب
الصفحة
العنوان
2
المقدمة
7
الفصل الأول: أهل السنة وآل البيت رضي الله عنهم
13
المبحث الأول: منزلة أهل البيت عند أهل السنة والجماعة
15
المبحث الثاني: موقف أهل السنة من مقتل الحسين رضي الله عنه
15
الفصل الثاني: ماذا تعرف عن الكوفة؟
15
المبحث الأول: الكوفة عقر دار الشيعة
18
المبحث الثاني: الكوفة موطن الغدر
18
الفصل الثالث: الشيعة وآل البيت
27
المبحث الأول: غدر الشيعة تصل إلى الحسين رضي الله عنه
30
المبحث الثالث: الحسين يرسل مسلم بن عقيل
33
المبحث الرابع: الحسين رضي الله عنه يتوجه إلى الكوفة
38
المبحث الخامس: الغدر بمسلم بن عقيل
40
المبحث السادس: نزول الحسين رضي الله عنه أرض كربلاء
43
المبحث السابع: من الذي قتل الحسين رضي الله عنه؟
50
المبحث الثامن: من قُتل مع الحسين من أهل البيت رضي الله عنهم؟
54
الفصل الرابع: الشعائر الحسينية
54(51/97)
المبحث الأول: الشعائر الحسينية طقوس لم تكن على عهد الأئمة
60
المبحث الثاني: الشيعة يستحدثون بدعة النياحة واللطم
تابع فهرس الكتاب
الصفحة
العنوان
66
المبحث الثالث: فتاوى كبار علماء الشيعة تجوّز العمل ببدعة النياحة واللطم وغيرها
71
المبحث الرابع: عدم جواز التطبير وضرب السلاسل إذا أوجب هتك حرمة التشيّع
73
الفصل الخامس: الشعائر الدينية محرمة في مصادر الشيعة
73
المبحث الأول: حرمة النياحة
78
المبحث الثاني: حرمة اللطم
83
المبحث الثالث: لبس السواد
85
87
92
المبحث الرابع: كلمة إلى خطيب أباح النياحة واللطم
المبحث الخامس: النساء والحسينيات
المبحث السادس: من الكاذب محمد باقر الصدر أم التيجاني
93
المبحث السابع: التيجاني يعود إلى الكذب مرة أخرى
94
المبحث الثامن: الشيعة وإنكارهم صوم عاشوراء
110
الفصل السادس: ثواب زيارة الحسين وبدعة البناء على القبور
110
المبحث الأول: ثواب زيارة الحسين رضي الله عنه
113
المبحث الثاني: بدعة البناء على القبور
118
الخاتمة
121
المصادر
128
الفهرس
موقع فيصل نور(51/98)
موسوعة فرق
الشيعة
للشيخ ممدوح الحربي
تنسيق أعضاء شبكة الدفاع عن السنة
مقدمة :
بسم الله الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد ..
إيمانا منا بقدر الكلمة المكتوبة وعظم تأثيرها أكثر من أي وسيلة أخرى في نشر الدعوة إلى الله , فقد وفق الله إخوانكم في شبكة الدفاع عن السنة لتفريغ 13 شريطاً عن طوائف الشيعة , 12 شريطا منها موجودة في سلسلة واحدة بعنوان " موسوعة الشيعة " لشيخنا الحبيب ممدوح الحربي وفقه الله تعالى لما يحبه ويرضاه , وواحد زائد على السلسلة بعنوان " مخططات الشيعة السرية " ويعني بهم الشيعة الإثني عشرية الإمامية , ونظراً لحسن الإعداد والإلقاء وجمع المعلومة التي قام بها الشيخ وبذل جهداً كبيراً فقد رأى إخوانكم في الشبكة أن هذه المادة لو كتبت وخرجت فيما يشبه الكتاب لكان وقعها بأمر الله أقوى وأكبر وأبقى , وقد كان أسلوب الشيخ في الإلقاء وترتيب الأفكار أكبر الأثر في تسهيل كتابة وتفريغ هذه المادة , والتي عملنا كما سترون جاهدين بوضعها في صيغة كتاب ..
أما موسوعة الشيعة فقد ضمت المحاضرات التالية :
الشيعة الإمامية والقرآن الكريم .
العلاقة بين الشيعة – الإمامية – واليهود عقدياً وعسكرياً ( في محاضرتين ) .
إخواننا أهل السنة في إيران .
عقائد وجرائم الشيعة الإمامية الإثني عشرية ( في ثلاثة محاضرات ) .
الشيعة النصيرية .
الشيعة الدروز (1) .
الشيعة الزيدية .
إسماعيلية العالم .
إسماعيلية السعودية ( المكارمة ) .
ومحاضرة مخططات الشيعة السرية .
وقد قمنا بترتيبها على النحو التالي في هذا الملف :
__________
(1) لدروز في معنقدهم الآن بعيدين عن التشيع لآل البيت رغم أن أفكارهم منبثقة من الشيعة الإسماعيلية الباطنية , فهم واقعا ليسوا من الشيعة في شيء إلا من حيث منشأ الإفكار فقط .(52/1)
الباب الأول : الشيعة الإمامية الإثني عشرية :
وفيه سبعة فصول
الفصل الأول : عقائدهم
الفصل الثاني : عقيدتهم في القرآن .
الفصل الثالث : جرائمهم .
الفصل الرابع : حكم علماء الإسلام وفتاواهم في الشيعة الإمامية الإثنى عشرية .
الفصل الخامس : العلاقة بين الشيعة الإمامية واليهود عقدياً وعسكرياً .
الفصل السادس :أحوال إخواننا أهل السنة في إيران .
الفصل السابع : مخططات الشيعة الإمامية السرية .
الباب الثاني : بقية فرق الشيعة :
وفيه خمسة فصول :
الفصل الأول : الشيعة النصيرية .
الفصل الثاني : الشيعة الدروز .
الفصل الثالث : الشيعة الزيدية .
الفصل الرابع : الشيعة الإسماعيلية في العالم .
الفصل الخامس : الشيعة الإسماعيلية في السعودية ( المكارمة ) .
وقد حرصنا على أن يكون المحتوى أقرب إلى كونه كتاب أكثر من كونه موضوع مفرغ فقمنا بالعمل التالي فيه دون تأثير أبداً على المضمون لا من قريب ولا من بعيد :
قمنا بتوثيق المستطاع من الآيات وعزوها إلى أماكنها حتى يسهل الرجوع إليها لمن أراد .
بعض أعمال المنتاج كانت قد وضعت بعض الآيات في أماكن معينة فما كان منها له صلة مباشرة بالسياق أفرغناه وما لم يكن فلم ننقله هنا .
هناك مواد سمعية كثيرة خصوصا في محاضرات الشيعة الإمامية بأصوات مشائخ من الشيعة الإمامية لم نضع أكثرها هنا لكفاية المضمون النصي الذي وضعه الشيخ بالغرض .
مقدمات المحاضرات وعبارات الترحيب والعبارات المكررة لم تفرغ ليظهر السياق كسياق كلمة مكتوبة .
لم يمس المضمون وأفكار الشيخ أبدا بشيء من التغيير إلا ما ذكرناه اجتهادا في حسن الإخراج فقط .
قمنا بوضع هذه المقدمة وفهرسة للموضوع .
سائلين الله تعالى أن ينفع بهذا العمل شيخنا الكريم ومن قام فيه بجهد من الأحبة الكرام في شبكة الدفاع , وأن يسهل إخراجه في كتاب يطبع ويوزع في كل مكان إنه سميع مجيب .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .(52/2)
إخوانكم في شبكة الدفاع عن السنة محرم 1426هـ .
الباب الأول : الشيعة الإمامية الإثني عشرية :
وفيه سبعة فصول
الفصل الأول : عقائدهم
الفصل الثاني : عقيدتهم في القرآن .
الفصل الثالث : جرائمهم .
الفصل الرابع : حكم علماء الإسلام وفتاواهم في الشيعة الإمامية الإثنى عشرية .
الفصل الخامس : العلاقة بين الشيعة الإمامية واليهود عقدياً وعسكرياً .
الفصل السادس :أحوال إخواننا أهل السنة في إيران .
الفصل السابع : مخططات الشيعة الإمامية السرية .
الفصل الأول : عقائد الشيعة الإمامية الإثني عشرية :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا وحبيبنا وقدوتنا، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم .................… وبعد
إخواني المسلمين أحييكم بتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله عز وجل كما جمعنا في هذه الدنيا على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة في جنته، بجوار الحبيب الخليل محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم.
أحبتي في الله، أرحب بكم في هذا اللقاء من سلسلة الفرق والأديان والمذاهب، ونتكلم هذا اليوم عن الشيعة الإمامية الاثنا عشرية، وحديثنا سيكون بإذن الله تعالى تحت العناصر التالية:
التعريف بالشيعة الإمامية.
أشهر شخصيات ومؤلفات الشيعة.
عقيدة الشيعة الإمامية في توحيد الربوبية.
عقيدة الشيعة الإمامية في توحيد الألوهية.
عقيدة الشيعة الإمامية في توحيد الأسماء والصفات.
عقيدة الشيعة الإمامية في القرآن الكريم. (1)
عقيدة الشيعة الإمامية في الصحابة رضوان الله عليهم.
عقيدة الشيعة الإمامية في الغيبة.
عقيدة الشيعة الإمامية في الرجعة.
عقيدة الشيعة الإمامية السرية في الطينة.
عقيدة الشيعة الإمامية في التُقية.
عقيدة الشيعة الإمامية في نكاح المتعة.
أعياد الشيعة الإمامية .
__________
(1) راجع الفصل الثاني من هذا الباب .(52/3)
الخطة السرية للشيعة في تشييع المناطق والدول المجاورة لدولتهم إيران (1).
الاغتيالات والجرائم والمجازر التي قام بها الشيعة في حق أهل السنة من العلماء والأمراء والعامة على مدار التاريخ.
حكم علماء الإسلام على الشيعة الإمامية الاثنا عشرية.
فنقول وبالله التوفيق والسداد:
التعريف بالشيعة الإمامية :
هي فرقة لها عدة أسماء، فإذا قيل عنهم الرافضة فهم الذين يرفضون إمامة الشيخين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ويسبون ويشتمون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وإذا قيل عنهم الشيعة، فهم الذين شايعوا علياً رضي الله عنه على الخصوص وقالوا بإمامته، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده.
وإذا قيل لهم الإثنا عشرية فلإعتقادهم، بإمامة اثنى عشر إماماً، آخرهم الذي دخل السرداب وهو محمد بن الحسن العسكري.
وإذا قيل لهم الإمامية فلأنهم جعلوا الإمامة، ركناً خامساً من أركان الإسلام، وإذا قيل لهم جعفرية فلنسبتهم إلى الإمام جعفر الصادق وهو الإمام السادس عندهم، الذي كان من فقهاء عصره، ويُنسب إليه كذباً وزوراً فقه هذه الفرقة.
أشهر شخصيات ومؤلفات الشيعة الإمامية :
من أشهر شخصيات الشيعة الإمامية، هم الاثنا عشر إماماً الذين يتخذهم الشيعة الإمامية أئمة لهم، وهؤلاء الأئمة يبرئون إلى الله تعالى من اعتقادات الشيعة، وما ينسبونه إليهم من كذب وزور وبهتان، حيث ترتبهم الشيعة الإمامية على النحو التالي:
الإمام الأول: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ويلقبونه بالمرتضى، وكنيته أبو الحسن، وهو رابع الخلفاء الراشدين وصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قتله الضال المضل عبد الرحمن بن ملجم في مسجد الكوفة.
الإمام الثاني: الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ويلقبونه بالمجتبى، وقيل بالزكي، وكنيته أبو محمد.
__________
(1) راجع الفصل السابع من هذا الباب .(52/4)
الإمام الثالث: الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ويلقبونه بالشهيد، وهو حقاً كذلك رضي الله عنه، وقيل بسيد الشهداء، وكنيته أبو عبد الله.
الإمام الرابع: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ويلقبونه بالسَّجَّاد، وقيل بزين العابدين، وكنيته أبو محمد.
الإمام الخامس: محمد بن علي بن الحسين، ويلقبونه بالباقر، وكنيته أبو جعفر.
الإمام السادس: جعفر بن محمد بن علي، ويلقبونه بالصادق وكنيته أبو عبد الله.
الإمام السابع: موسى بن جعفر الصادق، ويلقبونه بالكاظم، وكنيته أبو إبراهيم.
الإمام الثامن: علي بن موسى بن جعفر، ويلقبونه بالرضى، وكنيته أبو الحسن.
الإمام التاسع: محمد بن علي بن موسى، ويلقبونه بالتقي، وقيل بالجواد، وكنيته أبو جعفر.
الإمام العاشر: علي بن محمد بن علي، ويلقبونه بالنقي، وقيل بالهادي، وكنيته أبو الحسن.
الإمام الحادي عشر: الحسن بن علي بن محمد، ويلقبونه بالزكي، وقيل بالعسكري، وكنيته أبو محمد.
الإمام الثاني عشر والأخير: محمد بن الحسن العسكري، ويلقبونه بالمهدي، وقيل بالحجة القائم المنتظر، وكنيته أبو القاسم، وهو الحجة الغائب عند الشيعة، وقيل أنه ولد في سنة 256 للهجرة، وغاب غيبة صغرى سنة 260ه، وغيبة كبرى سنة 329ه،
كما تعتقد الشيعة أيضاً، أن هذا الإمام الثاني عشر، قد دخل سرداباً في دار أبيه، (بِسُرَّ مَنْ رأى) ولم يخرج إلى الآن.
ومن شخصيات الشيعة أيضاً:
عبد الله بن سبأ اليهودي:
ويُعد المؤسس الأول لمعتقدهم الفاسد، وهو يهودي من يهود اليمن، ويُلقب بابن السوداء، نسبة إلى أمه الحبشية، وقد أظهر الإسلام ليهدمه من الداخل، وهو أول من قال بأن القرآن جزء من تسعة أجزاء، وعلمه عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو الذي ألّب الأحزاب على ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو أول من قال بالرجعة والبداءة والنسيان على الله عز وجل تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.(52/5)
علي بن إبراهيم القمي أبو الحسن، الهالك في عام 307ه، والمشهور بتفسيره المسمى (بتفسير القمي)، وقد صرح فيه - عدو الله - بتحريف القرآن الكريم، كما له عدة مؤلفات مثل كتاب (التاريخ)، وكتاب (الشرائع)، وكتاب (الحيض)، وكتاب (التوحيد والشرك)، وكتاب (فضائل أمير المؤمنين)، وكتاب (المغازي) وغيرها من الكتب.
محمد بن يعقوب الكليني، أبو جعفر الهالك في عام 328ه، صاحب كتاب (الكافي) الذي ذكر فيه تحريف القرآن في اثنين وعشرون صفحة من هذا الكتاب في جزئه الأول والثاني فقط، وهو كتاب كبير يشتمل على أقسام ثلاثة: الأصول والفروع والروضة.
محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المعروف بالصدوق، الهالك في عام 381ه، صاحب كتاب (من لا يحضره الفقيه).
محمد بن الحسن الطوسي، الهالك في عام 460ه، صاحب كتاب (تهذيب الأحكام)، وكتاب (الإستبصار)، وكتاب (التبيان)، وكتاب (الغيبة)، وكتاب (أمالي الطوسي)، و(الفهرست)، و(رجال الطوسي).
الحاج ميرزا حسين محمد النوري الطبرسي، الهالك في عام 1320ه، بالنجف صاحب كتاب (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربِ الأرباب)، والذي يدعي فيه , هذا الزنديق , أن القرآن الكريم فيه تحريفٌ وزيادة ونقصان، وقد طُبع هذا الكتاب في دولة إيران عام 1289ه.
آية الله المامقاني، صاحب كتاب (تنقيح المقال في أصول الرجال)، وهو إمامهم في الجرح والتعديل، وأطلق في هذا الكتاب على أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما لقب الجبت والطاغوت وقد طُبع هذا الكتاب في عام 1352ه بالمطبعة المرتضوية بالنجف.
محمد باقر المجلسي : شيخ الدولة الصفوية في زمانه، الهالك في عام 1111ه، صاحب كتاب (بحار الأنوار).(52/6)
ونعمة الله الجزائري، الهالك في عام 1112ه، وهو صاحب كتاب (الأنوار النعمانية)، وأبو منصور الطبرسي الهالك عام 620ه، صاحب كتاب (الاحتجاج)، وأبو عبد الله المفيد، الهالك عام 413ه، صاحب كتاب (الإرشاد)، وكتاب (أمالي المفيد)، ومحمد بن الحسن العاملي، الهالك عام 1104ه، صاحب كتاب (الإيقاظ من الهجعة في إثبات الرجعة).
آية الله الخميني، واسمه روح الله مصطفى أحمد الموسوي الخميني، هاجر جده أحمد من الهند إلى إيران عام 1885م، وكان مولد الخميني في قرية (خمين) بالقرب من مدينة (قم) عام 1320ه، وقتل والده بعد عام من ولادته، ولما قارب سن البلوغ ماتت أمه فرعاه أخوه الأكبر، وقد كان من رجال الدين عند الشيعة ، ومن مؤلفات الخميني كتاب (كشف الأسرار)، الذي يقول فيه، عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما في صفحة ما نصه (116): (إن أعمال عمر نابعة من أعمال الكفر والزندقة والمخالفات لآيات ورد ذكرها في القرآن) انتهى كلامه.
كما أن للخميني كتاب (تحرير الوسيلة)، وكتاب (الحكومة الإسلامية)، الذي يقول فيه في صفحة (13) ما نصه: (إن تعاليم الأئمة، كتعاليم القرآن، يجب تنفيذها واتباعها).
وقد هلك الخميني في عام 1989م، عن عمر يناهز التاسعة والثمانين عام، وقد أودع المقربون إليه جسده في نعشٍ زجاجي، ووضعوه في أكبر ساحة في طهران عاري الوجه، يطوف حوله المريدون، وقد سار خلفه نحو عشرة ملايين رافضي، قد تزاحموا عليه بالمناكب، وهم يلطمون الخدود ويضربون الصدور، كما قرر المتاجرون بجسد الخميني أن يبنوا عليه بنياناً، تعلوه أرفع قبة في إيران، مطلية بالذهب تشرف على قرية اختار لها ابنه أحمد اسماً، هو (روح الإسلام)، وقد قيل إن تكلفة هذه القبة قرابة السبعة مليارات من الدولارات، في بلدٍ به خمسة ملايين عاطل !!.
عقيدة الشيعة في توحيد الربوبية:
أولاً: اعتقاد الشيعة بأن الرب هو الإمام:(52/7)
حيث تعتقد الشيعة بأن الرب هو الإمام الذي يسكن الأرض، كما جاء في كتابهم (مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار) [ صفحة 59] أن علياً – كما يفترون عليه – قال: (أنا رب الأرض الذي يسكن الأرض به)، وكقول إمامهم العياشي في تفسيره [2/353] لقول الله تعالى: ( ولا يشرك بعبادة ربه أحدا): قال العياشي: (يعني التسليم لعلي رضي الله عنه، ولا يشرك معه في الخلافة من ليس له ذلك، ولا هو من أهله) انتهى كلامه.
ثانياً: اعتقاد الشيعة بأن الدنيا والآخرة بيد الإمام:
وكذلك تعتقد الشيعة أن الدنيا والآخرة، كلها للإمام يتصرف بها كيف يشاء، وقد عقد إمامهم الكليني في كتابه (الكافي) [1/407-410] باباً بعنوان: (باب أن الأرض كلها للإمام) جاء فيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (أما علمتَ أن الدنيا والآخرة، للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء) انتهى كلامه.
ثالثاً: إسناد الحوادث الكونية لأئمتهم:
كما تُسند الشيعة الحوادث الكونية التي لا يتصرف فيها إلا الله تعالى، إلى أئمتهم، فكل ما يجري في هذا الكون من رعدٍ وبرقٍ وغير ذلك، فأمره إلى أئمتهم كما ذكر ذلك إمامهم المجلسي، في كتابه (بحار الأنوار) [27/33]: (عن سماعَة بن مهران قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام، فأرعدت السماءُ وأبرقت، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أما إنه ما كان من هذا الرعد ومن هذا البرق فإنه من أمر صاحبكم، قلت: من صاحبنا ؟ قال: أمير المؤمنين عليه السلام).
رابعاً: اعتقاد الشيعة الإمامية أن علياً يركب السحاب:(52/8)
وهذه العقيدة يتوافق فيها الشيعة الإمامية مع الشيعة النصيرية كما سيأتي , وقد أثبت هذا شيخهم المجلسي في كتابه (بحار الأنوار) [27/34] أن علياً أومأ إلى سحابتين، فأصبحت كل سحابة، كأنها بساط موضوع، فركب على سحابة بمفرده، وركب بعض أصحابه على الأخرى، وقال فوقها: (أنا عين الله في أرضه، أنا لسان الله الناطق في خلقه، أنا نور الله الذي لا يُطفأ، أنا باب الله الذي يؤتى منه، وحجته على عباده).
خامساً: اعتقاد الشيعة أن أئمتهم يعلمون الغيب:
وكذلك تعتقد الشيعة إخواني في الله، بأن أئمتهم يعلمون الغيب حيث أقر هذه العقيدة، شيخهم الكليني، إذ بوب في كتابه الكافي (1/258) باباً بعنوان: (باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم)، وكذلك بوب في كتابه الكافي (1/260) باباً بعنوان: (باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان، وما يكون، وأنه لا يخفى عليهم شيء)، وكذلك روى إمامهم المجلسي في كتابه بحار الأنوار [26/27-28] عن الصادق عليه السلام كذباً وزوراً أنه قال: (والله لقد أُعطينا علمُ الأولين والآخرين، فقال له رجل من أصحابه: جُعلت فداك أعندكم علم الغيب؟ فقال له: ويحك إني لأعلم ما في أصلاب الرجال وأرحام النساء).
سادساً: اعتقاد الشيعة بأن أئمتهم ينزل عليهم الوحي:
وكذلك تعتقد الشيعة الإمامية بنزول الوحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أئمتهم عن طريق جبريل عليه السلام، بل عن طريق ملك أعظم من جبريل وأفضل فهم بذلك يُشرعون ويعلمون الغيب، وكل ما هو كائن إلى يوم القيامة.
وهذه العقيدة متناثرة في كتب الشيعة ككتب الحديث والتفسير بروايات عديدة، فقد أورد إمامهم محمد بن الحسن الصفار المتوفى عام290ه، والذي يعدونه من أصحاب الإمام المعصوم الحادي عشر، كما يعدونه من أقدم المحدثين لديهم، بالإضافة إلى أنه شيخ الكليني الذي يلقب عندهم بحجة الإسلام.(52/9)
فقد روى إمامهم الصفار في كتابه (بصائر الدرجات الكبرى)، والذي هو عبارة عن عشرة أجزاء أخباراً كثيرة لا تحصى ولا تعد، في إثبات نزول الوحي على أئمتهم عن طريق الملائكة الكرام ، ففي الباب السادس عشر من الجزء الثامن باب ( في أمير المؤمنين أن الله ناجاه بالطائف وغيرها ونزل بينهما جبريل) ، روى تحته قرابة عشر روايات منها:
(عن حُمران بن أعين قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك، بلغني أن الله تبارك وتعالى قد ناجى علياً عليه السلام ؟
قال: أجل قد كان بينهما مناجاة بالطائف نزل بينهما جبريل) انتهى لفظه من كتاب بصائر الدرجات الكبرى للصفار، ج 8 الباب السادس عشر ص430 ط إيران.
كما أن هذا الأمر لا يختص به علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بل يشاركه فيه جميع الأئمة عند الشيعة الاثنا عشرية، كما روى الصفار في كتابه بصائر الدرجات في الجزء التاسع تحت عنوان (الباب الخامس عشر في الأئمة عليهم السلام أن روح القدس يتلقاهم إذا احتاجوا إليه)، وقد روى تحت هذا الباب قريباً من ثلاثة عشر رواية، منها عن أسباط عن أبي عبد الله جعفر أنه قال:
(قلت: تسألون عن الشيء فلا يكون عندكم علمه؟
قال: ربما كان ذلك.
قلت: كيف تصنعون؟
قال: تلقانا به روح القدس).
وكذلك ذكر الصفار في كتابه بصائر الدرجات عن أبي عبد الله أنه قال: (إنّا لنُزاد في الليل والنهار، ولو لم نزِد لنفد ما عندنا.
قال أبو بصير: جُعلت فداك من يأتيكم به؟
قال: إن منا من يعاين.
وإن منا من يُنقر في قلبه كيت وكيت،
وإن منا لمن يسمع بأذنه وقعاً كوقع السلسلة في الطست.
قال: فقلت له: من الذي يأتيكم بذلك؟
قال: خلق أعظم من جبريل وميكائيل) بصائر الدرجات الكبرى للصفار، الباب السابع من ج 5 ص 252.(52/10)
وروى الكليني مثل هذه العقيدة في كتابه الكافي تحت عنوان (باب الروح التي يسدد الله بها، الأئمة عليهم السلام)، فعن أسباط بن سالم قال: سأل رجل من أهل بيتِ أبا عبد الله عليه السلام، عن قول الله عز وجل: (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا).
فقال: (منذ أن أنزل الله عز وجل ذلك الروح على محمد صلى الله عليه وآله، ما صَعَدَ إلى السماء، وإنه لفينا، وفي رواية: كان مع رسولِ الله يخبره ويسدده، وهو مع الأئمة من بعده) انتهى. كتاب الكافي لحجة الإسلام عندهم محمد بن يعقوب الكليني، في الأصول، كتاب الحجة، ج1 ص 273 ط طهران.
كما روى الكليني في كتابه الكافي في الأصول، ج1 ص 261 ط إيران: (عن أبي عبد الله قال: إني اعلم ما في السموات وما في الأرض، وأعلم ما في الجنة والنار، وأعلم ما كان وما يكون).
وكذلك عقد شيخهم الحر العاملي باباً في كتابه (الفصول المهمة في أصول الأئمة) باب 94 ص 145 جاء فيه: (إن الملائكة ينزلون ليلة القدر إلى الأرض، ويخبرون الأئمة عليهم السلام، بجميع ما يكون في تلك السنة من قضاء وقدر، وإنهم [أي الأئمة] يعلمون كل علم الأنبياء عليهم السلام).
سابعاً: اعتقاد الشيعة بأن جزءاً من النور الإلهي حلّ في علي رضي الله عنه:
وكذلك تعتقد الشيعة بأن جزءاً من النور الإلهي، قد حلّ بعلي بن أبي طالب، رضي الله عنه، كما نقل ذلك إمامهم الكليني في أصول الكافي [1/440]: ( قال أبو عبد الله: (ثم مسحنا بيمينه فأفضَ نوره فينا) ونقل أيضاً وقال أيضاً: (ولكن الله خلطنا بنفسه).
ثامناً: اعتقاد الشيعة الإمامية بأن الأعمال تُعرض على الأئمة:
وكذلك يعتقد الشيعة بأن أعمال العباد تُعرض على الأئمة في كل يومٍ وليلةٍ، كما نقل ذلك إمامهم وحجتهم الكليني في الأصول من الكافي [1/219]: (عن الرضا (ع) أن رجلاً قال له: ادع الله لي، ولأهل بيتي، فقال: أولست أفعل؟ والله، إن أعمالكم لتُعرض علي في كل يومٍ وليلةٍ).(52/11)
عقيدة الشيعة في توحيد الألوهية:
أولاً: اعتقاد الشيعة بأن أئمتهم الواسطة بين الله وبين خلقه:
فتعتقد الشيعة الإمامية بأن أئمتهم الإثنا عشر هم الواسطة بين الله وبين خلقه، حيث قال إمامهم المجلسي في كتابه بحار الأنوار [23/97] عن أئمتهم ما نصه: (فإنهم حُجب الرب، والوسائط بينه وبين الخلق) , وكما بوب شيخهم المجلسي في كتابه المذكور آنفاً باباً بعنوان (باب أن الناس لا يهتدون إلا بهم، وأنهم الوسائل بين الخلق وبين الله، وأنه لا يدخل الجنة إلا من عرفهم).
ثانياً: استغاثة الشيعة الإمامية بقبور أئمتهم:
حيث تستغيث الشيعة الإمامية بأئمتهم في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله تعالى، وأن أئمتهم، الشفاء الأكبر والدواء الأعظم، لمن استشفى بهم كما قال المجلسي في كتابه بحار الأنوار [94/29] المطبوع بدار إحياء التراث العربي في بيروت ما نصه: (إذا كان لك حاجة إلى الله عز وجل فاكتب رقعة على بركة الله، واطرحها على قبرٍ من قبور الأئمة إن شئت، أو فشدها واختمها، واعجن طيناً نظيفاً واجعلها فيه، واطرحها في نهرٍ جارٍ، أو بئرٍ عميقة، أو غديرَ ماء، فإنها تصل إلى السيد عليه السلام، وهو يتولى قضاء حاجتك بنفسه).
ثالثاً: اعتقاد الشيعة الإمامية بأن أئمتهم لهم حق التحليل والتحريم في شرع الله تعالى:
وكذلك يعتقد الشيعة الإمامية بأن أئمتهم لهم حق التحريم والتحليل والتشريع حيث ذكر إمامهم الكليني في أصول الكافي [1/441] والمجلسي في بحار الأنوار [25/340] ما نصه: (خلق أي الله محمداً وعلياً وفاطمة، فمكثوا الف دهرٍ، ثم خلق جميع الأشياء، فأشهدهم خلقها، وأجرى طاعتهم عليها، وفوض أمورهم إليها، فهم يحلون ما يشاءون ويحرمون ما يشاءون) انتهى كلامهم.
رابعاً: عبادة الشيعة الإمامية لقبور أئمتهم والذبح والنذر عندها:(52/12)
كذلك إخواني في الله فإن الشيعة الإمامية، يعبدون قبور أئمتهم، فيذبحون عندها، وينذرون لها، ويحلفون بها، ويطلبون منها حاجاتَهم وحوائجَهم، فيستغيثون بها، ويستعينون فيها، كما يسجدون ويركعون عندها وينذرون الأموال لهذه الأضرحة والمشاهد، حتى بلغ الأمر أن لكل قبر وضريح في إيران، رقماً خاصاً به في البنوك، تجتمع فيه النذور والتبرعات.
خامساً: اعتقاد الشيعة الإمامية أن قبر الحسين شفاء من كل داء:
وتعتقد الشيعة أيضاً أن قبر الحسين بن علي شفاء من كل داء فقد ذكر شيخهم المجلسي قرابةً من ثلاثٍ وثمانين رواية في كتابه بحار الأنوار عن تربة الحسين وفضائلها وأحكامها وآدابها، ومنها قوله: ( قال أبو عبد الله: حنكوا أولادكم بتربة الحسين فإنه أمان) وقال أيضاً: (ثم يقوم ويتعلق بالضريح ويقول: (يا مولاى يابن رسول الله إني آخذ من تربتك بإذنك اللهم فاجعلها شفاء من كل داء، وعزاً من كل ذل، وأمناً من كل خوف، وغنى من كل فقر) انتهى ما جاء في كتاب بحار الأنوار للمجلسي.
كما أفتى الخميني لأتباعه ومريديه بأن يأكلوا من تربة الحسين للاستشفاء بها حيث أنه يرى لها فضيلة لا تلحق بها أي تربة حتى تربة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال في كتابه تحرير الوسيلة 2/164 ما نصه: (يُستثنى من الطين، طين قبر سيدنا أبي عبد الله الحسين عليه السلام للاستشفاء ولا يجوز أكله بغيره، ولا أكل ما زاد عن قدر الحمصة المتوسطة، ولا يلحق به طين غير قبره، حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة عليهم السلام) انتهى كلام الخميني.
بل قد غلت الشيعة الإمامية في الحسين بن علي رضي الله عنهما، حتى أنك ترى ثلاجات الماء التي يضعونها للشرب في شوارع وطرقات دولتهم إيران، قد كُتب عليها (بنو شيد بنام حسين) أي (اشرب باسم الحسين) عياذاً بالله تعالى من هذا الشرك.
سادساً: اعتقاد الشيعة الإمامية بأن زيارة قبور أئمتهم أعظم من الحج:(52/13)
كذلك تعتقد الشيعة بأن زيارة مشاهد وقبور أئمتهم أعظم من الحج إلى بيت الله العتيق، قال شيخهم وأمامهم الكليني في فروع الكافي صفحة59 مانصه: (إن زيارة قبر الحسين تعدل عشرين حجة، وأفضل من عشرين عمرة وحجة).
وسأبين لكم إخواني في الله، مدى ما وصل إليه الشيعة الاثنا عشرية من غلوٍ فاحش، في أئمتهم، وزيارة قبور أئمتهم، وذلك عندما أقرأ عليكم بعض أبواب وفهارس، الكتب المعتمدة عند الشيعة الاثنا عشرية، والتي تبين غلوهم في أئمتهم، ومن هذه الكتب ما يأتي:
فهارس كتاب الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني
دار التعارف – بيروت.
من فهارس هذا الكتاب ما يأتي:
باب: أن الأئمة عليهم السلام ولاة أمر الله وخزنة علمه.
باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل.
باب أن الأئمة عليهم السلام إذا شاءوا أن يعلموا علموا.
باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم.
باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم شيء.
باب عرض الأعمال على النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام.
باب أن الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة.
باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم.
باب أن الأئمة عليهم السلام عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها.
باب أنه لم يجمع القرآن، كله إلا الأئمة عليهم السلام.
باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل عليهم السلام.
فهارس كتاب بحار الأنوار لمحمد باقر المجلسي
طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت.
من فهارس هذا الكتاب ما يأتي:
باب: أنه الله تعالى يرفع للإمام عموداً ينظر إلى أعمال العباد.(52/14)
باب: أنه لا يُحجب عنهم شيء من أحوال شيعتهم وما تحتاج إليه الأئمة من جميع العلوم، وأنهم يعلمون ما يصيبهم من البلايا ويصبرون عليها، وأنهم يعلمون ما في الضمائر وعلم المنايا والبلايا وفصل الخطاب والمواليد.
باب: أن عندهم جميع علوم الملائكة والأنبياء وأنهم أعطوا ما أعطاه الله الأنبياء، وأن كل إمام يعلم جميع علم الإمام الذي قبله.
باب: أنهم أعلم من الأنبياء عليهم السلام.
باب: أنهم يعلمون متى يموتون وأنه لا يقع ذلك إلا باختيارهم.
باب: أحوالهم بعد الموت وأن لحومهم حرام على الأرض، وأنهم يُرفعون إلى السماء.
باب: أنهم يظهرون بعد موتهم ويظهر منهم الغرائب.
باب: أن أسماءهم عليهم السلام مكتوبة على العرش والكرسي واللوح وجباه الملائكة وباب الجنة وغيرها.
باب: أن الجن خدامهم يظهرون لهم ويسألونهم عن معالم دينهم.
باب: أنهم يقدرون على إحياء الموتى وإبراء الأكْمه والأبرص وجميع معجزات الأنبياء عليهم السلام.
باب: أن الملائكة تأتيهم وتطأ فُرُشَهم، وأنهم يرونهم صلوات الله عليهم أجمعين.
باب: أنهم عليهم السلام لا يُحجب عنهم علم السماء والأرض، والجنة والنار، وأنه عرض عليهم ملكوت السموات والأرض، ويعلمون علم ما كان، وما يكون إلى يوم القيامة.
كتاب (بصائر الدرجات) لأبي جعفر محمد بن الحسن الصفار
طبعة الأعلمي – إيران.
من فهارس هذا الكتاب ما يأتي:
باب: الأعمال تعرض على رسول الله والأئمة عليهم السلام.
باب: عرض الأعمال على الأئمة الأحياء والأموات.
باب: في أن الإمام يرى ما بين المشرق والمغرب.
باب: في الأئمة أنهم يحيون الموتى ويبرءون الأكمه والأبرص بإذن الله.
باب: في أمير المؤمنين أن الله ناجاه بالطائف غيرها، ونزل بينهما جبريل.
باب: في علم الأئمة بما في السموات والأرض، والجنة والنار، وما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة.
كتاب (كامل الزيارات) لإمامهم
جعفر بن محمد بن قولويه(52/15)
وهذه بعض الأبواب من الفهرس طبعة دار السرور - في بيروت عام 1997م.
باب: من زار الحسين كان كمن زار الله في عرشه.
باب: إن زيارة الحسين والأئمة عليهم السلام تعدل زيارة قبر رسول الله وآله.
باب: إن زيارة الحسين تحط الذنوب.
باب: إن زيارة الحسين تعدل عمرة.
باب: إن زيارة الحسين تعدل حجة.
باب: إن زيارة الحسين تعدل حجة وعمرة.
باب: إن زيارة الحسين يُنفس بها الكرب، ويقضي بها.
باب: ما يستحب من طين قبر الحسين وأنه شفاء.
باب: إن طين قبر الحسين شفاء وأمان.
باب: ما يقول الرجل إذا أكل طين قبر الحسين.
باب: إن زائري الحسين يدخلون الجنة قبل الناس.
كتاب (نور العين في المشي إلى زيارة قبر الحسين) لمحمد ابن حسن
طبعة دار الميزان - بيروت
أبواب الفهارس:
باب: إن زائر الحسين عليه السلام يعطى له يوم القيامة نور يضيئ لنوره ما بين المشرق والغرب.
باب: إن زيارته عليه السلام توجب العتق من النار.
باب: إن زيارته غفران ذنوب خمسين سنة.
باب: إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل الاعتاق والجهاد والصدقة والصيام.
باب: إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل اثنتين وعشرين عمرة.
باب: إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل حجة لمن لم يتهيأ له الحج، وتعدل عمرة لمن لم تتهيأ له عمرة.
باب: إن الله تبارك وتعالى يتجلى لزوار قبر الحسين عليه السلام ويخاطبهم بنفسه.
باب: إن الله جل وعلا يزور الحسين عليه السلام في كل ليلة جمعة.
باب: إن الأنبياء يسألون الله في زيارة الحسين عليه السلام.
باب: إن النبي الأعظم [يعني محمد صلى الله عليه وسلم] والعترة الطاهرة يزورون الحسين عليه السلام.
باب: إن إبراهيم الخليل عليه السلام يزور الحسين عليه السلام.
باب: إن موسى بن عمران سأل الله جل وعلا أن يأذن له في زيارة قبر الحسين عليه السلام.
باب: الملائكة يسألون الله عز وجل أن يأذن لهم في زيارة قبر الحسين عليه السلام.(52/16)
باب: ما من ليلة تمضي إلا وجبرائيل وميكائيل يزورانه صلوات الله عليه.
باب: إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل ثلاثين حجة مبرورة متقبلة زاكية مع رسول الله صلى الله عليه وآله.
باب: من زار قبر الحسين عليه السلام كان كمن زار الله فوق عرشه.
باب: من زار قبر الحسين عليه السلام كان كمن زار الله فوق كرسيه.
باب: من زار الحسين عليه السلام كتبه الله في أعلى عليين.
( ملف صوتي لشيخهم حسين الفهيد وهو يذكر خطبة منسوبة إلى علي بن أبي طالب عن نفسه كلها كفر وشرك والعياذ بالله – نبرئ لإمام علي من التفوه بها – يقول شيخهم :(52/17)
( في خطبة له صلى الله عليه وآله يقول فيها : أنا عندي مفاتيح الغيب , لا يعلمها بعد رسول الله إلا أنا , أنا ذو القرنين المذكور في الصحف الأولى , أنا صاحب خاتم سليمان , أنا ولي الحساب , أنا صاحب الصراط والموقف , أنا قاسم الجنة والنار بأمر ربي , أنا آدم الأول , أنا نوح الأول , أنا آية الجبار أنا حقيقة الأسرار , أنا مورق الأشجار , أنا مونع الثمار , أنا مفجر العيون , أنا مجري الأنهار , أنا خازن العلم .... أنا حجة الله في السموات والأرض , أنا الراجفة , أنا الصاعقة , أنا الصيحة بالحق , أنا الساعة لمن كذب بها , أنا ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه , أنا الأسماء الحسنى التي أمر أن يدعى بها , أنا ذلك النور الذي أقتبس منه الهدى , أنا صاحب الصور , أنا مخرج من في القبور , أنا صاحب يوم النشور , أنا صاحب نوح ومنجيه , أنا صاحب أيوب المبتلى وشافيه , أنا أقمت السموات بأمر ربي , أنا صاحب إبراهيم , أنا سر الكليم , أنا الناظر في الملكوت , أنا أمر الحي الذي لا يموت , أنا ولي الحق على سائر الخلق , أنا الذي لا يبدل القول لدي , وحساب الخلق أليّ , أنا المفوض إليّ أمر الخلائق , أنا خليفة الإله الخالق .... أنا أرسيت الجبال الشامخات , وفجرت العيون الجاريات , أنا غارس الأشجار ومخرج الألوان والثمار , أنا مقدر الأقوال , أنا ناشر الأموات , أنا منزل القبر , أنا منور الشمس والقمر والنجوم , أنا قيّم القيامة , أنا أقيم الساعة , أنا الواجب له من الله الطاعة , أنا سر الله المخزون , أنا العالم بما كان وما يكون , أنا صلوات المؤمنين وصيامهم , أنا صاحب بدر وحنين , أنا الطور أنا الكتاب المسطور , أنا البحر المسجور , أنا البيت المعمور , أنا الذي دعى الله الخلائق إلى طاعته فكفرت وأصرت ومسخت , وأجابت أمة فنجت .. أنا الذي بيدي مفاتيح الجنان ومقاليد النيران كرامة من الله , أنا مع رسول الله في الأرض وفي السماء ..... إلى آخر هذه(52/18)
الخطبة الشركية المكذوبة عليه رضي الله عنه )
عقيدة الشيعة في توحيد الأسماء والصفات:
أولاً: الشيعة ينفون صفات الله تعالى:
فإن الشيعة الإثنا عشرية هم نفاة في صفات الله تعالى، ولذا فقد نفوا عن الله تعالى صفاته فقالوا : ليس لله سمع ولا بصر، وليس له وجه ولا يد، ولا هو داخل العالم ولا خارجه، ووافقوا بذلك شيوخهم من المعتزلة، بل الصقوا أسماء الله تعالى وصفاته، بأئمتهم كما روى إمامهم الكليني في الأصول من الكافي [1/143] قوله: قال جعفر بن محمد (ع) في قوله تعالى (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها): نحن والله الأسماء الحسنى يعني الأئمة، التي لا يقبل الله من عباده عملاً إلا بمعرفتنا.
ثانياً: اعتقاد الشيعة بأن القرآن مخلوق:
وكذلك فإن الشيعة الإثنا عشرية وافقوا الجهمية بأن القرآن مخلوق، فقد عقد شيخهم المجلسي في كتابه بحار الأنوار، في كتاب القرآن باباً بعنوان: (باب أن القرآن مخلوق) ذكر فيه إحدى عشر رواية على هذا المعتقد الفاسد، وهو كفر صريح قد أجمع عليه أهل القبلة والملة والدين.
ثالثاً: إنكار الشيعة رؤية الله يوم القيامة:
وكذلك نفت الشيعة رؤية الله يوم القيامة، وقد ذكر ذلك شيخهم ابن بابويه في كتابه التوحيد، وجمعها المجلسي في كتابه بحار الأنوار، على أن الله تعالى لا يُرى يوم القيامة، فوافقوا بذلك الجهمية والمعتزلة والخوارج.
عقيدة الشيعة الإمامية في القرآن : راجع الفصل الثاني من هذا الباب .
عقيدة الشيعة في الصحابة رضوان الله عليهم:
فضل الصحابة رضوان الله عليهم:(52/19)
فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، خير الخليقة بعد الأنبياء والمرسلين، وهم الذين أصطفاهم الله تعالى لصحبة نبيه وخليله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا خيرَ أصحاب وخيرَ أصهار، مدحهم الله تعالى في كتابه الكريم، وأثنى عليهم، وعلى ماحمَلوه من إيمانٍ عظيم، فقال تعالى مبيناً حقهم وعظيمَ أجرَهم: { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } (1).
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين بذلوا الأموال والأرواح والمهج رخيصة في سبيل الله تعالى، حتى جعلت الواحد منهم، يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نحري دون نحرك يا رسول الله).
فتفجرت بذلك دماؤهم الزكية، وتناثرت اشلاؤهم الطاهرة في الجهاد في سبيل الله، وهم يذبّون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويرفعون كلمة التوحيد خفاقة، حتى انتشر الإيمان والإسلام في أرجاء المعمورة وأطرافها، واندحر الشرك والإلحاد تحت سنابك خيولهم، فكانوا أحق الناس بكلمة التقوى وأهلها حيث قال الله تعالى عنهم: { وألزمهم كلمةَ التقوى وكانوا أحَقَ بها وأهلَهَا}.
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم الصادقون في إسلامهم، أصحاب المنزلة الرفيعة، والمكانة العلية، العدول الأثبات، الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله الله في أصحابي، الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه) رواه الترمذي.
__________
(1) سورة التوبة آية 100 .(52/20)
ولهذا إخواني في الله، أجمع أهل السنة والجماعة، على فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يخالف في ذلك إلا الشيعة الإثنا عشرية، حيث حكموا على أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم، بالردة والخروج من الدين، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، قال التستري وهو من كبار علمائهم في كتابه إحقاق الحق ما نصه: ( كما جاء موسى للهداية، وهدى خلقاً كثيراً، من بني إسرائيل وغيرهم، فارتدوا في أيام حياته، ولم يبق فيهم أحدٌ على إيمانه سوى هارون (ع)، كذلك جاء محمد صلى الله عليه وسلم، وهدى خلقاً كثيراً، لكنهم بعد وفاته ارتدوا على أعقابهم) انتهى كلامه.
وكما ذكر الكليني في الكافي، والعياشي في تفسيره، والمجلسي في بحار الأنوار، ما نسبوه كذباً وزوراً إلى محمد بن علي الباقر أنه قال: (كان الناس أهلُ ردةٍ بعد النبي إلا ثلاثة).
كما سأبين لك أخي في الله بعض أقوالهم في أعظم، وأحب، أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لنرى مدى جراءة، وإفتراء، وظلم، الشيعة في حق الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وإلى أولهم:
عائشة رضي الله عنها:
فهي أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق، الطاهرة المطهرة، التي نشأت في بستان الطُهر، وتربت في واحة العفة والحياء، حبيبة حبيب الله صلى الله عليه وسلم، وصديقة فراشه، العفيفة المبرأة من فوق سبع سماوات، والتي مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأسه الشريف بين سحرها ونحرها، وريقُه الشريف قد خالط ريقها، والتي قُبض ودفن، رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بيتها وهو راضٍ عنها.
والتي يقدمها أهل السنة والجماعة، على عشائرهم وقبائلهم، بل والله على أمهاتهم وآبائهم، لقربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولحبه الشديد لها، حيث سُئل صلى الله عليه وسلم: (أي الناس أحب إليك؟ قال: (عائشة)، رواه البخاري.
والتي تغنى بها، وبتقواها وبطهرها، شعراءُ أهلِ السنة حتى قال قائلهم:
بِكرٍ مُطَهَّرَةِ الاِزَارِ حَصَانِ(52/21)
أَكرِم بِعَائِشَةَ الرِّضىَ مِن حُرَّةٍ
وَعَرُوسُهُ مِن جُملَةِ النِسوَانِ
هِيَ زَوجُ خَيرِ الأَنبِيَاءِ وبِكرُهُ
هِيَ حِبُّهُ صِدقاً بِلاَ أدهَانِ
هِيَ عِرسُهُ هِيَ أُنسُهُ هِيَ إلفُهُ
هذا هو اعتقاد أهل السنة والجماعة، أصحاب القلوب البيضاء، في الطاهرة العفيفة، أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، والتي نفديها بالأهل والعشائر، ونقدمُها على الآباء والأمهات، لقربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولحبه الشديد لها.
فماذا تعتقد الشيعة الإمامية في حق هذه الطاهرة المطهرة؟!.
أولاً: اعتقاد الشيعة بكفر أم المؤمنين عائشة:
حيث تعتقد الشيعة الإمامية كفر أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، وأنها من أهل النار، بل يسمونها في كتبهم المنحرفة بـ (أم الشرور)، وبـ (الشيطانة)، كما ذكر ذلك إمامهم البياضي في كتابه الصراط المستقيم.
وكذلك ذكر العياشي في تفسيره، والمجلسي في بحار الأنوار، والبحراني في كتابه البرهان، ما أسندوه زوراً وبهتاناً إلى جعفر الصادق القول في تفسير قوله تعالى: ( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً) قال: (التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً: عائشة، هي نكثت إيمانها).
ثانياً: اعتقاد الشيعة بأن أم المؤمنين عائشة في النار:
كما يعتقد الشيعة، في العفيفة الطاهرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، بأن لها باباً من أبواب النار تدخل منه، حيث ذكر إمامهم العياشي في تفسيره [2/243] ما إسناده إلى جعفر الصادق كذباً وزوراً، أنه قال في تفسير قوله تعالى حكاية عن النار: (لها سبعة أبواب)، قوله: (يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب…والباب السادس لعسكر…).
وعسكر هو كناية عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، كما ذكر ذلك المجلسي، في كتابه بحار الأنوار، ووجه الكناية عن هذا الإسم كونها كانت تركب جملاً في موقعة الجمل يُقال له عسكر.(52/22)
هذا إخواني في الله ، هو اعتقاد الشيعة في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
طعن الشيعة في أبوبكر الصديق وعمر الفاروق رضي الله عنهما:
فهما خير أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووزيراه، فأبو بكر الصديق هو السابق إلى التصديق، الملقب بالعتيق، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، في الحضر والأسفار، ورفيقه الشفيق في جميع الأطوار، وضجيعه بعد الموت في الروضة المحفوفة بالأنوار، المخصوص في الذكر الحكيم، حيث قال عالم الأسرار: (ثاني اثنين إذ هما في الغار)، أول الصحابة إسلاماً، صدَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين كَذَّبه الناس، وواسى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وماله، حتى قال فيه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: (إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت، وقال أبوبكر صدق، وواساني بنفسه وماله)، رواه البخاري، أسلم على يديه صفوة الأصحاب، وأعتق بماله الكثير من الرقاب، سماه الرسول صلى الله عليه وسلم صديقاً، وما انتقل محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه إلا وهو عنه راض.
أما عمر بن الخطاب، فهو الفاروق، الذي فرّق الله به بين الحق والباطل، أفضل الصحابة بعد الصديق، أسلم فكان إسلامه عزاً للمسلمين، كان قوياً في دينه، شديداً في الحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، ثاقب الرأي، حاد الذكاء، جعل الله الحق على لسانه وقلبه، تولى الخلافة بعد الصديق، فكانت خلافته فتحاً للإسلام، حيث تهاوت في أيامه عروش كسرى وقيصر، والذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (بينا أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأةٌ تتوضأ، إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر، فذكرت غيرته، فوليت مدبراً) فبكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله)، رواه البخاري.
فهذا إخواني في الله، أبو بكر الصديق، وهذا عمر الفاروق رضي الله عنهما، بكل هذه الفضائل والمناقب والمحاسن، فماذا تعتقد الشيعة الإثنا عشرية في حق هذين الإمامين العظيمين؟.(52/23)
إن الشيعة الإمامية تعتقد بوجوب لعنهما وقد افترت الشيعة الإثنا عشرية أدعية كثيرة في شتم وسب ولعن الشيخين أبوبكر الصديق عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ونثروها في كتبهم، ومن هذه الأدعية التي تروجها الشيعة ما يسمى (بدعاء صنمي قريش)، والذي يلعنون فيه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وابنتيهما أمهات المؤمنين عائشة وحفصة رضي الله عنهم أجمعين.
وسأستعرض لك أخي في الله:
(دعاء صنمي قريش عند الإمامية) كاملاً، ونصه موجود في كتاب بحار الأنوار للمجلسي 85/260 الرواية الخامسة باب رقم 33:
جاء فيه ما نصه:
(اللهم العن صنمي قريش، وجبتيها، وطاغوتيها، وإفكيها، وابنتيهما، الذين خالفا أمرك، وأنكرا وحيك، وجحدا إنعامك، وعصيا رسولك، وقلبا دينك، وحرّفا كتابك، وعطلا أحكامك، وأبطلا فرائضك، وألحدا في آياتك، وعاديا أولياءك، وواليا أعدائك، وخربا بلادك، وأفسدا عبادك، اللهم العنهما وأنصارهما فقد أخربا بيت النبوة، وردما بابه، ونقضا سقفه، والحقا سماءه بأرضه، وعاليه بسافله، وظاهره بباطنه، واستأصلا أهله، وأبادا أنصاره، وقتلا أطفاله، وأخليا منبره من وصيه ووارثه، وجحدا نبوته، وأشركا بربهما فعظِّم ذنبهما، وخلدهما في سقر، وما أدراك ما سقر، لا تبقي ولا تذر، اللهم العنهم بعدد كل منكر أتوه، وحق أخفوه، ومنبر علوه، ومنافق ولوه، ومؤمن أرجوه، وولي آذوه، وطريد آووه، وصادق طردوه، وكافر نصروه، وإمام قهروه، وفرض غيروه، وأثرٍ أنكروه، وشرٍ أضمروه، ودمٍ أراقوه، وخبرٍ بدلوه، وحكمٍ قلبوه، وكفرٍ أبدعوه، وكذبٍ دلسوه، وإرثٍ غصبوه، وفيء اقتطعوه).(52/24)
وقد اهتم علماء الشيعة الإمامية بهذا الدعاء اهتماماً بالغاً، حيث قاموا بشرحه حتى بلغت شروحه أكثر من عشرة شروح، منهم الإمام الكفعمي في كتابه البلد الأمين، والكاشاني في علم اليقين، والنوري الطبرسي في فصل الخطاب، والطهراني الحائري في مفتاح الجنان، والكركي في نفحات اللاهوت، والمجلسي في بحار الأنوار، والتستري في إحقاق الحق، والحائري في كتابه إلزام الناصب ( والمقصود بالناصبي هو السني ).
ووضعوا له كذباً وزوراً وبهتاناً فضائل ومحاسن، ومن هذه الفضائل أن من قرأه مرة واحدة (كتب الله له سبعين ألف حسنة، ومحى عنه سبعين ألف سيئة، ورفع له سبعين ألف درجة، ويُقضى له سبعون ألف ألف حاجة)(1)، وأن من يلعن أبابكر وعمر في الصباح لم يُكتب عليه ذنب حتى يمسي، ومن لعنهما في المساء لم يكتب عليه ذنب حتى يصبح).
طعن الشيعة في عثمان بن عفان رضي الله عنه:
ونتكلم قبلها عن فضائل عثمان بن عفان:
هو أفضل الصحابة بعد الصديق أبي بكر والفاروق عمر رضي الله عنهم أجمعين، زوجه الرسول صلى الله عليه وسلم بابنتيه الواحدة تلو الأخرى ولهذا سُمي بـ (ذي النورين)، كان شديد الحياء رضي الله عنه، قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة) رواه مسلم، أسلم رضي الله عنه، فكان من أتقى الناس، وأورع الناس، وأجود الناس، شهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم المشاهد، وتولى الخلافة بعد أبي بكر وعمر فسار بالناس بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان قوّاماً صواماً، كثير قراءة القرآن الكريم، بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة ثلاث مرات، قُتل وهو يقرأ القرآن الكريم رضي الله عنه وعن جميع الصحابة الكرام، فهذا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه ذو النورين، صاحب الخصال الحميدة، والأخلاق الفاضلة، فماذا تعتقد الشيعة الاثنا عشرية في حق هذا الصحابي الجليل؟.
__________
(1) ضياء الصالحين ص 513 .(52/25)
أولاً: اعتقاد الشيعة بأن عثمان بن عفان من المنافقين:
إن الشيعة يزعمون أن ذا النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه، كان منافقاً يُظهر الإسلام، ويبطن النفاق عياذاً بالله تعالى، قال شيخهم نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية 1/81 ما نصه: (عثمان كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله ممّن أظهر الإسلام وأبطن النفاق) انتهى كلامه.
كما أن شيوخ الشيعة يوجبون على أتباعهم عداوة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وإستحلال عرضه، واعتقاد كفره، قال شيخهم الكركي في كتابه نفحات اللاهوت ما نصه: (إن من لم يجد في قلبه عداوة لعثمان، ولم يستحل عرضه، ولم يعتقد كفره، فهو عدو لله ورسوله، كافر بما أنزل الله) انتهى كلامه.
ثانياً: اعتقاد الشيعة بأن عثمان بن عفان لا يهمه إلا فرجه وبطنه:
وكذلك تعتقد الشيعة الإمامية الاثنا عشرية أن ذا النورين عثمان بن عفان رضي الله، عنه لا يهمه إلا بطنه وفرجه، فقد روى الكليني في كتاب الكافي كذباً وزوراً عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنه قال في إحدى خطبه: (سبق الرجلان [يعني أبوبكر وعمر رضي الله عنهم]، وقام الثالث [يعني عثمان رضي الله عنه] كالغراب همته بطنه وفرجه، يا ويحه لو قصّ جناحاه وقطع رأسه لكان خيراً له) انتهى كلامه.
فرضي الله تعالى عن الشهيد المظلوم، ذي النورين عثمان بن عفان، وعامل الله من عاداه وأبغضه، بعدله وانتقامه.
عقيدة الشيعة السرية في الطينة:
تعتقد الشيعة الإثنا عشرية بهذه العقيدة السرية لديهم، والتي يتواصى كبار أئمتهم بكتمانها عن عوامهم، لأنه لو علمها العامي منهم لأفسد عليهم البلاد والعباد.(52/26)
ومختصر هذه العقيدة هو أن الشيعي خُلق من طينة خاصة، أُخذت من طينة أرض طيبة طاهرة، قد أُجري عليها الماء العذب سبعة أيام مع لياليها، أما المسلم السني والذي يسمونه الناصبي، فقد خُلق من طين أسود ملعون منتن، في غاية الفساد والعفونة، ثم تم الخلط بين الطينتين بوجه عام، فما كان في الشيعي من المعاصي والجرائم فهو من تأثره بطينة السني، وما كان في السني من صلاح وتقوى فهو من تأثره بطينة الشيعي.
فإذا كان يوم القيامة فإن سيئات وكبائر الشيعة توضع في صحائف أهل السنة، وحسنات أهل السنة توضع في صحائف الشيعة.
وقد ذكر هذه العقيدة الكثير من أئمتهم وشيوخهم، كنعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية، والمجلسي في كتابه بحار الأنوار.
كما تولى تثبيت هذه العقيدة، وإرسائها، شيخُهم الكليني في كتابه الكافي والذي بوب لها بعنوان (باب طينة المؤمن والكافر) ذكر فيها سبعة أحاديث في عقيدة الطينة هذه.
وكذلك عقد المجلسي في كتابه بحار الأنوار باب بعنوان (الطينة والميثاق)، ذكر تحته سبعة وستين حديثاً ليؤصل هذه العقيد عند عوام الشيعة.
ومن هذه الروايات ما يقوله إمامهم:
(يا إسحاق – وهو راوي الخبر - ليس تدرون من أين أتيتم؟
قلت: لا والله، جعلت فداك إلا أن تخبرني.(52/27)
فقال: يا إسحاق إن الله عز وجل لما كان متفرداً بالوحدانية ابتدأ الأشياء لا من شيء، فأجرى الماء العذب على أرض طيبة طاهرة سبعة أيام مع لياليها، ثم نضب الماء عنها فقبض قبضة من صفاوة ذلك الطين وهي طينتنا أهل البيت، ثم قبض قبضة من أسفل ذلك الطين وهي طينة شيعتنا، ثم اصطفانا لنفسه، فلو أن طينة شيعتنا تُركت كما تركت طينتنا، لما زنى أحد منهم، وسرق، ولا لاط، ولا شرب المسكر ولا اكتسب شيئاً مما ذكرت، ولكن الله عز وجل أجرى الماء المالح على أرض ملعونة سبعة أيام ولياليها ثم نضب الماء عنها، ثم قبض قبضه، وهي طينة ملعونة من حمأ مسنون [أي طين أسود متغير منتن ]، وهي طينة خبال، وهي طينة أعدائنا [يعني أهل السنة]، فلو أن الله عز وجل ترك طينتهم كما أخذها، لم تروهم في خلق الآدميين (1)، ولم يقرّوا بالشهادتين، ولم يصوموا ولم يصلوا، ولم يزكوا، ولم يحجوا البيت، ولم تروا أحداً بحسن خلق، ولكن الله تبارك وتعالى جمع الطينتين، طينتكم وطينتهم، فخلطهما وعركهما عرك الأديم، ومزجهما بالمائين، فما رأيت من أخيك من شر اللفظ أو زنى، أو شيء مما ذكرت من شرب مسكر أو غيره، ليس من جوهريته وليس من إيمانه، إنما هو بمسحة الناصب [والناصب هنا هو السني]، اجترح هذه السيئات التي ذكرت، وما رأيت من الناصب من حسن وجه وحسن خلق، أو صوم، أو صلاة، أو حج بيت، أو صدقة، أو معروف، فليس من جوهريته، إنما تلك الأفاعيل من مسحة الإيمان اكتسبها وهو اكتساب مسحة الإيمان.
قلت: جُعلت فداك فإذا كان يوم القيامة فمه؟
قال لي: يا إسحاق أيجمع الله الخير والشر في موضع واحد؟ إذا كان يوم القيامة نزع الله عز وجل مسحة الإيمان منهم فردها إلى شيعتنا، ونزع مسحة الناصب بجميع ما اكتسبوا من السيئات فردها على أعدائنا، وعاد كل شيء إلى عنصره الأول.
__________
(1) وهذا هو نفس إعتقاد اليهود الذين يعتقدون أن البشر لم يخلقوا في صورة البشر إلا لخدمة اليهود وإلا هم كالحمير .(52/28)
قلت: جُعلت فداك تؤخذ حسناتهم فترد إلينا؟ وتؤخذ سيئاتنا فترد إليهم؟
قال: إي والله الذي لا إله إلا هو) انتهى من كتاب، بحار الأنوار للمجلسي، المجلد الخامس صفحة 247-248 .
عقيدة الشيعة في الغيبة:
وهذه العقيدة الشيعية ترجع في أصولها إلى عقائد المجوس، الذين يعتقدون أن لهم إماماً مهدياً حياً لم يمت، من ولد (بشتا سف بن بهرا سف) يُدعى: (ابشا وثن)، وأنه قد اختفى وغاب في داخل حصن عظيم بين خرسان والصين.
كذلك تعتقد الشيعة الاثنا عشرية، نفس هذه العقيدة المجوسية، وهي عقيدة الغيبة، التي يقول عنها شيخهم القمي والملقب عندهم بالصدوق في كتابه إكمال الدين ما نصه: (من أنكر القائم عليه السلام في غيبته، مثل إبليس في امتناعه في السجود لآدم) انتهى كلامه.
والغيبة عند الشيعة هي: أن إمامهم الحادي عشر الحسن العسكري قد وُلد له ولد، هو محمد بن الحسن إمامهم الثاني عشر، وأن هذا الولد قد دخل سرداباً في دار أبيه بمدينة (سُرَّ من رأى) وعمره خمس سنوات، وغاب غيبتين، غيبة صغرى وغيبة كبرى.
فالغيبة الصغرى: هي الغيبة التي كانت السفراء الواسطة فيها بين هذا الإمام وبين بقية الشيعة ، ولا يعلم بمكان هذا الأمام إلا خاصته من الشيعة، وقد كانت مدة هذه الغيبة أربعاً وسبعين سنة على خلاف بينهم.
أما الغيبة الكبرى: فهي التي اختفى فيها الإمام الثاني عشر عن السفراء، وعن خاصته من الشيعة بدخوله السرداب في دار أبيه، ومن أجل هذا فالشيعة يجتمعون كل ليلة بعد صلاة المغرب أمام باب السرداب، ويهتفون باسمِه ويدعونه للخروج، حتى تشتبك النجوم.(52/29)
وللشيعة الإمامية أدعية عند زيارة الإمام الغائب، ذكرها علمائُهم في كتبهم المعتمدة لديهم، ككتاب بحار الأنوار للمجلسي، وكتاب كلمة المهدي للشيرازي، وكتاب المزار الكبير لمحمد المشهدي، وكتاب مصباح الزائر لعلي بن طاووس، جاء فيها ما نصه: (ثم ائت سرداب الغيبة وقف بين البابين، ماسكاً جانب الباب بيدك، ثم تنحنح كالمستأذن، وسم وانزِل، وعليك السكينةُ والوقار، وصلي ركعتين في عَرضَةِ السرداب وقل: اللهم طال الإنتظار، وشمت بنا الفجار، وصَعُبَ علينا الانتظار، اللهم أرنا وجه وليك الميمون، في حياتنا وبعد المنون، اللهم إني أدين لك بالرجعة، وبين يدي صاحب هذه البقعة، الغوث الغوث الغوث يا صاحبَ الزمان، هجرت لزيارتك الأوطان، وأخفيت أمري عن أهل البلدان، لتكون شفيعاً عند ربك وربي…يا مولاي يا ابن الحسن بن علي جئتك زائراً لك) انتهى نص الدعاء.
عقيدة الشيعة في الرجعة:
هي من العقائد التي تسربت وجاءت للشيعة الإمامية الإثنا عشرية عن طريق بعض الديانات الفارسية مثل (الزرادشتية).
وعقيدة الرجعة تُعد من أصول دين الشيعة، بل ومن أشهر عقائدهم التي بينها علمائُهم في كتبهم القديمة والحديثة، في أكثر من خمسين مؤلفاً، بل هذه العقيدة محل إجماع جميع الشيعة الإمامية، وأنها من ضروريات مذهب الإمامية.
وملخص هذه عقيدة الرجعة: هو رجوع وعودة إمامهم الثاني عشر صاحب السرداب محمد بن الحسن العسكري، والملقب عنهم بالحجة الغائب، ثم يقوم بالمهام التالية:
أولاً: هدم الحجرة النبوية وصلب الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما على يد مهدي الشيعة المنتظر:(52/30)
حيث جاء في كتاب بحار الأنوار لإمامهم المجلسي 53/39، ما نصه: (وأجيءُ إلى يثرب، فأهدم الحجرة [يعني الحجرة النبوية]، وأُخرج من بها وهما طريان، [يعني أبوبكر وعمر رضي الله عنهما، لأنهما دفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته، وبجوار قبره ] فآمر بهما تجاه البقيع، وآمر بخشبتين يُصلبانِ عليهما، فتورِقان من تحتهما، فيفتتن الناس بهما أشد من الأولى، فينادي منادي الفتنة من السماء ياسماء انبذي، ويا أرض خذي، فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلا مؤمن).
كما يؤكد هذا شيخهم الإحسائي في كتاب الرجعة صفحة 186، في رواية يرويها المِفضل عن جعفر الصادق وفيها ما نصه:
(قال المِفضل يا سيدي ثم يسير المهدي إلى أين؟.
قال عليه السلام: إلى مدينة جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني المدينة المنورة.
فيقول: يا معشر الخلائق هذا قبر جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.
فيقولون: نعم يا مهدي آل محمد
فيقول: ومن معه في القبر؟.
فيقولون: صاحباه وضجيعاه أبو بكر وعمر.
فيقول: أخرجوهما من قبريهما، فيُخرجان، غضين طريين…فيكشف عنهما أكفانهما، ويأمر برفعهما على دوحة يابسة نخرة، فيصلبهما عليها…) انتهى كلامه.
وجاء في نص آخر من كتاب الأحسائي ما نصه: ( وهذا القائم…هو الذي يَشفي قلوب شيعتك، من الظالمين، والجاحدين، والكافرين، فيُخرج اللات والعزى، [يعني أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما] طريين فيحرقهما) انتهى كلامه.
ثانياً: مهدي الشيعة يقيم الحد على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:(52/31)
وهذا مايفعله مهديهم، في رجعته المزعومة، بأم المؤمنين الطاهرة المطهرة، عائشة رضي الله عنها، حيث ذكر شيخهم الحر العاملي في كتابه الإيقاظ من الهجعة، والمجلسي في بحار الأنوار، عن عبد الرحمن القصير عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: (أما لو قد قام قائمنا لقد رُدت إليه الحميراء، [والحميراء: تصغير الحمراء، وهي الطاهرة عائشة أم المؤمنين وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يناديها بهذا الاسم لشدة بياضها وجمالها رضي الله عنها]، حتى يجلِدَها الحد) انتهى كلامه.
ثالثاً: قتل الحجاج بين الصفا والمروة على يد مهدي الشيعة:
فمن أعمال مهدي الشيعة المنتظر، والذي سيخرج في آخر الزمان في إعتقاد الشيعة ، هو قتل المسلمين الحجاج الأبرياء، بين الصفا والمروة، فقد روى إمامهم المجلسي في بحار الأنوار 53/40 ما نصه: ( كأني بحمران بن أعين، وميسر بن عبد العزيز، يخبطان الناس بأسيافهما بين الصفا والمروة).
رابعاً: قطع أيدي وأرجل المشرفين على الحرم، على يدي مهدي الشيعة:
فعند خروج مهدي الشيعة يقوم بتعذيب المشرفين على الحرمين الشريفين، زادهما الله عزاً وتشريفاً، وكل هذا الحقد الدفين لأنهم يقومون بخدمة حجاج بيت الله الحرام وينظمون مسيرة الحج، ويهيئون المشاعر المقدسة، لاستقبال زوار بيت الله تعالى.
فقد روى شيخهم النعماني في كتابه الغيبة ما نصه: (كيف بكم، لو قد قُطعت أيدِيَكم وأرجُلَكُم وعلقت في الكعبة، ثم يقال لكم: نادوا نحن سُراق الكعبة) انتهى كلامه.
كما روى شيخهم المفيد في كتابه الإرشاد، والطوسي في كتابه الغيبة ما نصه: (إذا قام المهدي هدم المسجد الحرام…وقطع أيدي بني شيبة وعلقها بالكعبة وكتب عليها هؤلاء سُراق الكعبة).(52/32)
وجاء في نص ثالث لهم أنه: ( يجرد السيف [أي مهديهم المنتظر] على عاتقه ثمانية أشهر يقتل هرجاً، فأول ما يبدأ ببني شيبة فيقطع أيديهم ويعلقها في الكعبة، وينادي مناديه هؤلاء سُراق الله، ثم يتناول قريش فلا يأخذ منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف) انتهى كلامه من كتاب الغيبة.
خامساً: سرقة أموال أهل السنة واغتصابها:
كذلك من عقيدة الشيعة الإمامية استحلال ممتلكات أهل السنة، الذين يسمونهم بالنواصب، حيث يُبيحون لأتباعهم الاستيلاء عليها، كلما حانت لهم الفرصة، وتيسر طريق ذلك لهم (1)، فقد روى إمامهم الطوسي في كتابه تهذيب الأحكام 1/384 ما نصه: (خذ مال الناصب [يعني السني] حيثما وجدتُه، وادفع إلينا الخُمس) انتهى كلامه، وقال أيضاً ما نصه: ( مال الناصبِ، وكلُ شيءٍ يملكه حلال) انتهى كلامه.
سادساً: قذف الشيعة لحجاج بيت الله تعالى بالزنا، وأنهم أولاد زنا:
كما أن من عقيدة الشيعة الإمامية، كُره حجاج بيت الله تعالى، حتى إنهم يعُدُون الحجاج الذين يقفون في يوم عرفة من الزناة، فقد روى شيخهم وأمامهم الكاشاني في كتابه الوافي ما نصه: (إن الله يبدأ بالنظر إلى زوار الحسين بن علي، عشية عرفة قبل نظره إلى أهل الموقف لأن أولئك [يعني حجاج بيت الله]، أولاد زنى وليس في هؤلاء زناة) انتهى كلامه.
كذلك عقد شيخهم المجلسي في كتابه بحار الأنوار، باباً لهذه العقيدة بعنوان (باب أنه يُدعى الناس بأسماء أمهاتهم، إلا الشيعة) وذكر فيه اثنتا عشر رواية.
كما جاء في كتاب الكافي لشيخهم الكليني، ما يثبت هذه العقيدة حيث قال ما نصه: (إن الناس كُلُهُم أولادُ بغايا [يعني أولاد زنى] ما خلا شيعتنا).
__________
(1) وهذه هي نفس عقيدة اليهود الذين يستحلون أموال الأميين .(52/33)
كما ذكر إمامهم العياشي، في تفسيره 2/237 ما نصه: (ما من مولودٍ يولدُ، إلا وإبليسٌ من الأبالسة بحضرته، فإن علم أن المولود من شيعتنا، حجبه من ذلك الشيطان، وإن لم يكن المولود من شيعتنا، أثبت الشيطانُ أِصبَعَهُ في دبر الغلام، فكان مأبوناً، [ومعنى المأبون: أي المزنيُ فيه]، وفي فرجِ الجارية فكانت فاجرة) انتهى كلامه.
سابعاً: نزع الحجر الأسود من الكعبة ونقله إلى مدينتهم المقدسة الكوفة:
كذلك من عقائد الشيعة الإمامية نزع الحجر الأسود، وقلعِهِ من مكة المكرمة، شرفها الله تعالى، وترحيله إلى مدينتهم المقدسة الكوفة، كما نقل ذلك إمامهم الفيض الكاشاني في كتابه الوافي ما نصه: (يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عز وجل بمالم يَحبُ أحداً من فضل، مصلاكم بيت آدم، وبيت نوح، وبيت إدريس، ومصلى إبراهيم…ولا تذهب الأيامُ والليالي، حتى يُنصب الحجر الأسود فيه) انتهى كلامه.
عقيدة الشيعة في التُقية:
فهي من أهم عقائد الشيعة الإمامية، بل هي ركن من أركان الدين عندَهُم، والتُقية عند الشيعة، كما يعرفها الخميني في كتابه كشف الأسرار هي: (أن يقول الإنسان قولاً مغايراً للواقع، أو يأتي بعمل مناقض لموازين الشريعة، وذلك حفاظاً لدمه أو عرضه أو ماله) انتهى كلامه.
أما عن مكانة هذه العقيدة في دين الشيعة الإمامية، فهي عندهم ليست رخصة من الرخص، بل هي ركن من أركان دينهم، كالصلاة أو أعظم، قال شيخهم ابن بابويه ما نصه: (اعتقادنا في التُقية أنها واجبة، من تركها بمنزلة من ترك الصلاة) انتهى كلامه.
كما عقد إمامهم الكليني، في كتابه الكافي، باباً خاصاً لهذه العقيدة بعنوان (باب التُقية) ذكر فيها 23 حديثاً، تؤيد هذه العقيدة، ثم الحق باباً بعد باب التقية، بعنوان (باب الكتمان) وذكر فيه (16) حديثاً، كلها تأمر الشيعة الإمامية بكتمان دينهم وعقيدتهم.(52/34)
كذلك ذكر شيخهم المجلسي، في كتابه بحار الأنوار مائة وتسع روايات تقرر هذه العقيدة تحت باب عقده بعنوان: (باب التُقية والمداراة).
ومن أمثلة عقيدة التُقية مع أهل السنة، ما رواه شيخهم الصدوق عن أبي عبد الله أنه قال: (ما منكم أحد، يصلي صلاة فريضة، في وقتها، ثم يصلي معهم [يعني أهل السنة] صلاة تقية، وهو متوضىء إلا كتب الله له بها خمساً وعشرين درجة فارغبوا في ذلك) انتهى كلامه.
كما أن الشيعة الاثنا عشرية، يطلقون على ديار أهل السنة (بدار التُقية) ويرون وجوب التُقية فيها، كما جاء في كتاب بحار الأنوار للمجلسي75/411 ما نصه: (والتقية في دار التقية واجبة)، وكذلك يطلقون على ديار أهل السنة (بدولة الباطل) كما ذكر المجلسي ما نصه: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يتكلم في دولة الباطل إلا بالتُقية) انتهى كلامه من بحار الأنوار مجلد 75/412.
كما تعتقد الشيعة الإمامية، بوجوب مخالطة أهل السنة بعقيدة التُقية، حيث أكد شيخهم، الحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة 11/479 هذه العقيدة تحت باب بعنوان (وجوب عشرة العامة [يعني: أهل السنة] بالتُقية) انتهى كلامه.
وجاء في كتاب بحار الأنوار للمجلسي ما نصه: (من صلى خلف المنافقين [والمنافقين هنا هم أهل السنة والجماعة] بتُقية كان كمن صلى خلف الأئمة) انتهى كلامه.
مثال لاستعمال الشيعة لعقيدة التُقية:(52/35)
هو ما ذكره بعض علماء السنة أن في قريتهم رجلاً، من أهل السنة تزوج بامرأةٍ شيعية، وقد كانت تُظهر محبتها للسنة وأهلها، ثم حَمَلت هذه المرأة، وانجبت طفلاً فأمر هذا العالم، والد الطفل أن يسميه عمرَ، فذهب الزوج إلى زوجته، وهي مريضة بسبب متاعب الحمل، وقال لها: إني أريد تسمية ابني، فقالت المرأة بمنتهى الأدب: أنت أبو الولد والأمرُ إليك، فقال الوالد: إنني سميته عمرَ، فيقول الزوج بعد ذلك: يا عجب ما رأيت، لقد نهضت المرأة بسرعة مذهلة، من فراشها وصاحت بصوت مرتفع قائلة:لم تجد من الأسماء غير هذا الاسم !!، وذلك لأن الشيعة يكرهون الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وكذلك من الدلائل المشاهدة والملموسة بين أهل السنة هو اختلاط الكثير من هؤلاء الشيعة الإمامية، ببعض أهل السنة، لفترات طويلة، تصل إلى عدة سنين بدون أن يُظهر هذا الرافضي عقيدته الفاسدة وكل هذا تحت عقيدة التُقية التي يدينون بها.
عقيدة الشيعة في نكاح المتعة:
فتعريف نكاح المتعة عند الشيعة الإمامية: هو الزواج المؤقت، والإتفاق السري بين الرجل والمرأة على ممارسة الجنس بينهما، بشرطٍ واحد فقط، وهو ألا تكون المرأة في عصمة رجلٍ آخر، وحينئذ يجوز نكاحها بعد اداء، صيغة الزواج بين الرجل والمرأة المتُمتع بها، حيث لا يحتاج الأمر فيه إلى شهود ولا إعلان، بل ولا حتى إذن وليُها، قال شيخهم الطوسي في النهاية ما نصه: (يجوز أن يتمتع بها من غير إذن أبيها وبلا شهود، ولا إعلان) انتهى كلامه.
وأما عن صيغة هذه الزواج، الذي تباح فيه فروج النساء، عند الشيعة الإمامية الاثنا عشرية فهي كلمات يقولها الرجل أمام المرأة المتمتع بها، عند الخلوةِ بها، فقد روى شيخهم الكليني في الفروع من كتابه الكافي 5/455 أن جعفر الصادق سُئل: (كيف أقول لها إذا خلوت بها؟(52/36)
قال: تقول: أتزوجك متعة على كتاب الله وسنة نبيه، لا وارثة ولا موروثة، كذا وكذا يوماً، وإن شئتَ كذا وكذا سنة، بكذا وكذا درهماً، وتسمي من الأجر ما تراضيتما عليه قليلاً كان أم كثيراً) انتهى كلامه.
فضل نكاح المتعة ومكانته عند الشيعة:
فإن الشيعة الإمامية الاثنا عشرية، قد وضعوا أحاديث وروايات تُرغب وتدعو إلى نكاح المتعة، حتى جعلوا ممارسة هذه الفاحشة، واستحلال فروج النساء سراً، من أعظم القربات والطاعات التي يتقرب بها الشيعة إلى الله تعالى.
فزعموا أن الله عز وجل يغفر للمتمتع، بعد فراغه من هذه الجريمة، وقيامه من على هذه الفاحشة، بقدر الماء الذي مر على رأسه، عند اغتساله، فقد روى إمامهم المجلسي في كتابه بحار الأنوار 100/306 ما نصه: (عن صالح بن عقبة عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: للمتمتع ثواب؟
قال: إن كان يريد بذلك وجه الله تعالى وخلافاً على من أنكرها لم يكلمها [يقصد هنا المرأة التي يرتكب معها هذه الفاحشة وهذه الجريمة التي تقدم وتعرض باسم الإسلام والدين]، كلمة إلا كتب الله له بها حسنة، ولم يمد يده إليها، إلا كتب الله له حسنة، فإذا دنا منها غفر الله له بذلك ذنباً، فإذا اغتسل غفر الله له بقدر ما صبّ من الماء على شعره.
قلت: بعدد الشعر ؟!
قال: بعدد الشعر).
مقدار مهر المرأة المتمتع بها عند الشيعة الإمامية:
فإن الشيعة قد يسروا لنسائهم ورجالهم هذه الفاحشة، فيجزئ فيه مقدار درهم واحد فقط، أو حتى كف من طعام، أو دقيق، أو تمر، فقد روى شيخهم الكليني في الفروع من كتابه الكافي ما نصه: (عن أبي جعفر أنه سُئل عن متعة النساء، قال: حلال، وأنه يُجزئ فيه درهمٌ فما فوقه) انتهى كلامه.(52/37)
بل وصل ثمن جسد المرأة عند الشيعة الإمامية إلى أقل من ذلك، ببركة وتشجيع شيوخهم، حيث جعلوا لهم ممارسة المتعة بالنساء، لا تساوي سوى كف من دقيق، أو سويق تمر، يدفعها الشيعي لتلك الشيعية، ليستحل بعد ذلك فرجها، عياذاً بالله تعالى فقد روى شيخهم الكليني في الفروع من الكافي ما نصه: (عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام: عن أدنى مهر المتعة ما هو؟
قال: كف من طعام دقيق، أو سويق تمر) انتهى كلامه.
وقد ذكرت مجلة الشراع الشيعية في عددها رقم (684)، للسنة الرابعة أن رئيس دولة إيران رفسنجاني، أشار إلى وجود ربع مليون طفل لقيط في إيران بسبب زواج المتعة، وهدد بمنع وتعطيل هذا النكاح ، بسبب المشاكل التي خلفها.
كما ذكرت الكاتبة شهلا الحائري، في كتابها (المتعة في إيران) حينما وصفت مدينة مشهد الشيعية الإيرانية والتي شاع فيها زواج المتعة وانتشر بأنها: (المدينة الأكثر انحلالاً على الصعيد الخلاقي في آسيا).
يقول الإمام حسين الموسوي رحمه الله تعالى، الذي تحول إلى مذهب أهل السنة بعد أن كان من أقرب تلاميذ الإمام الخميني، في كتابه (لله…ثم للتاريخ) ص44 ما نصه: ( وكم من مُتَمَتِّعٍ جمع بين المرأة وأمها، وبين المرأة وأختها، وبين المرأة وعمتها أو خالتها وهو لا يدري.
جاءتني امرأة تستفسر مني عن حادثة حصلت معها، إذ أخبرتني أن أحد السادة وهو السيد حسين الصدر، كان قد تمتع بها قبل أكثر من عشرين سنة، فحملت منه، فلما أشبع رغبته منها فارقها، وبعد مدة رُزِقَتْ ببنت، وأقسمت أنها حَمَلت منه هو، إذ لم يتمتع بها وقتذاك أحد غيره.(52/38)
وبعد أن كبرت البنت وصارت شابة جميلة متأهلة للزواج، اكتشفت الأم أن ابنتها حبلى، فلما سألتها عن سبب حملها، أخبرتها البنت أن السيد المذكور استمتع بها فحمِلت منه، فدُهشت الأم وفقدت صوابها، إذ أخبرت أبنتها أن هذا السيد هو أبوها، وأخبرتها القصة، فكيف يتمتع بالأم، واليوم يأتي ليتمتع بابنتها التي هي ابنته هو؟.
ثم جاءتني مستفسرة عن موقف السيد المذكور منها ومن ابنتها التي ولدتها منه. إن الحوادث من هذا النوع كثيرة جداً، فقد تمتع أحدهم بفتاة تبين له فيما بعد أنها أخته من المتعة، ومنهم من تمتع بامرأة أبيه) انتهى كلام الإمام حسين الموسوي رحمه الله تعالى.
عدد النساء اللاتي يتمتع بهن الشيعي:
فإن الشيعة الإمامية قد فتحوا باب التعدد، في نكاح النساء المُتمتع بهن، بأكثر من أربعة نساء، وذلك لأنهن خليلات مستأجرات، فيجوز للشيعي أن يتمتع بأكثر من مائة امرأة شيعية، بل يجوز له أن يتمتع بالمئات من نساء الشيعة، وفي وقت واحد، فقد روى شيخهم الكليني في الفروع من الكافي والطوسي في كتابيه الإستبصار والتهذيب ما نصه: (عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ذكرت له المتعة، أهي من الأربع؟.
فقال: تزوج منهن ألفاً فإنهن مستأجرات) (1) انتهى كلامه.
وروى شيخهم الطوسي في كتاب الإستبصار ما نصه: (إن أبا جعفر قال: المتعة ليست من الأربع، لأنها لا تطلق ولا تورث ولا ترث، وإنما هي مستأجرة) انتهى كلامه.
وكذلك تعتقد الشيعة الإمامية بأن المرأة المتمتع بها، هي بمنزلة الجارية والأمة، التي لا كرامة لها ولا حُرية، بل هي بمثابة اللعبة التي تقضي أوقاتها بين أحضان الرجال، واحداً بعد الآخر، فقد روى إمامهم القمي في كتابه من لا يحضره الفقيه ما نصه: (عن محمد بن علي بن الحسين، عن الفضيل بن يسار أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن المتعة؟.
فقال: هي كبعضِ إمائك) انتهى كلامه.
__________
(1) الكافي ج5 ص 452 )(52/39)
التمتع بالعذارى والأبكار عند الشيعة الإمامية:
كما أن الشيعة – بعضهم - لم يسلم من شذوذهم الجنسي حتى العذارى والأبكار، فقد أجازو التمتع بهن، بدون أخذ الموافقة من وليها، بشرط أن لا يحاول فض بكارتها، فقد روى إمامهم الكليني في الفروع من الكافي، 2/46 ما نصه: (عن زياد بن أبي الحلال قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا بأس أن يتمتع بالبكر ما لم يُفْض إليها كراهية العيب على أهلها) انتهى كلامه.
وكذلك جاء في الفروع من الكافي، ما نصه: (عن محمد بن أبي حمزة، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام، في البكر يتزوجها الرجل متعة؟
قال: لا بأس، ما لم يفتضّها) انتهى كلامه.
التمتع بالصبية الصغيرة عند الشيعة الإمامية الاثنا عشرية: ...
حيث أجاز شيوخ الشيعة، التمتع بالطفلة الصغيرة، فقد روى إمامهم الطوسي في كتاب الاستبصار، والكليني في الفروع من الكافي ما نصه: (سُئل عن الجارية يتمتع بها الرجل؟.
قال: نعم إلا أن تكون صبية تخدع.
قال: قلت: أصلحك الله، فكم حد الذي إذا بلغته لم تخدع؟.
قال: بنتُ عشر سنين) انتهى كلامه.
قال العلامة حسين الموسوي، وهو من أقرب تلاميذ الإمام الخميني، في كتابه (لله…ثم للتاريخ)، والذي قتل رحمه الله تعالى بعد تأليفه لهذا الكتاب ما نصه: (لما كان الإمام الخميني مقيماً في العراق كنا نتردد إليه، ونطلب منه العلم حتى صارت علاقتنا معه وثيقة جداً، وقد اتفق مرة أن وُجهت إليه دعوة، فطلبني للسفر معه، فسافرت معه، فاستقبلونا وأكرمونا غاية الكرم.
ولما انتهت مدة السفر رجعنا، وفي طريق عودتنا ومرورنا في بغداد أراد الإمام أن نرتاح من عناء السفر، فأمر بالتوجه إلى منطقة العطيفية، حيث يسكن هناك رجل إيراني الأصل يقال له سيد صاحب، كانت بينه وبين الإمام معرفة قوية.(52/40)
فرح سيد صاحب بمجيئنا، وكان وصولنا إليه عند الظهر، فصنع لنا غداء فاخراً، واتصل ببعض أقاربه فحضروا، وازدحم منزله احتفاء بنا، وطلب سيد صاحب الينا المبيت عنده تلك الليلة، فوافق الإمام، ثم لما كان العَشاء أتونا بالعَشاء، وكان الحاضرون يُقَبِّلُونَ يد الإمام، ويسألونه، ويجيب عن أسألتهم، ولما حان وقت النوم، وكان الحاضرون قد انصرفوا إلا أهل الدار، أبصر الإمام الخميني صبية بعمر أربع سنوات أو خمس ولكنها جميلة جداً، فطلب الإمام من أبيها سيد صاحب إحضارها للتمتع بها، فوافق أبوها بفرح بالغ، فبات الإمام الخميني والصبيةُ في حضنه، ونحن نسمع بكاءَها وصريخها.
المهم أنه أمضى تلك الليلة، فلما أصبح الصباح، وجلسنا لتناول الإفطار، نظر إليَّ، فوجد علامات الإنكار واضحة في وجهي، إذ كيف يتمتع بهذه الطفلة الصغيرة وفي الدارِ شابات بالغات راشدات كان بإمكانه التمتع بإحداهن، فلم يفعل.
فقال لي [يعني الخميني]سيد حسين ما تقول في التمتع بالطفلة؟
فقلت له: سيد القول قولك، والصواب فعلك وأنت إمام مجتهد، ولا يمكن لمثلي أن يرى أو يقول إلا ماتراه أنت أو تقوله، ومعلوم أني لا يمكنني الاعتراض وقتذاك.
فقال:[يعني الخميني] سيد حسين: إن التمتع بها جائز، ولكن بالمداعبة، والتقبيل والتفخيذ، أما الجماع فإنها لا تقوى عليه) انتهى كلام العلامة حسين الموسوي من كتابه لله ثم للتاريخ.
التمتع بالمرأة في دبرها عند الشيعة الإمامية الاثنا عشرية:
فإن الشيعة الإمامية الاثنا عشرية يعتقدون بجواز إتيان النساء في أدبارهن، بل يرونه حقاً من حقوق الزوج الشيعي، كما روى ذلك شيخهم الكليني في الفروع من الكافي والطوسي في الإستبصار ما نصه: (عن الرضى أنه سأله صفوان بن يحيى: (أن رجلاً من مواليك أمرني أن أسألك.
قال: وما هي؟ قلت: الرجل يأتي امرأته في دبرها؟.
قال: ذلك له.
قال: قلت له: فأنت تفعل؟
قال: إنا لا نفعل ذلك) انتهى كلامه.(52/41)
كما أباح هذه الجريمة شيخ من شيوخهم في هذا العصر وهو المدعو الخميني حيث قال في كتابه تحرير الوسيلة [2/241] ما نصه: (والأقوى والأظهر جواز وطء الزوجة مع الدبر) انتهى كلامه.
أعياد الشيعة الإمامية الاثنا عشرية:
إن للشيعة الإمامية العديد من الأعياد والمناسبات التي يحتفلون بها، وينتظروها بكل لهف وشوق، ومن هذه الأعياد والمناسبات:
عيد غدير خم: وهو عندهم في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة ويفضلونه على عيدي الفطر والأضحى، ويسمونه بالعيد الأكبر، وهم يصومون يومه.
عيد النيروز: وهو من أعياد الفرس المجوس ومعناه (اليوم الجديد)، وقد كانت الفرس تعتقد أنه اليوم الذي خلق الله فيه النور، وبعضهم يزعم أنه أول الزمان الذي ابتدأ الفلك فيه بالدوران، وقد أفتى شيخهم الخميني بجواز الغُسل والصيام في عيدي الغدير والنيروز كما في كتابه تحرير الوسيلة.
عيد بابا شجاع الدين: وهو أبو لؤلؤة المجوسي، الذي قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويزعمون أنه في اليوم التاسع من ربيع الأول، ويسمونه بيوم المفاخرة، ويوم التبجيل، ويوم الزكاة العظمى، ويوم البركة، ويوم التسلية، وهم يحتفلون فيه بمقتل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، على يدي هذا المجوسي الخبيث.
إحتفالهم بيوم عاشوراء: وهو في اليوم العاشر من شهر محرم ويقيمون فيه حفلات العزاء والنياحة، والجزع وضرب الصدور، وشج الروؤس بالسيوف، والخناجر والسلاسل، وكل هذا حزناً على مقتل الحسين رضي الله عنه.
الفصل الثاني :
عقيدة الشيعة الإمامية في القرآن الكريم
وحديثنا سيكون بحول الله تعالى حول العناصر التالية :
علماء الشيعة المتقدمين وإجماعهم على تحريف القرآن الكريم .
علماء الشيعة المتأخرين وقولهم بتحريف القرآن الكريم .
أسماء علماء الشيعة الذين قالوا بتحريف القرآن من المتقدمين ومن المتأخرين .(52/42)
كبار علماء الشيعة الذين شهدوا أن محدث الشيعة الأول , محمد بن يعقوب الكليني , كان يعتقد بتحريف القرآن الكريم .
كبار علماء الشيعة الذين يقولون إن الروايات التي تطعن في القرآن الكريم هي روايات متواترة ومستفيضة .
أنواع التحريف المزعوم في القرآن الكريم عند الشيعة الإمامية .
إجابة عن السؤال الذي يقول : أين القرآن الصحيح في إعتقاد الشيعة الإمامية .
إجابة عن السؤال الذي يقول : لماذا يقرأ الشيعة هذا القرآن الموجود بين أهل السنة مع نقصه وتحريفه عندهم .
أمثلة لتفسيرهم المنحرف لكتاب الله تعالى .
إن الشيعة الإمامية يعتقدون بأن القرآن الموجود بين أيدي المسلمين اليوم ليس هو كما أنزله الله تعالى على عبده محمد صلى الله عليه وسلم , وإنما قد وقع فيه تحريف وتغيير على يد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , الذين غصبوا آل محمد حقهم على حد زعم الشيعة واعتقادهم , حيث أدعوا أن الصحابة قد حذفوا من القرآن الكريم كل الآيات التي نزلت في فضائل آل البيت , والآيات التي نزلت في مثالب الصحابة رضي الله عنهم , وآيات أخرى كثيرة حذفوها وأسقطوها من القرآن الكريم , على حد زعم الشيعة , حتى لم يبقى من القرآن إلا نحو ثلثه .
وزعموا في مقابل ذلك أن القرآن الكامل الذي أنزله الله تعالى والسالم من أي تحريف موجود عند إمامهم الغائب , وهو الإمام الثاني عشر محمد بن حسن العسكري , وهو الذي – بزعمهم – أن الذي جمعه هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وهذه العقيدة إخواني في الله هي العقيدة التي يقول بها جميع علماء الشيعة المتقدمين والمتأخرين , ولم يخرج عن ذلك إلا عدد قليل تظاهروا بإنكار القول بتحريف القرآن الكريم من الشيعة الإمامية .
علماء الشيعة المتقدمين وإجماعهم على تحريف القرآن الكريم :(52/43)
فالقول بوقوع التحريف والتغيير في القرآن الكريم ونقصانه هو إجماع المتقدمين من علماء الشيعة , حيث صرحوا بذلك في مؤلفاتهم , وشحنوها بالروايات المنسوبة إلى أئمتهم , وكلها صريحة في وقوع التحريف في القرآن الكريم , ولم يخرج عن إجماعهم هذا إلا أفراد قلائل منهم , وقد حصرهم إمامهم النوري الطبرسي في كتابه المسمى " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " بأربعة أشخاص فقط .
وأنقل هنا بعض أقوال علمائهم المتقدمين وروايات أئمتهم الصريحة في تحريف القرآن وتبديله والنقصان منه من كتبهم المعتمدة والمشهورة عندهم للتدليل على ما يقوله أهل السنة عنهم في إجماعهم على هذا المعتقد الفاسد , لأنها أقوالهم بأنفسهم , وتصريحاتهم وليست منقولة عن غيرهم , وهي أقوى دليل في معرفة معتقد المرء من قول غيره عنه .
فمن علمائهم الذين قالوا بالتحريف :
محمد بن الحسن الصفار : والذي عقد باباً في كتابه الشهير " بصائر الدرجات " بعنوان ( باب في الأئمة أن عندهم جميع القرآن الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) , ثم ساق أخباراً تحت هذا الباب صريحة في وقوع التحريف في القرآن الكريم , حيث روى عن أبي جعفر أنه قال : ( ما يستطيع أحد أن يدعي أنه جمع القرآن غير الأوصياء – أي غير الأئمة - ) .
وروى أيضا بسنده عن سالم بن أبي سلمة قال : قرأ رجل على أبي عبد الله عليه السلام , وأنا أسمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرأها الناس , فقال أبو عبد الله عليه السلام : ( مه مه .. كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم فإذا قام فقرأ كتاب الله على حده وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام ) أهـ من كتاب بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمد مجلد 4 ص 413 .
أبو نصر محمد بن مسعود والمعروف بالعياشي :(52/44)
فهو أيضا ممن أكثروا روايات تحريف القرآن في مؤلفاته , فإنه قد شحن كتابه التفسير بتلك الروايات المنسوبة إلى أئمتهم , والتي تدل على ضياع كثير من القرآن , عياذاً بالله , وعلى زيادة بعض الكلمات فيه , ومن ذلك ما روى بسنده عن إبراهيم بن عمر قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : ( إن في القرآن ما مضى وما يحدث وما هو كائن كانت فيه أسماء الرجال فألقيت وإنما الاسم الواحد منه في وجوه لا تحصى يعرف ذلك الوصاة ) تفسير العياشي ج1 ص12 .
وروى أيضا بسنده عن أبي جعفر قال : ( لولا أنه زيد في كتاب الله ونقص منه ما خفي حقنا على ذي حجى ) , وهذا الخبر صريح بوقوع الزيادة في كتاب الله ونقصانه .
وروى أيضا بسنده عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر بن محمد : ( خرج عبد الله بن عمر من عند عثمان فلقي أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال له : يا علي بيتنا الليلة في أمر نرجو أن يثبت الله هذه الأمة فقال أمير المؤمنين : لن يخفى عليّ ما بيتم فيه حرفتم وغيرتم وبدلتم تسعمائة حرف ثلاثمائة حرفتم وثلاثمائة حرف غيرتم وثلاثمائة بدلتم , ثم قرأ : فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله )..
إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي رواها إمامهم العياشي في تفسيره هذا , وهي كلها صريحة في وقوع التحريف في القرآن الكريم , مما يؤكد لنا أنه مع القائلين بالتحريف ,لأن إكثاره لهذه الروايات دليل على أنه يسلم بها وبمضامينها , حيث لم يتعرض لها بشيء من النقد , مع ما فيها من تنقيص ظاهر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بالسكوت على المنكر وعدم تغييره له .(52/45)
علي بن إبراهيم القُمي : وهو شيخ الكليني , وهو من أبرز القائلين بتحريف القرآن , ومن المكثرين فيه , حيث ملأ تفسيره بالروايات الصريحة في ذلك , كما صرح هو بذلك في مواضع من تفسيره , فقد جاء في مقدمة تفسيره هذه العبارة : ( فالقرآن منه ناسخ ومنه منسوخ ... ومنه حرف مكان حرف ومنه على خلاف ما أنزل الله ) , ثم شرع في تفصيل ذلك فقال : ( وأما ما كان على خلاف ما أنزل الله فهو قوله : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } فقال أبو عبد الله عليه السلام لقارئ هذه الآية : ( خير أمة !! يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين ابنا علي عليه السلام ) , فقيل له وكيف نزلت يا بن رسول الله , فقال : ( إنما نزلت كنتم خير أئمة أخرجت للناس ) .
وقال أيضا : وأما ما كان محرف منه فهو قوله تعالى : { لكن الله يشهد بما أنزل إليك في علي أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ) تفسير القمي ج 1 ص 5 .
وهكذا ينقل إمامهم القمي في تفسيره هذه الروايات المكذوبة , فكلمة " في علي " من زيادة الشيعة في هذه الآية , وأمثل هذه الزيادات كثيرة منهم في القرآن لا سيما في تفسير هذا الشيعي , وكل ذلك يؤكد بأن القمي من علماءهم القائلين بتحريف القرآن الكريم , وهو ما أكده غير واحد من علمائهم , حيث يقول طيب الموسوي الجزائري في معرض ثنائه على تفسير القمي تحت عنوان تحريف القرآن , يقول ما نصه : ( بقي شيء يهمنا ذكره وهو أن هذا التفسير كغيره من التفاسير القديمة يشتمل على روايات مفادها أن المصحف الذي بين أيدينا لم يسلم من التحريف والتغيير وجوابه أنه لم ينفرد المصنف بذكرها بل وافقه فيه غيره من المحدثين المتقدمين والمتأخرين عامة وخاصة ) أهـ من مقدمة طيب الموسوي على تفسير القمي ج 1 ص 22 .(52/46)
محمد بن يعقوب الكليني : وهو من أكابر علماء الشيعة , الذين تولوا كِبَرَ هذا القول وتزعموه , حيث ملأ كتابه الكافي , الذي هو أصح الكتب عندهم على الإطلاق , والمعتمد عندهم في أمور دينهم بروايات كثيرة دالة صريحة على تحريف القرآن الكريم بحيث لا تقبل أي تأويل , فقد جاءت تلك الروايات في مواضع كثيرة من كتابه أذكر بعضها هنا .
فمن ذلك ما رواه بسنده في باب " أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة عليهم السلام وأنهم يعلمون علمه كله " , فعن جابر قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : ( ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمة من بعده ) أصول الكافي كتاب الحجة المجلد الأول ص 228.
وكذلك أورد أخبارا كثيرة في باب " نكت ونتف من التنزيل في الولاية " , منها ما روى بسنده عن جابر الجعفي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه و آله وسلم هكذا : { بئس ما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله في علي بغيا } ) أهـ , فكلمة " في علي " في هذه الرواية ليست من القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم , وإنما هي من وضع الشيعة من عند أنفسهم .(52/47)
كما روى الكليني أيضا بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( نزل جبريل بهذه الآية هكذا { يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزّلت في علي نوراً مبيناً } ) أصول الكافي كتاب الحجة المجلد الأول ص 417 , ولا يخفى على أحد له أدنى معرفة بالقرآن الكريم أن هذا الذي ذكره الكليني ليس من القرآن البتة , وإن كان قصده الآية التي في سورة النساء فهي ليست على هذه الصيغة التي ساقها في هذه الرواية وإنما هي { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا } (1) .
أبو عبد الله محمد بن النعمان الملقب بالشيخ المفيد : فقد صرح بوقوع التحريف والتغيير في القرآن الكريم , حيث يقول في كتابه أوائل المقالات في باب " القول في تأليف القرآن وما ذكر قوم فيه من الزيادة والنقصان " : ( إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وآله باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه – أي صحابة رسول الله رضوان الله عليهم – من الحذف والنقصان ) كتاب أوائل المقالات ص 93 .
وقال في موضع آخر : ( واتفقوا على أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا منه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) أوائل المقالات ص 52 .
علماء الشيعة المتأخرين وقولهم بتحريف القرآن الكريم :
__________
(1) سورة النساء آية 47 .(52/48)
فالمتأخرون من الشيعة لا يختلفون عن المتقدمين في موقفهم من القرآن الكريم فالكل متفقون على أن القرآن الموجود بين الناس اليوم غير كامل , حيث وقع فيه تحريف وتغيير وحذف بزعمهم , وإن اختلفت طريقة إثبات هذا القول منهم , فالمتقدمون يثبتون التحريف بكل صراحة وجراءة كما تقدمت أقوالهم في ذلك , أما المتأخرون منهم فقد حاول بعضهم إظهار موافقتهم لأهل السنة – تقية في القول – بسلامة القرآن وعدم تحريفه , ولكن البعض الآخر منهم وهم الأغلب أظهروا ثباتهم على قول متقدميهم في القرآن الكريم , فصرحوا بوقوع التحريف في القرآن , ونقلوا قول من تقدم من علمائهم ورواياتهم المنسوبة إلى أئمتهم الصريحة في ذلك , فملئوا مؤلفاتهم بكل ذلك ومن علمائهم المتأخرين :(52/49)
الفيض الكاشاني : الذي صرح بوقوع التحريف في القرآن الكريم , ونقل أخباراً كثيرة دالة على ذلك من كتب المتقدمين عليه و حتى جعله عنوان إحدى مقدمات تفسيره حيث قال في المقدمة السادسة " في نُبذ مما جاء في القرآن وتحريفه وزياداته ونقصه وتأويل ذلك " , ثم أورد تحت هذا العنوان روايات وأخبار كثيرة , ومن تلك الأخبار , ما رواه علي بن إبراهيم القمي في تفسيره عن أبي عبد الله قال : ( إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي : إن القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس فخذوه واجمعوه ولا تضيعوه ) , ثم قال معلقا على هذه الأخبار : ( أقول المستفاد من جميع هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما انزل على محمد صلى الله عليه وآله , بل منه خلاف ما أنزله الله , ومنه ما هو مغير محرف , وأنه قد حُذف منه أشياء كثيرة منها اسم علي وفي كثير من المواضع , ومنها لفظة آل محمد صلى الله عليهم غير مرة , ومنها أسماء المنافقين في مواضعها , ومنها غير ذلك , وأنه ليس أيضا على الترتيب المرضي عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وآله ) أهـ كتاب الصافي في تفسير القرآن ج 1 ص 24 .
هذا ما صرح به شيخهم الفيض الكاشاني من القول بتحريف القرآن الكريم .
الحر العاملي : محمد بن الحسين , وهو الذي أورد في كتابه وسائل الشيعة , أخبارا صريحة في وقوع التحريف في القرآن الكريم , من غير أن يتعرض لها بنقد مما يدل على صحتها عنده , والتسليم بما دلت عليه تلك الأخبار , فمن تلك الأخبار ما نقله عن إبراهيم بن عمر عنه عليه السلام قال : ( إن في القرآن ما مضى وما هو كائن وكانت فيه أسماء الرجال فألقيت – يعني حُذفت – وإنما الاسم الواحد على وجوه لا تحصى يعرف ذلك الوصاة – يعني الأئمة - ) أهـ من كتاب وسائل الشيعة ج18 ص 145 .(52/50)
أبو الحسن العاملي النباطي : حيث صرح بتحريف القرآن في مواضع كثيرة في مقدمته مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار , فمن ذلك قوله : " اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيء من التغيير وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرا من الكلمات والآيات – يقصد الصحابة رضي الله عنهم لأنهم هم الذين جمعوا القرآن – وأن القرآن المحفوظ عما ذكر الموافق لما أنزله الله تعالى ما جمعه عليّ وحفظه إلى أن وصل إلى أبنه الحسن وهكذا إلى أن انتهى إلى القائم وهو اليوم عنده " أهـ .(52/51)
النوري الطبرسي : حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي , الذي يعد من أبرز القائلين بتحريف القرآن الكريم من المتأخرين , بل ومن أكبر من حملوا راية هذا القول منهم وبالغوا فيه , حيث أظهر ذلك بكل جراءة وشجاعة , وأثبت هذا القول هو قول الشيعة جميعا وكشف عن حقيقتهم , وما يبطنونه للإسلام ولذلك ألف كتابه المسمى " فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب " وبذل فيه كل ما في وسعه لإثبات هذا القول عندهم , فأكثر النقل عن أخبار أئمتهم وتصريحات المتقدمين منهم في ذلك واستدل على ذلك بكل ما عنده من بيان وتدليس , كما أنه فند فيه شبه المنكرين من أئمة الشيعة وشنع عليهم وألزمهم بهذا القول , وهو يرى أنه بعمله هذا الخبيث يتقرب إلى الله تعالى , حيث قال في مقدمة كتابه هذا الآنف الذكر ما نصه : " وبعد فيقول العبد المذنب المسيء حسين تقي النوري الطبرسي جعله الله من الواقفين ببابه المتمسكين بكتابه ! هذا كتاب لطيف وسفر شريف عملته في إثبات تحريف القرآن – عياذا بالله تعالى – وفضائح أهل الجور والعدوان وسميته " فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب " وجعلت له ثلاث مقدمات وبابين وأودعت فيه من بديع الحكمة ما تقر به كل عين وأرجو ممن ينتظر رحمته المسيئون أن ينفعني به في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ) أعوذ بالله من هذا الضلال . أهـ من مقدمة " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " ص 2 .
وهذه أسماء علمائهم القائلين بتحريف القرآن المتقدمين منهم والمتأخرين في كتبهم المعتمدة :
علي بن إبراهيم القمي في مقدمة تفسيره .
نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية .
الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي .
أبو منصور الطبرسي في كتابه الإحتجاج .
محمد باقر المجلسي في كتابيه بحار الأنوار ومرآة العقول .
محمد بن النعمان الملقب بالمفيد في كتابه أوائل المقالات .
عدنان البحراني في كتابه مشارق الشموس الدرية .(52/52)
يوسف البحراني في كتابه الدرر النجفية .
النوري الطبرسي في كتابه " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " .
ميرزا حبيب الخوئي في كتابه منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة .
محمد بن يعقوب الكليني في كتابه الكافي .
محمد العياشي في تفسيره .
أبو جعفر الصفار في كتابه بصائر الدرجات .
الأردبيلي في كتابه حديقة الشيعة .
الكرماني في كتابه إرشاد العوام .
الكاشاني في كتابه هدية الطالبين .
كبار علماء الشيعة الذين شهدوا أن محدث الشيعة الأول , محمد بن يعقوب الكليني , كان يعتقد بتحريف القرآن الكريم :
فقد شهد عليه كبار علماء الشيعة بأن الكليني كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن , ومن هؤلاء العلماء الذين شهدوا عليه :
المفسر الكبير محمد بن مرتضى الكاشاني الملقب بالفيض الكاشاني , حيث قال في تفسيره الشهير عند الشيعة والذي يسمى بتفسير الصافي ج1 ص 52 ما نصه : " وأما اعتقاد مشائخنا في ذلك – يعني تحريف القرآن – فالظاهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن لأنه كان روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي ولم يتعرض للقدح فيها مع أنه ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه ) تفسير الصافي ج1 ص 52 ط الأعلمي بيروت .
الإمام أبو الحسن العاملي : الذي قال : " أعلم أن الذي يظهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن لأنه روى روايات كثيرة في هذا المعنى في كتاب الكافي الذي صرح في أوله بأنه كان يثق فيما رواه فيه ولم يتعرض لقدح فيها ولا ذكر معارض لها ) أهـ من كتاب تفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار المقدمة الثانية للفصل الرابع والذي طبع كمقدمة لكتاب تفسير البرهان للبحراني .(52/53)
النوري الطبرسي : حيث قال في المقدمة الثالثة من كتابه فصل الخطاب ما نصه : " أعلم أن لهم في ذلك أقوالا – أي علماء الشيعة في تحريف القرآن – مشهورها اثنان , الأول وقوع التغيير والنقصان فيه وهو مذهب الشيخ الجليل علي بن إبراهيم القمي شيخ الكليني في تفسيره صرح في أوله وملأ كتابه من أخباره مع إلتزامه في أوله بأن لا يذكر فيه إلا عن مشائخه وثقاته ومذهب تلميذه ثقة الإسلام الكليني رحمه الله على ما نسبه إليه جماعة لنقله الأخبار الكثيرة الصريحة في هذا المعنى في كتاب الحجة خصوصا في باب النكت والنتف من التنزيل وفي الروضة من غير تعرض لردها أو تأويلها ) فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب ص 23 .
وبعد هذه الشهادة التي شهد بها كبار علماء الشيعة بأن ثقة الإسلام عند الإمامية الإثنى عشرية الكليني كان يعتقد بتحريف القرآن , فأقول للشيعة عامة وخاصة إذا كان هذا رأي كبار علمائكم في صاحب أوثق مصدر للحديث عندكم فلماذا تنكرون على أهل السنة إذا قالوا مثلما قال كبار علمائكم في صاحب الكافي , أرجو الإجابة بمنتهى الصدق والصراحة .
كبار علماء الشيعة الذين يقولون إن الروايات التي تطعن في القرآن الكريم هي روايات متواترة ومستفيضة :
فهذا شيخهم المفيد يقول في كتابه أوائل المقالات ما نصه : " إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم بإختلاف القرآن وما أحدثه بعد الظالمين فيه من الحذف والنقصان ) أوائل المقالات ص 91.
وهذا إمامهم أبو الحسن العاملي الذي قال في المقدمة الثاني من تفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ص 36 : " أعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيء من التغييرات وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرا من الكلمات والآيات ) أهـ .(52/54)
وكذلك شيخهم نعمة الله الجزائري الذي قال في كتابه الأنوار النعمانية ج2 ص 357 ما نصه : " إن تسليم تواتره عن الوحي الإلهي - يعني القرآن الكريم – وكون الكل قد نزل به الروح الأمين يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاما ومادة وإعراباً ) أهـ .
أما محمد باقر المجلسي فقد قال في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم سبعة عشر ألف آية ) قال عن هذا الحديث ما نصه : " موثق وفي بعض النسخ عن هشام بن سالم موضع هارون بن سالم , فالخبر صحيح , فلا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره .... وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة " كتاب مرآة العقول ج12 ص 525 .
كما يقول شيخ الشيعة سلطان محمد الخراساني عن تواتر تحريف القرآن ما نصه : " أعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأطهار بوقوع الزيادة والنقيصة والتحريف والتغيير فيه – أي في القرآن – بحيث لا يكاد يقع شك " أهـ كتاب تفسير بيان السعادة في مقدمات العبادة ص 19 ط. مؤسسة الأعلمي .
وكذلك يقول علامتهم الحجة السيد عدنان البحراني في تواتر التحريف ما نصه : " الأخبار التي لا تحصى – أي أخبار تحريف القرآن – كثيرة وقد تجاوزت حد التواتر " كتاب مشارق الشموس الدرية ص 126 من منشورات المكتبة العدنانية – البحرين .
أنواع التحريف المزعوم في القرآن الكريم عند الشيعة الإمامية :(52/55)
النوع الأول : حذف بعض السور من القرآن الكريم : حيث اختلق الشيعة بعض الخرافات وأدعوا أنها كانت سورا من القرآن الكريم , وحذفها الذين جمعوا القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم , على حد زعمهم , وهذه السور المزعومة عندهم منها ما يسمونها بسورة النورين , ونصها كما يزعمون : ( بسم الله الرحمن الرحيم , يا أيها الذين أمنوا آمِنوا بالنورين الذين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب يوم عظيم , نوران بعضهما من بعض وأنا السميع العليم , .... ) إلى آخر هذه الترهات كما هي في كتاب فصل الخطاب وتذكرة الأئمة لإمامهم المجلسي ص 19 .
ومنها ما يسمونها بسورة الولاية ونصها : ( بسم الله الرحمن الرحيم , يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنبي والولي الذيّن بعثناهما يهديانكم إلى سراط مستقيم , نبي وولي بعضهما من بعض وأنا العليم الخبير , إن الذي يوفون بعهد الله لهم جنات النعيم , فالذين إذا تليت عليهم آياتنا كانوا به مكذبين , إن لهم في جهنم مقام عظيم , إذا نودي لهم يوم القيامة أين الضالون المكذبين للمرسلين , ما خلقهم المرسلون إلا بالحق وما كان الله لينظرهم إلى أجل قريب , وسبح بحمد ربك وعلي من الشاهدين ) انتهت السورة من كتاب تذكرة الأئمة للمجلسي ص 19 .
ومن السور السورة التي يسمونها بسورة الخلع ونصها : ( بسم الله الرحمن الرحيم , اللهم إنّا نستعينك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك ) انتهت السورة من كتاب تذكرة الأئمة للمجلسي .
وكذلك السورة التي تسمى عندهم بسورة الحفد ونصها : ( بسم الله الرحمن الرحيم , اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد , وإليك نسعى ونحفد , نرجو رحمتك ونخشى نقمتك إن عذابك بالكافرين ملحق ) انتهت السورة من كتاب تذكرة الأئمة للمجلسي .
ومن غلوهم قولهم بأن سورة الفجر هي سورة الإمام الحسين , بل إن القرآن كله لأهل البيت وهذا من غلوهم في أهل البيت وفي الحسين ...(52/56)
النوع الثاني : حذف بعض الكلمات من بعض الآيات القرآنية , حيث ادعت الشيعة حذف كلمات كثيرة من القرآن الكريم , وزعموا أن الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أسقطوا تلك الكلمات من القرآن الكريم , وهذه الكلمات التي يزعمون حذفها يدور أغلبها حول كلمة علي وآل البيت وكلمات أخرى في أشياء شتى .
فأما كلمة " في علي " فقد زعموا أنها أسقطت من القرآن الكريم في مواضع كثيرة منها على سبيل المثال للحصر قوله تعالى : ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله ) كما في سورة البقرة , فقد أسند الكليني عن أبي جعفر قال : ( نزل جبريل بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا – في علي – فأتوا بسورة من مثله ) أصول الكافي كتاب الحجة باب " فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية " ج 1 ص 417 .
وكذلك في قوله تعالى : { بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } (1) .
فقد أسند الكليني عن أبي جعفر قال : نزل جبريل بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا { بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ في علي بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } ). أصول الكافي كتاب الحجة باب " فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية " ج 1 ص 417 .
__________
(1) سورة البقرة آية 90 .(52/57)
وأما قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا } (1) . فقد أسند الكليني عن أبي جعفر قال : ( نزلت هذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا أنزلت في علي مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً ") .
أما تحريف الشيعة في قول الله تعالى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً } (2) . فقد جاء في تحريفها عند الشيعة كما في تفسير القمي ج1 ص 142 . بهذا النص { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ يا علي فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ } ..
أما قول الله تعالى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً } (3) . فإن الشيعة يحرفونها , كما أسند شيخهم الكليني عن أبي عبد الله قال : ( هكذا نزلت هذه الآية { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ في علي عليه السلام لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً } ) أصول الكافي كتاب الحجة باب " فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية " ج 1 ص 417 . وكذلك كتاب البرهان في تفسير القرآن ج 5 ص 391 .
__________
(1) سورة النساء آية 47 .
(2) سورة النساء آية 64 .
(3) سورة النساء آية 66 .(52/58)
وأما قول الله تعالى : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً } (1) , فقد حرف علماء الشيعة هذه الآية حيث روى إمامهم الكليني وشيخهم العياشي عن أبي جعفر قال : ( نزل جبريل بهذه الآية هكذا { فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ بولاية علي ّ إِلاَّ كُفُوراً } أصول الكافي كتاب الحجة باب " فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية " ج 1 ص 425 , وكذلك تفسير العياشي ج 2 ص 317 .
أما قول الله تعالى : { وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } (2) . فقد أسند إمامهم الكليني عن أبي عبد الله قال : (وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في ولاية علي و الأئمة من بعده فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً .. هكذا نزلت والله ) أصول الكافي كتاب الحجة باب " فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية " ج 1 ص 414 , وكذلك في كتاب " السراط المستقيم " للبياضي ج 1 ص 279 .
وهناك الكثير والكثير من المواضع التي ادعت الشيعة الإمامية حذف اسم علي بن أبي طالب رضي الله عنه منها وهي كثيرة جدا , والذي ذكرته فيه الكفاية لمعرفة ضلالهم في القرآن الكريم .
__________
(1) سورة الإسراء آية 89 .
(2) سورة الأحزاب آية 71 .(52/59)
وأما لفظة " آل محمد " و " آل البيت " فقد ادعت الشيعة كذلك أنها حُذفت من مواضع كثيرة من القرآن الكريم , حيث رووا أخبارا كثيرة عن أئمتهم تصرح بحذف هذه الكلمة من الآيات التي يزعمون أنها وردت فيها , ومن ذلك على حد زعمهم كما في قوله تعالى : { فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } (1) , فقد أسند إمامهم العياشي في تفسيره ج1 ص 45 , عن أبي جعفر قال : ( نزل جبريل بهذه الآية هكذا { فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ آل محمد حقهم غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ آل محمد حقهم رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } ) أهـ .
إجابة عن السؤال الذي يقول : لماذا يقرأ الشيعة هذا القرآن الموجود بين أهل السنة مع نقصه وتحريفه عندهم ؟ :
ويجيب على هذا السؤال والمهم كبار علماء الشيعة الإمامية , وأولهم شيخهم نعمة الله الجزائري الذي يقول في كتابه " الأنوار النعمانية " ج2 ص 360 ما نصه : " روي أنهم في الأخبار عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس إلى السماء ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين عليه السلام فيُقرأ ويُعمل بأحكامه " أهـ .
إذاً القرآن الصحيح في اعتقاد إمامهم الجزائري عند صاحب الزمان وهو الذي ألفه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسيخرج في آخر الزمان كما تعتقد الشيعة الأثنى عشرية .
__________
(1) سورة البقرة آية 59 .(52/60)
أما إمامهم أبو الحسن العاملي : فيقول في المقدمة الثانية لتفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ص 36 ما نصه : " إن القرآن المحفوظ عما ذُكر الموافق لما أنزله الله تعالى ما جمعه علي عليه السلام وحفظه إلى أن وصل إلى ابنه الحسن عليه السلام وهكذا إلى أن وصل إلى القائم عليه السلام المهدي وهو اليوم عنده صلوات الله عليه " أهـ .
إذا القرآن المعتمد والصحيح عند الشيعة هو عند المهدي المنتظر الموجود في سردابه كما صرح بذلك إمامهم وشيخهم أبو الحسن العاملي .
كما يقول شيخهم علي أصغر البروجردي في كتاب عقائد الشيعة ص 27 وهو باللغة الفارسية ما نصه : " الواجب أن نعتقد أن القرآن الأصلي لم يقع فيه تغيير وتبديل مع أنه وقع التحريف والحذف في القرآن الذي بعض المنافقين – أي الصحابة رضي الله عنهم – والقرآن الأصلي والحقيقي موجود عند إمام العصر عجل الله فرجه " .
أما إمامهم محمد بن النعمان والملقب بالمفيد : فيجيب عن السؤال السابق بقوله : " إن الخبر قد صح عن أئمتنا عليهم السلام أنهم قد رأوا بقراءة ما بين الدفتين وألا نتعداه إلى زيادة فيه ولا إلى نقصان منه إلى أن يقوم القائم عليه السلام فيقرئ الناس على ما أنزل الله تعالى وجمعه أمير المؤمنين عليه السلام " كتاب المسائل السروية ص 78 .
أمثلة لتفسيرهم المنحرف لكتاب الله تعالى :
ومن الأمثلة على ذلك تفسيرهم لقوله تعالى : { اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ } (1) , قالوا المراد بالصراط المستقيم هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه , كما روى إمامهم علي بن إبراهيم القمي في تفسيره عن أبي عبد الله قال : ( الصراط المستقيم هو أمير المؤمنين ومعرفة الإمام ) أهـ .
__________
(1) سورة الفاتحة آية 6 .(52/61)
وفي قوله تعالى : { الم {1} ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ {2} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ {3}} (1) , قالوا ( ذلك الكتاب ) هو علي بن أبي طالب , وقوله ( هدى للمتقين ) المتقون هم شيعة علي , وقوله ( الذين يؤمنون بالغيب ) أي الذين يؤمنون بقيام قائمهم ,قد ذكر هذا التفسير شيخهم القمي في تفسيره ج1 ص30 , وشيخهم العياشي في تفسيره ج1 ص25 .
وأما قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا } (2) , قالوا البعوضة هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وقالوا فما فوقها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقد ذكر ذلك شيخهم القمي في تفسيره ج1 ص 34 . وهذا التفسير فيه من الإستهزاء بعلي رضي الله عنه وتنقيص لقدره فإن المعروف أن البعوضة غالبا ما يُضرب بها المثل لدلالة على حقارة الممثَل له وتفاهته , فكيف يُتصور ن يُنزل علي بن أبي طالب رضي لله عنه مثل هذه المنزلة وهذه الإساءة إلى علي رضي الله عنه , وهذا ليس بمدح له أبداً .
أما في قوله تعالى : { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ } (3) , قال العياشي في تفسيره ج1 ص 42 :" ( وأوفوا بعهدي ) أي أوفوا بولاية علي ( أوف بعهدكم ) أي أوفي لكم الجنة " وهذا تفسير يأباه سياق الآية فإن سياقها يتعلق ببني إسرائيل ودعوتهم إلى الوفاء بعهد الله وشكر النعم التي أنعم الله عليهم بها , ولا يدخل فيها ما يزعمه الشيعة تفسيرا لها .
__________
(1) سورة البقرة .
(2) سورة البقرة آية 26 .
(3) سورة البقرة آية 40 .(52/62)
وأما قوله تعالى : { مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ } (1) , فقد فسروا هذه الآية بما يبعث على الضحك والعجب , حيث روى الفضل بن محمد الجعفي قال : سألت أبا عبد الله عن هذه الآية قال : ( الحبة فاطمة والسبع السنابل سبعة من ولدها سابعهم قائمهم . قلت :الحسن , قال الحسن : إمام من الله مفترض طاعته ولكنه ليس من السنابل السبعة , أولهم الحسين وآخرهم القائم , فقلت : قوله في كل سنبلة مئة حبة , قال : يولد لكل رجل منهم في الكوفة مئة من صلبه وليس إلا هؤلاء السبعة ) تفسير العياشي ج 1 ص 147 .
وأما تفسيرهم لقوله تعالى : { إن الله لا يغفر أن يُشرَكَ به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } كما في سورة النساء , فقد روى العياشي بسنده عن أبي جعفر قال : ( أما قوله { إن الله لا يغفر أن يُشرَكَ به } يعني أنه لا يغفر لمن يكفر بولاية علي وأما قوله : { ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } يعني لمن والى علياً عليه السلام ) تفسير العياشي ج 1 ص 245 .
وهذا يؤكد لنا أحبابي في الله , أنهم يقدمون إمامتهم على عبادة الله وحده , ويرفعونها فوق وحانية الله , بل إمامتهم هي كل العبادة عندهم , وليس هناك شيء غيرها كما هو واضح من تفسيرهم هذا من حصر المغفرة لمن لا يشرك بأئمتهم وعدم المغفرة لمن يشرك بهم .
وأما قوله تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } كما في سورة الأعراف , فقد فسروا هذه الآية أيضا بما يدل على جراءتهم على الله وتنقيصهم لعظمته وقدره حيث قالوا : إن أسماء الله الحسنى هي أئمتهم فقد روى إمامهم الكليني بسنده عن أبي عبد الله في الآية أنه قال : ( نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملاً إلا بمعرفتنا ) أصول الكافي كتاب الحجة باب النوادر ج1 ص 143.
__________
(1) سورة البقرة آية 261 .(52/63)
وأما تفسيرهم في قوله تعالى : { وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ } (1) , قالوا معنى " لا تتخذوا إلهين " أي لا تتخذوا إمامين , وقوله " إنما هو إله واحد "أي هو إمام واحد كما روى ذلك إمامهم العياشي في تفسيرة ج2 ص 261.
وأما قوله تعالى : { وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ } (2) , قالوا في تفسيرها إن إبراهيم عليه السلام من شيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وقد ذكر ذلك شيخهم هاشم البحراني في كتاب البرهان في تفسير القرآن ج24 ص 20 , وأقول إخواني في الله وهذا بطلانه أوضح من الشمس في رابعة النهار , فإن كل من عنده أدنى معرفة باللغة العربية يدرك أن ضمير الهاء في قوله تعالى : { وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ } أنه عائد إلى نوح عليه السلام المذكور قبله , أي أن إبراهيم من شيعة نوح عليهما السلام , وهذا بين لكل أحد إلا من أعمى الله بصيرته , إذ لا يوجد ذكر لاسم علي في هذه السورة البتة , فضلا عن هذه الآية .
وكذلك من غلوهم في علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنهم فسروا النفس في قوله تعالى : { ويحذركم الله نفسه } بأن النفس هنا هو علي بن أبي طالب .
وأما قوله تعالى : { ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين } , قالوا " قوله ( لئن أشركت ) أي لئن أمرت بولاية أحد مع ولاية علي من بعدك" البرهان في تفسير القرآن لهاشم البحراني ج24 ص83 .
ومعنى هذا القول , لئن أمرت يا محمد بولاية أحد مع ولاية علي من بعدك ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين , عياذا بالله من هذا الكفر وهذا الإلحاد .
__________
(1) سورة النحل آية 51 .
(2) سورة الصافات آية 83 .(52/64)
ومن غلو الشيعة كذلك أنهم يفسرون قول الله تعالى : { وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ } (1) , فهم يفسرون الآذان بأنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
وأما تفسيرهم لقوله تعالى : { وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ {1} وَطُورِ سِينِينَ {2} وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ {3} } (2) , قالوا ( َالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) الحسن والحسين , (وَطُورِ سِينِينَ ) علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وقد ذكر ذلك شيخهم ومفسرهم هاشم البحراني في كتاب البرهان في تفسير القرآن ج30 ص 477 .
إن الجمهور من أهل العلم يقولون على أن هذه السورة مكية ورجح ذلك الإمام القرطبي وغيره , وهو من علماء السنة , إذاً فكلها مكية نزلت قبل زواج علي بفاطمة رضي الله عنهما فضلا عن وجود الحسن والحسين , ومن هنا يُعلم فساد تفسيرهم لهذه الآيات وغيرها بولاية أئمتهم .
وبمثل هذا التفسير الباطل فسروا قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في السِلْمِ كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين } (3) , فقالوا خطوات الشيطان هي ولاية أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم , حيث روى إمامهم وشيخهم العياشي في تفسيره ج1 ص 102 , عن أبي بصير قال : " سمعت أبا عبد الله يقول في هذه الآية : ( أتدري ما السِلْمُ ؟ ) , قلت : أنت أعلم , قال : ( ولاية علي والأئمة والأوصياء من بعده وخطوات الشيطان والله ولاية فلان وفلان ) , وقد جاء تفسير قوله فلان وفلان في رواية عنه قال : ( هي ولاية الثاني والأول ) أهـ .
ويعنون بالأول الخليفة الأول أبو بكر الصديق والثاني الخليفة الثاني عمر بن الفاروق رضي الله عنهما وأرضاهما .
__________
(1) سورة التوبة آية 3 .
(2) سورة التين .
(3) سورة البقرة .(52/65)
وكذلك زعموا أن قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى } (1) , قالوا إنها نزلت في عثمان ومعاوية رضي الله عنهما , فقد روى إمامهم العياشي في تفسيره ج1 ص147 بسنده عن أب جعفر قال في هذه الآية : ( نزلت في عثمان وجرت في معاوية وأتباعهما ) .
وأما قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } (2) , قالوا هذه الآية المراد بها الخلفاء الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هم الذين كفروا على حد زعمهم , فقد روى إمامهم وحجتهم محمد بن يعقوب الكليني عن أبي عبد الله في الآية قال : ( إنها نزلت في فلان وفلان وفلان آمنوا بالنبي في أول الأمر وكفروا حيث عُرضت عليهم الولاية حين قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يقروا بالبيعة ثم أزدادوا كفرا بأخذهم من بايعهم بالبيعة لهم فهؤلاء لم يبقى فيهم من الإيمان شيء ) أهـ أصول الكافي كتاب الحجة باب " فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية " ج1 ص420 , البرهان في تفسير القرآن ج 5 ص 421. والمقصود بفلان وفلان وفلان عندهم هم الخلفاء الثلاثة كما توضحه رواية إمامهم العياشي , عن جابر قال : قلت لمحمد بن علي عليه السلام في قول الله في كتابه : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ} قال : ( هما أبو بكر وعمر والثالث عثمان والرابع معاوية وعبد الرحمن وطلحة وكانوا سبعة عشر رجلا ) أهـ تفسير العياشي ج1 ص 279 .
__________
(1) سورة البقرة آية 264 .
(2) سورة النساء آية 137 .(52/66)
وأما قوله تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ } (1), قالوا الشجرة الملعونة في القرآن هم بنوا أمية وقد ذكر ذلك العياشي في تفسيره ج 2 ص 297 .
وأما قوله تعالى : { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ } (2) , قالوا الظلمات أبو بكر وعمر , يغشاه موج عثمان , بعضها فوق بعض معاوية وفتن بني أمية وقد ذكر هذا التفسير إمامهم البحراني في كتاب البرهان في تفسير القرآن ج18 ص 133 .
وبمثل هذه الخرافات فسروا قوله تعالى : { وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ } (3) , قالوا المراد بفرعون وهامان في الآية أبو بكر وعمر وقد ذكر هذا شيخهم نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية ج 2 ص 89 .
وأما قوله تعالى : { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } (4) , قالوا إن هذه الآية مثل ضربه الله لرقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنهما .
كما فسروا قوله تعالى : { وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ } يعني به من عثمان وعمله , { وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } هم بني أمية وقد ذكر هذا التفسير إمامهم البحراني في كتاب البرهان في تفسير القرآن ج 29 ص 358 .
__________
(1) سورة الإسراء آية 60 .
(2) سورة النور آية 40 .
(3) سورة القصص آية 6 .
(4) سورة التحريم آية 11 .(52/67)
وكذلك فسروا قوله تعالى : { وَجَاء فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ } (1) بمثل تلك الافتراءات الظالمة والجائرة في حق الصحابة رضوان الله عليهم , حيث روى شرف الدين النجفي بسنده عن حمران أنه سمع أبا جعفر يقول في هذه الآية : ( وجاء فرعون يعني الثالث , ومن قبله يعني الأوليين , والمؤتفكات بالخاطئة يعني عائشة ) .
وكذلك يفسرون الفحشاء والمنكر في قوله تعالى : { وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ } (2) بولاية أبي بكر وعمر وعثمان , فيروون عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : ( تنهى عن الفحشاء الأول , والمنكر الثاني , البغي الثالث ) تفسير العياشي ج2 ص 289 , والبحراني في تفسير البرهان ج2 ص381 , والمجلسي في بحار الأنوار ج7 ص 130. ويقصدون بالأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه , والمنكر يقصدون به الثاني وهو الخليفة الثاني عمر الفاروق رضي الله عنه , أما البغي فهو عندهم هو الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنهم وأرضاهم وأسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن يذب عن أعراض رسول الله , وعن أصحاب رسول الله وعن أمهات المؤمنين رضي الله عنهم .
الفصل الثالث :
الإغتيالات والجرائم والمجازر التي قام بها الشيعة في حق أهل السنة والجماعة
من العلماء والقضاة والملوك والأمراء والوزراء والعامة على مدار التاريخ
فلقد ذهب ضحية إجرام الشيعة على اختلاف طوائفهم عدد كبير من العلماء والأمراء والقضاة والوعاظ والملوك والخلفاء والوزراء، حتى بلغ الأمر أنه إذا أظهر أيُ عالمٍ أو فقيهٍ أو واعظ مبادئ هؤلاء وأخذ يبين زيف عقائدهم الباطلة، وأفكارهم المنحرفة، قاموا بتصفيته جسدياً على أيدي رجال الجناح العسكري وذكر أمثلة على ذلك عبر التاريخ منها ما يأتي:
__________
(1) سورة الحاقة آية 9 .
(2) سورة النحل آية 90 .(52/68)
محاولة نبش وسرقة وحرق جسد الخليفتين الراشدين أبو بكر الصديق وعمر الفاروق رضي الله عنهم على أيدي شيعة الشام لعنهم الله:
وذلك أنه جاء قوم من شيعة حلب، كما ذكر ذلك صاحب كتاب الدر الثمين، وأغروا أمير المدينة آنذاك بالأموال الجزيلة لكي يمكنهم من نقل جثمان أبو بكر الصديق وعمر الفاروق رضي الله عنهم، ليحرقوهم فأجابهم الأمير لذلك، لأن الشيعة في ذلك الوقت كان لهم نفوذ في الحجاز، فذهب الأمير إلى شيخ خدام المسجد النبوي الشريف واسمه (شمس الدين صواب) وكان رجلاً صالحاً ومنفقاً، وقال له: يا صواب، يدق عليك الليلة أقوام، بابَ المسجد، فافتح لهم ومكنهم مما أرادوا، وكان شمس الدين صواب قد علم بما أرادوا، فأصابه همٌ وغمٌ واشتد بُكاؤُه وكاد يختلَ عقلُه.
وبعد أن خرج الناس من المسجد بعد صلاة العشاء، وأُغلقت أبواب المسجد، وإذا بالباب يدق، وهو باب السلام الذي كان يسمى، بباب مروان، ففتح لهم الباب وإذا بهم أربعون رجلاً، ومعهم المساحي والمعاول، وآلات الهدم والحفر، واتجهوا إلى الحجرة النبوية الشريفة، وقبيل أن يصلوا إلى المنبر، انفتحت لهم الأرض، وابتلعتهم بما معهم، وذلك أمام عين شيخ خدام المسجد النبوي الشريف، شمس الدين صواب، فكاد يطير من الفرح، وزال عنه الهم والغم.
فلما استبطأهم الأمير، جاء يسأل عنهم شيخ الخدام، فقال تعال أريكهم، فأخذ بيده وأدخله المسجد، وإذا بهم في حفرة من الأرض، تنزل بهم وتنخسف، شيئاً فشيئاً، وهم يصيحون ويستغيثون، فارتاع الأمير وعاد وهدد شمس الدين، بأنه إذا أعلم إي أحد بما وقع، سوف يقتله ويصلبه، فأصبحوا وقد توارت فوقهم الأرض.
قتل الإمام آية الله أبو الفضل البرقعي:(52/69)
هو الإمام العالم المجاهد آية الله العظمى، العلامة السيد أبو الفضل بن الرضا البرقعي، تلقى علومه في الحوزة العلمية، في قم بإيران، نال درجة الإجتهاد في المذهب الجعفري الإثنا عشري، له مئات التصانيف والمؤلفات، والبحوث والرسائل، هداه الله تعالى، إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة، وألف عدة كتب يرد فيها، على الشيعة الإمامية ومنها كتابه القيم النفيس كسر الصنم.
فقد حاول رجال حرس الثورة الإيراني الشيعي، باغتياله بالرصاص الحي في عقر داره، وهكذا أثناء صلاته أُطلقت عليه أعيرة نارية، فأصابت منه الخد الأيسر لتخرج من الخد الأيمن، مسببة له بعض الأذى في سمعه، علماً بأن عمر الشيخ رحمه الله تعالى، تجاوز الثمانين من عمره، وفي المستشفى حيث تم نقلُه للعلاج، صدرت الأوامر للأطباء بعدم معالجته، فغادر المستشفى إلى منزله ليتداوى فيه، ولم يتراجع قيد أُنملة، وبعدها تم اعتقاله إلى السجن، ولكن هذه المرة إلى سجن (إوين)، الذي يُعتبر من أقسى السجون السياسية في إيران، من حيث طرق التعذيب فيه حيث أمضى في غياهبه قُرابة السنة، ثم تم نفيه إلى مدينة يزد، ثم أُعيد إلى السجن مرة أخرى، حيث جاءت الأخبار بوفاته، رحمه الله تعالى في عام 1992م، ولا يستبعد أن يكون قد تم اغتياله في داخل السجن، كما أوصى رحمه الله تعالى، أن لا يدفن في مقابر الشيعة، وأسأل الله تعالى أن يغمسه في أنهار جنة الفردوس آمين.
قتل العلامة المجاهد إحسان إلهي ظهير:
وفي عام 1407ه، حيث كان العلامة إحسان إلهي ظهير، يحاضر في جمعية أهل الحديث بلاهور، في باكستان انفجرت عبوة ناسفة، كانت قريبة من مكان الندوة المنعقدة، مما أدى إلى مقتل ثمانية عشر شخصاً في الحال، وإصابة أكثر من مائة شخص، إضافة إلى سقوط بعض العمارات، والبيوت القريبة من مكان الحادث.(52/70)
وقد أصيب العلامة إحسان إلهي ظهير، إصابات بالغة في العين اليسرى والرقبة، والصدر والذراعين، وعلى إثر ذلك طلب سماحة الإمام العلامة، عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى، من خادم الحرمين الشريفين، بأن يُعالج في مستشفيات الرياض، فأمر الملك بنقله من باكستان إلى الرياض، ولكن وافته المنية قبل أن يُكمل علاجه فغُسل هناك، وصلى عليه جمع كثير من أهله وطلابه ومحبيه، وعلى رأسهم سماحة الإمام العلامة عبد العزيز بن باز حيث صلى عليه، فسُمِعَ البكاء والنشيج من الناس حزناً على هذا المجاهد الكبير.
ثم نقل جثمانه الطاهر بعد ذلك بالطائرة إلى المدينة المنورة، حيث دفن في مقبرة البقيع، مع الذين كان يذُبُّ عنهم، ويدافع عنهم، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمهاتِ المؤمنين وآلُ البيت رضي الله عنهم أجمعين ورحم الله العلامة إحسان إلهي ظهير.
إغتيال علماء السنة في إيران بعد الثورة الخمينية:
ومنهم العلامة السيد بهمن شكوري الذي كان معلماً في زمن الشاه، ثم سجن خلال عهد الشاه كثيراً، ومُنع من التدريس قرابة عشر سنوات، وقد كان رحمه الله تعالى يتنقل بين السجن وخارجه، حتى قُتل بعد الثورة الخمينية بسنتين تقريباً، وهو صائم في سجن إوين، والذي يُعد من أشرس السجون السياسية، في بلاد الشيعة، حيث كانت تهمته وجريمته رحمه الله، أنه كان يحذر، من تعظيم وتقديس، المزارات والمشاهد لأئمة الشيعة.(52/71)
ومن هؤلاء أيضاً العلامة المجاهد أحمد مفتي زادة، والذي سُجن قرابة العشر سنوات، في سجون الآيات والأئمة، وبعد إنتهاء المدة ولأنه لم يتب، تركوه سنوات عديدة أخرى، فأصيب في السجن رحمه الله تعالى بأمراض مزمنة، ولم يعالجوه حتى اطمأنوا، إلى أنه ميت لا محالة، فأخرجوه في آخر أيامه ليموت خارج السجن، وقد كان رحمه الله تعالى في آخر حياته ملقى في الفراش، له نفسية كنفسية الأسد، في جسم ضعيف كالعجوز، مع أنه كان قبل ذلك قوي الجسم طويل القامة، فرحمة الله عليه.
كما قتلت الشيعة الإمامية في السجن، الطبيب الجرّاح الدكتور علي مظفريان، رحمه الله تعالى، الذي كان شيعياً، ثم أصبح من أهل السنة.
كذلك قُتل الشيخ عبد الحق، الذي تخرج من جامعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في باكستان، بتهمة الوهّابية، كما قُتل الكثير من المشايخ والعلماء، من أهل السنة كالشيخ العلامة السلفي ناصر السبحاني رحمه الله تعالى، الذي قبّل حبل المشنقة، قبل قتله مباشرة وقال: (إني أرى هناك ما لا ترونه أنتم).
كما تم أعدام العلامة الشيخ عبد الوهّاب صديقي، وسجن السيد عبد الباعث القتالي، والدكتور أحمد ميرين صياد، المتخرج من الجامعة الإسلامية، وهو الدكتور الوحيد في علم الحديث، حيث حُكم عليه بخمس عشرة سنة.
وكذلك الشيخ حيدر علي (قلم داران)، والذي كان يقيم في مدينة قم، ويدرس ويفند آراء الشيعة، وفي بداية الثورة ذهب أحد الآيات، إلى بيت الشيخ حيدر واغتاله، ويقال أنه ذبحه بالسكين، فأغمي على الشيخ، فهرب وظنّه أنه مات، وإذا بالسكين لم يقطع الشريان تماماً، وعاش بعد ذلك سنوات طويلة، وكتب ردوداً عنيفة على الشيعة رحمه الله تعالى.
إغتيال الملك الصالح والإمام العادل الملك عبد العزيز بن محمد بن سعود رحمه الله على يد الشيعة:(52/72)
ففي سنة 1218ه، وفي العشر الأواخر من رجب، قُتل الإمام الورع التقي، عبدالعزيز بن محمد بن سعود، في مسجد الطريف المعروف في الدرعية، وهو ساجد أثناء صلاة العصر، فوثب عليه القاتل من الصف الثالث، والناس سجود، فطعنه في خاصرته أسفل البطن، بخنجر معه قد أخفاها وأعدَّها لذلك، فاضطرب أهل المسجد، وماج بعضهم في بعض، ولم يكن يدرون ما الأمر، فمنهم المنهزم، ومنهم الواقف، ولما طَعَنَ المجرم الإمام عبد العزيز، أهوى على أخيه عبد الله، وهو إلى جانبه، وبرك عليه ليطعنه، فنهض عليه وتصارعا، وجرح عبد العزيز جرحاً شديداً، ثم إن عبد الله صرعه وضربه بالسيف، وتكاثروا عليه الناس وقتلوه.
ثم حُمل الإمام إلى قصره، وقد غاب ذهنه، وقرُب نزعه، لأن الطعنة قد هوت إلى جوفه، فلم يلبث أن توفي، بعدما صعدوا به إلى القصر رحمه الله ، قال العلامة المؤرخ ابن بشر في كتابه عنوان المجد في تاريخ نجد ما نصه: (وقيل إن هذا الدرويش الذي قتل عبد العزيز من أهل بلد الحسين رافضي خبيث) انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
وقال الأمير سعود بن هذلول، في كتابه تاريخ ملوك آل سعود، عن القاتل ما نصَّه: (قتله رجل رافضي، اسمه عثمان من أهل النجف في العراق، جاء إلى الدرعية متنكراً، وغدر بهذا الإمام) انتهى كلامه.
محاولة إغتيال الإمام الصالح الملك عبد العزيز آل سعود:(52/73)
حيث حاول شيعة اليمن، اغتيال ذلك الإمام العادل، الذي وحد جزيرة العرب، على كلمة التوحيد، وهو الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله تعالى، ولكن الله خيب آمال أولئك المبتدعة الضُلال، ففي يوم الجمعة 10 ذي الحجة، الساعة الواحدة صباحاً، من يوم النحر عام 1353ه، شرع الملك عبد العزيز، وحضرة صاحب السمو الملكي، ولي العهد الأمير سعود، ورجال الحاشية والحرس، ومعهم ثلة من رجال الشرطة، يطوفون بالبيت الحرام طواف الإفاضة، وبعد انتهاء الشوط الرابع واستلام الحجر الأسود، تقدم الملك سائراً في شوطه الخامس، ووليُ عهده وحاشيتِه، يسيرون خلْفَه، إذا برجل يخرج فجأة من حِجْرِ اسماعيل، شاهراً خنجراً، قد انتضاها في يده، وهو يصيح بصوت غير مفهوم، متقدماً من الملك عبدالعزيز، يريد طعنه فاعترضه أحد جنود الشرطة وهو يدعى (أحمد بن موسى العسيري)، فطعنه الرجل، فأرداه قتيلاً فأمسك به آخر يسمى (مجدوع بن شباب) فطعنه أيضاً، فعاجل المجرم عبدٌ من عبيد الملك يدعى (عبد الله البرقاوي) بطلق ناري من سلاحه، فأرداه قتيلاً قبل أن يتمكن من الوصول إلى الملك عبدالعزيز.
وفي هذه اللحظة شُوهد مجرم ثان، رفيقاً للمجرم الأول يجري من خلف الملك، يريد القضاء على ولي العهد، الأمير سعود، خارجاً من حجر إسماعيل من جهة الركن اليماني للبيت الشريف، شاهراً خنجراً أيضاً فعاجله عبد من عبيد ولي العهد، يُدعى (خير الله) بطلق ناري من سلاحه فقَتَله.
وحينما رأى المجرم الثالث ما حل بأصحابه، وكان قد خرج فيما يظهر، من حجر إسماعيل مع المجرم الثاني، هرب مسرعاً يريد الفرار فأطلق عليه جنود الشرطة رصاص بنادقهم، فخر صريعاً وظل على قيد الحياة مدة ساعة واحدة، تمكن المحققون في أثنائها من معرفة اسمه بقوله: أنا علي.
فنجى الله عز وجل الملك الصالح عبدالعزيز آل سعود رحمه الله تعالى ، من خبث وإجرام أولئك المبتدعة.(52/74)
مجزرة بغداد وقتل الخليفة العباسي المستعصم على يد وزيره الشيعي ابن العلقمي لعنه الله:
ففي عام 656ه كاتب الوزير الشيعي ابن العلقمي ( لعنه الله ) ، ملك التتار هولاكو سراً، وقال له: إن جئتَ إلى بغداد، سلمتها لك، فرد عليه هولاكو قائلاً: إن عساكر بغداد كثيرة فإن كنت صادقاً فيما قلته، وداخلاً في طاعتنا، فرّق عساكر بغداد، ونحن نحضر.
وعندها أشار الوزير الشيعي، على الخليفة العباسي المستعصم، بتسريح أكبر عدد من الجند والعساكر المرابطون في عاصمة الخلافة بغداد، بحجة تخفيف الأعباء المالية الثقيلة في ميزانية الدولة العباسية، عندها وافق الخليفة على ذلك، فخرج هذا الوزير الشيعي على الفور، ومحا اسم خمسة عشر ألف من عسكر بغداد، ثم نفاهم من بغداد ومنعهم من الإقامة بها، ثم بعد شهر فعل مثل فِعلته الأولى، ومحا اسم عشرين ألفاً من ديوان الجند، واستمر هذا الوزير الخبيث الشيعي يجتهد في صرف جيوش أهل السنة، وإسقاط أسمائهم من ديوان الجند، حتى أصبح عدد المسجلين في ديوان الجند، عشرة آلاف بعد أن كانوا في آخر أيام الخليفة المستنصر أكثر من مائة ألف مقاتل من أهل السنة.
وعندها توجه القائد التتري، هولاكو إلى بغداد من جهة البر الشرقي وأحاط ببغداد فأشار الوزير الشيعي، على الخليفة العباسي بمصالحتهم، وقال له: أخرج أنا إليهم من أجل الصلح، فخرج وتوثق لنفسه ولشيعته، ورجع إلى الخليفة قائلاً: إن السلطان يا مولانا أمير المؤمنين، يريد أن يزوج بنته بابنك الأمير أبي بكر، ويبقيك في منصب الخلافة.(52/75)
فخرج إليه الخليفة العباسي المستعصم، المُغرر به ومعه سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء والأمراء ورجال الدولة وأعيان العاصمة، من أهل السنة، فلما اقتربوا من مكان إقامة السفاح هولاكو، قُبض عليهم جميعاً إلا سبعة عشر نفساً، فدخل الخليفة العباسي بهؤلاء إلى هولاكو، وأُنزل الباقون من مراكبهم ونهبت ثم قتلوا عن آخرهم، ثم أُحضر أبناء الخليفة فضربت أعناقهم أمام الجميع.
أما الخليفة العباسي، فقيل أنه طلبه ليلاً، ثم أمر به ليُقتل فقال خواص هولاكو ومستشاريه، إنَّ هذا إن سُكب دمه أظلمت الدنيا، فإنه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندها خاف هولاكو أن يقتله، فقام الخبيث الشيعي نصير الدين الطوسي وقال: يُقتل ولا يُسكب دمه.
قالوا: كيف؟
قال: ضعوه في بساط , ورفسوه حتى يموت، فلا يُسكب دمه ففعلوا.
وقيل بل خُنقوه، وقيل بل أُغرق رحمه الله تعالى.
ثم اجتاح التتار عاصمة الخلافة الإسلامية، بغداد بمساعدة الرافضيان الخبيثان ابن العلقمي ونصير الدين الطوسي، ودخلوا دار الخلافة ونهبوا كثيراً من الذهب والحُلي والمصاغ والجواهر والأشياء الثمينة.
ثم مالوا على أهل السنة في بغداد، فقتلوا جميع من قدِروا عليه، من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان، حتى دخل كثير من المسلمين في الآبار وأماكن الحشوش والوسخ، فكان الناس يجتمعون في الدار، ويغلقون عليهم الأبواب، فيأتي التتار برئاسة الشيعي الخبيث ابن العلقمي، فيفتحونه إما بالكسر وإما بالنار ثم يدخلون عليهم ويقتلونهم، حتى جرت الميازيب من كثرة الدماء، وبلغ عدد الذين قُتلوا في بغداد، مليون وثمانمائة ألف مسلم موحد من أهل السنة، على يد الشيعي الخبيث نصير الدين الطوسي، الذي قال عنه الخميني في كتابه الحكومة الإسلامية صفحة 128 ما نصه: (ويشعر الناس بالخسارة أيضاً بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي وأمثاله، ممن قدموا خدمات جليلة للإسلام) انتهى كلامه.(52/76)
مجزرة المخيمات الفلسطينية على يد حزب أمل الشيعي:
وحزب أمل هي حركة شيعية لبنانية مسلحة، ذات عقيدة إمامية اثنا عشرية، أسسها موسى الصدر في لبنان عام 1975م، للدفاع عن مصالح الشيعة، وأُطُلق عليها بعد ذلك اسم (أفواج المقاومة اللبنانية). ...
أما عن المجزرة التي ارتكبتها هذه المنظمة الشيعية الاثنا عشرية:
ففي يوم الأحد 19/5/1985م، الساعة التاسعة مساءاً كانت دورية مسلحة شيعية تابعة لحزب أمل، تجوب مخيم صبرا الفلسطيني، حيث توقفت الدورية قُرب فتى يحمل مسدساً حربياً، وهي ظاهرة مألوفة في لبنان في ذلك الوقت، فحاولت الدورية اعتقال الفتى، لكنهم فشلوا وأفلت الفتى من أيديهم، وانطلق يعدو هارباً، وكانت هذه الحادثة بداية حرب دامية لم تنته إلا بعد شهر كامل.
وفي اليوم التالي اقتحمت ميليشيات أمل الشيعية، مخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطيني، وقامت باعتقال جميع العاملين في مستشفى غزة، وساقوهم مرفوعي الأيدي إلى مكتب أمل في أرض جلول، كما منعت القوات الشيعية الهلال الأحمر وسيارات الأجهزة الطبية من دخول المخيمات الفلسطينية، كما قطعت القوات الشيعية لحزب أمل امدادات المياه والكهرباء عن المستشفيات الفلسطينية.
وأفاد بعض شهود العيان أن الحرائق شبت في مستشفى غزة، وفي الساعة السابعة من نفس اليوم، تعرض مخيم برج البراجنة الفلسطيني لقصف عنيف بقذائف الهاون، من عدة جهات عندما أصدر الشيعي الخبيث نبيه بري، أوامره لقادة اللواء السادس في الجيش اللبناني بمشاركة قوات حزب أمل في ذبح المسلمين السنة في لبنان.
ومن الجدير بالذكر أن جميع أفراد اللواء اللبناني السادس، كلهم من طائفة الشيعة، الحاقدة على أهل السنة حيث خاض هذا اللواء معارك في منتهى الشراسة، ضد المسلمين العزل من أهل السنة في بيروت الغربية.(52/77)
وفي يوم الثلاثاء 21/5/1985م، وفي تمام الساعة السابعة صباحاً، وجه اللواء السادس الشيعي اللبناني، نداءات بواسطة مكبرات الصوت، إلى سكان المخيمات الفلسطينية السنة، تطالبهم بإخلاء هذه المخيمات وعندها سارعت العائلات على الفور بالفرار من منازلها واللجوء إلى المدارس والمساجد والأحياء الآمنة، وبعد نصف ساعة تماماً، أي في تمام الساعة السابعة والنصف بدأ القصف الشيعي المركز من قبل حزب أمل، حتى إن بعض التقارير قالت: إن طفلاً من المصابين يموت كل خمس دقائق، وبلغ عدد القتلى في هذين اليومين الإثنين والثلاثاء إلى 100 قتيل و500 جريح من أهل السنة سكان المخيمات الفلسطينية، حيث حصد حزب أمل الشيعي الرجال والنساء والأطفال، ولم يتوقفوا عند هذا الحد، بل امتدت أيديهم القذرة لتطول المستشفيات ودار العجزة لأهل السنة.
ومن الفظائع التي ارتكبتها قوات أمل الشيعية الإثنا عشرية بحق الفلسطنيين الآمنين في المخيمات، ما ذكرته صحيفة (ريبو بليكا) الإيطالية، من أن فلسطينياً من المعاقين لم يكن يستطيع السير منذ سنوات، رفع يديه مستغيثاً في مخيم شاتيلا أمام عناصر أمل الشيعية، طالباً الرحمة فكان الردُ عليه، بعدة طلقات غادرة استقرت في جسده البريء.
كما ذكر مراسل صحيفة (صنداي تلغراف) في بيروت أن عدداً من الفلسطنيين قتلوا في مستشفيات بيروت، وأن مجموعة من الجثث الفلسطينية قد ذبح أصحابها من أعناقهم كما تذبح الشياه.
وكشف ناطق فلسطيني النقاب، عن قيام قوات أمل الشيعية، بنسف أحد الملاجىء في يوم 26/5/1985م، والذي كان يتواجد فيه المئات من الشيوخ والأطفال والنساء في عملية دنيئة بربرية، وذكرت شاهدة عيان، أنها رأت أحد أفراد ميليشيا قوات أمل الشيعية، يذبح بحربة بندقيته ممرضة فلسطينية في مستشفى غزة، لأنها احتجت على قتل جريح أمامها.(52/78)
كما ذكرت بعض وكالات الأنباء، بأن قوات أمل الشيعية قامت باغتصاب (25) فتاة فلسطينية من أهالي مخيم صبرا وعلى مرأى من أهالي المخيم، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
تفجيرات عام 1409ه، في مكة المكرمة على يد شيعة الكويت :
ففي عام 1409ه، قامت مجموعة من شيعة الكويت، والمنتسبون إلى خلية، (السائرون على خط الإمام الخميني)، والمتفرعة من (حزب الله)، وهم كل من، منصور حسن المحميد، وعلي عبد الله كاظم، وعبد العزيز حسين شمس، وعبد الوهاب حسين بارون، وهاني حبيب السرّي، وحسن عبد الجليل الحسيني، وعادل محمد خليفة، وصالح عبد الرسول ياسين، الذين قاموا بتفجيرات بمكة المكرمة شرفها الله تعالى وحرسها، في موسم الحج لعام 1409ه، بجوار بيت الله المعظم، بعد أن تم تسليم المواد المتفجرة لهؤلاء الجناة، من قبل مسؤول السفارة الإيرانية في دولة الكويت، وأسمه محمد رضا غلوم.
ونتج عن هذه التفجيرات، قتل وجرح العديد من حجاج بيت الله، حيث بلغت الإصابات في ضيوف بيت الله تعالى إلى حروق شديدة وخطيرة، إضافة إلى تجمعات دموية في الصدر، وإنفجار في طبلات الأذن، وجروح متهتكة، ونزيف داخلي، إضافة إلى تمزق أوتار العضلات، وشلل في الأقدام.
هدم مسجد فيض السني، في مدينة مشهد الإيرانية، على أيدي الشيعة الاثنا عشرية عام 1414ه:(52/79)
ففي ليلة الاثنين 19 شعبان عام 1414ه، الموافق لذكرى وصول الخميني إلى إيران، وحيث تحتفل الدولة الإيرانية، بتلك المناسبة أشد الاحتفالات، حاصرت المخابرات الإيرانية، مسجد فيض لأهل السنة في مدينة مشهد حصاراً عنيفاً، ثم استقدمت (15) جرافة كبيرة وبعد منع الناس من التردد حول المسجد، بدأت الجرافات الشيعية في العمل من خارج المسجد طوال الليل في هدم الجدران والأبواب باتجاه الداخل، دون أن يفرغ المسجد من المصاحف والسجادات والمكتبة الموجودة فيه، واقتيد إلى السجن كل من كان في المسجد، غير من قتل تحت الجرافات من أهل السنة ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم .
الفصل الرابع :
حكم علماء الإسلام وفتاواهم في الشيعة الإمامية الاثنا عشرية:
إن الشيعة الإمامية الاثنا عشرية من فرق الضلال التي جمعت في عقيدتها، كل شرٍ وانحراف موجود في باقي الفرق والنحل، ولهذا حكم جمهور العلماء بكفرهم وزندقتهم، وفي مقدمتهم سيد الأولين والآخرين ، وإمام العلماء والمتقين، وخاتم النبيين والمرسلين:
محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم:
حيث حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بشرك الشيعة الإمامية، بل أمر صلى الله عليه وسلم، بقتلهم وأوصى بذلك أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، وعنده علي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( يا علي سيكون في أمتي قوم ينتحلون حبنا أهلَ البيت، لهم نبز يسمون الرافضة فاقتلوهم فإنهم مشركون)، رواه الإمام الطبراني في المعجم الكبير 12/242، حديث (12998) وإسناده حسن.
قول: علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ( سيكون بعدنا قوم ينتحلون مودتنا، يكذبون علينا، مارقة، آية ذلك، أنهم يسبون أبا بكر وعمر).
قول: عمار بن ياسر رضي الله عنه:(52/80)
عن عمرو بن غالب: أن رجلاً نال من عائشة رضي الله عنها عند عمار رضي الله عنه فقال: (اغرب مقبوحاً، أتؤذي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم)، رواه الترمذي باسناد حسن , وأقول كل الشيعة يطعنون في عائشة رضي الله عنها .
قول: عبد الرحمن بن أبزى رضي الله عنه:
فعن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: (قلت لأبي: ما تقول في رجل سب أبا بكر؟.
قال: يُقتل.
قلت: ما تقول في رجل سب عمر؟
قال: يُقتل) والشيعة الإمامية يلعنون أبا بكر وعمر كما ذكرنا ذلك آنفا.
قول: جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:
فعن سالم بن أبي حفصة (وهو شيعي) قال: سألت أبا جعفر وابنه جعفراً عن أبي بكر وعمر؟
فقال: (يا سالم تولهما، وابرأ من عدوهما، فإنهما كانا إمامي هدى.
ثم قال جعفر: يا سالم أيسُبُ الرجل جده؟ أبوبكر جدي، لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، إن لم أكن أتولاهما، وأبرأ من عدوهما).
وقال أيضاً رضي الله عنه: (برئ الله ممن تبرأ من أبي بكر وعمر).
قول: عبد الله بن المبارك:
قال رحمه الله تعالى: (الدين لأهل الحديث، والكلام والحيل لأهل الرأى، والكذب للرافضة).
قول: سفيان الثوري ( أمير المؤمنين في الحديث ):
عن إبراهيم بن المغيرة قال: (سألت الثوري: يُصلى خلف من يسب أبا بكر وعمر؟ قال: لا).
قول: الزهري:
قال الإمام الزهري: (ما رأيت قوماً أشبه بالنصارى من السبئية. قال أحمد بن يونس: هم الرافضة).
قول: سفيان بن عيينة:
قال رحمه الله تعالى: (لا تصلوا خلف الرافضي [يعني الشيعي] ولا خلف الجهمي ولا خلف القدري ولا خلف المرجئي).
قول: علقمة بن قيس النخعي:
قال رحمه الله تعالى: ( لقد غلت هذه الشيعة في علي رضي الله عنه كما غلت النصارى في عيسى بن مريم).
قول: أبو يوسف القاضي:
قال رحمه الله تعالى: (لا أصلي خلف الجهمي أو رافضي [يعني الشيعي] ولا قدري).
قول: يزيد بن هارون الواسطي:(52/81)
قال مؤمل بن إهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: (يُكتب عن كل مبتدع-إذا لم يكن داعية- إلا الرافضة فإنهم يكذبون).
قول: أبو عبيد القاسم بن سلاّم:
قال الإمام القاسم بن سلام: (لا حظ للرافضي [يعني الشيعي] في الفيء والغنيمة).
وقال كذلك رحمه الله: (عاشرت الناس وكلمت أهل الكلام وكذى، فما رأيت أوسخ وسخاً، ولا أقذر قذراً، ولا أضعف حجة، ولا أحمق من الرافضة).
قول: الأعمش:
قال معاوية بن خازن: سمعت الأعمش يقول: (أدركت الناس وما يسمونهم إلا بكذابين، يعني الرافضة).
قول: مالك بن أنس:
قال الإمام مالك: (الذي يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ليس لهم إسم أو قال نصيب في الإسلام).
كما سُئل الإمام مالك عن الرافضة الشيعة فقال: (لا تكلمهم ولا ترد عنهم فإنهم يكذبون).
قول: الشافعي:
قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: (لم أر أحداً أشهد بالزور من الرافضة).
قول: أحمد بن حنبل:
روى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: (سألت أبا عبد الله، يعني أحمد بن حنبل، عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة ؟.
قال: ما أراه على الإسلام).
وقال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل قال: (من شتم [يعني أصحاب رسول الله] أخاف عليه الكفر مثل الروافض، ثم قال: (من شتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نأمن أن يكون قد مرق من الدين) أي خرج من الدين.
وقال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن رجل شتم رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ما أراه على الإسلام).
وجاء عن الإمام أحمد بن حنبل قوله عن الرافضة الشيعة ما نصه: (هم الذين يتبرأون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ويسبونهم، وينتقصونهم، ويكفرون الأئمة إلا أربعة، علي، وعمار، والمقداد، وسلمان، وليست الرافضة من الإسلام في شيء).(52/82)
وقال ابن عبد القوي: (كان الإمام أحمد يكفر من تبرأ منهم (أي الصحابة) ومن سب عائشة أم المؤمنين مما برأها الله منه وكان يقرأ (يعظكم الله أن تعودوا لمثلهِ أبداً إن كنتم مؤمنين).
وسُئل رحمه الله تعالى عن الذي يشتم معاوية أيصلى خلفه؟ (قال: لا يصلى خلفه ولا كرامة).
قول: البخاري:
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى: (ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي، أم صليت خلف اليهود النصارى، ولا يسلم عليهم ولا يعادون [ أي لا يزارون في مرضهم ] ولا يناكحون ولا يُشهدون، [ أي لا تُشهد جنائزهم لأنهم ماتوا على غير ملة الإسلام ]، ولا تؤكل ذبائحهم).
قول: طلحة بن مصرِّف:
قال الإمام طلحة بن مصرّف رحمه الله: (الرافضة لا تنكح نساؤهم، ولا تؤكل ذبائحهم، لأنهم أهل ردة).
قول: الفريابي:
روى الخلال قال: أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني، قال: حدثنا موسى بن هارون بن زياد قال: (سمعت الفريابي ورجل يسأله عمن شتم أبا بكر؟
قال: كافر.
قال: فيصلى عليه ؟
قال: لا.
وسألته كيف يُصنع به وهو يقول لا إله إلا الله.
قال: لا تمسوه بأيديكم ارفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته).
وقال أيضاً رحمه الله: (ما أرى الرافضة والجهمية إلا زنادقة).
قول: محمد بن الحسين الآجري:
قال الإمام الآجري ( وهو إمام من أئمة الحديث ) رحمه الله تعالى: (وقد تقدم ذكرنا لمذهب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذريتُه الطيبة ينكرون على الرافضة، سوء مذاهبهم، ويتبرؤون منهم، وقد أجلَّ الله الكريم، أهلَ بيتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن مذاهبهم القذرة التي لا تشبه المسلمين).
وقال رحمه الله تعالى: (أن الرافضة أسوأ الناس حالة، وأنهم كذبة فجرة، وأن علياً رضي الله عنه، وذريتُه الطيبة أبرياء مما تنحله الرافضة إليهم، وقد برأ الله الكريم علياً رضي الله عنه، وذريتَه الطيبة من مذاهب الرافضة الأنجاس الأرجاس).
قول: أحمد بن يونس:(52/83)
قال الإمام أحمد بن يونس: ( لو أن يهودياً ذبح شاة، وذبح رافضي لأكلت ذبيحة اليهودي، ولم آكل ذبيحة الرافضي، لأنه مرتد عن الإسلام).
قول: أبو زرعة الرازي:
قال: (إذا رأيت الرجل، ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعلم أنه زنديق، لأن مؤدى قوله إلى إبطال القرآن والسنة).
قول: البربهاري:
قال الإمام البربهاري رحمه الله تعالى: (وأعلم أن الأهواء كلها ردية، تدعوا إلى السيف، وأردؤها وأكفرها الرافضة، والمعتزلة، والجهمية، فإنهم يريدون الناس على التعطيل والزندقة).
قول: الإمام ابن الجوزي:
قال رحمه الله تعالى: ( وغُلُوُّ الرافضة في حُبِّ علي رضي الله عنه، حملهم على أن وضعوا أحاديث كثيرة في فضائله، أكثرها تُشينه وتؤذيه، ثم لهم خرافات لا يُسندونها إلى مستَنَد، ولهم مذاهب في الفقه ابتدعوها، وخرافات تخالف الإجماع، ومسائلَ كثيرة يطول ذكرها، خرقوا فيها الإجماع، وسوَّل لهم إبليس وضعها).
قول: عبد القاهر البغدادي:
قال: (وأما أهل الإهواء من الجارودية والهاشمية والجهمية، والإمامية [ يعني الشيعة ] الذين أكفروا خيار الصحابة، فإنا نكفرهم، ولا تجوز الصلاة عليهم عندنا، ولا الصلاة خلفهم).
وقال أيضاً: ( وما رأينا ولا سمعنا، بنوع من الكفر، إلا وجدنا شعبة منه، في مذهب الروافض).
قول: ابن حزم الظاهري:
قال ابن حزم: ( وأما قولهم- يعني النصارى- في دعوى الروافض تبديلَ القرآن، فإن الروافض ليسوا من المسلمين، إنما هي فرقة حدث أولهُا، بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة، وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر).
قول: القاضي عياض:
قال رحمه الله تعالى: (نقطع بتكفير غلاة الروافض، في قولهم إن الأئمة أفضل من الأنبياء).
قول: السمعاني:
قال الإمام السمعاني رحمه الله تعالى: (واجتمعت الأمة، على تكفير الإمامية، لأنهم يعتقدون تضليل الصحابة، وينكرون إجماعهم وينسبونهم إلى ما يليق بهم).(52/84)
قول: شيخ الإسلام ابن تيمية:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (من زعم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت، أو زعم أن له تأويلات باطنة تُسقط الأعمال المشروعة، فلا خلاف في كفرهم، ومن زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام، إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً، أو أنهم فسقوا عامتَهم، فهذا لا ريب أيضاً في كفره، بل من يشكُ في كفر مثلُ هذا، فإن كفره متعين).
بل يرى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، بوجوب قتال الشيعة، وأن قتالهم أولى وأحق، من قتال الخوارج وأن أئمتهم من الزنادقة، حيث قال: (إنهم شرٌ من عامة أهل الأهواء، وأحق بالقتال من الخوارج، وأيضاً فغالبُ أئمتِهم زنادقة، إنما يظهرون الرفض، لأنه طريق إلى هدم الإسلام، كما فعلته أئمة الملاحدة).
وقال أيضاً: (وفي الجملة: فمن جرّب الرافضة، في كتابهم وخطابهم، علم أنهم من أكذب خلق الله).
وقال أيضاً في مجموع الفتاوى: (فإن الذي ابتدع الرفض، كان يهودياً أظهر الإسلام نفاقاً، ودس إلى الجهال دسائس، يقدح بها في أصل الدين ، ولهذا كان الرفض، أعظم أبوابِ النفاق والزندقة، ولهذا انضمت إلى الرافضة أئمة الزنادقة من الإسماعيلية والنُصيرية، وأنواعِهم من القرامطة والباطنية، والدرزية، وأمثالهم من طوائف الزندقة والنفاق).
وقال أيضاً رحمه الله تعالى في منهاج السنة النبوية ما نصه: (فلينظر كل عاقل، فيما يحدث في زمانه، وما يقرب من زمانه، من الفتن والشرور، والفساد في الإسلام، فإنه يجد معظم ذلك من قِبَل الرافضة، وتجدهَم من أعظم الناس فتناً وشراً).
قول: ابن القيم:(52/85)
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في مفتاح دار السعادة ما نصه: (واقرأ نسخة الخنازير من صور أشباههم ولا سيما أعداء خيار خلق الله بعد الرسل وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هذه النسخة ظاهرة في وجوه الرافضة، يقرأها كل مؤمن كاتب وغير كاتب وهي تظهر وتخفى بحسب خنزيرية القلب وخبثه فإن الخنزير أخبث الحيوانات وأردؤها طباعاً ومن خاصيته أنه يدع الطيبات فلا يأكلها ويقوم الإنسان عن رجيعه فيبادر إليه).
وقال أيضاً: (وأخرج الروافض الإلحاد والكفر، والقدح في سادات الصحابة، وحزب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأوليائه وأنصاره، في قالب محبة أهل البيت والتعصب لهم وموالاتهم).
قول: الذهبي:
قال الإمام الذهبي في كتاب الكبائر مانصه: (فمن طعن فيهم أو سبهم، [يعني أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم] فقد خرج من الدين ومرق من ملة المسلمين).
قول: محمد المقدسي:
قال الإمام المقدسي: (لا يخفى على كل ذي بصيرة وفهم من المسلمين أن أكثر ما قدمناه من الباب قبلَه من عقائد هذه الطائفة الرافضة، على اختلاف أصنافها كفر صريح، وعناد مع جهل قبيح لا يتوقف الواقف عليه من تكفيرهم، والحكم عليهم بالمروق من دين الإسلام).
قول: علي بن سلطان القارئ:
قال رحمه الله تعالى: (وأما من سب أحداً من الصحابة، فهو فاسق ومبتدع بالإجماع، إلا إذا اعتقد أنه مباح، كما عليه بعض الشيعة وأصحابهم، أو يترتب عليه ثواب كما هو دأبُ كلامهم، أو اعتقد كفر الصحابة وأهل السنة، فإنه كافر بالإجماع).
قول: محمد بن عبد الوهاب:(52/86)
وكذلك حكم الإمام المجدد شيخ الإسلام، محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله تعالى بكفر الشيعة الاثنا عشرية وذلك لسبهم الصحابة رضوان الله عليهم ولعنهم حيث قال: (فإذا عرفت أن آيات القرآن تكاثرت في فضلهم (يعني أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) والأحاديث المتواترة بمجموعها ناصةٌ على كمالهم، فمن اعتقد فسقهم أو فسق مجموعهم، وارتدادهم وارتداد معظمهم عن الدين، فقد كفر بالله تعالى ورسوله).
وقال أيضاً: (وبهذا وأمثاله تعرف أن الرافضة أكثر الناس تركاً لما أمر الله، وإتياناً لما حرمَه، وأن كثيراً منهم ناشيء عن نطفة خبيثة، موضوعة في رحمٍ حرام، ولذا لا ترى منهم إلا الخبيث اعتقاداً وعملاً، وقد قيل كل شيء يرجع إلى أصله).
وقال رحمه الله أيضاً: (فهؤلاء الإمامية خارجون عن السنة، بل عن الملة واقعون في الزنا، وما أكثر ما فتحوا على أنفسهم أبواب الزنا، في القبل والدبر، فما أحقهم بأن يكونوا أولاد زنا).
قول: عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ:
قال رحمه الله تعالى: (وعندهم المشهد الحسيني وقد اتخذه الرافضة وثناً، بل رباً مدبراً، وخالقاً ميسراً، واعادوا به المجوسية، وأحيوا به معاهد اللات والعزى، وما كان عليه أهل الجاهلية، وكذلك مشهد العباس ومشهد علي… والرافضة يصلون لتلك المشاهد، ويركعون ويسجدون لمن في تلك المعاهد، وقد صرفوا من الأموال والنذور، لسكان تلك الأجداث والقبور، مالا يُصرفُ عُشرُ مِعْشارهِ للملك العلي الغفور… وكذلك جميع قرى الشط والمجره على غاية من الجهل، والمعروف في القطيف والبحرين من البدع الرافضية، والأحداث المجوسية، والمقامات الوثنية، ما يضاد و يصادم أصول الملة الحنيفية) انتهى كلامه من كتاب مجموعة الرسائل والمسائل النجدية.
قول: محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ:(52/87)
قال رحمه الله: (وأما مجرد السلام على الرافضة، ومصاحبتِهم ومعاشرتِهم، مع اعتقاد كفرهم وضلالهم، فخطر عظيم، وذنب وخيم، يُخاف على مرتكبه، من موت قلبه وانتكاسه… وزوال الإيمان، فلا يجادل في جوازه إلا مغرور بنفسه، مستعبد لفلسه، فمثل هذا يُقابل بالهجر، وعدم الخوض معه في هذه المباحث، التي لا يدريها إلا من تربى بين يدي أهل هذه الدعوة الإسلامية، والطريقة المحمدية).
وقال أيضاً: ( فهذا حكم الرافضة في الأصل وأما الآن، فحالهم أقبح وأشنع، لأنهم أضافوا إلى ذلك الغلو في الأولياء، والصالحين من أهل البيت…فمن توقف في كفرهم والحالة هذه، وارتاب فيه، فهو جاهل بحقيقة ما جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب، فليراجع دينه قبل حلول رمسه) انتهى كلامه من كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية.
قول: عبد الرحمن بن حسن:
قال رحمه الله تعالى: (فأصل الرافضة، خرجوا في خلافة أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب رضي الله عنه…وهم الذين أحدثوا الشرك، في صدر هذه الأمة، بنوا على القبور، وعمت بهم البلوى، ولهم عقائد سوء يطول ذكرها) من مجموعة الرسائل والمسائل النجدية.
قول: عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين:
قال رحمه الله تعالى: (فهذا حكم الرافضة في الأصل، فأما حكم متأخريِهم الآن، فجمعوا بين الرفض والشرك بالله العظيم، بالذي يفعلونه عند المشاهد، وهم الذين ما بلغهم شرك العرب، الذين بُعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية.
قول: سليمان بن سحمان:
قال الإمام رحمه الله تعالى: (وقد تقدم قريباً من كلام أهل السنة، في شأن هؤلاء الأرفاض، من مقالاتهم الشنيعة، وأوضاعهم الخاطئة الكاذبة الوضيعة، ما تمجُّه الطباع، وتستكُ عن سماعه الأسماع، فمن كان ما تقدم ذكره عنهم، هذه نحلته، وهذا دينه، فهم عند جماهير المسلمين ليسوا من أهل الإسلام). ...(52/88)
وقال أيضاً رحمه الله: (ولم يخالف فيما ذكرناه إلا هؤلاء الملاحدة كالرافضة، والإمامية، وعبّاد القبور والمشاهد، وهؤلاء لا عبرة بخلافهم فيما قالوا من المخرقة والخزعبلات التي لا تفيد، فلا يقول بها إلا كل كفَّار عنيد) انتهى كلامه من كتابه الحجج الواضحة الإسلامية في رد شبهات الرافضة والإمامية.
قول: شاه عبد العزيز الدهلوي:
قال الإمام عبد العزيز الدهلوي وهو من محدثي القارة الهندية، بعد أن اطلع على كتب الشيعة الاثنا عشرية ما نصه: (ومن استكشف عقائِدَهم، وما انطووا عليه، علم أن ليس لهم في الإسلام نصيب، وتحقق كفرهم لديه) انتهى كلامه من كتاب مختصر التحفة الاثنا عشرية.
قول: الشوكاني:
قال الإمام الشوكاني محدث اليمن : (وبهذا يتبين، أن كل رافضي خبيث، يصير كافراً بتكفيره لصحابي واحد، فكيف بمن كفر كل الصحابة، واستثنى أفراداً يسيرة، تَغطِيةً لما هو فيه، من الضلال) انتهى كلامه من كتاب نثر الجوهر على حديث أبي ذر.
وقال أيضاً: (لا أمانة لرافضي قط، على من يخالفه في مذهبه، ويدين بغير الرفض، بل يستحل ماله ودمه، عند أدنى فرصة تلوح له، لأنه عنده مباح الدم والمال، وكل ما يُظهره من المودة فهو تُقية، يذهب أثره بمجرد إماكن الفرصة) انتهى كلامه من كتابه طلب العلم.
قول: محمد صديق حسن خان القنوجي :
قال رحمه الله تعالى: (وأقول ما أصدق هذا الكلام…فإنه دل دلالةٌ واضحة صريحة، لا سُترة عليها، على أن الرافضة كفار كفراً بواحاً… فينبغي أن يجري حكمُ الكفار عليهم، في جميع المسائل والأحكام، من ترِك المناكحةِ بهم، والجهادِ معهم، والرد على مذهبهم، والإنكار على صنيعهم، والاعتقاد بعدم إسلامهم، وبكونهم أخبث الطوائف في الدنيا) انتهى كلامه من كتابه الدين الخالص.
قول: محمود شكري الألوسي:(52/89)
قال العلامة محمود شكري الألوسي رحمه الله تعالى: (وقد زعم الروافض أن جميع الصحابة رضي الله تعالى عنهم، إلا من استثني قد ظلموا … ولَعَمْرِي أن كفرهم أشهر من كفر إبليس) انتهى كلامه من كتابه صب العذاب على من سب الأصحاب.
قول: علماء ما وراء النهر:
قال الإمام الألوسي صاحب التفسير مانصه: (وكالاثنا عشرية، فقد كفرهم معظم علماء ما وراء النهر، وحكموا بإباحة دمائهم، وأموالهم وفروج نسائهم، حيث أنهم يسبون الصحابة رضي الله تعالى عنهم، لاسيما الشيخين رضي الله تعالى عنهما، وهما السمع والبصر منه عليه الصلاة والسلام) من كتاب صب العذاب على من سب الأصحاب.
قول: محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ مفتي الديار السعودية:
قال الإمام العلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله: (وهؤلاء الروافض قد ارتكبوا بهذا الصنيع عدة جرائم شنيعة، منها الاستهزاء بافاضل الصحابة رضوان الله عليهم، وسبهم ولعنهم…وهذا يدل على خبثهم، وشدة عداوتهم للاسلام والمسلمين، فيجب على المسلمين، أن يغاروا لأفاضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يقوموا على هؤلاء الروافض، قيامَ صدقٍ لله تعالى، ويحاكموهم محاكمة قوية دقيقة، ويوقعوا عليهم الجزاء الصارم البليغ، سواء كان القتل أو غيره)(1).
كما أفتى سماحته رحمه الله تعالى بقتل أحد الدعاة من الرافضة الذي قام بتأليف كتاباً ينشر فيه معتقده الخبيث حيث قال رحمه الله: (والذي أراه أنه يسوغ قتل هذا الخبيث تعزيراً، لأن ما أبداه رأس فتنة إن قُطع خمَدت وإن تسوهل في شأنه، عادت بافظع من هذا الكتاب… وقتل مثل هذا تعزيراً، إذا رآه الإمام ردع للمفسدين وحسم لمادة البدعة، وسد لهذا الباب)(2).
__________
(1) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم 1/249-250.
(2) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم 1/251.(52/90)
وقال أيضاً رحمه الله: (فالرافضة أحبت أهل البيت ولكنها غلت… حتى صار الروافض هم أئمة كل شرك وخرافة، فهم أول من بنى المساجد على القبور) انتهى كلامه من كتاب فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية.
قول: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، في الممملكة العربية السعودية:
وهم كل من العلامة عبد العزيز بن باز، والعلامة عبد الرزاق عفيفي، والعلامة عبد الله بن غديان، والعلامة عبد الله بن قعود
حيث وُجه إلى اللجنة الدائمة سؤال عن حكم أكل ذبائح جماعة من الجعفرية الإمامية الاثنا عشرية، فأجابت اللجنة بقولها: (إذا كان الأمر كما ذكر السائل، من أن الجماعة الذين لديه من الجعفرية، يدعون علياً والحسن والحسين وسادتِهم، فهم مشركون مرتدون عن الإسلام والعياذ بالله ، لا يحل الأكل من ذبائحهم، لأنها ميتة ولو ذكروا عليها اسم الله).
وقالت اللجنة في جوابٍ آخر ما نصه: (إذا كان الواقع كما ذكرت، من دعائهم علياً والحسن والحسين ونحوهم، فهم مشركون شركاً أكبر يُخرج من ملة الإسلام، فلا يحل أن نزوجهم المسلمات، ولا يحل لنا أن نتزوج من نسائهم، ولا يحل لنا أن نأكل من ذبائحهم).
كما أجابت اللجنة الدائمة في جوابٍ آخر عن حكم من يعتقد أن القرآن قد وقع فيه التحريف كما تعتقده الشيعة الإمامية بقولها ما نصه: ( ومن قال إنه غيرُ محفوظ، أو دخله شيء من التحريف، أو النقص فهو ضال مضل، يستتاب فإن تاب، وإلا وجب على ولي الأمرِ قتلُه مرتداً… ولهذا أنكر علماء الإسلام على الشيعة الباطنية زعمهم أن القرآن الذي بين أيدي المسلمين ناقص، وأن الذي عندهم هو الكامل، وهذا من أبطل الباطل) انتهى كلامهم من فتاوى اللجنة الدائمة.
قول: مؤتمر رابطة العالم الإسلامي الثالث:(52/91)
حيث جاء في بيانه الصادر في ربيع الأول لعام 1408ه مانصه: (لقد تبين للمشاركين في المؤتمر، أن الخميني داعيةَ ضلال، جر على المسلمين من المصائب والفتن، ما مزق الشمل، وأن منهجه خارجٌ على الإسلام وتعالِيمه، ويشكل خطورة على أمة الإسلام، لذا فإنهم يطلبون الحكام والمنظمات، والشعوب الإسلامية، بمقاطعته على مختلف المستويات، والتصدي لتحركاته على الساحة الإسلامية).
قول: عبد العزيز بن عبد الله بن باز:
قال العلامة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في الشيعة الاثنا عشرية ما نصه: (وأفيدكم بأن الشيعة فرقٌ كثيرة، وكل فرقة لديها أنواع من البدع، وأخطرُها فرقة الرافضة الخمينية الاثنا عشرية، لكثرة الدُعاة إليها، ولما فيها من الشرك الأكبر، كالاستغاثة بأهل البيت، واعتقاد أنهم يعلمون الغيب، ولا سيما الأئمة الاثنا عشر حسبَ زعمهم، ولكونهم يكفرون ويسبون غالب الصحابة، كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما نسأل السلامة مما هم عليه من الباطل) مجموع فتاوى ومقالات عبد العزيز بن باز 4/439.
قول: محمد ناصر الدين الألباني:
قال العلامة المحدث الألباني، مجيباً لسؤالٍ وُجه إليه، عن حُكمه في المدعو الخميني ما نصه: (فقد وقفت على الأقوال الخمسة التي نقلتموها عن كتب المسمى بـ (روح الله الخميني) راغبين مني بيانَ حكمي فيها، وفي قائلها، فأقول وبالله تعالى وحده أستعين:
إن كل قول من تلك الأقوال الخمسة كفر بواح، وشرك صراح، لمخالفته للقرآن الكريم، والسنة المطهرة، وإجماع الأمة، وما هو معلوم من الدين بالضرورة.
ولذلك فكل من قال بها، معتقداً، ولو ببعض ما فيها، فهو مشرك كافر، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم) انتهى كلامه من كتاب، الشيعة الإمامية الاثنا عشرية في ميزان الإسلام لربيع السعودي.
قول: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين:(52/92)
قال الشيخ عبد الله الجبرين: (فالرافضة بلا شك كفار…ومن شك في ذلك فليقرأ كُتبَ الرد عليهم، ككتاب القفاري في تفنيد مذهبهم، وكتاب الخطوط العريضة، وكتاب إحسان إلهي ظهير وغيرها) انتهى كلامه من كتاب اللؤلؤ المكنون.
الفصل الخامس :
العلاقة بين الشيعة واليهود عقدياً وعسكرياً
أحبتي في الله نتكلم هذا اليوم بإذنه تعالى عن العلاقة بين الشيعة واليهود عقدياً وعسكرياً
وحديثنا سيكون بإذن الله تعالى تحت هذه العناصر التالية :
دور اليهودي عبدالله بن سبأ في تأسيس المعتقد الشيعي .
تشابه الشيعة واليهود في تكفير غيرهم واستباحة دمائهم وأموالهم .
تشابه الشيعة واليهود في تحريف كتب الله تعالى .
تشابه الشيعة واليهود في الوصية بالإمامة .
تشابه الشيعة واليهود في المسيح والمهدي المنتظرين .
تشابه الشيعة واليهود في غلوهم بأئمتهم وحاخاماتهم .
تشابه الشيعة واليهود في قدحهم في الأنبياء والصحابة .
تشابه الشيعة واليهود في تقديسهم لأنفسهم .
أخيراً عن التعاون الشيعي الإسرائيلي في مجال التسلح العسكري .
دور اليهودي عبدالله بن سبأ في نشأة الشيعة :
لقد قام هذا اليهودي الخبيث وهو من يهود اليمن ويلقب بابن السوداء بدعوة من اغتر به من عوام المسلمين إلى بعض المبادئ اليهودية وغلف دعوته هذه بالتظاهر بحب أهل البيت والدعوة إلى ولايتهم رضوان الله عليهم إضافة إلى البراءة من أعدائهم .. فأغتر به جماعة مِن مَن لم يتمكن الإسلام في قلوبهم .. وهم من الأعراب وحديثي العهد بالإسلام .. حتى أصبحت فرقة دينية تخالف في عقيدتها العقيدة الإسلامية وتستمد أفكارها ومبادئها من الديانة اليهودية .. فانتسبت هذه الفرقة إلى مؤسسها ابن سبأ وأطلق عليها السبئية ,, ومن السبئية هذه أخذت الشيعة عقيدتها وأصولها فتأثرت بتلك المبادئ اليهودية المغلفة التي دعى إليها ابن سبأ اليهودي .(52/93)
ولهذا اشتهر بين العلماء أن عبدالله بن سبأ هو أول من ابتدع الرفض وأن الرفض مأخوذ من اليهودية .
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى " وقد ذكر أهل العلم أن مبدأ الرفض أي التشيع كان من الزنديق عبدالله بن سبأ .. فإنه أظهر الاسلام وأبطن اليهودية .. وطلب أن يفسد الإسلام كما فعل بولس النصراني .. الذي كان يهودياً في إفساد دين النصارى " انتهى كلامه رحمه الله تعالى
من مجموع الفتاوى المجلد الثامن والعشرين صفحة 483
وقال في موضع أخر " وأصل الرفض من المنافقين الزنادقة فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق وأظهر الغلو في علي بدعوة الإمامة والنص عليه وادعى العصمة له ولهذا كان مبدأه من النفاق .. قال بعض السلف : ( حب أبي بكر وعمر إيمان وبغضهما نفاق وحب بني هاشم إيمان وبغضهم نفاق " انتهى كلامه رحمه الله تعالى من مجموع الفتاوى المجلد الرابع صفحة 435 .
أما عن إثبات حقيقة وجود ابن سبأ إخواني في الله ..
فإن الكثير من الشيعة المعاصرين يتبرأون من هذا الرجل ويقولون بأنه شخصية وهمية وهي من كذب وإفتراء أهل السنة على الشيعة الاثنى عشرية .. هذا قول المعاصرين من الشيعة .
ونحن الأن نثبت أن هذه الشخصية هي شخصية حقيقية من كتب أئمة الشيعة المعتبرين والذين بلغوا منزلة رفيعة عند القوم ومنهم إمامهم القمي الذي تحدث عن السبئية وابن سبأ في كتاب المقالات والفرق صفحة 20 فقال ما نصه " وهذه الفرقة تسمى السبئية أصحاب عبدالله بن سبأ وهو عبدالله بن وهب الراسبي الهمداني وساعده على ذلك عبدالله بن حرصي وابن أسود وهما من أجلة أصحابه وكانا أول من أظهرا الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم " .(52/94)
أما إمامهم النوبختي والذي تحدث عن ابن سبأ في كتاب فرق الشيعة صفحة 22 حيث قال " وحكى جماعة من أهل العلم من أصحاب علي عليه السلام أن عبدالله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووالى علي عليه السلام وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى عليه السلام بهذه المقالة فقال في اسلامه – أي بعد أن أسلم عبدالله بن سبأ – قال في اسلامه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في علي عليه السلام بمثل ذلك " .
وكذلك من أئمتهم الذين أثبتوا حقيقة وجود عبدالله بن سبأ ابن أبي الحديد الذي ذكر أن ابن سبأ هو أول من أظهر الغلو في زمن علي رضي الله عنه حيث قال في شرح نهج البلاغة المجلد الخامس ص5 ما نصه " وأول من جهر بالغلو في أيامه – أي في أيام علي بن أبي طالب - يقول وأول من جهر بالغلو في أيامه عبدالله بن سبأ فقام إليه وهو يخطب فقال له أنت .. أنت .. وجعل يكررها .. فقال له – أي علي بن أبي طالب رضي الله عنه - ويلك من أنا .. فقال أنت الله .. فأمر بأخذه وأخذ قوم كانوا معه على رأيه " انتهى كلامه من شرح نهج البلاغة .
أما إمامهم نعمة الله الجزائري أي إمام الشيعة نعمة الله الجزائري فيقول في كتابه الأنوار النعمانية المجلد الثاني ص 234 ما نصه " وقيل إنه كان يهودياً فأسلم _ أي ابن سبأ - أنه كان يهودياً فأسلم وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون وفي موسى مثل ما قال في علي " .
إذاً إخواني في الله فإن شخصية عبدالله بن سبأ اليهودي حقيقية ومثبتة تاريخياً بشهادة أئمة الشيعة الاثنى عشرية كما رأينا من كلامهم أنفاً ومن كتبهم المعتمدة فلا يأتي أحد من أئمتهم المعاصرين الآن وينكر وجود هذه الشخصية اليهودية الخبيثة التي أسست معتقد الشيعة الامامية .
تشابه الشيعة واليهود في تكفير غيرهم واستباحة دمائهم وأموالهم :(52/95)
حيث يتشابه الشيعة واليهود في تكفير غيرهم واستباحة دماءهم وأموالهم فيعتقد اليهود أنهم هم المؤمنون فقط أما الأُمميون فهم عندهم كفرة وثنيون لا يعرفون الله تعالى .
فقد جاء في التلمود صفحة 100 ما نصه " كل الشعوب ماعدا اليهود وثنيون , وتعاليم الحاخامات مطابقة لذلك " انتهى .
وحتى المسيح عليه السلام عيسى بن مريم لم يسلم من تكفير اليهود فقد جاء في التلمود وصفهم المسيح عليه السلام بأنه كافر لا يعرف الله عياذاً بالله تعالى .
وجاء في موضع أخر من التلمود صفحة 99 ما نصه " إن المسيح كان ساحراً و وثنياً فينتج أن المسيحيين وثنيون أيضاً مثله " عياذاً بالله تعالى .
يعتقد اليهود أيضاً أن هؤلاء المخالفين سيدخلون النار وأنهم يكونون خالدين مخلدين فيها جاء في التلمود صفحة 67 ما نصه " النعيم مأوى أرواح اليهود ولا يدخل الجنة إلا اليهود أما الجحيم فمأوى الكفار من المسيحيين والمسلمين ولا نصيب لهم فيها سوى البكاء لما فيها من الظلام والعفونة " انتهى .
أما ما يتعلق بنظرة اليهود لغيرهم في هذه الحياة أقول : فيعتقد اليهود أنه ليس لغيرهم أي حرمة فحقوقهم جميعها مهدرة ودماءهم وأموالهم وأعراضهم مباحة لليهود بل انه قد جاءت النصوص في أسفارهم المقدسة وفي كتاب التلمود على وجه الخصوص بالحث والترغيب على قتل كل من كان ليس يهودياً بل وأخذ أمواله بأي وسيلة كانت ومن النصوص الدالة على استباحة دماءهم غيرهم ما جاء في التلمود صفحة 146 بلفظ
" حتى أفضل القويم يجب قتله .. " (1) انتهى . ويقول إلكوت سيموني وهو أحد علماء التلمود ما نصه " كل من يسفك دم شخص غير تقي – يعني غير يهودي – عمله مقبول عند الله كمن يقدم قرباناً إليه " انتهى من كتاب فضح التلمود صفحة 146 .
__________
(1) أي من كان من غير اليهود(52/96)
وجاء في التلمود أيضاً ما نصه " قتل الصالح من غير اليهود ومحرم على اليهودي أن ينجي أحداً من الأجانب من الهلاك أو يخرجه من حفرة يقع فيها بل عليه أن يسدها بحجر " انتهى .
أما من يقتل واحد من الأجانب عند اليهود فإنه يقدم أعظم فضيلة في دين اليهود يستحق أن يكافأ عليها بالخلود في الفردوس الأعلى حيث جاء في التلمود ما نصه " إن من يقتل مسيحياً أو أجنبياً أو وثنياً يكافأ بالخلود في الفردوس " انتهى .
هذا ما جاء وفي كتب اليهود قديمها وحديثها من النصوص التي تدل على استباحتهم دماء مخالفيهم بل واعتقادهم أن سفك دم غير اليهود من أهم الواجبات وأفضل القربات التي يستحق فاعلها أن يكافأ عليها بالخلود في جنة الفردوس .
أما استباحتهم أموال مخالفيهم فقد دلت عليه كذلك نصوص كثيرة من أسفارهم المقدسة ككتاب التلمود الذي جاء فيه ما نصه " إن السرقة غير جائزة من الانسان – أي من اليهودي – أما الخارجون عن دين اليهود فسرقتهم جائزة " انتهى .
وجاء في نص أخر ما نصه " حياة غير اليهود ملك لليهودي فكيف بأمواله " انتهى .
وكذلك أحبابي في الله وإخواني في الله فإن التلمود يمنع اليهودي من رد ما يجده من أموال غير اليهودي إلى أصحابها ومن فعل ذلك فإنه يكون أثماً بفعله هذا حيث جاء عن أحد أحبار اليهود ما نصه " إذا رد أحد إلى غريب ما أضاعه فالرب لا يغفر له أبداً " انتهى . ومعنى الغريب هو الذي من غير اليهود .
أما عن الربا فهو محرم عند اليهود فيما بينهم أما مع الأجنبي أي غير اليهودي فيجوز عندهم إقراضه بالربا وذلك لأنهم يرون أنه وسيلة من وسائل استرجاع أموال الأجانب التي هي في الأصل ملك لليهود كما زعموا فقد جاء في التلمود صفحة 81 ما نصه " غير مصرح لليهودي أن يقرض الأجنبي إلا بالربا " انتهى .(52/97)
وكذلك فإن اليهود يستبيحون أعراض المخالفين لهم بل ليست لها عندهم أي حرمة فالزنا مباح عندهم بغير اليهودية ويعللون ذلك بتعليلات غريبة كما جاء في التلمود ما نصه " اليهودي لا يخطئ إذا اعتدى على عرض الأجنبية لأن كل عقد نكاح عند الأجانب فاسد لأن المرأة غير اليهودية تعتبر بهيمة والعقد لا يوجد بين البهائم " انتهى .
وجاء في نص أخر للتلمود ما نصه " لليهودي الحق في اغتصاب النساء غير المؤمنات - أي غير اليهوديات - وإن الزنا بغير اليهود ذكوراً كانوا أم إناثاً لا عقاب عليه لأن الأجانب من نسل الحيوانات " انتهى .
وبعد أن تعرفنا إخواني في الله على معتقد اليهود في تكفير غيرهم واستباحة دماءهم وأموالهم ننتقل الآن إلى الشيعة الإمامية الإثنى عشرية وننظر هل يوافقون أسيادهم من اليهود في تكفير غيرهم واستباحة دماءهم وأموالهم .. أقول إخواني في الله إن الشيعة يعتقدون أنهم هم المؤمنون فقط وأن ما عداهم من المسلمين كفار مرتدون ليس لهم في الإسلام نصيب , أما سبب تكفير الشيعة للمسلمين فلأنهم لم يأتوا بالولاية التي يعتقد الشيعة أنها ركن من أركان الإسلام فكل من لم يأتي بالولاية عند الشيعة فهو كافر كالذي لم يأتي بالشهادتين أو ترك الصلاة بل الولاية مقدمة عندهم على سائر أركان الإسلام ويقصدون بالولاية .. ولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه والأئمة من بعده ولما كانت جميع الفرق الاسلامية لا توافق الشيعة على هذه العقيدة الفاسدة .. حكم الشيعة بكفر جميع هذه الفرق وأخرجوهم من الاسلام واستباحوا دماءهم وأموالهم وعلى رأسهم بالطبع أهل السنة والجماعة والذين تسميهم الشيعة تارة بالنواصب وتارة بالعامة وتارة بالسواد وتارة بالوهابية .
وقد دل على تكفير الشيعة لغيرهم من المسلمين روايات كثيرة قد جاءت في أهم الكتب عندهم وأوثقها .(52/98)
فقد روى البرقي عن أبي عبدالله عليه السلام - إذا ذكرنا اسم أبي عبدالله فهم يقصدون بذلك جعفر الصادق رضي الله عنه - أنه قال " ما أحد على ملة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا وسائر الناس منها براء " انتهى من كتاب المحاسن صفحة 147 .
وكذلك روى الكليني في الروضة من الكافي المجلد الثامن صفحة 145 ما نصه عن علي بن الحسين أنه قال " ليس على فطرة الاسلام غيرنا – يعني أهل البيت – وغير شيعتنا وسائر الناس من ذلك براء " انتهى من كتاب الكافي .
وهكذا إخواني في الله يكفر الشيعة المسلمين ويقصرون الإسلام على أنفسهم ويكذبون في ذلك على أهل البيت رضوان الله عليهم بما هم منه بريئون .
ثم إن الشيعة لما كفروا المسلمين عاملوهم معاملة الكفار والمشركين فهم لا يأكلون ذبائح المسلمين لاعتقاد أنهم مشركون حيث جاء في تفسير العياشي عن حمران قال سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول في ذبيحة الناصب والناصب هنا يعني السني يقول في ذبيحة الناصب واليهودي يعني يقول سمعت أن عبدالله عليه السلام يقول في ذبيحة الناصبي واليهودي قال : " لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر اسم الله " انتهى من تفسير العياشي المجلد الأول صفحة 375 .
وكذلك أحبابي في الله فإن الشيعة لا يجيزون مناكحة أهل السنة ففي كتاب الكافي للكليني عن الفضيل ابن يسار قال سألت أبا عبدالله عليه السلام عن نكاح الناصب يعني السني " قال لا والله ما يحل " انتهى من كتاب الكافي المجلد الخامس صفحة 350 .
وجاء في كتاب الاستبصار للطوسي المجلد الثالث صفحة 184 عن فضيل ابن يسار عن أبي جعفر قال ذكر الناصب - يعني السني – فقال : " لا تناكحهم ولا تأكل ذبيحتهم ولا تسكن معهم " انتهى من كتاب الاستبصار للطوسي .(52/99)
بل ويصرح الخميني بتحريم نكاح أهل السنة في كتابه تحرير الوسيلة فيقول " لا يجوز للمؤمنة أن تنكح الناصب – يعني السني – المعلن بعداوة أهل البيت عليه السلام " ....... إلى أن قال " وكذا لا يجوز للمؤمن أن ينكح الناصبية " يعني المرأة السنية . " وكذا لا يجوز للمؤمن – أي الشيعي – أي ينكح الناصبية والغالبة لأنهما بحكم الكفار وإن انتحلا دين الاسلام " .انتهى من كتاب تحرير الوسيلة المجلد الثاني صفحة 260 .
أما الصلاة فإن الشيعة لا يُجيزون الصلاة خلف أهل السنة ويرون الصلاة خلفهم باطلة إلا إذا كانت المداراة والتقية . ففي كتاب المحاسن النفسانية عن الفضيل ابن يسار قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن مناكحة الناصب والصلاة خلفه فقال " لا تناكحه .. ولا تصلي خلفه " انتهى من كتاب المحاسن صفحة 161 .
ويؤيد هذا ما ذكره نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية المجلد الثاني صفحة 306 حيث قال ما نصه " وأما الناصبي – يعني السني – وأما الناصبي وأحواله وأحكامه فهو مما يتم ببيان أمرين
الأول : في بيان معنى الناصب الذي ورد في الأخبار أنه نجس وأنه شر من اليهودي والنصراني والمجوسي وأنه كافر نجس بإجماع علماء الإمامية رضوان الله عليهم " انتهى كلامه من كتاب الأنوار النعمانية .
وجاء أيضاً إطلاقهم لفظ الناصبي على إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى حيث يصف النباطي وهو من علماء الشيعة المشهورين في القرن التاسع ويصف الإمام أحمد بقوله " هو من أولاد ذي الثدية جاهل شديد النصب " وذي الثدية .. هو رئيس الخوارج في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
فيقول هذا النباطي أن الإمام أحمد من أولاد ذي الثدية جاهل شديد النصب انتهى من كتاب الصراط المستقيم إلى مستحق التقديم المجلد الثالث صفحة 223 .(52/100)
أما موقف الشيعة من دماء المسلمين وأموالهم .. فهم يستبيحون دماء المسلمين وأموالهم وبخاصة أهل السنة والجماعة بل قد جاءت روايات من كتبهم بالحث على قتل أهل السنة وأخذ أموالهم أينما وجدت فقد روى إمامهم المجلسي في كتابه بحار الأنوار بسنده عن ابن فرقد قال قلت لأبي عبدالله عليه السلام .. ما تقول في قتل الناصبي قال " حلال الدم أتقي عليك " أي أخاف عليك " فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً أو تغرقه في ماء لكي لا يشهد به عليك ففعل " قلت فما ترى في ماله قال " توه ما قدرت عليه " انتهى من كتاب بحار الأنوار للمجلسي .
فدلت هذه الرواية إخواني في الله على استباحتهم دماء أهل السنة وأموالهم تماماً مثل أسيادهم اليهود . وشيعة اليوم هم على هذه العقيدة حيث يقول إمامهم المعاصر وحجتهم العظمى آية الله الخميني عند حديثه عن الخمس في كتابه تحرير الوسيلة ما نصه : " و الأقوى إلحاق الناصبي – يعني السني – والأقوى إلحاق الناصبي بأهل الحرب في إباحة ما غنمتم منهم وتعلق الخمس به بل الظاهر جواز أخذ ماله أين وجد وبأي نحو كان و وجوب إخراج خمسه " انتهى من كتاب تحرير الوسيلة المجلد الأول صفحة 318 .
فهذا هو الخميني إخواني في الله يفتي أتباعه الشيعة بإباحة أموال أهل السنة وأخذها أينما وجدت وبأي وسيلة ولم يرد عليه في قوله هذا عالم واحد من علمائهم المعاصرين مما يدل على إجماعهم على تلك الفتوى التي ذكر فيها الخميني موقفه من أهل السنة بكل صراحة .(52/101)
كذلك فإن علماء الشيعة يجوزون أخذ الربا من مخالفيهم وهم يوافقون بذلك أسيادهم اليهود حيث جاء في كتاب الكافي , وكتاب من لا يحضره الفقيه , وكتاب الاستبصار ما نسبوه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كذباً وزوراً أنه قال " ليس بيننا وبين أهل حربنا ربا نأخذ منهم ألف درهم بدرهم ونأخذ منهم ولا نعطيهم " انتهى . كما جاء في كتاب من لا يحضره الفقيه عن الصادق ما نصه " ليس بين المسلم وبين الذمي ربا .. ولا بين المرأة وبين زوجها ربا " انتهى كلامه من كتاب من لا يحضره الفقيه ,, المجلد الثالث صفحة 180.
أما ما يتعلق بنظرة الشيعة لأهل السنة في الحياة الآخرة فإن الشيعة يعتقدون أن أهل السنة وكل من خالفهم من طوائف المسلمين أنهم خالدون مخلدون في النار وأنهم مهما تعبدوا واجتهدوا فإن ذلك لا ينجيهم من عذاب الله يوم القيامة فقد روى الصدوق في عقاب الأعمال عن الصادق أنه قال : " إن الناصب لنا أهل البيت لا يبالي صام أم صلى زنا أم سرق إنه في النار , إنه في النار " انتهى من كتاب ثواب الأعمال وعقاب الأعمال صفحة 215 , وأورد هذه الرواية أيضاً المجلسي في كتابه بحار الأنوار المجلد السابع والعشرين صفحة 235 .
وكذلك عن أيان بن تغلب قال : قال أبو عبدالله عليه السلام " كل ناصب – يعني سني – كل ناصب وإن تعبد واجتهد يصير إلى هذه الآية {عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ,, تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} " انتهى من كتاب ثواب الأعمال وعقاب الأعمال للصدوق صفحة 247 .
وجاء في كتاب المحاسن صفحة 184 عن علي الخدمي قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : " إن الجار يشفع لجاره والحميم لحميمه ولو أن الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين شفعوا في ناصب – أي سني – ما شفعوا " انتهى .
و الأن أحبابي في الله نحاول أن نلخص تشابه الشيعة واليهود في تكفير غيرهم واستباحة دماءهم وأموالهم في النقاط التالية :(52/102)
أولاً : يكفر اليهود كل من عداهم ويعتقدون أنهم وثنيون وليسوا على دين صحيح كما جاء في التلمود : " كل الشعوب ماعدا اليهود وثنيون وتعاليم الحاخامات مطابقة لذلك " .
وكذلك تكفر الشيعة كل من عداهم ويزعمون أنه ليس على ملة الإسلام أحد غيرهم حيث أنهم رووا عدة روايات عن أئمتهم تقول : ( ما أحد على فطرة الإسلام غيرنا وغير شيعتنا وسائر الناس من ذلك براء ) .
ثانياً : يزعم اليهود أن كل الناس ما عداهم سيدخلون النار ويكونون خالدين مخلدين فيها كما جاء في التلمود أن ( النعيم مأوى أرواح اليهود ولا يدخل الجنة إلا اليهود أما الجحيم فمأوى الكفار من المسيحيين والمسلمين ولا نصيب لهم فيها سوى البكاء لما فيها من الظلام والعفونة ) , وكذلك تعتقد الشيعة أن كل الناس ما عداهم وأئمتهم سيدخلون النار كما رووا عن أئمتهم أنهم قالوا : ( صرنا ونحن وهم – أي الشيعة – وسائر الناس همج للنار وإلى النار ) .
ثالثاً : يقوم دين اليهودية ودين الشيعة على التعصب والعنصرية فكل من اليهود والشيعة يقطعون لطوائف معينة بأنهم خالدون في النار.. فكما يقطع اليهود للمسلمين والمسيحيين بأنهم خالدون في النار تقطع الشيعة للنواصب أي أهل السنة بأنهم خالدون في النار كما رووا عن أئمتهم أنهم قالوا " كل ناصب وإن تعبد واجتهد يصير إلى هذه الآية ( عاملة ناصبة .. تصلى ناراً حامية ) " .
رابعاً : يقطع كل من اليهود والشيعة للمسلمين بأنهم سيدخلون النار وذلك بجامع حقد كل من اليهودي و الشيعة عليهم .
خامساً : يستبيح اليهود دماء مخالفيهم كما جاء في التلمود ما نصه " حتى أفضل القويٌم يجب قتله " وتستبيح كذلك الشيعة دماء مخالفيهم كما جاء في كتبهم أن أبا عبدالله سئل عن قتل الناصب أي السني فقال : (حلال الدم والمال ) .(52/103)
سادساً : يستعمل اليهود الغدر والاحتيال لقتل مخالفيهم كما جاء في التلمود ما نصه " محرم على اليهودي أن ينجي أحداً من الأجانب من هلاك أو يخرجه من حفرة يقع فيها بل عليه أن يسدها بحجر " , وكذلك الشيعة يستعملون الطرق نفسها للتخلص من مخالفيهم كما رووا عن أبي عبدالله أنه سئل عن قتل الناصبي – يعني السني – فقال " حلال الدم والمال أتقي عليك فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً أو تغرقه في ماء لكي لا يشهد به عليك فافعل " .
سابعاً : يستبيح اليهود أموال مخالفيهم ويأمرون أتباعهم بأخذها بأي وسيلة كما جاء في التلمود ما نصه " إن الله سلط اليهود على أموال باقي الأمم ودماءهم " , وكذلك الشيعة يستبيحون أموال المسلمين ويحثون أتباعهم على أخذها أينما وجدت وبأي طريقة كانت كما رووا عن الصادق أنه قال : " خذ مال الناصبي حيث وجدت وابعث بالخمس " وكما يقول الخميني : ( والظاهر جواز أخذ ماله - أي الناصب – أين وجد وبأي نحو كان ).
ثامناً : يحرم اليهود التعامل بالربا فيما بينهم و يجيزون لأنفسهم أخذ الربا من غيرهم كما جاء في سفر التثنية ما نصه " للأجنبي تقرض الربا لكن لأخيك لا تقرض بربا " انتهى .
وكذلك الشيعة يحرمون التعامل بالربا فيما بينهم ويجيزون أخذ الربا من أهل الذمة وأهل السنة كما جاء في كتبهم ما نصه " ليس بين الشيعي والذمي ولا بين الشيعي والناصبي ربا " انتهى .
تاسعاً : محرم في التشريع اليهودي زواج اليهودي بغير اليهودية ومن فعله كان أثماً مخالفاً للتعاليم اليهودية كما جاء في سفر الخروج , وكذلك الشيعة يحرمون الزواج من غيرهم وخاصة من أهل السنة و يرون أن من فعل ذلك فقد انتهك محارم الله حيث تروي الشيعة في مراجعهم عن أبي جعفر أنه سئل عن مناكحة الناصبي والصلاة خلفه فقال " لا تناكحه ولا تصلي خلفه " انتهى .(52/104)
هذه هي بعض النقاط التي يتفق فيها الشيعة واليهود في عقيدة تكفيرهم لغيرهم واستباحة دماءهم وأموالهم ويلاحظ ذلك التشابه الكبير بينهما حتى في النصوص والروايات الأمر الذي يجعلنا نؤكد أن أصل هذه العقيدة انتقلت إلى الشيعة من أسفار اليهود ومن كتاب التلمود ثم حُوِرت في روايات مكذوبة على ألسنة آل البيت رضوان الله عليهم مع تغيرات طفيفة في بعض العبارات وذلك ليتناسب مع وضع الشيعة .
تشابه الشيعة واليهود في تحريف كتب الله تعالى :(52/105)
ونبدأ باليهود فإن كتاب اليهود المقدس يتكون من تسعة وثلاثين سفراً الخمسة الأولى منها ينسبونها إلى موسى عليه السلام ويدعون أنها هي التوراة المنزلة على موسى عليه السلام وأنه كتبها بيده وباقي أسفار العهد القديم يزعمون أنها كتبت على يدي أنبياء بني إسرائيل من بعد موسى عليه السلام , ولكن الحق والصواب أن الله سبحانه وتعالى أعطى التوراة لموسى مكتوبةً في الألواح , وأن فيها موعظة لبني إسرائيل وتفصيلاً لكل شيء وأن الله تعالى أمر نبيه موسى أن يأخذ بما فيها من الأحكام ويلتزم بها وأن يأمر قومه أن يأخذوا بأحسنها وقد أخبر الله أيضاً في آيةٍ أخرى أن اليهود أنفسهم كتبوا التوراة ولكنهم أخفوا كثيراً منها قال تعالى : { قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} (1) بل إن اليهود قد نقضوا الميثاق الذي أخذه الله عليهم بحفظها ونسوا شيئاً منها وهذا إهمال منهم للكتاب الذي إستأمنهم الله عليه قال تعالى : { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } .
__________
(1) سورة الأنعام آية 91 .(52/106)
وبهذا إخواني في الله يتضح من خلال هذه الآية أن التوراة الصحيحة التي أنزلها الله على موسى عليه السلام فُقدت بسبب تحريفهم لجزء منها ونسيانهم جزءً أخر ولذا فقد طلب الله عز وجل في القرآن الكريم من الذين زعموا صحة التوراة كاملة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتوا بها كاملة ولكنهم لم يأتوا بها لأن التوراة التي بأيديهم غير تلك التي نزل بها الوحي قال الله تعالى { قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } فهذه الآية الكريمة قطعت بعدم صحة التوراة كاملة ولو كانت توجد عند اليهود ولو نسخةً واحدة لأتوا بها ولكن الله علم أنه لا توجد عندهم نسخة للتوراة صحيحة وإلا لما تحداهم بذلك .
ولقد ذمهم الله سبحانه وتعالى أي ذم اليهود سبحانه وتعالى على تضييعهم للتوراة وشبههم بالحمير لاتفاق الحمير واليهود في حمل الكتب وعدم الاستفادة منها قال تعالى :{ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (1) وأما المدقق في نصوص التوراة يعلم علم اليقين أن كاتبها غير موسى عليه السلام وإن من يستعرض الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم وهي الأسفار التي ينسبونها إلى موسى عليه السلام ويزعمون أن موسى عليه السلام كتبها بيده يعلم علماً لا يشوبه أدنى شك أن هذه الأسفار ليست من كتابة موسى عليه السلام ولا يمكن أن يكون قد كتبها بيده , بل الذي تدل عليه النصوص أن هذه الأسفار قد كُتبت بعد عصر موسى عليه السلام بفترة ليست قصيرة , وقد ذكر المحققون قديماً وحديثاً أمثلةً كثيرة تؤكد من خلالها استحالة نسبة هذه الأسفار كاملة إلى موسى عليه السلام .
ونحاول أن نضرب بعض الأمثلة على ذلك :
__________
(1) سورة الجمعة آية 5 .(52/107)
المثال الأول : ورد في سفر التثنية الإصحاح الرابع والثلاثين خبر موت موسى ودفنه في أرض مؤاب حيث تقول الرواية في التوراة ما نصه " فمات هناك موسى عبدالرب في أرض مؤاب حسب قول الرب ودفنه في الجواء في أرض مؤاب مقابل بيت فغور ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم وكان موسى ابن مئةٍ وعشرين سنة حين مات " انتهى من سفر التثنية .
فأي عاقلٍ يمكن أن يصدق أن موسى عليه السلام قد كتب خبر موته ودفنه وبكاء بني إسرائيل عليه في التوراة , ومن تأمل هذا النص خرج بأمرٍ مهم وهو عبارة ولم يعرف قبره إلى هذا اليوم التي جاءت في سفر التثنية تدل دلالة قاطعة على أن هذه الجملة قد كُتبت بعد موسى عليه السلام بفترةٍ طويلةٍ جداً , وأدى طول هذه الفترة إلى استحالة معرفة قبر موسى عليه السلام وهذا لا يحدث عادةً إلا بانقراض أجيالٍ عديدة من أبناء اليهود بين موت موسى عليه السلام وتأليف هذا السفر .
أما المثال الثاني فقد ورد في سفر الخروج ما نصه : " فقال الرب لموسى أنظر أنا جعلتك إلهً لفرعون وهارون أخوك يكون نبيك " انتهى .
إن ورود هذا النص في التوراة عند اليهود لدليل قاطع على وقوع التحريف فيها إذ كيف يعقل أن يقول الله لموسى جعلتك إلهً وما أُرسل موسى وسائر الأنبياء إلا بالدعوة إلى التوحيد وإفراد الله بربوبيته وإلوهيته سبحانه وتعالى .(52/108)
وكذلك يعترف أحبار اليهود وعلماءهم بوقوع التحريف في التوراة من بعد موسى عليه السلام فيقول الساموال ابن يحيى بعدما أسلم وقد كان من كبار أحبارهم ما لفظه " علماءهم وأحبارهم – أي اليهود – يعلمون أن هذه التوراة التي بأيديهم لا يعتقد أحد من علماءهم وأحبارهم أنها المنزلة على موسى ألبته لأن موسى صان التوراة عن بني إسرائيل ولم يبثها فيهم وإنما سلمها إلى عشيرته أولاد ليوي ولم يبذل موسى من التوراة لبني إسرائيل إلا نصف سورة يقال لها : هائينزو وهؤلاء الأئمة الهارونيون الذين كانوا يعرفون التوراة ويحفظون أكثرها قتلهم بختنصر على دم واحد يوم فتح بيت المقدس ولم يكن حفظ التوراة فرضاً ولا سنة بل كان كل واحدٍ من الهارونيين يحفظ فصلاً من التوراة " انتهى كلام الإمام الساموال ابن يحيى من كتاب افحام اليهود صفحة 135 .
إذاً أحبابي في الله وبعد أن عرفنا أن كاتب التوراة المحرفة ليس موسى عليه السلام يرد علينا سؤال مهم جداً وهو من الذي كتب هذه التوراة المحرفة فنقول وبالله التوفيق والسداد , بالرجوع إلى ما كتبه العلماء والمحققون عن هذا الموضوع نجد أنهم يؤكدون أن كاتب التوراة بعد التحريف هو عزراء الوراق وأن كتابته للتوراة كانت بعد غزو بختنصر ملك بابل لأورشليم وتحطيم الهيكل وقتله عدداً كبيراً من اليهود يقول ابن حزم في كتابه الفِصل ما نصه : " إن عزراء الوراق هو الذي أملأ على اليهود التوراة من حفظه وكان إملاء عزراء للتوراة بعد أزيد من سبعين سنة من خراب بيت المقدس " انتهى .(52/109)
ويؤكد ذلك الإمام السامويل ابن يحيى المغربي فيقول ما لفظه : " فلما رأى عزراء أن القوم قد أُحرق هيكلهم وزالت دولتهم وتفرق جمعهم ورُفع كتابهم جمع من محفوظاته ومن الفصول التي يحفظها الكهنة ما لفق منه هذه التوراة التي بأيديهم الأن ولذلك بالغوا في تعظيم عزراء - أي اليهود- هذا غاية المبالغة وزعموا أن النور إلى الأن يظهر على قبره الذي عند بطائح العراق لأنه عمل لهم كتاباً يحفظ دينهم فهذه التوراة التي بأيديهم على الحقيقة كتاب عزراء وليس كتاب الله " انتهى من كتاب افحام اليهود صفحة 139 .
والآن ننتقل إخواني في الله إلى الشيعة وإلى تحريفهم للقرآن الكريم فتعتقد الشيعة في القرآن الكريم أنه محرف ومبدل وأنه زيٌد فيه ونقص منه آيات كثيرة وأن الناقص منه يعادل ضعفي القرآن الموجود الآن بين أيدي المسلمين بل ويعتقدون أن الصحابة وعلى رأسهم الخلفاء الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم هم الذين حرفوا القرآن وأسقطوا منه هذا الجزء الكبير, ويرون أن الذي أُسقِط من القرآن يدور حول موضوعين رئيسيين :
الأول فضائل آل البيت وبالأخص علي بن أبي طالب رضي الله عنه والنص على إمامته في القرآن .
والأمر الثاني فضائح المهاجرين والأنصار الذين تعدهم الشيعة منافقين لم يدخلوا في الإسلام إلا للكيد له , هذه هي عقيدة الشيعة في القرآن الكريم كما صرح بها كبار علماءهم في أشهر كتب التفسير والحديث عندهم .(52/110)
ولكن إخواني في الله بعض علماء الشيعة المعاصرين ينكرون هذه العقيدة وإنكارهم لهذه العقيدة لم يكن نابعاً عن اقتناعٍ بفسادها ورجوعٍ منهم إلى الحق بل الذي دلت عليه فلتات ألسنتهم وزلات أقلامهم أنهم على عقيدة سلفهم الخبيثة لم يحيدوا عنها قدر أُنملة لكن لما رأوا إنكار المسلمين لهذه العقيدة واستهجانها خافوا من النتائج التي قد تلحقهم في حالة ما لو صرحوا بهذه العقيدة فلجئوا إلى ستار النفاق والمكر والخديعة والتي يطلق عليها في قاموس الشيعة الاثنى عشرية باسم التقية .
وكذلك إخواني في الله فإن كبار علماء الشيعة الذين جاءوا في الفترة التي امتدت من القرن الأول إلى نهاية القرن الثالث عشر الهجري , جميعهم مجمعون على أن القرآن الكريم قد حدث فيه تحريفُُ وتغير وتبديل , إلا أربعةً منهم لم يصرحوا بهذه العقيدة وما عدا هؤلاء الأربعة فجميع مفسريهم ومحدثيهم يصرحون بتحريف القرآن الكريم وأحاول أن أُورد أسماء كبار علماء الشيعة الذين صرحوا في مؤلفاتهم المعتمدة بتحريف القرآن الكريم في تلك الفترة وما يُثبت قولهم في تحريف القرآن كما أنني سأراعي بإذن الله تعالى في ذكرهم الترتيب الزمني لتاريخ وفياتهم .
وأول علماءهم هو سليم بن قيس الهلالي المتوفى عام 90 للهجرة حيث يروي سليم بن قيس في كتابه المعروف بكتاب سليم بن قيس عدة أخبار مفادها التحريف وفيها خبر طويل يرويه بسنده إلى علي بن أبس طالب رضي الله عنه يقول فيه " إن الأحزاب – يعني سورة الأحزاب – إن الأحزاب تعدل سورة البقرة والنور - يعني سور النور – ستون و مائة آية والحجرات ستون آية والحجر تسعون و مائة آية فما هذا " انتهى كلامه من كتاب سليم بن قيس صفحة 122 .(52/111)
ومعنى كلام إمامهم سليم بن قيس هو أن سورة الأحزاب التي عدد آياتها ثلاث وسبعون آية هي في الأصل وقبل التحريف تعادل سورة البقرة والتي عدد آياتها مئتان وست وثمانون آية , أما سورة النور فعند سليم بن قيس مائة وستون آية , بينما الموجود بين دفتي المصحف أربع وستون آية , أما سورة الحجرات فستون آية عند إمامهم سليم بن قيس وبين دفتي المصحف ثمانية عشر آية , وأما سورة الحجر فعند سليم بن قيس شيخ الشيعة الإمامية مائة وتسعون آية و الموجود في قرآن المسلمين هو تسع وتسعون آية , وبهذا يعتقد علماء الشيعة الإمامية وعلى رأسهم شيخهم سليم بن قيس أن القرآن قد حذف فيه الكثير والكثير من الآيات التي تتكلم في فضائل آل البيت وفضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه على وجه الخصوص .
ثاني علماءهم إخواني في الله هو محمد بن حسن الصفار المتوفى سنة 290 للهجرة , حيث روى في كتابه المشهور بصائر الدرجات عن أبي جعفر الصادق أنه قال " ما من أحد من الناس يقول إنه جمع القرآن كله كما أنزل الله إلا كذاب وما جمعه وما حفظه كما أُنزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده " من كتاب بصائر الدرجات للصفار صفحة 213 .
وفي رواية أخرى عنه قال " ما يستطيع أحدُُ أن يدعي أنه جمع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء " انتهى . ويقصد هنا بالأوصياء الأئمة الاثنى عشر .(52/112)
ننتقل إلى إمامهم الثالث وهو علي بن إبراهيم القمي المتوفى سنة 307 للهجرة فقد ذكر في مقدمة تفسيره المجلد الأول الصفحة الثامنة ما نصه : " فالقرآن منه ناسخ ومنسوخ ومنه محكم ومنه متشابه ومنه عام ومنه خاص ومنه تقديم ومنه تأخير ومنه مقطع ومنه معطوف ومنه حرف مكان حرف ومنه على خلاف ما أنزل الله " انتهى من مقدمة تفسيره , كما ذكر ظلماً وبهتاناً أمثلة على ما ذكر من القرآن الكريم وأخذ يغير ويبدل ويقدم ويؤخر في كتاب الله مضاهياً بذلك أساتذته من اليهود في تحريف الكلم عن مواضعه عياذاً بالله تعالى .
رابعاً إمامهم محمد بن يعقوب الكليني المتوفى سنة 328 للهجرة فبعد القمي إخواني في الله جاء تلميذه الذي يعد محدث الشيعة الأكبر وهو محمد بن يعقوب الكليني والذي وضع لهم كتاب الكافي الذي هو عندهم – أي عند الشيعة – بمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة فماذا يقول إمامهم الكليني في كتابه الكافي . يروي الكليني إخواني في الله عن علي بن محمد عن بعض أصحابه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال " دفع إلي أبو الحسن عليه السلام مصحفاً وقال لا تنظر فيه ففتحته وقرأت فيه لم يكن الذين كفروا - يعني سورة البينة - فوجدت فيه اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم قال فبعث إلي ابعث إلي بالمصحف " انتهى من أصول الكافي المجلد الثاني صفحة 631 .(52/113)
ويروي الكليني أيضاً عن أبي عبدالله قال " إن القرآن الذي جاء به جبريل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية " انتهى فيلزم من هذا أحبابي في الله أن يكون ثلثا القرآن قد فقد , وليس هذا فقط بل يروي إمامهم الكليني أن عندهم قرآناً أخر يعدل القرآن الموجود عند المسلمين بثلاث مرات ولا يوجد فيه حرف واحد مما يوجد في القرآن الكريم . جاء في كتاب الحجة من الكافي عن أبي بصير عن أبي عبدالله أنه قال " وإن عندنا لمصحف فاطمة وما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام قال : قلت وما مصحف فاطمة عليها السلام قال مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد " انتهى .
خامساً إمامهم محمد بن مسعود بن عياش المعروف بالعياشي فمِن مَن قال بتحريف القرآن من علماء الشيعة المشهورين إمامهم العياشي صاحب تفسير العياشي الذي يعد من أهم التفاسير وأقدمها عند الشيعة فقد روى العياشي في مقدمته لهذا التفسير المجلد الأول صفحة 13 ما نصه : " عن أبي عبدالله قال : " لو قُريء القرآن كما أُنزل لألفيتنا فيه مسمين " انتهى . يعني لو لم يحرف هذا القرآن لقرأت أسماء الأئمة من آل البيت ولكن الصحابة هم الذين حرفوا وحذفوا هذه الأسماء كما تعتقد الشيعة وعلى رأسهم إمامهم العياشي .
وجاء أيضاً في هذا التفسير عن أبي جعفر أنه قال " إن القرآن قد طُرح منه آيُُ كثير ولم يزد فيه إلا حرف أخطأت به الكتبة وتوهمها الرجال " انتهى من تفسير العياشي المجلد الأول صفحة 180 .(52/114)
سادساً : إمامهم المفيد المتوفى سنة 413 للهجرة الذي يُعد من مؤسسي المعتقد الشيعي حيث نقل إجماعهم على التحريف ومخالفتهم لسائر الفرق الإسلامية في هذه العقيدة قال شيخهم المفيد في كتابه أوائل المقالات صفحة 48 ما نصه " واتفقوا - أي الشيعة - أن أئمة الضلال - يعني الصحابة رضوان الله عليهم – خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأجمعت المعتزلة و الخوارج والمرجئة وأصحاب الحديث على خلاف الإمامية في جميع ماعددناه " انتهى كلامه من كتاب أوائل المقالات .
سابعاً :إمامهم أبو منصور الطبرسي المتوفى سنة 620 للهجرة فقد روى الطبرسي في كتابه الاحتجاج صفحة 156 عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم " جمع علي عليه السلام القرآن وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم لما قد أوصاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح القوم – يعني فضائح الصحابة – فوثب عمر و قال يا علي أردده فلا حاجة لنا فيه فأخذه عليه السلام وأنصرف ثم أحضروا زيداً ابن ثابت وكان قارئً للقرآن فقال له عمر إن علياً جاء بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين والأنصار وقد رأينا أن تؤلف القرآن وتسقط منه ما كان فضيحة وهتكاً للمهاجرين والأنصار فأجابه زيد إلى ذلك " انتهى من كتاب الاحتجاج للطبرسي .(52/115)
بل ويزعم الطبرسي أن الله تعالى عندما ذكر قصص الجرائم في القرآن صرح بأسماء مرتكبيها لكن الصحابة حذفوا هذه الأسماء فبقيت هذه القصص بدون تصريح يقول الطبرسي في كتابه الاحتجاج صفحة 249 ما نصه : " إن الكناية عن أصحاب الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن ليست من فعله تعالى وإنها من فعل المغيرين والمبدلين – يعني الصحابة رضوان الله عليهم – يقول وإنها من فعل المغيرين والمبدلين الذين جعلوا القرآن عضين واعتاضوا الدنيا من الدين " انتهى كلامه من كتاب الاحتجاج .
فهذه عقيدة إمامهم الطبرسي إخواني في الله في القرآن الكريم وما أظهره لا يعد شيئاً مما أخفاه في نفسه وذلك تمسكاً بمبدأ النفاق و الخداع الذي يسمونه التقية حيث يقول في كتابه السابق - أي الطبرسي – يقول في كتابه السابق ما نصه : " ولو شرحت لك كل ما أُسقط وحُرف وبُدل مما يجري هذا المجرى لطال وظهر ما تحضر التقية إظهاره من مناقب الأولياء ومثالب الأعداء " انتهى كلامه من كتاب الاحتجاج صفحة 254 .(52/116)
ثامناً : إمامهم الفيظ الكاشاني المتوفى سنة 1091 للهجرة ويعد من كبار علماءهم ومفسريهم , وهو صاحب تفسير الصافي الذي مهد لكتابه هذا باثنتي عشرة مقدمة خصص المقدمة السادسة لإثبات تحريف القرآن وعنون لهذه المقدمة بقوله : المقدمة السادسة ( في نُبذٍ مما جاء في جمع القرآن وتحريفه وزيادته ونقصه وتأويل ذلك ) , وبعد أن ذكر الروايات التي استدل بها على تحريف القرآن والتي نقلها من أوثق المصادر المعتمدة عندهم خرج بالنتيجة التالية حيث قال ما نصه : " والمستفاد من هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت عليهم السلام أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أُنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله ومنه ما هو مغير محرف وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة منها اسم علي عليه السلام في كثير من المواضع ومنها لفظة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم غير مرة ومنها أسماء المنافقين في مواضعها ومنها غير ذلك وأنه ليس أيضاً على الترتيب المرضي عند الله وعند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " انتهى كلامه من تفسير الصافي المجلد الأول صفحة 44 .
و قال حينما تكلم عن تصريحه أن هناك من الآيات ما حذفت أقول هذا الذي سوف أبينه بإذن الله تعالى في محاضرة مستقلة بعنوان الشيعة والقرآن الكريم و أبين أنواع الحذف الذي تعتقد به الشيعة الاثنى عشرية حيث أنهم يعتقدون إن الحذف في القرآن ينقسم إلى ثلاثة أقسام , القسم الأول حذف في السور أي أن هناك الكثير من السور قد حذفت والقسم الثاني أو النوع الثاني من الحذف حذف في بعض الآيات والقسم الثالث أو النوع الثالث الذي تعتقد به الشيعة الامامية هو حذف في بعض الكلمات كإسقاط بعض أسماء الأئمة والأولياء وهذا ما سأبينه بإذن الله تعالى في المحاضرة القادمة والتي هي بعنوان الشيعة والقرآن الكريم (1).
__________
(1) راجع ص موضوع الشيعة والقرآن .(52/117)
التاسع : هو إمامهم محمد باقر المجلسي المتوفى سنة1111 للهجرة والذي يلقب عندهم بشيخ الاسلام فقد جمع في موسوعته المسماة بحار الأنوار مئات الروايات الدالة صراحة على تحريف القرآن ومنها ما روي عن أبي عبدالله أنه قال " والله ما كَنَ الله في كتابه حتى قال يا ويلتى لم أتخذ فلاناً خليلاً وإنما هي في مصحف علي عليه السلام يا ويلتى ليتني لم أتخذ الثاني خليلاً " انتهى من بحار الأنوار المجلد الرابع صفحة 19 , طبعاً يعنون بالثاني إخواني في الله عمر رضي الله عنه حيث يزعمون أن أبا بكر رضي الله عنه يتبرأ منه يوم القيامة عياذاً بالله تعالى . ومن أراد التوسع أحبابي في الله فعليه بالرجوع إلى كتاب بحار الأنوار للمجلسي المجلد الرابع والعشرين , فهناك عشرات الصفحات التي تدل على تحريف القرآن الكريم عند الشيعة الإمامية وعلى رأسهم إمامهم محمد باقر المجلسي .
عاشراً : إمامهم نعمة الله الجزائري المتوفى سنة 1112 للهجرة الذي يقول في كتابه الأنوار النعمانية المجلد الأول صفحة 79 وهو يتهم الصحابة رضوان الله عليهم بتحريف القرآن فيقول ما نصه " ولا تعجب من كثرة الأخبار الموضوعة فإنهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم - يعني الصحابة – فإنهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم قد غيروا وبدلوا في الدين ما هو أعظم من هذا كتغييرهم القرآن وتحريف كلماته وحذف ما فيه مدائح آل الرسول والأئمة الطاهرين وفضائح المنافقين وإظهار مساوئهم " انتهى كلامه من كتابه الأنوار النعمانية .
وبهذا إخواني في الله يظهر ما بين الشيعة و أسيادهم اليهود من تشابه كبير في تحريفهم لكتب الله تعالى وهذا يؤكد لنا أن أصل المعتقد الشيعي مقتبس ومأخوذ من عقائد المغضوب عليهم أبناء القردة والخنازير وهم اليهود .
تشابه الشيعة واليهود في الوصية بالإمامة :(52/118)
ونبدأ باليهود حيث يرى اليهود ضرورة تنصيب وصي وصي بعد النبي صلى الله عليه وسلم أي بعد نبي اليهود عليه السلام وهو موسى يقوم مقامه في إرشاد الناس من بعده , و قد جاءت عدة نصوص في التوراة وغيرها من أسفار اليهود تبين أن الله تعالى طلب من موسى عليه السلام أن يوصي ليوشع بن نون قبل موته ليكون مرشداً لبني إسرائيل من بعده جاء في سفر العدد الاصحاح السابع والعشرين ما نصه : " فقال الرب لموسى : خذ يوشع بن نون رجلاً فيه روح وضع يدك عليه و أوقفه قدام العازر الكاهن وقدام كل الجماعة وأوصه أمام أعينهم إلى أن قال ففعل موسى كما أمره الرب أخذ يوشع وأوقفه قدام العازر الكاهن وقدام كل الجماعة ووضع يده عليه و أوصاه كما تكلم الرب عن يد موسى " انتهى .
أقول إخواني في الله هذا النص يدل دلالة واضحة على ضرورة تنصيب وصي بعد موسى عليه السلام و يعرف هذا من عدة أوجه :
الوجه الأول : طلب الله تعالى من موسى أي يوصي قبل موته .
الوجه الثاني : أن مما يدل على أهمية هذا المنصب أن الله تعالى لم يترك الاختيار لموسى أو لبني إسرائيل في اختيار الوصي بعد موسى بل نص عليه سبحانه وتعالى بنفسه وسماه هو يوشع بن نون كما يعتقدون .
ومن هذا النص يمكن أن نستنتج منها نظرة اليهود إلى الوصي والوصية و التي تتلخص في النقاط التالية :
أولاً : وجوب تعين الوصي عند اليهود .
ثانياً : أن الله تعالى هو الذي يتولى تعين الوصي بنفسه .
ثالثاً :أن للوصي عند اليهود منزلة عظيمة تعادل منزلة النبي .
رابعاً : أنه يمكن أن يوحي الله تعالى إلى الوصي كما يوحي إلى النبي .(52/119)
والأن ننتقل أحبابي في الله إلى اعتقاد الشيعة الإمامية الاثنى عشرية في مسألة الوصية بالامامة وقبل الحديث في عقيدة الوصية عند الشيعة لابد من توضيح منزلة الامامة من دين الشيعة وذلك لما بين عقيدة الوصية والامامة عندهم من ترابط كبير . فمنزلة الامامة عند الشيعة هي ركن من أركان الإسلام ولا يتم إيمان المرء إلا بالإتيان بها جاء في أصول الكافي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال " بني الإسلام على خمس على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم ينادى بشيء كما نودي بالولاية " انتهى .
بل إن الامامة عندهم إخواني في الله مقدمة على سائر أركان الإسلام فقد روى الكليني عن أبي جعفر أنه قال " بني الإسلام على خمسة أشياء على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية قال زرارة فقلت : وأي شيء من ذلك أفضل فقال الولاية " انتهى من كتاب الكافي المجلد الثاني صفحة 18 .
إذن الولاية أفضل من الصلاة والزكاة والحج والصوم كما ذكر ذلك الكليني في كتابه الكافي .
وعندهم أيضاً أحبابي في الله – أي عند الشيعة – أن من أتى بأركان الإسلام يأتي بجميع أركان الإسلام ولم يأتي بالولاية فإن تلك الأعمال لا تقبل منه و لا تنجيه من عذاب الله يوم القيامة وقد بالغ هؤلاء في الامامة حتى إنهم زعموا أن الأرض لا يمكن أن تبقى بدون إمام ولو بقيت بدون إمام ولو لساعة واحدة لساخت بأهلها , فقد روى الصفار في كتابه بصائر الدرجات باباً كاملاً في هذا المعنى عنون له بقوله " باب أن الأرض لا تبقى بغير إمام ولو بقيت لساخت " ومما أورد تحته من الروايات ما رواه عن أبي جعفر قال : " لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لساخت بأهلها كما يموج البحر بأهله " انتهى من كتاب بصائر الدرجات للصفار صفحة 508 .
أما عقيدة الشيعة في الوصية فتتلخص إخواني في النقاط التالية :(52/120)
أولاً : اعتقادهم أن الوصي بعد النبي صلى الله عليه وسلم هو علي بن أبي طالب وأن الله هو الذي اختاره لذلك , و أن اختيار علي لهذا المنصب لم يكن من قبل النبي صلى الله عليه وسلم , و إنما جاء من الله تعالى .
جاء في كتاب بصائر الدرجات عن أبي عبدالله عليه السلام قال : " عرج بالنبي صلى الله عليه وآله إلى السماء مئة وعشرين مرة ما من مرة - أي يعرج فيها – ما من مرة إلا وقد أوصى الله بالنبي صلى الله عليه وآله بولاية علي والأئمة من بعده أكثر مما أوصاه بالفرائض " انتهى .
ثانياً : اعتقاد الشيعة الامامية أن الله تعالى ناجى علياً رضي الله عنه حيث يروي شيخهم المفيد في كتابه الاختصاص صفحة 327 هذه الرواية التي تقول عن حمران بن أعين قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : " بلغني أن الرب تبارك وتعالى قد ناجى علياً عليه السلام فقال : أجل قد كانت بينهما مناجاة بالطائف نزل بينهما جبريل " انتهى .
وكما روت الشيعة كذباً وزوراً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال " إن الله ناجى علياً يوم الطائف ويوم عقبة تبوك ويوم خيبر " انتهى من كتاب الاختصاص للمفيد صفحة 328 .
ثالثاً : اعتقادهم نزول الوحي على الأوصياء فقد روى الصفار في كتابه بصائر الدرجات صفحة 476 رواية عن سماعة بن مهران قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : " إن الروح خلق أعظم من جبريل وميكائيل كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله يسدده ويرشده وهو مع الأوصياء من بعده " انتهى .
وكذلك روى محمد باقر المجلسي في كتابه بحار الأنوار المجلد السادس والعشرين صفحة 55 عن أبي عبدالله أنه قال : " إن منا لمن يُنكت في أذنه وإن منا لمن يرى في منامه وإن منا لمن يسمع الصوت مثل صوت السلسلة التي تقع على الطست " انتهى .(52/121)
رابعاً : اعتقادهم أن الأئمة بمنزلة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم , حيث جاء في كتاب الكافي المجلد الأول صفحة 270 عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : " الأئمة بمنزلة الرسول صلى الله عليه وآله إلا أنهم ليسوا بأنبياء ولا يحل لهم من النساء ما يحل للنبي صلى الله عليه وآله فأما ما خلا ذلك فهم فيه بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وآله " انتهى .
إذن هذه هي عقيدة الشيعة في الوصية أحبابي في الله كما جاءت بها رواياتهم المنسوبة إلى أئمتهم المعصومين والثابتة في أهم المصادر عندهم من اعتقادهم أن علياً بن أبي طالب رضي الله عنه هو الوصي من بعد النبي صلى الله عليه وسلم , وأن اختيار علياً لهذا المنصب جاء من فوق سبع سماوات من الله تعالى وأن النبي صلى الله عليه وإله وسلم عرج به إلى السماء مائةً وعشرين مرة في كل مرة يوصيه الله تعالى بولاية علي والأئمة من بعده . والآن أحبابي في الله نحاول أن نلخص تشابه الشيعة واليهود في الوصية بالإمامة في النقاط التالية :
أولاً : اتفاق اليهود والشيعة على ضرورة تنصيب وصي بعد النبي وقد شبهت اليهود الأمة التي بغير وصي بالغنم التي لا راعي لها وقالت الشيعة إن الأرض لو بقيت بغير إمام لساخت , وكلا القولين يحتم وجوب تنصيب وصي وأنه لا غنى للناس عنه .
ثانياً : اتفاق اليهود والشيعة على أن الله تعالى هو الذي يتولى تعين الوصي , وليس للنبي اختيار وصي من بعده , وقد دلت نصوص اليهود أن الله هو الذي أمر موسى أن يتخذ يوشع وصياً له , ودلت روايات الشيعة أن الله تعالى هو الذي أمر نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أن يتخذ علياً وصياً وأن ولاية علي جاءت من فوق سبع سماوات .(52/122)
ثالثاً :اتفاق الشيعة واليهود على أن الله يكلم الأوصياء ويوحي إليهم فقد زعم اليهود أن الله خاطب يوشع مباشرة أكثر من مرة كما دلت على ذلك نصوص كتبهم وكذلك الشيعة زعموا أن الله ناجى علياً رضي الله عنه أكثر من مرة في أكثر من موضع على حسب ما جاءت به رواياتهم .
رابعاً : ينزل اليهود والشيعة الوصي منزلة النبي كما جاء ذلك في أسفار اليهود وفي روايات الشيعة ومن كتبهم المعتمدة .
تشابه الشيعة واليهود في المسيح والمهدي المنتظرين .
فاليهود ينتظرون خروج رجل من آل داوود يحكم العالم ويعيد لليهود عزهم ومجدهم ويستعبد جميع الشعوب ويسخرهم لخدمة اليهود , ويطلقون على هذا الرجل الذي سيأتي بزعمهم في أخر الزمان باسم المسيح المنتظر , حيث جاء في تلمود اليهود ما نصه " إن المسيح يعيد قضيب الملك إلى بني اسرائيل فتخدمه الشعوب وتخضع له الممالك وعندئذٍ يمتلك كل يهودي 2800 عبداً و 310 أبطال يكونون قائمين تحت إمرته " انتهى .
كما أكد وجود هذه العقيدة عند اليهود إمامهم العظيم السامويل ابن يحيى المغربي الذي هداه الله للإسلام فألف كتاباً في الرد على اليهود أسماه إفحام اليهود جاء فيه ما لفظه : " وينتظرون – أي اليهود – وينتظرون قائماً يأتيهم من آل داوود النبي إذا حرك شفتيه بالدعاء مات جميع الأمم ولا يبقى إلا اليهود وأن هذا المنتظر بزعمهم هو المسيح الذي وعِدوا به إلى أن قال رحمة الله عليه ويعتقدون أيضاً أن هذا المنتظر متى جاءهم يجمعهم بأسرهم إلى القدس وتصير لهم دولة ويخلوا العالم من سواهم ويحجم الموت عن جنابهم المدة الطويلة " انتهى .(52/123)
ويعتقد اليهود كذلك أن المسيح عندما يخرج يجمع مشتتي اليهود من كل أنحاء الأرض ويكون منهم جيشاً عظيماً ويكون مكان اجتماعهم في جبال أورشليم في القدس حيث جاء في سفر أشعبا الاصحاح السادس والستين ما نصه : " ويحضرون كل إخوانكم من كل الأمم تقدمة للرب على خيل وبمركبات وبهوادج وبغال وهجن إلى جبل قدسي أورشليم " .
وهذا الاجتماع ليس مقصورا على الأحياء فقط بل حتى الأموات من اليهود يحييهم الله ويخرجهم من قبورهم لينضموا إلى جيش اليهود الذي يقوده المسيح كما جاء في سفر حزقيال الإصحاح 37 .
وبعد أن يجمع المسيح اليهود من كل أنحاء الأرض يقوم بجمع الأمم الأخرى الذين ظلموا اليهود ويحاكمهم ويقتص منهم على ما فعلوه باليهود كما جاء في سفر حزقيال الإصحاح الثالث .
أما نتيجة هذه المحاكمة إخواني في الله فقد وضحها سفر زكريا الإصحاح 13 وهو أنه يقتل في ذلك اليوم ثلثا العالم على يد مسيح اليهود المنتظر , وفي عهد المسيح المنتظر كذلك تتغير أجسام اليهود وتطول أعمارهم ومن التغير الذي يحدث لليهود بزعمهم أن أعمارهم تطول فيعمرون قروناً كثيرة وكذلك تتغير أجسامهم فتصل قامة اليهودي في ذلك الوقت إلى مائتي ذراع حيث جاء في التلمود عند اليهود ما نصه : " إن حياة الناس حينئذٍ ستطول قروناً والطفل يموت في سن المئة وقامة الرجل ستكون مائتي ذراع " انتهى .
وفي عهد المسيح أيضاً كما يعتقد اليهود تكثر الخيرات عند اليهود بزعمهم , فتنبع الجبال لبناً وعسلاً و تطرح الأرض فطيراً وملابس من الصوف كما جاء ذلك في سفر يوئيل الإصحاح الثالث ما نصه : " ويكون في ذلك اليوم أن الجبال تقطر عصيراً والتلال تفيض لبناً وجميع ينابيع يهوذا تفيض ماءً " انتهى .(52/124)
وبعد أن عرفنا عقائد اليهود في مهديهم ومسيحهم المنتظر , ننتقل الآن إلى الشيعة وعقيدة المهدي المنتظر عندهم , فمن أبرز عقائد الشيعة الاثنا عشرية , إخواني في الله , التي تكاد تمتلئ بها كتبهم عقيدة المهدي المنتظر , ويقصد الشيعة بالمهدي المنتظر هو محمد بن الحسن العسكري وهو الإمام الثاني عشر , عندهم ويطلقون عليه الحجة , كما يطلقون عليه القائم , ويزعمون انه ولد سنة 255هـ , واختفى في سرداب سر من رأى سنة 265 هـ , وهم ينتظرون خروجه في أخر الزمان لينتقم من أعدائهم وينتصر لهم , ولا زال الشيعة يزورونه في سرداب سر من رأى ويدعونه للخروج دائماً .
جاء في كتاب بحار الأنوار للمجلسي المجلد 52 صفحة 291 عن أحد موالي أبي الحسن عليه السلام قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوله : ( أين ما تكونوا يأتي بكم الله جميعاً ) , قال : وذلك والله أن لو قد قام قائمنا يجمع الله إليه شيعتنا من جميع البلدان . انتهى .
إذن فالشيعة جميعهم يجتمعون إلى القائم من كل أنحاء الأرض تماماً مثل اعتقاد اليهود .
وكذلك فإن مهدي الشيعة يخرج الصحابة من قبورهم ويعذبهم , وأول ما يبدأ به هو إخراج خليفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم , أبي بكر وعمر رضي الله عنهما , فيعذبهما ثم يحرقهما فقد روى المجلسي في كتابه بحار الأنوار عن بشير النبال عن أبي عبدالله عليه السلام قال " هل تدري أول ما يبدأ به القائم عليه السلام , قلت : لا . قال : يخرج هذين رطبين غضين فيحرقهما ويذريهما في الريح ويكسر المسجد " , ويقصد هنا بهذين هما صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين .(52/125)
وفي رواية أخرى طويلة يرويها المفضل عن جعفر الصادق وفيها " قال المفضل : يا سيدي ثم يسير المهدي إلى أين , قال عليه السلام إلى مدينة جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : يا معشر الخلائق هذا قبر جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم يا مهدي آل محمد فيقول ومن معه في القبر فيقولون : صاحباه وضجيعاه أبو بكر وعمر فيقول : أخرجوهما من قبريهما فيخرجان غضين طريين لم يتغير خلقهما ولم يشحب لونهما .. إلى أن يقول : فيكشف عنهما أكفانهما وأمر برفعهما على دوحةٍ يابسةٍ نخرة فيصلبهما عليها " انتهى .
وكذلك إخواني في الله فإن مهدي الشيعة متعصب جداً , فلا يقاتل من أجل عقيدة أو دين وإنما يقاتل بعض الأجناس دون بعض . ومن الذين يقتلهم هذا المهدي المزعوم العرب وبخاصة قبيلة قريش حيث روى المجلسي في بحار الأنوار المجلد 52 صفحة 355 " عن أبي عبدالله أنه قال : إذا خرج القائم أي مهدي الشيعة لم يكن بينه وبين العرب وقريش الا السيف " انتهى .
وعن أبي جعفر " قال لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم أن لا يروه مما يقتل من الناس أما انه لا يبدأ إلا بقريش فلا يأخذ منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف حتى يقول كثير من الناس هذا من آل محمد لو كان من آل محمد لرحم " انتهى من كتاب الغيبة صفحة 154 وكتاب بحار الأنوار المجلد 52 صفحة 354 .
وكذلك الأموات فإنهم لا يسلمون من عذاب مهدي الشيعة لأنه يخرجهم من قبورهم فيضرب أعناقهم كما روى المفيد في الإرشاد صفحة 364 والمجلسي في بحار الأنوار المجلد 52 صفحة 338 " عن أبي عبدالله أنه قال : إذا قام القائم من آل محمد عليه السلام أقام خمسمائة من قريش فضرب أعناقهم ثم خمسمائةٍ أُخرى حتى يفعل ذلك ست مرات " .(52/126)
وكذلك فإن مهدي الشيعة أحبابي في الله يقتل ثلثي العالم , تماماً كما يفعل مسيح اليهود , حتى لا يبقى إلا الثلث وهذا الثلث هم الشيعة طبعاً فقد روى إمامهم الإحسائي في كتاب الرجعة صفحة 51 " عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس فقيل له : فإذا ذهب ثلث الناس فما يبقى ؟ قال عليه السلام : أما ترضون أن تكونوا الثلث الباقي " .
وإذا جاء مهدي الشيعة أحبابي في الله فإنه يقوم بهدم كل المساجد مبتدأً بالكعبة والمسجد الحرام ثم بمسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حتى لا يبقى مسجد على وجه الأرض إلا هدمه , جاء في رواية عن المفضل ابن عمر " أنه سأل جعفر بن محمد الصادق عدة أسئلة عن المهدي وأحواله ومنها : يا سيدي فما يصنع بالبيت - أي ماذا يصنع المهدي بالكعبة – قال : ينقضه فلا يدع منه إلا القواعد التي هي أول بيت وضع للناس ببكة في عهد آدم عليه السلام والذي رفعه إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام منها " انتهى من كتاب الرجعة صفحة 184 .
وجاء في كتاب الإرشاد للامام المفيد صفحة 365 عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : " إذا قام القائم أي مهدي الشيعة ... إذا قام القائم سار إلى الكوفة فيهدم بها أربعة مساجد ولم يبقي مسجداً على وجه الأرض له شرف إلا هدمه وجعله جماء " انتهى .
وكذلك إخواني في الله فإن مهدي الشيعة تنبع له عينان من ماء ولبن , حيث جاء في كتب الشيعة أنه عندما يخرج المهدي ستنبع له في الكوفة عينان من ماء ولبن , وأنه يحمل معه حجر موسى الذي إنبجست منه اثنتي عشرة عيناً فكلما أراد الطعام أو الشراب نصبه .(52/127)
ومن هذه الروايات ما رواه إمامهم المجلسي في كتابه بحار الأنوار المجلد 52 صفحة 335 عن أبي سعيد الخراساني عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال : " إذا قام القائم بمكة و أراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه أن لا يحمل أحد منكم طعاماً و لا شراباً ويحمل حجر موسى الذي انبجست منه اثنتي عشرة عيناً فلا ينزل – أي المهدي – فلا ينزل منزلاً إلا نصبه فانبجست منه العيون فمن كان جائعاً شبع ومن كان ضمأن روي فيكون زادهم حتى ينزلوا النجف - أي مدينة النجف وهذه المدينة من المدن المقدسة عند الشيعة - من ظاهر الكوفة فإذا نزلوا ظاهرها انبعث منه الماء واللبن دائماً فمن كان جائعاً شبع ومن كان عطشاناً روي " انتهى من كتاب بحار الأنوار للمجلسي .
و أيضاً أحبابي في الله وإخواني في الله فإن الشيعة الإمامية يزعمون أن في زمن مهديهم تتغير أجسامهم وتقوى أسماعهم و أبصارهم , ويكون للرجل منهم قوة أربعين رجل حيث جاء في كتاب الكافي للكليني المجلد الثامن صفحة 241 عن أبي الربيع الشامي قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : " إن قائمنا إذا قام مد الله عز وجل لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد يكلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه " انتهى . ...
وهنا نحاول أن نلخص تشابه الشيعة واليهود في عقيدة المسيح اليهودي والمهدي الشيعي تحت النقاط التالية :
أولاً : عندما يعود مسيح اليهود يضم مشتتي اليهود من كل أنحاء الأرض , ويكون مكان اجتماعه مدينة اليهود المقدسة وهي القدس أو ما يسمونها بأورشالييم أو أورشليم , وكذلك عندما يخرج مهدي الشيعة يجتمع إليه الشيعة من كل مكان , ويكون مكان اجتماعهم المدينة المقدسة عند الشيعة وهي مدينة الكوفة .(52/128)
ثانياً : عند خروج عند خروج مسيح اليهود يحيي الأموات من اليهود , ويخرجون من قبورهم لينضموا إلى جيش المسيح , وعندما يخرج ويرجع مهدي الشيعة يحيي الأموات من أتباعه الشيعة ويخرجون من قبورهم لينضموا إلى معسكر المهدي .
ثالثاً : عندما يأتي مسيح اليهود تخرج جثث العصاة ليشاهد اليهود تعذيبهم , وعندما يأتي ويخرج مهدي الشيعة يُخرج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من قبورهم فيعذبهم , وعلى رأسهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعائشة الصديقة رضي الله عنهم أجمعين .
رابعاً : يحاكم مسيح اليهود كل من ظلم اليهود ويقتص منهم , وكذلك يحاكم مهدي الشيعة كل من ظلم الشيعة ويقتص منهم .
خامساً : يقتل مسيح اليهود ثلثي العالم , وكذلك يقتل مهدي الشيعة ثلثي العالم كما ذكرنا ذلك أنفاً من رواياتهم المعتمدة .
سادساً : عندما يخرج مسيح اليهود تتغير أجسام اليهود , فتبلغ قامة الرجل منهم مائتي ذراع , وكذلك تطول أعمارهم وعندما يخرج مهدي الشيعة تتغير أجسام الشيعة فتصير للرجل منهم قوة أربعين رجلاً و يطأ الناس بقدميه وكذلك يمد الله لهم في أسماعهم وأبصارهم .
سابعاً : في عهد مسيح اليهود تكثر الخيرات عند اليهود فتنبع الجبال لبناً وعسلاً وتطرح الأرض فطيراً وملابس من الصوف , وفي عهد مهدي الشيعة تكثر الخيرات عند الشيعة وينبع من الكوفة نهران من الماء واللبن يشرب منهما الشيعة .
تشابه الشيعة واليهود في غلوهم بأئمتهم وحاخاماتهم :
ونبدأ باليهود حيث عُلم عنهم غلوهم في حاخاماتهم , والحاخام هو مسمى لعلماء اليهود , ومن هذه النصوص ما صرحوا به في تلمودهم من اعتبارهم أن كتاب التلمود الذي يمثل أراء الحاخامات أفضل من التوراة التي أنزلها الله على موسى عليه السلام حيث جاء في التلمود صفحة 45 ما نصه " التفت يا بني إلى أقوال الحاخامات أكثر من التفاتك إلى شريعة موسى " انتهى .(52/129)
وجاء في التلمود أيضاً ما نصه " اعلم أن أقوال الحاخامات أفضل من أقوال الأنبياء وزيادة على ذلك يلزمك اعتبار أقوال الحاخامات مثل الشريعة لأن أقوالهم هي قول الله الحي فإذا قال لك الحاخام أن يدك اليمنى هي اليسرى وبالعكس فصدق قوله ولا تجادله فما بالك إذا قال لك إن اليمنى هي اليمنى واليسرى هي اليسرى " انتهى .
وهكذا أحبابي في الله فإن اليهود يرون أن أقوال الحاخامات هي أقوال الله , ويجب أن تؤخذ أقوال الحاخامات دون أي جدال حتى ولو كانت خاطئة جاء في التلمود ما نصه : " من يجادل حاخامه أو معلمه فقد أخطأ وكأنما جادل العزة الإلهية " .
وقد بلغ من غلوهم في الحاخامات أن زعموا أن الله تعالى عياذاً بالله تعالى يستشير الحاخامات في حل بعض المشاكل كما جاء في التلمود ما نصه : " إن الله يستشير الحاخامات على الأرض عندما توجد مسألة معضلة لا يمكن حلها في السماء " .
وكذلك فإن اليهود يعتقدون بعصمة الحاخامات , يقول الحاخام روسكي , وهو أحد كتبة التلمود معلقاً على خلاف وقع بين حاخامين , يقول : " إن الحاخامين المذكورين قالا الحق لأن الله جعل الحاخامات معصومين من الخطأ " .
أما إذا انتقلنا إخواني في الله إلى الشيعة الإمامية الاثنى عشرية , و إلى غلوهم في أئمتهم فإن الشيعة قد غالوا في أئمتهم حتى رفعوهم فوق البشر و أطلقوا عليهم من الصفات التي لا تليق لأحد من البشر , بل هي من مما اختص به رب العالمين دون سائر المخلوقين سبحانه وتعالى , ومن هذه الصفات التي يطلقونها على أئمتهم إدعاءهم أنهم يعلمون الغيب , و أنهم لا يخفى عليهم شيء في السماوات ولا في الأرض , و أنهم يعلمون ما كان وما سيكون إلى قيام الساعة عياذاً بالله تعالى من هذا الكفر .(52/130)
فقد جاء في كتاب بحار الأنوار للمجلسي المجلد السادس والعشرين صفحة 27 عن الصادق عليه السلام أنه قال : " والله لقد أُعطينا علم الأولين والآخرين – يعني الأئمة – فقال له رجل من أصحابه : جعلت فداك أعندكم علم الغيب فقال له ويحك إني لا أعلم ما في أصلاب الرجال وأرحام النساء ويحكم وسعوا صدوركم ولتبصر أعينكم ولتعي قلوبكم فنحن حجة الله تعالى في خلقه " أقول انتهى من كتاب بحار الأنوار للمجلسي المجلد السادس والعشرين صفحة 27 .
وجاء كذلك في كتاب الكافي للكليني المجلد 1 صفحة 261 وفي كتاب أيضاً بحار الأنوار للمجلسي المجلد 26 صفحة 28 عن عبدالله بن بشر عن أبي عبد الله أنه قال : " إني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض وأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار وأعلم ما كان وما يكون " انتهى عياذاً بالله تعالى .
هذا ما يعتقده الشيعة في أئمتهم فهم يعتقدون أنهم يعلمون الغيب , بل ويعلمون ما في أصلاب الرجال وما في أرحام النساء , و يعلمون ما في السماوات وما في الأرض بل ويعلمون ما في الجنة وما في النار عياذاً بالله تعالى .
وكذلك من مظاهر غلو الشيعة في أئمتهم إعتقادهم أنهم معصومون وقد نقل إجماعهم على عصمة الأئمة شيخهم المفيد حيث قال ما لفظه " إن الأئمة القائمين مقام الأنبياء في تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود وحفظ الشرائع وتأديب الأنام معصومون كعصمة الإنبياء " انتهى من كتاب أوائل المقالات صفحة71 .
أما امامهم المعاصر وأيتهم العظمى الخميني فإنه يرى أن فضل الأئمة لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل حيث يقول في كتابه الحكومة الاسلامية صفحة52 ما نصه : " فإن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون ثم يقول و إن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل ".(52/131)
والآن أحبابي في الله نحاول أن نلخص تشابه الشيعة واليهود في غلوهم بأئمتهم وحاخاماتهم في النقاط التالية :
أولاً : يدعي اليهود أن بعض حاخاماتهم يعلمون الغيب , ويدعي الشيعة أن أئمتهم يعلمون الغيب , وأنه لا يخفى عليهم شيء في السماوات ولا في الأرض , بل و إنهم يعلمون ما في أصلاب الرجال وما في أرحام النساء ويعلمون ما في الجنة والنار ويعلمون ما كان وما سيكون إلى قيام الساعة وكما ذكرنا ذلك أنفاً من كتبهم المعتمدة وبالصفحة والمجلد .
ثانياً : يعتقد اليهود أن دينهم لا يكتمل إلا بقراءة ثلاثة تعاليم تعاليم التوراة , وتعاليم المشنى , وتعاليم الغامارا , وهذه الأصول الثلاثة التي تقوم عليها ديانة اليهود , وأنه لا غنى للإنسان عن هذه التعاليم الثلاثة كما جاء في تلمود اليهود , وكذلك يعتقد الشيعة أن الإسلام لا يكتمل برسالة النبي صلى الله عليه وسلم , بل لابد أن يضاف إليه تعاليم علي بن أبي طالب وتعاليم الحسين بن علي رضي الله عنهم أجمعين وأن الإنسان لا يمكن أن يستغني عن هذه التعاليم الثلاثة .
ثالثاً : يدعي اليهود أن حاخاماتهم أفضل من الأنبياء , ولهذا قالوا أقوال الحاخامات أفضل من أقوال الأنبياء , وكذلك تدعي الشيعة أن أئمتهم أفضل من الأنبياء , كما قال إمامهم الخميني عن الأئمة ما لفظه " وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقام لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل " .
رابعاً : يعتقد اليهود بعصمة حاخاماتهم وأن الله جعلهم معصومين من الخطأ والنسيان , وكذلك تعتقد الشيعة الإمامية بعصمة أئمتهم وأنه لا يجوز عليهم سهو ولا غفلة ولا خطأ ولا نسيان .(52/132)
خامساً : غالى اليهود في حاخاماتهم حتى قالوا يلزمك اعتبار أقوال الحاخامات مثل الشريعة , أي مثل التوراة , و كذلك غالت الشيعة الإمامية في أئمتهم حتى قال الخميني " إن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن يجب تنفيذها " وقالت اليهود " من جادل حاخامه فكأنما جادل العزة الإلهية " وقال الشيعة الامامية " الراد على الأئمة كالراد على الله تعالى " .
سادساً : فمع غلو اليهود في أنبيائهم وحاخاماتهم والشيعة في أئمتهم , إلا أنهم خذلوهم وتركوا نصرتهم في أصعب المواقف وفي وقت كانوا في أمس الحاجة لمؤازرتهم , فقد خذل اليهود موسى عليه السلام وذلك عندما أمرهم بالقتال ودخول الأرض المقدسة بعد أن أخرجهم من مصر وحررهم من ذل العبودية لفرعون , فكان جوابهم - أي اليهود - له كما أخبر الله تعالى عنهم { قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (1) .
وكذلك الشيعة خذلوا أئمتهم في مواطن عديدة وتركوا مناصرتهم في أصعب الظروف , فقد خذلوا إمامهم الأول علياً رضي الله عنه مرات كثيرة وتقاعسوا عن القتال معه في أحرج المواقف التي واجهها , وخذلوا أيضاً أبناءه من بعده , حيث خذلوا الحسين رضي الله عنه أعظم خذلان حيث كتبوا له كتباً عديدة ليتوجه إليهم فلما قدم عليهم رضي الله عنه ومعه الأهل والأقارب والبنات والأصحاب تركوه وقعدوا عن نصرته وإعانته , بل رجع أكثرهم مع أعدائه خوفاً وطمعاً وصاروا سبباً في شهادته رضي الله عنه , وشهادة كثير من أهل بيته ومن بينهم الأطفال والنساء رضي الله عنهم , وأسأل الله عز وجل أن يغمسهم في أنهار الجنة .
__________
(1) سورة المائدة آية 24 .(52/133)
وكذلك خذلوا زيداً بن علي بن الحسين فقد تعاهدوا بنصرته وإعانته , فلما جد الأمر وحان القتال أنكروا إمامته لعدم براءته من الخلفاء الثلاثة , فتركوه في أيدي الأعداء حتى قتل رحمة الله عليه .
تشابه الشيعة واليهود في قدحهم في الأنبياء والصحابة :
ونبدأ باليهود , أسياد الشيعة , حيث أن الطعن على أنبياء الله وانتقاصهم سمة بارزة من سمات اليهود , ومن قرأ كتب اليهود وجدها تعج بكثير من المطاعن على أنبياء الله , والقدح فيهم ورميهم بأبشع الجرائم مما هم منه براء .
ومن التهم الباطلة التي يلصقها اليهود بنبي الله لوط عليه السلام تلك التهمة الجائرة التي زعموا فيها أن لوطاً عليه السلام زنى بابنتيه عياذاً بالله تعالى كما جاء ذلك مفصلاً في الإصحاح التاسع عشر من سفر التكوين عندهم , أما رسول الله هارون عليه السلام فقد افتروا عليه أعظم فرية حيث زعموا انه صنع لبني إسرائيل عجل من الذهب ليعبدوه عندما تأخر عليهم موسى عليه السلام في الجبل , وأما داوود عليه السلام فيرمونه بالزنا بامرأة أحد ضباط جيشه ثم تدبيره بعد ذلك مقتل زوج هذه المرأة بعد علمه أن هذه المرأة قد حملت منه عياذاً بالله تعالى .
وأما عيسى و أمه عليهما السلام فلم يترك اليهود جريمة إلا ألصقوها بهما ومن هذه الجرائم والافتراءات رمي اليهود لمريم بالزنا حيث أنهم يعتقدون أنه قد جاءت به عن طريق الخطيئة أي الزنا عياذاً بالله تعالى , بل قد تجرأ اليهود على جميع الأنبياء فرموهم بالنجاسة كما جاء في سفر أرميا الإصحاح الثالث والعشرين ما نصه : " لأن الأنبياء والكهنة تنجسوا جميعاً بل في بيتي وجدت شرهم يقول الرب ".(52/134)
أما قدح الشيعة في الصحابة رضوان الله عليهم , فإن الشيعة يعادون ويبغضون الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم أشد البغض , ويعتقدون أنهم كفار مرتدون بل يتقربون إلى الله بسبهم ولعنهم ويعدون ذلك من أعظم القربات ويوضح هذا المعتقد شيخهم ومحدثهم محمد باقر المجلسي الذي يقول في كتاب حق اليقين صفحة 519 ما نصه " وعقيدتنا في التبرء أننا نتبرأ من الأصنام الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية والنساء الأربع عائشة وحفصة وهند و أم الحكم ومن جميع أشياعهم وأتباعهم وأنهم شر خلق الله على وجه الأرض وأنه لا يتم الإيمان بالله ورسوله والأئمة إلا بعد التبرء من أعدائهم " .
كما أن شيخهم القمي روى في تفسيرهم عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال " ما بعث الله نبياً إلا وفي أمته شيطاناً يؤذيانه ويضلان الناس بعده فأما صاحبا نوح فخنطيفوس و خَرام وأما صاحبا إبراهيم فمكفل و رزام و أما صاحبا موسى فالسامري ومرعقيبا وأما صاحبا عيسى فبولس و موريتون و أما صاحبا محمد فحبتر و زريق " , و يعنون بحبتر عمر رضي الله عنه , و زريق أبا بكر الصديق رضي الله عنه , وهذه من الرموز التي يستعملونها في كتبهم للطعن في الشيخين .
أما إمامهم العياشي فيعبر عن حقده الأسود الدفين على هؤلاء الخلفاء برواية أخرى مصطنعة يرويها عن جعفر بن محمد أنه قال : " يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب بابها الأول للظالم وهو زريق – يعني أبا بكر –وبابها الثاني لحبتر - يعني عمر – والباب الثالث للثالث - يعني عثمان - والرابع لمعاوية والخامس لعبدالملك والباب السادس لعسكر بن هوسر والباب السابع لأبي سلامة فهم أبواب لمن تبعهم " انتهى من تفسير العياشي المجلد الثاني صفحة 243 .
ويروي الصدوق " عن أبي الجارود قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أخبرني بأول من يدخل النار قال إبليس و رجل عن يمينه و رجل عن يساره " انتهى من كتاب ثواب الأعمال صفحة 255 .(52/135)
ولا يخفى إخواني في الله أنهم يقصدون بالرجلين هنا أبا بكر و عمر رضي الله عنهما . و تلك هي نماذج لما جاء في كتب الشيعة من الطعن و القدح في الصحابة و أمهات المؤمنين , وإلا فكتبهم تمتلئ وبتلك الروايات المزيفة على ألسنة الأئمة في القدح في خيار هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم كما امتلأت قلوبهم بالبغض والحقد عليهم .
و الآن أحبابي في الله نحاول أن نلخص تشابه الشيعة واليهود في قدحهم في الأنبياء والصحابة في النقاط التالية :
أولاً / زعم اليهود أن عيسى عليه السلام وأتباعه كفرة مرتدون خارجون عن الدين , وزعمت الشيعة أيضاً أن الصحابة كفار مرتدون عن الإسلام و لم يدخلوا في الدين إلا نفاقاً ورياءاً .
ثانياً / رمى اليهود مريم عليها السلام بالفاحشة مع تبرئة الله تعالى لها , و رمى الشيعة عائشة رضي الله عنها بالفاحشة مع تبرئة الله تعالى لها .
ثالثاً / زعمت اليهود أن عيسى عليه السلام يعذب أشد العذاب في لجات الجحيم , و زعمت الشيعة أن الخلفاء الراشدين الثلاثة يعذبون في تابوت في نار جهنم يتعوذ أهل النار من حر ذلك التابوت .
رابعاً / يستعمل اليهود والشيعة الرموز لمن أرادوا الطعن فيه في كتبهم حتى لا ينفضح أمرهم أمام الناس , فيرمز اليهود لعيسى بعدة رموز منها جيشو وهو مقتبس من تركيب أحرف كلمات ثلاث هي " إيماش شيمو فيزكر " أي ليمحى اسمه وذكره ويرمزون إليه أيضاً بذلك الرجل وبابن النجار وابن الحطاب كما يرمزون لمريم رضي الله عنها بميري .(52/136)
وكذلك ترمز الشيعة في كتبهم للخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين برموز تشبه رموز اليهود , فيرمزون لأبي بكر وعمر بالجبت و الطاغوت , أو بصنمي قريش , أو بزريق و حبتر , أو بفرعون وهامان , أو العجل و السامري , وجاءت هناك ألفاظ أخرى تقول أعرابيان من هذه الأمة , أو الأول و الثاني أو فلان و فلان و غيرها من الرموز . كما يرمزون لعثمان بن عفان رضي الله عنه برمز نعثل أو الثالث , و يرمزون لمعاوية رضي الله عنه بالرابع , ولبني أمية بأبي سلامة , و يرمزون لعائشة رضي الله عنها بأم الشرور أو بصاحبة الجمل أو بعسكر ابن هوسر .
إلى تشابه الشيعة و اليهود في تقديسهم لأنفسهم :
نبدأ باليهود حيث يدعي اليهود أن الله تعالى اصطفاهم وفضلهم على سائر الناس وميزهم عن باقي شعوب الأرض بأن جعلهم شعبه المختار كما جاء في سفر التثنيه ما نصه " لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك " انتهى وجاء في التلمود ما نصه " تتميز أرواح اليهود عن باقي الأرواح بأنها جزء من الله كما أن الابن جزء من والده " انتهى.
وكذلك يعتقدون أن الله ميزهم عن غيرهم من الناس في كافة الأحكام والتشريعات الدنيوية والأخروية ومن ذلك اعتقادهم أنه لولا اليهود لم يخلق الله هذا الكون , وأن كل ما فيه فإنه ملك لليهود ومسخر لخدمتهم جاء في التلمود ما نصه " لو لم يخلق الله اليهود لانعدمت البركة من الأرض ولما خلقت الأمطار و الشمس " .
وكذلك فإن اليهود يعتقدون بأن النار ليست لهم فلا يدخلها اليهود أبداً جاء في التلمود ما نصه " إن النار لا سلطان لها على مذنبي بني إسرائيل و لا سلطان لها على تلامذة الحكماء " .
أما الجنة فهم يرون أنها موقوفة عليهم فلن يدخلها إلا شعب الله المختار اليهود حيث جاء في التلمود ما نصه " وهذه الجنة اللذيذة لا يدخلها إلا اليهود الصالحون أما الباقون فيزجون بجهنم النار ".(52/137)
وفي نص أخر يقولون " النعيم مأوى أرواح اليهود ولا يدخل الجنة إلا اليهود أما الجحيم فمأوى الكفار من المسيحيين و المسلمين ولا نصيب لهم فيه سوى البكاء لما فيها من الظلام و العفونة والطين ".
هذا بالنسبة لليهود أما إذا انتقلنا إلى الشيعة , وتقديسهم لأنفسهم فأن الشيعة تدعي كما ادعى اليهود من قبلهم أنهم خاصة الله تعالى وصفوته وأن الله تعالى اختارهم من بين كل الناس و ميزهم عن غيرهم بكثير من المزايا , ابتداءً من خلق أرواحهم التي يزعمون أي الشيعة أن الله تعالى خلقها من نور عظمته , وانتهاءً بإدخالهم الجنة و خلودهم فيها منعمين بما أعده الله لهم فيها من النعيم المقيم , ومن هذه المزاعم أحبابي في الله :
اعتقاد الشيعة الامامية أن الله تعالى خلق أرواحهم من طينة غير الطينة التي خلق منها باقي البشر , و أن أصل طينتهم مخلوقة من نور الله تعالى أو من طينة مكنونة تحت العرش , كما صرحت بذلك رواياتهم الواردة في كتبهم المعتمدة عندهم و مثال ذلك ما جاء في كتاب بصائر الدرجات صفحة 70 عن أبي عبدالله أنه قال : " إن الله جعل لنا شيعة فجعلهم من نوره وصبغهم في رحمته ".
ويروي الكليني في الكافي المجلد الأول صفحة 389 عن أبي عبدالله أنه قال : " إن الله خلقنا من نور عظمته ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش ".
أما امامهم المفيد فيروي في كتاب الاختصاص صفحة 216 عن الإمام الصادق أنه قال : " خلقنا الله من نور عظمته وصنعنا برحمته وخلق أرواحكم منا أي من الشيعة أي من أئمة الشيعة ".
و روى إمامهم العياشي في تفسيره المجلد الثاني صفحة 105 عن عبدالرحمن بن كثير أن أبا عبدالله عليه السلام قال له : " يا عبدالرحمن شيعتنا والله لا يتختم الذنوب و الخطايا هم صفوة الله الذين اختارهم لدينه ".(52/138)
كما جاء في أمالي الطوسي عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال :" نحن خيرة الله من خلقه وشيعتنا خيرة الله من أمة نبيه ".
أما ذنوب الشيعة أحبابي في الله فإن الله تعالى يغفرها لهم مهما بلغت حتى أنهم زعموا أن هنالك ملائكة لله عز وجل ليس لها عمل إلا إسقاط الذنوب عن الشيعة كما روى إمامهم الصدوق ذلك في أماليه كذباً , و المجلسي مثله في بحار الأنوار بهتاناً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي رضي الله عنه : " يا علي إن شيعتك مغفور لهم على ما كان فيهم من ذنوب و عيوب ".
بل إن الشيعة أحبابي في الله زعموا أن النار لا تحرقهم حتى في الدنيا و لو فعلوا أبشع الجرائم و أكبر الكبائر حيث روى صاحب عيون المعجزات " أن رجلاً من شيعة علي أتى إليه و قال أنا رجل من شيعتك وعلي ذنوب و أريد أن تطهرني منها في الدنيا لأرتحل إلى الآخرة و ما علي ذنب فقال عليه السلام - أي قال علي رضي الله عنه - قال قل لي بأعظم ذنوبك فقال : أنا ألوط بالصبيان ,, أنا ألوط بالصبيان ,, فقال أيما أحب إليك ضربة بذي الفقار أو أقلب عليك جداراً أو أحزم لك ناراً فإن ذلك جزاءً من ارتكب ما ارتكبته فقال – أي ذلك الرجل - : يا مولاي أحرقني بالنار فأخرج الإمام الرجل وبنى عليه ألف حزمة من القصب و أعطاه مقدحة وكبريتاً و قال له إقدح و احرق نفسك فإن كنت من شيعة علي وعار فيه ما تمسك النار و إن كنت من المخالفين المكذبين فالنار تأكل لحمك و تكسر عظمك فقدح النار على نفسه و احترق القصب و كان على الرجل ثياب كتان أبيض لم تلعقها النار - أي لم تصبها النار - ولم يقربها الدخان ".(52/139)
أما الجنة إخواني في الله فتزعم الشيعة أنها لم تخلق إلا لهم وأنهم يدخلونها بغير حساب حيث روى فرات الكوفي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : " ينادي منادي من السماء عند رب العزة يا علي ادخل الجنة أنت و شيعتك لا حساب عليك و لا عليهم فيدخلون الجنة فيتنعمون فيها ".
و الآن نلخص تشابه الشيعة و اليهود في تقديسهم أنفسهم تحت النقاط التالية :
أولاً / يدعي اليهود أنهم شعب الله المختار وأنهم خاصة الله من بين كل الشعوب و أمته المقدسة وكذلك تدعي الشيعة أنهم شيعة الله و أنصار الله و أنهم خاصة الله و صفوته من خلقه .
ثانياً / يدعي اليهود أنهم أحباء الله و تدعي الشيعة كذلك هذا الأمر .
ثالثاً / يزعم اليهود أن الله سخط على كل الأمم ما عدى اليهود و تزعم الشيعة أن الله تعالى سخط على كل الناس إلا الشيعة .
رابعاً / يزعم اليهود أن أرواحهم مخلوقة من الله تعالى و ليس ذلك لأحد غيرهم , و يزعم الشيعة كذلك أن أرواحهم مخلوقة من نور الله تعالى و لم يجعل الله ذلك لأحد غيرهم إلا للأنبياء .
خامساً / يعتقد اليهود أنه لولا اليهود لم يخلق الله هذا الكون ولولاهم لانعدمت البركة من الأرض , وكذلك يعتقد الشيعة أنه لولا الشيعة لم يخلق الله هذا الكون ولولاهم ما أنعم الله على أهل الأرض .
سادساً / يدعي اليهود أنه لا يدخل الجنة إلا اليهود وغير اليهود يدخلون النار و يدعي الشيعة أنهم سيدخلون الجنة و أعداءهم سيدخلون النار .. وبهذه المقارنة الأخيرة إخواني في الله يظهر لنا مدى التوافق الكبير بين اليهود و الشيعة في العقيدة الأمر الذي يجعلنا نجزم جزماً قاطعاً بأن أصل التشيع ما هو إلا يهودي خالص و أن الإسلام بريء من هذه العقيدة التي يعتقدها الشيعة في كل زمان و في كل مكان .
التعاون الشيعي الاسرائيلي في مجال التسلح العسكري :(52/140)
ومن هذا التعاون الإسرائيلي الشيعي ما قامت به إسرائيل لتوفير الأسلحة لدولة إيران , رغم أجواء توقف الحرب بين العراق و إيران , وهو صفقة سلاح من رومانيا تبلغ قيمتها خمسمائة مليون دولار أمريكي و تأتي هذه الصفقة لتكشف تاريخاً طويلاً من العمل الاسرائيلي المتواصل منذ عام 1980 للميلاد لتوفير الأسلحة لدولة إيران عن طريق سماسرة ووسطاء إسرائيليين يتجولون في العالم وفي عواصم أوروبا بحثاً عن أسلحة لإيران , ولقد تجاوزت إسرائيل مرحلة بيع سلاحها وتقديمه للخميني إلى قيامها بتوفير أية قطعة ولو من السوق السوداء العالمية لنظام الآيات و المعممين , وكذلك فإن الإنتاج الحربي الاسرائيلي حقق تطوراً كمياً و نوعياً كما في ذكر في أحد تقارير المركز الدولي للأبحاث السلمية في ستوكهولم وهو أن الزيادة في مجملها بنسبة 80% منها كانت صادرات أسلحة و قطع غيار إسرائيلية إلى دولة إيران , وقد ذكر هذا الخبر مجلة " لوبوان " الفرنسية و مجلة " استراتيجيا " الشهرية اللبنانية ويرى هذا المركز أن هذا الدعم العسكري بالأسلحة من إسرائيل لإيران هو في مقابل ما تحظى به الحكومة الإسرائيلية من سيطرة اقتصادية ظاهرة في إيران , أي عن طريق اليهود الإيرانيين المسيطرين و المهيمنين على الاقتصاد الإيراني أو عن طريق شركات يهودية تعمل في عهد الشاه ثم أوقفت أعمالها مؤقتاً مع بداية حكم الخميني وحالياً عادت لتعمل بحيوية ونشاط .(52/141)
و هاهي إسرائيل إخواني في الله تتسلط على نسبة كبيرة من اقتصاد إيران وفي ظل حكم الخميني نفسه , ولقد عادت شركة " آرج " شركة اسمها آرج الاحتكارية الكبرى للظهور بعد أن كانت قد أوقفت أعمالها مؤقتاً وهي شركة إسرائيلية كبرى سبق للخميني أن هاجمها كما هاجم شركة الكوكاكولا التي هي إسرائيلية أيضاً في إيران , والطريف والمثير للدهشة والاستغراب هو أن إسرائيل عادت لتغرق و تملأ السوق الإيرانية بإنتاجها من البيد . ولقد كشفت مصادر مطلعة في باريس أن السماسرة الذين يعملون لتجميع السلاح إلى دولة إيران و بينهم إسرائيليون يتخذون من فيلا شاليه باساغي مركزاً سكنياً , وهي فيلا كانت لشاه إيران و عادت إلى الحكومة الإيرانية الحالية وهذه الفيلا واقعة على الطريق الثاني من بحيرة جينيف أي من الجهة الفرنسية بالقرب من قرية سان بول أن شاليه , و مساحتها 28 ألف متر مربع يتخذون منها مركزاً لتجميع الأسلحة التي يشتريها الإسرائيليون تمهيداً لشحنها عن طريق الموانئ الأوروبية إلى إيران , كما يتخذ السماسرة وبالذات الإسرائيليون من مزارع مجاورة لتلك الفيلا وهي مزرعة مارالي ومزرعة ليهوز ومزرعة ليمويت مراكز لتدريب الإيرانيين على بعض الأسلحة و بعض الخطط العسكرية , كما يتولى مصرف " أوتيون ديبانغ " سويس عمليات دفع ثمن الصفقات التي تحولها إسرائيل إلى إيران و لقد ذكرت بعض الصحف الكويتية في 30 سبتمبر عام 1980م .(52/142)
وكذلك من أكتوبر من العام نفسه أن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية وافقت على استخدام إسرائيل لطائرات أجنبية وطرقاً جوية أوروبية غير مباشرة لشحن قطع الغيارات العسكرية الإسرائيلية إلى إيران , كما قالت صحيفة " الأوبزيرفر" اللندنية في شهر نوفمبر عام 1980م أن إسرائيل ترسل قطع غيار طائرات الـ اف 14 أو الـ F14 وأجزاء مروحيات وصواريخ على متن سفن متوجهة إلى موانئ إيران ومن بينها ميناء بندر عباس الإيراني , و بعض تلك الشحنات جاءت من الولايات المتحدة الأمريكية إلى إسرائيل ثم تم تحويلها مباشرة إلى دولة إيران , وجاء كذلك في تقرير أمريكي أعدته مصلحة الأبحاث التابعة للكونغرس ونشرته الصحف في شهر مارس عام 81 للميلاد بأن إسرائيل تهرب الأسلحة و قطع الغيار إلى دولة إيران , وعندما سئل متحدث باسم الخارجية الأمريكية عن ذلك أجاب " أنه اطلع على تقارير بهذا المعنى " و كان يومها إدارة الرئيس الأمريكي كارتر بالحكم و بعد خروج كارتر و موظفيه من الحكم اعترف كثير منهم بأن إسرائيل طلبت ترخيصاً أمريكياً وذلك في شهر سبتمبر عام 1981 لبيع السلاح , وتحديداً معدات عسكرية لإيران وفي الشهر التالي بدأت إسرائيل تبيع إطارات عجلات طائرات الفانتوم لإيران , و قد أُستخدِم مطار مدني في مدينة تايمز الفرنسية بالقرب من قاعدة عسكرية كانت عبارة عن محطة ترانزيت لشحن الإطارات وقد ساعد في ذلك تاجر سلاح فرنسي كان مشاركاً في هذه الصفقة .(52/143)
و قد كانت الشحنة الأولى من عجلات طائرات الفانتوم ثم تلتها شحنة ثانية من قطع الغيار بلغت قيمتها 600 ألف دولار لكن خط الإمداد الفرنسي انهار و توقف , فجرى استبداله بتاجر بريطاني للسلاح الذي نظم خطاً للطيران الإسرائيلي إلى دولة إيران عن طريق قبرص وذلك بواسطة طائرات شحن من طراز CL44 تابعة للشركة الأرجنتينية التي تسمى " ترانسبورت إبرور يور بلانتس " , و كانت هذه الصفقة الإسرائيلية إخواني في الله لإيران عبارة عن شحنات قطع غيار للدبابات و أكثر من 360 طن من الذخيرة التابعة للدبابات من طراز M48 و M60 , إضافة إلى محركات نفاثة مجددة و إطارات إضافية لطائرات الفانتوم الحربية , ثم جاءت بعد ذلك صفقة أسلحة إسرائيلية بقيمة 136 مليون دولار عقدها التاجر الإسرائيلي يعقوب نمرودي و هو ضابط إسرائيلي في الجيش الإسرائيلي متقاعد , اتخذ من لندن مقر لتجارته والذي كشف أمر إسرائيل في هذه الصفقات كلها هو قيام طائرات روسية بإسقاط طائرة تبين فيما بعد أنها كانت تتولى شحن الأسلحة الإسرائيلية إلى دولة إيران عن طريق قبرص , تم إسقاطها عند الحدود التركية الروسية و قد نشر هذا الخبر صحيفة " الصاندي تايمز " اللندنية .
كذلك في مطلع عام 1982 للميلاد كانت إسرائيل مستمرة في تصدير الأسلحة إلى دولة إيران , وكانت عبارة عن شحنات من ذخائر دبابات عيار 105 مل , وذخائر الهاون زر عيار 155 مل وقطع غيار طائرات فانتوم الأمريكية الصنع ودبابات M48 و M60 , و أجهزة اتصال كاملة مع قطع غيارها .
أما في شهر يناير عام 1983 للميلاد كانت شحنات ضخمة مميزة ضمت ما يلي :(52/144)
صواريخ الساب وندر جو- جو وأكثر من 400 ألف طلقة مدفع هاون و أكثر من 400 ألف طلقة مدفع رشاش , و أكثر من ألف هاتف ميداني و 200 جهاز تشويش للاتصالات الهاتفية , وقد ذكر هذا الخبر صحيفة " البوستن قلوب " , كذلك في شهر يوليو عام 1983 نُشرت معلومات عن صفقة قرودي التي بلغت 136 مليون دولار أفادت تلك المعلومات أن الأسلحة التي تم شحنها كانت متطورة وحديثة وكلها أمريكية الصنع و يحظر شحنها إلى دولة غير إسرائيل لكن إسرائيل شحنتها إلى إيران , و ضمت صواريخ المسماة بلانس ذاتية الاندفاع و صواريخ هوك المضادة للطائرات وقذائف مدفعية عيار 155 مل من نوع تامبيلا وكوبر هيد وهي التي توجه بأشعة الليزر , وقد ذكر هذا الخبر صحيفة " الليبورن سيون " الفرنسية اليسارية و أكدت هذه المعلومات صحيفتان إسرائيليتان هما صحيفة " يدعوت إحرونوت " و صحيفة " ها أرتس " الإسرائيليتان .
وفي يناير عام 1983 كذلك للميلاد نشرت مجلة دورية بعنوان " دورية الدفاع و الشؤون الخارجية " معلومات تشير إلى أن إسرائيل كانت تشحن قذائف عنقودية محرمة دولياً إلى إيران , كما أن قطع غيار الطائرات الـ F14 وهي التوماكت القليلة في سلاح الجو الإيراني ترسل مباشرة وبانتظام من إسرائيل إلى دولة إيران على متن طائرات شحن مختفية . ثم نشرت الصحف الألمانية في شهر مارس عام 1984 للميلاد تفاصيل عن هذه الصفقة جاء فيها أن الصفقة الإسرائيلية من الأسلحة تشحن على متن طائرات الخطوط الجوية الإسرائيلية و هي التي تسمى بـ " العال " والتي كانت تمر فوق الأراضي السورية عن طريقها إلى دولة إيران ومن الصحف الألمانية التي ذكرت هذا الخبر والمجلات هي مجلة " إشتيرم " الألمانية .(52/145)
و كذلك إخواني في الله كشفت الوثائق أن جيش الدفاع الإسرائيلي و الجيش الإيراني كانا يتعاونان بشكل سري لتطوير صاروخ أرض – أرض التكتيكي الذاتي الحركة و الدفع , و المصمم لحمل رؤوس نووية يصل إلى مدى 200 كلم وفي صيف عام 1977 للميلاد شاهد وزير الدفاع الإيراني حسن طوفانيان أول تجربة لإطلاق صاروخ الجر يكو الذي هو نموذج أول للصاروخ الإسرائيلي الإيراني المشترك , كذلك صرح وزير الخارجية اليهودي ديفيد ليفي كما نقلت ذلك جريدة " ها أرتس " اليهودية في 1/6/1997 . يقول هذا الوزير ما لفظه " إن إسرائيل لم تقل في يوم من الأيام إن إيران هي العدو " انتهى كلامه , و يقول الصحفي اليهودي أوري شمحوني كما نقلت ذلك صحيفة " معار يف " اليهودية في 23/9/1997 يقول أوري شمحوني : " إن إيران دولة إقليمية ولنا الكثير من المصالح الإستراتيجية معها فإيران تؤثر على مجريات الأحداث وبالتأكيد على ما سيجري في المستقبل , إن التهديد الجاثم على إيران لا يأتيها من ناحيتنا بل من الدول العربية المجاورة فإسرائيل لم تكن أبداً ولن تكون عدواً لإيران " انتهى ما قاله الصحفي اليهودي أوري شمحوني نقلاً من صحيفة معاريف اليهودية .(52/146)
كذلك إخواني في الله أصدرت حكومة إسرائيل قريباً أمراً يقضي بمنع النشر عن أي تعاون عسكري أو تجاري أو زراعي بين دولة إسرائيل و دولة إيران . طبعاً جاء هذا المنع لتغطية فضيحة رجل الأعمال اليهودي ناحوم منبار المتورط بتصدير مواد كيميائية إلى إيران و تعد هذه الفضيحة خطراً يلحق بإسرائيل و يؤثر على علاقاتها الخارجية , وقد أدانت محكمة تل أبيب رجل الأعمال اليهودي بالتورط في تزويد إيران بأكثر من 50 طن من المواد الكيميائية و ذلك لصنع غاز الخردل السام . وقد تقدم المحامي اليهودي أمنون زخروني بطلب بالتحقيق مع جهات عسكرية و إستخباراتية إسرائيلية قامت بتزويد إيران بكميات كبيرة من الأسلحة أيام حرب الخليج الأولى , و قد ذكر هذا الخبر إخواني في الله جريدة الشرق الأوسط عدد 7359 , كذلك إخواني في الله قامت شركة كبرى تابعة لرجل اسمه موشيه ريجيف الذي كان يعمل خبير تسليح لدى الجيش الإسرائيلي أقول قامت شركته مابين عام 1992 و 1994 ببيع مواد ومعدات وخبرات فنية إلى دولة إيران , و قد كشف هذا التعاون الإستخبارات الأمريكية بصور وثائق تجمع بين موشيه صاحب تلك الشركة و الدكتور ماجد عباس رئيس الصواريخ والأسلحة البيولوجية بوزارة الدفاع الإيرانية و قد ذكر هذا الخبر صحيفة " ها أرتس " اليهودية و ذكر أيضاً هذا الخبر جريدة الشرق الأوسط في عددها 7170 .(52/147)
و جاء في كتاب الموساد للعميل السابق في جهاز الإستخبارات البريطانية و اسمه ريتشارد توملسون ذكر في هذا الكتاب وثائق تدين جهاز الموساد الإسرائيلي لتزويده إيران بكميات من المواد الكيميائية و قد ذكر هذا الأمر أيضاً و هذا الخبر ذكرته جريدة الحياة بعدد 13070 و كذلك يقول الصحفي اليهودي يوسي مالي مان ما لفظه " في كل الأحوال فإن من غير المحتمل أن تقوم إسرائيل بهجوم على المفاعلات الإيرانية و قد أكد عدد كبير من الخبراء تشكيكهم بأن إيران بالرغم من حملاتها الكلامية تعتبر إسرائيل عدواً لها و إن الشئ الأكثر إحتمال هو أن الرؤوس النووية الإيرانية هي موجهة للعرب " انتهى كلام الصحفي اليهودي يوسي مالي مان نقلاً عن لوس أنجلوس تايمز و ذكر هذا الخبر أيضاً إخواني في الله جريدة الأنباء عدد 7931 .
وكذلك ذكرت وكالة رويتر في 1/7/1982 أن القوات الصهيونية الإسرائيلية لما دخلت بلدة النبطية في جنوب لبنان لم تسمح إلا لحزب أمل الشيعي بالاحتفاظ بمواقعه و كامل أسلحته و يقول أحد كبار الزعماء الشيعيين من حزب أمل واسمه حيدر الدايخ يقول هذا الرئيس و الزعيم الشيعي : " كنا نحمل السلام في وجه إسرائيل ولكن إسرائيل فتحت ذراعيها لنا و أحبت مساعدتنا لقد ساعدتنا إسرائيل على اقتلاع الارهاب الفلسطيني من الجنوب " انتهى كلامه وهذا قد كان لقاء صحفي مع هذا الزعيم حيدر أجرته معه مجلة الاسبوع العربي في 24/10/1983 .(52/148)
وكذلك يقول ضابط إسرائيلي من المخابرات الإسرائيلية وقد ذكر هذا القول صحيفة " معاريف " اليهودية في 8/9/ 1997 يقول هذا الضابط الإسرائيلي " إن العلاقة بين إسرائيل و السكان البنانيين الشيعة غير مشروطة بوجود المنطقة الأمنية ولذلك قامت إسرائيل برعاية العناصر الشيعية و خلقت معهم نوعاً من التفاهم للقضاء على التواجد الفلسطيني و الذي هو إمتداد للدعم الداخلي لحركتي حماس و الجهاد " انتهى كلام هذا الضابط الإسرائيلي نقلاً عن صحيفة معاريف الإسرائيلية اليهودية في 8/9/ 1997 .
الفصل السادس :
إخواننا أهل السنة في إيران
نتحدث في هذا الفصل عن إخواننا وأحبابنا أهل السنة في إيران, وحديثنا ذو شجون وسيكون بإذن الله تعالى تحت العناصر التالية:-
تحول دولة إيران من السنة إلى الشيعة.
أماكن تواجد أهل السنة في إيران.
أهل السنة قبل الثورة الإيرانية وبعد الثورة الإيرانية.
محاولات الشيعية الإيرانية للقضاء على أهل السنة في إيران.
الوضع الاقتصادي لأهل السنة في إيران.
الوضع السياسي لأهل السنة في إيران.
السياسة التعليمية التي تنتهجها إيران مع أهل السنة.
المخطط الإيراني لتزويج الشيعيات الإيرانيات من أبناء السنة.
المخططات لتغيير خارطة أهل السنة في إيران.
حالة علماء أهل السنة في إيران.
سجون الآيات والمعممين.
هدم أكبر مسجد لأهل السنة على يد الشيعة.
مقترحات تخدم إخواننا وأحبابنا أهل السنة في إيران.
الخاتمة .. التي نسأل الله حسنها.
تحول دولة إيران من السنة إلى الشيعة :
عرفت دولة إيران الإسلام منذ شروق شمسه على شبه الجزيرة العربية حين أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رسالة إلى كسرى فارس يدعوه فيها إلى الدخول في الإسلام دين الله الحق الذي رضيه لعباده أجمعين ولكن , ملك فارس في ذلك الوقت أبى وأستكبر ومزق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم, فكان من الخاسرين.(52/149)
غير أن أشعة شمس الإسلام بدأت تتجه إلى إيران وذلك بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم عن طريق الفتح الإسلامي لهذه البلاد وذلك في عام 13للهجرة وبالتحديد في أواخر عهد الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه , وأستمر هذا الفتح إلى عهد الخليفة الفاروق عمر أبن الخطاب رضي الله عنه , وحقق المسلمون نصراً مبيناً في الموقعة المعروفة بموقعة " نهاوند " وذلك في عام 21 للهجرة ، بعد ذلك أستكمل المسلمون فتح سائر أرجاء إيران في عهد الخليفة الراشد ذي النورين عثمان أبن عفان رضي الله عنه وعن جميع أصحاب رسول الله.(52/150)
وأصبحت إيران أحبابي في الله إلى القرن التاسع الهجري وهي على عقيدة أهل السنة والجماعة , إلى أن قامت للصفويين دولة فيها في عام 906 هـ , حيث أعلن فيها بأن المذهب الشيعي الأمامي مذهباً رسمياً للدولة الصفوية. ولنا أن نسأل أحبتي في الله عن الأمر الذي تسبب في جعل الشعب الإيراني ينتقل ويتحول إلى عقيدة التشيع بعد أن كان على معتقد أهل السنة والجماعة طيلة هذه القرون المشرقة فأقول: إن إيران ولأكثر من ألف سنة كانت أرضاً إسلامية مثلها في ذلك مثل جميع الأقطار الإسلامية الأخرى, ولكن قبل حوالي أربعة قرون كانت هناك قصة مؤلمة غيرت مصير الإيرانيين جيلاً بعد جيل فبعد سقوط الدولة العباسية آخر دول الخلافة السنية كانت الصبغة السنية ظاهرة في إيران وواضحة في جميع المجتمع الإيراني , غير أن بعض القبائل التركية الساكنة في منطقة أذربيجان قد اقتنعت المذهب الشيعي الأمامي الأثنا عشري مثل قبائل القزلباشية , ومالت كذلك أي هذه القبيلة إلى التصوف وكانت هذه القبائل تتبع فرقة صوفية تسمى الفرقة " الصفوية " نسبة إلى مؤسسها صفي الدين الأردبيلي , وكان من أحفاده رجل أسمة إسماعيل الصفوي الذي أستطاع أن يدخل مدينة تبريز وينتصر على أهلها في عام 906 هـ , ويعلن قيام دولة جديدة سميت بالدولة الصفوية نسبة إلى جده الكبير , فكانت هذه الدولة أول دولة شيعية أمامية تقوم بصفة رسمية وتبسط نفوذها على سائر الأراضي الإيرانية.
وقد جلس إسماعيل الصفوي على العرش في مدينة تبريز وأتخذ لقب "الشاه" أي الملك, كما أتخذ هذه المدينة عاصمة لدولة الصفويين. وكان من أول الأعمال التي قام بها إسماعيل الصفوي بعد أن أعلن المذهب الشيعي الأمامي مذهباً رسمياً للدولة الصفوية هو قتل وتذبيح الأعداد الكثيرة من أبناء السنة والجماعة الموحدين في إيران , حتى أنه أمر بأن يرمى من مآذن المساجد أكثر من 70 عالماً وطالب علم يومياً من علماء السنة الموحدين.(52/151)
وكذلك كان يرسل مجموعة من المشاغبين الشيعة ليدوروا بين الأحياء والأزقة , ويقوموا بشتم الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ولقد أطلق على تلك المجموعات أسم " برأة جويان " أي المتبرأون من الخلفاء الراشدين , وعندما يقوموا أولئك بشتم أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين , ينبغي على كل سامع من أهل السنة أن يردد العبارة نفسها! أما الذي يمتنع عن ترداد العبارة فيقومون بتقطيعه وتمزيقه بسيوفهم وحرابهم, ولم يكن أمام أهل فارس من جراء هذه الأعمال الخبيثة إلا الهروب بدينهم أو قبول مذهب التشيع مكرهين , وقد أدت أفعال الشاه إسماعيل الصفوي هذا إلى غضب الخليفة العثمان السلطان سليم الأول فقامت الحروب بين الدولة العثمانية وبين الدولة الصفوية.
وفي النهاية تمكن السلطان سليم الأول من فتح مدينة تبريز ولكنه بعد أن خرج منها سقطت مرة أخرى بأيدي الصفويين الذين قاموا على الفور بأرتكاب مجازر جماعية مروعة اقتلعت أهل السنة في تلك المدينة تماماً, وأصبحت تبريز مدينة شيعية بالكامل, حيث أنه قتل في يوم واحد أكثر من 140,000 من أهل السنة والجماعة.
ثم جاء بعد الصفويين سلالات أخرى مثل الأسرة الزندية والقجرية والبهلوية، ثم سيطرت حكومة الآيات والملالي والمعممين في وقتنا الحاضر , وكل هذه السلالات والأسر , أحبابي في الله , تقوم بالسير على نفس طريقة الأسرة الصفوية وفي كل يوم يتلقى ما بقي من أهل السنة ضربة جديدة مؤلمة والتي أخرها السيطرة على موارد أرزاق أهل السنة وأسباب معيشتهم في المناطق المحادية لدول الخليج , مما أضطر أولئك أي أهل السنة إلى الهروب إلى الدول العربية المجاورة.
أماكن تواجد أهل السنة في إيران:
فيتوزع إخواننا وأحبابنا من أهل السنة والجماعة في دولة إيران حسب التوزيع التالي:-
تركمان صحراء : وتقع في شمال إيران من بحر قزوين والمعروف بـ " درياري خزر " إلى الحدود الشرقية في الحدود الروسية.(52/152)
خراسان : وتقع في شمال شرق إيران التي تصل من ناحية الشمال إلى الحدود الروسية ومن ناحية الشرق إلى حدود أفغانستان.
بلوشستان : التي تقع في جنوب شرق إيران من عند خراسان إلى بحر عمان والتي تصل إلى حدود أفغانستان وباكستان.
منطقة طوالش : وتقع في غرب بحر قزوين على الحدود الروسية.
كوردستان : وتقع في غرب إيران من مدينة قصر شيرين إلى حدود تركيا.
منطقة هرمزبان : " بندر عباس", التي تقع في سواحل الخليج العربي وبحر عمان.
منطقة فارس : ومركزها شيراز.
منطقة قولستان : وقد استقلت بعد أن كانت تابعة لمنطقة مازندران.
إذاً فمناطق أهل السنة إخواني في الله كلها تقع في الحدود من جميع جوانب إيران , وذلك يوضح لنا أنهم يحاولون الهروب من إجرام الشيعة ليقتربوا من إخوانهم السنة في الدول المجاورة , وأما في داخل دولة إيران فإن الأغلبية الساحقة للشيعة الأثنا عشرية الأمامية.
أهل السنة قبل الثورة الإيرانية وبعد الثورة الإيرانية :
فلا شك أن أهل السنة في زمن شاه إيران السابق وقبل الثورة الخمينية كانوا يتمتعون بحرية البيان في عقيدتهم , ومزاولة جميع النشاطات من بناء المساجد والمدارس وإلقاء المحاضرات وطباعة الكتب في خارج , البلاد ولكن في نطاق المذهب بل كان محظوراً وممنوعاً منعاً باتاً التعرض من الشيعة لمذهب السنة أو السنة للشيعة.(52/153)
ويذكر أن رجلاً من الشيعة وزع كتاب فيه مساس بأم المؤمنين الطاهرة عائشة رضي الله عنها فمسكه بعض الغيورين من أهل السنة وضربوه ضرباً موجعاً , ثم قبضت عليه حكومة الشاه أي شاه إيران وأدخلته السجن فمن هنا كان لأهل السنة والجماعة حرية تامة في نشر المعتقد السني وتوعية الناس وبيان التوحيد الصافي ورد الشرك , الذي صار محظوراً الآن في حكومة الملالي والمعممين , بل يعتبر الداعي إلى التوحيد الآن في إيران وهابياً يقبض عليه فوراً, كما أن أهل السنة كانوا يتمتعون بالأمن والأمان في أموالهم وأعراضهم ودمائهم في عهد شاه إيران وقبل الثورة الخمينية.
كما كان يتمتع أهل السنة أسوة بالشيعة في الحصول على المواد الغذائية وبسهولة ويسر ودون تعب , أما بعد الثورة الخمينية فقد صارت كل هذه الموارد الغذائية بيد الحكومة والتي لا تقدمها إلا بعد الانقياد والخضوع أمامها للحصول على المواد المعيشية كلها.
وما زال أحبابنا وإخواننا أهل السنة يعانون من الجور والطغيان والاعتداء على حرماتهم وممتلكاتهم ما لم يعانوا مثله في التاريخ من قبل , إلا في العهد الصفوي الخبيث. ولكن مع الأسف الشديد لم يجدوا من إخوانهم ومن يشاركونهم العقيدة من يلبي ندائهم عما يعانون من الظلم والجور والجبروت.
وهنا أحاول أن أضع أمام إخوان المسلمين بعض الحقائق الثابتة عن الظلم والاعتداء والمضايقة التي تحصل على إخوانهم أهل السنة في إيران ونوضحها في التالي:-
أولاً:- محاولة القضاء على عقيدة أهل السنة في إيران :(52/154)
فلا شك إخواني في الله أن شيعة إيران في جميع شعاراتهم في وسائل الإعلام ينشرون بأن الشيعة والسنة متساويان وهم إخوة ومقتضى ذلك أن لأهل السنة ما للشيعة في جميع المجالات. وهذا الذي يظنه الكثير والكثير من المسلمين في جميع أنحاء العالم؛ بينما الأمر خلاف ذلك حيث أن الحكومة الشيعية الإيرانية تسعى لكي تحول أهل السنة إلى المعتقد الشيعي بشتى الوسائل, وذلك لأنهم يدركون أن حرية نشر العقيدة السنية تتعارض مع بطلان عقيدة الشيعة , وذلك لأن علماء الشيعة يعرفون معرفة جيدة بأن حرية نشر عقيدة أهل السنة والجماعة هو كشف للناس في العالم فساد عقيدتهم وأفكارهم ومخططاتهم ضد أهل السنة.
وحتى الآن مازال الشيعة يتكلمون في خارج إيران عن حرية أهل السنة في البيان والعقائد , وأنه لا يوجد فرق بين أهل السنة والشيعة, وهذا كله دجل وهم من وراء الستار يخططون بشتى الوسائل والطرق الخبيثة لاستئصال وإبادة أحبابنا و إخواننا أهل السنة والجماعة في دولتهم إيران وصدق الله العظيم القائل: { ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين }, ونوضح الآن إخواني في الله بعضاً من دسائسهم ومكائدهم في حق إخواننا وأحبابنا في الله من أهل السنة في إيران:-
أولاً/ منعهم أئمة جوامع أهل السنة من حرية بيان عقائدهم على المنابر يوم الجمعة :(52/155)
بينما لأئمة الشيعة حرية تامة في مذهبهم , بل والتعدي حتى على عقائد أهل السنة وذلك حيث أنهم عينوا موظفين في المخابرات والمباحث , فمن هنا لا يستطيع الخطيب السني الخروج عن دائرة ما يريدون , وقرروا حضور علماء الشيعة جوامع أهل السنة يوم الجمعة لإلقاء الخطب حسب ما يريدون عن سياسة الحكومة وعقائد الشيعة , وليس لأهل السنة إلا إلقاء الخطب العامة التي لا مساس لها بالعقيدة , وإذا خرج الأمام عن حدوده المقررة من قبلهم اتهموه بأنه وهابي! ويريد نشر الوهابية, وبهذا الاتهام قبضوا على عدد من العلماء وأدخلوهم في جحيم السجون الإيرانية.
كذلك قاموا باعتقال أفاضل العلماء البارزين من أهل السنة والجماعة ومنهم: الشيخ العلامة أحمد مفتي زادة , وهو من محافظة كردستان وذلك لجريمة مطالبته لحقوق أهل السنة المهضومة هناك في إيران.
والشيخ الدكتور أحمد ميرين البلوشي لكونه أنهى دراسته من المرحلة الابتدائية إلى مرحلة الدكتوراة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة , باسم أنه وهابي ينشر فكر الوهابية! ولما لوحظ من قبلهم نشاط الدعوة وبيان العقيدة الصحيحة السنية أعتقل في أشد السجون الشيعية , وقبل فترة حكموا عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة ثم قتلوه بعد خروجه من السجن.
وكذلك من شيوخ السنة الذين اعتقلتهم الحكومة الإيرانية الشيخ محيي الدين من عاصمة خراسان حيث أعتقل قبل سنوات دون أن يقدم إلى المحكمة أو توجه إليه تهمه , إلا أنه كان يرأس مدرسة دينية في خراسان وتأخذه الغيرة على اعتقادات أهل السنة عندها اتهمته الدولة بالوهابية وأنه يريد الفرقة بين الشيعة والسنة وبعد سنتين في سجون الآيات نفوه إلى محافظة أصفهان ليسجن فيها 7 سنوات حتى أضطر في النهاية للهجرة إلى باكستان بلوشستان فراراً بدينه.(52/156)
أما الأستاذ إبراهيم صفي زاده , خريج جامعة الإمام محمد أبن سعود الإسلامية بالرياض , دولة التوحيد فقد اتهموه بأنه وهابي , وضربوه 70 جلدة في وسط السوق أمام الشيعة وأدخلوه في السجن وحكموا عليه بـ 7 سنوات.
أما الشيخ نظر محمد البلوشي , والذي كان عضواً في البرلمان الإيراني ومندوباً لإحدى مناطق بلوشستان الإيرانية , فقد تعرض لأشد أنواع التعذيب في سجون الخميني وأخذ منه اعترافاً زوراً وجبراً بأنه جاسوس من قبل العراق وإسرائيل , يعمل لهم في إيران ورغم أنه عالم من العلماء البارزين لأهل السنة والمعروف لدى الناس هناك وقد كان يعيش تحت الحراسة المشددة وممنوع من الخروج إلى بلاد أخرى إلى أن توفي رحمة الله عليه.
أما الشيخ المجاهد دوست محمد البلوشي , والذي يبلغ من العمر أكثر من 80 سنة قبض عليه لدفاعه عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رسائل عديدة , وبعد أن قضى سنتين في أشد التعذيب في سجون الآيات نفوه إلى محافظة أصفهان , وبعد سنة أطلقوه والآن يعيش تحت الحراسة المشددة وممنوع من الخروج من البلد. وكذلك الكثير والكثير من العلماء وشباب السنة يعيشون في سجون الآيات لا جريمة لهم إلا أنهم من المتمسكين بعقيدة أهل السنة والجماعة ويدافعون عنها وعن الصحابة رضوان الله عليهم.
ثانياً/ عدم السماح لأهل السنة ببناء المساجد والمدارس :
فمن الحقائق المعلومة أن أهل السنة في إيران محرومون من بناء المساجد في مناطق كثيرة , مثل العاصمة طهران وأصفهان ويزد وشيراز وغيرها من المدن الكبيرة.(52/157)
مع أنه يوجد في طهران حوالي نصف مليون من أهل السنة والجماعة , ولكن ليس لهم مسجد واحد يصلون فيه ولا مركز يجتمعون فيه, بينما يوجد العديد من الكنائس وبيَع اليهود ومعابد للهندوس والسيخ والمجوس عباد النار. أما إخواننا أهل السنة فلا يوجد لهم مسجد واحد , بل أن العاصمة الوحيدة على وجه الأرض التي لا يوجد فيها مسجدا لأهل السنة هي مدينة طهران عاصمة دولة إيران, وهم بالعكس يبنون لهم مساجد ومراكز ومدارس وحسينيات في مناطق أهل السنة في إيران.
ثالثاً/ هدم المساجد والمدارس السنية:
حيث وصل الأمر بشيعة إيران إلى هدم المساجد والمدارس الخاصة بأهل السنة ببعض المدن مثل منطقة بلوشستان كمدرسة ومسجد الشيخ قادر بخش البلوشي كما تم هدم مسجد للسنة في منطقة كيلان فيه فيتر ومسجد أيضاً في كولارك جابهاء بلوشستان. وكذلك قد تم هدم العديد من المساجد في محافظة شيراز وكل هذا بتهم مختلفة , إما أنه مسجد ضرار أو بني من بغير إذن من الحكومة , أو أن إمام المسجد يحمل العقيدة الوهابية , أو أن الحكومة أمرت بتوسيع الشوارع فقامت بهدم مساجد أهل السنة فقط , وكل هذه الأمور إخواني في الله تقوي شوكة الشيعة وتضعف من معنويات إخواننا أهل السنة في إيران ولا حول ولا قوة إلا بالله.
رابعاً/ تخصص جميع وسائل الإعلام الإيرانية لنشر المذهب والمعتقد الشيعي :(52/158)
حيث أن كل الأمكانات مسخرة لعلماء الشيعة يستغلونها كما يريدون وأما أهل السنة فليس لهم في ذلك أي حظ فعلى سبيل المثال في منطقة بلوشستان ليس لأهل السنة برامج في الإذاعة من أربع وعشرين ساعة إلا ساعة واحدة , والمفروض أن هذه الساعة تكون بنشر الأفكار والعقائد السنية بينما مع الأسف الشديد تستغل للمدح والثناء على الحكومة وزعمائها وملاليها, وأما في خراسان فليس لأهل السنة أي برنامج في الإذاعة , مع أن الحكومة الإيرانية قررت المهاجرين الشيعة من الأفغان الهازارا ساعتين مخصصة لهم باللغتين الفارسية والبشتو وأما أهل السنة ومع الآسف محرومون من هذا كلياً.
خامساً/ نشاط المراكز التعليمية ودورها في نشر العقائد والأفكار الشيعية :
إن الحكومة الإيرانية تستغل عن طريق المدارس من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة العالية بتنشئة الأطفال من أبناء أهل السنة على أفكار وعقائد شيعية , ترغبهم بها وتنفرهم من معظم الصحابة رضوان الله عليهم علناً, بل ويربونهم على كراهيتهم , وذلك عن طريق مدرسين شيعة يقومون بتوزيع كتب أُلفت لمذهبهم تتضمن النيل من الصحابة وانتقادهم وانتقاصهم كثيراً بأساليب القصص المختلقة والكاذبة ضدهم.
سادساً/ حرمان أهل السنة من شؤونهم الثقافية والاجتماعية والأخلاقية :
فلا شك إخواني في الله أن أهل السنة محرومون من حقوقهم الثقافية والاجتماعية بجانب حرمانهم من حرية العقيدة, ومن حقوقهم التي حرموا منها التالي:-(52/159)
* تخصص المراكز العلمية ودور النشر والمقاطع والمكتبات التجارية في إيران لكتب الشيعة فقط , حيث لا يسمح لأهل السنة بشيء من ذلك ومن هنا تجد أن الكتب المطبوعة في إيران كلها كتب شيعية باستثناء كتب معدودة على الأصابع , طبعت بعد مشاكل كثيرة وما زال عدد من الكتب لعلماء أهل السنة مرهونة عند الحكومة , ولم تسمح بنشرها أو طبعها ولهذا يضطر بعض علماء أهل السنة في إيران لنشر كتبهم وطبعها في باكستان , ومن نتائج ذلك أن شباب أهل السنة لا يجيدون أمامهم في المكتبات الثقافية إلا كتب الشيعة الضالة المنحرفة , فيضطرون لقراءة هذه الكتب أو يلجأون إلى أفكار أخرى منحرفة وهذا غاية ما يتمناه الشيعة أفراخ المجوس.
كذلك إخواني في الله فإن وزارة الإرشاد والتبليغات الإيرانية قد تخصصت بنشر أفكار وعقائد الشيعة, حيث أن هذه الوزارة تحضى بأكبر دعم من الحكومة الإيرانية ومن أعمالها تكثيف الجهود لنشر وترويج مذهب الشيعة في العالم وذلك عن طريق طبع ونشر الكتب بأكثر من أربعين لغة حيّة. كما طبعت هذه الوزارة أكثر من ثلاثين كتابا ورسالة حتى الآن وتوزع مجاناً عن طريق الملحقيات الثقافية الإيرانية المنتشرة في جميع أنحاء العالم العربي والأوربي والأفريقي والآسيوي ، وكذلك تقوم هذه الوزارة بتوزيع الكتب الشيعية عن طريق بعثات تبعثها الوزارة وعن طريق البريد بعناوين الأشخاص البارزين , وعن طريق أبتعاث أشخاص للدعوة ونشر مذهبهم على نفقة الوزارة المذكورة, وفي داخل هذه الكتب توضع مضامين وأفكار بشكل لا ينتبه إليها إلا الأذكياء ومن لهم خلفية عن هؤلاء القوم؛ أما أهل السنة في إيران فليس لهم أدنى حظ من الاستفادة لنشر كتاب أو جولات تخدم معتقدهم فالله حسبهم وهو يتولاهم.(52/160)
أما عن السياسة التعليمية التي تتبعها إيران مع أهل السنة , فإن الحكومة الإيرانية تتولى نظام التعليم في المراحل كلها من الابتدائية إلى الجامعات ولا تسمح بأي حديث إلا عن مذهب الشيعة وأفكاره, كما أنهم شكلوا فصولاً دراسية للكبار رجالاً ونساءً بعنوان " محو الأمية " حيث لا تسمح فيها إلا بترويج أهدافهم الدعوية المطلوبة وتحقيقها تحت ستار محو الأمية, كما خصصوا مراكز ومكتبات شيعية خاصة في جميع مدن أهل السنة تحتوي على كتب ثقافية شيعية للمطالعة ولتشويق الطلاب بقراءة هذه الكتب ومطالعتها ثم يهدون من الكتب ما يرون في ذلك من مصلحة لهم.
وقد كان في السابق منهج التربية الإسلامية مستقلاً وخاصاً لأهل السنة والجماعة , اعتنى بكتابته بعض علماء أهل السنة المعروفين والمشهود لهم بالخير , عند ذلك قامت الحكومة على توحيد المنهج بحيث يدرس الجميع منهجاً دراسياً واحداً تبث فيه عقائد الشيعة, ولما رأت الحكومة عدم إقبال طلاب السنة على دراسة هذا المنهج الموحد أعادوا لأهل السنة كتاباً خاصاً بهم باسم " وثيرة أهل سنة " أي خاصاً بأهل السنة , وقد كتب على يد علماء الشيعة وكتب على غلاف الكتاب هذه الجملة " أطلع على الكتاب مولوي محمد إسحاق مدني مستشار وزير التربية لشؤون أهل السنة والجماعة ", وذلك ليوهموا أهل السنة أن الذي وضع هذا الكتاب هو عالم من علماء أهل السنة , وقد ألف هذا الكتاب بطريقة تنفر أهل السنة عن مذهبهم بل وفيه دعوة غير مباشرة إلى التشيع.(52/161)
وأيضاً قاموا بشراء بعض ذمم علماء السوء من أهل السنة وذلك بإعطائهم بعض المناصب وبناء المساكن وإجراء المرتبات الشهرية لهم, ومن المحاضرات التي كان يلقيها هذا النوع من العلماء محاضرة لأحدهم كانت بعنوان " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا " بيّن في هذه المحاضرة أن الخلاف بين السنة والشيعة خلاف سطحي , ثم يقول وإننا نؤمن أن ما يقولونه " أي الشيعة " حق وأن القول بولاية الفقيه قول حق يجب علينا أتباعه وأن الخلاف الوحيد بيننا وبين إخواننا الشيعة هو في إرسال اليد وقبضة وهذا خلاف قد وقع بين أهل السنة أيضاً كما هو رأي عند بعض المالكية .
وحتى لا يبقى لأهل السنة صبغة إسلامية قامت حكومة الملالي الشيعية بتغيير أسماء المدارس التي كانت تحمل طابعاً إسلامياً حيث غيروها إلى أسماء أخرى فمثلاً : مدرسة ثانوية أبو بكر الصديق رضي الله عنه أصبحت الآن مدرسة آية الله بهشقي, ومدرسة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصبحت الآن مدرسة قنبر, وأما المدارس والمساجد التي بناها المسلمون في مناطق السنة بعد الانغلاق فقد قاموا بتسميتها على حسب ما يرون من الأسماء كآية الله طالقاني , وآية الله الخميني وأحياناً يسمون ببعض أسماء الصحابة وهم فقط أبو ذر الغفاري , وسلمان الفارسي , وعلي أبن أبي طالب , والحسن , والحسين رضوان الله عليهم أجمعين.
بل أنهم قاموا بتغيير أسماء كثير من المدن والقرى إلى أسماء شيعية, وأما أسماء أئمتهم الأثنا عشر فقد كتبت تقريباً على جدار كل مدرسة سنية , وعلى جدران بيوتهم ومحلاتهم , بل على الأوراق الحكومية الحديثة , كشهادات الميلاد وصكوك الأراضي والمستندات الرسمية ورخص القيادة وفهارس الهواتف.(52/162)
كما أن الشيعة يقومون بتنظيم رحلات في العطلة الصيفية للنابغين من طلاب أهل السنة والجماعة إلى منطقة مازندران , أو إلى أماكن أخرى تحت إشراف وتوجيه علماء الشيعة الذين يقومون بتلقينهم وتدريسهم طيلة هذه الفترة , ثم يرجعون مصطحبين معهم بعض الكتب والهدايا.
كما أنه قد صدر قرار حكومي إيراني بعدم السماح في بناء مدارس جديدة لأهل السنة والجماعة في المدن السنية, مع إقرار العمل في المدارس الإسلامية القديمة.
كما أن جهاز " الكميته ", وهو جيش جديد أُنشئ في الآونة الأخيرة ومؤسسه " رفسنجاني " , يقومون دائماً بزيارات إلى المدارس الإسلامية السنية للإطلاع على أحوال الدراسة والمنهج المقرر , فهم يحاولون إدخال بعض كتبهم ضمن مناهج المدارس الإسلامية السنية.
كذلك فإن لجهاز " الباسدران ", وجهاز " الساندزيكي ", رحلات للقرى يقومون خلالها بجمع شباب هذه القرى من أبناء السنة في مكان معين ويحضرون لهم جهاز الفيديو والتلفاز مع مكينة للكهرباء ليطلعوهم على بعض الأفلام المسلية , ثم يلقون عليهم محاضرة دينية بهدف التأثير عليهم , وبعد هذه المحاضرة يقومون بتوزيع البسكويت والحلوى على الحاضرين, وهكذا يتنقلون من قرية إلى قرية وفق برنامج مرسوم ومدروس.
هل تعلم أخي الحبيب في إحدى الأعوام الماضية؟ ألقيت أكثر من 400 محاضرة من قبل مشايخ الشيعة في مساجد السنة خلال شهر رمضان المبارك.
وهل تعلم أخي الحبيب؟ أن ألوف من شيوخ الشيعة بما تعطيهم الدولة الإيرانية من رواتب مغرية يتجولون في المناطق السنية , ويلقون خطابات يقومون بغسل أدمغة الناس , وأهل السنة مع الآسف الشديد لا يوجد فيهم داعية واحد مفرغ للدعوة إلى الله.(52/163)
كما أن الشيعة في إيران يستغلون المناسبات الزمنية والمراسم المذهبية الخاصة بهم , مثل أسبوع الوحدة ويوم نجاح الانقلاب , وأيام الأعياد , والجلسات الأخرى, التي تتولى الدولة الأشراف عليها وتدعوا الشخصيات والأعيان البارزين من الداخل والخارج , ويجبر أهل السنة من الموظفين والعلماء والأعيان بالمشاركة معهم في هذه المناسبات والمراسم بدعوى أن الشيعة والسنة متكافئون متعاونون, والحقيقة أن اشتراك أهل السنة ليس إلا قهراً وجبراً وتحت التهديد والخوف .
الوضع الاقتصادي لأهل السنة في إيران :
فبعد السلطة الجديدة والتي يسميها البعض بعهد الآيات والملالي , علّق بعض أهل السنة الآمال في هذه الحكومة الخمينية الجديدة التي كانت تدعي العدل والمساواة, لكن سرعان ما انكشفت حقائق هذه الدعايات الكاذبة وخابت آمال الكثير من أهل السنة هناك بل رجعوا إلى أسوء مما كانوا في عهد " شاه إيران ", والسر في ذلك أن المعممين من الشيعة لا يريدون أن يتقوى أهل السنة في إيران لا عقدياً ولا اقتصادياً , مخافة أن تكون لهم قوة وشوكة. وكذلك فإن الحكومة الإيرانية قد سيطرت على جميع المواد الغذائية وغيرها ولا يمكن الحصول عليها إلا بالبطاقة الخاصة حسب عدد أفراد الأسرة , وهذا يكلف رب الأسرة أن يقف في الصف لكل شيء مستقل, حيث أن كل الأشياء لا تتوفر في مكان واحد بل هي موزعه على عدة جهات فيقف أحدهم مثلاً في الصف وآخر لشراء الخبز وثالث لشراء اللحم وهكذا يعيش الناس في محنة شديدة لا يعلمها إلا الله.
الوضع السياسي لأهل السنة في إيران :(52/164)
فمع الحزن الشديد , إن الحكومة الإيرانية الأثنا عشرية قد استخدمت سياسة لتقسيم أهل السنة والجماعة, وذلك بإحياء الضغائن بين القبائل السنية وتسليط كل قبيلة ضد أخرى إضافة إلى إثارة شباب أهل السنة ضد العلماء والأعيان, ثم توجهت الحكومة بعد ذلك إلى رمي التهم لشباب أهل السنة مما أضطر عدد كبير منهم إلى الهرب واللجوء إلى دولة باكستان ومن ثم إلى دول أوروبا.
كما اغتصبت جميع الحقوق السياسية من علماء أهل السنة عكس علماء الشيعة تماماً, حيث أنهم يتمتعون بجميع الإمكانيات السياسية والثقافية والاقتصادية , مما جعل الكثير من علمائهم يظهرون ويتواجدون على المستوى السياسي الإسلامي العربي والدولي , بل تم إلقاء القبض على أبرز شخصيات أهل السنة في إيران ممن راو فيهم النشاط السياسي.
أما إذا تعمقنا قليلاً إخواني في الله , فإن البرلمان الإيراني يقوم بحرمان أهل السنة من العضوية فيه إلا لإفراد قليلين تريدهم الحكومة الشيعية.
ومعلوم أن البرلمان يتشكل من أكثر من 300 مقعد وعلى هذا فأهل السنة على أقل تقدير لا يقلون عن 30% من تعداد السكان في دولة إيران. فلذلك فهم يستحقون 90 مقعداً تقريباً في البرلمان , ولكنهم حرموا من هذا الحق إذ لا يوجد لهم إلا 12 ناخباً , وليس لهم أي وزن في البرلمان بل ويستغلون وجودهم - أي الشيعة - لأهدافهم السياسية بما ينافي مصالح أهل السنة ويعرّض حقوقهم لمزيد من الخطر والضياع.
وكذلك فإن الشخص المنتخب في البرلمان والذي يطالب بحقوق أهل السنة المساكين لا يمكن أن يستمر أكثر من مرة واحده في الانتخاب, ثم يتابع بعد ذلك للقضاء عليه وتعذيبه وإهانته كما فعلوا مع الشيخ العلامة/ نظر محمد البلوشي الذي ألقي القبض عليه وأدخل في أقوى السجون السياسية الإيرانية الشيعية.
المخطط الإيراني لتزويج الشيعيات الإيرانيات من أبناء السنة :(52/165)
لقد اتخذت الحكومة الإيرانية وسائل أخرى للقضاء على أهل السنة والجماعة في إيران , منها تزويج السنة بالنساء الشيعيات , واللاتي يرسلن من قبل الحكومة بعد إعطائهن دروساً مكثفة وإقناعهن بأنهن داعيات إلى التشيع , وعليهن دعوة الأزواج وأهل بيوتهم وذريتهم إلى التشيع , وإظهار حسن الأخلاق والمعاملة الحسنة مع الزوج وأن تساير الزوج في طبيعته وشخصيته.
فأحياناً تعلن الحكومة الإيرانية في أحدى مدن أهل السنة مثلاً, عن وصول 100 امرأة " أي شيعية " فمن يرغب بالزواج فليبادر قبل فوات الفرصة, فيبادر أهل السنة إلى الزواج وذلك بقصد الشهوة وقضاء الوطر من البيض الحسان , وهذا التزاوج كثيراً ما يتأثر به الأزواج وأهلهم فيميلون إلى معتقدات الشيعة. وأما الأبناء الذين يولدون من هذه المجندة الشيعية فيتشيعون حتماً ولا بد.
المخططات لتغيير خارطة أهل السنة في إيران :
وذلك أنهم قاموا بإنشاء مستوطنات في مناطق السنة , وبناء بيوت حكومية في المدن السنية وتوزيعها على الشيعة القاطنين بعيداً عن مدن أهل السنة , إضافة إلى جلب الأيد العاملة الشيعية إلى مناطق السنة, وذلك لتكثيف العدد السكاني الشيعي فمن زار مثلاً مناطق أهل السنة في إيران يلاحظ نشاط الشيعة الرهيب في إقامة المستوطنات وخاصة في كردستان وتركمان وبلوشستان.(52/166)
فمثلاً كانت مدينة زاهدان قبل 15 عام لا يسكنها شيعي واحد لا يوجد فيها شيعي واحد؛ والآن يبلغ تعداد الشيعة إلى قرابة 10% من تعداد سكان مدينة زهدان , ومع تشجيع الحكومة الإيرانية للشيعة في سكنى المناطق السنية, ففي المقابل يمنعون السنة القادمين من خارج إيران من الإقامة والاستيطان في أماكن السنة وخاصة المهاجرين الأفغان السنة, حيث أن أهل السنة في إيران كانوا يرحبون بإخوانهم الأفغان في بداية هربهم من الروس لما يرونه من وجوب نصرتهم والوقوف معهم وخاصة لأن الذي يجمع بينهم هو الدين الموحد والعقيدة السنية المشتركة , والعادات والتقاليد المتشابهة , وأحياناً تجمعهم لغة محلية مشتركة , ولقد عرفت الحكومة الأثنا عشرية الكائدة لأهل السنة والجماعة خطورة نزول المهاجرين في مناطق السنة وأخذت تكيد لهم حتى ينفر السنة الإيرانيون من إخوانهم الأفغان المهاجرين.
فأذاعت الحكومة الإيرانية ونشرت عن كثير من الحوادث الإجرامية الشنيعة الكاذبة والملفقة وقالت أن أصحاب هذه الجرائم هم من الأفغان الذين قدموا إلى هذه البلاد, وأيضاً من باب زيادة التنفير منهم يعلنون ويذيعون بين الناس أنهم " أي الأفغان السنة " مصابون بأمراض خطيرة معدية, حتى أنهم أحرقوا ستة من الأفغان في إحدى المدن الإيرانية السنية ليظهروا للناس أن بهم من الأمراض الخطيرة المعدية وبحرقهم تموت الميكروبات والجراثيم التي يحملونها والتي لا يمكن القضاء عليها إلا بحرقهم! .(52/167)
أقول إخواني في الله ومع كثرة هذه الدعايات الشيعية الكاذبة, أصبح أهل السنة في إيران ينفرون من إخوانهم الأفغان السنة نفوراً شديداً ويبلغون عنهم إذا رأوهم في قراهم أو مدنهم أو يحاولون طردهم من بلادهم؛ وفي المقابل نجد أن الشيعة الأفغان الذين هم من قبيلة " الهازارا " يصولون ويجولون في إيران وفي المدن الشيعية دون أية مضايقات , بل إن أكثر أماكن المتعة في المدن الإيرانية لا يتزاحم عليها إلا شيعة الأفغان الهازار.
حالة علماء أهل السنة في إيران :
فكم من علماء أفاضل ألقت عليهم الحكومة القبض بدعوى أنهم يحملون المعتقد الوهابي, وكم أغلقت مدارس بدعوى أن مؤسسيها وهابيون, وبلغ الحد بهم أن هدموا إحدى المدارس بالجرافات ليلاً بدعوى أن الذي أسسها ممن يحمل العقيدة الوهابية, بل بلغ الأمر بهم أنهم ألقوا القبض على الشيخ نظر محمد وهو عضو في مجلس الشورى الإيراني سابقاً ومن العلماء الصالحين وذلك لأنه تكمل عن فضل الصحابة رضوان الله عليهم وحكم فيمن سبهم أو لعنهم, وبعد ذلك بفترة قليلة ظهر الشيخ على شاشة التلفاز بعد القبض عليه ولمدة سبع دقائق يتحدث بأنه كان يعمل عميلاً للرئيس صدام حسين , وأنه من الاستخبارات العراقية. ثم لم يكتفوا بهذا الأمر وأخيراً حكمت عليه المحكمة الإيرانية بالرجم بتهمة الزنا أيضاً! فهكذا يكذبون ويعاملون علماء السنة.(52/168)
بل إن الأمر أدهى من ذلك وأمر إخواني في الله, وذلك بأنهم قبضوا على أحد علماء السنة في إحدى المناطق السنية, لأنه يتكلم في خطبته يوم الجمعة عن ولاية الفقيه حيث قال ناصحاً إخوانه من أهل السنة , لا يجوز لنا الاعتقاد في العصمة لأحد من الناس بعد نبينا صلى الله عليه وسلم كائناً من كان, وبعد هذه الخطبة دخل السجن ثم لم يمكث الشيخ في السجن أقل من أسبوع حتى أعلن توبته في المذياع وأمر الناس بولاية الفقيه على الملأ , ثم بعد أن سأله أحد كبار العلماء عن سبب رجوعه عن رأيه؟ قال : والله ما رجعت عن اعتقادي ولكنني اضطررت لذلك عندما أدخلوا علي في السجن 10 من الرجال , وهم من رجال الحرس الثوري ومعهم من يرتدي العمامة السوداء وهو يحثهم على فعل الفاحشة بي , أو أن أرجع عن قولي أمام الناس وهو يقول لهم " أي ذلك العالم الشيعي لهؤلاء الشباب العشرة " أنتم في فعلكم هذا مثابون عند الله عز وجل! بل وليس عليكم غسل بعد هذا الفعل عياذاً بالله تعالى .
كذلك من أساليب حكومة الآيات الخبيثة إخواني في الله, تشكيل جيش إيراني جديد يسمى " البسيج " في عموم مناطق إيران ويتألف من السنة في مناطق السنة من غير أن تصرف لهم رواتب , حيث يقولون " أي تقول لهم الحكومة الشيعية لهذا الجيش السني " أخرجوا رواتبكم بأنفسكم بعد أن تعطيهم الأسلحة كالرشاشات, ومن أجل أن يحصل هذا الجيش على رواتبهم يضعون الحواجز على الطرق في مناطق أهل السنة, ثم يوقفون السيارات والمارين ويطلبون من أصحاب السيارات غرامات مالية. وبسبب هذا الجيش كم من حوادث قتل حدثت بين أبناء أهل السنة, بل إن البسيج أصبحوا يتقاتلون فيما بينهم على مرئى من الحكومة, فعلى سبيل المثال عند إحدى محطات البنزين التقى بسيج قرية مع بسيج قرية أخرى وبسبب خلاف وقع بينهما لم ينتهي هذا الخلاف إلا وفي المحطة أكثر من 12 قتيلاً من المسلمين من هذا الجيش.(52/169)
وبعد هذه الحادثة المروّعة قام بعض أهل العلم والحكمة من علماء السنة , بتوضيح الأمر للناس وبيّنوا قصد الحكومة من إنشاء هذا البسيج " أي هذا الجيش " في مناطق السنة, فتخلى الكثير ممن يعمل في البسيج عن وظيفته وأعادوا الأسلحة إلى الحكومة الأثنا عشرية, كذلك فإن الحكومة الإيرانية وضعت إغراءات لمن يعتنق التشيع ويظهر ذلك , وخاصة لعلماء السنة مثل إجراء المرتبات لهم وإعطائهم بعض الإمتيازات ومن المحزن إن إحدى القبائل تشيع نصف رجالها تقريبا بل إن هناك منطقة تشيع أكثر من 80% من عدد سكانها , وعندها وعلى الفور قامت الحكومة بإعطائهم الأراضي الزراعية مع مكائن الماء وتسوير هذه الأراضي لهم.
حالة علماء أهل السنة في إيران :
فقد وصل الأمر بهم إلى أنهم أصبحوا ينفذون الإعدامات في حق علماء أهل السنة فقط بتهمة الوهابية. ففي إحدى السنوات قامت الدولة الإيرانية الأثنا عشرية بإعدام ثلاثة من العلماء البارزين من أهل السنة والجماعة وهم كل من الشيخ الفاضل ناصر سُبحاني , والذي كان من العلماء الجيدين والبارزين في كوردستان إيران الذي أعدم قبل سنوات في شهر رمضان المبارك, وكذلك الشيخ الفاضل عبدالحق المتخرج من جامعة أبي بكر الإسلامية بكراتشي في باكستان , بعد أن أمضى قرابة السنة في أشد السجون الإيرانية حيث حكموا عليه بالإعدام بتهمة نشر التوحيد الذي يحارب التوسل بالأموات والوهابية ونشر المعتقد الوهابي, وكذلك الشيخ عبدالوهاب صديقي أحد العلماء الذين تخرجوا قبل سنوات من الجامعة الأشرفية في لاهور ببكستان , حيث أعدم بسبب نشاطه الدعوي بين أهل السنة.
سجون الآيات والمعممين :(52/170)
أما أوضاع إخواننا أهل السنة في سجون الآيات فهم في أشد حالات البؤس والحرمان, حيث أن المعتقدات لبرودة الهواء فيها تنتشر الروائح الكريهة والمتعفنة في جميع أرجائها , مما أدى إلى إصابة الكثير منهم بأمراض مزمنة, كذلك لم يكن يؤذن للمعتقلين برؤية الشمس فضلاً عن التمتع بحرارتها , حيث كانوا يعصبون الأعين حين الخروج لقضاء الحاجة ولم يكونوا يسمحون بالخروج لقضاء الحاجة والتوضأ إلا أربع مرات في اليوم والليلة فقط.
وأما الاغتسال وغسل الثياب فلم يكونوا يسمحون بذلك إلا مرتين في الشهر, ولم تكن المدة المقررة لهذا الأمر تتجاوز خمسة عشر دقيقة, كما كانوا يؤذون المسجونين بإذاعة الأناشيد , ومراسيم عزاء الحسين في صالات الزنازين عن طريق مكبرات الصوت من الصباح إلى منتصف الليل, ومن الأساليب التي كانوا يستخدمونها للتعذيب النفسي الآتيان بالأخبار الكاذبة المحزنة , وإخراج البعض من الزنزانة ليلاً ومعنى ذلك في عرف السجون الإيرانية أنه قد صدر حكم الإعدام على ذلك السجين وحان وقت تنفيذه عليه.(52/171)
ومنها كذلك سب السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم , وافتراء البهتان العظيم على أم المؤمنين عائشة الطيبة الطاهرة رضي الله عنها, ومن أشد العذاب النفسي لإخواننا داخل معتقلات الشيعة هو أن يرى أخاه يقتل ظلماً أو يرى أختاً له يعتدي على عرضها وتهتك حرمتها ثم تقتل مظلومة وهو لا يملك أن يدافع عنه أو عنها. وكان التعذيب إخواني في الله يبلغ أقصاه حينما كانت تختلط صرخات امرأة مسكينة بضربات البنادق وهتافات الحرس الخاص قائلين باللغة الفارسية " الله أكبر خميني رهبر " يعني الله أكبر الخميني زعيم ومعنى رهبر " أي زعيم أو قائد ", ويذكر لنا ممن نحبهم في الله أنه في إحدى الليالي إنطفئت المصابيح داخل المعتقل في حوالي الساعة العاشرة والنصف, فقال الإخوة نقضي الوقت في إنشاد الأشعار الدينية إلى أن يعود الكهرباء , وبعد ساعتين وعلى فجأة علت صرخات نساء من الزنازين المجاورة فلم يملك الإخوة أنفسهم من البكاء لأنهم لم يكونوا يستطيعون إنقاذ أولئك المسكينات من أيدي أولئك الذئاب المفترسة, فلما أصبحنا سألنا رجلاً كان يأتينا عن سبب هذه الأصوات فقال لقد رأيت أسوء من هذا بكثير والسبب أن الحرس الشيعة المتواجدون في داخل السجن يعتقدون أنه لا يجوز إعدام الفتيات الأبكار , فإذا أرادوا أن يعدموا بكراً عقد عليها لأحد الحراس عقد متعة وبعد الاعتداء عليها يعدمونها.(52/172)
ومن المآسي إخواني في الله التي تحصل في حق المسلمين في داخل سجون الآيات والمعممين أن رجلاً عمره حوالي الستين سنة تقريبا ضرب بالأسلاك القوية 1800 ضربة على ظهره وقدميه , وكان يحمل معه في خرقة قطعات من لحم أقدامه التي تناثرت من ضربات الأسلاك , ومع ذلك فإن الرجل كان يقول أشد ما يؤلمني أنهم دعوني مرة وقالوا إما أن تعترف وإما أن نعذب امرأتك فقد أتينا بها وهي الآن في الغرفة المجاورة, وعند ذلك سمعت صراخ امرأة من تلك الغرفة فاستسلمت لهم خوفاً على امرأتي وقلت لهم أكتبوا ما تشاءون لأوقع عليه على أن تخلوا سبيل امرأتي, ولكن بعد ذلك سالت امرأتي عن الأمر عند مجيئها لزيارتي فنفت ذلك فعلمت أن المرأة لم تكن امرأتي وعملهم هذا كان احتيالاً لأخذ الاعتراف مني. ثم إنه بلغ التعذيب من هذا الرجل المسكين أن أخذ كمية من " النورة " ثم بلعها محاولاً الانتحار, ولكن لم يشأ الله له أن يموت.
ويروي أحد المعتقلين بعد خروجه من سجون الآيات قائلاً: أنه كان هناك رجلاً كانوا قد ضربوه بالأسلاك 45 يوماً متتابعة كل يوم 200إلى300 جلدة وفي إحدى الليالي استيقظنا من النوم حوالي الساعة الثانية والنصف مساءً فإذا بحريق وقع في غرفتنا وإذا بهذا الرجل قد لف نفسه في بطانية وصب عليها النفط وأحرق نفسه وإذا به يلفظ أنفساه الأخيرة وهو يقول بصوتٍ هامس: " طوبى لي طوبى لي طوبى لي نجوت منهم " فحاولنا أن نطفأ الحريق فلم نستطع واضطررنا أن نلقي بأنفسنا من النافذة فبادرنا الحراس بإطلاق النار علينا ظانين أننا نريد الفرار فلما علموا بالأمر توجهوا إلى الزنزانة وكان الرجل قد مات فألقوه من النافذة وأخذوا يشتمونه ويهينونه وأصدروا الأمر بحجز أمواله لأنه كان قد اعتدى على بيت المال وذلك لإحراقه البطانية!.. انتهى(52/173)
كما وصفت طالبه عمرها 26 عاماً تم احتجازها في سجن " إيوين " وهو من أشرس السجون الإيرانية, أول مرة تعرضت لها فيها للضرب فقالت: عصبوا عيني وأمروني بالاستلقاء على الأرض وبدأ أحدهم بضرب أخمص قدمي بسلك ثقيل , كنت ألبس جوارب ولكن الضربة الأولى كانت من الألم بحيث قفزت واقفة وبدأت أجري حول الغرفة , وبعد ذلك قيدوا يدي خلف ظهري وربطوا رجلي بعد إزالة جواربي وغطوا رأسي ببطانية ثم انهالوا علي بالضرب على ظهري وأقدامي لا أدري إلى متى أستمر الضرب؟ إلا أنني تظاهرت بالإغماء من شدة الألم , فما كان منهم إلا أن زادوا ضربي قسوةً متهميني بمحاولة خداعهم. وعندما كفوا عن ضربي في النهاية كان الدم يسيل بغزارة من قدمي وخاصةً حول الأظافر عندها قالوا بأنهم ذاهبون لتناول الغداء وتركوني جالسة على كرسي , ولكنني لم أكن قادرة على الاستقرار عليه من شدة خوفي وارتجافي ولما ذهبت إلى المرحاض كان هناك دم مختلط ببولي , وبعد عودتهم استأذنتهم بالاستلقاء على الأرض من شدة ألمي ولكنهم لم يسمحوا لي بذلك.. انتهى كلامها من تقرير منظمة العفو الدولي .
هدم أكبر مسجد لأهل السنة على يد الشيعة :
حيث قامت السلطات الإيرانية الاثنا عشرية بهدم المسجد المسمى بـ " فيض " الخاص في أهل السنة في مدينة مشهد الإيرانية , والهجوم المسلح وإراقة دماء المصلين في مسجد " المكي " أكبر مسجد جامع لأهل السنة في زاهدان عاصمة بلوشستان الإيرانية, واحتلال المسجد والمدرسة الدينية التابعة له من قبل الحرس الثوري الإيراني والمخابرات الإيرانية.(52/174)
ويعود سبب ذلك , إخواني في الله , إلى فراغ إيران من الحرب الخارجية من جهة " أي مع العراق ", وعدم تحملها لأهل السنة في المدن الإيرانية ومنها مدينة مشهد , إضافة إلى حشود المصلين الذين كانوا يملئون المسجد عند أداء الفرائض في كل مكان بالمقارنة بعدد المصلين الشيعة الذين لا يعدون صلاة الجمعة فرضاً عينياً وذلك بسبب غيبة الإمام المنتظر بزعمهم هذا من جانب, ومن جانب أخر وجود هذا المسجد لأهل السنة في قلب مدينة مشهد وقرب مزار الإمام الرضا , بالإضافة إلى وجوده بالقرب من بيت والد خامئني مرشد الثورة الحالي وإحاطة المسجد بجيران في غاية التعصب الأثنا عشري, حيث أصبح المسجد مركز تجمع لأهل السنة حيث يلتقون لأداء الصلاة فيه لذا غيرت الحكومة قبل سنة واحدة خط سير الطائرات الذاهبة إلى الحج والتي كانت تحمل حجاج السنة من بلوشستان وخراسان من مشهد إلى كرمان كي لا يجتمع أهل السنة في مسجدهم في مشهد كل هذا جعل الدولة الإيرانية تفكر في هدم المسجد. عندها اقترحت المخابرات الإيرانية أن تدفع مبلغاً من المال يأخذه أهل السنة مقابل هذا المسجد, ولكن علماء السنة أفتوا بأن تبديل المسجد أو بيعه غير جائز , وعلى الفور صادرت المخابرات الإيرانية الأثنا عشرية تلك الفتوى, بعد ذلك اقترحت الحكومة الإيرانية أن يعطى لأهل السنة أرضاً في أطراف مدينة مشهد , مقابل أن يتخلى أهل السنة عن مسجدهم فلم يلقى هذا العرض قبولاً من هيئة أمناء المسجد ومن علماء السنة في بلوشستان وخراسان. وعندها حاصرت المخابرات الإيرانية مسجد " فيض " لأهل السنة في مشهد حصاراً عنيفاً , ثم استقدمت خمسة عشر جرافة كبيرة وبعد منع الناس من التردد حول المسجد بدأت الجرافات في العمل من خارج المسجد طوال الليل في هدم الجدران والأبواب باتجاه الداخل , دون أن يفرغ المسجد من المصاحف والسجادات والكتب الموجودة فيه , وأقتيد إلى السجن كل من كان في المسجد غير من قتل تحت(52/175)
الجرافات حيث أنتشر هذا الخبر المؤلم كالصاعقة في المناطق السنية. وتفجر حزن أهل السنة حيث كانوا يبكون في كل مكان , وبدئوا بإغلاق محلاتهم التجارية في بعض المدن السنية وبخاصة مدينة زاهدان عاصمة بلوشستان الإيرانية وقد كان الناس يلقى بعضهم بعضاً بوجوهٍ حزينة وبغيض مكظوم..فإنا لله وإنا إليه راجعون.
مقترحات تخدم إخواننا وأحبابنا أهل السنة في إيران :
ومنها:-
أولاًً- معالجة الفقر في المناطق السنية سواء كان في كردستان أو بلوشستان أو تركمان صحراء أو بندر عباس, ولا تكون تلك المساعدات بتاتاً بتوزيع المال مجاناً, بل بإيجاد مصانع ومعامل تكون بأشراف أيادي مؤمنة أمينة من أبناء المنطقة, ليتوفر العمل والرزق الحلال لعموم أهل السنة في تلك البلاد مما يمنحهم الاستقلال النفسي والمادي , ويكون بنفس الوقت مصدراً غنياً لصاحب رأس المال " أي التاجر الذي شارك في هذا الخير " من خارج البلاد وأعان إخوانه هناك.
ثانياً- إيجاد الإعلام اللازم باللغة الفارسية, وذلك عن طريق الإذاعات والقنوات الخاصة بأهل السنة خراج إيران, حيث يجب أن تغطي هذه الإذاعة دولة إيران, بل ويجب أن تغطي كل من الهند وباكستان مروراً بأفغانستان والجمهوريات المسلمة في آسيا الوسطى , حيث يتكلم في هذه البلاد الملايين من المسلمين باللغة الفارسية.
ثالثاً- ترجمة كتب العقيدة إلى اللغة الفارسية مثل كتب شيخ الإسلام أبن تيمية , وكتب أئمة الدعوة النجدية وعلى رأسهم الإمام محمد أبن عبدالوهاب وتلاميذه رحمة الله عليهم. وكذلك ترجمة كتب الأئمة المعاصرين أمثال الإمام عبدالعزيز بن باز والعلامة محمد بن صالح العثيمين والمحدّث محمد ناصر الدين الألباني وغيرهم من الأئمة الذين تركوا مدارس علمية مؤصلة على معتقد أهل الحديث رحمة الله عليهم.(52/176)
رابعاً- تخصيص دعاة من أبناء المنطقة البارزين والذين اشتهروا في الدعوة إلى معتقد أهل السنة وتفريغهم للدعوة بين أبناء أهل السنة في إيران, وصرف المرتبات الجيدة والكافية لهم ولأهلهم حتى يتفرغ أولئك الدعاة للدعوة والتدريس وترتيب النشاطات الدعوية والاجتماعية وغيرها من الأمور التي تعود لإخواننا أهل السنة هناك بالخير والمنفعة.
خامساً- دعوة علماء أهل السنة في إيران واستضافتهم وذلك بدعوتهم إلى المؤتمرات الإسلامية المنعقدة في بلاد أهل السنة في جميع أنحاء العالم من قبل الجهات الحكومية الرسمية كرابطة العالم الإسلامي أو المجمعات الفقهية أو وزارات الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد , وهذا الأمر يرفع معنويات العلماء والشيوخ من إخواننا, حيث يولد لهم شعوراً بالتواصل والتقارب بينهم وبين إخوانهم من أهل السنة في جميع أرجاء الأرض.
سادساً- تخصيص منح دراسية وهي ما تسمى بكفالة طالب العلم للطلاب الذين يدرسون داخل المناطق السنية الإيرانية , حيث أن طلاب أهل السنة في أكبر مدرسة دينية وهي التي بناها الشيخ عبدالعزيز رحمه الله في زاهدان لا يجدون الفطور حتى أنه بلغ بهم الأمر أنهم لا يأكلون إلا مرتين يومياً فقط.
سابعاً- وهذا أمر مهم, مشاركة المكتبات ودور النشر من دول الخليج وخاصةً دور النشر الموجودة في بلاد التوحيد المملكة العربية السعودية في معرض الكتاب الدولي الذي ينعقد في طهران في كل عام. وهذا يفيد أهل السنة كثيراً حيث من خلاله تشترى كتب التوحيد وكتب السنة النقية الصافية وهو والله من أعظم الجهاد والقربات إلى الله تعالى.
ثامناً- تخصيص دروس في العقيدة في الحرمين الشريفين في موسم الحج وغيره من المواسم باللغة الفارسية , وهذا مهم جداً لأن كثيراً من الشيعة أنفسهم في إيران كرهوا هذا المذهب الشيعي واشمئزوا منه ولكنهم لا يجدون البديل فهذه الدروس مفيدة ونافعة بأذن الله تعالى.(52/177)
تاسعاً- وهذا أمر مهم جداً , ألا وهو طبع كتب العلماء الذين خرجوا من التشيع, وتحولوا من التشيع وأصبحوا من أهل السنة ثم ألفوا ردوداً على مذهبهم السابق, كآية الله البرقعي , زميل الخميني , الذي ألّف كتباً مهمة رداً على التشيع, ونشر هذه الكتب أحبابي في الله باللغتين الفارسية بين الحجاج الإيرانيين والعربية بين الشيعة العرب, إضافةً إلى نشر تسجيلاته " أي تسجيلات ذلك الإمام البرقعي " في تفسير القرآن حيث يرد فيها رحمه الله على أهل الخرافة والشيعة ردوداً قيّمة.
عاشراً- زيارة علماء السنة وبعض طلاب العلم من الدول المجاورة لإيران لإخوانهم وأحبابهم العلماء في إيران والتعرف على أحوالهم , والقيام بزيارات ميدانية مركزة ودراسة أوضاع المدارس والمساجد الخاصة بإخواننا هناك في إيران، مما ينتج عنه الشعور بالجسد الواحد الذي أوصانا به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
الخاتمة :
وآسفاه, فإن للنصارى دولتهم التي تدافع عنهم وتناصرهم وتؤازرهم, وللشيوعيين دولتهم, ولليهود دولتهم, وللشيعة دولتهم؛ أما أبناء السنة هناك فلا بواكي لهم وهذه هي أحوال وأوضاع إخواننا المسلمين هناك, وها قد وصلت أصواتهم المخنوقة بالعبرات, وآهاتهم الحارة ومآسيهم وهموهم التي أستمرت عبر السنين, ونحن في غفلة عنهم, ولا أقول إلا اللهم إني أبرأ إليك مما فعل هؤلاء, واعتذروا إليك مما صنع هؤلاء, ولا عذر بعد العلم إخواني في الله.(52/178)
اللهم أنصر المستضعفين من أهل السنة في إيران, اللهم أنصر المستضعفين من أهل السنة في إيران, اللهم أنصر المستضعفين من أهل السنة في إيران, اللهم أحفظ نسائهم وأبنائهم ودينهم وأعراضهم وأموالهم ومدارسهم ومساجدهم من كيد الحاقدين الخبثاء, اللهم علّق قلوبهم بكتابك, اللهم علّق قلوبهم بكتابك وبسنة نبيك صلى الله عليه وسلم, اللهم أحفظ أهل السنة في كل مكان فإنهم غرباء, اللهم أحفظ أهل السنة في كل مكان فإنهم غرباء, اللهم أحفظ أهل السنة في كل مكان فإنهم غرباء, اللهم وأنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان, اللهم عليك باليهود والشيعة والنصارى والهندوس والعلمانيين والشيوعيين والصوفية وكل فرق الضلال الذين تحزبوا على الموحدين القائمين بدينك يا عزيز يا قهار, اللهم وفق ولاة أمورنا من العلماء والأمراء لينصروا أهل السنة في كل مكان, اللهم ارفع سيف الحق بيد الأمراء ليدفعوا الظلم والشرك عن البلاد والعباد, اللهم وأجمع الأمة خلف العلماء الأولياء, اللهم أيدهم بتأييدك ويسر لهم البطانة الناصحة الأمينة وأصرف عنهم كيد الأشرار وخبث الفجار، اللهم أحفظ البلاد والعباد من كل بدعة وشرك ومنكر, اللهم هل بلغت اللهم فأشهد, اللهم هل بلغت اللهم فأشهد, اللهم هل بلغت اللهم فأشهد.
الفصل السابع :
مخططات الشيعة السرية
نتكلم هنا عن أمر مهم وخطير جداً , ألا وهو الخطة السرية لعلماء وآيات الشيعة في تشييع المناطق والدول المجاورة لدولتهم إيران , وقد قام بنشر هذه الخطة السرية والخطيرة في محتواها ومضمونها , رابطة أهل السنة في إيران , مكتب لندن , كما نشرت في بعض الدوريات والمجلات التي توزع في بلاد أهل السنة ومنها مجلة البيان بعددها 123 لشهر ذي القعدة لعام 1418هـ , الموافق لشهر مارس لعام 1998 م .(52/179)
وهذه الخطة , إخواني في الله , هي رسالة سرية وجهت من المجلس الأعلى الثقافي لشورى الثورة الإيرانية إلى جميع المحافظين ورجال الدين في مختلف الولايات والمدن الإيرانية , وهي عبارة عن خطة زمنية طويلة المدى تستغرق 50 سنة , هدفها تشييع أهل السنة في المناطق الإيرانية التي يتواجدون فيها , وكذلك الدول المجاورة لإيران كالسعودية والعراق والكويت والبحرين وقطر والإمارات وعمان , إضافة إلى السيطرة الكاملة على هذه الدول عقديا واجتماعيا وثقافيا بل وعسكريا , وذلك بالإطاحة بأنظمة هذه الدول وسيطرة الشيعة السيطرة الكاملة عليها .
وهذه الخطة أحبابي في الله , لابد أن يتنبه لها الجميع وعلى جميع المستويات , سواء كانوا من ولاة الأمر من العلماء والأمراء وفقهم الله لكل خير وبر , أو كانوا من عامة أهل السنة , من الرجال والنساء و لأن المسألة خطيرة , ونحن جميعاً في سفينة واحدة فلابد أن نحافظ على هذه السفينة , وقد قيل : كلكم على ثغر من ثغور الإسلام فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبلكم .
والآن نستعرض نص هذه الخطة السرية والخطيرة كاملة دون تعليق , ثم بع ذلك نقف على بعض الفقرات في هذه الخطة ونحاول بيان أوجه الارتباط بينها وبين الواقع الذي نراه أمام أعيننا فإلى نص الخطة :
(( إذا لم نكن قادرين على تصدير ثورتنا إلى البلاد الإسلامية المجاورة فلا شك أن ثقافة تلك البلاد الممزوجة بثقافة الغرب سوف تهاجمنا وتنتصر علينا .
وقد قامت الآن بفضل الله وتضحية أمة الإمام الباسلة دولة الإثني عشرية في إيران بعد قرون عديدة ، ولذلك فنحن – وبناء على إرشادات الزعماء الشيعة المبجلين – نحمل واجبا خطيرا وثقيلا وهو تصدير الثورة ، وعلينا أن نعترف أن حكومتنا فضلا عن مهمتها في حفظ استقلال البلاد وحقوق الشعب، فهي حكومة مذهبية ويجب أن نجعل تصدير الثورة على رأس الأولويات .(52/180)
لكن نظرا للوضع العالمي الحالي والقوانين الدولية – كما اصطلح على تسميتها – لا يمكن تصدير الثورة بل ربما اقترن ذلك بأخطار جسيمة مدمرة .
ولهذا فإننا خلال ثلاث جلسات وبآراء شبه إجماعية من المشاركين وأعضاء اللجان وضعنا خطة خمسينية تشمل خمس مراحل ، ومدّة كل مرحلة عشر سنوات، لنقوم بتصدير الثورة الإسلامية إلى جميع الدول المجاورة نوحد الإسلام أولا ، لأن الخطر الذي يواجهنا من الحكام الوهابيين وذوي الأصول السنية أكبر بكثير من الخطر الذي يواجهنا من الشرق والغرب ، لأن هؤلاء ( الوهابيين وأهل السنة) يناهضون حركتنا وهم الأعداء الأصليون لولاية الفقيه والأئمة المعصومين، وحتى إنهم يعدّون اعتماد المذهب الشيعي كمذهب رسمي دستورا للبلاد أمرا مخالفا للشرع والعرف ، وهم بذلك قد شقوا الإسلام إلى فرعين متضادين .
بناء على هذا: يجب علينا أن نزيد نفوذنا في المناطق السنية داخل إيران، وبخاصة المدن الحدودية، ونزيد من عدد مساجدنا و( الحسينيات) ونقيم الاحتفالات المذهبية أكثر من ذي قبل، وبجدية أكثر، ويجب أن نهيئ الجو في المدن التي يسكنها 90 إلى 100بالمائة من السنة حتى يتم ترحيل أعداد كبيرة من الشيعة من المدن والقرى الداخلية إليها، ويقيمون فيها إلى الأبد للسكنى والعمل والتجارة، ويجب على الدولة والدوائر الحكومية أن نجعل هؤلاء المستوطنين تحت حمايتها بشكل مباشر ليتم إخراج إدارات المدن والمراكز الثقافية والاجتماعية بمرور الزمن من بدء المواطنين السابقين من السنة – والخطة التي رسمناها لتصدير الثورة- خلافا لرأي حتى رد فعل من القوى العظمى في العالم، وإن الأموال التي ستنفق في هذا السبيل لن تكون نفقات دون عائد
طرق تثبيت أركان الدولة :
نحن نعلم أن تثبيت أركان كل دولة والحفاظ على كل أمة أو شعب ينبني على أسس ثلاثة :
الأول : القوة التي تملكها السلطة الحاكمة .
الثاني : العلم والمعرفة عند العلماء والباحثين .(52/181)
الثالث : الاقتصاد المتركز في أيدي أصحاب رؤوس الأموال .
إذا استطعنا أن نزلزل كيان تلك الحكومات بإيجاد الخلاف بين الحكام والعلماء، ونشتت أصحاب رؤوس الأموال في تلك البلاد ونجذبها إلى بلادنا، أو إلى بلاد أخرى في العالم، نكون بلا ريب قد حققنا نجاحا باهرا وملفتا للنظر، لأننا أفقدناهم تلك الأركان الثلاثة .
وأما بقية الشعوب التي تشكل 70 إلى 80 % من سكان كل بلد فهم أتباع القوة والحكم ومنهمكون في أمور معيشتهم وتحصيل رزقهم من الخبز والمأوى ، ولذا فهم يدافعون عمن يملكون القوة .
وجيراننا من أهل السنة والوهابية هم : تركيا والعراق وأفغانستان وباكستان وعدد من الإمارات في الحاشية الجنوبية ومدخل ( الخليج الفارسي )! التي تبدو دولا متحدة في الظاهر إلا أنها في الحقيقة مختلفة .
ولهذه المنطقة بالذات أهمية كبرى سواء في الماضي أو الحاضر كما أنها تعتبر حلقوم الكرة الأرضية من حيث النفط ، ولا توجد في العالم نقطة أكثر حساسية منها، ويملك حكام هذه المناطق بسبب بيع النفط أفضل إمكانيات الحياة ...
فئات شعوب المنطقة :
وسكان هذه البلاد هم ثلاث فئات:
الفئة الأولى : هم البدو وأهل الصحراء الذين يعود وجودهم في هذه البلاد إلى مئات السنين .
الفئة الثانية : هم الذين هاجروا من الجزر والموانئ التي تعتبر من أرضنا اليوم، وبدأت هجرتهم منذ عهد الشاه إسماعيل الصفوي، واستمرت في عهد نادر شاه أفتشار وكريم خان زند وملوك القاجار وأسرة البهلوي، وحدثت هجرات متفرقة منذ بداية الثورة الإسلامية .
والفئة الثالثة : هم من الدول العربية الأخرى ومن مدن إيران الداخلية .
أما التجارة وشركات الاستيراد والتصدير والبناء فيسيطر عليها في الغالب غير المواطنين، ويعيش السكان الداخليون من هذه البلاد على إيجار البنايات وبيع الأراضي وشرائها، وأما أقرباء ذوي النفوذ فهم يعيشون على الرواتب العائدة من بيع النفط .(52/182)
أما الفساد الاجتماعي والثقافي والأعمال المخالفة للإسلام فهي واضحة للعيان . ومعظم المواطنين في هذه البلاد يقضون حياتهم في الانغماس في الملذات الدنيوية والفسق والفجور !
وقد قام كثير منهم بشراء الشقق وأسهم المصانع وإيداع رؤوس الأموال في أوروبا وأمريكا وخاصة في اليابان إنجلترا والسويد وسويسرا خوفا من الخراف والمستقبلي لبلادهم .إن سيطرتنا على هذه الدول تعني السيطرة على نصف العالم .
أسلوب تنفيذ الخطة المعدّة :
ولإجراء هذه الخطة الخمسينية يجب علينا بادئ ذي بدء أن نحسن علاقتنا مع دول الجوار ويجب أن يكون هناك احترام متبادل وعلاقة وثيقة وصداقة بيننا وبينهم حتى إننا سوف نحسن علاقتنا مع العراق بعد الحرب وسقوط صدام حسين ، ذلك أًن إسقاط ألف صديق أهون من إسقاط عدو واحد .
وفي حال وجود علاقات ثقافية وسياسية واقتصادية بيننا وبينهم فسوف يهاجر بلا ريب عدد من الإيرانيين إلى هذه الدول، ويمكننا من خلالهم إرسال عدد من العملاء كمهاجرين ظاهراً ويكونون في الحقيقة من العاملين في النظام ، وسوف تحدد وظائفهم حين الخدمة والإرسال .
لا تفكروا أن خمسين سنة تعد عمراً طويلاً، فقد احتاج نجاح ثورتنا خطة دامت عشرين سنة ، وإن نفوذ مذهبنا الذي يتمتع به إلى حد ما في الكبير من تلك الدول ودوائرها لم يكن وليد خطةَ يوم واحد أو يومين ، بل لم يكن لنا في أي دولة موظفون فضلا عن وزير أو كيل أو حاكم ، حتى فرق الوهابية والشافعية الحنفية والمالكية والحنبلية كانت تعتبرنا من المرتدين وقد قام أتباع هذه المذاهب بالقتل العام للشيعة مرارا وتكرارا، صحيح أننا لم نكن في تلك الأيام، لكن أجدادنا قد كانوا، وحياتنا اليوم ثمرة لأفكارهم وآرائهم ومساعيهم وربما لن نكون نحن أنفسنا في المستقبل لكن ثورتنا ومذهبنا باقيان .(52/183)
لكن يكفي لأداء هذا الواجب المذهبي التضحية بالحياة والخبز والغالي والنفيس، بل يتوجب أن يكون هناك برنامج مدروس ، ويجب إيجاد مخططات ولو كانت لخمسمائة عام مقبل فضلا عن خمسين سنة ، فنحن ورثة الملايين الشهداء الذين قتلوا بيد الشياطين المتأسلمين وجرت دماؤهم منذ وفاة الرسول في مجرى التاريخ إلى يومنا هذا، ولم تجف هذه الدماء ليعتقد كل من يسمى مسلما بـ( علي وأهل بيت رسول الله ) ويعترف بأخطاء أجداده ويعترف التشيع كوارث أصيل للإسلام .
مراحل مهمة في طريقنا :
أولاً : ليس لدينا مشكلة في ترويج المذهب في أفغانستان وباكستان وتركيا والعراق والبحرين، وسنجعل الخطة العشرية الثاني هي الأولى في هذه الدول الخمس، وعلى ذلك فمن واجب مهاجرينا – العملاء – المكلفين في بقية الدول ثلاثة أشياء:
شراء الأراضي والبيوت والشقق، وإيجاد العمل ومتطلبات الحياة وإمكانياتها لأبناء مذهبهم ليعيشوا في تلك البيوت ويزيدوا عدد السكان .
العلاقة والصداقة مع أصحاب رؤوس الأموال في السوق والموظفين الإداريين خاصة الرؤوس الكبار والمشاهير والأفراد الذين يتمتعون بنفوذ وافر في الدوائر الحكومية .
هناك في بعض الدول قرى متفرقة في طور البناء، وهناك خطط لبناء عشرات القرى والنواحي والمدن الصغيرة الأخرى ، فيجب أن يشتري هؤلاء المهاجرين العملاء الذين أرسلناهم أكبر عدد ممكن من البيوت في تلك القرى ويبيعوا ذلك بسعر مناسب للأفراد والأشخاص الذين باعوا ممتلكاتهم في مراكز المدن ، وبهذه الخطة تكون المدن ذات الكثافة السكانية قد أخرجت من أيديهم .
ثانيا: يجب حث الناس ( الشيعة ) على احترام القانون وطاعة منفذي القانون وموظفي الدولة ، والحصول على تراخيص رسمية للاحتفالات المذهبية – بكل تواضع – وبناء المساجد والحسينيات لأن هذه التراخيص الرسمية سوف تطرح مستقبلا على اعتبار أنها وثائق رسمية .(52/184)
ولإيجاد الأعمال الحرة يجب أن نفكر في الأماكن ذات الكثافة السكانية العالية لنجعلها موضع المناقشة في المواقع الحساسة ، ويجب على الأفراد في هاتين المرحلتين أن يسعوا للحصول على جنسية البلاد التي يقيمونه فيها باستغلال الأصدقاء وتقديم الهداية الثمينة ، وعليهم أن يرغّبوا الشباب بالعمل في الوظائف الحكومية والانخراط خاصة في سلك الجندية .
وفي النصف الثاني من هذه الخطة العشرية يجب – بطريقة سرية وغير مباشرة – استثارة علماء السنة والوهابية ضد الفساد الاجتماعي والأعمال المخالفة للإسلام الموجودة بكثرة في تلك البلاد ، وذلك غبر توزيع منشورات انتقادية باسم بعض السلطات الدينية والشخصيات المذهبية من البلاد الأخرى ، ولا ريب أن هذا يسكون سببا في إثارة أعداد كبيرة من تلك الشعوب ، وفي النهاية إما أن يلقوا القبض على تلك القيادات الدينية أو الشخصيات المذهبية أو أنهم سيكذبون كل ما نشر بأسمائهم وسوف يدافع المتدينون عن تلك المنشورات بشدة بالغة وستقع أعمال مريبة وستؤدي إلى إيقاف عدد من المسؤولين السابقين أو تبديلهم ، وهذه الأعمال ستكون سببا في سوء ظن الحكام بجميع المتدينين في بلادهم ، وهم ذلك سوف لن يعملوا على نشر الدين وبناء المساجد والأماكن الدينية، وسوف يعتبرون كل الخطابات الدينية ولاحتفالات المذهبية أعمالا مناهضة لنظامهم، وفضلا عن هذا سينمو الحقد والنفرة بين العلماء والحكام في تلك البلاد وحتى أهل السنة والوهابية سيفقدون حماية مراكزهم الداخلية ولن يكون لهم حماية خارجة إطلاقا .(52/185)
ثالثا: وفي هذه المرحلة حيث تكون ترسّخت صداقة عملائنا لأصحاب رؤوس الأموال والموظفين الكبار، ومنهم عدد كبير في السلك العسكري والقوى التنفيذية وهم يعملون بكل هدوء وأدب ، ولا يتدخلون في الأنشطة الدينية، فسوف يطمئن لهم الحكام أكثر من ذي قبل، وفي هذه المرحلة حيث تنشأ خلافات وفرقة وكدر بين أهل الدين والحكام فإنه يتوجب على بعض مشايخنا المشهورين من أهل تلك البلاد أن يعلنوا ولاءهم ودفاعهم عن حكام هذه البلاد وخاصة في المراسم المذهبية ، ويبرزا التشيع كمذهب لا خطر منه عليهم، وإذا أمكنهم أن يعلنوا ذلك للناس غبر وسائل الإعلام فعليهم ألا يترددوا ليلفتوا نظر الحكام ويحوزوا على رضاهم فيقلدوهم الوظائف الحكومية دون خوف منهم أو وجل , وفي هذه المرحلة ومع حدوث تحولات في الموانئ والجزر والمدن الأخرى في بلادنا، إضافة إلى الأرصدة التي سوف نستحدثها سيكون هناك مخططات لضرب الاقتصاد في دور المجاور .
ولا شك في أن أصحاب رؤوس الأموال وفي سيبل الربح الآمن والثبات الاقتصادي سوف يرسلون جميع أرصدتهم إلى بلدنا، وعندما نجعل الآخرين أحرارا في جميع الأعمال التجارية والأرصدة البنكية في بلادنا فإن بلادهم سوف ترحب بمواطنينا وتمنحهم التسهيلات الاقتصادية للاستثمار .(52/186)
رابعا: وفي المرحة الرابعة سكون قد تهيأ أمامنا دول بين علماءها وحكامها مشاحنات، والتجار فيها على وشك الإفلاس والفرار، والناس مضطربون ومستعدون لبيع ممتلكاتهم بنصف فيمتها ليتمكنوا من السفر إلى أماكن آمنة ، وفي وسط هذه المعمعة فإن عملائنا ومهاجرينا سيعتبرون وحدهم حماة السلطة والحكم، وإذا عمل هؤلاء العملاء بيقظة فسيمكنهم أن يتبوؤوا كبرى الوظائف المدينة والعسكرية ويضيّقوا المسافة بينهم وبين المؤسسات الحاكمة والحكام ومن مواقع كهذه يمكننا بسهولة بالغة المخلصين لدى الحكام على أنهم خونة، وهذا سيؤدي إلى توقيعهم أو طردهم أو استبدالهم بعناصرنا ، ولهذا العمل ذاته ثمرتان إيجابيتان :
أولا: إن عناصرنا سيكسبون ثقة الحكام أكثر من ذي قبل.
ثانيا: إن سخط أهل السنة على الحكم سيزداد بسبب ازدياد قدرة الشيعة في الدوائر الحكومية، وسيقوم أهل السنة من جرّاء هذا بأعمال مناوئة أكثر ضد الحكومة، وفي هذه الفترة يتوجب على أفرادنا أن يقفوا إلى جانب الحكام ، ويدعوا الناس إلى الصلح والهدوء ، ويشتروا في الوقت نفسه بيوت الذين هم على وشك الفرار وأملاكهم .
خامسا: وفي العشرية الخامسة فإن الجو سيكون قد أصبح مهيأ للثورة لأننا أخذنا منهم العناصر الثلاثة التي اشتملت على : الأمن ، والهدوء ، والراحة ، الهيئة الحاكمة ستبدو كسفينة وسط الطوفان مشرفة على الغرق تقبل كل اقتراح للنجاة بأرواحهم .
وفي هذه الفترة سنقترح عبر شخصيات معتمدة ومشهورة تشكيل مجلس شعبي لتهدئة الأوضاع، وسنساعد الحكام في المراقبة على الدوائر وضبط البلد، ولا ريب أنهم سيقبلون ذلك، وسيحوز مرشحونا وبأكثر مطلقة على معظم كراسي المجلس ، وهذا الأمر سوف يسبب فرار التجار والعلماء حتى الخدمة المخلصين، وبذلك سوف نستطيع تصدير ثورتنا الإسلامية إلى بلاد كثيرة دون حرب أو إراقة للدماء .(52/187)
وعلى فرض أن الخطة لم تثمر في المرحلة العشرية الأخيرة، فإنه يمكننا أن نقيم ثورة شعبية ونسلب السلطة من الحكام ، وإذا كان في الظاهر أن عناصرنا – الشيعة – هم أهل تلك البلاد ومواطنوها وساكنوها، لكنا نكون قد قمنا بأداء الواجب أما الله والدين وأمام مذهبنا، وليس من أهدافنا إيصال شخص معين إلى سده الحكم- فإن الهدف هو فقط التصدير الثورة ، وعندئذ نستطيع رفع لواء هذا الدين الإلهي ، وأن نُظهر قيامنا في جميع الدول، وسنقدم إلى عالم الكفر بقوة أكبر، ونزين العالم بنور الإسلام والتشيع حتى ظهور المهدي الموعود )) أ. هـ .
نحاول الآن أن نعلق على بعض الفقرات التي وردت في هذه الخطة :
تُفتتح الخطة بقولها : (إذا لم نكن قادرين على تصدير ثورتنا إلى البلاد الإسلامية المجاورة فلا شك أن ثقافة تلك البلاد الممزوجة بثقافة الغرب سوف تهاجمنا وتنتصر علينا . )
وهذا النص يعني تصدير الثورة وفق مفهوم جديد وآلية عمل جديدة , كما أن الخطة تحمل في مضمونها هدفين :
الأول : هو هدف تبشيري .
الثاني : إيقاف الدعوة التي قوم بها أهل السنة والجماعة .
وكذلك تنص الخطة على انبثاقها من دولة أسمتها : ( الإثنى عشرية في إيران ) و ( إن زعماء الشيعة يحملون واجبا ثقيلا وهو تصدير الثورة .. ) إلى أن تقول الخطة ( وعلينا أن نعترف أن حكومتنا فضلا عن مهمتها في حفظ استقلال البلاد وحقوق الشعب , فهي حكومة مذهبية ويجب أن نجعل تصدير الثورة على رأس الأولويات ) إلى أن تقول الخطة ( لكن نظرا للوضع العالمي الحالي والقوانين الدولية لا يمكن تصدير الثورة بل ربما اقترن ذلك بأخطار جسيمة مدمرة ) ..(52/188)
أقول أحبابي في الله , هذه الفقرة تعتبر جوهر الخطة , وهي قيامها على منظومة دولة تحميها وتمولها , وهذه الدولة وفق ما عبرت عنه هذه الخطة هي دولة مذهبية , بمعنى أنها تنص على نصرة مذهب على آخر دون أن تكون لها خطة منهجية في الدعوة إلى دين الإسلام عامة , وهذا المذهب تعرفه الخطة بأنه المذهب الأثنى عشري بمعناه الخاص وهو دخول النص والتعيين على الإمامة ضمن محاور العقيدة , وبالتالي كفر القائل بعدمها .
وبما أن هذه الدولة وفق مفهوم هذه الخطة هي دولة مذهبية فبالتالي ستتبنى تصدير منهجيتها إبتداءا بالجيران باعتبار اختلاف المنهج والمعتقد , وإلا فإيران لا تتميز عن جيرانها بدين خاص , بل إن دين الإسلام وصل إلى إيران عن طريق العرب الفاتحين الذين فتحوا العراق ثم بلاد فارس .
ويقول أهل هذه الخطة بأنهم ( اتفقوا على هذه الخطة الخمسينية بعد مدارسات شبه إجماعية , ودراسات قامت بها لجان متخصصة , ومدة هذه الخطة خمسون سنة مقسمة على خمس مراحل , أمد وفترة كل مرحلة 10 سنوات .. إلى أن تقول هذه الخطة , لنقوم بتصدير الثورة الإسلامية إلى جميع الدول المجاورة , ونوحد الإسلام أولا لأن الخطر الذي يواجهنا من الحكام الوهابيين وذوي الأصول السنية أكبر بكثير من الخطر الذي يواجهنا من الشرق والغرب لأن هؤلاء الوهابيين وأهل السنة يناهضون حركتنا وهم الأعداء الأصليون لولاية الفقيه والأئمة المعصومين ) ..
طبعا ولاية الفقيه عند الخميني وأتباعه هو حكم الفقيه نيابة عن الإمام المهدي , والذي بيده تعطيل ما يشاء من الأحكام إلى وقت خروج إمامهم الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري .(52/189)
إن أخطر ما في النص السابق هو أسلوب عملهم المستلزم لإعلان العداوة على أهل السنة , بل ومصافحة الغرب والشرق , وهو ما يحصل اليوم على عهد إيران وسياساتها الراهنة , فهي تدعو إلى فتح حوار الحضارات مع الأمم الأخرى , وقد قام خاتمي رئيس دولة إيران بزيارة البابا يوحنا بولس الثاني , وعمل كل الإجراءات التي من شأنها التمهيد لسياسة الحوار والتداخل , ولكن هذه المنهجية مع الغرب لا نراها مع الوسط الإسلامي , حيث لم يقم الإيرانيون بعمل حقيقي جاد في بث سياسة الحوار والتعاون داخل الوسط الإسلامي السني , بل هم حريصون دائما على نبش التاريخ والإصرار على الشركيات والبدع , والنص السابق واضح العبارة بما لا لبس فيه بأنهم يوالون الكفار ويعادون المسلمين الذين أسموهم بالوهابية وأهل السنة باعتبارهم معادين لنظرية ولاية الفقيه , وهي بدعة الخميني منذ أن كان في مدينة النجف .
أما النص السابق الذي يقول : ( الخطر الذي يواجهنا من الوهابيين وذوي الأصول السنية أكبر بكثير من الخطر الذي يواجهنا من الشرق والغرب .. ) ..(52/190)
يوضحه تماما ما كانت تقوله المخابرات الإيرانية للعلامة الشيخ محمد صالح ضيائي , رحمة الله عليه , قبل أن يمزقوه إربا إربا , قائلين إن الطلاب الذين أرسلتهم للدراسة في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة أخطر علينا من صواريخ صدام حسين , وبناء على هذه الخطة السرية فإنهم يطمحون إلى زيادة نفوذهم في المناطق السنية داخل إيران , وبخاصة المدن الحدودية , وكذلك زيادة المساجد والحسينيات , وإقامة الإحتفالات المذهبية , حيث تقول الخطة : ( نهيئ الجو في المدن التي يسكنها 90 إلى 100بالمائة من السنة حتى يتم ترحيل أعداد كبيرة من الشيعة من المدن والقرى الداخلية إليها، ويقيمون فيها إلى الأبد سكناً وعملاً وتجارة ) إلى أن تقول الخطة ( والخطة التي رسمناها لتصدير الثورة ستثمر دون ضجيج أو إراقة للدماء أو حتى ردة فعل من القوى العظمى في العالم , وإن الأموال التي ستنفق في هذا السبيل لن تكون نفقات دون عائد .. ) ..
ياله من تخطيط ومكر شديدين , فهذه الأموال التي تُقدر بمئات الملايين من الدولارات لن تكون غير مجدية , بل سيكون لها عائد وسريع وهو نشر التشيع في الإقليم كله كما نراه اليوم من تكتل في شرق المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين والإمارات واليمن , هذا فضلا عن سوريا والعراق وباكستان وأفغانستان , ومن يرجع قليلاً إلى التاريخ السابق يجد أن إيران نفسها كانت في يوم من الأيام ذات ثقل سني كبير , قبل قيام الدولة الصفوية ومجيء الشاه إسماعيل الصفوي الطائفي , ولكن بعد مدة وجيزة من سياسة القتل والتشريد والتصفية الجسدية , وصلت إيران على ما وصلت إليه , في أنها أصبحت المعقل الرئيسي والممون الوحيد للتشيع في جميع أرجاء العالم .(52/191)
وهم في هذه الخطة يقسمون ما حولهم إلى أقسام , فالأماكن التي فيها الشيعة يمثلون الأغلبية لها منهج سياسي يختلف تماماً , عما إذا كانت الشيعة أقلية من حيث العدد والمركز , فقد وصل بهم الحال إلى أنهم جعلوا أهل السنة في إيران لا يمثلون إلا ثُلث سكانها الذين يبلغ عددهم 60 مليون نسمة , وذلك بزيادة حسينياتهم للتأثير والانتشار , وهو تماما ما نراه ونشاهده في انتشار الحسينيات في المنطقة الشرقية من مملكتنا الحبيبة .. الحسينيات إخواني في الله هي الأماكن التي يجتمعون فيها خاصة في شهر محرم لضرب الخدود وشق الثياب وضرب السلاسل , وكل هذا في ذكرى استشهاد الحسين رضي الله عنه إضافة إلى سب الصحابة رضوان الله عليهم , كما يهتمون بهذه الحسينيات اهتماما بالغاً يفوق اهتمامهم بالمساجد , إما الحسينيات خارج إيران فأصبحت مراكز تجسس إيرانية , وقد ذكرت ذلك بالتفصيل جريدة إنقلاب إسلامي لأبي الحسن بني صدر , كما ذكرت هذه الجريدة المراكز الجاسوسية بدول الخليج وخاصة بدولة الإمارات العربية بالاسم والعنوان والتاريخ , وكيف أن المخابرات الإيرانية تجمع الأموال من التجار الإيرانيين في دولة الإمارات لدعم هذه المراكز .
كما أن هذه الخطة تخص المناطق التي يسكنها من 90% إلى 100% من أهل السنة والجماعة , وذلك بالتخطيط لرفع عدد الشيعة , وذلك بتشجيع ودعم تهجير الشيعة من المدن والقرى بهدف توفير فرص عمل وتجارة للمهجرين , وقد مارسوا ذلك في مناطق مختلفة منها العراق , فقد تحولت مدينة بغداد منذ الخمسينات من نسبة 10% إلى قرابة الـ50 % لصالح الشيعة , مع استيلائهم على أغلب المراكز الإعلامية والمالية والثقافية والتجارية والأدبية فيها .(52/192)
كذلك فإن هذا المخطط يغطي مناطق أخرى من العراق , فقد تشيعت 60 قرية في مدينة الموصل , وتحول كثير من القبائل السنية في الجنوب إلى معتقد التشيع ومنها قبائل السعدون والدليم وبنو خالد والجنابيون والجبور وغيرهم , حتى أن المدن السنية المركزية أصبحت مفتوحة لهم , ومنها على سبيل المثال محافظة الأنبار حيث توغلوا فيها وأصبح لهم مركز ثقل في بعض مدنها , وسيطروا على جملة من المؤسسات الصناعية .
ثم تواصل الخطة حديثها وتشير إلى مفصل جوهري في هذا المخطط , وهي قولها : ( طرق تثبيت أركان الدولة ) وتجيب على هذا قائلة : ( أن تثبيت أركان كل دولة والحفاظ على كل أمة أو شعب ينبني على أسس ثلاثة :
الأول : القوة التي تملكها السلطة الحاكمة .
الثاني : العلم والمعرفة عند العلماء والباحثين .
الثالث : الاقتصاد المتمركز في أيدي أصحاب رؤوس الأموال . )
وهذا الكلام أحبابي في الله , هو أخطر ما في هذه الخطة , حيث يمثل جوهر منهجهم السياسي , فهم يعملون على هدم دولة وإقامة دولة أخرى على أساس مذهبهم الأثنى عشري , فالأسس الثلاثة التي حُدت هي أساس قيام أي دولة سواء كان قيامها على أساس ديني أو منهج وضعي , فالسلطة هي التي تملك القرار والتنفيذ , إما العلماء فهم الذين يبنون المناهج ويوضحون الأحكام , ومنهم أيضا السلطة القضائية , أما الإقتصاد فهو أساس الحركة في المجتمع وعصب الحياة , وهم تجاه هذه المحاور الثلاثة يقومون بتشتيت رؤوس الأموال , وكذلك ببناء محاور لهم حتى لو كانوا أقلية بالنسبة لعدد السكان , إضافة إلى قيامهم بإشعال الفتن والمصادمات بين العلماء وحكامهم في كل بلد مجاور لدولتهم .(52/193)
ثم تبدأ الخطة بأهم الخطوات العملية , والتي بدأ الكثير من المراقبين يرون آثارها , حيث تقول الخطة : ( ولإنجاز هذه الخطة الخمسينية يجب علينا بادئ ذي بدء أن نحسن علاقتنا مع دول الجوار ويجب أن يكون هناك احترام متبادل وعلاقة وثيقة وصداقة بيننا وبينهم...
وفي حال وجود علاقات ثقافية وسياسية واقتصادية بيننا وبينهم فسوف يهاجر بلا ريب عدد من الإيرانيين إلى هذه الدول ، ويمكننا من خلالهم إرسال عدد من العملاء كمهاجرين ظاهراً ويكونون في الحقيقة من العاملين في النظام ، وسوف تحدد وظائفهم حين الخدمة والإرسال . )
طبعا يقصدون بالعملاء الجواسيس والعيون الموزعين والمنتشرين في مختلف القطاعات من عساكر وتجار وأساتذة جامعات وطلاب وباحثين جامعيين .
فهل انتبه أولياء الأمور في منطقتنا إلى هذا المخطط الهائل الذي يقوم على توطيد العلاقة والتداخل تمهيدا للتبشير بالتشيع , وتهجير الكوادر الشيعية لمشروعهم المستقبلي , ثم إسقاط الأنظمة القائمة , واستبدالها بأنظمة شيعية , تماما كما تسعى إيران جاهدة مع العراق في وقتنا الحالي .
وهذا أيضا ما يفسر العلاقة الوطيدة التي تعمل إيران على توطيدها وخاصة مع المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات وعمان وتركيا والعراق وأفغانستان وباكستان , وذلك ليس لإقتناع السياسة الإيرانية بضرورة تعاون دول المنطقة في حماية أمنها الإقليمي , كما هو معلن وظاهر , وإنما لإسقاط هذه الدول تحت وطأة التشيع .(52/194)
أما توصية الخطة بإنشاء علاقات ثقافية وسياسية واقتصادية فقد تكون هذه العلاقات الثقافية بتبادل العلوم والتعاون العلمي من خلال الجامعات في دولة إيران وجامعات الدول المجاورة لها , أي المستهدفة , إضافة إلى فتح المجال للمفكرين والمثقفين والطلاب الشيعة في جامعات إيران , لبث سمومهم وعقائدهم الضالة من خلال الزيارات العلمية والأطروحات التي تلقى في جامعات أهل السنة المستهدفة في هذه الخطة , وكل ذلك تحت ستار التعاون الثقافي المتبادل , تحت شعار تبادل التراث الإسلامي بين أبناء المنطقة الواحدة .
وقد تكون العلاقات السياسية بتبادل الخبرات في المجال العسكري تحت ستار , مثلا المصالح المشتركة أو إستتباب الأمن في المنطقة , وعلى إثر ذلك يكون تبادل الخبراء العسكريين من الطرفين , فيأتي الخبراء الإيرانيون على أنهم مستشارون في هذه القطاعات الحساسة العسكرية , ومن خلاله تتسرب المعلومات المهمة والحساسة عن وضع الجيوش المسلمة من حيث قوتها وعتادها وغير ذلك من الأمور الخطيرة .
أما العلاقات الاقتصادية فتكون عن طريق التبادل التجاري الواسع وعلى جميع المستويات الرسمية والخاصة , ومن ذلك قيام شركات صغيره وكبيرة ذات رؤوس أموال شيعية , أو مشتركة شيعية - سنية , إضافة إلى الزيارات الرسمية التجارية المتبادلة , والتي يتم تنسيقها عن طريق وزارات التجارة والصناعة والاقتصاد الإيرانية ونظيراتها في الدول المستهدفة .
ثم تقول الخطة : ( لا تفكروا أن خمسين سنة تعد عمراً طويلاً، فقد احتاج نجاح ثورتنا خطة دامت عشرين سنة...
ولا يكفي لأداء هذا الواجب المذهبي التضحية بالحياة والخبز والغالي والنفيس ، بل يتوجب أن يكون هناك برنامج مدروس ، ويجب إيجاد مخططات ولو كانت لخمسمائة عام مقبل فضلا عن خمسين سنة ، فنحن ورثة الملايين الشهداء الذين قتلوا بيد الشياطين المتأسلمين ... )(52/195)
طبعا يقصدون بالشياطين المتأسلمين أبناء السنة والجماعة .. وهذا الكلام لا يحتاج إلى تعليق , فروح الشذوذ والإرهاب والدعوة إلى الفرقة ظاهرة بينة , ولا يزيلها أبداً دعوة وطنية أو إقليمية أو حتى حوارات فكرية لأن المسألة مسألة عقيدة ودين .
ثم تقول الخطة : ( ولم تجف هذه الدماء ليعتقد كل من يسمى مسلما بـ( علي وأهل بيت رسول الله ) ويعترف بأخطاء أجداده ويعترف التشيع كوارث أصيل للإسلام . ) ..
وهذا يؤكد لنا أنهم لا يمكن لهم التعايش معنا , بل ولا يقبلوا ديناً سوى مذهبهم الخرافي الدموي , وأن الإحسان إليهم وأخذ العهود والمواثيق منهم لا يعني شيئا ولو كانوا يحملون جنسية البلد المستهدف .
كما توصي الخطة بقولها : ( والحصول على تراخيص رسمية للإحتفالات المذهبية , لأن هذه التراخيص الرسمية سوف تطرح مستقبلا على اعتبار أنها وثائق رسمية ) ..
أقول إخواني في الله ينبغي أن نكون على حذر تام من إعطائهم ما يطلبون من التوسع في إعلان شعائرهم , لأنهم ينطلقون في هذه الخطة من السياسة التي تقول : ( خذ ثم طالب بالمزيد ) , وعندها يصعب على من أراد إيقاف هذا المد الخطير والرهيب , والسبب بكل بساطة أن كل ما قاموا به يتم بموجب تراخيص رسمية لا تستطيع الدولة أن تمنعهم بعد ذلك .
كما تذكر الخطة أهم عامل يؤثر على الدولة المستهدفة , بل قد يصيبها في مقتل عياذا بالله تعالى , ألا وهو الخلاف بين العلماء وحكامهم , فتقول الخطة : ( سينمو الحقد والنفرة بين العلماء والحكام في تلك البلاد وحتى أهل السنة والوهابية سيفقدون حماية مراكزهم الداخلية ولن يكون لهم حماية خارجة إطلاقا ) ...(52/196)
فهل نتنبه إخواني في الله على ما سيفعلونه من إثارة الخلاف , وفرقة للصف بين العلماء والأمراء , إذاً لابد على الأمراء ألا يتخذوا موقفا من علمائهم بدون بينة واضحة , والواجب على العلماء سددهم الله أن يلتفوا حول الأمراء , ويظهروا لهم النصح والطاعة , وأنهم معهم في الرخاء والشدة , وفي المنشط والمكره , كما أوصى بذلك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم , وبهذا الأمر بإذنه تعالى سينقطع الطريق على أصحاب هذه الخطة وتموت أغراضهم الخبيثة الحاقدة في صدورهم , أما إذا كان الأمر خلاف ذلك , عياذا بالله تعالى , فإننا نكون قد قدمنا منحة مجانية يتمكن بها العدو من تحقيق مآربه , وعندها لا تسأل عن خراب الدين والدنيا , عياذا بالله تعالى .
كما تركز الخطة على أمر في غاية الخطورة , حيث تقول الخطة : ( يتوجب على بعض مشايخنا المشهورين من أهل تلك البلاد أن يعلنوا ولاءهم ودفاعهم عن حكام هذه البلاد .... وإذا أمكنهم أن يعلنوا ذلك للناس غبر وسائل الإعلام فعليهم ألا يترددوا ليلفتوا نظر الحكام ) ..
أن الكثير من المحللين والمراقبين لنشاط شيوخهم بدأ يلاحظ ظهور بعض شيوخهم في بعض الصحف السيارة لأهل السنة , وهم يطرحون بعض القضايا التي في ظاهرها أنها محاولة لحفظ أمن البلاد , وإزالة التوترات الداخلية , بإسلوب فيه مكر ودهاء , وهم في نفس الوقت نرى كتبهم الثورية على حكام أهل السنة , تنشر مثلا في مدينة لندن , إضافة إلى زياراتهم المتكررة لبعض الأمراء , من ولاة الأمر وفقهم الله , في كل مناسبة تتاح لهم , وكل ذلك تنفيذ لما توصي به هذه الخطة التي تقول : ( يتوجب على بعض مشايخنا المشهورين من أهل تلك البلاد أن يعلنوا ولاءهم ودفاعهم عن حكام هذه البلاد .... وإذا أمكنهم أن يعلنوا ذلك للناس غبر وسائل الإعلام فعليهم ألا يترددوا ليلفتوا نظر الحكام ) ..(52/197)
إذاً هم يمارسون تكتيكا خطيرا جداً , وينطلقون من القاعدة التي تقول : ( ترهبنوا حتى تتمكنوا ) , ( ومهما تم الإغداق بالمال على العدو ليشرى , فإن الذئب ذئب مفترس حتى لو نشأ مع الخراف ) فهل نعي وندرك ؟؟
بعد ذلك تنتقل الخطة السرية إلى المراحل العملية للتنفيذ فتقول : ( أولاً : ليس لدينا مشكلة في ترويج المذهب في أفغانستان وباكستان وتركيا والعراق والبحرين .. ) , فنقول نعم إن ذلك بسبب مرور أكثر من 10 سنوات على تنفيذ هذه الخطة في هذه الدول الخمسة المذكورة , إضافة إلى كثرة الأتباع والعملاء في هذه الدول , ثم تستمر الخطة قائلة : ( أما العملاء - أي جواسيسهم المنتشرين بين أهل السنة - فواجبهم ثلاثة أشياء :
شراء الأراضي والبيوت والشقق، وإيجاد العمل ومتطلبات الحياة ...
العلاقة والصداقة مع أصحاب رؤوس الأموال وأصحاب النفوذ ...
شراء القرى والبيوت الجديدة في مراكز المدن ... )
وهذا نفس المخطط الذي يقوم به اليهود , وهو الذي يفعلونه تماما بأرض الأنبياء فلسطين , حيث توسعوا في بناء المستوطنات اليهودية حول القدس الشريف وما زالوا في التوسع , وعندها تصبح هذه الأراضي ملكا شرعياً لهم , فيصعب إخراجهم منها بعد ذلك , ولذلك فإن الواجب على أهل السنة عدم تمكين أولئك الشيعة من شراء الأراضي والبيوت والشقق , حتى لا يتم لهم ما يحلمون به من السيطرة على بلاد المسلمين , وهذا واجب مشترك بين الدوائر الرسمية المعنية بهذا الموضوع وبين أرباب الأموال والأملاك في البلدان المستهدفة .(52/198)
وتستمر الخطة السرية بقولها : ( يجب حث الشيعة على احترام القانون وطاعة منفذيه وموظفي الدولة , والحصول على تراخيص رسمية للإحتفالات المذهبية وبناء المساجد والحسينيات , كما يجب على الأفراد – أي الشيعة – التداخل في الأماكن ذات الكثافة السكانية , وكذلك الحصول على جنسية البلاد التي يقيمون بها , باستغلال الأصدقاء – يقصدون من في المناصب الحساسة والمهمة في الدول المجاورة المستهدفة من وزراء ورؤساء القطاعات العسكرية والتعليمية والاقتصادية وغيرها من الأماكن المهمة - وتقديم الهدايا الثمينة , وعليهم أن يرغبوا الشباب بالعمل بالوظائف الحكومية والإنخراط خاصة في سلك الجندية .. ) ...
وقد يصل خبث هؤلاء إلى إنشاء بعض العلاقات التجارية مع بعض الأمراء من أبناء الأسر الحاكمة , والذين قد يُلبس عليهم وهو لا يعلمون مخططات هؤلاء المنافقين الباطنيين , ولا حول ولا قوة إلا بالله , وقد تكون هذه الهدايا الثمينة المذكورة في الخطة عبارة عن رشاوي وأموال تغدق على هؤلاء الأصدقاء , لكي تُشترى بها ذممهم ليخونوا بها دينهم وعقيدتهم وبلادهم عياذا بالله تعالى , كما قد تكون هذه الهدايا عبارة عن نساء مجندات فارسيات يجدن اللغة العربية ويتصفن بذكاء حاد وقوة الشخصية , إضافة إلى جمال منتقى بمنتهى الخبث والدهاء , ليكون مصيدة لوقوع الفريسة المراد احتواءها من الأصدقاء طبعاً , وذلك عن طريق العلاقات السرية الداعرة والمشبوهة تحت ستار ما يسمى بنكاح المتعة التي لا يعلمها إلا الله تعالى .
كما ذكرت الخطة أمرا مهما جدا وهي قولها : ( وعليهم أن يرغبوا الشباب بالعمل بالوظائف الحكومية والإنخراط خاصة في سلك الجندية .. )(52/199)
وقد بدءوا بالفعل الدخول في الكليات العسكرية بعد تغيير أسمائهم التي تدل على عقيدتهم وتسموا ببعض أسماء أهل السنة حتى لا يتعرف أحد على مخططاتهم , فأنتشروا في صفوف القوات المسلحة في تلك البلاد المخطط لها في جميع قطاعاته الأمنية الخاصة , حتى بلغت نسبتهم – على سبيل المثال – في إحدى الدول القريبة حوالي 30% من تعداد الجيش , ويزيدون بنسب أعلى في صفوف الضباط , أما عن سلاح الطيران في هذه الدولة القريبة منهم , فقد بلغت نسبتهم حوالي 40% بحيث يستطيع العاملون في هذا الجهاز استقدام من يشاءون من هذه المطارات من أبناء جلدتهم وبدون علم المسؤولين وولاة الأمر في تلك البلاد , فهل نتنبه إخواني في الله , أم نريد أن تتكرر أحداث بغداد المأساوية أيام سقوط الدولة العباسية (1) عياذا بالله تعالى .
كما بدأت آثار انتشارهم في قطاعات التعليم إداريين ومعلمين , والصحة إداريين وأطباء وفنيين , مما أخاف كثير من المخلصين والمراقبين لهم , فقد دخلوا في مناصب مهمة وحساسة , مثل سلك التعليم بكافة مستوياته الإبتدائي والمتوسط والثانوي بل وحتى الجامعي , وأصبحوا ذوي تأثير على أبناء أهل السنة , كذلك تولى البعض منهم وظائف طبية حساسة في المختبرات وغرف العمليات , وأقسام الأشعة في مستشفيات أهل السنة , ولم يبقى سوى أن يفتح لهم باب تحت مسمى التعاون الطبي المشترك , ليأتي الأطباء والممرضات من دولتهم إيران لينتشروا في بلاد أهل السنة , وعندها لا تسأل عن خراب الدين والدنيا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
__________
(1) وقد تكرر هذا منهم بالفعل مرة ثانية في عام 2003 وكانوا سببا رئيسيا في سقوط بغداد على يد الأمريكان النصارى وتقوية وجودههم في العراق هذه الأيام .(52/200)
ثم تختم الخطة بقولها : ( وعندئذ نستطيع رفع لواء هذا الدين الإلهي ، وأن نُظهر قيامنا في جميع الدول، وسنقدم إلى عالم الكفر بقوة أكبر، ونزين العالم بنور الإسلام والتشيع حتى ظهور المهدي الموعود ) ..
وهذه العبارة التي خُتمت بها الخطة السرية , تؤكد لنا أنه لا يجدي معهم أي حوار وتحت أي عنوان أو مسمى , ولو كانت هذه الحوارت تُطرح تحت مسمى التجمع الوطني أو التكتلات الوطنية لوحدة الصف الوطني , فكل هذا لا يجدي ولا ينفع , والسبب بمنتهى البساطة أنهم ينتظرون مهديهم المزعوم المنتظر ليخرج من سردابه , ليبدأ بقتل العرب وخدام الحرمين الشريفين , إضافة إلى تقطيع أيدي سدنة الكعبة المشرفة وهم بني شيبة , كما جاء ذلك في كتبهم المعتبرة ومن أئمتهم الثقات (1) .
ونحاول تلخيص هذه الخطة السرية في النقاط التالية :
الخطة وُضعت بعد عقد ثلاث جلسات لبعض اللجان المتخصصة , وخرجوا بآراء شبه إجماعية لتنفيذ هذه الخطة , كما تصرح الخطة بأن الخطر الحقيقي الذي يواجه الشيعة حكومة وشعبا , هم أهل السنة , حتى ولو كانوا فساقا أو مقصرين في تدينهم , وقد يعبرون عنهم بالوهابيين أو بالعامة أو بالمشركين , كما في كتبهم .
الخطة توصي بزيادة انتشار الشيعة في المناطق داخل إيران , وخصوصا المناطق الحدودية مع الدول المستهدفة .
__________
(1) فقد جاء هذا النص في كتبهم" ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح " الغيبة للنعماني ص(155)، بحار الأنوار (52/349) . وهذا " إذا قام المهدي هدم المسجد الحرام ... وقطع أيدي بني شيبة وعلقها بالكعبة وكتب عليها هؤلاء سرقة الكعبة " الإرشاد للمفيد ص(411)، وانظر: الغيبة للطوسي ص(282) راجع كتاب برتوكولات آيات قم للدكتور عبد الله القفاري .(52/201)
الخطة توصي بزيادة أعداد المساجد والحسينيات الشيعية , والتوسع في إشهار وانتشار الإحتفالات المذهبية , كإحتفالات يوم عاشوراء والمولد والعزاءات في الدول المستهدفة , بل إن هناك العديد من الحسينيات في هذه الدول المستهدفة تدعم مباشرة من حزب الله اللبناني .
أوصت الخطة بضرب الأسس الثلاثة التي تبنى عليها الدول المستهدفة وهي : قوة السلطة الحاكمة , والعلم والمعرفة عند العلماء , والاقتصاد عند أصحاب رؤوس الأموال .
توصي الخطة بزلزلة كيان الحكومات المجاورة لدولتهم إيران , وذلك بإحداث الخلاف بين الحكام والعلماء , إضافة إلى تشتيت رؤوس الأموال , استعدادا لضرب هذه الدول المستهدفة .
توصي الخطة كذلك بأهمية السيطرة على دول الخليج , لأن السيطرة على هذه الدول تعني السيطرة على نصف العالم , حيث إن هذه المنطقة تعتبر حلقوم الكرة الأرضية من حيث المخزون النفطي وهذا الأمر يوضح لنا كثرة انتشارهم وتغلغلهم في شركات النفط البترولية في خليجنا العربي , ومنها انتشارهم الملاحظ في شركة أرامكو السعودية .
كذلك توصي الخطة بتحسين العلاقات مع الدول المجاورة لدولتهم إيران خصوصا المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى تمهيدا لغزوها عقديا وفكريا .
توصي الخطة بسرعة إنشاء علاقات ثقافية وسياسية واقتصادية مع الدول المستهدفة في هذه الخطة .
توصي الخطة بإرسال عدد من الإيرانيين والعرب إلى الدول المستهدفة كعملاء وجواسيس منتشرين في جميع القطاعات الحكومية والأهلية .
كما توصي الخطة أتباعهم من العملاء بشراء الأراضي والبيوت والشقق في هذه الدول المستهدفة , حتى ولو كان عن طريق أحد أبناءهم المتجنسين بجنسية الدولة المستهدفة .
كما توصي الخطة أتباعهم من العملاء والمندسين بين صفوف أهل السنة , بإنشاء علاقات حميمة وصداقات متينة مع أصحاب رؤوس الأموال , والموظفين الإداريين الحكوميين , بل مع رؤوس الدولة إن تيسر لهم ذلك .(52/202)
توصي الشيعة أتباعهم من المواطنين في هذه الدول المستهدفة , بإظهار احترامهم لقانون هذه الدول وولاة أمرها , إضافة إلى محاولة أخذ تصاريح رسمية للاحتفالات المذهبية وبناء الحسينيات والمساجد , لتكون هذه التصاريح بعد ذلك من الوثائق الرسمية الثابتة .
كما توصي الخطة بالتركيز على المناطق ذات الكثافة السكانية , وكأنهم يقصدون بذلك عواصم هذه الدول المستهدفة كالرياض وجدة ودبي وبغداد .
وتوصي الخطة أتباعهم بأخذ جنسية البلاد التي يقيمون فيها , بأسرع وقت ممكن .
وتوصي الخطة باستغلال أصدقائهم من أهل السنة المغرر بهم , وذلك عن طريق تقديم الهدايا الثمينة , والتي هي في الحقيقة عبارة عن رشاوي تدفع لهم ليبيعوا دينهم ويخونوا بلادهم وولاة أمرهم .
و توصي الخطة أتباعهم من الشيعة المقيمين في هذه البلاد المستهدفة بسرعة الانخراط والانتشار في جميع الوظائف الحكومية والقطاعات العسكرية , وذلك للسيطرة على أهم ثغور الإسلام والمسلمين , ولا ننسى أن ننوه أن جميع أبناء الشيعة المقيمين في هذه الدول المستهدفة قد زاروا معسكرات حزب الله اللبناني وتدربوا على فنون القتال , لذلك اليوم الذي تنتظره الشيعة لأهل السنة بفارغ الصبر , فهل نتنبه إخواني في الله .(52/203)
كما توصي الخطة باستثارة علماء السنة الموجودين في البلاد المستهدفة ضد الفساد الاجتماعي والأخلاقي والسياسي , وذلك عن طريق توزيع منشورات باسم بعض الجهات الدينية أو الشخصيات المعروفة بهدف ضرب العلماء بولاة أمرهم , وهذا من أخبث ما في الخطة السرية , لأنه يتسبب في إثارة أعداد كبيرة من تلك الشعوب على ولاة أمرهم , كما ينتج عنه سوء ظن الحكام بعلماء السنة المخلصين لدينهم وبلادهم , والذي ينتج عنه أن الحكام سيعتبرون كل الخطابات الدينية أعمالا مناهضة لنظامهم , وعندها لن يعمل الحكام على نشر الدين وبناء المساجد والأماكن الدينية , كما سيترتب من كل هذا إيقاف وفصل العديد من العلماء وطلبة العلم المخلصين لدينهم وبلادهم , وعندها يخلو الجو لعلماء الشيعة لنشر أفكارهم بالطرق الملتوية المخادعة .
كما توصي الخطة بعد ضرب علماء السنة بأمراءهم وولاة أمرهم أن يبدأ علماء الشيعة وعلى الفور في هذه البلاد المستهدفة إلى إعلان الولاء التام للحكام والأمراء خاصة في المواسم المذهبية , ويحاولون أن يبرزوا للحكام أن التشيع مذهب لا خطر منه عليهم , وإن استطاعوا أن يعلنوا هذا عبر وسائل الإعلام المختلفة فعليهم ذلك ليكسبوا ثقة الحكام ويحوزوا رضاهم , فيقلدوهم الوظائف الحكومية .
كما توصي الخطة بعمل جميع المحاولات والإمكانيات لنقل رؤوس الأموال من هذه الدول المستهدفة إلى دولتهم إيران , وذلك لرفع الاقتصاد الإيراني , وخفض الاقتصاد في الدول المستهدفة .
كما توصي الخطة أتباعهم من المتغلغلين والمتنفذين الذين تبوءوا كبرى الوظائف المدنية والحكومية , إلى العمل بمنتهى الهدوء واليقظة في أماكنهم الحساسة ليتمكنوا من الوشاية بالمخلصين لدى الحكام , وإظهارهم على أنهم هم الخونة والذين يريدون تفريق الصف وتشتيت الوحدة الوطنية .(52/204)
هذا ما تيسر, وأسأل الله أن يوفق ولاة أمورنا من العلماء والأمراء إلى كل خير وتقوى , كما أسأله سبحانه وتعالى أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من سوء ومكروه , وأسأله بقدرته أن يفضح كل من أراد أهل السنة والجماعة بسوء وشر , وأن يجعل السنة عزيزة منصورة في كل مكان , وأسأله سبحانه أن يجعل أمراء السنة في بلاد الحرمين وعلماءهم من الغالبين الممكنين , ويعلم الله إخواني في الله أنني لم أتكلم بهذا الموضوع إلى نصحا لإخواني المسلمين أئمتهم وعامتهم , وغيرة على بلاد المسلمين عامة , وبلاد الحرمين خاصة , من أن يصيبهم مكروه , كما أرجو الله تعالى أن يصل هذا الصوت إلى كل فرد في هذه السفينة سواء كانوا من العلماء أو الأمراء أو المسئولين الذين قلدهم الله أمرا من أمور الرعية , وأساله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا و يستر علينا عيوبنا وأن لا يفضحنا لا في الدنيا ولا في الآخرة , كما أسأله تعالى أن يجعل آخر كلمة نقولها ونحن خروجا من هذه الدنيا لا إله إلا الله , وأن يجعل قبورنا روضة من رياض الجنة , وأن يحشرنا يوم القيامة خلف لواء الحبيب محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أصحابه وآل بيته الطيبين الطاهرين وصلى الله على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه .
الباب الثاني : بقية فرق الشيعة :
وفيه خمسة فصول :
الفصل الأول : الشيعة النصيرية .
الفصل الثاني : الشيعة الدروز .
الفصل الثالث : الشيعة الزيدية .
الفصل الرابع : الشيعة الإسماعيلية في العالم .
الفصل الخامس : الشيعة الإسماعيلية في السعودية ( المكارمة ) .
الفصل الأول :
الشيعة النصيرية
حديثنا عن الشيعة النصيرية سوف يكون بحول الله تحت العناصر التالية :
التعريف بالشيعة النصيرية .(52/205)
الشيعة النصيرية والتكتم على عقيدتهم .
طوائف الشيعة النصيرية .
أشهر شخصيات ودعاة الشيعة النصيرية .
مراسيم وطقوس الدخول في العقيدة النصيرية.
عقيدة الشيعة النصيرية .
أعياد الشيعة النصيرية .
أماكن انتشار الشيعة النصيرية .
المجازر التي قام بها الشيعة النصيرية في حق أهل السنة والجماعة العُزّل والأبرياء .
ومن أراد التوسع فعليه بكتاب ( الجذور التاريخية للنصيرية العلوية ) لحسيني عبد الله , وكتاب ( الباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيرية ) لسليمان الأضني المقتول على يد الشيعة النصيرية , وكتاب ( تاريخ العلويين ) لمحمد غالب الطويل , وكتاب ( تاريخ العقيدة النصيرية ) لرينيه دوسو , وكتاب ( الحركات الباطنية في العالم الإسلامي ) لأحمد الخطيب .
التعريف بالشيعة النصيرية :
النصيرية هي حركة باطنية ظهرت في القرن الثالث الهجري , أصحابها يعدون من غلاة الشيعة , الذين زعموا بأن الإله قد حل في علي بن أبي طالب رضي الله عنه , ومقصدهم من ذلك هو هدم الإسلام ونقض عراه .
والنصيرية إخواني في الله مع كل معتد لأرض المسلمين , ولقد أطلق عليهم الإستعمار الفرنسي لسوريا اسم العلويين , تمويها وتغطية لحقيقتهم الرافضية الباطنية الخبيثة , والنصيرية تسمت بهذا الاسم نسبة إلى محمد بن نصير النميري , الذي عاش في القرن الثالث الهجري , وهم من الشيعة الغلاة , وذلك لأنهم غلو في علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وقالوا بألوهيته , وهم بالإضافة إلى قولهم بألوهية علي رضي الله عنه , يعتقدون بتناسخ الأرواح , والتأويل بالباطن , ومذهبهم مزيج من الوثنية الآسيوية القديمة والمجوسية واليهودية والنصرانية , خاصة في قضية الحلول أي حلول الله سبحانه وتعالى في جسم إنسان – عياذاً بالله تعالى من الكفر - .(52/206)
والنصيرية يحبون عبد الرحمن بن ملجم قاتل الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه , بل ويترضون عنه بزعمهم واعتقادهم بأنه خلص اللاهوت من الناسوت ويخطئون من يلعنه .
الشيعة النصيرية والتكتم على عقيدتهم :
فالنصيرية من أشد الفرق في الكتمان على معتقداتهم , وتعتبر ديانتهم سراً من الأسرار العميقة , ولا يجوز إفشاءها لغيرهم , ومن يفشي شيئا من عقيدتهم جزاءه القتل نصيرياً كان أو غير نصيري , وحينما أفشى سليمان الأضني النصيري , وهو من أبناء مشائخ النصيرية عقائدهم بعد أن دخل في الديانة النصرانية , بتأثير من بعض المبشرين الأمريكيين , وجاء إلى اللاذقية وكتب كتابه الخطير المسمى بالباكورة السليمانية , والذي كشف فيه الكثير من أسرار العقيدة النصيرية , وطبع المبشرون الأمريكيون الكتاب في بيروت سنة 1863م , بعد أن أقام هذا المسكين باللاذقية مدة من الزمن وهو على النصرانية , أخذ أقاربه يراسلونه ويحببون إليه العودة إليهم , مستعملين في ذلك كل وسائل التودد والمجاملة والمحبة , حتى أمن جانبهم , وعاد إلى وطنه الأصلي و إلى أقربائه النصيرية , وهناك قتلوه بشر قتلة , حيث أحرقوه قتلا في الساحة العامة . ثم حاول الشيعة النصيرية بعد حرقه بكل جهد وعزم على إحتواء هذا الكتاب الذي فضحهم , حتى غختفى تدريجياً ولا توجد منه الآن نسخة واحدة , وهكذا فإنهم يترصدون لكل من يذكر عنهم شيئا أو يشير إلى عقائدهم الخبيثة الباطنية التي تنضح وثنية وشركاً , ولا يملكون من وسائل الدفاع والرد غير التصفية الجسدية الجبانة .
طوائف الشيعة النصيرية :
فالنصيريون ينقسمون إلى فرق وطوائف منها :(52/207)
الفرقة الأولى : وهم الجرّانة , وسُميت بهذا القسم على اسم قريتهم , ولكن في عام 1011هـ , صاروا يُعرفون باسم الكلازية , ويُقال لهم أيضاً القمرية , لأنهم يعتقدون بأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد حل في القمر , ولهذا فهم يعبدون القمر , ويعتقد هؤلاء أن الإنسان إذا شرب الخمر الصافية , فإنه يقترب من القمر – عياذا بالله تعالى - .
الفرقة الثانية : وهو الغيبية , الذين رضوا بما قُدر لهم في الغيب فتركوا التوسل , ولكن في القرن التاسع ظهر رجل منهم اسمه علي حيدر , فكثر أتباعه بعد ذلك فتسموا بالحيدرية نسبة إلى ذلك الرجل .
الفرقة الثالثة : هي فرقة الماخوسية , نسبة إلى زعيمهم علي الماخوس , وهؤلاء ينقسمون إلى قسمين :
قسم ظل على ولائه لتعاليم شيخهم علي الماخوس , والقسم الآخر تابع سلمان المرشد .
الفرقة الرابعة : هم النياصفة , نسبة إلى زعيمهم ناصر الحاصوري من بلدة نيصاف بلبنان .
الفرقة الخامسة : هم الظهوراتية , نسبة إلى زعيمهم الشيخ إبراهيم العبيدي .
الفرقة السادسة : البناوية , نسبة إلى سلمان المرشد وأبنه مجيب من بعده .
ومن هذه الفرق من يعبد ويقدس الشمس , معتقدين أن علي يقع بها , ومنهم من يعبد ويقدس القمر زاعمين أن علي يقع فيه , ومنهم من يقدس الهواء , فالهواء عند بعض النصيرية هو الله – تعالى الله عن ذلك , وتنزه الله عن ذلك سبحانه وتعالى – إلى غير ذلك من الخرافات والأباطيل والخرافات السائدة في هذا المذهب الشيعي النصيري الباطني الفاسد , والذي يفوق خرافات وأساطير اليونانيين القدماء .
أشهر شخصيات ودعاة الشيعة النصيرية :(52/208)
أول هذه الشخصيات هو مؤسس هذه الفرقة وهو أبو شعيب محمد بن نصير البصري النميري , المتوفى عام 270هـ , والذي عاصر ثلاثة من أئمة الشيعة وهم الإمام العاشر علي الهادي , والإمام الحادي عشر الحسن العسكري , والإمام الثاني عشر محمد بن حسن العسكري والملقب عند جميع فرق الشيعة بالمهدي المنتظر أو الحجة الغائب , كما يزعم هذا المؤسس أنه الباب إلى الإمام الحسن العسكري , وأنه هو الذي ورث علمه , وأنه الحجة , وأنه هو المرجع للشيعة من بعده , كما أنه ادعى هذا الخبيث النبوة والرسالة , وغلى في حق الأئمة , حيث رفعهم على مقام الألوهية – عياذاً بالله تعالى – وهذا فعل جميع فرق الشيعة .
ثم خلفه بعد ذلك على رئاسة الطائفة من بعده رجل اسمه محمد بن جندب , ثم أبو محمد عبد الله بن محمد الجنان الجنبلاني من جنبلا بفارس , ويكنى بالعابد والزاهد والفارسي , سافر إلى مصر وهناك عرض دعوته على رجل يدعى الخصيبي , والخصيبي هذا هو الحسين بن علي بن الحسين بن حمدان الخصيبي المولود سنة 206هـ , وهو مصري الأصل رحل مع شيخه عبد الله بن محمد الجنبلاني من مصر إلى جنبلا , وخلفه في رئاسة الطائفة , وعاش في كنف الدولة الحمدانية بحلب , حيث أنشأ للنصيرية مركزين أحدهما في مدينة حلب السورية , ورئيسه محمد علي الجيلي , والآخر في مدينة بغداد العراقية ورئيسه علي الجسري , وقد توفي هذا الخصيبي في حلب وقبره معروف بها , وله مؤلفات في هذا المذهب وهذا المعتقد النصيري , كما له أشعار في مدح آل البيت , وكان يقول هذا الخبيث بتناسخ الأرواح , وحلول الله في المخلوقات – عياذاً بالله تعالى- وهذه نفس عقيدة النصرانية التي سوف نتكلم عنها في درس قادم بإذن الله تعالى .(52/209)
عندها أغلق مركز بغداد , بعد حملة هولاكو عليها وأنتقل مركز حلب إلى اللاذقية , وصار رئيسه أبو سعد الميمون سرور بن قاسم الطبراني , وأشتدت هجمات الأكراد من أهل السنة والأتراك على الشيعة النصيرية بعد ذلك , مما دعاهم إلى الإستنجاد بالأمير حسن المكزون السنجاري الذي أرسى قواعد المذهب النصيري في جبال اللاذقية .
وكذلك توجد قبل فترة بعض التجمعات النصيرية , كتلك التي أنشأها الشاعر القمري محمد بن يونس الكلاذي قرب أنطاكية , وعلي الماخوس , وناصر نصيفي , ويوسف عبيد .
كذلك من شخصياتهم رجل يُدعى سليمان أفندي الأضني , الذي ولد في أنطاكية عام 1250هـ , وتلقى تعاليم وعقائد النصيرية , لكن هذا المسكين تنصر على يد أحد المبشرين , وهرب إلى بيروت حيث أصدر كتابه الخطير المسمى ( الباكورة السليمانية ) , والذي كشف فيه أسرار هذه الطائفة الباطنية , وعندها استدرجه النصيريون الشيعة وطمأنوه فلما عاد إليهم وثبوا عليهم وخنقوه وأحرقوا جثته في إحدى ساحات اللاذقية علانية أمام الناس .
كذلك من شخصياتهم , إخواني في الله , رجل يسمى محمد أمين غالب الطويل , الذي كان أحد قادتهم أيام الاحتلال الفرنسي لسوريا , والذي ألف كتاب بعنوان ( تاريخ العلويين ) الذي يتحدث عن جذور هذه الفرقة الباطنية الضالة .
كذلك من شخصياتهم سليمان الأحمد , الذي شغل منصبا دينيا في دولة العلويين عام 1920م , ومن شخصياتهم أيضاً سليمان المرشد , الذي كان راعي بقر , لكن الفرنسيين المستعمرين لسوريا احتضنوه وأعانوه على إدعاء الربوبية , حيث اتخذ له رسولاً وهو سليمان الميدة , وقد كان راعي غنم , ولقد قضت عليه حكومة الاستقلال وأعدمته شنقاً سنة 1946م , جاء بعده إبنه مجيب وأدعى الألوهية , ولكنه قتل أيضاً على يد رئيس المخابرات السورية في ذلك الوقت وهذا في عام 1951م .(52/210)
وما تزال فرقة الماخوسية من النصيرية يذكرون هذا الرجل على ذبائحهم إلى الآن – عياذاً بالله تعالى - , ويقال بأن الإبن الثاني لسليمان المرشد واسمه مغيث قد ورث الربوبية المزعومة عن أبيه, واستطاع العلويون النصيريون أن يتسللوا إلى التجمعات الوطنية في سوريا وأشتد نفوذهم في الحكم السوري منذ سنة 1965م بواجهة سنية , ثم قام تجمع القوى التقدمية من الشيوعيين والقوميين البعثيين بحركتهم الثورية في 12 مارس عام 1971م , ثم تولى النصيريون رئاسة الجمهورية السورية بقناع سني خبيث .
مراسيم وطقوس الدخول في العقيدة النصيرية :
حيث يتم الدخول في العقيدة النصيرية بطريقة غريبة يتم من خلالها القضاء على عرق ينبض بالرجولة والشهامة , وتُداس كرامته فيه ويُهتك عرضه , فحينما يحضر التلميذ يختار الشيخ الذي سيلازمه من بين مجموعة المشائخ الموجودين , ويسمونه الوالد الروحي أو الوالد الديني , ثم يغرسون في شيخه تقديس شيخه والتواضع له تواضعاً مطلقاً , أشبه ما يكون بالقاعدة الصوفية التي تقول : ( كن بين يدي شيخك كالميت بين يدي الغاسل ) .(52/211)
ومن هذه الطرق أنه حينما يدخل يقف في ناحية الباب , وهو ساكت لا يتكلم بشيء , وأحذية المشائخ مرفوعة فوق رأسه , ثم يتكلم شيخه لبقية المشائخ ويتوسل إليهم أن يقبلوا هذا الشخص الماثل أمامهم , ليدخل في زمرتهم ويحمل عقيدتهم , فإذا وافق المشائخ أنزلت الأحذية من فوق رأسه , ثم يأخذ في تقبيل أيدي وأرجل الحاضرين من المشائخ , ثم يقف في مكانه ويوضع على رأسه خرقة بيضاء , ثم يأخذ الشيخ في قراءة العقد الذي سيتم بين التلميذ وبين المشائخ , وهو أشبه ما يكون بعقد الزواج ويعتبرون هذا بمثابة الخطبة , ويعتبرون الكلام الذي يسمعه بمثابة النكاح , وما يتحمله من العلم عنهم بمثابة الحمل , فإذا علم وأراد التعليم فإن ذلك يكون بمثابة الوضع , وبعد أن تتم هذه المرحلة يقال للتلميذ يجب عليك أن تكرر كلمة التوحيد في اليوم خمسمائة مرة , وكلمة التوحيد عند الشيعة النصيرية هي ( بحق ع م س ) ومعناها علي ومحمد وسلمان , وسيأتي بيانها .
بعد ذلك يأتي إليهم التلميذ ليكمل تعليمه المذهب بعد اختبارات قاسية يرضى فيها بكل شيء , حتى ولو بإهدار كرامته .
- أهم الشروط التي تتعلق بتعليم المذهب النصيري :
أولا : يشترطون فيمن يُلقى إليه تعليم المذهب أن يتجاوز سن التاسعة عشر .
ثانياً : أن يمر بعدة مراحل وهي :
المرحلة الأولى : وتسمى مرحلة الجهل , وفيها يهيئون من يقع عليه الاختيار من أبناء الطائفة النصيرية لقبول وحمل أسرار المذهب , ويكون في هذه الجلسة خمر ونساء ثم نوم حتى السحر ز
المرحلة الثانية : مرحلة التعليق , و في هذه المرحلة يلقنونه شيئاً من تعاليم المذهب , ويبقى مدة سنة إلى سنتين تحت إشراف شيخ من شيوخ الطائفة ليطلعة شيء من أسرار المذهب بالتدريج , فإذا توسموا فيه القبول والنجابة نقلوه إلى المرحلة الثالثة وإلا طردوه .(52/212)
المرحلة الثالثة : مرحلة السماع , وهي الدرجة العليا , ويطلعونه على أكثر أصول المذهب الشيعي النصيري , ثم يعقد الرؤساء الروحيون للطائفة مجمعاً خاصاً لتلقينه بقية أسرار المذهب , ثم ينقلونه إلى درجة أعلى يطلقون عليها درجة الشيخ أو صاحب العهد , ويتم ذلك بحضور الكفلاء و الشهود الذين يشهدون باستعداد الرجل لقبول السر والمحافظة عليه , ثم يحلف اليمين المقررة المغلظة عندهم أن يحافظ على السر ولو أريق دمه , وبعد حصوله على هذه الدرجة , يصبح شيخاً من شيوخ الطائفة النصيرية .
عقيدة الشيعة النصيرية :
فتعتقد الشيعة النصيرية بأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو الإله – تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً – وقالوا بأن ظهوره الروحاني بالجسد الجسماني , هو كظهور جبريل في صور بعض الأشخاص .
ويقولون إن الإله علي بن أبي طالب لم يظهر في صورة الناسوت – يعني الصورة الإنسية – إلا إيناساً لخلقه وعبيده كما يزعمون – عياذاً بالله تعالى - .
والشيعة النصيرية تحب وتعظم عبد الرحمن بن ملجم قاتل الإمام علي , ويترضون عنه لزعمهم بأنه قد خلص اللاهوت من الناسوت , يعني هو الذي خلص الصورة الإلهية من الصورة الإنسانية , ويعتقد بعض الشيعة النصيرية أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه يسكن السحاب بعد تخلصه من الجسد الذي كان يقيده , وإذا مر بهم السحاب قالوا : السلام عليك يا أبا الحسن . ويقولون إن الرعد صوته .
كما تعتقد الشيعة النصيرية أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو الذي خلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم , و أن محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي خلق سلمان الفارسي رضي الله عنه , وأن سلمان الفارسي خلق الأيتام الخمسة وهم :
اليتيم الأول : المقداد بن الأسود , ويعتقدون أنه رب الناس وخالقهم والموكل بالرعود .
اليتيم الثاني : أبو ذر الغفاري : الموكل بدوران الكواكب والنجوم .(52/213)
اليتيم الثالث : عبد الله بن رواحة , الموكل بالرياح وقبض أرواح البشر .
اليتيم الرابع : عثمان بن مضعون , الموكل بالمعدة وحرارة الجسد وأمراض الإنسان .
اليتيم الخامس : قنبر بن كادان , الموكل بنفخ الأرواح في الأجساد .
كما أن للشيعة النصيرية , إخواني في الله , ليلة يختلط فيها الحابل بالنابل , كشأن بعض الفرق الباطنية , وكذلك فإن الشيعة النصيرية يعظمون الخمرة ويحتسونها , ويعظمون شجرة العنب , ويستفضعون قلعها أو قطعها لأنها هي أصل الخمرة التي يسمونها النور { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {90} إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ {91}} (1). حيث يقولون عندما يشربون الخمر ما نصه : إن هذا عبدك عبد النور شخص النار حللته وكرمته وفضلته لأوليائك العارفين بك حلالاً طلقاً , وحرمته على أعدائك الجاحدين – يعنى المسلمين – المنكرين لك نصاً – يعني في قرآن المسلمين – اللهم مولاي – يقصدون به علي بن أبي طالب – كما حللته لنا أرزقنا به الأمن والأمان , والصحة من الأسقام وأنفي به عنا الهم والأحزان .
وتصلي الشيعة النصيرية في اليوم خمس مرات لكنها صلاة تختلف في عدد الركعات ولا تشتمل على سجود , وإن كان فيها نوع من الركوع أحياناً , وأول وقت للصلاة عند الشيعة النصيرية – أي الصلاة المفروضة – هي صلاة الظهر وتتألف من ثمانية ركعات , ثم صلاة العصر وتتألف من أربع ركعات , ثم المغرب وتتألف من خمس ركعات , ثم العشاء و تتألف من أربع ركعات ثم الفجر وتتألف من ركعتين .
__________
(1) سورة المائدة .(52/214)
وقد ورد في كتاب الباكورة السليمانية أن الصلوات الخمس عند النصيرية هي كالتالي :
الظهر لمحمد , والعصر لفاطر أو فاطم أي فاطمة رضي الله عنها , والمغرب للحسن , والعشاء للحسين , والصبح لمحسن الخفي .
كما أنهم لا يصلون الجمعة و لا يتمسكون بالطهارة كالوضوء ورفع الجنابة قبل أداء الصلاة , وليس لهم مساجد عامة بل في بيوتهم , وصلاتهم تكون دائماً مصحوبة بتلاوة الخرافات .
ولهم قداسات شبيهة بقداسات النصارى مثل :
قداس الطيب لك أخ حبيب .
وقداس البخور في روح ما يدور في محل الفرح والسرور.
وقداس الأذان وبالله المستعان .
كما أن النصيرية لا يعترفون بالحج , ويقولون بأن الحج إلى مكة إنما هو كفر وعبادة أصنام , ولا يعترفون بالزكاة الشرعية المعروفة لدينا نحن أهل السنة , وإنما يدفعون ضريبة إلى مشائخهم زاعمين بأن مقدارها خمس ما يملكون , وهم بذلك يشتركون في هذا الخمس مع جميع فرق الشيعة الأخرى .
الصيام عند النصيرية , هو الامتناع عن معاشرة النساء طيلة شهر رمضان المبارك .
إضافة إلى أن النصيرية يبغضون الصحابة بغضاً شديداً , ويلعنون أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين , تماما مثل ما تفعله الشيعة الإمامية الإثنى عشرية .(52/215)
وكذلك تعتقد الشيعة النصيرية بأن للشريعة باطناً وظاهراً , وأنهم وحدهم العالمون بباطن الأسرار , ومن ذلك اعتقادهم بأن الجنابة هي مولاة الأعداء والجهل بالعلم الباطني , والطهارة هي معاداة الأعداء ومعرفة العلم الباطني , والصيام عن الشيعة النصيرية هو حفظ السر المتعلق بثلاثين رجلاً وثلاثين امرأة , والزكاة عندهم معناها شخصية سلمان الفارسي رضي الله عنه خالق الأيتام الخمسة – عياذاً بالله تعالى - , أما الجهاد فهو صب اللعنات على الأعداء والخصوم فشاة الأسرار , والولاية هي الإخلاص للأسرة الشيعية النصيرية وكراهية أعداءها , أما عن الشهادة فهي قولهم ( ع م س ) ويعنون بحرف العين علي بن أبي طالب الإله الذي خلق محمد , وحرف الميم محمد صلى الله عليه وسلم الذي خلق سلمان , وحرف السين سلمان الفارسي خالق الأيتام الخمسة , أما القرآن عند النصيرية فهو مدخل ليتعلم الإخلاص لعلي بن أبي طالب , كما تعتقد النصيرية بأن سلمان الفارسي هو الذي علم محمد صلى الله عليه وسلم القرآن في صورة جبريل - عياذاً بالله تعالى من هذا الكفر وهذه الزندقة - , أما الصلاة فهي عبارة عن خمس أسماء هي علي وحسن وحسين ومحسن وفاطمة , ومحسن هذا يسمى عند الشيعة النصيرية بالسر الخفي , حيث يعتقدون بأنه سقط طرحته فاطمة رضي الله عنها , وذكر هذه الأسماء عند الشيعة النصيرية يجزئ عن الغسل من الجنابة والوضوء .(52/216)
أما عن المرأة فالمرأة عند الشيعة النصيرية ليست جديرة بتلقي الدين وتحمل واجباته , لأنهم يعتقدون أنها لا تملك روحاً كما هي الحال لبقية الحيوانات الأخرى , والمرأة في نظر الشيعة النصيرية نوع من المسخ الذي يصيب غير المؤمن , فهي كالحيوان لأنها مجردة عن وجود النفس الناطقة , لذلك فهم يعتقدون أن نفوس النساء تموت بموت أجسادهن لعدم وجود أرواح خاصة بهن , ولهذا السبب فإن الشيعة النصيرية يستبيحون الزنا بنساء بعضهم البعض , لأن المرأة لا يكمل إيمانها إلا بإباحة فرجها لأخيها المؤمن كما يعتقدون , وهذا يفسر لنا ظاهرة كون المرأة جزءاً من الضيافة المقدمة عند الدخول في أسرار العقيدة النصيرية .
القيامة عند الشيعة النصيرية هي قيامة الإمام المحتجب صاحب الزمان علي بن أبي طالب رضي الله عنه , ليحكم بين أتباعه ويحقق لهم السيادة وحدهم ضد خصومهم – أي أهل السنة – من أتباع الخليفتين الأول والثاني – يعني أبو بكر وعمر رضي الله عنهما – ويقولون : إن ظهور علي بن أبي طالب سيكون من الشمس قابضا على كل نفس الأسد من تحته وذو الفقار بيديه , والملائكة من خلفه والسيد سلمان الفارسي بين يديه , والماء ينبع من قدميه , والسيد محمد – يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم – ينادي هذا مولاكم علي بن أبي طالب فاعرفوه وسبحوه وعظموه وكبروه , هذا رازقكم وخالقكم فلا تنكروه – عياذاً بالله تعالى من هذا الكفر وهذه الزندقة - .
عقيدة التناسخ عند الشيعة النصيرية :
وتعريف التناسخ هو انتقال الميت بعد موته من حالة إلى حالة ومن جسد إلى جسد , بحسب تمسك النصيري بعقيدته , والنصيرية يؤمنون بأربعة أنواع من التناسخ وهي كما يلي :
النوع الأول : النسخ , وهو انتقال الروح من جسم الآدمي إلى جسم آدمي آخر .
النوع الثاني : المسخ , وهو انتقال الروح من جسم الآدمي إلى جسد حيوان .(52/217)
النوع الثالث : الفسخ , وهو خروج الروح من جسم الآدمي إلى جسد حشرة من حشرات الأرض .
النوع الرابع : الرسخ , وهو انتقال الروح من جسم الآدمي إلى الشجر أو النبات أو الجمادات .
وقد جُمعت جميع تعاليم الشيعة النصيرية وعقائدها في كتيب صغير بعنوان ( كتاب تعليم الديانة النصيرية ) وهو مخطوط في المكتبة الأهلية في باريس تحت رقم 6182 , وهو على طريقة السؤال والجواب ويتألف من 101 سؤال نذكر منها على سبيل المثال ما يأتي :
سؤال : من الذي خلقنا ؟
جواب : علي بن أبي طالب أمير المؤمنين .
سؤال : من أين نعلم أن علياً إله ظ
جواب : مما قاله هو عن نفسه في خطبة البيان وهو واقف على المنبر إذ قال : ( أنا سر الأسرار , أنا شجرة الأنوار , أنا الأول والآخر , أنا الباطن والظاهر .. ) إلى آخر هذا الكذب ..
سؤال : ما اسم مولانا أمير المؤمنين في مختلف اللغات ؟
جواب : سماه العرب باسم علي , وهو سمى نفسه أرسطو طاليس , وفي الإنجيل اسمه إيليا – أي إلياس – ومعناه علي , والهنود يسمونه ابن كنكرا .
سؤال : لماذا نسمي مولانا باسم أمير النحل ؟
جواب : لأن المؤمنين الصادقين هم مثل النحل الذين يجتارون من أحسن الأزهار ولهذا سمي أمير النحل .
سؤال : ما القرآن ؟
جواب : هو المبشر بظهور مولانا بصورة بشرية .
سؤال : ما علامة إخواننا المؤمنين الصادقين ؟
جواب : ع م س , يعني كلمة التوحيد عندهم وهي علي ومحمد وسلمان .
سؤال : ما دعاء النيروز ؟
جواب : تقديس الخمر في الكأس .
سؤال : ما اسم الخمر المقدس الذي يشربه المؤمنون ؟
جواب : عبد النور .
سؤال : لماذا ؟
جواب : لأن الله ظهر فيها – تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
سؤال : لماذا يولي المؤمن وجهه في الصلاة قبل الشمس ؟
جواب : إعلم أن الشمس نور الأنوار .
أعياد الشيعة النصيرية :
حيث للشيعة النصيرية أعياد بعضها خاص بهم , والبعض الآخر مشترك بينهم وبين باقي فرق الشيعة وأهمها :(52/218)
عيد الغدير : ويحتفلون به في 18 من ذي الحجة , وهو عيد عند عامة فرق الشيعة , حيث يحيون ليلة هذا العيد بالصلاة , ويصلون في صبيحتها ركعتين قبل الزوال , وشعارهم فيه لبس الجديد وعتق العبيد وذبح الأغنام , والشعراء منهم يهنئون كبرائهم بهذا العيد .
عيد الفطر : ويحتفلون به في أول أيام شوال مثل سائر المسلمين , لكن الشيعة النصيرية لا يحتفلون به بعد صوم رمضان , وإنما بعد الصوم الذي يعتقدون فيه .
عيد عاشوراء : ويحتفلون به في العاشر من محرم كباقي فرق الشيعة , وهو ذكرى استشهاد الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في كربلاء , لكن الشيعة النصيرية يعتقدون أن الحسين لم يمت بل اختفى مثل عيسى بن مريم عليه السلام .
عيد النيروز : أي اليوم الجديد , ويحتفلون به في أول أيام الربيع , وهو عيد فارسي الأصل أول من اتخذه هو جمشيد أحد ملوك الطبقة الثانية من ملوك الفرس .
عيد المهرجان : ويحتفلون به في أول الخريف , وهو عيد فارسي أيضاً , وبينه وبين عيد النيروز 167 يوماً .
عيد الصليب : ويحتفل به النصيريون ويجعلونه تاريخاً لقطف الثمار وبدء الزراعة , ويجعلون منه تاريخاً لبداية معاملاتهم كدفع أجور الرعي والمساكن والمخازن وما شابه ذلك , ويتوجهون في هذا العيد إلى المعارض المقامة في الأديرة لشراء لوازمهم مثل معرض دير الحمراء في كلكلخ في الشام , ومعرض دير مار إلياس في صافيتا .
وإلى جانب هذه الأعياد الرسمية إخواني في الله توجد أعياد أخرى للنصيرية , هي في الواقع أعياد نصرانية صليبية خالصة , مثل عيد الغطاس وعيد السعف وعيد العنصرة وعيد القديسة باربارا , وهذا العيد عيد القديسة باربارا تحتفل به الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية .
كذلك يحتف النصيريون العلويون في اليوم الخامس عشر من شهر شعبان بذكرى وفاة سلمان الفارسي رضي الله عنه خالق الأيتام الخمسة باعتقادهم .
أماكن انتشار وتواجد الشيعة النصيرية :(52/219)
فتسكن هذه الطائفة المارقة في الجبال والسهول المحاذية للساحل السوري شرق البحر الأبيض المتوسط , كما يسكنون جبال اللاذقية في الإقليم السوري , وهم ينتشرون في القرى والثغور , ويشكلون نسبة كبيرة من عدد السكان في هذه المدن , إلا أن مقرهم الذي استقروا فيه من قديم الزمان هو ما يعرف بجبال النصيرية , وقد انتشروا مؤخراً في المدن السورية المجاورة لهم مثل منطقة حمص التي أقاموا بها مؤخرا عددا من المشاريع العسكرية والإقتصادية لجعلها عاصمة لدويلتهم في حال إزاحتهم عن الحكم والسلطة , كما توجد أقلية نصيرية في محافظة حلب وبعض قرى الجولان , غير أن عددا كبيرا منهم يسكن مدينة حمص وكلكلخ التابع للواء حمص وبعض القرى الأخرى من المنطقة , وهم يميلون إلى التجمع , وإن كانوا بدءوا يختلطون بالناس في الوقت الحاضر وخاصة مع النصارى الصليبيين .
فبعد اغتصاب النصيرية للسلطة والحكم في سوريا , حصل بعض التعديل في توزيعهم السكاني , إذ أن معظم قياداتهم السياسية والعسكرية انتقلت مع عائلاتها وأزلامها إلى دمشق والمدن الكبرى , وأقاموا شبه مستعمرات حول مدينة دمشق في دمر وبرزه والقدم ومخيم اليرموك والست زينب , كما أقدم بعض الشيعة النصيرية على الزواج من أبناء وبنات المسلمين من أهل السنة في غفلة من الوعي الديني وسعياً من بعض ضعاف النفوس للتقرب من السلطة الحاكمة , كما حصلت مثل هذه الهجرة في باقي المحافظات السورية ولكنها بنسب أقل , وكذلك في مناطق الثروات الإقتصادية وتجمعات الصناعة , في حين يبقى الجبل النصيري موطنهم الأساسي ومستقر ثرواتهم ومشاريعهم الإعمارية والإقتصادية .
ويقدر نسبة الشيعة النصيرية في التعداد العام لسكان سوريا بنحو 10 % أي ما يقارب من مليون وسبعمائة ألف نصيري شيعي علوي .(52/220)
وفي لبنان يتواجد النصيريون في سهل عكار شمال لبنان وضواحي مدينة طرابلس , ومعظمهم نازح من سوريا , ومن المعروف أن ولائهم التام هو للنظام الشيعي النصيري السوري وليس للبنان , ويقدر عددهم في لبنان بحوالي 40 ألف نصيري , وقد عمل النصيريون في لبنان في الحرب اللبنانية كعملاء لأسيادهم وشاركوا الجيش السوري النصيري في قصفه لمدينة طرابلس المسلمة السنية , وقاموا بإرتكاب جرائم قتل وسلب وتهريب وترويج للمخدرات .
كما يوجد عدد كبير من الشيعة النصيرية في غرب الأناضول في لواء إسكندرون ويعرفون باسم التختجية أو الحطابون , بينما يطلق عليهم في شرق الأناضول اسم القزل باشية .
ويُقدر عدد الشيعة النصيرية في دولة تركيا بنحو 2 مليون نسمة , وقد قويت شوكتهم بتسلم إخوانهم السلطة في دولة سوريا , وتسلل العديد منهم ليعمل في خدمة النظام النصيري في سوريا , كما تلقوا الأسلحة والدعم والتدريب في دولة سوريا ليشاركوا في مؤامرات وقلاقل في تركيا .
وهناك عدد من الشيعة النصيرية في فارس وتركستان الروسية وكردستان ويُعرفون باسم العلي إلهية , أما في فلسطين فيوجد حوالي 2000 نصيري يسكنون منطقة الجليل , وفي العراق يوجد عدد قليل جداً في منطقة تسمى " عانه " , وهي قرب الحدود السورية , وهذه المنطقة كانت في القديم إحدى أهم معاقل شيوخ الطائفة النصيرية المارقة .
المجازر التي قام بها الشيعة النصيرية في حق أهل السنة والجماعة العُزّل والأبرياء :
{ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ } (1) .
__________
(1) سورة البروج آية 10 .(52/221)
لم يترك الشيعة النصيرية فرصة في القديم والحديث إلا واغتنموها في سبيل إيقاع أكبر بالمسلمين من أهل السنة , وهم عندما يقومون بذلك يعتقدون أنهم يُثابون على أفعالهم تلك التي يندى لها جبين الإنسانية خجلا , وما أحداث طرابلس لبنان وتل الزعتر ووقوفهم إلى جانب النصارى المارونيين عنا ببعيد .
أما في القديم فخياناتهم للمسلمين الذين يعيشون في ديارهم أكثر من أن تحصى , ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى المجلد 35 ما نصه : ( هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى , بل وأكفر من كثير من المشركين , وضررهم على أمة محمد أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار الفرنج والترك وغيرهم , فإن هؤلاء يتظاهرون عند جهال المسلمين بالتشيع وموالاة أهل البيت , وهم في الحقيقة لا يؤمنون بالله ولا برسوله ولا بكتابه ولا بأمر ولا نهي ولا ثواب ولا عقاب ولا جنة ولا نار .... وصنف علماء المسلمين كتبا في كشف أسرارهم وهتك أستارهم , وبينوا ما هم عليه من الكفر والزندقة والإلحاد الذي هم به أكفر من اليهود والنصارى ومن براهمة الهند الذين يعبدون الأصنام , وما ذكره السائل في وصفهم قليل من الكثير الذي يعرفه العلماء في وصفهم , ومن المعلوم عندنا أن السواحل الشامية إنما استولى عليها النصارى من جهاتهم وهم دائما مع كل عدو للمسلمين , فهم مع النصارى على المسلمين , ومن أعظم المصائب عندهم - أي عند النصيرية – فتح المسلمين للسواحل وقهار النصارى , بل ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتار , ومن أعظم أعيادهم إذا استولى والعياذ بالله تعالى النصارى على ثغور المسلمين .... وأما إستخدام مثل هؤلاء في ثغور المسلمين أو حصونهم أو جنودهم فإنه من الكبائر , وهو بمنزلة من يستخدم الذئاب لرعي الغنم , فإنهم من أغش الناس للمسلمين ولولاة أمورهم , وهم أحرص الناس على فساد(52/222)
المملكة والدولة , ولا ريب أن جهاد هؤلاء وإقامة الحدود عليهم من أعظم الطاعات وأكبر الواجبات , وهو أفضل من جهاد من يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب , فإن جهاد هؤلاء – يعني النصيرية – من جنس جهاد المرتدين , والصديق وسائر الصحابة بدءوا بجهاد المرتدين قبل جهاد الكفار من أهل الكتاب , فغن جهاد هؤلاء حفظ لما فُتح من بلاد المسلمين .... ويجب على كل مسلم أن يقوم في ذلك بحسب ما يقدر عليه من الواجب , فلا يحل لأحد أن يكتم ما يعرفه من أخبارهم بل يفشيها ويظهرها ليعرف المسلمون حقيقة حالهم ) أهـ .
ومن جرائم النصيرية ما قام به النصيري الخبيث تيمورلنك , حيث جاء بجيوش لا يُعرف مقدارها واستولى على بغداد وحلب والشام عام 822هـ , فأمعن في القتل والنهب والتعذيب مدة طويلة ثم أنشأ من رؤوس أهل السنة تلة عظيمة , وقد قتل جميع القوات المدافعين عن المدينة من أهل السنة , ثم سافر هذا النصيري الخبيث , تيمورلنك , إلى الشام وأنزل أفدح المصائب التي لم يُسمع بمثلها بأهل الشام من أهل السنة , ولم يسلم من إجرام هذا الشيعي النصيري الحاقد بالشام إلا عائلة واحدة من النصارى الصليبيين , وقد أمر تيمورلنك بقتل أهل السنة العُزّل الأبرياء , ولم يستثني إلا أبناء طائفته العلويين النصيريين , وبعد الشام ذهب ذلك النصيري تيمورلنك لبغداد وقتل بها تسعين ألفاً من أهل السنة .
هذا إخواني في الله , في عهد الغزو التتري , أما في عهد الهجمات الصليبية الحاقدة , فلم يدخل الصليبيون بلاد المسلمين ويستبيحوا دماء وأعراض أهل السنة إلا عن طريق الشيعة النصيرية , ومن مناطق سكناهم في طرسوس وأنطاكية وغيرها من المناطق التي هي تحت نفوذ الشيعة النصيرية , بل إن مدينة أنطاكية سقطت في أيدي الصليبيين بفعل الإتفاق الذي وُقع بين الزعيم الشيعي النصيري الفيروز وبين قائد الحملة الصليبية بهمند .(52/223)
أما في عصرنا الحاضر , فقد قام النصيريون الشيعة بعدة مجازر في حق أهل السنة العُزّل الأبرياء , ومن هذه المجازر التي يندى لها جبين التاريخ ما يلي :
مجزرة مدينة طرابلس لبنان على يد الشيعة النصيرية : ففي عام 1985م خشي النظام النصيري السوري الشيعي من صحوة أهل السنة في بلاد الشام , وبالتحديد في مدينة طرابلس اللبنانية , فأمر النصيري السوري حافظ الأسد بتحريك عملائه وأعوانه من الرافضة والنصارى لهدم مدينة طرابلس الفيحاء , فحرك أعوانه في حي بعل محسن النصيري , كما تحركت الأحزاب العميلة كالحزب السوري القومي والمعروف بعلاقاته المشبوهة مع المخابرات الإسرائيلية , والحزب الشيوعي اللبناني , والنصارى الأرثوذكس , ومنظمة حزب البعث بقيادة الشيعة الحاقدة أمثال عاصم قانصول وعبدالأمير عباس , وبدأ النصيريون في حي بعل محسن بتنفيذ أوامر القيادة فأطلقوا قذائفهم ونيران أسلحتهم المتطورة على حي التبانة الذي يبعد عنهم بضعة أمتار ولا يفصله عنهم إلا شارع سوريا , وكانت القوات النصيرية السورية قد شددت حصارها على مدينة طرابلس , واستقدمت تعزيزات عسكرية تتألف من 4000 جندي نصيري أحاطت بمدينة طرابلس من كل جانب , كما حاصرت الطائرات الحربية النصيرية طريق البحر إلى ميناء طرابلس , وبدأت مدفعية الجيش النصيري بقصف مدينة طرابلس السنية بالتعاون مع الدبابات المرابطة فوقها وبالتحديد فوق منطقة الكورة وتربل والتبان , وأستمر القصف النصيري الشيعي المركز على أهل السنة العُزّل في طرابلس قرابة العشرون يوماً , حيث انصب على المدينة أكثر من مليون صاروخ وقذيفة , مما أدى إلى تدمير نصف مباني طرابلس , كما تم تدمير معظم الشوارع , وأحاطت النار بمداخل المدينة البرية والبحرية وأنقطعت عن العالم هاتفيا ولاسلكيا , وقد وصف المراسلون في ذلك الوقت مدينة طرابلس بقولهم إن طرابلس أصبحت تبدو في النهار كمدينة أشباح تغطيها أعمدة الدخان الأسود وتهزها(52/224)
انفجارات القذائف المدفعية والصاروخية , وفي الليل تصطبغ سمائها بلون أحمر منعكس من لهيب نيران المدفعية .
مجزرة مخيم تل الزعتر في عام 1976م : رتب الجيش النصيري السوري بالتعاون مع الميليشيات الصليبية المارونية الحاقدة حصار واقتحام تل الزعتر الفلسطيني , الذي كان يحتوي على 17000 فلسطيني من أهل السنة , حيث دكت المدفعية الشيعية النصيرية المخيم , وكانت البحرية الإسرائيلية تحاصره من البحر وتطلق القنابل المضيئة , عندها دخلت قوات الكتائب الصليبية المارونية وارتكبت مجزرة رهيبة بالتعاون مع النظام السوري النصيري الملحد , كانت نتيجة هذه المجزرة 6000 قتيل من أبناء السنة وعدة آلاف من الجرحى , ودُمر المخيم بالكامل .(52/225)
مجزرة سجن تدمر على يد الشيعة النصيرية قاتلهم الله , ففي عام 1980م تعرض الرئيس الشيعي النصيري حافظ الأسد إلى محاولة إغتيال فاشلة من قبل أحد عناصر حرسه الخاص , فحمل المسئولية مباشرة لأهل السنة والجماعة , فأمر شقيقه رفعت ورئيس سرايا الدفاع في ذلك الوقت أن يقوم بعمل إنتقامي إجرامي يستهدف نزلاء سجن تدمر الصحراوي الواقع في بادية الشام شرق سوريا , حيث كان معظم السجناء من أهل الخير والصلاح والاستقامة .. يقول تعالى : { وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ {8} الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {9}} (1) . ففي فجر اليوم السابع والعشرين من شهر يونيو عام 1980م ,قام حوالي 200 عنصر من اللواء 40 واللواء 138 من سرايا الدفاع التابعة مباشرة للطاغوت النصيري رفعت الأسد بالإنتقال بالطائرات المروحية من مناطق تمركزهم من دمشق إلى سجن تدمر , حيث قاموا بإلقاء القنابل على السجناء من أبناء أهل السنة , وفتح نيران أسلحتهم عليهم وهم في زنزاناتهم حيث ماتوا عن آخرهم خلال نصف ساعة , ثم قامت بعد ذلك شاحنات كبيرة بنقل جثث القتلى ورميها في حفر قد أعدت مسبقا لرمي الجثث فيها وادي شرق بلدة تدمر , ثم عاد الشيعة النصيريون المنفذون إلى قواعدهم في دمشق وقد تلطخت ثيابهم بدماء أهل السنة الأبرياء ووزع على كل واحد منهم مكافأة مالية , حيث راح ضحية هذه المجزرة أكثر من 700 شاب مسلم من حملة الشهادات العليا فلا حول ولا قوة إلا بالله , وقد ناقشت لجنة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة وقائع هذه المجزرة الرهيبة في مدينة جنيف في دورتها السابعة والثلاثين , ووزعت عل اللجنة الوثيقة رقم 1469/ 4 بتاريخ 4-3-1981م .
__________
(1) سورة البروج .(52/226)
مجزرة هنانو عي مدينة حلب على يد الشيعة النصيرية , ففي شهر آب عام 1980م , وفي صبيحة أول أيام عيد الفطر المبارك أجبرت عناصر القوات الخاصة النصيرية مجموعة من سكان منطقة المشارقة على الخروج منازلهم وحوانيتهم , وأرغمت المصلين على ترك المساجد , وجمعتهم في مقبرة هنانو , ثم فتحت نيران الأسلحة المختلفة عليهم وأجهزت بعد ذلك على الجرحى منهم , وقد عدد بلغ ضحايا هذه المجزرة 83 شخصاً فلا حول ولا قوة إلا بالله .
مجزرة جسر الشغور : ففي شهر آذار عام 1980م حاصرت القوات الخاصة النصيرية والتي حملتها 16 طائرة عمودية بلدة جسر الشغور الواقعة في محافظة أدلب شمالا , ووجهت صواريخها ومدفعيتها نحو البيوت حيث هُدم في هذه المجزرة 20 منزلا و 50 حانوتا كما قُتل نحو 100 شخص من أهل السنة وأعتقل المئات من أبناء أهل السنة والجماعة , وقد استمرت هذه المجزرة ثلاثة أيام تحت القصف والتمثيل بالأطفال والنساء والشيوخ , وروى ناجون من هذه المجزرة حوادث وقعت فيها مثل شق جسم طفل صغير لا يتجاوز عمره 6 أشهر إلى شطرين أمام أمه التي توفيت فور رؤية المشهد .
نزع حجاب المسلمات العفيفات في دمشق , ففي صيف وخريف عام 1980م قامت المظليات النصيريات التابعات لجيش السرايا النصيري بالاعتداء على النساء المحجبات من أهل السنة وذلك بنزع الحجاب من على رؤوسهن في شوارع المدينة , وقد قالت الصحيفة السويسرية لوسيرم رونويسته الصادرة في يوم 17 –10-1980م ما نصه : ( إن عملية الاعتداء على المحجبات في سوريا هي إحدى الطرق التي يحارب بها الأسد الإسلام ) .(52/227)
مجزرة مدينة حماة السورية , تلك المجزرة الرهيبة التي هزت كيان كل مسلم في ذلك الزمان , ففي عام 1982م أصدر العميد رفعت الأسد أوامره بجمع القوات الشيعية النصيرية , والمدربة تدريبا خاصاً والمتواجدة في كل من لبنان وجبهة الجولان , وحوصرت مدينة حماة المسلمة بقوات من جيش السرايا , جيش السرايا إخواني في الله كان يتكون من وحدات تدعى سرايا , وهي مجهزة تجهيزاً ممتازاً بالآليات والصواريخ وأحدث المعدات المضادة للدبابات , حتى وصل عدد هذه الوحدات إلى 55 ألف جندي نسبة الشيعة النصيرية تصل على 95% , حيث كان يتمتع هذا الجيش باستقلالية كاملة عن سائر القوى العسكرية السورية ..(52/228)
فحوصرت مدينة حماة المسلمة بقوات من جيش السرايا والقوات الخاصة الشيعية النصيرية , وذلك بإقامة حزامين حولها , إضافة إلى قوات من المشاة والمدفعية والدبابات , مما أدى إلى عزل هذه المدينة المسلمة عن المدن السورية , وسد جميع منافذها والطرق المؤدية إليها , وقطع الماء والكهرباء عنها إضافة إلى المؤن الغذائية والإسعافات الأولية , وعندها أعطيت إشارة البدء في اليوم الثاني من شهر فبراير عام 1982م , فبدأت القوات النصيرية الشيعية تقصف المنطقة المعزولة عن العالم الخارجي بمختلف الأسلحة الفتاكة المدمرة , وقُصفت المدينة قصفاً مركزاً ومستمراً منذ الساعات الأولى في فجر ذلك اليوم , بينما كانت وحدات المشاة تقوم باقتحام الأحياء السكنية ومداهمة المنازل وقتل من فيها , ومن المشاركين في هذا الهجوم اللواء 47 المدرع واللواء 21 المدرع وقوات من الفرقة الثالثة المدرعة بقيادة العميد النصيري شفيق فياض , وقوات من سرايا الدفاع تقدر ب 10000 عنصر تابعة للشيعي النصيري رفعت الأسد , وقوات من الوحدات الخاصة تقدر ب 3000 عنصر بقيادة العقيد النصيري سليمان الحسن والتي سُحبت من لبنان , وقوات من لواء المهمات الخاصة بقيادة العقيد النصيري علي ديب , وعناصر من سرايا الصراع بقيادة النصيري عدنان الأسد .
أما الأسلحة التي استخدمت في تدمير هذه المدينة وإبادة سكانها العزل فشملت راجمات للصواريخ ومدفعيات ثقيلة ودبابات ومدرعات ومدافع هاون ومدافع محمولة عيار 106 ملم , إضافة إلى الصواريخ المحمولة على الأكتاف والتي تسمى آر بي جي سفن ( RBJ-7 ) , وطائرات مقاتلة عمودية وطائرات إنزال مروحي وقنابل مضيئة وحارقة وعنقودية , إضافة إلى الأسلحة الرشاشة والأسلحة الفردية .(52/229)
وقد تم تدمير وهدم 88 مسجد وزاوية من أصل 100 , وهدم 21 سوقاً تجارياً تضم المئات من المحلات والدكاكين , كما هدمت 7 مقابر على رؤوس الأموات , و 13 حياً سكنيا دُمر تدميرا كاملا , وتم إبادة 27 عائلة بكامل أفرادها , والتي من بينها عائلة الكيلاني التي قُتل منها 280 شخص , وفُتح 11 مركزا أمنياً للاعتقال والتصفية لشباب أهل السنة .
كما أسفرت هذه الجريمة , إخواني في الله , وهي الجريمة النكراء التي قام بها الشيعة النصيرية على مقتل ما يربو على 40000 ( أربعين ألف) مسلم من أهل السنة والجماعة , واعتقال 15000 شخص آخرين يعتبرون إلى الآن في عداد المفقودين , بينما تشرد حوالي 150 ألف مسلم في المدن السورية الأخرى , وبعض البلاد العربية الأخرى المجاورة , وتعرض ما يقارب ثلث المدينة للتدمير الكامل .
وقُدرت الخسائر المالية بحوالي 550 مليون دولار فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
الفصل الثاني :
الشيعة الدروز
بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله , صلى الله عليه وسلم وبعد ..
نتحدث اليوم عن الشيعة الدروز وسيكون حديثنا تحت العناصر التالية :
التعريف بالشيعة الدروز .
أشهر شخصيات ودعاة الشيعة الدروز .
أقسام المجتمع الدرزي .
كتب الشيعة الدروز .
طقوس وعبادة الشيعة الدروز .
عقائد الشيعة الدروز .
العلاقة الوثيقة بين الشيعة الدروز وبين يهود إسرائيل .
فتوى شيخ الإسلام بن تيمية في الشيعة الدروز .
أماكن إنتشار وتواجد الشيعة الدروز .(52/230)
ومن أراد التوسع فعليه بكتاب ( عقيدة الدروز .. عرض ونقد ) لمحمد أحمد الخطيب , وكتاب ( أضواء على العقيدة الدرزية ) لأحمد الفوزان , وكتاب ( أصل الموحدين الدروز ) لأمين طلع , وكتاب ( الدروز والثورة السورية ) لأمين ناشد , وكتاب ( طائفة الدروز ) لمحمد حسين كامل , وكتاب ( الحركات في لبنان إلى عهد المتصرفية ) ليوسف أبو شقرا , وكتاب ( الدروز مؤامرات وتاريخ وحقائق ) لفؤاد الأطرش ..
التعريف بالشيعة الدروز :
فنقول وبالله التوفيق , الشيعة الدروز هي فرقة باطنية , تؤله الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله , وتنتسب إلى نشتكين الدرزي .
نشأت في مصر لكنها لم تبث أن انتقلت إلى الشام , وعقيدتها خليط من عدة أديان وأفكار , كما أنها تؤمن بسرية أفكارها , فلا تنشرها بين الناس , ولا تعلمها حتى لأبناءها إلا إذا بلغوا سن الأربعين .
أشهر شخصيات ودعاة الشيعة الدروز :(52/231)
الشخصية الأولى : وهي محور العقيدة الدرزية , وهو الخليفة الفاطمي أبو المنصور بن العزيز بالله , بن المعز لدين الله الفاطمي والملقب بـ ( الحاكم بأمر الله ) , هذا الرجل ولد عام 375هـ , وقتل 411هـ , والذي تعتقد فيه الشيعة الدروز أن الإله قد تجسد فيه – عياذا بالله تعالى - , وكان هذا الإله المزعوم عند الدروز وهو الحاكم بأمر الله رجلا شاذا فكره وسلوكه وتصرفاته , كان شديد القسوة والتناقض , والحقد على الناس أكثر من القتل والتعذيب دون أسباب تدعو إلى ذلك , قال تعالى : { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } (1) , حيث نسب إليه من الأفعال ومن التصرفات ما يدل على أنه كان مريضا مرضا نفسيا , غلب على حياته وسيطر عليه , ومما نسب إلى الحاكم بأمر الله أنه في عام 395هـ كتب على الجوامع والمساجد بسب أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم , ثم عاد ومحاه في عام 397هـ .
كما أمر بقتل الكلاب , ومنع بيع العنب والرطب والملوخية والجرجير , وقام بضرب أعناق الرجال الذين خالفوا هذه الأوامر , ويذكر بعض المؤرخين ومنهم السيوطي أن الحاكم بأمر الله أمر الرعية إذا ذكره الخطيب على منبر الجمعة أن يقوموا على أقدامهم صفوفا إعظاما لذكره , وإحتراما لإسمه , فكان يُفعل ذلك في سائر ممالكه حتى في الحرمين الشريفين , وكان أهل مصر على الخصوص إذا قاموا خروا سجدا , حتى أنه يسجد بسجودهم من في الأسواق وغيرهم .
__________
(1) سورة القصص آية 4 .(52/232)
وكان هذا الحاكم بأمر الله جبارا عنيدا , وشيطانا مريدًا , كثير التلون في أقواله وأفعاله , { وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ النَّارِ {47} قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ {48}} (1) .
كذلك من أفعاله أنه كان يدور في الأسواق على حمار له , فمن وجده قد غش في معيشته أرسل إليه عبداً أسود يقال له مسعود فيفعل به الفاحشة عقابا له – عياذاً بالله تعالى , كما منع الحاكم هذا صلاة التراويح عشر سنين , ثم أباحها بعد ذلك .
والعجيب أن الشيعة الدروز لم ينكروا من الحاكم ما صدر من تصرفات شاذة غريبة , بل إنهم أكدوا صحتها , ولكنهم أولوها تأويلا خاصا , واتخذوا منها دلالات على صدق ألوهية الحاكم , وأن كل ما أتى به من أعمال شاذة ما هي إلا رموز وإشارات لها معاني خفية , لا يفقها العامة , { هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } (2).
وقد إنتهت حياة الحاكم بنهاية غامضة , حيث إختفى عن الرعية فجأة , وقيل إن أخته ست الملك قد دبرت إغتياله أثناء جولته التي كان يقوم بها على سفح جبل المقطم في دولة مصر .
الشخصية الثانية : حمزة بن علي الزوزني , وهو يعد المؤسس الفعلي لهذه العقيدة الضالة , الذي أعلن في سنة 408هـ أن روح الإله قد حلت في الحاكم – عياذاً بالله تعالى - , ثم بدأ يدعو الناس إلى ذلك , وبدأ يؤلف الكتب في العقائد الدرزية الخبيثة .
__________
(1) سورة غافر .
(2) سورة النساء آية 109 .(52/233)
الشخصية الثالثة : محمد بن إسماعيل الدرزي , المعروف بـ ( نشتكين ) , كان مع حمزة بن علي في تأسيس عقيدة الدروز , إلا أنه تسرع في إعلان ألوهية الحاكم بأمر الله , وذلك في عام 407هـ , مما أغضب عليه حمزة , وأثار الناس ضده حيث فر إلى الشام وهناك دعى إلى مذهبه الضال المضل .
الشخصية الرابعة : الحسين بن حيدرة الفرغاني والمعروف بـ ( الأخرم أو الأجدع ) وهو الذي كان يقوم بالتبشير بدعوة حمزة بن علي الزوزني بين الناس وبين أفراد الرعية .
الشخصية الخامسة : بهاء الدين أبو الحسن علي بن أحمد السموقي , المعروف بـ ( الضيف ) الذي كان له أكبر الأثر في إنتشار العقيدة الشيعية الدرزية الخبيثة , وقد ألف كثيراً من نشراتهم مثل ( رسالة االتنبيه والتأنيب و التوبيخ ) و ( رسالة التعنيف والتهجين ) وغيرها , وهو الذي أغلق باب الإجتهاد في المذهب الشيعي الدرزي , حرصا على بقاء الأصول التي وضعها هو و حمزة بن علي الزوزني .
الشخصية السادسة : كمل جنبلاط , وهو من الزعماء المعاصرين , وهو زعيم سياسي لبناني , أسس الحزب التقدمي الإشتراكي , قتل في عام 1977 م .
الشخصية السابعة : وليد جنبلاط , إبن كمال جنبلاط , وهو زعيمهم الحالي , وخليفة أبيه في زعامة الدروز و قيادة الحزب التقدمي الإشتراكي .
ومن الشخصيات الدرزية المعاصرة الأخرى الدكتور نجيب العسراوي , وهو رئيس الرابطة الدرزية في لبنان , وكذلك عدنان بشير رشيد , وهو رئيس الرابطة الدرزية في أستراليا , وسامي مكارم الذي ساهم مع كمال جنبلاط في تأليف عدة كتب في الدفاع عن العقيدة الدرزية .
أقسام المجتمع الدرزي :
فينقسم المجتمع الدرزي إلى قسمين :
القسم الأول : الروحانيين : وهم رجال الدين العارفون بأصول المذهب الدرزي وينقسمون إلى ثلاثة أقسام :
رؤساء : وبيدهم جميع الأسرار الدينية.
عقال : بيدهم الأسرار التي تتعلق بالتنظيم الداخلي للمعتقد الشيعي الدرزي .(52/234)
أجاويد : بيدهم الأسرار الخارجية التي تختص بعلاقة المعتقد الدرزي بغيره من الأديان والمذاهب .
وكذلك رجال الدين هؤلاء يتمسكون بالقواعد السلوكية في المعتقد الدرزي , فلا يدخنون مثلا , ولا يشربون الخمر , كما أنهم يزهدون في مأكلهم وملبسهم , ولهم زي خاص يميزهم عن عامة الدروز , يتمثل في العمامة ولبس القباء الأزرق الغامق , بالإضافة إلى إطلاق لحاهم , ولهم أماكن خاصة بالعبادة تعرف بالخلوات , يجتمعون فيها لسماع ما يتلى من الكتاب المقدس لديهم , إضافة إلى ممارسة طقوس العبادة لديهم .. { حَتَّى إِذَا جَاءنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ {38} وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ {39}} (1) .
القسم الثاني : الجثمانيين , وهم الذين يعتنون بالأمور الدنيوية , وهم قسمان :
الأمراء : أصحاب الزعامة الوطنية .
الجهال : وهم سائر أفراد جماعة الشيعة الدروز , ويسمون أحيانا الشراحين , لأنه لا يسوغ لهم الإطلاع على رسائل الدروز , بل يطلعون فقط على شروح هذه الرسائل , وبذلك هم لا يقرؤون إلا هذه الشروح لهذه الرسائل , التي يقدمها لهم العقال , كما لا يسمح لهم بمطالعة القرآن , ولا يحق لهم حضور المجالس أو طقوس العبادات الدرزية إلا بعد إمتحانات طويلة تحتاج إلى صبر ومجالدة وإيمان , ويرخص لطبقة الجهال للإستمتاع بكل الممنوعات والمحرمات , من تدخين وشرب خمر وترف في المعيشة , كما أن هذه الطبقة ليس لهم زي يعرفون به , والدروز كذلك لا يعترفون بالسلطات القائمة , إنما يحكمهم شيخ العقل أو من ينوب عنه من رجال الدين وفق نظام الإقطاع الشيعي الدرزي الديني .
__________
(1) سورة الزخرف .(52/235)
النساء في المجتمع الدرزي ينقسمن أيضا إلى عاقلات وجاهلات , مثل الرجال تماما , والنساء العاقلات يلبسن النقاب وثوب يسمى بـ ( الصاية ) , وإذا كانت هناك زوجة من طبقة العاقلات وزوجها من طبقة الجهال , فإنه لا يجوز لها أن تخاطبه بشيء من أمور الديانة الدرزية , ولا تطلعه على شيء منها , وواجب عليها أيضا أن تخفي كتب المعتقد الشيعي الدرزي عن زوجها حتى لا يراها .
وللدروز شيخ يسمى ( شيخ العقل ) , ويتولى منصبه بالانتخاب أو بالاتفاق بين الزعماء وكبار رجال الطائفة الدرزية , ولشيخ العقل هذا أعوان في كل قرية ومدينة .
قبل أن أختم هذه الفقرة أود أن أبين أن دروز لبنان ينقسمون إلى أمراء ومشائخ , فالأمراء هم من عائلة آل أرسلان , والمشائخ هم عائلة جنبلاط وعائلة اليوزبكية .
كتب الشيعة الدروز :(52/236)
فللشيعة الدروز مصحف يسمى ( المنفرد بذاته ) , وفي هذا المصحف إستهزاء بشرائع الإسلام , { إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {40} إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ {41} لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ {42} } (1) . حيث جاءت في هذا المصحف في عرف صلوات الشرائع , العرف هو كالسورة , هم يقسمون هذا المصحف إلى أعراف وواحدها عُرف , فجاء في هذا العُرف ( صلوات الشرائع ) ما نصه : ( يا أيها الموحدون خذوا حذركم , ود الذين كفروا على أصنامهم عاكفين , لو يرجعونكم إلى دينكم وعقائدهم الباطلة , فتستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير وحق , إن صلواتهم ذات الركوع الجسدي والسجود الظاهري , وإتخاذهم كلام الكتاب رياء ووسيلة , يخادعون بها الله الحاكم البر والموحدين , وما يخدعون إلا أنفسهم وهم يعلمون ) آهـ .
كذلك يستهزئون في المصحف بالمسجد الحرام فيقولون في عرف ( حقيقة الصلاة والإيمان ) ما نصه : ( قل ليس الإيمان أن تولوا وجهكم شطر المسجد الحرام مثل بيت الأوثان , أو شطر المشرق والمغرب أو التصعيد في جبل الذنوب والأصنام أو إتباع سنة الجاهلية الأولى ولكن الإيمان والتوحيد هو فيمن آمن بمولانا الحاكم رباً إلاها لا معبود سواه ) آ هـ .
__________
(1) سورة فصلت .(52/237)
ويصف مصحف الشيعة الدروز يوم القيامة بعودة الحاكم بأمر الله الفاطمي , حيث جاء في عُرف ( الأمر والتقديم ) ما نصه : ( أنتم وما تعبدون مكبكبون على وجوهكم يوم ينادي مولاكم الحاكم من مكان بعيد , هذا يومكم الذي فيه توعدون , تتلوها أيام العذاب إنكم لخالدون ولات محيص .... وإلا فقولوا لي أيها الضالون المعاندون , فهل جاءكم رب غيره – يعني الحاكم بأمر الله عياذا بالله تعالى – مع جنوده أروني إن كنتم صادقين ) آهـ .
يقول تعالى : { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ } (1) .
وكذلك فإن مصحف الشيعة الدروز يتوعد الذين لا يعرفون الحاكم بأمر الله , ولا يطيعونه الطاعة المطلقة بالعذاب الشديد , حيث يقول مصحفهم المزعوم ما نصه : ( لإن ينتعل أحدكم بنعلين من نار يغلي بهما دماغه من حرارة نعليه , إنه لأهون وأدنى عذابا من رافض دعوة مولاه الحاكم , بعد إذ تبين الرشد من الغي .... ولو أن من في الأرض إستغفر لهم لن يغفر الله مولاهم الحاكم الصمد والواحد الأحد خطيئاتهم ولو افتدى أحدهم بملء الأرض جميعاً فلا ينجيه ) آهـ .
{ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } (2) .
كما أن للشيعة الدروز رسائل مقدسة تسمى ( رسائل الحكمة ) , وعددها 111 رسالة , وهي من تأليف الإمام الثاني حمزة بن علي الزوزني , وإمامهم بهاء الدين , والتميمي .
__________
(1) سورة البقرة الآية 79 .
(2) سورة آل عمران 78 .(52/238)
ولهم كتاب أيضا يسمى ( ميثاق ولي الزمان ) كتبه حمزة بن علي الزوزني , وهو الذي يؤخذ على الدرزي حين يعرف بعقيدته السرية , ولهم كتاب يسمى ( النقض الخفي ) وهو الذي نقض فيه إمامهم حمزة بن علي الزوزني الشرائع كلها , وخاصة أركان الإسلام الخمسة .. { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } (1) .
كذلك من الكتب الدرزية كتاب ( النقط والدوائر ) الذي يتحدث عن الكثير من العقائد الدرزية , والذي طبع في البرازيل عام 1920م , بإشراف رجل يسمى منير اللبابيدي .
طقوس وعبادة الشيعة الدروز :
تتم هذه طقوس في كل قرية من قراهم , وذلك في خلوة كبيرة تتسع لأكبر عدد من سكان القرية , ويطلق هذا البناء اسم مجلس حمزة – أي حمزة بن علي الزوزني - وهو يتألف من غرفة كبيرة تتوسطها طاولة ثابتة بإرتفاع 70 سم تقريباً , يعلوها ستار من القماش السميك بإرتفاع متر ونصف تقريباً , وكأنها تقسم الغرفة إلى قسمين , حيث يجلس الرجال في قسم والنساء في القسم الآخر , ولكل قسم باب ونافذة في مكان واحد , والسبب في هذا هو فصل النساء عن الرجال , أما مكان الشيوخ في هذا المجلس فهو كالتالي :
يجلس الإمام وهو شيخ عقل القرية في صدر المجلس تقريباً , ويجعل ظهره للطاولة , ثم يجلس الشيوخ عن يمينه و شماله في صفوف غير منتظمة , ثم يبدأ الوعظ وهو عبارة عن قصص وحكايات صوفية , بعدها يقف شيخ العقل فيقفون جميعا رجالاً ونساءاً , قائلين بصوت واحد : يا سميع .. يا سميع .. إحتراماً للأمير السيد عبد الله التنوخي , ثم يجلسون , وفي هذه اللحظة ينصرف الدروز الذين هم من طبقة الجهال , ولا يبقى إلا من كان من طبقة العقال من الرجال والنساء ..
__________
(1) سورة آل عمران .(52/239)
بعد ذلك تبدأ المرحلة الثانية , فيقرأ الشيخ أو يكلف أحد الشيوخ بتلاوة شرح إحدى الرسائل الدرزية , وبعد الإنتهاء من القراءة يقفون جميعاً قائلين : يا سميع .. يا سميع ..
ثم يتجه شيخ العقل لبقية الشيوخ قائلا : تفضلوا .. وهنا تبدأ القراءة الجماعية , فيبدءون بالميثاق , أي ميثاق ولي الزمان , ثم بالرسائل الدرزية , ويسجدون عند كلمة ( هو الحاكم المولى بناسوته يُرى ) ويرفعون أيديهم مبتهلين ثم ينصرفون مرددين بعض الأدعية والأذكار .
عقائد الشيعة الدروز :
حيث يعتقد الدروز بألوهية الحاكم بأمر الله الفاطمي , ولما مات قالوا بغيبته وأنه سيعود في آخر الزمان , كما أن الشيعة الدروز ينكرون جميع الأنبياء والرسل ويلقبونهم بالشياطين والأبالسة – عياذا بالله تعالى من ذلك – { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ } (1) .
كذلك يعتقدون بأن المسيح هو إمامهم حمزة بن علي الزوزني , ويكرهون جميع أهل الديانات الأخرى , والمسلمين منهم خاصة , ويستبيحون دماءهم وأموالهم عند المقدرة .
كما يعتقد الشيعة الدروز بأن ديانتهم نسخت كل ما سبق من الديانات , وينكرون جميع الأحكام والعبادات الإسلامية ويقولون بتناسخ الأرواح , وينكرون الجنة والنار , والثواب والعقاب .
كما ينكر الشيعة الدروز القرآن الكريم , ويقولون إنه من وضع سلمان الفارسي رضي الله عنه , ولهم مصحف خاص بالشيعة الدروز يسمى مصحف ( المنفرد بذاته ) .
ويفتخرون بالانتساب إلى الفرعونية القديمة , وإلى حكماء الهند القدماء , وكثير من أئمتهم كان يزور الهند نسبة وتقربا ومحبة بحكمة الهند وحكماء الهند .
__________
(1) سورة الأنعام 34 .(52/240)
كما يبدأ التاريخ عندهم من سنة 408 هـ , وهي السنة التي أعلن فيها إمامهم حمزة بن علي الزوزني ألوهية الحاكم بأمر الله الفاطمي .
كما تعتقد الشيعة الدروز أن يوم القيامة هو رجوع إلههم الحاكم بأمر الله الفاطمي , والذي سوف يقودهم إلى هدم الكعبة , وسحق المسلمين والنصارى في جميع أرجاء الأرض , ثم يحكمون العالم إلى الأبد , ويفرضون الجزية والذل على المسلمين – عياذا بالله - .
كذلك تعتقد الشيعة الدروز أن الحاكم بأمر الله قد أرسل خمسة أنبياء هم :
حمزة بن علي الزوزني .
اسماعيل .
محمد الكلمة .
أبو الخير .
وبهاء الدين السموقي .
كما يحرمون التزاوج من غيرهم , ويحرمون تعدد الزوجات , وإرجاع المطلقة , ويحرمون المرأة من الميراث , ولا يعترفون بحرمة الأخ والأخت من الرضاعة .
كما أن الشيعة الدروز لا يقبلون دخول أحد إلى دينهم , ولا يسمحون لأحد بالخروج منه , ويقولون في الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم – أقوالاً منكرة منها قولهم : أن الفحشاء والمنكر هما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما .
ومناطق الشيعة الدروز خالية تماماً من المساجد , ويستبدلونها بخلوات يجتمعون فيها , ولا يسمحون لأحد من غيرهم بالدخول إليها , والشيعة دروز لا يصومون رمضان , ولا يحجون إلى بيت الله الحرام , وإنما يحجون إلى خلوة البياضة في بلدة حاصبية في دولة لبنان , كما أنهم لا يزورون مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم , ولكنهم يزورون الكنيسة المريمية في قرية معلولة بمحافظة دمشق .
والدرزي لا يبوح بعقيدته أبداً , ولا يكون مكلفاً بتعاليمها إلا إذا بلغ سن الأربعين , وهو سن التكليف عند الشيعة الدروز .(52/241)
كما يؤمن الشيعة الدروز بعقيدة الدروز بعقيدة التناسخ – أي تناسخ الأرواح – تماماً مثل الشيعة النصيرية , لكنه عند الدروز يسمى بالتقمص , بمعنى إن الإنسان إذا مات فإن روحه تتقمص إنسان آخر , يولد بعد موت الأول , فإذا مات الثاني تقمصت روحه إنساناً ثالثاً , وهكذا في مراحل متتابعة للفرد الواحد .
ويستمد الشيعة الدروز عقائدهم من مجموعة من الرسائل تبلغ 111 رسالة , أطلقوا عليها اسم ( رسائل الحكمة ) , وهي رسائل منسوبة إلى أئمتهم كحمزة بن علي الزوزني , وبهاء الدين وغيرهما ..
طبعاً أصبحت هذه الرسائل بالنسبة للشيعة الدروز , بعد غيبة هؤلاء الأئمة , قائمة بالأمر والنهي والتحليل والتحريم .
وعقائد الدروز أحبتي في الله تدور كلها حول تأليه الحاكم بأمر الله , والزعم بأن الله تعالى حل فيه , عياذاً بالله تعالى من هذا الكفر وهذا الضلال .
ويعتقد الشيعة الدروز أيضا أن الحاكم بأمر الله هو الصورة الإنسانية للإله , فيصفونه بأنه الأحد الفرد الصمد , المنزه عن الممثول والمثل والمتعالي عن الجنس والشكل .
فقد جاء فيما يُعرف عندهم بـ ( ميثاق ولي الزمان ) والذي يؤخذ على كل من يدخل ديانتهم , حيث يقولون فيه : ( توكلت على مولانا الحاكم الفرد الصمد المنزه عن الزواج والعدد .. أقر فلان بن فلان – أي الذي يدخل في طريقتهم أي حينما يدخل سن الأربعين – إقراراً أوجبه على نفسه , وأشهد به روحه في صحة عقله وبدنه , أنه قد تبرأ من جميع المذاهب والمقالات والأديان و الإعتقادات كلها على أصناف إختلافاتها , وأنه لا يعرف شيئا غير طاعة مولانا الحاكم جل ذكره , وأنه لا يشرك في عبادته أحداً مضى أو حضر أو ينتظر , وأنه قد أسلم وجهه وجسمه وماله وولده وجميع ما يملكه لمولانا الحاكم جل ذكره ) .(52/242)
ويوم القيامة عند الشيعة الدروز , هو اليوم الذي يظهر فيه الحاكم بأمر الله في الصورة الناسوتية , حيث يتجلى لهم الحاكم بأمر الله من الركن اليماني من الكعبة قادماً من بلاد الصين , كما تقول رسالة الأسرار عندهم , وحولهم قوم يأجوج ومأجوج ويسمونهم القوم الكرام , وفي صباح ثاني يوم وصوله يتهدد الناس في سيف مذهب , وحينئذ يهدمون الكعبة , ويفتكون بالمسلمين والنصارى , في جميع جهات الأرض , ويستولون عليها إلى الأبد كما يزعمون ويعتقدون .
كما ينكر الشيعة الدروز الجنة والنار , ويقولون أن الجنة هي توحيد الخالق وهو الحاكم بأمر الله , والجحيم هو الجهل والشر , كما لا يؤمنون بحقيقة الملائكة ولا بالجن , وإنما يقولون بان الملائكة هم أتباع المذهب الدرزي , والشياطين هم أتباع العقائد الأخرى .
وللشيعة الدروز – إخواني في الله – رسالة بعنوان ( رسالة في معرفة سر ديانة الدروز ) , تبين لنا بشكل واضح أهم معتقدات هذه الطائفة المارقة , والرسالة كُتبت على طريقة السؤال والجواب كما يلي :
سؤال : أدرزي أنت ؟
الجواب : نعم بنعمة مولانا الحاكم سبحانه – تعالى الله عن ذلك - .
سؤال : ما هو الدرزي ؟
جواب : هو الذي كتب الميثاق بعد مولانا الخلاق .
سؤال : ماذا فرض عليكم ؟
جواب : صدق اللسان وعبادة الحاكم .
سؤال : كيف ومتى كان ظهور مولانا الحاكم ؟
جواب : كان في سنة 400 هـ الإسلامية .
سؤال : وما هو دين التوحيد الذي عليه الدروز والعقال مستدلون ؟
جواب : هو الكفر بكل الملل والطوائف لأن بالذي كفروا نؤمن نحن كما قيل في رسالة الإعذار والإنذار .
سؤال : متى خُلقت نفوس العالم كلها ؟
جواب : بعدما خُلق العقل الذي هو حمزة بن علي ( الزوزني ) , ثم خُلقت الأرواح كلها من نوره وهي معدودة لا تزيد ولا تنقص مدى الزمان .
سؤال : وكيف تقول في بقية الملل الذين يقولون أننا نعبد الرب الذي خلق السماء والأرض ؟(52/243)
جواب : إنهم وإن قالوا كذا فلا يصح لأن العبادة لا تصح بلا معرفة , فإن قالوا عبدنا ولم يعرفوا أن الرب هو الحاكم بذاته فتكون عبادتهم باطلة .
سؤال : ما هي الحدود ؟
جواب : هم أنبياء الحاكم الخمسة , حمزة وإسماعيل ومحمد الكلمة وأبو الخير وبهاء الدين .
سؤال : كيف يُستدل بأن دين الحاكم حق وغيره باطل ؟
جواب : إن هذا كفر وعدم تصديق بالحاكم , لأن الموحدين – يعني الدروز – قد اشترطوا على أنفسهم في كتب الميثاق أنهم سلموا كل أرواحهم وأجسادهم وسرهم بيد الحاكم من غير محض ولا جدال وهذا الأمر ثابت .
سؤال : ما المراد بالجن والملائكة والأبالسة في كتاب حمزة ؟
جواب : إن المراد بالجن والأبالسة الناس الذين لم يطيعوا دعوة مولانا الحاكم , أما المراد بالملائكة فهم المقربين والمستجيبين لدعوة الحاكم بأمره فهو الرب المعبود في كل الأدوار – أعوذ بالله تعالى من هذا الكفر - .
وكذلك فإن الشيعة الدروز ينكرون جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام , ولذلك فهم يقذفون جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بأسماء وألفاظ فاحشة كلفظة القبل والدبر والغائط والبول – عياذاً بالله - .
ويعتقدون أيضا أنه عندما يتجلى الحاكم بأمر الله من الركن اليماني في الكعبة , وفي يده السيف, ينادي على المشركين ويعطي السيف حمزة فيقتل حمزة شخصين الأول هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم , والذي يلقبونه بصاحب دين الإسلام , ويقتل الثاني وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه , ثم يرسل الصواعق على الكعبة فتدك دكاً .(52/244)
كما تعتقد الشيعة الدروز أن الفحشاء والمنكر هما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما , وأن الآية الكريمة التي قال الله فيها : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ... } (1) . يعتقدون أنه يراد بذلك الخلفاء الراشدون الأربعة رضوان الله عليهم وأنه من عمل محمد صلى الله عليه وسلم .
أما ما يتعلق بالزواج والطلاق عند الشيعة الدروز و فإذا طلق الدرزي زوجته فلا يجوز له أن يتزوجها مرة أخرى , سواء بمحلل أو بغير محلل , فهم لا يميزون بين الطلاق البدعي والطلاق البائن , بل الطلاق عندهم طلاق واحد . ولا يجوز أيضا عند الشيعة الدروز زواج الدرزية من غير الدرزي , ولا زواج الدرزي من غير الدرزية , فإذا حدث زواج من هذا القبيل فإنه يكون نكاحاً باطلاً , ولا يجوز أيضا تعدد الزوجات عند الشيعة الدروز .
العلاقة الوثيقة بين الشيعة الدروز وبين يهود إسرائيل :
فإن الشيعة الدروز , إخواني في الله , قد بدأ تعاونهم مع الصهاينة في إسرائيل لا سيما أولئك الذين يعيشون في الدولة الإسرائيلية , والذين أصبحوا جزءا من المجتمع الصهيوني , ويقدر عددهم بحوالي خمسين ألف درزي , ويحتل بعضهم مراكز هامة في الجيش الإسرائيلي , وقد تطوع عدد من أبناء الشيعة الدروز في الجيش الإسرائيلي في حرب 1967م , كما كانوا عوناً لليهود في حرب 1973م .
__________
(1) سورة المائدة آية 90 .(52/245)
كذلك إشتركت كتائب كاملة من جنود الشيعة الدروز في الغزو الإسرائيلي للبنان في عام 1982م .. ولهؤلاء الدروز أثر في الحياة السياسية في إسرائيل , فلهم نائب في حزب الليكود الحاكم , وقد عبر شيخ الطائفة الدرزية في إسرائيل واسمه أمين طريف عن مدى انصهار جماعة الدروز ارتباطهم بإسرائيل بقوله : ( إن الطائفة الدرزية التي ربطت مصيرها بمصير إسرائيل والشعب اليهودي ستعزز هذا الرباط وستستمر في الولاء والإخلاص للدولة ) .
وكذلك برغم أن دروز لبنان لهم مشيخة منفصلة . ولكن الصلات بينهم وبين دروز إسرائيل وثيقة وقوية , فدروز إسرائيل يمدون إخوانهم من دروز لبنان بكل الدعم المعنوي والمادي , وأحداث لبنان الأخيرة تكشف هذه العلاقة الحميمة والقوية .
ويسعى جميع الدروز لإقامة دولة لهم في الجولان وحوران والشوف والصحراء الممتدة بين تدمر والأردن والعراق .
وهذا خطاب موجه من الطائفة الدرزية في إسرائيل إلى الحكومة الإسرايلية في الأرض المحتلة , حيث جاء في الخطاب ما نصه : ( اجتمعنا نحن رؤساء وأعضاء الرئاسة الروحية الدرزية في إسرائيل , القاضي الشرعي الشيخ سليمان طريف , وعضو الكنيست جبر معدى , ورؤساء المجالس الدرزية ووجهاء الطائفة وشبابها من كل القرى الدرزية في إسرائيل اليوم 27/5/1967م في المكان المقدس عند قبر الخضر عليه السلام , وبحثنا القضايا المختلفة في منطقتنا , وبحثنا التهديدات ضد دولتنا المشتركة إسرائيل وقررنا إصدار هذا البيان :
أولاً : الطائفة الدرزية في إسرائيل وهي جزء لا ينفصل عن الدولة , وتؤكد إخلاصها وتأييدها دون أي تحفظ لدولة إسرائيل ولحكومتها ولجيشها ولشعبها .
ثانياً : يعرب أبناء الطائفة الدرزية عن استعدادهم للقيام بكل ما يستطيعون للدفاع عن سلامة دولتنا في المجالات العسكرية والمدنية .(52/246)
ثالثاً : تؤيد الطائفة الدرزية تصريح عضو الكنيست الدرزي الشيخ جبر معدى من فوق منصة الكنيست , الذي أعرب فيه عن استعداد أبناء الطائفة الدرزية وضع كل إمكانياتهم لخدمة الجيش الإسرائيلي .
رابعاً : نبعث بتحياتنا وتقديرنا لرئيس الحكومة – أي الإسرائيلية - ووزير الدفاع ورئيس الأركان ولضباط وجنود الجيش الإسرائيلي الشجعان , الواقفين على أهبة الاستعداد على حدودنا للدفاع عن أمن بلدنا , ونبعث بتحية خاصة , لأبناء الطائفة الدرزية الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي , وحرس الحدود والذين يشاركون في المعركة .
وفي النهاية نصلي لله أن يسود السلام منطقتنا , ونأمل أن يبذل زعماء العالم ما في استطاعتهم من أجل السلام العالمي ) أهـ .
العلاقة السرية الخبيثة بين شيوخ الدروز والجيش الإسرائيلي:
الشيخ لبيب أبو ركن : اشترك الشيخ لبيب أبو ركن مع الموستوطنين اليهود في الإشتباكات ضد الفلسطينيين قبل حرب عام 1948م وأثناءها , وكان من الأعضاء البارزين في شراء أراضي لصالح اليهود , كما بادر بشراء وحدة عسكرية درزية انضمت إلى قوات الهاقانا العسكرية اليهودية , هذا الشيخ من قرية عوسفيا ويبلغ من العمر 74 عام , وكان هذا الخبيث يزود القوات الإسرائيلية بالسلاح والذخيرة مما ساعدها في إختراق الطريق إلى القدس في فترة حرجة بالنسبة لليهود , إضافة إلى أنه كان يقدم معلومات سرية وخطيرة عن تحركات العرب إلى القوات اليهودية الإسرائيلية .(52/247)
الشيخ صالح خنيفس : وهو من قرية شفارعان تلك القرية الدرزية التي عرفت بدورها البارز في خدمة اليهود , بدأ الشيخ صالح خنيفس مثل أي زعيم درزي آخر في العمل على توطيد العلاقات بين الدروز واليهود , ثم راح ينشط من دوره فعمل على تقديم المساعدة والعون للقوات اليهودية عند إقدامها على احتلال قريتي العربة وسخنين الفلسطينيتين في الجليل الغربي , ويعد هذا الشيخ داهية من الدواهي , حيث نجح في إقناع الفلسطينيين البسطاء ببيع أراضيهم دون أن يدركوا وقتها أن هذا كان مخططاً لصالح الكيان اليهودي الإسرائيلي .
الشيخ جبر معدى : حيث ساهم هذا الشيخ الدرزي في تعبئة الدروز في عام 1937م , وفي إقامة الوحدة الدرزية في عام 1948م , وسعى إلى تجنيد الدروز في الجيش الإسرائيلي عام 1956م , ومن أعماله المجيدة في نظر اليهود الإسرائيليين هو ما كان يقوم به هذا الخبيث من إدخال الطعام لليهود المحاصرين في منطقة ( يحيى عام ) , وقد ظل هذا الخبيث في الكنيست الإسرائيلي عضواً لمدة 28 عام , وكان للشيخ جبر معدى علاقة قوية بقوات جيش الإنقاذ العربية والمرابطة في منطقة رامي وترشيحا دون أن تعرف هذه القوات العربية صلة هذا الشيخ بقوات الهاقانا اليهودية الإسرائيلية , مما مكنه أن يعمل في حرية كاملة ويتمكن على الحصول على أخطر المعلومات التي ساعدت اليهود الإسرائيليين في احتلال الجليل الغربي , حيث ألحقت خسائر فادحة وكبيرة بالقوات العربية هناك .(52/248)
الشيخ مزيد عباس : وينتمي هذا الزعيم الدرزي إلى قرية حات بالجليل , وهو من المتمرسين على التعاون مع اليهود الإسرائيليين منذ أن كان عمره 10 سنوات , فكثيراً ما كان يرسله أبوه قاطعاً الخطوط العسكرية , حاملاً الطعام لليهود المحاصرين في مستوطنة يحيى عام , عمل هذا الشيخ مزيد عباس بالجيش الإسرائيلي 29 عام , حتى وصل إلى رتبة عقيد , شغل مناصب كثيرة , كما عمل لفترة من الزمن مساعداً لرئيس الوزراء الإسرائيلي لشؤون الدروز في فلسطين , وهذا الرجل أحبتي في الله يعرف بشدة حقده على الفلسطينيين المسلمين من أهل السنة والجماعة أسأل الله أن يعامله بعدله .
فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في الشيعة الدروز :
قال رحمه الله تعالى : ( وأما الدروز فأتباع هشتكين الدرزي وكان من موالي الحاكم , أرسلة إلى وادي تيم الله بن ثعلبة , ودعاهم إلى ألوهية الحاكم ويسمونه البارئ العلام , ويحلفون به , وهم من الإسماعيلية القائلين أن محمد بن إسماعيل نسخ شريعة محمد بن عبد الله ... وهم أعظم كفراً من الغالية , يقولون بقدم العالم وإنكار المعاد وإنكار واجبات الإسلام ومحرماته , وهم من القرامطة الباطنية , الذي هم أكفر من اليهود والنصارى ومشركي العرب , وغايتهم أن يكونوا فلاسفة على مذهب أرسطو وأمثاله , أو مجوساً وقولهم مركب من قول الفلاسفة والمجوس ويظهرون التشيع نفاقاً ) أهـ (1) .
__________
(1) مجموع الفتاوى مجلد 35 ص 161 – 162 .(52/249)
وقال أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية : ( كفر هؤلاء – يعني الشيعة الدروز – مما لا يختلف فيه المسلمون بل من شك في كفرهم فهو كافر مثلهم , لا هم بمنزلة أهل الكتاب ولا المشركين , بل هم الكفرة الضالون , فلا يباح أكل طعامهم , وتسبى نسائهم , وتؤخذ أموالهم , فإنهم زنادقة مرتدون لا تقبل توبتهم بل يقتلون أينما ثقفوا , ويلعنون كما وصفوا , ولا يجوز استخدامهم للحراسة وللبوابة والحفاظ , و يقتل علمائهم وصلحائهم لئلا يضلوا غيرهم , ويحرم النوم معهم في بيوتهم ورفقتهم والمشي معهم وتشييع جنائزهم إذا علم موتها , ويحرم على ولاة أمر المسلمين إضاعة ما أمر الله من إقامة الحدود عليهم , والله المستعان ) أهـ .
أماكن انتشار وتواجد الشيعة الدروز :
فيعيش الدروز اليوم في سوريا ولبنان وفلسطين وغالبيتهم العظمى في لبنان وسوريا , ونسبة كبيرة من الموجودين في فلسطين المحتلة قد أخذوا الجنسية الإسرائيلية , بل بعضهم يعمل في الجيش الإسرائيلي , كما توجد لهم رابطة في البرازيل , ورابطة في أستراليا , ونفوذهم في لبنان قوي جداً تحت زعامة وليد جنبلاط , ويمثلهم الحزب الإشتراكي التقدمي اللبناني .
ولهم دور كبير في الحرب اللبنانية السابقة , وعداوتهم للمسلمين من أهل السنة والجماعة , لا تخفى على أحد .
ويبلغ عدد المنتمين للطائفة الدرزية حوالي 250 ألف نسمة موزعين بين سوريا وفيها حوالي 120 ألف درزي موزعين في حوالي 73 قرية , ولبنان وفيه 90 ألف درزي تقريبا , والباقي في فلسطين المحتلة وبعض دول المهجر .(52/250)
كما أن الشيعة الدروز منتشرون في مرتفعات سوريا الجنوبية , التي تسمى بالجولان , كما أن لهم جبل خاصا في لبنان يسمى جبل الدروز , ومن أشهر مدنهم عبية والشويفات وبعقلين والشحار والجرد والعرقوب والباروك , وتسكن مجموعة من مجموعة من الدروز فلسطين المحتلة عند جبل الكرمل وعكا و طبرية وصفد ويقدر عددهم بحوالي 30 ألف شيعي درزي أصبحوا الآن جزءا من المجتمع الإسرائيلي , حيث يحتل بعضهم مراكز هامة في جيش العدو الإسرائيلي , وقد تطوع عدد من أبناءهم في الجيش الإسرائيلي في حرب 1967م , كما كانوا عونا لليهود في حرب 1973م , وأشتركت كتائب كاملة من جنودهم في الغزو الإسرائيلي لدولة لبنان في عام 1982م , ولهؤلاء الدروز أثر في الحياة السياسية في دولة إسرائيل ولهم نائب درزي في حزب الليكود الحاكم .
وفي بلاد المغرب يوجد بالقرب من تلمسان قبيلة تعرف ببني عبس تدين بالعقيدة الدرزية .
الشيعة الزَيْدِية
وحديثنا عن الشيعة الزيدية سيكون بحول الله تحت العناصر التالية :
التعريف بالشيعة الزيدية .
أشهر دعاة وشخصيات الشيعة الزيدية .
فرق الشيعة الزيدية .
أئمة يتحولون من المعتقد الزيدي إلى المنهج السلفي القويم .
عقائد الشيعة الزيدية .
العلاقة بين الشيعة الزيدية والمعتزلة .
أماكن تواجد و انتشار الشيعة الزيدية .
ومن أراد التوسع فعليه بكتاب الإمام زيد لمحمد أبو زهرة , وكتاب تاريخ الفرق الزيدية لدكتورة فضيلة عبد رب الأمير , وكتاب إسلام بلا مذاهب لمصطفى الشكعة , وكتاب تاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبو زهرة , وكتاب سلسلة ماذا تعرف عن للشيخ أحمد الحصين , وكتاب دراسة عن الفرق لأحمد جيلي .
التعريف بالشيعة الزيدية :
تعتبر الشيعة الزيدية على ما فيها من ضلال وانحراف من أقرب فرق الشيعة إلى أهل السنة والجماعة , حيث يتصف مذهبهم بالابتعاد عن الغلو الذي وقعت فيه بقية فرق الشيعة .(52/251)
ونسبتها ترجع إلى زيد بن علي زين العابدين الذي صاغ نظرية شيعية متميزة في السياسة والحكم , وقد جاهد من أجلها وقُتل في سبيلها , وكان يرى صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين .
أشهر دعاة وشخصيات الشيعة الزيدية :
فترجع الشيعة الزيدية إلى زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما المولود في عام 80هـ , الذي قاد ثورة شيعية في العراق ضد الأمويين أيام حكم هشام بن عبد الملك , فقد دفعة أهل الكوفة لهذا الخروج ثم ما لبثوا أن تخلوا عنه وخذلوه عندما علموا أنه لا يتبرأ من الشيخين أبو بكر وعمر ولا يلعنهما رضي الله عنهما , بل يترضى عنهما فاضطر إلى مقابلة جيش الأمويين وما معه سوى 500 فارس , حيث أصيب بسهم في جبهته أدى إلى وفاته في عام 122 هـ رحمة الله عليه .
وقد تنقل زيد بن علي في البلاد الشامية والعراقية باحثا عن العلم أولاً , وعن حق أهل البيت في الإمامة ثانياً , فقد كان تقياً ورعاً عالماً فاضلاً مخلصاً شجاعاً وسيماً مهيباً ملماً بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , كما تلقى الرواية عن أخيه الأكبر محمد الباقر الذي يعد أحد الأئمة الإثنى عشر عند الشيعة الإمامية .
وكذلك أتصل زيد بن علي بواصل بن عطاء رأس المعتزلة في زمانه , وتدارس معه العلوم فتأثر به وبأفكاره التي انتقلت بعد ذلك إلى الفكر والمعتقد الشيعي الزيدي , وإن كان هناك من ينكر وقوع هذا التتلمذ بين زيد وواصل , وهناك من يؤكد وقوع الاتصال ولكنه بدون تأثر في المعتقد , ونحن نقول الله أعلم بالصواب .
أما ابنه يحيى بن زيد , فقد خاض المعارك مع والده لكنه تمكن من الفرار إلى خراسان حيث لاحقته سيوف الأمويين فقُتل هناك في عام 125هـ .(52/252)
خرج بعد ذلك محمد بن عبد الله بن الحسين بن علي المعروف " بالنفس الزكية " بالمدينة فقتله عاملها عيسى بن ماهان , وخرج من بعده أخوه إبراهيم بالبصرة فكان مقتله فيها بأمر من المنصور .
أما أحمد بن عيسى بن زيد حفيد مؤسس الزيدية فقد أقام بالعراق , وأخذ عن تلاميذ الإمام أبو حنيفة رحمة الله عليه فكان مما أثرى هذا المذهب وعمل على تطويره .
كذلك من علماء الزيدية القاسم بن إبراهيم المرسي بن عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما , والذي تشكلت له طائفة زيدية عُرفت باسم القاسمية , ثم جاء من بعده حفيده الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم الذي عُقدت له الإمامة في بلاداليمن فكان ممن حارب الشيعة الإسماعيلية القرامطة فيها , كما تشكلت فرقة زيدية عُرفت باسم الهادوية وقد انتشرت في اليمن والحجاز وما حولها .
كما ظهر للشيعة الزيدية إخواني في الله , في بلاد الديلم وجيلان إمام يدعوا إلى معتقد الشيعة الزيدية هو أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن بن زيد بن عمر بن الحسين بن علي رضي الله عنهما والذي كان يُلقب بالناصر الكبير .
كذلك من أئمتهم إخواني في الله محمد بن إبراهيم بن طباطبا الذي بعث بدعاته إلى الحجاز ومصر واليمن والبصرة .
وكذلك من شخصياتهم البارزة مقاتل بن سليمان , ومحمد بن نصر , وأبو الفضل بن العميد , والصاحب بن عباد وبعض أمراء بني بويه .
وأستطاع الشيعة الزيدية في دولة اليمن استرداد السلطة من الأتراك العثمانيين حين قاد إمامهم يحيى بن منصور بن حميد الدين ثورة ضد الأتراك العثمانيين في عام 1322هـ وأسس دولة شيعية زيدية استمرت حتى عام 1962م , حيث قامت الثورة اليمنية وانتهى بذلك حكم الشيعة الزيود , ولكن لا زالت دولة اليمن هي معقل الشيعة الزيود وفيها مركزهم وثقلهم .
فرق الشيعة الزيدية :(52/253)
فقد جاء من بعد زيد فرق متعددة ألتزم بعضها الآراء التي جاء بها زيد , والبعض الآخر انحرف ومال عن تلك الآراء ويبرز من هذه الجماعات أو الفرق ثلاث فرق هي : الجارودية والسليمانية والصالحية .
الجارودية :
هم أتباع أبي لجارود زياد بن المنذر الكوفي المتوفى عام 150 وقيل 160 هـ , وقد وصف المحدثون أبا الجارود بأنه كذاب وليس بثقة , وأنه كان رافضيا يضع الحديث في مثالب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن أصحاب رسول الله , وقال عنه الإمام بن حجر : رافضي , وكذلك كذبه الإمام يحيى بن معين رحمة الله على أهل الحديث .
وغلت جماعات من الجارودية , فقالت بغيبة الأئمة ونادت برجعتهم , وزعمت طائفة أخرى من الجارودية أن علم ولد الحسن والحسين رضي الله عنهما كعلم النبي صلى الله عليه وسلم , بل ردد بعضهم عبارات شبيه بعبارات الرافضة الإثنى عشرية في هذا الصدد فقالوا : الحلال حلال آل محمد - صلى الله عليه وسلم – والحرام حرامهم , والأحكام أحكامهم , وعندهم جميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم , كله كامل عند صغيرهم وكبيرهم , الصغير منهم والكبير كلهم في العلم سواء لا يفضل الكبير منهم الصغير . أهـ
وهذه العقيدة هي نفس عقيدة الشيعة الإثنى عشرية (1) , حيث أنه جاءت روايات كثيرة في كتب الشيعة الإثنى عشرية من أشهر كتبهم مثل كتاب الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني , وكتاب بحار الأنوار للمجلسي , نفس هذه الروايات تبين أن الحلال ما أحله آل محمد صلى الله عليه وسلم , وأن الحرام ما حرمه آل محمد صلى الله عليه وسلم .
السليمانية :
__________
(1) راجع قسم الشيعة الإثنى عشرية من هذه الموسوعة .(52/254)
أو الجريرية , فهم أتباع سليمان بن جرير , وهم يثبتون إمامة الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما , غير أن سليمان بن جرير هذا ذهب إلى تكفير عثمان بن عفان رضي الله عنه , كما كفر عائشة رضي الله عنها وطلحة والزبير رضي الله عنهم أجمعين ,{ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً } (1) , كما أنه في نفس الوقت رفض آراء ومعتقدات الشيعة الإثنى عشرية في عقيدة التقية والبداء .
الصالحية :
وهم أتباع الحسن بن صالح , وهو كوفي ولد في عام 100 هـ , وتوفي في عام 160هـ , وقد خرج له الإمام البخاري ومسلم في باب الأدب , وقد وثقه الجمهور وقيل أنه ثقة فقيه عابد , لكنه رُمي بالتشيع , وقد ذهبت فرقة الصالحية مذهب ومعتقد السليمانية في الإمامة ولكنهم توقفوا في أمر عثمان بن عفان وفي الحكم عليه بالإيمان أو الكفر – عياذا بالله من هذا الضلال - .
أئمة يتحولون من المعتقد الشيعي الزيدي إلى المنهج السلفي القويم :
قد ظهر ذلك التيار المتفتح على أهل السنة , ويمثل هذا التيار علماء أجلاء , أمثال العلامة بن الوزير , والعلامة الأمير الصنعاني , والعلامة الإمام الشوكاني رحمة الله عليهم .
__________
(1) سورة الفتح آية 18 .(52/255)
أما الإمام بن الوزير : هو محمد بن إبراهيم الذي تتلمذ على علماء الشيعة , والذي أكتسب نظرة واسعة تجاوزت حدود المذهب الشيعي الزيدي , وقد رفض هذا الإمام عصبية المتكلمين في زعمهم أن آيات الصفات وأمثالها من الآيات التي تتناول قضايا العقيدة من الأمور المتشابهة , وفي الوقت ذاته دافع ابن الوزير رحمة الله عليه دفاعا حاراً وقوياً عن المحدثين وأهل الحديث رحمة اله عليهم , كما أنه رجح أقوال أهل السنة ورجال الحديث في مسائل العقيدة على آراء المعتزلة والزيدية , وعموما فإن الإمام ابن الوزير ارتفع في معالجته لمشكلات العقيدة وقضاياها عن المنهج الكلامي الجدلي وعن العصبية المذهبية , ودعى إلى نصر منهج السلف وأهل السنة والجماعة , كما هو واضح في كتابه " إيثار الحق على الخلق " وكتابه " ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان " فرحمة الله عليه وأسأل الله عز وجل أن يغمسه في أنهار الجنة .
الإمام الشهير الأمير الصنعاني : الذي تبحر في مختلف العلوم , وأخذ كابن الزير عن علماء من مختلف الفرق والمذاهب , وقد اهتم هذا الإمام بالفقه والحديث , ورجحهما على علم الكلام , واشتهر بكتابيه , كتاب " سبل السلام " وكتاب " إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد " , وقد كان , رحمة الله عليه, متفتح الفكر على أهل السنة وعلى مذهب السلف على الخصوص , كما تصدى رحمة الله عليه للبدع والخرافات في العقائد , وهاجم أنواع الشرك والضلال في كتابه العظيم " تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد " .(52/256)
أما الإمام الثالث فهو الإمام العلم الحجة الإمام الشوكاني : رحمة الله عليه , الذي بلغت مؤلفاته إلى أكثر من مائة مؤلف في الفقه وأصوله والتفسير والحديث والتاريخ والتراجم , ومن أشهرها كتابه " فتح القدير " في التفسير , وكتاب " نيل الأوطار بشرح منتقى الأخبار " في فقه الحديث , وكتاب " إرشاد الفحول في علم الأصول " و " القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد " و " إرشاد الثقات إلى اتفاق الشرائع على التوحيد والمعاد والنبوات " .
وقد اشتهر الإمام الشوكاني , أحبتي في الله , بآرائه القوية والجريئة في ذم التقليد , والقول ببطلانه , والهجوم على القائلين به , والدعوة إلى وجوب الاجتهاد , ورغم أنه دعى إلى الاهتمام بالعلوم جميعها إلا أنه ذم علم الكلام وحذر من الاشتغال به , وبين ضلال من اتخذوه منهجا لفهم العقيدة وتأسيس الإيمان , ورحمة الله على أبا عبد الله , الإمام مالك حينما قال : " ما أرى لمن دخل في علم الكلام إلا أن يُضرب بالنعال وبالجريد ويُقال له هذا جزاء من ترك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتغل بعلم الكلام " .
كما حارب الإمام الشوكاني البدع والمنكرات في العقائد والعبادات , فنهى عن الاستعانة بصالحي الأموات أو النذر لهم أو اتخاذ قبورهم مساجد وغيرها مما وقع فيه بعض الصوفية من منكرات ومخالفات للشرع , أسأل الله عز وجل , أن يغفر لهؤلاء العلماء ولكل من نصر سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ودعى إلى توحيد الله عز وجل في كل مكان وفي كل زمان .
عقائد الشيعة الزيدية :
تعتقد الشيعة الزيدية بنفس العقائد وبنفس الأصول الخمسة التي هي عند فرقة المعتزلة وهي :
التوحيد : ومعناه نفي صفات الله تعالى .
العدل : ومعناه نفي القدر .
المنزلة بين المنزلتين : ومعناه أن مرتكب الكبيرة ليس بمسلم ولا كافر ولكنه في منزلة بين المنزلتين .(52/257)
إنفاذ الوعيد : ومعناه أن صاحب الكبيرة مخلد في نار جهنم , عياذا بالله , وأهل السنة لا يعتقدون بهذا أبداً , وإنما يقولون إن الذي يأتي بالكبيرة من دون استحلال لها فأمره إلى الله عز وجل فهو تحت مشيئة الله إن شاء عذبه بقدر ذنوبه ثم أدخله الجنة وإن شاء غفر الله له لأصل الإيمان المستقر في قلبه فأدخله الجنة إبتداءاً , وهذا من وسطية أهل السنة أسأل الله أن يثبتنا على عقيدتهم إلى أن نلقاه .
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : وفي هذا يرون وجوب الخروج على الولاة إذا ظلموا وإن لم يأتوا بالكفر الصريح .
كما أن بعض الشيعة الزيدية يعتقدون بعصمة فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها , وبعصمة علي والحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين , ويجيزون الإمامة في كل ولد فاطمة , سواء كانوا من نسل الإمام الحسن أم من نسل الإمام الحسين رضي الله عنهم أجمعين . ويرون أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يشفع لعصاة الأمة , وأن الإنسان لا يدخل الجنة إلا بعمله .
كما يطعنون في الصحابة رضي الله عنهم , حيث يقول الشهرستاني في كتابه " الملل والنحل" : " إن أكثر الزيدية طعنت في الصحابة طعناً طعن الإمامية – أي طعن الشيعة الإمامية - ) أهـ .
ويقول صالح بن مهدي المقبلي , وهو من أكابر علماء اليمن في كتابه " دليل العلم الشامخ " ما لفظه : ( إن الزيدية ليس لهم قاعدة محددة فإنهم أحيانا يطعنون في بعض خيار الصحابة كأبي هريرة وجرير البجلي وأم المؤمنين حبيبة رضي الله عنهم لأنهم رووا ما يخالف هواهم وإذا جاءهم الحديث على ما يوافق هواهم قبلوه من طريق ذلك الصحابي وإن كان أقل فضلا ورتبة ممن طعنوا فيه ) انتهى كلامه رحمة الله عليه .(52/258)
والزيدية في الوقت الحاضر يخالفون أسلافهم فهم أقرب إلى الشيعة الإمامية , حيث يحصرون الإمامة في أولاد فاطمة رضي الله عنها فقط , وقد تحول كثير من الشيعة الزيدية إلى المعتقد الشيعي الإثنى عشري بعد قيام الثورة الإيرانية الخمينية الشيطانية في عام 1979م , وصار هؤلاء دعاة إلى الرفض وذلك بنشر كتبهم والدعاية لهم , وتمجيد هذه الثورة الخمينية الشيطانية .
وصدق نشوان الحميري حين قال : " وليس باليمن من فرق الزيدية غير الجارودية وهم في صنعاء وصعده وما يليها " أهـ كلامه رحمة الله عليه .فهؤلاء أخوة للرافضة ويجتمعون في نهر واحد وهو نهر الباطل .
كما يجوز لدى الشيعة الزيدية وجود أكثر من إمام واحد في وقت واحد في قطرين مختلفين , وتقول الشيعة الزيدية بالإمام المفضول مع وجود الأفضل , إذ لا يُشترط أن يكون الإمام أفضل الناس جميعاً , بل من الممكن أن يكون هناك للمسلمين إمام على جانب من الفضل مع وجود من هو أفضل منه .
كما أن الشيعة الزيدية يميلون إلى الاعتزال فيما يتعلق بذات الله , ومسألة الاختيار في الأعمال , ومرتكب الكبيرة يعتبرونه في منزلة بين المنزلتين تماما كما تقول المعتزلة في هذه المسألة .
وكذلك يخالفون الشيعة الإثنى عشرية في زواج المتعة ويستنكرونه استنكارا شديداً , ويتفقون مع باقي فرق الشيعة في زكاة الخمس , وفي جواز التقية إذا لزم الأمر .(52/259)
وكذلك تختلف الشيعة الزيدية مع أهل السنة في بعض الأعمال التعبدية مثل قولهم " حي على خير العمل " في الأذان على طريقة جميع فرق الشيعة الأخرى , وكذلك فإن صلاة الجنازة لديهم خمس تكبيرات , كما أنهم يرسلون أيديهم في الصلاة ولا يضعونها على صدورهم متفقون مع بقية فرق الشيعة , كما أن الشيعة الزيدية يعدون صلاة التراويح مع الجماعة من البدع , ويرفضون الصلاة خلف الفاجر , ويقولون بوجوب الخروج على الإمام الظالم الجائر ولا تجب طاعته , وهذا رد على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , حينما ذكر صلى الله عليه وسلم أنه يكون أمراء يأخذون من الدنيا ولا يعطون لرعيتهم , فقال أحد الصحابة : ما تأمرنا يا رسول الله , قال : ( اسمعوا وأطيعوا إلى أن تلقوني على الحوض ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم , فالشيعة الزيدية يوجبون الخروج على الإمام الظالم الجائر وإن لم يبلغ الكفر , ولا يتبعونه أبداً , كما أنهم لا يقولون بعصمة الأئمة عن الخطأ , وأنهم لا يُغالون برفع أئمتهم على غرار ما تفعله معظم فرق الشيعة الأخرى .
ولكن بعض المنتسبين للزيدية قرروا العصمة لأربعة فقط من أهل البيت هم فاطمة وعلي والحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين , كما أن الشيعة الزيدية لا يقرون بخروج المهدي المنتظر في آخر الزمان أبداً .
العلاقة بين الشيعة الزيدية والمعتزلة :
فهناك إرتباط وثيق إن لم نقل اتفاق تام بين آراء الزيدية وآراء المعتزلة في مسائل الاعتقاد , وقد أرجع الشهرستاني هذا الارتباط إلى ما زعمه من تلمذة زيد بن علي على يد واصل بن عطاء وأخذه الاعتزال منه , إذ يقول الشهرستاني : " وزيد بن علي لما كان مذهبه هذا المذهب أراد أن يحصل الأصول والفروع حتى يتحلى بالعلم فتتلمذ في الأصول لواصل بن عطاء الغزال الألفق رأس المعتزلة ورئيسهم .... فأقتبس منه الاعتزال وصار أصحابه كلهم معتزلة ) أهـ .
أماكن تواجد و انتشار الشيعة الزيدية :(52/260)
حيث قامت للزيدية دولة أسسها الحسن بن زيد سنة 250هـ في أرض الديلم وطبرستان , كما أن الهادي إلى الحق أقام دولة ثانية في اليمن في القرن الثالث الهجري , وانتشرت الزيدية في سواحل بلاد الخزر وبلاد الديلم وطبرستان وجيلان شرقاً وأمتدت إلى الحجاز ومصر غرباً وتركزت في أرض اليمن .
ويوجد الزيدية في اليمن الشمالي التي تسمى اليوم الجمهورية اليمنية وخاصة في صنعاء والحديدة وجعده , كما أن لهم تواجد بنسبة ضئيلة في مدينة نجران في جنوب المملكة العربية السعودية .
الفصل الرابع :
إسماعيلية العالم
ونتكلم في هذا الباب عن الشيعة الإسماعيلية وحديثنا سيكون بأذن الله تعالى تحت العناصر التالية:-
التعريف بالشيعة الإسماعيلية.
فرق ودعاة الشيعة الإسماعيلية.
أسلوب الدعوة الإسماعيلية.
عقائد الشيعة الإسماعيلية.
عبادات الشيعة الإسماعيلية.
مزارات وأعياد الشيعة الإسماعيلية.
الرسوم والضرائب ومصادر الدخل عند الشيعة الإسماعيلية.
مجازر واغتيالات والثورات الشيعة الإسماعيلية.
أماكن تواجدهم وانتشارهم في العالم.
- ومن أراد التوسع فعليه بكتاب " دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين " للدكتور أحمد جلي , وكتاب " الحركات الباطنية في العالم الإسلامي " لِ محمد الخطيب, وكتاب " الإسماعيلية المعاصرة " لِ محمد الجوير, وكتاب " أثر الحركات الباطنية " لِ يوسف عيد, وكتاب " أصول الإسماعيلية " لِ برنارد لويس, وكتاب " الإسماعيلية " للعلامة إحسان إلهي ظهير رحمة الله عليه.
التعريف بالشيعة الإسماعيلية:(52/261)
الإسماعيلية هي فرقة باطنية انتسبت إلى الإمام إسماعيل أبن جعفر الصادق ظاهرها التشيع لآل البيت وحقيقتها هدم الإسلام, امتدت عبر الزمان حتى وقتنا الحاضر , وقد انشقت الإسماعيلية من الشيعة الأمامية الأثنا عشرية وذلك بعد موت الإمام جعفر في عام 148 للهجرة لأنهم " أي الإسماعيلية " لم يعترفوا بإمامة موسى الكاظم الإمام السابع عند الشيعة الأثنا عشرية, وقاموا بنقل الإمامة إلى إسماعيل أبن جعفر وقد لخص العلماء حال الشيعة الإسماعيلية بقولهم: دعاتهم زنادقة وعوامهم رافضة.
فرق ودعاة الشيعة الإسماعيلية:-
أولاً- فرقة الإسماعيلية القرامطة : كان ظهورهم في البحرين والشام وذلك بعد أن شقوا عصا الطاعة على الإمام الإسماعيلي نفسه ونهبوا أمواله ومتاعه فهرب ذلك الإمام الإسماعيلي من سلمية في سوريا إلى بلاد ما وراء النهر خوفاً من بطشهم, ومن شخصيات الإسماعيلية القرامطة أخواني في الله المدعو عبدالله أبن ميمون القداح الذي ظهر في جنوب فارس في عام 260 للهجرة, والفرج أبن عثمان القاشاني المعروف بِ " ذكرويه " الذي ظهر في العراق وأخذ يدعو للإمام المستور الغائب, وحمدان أبن الأشعث, وأحمد أبن قاسم الذي بطش بقوافل التجار والحجاج من أهل السنة والجماعة, والحسن أبن بهرام المعروف بِ " أبي سعيد الجنابي " الذي ظهر في البحرين والذي يعتبر المؤسس لدولة القرامطة الإسماعيلية. ثم جاء بعده أبنه الخبيث سليمان أبن الحسن أبن بهرام والذي حكم ثلاثين سنة وفي عهده هاجم الكعبة المشرفة وقتل الجم الغفير من حجاج بيت الله تعالى وسرق الحجر الأسود وأبقاه عنده لأكثر من عشرين سنة.(52/262)
- من المبادئ الهامة والخطيرة التي أنطلق منها دعاة الإسماعيلية القرامطة , إخواني في الله , هو إفشاء شيوعية الأموال والفروج بين أتباعهم, وكان أول من فعل ذلك هو حمدان القرمطي عندما فرض على أتباعه الألفة وهي أن يجمعوا أموالهم في موضع واحد وأن يكونوا كلهم فيه سواء لا يخذل أحد من أصحابه على صاحبه , ولما استقام الأمر " أي حمدان " أمر أتباعه بأن يجمعوا النساء في ليلة عينها ويختلطن بالرجال ويتراكبن – عياذاً بالله تعالى- ويؤيد هذا ما أمر به أبو سعيد الجنابي أتباعه في دولة البحرين , وذلك بإقامة ليلة سمها ليلة " الإفاضة " يجتمع خلالها الرجال والنساء وتطفأ الأنوار ويمارسون الجنس دون تمييز بين المحللات والمحرمات – عياذاً بالله تعالى- بل إن المؤمن عند الإسماعيلية القرامطة لا يكمل إيمانه إلا إذا رضي بما يسمونه بِ " التشريق " , وهو أن يدخل الرجل إلى حليلة جاره فيطأها وزوجها حاضر ينظر إليه ثم يخرج فيبصق في وجهه ويصفع قفاه ويقول له " أي الفاعل " يقول للزوج: تصبّر. فإذا صبر عُد كامل الإيمان وسمي من الصابرة, ويذكر المؤرخون أن أبا سعيد الجنابي أدخل امرأته على يحيى المهدي , وأمرها أن لا تمنعه إذا أرادها , بل وصل الأمر بمن جاء بعده أن أباح لأتباعه فعل قوم لوط وأوجب قتل الغلام الذي يمتنع على من يريد الفجور به- عياذاً بالله تعالى-. وقد سنّ كذلك علي أبن الفضل لأتباعه الإسماعيلية القرامطة في اليمن ليلة تسمى بليلة " الإفاضة ", فكان يجمع أتباعه القرامطة من الرجال والنساء في دار واسعة ليلاً , ثم يأمر بإطفاء السرج ويأخذ كل واحد من وقعت يده عليها- عياذاً بالله تعالى-.(52/263)
ثانيا :من الإسماعيلية وهم " الإسماعيلية الفاطمية " : وهي حركة إسماعيلية مرّت بعدة أدوار. دور الستر ويبدأ من موت إسماعيل أبن جعفر في عام 143 للهجرة إلى ظهور عبيدالله المهدي, وقد أختلف في أسماء أئمة هذه الفترة وذلك بسبب السرية التي انتهجوها, ثم يأتي بعد ذلك دور الظهور والذي بدء بظهور عبيدالله المهدي الذي كان مقيماً في سلمية بسوريا ثم هرب إلى شمال أفريقيا وأعتمد على أنصاره هناك من الكتاميين, حيث أسس عبيد الله هذا أول دولة إسماعيلية فاطمية بإفريقيا في تونس واستولى على رقادة في عام 297 للهجرة وتتابع بعده الفاطميون وهم :
المنصور بالله (أبو طاهر إسماعيل ) .
المعز لدين الله (أبو تميم معد) : وفي عهده فتحت مصر سنة 361ه وانتقل إليها المعز في رمضان سنة 361هـ .
العزيز بالله (أبو منصور نزار ) .
الحاكم بأمر الله (أبو علي المنصور ) .
الظاهر (أبو الحسن علي) .
المستنصر بالله (أبو تميم ) .
واستمرت الإسماعيلية الفاطمية تحكم دولة مصر والحجاز واليمن حتى زوال دولتهم على يد البطل المجاهد صلاح الدين الأيوبي.
الفرقة الثالثة من الفرق الإسماعيلية وهم الإسماعيلية الحشاشون : وهم إسماعيلية نزارية انتشروا في الشام وبلاد فارس من أبرز شخصياتهم الحسن أبن صلاح وهو فارسي الأصل , وكان يدين بدين الولاء للإمام المستنصر أستولى على قلعة ألمج وأسس الدولة الإسماعيلية النزارية , وهم الذين عرفوا بعد ذلك بالحشاشين وذلك لإفراطهم في تدخين سيجارة الحشيش!. كذلك من أبرز شخصيات الإسماعيلية الحشاشين إخواني في الله المدعو كيا بزرك علي , ومحمد أبن كيا بزرك , والحسن الثاني أبن محمد , ومحمد الثاني أبن الحسن والحسن الثالث أبن محمد الثاني ومحمد الثالث أبن الحسن الثالث وركن الدين خورشاه إلى أن انتهت دولة الحشاشين وسقطت قلاعهم أمام جيش هولاكو المغولي الذي قتل ركن الدين فتفرقوا في البلاد وما يزال لهم أتباع إلى الآن.(52/264)
الفرقة الرابعة من الإسماعيلية وهم الإسماعيلية البُهره : وهم إسماعيلية الهند واليمن, الذين تركوا السياسة وعملوا بالتجارة وأختلط بهم الهندوس الذين أسلموا والبُهره لفظة هندية قديمة معناها " التاج " انقسمت البُهره إلى فرقتين:
البُهره الدائودية وهي نسبة إلى قطب شاه داوود وينتشرون في الهند وباكستان منذ القرن العاشر الهجري وداعيتهم يقيم في مدينة " بومبي " في الهند .
هم البُهره السليمانية نسبة إلى سليمان أبن حسن وهؤلاء مركزهم في دولة اليمن حتى الآن.
أما عن زعيم الإسماعيلية البُهره الحالي إخواني في الله فهو الدكتور محمد أبن برهان الدين الذي يقدسونه , ويسجدون له ويقبلون قدميه وله الكلمة الأولى والأخيرة , ويعيش اليوم كعيشة الملوك ورؤساء الدول , ويعد من أغنى أغنياء العالم وطائفته تعيش في بؤس وحرمان وفقر.
ويعامل هذا المجرم أتباعه كما يعامل السيد عبيده, فما أن يبلغ أي فرد من أفراد الطائفة الرابعة عشر من عمره حتى يصبح خادماً مطيعاً لهذا الداعي , وقد وقعت حادثة منذ وقت قريب تبين لنا كيف يتعامل شيوخ الإسماعيلية البُهره مع أتباعهم بقسوة , بالغة وكيف أن حقوقهم المشروعة مهضومة ففي عام 1977 للميلاد توفيت إمرأة إسماعيلية عمرها 65 عام تدعى " سودا رابي" في مدينة قمن أذر بولاية قوقارت , فلم يسمح الإمام الإسماعيلي لأقاربها بدفنها, وذلك لأن زوجها أكبر علي سليمان والبالغ من العمر 73 عام قد عصى الإمام في بعض الأمور الطائفية , وبعد تدخل أعضاء في البرلمان المركزي في دلهي وافق ذلك الإمام الإسماعيلي على دفن الجثة بعد تعفنها بشرط ألا يحضر الجنازة كل من زوجها وأولادها أو أي فرد من أقارب المتوفاة , وعلى أن تدفن دون أن تقام عليها صلاة الجنازة, وأن تدفن من غير كفن ولم يستطع أي فرد أن يحتج أو يعارض أو يجادل في هذا الشأن.(52/265)
وقد قام زعيم الإسماعيلية البُهره بزيارة بعض دول الخليج وقابل العديد من المحبين والأتباع وأقيمت له الاحتفالات من قبل جماعة البُهره المنتشرين بدول الخليج , وقام بإلقاء المحاضرات والندوات على جماعته ومن ثم قام بجمع الأموال الطائلة من جماعة البُهره ووزع عليهم البركات والمغفرة كما يعتقدون!.
كما قام هذا الإسماعيلي محمد برهان الدين بإهداء مقصورة من الفضة الخالصة منقوشة بآيات قرآنية من الذهب الخالص , إلى الضريح المنسوب للسيدة زينب بنت علي رضي الله عنهما في مصر وقد أعفيت هذه المقصورة من أي رسوم جمركية وجاءت المقصورة إلى ميدان السيدة زينب بالقاهرة محمله على ثلاث عربات.
الفرقة الخامسة من الإسماعيلية وهم الإسماعيلية الأغخانية : ظهرت هذه الفرقة أحبابي في الله في إيران في الثلث الأول من القرن التاسع عشر الميلادي ومن أشهر شخصياتهم حسن علي شاه وهو الأغاخان الأول, ثم جاء بعده آغا علي شاه وهو الأغاخان الثاني ثم يليه أبنه الحسيني وهو الأغخن الثالث الذي كان يعيش في أوروبا منهمكاً في ملاذ الدنيا, ثم جاء بعده كريم خان وهو الأغاخان الرابع وما يزال حتى الآن على رأس هذه الطائفة وقد درس في إحدى الجامعات الأمريكية.
أسلوب الدعوة الإسماعيلية :
ذلك أن دعاة الإسماعيلية ابتدعوا حيلاً و وسائل خبيثة لاصطياد الكثير من العوام وإدخالهم في عقيدتهم الفاسدة , ومن ذلك أن يتدرج الداعي الإسماعيلي مع الضحية المراد دعوتها فيمر معه بعدة مراحل:-(52/266)
المرحلة الأولى وهي مرحلة التفرس : ومعناها أن يكون الداعي فطناً ذكياً يميز بين من يمكن استدراجه ومن لا يمكن استدراجه من العامة. قادراً على تأويل النصوص والإيهام بأن لها باطناً لا يعرفه كل أحد. كما يكون قادراً على أن يقدم لكل واحد ما يتفق مع مزاجه وميله ومذهبه ومعتقده, ولهذا قال أهل العلم إن الإسماعيلية يهودًٌ مع اليهود ومجوسٌ مع المجوس ونصارى مع النصارى وسنة مع أهل السنة.
ثم تأتي المرحلة الثانية وهي مرحلة التأنيس : وهي مأخوذة من الأنس والطمأنينة, وفيها يجتهد الداعي الإسماعيلي إلى زرع الطمأنينة في نفسية الضحية وذلك بالتقرب إليه , متظاهراً له بالتنسق والتعبد والمواهب الرقيقة.
ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي مرحلة التشكيك : حيث يجتهد الداعي الإسماعيلي بالتشكيك بعقيدة الضحية , وذلك بالأسئلة المشككة في مقررات الشمع وغوامض المسائل ومتشابه الآيات وأسرار الأرقام , في مثل قوله تعالى:" خلق سبع سماوات ", وقوله تعالى:" ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ", وقوله تعالى:" عليها تسعة عشر ", وغيرها من الأمور الغامضة عند العامة فيبدأ الشك يقع في قلب الضحية المراد إخراجها من الدين وهذه المرحلة من أخطر المراحل عند الشيعة الإسماعيلية.(52/267)
ثم بعد ذلك تأتي المرحلة الرابعة وهي مرحلة التعليق : حيث يوهم الداعي الإسماعيلي من يريد إدخاله من العوام في المعتقد الإسماعيلي بأنه يملك الإجابة لهذه الأسئلة الغامضة , ولكن لا يمكن البوح بها لكل أحد ولا في كل حين , بل لا بد من أخذ العهود والمواثيق على من يريد معرفة هذه الأسرار , فيكون هذا العامي المسكين المغرر به معلقاً. وعندها تأتي مرحلة الربط : وهو أن يربط لسانه بأيمانٍ مغلظة وعهودٍ مؤكدة حتى لا يفشي أو يبوح بما يذكره الداعي الإسماعيلي له. وبعدها تأتي مرحلة التدليس : وهو التدرج في بث الأسرار والعقائد الباطنية الإسماعيلية إلى الضحية بعد أن ربطه بالأيمان والعهود المؤكدة, إذ يعطي قواعد المذهب شيئاً فشيئاً ويوهمه أن لهذا المذهب أتباعاً كثيرون لكنه لا يعرفهم.
وأخيراً تأتي مرحلة الخلع والسلخ : ويقصد بها خلع المستجيب, أي خلع الضحية من عقائد دينه وأركانه وسلخه منها نهائياً والدخول في المعتقد الإسماعيلي الباطني الخبيث وهذا ما يسمى عند الإسماعيلية بالبلاغ الأكبر.
والإسماعيلية الآغخانية إخواني في الله يبذلون نشاطاً واسعاً وملموساً في منطقة الهونزا في شمال باكستان, حيث أخذوا بنشر دعوتهم عن طريق إنشاء المدارس والمراكز الطبية والإنفاق عليها , فلقد أصبح الآن في كل قرية من قرى منطقة الهونزا مدرسة ابتدائية وفي منطقة الهونزا ثلاث مدارس ثانوية أما المراكز الطبية فلقد أصبح في كل مجموعة من القرى مركز طبي إذ بلغ عدد هذه المراكز خمسة وهي خاضعة لإشراف مؤسسات الطائفة الإسماعيلية الأغخانية.
كذلك لهم نشاط دعوي واسع يقومون به أحياناً تحت ستار النشاط الاقتصادي, حيث أن وزارة الزراعة الباكستانية قامت في عام 88 وما قبله بتوزيع الأسمدة على المزارعين, ولكن في عام 89 يعني بعده بسنة قام إمام الطائفة الأغخانية بشراء جميع الأسمدة واحتكارها ومنعها عن المزارعين كي يعتمدوا عليه ويخضعوا لمطالبه الخبيثة.(52/268)
كذلك فإن طائفة الإسماعيلية البُهره لها نشاط واسع في ميادين العلم والثقافة والتنظيم, حيث زار إمامهم طاهر سيف الدين القاهرة في عام 1937 للميلاد وهو أول زعيم للإسماعيلية يفد إلى مصر بعد خروجه منها قبل ثمانية قرون , حيث قدم سلطان البُهرى صورة فوتوغرافية من نسخة كتاب " عيون الأخبار لـ إدريس عماد الدين " إلى جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية المصرية العربية في ذلك الوقت. كما قدمت الحكومة المصرية إلى السلطان الإسماعيلي قطعاً ثمينة من المنسوجات الأثرية من عصر الإسماعيليين المحفوظة بدار الآثار المصرية. وتتألف هذه الهدية الثمينة من تسع وثلاثين قطعة أثرية وكل منها محفوظ في غلاف من الزجاج في المقر الرئيسي لسلطان الإسماعيلية في مدينة بومبي في دولة الهند.
كما قام هذا السلطان بعدة رحلات إلى مراكز الطائفة في الهند وخارجها لتنظيم شئون الدعوة , وتم تحت زعامته بناء أكثر من 350 مسجداً ونحو 300 مدرسة خاصة لأتباعه ومن المعاهد العلمية الكبيرة الخاصة لهذه الفرقة هي الجامعة السيفية الأكاديمية العربية بمدينة سورت بولاية كوجرات بالهند, وتعتبر الجامعة السيفية مركز التعليم للمذهب الإسماعيلي في العالم اليوم حيث يفد إليها الطلاب من أبناء الطائفة الإسماعيلية من جميع البلاد العربية والأفريقية والأوربية.(52/269)
وإن من المحزن المبكي إخواني في الله أن هذا الإمام الإسماعيلي البُهره محمد برهان الدين قد منحته جامعة الأزهر المصرية درجة الدكتوراة الفخرية , وذلك في عام 1966 للميلاد تكريماً له ولوالده ولطائفة الإسماعيلية البُهره وتقديراً لخدمات الطائفة في مختلف الميادين التعليمية والثقافية , وكان هذا الداعي المطلق قد قام بزيارة للقاهرة في عام 1966م , وذلك لمشاهدة المقصورة الفضية التي أهداها والده إلى مقام الحسين في القاهرة, وقد طلب هذا الإمام الإسماعيلي من الحكومة المصرية أثناء زيارته ثلاث مطالب حصل على واحد منها ومنع واحد وأُجِل الطلب الثالث, فالذي حصل عليه هو الموافقة على تجديد بناء جامع الحاكم بأمر الله الفاضل حيث سمحت له الحكومة المصرية بذلك, وأما المطلب الثاني فكان يتعلق بنظام إدارة الجامع فامتنعت الحكومة المصرية؛ إلا أن يكون الجامع تحت إدارتها وهذا بالنسبة للقانون, أما الواقع العملي فهو تحت إمرة الإسماعيلية البُهره كما هو مشاهد الآن, حيث يوجدون منتشرين حول الجامع ولقد قاموا ببعض الإصلاحات في قبة الإمام الحسين والسيدة زينب, وأما المطلب الثالث فيتعلق بإنشاء إدارة تعليمية على نهج الجامع الأزهر في هذا الجامع , لكن الحكومة المصرية قد أجلت هذا الطلب ووعدت بالنظر فيه. ومما هو ملاحظ إقبال الطلاب البُهره والتحاقهم بجامعة الأزهر.
عقائد الشيعة الإسماعيلية :(52/270)
حيث تعتقد الشيعة الإسماعيلية بضرورة وجود إمام معصوم , منصوص عليه من نسل محمد أبن إسماعيل , ويصفون هذا الإمام بصفات ترفعه إلى مقام الألوهية -عياذاً بالله تعالى-, كما يخصونه بعلم الباطن ويدفعون له خمس ما يكسبون من أرزاقهم, ويقولون بتناسخ الأرواح والإمام عندهم وارث الأنبياء جميعاً ووارث كل من سبقه من الأئمة, كما أن الشيعة الإسماعيلية ينكرون صفات الله , أو يكادون بأن الله في نظرهم فوق متناول العقل , فهو لا موجود ولا غير موجود ولا عالم ولا جاهل ولا قادر ولا عاجز, كذلك في الإسماعيلية لا يقيمون الصلاة في مساجد عامة المسلمين , وظاهرهم في العقيدة يشبه عقائد المسلمين؛ ولكن باطنهم شيء آخر فهم يصلون ولكن صلاتهم للإمام الإسماعيلي المعصوم. كما أنهم يذهبون إلى مكة للحج كبقية المسلمين, لكنهم يقولون إن الكعبة هي رمز للإمام المعصوم.
وتعتقد الشيعة الإسماعيلية أن الله لم يخلق العالم خلقاً مباشراً -عياذاً بالله تعالى-, بل كان ذلك عن طريق العقل الكلي الذي هو محل لجميع الصفات الإلهية , ويسمونه بالحجاب, وقد حل العقل الكلي هذا في الإنسان وهو النبي والأئمة المستورين من بعده.(52/271)
كذلك الإسماعيلية يعظمون أئمتهم تعظيماً بلغ بهم أن رفعوهم إلى مقام الربوبية, فيقولون إن الأئمة بشر كسائر الناس في الظاهر , فهم يأكلون , مثلاً , وينامون ويموتون؛ ولكنهم في تأويلاتهم الباطنية يقولون إن الأئمة هم وجه الله ويد الله وجنب الله وأنهم هم الذين يحاسبون الناس يوم القيامة, بل ويقسمونهم بين الجنة والنار, وأنهم هم الصراط المستقيم والذكر الحكيم والقرآن الكريم... قال تعالى:{أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ {36} أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ {37}} (1) , وهذا تماما هو الذي ذكرناه أحبابي في الله في درس ومحاضرة الشيعة الأثنا عشرية, حيث تتفق الأثنا عشرية والإسماعيلية بهذا الغلو لأئمتهم. كما تعتقد الشيعة الإسماعيلية أن محمد أبن إسماعيل حيّ لم يمت وأنه في بلاد الروم , وأنه قائم المهدي الذي سيبعث برسالة جديدة ينسخ بها شريعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم, وكذلك هم يتبرءون من الشيخين أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ويصفوهما بصفات قبيحة كإبليس وفرعون وهامان والطاغوت وهُبل.
__________
(1) سورة الطور(52/272)
أما الإسماعيلية البُهره فإنهم يقدمون حجهم بيوم أو يومين عن سائر المسلمين فيروي أحد الحجاج الإسماعيلية البُهره قوله في أداء مناسك الحج حيث يقول: إنا وصلنا عرفات قبل الناس يعني في سنة من سنين الحج يذكر حال الإسماعيلية البُهره وقد كان منهم ذلك الإسماعيلي الذي يروي القصة فيقول: إنّا وصلنا عرفات قبل الناس كما وصل إليها إسماعيلية اليمن وقد أدى جميعنا مراسم الحج قبل الناس بيومين وحين تجمهرنا في عرفات تحت قيادة عالم إسماعيلي يمني, أحاط بنا جمع من أهل السنة وسألونا عن ماذا نفعل قبل الوقفة!؟ فأجبناهم بقراء أدعية مأثورة فانصرفوا " أي أهل السنة ", فانصرفوا بعد سماع هذا الجواب الساذج ثم انصرفنا إلى مزدلفة وقضينا فيها ليلتنا جوار طريق الطائف الذي يسلكه الحجاج القادمون من هذه المدينة. وكل ما سألنا الجمع السني القادم إلى عرفة عن سبب انصرافنا عنها أجبناهم: بأنا قادمون من الطائف وسننزل مكة ثم نقدم منها إلى عرفة وهكذا قضينا تلك الليلة ثم عدنا إلى عرفة وصرنا شركاء لعامة الحجيج..انتهى كلامه من كتاب " سلك الجواهر ".
كذلك فإن الإسماعيلية البُهره يقومون بإحياء كل ما يتعلق بالفاطميين من القبور ومساجد فهم يدفعون أموال طائلة لتشييد هذه القبور والمساجد , ومن أعمالهم السوداء أنهم قاموا بإصلاح ضريح كربلاء والنجف والضريح الفضي لمشهد الحسين والسيدة زينب في القاهرة. كما عملوا قبة من الذهب فوق ضريح الحسين المزعوم في القاهرة, فالإسماعيلية البُهره إخواني في الله كاليهود لا يسمحون بأحد باعتناق مذهبهم ما لم يولد من أصل بُهري ويعتقدون أن أئمتهم ينحدرون من سلالة الإمام علي أبن أبي طالب رضي الله عنه , وهم معصومون من الخطأ .(52/273)
وكذلك فإن الإسماعيلية البُهره يحترمون القرآن ظاهرياً ولكنهم يفسرونه تفسيراً باطنياً شيطانياً , وقبلة البُهره في صلاتهم هو قبر الداعي الحادي والخمسين طاهر الدين المدفون في مدينة بومباي في الهند, ويطلقون عليه أسم الروضة الطاهرة. والصلاة عند الإسماعيلية البُهره تجب عليهم في العشرة أيام الأولى من شهر محرم فقط وفي غيرها لا تجب!. كما أنهم لا يصلون إلا في مكان خاص بهم يسمى الجامع خانه , وإذا لم يذهب الشخص البُهري منهم إلى هذا الجامع خانه في العشرة أيام الأولى من محرم فإنه يطرد من الطائفة ويفرض عليه الحرمان من جميع الفرقة الإسماعيلية.
وهذا بيان أحبابي في الله من الإسماعيلية الأغخانية وهم يبينون عقيدتهم بقلم عاشق حسين, وهو رئيس لجنة الشئون الدينية الفيدرالية لسمو الأمير كريم أغاخان رئيس الإسماعيلية الأغخانية في العالم نص البيان:-
( لجنة الشئون الدينية الفيدرالية لسمو الأمير أغخان ببكستان نيو جماعة خانة شارع بر تو كراتشي ثلاثة, تعليمات مذهب الأغاخانية الإسماعيلية. مولانا شاه كريم الحسيني الإمام الحاضر الموجود أرحمنا وأغفر لنا, أعني يا علي المؤمنين الحقيقيين , نبيّن نحن الأغاخانيين بأننا ننتمي إلى الجماعة الإسماعيلية التي تبلغ المعلومات الدينية إلى عامة الناس تعليماتنا الدينية التي نلتقي تحت إشراف العالم مكي, ومن ثم نتعبد حسب تلك التعليمات في الأمكنة الخاصة ونسميها " جماعة خانه " وتفاصيل تلك التعليمات كالآتي:-
تحيتنا قولنا يا علي مدد " أي أعنا يا علي " وجوابها قولنا: مولانا علي مدد " أي أعنا يا مولانا علي ", شهادتنا هي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله وأشهد أن علياً الله (1) .
__________
(1) * قال تعالى:" الذي جعل مع الله إلهاً آخر فألقياه في العذاب الشديد ".(52/274)
لسنا بحاجة إلى الوضوء لأن الوضوء هي طهارة القلب فقط , ولا يفسد صومنا بالأكل والشرب, وصومنا يحتوي على ثلاث ساعات فقط ونفطر في الساعة العاشرة صباحاً , وذلك تطوعاً لكن طوال السنة نصوم يوم الجمعة الذي يكون بداية الشهر, ويفرض علينا دفع أثنى عشر ونصف في المائة روبية من مجموع أموالنا بدلاً من الزكاة . أما الحج فهو رؤية إمامنا الحاضر نجد بيننا قرأناً ناطقاً وهو إمامنا الحاضر؛ بينما المسلمون عندهم كتاب فقط . عالمنا مكي يمحو عنا ويزيل المعاصي المرتكبة في طول اليوم , وذلك بصب الماء علينا , فيقول بصب الماء علينا (1) والذي يستطيع الذهاب إلى المكان المحدد للعبادة فعليه أن يستغفر ذنوبه بالذهاب إلى العالم يوم الجمعة فقط وهذا تماما مثل الغفران عند رجال الكنيسة, ثم يقول هذا البيان: وذلك بصب الماء عليه وشربه ويسمى هذا الماء " كهت بات " (2).
إن إمامنا الحاضر يعلمنا كلمة أسم أعظم وثمنها 75 روبية ونتعبد بها في آخر الليل وندفع 500 روبية لعفو عبادة خمس سنوات و 1200 روبية لعبادة 12 عام و 5000 روبية لعبادة حياة كاملة , وندفع تلك الأجرة في جماعة خانه, ونتشرف بنور إمامنا الحاضر بعد دفع 7000 روبية وندفع 25 ألف روبية في جماعة خانه حتى نتقي من عذاب الآخرة, والصدقات عندنا تسمى " ناندي " فالأطعمة الطيبة والملابس الثمينة تصدق إلى جماعة خانه , وبعد بيعها يجمع ثمنها في جماعة خانه.
__________
(1) لا حظ مثل عقائد النصارى إخواني في الله, النصرانية وسوف نتكلم عن هذا بإذن الله تعالى إذا تكلمنا في درس النصرانية عن قضية التغطيس والتعميق هؤلاء عندهم مثل قضايا النصارى تماما .
(2) قال تعالى : " واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون * ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا يملكون موتاً ولا حياةً ولا نشوراً "(52/275)
ونوضح هنا بأن مذهبنا قائم منذ قرون ولم ينقده أحد إلى يومنا هذا, فإذا كان مذهبنا خاطئاً لأنتهى منه من الأرض والآن لو أطلع المسلمون وعلمائهم على بطلان مذهبنا واعترضوا عليه كان عليهم أن يتصلوا بلجنة الشئون الدينية الفيدرالية لسمو الأمير أغاخان ويطلبوا منها الإيضاح في هذا الصدد لكنهم لم يفعلوا ذلك , وهذا دليل على خوفهم من علمائنا ومن إمامنا الحاضر. ومنذ قرون لم ينقد أحد مذهبنا فكيف تجرأ المسلمون الآن أن ينقدوه ويثبتوا أبطاله؟ علماً بأن في كل دور من الأدوار كنا نحصل على الدعم المادي من قبل الحكومة والسلطة وحمايتها وذلك دليل قاطع على أن مذهبنا حق وصحيح فأثبتوا أيها المؤمنون على دينكم الصحيح ولا عجب أن يفتتن المسلمون بمثل هذه الفتن والمصائب وندعوا أن نتشرف بنور إمامنا الحاضر ورؤيته. آمين.
وفي الآخر نقول: يا شاه كريم حسيني أنت الإمام الحاضر الموجود, اللهم لك سجودي وطاعتي. عاشق حسين رئيس لجنة الشئون الدينية الفيدرالية لسمو الأمير أغاخان في دولة باكستان.
عبادات الشيعة الإسماعيلية :(52/276)
فطائفة الإسماعيلية البُهرة مثلاً, تتخذ لنفسها أماكن خاصة للعبادة يطلقون عليها أسم " الجامع خانه " ذلك أنهم لا يقبلون لأنفسهم ولا يرضون بإقامة الصلوات في مساجد عامة المسلمين وتمشياً مع تعليم وتوجيهات أئمتهم ودعاتهم فيلزمهم الحصول على إذن مسبق, من الإمام أو الداعي المطلق متى ما أرادوا ممارسة عباداتهم وشعائرهم الدينية. وللبُهرة هؤلاء طقوس خاصة ولباس خاص بهم يتميزون به عن غيرهم , فمثلاً يرتدي الواحد منهم قميصاً وسروالاً وطاقيةً مزركشة باللونين الذهبي والأصفر, والصلاة عندهم ثلاث مرات في اليوم فقط وقبلتهم في الصلاة هو قبر إمامهم طاهر سيف الدين. كما أن للإسماعيلية البُهرة إخواني في الله عادات وطقوس هندوسية في حفلات الزواج , فهم يستعملون معجون الكركم على جسم العريس في تلك الأيام ويقومون بتقاليد وثنية في استقبال العريس , وذلك بإيقاد السُرج وفرش طريق العريس بالنقود المالية الثمينة, وإذا مات يقومون بإقامة الولائم في اليوم الثالث والتاسع والأربعين, وبعد ثمان سنة ولا يقام أي فرح من الأفراح خلال أربعين يوماً حداداً على الميت. كما أنهم يتشاءمون بمرور الجنازة من أمامهم ويستعملون التمائم والتعاويذ خوفاً من إصابات العين , ولا يبدءون أي عمل إلا بعد استشارة العرافين والمنجمين , وكذلك عند البدء في السفر , وهكذا حال الطلاب إذا أرادوا الدخول في الاختبارات فهم يقومون بأخذ نفثات شيطانية من قبل أحد دعاتهم.. قال تعالى: { لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } (1).
مزارات وأعياد الشيعة الإسماعيلية :
__________
(1) سورة الرعد 14 .(52/277)
فلقد كان الغلو متأصلاً في فكر أسلافهم وساقه هؤلاء عبر التاريخ إلى المعاصرين منهم فاتخذوا قبور أئمتهم ودعاتهم مزارات يسألونهم الشفاعة من دون الله تعالى. قال تعالى : {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {4} وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ {5} وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ {6}} (1).
فالإسماعيلية الآغاخانية الموجودة في أنحاء العراق يوجد لهم حسينيات يلجئون إليها, منها حسينيات في بغداد تأسست عام 1890م , في " محلة باب السيفي " , وفي البصرة حسينية تأسست في عام 1849 للميلاد, وفي كربلاء حسينية تأسست في عام 1895 م , وفي النجف حسينية تأسست في عام 1896 م , ولقد قامت جمعية " فيضي حسيني " بإقامة هذه الحسينيات ويوجد لهم مزارات في غرب الهند في " أحمد أباد " حيث يوجد قبر داعي الدعاة " داوود أبن عجب شاه ", وقبر " داوود أبن قطب شاه " وهم بجوار بعض.
ومن الإسماعيلية الآغاخانية جماعة يطلق عليها " الهونزا " وهي موجودة في شمال باكستان ويبلغ أعدادهم ما يقارب 30,000 يحتفلون بعيد ميلاد الآغاخان ويحتفلون بذكرى زيارته للهونزا و لـ " بالقيت ", وهذان العيدان من جملة الأعياد التي يعتقدونها ويحتفلون بها, إذ أن أعياد جماعة الهونزا الرسمية هي ثمانية أعياد وهي كالتالي:-
* عيد الفطر , وعيد الأضحى والذي يسمونه " بعيد البقر ", وهم لا يهتمون بهذين العيدين كاهتمامهم بأعيادهم الأخرى المقدسة.
__________
(1) سورة الأحقاف .(52/278)
ومن أعيادهم المعظمة, عيد الغدير , وعيد النيروز, وعيد يوم الأمام " وهو ذكرى تولي الإمام علي رضي الله عنه الخلافة ", ثم عيد ميلاد الإمام آغاخان , وعيد الذكرى السنوية للزيارة الأولى التي قام بها الإمام أغاخان الهونزا وبلقيت, وذلك في 20 أكتوبر في عام 1960 م.
الرسوم والضرائب ومصادر الدخل عند الشيعة الإسماعيلية :
لقد غمس أئمة الشيعة الإسماعيلية المعاصرين , وخاصة الآغاخانية منهم في الملذات الدنيوية والمادية. فلقد أشتهر آغاخان بجنون العظمة والشهرة حيث يذكر عنه أنه كان من عظماء رواد المسرح ومحيي الأوبرا ورقص الباليه, وكان شغوفاً بتربية الجياد وسباق الخيل, وكان كثير التجوال في البلاد الأوربية وحضور حفلات أصدقائه الملوك والأمراء والنبلاء الذي غال في حبهم وتتجلى مغالاته تلك في قصة غرامه مع إحدى راقصات الأوبرا باليه مونتكارلو والتي كانت تدعى " تيريزا مادليانو ", وقد تم زواجه منها حسب الشريعة الإسلامية , كما يعتقدون , وهذه المرأة الراقصة هي التي أنجبت له الأمير علي خان.
أما الجانب المادي الذي أنغمس به أئمتهم فيتضح لنا من خلال إقامة الإحتفالات بوزن إمامهم الآغاخان مرات عديدة بالذهب ومرات بالبلاتين ومرات بالألماس, ففي عام 1937 م وزن الزعيم الآغاخاني بالذهب الخالص في بومباي, وفي السنة نفسها وزن بالذهب في نيروبي, وفي عام 1946 م وزن بالألماس في بومباي, وفي السنة نفسها وزن بالألماس في دار السلام, وفي عام 1954 م وزن بالبلاتين في مدينة كراتشي الباكستانية .
طبعاً مردود هذه الأحتفالات أخواني في الله قد أستغلها الآغاخان لنفسه ولـ أفراد عائلته وذلك في بناية القصور الفخمة في أنحاء البلاد الأوربية , وأستغلها كذلك في اللهو والمرح في جميع أنحاء العالم حيث يعتبر هو وأفراد عائلته من أثرى أثرياء العالم.(52/279)
أما المدعو محمد برهان الدين والذي يرأس طائفة الإسماعيلية البُهرة فإنه يُعتبر بل يعتبر نفسه المالك لك ممتلكات الطائفة البُهرية سواء كانت مادية أو معنوية, حيث فرض على أتباعه عشرة نفوس إجبارية منها الزكاة , والصلة , والفطرة , ونذر المقام , وحق النفس , والخُمس , والنذر , والتزوير , وكل ذلك يستغله لمصالحه الشخصية ومصالح أفراد عائلته وأعوانه المقربين فقط , حيث بلغ دخله السنوي من جرّاء ذلك حوالي 120 مليون روبية هندية , ويتقاضى كل فرد من أفراد عائلته وعددهم 188 فرداً 8 آلاف روبية شهرية , بالإضافة إلى السيارات والمساكن الحديثة المكيفة والمجهزة بأحدث التجهيزات والأثاث , إضافة إلى تجارة الذهب الذي يهربونه من أفريقيا ومن سيلان , هو وأفراد عائلته , حيث استطاعوا تهريب ملايين المجوهرات والأحجار الكريمة , كما قد أشترى عدة فنادق من هذه الضرائب التي يفرضها على أفراد طائفته المغرر بهم , وأخرها شراء مشروع المياه الغازية وهي ما تسمى بشركة الكوكا كولا في مدينة بومباي بالهند.
كذلك من الضرائب التي فرضها إمام الإسماعيلية البُهرة محمد برهان الدين على أتباعه ضريبة على الأم عندما تحمل بالجنين , وضريبة أخرى في حالة موته قبل ولادته , وضريبة بعد ولادته , وضريبة بعد ما ينمو الطفل, كما أن هناك ضريبة على جثة الميت يدفعها أهله لزعيم الطائفة البُهرية ليصدر بموجبها صك الغفران حيث يُعلق أخواني في الله, يُعلق هذا الصك على صدر الميت ليدفن معه حتى يدخل الجنة وكلما زادت قيمة الصك ارتفعت درجات الميت في الجنة.(52/280)
كما أن مكتب زعيم الطائفة البُهرية الخاص يصدر تذاكر لصلاة العيد , ويجب على كل فرد من أفراد الطائفة البُهرية أن يشتري هذه التذكرة , طبعاً تختلف قيمتها في الصف الأول عن قيمتها في الصف الأخير, فالتذكرة في الصف الأول خلف زعيم البُهرة الدكتور محمد برهان الدين تكلف 1000 روبية , و 800 روبية في الصف الثاني , و 600 روبية في الصف الثالث وكلما أبتعد عن الزعيم كلما خف الحمل عن جيبه, وفي الصف الأخير يتراوح ثمن التذكرة ما بين 5 بيزات إلى 100 روبية!.
كما أن جثة الميت منهم لا تدفن إلا بعد أن يدفع أقارب الميت ضريبة مقابل ذلك بمكتب الداعي الخاص , وبعدها يصدر الزعيم صك الغفران كما يعتقدون ويسمونه بـ " روكي شيتي " ويدفن مع الميت في قبره , وهذه الصكوك ثلاثة أنواع.
طبعاً للبُهرة أخواني في الله مراكز في دول الخليج يتم فيها الأحتفالات بكافة المناسبات وفي كل دولة من دول الخليج ممثل بُهري يمثل الداعي الدكتور محمد برهان الدين وهو زعيمهم الأوحد ويجعلون في كل بلد من البلدان التي يعيش فيها جماعة وجالية من الإسماعيلية البُهرة رجل من رجال دينهم وبشرط أن يكون متخرج من الجامعة السيفية الخاصة بهم ويطلقون عليه لقب " عامل " وذلك ليقوم بجمع الخمس من كل فرد من أفراد الطائفة سنوياً ولو تأخر عن الدفع ذلك البُهري المسكين فإنه يطرد من الطائفة ويفرض عليه الحرمان من قبل أفراد الطائفة.(52/281)
هذه رسالة إخواني في الله من أحد الهنود الإسماعيلية البُهرة الذين يشتغلون في دولة الكويت , وهو يطلب الحماية من طائفته التي تفرض الضرائب عليهم , وهذا نص الرسالة المترجم من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية وقد أثبتها الشيخ أحمد الحصين في كتابه " القيم والنفيس " سلسلة " ماذا تعرف عن؟ ". تقول هذه الرسالة: ( الكويت بلد طيب لكن في الكويت توجد حكومة من الملالي البُهرة الهنود ومكانهم في الحسينية في منطقة العارضية وهم يأتون إلى الكويت بدافع المال , ويتقاضى زعيمهم دينارين عن كل شخص والمبلغ المتحصل وهو يتراوح بين 70 ألف و 100 ألف دينار كويتي يُرسل بحوالة مالية بريدية إلى الهند , ويستفيد بهذا المبلغ أقربائهم في الهند ولهؤلاء طقوسهم وحفلاتهم الخاصة في الكويت ورئيسهم الملا يقطن في منطقة الدسمة بالقرب من الجمعية التعاونية ويدفع إيجاراً قدره 750 ديناراً في الشهر يمكنك التحقق من الأمر وإبلاغ الشرطة, شكرا. انتهى نص الرسالة.
مجازر واغتيالات والثورات الشيعة الإسماعيلية :
وهذه فقرة تؤثر في نفوس المؤمنين , ألا وهي مجازر واغتيالات وثورات الشيعة الإسماعيلية.
ومنها :(52/282)
المحاولة الأولى لنبش وسرقة جسد الرسول صلى الله عليه وسلم على أيدي الشيعة الإسماعيلية لعنهم الله , ففي خلافة الحاكم بأمر الله الفاطمي , والذي عرف باضطراب عقله وزندقته حيث أمر قائد الحملة التي وجهها إلى المدينة المنورة , بأن ينبش قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ويحمل جثمانه الطاهر الشريف إلى دولته , لتصبح بذلك محطة أنظار المسلمين ولترتفع مكانة الفاطميين الشيعة بين المسلمين , عندها دخل القائد الفاطمي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأرتاع الناس وأستفضعوا الأمر ونصحوه بعدم التعرض لمثوى رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولكن القائد الفاطمي الإسماعيلي الخبيث أصرّ على تنفيذ أمر خليفته, وأدخل بعض رجاله ليلاً إلى الحرم النبوي وجاءوا إلى الحجرة الشريفة لينبشوا القبر وعندها هبّت ريح عاصفة شديدة أظلم لها الجوّ وكادت تقتلع البناء من أصله فخافوا وتوقفوا عن فعلتهم النكراء الشنيعة وخرجوا من المسجد النبوي الشريف مذعورين خائفين عليهم لعنة الله.
المحاولة الثانية لنبش وسرقة جسد الرسول صلى الله عليه وسلم على أيدي الشيعة الإسماعيلية لعنهم الله. وذلك أن الخليفة الفاطمي الحاقد والذي حكم ما بين 524 إلى 544 للهجرة حاول هذا الخبيث الفاطمي أن ينقل جثمان الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مدينة القاهرة , فبعث 40 رجلاً من الأشداء وتوجهوا إلى المدينة وأقاموا بها مدة وحفروا سرداباً من مكان بعيد , لكن الله عزّ وجلّ عصم جسد الخليل الحبيب صلى الله عليه وسلم من أيدي هؤلاء الكفرة الزنادقة , وذلك حيث أنهار عليهم السرداب فهلكوا عن بكرة أبيهم إلى جهنم وبئس المصير.(52/283)
سلخ وقتل الإمام أبو بكر النابلسي رحمة الله عليه. حيث أحضر ذلك الإمام وذلك الزاهد العابد الناسك أبو بكر النابلسي بين يدي المعز لدين الله الفاطمي . فقال له المعز: بلغني عنك أنك قلت لو أنك معي عشرة أسهم لرميت الروم بتسعة ورميت الفاطميين بسهم. فقال ذلك الإمام: ما قلت هذا!. فقال ذلك الفاطمي: كيف قلت؟. قال قلت: ينبغي أن نرميكم بتسعة ثم نرميهم في العاشر. قال ولماذا؟. قال " أي ذلك الإمام ": لأنكم غيرتم دين الأمة وقتلتم الصالحين وأطفأتم نور الألوهية وادعيتم ما ليس لكم. فأمر ذلك الرافضي الإسماعيلي الخبيث أن يضرب هذا الإمام في اليوم الأول والثاني بالسياط ضرباً شديداً ثم أمر بسلخه في اليوم الثالث!. فجيء بيهودي فجعل يسلخه وذلك الإمام يقرأ القرآن يقرأ كتاب الله. قال ذلك اليهودي الجلاد: رق قلبي عليه, فلما بلغت قلبه طعنته بالسكين فمات. قال تعالى : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ {169} فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {170}} (1). وقد ذكر هذه القصة الإمام أبن كثير في " البداية والنهاية " وأنا أقول أحبابي في الله, أنظر كيف رق ذلك اليهودي ولم يرق له ذلك الشيعي الإسماعيلي الباطني!.
نتكلم الآن أحبابي في الله عن الاغتيالات التي قام بها الإسماعيلية الباطنية في حق الملوك والأمراء والعلماء من أهل السنة والجماعة .
__________
(1) سورة آل عمران .(52/284)
ففي ربيع الأول من عام 485 للهجرة خرج الوزير السلجوقي " نظام الملك " في زيارة لولايات الدولة في بلاد فارس ومعه ولد الخليفة العباسي أبو الفضل جعفر , وبعد انتهاء الوزير من الزيارة وفي أثناء عودته في شهر رمضان إلى بغداد عاصمة الخلافة وفي الطريق تقدم إليه صبي ديلمي من الإسماعيلية الباطنية في صورة مستغيث , فتقدم إلى نظام الملك وضربه بسكين كانت معه فقتله على الفور, فقبض جنود نظام الملك على ذلك الصبي الديلمي و قتلوه فكان الوزير نظام الملك رحمه الله أول ضحية تسقط بيد الإسماعيلية الباطنية في تلك السنة.
ولما كثرت عمليات اغتيال القادة المسلمين من قبل الإسماعيلية الباطنية صار الناس والقادة يلبسون الدروع والملابس الواقية من خناجرهم الغادرة وكانوا شديدي الاحتراز منهم, لكن الإسماعيلية بأساليبهم الغادرة كانوا يتحيلون الفرص المناسبة لتنفيذ عملياتهم حتى تكون ناجحة.
ففي أواخر رمضان من عام 493 هـ , اغتالت الإسماعيلية رئيس شحنة أصبهان الأمير " بلكابك أبن سرمد " وكان هذا الأمير كثير الاحتياط من الإسماعيلية, فلا يفارق لبس الدروع احترازاً منهم , لكنه في تلك الليلة لم يلبس الدرع فأستغل الإسماعيلية الفرصة فهجموا عليه بسكاكينهم الغادرة وقتلوه رحمة الله عليه.
بل لم تقف الإسماعيلية إخواني في الله عند حد سفك دماء قادة وحكام وسلاطين المسلمين حتى امتدت أيديهم الغادرة إلى الفقهاء والوعاظ والعلماء من أهل السنة والجماعة فاغتالوا كل من سوّلت له نفسه بالتحدث عن الإسماعيلية لكشف أفكارها الفاسدة ومعتقداتها الضالة الخبيثة .(52/285)
ففي عام 496 للهجرة قتل رجل من الإسماعيلية الواعظ أبو المظفر أبن الخجندي بالري, وكان أبن المظفر هذا يعظ الناس في الجامع ولما انتهى من درسه ونزل من على كرسيه وثب عليه ذلك الإسماعيلي الخبيث وقتله , ثم قُتِل الإسماعيلي على الفور , وكان أبو المظفر هذا عالماً فاضلاً وفقيهاً شافعياً وكان الوزير نظام الملك يزوره ويعظمه.
كذلك من الوعاظ الذين قتلوا بيد الإسماعيلية الواعظ أبن جعفر المشاط وهو من شيوخ الشافعية , قتل رحمه الله بنفس الطريقة التي قتل بها شيخه الخجندي , فكان رحمه الله يدّرس بالري ويعظ الناس, فلما نزل من على كرسيه أتاه إسماعيلي خبيث فطعنه بسكين وقتله رحمة الله عليه.
ومن القضاة الذين اغتيلوا أيضاً بيد الإسماعيلية أبو العلاء صاعد أبن محمد النيسابوري والذي هجم عليه إسماعيلي وهو بجامع أصبهان فقتله.
كذلك اغتالت الإسماعيلية في شهر صفر من عام 502 قاضي أصبهان عبيد الله أبن علي الخطيبي وكان رحمه الله قد فضح أمر الإسماعيلية وكشف عن كثير من أفكارها الباطلة فأصبح هذا القاضي حذراً من هؤلاء الغدارين, ولكن لا يغني حذر من قدر حيث جاءه رجل من الإسماعيلية قاصداً القاضي الخطيبي في يوم الجمعة فدخل بينه وبين أصحابه, ثم هجم عليه ذلك الإسماعيلي وقتله رحمة الله عليه.
كذلك أخواني في الله من القضاة الذين اغتالتهم الإسماعيلية القاضي صاعد أبن محمد أبن عبدالرحمن أبو العلاء قاضي نيسابور , حيث اغتالوه يوم عيد الفطر في جامع أصبهان حيث وثب عليه رجل إسماعيلي وطعنه بسكين فقتله رحمة الله عليه.(52/286)
وفي عام 495 للهجرة امتدت أيدي الإسماعيلية الخبيثة القذرة , إلى قائد من قادة المسلمين الذين وقفوا في وجه الزحف الصليبي ألا وهو " جناح الدولة- حسين صاحب حمص ", فلقد نزل رحمه الله من القلعة إلى الجامع الكبير ليؤدي صلاة الجمعة وحوله أصحابه , تقدم إليه ثلاثة أشخاص من الإسماعيلية في زيّ الزُهاد وأخذوا يسألونه ويطلبونه فوعدهم خيراً عندها وثبوا عليه بسكاكينهم , فقتلوه وقتلوا معه جماعه من أصحابه, وكان هذا الأمير مجاهداً شجاعاً يباشر الحروب بنفسه رحمة الله عليه.
و من الفقهاء الذين اغتالتهم الإسماعيلية , شيخ الشافعية في بلاد العجم عبد الواحد أبن إسماعيل أبو المحاسن الروياني, حيث قتلوه يوم الجمعة في جامع طبرستان وكان رحمه الله من أئمة الشافعية , رحل إلى الآفاق حتى بلغ ما وراء النهر وحصّل علوماً جمّة وسمع الحديث الكثير وصنّف كتباً في المذهب وكان يقول: لو احترقت كتب الشافعي لأمليتها من حفظي رحمة الله عليه.(52/287)
كانت الإسماعيلية الحاقدة قد تجرأت على قائد عظيم من قادة الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين , ألا وهو القائد البطل المجاهد صلاح الدين الأيوبي , هازم الصليبيين في موقعة حطين الشهيرة والذي عمل جاهداً على توحيد الجبهة الإسلامية في مصر والشام ليقف على أرض ثابتة في جهاده ضد الغزاة المعتدين, فكان جزاء هذا القائد المسلم محاولتين آثمتين من قبل الإسماعيلية الباطنية الحاقدة لاغتياله. المحاولة الأولى كانت في عام 570 هـ , لما كان صلاح الدين الأيوبي محاصراً حلب عندها جاءته مجموعة من الإسماعيلية ليغتالوه فرائهم أحد الأمراء كان عند صلاح الدين, فعرفهم وقال لهم: ما الذي جاء بكم إلى هنا؟ وماذا تريدون؟. عندها هجموا عليه وجرحوه جراحات مسخنه ثم هجم واحد منهم على صلاح الدين الأيوبي ليقتله فقُتِل دونه وقاتل الباقون من الإسماعيلية أصحاب صلاح الدين وحاولوا الوصول إليه لكنهم فشلوا وقُتلوا جميعاً.
أما المحاولة الثانية لـ اغتياله فكانت عندما كان محاصراً لقلعة أعزاز, وكان على عادته رحمة الله عليه يشاهد كل ليلة آلات القتال ويحرض الرجال والمجاهدين على الحق, فحضر في إحدى الليالي إلى خيمة أحد أمرائه والإسماعيلية في زي الجنود وقوف بين يديه " يعني الإسماعيلية متخصصين بزي الجنود والمجاهدين ", وفجأة قفز واحد منهم على صلاح الدين الأيوبي فضربه بسكين في رأسه وجرحه ولولا أن صلاح الدين كان لابساً المقفر تحت القلنسوة لقتله. فأمسك صلاح الدين يد الإسماعيلي بيده ليمنعه من الضرب , لكنه لم يتمكن على منعه بالكلية وبقي الإسماعيلي يضرب ضرباً ضعيفاً عندها تدخل أحد الملاليك فأمسك السكين من الإسماعيلي بيده فجرحه , ثم هجم إسماعيلي ثاني على القائد صلاح الدين في نفس الخيمة فتصدى له الجنود وقتلوه , ثم هجم إسماعيلي ثالث فقتلوه أيضاً , وخرج رابع من الخيمة منهزماً فأدركه العساكر وقتلوه.(52/288)
و لم يسلم الحجاج الآمنين من بطش الإسماعيلية ففي عام 498 للهجرة تجمعت قوافل الحجاج ممن هم وراء النهر وخراسان والهند وغيرها من البلاد فوصلوا إلى منطقة خوار الري , فباغتتهم الإسماعيلية في وقت السحر , فوضعوا في حجاج بيت الله السيف وقتلوهم عن بكرة أبيهم وغنموا أموالهم ودوابهم ولم يتركوا شيئاً إلا أخذوه, وفي عام 522 للهجرة بينما كان حجاج خرسان سائرين في طريقهم إلى بيت الله المقدس إذ طلعت عليهم الإسماعيلية الباطنية فقاتلت الحجاج قتالاً شديداً وصبروا صبراً عظيماً حتى قتل أمير الحجاج فأنخذلوا واستسلموا , وطلبوا الآمان وألقى الحجاج أسلحتهم مستأمنين فأخذهم الإسماعيلية وقتلوهم , ولم يبقوا منهم إلا عدداً يسيراً وقتل فيهم من الأئمة والعلماء والزهاد والصلحاء جمع كثير. قال تعالى: { إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذابٍ أليم * أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ومالهم من ناصرين }. وفي الصباح خرج على القتلى والجرحى شيخ من الإسماعيلية خبيث ينادي ويقول: يا مسلمين ذهبت الملاحدة ومن أراد الماء سقيته , فكان كل من يرفع رأسه أو يتكلم بكلمة يجهز عليه ذلك الشيخ الإسماعيلي الخبيث حتى لم يبقى منهم أحد!. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!.(52/289)
كذلك قد دخلت الإسماعيلية إخواني في الله في مواجهه مع جيوش الخلافة الإسلامية في عدة مواقع وأكثر القتلى والنهب والسلب للمسلمين , وخاصةً في مواسم الحج, حيث كانوا يهاجمون قوافل الحجيج ويفتكون بها وبلغوا ذروة نشاطهم في عام 317 هـ , حيث دخلوا مكة المكرمة تحت إمرة أبي طاهر سليمان أبن أبي سعيد الجنابي - عليه لعنة الله - وقتلوا الحجيج وردموا بجثثهم بئر زمزم فقتل في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقاً كثيراً وجلس أميرهم أبو طاهر لعنه الله على باب الكعبة والحجاج يقتلون حوله بالسيف وتسفك بهم سيوف الباطنية وهو يقول في المسجد الحرام وفي الشهر الحرام يوم التروية الذي هو من أشرف أيام الله عزّ وجلّ حيث يقول ذلك الخبيث:
أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا
وكان الحجاج يفرون من الشيعة الإسماعيلية ويتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك عنهم شيئا , بل يقتلون وهم كذلك ويطوفون ويقتلون في الطواف, بعد ذلك أمر أمير الإسماعيلية أن يدفن القتلى من الحجاج في بئر زمزم ودفن كثير منهم في أماكن من المسجد الحرام , ولم يغسلوا ولم يكفنوا ولم يصلى عليهم من شدة الخوف وهول المصيبة, فإنا لله وإنّا إليه راجعون.(52/290)
كما قام الشيعة الإسماعيلية إخواني في الله بهدم قبة زمزم وقلع باب الكعبة وحاول واحد منهم أن يقلع ميزار الكعبة لكنه سقط على رأسه فمات أسأل الله العظيم أن يغمسه في نار جهنم, ثم قام آخر ليقلع الحجر الأسود من مكانه فجائة وضربه بمثقل في يده وقال وهو يستهزأ بالله تعالى أين الأبابيل وأين الحجارة من سجيل عياذاً بالله تعالى!. يقول الله تعالى : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ {42} مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء {43}} (1). ثم أخذت الإسماعيلية الحجر الأسود ومكث عندهم ما يقارب العشرين سنة.
أماكن تواجدهم وانتشار الإسماعيلية في العالم :
فالبُهرة من الإسماعيلية يتواجدون في دولة الهند , حيث المركز الرئيسي في مدينة بومباي , وتنتشر هذه الطائفة في 500 مدينة وقرية هندية ويقدر عددهم اليوم حوالي 2 مليون نسمة, أما دولة اليمن فيتواجدون في جبل حراز, كما يتواجدون في تنزانيا ومدغشقر وكينيا ويوجد أعداد قليلة منهم في دولة الكويت ودبي والبحرين وعدن.
أما المناطق الرئيسية لطائفة الآغخانية من الإسماعيلية, فيتواجدون في دولة باكستان حيث المركز الرئيسي في مدينة كراتشي , كما يوجدون بكثرة في دولة سوريا في مدينة " سلمية " ويعرفون عند أهل الشام بـ أسم " السمعانيون ", كما يتواجدون في قلعة مصياف وفي القلموس ويوجد عدد منهم في مدينة قم بدولة المجوس إيران , وفي أواسط آسيا يتواجدون في بدخشان وخوقند وقر التكييم, وفي دولة عمان لهم حي خاص بالقرب من مدينة مسقط, كما يوجدون في زنجبار.
الفصل الخامس :
الإسماعيلية المكارمة
__________
(1) سورة إبراهيم .(52/291)
ونتكلم هذا اليوم عن الإسماعيلية الصغرية وهم " الإسماعيلية المكارمة ".
وحديثنا سيكون بأذن الله تعالى تحت العناصر التالية:-
التعريف بالإسماعيلية المكارمة.
الصفات الشخصية لأفراد الإسماعيلية المكارمة.
مراجع وكتب الإسماعيلية المكارمة.
أئمة الإسماعيلية المكارمة المعاصرين.
مراتب الدعوة عند الإسماعيلية المكارمة.
العبادات عن الإسماعيلية المكارمة وعقائدهم.
مصادر دخل الأموال عند الإسماعيلية المكارمة.
عودة بعض الإسماعيلية المكارمة إلى معتقد أهل السنة والجماعة.
الخاتمة, التي نسأل الله حسنها.
التعريف بالإسماعيلية المكارمة :(52/292)
فنقول وبالله التوفيق والسداد, الإسماعيلية المكارمة يعودون إلى حميّر, وحميّر هو حميّر أبن سبأ أبن يشذب أبن يعرب أبن قحطان والذي كان من ملوك اليمن وهو أول من وضع التاج على رأسه , ومن الإسماعيلية المكارمة الحامدي والحمادي والفهد. والفهد من بني صلاح أبن داوود أبن عبدالله أبن عمر أبن علي أبن صليح أبن حسن أبن مكرم, وإلى الفهد هذا ينتسب مكارمة نجران والدعوة الإسماعيلية نسبت إليهم في نجران. فكل إسماعيلي يسمى في نجران مكرمي وإن كان من غيرهم, والإسماعيلية المكارمة وقد تولوا الزعامة الدينية في المذهب الإسماعيلي في اليمن منذ القديم , حيث ورد في أسماء الدعاة في حادث صفر والكتمان بعد انقضاء الدولة الصليحية الكثير من أئمتهم , وأشهرهم عماد الدين إدريس بن الحسن بن عبدالله أبن علي أبن محمد أبن هاشم المكرمي الذي توفي في قرابة القرن الثاني، وقد أشتهر بتعاريفه الكثيرة والتي هي عمدة في المذهب والمعتقد الإسماعيلي ومنها كتاب " زهر المعاني وعيون الأخبار " , واستمرت رئاسة الدعوة في أيديهم إلى أن تولاها المكارمة الهنود ثم بعد ذلك عادت إليهم, والإسماعيلية المكارمة إخواني في الله يعتبرون أنفسهم أعلى رتبه على سائر القبائل " أي القبائل الإسماعيلية الأخرى " ولهذا لا يزوجونهم ولا يتزوجون منهم حفاظاً على مكانتهم , وحتى لا تؤخذ منهم السيادة الدينية. وللشيخ المكرمي السيادة على مشايخ قبائل الإسماعيلية في مدينة نجران , وذلك بحكم مركزه الديني ويعتبر الطعن في هذا الداعي الطعن في القبيلة لذلك تجد مشايخ القبائل يحامون عنه كما يحامون عن أعراضهم.(52/293)
أما عن انتقال رئاسة الدعوة الإسماعيلية المكرمية إلى مدينة نجران , وبعد أن أستلم الداعي الإسماعيلي محمد الدعوة حصل بينه وبين الشيعة الهنود حربٌ هُزم فيها فخرج إلى القنفذة يريد الهرب إلى الهند إلا أن قبيلة يام في نجران دعوه ليكون بينهم فحضر إلى بلاد نجران وسكن بلده بناها وأسماها " الجمعة " وهي الآن خرائط وعند وصول الداعي محمد أبن إسماعيل المكرمي هذا إلى نجران تولى السلطة الدينية أستمرت قرية الجمعة مركزاً للمكرمي حتى سنة 1352 هـ , حيث أنتقل بعد ذلك إلى منطقة تسمى حبونا, وفي عام 1370 للهجرة أنتقل إلى منطقة خشيوه وهي مقرّ الدعوة الإسماعيلية المكرمية في العالم. وأصبحت مدينة نجران في جنوب المملكة العربية السعودية موطن الفرقة الإسماعيلية المكرمية إلى اليوم.(52/294)
أما عن الافتراق الذي وقع في الإسماعيلية المكارمة إخواني في الله في وقتنا الحاضر والذي أدى إلى انقسامهم إلى فرقة " حسينية " وفرقة " محسنية " , كان بسبب أن كل داعييهم " أي الإسماعيلية المكارمة " يوصي عند وفاته بمن يخلفه ومن يأتي بعده , ففي عام 1413هـ كان داعي الإسماعيلية يسمى الكفيل أبن الحسن المكرمي - أي داعي الإسماعيلية المكارمة - كان يسمى هذا الداعي بـ الحسين أبن الحسن المكرمي , ونائبه يدعى محسن أبن علي المكرمي وهو وكيله المسئول عن بيت المال وكان محسن يعظم ويقدس في اعتقاد الأتباع أنه هو الخليفة للحسين , إلا أنه بعد وفاة الحسين وجدوا خلفه ورقة الوصية والتي تنص على أن الخليفة بعد ذلك الإمام رجل يسمى الحسين أبن إسماعيل المكرمي , وقد كان يسكن هذا الرجل مدينة الطائف المعروفة بالقرب من مكة المكرمة, أقول صارت هذه الوصية بمثابة الصاعقة على محسن لأنه بموجب تنفيذها سيفقد سره ومكانته وتعظيمة من قبل الأتباع , والأهم من ذلك كله أنه سيفقد بيت المال الإسماعيلي , فرفض هذه الوصية وأعلن خروجه على الحسين بن إسماعيل ونصّب نفسه داعياً مطلقاً للمكارمة الإسماعيلية, وعندها أنقسم المكارمة إلى قسمين قسم أنساق مع محسن , وقسم أيّد الحسين بن إسماعيل وذهب المؤيدون للحسين إلى مدينة الطائف وبشروه بانتقال الإمامة إليه فأستبشر وجاءوا به إلى مدينة نجران ليستلم منصبه ويستقر في خشيوه , المقر الرئيسي لمذهب الإسماعيلية المكارمة الآن , عند ذلك لجأ محسن إلى استخدام السحر وذلك لصرف الحسين أبن إسماعيل عن هذا المنصب فأثر السحر في نفس الحسين , وترتب من هذا السحر أنه كره خشيوه وأصيب بمرض وعندها استولى محسن على خشيوه وبسط نفوذه على بيت المال, أما الحسين أبن إسماعيل فقد أستقر في منطقة تسمى " دحوه " وأستمر أتباع الحسين أبن إسماعيل في ممارسة الضغوط على محسن حتى شهر ذي القعدة من عام 1416 للهجرة حيث(52/295)
أستطاع الحسين أبن إسماعيل وأتباعه أن يستعيدوا المركز الرئيسي للطائفة الإسماعيلية المكرمية , وكذلك الجامع الكبير وبيت المال الإسماعيلي بعد أن تركها محسن , أقول ولا يزال الخلاف قائماً بينهما إلى هذا اليوم وبذلك تكون الإسماعيلية المكرمية قد افترقت إلى فرقتين فرقة حسينية وفرقة محسنية.
الصفات الشخصية لأفراد الإسماعيلية المكارمة :
أما عن الصفات الشخصية لأفراد الإسماعيلية المكارمة , إخواني في الله , فإنهم يتميزون بعدة أوصاف منها:-
أنهم يلبسون عمامة بيضاء على الرأس أو غترة بيضاء يلوون أطرافها على رؤؤسهم ومنها أنهم يسبلون ثيابهم إلى تحت الكعبين ويرون أن هذا هو السنة, والمتدين منهم معفي لحيته ويحلقها من ناحية الوجنتين, كما أنهم يفضلون مخالفة أهل السنة والجماعة في أغلب الصفات العامة.
مراجع وكتب الإسماعيلية المكارمة :
أما إذا أردنا أن نتكلم عن مراجع وكتب الإسماعيلية المكارمة فـ من هذه الكتب كتاب " الذخيرة في الحقيقة " للداعي علي أبن وليد والذي حققه الإسماعيلي محمد حسن الأعظمي وكتاب " مسائل مجموعة من الحقائق العالية والدقائق والأسرار السامية " والذي جاء في مقدمة هذا الكتاب هذه اللفظة جاء فيها " لا يجوز الإطلاع عليها إلا بأذن من له العقد ", ومن كتبهم أيضاً إخواني في الله كتابيّ " الافتخار والينابيع " للداعي أبو يعقوب أسد الثاني تحقيق الإسماعيلي مصطفى غالب, وكتابيّ " تأويل الدعائم " و " دعائم الإسلام " للنعمان أبن محمد, وكتاب " خمس رسائل إسماعيلية " تحقيق الإسماعيلي عارف ثامر والكتاب الشهير عند الإسماعيلية المكارمة والمسمى بـ " كنز الولد " لـ إبراهيم الحامدي, إضافة إلى كتاب " تاج العقائد ومعدن الفوائد " لـ علي أبن الوليد, وكتاب " أساس التأويل " للقاضي نعمان أبن حيون تحقيق الإسماعيلي عارف ثامر.(52/296)
مراتب الدعوة عند الإسماعيلية المكارمة :
فأول هذه المراتب:-مرتبة الإمام أو داعي الدعاة وهو رأس الدعوة وممثل القيادة العليا عند الإسماعيلية المكارمة.
المرتبة الثانية:- هي مرتبة الحجة أو النائب, وهو نائب الإمام ولديه أسرار الإمام ومستودع أعماله.
المرتبة الثالثة:- مرتبة داعي البلاغ وهو المسئول عن تبليغ الأوامر التي يرسلها داعي الدعاة إلى الأقاليم والبلدان ومسئول عن سريتها وزمان وصولها.
المرتبة الرابعة:- مرتبة الداعي المطلق الذي له كافة الصلاحيات للسفر إلى الأقاليم للدعوة ويلحق به الجناح الأيمن والجناح الأيسر وهما جناحان جزئيان يقدما للداعي المطلق الخدمات أثناء جولاته للدعوة للمذهب الإسماعيلي وخصوصاً المذهب الإسماعيلي المكرمي.
المرتبة الخامسة:- مرتبة الداعي المأذون ومهنته أخذ الميثاق على المستجيدين على الدعوة, أي يأخذ الميثاق والعهود والأيمان المغلظة من أولئك الذين يدخلون إلى معتقد الإسماعيلية المكرمية أو غيرها أو باقي فرق الإسماعيلية كـ البُهرة والآغخانية.
تأتي المرتبة السادسة:- وهي مرتبة الداعي المحصور ويعتبر مسئولاً عن التبليغ في منطقة محصورة معينة ويأخذ الميثاق على المستجيدين في منطقته والداعي المأذون والمحصور هما المفصوحان لهم بالمكاسرة والدعوة للمذهب ومعنى المكاسرة أي " المجادلة ومنافحة باقي الفرق الإسلامية على المذهب الإسماعيلي ", وذلك بعد وصولهم إلى درجة عالية من الفلسفة والجدل وأيضاً يقومان بإمامة الناس في صلاة الجماعة والعيدين والجنازة وجمع الزكاة ودفعها لمن هو أعلى منه وبقيادة جماعة محدودة في موسم الحج لتعليمهم مناسكهم.
المرتبة السابعة:- وهي مرتبة المكالف وهو الجندي الأول لمديري الدعوة ووظيفته التجسس واستنشاق الأخبار المتعلقة بالدعوة.
العبادات عند الإسماعيلية المكارمة :(52/297)
وأول هذه العبادات هي عبادة الوضوء. فوضوء المكارمة شبيه بوضوء أهل السنة إلا أنهم يتلفظون بالنية عند البدء بالوضوء , ولهم عند غسل كل عضو دعاء خاص به حيث جاء في كتاب " صحيفة الصلاة " وهو العمدة عندهم بل لا يخلو بيت إسماعيلي مكرمي من هذا الكتاب وهو كتاب " صحيفة الصلاة ", جاء في الصفحة السابعة ما نصه: ويتمضمض بالماء ثلاث مرات ويقول في كل مرة " اللهم اسقني من كأس محمد نبيك ". انتهى, وهكذا فلكل عضو دعاء مختلف وهنا يرون غسل القدمين عند الوضوء ويرون مسحها فقط موافقين في ذلك جميع فرق الشيعة؛ إلا أن المشاهد الآن عند بعض العامة من المكارمة في مدينة نجران أنهم بدئوا يغسلون أرجلهم وهم كذلك لا يرون المسح على الخفين و الجوربين ولا الصلاة بهما.
ثاني هذه العبادات إخواني في الله الأذان : فأذان الإسماعيلية المكارمة يختلف عن أذان أهل السنة إذ يوجد فيه بعض الزيادات, والأذان عندهم على هذا النحو: يقولون الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر, أشهد أن لا إله إلا الله, أشهد أن لا إله إلا الله, أشهد أن محمداً رسول الله ,أشهد أن محمداً رسول الله , أشهد أن علياً ولي الله , أشهد أن علياً ولي الله , حي على الصلاة حي على الصلاة, حي على الفلاح حي على الفلاح, حي على خير العمل حي على خير العمل, وبهذه الجملة - قولهم على حي على خير العمل يوافقون أذان الشيعة الزيدية فيقولون - حي على خير العمل حي على خير العمل محمدٌ وعلي خير البشر وعترتهما خير العتر محمد وعليٌ خير البشر وعترتهما خير العتر الله أكبر الله أكبر لاإله إلا الله لا إله إلا الله, انتهى أذان الشيعة الإسماعيلية.(52/298)
ثالث هذه العبادات أحبابي في الله هي الصلاة : فصلاة الإسماعيلية المكارمة تشبه نوعاً ما صلاة أهل السنة في الظاهرة أي ظاهراً إلا أنها تختلف في أمورٍ منها:- التلفظ بالنية عند أرادة كل صلاة وبعد أن يكبر الإسماعيلي المكرمي في الصلاة يدعو بهذا الدعاء حيث يقول فيه: " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلماً وما أنا من المشركين, إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين, لا شريك لك وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ثم يقول على نية إبراهيم ودين محمد وولاية علي وأبرئ إليه من أعدائه الظالمين. انتهى - يقصدون طبعاً بالظالمين هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاصةً الخلفاء الثلاثة الراشدين رضي الله عنهم, الذين اغتصبوا بزعمهم الخلافة من علي رضي الله عنه وأرضاه- وهم في صلاتهم سواء كانوا فرادا أو جماعة لا يقولون آمين, لا سراً ولا جهراً ويسبلون أيديهم في الصلاة " أي يرسلونها ولا يضمونها على الصدر " وهم يوافقون بذلك جميع فرق الشيعة ولقد ذكرتهم في مصادرهم.
ولكل واحد من الإسماعيلية المكارمة سجادة يصلي عليها ويلاحظ على صلاتهم السرعة, فهم لا يخشعون في صلاتهم ولا يطمئنون.
ومن عاداتهم الغريبة إخواني في الله, أن أحدهم إذا أراد أن يصلي وضع كل ما معه من محفظة ومفاتيح وأوراق أمامه على طرف السجادة وهذا مشاهد ومعروف عند أهل السنة وبالذات في الحرمين الشريفين أسئل الله أن يشرفهما, فأهل السنة يرون هذا واضحاً جلياً في صلاتهم, وكذلك فهم يجمعون بين صلاة الظهر والعصر جمع تقديم والمغرب والعشاء جمع تقديم دائمأً.
مساجد المكارمة وصلاة الجماعة :(52/299)
فيحرص الإسماعيلية المكارمة على بناء مساجد بجوار مزارعهم, ولكن الغريب في الأمر والملفت للانتباه أن أغلب مساجدهم لا تفرش وإنما يقتصرون على وجود عدد كبير من السجادات الفردية, والصفوف في مساجد المكارمة مقسمة. ففي الجامع الكبير في خشيوه يكون الصف الأول لأصحاب الهجرة ومعنى الهجرة " هم المهاجرة من منطقة حراز في اليمن من المكارمة " ولا يحق لأحد غيرهم أن يقف فيه , ويليهم في الصفوف صف التجار وأهل المناصب ثم عامة الناس. وأما المساجد التي لا يوجد فيها أهل الهجرة فإن التجار والأعيان مقدمون فيها. وأما صلاة الجماعة فإنهم لا يصلون إلا بوجود إمام معين من قبل الداعي المكرمي أو نائبه , وهؤلاء الأئمة معروفون بهيئتهم المميزة والمتمثلة بوجود خاتم فصه أسود على الخنصر في اليد اليمنى وذو لحية محلوقة الوجنتين , وهم لا يصلون مع السنة في مساجدهم أبداً؛ وإن اضطروا كما في الحرمين الشريفين , أسئل الله أن يزيدهما شرفاً وتعظيماً وهيبةً في قلوب الموحدين , أقول إذا صلوا في الحرمين الشريفين فإنهم يصلون بنية الأفراد ويعيدونها. أما صلاة الجمعة فالإسماعيلية المكارمة لا يئودون صلاة الجمعة معللين ذلك بأن صلاة الجمعة لا تقام إلا بوجود إمام عادل تقي , وكأنه لا يوجد فيهم تقي ولا عادل , وهذا طعنٌ صريحٌ في داعيهم وإمامهم الكبير المكرمي , فإما أن يؤدي هذا المكرمي صلاة الجمعة أو يعترف بعدم عدله وتقواه.(52/300)
وهذا أحد الأخوان ممن منّ الله عليه بالهداية منهم وهو يصف لنا كيف كان يصلي ظهر الجمعة معهم فيقول: أتينا إلى المسجد وإذا بالصف الأول التجار, فالناس في المسجد يتكلمون ويتحدثون ثم أقيمت الصلاة في تمام الساعة الواحدة وعشرين دقيقة ظهراً؛ بينما كانت تقام صلاة الجمعة الساعة الثانية عشرة والربع في مساجد أهل السنة فصلوا الظهر أربع ركعات جهراً " أي المكارمة " ثم خطب الإمام خطبة عامية حتى أنه يقرأ القرآن بالعامية وأسمه سيدي محسن, والناس يتحدثون خلال خطبته ثم أنتظر قليلاً في حدود سبع دقائق ثم أقيمت صلاة العصر وكان ذلك في حدود الساعة الثانية وخمسين دقيقة تقريباً ثم انتهينا وصف الجميع للسلام على الإمام وتقبيل يده وركبته , انتهى كلامه.
أما صلوات الإسماعيلية المكارمة في المواسم , فمنها إخواني في الله صلاة ليلة السابع عشر من رجب حيث ورد في كتاب " صحيفة الصلاة الكبرى " والذي تقدسه المكارمة صفحة 313 ما نصه : " إن ليلة السابع عشر من رجب لها فضل عظيم لأن في مصباحها بعث النبي صلى الله عليه وسلم والعالم فيها له أجر عشرين سنة يصلي فيها 22 ركعة يقرأ فيها 22 سورة من قصار مقصر, انتهى."
أما الصلاة على الميت ودفنه, فيتشرف الإسماعيلية المكارمة بصلاة الداعي الإسماعيلي على الميت المكرمي أو من ينيبه , ويقدمون له نظير ذلك مالاً ويزيد المبلغ إذا نزل القبر , ويزيد أكثر إذا أذن في القبر ويزيد إذا حفر اللحد بيده. ومن اعتقاداتهم, انه إذا توفي الميت , قام أقاربه بذبح شاةٍ يسمونها العقيقة ولا يكسرون من عظامها شيء ثم بعد ذلك يقبلون عظامها وفرثها ويعتقدون أن في ذلك الأجر العظيم!.(52/301)
أما في الصيام : فالإسماعيلية المكارمة لا يعتمدون على رؤيا الهلال في دخول شهر رمضان وإنما يعتمدون على جدول الكبيسة كما في كتابهم " صحيفة الصلاة الكبرى " والذي فيه أن أشهر السنة لا تتغير, فشهر تام وشهر ناقص وبهذا يكون رمضان دائماً تام , ولهذا فهم يصومون رمضان 30 يوماً دائماً. ومن الأيام التي تصام عندهم يوم الثامن عشر من ذي الحجة الذي يسمونه بِ " عيد غدير خُم ", والذي تزعم جميع فرق الشيعة أنه اليوم الذي نُصّب فيه علي رضي الله عنه بخليفة الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما الحج فيعتمد المكارمة في الوقوف بعرفة على جدول الكبيسة فهم في الغالب يتقدمون على المسلمين بيوم أو يتأخرون بيوم, وذلك بحسب رؤية الهلال في كل شهر وتفاوت الأيام في ذلك عند أهل السنة. وهذا أحد الإسماعيلية المكارمة وهو يحدثنا عن ذلك بذكاء يحسد عليه! حيث يقول ما نصه: " استمعنا في اليوم الثاني قبل يوم عرفة وهو يأمرنا في عرفات تحت قيادة الداعي المكرمي , وقد أحاط بنا جمع من أهل السنة وسألونا عما نعمل قبل الوقفة!؟ فأجبناهم بقراءة أدعية مأثورة فانصرفوا بعد سماع هذا الجواب الساذج , ثم انصرفنا إلى مزدلفة وقضينا فيها ليلتنا جوار طريق الطائف الذي يسلكه الحجاج القادمون من هذه المدينة, وكلما سألنا الجمع السني القادم إلى عرفة عن سبب انصرافنا عنها!؟ أجبناهم بأنا قادمون من الطائف وسننزل مكة ثم نقدم منها إلى عرفة, وهكذا قضينا تلك الليلة ثم عدنا إلى عرفة وصرنا شركاء لعامة الحجيج. انتهى كلامه من كتاب " سلك الجواهر " صفحة 82.
وكذلك إخواني في الله إذا لم يتمكن الإسماعيلية المكارمة من الوقوف بعرفة بحسب حسابهم فأنهم يقلبون الحج إلى عمرة!.
عقائد المكارمة
وقبل أن ندخل في بيان العقائد يجب التنبه إلى أن كتب الإسماعيلية المكارمة وجميع كتب فرق الإسماعيلية الأخرى تنقسم إلى قسمين:-
كتب الظاهر(52/302)
وكتب الباطن.
أما كتب الظاهر أحبابي في الله فأنها كتب لجميع الناس سواء كان من عوام الإسماعيلية أو من غيرهم. وذلك لكي لا يطلع أحد على حقيقة المذهب وأفكاره وتعلمه. وأما كتب الباطن وكتب العقيدة التي يدينون بها فلا يطلع عليها إلا الخاصة ولا يسمح لغير الخاصة أن يطلعوا عليها وحتى هم أنفسهم لا يمكن أن يسمح لأحد في اقتناء تلك الكتب وقرأتها , إلا بعد أخذ العهود والمواثيق على أن لا يطلع أحد هذه الكتب ولا يخبر بما فيها, وأنظر إلى الداعي الإسماعيلي حسين أبن علي أبن وليد وهو يأخذ العهود والمواثيق من كتاب في مقدمة كتابه والمسمى بِ " المبدأ والمعاد " والذي أرسله إلى أحد خواصه مع تحذيره إياه بأن لا يطلع على هذا الكتاب الباطني سواه , حيث يقول تلميذه في مقدمة هذا الكتاب ما نصه : ( وأنا أخذ عليك وعلى كل من أذنت لك بإيقافه عليه عهد الله المسئول المؤكد وميثاقه المغلظ المشدد , الذي أخذه على ملائكته المقربين , وأنبيائه المرسلين , وأئمة دينه الهادين , وحدوده الراشدين صلوات الله عليهم أجمعين , و إلا فأنت ومن وقف عليه براء منهم أجمعين ألا نسخت منه حرفاً ولا أقل ولا أكثر ولا وقف عليه إلا أنت أو من أذنت له بالوقوف عليه وأنك تعيد إليّ هذه النسخة بعد أن تفرغ من قراءتها, والله على ما نقول وكيل ) انتهى من مقدمة كتاب " المبدأ والمعاد ".(52/303)
أقول إخواني في الله ولا تزال دعاة الإسماعيلية يحاولون كتمان هذه الكتب, ومنهم دعاة الإسماعيلية المكارمة, حيث أنك إذا أتيت إلى الداعي الإسماعيلي المكرمي تسأله عن العقيدة وعن الكتب التي يقرأها تجده وبكل استغفال يمد إليك نسخة من كتاب " صحيفة الصلاة " الذي تحتوي على أحكام فقهية في كيفية الصلاة , إلا أنه بعد إخراج المطابع في كتب الإسماعيلية الباطنية أسقط في أيدي دعاتهم وظهر عوار مذهبهم, لأن من كانت فطرته سليمة يأبى أن يترك نور الكتاب والسنة , ويذهب إلى غياهب ظنان الفلسفة والإلحاد.
عقيدتهم في الله تعالى :
إن الإسماعيلية المكارمة يعتقدون بأن الله لا يوصف بوصف ولا يسمى بِأسم مخالفين بذلك صريح القرآن والسنة, بزعمهم أن ذلك من تنزيه الله تعالى . وأنظر إلى الداعي الإسماعيلي إبراهيم الحامدي وهو يجرد الله من الاسم والصفة, فيقول في كتابه " كنز الولد " صفحة 13 ما نصه " : ( فلا يقال " أي عن الله " عليه حياً ولا قادراً ولا عالماً ولا عاقلاً ولا كاملاً ولا تاماً ولا فاعلاً.. إلى أن قال: ولا يقال عنه ذات, لأن كل ذات حاملة للصفة. انتهى كلامه ) .
أما قولهم في الإمامة :
فالإمامة تدور عندهم حول النقاط التالية:-
* النقطة الأولى أن الإمامة أصل من أصول الإسلام وأساسه ولهذا قالوا بني الإسلام على سبع دعائم: الولاية وهي أولها, والطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد كما جاء ذلك في كتاب " دعائم الإسلام للقاضي النعمان المجلد الأول صفحة 2 ".
* النقطة الثانية التي تدور عليها الإمامة عند الإسماعيلية المكارمة أن الإمام مفروض الطاعة قال المعز: ( أن الله قد فضلنا وشرفنا واختصنا واجتبانا وأفترض طاعتنا على جميع خلقه ) انتهى. من كتاب " المجالس والمسايرات للقاضي النعمان ".(52/304)
* النقطة الثالثة أنهم يعتقدون أنهم لا تخلوا الأرض من إمامٍ أبداً سواءً كان هذا الإمام ظاهراً أو مستوراً قال الداعي حسن أبن نوح ما نصه: ( إن الأرض لا تخلوا طرفة عين من قائم بحق لهداية عباد الله وخلقه إما ظاهراً مشكوراً أو باطناً مستوراً). انتهى, من كتاب " الأزهار " صفحة 189.
* النقطة الرابعة في مسألة الإمامة عندهم هو اعتقادهم أن لا يكون أحد إماماً إلا من أولاد علي وهما: الحسن والحسين رضي الله عنهما, ثم في أولاد الحسين لا في أولاد الحسن, ثم في أولاد إسماعيل لا في أولاد أحدٍ غيره, انتهى من كتاب " دعائم الإسلام ", المجلد الأول صفحة 89 وجاء ذلك أيضاً في كتاب " المصابيح في أثبات الإمامة ", للكرماني صفحة 109.
وكذلك يعتقدون أن كل واحد من أئمتهم معصوم كما جاء في كتاب " المصابيح في أثبات الإمامة " صفحة 96, ويعتقدون كذلك بأن الإمام أفضل ممن سبقه من الأئمة قال النعمان في كتاب " المجالس والمسايرات ما نصه:" لا يأتي إمام إلا أعطاه الله فضل الإمام الذي مضى قبله وعلمه وحكمته) .
ويقول الحامدي في كتابه " كنز الولد " صفحة 99 وهو يعرّض بتكفير الصحابة رضي الله عنهم ما نصه:" فمنهم - أي من أصحاب رسول الله - فمنهم من أقرّ بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم وأصرّ على مخالفة علي وصيه فلم ينفعهم إقرارهم بالرسول, انتهى كلامه ".
عقيدة الإسماعيلية المكارمة في التقية :
فيروون فيها الرواية المشهورة عند جميع فرق الشيعة وهي قول جعفر الصادق كذباً وزوراً ما نصه: " التقية ديني ودين أبائي ", كما جاء ذلك في كتاب " أسرار الرفقاء " صفحة 92, وكذلك جاء في كتاب " المجالس المؤيدية صفحة 403.
وكذلك قالوا عن الأئمة أنهم قالوا أكمتوا سرنا ومن أذاع سرنا فقد جحد حقنا, انتهى.(52/305)
أما عن التأويل الباطني عند الإسماعيلية : فمن الخصائص التي اختصت بها الإسماعيلية بل ويرونها من مفاخرهم هو تمسكهم بالتأويل الباطني مفرقين بين الظاهر والباطن إلى حد أن قالوا:" إن الظاهر هو الشريعة, والباطن هو الحقيقة, وصاحب الشريعة هو الرسول محمد صلوات الله عليه وصاحب الحقيقة هو الوصي علي أبن أبي طالب, انتهى من كتاب " الافتخار " للسجستاني صفحة 71.
وهكذا جعلوا علياً رضي الله عنه شريكاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في نبوته وشريعته وهذه العقيدة إخواني في الله هي نفس عقيدة ولاة الصوفية والتي سوف أفصلها في محاضرة الصوفية بأذن الله تعالى. كذلك فإن الإسماعيلية المكارمة يقولون بأن الرسالة مشتركة بين سبعة نفر, وهو آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد والقائم صلوات الله عليهم , كما جاء ذلك في كتاب " إثبات النبوات " للسجستاني صفحة 131. ويقولون أيضاً أن كل خلفاً يكونون أفضل من كل خلف, فنوح أفضل من آدم وإبراهيم أفضل من نوح إلى أن تهيأ ظهور من هو أفضل من إبراهيم وهو موسى, ثم ظهر من هو أفضل من موسى وهو عيسى إلى أن تهيأ ظهور من هو أفضل من عيسى وهو محمد, إلى أن تهيأ ظهور من هو أفضل من محمد وهو القائم, انتهى. من كتاب " الإيضاح " لأبي فراس صفحة 43, وقريباً من هذا القول جاء في كتاب " كنز الولد " للحامدي صفحة 268.(52/306)
استخدام دعاة المكارمة الإسماعيلية للسحر: أقول أحبابي في الله فهذا مشهورٌ بينهم ومتداول وشائعٌ عنهم, وأما الخلاف الذي وقع بين الداعي محسن والداعي حسين واستخدام كل واحد منهم للسحر إلا شاهدٌ على تفشي هذا الأمر عندهم, بل في كتبهم حثٌ على التوسل بالجن والشياطين. ففي أخص كتب الإسماعيلية المكارمة وهو كتاب " صحيفة الصلاة الكبرى " صفحة 662, والذي لا يخلو بيت إسماعيلي مكرمي من هذا الكتاب يقولون بالحرف الواحد ما نصه " توسل بحق المقري و المغيشم وشمشا وبيشا وهيشا وبريشا كبا كبا كبا ينجلي ينجلي ينجلي ", انتهى. من كتاب " صحيفة الصلاة الكبرى ".
موقفهم من الصحابة :
أما عن سب وشتم الصحابة رضوان الله عليهم, فإن الإسماعيلية يشاركون الرافضة في سب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا سبعة فقط , وهذا الأمر ليس من الأمور السرية في المذهب الإسماعيلي بل هو منتشر حتى بين عامة المكارمة, فتجد السب والشتم لخير الأمة من الصحابة, بل تجد العامي من الإسماعيلية المكارمة إذا غضب وأراد أن يسب أو يشتم يقول " عليك ما على أبي هريرة- أي من العداء -عياذاً بالله تعالى- ", كما يلقبون أهل السنة والجماعة بقوم عائشة أو قوم أبي هريرة.(52/307)
كذلك فإن المكارمة إخواني في الله يعتقدون أن الكواكب فاعلة ومؤثرة بذاتها, وهي التي تتولى تخليق الجنين في بطن أمه- عياذاً بالله تعالى – حيث قال إمامهم الحامدي في كتابه المشتهر لديه والمسمى " كنز الولد " صفحة 142 وما بعدها ما نصه " والمتولي لنقش الصورة – أي صورة الجنين في بطن أمه- عطارد بشراكة الشمس وزحل والقمر, فأول من فعل منه القلب بقوة الشمس ثم الرجلان- أي أرجل الجنين - بقوة زحل ثم الرأس بقوة القمر وعطارد يزيد في كل قوة ويرسم التصوير – يعني يرسم التصوير لهذا الجنين في بطن أمه -,- عياذاً بالله تعالى- والزهرة – أي كوكب الزهرة تتولى التذكير والتأنيث ", انتهى كلامه من كتاب " كنز الولد ".
كما أنهم يعتقدون أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الدين وتعلمه على أيدي البشر, فأخذ من أٌبي أبن كعب الوصايا, وأخذ من زيد أبن عمر الطهارة, وأخذ من عمر بن نفيل الصلاة, وأخذ من زيد أبن أسامة الزكاة, وأخذ من خديجة بنت خويلد الحج وفرائضة, وقد ذكرت هذه العقيدة في كتاب " كنز الولد " لـ إبرهيم الحامدي صفحة 210.(52/308)
كذلك فإن الإسماعيلية المكارمة يعتقدون بأن العقل الأول عندهم محل لجميع الصفات والأسماء الإلهية تماماً كما تعتقد الفلاسفة. والصلاة عندهم تتوجب لهذا المظهر الخارجي وهو العقل الذي يعبدونه ويسمونه بِ " الحجاب ". إذاً العقل عندهم أصبح الإله الحقيقي لأنه لا يمكن وصول الإنسان إلى ذات الله لأنها عليّة عن الصفات, فالعقل الأول عندهم هو الذي يعرف فيعبد ولهذا يسمونه بِ " الحجاب أو المحل ", ويعتقدون بأن العقل الأول هو المقصود بالقلم في سورة القلم وهو الخالق المصور – أعوذ بالله! أعوذ بالله! -, الذي أبدع النفس الكلية, والنفس الكلية عند الإسماعيلية المكارمة هي اللوح المحفوظ وهي ما تسمى عندهم أيضاً بِ " التالي ", ثم بواسطة العقل والنفس السابق " التالي " وجدت جميع الموجدات- عياذاً بالله تعالى- وهذا كله مذكور في رسالة مطالع الشموس ومذكور أيضاً في كتاب " الذخيرة في الحقيقة ", تارةً بالتصريح , وتارةً بالإشارات الخفيّة على طريقة الفلاسفة أهل الزندقة والإلحاد.(52/309)
أقول إخواني في الله إن هذه الخرافات لم يأتي ذكرها في القرآن الكريم ولا قالها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى في كتابه المحكم: { فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } (1). والله سبحانه وتعالى هو المستحق وحده لنعوت الجمال وصفات الكمال والأسماء الحسنى , ومن أعتقد أن صفاته تجلّت في غيره أو أن غيره يستحق شيئاً من أسمائه أو صفاته فهو كافر مشرك بلا ريب , والله سبحانه وتعالى إخواني في الله هو المبدع لكل شيء , وكل شيء مفتقر إليه محتاج إليه, لا حول ولا قوة إلا بالله خالق السماوات والأرض وما فيهن, وهو الذي يدبّر الأمر ويصرّف الأقدار وكل ما سواه عبدٌ تحت قدرته خاضعٌ لعظمته ذليلٌ لجبروته وسلطانه , لا وجود لشيء إلا بإيجاد الله ولا بقاء له إلا بالله ولا نفع فيه إلا ما شاء الله , ولا حكم له إلا تبعاً لحكم الله ولا خير فيه إلا ما يمنحه الله , ولا يستحق غيره إلا النفس والعين والطاقة والحاجة والذل والمسكنة والجهل والضياع , إلا إذا أتاه الله تعالى من فضله, كل الناس ضال إلا من هداه الله , وكلهم جائع إلا من يرزقه الله وكله عاري إلا من يكسوه الله , وكله فقير إلا من يغنيه الله , لا شريك لله تعالى في ذلك كله, لا نبي مرسل ولا ملك مقرّب ولا عقل أول ولا نفس كلية , مع إنها خرافة ولا نبي ولا وصي ولا أحد , ومن أعتقد غير ذلك فهو كافر بالله تعالى مشرك مستحق للخلود في النار , معاند لدين الإسلام مضاد لحقيقة التوحيد مكابر للرسول فيما جاء به من الهدى والنور.
مصادر دخل الأموال عند الإسماعيلية المكارمة :
__________
(1) البقرة 256 .(52/310)
فالأموال التي تصب في بيت المكرمي من كل حدب وصوب هي أهم سبب في بقاء هذا المذهب, وذلك لأنه في تكديسها في يد ذلك الداعي المكرمي يستطيع بها تنفيذ خططه الدعوية وشراء الذمم, ولهذا السبب تجد الداعي المكرمي إخواني في الله يدافع عن مذهبه بكل ما أوتي من قوة هو وحاشيته المستفيدة من بيت المال , لذلك تفنن المكرمي في إيجاد مصادر الدخل لهذا البيت ومنها:
المصدر الأول الخُمس : وهو خُمس ممتلكات المكارمة من رواتب أو عقار أو مدخرات أو تجارة, وهذا مقرر في كتبه ككتاب " الهمة في آداب أتباع الأئمة " للقاضي النعمان كما جاء في صفحة 69 ما يؤيد هذا الأمر, وهو بهذا يوافقون الشيعة الأثنا عشرية في هذا الخُمس.
المصدر الثاني: هو زكاة الأموال : وتقدر بِ 5%, ولكن أتباع المكرمي في نجران اشتكوا من دفع 5% لهذا الداعي و 2,5% للدولة وفقها الله وحماها الله من كل سوء, فأجاز لهم الداعي التخفيف إلى 2,5% على اعتبار أن ما يدفع للدولة حق مقتصر وهذه الزكاة لا يحق للأتباع أن يوزعوها على الفقراء بل لابد أن تسلم إلى يد الداعي المكرمي أو من ينوب عنه ليصرفها بمعرفته.
المصدر الثالث: من مصادر الدخل عند الإسماعيلية المكارمة هو ما يسمى بِ " الصلة " : وهي تمثل الصلة بين الإمام والأتباع ونظراً لغيبة الإمام فإنها تدفع إلى الداعي المطلق المكرمي القائم مقامه, وكلما دفع التابع أكثر كلما زادت الصلة.
المصدر الرابع: من هذه المصادر ما يسمى بالفطرة : وهي زكاة عيد الفطر المعروفة ولكنها عند الإسماعيلية المكارمة لا تدفع من قوت البلد بل تدفع نقداً وتقدر بِ 15 ريال عن كل شخص, ولابد أن تسلم إلى المكرمي أو من ينوبه , ومن فعل خلاف ذلك فعليه أن يدفع فطرة جديدة مع كفارة نقد المخالفة.(52/311)
المصدر الخامس: النذر : وهو النذر المعروف في الشريعة الإسلامية لكنه لا يقبل عند المكارمة إلا نقداً ويسلم بيد الداعي أو من ينوب عنه, وأفضل أوقات دفعة شهر رجب, وشهر رمضان, ويوم غدير خُم الموافق من كل عام.
المصدر السادس: نذر المقام : وهو نذر يتقرب به لأحد القبور مثل قبر الحاكم أبا الخيرات في حراز بدولة اليمن , أو قبر الحسين , أو قبور كربلاء والنجف في العراق. ويسلم النذر ومقداره 500 ريال إلى الداعي المكرمي, والمكارمة يفعلونها سنوياً طلباً البركة من صاحب القبر, ومن الملاحظ أنه بعد حرب الخليج ارتفعت قبور العراق إلى أكثر من 3000 ريال سعودي , ولكن كيف ترسل النذور إلى قبور العراق!؟
أقول إخواني في الله يستخدم هذه الطريقة: وذلك أن يرسل المكرمي فاكس من مدينة نجران إلى دولة الهند بأسماء طالبيّ النذور, فيأمن أحد الهنود لزيارة القبور المنذور لها والدعاء عندها وبهذه الطريقة تصل الأموال من جنوب المملكة العربية السعودية إلى قبور أئمة آل البيت في دولة العراق.
أما المصدر السابع: والأخير من مصادر دخل الأموال هو ما يسمى عندهم بِ " التصميم ", وهو أن يطلب من الداعي أو نائبة كتابة بأسم الله على سجلاتهم التجارية تيمناً وبركة! حيث يجمع من هذا الفعل مبالغ كبيرة لأنه يُفعل كل سنة وعند كل خسارة.
عودة بعض الإسماعيلية المكارمة إلى معتقد أهل السنة والجماعة :(52/312)
فقد كان لطبيعة نجران الجغرافية المغلقة أثراً في انعزالها عن بقية المناطق المجاورة, وإضافة إلى استقلالها في الطباع والعادات, بل في المذهب أيضاً أي المعتقد. فقد تبنّت المعتقد الإسماعيلي منذ أيام الدولة الصليفية المتمثل في قبيلة " يام ", والتي أصبح لها السيادة في المنطقة وكانت قبيلة يام من جميع بطونها على المعتقد الإسماعيلي بقيادة الزعيم الديني المكرمي الذي يرجع أصله إلى حميّر قحطان كما ذكرت ذلك آنفًا, واستمرت هذه القبيلة على هذا المعتقد حتى دعوة ذلك الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد أبن عبدالوهاب رحمه الله, حيث أن قبيلة يام بقيادة الزعيم الديني المكرمي قد هاجموا الدعوة السلفية الإصلاحية في وقعة الحاير والتي سبقها القبض على جماعة من اليامية في منطقة " قبلة " بين القويعية والنفود على يد الإمام الملك الصالح عبدالعزيز أبن محمد أبن سعود رحمه الله تعالى. وكان من ضمن الأسرى الأمير مجحود زعيم آل عرجا , حيث قبض عليه وسجن في الدرعية, وفي أثناء سجنه تأثر بالدعوة الإصلاحية السلفية ودخل في دعوة التوحيد وقد كان قبل ذلك على المعتقد الإسماعيلي المكرمي فقال في ذلك أبيات تبيّن توبته واعتناقه الدعوة السلفية ومنها قوله وهو ينادي الملك عبدالعزيز رحمة الله عليه في ذلك الوقت حيث يقول :
عبدالعزيز أسمع خلاص تعافيت ولا تصدق ناقلين المحاني(1)
يا طول ما ني مشرف كم صليت والحمد لله يوم ربي هداني
__________
(1) ومعنى المحاني : الضغائن والأحقاد.(52/313)
وقد أخرج الأمير مجحود من السجن وأصبح داعية للتوحيد, حيث أرسل معه الملك عبدالعزيز رحمه الله بعض الدعاة من العلماء لدعوة قبيلة يام, ونزل في المنطقة الشمالية في وادي نجران وهي منطقة معروفة بأسم " يدمة " , فهدى الله على يديه ثلاثة من فروع قبيلة يام وهم آل عرجا وآل فهاد وآل رشيد, واستمرت هذه الفروع الثلاثة من فروع قبيلة يام على مذهب و معتقد أهل السنة والجماعة إلى وقتنا الحاضر, وقد تأثر بهم بعض آل فطيح وبعض آل مطلق فدخلوا معهم في مذهب أهل السنة والجماعة, أما بقية بطون يام فلا تزال على المذهب والمعتقد الإسماعيلي؛ إلا بعض الأفراد والمجموعات البسيطة ممن فتح الله على قلبه ونوّر بصيرته برؤية الحق, أسأل الله أن يهديهم وأن ينصر بهم الدين ويعيدهم إلى كتاب الله وسنة رسول الله.
وأنا حقيقةً أقول إخواني في الله هذه القبيلة قد اشتهرت بالشجاعة والشهامة والرجولة والقوة, فتحولهم وانتقالهم إلى معتقد أهل السنة والجماعة نصرٌ عظيم لأهل السنة فـ أسأل الله أن يهديهم وينصر بهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
الخاتمة :(52/314)
وفي الختام إخواني في الله أقول لمن يعتنق هذا المذهب وهذا المعتقد الحذر الحذر والنجاة النجاة, ففروا إلى الله إني لكم منه نذيرٌ مبين وقوّا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين, واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله, ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون. قال تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ {54} وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ {55} أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ {56} أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ {57}} (1) .
__________
(1) سورة الزمر .(52/315)
وقال تعالى : { وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ {38} يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ {39} مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ {40} وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ {41} تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ {42} لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ {43} فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ {44}} (1) .
__________
(1) سورة غافر .(52/316)
واحذروا يا معشر الإسماعيلية المكارمة أن تقولوا ما نحن بتاركين دين آباءنا وأجدادنا وقومنا!. فإن الحق أحق أن يُتبع, وإن آبائكم وأجدادكم وقومكم لن يغنوا عنكم من الله شيئاً يوم القيامة. قال تعالى:" يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ". ولا تكونوا كالذين قالوا لأنبيائهم لما جاءوهم بالحق قال تعالى: { بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ {22} وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ {23} قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ {24}} (1) .
بل قولوا يا معشر المكارمة كما قال المؤمنون: { وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ {83} وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ {84} فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ {85} وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {86}} (2).
__________
(1) سورة الزخرف .
(2) سورة المائدة .(52/317)
فيا أهل نجران ممن يدين بدين الإسماعيلية لستم على دين الإسلام , لا والله لستم على دين الإسلام , فأسلموا تسلموا ودينوا بدين الحق تغنموا وأدخلوا في دين النبيين والمرسلين من آدم إلى محمد عليهم السلام , دين التوحيد الحق وعبادة الله وحده وأتباع رسله ظاهراً وباطناً تدخلوا الجنة بسلام, واطلبوا هذا الدين في القرآن والسنة التي يرويها أهل السنة وعلمائهم مشهورون وفي الجزيرة العربية معروفون , فاقصدوهم وأسالوهم واهتدوا بالهدى والنور , والله تعالى يهديكم إلى صراطه المستقيم ودينه القويم , لا إله إلا الله العظيم الحليم , لا إله إلا الله رب العرش العظيم, لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم, حسبي الله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون, هذا وإلى لقاء قادم بإذن الله تعالى مع فرقِ وديانات جديدة, وصلى الله على نبينا وحبيبنا وخليلنا وقدوتنا محمد أبن عبدالله وعلى آله وصحبة وسلم والحمد لله رب العالمين.
الفهرس
المقدمة .................................................................................
الباب الأول : الشيعة الإمامية الإثني عشرية :
الفصل الأول : عقائدهم ...........................................................
التعريف بالشيعة الإمامية. ................................
أشهر شخصيات ومؤلفات الشيعة. .......................
عقيدة الشيعة الإمامية في توحيد الربوبية. ................
عقيدة الشيعة الإمامية في توحيد الألوهية. ...............
عقيدة الشيعة الإمامية في توحيد الأسماء والصفات. .......
عقيدة الشيعة الإمامية في الصحابة رضوان الله عليهم. .....
عقيدة الشيعة الإمامية في الغيبة. .........................
عقيدة الشيعة الإمامية في الرجعة. ........................(52/318)
عقيدة الشيعة الإمامية السرية في الطينة. ....................
عقيدة الشيعة الإمامية في التُقية. ......................
عقيدة الشيعة الإمامية في نكاح المتعة. ..................
أعياد الشيعة الإمامية . .............................
الفصل الثاني : عقيدتهم في القرآن . ............................................
علماء الشيعة المتقدمين وإجماعهم على تحريف القرآن الكريم . ..........................................................
علماء الشيعة المتأخرين وقولهم بتحريف القرآن الكريم . ...
أسماء علماء الشيعة الذين قالوا بتحريف القرآن من المتقدمين ومن المتأخرين . ........................................
كبار علماء الشيعة الذين شهدوا أن محدث الشيعة الأول , محمد بن يعقوب الكليني , كان يعتقد بتحريف القرآن الكريم . ....
كبار علماء الشيعة الذين يقولون إن الروايات التي تطعن في القرآن الكريم هي روايات متواترة ومستفيضة . ..................
أنواع التحريف المزعوم في القرآن الكريم عند الشيعة الإمامية . ...........................................................
إجابة عن السؤال الذي يقول : أين القرآن الصحيح في إعتقاد الشيعة الإمامية . ..................................................
إجابة عن السؤال الذي يقول : لماذا يقرأ الشيعة هذا القرآن الموجود بين أهل السنة مع نقصه وتحريفه عندهم . ............
أمثلة لتفسيرهم المنحرف لكتاب الله تعالى . ..............
الفصل الثالث : جرائمهم . ...................................
الفصل الرابع : حكم علماء الإسلام وفتاواهم في الشيعة الإمامية الإثنى عشرية . ...........................................
الفصل الخامس : العلاقة بين الشيعة الإمامية واليهود عقدياً وعسكرياً ......
دور اليهودي عبدالله بن سبأ في تأسيس المعتقد الشيعي . ....(52/319)
تشابه الشيعة واليهود في تكفير غيرهم واستباحة دمائهم وأموالهم .
تشابه الشيعة واليهود في تحريف كتب الله تعالى . ............
تشابه الشيعة واليهود في الوصية بالإمامة . ..................
تشابه الشيعة واليهود في المسيح والمهدي المنتظرين .......
تشابه الشيعة واليهود في غلوهم بأئمتهم وحاخاماتهم . ......
تشابه الشيعة واليهود في قدحهم في الأنبياء والصحابة . ....
تشابه الشيعة واليهود في تقديسهم لأنفسهم . .................
عن التعاون الشيعي الإسرائيلي في مجال التسلح العسكري ....
الفصل السادس :أحوال إخواننا أهل السنة في إيران .
تحول دولة إيران من السنة إلى الشيعة........................
أماكن تواجد أهل السنة في إيران..............................
أهل السنة قبل الثورة الإيرانية وبعد الثورة الإيرانية.........
محاولات الشيعية الإيرانية للقضاء على أهل السنة في إيران...
الوضع الاقتصادي لأهل السنة في إيران.........................
الوضع السياسي لأهل السنة في إيران. .........................
السياسة التعليمية التي تنتهجها إيران مع أهل السنة. .........
المخطط الإيراني لتزويج الشيعيات الإيرانيات من أبناء السنة.
المخططات لتغيير خارطة أهل السنة في إيران.................
حالة علماء أهل السنة في إيران. ..............................
سجون الآيات والمعممين. .....................................
هدم أكبر مسجد لأهل السنة على يد الشيعة...................
مقترحات تخدم إخواننا وأحبابنا أهل السنة في إيران. ......
الفصل السابع : مخططات الشيعة الإمامية السرية .........................
الباب الثاني : بقية فرق الشيعة :
الفصل الأول : الشيعة النصيرية ........................................
التعريف بالشيعة النصيرية .............................
الشيعة النصيرية والتكتم على عقيدتهم ................(52/320)
طوائف الشيعة النصيرية . .............................
أشهر شخصيات ودعاة الشيعة النصيرية . ............
مراسيم وطقوس الدخول في العقيدة النصيرية. .......
عقيدة الشيعة النصيرية . ............................
أعياد الشيعة النصيرية ..............................
أماكن انتشار الشيعة النصيرية .......................
المجازر التي قام بها الشيعة النصيرية في حق أهل السنة والجماعة
الفصل الثاني : الشيعة الدروز .....................................
التعريف بالشيعة الدروز ..............................
أشهر شخصيات ودعاة الشيعة الدروز ..............
أقسام المجتمع الدرزي ...............................
كتب الشيعة الدروز ...................................
طقوس وعبادة الشيعة الدروز .......................
عقائد الشيعة الدروز ..................................
العلاقة الوثيقة بين الشيعة الدروز وبين يهود إسرائيل ...
فتوى شيخ الإسلام بن تيمية في الشيعة الدروز .........
أماكن إنتشار وتواجد الشيعة الدروز ................
الفصل الثالث : الشيعة الزيدية ......................................
التعريف بالشيعة الزيدية ............................
أشهر دعاة وشخصيات الشيعة الزيدية .............
فرق الشيعة الزيدية ..................................
أئمة يتحولون من المعتقد الزيدي إلى المنهج السلفي القويم ....
عقائد الشيعة الزيدية ................................
العلاقة بين الشيعة الزيدية والمعتزلة ...................
أماكن تواجد و انتشار الشيعة الزيدية ..............
الفصل الرابع : الشيعة الإسماعيلية في العالم ........................
التعريف بالشيعة الإسماعيلية...........................
فرق ودعاة الشيعة الإسماعيلية........................
أسلوب الدعوة الإسماعيلية.............................(52/321)
عقائد الشيعة الإسماعيلية...............................
عبادات الشيعة الإسماعيلية.............................
مزارات وأعياد الشيعة الإسماعيلية.....................
الرسوم والضرائب ومصادر الدخل عند الشيعة الإسماعيلية....
مجازر واغتيالات والثورات الشيعة الإسماعيلية.......
أماكن تواجدهم وانتشارهم في العالم...................
الفصل الخامس : الشيعة الإسماعيلية في السعودية ( المكارمة ) ......
التعريف بالإسماعيلية المكارمة......................
الصفات الشخصية لأفراد الإسماعيلية المكارمة.....
مراجع وكتب الإسماعيلية المكارمة.................
أئمة الإسماعيلية المكارمة المعاصرين............
مراتب الدعوة عند الإسماعيلية المكارمة..........
العبادات عن الإسماعيلية المكارمة وعقائدهم.....
مصادر دخل الأموال عند الإسماعيلية المكارمة....
عودة بعض الإسماعيلية المكارمة إلى معتقد أهل السنة والجماعة..................................................
الفهرس .................................................(52/322)
موقف
الشيعة الإمامية
من
باقي فرق المسلمين
دراسة جادّة ومن منظور جديد لبيان مدى إمكانية تحقق الوحدة الإسلامية والتقارب الأخَوي بين أهل السنة والشيعة الإمامية في ضوء معتقد الإمامية وحكمهم على من يخالفهم في مسألة الإمامة والولاية ابتداءً من حكمهم على الصحابة وانتهاءً بحكمهم على أهل السنة بجميع فرقهم ومذاهبهم
بقلم
عبد الملك بن عبد الرحمن الشافعي(53/1)
الإهداء
إلى أهل السنة في مشارق الأرض ومغاربها ... أهدي هذه الدراسة لعلها تزيدهم يقظةً واعتزازاً بعقيدتهم وبسلفهم الذين قدَّموا الدماء والأرواح رخيصةً في سبيل إسلامهم، خصوصاً في زمنٍ تداعت وتكالبت عليهم الأُمَمُ فيه مُذَكِّراً إياهم بقول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ* هَاأَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ* إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }
(آل عمران:118-120)
المؤلف(54/1)
تنبيه
إن هذه الدراسة التي تبين تكفير الشيعة ولعنهم لجميع المسلمين والحكم عليهم بالخلود في نار الجحيم، تعتبر وثيقة رسمية لإدانة المذهب والحكم بانحرافه- كانحراف فرقة الخوارج في تكفيرهم للمسلمين إن لم يكن أشدّ- لأنها مكتوبة من قبل أعلام المذهب وزعمائه ومراجعه ومختوم عليها بختم كتبهم ومؤلفاتهم وفتاويهم التي تعطي للمذهب الصورة الحقيقية ذات النزعة العدائية التكفيرية، لا سيما وهم الناطق الرسمي عنه والمترجم الأمين له، ولذا أجهدت نفسي بجمعها كي أضعها بين يدي طلاب الحقيقة وقادة الأمة الإسلامية وولاة أمورها ليتخذوا موقفاً حاسماً وفق ما يمليه عليهم دينهم تجاه جميع أهل التكفير والبغي على أمة الإسلام.(55/1)
أيها المسلمون:
إن كنتم حريصين على رؤية مصداق قول الله تعالى: { قَدْ بَدَتِ
الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ } متجسداً في أرض الواقع فإليكم ذاك:
* قال محقق الشيعة الإمامية علي بن الحسين بن عبد العالي الكركي: (وأي عاقل يعتقد تقديم ابن أبي قحافة وابن الخطاب وابن عفان الأدنياء في النسب، والصعاب، الذين لا يعرف لهم تقدم ولا سبق في علم ولا جهاد .. وألبسوا أشياء أقلها يوجب الكفر، فعليهم وعلى محبيهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) رسائل الكركي (1/62)
* قال خاتمة محدثي الشيعة الإمامية محمد باقر المجلسي: (أقول: الأخبار الدالة على كفر أبي بكر وعمر وأضرابهما، وثواب لعنهم والبراءة منهم، وما يتضمن بدعهم، أكثر من أن يذكر في هذا المجلد أو في مجلدات شتى وفيما أوردناه كفاية لمن أراد الله هدايته إلى الصراط المستقيم) بحار الأنوار(30/399)
فإذا كان هذا ما أظهروه نستطيع عندها أن نتصور فداحة وبشاعة ما أخفوه مصداقاً لقوله تعالى: { وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ } وقوله تعالى: { وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ }(56/1)
المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد فإن مما تقر به عيون دعاة المسلمين ومفكريهم هو أن يوجد في هذه الأمة من يسعى إلى لمِّ شملها وجمع شتاتها لتنهض من جديد لقيادة الإنسانية وفق منهج الله سبحانه والعدل الربّاني المتمثل بالإسلام والذي عاشت بظل عدالته كل الديانات باحترام وأمان، ولذا فإن الذي يدعو لذلك يكون محط أنظار المسلمين واحترامهم، لأنه يسعى لإعادة مجد أمة الإسلام وحضارتها، فتنعقد عليه الآمال لتوحيد المسلمين على اختلاف مذاهبهم ونبذ الخلافات فيما بينهم وجمعهم على الاخوة الإسلامية ليقفوا صفاً واحداً متماسكاً بوجه أعدائهم الذين أذاقوهم ألوان الذل والاضطهاد،
ومن أجل ذلك ظهرت الصيحات من هنا وهناك بوجوب التقارب بين المذاهب الإسلامية ونبذ الخلافات كحلٍ عملي لتلافي ضعف الأمة وتمزقها، وهو أمر يسعى إليه كل مسلم غيور على دينه يؤلمه حال أمته ويمزق قلبه،
ولكن صيحات التقارب هذه أخذ يرددها دُخَلاء من ذوي الأغراض والأهواء لتحقيق مآربهم، إذ لم يكن ترديدهم لتلك الصيحات نابعاً من ألمهم على أمة الإسلام وحالها الممزق، وإنما رددوها من أجل نشر أفكارهم وكسب أكبر عدد من المسلمين الى الاعتقاد بمذاهبهم، مستغلين احترام المسلمين وإقبالهم -بقلوبهم وأبدانهم- على من ينادي بالتقريب، حتى إذا ما أقبل الناس عليهم بدؤوا يعرضون أفكارهم ومعتقداتهم بتدرج وخفاء خطوةً خطوةً، لا سيما والغالبية العظمى من المسلمين ليس عندهم تصور وإحاطة بالمذاهب وتقويمها من حيث الاستقامة والاعوجاج، فكانت النتيجة أن تحولت صيحة التقريب عند هؤلاء الى وسيلة - بعد أن كانت غاية بل وأمنية يحلم بها كل مسلم صادق في دينه- لكسب أتباع المذاهب الأخرى الى مذهبهم.(57/1)
وكان من أبرز صيحات التقريب والوحدة الإسلامية في هذا العصر هي التي نادت بالتقريب والوحدة بين أهل السنة والشيعة الإمامية الاثنى عشرية، فقد أخذت مساحة واسعة من الكتابات والخطب والمحاضرات عبر المساجد والإذاعات، ولا تزال مستمرة منذ عشرات السنين.
ولا أريد أن أخوض بعمق في دراسة مسألة التقريب بكل تفاصيلها، فقد سبقني الى ذلك الدكتور ناصر القفاري(1) وأجاد فيها جزاه الله خيراً، لكني أردت المساهمة في هذا الميدان وأن أدلو بدلوي فيه، لأني رأيت في الامامية من جعل دعوة التقريب وسيلة لنشر معتقدهم بين صفوف أهل السنة واصطيادهم بحبائله(2)
__________
(1) وذلك في رسالته النفيسة (مسألة التقريب).
(2) فهاهو فيلسوفهم وشهيدهم مرتضى مطهري يؤكد أن هدفهم الأساسي من مشروع التقريب والوحدة الإسلامية هو نشر أفكارهم ومعتقداتهم بين صفوف أهل السنة فقال في كتاب (الإمامة) ص28-29: [إن ما ننتظره على خط الوحدة الإسلامية أن ينبثق محيط صالح للتفاهم المشترك لكي نعرض ما لدينا من أصول وفروع، تضّم ما نحمله من فقه وحديث وكلام وفلسفة وتفسير وأدبيات، بحيث يسمح لنا ذلك الجو أن نعرض بضاعتنا بعنوان كونها أفضل بضاعة،حتى لا يبقى الشيعة في العزلة أكثر، وتنفتح أمامهم المواقع المهمة في العالم الإسلامي،ثم لا تبقى الأبواب مغلقة أمام المعارف الإسلامية الشيعية النفيسة]، ثم أكَّد مطهري أن الهدف من التقريب -وهو نشر معتقدهم بين أهل السنة- هو الذي كان يسعى لتحقيقه آيتهم العظمى البروجردي واعترف بأنه قد حققه بنجاح فقال ص30: [ما كان يُفَكِّر به المرحوم آية الله العظمى البروجردي على الخصوص، هو إيجاد الأرضية المناسبة لبثّ معارف أهل البيت ونشرها بين الإخوة من أهل السنة، وكان يعتقد أن هذا العمل لا يكون إلاّ بإيجاد أرضية التفاهم المشترك، والنجاح الذي أحرزه المرحوم البروجردي -جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء- في طبع بعض كتب الفقه الشيعي في مصر من قبل المصريين أنفسهم، إنما كان على اثر هذا التفاهم الذي انبثق، وكان ذلك أهمّ نجاح حققه علماء الشيعة].
وها هو كاتبهم جعفر الشاخوري البحراني يدعوا كُتّاب الإمامية إلى ترك الهجوم المباشر على أهل السنة وخصوصاً الخلفاء في كتاباتهم لأنها تُنَفِّرهم ويدعوهم إلى إتباع الأسلوب الهادئ المغلف بشعارات الوحدة والاخوة الإسلامية ودعاوي التقريب وذلك لنجاح هذا الأسلوب في اختراق أهل السنة وتحويل الكثير منهم إلى معتقد الشيعة الإمامية ، ثم أخذ يشيد بالنجاح الذي حققه عبد الحسين شرف الدين صاحب المراجعات في هذا الاختراق حين اتبع هذا الأسلوب فيقول في كتابه(مرجعية المرحلة وغبار التغيير) ص228:[ ومن الجدير ذكره هنا، أن مثل هذه المؤلفات التي تركز كل جهودها على إبراز مساوئ رموز السنة حتى الأمور الخلقية والأمور العادية التي لا ربط لها بالتاريخ، تتسبب في نفور الناس من التشيع، على العكس من الكتابات المتوازنة ككتاب المراجعات (للسيد شرف الدين) ومعالم المدرستين (للسيد مرتضى العسكري)، حيث أنها تسببت في انتشار الفكر الشيعي بشكل واسع ، لأن القارئ السني عندما يجد فيها الموضوعية واللغة الهادئة، فسوف تنفتح شهيته على قراءتها ودراستها ].
نعم والله لقد نجحوا في نشر مذهبهم بين صفوف أهل السنة وتمرير مخططهم تحت شعار التقريب ورفع لافتة الوحدة الإسلامية ، إذ يخرج علينا بين فترة وأخرى كتاب مليء بالطعن والتشويه للإسلام ورجالاته يدّعي فيه كاتبه بأنه اعتنق مذهب الامامية بعد أن كان من أهل السنة على التسليم بصحة دعواه.(57/2)
.
وهناك ظاهرة أخرى في الساحة الإسلامية دفعتني لهذه الدراسة المركزة، تلك الظاهرة المتمثلة بالمواطن والمناسبات التي تفتح فيها نوافذ الحوار بين السنة والشيعة، فحيثما صار الحديث عن موقف أحد الفريقين تجاه الآخر - سواء في برنامج تلفازي أو مناظرة فكرية أو أي تَجمُّع حواري آخر- نجد أن المتحدث الامامي قد أخذ جانب المجني عليه، وراح يبُثُّ حزنه وشكواه الى الناس عن قسوة بعض أتباع أو علماء أهل السنة على الطائفة الامامية - البريئة المسالمة الساعية الى الوحدة والاجتماع واللاهثة دوماً الى مد جسور الإخاء مع أهل السنة، تلك المساعي التي كانت تنحسر قسراً أمام صخرة الجمود السنّي وقسوة تعنته!!!
وهذا الكلام مما يغيض ويثير في النفس أشد الأسى لمجانبته الحقيقة أولاً،وثانياً لأنك ترى حماسة ذلك المحاور الشيعي يقابلها خجل جم، وحرج بالغ عند المحاور السني الذي لا يملك لنفسه دفعاً إلا أن يُسلِّم بالطرح الآخر مُقِراً به، وملقياً باللائمة فيه على بعض المتشددين - بوصفه - من علماء السنة، وعلى رأس المرشحين منهم كالعادة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وما ذاك إلا لقلة بضاعته وشحة علمه في هذا المجال، وإذا بلسان حاله يقول دعونا نهدم ركن ابن تيمية لنقيم على أطلاله ركن الامامة، حتى يبلغ البنيان تمامه، ونعيش إخوة متحابين متآخين في بيت الوحدة الإسلامية المتين!!!(57/3)
لهؤلاء وأمثالهم، كتبت هذه الدراسة، باحثاً فيها أولاً عن الحقيقة، مثبتاً لها، ومن ثم مبلِّغاً إياها للجميع، ليعلم القاصي والداني من هم البغاة الظالمون والمكفِّرون الآثمون، ومن هم أعداء الوحدة الإسلامية الحقَّة، وليُكَحِّل دعاة التقريب عيونهم بما قصَّرت عن بلوغ مراميه هممهم - عن غفلة أحيانا وتغافل أحيانا أخرى! - ليعرفوا على أقل تقدير بماذا يخوضون وكيف ينبغي لهم تناوله، حتى تكون الدعوة صادقة والهدف من ورائها نبيلاً يبلغ مداه، برضىً من الله سبحانه وتعالى: { أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ_ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } (التوبة:109).
ولذا كانت هذه الدراسة تمثل كشفاً لمعتقد الامامية وموقفهم من فرق المسلمين، فهي صيحة نذير وصرخة تحذير لأهل السنة، حتى لا يتصوروا أبداً بعد قراءتها أن الامامية من الممكن أن يحبونهم ويتخذونهم اخوةً لهم، بل على العكس إذ ان بغض أهل السنة واتخاذهم أعداءً هو من الثوابت في مذهبهم(1)، وفي الوقت نفسه أردتها أن تكون كاشفة وفاضحة لدعاة الامامية الذين نادوا بالتقريب والاخوة الإسلامية وتظاهروا بسلامة موقفهم من أهل السنة لينفذوا من خلال ذلك لنشر أفكارهم ومعتقداتهم بين صفوفهم، فلم تكن دعوتهم للوحدة الإسلامية نابعة من أَلَمِهِم على تمزيق أمة الإسلام والرغبة في إعادة مجدها، بل كانت من أجل الكسب المذهبي والمتمثل بتحويل الكثير من أهل السنة الى مذهب الامامية.
__________
(1) كما ستقف على ذلك عند نقل أقوال علمائهم الصريحة في ذلك.(57/4)
وربما يستاء البعض من هذه الدراسة لكونها شديدة وفيها إثارةٌ للضغائن وإيغارٌ للصدور(1)،إلا أن الواجب الشرعي يحتم علينا أن نكشف المخادعين الذين يتلاعبون بعواطف المسلمين – السُنَّة- من خلال رفعهم شعار توحيد أمة الإسلام،من أجل أغراضهم المذهبية وهم من أبعد الناس عن صدق ذلك التوجّه المزعوم لأنهم يعتبرونهم من أَلَدِّ أعدائهم.
فالذي أراه هو أن امتلاء الصدر بالبغض تجاه من يستحقه ـ من المخادعين لأهل السنة والماكرين بهم ـ يُعَدُّ صفة مدحٍ وكمال بل ومطلوب شرعاً كما قال سبحانه { هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } [آل عمران:119]، فإلى متى تكون المداهنة والمداراة مع من امتلأت صدورهم وكتبهم بالحقد واللعن على أهل السنة، وإن كان هناك من استياء ولوم فالصواب هو أن يُصَبَّ على من عادى أهل السنة وأثبت ذلك العداء في كتبه من علماء الامامية، لا أن يلقى اللوم على من نقل ذلك الكلام تبصيراً لأهل السنة بما تنطوي عليه قلوب الامامية تجاههم، لذا كتبت هذه الدراسة لتحذير أهل السنة وفضح المخادعين من الامامية لأننا نريدها اخوة صافية صادقة بالقلوب والأبدان، نسأل الله تعالى أن يجمع أمة الإسلام على الحق المبين لتقود الإنسانية من جديد وفق المنهج الإلهي المتمثل بالإسلام إنه سميع مجيب.
بين يدي الدراسة
__________
(1) وربما يصل استياء البعض من هذه الدراسة الى درجة اتهامي بشتى التهم الباطلة كتهمتي بتمزيق الإسلام، وهذا الاتهام متوقع بالنسبة لي لأن صراحة الحق تحرق القلوب المريضة المعرضة عن سماعه.(57/5)
قبل الدخول في موضوع هذه الدراسة، لا بد من الإشارة إلى عدة أمور مهمة تبين منهجي الذي سلكته فيها وأهم الملاحظات حولها وكما يلي:
أولاً
عندما أردت نقل الروايات أو كلام علمائهم وفتاويهم، آثرت الرجوع إلى نفس المصدر، فلم أكتف بما نقله الكُتّاب عن ذلك المصدر، وذلك لسببين:
كي أقف على النص في المصدر وأقرأه بنفسي ليكون نقلي قطعياً من نفس المصدر وتكون درجة الدقة 100%.
كي أقرأ كلام العالم كاملاً وليس مبتوراً، ومن ثم أقف على حقيقة مقصده منه، حتى لا أتقوّل عليه ما لم يقله أو ما لم يقصده بكلامه.
وهذا المسلك في النقل ـ برأيي ـ هو أقرب ما يكون للإنصاف والعدل الذي أمرنا الله تعالى به حتى مع من ظلمنا وعادانا، كما قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [المائدة:8].
ثانياً(57/6)
حاولت أن أذكر ترجمة لأهم أعلام المذهب وعلمائه الذين صرحوا بتكفير ولعن أهل السنة،وكذلك سنة وفاتهم(1)،حتى تتكون لدى القارئ صورة عن منزلة هؤلاء العلماء بكونهم من أعمدة المذهب وعظمائه، وان أقوالهم معتمدة في المذهب، وفي نفس الوقت حرصت أن تكون الترجمة لهم من كتاب (معجم رجال الحديث) لأبي القاسم الخوئي لأنه معاصر بل أبرز أعلامهم المعاصرين(2)، لأن في ترجمته وتعظيمه لهم دليلاً على أنهم من العلماء المبَرَّزين في المذهب بل ويُعَدّون من أعمدته وأعلامه، حتى أن العالم الشيعي إذا أراد الكتابة في أي موضوع،فأول شيء يفعله هو الإتيان بأقوال أولئك المتقدمين ـ المصرحين بتكفير ولعن المخالفين ـ ثم بعد ذلك يبدي وجهة نظره واجتهاده في ترجيح بعضها على بعض، فهم المرجع للمتأخرين كما ستقرأ تراجمهم.
ومما ينبغي بيانه هو أن هناك لقباً يطلقه الامامية على مراجعهم المعاصرين وهو ( آية الله العظمى ) ومرادهم منه درجة علمية في المذهب يصلها العالم بعد اجتيازه لعدة اختبارات لينال بعدها هذا اللقب الذي يؤهله ليكون مجتهداً في المذهب ، بحيث يحق له أن يُرجِّح في الأقوال ويكون له مقلدون يعملون باجتهاداته وفتاويه ويتعبدون الله تعالى بها .
ثالثاً
سنقتصر في هذه الدراسة على عرض هذه الحقيقة (وهي لعنهم وتكفيرهم لأهل السنة ابتداءً من الصحابة فمن دونهم) دون مناقشتها وتفنيدها، لأن بطلانها أظهر من الشمس في رابعة النهار، فلا يشك في بطلانها إلا مريض في عقله وتمييزه، كما قيل:
وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل
__________
(1) وقد عبرت عن سنة الوفاة بحرف (ت) كي يعرف القارئ هل هذا العالم من المتقدمين أم المتأخرين .
(2) والذين لم أقف على ترجمتهم من معجم الخوئي، نقلت ترجمته من مقدمة كتابه للوقوف على مكانته العلمية بين علماء المذهب.(57/7)
إذ العرض وحده لهذه الحقيقة كافٍ في إبطالها، وخير دليل ملموس على بطلانها هو عدم إظهارهم وإعلانهم لهذه الحقيقة أمام المسلمين في جميع أنحاء العالم، لأنها لو كانت حقاً من الله تعالى ورسوله فلماذا لا تنشر أمام الجميع الموافق والمخالف، فدين الله تعالى والعقائد الحقة لا يتداولها القلة في السر تحت جنح الظلام وتخفى في بطون الكتب وحواشي المجلدات، بل يعلن عنها أولاً في كتاب الله تعالى وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وثانياً بأقوال علماء الأمة وصالحيها، بل ويصرح بها في الخطب والدروس والندوات، دون خفاء ومراوغة وخداع لأهل السنة والمتمثل بعدم إظهار معتقدهم بالحكم على المخالف، وكما قيل:
ألم تَرَ أَنَّ الحَقَّ يخرج أَبْلَجاْ ... وأَنَّك ترى باطلَ القَوْلِ لَجْلَجاْ
رابعاً
أعرضت عن التركيز المفصل عن مروياتهم وأقوال علمائهم بتكفير الصحابة، بل سأذكرها بنوع من الاختصار في فصل واحد، لأنه قد سبقني إليها محب الدين الخطيب وإحسان إلهي ظهير والدكتور ناصر القفاري، حيث جمعوا كماً هائلاً من الروايات التي تكفر الصحابة صراحة أو بالرموز.
وإنما ركزت على أبواب الفقه وفتاوى علمائهم لعرض معتقدهم الجائر والبشع في حكمه على المخالفين، وذلك لسببين:
1-إن هذه الأبواب لم يطرقها ـ على حد علمي ـ أحد المتخصصين بالكتابة عن هذا المذهب، فلم يقم أحد بنقل نصوص اللعن والتكفير للمخالفين من أبواب الفقه وفتاوى العلماء بهذا التفصيل، فربما أكون أول من طرق هذا الباب بالكتابة عن هذا المذهب وقسوته من أبواب الفقه.(57/8)
2-إن هذا المسلك (في أبواب الفقه) يُعدُّ أوثق وألزم ببيان حكم الامامية على مخالفيهم، مما سلكه من تقدم ذكرهم، لأن الاحتجاج بالروايات قد يراوغ فيه بعض علمائهم مثل قولهم: "بأن هذه الروايات ضعيفة لا يحتج بها" أو قولهم: "ليس كل ما هو مروي في كتبنا صحيح" وغيرها من العبارات ليتركوا أمر الروايات بلا حسم من حيث تصحيحها أو تضعيفها وإنما يكتفون بالتشكيك لصد من يهاجم المذهب بسبب بشاعة حقده وعدائه لمخالفيه، بل لم يصرحوا حتى بموقفهم تجاه هذه الروايات من حيث الرفض أو القبول، ولكن هذا المسلك الذي سلكته في نقل اللعن والتكفير للمخالفين يغلق الباب بوجه أولئك المراوغين وينفي احتمال تطرق الضعف للروايات، لأن نقل مثل هذا اللعن والتكفير من فتاوى العلماء وكلامهم في أبواب الفقه، يدل على أن تلك الروايات صحيحة عندهم، فلذلك قبلوها أو صححوها ومن ثم بنوا عليها حكماً شرعياً يتعبدون به أمام الله تعالى لأنفسهم، ثم ذكروه في كتبهم وفتاويهم لأتباعهم ومقلديهم حتى يتعبد به أولئك الأتباع، لأن فتاوى العلماء كما هو معلوم تمثل خلاصة النظر في الروايات وعصارتها إذ يقدمها العلماء لأتباعهم بعد بذل الجهد في تنقيح الروايات وتحليلها، وخير مثال على ذلك هو أنه لو ورد علينا حديثان أحدهما يقول أن الأمر الفلاني واجب، والآخر يقول أنه مستحب، ولا نعلم أيهما الصحيح فنأخذ بمضمونه، ثم رجعنا إلى فتاوى العلماء فوجدناهم يقولون أن ذلك الأمر واجب فهو دليل قاطع على قبولهم للأول وردهم للثاني، أما لضعف السند أو الدلالة.(57/9)
وهكذا تكون فتاوى العلماء مُعَبِّرةً عن خلاصة بحثهم ورأيهم في الروايات من حيث القبول أو الرفض، فنقل لعنهم وتكفيرهم للمخالفين من أبواب الفقه، والفتاوى ما هو إلا دليل قطعي على قبولهم وتصحيحهم لروايات اللعن والتكفير، ولذلك أفتوا بمضامينها، وهذا تعزيز وتأكيد لما ذكره من تقدم ذكرهم من وجود اللعن والسب للمخالفين ـ وخصوصاً أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ـ عند الامامية.
خامساً
ربما يتوهم بعض أهل السنة بسبب قلة اطلاعهم على المذهب أو بتمويه دعاته وكتابه، أن المقصود بهذا اللعن والتكفير هم قلة من أهل السنة أو بعض فرقهم كالنواصب(1)
__________
(1) وكذلك من يتهمهم الامامية ظلماً بأنهم على طريقة النواصب - الذين يبغضون أهل البيت - وهم والله براءٌ من هذه التهمة وأقصد بهم السلفيين أو الوهابيين كما يحلو لهم أن يسموهم ، بل هم يحبون أهل البيت ويجلونهم إلا أنهم يرفضون الاستغاثة بهم من دون الله تعالى، وخير شاهد على محبتهم لأهل البيت هو هذه الواقعة الحقيقية والتي تُعَدُّ في غاية الأهمية ويجب على كل منصف محب للحق أن يتدبرها لأنها تنصف أهل السنة في بلاد الحرمين - السلفيين - وتعرض موقفهم ومحبتهم للأئمة وتقديرهم لهم وتُسقط بذلك كل تهمة وجهت اليهم كذباً وزوراً بأنهم نواصب يبغضون الأئمة ولا يعترفون بعلو مكانتهم فضلاً عن محبتهم لهم، فهي تثبت بأن السلفيين في بلاد الحرمين يقرون ويعترفون بأن علياً بن أبي طالب هو من أولياء الله الصالحين أي أنهم مؤمنون ومعتقدون بهذه المقولة (أشهد أن علياً ولي الله) إلا أنهم يعترضون فقط على إدخالها في آذان النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يفعل الشيعة اليوم إذ لم تكن موجودة في عهده- صلى الله عليه وسلم - بل أضيفت بعد عصره وهاهو كبير محدثيهم ابن بابويه القمي الذي يلقبوه بالصدوق يصرح بأن عبارة " أشهد أن علياً ولي الله " بدعة أدخلها المفوضة لعنهم الله وان الآذان الصحيح خالي منها فقال في كتابه (من لا يحضره الفقيه) وهو أحد الكتب الأربعة المعتمدة عند الشيعة (1/290):[ هذا هو الأذان الصحيح لا يزاد فيه ولا ينقص منه ، والمفوضة لعنهم الله قد وضعوا أخبارا وزادوا في الاذان " محمد وآل محمد خير البرية " مرتين ، وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أن محمدا رسول الله "أشهد أن عليا ولي الله" مرتين، ومنهم من روى بدل ذلك "أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقاً" مرتين? ولا شك في أن عليا ولي الله وأنه أمير المؤمنين حقا وأن محمدا وآله صلوات الله عليهم خير البرية ، ولكن ليس ذلك في أصل الأذان ].
وهذه الواقعة التي تبرئ السلفيين ليست من نسج الخيال بل عاش أحداثها ورواها لنا مرجع من أكبر مراجعهم وآية من آياتهم العظمى في المذهب وهو زعيم الحوزة في وقته السيد محمد رضا الگلپايگاني (توفي عام 1414هـ 1994م) حيث يقول في كتابه (نتائج الأفكار) في القسم الأول ص243-244 : [وقد وقعت – في المرة الأولى من تشرفي بحج بيت الله الحرام – قضية لطيفه يناسب ذكرها في المقام وهى انه: عندما تشرفنا بالمدينة الطيبة لزيارة قبر النبي الاقدس وقبور الائمة عليهم السلام فقد سمحت بنا الظروف وساعدنا الامر فكنا نصلى بالناس جماعة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وأذَّن مؤذننا وأجهر بشهادة الولاية فأفضى المخبر الدولي هذه القضية إلى قاضى القضاة واخبره ان مؤذن جماعة الشيعة قال في أذانه: اشهد ان عليا ولى الله، ولكن القاضى اجابه: وانا ايضا اقول: اشهد ان عليا وليا لله افهل انت تقول اشهد ان عليا عدو الله؟ فاجابه بقوله: لا والله وانا ايضا اقول: انه ولى الله وعلى الجملة فقاضيهم ايضا قد صرح باننا نقول انه ولى الله غاية الأمر انا لا نقول به في الاذان، وبذلك قضى على الأمر وأطفئت ثائرة الفتنة].(57/10)
مثلاً، إلا إن هذا توهم خاطئ، لأن هذا التكفير واللعن موجه إلى جميع فرق أهل السنة ومذاهبهم، فلا فرق بين شافعي وحنبلي، ولا بين معتزلي وأشعري، ولا بين صوفي ووهابي، وهذه الحقيقة ثابتة لا يشك فيها من اطلع على أصولهم، وخير مثال ملموس على هذه الحقيقة - وهي أن أعداء الامامية هم كل فرق السنة ومذاهبهم دون استثناء-هو ما سطره علماؤهم في كتبهم ومنها ما يلي:
1-قال محدثهم محمد بن طاهر القمي(1) الذي طعن بالأئمة الأربعة -أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد- في كتاب (الأربعين) ص641: [خاتمة في أحوال الأئمة الأربعة لأهل السنة وبعض فتاويهم الركيكة وعقائدهم السخيفة].
2-ينقل خاتمة محدثي الشيعة محمد باقرالمجلسي معتقد الأئمة الأربعة لأهل السنة بالتكبير على الجنازة أربع تكبيرات وضمنه لعنهم ووصمهم بأخبث المنافقين فقال:[ وذهب الفقهاء الاربعة من المخالفين وجماعة أخرى منهم إلى أن التكبير أربع ، وأما كون الصلاة على غير المؤمن أربعا فهو المقطوع به في كلامهم ويظهر لك من أمثال هذا الخبر أن منشأ اشتباه العامة لعنهم الله في الاربع ، هو فعل النبي صلى الله عليه وآله ذلك أحيانا، ولم يفهموا جهة فعله، بل أعماهم الله تعالى عن ذلك، ليتيسر للشيعة العمل بهذا في الصلاة عليهم، لكونهم من أخبث المنافقين لعنة الله عليهم أجمعين](2).
__________
(1) سنقف على ترجمة الخوئي له عند نقل مطاعنه بالخلفاء في الفصل الثالث من الباب الأول.
(2) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج78 ص340.(57/11)
3-وروى الكليني(1)
__________
(1) لا بد من معرفة منزلة الكليني وكتابه الكافي عند الشيعة الامامية لأننا سننقل الكثير من الروايات من كتابه في هذه الدراسة، فأما منزلته فد ترجم له الخوئي في (معجم رجال الحديث) ج19 ص54 بقوله: [محمد بن يعقوب بن إسحاق : قال النجاشي : "محمد بن يعقوب بن إسحاق أبو جعفر الكليني، وكان خاله علان الكليني الرازي، شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم، وكان أوثق الناس في الحديث، وأثبتهم، صنف الكتاب الكبير المعروف بالكليني يسمى الكافي في عشرين سنة"]، وقالوا عنه في مقدمة كتابه الكافي ج1ص21-22:[ وقال القاضي الشوشتري: "رئيس المحدثين الشيح الحافظ" . وقال المولى خليل بن الغازي القزويني : "اعترف المؤالف والمخالف بفضله، قال أصحابنا : وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم، وأغورهم في العلوم". وقال محمد تفي المجلسي : "والحق أنه لم يكن مثله، فيما رأيناه في علمائنا، وكل من يتدبر في أخباره، وترتيب كتابه، يعرف أنه كان مؤيدا من عند الله - تبارك وتعالى - جزاه الله عن الإسلام والمسلمين، أفضل جزاء المحسنين". وقال محمد باقر المجلسي : "الشيخ الصدوق، ثقة الإسلام، مقبول طوائف الأنام ممدوح الخاص والعام، محمد بن يعقوب الكليني" . وقال الميرزا
عبد الله الأفندي: ثقة الإسلام، هو في الأغلب يراد منه أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني، الرازي، صاحب الكافي وغيره، الشيخ الأقدم المسلم بين العامة والخاصة والمفتي لكلا الفريقين". وقال الشيخ حسن الدمستاني: "ثقة الإسلام. وواحد الأعلام، خصوصا " في الحديث فإنه جهينه الأخبار وسابق هذا المضمار، الذي لا يشق له غبار، ولا يعثر له على عثار"]، فهذه منزلة الكليني عند الامامية، وأما منزلة كتابه الكافي فهي كبيرة جداً فلا يوجد عندهم كتاب بوثاقته وضبطه، ولذا قال علماء الامامية عن منزلته في مقدمة كتاب الكافي ج1ص26-27: [قال الشيخ المفيد: "..الكافي، وهو من أجل كتب الشيعة، وأكثرها فائدة". وقال الشهيد محمد بن مكي في إجازته لابن الخازن: "..كتاب الكافي في الحديث الذي لم يعمل الإمامية مثله". وقال المحقق علي بن عبد العالي الكركي في إجازته للقاضي صفي الدين عيسى: "الكتاب الكبير في الحديث، المسمي بالكافي، الذي لم يعمل مثله... وقد جمع هذا الكتاب من الأحاديث الشرعية، والأسرار الدينية، مالا يوجد في غيره". وقال أيضا "- في إجازته لأحمدبن أبي جامع العاملي - " الكافي في الحديث الذي لم يعمل الأصحاب مثله". وقال الفيض: "الكافي... أشرفها وأوثقها وأتمها وأجمعها، لاشتماله على الأصول من بينها، وخلوه من الفضول وشينها". وقال الشيخ علي بن محمد بن حسن بن الشهيد الثاني: "الكتاب الكافي والمنهل العذب الصافي. ولعمري، لم ينسج ناسج على منواله، ومنه يعلم قدر منزلته و جلالة حاله". وقال المجلسي، كتاب الكافي.. أضبط الاصول وأجمعها، وأحسن مؤلفات الفرقة الناجية، وأعظمها". وقال المولى محمد أمين الاسترابادي في الفوائد المدنية: "وقد سمعنا عن مشائخنا وعلمائنا أنه لم يصنف في الإسلام كتاب يوازيه أو يدانيه"](57/12)
في الكافي ج8 ص292 رواية تصف ابا حنيفة بأنه ناصبي، ونصها هو: [عن محمد بن مسلم قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وعنده أبو حنيفة فقلت له: جعلت فداك رأيت رؤيا عجيبة فقال لي:ياابن مسلم هاتها فإن العالم بها جالس وأومأ بيده إلى أبي حنيفة، قال: فقلت: رأيت كأني دخلت داري وإذا أهلي قد خرجت علي فكسرت جوزا كثيرا ونثرته علي، فتعجبت من هذه الرؤيا فقال: أبو حنيفة أنت رجل تخاصم و تجادل لئاما في مواريث أهلك فبعد نصب شديد تنال حاجتك منها إن شاء الله، فقال: أبو عبد الله (عليه السلام): أصبت والله يا أبا حنيفة، قال: ثم خرج أبو حنيفة من عنده، فقلت: جعلت فداك إني كرهت تعبير هذا الناصب، فقال: يا ابن مسلم لا يسؤك الله، فما يواطى تعبيرهم تعبيرنا ولا تعبيرنا تعبيرهم وليس التعبير كما عبره ……].
4-روى الكليني في الكافي: [عن محمد بن حكيم قال : قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام : جعلت فداك فقهنا في الدين وأغنانا الله بكم عن الناس حتى أن الجماعة منا لتكون في المجلس ما يسأل رجل صاحبه تحضره المسألة و يحضره جوابها فيما من الله علينا بكم فربما ورد علينا الشئ لم يأتنا فيه عنك ولا عن آبائك شئ فنظرنا إلى أحسن ما يحضرنا وأوفق الأشياء لما جاء نا عنكم فنأخذ به؟ فقال هيهات هيهات، في ذلك والله هلك من هلك يا ابن حكيم، قال : ثم قال : لعن الله أبا حنيفة كان يقول: قال علي، وقلت](1).
5-روى الكليني أيضاً: [عن محمد بن حكيم وحماد عن أبي مسروق قال: سألني أبو عبد الله (عليه السلام) عن أهل البصرة، فقال لي: ما هم؟ قلت: مرجئة وقدرية وحرورية فقال: لعن الله تلك الملل الكافرة المشركة التي لا تعبد الله على شئ ](2)،
__________
(1) الكافي - الشيخ الكليني ج1 ص56.
(2) الكافي - الشيخ الكليني ج2 ص387.(57/13)
قال محقق كتاب الكافي علي اكبر غفاري عند تعريفه للمرجئة معلقاً عن هذه الرواية ما نصه: [ المرجئة: المؤخرون أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن مرتبته في الخلافة(1) أو القائلون بأن لا يضر مع الإيمان معصية].
6-ما قام به محدثهم يوسف البحراني(2) من طعن ولعن لعلماء أهل السنة بلا فرق بين معتزلي وأشعري حيث طعن في الزمخشري والرازي والغزالي والتفتازاني، فبعد أن نقل كلام الزمخشري وأتبعه بالرازي قال عنهما في (الشهاب الثاقب) ص88: [الى آخر كلامه أذاقه الله تعالى مع سابقه ـ أي الزمخشري ـ شديد انتقامه].
وقال عن الغزالي ص137: [وإنه ليعجبني ان انقل كلاماً للغزالي الذي هو حجة إسلامهم، لتطلع بذلك على خبث سرائرهم وقبح مرامهم …… الى أن قال ص139: فسرِّح بريد نظرك في أطراف هذا الكلام الذي هو كلام إمام اولئك اللئام، وحجة إسلام تلك الطغام].
__________
(1) إن تعريف المحقق للمرجئة التي نصت الرواية على لعنهم وكفرهم وشركهم بأنهم الذين يؤخرون علياً رضي الله عنه عن مرتبته في الخلافة - بجعله رابع الخلفاء وليس الأول كما يعتقده الامامية- مراده من ذلك تكفير جميع فرق أهل السنة لأن الجميع يعتقدون بأن عليا رضي الله عنه هو الخليفة الرابع للمسلمين وليس الأول، وعليه بموجب الرواية وتعريف المحقق للمرجئة تكون جميع فرق أهل السنة كافرة ومشركة وعليها لعنة الله، فلتتدبر فرق أهل السنة ذلك لعلهم يستفيقون من غفلتهم.
(2) والذي سنقف على ترجمته في الفصل الثاني من الباب الثاني.(57/14)
وقال عن التفتازاني ص139: [ولقد أجرى الله الحق على لسان علامتهم التفتازاني … قال عليه ما يستحقه في شرح المقاصد …… الى ان قال عنه ص141: ولقد أنصف التفتازاني في ذلك تمام الإنصاف على رغم أنفه، وفي المثل المشهور(حامل حتفه بكفِّه)، وقد ظن أن التستُّر بهذه الأعذار يطفئ عنهم نائرة العار والشنار، ولم يدرِ أن عثراتهم لِعظِم قبائحها قد بلغت في الاشتهار الى حد لا تقبل الإنكار، وعَذَراتهم لنتن روائحها قد بلغت في الانتشار الى مقام لا يقبل الاستتار].
7-قال علامتهم ومحققهم الميرزا حبيب الله الهاشمي الخوئي عن الصوفية والمتصوفة: [ قد تبين وتحقق لك مما أوردناه في شرح هذا الكلام لأمير المؤمنين عليه السلام أن مذاهب الصوفية بحذافيرها مخالفة لمذهب المتشرعة الامامية الحقة شيَّد الله بنيانه وأحكم قواعده وأركانه، كما ظهر لك أن الآيات والأخبار في لعنهم وطعنهم والتعريض والازراء عليهم لعنهم الله تعالى متظافرة وأن الأخبار التي تمسَّكت بها هذه الفئة الضالة المبتدعة المطرودة الملعونة إما موضوعة مجعولة أو متشابهة مؤولة أو ضعيفة سخيفة ... فويل لقوم اتخذوا سلفهم الذين مهدوا لهم البدعات وموَّهو لهم الضلالات أرباباً فرضوا بالشِّبلي والغزالي وابن العربي وجنيد البغدادي أئمة ... خذلهم الله تعالى في الدنيا وضاعف عليهم العذاب في العقبى..](1)
8-إن علامتهم محمد جميل حمود قد طعن بالرازي ووصمه برأس النواصب(2)، فقال ص541: [اعترض على الفهم الإسلامي العام للآية جماعة من المتعصبين النواصب وعلى رأسهم الفخر الرازي في التفسير الكبير] وقال عنه أيضاً ص562: [فظهر مما ذكرنا غفلة الناصب اللعين عن أخبار الشيعة أيدهم الله تعالى]، ثم وصم الآلوسي بالنصب أيضاً فقال ص560: [قال الناصبي الآلوسي]
__________
(1) منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة لحبيب الله الهاشمي الخوئي ج14ص21.
(2) وذلك في كتابه (أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد).(57/15)
9-يقول آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي عن الغزالي: [وبذلك يتجلى لك افتضاح الناصبي المتعصب إمام المشككين، حيث لهج بما لم يلهج به البشر](1).
فلذا قد آن لأهل السنة أن يستيقنوا من هذه الحقيقة، إذ ليس العداء مخصوصاً بابن تيمية رحمه الله لأنه ردَّ عليهم في كتابه (منهاج السنة)، بل عداؤهم يتناول كل من لم يؤمن بالامامة والعصمة، وموجه الى كل من يعتقد بصحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وينكر على من يدَّعي بأنها خلافة مغتصبة باطلة -كما تدَّعيه الامامية- بل ويحبهم ويدافع عنهم، فكل هؤلاء يشملهم العداء سواء كانوا معتزلة أو أشاعرة أو صوفية أو وهابية!!!!.
فالكل يشملهم هذا التكفير، إذ تشملهم جميعاً كلمة "المخالف" ماداموا لا يعتقدون بنظريتهم في الإمامة والعصمة، والكل يشملهم حكم المخالف ما داموا يعتقدون بصحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، وأنها خلافة شرعية غير مغتصبة، فهذه حقيقة مهمة يجب أن لا تغيب عن ذهن القارئ، حتى لا يحاول أن يتملص ويقنع نفسه بأنه غير مقصود بهذا اللعن والتكفير، بل هي تشمل جميع فرق السنة ومذاهبها، بل وتشمل فوق هذا جميع فرق الشيعة عدا الإمامية الإثنى عشرية كالزيدية والإسماعيلية وغيرهم، وسيتضح ذلك أكثر عند الوقوف على تعريف مصطلح المخالف عند علمائهم في هذه الدراسة فترقب.
سادساً
__________
(1) مصباح الفقاهة - السيد الخوئي ج1 ص412.(57/16)
ربما يتهمني البعض عند قراءة هذه الدراسة بأني أمزق الوحدة الإسلامية، وذلك بمنع التقارب بين أهل السنة والإمامية(1)، ولكن هذا الاتهام باطل، لأني أوافق على هذا التقارب بشرط أن يصرح علماء الأمامية بسلامة قلوبهم من أهل السنة،ابتداءً من الصحابة إلى من دونهم من أتباعهم ومحبيهم، لأني لم أقف على موقف حقيقي صادق تجاه أهل السنة من قبل أعلامهم وعلمائهم، إذ لم أجد قولاً صريحاً يدل على حبهم الصادق للصحابة وخصوصاً أبو بكر وعمر وعثمان، وبمالمقابل نجد عشرات بل مئات النصوص بلعنهم وتكفيرهم(2)
__________
(1) ولا ادري لماذا لا يُعَدّ التيجاني ومن لفّ لفه بانهم يمزقون الوحدة الإسلامية من خلال اثارتهم للمسائل الخلافية التي تسبب الشحناء والبغضاء خصوصاً تجريحه الصريح بالصحابة وعلى رأسهم الخلفاء الثلاثة واتهامهم بشتى التهم، فلماذا لايعد هذا تمزيقاً للوحدة في حين أن الذي يبين حقائق معتقد الشيعة - في تكفير الصحابة واهل السنة ولعنهم لهم - يُتَّهم بانه مدسوس على الإسلام وعميل لليهود يعمل على تمزيق وحدة المسلمين!!! فوالله ما وقع هذا التناقض إلا لبرود اهل السنة امام من يطعن بالصحابة، وإلا كان الأجدر بهم على أقل تقدير ان يثوروا على التيجاني ويتهموه بالعمالة للغرب لضربه عقائد اهل السنة وزرع الفرقة بين المسلمين، بل ويمنعوا دور الطباعة من نشر كبته، او يهدروا دمه ـ كما يهدر الامامية دم من يتعرض للأئمة بالسب والطعن ـ وفاءاً منهم لأبي بكر وعمر الذين بذلوا أرواحهم ليوصلوا الإسلام لنا، ومن ثم يكون عبرةً لكل من يحاول ان يمس مقدسات أهل السنة في مشارق الأرض ومغاربها، فالى متى هذه السلبية تجاه عقائدكم يا أهل السنة، أم أنكم تثورون في مسألة فرعية خلافية فيما بينكم، ولا تثورون بوجه من يطعن بأئمتكم ابتداءاً بالخلفاء ومروراً بالأئمة الأربعة ثم من بعدهم كالغزالي والرازي وابن تيمية والتفتازاني والآلوسي كما تقدم.
(2) والتي ستقف على شيء يسير منها في الفصل الثاني من الباب الأول.(57/17)
بالإضافة الى النصوص الأخرى في تكفير عموم أهل السنة بدون استثناء وكما سيأتي في البحث،
نعم ربما يغتر الطيبون من أهل السنة بظواهر بعض العبارات منهم مثل قولهم " إن الصحابة مسلمون " وقولهم " إن كل من قال لا إله إلا الله فهو مسلم وأن كان مخالفاً في الإمامة " إلى غير ذلك من الإطلاقات التي لهم فيها مقاصد خفية وأحكام باطنية جائرة أثيمة على مخالفيهم ستقف على حقيقتها في هذه الدراسة ولذلك فإني بعد استقراء أقوال أشهرهم، سأعرض عليهم بعض التحديات(1) ليفعلوها ويثبتوها بأقوال علمائهم المتقدمين والمعاصرين، بحيث لو فعلوها لربما دلت على صدق نواياهم وسلامة قلوبهم من اللعن والتكفير لأهل السنة بفرقهم ومذاهبهم، وإلا فمن العبث والسخرية أن يضع الإنسان يده بيد من يلعنه ويعتقد كفره، كما ستقف على ذلك في موقف علماء الإمامية من المخالفين.
سابعاً
وهنا أمر مهم جداً وهو تحديد من المقصود بهذا الكتاب ولمن كتبناه، لأن الناس عموماً بالنسبة لهذا الموضوع يمكن تصنيفهم إلى ثلاثة أصناف رئيسية هي:
الصنف الأول:
وهم أهل السنة بجميع فرقهم ومذاهبهم والمقصودون باصطلاح المخالف.
الصنف الثاني:
وهم بعض أنصار المذهب الامامي من علمائه ودعاته الذين ادعوا سلامة موقفهم من أهل السنة، ونادوا بالوحدة والأخوة الإسلامية والتقارب ونبذ الخلافات(2).
الصنف الثالث:
__________
(1) وذكرتها في خاتمة هذه الدراسة بعنوان فرص التقارب فترقبها.
(2) وعلى رأس هؤلاء المتظاهرين بالسعي للوحدة ونبذ الخلافات هو علامتهم عبد الحسين شرف الدين الذي طالما لهج بذلك لسانه في كتبه وكان يظهر الإمامية بمظهر المظلوم المسلوب حقه من الإخوة الإسلامية والمودة والاجتماع، وسننقل أقواله التي نادى فيها بالتقارب في الفصل الثالث من الباب الثالث.(57/18)
وهم الغالبية العظمى من أنصار هذا المذهب الذين امتلأت قلوبهم حقداً ولعناً لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأتباعهم من أهل السنة متمسكين ومتعبدين بالنصوص التي تضمنت ذلك، بل ويعدون هذا الحقد واللعن من أفضل العبادات والقربات إلى الله تعالى.
وكما هو معلوم بداهة ان الصنف الأخير غير مقصود بهذا الكتاب، لأن الحوار معه لا ينفع ما دام مؤمناً ومتمسكاً بالمرويات الموجودة في كتبه، وليس عنده أدنى استعداد لأظهار احترام الصحابة وخصوصاً أبو بكر وعمر وعثمان، بل لو وجدوا أن أٌصبعاً في يَدِهِم يحب أبا بكر وعمر وعثمان لقطعوه وتبرؤوا منه ولا عجب في ذلك ولا مبالغة لأني كنت منهم وأعرف الكثير عن هذا الصنف، بل صرح أحدهم بما هو أعظم من قطع الأصبع وهو علاّمتهم ومحدثهم نعمة الله الجزائري، والذي صرح بعقيدة صلبة راسخة بأنه حتى لو وصَلَنا بيانٌ من الله تعالى ورسوله بأنهما راضيان بخلافتهم - رضي الله عنهم -، فلن يرضخ لهذا البيان ولن يستجيب له، وإنما يتبرأ من هذا الإله وذاك النبي (لأنهما راضيان بخلافتهم) ليبحث له عن إله آخر ونبي آخر، فقال في (الأنوار النعمانية) ج2 ص 278: (وحاصله أنا لم نجتمع معهم على إله ولا على نبي ولا على إمام، وذلك لأنهم يقولون أن ربهم هو الذي كان محمد - صلى الله عليه وسلم - نبيه، وخليفته بعده أبو بكر، ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول أن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا، ولا ذلك النبي نبينا)، فانظر إلى استعداده للبراءة من إلهه -سبحانه وتعالى- ونبيه - صلى الله عليه وسلم - إذا أظهرا الرضا بخلافتهم(1)
__________
(1) وبالرغم من حقد الجزائري الفظيع والبشع على أهل السنة، نجد الخوئي ـ وللأسف ـ يترجم له بكل فخرٍ واعتزاز فيقول: [نعمة الله بن عبد الله: قال الشيخ الحر في تذكرة المتبحرين: " السيد نعمة الله بن عبد الله الحسيني الجزائري: فاضل، عالم، محقق، علامة جليل القدر، مدرس، من المعاصرين، له كتب منها: شرح التهذيب، وحواشي الاستبصار، وحواشي الجامي، وشرح الصحيفة، وشرح تهذيب النحو، ومنتهى المطلب في النحو، وكتاب في الحديث مجلد اسمه الفوائد النعمانية منسوب إلى اسمه، وكتاب آخر في الحديث اسمه غرائب الأخبار ونوادر الآثار، وكتاب الأنوار النعمانية في معرفة النشأة الإنسانية، وكتاب في الفقه اسمه هدية المؤمنين، وحواشي مغني اللبيب، وغير ذلك"، ينظر معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي ج20 ص188 برقم (13107).(57/19)
، فكيف بعد ذلك نرجو ونأمل من الصنف الثالث إظهار المحبة والمودة للخلفاء والاعتراف بصحة خلافتهم، فلذا كان المقصود بهذا الكتاب هما الصنفين الأول والثاني.
فالصنف الأول قصدناه كي يطلع على هذه الحقيقة ليتخلى عن حسن الظن والانخداع بالشعارات البرّاقة المزيّفة التي يرفعها دعاة المذهب الامامي وعلماؤه والمبطنة للتكفير واللعن لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن دونهم من أتباعهم ومحبيهم والسائرين على طريقهم.
ولعل هذا الصنف يظهر الصلابة والاعتزاز والتقديس لمعتقداته والمتمثل بالغضب والانتفاض بوجه كل عابث يحاول مسها أو التجريح بها، ومنها محبة وتوقير أصحاب
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين بشرهم الله ورسوله بالجنة.
وأما الصنف الثاني، فقد قصدناه لتضييق الخناق عليه وذلك بمطالبته بإظهار موقف حاسم من التكفير واللعن الصادر من أبناء جلدته وعلماء طائفته، فالأمر واضح لا يحتاج إلى التلون لأجل الخداع والمكر بأهل السنة.
فأما مع الصنف الأول في عقيدته بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخصوصاً الخلفاء الثلاثة ليكون هذا التصريح دليلاً قاطعاً على صدقه بإظهار دعوى الأخوة الإسلامية والتقارب ونبذ الخلافات، أو مع الصنف الثالث بلعنه لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأتباعهم ومحبيهم ولا نرضى بقولٍ ثالثٍ في ذلك، لأن السكوت والذبذبة لأجل الخداع وعدم إظهار القول الفصل هو من علامات المنافقين كما قال تعالى: { مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً } [النساء:143]، فلذا لابد أن يظهروا معتقدهم ولا يكونوا كالمنافقين مذبذبين لا إلى هؤلاء (الصنف الأول) ولا إلى هؤلاء (الصنف الثالث).(57/20)
مع هذا كله فإني على يقين من أن مسلك الصنف الثاني إنما هو مسلك ملتوٍ وماكر لخداع أهل السنة واصطيادهم بشباك هذا المذهب، إذ لا يمكن لمن ترعرع بين مصادرهم (المليئة باللعن والطعن بالشيخين وأتباعهم) أن توجد في قلبه ذرة من المحبة لأبي بكر وعمر وعثمان ولمن سار على نهجهم من المسلمين، فضلاً عن الاعتراف بصحة خلافتهم لأن هذا أدهى وأمر.
ثامناً
لقد قسمت مباحث هذه الدراسة على أربعة أبواب وخاتمة وكما يأتي:
الباب الأول: وخصصته لما يتعلق بالمطاعن التي وجهوها الى الخلفاء الثلاثة - رضي الله عنهم - سواء مروياتهم أو أقوال علمائهم، مع ذكري لقواعد مهمة تمثل خلاصة معتقدهم تجاه الخلفاء وأهل السنة.
الباب الثاني: وخصصته لما يتعلق بالمطاعن التي وجهوها لجميع فرق أهل السنة الذين اطلقوا عليهم مصطلح المخالفين.
الباب الثالث: وتعرضنا فيه لأهم الأساليب التي سلكوها مع أهل السنة ليخدعوهم من خلال تظاهرهم بسلامة موقفهم من الخلفاء وأهل السنة.
الباب الرابع: وذكرت فيها أربع فرص عملية للتقارب بين أهل السنة والأمامية، ونجاحها متوقف على تنفيذ الامامية لها، ليشاركوا في تحقيقه مشاركة رئيسية.
ولم يكن ترتيب أبواب وفصول هذه الدراسة عشوائياً، وإنما عن دراية ومقصد مهم وهو إثبات أهم نقطة جوهرية تدور حولها الدراسة، وهي أن بغض الامامية للخلفاء أمر ثابت بصورة قطعية لا ينكره إلا جاهل أو مخادع.(57/21)
حيث بدأناها بعرض الحقائق التي تمثل خلاصة معتقد الامامية في ذلك، ثم أتبعناها ببيان مروياتهم التي تبين تكفيرهم ولعنهم للخلفاء، وبعدها ذكرنا موقف علمائهم المتمثل بتكفيرهم ولعنهم للخلفاء، لنخرج في الباب الأول باتفاق مروياتهم وأقوال علمائهم على اللعن والتكفير، بعد ذلك ندخل في الباب الثاني حيث بينا فيه بشاعة موقفهم العدائي تجاه أتباع الخلفاء مما يؤكد حقيقة موقفهم من الخلفاء، لأن الذي يلعن المفضول والتابع لاشك بلعنه للفاضل والمتبوع، كما هو موقفهم من أهل السنة، فقد جاء هذا الباب ليؤكد حقدهم ولعنهم للخلفاء من خلال تأكيد حقدهم ولعنهم لأهل السنة(أتباع الخلفاء)، ثم ندخل في الباب الثالث والذي تجلى فيه تمسكهم بمعتقدهم في الخلفاء وأهل السنة، وذلك من خلال تظاهرهم بسلامة موقفهم منهم بألسنتهم بينما تأبى قلوبهم ذلك كما صرحوا بذلك لأتباعهم، بأنهم لن يتخلوا عن معتقدهم أبداً حتى لو اضطروا للكذب والمرواغة والتلاعب بالعبارات والألفاظ كما سنقف عليه، ثم تأتي الخاتمة وهي فرص حقيقية نقدمها للأمامية لبيأن سلامة موقفهم من الخلفاء وتخليهم عن معتقدهم بتكفيرهم ولعنهم، فإذا ما رفضوا الاستجابة لهذه الفرص -وهو المتوقع- عُدَّ هذا الرفض دليلاً إضافياً يثبت معتقدهم ذاك.
فترتيب الدراسة إذاً جاء كله ليثبت تمسكهم وعدم تنازلهم عن معتقدهم في الخلفاء أولاً، وعدم جدية دعوتهم للتقريب واتخاذها غطاءاً لتحقيق مكاسب مذهبية خاصة ثانياً.
تاسعاً
وأخيراً قد لا يجد من أَلِفَ أسلوب العرض الأدبي البرّاق والأكاديمي المسبوك متعة هذا المنحى في أسلوب عرضي لهذا البحث ، الذي توخيت فيه وصول المعلومة الى أوسع شريحة من القراء مهما بسطت مستويات إدراكهم وتنوعت ثقافاتهم، فلجميع طلاّب الجمال أولئك أقدِّم اعتذاري، ولكن يبقى عزائي الوحيد أن الحقيقة تبقى جميلة برّاقة بأي ثوبٍ أطلّت عليك.(57/22)
فهذه تسعة أمور مهمة لبيان منهج الدراسة وأهم النقاط فيها، وكل ما أتمناه منك أيها القارئ الكريم وأرجوه هو أن لا تقصر في قبول هديتي وقراءتها، لأني جمعتها في سنين وبجهدٍ مظنٍ كي أقدمها لك لعلك تقرأها في ساعات، ولا أطمع منك غير الدعاء { يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ } [هود:51].(57/23)
الباب الأول
موقف الإمامية من
الخلفاء الراشدين الثلاثة - رضي الله عنهم -
التمهيد
سنكشف في هذا الباب النقاب عن حقد الامامية وعدائهم لأصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - بما يجعل الأمور في نصابها ويضع النقاط على الحروف، لتتضح الرؤية بجلاء أمام أنصار المذهب ومخالفيه، ولكن قبل العرض لفصول هذا الباب لا بد من الإشارة إلى ملاحظات مهمة هي:
أولاً
لم أجمع كل ما قيل من طعن وتجريح بالصحابة، لأن ذلك يحتاج إلى مجلد ضخم بل مجلدات(1)
__________
(1) وليس هناك مبالغة لأن علماءهم اعترفوا بأن الروايات التي وردت بكفر الخلفاء ولعنهم لا تحصيها مجلدات وممن صرح بذلك علامتهم ومحققهم الكركي، حيث قال في رسالته (نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت) ص 198، بعد أن أورد بعض الروايات في لعن الخلفاء وتكفيرهم:[وهذا النحو في كتب أصحابنا مما لو تحرّى المتصدي لحصره جمع منه مجلدات ولم يأت على آخره، وقد أورد الأمين الضابط الثقة محمد بن يعقوب الكليني في كتابه الكافي من ذلك شيئاً كثيراً، وفيه أحاديث باللعن الصريح، والحث عليه من الأئمة ]، وممن صرح بذلك أيضاً علامتهم المجلسي في (بحار الأنوار) ج30 ص 399 حيث قال: [أقول: الأخبار الدالة على كفر أبي بكر وعمر وأضرابهما وثواب لعنهم والبراءة منهم، وما يتضمن بدعهم، أكثر من أن يذكر في هذا المجلد أو في مجلدات شتى، وفيما أوردناه كفاية لمن أراد الله هدايته إلى الصراط المستقيم)، والطريف المبكي هو دعوى المجلسي أن مجلد المطاعن الذي يذكره لا يمكن أن يستوعب كل ما ورد عندهم في تكفير الخلفاء، بل حتى لو أضاف إليه مجلدات أخرى فلا يمكن أن تستوعب ذلك، مع أن القارئ سيصاب بالذهول إذا علم أن مجلد المطاعن هذا من الطبعة الحجرية هو عبارة عن أربعة مجلدات من الطبعة الحديثة، وبعملية حسابية بسيطة نصل الى أن عدة مجلدات من الطبعة الحجرية لا يمكن أن تحصي ذلك، والمجلد الواحد منها يعادل أربعة، وأقل الجمع ثلاثة، فتكون النتيجة على قول المجلسي على أقل تقدير هي أن اثني عشر مجلداً لا يمكن أن تستوعب كل ما ورد في كتبهم من تكفير ولعن لأبي بكر وعمر وعثمان، فإنا لله وإنا إليه راجعون.(58/1)
-وبدون مبالغة-، وإنما اقتصرت على ما وقفت عليه من مرويات وأقوال هي من أصرح ما يكون عندهم والمتمثلة بذكر أسماء كبار الصحابة ليكون عرض المطاعن وبيان حقد المذهب مكشوفاً من غير لفٍّ ولا دوران من أرباب التقية، ومن أراد التوسع فليراجع ما جمعه المتخصصون في مؤلفاتهم في هذا المجال.
ثانياً
... لم أذكر في هذا الفصل المطاعن التي وُجِّهتْ لكل الصحابة، وإنما اقتصرت على كبار الصحابة وأفضلهم وهم الخلفاء الثلاثة – أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم - دون الباقين روماً للاختصار، فكلما ذكرت كلمة الخلفاء فالمقصود منها أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فتنبه لهذه اللفظة لأنها ستتكرر في هذه الدراسة.
ثالثاً
أرجو من القراء أن يعذروني على ما سيجدونه من ألم وحرقة لقلوبهم، فأنا لا أدري كيف تمالكت نفسي وأمسكت بقلمي لكتابة مطالب هذا الفصل، لأنها تمزق قلب كل مسلم لما يجده من طعن وسب لخيار رجالات الإسلام وأعظم قادته في التاريخ، منذ بدء الإسلام وإلى قيام الساعة، بل وحقٌّ للمسلم أن يبكي ويجأر إلى الله تعالى مما يكافأ به هؤلاء الخلفاء الأجلاّء، فهم الذين رضي الله عنهم ورسوله حتى قال سبحانه: { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم } [التوبة:100].(58/2)
لذا فإننا نقطع بأن الله تعالى سيأخذ بحقهم إما عاجلاً أو آجلاً ممن يشتمهم ويسبهم الذين اتخذوا من محبة أهل البيت ذريعة لذلك، مع أن الواجب على كل المسلمين تجاههم هو الحب والتبجيل والدعاء لهم، نظراً لما قدموه من خدمات جليلة تجاه الإسلام ونصرته، فقد بذلوا أغلى ما يملكه الإنسان وهو النفس والمال والوطن والأهل، ولو أن شخصاً في هذا الزمان قام بعشر ما فعلوه من جهاد فقط أو عبادة فقط أو هجرة فقط أو إنفاق فقط، لعدّه الناس من الأولياء الذين أمر الله بموالاتهم!!!(58/3)
الفصل الأول
حقائق تمثل خلاصة معتقد الإمامية في الخلفاء وأهل السنة
الفصل الأول
هناك ثلاث حقائق هي في غاية الأهمية لمن تأملها وفهمها بدقة، لأنها ستجعل أهل السنة على بصيرةٍ من بشاعة عداء الامامية تجاه الصحابة وباقي فرق أهل السنة، ومن ثم لا تنطلي عليهم شعارات الخداع التي يرفعها دعاة الامامية بسلامة موقفهم من الخلفاء ومحبتهم لهم،
بل لو أن القارئ لم يقرأ من هذه الدراسة إلا هذه الحقائق لكفته لأنها بمثابة الدستور والقول الفصل في بيان معتقدهم وموقفهم تجاه الخلفاء واتباعهم، وهذه الحقائق هي:
الحقيقة الأولى
وخلاصتها هي:
لا يمكن لمن يعتقد بمعتقد الامامية في الإمامة والخلافة أن يحبَّ الخلفاء الثلاثة ويُكِنَّ لهم الاحترام والتقدير بل على العكس من ذلك فإنه لا يضمر لهم إلا البغض والحقد والكراهية واللعن والتكفير سواء أظهر ذلك وأعلنه أو أضمره وأخفاه.
وأما بيانها فيتضح من خلال أمرين هما:
الأمر الأول:(59/1)
هو معرفة المعنى العام لأصل الإمامة والخلافة الذي يعتقده جميع الإمامية قاطبةً من دون فرق بين عوامهم وعلمائهم فالكل مجمعون على هذا الأصل -والذي يخالفه لا يُعَدُّ إمامياً قطعاً لأنه خالف ما هو ضروري في المذهب- وخلاصته هو أن منصب الخلافة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرةً - وبدون فصل - يكون لعلي بن أبي طالب حقاً خالصاً(1) - لا يشاركه فيه أحدٌ من الصحابة بمن فيهم الخلفاء الثلاثة - بأمرٍ من الله عز وجل وقد نصَّ عليه بكتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - إما نصاً صريحاً أو خفياً، فيقول علاَّمتهم وحجتهم محمد جميل حمود: [إنهم -أي الشيعة الامامية- يعتقدون طبقاً للأدلة القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة والصريحة على أن الإمام علي بن أبي طالب - عليه السلام - هو الخليفة الحق بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا فصل، وأن من نازعه في ذلك فقد أخذ ما ليس له ونازع الله تعالى ورسوله](2).
الأمر الثاني:
هو بمعرفة ما هو موجود في الواقع من كون منصب الخلافة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - - مباشرةً - قد انتقل لأبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - في الوقت الذي هو حقٌ لعلي - رضي الله عنه - - بناءً على معتقد الامامية في ذلك -.
وبناءً على هذين الأمرين نستطيع أن نتوصل الى أن هناك سرقة واغتصاباً لحق
علي - رضي الله عنه - في الخلافة، والذي قام بهذه السرقة هم الخلفاء الثلاثة الذين استحوذوا على منصب الخلافة دون صاحبها الشرعي الذي نصَّ عليه الله ورسوله.
__________
(1) ولولديه الحسن والحسين رضي الله عنهما ثم من بعده لتسعة مخصوصين من ولد الحسين (دون الحسن!) يتمون الاثني عشر إماماً يتناوبون عليها حتى قيام الساعة، آخرهم المهدي الذي اختفى بعد وصول الإمامة إليه (على زعمهم) منذ سنة 255 هـ ولا يزال مختفياً حتى يومنا هذا .
(2) قال ذلك في كتابه (أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد) ص116.(59/2)
ومن ثم يكون الخلفاء في نظر الامامية جميعاً - علمائهم وعوامهم - لصوصاً وسُرّاقاً ومغتصبين لحق علي في الخلافة، وهذه حقيقة ثابتة عند كل الامامية سواء صرحوا بها باللفظ أو بالمعنى، فممن صرح بذلك من علمائهم ما يلي:
1-يقول شيخهم ومحدثهم عبد الله بن صالح البحراني: [إن مُعْتَقِد تقدم اللصوص الثلاثة المتمردين على أمير المؤمنين - عليه السلام - كافر بالمعنى الحقيقي في نفس الأمر](1).
2-يقول عالمهم نور الله التستري: [وأما من زعموه كبار الصحابة وعنوا به الثلاثة فهم أول من أسَّس أساس الظلم والعدوان بغصب الخلافة عن أهل البيت والإقدام بكيت وكيت وإنما صاروا كباراً بغصبهم الخلافة وحكومتهم على الناس بالجلافة](2).
__________
(1) ينظر الشهاب الثاقب ص 172.
(2) الصوارم المهرقة - نور الله التستري ص5.(59/3)
3-يقول المولى محمد صالح المازندراني: [فلم تزل الإمامة والخلافة في ذريته الطاهرة - يعني به إبراهيم - عليه السلام - - يرثها بعض عن بعض قرناً بعد قرن حتى ورثها الله تعالى نبينا (صلى الله عليه وآله) فقال: * (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) * فكانت لهم خاصة فقلدها (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) بأمر الله تعالى فصارت في ذريته الأصفياء الأتقياء البررة الكرماء الذين هم أولو الأمر كما قال الله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * ثم طائفة من اللصوص المتغلبة الذين نشأت عقولهم وعظامهم ولحومهم في عبادة الأوثان غصبوها من أهل الصفوة فضلوا وأضلوا كثيرا](1)، وقال أيضاً: [قوله (فإنهم لا يدخلونكم) فيه رمز إلى أن غيرهم من اللصوص المتغلبة يدخلون الناس في باب ضلالة ويخرجونهم من باب هدى، وإن تصفحت كتبهم رأيتهم حرفوا دين الله ووجدت أكثر أحكامهم مخالفة للكتاب في السنة](2)، وقال أيضاً: [ومن ههنا يظهر أن أمير المؤمنين (عليه السلام) مقدم على الثلاثة المنتحلين للخلافة](3).
__________
(1) شرح أصول الكافي - مولى محمد صالح المازندراني ج5 ص 112-113.
(2) نفس المصدر ج5 ص267.
(3) نفس المصدر ج1 ص190.(59/4)
4-يقول محدثهم يوسف البحراني: [صادفوا مبتدعات عمر ومخترعاته، وتمويهاته ومحدثاته، ولم يكونوا عالمين بسنن النبي - صلى الله عليه وسلم - وشريعته، وإنما تلقَّوها من عمر ونوابه، وقد علمت ما هم عليه جميعاً من البغض لأهل البيت عليهم السلام، وإخفاء فضائلهم ومناقبهم، سيما الخلافة التي تَقَمَّصوها ظلماً وعدواناً، بل إقدامهم على تغيير سنن الرسول جهراً وإعلاناً، وجرأتهم على تبديل شريعته، وإخماد دينه، ومحو طريقته](1)، وقال مثبتاً كفر المغتصبين للخلافة من علي - رضي الله عنه - ويقصد بهم ابا بكر وعمر وعثمان- رضي الله عنهم - الذين عبر عنهم بالغاصبين: [وحينئذٍ لا فرق في الحقيقة بين المحاربين له- عليه السلام - ولا بين الغاصبين للخلافة، بل الغاصبون أَشَدُّ كفراً وزندقة، لأنهم الأصل لكل فتنة متطرقة، ولولا غصب الخلافة يوم السقيفة وفعلهم بأهل البيت تلك الأفعال المخيفة لما طمع فيها طامع من الناس، ولا تقحمها أحدٌ من أولئك الأرجاس، من بني أمية أو بني العباس](2).
5-يقول آيتهم العظمى محمد باقر الصدر مثبتاً لهذه الحقيقة في عدة مواضع من كتابه(فدك في التاريخ)، وكما يلي:
أ-قال ص105-106 مصرحاً بسرقة أبي بكر لحق علي في الخلافة: [إن عليا الذي كان على أتم استعداد لتقديم نفسه قربانا للمبدأ في جميع أدوار حياته منذ أن ولد في البيت الإلهي وإلى أن قتل فيه، قد ضحى بمقامه الطبيعي ومنصبه الإلهي في سبيل المصالح العليا التي جعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصياً عليها وحارساً لها... ولم يمنعه تزعم غيره لها عن القيام بالواجب المقدس، لأن أبا بكر إن كان قد ابتزه حقه ونهب تراثه، فالإسلام قد رفعه إلى القمة].
__________
(1) الشهاب الثاقب ص59.
(2) نفس المصدر ص228.(59/5)
ب-صرح بأن ثبوت النص على علي في الخلافة معناه عدم براءة أبي بكر وعمر وعثمان من المسؤولية أمام الله تعالى وفي حكم الضمير، فقال ص83-84: [ولا بأس عليهم أن يفكروا في أمور الخلافة ويتفقوا فيها على سياسة موحدة إذا لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نص في الموضوع، ولا يبرِّؤهم -إذا كان النص ثابتا ببعدهم عن الهوى السياسي وارتجال فكرة الخلافة في ساعة السقيفة- من المسؤولية أمام الله وفي حكم الضمير].
ج-صرح بأن الوصاية بمعنى الخلافة وهي ثابتة عنده لعلي - رضي الله عنه - ، ثم بيَّن بكل صراحة وجلاء ما يترتب عليها من نتيجة وهي كون أبي بكر لص سارق لحق غيره وهي الخلافة ، فقال ص171-172: [أن عليا هو وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا ريب... وإذن فالوصاية من الأوسمة الإسلامية الرفيعة التي اختص بها الأمام بلا ريب. وقد اختلف شيعة علي وشيعة أبي بكر في معنى هذه الوصاية فذهب السابقون الأولون إلى أنها بمعنى النص عليه بالخلافة ، وتأولها الآخرون فقالوا: إن عليا وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على علمه أو شريعته أو مختصاته. ولا نريد الآن الاعتراض على هؤلاء أو تأييد اولئك، وإنما نتكلم على الحديث بمقدار ما يتطلبه اتصاله بموضوع هذا البحث ونقرر النتيجة التي يقضي بها على كل من تلك التفاسير. فنفترض أولا: إن الوصاية بمعنى الخلافة، ثم نتبين الصديق على هدى الحديث. فإنا سوف نراه شخصا سارقا لأنفس المعنويات الإسلامية، ومتصرفا في مقدرات الأمة بلا سلطان شرعي. ولا مجال لهذا الشخص حينئذ أن يحكم بين الناس].
6-ذكر علاَّمتهم الحجة محمد جميل حمود عدة أقوال في كتابه (أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد) فمنها:
أ-قال ص19: [فالخلاف على الإمامة ليس خلافا هامشيا كما يصوره البعض، بل هو خلاف يدخل في عمق الإسلام].
ب-قال ص29: [وعليه فالحديث حول الخلافة يعني البحث عن الحق المغصوب لمولى الثقلين الإمام علي ع].(59/6)
ج-قال ص40: [مع ان الذين قهروه على البيعة أمثال ابي بكر وعمر كانوا قد بايعوه في غدير خم ثم نقضوا بيعتهم تلك].
د-قال: [فالخلافة التي دار النزاع عليها بين الخاصة والعامة، وسفك من اجلها دماءٌ لها بعدان مهمان: البعد الزماني - المتجلي في كون اصحاب الحق في فترة زمنية معينة قد اغتصب حقهم وازيحوا قهراً عن مناصبهم التي جعلها تعالى لهم].
هـ- قال ص49: [فتاريخنا ليس معصوماً حتى يحرم على طالب الحقيقة ان يغور في اعماقه (اقصد بغور اعماقه الكشف عن زيف بعض المنافقين الذين تستروا بصحبتهم لرسول الله وادعائهم الخلافة لأنفسهم)].
و-قال ص153: [ان هذا تدبير وقائي صدر من النبي ص اتجاه الذين سيغتصبون الخلافة من صاحبها الشرعي الامام علي بن ابي طالب ع بعد تواتر النصوص القرآنية والنبوية على انه الخليفة].
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
وهكذا تبينت لنا هذه الحقيقة بجلاء من خلال الأمرين المذكورين ونصوص علمائهم الصريحة في ذلك، فلا يمكن أن يجتمع حب الخلفاء في قلوب الإمامية مع اعتقادهم بأن الخلافة هي حق خالص لعلي - رضي الله عنه - وهم سرقوها واغتصبوها منه، بل ان الذي يوجد في قلوبهم بيقين هو البغض واللعن والسب لهم والبراءة منهم - سواء أظهروه أو أضمروه - فهذا حقيقة ثابتة عند الإمامية جميعاً، لأن هناك تلازماً وترابطاً بين العقيدتين إحداهما القول بخلافة علي - رضي الله عنه - والأخرى بغض الخلفاء فما من شخص يعتقد إحداهما إلا ويعتقد الأخرى يقيناً لأنهما متلازمتان ولا يمكن الفصل بينهما أبداً.(59/7)
وقد رأيت أن أصرح من بَيَّنَ هذا التلازم بين العقيدتين هو السيد المرتضى الملقب عندهم بعلم الهدى ومحدثهم القمي وعلامتهم الحجة محمد جميل حمود حيث صرحوا بأنه متى اعتقدنا أن هناك نصاً على خلافة علي - رضي الله عنه - وكونها حقاً خالصاً له فيجب حينها أن نسيء الظن بالخلفاء لأنهم سرقوا واغتصبوا حق غيرهم وهو الخلافة، فلا يمكن أن يجتمع حسن الظن بهم ومحبتهم مع القول بخلافة علي - رضي الله عنه -، وإليك نص أقوالهم في ذلك:
1- ذكر السيد المرتضى عدة أقوال منها:
أ-قال: [وإنما يسوغ أن يقال لا إمارة هناك تقتضي الخوف وتدعو إلى سوء الظن إذا فرضنا ان القوم كانوا على أحوال السلامة متضافرين متناصرين متمسكين بأوامر الرسول صلى الله عليه وآله، جارين على سنته وطريقته. فلا يكون لسوء الظن عليهم مجال ولا لخوف من جهتهم طريق.
فأما إذا فرضنا انهم دفعوا النص الظاهر وخالفوه وعملوا بخلاف مقتضاه، فالامر حينئذ منعكس منقلب وحسن الظن لا وجه له، وسوء الظن هو الواجب اللازم. فلا ينبغي للمخالفين لنا في هذه المسألة ان يجمعوا بين المتضادات، ويفرضوا ان القوم دفعوا النص وخالفوا موجبه، وهم مع ذلك على أحوال السلامة المعهودة منهم التي تقتضي من الظنون بهم أحسنها وأجملها](1).
ب-كرر هذا المعنى أيضاً في كتابه الشافي في المجلد الثاني حيث قال ص112: [وعذر أمير المؤمنين عليه السلام إذا قيل فما باله لم يحضر ويحاج القوم وينازعهم ؟ ظاهر لائح لأنه عليه السلام رأى من إقدام القوم على الأمر وإطراحهم للعهد فيه وعزمهم على الاستبداد به مع البدار منهم إليه، والانتهاز له ما آيسه من الانتفاع].
__________
(1) تنزيه الأنبياء عليهم السلام - الشريف المرتضى ص187.(59/8)
ج-وقال أيضاً ص113: [لا سيما وعند جماعة مخالفينا أن القوم الحاضرين بالسقيفة إنما حضروا للبحث والتفتيش والكشف عمن يستحق الإمامة ليعقدوها له، ولم يكن حضورهم لما تدعيه الشيعة من إزالة الأمر عن مستحقيه، والعدول به عن وجهه].
د-وقال ص113: [فكيف يصح أن يحتج على مثل هؤلاء بالنص الذي لا شبهة في أن الاحتجاج به تظليم للمتقدمين وتضليل لكل من دان بإقامتهما، وامتثل حدودهما].
2-قال محدثهم محمد طاهر القمي حيث صرح بأن الذي يقول بخلافة علي لا بد أن يعتقد كفر الخلفاء الثلاثة: [لأن الأمة بين قائِلَيْن: قائل بكفر هؤلاء(1)، وهم القائلون بامامة أمير المؤمنين عليه السلام من غير فصل وكفر الخلفاء الثلاثة(2)، وقائل بإيمان هؤلاء(1)، وهم أكثر القائلين بامامة الخلفاء الثلاثة، فلما أثبتنا بطلان خلافة الثلاثة، ثبت كفر هؤلاء، لعدم القائل بالفصل](3).
__________
(1) ويقصد معاوية وعمرو بن العاص وطلحة والزبير.
(2) وهنا ذكر التلازم المذكور بين القول بإمامة علي - رضي الله عنه - بلا فصل وبين كفر الخلفاء الثلاثة فتأمله.
(3) كتاب الأربعين- محمد طاهر القمي الشيرازي ص628.(59/9)
3-لقد حاول علامتهم وحجتهم محمد جميل حمود أن يثبت أن الامامة من اصول الدين وذلك من خلال جوابه حول اعتراض وجِّهَ اليه من الامامية مفاده أن القول بكونها من اصول الدين يترتب عليها نتائج خطيرة ولا يمكن تجنبها ابرزها هو تكفير جميع فرق المسلمين الذين لا يعتقدونها، ولكنه تمسك بقوله وبما يترتب عليه من تكفير المسلمين فصرح بتكفيرهم، واليك نص الاعتراض وجوابه عنه: [إنه لو كانت الأمامة من اصول الدين، للزم خروج الفرق الإسلامية غير الأثنا عشرية عن الدين، ولزم تكفير المنكرين لها، فيكون بذا الإسلام فرقة واحدة والباقي كفّاراً....... ثم أجاب عن هذا الأعتراض بقوله: إن التكفير من لوازم عدم الاعتقاد بإمامة العترة الطاهرة، والشيعة حينما يعتقدون بكفر منكرها فليسوا بدعاً في ذلك، ولا شواذاً عن غيرهم...](1).
__________
(1) الفوائد البهية في شرح عقائد الأمامية ج2 ص26.(59/10)
ومما يؤكد هذه الحقيقة هو ان المصادر المعتمدة في المذهب لم تذكر للخلفاء منقبة واحدة ومدحاً واحداً يبعث بقلوبهم على محبتهم وإجلالهم، وإنما على العكس من ذلك فأينما اشتهرت لهم منقبة وفضيلة في القرآن أو السنة المتواترة، أَوَّلوها وحرفوها لينقلوها من معنى المدح بحقهم إلى الذم(1).
__________
(1) ومن الأمثلة على ذلك هو أن الله تعالى قد رضي عن السابقين من المهاجرين وبشرهم بالجنة بقوله تعالى: { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ ?رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } (التوبة:100)، فماذا يفعلون أمام هذه الآية ، إذ الاعتراف بأن الخلفاء داخلون فيها وانهم من أهل الجنة أشد عليهم من إزهاق أرواحهم، وفي نفس الوقت لا يستطيعون أن ينكروا بأن الخلفاء من السابقين بالهجرة، ولذا قالوا أن المراد بهم أبو ذر وسلمان والمقداد (كما في تفسير القمي) ولم يبينوا لماذا أخرجوا الباقين، ولا ندري هل يدخل علي ( في هذه الآية أم لا! ، ومثال آخر ما سننقله في الفصل الأول من الباب الأول عن الخالصي [وقد سبقه بهذا التحريف الطوسي في (تلخيص الشافي)] من رضا الله عمن بايع تحت الشجرة، ومنعهم دخول أبي بكر وعمر في ذلك لعدم وجود دليل (بزعمهم) على أنهم من المؤمنين ويريدون انهم من المنافقين، ومثال آخر آية الغار (التوبة:40) التي خَلَّدَ الله فيها ذكر أبي بكر، حرفوها أيضاً بأن الصحبة قد تكون بين المؤمن والكافر، بل قد تكون بين الرجل وكلبه، ليشككوا بدلالة الآية على فضله ومدحه، ومن شاء التفصيل فليرجع إلى مناقشاتهم لهذه الآيات، فسيخرج بنتيجة قطعية وهي لا وجود عندهم لأي مدح أو منقبة للخلفاء في القرآن الكريم والسنة النبوية.(59/11)
وقد أوردت هذه الحقيقة لتكون كلمة الفصل في بيان موقف علماء الشيعة قاطبةً من الخلفاء رضي الله عنهم حتى لا يقول أحد بأن العالم الفلاني من علماء الشيعة لم نسمع منه طعناً وسباً للخلفاء فلا تشمله هذه الحقيقة بل هو خارج عنها،وهذا خطأ ناشئ عن عدم فهمه لهذه الحقيقة بدقة إذ الكل داخلون فيها وبيانها بأن نسأله هل تعتقد بأن الخلافة التي نالها أبو بكر رضي الله عنه هي حق له أم هي حق لعلي رضي الله عنه دون غيره وقد سرقها منه فإن قال بأنها حق لأبي بكر فقد خرج من مذهب الإمامية ودخل في مذهب أهل السنة،وإن قال بأنها حق لعلي وسرقها منه أبو بكر فقد وافق الشيعة الإمامية ببغض الخلفاء واتهامهم بسرقة الخلافة ليدخل في هذه الحقيقة فتشمله وإن لم يصرح بالسب والبغض.
... لذا فقد آن الأوان في ضوء هذه الحقيقة أن يتخلى أهل السنة عن حسن الظن بهم ويستيقنوا ويجزموا باستحالة وجود مثقال ذرة من المحبة للخلفاء في قلب كل من رضع من ثدي هذا المذهب واستقى عقائده من مصادره التي لا تمل ولا تفتر عن اتهامهم - وباستمرار - بغصب الخلافة وظلم علي ( وأهل بيته، وتنادي بوجوب بغضهم ولعنهم والبراءة منهم - كما ستقف على بعض منها في الفصلين القادمين - فضلاً عن ذكرها بأنهم من أهل الجنة في دار الكرامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، لأن دعوى دخول الخلفاء للجنّة أشد عليهم من الضرب بالسيوف والنشر بالمناشير والقرض بالمقاريض، وخير شاهد على ذلك ما صرح به آيتهم العظمى المعاصر الوحيد الخراساني(1) بأن الواجب على العلماء والدعاة أن يزرعوا في قلوب أتباعهم وأعوانهم بغض الخلفاء رضي الله عنهم (الغاصبين للخلافة).
وبهذا نكمل بيان الحقيقة الأولى التي تجلّى فيها موقف الامامية الحاقد البغيض تجاه الخلفاء المتمثل باتهامهم بالسرقة واللصوصية والاغتصاب للخلافة.
__________
(1) والذي سنقف على نص قوله في الفصل الثالث من هذا الباب فترقب.(59/12)
الحقيقة الثانية
وخلاصتها هي:
حيثما نجد لعناً وتكفيراً للخلفاء في مرويات وأقوال الامامية، فهو يثبت وبدرجة أوكد بحق فرق أهل السنة جميعاً، والعكس صحيح أيضاً فحيثما نجد لعناً وتكفيراً لفرق أهل السنة - المقصودين بمصطلح المخالفين - فهو يثبت وبدرجة أشد بحق الخلفاء الثلاثة - رضي الله عنهم - .
فهناك تلازمٌ ظاهرٌ بين حقد المذهب وعدائه بالحكم على الخلفاء وبين حقده على مخالفيه من فرق السنة، فمتى طعن بأحد الطرفين لزم منه حتماً الطعن بالطرف الآخر كما في الشكل التالي:
(الطرف الأول) ... يؤدي إلى ... (الطرف الثاني)
الطعن بالخلفاء ... ... ... ... الطعن بالمخالفين من
... ... فرق أهل السنة
ويمكن شرح هذه الملازمة بين الطرفين وكما يلي:
الطرف الأول (الطعن بالخلفاء)
من المعلوم أن أهل السنة جميعاً يعظمون الصحابة، بل ويجزمون بالجنة لكبارهم، وعلى رأس هؤلاء أفضلهم وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، بل وفوق هذا يجعلونهم مثالاً وقدوة لهم في الإيمان والصبر، بل ومجدهم الذي يفتخرون به من خلال ما قدموه من جهاد وتضحيات، ويعدونهم سادتهم الذين ندعو الله تعالى أن يبلغنا منازلهم في الآخرة ويحشرنا معهم، فأهل السنة يتقربون إلى الله بالسير على منهاجهم والذي هو منهاج النبوة.(59/13)
فلو توجه الطعن واللعن والحكم بالنار على كبارهم، فلا شك أنه سيمسنا من باب أولى، لأن الذي يلعن الفاضل (وهم الخلفاء) لا شك في لعنه لمن دونه في الفضل وهم أهل السنة، ومن يُكَفِّر الخلفاء فلا شك بتكفيره لأتباعهم من فرق أهل السنة، لأن الذي يُكَفِّر الأئمة المتبوعين، فإنه قطعاً يُكَفِّر تابعيهم الذين يتخذونهم قدوة ونبراساً، فإذا كان أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم كفاراً مع إيمانهم وجهادهم وخدمتهم العظيمة للإسلام ونصرته، إذاً لا شك في أننا أَشَدُّ كفراً منهم لأننا أولاً لم نقدم عشر معشار إيمانهم وجهادهم، وثانياً لأن إتباع نهجهم والسير على سننهم هو من أصول مذهبنا ولا ريب، فثبت أن الطعن بالصحابة يؤدي إلى الطعن بتابعيهم ومحبيهم من فرق أهل السنة جميعاً.
الطرف الثاني (الطعن بفرق أهل السنة)
كما ظهر وسيظهر أن التهمة والجريمة التي ارتكبتها فرق أهل السنة بنظر الإمامية هي أنهم لم يحصروا الإمامة بالإثني عشر وإنما جوزوا نيلها من قبل غيرهم مثل (أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم)، فاتُّهموا لذلك(1)
__________
(1) نعم هذه هي والله الجريمة العظمى التي ارتكبها أهل السنة بنظر الإمامية، وهي اعتبارهم لخلافة غير الأئمة الإثنى عشر خلافة صحيحة وشرعية مثل خلافة أبي بكر وعمر وعثمان- رضي الله عنهم - وإلا فانهم لم يُقَصِّروا في محبة أهل البيت وتعظيمهم وإجلالهم، ومن يعايشهم سيجد عندهم كل الحب والتعظيم لرجال أهل البيت النبوي وذرياتهم، كما اعترف بذلك أشهر آياتهم العظمى وأعلامهم وهما الخوئي والكلبايكاني بأن المخالفين (أهل السنة) موجود عندهم أصل الولاية بمعنى المحبة لأهل البيت، كما سيأتي في الفصل الأول من الباب الثاني في بيان معنى مصطلح الولاية، وكما قيل:
ومليحةٌ شَهِدَت لها ضرّاتها ... ... والحق ما شَهِدَت بهِ الأعداء.(59/14)
بمخالفتهم لأصل الولاية لأهل البيت، ومن ثم رتبوا على تلك المخالفة (لأصل الولاية) بحقهم من السب والطعن واللعن ما ستقف عليه في الفصول التالية من الباب الثاني لهذه الدراسة.
فإذا كان في تجويز أهل السنة منصب الخلافة لغير الإثنى عشرية جعلهم مستحقين لللّعن والسب والطعن بنظر الإمامية، فكيف سيكون حكم الإمامية على الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم الذين لم يجوزوا منصب الخلافة لغير الأئمة الإثنى عشر نظرياً فقط، وإنما طبقوا هذا التجويز عملياً بأنفسهم من خلال نيلهم منصب الخلافة وممارستهم لصلاحياته دون الأئمة، فعندها لا يبقى شكٌّ لعاقل أن حكمهم بلعن وسب هؤلاء الخلفاء أشد وأقوى من الحكم بلعن أهل السنة بفرقهم ومذاهبهم، وبمعنى آخر إذا كان من جوز المنصب لغير الأئمة الإثنى عشر مستحقاً للعن والسب بهذا التجويز، فكيف بحال الخلفاء الذين زادوا على هذا الذنب -وهو التجويز- ذنباً آخر والمتمثل بجلوسهم على كرسي الخلافة الذي سرقوه من الأئمة ودافعوهم على نيله -كما يعتقد الامامية - إذ لا شك في أن ذنبهم أعظم ومن ثم استحقاقهم -بنظر الإمامية- اللعن والسب بدرجة أشد من أهل السنة الذين جوزوا المنصب للغير فقط ، إذاً فالخلفاء هم المؤسسون لمبدأ مخالفة الولاية والمتبوعون فيه(1)
__________
(1) ولذا فقد عظَّموا ذنب الخلفاء الثلاثة حتى اعتقدوا بأن كل من يضل بمخالفة الولاية لأهل البيت فإثمه في أعناقهم الى يوم القيامة لأنهم المؤسسون للمخالفة أي من باب (من سنَّ سُنَّةً سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها)، فمن مروياتهم في هذا: [(وعنه عليه السلام، - وسئل عن أبي بكر وعمر، فقال: هما أول من ظلمنا، وقبض حقنا، وتوثب على رقابنا، وفتح علينا باباً لا يسده شئ إلى يوم القيامة، فلا غفر الله لهما ظلمهما إيانا)، (وعن أبي حمزة الثمالي، قال: قلت لعلي بن الحسين عليهما السلام - وقد خلا -: أخبرني عن هذين الرجلين؟. قال: هما أول من ظلمنا حقنا وأخذا ميراثنا، وجلسا مجلسا كنا أحق به منهما، لا غفر الله لهما ولا رحمهما، كافران، كافر من تولاهما)، (وعن بشير، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أبي بكر وعمر فلم يجبني، ثم سألته فلم يجبني، فلما كان في الثالثة قلت: جعلت فداك، أخبرني عنهما؟. فقال: ما قطرت قطرة من دمائنا ولا من دماء أحد من المسلمين إلا وهي في أعناقهما إلى يوم القيامة)، (وعن القاسم بن مسلم، قال: كنت مع علي بن الحسين عليهما السلام بينبع يدي في يده، فقلت: ما تقول في هذين الرجلين؟ تبرأ من عدوهما؟. فغضب ورمى بيده من يدي، ثم قال عليه السلام: ويحك! يا قاسم! هما أول من أضغنا بآبائنا، واضطجعا بسبيلنا، وحملا الناس على رقابنا، وجلسا مجلسا كنا أحق به منهما)، ينظر لهذه الروايات وامثالها في (بحار الأنوار) ج 30 ص (379-383).
ويقول محدثهم يوسف البحراني في (الشهاب الثاقب) ص140: [وولاية ابيه - أي ابو يزيد ومراده معاوية - من قبل عمر وعثمان العالمين بما عمله من الجور والطغيان، فلو أنهم أفتوا بلعن يزيد وكفره لأنجرَّ ذلك الى اظهار القدح في اصنامهم، لأنهم المؤسسون لهذه المفاسد، والموطؤن لهذه المقاصد].(59/15)
.
وبهذا ثبتت لنا هذه الحقيقة والمسلمة بيقين من كون الطعن بأحد الطرفين يؤدي الى الطعن بالطرف الآخر للتلازم الذي بيناه.
الحقيقة الثالثة
وخلاصتها هي:
إن أهل السنة لا يختلفون مع الإمامية في جدارة أهل البيت واستحقاقهم للخلافة، إلا انهم يخالفونهم في حصر الاستحقاق والجدارة فيهم ومنع اثباتهما - أي الاستحقاق والجدارة - لغيرهم من الصحابة - رضي الله عنه - .
وبيانها هو أن أهل السنة لا يختلفون مع الإمامية في استحقاق أهل البيت للإمامة من حيث النفي والإثبات، لأنهما متفقان على استحقاقهم لها وجدارتهم بها وكونهم أهلاً لها، كما يعتقدون بصحة خلافة علي وأهليته وجدارته بها ولا يخالفون فيه الإمامية أبداً.
إلا أن نقطة الخلاف تكمن في سؤال هو: هل أن هناك جمعاً من الصحابة - الى جانب أهل البيت - يليقون لمنصب الخلافة مؤهلون لها ممن عُرفوا بالإيمان والتقوى والهجرة والجهاد وخدموا الإسلام ونصروه بأموالهم وأنفسهم كأبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من كبار الصحابة والسابقين للإسلام أم أنها ممنوعةٌ عنهم لأن الاستحقاق واللياقة محصورة في أهل البيت فقط ؟(59/16)
فهنا موطن الخلاف مع الإمامية، إذ يرى أهل السنة أهلية هؤلاء الصحابة وجدارتهم لمنصب الخلافة كجدارة علي - رضي الله عنه - وأهليته لها، بينما لا يرى الإمامية في الصحابة أحداً جديراً بها وأهلاً لها غير أهل البيت ـ وليس جميعهم بل فقط اثنا عشر رجلاً منهم وباقي أهل البيت ممنوعةً عنهم ـ فيقول آيتهم العظمى محمد مهدي الخالصي مثبتاً عدم استحقاق وجدارة الخلفاء الثلاثة الذين تقدموا علياً في نيلها:[ ومع هذا كيف يدخل الريب قلب أحد في خلافة علي- عليه السلام - عن النبي- صلى الله عليه وسلم - ، وعدم استحقاق من تقدمه لها](1)وقال علامتهم العاملي البياضي مثبتاً عقيدتهم في ذلك:[فهذه نبذة من مخازي الثلاثة متخرجة … تدل بأدنى فكر على عدم استحقاقهم الخلافة ](2).
فتأمل نقطة الخلاف جيداً لأنها دقيقة:
( إذ فيها تُبَرَّأ ساحة أهل السنة لاعتقادهم أهلية أهل البيت وجدارتهم لمنصب الخلافة -كما يعتقدون ذلك في صحة خلافة علي- رضي الله عنه - وجدارته لها- لأنهم المؤمنون الصادقون المجاهدون الذين لهم فضل الإسلام والقربى من رسول الله- صلى الله عليه وسلم -.
__________
(1) إحياء الشريعة في مذهب الشيعة ج1 ص85.
(2) ينظر الصراط المستقيم (3/38).(59/17)
( وبالمقابل تبقى ساحة الامامية متهمة وغير مُبَرَّأة وذلك لنفيها استحقاق كبار صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبالتحديد أبي بكر وعمر وعثمان- رضي الله عنهم - لمنصب الخلافة(1) مع أنهم من السابقين للإسلام والناصرين له بأموالهم وأنفسهم وكانوا أحب وأقرب الصحابة الى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أنه صاهرهم وصاهروه(2)، وقد رضي الله عنهم بصريح القرآن الكريم وأخبرنا بأنهم في الجنة في عدة آيات كقوله تعالى: { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [التوبة:100].
__________
(1) وليتهم توقفوا في حقدهم الأسود عند نفي الاستحقاق عنهم واكتفوا بذلك،ولكنهم زادوا على ذلك انحرافاً وضلالاً أعظم منه حين رتَّبوا على ذلك النفي تكفيرهم ولعنهم والبراءة منهم وتخليدهم في نار الجحيم، وزادوا في الانحراف أكثر بحكمهم على أتباعهم ومحبيهم والسائرين على طريقهم بنفس الأحكام المنحرفة الضالة الأثيمة كما ستقف عليه صريحاً في فصول هذه الدراسة.
(2) فهذا عثمان - رضي الله عنه - قد تزوج بنتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو شرفٌ لم ينله أحدٌ من الصحابة غيره ولذا لُقِّب بذي النورين لابنتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما أبو بكر فقد تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنته عائشة، وأما عمر فقد تزوج رسول الله ابنته حفصة رضي الله عنهم أجمعين، وهو بدوره -أي عمر- رضي الله عنه -- قد تزوج من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.(59/18)
وقد ذكرت هذه الحقيقة المهمة لأن الكثير من أهل السنة لا يعرفون حقيقة الخلاف مع الامامية في موضوع الخلافة بهذه الصورة الدقيقة، لذا تراهم مشتتين في كلامهم وبحوثهم بعيداً عن النقطة الجوهرية في الخلاف والمتمثلة باستحقاق أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - لمنصب الخلافة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
~~~~~~~~~~~~~
وببيان هذه الحقائق المهمة نختم الفصل الأول من هذا الباب.(59/19)
الفصل الثاني
نماذج من مروياتهم في لعن الخلفاء والتجريح بهم
الفصل الثاني
سنعرض في هذا الفصل بعض مروياتهم وليس جميعها وذلك للاختصار، من خلال ثلاث مجموعات وكما يلي:
المجموعة الأولى
وهي المشتملة على أصرح ما وقفت عليه من السب واللعن للخلفاء وذلك بذكر أسمائهم وكما يلي(1):
1-قال: ورووا عن الحارث الأعور، قال: دخلت على علي عليه السلام - في بعض الليل ، فقال لي: ما جاء بك في هذه الساعة ؟. قلت: حبك يا أمير المؤمنين قال: الله.. ؟. قلت: الله. قال: ألا أحدثك بأشد الناس عداوة لنا وأشدهم عداوة لمن أحبنا؟. قلت: بلى يا أمير المؤمنين، أما والله لقد ظننت ظنا. قال: هات ظنك. قلت: أبو بكر وعمر. قال: أدن مني يا أعور، فدنوت منه، فقال: إبرأ منهما.. برئ الله منهما.
2-وفي رواية أخرى: إني لاتوهم توهما فأكره أن أرمي به بريئا، أبو بكر وعمر. فقال: اي والذي فلق الحبة وبرأ النسمة انهما لهما ظلماني حقي ونغصاني ريقي وحسداني وآذياني، وانه ليؤذي أهل النار ضجيجهما ورفع أصواتهما وتعيير رسول الله صلى الله عليه وآله إياهما.
3-قال: ورووا عن أبي الجارود زياد بن المنذر، قال: سئل علي بن الحسين عليهما السلام عن أبي بكر وعمر ؟. فقال: أضغنا بآبائنا، واضطجعا بسبيلنا، وحملا الناس على رقابنا.
4-وعن أبي إسحاق، أنه قال: صحبت علي بن الحسين عليهما السلام بين مكة والمدينة، فسألته عن أبي بكر وعمر ما تقول فيهما ؟. قال: ما عسى أن أقول فيهما، لا رحمهما الله، ولا غفر لهما.
5-وعن أبي علي الخراساني، عن مولى لعلي بن الحسين عليهما السلام، قال: كنت معه عليه السلام في بعض خلواته، فقلت: إن لي عليك حقا، ألا تخبرني عن هذين الرجلين، عن أبي بكر وعمر ؟. فقال: كافران، كافر من أحبهما.
__________
(1) الروايات (1-12) نقلناها من بحار الانوار ج30 ص (379-383)، وكذلك تقريب المعارف ص242-249 لأبي الصلاح الحلبي.(60/1)
6-وعن بشير، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أبي بكر وعمر فلم يجبني، ثم سألته فلم يجبني، فلما كان في الثالثة قلت: جعلت فداك، أخبرني عنهما ؟. فقال: ما قطرت قطرة من دمائنا ولا من دماء أحد من المسلمين إلا وهي في أعناقهما إلى يوم القيامة.
7-وعن سلام بن سعيد المخزومي، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: ثلاثة لا يصعد عملهم إلى السماء ولا يقبل منهم عمل: من مات ولنا أهل البيت في قلبه بغض، ومن تولى عدونا، ومن تولى أبا بكر وعمر.
8-وعن ورد بن زيد - أخي الكميت -، قال: سألنا محمد بن علي عليهما السلام عن أبي بكر وعمر ؟. فقال: من كان يعلم أن الله حكم عدل، بَرِئَ منهما، وما من محجمة دم يهراق إلا وهي في رقابهما.
9-وعنه عليه السلام، - وسئل عن أبي بكر وعمر، فقال -: هما أول من ظلمنا، وقبض حقنا، وتوثب على رقابنا، وفتح علينا باب لا يسده شئ إلى يوم القيامة، فلا غفر الله لهما ظلمهما إيانا.
10-وعن فضيل الرسان، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: مثل أبي بكر وشيعته مثل فرعون وشيعته، ومثل علي وشيعته مثل موسى وشيعته.
11- ورووا عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزوجل: (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا..)، قال: أسر إليهما أمر القبطية، وأسر إليهما أن أبا بكر وعمر يليان أمر الامة من بعده ظالمين فاجرين غادرين
12-ورووا عن عبيد بن سليمان النخعي، عن محمد بن الحسين بن علي بن الحسين، عن ابن أخيه الارقط، قال: قلت لجعفر بن محمد: يا عماه ! إني أتخوف علي وعليك الفوت أو الموت، ولم يفرش لي أمر هذين الرجلين ؟. فقال لي جعفر عليه السلام: إبرأ منهما، برئ الله ورسوله منهما.(60/2)
13-روى الصفار(عن موسى بن عمر، عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك، سمى رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر: الصديق؟. قال: نعم. قلت: فكيف؟. قال: حين كان معه في الغار، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني لارى سفينة جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) تضطرب في البحر ضالة. قال: يا رسول الله (ص)! وإنك لتراها؟! قال: نعم. قال: فتقدر أن ترينيها ؟. قال: ادن مني. قال:: فدنا منه، فمسح على عينيه، ثم قال: انظر، فنظر أبو بكر فراى السفينة وهي تضطرب في البحر، ثم نظر إلى قصور أهل المدينة فقال في نفسه: الآن صدقت أنك ساحر. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الصديق أنت)(1).
قال المجلسي -مستهزئاً بتلقيب أبي بكر بالصديق - [بيان: قوله صلى الله عليه وآله: الصديق أنت.. على التهكم، أو على الاستفهام الانكاري](2).
14-يقول محدثهم نعمة الله الجزائري: [كما نقل في الاخبار ان الخليفة الاول قد كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وصنمه الذي كان يعبده زمن الجاهلية مُعَلَّق بخيط في عنقه ساتره بثيابه، وكان يسجد ويقصد ان سجوده لذلك الصنم الى ان مات النبي - صلى الله عليه وسلم - فأظهروا ما كان في قلوبهم وقد تقدم مجمل احوالهم](3)، وكرر نفس المعنى ج1ص53 فقال: [فإنه قد روي في الاخبار الخاصة ان أبا بكر كان يصلّي خلف رسول - صلى الله عليه وسلم - والصنم معلق في عنقه، وسجوده له].
15-ذكر المجلسي: (عن موسى بن عمر مثله، وزاد في آخره: فقلت لم سمي عمر: الفاروق؟. قال: نعم، ألا ترى أنه قد فرق بين الحق والباطل وأخذ الناس بالباطل)(4).
__________
(1) بصائر الدرجات ص442 ورواها أيضاً القمي في تفسيره ج1ص290.
(2) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج 30 ص 194.
(3) الأنوار النعمانية- ج2ص111.
(4) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج 30 ص 194.(60/3)
16-ذكر المجلسي رواية طويلة مفادها ان نصرانياً قبَّل يد عمر بن الخطاب لأنه بزعمه قد هدم دين الإسلام الذي يعاديه النصارى فأراد أن يكافئه النصراني بتقبيل يده فمنها: (فتركه عمر وانصرف مستهينا بكلامه، فكان عمر يحدث بعد ذلك، ويقول: تبعني ذلك الرومي راكب حمار فلم يزل معي حتى باع الوليد متاعه وابتاع بثمنه عطرا وثيابا، قفل إلى الحجاز، والرومي يتبعني، لا يسألني حاجة ويقبل يدي كل يوم إذا أصبحت كما يقبل يد الملك، حتى خرجنا من حدود الشام ودخلنا في أرض الحجاز راجعين إلى مكة، فودعني ورجع، وكان الوليد يسألني عنه فلا أخبره، وما أراه إلا هلك، ولو كان حيا لشخص إلينا)(1).
وقال المجلسي معلقاً على هذه الرواية: [أقول: اعسر ايسر.. أي كان يعمل بيديه جميعا، والذي عمل بالشمال فهو اعسر. واخبار الرومي إما من جهة الائمة، فإنه كما كانت أوصاف أئمتنا عليهم السلام مسطورة في الكتب كانت أوصاف أعدائهم أيضا مذكورة فيها، كما يدل عليه أخبارنا، ولذا كان يقبل يديه لانه كان يعلم أنه يخرب دين من ينسخ أديانهم كما قبل إبليس يد أبي بكر في أول يوم صعد منبر النبي صلى الله عليه وآله واستبشر بذلك].
__________
(1) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج31 ص111.(60/4)
فهو يزعم -قاتله الله - بأن النصراني انما قبَّل يد عمر-- رضي الله عنه -- لأنه سيهدم دين الإسلام -الناسخ لدين النصارى- فأراد ذلك النصراني مكافأته بتقبيل يده، ثم زعم بأن إبليس اللعين أيضاً قبَّل يد أبي بكر لأنه هدم الإسلام بغصبه للخلافة مما أثلج صدر إبليس واليك نص الرواية التي تذكر فرح إبليس بخلافة أبي بكر: (….وقلت لعلي عليه السلام حين يغسل رسول الله صلى الله عليه واله: ان القوم فعلوا كذا وكذا وان ابا بكر الساعة لعلى منبر رسول الله صلى الله عليه واله وما يرضى الناس ان يبايعوا له بيد واحدة انهم ليبايعون بيديه جميعا يمينا وشمالا. فقال علي عليه السلام: يا سلمان فهل تدرى من اول من يبايعه على منبر رسول الله صلى الله عليه واله ؟ فقلت: لا الا اني قد رأيته في ظلة بني ساعدة حين خصمت الانصار، وكان اول من بايعه بشير بن سعد ثم أبو عبيدة بن الجراح ثم عمر بن الخطاب ثم سالم مولى أبى حذيفة [ومعاذ بن جبل]. قال: لست اسألك عن هذا، ولكن تدرى من اول من بايعه حين صعد منبر رسول الله صلى الله عليه واله ؟ قلت: لا ولكني رأيت شيخا كبيرا متوكئا على عصاه بين عينيه سجادة شديد التشمير وهو يبكي ويقول: الحمد لله الذي لم يمتني ولم يخرجني من الدنيا حتى رأيتك في هذا المكان ابسط يدك أبايعك، فبسط يده فبايعه ثم نزل فخرج من المسجد. فقال لى علي عليه السلام: يا سلمان وهل تدري من هو ؟ قلت: لا ولكني ساءتنى مقالته كأنه شامت بموت رسول الله صلى الله عليه واله، قال علي ان ذلك إبليس لعنه الله، اخبرني رسول الله ان إبليس ورؤساء اصحابه شهدوا نصب رسول الله صلى الله عليه واله اياى بغدير خم بأمر الله تعالى، فأخبرهم ان يبلغ الشاهد الغائب، فأتاه ابالسة ومردة اصحابه فقالوا: ان هذه امة مرحومة معصومة وما لنا ولا لك عليهم من سبيل، قد علموا إمامهم ومفزعهم بعد نبيهم، فانطلق إبليس كئيبا حزينا، فأخبرني رسول الله صلى الله عليه واله ان لو قد(60/5)
قبض ان الناس سيبايعون ابا بكر في ظلة بني ساعدة بعد ان تخاصمهم بحقك وحجتك، ثم يأتون المسجد فيكون اول من يبايعه على منبري إبليس في صورة شيخ كبير مستبشر يقول كذا وكذا، ثم تجتمع شياطينه وابالسته فيخر ويكسع ثم يقول كذا زعمتم ان ليس لي عليهم سبيل فكيف رأيتموني صنعت بهم حين تركوا امر من امرهم الله بطاعته وامرهم رسوله)(1).
17-روى البرسي في (مشارق الانوار): (عن محمد بن سنان، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لعمر: يا مغرور ! إني أراك في الدنيا قتيلا بجراحة من عبد أم معمر تحكم عليه جورا فيقتلك توفيقا، يدخل بذلك الجنة على رغم منك، وإن لك ولصاحبك الذي قمت مقامه صلبا وهتكا، تخرجان عن جوار رسول الله صلى الله عليه وآله فتصلبان على أغصان جذعة يابسة فتورق فيفتتن بذلك من والاك. فقال عمر: ومن يفعل ذلك يا أبا الحسن (ع) ؟. فقال: قوم قد فرقوا بين السيوف وأغمادها، فيؤتى بالنار التي أضرمت لابراهيم عليه السلام ويأتي جرجيس ودانيال وكل نبي وصديق، ثم يأتي ريح فينسفكما في اليم نسفا. وقال عليه السلام يوما للحسن: يا أبا محمد ! أما ترى عندي تابوت من نار يقول: يا علي ! استغفر لي، لا غفر الله له)(2).
__________
(1) الاحتجاج للطبرسي ج1ص 106-107، ورواها أيضاً سليم بن قيس في كتابه ص144-145.
(2) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج30 ص276.(60/6)
18-وأما ما ورد من تكفيرهم لعثمان بن عفان - رضي الله عنه - فحدِّث ولا حرج إذ يذكر عالم المذهب وأحد أعلامه أبو الصلاح الحلبي(1) فصلاً كاملاً بعنوان (تكفير عثمان)(2) افتتحه بقوله: [(تكفير عثمان) ثم اشتهر التدين بتكفير عثمان بعد قتله، وكفر من تولاه من علي عليه السلام وذريته وشيعته ووجوه الصحابة والتابعين إلى يومنا هذا ، وحفظ عنهم التصريح بذلك ، المستغني عنه بمعلوم القصود منهم] وبعدها أخذ
__________
(1) وقد ترجموا له في مقدمة كتابه (تقريب المعارف) ص22-24بمايلي: [أستاذه الشيخ الطوسي: ثقة عين، قرأ علينا وعلى المرتضى وحاله شهير. ابن شهرآشوب: من تلامذة المرتضى قدس الله روحه. منتجب الدين: فقيه، عين، ثقة، قرأ على الأجل المرتضى علم الهدى نضر الله وجهه وعلى الشيخ الموفق أبي جعفر. العلامة الحلي: ثقة، عين، له تصانيف حسنة ذكرناها في الكتاب الكبير قرأ على الشيخ رحمه الله وعلى المرتضى قدس الله روحه. ابن داود: عظيم القدر، من علماء مشايخ الشيعة..... الشيخ عباس القمي: الشيخ الأقدم، الفاضل الفقيه المحدث، الثقة الجليل، من كبار علمائنا الإمامية. وقال أيضا: ثقة جليل، عظيم الشأن،... عالم فقيه محدث، من كبار الشيوخ وعلماء الشيعة. المحدث النوري: الجليل... الفقيه النبيه. السيد الخوانساري: الشيخ الفقيه النبيه، الوجيه السامي... الثقة العين، الفاضل الإمامي، كان من مشاهير فقهاء حلب، ومنعوتا بخليفة المرتضى في علومه. الحرالعاملي: ثقة عالم فاضل فقيه محدث. الشيخ أسد الله الدزفولي: عمدة الفقهاء والمتكلمين، ونخبة الفضلاء والمعتمدين الشيخ... قدس الله سره وأنار في سماء الرضوان بدره، وهو من أساطين تلامذة المرتضى والشيخ والديلمي. الشيخ المجلسي: الشيخ الأجل. وقال: وشأن مؤلفه أعظم من أن يفتقر إلى البيان].
(2) وذلك في كتابه (تقريب المعارف) ص292-296، وذكر هذه الروايات بنصها محدثهم محمد باقر المجلسي في كتابه (بحار الانوار) ج31 .(60/7)
يسرد الروايات في كفره وذمه ومنها:
أ-ورووا عن علي بن حزور، عن الأصبغ بن نباتة قال: سأل رجل عليا عليه السلام عن عثمان؟ فقال: وما سؤالك عن عثمان، إن لعثمان ثلاث كفرات، وثلاث غدرات، ومحل ثلاث لعنات، وصاحب بليات، لم يكن بقديم الإيمان، ولا ثابت الهجرة، وما زال النفاق في قلبه، وهو الذي صد الناس يوم أحد.
ب-وذكر الثقفي في تاريخه، عن حكيم بن جبير، عن أبيه، عن أبي إسحاق، وكان قد أدرك عليا عليه السلام قال: ما يزن عثمان عند الله ذبابا، فقال: ذبابا! فقال: ولا جناح ذباب، ثم قال: و(لا نقيم لهم يوم القيامة وزنا). وذكر فيه، عن أبي سعيد التيمي قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: أنا يعسوب المؤمنين، وعثمان يعسوب الكافرين وعن أبي الطفيل: وعثمان يعسوب المنافقين. وذكر فيه، عن هبيرة بن ميرم قال: كنا جلوسا عند علي عليه السلام، فدعا ابنه عثمان، فقال له: يا عثمان، ثم قال: إني لم أسمه باسم عثمان الشيخ الكافر، إنما سميته باسم عثمان بن مظعون.
ج-وروي فيه، عن مالك بن خالد الأسدي، عن الحسن بن إبراهيم، عن آبائه قال: كان الحسن بن علي عليهما السلام يقول: (معشر) الشيعة علموا أولادكم بغض عثمان، فإنه من كان في قلبه حب لعثمان فأدرك الدجال آمن به، فإن لم يدركه آمن به في قبره.
د-وروي فيه، عن الحسين عليه السلام: أن عثمان جيفة على الصراط، من أقام عليها أقام على أهل النار، ومن جاوزه جاوز إلى الجنة. وروي فيه، عن حكيم بن جبير يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله: أن عثمان جيفة على الصراط، يعطف عليه من أحبه ويجاوزه عدوه.
هـ- ورووا فيه عن الوليد بن زرود الرقي، عن أبي جارود العبدي قال: أما عجل هذه الأمة فعثمان، وفرعونها معاوية، وسامريها أبو موسى الأشعري وذو الثدية، وأصحاب النهر ملعونون، وإمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام.(60/8)
19-ذكر الطبرسي: (…. فقال علي عليه السلام: لست بقائل غير شيء واحد، أذكركم بالله ايها الأربعة - يعنيني والزبير وأبا ذر والمقداد - أسمعتم رسول الله يقول ان تابوتا من نار فيه اثنا عشر رجلا ستة من الأولين وستة من الآخرين في جب في قعر جهنم في تابوت مقفل على ذلك الجب صخرة إذا أراد الله ان يسعر نار جهنم كشف تلك الصخرة عن ذلك الجب فاستعاذت جهنم من وهج ذلك الجب، فسألناه عنهم وانتم شهود؟ فقال صلى الله عليه واله: اما الأولون فابن آدم الذى قتل اخاه، وفرعون الفراعنة نمرود، والذى حاج ابراهيم في ربه، ورجلان من بني اسرئيل بدلا كتابهم وغيرا سنتهم، اما احدهما فهود اليهود والآخر نصر النصارى، وإبليس سادسهم، والدجال في الآخرين، وهؤلاء الخمسة اصحاب الصحيفة الذين تعاهدوا وتعاقدوا على عداوتك يا اخي والتظاهر عليك بعدي هذا وهذا وهذا حتى عدهم وسماهم. قال سلمان: فقلنا صدقت نشهد انا سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه واله فقال عثمان: يا ابا الحسن أما عندك وعند اصحابك هؤلاء في حديث؟ فقال: بلى قد سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يلعنك ثم لم يستغفر الله لك مذ لعنك فغضب عثمان…..)(1).
__________
(1) الاحتجاج - الشيخ الطبرسي ج1 ص112 –113.(60/9)
واليك هذه الرواية في نفس الكتاب تبين اسماء اصحاب الصحيفة - وهم ابوبكر وعمر وابوعبيدة وسالم مولى ابي حذيفة ومعاذ بن جبل - الذين هم في تابوت من نار فقد ذكر الطبرسي أيضاً: (…. فلما خاف أبو بكر ان ينصروه ويمنعوه بادرهم فقال: كل ما قتله قد سمعناه بآذاننا ووعته قلوبنا، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول بعد هذا: إنا اهل بيت اصطفانا الله واكرمنا واختار لنا الآخرة على الدنيا، وان الله لم يكن لجيمع لنا اهل البيت النبوة والخلافة. فقال على عليه السلام: اما أحد من اصحاب رسول الله صلى الله عليه واله شهد هذا معك؟ قال عمر: صدق خليفة رسول الله صلى الله عليه واله قد سمعنا منه هذا كما قال، وقال أبو عبيدة وسالم مولى ابى حذيفة ومعاذ بن جبل: صدق قد سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه واله. فقال لهم: لشد ما وفيتم بصحيفتكم الملعونة التي تعاقدتم عليها في الكعبة: أن قتل الله محمدا أو اماته أن تزووا هذا الأمر عنا اهل البيت. فقال أبو بكر: وما علمك بذلك اطلعناك عليها؟ قال علي يا زبير ويا سلمان وانت يا مقداد أذكركم بالله وبالإسلام أسمعتم
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك لنا ان فلانا وفلانا حتى عد هؤلاء الخمسة قد كتبوا بينهم كتابا وتعاهدوا وتعاقدوا على ما صنعوا؟ قالوا: اللهم نعم قد سمعناه يقول ذلك لك)(1).
فهذه بعض الروايات التي ذكرت الطعن والتكفير واللعن للخلفاء بأسمائهم وبها نختم المجموعة الأولى من المرويات.
المجموعة الثانية
__________
(1) الاحتجاج - الشيخ الطبرسي ج1 ص110.(60/10)
وهي المشتملة على الروايات التي مارس جامعوها بعض أنواع الخداع والحيلة من خلال ذكرهم لمصطلحات وألقاب على أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم دون الأسماء الصريحة، ولكننا وقفنا على كشف معاني هذه الاصطلاحات من خلال علمائهم الذين صرحوا بأن المراد منها الخلفاء، ولذا سنعرض نماذج من الروايات التي فيها ألقاب ثم نردفها ببيان معانيها من قبل علمائهم وكما يلي:
1-روى القمي في تفسيره: (عن محمد بن على عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: لما اقام رسول الله صلى الله عليه وآله امير المؤمنين يوم غدير خم كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين وهم فلان وفلان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن ابى وقاص وابو عبيدة وسالم مولى ابى حذيفة والمغيرة بن شعبة قال الثاني اما ترون عينه كأنهما عينا مجنون يعنى النبي الساعة يقوم ويقول قال لى ربى فلما قام قال ايها الناس من اولى بكم من انفسكم قالوا الله ورسوله قال اللهم فاشهد ثم قال الا من كنت مولاه فعلى مولاه وسلموا عليه بامرة المؤمنين فنزل جبرئيل واعلم رسول الله بمقالة القوم فدعاهم وسألهم فانكروا وحلفوا فانزل الله (يحلفون بالله ما قالوا ..الخ))(1).
__________
(1) تفسير القمي ج1 ص301.(60/11)
وممن صرح بكون المراد من فلان وفلان هما أبوبكر وعمر علامتهم الفيض الكاشاني فقال في تفسيره:(وعن الصادق عليه السلام: لما أقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا يوم غدير خم كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين، وهم: أبو بكر، وعمر، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة، وسالم مولى أبي حذيفة، والمغيرة بن شعبة، قال عمر: ألا ترون عينيه كأنهما عينا مجنون يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم الساعة يقوم ويقول: قال لي ربي، فلما قام قال: يا أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم، قالوا: الله ورسوله، قال: اللهم فاشهد، ثم قال ألا من كنت مولاه فعلي مولاه، وسلموا عليه بإمرة المؤمنين، فنزل جبرئيل وأعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمقالة القوم فدعاهم وسألهم فأنكروا وحلفوا فأنزل الله: { يحلفون بالله ما قالوا } )(1).
وذكر المجلسي أيضاً نفس الرواية بتبديله فلان وفلان بأبي بكروعمر فقال: (عن محمد بن علي، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: لما أقام رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليا يوم غدير خم كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين، منهم أبو بكر وعمر وعبد الرحمان بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة، قال عمر: أما ترون عينيه كأنهما عينا مجنون؟ - يعني النبي صلى الله عليه وآله - الساعة يقوم ويقول: قال لي ربي، فلما قام قال: أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله ورسوله، قال: اللهم فاشهد، ثم قال: ألا من كنت مولاه فعلي مولاه، وسلموا عليه بإمرة المؤمنين، فأنزل جبرئيل عليه السلام وأعلم رسول الله صلى الله عليه وآله بمقالة القوم، فدعاهم فسألهم فأنكروا وحلفوا، فأنزل الله: { يحلفون بالله ما قالوا } )(2).
__________
(1) تفسير الصافي ج2 ص359.
(2) بحار الأنوار ج37 ص119.(60/12)
2-ذكر العياشي في تفسيره: (عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام انه إذا كان يوم القيامة يؤتى بإبليس في سبعين غلا وسبعين كبلا فينظر الاول إلى زفر في عشرين ومائة كبل وعشرين ومائة غل فينظر إبليس فيقول: من هذا الذى أضعف الله له العذاب وأنا أغويت هذا الخلق جميعا؟ فيقال: هذا زفر، فيقول: بما حدد له هذا العذاب؟ فيقال:ببغيه على علي عليه السلام فيقول له إبليس: ويل لك وثبور لك، أما علمت ان الله أمرنى بالسجود لآدم فعصيته، وسألته أن يجعل لى سلطانا على محمد وأهل بيته وشيعته فلم يجبنى على ذلك، وقال: { ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين } ، وما عرفتهم حين استثناهم إذ قلت: { ولا تجد أكثرهم شاكرين } فمنتك به نفسك غرورا فتوقف بين يدى الخلائق فقال له: ما الذى كان منك إلى على والى الخلق الذى اتبعوك على الخلاف؟ فيقول الشيطان - وهو زفر - لإبليس: أنت أمرتنى بذلك، فيقول له إبليس: فلم عصيت ربك وأطعتنى؟ فيرد زفر عليه ما قال الله: { ان الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لى عليكم من سلطان } إلى آخر الاية)(1).
وقد بيَّن لنا علامتهم المجلسي بأن المراد بلفظ (زفر) هوالفاروق عمر بن الخطاب فقال: (والتعبير عن زفر بـ: عمر ظاهر، لاشتراكهما في الوزن)(2)، وقال أيضاً: (بيان: زفر وحبتر عمر وصاحبه، والاول لموافقة الوزن، والثاني لمشابهته لحبتر وهو الثعلب في الحيلة والمكر)(3).
__________
(1) تفسير العياشي ج2 ص223.
(2) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج30 ص167.
(3) نفس المصدر ج22 ص223.(60/13)
وقد ذكر محدثهم نعمة الله الجزائري نفس رواية العياشي السابقة إلا إنه صرح باسم عمر دون الرمز (زفر) فقال: (وانما الاشكال في تزويج علي ع ام كلثوم لعمربن الخطاب وقت تخلفه لأنه قد ظهرت منه المناكير وارتد عن الدين إرتداداً اعظم من كل من ارتد، حتى انه قد وردت في روايات الخاصة ان الشيطان يغلّ بسبعين غلاًّ من حديد جهنم ويساق الى المحشر فينظر ويرى رجلاً امامه تقوده ملائكة العذاب وفي عنقه مائة وعشرون غلاً من اغلال جهنم فيدنو الشيطان اليه ويقول مافعل الشقي حتى زاد عليَّ في العذاب وانا اغويت الخلق واوردتهم موارد الهلاك، فيقول عمر للشيطان ما فعلت شيئاً سوى اني غصبت خلافة علي بن ابي طالب)(1).
3-روى العياشي في تفسيره: (عن أبى حمزة الثمالى قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا أبا حمزة انما يعبد الله من عرف الله فاما من لا يعرف الله كانما يعبد غيره هكذا ضالا قلت: أصلحك الله وما معرفة الله؟ قال: يصدق الله ويصدق محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله في موالاة على والايتمام به، و بائمة الهدى من بعده والبراءة إلى الله من عدوهم، وكذلك عرفان الله، قال: قلت: أصلحك الله أي شيء إذا عملته انا استكملت حقيقة الايمان؟ قال: توالى أولياء الله، وتعادى أعداء الله، وتكون مع الصادقين كما أمرك الله، قال: قلت: ومن أولياء الله ومن أعداء الله؟ فقال: اولياء الله محمد رسول الله وعلى والحسن والحسين وعلى بن الحسين، ثم انتهى الامر الينا ثم ابني جعفر، وأومأ إلى جعفر وهو جالس فمن والى هؤلاء فقد والى الله وكان مع الصادقين كما أمره الله، قلت: ومن أعداء الله أصلحك الله؟ قال: الاوثان الاربعة، قال: قلت من هم؟ قال: أبو الفصيل ورمع ونعثل و معاوية ومن دان بدينهم فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله)(2).
__________
(1) الانوار النعمانية ج1 ص81-82.
(2) تفسير العياشي ج2 ص116.(60/14)
قال علامتهم المجلسي مبيناً معنى رموز أعداء الله في الرواية:(قوله: هكذا، كأنه عليه السلام أشار إلى الخلف أو إلى اليمين والشمال، أي حاد عن الطريق الموصل إلى النجاة فلا يزيده كثرة العمل إلا بعدا عن المقصود كمن ضل عن الطريق، وأبو الفصيل أبو بكر لان الفصيل والبكر متقاربان في المعنى، ورمع مقلوب عمر، ونعثل هو عثمان كما صرح به في كتب اللغة)(1).
4-روى القمي في تفسيره: (عن الحسين بن سعيد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما بعث الله رسولا إلا وفي وقته شيطانان يؤذيانه ويفتنانه ويضلان الناس بعده، فأما الخمسة اولو العزم من الرسل: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم، وأما صاحبا نوح ففيطيفوس وخرام، وأما صاحبا إبراهيم فمكيل ورذام، وأما صاحبا موسى فالسامري ومرعقيبا، وأما صاحبا عيسى فمولس ومريسا، وأما صاحبا محمد فحبتر وزريق)(2).
قال المجلسي: (بيان: الحبتر: الثعلب، وعبر عن أبي بكر به لكونه يشبهه في المكر والخديعة، والتعبير عن عمر بزريق إما لكونه أزرق أو لكونه شبيها بطائر يسمى زريق في بعض خصاله السيئة، أو لكون الزرقة مما يبغضه العرب ويتشائم به كما قيل في قوله تعالى: { ونحشر المجرمين يومئذ زرقا } )(3).
5-روى الكليني في الكافي: (محمد بن أحمد القمي، عن عمه عبد الله بن الصلت، عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان، عن حسين الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قي قول الله تبارك و تعالى: " ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والانس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الاسفلين " قال: هما ثم قال: وكان فلان شيطانا)(4).
__________
(1) بحار الانوار ج27 ص58.
(2) تفسير القمي ج1 ص214.
(3) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج 31 ص 212.
(4) الكافي ج8 ص334.(60/15)
قال المجلسي: (بيان: إن المراد بفلان: عمر.. أي الجن المذكور في الآية عمر، وإنما كنى به عنه لانه كان شيطانا، إما لانه كان شرك شيطان لكونه ولد زنا، أو لانه كان في المكر والخديعة كالشيطان، وعلى الاخير يحتمل العكس بأن يكون المراد بفلان: أبا بكر)(1).
6-روى العياشي في تفسيره: (عن أبى بصير عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب، بابها الاول للظالم وهو زريق وبابها الثاني لحبتر، والباب الثالث للثالث، والرابع لمعاوية، والباب الخامس لعبد الملك والباب السادس لعسكر بن هو سر، والباب السابع لابي سلامة فهم أبواب لمن اتبعهم)(2).
قال المجلسي: (بيان: الرزيق كناية عن أبي بكر لان العرب يتشائم بزرقة العين. والحبتر هو عمر، والحبتر هو الثعلب، ولعله إنما كني عنه لحيلته ومكره، وفي غيره من الاخبار وقع بالعكس وهو أظهر إذا الحبتر بالاول أنسب، ويمكن أن يكون هنا أيضا المراد ذلك، وإنما قدم الثاني لانه أشقى وأفظ وأغلظ. وعسكر بن هو سر كناية عن بعض خلفاء بني امية أو بني العباس، وكذا أبي سلامة، ولا يبعد أن يكون أبو سلامة كناية عن أبي جعفر الدوانيقي، ويحتمل أن يكون عسكر كناية عن عائشة وسائر أهل الجمل إذ كان اسم جمل عائشة عسكرا، وروي أنه كان شيطانا)(3).
__________
(1) بحار الأنوار- العلامة المجلسي ج30 ص 270.
(2) تفسير العياشي ج2 ص243.
(3) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج8 ص301.(60/16)
7-روى القمي في تفسيره: (عن حسان، عن هاشم بن عمار يرفعه في قوله: { أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشآء ويهدي من يشآء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون } قال: نزلت في زريق وحبتر)(1). قال المجلسي: (بيان: زريق وحبتر: كنايتان عن الملعونين، عبر عنهما بهما تقية، والعرب تتشاءم بزرقة العين، والحبتر: الثعلب، والثاني بالاول أنسب)(2).
8-روى المجلسي في بحاره: (عن عبد الرحمن قال: سألت الصادق عليه السلام عن قوله: { أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات } قال: أمير المؤمنين وأصحابه { كالمفسدين في الارض } حبتر وزريق وأصحابهما { أم نجعل المتقين } أمير المؤمنين وأصحابه { كالفجار } حبتر ودلام و أصحابهما. { كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته } هم أمير المؤمنين والائمة عليهم السلام { وليتذكر اولو الالباب } فهم أولو الالباب قال: وكان أمير المؤمنين عليه السلام يفتخر بها ويقول: ما اعطي أحد قبلي ولا بعدي مثل ما اعطيت)(3).
ثم كشف لنا المجلسي بعدها عن معنى الرموز في الرواية فقال: (بيان: الحبتر: الثعلب، وعبر به عن أبي بكر لكثرة خدعته ومكره. وزريق: كناية عن عمر إما لزرقة عينه أو لان الزرقة مما يتشاءم به العرب، كناية عن نحوسته. والدلام أيضا كناية عنه).
__________
(1) تفسير القمي ج2 ص207.
(2) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج30 ص153.
(3) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج35 ص336.(60/17)
9-روى الصفار في بصائره: (… قال له كذبت لا والله ما تحبنى ولا احبك قال فبكى الخارجي فقال يا امير المؤمنين لتستقبلني بهذا وقد علم الله خلافه ابسط يديدك ابايعك قال على ماذا قال على ما عمل زريق وحبتر قال فمد يده وقال له اصفق لعن الله الاثنين والله لكأنى بك قد قتلت على ضلال ووطئت وجهك دواب العراق فلا تغرنك قوتك قال فلم يلبث ان خرج عليه اهل النهروان وخرج الرجيم معهم فقتل)(1).
وقال محقق كتاب البصائر الحاج ميرزا محسن معلقاً على لفظي (زريق وحبتر) في الرواية مانصه: [أبو بكر وعمر، هكذا في البحار (تعليق)].
10-قال المجلسي: (وروي في تفسير قوله تعالى: (إن أنكر الاصوات لصوت الحمير) قال: سأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام ما معنى هذه الحمير؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: الله أكرم من أن يخلق شيئا ثم ينكره، إنما هو زريق وصاحبه في تابوت من نار في صورة حمارين، إذا شهقا في النار انزعج أهل النار من شدة صراخهما)(2). وقد أعقبها المجلسي ببيان المراد بلفظ(زريق)، فقال: [بيان: لعله عبر عن أبي بكر بزريق تشبيها له بطائر يسمى بذلك في بعض أخلاقه الردية، أو لان الزرقة مما يتشاءم به العرب، أو من الزرق بمعنى العمى وفي القرآن "يومئذ زرقا"]، أي ان أبا بكر وعمر يوم القيامة في تابوت من نار على صورة حمارين فإنا لله وإنا إليه راجعون.
__________
(1) بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 412، ورواها ايضا المفيد في (الاختصاص) ص312.
(2) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج 28 ص 237.(60/18)
11-روى القمي في تفسيره: (عن الحسن بن علي عن صالح بن سهل قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول في قول الله { أو كظلمات } فلان وفلان { في بحر لجى يغشاه موج } يعنى نعثل { من فوقه موج } طلحة وزبير { ظلمات بعضها فوق بعض } معاوية ويزيد وفتن بنى امية { إذا اخرج يده } في ظلمة فتنتهم { لم يكد يريها ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور } يعني إماما من ولد فاطمة (ع)، فماله من نور فماله من إمام يوم القيامة يمشي بنوره)(1).
قال المجلسي معلقاً: (والمراد بفلان وفلان أبو بكر وعمر، ونعثل هو عثمان، قال في النهاية: كان أعداء عثمان يسمونه نعثلا، تشبيها له برجل من مصر كان طويل اللحية اسمه نعثل، وقيل: النعثل: الشيخ الاحمق، وذكر الضباع)(2).
المجموعة الثالثة
وهذه المجموعة فصلناها عن سابقتيها، لأننا سنعرض فيها ثلاث صور للّعن والحقد المؤلم، ولكن بتفصيل موسع جداً ولذا كان من المناسب فصلها في مجموعة مستقلة بثلاث صور وكما يلي:
الصورة الأولى: قصة العقبة
وهي تتهم خيار الصحابة والخلفاء بأنهم تآمروا على قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - وقاموا بفعل ذلك وتنفيذه إلا أن الله نجَّاه منهم، على زعم الأقلام الحاقدة التي تسعى لتشويه الصورة المشرقة لصدر الإسلام، والتي سطرت هذا الكيد للإسلام وقادته، فبدل أن توجه هجومها على أعداء الإسلام الحقيقيين من مشركي قريش واليهود والمنافقين الذين طالما حاولوا قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - والقضاء على الإسلام، إلا انا وللأسف نجدها تضرب عن هؤلاء صفحاً، لتتوجه بحقدها وخيلها ورجلها إلى قادة الإسلام وبناة مجده بدمائهم وأموالهم، فترسم لهم تلك الصورة التي لا يفرح بها إلا إبليس اللعين وحزبه من أعداء الإسلام والحاقدين عليه.
وإليك بيانها في ثلاثة مواطن بعضها مفصل والآخر مختصر وهي:
__________
(1) تفسير القمي ج2 ص106.
(2) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج 32 ص 306.(60/19)
الموطن الأول
قد ذكر هذه القصة بتفصيل علامتهم المجلسي في بحار الأنوار ج28 ص(97-100): ودار الكلام فيما بينهم وأعادوا الخطاب وأجالوا الرأي فاتفقوا على أن ينفروا بالنبي (صلى الله عليه وآله) ناقته على عقبة هرشى وقد كانوا عملوا مثل ذلك في غزوة تبوك فصرف الله الشر عن نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) فاجتمعوا في أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من القتل والاغتيال وإسقاء السم على غير وجه، وقد كان اجتمع أعداء الله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الطلقاء من قريش والمنافقين من الأنصار ومن كان في قلبه الارتداد من العرب في المدينة وما حولها، فتعاقدوا وتحالفوا على أن ينفروا به ناقته، وكانوا أربعة عشر رجلا.(60/20)
فقال حذيفة: فدعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعا عمار بن ياسر وأمره أن يسوقها وأنا أقودها، حتى إذا صرنا رأس العقبة، ثار القوم من ورائنا، ودحرجوا الدباب بين قوائم الناقة، فذعرت وكادت أن تنفر برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فصاح بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن اسكني، وليس عليك بأس. فأنطقها الله تعالى بقول عربي مبين فصيح، فقالت: والله، يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا أزلت يدا عن مستقر يد، ولا رجلا عن موضع رجل، وأنت على ظهرى، فتقدم القوم إلى الناقة ليدفعوها فأقبلت أنا وعمار نضرب وجوههم بأسيافنا، وكانت ليلة مظلمة فزالوا عنا وأيسوا مما ظنوا، وقد روا [ودبروا]. فقلت: يا رسول الله من هؤلاء القوم الذين يريدون ما ترى؟ فقال (صلى الله عليه وآله): يا حذيفة هؤلاء المنافقون في الدنيا والاخرة، فقلت: ألا تبعث إليهم يا رسول الله رهطا فيأتوا برؤوسهم؟ فقال إن الله أمرني أن أعرض عنهم، فأكره أن تقول الناس إنه دعا اناسا من قومه وأصحابه إلى دينه فاستجابوا، فقاتل بهم حتى إذا ظهر على عدوه، أقبل عليهم فقتلهم، ولكن دعهم يا حذيفة، فان الله لهم بالمرصاد، وسيمهلهم قليلا ثم يضطرهم إلى عذاب غليظ. فقلت: ومن هؤلاء القوم المنافقون يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمن المهاجرين أم من الانصار؟ فسماهم لي رجلا رجلا حتى فرغ منهم، وقد كان فيهم أناس أنا كاره أن يكونوا فيهم، فأمسكت عند ذلك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا حذيفة كأنك شاك في بعض من سميت لك، ارفع رأسك إليهم فرفعت طرفي إلى القوم، وهم وقوف على الثنية، فبرقت برقة فأضاءت جميع ما حولنا، وثبتت البرقة حتى خلتها شمسا طالعة فنظرت والله إلى القوم فعرفتهم رجلا رجلا، فإذا هم كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، و عدد القوم أربعة عشر رجلا، تسعة من قريش، وخمسة من ساير الناس، فقال له الفتى: سمهم لنا يرحمك الله تعالى! قال حذيفة: هم(60/21)
والله أبو بكر، وعمر، وعثمان وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، هؤلاء من قريش، وأما الخمسة الاخر فأبوموسى الاشعري والمغيرة بن شعبة الثقفي، وأوس بن الحدثان البصري، وأبو هريرة، وأبو طلحة الانصاري.
الموطن الثاني
إن دعاء صنمي قريش الذي سنذكره بلفظه في هذا الفصل قام عالمهم الكفعمي بشرح فقراته فكان من ضمنها قصة العقبة كما نقله عنه المجلسي في بحاره (82/267):(60/22)
وقوله: (وعقبة ارتقوها) إشارة إلى أصحاب العقبة وهم أبو بكر وعمر و عثمان وطلحة والزبير وأبو سفيان ومعاوية ابنه وعتبة بن أبي سفيان وأبو الاعور السلمي والمغيرة بن شعبة وسعد بن أبي وقاص وأبو قتادة وعمرو بن العاص وأبو موسى الاشعري اجتمعوا في غزوة تبوك على كؤد لا يمكن أن يجتاز عليها إلا فرد رجل أو فرد جمل، وكان تحتها هوة مقدار ألف رمح من تعدى عن المجرى هلك من وقوعه فيها، وتلك الغزوة كانت في أيام الصيف. والعسكر تقطع المسافة ليلا فرارا من الحر فلما وصلوا إلى تلك العقبة أخذوا دبابا كانوا هيؤها من جلد حمار، ووضعوا فيها حصى وطرحوها بين يدي ناقة النبي صلى الله عليه وآله لينفروها به فتلقيه في تلك الهوة فيهلك صلى الله عليه وآله. فنزل جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله بهذه الاية (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا) الاية وأخبره بمكيدة القوم، فأظهر الله تعالى برقا مستطيلا دائما حتى نظر النبي صلى الله عليه وآله إلى القوم وعرفهم وإلى هذه الدباب التي ذكرناها أشار عليه السلام بقوله: (ودباب دحرجوها) وسبب فعلهم هذا مع النبي صلى الله عليه وآله كثرة نصه على علي عليه السلام بالولاية والامامة والخلافة، وكانوا من قبل نصه أيضا يسوؤنه لان النبي صلى الله عليه وآله سلطه على كل من عصاه من طوائف العرب، فقتل مقاتليهم، وسبا ذراريهم، فما من بيت إلا وفي قلبه ذحل، فانتهزوا في هذه الغزوة هذه الفرصة، وقالوا إذا هلك محمد صلى الله عليه وآله رجعنا إلى المدينة، ونرى رأينا في هذا الامر من بعده، وكتبوا بينهم كتابا فعصم الله نبيه منهم، وكان من فضيحتهم ما ذكرناه.
الموطن الثالث
ما جمعه محقق بحار الانوار وهو السيد عبد الزهرة العلوي من اطراف القصة في عدة مواضع من البحار فقال في (بحار الانوار) ج31 ص631 وكما يلي:(60/23)
134 - عن تفسير أبي محمد العسكري عليه السلام: أنه أرادت الفجرة ليلة العقبة قتل النبي صلى الله عليه وآله ومن بقي في المدينة قتل علي عليه السلام، فلما تبعه وقص عليه بغضاءهم فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟.. الخبر. [بحار الانوار: 44/ 34، عن تفسير الامام العسكري عليه السلام: 380].
أقول: ويحسن بنا أن نلحق هنا حديث الصحيفة وقصة العقبة، وقد أشار لها العلامة المجلسي طاب ثراه في بحاره: 28/ 97، حديث 3 نقلا عن إرشاد القلوب، وبحار الانوار: 37/ 119 - حديث 8، وقد خلط بينهما، وندرج بعض الروايات هنا عنهما، وعن قصص الانبياء بإسناده عن موسى بن بكر كما في البحار: 21/ 233 - حديث 10 وحديث 11 عن الخرائج، وعن دلائل النبوة للبيهقي في 21 / 247 من البحار، وفي كتاب أبان بن عثمان، قال الاعشى: وكانوا اثني عشر، سبعة من قريش - كما في البحار: 21/ 248 - وحاصل القصة في البحار: 37/ 116 و135 و154 ولاحظ الحديث الآتي...
135 - ل: بإسناده عن حذيفة بن اليمان أنه قال: الذين نفروا برسول الله ناقته في منصرفه من تبوك أربعة عشر: أبو الشرور، وأبو الدواهي، وأبو المعازف، وأبوه، وطلحة، وسعد ابن أبي وقاص، وأبو عبيدة، وأبو الاعور، والمغيرة، وسالم مولى أبي حذيفة، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وأبو موسى الاشعري، وعبد الرحمن بن عوف، وهم الذين أنزل الله عز وجل فيهم: [وهموا بما لم ينالوا..]
قال العلامة المجلسي بعد ذلك. بيان: أبو الشرور وأبو الدواهي وأبو المعازف: أبو بكر وعمر وعثمان، فيكون المراد بالاب الوالد المجازي، أو لانه كان ولد زنا، أو المراد بأبي المعازف: معاوية، أبو سفيان، ولعله أظهر، ويؤيده الخبر السابق.
الصورة الثانية: ثواب يوم مقتل عمر - رضي الله عنه -(60/24)
فقد وضعت هذه الأقلام اليهودية روايات تبين فضل هذا اليوم، وأن فيه من الأجر والثواب ما لم يذكر بعشر معشاره في الأيام التي قتل فيها ألدُّ أعداء الله والإسلام مثل أبرهة الذي أراد هدم الكعبة، أو كسرى الذي مزق كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أبي جهل الذي طالما حارب الإسلام وآذى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم تذكر هذه الأقلام في أيام مقتل هؤلاء من الأجر والثواب ما يعادل جزءاً من مليون جزء من الثواب الذي ذكرته في يوم مقتل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، مع ان هذا اليوم عند المسلمين هو يوم خسارة الإسلام لفاروقها ومعز دولتها ومذل أعدائها من الروم القياصرة والفرس الأكاسرة، ومن لف لفهم ممن تظاهر بالإسلام، بينما تجعله الأقلام اليهودية يوم عز ومغفرة الذنوب ورفع القلم عن الخلائق دون تسجيل لسيئاتهم، ويوم أثلجت فيه صدورهم بالانتقام من الإسلام بقتل أعظم قادته (1) والفاتحين للبلاد والمنقذين للبشر من ظلمات الكفر والشرك إلى عبادة الله الواحد الأحد.
وإليك بيان هذه الرواية بطولها وتفصيلها وذلك في موضعين:-
الموضع الأول:
فقد ذكر علاّمتهم ومحدثهم نعمة الله الجزائري في (الأنوار النعمانية) رواية تصور فضل هذا اليوم تحت عنوان (ثواب يوم مقتل عمر بن الخطاب) واليك نص لفظها وهي:
__________
(1) نعم والله قد ثلجت صدورهم وفرحت قلوبهم بموت الفاروق - رضي الله عنه - لأنه هدم إمبراطوريتهم الكسروية، فلم يتمالكوا أنفسهم من شدة الفرح، ولذا أظهروه علانية بموته من خلال زعمهم أجر هذا اليوم كما ستقف عليه بعد قليل، ومن خلال تسميتهم لقاتله المجوسي بـ (بابا شجاع الدين) كما سنذكر ذلك بعد قليل.(60/25)
[نور سماوي يكشف عن ثواب يوم قتل عمر بن الخطاب، رويناه من كتاب الشيخ الإمام العالي أبي جعفر محمد بن جرير الطبري(1)، قال المقتل الثاني يوم التاسع من شهر ربيع الأول، أخبرنا الأمين السيد أبو المبارك أحمد بن محمد بن أردشير الدستاني قال أخبرنا السيد أبو البركات بن محمد الجرجاني قال أخبرنا هبة الله القمّي واسمه يحيى قال حدثنا أحمد بن إسحاق بن محمد البغدادي، قال حدثنا الفقيه بن الحسن السامري أنه قال: كنت أنا ويحيى ين أحمد ين جريج البغدادي فقصدنا أحمد بن إسحق القمّي وهو صاحب الإمام الحسن العسكري - عليه السلام - بمدينة قم فَقَرَعْنا عليه الباب فخرجت إلينا من داره صَبِيّة عراقيّة فسألنا عنه فقالت هو مشغول وعِياله فانّه يوم عيد، قلنا سبحان الله الأعياد عندنا أربعة عيد الفطر وعيد النحر والغدير والجمعة، قالت روى سيدي أحمد بن إسحاق عن سيّده العسكري عن أبيه علي بن محمد عليهم السلام أن هذا يوم عيد وهو من خيار الأعياد عند أهل البيت عليهم السلام وعند مواليهم، قلنا فاستأذني بالدخول عليه وعرّفيه مكاننا، قال فخرج علينا وهو متّزر بمئزر له متّشح بكسائه يمسح وجهه فأنكرْنا عليه ذلك فقال لا عليكما إنني كنت أغتسل للعيد فإنّ هذا اليوم وهو يوم التاسع من شهر ربيع الأول يوم عيد فأدخلنا داره وأجلسنا على سرير له ثم قال إنّي قصدت مولاي أبا الحسن العسكري - عليه السلام - مع جماعة من إخواني في مثل هذا اليوم وهو اليوم التاسع من ربيع الأول فرأينا سيدنا - عليه السلام - قد أمر جميع خدمه أن يلبس ما يمكنه من الثياب الجدد وكان بين يديه مجمرة يحرق فيها العود، قلنا يا ابن رسول الله هل تجد في هذا اليوم لأهل البيت فرحاً فقال - عليه السلام - وأي يوم أعظم حُرمة من هذا اليوم عند أهل البيت وأفرح.
__________
(1) وهذا الطبري الشيعي الامامي وهو قطعاً غير الطبري إمام أهل السنة في التفسير فتنبه .(60/26)
وقد حدثني أبي - عليه السلام - أن حذيفة دخل في مثل هذا اليوم وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الأول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال حذيفة فرأيت أمير المؤمنين - عليه السلام - مع ولديه الحسن والحسين عليهما السلام مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكلون والرسول - صلى الله عليه وسلم - يتبسم في وجوههما ويقول كُلا هنيئاً مريئاً لكما ببركة هذا اليوم وسعادته فإنّه اليوم الذي يقبض الله فيه عدوّه وعدوّ جدّكما ويستجيب دعاء أمّكما، فإنه اليوم الذي يُكسر فيه شوكة مبغض جدّكما وناصر عدوّكما، كلا فإنه اليوم الذي يفقد فيه فرعون أهل بيتي وهامانهم وظالمهم وغاصب حقهم، كلا فإنه اليوم الذي يفرّج الله فيه قلبكما وقلب أمّكما، قال حذيفة قلت يا رسول الله في أمتك وأصحابك من يهتك هذا الحرم؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبت من المنافقين يظلم أهل بيتي ويستعمل في أمتي الريا ويدعوهم إلى نفسه ويتطاول على الأمة من بعدي ويستجلب أموال الله من غير حلّه وينفقها في غير طاعته ويحتمل على كتفه درّة الخزي ويضلّ الناس عن سبيل الله ويحرّف كتابه ويغيّر سنّتي ويغصب إرث ولدي وينصب نفسه علماً ويكذّبني ويكذّب أخي ووزيري ووصيّي وزوج ابنتي، ويتغلب على ابنتي ويمنعها حقّها وتدعو فيستجاب لها الدعاء في مثل هذا اليوم.(60/27)
قال حذيفة قلت يا رسول الله ادع الله ليهلكه في حياتك، قال يا حذيفة لا أحبّ أن أجتري على الله، لما قد سبق في علمه، لكنّي سألت الله عزّ وجل أن يجعل لليوم الذي يقبضه فيه إليه فضيلة على سائر الأيام ويكون ذلك سنّة يستنّ بها أحبّائي وشيعة أهل بيتي ومحبّوهم، فأوحى الله عز وجل إليّ فقال، يا محمد إنه قد سبق في علمي أن يمسّك وأهل بيتك محن الدنيا وبلاؤها وظلم المنافقين والمعاندين من عبادي ممّن نصحتهم وخانوك، ومحضتهم وغشّوك، وصافيتهم وكاشحوك، وأوصلتهم وخالفوك، وأوعدتهم فكذّبوك، فإنّي بحولي وقوّتي وسلطاني لأفتحنّ على روح من يغصب بعدك عليّاً وصيّك ووليّ حقك من العذاب الأليم ولأوصلنّه وأصحابه قعراً يشرف عليه إبليس فيلعنه، ولأجعلنّ ذلك المنافق عبرة في القيامة مع فراعنة الأنبياء وأعداء الدين في المحشر، ولأحشرنّهم وأولياءهم وجميع الظلمة والمنافقين في جهنّم ولأدخلنّهم فيها أبد الآبدين، يا محمد أنا أنتقم من الذي يجتري عليّ ويستترك كلامي ويشرك بي ويصدّ النّاس عن سبيلي وينصب نفسه عجلا لأمّتك ويكفر بي، إنّي قد أمرت سكان سبع سماواتي من شيعتكم أن يتعيّدوا في هذا اليوم الذي أقبضه إليّ فيه وأمرتهم أن ينصبوا كراسي كرامتي بأزاء بيت المعمور ويثنوا عليّ ويستغفروا لشيعتكم من ولد آدم، يا محمد وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق ثلاثة أيام من أجل ذلك اليوم، ولا أكتب شيئاً من خطاياهم كرامة لك ولوصيّك، يا محمد إنّي قد جعلت ذلك عيداً لك ولأهل بيتك وللمؤمنين من شيعتك، وآليت على نفسي بعزّتي وجلالي وعلوي في رفيع مكاني انّ من وسع في ذلك اليوم على أهله وأقاربه لأزيدنّ في ماله وعمره، ولأعتقنّه من النار ولأجعلنّ سعيه مشكوراً وذنبه مغفوراً وأعماله مقبولة، ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل بيت أم سلمة فرجعت عنه وأنا غير شاكّ في أمر الشيخ الثاني حتى رأيته بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فتح(60/28)
الشر وأعاد الكفر والإرتداد عن الدين وحرّف القرآن](1).
الموضع الثاني:
فقد ذكر ذلك علامتهم المجلسي أيضاً وكما يلي:
[عن محمد بن العلاء الهمداني الواسطي ويحيى بن محمد بن جريح البغدادي، قالا: تنازعنا في ابن الخطاب فاشتبه علينا أمره، فقصدنا جميعا احمد بن إسحاق القمي صاحب أبي الحسن العسكري عليه السلام بمدينة قم، وقرعنا الباب، فخرجت إلينا صبية عراقية من داره، فسألناها عنه، فقالت: هو مشغول بعيده فإنه يوم عيد. فقلنا: سبحان الله! الاعياد أعياد الشيعة أربعة: الاضحى، والفطر، ويوم الغدير، ويوم الجمعة،
__________
(1) ينظر الأنوار النعمانية ج1 ص108-111.(60/29)
قالت: فإن احمد بن إسحاق يروي عن سيده أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام أن هذا اليوم هو يوم عيد، وهو أفضل الاعياد عند أهل البيت عليهم السلام وعند مواليهم. قلنا: فاستأذني لنا بالدخول عليه، وعرفيه بمكاننا، فدخلت عليه وأخبرته بمكاننا، فخرج علينا وهو متزر بمئزر له محتبي بكسائه يمسح وجهه، فانكرنا ذلك عليه، فقال: لا عليكما، فإني كنت اغتسلت للعيد. قلنا: أو هذا يوم عيد؟. قال: نعم، - وكان يوم التاسع من شهر ربيع الاول -، قالا جميعا: فأدخلنا داره وأجلسنا على سرير له، وقال: إني قصدت مولانا أبا الحسن العسكري عليه السلام مع جماعة إخوتي - كما قصدتماني - بسر من رأى، فاستأذنا بالدخول عليه فأذن لنا، فدخلنا عليه صلوات الله عليه في مثل هذا اليوم - وهو يوم التاسع من شهر ربيع الاول - وسيدنا عليه السلام قد أوعز إلى كل واحد من خدمه أن يلبس ما يمكنه من الثياب الجدد، وكان بين يديه مجمرة يحرق العود بنفسه، قلنا: بآبائنا أنت وإمهاتنا يابن رسول الله! هل تجدد لاهل البيت في هذا اليوم فرح؟!. فقال: وأي يوم أعظم حرمة عند أهل البيت من هذا اليوم؟!. ولقد حدثني أبي عليه السلام أن حذيفة بن اليمان دخل في مثل هذا اليوم - وهو التاسع من شهر ربيع الاول - على جدي رسول الله صلى الله عليه وآله، قال حذيفة: رأيت سيدي أمير المؤمنين مع ولديه الحسن والحسين عليهم السلام يأكلون مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يتبسم في وجوههم عليهم السلام ويقول لولديه الحسن والحسين عليهما السلام: كلا هنيئا لكما ببركة هذا اليوم، فإنه اليوم الذي يهلك الله فيه عدوه وعدو جدكما، ويستجيب فيه دعاء أمكما. كلا! فإنه اليوم الذي يقبل الله فيه أعمال شيعتكما ومحبيكما. كلا! فإنه اليوم الذي يصدق فيه قول الله: (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا). كلا! فإنه اليوم الذي يتكسر فيه شوكة مبغض جدكما. كلا! فإنه يوم يفقد فيه فرعون أهل بيتي وظالمهم وغاصب حقهم.(60/30)
كلا! فإنه اليوم الذي يقدم الله فيه إلى ما عملوا من عمل فيجعله هباء منثورا. قال حذيفة: فقلت: يا رسول الله! وفي أمتك وأصحابك من ينتهك هذه الحرمة؟.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نعم يا حذيفة! جبت من المنافقين يترأس عليهم ويستعمل في أمتي الرياء، ويدعوهم إلى نفسه، ويحمل على عاتقه درة الخزي، ويصد الناس عن سبيل الله، ويحرف كتابه، ويغير سنتي، ويشتمل على إرث ولدي، وينصب نفسه علما، ويتطاول على إمامه من بعدي، ويستحل أموال الله من غير حلها، وينفقها في غير طاعته، ويكذبني ويكذب أخي ووزيري، وينحي ابنتي عن حقها، وتدعو الله عليه ويستجيب الله دعاؤها في مثل هذا اليوم. قال حذيفة: قلت: يا رسول الله! لم لا تدعو ربك عليه ليهلكه في حياتك؟!. قال: يا حذيفة! لا أحب أن أجترئ على قضاء الله لما قد سبق في علمه، لكني سألت الله أن يجعل اليوم الذي يقبضه فيه فضيلة على سائر الايام ليكون ذلك سنة يستن بها أحبائي وشيعة أهل بيتي ومحبوهم، فأوحى إلي جل ذكره، فقال لي: يا محمد! كان في سابق علمي أن تمسك وأهل بيتك محن الدنيا وبلاؤها، وظلم المنافقين والغاصبين من عبادي من نصحتهم وخانوك، ومحضتهم وغشوك، وصافيتهم وكاشحوك، وأرضيتهم وكذبوك، وانتجيتهم وأسلموك، فإني بحولي وقوتي وسلطاني لافتحن على روح من يغصب بعدك عليا حقه ألف باب من النيران من سفال الفيلوق، ولاصليه وأصحابه قعرا يشرف عليه إبليس فيلعنه، ولاجعلن ذلك المنافق عبرة في القيامة لفراعنة الانبياء وأعداء الدين في المحشر، ولاحشرنهم وأوليائهم وجميع الظلمة والمنافقين إلى نار جهنم زرقا كالحين أذلة خزايا نادمين، ولاخلدنهم فيها أبد الابدين، يا محمد! لن يوافقك وصيك في منزلتك إلا بما يمسه من البلوى من فرعونه وغاصبه الذي يجتري علي ويبدل كلامي، ويشرك بي ويصد الناس عن سبيلي، وينصب من نفسه عجلا لامتك، ويكفر بي في عرشي، إني قد أمرت ملائكتي في سبع سماواتي لشيعتكم ومحبيكم أن(60/31)
يتعيدوا في هذا اليوم الذي أقبضه إلي، وأمرتهم أن ينصبوا كرسي كرامتي حذاء البيت المعمور ويثنوا علي ويستغفروا لشيعتكم ومحبيكم من ولد آدم، وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق كلهم ثلاثة أيام من ذلك اليوم ولا أكتب عليهم شيئا من خطاياهم كرامة لك ولو صيك، يا محمد! إني قد جعلت ذلك اليوم عيدا لك ولاهل بيتك ولمن تبعهم من المؤمنين و شيعتهم، وآليت على نفسي بعزتي وجلالي وعلوي في مكاني لاحبون من تعيد في ذلك اليوم محتسبا ثواب الخافقين، ولأشفعنه في أقربائه وذوي رحمه، ولازيدن في ماله ان وسع على نفسه وعياله فيه، ولا عتقن من النار في كل حول في مثل ذلك اليوم ألفا من مواليكم وشيعتكم، ولاجعلن سعيهم مشكورا، وذنبهم مغفورا، وأعمالهم مقبولة. قال حذيفة: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل إلى بيت أم سلمة، ورجعت عنه وأنا شاك في أمر الشيخ، حتى ترأس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وأتيح الشر وعاد الكفر، وارتد عن الدين، وتشمر للملك، وحرف القرآن، وأحرق بيت الوحي، وأبدع السنن، وغير الملة، وبدل السنة، ورد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام، وكذب فاطمة بنت رسول الله (ص)، واغتصب فدكا، وأرضى المجوس واليهود والنصارى، وأسخن قرة عين المصطفى ولم يرضها، وغير السنن كلها، ودبر على قتل أمير المؤمنين عليه السلام، وأظهر الجور، وحرم ما أحل الله، وأحل ما حرم الله، وألقى إلى الناس ان يتخذوا من جلود الابل دنانير، ولطم وجه الزكية، وصعد منبر رسول الله غصبا وظلما، وافترى على أمير المؤمنين (ع) وعانده وسفه رأيه. قال حذيفة: فاستجاب الله دعاء مولاتي عليها السلام على ذلك المنافق، وأجرى قتله على يد قاتله رحمة الله عليه، فدخلت على أمير المؤمنين عليه السلام لاهنئه بقتل المنافق ورجوعه إلى دار الانتقام. قال أمير المؤمنين عليه السلام: يا حذيفة! أتذكر اليوم الذي دخلت فيه على سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا وسبطاه(60/32)
نأكل معه، فدلك على فضل ذلك اليوم الذي دخلت عليه فيه؟. قلت: بلى يا أخا رسول الله (ص).
قال: هو والله اليوم الذي أقر الله به عين آل الرسول، وإني لاعرف لهذا اليوم اثنين وسبعين اسما، قال حذيفة: قلت: يا أمير المؤمنين! أحب أن تسمعني أسماء هذا اليوم، وكان يوم التاسع من شهر ربيع الاول. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: هذا يوم الاستراحة، ويوم تنفيس الكربة، ويوم الغدير الثاني، ويوم تحطيط الاوزار، ويوم الخيرة، ويوم رفع القلم، ويوم الهدو، ويوم العافية، ويوم البركة، ويوم الثارات، ويوم عيد الله الاكبر، ويوم يستجاب فيه الدعاء، يوم الموقف الاعظم، ويوم التوافي، ويوم الشرط، ويوم نزع السواد، ويوم ندامة الظالم، ويوم التصفح، ويوم فرح الشيعة، ويوم التوبة، ويوم الانابة، ويوم الزكاة العظمى، ويوم الفطر الثاني، ويوم سيل النغاب، ويوم تجرع الريق، ويوم الرضا، ويوم عيد أهل البيت، ويوم ظفرت به بنو إسرائيل، ويوم يقبل الله أعمال الشيعة، ويوم تقديم الصدقة، ويوم الزيارة، ويوم قتل المنافق، ويوم الوقت المعلوم، ويوم سرور أهل البيت، ويوم الشاهد ويوم المشهود، ويوم يعض الظالم على يديه، ويوم القهر على العدو، ويوم هدم الضلالة، ويم التنبيه، ويوم التصريد، ويوم الشهادة، ويوم التجاوز عن المؤمنين، ويوم الزهرة، ويوم العذوبة، ويوم المستطاب به، ويوم ذهاب سلطان المنافق، ويوم التسديد، ويوم يستريح فيه المؤمن، ويوم المباهلة، ويوم المفاخرة، ويوم قبول الاعمال، ويوم التبجيل، ويوم إذاعة السر، ويوم نصر المظلوم، ويوم الزيارة، ويوم التودد، ويوم التحبب، ويوم الوصول، ويوم التزكية ويوم كشف البرع، ويوم الزهد في الكبائر، ويوم التزاور، ويوم الموعظة، ويوم العبادة، ويوم الاستسلام. قال حذيفة: فقمت من عنده - يعني أمير المؤمنين عليه السلام - وقلت في نفسي: لو لم أدرك من أفعال الخير وما أرجوا به الثواب إلا فضل هذا اليوم لكان مناي. قال محمد بن(60/33)
العلاة الهمداني، ويحيى بن محمد بن جريح: فقام كل واحد منا وقبل رأس احمد بن إسحاق بن سعيد القمي، وقلنا: الحمدلله الذي قيضك لنا حتى شرفتنا بفضل هذا اليوم، و رجعنا عنه، وتَعَيَّدْنا في ذلك اليوم.
قال السيد: نقلته من خط محمد بن علي بن محمد بن طي رحمه الله، ووجدنا فيما تصفحنا من الكتب عدة روايات موافقة لها فاعتمدنا عليها، فينبغي تعظيم هذا اليوم المشار إليه وإظهار السرور فيه](1).
وحتى لا يتعرض الامامية للهجوم من قبل أهل السنة بسبب حقدهم ولعنهم للخلفاء يضطرون في كثير من الأحيان الى ارتكاب الكذب الفاضح والقبيح الذي يندى له جبين أهل الحق وخصوصاً عندما يصدر من علماء المذهب ومراجعه، ومثاله وشاهده هنا هو ما ارتكبه علامتهم وسيدهم علي الشهرستاني من الكذب الفاضح عندما وجه اليه سؤال حول احتفالهم بيوم التاسع من شهر ربيع الأول وحول تسميتهم لقاتل عمر بن الخطاب وهو المجوسي أبولؤلؤة فيروز بلقب بابا شجاع الدين، واليك نص السؤال الموجه اليه من السائل هاني من الكويت حيث قال: [ لماذا تحتفلون في اليوم التاسع من ربيع الأول وتسمونه عيد (بابا شجاع) ؟ ]، حيث صرح بأنه اليوم الذي قتل فيه فاروق الإسلام، ثم حاول أن يبعد الأتهام عن الأمامية فادعى أن سبب الأحتفال ليس مقتل الفاروق بل هو لتنصيب المهدي إماماً في هذا اليوم، إلا أن الذي يفند ادعائه هو أن هذا حصل في يوم الثامن من ربيع الأول وليس في التاسع منه، كما اعترف هو بذلك، حيث قال: [ اما الأحتفال في اليوم التاسع من ربيع الاول فجاء لورود روايات عن أهل البيت (ع) في فضل هذا اليوم وثقها بعض وضعفها آخرون، وقد تكون جاءت لتنصيب الإمام الحجة المهدي بعد وفاة أبيه الحسن العسكري في الثامن من ربيع الأول، وهناك روايات تاريخية تنص على مصادفة هذا اليوم مع يوم مقتل عمر بن الخطاب].
__________
(1) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج31 ص120-129.(60/34)
هذا بالنسبة للشطر الأول من السؤال وأما الشطر الثاني وهو تسميتهم لقاتله بابا شجاع الدين، فقد كذب فيه كذباً صريحاً وقبيحاً، بأن هذا غير موجود عندهم بل لفَّقَهُ عليهم أحد كتاب أهل السنة وهو صاحب كتاب التحفة الأثنى عشرية، مع أنه موجود في كتبهم بصراحة، واليك نص جوابه الذي كذب فيه:
[وأمّا فرية "بابا شجاع" و تسمية الشيعة " ابن لؤلؤة " فأول من افتراها حسب علمي صاحب التحفة الأثنى عشرية و قد رد عليها من رد على كتاب التحفة من اعلام الدين و لو احببت فراجع تلك الكتب لتقف على حقيقة الحال. فهي مقولة قديمة وافتراء قديم رُمي به الشيعة، وقد ردّ هذه الشبهة علماؤنا خلفاً عن سلف كالسيد الامين في الاعيان والشيخ الاميني وغيرهم من اعلام الدين](1).
وأما انكاره لهذا فهو كذب ظاهر لأن هذا بالفعل موجود في كتبهم، حيث ذكر ذلك محدثهم عباس القمي فقال: [(بابا شجاع الدين) أبو لؤلؤة قد ذكرنا في بعض مصنفاتنا ما يتعلق به وابن اخيه أبو الزناد عبد الله بن ذكوان عالم اهل المدينة الذي اثنى عليه علماء العامة وقد تقدم ذكره](2)، وقال ايضاً: [(أبو لؤلؤة) فيروز الملقب ببابا شجاع الدين النهاوندي الاصل والمولد المدني اخو ذكوان وهو ابوابى الزناد عبدالله بن ذكوان عالم اهل المدينة الذي تقدم ذكره](3).
وليس هذا المثال الوحيد على كذب مراجعهم بل سنقف على مثال آخر وقع فيه علامتهم جعفر سبحاني الذي كذب بخصوص دعاء صنمي قريش، كما سيتبين عن قريب.
الصورة الثالثة: دعاء صنمي قريش
__________
(1) يراجع أجوبة المسائل العقائدية، رقم السؤال (45).
(2) الكنى والالقاب - الشيخ عباس القمي ج2 ص62.
(3) الكنى والالقاب - الشيخ عباس القمي ج1 ص147.(60/35)
إن هذا الدعاء لا يمكن أن يكتبه بشر مهما بلغ حقده على الإسلام، بل حتى لو اجتمعت لجنة من الحاقدين على الإسلام ومهما بلغ حقدهم وخبث عقولهم، فلا يمكن أن يتوصلوا لكتابة مثل هذا الدعاء، إلا إذا أمدهم به وأرشدهم إليه إبليس اللعين (الذي قطع العهد على نفسه بحرب الإسلام ونشر الكفر والضلال)، كما أرشد كفار قريش إلى طريقة قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - (1)
__________
(1) فقد روى ابن هشام في(السيرة النبوية) ج2 ص(331-333): (عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما قال: لما أجمعوا لذلك واتعدوا أن يدخلوا [في ] دار الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، غدوا في اليوم الذى اتعدوا له، وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة، فاعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل، عليه بت له، فوقف على باب الدار، فلما رأوه واقفا على بابها قالوا: من الشيخ ؟ قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذى اتعدتم له، فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسى أن لا يعدمكم منه رأيا ونصحا، قالوا: أجل، فادخل، فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش، من بنى عبد شمس: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو سفيان بن حرب. ومن بنى نوفل بن عبد مناف: طعيمة بن عدى، وجبير ابن مطعم، والحارث بن عامر بن نوفل. ومن بنى عبدالدار بن قصى: النضر ابن الحارث بن كلدة. ومن بنى أسد بن عبد العزى: أبوالبخترى بن هشام، وزمعة بن الاسود بن المطلب، وحكيم بن حزام، ومن بنى مخزوم: أبو جهل ابن هشام. ومن بنى سهم: نبيه ومنبه ابنا الحجاج. ومن بنى جمح: أمية ابن خلف، ومن كان معهم، وغيرهم ممن لا يعد من قريش …… قال: فقال أبو جهل بن هشام: والله إن لى فيه لرأيا أراكم وقعتم عليه بعد، قالوا: وما هو يا أبا الحكم ؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جليدا نسيبا وسيطا فينا، ثم نعطى كل فتى منهم سيفا صارما، ثم يعمدوا إليه، فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه، فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا، فرضوا منا بالعقل، فعقلناه لهم، قال: فقال الشيخ النجدي: القول ما قال الرجل، هذا الرأى الذى لا رأى غيره، فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له).(60/36)
من قبل، بعد أن عجز صناديد قريش ودواهيها عن الإتيان بمثلها.
فهذا الدعاء يمثل أقصى ما بلغه إبليس من زرع حقده على الإسلام والمسلمين وإمداده لحزبه الحاقد على الإسلام، ولكن قبل ذكره بطوله وألفاظه لابد من عرض الموضوع من خلال عدة مسائل هي:
الأولى: إن هذا الدعاء موجود في كتبهم بصورة قطعية
بالرغم من ذكرنا لنص الدعاء في نهاية هذا المبحث والإشارة الى المصدر الذي ورد فيه، إلا أننا نريد أن نؤكد ثبوته عندهم في أكثر من كتاب، إذ أقبل عليه علماؤهم المتقدمون بالشرح والبيان لألفاظه.
وهاهو مرجعهم آقا بزرگ الطهراني( المتوفى عام1389هـ 1969م ) يذكر لنا أهم شروح هذا الدعاء - دعاء صنمي قريش - فيقول(1):
1- (شرح دعاء صنمي قريش) للشيخ أبي السعادات أسعد بن عبد القاهر، أستاذ المحقق الخواجه نصير الطوسي وغيره، واسمه (رشح الولاء في شرح الدعاء) كما مر في ج 11 ص 236.
2- (939: شرح دعاء صنمي قريش) للمولى علي العراقي الفه سنة 878 ه. ذكره في (الرياض) وقال: انه فارسي رأيته باستراباد وألفه هو في قصبة جاجرم.
3- (940: شرح دعاء صنمي قريش) فارسي، للفاضل عيسى خان الاردبيلي.
4- (941: شرح دعاء صنمي قريش) فارسي، ليوسف بن حسين بن محمد النصير الطوسي الاندرودي، أوله: الحمد لله رب العالمين.. الخ رأيته عند العلامة أبي المجد الشيخ آغا رضا الاصفهاني.
5- (شرح دعاء صنمي قريش) اسمه (ذخر العالمين) كما مر في محله ج10 ص9.
6- (942: شرح دعاء صنمي قريش) فارسي في غاية البسط يقرب من (مجمع البحرين) يوجد عند المحدث الميرزا عبد الرزاق الهمداني، كما حدثني به.
7- (شرح دعاء صنمي قريش) اسمه (نسيم العيش) كما يأتي في حرف النون.
__________
(1) الذريعة - آقا بزرگ الطهراني ج31 ص 256-257.(60/37)
8- (943: شرح دعاء صنمي قريش) أبسط عبارة من (رشح الولاء) وهو موافق معه في المطالب، لم يذكر فيه اسم التأليف ولا اسم مؤلفه، كان عند المولى مهدي القزويني صاحب (ذخر العالمين) حين تأليفه له في سنة 1119 ه. كما ذكره في أوله، ولعله بعينه (ضياء الخافقين) الآتي في حرف الضاد.
9- (944: شرح دعاء صنمي قريش) لشيخنا الميرزا محمد علي المدرس الچهاردهي النجفي، كان بخطه عند حفيده مرتضى المدرسي.
الثانية: من المراد بصنمي قريش
لا بد من معرفة من المقصود بهذين اللفظين (صنمي قريش) لأن مدار الدعاء عليهما من بدايته إلى نهايته، إذ كله في لعنهما ووصف أفعالهما وجرائمهما التي ينسبها الدعاء إليهما.
ولكن خير من يبين المقصود بـ (الصنمين) هم علماء الإمامية أنفسهم " فإن أهل مكة أدرى بشعابها، وأهل قم أدرى برموز علمائهم " فكما فسروا لنا المصطلحات في المجموعة الثانية من المرويات، هاهم يفسرون ويصرحون بالمقصود من صنمي قريش، فمن هؤلاء الذين وقفت على قولهم ما يلي:
1-قال محققهم وعلامتهم علي بن عبد العال الكركي في (نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت) في المقدمة: (وقد روى أصحابنا أن أمير المؤمنين (ع) كان يقنت في بعض نوافله بلعن صنمي قريش أعني (أبا بكر وعمر) )، وقال في الفصل السابع: (وقد اشتهر أن أمير المؤمنين (ع) كان يقنت في الوتر بلعن صنمي قريش يريد بهما أبا بكر وعمر)(1).
2-ذكر علامتهم وخاتمة محدثيهم المجلسي في (بحار الأنوار) ج52، ص284: (بيان: يعني باللات والعزى صنمي قريش أبا بكر وعمر).
__________
(1) لم أذكر الصفحات لأن النسخة التي تقلت عنها مخطوطة وليس مطبوعة، إذ لم أقف على نسخة مطبوعة وهذه عادتهم في التلاعب بالطباعة للكتب التي فيها طعن صريح بالخلفاء كما ستقف على نماذج من ذلك في الفصل الثاني من الباب الثالث.(60/38)
3-ذكر المجلسي أيضاً في بحاره ج30 ص384: (عن عبد الله بن سنان، عن جعفر بن محمد (ع) قال: قال لي: أبو بكر وعمر صنما قريش اللذان يعبدونهما).
4-قال آقا بزرگ الطهراني: [(48: ذخر العاملين في شرح دعاء الصنمين) أي صنمي قريش المذكور في ج 8 ص 192 وهما اللات والعزى (أبو بكر وعمر) فارسي للمولى محمد مهدى بن المولى على اصغر بن محمد يوسف القزويني ألفه باسم الشاه سلطان حسين الصفوى أوله [سپاس وستايش اخلاص اساس وثنا ونيايش افزون از حد قياس] ](1).
__________
(1) الذريعة - ج10 ص 9.(60/39)
5-ان علامتهم ومحققهم الحاج الميرزا حبيب الله الهاشمي الخوئي قد ذكر ما يؤكد من أن المراد بصنمي قريش هما أبو بكر وعمر وذلك حين استبعد أن يكون علي رضي الله عنه قد مدح أبا بكر أو عمر في خطبه في نهج البلاغة لأن هذا ينافي الثابت عنده من لعنهم وخصوصاً ماورد في دعاء صنمي قريش فقال:[ قد ظهر لك ما حققنا وإتضح لك كل الوضوح أن هذا الكلام الذي نحن في شرحه إن كان نظره عليه السلام فيه الى عمر فليس هو تناله كما توهمه الشارح المعتزلي وغيره، وإن كان إشارة الى أبي بكر كما زعمه الشارح البحراني فلا يكون ثناء له أيضاً، وأقول تأكيداً لهذا المعنى : كيف يمكن أن يمدحهما أمير المؤمنين مع ما صدر عنهما من الإلحاد والارتداد والشقاق والنفاق والمحادة لله عز وجل ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولأوليائه ع وإتيانه من الكبائر والجرائر العظيمة التي لا يحصيها الألسنة والأفواه ولا يحيط بها الدفاتر والأقلام وقد أفصح عنها أئمتنا الأطهار في أخبارهم وصرح بها علماؤنا الأبرار في زبرهم وآثارهم، وأول من أبدى سوآتهما بعد الله وبعد رسوله هو أمير المؤمنين ع فاحتذى حذوه ذريته البررة وشيعته الطيبة وسلكوا مسلكه وكلماته المتضمنة للعنهما والطعن والقدح والازراء عليهما والتظلم والشكوى منهما في النهج وغيره كثيرة جداً، وأكثرها احتواءاً لذلك دعاؤه المعروف بدعاء صنمي قريش الذي كان يواظب - عليه السلام - عليه في قنوته وساير أوقاته ، وقد رواه غير واحد من أصحابنا قدس الله أرواحهم في مؤلفاتهم ، وأحببت نقله هنا لكونه أنقض لظهر الناصبين وأرغم أنف المعاندين وأبطل لزعم من توهم ثناء أمير المؤمنين لهذين الذين لاحريجة لهما في الدين ](1)
__________
(1) منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ج14ص397.(60/40)
، وكرر هذا المعنى فقال في نفس الجزء ص375:[ والحاصل أنه على كون المكنّى عنه عمر لابد من تأويل كلامه وجعله من باب الإيهام والتورية على ما جرت عليها عادة أهل البيت ع في أغلب المقامات فإنهم لما رأوا من الناس جمهورهم إلا النادر من خواص أصحابهم الافتتان بمحبة صنمي قريش ، وأنهم أشربوا قلوبهم حب العجلين ، وولعوا بعبادة الجبت والطاغوت سلكوا في كلماتهم كثيراً مسلك التورية والتقية حقناً لدمائهم ودماء شيعتهم ، حيث لم يتمكنوا من إظهار حقيقة الأمر] .
6-شارح هذا الدعاء وهو الكفعمي حيث بيّن في شرحه لبعض فقراته أن المراد بهما أبو بكر وعمر، هذه الفقرات ما يلي(1):
أ- قلبهما الدين فهو إشارة إلى ما غيراه من دين الله كتحريم عمر المتعتين وغير ذلك مما لا يحتمله هذا المكان.
ب-(وطردهم الصادق) إشارة إلى أبي ذر طرده عثمان إلى الربذة، وقد قال النبي صلى الله عليه في حقه: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء الحديث.
ج- وأما المنكرات التي أتوها فكثيرة جدا وغير محصورة عدا حتى روي أن عمر قضى في الجده بسبعين قضية غير مشروعة، وقد ذكر العلامة قدس الله سره في كتاب كشف الحق ونهج الصدق، فمن أراد الاطلاع على جملة مناكرهم، وما صدر من الموبقات عن أولهم وآخرهم، فعليه بالكتاب المذكور، وكذا كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة وكتاب مسالب الغواصب في مثالب النواصب، وكتاب الفاضح، وكتاب الصراط المستقيم، وغير ذلك مما لا يحتمل هذا المكان ذكر الكتب فضلا.
د- والكفر المنصوب: هو أن النبي صلى الله عليه وآله نصب عليا عليه السلام علما للناس وهاديا فنصبوا كافراً وفاجراً.
__________
(1) نقلنا شرح الفقرات للكفعمي من بحار الانوار ج82 ص263-267.(60/41)
هـ- والظلم المنشور كثير أوله أخذهم الخلافة منه عليه السلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله، والوعد المخلف هو ما وعدوا النبي صلى الله عليه وآله من قبولهم ولاية علي عليه السلام والايتمام به فنكثوه، والامانة التي خانوها هي ولاية علي عليه السلام في قوله تعالى: { إنا عرضنا الامانة على السموات } الاية والانسان هم لعنهم الله، والعهد المنقوض: هو ما عاهدهم به النبي صلى الله عليه وآله يوم الغدير على محبة علي عليه السلام وولايته، فنقضوا ذلك. والحلال المحرم كتحريم المتعتين، وعكسه كتحليل الفقاع وغير ذلك، والبطن المفتوق بطن عمار بن ياسر ضربه عثمان على بطنه فأصابه الفتق، والضلع المدقوق والصك الممزوق إشارة إلى ما فعلاه مع فاطمة عليها السلام من مزق صكها ودق ضلعها.(60/42)
و- وقوله: (وعقبة ارتقوها) إشارة إلى أصحاب العقبة وهم أبو بكر وعمر و عثمان وطلحة والزبير وأبو سفيان ومعاوية ابنه وعتبة بن أبي سفيان وأبو الاعور السلمي والمغيرة بن شعبة وسعد بن أبي وقاص وأبو قتادة وعمرو بن العاص وأبو - موسى الاشعري اجتمعوا في غزوة تبوك على كؤد لا يمكن أن يجتاز عليها إلا فرد رجل أو فرد جمل، وكان تحتها هوة مقدار ألف رمح من تعدى عن المجرى هلك من وقوعه فيها، وتلك الغزوة كانت في أيام الصيف. والعسكر تقطع المسافة ليلا فرارا من الحر فلما وصلوا إلى تلك العقبة أخذوا دبابا كانوا هيؤها من جلد حمار، ووضعوا فيها حصى وطرحوها بين يدي ناقة النبي صلى الله عليه وآله لينفروها به فتلقيه في تلك الهوة فيهلك صلى الله عليه وآله. فنزل جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله بهذه الاية { يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا } الاية وأخبره بمكيدة القوم، فأظهر الله تعالى برقا مستطيلا دائما حتى نظر النبي صلى الله عليه وآله إلى القوم وعرفهم وإلى هذه الدباب التي ذكرناها أشار عليه السلام بقوله: (ودباب دحرجوها) وسبب فعلهم هذا مع النبي صلى الله عليه وآله كثرة نصه على علي عليه السلام بالولاية والامامة والخلافة، وكانوا من قبل نصه أيضا يسوؤنه لان النبي صلى الله عليه وآله سلطه على كل من عصاه من طوائف العرب، فقتل مقاتليهم، وسبا ذراريهم، فما من بيت إلا وفي قلبه ذحل، فانتهزوا في هذه الغزوة هذه الفرصة، وقالوا إذا هلك محمد صلى الله عليه وآله رجعنا إلى المدينة ونرى رأينا في هذا الامر من بعده، وكتبوا بينهم كتابا فعصم الله نبيه منهم، وكان من فضيحتهم ما ذكرناه.
وهكذا اعترف علماء الامامية بأن المراد من "صنمي قريش" هما أبو بكر وعمر، حتى لا يبقى مجال لمخادع أن يقول خلافه.
الثالثة: ما هو أجر من قرأ هذا الدعاء(60/43)
من أجل أن يجر إبليس الناس إلى حباله وشراكه فيوقعهم بالسب والحقد على الإسلام وقادته، أوحى إلى أوليائه بأن يضعوا لمن قرأه من الأجر والثواب ما ستقف عليه، حيث ذكر المجلسي في بحاره(1) مبيناً أجر من قرأه بقوله: [هذا الدعاء رفيع الشأن عظيم المنزلة و رواه عبد الله بن عباس عن علي عليه السلام أنه كان يقنت به، وقال: إن الداعي به كالرامي مع النبي صلى الله عليه وآله في بدر وأُحُد وحُنَيْن بألف ألف سهم].
الرابعة: نقل الدعاء بنصه من كتب الإمامية
وبعد بيان تلك المسائل الثلاث آن الأوان لنقل نص الدعاء بطوله(2) وأعتذر للقارئ لما سيؤلمه من سب وشتم وقسوة على أبي بكر وعمر، وهو:
__________
(1) بحار الأنوار ج82 ص260.
(2) نقلناه من بحار الانوار ج82 ص260-261.(60/44)
(اللهم العن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها وإفكيها، وابنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك، وجحدا إنعامك، وعصيا رسولك، وقلبا دينك وحرفا كتابك، وعطلا أحكامك، وأبطلا فرائضك، وألحدا في آياتك، وعاديا أولياءك وواليا أعداءك، وخربا بلادك، وأفسدا عبادك. اللهم العنهما وأنصارهما فقد أخربا بيت النبوة، وردما بابه، ونقضا سقفه، وألحقا سماءه بأرضه، وعاليه بسافله، وظاهره بباطنه، واستأصلا أهله، وأبادا أنصاره. وقتلا أطفاله، وأخليا منبره من وصيه ووارثه، وجحدا نبوته، وأشركا بربهما، فعظم ذنبهما وخلدهما في سقر! وما أدريك ما سقر؟ لا تبقي ولا تذر. اللهم العنهم بعدد كل منكر أتوه، وحق أخفوه، ومنبر علوه، ومنافق ولوه ومؤمن أرجوه، وولي آذوه، وطريد آووه، وصادق طردوه، وكافر نصروه، وإمام قهروه، وفرض غيروه، وأثر أنكروه، وشر أضمروه، ودم أراقوه، وخبر بدلوه، وحكم قلبوه، وكفر أبدعوه، وكذب دلسوه، وإرث غصبوه، وفيئ اقتطعوه، و سحت أكلوه، وخمس استحلوه وباطل أسسوه، وجور بسطوه، وظلم نشروه، ووعد أخلفوه، وعهد نقضوه، وحلال حرموه وحرام حللوه، ونفاق أسروه، وغدر أضمروه وبطن فتقوه، وضلع كسروه، وصك مزقوه، وشمل بددوه، وذليل أعزوه، وعزيز أذلوه، وحق منعوه، وإمام خالفوه. اللهم العنهما بكل آية حرفوها، وفريضة تركوها، وسنة غيروها، وأحكام عطلوها، وأرحام قطعوها، وشهادات كتموها، ووصية ضيعوها، وأيمان نكثوها ودعوى أبطلوها، وبينة أنكروها، وحيلة أحدثوها، وخيانة أوردوها، وعقبة ارتقوها ودباب دحرجوها، وأزياف لزموها وأمانة خانوها(1). اللهم العنهما في مكنون السر وظاهر العلانية لعنا كثيرا دائبا أبدا دائما سرمدا لا انقطاع لامده، ولا نفاد لعدده، ويغدو أوله ولا يروح آخره، لهم ولاعوانهم وأنصارهم ومحبيهم ومواليهم والمسلمين لهم، والمائلين إليهم والناهضين بأجنحتهم والمقتدين بكلامهم، والمصدقين بأحكامهم(2)
__________
(1) بينا قبل قليل بعض معاني هذه الفقرات .
(2) المقصود بهذه الفقرة هم أهل السنة بجميع مذاهبهم قطعاً لأنهم المقتدون بالخلفاء والسائرون على طريقتهم ومنهجهم .(60/45)
. ثم يقول: اللهم عذبهم عذابا يستغيث منه أهل النار آمين رب العالمين) أربع مرات).
ولكن المجلسي لم يكتفِ بالسب الوارد بالدعاء على أبي بكر وعمر فقال في نهايته: (ثم إنا بسطنا الكلام في مطاعنهما في كتاب الفتن، وإنما ذكرنا هنا ما أورده الكفعمي ليتذكر من يتلو الدعاء بعض مثالبهما لعنة الله عليهما وعلى من يتولاهما).
خامساً: كذبهم في نفي وجوده عندهم
بعد أن وقفنا على نص الدعاء من كتبهم ومن المقصود به وشروح علمائهم له من خلال المسائل المتقدمة، نفاجأ بأحد علمائهم المعاصرين الذي يُعَدُّ اسمه لامعاً عند الامامية في مجال التأليف والبحوث والدعوى وهو آيتهم العظمى وعلامتهم جعفر سبحاني حيث كذب كذباً صريحاً وقبيحاً، والمتمثل بنفيه لوجود هذا الدعاء عند الامامية وانه - مع سعة علمه واطلاعه في المذهب - يزعم بأنه لم يقف على لفظة صنمي قريش في كتب الامامية، وإنما هو منسوب اليهم من شيخ سعودي.
وقد ارتكب هذا الكذب الفاضح عندما وجَّهت له إحدى المسلمات من أهل السنة عدة اسئلة في رسائل - وهي ابتسام سالم زبن العطيات - من ضمنها السؤال المتعلق بذلك، حيث اجابها بقوله: [كما وكتبتِ في رسالتك الاولى بأن الامام الخميني سمّى الخليفتين بصنمي قريش في كتابه كشف الاسرار ص111،114،117 ولم اجد في الصفحات المستنسخة التي ارسلتِها إلي شيئاً من تلك الكلمات ….. ثم ارتكب الكذب الفاضح بقوله: واني بما انا شيعي وقد ناهزت من العمر 73 عاما وأَلَّفت ما يفوق المائة كتاب لم اجد تلك الكلمة، وانما سمعته من شيخ سعودي كان ينسبه الى الشيعة](1).
__________
(1) رسائل ومقالات رسالة رقم 10 ص412 جواب رسالة حول الشيعة وأصولها.(60/46)
فبعد ان وصف نفسه بسعة العلم والاطلاع من خلال مؤلفاته التي تجاوزت المائة، نفى "كذباً" أي وجود لهذه الكلمة، وادَّعى بأنها منسوبة اليهم من قبل عالم سعودي، متصوراً عدم وقوف اهل السنة على كذبه لعدم وجود من يطلع على كتب الامامية فيهم، ولكن الله قيَّض له ولأمثاله من يكشف كذبهم على اهل السنة وخداعهم بالكذب الصريح والقبيح.
وبما ان ما تقدم من مسائل يكفي ويشفي لأظهار كذبه - في اثبات وجود الدعاء عند الامامية - إلا اننا سندعمه بنصوص قاصمة لظهره وهي لبعض علماء الامامية البارزين تؤكد ثبوت هذا الدعاء عند الامامية وهي:
1-قال علامتهم وخاتمة محدثيهم المجلسي: [أقول: ودعاء صنمي قريش مشهور بين الشيعة، ورواه الكفعمي عن ابن عباس، أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقنت به صلاته، وسيأتي في كتاب الصلاة إن شاء الله، وهو مشتمل على جميع بدعهما، ووقع فيه الاهتمام والمبالغة في لعنهما بما لا مزيد عليه](1).
2-قال قاضيهم نور الله التستري في (احقاق الحق): [كما أشار إليه مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام، في دعاء صنمي قريش]، ثم علق عليه المرعشي في شرحه للكتاب بقوله: [أورده العلامة المجلسي في باب القنوت من كتاب الصلاة من مجلدات البحار ونقل هناك فوائد عن كتاب رشح الولاء في شرح الدعاء للشيخ الجليل أسعد بن عبد القاهر بن الأسعد الإصبهاني، ثم اعلم أن لأصحابنا شروحا على هذا الدعاء (منها) الرشح المذكور (ومنها) كتاب ضياء الخافقين لبعض العلماء من تلاميذ الفاضل القزويني صاحب لسان الخواص (ومنها) شرح مشحون بالفوائد للمولى عيسى بن علي الأردبيلي وكان من علماء زمان الصفوية، وكلها مخطوطة. وبالجملة صدور هذا الدعاء مما يطمئن به، لنقل الأعاظم إياها في كتبهم واعتمادهم عليها](2).
__________
(1) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج30 ص394.
(2) شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي ج1 ص337.(60/47)
3-قال علامتهم ومحققهم الحاج الميرزا حبيب الله الهاشمي الخوئي:[ وأكثرها احتواءاً لذلك دعاؤه المعروف بدعاء صنمي قريش الذي كان يواظب ع عليه في قنوته وساير أوقاته، وقد رواه غير واحد من أصحابنا قدس الله أرواحهم في مؤلفاتهم](1)
4-أن آيتهم العظمى ومرجعهم المعاصر والشهير السيد علي الميلاني قد اعترف بوجود هذا الدعاء عندهم، وذلك من خلال سؤال وجه اليه اليك نصه:
[وسؤال الثاني: ما هي حقيقة دعاء (صنمي قريش).. وهل فعلا وقّع عليه عدد من كبار علماء الشيعة؟ فأجاب بقوله: هذا الدعاء من الأدعية المشهورة المتداولة بين المؤمنين](2).
وكان يكفي جعفر سبحاني أن يتصل بالميلاني هذا هاتفياً - لاسيما وهو معاصر له وفي نفس البلد في إيران - ويسأله عن ثبوت الدعاء عندهم، وهذا خير له من الإتيان بمثل هذا الكذب وزعمه بأنه من افتراء شيخ سعودي عليهم، إلا إنه أبى إلا أن يكذب ليُسْقِطَ بذلك وثاقته وأمانته أمام جميع المسلمين.
ولذا نترك الحكم والتقييم للقراء على آيتهم العظمى جعفر سبحاني بعد ارتكابه مثل هذا الكذب الفاضح(3).
وبهذا نكون قد أكملنا الفصل الثاني وهو عرض المرويات بمجموعاتها الثلاث التي أظهرت لنا حقد المذهب باللعن والسب على خيرة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولننتقل إلى الفصل الثالث.
__________
(1) منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ج14ص397 .
(2) ينظر اجوبة المسائل العقائدية – الصفحة العقائدية رقم (21).
(3) وبالمناسبة لم يتفرد سبحاني بهذا الكذب الصريح بل شاركه في ذلك الكاتب الامامي عبد الجبار شرارة حيث نفى وجود هذا الدعاء عندهم فقال في كتابه (المواجهات بين الشيعة والسنة) ص148:[ وأنا أتحداه ومازال التحدي قائماً في أن يجد هو أو غيره كتاباً لدى الشيعة الامامية الاثنى عشرية من الكتب المعتبرة لدينا ولدى فقهائنا تذكر مثل هذا الدعاء] وقال ص147:[ فلا يوجد لدينا مثل هذا الدعاء الموثق] .(60/48)
الفصل الثالث
نماذج من أقوال علمائهم في لعن الخلفاء والتجريح بهم
الفصل الثالث
سنستعرض في هذا الفصل نصوص بعض علمائهم التي طعنت وجرَّحت الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم - باللعن ووصمتهم بالكفر والنفاق والضلال، ولكن منها ما هو صريح ومنها ماهو مغلّف(1)، وكما يلي:
الشيخ المفيد(ت413هـ)
قبل نقل أقواله لا بد من الوقوف على ترجمته لمعرفة مكانته العلمية عند الإمامية، فقد ترجم له الخوئي قائلاً: [وقال الشيخ: " محمد بن محمد بن النعمان المفيد، يكنى أبا عبد الله، المعروف بابن المعلم، من جملة متكلمي الامامية، انتهت إليه رياسة الامامية في وقته، وكان مقدما في العلم وصناعة الكلام، وكان فقيها متقدما فيه، حسن الخاطر، دقيق الفطنة، حاضر الجواب، وله قريب من مائتي مصنف كبار وصغار، وفهرست كتبه معروف، ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، وتوفي لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة ثلاث عشر وأربعمائة، وكان يوم وفاته يوما لم ير أعظم منه من كثرة الناس للصلاة عليه وكثرة البكاء من المخالف والموافق (المؤالف)](2)، وبعد الوقوف على ترجمته إليك طائفة من أقواله:
1- قال: [(القول في المتقدمين على أمير المؤمنين -على بن ابي طالب عليه السلام):
واتفقت الامامية وكثير من الزيدية على أن المتقدمين على أمير المؤمنين(3) - عليه السلام - ضلال فاسقون، وأنهم بتأخيرهم أمير المؤمنين - عليه السلام - عن مقام رسول الله - صلوات الله عليه وآله - عصاة ظالمون، وفي النار بظلمهم مخلدون](4)
__________
(1) وهذا التفاوت بين التصريح والتلميح يعود إلى سببين سنذكرهما في ختام هذا الفصل فترقب.
(2) معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج18 ص217.
(3) ويقصد بهم الذين تقدموا على علي - رضي الله عنه - بمنصب الخلافة وهم ابو بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم -.
(4) أوائل المقالات- الشيخ المفيد ص41-42.(61/1)
2- قال: [(القول في تسمية جاحدي الامامة ومنكري ما أوجب الله تعالى للائمة من فرض الطاعة) واتفقت الامامية على أن من أنكر إمامة أحد الائمة وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار](1)
2- علي بن عبد العالي الكركي (ت 940هـ )
قبل أن ننقل أقواله لا بد من الوقوف على ترجمته لنعرف وزنه ومكانته في المذهب، إذ ترجم له الخوئي قائلاً:
[8258 - علي بن عبد العالي: قال الشيخ الحر في أمل الآمل: " الشيخ الجليل علي بن عبد العالي العاملي الكركي: أمره في الثقة والعلم والفضل، وجلالة القدر، وعظم الشأن وكثرة التحقيق، أشهر من أن يذكر، ومصنفاته كثيرة مشهورة، منها: شرح القواعد ست مجلدات إلى بحث التفويض من النكاح، والجعفرية، ورسالة الرضاع، ورسالة الخراج، ورسالة أقسام الأرضين، ورسالة صيغ العقود والإيقاعات، ورسالة سماها نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت، وشرح الشرائع، ورسالة الجمعة، وشرح الألفية، وحاشية الإرشاد، وحاشية المختلف، ورسالة السجود على التربة، ورسالة السبحة، ورسالة الجنائز، ورسالة أحكام السلام، والنجمية، والمنصورية، ورسالة في تعريف الطهارة، وغير ذلك، روى عنه فضلاء عصره، ومنهم الشيخ علي بن عبد العالي العاملي الميسي، ورأيت إجازته له، وكان حسن الخط. وذكره السيد مصطفى التفريشي في كتاب الرجال فقال فيه: شيخ الطائفة وعلامة وقته، صاحب التحقيق والتدقيق، كثير العلم، نقي الكلام جيد التصانيف، من أجلاء هذه الطائفة، له كتب منها: شرح قواعد الحلي " (إنتهى). وكانت وفاته سنة (937) وقد زاد عمره على السبعين](2).
وبعد أن عرفنا مكانته، إليك أقواله التي لعن فيها الخلفاء وأظهر فيها كل الحقد الذي تضمنه المذهب عليهم وكما يلي:-
__________
(1) أوائل المقالات- الشيخ المفيد ص 44.
(2) ينظر معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج 13 ص 77(61/2)
1- قال ص 12(1) : (وقد روى الشيخ في التهذيب أن الصادق (ع) كان ينصرف من الصلاة بلعن أربعة من الرجال منهم أبو بكر وعمر).
2- وقال ص5: (وليتأمل العاقل المنصف أنه هل يجوز أن يتولى منصب الخلافة الذي هو معظم منصب النبوة مثل شيخ تيّم الجاهل بأمور الدين … ومثل عُتلّ عديٍّ الزنيم ذي الفظاظة والغلظة والمكر والخديعة … ومثل ثور بني أمية الذي حملهم على أعناق الناس).
3- قال ص82: (وقد وقع كل من الأمرين من أبي بكر وعمر عليهما اللعنة… وقال ص85: وقد وقع من عثمان لعنه الله…. ص86: عثمان بن عفان لعنه الله).
4- قال في الفصل الخامس ص105 (بحث أول): (في نبذه من الأحكام التي صدرت من أبي بكر لعنه الله) وقال ص113 (بحث ثاني): في نبذه من مخالفة عمر لعنه الله … وقال ص135 (بحث ثالث): نبذه من مخالفات عثمان لعنه الله … ص162: ومن أدل دليل على كفر عثمان واستحقاقه اللعن … ص191 فلعنة الله عليه (أي عثمان) وعلى صاحبيه(2) وأشياعهم وأتباعهم إلى يوم الدين(3))
5- قال ص192: (وقد اشتهر أن أمير المؤمنين (ع) كان يقنت في الوتر بلعن صنمي قريش يريد بهما أبا بكر وعمر).
__________
(1) إن هذه الرسالة (نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت) التي نقلنا منها الأقوال من الأول إلى الخامس هي نسخة مخطوطة ولذا فقد اعتمدنا على ترقيم الصفحات الموجود فيها، دون النسخة المطبوعة، لأني لم أقف عليها.
(2) ويقصد بصاحبيه أبا بكر وعمر رضي الله عنهما.
(3) ويقصد بأشياعهم وأتباعهم هم أهل السنة بجميع فرقهم ومذاهبهم.(61/3)
6- قال: [فنقول: لا ريب في عداوة أبي بكر بن أبي قحافة التيمي لأمير المؤمنين عليه السلام، وبقدمه وعداوته لكافة أهل البيت عليهم السلام، وكتب الحديث والتأريخ مشحونة بذلك من طرق المؤمنين والمخالفين. وكذا ابن عمه طلحة بن عبد الله التيمي، وهو ممن ظاهر عثمان على أمير المؤمنين عليه السلام يوم الشورى. وقد قال بعض المحققين: إن أمير المؤمنين عليه السلام عناه بقوله في الخطبة الشقشقية: " فصعا رجل منهم لضغنه " (فجعله صاحب ضغن وحقد وعداوة لأمير المؤمنين عليه السلام. وقد كمل ذلك بمحاربته إياه يوم الجمل مع عائشة لا يلوي ولا يرعوي. ومن رؤوس أعدائه عمر بن الخطاب العدوي القرشي، وهو الفظ الغليظ الجأش (الجاني، وأمر عداوته وإيذائه لعلي وفاطمة وأهل البيت عليهم السلام أشهر من الشمس. ومن تابعيه على ذلك ابنه عبيد الله، وكذا ابنه عبد الله وإن ستر عداوته ببعض الستر. ومن رؤوس أعدائه عثمان بن عفان الاموي](1)
7- قال: (وأي عاقل يعتقد تقديم ابن أبي قحافة وابن الخطاب وابن عفان الأدنياء في النسب، والصعاب، الذين لا يعرف لهم تقدم ولا سبق في علم ولا جهاد، وقد عبدوا الاصنام مدة طويلة، وفروا من الزحف في أحد وحنين، وأحجموا يوم الأحزاب ونكست رؤوسهم الراية وبراءة، وظلموا الزهراء بمنع إرثها ونحلتها، والبسوا أشياء أقلها يوجب الكفر، فعليهم وعلى محبيهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)(2)
3- محمد بن طاهر القمي الشيرازي(ت 1098هـ )
__________
(1) رسائل الكركي - المحقق الكركي ج2 ص226-227.
(2) رسائل الكركي - المحقق الكركي ج1 ص62.(61/4)
وقد ترجم له الخوئي بفخر وتقديس قائلاً: [محمد طاهر بن محمد: قال الاردبيلي في جامعه: " محمد طاهر بن محمد بن حسين القمي مد ظله العالي العالم العلامة، المحقق المدقق، جليل القدر، عظيم المنزلة، دقيق الفطنة، ثقة، ثبت، عين، دين، متصلب في الدين، لا تحصى مناقبه وفضائله جزاه الله تعالى أفضل جزاء المحسنين، له كتب نفيسة، منها كتاب شرح تهذيب الاحكام، وكتاب الاربعين في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام، وكتاب جامع في الاصول …](1).
وأما أقواله(2) فكما يلي:
1- قال ص140: [وسنذكر إن شاء الله الأخبار الدالة على بغض خلفائهم الثلاثة لعلي أمير المؤمنين عليه السلام، ليظهر لك أنهم رؤوس المنافقين، وأعداء دين سيد المرسلين، وسيجئ ان شاء الله في الدليل الثامن والعشرين عدة قرائن دالة على نفاقهم].
2- قال ص579: [ان عثمان الملقب ب- (نعثل) الذي هو ثالث خلفاء المخالفين كان ظالما فاسقا].
3- قال ص509-510: [ان أول خلفائهم كان ظالما فاسقا، والظالم والفاسق لا يستحق الخلافة، لقوله تعالى (لا ينال عهدي الظالمين) ولقوله تعالى (ولا تركنوا الى الذين ظلموا) ولقوله تعالى (ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) فإذا بطل امامة أبي بكر بطل امامة الآخرين أيضا، فإذا بطل امامة أئمة النواصب(3) ثبت امامة أئمتنا الاثني عشر].
4- قال ص533-534: [ان عمر ثاني خلفائهم كان ظالما فاسقا لا يستحق الخلافة …. وأيضا قد دل على اثمه وفسقه وغدره، ما قدمناه من حكاية ارتفاع علي والعباس الى عمر، وتخلفه عن جيش اسامة].
4-محمد باقر المجلسي (ت 1111هـ)
__________
(1) معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي ج19 ص83.
(2) كل أقواله هذه نقلناها من كتابه الأربعين.
(3) يتهم جميع أهل السنة بأنهم نواصب وإمامنا في هذا أبو بكر - رضي الله عنه - فعليه من الله ما يستحق.(61/5)
وقد ترجم له الخوئي قائلاً: [9940 – محمد باقر بن محمد تقي: قال الشيخ الحر في تذكرة المتبحرين (733): " مولانا الجليل محمد باقر ابن مولانا محمد تقي المجلسي: عالم، فاضل، ماهر، محقق، مدقق، علامة، فهامة، فقيه، متكلم، محدث، ثقة ثقة، جامع للمحاسن والفضائل، جليل القدر، عظيم الشأن، أطال الله بقاءه. له مؤلفات كثيرة مفيدة، منها: كتاب بحار الانوار في أخبار الائمة الاطهار، يجمع أحاديث كتب الحديث كلها، إلا الكتب الأربعة.
وقال الاردبيلي في جامعه: " محمد باقر بن محمد تقي بن المقصود علي، الملقب بالمجلسي مد ظله العالي: أستاذنا وشيخنا، وشيخ الإسلام والمسلمين، خاتم المجتهدين، الامام العلامة، المحقق المدقق، جليل القدر، عظيم الشأن، رفيع المنزلة، وحيد عصره، فريد دهره، ثقة، ثبت، عين، كثير العلم، جيد التصانيف، وأمره في علو قدره، وعظم شأنه، وسمو رتبه، وتبحره في العلوم العقلية والنقلية، ودقة نظره، وإصابة رأيه، وثقته وأمانته، وعدالته أشهر من أن يذكر، وفوق ما يحوم حوله العبارة، وبلغ فيضة وفيض والده رحمه الله تعالى دينا ودنيا لاكثر الناس من العوام والخواص، جزاه الله تعالى أفضل جزاء المحسنين، له كتب نفيسة جيدة، قد أجازني دام بقاؤه وتأييده أن أروي عنه جميعها، منها: كتاب بحار الانوار المشتمل على جل أخبار الائمة الاطهار وشرحها](1).
وبعد أن عرفنا مكانته عند الامامية وثقل وزنه عندهم، إليك بعض أقواله وهي قليلة بالنسبة لما تركناه:-
1- قال في شرحه لروضة الكافي في كتابه (مرآة العقول) في الحديث (16): (قوله مع فلان) يعني أبا بكر عليه اللعنة).
2- قال في شرح الحديث 18 (25 / 125): [قوله (ع) (فغضب الاعرابيان)أي ابو بكر وعمر اذ هما لم يهاجرا الى الإسلام، وكانا على كفرهما، وكان إسلامهما نفاقا، وهجرتهما شقاقا، فهما داخلان في قوله تعالى الاعراب أشد كفراً ونفاقاً].
__________
(1) ينظر معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج15 ص221.(61/6)
3- قال في شرح الحديث (21): (قوله (ع) " وأمرت بإحلال المتعتين "أي متعة النساء ومتعة الحج اللتين حرمهما عمر عليه اللعنة) قال في الحديث (23): (قوله " وأمات هامان " أي عمر " وأهلك فرعون " يعني أبا بكر، ويحتمل العكس ويدل على أن المراد هذان الأشقيان قوله (ع) وقد قتل عثمان).
4- قال في الحديث (95): (قوله " أي موسى الكاظم " " وسألت عن رجلين " يعني أبا بكر وعمر عليهما اللعنة، " اغتصبا رجلاً " يعني أمير المؤمنين " مالاً " يعني الخلافة).
5- قال في (بحار الأنوار) جزء 30 ص 399: (أقول: الأخبار الدالة على كفر أبي بكر وعمر وأضرابهما، وثواب لعنهم والبراءة منهم، وما يتضمن بدعهم، أكثر من أن يذكر في هذا المجلد أو في مجلدات شتى وفيما أوردناه كفاية لمن أراد الله هدايته إلى الصراط المستقيم).
6- قال في رسالة (العقائد) ق17: (ومن ضروريات دين الإمامية: البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية…).
7- ذكر رواية مختلقة مفادها أن جدلاً وقع بين علي وعثمان رضي الله عنهما تطور الى شتم وتجريح من ضمنه قول عثمان لعلي بفيك التراب، فأخذ يهجم على عثمان ويلعنه ويتهم أمه بالزنا بل ويلعن من يحب عثمان ويتولاه فقال في(بحار الانوار) ج31 ص313:[ قوله لعنه الله: الترباء في فيك يا علي.. الترباء - بالفتح أو بضم التاء وفتح الراء - لغتان في التراب، انظر هذا الذي خانت أمه أباه كيف شتم وعق مولاه، لعنة الله عليه وعلى من والاه ].
5-علي بن يونس العاملي البياضي (ت 877هـ)(61/7)
وأما مكانته عندهم فقد ترجموا له بمقدمة كتابه بقولهم: [كلمات العلماء في حقه، فكل من ذكره من أرباب معاجم التراجم أثنى عليه ثناء جميلا، ووصفه بالفضل والفقه والحديث والأدب، وأنه من الأكابر. قال العلامة الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي صاحب الوسائل في كتابه أمل الآمل بعد ذكر اسمه ما لفظه: كان عالما فاضلا محققا مدققا ثقة متكلما شاعرا أديبا متبحرا الخ… وقال في حقه علامة علمي التراجم والرجال، مولانا الميرزا عبد الله أفندي في موسوعته النفيسة (رياض العلماء) فوق ما ذكر صاحب الأمل. وذكره العلامة آية الله السيد محسن الحسيني الأمين الدمشقي العاملي من مشايخنا في الرواية في كتابه أعيان الشيعة ج42 ص31 وأورد في حقه ما ينبئ عن نبالته وعلو شأنه ونبوغه وذكره العلامة صاحب الروضات وأثنى عليه. وذكره العلامة المعاصر البحاثة الميرزا محمد علي المدرس الخياباني التبريزي في كتابه: ريحانة الأدب ج 1 ص 187 قائلا في حقه: عالمى است فاضل فقيه محدث محقق مدقق أديب شاعر متكلم ماهر متبحر، وحيد عصر وفريد دهر خود واز اكابر مشايخ شيعه وجامع كمالات اوائل واواخر](1)، واما طعنه بالخلفاء فهو(2) كما يلي:
1- يقول ص28 عن فاروق الأمة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: [كلام في خساسته وخبث سريرته. ذكر الحنبلي في كتاب نهاية الطلب أن عمر بن الخطاب كان قبل الإسلام نخاس الحمير….. وفي الفصل الرابع من الجزء الأول من الإحياء للغزالي أن عمر سأل حذيفة هل هو من المنافقين أم لا؟ ولولا أنه علم من نفسه صفات تناسب صفات المنافقين، لم يشك فيها، وتقدم على فضيحتها]، فهو يصف فاروق الأمة بالخسة وخبث السريرة بل تجاوزها الى اتهامه بالنفاق قاتله الله وقاتل الوحدة الإسلامية التي تقوم على بناء اساسه الطعن في الفاروق.
__________
(1) الصراط المستقيم - علي بن يونس العاملي ج1 ص7.
(2) كل أقواله نقلناها من كتابه الصراط المستقيم جزء 3.(61/8)
2- يقول ص38: [يقول البياضي العاملي أيضاً عن الخلفاء الثلاثة – أبو بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - -: [ورووا أنه لم يحفظ القرآن أحد من الخلفاء. فهذه نبذة من مخازي الثلاثة متخرجة عن كتب محبيهم ومقدميهم، تدل بأدنى فكر على عدم استحقاقهم الخلافة]، فهو ينسب إليهم الخزايا - أخزاه الله في الدنيا والآخرة - وعدم استحقاقهم للخلافة وكأنه أعلم من الصحابة بذلك!!!
3- اتهم عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بتهم يندى لها الجبين ويعفُّ القلم عن ذكرها لولا ضرورة تحذير المسلمين بما تنطوي عليه قلوب هؤلاء تجاه الخلفاء حيث اتهمه بما يلي:
أ-أنه واقَعَ إمرأة زانية قبل أن يرجمها فقال(3/30):[ إنه أتي بالمرأة لتحد فقاربها ثم أمر برجمها]
ب-أنه كان مخنثاً و... ، فقال لعنه الله(3/30):[ قال الكلبي في كتاب المثالب : كان عثمان ممن يلعب به ويتخنث و كان يضرب بالدف ]
6-نور الله التستري (ت 9 101هـ)
لنقف أولاً على ترجمته، فقد قال عنه السيد علي البروجردي: [ومنهم: الفاضل الكامل مشيد أصول الشيعة الاثنا عشر، ومكسر ناقوس الغباوة والضلالة نور الله التستري، له كتب منها كتاب احقاق الحق جيد، أحيا دين الامامية، وأمات طرق أهل السنة فيه، ومنها كتاب مجالس المؤمنين فارسي جمع فيه رجال كثير من رجال الخاصة والعامة](1).
وأما أقواله(2) فمنها:
1- قال ص35-36: [فلما لم يظهر منهم المسابقة والمسارعة في تلك المشاهد لنصرة الدين علم أن مسابقتهم يوم السقيفة إنما كانت لنيل الرياسة طلبا للجاه وحبا للدنيا وحسدا لآل محمد عليهم السلام وذلك موجب لخروجهم بالكلية عن دين الإسلام].
2- قال ص40: [فبايعوا أبا بكر بحضوره وعقدوا البيعة الفلتة الفاسدة لأبي بكر بعد أعمال وجوه أخرى من التلبيس وتطميع الناس واستمالتهم بتفويض إمارة البلاد ونحوها].
__________
(1) طرائف المقال - السيد علي البروجردي ج2 ص661.
(2) نقلنا أقواله من كتابه الصوارم المهرقة.(61/9)
7- محدثهم الشهير يوسف البحراني(1)(ت 1186هـ)
1- قال في كتابه (الشهاب الثاقب) ص232: [ان بعض الشافعية استدل بهذه الواقعة على جواز الكلام قبل التسليم في الصلاة للضرورة اعتماداً على فعل أبي بكر لعنه الله].
2- قال ايضاً ص251: [ثم اورد الرواية المذكورة، واورد بعدها رواية تزويج عمر لعنه الله بأم كلثوم].
8- عبد الحسين شرف الدين (ت 1377هـ)
وهو من أبرز علماء الامامية في القرن العشرين ممن فطنوا إلى ضرورة رفع راية التقريب والدعوة إليها من أجل اختراق الصف السني ودسّ السمّ في العسل! حتى أن كتبه في هذا المجال ـ ولما تحويه من مكر ودهاء ـ تُعَدُّ منهلاً يستقي منه معظم الناسجين على منواله جُلّ مادتهم(2) !! ولأهمية كشفه فقد أفردت له فصلاً كاملاً من الباب الثالث من هذه الدراسة.
وقد اخترنا له ثلاثة أقوال من كتابه (المراجعات) يتعرض فيها للخلفاء بالطعن والتجريح ولكن بأسلوب التلميح وهي كما يلي:-
1- يقول في المراجعة (64) ص295 معللاً عدم ظهور نصوص الإمامة وصراحتها: (أما عدم إخراج تلك النصوص فإنما هو لشنشنة نعرفها لكل من أضمر لآل محمد حسيكة، وأبطن لهم الغل من حزب الفراعنة في الصدر الأول، وعبدة أولي السلطة والتغلب الذين بذلوا في إخفاء فضل أهل البيت، وإطفاء نورهم كل حول وكل طول، وكل ما لديهم من قوة وجبروت، وحملوا الناس كافة على مصادرة مناقبهم وخصائصهم بكل ترغيب وترهيب، وأجلبوا على ذلك تارة بدراهمهم ودنانيرهم، وأخرى بوظائفهم ومناصبهم، ومرة بسياطهم وسيوفهم، يدنون من كذب بها، ويقصون من صدق بها، أو ينفونه أو يقتلونه. وأنت تعلم أن نصوص الإمامة، وعهود الخلافة لما يخشى الظالمون منها أن تدمر عروشهم وتنقض أساس ملكهم.
__________
(1) سنذكر ترجمته في الفصل الثاني من الباب الثاني فترقب.
(2) كما فعل التيجاني في كتابه (ثم اهتديت) الذي اعترف بأنه تأثر كثيراً بكتاب المراجعات
لعبد الحسين هذا ونقل معظم مادة الكتاب منه.(61/10)
وبهذا طعن بالصحابة وخصوصاً الخلفاء عدة طعنات ولكنها خفية ومغلفة ومنها:-
أ- اتهم الصحابة بسلب الخلافة وغصبها.
ب- اتهم الصحابة بالحقد والغل على علي - رضي الله عنه - وأهل بيته.
ج- وصفهم بالطغيان والكفر مشبهاً إياهم بفرعون وأعوانه الذين استبدوا بالحكم والكفر، حيث وصفهم (من حزب فراعنة الصدر الأول).
د- وصفهم بأنهم عبدة أولي السلطة والتغلب وهذا ذم ما بعده ذم لمن قاتلوا وعرضوا أنفسهم للموت طمعاً في رضوان الله والدار الآخرة، كما قال تعالى: { فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } [النساء:74].
هـ- انهم استخدموا القوة وهددوا كل من يذكر إمامة علي - رضي الله عنه -.
2- يذكر في المراجعة (84) ص 351: أما الخلفاء الثلاثة وأولياؤهم، فقد تأولوا النص عليه بالخلافة للأسباب التي قدمناها، ولا عجب منهم في ذلك بعد الذي نبهناك إليه من تأولهم واجتهادهم في كل ما كان من نصوصه صلى الله عليه وآله، متعلقا بالسياسات والتأميرات، وتدبير قواعد الدولة، وتقرير شؤون المملكة، ولعلهم لم يعتبروها كأمور دينية، فهان عليهم مخالفته فيها، وحين تم لهم الامر، أخذوا بالحزم في تناسي تلك النصوص، وأعلنوا الشدة على من يذكرها أو يشير إليها). وفيه هذا مطاعن بالخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم منها:
أ- اتهم الصحابة بعدم الامتثال لأوامر الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا كانت تتعارض مع مصالحهم خصوصاً فيما يتعلق بالحكم وإدارة الدولة، فإنهم لا يمتثلون فيها إلى أوامره بل يتركونها ويفعلون ما يرون فيه مصلحتهم، وهذا طعن مؤلم فيهم.(61/11)
ب- اتهمهم باستخدام القوة والحزم لأجل إخفاء نصوص خلافة علي - رضي الله عنه - التي اغتصبوها،وتوعدوا بالشدة والعقاب لمن يذكرها أو يشير إليها،وكأنهم في وصفه مجموعة من اللصوص الغادرين(1)،مع أنهم قادة الإسلام وبناة مجده.
3- ذكر في المراجعة (84) ص349 أيضاً:(وأيضا، فإن قريشا وسائر العرب، كانوا قد تشوقوا إلى تداول الخلافة في قبائلهم، واشرأبت إلى ذلك أطماعهم، فأمضوا نياتهم على نكث العهد، ووجهوا عزائمهم إلى نقض العقد، فتصافقوا على تناسي النص، وتبايعوا على ان لا يذكر بالمرة، وأجمعوا على صرف الخلافة من أول أيامها عن وليها المنصوص عليه من نبيها، فجعلوها بالانتخاب والاختيار، ليكون لكل حي من أحيائهم أمل في الوصول إليها ولو بعد حين، ولو تعبدوا بالنص، فقدموا عليا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، لما خرجت الخلافة من عترته الطاهرة).
وهذا فيه طعن بالغ بأن الصحابة قد تعاهدوا على نقض العهد وغصب الخلافة من علي - رضي الله عنه -، وهذا نفس معنى الرواية في كتاب (الاحتجاج)(2) التي تصرح بأن كبار الصحابة تعاهدوا في الكعبة وكتبوا صحيفة مضمونها أنه إذا مات الرسول - صلى الله عليه وسلم - صرفوا الخلافة عن أهل بيته وجعلوها متداولة فيما بينهم وكان فيهم أبو بكر وعمر.
__________
(1) نعم ما لمح به عبد الحسين بوصف الصحابة بأنهم لصوص غادرون قد صرح به المازندراني في شرحه لأصول الكافي ج5ص112 حيث قال: (فقلدها - صلى الله عليه وسلم - علياً (ع) (أي الخلافة) بأمر الله? تعالى فصارت في ذريته الأصفياء الأتقياء البررة الكرماء الذي هم أولو الأمر كما قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) ثم طائفة من اللصوص المتغلبة الذين نشأت عقولهم وعظامهم ولحومهم في عبادة الأوثان، غصبوها من أهل الصفوة، فضلوا وأضلوا كثيراً.
(2) انظر نص الرواية بطولها في كتاب الاحتجاج ج1 ص 110.(61/12)
فاسأل القارئ بالله العظيم ما الفرق بين طعن رواية (الاحتجاج) وبين ما وصفهم فيه عبد الحسين حيث قال عنهم: (فامضوا نياتهم على نكث العهد، ووجهوا عزائمهم إلى نقض العهد، وتصافقوا على تناسي النص … وأجمعوا على صرف الخلافة من أول أيامها عن وليها المنصوص عليه من نبيها)، فما الفرق بين طعن رواية الاحتجاج فيهم بتهمة التآمر وبين طعن عبد الحسين من حيث المعنى، إذ لا فرق في المعنى، وإنما الفرق من حيث التصريح والتلميح كما يتطلبه الواقع الذي يعيشه من ظروف التقية والمداراة لأهل السنة.
9- محمد مهدي الخالصي (ت 1383هـ 1963م)
وهو من أصول عربية ، ويُعَدُّ من أكثر علماء المذهب في القرن العشرين تسامحاً مع المخالف !! اشتهر من بين أقرانه بدعوته الى غربلة المذهب من بعض البدع العملية التي طرأت عليه وصارت "فيما بعد" من ضرورياته ، كالشهادة الثالثة في الأذان ، ومظاهر التطبير في مواكب العزاء الحسيني وغيرها .. وهو بسبب هذا يُعَدُّ من أقلّ علماء الامامية اتباعاً ، ومدرسته (المدرسة الخالصية في الكاظمية ببغداد) تُعَدُّ من أقل مدارس المذهب ارتياداً،(61/13)
لقد حاول الخالصي أن يفنِّد استدلال أهل السنة على أن الله تعالى قد رضي عن أبي بكر وعمر لأنهما ممن بايع تحت الشجرة من خلال قوله تعالى { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ } . فحاول إيجاد مخرج حتى لا يقر برضا الله لهم لأنه يشق على نفوسهم الإقرار بفضيلة للخلفاء، فادعى بأن الرضا لم يشمل جميع من بايع، وانما شمل فقط المؤمنين منهم، ولا دليل (بزعمه) على أن الخلفاء الثلاثة من المؤمنين، فيقول في كتابه (إحياء الشريعة) ج1 ص86: (وان قالوا أن أبا بكر وعمر من أهل بيعة الرضوان الذين نص الله على الرضا عنهم في القرآن { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ } ، قلنا: لو قال ((لقد رضي الله عن الذين يبايعونك تحت الشجرة)) أو ((عن الذين بايعوك)) لكان في الآية دلالة على الرضا عن كل من بايعه، ولكن لما قال ((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك)) فلا دلالة فيه على الرضا إلا عمن محّض الإيمان.
فهو يشكك في أن الخلفاء من المؤمنين لذا لا يَعُدُّهم مشمولين برضا الله لأنه خاص بالمؤمنين، وماذا يقصد باخراجهم من المؤمنين؟!، إنه لا يقصد إلا اتهامهم بالنفاق وجعلهم من زمرة المنافقين، لأن الذين بايعوا تحت الشجرة كلهم من متابعي النبي - صلى الله عليه وسلم - فان كان مؤمناً، فهو صحابي مؤمن به، وإن كان غير مؤمن به ولكنه يتابعه في الظاهر فهو منافق، ولا يوجد صنف ثالث من المبايعين، ولما أخرجهم من المؤمنين، فهو حتماً جعلهم من المنافقين، { أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ } .
10-آيتهم العظمى محمد باقر الصدر(ت1402هـ 1982م)(61/14)
من أصول عربية عاش في العراق يُعَدُّ من أبرز علماء الإمامية شهرةً في ساحة الفكر الشيعي الحديث بشكل عام والسياسي بشكل خاص ، اشترك مع الخميني (بما ابتعد به عن معظم المرجعيات الشيعية الأصولية) في ضرورة عدم فصل الدين عن السياسة .. وألّف في سبيل ذلك العديد من الكتب ذات النفس السياسي الواضح (ذلك النفس الذي يجد فيه كل مطلع على تأريخ الحركات الإسلامية الحديثة تأثراً كبيراً بفكر "الإخوان المسلمين" السُنّة(1) الذين تركوا أثراً قوياً على الساحة الإسلامية العالمية عموماً) ثم تبلور هذا النفس عنده إلى الدعوة والعمل على اقامة أول حزب سياسي شيعي عراقي ..وبالفعل تم له ذلك بإعلانه تأسيس حزب الدعوة الإسلامي الشيعي (أحد الأحزاب السياسية البارزة في العراق اليوم) وظلت كتبه تلقى رواجاً بين صفوف الشيعة الإمامية ، واستمر فكره بالانتشار والتوسع حتى أصبح الفكر الصدري مرجعية دينية بارزة وصارت مدرسته حوزة علمية ذات طابع خاص تقاسمت زعامة المرجعية الدينية في النجف(المدينة المقدسة الاولى عند الشيعة) مع المرجعية الأم التي يقودها مراجع الدين الشيعة الأصوليون (ذوو الأصول الإيرانية في الغالب)
__________
(1) فها هو شيخهم جلال الدين الصغير يعترف بكل صراحة بتأثر حزب الدعوة الشيعي كثيراً بفكر الإخوان المسلمين وذلك في معرض كلامه حول آيتهم العظمى محمد حسين فضل الله ، فقال:[ ولهذا تراه بعد أن انضوى في سلك حزب الدعوة الإسلامية الذي كان يعرف آنذاك بتأثره الشديد يفكر سياسي أهل العامة كحزب الإخوان المسلمين وحزب التحرير]،ينظر كتاب(عصمة المعصوم) ص359 لشيخهم المذكور .(61/15)
فقد حاولت التفرغ لدراسة أحد كتبه لعلي أقف على حقيقة موقفه من الصحابة رضي الله عنهم وأتبين رأيه ومعتقده الصريح فيهم .. وللأسف الشديد (وكما توقعت !) وجدت في ذلك الكتاب( فدك في التاريخ ) نفس النزعة العدائية الشيعية ضد كل ماله علاقة بتلاميذ الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - وأقرب الناس اليه خصوصاً أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فراح يتهجّم عليهم بكل قسوة ويكيل لهم التهم تارة والسباب تارة أخرى ليلتحق بركب أقرانه من علماء الإمامية الآخرين وليلتقي معهم عند نفس الغاية والهدف، بتشويه الإسلام كدين من خلال الإمعان في تجريح حملة رايته ممن أخذوا على عاتقهم مهمة نشره الى باقي الأمصار فكانوا مثال العدالة والنقاء .. ثم التجريح بالضرورة بنبي الإسلام - صلى الله عليه وسلم - وتصويره بالرجل الذي لم يُحسن اختيار أصحابه ناهيك عن فشله في تربيتهم وإعدادهم ليكونوا حملة دينه من بعده (وحاشاه - صلى الله عليه وسلم - من ذاك)(61/16)
ولقد وجدته (وكما توقعت ) أسير الإرث الشيعي الأصولي الناصب العداء لكل ماله علاقة بالجيل المثالي الأول ، متكئاً في كل ذلك على كل شئ إلا البحث العلمي المنصف والرصين المستند على الكتاب والسنة وإعمال العقل فيهما(1) ، فقد كانت الأقوال التي وجدتها في كتابه غزيرة وكثيرة مع أني لم أقرأ له إلا هذا الكتاب ولم أنقل كل ما جاء فيه من مطاعن بل اقتصرت على البعض منها فليتصور العاقل على كم مجلد سنحصل لو جمعت كل مطاعنه بالخلفاء في جميع مؤلفاته !!!
وإليك بعض هذه الأقوال التي تعرض فيها الى الطعن بشخصي أبي بكر وعمر- رضي الله عنهم - من خلال وصفه لهما بأقبح الأوصاف وحمل تصرفاتهما على أسوأ المحامل مما يكشف عن حقده وبغضه لهما من كتابه (فدك في التاريخ):
__________
(1) والحقيقة التي سيقف عليها كل من عاش بين كتب الامامية وبحوثهم قديمها وحديثها أنهم حين يتناولون مواضيع الخلاف الأصولي مع غيرهم (وخصوصاً الإمامة والحكم على الصحابة) نجدهم يجانبون الأسلوب العلمي البحثي وينقادون بشكل غريب جداً الى تقريرات مسبقة تفتقر أول ما تفتقر الى الرصيد العلمي الرصين بل إلى أبسط قواعد الفهم والادراك ، لترى نفسك وكأنك تسمع العجائز يلكن قصة من قصص ألف ليلة وليلة !!(61/17)
1- والله الذي لا إله إلا هو لو لم أذكر إلا هذا النص لهذا الرجل لكان كافياً في تسقيطه وكشف حقده وبغضه للخلفاء بأقصى درجات البغض،فيصف الصديق بالخوف والجبن لأنه في معتقده لم يختر البقاء مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العريش إلا من أجل ضمان السلامة من القتل، إذ أنها تكون أبعد نقطة عن الأعداء وقتالهم، فقال ص127: [وأن الصديق رضى عنه الله هو الذي التجأ إلى مركز القيادة العليا الذي كان محاطا بعدة من أبطال الأنصار لحمايته حتى يطمئن بذلك عن غوائل الحرب(1)]... وقال ص128: [وليس لدي من تفسير معقول للموقف إلا أن يكون قد وقف إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكسب بذلك موقفا هو في طبيعته أبعد نقاط المعركة عن الخطر لاحتفاف العدد المخلص في الجهاد يومئذ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وليس هذا ببعيد لأننا عرفنا من ذوق الصديق أنه كان يحب أن يكون إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحرب لأن مركز النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو المركز المصون الذي تتوفر جميع القوى الإسلامية على حراسته والذب عنه(1)]... وقال ص125 عن الصديق: [وشخصية اكتفت من الجهاد المقدس بالوقوف في الخط الحربي الأخير – العريش(2)-].
__________
(1) ولا ندري هل أن فرح الصديق بصحبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في رحلة الغار كانت لتوفر نفس العلة (وهي كونه أبعد المراكز عن الخطر!) ( إن شر الدواب عند الله ...)
(2) مع النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - !!!(61/18)
2-عندما لم يستطع أن ينكر ازدهار الإسلام وإعزازه في عهد الخلفاء وأن خلافتهم كانت راشدة، حاول أن يوجه ذلك العز والازدهار بما يتناسب مع ما يمليه عليه حقده وبغضه لهم، فزعم أن تحقق هذا العز والازدهار لا يرجع الى كون الخلفاء كان لهم دخل في تحقيقه من حيث إدارتهم فقال ص50: [صحيح أن الإسلام في أيام الخليفتين كان مهيمنا، والفتوحات متصلة والحياة متدفقة بمعاني الخير، وجميع نواحيها مزدهرة بالانبعاث الروحي الشامل، واللون القرآني المشع، ولكن هل يمكن أن نقبل أن التفسير الوحيد لهذا وجود الصديق أو الفاروق على كرسي الحكم؟!] وكأنه لا يطيق أن يقر لهما بالفضل في تحقيق ذلك.
3- أخذ يحاول أن يوجه سيرتهما الراشدة على منهاج النبوة بما يشفي به حقده عليهما، فزعم أن استقامتهما في الخلافة لم تكن إلا خوفاً من انقلاب المسلمين عليهما وثورتهم بوجههما مما قد يفقدهما كرسي الخلافة، فقال ص51: [ونفهم من هذا أن الحاكمين كانوا في ظرف دقيق لا يتسع للتغيير والتبديل في اسس السياسة ونقاطها الحساسة لو أرادوا إلى ذلك سبيلا، لأنهم تحت مراقبة النظر الإسلامي العام الذي كان مخلصا كل الإخلاص لمبادئه، وجاعلا لنفسه حق الإشراف على الحكم والحاكمين، ولأنهم يتعرضون لو فعلوا شيئا من ذلك لمعارضة خطرة من الحزب الذي ما يزال يؤمن بأن الحكم الإسلامي لا بد أن يكون مطبوعا بطابع محمدي خالص، وأن الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يطبعه بهذا الطابع المقدس هو علي - وارث رسول الله ووصيه وولي المؤمنين من بعده]،
4- اتهم عثمان بن عفان بالعدول والانحراف عن السيرة النبوية في خلافته كعادته في قلب الأحداث فقال ص50:[كما قلبوها على عثمان - يوم اشترى قصرا، ويوم ولى أقاربه، ويوم عدل عن السيرة النبوية المثلى].(61/19)
5- اتهم الصديق بشراء ذمم الصحابة بالمال لتثبيت خلافته فقال ص89:[ فلا غرابة في أن ينتزع من أهل البيت أموالهم المهمة ليركز بذلك حكومته، أو أن يخشى من علي عليه السلام أن يصرف حاصلات فدك وغير فدك على الدعوة إلى نفسه. وكيف نستغرب ذلك من رجل كالصديق وهو الذي قد اتخذ المال وسيلة من وسائل الأغراء، واكتساب الأصوات(1)].
6- وصف خلافة الصديق بأنها خلافة لم تباركها السماء ولارضي بها المسلمون، فقال ص138:[ ومعنى هذا أن الحاكمين زفوا إلى المسلمين خلافة لم تباركها السماء ولا رضي بها المسلمون ] ويقصد بها خلافة الصديق حيث قال قبلها بأسطر:[ تلك هي خلافة الصديق (رضي الله تعالى عنه) عندما خرج من السقيفة]
7- بعد زعمه بأن خلافة الصديق لم تباركها السماء صرح بأنها خلافة ليس لها لون شرعي، فقال ص186: [والنقطة الاولى التي نؤاخذ الصديق عليها هي وقوفه موقف الحاكم في المسألة مع أن خلافته لم تكتسب لونا شرعيا].
... فهذه هي حقيقة موقف آيتهم العظمى محمد باقر الصدر من الخلفاء ومعتقده فيهم، حيث ظهر بجلاء من خلال أقواله السالفة مدى بغضه لهم وحقده عليهم بما لايجعل مكاناً للشك، عسى أن يعيد أهل السنة النظر في تقييمه وفق مايمليه عليهم دينهم من وجوب محبة الخلفاء وتوقيرهم.
11- الخميني(2) (ت 1409هـ 1989م)
__________
(1) فهو لم يكتفِ بهذا القول باتهام الصديق بل تعداه الى تشويه صورة كبار الصحابة بأنهم كانوا على استعداد لبيع دينهم وتأييد الباطل بدراهم معدودة فإنا لله وإنا إليه راجعون .
(2) أحد أبرز مراجع الشيعة ومؤسس دولتهم الحديثة (الجمهورية الإيرانية الشيعية الإمامية) وسيأتي الحديث عنه وعن موقفه من أهل السنة بتفصيل أكثر في الفصل الثالث من الباب الثاني .(61/20)
... ... فقد طعن بالفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - طعناً مؤلماً، حيث قال في (كشف الأسرار) ص 113: (وهذا يؤكد أن هذه الفرية صدرت من ابن الخطاب المفتري، ويعتبر خير دليل لدى المسلم الغيور، والواقع انهم (أي الصحابة) ما أعطوا الرسول حق قدره!!! الرسول الذي جدّ وكدّ وتحمل المصائب من أجل إرشادهم وهدايتهم، وأغمض عينيه وفي أذنيه ترن كلمات ابن الخطاب القائمة على الفرية والنابعة من أعمال الكفر والزندقة).
12- آيتهم العظمى الوحيد الخراساني(1)
... ... فقد ألقى محاضرات على الهواء في مدينة قم أمام جمع من فقهائهم وطلاب العلم، ونسخت في كتاب بعنوان (مقتطفات ولائية) ذكر فيه أن الوظيفة الأساسية للشيعي تجاه أسرته وأهل مذهبه أمران، الأول أن يزرع في قلوبهم محبة علي - رضي الله عنه - بأعلى درجة في المحبة، والثاني أن يزرع في قلوبهم بغض غاصبي حقه بالخلافة (ومقصوده الخلفاء الثلاثة وبقية كبار الصحابة) بأعلى درجة في البغض، فلم يكتف بزرع البغض للخلفاء، وإنما اشترط أن يكون بأعلى درجة، كما أن حب علي - رضي الله عنه - بأعلى درجة في المحبة، وحذرهم بأن البغض لو نقص عن الحب بمثقال ذرة فإن الأمة ستصاب بلعنة!!!
__________
(1) وهو أحد مريدي الفكر الخميني والمتعبدين بنصوصه.(61/21)
... ... سبحان الله يحذرهم بأن بغض الخلفاء لو نقص مثقال ذرة فان اللعنة ستحل عليهم، فكيف نطمع بعد ذلك منهم بأن يحبوا الخلفاء ويترضوا عنهم ويشهدوا لهم بالفضل والجنة، وها هو يخرج ما في قلبه من حقد وبغض للخلفاء رضي الله عنهم، ولا يعجب القارئ من هذه الصراحة لأنه بين أهل نحلته وفي قم الايرانية إذ لا تقية ولا مداراة لأهل السنة، وإليك نص قوله في المحاضرة السادسة بعنوان (ظلامة علي (ع) بتاريخ 12رجب1411هـ الموافق 28/1/1991م) في المسجد الأعظم بقم ص 79ـ80:(من هنا ليتعرف الحضور في هذا المجلس، وهم من طبقة الفقهاء أو المتفقهين الذين هم في سبيل الفقاهة، على وظيفتهم بعد هذا… إن وظيفتكم الأساسية تتلخص في أمرين:
1-غرس بذرة محبة علي (ع) في القلوب…
2-أن نعمل وبنفس المستوى والمقدار، ودون قيد أنملة من فارق أو تفاوت مع الأمر الأول (غرس الولاية والمحبة)، على زرع بذرة بغض غاصبي حقه في قلوب الأمة، واعلموا أن الأمة جمعاء ستبلى بلعنة ونقمة شاملة لا يعلم ما وراءها، إذا ظهر بين التولي والتبري تفاوت ما، أو برز شيء من الفارق بينهما، ولو بقدر مثقال ذرة.. ).
ويجدر بنا بعد هذا أن نقف على السبب وراء هذا التفاوت في الطعن بين تصريح بعضهم وتلميح البعض الآخر كما مر بنا، فوجدته بعد التتبع يرجع إلى أمرين هما:
1- الحالة السياسية التي يعيشها العالم ان كانت تحت ظل دولة لأهل السنة أو دولة تؤيد المذهب الإمامي، فلو كانت الدولة سنية، فإنه لا يستطيع أن يصرح بلعن الخلفاء وتكفيرهم لأنه يعزر وقد يسجن أو يقتل إذا لم يتب، أما إذا كان في دولة تدين بمذهبهم، فسيكون له مطلق الحرية بالسب واللعن والتكفير، لأن الدولة تدين بهذا، فلا تعاقبه بل ربما تكافئه على طعنه وتكفيره للصحابة.(61/22)
2- منهج العالم واتجاهه في التأليف، فهل أن كتابه موجه لأهل السنة ودعوتهم لمذهبه، أو أنه موجه لأهل نحلته، فإن كان موجهاً لأهل السنة ودعوتهم، فهو قطعاً لا يستطيع التصريح بالطعن بل وربما يظهر المدح للخلفاء (1) إلى حد ما، ويخفي في قلبه البغض والطعن، وإن كان موجهاً لأهل نحلته فلا حرج في التصريح بالطعن واللعن.
وستجد مصداق هذا الأمر عند استعراض بعض شخصيات المصرحين بالطعن وهما الكركي والمجلسي وكما يلي:
1- فقد توفر للكركي سبباً التصريح وهما:
أ- كان يعيش في ظل الدولة الصفوية التي تدين بمذهبه وتبغض الخلفاء حيث صرح بتوفر هذا السب في مقدمة رسالته (نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت) فقال: (وبعد فان الله سبحانه وله الحمد والمنة لما كشف الغمة عن هذه الأمة بتأييد الدولة القاهرة الباهرة الشريفة المنيعة العالية السامية العلية العلوية الشاهية الصفوية الموسوية، أيدها الله بالنصر، وأيدها بالملائكة والإنس والجن أجمعين، وجعل كلمتها العليا وكلمة الذين كفروا السفلى إلى يوم الدين، ونكست رؤوس أهل البدعة الذين تسموا بغياً بأهل السنة).
__________
(1) كما ستقف على ذلك في المطلب الثالث من هذا الفصل عند بيان كيفية استخدامهم عبارات ظاهرها المدح وهم يقصدون بها الذم.(61/23)
ب- انه قد صرح بأنه إنما ألف رسالته إلى أهل مذهبه يحضهم ويدعوهم لسب الخلفاء، وليس لأهل السنة الذين سماهم أهل البدعة، فقال في الرسالة ذاتها: (حتى ان جمعاً من ضعفاء الاعتقاد المنسوبين إلى التشيع في بعض أطراف البلاد، ربما لم يجوزوا اللعن على هؤلاء الأرجاس، زاعمين أن لا دليل على ذلك من كتاب أو سنة ولا نقل من أهل البيت (ع) أحد منهم، رأيت أن أكتب رسالة موجزة أكشف فيها القناع عن ذلك وأبيّن كفر هؤلاء وجواز لعنهم… وأرجو أن يهدي بها كثيراً من الضالين(1). ويكشف بها غمار الجاهلين، وتقربني بها إليه زلفى يوم الدين، ووسمتها بنفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت). وبتوفر هذين السببين للتصريح كان من البديهي أن يصرح، وهذا ما فعله.
2- إن علامتهم المجلسي قد توفر له سببا التصريح أيضاً، فقد عاش في ظل الدولة الصفوية أيضاً، وألَّف كتبه لأبناء مذهبه وليس لدعوة أهل السنة، ولذا صرح بالطعن واللعن بكثرة عجيبة.
فهذه خلاصة الفصل الثالث من هذا الباب والذي استعرضنا فيه بشئ من الاختصار أقوال بعض علمائهم التي تناولت الخلفاء رضوان الله عليهم بالطعن الصريح أو الخفي.
__________
(1) يحق للقارئ أن يعجب ويضحك مما يقرأ من شدة حقد الكركي على الخلفاء، فانه لا يكتفي بأن يكون المرء شيعياً بمعتقده، بل لا بد مع التشيع من السب واللعن للخلفاء، وأما من كان عنده التشيع وليس عنده اللعن لهم فهو عنده ضال، ولذا كتب هذه الرسالة ليحملهم بها على لعن وسب الخلفاء رضي الله عنهم، وطلب من الله أن تكون سبباً لهداية الضالين، ومن هم الضالون بنظره؟ إنهم -كما ذكر- المنسوبون إلى التشيع الذين لم يجوزوا لعن الخلفاء!!! فلا ادري بماذا يسمي من ليس شيعياً وإنما سنياً يحب الخلفاء ويترضى عنهم؟! ولعل القارئ يسعفنا في التوصل الى تسميته لنا والذي سيكون قطعاً أقسى وأبشع الأسماء.(61/24)
وقبل أن نختم هذا الباب الذي استعرضنا فيه باختصار مرويات الشيعة الإمامية وأقوال أبرز علمائهم ومراجعهم التي تطعن بأبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - وتتهمهم بسرقة الخلافة والكفر والردة والنفاق وما نقلناه هو قطرة من بحر بالنسبة لما تركناه خشية الإطالة ،ولكن اعترضتني دعاوي كاذبة أطلقها أحد كتّاب الإمامية بكل وقاحة وخسة ينفي وجود أي طعن للخلفاء في كتبهم وهو عبد الجبار شرارة، وليس هذا فقط بل يضيف عليه وقاحة أخرى بأن يتحدى أن يأتي شخص برواية أو قول عالم شيعي إمامي فيه طعن بالصحابة، وذلك في لقاء تلفازي في محاورة حول موضوع السنة والشيعة حولَّها بعد الى ذلك في كتاب بعنوان (المواجهات بين الشيعة والسنة) فقال ص130:[ فأقول: إني أتحدى أن يعثر أحد على رواية صحيحة عن أئمتنا في كتبنا المعتمدة أو المعتبرة تُجَوِّز لعن الصحابة أو تنال منهم بشيء، أو أن يعثر على فقيه واحد من فقهائنا في أي كتاب فقهي وفتوائي منتشر بيننا من كتب الشيعة يعثر فيه مثل هذا الكلام] وقال ص132:[ وقلت:أتحدى أن يأتيني أحد بكلام لواحد من علمائنا وفقهائنا يشتم به أحداً من صحابة رسول الله ]، وأترك القراء يتأملون هذه الصلافة والتحديات الفارغة المراوغة ولنختم بذلك الباب الأول.(61/25)
الباب الثاني
موقف الإمامية من أهل السنة بجميع فرقهم ومذاهبهم
التمهيد
نريد بهذا التمهيد أن نبين للقراء -ما ذكرناه سابقا- من أن الفصول التالية تمثل امتداداً ومواصلة لبيان موقف الامامية العدائي تجاه الصحابة عموماً والخلفاء خصوصاً، وذلك من خلال بيان حكمهم على أتباع الخلفاء والسائرين على منهاجهم وهم أهل السنة بجميع فرقهم، أي ان الفصول التالية ماهي إلا أدلة تؤكد ثبوت حكمهم على الخلفاء باللعن والطعن(1) وذلك من وجهين هما:
الأول:
إن حكم التكفير واللعن لأهل السنة -والذي سينسحب قطعاً على الخلفاء- لم ننقله من المرويات، وانما نقلناه من كتب الفقه والفتاوي، وهذا يُعَدُّ دليلاً قاطعاً على ان هذا أمرٌ ثابت في المذهب وعقيدة يتدين بها المتقدمون والمعاصرون(2)، ولذا ذكروه في كتب الفقه والفتاوي كقعيدة لهم أولاً ثم يفتون بها كي يقرأها أبناء مذهبهم وليعتقدونها ويتعبدون بها، أي ان اللعن والتكفير لأهل السنة في الفقهيات لهو دليل قاطع على تصحيحهم لروايات اللعن والتكفير واعتقادهم بمضامينها، ومن ثم أفتوا لأتباعهم ومقلديهم بما ورد فيها، وقد ذكرت هذا وكررته حتى لايدَّعي بعد ذلك أحدٌ - جاهل أو مخادع - بأن علماء الامامية لايعتقدون بصحة الروايات التي تطعن بالمخالفين لهم في الولاية ابتداءً بالصحابة وعلى رأسهم الخلفاء وانتهاءاً بأتباعهم من أهل السنة الى يوم القيامة.
الثاني:
__________
(1) كما بيناه في فصول الباب السابق.
(2) فما وقفنا عليه من تكفير ولعن للخلفاء في الباب السابق من قبل الكركي والمجلسي، لهو عقيدةٌ ثابتةٌ عندهم جميعاً تجاه المخالفين في الولاية، بدءاً من شيخهم المفيد مروراً بالمجلسي ثم النجفي والانصاري وانتهاءاً بالخميني والخوئي وغيرهم من المعاصرين، كما ستقف على ذلك من خلال مؤلفاتهم وفتاويهم في الفصول القادمة.(62/1)
إن هذا الحكم الجائر الأثيم الذي انبثق من معتقد الامامية بحق أهل السنة باللعن والتكفير(1) إنما هو بسبب مخالفتهم لأصل الولاية (أي تجويزهم منصب الخلافة لغير الأئمة الاثنى عشر بمن فيهم الخلفاء الثلاثة- رضي الله عنهم -)، ومن المعلوم قطعاً أن تهمة المخالفة هذه لأصل الولاية ثابتة ومتحققة في الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم قبل غيرهم لأنهم تقلدوا منصب الخلافة وجوزوه لأنفسهم دون أئمتهم، فالخلفاء اذاً هم مؤسسوا مبدأ وأصل مخالفة الولاية - بنظر الامامية - ومشيدوا بنيانه، وتبعهم أهل السنة على ذلك واقتدوا بهم فيه، فإذا أثبت علماؤهم المتقدمون والمعاصرون الكفر واللعن على أهل السنة -وهم التابعون للخلفاء في مخالفة الولاية-، فلاشك في إثباتهم نفس هذا اللعن -ان لم يكن أشد- بحق الخلفاء -وهم المؤسسون لمبدأ مخالفة الولاية والمتبوعون فيه(2)
__________
(1) كما ستقف عليه مفصلاً في الفصول القادمة.
(2) ولذا فقد عظَّموا ذنب الخلفاء الثلاثة حتى اعتقدوا بأن كل من يضل بمخالفة الولاية لأهل البيت فإثمه في أعناقهم الى يوم القيامة لأنهم المؤسسون للمخالفة أي من باب (من سنَّ سُنَّةً سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها)، فمن مروياتهم في هذا: [(وعنه عليه السلام، - وسئل عن أبي بكر وعمر، فقال: هما أول من ظلمنا، وقبض حقنا، وتوثب على رقابنا، وفتح علينا باباً لا يسده شئ إلى يوم القيامة، فلا غفر الله لهما ظلمهما إيانا)، (وعن أبي حمزة الثمالي، قال: قلت لعلي بن الحسين عليهما السلام - وقد خلا -: أخبرني عن هذين الرجلين؟. قال: هما أول من ظلمنا حقنا وأخذا ميراثنا، وجلسا مجلسا كنا أحق به منهما، لا غفر الله لهما ولا رحمهما، كافران، كافر من تولاهما)، (وعن بشير، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أبي بكر وعمر فلم يجبني، ثم سألته فلم يجبني، فلما كان في الثالثة قلت: جعلت فداك، أخبرني عنهما؟. فقال: ما قطرت قطرة من دمائنا ولا من دماء أحد من المسلمين إلا وهي في أعناقهما إلى يوم القيامة)، (وعن القاسم بن مسلم، قال: كنت مع علي بن الحسين عليهما السلام بينبع يدي في يده، فقلت: ما تقول في هذين الرجلين؟ تبرأ من عدوهما؟. فغضب ورمى بيده من يدي، ثم قال عليه السلام: ويحك! يا قاسم! هما أول من أضغنا بآبائنا، واضطجعا بسبيلنا، وحملا الناس على رقابنا، وجلسا مجلسا كنا أحق به منهما)، ينظر لهذه الروايات وامثالها في (بحار الأنوار) ج 30 ص (379-383).
ويقول محدثهم يوسف البحراني في (الشهاب الثاقب) ص140: [وولاية ابيه - أي ابو يزيد ومراده معاوية - من قبل عمر وعثمان العالمين بما عمله من الجور والطغيان، فلو أنهم أفتوا بلعن يزيد وكفره لأنجرَّ ذلك الى اظهار القدح في اصنامهم، لأنهم المؤسسون لهذه المفاسد، والموطؤن لهذه المقاصد].(62/2)
- لأشتراكهم بنفس التهمة وهي مخالفة أصل الولاية.(62/3)
الفصل الأول
بيان معاني أهم مصطلحات علمائهم في هذا الموضوع
الفصل الأول
سنقف في هذا الفصل على اهم المصطلحات التي طالما رددها علماء الأمامية في كتبهم العقائدية والفقهية، كي يسهل فهمنا لكلام علمائهم ومعرفة مرادهم منه، وكما يلي:
أولاً:الولاية
لا شك في كثرة ترديد هذه اللفظة في مروياتهم وكلام علمائهم، كما وردت في الكافي روايات تصرح بأن الاسلام بُني على خمس منها الولاية، أي الولاية للأئمة من أهل البيت، ولكن عند اطلاق هذا المصطلح يتبادر الى الذهن منه معنيان وقد يحصل فيه تلبيس على غير المتخصصين، وهما:
1- بمعنى المحبة للأئمة والاحترام والتقدير(1).
2- بمعنى الامامة والخلافة لأهل البيت، أي حصر منصب الخلافة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم دون غيرهم(2).
__________
(1) وهو المعنى المتبادر للذهن أولاً من معاني الولاية .
(2) وهناك قيود وضعوها في تعريف الامامي لتمييزه عن اهل السنة، وكذلك لتمييزه عن غيره من فرق الشيعة، فالقيد الاول هو ان الشيعي يشمل كل من يعتقد بأن الخلافة بعد النبي- صلى الله عليه وسلم - مباشرة وبلا فصل لعلي- رضي الله عنه -، فيخرج بهذا القيد اهل السنة الذين يعدون علياً - رضي الله عنه - رابع الخلفاء وليس الاول، واما القيد الثاني فهو حصر الخلافة بعد علي- رضي الله عنه - في احد عشر اماماً محددين بالأسماء، ليخرج بهذا القيد بقية فرق الشيعة التي نفوها عن بعضهم أو اثبتوها لغيرهم من اهل البيت كالزيدية والاسماعيلية، وفي صدد هذه القيود يقول آيتهم العظمى محمد رضا الكلبايكاني في (ارشاد السائل) ص199 جواباً على سؤال: [بسمه تعالى: المخالف في لساننا يطلق على منكر خلافة امير المؤمنين ع بلا فصل، واما الواقف على بعض الأئمة فهو وان كان معدوداً من فرق الشيعة إلا ان احكام الاثنى عشرية لاتجري في حقه…].(63/1)
ولكن عند اطلاق هذا المصطلح فمرادهم منه هو المعنى الثاني المرادف للأمامة دون الاول، بناءاً على انه من خصائصهم والتي تميزهم عن فرق المسلمين، لأن اصل الولاية لو كان مقصودهم به محبة اهل البيت (أي المعنى الاول)، فعلى هذا يعتبر اهل السنة بجميع فرقهم مؤمنين بهذا الاصل(1)، وبالتالي لا مزية للامامية على غيرهم، وعندها لايكون هناك خلاف في الولاية بين الامامية وأهل السنة.
__________
(1) وهنا قد يحصل التلبيس عند عوام الامامية ومثقفيهم دون علمائهم، وذلك عندما يقول علماؤهم? بأن اهل السنة ليس عندهم الولاية لأهل البيت أو لايؤمنون بالولاية لأهل البيت، فإن العوام يفهمون من الولاية المحبة لأهل البيت، فيظن بأن اهل السنة ليس عندهم المحبة لأهل البيت، وبالتالي يظلمهم بسوء فهمه وقد يبغضهم لظنه الخاطىء بأن اهل السنة لايحبوهم، ولكن الحق ان اهل السنة عندهم الولاية لأهل البيت بمعنى المحبة والاحترام لهم كما اعترف بذلك كبار علمائهم وعلى رأسهم ابو القاسم الخوئي حيث قال في (كتاب الطهارة)ج 2 ص 86: [لان الضروري من الولاية إنما هي الولاية بمعنى الحب والولاء، وهم غير منكرين لها - بهذا المعنى - بل قد يظهرون حبهم لاهل البيت عليهم السلام]، وقال آيتهم العظمى الگلپايگاني في (نتائج الأفكار) ص 176: [حيث ان اهل السنة ايضا على كثرتهم وتفرقهم واختلاف نحلهم وآرائهم -الا الخوارج والنواصب- معترفون بعظمة مقام على عليه السلام وعلو شأنه ورفعة مناره وكونه من العشرة المبشرة بل هو عند بعضهم افضل اصحاب الرسول واعلمهم]، وهذه شهادة آيات الامامية بأن أهل السنة محبون لأهل البيت ومعظمون لهم إلا انهم لايرون حصر الامامة فيهم مع اعتقادهم باستحقاقهم لها وانهم اهل لها وجديرون بها،ولكنهم يجوزونها لغيرهم كأبي بكر وعمر وعثمان- رضي الله عنهم -.(63/2)
فالحق ان مرادهم منه هو حصر الخلافة في اهل البيت ومنعها عن غيرهم، وبمعنى آخر لايَرَون صحة خلافة غيرهم بما في ذلك خلافة أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم -، اذ انهم قطعاً لايرَون صحتها بل يعتقدون بطلانها سواء صرحوا أو لمحوا، لأن ذلك مقتضى حصرهم الخلافة في اهل البيت(1)، فالمهم اذاً في معنى الولاية هو ان كل من يجوِّز منصب الخلافة لغيرأئمة اهل البيت (مثل أبي بكر وعمر وعثمان) يعده الامامية مخالفاً لهم في اصل الولاية (أي الامامة) غير مؤمن به، وان كان عنده الولاية لأهل البيت بالمعنى الأول (أي بمعنى محبتهم واحترامهم وتوقيرهم)، ويمكن الوقوف علىهذه الحقيقة حول هذا المصطلح من خلال التدبر لأقوال علمائهم التالية التي تؤكد ثبوت معنيين للولاية عندهم، وكمايلي:
1-يقول آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي: [لان الضروري(2)
__________
(1) وعليه فالخلاف بين اهل السنة وباقي الشيعة هو حول صحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، اذ يعتقد اهل السنة صحتها وشرعيتها، بينما يعتقد الشيعة بطلانها وانها مغتصبة من علي- رضي الله عنه - لأنها من حقه، فيقول علامتهم الجزائري في (الانوار النعمانية)ج2 ص279: [فمن قال ان علياً امام ولم ينفِ امامة من ادعاها ونازعه عليها وغصبها فليس بمؤمن عند اهل البيت ع]، وقد تبعه الخوئي في ذلك حيث بين ان اصل الولاية (الامامة) ينتقض بأحد امرين، احدهما: انكار ولاية (خلافة) احد الأئمة الأثنى عشر، والآخر: اعتقاد صحة خلافة غيرهم، فقال في (مصباح الفقاهة)ج1ص323: [لأن إنكار الولاية والأئمة حتى الواحد منهم، والاعتقاد بخلافة غيرهم، وبالعقائد الخرافية كالجبر ونحوه، يوجب الكفر والزندقة، وتدل عليه الأخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية، وكفر المعتقد بالعقائد المذكورة].
(2) ومعنى الضروري هو مايجب أن يعتقده كل مسلم والمراد به هنا هو محبة آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا بإعترافه موجود عند أهل السنة .(63/3)
من الولاية إنما هي الولاية بمعنى الحب والولاء، وهم غير منكرين لها -بهذا المعنى- بل قد يظهرون حبهم لأهل البيت عليهم السلام، وأما الولاية بمعنى الخلافة فهي ليست بضرورية بوجه وإنما هي مسألة نظرية وقد فسروها بمعنى الحب والولاء ولو تقليداً لآبائهم وعلمائهم ](1).
2-يقول آيتهم العظمى محمد رضا الگلپايگاني: [لكن هذا منوط بعدم كون الولاية بمعناها الخاص اعني الوصاية الخاصة و الخلافة بلا فصل وزعامة الامة الاسلامية بعد النبي الا قدس صلى الله عليه وآله بل بمعنى وجوب المحبة وود العترة الطاهرة الزاكية فانه امر قطعي كالرسالة ومن ضروريات الدين الاسلامي التى لا تقبل الجدل والشك ويعترف بها الفريقان حيث ان اهل السنة ايضا على كثرتهم وتفرقهم واختلاف نحلهم وآرائهم - الا الخوارج والنواصب - معترفون(2) بعظمة مقام على عليه السلام وعلو شأنه ورفعة مناره وكونه من العشرة المبشرة بل هو عند بعضهم افضل اصحاب الرسول واعلمهم](3).
__________
(1) كتاب الطهارة - السيد الخوئي ج 2 ص 86.
(2) وهذه شهادة منصف بأن أهل السنة معترفون بفضل علي وعلو شأنه ومحبون له وكذلك اعترف الخوئي قبل هذا القول بأن أهل السنة يظهرون المحبة لأهل البيت فالحمد لله الذي أنطق مخالفينا بالحق المبين.
(3) نتائج الأفكار، الأول- السيد الگلپايگاني ص 176(63/4)
3-يقول الميرزا جواد التبريزي: [س 1282: ما هو نظركم حول حقيقة الحب والتولي للنبي وآله الطاهرين (ع) ؟ : التولي هو قبول ولاية الائمة (ع) وان لهم من مناصب النبي الاكرم (ص) بعده منصب الزعامة على المسلمين، وكونهم أوصيائه (ص) في إبلاغ أحكام الشريعة، وأخذها منهم (ع)، وأما مسألة الحب المعبر عنه بالمودة في القربى في القرآن الكريم، فهو أجر الرسالة، وهو مطلوب لله سبحانه وتعالى، ويحسب من الاعمال المقربة للعبيد الى الله حيث أمر الله تعالى به بقوله: (قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة قي القربى)، ولذا ان حبهم يقبله غيرنا من المسلمين، ولكن لا يقبلون التولي الذي رزقنا الله اياه، وجعلنا من المتمسكين بولايتهم (ع)، والله العالم](1).
4-يقول محقق كتاب بحار الأنوار السيد عبد الزهراء الحسيني:[ ومسلكهم في أن ولاء أهل البيت انما هو محبتهم، لا الدخول تحت سلطانهم وأمرهم ونهيهم على ما هو الصحيح من معنى الولاية](2) .
فهذه خلاصة القول في معنى مصطلح الولاية عندهم والذي حددوا من خلاله المؤمن والمخالف.
ثانياً:الإيمان
إن المتتبع للنظرية سيجد ان للايمان عندهم معنيين(3) وهما:
المعنى المعروف وهو التصديق الباطني بمضمون الشهادتين، وهو يقابل النفاق الذي يعني التكذيب الباطني بمضمون الشهادتين وان تلفظ بهما، كحال المنافقين على عهد النبي- صلى الله عليه وسلم -.
معنى حادث خاص بالامامية وهو الاسلام مع الاقرار بالولاية للأئمة الاثنى عشر - أي حصر الامامة فيهم - .
__________
(1) صراط النجاة - الميرزا جواد التبريزي ج3 ص452.
(2) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج 44 ص 294
(3) انظر جواهر الكلام ج6ص59 لعلامتهم محمد حسن النجفي الذي ذكر معنيين للايمان، وكذلك الخوئي في (منية السائل)ص207 ذكر ايضاً معنى عاماً للايمان ومعنى خاصاً هو الولاية للأئمة.(63/5)
ولكن بعد التتبع والتدقيق تبين ان مرادهم بالايمان هو المعنى الثاني (أي الاسلام مع الولاية للأئمة الاثنى عشر)، فحيثما اطلقوا الايمان في العقائد والفقهيات فمرادهم منه المعنى الثاني، لأنه اصبح اصطلاحاً متعارفاً بينهم لأبراز اصل الولاية (الامامة) وبيان اهميتها وضرورتها عندهم، فمن اقوالهم التي تبين مرادهم من الايمان هي:
1-يقول شيخ طائفتهم الطوسي: [بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي إذا سألك سائل وقال لك: ما الايمان؟ فقل: هو التصديق بالله و بالرسول وبما جاء به الرسول والائمة عليهم السلام](1)، فانظر كيف ادخل امامة الأئمة في الايمان.
2-قال محققهم علي عبد العال الكركي: [يجب على كل مكلف حر وعبد، ذكر وأنثى، أن يعرف الأصول الخمسة التي هي أركان الايمان، وهي: التوحيد، والعدل، والنبوة، والامامة، والمعاد](2)، فقد جعل الامامة داخلة في الايمان بل من اركانه.
3-يقول علامتهم محمد بن جمال الدين مكي العاملي الملقب بالشهيد الثاني: [والمراد بالايمان معناه الاخص وهو الاسلام والولاية للأئمة الاثنى عشر](3).
4-يقول محدثهم يوسف البحراني: [الايمان الذي هو عبارة عن الاسلام مع اعتقاد امامة الأئمة الاثنى عشر](4).
5-يقول محققهم الميرزا القمي: [والمراد بالايمان هو الاسلام مع القول بالأئمة الاثنى عشر](5).
6-قال السيد محمد بن علي الموسوي العاملي: [المراد بالايمان هنا معناه الخاص وهو الاسلام مع الولاية للأئمة الاثنى عشر](6).
7-قال جعفر كاشف الغطاء: [الايمان ويتحقق بالاقرار والاعتقاد من دون عناد بالله وبالنبي - صلى الله عليه وسلم - والأئمة الاثنى عشر](7).
__________
(1) الرسائل العشر- الشيخ الطوسي ص 103
(2) رسائل الكركي - المحقق الكركي ج 1 ص 59
(3) مسالك الافهام ج1 ص421.
(4) الحدائق الناضرة ج12 ص203.
(5) غنائم الايام ج4 ص162.
(6) مدارك الاحكام ج5 ص237.
(7) كشف الغطاء ج2 ص355.(63/6)
8-يقول آيتهم العظمى عبد الحسين شرف الدين: [وان الايمان عبارة عن اليقين الثابت في قلوب المؤمنين مع الاقرار به في اللسان، فيكون على هذا اخص من الاسلام، ونحن نعتبر فيه الولاية مضافاً الى ذلك فافهم](1).
9-ويقول آيتهم العظمى محسن الحكيم عن شرط الايمان في امام الجماعة ومعرفاً له: [الايمان الحاصل بالاعتراف بامامة الأئمة الاثني عشر (ع)، فانه شرط. إجماعا، حكاه جماعة، بل لعله من الواضحات](2).
10-واخيراً يقول محمد صادق الروحاني: [الايمان يعني الاسلام والولاية للأئمة الاثنى عشر](3).
11-يقول آيتهم العظمى علي السيستاني حول معنى الايمان المتضمن لمعنى المؤمن في معرض بيانه لشروط المجتهد:[ رابعاً:الايمان - بمعنى أن يكون إثنا عشريا-](4).
فكل هذه الاقوال تؤكد ان المراد من الايمان عندهم هو المعنى الثاني وهو الاسلام مع الاقرار بولاية الأئمة الاثنى عشر كما تقدم.
وبعد بيان المراد من مصطلحي الولاية والايمان في نصوصهم وفتاويهم، نستطيع ان نحدد بدقة لفظين آخرين لهما علاقة اكيدة بفهم مراد علمائهم وتحديد موقف المذهب من مخالفيه، وهما كما يلي:
__________
(1) الفصول المهمة ص23 من الفصل الثاني.
(2) مستمسك العروة للسيد محسن الحكيم ج7 ص318.
(3) فقه الصادق ج7 ص258.
(4) المسائل المنتخبة- السيد علي السيستاني ص13.(63/7)
ثالثاً: المؤمن(1)
__________
(1) وهناك ظاهرة تتعلق بمرادهم بمصطلح "المؤمن" يلحظها من عاش بين الشيعة الامامية في العراق وتحديداً بعد سقوط بغداد عندما يذيعون إعلاناً في مساجدهم وحسينياتهم أو حتى في اللافتات إن كانوا يقصدون بالخطاب شيعتهم فقط على وجه الحصر وليس باقي المسلمين يقولون: " الى الأخوة المؤمنين" أي المؤمنين بالولاية فهو اصطلاح متعارف بينهم ومرادهم الشيعة حصراً،وهذا الاصطلاح نفعهم كثيراً لأنه من جهة كأنه شفرة يستخدموها لمخاطبة شيعتهم فقط،ومن جهة غفلة أهل السنة عن مرادهم بهذه الكلمة فيظنوهم يقصدون بها جميع المسلمين فلا يتهموهم بالطائفية والعنصرية والتعصب المذهبي مع أنهم يطبقونه بأشد وأعلى درجاته ولكن باصطلاح ماكر خفي، وأنا شخصياً لم أكن أنتبه لهذا حتى وقفت على معنى "المؤمن" عندهم فأخذت أركِّز وأُفَسِّر لماذا لا يقولون "الى الاخوة المسلمين" بدلاً عن "المؤمنين" حتى أني قبل فترة قصيرة سمعت نداءاً في أحد مساجدهم في مكبرة الصوت وهذا نصه:[ الى الاخوة المؤمنين من كان يريد الأجر والثواب فهناك مريض من المؤمنين يحتاج الى التبرع بالدم..] وانتبهت الى طائفيتهم البغيضة وتعصبهم فلماذا يخبرهم بأن المريض من المؤمنين -أي الشيعة- ولم يقل من المسلمين -وكأن اسم الاسلام لا يشفي صدورهم ولا يشرفهم- والجواب لأنه لو قالها لعلم السامعون بأن المريض ليس من الشيعة حصراً لأن المسلم عندهم يشمل الشيعي وغيره، أما المؤمن لا يراد به إلا الشيعي، فلو علموا بأنه ليس من الشيعة فإما أن تضعف همتهم للتبرع له -وهذا أعلى درجات حسن الظن بهم- أو لا يتبرعون له أصلاً والجزم بأحدهما ممتنع لأنه من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى !!!(63/8)
بعد ان وقفنا على معنى مصطلحي الولاية والايمان، نستطيع الآن ان نعرِّف بجلاء معنى المؤمن عندهم وهو المسلم المعتقد بالولاية للأئمة الاثنى عشر حصراً، فمن نفى الامامة عن بعضهم فهو غير مؤمن، وكذلك اذا جوَّز منصب الخلافة لغيرهم فهو غير مؤمن ايضاً، وبمعنى آخر ان المؤمن عندهم هو الشيعي الامامي الاثنا عشري فقط، وكل من عداه فهو غير مؤمن، ومن اقوالهم التي تتضمن هذا التعريف للمؤمن ما يلي:
1-يقول محمد بن علي الموسوي العاملي: [المؤمن هو المسلم الذي يعتقد امامة الأئمة الاثنى عشر](1).
2-يقول محدثهم يوسف البحراني: [المؤمن وهو المسلم المعتقد لامامة الأئمة الاثنى عشر](2).
3-يقول محمد جواد العاملي: [اذ لاخلاف بين الاصحاب في ان من اعتقد معتقد الشيعة الامامية مؤمن](3).
4-يقول محمد حسن النجفي: [المؤمن أي الامامي المعتقد لامامة الأئمة الاثنى عشر](4).
5-يقول الخميني: [المراد بالمؤمن الشيعة الامامية الاثنى عشرية](5).
6-وأخيراً يقول ابو القاسم الخوئي:[اقول: المراد من المؤمن هنا من آمن بالله وبرسوله وبالمعاد وبالأئمة الاثنى عشر ع اولهم علي بن أبي طالب ع وآخرهم القائم الحجة المنتظر عج](6)، وذكر ايضاً: [س:لقب المؤمن خاص لشيعة اهل البيت ع، هل يقال للشيعي مؤمن حتى لو ترك الواجبات كالصلاة مثلاً، الخوئي:نعم يقال له مؤمن](7).
فالمراد بالمؤمن حصراً هو الشيعي الامامي الاثنا عشري كما ظهر ذلك بجلاء من كلام علمائهم ومن تعريفهم للايمان.
رابعاً: المخالف
__________
(1) مدارك الاحكام ج4 ص150.
(2) الحدائق الناضرة ج10 ص359.
(3) مفتاح الكرامة ج4 ص182.
(4) جواهر الكلام ج4 ص80.
(5) المكاسب المحرمة - للخميني ج1 ص250.
(6) مصباح الفقاهة ج1 ص323.
(7) صراط النجاة ج2 ص438 سؤال رقم (1375).(63/9)
وهو الذي يقابل المؤمن من المسلمين، أي أن كل من عدا الإمامي الإثنى عشري، فهو معدود عندهم مخالفاً لأنه لم يعتقد معتقدهم بالولاية والإيمان، والمخالفون لهم بصورة عامة صنفان(1)، وهما:
الصنف الأول:
وهم الذين لا يَرَون حصر الخلافة في أئمة أهل البيت بل يُجَوِّزون نيلها من قبل غيرهم، وهذا يشمل كل فرق اهل السنة قاطبة، لأنهم يجوزون نيلها من قبل غيرهم بدليل اعتقادهم بصحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، وبالتالي فهم مخالفون للامامية في حصر الولاية بالأئمة الاثنى عشر، داخلون تحت عنوان المخالف ماداموا غير ملتزمين بحصرها فيهم، فيقول علاّمتهم الجزائري: [ان الامامة كالنبوّة والالهية مركبة من ايجاب (أي اثبات) وسلب (أي نفي)….. اما النبوة فمن قال ان محمداً نبي ولم ينفِ نبوة من ادعاها كمسيلمة ونحوه فهو ليس بمسلم ايضاً، فالسلب واجب فيها كالايجاب واما الامامة فهي كذلك ايضاً، فمن قال ان علياً امام ولم ينفِ امامة من ادعاها ونازعه عليها وغصبها فليس بمؤمن عند أهل البيت ع](2).
ويقول علامتهم علي بن يونس العاملي: [فالشيعة تأبى إمامة الثلاثة وتقول بإمامة علي دونها](3).
الصنف الثاني:
__________
(1) ولكن بعد التتبع والاستقراء نجد أن المقصود الأول أصالة بلفظ المخالف هو الصنف الأول أي أهل السنة بجميع فرقهم ومذاهبهم، وأما الصنف الثاني فيكون مقصوداً بذلك تبعاً وليس هو المقصود الأول بذلك، فتنبه له لأنه دقيق.
(2) الأنوار النعمانية ج2 ص 279.
(3) الصراط المستقيم للعاملي البياضي ج1 ص88.(63/10)
وهم الذين يَرَون حصر الامامة بالأئمة من أهل البيت إلا إنهم يخالفون الامامية في عدد الأئمة فينفونها عن بعضهم أو يثبتونها لغيرهم، كالزيدية الذين يقولون بإمامة زيد بن علي، والإسماعيلية الذين يقولون بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق- رضي الله عنه -، فهؤلاء وإن اطلق عليهم شيعة إلا أنهم في نظر الامامية مخالفون لهم في عدد الأئمة أو في تعيين أشخاصهم، لذلك فهم داخلون أيضاً تحت عنوان المخالف.
وبمعنى أدق ان المخالف هو كل من عدا الشيعي الامامي (المؤمن) من فرق المسلمين، والذي يدل على ذلك امران هما:
الأول: ماصرح به علماؤهم في معنى المخالف ومنهم:
1- قال آيتهم العظمى الكلبايكاني جواباً على سؤالٍ مانصه: [من هو المخالف، هل هو من خالف معتقد الشيعة في الامامة أو من خالف بعض الائمة ووقف على بعضهم، فيدخل في ذلك الزيدية وغيرهم، وهل حكم المخالف حكم "الخارج والناصب والغالي" أم لا؟
بسمه تعالى: المخالف في لساننا يطلق على منكر خلافة أمير المؤمنين " عليه السلام " بلا فصل(1)، وأما الواقف على بعض الائمة " عليهم السلام " فهو وإن كان معدودا من فرق الشيعة إلا أن أحكام الاثني عشرية لا تجري في حقه](2).
__________
(1) ومقصده من هذا القيد في تعريف الامامي ومخالفه هو ان الامامي يعتقد ان علياً - رضي الله عنه - الخليفة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرةً بلا فصل أي انه الخليفة الاول بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو متضمن النفي لخلافة أبي بكر التي نالها بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرةً، واما أهل السنة (المخالفون) فيعتقدون أن علياً - رضي الله عنه - خليفةً للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولكنه الرابع بعد الخلفاء الثلاثة (أبي بكر وعمر وعثمان- رضي الله عنهم -) وليس الاول.
(2) إرشاد السائل- السيد الگلپايگاني ص 199 رقم السؤال742.(63/11)
2- يقول السيد محمد كلانتر محقق كتاب اللمعة الدمشقية: [المخالف وهو غير الاثنى عشري من فرق المسلمين](1).
3- يقول الميرزا جواد التبريزي: [بحيث انهم عرفوا(2) ) حتى عند أعدائهم بتوليهم لهؤلاء الائمة الطاهرين، وميزوا بانهم (الاثنا عشرية) في اشارة إلى اعتقادهم بامامة الا ئمه الاثني عشر. وصار الأمر عند الشيعه بحيث ان من كان لا يؤمن باحدهم أو جعل غيره مكانه لا يعد من هذه الطائفة المحقة](3).
4- يقول محدثهم يوسف البحراني: [لأنا لانعقل من المخالف متى أُطلق إلا المخالف في الامامة والمُقَدِّم فيها](4)، وقال ايضاً: [ومخالفيه هم الذين لم يأخذوا بأحكامه، ولم يعتقدوا امامته وعصمته، بل جعلوه من سائر الخلفاء](5)، وقال أيضاً: [ولاريب ان مراد ابن ادريس بالحق الذي صرح بنجاسة من لم يعتقده انما هو الولاية كما سيأتيك بيانه ان شاء الله تعالى في الاخبار فإنها معيار الكفر والايمان في هذا المضمار](6).
__________
(1) اللمعة الدمشقية لشهيدهم الثاني ج1 ص248.
(2) ويقصد الشيعة الامامية .
(3) رسالة في إمامة الأئمة الاثني عشر- الميرزا جواد التبريزي ص 12.
(4) الشهاب الثاقب للبحراني ص254، ومراده من المُقَدِّم فيها أي الذي يقدم أبا بكر وعمر على علي (رضي الله عنهم جميعاً) في الخلافة.
(5) نفس المصدر السابق ص 228.
(6) الحدائق الناضرة ج5 ص179.(63/12)
5- ان آيتهم العظمى المعاصر الذي يقطن النجف الآن محمد سعيد الحكيم قد صرح بمعنى مصطلحي "العامة" و"المخالفين" بأنهم الذين يتولون الشيخين ـ ابابكر وعمر رضي الله عنهما ـ ويعتقدون بأن خلافتهما شرعية وصحيحة بمعنى آخر أن المخالفين والعامة هم أهل السنة بجميع فرقهم ومذاهبهم فقال مانصه:[ الظاهر أن المراد بالعامة المخالفون الذين يتولون الشيخين ويرون شرعية خلافتهما على اختلاف فرقهم ، لان ذلك هو المنصرف إليه العناوين المذكورة في النصوص](1).
6- ويبين آيتهم العظمى محسن الحكيم الذين يشملهم عنوان المخالف بقوله: [ولاينافي الطعن فيه بما سبق، إذ يكون حاله حال جماعة من العامة، والفطحية والواقفية وغيرهم من المخالفين للفرقة المحقة](2).
7- يقول الخوئي: [والمخالف مسلم – غير مضمر للكفر – إلا انه لايعتقد بالولاية](3).
8- ان الطوسي صرح بما يفهم من كلامه معنى المخالف، حيث قال في معرض كلامه عن صلاة الجنازة: ["وأما ما يتضمن من الأربع تكبيرات محمول على التقية لأنه مذهب المخالفين.."](4).
إذ يفهم من كلامه إطلاق لفظ المخالفين على أهل السنة خاصة لأنهم يكبرون أربع تكبيرات على الجنائز.
الثاني: ذكر المخالف دائماً في مقابل المؤمن أي الامامي
__________
(1) المحكم في أصول الفقه - السيد محمد سعيد الحكيم ج6 ص194، وهكذا أينما وردت لفظة(العامة) فإن المقصود بها هم أهل السنة .. وهنا أود الاشارة الى ضرورة التفريق بينها وبين لفظة(العوام) فإن المقصود بها غالب البسطاء من المسلمين .
(2) مستمسك العروة الوثقى للحكيم ج5 ص366.
(3) كتاب الطهارة ج9 ص94.
(4) تهذيب الاحكام ج3 ص316.(63/13)
ان الامر الآخر الذي يدل على ان المخالف هو كل من عدا الامامي، هو انهم غالباً ما يذكرون المخالف في مقابل المؤمن، أي انه غير المؤمن، وبما أن مرادهم من المؤمن هو الامامي الاثنا عشري كما تقدم، فالمراد بالمخالف الذي يقابله هو غير الامامي مطلقاً من المسلمين، فمن أقوالهم في هذا على سبيل المثال ما يلي:
يقول علامتهم المعتمد محمد حسن النجفي: [وجوب غسل المؤمن أي الامامي المعتقد لامامة الأئمة الاثنى عشر ع … وأما من لم يكن كذلك كالعامة (أي جميع فرق أهل السنة) وقد يلحق بهم فرق الامامية المبطلة كالواقفية والفطحية والناووسية](1).
يقول أبو القاسم الخوئي: [تجب الصلاة على كل ميت مسلم، ذكراً كان أم أنثى، حراً أم عبداً، مؤمناً أم مخالفاً](2).
يقول آيتهم العظمى الگلپايگاني: [يعتبر في المصلي أن يكون مؤمناً، فلا تجزي صلاة المخالف فضلاً عن الكافر](3).
يقول الخميني: [الاول: الايمان، فلا يعطى الكافر ولا المخالف للحق وان كان من فرق الشيعة](4)، وقال أيضاً: [يعتبر في المصلي أن يكون مؤمناً، فلا تجزي صلاة المخالف فضلاً عن الكافر](5).
يقول السيد علي السيستاني: [تجب الصلاة - وجوباً كفائياً - على كل ميت مسلمٍ ذكراً كان أم أنثى، حراً أم عبداً، مؤمناً أم مخالفاً](6).
يقول محققهم الكركي: [وكتب الحديث والتأريخ مشحونة بذلك من طرق المؤمنين والمخالفين](7).
وهكذا ظهر لنا معنى المخالف بدقة من كلام علمائهم ومراجعهم بأنه كل من عدا الامامي والمقصود به أولاً وأصالةً هم أهل السنة، ثم باقي فرق الشيعة من غير الامامية الاثنى عشرية ثانياً وتبعاً.
خامساً: الكفر
__________
(1) جواهر الكلام ج4 ص80.
(2) منهاج الصالحين ج1 ص83.
(3) هداية العباد ج1 ص77 مسألة (387).
(4) تحرير الوسيلة ج1 ص339.
(5) تحرير الوسيلة ج1 ص79 مسألة (2).
(6) منهاج الصالحين ج1 ص106-107.
(7) رسائل الكركي - المحقق الكركي ج2 ص226.(63/14)
ان هذه اللفظة تتردد كثيراً على ألسنة علمائهم، وخصوصاً عند كلامهم عن حكم أهل السنة (المخالفين) وهل هو الكفر أو الاسلام، وبالتحديد عند تعرضهم للروايات التي ورد فيها كفر منكر الامامة ومخالفها، لأن الكفر اذا أُطلق عندهم فإنه محتمل لثلاثة معان، لابد من معرفتها وبيان مرادهم منها.
وخير من وضَّح معاني الكفر ومراتبه عندهم بدقة ووضوح هو آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي، حيث ذكر في كتاب الطهارة من كتابه (التنقيح في شرح العروة الوثقى) ج2 ص63-64 فقال: [وذلك لأن للكفر مراتب عديدة:
1-["منها": ما يقابل الاسلام ويحكم عليه بنجاسته وهدر دمه وماله وعرضه وعدم جواز مناكحته وتوريثه من المسلم وقد دلت الروايات الكثيرة على ان العبرة في معاملة الاسلام بالشهادتين اللتين عليهما اكثر الناس كما تأتي في محلها].
ويكون حكم الواقع بهذا الكفر هو النجاسة ويهدر دمه ولاتجوز مناكحته وتوريثه، والمتمثل بمن يعتقد ويؤمن بالملل المقابلة للاسلام كاليهودية والنصرانية والبوذية والمجوسية وغيرها من الملل الكافرة.
2-[و"منها": ما يقابل الايمان ويحكم بطهارته واحترام دمه وماله وعرضه كما يجوز مناكحته وتوريثه إلا ان الله سبحانه يتعامل معه معاملة الكافر في الآخرة وقد كنا سمينا هذه الطائفة في بعض أبحاثنا بمسلم الدينا وكافر الآخرة].(63/15)
وهذا أهم الأقسام الثلاثة على الاطلاق بالنسبة لموضوع دراستنا، لأنهم حملوا الروايات الواردة بكفر منكر الامامة، على انه كفر يقابل الايمان، لا مايقابل الاسلام، ومرادهم بذلك هو أن الواقع بهذا الكفر، بمقتضى قوله بالشهادتين يحكم له في هذه الدنيا بالطهارة واحترام دمه وماله وعرضه وتجوز مناكحته وتوريثه، ولكن بمقتضى عدم ايمانه بالامامة يحكم له بالآخرة بالكفر والخلود في النار، وهو الذي سمّاه الخوئي بمسلم الدنيا - باعتبار الشهادتين ومايترتب عليها من أحكام الطهارة وعصمة الدم والمال - وكافر الآخرة - باعتبار انكاره الامامة أو عدم إيمانه بها ومخالفتها - فيترتب عليه أحكام الكفار في الآخرة من شدة العذاب والخلود فيه.
3-[و"منها": ما يقابل المطيع لانه كثيرا ما يطلق الكفر على العصيان ويقال ان العاصي كافر وقد ورد في تفسير قوله عز من قائل: إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ان الشاكر هو المطيع والكفور العاصي].
ومرادهم من هذا القسم هو ان اطلاق الكفر على بعض المعاصي انما هو لزجر المسلمين عن فعلها والتغليظ على من ارتكبها، فلا يُراد منه أن فاعلها كافر حقيقةً خارجٌ عن ملة الاسلام.
وبهذا نكمل الفصل الاول والذي وقفنا فيه على أهم المصطلحات التي ستمر بنا في الفصول القادمة وهي الولاية والايمان والمؤمن والمخالف والكفر -وبالتحديد الكفر المقابل للايمان-.(63/16)
الفصل الثاني
بيان موجز لفريقهم الذي يكفِّر أهل السنة ويحكم بنجاستهم وجواز قتلهم وأخذ أموالهم
الفصل الثاني
سنتعرض في هذا الفصل إلى أهم موضوع في هذه الدراسة، وهو الحكم على المخالفين (أهل السنة) بالطهارة والنجاسة، والذي طالما احتدم فيه الصراع والجدل بين علماء الإمامية، فكل منهم يدلو بدلوه ويبدي رأيه من خلال النظر في الأدلة، حتى قال آيتهم العظمى محمد رضا الگلپايگاني عن صراع علمائهم حول هذا الموضوع: [من جملة المباحث التي وقعت مورداً للنقض والإبرام، وصارت معركة آراء الأعلام هو البحث عن طهارة المخالفين ونجاستهم](1)، إلا ان هذا الخلاف قد انحصر عندهم في قولين أحدهما: طهارة المخالفين، والآخر: نجاستهم
... ولكن قبل أن نعرض أهم أعلام الفريقين وأدلتهم، لابد أن نبين أن الحكم بالطهارة والنجاسة إنما هو نتيجة ترتبت على القول بكفر المخالفين واسلامهم، فمن هذا الموضوع الأصلي انبثق موضوع الطهارة والنجاسة، ولما كان هذا الموضوع الأصلي مختلف فيه بينهم إلى فريقين، فريق يقول بإسلام المخالفين (2)، وآخر يقول بكفرهم، كان من الطبيعي أن ينسحب خلاف الفريقين إلى الحكم بالطهارة والنجاسة، فمن اختار إسلام المخالفين حكم بطهارتهم، ومن قال بكفرهم حكم بنجاستهم، أي أن هناك تلازماً بين الحكمين الإسلام والطهارة، والكفر والنجاسة، فلذا رأيت من الموضوعية أن نبين حكمهم على المخالفين بالإسلام أو الكفر، وذلك بتفصيل الخلاف بينهم وعرض أدلة الفريقين، وكما يلي:
الفريق الأول
__________
(1) نتائج الأفكار ص229.
(2) وهنا سيفرح الطيبون من أهل السنة، لأن هناك فريقاً من علمائهم يقولون بإسلامنا ولا يحكمون بكفرنا، وحق لهم أن يفرحوا ويهللوا لذلك الأمر، ولكن ما يؤسفني هو أن فرحهم هذا لن يدوم طويلاً، بل لن يستمر حتى نهاية هذا الفصل، وذلك عندما سيقفون على المعنى المرّ للإسلام الذي حكموا به لأهل السنة !!!(64/1)
وهم الذين ذهبوا إلى كفر المخالفين (أهل السنة) ونجاستهم، وإليك بيان أهم شخصيات هذا الفريق وأهم أدلتهم وذلك في عدة مطالب وكما يلي:
المطلب الأول
ويضم هذا الفريق أبرز أعلامهم المتقدمين وعلى رأسهم المفيد والمرتضى وابن إدريس الحلي والعلامة الحلي ويوسف البحراني وغيرهم، وقد ذهبوا إلى كفر ونجاسة المخالفين، وممن ذكر أبرز شخصيات هذا الفريق ما يلي:
1- يقول محدثهم يوسف البحراني في (الحدائق الناضرة) ج5 ص175-177:
[والمشهور في كلام اصحابنا المتقدمين هو الحكم بكفرهم ونصبهم ونجاستهم وهو المؤيد بالروايات الامامية، قال الشيخ ابن نوبخت (قدس سره) وهو من متقدمي اصحابنا في كتابه فص الياقوت: دافعوا النص كفرة عند جمهور اصحابنا ومن اصحابنا من يفسقهم.. الخ.(64/2)
وقال العلامة - أي ابن المطهر الحلي - في شرحه اما دافعوا النص على امير المؤمنين (عليه السلام) بالامامة فقد ذهب اكثر اصحابنا الى تكفيرهم لان النص معلوم بالتواتر من دين محمد (صلى الله عليه وآله) فيكون ضروريا اي معلوما من دينه ضرورة فجاحده يكون كافرا كمن يجحد وجوب الصلاة وصوم شهر رمضان. واختار ذلك في المنتهى فقال في كتاب الزكاة في بيان اشتراط وصف المستحق بالايمان ما صورته: لان الامامة من اركان الدين واصوله وقد علم ثبوتها من النبي (صلى الله عليه وآله) ضرورة والجاحد لها لا يكون مصدقا للرسول في جميع ما جاء به فيكون كافرا. انتهى. وقال المفيد في المقنعة: ولا يجوز لاحد من اهل الايمان ان يغسل مخالفا للحق في الولاية ولا يصلي عليه. ونحوه قال ابن البراج.وقال الشيخ - أي الطوسي - في التهذيب بعد نقل عبارة المقنعة: الوجه فيه ان المخالف لاهل الحق كافر فيجب ان يكون حكمه حكم الكفار إلا ما خرج بالدليل. وقال ابن ادريس في السرائر بعد ان اختار مذهب المفيد في عدم جواز الصلاة على المخالف ما لفظه: وهو اظهر ويعضده القرآن وهو قوله تعالى: "ولا تصل على احد منهم مات ابدا.." يعني الكفار، والمخالف لاهل الحق كافر بلا خلاف بيننا. ومذهب المرتضى في ذلك مشهور في كتب الاصحاب.. وقال الفاضل المولى محمد صالح المازندراني في شرح اصول الكافي: ومن انكرها يعني الولاية فهو كافر حيث انكر اعظم ما جاء به الرسول واصلا من اصوله. وقال الشريف القاضي نور الله في كتاب احقاق الحق: من المعلوم ان الشهادتين بمجردهما غير كافيتين إلا مع الالتزام بجميع ما جاء به النبي (صلى الله على وآله) من احوال المعاد والامامة كما يدل عليه ما اشتهر من قوله (صلى الله عليه وآله)(1)
__________
(1) وقد علَّق في هامش الكتاب ما نصه: [رواه الكليني في اصول الكافي ج 1 ص 376 الطبع الحديث بطرق متعددة عن الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله واللفظ في بعضها "من مات وليس عليه امام..." وفي آخر "من مات وليس له امام.." وفي ثالث "من مات لا يعرف امامه."].(64/3)
"من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية" ولا شك ان المنكر لشئ من ذلك ليس بمؤمن ولا مسلم لان الغلاة والخوارج وان كانوا من فرق المسلمين نظرا إلى الاقرار بالشهادتين إلا انهما من الكافرين نظرا الى جحودهما ما علم من الدين وليكن منه بل من اعظم اصوله امامة امير المؤمنين (عليه السلام). وممن صرح بهذه المقالة ايضا الفاضل المولى المحقق أبو الحسن الشريف ابن الشيخ محمد طاهر المجاور بالنجف الاشرف حيا وميتا في شرحه على الكفاية حيث قال في جملة كلام في المقام في الاعتراض على صاحب الكتاب حيث انه من المبالغين في القول باسلام المخالفين: وليت شعري اي فرق بين من كفر بالله تعالى ورسوله ومن كفر بالائمة (عليهم السلام) مع ان كل ذلك من اصول الدين؟ الى ان قال: ولعل الشبهة عندهم زعمهم كون المخالف مسلما حقيقة وهو توهم فاسد مخالف للاخبار المتواترة، والحق ما قاله علم الهدى من كونهم كفارا مخلدين في النار، ثم نقل بعض الأخبار في ذلك وقال والاخبار في ذلك اكثر من ان تحصى وليس هنا موضع ذكرها وقد تعدت عن حد التواتر. وعندي ان كفر هؤلاء من اوضح الواضحات في مذهب اهل البيت (عليهم السلام)] انتهى كلام البحراني بطوله.(64/4)
2- يقول آيتهم العظمى محسن الحكيم في (مستمسك العروة الوثقى) ج1 ص392 [أما الفرق المخالفة للشيعة فالمشهور طهارتهم. ويحكى عن السيد - أي المرتضى - القول بنجاستهم، وعليه بعض متأخري المتأخرين، كصاحب الحدائق، وحكاه عن المشهور في كلمات أصحابنا المتقدمين. واستشهد لذلك بما في كتاب فص الياقوت للشيخ الجليل ابن نوبخت (ره) من قوله: " دافعوا النص كفرة عند جمهور أصحابنا، ومن أصحابنا من يفسقهم". وبما في المقنعة ـ للشيخ المفيد ـ من أنه لا يجوز تغسيل المخالف للحق في الولاية، ولا الصلاة عليه، ونحوه ما عن ابن البراج. وبما في التهذيب ـ للطوسي بعد نقل ما في المقنعة ـ: "الوجه فيه أن المخالف لاهل الحق كافر فيجب أن يكون حكمه حكم الكفار، إلا ما خرج بالدليل". وبما في السرائر ـ لإبن إدريس الحلي ـ من الاستدلال على ذلك: بأن المخالف لاهل الحق كافر بلا خلاف بيننا. انتهى. ثم حكى عن الصالح المازندراني (ره) في شرح أصول الكافي التصريح بكفرهم. وكذا عن الشريف القاضي في إحقاق الحق وأبي الحسن الشريف في شرح الكفاية. لكن جميع العبارات المذكورة إنما تضمنت التصريح بكفرهم من دون تعرض فيها لنجاستهم. فلاحظ. نعم في بعضها الاستدلال على ذلك بانكار الضروري الموجب للكفر والنجاسة. وكيف كان فالاستدلال على النجاسة (تارة): بالاجماع المحكي عن الحلي على كفرهم، المؤيد بنسبته إلى جمهور أصحابنا في كتاب فص الياقوت للشيخ الجليل ابن نوبخت - كما عرفت - والى اكثر أصحابنا في شرحه للعلامة (ره) وبارساله في التهذيب إرسال المسلمات، كما تقدم]، وبهذا تبين لنا أهم شخصيات هذا الفريق.
المطلب الثاني(64/5)
سنتعرض في هذا المطلب لبيان أهم الأدلة التي اعتمدها هذا الفريق لاثبات كفر ونجاسة أهل السنة، لانهم اعتمدوا على عدة أدلة، ولكن من بينها دليل رئيسي يعد هو الأقوى والعمدة في هذا الباب، وهو الروايات الواردة عن أئمتهم والتي صرحت بكفر منكر الإمامة ومخالفها، وهي كثيرة جداً بلغت حد الاستفاضة والتواتر. وطبيعي أن يدعي أعضاء هذا الفريق صحة هذه الروايات وتواترها كما سنقف على تصريح البحراني بذلك، ولكن العجب كل العجب هو أن أعضاء الفريق الآخر (القائلين بإسلام المخالفين) قد اعترفوا أيضاً بصحتها واستفاضتها وتواترها، إذ لم يناقشوا في ثبوتها وصحتها، بل جعلوا ثبوتها وصحتها أمراً مفروغاً منه!!!
فممن اعترف بصحتها واستفاضتها من أعضاء الفريق الثاني مايلي:
1- قال علامتهم محمد حسن النجفي في (جواهر الكلام) ج36 ص93-94: وعلى كل حال فمنشأ هذا القول من القائل به استفاضة النصوص وتواترها بكفر المخالفين.
2- قال شيخهم الأعظم الأنصاري في كتاب (الطهارة) ج2 ص352: (ويدل عليه (أي ثبوت كفر المخالف) أخبار متواترة نذكر بعضها تيمناً وتشريفاً للكتاب…. إلى أن عبَّر عن كثرتها بعد سردها ص 352 بقوله: إلى غير ذلك مما لا يطيق مثلي الإحاطة بعشر معشاره!! بل ولا قطرة من بحاره!!).
3- قال آيتهم العظمى محسن الحكيم في (مستمسك العروة الوثقى) ج1 ص392: (وكيف كان فالاستدلال على النجاسة … وأخرى بالنصوص المتجاوزة حد الاستفاضة، بل قيل انها متواترة المتضمنة كفرهم).
4- قال آيتهم العظمى الخوئي في كتاب الطهارة ج2 ص84: (ويمكن أن يستدل به على نجاسة المخالفين وجوه ثلاثة: ((الأول)) ما ورد في الروايات الكثيرة البالغة حد الاستفاضة من أن المخالف لهم كافر)…. إلى أن قال: والأخبار الواردة بهذا المضمون وإن كانت من الكثرة بمكان) وقال في مصباح الفقاهة ج1 ص323: (وتدل عليه الأخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية).(64/6)
5- قال الخميني في كتاب (الطهارة) ج3 ص326: (فقد تمسك لنجاستهم بأمور منها روايات مستفيضة دلّت على كفرهم، كموثقة الفضيل بن يسار عن أبي جعفر (ع) … ونحوهما أخبار كثيرة).
* واعترافهم هذا يؤكد أن ما تقدم من لعن للخلفاء وما سيأتي من لعن لأهل السنة، هو أمر ثابت عندهم بروايات صحيحة بل مستفيضة ومتواترة، صرحت بكفر أهل السنة وعلى رأسهم الخلفاء ، ولهذا فإنهم عند تعرضهم لهذه الروايات قاموا بتأويلها دون ردها على أساس ميزان صحة الروايات وضعفها كما سيأتي لاحقاً فانتبه.(64/7)
وبعد هذه الإشارة المهمة، قد آن الأوان لبيان بعض هذه الروايات التي اعتمدها الفريق الأول لتكفير أهل السنة، فيقول محدثهم يوسف البحراني: [واما الاخبار الدالة على كفر المخالفين عدا المستضعفين فمنها ما رواه في الكافي(1) بسنده عن مولانا الباقر (عليه السلام) قال: "ان الله عزوجل نصب عليا (عليه السلام) علما بينه وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا ومن انكره كان كافرا ومن جهله كان ضالا..". وروى فيه(2) عن ابي ابراهيم (عليه السلام) قال: "ان عليا (عليه السلام) باب من ابواب الجنة فمن دخل بابه كان مؤمنا ومن خرج من بابه كان كافرا ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه كان في الطبقة الذين لله عزوجل فيهم المشيئة". وروى فيه(3) عن الصادق (عليه السلام) قال: ".. من عرفنا كان مؤمنا ومن انكرنا كان كافرا ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالا حتى يرجع إلى الهدى الذي افترضه الله عليه من طاعتنا الواجبة فان مات على ضلالته يفعل الله به ما يشاء ". وروى الصدوق في عقاب الاعمال قال: "قال أبو جعفر (عليه السلام) " ان الله تعالى جعل عليا (عليه السلام) علما بينه وبين خلقه ليس بينهم وبينه علم غيره فمن تبعه كان مؤمنا ومن جحده كان كافرا ومن شك فيه كان مشركا " ورواه البرقي في المحاسن مثله) وروى فيه ايضا عن الصادق (عليه السلام)(4) قال: " ان عليا (عليه السلام) باب هدى من عرفه كان مؤمنا ومن خالفه كان كافرا ومن انكره دخل النار " وروى في العلل بسنده إلى الباقر (عليه السلام) قال: " ان العلم الذي وضعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند علي (عليه السلام) من عرفه كان مؤمنا ومن جحده كان كافرا ". وروى في كتاب التوحيد وكتاب اكمال الدين واتمام النعمة عن الصادق (عليه
__________
(1) الاصول ج 1 ص 437 الطبع الحديث.
(2) الاصول ج 2 ص 389.
(3) الاصول ج 1 ص 187 الطبع الحديث.
(4) المحاسن ص89 واللفظ: "علي باب الهدى من خالفه كان كافرا ومن انكره دخل النار".(64/8)
السلام)(1) قال: " الامام علم بين الله عزوجل وبين خلقه من عرفه كان مؤمنا ومن انكره كان كافرا ". وروى في الامالي بسنده فيه عن النبي (صلى الله عليه وآله)(2) انه قال لحذيفة اليماني " يا حذيفة ان حجة الله عليكم بعدي علي بن ابي طالب (عليه السلام) الكفر به كفر بالله سبحانه والشرك به شرك بالله سبحانه والشك فيه شك في الله سبحانه والالحاد فيه الحاد في الله سبحانه والانكار له انكار لله تعالى والايمان به ايمان بالله تعالى لانه اخو رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصيه وامام امته ومولاهم. وهو حبل الله المتين وعروته الوثقى التي لا انفصام لها.. الحديث ". وروى في الكافي(3) بسنده إلى الصحاف قال: "سألت ابا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى: " فمنكم كافر ومنكم مؤمن " فقال عرف الله تعالى ايمانهم بموالاتنا وكفرهم بها يوم اخذ عليهم الميثاق وهم ذر في صلب آدم ". وروى فيه بسنده(4) عن الصادق (عليه السلام) قال: " اهل الشام شر من اهل الروم واهل المدينة شر من اهل مكة واهل مكة يكفرون بالله تعالى جهرة".
وروى فيه بسنده عن احدهما (عليهما السلام)(5) "ان اهل المدينة ليكفرون بالله جهرة واهل المدينة اخبث من اهل مكة، اخبث منهم سبعين ضعفا". وروى فيه(6) عن ابي مسروق قال: " سألني أبو عبد الله (عليه السلام) عن اهل البصرة ما هم؟ فقلت مرجئة وقدرية وحرورية. قال لعن الله تعالى تلك الملل الكافرة المشركة التي لا تعبد الله على شيء"، إلى غير ذلك من الاخبار التي يضيق عن نشرها المقام ومن أحب الوقوف عليها فليرجع إلى الكافي ولا سيما في تفسير الكفر في جملة من الايات القرآنية](7).
__________
(1) رواه في البحار ج 7 ص 27.
(2) رواه في البحار عنه ج 9 ص 283.
(3) الاصول ج 1 ص 426 الطبع الحديث.
(4) الاصول ج 2 ص 409 الطبع الحديث.
(5) الاصول ج 2 ص 410 الطبع الحديث.
(6) الاصول ج 2 ص 409 الطبع الحديث.
(7) الحدائق الناضرة ج5 ص 181-183.(64/9)
هذه خلاصة الفريق الأول الذين ذهبوا إلى كفر ونجاسة أهل السنة، أي اننا في نظرهم نجسون كسائر النجاسات المعروفة في الفقه التي يتجنبون ملامستها ومباشرتها بأيديهم وثيابهم.
فإلى الله المشتكى من حقد وانحراف هذه الجماعة (الفريق) التي جعلت من أهل السنة كفاراً وأنجاساً كسائر النجاسات،وليتضح موقف هذا الفريق أكثرأخترنا شخصيتين من أعلام المذهب ومحدثيه اللذين صرحا بحكمهم الآثم الضال بحق أهل السنة وهما يوسف البحراني ونعمة الله الجزائري وكما يلي:
1-محدثهم يوسف البحراني(1)
__________
(1) والذي ترجموا له في مقدمة الكتاب بقولهم: (وقال المحقق الكبير الشيخ اسد الله التسترى في مقابسه: العالم العامل المحقق كامل، المحدث الفقيه، المتكلم الوجيه، خلاصة الافاضل الكرام، وعمدة الاماثل العظام، الحاوى من الورع والتقوى اقصاهما، ومن الزهد والعبادة اسناهما، ومن الفضل والسعادة اعلاهما، ومن المكارم والمزايا اغلا هما، الرضي الزكي التقي النقي، المشتهر فضله في أقطار الامصار واكناف البراري، المؤيد بعواطف ألطاف الباري. 4 - وقال المحقق الخوانسارى صاحب الروضات: العالم الربانى والعامل الانساني شيخنا الافقه الاوحد الاحوط الاضبط، صاحب الحدائق الناضرة، والدرر لنجفية، ولؤلؤة البحرين، وغير ذلك من التصانيف الفاخرة الباهرة التي تلذ بمطالعتها؟؟، وتقر بملا حظتها العين، لم يعهد مثله من بين علماء هذه الفرقة الناجية في التخلق باكثر المكارم الزاهية، من سلامة الجنبة، واستقامة الدربة، وجودة السليقة ومتانة الطريقة، ورعاية الاخلاص في العلم والعمل، والتخلي بصفات طبقاتنا الاول،
وقال العلامة المولى شفيع الجابلقي في اجازته الكبيرة المسماة بـ (الروضة البهية، في الاجازات الشفيعية): اما الشيخ المحدث المحقق الشيخ يوسف (قدس سره) صاحب الحدائق فهو من اجلاء هذه الطائفة، كثير العلم، حسن التصانيف، نقي الكلام بصير بالاخبار المروية عن الائمة المعصومين (صلوات الله عليهم اجمعين) يظهر كمال تتبعه وتبحره في الاثار المروية بالنظر إلى كتبه سيما الحدائق الناضرة، فانها حقيق ان تكتب بالنور على صفحات وجنات الحور، وكل من تأخر عنه استفاد من الحدائق الناضرة (جزاه الله عن الاسلام واهله افضل جزاء المحسنين)، ينظر مقدمة الحدائق ج1 ص20-21.(64/10)
فقد صرح بكل جرأة ووقاحة بكفر ونجاسة أهل السنة –المخالفين- والملفت للنظر هو انه لم يذكر هذا في كتاب تاريخ او عقائد، بل ذكره في كتاب فقهي يبحث فيه موضوع الطهارة والنجاسة فعد المخالفين من أنواع النجاسات، وذلك في كتابه الشهير والمعتمد في المذهب (الحدائق الناضرة)(1)، والذي بلغ عدد مجلداته (25)،وذلك في مبحثين هما:
أولاً:حكم بكفر ونجاسة أهل السنة
فمن أقواله في كتابه الحدائق الناضرة مايلي:
1- قال(5/175) مانصه:[ المشهور بين متأخري الأصحاب هو الحكم بإسلام المخالفين وطهارتهم … والمشهور في كلام أصحابنا المتقدمين هو الحكم بكفرهم ونصبهم ونجاستهم وهو المؤيد بالروايات الإمامية…]
2- قال(3/405):[أقول وهذا القول عندي هو الحق الحقيق بالإتباع، لاستفاضة الأخبار بكفر المخالفين وشركهم ونصبهم ونجاستهم…]
ثانياً:صرح بجواز قتل أهل السنة وأخذ أموالهم
1- قال(10/360):[ وإلى هذا القول ذهب أبو الصلاح وابن إدريس وسلار، وهو الحق الظاهر بل الصريح من الأخبار لاستفاضتها وتكاثرها بكفر المخالف ونصبه وشركه وحل ماله ودمه، كما بسطنا عليه الكلام، بما لا يحوم حوله شبهة النقض والإبرام في كتاب الشهاب الثاقب، والقول بالكفر هو المشهور بين الأصحاب من علمائنا المتقدمين (رضوان الله عليهم أجمعين)].
__________
(1) والذي قالوا عنه: (وان في الطليعة من تلك الكتب كتابنا هذا الممثل للطبع (الحدائق الناضرة في احكام العترة الطاهرة) لمؤلفه الفقيه المحقق والمحدث المتتبع، الشيخ يوسف البحراني الدرازي، فقد طبقت شهرته الافاق، وملا دويه الارجاء، ودوى رجعه في الخافقين، وراح صداه يرن في الاسماع ويصك المسامع ويأخذ بمجامع القلوب. وناهيك به شهرة ان صار معرفا " لمؤلفه الشهير، فلم يكد شيخنا المحدث البحراني يعرف ويعرف ولا يذكر ويميز إلا بقولهم عنه " صاحب الحدائق ")، ينظر مقدمة الكتاب ج1 ص7.(64/11)
2- قال في(الشهاب الثاقب) ص266-267:[ وحينئذ فبموجب مادلت عليه هذه الاخبار وصرحت به اولئك العلماء الابرار لو أمكن لأحد اغتيال شيء من نفوس هؤلاء وأموالهم من غير استلزامه لضرر عليه أو على أحد إخوانه ، جاز له فيما بينه وبين الله تعالى].
2- محدثهم نعمة الله الجزائري(1)
ويمكن استعراض معتقده في أهل السنة "المخالفين" من خلال ثلاث مباحث ذكرها في كتابه الانوار النعمانية ج2 ص306-308:
أولاً:معنى الناصب ويدخل فيه جميع المخالفين
فقد ذهب الجزائري الى أن جميع المخالفين ـ أهل السنة ـ نواصب وتجري عليهم أحكامه التي سيذكرها بعد هذا المبحث فهو لم يقصر معنى الناصب على من يبغض الأئمة الأثنى عشر بل عممها على كل من يبغض الشيعة وإن كان مظهراً لمحبة الأئمة ومعظماً لهم ، فمن أقواله في هذا:
1- قال مستدلاً بما قرره شهيدهم الثاني حول معنى الناصب:[ وقد تفطن شيخنا الشهيد الثاني قدس الله روحه من الاطلاع على غرائب الأخبار فذهب الى أن الناصبي هو الذي نصب العداوة لشيعة أهل البيت عليهم السلام وتظاهر بالوقوع فيهم،كما هو حال أكثر المخالفين لنا في هذه الأعصار في كل الأمصار].
__________
(1) وقد ترجم له الخوئي بكل فخرٍ واعتزاز فقال: [نعمة الله بن عبد الله: قال الشيخ الحر في تذكرة المتبحرين: " السيد نعمة الله بن عبد الله الحسيني الجزائري: فاضل، عالم، محقق، علامة جليل القدر، مدرس، من المعاصرين، له كتب منها: شرح التهذيب، وحواشي الاستبصار، وحواشي الجامي، وشرح الصحيفة، وشرح تهذيب النحو، ومنتهى المطلب في النحو، وكتاب في الحديث مجلد اسمه الفوائد النعمانية منسوب إلى اسمه، وكتاب آخر في الحديث اسمه غرائب الاخبار ونوادر الآثار، وكتاب الانوار النعمانية في معرفة النشأة الانسانية، وكتاب في الفقه اسمه هدية المؤمنين، وحواشي مغني اللبيب، وغير ذلك"، ينظر معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي ج20 ص188 برقم (13107).(64/12)
2- استدل بخبر عندهم بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أطلق الناصب على كل من قدَّم على علي بن أبي طالب غيره بالخلافة ، وهذه لا شك تشمل جميع أهل السنة لأنهم يُقَدِّمون أبابكر وعمر وعثمان عليه ويجعلوه رابع الخلفاء رضي الله عنهم أجمعين ،فقال:[ وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن علامة الناصب تقديم غير علي عليه،وهذه خاصة شاملة لا خاصة].
3- استدل على ذلك بما ثبت عندهم من أن الأئمة وخواصهم أطلقوا لفظ "الناصب" على أبي حنيفة رحمه الله وهو أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة رغم أنه كان محباً لأئمة أهل البيت،فقال:[ ويؤيد هذا المعنى أن الأئمة عليهم السلام وخواصَّهم أطلقوا لفظ الناصب على أبي حنيفة وأمثاله،مع أن أبا حنيفة لم يكن ممن نصب العداوة لأهل البيت عليهم السلام بل كان له إنقطاع اليهم،وكان يظهر لهم التودد].
ثانياً:ذكر أن حكم أهل السنة هو الكفر والنجاسة لأنهم نواصب
1- قال:[في بيان معنى الناصب الذي ورد في الأخبار أنه نجس وأنه شرٌّ من اليهودي والنصراني والمجوسي وأنه كافر بإجماع علماء الامامية رضوان الله عليهم ]
2- نقل وأيَّدّ حكم كل من المرتضى وإبن إدريس الحلي بكفر المخالفين ونجاستهم فقال:[ومن هذا يقوى قول السيد المرتضى وإبن إدريس قدس الله روحيهما وبعض مشائخنا المعاصرين بنجاسة المخالفين كلهم ، نظراً الى إطلاق الكفر والشرك عليهم في الكتاب والسنة فيتناولهم هذا اللفظ حيث يطلق،ولأنك قد تحققت أن أكثرهم نواصب بهذا المعنى]
3- نفى واستبعد أن يشملهم حكم الاسلام فقال:[ ولكن أنّى لهم الاسلام وقد هجروا أهل بيت نبيهم المأمور بودادهم في محكم الكتاب بقوله تعالى قل لا أسئلكم عليه اجراً إلا المودة في القربى،فهم قد أنكروا ما علم من الدين ضرورة ](64/13)
4- زعم أن ما ورد في بعض الروايات بأنهم مسلمون فلا يراد به حقيقة الاسلام بل إما المجاز في التشبيه أو للتقية فقال:[ وأما إطلاق الإسلام عليهم في بعض الروايات فلضرب من التشبيه والمجاز وإلتفاتاً الى جانب التقية التي هي مناط الأحكام]
5- قال عن نجاسة أهل السنة مانصه:[ وماء الفرات ولا تسأل عن عذوبته ولطافته وحلاوته وبركته ، لانه ورد في الحديث أنه يصب فيه ميزاب من ماء الجنة كل يوم. وفي الحديث: انه كان يبرئ الاكمه والابرص وذوي العاهة، لكن باشره نجاسة أبدان المخالفين فأزال عظيم بركته وبقي القليل] (1)
ثالثاً:صرح بجواز قتل أهل السنة وأخذ أموالهم لأنهم نواصب
1- صرح بذلك فقال:[جواز قتلهم وإستباحة أموالهم]
2- استدل على ذلك بروايات ثابتة عندهم منها على ما ذكره:
أ- وروى شيخ الطائفة نور الله مرقده في باب الخمس والغنائم من كتاب التهذيب بسند صحيح عن مولانا الصادق عليه السلام قال خذ مال الناصب حيث ما وجدت وابعث الينا بالخمس .
ب- وروى بعده بطريق حسن عن المعلّى قال خذ مال الناصب حيث وجدت وابعث الينا بالخمس .
ج- روى الصدوق طاب ثراه في العلل مسنداً الى داود بن فرقد قال قلت لأبي عبدالله عليه السلام ما تقول في قتل الناصب؟ قال حلال الدم لكني أتقي عليك،فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً أو تغرقه في ماء لكي لا يشهد به عليك فافعل،فقلت فما ترى في ماله؟ قال خذ ما قدرت .
__________
(1) نور البراهين - السيد نعمة الله الجزائري ج1 ص20.(64/14)
3-أطلق حقده الأسود بوجوب تقتيل أهل السنة أينما كانوا ومهما كانوا بشراً أو جناً أو طيراً ، وذلك حين صرح بأن العصفور من أهل السنة فينبغي قتله وليس هذا افتراءاً مني ، بل هو ما صرح به حيث قال:[ روي أن العصفور يحب فلاناً وفلاناً ، وهو سنّي فينبغي قتله بكل وجه وإعدامه وأكله](1)، فالتقتيل العام لجميع أهل السنة هو الواجب في شرع الجزائري المارق حتى لو كان هذا السني حيواناً لا عقل له كالعصفور !!!
4- استدل على جواز قتلهم بحادثة يروون أنها وقعت في زمن الامام موسى الكاظم على زعمهم حيث قال:[ وفي الروايات أن علي بن يقطين وهو وزير الرشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين وكان من خواص الشيعة،فأمر غلمانه وهدموا سقف المحبس على المحبوسين فماتوا كلهم،وكانوا خمسمائة رجل تقريباً،فأراد الخلاص من تبعات دمائهم، فأرسل الى الامام مولانا الكاظم عليه السلام فكتب عليه السلام اليه جواب كتابه بأنك لو كنت تقدمت اليَّ قبل قتلهم لما كان عليك شئ من دمائهم،وحيث أنك لم تتقدم اليَّ فكفِّر عن كل رجل قتلته منهم بتيس والتيس خير منه ، فانظر الى هذه الدية الجزيلة التي لا تعادل دية أخيهم الأصغر وهو كلب الصيد فان ديته عشرون درهماً،ولا دية أخيهم الأكبر وهو اليهودي أو المجوسي فانها ثمانمائة درهم ، وحالهم في الآخرة أخسّ وأنجس](2)، وفي هذه الحادثة أموراً رأيت من الضروري التنبيه عليها:
أ-أن الوزير الشيعي علي بن يقطين قتل خمسمائة رجل من أهل السنة ـ المخالفين ـ
ب- لو سأل الكاظم في قتلهم قبل اقدامه فليس عليه كفارة لأن قتلهم جائز ولا إثمَ فيه وهذا ظاهر من عنوان الموضوع الذي ذكره المصنف الجزائري بقوله ص307:[ الثاني في جواز قتلهم وإستباحة أموالهم] .
__________
(1) الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ج2 ص308 .
(2) الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ج1 ص292 .(64/15)
ت- لأنه قتلهم قبل استشارة المعصوم وجب عليه الكفارة عن دمائهم ويالها من كفارة بحق المسلم صاحب الشهادتين من أهل السنة وهي تيس ـ وهو من المعز ـ بل أن التيس خير منه ، فتأملوا رحمكم الله تعالى الى قدركم في معتقدهم .
ث- أراد أن يحقر أهل السنة أكثر بأن جعل كلب الصيد هو أخوهم الأصغر فهل نحن من فصيلة الكلاب فيكون كلب الصيد أخانا الأصغر
ج- لم يكتفِ بذلك التحقير بل زاده بأن أخانا الأكبر هو اليهودي والمجوسي فهل نحن من فصيلة اليهود والمجوس حتى يكون هؤلاء أخواننا الكبار .
ح- زعم أن تحقيرنا سيكون في الآخرة أخس وأنجس فتأملوا خسة ووضاعة مايعتقدوه فيكم في الدنيا والآخرة .
خ- ليتأمل الحكام والسلاطين والملوك في كل زمان ممن لهم بطانة تدين بهذا المعتقد وهذا المذهب فلا يأمن مكرهم فهذا وزير الرشيد علي بن يقطين الشيعي يستخدم صلاحيات الوزارة في تقتيل أهل السنة وتبعه كذلك الوزير الشيعي ابن العلقمي في خيانة الخليفة العباسي وتقتيل أهل السنة على يد المغول مستخدماً منصب الوزارة لذلك،وهاهو الخميني يُجَوِّز الدخول بركب السلاطين والوزارة لهم إذا استغل المنصب بنصرة المذهب المتمثل بتقتيل أهل السنة مستدلاً على هذا الجواز بما فعله علي بن يقطين ونصيرالدين الطوسي اللذين شغلا مناصب استخدماها في تقتيل أهل السنة واعتبر هذا التقتيل نصراً حقيقياً حيث قال في كتابه المعروف بالحكومة الإسلامية (ص: 142 ط4) ما نصه:["وإذا كانت ظروف التقية تلزم أحدا منا بالدخول في ركب السلاطين فهنا يجب الامتناع عن ذلك حتى لو أدى الامتناع إلى قتله إلا أن يكون في دخوله الشكلي نصر حقيقي للإسلام والمسلمين مثل دخول علي بن يقطين ونصير الدين الطوسي رحمهما الله"]،
وهذا ديدنهم في كل وقت في خيانة السلاطين ماداموا يدينون بكفرنا وجواز قتلنا(فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر)
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~(64/16)
فهذا معتقد الفريق الأول الذي حكم بكفرنا ونجاستنا وجواز قتلنا وأخذ أموالنا وكان أبرز شخصياته هما يوسف البحراني ونعمة الله الجزائري، والذي لا يحتاج أن نقف معه طويلاً لأنه قد أعلن وأظهر اعتقاده وتمسكه بصحة روايات اللعن والتكفير، فلا كلام لنا معه، بل الفصل معه يوم الفصل في محكمة العدل الإلهي.(64/17)
الفصل الثالث
استعراض لأبرز شخصيات الفريق الثاني الذي قال بإسلامنا وطهارتنا وكشف بشاعة حقدهم
الفصل الثالث
وقد خصصنا هذا الفصل لنقف فيه وقفة مفصلة مع حقيقة معتقد الفريق الثاني واستعراض أبرز شخصياته.
الفريق الثاني
وهم الذين ذهبوا إلى إسلام أهل السنة وطهارتهم(1)، وقبل أن استعرض أبرز شخصيات وعلماء هذا الفريق لا بد من الأشارة الى نقطتين مهمتين جداً بل هما في غاية الأهمية:
الأولى:
إن هذا الفريق لم يثبت لنا كل حقوق الإسلام الدنيوي بل بعضها وهي الطهارة وعصمة الدم والمال، وأما البعض الآخر من حقوق الإسلام الدنيوي فقد نفاها عنا حيث جوَّز لعننا والبراءة منا وسبنا وهجونا وغيبتنا ورمينا بالبهتان كما ستقف عليه صراحة عند دراسة أبرز شخصياته وخصوصاً الخوئي والخميني فترقب ذلك.
الثانية:
لم يكن حكمهم بإسلامنا وطهارتنا نابعاً من جهة احترامنا وإكرامنا، بل من جهة أخرى وهي الاستهزاء بنا والمماشاة لنا أولاً، وتسهيلاً للشيعة ودفع الحرج عنهم وحقناً لدمائهم ثانياً، وهذا قد اعترف به علماؤهم ومنهم:
1-إن شيخهم الأنصاري الذي لقبوه بالشيخ الأعظم، صرح بالعلة الحقيقية من الحكم بإسلامنا: [ولا يتوهم من الحكم بطهارتهم بثبوت مزية لهم من حيث الرتبة على سائر الكفار كما توهمه بعض فطعن على المتأخرين بما طعن، وانما نحكم بذلك كما ذكره كاشف اللثام استهزاءاً بهم ودفعا للحرج عن المؤمنين ](2)، وتأمل كيف أراد أن يدفع التوهم الذي قد يحصل لأهل السنة – بسبب حكمه بإسلامهم وطهارتهم- بأنه لهم درجة فضل على باقي الكفار حيث دفعه وأبطله بأننا سواسية مع باقي الكفار في الحكم والمنزلة.
__________
(1) ليس مطلق الإسلام بل في الدنيا فقط ، أما في الآخرة فقد اتفقوا على كفرنا فيها وخلودنا في نار الجحيم ووقع إجماعهم على هذا كما ستقف عليه بيقين في ثنايا هذه الدراسة.
(2) كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري ج 2 ص 353.(65/1)
2-قال علامتهم محمد جميل حمود :[ أما حكم بعض المتأخرين بإسلامهم، فمبني على ضرب من المصلحة والتسهيل وحقناً للدماء، كل هذا بحسب الظاهر دون الواقع، ويشهد له ما ذكره صاحب البحار والخوئي في مصباح الفقاهة فليراجع، وإلا فالمسألة موضع اتفاق لا سيما عند المتقدمين](1)، وقال:[ مضافاً إلى أن تبني هذا الرأي ما هو إلا مماشاة معهم ومداراة لهم](2).
وأبرز شخصيات هذا الفريق هم محمد حسن النجفي صاحب الجواهر، والأنصاري صاحب المكاسب، ومحسن الحكيم والخميني والخوئي، ولذا ستكون دراستنا لهذا الفريق في عدة مطالب وكما يلي:
المطلب الأول
ونذكر فيه الدليل الذي اعتمدوه للحكم بإسلام المخالفين وطهارتهم، وهو عبارة عن بعض الروايات في مصادرهم التي بينت أن حكم الإسلام يثبت للمرء بمجرد إظهار الشهادتين، بمعنى آخر لا دخل للولاية (الإمامة) بتحقق الإسلام وانتفائه، لأن الإسلام يثبت بدونها، وذلك لما نصت عليه الروايات من كونه يتحقق بالشهادتين فقط دون الامامة ، فمن هذه الروايات ما يلي:
__________
(1) الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية – ج2ص27.
(2) نفس المصدر السابق – ج2ص26.(65/2)
يقول علامتهم محمد حسن النجفي:[ (صفة الاسلام بشهادة ما دل على حصوله بابراز الشهادتين من الأخبار، كخبر سفيان بن السمط(1) المروي هو وما يأتي بعده أيضا في باب الكفر والايمان من الكافي، قال: (سأل رجل أبا عبد الله (ع) عن الاسلام والايمان ما الفرق بينهما؟ فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، ثم التقيا في الطريق وقد أزف من الرجل الرحيل، فقال له أبو عبد الله (ع): كأنه قد أزف منك الرحيل، فقال: نعم، فقال: فالقني في البيت، فلقيه فسأله عن الاسلام والايمان ما الفرق بينهما؟ فقال: الاسلام هو الظاهر الذي عليه الناس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام شهر رمضان، وقال: الايمان معرفة هذا الأمر مع هذا، فان أقرّ بها ولم يعرف هذا الأمر كان مسلما وكان ضالا".
وخبر سماعة قال:"قلت لأبي عبد الله (ع):أخبرني عن الاسلام والايمان أهما مختلفان؟ فقال:الايمان يشارك الاسلام، والاسلام لا يشارك الايمان، فقلت: فصفهما لي، فقال: الاسلام شهادة أن لا إله إلا الله، والتصديق برسول الله صلى الله عليه وآله وبه حقنت الدماء، وعليه جرت المناكح والمواريث، وعلى ظاهره جماعة الناس، والايمان الهدى، وما ثبت في القلوب من صفة الاسلام وما ظهر من العمل " إلى آخره.
__________
(1) أصول الكافي ج 2 ص 24 من طبعة طهران.(65/3)
وخبر حمران بن أعين أو صحيحه عن الباقر (ع) قال: " سمعته يقول: الايمان ما استقر في القلب، وأفضى به إلى الله تعالى عزوجل، وصدق العمل بالطاعة، والتسليم لأمره، والاسلام ما ظهر من قول أو فعل، وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها، وبه حقنت الدماء، وعليه جرت المواريث وجاز النكاح، واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحج، فخرجوا بذلك من الكفر، وأضيفوا إلى الايمان إلى أن قال فيه: قلت: فهل للمؤمن على المسلم فضل في شئ من الفضائل والأحكام والحدود وغير ذلك؟ فقال: لا، هما يجريان في ذلك مجرى واحداً، ولكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما، وما يتقربان به إلى الله عزوجل". والحديث طويل، فيدخلون حينئذ تحت ما دل على طهارة المسلمين، مضافا إلى ما في هذه كغيرها من الأخبار أيضا من ظهور إناطة سائر الأحكام الدنيوية التي منها الطهارة على الاسلام المزبور)](1)، فمن هنا حكموا بإسلامنا وطهارتنا.
المطلب الثاني
وهو من أهم المطالب في هذه الدراسة وأخطرها، لأنه سيشهد تطاير الأقنعة المزيفة، بإظهار الحقد والعداء لأهل السنة من قبل من قال بإسلامنا وطهارتنا من أعضاء هذا الفريق، إذ سنعرض فيه الأقوال المقنعة لأبرز شخصيات هذا الفريق والتي ظاهرها في صالح أهل السنة، ثم نتبعها بأقوالهم الحاقدة الأثيمة علينا، والتي نزعوا فيها القناع وكشّروا عن أنيابهم المتعطشة لتمزيق لحومنا ونهشها تحت غطاء الإسلام والطهارة لأهل السنة، وإليكم الكشف التفصيلي لمعتقد هذا الفريق وبيان بشاعة حقده،آملاً من القراء أن يصبروا معي على قراءته إلى نهايته، لأني بفضل الله تعالى أول من طرق هذا الباب بهذا العمق والتفصيل(2) وكما يلي:
أولاً: محمد حسن النجفي (ت1266هـ)
__________
(1) جواهر الكلام ج6ص57-58 .
(2) بحسب ما انتهى اليه علمي فيما كُتِبَ في هذا المجال، والله أعلم .(65/4)
قبل أن نعرض أقوال هذه الشخصية من الفريق الثاني، لابد أن نعرف وزن هذا العالم في المذهب ومكانة كتابه (جواهر الكلام) عندهم. فبالنسبة لمكانته عند الامامية، فقد ترجم له الحجة محمد رضا المظفر في مقدمة الجواهر قائلا: (من هو؟ هو (محمد حسن) بن الشيخ باقر بن الشيخ عبد الرحيم بن اغا محمد الصغير بن عبد الرحيم الشريف الكبير. هو عنوان الاسرة الجواهرية العلمية المعروفة بالنجف الأشرف، وبكتابة (جواهر الكلام) عرفت. ومنه ابتدأت شهرتها وطار صيتها، وانتشرت آثارها، وتوطدت أركانها. وإذا كان قصير النسب فهو المطول لمجد أسرته، والمجدد لها الذكر الذائع وبعد الصيت، وطيب الأحدوثة، والفخر الخالد. والمؤسس لمحتدها والباني لصرح عزها. ولم يقتصر جهد هذا الشيخ الجليل على تصنيف كتابه العظيم (الجواهر) فحسب - وإن كان هذا وحده ليس بالشئ القليل، فقد جعله في مصاف العظماء النوابغ على ما سيأتي - ولكنه كان من عظماء القرن الثالث عشر الهجري ونوابغه في كتابه هذا وفي قوة عارضته، ولسانه المفوه، وبراعة تدريسه، وإدارته لشؤون النجف والعالم الاسلامي التابع لها، واخلاقه الفاضلة المحمدية وملكاته العالية الملكوتية، وعنايته الفريدة بتربية تلامذته أبطال الحوزة العلمية الذين تبوأوا بعده منصة الزعامة الروحية المطلقة. وقد انتهت إليه الرئاسة العامة والمرجعية في التقليد باستحقاق، فنهض بها خير ما ينهض به المجاهدون العاملون، وتفرد بها لا يشاركه مقارن ولا يزاحمه معارض في النجف وخارجها، مع وفرة العلماء الكبار في عصره)(1).
وقال عنه البروجردي: (الشيخ الأجل الشيخ محمد حسن النجفي، فهو صاحب الفضل والعلم، والعوام يقلدونه، له مؤلفات منها الجواهر في الفقه، يعلم تبحره بملاحظته، قد تم الفقه باتمامه)(2).
وأما ما قيل في حق كتابه فقد قال عنه المقدم للكتاب:
__________
(1) جواهر الكلام - الشيخ الجواهري ج1 ص2-3.
(2) طرائف المقال - السيد علي البروجردي ج1 ص47.(65/5)
(وكان في القمة من تلك الآثار الفقهية كتاب (جواهر الكلام) في شرح شرائع الاسلام الموسوعة الفقهية التي فاقت جميع ما سبقها من الموسوعات سعة وجمعا واحاطة باقوال العلماء وأدلتهم. فوفق الكتاب توفيقا منقطع النظير في إقبال أهل العلم عليه رجوعا ونسخا. وبالأخير توفق للنشر بعد وفاة المؤلف بقليل، فطبع على الحجر بايران خمس طبعات في ستة مجلدات ضخام، ووقف منه مئات النسخ على طلاب العلم بالنجف وكربلاء وايران. والسر في هذا الاقبال على الكتاب يرجع إلى أنه كتاب لم يؤلف مثله في سعته وأحاطته بأقوال العلماء وأدلتهم ومناقشتها، مع بعد نظر وتحقيق. مضافا إلى أنه كتاب كامل في أبواب الفقة كلها جامع لجميع كتبه. وميزة ثالثة تفرد بها أنه على نسق واحد واسلوب واحد وبنفس السعة التي ابتدأ بها انتهى إليها. ورابعا، أن به الغنى عن كثير من الكتب الفقهية الأخرى ولا يستغني بها عنه، فان المجتهد - إذا حصل على نسخة صحيحة منه - يستطيع أن يطمئن الى استنباط الحكم الشرعي بالرجوع إليه فقط. وليس له أن يطمئن الى ذلك عند الرجوع الى ما سواه في أكثر المسائل الفقهية حتى في هذه العصور الأخيرة. ونقل عن صاحبه رحمه الله أنه قال: "من كان عنده جامع المقاصد والوسائل والجواهر فلا يحتاج الى كتاب للخروج عن عهدة الفحص الواجب على الفقيه في آحاد المسائل الفرعية". وهذه من الشيخ شهادة قيمة في جامع المقاصد للمحقق الثاني الشيخ على الكركي. وهو بحق أروع الكتب الفقهية في تحقيقاته. وميزة خامسة في الجواهر، أنه احتوى على كثير من التفرعات الفقهية النادرة بما قد لا تجده في غيره من الموسوعات الأخرى. فهو جامع لامهات المسائل وفروعها. فالجواهر جواهر بجميع ما تعطي هذه الكلمة من دلالة، فهو اسم على مسماه. وهذا كله سر خلوده وتفوقه وبقائه مرجعا للفقهاء على طول الزمن. ولعدم استغناء الفقيه عنه لانجد في جميع الاقطار العلمية طالبا للفقه تخلو مكتبته من هذا الكتاب(65/6)
مهما كانت فقيرة ومهما كانت حاجته الى المال)(1)، ويكفيه مكانةً في المذهب هو أن مجلداته بلغت (43) مجلداً.
وبعد أن وقفنا على وزنه في المذهب وان كتابه (جواهر الكلام) محط أنظار العلماء ومرجع معتمد في المذهب، سنعرض أقواله في مجموعتين، الأولى التي حكم فيها بإسلام أهل السنة وطهارتهم، والأخرى التي مزق فيها لحومهم ونهشها بأنيابه، حتى كانت أشد وقعاً عليهم من طعن اليهود والنصارى، وكما يلي:
المجموعة الأولى
وهي التي حكم فيها بإسلام أهل السنة وطهارتهم وذلك في (جواهر الكلام) مجلد6 عندما بحث مسألة طهارة المخالفين في أكثر من عشر صفحات، فمن أقواله ما يلي:
1- قال ص 56: (وكذا لا يندرج في الضابط المذكور معتقد خلاف الحق من فرق المسلمين، كجاحد النص على أمير المؤمنين (ع) وهو في محله، لأن الأقوى طهارتهم).
2- قال ص 57: (وللنصوص المستفيضة بل المتواترة في حل ما يوجد في أسواق المسلمين والطهارة … فهو من أقوى الأدلة على طهارة هؤلاء!!!!!!؟).
3- قال ص 57: (ولانحصار مقتضى النجاسة في كفرهم بذلك، وقد ثبت ضده وهو صفة الإسلام …. فيدخلون حينئذ تحت ما دل على طهارة المسلمين).
4- قال ص 67: (ومن جميع ما ذكرنا - من طهارة المخالفين - يظهر لك في الفرق المخالفة من الشيعة من الزيدية والواقفة وغيرهم، إذ الطهارة فيهم أولى من المخالفين قطعاً).
فهذه هي أهم أقواله التي صرح فيها بإسلام وطهارة أهل السنة (المخالفين).
المجموعة الثانية
كما ذكرنا سابقاً بأن أعضاء هذا الفريق رغم حكمهم بطهارة أهل السنة وإسلامهم، إلا أنهم اعترفوا بصحة وتواتر الروايات التي تكفر منكر الإمامة ومخالفها، فلذا لم يكن لهم خيار إزاءها سوى التأويل لتستقيم لهم دعواهم بإسلام المخالفين، وبالفعل قاموا بتأويلها عند عجزهم عن ردها وإبطالها لاعتقادهم صحتها وتواترها.
__________
(1) جواهر الكلام للشيخ النجفي الجواهري ج1 ص13-14.(65/7)
ولكن مضامين هذه الروايات مختلفة، فطائفة منها تقول بأن المخالفين كفار، وأخرى بأنهم نواصب، وثالثة بأنهم شر من اليهود والنصارى، فلذا قام النجفي كغيره من أعضاء هذا الفريق بتأويلها(1)، وإليك بيان كل قسم من الروايات مع تأويله لها وكما يلي:
أولاً: الروايات التي صرحت بكفر المخالفين
فبعد اعترافه بصحتها ادعى بأن المراد من هذا الكفر هو ما يقابل الإيمان والذي عرّفه الخوئي(2) فيما بعد بأن صاحبه مسلم طاهر في الدنيا، وكافر مخلد بالنار في الآخرة، وبهذا حمل كل كفر للمخالف بأنه كفر أخروي وأن صاحبه في الروايات كافر في الآخرة مخلد في نار جهنم مع إسلامه وطهارته في الدنيا، فمن أقواله في تأويل الروايات ما يلي:
1- قال في (جواهر الكلام) ج39 ص 32: (ولعل الوجه فيه إطلاق الكفر على المخالفين في بعض الأخبار، وهو محمول على إرادة الكفر الإيماني دون الإسلامي)، وقد عرفت معناه من تعريف الخوئي فراجعه.
2- قال في الجواهر ج6 ص60: (محمول على إرادة الكفار في مقابل المؤمن).
__________
(1) وهذا يؤكد إيمانه واعتقاده بصحة تلك الروايات التي تجعل المخالف في الأمامة (أي أهل السنة) كافراً وناصبياً وأنه شر من اليهود والنصارى لأنه يعلن إيمانه بأننا كفار ونواصب وشر من اليهود والنصارى، إلا أنه حمل ذلك على المصير الأخروي، أي أننا بحكم الكفار والنواصب في الآخرة، وعذابنا أشد من عذاب اليهود والنصارى، كما ستقف على تصريحاته عامله الله بعدله.
(2) راجع الفصل الثاني من هذا الباب في تعريف المرتبة الثانية من مراتب الكفر وهو ما يقابل الإيمان كما عرفه الخوئي.(65/8)
3- قال أيضاً في ج6 ص 60ـ 61: (محمول على إرادة تنزيله منزلة الكافر فيما يتعلق بالأمور الأخروية من شدة العذاب والخلود فيه) فلم يكتف بحمل كفرهم على الآخرة وإنما استدل ليثبت أن مراد الأئمة هو هذا فقال بعدها مباشرة: (كما هو ظاهر المنساق إلى الذهن من ملاحظتها، بل من أعطى النظر والتأمل فيها يقطع بإرادتهم (عليهم السلام)، بيان دفع وهم احتمال حصول ثواب لهم، أو مرتبة أخروية، أو امتياز من الكفار بسبب ما أظهروه من الشهادتين مع إنكارهم الولاية، وبسبب ما يجري عليهم من أحكام الإسلام في الدنيا، فهي بالدلالة على المطلوب أحرى).
4- قال في الجواهر ج30 ص97: (ضرورة معلومية عدم كفر المخالفين على وجه تجري عليهم أحكامه الدنيوية للسيرة القطعية والأدلة السمعية والعسر والحرج وغير ذلك مما مسطور في محله، ومنه يعلم بطلان الإستدلال بما دل على كفرهم المعلوم إرادة حكم الكفار منه في الآخرة كما دلت عليه النصوص المتواترة).
5- قال أيضاً ج6 ص 62: (كما أن ما في المقنعة وعن ابن البراج من عدم جواز تغسيل أهل الإيمان مخالفاً للحق والصلاة، محتمل لالحاقهم لهم في هذا الحال بعالم الآخرة المحكوم بكفرهم فيه لا مطلقاً).
6- قال أيضاً ج6 ص 56: (لأن الأقوى طهارتهم في مثل هذه الأعصار، وان كان عند ظهور صاحب الأمر (ع) بأبي وأمي يعاملهم معاملة الكفار، كما أن الله تعالى شأنه يعاملهم كذلك بعد مفارقة أرواحهم أبدانهم، وفاقاً للمشهور بين الأصحاب).(65/9)
وبعد سوقنا لأقواله، نريد أن نبين معتقده الضال الحاقد على أهل السنة، حيث أعطانا بحكمه هذا حقوق الإسلام في الدنيا(1) من الطهارة وعصمة الدم والمال وحرمنا منها -اي حقوق الإسلام ـ في الآخرة حيث زعم بأننا مخلدون في نار جهنم.
فبالله عليكم يا أهل السنة هل اعتنقتم الإسلام والتزمتم بتكاليفه وتعبدتم بشريعته من أجل أن تفوزوا بثواب المسلم في الدنيا (من الطهارة وعصمة الدم والمال)، أم أنكم فعلتم هذا وتحملتم المشاق من أجل رضا الله تعالى والفوز بالدار الآخرة، وأنا على يقين بأنكم ما فعلتم هذا إلا طمعاً في جنته وخوفاً من ناره، كما قال تعالى { وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا } [آل عمران: من الآية145].
ولو أن هذا النجفي الحاقد الباغي عكس معتقده فينا فحكم بكفرنا ونجاستنا في هذه الدنيا وبفوزنا ونجاتنا يوم القيامة، لكان والله أخفَّ وطأةٍ علينا من معتقده ذاك الذي بلغ الذروة في الحقد والضلال، لأن الفوز الحقيقي إنما هو في نيل الجنة وليس في الدنيا، ولكنه بلؤمه وحقده أبى إلا أن يختار لنا الخسارة الأبدية وهي الخلود في نار الجحيم.
ثانياً: الروايات التي تجعل جميع المخالفين نواصباً
وهذه الروايات اعترف أيضاً بصحتها واعتقد بمضامينها، إلا أنه حملها على الآخرة، أي أننا كالنواصب في الآخرة بشدة العذاب في نار جهنم، فمن أقواله ما يلي:
__________
(1) وليتنبه القارئ - كما ذكرت ذلك قبل قليل - الى أن أعضاء هذا الفريق لم يثبتوا لنا كل حقوق الأسلام الدنيوي بل بعضها وهي الطهارة وعصمة الدم والمال، وأما البعض الآخر من حقوق الأسلام الدنيوي فقد نفوها عنا وهذا ظاهر بجلاء من خلال تجويزهم لعننا والبراءة منا وسبنا وهجونا وغيبتنا ورمينا بالبهتان كما ستقف عليه صراحة عند دراسة شخصية الخميني والخوئي فترقب ذلك.(65/10)
1- قال في الجوهر ج6ص63ـ65: (وبدعوى دخولهم تحت النواصب المجمع على نجاستهم بين الإمامية …. والمحتمل لارادة تنزيله منزلته بالنسبة للعذاب وغيره من أحكام الكفار نحو ما تقدم فيما ورد بكفر المخالف).
2- قال أيضاً ج30ص97: (دل على كفرهم المعلوم إرادة حكم الكفار منه في الآخرة كما دلت عليه النصوص المتواترة، وكذا أخبار النصاب، فإن المراد كونهم أجمع بحكمهم فيها أيضاً).
فأقواله هذه تظهر بشاعة معتقده وحقده على أهل السنة وذلك بجعل عذابهم مساوٍ في شدته عذابَ النواصب يوم القيامة!!!
ثالثاً: الروايات التي تجعل المخالفين شراً من اليهود والنصارى
وقد حملها أيضاً -بعد الاعتراف بصحتها والاعتقاد بمضامينها- على مصيرنا الأخروي، بمعنى أن عذابنا في جهنم أشد من عذاب اليهود والنصارى، فمن أقواله:
1- قال في الجواهر ج30ص97: (فوجب حينئذ حمل على النصوص على ذلك، نحو ما دل على أنهم كفار، وأنهم شر من اليهود والنصارى أي في الآخرة، بخلاف الدنيا فانهم مساوون للمؤمنين في الأحكام).
2- أثبت أن المخالف في الإمامة أخبث من غيره من الكفار وأشد عذاباً منهم فقال ج6ص60: (نعم هو بالمعنى المزبور أخبث باطناً منه بغيره، بل أشد عقاباً، كما يشير إليه قول الصادق (ع) (1): أهل الشام شر من أهل الروم، وأهل المدينة شر من أهل مكة، وأهل مكة يكفرون بالله جهرة، وكقول أحدهما(عليهما السلام)(2): ان أهل مكة يكفرون بالله جهرة، وأهل المدينة أخبث منهم سبعين ضعفاً).
3- قال في الجواهر ج36 ص93-94: (وعلى كل حال فمنشأ هذا القول من القائل به استفاضة النصوص وتواترها بكفر المخالفين وأنهم مجوس هذه الامة وشر من اليهود والنصارى التي قد عرفت كون المراد منها بيان حالهم في الآخرة لا الدنيا، كما تقدم الكلام فيه مفصلا في كتاب الطهارة).
__________
(1) أصول الكافي ج2ص409ـ410 طبعة إيران.
(2) المصدر نفسه.(65/11)
4- قال ايضا في الجواهر ج 22 ص 62: (لكن لا يخفى على الخبير الماهر الواقف على ما تظافرت به النصوص، بل تواترت من لعنهم وسبهم وشتمهم وكفرهم وانهم مجوس هذه الامة، وأشرُّ من النصارى وانجس من الكلاب).
فانظروا كيف جعلنا مسلمين طاهرين، ثم فسَّر براءة حكمه بإسلامنا وترجمه بعذابٍ في النار أشدّ من عذاب اليهود والنصارى ، وفسّر طهارتنا بكوننا أنجس من الكلاب !!!.
وهنا أسأل أهل السنة فأقول: بالله عليكم خبروني ما هو الإثم الذي ارتكبتموه حتى تخلدون في نار الجحيم بعذاب أشد من عذاب اليهود(1) والنصارى؟!.
وقبل أن تفكروا سأجيبكم بأن إثمكم الذي لا يغتفر هو أنكم لم تؤمنوا بنظرية الإمامة أي لم تحصروا الإمامة بالأئمة الإثني عشر، وإنما جوزتموها لأبي بكر وعمر وعثمان، فما دمتم موافقين على نيلها من قبل هؤلاء الخلفاء رضي الله عنهم، فلكم الخلود الأبدي في نار الجحيم بعذاب أشد من عذاب اليهود والنصارى!!!.
وهنا قد طرق ذهني سؤال آخر وهو: إذا كان مصيرنا بهذه الدرجة من العذاب التي تفوق شدتها درجة عذاب اليهود والنصارى - لأننا فقط وافقنا على خلافة غير الأئمة الإثنى عشر ونقصد أبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنه - - فبالله عليكم خمِّنوا ما هي شدة العذاب الذي ينتظر هؤلاء الخلفاء عندهم، لأن إثمهم ضعف إثمنا بجلوسهم على كرسي الخلافة واغتصابها من أئمتهم كما يزعمون؟!
__________
(1) هؤلاء اليهود! الذين كذبوا بنبوة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وكفروا بها وكذبوا القرآن وقتلوا الأنبياء، وحاربوا الإسلام وتآمروا عليه، وزعموا أن نبي الله عيسى عليه السلام ولد من الزنا، وأن عزيراً ابن الله إلى غير ذلك من الكفريات والوقاحة وسوء الأدب مع الله تعالى!!!.(65/12)
وإن أردتم الجواب فربما ستجدوه في الرواية(1) التي تقول بأن عذاب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ليس أشد من عذاب اليهود والنصارى فحسب، بل أن عذابه أشد من عذاب إبليس لعنه الله إمام الكفر والضلال، لأن على إبليس 70 غلاً، وعلى عمر 120 غلاً، حتى ان إبليس تعجب كيف زاد عذاب عمر على عذابه، وعندها ستعرف شدة العذاب الذي حكموا به على الخلفاء رضي الله عنهم.
فهل بعد هذا نفرح وننخدع لأنهم حكموا بإسلامنا وطهارتنا، ونحن عندهم على موعدٍ مع عذاب في الجحيم أشد من عذاب اليهود والنصارى، كما قال تعالى { هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } [آل عمران:119].
رابعاً: مطاعن متفرقة وشديدة على أهل السنة:
وسنختم فضح هذه الشخصية وبيان حقدها وتكفيرها لأهل السنة، بخمسة أقوال ضالة آثمة تكشف عن عِظَم درجة الحقد على أهل السنة في قلب النجفي والتي وصلت به الى درجة تساوي بل تزيد على درجة حقد أعداء الإسلام على أهل السنة من اليهود والنصارى والمجوس وسائر الكفرة وعلى رأسهم إبليس اللعين، فمن هذه الأقوال ما يلي:
__________
(1) قد ذكرنا هذه الرواية التي رواها العياشي في تفسيره، والمجلسي في بحاره، ونعمة الله الجزائري في أنواره، وذلك في الفصل الثاني من الباب الأول في المجموعة الثانية من المرويات برقم(2) فلتراجع.(65/13)
1- بعد أن وصَفَنا بالطهارة لم يستطع أن يكظم غيظه وحقده حتى ينهي كتاب الجواهر، فصرح بنجاستنا في نفس الكتاب بل في نفس العبارة التي وصفنا فيها بالطهارة مُبَيِّناً فيها حقيقة الطهارة الموصوف بها أهل السنة والإسلام، فقال قولاً والله ما ذكرته لأحد إلا انفجر ضاحكاً على وقاحته وسفاهته مع أهل السنة الذين حكم بإسلامهم وطهارتهم فقد قال في جواهر الكلام ج6ص57: [فهو من أقوى الأدلة على طهارة هؤلاء] لاتفرح أيها القارئ بهذه العبارة حتى تكملها [الكفرة وإن كانوا في المعنى أنجس من الكلاب الممطورة ] هذا مع حكمه بطهارتنا!!!
... ولعل القراء من أهل السنة متعطشون لمعرفة معنى الكلاب الممطورة ليعرفوا درجة نجاستهم (طهارتهم!!!) عند النجفي المخادع، فقد عرفها محدثهم يوسف البحراني في (الحدائق الناضرة) ج5ص190 بقوله: (الكلاب الممطورة أي الكلاب التي أصابها المطر مبالغة في نجاستهم والبعد عنهم)، فأنتم في نظره أنجس من هذه الكلاب التي بلغت قمة النجاسة، وكرر هذا المعنى أيضاً في الجواهر ج22 ص62 بقوله: (لكن لا يخفى على الخبير الماهر الواقف على ما تظافرت به النصوص، بل تواترت من لعنهم وسبهم وشتمهم وكفرهم، وأنهم مجوس هذه الأمة وأشر من النصارى، وأنجس من الكلاب)، فهل يبقى بعد هذا أحد من أهل السنة على وجه الأرض ينخدع بحكم هؤلاء بطهارتنا وإسلامنا مع ما وقفت عليه من حقد وغيظ، وما ستقف عليه أكثر، فترقب.
2- إن هناك قصيدة معروفة عند الإمامية بالقصيدة الأزرية للشيخ كاظم الأزري وقد طعن مؤلفها بالخلفاء وببيعتهم وإليك بعض أبيات مطاعنه بالخلفاء وكما يلي:
أ-قد اتهم الخلفاء خصوصاً والصحابة عموماً بأنهم بايعوا علياً يوم الغدير على الخلافة -بزعمه- ولكن قلوبهم مملوءة حقداً، وعندها تآمروا على الغدر وغصب الخلافة من علي - رضي الله عنه -، فقال:
فأجابوا بخ بخ وقلوب الـ ... قوم تغلي على مغالي قلاها(65/14)
لم يسعهم إلا الإجابة بالقو ... ل وإن كان قصدهم ما عداها
ب-أخذ يذم ما حصل في سقيفة بني ساعدة من مبايعة لأبي بكر، ووصفها بأنها بيعة ظلم وجور عمَّ شرها جميع أجيال المسلمين، فقال: -
إن تناسيتما السقيفة يا قو ... م! فإنّي والله لا أنساها
بيعة أورثت جميع البرايا ... فتنة طال جورها وجفاها
ج-بدأ يذم شخص الصديق أبا بكر - رضي الله عنه - في قصة الغار لأنه حزن(1) فاعتبر هذا من مساوئه، حيث قال:
أوَ لا ينظرون ماذا دمتم ... قصة الغار من مساوي دهاها
يوم طافت طوائف الحزن حتى ... أوهنت من جني (عتيق) قواها
د-وذكر مطعناً آخر بالصديق حين زعم أن سورة التوبة (براءة) لم تفتتح بالبسملة لأنها متضمنة لبلوى عظيمة وهو ذكر الصديق في قصة الغار، فقال:
وكذا في براءة لم يبسمل ... حيث جلت بذكره بلواها
مع أن السور التي ذكر فيها الشيطان (إبليس اللعين) لم تخلو من البسملة، فهل أن الصديق شر من إبليس؟!.
هـ- ثم اتهم أبا بكر وعمر بأنهما ما دخلا الإسلام طاعة لله ورسوله، وإنما نفاقاً لمصالح خاصة وهي أنهم علموا من كلام كاهن(2) بأنهما في المستقبل سينالان الخلافة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخلا الإسلام طمعاً في الخلافة، حيث قال:
لم يجيبا نداء أحمد إلا ... ... ... لأمور من كاهن عقلاها
عَلِما أن أحمد سيليها ... ... ... وإذا مات أحمد ولياها
و-ثم استنكر أن يكون الصحابة وعلى رأسهم الخلفاء خير أمة، فادعى أنها أشقى أمة أخرجت للناس فقال:
أهم خير أمة أخرجت للناس ... ... هيهات ذاك بل أشقاها
ز- ثم أخذ ينفي عن الشيخين كل منقبة فنفى عنهما الكرم والشجاعة، حيث قال:
أي مرقى من الفخار قديماً ... ... وحديثاً أصابه شيخاها ؟
__________
(1) إشارة الى الآية الكريمة(إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) (التوبة: من الآية40) .
(2) أنظر هذه القصة في (الأنوار النعمامية) للجزائري ج1ص55.(65/15)
أي أكرومة ولو أنها قلَّـ ... ... ت ودقَّت إليهما منتماها؟
أن يكونا كزعمهم أسَدَي بأ ... ... س فأين الفرائس افترساها ؟
إن تكن فيهما شجاعة قرم ... ... فلماذا في الدين ما بذلاها(1)؟
فهذه القصيدة ومع ما تضمنته من حقد بغيض ومطاعن شوهاء بالصحابة الكرام وعلى رأسهم الخلفاء - رضي الله عنهم -، نجد أن النجفي تمنّى أن تكون تلك القصيدة في صحيفة أعماله، فيقول محمد رضا المظفر في مقدمة القصيدة: (حتى ينقل عن الشيخ صاحب (الجواهر) أنه كان يتمنى أن تكتب في ديوان أعماله "القصيدة الأزرية" مكان كتابه "جواهر الكلام" أي أنها كانت في ميزانه أغلى من الجواهر!!!) ، ويؤكد هذا أيضاً محققهم عباس القمي في (الكنى والألقاب) ج2ص23: (ونقل شيخنا صاحب المستدرك في كتاب (شاخة طوبى) أن العلامة المحقق الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر كان يتمنى أن يكتب في ديوان عمله القصيدة الهائية الأزرية).
وهذا القول يكشف عن مدى حقده وبغضه للخلفاء الثلاثة لأنه تمنى أن يلقى الله تعالى وفي صحيفة أعماله الطعن والحقد على الخلفاء رضي الله عنهم الذي تضمنته القصيدة، لعل هذا ينجيه لأنه عندهم من أفضل القربات، كما تقدم بيانه بأجر من يقرأ دعاء صنمي قريش المليء باللعن لأبي بكر وعمر.
__________
(1) ومن الأمانة والواجب الشرعي أرى نقل رد الملاح رحمه الله على هذه الأبيات، حيث قال: (فيقال له -لو كان يسمع- يا أحمق! هذه الأرض التي تصول وتجول فيها على الشيخين، من جعلها تحت أقدام أسلافك لتسبوهما عليها؟ وأي الفرائس أسمن وأدسم؟ فرائس هولت بها قصص مقصوصة … أم فرائس ملأت تاريخ العرب والإسلام شحماً ولحماً وليناً وعسلاً أنت أحد أكلتها وكافري نعمتها ؟! كما تأكل لحوم من قدموها لك ولأخوانك وإسلامك لتتقوى بها على (تقوى الله) بسبهم وكفر نعمتهم، كراكب السفينة في المثل المشهور).(65/16)
3-إن النجفي بعد أن ادعى طهارة أهل السنة وإسلامهم، لم يطفئ غليان حقده بالحكم عليهم بالكفر الأخروي والخلود في النار، بل زعم أن المهدي (إمامهم الثاني عشر الغائب) إذا خرج فسيعامل أهل السنة معاملة الكفار، وذلك بقتلهم وسفك دمائهم فليس لأهل السنة عندهم إلا الخسارة بالقتل في الدنيا والخلود في النار يوم القيامة، فيقول في الجواهر ج6ص56: (لأن الأقوى طهارتهم في مثل هذه الأعصار، وإن كان عند ظهور صاحب الأمر (ع) بأبي وأمي يعاملهم معاملة الكفار)،(فلا عصمة دم ولا مال ولا عرض ولا أمانة)، أي أن حكمهم لنا بالاسلام الدنيوي ومعاملتهم لنا على هذا الاساس محصور ومقصور على هذه الفترة الزمنية فقط تماماً كالهدنة تنتهي وتزول عند خروج المهدي، فلا أمانة ولا عهد ولا عصمة لدمٍ أو مال أو عرض والنص السابق تصريح واضح بذلك ، وقد ذكر النجفي أيضاً زمن تخصيص الحكم بالطهارة فقال في جواهره ج30ص99: (خصوصاً في زمان التقية والهدنة، وهو الزمان الذي لم تقم فيه يد الشرع، كما أومأ إليه خبر العلاء بن رزين لما سأل أبا جعفر (ع) عن جمهور الناس، فقال "هم اليوم أهل هدنة تُرَدُّ ضالتهم، وتُؤدى أمانتهم، وتحقن دماؤهم، وتجوز مناكحتهم وموارثتهم في هذا الحال)، فتحديده بالظرف الزماني "اليوم" دليل على أنه في غيره تزول هذه الحقوق وتشن الحرب على المخالفين (أهل السنة) بقيادة المهدي الغائب (إمامهم الثاني عشر) الذي سيقود حملة سفك دماء أهل السنة لمعاملته لهم معاملة الكفار(1)
__________
(1) وربما كان تعليق معاملة أهل السنة كالكفار عند خروج المهدي هو تعليق بتحقق القدرة والغلبة، فمتى ماتحققت -حتى ولو قبل ظهوره- جرى الحكم بالكفر على أهل السنة وتحققت تبعاته، وهذا ماتؤكده حقائق التاريخ ووقائع الاحداث، فأما الأخيرة فما عاشه أهل السنة في العراق - بعد سقوط النظام في 9/4/2003 وقيام شوكة الشيعة بسبب تحالفهم مع الأمريكان - من قتل للمصلين غدراً وخطف لأطفالهم وسرقة أموالهم، الأمر الذي ضيَّق الخناق على أهل السنة من قبل غلاة الشيعة ـ خصوصاً من نشأ فيهم في إيران ـ في الوقت الذي يجاهدون المحتل الأمريكي... وأما حقائق التاريخ فتروي لنا مايشيب له الرضيع من قصة التحالف بين الشيعة والتتار على أهل بغداد، وماأعقب ذلك من قتل ودمار ستقرأ بنفسك نبرة التشفِّي عند كثير من علماء الشيعة عند ذكرهم لها وعلى رأسهم هذا النجفي الذي يتظاهر بالاعتدال كما سيأتي قوله!!!(65/17)
، وهذا ليس بجديد لأنهم رووا عدة روايات ينسبون للمهدي فعلاً أشد من ذلك، لأنهم نسبوا إليه هنا قتل الأحياء من أهل السنة، وأما في تلك الروايات فنسبوا إليه قتل الأموات!!! نعم وذلك بإخراج أبي بكر وعمر من قبريهما وصلبهما على شجرة(1) فلا أدري أي إسلام حكم به النجفي لأهل السنة، إذا كان القتل بانتظارهم في هذه الدنيا، وعذاب أشد من عذاب اليهود والنصارى في نار الجحيم، وأي طهارة وصفنا بها إذا كنا في نظره أنجس من الكلاب الممطورة " أن هذا لشيء عجاب " .
4-من المعلوم من مذهب الإمامية - كما سنفصله في الفصل اللاحق - إن صلاة الجنازة تكون بخمس تكبيرات على المؤمن (أي الإمامي) ويُدعى له فيها، وعلى المنافق أربع تكبيرات ويدعى عليه فيها، فمن أقوالهم ما يلي:
أ-قال الطوسي في (الرسائل العشر) ص 195: (والرابعة (التكبيرة) يدعوا بعدها للميت إن كان مؤمناً وعليه إن كان منافقاً).
ب-قال المحقق الحلي في (شرائع الإسلام) ج1ص82: (ويستحب عقيب الرابعة أن يدعوا له إن كان مؤمناً وعليه إن كان منافقاً).
__________
(1) فقد روى البرسي في (مشارق الانوار): (عن محمد بن سنان، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لعمر: يا مغرور! إني أراك في الدنيا قتيلا بجراحة من عبد أم معمر تحكم عليه جوراً? فيقتلك توفيقا، يدخل بذلك الجنة على رغم منك، وإن لك ولصاحبك الذي قمت مقامه صلبا وهتكا، تخرجان عن جوار رسول الله صلى الله عليه وآله فتصلبان على أغصان جذعة يابسة فتورق فيفتتن بذلك من والاك. فقال عمر: ومن يفعل ذلك يا أبا الحسن (ع)؟. فقال: قوم قد فرقوا بين السيوف وأغمادها، فيؤتى بالنار التي أضرمت لابراهيم عليه السلام ويأتي جرجيس ودانيال وكل نبي وصديق، ثم يأتي ريح فينسفكما في اليم نسفا. وقال عليه السلام يوما للحسن: يا أبا محمد! أما ترى عندي تابوتا من نار يقول: يا علي! استغفر لي، لا غفر الله له) وينظر ايضاً بحار الأنوار للمجلسي ج30 ص276.(65/18)
ج- قال شهيدهم الأول في (البيان) ص29: (ثم يكبر الرابعة ويدعوا للميت إن كان مؤمناً، ويلعنه إن كان منافقاً).
وبعد هذا نريد أن نعرف ما هي صيغة الدعاء الذي يُدعى به على المنافق ويُلعن فيه؟!.
وخير من أجاب عن هذا السؤال هو صدوقهم ابن بابويه، حيث قال في (المقنع) ص70: (وإذا صليت على المنافق فقل بين التكبيرة الرابعة والخامسة (اللهم اخزِ عبدك في عبادك وبلادك، اللهم اصله أشدَّ نارك، اللهم أذقه حر عذابك، فإنه كان يوالي أعدائك ويعادي أوليائك، ويبغض أهل بيت نبيك، فإذا رفع (أي رفعت جنازته) فقل: اللهم لا ترفعه ولا تزكه)، وقد ورد هذا الدعاء بصيغة أخرى في الكافي والوسائل (عن أبي عبد الله (ع) قال: إذا صليت على عدو الله فقل: اللهم إنا لا نعلم منه إلا أنه عدو لك ولرسولك، اللهم فاحش قبره ناراً، وأحش جوفه ناراً، وعجل به إلى النار، فإنه كان يوالي أعدائك ويعادي أوليائك ويبغض أهل بيت نبيك، اللهم ضيّق عليه قبره، فإذا رفع(1) ) فقل اللهم لا ترفعه ولا تزكه)(2).
وبعد هذا البيان، ندخل فيما يهمنا منه وهو كشف حقد هذا النجفي على أهل السنة بعد حكمه بإسلامهم وطهارتهم، وذلك من خلال ما صرح به بأن المنافق - الذي نص العلماء على لعنه بصفة الدعاء التي ذكرناها - هو المخالف (أهل السنة) أي إن الذي يُلعن في صلاة الجنازة عند النجفي هم أهل السنة والذي يُدعى له هو الإمامي، وذلك حين علّق على معنى المنافق الذي يلعن في (جواهر الكلام) ج 21 ص 50 فقال: (لأن المراد به هنا نصا وفتوى - خصوصا مع مقابلته بالمؤمن في الصحيح السابق – المخالف( (3) كما صرح به جماعة، بل في كشف اللثام في شرح قول الفاضل: (ولعنه إن كان منافقا) أي مخالفا كما في المنتهى والسرائر والكافي والجامع، وبمعناه ما في الغنية من الدعاء على المخالف).
__________
(1) أي ترفع جنازته.
(2) الوسائل: ج2 باب 4 من ابواب صلاة الجنازة ح1.
(3) قد تقدم معنى المخالفين وهم أهل السنة.(65/19)
ثم أثبت نفس هذا المعنى عندما تكلم عن غسل الموتى فأثبت وجوب غسل موتى المخالفين والصلاة عليهم كما يجب للإمامي مع وجود فرق واحد مهم بينهما عند النجفي وهو أن الإمامي يدعى له في تلك الصلاة، والمخالف يدعى عليه فيها، فقال في الجواهر ج 4 ص 80-81: (كما أنه لا إشكال في وجوب غسل المومن أي الامامي المعتقد لامامة الائمة الاثنى عشر (عليهم السلام) ما لم يحصل منه سبب الكفر، بل هو إجماعي إن لم يكن ضروريا، وأما من لم يكن كذلك كالعامة وقد يلحق بهم فرق الامامية المبطلة كالواقفية والفطحية والناووسية فالمشهور تحصيلا ونقلا في الذكرى والروض والحدائق والرياض التغسيل، بل عن التذكرة ونهاية الاحكام الاجماع على وجوب تغسيل الميت المسلم، قيل: وهو الظاهر من المنتهى….. قلت: وقد يستدل عليه - مضافا إلى ما ذكرنا، وإلى استصحاب جريان أحكام المسلم عليه، وإلى ما يظهر من المشهور في باب الصلاة على الميت من الصلاة عليه وإن دعي عليه فيها)، والمهم عندنا هو الفقرة الأخيرة من كلامه وهي أن المخالف يدعى عليه في الصلاة بالدعاء الذي ورد بلعن المنافق، لأن الميت اما يدعى له وهو خاص بالإمامي، واما يدعى عليه وهو المنافق والمراد به المخالف كما صرح به النجفي في هذين الموردين.
وهذه طعنة أخرى مؤلمة، مزق فيها لحوم أهل السنة ونهشها بأنيابه وأظفاره، بأننا نقتل على يد المهدي، ونُلعن في صلاة الجنازة (وياله من لعن!!! إذ يطلبون من الله في هذه الصلاة أن يملأ جوفه وأحشاءه ناراً وأن يملأ قبره ناراً مع أنه جثة هامدة مفتقرة إلى رحمة الله ودعاء المسلمين له بعد أن انقطع عمله)، ثم بعد القتل واللعن ينتظره عذاب أشد من عذاب اليهود والنصارى في نار الجحيم. وهكذا تستمر الطعنات واللعنات لتمزيق لحومنا، ولن تنقطع أبد الآبدين عند النجفي وحزبه.(65/20)
5-سنختم دراستنا لفضح هذه الشخصية، بقولٍ يقطر القلب منه والله دماً قاله بحق أهل السنة (المخالفين) بخصوص جواز غيبتهم وطعنهم وتجريحهم، وسنقف فيه على بعض عباراته التي طعنهم فيها بشدة وخطورة، وكما يلي:
أ-زعم أن حكم المخالفين من حيث هجائهم وغيبتهم هو الجواز كحكم المشركين لاشتراكهم مع المشركين واتحادهم معهم بنفس الكفر الإسلامي والإيماني، فقال: (وعلى كل حال فالظاهر إلحاق المخالفين بالمشركين في ذلك لاتحاد الكفر الاسلامي والايماني فيهم)، فها هو يثبت لنا كفراً يماثل كفر المشركين إذ جعل هذا الكفر الموجود في الصنفين واحداً أو متحداً.
ب-جعل هجاء المخالفين على رؤوس الأشهاد من أفضل عبادة العباد حيث قال: (بل لعل هجاؤهم على رؤوس الاشهاد من أفضل عبادة العباد مالم تمنع التقية).
ج-جعل غيبة المخالفين (أهل السنة) عندهم من أفضل الطاعات، وقد ادعى الإجماع على ذلك، بل زاد على دعوى الإجماع، بقوله إن ذلك من الضروريات، أي كون غيبتهم من أفضل الطاعات هو ثابت عندهم ومن الضروريات فقال: (وأولى من ذلك غيبتهم التي جرت سيرة الشيعة عليها في جميع الأعصار والأمصار علمائهم وعوامهم، حتى ملأوا القراطيس منها بل هي عندهم من أفضل الطاعات، وأكمل القربات فلا غرابة في دعوى تحصيل الاجماع، كما عن بعضهم بل يمكن دعوى كون ذلك من الضروريات، فضلا عن القطعيات)، فهل بقي للإسلام المحكوم به لنا معنى، إذا كانت غيبتنا والطعن بنا من أفضل القربات والطاعات عندهم بالإجماع، بل من الضروريات الثابتة عندهم.
د-إن عالمهم المقدس الأردبيلي عندما ذهب إلى عدم جواز غيبة المخالف(1)، مستدلاً على ذلك بقوله تعالى { وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ } نجد أن النجفي رد عليه بقوة وصلابة وذلك بأمور:
__________
(1) وقوله هذا يُعَدُّ غريباً ونادراً في المذهب بل هو الى الشذوذ أقرب .(65/21)
زعم ان هذا ورعًٌ زائدٌ عن حدِّه أي غير صحيح، حيث قال: (إذ هو كما ترى مخالف لما سمعت، ولعل صدور ذلك منه لشدة تقدسه وورعه).
ادعى ان هذا يخالف الأخبار المتواترة بلعنهم وسبهم وكفرهم وأنهم أشر من النصارى وأنجس من الكلاب، فقال: (لكن لا يخفى على الخبير الماهر الواقف على ما تظافرت به النصوص، بل تواترت من لعنهم وسبهم وشتمهم وكفرهم وانهم مجوس هذه الامة، واشر من النصارى وانجس من الكلاب)،
ادعى ان مقتضى الورع الصحيح هو في غيبتهم وليس في منعها، فقال: (إن مقتضى التقديس والورع خلاف ذلك).
نفى دلالة الآية على تحريم غيبة المخالف، لأنها تحرم الغيبة بين الإخوة (أي الإمامية فيما بينهم فقط)، والمخالف ليس أخاً للإمامي، بل استبعد مثل هذه الأخوة ونفاها، لأن الروايات وردت بمعاداتهم والبراءة منهم فقال:(وصدر الآية الذين آمنوا وآخرها التشبيه بأكل لحم الاخ بل في جامع المقاصد أن حد الغيبة على ما في الأخبار أن يقول في أخيه ما يكرهه لو سمعه مما فيه، ومعلوم أن الله تعالى عقد الاخوة بين المؤمنين بقوله تعالى: { انما المؤمنون اخوة } دون غيرهم، وكيف يتصور الاخوة بين المؤمن والمخالف، بعد تواتر الروايات وتظافر الآيات، في وجوب معاداتهم، والبرائة منهم، وحينئذ فلفظ الناس والمسلم، يجب ارادة المؤمن منهما، كما عبر به في أربعة أخبار).(65/22)
ثم اليك ماستبكي عليه دماً وتشقى به نفسك دهراً ، فبعد أن استنكر النجفي وفنّد ما ذهب إليه الأردبيلي، قارَنَ بين قوله (بمنع غيبة المخالف) وبين ما ذهب إليه الخواجة نصير الدين الطوسي وابن المطهر الحلي - وهما أهم أعمدة المذهب ومعتمدوه - الذين يعتقدون بجواز - أو وجوب - قتل المخالفين فضلاً عن غيبتهم، واستدل على معتقدهم هذا من خلال ما فعلوه من قتل وذبح لأهل السنة على يد هولاكو الملحد الوثني في بغداد في اشهر مجزرة قام بها الإمامية على أهل السنة بقيادة عالمهم نصير الدين الطوسي، الذي قام بهذا القتل بناءً على معتقده بجواز قتلهم أو وجوبه، فقال النجفي في معرض ردِّه على الأردبيلي:(وما أبعد ما بينه وبين الخاجا نصير الدين الطوسي والعلامة الحلي وغيرهم ممن يرى قتلهم، ونحوه من احوال الكفار، حتى وقع منهم ما وقع في بغداد ونواحيها)، فهو يثبت ويعترف صراحة بقيام النصير الطوسي بهذه المذبحة والوحشية لأهل السنة في بغداد، وليبطل بذلك دعوى بعض الإمامية - كذباً وزوراً - إن الطوسي بريء من هذه المجزرة الوحشية ولا دخل له فيها، لأنه قد قام بها بالفعل - كما صرح النجفي - كاشفاً عن أنيابه وتعطشه لإراقة دماء أهل السنة حتى أجراها كالأنهار في بغداد على يد الملحد الوثني هولاكو السفاح بناءاً على معتقده بجواز أو وجوب قتل أهل السنة(1)
__________
(1) ولعل القراء ليس عندهم تصور لفداحة وبشاعة المجزرة والدمار والقتل الذي أصاب بغداد بعدما كانت عاصمة الدولة الإسلامية ورمز قوتها وسيادتها، على يد الطوسي المجرم - باعتراف النجفي - ولذا إليك نبذه يسيرة عنها كما يصورها لنا ابن كثير في (البداية والنهاية) ج13ص234 - 235، حيث قال: (وأحضر الخليفة بين يدي هلاكو فسأله عن أشياء كثيرة فيقال إنه اضطرب كلام الخليفة من هول ما رأى من الاهانة والجبروت، ثم عاد إلى بغداد وفي صحبته خوجه نصير الدين الطوسي، والوزير ابن العلقمي وغيرهما، والخليفة تحت الحوطة والمصادرة، فأحضر من دار الخلافة شيئا كثيرا من الذهب والحلي والمصاغ والجواهر والاشياء النفيسة، وقد أشار أولئك الملأ من الرافضة وغيرهم من المنافقين على هولاكو أن لا يصالح الخليفة، وقال الوزير متى وقع الصلح على المناصفة لا يستمر هذا إلا عاما أو عامين ثم يعود الامر إلى ما كان عليه قبل ذلك، وحسنوا له قتل الخليفة، فلما عاد الخليفة إلى السلطان هولاكو أمر بقتله، ويقال إن الذي أشار بقتله الوزير ابن العلقمي، والمولى نصير الدين الطوسي، وكان النصير ? عند هولاكو قد استصحبه في خدمته لما فتح قلاع الالموت، وانتزعها من أيدي الاسماعيلية، وكان النصير وزيرا لشمس الشموس ولابيه من قبله علاء الدين بن جلال الدين، وكانوا ينسبون إلى نزار بن المستنصر العبيدي، وانتخب هولاكو النصير ليكون في خدمته كالوزير المشير، فلما قدم هولاكو وتهيب من قتل الخليفة هون عليه الوزير ذلك فقتلوه رفسا، وهو في جوالق لئلا يقع على الارض شئ من دمه، خافوا أن يؤخذ بثأره فيما قيل لهم، وقيل بل خنق، ويقال بل أغرق فالله أعلم، فباؤوا بإثمه وإثم من كان معه من سادات العلماء والقضاة والاكابر والرؤساء والامراء وأولي الحل والعقد ببلاده - وستأتي ترجمة الخليفة في الوفيات - ومالوا على البلد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان ودخل كثير من الناس في الآبار وأماكن الحشوش، وقنى الوسخ، وكمنوا كذلك أياما لا يظهرون، وكان الجماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ويغلقون عليهم الابواب فتفتحها التتار إما بالكسر وإما بالنار، ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي الامكنة فيقتلونهم بالاسطحة، حتى تجري الميازيب من الدماء في الازقة، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وكذلك في المساجد والجوامع والربط، ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى ومن التجأ إليهم وإلى دار الوزير ابن العلقمي الرافضي وطائفة من التجار أخذوا لهم أمانا، بذلوا عليه أموالا جزيلة حتى سلموا وسلمت أموالهم. وعادت بغداد بعد ما كانت آنس المدن كلها كأنها خراب ليس فيها إلا القليل من الناس، وهم في خوف وجوع وذلة وقلة، وكان الوزير ابن العلقمي قبل هذه الحادثة يجتهد في صرف الجيوش وإسقاط اسمهم من الديوان، فكانت العساكر في آخر أيام المستنصر قريبا من مائة ألف مقاتل، منهم من الامراء من هو كالملوك الاكابر الاكاسر، فلم يزل يجتهد في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف، ثم كاتب التتار وأطمعهم في أخذ البلاد، وسهل عليهم ذلك، وحكى لهم حقيقة الحال، وكشف لهم ضعف الرجال، وذلك كله طمعا منه أن يزيل السنة بالكلية، وأن يظهر البدعة الرافضة وأن يقيم خليفة من الفاطميين، وأن يبيد العلماء والمفتيين، والله غالب على أمره، وقد رد كيده في نحره، وأذله بعد العزة القعساء، وجعله حوشكاشا للتتار بعد ما كان وزيرا للخلفاء، واكتسب إثم من قتل ببغداد من الرجال والنساء والاطفال، فالحكم لله العلي الكبير رب الارض والسماء.
وبالرغم من هذا الإجرام والقتل بأهل السنة نرى النجفي يفتخر به، بل والطامة الكبرى هي ان الخوئي يترجم له بكل فخرٍ واعتزاز ومثنياً عليه، فيقول في (معجم رجال الحديث) ج18 ص204-205: [محمد بن محمد بن الحسن الطوسي: قال السيد التفريشي في النقد: " محمد بن محمد بن الحسن الطوسي (قدس سره): نصير الملة والدين، قدوة المحققين سلطان الحكماء والمتكلمين، إنتهت رياسة الامامية في زمانه إليه، وأمره في علو قدره، وعظم شأنه، وسمو? مرتبته، وتبحره، في العلوم العقلية، والنقلية ودقة نظره، وإصابة رأيه، وحدثه وإحرازه قصبات السبق في مزمار التحقيق والتدقيق، أشهر من أن يذكر، وفوق ما تحوم حوله العبارة، وكفاك في ذلك حله ما ينحل على الحكماء المتبحرين، من لدن آدم إلى زمانه رضي الله عنه وأرضاه، روى عن أبيه محمد بن الحسن رحمه الله، وكان أستاد العلامة المحقق المدقق الحلي (قدس سره)، وروى العلامة عنه أحاديث، وكان أصله من جهرود من توابع ساوه، وإن كان في زماننا هذا من توابع قم، له مصنفات لم ير عين الزمان مثلها، منها شرح الاشارات، حقق فيه مذاهب الحكماء على أتم تحقيق، ومنها تحرير مجسطي، وتحرير اقليدوس، وتجريد العقايد، والتذكرة، وغير ذلك من الكتب والرسائل، تولد (رحمه الله) في سنة سبع وتسعين وخمسمائة، ومات (رحمه الله) في سنة أثنين وسبعين وستمائة ". (إنتهى). وقال الشيخ الحر في تذكرة المتبحرين (904): " المحقق خواجه نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي: كان فاضلا، ماهرا، عالما، متكلما، محققا في العقليات، له كتب منها: تجريد الاعتقاد، والتذكرة في الهيئة، وتحرير كتاب اقليدس، وتحرير المجسطي، وشرح الاشارات، والفصول النصيرية، والفرائض النصيرية، وآداب المتعلمين، ورسالة الاسطرلاب، ورسالة الجواهر، ونقد المحصل، ورسالة المعينية في الهيئة بالفارسية، وشرحها بالفارسية، ورسالة خلق الاعمال، وشرح رسالة العلم للميثم البحراني، وغير ذلك، يروي عنه العلامة. وقال في إجازة له عند ذكره: كان هذا الشيخ أفضل أهل عصره في العلوم العقلية، والنقلية، وله مصنفات كثيرة في العلوم الحكمية، والاحكام الشرعية، على مذهب الامامية، وكان أشرف من شاهدناه في الاخلاق (نور الله مضجعه)، قرأت عليه إلهيات الشفاء، لابي علي بن سينا، وبعض التذكرة في الهيئة تصنيفه، ثم أدركه الموت المحتوم (قدس الله روحه)، ومن شعره قوله: كنا عدما ولم يكن من خللي * والامر بحاله إذا ما متنا يا طول فنائنا وتبقى الدنيا * لا الرسم لنا ولا اسم المعنى وقوله: ما للمثال الذي ما زال مشتهرا * للمنطقيين في الشرطي تسديد أما رأوا وجه من أهوى وطرته * الشمس طالعة والليل موجود ". (إنتهى). وعده المحدث القمي في الكنى والالقاب، من كتبه: الاخلاق الناصرية، وأوصاف الاشراف، وكتاب قواعد العقايد، وتلخيص المحصل، وحل مشكلات الاشارات، وقال: " ولد في 11، جمادي الاولى سنة (597) بطوس، وتوفي يوم الغدير سنة (672)، ودفن في جوار الاماميين موسى بن جعفر والجواد عليهما السلام، في المكان الذي أعد للناصر العباسي، فلم يدفن فيه "]، واعترف أيضاً بأن الطوسي كان وزيراً لهولاكو عندما قام بالمجزرة على أهل السنة، فقال: [وقال العلامة في إجازة له: كان الشيخ الاعظم خواجة نصير الدين محمد ابن الحسن الطوسي وزيرا للسلطان هلاكو، فأنفذه إلى العراق] , ينظر معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي ج12 ص33.
وقال عنه السيد علي البروجردي في (طرائف المقال) ج2 ص442: (وكان الشيخ? الاعظم خواجه نصير الدين محمد الطوسي قدس سره وزير هلاكو خان، فأنفذه إلى العراق)، وقال عنه ابو الهدى الكلباسي في (سماء المقال في علم الرجال) ج1 ص401: (أنه لما استقر السلطنة لهلاكو وعمه جنكيز، سعى في المرام هلاكو بتدابير العلامة الطوسي نصير الدين، فأرسل جمعا كثيرا من العساكر إلى بغداد فقتلوا المستعصم العباسي، وانقرضت خلافتهم، فقرر هلاكو بسعي العلامة المشار إليه نقابة أشراف هذه الولاية بالسيد المؤيد).
والخميني أيضاً يبارك عمل الطوسي ويعتبره نصراً للإسلام: يقول الخميني في كتابه المعروف بالحكومة الإسلامية (ص: 142 ط4) ما نصه: "وإذا كانت ظروف التقية تلزم أحدا منا بالدخول في ركب السلاطين فهنا يجب الامتناع عن ذلك حتى لو أدى الامتناع إلى قتله إلا أن يكون في دخوله الشكلي نصر حقيقي للإسلام والمسلمين مثل دخول علي بن يقطين ونصير الدين الطوسي رحمهما الله"، وقال ايضاً مادحاً اياه في كتابه الاربعون ص612: [قال افضل المتأخرين واكمل المتقدمين الخواجه نصيرالدين الطوسي... انتهى كلامه زيد في علو مقامه].(65/23)
.
فأين الاخوة والإسلام والطهارة لأهل السنة يانجفي، وقد عبت على الأردبيلي قوله -بعدم جواز غيبتهم- وبالمقابل بششت وانشرح صدرك وتفاخرت وتغنيت بمعتقد الطوسي والحلي وفعلهما بقتل أهل السنة وإراقة دمائهم وذبحهم بالجملة في مجازر وحشية بشعة، شبيهة بالمجازر التي قام بها اليهود والنصارى والملحدون ضد المسلمين في الأندلس والبوسنة والهرسك والشيشان وأفغانستان والفلبين وفلسطين في عصرنا الحاضر وكأنه يعلن أنه في صف الطوسي والحلي بمعتقدهما وفعلهما بأهل السنة(1) بعدما استنكر على الأردبيلي فتواه بمنع غيبتهم وعاب عليه ذلك.
__________
(1) ليس هذا القول خاصاً بالطوسي والحلي بل وافقهما جل المتقدمين من العلماء ومنهم محدثهم يوسف البحراني ونعمة الله الجزائري واللذان تعرضنا لأقوالهما في المطلب الثاني من الفصل السابق فلتراجع .(65/24)
وإليك نص قوله كاملاً بكل فقراته، فقال في (جواهر الكلام) ج22 ص61-63: [هذا كله في المؤمنين. أما المشركون فلا إشكال كما لا خلاف في جواز هجوهم وسبهم ولعنهم وشتمهم ما لم يكن قذفا مع عدم شرائطه أو فحشا (وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله حسانا يهجوهم وقال: إنه اشد عليهم من رشق النبال) نعم لو رجعوا عن عقيدتهم، لزم محوه إن كان قد نقش، بناء على وجوب محو كتابة هجو المؤمن، كما صرح به الاستاد في شرحه، قال: ومن كتب هجو المؤمن في ديوانه وجب عليه كفاية محوه ووجب على الناس ردعه، وإن كان لا يخلو من إشكال في الجملة وعلى كل حال فالظاهر إلحاق المخالفين بالمشركين في ذلك لاتحاد الكفر الاسلامي والايماني فيهم، بل لعل هجاؤهم على رؤوس الاشهاد من أفضل عبادة العباد ما لم تمنع التقية، وأولى من ذلك غيبتهم التي جرت سيرة الشيعة عليها في جميع الأعصار والأمصار علمائهم وعوامهم، حتى ملأوا القراطيس منها بل هي عندهم من أفضل الطاعات، وأكمل القربات فلا غرابة في دعوى تحصيل الاجماع، كما عن بعضهم بل يمكن دعوى كون ذلك من الضروريات، فضلا عن القطعيات، فمن الغريب ما عن المقدس الأردبيلي وظاهر الخراساني في الكفاية من أن الظاهر عموم أدلة تحريم الغيبة من الكتاب والسنة للمؤمنين وغيرهم لأن قوله تعالى (ولا يغتب) إلى آخره للمكلفين أو للمسلمين، لجواز غيبة الكافر والسنة أكثرها بلفظ الناس والمسلم وهما معا شاملان للجميع، ولا استبعاد في ذلك إذ كما لا يجوز اخذ مال المخالف وقتله، لا يجوز تناول عرضه، ثم قال في ظني ان الشهيد في قواعده جوز غيبة المخالف من جهة مذهبه ودينه، لا غير إذ هو كما ترى مخالف لما سمعت، ولعل صدور ذلك منه لشدة تقدسه وورعه، لكن لا يخفى على الخبير الماهر الواقف على ما تظافرت به النصوص، بل تواترت من لعنهم وسبهم وشتمهم وكفرهم وانهم مجوس هذه الامة، واشر من النصارى وانجس من الكلاب، أن مقتضى التقدس والورع خلاف ذلك، وصدر(65/25)
الآية الذين آمنوا وآخرها التشبيه بأكل لحم الاخ بل في جامع المقاصد أن حد الغيبة على ما في الأخبار أن يقول في أخيه ما يكرهه لو سمعه مما فيه، ومعلوم أن الله تعالى عقد الاخوة بين المؤمنين بقوله تعالى (انما المؤمنون اخوة) دون غيرهم، وكيف يتصور الاخوة بين المؤمن والمخالف، بعد تواتر الروايات وتظافر الآيات، في وجوب معاداتهم، والبرائة منهم، وحينئذ فلفظ الناس والمسلم، يجب ارادة المؤمن منهما، كما عبر به في أربعة أخبار. وما أبعد ما بينه وبين الخاجا نصير الدين الطوسي والعلامة الحلي وغيرهم ممن يرى قتلهم، ونحوه من احوال الكفار، حتى وقع منهم ما وقع في بغداد ونواحيها، وبالجملة طول الكلام في ذلك كما فعله في الحدائق من تضييع العمر في الواضحات، إذ لا أقل من أن يكون جواز غيبتهم لتجاهرهم بالفسق، فان ما هم عليه أعظم انواع الفسق بل الكفر، وإن عوملوا معاملة المسلمين في بعض الأحكام للضرورة، وستعرف انشاء الله أن المتجاهر بالفسق لا غيبة له فيما تجاهر فيه وفي غيره، ومنه يعلم فساد ما حكاه عن الشهيد، وعلى كل حال فقد ظهر اختصاص الحرمة بالمؤمنين، القائلين بامامة الائمة الاثنى عشر دون غيرهم من الكافرين والمخالفين ولو بانكار واحد منهم عليهم السلام].
وهكذا نكمل دراستنا لفضح أبرز شخصيات هذا الفريق الذي قال بإسلامنا وطهارتنا، حيث ظهر لنا بجلاء أن دعواه بالإسلام والطهارة ما هي إلا خدعة لاصطياد أهل السنة بعدما وقفت على أقواله باللعن والقتل لأهل السنة وأنهم أنجس من الكلاب الممطورة في الدنيا، وأما في الآخرة فعذاب دائم أبدي أشد من عذاب اليهود والنصارى...ولننتقل إلى شخصية أخرى.
ثانيا: مرتضى الأنصاري (ت1281هـ)(65/26)
قبل ان ندرس أقواله لابد من معرفة مكانته في المذهب، فنقول ان عظمة هذا الشيخ عند علماء المذهب ومراجعه تتجلى من خلال الوقوف على لقبه، إذ يلقبوه بالشيخ الأعظم الأنصاري، وهذا اللقب ربما تفرد به وحازه من بين سائر علماء المذهب، فيقول عنه الخوئي: [فألقيت محاضراتي في الفقه (بحث الخارج) دورتين كاملتين لمكاسب الشيخ الأعظم الأنصاري (قدست نفسه)](1)، ويقول عنه المركز الذي تولى طبع كتبه: [وبما أن الإمام المجدد الشيخ الأعظم الأنصاري قدس الله نفسه يعتبر الرائد الأول للتجديد العلمي في العصر الأخير في مجالي الفقه والاصول - وهما من أهم فروع الدراسات الإسلامية - فقد اضطلعت الأمانة العامة لمؤتمر الشيخ الأعظم الأنصاري…… بمشروع إحياء الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأعظم الأنصاري قدس سره وليتم من خلال هذا المشروع عرض مدرسة الشيخ الأنصاري الفكرية في شتى أبعادها وعلى الخصوص إبداعات هذه المدرسة وإنتاجاتها المتميزة التي جعلت منها المدرسة الام لمئات تلتها من مدارس فكرية كمدرسة الميرزا الشيرازي والآخوند الخراساني والمحقق النائيني والمحقق العراقي والمحقق الإصفهاني وغيرهم من زعماء المدارس الفكرية الحديثة على صعيد الفقه الإسلامي واصوله](2)، وقال أيضاً: [وليس من الجزاف إذا قلنا: إن ما قام به الشيخ الأنصاري قدس سره يشابه ما قام به الشيخ الطوسي قدس سره، فإن الشيخ الطوسي قام بانقلاب في الاصول والفقه بصورة عامة في أوائل تأريخ الفقه الاجتهادي، والشيخ الأنصاري قام بانقلاب في الاصول والفقه، وخاصة الفقه المعاملي، بعد حوالي ثمانية قرون](3)،
__________
(1) معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج 22 ص22.
(2) كتاب المكاسب - الشيخ الأنصاري ج 1 ص 8-9.
(3) كتاب المكاسب - الشيخ الأنصاري ج 1 ص 15-16.(65/27)
وبعد أن وقفنا على مكانته في المذهب، يجدر بنا أن نعرض أقواله على مجموعتين- كما فعلنا مع النجفي- الاولى التي ذكر فيها اسلامنا، والاخرى التي طعن بنا فيها ومزق لحومنا بأنيابه المخفية تحت قناع اسلام أهل السنة وطهارتهم، وكما يلي:
المجموعة الأولى:
وهي التي حكم فيها بإسلام أهل السنة وطهارتهم باللفظ أو بالمعنى ومنها(1) مايلي:
1-قال ص351: [المشهور طهارة المخالف لأهل الحق].
2-قال ص 351: [مضافا إلى السيرة القطعية المستمرة من زمن حدوث هذا المذهب إلى يومنا هذا من الأئمة صلوات الله عليهم واصحابهم ومن جميع المؤمنين من المباشرة لهم ومساورتهم والأكل من ذبايحهم واطعمتهم ومزاوجتهم فربما كان أهل بيت واحد بعضهم مؤمن وبعضهم مخالف].
3-قال ص352: [وقد ثبت من الاخبار الكثيرة الواردة في حل الجلود والذبايح إذا كان في سوق المسلمين أو في ارض الاسلام أو كان الذابح دان بكلمة الاسلام ونحو ذلك صدق المسلم عليهم أو إطلاقه عليهم لكونهم بمنزلة المسلم في الطهارة ونحوها من الأحكام المتعلقة بمعاشرتهم].
4-قال ص353: [إلى غير ذلك من الاخبار فالحاصل ان المستفاد مما يدل على ان المخالفين منتحلوا الاسلام لعدم اخذ الولاية في مفهومه كالنبوة].
5- قال ص351: [الاجماع العملي بل تواتر السنة الفعلية على معاملتهم معاملة المسلمين ولا ينافى ما ورد في الأخبار من جعلهم مسلمين لان المراد به ما يوجب العفو عن أحكام الكفر].
6-قال ص 353: [وكيف كان فالحكم بنجاسة المخالف مطلقا وجماعة أو ما عدا المستضعف منهم كما عن الحلي ضعيف].
__________
(1) كل أقواله نقلناها من (كتاب الطهارة) للأنصاري ج2.(65/28)
7-وقال أخيراً: [والحاصل: أن الإسلام والإيمان في زمان الآية كانا بمعنى واحد، وأما ما دل على كفر المخالف بواسطة إنكار الولاية، فهو لا يقاوم بظاهره، لما دل على جريان جميع أحكام الإسلام عليهم: من التناكح والتوارث، وحقن الدماء، وعصمة الأموال، وأن الإسلام ما عليه جمهور الناس](1).
وهكذا حكم بإسلامنا وطهارتنا، فليفرح القارئ بذلك قليلاً لأنه سيصعق بأقواله في المجموعة الثانية، وكما يلي:
المجموعة الثانية:
وهي التي أظهر فيها غيظه وحقده على أهل السنة وطعنهم بها أشدَّ الطعن، ومنها ما يلي:
__________
(1) كتاب المكاسب - للشيخ الأنصاري ج 3 ص 591.(65/29)
1-بعد أن أثبت صحة الأخبار التي تكفِّر منكر الامامة ومخالفها، حمل الكفر الوارد فيها على الكفر المقابل للإيمان(1)، فقال: [والحاصل ان ثبوت صفة الكفر لهم مما لا اشكال فيه ظاهرا كما عرفت من الاصحاب ويدل عليه اخبار متواترة نذكر بعضها تيمنا وتشريفا للكتاب(2)…… الا ان المستفاد من مجموع الاخبار وكلمات الأخيار ان المراد بهذا الكفر المقابل للايمان الذي هو أخص من الاسلام](3)، وقال أيضاً: [فاطلاق الكفر عليهم باعتبار إرادة مايقابل الايمان لا ما يقابل الاسلام](4).
وهكذا حكم على أهل السنة بالخلود الأبدي في نار الجحيم كحال بقية الكفار يوم القيامة من دون أدنى فرق عنهم، فإلى متى هذه الغفلة والانخداع ياأهل السنة بظواهر عبارات أعلامهم بإسلامنا وطهارتنا مع اتفاقهم على تخليدنا في النار كحال بقية الكفار.
__________
(1) وقد عرَّفه الخوئي بأن صاحبه مسلم في الدنيا، وكافر مخلد في النار يوم القيامة، كما ذكرناه في الفصل السابق فليراجع.
(2) فتأمل أيها القارئ وفقك الله كيف أظهر تبنيه لتلك الاخبار التي تكفِّر المخالفين، حيث ادعى ان ثبوت الكفر للمخالف مما لا إشكال فيه، لأن الاخبار الدالّة عليه زعم تواترها بل لم يكتفِ بتصحيحها وتواترها حتى ادعى بأن ذكرها يُشَرِّف الكتاب وكأن ما فيه تكفير للمخالفين من روايات وأقوال من الامور التي تضفي الشرف على من يذكرها في نظر الانصاري ولذا زعم تشريف كتابه بذكر كفرهم فيه ، وكأن تكفير المخالفين عندهم ولعنهم من أفضل القربات وأعلى التشريفات لمن يقوم بها، فإلى الله نشكو مصيبتنا بهذه الفرقة التي جعلت تكفيرنا وتمزيق لحومنا من أفضل القربات وأعلى التشريفات.
(3) كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري ج 2 ص 352.
(4) كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري ج 2 ص 354.(65/30)
2-أكد المعنى السابق بكفرنا وتخليدنا في النار يوم القيامة، وذلك عندما بيَّن معنى الاسلام المثبت لنا بأنه التعامل معنا في الدنيا معاملة المسلم في بعض الامور والعفو عن إجراء احكام الكفر علينا من حيث عصمة دمائنا وتحليل ذبائحنا وطهارتنا، وبمعنى أوضح تكون لنا "بعض" حقوق الاسلام في الدنيا فقط، فقال ص352: [صدق المسلم عليهم أو اطلاقه عليهم لكونهم بمنزلة المسلم في الطهارة ونحوها من الاحكام المتعلقة بمعاشرتهم]، وقال ص351: [الاجماع العملي بل تواتر السنة الفعلية على معاملتهم معاملة المسلمين ولا ينافى ما ورد في الأخبار من جعلهم مسلمين لان المراد به ما يوجب العفو عن أحكام الكفر](1).
3-ربما يتصور بعض الطيبين من اهل السنة، بأن حكمه لنا بالاسلام والطهارة من باب المحبة والتسامح والتلطف، ومن ثم يحسن الظن بالأنصاري، ولكن الانصاري نفسه لا يرضى أن يظهر بصورة المتسامح معنا، لأن لعننا وتكفيرنا من أفضل القربات وأعلى درجات التشريف في نظره، ولذا صرح بأن سبب حكمه بإسلامنا وطهارتنا ليس هو المحبة لنا، بل أسباب أُخرى قد ذكرها لتكشف عن حقده على أهل السنة وكما يلي:
الأول:الاستهزاء بأهل السنة والسخرية منهم والضحك على ذقونهم
__________
(1) كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري ج 2.(65/31)
نعم والله هذا ما اعترف به، وكيفية هذا الاستهزاء تتمثل بقوله لنا انكم مسلمون وطاهرون، فنفهم من هذا اسلام الدنيا والنجاة في الآخرة، وهو يقصد ماتقدم من اسلام الدنيا والخلود في الجحيم يوم القيامة، فلذا يَعدُّ الأنصاري هذا الخداع استهزاءً بنا - وهو والله كذلك - لأن الانسان إذا اعتقد يقيناً بأن خصمه في النار، ثم يأتي ليقول له انك مسلم طاهر فهو بلا شك يستهزئ به ويسخر منه، ويبلغ هذا الاستهزاء ذروته عندما يرى أن خصمه صدَّق بهذا الكلام وفرح بأنه من المسلمين الناجين في نظره يوم القيامة، ولذا بيَّن السبب الأول للحكم بطهارتنا، نافياً احتمال أن يكون اكراماً لنا حيث قال: [ولا يتوهم من الحكم بطهارتهم… وانما نحكم بذلك كما ذكره كاشف اللثام استهزاءاً بهم](1).
فحتى الطهارة الدنيوية ينكرها علينا، ولذا قالها من باب الاستهزاء بنا لا من باب الاكرام لنا.
الثاني:وهو دفع المشقة والحرج عن الإمامية أنفسهم في التعامل معنا
__________
(1) كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري ج 2 ص 353.(65/32)
لأن الحكم بنجاستنا يسبب لهم حرجاً ومشقة في اجتنابنا وعدم مخالطتنا، لأنهم غالباً مايعيشون بين أظهرنا، فمن باب تيسير امورهم ورفع المشقة عنهم حكموا بطهارتنا، حيث قال: [وعدم جريان أحكام الإسلام عليهم إلا قليلا مما يتوقف استقامة نظم معاش المؤمنين عليه، مثل عدم انفعال ما يلاقيهم بالرطوبة، وحل ذبائحهم ومناكحتهم وحرمة دمائهم لحكمة دفع الفتنة…](1)، وقال أيضاً: [وانما نحكم بذلك كما ذكره كاشف اللثام استهزاء بهم ودفعا للحرج عن المؤمنين](2)، فهو لا يريد حتى التظاهر بإكرام أهل السنة، لأن هذا يُعَدُّ نقصاً فيه وعيباً يُسَجَّلُ عليه ونقطة سوداء في صحيفة معتقده، فلذا كان الحكم بالطهارة لمصلحة لهم وليس إكراما لنا، أي ان الطهارة في الدنيا -بعد يأسنا من الآخرة بالخلود في نار الجحيم- يعدونها كثيرةً علينا، ولذا لم يعطوها لنا بيضاء نقية، بل أعطوها لنا للاستهزاء والسخرية ولتيسير معاشهم ومصالحهم.
__________
(1) كتاب المكاسب - الشيخ الأنصاري ج 1 ص 319.
(2) كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري ج 2 ص 353، وقد سبق بيان معنى المؤمنين بأنهم الشيعة الامامية فيراجع(65/33)
4-بعد أن وأد فينا استبشارنا بوجود صوت موضوعي ـ ولو بحده الأدنى ـ من خلال بيانه لحقيقة ما يعنيه الحكم لنا بالطهارة على أنه استهزاءٌ بنا ودفعٌ للحرج عنهم، أخذ يقطع عنا أي بصيص للأمل يمكن أن نتشبث به لنقنع أنفسنا بسلامة موقفه ، فهاهو يعلن بتصريحٍ هو غاية في الظلم والاثم على عدم وجود أي مزية لنا عن سائر الكفار بسبب اسلامنا(1)، وانما نحن معهم سواء في العقوبة والكفر ،فقال: [ولا يتوهم من الحكم بطهارتهم الحكم بثبوت مزية لهم من حيث الرتبة على ساير الكفار كما توهمه بعض فطعن على المتأخرين بما طعن وانما نحكم بذلك كما ذكره كاشف اللثام استهزاء بهم ودفعا للحرج عن المؤمنين](2).
فقولوا لي بالله عليكم أي فائدة في إسلام يكون مآله إلى أن يكون معتنقوه بنفس الرتبة والعقوبة التي تنتظر الكفار الذين لم يعتنقوا الاسلام أصلاً، حقاً إنها لسخرية واستهزاءٌ بأهل السنة كما اعترف هو بذلك.
5-لقد زعم الانصاري حرمة هجاء المؤمن أي الامامي، لأن فيه همزاً ولمزاً وأكلاً للحم من يقع عليه الهجاء كما صرح بذلك، وبالمقابل جوَّز هجاء المخالف لأنه غير محترم عندهم وبالتالي يجوز همزه وأكل لحمه، فقال: [المسألة السابعة والعشرون هجاء المؤمن حرام بالأدلة الأربعة، لأنه همز ولمز وأكل اللحم وتعيير وإذاعة سر، وكل ذلك كبيرة موبقة……… واحترز بالمؤمن عن المخالف، فإنه يجوز هجوه لعدم احترامه](3).
هكذا يعلنها الانصاري - بكل صراحة وجرأة ومن غير مراعاة لمشروع الأخوة الاسلامية والوحدة والتقريب - بأن المخالف غير مُحْتَرَم عندهم ولذا جوَّز الطعن به وتمزيق لحمه فاعتبروا يا أولي الابصار.
__________
(1) لأنه كالسراب الذي يحسبه الظمآن ماءً وهو لا يغني صاحبه شيئاً.
(2) كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري ج 2 ص 353.
(3) كتاب المكاسب - الشيخ الأنصاري ج 2 ص 117.(65/34)
6-هناك خلاف وقع بين الامامية بشأن الميت المخالف(1)، حول طريقة تغسيله فهل تكون على طريقة أهل السنة أم الامامية، فذهب الانصاري الى أن تغسيله يكون على طريقة المخالفين - أهل السنة - وقد ذكر دليلين على ذلك هما:
الأول:
انه قد علل غسل المخالف بأنه للمداراة وهذا يناسب أن يكون الغسل على طريقة المخالفين لتصح المداراة، فقال: [وعلى اي تقدير فالواجب تغسيلهم على الوجه المقرر عندهم إذ به يحصل المداراة والاستمالة وبه يحصل احترامهم لان احترام كل ملة إنما هو بما يكون احتراماً عندهم](2).
الثاني:
وهو الدليل الأهم والذي استبعد فيه تغسيل المخالف على طريقة الامامية معللاً ذلك بأن غسله هكذا متضمن لأيصال الخير والنفع الأخروي للمخالف، وزعم ان هذا - أي ايصال الخير الأخروي للمخالف - ينافي ماثبت عندهم من وجوب لعنه والدعاء عليه بتضعيف العذاب حياً وميتاً - أي بجعله أضعافاً مضاعفة - فقال: [وتغسيلهم غسل اهل الحق ليس كذلك نعم هو احترام عندنا من جهة انه ايصال خير ونفع اخروى إليهم لكنه غير مطلوب للشارع وكيف يطلب ايصال النفع الاخروي إلى من طلب لعنه والدعاء عليه بتضعيف العذاب حيا وميتا وجعله من افضل الاعمال](3).
__________
(1) وقد سبقه خلاف بينهم حول تغسيل الميت المخالف، اذ ذهب بعضهم الى منعه، وذهب آخرون الى جوازه ومنهم الانصاري اذ ذهب الى تغسيله، ثم وقع خلاف بين القائلين بالتغسيل على طريقة التغسيل هل على طريقة الامامية أم على طريقة أهل السنة كما ستقف عليه في هذا القول.
(2) كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري ج2 ص277.
(3) نفس المصدر السابق.(65/35)
وهكذا استبعد تغسيله على طريقتهم لأنه ينافي ماثبت عندهم عموما وعند الانصاري خصوصاً بوجوب لعنهم للميت المخالف في صلاة الجنازة ويطلبون من الله أن يضاعف عليه العذاب حياً وميتاً، وأعتقادهم بأن هذا اللعن للميت المخالف من أفضل الأعمال، وهكذا يظهر الانصاري مرة بعد اخرى حقده على أهل السنة وذلك عندما كشف عن معتقده تجاه الميت المخالف بوجوب لعنه والدعاء عليه بتضعيف العذاب، وان هذا اللعن يُعَدُّ في معتقده من أفضل الأعمال.
فخبروني يا فريق التقريب بالله عليكم أي إسلامٍ راعوه فينا وأنتم تقفون على بشاعة حقد من قال باسلامنا وطهارتنا من الفريق الثاني، فكيف بحقد الفريق الاول اذ لا شك أنه ادهى وأمرّ!!!
7-عندما ناقش الانصاري حرمة الغيبة وجوازها أثبت حرمتها في حق الامامي (المؤمن)، وجوز غيبة المخالفين (أهل السنة) وذلك في عدة مواضع منها(1):
أ-صرح بأن المخالف تجوز غيبته بل يجوز لعنه فضلاً عن غيبته فقال: [ثم إن ظاهر الأخبار اختصاص حرمة الغيبة بالمؤمن، فيجوز اغتياب المخالف، كما يجوز لعنه].
__________
(1) نقلنا هذه المواضع الثلاث من كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري ج1 ص319.(65/36)
ب-ناقش دلالة الآية التي تحرم الغيبة وهي قوله تعالى (ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه)، واستبعد شمولها للمخالف لأنها تحرم الغيبة فقط بين الاخوة بقوله (لحم أخيه)، والمخالف عنده ليس بأخٍ للامامي لأن اخبارهم أوجبت التبري منه، فلا يتخذ أخاً فقال: [مع أن التمثيل المذكور في الآية مختص بمن ثبت اخوته، فلا يعم من وجب التبري عنه]، وهكذا يصرح بأن المخالف ليس بأخٍ للامامي بل يجب التبري منه ولعنه وغيبته، فأين نداءات الاخوة الاسلامية وحقوقها لأهل السنة عند الامامية يا فريق التقريب والوحدة الاسلامية { هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } [آل عمران:119].
ج-أكد أيضا عدم دخول المخالف في تلك الاية وعدم شمولها له، بتصريحه أن المعلوم ضرورةً من مذهب الامامية هو عدم احترام المخالفين وعدم جريان احكام الاسلام عليهم، فقال: [وتوهم عموم الآية - كبعض الروايات - لمطلق المسلم، مدفوع بما علم بضرورة المذهب من عدم احترامهم وعدم جريان أحكام الإسلام عليهم].
هكذا ينزع الانصاري قناعه ويظهر أنيابه التي مزَّق فيها لحوم أهل السنة في وضح النهار، بأعترافه أن المعلوم ضرورةً من مذهب الامامية هو عدم احترام المخالفين وعدم جريان أحكام الاسلام عليهم، بمعنى آخر أن اجراء أحكام الكفار علينا هو المعلوم ضرورةً من مذهب الامامية باعتراف شيخهم الانصاري الذي لقبه الخوئي بالشيخ الأعظم، اعتزازاً به وتعظيماً لشأنه!!!.(65/37)
8-لقد ناقش الانصاري خلاف الامامية حول جواز اعطاء الزكاة للفاسق الامامي وعدمه، فذهب الى الجواز واستدل عليه بعدة أدلة من ضمنها استدلاله بجواز اعطاء صدقة التطوع للمخالفين (أهل السنة) وهم في نظره ليسوا فساقاً فحسب، بل أفسق الفساق - بنص تعبيره - فإذا جاز اعطاؤهم الصدقة وهم أفسق الفساق، فيجوز من باب أولى أن تعطى للفاسق الامامي، فقال: [ان اعطاء الزكاة للفاسق إعانة له، وقد منع عنه جميع ما منع عن إعانة الفاسقين. وفيه: إنا لم نجد ما يدل على حرمة أعانة الفاسقين في غير فسقهم، نعم قد يقال ذلك في إعانة الظلمة بالخصوص، كيف والمشهور نصا وفتوى جواز الصدقة المندوبة على المخالفين الذين هم أفسق الفساق](1).
هكذا يكشر عن أنيابه ويخرج غيظ قلبه، لأن الامامي الذي يشرب الخمر ويزني ويترك الصلاة أخفُّ فسقاً من أهل السنة، لأنه عبَّر عنه بالفاسق بينما عبَّر عن أهل السنة بأفسق الفساق.
ولكن لماذا وصفنا بأعلى درجات الفسق وأشدِّها، هل لشربنا الخمر وارتكابنا للفاحشة والزنا؟! كلا لأن في أهل السنة الكثير الكثير من الصالحين المنزهين عن ذلك، فلم يبقَ سبب ليشملهم جميعاً بوصف أفسق الفساق إلا لرضاهم بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - وحبهم لهم والاقتداء بهم.
__________
(1) كتاب الزكاة- للشيخ الأنصاري ص329، وكرر نفس هذه العبارة في كتاب الطهارة (ط.ق) ج2 ص508.(65/38)
9-لقد صرح الانصاري بحقيقة مهمة جداً يفرح بها أهل التقريب من الفريقين وهي ان الامامية عند اختلافهم في حكم مسالة ما ولم يترجح عندهم قول في ضوء المرجحات المذكورة عند التعارض، فعندها أوجبوا على أنفسهم أن يرجعوا الى قول أهل السنة في تلك المسألة ليستطيعوا من خلاله أن يعرفوا الحكم الصواب فيها، وهذا فضل منهم أن يأخذوا أقوالنا في نظر الاعتبار ويرجعوا اليها عند اختلافهم، وهذا قطعاً يفرح به أهل التقريب خصوصاً من أهل السنة، لأن فيه تجديد الأمل في الوحدة الاسلامية والتقارب، ولكن… ليفرحوا قليلاً وليبكوا كثيراً، بعد أن يعلموا بأن الامامية لم يوجبوا الرجوع لقول أهل السنة اكراماً لهم واعتزازاً بقولهم، وانما أوجبوا الرجوع لقولهم لكي يأخذوا بخلافه، لأنهم يعتقدون يقيناً أن الحق هو في مخالفة أهل السنة، فإذا خفي عليهم حكم مسألة فعندهم قاعدة لمعرفة الرشد والصواب فيها وهي النظر في قول أهل السنة وأخذهم بخلافه لأن الرشد بخلافهم!!!(1)، ولذا صرح الانصاري بهذه القاعدة الباغية الأثيمة على أهل السنة والمجحفة بحقهم -لأنها تجعلهم دائماً وأبداً على طرفي نقيض مع الحق فهم في واد والحق في وادٍ آخر فلا يمكن أن يكون الحق في قولهم أبداً- حيث قال: [ان المانع عن هذا الحمل امران احدهما موافقة هذه الاخبار لمذهب العامة(2)
__________
(1) وهذه المسألة ثابتة عندهم بالروايات والتي سنذكرها بتفصيل ان شاء الله تعالى عندما نعرض موقف الخوئي من أهل السنة في هذا الفصل فترقب.
(2) ومراده بالعامة هم أهل السنة كما مر بنا تعريف آيتهم العظمى محمد سعيد الحكيم حيث قال:[ الظاهر أن المراد بالعامة المخالفون الذين يتولون الشيخين ويرون شرعية خلافتهما على اختلاف فرقهم ، لان ذلك هو المنصرف إليه العناوين المذكورة في النصوص] المحكم في أصول الفقه ج6 ص194.(65/39)
الذين جعل الرشد في خلافهم وامر العباد بالرجوع إليهم عند التحير للاخذ بخلاف ما يفتون لان فيه الرشد](1)، وقال أيضاً: [(ومنها):(أن يمسح بلل الوضوء من أعضائه) بمنديل، لمداومة العامة عليه، وقد جعل الرشد في خلافهم](2).
10-عندما كان الانصاري يناقش كتب الضلال وما يجب اتلافه منها وما لايجب تعرض الى كتب المخالفين في الاصول والفروع، وقال ان ادلة وجوب الاتلاف لاتتناولها أي لايجب اتلافها إلا انه استثنى بعضاً منها حيث أوجب اتلافها، وذكر منها ماكان فيه تفضيل للخلفاء أو فيه ذكر لفضائلهم حيث قال: [ومما ذكرنا ظهر حكم تصانيف المخالفين في الاصول والفروع والحديث والتفسير واصول الفقه، وما دونها من العلوم، فإن المناط في وجوب الإتلاف جريان الأدلة المتقدمة، فإن الظاهر عدم جريانها في حفظ شئ من تلك الكتب إلا القليل مما أُلِّفَ في خصوص إثبات الجبر ونحوه، وإثبات تفضيل الخلفاء أو فضائلهم، وشبه ذلك](3).
وهكذا يظهر حقده المقيت، ولكن هذه المرة ليس على أهل السنة فحسب، وانما على أفضل البشر بعد الرسل عليهم السلام وهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل كبار الصحابة وأفضلهم وهم أبوبكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم -، إذ يأمر بحرق واتلاف الكتب التي تذكر فيها فضائلهم، فانظر وفقك الله كيف وصل حقده عليهم بحيث انه لايطيق سماع فضيلة لهم وأينما ذكرت لهم فضيلة، فقد أوجب حرق الكتاب الذي ذكرت فيه، فكيف نرجوا بعد ذلك ونطمع في محبتهم للخلفاء فضلاً عن إقرارهم بصحة خلافتهم ، وهم لايطيقون سماع فضيلة ومنقبة لهم(4)
__________
(1) كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري ج 2 ص 349.
(2) كتاب الطهارة - الشيخ الأنصاري ج 2 ص 445.
(3) كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري ج1 ص237.
(4) وتذكر بأن هذا قول الفريق المعتدل من الامامية ممن قال بإسلامنا وطهارتنا !!!(65/40)
، ولذا فإن من السذاجة والبَلَهْ أن نصدق بسلامة موقفهم من الخلفاء خصوصاً ومن أهل السنة عموماً، لأن كل هذا الحقد واللعن للخلفاء ولأهل السنة صدر ممن قال عنا أننا مسلمون طاهرون.
وعندها يستطيع الكَيِّس البصير أن يتصور حجم البغض واللعن الذي في قلوب من قال بكفرنا ونجاستنا من علماء الامامية، بل انه قد وصل درجةً من الشدة بحيث لايمكن تصوره ولا الاحاطة به.
وهكذا سقط القناع عن شيخهم الأعظم الأنصاري ليختصر الطريق أمام دعاة التقريب حول امكانية تحقق الاخوة الاسلامية بين الامامية ومخالفيهم.
ثالثا: آيتهم العظمى محسن الحكيم (ت1390هـ1970م)
ولا أظن أن هذا العالم يحتاج الى ترجمة لأن الكل يعرفه من الامامية وأهل السنة فهو الذي تربع على عرش المرجعية الشيعية في العالم ردحاً من الزمن، واسمه لامع بين علماء الامامية وعوامهم، وهو والد كل من المرجع الشيعي والقائد السياسي محمد باقر الحكيم ( الذي قتل العام 2003م في مدينة النجف العراقية ) وعبدالعزيز الحكيم ( الذي تولى زعامة المجلس الأعلى للثورة الاسلامية بعد أخيه وأحد أعضاء مجلس الحكم العراقي الذي تشكَّل بعد الاحتلال الأمريكي للعراق أواسط عام 2003م ) ونظراً لتعظيمهم له وثقل وزنه عندهم اخترنا دراسة شخصيته وأقواله كأبرز شخصيات الفريق الثاني، فهو أيضاً قد حذى حذو النجفي والأنصاري في إسلام المخالفين وطهارتهم حذو القذة بالقذة، فلم يخرج عن منهجهما قيد أنملة، واليك أقواله في مجموعتين، وكما يلي:
المجموعة الأولى
وهي التي صرح فيها باسلام المخالفين وطهارتهم، ومنها:
1- قال: [فان المعروف بين أصحابنا إسلام المخالفين](1).
2- قال: [أما الفرق المخالفة للشيعة فالمشهور طهارتهم](2).
3- قال: [ومن ذلك يظهر لك الحكم في المخالف فانه لا يلحق بالكافر](3).
__________
(1) مستمسك العروة - للسيد محسن الحكيم ج1 ص394.
(2) نفس المصدر السابق ج1 ص391.
(3) نهج الفقاهة- للسيد محسن الحكيم ص 318.(65/41)
ولكن لا ينبغي للعاقل أن يفرح بعد أن اعتاد على الصدمة والمفاجأة من قبل علمائهم حتى ولو حكموا باسلامنا وطهارتنا.
المجموعة الثانية
هي التي صرح فيها بحقده وعدائه البغيض الأثيم تجاه أهل السنة والتي نزع فيها قناعه الزائف وفارق فيها التقية(1) خدمةً لمشروع الأخوة الاسلامية والتقارب وليوفر على دعاته الجهد والعناء، فمن أقواله في ذلك ما يلي:
1-انه بعد ان اعترف بصحة وتواتر روايات كفر المخالف في الامامة، حملها على الكفر المقابل للايمان والذي يكون صاحبه مسلماً طاهراً في الدنيا وكافراً مخلداً في النار يوم القيامة،فقال: [وأما النصوص فالذي يظهر منها أنها في مقام إثبات الكفر للمخالفين بالمعنى المقابل للايمان، كما يظهر من المقابلة فيها بين الكافر والمؤمن فراجعها](2).
فهو يعتقد بأن أهل السنة مخلدون في النار يوم القيامة، فليس لنا في اسلامنا من ثواب يوم القيامة، فحالنا - في مُعْتَقد الحكيم - كحال الكفار والملحدين وأعداء الاسلام من حيث العذاب والخلود في نار الجحيم.
2-كرر نفس المعنى فقال: [وأما ما ورد في كفر الناصب والغالي فالظاهر منه الكفر بلحاظ الآثار الأخروية نظير ما ورد في كفر المخالف](3).
3-أثبت ذلك مرةً أخرى بقوله: [أما المسلم المخالف فالمشهور ظاهرا عدم جواز النيابة عنه، لانه بحكم الكافر في الآخرة](4).
__________
(1) وهذا لايحصل إلا نادراً.
(2) مستمسك العروة - للسيد محسن الحكيم ج 1 ص 391.
(3) نهج الفقاهة- للسيد محسن الحكيم ص 318.
(4) دليل الناسك- للسيد محسن الطباطبائي الحكيم ص 47.(65/42)
4-أكَّد الحكيم مصيرنا المشؤوم -وهو الخلود الأبدي في نار الجحيم- ولكن بطريق آخر وهو بزعمه ان عبادات المخالفين -من صلاة وصيام وحج وزكاة وجهاد وغيرها- كلها باطلة لأنهم لم يعتقدوا بالأمامة والولاية، وبمعنى آخر لا ينال أهل السنة أجراً ولا ثواباً عليها يوم القيامة، فحالنا كحال الكفار الذين لا أجر لهم، فقال: [ثم إنه لا ريب في شرطية الايمان في صحة العبادة، وعليه فعبادة المخالف باطلة](1)،وقال في نفس المصدر(11/7):[لان بطلان عبادة المخالف إنما استفيدت من الاخبار].
فلن تنفعكم يا أهل السنة صلاتكم وصيامكم وقيامكم ونفقاتكم -من زكاة وصدقة- في نظر الحكيم مع أن الله تعالى أخبر بأن هذا هو جزاء الكفار، فقال { وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ } [التوبة: من الآية54]، وقال تعالى { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً } [الفرقان:23]، فأبى الحكيم إلا أن يحمل هذه الآيات على أهل السنة بكل مايضمره لهم من بغض وحقد وعداء وليحرمهم بذلك من حقوق الاخوة الاسلامية التي طالما دعا اليها بين أهل السنة والامامية.
5-عندما حاول أن يثبت وجوب تغسيل الميت المخالف على طريقة أهل السنة وليس على طريقة الامامية، ذكر بعض الادلة منها:ان غسله على طريقة الامامية ينظفه ويجعله أقرب الى رحمة الله وأليق بشفاعة الملائكة، وهم لا يريدون هذا الخير للميت المخالف، ولذا يرى الحكيم تغسيله على طريقة أهل السنة حتى لا يصيبه هذا الخير، فقال: [مضافا إلى تعليل وجوب الغسل في بعض النصوص بأنه تنظيف له، وجعله أقرب إلى رحمة الله تعالى، وأليق بشفاعة الملائكة، ولتلاقيه الملائكة وهو طاهر، ونحو ذلك وهذا مما لا يقصد من تغسيل المخالف قطعا](2).
__________
(1) مستمسك العروة - للسيد محسن الحكيم ج10 ص226.
(2) مستمسك العروة - للسيد محسن الحكيم ج4 ص65.(65/43)
هكذا يعطي الحكيم لأهل السنة كل حقوق الاخوة الاسلامية ومنها حرمانهم من القرب من رحمة الله وشفاعة الملائكة!!!
فهذه هي أهم وأبرز مساهمات الحكيم من أجل تحقيق الوحدة الاسلامية وجمع الشمل بين أهل السنة والامامية!!! ونحن بدورنا نتقدم له بالشكر الجزيل على هذه المساهمة التي ربما تكون بمثابة كلمة الفصل حول امكانية تحقق مثل هذه الأخوة التي طالما حلم بها الطيبون من أهل السنة، واللبيب بالإشارة يفهم.
رابعا: الخميني (ت1409هـ 1989م)
لايخفى على المتتبع عِظَم وزن هذه الشخصية عند الامامية بل هو عند الكثيرين غني عن التعريف إذ هو آية من آياتهم العظام .. في المذهب ، فعلى يديه قامت جمهورية ايران الشيعية ، لذا يعدُّه مفكرو المذهب وقادته عرّاب الفكر السياسي الشيعي وعنوان وجوده بل أن معظم التنظيمات السياسية الشيعية في العالم اليوم خصوصاً عالمنا العربي كتنظيم حزب الله في لبنان وحركة الوفاق الاسلامية المعارضة في البحرين والمجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق وغيرها كثير ، تستمد معظم رؤاها التنظيمية وطروحاتها الفكرية من فكر الخميني.(65/44)
ولذا رأيت من الضروري دراسة هذه الشخصية ومعرفة موقفها من المخالفين ، لأنها لا تمثل معتقده الشخصي فقط ، وإنما معتقد الحكومة في إيران ـ ومن له علاقة بها من أحزاب مختلفة ـ لأنه هو الذي أرسى قواعدها ووضع دستورها وبنودها ، فبمعرفة موقفه تجاه المخالفين نستطيع أن نعرف معتقد حكومة إيران الامامية وحكمها على المخالفين ، خصوصاً وأنها ترفع هذه الأيام شعار التقريب ـ على طريقة عبد الحسين شرف الدين(1) ـ وربما صدَّق المسلمون من أهل السنة بشعار الأخوة الذي ترفعه، وحتى لا نخرج عن المنهجية المتبعة لدراسة أهم شخصيات الفريق الثاني سنعرض أقواله في مجموعتين وكما يلي:
المجموعة الأولى
وهي التي حكم فيها باسلامنا وطهارتنا تحقيقاً للوحدة والاخوة الاسلامية -الكاذبة- ومنها:
__________
(1) هو آيتهم العظمى عبد الحسين شرف الدين الموسوي صاحب كتاب المراجعات وقد سبقت الاشارة اليه ، وسيأتي الكلام عنه بالتفصيل في الباب الثالث من هذه الدراسة ان شاء الله تعالى .(65/45)
1-صرح بأن الاسلام يتحقق بالأقرار بالشهادتين فقط دون أي شئٍ آخر فلا تدخل الولاية في ذلك، فقال: [فنقول: إن المسلم بحسب إرتكاز المتشرعة هو المعتقد بالله تعالى، ووحدانيته، ورسالة رسول الله صلى الله عليه وآله، أو الشهادة بالثلاثة على احتمالين يأتي الكلام فيهما. وهذه الثلاثة مما لا شبهة ولا خلاف في اعتبارها في معنى الاسلام ويحتمل أن يكون الاعتقاد بالمعاد إجمالا أيضا مأخوذا فيه لدى المتشرعة على تأمل يأتي وجهه وأما الاعتقاد بالولاية فلا شبهة في عدم اعتباره فيه، وينبغي أن يعد ذلك من الواضحات لدى كافة الطائفة الحقة إن أريد بالكفر المقابل له ما يطلق على مثل أهل الذمة من نجاستهم وحرمة ذبيحتهم ومساورتهم وتزويجهم، ضرورة استمرار السيرة من صدر الاسلام إلى زماننا على عشرتهم ومؤاكلتهم ومساورتهم وأكل ذبائحهم والصلاة في جلودها، وترتيب آثار سوق المسلمين على أسواقهم من غير أن يكون ذلك لاجل التقية، وذلك واضح لا يحتاج إلى مزيد تجشم](1).
2-أكد نفس المعنى بقوله: [وأن ما أخذ في مهية الاسلام ليس إلا الشهادة بالوحدانية والرسالة والاعتقاد بالمعاد بلا إشكال في الاولين، وعلى احتمال اعتبار الاخير أيضا ولو بنحو الاجمال، ولا يعتبر فيها سوى ذلك سواء فيه الاعتقاد بالولاية وغيرها، فالامامة من أصول المذهب لا الدين](2).
3-وقال أيضاً: [وقلنا: ان الاسلام ليس الا الشهادة بان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله](3).
__________
(1) كتاب الطهارة - للسيد الخميني ج 3 ص 315- 316.
(2) كتاب الطهارة - للسيد الخميني ج 3 ص 322-323.
(3) المكاسب المحرمة - للسيد الخميني ج 1 ص 249.(65/46)
4-وقال مثبتاً طهارة المخالفين واسلامهم: [مع قيام الادلة على طهارتهم من النصوص المتفرقة في أبواب الصيد والذباحة وسوق المسلم وغيرها، وتوهم أن المراد من المسلم في النصوص والفتاوى في تلك الابواب خصوص الشيعة الاثنى عشرية من أفحش التوهمات. هذا كله لو سلم أنهم كفار، مع أنه غير مسلم، لتطابق النصوص والفتاوى في الابواب المتفرقة على إطلاق المسلم عليهم](1).
المجموعة الثانية
وهي التي أخرج فيها ما في قلبه من حقد وغيظ على أهل السنة بعيداً عن أجواء التقية والمداراة، فاليك بيانها وكما يلي:
1-بعد أن اعترف بصحة الروايات التي تُكَفِّر المخالف في الامامة حملها على الكفر المقابل للايمان(2) وهو الذي يكون صاحبه مسلماً طاهراً في الدنيا، وكافراً مخلداً في نار الجحيم يوم القيامة، وذلك حين ردَّ على يوسف البحراني الذي حملها على الكفر المقابل للاسلام، مثبتاً بأنه الكفر المقابل للايمان فقال: [فهلا تنبه بأن الروايات التي تشبث بها لم يرد في واحدة منها أن من عرف عليا عليه السلام فهو مسلم ومن جهله فهو كافر، بل قابل في جميعها بين المؤمن والكافر، والكافر المقابل للمسلم غير المقابل للمؤمن](3).
2-أكد نفس هذا المعنى بقوله: [فما وردت في أنهم كفار لا يراد به الحقيقة بلا إشكال، ولا التنزيل في الاحكام الظاهرة ………… فلا بد من حملها إما على التنزيل في الاحكام الباطنة، كالثواب في الآخرة كما صرحت به رواية الصيرفى أو على بعض المراتب التي هي غير مربوطة بالاحكام الظاهرة](4).
__________
(1) كتاب الطهارة - للسيد الخميني ج 3 ص 318.
(2) ينظر تعريف الخوئي للكفر المقابل للايمان والمقابل للاسلام في الفصل الاول من هذا الباب .
(3) كتاب الطهارة - للسيد الخميني ج 3 ص 320.
(4) نفس المصدر السابق ج3 ص323.(65/47)
3-ذكر حقيقة ضالة آثمة بحق أهل السنة تتقطع لها والله قلوبهم وهي أن جميع الطاعات لاتنفع فاعلها يوم القيامة مالم يعتقد بمعتقدهم في الامامة والولاية، فلن ينتفع أهل السنة بصلاتهم وصيامهم وحجهم وزكاتهم التي يبتغون فيها رضا الله تعالى والنجاة يوم القيامة، بل لاينتفعون بإيمانهم بالله وتوحيده ولا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ونبوته، وقد صرَّح بذلك في عدة أقوال(1) منها:
أ-قال ص583: [ثم ذكر عليه السلام -الصادق- مغزى كلامه من ان الولاية شرط في قبول الافعال، كما سيأتي الاشارة اليه ان شاء الله تعالى].
ب-قال ص592: [والاخبار في هذا الموضوع وبهذا المضمون كثيرة، ويستفاد من مجموعها أن ولاية أهل البيت عليهم السلام شرط في قبول الأعمال عند الله سبحانه، بل هو شرط في قبول الإيمان بالله والنبي الأكرم - صلى الله عليه وسلم - ].
ج-كشف عن معتقده العدائي البغيض تجاه أهل السنة،حيث صرح بأن التوبة الصادقة التي يُبَدِّل الله سيئات صاحبها حسنات هي خاصة بالشيعة الامامية فقط دون غيرهم فلا تشمل أهل السنة أبداً لأنهم لايؤمنون بمفهومهم في الولاية ، فقال ص590: [فكل من توفرت فيه هذه الامور الثلاثة -آمنوا وتابوا وعملوا صالحاً- فاز وشملته ألطاف الله سبحانه وأصبح مكرَّماً امام ساحة قدسه، فتتحول سيئاته وآثامه الى حسنات، ومن المعلوم أن هذا الامر يختص بشيعة أهل البيت، ويحرم عنه الناس الآخرون، لأن الايمان لايحصل إلا بواسطة ولاية علي وأوصيائه من المعصومين الطاهرين عليهم السلام، بل لايقبل الايمان بالله ورسوله من دون الولاية كما سنذكر ذلك في الفصل التالي].
__________
(1) نقلناها من كتابه الاربعون حديثاً.(65/48)
د-أكَّد أن هذا الحقد والعداء ليس عقيدةً خاصةً به دون غيره من علماء الامامية، بل هي من الحقائق المُسَلَّمة في المذهب التي لايختلف عليها اثنان منهم، والاعتقاد بها ضرورة من ضروريات المذهب فقال ص591: [ان مامرّ في ذيل الحديث الشريف من أن ولاية أهل البيت ومعرفتهم شرط في قبول الأعمال، يعتبر من الامور المُسَلَّمة، بل تكون من ضروريات مذهب أهل التشيع المقدس، وتكون الاخبار في هذا الموضوع أكبر من طاقة مثل هذه الكتب المختصرة على استيعابها وأكثر من حجم التواتر].
4-لقد أظهر حقده على جميع فرق أهل السنة ومذاهبها وذلك في عدة فقرات(1)، إليك بيانها:
أ-صرح بأن الدين الحقيقي يتمثل بالمذهب الامامي، فقال: [ولولا هذه المؤسسات الدينية الكبرى لما كان هناك الآن أي أثر للدين الحقيقي المتمثل في المذهب الشيعي].
ب-لقد هاجم كل مذاهب أهل السنة واتهمها بالبطلان، من خلال ذكره بأن لبناتها وأساسها قد وُضِعَ في سقيفة بني ساعدة، فقال: [وكانت هذه المذاهب الباطلة التي وضعت لبناتها في سقيفة بني ساعدة]، وللقارئ أن يسأل مالذي يثير حقد الخميني ومالذي ينقم عليه في سقيفة بني ساعدة؟!!! أليست هي بيعة الصديق التي تُقِرُّ بصحة خلافته وشرعيتها كل فرق أهل السنة ومذاهبها قاطبة!!!
ج-لم يكتفِ الخميني باتهامه للمذاهب بالبطلان، وإنما تمادى في الطعن حين صرح بأن ماجرى في السقيفة من بيعة الصديق وما بعدها كان الهدف منه هدم الدين واجتثاث جذوره، فقال: [وكانت هذه المذاهب الباطلة التي وضعت لبناتها في سقيفة بني ساعدة وهدفها اجتثاث جذور الدين الحقيقي].
فيقول (ولولا هذه المؤسسات الدينية الكبرى لما كان هناك الآن أي أثر للدين الحقيقي المتمثل في المذهب الشيعي، وكانت هذه المذاهب الباطلة التي وضعت لبناتها في سقيفة بني ساعدة وهدفها اجتثاث جذور الدين الحقيقي تحتل الآن مواضع الحق) كشف الأسرار– للخميني ص193.
__________
(1) في كتابه كشف الأسرار ص193.(65/49)
5-لقد بحث الخميني موضوع الغيبة وحرمتها بحق الامامي والمخالف وذلك في مبحث طويل(1) تضمَّن إظهاره الحقد والطعن بأهل السنة ولذا رأيت من المناسب أن اعرضه في فقرات مع البيان والتعليق وكما يلي:
أ-صرح بحرمة الغيبة في حق الامامي وجوازها في المخالف وذلك لأعتقاده بأن ادلة التحريم لا تشمل المخالف بل محصورة في الامامي فقال: [ثم ان الظاهر اختصاص الحرمة بغيبة المؤمن فيجوز اغتياب المخالف…لقصور ادلة حرمة الغيبة عن اثباتها بالنسبة إليهم].
ب-أخذ يناقش أدلة التحريم ليثبت عدم شمولها للمخالف فبدأ بالآية التي تحرم الغيبة(2) فقال: [اما مثل الآيتين المتقدمتين فلان الحكم فيهما معلق على المؤمنين والخطاب متوجه إليهم]، أي ان الآية تحرم غيبة المؤمن - فقط دون غيره- وهو الامامي الاثنى عشري كما مر في تعريف المؤمن(3).
ج-ناقش أيضاً مدلول الروايات(4) وذلك بتقسيمها إلى مجموعات لأن بعضها بلفظ المؤمن وبعضها بلفظ الأخ وأخرى بلفظ المسلم، فقال عن الأولى - بلفظ المؤمن - [واما الاخبار فما اشتملت على المؤمن فكذلك]، أي نفس توجيه الآية بحصرها بالامامي.
__________
(1) وذلك في كتابه (المكاسب المحرمة) ج1 ص249-252.
(2) وهي قوله تعالى { وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ } [الحجرات: من الآية12].
(3) وذلك في الفصل الثاني الذي عرفنا فيه أهم المصطلحات التي تتردد على ألسنة علمائهم.
(4) وقد أكَّد عدم شمول الروايات لغير الامامي في نفس المبحث فقال: [والانصاف ان الناظر في الروايات لا ينبغى ان يرتاب في قصورها عن اثبات حرمة غيبتهم، بل لا ينبغى ان يرتاب في ان الظاهر من مجموعها اختصاصها بغيبة المؤمن الموالى لائمة الحق (ع)].(65/50)
د-قال عن المجموعة الثانية من الروايات - بلفظ الأخ - [وما اشتملت على الاخ لا تشملهم ايضا لعدم الاخوة بيننا وبينهم بعد وجوب البرائة عنهم وعن مذهبهم وعن ائمتهم، كما تدل عليه الاخبار واقتضته اصول المذهب]، وقال أيضا ً[فانها(1) في مقام تفسيرها اعتبرت الاخوة فيها، فغيرنا ليسوا باخواننا وان كانوا مسلمين].
وهكذا يعلن الخميني معتقده(2) الحاقد الأثيم في المخالف من غير تقية ولا مداراة بأن أهل السنة ليسوا بإخوانٍ للامامية بل ويعتقد وجوب البراءة منهم ومن مذاهبهم وأتبعه بوجوب البراءة من أئمتهم، ومن ياترى أئمتنا؟!
أليسوا هم ابو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل، اذ خالفوا الامامية في مسألة الولاية - فلم يعتقدوا بحصر الخلافة في الأثني عشر ولذا أثبتوها لأبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - - فتأمل كيف أوجب البراءة منا ومن أئمتنا هؤلاء، ولا يظن القارئ أن البراءة تتوقف عنده الى هؤلاء الأئمة الأربعة، كلا ثم كلا لأن البراءة ستصل الى أبي بكر وعمر وعثمان لأنهم من كبار أئمتنا الذين نقتدي بهم ونسير على خطاهم ولأنهم مخالفون لهم في الولاية من خلال نيلهم للامامة دون أهل البيت - رضي الله عنهم - .
__________
(1) أي روايات تحريم الغيبة التي وردت بلفظ الأخ.
(2) والحق ان هذا ليس معتقد الخميني وحده بل معتقد عموم الامامية وذلك لأعتراف الخميني بأن هذا مادلت عليه الأخبار واقتضته اصول مذهب الامامية فأوجبت عليهم اعتقاده تجاه المخالفين حيث قال: [لعدم الاخوة بيننا وبينهم بعد وجوب البرائة عنهم وعن مذهبهم وعن ائمتهم، كما تدل عليه الاخبار واقتضته اصول المذهب].(65/51)
هـ-لقد اعترف أيضاً بأن الواجب في المذهب ضرورةً(1) هو عدم احترام المخالفين ووجوب الطعن فيهم واللعن لهم، فقال: [فلا شبهة في عدم احترامهم بل هو من ضروري المذهب كما قال المحققون، بل الناظر في الاخبار الكثيرة في الابواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم، بل الائمة المعصومون، اكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مساويهم].
__________
(1) والضروري في المذهب هو الذي يجب على كل امامي أن يعتقده ولايجوز له الاخلال به ابداً، فتأمل في هذا التعريف ثم تأمل في الأمر الذي جعل اعتقاده واجباً وضرورياً وهو عدم احترام المخالفين والاكثار من الوقيعة والطعن فيهم واللعن لهم، وعندها ستظفر بتصريح ذهبي حول امكانية التقارب والوحدة الاسلامية.(65/52)
و-حاول اثبات دعواه السابقة بلعن الأئمة للمخالفين، فأورد رواية تثبت ذلك فقال: [فعن ابى حمزة عن ابى جعفر عليه السلام قال: قلت له: ان بعض اصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم فقال الكف عنهم اجمل ثم قال يابا حمزة ان الناس كلهم اولاد بغاة(1) ما خلا شيعتنا (الخ)]، ثم ذكر معتقده الذي استنبطه من هذه الرواية فقال: [والظاهر منها جواز الافتراء والقذف عليهم]، هكذا يجوِّز الأفتراء على أهل السنة وهو قطعاً أشدُّ من الغيبة لأن معنى الأفتراء هو الكذب ومقصوده به هنا أن يطعن الامامي بالمخالف بما يعلم براءته منه كأن يقول رأيته يسرق ويزني وهو مستيقن من براءته، فلم يبقِ الخميني حرمة لأهل السنة إلا وانتهكها، من براءة وطعن ولعن وافتراء الكذب عليهم(2)، وليس لنا ازاء هذه الطعنة الحاقدة المؤلمة -وهي والله مصيبة كبرى- إلا قول الله عزوجل { الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } [البقرة:156].
__________
(1) أي أن كل المسلمين ما خلا الشيعة هم أولاد زنا - والعياذ بالله -.
(2) ولو تأمل القارئ العبارات التي أكد وأثبت فيها جواز غيبة المخالفين والوقيعة فيهم والبراءة منهم ولعنهم والافتراء عليهم لعلم ان جوازها في المذهب - وليس عند الخميني وحده - قطعي وضروري ولا يمكن التشكيك فيه أو مناقشته، فمن هذه العبارات هي: [(وجوب البراءة منهم)، (كما تدل عليه الأخبار)، (اقتضته اصول المذهب)، (لا شبهة في عدم احترامهم بل هو ضروري المذهب)، (إن الأخبار التي تُجَوِّز هتكهم والوقيعة فيهم كثيرة)، (الأئمة المعصومون أكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مساويهم)، (الظاهر من بعض الأخبار جواز الأفتراء والقذف عليهم)].(65/53)
فالخميني كشف لنا ولأهل التقريب ان الذي تدل عليه الأخبار الكثيرة وتقتضيه أصول المذهب ليس هو الأخوة الاسلامية مع أهل السنة، وانما هو البراءة منهم ومن أئمتهم وان لعنهم هو من ضروريات مذهب الامامية، وليُسْقِط بذلك كل شعارات الأخوة والتقريب التي رفعها عبد الحسين ومن لفَّ لفَّه من علماء الامامية ودعاتهم، ويُظْهِر كذبها ودجلها وخداعها للطيبين من أهل السنة وخصوصاً الذين يحلمون بالتقريب والوحدة الاسلامية مع الامامية، وقد أحسن الخميني صنعاً حيث وفَّر الجهد لدعاة التقريب وقطع عليهم أحلامهم الوردية بإغلاقه الباب بوجوههم لأنه لايمتلك أدنى استعداد لمؤاخاة أهل السنة والتوحد معهم وذلك لمخالفته لضروري المذهب وأخباره الكثيرة، لاسيما وهو الناطق الرسمي عن حكومة ايران اذ هي من صنيعته وتمثل امتداد آرائه بما فيها موقفها تجاه الشعوب والحكومات السنية قاطبةً، فالحذر الحذر ياأهل السنة من دعاوي حكومة إيران للتقريب، فإن المؤمن لا يُلدغ من جحرٍ مرتين.
خامسا: أبو القاسم الخوئي (ت1413هـ1993م)
لقد أطبق اسم السيد أبو القاسم الخوئي آفاق عالم التشيع، واعتلى منصة الزعامة العلمية والمرجعية العليا للشيعة في العالم سنوات طويلة وبدون منازع أو منافس - على حد علمي - لأنه تفرد بالأعلمية في المذهب، وربما يعتقد الامامية بأنه لم يأتِ بعده - لحد الآن - من يوازيه في العلم والاطلاع في اصول المذهب وفروعه وخلافاته وترجيحاته، ومن تتبع الساحة الامامية أو قرأ تزكية باقي مراجع المذهب له ـ كالخميني وغيره ـ سيجد مصداقاً لهذا الامر، ولذا فان أي تصريح لهذا العالم يكون له صدى واسعاً وتأثيراً عميقاً ومباشراً على الامامية - عواماً ومثقفين - في أرجاء العالم.(65/54)
ورغم أنني أرى استغناءاً عن الترجمة له لعلو مكانته العلمية في المذهب ، لكن مع هذا قررت أن أنقل بعض ماقاله عنه علماء المذهب ومراجعه لأن البعض من أهل السنة لايعرفون شيئاً عن وزنه ومكانته في المذهب ، فممن ترجم له وأثنى عليه من مراجع المذهب مايلي:
1-قال عنه الميرزا محمد علي التوحيدي التبريزي:[ إلى ان القت العلوم الدينية زعامتها وأسندت رئاستها إلى سيدنا واستاذنا علم الاعلام آية الله الملك العلام فقيه العصر وفريد الدهر البحر اللجي واسطة قلادة الفضل والتحقيق محور دائرة الفهم والتدقيق إمام أئمة الاصول وزعيم أساتذة المعقول والمنقول المبين لاحكام الدين والمناضل عن شريعة جده سيد المرسلين قدوة العلماء الراسخين اسوة الفقهاء العاملين المولى الاعظم والحبر المعظم مولانا وملاذنا الحاج السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي النجفي ادام الله أيام افاضاته ومتع الله المسلمين بطول بقائه وهو أدامه الله قد تعرض إلى الكتاب أثناء الدراسة الخارجية في الحوزة المقدسة العلوية وأوسعه تهذيبا وتنقيحا وكشف النقاب عن غوامضه وأبان الموارد المعضلة منه وأخذ بتلك المسائل والآراء التي قيلت أو يمكن أن يقال فصهرها في بوتقة خياله الواسع وفكره الجامع وأفرغها في قوالب رصينة وشيدها على اسس متينة وكان النتاج درة لماعة على مفرق التشريع الاسلامي والفقه الجعفري وكنت ممن وفقه الله للاستفادة من محضره الشريف والارتواء من منهله العذب ](1)
2-قال عنه آيتهم العظمى الميرزا جواد التبريزي:[ وكان من أبرز من حمل راية الشريعة في هذ العصر الامام آية الله في العالمين استاذ الفقهاء والمجتهدين السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي ( قدس سره ) الذي تصدى للمرجعية العامة مدة تزيد على عشرين سنة ](2)
__________
(1) مصباح الفقاهة- السيد الخوئي ج1ص3-4 مقدمة الكتاب.
(2) صراط النجاة ج1 ص5.(65/55)
3-ترجم له آيتهم العظمى السيد محمد صادق الحسيني الروحاني الذي يلقبوه فقيه العصر المجاهد :[ وبعد فلما كانت رسالة منهاج الصالح فتاوى مرجع المسلمين زعيم الحوزة العلمية افضل علماء العالم آية الله العظمى السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي مد ظله جامعة لشتات المسائل المبتلى بها سهلا تناولها ](1)
4-يقول عنه فقيه المذهب ومحققه الاصولي المدقق محمد إسحاق الفياض:[ مشتمل على ما استفدته من تحقيقات عالية ومطالب شامخة وأفكار مبتكرة من مجلس درس سيدنا الاستاذ الأفخم فقيه الطائفة سماحة آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي ، إذ عكفت ضمن المئات من الطلاب على مجلس درسه الشريف في جامعة العلم الكبرى " النجف الأشرف " التي أسندت إليه زعامتها ، وألقت بين يديه مقاليدها ، فقام بالعبء خير قيام في محاضراته وبحوثه ، وتربى على يديه الكريمتين جيل بعد جيل من الأفاضل الأعلام ](2).
__________
(1) منهاج الصالحين- السيد محمد صادق الروحاني ج1ص5.
(2) محاضرات في أصول الفقه-تقرير بحث الخوئي لمحمد إسحاق الفياض ج1ص6.(65/56)
5-وأخيراً ترجم له أبرز مراجع المذهب الأحياء وهو آيتهم العظمى علي السيستاني ، فقال عنه:[ وبعد : ان رسالة المسائل المنتخبة للسيد الاستاذ آية الله العظمى المغفور له السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي قدس سره لما كانت مشتملة على أهم ما يبلى به المكلف من المسائل الشرعية في العبادات والمعاملات ](1) ، وقال عنه أيضاً:[ وبعد:إن رسالة ( منهاج الصالحين ) التي ألفها آية الله العظمى السيد محسن الطباطبائي الحكيم قدس سره وقام من بعده آية الله العظمى السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي قدس سره بتطبيقها على فتاويه مع إضافة فروع جديدة وكتب أخرى إليها، لهي من خيرة الكتب الفتوائية المتداولة في الاعصار الاخيرة ، لاشتمالها على شطر وافر من المسائل المبتلى بها في أبواب العبادات والمعاملات ](2)
وقد كان لهذه المنزلة الرفيعة التي يتمتع فيها الخوئي في المذهب دافعاً قوياً لدراسة أقواله ومعرفة معتقده وحكمه على أهل السنة، لنصل من خلال ذلك الى القول الفصل حول امكانية التقارب والاخوة الاسلامية، لا سيما وأنه من أعضاء الفريق الثاني الذين قالوا بإسلامنا وطهارتنا، فإليك بيان موقفه من خلال عرض أقواله في مجموعتين وكما يلي:
المجموعة الأولى
وهي التي حكم فيها باسلامنا وطهارتنا ومنها ما يلي:
1-لقد صرح بأن الامور التي يتوقف عليها تحقق الاسلام هي التوحيد والنبوة والمعاد فمن أقرَّ بذلك فهو مسلم وان لم يعتقد بالولاية والامامة، فقال: [أن اصول الاسلام اربعة:
__________
(1) المسائل المنتخبة- السيد علي السيستاني ص5.
(2) منهاج الصالحين - السيد علي السيستاني ج1 ص5 .(65/57)
الاول: الايمان بالله، والاقرار بوجوده، وكونه صانعا للعالم، وبجميع ما يحدث فيه من غرائب الصنع، وآثار الرحمة، وعجائب الخلق، واختلاف الموجودات من الشمس والقمر والنجوم والرياح والسحاب والجبال والبحار والاشجار والاثمار، واختلاف الليل والنهار، فمن أنكر ذلك كان كافرا، كالدهرية القائلين: بكون الامور كلها تحت سلطان الدهر بلا احتياج إلى الصانع، وكفره ثابت بالضرورة من المسلمين، بل ومن جميع المليين، وقد دلت الآيات الكثيرة على أن من لم يؤمن بالله وأنكره فهو كافر.
الثاني: الاقرار بتوحيده تعالى، ويقابله الشرك، والقول: بأن للعالم أكثر من صانع واحد، كما يقوله الثنوية وغيرهم، وكفر منكر التوحيد ثابت بكثير من الآيات كقوله تعالى: (إنما المشركون نجس) والروايات.
الثالث: الايمان بنبوة محمد صلى الله عليه وآله والاعتراف بكونه نبيا مرسلا: (لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) ومن أنكر ذلك كاليهود والنصارى وأشباههم كان كافرا بحكم الضرورة من المسلمين، وقد دلت عليه جملة من الآيات والروايات، وأما الاقرار بالانبياء السابقين فهو داخل في الاقرار بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله، فانكاره يوجب الكفر من جهة تكذيب النبي صلى الله عليه وآله.(65/58)
الرابع: الايمان بالمعاد الجسماني، والاقرار بيوم القيامة والحشر والنشر، وجمع العظام البالية، وإرجاع الارواح فيها، فمن أنكر المعاد أو أنكر كونه جسمانيا فهو كافر بالضرورة ولا بد وأن يعلم أن الاقرار بهذه الامور الاربعة له موضوعية في التلبس بحلية الاسلام، وإنكار اي واحد منها في حد نفسه موجب للكفر، سواء أكان مستندا إلى العناد واللجاج أم كان مستندا إلى الغفلة وعدم الالتفات الناشئ عن التقصير أو القصور، وقد دلت الآيات الكثيرة ايضا على كفر منكر المعاد. الامر الثاني: أنه يجب على العباد الاعتراف بفرائض الله وسنن رسوله صلى الله عليه وآله، وبما جاء به النبي صلى الله عليه وآله، فمن تركها جاحدا وهو عالم بأن إنكاره هذا يستلزم تكذيب النبي صلى الله عليه وآله فهو كافر، وإلا فلا ملازمة بين الانكار وبين الكفر، ومن هنا لا يحكم بكفر المخالفين في الظاهر مع إنكارهم الولاية. وقد دلت الآيات وروايات الفريقين على اعتبار الامور المذكورة في الاسلام، وحقن الدماء، وحفظ الاموال، ففي موثقة سماعة: (الاسلام شهادة أن لا إله إلا الله والتصديق برسول الله به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس). وفي رواية داود بن كثير الرقي: (إن الله تعالى فرض فرائض موجبات على العباد فمن ترك فريضة من الموجبات وجحدها كان كافرا). ومن طرق العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله: (اقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم)](1).
__________
(1) مصباح الفقاهة - للسيد الخوئي ج1 ص246- 247.(65/59)
2-كرر نفس المعنى بتحقق الاسلام بدون الولاية، فقال: [قد اعتبر في الشريعة المقدسة امور على وجه الموضوعية في تحقق الاسلام بمعنى ان انكارها أو الجهل بها يقتضى الحكم بكفر جاهلها أو منكرها وان لم يستحق بذلك العقاب لاستناد جهله إلى قصوره وكونه من المستضعفين " فمنها ": الاعتراف بوجوده جلت عظمته ووحدانيته في قبال الشرك وتدل على اعتبار ذلك جملة من الآيات والروايات وهي من الكثرة بمكان. و " منها ": الاعتراف بنبوة النبي ورسالته -ص- وهو ايضا مدلول جملة وافية من الاخبار والآيات، منها قوله عز من قائل: وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين و " منها ": الاعتراف بالمعاد وان اهمله فقهائنا (قدهم) إلا انا لا نرى لاهمال اعتباره وجها كيف وقد قرن الايمان به بالايمان بالله سبحانه في غير واحد من الموارد -على ما ببالي- كما في قوله عز من قائل: ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، وقوله: إن كنَّ يؤمن بالله واليوم الآخر وقوله: من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر وقوله: من آمن بالله واليوم الآخر إلى غير ذلك من الآيات ولا مناص معها من اعتبار الاقرار بالمعاد على وجه الموضوعية في تحقق الاسلام … الى ان قال ص64:فالموضوع للاثار المتقدمة من الطهارة واحترام المال والدم وغيرهما إنما هو الاعتراف بالوحدانية والرسالة والمعاد وليس هناك شئ آخر دخيلا في تحقق الاسلام وترتب آثاره المذكورة](1).
3-أكَّد اسلام المخالفين فقال: [واما المخالف فليس بكافر قطعا… لأقرارهم بالشهادتين ظاهرا وباطنا](2).
__________
(1) كتاب الطهارة - للسيد الخوئي ج2 ص58-59.
(2) مصباح الفقاهة - للسيد الخوئي ج5 ص94.(65/60)
4-وقال(1) ص84 أيضاً: [ان المناط في الاسلام وحقن الدماء والتوارث وجواز النكاح إنما هو شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسوله وهي التي عليها أكثر الناس وعليه فلا يعتبر في الاسلام غير الشهادتين فلا مناص معه عن الحكم باسلام أهل الخلاف].
5-أثبت طهارة المخالفين الامامية فقال ص83: [قد وقع الكلام في نجاسة الفرق المخالفة للشيعة الاثنى عشرية وطهارتهم، وحاصل الكلام في ذلك ان انكار الولاية لجميع الائمة - ع - أو لبعضهم هل هو كانكار الرسالة يستتبع الكفر والنجاسة؟ أو ان انكار الولاية انما يوجب الخروج عن الايمان مع الحكم باسلامه وطهارته، فالمعروف المشهور بين المسلمين طهارة أهل الخلاف وغيرهم من الفرق المخالفة للشيعة].
6-وقال أيضاً ص87: [فالصحيح الحكم بطهارة جميع المخالفين للشيعة الاثنى عشرية واسلامهم ظاهرا بلا فرق في ذلك بين أهل الخلاف وبين غيرهم].
7-قال أيضاً ص93: [وهذا مما لا يمكن المساعدة عليه لما قدمنا في محله من ان المخالف مسلم محكوم بالطهارة].
8-وأخيراً قال ص85: [أن منكر الولاية إذا أجرى الشهادتين على لسانه يحكم باسلامه ظاهرا لاجل الاخبار المتقدمة هذا كله مضافا إلى السيرة القطعية الجارية على طهارة أهل الخلاف حيث ان المتشرعين في زمان الائمة -ع- وكذلك الائمة بانفسهم كانوا يشترون منهم اللحم ويرون حلية ذبائحهم ويباشرونهم وبالجملة كانوا يعاملون معهم معامله الطهارة والاسلام من غير ان يرد عنه رادع].
فهذه أهم أقواله التي حكم فيها باسلام وطهارة أهل السنة وهو شئ يفرح به كل مسلم صادق في اسلامه غيور على دينه حريص على وحدة امته وجمع كلمتها.
المجموعة الثانية
__________
(1) الأقوال التالية المرقمة (4-8) نقلناها من كتاب الطهارة للخوئي ج2.(65/61)
وهي الأقوال التي تخلى فيها عن تسعة أعشار دينه بتركه للتقية، وبثَّ فيها سمومه، ونزع فيها قناعه ـ بإعلانه لحقيقة مراده من إسلامنا وطهارتنا ، وأن المقصود به إسلام الدنيا وكفر الآخرة ـ وأظهر أنيابه الحاقدة والمتعطشة التي مزَّق بها لحوم أهل السنة تمزيقاً إذ لم يرقب فيهم إلاًّ ولا ذمّة، وإنما حرمهم من أدنى حقوق الاسلام وهي المحبة والأخوة، فاليك أقواله الضالة الحاقدة التي تكشف عن مدى حقده وبشاعة معتقده العدائي والتي جعلناها تحت عناوين بارزة وكما يلي:
أولاً: جوَّز غيبة المخالفين وسبِّهم ولعنهم
وذلك في مبحث طويل - كما فعل الخميني - أثبت فيه حرمة غيبة المؤمن - أي الامامي - وجوَّز غيبة المخالف - أي أهل السنة - واليك عباراته(1) وكما يلي:
1-حصر الحرمة بالامامي فقال: [حرمة الغيبة مشروطة بالايمان قوله: (ثم إن ظاهر الاخبار اختصاص حرمة الغيبة بالمؤمن). أقول: المراد من المؤمن هنا من آمن بالله وبرسوله وبالمعاد وبالائمة الاثنى عشر عليهم السلام: أولهم علي بن ابي طالب " ع "، وآخرهم القائم الحجة المنتظر عجل الله فرجه، وجعلنا من أعوانه وأنصاره ومن أنكر واحدا منهم جازت غيبته]، وقال أيضاً: [على ان الظاهر من الاخبار الواردة في تفسير الغيبة هو اختصاص حرمتها بالمؤمن فقط وسيأتي].
__________
(1) نقلنا هذا المبحث من كتاب (مصباح الفقاهة) ج1 ص323-324 للخوئي.(65/62)
2-عندما أثبت جواز غيبة المخالفين تعرض للآية التي تحرم الغيبة بين المسلمين لأنهم اخوة وهي قوله تعالى: { وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ } (الحجرات: من الآية12)، فصرح بعدم شمولها للمخالف لأنه في معتقده ليس بأخٍ للامامي، إذ يرفض الخوئي أي أُخُوَّة مع المخالفين فقال: [أن المستفاد من الآية والروايات هو تحريم غيبة الاخ المؤمن، ومن البديهي انه لا أخوة ولا عصمة بيننا وبين المخالفين. وهذا هو المراد ايضا من مطلقات اخبار الغيبة]، فهو ينفي أي وجود للتقارب الأخوي مع أهل السنة - بل ويجعل هذا النفي أمراً بديهياً ثابتاً ومُسَلَّماً به في المذهب - ليفضح المتباكين من الامامية بأن موقف علمائهم هو المحبة والتآخي مع أهل السنة، كما قال تعالى { وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً } [المجادلة: من الآية2].
3-لقد أعترف بأن الثابت في المذهب بالأخبار والأدعية والزيارات هو لعن المخالفين وسبهم والبراءة منهم، فقال: [أنه ثبت في الروايات والادعية والزيارات جواز لعن المخالفين، ووجوب البراءة منهم، وإكثار السب عليهم، واتهامهم، والوقيعة فيهم: أي غيبتهم، لانهم من أهل البدع والريب].(65/63)
4-صرح بأن السيرة المتفق عليها بين علماء الامامية وعوامهم هو غيبة المخالفين ولعنهم وسبهم، فقال: [قيام السيرة المستمرة بين عوام الشيعة وعلمائهم على غيبة المخالفين، بل سبهم ولعنهم في جميع الاعصار والامصار، بل في الجواهر أن جواز ذلك من الضروريات]، وهكذا يعلنها الخوئي بكل صراحة من غير تقية ولا مداراة لأهل السنة بأن غيبتهم وسَبَّهم ولعنهم أمرٌ ثابت مُسَلَّم بعدما ثبت بالأخبار واتفقت عليه سيرة علمائهم وعوامهم حتى عدَّهُ النجفي - في كتاب الجواهر - بأنه من الضروريات في مذهب الامامية كما اعترف الخوئي بذلك.
ثانياً: جَوَّز هجو المخالفين والوقيعة فيهم
واليك فقرات مباحثه(1) في ذلك وكما يلي:
1-من الضروري معرفة معنى الهجاء لنقف علىخطورته، فقد عرَّفه الخوئي قائلاً: [أقول: الهجو في اللغة عد معائب الشخص، والوقيعة فيه، وشتمه].
2-أثبت حرمته فقال: [ولا خلاف بين المسلمين في حرمة هجاء المؤمن، وإن اختلفت الشيعة مع غيرهم في ما يراد بكلمة المؤمن].
3-ذكر أن وجه تحريمه هو لكونه مشتمل على الهمز واللمز والاهانة والهتك، فقال: [وقد استدل المصنف على حرمته بالادلة الاربعة بدعوى أنه ينطبق عليه عنوان الهمز واللمز وأكل اللحم والتعيير وإزاعة الستر، وكل ذلك كبيرة موبقة، وجريمة مهلكة، بالكتاب والسنة والعقل والاجماع]، وقال أيضاً: [وقد دلت الروايات المتواترة على حرمة هتك المؤمن وإهانته، ونطق القرآن الكريم بحرمة الهمز واللمز].
__________
(1) نقلنا هذا المبحث من كتاب مصباح الفقاهة - للخوئي ج1 ص456-457.(65/64)
4-بعد أن بيَّن لنا معنى الهجاء وفداحته وشناعته أطلق حكمه الجائر الأثيم بتحريمه في حق المؤمن - الامامي - وجَوَّزه في حق من عداه من المخالفين بما فيهم أهل السنة، فقال: [وأما هجو المخالفين أو المبدعين في الدين فلا شبهة في جوازه، لانه قد تقدم في مبحث الغيبة أن المراد بالمؤمن هو القائل بإمرة الائمة الاثنى عشر، وكونهم مفترضي الطاعة ومن الواضح أن ما دل على حرمة الهجو مختص بالمؤمن من الشيعة، فيخرج غيرهم عن حدود حرمة الهجو موضوعا، وقد تقدم في المبحث المذكور ما يرضيك في المقام، ويقنعك بتخصيص حرمة الهجو بما ذكرناه].
ثالثا: عند أختلافهم جعل الحق دائماً بمخالفة قول أهل السنة(65/65)
ان الخوئي قد طبَّق الأصل الثابت عندهم وهو: [ان الامامية عند اختلافهم في حكم مسالة ما ولم يترجح عندهم قول في ضوء المرجحات المذكورة عند التعارض، فعندها أوجبوا على أنفسهم أن يرجعوا الى قول أهل السنة لكي يأخذوا بخلافه لأعتقادهم بأن الحق والرشد هو في مخالفة أهل السنة دائماً](1)
__________
(1) وهذا الأصل ثابت عندهم بالروايات وأقوال العلماء، فمنها مارواه الصدوق في (عيون أخبار الرضا) ج2 ص 249: [عن على بن اسباط قال: قلت للرضا عليه السلام: يحدث الامر لا اجد بُدّاً من معرفته وليس في البلد الذي انا فيه أحد استفتيه من مواليك قال: فقال: إيت فقيه البلد فاستفته في امرك فإذا افتاك بشئ فخذ بخلافه فإن الحق فيه]، وروى الكليني في (اصول الكافي) ج1 ص67-68 نفس هذا المعنى فقال: [عن داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام… قلت: فإن كان الخبران عنكما (يعني الباقر والصادق عليهما السلام) مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟ قال: ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة، قلت: جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا? لهم بأي الخبرين يؤخذ؟ قال: ما خالف العامة ففيه الرشاد. فقلت: جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا. قال: ينظر إلى ماهم إليه أميل، حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر]، ويقول محدثهم يوسف البحراني في (الشهاب الثاقب) ص77-78 مثبتاً هذا الأصل: [استفاضة الأخبار بأنهم - خذلهم الله تعالى - خارجون عن جادّة الدين المبين، وأنهم ليسوا من الحَنَفيّة على شيء، وأنه لم يبقَ في يَدِهِم إلا استقبال القبلة، وأنهم ليسوا إلا مثل الجدر، حتى وردت الأخبار عنهم - صلوات الله عليهم - أنه عند اختلاف الأخبار الواردة في الأحكام تعرض على مذهبهم ويؤخذ بما خالفه، بل ورد ما هو أعظم من ذلك، وهو أنه اذا وردت عليك قضيّة لا تعرف حكمها ولم يكن في البلد من تستفتيه عنها، فاستفتِ قاضي البلد وخذْ بخلافه، رواه الصدوق في كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام والشيخ في التهذيب.
ولله درُّ شيخنا أبي الحسن (هو العلامة الشيخ سليمان البحراني صاحب كتاب الأربعون حديثاً في إثبات امامة أمير المؤمنين عليه السلام وله مؤلفات كثيرة قد ذكرناها في مقدمة الأربعون فراجع) أفاض الله تعالى عليه سوانح المنن، حيث قال في بعض فوائده بعد نقل الخبر المشار اليه ما صورته:انظر أيّدك الله بإرشاده، وجعلك من خواص عباده، الى هذا الخبر بعين البصيرة، وتناوله بيدٍ غير قصيرة، وتأمل كيف سوّغ عليه السلام الأخذ بخلاف ما يفتي به أهل الضلال مطلقاً، تنبيهاً على أنهم -خذلهم الله تعالى- في كل أحوالهم وفي جميع أقوالهم وأعمالهم ناكبون عن الصراط القويم والمنهاج المستقيم، يعوِّلون في جليل الأمور ودقيقها على الآراء الباطلة، واهوائهم السخيفة، وعقولهم الضعيفة، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً إنتهى.
ولنعم ما قال أيضاً صاحب الفوائد المدنية - رحمه الله تعالى بألطافه السنيّة - حيث قال بعد إيراد الخبر المشار إليه، أقول:من جملة نعم الله تعالى على الطائفة المحقّة أنّه خلّى بين الشيطان وبين علماء العامة ليضلّهم عن الحق في كل مسألة نظرية ليكون الأخذ بخلافهم لنا ضابطة كلية،] إنتهى كلام البحراني بطوله ، ويقول شيخهم حسين بن شهاب الدين الكركي في"هداية الأبرار إلى طريق الأئمة الأطهار" ص102: ["إن العامة كان بناء أمرهم على التلبيس وستر الحق بالباطل وإظهار الباطل في صورة الحق وتحليته بما يوافق طباع العوام ومن جرى مجراهم ممن يميل إلى المزخرفات والتمويهات حرصا على إصلاح دنياه وإن أوجب ذلك ضياع دينه وكان القدماء منهم ما بين منافق يظهر الإسلام ويستر الكفر وكذاب متصنع بإظهار الزهد يأخذ دينه وبليد الفهم عديم الشعور ينقل كل ما سمعه ويصدق به سواء كان له أو عليه"] انتهى كلام البحراني بطوله.(65/66)
.
إذ أثبته الخوئي في أكثر من موطن في كتبه، فتارةً يثبته باللفظ وأخرى يطبق معناه بأخذه بما يخالف أهل السنة، وكما يلي:
الموطن الأول: وهو الذي ذكر الأصل فيه باللفظ، فمن أقواله هي:
1-قال: [وأما ما ذكره من أن تعليل الاخذ بمخالف العامة(1) - بأن الرشد في خلافهم - يدل على لزوم ترجيح كل ما فيه مزية على الاخر…….. فلا اشكال في أن الرشد في مخالفة العامة غالبي، حيث إنهم اعتمدوا كثيرا في استنباط الاحكام الشرعية على الاستحسانات والاقيسة، واستغنوا بذلك عن المراجعة الى الائمة (عليهم السلام) ووقعوا في مخالفة الاحكام الشرعية كثيرا](2).
2-قال: [إلا ان حكمه يعلم من خبر صحيح رواه الراوندي بسنده عن الصادق (عليه السلام) انه (ع) قال: " إذا ورد عليكم حديثان مختلفان، فاعرضوهما على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فردوه، فان لم تجدوه في كتاب الله فاعرضوهما على اخبار العامة، فما وافق اخبارهم، فذروه وما خالف اخبارهم فخذوه "](3)، وقد عبَّر عن هذه الرواية ص419 بقوله: [صحيحة الراوندي].
الموطن الثاني: وهو الذي طبَّق فيه مضمون الأصل، فمن أقواله ما يلي:
1-قال: [والرجوع إلى اصالة الاباحة، بل يقدم ما دل على حرمة الغناء، لكونه مخالفا للعامة، ويترك ما دل على الجواز لموافقته لهم](4).
__________
(1) المراد بالعامة هم أهل السنة وقد ذكرنا ذلك مراراً في هذه الدراسة .
(2) مصباح الأصول - تقرير بحث الخوئى للبهسودي ج3 ص421-422.
(3) مصباح الأصول - تقرير بحث الخوئى للبهسودي ج3 ص415.
(4) مصباح الفقاهة - للسيد الخوئي ج1 ص317.(65/67)
2-قال: [إذا لم نقل بذلك وناقشنا في دلالتهما على الطهارة بالمعنى المصطلح عليه كما قدمناه سابقا فلا محالة تصل النوبة إلى المرجح الثاني وهو مخالفة العامة. وقد مر ان المذاهب الاربعة مطبقة على انفعال ماء البئر بالملاقاة وكذا غيرها من المذاهب على ما وقفنا عليه من أقوالهم، فالترجيح أيضا مع ما دل على طهارة البئر لانها مخالفة للعامة فلا مناص حينئذ من حمل أخبار النجاسة على التقية](1).
__________
(1) كتاب الطهارة - للسيد الخوئي ج1 ص297.(65/68)
3-قال: [الطائفتان متعارضتان متقابلتان فلابد من علاجها بالمرجحات وهي تنحصر في موافقة الكتاب ومخالفة العامة على ما قدمناه في محله وكلا المرجحين مفقود في المقام: أما موافقة الكتاب فلما مر من انه ليس في الكتاب العزيز ما يدل على نجاسة الخمر أو طهارتها. وأما مخالفة العامة فلان كلا من الطائفتين موافقة للعامة من جهة ومخالفة لهم من جهة فان العامة - على ما نسب إليهم وهو الصحيح - ملتزمون بنجاستها وعليه فروايات الطهارة متقدمة لمخالفتها مع العامة إلا ان ربيعة الرأي الذي هو من أحد حكامهم وقضاتهم المعاصرين لابي عبد الله عليه السلام ممن يرى طهارتها(1) )](2).
__________
(1) وهكذا تتبين لنا حقيقة مهمة جداً وهي عند ورود مسألة عليهم ولأهل السنة فيها قولان أحدهما راجح عليه أكثر علمائهم ، والآخر مرجوح قال به القلة منهم ، فإن الامامية يأخذون بالقول المرجوح عند أهل السنة ويتركون القول الذي عليه أكثرهم إمعاناً منهم في مخالفتنا والذي يؤكد هذه الحقيقة هي الرواية الطويلة المعروفة عندهم بـ( مقبولة عمر بن حنظلة ) التي أوردها الكليني في الكافي والتي مدارها حول مخالفة أهل السنة ويجب ترك مايوافقهم والأخذ بخلافه ، إلا أن السائل افترض أن لهم في المسألة قولين فما هو الحل فأخبره بأن يترك القول الذي عليه أكثرهم ويأخذ بالآخر ، والرواية هي:[ عن عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث ... قلت : جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم بأي الخبرين يؤخذ ؟ قال : ما خالف العامة ففيه الرشاد . فقلت : جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا . قال : ينظر إلى ماهم إليه أَمْيَل ، حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر] ينظر الكافي - الشيخ الكليني ج1 ص67-68 .
(2) كتاب الطهارة - للسيد الخوئي ج2 ص91.(65/69)
4-قال: [فالصحيحة إذا موافقة للعامة ومخالفة العامة من المرجحات وبذلك تحمل الصحيحة على التقية](1).
5-قال: [ومعه تحمل الرواية على التقية لموافقتها لمذهب العامة كما هو الحال في غيرها من الاخبار الواردة بهذا المضمون](2).
فتأمل معي بشاعة بغضه المقيت حيث جعل الحق في وادٍ وأهل السنة في وادٍ آخر بحيث لا يجتمعان أبداً، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
رابعاً: صرح بفسق المخالفين وبطلان عباداتهم
وكأن السب واللعن والوقيعة بأهل السنة لم تشفِ غليله، فزاد عليه بأنهم فساق وان جميع عباداتهم التي يتقربون بها الى الله تعالى - من صلاة وصيام وزكاة وحج وجهاد - باطلة ليس لهم فيها أجر عند الله عز وجل، بل ليس لهم فيها إلا المشقة والعناء، فمصيرهم كمصير من لم يدخل الاسلام ومن لم يعبد الله طرفة عين، لأن نتيجتهم واحدة وهي الإفلاس من الاجر والثواب يوم القيامة، فمن أقواله الضالة التي ذبح بها أهل السنة بعقيدته تلك ما يلي:
1-قال: [أن المخالفين بأجمعهم متجاهرون بالفسق. لبطلان عملهم رأسا، كما في الروايات المتظافرة، بل التزموا بما هو أعظم من الفسق، كما عرفت،وسيجئ أن المتجاهر بالفسق تجوز غيبته]، فهو يعترف بتظافر الروايات ببطلان عمل أهل السنة ثم أشار الى المصدر الذي وردت به تلك الاخبار فقال: (راجع ج1 ئل باب29 بطلان العبادة بدون ولاية الائمة من مقدمات العبادات ص19).
2-قال: [واما المخالف فليس بكافر قطعا … بل يعاقبون كالكافر ولا يثاب بأعمالهم الخيرية الصادرة منهم في الدنيا كالصلاة وغيرها](3).
__________
(1) كتاب الطهارة - للسيد الخوئي ج2 ص371-372.
(2) كتاب الطهارة - للسيد الخوئي ج2 ص242.
(3) مصباح الفقاهة - السيد الخوئي ج 5 ص 94.(65/70)
3-قال: [قدمنا في كتاب الطهارة عند التكلم حول غسل الميت اعتبار كون المغسل مؤمنا استنادا إلى الروايات الكثيرة الدالة على ان عمل المخالف باطل عاطل لا يعتد به، وقد عقد صاحب الوسائل بابا لذلك في مقدمة العبادات](1).
4-قال أيضاً: [اشتراط الايمان في المصلي: للاخبار الدالة على عدم مقبولية عمل غير المؤمن فانها كما تدل على عدم كفاية عمل المخالف في مقام الامتثال، كذلك تقتضي عدم كفايته في الاجزاء فلا يجزي عمله عن المكلفين، وفي بعضها ان الله سبحانه شانع أو يشنع عمل المخالف أي يبغضه فلا يقع مقبولا امتثالا واجزاءا](2).
5-أكد معتقد الشيعة في بطلان عبادة المخالفين لهم من المسلمين من خلال بحثه لشروط صحة الصيام وإليك ما ذكره بعدة فقرات(3) :
أ-أثبت أن الإسلام والإيمان- بمفهومه عند الشيعة أي الإيمان بالولاية- شرط في صحة الصوم فلا يصح من غير المسلم- الكافر- ولا من غير المؤمن- غير الشيعي من المسلمين- فقال:[ فصل " في شرائط صحة الصوم " وهي امور : الاولى : الاسلام والايمان فلا يصح من غير المؤمن ولو في جزء من النهار فلو أسلم الكافر في أثناء النهار ولو قبل الزوال لم يصح صومه وكذا لو ارتد ثم عاد إلى الاسلام بالتوبة، فلا يصح الصوم كغيره من العبادات من الكافر وإن كان مستجمعا لسائر الشرائط، كما لا يصح ممن لا يعترف بالولاية من غير خلاف].
ب-اعترف بأن إجماع الشيعة متحقق على بطلان العبادة من دون الولاية، والنصوص الكثيرة تثبته فقال:[ تكفينا بعد الاجماع المحقق كما عرفت النصوص الكثيرة الدالة على بطلان العبادة من دون الولاية].
__________
(1) كتاب الصلاة - السيد الخوئي ج 2 ص 360.
(2) كتاب الطهارة - السيد الخوئي ج 9 ص 27.
(3) نقلنا هذا المبحث من كتابه (الصوم) جزء1 ص423-425.(65/71)
ج-أورد رواية كشاهد على عقيدتهم وهي:[ كصحيحة محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : كل من دان الله عزوجل بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول وهو ضال متحير والله شانئ لأعماله]، ثم استنبط منها عقيدتهم في البطلان فقال:[ فان من يكون الله شانئا لاعماله ومبغضا لافعاله كيف يصح التقرب منه وهو ضال متحير لا يقبل سعيه ، فكل ذلك يدل على البطلان . وفي ذيل الصحيحة أيضا دلالة على ذلك كما لا يخفي على من لاحظها ، فإذا بطل العمل ممن لا إمام له وكان كالعدم، فمن لا يعترف بالنبي بطريق أولى ، إذ لا تتحقق الولاية من دون قبول الاسلام، ومما ذكرنا يظهر الحال في اعتبار الايمان في صحة الصوم وانه لا يصح من المخالف لفقد الولاية].
د-أثبت هذه العقيدة في مبحث غسل الميت، حيث قرر فيه أن تغسيل الميت من قبل الكافر ومن المخالف- المسلم الذي لا يؤمن بالولاية- باطل لا يصح فقال:[ وقد تعرضنا لهذه المسألة بنطاق أوسع في بحث غسل الميت ، عند التكلم حول اعتبار الايمان في الغاسل الذي هو فرع الاسلام، فلو لم يكن مسلما أو كان ولكن لم يكن بهداية الامام وارشاده لم يصح تغسيله فراجع إن شئت].
خامساًً: صرح بأن جميع المخالفين كفار مخلدون في النار
فقد اعترف الخوئي بصحة رواياتهم التي تُكَفِّر المخالف للامامة وادعى تواترها بل واعتقد بمضمونها إلا انه حمل الكفر فيها على الآخرة من حيث شدة عذاب أهل السنة وخلودهم في نار الجحيم، فمن أقواله هي:
1-قال: [فالصحيح الحكم بطهارة جميع المخالفين للشيعة الاثنى عشرية واسلامهم ظاهرا بلا فرق في ذلك بين أهل الخلاف وبين غيرهم وان كان جميعهم في الحقيقة كافرين وهم الذين سميناهم بمسلم الدنيا وكافر الآخرة](1).
__________
(1) كتاب الطهارة - السيد الخوئي ج 2 ص 87.(65/72)
2-قال: [واما المخالف فليس بكافر قطعا … لأقرارهم بالشهادتين ظاهرا وباطنا واما ما دل على كفرهم فلا يراد بظاهرها، فقد قلنا في ابحاث الطهارة ان المراد من الكفر ترتب حكمه عليه في الاخرة وعدم معاملة المسلم معهم فيها، بل يعاقبون كالكافر ولا يثاب باعمالهم الخيرية الصادرة منهم في الدنيا كالصلاة وغيرها](1).
3-بعد أن اعترف بأن الروايات التي تُكَفِّر المخالف في الامامة كثيرة وبالغة حد الاستفاضة، حمل الكفر فيها على ما يقابل الايمان(2)، فقال: [وما يمكن أن يستدل به على نجاسة المخالفين وجوه ثلاثة: " الاول ": ما ورد في الروايات الكثيرة البالغة حد الاستفاضة من أن المخالف لهم - ع - كافر وقد ورد في الزيارة الجامعة: " ومن وحده قبل عنكم " فانه ينتج بعكس النقيض ان من لم يقبل منهم فهو غير موحد لله سبحانه فلا محالة يحكم بكفره. والاخبار الواردة بهذا المضمون وان كانت من الكثرة بمكان إلا أنه لادلالة لها على نجاسة المخالفين إذ المراد فيها بالكفر ليس هو الكفر في مقابل الاسلام وانما هو في مقابل الايمان كما أشرنا إليه سابقا](3).
4-قال: [هذا لا للاخبار الواردة في كفر المخالفين كما تأتي جملة منها عن قريب لأن الكفر فيها انما هو في مقابل الايمان ولم يرد منه ما يقابل الاسلام](4).
سادساًً: كَفَّرَ جميع المخالفين لهم في الولاية والامامة
__________
(1) مصباح الفقاهة - السيد الخوئي ج 5 ص 94.
(2) وهو الذي يكون صاحبه مسلماً في الدنيا وكافراً مخلداً في النار يوم القيامة، وقد ذكرنا تعريف الخوئي هذا في معنى مصطلح الكفر في الفصل الثاني من الباب الثاني من هذه الدراسة.
(3) كتاب الطهارة - السيد الخوئي ج 2 ص 84-85.
(4) كتاب الطهارة - السيد الخوئي ج 2 ص 75-76.(65/73)
لقد هدم الخوئي ما قرره من اسلام المخالفين -في المجموعة الاولى- وأتى عليه من القواعد فَخَرَّ عليه السقف من فوقه، وذلك حين صرح بأن كفر المخالفين - بعد أن لم يستطع كتمان حقده على أهل السنة - أمر ثابت عنده بما لايقبل الشك أو تعتريه أدنى شبهة، فقال(1): [أنه ثبت في الروايات والادعية والزيارات جواز لعن المخالفين … بل لا شبهة في كفرهم].
إن الخوئي أعقب الحكم بكفرهم بذكره للأدلة التي يثبت بها حكمه - عَلَّهُ يشفي بذلك غليله ويطفئ نار غيظه تجاه أهل السنة - ومنها ما يلي:
1-قال: [لان إنكار الولاية والائمة حتى الواحد منهم، والاعتقاد بخلافة غيرهم، وبالعقائد الخرافية، كالجبر ونحوه يوجب الكفر والزندقة].
2-قال: [وتدل عليه الاخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية، وكفر المعتقد بالعقائد المذكورة، وما يشبهها من الضلالات]، وقد أشار الى المصدر الذي وردت فيه تلك الاخبار فقال: (راجع ج 3 الوسائل باب 6 جملة ما يثبت به الكفر والارتداد من أبواب المرتد ص 457).
3-قال: [ويدل عليه ايضا قوله " ع " في الزيارة الجامعة: (ومن جحدكم كافر)، وقوله " ع " فيها أيضا: (ومن وحده قبل عنكم). فانه ينتج بعكس النقيض ان من لم يقبل عنكم لم يوحده، بل هو مشرك بالله العظيم].
__________
(1) نقلنا هذا المبحث من كتاب (مصباح الفقاهة) للخوئي ج1 ص323-324.(65/74)
4-لقد أراد الخوئي أن يستدل على كفر المخالف في الامامة بأمر ثابت عندهم وهو أن المستبصر - وهو من كان يعتنق غير مذهب الامامية ثم أصبح امامياً - لايقضي الصلاة التي عليه وعللوه بأن الحال التي كان عليها - مخالفة الامامة - أعظم من ترك الصلاة، وبما ان ترك الصلاة كفر، فتكون المخالفة في الامامة أعظم كفراً، فقال: [وفي بعض الاحاديث الواردة في عدم وجوب قضاء الصلاة على المستبصر (إن الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة)]، وقد أشار الى المصدر الذي وردت فيه تلك الاحاديث، فقال: (راجع ج1 الوسائل باب31 عدم وجوب قضاء المخالف عبادته إذا استبصر من مقدمات العبادة ص20).
سابعاًً: لعنه لأموات المخالفين وإبعاده لهم عن رحمة الله
إن معتقد الخوئي هذا وطعناته الحاقدة هنا هي والله أشدُّ نكاية وبشاعة بتمزيق لحوم أهل السنة من كل ماتقدم من طعناته الحاقدة الأثيمة،لأنه لم يظهر فيه الحقد واللعن تجاه الأحياء منهم، وانما أظهره تجاه الأموات - في صلاة الجنازة – الذين هم أحوج ما يكونون الى الدعاء بالرحمة والمغفرة لأنهم قد أفضوا الى لقاء الله تعالى والحساب(1)، فقد رووا بأن العلة من الصلاة على الميت هي كي يشفعوا له ويطلبوا له الرحمة والمغفرة لأنه يكون بأمسِّ الحاجة لذلك فروى الحر العاملي: (وفي (عيون الاخبار) و(العلل)…… عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: إنما امروا بالصلاة على الميت ليشفعوا له وليدعوا له بالمغفرة لانه لم يكن في وقت من الاوقات أحوج إلى الشفاعة فيه والطلبة والاستغفار من تلك الساعة)(2).
__________
(1) كما روى البخاري في صحيحه: (عن عائشة قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الاموات فانهم قد افضوا إلى ما قدموا)، ينظر صحيح البخارى ج7 ص193.
(2) وسائل الشيعة (الإسلامية) - الحر العاملي ج2 ص776.(65/75)
ولكن قلب الخوئي القاسي(1) - الذي لا يعرف الرحمة والرأفة تجاه المخالفين له من المسلمين - لم يَرِقّ لهم حتى في هذه اللحظات التي غادروا فيها الدنيا الى لقاء الله تعالى، بل أعلن وجوب لعنهم والدعاء عليهم بالبعد عن رحمة الله تعالى حتى في صلاة الجنازة، واليك اقواله البشعة الضالة الآثمة بحق الاموات من أهل السنة وكما يلي:
1-ذكر موقفه من الميت المخالف وكيفية الصلاة عليه بعدة فقرات(2) اليك بيانها:
أ-قارن بين كيفية صلاة الجنازة على كل من المؤمن -الامامي– والمخالف -أهل السنة- من حيث التشابه والاختلاف، فقرر بأن وجه الشبه هو بالتكبير على كل منهما خمس تكبيرات، وأما وجه الخلاف فهو بأن يُدْعى للميت الامامي فيها، واما المخالف فلا يدعو له الخوئي فيها، بل يدعو عليه، فقال: [فالمتحصل ان الصلاة على المخالف كالصلاة على المؤمن من حيث وجوب التكبير خمسا، (حكم الصلاة على المخالف من حيت الدعاء): واما من حيث الدعاء فيختلفان حيث يدعى على الميت المخالف ويدعى له في المؤمن].
ب-أشار الى الرواية التي وردت فيها صيغة الدعاء على الميت المخالف، فقال: [وقد ورد في صحيحة الحلبي الامر بالدعاء على الميت…. والمخالف… فتشمله الصحيحة كما عرفت].
ج-أشار الى المصدر والمرجع الذي وردت فيه الرواية - صحيحة الحلبي كما أسماها - فقال: [الوسائل: ج2 باب4 من ابواب صلاة الجنازة ح1].
__________
(1) وهذه القسوة الأثيمة لم تأتِ قطعاً من الفراغ أو من موقف شخصي وانما أملاها عليه مذهبه ومعتقده الذي استقاه من مصادرهم التي تدعوا الى بغض أهل السنة ولعنهم والبراءة منهم كما وقفنا عليه أعلاه، فقد أفتى بلعن أموات أهل السنة بناءاً على الروايات التي نصت عليها مصادر المذهب ومراجعه.
(2) نقلنا فقرات هذا المبحث من كتاب الطهارة للخوئي ج9 ص (74-75).(65/76)
د-ولعل القارئ متلهف لمعرفة صيغة الدعاء الذي يقرؤوه على الميت من أهل السنة، وهذا ما فعلته للقراء، إذ رجعت الى المصدر المشار إليه وهو كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي بنفس عنوان الباب ورقم الرواية كي أقف عليها بيقين وبصورة قطعية، فاليك نصها: [محمد بن على بن الحسين بإسناده عن عبيدالله بن علي الحلبي(1)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا صليت على عدو الله فقل: اللهم إنا لا نعلم منه إلا أنه عدو لك ولرسولك، اللهم فاحش قبره نارا، واحش جوفه نارا، وعجل به إلى النار، فإنه كان يوالي أعداءك، ويعادي أوليائك، ويبغض أهل بيت نبيك، اللهم ضيق عليه قبره، فإذا رفع فقل: اللهم لا ترفعه ولا تزكه. ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي مثله](2).
__________
(1) وسميت بصحيحة الحلبي على اسم الراوي لها وهو عبيد الله بن علي الحلبي.
(2) وسائل الشيعة (الإسلامية) - الحر العاملي ج2 ص769-770، باب 4، ح1.(65/77)
هـ-بما أن الرواية لم يُذْكَر فيها لفظ (المخالف)، وانما ذكر فيها لفظ (عدو الله)، فهناك احتمال عدم شمولها للمخالف لعدم التصريح بذلك، إلا ان الخوئي حاول أن يثبت شمولها للمخالفين(1) ليسلم له معتقده البشع - بلعن الأموات من أهل السنة - وهذا ما جعله يقسو عليهم مرةً اخرى، وذلك حين صرح بأن المخالف عدوٌ لله، فقال: [وقد ورد في صحيحة الحلبي الامر بالدعاء على الميت إذا كان عدو الله والمخالف لو لم يكن مبغضا لاهل البيت (ع) إلا أنه بالاخرة يبغض عدو عدو أهل البيت فهو عدو الله(2) فتشمله الصحيحة كما عرفت].
__________
(1) والذي يظهر من الحر العاملي صاحب كتاب (وسائل الشيعة) هو اختياره أيضاً بكون الدعاء في الرواية يشمل المخالفين، وذلك لأنه ذكرها ضمن الباب الذي فيه لفظ المخالف، وهو باب (كيفية الصلاة على المخالف، وكراهة الفرار من جنازته إذا كان يظهر الاسلام).
(2) ومراده بهذه المتسلسلة هو أن عدو أهل البيت في نظره هم الخلفاء، والأمامية يبغضون الخلفاء قطعاً، فهم عدو لعدو أهل البيت، وأما أهل السنة فهم يبغضون الأمامية ويعادونهم بسبب معاداتهم للخلفاء، فتكون النتيجة هي أن أهل السنة يبغضون عدو عدو أهل البيت، فينزلهم الخوئي بهذا منزلة أعداء أهل البيت، وقريب من هذه المعادلة المتسلسلة ذكرها علمهم نصير الدين الطوسي كما ينقلها محدثهم يوسف البحراني بقوله: [هذا وقد قرَّر المحقق الطوسي فيما نقل عنه دليلاً على بغضهم لأهل البيت عليهم السلام هكذا:المخالفون يبغضون كل من أبغض أبابكر وعمر وعثمان كائناً من كان، من عرف إسمه ونسبه أم لا، وأئمتنا أبغضوا أبا بكر وعمر وعثمان بغضاً ظاهراً، ونسبوا إليهم جميع الشرور والقبائح التي وقعت بين الأمة، ينتج أنهم مبغضون أئمتنا عليهم السلام]، ينظر الشهاب الثاقب ص137.(65/78)
و-حاول أن يثبت لعن أموات أهل السنة بدليل آخر وهو الرواية المتضمنة للعن جاحد الحق،فراح يصرح بكل ما يحمله من حقد بشع بأن المخالف -عالماً أو جاهلاً - هو جاحدٌ للحق،فقال:[على أنه ورد الدعاء على الميت إذا كان جاحدا للحق ولا اشكال في صدق هذا العنوان على المخالف إذ لا يعتبر في الجحد إلا انكار الحق-علم به أم لم يعلم-].
ولعل القارئ في شوق أيضاً لمعرفة صيغة الدعاء هذه على أموات المخالفين كما يدعو بها الخوئي، فاليك بيانها: [وعنه،عن أبيه... عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: إن كان جاحدا للحق فقل: اللهم إملأ جوفه ناراً وقبره ناراً، وسلِّط عليه الحيات والعقارب، وذلك قاله أبو جعفر عليه السلام لامرأة سوء من بني امية صلى عليها أبي، وقال هذه المقالة: واجعل الشيطان لها قرينا(1). الحديث](2). هكذا يُعَبِّر الخوئي عن مؤاخآته ومحبته لأهل السنة بأبشع صور الحقد والعداء،
__________
(1) واني لأدعوا القارئ الى التأمل في تكملة الحديث المؤلمة وهي: [قال محمد بن مسلم: فقلت له: لأي شئ يجعل الحيات والعقارب في قبرها؟ فقال: إن الحيات يعضضنها والعقارب يلسعنها والشياطين تقارنها في قبرها قلت: تجد ألم ذلك؟ قال: نعم شديدا]، ينظر الكافي - للشيخ الكليني ج3 ص189-190.
(2) وسائل الشيعة (الإسلامية) - الحر العاملي ج2 ص771، وهي مذكورة في نفس الباب الذي ذكرت فيه صحيحة الحلبي المتقدمة برقم (5).(65/79)
وإني لأدعو القارئ أن يتصور معي هذه الصورة الدامية المقززة لميتٍ من أهل السنة مُكَفَّنٌ في تابوته وموضوع بإتجاه القبلة عند المحراب - وأهله من حوله يذرفون الدموع الحارة الممزوجة بالدعاء على فراقه وعلى مصيره إما الى الجنة أو النار - فيأتي الخوئي ليصلي عليه فيقول في الدعاء الذي ورد في الروايتين بلفظه وهو: [اللهم احشُ جوفه ناراً، اللهم املأ قبره ناراً، اللهم عَجِّل به الى النار، اللهم سَلِّطْ عليه الحيات والعقارب، اللهم اجعل الشيطان له قرينا].
بهذا الدعاء يُوَدِّع أموات أهل السنة الى قبورهم للقاء الله تعالى(1)، فهل بقي هناك أمل للتقارب والإخاء، بعد أن قطع الخوئي جميع الآمال بحقده ولعنه لأهل السنة أحياءً وأمواتاً؟!!!!!!!!!!
2-كتب بحثاً يتعلق بالأموات حال احتضارهم بعنوان (توجيه الميت الى القبلة) ذكر بين طياته موقفه البغيض من أموات المخالفين(2) وكما يلي:
أ-قال ص28-29: [واما الكلام في وجوب الاستقبال بالمعنى المذكور وأن الميت يجب أن يوجه نحو القبلة أو يوجه هو نفسه إليها لو كان متمكنا منه ولم يكن عنده أحد، أو لا يجب؟ فقد نسب القول بالوجوب إلى المشهور والاشهر واستدل عليه بوجوه].
__________
(1) بل لو تركهم بغير صلاة لكان والله أخفَّ وطئةً وأرحم حالاً، لاسيما بعدما عرفنا من الحديث ألم الحيات والعقارب والشياطين بقوله: [قال محمد بن مسلم: فقلت له: لاي شئ يجعل الحيات والعقارب في قبرها؟ فقال: إن الحيات يعضضنها والعقارب يلسعنها والشياطين تقارنها في قبرها قلت: تجد ألم ذلك؟ قال: نعم شديدا].
(2) نقلنا هذا المبحث من كتاب (الطهارة) للخوئي ج8 ص28-35.(65/80)
ب-ذكر أن علة التوجيه نحو القبلة هي لكي يقبل الله وملائكته على الميت بالرحمة والمغفرة فقال ص30-31: [و (منها): وهو العمدة ما رواه الصدوق مرسلا تارة ومسندا أخرى كما في الوسائل عن الصادق (ع) انه سئل عن توجيه الميت فقال: استقبل بباطن قدميه القبلة قال: وقال أمير المؤمنين (ع) دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على رجل من ولد عبد المطلب وهو في السوق وقد وجه إلى غير القبلة فقال صلى الله عليه وآله: وجهوه إلى القبلة فانكم إذا فعلتم ذلك اقبلت عليه الملائكة وأقبل الله عزوجل عليه بوجهه فلم يزل كذلك حتى يقبض](1)، وذكر هذه العلة ايضاً فقال ص35: [والعمدة هو مرسلة الصدوق أو مسنده، والتعليل الوارد في رواية الصدوق ظاهر في أن الغرض من التوجيه تجليل الميت وتعظيمه بحيث يقبل الله وملائكته إليه في آخر حياته]، وقال أيضا ص30: [وذلك لدلالة التعليل على أن توجيه الميت نحو القبلة حال الاحتضار إحسان إليه حتى يُقبل الله وملائكته عليه في آخر حياته].
ج-ان المتن الذي يشرحه الخوئي وهو العروة الوثقى للسيد كاظم اليزدي ذكر فيه مصنفه حول توجيه المحتضر نحو القبلة فقال: [ولا فرق بين الرجل والإمرأة والصغير والكبير بشرط أن يكون مسلما](2)، فأخذ الخوئي يعلق على أشتراط الاسلام معترضاً على المصنف تحت عنوان (اختصاص الوجوب بالمؤمن) يثبت فيه بأن الذي يجب توجيهه الى القبلة هو الامامي فقط، فقال ص34: [هل الوجوب بناءا على القول به يعم المؤمن والمسلم والكافر أو يختص بالمؤمن؟ الصحيح هو الاختصاص].
__________
(1) ذكر مصدر الرواية فقال: (الوسائل: الجزء 2 باب 35 من ابواب الاحتضار ح 5 – 6).
(2) العروة الوثقى (ط.ج) - السيد اليزدي ج 2 ص 18-19.(65/81)
د-بَيَّن الخوئي سبب حصره للتوجيه بالامامي بأن العلة من ذلك - وهي اقبال الله وملائكته على الميت - لم يجد لها عنده وجهاً مقنعاً كي يفعلها مع أموات المخالفين بمعنى آخر هو يرى حرمانهم من إقبال الله وملائكته ومن التجليل والتعظيم هو المعتقد الصحيح الذي يتلائم مع حقده الأسود، فقال ص35: [والعمدة هو مرسلة الصدوق أو مسنده، والتعليل الوارد في رواية الصدوق ظاهر في أن الغرض من التوجيه تجليل الميت وتعظيمه بحيث يقبل الله وملائكته إليه في آخر حياته وهذا مختص بالمؤمن فالتعدي عنه إلى المسلم فضلا عن الكافر وغيره مما لا وجه له]. وهكذا يؤكد لنا الخوئي في هذا المبحث مرةً بعد أخرى حقده الأسود على أموات أهل السنة.
3-ذكر في موضوع تشييع الجنازة والمشي معها عدة عبارات اليك بيانها:
أ-ذكر بأن المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بطرفيها (أي بجانبيها)، ثم ذكر كراهة المشي أمامها فقال: [ان يمشي خلف الجنازة أو طرفيها ولا يمشي قدامها، والاول أفضل من الثاني، والظاهر كراهة الثالث](1).
ب-ذكر أن كراهة المشي أمامها تتأكد بصورة أقوى في جنازة غير المؤمن - كل من عدا الامامي من جميع المخالفين - فقال في تكملة العبارة السابقة: [الظاهر كراهة الثالث خصوصا في جنازة غير المؤمن].
ج-لم يذكر لنا علة كراهة المشي أمام جنازة غير الامامي -أموات أهل السنة- وقد حاولت معرفة العلة في ذلك، وبعد البحث وجدت أحد أعلامهم وهو الشهيد الثاني(2) يذكرها وهي لكون ملائكة العذاب تستقبل جنازة المخالف من الأَمام، فقال: [وأوجب التأخر لرواية أبى بصير عن الصادق عليه السلام بمنع المشى أمام جنازة المخالف لاستقبال ملائكة العذاب](3).
__________
(1) كتاب الطهارة - السيد الخوئي ج8 ص452-453.
(2) ستقف على ترجمته في الفصول القادمة من هذه الدراسة.
(3) روض الجنان- الشهيد الثاني ص314.(65/82)
د-رأيت من تمام الفائدة أن يقف القارئ على نص رواية أبي بصير عن الصادق التي أشار اليها شهيدهم الثاني وهي: [محمد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) كيف أصنع إذا خرجت مع الجنازة؟ أمشي أمامها أو خلفها أو عن يمينها أو عن شمالها؟ فقال: إن كان مخالفا فلا تمش أمامه، فإن ملائكة العذاب يستقبلونه بأنواع العذاب](1).
فهذه حقيقة موقف الخوئي الحاقد - الملئ بالحقد واللعن والعداء - تجاه أهل السنة ومعتقده فيهم من غير مداراة ولا تقية من خلال مباحثه الفقهية والتي كان أغلبها دروساً يلقيها على طلبته في الحوزة العلمية تقدر أعدادهم بالمئات أوالآلاف ليرثوا هذا الحقد وينشروه بين أبناء جلدتهم من العوام والمثقفين، لتتأكد الحقيقة المرة وهي عدم امكانية التقارب والإخاء مع من يلعننا ويرفض التآخي معنا.
وهكذا نكمل أخطر موضوع في هذه الدراسة وهو تكفير علماء الامامية لأهل السنة، والذي بينا فيه انقسامهم الى فريقين الأول قال بكفرنا ونجاستنا، والثاني قال بإسلامنا وطهارتنا، ثم بينا فيه أهم شخصيات الفريق الثاني وهم النجفي والأنصاري والحكيم والخميني والخوئي، وكشفنا فيه عن مفهوم إسلامنا وطهارتنا عند هذا الفريق ، وكيف أن المراد به مسلم الدنيا كافر الآخرة ( طاهر الدنيا نجس الآخرة ) وبما يترتب عليه من جواز لعننا وهجونا ولعن أمواتنا وغير ذلك من الأمور التي أظهرت بكل وضوح بشاعة حقدهم وبغضهم لأهل السنة صراحة وبدون مداراة ولا تقية.
__________
(1) وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي ج3 ص150-151، باب (جواز المشي قدام الجنازة على كراهية مع عدم التقية وتتأكد في جنازة المخالف) الحديث رقم (5).(65/83)
وبقي أن أشير الى أمر أخير وهو احتمال خلو هذا المبحث من بعض الأسماء المعروفة لعلماء ومراجع إمامية آخرين كالسيستاني ومحمد محمد صادق الصدر وغيرهم ممن لم يتم ذكرهم أو الاشارة الى معتقدهم في هذا الموضوع،والأمر ببساطة يعود الى سببين أساسيين:
الأول:
إن تناول جميع شخصيات المذهب المعروفة أمر شبه ممتنع في مجلد بهذا الحجم لذا كان الاقتصار على شخصيات معينة أمراً ضرورياً بل ملزماً(1)، ولكن يجدر التذكير بأن ماتم تناوله من شخصيات يغني عن ذكر من عداهم لأنها تعتبر أعمدة المذهب ورؤوسه وفيها غنىً عمن سواها.
الثاني:
إن كل من لم يتم ذكرهم أو الاشارة اليهم سوف يدخلون بداهة في أحد الفريقين-إذ لا ثالث لهما بين جميع مراجع المذهب لأن القضية عقائدية وليست فقهية فلا مجال للاجتهاد فيها والخروج بقولٍ جديد في المذهب- فهما إما مع الفريق الأول القائل بكفرنا ونجاستنا في الدنيا والآخرة، أو (إن أحسنّا الظن بهم!!) فهم مع الفريق الثاني(2) القائل بكفرنا ونجاستنا في الآخرة فقط! وأننا نحشر مع الوثنيين والملحدين المشركين واليهود والنصارى إلى النار خالدين مخلدين بنفس شدة العذاب أو أشدّ!
__________
(1) وحتى الشخصيات التي تناولتها لم أنقل عنها إلا بعض ما قالته في حقنا، فقد حاولت الاختصار قدر المستطاع ، وربما في قابل الأيام نضيف جديداً لتوسيع هذه الدراسة إن شاء الله تعالى .
(2) لا سيما والسيد علي السيستاني هو ممن تخرج على يد الخوئي فهو تلميذ بارٌّ وناقل أمين لمعتقد شيخه ، لذا أستطيع القول بأن كل ما نقلناه في هذه الدراسة من أقوال الخوئي فهي تُعَدُّ أقوالاً للسيستاني لأن القضية كما ذكرت عقائدية لا مجال للخلاف والاجتهاد فيها.(65/84)
الفصل الرابع
بيان بشاعة موقفهم تجاه أموات أهل السنة من حيث تغسيلهم والصلاة عليهم
الفصل الرابع
وقد خصصنا هذا الفصل لبيان وجه آخر من وجوه بغضهم وعدائهم الأثيم على أهل السنة، والمتمثل بمعتقدهم البشع تجاه أمواتهم وذلك في قسمين هما:
القسم الأول:بيان حقدهم في صلاة الجنازة
وهو لبيان حقدهم في صلاة الجنازة تحديداً، وبما أن القارئ قد تكوَّن عنده تصور عام لذلك من خلال استعراضنا لموقف الخوئي من أموات المخالفين في الفصل السابق، فلا بأس ان ندخل في تفاصيل الموضوع لنعرض للقارئ حقائق واعترافات أعمدة المذهب وأَعلامه في ذلك، إذ درست(1) هذا الموضوع في معظم كتبهم الفقهية ابتداءً من المفيد والطوسي، وانتهاءاً بالخميني والخوئي والسيستاني، فاستعرضت آرائهم وفتاويهم في صلاة الجنازة وكيفيتها على كل من أموات الإمامية وأهل السنة - المخالفين - فوجدت فيه ما يثير في النفس الألم والحسرة من بشاعة حقدهم الأسود على أموات أهل السنة، لأتفاقهم - بعد استقرائي لأقوالهم - على لعن المخالف في صلاة الجنازة، وان اختلفت عباراتهم من حيث الصراحة والابهام، فهم بين مُصَرِّح ومُبْهِم، وآخر ساكت لم يتطرق لبيان معتقده تجاههم فيها، وإليك بيان الأدلة التي تثبت ذلك وكما يلي:
الدليل الأول
وهو الذي صرَّحوا فيه بأن المخالف يدعى عليه في صلاة الجنازة من غير لفٍّ أو دوران، ومن غير مداراةٍ ولا تقية، فمن هؤلاء:
__________
(1) وقد استغرقت دراسته عشرة أشهر كاملة أو تزيد.(66/1)
1-قال علي بن بابويه القمي(ت329هـ)(1): [وإذا كان الميت مخالفا فقل في تكبيرك الرابعة: اللهم اخز عبدك وابن عبدك هذا، اللهم أصله نارك، اللهم أذقه أليم عقابك وشديد عقوبتك، وأورده نارا واملأ جوفه نارا، وضيق عليه لحده، فإنه كان معاديا لأوليائك ومواليا لأعدائك، اللهم لا تخفف عنه العذاب واصبب عليه العذاب صبا. فإذا رفع جنازته فقل: اللهم لا ترفعه ولا تزكه](2).
__________
(1) وقد ترجم له الخوئي قائلاً: (علي بن الحسين بن موسى بن بابويه: قال النجاشي: " علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي أبو الحسن. شيخ القميين في عصره ومتقدمهم، وفقيههم، وثقتهم، كان قدم العراق واجتمع مع أبي القاسم الحسين بن روح رحمه الله وسأله مسائل ثم كاتبه بعد ذلك على يد علي بن جعفر بن الاسود)، ينظر معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي ج21 ص 398.
(2) فقه الرضا- علي بن بابويه ص 178.(66/2)
2-قال شيخهم المفيد(ت413هـ)(1): [ولا يجوز لاحد من أهل الايمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية ولا يصلى عليه إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية، فيغسله تغسيل أهل الخلاف، ولا يترك معه جريدة، وإذا صلى عليه لعنه في صلاته ولم يدع له](2).
__________
(1) ولينظر القارئ بما ترجم له الخوئي ليعرف بأنه من أعمدة المذهب وأركانه، حيث قال: [محمد بن محمد بن النعمان: قال النجاشي: " محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام بن جابر بن النعمان بن سعيد بن جبير بن وهب بن هلال بن أوس بن سعيد بن سنان بن عبدالدار بن الريان بن قطر بن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب ابن الحارث بن كعب بن علة بن خالد بن ملك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان: شيخنا وأستاذنا (رضي الله عنه)، فضله أشهر من أن يوصف في الفقه، والكلام، والرواية، والثقة، والعلم …… وقال الشيخ: " محمد بن محمد بن النعمان المفيد، يكنى أبا عبد الله، المعروف بابن المعلم، من جملة متكلمي الامامية، إنتهت إليه رياسة الامامية في وقته، وكان مقدما في العلم وصناعة الكلام، وكان فقيها متقدما فيه، حسن الخاطر، دقيق الفطنة، حاضر الجواب، وله قريب من مائتي مصنف كبار وصغار، وفهرست كتبه معروف، ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، وتوفي لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة ثلاث عشر وأربعمائة ... ]، ينظر معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي ج18 ص213 –217.
(2) المقنعة- الشيخ المفيد ص 85.(66/3)
3-قال شيخهم الطوسي(ت460هـ)(1) معلقاً على كلام المفيد السابق - بعدم الصلاة على المخالف وإن اضطرَّ لذلك لعنه فيها - موضحاً الوجه في ذلك فقال: [قال الشيخ أيده الله تعالى: (ولا يجوز لاحد من أهل الايمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية ولا يصلي عليه إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية فيغسله تغسيل أهل الخلاف ولا يترك معه جريدة وإذا صلى عليه لعنه في صلاته ولم يدع له فيها). فالوجه فيه ان المخالف لاهل الحق كافر فيجب أن يكون حكمه حكم الكفار إلا ما خرج بالدليل، وإذا كان غسل الكافر لا يجوز فيجب أن يكون غسل المخالف أيضا غير جايز وأما الصلاة عليه فيكون على حد ما كان يصلي النبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام على المنافقين، وسنبين فيما بعد كيفية الصلاة على المخالفين إن شاء الله تعالى والذي يدل على أن غسل الكافر لا يجوز اجماع الامة لانه لا خلاف
__________
(1) ويكفي الطوسي وزناً في المذهب تسميته بشيخ الطائفة، ولذا ترجم له الخوئي قائلاً: (فقد أسس الشيخ - قدس الله نفسه - في مشهد أمير المؤمنين عليه السلام مدرسة ما أعظمها، وأجل شأنها، فقد تخرج عليه عدد كثير من الفقهاء والمجتهدين، ومن العلماء المفسرين والمتكلمين، وبلغ - قدس الله نفسه - من العلم، والفضل، مرتبة كانت آراؤه وفتاواه تعد في سلك الادلة على الاحكام، ولذلك عبر غير واحد من الاعلام عن العلماء بعده إلى زمان ابن إدريس بالمقلدة، وهذه المدرسة المباركة تتخرج عليها العلماء، جيلا بعد جيل إلى زماننا هذا، وقبره - قدس الله نفسه - مزار? في الغري في مسجده إلى اليوم، وإني لم أظفر في علماء الاسلام من هو أعظم شأنا منه، فقد كتب في الفقه، والاصول، والكلام، والتفسير، والرجال، وكتبه تتناولها الايدي، ويستفاد منها إلى اليوم، فحقا قيل له شيخ الطائفة، وزعيمها، فجزاه الله عن الاسلام والمسلمين خير الجزاء)، ينظر معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي ج16 ص261-262.(66/4)
بينهم في ان ذلك محظور في الشريعة](1)، وقال أيضاً: [وإن كان مخالفا معاندا دعا عليه ولعنه](2).
4-قال شيخهم أبو الصلاح الحلبي(ت447هـ)(3): [وإن كان مخالفا للحق بجبر أو تشبيه أو اعتزال أو خارجية أو إنكار إمامة لعنه بعد الرابعة وانصرف. ولا يجوز الصلاة على من هذه حاله إلا لتقية](4).
5-قال ابن زهرة الحلبي(ت 585هـ)(5): [وإن كان مخالفا للحق دعا عليه بما هو أهله](6).
__________
(1) تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي ج 1 ص 335.
(2) مصباح المتهجد- الشيخ الطوسي ص 525.
(3) وقد ترجموا له في مقدمة كتابه الكافي بما يلي: [قال الشيخ الطوسي ره: تقي بن نجم الحلبي ثقة [عدل] له كتب قرأ علينا وعلى المرتضى [يكنى أبا الصلاح]، وقال ابن شهر آشوب المازندراني ره: أبو الصلاح تقي بن نجم الحلبي من تلامذة المرتضى قدس الله روحه، له كتاب البداية في الفقه، الكافي في الفقه، وكتاب شرح الذخيرة للمرتضى رضي الله عنه، وقال الشيخ منتجب الدين ره: الشيخ التقي بن نجم الحلبي فقه عين ثقة قرأ على الأجل علم الهدى نضر الله وجهه وعلى الشيخ الموفق أبي جعفر، وله تصانيف، منها الكافي، أخبرنا غير واحد من الثقات عن الشيخ المفيد عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري الخزاعي عنه]، ينظر الكافي للحلبي ص 5-6.
(4) الكافي للحلبي- أبو الصلاح الحلبي ص157.
(5) وقد ترجم له الخوئي بقوله: [حمزة بن علي: ابن زهرة الحسيني الحلبي، له كتاب قبس الانوار في نصرة العترة الاخيار وغنية النزوع، حسن، ذكره ابن شهر آشوب في معالم العلماء، وقال الشيخ الحر في تذكرة المتبحرين: " السيد عز الدين، أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي، فاضل، عالم، ثقة، جليل القدر، له مصنفات كثيرة] , ينظر معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي ج 7 ص 287.
(6) غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 104.(66/5)
6-قال أبو المجد الحلبي(1): [وبعد الرابعة بالترحم على الميت إن كان محقا، وعليه إن كان مبطلا](2).
7-قال يحيى بن سعيد الحلي(ت690هـ) (3): [وكيفيتها أن ينوي ويكبر ويتشهد الشهادتين، ثم يكبر ثانية ويصلي على النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم يكبر ثالثة، ويدعو للمؤمنين، ثم رابعة ويدعو للميت المحق، ثم خامسة، ويقول عفوك ثلاثا، وينصرف بها. وإن كان إماما: وقف حتى ترفع الجنازة سنة. وإن كان مبطلا دعا عليه، ولعنه عقيب الرابعة وانصرف](4).
__________
(1) وقد ترجموا له في مقدمة كتابه (إشارة السبق) بقولهم: [قال المحقق الشيخ أسد الله التستري (م1234هـ) صاحب المقابس: ومنها ابن أبي المجد الشيخ الفقيه المتكلم النبيه علاء الدين أبو الحسن علي ابن أبي الفضل بن الحسن بن أبي المجد الحلبي - نور الله مرقده - وهو صاحب كتاب " إشارة السبق إلى معرفة الحق " في أصول الدين وفروعه إلى الامر بالمعروف]، ينظر إشارة السبق - أبو المجد الحلبي ص 6.
(2) إشارة السبق- أبو المجد الحلبي ص 104.
(3) وقد ترجم له الخوئي بقوله: [وقال الشيخ الحر في تذكرة المتبحرين: " الشيخ أبو زكريا يحيى بن سعيد، وهو ابن أحمد بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي، من فضلاء عصره، يروي عنه السيد عبد الكريم بن أحمد بن طاووس كتاب معالم العلماء لابن شهر آشوب وغيره، كما رأيته بخط ابن طاووس، ويروي عنه العلامة، له كتاب جامع الشرايع، وغيره، وذكر العلامة (قدس سره): انه كان زاهدا ورعا]، ينظر معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي ج12 ص32 –33.
(4) الجامع للشرايع- يحيى بن سعيد الحلي ص 121.(66/6)
8-قال محققهم القمي(ت1090هـ)(1): [ثم يكبر رابعة ويدعوا للميت ان كان مؤمنا ثم يكبر وينصرف ويدعوا على الميت ان كان مخالفا](2).
__________
(1) قال عنه الخوئي مترجما له: [محمد باقر بن محمد مؤمن: قال الشيخ الحر في تذكرة المتبحرين: "مولانا محمد باقر بن محمد مؤمن الخراساني، السبزواري: عالم، فاضل، محقق، متكلم، حكيم، فقيه، محدث، جليل القدر، من المعاصرين، له كتب، منها: شرح الارشاد لم يتم، وكتاب في الفقه، ورسالة في تحريم الغناء، ورسالة في الصلاة والصوم فارسية، ورسالة في الغسل، ورسالة في تحديد النهار شرعا، وكتاب كبير في الادعية المأثورة، ورسالة في صلاة الجمعة عربية، وأخرى فارسية، وغير ذلك"]، ينظر معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي ج15 ص224.
(2) كفاية الأحكام- المحقق السبزواري ص 22.(66/7)
9-قال الميرزا القمي(ت1221هـ)(1): [وإن كان الميت مخالفا فأقل الواجب هو الدعاء عليه، والمنقول فيه روايات منها حسنة الحلبي في جاحد الحق: " اللهم املأ جوفه نارا، وقبره نارا، وسلط عليه الحيات والعقارب ". ومنها صحيحة صفوان بن مهران للناصب: " اللهم أخز عبدك في عبادك وبلادك، اللهم أصله أشد نارك، اللهم أذقه حر عذابك، فإنه كان يوالي أعداءك، ويعادي أولياءك، ويبغض أهل بيت نبيك"](2)
فهذه عباراتهم الصريحة الشنيعة بالدعاء على أموات المخالفين ولعنهم، والطامّة الكبرى انها صدرت من أعلام المذهب وأركانه دون عوامهم وجُهّالهم كما مرت بنا تراجمهم فإنا لله وإنا إليه راجعون.
الدليل الثاني
وهو الذي كان فيه اللعن لأموات المخالفين مذكوراً ضمناً، بخلاف التصريح في الدليل الاول، ويمكن الوقوف عليه وبيانه بعدة مسائل وكما يلي:
المسألة الاولى:
وهي التي أثبتوا فيها بأن المنافق يدعى عليه في الصلاة بعد التكبيرة الرابعة، فمن أقوالهم على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1-قال الطوسي: [والرابعة (التكبيرة) يدعوا بعدها للميت إن كان مؤمناً وعليه إن كان منافقاً](3).
__________
(1) قالوا عنه: [قال السيد حسن الصدر في تكملة أمل الأمل وما أحسن ما قال وأصوبه، قال: هو أحد أركان الدين، والعلماء الربانيين، والأفاضل المحققين، وكبار المؤسسين، وخلف السلف الصالحين; كان من بحور العلم، وأعلام الفقهاء المتبحرين، طويل الباع، كثير الاطلاع، حسن الطريقة، معتدل السليقة، له غور في الفقه والاصول مع تحقيقات رائقة، وله تبحر في الحديث والرجال والتاريخ والحكمة والكلام، كما يظهر كل ذلك من مصنفاته الجليلة، هذا مع ورع واجتهاد وسداد وتقوى واحتياط، ولاشك في كونه من علماء آل محمد وفقهائهم المقتفين آثارهم، والمهتدين بهداهم، إلى آخر ما قال]، ينظر غنائم الأيام - للميرزا القمي ج1 ص35-36.
(2) غنائم الأيام - الميرزا القمي ج 3 ص 479-480.
(3) الرسائل العشر ص195.(66/8)
2-قال المحقق الحلي: [ويستحب عقيب الرابعة أن يدعوا له إن كان مؤمناً وعليه إن كان منافقاً](1).
3-قال شهيدهم الأول(ت786هـ):[ثم يكبر الرابعة ويدعوا للميت إن كان مؤمناً، ويلعنه إن كان منافقاً](2).
المسألة الثانية:
وهي التي صرحوا فيها بأن المنافق - الذي يلعن في الصلاة - هو المخالف ويشمله حكمه إما بالمطابقة(3) أو بالتضمن(4) على خلاف بينهم، إلا ان هذا الاختلاف لايضر بموضوعنا ما داموا متفقين على ان المخالف مشمول بالدعاء عليه في الصلاة كالمنافق سواء بالمطابقة أو بالتضمن، فمن أقوالهم في ذلك ما يلي:
1-ما صرح به شهيدهم الثاني(ت966هـ)(5) في أكثر من موضع من كتبه، ومنها:
أ-قال في شرحه لكتاب اللمعة الدمشقية: [(والمنافق): وهو هنا المخالف مطلقا يقتصر) في الصلاة عليه (على أربع) تكبيرات). (ويلعنه) عقيب الرابعة](6).
__________
(1) شرائع الإسلام ج1ص82.
(2) البيان ص29.
(3) أي ان المراد من المنافق فيها هو المخالف دون غيره، وذهب الى هذا النجفي في الجواهر كما سنذكره بعد قليل.
(4) أي ان المنافق أعم من المخالف، فيشمل المخالف والمنافق اصطلاحاً - وهو المبطن للكفر - وذهب الى هذا آيتهم العظمى محمد صادق الروحاني كما سننقل قوله بعد قليل.
(5) قال عنه الخوئي: [زين الدين بن علي: قال الشيخ الحر في أمل الآمل: " الشيخ الاجل زين الدين بن علي ابن أحمد بن محمد بن جمال الدين بن تقي الدين بن صالح (تلميذ العلامة) العاملي الجبعي الشهيد الثاني. أمره في الثقة والعلم والفضل والزهد والعبادة والورع والتحقيق (والتبحر) وجلالة القدر وعظم الشأن وجمع الفضائل والكمالات أشهر من أن يذكر، ومحاسنه وأوصافه الحميدة أكثر من أن تحصى وتحصر، ومصنفاته كثيرة مشهورة. روى عن جماعة كثيرين جدا من الخاصة والعامة في الشام ومصر و بغداد وقسطنطينية وغيرها]، ينظر معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي ج8 ص385.
(6) شرح اللمعة الدمشقية - الشهيد الثاني ج1 ص429.(66/9)
ب-قال معلقاً على كلام محققهم الحلي: [وان كان منافقا، اقتصر المصلي على أربع، وانصرف بالرابعة. وتجب فيها النية، واستقبال القبلة، وجعل رأس الجنازة إلى يمين المصلي، * (هامش) * قوله: " وان كان منافقا.. الخ ": المراد به الناصب ويشهد له بعض الروايات. ويحتمل ان يريد به مطلق المخالف للحق إلزاما له بمعتقده، واختاره في الدروس، وهو أجود](1).
ج-قال: [قوله: " وعليه ان كان منافقا ". فان كان مع ذلك ناصبا قال في دعائه ما قاله الحسين (ع) في صلاته عليه: " اللهم العن عبدك الف لعنة مؤتلفة غير مختلفة، اللهم أخز عبدك في عبادك وبلادك وأصله حر نارك واذقه أشد عذابك فانه كان يتولى اعداءك ويعادي أوليائك ويبغض أهل بيت نبيك ". وإن لم يكن ناصبا قال ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام: " إن كان جاحدا للحق فقل: اللهم املا جوفه نارا وقبره نارا وسلط عليه الحيات والعقارب ". ولو دعي به على الناصبي أيضا تأدت الوظيفة لدخوله في الجاحد للحق. قوله: " وبدعاء المستضعفين ان كان منهم ". المراد بالمستضعف من لا يعتقد الحق ولا يعاند أهله ولا يوالي أحدا من الائمة ولا من غيرهم. ودعاء المستضعفين ما رواه الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام: " إن كان منافقا مستضعفا فكبر، وقل: اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ". وليس من قسم المستضعف من يعتقد الحق ولا يعرف دليله التفصيلي، فان ذلك من جملة المؤمنين، ولعدم كونه منافقا كما دل عليه الحديث](2).
فالظاهر من كلامه هو حمل المنافق على المخالف وذلك لعدم وجود هذه الأقسام الثلاثة (الناصب وغير الناصب والمستضعف) في المنافق المصطلح (وهو المبطن للكفر) مع اتفاقهم على وجودها في المخالف فتأمل.
__________
(1) مسالك الأفهام - الشهيد الثاني ج1 ص265.
(2) مسالك الأفهام - الشهيد الثاني ج1 ص268.(66/10)
د-قال: [ثم يكبر رابعة ويدعو للميت إن كان مؤمنا وعليه أن كان منافقا قيل وهو هنا الناصب كما يشهد به بعض العبارات والروايات… واختاره في الذكرى ويحتمل أن يريد به مطلق المخالف للحق وهو اختيار الدروس ويشهد له من الاخبار خبر محمد بن مسلم](1).
2-يقول فاضلهم الهندي(ت1137هـ)(2): [ثم الدعاء للميت إذا كان مؤمنا (ولعنه إن كان منافقا) أي مخالفا كما في المنتهى والسرائر والكافي والجامع، وبمعناه ما في الغنية والاشارة من الدعاء على المخالف، وفي الاقتصاد وكتب المحقق الدعاء عليه إن كان منافقا من غير نص أو دلالة على معنى المنافق](3).
3-ان علامتهم وخاتمة محدثيهم المجلسي(4) تعرض للصلاة على أموات المخالفين وذلك في مبحث إليك بيانه في عدة فقرات(5):
أ-بعد أن قرر بأنهم يكبرون خمساً ومخالفيهم يكبرون أربعاً، قال: [وأما ما دل عليه الخبر من كون الصلاة على المؤمن خمس تكبيرات فقد أجمع أصحابنا(على وجوبها، وأخبارنا به مستفيضة بل متواترة، وذهب الفقهاء الاربعة من المخالفين وجماعة أخرى منهم إلى أن التكبير أربع، وأما كون الصلاة على غير المؤمن أربعا فهو المقطوع به في كلامهم].
__________
(1) روض الجنان- الشهيد الثاني ص307.
(2) سنذكر ترجمته في المطلب الثاني من هذا الفصل.
(3) كشف اللثام (ط.ج) - الفاضل الهندي ج2 ص353.
(4) تقدمت ترجمته في الفصل الثاني من الباب الأول من هذه الدراسة فلتراجع.
(5) القول الأول والثاني نقلناهما من بحار الأنوار للمجلسي ج78 ص340.(66/11)
ب-أخذ يعلل سبب تكبير أهل السنة أربعاً بأنهم سمعوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر على المنافقين كذلك فظنوا عمومه على كل الأموات مع استخدامه لأقسى العبارات بحقهم، فقال: [ويظهر لك من أمثال هذا الخبر أن منشأ اشتباه العامة لعنهم الله في الاربع، هو فعل النبي صلى الله عليه وآله ذلك أحيانا، ولم يفهموا جهة فعله، بل أعماهم الله تعالى عن ذلك، ليتيسر للشيعة العمل بهذا في الصلاة عليهم، لكونهم من أخبث المنافقين لعنة الله عليهم أجمعين]، هكذا يلعن أهل السنة جميعاً بكل فرقهم ومذاهبهم ويَصِمُهُم بأخبث المنافقين وأن الله تعالى أعماهم، عامله الله بما يستحق.
ج-وأخيراً صرح بأن المنافق الذي يلعن في صلاة الجنازة هو المخالف - كل ما عدا الامامي من المسلمين - فقال: [واعلم أن الظاهر من الاخبار وكلام الاصحاب أن المراد بالمنافق غير الامامي لاطلاقه في مقابلة المؤمن](1).
__________
(1) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج78 ص342.(66/12)
4-يقول محمد جواد العاملي(ت1226هـ)(1): [[كيفية الصلاة على المنافق] قوله قدس الله تعالى روحه: * (إن كان منافقا) * أي ناصبا كما في " الهداية والمقنعة والنهاية والمبسوط والوسيلة والذكرى وجامع المقاصد وفوائد الشرائع وحاشية الإرشاد وشرحي الجعفرية ومجمع البرهان " لكن في بعضها التعبير بذلك وفي بعضها تفسير المنافق بذلك. وفي " حاشية الارشاد " ويلوح من جعله في مقابلة المؤمن أن المراد به المخالف مطلقا. ويؤيده أنهم ذكروا وجوب تغسيله ولم يتعرضوا للصلاة عليه بخصوصه فكأنهم أدرجوه هاهنا وإن بعد الحكم بلعنه مطلقا وفي " الغنية والسرائر والمنتهى والدروس وحاشية الميسي والروضة والمدارك والمفاتيح والكفاية " أنه المخالف](2).
__________
(1) قالوا عنه في مقدمة كتابه: [قال صاحب روضات الجنات: كان من فضلاء الأواخر ومتتبعي فقهائهم الأكابر وقد أذعن بكثرة اطلاعه وسعة باعه في الفقهيات أكثر معاصرينا الذين أدركوا فيض صحبته بحيث نقل ان الميرزا أبا القاسم صاحب القوانين كان إذا أراد في مسألة تشخيص المخالف والمؤالف يرجع إليه فيظفر به. وقال في ترجمة صاحب القوانين: إنه كان يرجع في مسائل الفقه عند شكه في وجود مخالف في المسألة إلى سيدنا الفقيه المتتبع السيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة أيام اقامته عنده ونزوله عليه في قم المباركة. ولأجل هذه الشهرة الحسنة والاعتبار المقبول المشهور ولأجل هذه السابقة المضيئة كان معظما مبجلا عند العلماء كافة]، ينظر مفتاح الكرامة - للسيد محمد جواد العاملي ج1 ص5.
(2) مفتاح الكرامة - للسيد محمد جواد العاملي ج4 ص178-179.(66/13)
5-صرح النجفي صاحب الجواهر(1) بأن المراد من المنافق هو المخالف فقال: [لأن المراد به هنا نصا وفتوى - خصوصا مع مقابلته بالمؤمن في الصحيح السابق - المخالف كما صرح به جماعة، بل في كشف اللثام في شرح قول الفاضل: (ولعنه إن كان منافقا) أي مخالفا كما في المنتهى والسرائر والكافي والجامع، وبمعناه ما في الغنية و (رة) من الدعاء على المخالف، فما عن المصباح ومختصره - من التعبير بلعن المخالف المعاند، والنهاية لعن الناصب المعلن والتبري منه، والمبسوط لعن الناصب والتبري منه والوسيلة الدعاء على الناصب لا يخلو من نظر إن أريد منه التخصيص، وحمل جميع هذه النصوص على الناصب - والمنافق في إسلامه لا داعي له بل ولا شاهد عليه، بل لا يبعد كون التعبير عنه بالمنافق ونحوه في النصوص للتقية. ضرورة عدم مشروعية الصلاة على غيره من الناصب والمنافق حقيقة إلا على بعض الوجوه التي ترجع معها إلى صورة الصلاة كالصلاة على عبد الله بن أبي الذي صلى عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد يدل الدعاء عليه على الدعاء على المخالف أيضا إلغاء للفرق بينهما وتنقيحا المناط فيهما، كما أن ما هو ظاهر في الناصب كذلك أيضا، بل على بعض التفاسير له يشمل سائر المخالفين، بل قد يقال باتحادهم في الحكم معه هنا وإن لم يكونوا متظاهرين بالعداوة لآل محمد (عليهم الصلاة والسلام) تخيلا " منهم أنهم على عقيدتهم في الرضا عن الأول والثاني والثالث(2)
__________
(1) قد نقلنا ترجمته وقسوته على أموات المخالفين وذلك عند دراسة شخصيته في الفصل الثالث فليراجع.
(2) يقصد بهم أبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - .(66/14)
، وإلا فهم أعداء لأعدائهم ومنهم آل محمد (عليهم الصلاة والسلام) وأوليائهم وتدليس الحال للتقية لا يرفع أصل العداوة كما هو واضح، فقد يقال حينئذ بوجوب لعنهم أو رجحانه كما هو ظاهر القواعد والمحكي عن المنتهى والسرائر والكافي والجامع فضلا " عن الدعاء عليهم بغيره، وإن كان الأقوى عدم وجوبه أي اللعن باطلاق الأدلة السابقة الذي لا ينافيه فعل الحسين (عليه السلام) وإن أمر وليه بقوله بعد تسليم كون الذي صلى عليه منهم لا ناصبا أو منافقا في إسلامه أو محكوما بكفره أو قلنا باشتراك الجميع في ذلك، لكن الأولى في الجمع بينه وبين غيره من النصوص القول بوجوب الدعاء عليه من غير توقيت بدعاء مخصوص، والله أعلم](1).
6-يقول محمد صادق الروحاني(2): [واما ان كان الميت منافقا والمراد به في المقام بقرينة مقابلته بالمؤمن، وتصريح القوم بعدم وجوب الصلاة على من حكم بكفره من المخالفين للحق هو الاعم من المخالف، ومن كان مظهرا للاسلام مبطنا للكفر، اقتصر المصلي على اربع تكبيرات. وتشهد له في المخالف: قاعدة الالزام، وفي المظهر للاسلام المبطن للكفر: جملة من النصوص المتضمنة ان النبي (صلى الله عليه وآله) كان يكبر على المؤمنين خمسا، وعلى اهل النفاق اربعا](3)، فهو يعمم ويوسِّع معنى المنافق ليشمل المخالف والمبطن للكفر.
المسألة الثالثة:
__________
(1) جواهر الكلام - الشيخ الجواهري ج 21 ص 50-51.
(2) قالوا عنه في مقدمة كتابه: [فقه الصادق تأليف فقيه العصر سماحة آية الله العظمى السيد محمد صادق الحسيني الروحاني مد ظله]
(3) فقه الصادق (ع) - السيد محمد صادق الروحاني ج2 ص448.(66/15)
بعد هذا لا شك بشوق القارئ لمعرفة صيغة الدعاء التي يقرأونها على أموات المخالفين والمنافقين!!! وخير من ذكر ذلك صراحةً هو صدوقهم ابن بابويه القمي(ت381هـ)(1) حيث قال: [وإذا صليت على المنافق فقل بين التكبيرة الرابعة والخامسة (اللهم اخزِ عبدك في عبادك وبلادك، اللهم اصله أشدَّ نارك، اللهم أذقه حر عذابك، فإنه كان يوالي أعدائك ويعادي أوليائك، ويبغض أهل بيت نبيك، فإذا رفع (أي رفعت جنازته) فقل: اللهم لا ترفعه ولا
__________
(1) قالوا عنه: [قال النجاشي: شيخنا وفقيهنا، ووجه الطائفة بخراسان. وكان ورد بغداد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن. وفي رجال الطوسي: جليل القدر، حفظة، بصير بالفقه والأخبار والرجال، له مصنفات كثيرة. وجاء في فهرسته: جليل القدر? يكني أبا جعفر، كان جليلا حافظا للأحاديث، بصيرا بالرجال، ناقدا للأخبار، لم ير في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه، له نحو من ثلاثمائة مصنف. وقال ابن إدريس: كان ثقة جليل القدر، بصيرا بالأخبار، ناقدا للآثار، عالما بالرجال، حفظة. وذكر العلامة في خلاصته: شيخنا وفقيهنا، ووجه الطائفة بخراسان. وجاء في رجال ابن داود الحلي: جليل القدر، حفظة، بصير بالفقه والأخبار، شيخ الطائفة وفقيهها، ووجهها بخراسان، له مصنفات كثيرة لم ير في القميين مثله في الحفظ وفي كثرة علمه. وفي روضة المتقين للمولى محمد تقي المجلسي: وثقة جميع الأصحاب، لما حكموا بصحة أخبار كتابه، بل هو ركن من أركان الدين، جزاه الله عن الاسلام والمسلمين أفضل الجزاء. وقال المجلسي في بحاره: (بأنه - قدس سره -) من عظماء القدماء، التابعين لآثار الأئمة النجباء، الذين لا يتبعون الآراء والأهواء، ولذا ينزل أكثر أصحابنا كلامه وكلام أبيه منزلة النص المنقول، والخبر المأثور. وذكر المامقاني: التأمل في وثاقة الرجل وعدالته وجلالته، كالتأمل في نور الشمس الضاحية]، ينظر - المقنع- للشيخ الصدوق ص 6-7.(66/16)
تزكه](1).
بهذا اللعن يدعون على الأموات من أهل السنة، ويطلبون من الله تعالى أن يُصْلِهِ أشدَّ ناره وأحر عذابه، فأين الأخوة الاسلامية وأين حقوقها؟! فإنا لله وإنا إليه راجعون.
الدليل الثالث
ويمكن بيان هذا الدليل في ثلاث مسائل هي:
المسألة الأولى:
إن علامتهم المعتمد الحر العاملي(2) قد خصص باباً في كتابه (وسائل الشيعة) لبيان كيفية الصلاة على المخالف والدعاء عليه وذلك بذكره لسبع روايات إليك بيانها(3):
1-محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبيد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا صليت على عدو الله فقل: اللهم إنا لا نعلم منه إلا أنه عدو لك ولرسولك، اللهم فاحش قبره نارا، واحش جوفه نارا، وعجل به إلى النار، فإنه كان يوالي أعداءك، ويعادي أوليائك، ويبغض أهل بيت نبيك، اللهم ضيق عليه قبره، فإذا رفع فقل: اللهم لا ترفعه ولا تزكه. ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، مثله.
__________
(1) المقنع ص70.
(2) وقد ترجم له الخوئي قائلاً: [وقال الاردبيلي في جامعة: " محمد بن الحسن الحر العاملي: ساكن المشهد المقدس الرضوي، على ساكنها من الصلوات أفضلها ومن التحيات أكملها، الشيخ الامام العلامة، المحقق المدقق، جليل القدر، رفيع المنزلة، عظيم الشأن، عالم فاضل، كامل متبحر في العلوم، لا تحصى فضائله ومناقبه، مد الله تعالى في عمره، وزاد الله تعالى في شرفه، له كتب كثيرة منها: كتاب وسائل الشيعة، كتاب كبير، وكتاب هداية الامة، وكتاب بداية الهداية، وكتاب الفوائد الطوسية، وغيرها من الكتب "]، ينظر معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي ج61 ص256-257.
(3) ينظر وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي ج3 ص69-72، برقم (3039-3045).(66/17)
2-وبإسناده عن صفوان بن مهران الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مات رجل من المنافقين فخرج الحسين بن علي (عليه السلام) يمشي فلقيه مولى له فقال له: إلى أين تذهب؟ فقال: أفر من جنازة هذا المنافق أن أصلي عليه، فقال له الحسين (عليه السلام) قم إلى جنبي فما سمعتني أقول فقل مثله، قال: فرفع يديه فقال: اللهم أخز عبدك في عبادك وبلادك، اللهم أصله أشد نارك، اللهم أذقه حر عذابك، فإنه كان يتولى أعداءك، ويعادي أولياءك، ويبغض أهل بيت نبيك. ورواه الحميري في (قرب الاسناد) عن السندي بن محمد، عن صفوان بن مهران، مثله. محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن صفوان الجمال، مثله.
3-وعنهم، عن سهل، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: تقول: اللهم أخز عبدك في بلادك وعبادك، اللهم أصله نارك، وأذقه أشد عذابك، فإنه كان يعادي أولياءك، ويوالى أعداءك، ويبغض أهل بيت نبيك.
4-وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما مات عبد الله بن أبي بن سلول حضر النبي (صلى الله عليه وآله) جنازته، فقال عمر: يا رسول الله، ألم ينهك الله أن تقوم على قبره؟! فسكت، فقال: ألم ينهك الله أن تقوم على قبره؟! فقال له: ويلك، وما يدريك ما قلت؟! إني قلت: اللهم احش جوفه نارا، واملأ قبره نارا، وأصله نارا. قال أبو عبد الله (عليه السلام): فأبدى من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما كان يكره.
5-وعنه، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إن كان جاحدا للحق فقل: اللهم املا جوفه نارا وقبره نارا، وسلط عليه الحيات والعقارب، وذلك قاله أبو جعفر (عليه السلام) لامرأة سوء من بني أمية صلى عليها أبي، وقال هذه المقالة: واجعل الشيطان لها قرينا، الحديث.(66/18)
6-وعنه، عن أبيه، وعن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن زياد بن عيسى، عن عامر بن السمط، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أن رجلا من المنافقين مات فخرج الحسين بن علي (عليه السلام) يمشي معه، فلقيه مولى له، فقال له الحسين (عليه السلام): أين تذهب يا فلان؟! قال: فقال له مولاه: أفر من جنازة هذا المنافق أن أصلي عليها، فقال له الحسين (عليه السلام): أنظر أن تقوم على يميني فما تسمعني أقول فقل مثله، فلما أن كبر عليه وليه قال الحسين: الله أكبر، اللهم العن فلانا عبدك ألف لعنة مؤتلفة غير مختلفة، اللهم أخز عبدك في عبادك وبلادك، وأصله حر نارك، وأذقه أشد عذابك، فإنه كان يتولى أعداءك، ويعادي أولياءك، ويبغض أهل بيت نبيك. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب وكذا حديث ابن أبي بن سلول.
7-وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله الحجال، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله، أو عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ماتت امرأة من بني أمية فحضرتها فلما صلوا عليها ورفعوها وصارت على أيدي الرجال قال: اللهم ضعها ولا ترفعها ولا تزكها، قال: وكانت عدوة لله، قال: ولا أعلم إلا قال: ولنا.
بهذا الكم الغزير من اللعن والنار يدعون على أموات أهل السنة!!!
المسألة الثانية:
رأيت ان التي تحتاج بياناً من بين تلك الروايات هما الأولى والسادسة , وذلك لغموضهما وصراحة ما عداهما، وسبب الغموض لأنها ذكرت المنافق - دون المخالف - وان الراوي أراد الفرار من الصلاة عليه، فنهاه الحسين بن علي - رضي الله عنه - وأمره بالصلاة عليه، ولذا نحتاج الى معرفة من هو المنافق المقصود بهذا اللعن، وهل هو المنافق المصطلح -المبطن للكفر- أم انه المخالف؟ وبعد التأمل والدراسة وجدت أن مرادهم به هو المخالف، والذي يدل عليه ما يلي:(66/19)
1-ان محدثهم الحر العاملي فسر المنافق - الذي أراد الراوي الفرار من الصلاة عليه - بأنه المخالف وذلك ظاهر من عنوان الباب وهو (باب كيفية الصلاة على المخالف، وكراهة الفرار من جنازته إذا كان يظهر الاسلام).
2-لقد أثبت الخوئي حقيقة مهمة جداً تُعَدُّ كلمة الفصل في هاتين الروايتين وهي ان المنافق اذا أطلق في عصر الأئمة فالمراد به المخالف وفي عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو المبطن للكفر، فقال: [واين هذا من المنافق في عصر الائمة وفي ألسنة الاخبار إذ المنافق فيهما بمعنى المسلم المنكر للولاية. ولكن الموجود في كلماتهم أن المنافق بمعنى المنكر للولاية يصلى عليه بأربع تكبيرات](1).
وعلَّق على رواية عن الرضا يقول فيها بأن التكبير على المنافق أربعاً، فقال مبيناً معنى المنافق في عصره: [وهي ظاهرة في المدعى لو خليت وفي نفسه لكونها صادرة عن الامام الرضا (ع) والمنافق في عصره في مقابل المؤمن المعتقد بالولاية وظاهره المخالف](2).
وبموجب ما أَصَّلَهُ الخوئي يكون المنافق في الروايتين هو المخالف لأنهما في زمن الحسين بن علي - رضي الله عنه - وليس في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو القول الفصل في ذلك.
3-لو أردنا أن نغض الطرف عن هذه الأدلة الصريحة، وسلمنا بأن المراد منها هو المنافق الاصطلاحي، فالذي يهمنا هو هل ان اللعن الوارد بحقه يشمل المخالف ويتناوله أم لا؟
__________
(1) كتاب الطهارة - للسيد الخوئي ج9 ص90.
(2) كتاب الطهارة - للسيد الخوئي ج9 ص94.(66/20)
وأصرح جواب شافٍ هو لشيخ الطائفة الطوسي الذي أكد بأن كيفية الصلاة على المخالف تكون كالصلاة على المنافق وبمعنى آخر يشمله اللعن الوارد فيها، فقال: [فالوجه فيه ان المخالف لاهل الحق كافر فيجب أن يكون حكمه حكم الكفار إلا ما خرج بالدليل، وإذا كان غسل الكافر لا يجوز فيجب أن يكون غسل المخالف أيضا غير جايز وأما الصلاة عليه فيكون على حد ما كان يصلي النبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام على المنافقين(1)، وسنبين فيما بعد كيفية الصلاة على المخالفين إن شاء الله تعالى والذي يدل على أن غسل الكافر لا يجوز باجماع الامة لانه لا خلاف بينهم في ان ذلك محظور في الشريعة](2).
المسألة الثالثة:
وهي للوقوف على صيغة الدعاء -الوارد في الروايتين- الذي يقرأوه على أموات أهل السنة في صلاتهم، وهو: (اللهم أخز عبدك في عبادك وبلادك، اللهم أصله أشد نارك، اللهم أذقه حر عذابك، اللهم العن فلانا عبدك ألف لعنة مؤتلفة غير مختلفة، اللهم أخز عبدك في عبادك وبلادك، وأصله حر نارك، وأذقه أشد عذابك)، بهذا الحقد والعداء يحفظون حقوق الأخوة الاسلامية مع أهل السنة أحياءً وأمواتاً!!!
الدليل الرابع
__________
(1) وقد ذكر الطوسي كيفية الصلاة على المنافق - وهي بعينها يصليها على المخالف - في تهذيب الأحكام (3/196) [أبي عن الحلبي عن عبد الله قال: لما مات عبد الله بن أبي سلول حضر النبي صلى لله عليه وآله جنازته فقال عمر لرسول الله: يا رسول الله ألم ينهك الله أن تقوم على قبره؟ فسكت فقال: يا رسول الله ألم ينهك الله أن تقوم على قبره؟ فقال له: ويلك وما يدريك ما قلت؟ إني قلت: اللهم احش جوفه ناراً واملأ قبره ناراً واصله ناراً فقال عبد الله: أبدى من رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان يكره].
(2) تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي ج1 ص335.(66/21)
ونذكر فيه حقيقة مهمة وقفت عليها من خلال الاستقراء، وهي أني لم أجد عالماً واحداً منهم صرح بخلاف ما تقدم في الأدلة الثلاثة، إذ لم أجد لهم أي تصريح بأن المخالف يُدْعى له في صلاة الجنازة بالرحمة والمغفرة كما يفعلون مع الامامي – وبالمقابل فان هناك كمّاً هائلاً من تصريحاتهم بلعنه والدعاء عليه كما مرَّ بنا - لأنهم بين مُصَرِّح ومبهم في لعنه، والقسم الأخير هو الساكت الذي ذكر فقط كيفية الصلاة على الامامي دون ذكره لكيفيتها على المخالف، ومن هؤلاء الساكتين الگلپايگاني والخميني والسيستاني(1)
__________
(1) بحسب ما اطلعت عليه من بعض مؤلفاتهم في هذا الموضوع، بل حتى آيتهم العظمى علي السيستاني وإن لم يصرِّح بكيفية الصلاة على المخالفين من أهل السنة إلا أنه ضمنها بكلام لا يخفى على ذوي البصائر والنُّهى حين صرح بأن الدعاء للميت في صلاة الجنازة بالرحمة والمغفرة يكون مختصاً فيما لو كان الميت مؤمن -أي شيعي إمامي- بمعنى أن هذا الدعاء لا يشمل غير الشيعي الإمامي فلا يدعوا به للمخالف لأنه قصره وحصره بالشيعي فقط واليك نص الصلاة التي ذكرها في كتابه (المسائل المنتخبة) ص59-60 حيث قال:[ ( كيفية صلاة الميت ) يجب في الصلاة على الميت خمس تكبيرات والدعاء للميت عقيب احدى التكبيرات الاربع الاول ، واما في البقية فالظاهر انه يتخير بينه وبين الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله والشهادتين والدعاء للمؤمنين والتمجيد لله تعالى ، ولكن الاحوط ان يكبر أولا ويقول ( أشهد ان لا إله إلا الله وإن محمدا رسول الله ) ثم يكبر ثانيا ويصلي على النبي وآله ، ثم يكبر ثالثا ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ، ثم يكبر رابعا ويدعو للميت ، ثم يكبر خامسا وينصرف . والافضل ان يقول بعد التكبيرة الاولى : ( أشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ) . وبعد التكبيرة الثانية : ( اللهم صل على محمد وآل محمد وارحم محمدا وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على ابراهيم وآل ابراهيم انك حميد مجيد وصل على جميع الانبياء والمرسلين والشهداء والصديقين وجميع عباد الله الصالحين ) . وبعد التكبيرة الثالثة : ( اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات تابع اللهم بيننا وبينهم بالخيرات انك مجيب الدعوات انك على كل شئ قدير ) . وبعد الرابعة : ( اللهم ان هذا المسجى قدامنا عبدك وابن عبدك وابن امتك نزل بك وانت خير منزول به ، اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وانت اعلم به منا اللهم ان كان محسنا فزد في احسانه وان كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته واغفر له ، اللهم اجعله عندك في أعلى عليين واخلف على اهله في الغابرين وارحمه برحمتك يا ارحم الراحمين ) ثم يكبر ، وبها تتم الصلاة] ، ثم عقب على صيغة الصلاة بقصرها فقط على الشيعة حيث قال بعدها مباشرةً بقوله:[ وتختص هذه الكيفية بما إذا كان الميت مؤمنا بالغا ]، فإشارته هذه تغنيه عن التصريح ببيان معتقده في الصلاة على مخالفيه من أهل السنة، وتغنينا أيضاً بعد وقوفنا على ما تكِنُّه صدورهم من الحقد واللعن لأهل السنة أحياءاً وأمواتاً.(66/22)
، والسكوت لا يُعَدُّ مخالفة عند العقلاء، بل هو للموافقة أقرب، لأنه لو كان يعتقد بخلاف علمائه المتقدمين - الذين وقفنا على أقوالهم - لأظهره وصرح به ودافع عنه بذكر الأدلة(1)، وأما السكوت فلا معنى له إلا الموافقة.
ومن هنا قررت هذه الحقيقة -بعد الاستقراء والتدقيق بأقوالهم- بأنهم متفقون على لعن أموات أهل السنة والدعاء عليهم في صلاة الجنازة , مع عدم وجود مخالف عندهم في ذلك، ومن ادعى بأن هناك مخالفاً معروفاً بوزنه في المذهب فليأتنا به ونكون له شاكرين على هذه المساهمة { فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } [البقرة:24]،وبهذا نكمل المطلب الأول من هذا الفصل والمتعلق بالصلاة على أموات أهل السنة.
فهذا هو القسم الأول من هذا الفصل المتعلق بالصلاة على أموات أهل السنة، ولننتقل بعده إلى القسم الثاني المتعلق بتغسيلهم.
القسم الثاني:بيان حقدهم في تغسيل أموات أهل السنة
وهو لبيان بشاعة حقد طائفة من علمائهم على أموات أهل السنة من حيث تغسيلهم، إذ لم يُجَوِّزوا تغسيلهم إلا للتقية والضرورة، بمعنى أن الواجب والأولى هو عدم تغسيلهم، فمن هؤلاء ما يلي:
1-يقول شيخهم المفيد: [ولا يجوز لأحد من أهل الايمان أن يُغَسِّل مخالفاً للحق في الولاية ولا يصلى عليه إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية فيغسله تغسيل أهل الخلاف، ولا يترك معه جريدة، وإذا صلى عليه لعنه في صلاته ولم يدع له](2).
__________
(1) وأنى لهم دليل في تلك المخالفة، ومروياتهم ونصوص علمائهم متفقة على اللعن وتأخذ بأعناقهم لإعتقاده كما بيناه .
(2) المقنعة- الشيخ المفيد ص 85.(66/23)
2-يذكر سلار(1) ان الذي يجب تغسيله من الأموات هو المعتقد للامامة فقط، بمعنى آخر لا يجب تغسيل ما عداه من المخالفين، فقال: [أحدهما: الغسل فيه واجب على الميت نفسه قبل موته، والاخر يجب على غيره بعد موته إذا كان الميت معتقدا للحق](2).
3-يقول شيخ طائفتهم الطوسي: [ولا ينبغي للمؤمن أن يغسل أهل الخلاف. فإن اضطر، غسله غسل أهل الخلاف، ولم يجعل معه الجريدة على حال](3).
4-يقول ابن البراج(4): [واما من لايغسل فهو… وكل مخالف للحق من ملة الاسلام ليس في ترك غسله تقية](5).
5-لقد عدَّ محققهم الحلي(6) من المكروهات تغسيل أموات المخالفين، فقال: [ويكره: أن يجعل الميت بين رجليه. وأن يقعده. وأن يقص أظفاره. وأن يُرَجِّل شعره. وأن يغسل مخالفا، فإن اضطر غسله غسل أهل الخلاف](7).
__________
(1) ترجم له الخوئي قائلاً: [سالار (سلار) بن عبد العزيز: قال الشيخ منتجب الدين في فهرسته: (الشيخ أبو يعلى سالار (سلار) بن عبد العزيز الديلمي: فقيه، ثقة، عين له كتاب المراسم العلوية، والاحكام النبوية أخبرنا به الوالد عن أبيه عنه رحمهم الله)، ينظر معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج9 ص9-10.
(2) ينظر المراسم العلوية - لسلار ص45.
(3) النهاية- الشيخ الطوسي ص43، وكذلك قال في المبسوط ج1 ص181.
(4) وقد ترجم له الخوئي قائلاً: [عبد العزيز بن نحرير: قال الشيخ منتجب الدين في فهرسته: " القاضي سعد الدين عز المؤمنين أبو القاسم عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البراج: وجه الاصحاب وفقيههم، وكان قاضيا بطرابلس وله مصنفات منها المهذب، والمعتمد، والروضة، والجواهر، المقرب، عماد المحتاج في مناسك الحاج، وله الكامل في الفقه، والموجز في الفقه، وكتاب في الكلام]، ينظر معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي ج11 ص42-43.
(5) المهذب - القاضي ابن البراج ج1 ص55- 56.
(6) سنذكر ترجمته في الفصل القادم ان شاء الله تعالى.
(7) شرائع الاسلام - للمحقق الحلي ج1 ص32.(66/24)
6-يقول علامتهم الحلي(1): [ويكره أن يغسل مخالفا فان اضطر غسله غسل أهل الخلاف](2).
7-يقول شهيدهم الأول: [ويكره تغسيل المخالف فان فعله فليغسله تغسيلهم ولو باشر المخالف تغسيل المؤمن فالاقرب الاجزاء](3).
8-يقول محققهم السبزواري: [والمشهور ان الاحكام المذكورة واجبة بالنسبة إلى المسلم ومن هو في حكمه مطلقا وخالف فيه جماعة من الاصحاب فلم يجوزوا تغسيل المخالف والقول بعدم وجوب تغسيلهم لا يخلو عن قوة](4).
__________
(1) سنذكر ترجمته في الفصل القادم ان شاء الله تعالى.
(2) قواعد الأحكام - العلامة الحلي ج1 ص224، وكذلك تحرير الاحكام ج1 ص17.
(3) البيان- للشهيد الأول ص24.
(4) كفاية الأحكام- المحقق السبزواري ص6.(66/25)
9-ان عالمهم وفاضلهم الهندي(ت1137هـ) (1) قد بحث تغسيل أموات المخالفين مستخدماً أقبح العبارات وأشنعها بحقهم، واليك بيانها(2) في عدة فقرات:
__________
(1) قالوا عنه في مقدمة كتابه: [حياة الفاضل الهندي بقلم الشيخ رسول جعفريان ترجمة السيد علي الطباطبائي بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين. إسمه ولقبه: هو أبو الفضل بهاء الدين محمد بن الحسن الاصفهاني المشهور بـ(الفاضل الهندي) و (بهاء الدين) وكاشف اللثام. ولد عام 1062 وتوفي سنة 1137 هجرية على المشهور كان، من الشخصيات العلمية البارزة في العهد الصفوي الاخير. ويعد في عداد الفقهاء العظام لمذهب الامامية في تلك الحقبة الزمنية. وبتأليفه كتاب (كشف اللثام عن قواعد الاحكام) رسخ موقعه كفقيه بارز في تاريخ الاجتهاد عند الشيعة] , وقالوا عن كتابه: [والكتاب الماثل بين يديك عزيزنا القارئ هو (كشف اللثام عن قواعد الاحكام) من تأليفات فخر الشيعة وركن الشريعة العلامة المجدد المرحوم آية الله الشيخ محمد بن الحسن الاصفهاني المعروف بالفاضل الهندي طيب الله رمسه، من أعلام القرن الثاني عشر الهجري في اصفهان، شرح فيه كتاب (قواعد الاحكام) شرحا وسيطا أقرب منه إلى الاختصار، ذكر فيه آراء أعمدة المذهب? من فقهاء الامامية المتقدمين منهم والمتأخرين بشكل مختصر وباسلوب فني متين، فأضحى السفر الذي لا يستغنى عنه، والمصدر الذي سد فراغا في المكتبة الاسلامية طالما ظل شاغرا]، ينظر مقدمة كتابه (كشف اللثام) ج1 ص3-6.
(2) نقلنا هذا المبحث من كتابه (كشف اللثام (ط.ج))، ج2 ص225-226.(66/26)
أ-ذكر خلافهم حول وجوب تغسيل المخالف وعدمه، ثم رَجَّحَ القول بالحرمة اذا كان المقصود إكرامه، فقال: [(ويجب تغسيل كل مظهر للشهادتين وإن كان مخالفا) للحق (عدا الخوارج والغلاة) كذا في التحرير والارشاد أيضا، ولم أر موافقا له في التنصيص على وجوب تغسيل المخالف. ونص المفيد على الحرمة لغير تقية، وهو الوجه عندي إذا قصد اكرامه لنحلته أو لاسلامه، وحينئذ لا استثناء لتقية أو غيرها]، أي انه يرى حرمة غسل المخالف اذا كان بقصد إكرامه، فماذا أبقى لهم بالله عليكم من حقوق الأخوة؟!!!
ب-بَيَّنَ أهم الأسباب التي تبيح غسلهم - بعد أن صرح بحرمته - وهو عند حظور المخالفين حتى لايعرفوا بأن الامامية لا يغسلون أمواتهم فينفروا عنهم، فقال: [ومن التقية هنا حضور أحد من أهل نحلته، فإن الغسل كرامة للميت، ولا يصلح لها غير المؤمن، وإنما يجب إذا حضر أحد من أهل نحلته لئلا يشيع عندهم أنا لا نغسل موتاهم فيدعو ذلك إلى تعسر تغسيلنا موتانا أو تعذره].
ج-ذكر المقاصد التي يكون بها التغسيل مباحاً أو مكروهاً أو حراماً، فقال: [وبالجملة فجسد المخالف كالجماد لا حرمة له عندنا، فإن غُسِّلَ كغسل الجمادات من غير إرادة إكرام لم يكن به بأس(1)، وعسى يكون مكروها لتشبيهه بالمؤمن، وكذا إن اريد إكرامه لرحم أو صداقة ومحبة، وإن اريد إكرامه لكونه أهلا له لخصوص نحلته أو لأنها لا يخرجه عن الاسلام والناجين حقيقة فهو حرام، وإن اريد إكرامه لاقراره بالشهادتين احتمل الجواز].
__________
(1) وعليه فَلْيَعلم أهل السنة في مشارق الأرض ومغاربها بأن فاضلهم الهندي وحزبه لا يغسلون موتانا، بل يتعاملون مع أجسادنا كما يتعاملون مع الجمادات فلا يَرْون لها أية حرمة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.(66/27)
فتأمل وفقك الله كيف نطق بكل هذا الحقد والضلال بحق أموات أهل السنة حتى صار جسد المخالف كالجماد لا حرمة له عنده فلا يجوز أن يغسل بنية إكرامه، وإنما يجوز إذا نوى أن يغسله كما يغسل الجمادات كالبيت أو السيارة!!!
فهل بقي هناك أمل للتقارب والأخوة معهم وهم لا يرون حرمة لأجسادنا؟!!!
10-يقول جعفر كاشف الغطاء: [ولا يغسل كافر ولا مخالف ولا شهيد قتل في المعركة بين يدي الامام ولم يدرك وفيه رمق الحيوة جنبا كان أو لا ولا مستوجب للقتل بحد أو قصاص وقد اغتسل من قبل بامر الحاكم أو من قبل نفسه](1).
11-قال الميرزا القمي بعد أن استعرض خلافهم حول غسل المخالف فقال: [ثم حكم جمهور الأصحاب بكراهة غسل المخالف على المؤمن …… وبالجملة كلام الأصحاب في المسألة غير محرر، والأظهر عدم وجوب الغسل، وإن كان الأحوط متابعة الأصحاب](2).
__________
(1) كشف الغطاء - الشيخ جعفر كاشف الغطاء ج1 ص 146.
(2) غنائم الأيام - الميرزا القمي ج3 ص392-393.(66/28)
12-لقد قام مرجعهم المعاصر محمد صادق الروحاني باستعراض الخلاف بينهم حول وجوب غسل المخالف وعدمه، ثم رجَّح بعد ذلك عدم الوجوب، واستدل عليه بأن الغسل هو لكي يكون الميت أقرب الى رحمة الله وشفاعة الملائكة ولإكرامه وتنظيفه، فلا يرى استحقاق غير الامامي لهذه الأمور(1)، لذا لم يُجَوِّز غسلهم، فقال: [فإذاً لا دليل على وجوب تغسيله ……. بل يمكن استفادة عدم الوجوب من النصوص الواردة في بيان تعليل تغسيل الميت، وان الوجه فيه جعل الميت اقرب إلى رحمة الله، واليق بشفاعة الملائكة، أو أنه تنظيف للميت أو أنه كرامة له واحترام، أو أنه تطهير له عن الجنابة الحاصلة. إذ اياً ما كان لا يليق بغير المؤمن. فتحصل: ان الاظهر عدم الوجوب](2)، فهو يَحْرُم أموات المخالفين من القرب من رحمة الله وشفاعة الملائكة، ومن الإكرام والتنظيف والتطهير!!!
***************************
فهذه نماذج لحقدهم وعِظَم جُرْمِهم حول غسل أموات أهل السنة والصلاة عليهم، وبذلك نكمل الفصل الرابع بمطلبيه.
__________
(1) وقد سبقه بهذا الجرم العظيم - بحرمان أهل السنة من رحمة الله وشفاعة الملائكة - شيخهم الأنصاري الذي نقلنا قوله عند دراسة شخصيته بقوله: [وتغسيلهم غسل اهل الحق ليس كذلك نعم هو احترام عندنا من جهة انه ايصال خير ونفع اخروى إليهم لكنه غير مطلوب للشارع وكيف يطلب ايصال النفع الاخروي إلى من طلب لعنه والدعاء عليه بتضعيف العذاب حيا وميتا وجعله من افضل الاعمال]، كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري ج2 ص277.
(2) فقه الصادق (ع) - السيد محمد صادق الروحاني ج 2 ص329.(66/29)
الفصل الخامس
بيان فداحة جرمهم بمنعهم إعطاء الزكاة لفقراء أهل السنة
الفصل الخامس
وقد خصصناه لبيان بغيهم وجرمهم على أهل السنة في موضوع الزكاة وذلك من خلال مطلبين هما:
المطلب الأول:بيان بعض صور حقدهم على أهل السنة
وهو لبيان بعض الصور التي يتجلى فيها حقدهم وبغضهم،ولذا اخترنا صورتين وقع الأجماع عليهما من قبل علمائهم وهما:
1-الصورة الأولى:
يجب دفع الزكاة فقط للشيعي، وعليه لا يجوز اعطاؤها للمخالف وعلى هذا إجماعهم إذ لم أجد عالماً واحداً يخالفه.
2-الصورة الثانية:
إن المخالف -السني- إذا أعطى الزكاة الى أهل نحلته -أهل السنة- ثم اعتنق مذهب الشيعة الامامية بعد ذلك فيجب عليه اعادتها بدفعها الى الامامية، ولا تقبل منه تلك التي دفعها الى أهل السنة، وعلى هذا إجماعهم أيضاً.
وإليكم أهم نصوص علمائهم التي ذكرت صورتي الحقد أعلاه فمنها:
1-قال علي بن بابويه: [وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية](1).
2-قال ابن بابويه الملقب بالصدوق: [لا يجوز أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية](2)، وقال أيضاً: [إعلموا رحمكم الله أنه لا يجوز أن تدفع الزكاة إلا إلى أهل الولاية](3).
3-قال شيخهم المفيد: [روى زرارة وبكير والفضيل ومحمد بن مسلم وبريد العجلي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: موضع الزكاة أهل الولاية](4).
__________
(1) فقه الرضا ص 199.
(2) المقنع- الشيخ الصدوق ص 165.
(3) الهداية- الشيخ الصدوق ص 175.
(4) المقنعة- الشيخ المفيد ص 242.(67/1)
4-قال السيد المرتضى: [ولا تحل أيضا " إلا لأهل الإيمان والاعتقاد الصحيح وذوي الصيانة والنزاهة دون الفساق وأصحاب الكبائر](1)، وقال أيضاً: [مسألة خامسة وثلاثون [عدم جواز اعطاء الفطرة والزكاة للمخالفين] الفطرة والزكاة لضعفاء المؤمنين خاصة أم لسائر الضعفاء عامة؟. الجواب: لا يجوز إخراج فطرة ولا زكاة ولا صدقة إلى مخالف يبلغ به خلافه إلى الكفر، فمن أخرج زكاة أو فطرة إلى من هذه صفته وجب عليه الإعادة](2).
5-وقال سلار: [لابد فيمن تخرج إليه الزكاة من أوصاف، وهي على ضربين: أحدهما أعم من الاخر. فالاعم: الفقراء … والمساكين …. وأما الاخص، فهو من جمع فيه أربع سمات: أولها: أن يكون معتقدا للحق](3).
6-قال ابن البراج:[ويجب أن يعتبر في سائر ما ذكرناه من هؤلاء إلا المؤلفة قلوبهم شروط ثلاثة،أولها:أن يكونوا من أهل العدالة والايمان المعتقدين له،لأن من لا يكون كذلك بأن يكون ليس من أهل الايمان، والمعرفة به،ولا من المعتقدين له،ولا هو على ظاهر العدالة، والصلاح،أو كان فاسقا يشرب الخمر أو غيره من أنواع الفسق وهو من أهل الايمان،فإنه لا يستحق شيئا من الزكاة ولا يجزي دفع شيء منها إليه عمن وجبت عليه](4).
7-قال ابن حمزة الطوسي: [والمخالف إذا استبصر ودفع الزكاة إلى أهل نحلته أعاد](5).
__________
(1) رسائل المرتضى ج 3 ص 79.
(2) نفس المصدر ج1 ص289.
(3) المراسم العلوية- سلار بن عبد العزيز ص 132.
(4) المهذب- القاضي ابن البراج ج1 ص 169.
(5) الوسيلة- ابن حمزة الطوسي ص 129.(67/2)
8-قال المحقق الحلي في (شرائع الاسلام) ج1 ص123: [القسم الثاني في أوصاف المستحق: الوصف الأول: الايمان فلا يعطى كافرا، ولا معتقدا لغير الحق(1)، ولو أعطي مخالف زكاته لأهل نحلته ثم استبصر أعاد(2)]، وقال أيضاً: [وأما الاوصاف المعتبرة في الفقراء والمساكين. فأربعة: الايمان: فلا يعطى منهم كافر، ولا مسلم غير محق … ولو أعطى مخالف فريضة ثم استبصر، أعاد](3).
__________
(1) قال محقق الكتاب السيد صادق الشيرازي: [(الحق) هو الاعتقاد بإثني عشر إماما، فمن لم يعتقد بذلك كاملا فليس معتقداً للحق].
(2) قال المحقق أيضاً: [يعني: لو أعطى غير الشيعي زكاته لفقراء غير الشيعة وجب عليه إعادة الزكاة بعد ما صار شيعياً].
(3) المختصر النافع- المحقق الحلي ص 59.(67/3)
9-قال علامتهم ابن المطهر الحلي: [الفصل الثاني: في الاوصاف يشترط في الاصناف السبعة - غير المؤلفة -: الايمان، فلا يعطى الكافر ولا مخالف للحق، والاولاد تتبع الاباء في الايمان وعدمه، ويعيد المخالف ما أعطى مثله](1)، وقال أيضاً: [ولقول الباقر والصادق عليهما السلام في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء كالحرورية والمرجئة والعثمانية والقدرية، ثم يتوب ويعرف هذا الأمر، وبحسن رأيه، يعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج، أو ليس عليه إعادة شئ من ذلك؟ قال: " ليس عليه إعادة شئ من ذلك غير الزكاة. فإنه لا بد أن يؤديها، لأنه وضع الزكاة في غير موضعها، وإنما موضعها أهل الولاية " وهذا الحديث حسن الطريق](2)، وقال أيضاً: [الأول: لا يجوز صرف الزكاة إلى الكافر غير المؤلفة، ولا إلى غير المؤمن من سائر أصناف المسلمين، فلو خالف لم يجز، سواء كان عمدا أو جهلا.. الثاني: لو لم يوجد المؤمن، فالأصح منع غيره منها، وينتظر الوجدان، سواء كان غير المؤمن مستضعفا أو لا](3).
10-قال ابن العلامة: [الفصل الثاني في الأوصاف يشترط في الاصناف السبعة غير المؤلفة، الايمان فلا يعطي كافر ولا مخالف للحق والأولاد يتبع الآباء في الايمان وعدمه ويعيد المخالف ما أعطي مثله](4).
11-قال الشهيد الأول: [ويلحق بذلك مسائل يشترط الايمان في الجميع الا المؤلفة فلا يعطى الكافر ولا معتقد غير الحق من المسلمين ولو اعطى مخالف فريقه ثم استبصر اعاد](5).
__________
(1) قواعد الأحكام - العلامة الحلي ج1 ص350.
(2) تذكرة الفقهاء (ط.ج) - العلامة الحلي ج5 ص263.
(3) تحرير الأحكام (ط.ج) - العلامة الحلي ج1 ص410.
(4) إيضاح الفوائد - ابن العلامة ج1 ص198.
(5) البيان- الشهيد الأول ص 196.(67/4)
12-قال ابن فهد الحلي: [وأما الأوصاف المعتبرة في الفقراء والمساكين، فأربعة: الايمان: فلا يعطى منهم كافر، ولا مسلم عير محق … ولو أعطى مخالف فريضة، ثم استبصر أعاد](1).
13-قال الميرزا القمي: [في أوصاف المستحقين للزكاة وفيه مباحث: الأول: يشترط فيهم الإيمان إلا المؤلفة قلوبهم كما مر … والمراد بالإيمان: هو الإسلام مع القول بالأئمة الاثنى عشر عليهم السلام بدليل إجمالي تطمئن إليه النفس. ويدل على اعتباره بعد الإجماع الأخبار الكثيرة، منها صحيحة الفضلاء، وصحيحة بريد بن معاوية العجلي، وصحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري المصرحة باشتراطه في زكاة الفطرة أيضا. وفي العيون رواية عن الصادق عليه السلام في المنع عن إعطاء المجبرة والقائلين بأن الله يكلف عباده مالا يطيقون وفي كتاب التوحيد رواية تدل على منعها عن المجسمة. وفي رجال الكشي ما يدل على منعها عن الواقفية. وفي التهذيب ما يدل على منعها عن الزيدية. ثم إن في صحيحة الفضلاء وصحيحة بريد أن المخالف إذا استبصر وحسن رأيه لا يعيد شيئا من عباداته إلا الزكاة ; لأنه وضعها في غير موضعها، وإنما موضعها أهل الولاية، والظاهر أن وجوب إعادة الزكاة عليه حينئذ يكون إجماعيا. والمستفاد منهما ومن غيرهما أنه لو كان أعطاها أهل الولاية لا تجب عليه الإعادة، وهو كذلك](2).
14-قال محمد حسن النجفي: [(الوصف الأول الايمان) بالمعنى الأخص (فلا يعطى الكافر) بجميع أقسامه في غير التأليف وسبيل الله بلا خلاف معتد به بين المسلمين فضلا عن المؤمنين، بل الاجماع بقسميه عليه، بل المحكي منه متواتر، بل يمكن دعوى كونه من ضروريات المذهب أو الدين.
__________
(1) المهذب البارع - ابن فهد الحلي ج1 ص 32-533.
(2) غنائم الأيام - الميرزا القمي ج4 ص162 -163.(67/5)
(و) كذا (لا) يعطى عندنا (معتقدا لغير الحق) من سائر فرق المسلمين بلا خلاف أجده فيه بيننا، بل الاجماع بقسميه عليه، بل المحكي منه متواتر كالنصوص خصوصا في المخالفين، قال إسماعيل بن سعد الأشعري: " سألت الرضا (عليه السلام) عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف؟ قال: لا ولا زكاة الفطرة " وقال ضريس: " سأل المدائني أبا جعفر (عليه السلام) أن لنا زكاة نخرجها من أموالنا فيمن نضعها؟ فقال: في أهل ولايتك، فقال: إني في بلاد ليس فيها أحد من أوليائك فقال: ابعث بها إلى بلدهم تدفع إليهم، ولا تدفعها إلى قوم أن دعوتهم إلى أمرك لم يجيبوك، وكان والله الذبح " وقال ابن بلال: " كتبت إليه أسأله هل يجوز أن أدفع زكاة المال والصدقة إلى محتاج غير أصحابي؟ فكتب لا تعطي الصدقة والزكاة إلا لأصحابك " وقال عمر بن يزيد: " سألته عن الصدقة على النصاب وعلى الزيدية فقال: لا تتصدق عليهم بشئ، ولا تسقهم من الماء إن استطعت، وقال: الزيدية هم النصاب " وقال ابن أبي يعفور لأبي عبد الله (عليه السلام): " جعلت فداك ما تقول في الزكاة لمن هي؟ فقال: هي لأصحابك، قال: قلت: فان فضل عنهم قال: فأعد عليهم، قال: قلت: فان فضل عنهم قال: فأعد عليهم، قال: قلت: فان فضل عنهم قال: فأعد عليهم، قلت: فيعطى السؤال منها شيئا فقال: لا والله إلا التراب إلا أن ترحمه، فان رحمته فأعطه كسرة، ثم أو مأ بيده فوضع إبهامه على أصول أصابعه " وفي المقنعة عن زرارة وبكير والفضيل ومحمد بن مسلم وبريد كلهم عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) " أنهما قالا: موضع الزكاة أهل الولاية " ورواه الشيخ في الصحيح بما يقرب من هذا الاسناد و عنهما أيضا كذلك، قال: " قالا: الزكاة لأهل الولاية قد بين الله لكم موضعها في كتابه " بل في المروي عن قرب الاسناد عن علي بن جعفر أنه سأل أخاه موسى (عليه السلام) " عن الزكاة هل هي لأهل الولاية؟ فقال: قد بين الله لكم ذلك في طائفة من الكتاب " ولعل(67/6)
المراد الاشارة إلى آية النهي عن موادة من حاد الله وما شابهها، فيكون الكتاب دالا على المطلوب مضافا إلى السنة، إلى غير ذلك من النصوص المروية في الكتب الأربعة وغيرها التي لا يسع المقام استقصاؤها، بل هي أكثر من أن تستقصى، خصوصا مع ملاحظة ما دل على إعادة المستبصر زكاته، وجملة منها باطلاقها أوعمومها تدل على المنع بالنسبة إلى باقي الفرق المخالفة وإن عدوا من الشيعة](1).
15-قال آقا رضا الهمداني: [الثاني في أوصاف المستحقين للزكاة وهي أمور الاول الايمان يعني الاسلام مع الولاية للائمة الاثنى عشر عليهم السلام فلا يعطى الكافر بجميع أقسامه بل ولا معتقد لغير الحق من سائر فرق المسلمين بلا خلاف فيه على الظاهر بيننا والنصوص الدالة عليه فوق حد الاحصاء مثل ما عن الكليني وأبن بابويه في الصحيح عن زرارة وبكير والفضيل ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا في الرجل يكون في بعض هذه الاهواء الحرورية والمرجئة والعثمانية والقدرية ثم يتوب ويعرف هذا الامر ويحسن رأيه يعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه أعادة شئ من ذلك قال ليس عليه أعادة شئ من ذلك غير الزكاة لا بد أن يؤيدها لانه وضع الزكاة في غير موضعها وإنما موضعها أهل الولاية وصحيحة بريد بن معاوية العجلي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل حج وهو لا يعرف هذا الامر إلى أن قال وقال كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلاله ثم من الله عليه وعرفه الولاية فأنه يؤجر عليه إلا الزكاة فأنه يعيدها لانه وضعها في غير موضعها](2).
__________
(1) جواهر الكلام - الشيخ الجواهري ج15 ص 377 - 379.
(2) مصباح الفقيه - آقا رضا الهمداني ج3 ص 104.(67/7)
16-وأخيراً يقول السيد علي السيستاني:[ في أوصاف المستحقين يجوز للمالك دفع الزكاة إلى مستحقيها مع استجماع الشروط الاتية : الاول : الايمان . فلا يعطى الكافر وكذا المخالف منها](1).
فهذه بعض نصوص علمائهم التي بينت حقدهم وبغيهم بمنع الزكاة عن المخالفين وبوجوب إعادة المخالف المستبصر زكاته إذا أعطاها لأهل السنة، من خلال نقلهم الاجماع على ذلك.
المطلب الثاني:بيان علة منعهم الزكاة عن فقراء أهل السنة
سنعرض في هذا المطلب حقدهم بشكل أظهر وأبشع مما سبق وذلك من خلال ذكر أعلامهم وأعمدة مذهبهم للعلة والسبب الذي من أجله منعوا إعطاء زكاتهم للمخالفين، حيث وقفت على تصريح ثلاثة من أعمدة مذهبهم لعلة المنع وهم:
1- السيد المرتضى(ت436هـ)
وقبل ذكر تصريحه أرى من المناسب نقل ترجمته لنعرف ثقل وزنه في المذهب، فقد قال عنه السيد أبو القاسم الخوئي: [وقال الشيخ: " علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، كنيته أبو القاسم، لقبه علم الهدى، الاجل المرتضى (رضي الله عنه)، متوحد في علوم كثيرة، مجمع على فضله، مقدم في العلوم مثل علم الكلام والفقه وأصول الفقه والادب والنحو والشعر ومعاني الشعر واللغة، وغير ذلك](2).
__________
(1) منهاج الصالحين - السيد علي السيستاني ج1 ص373.
(2) معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي ج21 ص401 – 402.(67/8)
وأما العلة فقد بينها بقوله: [(وجوب دفع الزكاة إلى الامامي) ومما انفردت به الإمامية: القول بأن الزكاة لا تجزئ إلا إذا انصرفت إلى إمامي ولا تسقط عن الذمة بدفعها إلى مخالف. والحجة في ذلك: مضافا إلى الإجماع أن الدليل قد دل على أن خلاف الإمامية في أصولهم كفر وجار مجرى الردة، ولا خلاف بين المسلمين في أن المرتد لا تخرج إليه الزكاة](1)، وكرر ذكرها بقوله: [المسألة الثامنة والعشرون [اشتراط الولاية في مستحقي الزكاة] ولا يجزئ إخراجها إلا إلى القرين العارفين لولاية أمير المؤمنين عليه السلام، فإن أخرجت إلى غيرهم وجبت الإعادة. والوجه في ذلك: بعد الإجماع المتكرر ذكره أن الجاهل لولاية أمير المؤمنين عليه السلام وإمامته مرتد عند أهل الإمامة، ولا خلاف بين المسلمين في أن الزكاة لا تخرج إلى المرتدين، ومن أخرجها إليهم وجبت عليه الإعادة، وهذا فرع مبني على هذا الأصل](2).
فهذا الملقب عندهم بعلم الهدى -دلالة على علو قدره وثقل وزنه في المذهب- يصرح بأن المخالف كافر مرتد عن الاسلام وهذا هو الحقد بأبشع صوره وأقصى درجاته يعلنه ويصبّه على أهل السنة صبّاً .
2- المحقق الحلي(ت676هـ)
ولمعرفة وزنه لابد من نقل ترجمته، حيث قال عنه الخوئي: [وقال الشيخ الحر في تذكرة المتبحرين: " نجم الدين، أبو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الحلي، حاله في الفضل والعلم، والثقة، والجلالة، والتحقيق والتدقيق، والفصاحة، والشعر، والأدب والإنشاء، وجميع (جمع) العلوم والفضائل والمحاسن أشهر من أن يذكر، وكان عظيم الشأن، جليل القدر، رفيع المنزلة، لا نظير له في زمانه "](3).
__________
(1) الانتصار- الشريف المرتضى ص 217.
(2) رسائل المرتضى - الشريف المرتضى ج1 ص225.
(3) معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي ج5 ص29.(67/9)
وأما المنع فقد ذكره بقوله: [الاول: الايمان، وهو معتبر الا في المؤلفة، فلا يعطى الكافر، وعلى ذلك أهل العلم، ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال لمعاذ: (اعلمهم ان في أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) وكذا لا يعطى غير الامامي وان اتصف بالاسلام، ونعني به كل مخالف في اعتقادهم الحق كالخوارج والمجسمة وغيرهم من الفرق الذين يخرجهم اعتقادهم عن الايمان وخالف جميع الجمهور في ذلك واقتصروا على اسم الاسلام. لنا ان الايمان هو تصديق النبي صلى الله عليه وآله في كل ما جاء به والكفر جحود ذلك، فمن ليس بمؤمن كافر وليس للكافر زكاة لما بيناه، ولان مخالف الحق معاد لله ورسوله فلا تجوز موادته والزكاة معونة ومودة وارفاق فلا تصرف إلى معاد](1).
هكذا يعلن حقده بكل جرأة ووقاحة بأن المخالف كافر ومعادٍ لله ورسوله فأي أخوة وأي تقريب يرتجى مع قومٍ هذه عقيدتهم في أهل السنة!!!
3- ابن المطهر الحلي(ت726هـ)
وأما ترجمته فقد قال عنه الخوئي: [وقد ذكره الحسن بن علي بن داود في كتابه، فقال عند ذكره: شيخ الطائفة وعلامة وقته، وصاحب التحقيق والتدقيق كثير التصانيف إنتهت رئاسة الامامية إليه في المعقول والمنقول، مولده سنة 648، وكان والده - قدس الله روحه - فقيها محققا، مدرسا، عظيم الشأن (إنتهى)](2).
__________
(1) المعتبر - المحقق الحلي ج2 ص579.
(2) معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي ج6 ص172.(67/10)
وأما ذكره لعلة المنع فقد قال: [ولا يكفي الاسلام بل لا بد من اعتبار الايمان فلا يعطى غير الامامي ذهب إليه علماؤنا أجمع خلافا للجمهور كافة واقتصروا على اسم الاسلام. لنا: أن الامامة من أركان الدين وأصوله وقد علم ثبوتها من النبي صلى الله عليه وآله ضرورة فالجاحد بها لا يكون مصدقا للرسول عليه السلام في جميع ما جاء به فيكون كافرا فلا يستحق الزكاة ولان الزكاة معونة وإرفاق فلا يعطى غير المؤمن لانه محادد لله ولرسوله والمعونة والارفاق موادَّه فلا يجوز فعلها مع غير المؤمن لقوله تعالى: (لا يجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله)](1)، وكرر ذكرها بقوله: [وشرط علماؤنا أيضا الايمان، فلا يعطى غير المؤمن عندنا - خلافا للجمهور؟ فإنهم اقتصروا على الاسلام خاصة - لأن مخالف الحق محادد لله ورسوله فلا تجوز مودته، والزكاة معونة ومودة فلا تصرف إليه](2).
هذا الذي يلقبوه بالعلامة - إشارة الى كونه من أعمدة المذهب - يعترف ويصرح بعقيدته بكون المخالف من أهل السنة كافراً ومعادٍ لله ورسوله.
***************************
فلا أمل لنا معهم بعد إصرارهم على معتقدهم بأننا كفار معادون لله ورسوله كما صرحوا بذلك، وعزاءنا إزاء هذه المصيبه أن نقول: (إنا لله وإنا إليه راجعون).
__________
(1) منتهى المطلب (ط.ق) - العلامة الحلي ج1 ص522.
(2) تذكرة الفقهاء (ط.ج) - العلامة الحلي ج5 ص263.(67/11)
الفصل السادس
مطاعن متفرقة من مروياتهم وأقوال علمائهم
الفصل السادس
وقد خصصناه لبيان بعض المطاعن المتفرقة لبعض مروياتهم وأقوال علمائهم أفردنا ذكرها في هذا الفصل، ومنها ما يلي:
1-روى الكليني في الكافي (8/286)، والحر العاملي في الوسائل (16/37): [عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم، فقال: الكف عنهم أجمل، ثم قال: ياابا حمزة والله إن الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا ..]، فهي تتهم - بأشد درجات الحقد والضلال والانحراف والظلم - كل الناس ما عدا الشيعة - وبمن فيهم أهل السنة لأن الرواية لم تستثنِ غير الشيعة - بأنهم أولاد زنا وبغي والعياذ بالله، وكأن الطعن المتقدم من لعننا وغيبتنا وتخليدنا في نار الجحيم لم يكفهم، حتى تجاوزوه الى الطعن بشرف وأعراض أهل السنة من خلال اتهام امهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا بالزنا والبغي، واننا أولاد زنا، واني والله لأرتجف غضباً عندما كتبت هذه الرواية ولا يمكن أن يشفي غليلي إلا قطع لسان وعنق كل من يرمي أمهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا بالزنا والفاحشة ممن يدينون بهذه الرواية وأشباهها، ولكن لعنة الله في الدنيا والآخرة بانتظار كل من يرمي المحصنات الغافلات المؤمنات بالزنا كما قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (النور:23)، وهذه العقوبة بحقهم لهي والله أشد من قطع ألسنتهم وأعناقهم.(68/1)
2-يروي العياشي في تفسيره(1): [عن أبي ميثم بن أبي يحيى، عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: ما من مولود يولد إلا وإبليس من الأبالسة بحضرته، فان علم الله أنه من شيعتنا حجبه من ذلك الشيطان، وإن لم يكن من شيعتنا أثبت الشيطان إصبعه السبابة في دبره فكان مأبوناً فإن كان امرأة أثبت في فرجها فكانت فاجرة فعند ذلك يبكي الصبي بكاءا شديدا إذا هو خرج من بطن
__________
(1) وهو من أهم أصولهم ومصادرهم التي يدّعون أنها تُمثِّل تفسير أهل البيت للقرآن الكريم، وخير من يبين لنا منزلة هذا التفسير عند الشيعة الامامية هو علامتهم المعتمد في هذا العصر محمد حسين الطباطبائي صاحب تفسير الميزان وهو أشهر من نارٍ على علم حتى أن كل من أراد الكتابة في التفسير لا بد أن يرجع الى تفسيره الميزان فالكل عيال عليه، وها هو الطباطبائي يقول عن تفسير العياشي: [وان أحسن ما ورثناه من ذلك كتاب التفسير المنسوب إلى شيخنا العياشي رحمه الله وهو الكتاب القيم الذى يقدمه النشر اليوم إلى القراء الكرام. فهو لعمري أحسن كتاب ألف قديما في بابه، وأوثق ماورثناه من قدماء مشايخنا من كتب التفسير بالمأثور. اما الكتاب فقد تلقاه علماء هذا الشأن منذ الف إلى يومنا هذا - ويقرب من احد عشر قرنا - بالقبول من غير? أن يذكر بقدح أو يغمض فيه بطرف]، وقال أيضاً عن مؤلفه العياشي: [واما مؤلفه فهو الشيخ الجليل أبو النصر محمد بن المسعود بن محمد بن العياش التميمي الكوفي السمرقندي من اعيان علماء الشيعة، وأساطين الحديث والتفسير بالرواية ممن عاش في اواخر القرن الثالث من الهجرة النبوية. أجمع كل من جاء بعده من اهل العلم على جلالة قدرة وعلو منزلته وسعة فضله، و أطراه علماء الرجال متسالمين على انه ثقة عين صدوق في حديثه من مشايخ الرواية يروي عنه اعيان المحدثين كشيخنا الكشى صاحب الرجال وهو من تلامذته، وشيخنا جعفر بن محمد بن المسعود العياشي وهو ولده]، ينظر تفسير العياشي ج1 ص4.(68/2)
امه، والله بعد ذلك يمحو ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب](1)، وهذه الرواية تتفق مع سابقتها في الطعن بشرف وأعراض أهل السنة، ولكن قبل الوقوف على مضمونها نريد معرفة معنى المأبون الذي ورد في الرواية، إذ وقفت على معناه من كلام علماء الشيعة والسنة، ومنهم:
أ-يقول ابن عابدين في (حاشية رد المحتار) ج4 ص 241: [قوله: هو المأبون) أي الذي لا يقدر على تركه أن يؤتى في دبره لدودة ونحوها….. قلت: وحاصله أن المأبون هو الذي يَطْلِبُ أن يُؤتى].
ب-يقول الدكتور أحمد فتح الله في (معجم ألفاظ الفقه الجعفري) ص 359: [(المأبون) اللوطي. (انظر: لوطي): غلام يتخذ إلى اللواط].
ج-يقول ابن منظور في (لسان العرب) ج6 ص 35: [والمجبوس: الذي يؤتى طائعا. ابن الأعرابي: المجبوس والجبيس نعت الرجل المأبون].
د-يقول شيخ طائفتهم الطوسي في (اختيار معرفة الرجال) ج1 ص 241: [وفي النهاية الاثيرية أيضا: في حديث الصادق " لايحبنا أهل البيت ذو رحم منكوس " قيل: هو المأبون لانقلاب شهوته إلى دبره انتهى كلام النهاية].
هـ-يقول الشيخ الطريحي في (مجمع البحرين) ج4 ص 372: [وفي حديث الصادق- عليه السلام - " لا يحبنا ذو رحم منكوسة " قيل هو المأبون لانقلاب شهوته إلى دبره].
فالمعنى المشترك اذاً للمأبون هو الذي يطلب من غيره بأن يفعل الفاحشة في دبره - والعياذ بالله - وأما معنى الفاجرة فلا يخفى على أحدٍ من كونها الزانية المشهورة بالزنا، نسأل الله العافية.
__________
(1) ينظر تفسير العياشي (2/218)، وذكرها أيضاً هاشم البحراني في تفسيره البرهان (3/297) رواية 22، وكذلك الحويزي في تفسيره نور الثقلين (2/510) رواية 164، وكذلك الشيخ محمد رضا القمي المشهدي كنز الدقائق (6/464)، وأخيراً أوردها المجلسي في بحار الأنوار(4/121).(68/3)
وهذه الرواية كسابقتها قد بلغت الذروة في طعنها بأعراض أهل السنة - لأنها لم تستثنِ غير الشيعة - حيث زعمت بأن الشيطان يضع اصبعه في دبر الذكور منهم ليكونوا مأبونين وأما اناثهم فيضع اصبعه في فروجهن ليكنَّ بغايا مشهورات بالزنا، واستحلفكم بالله العظيم من هنَّ نساء أهل السنة ؟! ألسن امهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا وبناتنا وهنَّ شرفنا الذي هو أغلى من أرواحنا؟ بل ألسن زوجات الصحابة والتابعين وصالحي الأمة من أهل السنة؟
فالرواية الآثمة لم تبرئ لنا اماً او اختا او زوجة من نساء أهل السنة قاطبةًً لأن الشيطان قد وضع اصبعه …. جميعاً، ألا لعنة الله على من وضع هذه الرواية على لسان جعفر الصادق رضي الله عنه وأرضاه، ولعنة الله على كل من يؤمن بها، واني والله العظيم لا أجد ما يطفئ النار التي تشعلها هذه الرواية في صدور أهل السنة إلا بحرق من وضعها ومن يدين بها بنار الدنيا قبل الآخرة، جزاءاً له على طعنه برجال أهل السنة أقذر المطاعن مع انهم قادة الاسلام وبُناة مجده ابتداءاً من الصحابة والى يومنا هذا، وطعنه بعرض نساء أهل السنة العفيفات الطاهرات المحجبات المتوضئات الراكعات الساجدات والقانتات كما جاء وصفهنَّ في قوله تعالى { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } [الأحزاب:35].(68/4)
3-يروي المجلسي في بحاره :[ عن علي بن أسباط يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الله تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن علي عليهما السلام عشية عرفة قال : قلت : قبل نظره إلى أهل الموقف ؟ قال : نعم، قلت: وكيف ذاك ؟ قال : لأن في أولئك أولاد زنا وليس في هؤلاء أولاد زنا](1).
وهذه الرواية تشترك مع سابقتيها في اتهام أهل السنة بأنهم أولاد زنا وتسثني الامامية من ذلك وهذه الطعنة أشد علينا من القتل والسب واللعن.
وبالاضافة إلى ذلك فهي تجعل زوار قبر الحسين رضي الله عنه أفضل من حجاج بيت الله الحرام وهذا غلو باطل مخالف لكتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - .
4-يقول محققهم النراقي: [والمستفاد من إطلاق رواية السكوني وما بعدها وما في معناها وإن كان حرمة غيبة المخالف أيضا، إلا أن صريح جماعة التخصيص بالمؤمن، بل نفى بعضهم الريب عنه، فتجوز غيبة المخالف، وهو كذلك. لصحيحة داود بن سرحان: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البرأة منهم، وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم، كيلا يطمعوا في الفساد في الاسلام، ويحذرهم الناس ولا يتعلموا من بدعهم، يكتب الله لكم بذلك الحسنات، ويرفع لكم به الدرجات في الاخرة). والوقيعة: الغيبة، قال في مجمع البحرين: وقع في الناس وقيعة اغتابهم ويؤيده اختصاص أكثر الاخبار الواردة في طرقنا بالمؤمن أو الاخ في الدين، ودعوى الايمان والاخوة للمخالف مما يقطع بفساده. وتؤكده النصوص المتواترة الواردة عنهم في طعنهم ولعنهم وتكفيرهم، وأنهم شر من اليهود والنصارى وأنجس من الكلاب](2).
__________
(1) بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج98 ص85 ينقله عن كتاب ثواب الاعمال ص81 وكتاب معاني الاخبار للصدوق ص391.
(2) مستند الشيعة - المحقق النراقي ج41 ص162-163.(68/5)
فهو يجوِّز غيبة المخالفين وفوق هذا ادّعى أن الأخبار تواترت بلعنهم وتكفيرهم وبجعلهم شراً من اليهود والنصارى وأنجس من الكلاب، هكذا يعطي أهل السنة حقوق الأخوة كاملة بغير نقص لأنها بلغت الذروة في الحقد والطعن.
5-يقول آيتهم العظمى السيد محمد صادق الروحاني: [ولكن مع ذلك كله جواز غيبة المخالف من المسلمات عند الأصحاب. وقد ادعى بعضهم قيام السيرة المستمرة على غيبة المخالفين. وعن الجواهر: ان جواز ذلك من الضروريات. ويمكن أن يستشهد له: بأن المستفاد من الأخبار المفسرة للغيبة دخل عنوان الاخوة في صدقها، ومن طبيعة الاخوة أن يكون بينهم تحابب وتوادد، فجعل الشارع المؤمن أخا للمؤمن، مرجعه الى جعله محبا وصديقا له، فهي تتحقق فيمن لم يأمر الشارع الأقدس بالاجتناب والتبرئ عنه وبعدم اتخاذه وليا ومحبا، بل واتخاذه عدوا له، فالاخوة منحصرة بالمؤمنين بالمعنى الأخص، إذ الشارع أمر بالتبرئ عن المخالفين والتقية منهم في الدين حفظا للدماء، ومرجع ذلك الى الأمر بأخذهم اعداء لانفسهم واعراضهم و جواز لعنهم. وعلى ذلك فلا تحرم غيبة المخالف لعدم صدق الغيبة عليها موضوعا فإخراجهم انما يكون موضوعيا، ولا بأس بجعل بعض ما تقدم مؤيدا للجواز الموجب ذلك الاطمئنان بالحكم بضميمة ما ذكرناه](1). فهو يقرر بأن جواز غيبة المخالفين من المسلمات عند علمائهم أي انه أمر ثابت لا يقبل النقاش أو الجدال، ثم صرَّح بأن الشارع سبحانه وتعالى أمرهم باتخاذ المخالفين أعداءاً وأوجب التبري منهم، فهل هذه هي الأخوة التي يناشدونها لأهل السنة أم أنه الكذب والخداع، كما قال تعالى { يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ } [آل عمران: من الآية154].
__________
(1) منهاج الفقاهة - السيد محمد صادق الروحاني ج2 ص 14، وذكر الكلام نفسه في كتابه فقه الصادق ج14 ص345-346.(68/6)