لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام (128)
فتح المنان ببيان الرسل التي في القرآن
تأليف الشيخ العلامة
أحمد بن أحمد السجاعي الشافعي
(ت 1197 هـ)
رحمه الله تعالى
تحقيق
راشد بن عامر بن عبد الله الغفيلي
دار البشائر الإسلامية
الطبعة الأولى
1430 هـ - 2009 م(/)
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه الإعانة
الحمد لله القديم، الأول الآخر، الذي أرسل المرسلين وجعل لهم محمداً مبدأً وآخر، صلى الله وسلم عليه وعليهم أجمعين، وعلى سائر الملائكة وآله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين.(1/17)
أما بعد:
فيقول الفقير إلى مولاه القدير؛ أحمد نجل الشيخ أحمد السجاعي: هذا شرح لطيف للأبيات التي نظمتها في ذكر الرسل التي وقعت في القرآن، وترتيبهم على حسب ما ذكره الحافظ السيوطي في كتاب ((التحبير)) و((الإتقان)).(1/18)
وسميته:
فتح المنان ببيان الرسل التي في القرآن
وقد قلت بعد البسملة والحمدلة، والصلاة والسلام على نبينا الرحمة المرسلة:(1/19)
(مشاهير رسْلٍ) بسكون السين لغة في ضمها، جمع رسولٍ.
وهو: إنسانٌ ذكرٌ بعثه الله للخلق ليبلغهم ما أوحي إليه.
وقد اختلف في عدد المرسلين؛ فقيل: ثلاثمائة وثلاثة عشر. وقيل: أربعة عشر. وقيل: خمسة عشر.
وهذه العدة قد جمعها اسم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالجمل الكبير؛ لأن فيه ثلاثة ميمات؛ إذ الحرف المشدد بحرفين ولفظ ميم ثلاثة أحرف، فجملتها(1/20)
مائتان وسبعون، ولفظ دال بخمسةٍ وثلاثين، ولفظ حا إن كان بألف مقصورة فبتسعة، وإن مددته فقلت حاء بالهمز فبعشرة، على اختلاف الأقوال المتقدمة.
وقد نظمت ذلك فقلت:
إن شئت عدة رسل كلها جمعا ... محمد سيد الكونين من فضلا
خذ لفظ ميمٍ ثلاثاً ثم حا كذا ... دالٍ تجد عدد المرسلين علا
قال الشمس الرملي: في اسمه الكريم إشارة إلى أن جميع الكمالات الموجودة في المرسلين موجودة فيه!!
(في القرآن) بحذف الهمزة - كما قرئ به في السبع.
(ترتبوا: فآدم) أبو البشر.(1/21)
(أولاهم) تأنيث أول -أي أول الرسل-. وجاز التأنيث نظراً إلى أن الرسل بمعنى الجماعة.
وآدم، وزنه أفعل، مشتق من الأدمة، عاش تسعمائة سنة وستين سنة.
وقال النووي في ((تهذيبه)): اشتهر في كتب التواريخ أنه عاش ألف سنة.(1/22)
(فنوحٌ) قال الكرماني: معناه بالسريانية: الساكن. وقال الحاكم: سمي نوحاً لكثرة بكائه على نفسه، واسمه عبد الغفار، وكان بينه وبين آدم ألف ومائتا سنة.
وروى الطبراني عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله ((من أول الأنبياء؟ قال: آدم. قلت: ثم من؟ قال: نوح، وبينهما عشرة قرون)).(1/23)
وقال ابن عباسٍ: ((كان بين إدريس ونوح ألف سنة))، وبعث نوح لأربعين سنة، ومكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، وعاش بعد الطوفان ستين سنة)). رواه الحاكم.
(على الولا) إشارة إلى أنه هو التالي والتابع له، ولم يكن بينهما نبي على ما سيأتي في قوله:
(وإدريس مع خلفٍ) أي اختلاف في أيهما أول.
قال الحاكم: وأكثر الصحابة على أن نوحاً أول.
وقال ابن إسحاق: ((كان إدريس أول بني آدم أعطي النبوة)).
ولفظه سرياني، وقيل: عربي، مشتق من الدراسة لكثرة درسه الصحف.
ذكر ابن قتيبة أنه رفع إلى السماء وهو ابن ثلاثمائة وخمسين سنة.(1/24)
(كذا ابرهم) بسكون الموحدة وفتح الراء، لغة في إبراهيم. وهو اسم سرياني، معناه: أبٌ رحيم. وقيل: مشتق من البرهمة، وهي: شدة النظر.
قال ابن إسحاق: ولد على رأس ألفي سنة من آدم، وبينه وبين نوح عشرة قرون.(1/25)
وقال ابن الأثير: ألفٌ ومائةٌ واثنان وأربعون سنة، وعاش مائةٌ وخمسة وسبعين سنة، وقيل: مائتين.
(يلي) أي يتبع من تقدمه.
(وولد) بضم الواو وسكون اللام لغة في ولد بفتحتين.
(له) أي لإبراهيم.
(إسماعيل) بلام آخره، وبالنون أيضاً. عاش مائة وثلاثين. وقيل: وسبعاً وثلاثين، وكان له حين مات أبوه تسع وثمانون.
و(إسحاق) أخوه ولد بعده بأربع عشرة سنة، وعاش مائة وثمانين.(1/26)
قيل: معناه بالعبرانية: الضحاك.
فائدة: الصحيح عند الجمهور أن الذبيح هو إسماعيل.(1/27)
والحق أن الخليل عليه الصلاة والسلام لم يمر السكين على محله عن ابنه لنسخه قبل التمكن منه، لقوله تعالى:(1/28)
{وفديناه بذبحٍ عظيمٍ}، كما ذكره الجلال المحلي في ((شرح جمع الجوامع))، وإن خالف في تفسيره فقال في قوله: {وتله للجبين}: صرعه وأمر السكين عليه فلم تعمل شيئاً بمانع [من القدرة الإلهية.
قال العلامة الخطيب الشربيني] في ((شرح جمع الجوامع)): وهذا مذهب اعتزالي، فليحذر من الخطباء الجهلة يقولون ذلك في خطبهم.(1/29)
(أكملا) أي إسماعيل وإسحاق: أي تمت لهما المحاسن كغيرهم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
(ومن نسله) أي من ولد إسحاق.
(يعقوب): عاش مائة وأربعين سنة.
(يوسف) بتثليث السين مع الواو والهمزة، ففيه ست لغات.
عاش مائة وعشرين سنة، وبينه وبين موسى أربعمائة سنة.
(نجله) أي ولد يعقوب.(1/30)
(ولوط ابن أخ) بتشديد الخاء، لغة في تخفيفها، كما في ((القاموس)).
(لابرهم) تقدم أنه لغة في إبراهيم عليه الصلاة والسلام. وقيل: إن لوطاً أخو سارة.
(يا ذوي) أي أصحاب.
(العلا) بفتح العين: أي الشرف، وبضمها: أي المرتبة العليا.
(وهودٌ) قال كعب: كان أشبه الناس بآدم.
(أتى من نسل نوحٍ وبينهم) أي نوح وهود، والجمع للتعظيم، أو بناءٌ على أن أقل الجمع اثنان.(1/31)
(ثمان) قال في ((القاموس)): وثمانٍ كيمانٍ عددٌ وليس بنسب، أو في الأصل منسوب إلى الثمن لأنه الجزء الذي صير السبعة ثمانيةً، فهو ثمنها، ثم فتحوا أولها؛ لأنهم يغيرون في النسب، وحذفوا منها إحدى ياءي النسب، وعوضوا منها الألف كما فعلوا في المنسوب إلى اليمن، فثبت ياؤه عند الإضافة كما ثبتت ياء القاضي، فتقول: ثماني نسوةٍ، وثماني مائةٍ، وتسقط مع التنوين عند الرفع والجر، وتثبت عند النصب.
وأما قول الأعشى:
فلقد شربت ثمانياً وثمانيا ... وثمان عشرة واثنتين وأربعا(1/32)
فكان حقه ثماني عشرة، وإنما حذفت على لغة من يقول: طوال الأيد.
وقال الأشموني في ((شرح ألفية ابن مالك)): في ثمان إذا ركبت أربع لغات: فتح الياء وسكونها وحذفها مع كسر النون وفتحها. ومنه قوله:
ولقد شربت ثانيا .. .. .. البيت.
وقد تحذف ياؤها -أيضاً- في الإفراد ويجعل إعرابها على النون، كقوله:(1/33)
لها ثنايا أربعٌ حسان ... وأربعٌ فثغرها ثمان
وهو مثل بعض قراءة القراء {وله الجوارُ} بضم الراء. انتهى.
ومثل جوار وثمان: شناح ورباع.
قال في القاموس: وجملٌ وفرسٌ رباعٌ ورباعٍ -أي بالنقص فيعرب بحركاتٍ مقدرةٍ، وبالتمام فيعرب بحركاتٍ ظاهرة- ثم قال: ولا نظير لها سوى ثمانٍ وشناحٍ وجوارٍ. انتهى.
وقد نظمت ذلك فقلت:
رباعٌٍ ثمانٌٍ جوارٌٍ شناحٌٍ ... عن العرب جاءت بنقصٍ صحاح(1/34)
وهو مضاف إلى:
(مئينٍ) بالجر كحين. ومثله قولي:
(من سنين قد انجلا) ذلك، وعاش أربعمائة سنة وأربعةٍ وستين.
(كذا صالحٌ) أي من نسل نوح.
(من بين هودٍ وبينه فقل مائةٌ) من السنين.
(كالزَّهر) بفتح الزاي، أي: نور النبات.
[(فاعلمه تعقلا) وعاش مائتين وثمانين سنة]
ذكره في ((التحبير))، وذكر في ((الإتقان)) نقلاً عن الإمام النووي أنه بعثه الله إلى قومه فأقام فيهم عشرين سنة، ومات بمكة وهو ابن ثمانٍ وخمسين سنة. انتهى.(1/35)
وقد ذكر السيوطي في ((الإتقان)) أنه لم يكن بين نوحٍ وإبراهيم نبي إلا هود وصالح، فهما قبل إبراهيم وبعد نوح.
(شعيبٌ يلي) قال ابن إسحاق: هو ابن ميكائيل. وقيل غير ذلك.
قال في ((الإتقان)): ورأيت بخط النووي أن ميكائيل بن يشجن بن مدين بن إبراهيم الخليل. انتهى.
(قل ثم موسى) أي ابن عمران، سمي بذلك لأنه ألقي بين شجرٍ وماءٍ، فالماء بالقبطية مو، والشجر سا.
عاش مائة وعشرين سنة، وبينه وبين إبراهيم خمسمائة وخمس وستون سنة، وقيل: سبعمائة.(1/36)
(قرينه) خبر مقدم.
(أخوه) مبتدأ مؤخر.
أي أخوه مقارن ومساوٍ له في النبوة.
(وذا) أي أخوه:
(هارون) وهو شقيقه، وقيل: لأمه فقط. وقيل: لأبيه فقط. وكان أطول منه فصيحاً جداً مات قبل موسى، وكان قد ولد قبله بسنةٍ.
قيل معناه بالعبرانية: المحبب.
[وفي حديث الإسراء: فقلت: يا جبريل من هذا؟
قال: المحبب] في قومه هارون [بن عمران].(1/37)
(في الناس بجلا) أي عظما عند الناس لتعظيم الله لهما.
(وجدهما) أي الأعلى.
(يعقوب) عليه الصلاة والسلام.
(داود بعدهم) أي بعد من ذكر، وهو من نسل يعقوب أيضاً، بينه وبين موسى خمسمائة وتسع وستون [سنة]، وقيل تسع وسبعون، وعاش مائة سنة.
و(سليمان نجلٌ) لداود، وعاش نيفاً وخمسين سنة، وبينه وبين مولد النبي صلى الله عليه وسلم -فيما قيل- نحو ألف وسبعمائة سنة.
(حاز فضلاً مجملاً) أي محسناً مزيناً.(1/38)
فقد قال كعب: كان أبيض جسيماً وسيماً وضيئاً جميلاً خاشعاً متواضعاً، وكان أبوه يشاوره في كثير من أموره مع صغر سنه لوفور عقله وعلمه.
(وأيوب فاعلم) قال ابن إسحاق: الصحيح أنه كان من بني إسرائيل ولم يصح في نسبه شيء إلا أن اسم أبيه ((أبيض)).
وحكى ابن عساكر أن أمه بنت لوط وأن أباه ممن آمن بإبراهيم.
وعلى هذا فكان قبل موسى.
وقال ابن أبي خيثمة: كان بعد سليمان.
وروى الطبراني: أن مدة عمره كانت ثلاثاً وتسعين سنة.
(ثم ذو الكفل) بكسر الكاف. قيل: هو ابن أيوب.(1/39)
في ((المستدرك)): عن وهب ((أن الله بعث بعد أيوب ابنه بشر بن أيوب نبياً، وسماه ذا الكفل وأمره بالدعاء إلى توحيده، فكان مقيماً بالشام عمره حتى مات، وعمره خمس وسبعون سنة)).
وفي ((العجائب)) للكرماني: قيل إلياس، وقيل: هو يوشع ابن نون، وقيل: هو نبي اسمه ذو الكفل، وقيل: كان رجلاً صالحاً تكفل بأمور فوفى بها، وقيل: هو زكريا في قوله [سبحانه وتعالى]: {وكفلها زكريا}. انتهى.
وقال ابن عساكر: قيل: هو نبي تكفل الله له في عمله بضعف عمل غيره من الأنبياء، وقيل: لم يكن نبياً، وأن اليسع استخلفه فتكفل له أن يصوم النهار ويقوم الليل. وقيل: أن يصلي كل يومٍ مائة ركعة. وقيل: هو اليسع، وأن له اسمين.(1/40)
و(يونس) هو ابن متى -بفتح الميم وتشديد التاء الفوقية مقصورة-.
ووقع في تفسير ((عبد الرزاق)) أنه اسم أمه.
قال ابن حجر: وهو مردود. جاء في حديث ابن عباسٍ في الصحيح نسبته إلى أبيه. قال: فهذا أصح.
قال: ولم أقف في شيء من الأخبار على اتصال نسبه.
وقيل: إنه كان في زمن ملوك الطوائف من الفرس.
وفي يونس ست لغات؛ تثليث النون مع الهمز، وعدمه.(1/41)
(وإلياس) بهمزة قطع، اسم عبراني، وقد زيد في آخره ياء ونون في قوله [تعالى]: {سلامٌ على إل ياسين} كما قالوا في إدريس: إدراسين.
ومن قرأ (آل يس) فقيل: المراد آل محمد [ صلى الله عليه وسلم ]، قال وهبٌ: إن إلياس عمر كما عمر الخضر، وأنه يبقى إلى آخر الدنيا. انتهى.
وهو:
(من نسلٍ لهارون) أخي موسى.
(فاعقلا) بنون التوكيد المنقلبة ألفاً.
(وإليسع ذاك المكرم يا فتى) قيل هو عجمي، وقيل: عربي منقول من الفعل، من وسع، يسع.(1/42)
(وقل زكريا) بالقصر، لغة في الممدود. وبهما قرئ في السبع.
ويقال: زكري -بتشديد الياء وتخفيفها-، وزكر -كقلم-، ففيه خس لغات، وهو اسم أعجمي كما في ((الإتقان)).
كان من ذرية سليمان بن داود، وقتل بعد قتل ولده، وكان له يوم بشر بولده اثنتان وتسعون سنة، وقيل: تسعٌ وتسعون، وقيل: مائة وعشرون.
(أب يحيى) ابن خالة عيسى، ولد قبل عيسى بستة أشهر، ويحيى اسمه أعجمي، وقيل: عربي.(1/43)
قال الواحدي: وعلى القولين لا ينصرف.
قال الكرماني: وعلى الثاني إنما سمي به لأنه أحياه الله بالإيمان، وقيل: لأنه حيي به رحم أمه، وقيل: لأنه استشهد، والشهداء أحياء.
وتشدد الباء في (أب) لغة في المخفف، كما في ((المصباح)).
(لقد علا) أي: ارتفع شأنه.
(وعيسى) اسم عبراني أو سرياني.
وهو ابن مريم بنت عمران، خلقه الله بلا أبٍ، وكانت مدة حمله ساعةً، وقيل: ثلاث ساعاتٍ، وقيل: ستة أشهرٍ، وقيل: ثمانيةً، وقيل: تسعةً ولها عشر سنين، وقيل: خمس عشرة، ورفع إلى السماء،(1/44)
وفي أحاديث: أنه ينزل ويقتل الدجال، ويتزوج ويولد له، ويحج، ويمكث في الأرض سبع سنين، ويدفن عند النبي صلى الله عليه وسلم . وفي ((الصحيح)): ((أنه ربعة أحمر كأنما خرج من(1/45)
ديماسٍ -يعني حماماً-)).
وكان بينه وبين موسى ألف وتسعمائة وخمس وعشرون سنة، وبين مولده والهجرة ستمائة وثلاثون.
(وقل طه الختام) للنبيين.
قال الشمس الرملي: والأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً. انتهى.
وقد استخرج بعضهم هذه العدة من اسم محمد صلى الله عليه وسلم .
وقد نظمت كيفية ذلك فقلت:
إذا رمت أعداد النبيين ما خلا ... فذلك يأتي من محمدٍ ذي العلا
لميمه خذ ذا بأثمانٍ كحائه ... ودال بها عدد لعشرين أكملا
وفي مثلها فاضرب وفي عقد رسلنا ... ثلاث مئين بعد عشرٍ تأصلا
فذي مائة مع أربع كلها أتت ... ألوفاً كذا عشرون ألفاً على الولا(1/46)
وأفضلهم أولوا العزم.
والأرجح في ترتيب أفضلية أولي العزم ما نظمه بعضهم فقال:
محمد، إبراهيم، موسى كليمه ... فعيسى، فنوحٌ، هم أولوا العزم فاعلم
فائدة: نص النحاة على أن أسماء الأنبياء كلها أعجمية إلا أربعة: محمد وصالح وشعيب، اتفاقاً، وهود على الأصح، وقيل: آدم بدل هود، فهي عربيةٌ منصرفة.
ولا يخفى أن أسماء الأنبياء الأعجمية غير منصرفة إلا ثلاثة: نوح، ولوط، وشيث.
وقد جمع بعضهم ما ينصرف من أسماء الأنبياء أعجمياً أو غيره، في قوله:
تذكر شعيباً ثم نوحاً وصالحاً ... وهوداً ولوطاً ثم شيثاً محمداً(1/47)
وهو:
(رسولنا) محمد صلى الله عليه وسلم . ولد يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول عام الفيل، وبعث يوم الاثنين على رأس أربعين سنة، وأقام بمكة ثلاث عشرة سنة، وهاجر إلى المدينة في ربيع، وتوفي في سنة إحدى عشرة من الهجرة في ربيع الأول لليلتين خلتا منه، وقيل: لاثنتي عشرة [منه].
فائدة: أخرج ابن [أبي] حاتم، عن ابن عباس قال: ((لم يكن من الأنبياء من له اسمان إلا عيسى، ومحمد صلى الله [عليهما] وسلم)).
سمي محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن بأسماء كثيرة منها:(1/48)
محمد، وأحمد. ذكره في ((الإتقان)).
(عليهم) أي الرسل.
(صلاةٌ) أي رحمة مقرونة بتعظيم.
(مع سلام) أي طيب، تحية وتكريم من الله عز وجل.
(تنزلا) دائماً.
(أفاد لذا) أي لجميع ما تقدم.
(تحبير) اسم كتاب.
تأليف (حبرٍ) بكسر الحاء وفتحها، أي عالم.
(مفخمٍ) كمعظم، وزناً ومعنىً.(1/49)
(هو الحافظ) في فن الحديث، عبد الرحمن جلال الدين.
(الأسيوط) بضم الهمزة وحذف ياء النسبة تخفيفاً: قرية من قرى الصعيد.
(ذو الفضل) الشهير.
(في الملا) أي الناس.
قال العلامة المحقق ابن علان الصديقي في ((شرح نظم الخصائص)): قد ترجم السيوطي نفسه في كتاب حسن(1/50)
المحاضرة، وأنه ولد بعد المغرب ليلة الأحد مستهل رجب سنة تسع -بتقديم التاء الفوقية- وأربعين وثمانمائة. وذكر الداوودي أنه توفي سنة ثلاث عشرة وتسعمائة. انتهى.(1/51)
خاتمة
يجب الإيمان بجميع الأنبياء إجمالاً فيما ورد جملاً، وتفصيلاً فيما ورد بهم كذلك.
ومما جاء به التفصيل هؤلاء المذكورون، فقد ورد بهم القرآن تفصيلاً، فمن أنكر أحداً بعد أن علمه كفر [والعياذ بالله تعالى].
وقد نظمت أسماءهم على ترتيب ما تقدم، فقلت:
لقد أوجبوا عرفان رسلٍ مفصلاً ... عليهم سلامٌ بالصلوات مصحوب
وهم: آدمٌ، نوحٌ، وإدريس، أبرهم ... كذلك إسماعيل، إسحاق، يعقوب
ويوسف، لوطٌ، هود اعلم، وصالحٌ ... شعيبٌ، وموسى، ثم هارون محبوب
وداود فاحفظ مع سليمان نجله ... وأيوب، ذو الكفل، ويونس محسوب
وإلياس أيضاً واليسع، وكذا زكر ... وعيسى، ويحيى، ثم ياسين مطلوب
وقد تقدم أن (زكر) بوزن (قلم) لغة في (زكريا)، والله أعلم.(1/52)
[المنظومة] مشاهير الرسل على الترتيب في القرآن
مشاهير رسلٍ في القرآن ترتبوا ... فآدم أولاهم فنوحٌ على الولا
وإدريس مع خُلفٍ، كذا أبرهم يلي ... وولد له إسماعيل، إسحاق أكملا
ومن نسله يعقوب، يوسف نجله ... ولوط ابن أخٍّ لإبرهم يا ذوي العلا
وهودٌ أتى من نسل نوحٍ وبينهم ... ثمان مئينٍ من سنين قد انجلا
كذا صالحٌ من بين هودٍ وبينه ... فقل مائةٌ كالزَّهر فاعلمه تفضلا
شعيبٌ يلي قل ثم موسى قرينه ... أخوه وذا هارون في الناس بجلا
وجدهما يعقوب، داود بعدهم ... سليمان نجلٌ حاز فضلاً مجملا
وأيوب فاعلم ثم ذو الكفل، يونسٌ ... وإلياس من نسلٍ لهارون فاعقلا
وإليسع ذاك المكرم يا فتى ... وقل زكريا أب يحيى لقد علا
وعيسى، وقل طه الختام رسولنا ... عليهم صلاةٌ مع سلامٍ تنزلا
أفاد لنا تحبير حبر مفخمٍ ... هو الحافظ الأسيوط ذو الفضل في الملا
تمت بحمد الله وعونه وحسن توفيقه.(1/53)
[فائدة] لغات إبراهيم، ويوسف، ويونس [عليهم الصلاة والسلام وقد نظمها بعضهم رحمه الله بقوله]:
لقد جاء إبراهيم بالياء والألف ... وبالواو والتثليث في الحذف قد وصف
ويونس ثلث ثالثاً مثل يوسفٍ ... مع الهمز والإبدال فاحفظ كما عرف
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
والحمد لله رب العالمين، آمين.(1/54)