بسم الله الرحمن الرحيم(1/1)
الفصل السابع الحقيقة المنسية والمهجورة المبحث الأول : الكتاب المقدس عند النصارى " الإنجيل" المبحث الثاني: عقيدة النصارى في الله عز وجل المبحث الثالث :تفنيد عقيدة التثليث المبحث الرابع : عقيدة الصلب والفداء وتنفيذها المبحث الخامس :معالجة الإسلام لخطيئة آدم المبحث السادس : بولس الذي عمد إلى تغيير المسيحية المبحث السابع :عقيدة غفران الذنوب المبحث الثامن : عقيدة العشاء الرباني الكتاب المقدس عند النصارى " الإ نجيل" الصفحة الرئيسية الاتصال حول الموضوع طباعة هذه الصفحة
الفصل السابع الحقيقة المنسية والمهجورة
هناك أمرٌ تواطأ الناس على هجره وعدم الالتفات إليه مع أنه أعظم شيء له علاقة بالإنسان وهو عدم إدراك الحقيقة مع وضوحها ، وأعظم هذه الحقائق هي حقيقة الدنيا التي نعيش فيها، والحقيقة التي من أجلها وجدنا في هذه الدنيا والتي من أجلها نحيا وعليها نحاسب، وهي عبادة الله وحده التي أرسل الله سبحانه وتعالى جميع رسله عليهم السلام لتوضيحها وبيانها للناس
قال تعالى:) ولقد بعثنا في كل أمة ٍ نبي(والمسلمون يعرفون ما شرعه الله لهم من معاني العبادة وأنواعها ، والعقيدة من كتاب الله القرآن الكريم ومن سنة نبيه محمدr.
المبحث الأول : الكتاب المقدس عند النصارى " الإنجيل" :
يقول عيسى في الإنجيل "وتعرفون الحق والحق يحرركم"(1) فهذه دعوة إلى معرفة الحق من المسيح u فهيا بنا إلى معرفة الحقيقة.
"العهد الجديد" هذا هو الكتاب المقدس الخاص بالمسيحيين فقط، وباعتبار تسلسل النبوّات فهم يضيفون إليه أسفار " العهد القديم " ليشكلا معاً ) أي العهد الجديد والعهد القديم) الكتاب المسيحي المقدس، ويطلق مجازاً اسم (الأناجيل) على الأسفار الأربعة الأولى من العهد الجديد، وهي الأسفار المنسوبة إلى كل من {متىّ، مرقس، يوحنا، لوقا}.(2)
المطلب الأول : حقيقة هذه الأسفار
(1/2)
إن الأسفار الأربعة السابقة الذكر ما هي إلا جزء من جملة عشرات الأسفار التي كانت متداولة في العصر المسيحي الأول، ثم أبطلها المجمع المسكوني الأول الشهير، والجدير بالذكر أنه وقت كتابة أسفار ورسائل العهد الجديد لم تكن تعتبر هذه الكتابات مقدسةً ولا وحياً سماوياً(3)، والدليل على ذلك ما كتبه "لوقا" نفسه في مقدمة إنجيله، فقد قال:"لما كان كثيرون قد أقدموا على تدوين قصة في الأحداث التي تمت بيننا، كما سلمها إلينا أولئك الذين كانوا من البداية شهود عيان، ثم صاروا خداماً للكلمة،رأيت أنا أيضاً بعد ما تفحصت كل شيء من أول الأمر تفحصاً دقيقاً،أن أكتبها إليك يا صاحب السمو (ثاوفيلس)-وهي شخصية غيرمعروفة لدى النصارى-لتتأكد لك صحة الكلام الذي تلقيته(4)،وهذا نص لا يحتاج إلى تعليق.
المطلب الثاني :ضعف سند الأناجيل
إن أقدم الأناجيل الموجودة اليوم، لم تكتب في حياة المسيح ولا عقب رفعه مباشرةً، أو حتى بعد ذلك ببضع سنين، بل كتب أول الأناجيل بعد موت المسيح بمدة طويلة.
وقد قيل أن من أسباب تأخر كتابتها :
1)تفشي فكرة المجيء الثاني للمسيح قبل أن يموت ذلك الجيل الذي عاصر المسيح u.
2)ما تعرض له الحواريون من اضطهاد من قبل اليهود والرومان. وهذا ابن حزم يعطينا صورةً واضحة للأحداث، والظروف التي مرت بها دعوة عيسى u فيقول :"وأما النصارى فلا خلاف بين أحد منهم ولا من غيرهم في أنه لم يؤمن بالمسيح في حياته إلا مائة وعشرون رجلاً فقط.وكل من ظفر به منهم إما قتل بالحجارة، وإما صُلب أو قتل بالسيف أو بالسم، فبقوا على هذه الحالة لا يظهرون البتة، ولا لهم مكان يأمنون فيه، مدة ثلاثمائة سنة بعد رفع المسيح u، وفي خلال ذلك ذهب الإنجيل المنزل من عند الله عز وجل إلا فصولاً قصيرة أبقاها الله تعالى حجةً عليهم وخزياً لهم "(5)
المطلب الثالث :ضياع الإنجيل وانقطاع سنده
(1/3)
· عدم اعتناء النصارى بالتدوين مباشرة من فم المسيح u أدى إلى أن يكون ما كتب من الذاكرة فقط بعد فترةٍ زمنية طويلة، فكانت النتيجة عدم دقة الأناجيل.
· وتأخر كتابة الأناجيل فترة زمنية طويلة كفيلة بنسيان الشيء الكثير مما سمع من المسيح u ونقل عنه كما نطق به ، ولذلك ضاع منه ما ضاع ونسي منه ما نسي قال تعالى: )فنسوا حظاً مما ذكروا به((6).
· ( متىّ، مرقس، يوحنا ،لوقا )،كتبة الأناجيل المعتمدة لدى النصارى لم يسمعوا جميعهم من المسيح u مباشرة، ولم يكونوا جميعهم من تلاميذه، ولم يذكروا سنداً للسماع فهو سند منقطع عن المسيح u.
· أقدم مخطوطات الأسفار المسيحية الموجودة اليوم هي مخطوطات باللغة اليونانية،أي ليست باللغات التي تكلم بها المسيح عيسى u والحواريون فالمعروف أن المسيح u تكلم اللغة التي كانت دارجةً في فلسطين وقت بعثته،وهي اللغة الآرامية،و تواجه العلماء صعوبة كبرى تكمن في الكيفية التي ترجمت بها أقوال عيسى u من الآرامية إلى اليونانية(7).ثم أنك لا تجد بين هذه المخطوطات نسختين متفقتين، ولا يوجد(أصل) لإنجيل عيسى لحسم أي خلاف بين روايات الأناجيل.
هنا نقول :
إن مثل هذا السند المهلهل لكتاب النصارى المقدس والذي لا يقبل مثله دليلاً لشهود يتقدمون به لإثبات قضية بسيطة في أي محكمة، فكيف تقبلونه دليلاً لإثبات دين سماوي وعقيدة إلهية؟
تحليل موجز للأناجيل الأربعة :
من خلال ما سنبينه سوف يتضح لنا بجلاء مدى ضعف سند هذا الكتاب المقدس .
1) حول إنجيل "متى" :
من هو "متى" ؟ الجواب : قيل أنه أحد تلاميذ المسيح u وقيل غير ذلك. فشخصيته غير متأكد منها. و"النقاد ينكرون نسبة هذا الإنجيل إلى "متىّ الحواري" وينسبونه إلى أحد أتباعه الذي وضع عليه اسم "متىّ" تلميذ عيسى ليطمئن الناس إلية ويقبلونه باعتباره أحد الذين عايشوا عيسى u وشاهدوا أحواله(8).
(1/4)
ويؤكد رحمة الله الهندي أن الإنجيل المنسوب إلى "متىّ" ليس من تأليف "متىّ الحواري"، إذ لو كان هو مؤلف "هذا الإنجيل لظهر من كلامه في موضع من المواضع أنه يكتب الأحوال التي رآها، ولعبر عن نفسه بصيغة المتكلم، كما جرت به العادة سلفاً وخلفاً، وهذه العادة ما كانت مهجورة في عهد الحواريين أيضاَ"(9).
ومتى كتب "متىّ"إنجيله ؟
الجواب : كتب إنجيله سنة 41م حسب قول البعض، والبعض الآخر يرى أنة كتب سنة60م(10).
وسؤال ثالث يقول: ما هي اللغة التي كتب بها "متىّ" إنجيله ؟ الجواب : قيل العبرية وقيل الآرامية. ومهما كانت لغة الأصل فإن هذا الأصل المزعوم مفقود والموجود هو الترجمة اليونانية للأصل المزعوم المفقود. والمترجم أيضاً مجهول ، وتاريخ الترجمة كذلك مجهول والأصل لا وجود له، مما يجعل من الصعب التثبت من مدى تطابق الترجمة مع الأصل(11)إن كان هناك أصل!
فالتساؤل الآن : هل ما بأيدي النصارى اليوم هو الإنجيل الذي كتبة (متى)، وهل ما كتبه متى هو الإنجيل الذي نزل على عيسى u؟!
2)حول إنجيل "مرقس" :
سؤال: هل مرقس من تلاميذ المسيح؟
الجواب: هناك ثلاثة أقوال:
1. فريق يدعي أن مرقس كان تلميذاً لعيسى أو أنة واحد من السبعين رسولاً- هكذا عند النصارى- الذين أرسلهم عيسى مبشرين بالدين الجديد في المدن التي يزمع عيسى الذهاب إليها.
2. وفريق آخر يرى أن مرقس ليس من الحواريين الاثني عشر وليس من السبعين ولا من المائة والعشرين الذين خطب فيهم بطرس، وإنما هو شخص مغمور من عامة الناس.
3. وفريق ثالث يتوسط القضية فيجعل من مرقس تلميذاً لبطرس الذي كان تلميذاً لعيسى u(12) ،ولم يذكر مرقس في إنجيله أنه سمع من المسيح u ،ولا ذكر من أين أستقى معلوماته .
وهناك سؤال آخر:
متى كتب مرقس إنجيله؟وما هي اللغة التي كتب بها؟
(1/5)
الجواب: كتب(مرقس)إنجيله عام61م .واللغة المكتوب بها الإنجيل هي اللغة اليونانية، والأصل مفقود؛ أي لا توجد المخطوطة التي كتبها مرقس(13).والمخطوطات الموجودة الآن لا نجد أي نسختين تتفقان تماماً . وخاتمة إنجيل مرقس غير متفق عليها (14).
3)حول إنجيل لوقا :
لم يدعي أحد من المسيحيين أن (لوقا) من تلاميذ المسيح u "ولكن كما هي العادة عند أكثر النصارى يحاول هؤلاء إضفاء صفة القدسية و الرسولية على كتبة الأناجيل سواء بطريق مباشر كما ادعوا في مرقس أو بطريق غير مباشر كما زعموا بشأن صاحب هذا الإنجيل الثالث ، فقد زعموا أن لوقا كان تلميذاً لبولس، وبولس عندهم رسول وبذلك يكون إنجيل لوقا مكتوباً بطريقة الإلهام وبمعاونة الروح القدس الذي امتلأ منه بولس الرسول المدعي"(15)وبولس هذا لم يرى المسيح u ،وقد كتب لوقا إنجيله دون أن يذكر مصدر رواياته وسندها، بل ولم يقل أنه كلام الله فقد قال في مقدمة الإنجيل :" إذا كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاً ثم صاروا خداماً للكلمة، رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز "ثاوفيلس"لتعرف صحة الكلام الذي علمت به"(16).
وهنا سؤال آخر : متى كتب "لوقا" إنجيله ؟
الجواب : كتبه عام 63م والأصل الذي كتبه غير موجود.(17)
4)حول إنجيل "يوحنا" :
من هو يوحنا ؟
(1/6)
الجواب : يوحنا هذا هو أحد الحواريين الاثني عشر حسب اعتقاد بعض النصارى ، ولكن الأرجح لدى البعض أن كاتب إنجيل "يوحنا" ليس يوحنا الحواري وهذا ما صرحت به دائرة المعارف البريطانية "التي أشترك في تأليفها خمسمائة من علماء النصارى الذين لا يعقل تواطؤهم على الكذب في دينهم وعلى حواري رسولهم عيسى، تقول دائرة المعارف البريطانية:"أما إنجيل يوحنا فإنه لا مرية ولا شك ، كتاب مزور أراد صاحبه به المضادة بين اثنين من الحواريين بعضهما لبعض وهما القديسان"يوحنا"و"متىّ"وقد أدعى هذه الكاتب المزور في متن الكتاب أنه الحواري الذي يحبه المسيح فأخذت الكنيسة هذه الجملة على علاتها وجزمت بأن الكاتب هو "يوحنا" الحواري ووضعت اسمه على الكتاب نصاً مع أن صاحبه غير يوحنا يقينا، ولا يخرج هذا الكتاب عن كونه مثل بعض كتب التوراة التي لا رابطة بينها وبين من نُسبت إليهم، وإنا لنرأف ونشفق على الذين يبذلون منتهى جهودهم ليربطوا ولو بأوهى رابطة ذلك الرجل الفلسفي_ الذي ألف هذا الكتاب في الجيل الثاني _ بالحواري يوحنا الصياد الجليلي فإن أعمالهم تضيع عليهم سدى لخبطهم على غير هدى ."(18)ويقول (هورن): "إن هذا الإنجيل كتب، والغرض منه التصريح بألوهية المسيح بعد أن كان "شير ينطوس" و"أبيسون"وجماعتهما يعلّمون المسيحية بأن المسيح ليس إلا إنساناً"(19)ومما يؤكد أيضاً أن كاتب هذا الإنجيل ليس"يوحنا " الحواري أن تاريخ كتابة هذا الإنجيل الذي كان عام 98م وهو تاريخ متأخر عن رفع المسيح u إلى السماء وإذا كان "يوحنا"هو تلميذ المسيح فلماذا تأخر هذا الوقت عن كتابة إنجيله ثم أن هذا سن متقدم لا يكتب فيه الناس عادةً ، فإذا كان كاتبه هو "يوحنا " التلميذ فسيكون سنه فوق السبعين،فماذا يتذكر الإنسان بعد هذا العمر من أقوال كانت قبل 65عاماً أو تزيد.
· وهناك سؤال يقول: هل مازالت النسخ الأصلية لهذا الإنجيل موجودة؟
(1/7)
الجواب :لا. النسخة الأصلية مفقودة، والإصحاح الواحد والعشرين منه أضيف إلى الإنجيل فيما بعد .
· سؤال آخر يطرح نفسه: أين هو إنجيل المسيح u الذي ذكره القرآن الكريم؟!
الجواب: إن الإنجيل الذي أتى به المسيح u وسلمه إلى تلاميذه وأمرهم أن يبشروا به؛ لا يوجد الآن ، وإنما توجد قصص ألفها التلاميذ وغير التلاميذ لم تسلم من المسخ والتحريف والزيادة والحذف،(20) كما سنرى. يقول رحمة الله الكيرانوي في كتابه إظهار الحق : "طلبنا مراراً من علمائهم الفحول السند المتصل فما قدروا عليه، واعتذر بعض القسيسين في محفل المناظرة التي كانت بيني و بينهم وتفحصنا في كتب الإسناد لهم فما رأينا فيها شيئاً غير الظن والتخمين"(21)
هذه الأناجيل الأربعة هي الأناجيل المعتمدة والمقدسة عند النصارى. والدارس لهذه الأناجيل يجد فيها من الأخطاء ما يجعل أي جامعة في العالم ترفضه إذا قُدم لها كبحث من قبل أي طالب ينتسب إليها ، فكيف به منسوباً إلى الله عز وجل وقد عجّت به الأخطاء.
"ورجال الكنيسة يعترفون بأنه لا يزال هناك أكثر من خمسين ألف خطأ ، وقد نشرت ذلك مجلة "اليقظة"(AWAKE) منذ حوالي نصف قرن… وفي العدد السابع عشر من المجلد الثامن والثلاثين بالضبط..(22)
ويجد المطلع على الأناجيل أن هناك تناقضاً فيما بينها من جهة ، وتناقضاً في داخل الإنجيل الواحد من جهة أخرى، بل قد وجد في الصفحة الواحدة ما يناقض بعضه بعضاً .
المطلب الخامس :اختلاف الأناجيل وتناقضها
إذا نظرنا إلى أول جملة في كل إنجيل نجد التالي:
أول جمله في إنجيل(متىّ) تقول: "كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم"(1/1)
أول جملة في إنجيل مرقس: " بدأ إنجيل المسيح ابن الله ..)(1/1)
أول جملة في إنجيل لوقا، :" إذا كانوا كثيرين قد أخذوا بتأليف قصته.."(1/1)
أول جملة في إنجيل يوحنا، :"في البدء كان الكلمة.."(1/1)
(1/8)
فأنت تلاحظ أيها القارئ الكريم اختلاف الأناجيل منذ أول صفحة تفتحها وفي أول جملة ، بينما لو فتحت أول جملة في القرآن في أي مصحف على وجه المعمورة لوجدت الجملة هي نفسها والكلمة نفسها بل والحرف هو نفسه في أي صفحة وفي أي جملة أردت أن تقارنها . ثم لو أنك توغلت في كتب الأناجيل لوجدت تناقضات صارخة تمس العقائد الأساسية في الديانة المسيحية ، مما يجعل الإنسان حائراً أمامها لا يعرف أيهما نطق بها المسيح u، بل وتزيد الحيرة في أنه " كلما مرت عشرات من السنين ظهرت نفس الأناجيل بنصوص مخالفة لما عرفت من قبل"(23).
والآن نسرد بعض التناقضات:
v تناقض موقف المسيح u من الأنبياء عليهم السلام.
جاء في إنجيل يوحنا، على لسان المسيح أنه قال عن الأنبياء السابقين:" أقول لكم أني أنا باب الضأن، والقادمون عليكم كانوا لصوصاً وسراقاً ، ولا يقبِل اللص إلا ليسرق شيئاً، ويقتل ، وأنا قدمت لتحيوا، وتزدادوا خيراً"(24).هكذا يصف المسيح الأنبياء قبله بأنهم لصوصٌ وسراق مع أن العهد القديم وهو جزء من كتابهم المقدس ما هو إلا كلام أنبياء الله السابقين كما يعتقدون ويستشهدون بأقوالهم ويتخذونها أدلةً يحاججون بها فكيف يحتجون بأقوال وأفعال لصوص و سراق كما قال المسيح عنهم ؟!!
الجواب: هذا قول منسوب إلى المسيح u كذباً وبهتاناً ، والدليل على ذلك ما هو موجود في إنجيلكم نفسه وعلى لسان المسيح أيضاً يناقض هذا الادعاء وينسفه نسفاً، فهو يؤكد u ٍأنه ما جاء إلا مكملاً لمن سبقه من إخوانه الأنبياء لما جاءوا به من شرائع فقال u :" لم آت لأنقض شريعة من قبلي إنما جئت لأتمم"(25).
تناقض في شهادة المسيح :
(1/9)
شهادة المسيح u مقبولة في نص وغير مقبولة في نص آخر. ففي إنجيل يوحنا ، يقول عيسى u :" إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي غير مقبولة ، وغيري يشهد لي "(26)،وفي موضع آخر من نفس الإنجيل يقول عيسى u :" إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق، لأني أعلم من أين أتيت وإلى أين أذهب "(27). فكيف تكون شهادته حقاً وباطلا،ومقبولة وغير مقبولة ؟ وكيف يجمع بين هذين في كتاب منسوب إلى الله تعالى؟
اختلاف الأناجيل في أسماء التلاميذ :
يقول متىّ في إنجيله:أما أسماء الاثني عشر رسولاً فهي هذه
لكن لوقا يقول:
الأول سمعان الذي يقال له بطرس
سمعان الذي سمي أيضاً بطرس
وأندراوس أخوه
وأندراوس أخوه
ويعقوب بن زبدي
يعقوب
ويوحنا أخوه يوحنا
فيلبس فيليبس
برثو لماوس
برثو لماوس
توما
توما
ومتىّ العشار
متىّ
و يعقوب بن حلفي
يعقوب بن حلفي
ولباوس الملقب (تداوس)
يهوذا أخو يعقوب
سمعان القانوني
سمعان الذي يدعى الغيور
ويهوذا الأسخريوطي
يهوذا الأسخريوطي
إنجيل متىّ (10/2-4)
إنجيل لوقا (6/13-16)مع تقديم وتأخير لعمل مقابلة بين الأسماء.
فهؤلاء هم الاثنا عشر تلميذاً، ومع أن عدد التلاميذ قليل فقد وجد الاختلاف في أسمائهم ، بينما بلغ أصحاب محمد r مائة ألف أو يزيدون ومع ذلك وصلتنا أسماؤهم وأخبارهم صحيحة دون أي تحريف أو تزوير. فما يعني ذلك إلا أن أيدي التغيير والتبديل قد وصلت إلى الإنجيل .
يقول جورج كيرد :" عندما كتبت الأناجيل لم يكن هناك مجرد التحقق من شخصية التلاميذ، إن يهوذا ابن
يعقوب لا يظهر في القائمة المذكورة في كل من متىّ، مرقس، بينما شغل مكان لباوس الملقب تداوس"(28)
تناقض موقف المسيح مع بطرس :
(1/10)
يقول السيد المسيح لبطرس:" وأنا أقول لك أيضاً أنت بطرس وعلى هذا الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقدر عليها ،وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات فكل ما تربطه على الأرض ، يكون مربوطاً في السماء وكل ما تحله في الأرض يكون محلولاً في السماء"(29)، فهذا عيسى u يعطي بطرس رئيس التلاميذ مكانه عالية جداً، حيث جعل إرادة الله تابعة لإرادة بطرس، فما يربطه بطرس في الأرض ، يربطه الله في السماء فقد ملك بطرس مفاتيح ملكوت السماوات .
ستجد أيها القارىء أن هذا النص موضوع في أول الصفحة ثم لا تكاد العين تمتليء بهذه الصورة العظيمة لبطرس حتى تلقاها صورة أخرى مضادة تماما تمسخ هذا الحوار مسخاً، وتحيل بطرس من إنسان إلهي إلى شيطان مريد ، هكذا فجأة في نفس الإصحاح (16) وبعد عددين اثنين فقط ، أي حوالي سطرين- من كلمات السيد المسيح المبشرة له يقول متىّ :"فالتفت وقال لبطرس: اذهب عني يا شيطان أنت معثرة لي لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس"(30) ،فمع هذا التناقض الصارخ ، نجد أن النص الأول فيه إشراك بالله لأنه أعطي لبطرس حق التحليل والتحريم.
اختلاف في نسب المسيح عليه السلام(31) :
في إنجيل (متىّ)
في إنجيل (لوقا)
يوسف بن يعقوب
يوسف بن هالي
عيسى من أولاد سليمان بن داود عليهم السلام
عيسى من أولاد ناثان بن داود
مابين المسيح إلى داود عليهم السلام 26 جيلاً
مابين المسيح إلى داود 40 جيلاً
(1/11)
وقد اعترف جماعة المحققين بأنهما مختلفان اختلافاً معنوياً، ونقل آدم كلارك أحد كبار مفسري الإنجيل عذراً من (هارمرسي ) في الصفحة (408)من المجلد الخامس هكذا :" … ويعلم كل ذي علم أن متىّ ولوقا ، اختلفا في بيان نسب الرب اختلاف تحير فيه المحققون من القدماء والمتأخرين"(32) .هذه بعض التناقضات نكتفي بها هنا ، وسنقدم المزيد منها عند تعرضنا لعقائدهم بالدراسة والتنفيذ ، وسوف نجد أن الأناجيل تعج بالتناقض والاختلاف فالجديد يناقض القديم ، والسابق يناقض الأسبق بل والدليل الواحد يناقض بعضه بعضاً ، واعلم أننا لسنا الذي ندعي ذلك بل إن علماؤهم المتخصصين في دراسة الأناجيل هم الذين يصرحون بذلك ، ومع ذلك لا يعرف هذه التصريحات الكثير من المسيحيين بل القليل منهم .
المطلب السادس :شهادة علماء النصارى على ضعف سند الأناجيل واختلافها
1) الأناجيل غير متجانسة :
يقول فردريك جرانت :" إن العهد الجديد كتاب غير متجانس ذلك أنه شتات مجمع ، فهو لا يمثل وجهة نظر واحدة من أوله إلى آخره ، لكنه في الواقع يمثل وجهات نظر مختلفة"(33).
2) الأناجيل ناقصة :
يقول "هورن" في الباب الثاني من القسم الثاني من المجلد الرابع من تفسيره المطبوع عام 1812م :"الحالات التي وصلت إلينا في باب زمان تأليف الأناجيل من قدماء مؤرخي الكنيسة ناقصة وغير معينة ، لا توصلنا إلى أمر معين"(34).
3) إضافة باب كامل في إنجيل يوحنا :
يقول المحقق المشهور (كَروتيِسَ) :" إن هذا الإنجيل كان عشرين باباً فألحقت كنيسة (أفسس) الباب الحادي والعشرين بعد موت يوحنا"(35).
4) اختلاف إنجيل يوحنا عن الثلاثة الباقية.
"في فترة المائة والخمسين عاماً الأخيرة تحقق العلماءأن الأناجيل الثلاثة الأولى تختلف عن إنجيل يوحنا أسلوباً ومضموناً" (36).
(1/12)
وتقول دائرة المعارف الأمريكية :"إن هناك مشكلة هامة وصعبة تنجم عن التناقض الذي يظهر في نواحٍ كثيرة بين الإنجيل الرابع والثلاثة المتشابهة ، إن الاختلاف بينهم عظيم لدرجة أنه لو قبلت الأناجيل المتشابهة باعتبارها صحيحة وموثوقاً فيها ، فإن ما يترتب على ذلك هو عدم صحة إنجيل يوحنا"(37).
5)التغييرات حدثت عن قصد:
تقول دائرة المعارف البريطانية :"أما موقف الأناجيل فعلى العكس من رسائل بولس ، إذ أن التغييرات الهامة قد حدثت عن قصد ، مثل إدخال أو إضافة فقرات بأكملها "(38).
6)اختلاف نصوص المخطوطات :
يقول جورج كيرد :"إن نصوص هذه المخطوطات "للعهد الجديد" تختلف اختلافاً كبيراً، ولا يمكننا الاعتقاد بأن أياً منها قد نجا من الخطأ"(39).
إذاً فالقول بأن الأناجيل هي كلام الله دعوى غير صحيحة ومجرد ادعاء.
ونحن نؤمن بأن إنجيلاً نزل على عيسى u من الله عز وجل ولكن ليس هو الإنجيل الذي بين أيدي النصارى اليوم ، فهو ليس صورة منسوخة من إنجيل عيسى u ، وإلا لاتفقت فيما بينها في اللفظ والمعنى والنصارى يعلمون أن الأناجيل الأربعة لم تكتسب الثقة والصحة لديهم بأمر من الله ، وإنما كان ذلك بقرار من الكنيسة مما أكد الشك القائم حولها لأنها اختيرت من بين مجموعة كبيرة من الكتب كان الشك حولها جميعاً ثم أصبحت هذه الأربعة مقدسة مقبولة بقرار من المجمع المسكوني الأول . وهذا الأمر يفقهه كثير من القساوسة، ولذلك نجد نسبة عالية منهم يتحولون من المسيحية إلى الإسلام أكثر من العوام.فالحمد لله على نعمة حفظ الإسلام بحفظ كتابه المقدس القرآن ،قال تعالى :)إنا نحن نزلنا الذكر وإناله لحافظون("(40)، فقدحفظه الله سبحانه وتعالى لأنه أراد أن يكون هو آخر الأديان السماوية، أما الإنجيل فليس الدين الخاتم وليس ديناً للعالم ولذلك لم يبقىمحفوظاً لأن الله أوكل حفظه إليهم،قال تعالى:
(1/13)
)بما استحفظوا من كتاب الله ("(41)،فلم يحفظوه بل بدلوا وغيروا بعد جيل أو جيلين.
المطلب السابع : محتويات الأناجيل
"كما أن رسالة المسيح عيسى ابن مريم محدودة في نطاقها البشري، إذ جاءت إلى بني إسرائيل فقط ، فإنها أيضاً محدودة في محتواها ومن يدقق في الأناجيل الأربعة المعتمدة لدى النصارى وهي أناجيل (متىّ، مرقس، لوقا، يوحنا) يجد هذه الأناجيل تحتوي على مايلي:
1) نسب المسيح وولادته"(42).
2) العلاقة بين يحيى "يوحنا المعمدان" والمسيح.(43)
3) طلب الرحمة للمساكين والجائعين وصانعي السلام(44).
4) عيسى جاء لإكمال الناموس "أي شريعة موسى" لا لنقضه(45).
5) النهي عن الزنى وعدم النظر إلى النساء بشهوة (46).
6) الحث على الصفح والتسامح(47).
7) الزهد في الدنيا(48).
8) الحث على طاعة الله(49).
9) شفاء عيسى للمرضى ومعجزاته(50).
10) منع الطلاق إلا بسبب الزنى(51).
11) منع الزواج بمطلقة(52).
12) بعض الوصايا الأخلاقية(53).
13) قصة إلقاء القبض عليه والتحقيق معه وصلبه ودفنه وبعثه(54).
وينطبق على الأناجيل الثلاثة الأخرى " لوقا، مرقس، يوحنا" ما ينطبق على إنجيل متىّ، مع تناقض بعضها بعضاً في مئات المواقع والنصوص ، إذ يندر أن تجد نصاً في إحداها يطابق النص ذاته في الأناجيل الأخرى"(55).والدارس لهذه الأناجيل يجد أن معظم صفحاتها تتحدث عن نسب عيسى u ومعجزاته وصلبه، تسعون في المائة أو أكثر من صفحات الأناجيل تتحدث عن نسب عيسى ومولده وعن شفائه للمرضى وعن قصة صلبه المزعومة وما سبقها وتبعها من أحداث.
ولو جمعنا وصاياه المتعلقة بالسلوك لما وجدناها تتجاوز بضع صفحات ، وتلك الوصايا كانت قليلة الأثر لأنها لا تقترن بالعقوبات اللازمة لحمايتها"(56).فقد نهى عيسى u عن الزنى والقتل والسرقة لكن دون أن يبين العقوبات.
والمواعظ وحدها لا تكفي في تنظيم المجتمع وردع المجرمين .
المطلب الثامن :مواعظ يصعب تطبيقها
(1/14)
1)يقول عيسى u " من لطمك على خدك الأيمن فحوِّل له الآخر أيضاً"(57).
2)ويقول عيسى u "لا تقاوموا الشر"(58).
3)ويقول عيسى u "أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم"(59).
4) ويقول عيسى u لمن أراد أن يتبعه "إن كان أحد يأتي إلي ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته، حتى نفسه أيضاً فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً.....فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون لي تلميذاً"(60).
(1/15)
هذه مواعظ لا تستطيع فطرة الإنسان التعامل معها والواقع يصدق ذلك ، فإننا لم نرَ نصرانياً واحداً يُضرب على خده الأيمن فيدير الأيسر لمن لطمه ، بل العكس من اعتدى عليهم فإنهم يعتدون عليه بأضعاف أضعاف ما أعُتدي عليهم ، وتاريخهم خير شاهد على قولي هذا وما زال إلى يومنا الحاضر، بل إن كثير من الدول المسيحية تسيء إلى من يحسن إليها وتعتدي على من يسالمها ويستسلم لها، فالمواعظ والأخلاق التي دعت إليها الأناجيل مثالية لا تصلح لمجتمع بشري ،ما من أحد مِن البشر يستطيع ترك جميع أمواله، ويخالف فطرته التي جبلت على حب المال ، بل أن المسيحيين هم أرباب رؤوس الأموال دولاً كانوا يمثلون أم أفراداً.فالأناجيل لا تقدم حلولاً منطقية، بالإضافة إلى خلوها من التشريعات ، والقوانين المنظمة للأسرة والمجتمع . جاء في إنجيل متىّ " أما أنا فأقول لكم : كل من طلق زوجته لغير علة الزنى فهو يجعلها ترتكب الزنى، ومن تزوج بمطلقة فهو يرتكب الزنى"(61) .ولكن المسيحيين يطلقون ويتزوجون المطلقات، لأن هذا تشريع من عمل الكهنوت المسيحي قاصر لا يتلاءم مع واقع البشر ، يقول محمد الديّني ":وعندما كانت الكنيسة الكاثوليكية متدخلة في الدولة بسطوتها وقوتها، كان النصارى يلجئون إلى مكاتب التحري السرية لجلب إثبات الزنى للمحكمة للطرف الراغب-سواء الزوج أو الزوجة- في الطلاق"(62)هذا هو إنجيل عيسى uكما يدعي المسيحيون مع أنه لا يوجد أي دليل على إثبات ذلك لا من ناحية السند المتصل ، ولا من ناحية اللغة فلا يوجد إنجيل أو حتى مخطوطة من مخطوطاته بلغة عيسى u ، ثم لا أحد يعلم كيف ترجم من اللغة الآرامية (لغة عيسى) إلى اليونانية ، ولا أحد يعرف من الذي قام بالترجمة ، و لم يتفقوا على تاريخ الترجمة ومكانها .أضف إلى ذلك التناقضات والاختلافات الكبيرة والكثيرة بين الأناجيل ، ثم زد على ذلك عدم إمكانية تطبيق مواعظ المسيح ووصاياه على الواقع.
~
(1/16)
--------------------------------------------------------------------------------
(1) يوحنا (8/32)(2) المسيحية والإسلام والاستشراق .د/مجمد فاروق الزين .ص(47).(3) المرجع السابق ص48بتصرف.
(4) لوقا (1/1-4).(5) الإنجيل دراسة وتحليل د/محمد شلبي شتيوي ص(14-15)باختصار.(6) المائدة (14)(7) المسيحية والإسلام والاستشراق،محمد فاروق الزين ص(58)بتصرف.
(8) قصة الحضارة ج11 ،ص(208) نقلاً عن الإنجيل دراسة وتحليل.ص(46).(9) رحمة الله الهندي ،إظهار الحق ، ج1ص(430)نقلاً عن الإنجيل دراسة وتحليل ص(47).
(10) مقارنة بين الأناجيل الأربعة د/محمد على الخولي ص(18).(11) المرجع السابق ص(18)،بتصرف.(12) الإنجيل دراسة وتحليل د/محمد شلبي شيتوي ص(52).
(13) مقارنة بين الأناجيل الأربعة د/محمد علي الخولي ص(93).(14) النصرانية تاريخاً وعقيدة د/مصطفى شاهين ص(173).(15) الإنجيل دراسة وتحليل د/محمد شيتوي ص(61).
(16) إنجيل لوقا (1:1-4).(17) مقارنة بين الأناجيل الأربعة د/محمد علي الخولي ص(108)
.(18) محاضرات في النصرانية،للإمام أبو زهره(54)نقلاً عن (الإنجيل دراسة وتحليل). د/محمد شلبي ص(67-68)
(19) مقدمة الرد الجميل ص(52) بتحقيق د/ الشرقاوي ،عن النصرانية تاريخاً وعقيدة ص(183).(20) النصرانية تاريخاً وعقيدة د/مصطفى شاهين ص(51).
(21) إظهار الحق ، رحمة الله الكيرانوي.ص(102-103).(22) حوار صريح بين عبد الله وعبد المسيح.د/عبد الودود شلبي.ص(95).
(23) حوار صريح بين عبد الله وعبد المسيح،د/عبد الودود شلبي ص(97).(24) يوحنا (1/8-18).(25) إنجيل متىّ (5/17). (26) إنجيل يوحنا (5/31).(27) إنجيل يوحنا (8/14).
(28) مناظرة بين الإسلام والنصرانية.ص(56). (29) إنجيل متىّ (16/18-20).(30) إنجيل متىّ(16/21-23).(31) مناظره بين الإسلام والنصرانية.ص(75-76)بتصرف.
(1/17)
(32) إظهار الحق ،رحمة الله الكيرانوي،ص(160-161) .(33) فردريك جرانت، ص(12-17)نقلاً عن مناظرة بين الإسلام والنصرانية ص(36).
(34) إظهار الحق ، رحمة الله الكيرانوي ص(134-135).(35) المرجع السابق ص(134).(36) جنتر لا نسزكو فسكي،ص(32-36)نقلا عن مناظرة بين الإسلام والنصرانية ص(36).
(37) دائرة المعارف الأمريكية :ج13ص(73)نقلاً عن مناظرة بين الإسلام والنصرانية ص(36).
(38) دائرة المعارف البريطانية، ج2، ص(519-521)نقلا عن مناظرة بين الإسلام والنصرانية ص(36).(39) جورج كيرد ، ص(32)نقلاً عن مناظرة بين الإسلام والنصرانية،ص(37).
(40) الحجر (9)(41) المائدة(44)(42) متّى (1/2) .(43) متّى (3) .(44) متّى ( 5).(45) متّى (5/17).
(46) متّى (5/27).(47) متّى (5/38-43).(48) متّى (6/25).(49) متّى (7/21).(50) متّى (8-9).(51) متّى (19/9).(52) متّى (19/9).(53) متّى (19/18-19).
(54) متّى (16- 28).(55) حقيقة عيسى المسيح،د/محمد علي الخولي ص(77-78).(56) المرجع السابق ص(82).(57) متىّ(5/39).(58) متىّ(5/39).(59) متىّ(5/44).
(60) لوقا(14/26-33).(61) متىّ(5/32).(62)من أجل الإنجيل د/محمد أحمد الديني ص(50).(1/18)
الفصل الثامن الإسلام مقارنة باليهودية والنصرانية المبحث الأول: الكتاب المقدس عند المسلمين المبحث الثاني :العقائد الإسلامية المبحث الثالث: العبادات في الإسلام المبحث الرابع: المعاملات المبحث الخامس : الإسلام والعلم الصفحة الرئيسية الاتصال حول الموضوع طباعة هذه الصفحة
الفصل الثامن الإسلام مقارنة باليهودية والنصرانية
المبحث الأول: الكتاب المقدس عند المسلمين
(1/19)
القرآن الكريم أنزله تعالى بالحق و معياراً لبيان الحق من الباطل فيما بين يدي أهل الكتاب من الوحي السماوي)وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين((1).والقرآن الكريم لا يقتصر على تصديق الوحي الصحيح المتبقي في كتاب اليهود والنصارى (التوراة والإنجيل) بل يتجاوز ذلك إلى تفصيله، ومن صفات القرآن الكريم:)لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد((2).بمعنى أنه يستحيل حذف شيء منه أو إضافة شيء أو إدخال التعديل عليه سواء بشكل سافر من أعدائه الذين يتعمدون الإساءة، أو بشكل خفي بإدخال الالتباس عليه وتشويه معانيه(3).وعند المقارنة مع الكتب السماوية الأخرى نجد تميز القرآن عنها تميزاً واضحاً وجليلاً، وما ذلك إلا مصداقاً لقوله تعالى)إنا نحن نزلنا الذكر وأنا له لحافظون((4). فهذا الكتاب الكريم الذي أنزل الله تعالى على نبي أمي ليكون دليلاً مع أدلة أخرى على أن هذا القرآن هو من عند الله وكلامه حقيقة وليس كلاماً لأحد غيرة. ووصف رسولنا الكريم بالرسول الأمي مذكور بتوراة اليهود وأنجيل النصارى قال تعالى:)الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل((5).وكان جبريل يأتي رسولنا محمد r فيلقي عليه الوحي ولا يتركه إلا وقد حفّظه الآيات عن ظهر قلب:)لا تحرك به لسانك لتعجل به، أن علينا جمعه وقرأنه فإذا قراناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه((6).ثم كان الوحي يأتيه كل عام ليراجع معه القرآن وكان ذلك في رمضان وقد راجع الرسول r القرآن في آخر رمضان مرتين مع الوحي وهكذا كان حفظاً قوياً لما يوحى إليه.
المطلب الأول:كتابة القرآن
تختلف كتابة القرآن عن كتابة بقية كتب اليهود والنصارى من العهد القديم والجديد .
(1/20)
لقد كان النبي محمد r يأمر كتاب الوحي بكتابة ما ينزل من القرآن وقت نزوله، ومن هؤلاء الكتاب زيد بن ثابت وعلي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان t فكان القرآن مفرقاً بينهم مع غيرهم في قطع من الجلود "ولعل قصة عمر بن الخطاب وآيات أول سورة طه التي وجدها مكتوبة مع أخته تشهد بأن كتابة القرآن كانت معروفه في مكة مشهورة بين المسلمين"(7)،وهكذا كتب القرآن كله في حياة الرسول r على ما عارضه به جبريل في العام الذي توفي فيه وقراء الرسول r القرآن على الترتيب الذي علمه جبريل وكان يوقف أصحابه على هذا الترتيب الذي كتبت به المصاحف فلم ينتقل رسول الله r إلى جوار ربه حتى كان القرآن كله مكتوباً . ومحفوظاً يحفظه عدد كبير من الصحابة t .
توثيق الكتابة والجمع في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
عن زيد بن ثابت y قال:" أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر y : إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استمحر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن وإني قد اخترتك مع نفر معك لتقوم بهذه المهمة ، وهكذا تم جمع القرآن في زمن أبي بكر ، وكانت الصحف التي كتب فيها القرآن عند أبي بكر ، حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهما"(8).
منهج زيد بن ثابت في تدوين القرآن الكريم:
انتهج زيد بن ثابت yأسلوباً دقيقاً محكماً في تدوين القرآن الكريم ، وكان هذا المنهج قد وضعه له أبو بكر وعمر رضي الله عنهما –وهذا المنهج يعتمد على مصدرين في جمع القرآن الكريم :
1) ما كتب بين يدي الرسول r .
(1/21)
2) ما كان محفوظاً في صدور الصحابة رضوان الله عليهم فلم يكتفِ زيد بما حفظه وكتبه هو بنفسه بل جعل يتتبع ويستقصي ما كان عند غيره، ولم يكن يقبل شيئاً من المكتوب حتى يشهد شاهدان عدلان على أنه كتب بين يدي رسول الله r فلم يعتمد على الحفظ وحسب بل جمع بين المكتوب والمحفوظ زيادةً في التوثق. وهكذا جُمع القرآن بين دفتي كتاب تحت إشراف أبي بكر وعمر وكثير من أكابر الصحابة، وإجماع الأمة على ذلك.
كتابة القرآن من مصحف أبي بكر الصديق في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنهما:
روى البخاري عن أنس أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان:" يا أمير المؤمنين : أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى ، فأرسل عثمان إلى حفصة، أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها إلى مصاحف، ثم نرد إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان رضي الله عنهما ، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام رضي الله عنهم فنسخوها في المصاحف…"(9) وأرسل عثمان بن عفان إلى كل مصر مصحفاً؛ فأرسل إلى مكة والكوفة والبصرة ودمشق، وأبقى مصحفاً في المدينة، فوصلت إلينا وانتشرت كما هو مدون في تلك المصاحف، وهناك كثير من المخطوطات التي تشهد على ذلك .
المطلب الثاني :المخطوطات القرآنية
هناك العديد من المخطوطات القديمة للقرآن الكريم تنتشر في أماكن مختلفة من متاحف مكتبات العالم . والشيء العجيب هو تطابق هذه المخطوطات مع مطبوعات القرآن الكريم الحديثة في العالم كله، يتحدث الكاتب الفرنسي (موريس بوكاي) مبيناً الأمر فيما يخص المخطوطات القرآنية الموجودة في المكتبة الوطنية في باريس فيقول:" فإنا نرى إن أقدم المخطوطات المعروفة في أيامنا والموجودة في العالم الإسلامي كله واحدة"(10).
(1/22)
ومن أهم المخطوطات القرآنية القديمة المكتشفة مصاحف صنعاء فقد اكتشف(40000)رق هي صفحات لمصاحف كريمة وجدت في سقف الجامع الكبير في صنعاء، وذلك عام 1385هـ الموافق 1965م وهي من القرن الهجري الأول والثاني والثالث . فتمثل هذه المخطوطات أصالة القرآن وتشهد أنه هو لم يتبدل عبر القرون "(11)فأنت ترى المصحف الذي يقرؤه الصيني أو الروسي أو الأمريكي أو الأوروبي أو الفارسي أو التركي أو الأفريقي أو العربي…الخ هو نفسه المصحف الذي تذيعه إذاعة لندن أو أي إذاعة أو محطة تلفزيون في العالم، ولا يزال الملايين من أبناء المسلمين يتلقون القرآن مشافهة وقراءه بسند متصل إلى النبي r عن أمين الوحي جبريل uعن رب العالمين سبحانه وتعالى. وفيما يلي نص لسند شيخي، الشيخ إسماعيل عبد العال: يقول الشيخ المقرىء إسماعيل عبد العال في سنده للقراءات السبع ""لقد تلقيت أولاً القراءات السبع عن شيخي الشيخ(جوده محمد سليمان(وهو عن شيخه الشيخ )عطية إبراهيم خلف( و هو عن شيخه الشيخ ) غنيم محمد غنيم) وأخبرني أنه تلقى ذلك عن الأستاذ الشيخ )حسن الجريسي) و هو أخبره أنه تلقى ذلك عن الأستاذ الشيخ ( محمد المتولي(شيخ المقارئ المصرية المتوفى سنة1313هـ وأخبرني أنه تلقى ذلك عن الأستاذ الشيخ )أحمد التهامي(وأخبره أنه تلقى ذلك عن الشيخ)أحمد سلمونة) رضي الله عنه-عن السيد( إبراهيم العبيدي( عن مشايخه ومنهم الشيخ،عبد الرحمن الأجهوري، وفريد العصر)السيد البدري والأزهري( والمعمد الفاضل الشيخ(مصطفى العزيزي) فأما الشيخ(عبد الرحمن الأجهوري(قد قرأ على الشيخ)عبده السجاعي(وقرأ على الشيخ)أحمد البقري(و الشيخ)أحمد الأسقاطي( وكذا (يوسف أفندي زاده( شيخ القراءات بالديار القسطنطينية وكذا الشيخ(محمد الأزبكاوي) الشهير بالجامع الأزهري وكذا على الشيخ (عبد الله السنباطي)وأما ( السيد علي البدري) فقد قرأ على الشيخ(أحمد الإسقاطي) وكذا (يوسف أفندي زاده) وكذا الشيخ (محمد(1/23)
الأزبكاوي)وكذا على الشيخ(محفوظ)وكذا على الشيخ(عبد الله المغربي)فأما الشيخ (عبده السجاعي)فقد قرأ على (ابن الدمياطي)وعلى كل من المحقق الشيخ(أحمد سلطان)صاحب المزاحي محرر الفن، وقرأ الشيخ (أحمد سلطان)على( يوسف الداني البصيري) ،وأما (يوسف أفندي زاده)فقد قرأ على مولانا الشيخ ( علي المنصوري) بالديار القسطنطينية، وقرأ (المنضوري) على الشيخ(سلطان) وقرأ صاحب الإتحاف على الشيخ(أحمد سلطان) قرأ على الشيخ(الشبراملسي) وقرأ على الشيخ(أحمد البقري) على الشيخ (عبد الرحمن اليمني)على الشيخ (شحاته اليمني)على الشيخ (عبد الحق السنباطي)وكذا قرأ الشيخ (الشبراملسي)على الشيخ(عبد الرحمن اليمني)وقرأ (يوسف الداني)البصيري على (السنباطي)وقرأ على الشيخ (الأزبكاوي)على الشيخ(محمد البقري)وقرأ الشيخ (محفوظ)على الشيخ(علي الرملي)وقرأ الشيخ(الرملي)على الشيخ(محمد البقري)وقرأ للشيخ(عبد الله السنباطي)رجال كثيرين منهم الشيخ(عبد الخالق الشماطي)المتصل سنده لشيخ الإسلام(عبد الله الرسطي)وقرأ الشيخ(شحاذه اليمني) أيضاً على الشيخ(الناصر الطبلاوي)وقرأ (السنباطي والطبلاوي)على شيخ الإسلام (زكريا الأنصاري)على شيخه (رضوان العقبي)والشيخ(محمد النويري)شارح الشاطبية والشيخ(محمد)عن شيخهم(محمد بن محمد بن مجمد الجزري)محرر الفن وهو عن شيخه (أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن المبارك)الواسطي المصري وهو عن شيخ قراء مصر(أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الخالق) المعروف بالصايغ وهو عن شيخ قراء مصر أيضاً(أبي الحسن علي بن شجاع)صهر الشاطبي وهو عن الناظم(الشاطبي)، وهو عن (محمد بن هزيل) عن (سليم بن نجاح)عن(أبي عمر عثمان بن سعيد الداني) مؤلف التيسير قاله(ابن الجزري)في التشحيذ.
(1/24)
وأما{رواية حفص}فحدثنا بها(أبو الحسن الطاهر بن غلبون المقرىء قال:نبئنا بها(أبو الحسن علي بن محمد بن صالح)الهاشمي القدير المقرىء بالبصرة وقال: حدثنا(أبو عباس أحمد بن سهل الإشناني)قال: قرأت بها على(أبي محمد عبيد بن الصباح)وقال قرأت على(حفص)وقال قرأت على(عاصم)قال:(أبو عمرو):قرأت بها القرآن كله على شيخنا(أبو الحسن)وقال قرأت بها على(الهاشمي على الإشناني)عن(عبيد)عن(حفص)عن(عاصم)هو عاصم ابن أبي النجود وكنيته أبو بكر تابعي قرأ على(عبد الله ابن حبيب السلمي) و(زر ابن حبيب الأسنوي) على (عثمان بن عفان)رضي الله عنه و(علي بن أبي طالب)رضي الله عنه و(عبد الله ابن مسعود)رضي الله عنه و(أبي ابن كعب)رضي الله عنه و(زيد بن ثابت)رضي الله تعالى عنهم أجمعين عن {النبي r}عن {جبريل عليه السلام}عن {اللوح المحفوظ}عن {رب العزة جل جلاله وتقدست أسماؤه}.وصدق الله العظيم القائل:)إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون((12).
المطلب الثالث :محضر الخارقة
لو فتحت أي مصحف على وجه الأرض سواء كان من المطبوع حديثاً أو من المخطوط قديماً وفتحت سورة القمر، لوجدت الآية الأولى منه تقول:) اقتربت الساعة وانشق القمر(،فقد سجل القرآن هذه الحادثة التي وقعت في مكة المكرمة حيث طلب كفار قريش من النبي r أن يريهم آية(علامة على نبوته)فشق الله له القمر نصفين، وقد رأى تلك الآية المؤمنون والكافرون معاً ، فلو أن تلك الحادثة لم تحدث لتشكك المسلمون في دينهم وخرجوا منه ولقال الكفار: إن محمداً يكذب علينا فما انشق القمر ولا رأينا شيئاً من ذلك ، ولكن الذي حدث أن زاد المؤمنون إيماناً وتحير الكافرون أمام هذه المعجزة وتحول فيما بعد كثيراً منهم إلى الإيمان، فكان ثبات المؤمنين على إيمانهم وتحول الكفار إلى الإسلام وعدم معارضتهم لما سجل القرآن، كان هذا كله بمثابة التوقيع على مطابقة القرآن لما شاهدوه"(13).
المطلب الرابع :التحدي القرآني والعلم
(1/25)
إحدى المتطلبات الحتمية لحفظ القرآن عبر الزمن وجوب توافقه الكامل مع حقائق العلم وتطور النظريات العلمية والعلوم منذ نزوله على النبي محمد r وحتى العصر الحاضر وفي المستقبل، مما يعتبر في نفس الوقت شهادة عملية على كونه وحياً إلهياً لخلوه من التناقض والتفاوت على مر الزمن حتى أن القرآن نفسه يحث على التفكر في هذه النقطة )أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً((14)،وهذا الموضوع بدوره يحتم استحالة أن يكون القرآن إلا من عند الله"(15).
مقارنة بين القرآن والتوراة والإنجيل
القرآن
التوراة
الإنجيل
تكفل الله بحفظه قال تعالى
)إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له حافظون (16)(.
أوكل الله حفظه إلى اليهود قال تعالى:)بما استحفظوا من كتاب الله(.(17)
أوكل الله حفظه إلى النصارى قال تعالى:)بما استحفظوا من كتاب الله(.
قام الصحابة بكتابته في عهد النبي محمد r
كانت مكتوبة في ألواح في عهد موسى u.
لم تكن مكتوبة في عهد عيسى عليه السلام بل كتبت بعد موته بحوالي35عام
هيأ الله العرب في ذلك الزمن حافظة قوية فيتم الحفظ للبعض بسماع مرةً واحدة فقط.
لم يحفظ منها إلى القليل.
حفظ التلاميذ تعاليم المسيح ولكنهم لم يكبتوها.
يحفظ القرآن اليوم ملايين المسلمين مع كبر حجم القرآن.
لا يوجد حفظة لتوراة موسى لأن موسى u رفض تسليمها لبني إسرائيل وأعطاها لبني لاوى خوفاً من تحريفهم لها (18) .
لا يوجد من يحفظ الإنجيل رغم قلة حجمه.
مات محمد صلى الله عليه وسلم وهو منتصراً مع قومه مما أتاح الفرصة لنشر المصحف وكتابته وحفظة وتعليمه.
مات موسى عليه السلام وقومه يتيهون في الصحراء.
مات عيسى عليه السلام وقومه مضطهدون يقتلون ويحرقون فلم تتح الفرصة لتلاميذه بنشر الإنجيل وتعاليمه.
جميع مخطوطات القرآن متطابقة.
المخطوطات ليست متطابقة.
لا يوجد مخطوطتان متطابقتان كلها مختلفة متناقضة.
(1/26)
نسخ القرآن المطبوعة في العالم متطابقة لا تختلف في حرف واحد.
يوجد للعبرانيين نسخة وللسامريين نسخة والنسخة اليونانية للكاثوليك والأرثوذكس وهذه النسخ تختلف عن بعضها البعض والتوراة تحتوي على تناقضات كثيرة في النسخة الواحدة.
الأناجيل الأربعة تختلف فيما بينها بل وتتناقض نصوص الإنجيل الواحد بعضه بعضاً، بل في الصفحة الواحدة تناقض (19).
سند تلقي الحفظة عن مشايخهم اليوم سنداً متصلاً إلى رب العزة عز وجل.
لا يوجد سند متصل (فعزرا) الذي أعاد كتابة التوراة بينه وبين موسى حوالي1000عام
لا يوجد سند متصل لأن كثير من كتاب الأناجيل لم يسمعوا من المسيح ولم يخبروا من أين استقوا معلوماتهم.
لغة القرآن هي اللغة العربية التي تحدث بها محمد صلى الله عليه وسلم ،قال تعالى)إنا جعلناه قرآناً عربياً((20).
كان بين موسى وعزرا(1000)عام وهذا زمن تطور فيه اللغات فليست لغة التوراة هي نفسها لغة موسى uوإن كانت عبرية.
أقدم مخطوطة في الإنجيل باللغة اليونانية وعيسى u تحدث بالآرامية.
أحرقت التوراة زمن نبوخذنصر عام 588ق.م (سفر الملوك الثاني 24-25) وقتل جميع اللاويين حفظة التوراة.
أقر الإنجيل ككتاب مقدس في مجمع نيقية عام 325م بقرار من قسطنطين إمبراطور الرومان الوثني.
أعاد عزرا كتابه التوراة ملفقه من هنا وهناك عام 538ق.م
لم تبدأ كتابة أقدم الأناجيل إلا عام 61م فكانت النتيجة قال تعالى:)ونسوا حظاً مما ذكروا به((21)
توراة موسى الأصلية قليلة الحجم لذلك أوصى موسى u النبي"يشوع" بكتابتها في جدار المعبد(22) بينما التوراة اليوم تصل إلى ثلاثين سفراً فهي أضعاف مضاعفه لتوراة موسى u .
~
--------------------------------------------------------------------------------
(1) يونس آية (37).
(2) فصلت : آية (42).
(3) المسيحية والإسلام والاستشراق . محمد فاروق الزين ص(69).
(4) الحجر آية (9).
(5) الأعراف آية (157).
(1/27)
(6) القيامة آية(16-19).
(7) الله في إعجازه يتجلى د/غسان حمدون ص(29).
(8) صحيح البخاري (6/120/رقم 4986).
(9) فتح الباري (8/936).
(10) كتاب الله في إعجازه يتجلى . د/غسان حمدون ص(93).
(11) المرجع السابق ص(54) بتصرف.
(12) الحجر آية (9).
(13) محاضرات الإيمان للشيخ عبد المجيد الزنداني السنة الثانية بجامعة الإيمان.
(14) النساء (82).
(15) الإسلام والمسيحية والاستشراق.محمد فاروق الزين ص(70).
(16)(الحجر:9)
(17) المائدة (44)
(18) سفر التثنية الباب (31-24).
(19) متىّ (16/18-23)
(20) الزخرف (2)
(21) المائدة (13)
(22) سفر يشوع (8/3).(1/28)
الفصل السادس طرق تفنيد عقائد اليهود الباطلة الفصل السادس طرق تفنيد عقائد اليهود الباطلة المبحث الأول :الكتاب المقدس عند اليهود المبحث الثاني : عقائد اليهود المبحث الثالث: الشريعة اليهودية الكتاب المقدس عند اليهود الصفحة الرئيسية الاتصال حول الموضوع طباعة هذه الصفحة
المبحث الأول :الكتاب المقدس عند اليهود
لكي يكون هذا الكتاب أو ذاك كتاباً سماوياً واجب التسليم به لابد أن يثبت بدليل قاطع أن هذا الكتاب كتب بواسطة النبي الفلاني ووصل إلينا بعد ذلك بالسند المتصل بلا تحريف ولا تبديل.
فالكتب المقدسة تستمد قدسيتها من نسبتها إلى الله عز وجل وبما أن التوراة هي الكتاب المقدس عند اليهود، ويدّعي اليهود بأن جميع نصوصه كاملة جاءت من عند الله سبحانه تعالى؛فنحن نطالب اليهود بإثبات صحة هذا الادعاء) قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين((1).
وبلمحة سريعة حول ظروف كتابة التوراة وحفظها يتضح لنا بطلان هذا الادعاء.
تخوف موسى من تسليم التوراة لبني إسرائيل:
لم يسلم موسى u التوراة إلى بني إسرائيل؛وذلك خوفاً من اختلافهم من بعده في تأويلها، فقد جاء في سفر التثنية أن موسى قال لبني إسرائيل "خذوا كتاب التوراة هذا ، وضعوه بجانب التابوت (2)عهد الرب إلهكم ليكون هناك شاهداً عليكم لأني أنا عارف بتمردكم ورقابكم الصلبة.
هو ذا أنا بعد حي معكم اليوم قد صرتم تقاومون الرب فكم بالحري بعد موتي" (3).
فهذا موسى u يتوقع من قومه – وهو أعرف الناس بهم - بأنهم سوف يتجرأون على كتاب الله فرفض أن يسلمه إلى بني إسرائيل بل سلمه إلى بني لاوي(أبناء هارون u) "وكتب موسى هذه التوراة وسلمها لكهنة بني لاوي حاملي تابوت عهد الرب(4)، وهكذا صان موسى u التوراة عن سائر بني إسرائيل.
الأطوار التي مرت بها التوراة:
(1/29)
يقرر المؤرخون أن التوراة ظلت صحيحة في أيدي اليهود لم يغيروا منها حرفاً واحداً إلى زمن الأسر البابلي عندما حاربهم نبوخذنصر ملك بابل(5)،عام 588ق.م تقريباً فقام بدك أسوار القدس وأحرق المدينة والهيكل بعد أن أخذ منه التابوت وتتبع الهارونيين وسائر الكهنة فقتلهم على دم واحد، ثم سبى اليهود جميعاً إلى بابل مقيدين بالسلاسل ولم يترك فيها إلا شرذمة قليلة من أفقر الفقراء(6).وفي هذه الحادثة انعدمت التوراة وسائر أسفار العهد القديم التي كانت مصنفة. وأهل الكتاب من يهود ونصارى يقرّون بذلك"(7) وهكذا قتل جميع الهارونيين الذين كانوا يحفظون التوراة ولم تكن التوراة محفوظة على ألسنة بني إسرائيل، فضاعت واندثرت كما "اندثرت أمتهم وتشتت بين نهري دجله والفرات وما حولها ، فذابوا بين تلك الشعوب وعبدوا آلهتهم واستمر هذا النفي إلى عام 583ق.م، ثم عاد كثير منهم إلى فلسطين فأعادوا بناء المدينة والهيكل وفي عام 458ق.م عاد عزرا إلى القدس ومعه جماعه من الكتبة اللاويين ، ودأب عزرا هو ومن معه من الكهنة على تبصير اليهود بالشريعة"(8).
توراة عزرا :
يعتقد اليهود أن عزرا قام بجمع أسفار التوراة مرةً أخرى "فجمع من محفوظاته ومن الفصول التي يحفظها الكهنة ما لفق منه هذه التوراة التي بأيديهم، ولذلك بالغوا في تعظيم عزير غاية المبالغة، وزعموا أن النور على الأرض إلى الآن يظهر على قبره"(9)، أما التوراة التي كتبها موسى فلم يعد لها أثر، فأين ذهبت ؟!"هذا مالا يجد اليهود والنصارى جواباً له"(10) .
حجم توراة موسى :
يذكر اليهود أن موسى u أوصى "يشوع"بكتابة التوراة مرةً أخرى على أحجار المذبح فقد
قال: " فيوم تعبرون الأردن إلى الأرض المقدسة التي يعطيك الرب إلهك تقيم لنفسك حجارة كبيرة وتشيدها بالشيد وتكتب عليها جميع كلمات هذا الناموس"(11).
(1/30)
"ونفذ يشوع الوصية كما جاء في سفر يشوع" وكتب هناك على الحجارة نسخة توراة موسى التي كتبها أمام بني إسرائيل… وبعد ذلك قرأ جميع كلام التوراة البركة واللعنة حسب كل ما كتب في سفر التوراة"(12).
فتدعي التوراة أن النبي"يشوع " كتب التوراة كاملة على الجدار حسب وصية موسى uوهذا برهان ودليل يؤكد على أن التوراة الأصلية كانت قليلة حيث أستطاع "يشوع" نقشها على الأحجار بينما التوراة التي بأيدي اليهود اليوم هي من الكثرة تحتاج إلى أضعاف مضاعفة كثيرة من الأحجار تزيد على تلك الأحجار التي كتبت عليها التوراة مما يؤيد أن التوراة قد تسربت إليها الزيادات والتحريفات والتغييرات فتوراة اليوم تتكون من"مجموعة أسفار تصل إلى تسعة وثلاثين سفراً"(13).
"ويقرر العلامة والطبيب الفرنسي( موريس بوكاي) في كتابه(دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة) أن عالم الأديان "أدمون جاكوب" في دراساته للعهد القديم يذكر أنه حتى القرن الثالث قبل الميلاد تقريباً لم يكن هناك نص واحد للتوراة"(14) وكان السبب الرئيسي ما لقيه اليهود من اضطهاد من قبل الكلدانيين والبابليين والفرس واليونان…الخ.
فأي توراة تبقى؟ وأي بديل لكلام الله كتبه عزرا؟.
اللغة التي كتبت بها التوراة :
(1/31)
لا يعُرف معرفة يقينية ما هي اللغة التي كتب بها موسى التوراة، وعلى افتراض أنها العبرية، فلا شك أنها كانت تختلف اختلافاً بيناً جداً عن عبرية النص المقدس الذي بأيدينا، فلابد أنه مع جمع نصوص العهد القديم العبري وكتابتها بيد عزرا -وكان بين موسى وعزرا ما يقارب ألف عام-لا شك أن اللغة فيها -ككل لغة في العالم- تطورت تطوراً كبيراً وقد بقيت مع ذلك شواهد من العبرية القديمة من أشهرها قصيدة "دبوره" المبنية في الإصحاح الخامس من سفر القضاة وبالرغم من أن هذا النص لم ينجُ هو أيضاً من أثر الزمن على لفظه، فإنه بسبب تواتره على الألسنة، وكونه أنشودة غنائية حماسية موزونة –فقد أحتفظ بالكثير من سمات لغته الأصلية، وهي لغة تبدو بوضوح أقدم وأكثر بداوة من لغة التوراة نفسها"(15)،ومن خلال ما قدمناه يتضح أن العهد القديم (التوراة) ليس له أي سند تاريخي يثبت تسلسل نقله فيعُتمد عليه في صحة المعلومات الواردة فيه،بل إن التحريف والتغيير هي السمة المتأصلة فيه.
نصوص من التوراة تشهد بأنها ليست كلام الله عز وجل ولا حتى كلام موسى u:
يزعم اليهود بأن التوراة بشكلها الحالي كتابة موسى نفسه كتب فيها ما أوحى الله إليه، ولكن نجد فيها عبارة "فقال الرب لموسى" مثال ذلك ما ورد في سفر الخروج(19-9-10). ،فلوكان الكاتب هو موسى حقاً لكتب "فقال الرب لي" بدلاً من " فقال الرب لموسى"وهناك مثال آخر في
(خروج 24/1):"قال لموسى اصعد إلى الرب"لو كان الكاتب هو موسى لكتب"قال لي اصعد إلى الرب"؛ إن استخدام ضمير الغائب إشارة إلى موسى بدلاً من ضمير المتكلم يدل على أن الكاتب لنص التوراة الحالي ليس هو موسى بل آخرون"(16).
كتابة بعد الموت :
(1/32)
في تثنية(33/5) نص يقول:"فمات هناك موسى…" إذا كانت التوراة من كتابة موسى،كما يزعمون، فكيف كتب موسى هذه العبارة ؟كيف يكتب موسى أن موسى مات هناك ؟!غير ممكن…لو كان موسى u هو الكاتب لما كتب عن تاريخ موته، ومكان موته بعد موته"(17) هذا بعض ما جاء في الأسفار الخمسة المنسوبة إلى موسى u، من ضعف في السند فضلاً عن بقية الأسفار المنسوبة إلى أنبياء آخرين من بني إسرائيل.
ظهور نسختين مختلفتين للتوراة :
رفض السامريون أن يعترفوا بالنظام الذي وضعه "عزرا" وغيره، وتفاقم الخلاف بينهم وبين العبرانيين فانفصل السامريون بتوراة خاصة لا تظم إلا الأسفار الخمسة.
ويقول العبرانيون : إننا على حق، ويقول السامريون بل نحن وحدنا على الحق، وأنتم الذين حرفتم وغيرتم وزدتم وأنقصتم من كتاب الله ، كما يدعي السامريون أن التوراة العبرانية كتبها عزرا(18)، فكلا التوراتين مطعون في صحة نسبتها إلى موسى، وهذا الطعن من اليهود أنفسهم، وهناك نسخه ثالثة هي: النسخة اليونانية وهي النسخة المعتبرة عند النصارى الكاثوليك والأرثوذكس بينما النسخة العبرية: فهي معتبرة عند اليهود وجمهور علماء البروتستانت.
والنسخة السامرية: معتبره لدى السامريين من اليهود وإذا عقدنا مقارنة بين هذه النسخ الثلاث وجدنا بينها تبايناً شديداً فيه دلالة واضحة على التحريف ، فإذا قارنا بين عدد الأسفار المعتبر لدى الثلاث الفئات نجد التالي:
النسخة العبرية
النسخة اليونانية
النسخة السامرية
تسعة وثلاثين سفراً وما عداه لا يعتبرونه مقدساً.
تزيد عن النسخة العبرية بسبعة أسفار.
لا تظم إلا أسفار موسى الخمسة فقط، وقد يضمون إليها سفر يوشع فقط وما عداه ليس مقدساً.
0فهذا الاختلاف الهائل بين النسخ لكتاب واحد. والكل يزعم أنه موحى به من قبل الله عز وجل ويدعي أن كتابه هو الكتاب الحق وما عداه باطل مع عدم القدرة على تقديم الدليل القاطع على صحة ما يدعيه"(19).
(1/33)
تناقضات في نصوص التوراة :
إن كتب التوراة مملوءة بالاختلافات في نصوصها مما يجعلنا لا ندري أيهما المعلومة الصحيحة هل التي ذكرت في هذا النص أم في ذاك . وفيما يلي نورد بعضاً من تلك الاختلافات.
1) جاء في سفر الملوك الثاني :"وكان قد أتى على احْزيا اثنان وعشرون سنه إذ ملك"(20). وجاء في سفر أخبار الأيام الثاني:" ابن اثنين وأربعين سنه كان احزيا…"(21). فبينهما اختلاف، والثاني غلط يقيناً كما أقربه مفسروهم، وكيف لا يكون غلطاً وأباه "يهورام" حين موته كان ابن أربعين سنة وجلس هو على سرير السلطنة بعد موت أبيه متصلاً كما يظهر من الباب السابق ، فلو لم يكن غلطاً يلزم أن يكون أكبر من أبيه بسنتين(22)!!
2) وجاء في سفر الملوك :" وكان البحر يشع ألفي فرق"(23)وجاء ما يخالفه في سفر أخبار الأيام :"يشع ثلاثة آلاف فرق"(24).
3) جاء في سفر صموئيل:" ودعا محمي غضب الرب على إسرائيل فأهاج عليهم داود قائلاً امض وأحص إسرائيل ويهوذا"(25)-ويناقضه- "ووقف الشيطان ضد إسرائيل وأغوى داود ليحص إسرائيل"(26)،والسؤال هو : من الذي أمر سيدنا داود u أن يحصي بني إسرائيل الرب أم الشيطان(27) ؟!
4) جاء في سفر الخروج:"ثم صعد( موسى) و (هارون) و (ناداب) و (أبيهو) وسبعون من شيوخ إسرائيل، ورأوا إله إسرائيل وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف وكذات السماء في النقاوة ولكنه لم يمد يده إلى أشراف إسرائيل. فرأوا الله وأكلوا وشربوا"(28)،وفي سفر التثنية زعموا أن الله قال لموسى u ممتناً عليه وعلى بني إسرائيل :" فكلمكم الرب من وسط النار وأنتم سامعون صوت كلام ولكن لم تروا صورة بل صوتاً… فاحتفظوا جداً لأنفسكم فإنكم لم تروا صورة ما…"(29)وكذلك ورد في عدم إمكان رؤيته جلّ وعلا، فيما ذكروا في كتابهم(30)،أن موسى u طلب أن يرى الله عز وجل فقال له جل وعلا "لا تقدر أن ترى وجهي لأنَّ الإنسان لا يراني ويعيش"(31).
5) جبل عيبال أم جرزيم؟
(1/34)
جاء في سفر التثنية:"حين تعبرون الأردن تقيمون هذه الحجارة …في جبل عيبال"(32)،هذا النص في النسخة العبرانية، أما النسخة السامرية من هذا السفر ففيها جبل "جرزيم " بدلاً من جبل" عيبال" .
6) مات موسى ثم كتب:
في سفر التثنية:" فمات هناك موسى عبد الرب في أرض مؤاب…فبكى بنو إسرائيل موسى في عربات مؤاب"(33). هذا النص بما فيه الإصحاح 34من سفر التثنية يتناول ما حدث بعد موت موسى . ويدعى أهل الكتاب أن سفر التثنية جزء من التوراة التي كتبها موسى بوحي من الله ؛فكيف يكتب موسى هذا الإصحاح بعد موته؟! هذا يدل على أن هذا النص والإصحاح 34كله إضافة من معلق أو مؤرخ أو كاهن وليس وحياً كما يزعمون"(34).
7) الله يندم ولا يندم :
جاء في سفر القضاة:"لأن الرب ندم من أجل أنينهم"(35)،وفي سفر صموئيل ما يناقضه"…لا يكذب ولا يندم لأنه ليس إنساناً ليندم"(36)،والتناقض واضح .
8) اختلاف وتباين بين النسخ الثلاث :
لقد ذكرت التوراة مواليد بني آدم إلى نوح u، ونصوا على عمر كلِّ واحد منهم، وكذلك عمره حين ولد له أول مولود، وبعقد مقارنة بين ما ورد في النسخ الثلاث في أعمار
من ذكروا حين ولد لهم أول مولود، تتبين اختلافات واضحة، فمن ذلك (37) :
الاسم
العبرانية
السامرية
اليونانية
آدم
130
130
230
شيث
105
105
205
آنوش
90
90
190
قينان
70
70
170
يارد
162
62
262
متوشالح
187
67
187
لامك
182
53
188
الزمن من خلق
آدم إلى الطوفان
1656
1307
2262
فكيف يمكن الجمع بين هذه الروايات المتناقضة، و أيها كلام الله ؟!
نصوص من التوراة تعترف بالتحريف :
(1/35)
إن كتابهم ذاته يعترف بأن تحريفاً قد وقع. لاحظ هذا النص:"كيف تقولون نحن حكماء، وشريعة الرب معنا. حقاً إنه إلى الكذب حولها قلم الكتبة الكاذب....لذلك أعطي نساءهم لآسرين وحقولهم لمالكين…"(38)،هذا النص يوضح أنهم قاموا بتحريف شريعة الرب ، وأن الرب يهزأ من ادعائهم الحكمة ويزجرهم لادعائهم الباطل بأن شريعة الرب معهم بعد أن حرفوها ويعدهم الله بالعذاب والذل والشتات.
وهناك نص آخر في كتابهم يعترف بالتحريف، بأنهم حرفوا كلام الله :"لأن كلمة كل إنسان تكون وصية، إذ قد حرفتم كلام الإله الحي…"(39).
النص يهزأ منهم حيث كثر الادعاء بينهم بالوحي وصار كل منهم يضيف إلى كلام الله ما شاء، مدعياً بأنه أوحي إليه. ويشير النص صراحة إلى تحريفهم لكلام الله.(40)
~
--------------------------------------------------------------------------------
(1) النمل (64)
(2) التابوت من أقدس مقدسات بني إسرائيل، وهو صندوق من الخشب يزعمون أن الله أمرهم بصنعه على هيئة خاصة، وكانوا يستقبلونه في صلاتهم، ولما بنى سليمان عليه السلام بيت المقدس جعله فيما يسمونه"قدس الأقداس"وهي حجرة صغيرة، يستقبلونها في الصلاة.وقد ذهبت جميع هذه المقدسات بعد تدمير الهيكل زمن غزو بختنصر.دراسات في الأديان د/سعود الخلف ص(71).
(3) سفر التثنية(24:31)
(4) سفر التثنية(9/31).
(5) الميزان في مقارنة الأديان. المستشار /محمد عزت الطهطاوي ص(14).
(6) أنظر الملوك الثاني البابين ( 24 ، 25) ،وأخبار الأيام الثاني الباب (36)،وسفر إرميا الأبواب (39-40 ، 52 )
(7)بذل المجهود في إفحام اليهود ص(133).
(8) بذل المجهود في إفحام اليهود ص(134-135)باختصار.
(9) هداية الحيارى .ابن القيم.ص(109).
(10) دراسات في الأديان د/سعود الخلف ص(73).
(11) سفر التثنية (2/27).
(12) سفر يشوع (3/8).
(13) القرآن والتوراة، حسن الباش ص(20).
(1/36)
(14) الميزان في مقارنة الأديان، المستشار / محمد عزت الطهطاوي ص(17-18).
(15) الفكر الديني اليهودي أطواره ومذاهبه ،حسن ظاظا، ص(25-26).
(16) اليهود من كتابهم د/ محمد علي الخولي ص(63-64).
(17) المرجع السابق ص(64-65).
(18) هداية الحيارى ص(581)، الشرائع الدينية(65)، اليهود لزكي شنودة ص(145-146)، تقديم التوراة السامرية لأحمد حدازي ص(6و21) عن بذل المجهود في إفحام اليهود ص(137)
(19) دراسات في الأديان د/ سعود الخلف ص(85).
(20) سفر الملوك الثاني (8/26).
(21) أخبار الأيام الثاني (22/2).
(22) إظهار الحق .رحمة الله الكيرانوي ص(149).
(23) سفر الملوك الأول(7/26).
(24) سفر أخبار الأيام الثاني(4/5).
(25) صموئيل(24/1).
(26) أخبار الأيام الأول (21/1).
(27) عتاد الجهاد . الشيخ أحمد ديدات ص(18)
(28) سفر الخروج (24/9).
(29) سفر التثنية(44/12).
(30) سفر الخروج.
(31) سفر الخروج (33/20).
(32) سفر التثنية(24/4).
(33) سفر التثنية(34/5-8).
(34) التحريف في التوراة د/محمد علي الخولي ص(84)
.(35) سفر الفضة(2/18).
(36) صموئيل الأول(15/29).
(37) دراسات في الأديان .سعود الخلف ص(86)
(38) أرميا(8/8-12).
(39) أرميا(23/36).
(40) اليهود من كتابهم .د/ محمد علي الخولي ص(90-91).(1/37)
الفصل السابع الحقيقة المنسية والمهجورة المبحث الأول : الكتاب المقدس عند النصارى " الإنجيل" المبحث الثاني: عقيدة النصارى في الله عز وجل المبحث الثالث :تفنيد عقيدة التثليث المبحث الرابع : عقيدة الصلب والفداء وتنفيذها المبحث الخامس :معالجة الإسلام لخطيئة آدم المبحث السادس : بولس الذي عمد إلى تغيير المسيحية المبحث السابع :عقيدة غفران الذنوب المبحث الثامن : عقيدة العشاء الرباني الكتاب المقدس عند النصارى " الإ نجيل" الصفحة الرئيسية الاتصال حول الموضوع طباعة هذه الصفحة
الفصل السابع الحقيقة المنسية والمهجورة
المبحث الثاني: عقيدة النصارى في الله عز وجل
قبل أن تبدأ التحاور مع المسيحي في تفنيد عقيدة ألوهية المسيح التي يؤمن بها ، لابد لك أولاً من مقدمة منطقية تقبلانها معاً ، فمثلاً:
قل له : " ألست معي على أن الكثيرين وقعوا في أخطاء جسام لأنهم أيقنوا أن ما ورثوه من عقائد ومقدسات هو قمة الصواب ولا يقبل مجرد النظر فيه ، وإن كان ظاهره البطلان والفساد كعبادة الأصنام والحيوانات ، وأنهم بسبب هذه القناعات ظلوا على ما هم عليه فحرموا نعمة الحق إلى يومنا هذا "(63)
الجواب الطبيعي لهذا السؤال هو بلى!
فقل له : إذاً دعنا نبحث عن الحق معاً بالأدلة والبراهين ، كما قال تعالى:
)قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين((64).
وكما طلب منكم المسيح فقال: " وتعرفون الحق والحق يحرركم "(65).
فإن وافقك على ذلك فاشكره، وادعُ الله عز وجل أن يهديكما معاً سبل الرشاد ويلهمكما الحق ويرزقكم اتباعه ، ثم وجه له السؤال التالي :
ما عقيدتك في عيسى u ؟ سيجيبك قائلاً : هو الله أو سيقول ابن الله أو سيقول : هو أحد الآلهة الثلاثة ( الله + عيسى + روح القدس) والتي تكون في مجموعها ..الله !!
هذه مجموع عقائدهم في عيسى u .
فقل له : وكيف جعلتم بشراً مثلنا إلهاً ما هي أدلتكم ؟؟
(1/38)
قد يستشهد لك بأول جملة في إنجيل يوحنا والتي نصها كالتالي: " في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة الله" (66)
فهذا النص هو الركيزة الأولى التي يستند إليها النصارى في تشكيل العقيدة النصرانية في الله.
إذن في هذا النص الذي يصعب فهمه وتصور أن الله سبحانه وتعالى كان "كلمة " !!
وإذا كان الله "كلمة" فمن الذي ألقى وتلفظ بهذه الكلمة التي صارت الله!!.
إذا كانت الكلمة هي الله ،ومتى ألقيت هذه الكلمة ، وإذا ألقيت في البدء كما تقولون فمتى هذا البدء !؟
إن الله أزلي ودائم لا بداية له ، ولا يجوز أن نقول عنه أنه كان في البدء ؛ لأن الله أزلي لا بداية له ولا نهاية ، والله جل جلاله لا يكون البتة "كلمة" من الكلمات ، ولا الكلمة تكون البتة "الله" أو إلهاً " (67)هذا من ناحية ، ثم من ناحية أخرى حسب النص أن الكلمة هي الله ، فكم إله هناك؟! إذاً على الأقل اثنين (68) الله الذي كانت عنده الكلمة، ثم الكلمة التي أصبحت الله؛ وبالتعويض يتضح ذلك :
" في البدء كان الله( الكلمة ) والله (الكلمة) كان عند الله وكان الله(الكلمة) الله ".(69)
نلاحظ عدم وضوح هذا النص، فهل هناك نص صريح لعيسى يقول فيه أنا الله أنا ربكم أنا إلهكم أو قال اعبدوني؟!! الجواب : كلا .. لا يوجد أي نص على لسان عيسى uيدّعي فيه الألوهية أو يطلب من الناس أن يعبدوه ، بل إن هناك نصوصاً في العهد القديم والعهد الجديد أيضاً تؤكد أن المسيح ليس إلهاً.
المطلب الأول :نصوص من الكتاب المقدس تنفي ألوهية المسيح
أولا: ً نصوص في العهد القديم :(التوراة)
1) جاء في سفر التثنية : " اسمع يا إسرائيل ، الرب إلهنا رب واحد" (70)
2) وفي سفر التثنية أيضاً : " الرب هو الإله وليس آخر سواه"(71)
3) وفي سفر أشعيا : " هكذا يقول الرب .. أنا الأول والآخر ولا إله غيري"(72) فالله سبحانه وتعالى يعلن عن نفسه أنه هو الأول والآخر.
(1/39)
4) وفي سفر أشعيا أيضاً : " أنت هو الإله وحدك لكل ممالك الأرض"(73)
5) وقال داوود : "يا رب لا إله غيرك"(74)
6) وقال النبي نحميا : " أنت هو الرب وحدك" (75)
7) وفي سفر الملوك الأول : "ليعلم كل شعوب الأرض ، أن الرب هو الله وليس آخر"(76)
وينفي سبحانه أن يكون مثله احد:
1) ففي سفر التثنية : " ليس مثل الله "(77)
2) يقول أيوب u في سفره : "لأنه ليس إنسان مثلي " (78)
3) ويقول داوود u : " يا الله من مثلك "(79)
ثانياً : نصوص في العهد الجديد:( الإنجيل ) تدل على التوحيد:
1) أعظم الوصايا وأول الكل .
سأل عيسى رجل عن أي الوصايا هي أعظم وأول الكل ،فأجاب :
" إن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد .... فقال له الكاتب : جيداً يا معلم بالحق قلت لأنه الله واحد وليس أخر سواه"(80) فهو رب جميع الناس ورب عيسى u ؛ لأن عيسى u قال ربنا ، وعلى هذا فإن عيسى u ليس رباً ؛لأن الرب لا يكون له رب آخر ،و إلا لكان للرب الآخر رب ولهذا الرب الآخر رب آخر ..،وهكذا سلسلة في الأرباب لا تنتهي ، وهذا غير معقول.
2) ويقول عيسى u في خطابه للتلاميذ : " وإني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم "(81) فالمسيح u كالتلاميذ فالله أبوه وأبوهم مجازاً وهو إلهه وإلههم ، فهم مساوون له ، أم هم أيضاً آلهة؟!
3) ويقول عيسى u : " إلهي لقد أتممت العمل الذي أعطيتني لأعمله ، وهو أن يعرفوك أنك أنت الإله الحقيقي وحدك ،والذي أرسلته رسولك يسوع المسيح"(82)
4) ويقول عيسى u أيضاً : " والمجد الذي من الإله الواحد لستم تقبلونه"(83) فالنص يؤكد وحدانية الله بجلاء.
(1/40)
5) وهذا نص آخر لعيسى u يقول فيه :" ولا تدعوا لكم أباً على الأرض ،لأن أباكم واحد الذي في السماوات ،ولا تدعوه معلمين ؛لأن معلمكم واحد المسيح"(84) فعيسى u يحذر قومه من أنه لا يوجد إله على الأرض بل الله في السماء ،فلا وثنية بل وحدانية فالله واحد في السماوات وعيسى ليس إلا معلماً في الأرض وليس إلهاً ولا ابن إله كما تدّعي الكنائس.
ما ترتب على ادعاء ألوهية المسيح:
لقد ترتب على ادعاء النصارى بألوهية المسيح:
1) ألزموه بخلق السماوات والأرض .
2) جعلوه هو الذي يدين الناس ويحاسبهم يوم القيامة.
فقد جاء في إنجيل يوحنا عن الخلق : " في البدء كان الكلمة ...كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان ، فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس...الخ"(85)
مع أنه يقول عن نفسه: " أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً"(86) .
ويقول في إنجيل مرقس:" لأن كل شيء مستطاع عند الله"(87) فليس هو الخالق لهذا الكون كما تزعمون ، بل الخالق هو الله الذي لا إله غيره ربي وربكم ورب هذا الكون و خالقه .
أما ما جاء عن ادعاء النصارى بأن عيسى u هو من يدين البشر ويحاسبهم:
فيقول يوحنا عن ذلك : " لأن الأب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن"(88) ،ثم جاء ما يناقضه تماماً في الإنجيل نفسه وعلى لسان المسيح u :
" لم آتِ لأدين العالم بل لأخلص العالم"(89) وجاء في إنجيل متّى أيضاً قول عيسى u: "أبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية"(90)
ويقول في إنجيل متّى أيضاً : " يغفر لكم أيضاً أبوكم السماوي"(91) ، فهذا تصريح من عيسى u بأن الله هو الذي يجازي ويغفر الذنوب ، وهذا يناقض ما جاء في الإنجيل عن أن المسيح u هو الذي يدين ويجازي ويغفر الذنوب .
عيسى u لم يدَّعِ الألوهية:
(1/41)
لا يوجد نص في الإنجيل يقول فيه عيسى u أنا إلهكم أو اعبدوني ، بل إنه حذر من أن يحدث ذلك ، وقد تنبأ بما سيكون بعده فقال : " وباطلاً يعبدونني وهم يعلّمون تعاليم هي
وصايا للناس .."(92) ، ثم هو يخبرهم بما سيحدث لهم إن هم انحرفوا فقال:
" ليس كل من يقول لي يا رب يا رب ! يدخل ملكوت السماوات ؛ بل من يعمل بإرادة أبي الذي في السماوات ، وسوف يقول لي كثيرون في ذلك اليوم : يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا ،وباسمك طردنا الشياطين ،وباسمك عملنا معجزات كثيرة ؟!ولكني عندئذ اصرخ لهم:إني لم أعرفكم قط !ابتعدوا عني يا فاعلي الإثم! "(93)،فهو ينكر معرفته يوم القيامة بمن قال في الدنيا يا رب يا رب وبيّن لهم أن من يفعل ذلك فهو فاعل للإثم .فلو أنه ادعى أنه إله لما تنكر لهم ووصفهم بفاعلي الإثم .
إذاً فالقول بأن عيسى u إله قول زور وبهتان وما هي إلا أقوال ووصايا وضعها وأسسها بولس كما سنرى عند الحديث عنه ، فسوف نجد أنه مؤسس جميع العقائد الباطلة في المسيحية؛ فالمسيحية اليوم ليست إلا أفكاراً لبولس هذا..
تفنيد عقيدة أن عيسى ابن الله:
يعتقد المسيحيون بأن عيسى u ابن الله .
1) ويستشهدون على ذلك بما جاء في الإنجيل أنه عندما ذهب عيسى u إلى يوحنا المعمدان(يحيى u) ليتعمد أي يُغسل بماء نهر الأردن ليتطهر من الخطيئة التي ورثها البشر من آدم u - لاحظ أن عيسى u قد ذهب ليتطهر من الخطيئة كبقية الناس الذين يعمدهم يوحنا المعمدان - فكيف يكون إله وهو يحمل الخطيئة ، فلو كان إله لما ذهب إليه ليطهره فالتعميد ينفي عن عيسى أنه ابن الله، ومن باب أولى الألوهية ، ولكنهم يكذبون على الله ثم يصدقون ما افتروه ويجعلوه عقيدة يتعبدون الله بها ، بعد أن وضعوها في كتابهم المقدس ، فقد جاء في إنجيل متّى ما نصه : " وصوت من السماوات قائلاً هذا هو ( ابني الحبيب) الذي به سررت"(94)
(1/42)
هذه الحادثة حدثت عندما كان يوحنا المعمدان يعمد عيسى u في نهر الأردن ، فكيف لبشر أن يُطهر ابن الله،بل وكيف لابن الله أن يحمل خطيئة آدم ، فهذا النص يستشهد به النصارى على بنوة عيسى لله ؟!
2) يعتمد النصارى أيضاً في أن عيسى ابن الله على انه ولد من دون أب ، فأبوه هو الله. وللرد على هذا الباطل نقول لهم : إن النصوص التي وردت في الإنجيل وفيها ذكر الإنجيل قد فسر معناها وبين أنها غير ما تفهمونه بالمعنى الحرفي فيها ، فقد قال عيسى u مفسراً معنى البنوة التي وردت في الإنجيل بما يلي:
1) جاء في إنجيل يوحنا : " وأما الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً يصيروا أولاد الله أي: المؤمنون باسمه"(95) ، فابن الله هو كل من يؤمن بالله ، فهذا لفظ مجازي وليس حقيقي .
2) وجاء في إنجيل يوحنا أيضاً قول المسيح u:" انظروا أية نصيحة أعطانا الأب حتى ندعى أولاد الله "(96) ، إذاً فكلمة ابن الله مجازية وليست بالمعنى الحقيقي الحرفي الذي فهمتموه ، بل هي كما فسرها عيسى u فكل من يؤمن بالله يستحق أن يطلق عليه ابن الله.
3) ويقول عيسى u : " لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات "(97) ،فعلى هذا يكون لله أبناء كثيرون.
4) وقال عيسى u : " طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يُدعون"(98) فهو استعمال مجازي .
5) وقال عيسى u : " أبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية"(99)
6) وقال عيسى u : " لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه"(100)
7) وقال عيسى u : " فصلوا أنتم هكذا ، أبانا الذي في السماوات"(101)
8) وقال عيسى u : " يغفر لكم أيضاً أبوكم السماوي "(102)
تسمية أنبياء سابقين بابن الله:
إن الله عز وجل قد سمى غير واحد من الأنبياء السابقين بأبناء الله ، فأنتم تقرأ ون في العهد القديم ما يلي :
1) في سفر الخروج : " فتقول – يا موسى – لفرعون هكذا يقول الرب : إسرائيل ابني البكر "(103) فإسرائيل الذي هو يعقوب هو ابن الله البكر.
(1/43)
2) وفي سفر إرميا : " لأني صرت لإسرائيل أباً وإفرايم هو بكري "(104) ، لاحظ أن النص الأول يخبر بأن (إسرائيل ) ابن الله البكر وفي النص الثاني (إفرايم) ابن الله البكر أيضاً، وهناك غيرهم كثير هم أبناء لله بكور!!
3) تقرأ في سفر رومية :" لأن الذين سبق معرفتهم سبق فعينتهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكراً بين أخوة كثيرين"(105) فإذا كانوا هؤلاء جميعهم أبناء بكورة لله فماذا يكون عيسى عليه السلام.
4) قبل مولد عيسى u بكثير قال الله عز وجل لداود عليه السلام : " أنت ابني أنا اليوم ولدتك"(106)
5) وقال الله تعالى لسلميان u :" يبني بيتاً لاسمي ، وأنا أثبت كرسي مملكته إلى الأبد ، أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً"(107)
6) وقال موسى لقومه : "أنتم أولاد للرب إلهكم"(108)
7) وقال إشعيا في دعائه : " أنت يا رب أبونا وليّنا منذ الأبد اسمك"(109)
8) وقال عيسى u لكهنة اليهود أنهم آلهة :" فأجابهم يسوع أليس مكتوباً في ناموسكم أنا قلت إنكم آلهة"(110) ، فهل قال أحد منكم أنهم آلهة كما عيسى إله ؟
9) وقال الله لموسى u : " وقال الرب لموسى انظر قد جعلتك إلهاً لفرعون ، وهارون أخوك يكون نبيك"(111) ، فهل تؤمنون أيها النصارى بأن موسى u إله وهارون أخوه نبيه كما هو نص الفقرة هنا ؟! مع أن النص صريح ؟!
اسأل المسيحي هذا السؤال وسوف يجيبك قائلاً : بالطبع لا ليس المراد أنه إله حقيقي.
فقل له فلماذا لا تلزم نفسك بما ألزمت به غيرك ؟!
فالمسيح لا يكون إلهاً أيضاً. فكما رأينا عبر النصوص فالله له أبناء كثيرون، فإما أن تؤمن بجميع النصوص فلا يكون عيسى ابن الله ، فيجب عليك فهم نصوص الإنجيل على نحو مجازي أسوة بالنصوص الأخرى التي وردت في العهد القديم والعهد الجديد التي ذكرت أن الله سبحانه وتعالى قد قال إنه أبو سليمان وأبو داود وأبو الناس جميعاً، فإذا كان الله أبا الناس جميعاً فلماذا يشذ عيسى وحده ؟!!
(1/44)
وترتبون على هذا الاعتقاد نتائج خطرة كما يقول يوحنا في إنجيله :" الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد "(112) ويقول يوحنا أيضاً : " أحب الله العالم حتى بذل (الله) ابنه الوحيد ، لكي لا يهلك كل من يؤمن به"(113)
وبالمناسبة (ابن الله الوحيد) وردت في إنجيل يوحنا فقط وهو آخر الأناجيل في تاريخ كتابته.
أيها المسيحي لكي تكون عادلاً فلا بد أن تساوي بنوة المسيح ببنوة داود وسليمان ، وإسرائيل ، و إفرايم وغيرهم ممن ذكروا في العهد القديم من كتابكم المقدس ، يجب عليكم أن تفهموها بأنها إضافة مجازية كما فهمتم قول الإنجيل عن عيسى u بأنه (حمل الله) فلم يقل أحد منكم أنه حمل حقيقي من أنواع الحيوان بل تؤمنون بأنه استخدام مجازي ، فابن الله أيضاً لفظ مجازي كما تقول أبناء اليمن وأبناء فلسطين، وكذلك تقول عن تلاميذ المدرسة أبناء الصف الأول ، وأبناء الصف الخامس .. وهكذا.حتى نحن المسلمين قد جاء لفظ أبناء الله في الحديث الشريف فقد قال r : "ثم الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله"(114)
ولكنّا فهمناها كما أريد لها ، ولم يزعم أحد من المسلمين أن هذه اللفظة استخدمت استخداماً حقيقياً وإنما مجازاً.
عيسى ليس له أب .. والرد :
(1/45)
بعد هذا الرد ، قد يحاججك النصراني ويقول: لا، إن الإنجيل يقصد بها النسب الحقيقي ؛ لأن كل أولئك لهم أباء معروفون ، أما عيسى فلا أب له فهو ابن الله حقيقة ، فترد عليه قائلاً : هذا آدم u ولد أيضاً من دون أب بل ولا أم ، زد على ذلك أن نص شجرة نسبه( آدم ابن الله) كما يقول لوقا في الإصحاح الثالث ولكن لم يقل أحد منكم أنه ابن الله حقيقة بل هو ابن الله مجازاً ،وبهذا نكون قد ظلمناه لأنه أحق من عيسى u بذلك النسب لأنه لا أب له ولا أم ، قال تعالى: )فإذا سويته ونفخت فيه من روحي..((115)، وقال تعالى : )إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون((116)،ثم كان هناك حواء أيضاً جاءت بطريق معجز جاءت من آدم u ، فلم يقل أحد أنها ابنة لله .
أيضاً الملائكة عليهم السلام ليس لهم أمهات ولا آباء وقد جاء في لوقا عنهم :" لأنهم مثل الملائكة وهم أبناء الله"(117)
و الحقيقة أن أصل هذا اللفظ (ابن الله) كان قد شاع في بني إسرائيل فقد " كان المؤسس له اليهود حيث أطلقوا على أنفسهم أنهم أبناء الله عز وجل وأحباؤه وسجلوا ذلك في كتبهم ولما بعث الله عز وجل عيسى ابن مريم فيهم كان هذا اللفظ متداولاً على ألسنتهم واستمروا في استعماله حتى بعد اعتناقهم للمسيحية ، فجاءت كتابات العهد الجديد مفعمة بهذا اللفظ في كل فقراته، وبمرور الوقت اعتقد المسيحيون أن هذه خاصة بالمسيح u وأنه الأليق بها دون غيره"(118)
المطلب الثالث :عيسى جاء من الروح القدس والرد عليه
أثناء محاورتك للنصارى عند إقناعهم بأن عيسى u ليس بإله ولا ابن إله ، يحاولون أن يتشبثوا بكل شيء لديهم . فإن كنت قد وفقك الله وأظهرت حجتك في أن لفظ (ابن الله) جاء في الكتاب المقدس مجازاً وليس حقيقة ، وأيضاً أظهرت حجتك وبرهنت على أن عيسى u ليس الوحيد الذي ليس له أب ، إذا حققت هذا قد يفتح عليك جبهة أخرى قائلاً:
(1/46)
لكن عيسى ابن الله لأنه جاء من روح الله عن طريق الروح القدس ، فأجبه قائلاً : نعم نحن نؤمن بهذا وقد جاء في القرآن الكريم ما يثبت ذلك، قال تعالى: ) فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنهآ آيةً للعالمين((119).
وقال تعالى : )فأرسلنآ إليها روحنا((120)، وكتابكم المقدس يخبر أن عيسى u لم يكن وحده الذي جاء بقوة الروح القدس ؛ فها أنتم تقرأ ون في إنجيل لوقا أن نفس الملاك (جبرائيل) الذي جاء مريم قد جاء إلى زكريا بعد أن طلب من الله عز وجل أن يهب له ولداً " فقال له الملاك لا تخف يا زكريا لأن طلبتك قد سمعت وامرأتك الياصبات ستلد لك ابناً وتسميه يوحنا ، ويكون لك فرح وابتهاج ، وكثيرون سيفرحون بولادته؛لأنه يكون عظيماً أمام الرب ، وخمراً ومسكراً لا يشرب ، ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس "(121)
(1/47)
فها هو الروح القدس الذي ملأ بطن أم زكريا التي كانت عجوزاً وعاقراً في نفس الوقت ، هو نفسه الروح القدس الذي نفخ في بطن أم عيسى u (بعيسى)، ففي إنجيل لوقا جاء : " وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى المدينة من الجليل اسمها ناصرة ، إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف ، واسم العذراء مريم"(122)،نجد أن لوقا يربط بين مولد ( يوحنا المعمدان) يحيى ، وبين مولد المسيح u ،فعندما تتعجب مريم العذراء لأنها ستلد ، وتلد وهي لا تعرف رجلاً يقول لها الملاك كما في إنجيل لوقا "(123)، " فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً ؟! فأجاب الملاك وقال لها : الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظلك ...وهي ذا الياصبات نسيبتك هي أيضاً حبلى بابن في شيخوختها ، وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقر ؛ لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله"(124)، فلو كانت الروح القدس آلهة ، يتحول من تحل عليه من البشر إلى إله لو كان كذلك لاحتسبنا كل الذين حلت عليهم الروح القدس آلهة ، ومنهم كما رأينا يوحنا المعمدان (يحيى بن زكريا) عليهما السلام ، وكذلك مريم العذراء ، والياصبات امرأة زكريا ؛ لأن الروح القدس قد حل عليهما ، وآخرين كثيرين من أنبياء العهد القديم .
في التوراة عدد من الأنبياء تحل عليهم الروح القدس
1) يقول النبي(حزقيال): " وحل عليّ روح الرب وقال لي : قل هكذا قال الرب"(125)
2) وقال الله عز وجل عن أشعيا u : " وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم"(126)
3) وجاء في سفر حزقيال: "وأجعل روحي فيكم فتحيون"(127) أي الروح الناطقة.
الروح القدس في العهد الجديد:
1) الروح القدس هبة من الله يعطيها لمن يسأله ؛ جاء في إنجيل لوقا : " بالحري الأب الذي في السماء يعطي الروح القدس للذين يسألونه"(128)
2) الروح القدس صفة للمعزي الجديد : " وأما المعزي الروح القدس"(129)
3) "وامتلاء الجميع من الروح القدس"(130)
(1/48)
4) " وأما أنتم فلستم في الجسد بل في الروح وإن كان روح الله ساكناً فيكم"(131)
5) "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم "(132) فالأتقياء هم هيكل الروح القدس
أفلا تزيل هذه النصوص الإشكال ؟
المطلب الرابع :تفنيد عقيدة ألوهية المسيح من الناحية العقلية
إن لم تستطع إقناع المسيحي ببطلان ألوهية المسيح عن طريق النصوص الموجود في كتابهم المقدس ؛ فاستدرجه إلى تحكيم العقل فمثلاً قل له : إن كان عيسى u هو الله أو حتى ابن الله ، وهو يتمتع بقوة الروح القدس منذ كان في بطن أمه فلماذا لا يستطيع هذا الإله ، أو ابن الله أن يدفع عن نفسه السوء والضرر عندما يتعرض للأذى ؟ فقد جاء في إنجيلكم ما ينفي عقلاً ومنطقاً ألوهية المسيح المزعومة أو بنوته لله :
1) في إنجيل متّى جاء : " وبعدما انصرفوا ، إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلاً قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر ، وكن هناك حتى أقول لك ،ولأن (هيرودس) مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه ، فقام وأخذ الصبي وأمه ليلاً وانصرف إلى مصر وكان هناك إلى وفاة هيرودس"(133).
والسؤال هنا : كيف يكون المسيح ابن الله ولا ينقذه أبوه من هيرودس ، ويوحى إلى يوسف النجار ليهرب به إلى مصر لينجو من الهلاك المتوقع والمزمع به ؟! وكيف يكون هو الله أو الإله الابن أو الإله المتجسد ولا يستطيع بألوهيته هذه أن ينقذ حياة نفسه من الهلاك من أحد أفراد خلقه ( هيرودس) لكي يثبت ألوهيته من أول أيامه على الأرض ؟! آلله يهرب من أحد عباده خشية الهلاك ؟!
ثم يتكرر عليه الخوف مرة أخرى من عبد من عباده ، فنقرأ في ذات الإصحاح السابق في نهايته :
(1/49)
2) "فقام وأخذ الصبي وأمه،وجاء إلى أرض إسرائيل ولكن لما سمع أن(أرخيلادس)يملك على اليهودية عوضاً عن (هيرودس)أبيه خاف أن يذهب إلى هناك،إذ أوحي إليه في حلم انصرف إلى نواحي الجليل "(134) ، فهل من المعقول أن ابن الله الذي به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيئا كما تزعمون ، الذي هو في الأب والأب فيه كما تقولون ، أيخشى الهلاك من أحد عبيده مثل (هيرودس)و(أرخيلادس) "(135) .
وتقرأ ون أيضاً في إنجيل متّى ما ينافي زعم الألوهية فقد جاء فيه أن الشيطان أخذ الله ليختبره :
3) " أخذه إبليس إلى جبل عال جداً وأراه جميع ممالك العالم ، ومجدها وقال له : أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي"(136) ، فلو كان عيسى u هو الله ، فأي إله هذا الذي يتعرض لاختبار وتحدي من الشيطان؟وكيف يغري الشيطان الله بممالك والله هو الذي خلق الكون،كيف وهو الذي يقول عنه يوحنا الذي كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان ، فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس "(137) ، فهل يملك الشيطان ممالك أكثر مما يملكه الله ، إن الشيطان لم يكن يؤمن بأن المسيح هو الله ، و إلا لما تجرأ لأن يقف أمامه ليمتحنه وهو يعلم أنه الله الذي خلقه ما هذه إلا أسطورة مقتبسة من أساطير آلهة الوثنيين القديمة ، فقد رويت مثل هذه القصة عن (بوذا) وكيف حاول معه الشيطان المحاولة نفسها التي وقعت بين المسيح والشيطان فقد وردت في كتاب "حياة بوذا"(138) ،فيكون من الأجمل والأفضل لذات الله وللمسيح وللديانة المسيحية وأتباعها أن تقول إن إبليس اللعين أتى عيسى ابن مريم الإنسان وابن الإنسان النبي والرسول ، محاولاً إغرائه بترك دعوته"(139) لا أن يطلب من الله أن يسجد له .
عيسى u يعترف في الإنجيل بأنه إنسان وليس إله :
(1/50)
لم يدعي عيسى u بأنه الله أو ابن الله حقيقة ولم يدعي مساواته لله كما تزعمون فكان يتوجه إلى الله بالدعاء ويشكره فيقول : " أيها الأب أشكرك لأنك سمعت لي وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي ، ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت ليؤمنوا أنك أرسلتني"(140) ، " فعيسى دعا الله أن يمده بمعجزة الإحياء ثم شكر الله لأنه استجاب له"(141) .
1) وها هي أخت لعازر تقول لعيسى u : "أعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه"(142)، فعيسى u يطلب المعجزات من الله عز وجل ، بل ويطلب النجاة لنفسه ، ففي ليلة مداهمة الجنود له والحواريين قال : " أيها الأب نجني من هذه الساعة "(143)
2) والمسيحu لا يستنكف من الاعتراف بالعجز وأن ما يفعله من معجزات ليست منه بل من الله قائلاً : "أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً"(144)
3) وكيف تعبدوه وتصلون له وهو نفسه يعبد الله ويصلي له " قضى الليل كله في الصلاة لله "(145) فهو يعبد الله ولو كان هو الله فلمن يصلي إذاً ؟
4) وأيضاً أنتم تطلبون منه كل شيء ، تطلبون النجاة والرحمة والمغفرة ..إلخ ، وهو ما استطاع أن ينقذ نفسه من بين أيدي اليهود عندما قبضوا عليه وصلبوه كما تزعمون ، بل صرخ بصوت عال مستنجداً بالله ليخلصه وينقذه من هؤلاء اليهود قائلاً : " إلوي إلوي لم شبقتني والتي معناها إلهي إلهي لماذا تركتني ؟"(146)، فلماذا تتوجهون إليه بطلب كل ما تريدون وهو لا يقدر عليه ، ألا تعلمون أن فاقد الشيء لا يعطيه ، وهذه قاعدة يتعامل معها جميع العقلاء من الناس فإنك لا تجد أحداً منهم يذهب إلى من لا يستطيع القراءة والكتابة ليتعلم منه القراءة والكتابة ولا أحد يقصد الفقراء ليطلب منهم المساعدة بالمال .. وهكذا ، فكيف تطلبون من عيسى وهو قد أخبركم أنه لا يقدر أن يفعل من نفسه شيئاً وأخبركم أنه ليس إلا نبي مرسل من الله كما هو مذكور في الإنجيل.
نصوص الإنجيل تخبر بأن عيسى نبي وليس إله :
(1/51)
1) عندما طلب اليهود من عيسى u أن يخرج من أورشليم قال : "لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارجاً من أورشليم ، يا أورشليم ،يا أورشليم ،يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين "(147)،" فعيسى u يصف نفسه بأنه نبي وأنه سيخرج من أورشليم لأن الأنبياء لا يقتلهم أحد خارجها "(148)
2) وعيسى يلوم قومه لعدم تصديقهم له قائلاً : " الحق أقول لكم إنه ليس نبي ّ مقبولاً في وطنه "(149)، وهذا اعتراف من عيسى u بأنه نبي وأن اليهود لم يقبلوه ، فها هو يخبر ما يحدث له وحدث للأنبياء من قبله من صعوبات لاقوها من أقوامهم فقال : " ليس نبي بلا كرامة ، إلا في وطنه وبين أقربائه وفي بيته"(150)
3) وها هو عيسى u عندما قدم إلى المدينة خرجت الجموع تصرخ قائلة: "مبارك الآتي باسم الرب ..هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل"(151)، فهؤلاء معاصريه وأكثر الناس دراية به لم يقولوا عنه أنه إله أو ابن الله بل قالوا (يسوع النبي).
4) بعد أن قام عيسى u بإحياء الميت أمام الحاضرين قالوا : " قد قام فينا نبي عظيم ، وافتقد الله شعبه"(152)، فها هم يشاهدون معجزة نبوته عليه السلام فيعترفون به نبياً عظيماً ، ولم يقولوا مادام أنه أحيا الميت فهو إله !
5) " وقصة معجزة أرغفة الخبز التي تمت بين خمسة آلاف من اليهود اجتمعوا إلى عيسى في الجليل ، نلاحظ إقرار الجموع بعيسى كنبي من الأنبياء (153) ، " فلما رأى الناس المعجزة التي قام بها عيسى قالوا :" إن هذا حقاً النبي المنتظر مجيئه إلى العالم"(154) .
عيسى يقول إنه رسول الله
1) يقول عيسى : " الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني "(155)
2) وأخبر أنه لا يتكلم بشيء من عنده بل يتكلم بما أمره الله أن يبلغ به : "لم أتكلم من نفسي ، لكن الأب الذي أرسلني هو أعطاني وصية ماذا أقول و بماذا أتكلم...فما أتكلم أنا به فكما قال لي الأب هكذا أتكلم"(156)
3) وقال : "الذي يقبلني يقبل الذي أرسلني "(157)
(1/52)
4) وقال u : "والأب نفسه الذي أرسلني يشهد لي "(158)
5) وقال : "طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني"(159)
6) وقال : " الذي يرذلني يرذل الذي أرسلني "(160)
عيسى يخبر أنه معلم ، وليس إله :
1) لا تدعوا لكم أباً على الأرض ؛ لأن أباكم واحد الذي في السماوات ، ولا تدعوا معلمين لأن معلمكم واحد المسيح"(161)
2) وعندما ناداه أحدهم : " أيها المعلم الصالح" ، قال له عيسى u : "لماذا تدعوني صالحاً ليس أحد صالح إلا واحد وهو الله
"(162)فقد قبل عيسى u أن يدعى بالمعلم لأنه كذلك جاء معلماً من عند الله ولكنه لتواضعه u رفض أن يوصف بالصالح ، وهذا مثلما تقول لشيخ أنت شيخ عظيم فيقول لا إنما العظيم هو الله ، أو تقول لإنسان أنت كريم فيقول إنما الكريم هو الله ، وعيسى u نسب الصلاح الكامل لله ؛فليس أحداً كامل إلا الله سبحانه وتعالى ، انظر كيف نفى عيسى عليه السلام عن نفسه صفة الصلاح ، ثم انظر كيف تزعمون أنه ادعى أنه إله ؟!
~
--------------------------------------------------------------------------------
(63) ألوهية المسيح . محمد حسن عبد الرحمن .ص(21)
(64) النمل (64)(65) يوحنا (8/32)(66) يوحنا (1/1) (67) لماذا وكيف أسلمت . أحمد سامي عبد الله . ص ( 81-82 ) باختصار .
(68) الحوار الإسلامي النصراني . د/ حسن باعقيل . ص (26).(69) مناظرة بين الإسلام والنصرانية ص (456)(70) سفر التثنية (6/4)(71) سفر التثنية (4/35)
(72) أشعيا ( 44/6)(73) أشعيا (37/16)(74) أخبار الأيام الأول (37/16)(75) نحميا (9/2)(76) سفر الملوك الأول (8/60)(77) التثنية ( 33/26)(78) أيوب (9/32)
(79) سفر المزامير (71/19)(80) مرقس (12/28- 32)(81) يوحنا (20/17)(82) يوحنا (17/3- 4)(83) يوحنا ( 5/44)(84) متّى (23 /9 –10)
(85) يوحنا( 1 /1- 3)
(1/53)
(86) يوحنا ( 5 /30)(87) مرقس (10/27)(88) يوحنا (5 / 22)(89) يوحنا ( 12/47)(90) متّى ( 6 /4)(91) متّى (6/ 14) (92) متّى ( 15 /9)
(93)متّى(7/21 – 23)
(94) متّى( 3/17)(95) يوحنا ( 1/12)(96) يوحنا ( 3/1)(97) متّى( 5/45)(98) متّى (5/9)(99) متّى( 6/4)(100) متّى(6/8)(101) متّى( 6/9)
(102)متّى(6/14)
(103) سفر الخروج ( 4/22)(104) سفر إرميا (31/9)(105) سفر رومية ( 8/29)(106) سفر المزامير (2/7)(107) سفر أخبار الأيام الأول(28/6)(108) سفر التثنية (14/1)
(109) سفر إشعيا (63/16)(110) إنجيل يوحنا (10/34 – 35)(111) سفر الخروج (7/1)(112) يوحنا (3/18)(113) يوحنا (3/16)
(114) مسند الحارث (زوائد الهيثمي) باب قضاء الحوائج . ج2.ص(857)(115) الحجر (29)(116) آل عمران (59)(117) لوقا ( 22/10)
(118) ألوهية المسيح . محمد حسن عبد الرحمن . ص(87 _ 88)(119) الأنبياء (91)(120) مريم (17)(121) لوقا ( 1/13)(122) لوقا ( 1/26)
(123) المناظرة بين المسيحية والإسلام ص( 184)(124) لوقا (34/37)(125) سفر حزقيال (11/5)(126) سفر أشعيا(42/1)(127) إنجيل حزقيال (37/14)
(128) إنجيل لوقا (11/3)(129) إنجيل يوحنا (14/26)(130) أعمال الرسل ( 2/4)(131) رسالة بولس إلى أهل رومية( 8/9)
(132)رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس( 6/19)
(133) إنجيل متّى(2/16)(134) إنجيل متّى (2 /21 - 23)(135) لماذا وكيف أسلمت .أحمد سامي عبد الله . ص(68-69)(136) متّى (4/8)
(137) لماذا وكيف أسلمت .أحمد سامي عبد الله.ص(37)(138) حوار صريح بين عبد الله وعبد المسيح .د/عبد الودود شلبي .ص(44)
(139)من أجل الإنجيل . محمد أحمد الديّني. ص(46)
(140) يوحنا( 11/41- 42)(141) حقيقة عيسى المسيح . د/محمد الخولي .ص (20) (142)يوحنا (11/22) (143) يوحنا ( 12/27)(144) يوحنا(5/30)
(145)لوقا (6/12)
(1/54)
(146) مرقس (15/32 - 34)(147) لوقا ( 3/33 - 34)(148) مقارنة بين الأناجيل الأربعة . د/محمد علي الخولي .ص(128)(149) لوقا (4/24)
(150) مرقس (6/4) ، متّى(13/57)(151) متّى (21/9- 11)(152) لوقا (7/16)(153) المسيحية والإسلام و الاستشراق .محمد فاروق الزين .ص(164)
(154)يوحنا (6/14)
(155) يوحنا (12/44)(156) يوحنا (12/49 - 50)(157) يوحنا(13/20)(158) يوحنا (5/27)(159) يوحنا (4/34)(160) لوقا (10/16)
(161)متّى (23/9- 10)
(162) لوقا (18/19)(1/55)
الفصل السابع الحقيقة المنسية والمهجورة المبحث الأول : الكتاب المقدس عند النصارى " الإنجيل" المبحث الثاني: عقيدة النصارى في الله عز وجل المبحث الثالث :تفنيد عقيدة التثليث المبحث الرابع : عقيدة الصلب والفداء وتنفيذها المبحث الخامس :معالجة الإسلام لخطيئة آدم المبحث السادس : بولس الذي عمد إلى تغيير المسيحية المبحث السابع :عقيدة غفران الذنوب المبحث الثامن : عقيدة العشاء الرباني الكتاب المقدس عند النصارى " الإ نجيل" الصفحة الرئيسية الاتصال حول الموضوع طباعة هذه الصفحة
الفصل السابع الحقيقة المنسية والمهجورة
المبحث الرابع : عقيدة الصلب والفداء وتنفيذها
يعتقد النصارى "بالخطيئة الموروثة":أي أن كل إنسان يولد خاطئاً؛وذلك لأن أبونا آدم وأمنا حواء عصيا ربهما وأكلا من الشجرة المحرمة، فوقعا في الخطيئة وبذلك يكون آدم وزوجته وأولادهما يستحقون جميعاً عقاب الآخرة (أي جهنم)، وهذا هو العدل الإلهي.
لكن صفة الرحمة لله تعالى تستوجب العفو، فنتج تناقض بين عدل الله وبين رحمته تعالى " فتطلب الأمر شيئاً يجمع بين الرحمة والعدل ، فكانت الفدية التي يتم بها ناموس العدل ويتحقق بها ناموس الرحمة!!ولكن ينبغي أن تكون هذه الفدية طاهرة غير مدنسة، وليس في الكون ما هو طاهر بلا دنس إلا الله سبحانه وتعالى … ولكن تعالى الله أن يكون "فدية" فأوجبت المشيئة أن يتخذ جسداً يتحد فيه اللاهوت والناسوت ؛أي جسداً يكون إلها وبشراً في الوقت نفسه، فاتحد اللاهوت والناسوت في بطن العذراء مريم فنتج عن هذا الإتحاد إنساناً كاملاً ، من حيث هو ولدها وكان الله في الجسد إلهاً كاملاً ، وقد تمثل هذا كله في المسيح الذي أتى ليكون "فديه " لخلقه.
وكان ذلك هو الفداء.
ثم قدم هذا الإله " ذبيحة" ليكون ذبحه إعفاء البشر من جريمة الخطيئة، فمن أجل ذلك مات المسيح على الصليب.
وهذا هو الصلب.
وكان هذا كله كفارة لخطايا البشر وتخليصهم من الهلاك.
(1/56)
وهذا هو الخلاص.
ولما كان البشر كلهم خطاه بخطيئة أبيهم آدم وأمهم حواء فهم هالكون، ولا ينجيهم من هذا الهلاك سوى إيمانهم بالمسيح"الفادي".(216)
المطلب الأول : النصوص التي يستدلون بها على الفداء من الإنجيل والرد عليها
1. في إنجيل يوحنا:"أنا هو الراعي الصالح ، الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف"(217)؛لاحظ التناقض بين هذا النص والنص الأخر الذي يقول فيه عيسى مؤنباً ذلك الرجل الذي قال له أنت معلم صالح :"لماذا تدعوني صالحاً ليس صالحاً إلا واحد…".(218)
2. وفي إنجيل يوحنا أيضاً :"لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية"(219)وهذا التصريح بأن عيسى هو ابن الله الوحيد لم يذكره إلا يوحنا فقط، فلماذا لم تذكره بقية الأناجيل، مع أنه عقيدة هامه في المسيحية؟!
3. في إنجيل مرقس :"أن ابن الإنسان لم يأت ليخُدَم بل ليخدُم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين "(220) فهذه النصوص ليست إلا ادعاءاً باطلاً ليبرروا به قضية الصلب التي اعتقدوها وآمنوا بها ." فادعوا أن الصلب هو الشرف الحقيقي وهو الهدف الأسمى من رسالة المسيح، ولولا الصلب ما جاء المسيح، فأخذوا يدندنون حول هذا الأمر ويبحثون له عن الأوجه التي تجعله في حيز المقبول والمعقول، إلا أن كلامهم في الحقيقة يزيد الأمر تعقيداً وإرباكاً للقارئ والسامع"(221).
النصوص المتعلقة بالصلب والرد عليها :
وردت في الأناجيل نصوص كثيرة في الصلب ولكن الاختلافات فيما بينها كثيرة تكاد تكون من الألف إلى الياء، وفيما يلي نورد بعضاً منها.
تحديد الخائن الذي دل على عيسى u :
1) في العشاء الأخير قال عيسى u متنبئاً :"الذي يغمس يده معي في الصحفة هو يسلمني…فأجابه يهوذا مسلِّمه وقال "هل أنا هو يا سيدي :قال أنت قلت".(222)
2) وفي إنجيل مرقس قال عيسى :"هو واحد من الاثني عشر الذي يغمس معي في الصحفة".(223)
(1/57)
3) وفي لوقا قال :"هو ذا يد الذي يسلمني هي معي على المائدة".(224)
4) وفي يوحنا قال :"هو ذاك الذي أغمس أنا اللقمة وأعطيه فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا سمعان الأسخريوطي".(225)
فهذه النصوص الأربعة نجد فيها:
إنجيل متىّ
إنجيل لوقا
إنجيل مرقس
إنجيل يوحنا
لم يحدد اسم الخائن.
لم يحدد اسم الخائن.
حدد اسم الخائن.
حدد اسم الخائن.
يهوذا هو الذي يغمس.
يده معه على المائدة.
يهوذا هو الذي يغمس.
المسيح يغمس اللقمة
ويعطي الخائن"يهوذا".
ويل له :
قال عيسى عن ذلك الذي سيخونه :" ويلٌ لذلك الرجل الذي به يُسَلَّم ابن الإنسان ، كان خيراً لذلك الرجل لو لم يولد".(226)
نلاحظ في النص أن عيسى u سمى نفسه ابن الإنسان ولم يقل "ابن الله ".
والسؤال هنا : إذا كان عيسى "ابن الله " فلماذا الويل ليهوذا وهو ينفذ إرادة الله التي من أجلها جاء المسيح ابن الله كما يزعمون ؟!! ألم تدّعوا أن عيسى "ابن الله " ما جاء إلا ليُقتل من أجل أن يخلص البشر من الخطيئة التي ورثوها من أبيهم آدم ؟! إذا كان كذلك فيهوذا من أقرب المقربين إلى الله ؛لأنه قام بتنفيذ إرادة الله عز وجل.
قبل المداهمة"في الحديقة":
هل حقاً كان الصلب هو الهدف الذي جاء من أجله المسيح " أم أن المسيح فوجيء بقوة الظلم تكاد تطبق عليه، وأنه معرض لخطر لم يكن يتوقعه، ولذلك أصابته حالة من الرعب القاتل كان يود في كل لحظة من لحظاتها أن ينجو من الخطر وينقذ نفسه من الموت".(227)
(1/58)
1) يقول مرقس:" وجاءوا إلى ضيعة اسمها جثسيماني، فقال لتلاميذه، اجلسوا هاهنا حتى أصلي، ثم أخذ معه بطرس ويعقوب، وابتدأ يدهش ، ويكتئب، وقال لهم نفسي حزينة جداً حتى الموت . أمكثوا هاهنا واسهروا. ثم تقدم قليلاً وخر على الأرض وكان يصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن وقال يا أبا الآب كل شيء مستطاع لك فأجز عني هذه الكأس. ولكن ليكن لا ما أريد أنا بل ما تريد أنت . ثم جاء ووجدهم نياماً ، فقال لبطرس يا سمعان أنت نائم، أما قدرت أن تسهر ساعة واحدة؟ اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة، أما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيف، ومضى أيضاً وصلى قائلاً ذلك الكلام بعينه ، ثم رجع ووجدهم نياماً إذ كانت أعينهم ثقيلة فلم يعلموا بماذا يجيبونه، ثم جاء ثالثة، وقال لهم ؛الآن استريحوا، يكفي، قد أتت الساعة، هوذا ابن الإنسان يسلم إلى أيدي الخطاة، قوموا ليذهب، هوذا الذي يسلمني قد اقترب".(228)
يقول دينس نينهام:"لقد انقسمت الآراء بعنف حول القيمة التاريخية لهذا الجزء، وجرى تساؤل عما إذا كان يعتبر في الحقيقة جزءاً من المصدر الذي روى عنه القديس مرقس"(229)، بالإضافة إلى ذلك نحن نوجه بعض الأسئلة إلى النصارى.
أولاً : لمن كان يصلي المسيح u ، وأنتم تزعمون أنه إله.والإله لا يصلي لأحد ، بل عباده يصلون له؟!
ثانياً : قال مرقس"وكان يصلي لكي تعبر عنه الساعة " لماذا كان المسيح u يريد أن تعبر عنه هذه المحنة، لماذا يريد أن تعبر؟ ،وما جاء إلا من أجلها حتى يتخلص البشر من الخطيئة التي يحملونها كما تزعمون؟!!.
ثالثاً : قال مرقس :"وقال يا أبا الآب"، فمن هو أبو الآب هذا الذي يستغيث به عيسى عليه السلام، فإذا كان للأب آب آخر فهذا يستدعي وجود سلسلة من الآباء لا نهاية لها.
(1/59)
رابعاً : يقول مرقس:" ثم جاء ووجدهم نياماً ، فقال لبطرس يا سمعان أنت نائم، أما قدرت أن تسهر ساعة واحده؟!". فهل يعقل من حواريين المسيح أن يتركوه يعاني الخوف والهلع ويناموا وهم ينتظرون قدوم الجند ليقبضوا على المسيح u ؛ مثل هذا الفعل لا يليق بأناس عاديين فكيف بهؤلاء الحواريين.
إن القرآن الكريم قد رفع من مكانة الحواريين وشرفهم بسلوكهم ومبادرتهم لنصرة المسيح u، بخلاف أسفاركم التي تسفههم وتصفهم بالجبن، والخذلان والخيانة، فيهوذا يخون عيسى u ، وبطرس ينكره، وهاهم جميع التلاميذ يخذلونه في الحديقة ويتركونه يعاني الآلام والخوف وحده وينامون. فهل هذه حقاً صفات أقرب المقربين إلى المسيح هل هذه صفة تلاميذه ورسله إلى الناس ؟! الجواب كما هو لدينا نحن المسلمين ، لا ، بل وحاشاهم أن يكونوا كذلك فقد قال الله سبحانه وتعالى عنهم في كتابه الكريم : )كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله((230) ،هكذا يسمو بهم القرآن الكريم ويرفع مكانتهم لأنهم حقاً كذلك، أما إنجيلكم فيصفهم بالتخاذل والخيانة. ولمن ؟ لإله بزعمكم.
خامساً : من الذين شاهدوا الأحداث التي كان فيها جميع الحواريين في الحديقة نيام ؟ من الذي رواها ؟ كيف رويت ولم يشاهدها أحد ؟؟!! وكيف عرف التلاميذ ما حدث بعد القبض على عيسى ؟!! كيف رويت بلا شاهد؟! أضف إلى ذلك أنها لم تكتب إلا بعد رفع المسيح بـ 35عاماً.
(1/60)
2) جاء في إنجيل لوقا:"… وظهر له ملاك من السماء يقويه، وإذا كان في جهاد،كان يصلي بأشد لجاجة، وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض…"(231)،ولكن بعض المراجع القديمة تحذف هذين العددين(43-44) رغم وجودهما في أغلب النسخ، فإن هذا الحذف يمكن إرجاع سببه -كما يقول جورج كيرد- إلى فهم أحد الكتبة بأن صورة يسوع هنا، وقد اكتنفها الضعف البشري، كان يتضارب مع اعتقاده في الابن الإلهي الذي شارك أباه في قدرته القاهرة"(232) ، بل إن هذا النص ينفي أصل عقيدة المسيحيين في الصلب . فلو كان حقاً هدفه الصلب لما حزن ولما اكتئب، ولما صار عرقه كقطرات الدم . ثم إننا إذا تصفحنا روايات الأناجيل لوقا، ومرقس، ومتىّ نجدها تتشابه في وصف هذه الحادثة إلى حد ما ، مع أنه لم يكن هناك شاهد عليها، ولكن هذه الثلاثة الأناجيل تختلف اختلافاً كبيراً عن رواية يوحنا (233)" حيث نجد في يوحنا خطبة لعيسى عبر ست صفحات "حوالي140سطر" مقابل بضعة سطور في الأناجيل الأخرى"(234).
المداهمة والقبض على عيسى u :
يقول مرقس:"وللوقت فيما هو يتكلم أقبل يهوذا واحد من الاثني عشر، ومعه جمع كثير بسيوف وعصّي من عند رؤساء الكهنة والكتبة، والشيوخ، وكان مسلمه " يهوذا " قد أعطاهم علامة قائلاً الذي أقبّله هو هو، أمسكوه وامضوا بحرص، فجاء للوقت، وتقدم إليه قائلاً: يا سيدي يا سيدي . (وقبّله) فألقوا أيديهم عليه و أمسكوه، فاستل واحدٌ من الحاضرين السيف، وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه .فأجاب يسوع وقال لهم : كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصي لتأخذوني، كل يوم كنت معكم في الهيكل أعلم ولم تمسكوني، ولكن لكي تكمل الكتب، فتركه الجميع وهربوا"(235).
أما في متىّ فقد جاء:" عندما رأى عيسى يهوذا قد جاء مع الجنود قال له:" قال يسوع : يا صاحب لماذا جئت"(236)، وعندما أستل أحد الحواريين سيفه قال له عيسى :" رد سيفك إلى مكانه؛لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون"(237).
(1/61)
وقال إنه يستطيع أن يطلب إلى الله أن يقدم له أكثر من اثني عشر جيشاً من الملائكة(238) وأخيراً "تركه التلاميذ كلهم وهربوا"(239).
التعليق :
أولاً : استفسار عيسى من يهوذا عن سبب قدومه" لماذا جئت " ، انفرد بها متىّ ، وكذلك استطاعة عيسى بأن يطلب مساعدة الله انفرد بها متىّ.
ثانياً : القبلة كانت هي أداة التعريف بعيسى ، وهذا ما اتفق عليه متىّ ، ولوقا ومرقس مع خلاف يسير، أما عند يوحنا فلا مكان للقبلة، بل يعطي صورة مختلفة تماماً فيقول :" أخذ يهوذا الجند وخداماً من عند رؤساء الكهنة والفريسيين ، وجاء إلى هناك بمشاعل ومصابيح، وسلاح. فخرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه وقال: ما تطلبون؟ أجابوه: يسوع الناصري. قال لهم يسوع . أنا هو، كان يهوذا مسلمه واقفاً معهم ،فلما قال لهم إني أنا هو رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض فسألهم من تطلبون فقالوا لهم يسوع الناصري . أجاب يسوع قد قلت لكم أني أنا هو فإن كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون".(240)
نلاحظ أنه لا يوجد مكان للقبلة في إنجيل يوحنا، بل إن يسوع هو الذي بادر بسؤالهم : من تطلبون؟
فأجابوه، يسوع الناصري : فقال لهم أنا هو.
فرجعوا إلى الوراء وسقطوا ، لماذا رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض؟؟!! ألا يدل هذا على ثباته، وأنه يعلم أن الله سينجيه منهم بعد أن دعا الله بتضرع حتى كان عرقه يتصبب كقطرات دم ويدعوا الله أن تعبر عنه الكأس أي تلك الساعة.
أليس من المنطقي أن يكون الله سبحانه وتعالى قد استجاب لدعائه فرفعه إليه، وهذا ما تؤكده أيضاً أناجيلكم بأن الله استجاب له لتقواه ، وأنه ظهر له ملاك من السماء يقويه.
وإذا قيل أين ذهب المسيح؟ نقول وأين ذهب إيليا( إلياس) ؛ صعد إيليا في العاصفة إلى السماء"(241). وكذلك رفع ( أخنوخ) :"وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه"(242).
المحاكمة :
(1/62)
حتى لا أطيل على القارئ فسأذكر ملخصاً للمحاكمة تقول الأناجيل إن الجنود أخذوا عيسى موثقاً إلى " قيافا" رئيس الكهنة حيث جرى استجوابه.
(متىّ (26/57-57)، مرقس (14/53)، لوقا (22/54-71)، يوحنا (18/15-27)) وبالرجوع إلى نصوص الإنجيل ستتضح لنا الاختلافات التالية بين الأناجيل:
إنجيل مرقس
إنجيل متىّ
إنجيل لوقا
إنجيل يوحنا
بطرس وحده يتبع الجنود من بعيد(14/54)
نفس مرقس (26/58).
نفس مرقس ومتىّ (22/54).
بطرس +تلميذ آخر
(يوحنا 18/15).
قوم شهدوا زورا (14/57).
شاهد زور، شهد
ضد المسيح(26/60)
لم يذكر شيئاً عن
هذا الأمر .
لم يذكر شيء
مثل متىّ (14/58).
التهمة الموجهة لعيسى
قوله بأنه يستطيع أن
يهدم الهيكل ويبنيه في 3أيام(26/61).
لم يذكر هذه التهمة.
لم يذكر هذه التهمة
مثل متىّ .
عيسى سكت عند
سماع التهمة (26/62).
لم يذكر السكوت.
لم يذكر السكوت.
مرقس قال: سئُل هل
أنت المسيح ابن
المبارك (14/61)
متى قال: سئل المسيح
هل أنت المسيح ابن
الله (26/63).
قال سئل هل أنت
المسيح (22/67).
سئل ما هي
تعاليمك (18/19).
الجواب كان :" أنا
هو" (14/62)لقد
أقر إنه المسيح.
فكان جوابه"أنت
قلت" (متىّ 26/64)
فلم يقر أنه ابن الله .
الجواب كان"إن قلت لكم
لا تصدقوني، وإن سألت لا تجيبوني ولا تطلقوني" (22/68)
وهذه إشارة واضحة إلى أن
المعتقل يريد أن يقول لهم بأنه
لو أخبرهم أنه ليس المسيح
لم يصدقوه
الجواب كان " في
الخفاء لم أتكلم بشيء…"(18/20)
مرقس مثل متىّ
عندما سأل رئيس الكهنة الحاضرين عن
رأيهم وحكمهم في
المعتقل قالوا "
مستوجب الموت"
(26/66)
لم يذكر شيئاً عن
هذا الموقف.
مثل لوقا .
مرقس مثل متىّ (243)
أنكر بطرس كبير الحواريين أنه يعرف المسيح وأنه
من تلاميذه، ثلاث
مرات.. متىّ قال:
الإنكار جاء في
المعتقل(244)
مثل مرقس ومتىّ(245)
أنكره مرة قبل
الاستجواب ومرتين
بعده (246)
(1/63)
هذا الجدول يوضح مدى الاختلافات في المحاكمة الأولى أمام رئيس الكهنة،ولكن بتتبع القصة (247)في الأناجيل الأربعة نجد في كل موقف من المواقف اختلافات كثيرة في الاستجواب الثاني أمام بيلاطس نذكر على سبيل المثال
متىّ
مرقس
يوحنا
عندما طلب بيلاطس من المسيح الدفاع عن نفسه صدتهم الكهنة
لم يُجب. متىّ (27/14).
مثل متىّ (15/5).
أجاب جواباً مسهباً (18/36)
قبل الصلب
بعد أن سلم بيلاطس المسيح إلى اليهود، روى كل إنجيل رواية مختلفة منها:
متىّ
مرقس
لوقا
يوحنا
سمعان القيرواني حمل الصليب الذي سيصلب عليه عيسى (27/32).
مثل متىّ (15/21)
مثل متىّ
ومرقس (22/26).
قال أن يسوع نفسه هو
الذي حمل الصليب(19/17).
لم يذكر شيء
لم يذكر شيء
ألقى خطبة وهو في
طريقه إلى
الصلب (23/30)
أنفرد بها لوقا.
لم يذكر شيء.
الصلب:
متىّ
مرقس
لوقا
يوحنا
اللصان اللذان صُلبا معه استهزءا به، وعيراه.
متىّ(27/44).
مثل متىّ (15/32).
أحد اللصين استهزأ
به، والآخر دافع عنه
فوعده عيسى بالجنة،
لوقا (23/41).
لم يورد شيئاً في هذا.
بعد الصلب :
بعد الصلب حدثت أمور منها:
الأمور التي حدثت
متىّ
مرقس
لوقا
يوحنا
1. انشق حجاب الهيكل
(27/51).
(15/37).
(23/45).
لم يذكر شيئاً
2. حدث زلزال شديد.
(27/51)
انفرد بها متىّ
لم يذكر شيئاً
لم يذكر شيئاً
لم يذكر شيئاً
3. الصخور تشققت
(27/51) انفردبها
لم يذكر شيئاً
لم يذكر شيئاً
لم يذكر شيئاً
4. انفتحت قبور وقام منها كثير من الراقدين ودخلوا أورشليم.(248)
(27/52)
انفرد بها1
لم يذكر شيئاً1
لم يذكر شيئاً1
لم يذكر شيئاً1
وبعد الصلب في مساء الجمعة، جاء رجل اسمه يوسف ليستلم جثة المصلوب،وقد اختلف،وفي يوحنا رجلان (249) ،ووضع في القبر وطلب رؤساء الكهنة اليهود من بيلاطس حراسة القبر كي لا تسرق الجثة (250)،انفرد بهذا متىّ.
المطلب الثاني : القيامة والظهور
(1/64)
يقول مرقس:" بعدما مضى السبت اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب، وسالومة حنوطاً ليأتين ويدهنه .
وباكر جداً في أول الأسبوع ، أتين إلى القبر إذ طلعت الشمس ، وكنّ يقلن في أنفسهن من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر فتطلعن، ورأين الحجر قد دحرج لأنه كان عظيماً جداً .ولما دخلن القبر رأين شاباً جالساً عن اليمين لابساً حُلة بيضاء فاندهشن، فقال لهن : لا تندهشن، أنتُن تطلبن يسوع الناصري المصلوب، قد قام، ليس هو هاهنا. هو ذا الموضع الذي وضعوه فيه ، ولكن اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس، أنه يسبقكم إلى الجليل، هناك ترونه كما قال لكم .فخرجن سريعاً وهربن من القبر، لأن الرعدة والحيرة، أخذتاهن، ولم يقلن لأحد شيئاً، لأنهن كن خائفات"(251).
يقول نينهام :"أن الدافع المقترح لهذه الزيارة، يدعو على أي حال إلى الدهشة …، فمن الصعب أن نثق في أن الغرض من زيارة النسوة، كان دهان جسم إنسان انقضى على موته يوم وليلتان"(252)
اختلف في:
متىّ
مرقس
لوقا
يوحنا
1. من هن الزائرات
مريم المجدلية ومريم الأخرى
مريم المجدلية ومريم
الأخرى وسالومة
مجموعة من النساء
مريم المجدلية فقط
2. حدث زلزال عظيم
وقت الزيارة.
(28/2) نعم
لا يعلم شيئاً
لا يعلم شيئاً
لا يعلم شيئاً
3. من دحرج
الحجر عن باب القبر.
ملاك الرب
نزل
ودحرج
الحجر وجلس عليه(28/2).
لا يعرف الفاعل
لا يعرف الفاعل
لا يعرف الفاعل
4. كم ملاكاً كان
عند القبر.
واحد (28/2).
واحد
اثنان
اثنان
5. من أخبر أن الميت قام وخرج
من القبر.
قال الملاك (28/6).
قال الملاك (16/6).
قال الملاك (24).
لم يورد ذلك بل قال إن مريم المجدلية رأت عيسى واقفاً بجانبها
(20/14-17).
وهكذا تستمر الخلافات بين الأناجيل إلى نهاية القصة، ولكن حتى لا نطيل نكتفي بما ذكر، الخلافات كثيرة الكم والعدد فماذا نستنتج؟
الجواب البديهي هو: "أن القصة من نسج الخيال، فالشاهد في المحكمة، إذا تناقضت أقواله رد واتهم بكذبه.
(1/65)
ظهور عيسى للحواريين:
اختلفت الأناجيل في عدد المرات التي ظهر فيها المسيح، كما اختلفت في الأقوال التي قالها لهم .
المختلف فيه:
متىّ
مرقس
لوقا
يوحنا
1. عدد المرات التي ظهر فيها المسيح بعد موته
مرتين
(28/9)
(28/16)
ثلاث (16/9)
(16/12)
(16/14)
مرتين (24/13)
(24/36)
أربع مرات (20/17)
(20/24)
(20/26)
(21/1)
2. ماذا كان موقف الحواريين عندما رأوا المسيح أول مرة
سجدوا له ولكن البعض شك فيه
(28/17)
لم يذكر
السجود
جزعوا وخافوا وظنوا أنهم رأوا روحاً: أي
شبحاً(24/37)
فرحوا بعدما أراهم
يديه ورجليه
(20/20)
3.قال لهم عيسى "من آمن واعتمد خلص،ومن لم
يؤمن يدان"
لم يذكرها
ذكرها مرقس فقط
(16/16)
لم يذكرها
لم يذكرها
4. أكل عيسى مع تلاميذه السمك المشوي والعسل
لم يذكرها
لم يذكرها
ذكرها لوقا
فقط (24/42)
لم يذكرها
5. نفخ عيسى وقال لتلاميذه اقبلوا الروح القدس
لم يذكرها
لم يذكرها
لم يذكرها
ذكرها يوحنا فقط
(20/22).
6. اشترط"توما" أحد
الحواريين أن يرى أثر المسامير في جسم عيسى ليؤمن (253)
لم يذكرها
لم يذكرها
لم يذكرها
ذكرها يوحنا فقط
(20/25)
ومازال هناك الكثير من الخلافات بين الأناجيل في هذا الموضوع .
نصوص الصلب وتفنيدها :
(1/66)
1) صرخ المصلوب على الصليب قبل موته قائلاً:"إيلي إيلي لما شبقتني، والذي تفسيره إلهي إلهي لماذا تركتني"(254)"إلهي!إلهي!لم خذلتني؟! " هذا كلام يقتضي عدم الرضا بالقضاء وعدم التسليم لأمر الله تعالى، وعيسى u منزه عن ذلك، فكيون المصلوب، لاسيما وأنتم تقولون أن المسيح u نزل ليؤثر العالم على نفسه، فكيف تروون عنه ما يؤدي إلى خلاف ذلك؟ مع روايتكم في توراتكم أن إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وهارون عليهم السلام لما حضرهم الموت، كانوا مستبشرين بلقاء ربهم . والمسيح –بزعمكم –ولد الله فكان ينبغي أن يكون أثبت منهم ، ولما لم يكن كذلك دل على أن المصلوب غيره"(255)نعم هو كذلك، فلو أن عيسى u جاء من أجل الصلب كما تزعمون لما صرخ تلك الصرخة، ونحن نرى أناس كثيرين يساقون إلى ساحات الإعدام وهم في ثباتٍ تام لإيمانهم بقضاياهم ، فضلاً عن المجاهدين الذين يتسابقون في ساحات المعارك موقنين بالموت والهلاك المحقق، ومع ذلك يقدمون أنفسهم وهم يشعرون بأعلى درجات السعادة.
2) عندما علم عيسى بقرب حلول المؤامرة ضده طلب من حوارييه الاستعداد للمقاومة وقال :" من ليس له سيفاً فليبع ثوبه ويشتري سيفاً"(256). والسؤال هنا، لماذا المقاومة ؟ ولماذا السيوف؟ لو كان ينوي أن يقدم نفسه للصلب لما طلب من تلاميذه المقاومة"(257).
3) دعا عيسى u الله سبحانه وتعالى أن ينقذه من طالبي قتله أو صلبه، فقال :" أيها الآب نجني من هذه الساعة "(258). فلو كان حقاً أن عيسى جاء لأجل تحقيق هدف"الفداء" لِمَ جزع وخاف من مداهمة اليهود له ليقتلوه فإن هذا بعينه هو الهدف الذي جاء من أجله، ولكن خوفه وجزعه ينفيان عقيدة " الصلب للخلاص".
4) "يعتمد النصارى في الخلاص بالصلب على نصوص مثل :" المسيح أسلم نفسه لأجلنا قرباناً وذبيحة لله "(259)، ولكن من المعروف أن المسيح لم يسلم نفسه بل حسب الأناجيل أنه سيق قسراً إلى الصلب "(260).
(1/67)
5) قال يوحنا:" هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية"(261)، فهذا النص يمثل عقيدة عظيمة،وأن من لم يؤمن بالخلاص فهو كافر، ومع عظم هذا الركن في المسيحية إلا أن متىّ ومرقس ويوحنا لم يذكوه في أناجيلهم، وهذا يقودنا إلى احتمالات ثلاث لا رابع لها، ويجب على كل من يؤمن به أن يختار واحد منها:
v الاحتمال الأول :"إما أن يكون يوحنا ثقة أميناً في نقل هذا الاعتقاد ، ومتىّ ومرقس ولوقا غير أمناء بتضييعهم لتعاليم السماء ، فلا يوثق بهم ولا يعتمد عليهم بعد ذلك
v الاحتمال الثاني: وأما أن يكون متىّ ومرقس ولوقا أمناء ثقات نظراً لعددهم، ويكون يوحنا غير أمين خاصة وأنه آخر من ألف إنجيله، وكان ذلك في بداية القرن الثاني الميلادي، ولو كان ما ذكره حقاً لكان أولى بمرقس وهو أول من ألف إنجيله أن يثبت هذا السر أو متى أو لوقا.
v الاحتمال الثالث :أن تكون هذه الفقرة هي مجرد رأي ليوحنا وأتباعه ولا تنزل منزلة العقيدة"(262).
6) إذا كان عيسى u ما جاء إلا ليصلب فلماذا قال لمن سيسلمه:" ويلٌ لذلك الرجل الذي به يُسلَّم ابن الإنسان"(263)، هذا من ناحية ثم من ناحية أخرى جاء ما يناقض هذا فالمسيح u شهد للتلاميذ الاثني عشر بالسعادة(264)، وشهادته حق ولا شك أن السعيد لا يتم منه الفساد العظيم، ويهوذا أحد الاثني عشر فيلزم من هذا ما يلي:
v إما أن يكون يهوذا لم يدل على عيسى u.
v وإما أن يكون المسيح u ما نطق بالصدق.
v أو أن يكون كتابكم قد تحرف وتبدل.
7) لماذا كان عيسى u يقول لحوارييه ليلة القبض عليه"إن نفسي حزينة حتى الموت"(265).
8) ولماذا قضى الليل كله في صلاة ودعاء واستغاثة لإنقاذه من طالبي صلبه(266)،"أيها الآب نجني من هذه الساعة" (267).
"وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض"(268).
9) وكان يستنكر إرادة اليهود قتله قائلاً: لماذا تطلبون أن تقتلوني"(269).
(1/68)
10) وأخبرهم أنهم لن يستطيعوا فعل ذلك، :" فقال لهم يسوع أنا معكم زماناً يسير بعد، ثم أمضي للذي أرسلني ستطلبوني ولا تجدوني، حيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا"(270).
11) وقال لهم أيضاً :" الذي أرسلني هو معي، ولم يتركني الآب وحدي لأني في كل حين أفعل ما يرضيه"(271).
12) وتحداهم قائلاً :" إني أقول لكم إنكم لا تروني من الآن حتى تقولوا مبارك الأتي باسم الرب"(272)،لكن المصلوب رآه اليهود مقبوضاً عليه مصلوباً يرُفس ويرُكل ويُضرب ويُبصق عليه، ألا يدل هذا على أن الذي قُبض عليه وصُلب هو شخص آخر غير المسيح، وإلا لكانت أقوال المسيح كاذبة، فكيف يتنبأ بنجاته ثم يحدث العكس.
نصوص من الإنجيل تؤيد عدم الصلب :
1) تنص الأناجيل بأن الله استجاب دعاء عيسى فأرسل له ملاكاً من السماء يقويه وليعلم أن الله لن يتركه بل سينقذه من هؤلاء المجرمين يقول لوقا:"وظهر له ملاك من السماء يقويه"(273).
"إذ قدم u بصراخ شديد ودموع طلباتٍ وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت،وسمع له من أجل تقواه"(274).
2) وأكثر من ذلك أن في إنجيل برنابا أن الذي قتل وصلب هو يهوذا الأسخريوطي. يقول برنابا في إنجيله:" الحق أقول أن صوت يهوذا ووجهه وشخصه بلغت من الشبه بيسوع أن أعتقد تلاميذه والمؤمنون به كافة أنه يسوع ، وقال أيضاً الحق أقول لكم أني لم أمت بل يهوذا الخائن، احذروا، لان الشيطان سيحاول جهده أن يخدعكم،ولكن كونوا شهودي في كل إسرائيل، وفي العالم كله لكل الأشياء التي رأيتموها وسمعتموها"(275).
(1/69)
3) ثم أنه ورد في الإنجيل أن الجنود سألوا المقبوض عليه عمّا إذا كان هو المسيح، فقد تقدم المسيح إلى الجند وقال لهم "…من تطلبون؟ أجابوه يسوع الناصري، قال لهم إني أنا هو، رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض ، فسألهم من تطلبون ؟فقالوا يسوع الناصري، أجاب يسوع قد قلت لكم إني أنا هو"(276)، فها هو يخبرهم بأنه عيسى مرتين فلم يصدقوا للشبه.ثم لماذا رجعوا إلى الوراء وسقطوا ؟ماذا حدث؟ لابد أنه حدث شيئاً عظيماً جعلهم يتراجعون ويسقطون على الأرض . نعم لقد ظهر ملاك الرب من السماء ، أفلا يدل هذا على نجاته.
4) عندما سألوا المقبوض عليه عمّا إذا كان هو المسيح أجابهم قائلاً :" إن قلت لكم لا تصدقوني، وإن سألت لاتجيبوني ولاتطلقوني"(277)، فما معنى هذا الجواب؛ألا يؤكد أنه ليس هو المسيح . وفي متىّ كان الجواب : عندما سئل هل أنت المسيح فقال :" أنت قلت"(278).
5) وعندما ظهر المسيح عليه السلام لمريم المجدلية، اعتقدت أنه البستاني:" ، يقول أحمد ديدات :والآن، لماذا تعتقد مريم أنه البستاني؟
- هل العائدون من بين الموتى يلزم بالضرورة أن يشبهوا عمال البساتين؟
- كلا!!
- أذن لماذا تعتقد أنه البستاني؟
- الجواب هو: أن يسوع كان متنكراً كبستاني!
- ولماذا يتنكر كبستاني؟
- الجواب: لأنه خائف من اليهود!
- ولماذا يخاف من اليهود؟
- لأنه لم يمت، لو كان قد مات لما كان ثمة داع للخوف؟
- ولم لا؟
- لأن الجسم لا يموت مرتين!
- من القائل بهذا؟
- الكتاب المقدس يقول به.
- أين؟
- في الرسالة إلى (العبرانيين (9/27)) يقول :" …وكما وضع للناس أن يموتوا مرة، ثم بعد ذلك الدينونة"(279)
عيسى u لم يبعث بعد موت :
(1/70)
1) يقول عيسى u، للحواريين :"انظروا يدَّي ورجلي إني أنا هو أي(إنني نفس الشخص، نفس الرجل)جسوني وانظروا، فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي . وحين قال هذا أراهم يديه ورجليه"(280). ماذا كان الرجل يحاول أن يثبت؟ هل كان يحاول أن يثبت أنه قد بعث من بين الموتى؟، وأنه كان شبحاً؟، وماذا كانت علاقة اليدين والرجلين بالبعث؟، " إنه أنا نفسي" وإن أي شبح من الأشباح "لا يكون له لحم وعظام كما أنتم ترونه لي". هذه حقيقة مطلقة الصدق، وواضحة بذاتها وأنت لا تحتاج جهدا لتقنع بها أي شخص سواء كان هندوسياً أو مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً أو ملحداً أو غنوسياً . أن أي شخص سوف يعرف دونما أي دليل أن الشبح ليس له لحم ولا عظام.
2) والحقيقة أن الحواريين كانوا يعتقدون أن يسوع كان قد عاد من بين الأموات، وأنه كان قد بعث. ولو صح ذلك فقد كان من اللازم أن يكون في صورة روحية؛
أي يكون شبحاً! وها هو ذا يسوع يقول لهم أنه ليس كذلك – لم يبعث من بين الموتى.قد يقول لك المجادل:" من الذي يقول إن الأشخاص الذين يبعثون من الموت، سيكونون أرواحاً؟
وأنا أقول له :"يسوع"
فيسأل:"أين"
وأنا أقول له :في إنجيل لوقا ، قال يسوع:" ليس لحم ولا عظام"(281)
وأثبت لهم بدليل آخر أنه ليس روح بأكله من الخبز والسمك والعسل فالأرواح لا تأكل :" فناولوه جزءا من سمك مشوي وشيئاً من شهد وعسل، فأخذ وأكل أمامهم"(282).
3) لماذا لم يقل المسيح u للتلاميذ أنه بعث من بين الأموات ؟ لماذا لم يصرح بذلك ؟! بل قال عكس ذلك فقد قال:" لم أصعد بعد إلى أبي"(283) والميت تصعد روحه ولا بد إلى الله عز وجل.
(1/71)
4) يوحنا يؤكد عدم معرفة التلاميذ بأن المسيح سيقوم من بين الأموات . فحين ذهبت مريم المجدلية لتخبر التلاميذ بما رأت من قيامة المسيح من القبر تسابق بطرس ويوحنا إلى القبر. "فحينئذ دخل أيضاً التلميذ الآخر الذي جاء أولاً إلى القبر ورأى فآمن . لأنهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب أنه ينبغي أن يقوم من الأموات . فمضى التلميذان "بطرس ويوحنا" أيضاً إلى موضعهما"(284) هذا ما يصرح به إنجيل يوحنا، ولكن أناجيل مرقس ومتىّ ولوقا نذكر لنا حديثاً جرى بين المسيح وتلاميذه تنبأ فيه المسيح بقتله، ثم قيامته من الأموات، فهي تقول :" ابتداء يعلمهم أن ابن الإنسان "المسيح" ينبغي أن يتألم كثيراً ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وبعد ثلاث أيام يقوم"(285) .
إن رواية الحواريين المسيح وتلاميذه على هذه الصورة، تعني أن قيامة المسيح من الأموات أصبحت أمراً مفروغاً منه ذلك أن الأناجيل تذكر أن المسيح قال القول علانية.
فإذا وجدنا أن روايات القيامة التي أخبرت بها مريم المجدلية كانت بالنسبة لبطرس –رئيس التلاميذ- كلاما ً " كالهذيان " لا يمكن تصديقه…فإن النتيجة التي لا مفر من التسليم بها هي : أن الحوار الذي جرى بين المسيح وتلاميذه وأنه أخبرهم بقيامته لم يحدث على الإطلاق، وإنما هو إضافات " أدخلت إلى الإنجيل " (286).
ومما يؤكد ذلك أن المسيح u عندما ظهر للحواريين " جزعوا، وخافوا، وظنوا أنهم نظروا روحاً" . والسؤال لماذا الخوف وهو قد أخبرهم أنه سيقوم من بين الأموات، ولماذا لم يصدق "توما" أحد التلاميذ حتى يبصر في يديه أثر المسامير حيث قال: إن لم أبصر في يديه أثر المسامير... وأضع إصبعي في جنبه لا أؤمن " . لماذا لا تؤمن يا توما وقد أخبركم المسيح u صراحة أنه سيقوم من بين الأموات ؟!
المطلب الثالث :أقوال علماء النصارى تنفي الصلب
(1/72)
1) يقول البرفسور(فنك funk)مؤسس (ندوة عيسى) :"إن قصة إلقاء القبض على المسيح ومحاكمته ، وإعدامه هي في معظمها من نسج الخيال"Funk HTJP.127"(287).
2) ويقول البرفسور" بورتون ماك Burton Mack":"أما بالنسبة لقصة الصلب والقيامة ، فإن مرقس- أول من كتب القصة- أخذ الفكرة الأساسية من أسطورة كريستوسMack WWNTP.152"(288).
الرد على عقيدة الصلب عن طريق العقل:
رغم أن النصرانية تشدد على مبدأ الخطيئة الموروثة ، فإن المرء لا يجد ذكراً لهذا المبدأ في أي مكان من كتابهم المقدس لا في التوراة ولا في الأناجيل ، ولم ترد على لسان أي نبي من الأنبياء الذين يؤمن بهم اليهود والنصارى فمبدأ الخطيئة الموروثة استحدثته الكنيسة لتكمل القصة. اعتقدوا بصلب المسيح ، وكان لا بدلهم من البحث عن سبب يبرر الصلب.
فاستحدثوا الخلاص بالصلب، أو الصلب للفداء، وظهرت عندهم مشكلة الخلاص من ماذا؟ فاستحدثوا نظرية الخطيئة الموروثة لتبرير صلب عيسى.
لقد بدءوا القصة من آخرها وليس من أولها ، وفي الواقع لا توجد خطيئة موروثة ، ولم يحدث صلب عيسى ولا حدث خلاص"(289)، ولا توجد علاقة منطقية بين الصلب من أجل الخلاص، فهل يعقل أن يصلب زيد ليزول ذنب عمر؟ .
ما ذنب زيد حتى يصلب ؟!.
"ثم ما الحكمة العظمى التي من أجلها يظل ابن آدم متحملاً لخطيئة أبيه حتى يأتي الإله يسوع في آخر الزمان ليكون قرباناً وبين عيسى وآدم عليهما السلام أنبياء ورسل لا حصر لهم "(290).فهل بقي الله - تعالى علواً كبيراً عن ذلك- زمناً طويلاً متحيراً إلى أن اهتدى إلىوسيلة يعفو بها عن خطيئة آدم المتوارثة.
2)العهد القديم لا يقول بتوارث الخطيئة و يستبعد ذلك فقد جاء في سفر التثنية:"لا يقتل الآباء عن الأولاد ولا يقتل الأولاد عن الأباء ، كل إنسان بخطيئته يقتل"(291).
(1/73)
فكيف يؤتى بإنسان بريء فيضرب ويرفس ويبصق على وجهه باللعنة، فيصبح المصلوب ملعوناً فقد جاء في سفر التثنية :"لأن المعلق ملعون من الله "(292)،فصار المسيح لعنة لأجلهم كما يقول بولس مخترع هذه العقيدة حيث يقول:" فالذي افتدانا من لعنة الناموس هو المسيح الذي صار لعنةً لأجلنا"(293). فكيف تقبلون أن يكون إلهكم ملعوناً وأي إلهٍِ هذا الذي يبصق في وجهه ثم يربط بالسلاسل ليعلق على الصليب فيصبح ملعوناً. هذه إهانة لا يقبلها أي شخص حتى وإن كان أحمق فكيف بإله ذو الكمال المطلق..؟!
"لقد رويت هذه القصة على لسان منصرة أمريكية لطالبة مسلمة في إحدى مدارس البنات في القاهرة .. فردت عليها الطالبة المسلمة بالفطرة قائلة: كيف تدعينني إلى إله يقتل ويصلب ويبصق على وجهه ويضرب!!!.
إن إلهنا نحن المسلمين- أعز وأعظم، وأقوى، وأغلب!!!"(294).
~
--------------------------------------------------------------------------------
(216) حوار صريح بين عبد الله وعبد المسيح د/عبد الودود شلبي ص(28-30)بتصريف.(217) يوحنا (10/11).(218) لوقا (18/19).(219) يوحنا (3/16).
(220) مرقس(10/45).(221) دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية.د/سعود الخلف،ص(237).(222) متىّ(26/23-25).(223) مرقس(14/20).(224) لوقا(22/21).
(225) يوحنا (13/26).
(226) متىّ(26/24).(227) مناظرة بين الإسلام والنصرانية ص(84).(228) مرقس (14/32-42).(229) مناظرة بين الإسلام والنصرانية.ص(85).(230) الصف : آيه (14).
(231) لوقا (22/43-44).(232) تفسير إنجيل لوقا ،ص(243)نقلاً عن مناظرة بين الإسلام والنصرانية,ص(87).(233) يوحنا (14/17).
(234) مقارنة بين الأناجيل الأربعة د/ محمد علي الخولي ص(69).(235) مرقس (14/43-50).(236) متّى (26/51).(237) متىّ (26/52).(238) متىّ(26/53).
(239) متىّ (26/56).(240) يوحنا (18-3-8).
(1/74)
(241) سفر الملوك الثاني (2/11).(242) سفر التكوين (5/24). (243) مقارنة بين الأناجيل الأربعة ، د/محمد علي الخولي ، ص (71-74)بتصرف (244) المرجع السابق
(245) المرجع السابق(246) المرجع السابق (248) مقارنة بين الأناجيل الأربعة د/ محمد علي الخولي ص(80).(249) يوحنا (19/40).(250) متىّ(27/66).
(251)مرقس (16/1-8).(252) مناظرة بين الإسلام والنصرانية.ص(129).(253) مقارن بين الأناجيل الأربعة د/ محمد علي الخولي ص(80-91)بتصرف.(254) متىّ (27/46).
(255) بين الإسلام والمسيحية كتاب أبي عبد الله الخزرجي حققه د/محمد شامه ص(164).(256) لوقا (22/36).(257) حقيقة عيسى المسيح د/محمد علي الخولي ص(50).
(258) يوحنا (12/27).(259) أفسس (5/2).(260) حقيقة عيسى المسيح د/ محمد الخولي.ص(54).(261) يوحنا (3/16).(262) ألوهية المسيح د/محمد حسن عبد الرحمن ص(107).(263) متىّ (26/24).(264) متىّ(19/28).(265) متىّ (26/38).(266) متىّ(26/36-44).(267) يوحنا (12/27).(268) لوقا (22/44).(269) يوحنا (7/16).
(270) يوحنا (7/32-34).(271) يوحنا (8/29).(272) متىّ (23/39).(273) لوقا (22/43).(274) عبرانيين (5/7).
(275) محاضرات في النصرانية الإمام محمد أبو زهرة ص(66).(276) يوحنا (18/3-8).(277) لوقا (22/67-68).(278) متىّ (26/64).
(279) مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء، العلامة/ أحمد ديدات.ص(98).
(280) لوقا (24/39-40).(281) لوقا (20/27-36) مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء ، العلامة /أحمد ديدات ص(122-124)باختصار.(282) لوقا (24/41-43).
(283) يوحنا (20/17).(284) يوحنا (20/8-10).(285) مرقس (8/31)، متىّ (16/21)، لوقا (9/20).(286) مناظرة بين المسيحية والإسلام والنصرانية ص(143-144).
(287)عن المسيحية والإسلام،والاستشراق،د/محمد فاروق الزين،ص(215). (288) المرجع السابق،ص(216). (289)حقيقة عيسى المسيح،د/محمد علي الخولي،ص(44).
(1/75)
(290) الوهية المسيح، د/محمد حسن عبد الرحمن،ص(136). (291)سفر التثينة(24/16).(292) سفر التثنية(21/23)(293) رسالة بولس إلى غلاطية (3/13).
(294)حوار صريح بين عبد الله وعبد المسيح،د/عبد الودود شلبي ص(31)(1/76)
الفصل السابع الحقيقة المنسية والمهجورة المبحث الأول : الكتاب المقدس عند النصارى " الإنجيل" المبحث الثاني: عقيدة النصارى في الله عز وجل المبحث الثالث :تفنيد عقيدة التثليث المبحث الرابع : عقيدة الصلب والفداء وتنفيذها المبحث الخامس :معالجة الإسلام لخطيئة آدم المبحث السادس : بولس الذي عمد إلى تغيير المسيحية المبحث السابع :عقيدة غفران الذنوب المبحث الثامن : عقيدة العشاء الرباني الكتاب المقدس عند النصارى " الإ نجيل" الصفحة الرئيسية الاتصال حول الموضوع طباعة هذه الصفحة
الفصل السابع الحقيقة المنسية والمهجورة
المبحث الثامن : عقيدة العشاء الرباني
العشاء الرباني عند المسيحيين هو عبارة عن (قطع من الخبز + كأس من الخمر) ويعتقد النصراني عند أكله لهذا الخبز أنه يتحول إلى لحم المسيح وإن كان مذاقه خبزاً ، وأن كأس الخمر تتحول إلى دم المسيح وإن كان مذاقها خمراً ، فلا بد من الإيمان وإن كان مخالفاً للمحسوس وللحقيقة ،وهذا العشاء ليس له وقت محدد فيؤكل يوم الفصح ويؤكل في أوقات أخرى ولكنه يؤكل في الكنيسة ولذلك" يجب تبليغ الناس قبل موعده بأسبوعين "(337) وطائفة البروتستانت لا تقبل بالقول بتحول الخبز والخمر إلى لحم ودم المسيح وإنما تجعله رمزاً لما حل بالمسيح u وذكرى لصلبه من أجل البشر .وقد روى متّى أن عيسى u كسر خبزاً وأعطى تلاميذه وقال : " خذوا . كلوا ،هذا هو جسدي "،وأخذ الكأس وشكر و أعطاهم قائلاً : اشربوا منها كلكم ؛ لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا "(338)
"إن هذه الحادثة كلها (العشاء الرباني ) غير مذكورة في يوحنا ، كيف هذا والعشاء الرباني من أهم معتقدات وطقوس الكنيسة !! ويوحنا كاتب الإنجيل من الحواريين الحاضرين لذلك العشاء فكيف لم يذكره ؟!!(339) "
(1/77)
يرد الشيخ رحمة الله الهندي على هذه العقيدة المترسخة لدى الكاثوليك قائلاً: " لو صح ما تدعونه من أكل لحم المسيح وشرب دمه في العشاء الرباني لكنتم أسوأ وأخبث من اليهود ؛ لأن اليهود عذبوه وآلموه مرة واحدة ولم يأكلوا لحمه ولم يشربوا دمه ولم يكسروا عظامه...!!
أما أنتم فإنكم تذبحونه كل يوم في أمكنة كثيرة ، وتكسرون عظامه في كل مناسبة قطعة ...قطعة"(340).وإن كان هذا هو ما طلبه المسيح حقاً كما تزعمون فلماذا لا يؤمن البروتستانت ما دام قد نص عليه الإنجيل بلسان عيسى؟!!!"
الحقيقة أن مسألة العشاء الرباني كانت هاجساً في العالم الوثني القديم فكانوا يعتقدون أن كل من يأكل من جسد الإله الميت ويشرب من دمه يتحقق له الخلود . فعلى سبيل المثال " كان قدماء المصريين يعبدون الإله (أوزيريس ) ويصنعون له جسداً من عجين القمح ثم يأكلون قرباناً مقدساً معتقدين أنهم يستمدون السطوة من جسد (أوزيريس) ودمه.
الحبوب كانت رمزاً (لأوزيريس) والخبز المصنوع من القمح كان طعاماً مقدساً في حين أن الجعة المخمرة من الشعير كانت شراباً مقدساً وكانوا يعتقدون أن الخبز والجعة هي جسد ودم (أوزيريس) حرفياً وليس مجازياً(341)
المبحث التاسع : الشريعة في الأناجيل
إن الباحث عن الشريعة التي جاءت بها المسيحية يجدها نادرة وقليلة لا تغطي حتى بعض جوانب الحياة الرئيسية ، فنجدها قاصرة في جميع فروعها .
والباحث في الأناجيل الأربعة المعتمدة يكاد أن يجدها خالية من التشريع فقد قال المسيح في انجيل متّى "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل "(342) ؛ لذلك فالمسيحية ملزمة بأخذ كل تشريعاتها من القديم (التوراة)لذلك تطبع الكنيسة (الكتاب المقدس ) في عهديه القديم والجديد معاً في مجلد واحد "(343)
فروع الشريعة :
(1/78)
" الشريعة هي الأحكام العلمية المتصلة بالعمل (لا) بالاعتقاد ، وقد قسمت هذه الأعمال وأحكامها إلى الأقسام والفروع التالية :
1) عبادات
2) معاملات
3) أخلاقيات
والعبادات :هي التي تنظم العلاقة بين الإنسان والله سبحانه وتعالى .
والمعاملات: هي التي تنظم العلاقات بين الناس فيدخل في ذلك أحكام البيع والشراء والتجارة والشفعة والرهن ..الخ ، كذلك يدخل فيها شؤون الأسرة مثل الزواج والطلاق والميراث ، والأحكام الخاصة بالجنايات والحدود مثل القتل وأحكام الشريعة فيه مع بيان أنواعه ، وأما الحدود فمثل حد الزنى وشرب الخمر والقذف والسرقة.
أما الجانب الأخلاقي فأمره معروف"(344).
إن فروع الشريعة هذه تكاد تكون الأناجيل خالية منها .
1) فالصلاة:
الصلاة عند المسيحيين ركن من أركان الدين ، بشكل عام فإن الصلاة حسب أكثرية المذاهب سبع صلوات في اليوم والليلة ، وليس لها كيفية محدودة (345) ، ولكن البروتستانت لا يؤمنون بالصلوات السبع التي للكنيسة ولا بمواعيدها و لا بمحتوياتها (346)، وللصلاة عندهم شرطان أساسيان لا تقوم إلا بهما :
1. الشرط الأول : يجب أن تقدم باسم المسيح ، فقد جاء قي الإنجيل يوحنا قول المسيح u : " الحق أقول لكم إن كل ما طلبتم من الأب باسمي يعطيكم ،إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي ، اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملاً"(347).
2. الشرط الثاني : أن يسبق الصلاة الإيمان الكامل بما عندهم من تثليث وغيره فقد جاء في إنجيل مرقس : " لذلك أقول لكم كل ما تطلبونه حينما تصلون فآمنوا أن تنالوه ، فيكون لكم "(مرقس 11)(348).
(1/79)
والصلاة عندهم ليس لها ترتيب ولا عبارات خاصة بل يختارون ما يشاءون من الأدعية التي قالها القديسون ؛ يقول ابن قيم الجوزية : " وطوائف النصارى إنما يقرأون في صلاتهم كلاماً قد لحنه لهم الذين يتقدمون ويصلون بهم ، يجري مجرى النوح والأغاني ، فيقولون هذا قداس فلان وهذا قداس فلان ينسبونه إلى الذين وضعوه "(349)
"وعندما نراجع بعض الأدعية التي وردت في بعض العقائد الفرعونية والهندية نرى تشابهاً كبيراً بينها وبين أدعية النصارى"(350).
وتستفتح صلاتهم بالتصليب ، وهم يؤدونها بلا طهارة ؛ فلا غسل من الجنابة ولا تطهر من البول والغائط ، بل يذهب إلى الكنيسة وهو جنب غير متطهر من أي نجاسة ، مع أن عيسى u ما صلى إلا متطهراً لأنه كان يتبع شريعة موسى في الطهارة ،
يقول ابن القيم :
" إن المسيح صلوات الله وسلامه عليه كان يتدين بالطهارة ، ويغتسل من الجنابة ويوجب غسل الحائض ، وطوائف النصارى عندهم أن ذلك كله غير واجب وأن الإنسان يقوم من على بطن المرأة ويبول و يتغوط ولا يمس ماء ولايستجمر ، والبول والنجو ينحدر على ساقه وفخذه ويصلي كذلك وصلاته صحيحة تامة ، ولو تغوط وبال وهو يصلي لم يضره !!
ويقولون أن الصلاة بالجنابة والبول والغائط أفضل من الصلاة بالطهارة ، لأنها حينئذ أبعد من صلاة المسلمين واليهود وأقرب إلى مخالفة الأمتين"(351).
وهم يصلون إلى المشرق وما صلى المسيح إلى الشرق قط، وما صلى إلى أن رفعه الله إلا إلى بيت المقدس (352)، وطائفة البروتستانت لا يتجهون إلى الشرق ولا إلى بيت المقدس فهم لا يتقيدون بأي اتجاه ، بل يتجهون إلى أي اتجاه حسب مواضعهم .
2) الصوم:
الصوم عند المسيحيين أساسي في العقيدة ، ولكنه اختياري لا إجباري (353).
ومفهوم الصوم عندهم : هو الامتناع عن الطعام حتى منتصف النهار ثم تناول طعام خالٍ من الدسم -عند البروتستانت-(354).
(1/80)
وعند البعض يمتنع عن أكل لحم الحيوان أو ما يتولد منه ، أو ما يستخرج من أصله ويقتصر على أكل البقول (355)، وينقسم الصوم إلى :
1. الصوم المقدس : وعدد أيامه( 55 يوماً).
2. صوم الميلاد : وعدد أيامه (43 يوماً )ينتهي بعيد الميلاد.
3. صوم الرسل : وتتراوح أيامه بين (15-90يوماً).
4. صوم السيدة العذراء مريم: وعدد أيامه (15 يوماً)
5. صوم أهل نينوى : وعدد أيامه (3 أيام )
6. صوم يوم الأربعاء والجمعة على مدار السنة ، الأربعاء ليلة القبض على عيسى و الجمعة يوم صلبه.
7. صوم البرامون وعدد أيامه يتراوح بين(1 - 7)ومعناه الاستعداد (356)
وطائفة البروتستانت قد ألغت هذه المواعيد ولم تعمل بالصوم الجماعي وإنما الصوم عندهم في غالبيته عملي فردي يصوم الفرد منهم متى شاء وكيف شاء (357).
3) الحج:
لم يكن الحج يوماً من الأيام عبادة من عبادات العقيدة النصرانية فلم تشر الأناجيل إلى ذلك ، ولم تظهر هذه العبادة في الكتابات المسيحية الأولى .
وكبقية العبادات خضعت هذه العبادة أو الشعيرة لاختراعات وابتداعات من قبل اللاهوتيين المسيحيين وخاصة البابا ،وباعتبار أن المسيح u قد ولد في فلسطين ، ورفع إلى السماء منها فقد أنشئت له كنيسة في الناصرة وكنيسة القيامة في مدينة القدس ،وكذلك كنيسة أخرى في بيت لحم ، واعتبر المسيحيون كل بقعة تجول فيها المسيح مكاناً مقدساً وراح اللاهوتيون مع مرور السنين يفلسفون مفهوم الحج بأنه زيارة واجبة على كل مسيحي إلى تلك الأماكن المقدسة (358)، وهكذا نشأت شعيرة الحج التي لم يقم بأدائها عيسى u ولا الحواريون من بعده.
4) الزكاة:
لا يوجد مقدار محدد ولا نصاب محدد بل هناك مواعظ للترغيب في البذل وترك المال كاملاً .(359)
(1/81)
وهذه هي العبادات التي جاءت بها الأناجيل ،ونحن نلاحظ الخلاف بين الطوائف في أساسياتها ، ففي الصلاة لا يوجد صلاة واحدة يتبعها الجميع وليست صلاة منظمة ، وكذلك الصوم لا يتفقون على صيام محدد ولا مما يمتنعون منه .. وهكذا .
ونحن لا نستغرب ذلك لأن شريعة قد حرفت لا يتوقع منها الانتظام والوحدة لجميع أتباعها.
ثانياً المعاملات:
1) المعاملات المالية: لم يرد فيها شيئاً ، بل ورفض المسيح أن يقسم المال بين اثنين ؛ فقد جاءه رجلان من اليهود فقالا له : يا يسوع ، اقسم بيننا فقال: ومن الذي أقامني عليكما قاسماً ؟(360)
2) الزواج في المسيحية : لا تشجع المسيحية أتباعها على الزواج بل تفضل أن يبقى الناس بلا زواج اقتداءاً بالمسيح u، وكما فعل بولس مؤسس المسيحية الحقيقي ودعا الناس إلى عدم الزواج " فلا تحبذ المسيحية الزواج إلا لمن خاف على نفسه الزنى سواءاً من الرجال أو النساء ففي هذه الحالة يكون أفضل من الوقوع في النار.(361)
3) الطلاق: لا تجيز المسيحية الطلاق إلا لعلة الزنى فقط سواءاً كان من الرجل أو المرأة ؛ فقد جاء في إنجيل متّى : " فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان .. إن طلق امرأته إلا بسبب الزنى وتزوج بأخرى يزني"(362)، فحسب النص أن من طلق امرأة وتزوج بأخرى فقد زنى ، إذا كان رباط الزواج رباطاً أبدياً ، فإن رد الفعل إما أن لا يتزوج وهذا ما هو حادث مع الرهبان والراهبات ، وإما أن يضرب بهذا الحكم وراء الحيطان وهذا ما هو الحادث فعلاً فكم من المسيحيين يتزوجون ويطلقون ، وحسب النص فهم زناة !!.
إن هذا التحجر والتضييق " جعل البروتستانت يعلنون نقض هذا التشريع وأباحوا الطلاق لمن أراد "(363).
والطلاق مباح في الشريعة اليهودية، وعيسى u قال: ما جئت لأنقض الشريعة ، وها هو هنا ينقض حكم هام من أحكامها .
(1/82)
وهذا هو كل ما جاء في المعاملات عن الدين المسيحي فهناك قصور كبير في هذا الجانب ، ويوصي بعدم الاهتمام بضرورات الحياة وشؤون الاجتماع ، أما العقوبات فلا مكان لها في الإنجيل ؛ فقد ألغى عيسى شريعة القصاص وشريعة العين بالعين (364)
ثالثاً الأخلاق:
في الإنجيل دعوة مبالغ فيها إلى الأخلاق العالية التي لا بد أن تقوم بين الناس على التسامح والعفو وأن تقابل السيئة بالحسنة .
فقد جاء في الإنجيل على لسان عيسى u : " لا تقاوموا الشر "(365)، وقال :" من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً "(366)، وقال : " أحبوا أعداءكم وبارِكوا لاعِنيكم ، أحسنوا إلى مبغضيكم.."(367)، وبالغ المسيح u في الدعوة إلى الزهد:
فقال : " لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وما تشربون ، ولا لأجسادكم بما تلبسون .."(368)، وقال : " فلا تهتموا للغد لأن الغد يهتم بما لنفسه "(369).
إن من يطلع على هذه المواعظ ، يحكم عليها من أول وهلة أنها لا تناسب طبيعة البشر وإنما تناسب الملائكة ، والواقع يصدق ذلك ، بل ويناقضه فالمسيحيون يذبحون من يسالمهم ، فكيف بمن يقوم بعداوتهم؟
إن عدم قدرة البشر على تطبيق مواعظ المسيح دليل على أنها ليست مواعظ للمسيح وإنما أدخلت في الإنجيل وجاءت كرد فعل لما اتصف به اليهود من شدة وعنف .
وكذلك أيضاً قصور الأناجيل عن أن تلبي الاحتياجات البشرية في جميع مجالاتها فإن ذلك دليلاً على أن المسيحية ليست الدين الخاتم والنهائي.
وهكذا تغيرت شريعة عيسى u ، ولم تعد تلك الشريعة التي جاء بها وعلمها الحواريين وهم من بعده بلغوها فلم تعش طويلاً ثم بدأ التحريف ..
يقول ابن القيم عن النصارى :
(1/83)
" أن اليهود قالوا في المسيح إنه ساحر مجنون ولد زنية ، فقبلوا بمقولة إنه تام وهو ابن الله ..، ورأوا اليهود يختتنون فتركوا الختان ،ورأوهم يبالغون في الطهارة فتركوها جملة !،ورأوهم يتجنبون مؤاكلة الحائض وملامستها ومخالطتها جملة فجامعوها!!!ورأوهم يحرمون الخنزير فأباحوه وجعلوه شعار دينهم ورأوهم يحرمون كثيراً من الذبائح والحيوان فأباحوا ما دون الفيل إلى البعوضة وقالوا : كل ما شئت ودع ما شئت لا حرج ،ورأوهم يستقبلون بيت المقدس في الصلاة فاستقبلوا هم الشرق، ورأوهم يحرمون السبت ويحفظونه فحرموا الأحد وأحلوا السبت مع إقرارهم بأن المسيح كان يعظم السبت ويحفظه ، ورأوهم ينفرون من الصليب -ففي التوراة: " ملعون من تعلق بالصليب "والنصارى تقر بهذا-فعبدوا الصليب.
فعلوا هذا كله مع إقرارهم بأن المسيح قال لأصحابه : " إنما جئتكم لأعمل بالتوراة و بوصايا الأنبياء قبيلي وما جئت ناقضاً بل متمماً ، ولأن تقع السماء على الأرض أيسر عند الله من أن أنقض شيئاً من شريعة موسى ، ومن نقض شيئاً من ذلك يدعى ناقضاً في ملكوت السماء"(370).
~
--------------------------------------------------------------------------------
(337) دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية .د/ سعود الخلف .ص(270)
(338) متّى (26/26 -28)
(339) مقارنة بين الأناجيل الأربعة . د/محمد علي الخولي .ص(68)
(340) حوار صريح بين عبد الله وعبد المسيح .د/عبد الودود شلبي .ص(47)
(341) المسيحية والإسلام والاستشراق .محمد فاروق .ص(142 - 143)
(342) متّى (5/17)
(343) الإسقاط في مناهج المستشرقين والمبشرين . د/ شوقي أبو خليل ص (30)
(344) النصرانية تاريخاً وعقيدة .د/مصطفى شاهين . ص(227- 228) بتصرف .
(345) دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية .د/سعود خلف .ص(268)
(346) العقيدة النصرانية .حسن الباش .ج 2 .ص(177)
(347) يوحنا (16)
(1/84)
(348) محاضرات في النصرانية . الإمام محمد أبو زهرة .ص(111- 112) وانظر دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية .د/سعود الخلف .ص(268)
(349) هداية الحيارى .ابن قيم الجوزية .ص(141)
(350) العقيدة النصرانية بين القرآن والأناجيل .ج 2/ حسن الباش .ص(173)
(351) هداية الحيارى .ابن قيم الجوزية . ص(141)
(352) المرجع السابق ، نفس الصفحة.
(353) العقيدة النصرانية .ج2.حسن الباش .ص(178)
(354) دراسات في الأديان .د/سعود الخلف .ص(268)
(355) العقيدة النصرانية .حسن الباش .ج2.ص(178)
(356) النصرانية تاريخاً وعقيدة د/مصطفى شاهين .ص(234)
(357) العقيدة النصرانية .حسن الباش . ج2. ص(180)
(358) المرجع السابق، ج2.ص(182)
(359) النصرانية تاريخاً وعقيدة .د/مصطفى شاهين .ص(228)
(360) المرجع السابق، ص(228)
(361) النصرانية تاريخاً وعقيدة .د/مصطفى شاهين .ص(229)
(362) متّى(19/6)
(363) مقارنة بين الأناجيل الأربعة .د/محمد علي الخولي .ص(49)
(364) متّى (5/38)
(365) متّى (5/39)
(366) متّى (5/39)
(367) متّى (5/44)
(368) متّى /25
(369) متّى 6/34
(370) هداية الحيارى .ابن قيم الجوزية .ص(142- 143)(1/85)
الفصل السابع الحقيقة المنسية والمهجورة المبحث الأول : الكتاب المقدس عند النصارى " الإنجيل" المبحث الثاني: عقيدة النصارى في الله عز وجل المبحث الثالث :تفنيد عقيدة التثليث المبحث الرابع : عقيدة الصلب والفداء وتنفيذها المبحث الخامس :معالجة الإسلام لخطيئة آدم المبحث السادس : بولس الذي عمد إلى تغيير المسيحية المبحث السابع :عقيدة غفران الذنوب المبحث الثامن : عقيدة العشاء الرباني الكتاب المقدس عند النصارى " الإ نجيل" الصفحة الرئيسية الاتصال حول الموضوع طباعة هذه الصفحة
الفصل السابع الحقيقة المنسية والمهجورة
المبحث الثالث :تفنيد عقيدة التثليث
" إن التثليث النصراني يتأرجح بين التوحيد والشرك ، فهم يقولون إن الله واحد في ثلاثة ، أو ثلاثة في واحد ، وكأنهم لا يدرون أهو واحد أم ثلاثة ؟ كيف يكون الواحد في ثلاثة أو الثلاثة في واحد ؟ ؟"(163) ، وحول هذا المعنى يتفلسفون مضطربين في إجاباتهم، كثير منهم غير مقتنعين ؛ فإذا سألت أياً منهم هل تعبد إله واحد أم آلهة متعددة ؟ سيجيبك : بل أعبد إله واحد وأؤمن بإله واحد فقانون الإيمان المسيحي عندنا يقول نؤمن بإله واحد.
وإذا قلت له : من هو هذا الإله الواحد؟
سيجيبك : الله(الأب) + الله (الابن) + الله( الروح القدس)، فقل له : كيف ؟ هؤلاء ثلاثة آلهة وأنت قلت أنك تعبد إله واحد ؟ سيجيبك : هؤلاء ثلاثة ولكنهم واحد.
فقل له : معنى هذا أن 1+1+1 يعطي النتيجة (1) سيقول لك : هي هكذا.
فقل له : في أي قانون من قوانين علم الرياضيات هذه المعادلة ، " فلو أتينا بكل علماء الرياضيات ،وبعث (اينشتاين) مرة ثانية إلى الحياة ، وعقدنا له امتحاناً في حل هذه الطلاسم والألغاز لما حصل هذا العالم إلا على صفر في الامتحان"(164)،فكيف للعامة بفهم هذه المعادلة ؟ فإذا كانت هذه العقيدة لا يفهمها الفلاسفة فكيف بالبسطاء من الناس؟! فاستحلفك بالله لمن جاءت هذه العقيدة ، ولمَ جاءت؟!
(1/86)
سيجيبك قائلاً : هذه عقيدة جاءت لكل البشر ، ولكن فهمها يصعب عليهم لأنه سر من أسرار الكنيسة .
هذه هي الإجابة النهاية عند عدم القدرة على إقناع الآخرين أو حتى إقناع نفسه.
المطلب الأول :توضيح للثالوث المسيحي
هناك ثلاثة أقانيم (أشخاص) كل واحد منهم يتميز بمميزات ليست في الآخر ، ثم هم متساوون في بعض الأمور :
1) مختلفون في الأعمال والوظائف : فالله (الأب)يختص ببعض الأعمال : مثل الاختيار والدعوة والله (الابن)تنسب إليه أعمال محاسبة الناس والفداء، والله(الروح القدس) تنسب إليه أعمال التجديد والتقديس (165) ، وهم متساوون مع بعضهم البعض في :
· القدرة الإلهية ، فكل واحد منهم يملك القدرة الكاملة .
· أنهم جميعهم أزليون لا بداية لأحد منهم .
فهذا قاموس الكتاب المقدس يقول : هو إله واحد الأب والابن والروح القدس ، جوهر (ذات) واحد متساوون في القدرة والمجد.(166)
هذه هي عقيدة التثليث عند النصارى ، والتي تخالف الحس والعقل معاً، وبسبب ذلك جعلوها سراً غيبيا ًمن ضمن مجموعة أسرار غيبية (167) ، والحقيقة أن كثيرين من النصارى يخفون بداخلهم الريبة والشك من هذه العقيدة ذات الفلسفة العجيبة التي يرفضها العقل والمنطق ، ولكن النصارى يحاولون تقريب الثالوث بضرب الأمثلة التي نتج عنها تصورات مختلفة ومتناقضة أيضاً ومع ذلك لم يصلوا إلى إقناع أنفسهم فضلاً عن إقناع غيرهم.
بعض الأمثلة في تقريب الثالوث عند النصارى:
1) الثالوث كالروح والماء والدم:
يقول إنجيل يوحنا : " والروح هو الذي يشهد لأن الروح هو الحق فإن الذين يشهدون هم ثلاثة ( الروح والماء والدم ) والثلاثة متفقون" (168) ولكن هذا المقطع قد أزيل من الكتاب المقدس (169).
2) يقول (كانت) في القرن الثامن عشر : " الأب ، والابن، والروح القدس ، ثلاث صفات أساسية في اللاهوت ،وهي القدرة والحكمة والمحبة ، أو ثلاث فواعل هي : الخلق والحفظ و الضبط" (170).
(1/87)
3) والبعض يشبهها بالشجرة فإن لها أصل وهي الجذور والساق والورق.
4) "ومرة يشبهونها بالشمس المكونة من جرم وأنها تنير الأرض وتدفئها "(171)
5) وبعض الفلاسفة يقول إن الله سبحانه وتعالى يتكون من ثلاثة أقانيم (أي ثلاثة عناصر أو أجزاء) : الذات، والنطق ، والحياة ؛ فالله موجود بذاته ، ناطق بكلمته، وحي بروحه، وكل خاصية من هذه الخواص تعطيه وصفاً معيناً ، فإذا تجلى الله بصفته ذاتاً سمي الأب وإذا نطق فهو الابن ، وإذا ظهر كحياة فهو الروح القدس"(172)
ولكن القس (توفيق جيد ) يعترض على هذه الفلسفات قائلاً :
" إن تسمية الثالوث باسم الأب والابن والروح القدس تعتبر أعماقاً إلهية وأسراراً سماوية لا يجوز لنا أن نتفلسف في تفكيكها وتحليلها ، ونلصق بها أفكاراً من عنديّاتنا "، ويقول أيضاً في كتابه (سر الأزل ) : " إن الثالوث سر يصعب فهمه وإدراكه ، وإن من يحاول إدراك سر الثالوث تمام الإدراك كمن يحاول وضع مياه المحيط كلها في كفه! "(173)
ويرى كذلك فلاسفة المسيحية أن الإنسان خلق على صورة الله ، فكما أن الله مثلث الأقانيم كذلك فإن الإنسان مكون من ثلاثة عناصر ، فالإنسان بذاته كائن على صورة الله ومثاله، وناطق على صورة الله ومثاله، وحي على صورة الله ومثاله"(174) .
هكذا يتخبطون فيجعلون الأقانيم الثلاثة وهي أشخاص ثلاثة ، صفات فهم يحولون الأشخاص إلى صفات لجوهر واحد وهو الإله.
ونحن نقول : إن هذا الإله لا يتصف بصفات ثلاث بل يتصف بعشرات ، بل بمئات الصفات فهو الخالق الرازق القادر الحكيم العليم ..إلخ من أسمائه وصفاته ،ولتقريب الفهم أكثر نقول : إن جميع الناس يتصفون بصفات عديدة ، ولكن لم يقل أحد أن هذه الصفات هي ذوات متعددة ، فالرجل الواحد يوصف بأنه طويلاً ، أسمر ، كريم ، شجاع ، مثقف ،ذكي ..إلخ من الصفات المتعددة، ولكنها لذات واحدة لا لأشخاص متعددين وهذا ما يفهمه العقل ويقبله المنطق.
(1/88)
"والحقيقة إن فلسفة التثليث عضو غريب أ ُدخل إلى جسد المسيحية المريض ، فإذا به يزيد الجسد اعتلالاً ويبعث فيه بدل الانتظام والصحة ، فوضى واضطراب ، ليصبح علة وعالة عليه، يحمله الجسد العليل ، فينوء بحمله ، فلا هو ملفوظ منه ، ولا هو مقبول فيه"(175)
المطلب الثاني :النص الذي يعتمد عليه المسيحيون في التثليث وتنفيذه
اعلم أيها القارئ الكريم أن(الثالوث)لم يرد بهذا الاسم ولا مرة واحدة في كتب العهد القديم ولا العهد الجديد (176) . وأن النص الذي يعتمدون عليه في التثليث ما جاء في إنجيل متّى فقط دون غيره من الأناجيل ".... وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس "(177) والسؤال يوجه إلى المسيحيين ؛ هل في هذا دليل على الثالوث؟ وهل ذكر ثلاثة أشخاص متتالية تمثل شخص واحد ؟! الجواب : كلا لأن العطف يقتضي المغايرة ، أي عمدوهم باسم كل واحد من هذه الثلاثة المتغايرة ؛فالأب هو الله وهو أب لكل الأنبياء بل لعموم المؤمنين كما هو مصرح في الإنجيل ، والابن الذي يراد منه المسيح فقد أطلق ابن على إسرائيل وآدم وداود وسليمان وعلى كل صالح كما هو مصرح في الإنجيل أيضاً ، والروح القدس ، فهو ملك الوحي والذي تنزل على جميع الأنبياء وليس على المسيح فقط"(178) ، هذا من ناحية ثم من ناحية أخرى فإن العلماء يشكون في هذا النص الذي في خاتمة إنجيل متّى فهذه الخاتمة مشكوك فيها ويعتبرونها دخيلة ؛ ويرجع هذا الشك كما يقول (أدولف هرنك)- وهو من أكبر علماء التاريخ الكنسي- يقول : إن صبغة التثليث هذه غريب ذكرها على لسان المسيح ولم يكن لها نفوذ على عصر الرسل وهو الشيء الذي كانت تبقى جديرة به لو أنها صدرت عن المسيح شخصياً"(179)
ثم إن متّى وحده قد تفرد بذكر هذه الحقيقة دون سائر كتبة الأناجيل الأخرى ؛ فكيف يتفرد متّى بهذه العقيدة التي لا تُقبل مسيحية أي نصراني إلا بهذه العقيدة؟!
(1/89)
" لماذا لم ينقل إلينا كل من مرقس ولوقا ويوحنا هذا القول عن المسيح إن كان صدر منه حقاً ؟! وهم الذين ذكروا من الأمور ما هو أتفه وأقل قيمة ً وقدراً من هذا الركن الأساسي في الإيمان ؟ أتراهم لم يسمعوا بهذا القول عن المسيح ، من أجل ذلك لم يذكروه أو يدونوه في أناجيلهم التي ألفوها ؟!!! أم أنهم خانوا أمانة النقل ؟! أم أن المسيح u لم يقل بهذا القول ، و الذي ذكره متّى كان غرض من أغراضه ، فنسبها إلى المسيح u حتى تسود وتأخذ طابع القدسية ؟؟!!"(180)
المطلب الثالث :أصل فكرة الثالوث في المسيحية
إن الفكرة أو بالأصح عقيدة الثالوث لم تدخل إلى المسيحية إلا في القرن الرابع الميلادي حيث تشكلت هذه النظرية بواسطة (أثاناسيوس) وهو راهب مصري من الإسكندرية وقد تمت الموافقة عليها في المجامع المسكونية الأول والثاني ، وتشهد دائرة المعارف الفرنسية بأقوال قدماء المؤرخين على ذلك فيقول (جوستن مارستر)مؤرخ لاتيني في القرن الثاني : " إنه كان في زمنه في الكنيسة مؤمنون يعتقدون أن عيسى هو المسيح ويعتبرونه إنساناً بحتاً وإن كان أرقى من غيره من الناس، وحدث بعد ذلك أنه كلما نما عدد من تنصر من الوثنيين ؛ ظهرت عقائد جديدة لم تكن من قبل"(181)،فقد كان المسيحيون الأوائل موحدين ، وكانت تلك هي تعاليم المسيح وتلاميذه ، ولكن بولس الذي أدخل إلى النصرانية معظم العقائد الباطلة ؛ نادى أولاً بألوهية المسيح ، وعارض تلاميذ المسيح ومضى في ترويج أفكاره لأطماع توسعية أرادها ، وسنتحدث عن هذا بالتفصيل عند حديثنا عن بولس مؤسس المسيحية اليوم.
(1/90)
"وبنظرة تاريخية سريعة على القرون الأولى للمسيحية ترينا أن النصرانية كانت بين شقي الرحى ، بين اضطهاد اليهود ، واضطهاد الوثنية الرومانية ، وفي سنة 325م كانت القسطنطينية قاعدة الدولة الرومانية الشرقية ، ولما كان أغلب رعايا الإمبراطور قسطنطين من المسيحيين ، وكان أغلب الوثنيين في حوزة روما في الغرب ، فلكي يقوّي مركزه قرب المسيحيين إليه ، ولكن لما كانوا هم أنفسهم مختلفين حول المسيح فقد دعاهم إلى عقد مجمع لحسم هذه الخلافات العقائدية التي كان لها أثرها على إشاعة عدم الاستقرار في إمبراطوريته لذلك عقد مجمع نيقيّة سنة 325 وقد حضره(2048) أسقفاً من جميع أنحاء العالم وذلك لتحديد من هو المسيح ، فتناظر المجتمعون وقرر(1731) من الأساقفة المجتمعين وعلى رأسهم (آريوس) أن المسيح u إنسان ، ولكن (أثناسيوس)الذي كان شماساً بكنيسة الإسكندرية انتهز هذه الفرصة فأراد أن يتقرب إلى قسطنطين الوثني فأعلن أن المسيح هو الإلة المتجسد ، وتبعه في ذلك الرأي (317)عضواً ومال قسطنطين الذي كان ما يزال على وثنيته إلى رأي (أثناسيوس) لما فيه من عقيدة وثنية تؤمن بتجسيد الآلهة ونزولها من السماء ، فأقر مقالة (أثناسيوس) وطرد الأساقفة الموحدين وعلى رأسهم (آريوس) ، وأخطر من هذا أنه قضى بحبس الكتاب المقدس فلا يسمح بتداوله بين الناس ، وان يقتصر تعليم الدين على ما يقوم القساوسة بتلقينه للناس "(182)، وبهذا "سيكون من قبيل الجهد الضائع محاولة العثور على حكمة واحدة أو وحي أو أية رسالة مرفوعة إلى يسوع المسيح بلغته الخاصة ، ويجب أن يتحمل مجمع نيقيه إلى الأبد مسئولية جريمة ضياع الإنجيل المقدس بلغته الآرمية الأصلية ، وهي خسارة لا تعوض"(183) وقد خرجت من مجمع نيقية قرارات اعتبرت مع قرارات مجمع آخر عقد عام 381م هو مجمع القسطنطينية " والذي حضره (150)أسقفاً وقد كان حصيلة هذا المجمع الصغير أن الروح القدس هو إله من جوهر الله "(184)، وبهذين(1/91)
المجمعين اكتملت عقيدة التثليث عند النصارى؛ فالتثليث المسيحي لم يكن معروفاً إلى سنة 325م حيث عقد مؤتمر نيقية ، ولم يعترف المؤتمر إلا بالأب والابن ،ثم أدخلوا الروح القدس عام 381 م في مجمع القسطنطينية كما رأينا ،" وقد جاء التثليث بالتصويت في المجامع -تصويت مصحوب بالتهديد والوعيد- تصويت على حل وسط ، أراد الإمبراطور الروماني إلهاً يعجبه هو شخصياً ، إلهاً ليس واحد حتى لا يغضب الوثنيون الذين يؤمنون بتعدد الآلهة ، وإلهاً واحداً حتى لا يغضب الموحدين ! ؛ فكان اختراع التثليث ، واحد في ثلاثة أو ثلاثة في واحد ؛ فهو واحد إن شئت أو هو ثلاثة إن شئت ، وهكذا فإن التثليث ليس قول عيسى ولا وحياً من الله، بل هو اختراع إمبراطوري ، صدر على شكل مرسوم أجبر الناس على تكراره دون فهم أو تصديق ، آمن به، آمن به فقط و لا تسأل "(185).
وهكذا تشكلت عقيدة التثليث ،ووضع قانون الإيمان المسيحي.
قانون الإيمان المسيحي :
ينص قانون الإيمان المسيحي على التالي : " نؤمن بإله واحد،وأب ضابط الكل،خالق السماوات والأرض ، كل ما يرى ولا يرى ، وبرب واحد ، يسوع المسيح ابن الله الوحيد ، المولود من الأب قبل كل الدهور ، نور من نور إله ، حق من إله حق ، مولود غير مخلوق ، مساوٍ للأب في الجوهر الذي به كان كل شيء ، الذي من أصلنا نحن البشر ، ومن أجل خلاص نفوسنا نزل من السماء ، وتجسد من الروح القدس ، ومن مريم العذراء ، وتأنّس (صار إنساناً) وصلب في عهد (بيلاطس) النبطي ، وتألم ، وقبر ، وقام من بين الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب ، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الأب ، وأيضاً أتى في مجده ليدين الأحياء والأموات ، الذي ليس لملكه انقضاء"(186)، " إن أفكار هذا القانون لم تسد لمنطقيتها أو لأن الناس قد تقبلوها ولكنها سادت بسلطة الدولة ، وبقوة الإمبراطور الذي أعجب بهذه الأفكار لاقترابها من أفكار الوثنية "(187).
(1/92)
ولكي يتم التأكد من أن أصل عقيدة التثليث عند المسيحيين منقولة برمتها من عقيدة الوثنيين التي كانت سائدة في ذلك العصر منها على سبيل المثال عقيدة الهنود القدماء في الشمس ، يقول (مافير)في كتابه المطبوع عام 1895م والذي ترجمه إلى العربية (نخلة شفوات)عام 1913م؛ يقول فيه : " لقد ذكر في الكتب الهندية القديمة التي ترجمت إلى الإنكليزية شارحة عقيدة الهنود القدماء ما نصه: " نؤمن بسافستري( أي الشمس )إله واحد ضابط الكل ، خالق السماوات والأرض ، وبابنه الوحيد آتي (أي النار) نور من نور ، مولود غير مخلوق ، تجسد من فايو (أي الروح) في بطن مايا (أي العذراء).
ونؤمن( بفايو )الروح الحي ، المنبثق من الأب والابن الذي هو مع الأب والابن يسجد له ويمجد "(188).
وهكذا نجد أن الثالوث الهندي القديم هو:
1) سافستري : الشمس ( أي الأب السماوي).
2) آتي : أي الابن وهو النار المنبثقة من الشمس .
3) فايو : نفخة الهواء (أي الروح)(189) .
تطابق عقيدة الثالوث المسيحي مع معظم الوثنيات القديمة :
"إن المتتبع لعقائد المسيحية يجدها مطابقة لمعظم الديانات الوثنية القديمة، ولا يكاد يوجد فرق بين هذه الديانات وبين المسيحية سوى فروق شكلية بسيطة في الاسم والصورة"(190).
فهناك ثالوث عند قدماء المصريين أشهرها "أوزيريس" وهو الإله الآب و"إيزيس"وهي الإله الأم و"حورس"وهو الإله الابن، وقد عبد هذا الثالوث في لا هوت عين شمس.
وهناك الثالوث البرهمي في الهند، وأشهر وأعظم عبادتهم اللاهوتية هي التثليث، وهذا الثالوث هو (برهمة – فشنو -سيفا) ثلاثة أقانيم في واحد:
فالرب :برهمة
والمخلص :فشنو
والمهلك :سيفا
(1/93)
وهناك ثالوث بوذي،انتشر في الهند والصين واليابان ويسمى مجموعهم الإله "فو"، وأيضاً الثالوث الروماني ويتكون هذا الإله من "الله- الكلمة- الروح"(191).إذن فليست عقيدة التثليث في المسيحية إلا فكر وثني عاش في خلد الوثنيات القديمة ، وبالمقارنة بين الثالوث المسيحي والثالوث الفارسي يتضح لنا مدى التشابه الكبير بينهما :
الديانة الميثراسية
الديانة المسيحية
1. ميثراس وسيط بين الله والناس.
2. مولده في كهف.
3. مولده في يوم 25ديسمبر.
4. كان له اثنا عشر حوارياً.
5. مات ليخلص العالم .
6. دفن ولكنه عاد للحياة.
7. صعد إلى السماء أمام تلاميذه.
1. المسيح وسيط بين الله والناس.(192)
2. ولد في مذود البقر.(193)
3. يحتفل الغربيون بمولد المسيح في يوم 25ديسمبر.
4. كان له اثنا عشر حوارياً.(194)
5. مات ليخلص العالم.(195)
6. دفن وقام في اليوم الثالث.(196)
7. صعد إلى السماء أمام تلاميذه.(197)
الديانة الميثراسية
الديانة المسيحية
8. كان يدعى مخلصاً ومنقذاً .
9. ومن أوصافه أنه حمل الله الوديع .
10. رسم العشاء الرباني.
11. رسم المعمودية.
12. تقديس يوم الأحد.
8. خلع عليه بولس لقب المخلص والمنقذ.(198)
9. وصفه يوحنا المعمدان بحمل الله الوديع.(199)
10. رسم بولس العشاء الرباني.(200)
11. رسم المعمودية، بدأت بداية صحيحة:"وأمر بطرس أن يعتمدوا باسم الرب".(201)وانتهت بالتثليث""وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس.(202)
12. تقديس يوم الأحد.(203)
(1/94)
يقول (روبرتسون)إن ديانة ميثراس لم تنته في روما إلا بعد أن انتقلت عناصرها الأساسية إلى المسيحية على هذا النحو"(204)وليس التشابه فقط مع الديانة الميثراسية بل تتشابه مع عدد من الديانات الوثنية القديمة التي كانت سائدة في ذلك الزمن ومازال البعض قائماً حتى اليوم، وحتى يتضح لك أيها القارئ الكريم قوة الاقتباس- الذي يكاد يكون حرفياً- في الديانة المسيحية لما أخذته من الديانات الوثنية القديمة نقوم بنقل بعض المقارنات بينهما .
أقوال الهنود الوثنيين في كرشنا ابن الله (205)
أقوال النصارى المسيحيين في يسوع المسيح ابن الله
-كرشنا هو :"المخلص والفادي، والمعزي الراعي الصالح، والوسيط،وابن الله والأقنوم الثاني من الثالوث المقدس ،
وهو الآب والابن وروح القدس.
1. ولد كرشنا من العذراء ديفاكي…
2. عرف الناس ولادة كرشنا من نجمه الذي ظهر في السماء.
3. كان كرشنا من سلالة ملوكانيَّة، ولكنَّه ولد في غار بحال الذل والفقر.
4. لما ولد كرشنا أُضيء الغار بنور عظيم.
5. وآمن الناس بكرشنا واعترفوا بلاهوته وقدموا له هدايا من صندل وطيب.
6. ولد كرشنا بحال الذل والفقر مع أنه من عائلة ملوكانية.
7. وسمع حاكم البلاد بولادة كرشنا الطفل الإلهي، وطلب قتل الولد، وكي يتوصل إلى أمنيته أمر بقتل كافة الأولاد الذكور الذين ولدوا في الليلة التي ولد فيها كرشنا.
8. كانت ولادة القديس راما قبل ظهور كرشنا في الناسوت بزمن قليل وقد سعى قانسا ملك البلاد في إهلاك راما ، وإهلاك كرشنا أيضاً.
9. وفي أحد الأيام لسعت الحية بعض أصحاب كرشنا الذين يلعب معهم فماتوا فأشفق عليهم لموتهم الباكر، ونظر إليهم بعين ألوهّيته فقاموا سريعاً من الموت وعادوا أحياء
10. وأوّل الآيات والعجائب التي عملها كرشنا شفاء الأبرص.
11. كرشنا صلب ومات على الصليب.
12. لما مات كرشنا حدثت مصائب وعلامات شر عظيم… وأظلمت الشمس…
(1/95)
13. وقال كرشنا للصياد الذي رماه بالنبلة وهو مصلوب: اذهب أيها الصياد محفوظاً برحمتي إلى السماء مسكن الآلهة.
14. ومات كرشنا ثم قام من بين الأموات .
15. ونزل كرشنا إلى الجحيم.
16. وصعد كرشنا بجسده إلى السماء وكثيرون شاهدوه صاعداً.
17. ولسوف يأتي كرشنا إلى الأرض في اليوم الأخير ويكون ظهوره كفارس مدجج بالسلاح، وراكب على جواد أشهب وعند مجيئه تظلم الشمس والقمر وتزلزل الأرض، وتهتز وتتساقط النجوم من السماء.
18. كرشنا هو براهما العظيم القدوس وظهوره بالناسوت سر من أسراره العجيبة الإلهية.
وقال كرشنا:"أنا النور الكائن في الشمس والقمر ، وأنا النور في اللهب وأنا نور كل ما يضيء ونور الأنوار ليس في ظلمه".
يسوع المسيح هو :"المخلص ، والفادي ، والمعزي ، والراعي الصالح، والوسيط، وابن الله ، والأقنوم الثاني
من الثالوث المقدس،وهو الآب والابن وروح
القدس.
1. ولد يسوع من العذراء مريم.
2. لما ولد المسيح ظهر نجمه في المشرق وبواسطة ظهور نجمه عرف النّاس محل ولادته.
3. كان يسوع المسيح من سلالة ملوكانُّيه ولكنَّه ولد في حالة الذل والفقر بغار.
4. لما ولد يسوع المسيح أُضيء الغار بنور عظيم، أعيا بلمعانه عيني القابلة وعينيّ خطيب أمه يوسف النجار.
5. وآمن الناس بيسوع المسيح وقالوا بلاهوته وأعطوه هدايا من طيب ومر.
6. ولد يسوع المسيح بحالة الذل والفقر مع أنه من عائلة ملوكانيه.
7. وسمع حاكم البلاد بولادة يسوع الطفل الإلهي، وطلب قتله، وكي يتوصل إلى أمنيته أمر بقتل الأولاد الذكور الذين ولدوا في الليلة التي ولد فيها يسوع المسيح.
8. وكانت ولادة يوحنا المعمدان قبل ولادة يسوع المسيح بزمن قليل، وقد سعى الملك في إهلاك الطفل يسوع المسيح، وكان يوحنا مبشراً بولادة يسوع المسيح .
9. وبينما كان يسوع يلعب لسعت الحية أحد الصبيان الذين كان يلعب معهم فلمس يسوع ذلك الصبي بيده فعاد إلى حال صحته.
(1/96)
10. وأول الآيات والعجائب التي عملها يسوع المسيح هي شفاء الأبرص.
11. يسوع صلب ومات على الصليب.
12. لما مات يسوع حدثت مصائب جمة متنوعة… وأظلمت الشمس…
13. وقال يسوع لأحد اللصين الذين صُلبا معه:"الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس".
14. ومات يسوع ثم قام من بين الأموات .
15. ونزل يسوع إلى الجحيم.
16. وصعد يسوع بجسده إلى السماء وكثيرون شاهدوه صاعداً.
17. ولسوف يأتي يسوع إلى الأرض في اليوم الأخير كفارس مدجج بالسلاح، وراكب جواداً أشهب، وعند مجيئه تظلم الشمس والقمر أيضاً، وتزلزل الأرض، وتهتز وتتساقط النجوم من السماء.
18. يسوع هو يهوه العظيم القدوس وظهوره في الناسوت سر من أسراره العظيمة الإلهية.
ثم كلمهم يسوع قائلاً:" أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة".
أقوال الهنود الوثنيين في بوذا ابن الله (206)
أقوال النصارى المسيحيين في يسوع المسيح ابن الله.
1. ولد بوذا من العذراء مايا بغير مضاجعة رجل.
2. كان تجسد بوذا بواسطة حلول روح القدس على العذراء مايا.
3. لما نزل بوذا من مقعد الأرواح،ودخل في جسد العذراء مايا،صار رحمها كالبلور الشفاف النقي، وظهر بوذا فيه كزهرة جميلة.
4. ولد بوذا ابن العذراء مايا التي حل فيها الروح القدس يوم عيد الميلاد"أي في 25 كانون الأول".
5. وعرف الحكماء بوذا وأدركوا أسرار لا هوته ولم يمض يوم على ولادته حتى حياه الناس ودعوه إله الآلهة.
6. كان بوذا ولداً مخيفاً،وقد سعى الملك بمبسارا وراء قتله لما أخبروه أن هذا الغلام سينزع الملك من يده إن بقي حيّا.
7. لما صار عمر بوذا اثنتي عشرة سنة دخل أحد الهياكل،وصار يسأل أهل العلم مسائل عويصة،ثم يوضحها لهم حتى فاق مناظريه كافة.
8. ودخل بوذا مرة أحد الهياكل، فقامت الأصنام من أماكنها وتمددت عند رجليه سجوداً له.
9. لما عزم بوذا على السياحة،قصد التعبد والتنسك،وظهر عليه(مارا)أي الشيطان كي يجربه.
(1/97)
10. فلم يعبأ بوذا بكلام الشيطان، بل قال له:"أذهب عني".
11. وصام بوذا وقتاً طويلاً.
12. وقد عُمد بوذا المخلص وحين عمادته بالماء كانت روح الله حاضره، وهو لم يكن الإله العظيم فقط، بل وروح القدس الذي فيه صار تجسد كوتا حالما حل على العذراء.
13. وعمل بوذا عجائب وآيات مدهشه لخير الناس،وكافة القصص المختصة فيه حاوية لذكر أعظم العجائب مما يمكن تصوره.
14. لما مات بوذا ودفن أنحلت الأكفان، فتح غطاء التابوت بقوة غير طبيعية(أي بقوة إلهية).
15. وصعد بوذا إلى السماء بجسده لما أكمل عمله على الأرض .
16. ولسوف يأتي بوذا مرة ثانية إلى الأرض ويعيد السلام والبركة فيهاً.
17. بوذا الألف والياء ليس له ابتداء ولا انتهاء وهو الكائن العظيم و الواحد الأزلي.
18. قال بوذا :"فلتكن الذنوب التي ارتكبت في هذه الدنيا علىِّ لأخلص العالم من الخطيئة.
19. قال بوذا إنه لم يأت لينقض الناموس كلا،بل أتى ليكمله وقد سره عد نفسه حلقه في سلسلة المعلمين الحكماء.
20. وكان قصد بوذا تشييد مملكة دينية أي مملكة سماوية.
21. وقال بوذا :"الرجل العاقل الحكيم لا يتزوج قط، ويرى الحماة الزوجية كأتون ناره متأججة ومن لم يقدر على العيشة الرهبانية يجب عليه الابتعاد عن الزنى.
22. كان بوذا يعلم أفكار الناس عندما يدير تصوراته نحوهم، ويقدر على معرفة أفكار المخلوقات كلها.
*ومن جملة الألقاب والأسماء التي يدعون بها بوذا "أسد سبط ساقنا-وحكيم ساقيا-والواحد السعيد-والمعلم،والغالب، والواحد المبارك-ورب العالمين –والحاضر-وإله الجميع-والعظيم-والأبدي-ومزيل الآلام والألقاب-وحافظ العالم-والإله بين الآلهة-والمسيح-والمولود الوحيد-وطريق الحياة…الخ.
1. ولد يسوع المسيح من العذراء مريم بغير مضاجع رجل.
2. كان تجسد يسوع المسيح بواسطة حلول روح القدس على العذراء مريم.
(1/98)
3. لما نزل يسوع من مقعد السماوي، ودخل في جسد مريم العذراء صار رحمها كالبور الشفاف النقي،وظهر فيه يسوع كزهرة جميله.
4. ولد يسوع ابن العذراء مريم التي حل فيها الروح القدس يوم عيد الميلاد"أي في 25كانون الأول".
5. وقد زار الحكماء يسوع وأدركوا أسرار لا هوته، ولم يمض يوم على ولادته حتى دعوه إله الآلهة.
6. كان يسوع ولداً مخيفاً، سعى الملك هيرودوس وراء قتله،كي لا ينزع الملك من يده.
7. لما صار عمر يسوع اثنتي عشرة سنة جاؤوا به إلى "الهيكل"أورشِليم،وصار يسأل الأحبار والعلماء مسائل مهمة، ثم يوضحها لهم وأدهش الجميع.
8. وكان يسوع مارّاً قرب حاملي الأعلام فأحنت الأعلام رؤوسها سجوداً له.
9. لما شرع يسوع في التبشير،ظهر له الشيطان كي يجربه.
10. فأجابه يسوع،وقال:"اذهب يا شيطان"
11. وصام يسوع وقتاً طويلاً.
12. ويوحنا عند يسوع بنهر الأردن، وكانت روح الله حاضرة،وهو لم يكن الإله العظيم فقط،بل و الروح القدس الذي فيه تم تجسده ، عندما حل على العذراء مريم، فهو الآب والابن والروح القدس.
13. وعمل يسوع عجائب وآيات مدهشة لخير الناس وكافة القصص المختصة فيه حاوية لذكر أعظم العجائب مما يمكن تصوره.
14. لما مات يسوع ودفن أنحلت الأكفان، وفتح القبر بقوة غير اعتيادية،أي بقوة إلهية.
15. وصعد يسوع بجسده إلى السماء من بعد صلبه لما كمل عمله على الأرض.
16. ولسوف يأتي يسوع مرة ثانية إلى الأرض ويعيد السلام والبركة فيها.
17. يسوع الألف والياء، ليس له ابتداء ولا انتهاء، وهو الكائن العظيم، والواحد الأبدي.
18. يسوع هو مخلص العالم،وكافة الذنوب التي ارتكبت في العالم تقع عليه عوضاً عن الذين اقترفوها ويخلص العالم.
19. وقال يسوع :"لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ، ما جئت لا نقض بل لأكمل.
20. ومن ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرر ويقول توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات".
(1/99)
21. "فحسن للرجل أن لا يمس امرأة ولكن إن لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا لأن التزوج أسلم من التحرق.
22. كان يسوع يعلم أفكار الناس عندما يدير تصوراته نحوهم وأنه قادر على معرفة أفكار المخلوقات كلها.
*ويدعون يسوع المسيح u بمثل الأسماء والألقاب التي دعي بها بوذا، ومنها أسد سبط يهوذا- المخلص-المولود البكر-إلهاً مباركاً، قدوس الله، إلها مباركاً إلى الأبد-ملك الملوك-حمل الله-رب المجد-رب الأرباب-الفادي-المخلص-الوسيط-الكلمة-ابن الله –المولود البكر-حامل الآثام…الخ.
المطلب الرابع :إبطال عقيدة التثليث بأقوال المسيح u
1. يقول عيسى u في إنجيل يوحنا :"وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته"(207).فالله سبحانه وحده هو الإله الحقيقي وكل آلهة غيرة باطلة ، أما يسوع فهو رسول من عند الله عز وجل.
2. وعندما سأله أحد الكتبة عن أعظم الوصايا:"…فأجابه يسوع إن أول كل الوصايا اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد…"(208).فهذه هي أعظم وأول كل الوصايا التي جاء بها عيسى من عند الله ،لأنها هي وصية جميع الأنبياء u.
3. وفي إنجيل متىّ:" وإذا واحد تقدم وقال له أيها المعلم الصالح أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية ، فقال له لماذا تدعوني صالحاً، ليس أحد صالحاً إلا واحد هو الله "(209).فالمسيح u يرفض أن ينادى بالصالح، وذلك تواضعاً منه u كأن تقول لأحدهم أيهما الرجل العظيم فيقول لك لست عظيم العظيم هو الله ، فنجد عيسى عليه السلام نفى عن نفسه الصلاح وهو نبي فكيف تقولون إنه زعم بأنه إله . هذا أمر لا يستقيم.
المطلب الخامس: إبطال عقيدة التثليث بالدليل العقلي
(1/100)
1. لقد قال عيسى u أنه ليس إله،ونفي الألوهية عن نفسه يترتب عليه، بطلان الثالوث لأن أحد أركان الثالوث هو عيسى u وعيسى يقول إنه إنسان وليس إله فكيف يكون ركن من أركان الثالوث الإلهي ثم " ماذا حدث للثالوث عند موت عيسى u لمدة ثلاثة أيام كما يذكر الإنجيل"متىّ(17/22)؟! لقد مات أحد أركان الثالوث، فهل صار الثالوث ثلثي إله في تلك المدة أم صار الثالوث ثنائياً ؟!"(210).
2. ينقل لنا الشيخ "رحمة الله الهندي"في معرض حديثه عن إبطال التثليث بالأدلة العقلية:"أنه تنصر ثلاثة أشخاص وعلمهم أحد القسيسين العقائد الضرورية ، سيّما عقيدة التثليث، فقال إنك علمتني أن الآلهة ثلاثة أحدهم: الذي هو في السماء، والثاني تولد من بطن مريم العذراء، والثالث الذي نزل في صورة الحمام على الإله الثاني بعدما صار ابن ثلاثين سنة ، فغضب القسيس وطرده وقال:" هذا مجهول" ثم طلب الأخر منهم وسأله، فقال" إنك علمتني أن الآلهة كانوا ثلاثة وصلب واحد منهم ، فالباقي إلهان، فغضب عليه القسيس أيضاً وطرده ثم طلب الثالث وكان ذكياً بالنسبة إلى الأولين، وحريصاً في حفظ العقائد ، فسأله فقال "يا مولاي حفظت ما علمتني حفظاً جيداً، وفهمت فهماً كاملاً بفضل الرب المسيح"أن الواحد ثلاثة والثلاثة واحد،وصلب واحد منهم ومات فمات الكل لأجل الاتحاد، ولا إله الآن ،وإلا يلزم نفي الإتحاد"(211).
نعم إن اتحاد ثلاثة أقانيم مختلفة الأشخاص أمر غير منطقي ولا يستطيع العقل فهمه أو إدراكه، "فكيف يمكن إتحاد ملاك هو جبريل مع إنسان هو عيسى مع إله هو الله ليكونوا الثالوث النصراني، إن اتحاد ثلاثة مختلفي الذوات و الماهيات أمر مستحيل لا يقبله عقل ولا نقل"(212).فهذه العقيدة توجب على المسيحي أن يكتم أنفاس عقله، ويلجم بصيرته ويلغي كل حق للمنطق عليه.
وننوه هنا إلى أن المسيحيين مختلفون في طبيعة عيسى u وفي الروح القدس،فيقولون عن عيسى u أنه :
1. ذو طبيعة واحده لأنه إله.
(1/101)
2. ذو طبيعة إلهية + طبيعة إنسية؛ لأنه ابن الله وابن الإنسان معاً؟!، فقد جاء من مريم، و مريم من البشر.
ويقولون عن الروح القدس:
1. أنه منبثق من الله فقط "وتأخذ بهذا الكنيسة الأرثوذكسية والذي كان هذا سبباً في انفصالها عن الكنيسة الكاثوليكية.
2. أنه منبثق من الله وابن الله ، وتأخذ به الكنيسة البروتستانتية، والكاثوليكية.
جميع الأنبياء لم يأتوا بعقيدة التثليث :
إن جميع الأنبياء عليهم السلام قبل عيسى وبعده لم يأت أحدٌ منهم بمثل هذه العقيدة، وإنما جميعهم جاءوا بعقيدة واحدة في الله سبحانه وتعالى، وهو أن الله إله واحد لا شريك له، فلم يقل أحد بغير ذلك ، ولم يذكر أحد شيئاً عن التثليث، فكيف يخفي الله سبحانه وتعالى هذه الحقيقة العظمى عن أنبيائه ويرسلهم بعقيدة مخالفة لها لماذا يكذب الله –تعالى عن ذلك –على الأنبياء جميعهم ويقول لهم أنه إله واحد؟! لماذا لم يخبرهم بأنه ثلاثة في واحد؟! لماذا لم يوضح لهم خصوصاً وأن الثالوث جميعهم أزليون كانوا قبل إرسال الأنبياء ؟!، فالله "الآب"أزلي، والله "الابن"أزلي والله"الروح القدس" أزلي أيضاً. لماذا عيسى u وحده الذي جاء بهذه العقيدة؟!كيف يخالف عيسى u جميع الأنبياء وهو الذي قال:"ما جئت لأنقض الناموس والأنبياء قبلي بل جئت لأكمل"(213)؛كيف يقول هذا ثم يأتي لينقض أصل العقائد وأساسها التي جاء بها جميع الرسل والأنبياء والتي كانت محور دعوتهم جميعا دعوة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فإما أن يكون عيسى قد قال هذا الكلام وهو ليس صادقاً فيه-ومعاذ الله أن يكون نبي الله غير صادق-وإما أن تكون هذه العقيدة دخيلة على العقيدة السماوية الأصلية التي جاء بها عيسى u، فنحن نوجه دعوة إلى جميع المسيحيين بأن يقفوا وقفة قصيرة للتفكير في عقيدة التثليث، لأنه لا بد لكل إنسان أن يفهم عقيدته حتى يستطيع عبادة الله على بصيرة.
(1/102)
"فإذا كانت عقيدة التثليث هي أساس الإيمان بالله تعالى في المسيحية وإذا كان المسيح قال حقاً عمدوا باسم الآب والابن والروح القدس، ويريد بذلك ما تعتقده الكنيسة أن الله واحد في ثلاثة أشخاص الإله الآب ، الإله الابن ، الإله الروح القدس !! فلماذا تفرد متىّ فقط بتلك الحقيقة التي هي أساس الإيمان منذ البدء دون سائر كتبة الإنجيل الأخرى"(214)، وقد كتبوا من الأمور ما هو أقل شأناً وأقل قيمة من عقيدة الثالوث؟!
ألم يسمعوا بهذا القول عن المسيح؟!
أم أنهم خانوا المسيح u ولم يبلغوا !!
أم أن المسيح لم يقل هذا ؟
المطلب السادس :حركات توحيدية مسيحية حديثة
تطورت حركات مسيحية توحيدية نبذت عقيد الثالوث ورفضت تأليه المسيح وأعلنت أن الله واحد أحد، وأصرت على وجوب استخدام العقل والمنطق السليم في الدين،وقد كان ذلك بمثابة عودة إلى فكر النصارى الأوائل ومن خلفهم والذين كانوا قد زالوا من الوجود بنتيجة قمع الكنيسة المسيحية لهم . ففي أمريكا على سبيل المثال تطورت الحركة التوحيدية التي رأى زعماؤها أنه يجب الاعتدال وأتباع الفكر السليم، إذ تؤكد على وحدة الخالق،وأنه يمكن قبول الكتاب المقدس، شريطة تفسيره بصورة منطقية، وفي العام 1825م أسسوا ما أسموه الجمعية التوحيدية الأمريكية، ومع نهاية القرن التاسع عشر تبنت الجمعية سياسة التسامح والاعتراف بأنه ثمة حقيقة في الأديان غير المسيحية، ثم في العام 1961م اتحدت مع الكنيسة الأمريكية العالمية، وأصبح اسمها الجمعية العالمية التوحيدية،وهي ترفض العقائد المتوارثة عن طريق الكنائس، وتؤكد على وحدانية الخالق، وإنسانية المسيح، ومسؤولية الناس عن أعمالهم، وإمكانية تحقيق النجاة ليس بالضرورة فقط عن طريق الدين المسيحي، بل بأديان أخرى أيضاً"(215).
~
--------------------------------------------------------------------------------
(1/103)
(163) حقيقة عيسى المسيح.د/ محمد علي الخولي.ص(24)(164) حوار صريح بين عبد الله وعبد المسيح .د/ عبد الودود شلبي ص(62)(165) دراسات في اليهودية والنصرانية .د/سعود الخلف . ص(194)(166) المرجع السابق ض(194)(167) أسرار الكنيسة سبعة وهي : سر المعمودية – سر الميرون أو المسح بالزيت- سر القربان – سر التوبة – سر مسحة المرضى- سر الزواج –سر الكهنوت.، غير أن البروتستانت ينكرون معظم هذه الأسرار ولا يعترفون بغير سر المعمودية (التعميد) وسر القربان : أي العشاء الرباني .( حوار صريح بين عبد الله وعبد المسيح .د/عبد الودود شلبي .ص (43)(168) يوحنا (5/7 - 8)(169) الحوار الإسلامي النصراني .د/حسن باعقيل.ص(21)(170) الإسلام والمسيحية في الميزان . شريف محمد هاشم.ص(247)(171) دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية .د/سعود الخلف .ص(195)(172) الله واحد أم ثالوث . محمد وجدي مرجان .ص(10) نقلاً عن النصرانية من التوحيد إلى التثليث .د/محمد أحمد الحاج ص(210)(173) دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية .د/سعود الخلف. ص(196)(174) النصرانية من التوحيد إلى التثليث .د/محمد أحمد الحاج. ص(211)(175) الإسلام والمسيحية في الميزان .شريف محمد هاشم .ص(245)(176) دراسات في الأديان . اليهودية والنصرانية.د/سعود الخلف .ص(197)(177) متّى (28/19)(178) النصرانية من التوحيد إلى التثليث .د/محمد أحمد الحاج .ص(224)(179) أدولف هرنك : ج 1- ص(79).نقلاً عن مناظرة بين الإسلام والنصرانية.ص(41)(180) ألوهية المسيح .محمد حسن عبد الرحمن .ص(101- 102). باختصار(181) انظر دائرة معارف القرن العشرين ،محمد فريد وجدي .(10/202).نقلاً عن النصرانية من التوحيد إلى التثليث .د/محمد أحمد الحاج .ص(225)(182) انظر مناظرة بين الإسلام والنصرانية . ص(243 - 244)، وانظر الإسلام والمسيحية في الميزان . شريف محمد هاشم . ص(222- 225)(183) محمد في الكتاب المقدس .ص(150). نقلاً عن(1/104)
الإسلام والمسيحية في الميزان .شريف هاشم ص(260)(184) مناظرة بين الإسلام والنصرانية .ص(249)(185) حقيقة عيسى المسيح .د/محمد علي الخولي .ص(28)(186) الإسلام والمسيحية في الميزان . شريف محمد هاشم. ص(257- 258)(187) النصرانية من التوحيد إلى التثليث .د/محمد أحمد الحاج .ص(195)(188) انظر التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام . ص(101). نقلاً عن الإسلام والمسيحية في الميزان . شريف هاشم .ص(259)(189) المرجع السابق نفس الصفحة.(190) حوار صريح بين عبد الله وعبد المسيح،د/عبد الودود شلبي،ص(67).(191) الحوار الإسلامي المسيحي، بسام داود عجك.(192) أعمال الرسل(4/12).(193) إنجيل لوقا (2/7).(194) إنجيل متّى (10/1).(195) كورنثوس الأولى (15/3).(196) كورنثوس (15/4).(197) أعمال الرسل (1/9).(198) يتطس(2/13).(199) إنجيل يوحنا (1/29).(200) كورنثوس (11/23-25).(201) أعمال الرسل(10/48).(202) متّى (28/19).(203) متّى (28/1).(204) مناظرة بين الإسلام والنصرانية،ص(263-265).(205) الإسقاط في مناهج المستشرقين والمبشرين،د/شوقي أبو خليل،ص34وما بعدها.(206) 1-2 المرجع السابق:ص(34)وما بعدها.(207) يوحنا (17/3).(208) مرقس (12/29-31).(209) متىّ (19/16-17).(210) حقيقة عيسى المسيح د/ محمد علي الخولي،ص(25).(211) إظهار الحق، رحمة الله الهندي، ج1ص(337-338)نقلاً عن النصرانية من التوحيد إلى التثليث،د/محمد أحمد الحاج ص(208-209).(212) حقيقة عيسى المسيح د/محمد علي الخولي،ص(26).(213) متّى (5/17)(214) ألوهية المسيح، د/محمد حسن عبد الرحمن ص(101).(215) المسيحية والإسلام والأستشراق د/محمد فاروق الزين ص(122-123).(1/105)
أين هي بقية الاناجيل ؟
كتب لوقا في [ 1 : 1 ] : " اذ كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة في الامور المتيقنة عندنا كما سلمها الينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة رأيت انا ايضا اذ قد تتبعت كل شيء من الاول بتدقيق ان اكتب على التوالي اليك ايها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علّمت به " ثم بدأ قصته قائلاً : " كان في أيام هيرودوس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا . . ." [ ترجمة الفاندايك ]
يتبين لنا من مقدمة الخطاب الموجه من لوقا إلى العزيز ثاوفيلس أن كثيرين هم الذين كتبوا مثل ما كتبه لوقا في بيان حال المسيح ، فأين هي تلك الأناجيل ؟
يقول ما كنيكل J. McNicol في شرحه لعبارة : " إذ كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة " : هذه الكلمات هي الخبر اليقين الوحيد الذي بحوزتنا عن وجود سجلات مكتوبة قبل الشروع في تدوين الأناجيل الثلاثة الأولى ، لكن تلك المؤلفات اندثرت جميعها . [ تفسير الكتاب المقدس تأليف جماعة من اللاهوتيين لدار منشورات النفير - بيروت ]
من الملاحظ أن لوقا قد كتب انجيله حوالي عام 60 ميلادي كما يذكر قاموس الكتاب المقدس / ص 823 وعليه فإن تلك السجلات المفقودة تعود لذلك التاريخ وما قبله .
والسؤال الذي يطرح نفسه : أليس من الممكن ان تكون تلك الاناجيل المندثرة قد احتوت ونقلت بعض الحقائق ، كعدم صلب المسيح وانه بشر رسول ليس أكثر وانه مبشراً بالرسول الخاتم ؟
(1/106)
وعلى ذلك لم تكن الأناجيل الأربعة التى يتضمنها حالياً الكتاب المقدس هى الأناجيل الوحيدة التى كانت قد دُوِّنت فى القرون الأولى بعد الميلاد ، فقد كان هناك الكثير من الأناجيل. وهذا هو السبب الذى دفع لوقا أن يكتب رسالته إلى صديقه ثاوفيليس التى اعتبرتها الكنيسة فيما بعد من كلام الله : " اذ كان كثيرون قد اخذوا بتاليف قصة في الامور المتيقنة عندنا كما سلمها الينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة رأيت انا ايضا اذ قد تتبعت كل شيء من الاول بتدقيق ان اكتب على التوالي اليك ايها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علّمت به " ثم بدأ قصته قائلاً : " كان في أيام هيرودوس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا . . ."لوقا 1: 1-4
ومن المعلوم ان المجامع الأولى قد حرمت قراءة الكتب التي تخالف الكتب الاربعة والرسائل التي اعتمدتها الكنيسة فصار أتباعها يحرقون تلك الكتب ويتلفونها ، فنحن لا ثقة لنا باختيار المجامع البشرية لما اختارته فنجعله حجة ونعد ما عداه كالعدم . ومما هو معلوم فإن المؤرخون يختلفون في عدد المجامع المسكونية فبعضهم يقول أنها سبعة وآخرون يقولون أنها 19 مجمعاً. وكما أن المؤرخين يختلفون في عددها هكذا تختلف الكنائس في الاعتراف بها. فالكنيسة القبطية مثلاً لا تعترف إلا بالأربعة الأولى منها . وها هي كنيسة روما ومعها الكنيسة اليونانية لا تعترفان بالمجمع المسكوني الرابع ( أفسس الثاني ) .
وفي مجمع (ترنت) الذي عقد في القرن الخامس عشر والذي صادق على قرارات مجمع ( قرطاج Carthage ) سنة 397 بشأن الاسفار السبعة وحكم بقانونيتها ، نجد ان الكنيسة البروتستنانية جاءت بعد ذلك في اوائل القرن السادس عشر ورفضت قرارات هذين المجمعين بمجمع آخر !
يقول القس السابق عبدالأحد داود :
(1/107)
(( إن هذه السبعة والعشرين سفراً أو الرسالة الموضوعة من قبل ثمانية كتاب لم تدخل في عداد الكتب المقدسة باعتبار مجموعة هيئتها بصورة رسمية إلا في القرن الرابع باقرار مجمع نيقية سنة 325 م . لذلك لم تكن أي من هذه الرسائل مصدقة لدى الكنيسة . . . وهناك أي في مجمع نيقية تم انتخاب الاناجيل الأربعة من بين أكثر من أربعين أو خمسين إنجيلاً ، وتم انتخاب الرسائل الإحدى والعشرين من رسائل العهد الجديد من بين رسائل لا تعد ولا تحصى ، وصودق عليها ، وكانت الهيئة التي اختارت العهد الجديد هي تلك الهيئة التي قالت بألوهية المسيح ، وكان اختيار كتب العهد الجديد على أساس رفض الكتب المسيحية المشتملة على تعاليم غير موافقة لعقيدة نيقية وإحراقها كلها )) [ الانجيل والصليب صفحة 14 ]
ويقول المؤرخ ( ديورانت ) في كتابة قصة الحضارة المجلد الثالث :
(( وصدر مرسوم إمبراطوري يأمر بإحراق كتب آريوس جميعها ، ويجعل إخفاء أي كتاب منها جريمة يعاقب عليها بالاعدام ))
ويقول الكاتب المسيحي حبيب سعيد :
(( وبذلك فض المؤتمر النزاع القائم ، وقرر إبعاد آريوس وأتباعة وحرق الكتاب الذي أودعه آراءه الملحده ))
وقد أعلن آدم كلارك فى المجلد السادس من تفسيره : " إن الأناجيل الكاذبة كانت رائجة فى القرون الأولى للمسيحية ، وأن فايبر بسينوس جمع أكثرَ من سبعين إنجيلاً من تلك الأناجيل وجعلها فى ثلاث مجلدات "
كما أعلن فاستوس الذى كان من أعظم علماء فرقة مانى فى القرن الرابع الميلادى: (( إن تغيير الديانة النصرانية كان أمراً محقاً، وإن هذا العهد الجديد المتداول حالياً بين النصارى ما صنعه السيد المسيح ولا الحواريين تلامذته ، بل صنعه رجل مجهول الاسم ونسبه إلى الحواريين أصحاب المسيح ليعتبر الناس )).
(1/108)
وقد كتب فى مسألة تعدد الأناجيل الكثير من مؤرخى النصرانية ، فيقول العالم الألمانى “دى يونس” فى كتابه (الإسلام) : “ إن روايات الصلب والفداء من مخترعات بولس ومَنْ شابهه من المنافقين خصوصاً وقد اعترف علماء النصرانية قديماً وحديثاً بأن الكنيسة العامة كانت منذ عهد الحواريين إلى مضى 325 سنة بغير كتاب معتمد ، وكل فرقة كان لها كتابها الخاص بها ”. [ راجع المدخل الي العهد الجديد ]
أما عن الكتاب نفسه التى رشحت الكنيسة محتواه ليكون مقدساً من عند الله دون غيره ، يقول الأب (بولس إلياس) فى كتابه “يسوع المسيح” صفحة 18: " إن الأناجيل بُنِيَت على المعتقدات فقد نشأت المعتقدات بواسطة بولس ، ثم كتب بولس رسائله بين سنة 55 وسنة 63 ميلادية ، بَيْدَ أنَّ الإنجيليين لم يبدءوا كتابة أناجيلهم إلا فى سنة 63 ميلادية ”.
ويقول " جورج كيرد " : إن أول نص مطبوع من العهد الجديد كان الذى قدمه أرازموس عام 1516 م ، وقبل هذا التاريخ كان يحفظ النص فى مخطوطات نسختها أيدى مجهدة لكتبة كثيرين، ويوجد اليوم من هذه المخطوطات 4700 ما بين قصاصات من ورق إلى مخطوطات كاملة على رقائق من الجلد أو القماش ، وأن نصوص جميع هذه المخطوطات تختلف إختلافاً كبيراً ولا يمكننا الاعتقاد أن أيَّا منها قد نجا من الخطأ ، ومهما كان الناسخ حى الضمير فإنه ارتكب أخطاء ، وهذه الأخطاء بقيت فى كل النسخ التى نقلت من نسخته الأصلية ، وأن أغلب النسخ الموجودة من جميع الأحجام قد تعرضت لتغييرات أخرى على أيدى المصححين الذى لم يكن عملهم دائماً إعادة القراءة الصحيحة.”
(1/109)
ويؤكد تشيندورف الذي عثر على نسخة سيناء ( أهم النسخ ) في دير سانت كاترين عام 1844 والتي ترجع إلى القرن الرابع : إنها تحتوي على الأقل على 16000 تصحيح ( ارجع إلى Realenzyklop?die ) ترجع على الأقل إلى سبعة مصححين أو معالجين للنص، بل قد وجد أن بعض المواقع قد تم كشطها ثلاث مرات وكتب عليها للمرة الرابعة . (إرجع في ذلك إلى " Synopse " لهوك ليتسمان " Huck-Lutzmann " صفحة (11) لعام 1950 .)
وقد اكتشف ديلتسش ، أحد خبراء العهد القديم و[أستاذ] ومتخصص في اللغة العبرية ، حوالي 3000 خطأً مختلفاً في نصوص العهد القديم التي عالجها بإجلال وتحفظ.
ويقول القس شورر: إن الهدف من القول بالوحي الكامل للكتاب المقدس، والمفهوم الرامي إلى أن يكون الله هو مؤلفه هو زعم باطل ويتعارض مع المبادىء الأساسية لعقل الإنسان السليم ، الأمر الذى تؤكده لنا الإختلافات البينة للنصوص ، لذلك لا يمكن أن يتبنى هذا الرأي إلا إنجيليون جاهلون أو مَن كانت ثقافته ضحلة (ص 128)، وما يزيد دهشتنا هو أن الكنيسة الكاثوليكية مازالت تنادي أن الله هو مؤلف الكتاب المقدس .(1/110)
تناقضات الكتاب المقدس
ان التناقض والتعارض الموجود في الكتاب المقدس هو أكبر دليل على تحريفه وبطلانه . ذلك أن التناقض من صفات الفكر البشري ، ولا يمكن بأي حال أن يقع في الوحي السماوي إذ معناه الكذب والاختلاف والرب سبحانه وتعالى لا يكذب ولا يختلف مع نفسه .
وإليك - عزيزي القارىء - بعض من تناقضات الاناجيل الموجودة اليوم :
(1) لقد أورد كل من متى ومرقس رواية لعن يسوع لشجرة التين فقد وردت عند متى في [ 21 : 18 ] ووردت عند مرقس في [ 11 : 12 ]
لكنهما وقعا في تناقض واضح وهو :
قول متى أن المسيح لعن شجرة التين [ بعد ] أن قام بتطهير الهيكل وطرد الذين كانوا يبيعون ويشترون فيه ونجد عكس ذلك في انجيل مرقس الذي يذكر أن المسيح لعن شجرة التين [ قبل ] ان يكون قد طهر الهيكل من الذين كانوا يبيعون ويشترون فيه !!
ورواية تطهير الهيكل أوردها متى في [ 21 : 12 ] وأوردها مرقس في [ 11 : 15 ] وهي قصة واحدة لحدث واحد تناقض في روايتها متى ومرقس .
------------------------------------------
(2) وبينما نجد في انجيل مرقس [ 11 : 12 ] أن المسيح لعن شجرة التين وان التلاميذ ومنهم بطرس علموا أنها يبست في [ اليوم التالي ] عندما رأوا الشجرة يابسة وهم راجعون الي المدينة [ 11 : 20 ]
نجد عكس ذلك في انجيل متى فهو يحكي وقوع جميع الاحداث في [ نفس اليوم ] وان الشجرة يبست في الحال وان التلاميذ رأوا ما جرى وقالوا : كيف يبست التينة في الحال ؟ متى [ 21 : 18 - 20]
فهل يقال لهذا التضارب انه إلهام من عند رب العالمين ؟
------------------------------------------
(3) حسب إنجيل مرقس [ 14 : 32 – 43 ] أن المسيح ألقي القبض عليه من ضيعة اسمها ( جتسيماني )
وحسب إنجيل لوقا [ 22 : 29 – 47 ] أن المسيح ألقي القبض عليه من جبل الزيتون !
والتناقض واضح وواقع في اسم المكان الذي اعتقل منه المسيح .
(1/111)
وللتأكد من اختلاف جغرافية ضيعة ( جتسيماني ) عن جغرافية جبل الزيتون انظر (مت 26: 30 ومر 14: 26 و 32 ويو 18: 1) وانظر أيضاً خريطة أورشليم في أيام المسيح الموجودة في نهاية العهد الجديد ، كي لا يدعي مدع أن ضعية جتسيماني = جبل الزيتون كما أن 3 = 1 .
ونوجه هذا السؤال للمسيحيين :
إذا كانت الاناجيل مقدسة لديكم وكتبت بإلهام الروح القدس فكيف يحدث هذا التناقض ؟
---------------------------------------------
(4) كتب متى في [ 8 : 1 ] رواية شفاء المسيح للأبرص الذي جاء إلى المسيح قائلاً ( يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني ) . فمد يسوع يده ولمسه قائلاً : أريد فاطهر . ثم كتب متى في [ 8 : 14 ] رواية شفاء المسيح لحماة بطرس من الحمى .
إلا ان لوقا ناقضه فكتب في [ 4 : 38 ] رواية شفاء المسيح لحماة بطرس أولاً ثم كتب في [ 5 : 12 ] رواية شفاء المسيح للأبرص .
و التناقض واضح :
فعند متى أن المسيح شفى الابرص قبل أن يكون قد قام بشفاء حماة بطرس من الحمى لكن عند لوقا أن المسيح شفى الابرص بعدما كان قد قام بشفاء حماة بطرس الحمى !
ولا يخفى عليك أيها القارىء الفطن أن التقديم والتأخير في تاريخ الوقائع وتوقيت الحوادث من الذين يدعون أنهم يكتبون بالالهام لهو تناقض واضح .
-------------------------------------------
(5) كتب متى في [ 12 : 17 ] مستشهداً بالعهد القديم ( بخصوص المسيح ) :
( لكي يتم ما قاله النبي إشعياء : هوذا فتاي الذي اخترته حبيبي الذي به رضيت سأفيض روحي عليه . )
هذه العبارة انفرد متى بذكرها وهي مخالفة للعبارة الأصلية الموجودة في سفر إشعياء [ 42 : 1 ] لأن عبارة إشعيا هكذا : (( هوذا عبدي الذي أعضده مختاري الذي سرت به نفسي ))
فتأمل أيها القارىء الفطن بين عبارة متى ( هوذا فتاي الذي اخترته ) وبين العبارة الأصلية ( هوذا عبدي )
(1/112)
فقد تم تغيير وصف العبودية وهي أشرف نعوت المخلوق لاسيما وقد اضافه الله سبحانه الى نفسه ، ومن الذي يرفض أن يكون عبداً لله ؟
يقول الاستاذ أحمد عبد الوهاب في كتابه المسيح في مصادر العقائد المسيحية :
إذا سلمنا جدلاً بأن نبؤة أشعياء التي ذكرها متى تتحقق في المسيح لكان من اللازم أن تكون أول صفاته أنه : عبد الله .
وحين يتفق المسيحيون على أن أول صفات المسيح أنه عبد الله ، تتحقق الوحدة المسيحية . أما أن يستشهد بفقرة تقول أن يسوع : عبد الله ، ثم تقول فقرات أخرى من الانجيل أنه غير ذلك ، فإن هذا تضارب واضح يترك أمر الحكم فيه لعقل القارىء وضميره .
-------------------------------------------
(6) حسب إنجيل متى في [ 8 : 5 ] أن المسيح شفى خادم الضابط أولاً قبل أن يكون قد قام بشفاء حماة بطرس من الحمى .
وحسب إنجيل لوقا في [ 4 : 38 ] أن شفاء حماة بطرس كان قبل قيام المسيح بشفاء خادم الضابط في [ 7 : 1 ]
وراوية شفاء حماة بطرس وردت عند متى في [ 8 : 14 ] وعند لوقا في [ 4 : 38 ]
ونحن نسأل المسيحيين :
أليس هذا تناقض واضح في تاريخ الواقعة وتوقيتها ؟
فكيف يعتقد بعد ذلك أن كتبة الاناجيل يكتبون بإلهام من الله ؟
ان الملهمين ينبغي أن تكون أقوالهم سالمة عن التناقض والاختلاف فلا يختلف خبر الوحي والإلهام لديهم وهذا ما لا نراه في الاناجيل الاربعة .
-----------------------------------------
(7) جاء في يوحنا [ 18 : 9 ] قول المسيح : ( إن الذين أعطيتني لم أفقد منهم أحداً )
ان المسيح في هذا النص لم يفقد أحداً على الأطلاق ولكن حين ترجع أيها القارىء الفطن إلي يوحنا في [ 17 : 12 ] قبل هذا النص كان المسيح نفسه يقول : ( حين كنت معهم في العالم كنت أحفظهم في اسمك . الذين أعطيتني حفظتهم ، ولم يهلك منهم أحد إلا ابن الهلاك ليتم الكتاب . )
(1/113)
ففي الاصحاح الثامن عشر لم يفقد أحداً وفي الاصحاح السابع عشر فقد واحد والفرق واضح انه تناقض !
-----------------------------------------
(8) جاء في متى [ 24 : 29 ] عن علامات نهاية الزمان قول المسيح ( وفي الحال بعد تلك المصائب تظلم الشمس ولايضيىء القمر وتتساقط النجوم من السماء [ إلى أن قال ]ويرى الناس ابن الانسان آتياً على سحاب السماء في كل عزة وجلال فيرسل ملائكته ببوق عظيم إلى جهات الرياح الاربع ليجمعوا مختاريه من أقصى السماوات الى أقصاها ) ثم قال فى الفقرة 34 ( الحق أقول لكم لن ينقضي هذا الجيل حتى يتم هذا كله )
ولنا أن نسأل المسيحيون :
لقد مضى ذلك الجيل ومضت أجيال عديدة ولم تسقط نجمة واحده من السماء ولم ينزل المسيح في سحابة ولم يكن شىء مما وعد به المسيح عليه السلام ، أليس ذلك من الكذب الواضح المفترى به من كتبة الاناجيل على المسيح ؟
ولبعض النصارى في هذا الخير أراجيف من القول لا يلتفت إليها .
----------------------------------------
(9) لقد ارتكب بولس خطأً فادحاً عندما صرح بأن القيامة ستقوم في جيله وأنه والذين معه سوف يفنى العالم في ايامهم : قال بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس [10 : 11 ] : ( نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور ) وهذا خطأ لأنهم ليسوا آخر جيل فقد جاءت بعدهم أجيال وأجيال ويقول في رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي [4 : 15-17 ] : ( نحن الأحياء الباقين إلى مجيء الرب ) .
لقد مات بولس ومات جميع الذين كانوا معه ولم يأتي الرب ولم تقم القيامة .
----------------------------------------
(10) بطرس والمسيح :
(1/114)
جاء في متى [ 16 : 17 ] أن المسيح كافأ بطرس و أعطاه تفويضاَ مطلقاً قائلاً له : (( طُوبَى لَكَ يَاسِمْعَانَ بْنَ يُونَا. فَمَا أَعْلَنَ لَكَ هَذَا لَحْمٌ وَدَمٌ، بَلْ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. وَأَنَا أَيْضاً أَقُولُ لَكَ: أَنْتَ صَخْرٌ. وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا! وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ: فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ، يَكُونُ قَدْ رُبِطَ فِي السَّمَاءِ؛ وَمَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ، يَكُونُ قَدْ حُلَّ فِي السَّمَاءِ! ))
أيها القارىء الكريم :
هذه مكرمة عظيمة وأفضلية كبيرة منحها المسيح عليه السلام لبطرس ، ولا يمكن أن يكون المسيح قد قال هذا الكلام بدون وعي أو إدراك لمضمونه .
ولكن للأسف ، ومما يثبت فساد الاناجيل أنه بعد هذا النص وفي نفس الاصحاح نجد نصاً آخر ينسب إلي المسيح متعارضاَ مع النص السابق يقول فيه المسيح لبطرس : (( ابتعد عني يا شيطان انت عقبة في طريقي )) متى [ 16 : 23 ]
لقد نسي متى التوفيق بين ما سطره في اصحاح واحد جعل فيه بطرس وكيلاً للمسيح يحل ويربط كيف يشاء ، وجعله في نفس الاصحاح شيطاناً ومعثرة للمسيح !
-----------------------------------------
(11) كتب متى في [ 16 : 6 ] أن المسيح قال لتلامذته (( انتبهوا إياكم وخمير الفريسيين والصدوقيين ففكروا في انفسهم قائلين : (( يقول هذا لأننا ما زودنا خبزاً )) فعرف يسوع وقال لهم : (( يا قليلي الايمان ، كيف تقولون في انفسكم لا خبز معنا ؟ أما فهمتم بعد ؟ . . . .كيف لا تفهمون أني ما عنيت الخبز بكلامي ؟ ))
فهذه شهادة من المسيح بأن التلاميذ قليلي الايمان لذلك تعجب من عدم فهمهم .
إلا ان هذا افتراء واضح من متى لأنه قد سبق و ذكر في الاصحاح الثالث عشر ان التلاميذ يعرفون اسرار ملكوت السموات وهم من أهل الجنة الكاملي الايمان .
(1/115)
وان هذا يستلزم تكذيب المسيح لأنه قال للتلاميذ في متى [ 13 : 10 ] : (( قد أعطي لكم أن تعرفوا اسرار ملكوت السموات )) وقال لهم في [13 : 16 ] : (( هنيئاً لكم لأن عيونكم تبصر وآذانكم تسمع )) والغريب العجيب أن مرقس في [ 6 : 52 ] حكم على التلاميذ بالعمى وأن قلوبهم غليظة !!!
فبالضرورة نحكم بكذب متى البته .
-------------------------------------------
(12) أورد كل من متى في [26 : 18 ] ولوقا في [ 22 : 8 ] قصة عشاء الفصح مع التلاميذ لكنهما وقعا في تناقض واضح :
فعند متى أن التلاميذ شاركوا في إعداد العشاء [ 26 : 17 ] فهو يقول : (( وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ الْفَطِيرِ، تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ يَسْأَلُونَ : أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُجَهِّزَ لَكَ الْفِصْحَ لِتَأْكُلَ؟» أَجَابَهُمْ: «اُدْخُلُوا الْمَدِينَةَ، وَاذْهَبُوا إِلَى فُلاَنٍ وَقُولُوا لَهُ: الْمُعَلِّمُ يَقُولُ إِنَّ سَاعَتِي قَدِ اقْتَرَبَتْ،وَعِنْدَكَ سَأَعْمَلُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي». فَفَعَلَ التَّلاَمِيذُ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ يَسُوعُ ، وَجَهَّزُوا الْفِصْحَ هُنَاكَ..))
(1/116)
لكن عند لوقا أن العشاء أعده إثنان فقط من التلاميذ وهما بطرس ويوحنا [ 22 : 7 ] : (( وَجَاءَ يَوْمُ الْفَطِيرِ الَّذِي كَانَ يَجِبُ أَنْ يُذْبَحَ فِيهِ الْفِصْحِ. فَأَرْسَلَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا قَائِلاً : اذْهَبَا وَجَهِّزَا لَنَا الْفِصْحَ، لِنَأْكُلَ! فَسَأَلاَهُ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُجَهِّزَ؟» فَقَالَ لَهُمَا: «حَالَمَا تَدْخُلاَنِ الْمَدِينَةَ، يُلاَقِيكُمَا إِنْسَانٌ يَحْمِلُ جَرَّةَ مَاءٍ، فَالْحَقَا بِهِ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي يَدْخُلُهُ.وَقُولاَ لِرَبِّ ذلِكَ الْبَيْتِ: يَقُولُ لَكَ الْمُعَلِّمُ: أَيْنَ غُرْفَةُ الضُّيُوفِ الَّتِي آكُلُ فِيهَا الْفِصْحِ مَعَ تَلاَمِيذِي؟ فَيُرِيكُمَا غُرْفَةً فِي الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا، كَبِيرَةً وَمَفْرُوشَةً. هُنَاكَ تُجَهِّزَانِ!» فَانْطَلَقَا، وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا، وَجَهَّزَا الْفِصْحَ.. ))
وكذلك عند مرقس أعد العشاء إثنان فقط من التلاميذ [ 14 : 13 ] .
------------------------------------------
(13) تناقض في موضوع سماع كلام الله :
جاء في إنجيل يوحنا [ 5 : 37 ] قول المسيح لليهود : (( والأب نفسه الذي أرسلني يشهد لي ، لم تسمعوا صوته قط . . . ))
ولكن متى أورد في [ 17 : 1 ] أن المسيح ومعه بطرس ويعقوب ويوحنا لما استقروا فوق الجبل سمعوا صوب الأب من السماء يقول : (( هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت ، له اسمعوا ! )) وهذا تصريح بسماع كلام الله . وقد جاء في سفر التثنية أن ان الله طلب من موسى أن يجمع بني اسرائيل ناحية جبل ( حوريب ) ليسمعوا صوت الله وهو يتكلم مع موسى فسمعوا صوت الرب [ تثنية 4 : 10 ، 12 ]
------------------------------------------
(14) تناقض في موضوع رؤية الله :
صرح يوحنا في [ 1 : 18 ] بأن الله لم يره أحد قط .
وهذا ما يؤكده أيضاً يوحنا في رسالته الأولى [ 4 : 12 ] بقوله : (( ما من أحد رأى الله )) .
(1/117)
وجاء في سفر الخروج [ 33 : 20 ] قول الرب لموسى :
(( وَلَكِنَّكَ لَنْ تَرَى وَجْهِي، لأَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي يَرَانِي لاَ يَعِيشُ ))
إلا اننا نجد أن هناك نصوصاً تناقض هذا و تؤكد رؤية الله !
فقد جاء في سفر التكوين [ 32 : 30 ] أن نبي الله يعقوب رأى الله وجهاً لوجه فهو يقول : (( لأني نظرت الله وجهاً لوجه ))
وجاء في سفر الخروج أيضاً [ 33 : 11 ] أن الرب كلم موسى وجهاً لوجه كما يكلم الرجل صاحبه !
وورد في سفر الخروج [ 24 : 9 ] : (( ثُمَّ صَعِدَ مُوسَى وَهَرُونُ وَنَادَابُ وَأَبِيهُو وَسَبْعُونَ مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ، وَرَأَوْا إِلَهَ إِسْرَائِيلَ، وَتَحْتَ قَدَمَيْهِ أَرْضِيَّةٌ كَأَنَّهَا مَصْنُوعَةٌ مِنَ الْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ الشَّفَّافِ تُمَاثِلُ السَّمَاءَ فِي النَّقَاءِ، وَلَكِنَّ اللهَ لَمْ يَمُدَّ يَدَهُ لِيُهْلِكَ أَشْرَافَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. فَرَأَوْا اللهَ وَأَكَلُوُا وَشَرِبُوا. ))
--------------------------------------------
(15) جاء في يوحنا [ 3 : 13 ] قول المسيح : (( ليس أحد صعد إلى السماء ، إلا الذي نزل من السماء ، ابن الانسان الذي هو في السماء )) .
وهذا الكلام خاطىء لأن كل من أخنوخ كما جاء في [ تكوين 5 : 24 ] وإيليا النبي كما جاء في [2ملوك 2: 11 ] قد صعدا إلى السماء .
-------------------------------------------
(16) ورد في انجيل متى 39:5 قول المسيح : (( واما انا فاقول لكم لا تقاوموا الشر.بل من لطمك على خدك الايمن فحوّل له الآخر ايضا . ))
ولكن :
جاء في انجيل يوحنا 18 : 22 : (( ولما قال هذا لطم يسوع واحد من الخدام كان واقفا قائلا: أهكذا تجاوب رئيس الكهنة. اجابه يسوع : ان كنت قد تكلمت رديّا فاشهد على الردي وان حسنا فلماذا تضربني. ))
لماذا لم يحول يسوع خده الآخر للخادم عندما لطمه ؟؟؟
(1/118)
وإن قالوا انه لا يجب تفسير هذا النص تفسيرا حرفيا فلماذا قاوم يسوع الشر وأعترض عندما لطمه الخادم ؟؟؟
------------------------------------------
(17) قال المسيح في لوقا [ 19 : 27 ] : (( وَأَمَّا أَعْدَائِي أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَحْضِرُوهُمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامي ))
كيف يتفق هذا النص عن المسيح مع قول الاناجيل عنه إنه أمر تلاميذه بمحبة الأعداء [ متى 5 : 44 ] ؟!
-------------------------------------------
(18) أورد كل من متى في [ 26 : 6 ] ومرقس في [ 14: 1] ولوقا في [ 7 : 36 ، 39 ] ويوحنا في [ 12 : 1 ، 4 ] قصة المرأة التي أفرغت قارورة الطيب على المسيح ، لكنهم وقعوا في إختلافات واضحة :
الاختلاف الاول : حسب رواية مرقس أن المرأة أفرغت قارورة الطيب في منزل سمعان الأبرص في بيت عنيا [ 14 : 3 ]
لكن حسب رواية لوقا ان ذلك حدث في بيت الفريسي [ 7 : 36 ]
وحسب رواية يوحنا أن ذلك حدث في منزل مريم ومرثا ولعازر [ 12 : 1_2 ]
الاختلاف الثاني : حسب رواية مرقس ان هذه القصة حدثت قبل عيد الفصح بيومين [ 14 : 1 ]
ولكن حسب رواية يوحنا ان هذه القصة حدثت قبل الفصح بستة أيام [ 12 : 1 ]
الاختلاف الثالث : حسب رواية مرقس ان المرأة بعد أن كسرت القارورة استاء قوم لإسرافها [ 14 : 4 ]
لكن حسب رواية يوحنا أن الذي استاء هو يهوذا الاسخريوطي [ 12 : 4 ]
الاختلاف الرابع : عند يوحنا أن قصة المرأة التي سكبت قارورة الطيب على جسد المسيح حدثت قبل أن يكون المسيح قد دخل أورشليم وركب على الجحش .
لكن عند متى أن قصة المرأة التي سكبت قارورة الطيب على المسيح تمت بعد دخول المسيح لأورشليم وركوبة على الجحش .
ورواية دخول المسيح لأورشليم وركوبه الجحش ذكرها يوحنا في [ 12 : 12 ] وذكرها متى في [ 21 : 1].
(1/119)
ولا شك أن هذا تناقض فاحش في تاريخ القصة لايمكن أن يكون كتابها ملهمين من عند الله .
وليس للمسيحيين إلا أن يكذبوا أحد الانجيلين فتأمل أيها القارىء الفطن .
-------------------------------------------
(19) هل الكلمة عند الله أم هو الكلمة ؟
إذا تأملنا العبارة الأولي من الاصحاح الأول في إنجيل يوحنا يظهر لنا التناقض في كلامه فيقول : (( في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة الله ، هذا كان في البدء عند الله ))
فهذه الفقرات متناقضة المعنى لا تتفق مع مفهوم العقل ، فإن قوله ( والكلمة كان عند الله ) لا تتوافق مع قوله (( وكان الكلمة الله )) فإذا كان الله عين الكلمة لا يصح أن تكون الكلمة عنده ، لأن العندية تقتضي المغايرة لأنها عبارة عن حصول شيء عند شيء كحصول المال عند بطرس ولا شك أن المال غير بطرس وهذا ظاهر لا جدال فيه ، فكيف تكون الكلمة هي الله وكيف تكون عنده ؟
ثم ما المراد بالبدء ؟ هل يعني ذلك بداية الله أم بداية الكلمة التي هي المسيح ؟ كلاهما باطل لدى المسيحييون فهم يعتقدون أن الله أزلي والكلمة معه أزلية وأن الله لم يسبق المسيح في الوجود فهذا أيضاً لا مدلول ولا معنى له لدى المسيحيين بل هو يناقض عقيدتهم .
وإذا كان المراد بالبدء أي منذ الازل فما معنى ما جاء في سفر التكوين [ 1 : 1 ] : (( في البدء خلق الله السموات والأرض )) هل يعنى ذلك ان السموات والارض أزليتان ؟!
(20) أورد متى في [ 9 : 18 ] حكاية ابنة رئيس المجمع فقال : (( وفيما هو يكلمهم بهذا، إِذَا رَئِيسٌ لِلْمَجْمَعِ قَدْ تَقَدَّمَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً : ابْنَتِي الآنَ مَاتَتْ. وَلَكِنْ تَعَالَ وَالْمُسْهَا بِيَدِكَ فَتَحْيَا فَقَامَ يَسُوعُ وَتَبِعَهُ وَمَعَهُ تَلاَمِيذُهُ…))
(1/120)
وهنا تصريح من رئيس المجمع بأن ابنته ماتت ، لكن مرقس ذكر في روايته [ 5 : 22 ] أنها كانت مريضة ولم تمت فيقول : (( وإذا واحداً من رؤساء المجمع . . . طلب إليه كثيراً قائلاً : (( ابنتي الصغيرة على آخر نسمة ، ليتك تأتي وتضع يدك عليها لتشفى ))
والذي يمعن النظر في قراءة هذه القصة بين متى ومرقس لا يتطرق إليه الشك في أنها واحدة ، لكن عند متى أن الفتاة ميتة وأبوها يطلب إحياءها ، وعند مرقس أن الفتاة مريضة وأبوها يطلب شفاءها ، وفرق كبير بين الحالتين .
----------------------------------------
(21) كتب مرقس في [ 10 : 35 ] ما نصه : (( وتقدم إليه يعقوب ويوحنا إبنا زبدي قائلين : يا معلم نريد أن تفعل لنا كل ما طلبناه . فقال لهما ماذا تريد أن افعل لكما ؟ فقالا له : أعطنا أن نجلس واحد عن يمينك والآخر على يسارك في مجدك . ))
لكن متى في [ 20 : 20 ] يقول : (( حينئذ تقدمت إليه أم إبني زبدي مع ابنيها وسجدت وطلبت منه شيئاً فقال لها : ماذا تريدين ؟ قالت : قل أن يجلس ابناي هذان واحد عن يمينك والآخر عن يسارك في ملكوتك . ))
والاختلاف هنا واضح بين الروايتين ، فبينما الأم هي التي تتقدم وتطلب من يسوع أن يجعل أحد أبنائها عن يمينه والآخر عن يساره على حسب رواية متى ، نجد أن الولدين هما اللذان يتقدمان ويطلبان ذلك عى حسب رواية مرقس !! والقصة واحدة والزمان واحد والمكان واحد .
وقد بين لنا (جون فنتون) في تفسيره لإنجيل متى : السر في هذا التغير فيقول : لقد أحدث متى بعضاً من التغيرات والحذف لما في إنجيل مرقس ، وأهم ما في ذلك ، أنه بينما في إنجيل مرقس نجد أن التلميذين نفسيهما يطلبان من يسوع إذ بأمهما هي التي تطلب منه حسب رواية متى .
-----------------------------------------
(1/121)
(22) يتحدث يوحنا عن شهادة المسيح ، ولكنه يسوق حديثاً متناقضاً فمرة يذكر على لسان المسيح أن شهادته حق ومقبولة ، ومرة أخرى يذكر أنها باطل وغير مقبوله ، والمراد في الحالتين شهادته لنفسه .
فقد كتب يوحنا في [ 8 : 14 ] أن المسيح قال : (( إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق ))
إلا انه قد كتب في [ 5 : 31 ] أن المسيح قال : (( إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي غير حق ))
وإذا قلنا أن هاتين العبارتين يمكن تأويل التناقض الظاهر الموجود فيهما بأن تكون كل عبارة منهما قيلت لسبب خاص . ولكن مما لا شك فيه أن المسيح هو رسول من عند الله ، بل هم يدعون أنه الله ، فكيف يصح أن يكذب ذلك الكذب الصريح فيقول إن شهادته لنفسه كاذبة مع أنها صادقه لا محالة ، فلا مناص من كذب العبارة الثانية مهما قيل في رفع التناقض .
------------------------------------------
(23) جاء في متى [ 18 : 15] قول المسيح : (( إِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ، فَاذْهَبْ إِلَيْهِ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَلَى انْفِرَادٍ. فَإِذَا سَمِعَ لَكَ، تَكُونُ قَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ. وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ، فَخُذْ مَعَكَ أَخاً آخَرَ أَوِ اثْنَيْنِ، حَتَّى يَثْبُتَ كُلُّ أَمْرٍ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ. فَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا، فَاعْرِضِ الأَمْرَ عَلَى الْكَنِيسَةِ. فَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ لِلْكَنِيسَةِ أَيْضاً، فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَجَابِي الضَّرَائِبِ . ))
إلا انه تقدم في نفس الإنجيل في الاصحاح الخامس قول المسيح : (( لا تنتقموا ممن يسيىء إليكم من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر ))
فبين الأمر بالمسامحة والحكم عليه بأنه وثني وكافر تناقض ظاهر فتأمل !
----------------------------------------
(1/122)
(24) ذكر متى في [ 12 : 38 ] أن قوم من الكتبة والفريسيين طلبوا من المسيح أن يريهم آية فأجاب المسيح وقال لهم : (( جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي ))
فيفهم من قول المسيح ( جيل ) أنه أراد عموم من كان في عصره ، والجيل هو الطبقة المعاصرة من الناس .
لكن متى ناقض ما قد كتبه فذكر أن المسيح قام بعمل الآيات والمعجزات بعد أن صرح أن هذا الجيل لن يعطى آية !
فذكر ان المسيح كثر الطعام وأشفى الابرص ومشى على البحر . . .
ان ما ذكره متى يدل على ان الجيل الذي فيه المسيح لا تقع فيه آية إلا آية واحدة وهي قيامه من القبر بعد ثلاثة أيام فكل ما رواه الانجيليون من معجزات للمسيح هي روايات متناقضه مع هذه العبارة في خط مستقيم والعجيب أنه ذكر ذلك بعبارة تفيد الحصر بحيث لا يمكن تأويلها .
-----------------------------------------
(25) اختلاف حول معرفة يوحنا المعمدان للمسيح :
إذا قرأنا ما جاء في الاصحاح الثالث من ( متى ) نجد أن المسيح لما جاء يتعمد من يوحنا قام يوحنا بمنعه قائلاً : أنا محتاج أن أتعمد على يدك وأنت تأتي إلي ؟ و لكن المسيح أصر على أن يتعمد منه وحين تعمد وصعد من الماء نزل عليه الروح القدس مثل ( حمامه )
إلا اننا نقرأ في الاصحاح الأول من إنجيل ( يوحنا ) أن يسوع حين أقبل على يوحنا ليتعمد منه لم يكن ليعرفه وما عرفه إلا بنزول الروح القدس عليه مثل ( حمامه ) من السماء فاستقر عليه .
والاختلاف واضح فحسب انجيل ( متى ) أن يوحنا المعمدان كان يعرف المسيح ومن قبل نزول الرح القدس عليه وعلى حسب انجيل يوحنا أنه لم يكن ليعرفه إلا بعد نزول الروح القدس عليه مثل حمامه !
------------------------------------------
(26) كتب مرقس في [ 9 : 2 ] : (( وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا وصعد إلي جبل عال منفردين ))
(1/123)
إلا أن لوقا كتب في [ 9 : 28 ] : (( وبعد هذا الكلام بنحو ثمانية أيام أخذ يسوع بطرس ويوحنا ويعقوب وصعد إلي الجبل ))
وأنا لا أدري كيف زاد لوقا يومين مع أنه قد التزم أن يكتب القصة بتدقيق كما وعدنا في بداية الاصحاح الأول !
-----------------------------------------
(27) لقد أورد كل من متى ومرقس رواية مثل ( الزراع ) الذي حكاه المسيح للجموع وهو جالس في القارب وراوية متى وردت في [ 13 : 1 ] : (( فِي ذَلِكَ الْيَومِ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ وَجَلَسَ عَلَى شَاطِيءِ الْبُحَيْرَةِ. فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، حَتَّى إِنَّهُ صَعِدَ إِلَى الْقَارِبِ وَجَلَسَ، بَيْنَمَا وَقَفَ الْجَمْعُ كُلُّهُ عَلَى الشَّاطِيءِ. فَكَلَّمَهُمْ بِأَمْثَالٍ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، قَالَ: «هَا إِنَّ الزَّارِعَ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَ عَ. وَبَيْنَمَا هُوَ يَزْرَعُ، وَقَعَ بَعْضُ الْبِذَارِ عَلَى الْمَمَرَّاتِ، فَجَاءَت الطُّيُورُ وَالتَهَمَتْهُ.))
ورواية مرقس وردت في [ 4 : 1 ] : (( ثُمَّ أَخَذَ يُعَلِّمُ ثَانِيَةً عِنْدَ شَاطِيءِ الْبُحَيْرَةِ، وَقَدِ احْتَشَدَ حَوْلَهُ جَمْعٌ كَبِيرٌ، حَتَّى إِنَّهُ صَعِدَ إِلَى الْقَارِبِ وَجَلَسَ فِيهِ فَوْقَ الْمَاءِ، فِيمَا كَانَ الْجَمْعُ كُلُّهُ عَلَى شَاطِيءِ الْبُحَيْرَةِ. فَعَلَّمَهُمْ أُمُوراً كَثِيرَةً بِالأَمْثَالِ. وَمِمَّا قَالَهُ لَهُمْ فِي تَعْلِيمِهِ: «اِسْمَعُوا! هَا إِنَّ الزَّارِعَ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ. وَبَيْنَمَا هُوَ يَزْرَعُ، وَقَعَ بَعْضُ الْبِذَارِ عَلَى الْمَمَرَّاتِ، فَجَاءَتِ الطُّيُورُ وَالْتَهَمَتْهُ.))
لكنهما وقعا في تناقض واضح وهو :
عند متى أن المسيح قال هذا المثل بعد ان كان قد أرسل الرسل الأثنى عشر وراوية ارسال الرسل وردت عند متى في [ 10 : 5 ]
(1/124)
أما عند مرقس فان المسيح لم يكن قد ارسل الرسل الأثنى العشر بعد عندما تكلم بهذا المثل ورواية ارسال الرسل عند مرقس وردت في [ 6 : 7 ] والقصة واحدة والزمان واحد والمكان واحد .
فتأمل أيها القارىء الفطن الى ما يسرده أصحاب الاناجيل المسوقون من الروح القدس !!
---------------------------------------
(28) لقد أورد متى في بداية انجيله ما يؤكد أن يوحنا كان على علم بالمسيح حتى أن المسيح تعمد على يده كما في متى [ 3 : 13 ] وأن يوحنا قال للمسيح (( أنا احتاج أن اتعمد على يدك .))
لكن متى نسي ما قد كتب وعاد ليخبر بأن يوحنا لم يكن يعرف المسيح لذلك أرسل الي المسيح ليسأله أنت هو الآتي أم ننتظر آخر ؟ فكتب متى في [11 : 2 ] : (( وسمع يوحنا وهو في السجن بأعمال المسيح فأرسل إليه بعض تلاميذه ليقولوا له : هل أنت هو الآتي أو ننتظر آخر ؟ ))
----------------------------------------
(29) ذكر كل من متى في [ 8 : 21 ] ولوقا في [ 9 : 59 ] حكاية الرجل الذي استأذن من المسيح كي يذهب الي دفن ابيه فرد عليه المسيح قائلاً : (( اتبعني واترك الموتى يدفنون موتاهم ))
لكن متى ولوقا وقعا في تناقض واضح :
فعند متى أن حكاية استئذان الرجل من المسيح كي يذهب الي دفن ابيه تمت قبل حادثة التجلي التي صعد فيها المسيح الي الجبل مع بطرس ويعقوب و يوحنا الواردة في [ 17 : 1 ] لكن عند لوقا أن حكاية استئذان الرجل من المسيح كي يذهب الي دفن ابيه كانت بعد حادثة التجلي التي صعد فيها المسيح الي الجبل مع بطرس ويعقوب ويوحنا الواردة في [ 9 : 28 ] !! والقصة واحدة من سياق الروايتين .
--------------------------------------
(30) ذكر متى في [ 5 : 1 ] أن موعظة المسيح كانت على الجبل يقول متى : (( ولما رأى الجموع صعد إلى الجبل فلما جلس تقدم إليه تلاميذه فأخذ يعلمهم ))
(1/125)
لكن لوقا ناقض ما ذكره متى فذكر في [ 6 : 17 ] أن موعظة المسيح كانت بعد نزوله من الجبل إلى موضع سهل !!! يقول لوقا (( ونزل معهم ووقف في موضع سهل ))
فمن هو الصادق ومن هو الكاذب يا ترى ؟
---------------------------------------
(31) كتب متى في [ 5 : 17 ] ان المسيح قال : (( لا تظنوا أني جئت لانقض الناموس أو الانبياء ما جئت لانقض بل لأكمل ))
فالمسيح من خلال هذا النص لم يأت ليبطل الناموس الذي هو شريعة موسى ولم يأت لينقض أقوال وتعاليم الانبياء بل جاء مكملاً لها .
إلا اننا نفاجىء في نفس الاصحاح بكلام آخر للمسيح ينقض فيه الشريعة وتعاليم الانبياء حرفاً حرفاً وكلمة كلمة فعلى سبيل المثال يقول في الفقرة 38 من نفس الاصحاح : (( وَسَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بسن أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بِمِثْلِهِ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ، فَأَدِرْ لَهُ الْخَدَّ الآخَرَ؛ ))
ونحن نسأل :
كيف يصرح المسيح في موضع أنه ما جاء لينقض شريعة موسى ثم يصرح في موضع آخر بما ينقضها ويبطلها ؟ وهذا ما حدث أيضاً بالنسبة لأحكام الطلاق في متى [ 5 : 3 [ وفي حلف اليمين والزنى وفي الغضب .
---------------------------------------------
(32) أورد متى في [ 5 : 39 [ قول المسيح : (( لا تقاوموا الشر بالشر )) لكنه ناقض ما أورده عن المسيح فكتب في [ 5 : 21 ] أن المسيح قال : (( إن كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم ومن قال لأخيه يا أحمق استوجب حكم المجلس ))
----------------------------------------------
(33) ان كتبة الاناجيل لم يضبطوا نسب المسيح عليه السلام فوقعوا في فوارق وأغلاط عديدة فأعطاه كل من متى في [1 : 1 _ 8 ] و لوقا في [ 3 : 23 _ 38 ] نسباً مختلفاً وعلى سبيل المثال :
_ في متى : ان المسيح ينتهي نسبه إلي سليمان بن داود .
(1/126)
_ وفي لوقا : ينتهي إلي ناثان بن داود .
فمتى جعل المسيح ابن داود ماراً بسليمان ، بينما لوقا جعله ابن داود ماراً بناثان ، وهذا يستحيل أن يكون إنسان من نسل شخصين مختلفين أصلهما واحد .
ونجد أن متى غالط نفسه حيث صرح في [ 1 : 17 ] أن جميع الاجيال في العصور الثلاثة (14) جيلاً فقط لكنه ذكر في العصر الأخير من سبي بابل إلى المسيح 13 جيلاً فقط [ 1 : 12 _ 16 ]
------------------------------------------
(34) كتب متى في [ 8 : 5 ] أن المسيح أشفى خادم الضابط أولاً قبل أن يكون قد أشفى حماة بطرس من الحمى وحسب إنجيل لوقا في [ 4 : 38 ] ان شفاء خادم الضابط كان بعد شفاء حماة بطرس من الحمى وحكاية شفاء حماة بطرس من الحمى وردت عند متى في [ 8 : 14 ] وعند لوقا في [ 4 : 38 ]
وهذا تناقض واضح في تاريخ الحادثة وتوقيتها يتنزه عنه الوحي الالهي .
----------------------------------------
(35) أورد كل من متى ومرقس ويوحنا رواية مشي المسيح على البحر :
ذكرها متى في [ 14 : 22 ] فقال : (( وَفِي الْحَالِ أَلْزَمَ يَسُوعُ التَّلاَمِيذَ أَنْ يَرْكَبُوا الْقَارِبَ وَيَسْبِقُوهُ إِلَى الضَّفَّةِ الْمُقَابِلَةِ مِنَ الْبُحَيْرَةِ، حَتَّى يَصْرِفَ هُوَ الْجُمُوعَ. وَبَعْدَمَا صَرَفَ الْجُمُوعَ، صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ عَلَى انْفِرَادٍ. وَحَلَّ الْمَسَاءُ وَهُوَ وَحْدَهُ هُنَاكَ. وَكَانَ قَارِبُ التَّلاَمِيذِ قَدْ بَلَغَ وَسَطَ الْبُحَيْرَةِ وَالأَمْوَاجُ تَضْرِبُهُ، لأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ مُعَاكِسَةً لَهُ. وَفِي الرُّبْعِ الأَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ جَاءَ يَسُوعُ إِلَى التَّلاَمِيذِ مَاشِياً عَلَى مَاءِ الْبُحَيْرَةِ. ))
(1/127)
وذكرها مرقس في [ 6 : 45] فقال : (( وَفِي الْحَالِ أَلْزَمَ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَرْكَبُوا الْقَارِبَ وَيَسْبِقُوهُ إِلَى الضَّفَّةِ الْمُقَابِلَةِ، إِلَى بَيْتِ صَيْدَا، رَيْثَمَا يَصْرِفُ الْجَمْعَ. وَبَعْدَمَا صَرَفَهُمْ ذَهَبَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَلَمَّا حَلَّ الْمَسَاءُ، كَانَ الْقَارِبُ فِي وَسَطِ الْبُحَيْرَةِ، وَيَسُوعُ وَحْدَهُ عَلَى الْبَرِّ. وَإِذْ رَآهُمْ يَتَعَذَّبُونَ فِي التَّجْذِيفِ، لأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ مُعَاكِسَةً لَهُمْ، جَاءَ إِلَيْهِمْ مَاشِياً عَلَى مَاءِ الْبُحَيْرَةِ، ))
وذكرها يوحنا في [ 6 : 16 ] فقال : (( وَلَمَّا حَلَّ الْمَسَاءُ نَزَلَ تَلاَمِيذُهُ إِلَى الْبُحَيْرَةِ، وَرَكِبُوا قَارِباً مُتَّجِهِينَ إِلَى كَفْرَنَاحُومَ فِي الضَّفَّةِ الْمُقَابِلَةِ مِنَ الْبُحَيْرَةِ. وَخَيَّمَ الظَّلاَمُ وَلَمْ يَكُنْ يَسُوعُ قَد لَحِقَ بِهِمْ. وَهَبَّتْ عَاصِفَةٌ قَوِيَّةٌ، فَاضْطَرَبَتِ الْبُحَيْرَةُ. وَبَعْدَمَا جَذَّفَ التَّلاَمِيذُ نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ، رَأَوْا يَسُوعَ يَقْتَرِبُ مِنَ الْقَارِبِ مَاشِياً عَلَى مَاءِ الْبُحَيْرَةِ، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمِ الْخَوْفُ،))
ولا يخفى على القارىء الفطن أن من تناقضات هذه الرواية نجد أن متى ذكر أن المسيح أمر التلاميذ بركوب القارب وأن يسبقوه بدون تعيين اسم المحل ومرقس ذكر اسم المحل بانه ( بيت صيدا ) والمدهش أن لوقا ذكر أن معجزة الارغفة كانت في بيت صيدا فكيف يخرج منها إليها ؟!
أما يوحنا فذكر أن التلاميذ ركبوا القارب متجهين إلى كفرناحوم !!
والطامة الكبرى في رواية يوحنا أنه ذكر أن التلاميذ جذفوا نحو ( 3 ) أميال أو ( 4 ) على سبيل التشكيك !!
(1/128)
فهو يقول في [ 6 : 19 ] : (( وَبَعْدَمَا جَذَّفَ التَّلاَمِيذُ نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ، رَأَوْا يَسُوعَ يَقْتَرِبُ مِنَ الْقَارِبِ ))
ونحن نسأل :
هل يمكن للروح القدس أن يلهم بهذا الشك ؟
هل الروح القدس لا يدري ان كان التلاميذ جذفوا 3 أميال أو 4 ؟!!
أهذا كلام مقدس وموحى به من عند الله ؟
وإليك عزيزي القارىء مثال آخر نأخذه من سفر الملوك الثاني :
لقد جاء في سفر الملوك الثاني ( 9 : 30 _ 34 ) الآتي :
(( وَتَوَجَّهَ يَاهُو إِلَى يَزْرَعِيلَ. فَلَمَّا عَلِمَتْ إِيزَابَلُ بِذَلِكَ كَحَّلَتْ عَيْنَيْهَا وَزَيَّنَتْ شَعْرَهَا وَأَطَلَّتْ مِنَ الكُوَّةِ. وَعِنْدَمَا اجْتَازَ يَاهُو عَتَبَةَ بَابِ سَاحَةِ الْقَصْرِ قَالَتْ: «أَجِئْتَ مُسَالِماً يَازِمْرِي يَاقَاتِلَ سَيِّدِهِ؟» فَرَفَعَ وَجْهَهُ إِلَيْهَا وَصَاحَ: «مَنْ هُنَا مَعِي؟» فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْخِصْيَانِ.))
ونكرر نفس السؤال للمسيحيين :
يقول كاتب هذا السفر (( فأشرف عليه اثنان أو ثلاثة من الخصيان .))
ان كاتب هذا السفر يكتب على سبيل التشكيك ولايدري ان كان الذين أشرفوا على ياهو 2 أو 3 !!
فهل يمكن لوحي الله أن يروي بهذا الشك ؟
لو كان من عند الله لما كان بهذا الشك. لأن كلام الله سبحانه وتعالى لايحمل الشك !
----------------------------------------
(36) جاء في الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس [ 14 : 33 ] أن الله ليس إله تشويش بل إله سلام و جاء في رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس [ 2 : 4 ] قوله (( الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون ))
وقد ناقض هذا الكلام ما جاء في الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي [ 2 : 11] من أن الله يرسل إليهم عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب.
-----------------------------------------
(1/129)
(37) اختلف رواة الاناجيل الأربعة في حكاية إنكار بطرس عدة اختلافات فاحشة :
فرواية متى في [ 26 : 69 ] هكذا : (( أما بطرس كَانَ جَالِساً فِي الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ، فَتَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ خَادِمَةٌ وَقَالَتْ: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ». فَأَنْكَرَ بُطْرُسُ أَمَامَ الْجَمِيعِ وَقَالَ: «لاَ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!» ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَدْخَلِ الدَّارِ، فَعَرَفَتْهُ خَادِمَةٌ أُخْرَى، فَقَالَتْ لِلْحَاضِرِينَ هُنَاكَ: «وَهَذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» فَأَنْكَرَ بُطْرُسُ مَرَّةً ثَانِيَةً وَأَقْسَمَ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ ذلِكَ الرَّجُلَ!» وَبَعْدَ قَلِيلٍ تَقَدَّمَ الْوَاقِفُونَ هُنَاكَ إِلَى بُطْرُسَ وَقَالُوا لَهُ: «بِالْحَقِّ إِنَّكَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، فَإِنَّ لَهْجَتَكَ تَدُلُّ عَلَيْكَ!» فَابْتَدَأَ بُطْرُسُ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ، قَائِلاً : إِنِّي لاَ أَعْرِفُ ذَلِكَ الرَّجُلَ! وَفِي الْحَالِ صَاحَ الدِّيكُ، فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلِمَةَ يَسُوعَ إِذْ قَالَ لَهُ : قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تَكُونُ قَدْ أَنْكَرْتَنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. فَخَرَجَ إِلَى الْخَارِجِ، وَبَكَى بُكَاءً مُرّاً..))
(1/130)
ورواية مرقس في [ 14 : 66 ] هكذا : (( وَبَيْنَمَا كَانَ بُطْرُسُ تَحْتُ فِي سَاحَةِ الدَّارِ، جَاءَتْ إِحْدَى خَادِمَاتِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَلَمَّا رَأَتْ بُطْرُسَ يَسْتَدْفِيءُ، نَظَرَتْ إِلَيْهِ وَقَالَتْ: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» وَ لكِنَّهُ أَنْكَرَ قَائِلاً: «لاَ أَدْرِي وَلاَ أَفْهَمُ مَا تَقُولِينَ!» ثُمَّ ذَهَبَ خَارِجاً إِلَى مَدْخَلِ الدَّارِ. فَصَاحَ الدِّيكُ وَإِذْ رَأَتْهُ الْخَادِمَةُ ثَانِيَةً، أَخَذَتْ تَقُولُ لِلْوَاقِفِينَ هُنَاكَ: «هَذَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ!» فَأَنْكَرَ ثَانِيَةً. وَبَعْدَ قَلِيلٍ أَيْضاً، قَالَ الْوَاقِفُونَ هُنَاكَ لِبُطْرُسَ: «حَقّاً أَنْتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، لأَنَّكَ جَلِيلِيٌّ». وَلكِنَّهُ بَدَأَ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي تَتَحَدَّثُونَ عَنْهُ». وَصَاحَ الدِّيكُ مَرَّةً ثَانِيَةً فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ مَا قَالَه يَسُوعُ لَهُ: «قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْنِ، تَكُونُ قَدْ أَنْكَرْتَنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». وَإِذْ تَفَكَّرَ بِذَلِكَ أَخَذَ يَبْكِي.))
(1/131)
أما رواية لوقا في [ 22 : 54 ] فقد ساق القضية قبل محاكمة المسيح و محاورته مع رئيس الكهنة فيكون بطرس أنكر المسيح قبل محاكمته عند لوقا وعند متى ومرقس ويوحنا أن بطرس انكر المسيح بعد محاكمته ونص رواية لوقا فهكذا : (( وَلَمَّا أُشْعِلَتْ نَارٌ فِي سَاحَةِ الدَّارِ وَجَلَسَ بَعْضُهُمْ حَوْلَهَا، جَلَسَ بُطْرُسُ بَيْنَهُمْ. فَرَأَتْهُ خَادِمَةٌ جَالِساً عِنْدَ الضَّوْءِ، فَدَقَّقَتِ النَّظَرَ فِيهِ، وَقَالَتْ: «وَهَذَا كَانَ مَعَهُ!» وَلكِنَّهُ أَنْكَرَ قَائِلاً: «يَاامْرَأَةُ، لَسْتُ أَعْرِفُهُ!» وَبَعْدَ وَقْتٍ قَصِيرٍ رَآهُ آخَرُ فَقَالَ: «وَأَنْتَ مِنْهُمْ!» وَلكِنَّ بُطْرُسَ قَالَ: «يَاإِنْسَانُ، لَيْسَ أَنَا!» وَبَعْدَ مُضِيِّ سَاعَةٍ تَقْرِيباً، قَالَ آخَرُ مُؤَكِّداً: «حَقّاً إِنَّ هَذَا كَانَ مَعَهُ أَيْضاً، لأَنَّهُ أَيْضاً مِنَ الْجَلِيلِ!» فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَاإِنْسَانُ، لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولُ!» وَفِي الْحَالِ وَهُوَ مَازَالَ يَتَكَلَّمُ، صَاحَ الدِّيكُ. فَالْتَفَتَ الرَّبُّ وَنَظَرَ إِلَى بُطْرُسَ. فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلِمَةَ الرَّبِّ إِذْ قَالَ لَهُ: قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تَكُونُ قَدْ أَنْكَرْتَنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَانْطَلَقَ إِلَى الْخَارِجِ، وَبَكَى بُكَاءً مُرّاً . ))
(1/132)
ورواية يوحنا في ( 18 : 15 ) هكذا : (( وَتَبِعَ يَسُوعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَتِلْمِيذٌ آخَرُ كَانَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَعْرِفُهُ. فَدَخَلَ ذَلِكَ التِّلْمِيذُ مَعَ يَسُوعَ إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. أَمَّا بُطْرُسُ فَوَقَفَ بِالْبَابِ خَارِجاً. فَخَرَجَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي كَانَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَعْرِفُهُ، وَكَلَّمَ الْبَوَّابَةَ فَأَدْخَلَ بُطْرُسَ. فَسَأَلَتِ الْخَادِمَةُ الْبَوَّابَةُ بُطْرُسَ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَحَدَ تَلاَمِيذِ هَذَا الرَّجُلِ؟» أَجَابَهَا: «لاَ، لَسْتُ مِنْهُمْ!» . . . . وَكَانَ بُطْرُسُ لاَيَزَالُ وَاقِفاً هُنَاكَ يَسْتَدْفِيءُ، فَسَأَ لُوهُ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضاً مِنْ تَلاَمِيذِهِ؟» فَأَنْكَرَ وَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَهُوَ نَسِيبُ الْعَبْدِ الَّذِي قَطَعَ بُطْرُسُ أُذُنَهُ: «أَمَا رَأَيْتُكَ مَعَهُ فِي الْبُسْتَانِ؟» فَأَنْكَرَ بُطْرُسُ مَرَّةً أُخْرَى. وَفِي الْحَالِ صَاحَ الدِّيكُ! ))
أولاً : لو تأمل القارىء الفطن في حكاية الانكار برمتها ، سيجد أنها مناقضة لما ورد في لوقا [ 22 : 32 ] من خطاب المسيح لبطرس بقوله : (( ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك ، وأنت متى رجعت ثبت إخوتك ))
وما ورد في يوحنا [ 17 : 15 ] وملخصه أن المسيح سأل الله أن يحفظ تلاميذه من الشرير وأنه أعطاهم المجد الذي أعطاه إياه الله ، ليكونوا واحداً .
وقد قال المسيح لبطرس في متى [ 16 : 17 ] : (( أنت صخر وعلى هذا الصخر سأبني كنيستي وسأعطيك مفاتيح ملكوت السموات فما تربطه فى الارض يكون مربوطاً في السماء … ))
فإن صدقت هذه الرويات عن لوقا ويوحنا ومتى ، كيف يصح لبطرس أن ينكر سيده ومعلمه ؟
ثانياً : اختلفت الاناجيل في الذين قاموا بسؤال بطرس :
(1/133)
فعلى رواية متى التي سألته أولاً جارية ، والتي سألته ثانياً جارية ، والذين سألوه ثالثاُ الرجال القيام .
وعلى رواية لوقا ، التي سألته أولاً جارية ، وثانياً رجل ، وثالثاً رجل آخر .
وعلى رواية يوحنا ، التي سألت أولاً الجارية البوابة ، وثانياً الرجال ، وثالثاً واحد من عبيد رئيس الكهنة .
وهذا اختلاف فاحش وفي حادثة واحدة .
ثالثاً : كان بطرس وقت سؤال الجارية في ساحة الدار حسب رواية متى ، وفي وسط الدار على رواية لوقا، وأسفل الدار على رواية مرقس، وداخل الدار على رواية يوحنا .
رابعاً : اختلفوا في نوع الأسئلة الموجَّهة لبطرس :
فعند متى أن الجارية قالت له : (( وأنت كنت مع يسوع الجليلي )) ، ومرقس مثله ، لكنه أبدل لفظ الجليلي بالناصري ، وعند لوقا أنها قالت : (( وهذا كان معه )) أما يوحنا فذكر أنها سألته هكذا : (( ألست أنت أيضاً من تلاميذ هذا الانسان )) .
ونحن نقول لما كانت الحادثة واحدة ، كان ينبغي ألا تختلف نوعية الأسئلة من إنجيل لآخر .
خامساً : اختلفوا في وقت صياح الديك : فعلى رواية متى ولوقا ويوحنا صاح الديك بعد مرات الانكار الثلاثة ، وصاح مرة واحده ، وعلى رواية مرقس صاح الديك مرة بعد الانكار الأول ، وصاح مرة ثانية بعد الانكار الثاني والثالث .
سادساً : في جواب بطرس للجارية التي سألته أولاً فحسب رواية متى انه قال : لست أدري ما تقولين وعلى رواية لوقا انه قال : لست أعرف يا امرأة ,وعلى رواية ويوحنا : انه أتى بلفظ لا النافية فقط .
سابعاً : في جوابه للسؤال عند الانكار الثالث ، فعلى رواية متى ومرقس أنه أنكر مع القسم واللعن قائلاً : (( إني لست أعرف الرجل )) ورواية لوقا : (( يا إنسان لست أعرف ما تقول )) ، وفي إنجيل يوحنا انه قال : (( لست أنا )) .
ثامناً : يفهم من رواية مرقس أن الرجال القيام وقت السؤال كانوا خارج الدار ويفهم من رواية لوقا أنهم كانوا في وسط الدار .
(1/134)
وهكذا يسرد الحدث الواحد ، في أكثر من إنجيل بشكل مختلف تماماً و متناقض .
فاعتبر أيها المسيحي بالمناقضات الكثيرة ، في هذه الحكاية الصغيرة .
------------------------------------------
(38) ان الاناجيل الأربعة اتفقت على أن كهنة اليهود كانوا قد اتفقوا على قتل المسيح بعد عيد الفصح ، حتى لا يحصل شغب بين الشعب في العيد ، ولكن كتبة الاناجيل نسوا أو نقضوا ما اتفقوا عليه ، فحكوا أن اعتقال المسيح وقتله وصلبه كان في العيد ، ومن المعلوم أن اليهود لا يجيزوا فعل شيئ حتى فعل الخير في السبت والاعياد كما صرحت الاناجيل فثبت التناقض .
------------------------------------------
(39) توقيت العشاء الأخير وأثره على قضية الصلب :
يتفق متى مع مرقس وكذلك لوقا في [ 22 : 8 [ في أن العشاء كان هو الفصح ، وعلى العكس من ذلك نجد يوحنا يجعل الفصح يؤكل في المساء بعد موت المسيح [ يوحنا 18 : 28 ] .
ويرى أغلب العلماء أن توقيت كل من متى ومرقس ولوقا صحيح ، وأن يوحنا قد غير ذلك لأسباب عقائدية .
ذلك أن يوحنا يقرر أن العشاء الأخير الذي حضره يسوع مع تلامذته كان قبل الفصح [ 14 : 1_5 ]
وكذلك يقرر يوحنا أنهم قبضوا على يسوع في مساء اليوم السابق لأكل الفصح ، وذلك في قوله :
(( ثُمَّ أَخَذُوا يَسُوعَ مِنْ دَارِ قَيَافَا إِلَى قَصْرِ الْحَاكِمِ الرُّومَانِيِّ، وَكَانَ ذلِكَ فِي الصَّبَاحِ الْبَاكِرِ. وَلَمْ يَدْخُلِ الْيَهُودُ إِلَى الْقَصْرِ لِئَلاَّ يَتَنَجَّسُوا فيأكلون الفصح )) يوحنا [ 18 : 28 ]
إن اختلاف الأناجيل في توقيت العشاء الأخير ترتب عليه اختلافهم في نقطة جوهرية تعتبر واحدة من أهم عناصر قضية الصلب ، ألا وهي تحديد يوم الصلب ، فإذا أخذنا برواية مرقس ومتى ولوقا لكان المسيح قد أكل الفصح مع تلاميذه مساء الخميس ثم كان القبض بعد ذلك بقليل في مساء الخميس ذاته وبذلك يكون الصلب قد حدث يوم الجمعة .
(1/135)
أما الأخذ بإنجيل يوحنا فانه يعني أن القبض كان مساء الأربعاء ، وأن الصلب حدث يوم الخميس .
ونحن نتسائل هل حدث الصلب يوم الخميس أم يوم الجمعة ؟ !!
هل ما ألهمه الروح القدس إلي متى ومرقس هو الصحيح أم ما ألهمه إلي يوحنا هو الصيحيح ؟
أم ان كتبة الاناجيل يكتبون باجتهاد شخصي فلا يوجد إلهام ولا عصمة ؟
----------------------------------------
(40) جاء في لوقا وفي يوحنا أن المسيح أعلم بطرس أنه سينكره ،وكان الإعلام أثناء العشاء ( أي عشاء فصح اليهود السنوي الذي ينبغي أن يصادف وقتئذ ليلة السبت ) وفي داخل الغرفة وقبل مغادرتها :
تقول رواية لوقا في [22: 13] : .. وَجَهَّزَا الْفِصْحَ. .. وَقَالَ لَهُمْ: «اشْتَهَيْتُ بِشَوْقٍ أَنْ آكُلَ هَذَا الْفِصْحَ مَعَكُمْ قَبْلَ أَنْ أَتَأَلَّمَ... فَقَالَ: «إِنِّي أَقُولُ لَكَ يَابُطْرُسُ إِنَّ الدِّيكَ لاَ يَصِيحُ الْيَوْمَ حَتَّى تَكُونَ قَدْ أَنْكَرْتَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَعْرِفُنِي!».. ثُمَّ انْطَلَقَ وَذَهَبَ كَعَادَتِهِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، وَتَبِعَهُ التَّلاَمِيذُ أَيْضاً.
وفي يوحنا [ 13 : 38] : أَجَابَهُ يَسُوعُ: .. أَقُولُ لَكَ: لاَ يَصِيحُ الدِّيكُ حَتَّى تَكُونَ قَدْ أَنْكَرْتَنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ!» .. يوحنا [ 18 : 1 ] : بَعْدَمَا انْتَهَى يَسُوعُ مِنْ صَلاَتِهِ هَذِهِ، خَرَجَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَعَبَرُوا وَادِي قِدْرُونَ.
ولكننا نجد اختلافاً في مرقص ومتّى، فالإعلام بالإنكار،كان بعد العشاء وبعد مغادرة الغرفة وفي الخارج بالطريق : وإليك رواية مرقس :
يقول مرقص في [ 14: 26] : (( ثُمَّ رَتَّلُوا، وَانْطَلَقُوا خَارِجاً إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ. .. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ، فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْنِ، تَكُونُ قَدْ أَنْكَرْتَنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ))
(1/136)
ورواية متّى في [ 26 : 30] تقول : (( ثُمَّ رَتَّلُوا، وَانْطَلَقُوا خَارِجاً إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ. .. أَجَابَهُ يَسُوعُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ، تَكُونُ قَدْ أَنْكَرْتَنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ! ))
-------------------------------------------
(41) ذكر كل من متى في [ 26 : 47 ] ويوحنا في [ 18 : 1 ] : حكاية القبض على المسيح لكنهما وقعا في تناقض واضح :
فالمفهوم من إنجيل يوحنا أن يهوذا الخائن كان دليلاً على الموضع الذي فيه المسيح لكن المفهوم من إنجيل متى أن يهوذا كان دليلاً على شخص المسيح ومتى ذكر أن يهوذا الخائن جعل بينه وبين الجند علامة وهي تقبيله للمسيح ليعرفوه ، لكن يوحنا خالفه فذكر أن المسيح عرض نفسه دون علامة من يهوذا ودون تقبيل !
-----------------------------------------
(42) في محاكمة المصلوب الذي يدعي المسيحيون أنه المسيح نجد أن متى في [ 27 : 11 - 14 ] يتحدث في إنجيله عن كيفية مثول المسيح أمام الوالي بيلاطس فيقول : (( فوقف يسوع أمام الوالي فسأله الوالي قائلاً : أأنت ملك اليهود ؟ فقال له يسوع : أنت تقول . وبينما كان رؤساء الكهنة والشيوخ يشتكون عليه لم يجب بشيء فقال له بيلاطس : أما تسمع كم يشهدون عليك ، فلم يجبه ولا عن كلمة واحدة حتى تعجب الوالي جداً ))
لكن يوحنا يذكر هذه الواقعة بطريقة مخالفة تماماً لما ذكره متى .
(1/137)
يقول يوحنا في [ 18 : 33 _ 38 ] : فَدَخَلَ بِيلاَطُسُ قَصْرَهُ وَاسْتَدْعَى يَسُوعَ وَسَأَلَهُ: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» فَرَدَّ يَسُوعُ: «أَتَقُولُ لِي هَذَا مِنْ عِنْدِكَ، أَمْ قَالَهُ لَكَ عَنِّي آخَرُونَ؟» فَقَالَ بِيلاَطُسُ: «وَهَلْ أَنَا يَهُودِيٌّ؟ إِنَّ أُمَّتَكَ وَرُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ سَلَّمُوكَ إِلَيَّ. مَاذَا فَعَلْتَ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. وَلَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ حُرَّاسِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. أَمَّا الآنَ فَمَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هُنَا». فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ: «فَهَلْ أَنْتَ مَلِكٌ إِذَنْ؟» أَجَابَهُ: «أَنْتَ قُلْتَ، إِنِّي مَلِكٌ. وَلِهَذَا وُلِدْتُ وَجِئْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ، وَكُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يُصْغِي لِصَوْتِي». فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «مَا هُوَ الْحَقُّ!» ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْيَهُودِ وَقَالَ: «إِنِّي لاَ أَجِدُ فِيهِ ذَنْباً!
في هذه الحادثة نجد أن متى يؤكد أن كل ما قاله المسيح لبيلاطس (( أنت تقول )) ويصرح بأن بيلاطس حاول بعد ذلك أن يتحدث مع المسيح أو يناقشه فلم يجبه المسيح ولا عن كلمة واحدة حتى تعجب الوالي جداً . هذا ما يذكره متى ووافقه مرقس ، أما يوحنا فقد أورد حديثاً طويلاً يرد به المسيح على الوالي ويناقشه ، ويتحدث فيه عن مملكته !
---------------------------------------
(43) ورد في انجيل متى [ 27 : 27 ] ان جنود بيلاطس ألبسو المسيح رداءً قرمزياً لكن يوحنا في [ 19 : 2 ] يقول ألبسوه ثوب أورجواني …
ونحن نسأل هل ألبسوه رداءً قرمزياً أم ثوباً أورجواني ؟
---------------------------------------
(1/138)
(44) يُفهم من كلام متى في [ 27: 27 و28 ] ومرقس في 15: 16 و17 أن الذين استهزأوا بالمسيح وألبسوه اللباس كانوا جند بيلاطس لا هيرودس ، ويُعلم من كلام لوقا خلاف ذلك فإن هيرودس هو الذي ألبسه ثياباً لامعة ! لوقا [23: 11 ] (( فاحتقره هيرودس مع عسكره واستهزأوا به، وألبسه لباساً لامعاً ورده إلى بيلاطس .))
وإذا تأملنا رواية متى ، فإنه يقول : عروه ، ثم ألبسوه تلك الثياب . وعند مرقس لم يفهم من كلامهم أنهم عروه ، بل ألبسوه فوق ثيابه .
-------------------------------------
(45) وقد ذكر متى في [ 27 : 29] أن الجنود ركعوا للمسيح استهزاءً له ثم بصقوا عليه وخالفه مرقس في [ 15 : 19 ] فجعل البصق أولاً ثم ركعوا له .
------------------------------------
(46) ورد في إنجيل لوقا [ 23 : 26 ] : (( ولما مضوا به أمسكوا سمعان، رجلاً قيروانياً كان آتياً من الحقل، ووضعوا عليه الصليب ليحمله خلف يسوع )) وورد في يوحنا [ 19: 16 ] : (( فأخذوا يسوع ومضوا به، فخرج وهو حامل صليبه إلى الموضع الذي يُقال له موضع الجمجمة حيث صلبوه ))
فعند لوقا أن سمعان هو الذي كان حاملاً لصليب المسيح وعند يوحنا أن المسيح هو الذي كان حاملاً صليبه !
وحاول المسيحيين ايجاد مخرج لهذا التناقض فقالوا لما حمل المسيح الصليب على كتفه كالعادة وسار به مسافة، ضعفت قواه الجسدية وتعذّر عليه المشي, فوجدوا في الطريق سمعان القيرواني وأنا اقول ليت شعري أين كان لاهوت المسيح عندما خارت وضعفت قواه الجسديه وهل الاله الذي ما جاء إلا من أجل هذا الصليب تخور قواه عند حمله ويترك غيره ليحمله ؟ فتأمل وتعجب !
--------------------------------------
(47) قال مرقس في رواية موت المصلوب [ 15 : 36 _ 37 ] : (( ركض واحد وملأ إسفنجة خلا وجعلها على قصبة وسقاه قائلاً اتركوا ( انتظروا ) لنر هل يأتي إيليا لينزله ، فصرخ يسوع بصوت عظيم و أسلم الروح ))
(1/139)
أما متى فيقول في [ 27 : 48 ] : (( وأسرع واحد منهم إلى إسفنجة فبللها بالخل ووضعها على طرف قصبة ورفعها إليه ليشرب . وأما الباقون فقالوا : (( اترك ( انتظر ) لنرى هل يجيىء إليا ليخلصه ! )) وصرخ يسوع أيضاً بصوت عظيم وأسلم الروح ))
وهنا نجد أن متى هو الذي فرق بين ذلك الذي أعطى يسوع الخل ، ومن قال انتظر ، ففي مرقس نجد أن نفس الشخص هو الذي يعطيه الخل ويقول تلك الكلمات . ولكن في متى نجد الباقين هم الذين يخاطبون الرجل الذي أعطاه الخل بقولهم : انتظر ( المخاطب مفرد ) ، بينما هي في مرقس : انتظروا المخاطب جمع ، وقد قيلت للمتفرجين .
-----------------------------------------
(48) ذكر متى في [ 27 : 32 ] أن الجنود لما صلبو المصلوب اقتسموا ثيابه واقترعوا عليها واستشهد بالنبي القائل : (( اقتسموا ثيابي بينهم وعلى لباسي ألقوا قرعة )) .
وخالفه يوحنا في [ 19 : 23 - 24 ] وجعل القرعة على القميص فقط وناقض قوله بقوله : (( ليتم الكتاب القائل اقتسموا ثيابي بينهم ، وعلى لباسي ألقو قرعة )) لأنهم لم يقترعوا على لباسه ، بل على قميصه فقط .
----------------------------------------
(49) ذكر لوقا في [23 :38 ] أن العنوان الذي كان مكتوبا فوق المصلوب كتب بأحرف يونانية ورومانية وعبرانية (( هذا هو ملك اليهود )) وناقضه يوحنا في [19 : 19 – 20 ]
فقال: (( وكان مكتوباً بالعبرانية واليونانية واللاتينية )) فجعل اللاتينية عوضاً عن الرومانية .
فتأمل أيها القارىء الفطن إلي مدى دقة الكتب المنسوبة لله !
--------------------------------------
(50) ما هو عنوان تهمة المصلوب ؟
يقول مرقس في [ 15 : 26 ] : (( وكان عنوان علته مكتوباً : ملك اليهود ))
ويقول متى في [ 27 : 37 ] : (( وجعلوا فوق رأسه علته مكتوبه : هذا يسوع ملك اليهود )).
ويقول لوقا في [ 23 : 38 ] : (( وكان عنوان مكتوب فوقه . . . هذا هو ملك اليهود )).
(1/140)
ويقول يوحنا في [ 19 : 19 ] : (( وكتب بيلاطس عنواناً ووضعه على الصليب وكان مكتوباً : يسوع الناصري ملك اليهود ))
يقول الاستاذ أحمد عبد الوهاب في كتابه المسيح في مصادر العقائد المسيحية عن اختلاف الاناجيل في عنوان علة المصلوب :
ان اختلاف الأناجيل في عنوان علة المصلوب _ وهو لا يزيد عن بضع كلمات معينة كتبت على لوحة قرأها المشاهدون _ إنما هو مقياس لدرجة الدقة لما ترويه الأناجيل .
وطالما كان هناك اختلاف _ ولو في الشكل كما في هذه الحالة _ فإن درجة الدقة لا يمكن أن تصل إلى الكمال .
وقياساً على ذلك نستطيع تقييم درجة الدقة لما تذكره الأناجيل عن ألقاب المسيح ، وخاصة عندما ينسب إنجيل ما إلي أحد المؤمنين به قوله : كان هذا الإنسان باراً ، بينما يقول إنجيل آخر : كان هذا الانسان ابن الله أو عندما يقول أحد الاناجيل على لسان تلميذه : يا معلم ، ويقول آخر : يا سيد ، بينما يقول ثالث : يا رب .
ان الحقيقة تبقى دائماً هنا محل خلاف .
--------------------------------------------
(51) اختلف مرقس ويوحنا في تحديد ساعة الصلب :
مرقس [ 15 : 25 ] : وكانت الساعة الثالثة ( التاسعة صباحاً ) حينما صلبوه
يوحنا [ 19 : 14 ] : وكان الوقت نحو الساعة السادسة في يوم الإعداد للفصح . . . فسلمه بيلاطس إليهم ليصلب .
--------------------------------------------
(52) اللصان اللذان صلبا مع المسيح :
لقد صرح مرقس في [ 5 : 32 ] أن اللصين كانا يستهزئان به ويعيرانه .
إلا أن لوقا ناقضه فصرح في [ 23 : 33 ، 43 ] أن اللصين الذين صلبا مع المسيح كان أحدهما مؤمناً به عطوفاً عليه ، والآخر مستهزئاً به ساباً له .
(1/141)
ولا شك أن إحدى القصتين كذب ، لأن مرقس أخبر بأن اللصين كليهما كانا يعيرانه ويستهزئان به ، ولوقا يخبر بأن أحدهما كان يستهزىء به ، والآخر مؤمن به وكان ينكر على الذي يعيره ، وليس يمكن ها هنا أن يدعى أن أحد اللصين استهزىء به وعيره في وقت ، وآمن به في وقت آخر ، لآن سياق خبر لوقا يمنع ذلك ، ويخبر أنه أنكر على صاحبه سبه ، إنكار من لم يساعده قط على ذلك ، فكلاهما متفق على أن كلام اللصين وهم ثلاثتهم مصلوبين على الخشب ، فوجب ضرورة أن لوقا كذب أو كذب من أخبره ، أو أن مرقس كذب أو الذي أخبره ولا بد من ذلك .
-------------------------------------------
(53) ومن التناقضات الواضحة نجد أنه جاء في سفر أعمال الرسل [ 13 : 27 ] أن الذين دفنوا المسيح هم من اتهموه وتسببوا في قتله : (( فَإِنَّ أَهْلَ أُورُشَلِيمَ وَرُؤَسَاءَهُمْ .. إِذْ حَكَمُوا عَلَى يَسُوعَ بِالْمَوْتِ.. طَلَبُوا مِنْ بِيلاَطُسَ أَنْ يَقْتُلَهُ. وَبَعْدَمَا نَفَّذُوا فِيهِ كُلَّ مَا كُتِبَ عَنْهُ، أَنْزَلُوهُ عَنِ الصَّلِيبِ، وَدَفَنُوهُ فِي قَبْرٍ ))
لكن لوقا كتب في إنجيله [ 23 : 50 ] أن الذي دفن المسيح كان شخصاً صالحاً اسمه يوسف وكان تلميذاً للمسيح : (( وَكَانَ فِي الْمَجْلِسِ الأَعْلَى إِنْسَانٌ اسْمُهُ يُوسُفُ، وَهُوَ إِنْسَانٌ صَالِحٌ وَبَارٌّ لَمْ يَكُنْ مُوَافِقاً عَلَى قَرَارِ أَعْضَاءِ الْمَجْلِسِ وَفِعْلَتِهِمْ، وَهُوَ مِنَ الرَّامَةِ إِحْدَى مُدُنِ الْيَهُودِ، .. ثُمَّ أَنْزَلَهُ (مِنْ عَلَى الصَّلِيبِ) وَكَفَّنَهُ بِكَتَّانِ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ .))
فأين المصداقية بعد ذلك فيما تخبرنا به الاناجيل ؟
-------------------------------------------
(54) هل تم شراء الطيوب والحنوط قبل أو بعد السبت ؟
(1/142)
جاء في مرقس [ 16 : 1 ] : (( وَلَمَّا انْتَهَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ طُيُوباً عِطْرِيَّةً لِيَأْتِينَ وَيَدْهُنَّهُ.))
ولكن في لوقا ،كن قد جهّزنها ليلة السبت (يتضمن شرائهن لها قبل السبت) :
لوقا [23: 55] : (( وَتَبِعَتْ يُوسُفَ النِّسَاءُ اللَّوَاتِي خَرَجْنَ مِنَ الْجَلِيلِ مَعَ يَسُوعَ، فَرَأَيْنَ الْقَبْرَ وَكَيْفَ وُضِعَ جُثْمَانُهُ. ثُمَّ رَجَعْنَ وَهَيَّأْنَ حَنُوطاً وَطِيباً، وَاسْتَرَحْنَ يَوْمَ السَّبْتِ حَسَبَ الْوَصِيَّةِ. ))
-------------------------------------------
(55) بعد دفن المسيح في قبره _ كما يزعمون _ ذهب البعض لمشاهدة القبر ، وقد اختلفت الأناجيل في :
1 _ تحديد عدد الحاضرين .
2 _ المهمة التي من أجلها حضروا .
3 _ الوقت الذي حضروا فيه .
فالحاضرون :
1 – إمرأة واحدة حسب إنجيل يوحنا [ 20 : 1 ]
2 _ إمرأتان حسب إنجيل متى [ 28 : 1 ]
3 _ ثلاث نسوة حسب إنجيل مرقس [ 16 : 1 ]
4 _ جمع من النسوة وأناس آخرون حسب إنجيل لوقا [ 24 : 1 ]
الهدف من الحضور :
1 _ مشاهدة القبر والتظر إليه حسب إنجيل متى [ 28 : 1 ]
2 _ دهن المسيح بالحنوط والطيب حسب إنجيل لوقا [ 24 : 1 ]
زمن الحضور إلي القبر :
1 _ عند الفجر أو أول الفجر حسب إنجيل متى [ 28 : 1 ] و لوقا [ 24 : 1 ]
2 – بعد إذ طلعت الشمس حسب إنجيل مرقس [ 16 : 1 ]
3 _ كان الظلام باق حسب إنجيل يوحنا [ 20 : 1 ]
-----------------------------------------
(55) ذكر متى في [ 28 : 2 ] ان مريم المجدلية ومن معها رأتا عند القبر ملاكاً واحداً وناقضه يوحنا في [ 20 : 12 ] بأن مريم المجدلية رأت عند القبر ملاكين .
-----------------------------------------
(56) وفي مرقس [ 16 : 5 ] أن مريم المجدلية ومن معها رأين عند القبر شاباً واحداً فقط .
(1/143)
وناقضه لوقا في [ 24 : 3 ] بان مريم ومن معها رأين رجلين
----------------------------------------
(57) حسب إنجيل متى [ 28 : 1 _ 2 ] أنه حين جاءت المرأتان إلي قبر المسيح حدثت زلزلة عظيمة تبعها نزول ملاك الرب من السماء ودحرجته الحجر عن القبر الذي دفن فيه المسيح ثم جلس الملاك على الحجر .
لكن حسب إنجيل مرقس [ 16 : 1 _ 2 ] أن نزول ملاك الرب كان قبل حضور النسوة ، كما دحرج الحجر قبل حضورهن أيضاً فلما جاءت النسوة وقت طلوع الشمس وجدن أن الحجر قد دحرج عن القبر .
وإليك نص رواية كل من متى ومرقس :
متى [ 28 : 1 ، 2 ] : (( وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الأُسْبُوعِ، بَعْدَ انْتِهَاءِ السَّبْتِ، ذَهَبَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى تَتَفَقَّدَانِ الْقَبْرَ. 2فَإِذَا زِلْزَالٌ عَنِيفٌ قَدْ حَدَثَ، لأَنَّ مَلاَكاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، وَجَاءَ فَدَحْرَجَ الْحَجَرَ وَجَلَسَ عَلَيْهِ. ))
مرقس [ 16 : ، 2 ، 3 ، 4 ] : (( وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الأُسْبُوعِ، أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِراً جِدّاً مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَكُنَّ يَقُلْنَ بَعْضُهُنَّ لِبَعْضٍ: «مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ مِنْ عَلَى بَابِ الْقَبْرِ؟» لكِنَّهُنَّ تَطَلَّعْنَ فَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ ))
--------------------------------------------
(56) من هو أول من ظهر له المسيح ( بعد قيامته )
هناك تناقض في هذه المسألة :
حسب رسالة بولس الأولى إلى كورنثوس [ 15 : 5 ] : أنه ظهر لبطرس ثم للرسل الاثنى عشر لكن حسب إنجيل مرقس [ 16 : 9 ] : أنه ظهر لمريم المجدلية أولاً !
يحق لنا أن نتسائل أين المصداقية في الأناجيل بعد هذا الكم من التناقضات والاختلافات ؟!
------------------------------------------
(1/144)
(57) وفي موضوع قيامة المسيح من الأموات نجد أن هناك تناقضاً صارخاً بين رواية مرقس وبين ما يقوله لوقا :
فعلى حسب رواية مرقس في [ 16 : 9-13 ] أن المسيح بعد أن مات و دفن فانه قام من الأموات ثم (( ظهر أولاً لمريم المجدلية . . . فذهبت وأخبرت الذين كانوا معه . . . فلما سمع أولئك أنه حي وأنها رأته لم يصدقوها )) و بعد ذلك ظهر بهيئة أخرى لإثنين منهم وهما يمشيان منطلقين إلى البرية و ذهب هذان وأخبرا الباقين فما صدقوهما .
ولكن حسب انجيل لوقا [ 24 :13 -35 ] ان المسيح ظهر إلى اثنين من التلاميذ كانا منطلقين في ذلك اليوم إلى قرية بعيدة . . . فقاما في تلك الساعة ورجعا إلى أورشليم ووجدا الاحد عشر مجتمعين ومن معهم وكانوا يقولون : (( قام الرب حقاً وظهر لسمعان ! ))
فعلى حسب رواية مرقس نجد أن التلاميذ ومن معهم لم يؤمنوا يقيامة المسيح من قبل أن يأتيهم التلميذان ومن بعد ما أخبراهم بظهوره - ولكن حسب رواية لوقا نجد أن التلاميذ ومن معهم آمنوا بقيامة المسيح وكانوا يقولون : (( قام الرب حقاً وظهر لسمعان )) قبل أن يخبرهم التلميذان بقيامته وظهوره !
----------------------------------------
(1/145)
(58) قال متى في [ 28 : 5 ] : فَطَمْأَنَ المَلاَكُ الْمَرْأَتَيْنِ قَائِلاً: «لاَ تَخَافَا. فَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَبْحَثَانِ عَنْ يَسُوعَ الَّذِي صُلِبَ. إِنَّهُ لَيْسَ هُنَا، فَقَدْ قَامَ، كَمَا قَالَ. تَعَالَيَا وَانْظُرَا الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ مَوْضُوعاً فِيهِ. وَاذْهَبَا بِسُرْعَةٍ وَأَخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ أَنَّهُ قَدْ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، وَهَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ، هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ أَخْبَرْتُكُمَا!» فَانْطَلَقَتِ الْمَرْأَتَانِ مِنَ الْقَبْرِ مُسْرِعَتَيْنِ، وَقَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْهِمَا خَوْفٌ شَدِيدٌ وَفَرَحٌ عَظِيمٌ، وَرَكَضَتَا إِلَى التَّلاَمِيذِ تَحْمِلاَنِ الْبُشْرَى. وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُبَشِّرَا التَّلاَمِيذَ، إِذَا يَسُوعُ نَفْسُهُ قَدِ الْتَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ!» فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ، وَ سَجَدَتَا لَهُ. فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لاَ تَخَافَا! اذْهَبَا قُولاَ ِلإِخْوَتِي أَنْ يُوَافُونِي إِلَى الْجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي!
ان متى ناقض نفسه ، حيث حكى في أول الرواية عن الملاك ، أن المسيح سبقهم عقب قيامه من قبره إلى الجليل ، ولا يرونه إلا هناك ، وبذلك بلغ مريم ورفيقتها ، وأمرهما بأن يبلغا التلاميذ ، ثم نقض ذلك بقوله : (( لاقاهما المسيح وقال : سلام لكما )) ، وهذا يدل على أن الملك الذي كلمهما كاذب في وحيه لهما ، فإن قالوا : إن رؤيته بالجليل مختصة بالتلاميذ فقط ، وعلى هذا فلا تعارض في الرواية ، فنقول : إن صريح العبارة دال على أن مطلق الرؤية لا تكون إلا في الجليل ، وذلك مأخوذ من قوله : ها هو يسبقكم إلى الجليل وهناك ترونه .))
-------------------------------------------
(1/146)
(59) قال متى في [ 28 : 1_ 8 ] : وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الأُسْبُوعِ، بَعْدَ انْتِهَاءِ السَّبْتِ، ذَهَبَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى تَتَفَقَّدَانِ الْقَبْرَ. فَإِذَا زِلْزَالٌ عَنِيفٌ قَدْ حَدَثَ، لأَنَّ مَلاَكاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، وَجَاءَ فَدَحْرَجَ الْحَجَرَ وَجَلَسَ عَلَيْهِ . . . . فَطَمْأَنَ المَلاَكُ الْمَرْأَتَيْنِ قَائِلاً: «لاَ تَخَافَا. فَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَبْحَثَانِ عَنْ يَسُوعَ الَّذِي صُلِبَ. إِنَّهُ لَيْسَ هُنَا، فَقَدْ قَامَ، كَمَا قَالَ. تَعَالَيَا وَانْظُرَا الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ مَوْضُوعاً فِيهِ. وَاذْهَبَا بِسُرْعَةٍ وَأَخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ أَنَّهُ قَدْ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، وَهَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ، هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ أَخْبَرْتُكُمَا!» فَانْطَلَقَتِ الْمَرْأَتَانِ مِنَ الْقَبْرِ مُسْرِعَتَيْنِ، وَقَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْهِمَا خَوْفٌ شَدِيدٌ وَفَرَحٌ عَظِيمٌ، وَرَكَضَتَا إِلَى التَّلاَمِيذِ تَحْمِلاَنِ الْبُشْرَى. وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُبَشِّرَا التَّلاَمِيذَ، إِذَا يَسُوعُ نَفْسُهُ قَدِ الْتَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ!» فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ، وَ سَجَدَتَا لَهُ. فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لاَ تَخَافَا! اذْهَبَا قُولاَ ِلإِخْوَتِي أَنْ يُوَافُونِي إِلَى الْجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي!
ان المفهوم من رواية متى هذه أن ظهور المسيح لمريم كان في الطريق وهي تهرول راكضة لتبشر التلاميذ لكن مقتضى رواية يوحنا أنه كان عند القبر !
وإليك أيها القارىء الكريم رواية يوحنا :
(1/147)
يوحنا [ 20 : 11 _ 18 ] : (( أَمَّا مَرْيَمُ فَظَلَّتْ وَاقِفَةً فِي الْخَارِجِ تَبْكِي عِنْدَ الْقَبْرِ. وَفِيمَا هِيَ تَبْكِي، انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ. فَرَأَتْ مَلاَكَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ، جَالِسَيْنِ حَيْثُ كَانَ جُثْمَانُ يَسُوعَ مَوْضُوعاً، وَاحِداً عِنْدَ الرَّأْسِ وَالآخَرَ عِنْدَ الْقَدَمَيْنِ. فَسَأَلاَهَا: «يَاامْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟» أَجَابَتْ: «أَخَذُوا سَيِّدِي، وَلا أَدْرِي أَيْنَ وَضَعُوهُ». قَالَتْ هَذَا وَالْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ، فَرَأَتْ يَسُوعَ وَاقِفاً، وَلكِنَّهَا لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ. فَسَأَلَهَا: «يَاامْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ عَمَّنْ تَبْحَثِينَ؟» فَظَنَّتْ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ، فَقَالَتْ لَهُ: «يَاسَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ أَخَذْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ لِآخُذَهُ». فَنَادَاهَا يَسُوعُ: «يَامَرْيَمُ!» فَالْتَفَتَتْ وَهَتَفَتْ بِالْعِبْرِيَّةِ: «رَبُّونِي»، أَيْ: يَامُعَلِّمُ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ تُمْسِكِي بِي!فَإِنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى الآبِ، بَلِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي سَأَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ، وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ!» فَرَ جَعَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَبَشَّرَتِ التَّلاَمِيذَ قَائِلَةً: «إِنِّي رَأَيْتُ الرَّبَّ!» وَأَخْبَرَتْهُمْ بِمَا قَالَ لَهَا. ))
فهل يقال لمثل هذا الاختلاف والتباين أنه إلهام من رب العالمين ؟
والغريب في رواية يوحنا أن مريم اشتبه عليها المسيح بعد تلك الصحبة الطويلة حتى ظنته أنه البساني
----------------------------------------
(1/148)
(60) ومن التناقضات الواضحة نجد أنه حسب إنجيل لوقا [ 24 : 1- 12 ] أن حكاية ذهاب بطرس إلى القبر ورؤيته لللأكفان على الأرض كان بعد رجوع مريم من القبر إلى التلاميذ وإخبارها لهم بما حدث فقام بطرس وأسرع إلى القبر ، فلما انحنى رأى الأكفان وحدها …
أما عند يوحنا [ 20 : 1 - 18 ] فحكاية ذهاب بطرس إلى القبر ورؤيته للأكفان كان قبل رجوع مريم للتلاميذ وإخبارها لهم بما حدث !
-------------------------------------------
(61) ذكر مرقس في [ 16 : 2 ] : أن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة أتين القبر إذ طلعت الشمس وعند يوحنا في [ 20 : 1 ] : إن الظلام كان باقياً والآتي إمراة واحدة وبينهما اختلاف ، لأن مرقس عين الوقت في النهار والآتي جمع ، ويوحنا عينه في الليل والآتية واحدة .
------------------------------------------
(62) متى أصعد المسيح إلى السماء ؟
هناك تناقض في هذه المسألة :
حسب إنجيل لوقا أن صعوده كان في نفس اليوم الذي قام فيه من بين الأموات [لوقا 24 : 36 _ 50 ]
لكن حسب سفر أعمال الرسل أن صعوده كان بعد 40 يوماً من قيامته ! [ 1 : 2-3 ]
----------------------------------------
(63) من أين أصعد المسيح ؟
هناك تناقض في هذه المسألة :
حسب إنجيل لوقا أن المسيح أصعد إلى السماء من بيت عنيا _ ضواحي أورشليم [ لوقا 24 : 50 ، 51 ] : (( وأخرجهم خارجاً إلي بيت عنيا ، ورفع يديه وباركهم ، وفيما هو يباركهم انفرد عنهم وصعد إلي السماء )) لكن حسب سفر أعمال الرسل أن المسيح أصعد إلى السماء من جبل الزيتون ! [ 1 : 9 _ 12 ] :
(( ولما قال هذا هذا ارتفع عنهم وهو ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم . . . حينئذ رجعوا إلي أورشليم من جبل الزيتون ))
ان لوقا كتب في إنجيله أن المسيح ارتفع من بيت عنيا وعندما كتب سفر اعمال الرسل جعل صعوده من جبل الزيتون .
(1/149)
ولكي تتأكد أيها القارىء الفطن من اختلاف جغرافية جبل الزيتون عن جغرافية بيت عنيا راجع خريطة أورشليم في أيام المسيح الموجودة في نهاية العهد الجديد لترى الاختلاف ولتعلم أن كتبة الاناجيل ليسوا ملهمين ولا معصمين !
------------------------------------------
(64) تفيد رواية متى [ 28 : 19 ] أن المسيح أمر تلاميذه بالذهاب ، ليكرزوا في كل الأمم لكن رواية لوقا [ 24 : 49 ] تفيد أن المسيح أمرهم بالمكث في أورشليم قائلاً لهم : (( فأقيموا في اورشليم الي أن تحل عليكم القوة من العلى ))
-------------------------------------------
(65) روى مرقس في [ 16 : 20 ] أن التلاميذ ، بعد أن ارتفع عنهم المسيح ، خرجوا ، فبشروا في كل مكان ، فكذبه لوقا في [ 24: 53 ] وصرح بأنهم كانوا كل حين في الهيكل ، يسبحون الله
-------------------------------------------
(66) جاء في سفر أعمال الرسل [ 9 : 7 ] ان المسافرين مع بولس حينما ظهر له المسيح وهو في الطريق إلي دمشق : (( وقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون أحداً ))
إلا اننا نجد في موضع آخر أن الذين كانوا مع بولس نظروا النور ولم يسمعوا الصوت ! سفر أعمال الرسل [ 22 : 9 ] : (( والذين كانوا معي نظروا النور وارتعبوا ولكنهم لم يسمعوا صوت الذي كلمني ))
وصدق الله العظيم إذ يقول : (( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ))
وإلى اللقاء مع الجزء الثاني(1/150)
تناقضات الكتاب المقدس
انك حين ترى الاختلافات والتناقضات ما بين اصحاحات كتاب النصارى المقدس لا يمكنك أن تظن مجرد ظن بأن هذا فكر الله ووحي الله سبحانه وتعالى لأن الروح القدس لا يوحي بأخبار وأفكار ومعلومات متناقضة ، ولا يوحي لكاتب الاصحاح أو كاتب السفر عكس الخبر أو المعنى الذي يوحيه لكاتب آخر ، ان كلمة الله يستحيل عليها أن تكون متناقضة تهدم بعضها بعضاً . وإليك عزيزي القارىء بعض من تناقضات كتاب النصارى المقدس كدليل على كلامنا : وليحيا من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة :
كم كان عدد الموكلين على الإشراف على خدمة العمال المسخرين لتنفيذ أعمال سليمان ؟
في سفر الملوك الأول انهم كانوا : 150 / مئة وخمسون [ 9 : 23 ]
في سفر أخبار الأيام الثاني انهم كانوا : 250 / مئتين وخمسين [ 8 : 10 ]
فهل هذا التضارب من عند الله ؟
كم وزنة من الذهب جلبها عبيد حيرام وعبيد سليمان من أوفير؟
في الملوك الأول : أنهم جلبوا معهم : 420 / أربع مئة وعشرين وزنة من الذهب [ 9 : 28 ]
في أخبار الأيام الثاني : انهم جلبوا معهم : 450 / أربع مئة وخمسين وزنة من ذهب [ 8 : 18 ]
فهل هذا التضارب من عند الله ؟
كم كان عدد المغنين والمغنيات الذين صعدوا من تل ملح وتل حرشا كروب وأدون وإمير؟
في سفر عزرا نجد انهم كانوا 200 / مئتين [ عزرا 2 : 64 ]
في سفر نحميا نجد انهم كانوا 245 / مئتين وخمسةً وأربعين [ نحميا 7 : 66 ]
فهل هذا التضارب من عند الله ؟
هل الروح القدس أوحى الى عزرا أنهم 200 ثم ناقض نفسه وأوحى الى نحميا انهم 245 ؟!!
كم كان عدد ( بنو عادين ) العائدين من السبي ؟
في سفر عزرا انهم كانوا : 454 / أربع مئة وأربعة وخمسون [ 2 : 15 ]
في سفر نحميا انهم كانوا : 655 / ست مئة وخمسة وخمسون [ 7 : 20 ]
فهل هذا التضارب الجزئي كما يسميه البعض هو من عند الله ؟؟؟
كم كان عدد أهل بيت لحم ونطوفة الذين رجعوا من السبي ؟
(1/151)
في سفر عزرا انهم كانوا : 176/ مئة وستة وسبعين [ 2 : 21 ، 22 ] بالجمع يكونوا 176 .
في سفر نحميا انهم كانوا : 188 / مئة وثمانية وثمانون [ 7 : 26 ]
فهل هذا التضارب من عند الله ؟؟؟
كم كان عدد بنو آرح العائدن من السبي ؟
في سفر عزرا أنهم كانوا : 775 / سبع مئة وخمسة وسبعون [ 2 : 5 ]
في سفر نحميا أنهم كانوا : 652 / ست مئة واثنان وخمسون [ 7 : 10 ]
فهل هذا التضارب من عند الله
كم كان عدد بنو فحث موآب من بني يشوع ويوآب العائدين من السبي ؟
في سفر عزرا أنهم كانوا : 2812 / ألفان وثمان مئة واثنا عشر [ 2 : 6 ]
في سفر نحميا أنهم كانوا : 2818 / ألفان وثمان مئة وثمان مئة وثمانية عشر [ 7 : 11 ]
فهل هذا التضارب من عند الله ؟
كم كان عدد بنو زتوالعائدين من السبي ؟
في سفر عزرا أنهم كانوا : 945 / تسع مئة وخمسة وأربعون [ 2 : 8 ]
في سفر عزرا أنهم كانوا : 845 / ثمان مئة وخمسة وأربعون [ 7 : 13 ]
كم كان عدد بنو باني العائدين من السبي؟
في سفر عزرا أنهم كانوا : 642 / ست مئة واثنان وأربعون [ 2 : 10 ]
في سفر نحميا أنهم كانوا : 648 / ست مئة وثمانية وأربعون [ 7 : 15 ]
كم كان عدد بنو حشوم العائدين من السبي؟
في سفر عزرا أنهم كانوا : 223 / مئتان وثلاثة وعشرون [ 2 : 19 ]
في سفر نحميا أنهم كانوا : 328 / ثلاث مئة وثمانية وعشرون [ 7 : 22 ]
كم كان عدد بنو باباي العائدين من السبي؟
في سفر عزرا انهم كانوا : 623 / ست مئة وثلاثة وعشرين [ 2 : 11 ]
في سفر نخميا انهم كانوا : 728 / ست مئة وثمانية وعشرون [ 7 : 16 ]
كم كان عدد بنو عرجد العائدين من السبي؟
في سفر عزرا انهم كانوا : 1222 / ألف ومئتان واثنان وعشرون [ 2 : 12 ]
في سفر نحميا انهم كانوا : 2322 / ألفان وثلاث مئة واثنان وعشرون [ 7 : 17 ]
كم كان عدد أدونيقام العائدين من السبي؟
في سفر عزرا أنهم كانوا : 666 / ست مئة وست وستون [ 2 : 13 ]
(1/152)
في سفر نحميا أنهم كانوا : 667 / ست مئة وسبعة وستون [ 7 : 18 ]
كم كان عدد بنو بغواي العائدين من السبي؟
في سفر عزرا انهم كانوا : 2056 / ألفان وستة وخمسون [ 2 : 14 ]
في سفر نحميا انهم كانوا : 2067 / ألفان وسبعة وستون [ 7 : 19 ]
كم كان عدد بنو بيصاي العائدين من السبي؟
في سفر عزرا انهم كانوا : 323 / ثلاث مئة وثلاثة وعشرون [ 2: 17 ]
في سفر نحميا انهم كانوا : 324 / ثلاث مئة واربعة وعشرون [ 7 : 23 ]
كم كان عدد رجال بيت إيل وعاي العائدين من السبي؟
في سفر عزرا انهم كانوا : 223 / مئتان وثلاثة وعشرون [ 2 : 28 ]
في سفر نحميا انهم كانوا : 123 / مئة وثلاثة وعشرون [ 7 : 32 ]
كم كان عدد بنو لود بنو حاديد وأونو العائدين من السبي؟
في سفر عزرا انهم كانوا : 725 / سبع مئة وخمسة وعشرون [ 2 : 33 ]
في سفر نحميا انهم كانوا : 721 / سبع مئة وواحد وعشرون [ 7 : 37 ]
كم كان عدد بنو سناءة العائدين من السبي؟
في سفر عزرا انهم كانوا : 3630 / ثلاثة آلاف وست مئة وثلاثون [ 2 : 35 ]
في سفر نحميا انهم كانوا : 3930 / ثلاثة وتسع مئة وثلاثون . [ 7 : 38 ]
كم كان عدد المغنون من بني آساف العائين من السبي ؟
في سفر عزرا أنهم : 128 / مئة وثمانية وعشرون [ 2 : 41 ]
في سفر نحميا انهم : 148 / مئة وثمانية وأربعون [ 7 : 44 ]
كم كان عدد بنو البوابين العائدين من السبي ؟
في سفر عزرا أنهم : 139 / مئة وسع وثلاثون [ 2 : 42 ]
في سفر نحميا انهم : 138 / مئة وثمانية وثلاثون [ 7 : 45 ]
كم كان عدد الذين صعدوا من تل ملح وتل حرشا ، كروب ولم يستطيعوا أن يبينوا بيوت آبائهم ؟
في سفر عزرا انهم كانوا : 652 / ست مئة واثنان وخمسون [ 2 : 59 ، 60 ]
في سفر نحميا انهم كانوا : 642 / ست مئة واثنان وأربعون [ 7 : 61 ، 62 ]
كم كان عدد الاقمصة الذي تبرع به رؤساء العائلات للكهنة لدى وصولهم إلي أورشليم لبناء بيت الرب ؟
(1/153)
في سفر عزرا : 100/ مئة قميص / [ 2 : 69 ]
في سفر نحميا : 530 / خمس مئة وثلاثين قميصاً [ 7 : 70 ]
تناقض في ( شاقل القدس ) :
جاء في سفر العدد [ 18 : 16 ] : " وفداؤه من ابن شهر تقبله حسب تقويمك فضة خمسة شواقل على شاقل القدس. هو عشرون جيرة "
الواقع ان عبارة شاقل القدس الواردة في النص هي من الزلات الفاضحة التي ينبغي للأتقياء إزالتها من النص حيث تكشف عن التلفيق وإقحام القصة بعد عهد موسى بزمن بعيد ، فمن المؤكد أن ( شاقل القدس ) لم يكن مستخدماً في مصر أو في القفر أو في أي مكان آخر في زمن موسى لأنه لم يكن قد قام ملك القدس بعد ولم يكن قد جرى صك ( شاقل القدس ) ومع ذلك جعل المؤلفون الذين كتبوا سفر الخروج أن الرب يقول لموسى : " اذا اخذت كمية بني اسرائيل بحسب المعدودين منهم يعطون كل واحد فدية نفسه للرب عندما تعدّهم . لئلا يصير فيهم وبأ عندما تعدّهم . هذا ما يعطيه كل من اجتاز الى المعدودين نصف الشاقل بشاقل القدس . الشاقل هو عشرون جيرة "
وبين النصين الأول والثاني تناقض فاضح ففي النص الأول الفداء بخمسة شواقل وفي الثاني الفداء بنصف الشاقل ، كما أن الفداء إذا لم يرافقه دفع النقود فسيصيب الوباء بني اسرائيل ، ونريد أن نعرف : ما الذي سيفعله الرب بهذه النقود ؟
تناقض في ذات الله :
جاء في سفر التكوين [ 1 : 26 ] : ان الله يشبه الانسان شبهاً تاماًً .
إلا انه جاءت نصوص أخرى تنفي المثلية وأن الله ليس كمثله شيىء ومن هذه النصوص ما جاء في سفر الخروج [ 9 : 14 ] : " أَنَّهُ لَيْسَ مَثِيلٌ لِي فِي كُلِّ الأَرْضِ. "
وقال موسى عن الله : " ليس مثل الله " [ تثنية 33 : 26 ] وفي كلام داود عليه السلام : " ايها الرب الاله . . . ليس مثلك " [ صموئيل الثاني 7 : 22 ]
ويقول ارميا لله : " لا مثل لك يا رب . . . ليس مثلك " [ ارميا 10 : 6 _ 8 ]
(1/154)
ويوبخ الله بني اسرائيل على لسان اشعيا فيقول : " بمن تشبهونني وتسوونني ، وتمثلوني لنتشابه ؟ " [ اشعيا 46 : 5 ] وقال اشعيا : " فبمن تشبهون الله ؟ وأي شبه تعادلون به ؟ " [ اشعيا 40 : 18 ] وقال أيضاً على لسان الله عزوجل : " بمن تشبهونني فأساويه . يقول القدوس " [ اشعيا 40 : 25 ]
فأنت ترى نصين في الكتاب المقدس في ذات الله سبحانه وتعالى .
الأول : أن الله يشبه الانسان شبهاً تاماً ، مع تميزه بالجمال والجلال ، والبهاء والمجد
الثاني : ان الله سبحانه وتعالى ليس بجسم ، وهو عظيم ولا يشبه الانسان ولايمكن لأحد أن يتصوره أو يتخيله بصورة ما . وإنما يعتقد أن ليس كمثله شيء .
تناقض في مكان ( شور ) :
ان ( شور ) نراها في المنطقة الشمالية المتاخمة للمتوسط من شبه جزيرة سيناء برية شور ، ومرة أخرى الكتاب المقدس يجعلها بلدة قرب حدود مصر ، [ تكوين 16 : 7 ] ، [ تكوين 25 : 18 ] ، [ صموئيل الاول 15 : 7 ]
وظلت شور باستمرار أمام مصر وفي مقابل مصر غير أننا نفاجأ في سفر الخروج وقد صارت داخل مصر : " ثم ارتحل موسى باسرائيل من بحر سوف وخرجوا إلي برية شور ولم يجدوا ماءً " [ خروج 15 : 22 ]
هل عرف ابراهيم يهوه أم لم يعرفه ؟
يذكر سفر التكوين ان ابراهيم عرف ( يهوه ) باسمه ودعا الموقع الذي أوشك أن يمارس عنده عادة ذبح الابن تقدمة للإله باسم ( يهوه يراه ) [ تكوين 22 : 14 ]
لكن ذلك لسوء الحظ تناقض تناقضاً صريحاً مع ما ورد في سفر الخروج ومبرراً للتشكيك في أمانة الرواية ومصداقية الحكي كله ، فقد جاء في سفر الخروج [ 6 : 3 ] أن يهوه قال لموسى في أول لقاء لهما قرب خيام مدين أن إبراهيم واسحاق ويعقوب لم يعرفوه باسم ( يهوه ) !
الزواج من أرملة مباح أم غير مباح ؟
(1/155)
أمر الله الكاهن من بني هرون بقوله : " يأخذ امرأة عذاراء ، أما الأرملة والمطلقة والمدنسة والزانية فمن هؤلاء لا يأخذ ، بل يتخذ عذراء من قومه " [ لاويين 21 : 12 _ 13 ] ويقول كاتب سفر حزقيال : " ولا يأخذون ارملة ولا مطلقة زوجة ، بل يتخذون عذارى من نسل بيت اسرائيل ، أو ارملة التي كانت ارملة كاهن " [ حزقيال 24 : 21 _ 22 ] فكاتب توراة موسى ذكر ان الله حرم عليهم الارملة ، سواء كانت ارملة كاهن أو غير كاهن ، وكاتب سفر حزقيال : أباح لهم أرملة الكاهن .
مره يذم الخمر ومره يطلب شربها !
من التناقضات الظريفة في الكتاب المقدس ما نجده في سفر الأمثال :
حيث نجد ان الكاتب في الاصحاح 21 : 17 يذم الخمر معلناً أن الفقر في شرب الخمر وفي الاصحاح 23 العدد 29 _ 35 من نفس السفر نجد ان الرب أيضا يذم الخمر ويحث الانسان على ترك الخمر وان لا يخسر نفسه في الخمر . حيث يقول : " لِمَنِ الْمُعَانَاةُ؟ لِمَنِ الْوَيْلُ وَالشَّقَاءُ وَالْمُخَاصَمَاتُ وَالشَّكْوَى؟ لِمَنِ الْجِرَ احُ بِلاَ سَبَبٍ؟ وِلِمَنِ احْمِرَارُ الْعَيْنَيْنِ؟ 30إِنَّهَا لِلْمُدْمِنِينَ الْخَمْرَ، السَّاعِينَ وَرَاءَ الْمُسْكِرِ الْمَمْزُوجِ. 31لاَ تَنْظُرْ إِلَى الْخَمْرِ إِذَا الْتَهَبَتْ بِالاحْمِرَارِ، وَتَأَلَّقَتْ فِي الْكَأْسِ، وَسَالَتْ سَائِغَةً، 32فَإِنَّهَا فِي آخِرِهَا تَلْسَعُ كَالْحَيَّةِ وَتَلْدَغُ كَالأُفْعُوَانِ. 33فَتُشَاهِدُ عَيْنَاكَ أُمُوراً غَرِيبَةً، وَقَلْبُكَ يُحَدِّثُكَ بِأَشْيَاءَ مُلْتَوِيَةٍ، 34فَتَكُونُ مُتَرَنِّحاً كَمَنْ يَضْطَجِعُ فِي وَسَطِ عُبَابِ الْبَحْرِ، أَوْ كَرَاقِدٍ عَلَى قِمَّةِ سَارِيَةٍ! 35فَتَقُولُ: «ضَرَ بُونِي وَلَكِنْ لَمْ أَتَوَجَّعْ. لَكَمُونِي فَلَمْ أَشْعُرْ، فَمَتَى أَسْتَيْقِظُ؟ سَأَذْهَبُ أَلْتَمِسُ شُرْبَهَا مَرَّةً أُخْرَى ".
(1/156)
إلا ان الكاتب نسي ما قد قاله ونسي ما قد أعلنه فنجده في الاصحاح 31 : 6 من نفس السفر يحث على شرب الخمر فيقول : " أَعْطُوا الْمُسْكِرَ لِلْهَالِكِ، وَالْخَمْرَ لِذَوِي النُّفُوسِ التَّعِسَةِ، 7فَيَثْمَلُوا وَيَنْسَوْا فَقْرَهُمْ، وَلاَ يَذْكُرُوا بُؤْسَهُمْ بَعْدُ."
هل نرد على الجاهل ?
سفر الأمثال 26 :4 "لاَ تُجَاوِبِ الْجَاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِ لِئَلاَّ تَعْدِلَهُ أَنْتَ."
سفر الأمثال 26 :5 " جَاوِبِ الْجَاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِ لِئَلاَّ يَكُونَ حَكِيماً فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ."
تناقض سفر العدد عن رحلات بني اسرائيل :
هناك تناقض في سفر العدد عن رحلات بني اسرائيل وموت هارون مع ما جاء في سفر التثنية نذكر منه ما يلي :
سفر العدد : 33 : 30
سفر التثنية 10 : 6 _ 7
30ثُمَّ انْتَقَلُوا مِنْ حَشْمُونَةَ وَتَوَقَّفُوا فِي مُسِيرُوتَ. 31وَتَقَدَّمُوا مِنْ مُسِيرُوتَ وَحَطُّوا رِحَالَهُمْ فِي بَنِي يَعْقَانَ. 32وَغَادَرُوا بَنِي يَعْقَانَ وَخَيَّمُوا فِي حُورِ الْجِدْجَادِ. 33وَسَافَرُوا مِنْ حُورِ الْجِدْجَادِ وَأَقَامُوا فِي يُطْبَاتَ. 34وَمَضَوْا مِنْ يُطْبَاتَ وَنَزَلُوا فِي عَبْرُونَةَ. 35وَانْطَلَقُوا مِنْ عَبْرُونَةَ وَنَصَبُوا خِيَامَهُمْ فِي عِصْيُونَ جَابَرَ. 36ثُمَّ تَوَجَّهُوا مِنْ عِصْيُونَ جَابَرَ وَتَوَقَّفُوا فِي صَحْرَاءِ صِينَ، وَهِيَ قَادَشُ. 37وَانْتَقَلُوا مِنْ قَادَشَ وَحَطُّوا رِحَالَهُمْ فِي جَبَلِ هُورٍ فِي طَرَفِ أَرْضِ أَدُومَ.38وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ مِنَ السَّنَةِ الأَرْبَعِينَ لِخُرُوجِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ دِيَارِ مِصْرَ، صَعِدَ هَرُونُ الْكَاهِنُ إِلَى جَبَلِ هُورٍ حَسَبَ أَمْرِ الرَّبِّ وَمَاتَ هُنَاكَ.
(1/157)
ثُمَّ ارْتَحَلَ الإِسْرَائِيلِيُّونَ مِنْ جِوَارِ آبَارِ بَنِي يَعْقَانَ إِلَى مُوسِيرَ، حَيْثُ مَاتَ هرُونُ وَدُفِنَ هُنَاكَ. فَتَوَلَّى أَلِعَازَارُ ابْنُهُ رِئَاسَةَ الْكَهَنُوتِ عِوَضاً عَنْهُ. 7وَمِنْ هُنَاكَ انْتَقَلَ الإِسْرَائِيلِيُّونَ إِلَى الْجِدْجُودِ، وَمِنْهَا إِلَى يُطْبَاتَ، وَهِيَ أَرْضٌ عَامِرَةٌ بِالأَنْهَارِ.
تناقض في ذكر أنساب الاسرائليين :
في الاصحاح السادس والأربعين من سفر التكوين ذكر الكاتب نسباً تاريخياً للأسرائيليين ثم ذكر أيضاً هذا النسب في الاصحاح السادس من سفر الخروج ، ثم ذكره أيضاً في الاصحاح السادس والعشرين من سفر العدد ، وجاء أيضاً ذكر هذا النسب في سفر الأخبار الاول في الاصحاح الأول والثاني . وفي الجميع اختلافات وتناقضات فاحشة إليك بعض منها :
1 _ أولاد شمعون :
سفر التكوين
سفر العدد
سفر أخبار الأيام الأول
1 - يموئيل
2 - يامين
3 - أوهد
4 - ياكين
5 - صوحر
6 - شأول
نموئيل
يامين
( لم يذكر )
ياكين
زارح
شأول
نموئيل
بامين
( لم يذكر )
يريب
زارح
شأول
2 _ بنو بنيامين :
سفر التكوين
46 : 21
سفر العدد
26 : 30 _ 40
سفر أخبار الايام الاول
7 : 6
سفر اخبار الايام الأول
8 : 1 – 5
1 - بالع
2 - باكر
3 - اشبيل
4 - جيرا
5 - نعمان
6 - ايحى
7 - روش
8 - مفيم
9 - حفيم
10 - أرد
بالع
. . . . .
اشبيل
. . . .
ذكر حفيداَ
أحيرام
. . . . .
أشفوفام
حوفام
ذكر حفيداً
بالع
باكر
يد يعئيل
. . . . .
. . . . .
. . . . .
. . . . .
. . . . .
. . . . .
. . . . .
بالع
. . . . . .
اشبيل
ذكر حفيداً
ذكر حفيداً
أخرخ ونوحه
رافه
ذكر حفيداً
ذكر حفيداً
ذكر حفيداً
تناقض بين نسب لاوي ويوسف ابنا يعقوب :
من قارن نسب لاوي ويوسف ابنا يعقوب ، وجد تناقضاً . وهذا هو البيان :
يعقوب
سفر الخروج 6 : 16
سفر اخبار الثاني 7 : 23 _ 27
لاوي
قهات
عمرام
(1/158)
هارون وموسى
_
_
_
_
_
_
_
يوسف
افرايم
بريعة
رفح
تلح
تاحن
لعدان
عميهود
اليشمع
نون
يشوع بن نون فتى موسى
وقد كان موسى معاصراً ليشوع . فإما اسقط الكاتب لكتاب موسى : آباء من عمرام الي موسى ، وإما زاد كاتب سفر أخبار الايام الأول آباء لا مقابل لها في آباء موسى عليه السلام .
وقد حسب " بولس " ان جميع ما سكن بنو اسرائيل وآباؤهم واجدادهم من ابراهيم الي موسى : اربعمئة وثلاثين سنة على سلسة النسب من ابراهيم الي موسى _ لأن الآباء فيها قليلون _ وهي صحيحة إذا كذبنا رواية سفر الاخبار . وهي كاذبة إذا صدقناها . لأن الآباء كثيرون فيها .
عزيزي القارىء :
ان التناقضات والاخطاء الموجودة في الكتاب المقدس أكثر من ان تحصى وأكبر من أن تعد وسنعدك أن نضع بين كل فترة وأخرى طائفة منها .
وختاماً :
يقول الباحث ( شفيق مقار ) عن الكتاب المقدس : يجب أن نحاذر في تعاملنا مع الحكي التوراتي من التوري والفخاخ الكثيرة المبثوثة في طريق العقل من خلال الادعاء بأن ذلك الحكي يؤرخ أحداث مراحل تطور الشعب ذي أصول ضاربة في القدم واستمرارية عرقية وثقافية .
ويعدد الباحث ( شفيق مقار) الفخاخ المنصوبة فيراها كما يلي :
1 – نوح فلاح وارتد أبناؤه الي رعاة والفلاح لا يرتد إلي الرعي بل الرعاة يستقرون ويصبحون فلاحين .
2 – الآباء كانوا رعاة والرعاة لا يكونون تراثاً أسطورياً .
3 – من المحتمل وجود هؤلاء الآباء لكن من غير المعقول أن يكونوا آباء لشعب غير موجود لا في زمانهم ولا بعد زمانهم بقرون ، هذا الشعب إن هو إلا اختلاق أسطوري لجأ إليه مؤلفو سفر التكوين .
4 – إن هربهم من الجوع كما تذكر التوراة أمر يتناقض تماماً مع الصور المنقوشة على جدران المعابد المصرية لمحاولات التسرب وطرد الحرس لهم وبناء المصريين لحائط على الحدود لسد الطريق في وجوههم .
(1/159)
5 – الرعي والرحيل يناقض الأصول التي أوردتها التوراة عن ( أور ) والحضارة المكتشفة فيها .
6 – كذب في اقتناء الجمل في التوارة ولم يكن هؤلاء الجماعات عرفوا الجمال بعد .
7 – تناقض في التوراة حول استقرار إسحاق في الزراعة وبين البداوة والرحيل مع ابنه يعقوب والأجيال التي تلته .
- ومن التناقضات الغريبة حقاً هو وجود الكثير من التعليمات التي تملأ التوراة بشأن الذبح والمحرقة ( على الأخص في سفر اللاوبين ) بينما يصرح سفر إرمياء [ 7 : 22 ] أن الله لم يأمر قط بتقديم ذبائح أو محارق ! " هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل : ضموا محارقكم إلى ذبائحكم وكلوا لحماً ، لأني لم أكلم آبائكم ولا أوصيتكم يوم أخرجتهم من أرض مصر من جهة محرقة وذبيحة ، بل إنما أوصيتهم بهذا الأمر قائلاً : إسمعوا صوتي فأكون لكم إلهاً وأنتم تكونون لي شعباً ، وسيروا في الطريق الذي أوصيتكم به ليحسن إليكم " .
- من الملاحظ عند القراءة الجيدة لتاريخ ألواح الناموس أن نفس اللوح الذي قيل أن الله قد كتبه تجده في قصة أخرى أن موسى هو الذي كتبه ، قارن سفر الخروج ( 34 : 7 ) في مقابل سفر الخروج ( 34 : 1 ) وسفر التثنية ( 10 : 2 - 5 ) .
- تبعاً لسفر الخروج ( 6 : 2 ) قد أخبر الله نبيه إبراهيم أن اسمه ليس " يهوه " إلا أنه عاد وأكد له تبعاً لسفر التكوين ( 22 : 14 ) أن اسمه " يهوه " .
- تبعاً لسفري العدد والتثنية يكون هارون قد توفي مرتين في مكانين مختلفين أحدهما على جبل حور ( العدد 20 : 28 وأيضاً 33 : 38 ) والآخر في موسير ( التثنية 10 : 6 ) .
(1/160)
- وتبعاً للرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس (15 : 5) فقد ظهر يسوع للإثنى عشر [ بعد نشوره ] على الرغم من أنه لم يكن آنذاك هناك إثنى عشر [ حيث انتحر أحد الإثنى عشر قبل صلب يسوع ] ( ولا نخمن أن بولس كان قد اعتبر نفسه أحدهم ) [ وهو بذلك يعتبر أيضاً أن نهايات الأناجيل من الصلب والفداء والقيامة والظهور من اختراعات بولس ] . وعلى أية حال فإن هيئة الحواريين قد اكتمل عددها بعد ذلك ، ولم يعد هناك مجال لدخول حواري ثاني عشر آخر يُدعى بولس .
- من التناقضات المختلفة لسفر أعمال الرسل مقارنة بالأسفار الأخرى التي يحتويها العهد الجديد - ونذكر فقط المعترف به وقبله العلم منذ زمن - أنه تبعاً لسفر أعمال الرسل ( 9 ) تقابل بولس مع الحواريين الآخرين بعد قليل من إعتناقه لديانة يسوع أثناء رحلته إلى دمشق ، وكان ذلك في أورشليم ، بينما لم يسافر إلى أورشليم تبعاً لسفر غلاطية ( 1 : 18 ) إلا بعد ذلك بثلاث سنوات .
وهذان التقريران السابقان ( أعمال الرسل ( 9 ) وغلاطية 1 : 18 وما بعدها ) كما يرى البروفسور كونتسلمان في كتابه " أعمال الرسل " طبعة توبنجيه لعام 1963 " لا يمكن عمل مقارنة بينهما " .
ويضيف أيضاً قائلاً : [ إن الأشنع من ذلك هو التناقض بين أعمال الرسل (8:9) وما بعدها [ فكان يدخل معهم ويخرج معهم في أورشليم ويجاهر بإسم الرب يسوع ، وكان يخاطب ويباحث اليونانيين فحاولوا أن يقتلوه ] وبين غلاطية ( 1 : 22 ) [ ولكنني كنت غير معروف بالوجه عند كنائس اليهودية التي في المسيح . غير أنهم كانوا يسمعون أن الذي كان يضطهدنا قبلاً يبشر الآن بالإيمان الذي كان قبلاً يتلفه .فكانوا يسجدون لله في ] (ص60).
كذلك توجد أيضاً تناقضات بين قصتي تحول بولس إلى ديانة يسوع ( أعمال الرسل 1:22-16 ،9:26-18 ) راجع أيضاً المراجع السابقة لـ كونتسلمان .(1/161)
تناقضات الكتاب المقدس
في أي يوم جاء ( نبوزردان ) رئيس الشرطة كي يدمر الهيكل ؟
في سابع الشهر
في عاشر الشهر
سفر ملوك الثاني 25 : 8 "وفي الشهر الخامس في سابع الشهر وهي السنة التاسعة عشرة للملك نبوخذناصّر ملك بابل جاء نبوزرادان رئيس الشرط عبد ملك بابل الى اورشليم. 9 واحرق بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت اورشليم وكل بيوت العظماء احرقها بالنار. 10 وجميع اسوار اورشليم مستديرا هدمها كل جيوش الكلدانيين الذين مع رئيس الشرط. 11 وبقية الشعب الذين بقوا في المدينة والهاربون الذين هربوا الى ملك بابل وبقية الجمهور سباهم نبوزرادان رئيس الشرط. 12 ولكن رئيس الشرط ابقى من مساكين الارض كرامين وفلاحين. "
سفر إرميا 52 : 12 "وفي الشهر الخامس في عاشر الشهر وهي السنة التاسعة عشرة للملك نبوخذراصر ملك بابل جاء نبوزرادان رئيس الشرط الذي كان يقف امام ملك بابل الى اورشليم. 13 واحرق بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت اورشليم وكل بيوت العظماء احرقها بالنار14 وكل اسوار اورشليم مستديرا هدمها كل جيش الكلدانيين الذي مع رئيس الشرط. 15 وسبى نبوزرادان رئيس الشرط بعضا من فقراء الشعب وبقية الشعب الذين بقوا في المدينة والهاربين الذين سقطوا الى ملك بابل وبقية الجمهور. 16 ولكن نبوزرادان رئيس الشرط ابقى من مساكين الارض كرّامين وفلاحين ."
كم عدد ندماء الملك الذين اخذهم ( نبوزردان ) رئيس الشرطة ؟
خمسة رجال
سبعة رجال
سفر الملوك الثاني 25 : 18 " واخذ رئيس الشرط سرايا الكاهن الرئيس وصفنيا الكاهن الثاني وحارسي الباب الثلاثة. 19 ومن المدينة اخذ خصيا واحدا كان وكيلا على رجال الحرب وخمسة رجال من الذين ينظرون وجه الملك الذين وجدوا في المدينة وكاتب رئيس الجند الذي كان يجمع شعب الارض وستين رجلا من شعب الارض الموجودين في المدينة20 واخذهم نبوزرادان رئيس الشرط وسار بهم الى ملك بابل الى ربلة. "
(1/162)
سفر إرميا 52 : 24 " واخذ رئيس الشرط سرايا الكاهن الاول وصفنيا الكاهن الثاني وحارسي الباب الثلاثة25 واخذ من المدينة خصيا واحدا كان وكيلا على رجال الحرب وسبعة رجال من الذين ينظرون وجه الملك الذين وجدوا في المدينة وكاتب رئيس الجند الذي كان يجمع شعب الارض للتجند وستين رجلا من شعب الارض الذين وجدوا في وسط المدينة 26 اخذهم نبوزرادان رئيس الشرط وسار بهم الى ملك بابل الى ربلة. "
كم يبلغ أرتفاع تاج عمود بيت الرب ؟
ثلاثة أذرع
خمسة أذرع
سفر الملوك الثاني 25 : 17 " ثماني عشرة ذراعا ارتفاع العمود الواحد وعليه تاج من نحاس وارتفاع التاج ثلاث اذرع والشبكة والرمانات التي على التاج مستديرة جميعها من نحاس. وكان للعمود الثاني مثل هذه على الشبكة 18 واخذ رئيس الشرط سرايا الكاهن الرئيس وصفنيا الكاهن الثاني وحارسي الباب الثلاثة. "
سفر إرميا 52 : 22 " وعليه تاج من نحاس ارتفاع التاج الواحد خمس اذرع وعلى التاج حواليه شبكة ورمانات الكل من نحاس. ومثل ذلك للعمود الثاني والرمانات 23 وكانت الرمانات ستا وتسعين للجانب. كل الرمانات مئة على الشبكة حواليها 24 واخذ رئيس الشرط سرايا الكاهن الاول وصفنيا الكاهن الثاني وحارسي الباب الثلاثة "
هل نتلف الأشجار المثمرة في الحرب أم لا نتلفها ؟
لا
نعم
سفر التثنية 20 : 18 " اذا حاصرت مدينة اياماً كثيرةً محارباً اياها لكي تأخذها فلا تتلف شجرها بوضع فاس عليه. انك منه تأكل. فلا تقطعه. لانه هل شجرة الحقل انسان حتى يذهب قدامك في الحصار. "
سفر الملوك الثاني 3 : 19 " فتضربون كل مدينة محصّنة وكل مدينة مختارة وتقطعون كل شجرة طيبة .. "وبحسب الترجمة التفسيرية " فتدمرون كل مدينة محصنة ، وكل مدينة رئيسية ، وتقطعون كل شجرة مثمرة .. "
هل كان ابياثار أب أم ابن لأخيمالك ؟
أبياثار كان أباً لأخيمالك
أبياثار كان ابناً لأخيمالك
(1/163)
صموئيل الثاني 8 : 17 "وصادوق بن اخيطوب واخيمالك بن ابياثار كاهنين وسرايا كاتبا "
أخبار الأيام الأول 18 : 16 "وصادوق بن اخيطوب وابيمالك بن ابياثار كاهنين وشوشا كاتبا "
أخبار الأيام الأول 24 : 6 "وكتبهم شمعيا بن نثنئيل الكاتب من اللاويين امام الملك والرؤساء وصادوق الكاهن واخيمالك بن ابياثار "
صموئيل الأول 22 : 20 " فنجا ولد واحد لاخيمالك بن اخيطوب اسمه ابياثار وهرب الى داود "
صموئيل الأول 23 : 6 "وكان لما هرب ابياثار بن اخيمالك الى داود الى قعيلة نزل وبيده افود. "
صموئيل الأول 30 : 7 "ثم قال داود لابياثار الكاهن ابن اخيمالك قدم اليّ الافود " .
متى خرج المسيح إلى المكان المقفر ليصلي لله سبحانه وتعالى ؟
لقد روى كل من مرقس 1 : 35 ولوقا 4 : 42 في بشارتهما حكاية قيام المسيح عليه السلام بالخروج إلى مكان مقفر حيث صار منعزلاً فيه عن الناس وأخذ يصلي هناك ويعبد الله سبحانه وتعالى ، وقد كان ذلك بعد ان قام بشفاء حماة بطرس من الحمى حسب الروايتين وايضاً قبل خروجه من كفرناحوم ويسير في الجليل ليقوم بالتبشير حسب الروايتين . وما لفت انتباهي - عزيزي القارىء - ان مرقس ولوقا قد تناقضا في تحديد وقت هذا الخروج لذاك المكان المقفر الذي أخذ يصلي فيه المسيح لله سبحانه وتعالى . فبحسب رواية مرقس ان خروج المسيح لذاك المكان كان قبل طلوع الفجر أي في الصباح الباكر جداً وبحسب رواية لوقا ان خروج المسيح لذاك المكان حدث لما صار النهار !!!
خرج قبل طلوع الفجر
خرج لما طلع النهار
مرقس 1 : 35 " وَفِي الصُّبْحِ بَاكِراً جِدّاً قَامَ وَخَرَجَ وَمَضَى إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ ، وَكَانَ يُصَلِّي هُنَاكَ، .....
و بحسب الترجمة التفسيرية : " وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، نَهَضَ بَاكِراً قَبْلَ الْفَجْرِ، وَخَرَجَ إِلَى مَكَانٍ مُقْفِرٍ وأَخذَ يُصَلِّي هُناك....."
(1/164)
لوقا 4 : 42 " وَلَمَّا صَارَ النَّهَارُ خَرَجَ وَذَهَبَ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ ..."
وبحسب الترجمة التفسيرية " وَلَمَّا طَلَعَ النَّهَارُ، خَرَجَ وَذَهَبَ إِلَى مَكَانٍ مُقْفِرٍ....."
الخطأ الصريح عندما صار المساء على المسيح :
يحدثنا كاتب انجيل متى 14 : 13 عن معجزة المسيح في اشباع الخمسة آلاف رجل فيقول :
13 فلما سمع يسوع انصرف من هناك في سفينة الى موضع خلاء منفردافسمع الجموع وتبعوه مشاة من المدن
14 فلما خرج يسوع ابصر جمعا كثيرا فتحنن عليهم وشفى مرضاهم
15 ولما صار المساء تقدم اليه تلاميذه قائلين الموضع خلاء والوقت قد مضىاصرف الجموع ..
16 فقال لهم يسوع لا حاجة لهم ان يمضوا اعطوهم انتم ليأكلوا
17 فقالوا له ليس عندنا ههنا الا خمسة ارغفة وسمكتان
18 فقال ايتوني بها الى هنا
19 فامر الجموع ان يتكئوا على العشب ثم اخذ الارغفة الخمسة والسمكتين ورفع نظره نحو السماء وبارك وكسر ...
20 فأكل الجميع وشبعوا ثم رفعوا ما فضل من الكسر اثنتي عشر قفة مملوءة
21 والآكلون كانوا نحو خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والاولاد
22 وللوقت ألزم يسوع تلاميذه ان يدخلوا السفينة ويسبقوه الى العبر حتى يصرف الجموع
23 وبعدما صرف الجموع صعد الى الجبل منفردا ليصلّي ولما صار المساء كان هناك وحده
24 واما السفينة فكانت قد صارت في وسط البحر معذبة من الامواجلان الريح كانت مضادة ...ترجمة الفاندايك
ان القارىء الملاحظ سيجد ان قول متى في العدد 23 : " ولما صار المساء كان هناك وحده " هو قول فيه خطأ واضح إذ انه من المفترض حسب العدد 15 ان المساء كان قد صار وحل من قبل ان يصعد المسيح للجبل منفردا ليصلي ويعبد الله سبحانه وتعالى . وسنجد أيضاً نفس المعنى في ترجمة كتاب الحياة : " وحل عليه المساء وهو وحده هناك " بينما المفترض في العدد 15 ان المساء كان قد حل .
تناقض الكتاب المقدس في نسبة الخطايا لداود النبي
(1/165)
ورد في سفر الملوك الأول 15 : 5 عن داود النبي أنه صنع ما هو صالح في عيني الرب ، ولم يحد عن كل ما أمره به كل أيام حياته ، باستثناء خطيئته المزعومة مع أوريا الحثي، فيقول النص : " لأَنَّ دَاوُدَ عَمِلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ وَلَمْ يَحِدْ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا أَوْصَاهُ بِهِ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، إِلاَّ فِي قَضِيَّةِ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ. " وفي الترجمة الانجليزية The King James Version :
" David did that which was right in the eyes of the Lord, and turned not aside from anything that he commanded him all the days of his life, save only in the matter of Uriah the Hittite."
نلاحظ في النص - عزيزي القارىء - حرف الاستثناء ( إلا ) أي ان داود لم يحد عن شىء كل أيام حياته باستثناء خطيئة أوريا الحثي الواردة في 2صموئيل 11 : 2 . وهذا الكلام فيه خطأ وهو يتناقض مع النصوص الأخرى من الكتاب المقدس التي تنسب له الخطايا العظيمة بخلاف خطيئة أوريا الحثي، فعلى سبيل المثال :
(1/166)
أولاً : في سفر أخبار الأيام الأول 21 : 1 نجد ان الكاتب ينسب لداود النبي وحاشاه ارتكاب خطيئة احصاء الشعب احساسا منه بالكبرياء كي يستطيع الافتخار بقوة جيشه وكيف انه وضع اتكاله على حجم جيشه وليس على قدرة الله ( التفسير التطبيقي ) وبالرغم من تحذير يوآب والرؤساء لداود أن أن لا يقدم على هذا التعداد أو الاحصاء فإن داود أصر على المضي فيه . فيقول النص : " َوَقَفَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ وَأَغْوَى دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ. 2فَقَالَ دَاوُدُ لِيُوآبَ وَلِرُؤَسَاءِ الشَّعْبِ : اذْهَبُوا عُدُّوا إِسْرَائِيلَ مِنْ بِئْرَِ سَبْعٍَ إِلَى دَانَ, وَأْتُوا إِلَيَّ فَأَعْلَمَ عَدَدَهُمْ». 3فَقَالَ يُوآبُ: «لِيَزِدِ الرَّبُّ عَلَى شَعْبِهِ أَمْثَالَهُمْ مِئَةَ ضِعْفٍ. أَلَيْسُوا جَمِيعاً يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ عَبِيداً لِسَيِّدِي؟ لِمَاذَا يَطْلُبُ هَذَا سَيِّدِي؟ لِمَاذَا يَكُونُ سَبَبَ إِثْمٍ لإِسْرَائِيلَ؟ 4فَاشْتَدَّ كَلاَمُ الْمَلِكِ عَلَى يُوآبَ. فَخَرَجَ يُوآبُ وَطَافَ فِي كُلِّ إِسْرَائِيلَ ثُمَّ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. 5فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِ إِلَى دَاوُدَ, فَكَانَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ مِلْيُوناً وَمِئَةَ أَلْفِ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ وَيَهُوذَا أَرْبَعَ مِئَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ, 6وَأَمَّا لاَوِي وَبِنْيَامِينُ فَلَمْ يَعُدَّهُمْ مَعَهُمْ لأَنَّ كَلاَمَ الْمَلِكِ كَانَ مَكْرُوهاً لَدَى يُوآبَ. 7وَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ اللَّهِ هَذَا الأَمْرُ فَضَرَبَ إِسْرَائِيلَ. 8فَقَالَ دَاوُدُ لِلَّهِ : لَقَدْ أَخْطَأْتُ جِدّاً حَيْثُ عَمِلْتُ هَذَا الأَمْرَ. وَالآنَ أَزِلْ إِثْمَ عَبْدِكَ لأَنِّي سَفِهْتُ جِدّاً. 9فَقالَ الرَّبُّ لِجَادَ رَائِي دَاوُدَ: 10اذْهَبْ وَقُلْ لِدَاوُدَ: هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: ثَلاَثَةً أَنَا عَارِضٌ(1/167)
عَلَيْكَ فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ وَاحِداً مِنْهَا فَأَفْعَلَهُ بِكَ. 11فَجَاءَ جَادُ إِلَى دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: اقْبَلْ لِنَفْسِكَ 12إِمَّا ثَلاَثَ سِنِينَ جُوعٌ, أَوْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ هَلاَكٌ أَمَامَ مُضَايِقِيكَ وَسَيْفُ أَعْدَائِكَ يُدْرِكُكَ, أَوْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَكُونُ فِيهَا سَيْفُ الرَّبِّ وَوَبَأٌ فِي الأَرْضِ, وَمَلاَكُ الرَّبِّ يَعْثُو فِي كُلِّ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ. فَانْظُرِ الآنَ مَاذَا أَرُدُّ جَوَاباً لِمُرْسِلِي. 13فَقَالَ دَاوُدُ لِجَادٍ : قَدْ ضَاقَ بِيَ الأَمْرُ جِدّاً. دَعْنِي أَسْقُطْ فِي يَدِ الرَّبِّ لأَنَّ مَرَاحِمَهُ كَثِيرَةٌ, وَلاَ أَسْقُطُ فِي يَدِ إِنْسَانٍ. 14فَجَعَلَ الرَّبُّ وَبَأً فِي إِسْرَائِيلَ, فَسَقَطَ مِنْ إِسْرَائِيلَ . "
ثانيا : و يفهم من الكتاب المقدس ان النبي داود حاد عن شريعة الله حيث انه لم يعاقب ابنه أمنون بسبب ما فعله بأخته من خطيتي الاغتصاب والزنى بالمحارم في صموئيل الثاني 13 : 1 وكلتا الخطيتين حرمهما الله ( لا 18 : 6 - 9 ، 20 : 17 ) فكان يجب على داود أن ينفي ابنه ( لاويين 20 : 17 ) تنفيذاً لأمر الله ، الا انه لم يفعل وحاد عن وصية الله .
ثالثا : ويحدثنا الكتاب المقدس صموئيل الأول 18 : 26 ايضاً كيف أن داود قام بقتل 200 فلسطيني وقطع مذاكيرهم وأتى بها وقدمها لتكون مهراً لميكال ابنة شاول حسب طلبه . فزوجه شاول عندئذ من ابنته .
هل قام المسيح بتعميد أي شخص ؟
هناك تناقض في هذه المسألة فالمفهوم من يوحنا 3 : 22 انه قام بالتعميد الا ان يوحنا في 4 : 2 ناقض نفسه وذكر ان المسيح لم يعمد واليك نص الروايتين :
يوحنا 3 : 22 : " وبعد هذا جاء يسوع وتلاميذه الى ارض اليهودية ومكث معهم هناك وكان يعمد. 23 وكان يوحنا ايضا يعمد في عين نون بقرب ساليم لانه كان هناك مياه كثيرة وكانوا يأتون ويعتمدون. "
(1/168)
يوحنا 4 : 2 : " فلما علم الرب ان الفريسيين سمعوا ان يسوع يصيّر ويعمد تلاميذ اكثر من يوحنا. 2 مع ان يسوع نفسه لم يكن يعمد بل تلاميذه. 3 ترك اليهودية ومضى ايضا الى الجليل "
فهل كان يعمد أم لم يكن يعمد ؟
وإذا قيل بأن المراد من يوحنا 3 : 22 ان المسيح لم يكن يعمد بنفسه أيضاً ، بل تلاميذه وذلك بناء على أوامره وتوجيهاته قلنا : ان هذا القول لا يتفق والمعمودية على يد يوحنا في آن واحد كما يتضح من سياق النص .
في أي يوم أخرج يهوياكين من السجن ؟
في اليوم الخامس والعشرين
في اليوم السابع والعشرين
سفر الملوك الثاني 25 : 27 " وفي السنة السابعة والثلاثين لسبي يهوياكين ملك يهوذا في الشهر الثاني عشر في السابع والعشرين من الشهر رفع اويل مرودخ ملك بابل في سنة تملكه رأس يهوياكين ملك يهوذا من السجن28 وكلمه بخير وجعل كرسيه فوق كراسي الملوك الذين معه في بابل. 29 وغيّر ثياب سجنه وكان ياكل دائما الخبز امامه كل ايام حياته. 30 ووظيفته وظيفة دائمة تعطى له من عند الملك امر كل يوم بيومه كل ايام حياته "
سفر ارميا 52 : 31 " وفي السنة السابعة والثلاثين لسبي يهوياكين في الشهر الثاني عشر في الخامس والعشرين من الشهر رفع اويل مرودخ ملك بابل في سنة تملكه رأس يهوياكين ملك يهوذا وأخرجه من السجن32 وكلمه بخير وجعل كرسيه فوق كراسي الملوك الذين معه في بابل. 33 وغيّر ثياب سجنه وكان يأكل دائما الخبز امامه كل ايام حياته. 34 ووظيفته وظيفة دائمة تعطى له من عند ملك بابل امر كل يوم بيومه الى يوم وفاته كل ايام حياته "
متى خلقت النباتات ؟
قبل الانسان
بعد الانسان
(1/169)
سفر التكوين 1 : 11 - 13 " 11 وقال الله لتنبت الارض عشبا وبقلا يبزر بزرا وشجرا ذا ثمر يعمل ثمرا كجنسه بزره فيه على الارض . وكان كذلك . 12 فاخرجت الارض عشباً وبقلاً يبزر بزراً كجنسه وشجراً يعمل ثمراً بزره فيه كجنسه . ورأى الله ذلك انه حسن . 13 وكان مساء وكان صباح يوما ثالثا .
سفر التكوين 1 : 27 - 31 " فخلق الله الانسان على صورته . على صورة الله خلقه . ذكرا وانثى خلقهم . 28 .... 29 وقال الله اني قد اعطيتكم كل بقل يبزر بزرا على وجه كل الارض وكل شجر فيه ثمر شجر يبزر بزرا . لكم يكون طعاماً . 30 ولكل حيوان الارض وكل طير السماء وكل دبّابة على الارض فيها نفس حية اعطيت كل عشب اخضر طعاماً . وكان كذلك . 31 ورأى الله كل ما عمله فاذا هو حسن جدا . وكان مساء وكان صباح يوما سادسا .
سفر التكوين 2 : 4 - 7 " هذه مبادئ السموات والارض حين خلقت . يوم عمل الرب الاله الارض والسموات . 5 كل شجر البرية لم يكن بعد في الارض وكل عشب البرية لم ينبت بعد . لان الرب الاله لم يكن قد امطر على الارض . ولا كان انسان ليعمل الارض .
كم كان طول العمودين اللذين اقامهما سليمان امام الهيكل ؟
طول كل منهما خمس وثلاثون ذراعاً
طول كل منهما ثماني عشرة ذراعاً
سفر الملوك الأول 7 : 15 " وصوّر العمودين من نحاس طول العمود الواحد ثمانية عشر ذراعا وخيط اثنتا عشرة ذراعا يحيط بالعمود الآخر . 16 وعمل تاجين ليضعهما على راسي العمودين من نحاس مسبوك . طول التاج الواحد خمس اذرع وطول التاج الآخر خمس اذرع . .........21 واوقف العمودين في رواق الهيكل . فاوقف العمود الايمن ودعا اسمه ياكين . ثم اوقف العمود الايسر ودعا اسمه بوعز .
(1/170)
سفر أخبار الأيام الثاني 3 : 15 " وعمل امام البيت عمودين طولهما خمس وثلاثون ذراعا والتاجان اللذان على راسيهما خمس اذرع. ...... 17 واوقف العمودين امام الهيكل واحدا عن اليمين وواحدا عن اليسار ودعا اسم الأيمن ياكين واسم الأيسر بوعز "
من الذي خلف الملك يهوياقيم كملك على عرش داود ؟
لن يخلفه احد من ذريته
خلفه ابنه يهوياكين
سفر ارميا 36 : 30 " لذلك هكذا قال الرب عن يهوياقيم ملك يهوذا. لا يكون له جالس على كرسي داود وتكون جثته مطروحة للحر نهارا وللبرد ليلا.
" Therefore thus saith the Lord of Jehoiakim king of Judah; He shall have none to sit upon the throne of David."
سفر الملوك الثاني 24 : 6 " ثم اضطجع يهوياقيم مع آبائه وملك يهوياكين ابنه عوضا عنه. "
" So Jehoiachim slept with his fathers; and Jehoiachin his son reigned in his stead."
هل سأل (استشار) الملك شاول الرب ؟
شاول سأل الرب
شاول لم يسأل الرب
سفر صموئيل الأول 28 : 6 ، 7 " فسأل شاول من الرب فلم يجبه الرب لا بالاحلام ولا بالاوريم ولا بالانبياء. 7 فقال شاول لعبيده فتشوا لي على امرأة صاحبة جان فاذهب اليها واسألها ... "
سفر أخبار الأيام الأول 10 : 13 " فمات شاول بخيانته التي بها خان الرب من اجل كلام الرب الذي لم يحفظه. وايضاً لاجل طلبه الى الجان للسؤال 14 ولم يسأل من الرب فاماته وحوّل المملكة الى داود بن يسّى "
- شاول قد سأل الرب ولم يجبه .
هل من المقبول أن يطيل الرجال شعورهم ؟
اطالة شعر رأس الرجل مقبوله ومطلوبة
غير مقبولة أو لائقة
سفر العدد 6 : 5 " كل ايام نذر افترازه لا يمرّ موس على راسه. الى كمال الايام التي انتذر فيها للرب يكون مقدسا ويربي خصل شعر راسه.
" No razor shall come upon his [ Nazarite's] head. He shall be holy, and shall let the locks of the hair on his head grow."
(1/171)
سفر القضاة 13 : 5 " فها انك تحبلين وتلدين ابنا ولا يعل موسى رأسه لان الصبي يكون نذيرا لله من البطن "
" For, lo, thou shalt conceive, and bear a son [Samson]; and no razor shall come on his head: for the child shall be a Nazarite."
صموئيل الأول 1 : 11 " ونذرت نذرا وقالت يا رب الجنود ان نظرت نظرا الى مذلة امتك وذكرتني ولم تنس امتك بل اعطيت امتك زرع بشر فاني اعطيه للرب كل ايام حياته ولا يعلو راسه موسى. "
" I will give him [Samuel] unto the Lord all the days of his life, and there shall no razor come upon his head." king James Version .
رسالة بولس الي كورنثوس الأولى 11 : 14 " ام ليست الطبيعة نفسها تعلّمكم ان الرجل ان كان يرخي شعره فهو عيب له . "
king James Version :
" Doth not even nature herself teach you, that, if a man have long hair, it is a shame unto him? "
واليك - عزيزي القارىء - صورة مزعومة للمسيح وقد بلغ شعر رأسه اسفل كتفه من كنيسة مارمرقس القبطية :
كم عدد المولودين لداود النبي في أورشليم ؟
11 مولود
13 مولود
صموئيل الثاني 5 : 14، 15 ، 16
أخبار الآيام الأول 14 : 4 ، 5 ، 6 ، 7
وأخيراً :
قد يبدو لك - عزيزي القارىء - ان هذه التناقضات ليست ذو أهمية بالغة حيث انها لا تمس العقيدة أو التعليم المسيحي بشىء ولكن السؤال الأهم والأخطر هل كلام الله العالم بكل شىء يحتمل التناقض سواء كان هذا التناقض صغيراً أو كبيراً ؟ أم ان وقوع التناقض ممتنع في كلام الله سبحانه وتعالى ؟! وان هذه الاناجيل من صنع البشر ؟
ولا يسعنا بعد هذا إلا كالعادة بأن نوجه هذا السؤال للمسيحيين :
إذا كان الكتاب مقدس لديكم وكتب بإلهام الروح القدس فكيف تحدث فيه مثل هذه الأخطاء والتناقضات ؟
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد خاتم الرسل .
كتبه الأخ يوسف(1/172)
أخطاء وأغلاط في الكتاب المقدس
خطأ الاستشهاد بالعهد القديم :
كما ان بين الأناجيل تناقضات واختلافات كثيرة يوجد بها أيضاً أخطاء كثيرة والهدف من ذكر هذه الأخطاء هو التأكيد على شيىء مهم وهو نفي صفة الوحي عن هذه الاسفار .
وإليك أيها القارىء الكريم بعض منها :
الخطأ الأول :
قال متى في [ 2 : 14 - 15 ] : ( فقام يوسف وأخذ الطفل وأمه ليلاً ورحل إلى مصر فأقام فيها إلى أن مات هيرودس ، ليتم ما قال الرب بلسان النبي : من مصر دعوت ابني ) .
ان المراد بلسان النبي القائل : ( من مصر دعوت ابني ) هو هوشع ، انظر سفر هوشع [ 11 : 1 ] . إلا إن هذا الاستشهاد الذي قام به متى من سفر هوشع هو استشهاد خاطىء ، لأنه لا علاقة بعبارة هوشع بالمسيح عليه السلام لأن هذه الفقرة جاءت لبيان الاحسان الذي فعله الله في عهد موسى عليه السلام على بني اسرائيل وخروجهم من مصر وأن المقصود بالابن هو "اسرائيل" لا المسيح المنتظر .
يقول الاستاذ أحمد عبد الوهاب في كتابه المسيح في مصادر العقائد المسيحية في الفصل الرابع تحت عنوان خطأ فهم أسفار العهد القديم بعد أن بين أن لفظ ابن الله قد أطلق على الانبياء كسليمان وداود ، و اطلق على الشعب الاسرائيلي كما في سفر الخروج ، فيقول :
(1/173)
ولهذا فإن سفر هوشع حين يذكر بعضاً من رحمة الله التي أنعم بها فيما مضى على الشعب الاسرائيلي ، فانه يذكر دعوة الله له بالخروج من مصرتحت قيادة موسى ، ليخلصهم من ذل العبودية التي ذاقوها على يد فرعون . وفي هذا يقول هوشع في [ 11 : 1 ] : ( لما كان اسرائيل غلاماً أحببته ومن مصر دعوت ابني ) . لكن متى رأى أنه يمكن الربط بين دعوة الشعب الاسرائيلي للخروج من مصر ، وبين عودة الصبي يسوع منها بعد وفاة الطاغية هيرودس إذ أن الحدثين _ الخروج والعودة _ يتعلقان بمصر ولذلك تجده يقول : ( قام يوسف زوج مريم ) وأخذ الصبي وأمه ليلاً وانصرف إلى مصر وكان هناك إلى وفاة هيرودس . لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل : ( من مصر دعوت ابني )
ان هذه الشهادة التي ساقها متى من سفر هوشع إنما تشير إلى دعوة الرب للشعب الاسرائيلي باعتباره ابناً له للخروج من مصر ( على عهد موسى ) ، وليس هناك ما يجعلها نبوئة تشير إلى عودة للصبي يسوع لأن ما ذكرته أسفار العهد القديم عن دعوة الابن من مصر لا يخرج عن كونه مجرد سرد لحادث مضى.
الخطأ الثاني :
ورد في متى [ 27 : 9 ] قوله : ( حينئذ تم ما قيل بإرميا النبي القائل: وأخذوا الثلاثين من الفضة ثمن المثمَّن الذي منوه من بني إسرائيل )
من تأمل في استشهاد متى لهذه العبارة من سفر أرميا ، يرى أنها من الكذب العظيم لأن العبارة المستشهد بها هي من سفر زكريا !!! فيكون لفظ إرميا غلط، فاحش . فليزم من هذا أن ما كتبه متى ، لم يكن بطريق الإلهام .
وقد اعترف المستر جوويل ، في كتابه المسمى ( بكتاب الاغلاط ) المطبوع سنة 1841 أنه غلط من متى ، وأقر به هورون في تفسيره المطبوع سنة 1822 حيث قال : في هذا النقل إشكال كبير جداً لأنه لا يوجد في كتاب إرميا مثل هذا ويوجد في [ 11 : 3 ] من سفر زكريا لكن لا يطابق ألفاظ متى ألفاظه .
اضف الي ذلك ان استشهاد متى بالعبارة السابقة لا علاقة له في الحكاية التي يرويها .
(1/174)
وكفى دليلاً على كذبه أنه نقل النص المذكور خلاف ما هو محرر في الأصل ونسبه إلى إرمياء مع أنه من زكريا فذلك هو شأن المدلسين .
ويبين الاستاذ أحمد عبدالوهاب في كتابه ( المسيح في مصادر العقائد المسيحية ) الفهم الخاطىء لهذه النبوءة التي استشهد بها متى في انجيله فيقول :
يتكلم سفر زكريا عما حدث بينه وبين شعبه فيقول في [ 11 : 12] : ( فقلت لهم ان حسن في اعينكم فاعطوني اجرتي والا فامتنعوا. فوزنوا اجرتي ثلاثين من الفضة. فقال لي الرب القها الى الفخاري الثمن الكريم الذي ثمنوني به. فاخذت الثلاثين من الفضة والقيتها الى الفخاري في بيت الرب. )
لكن إنجيل متى يربط بين هذه الحادثة التي وقعت لزكريا ، وبين ما قاله عن يهوذا الذي خان المسيح نظير ثمن قليل من الفضة _ فبقول في [ 27 : 3 _ 10 ] : ( حينئذ لما رأى يهوذا الذي اسلمه انه قد دين ندم وردّ الثلاثين من الفضة الى رؤساء الكهنة والشيوخ قائلا قد اخطأت اذ سلمت دما بريئا .فقالوا ماذا علينا .انت ابصر فطرح الفضة في الهيكل وانصرف .ثم مضى وخنق نفسه فاخذ رؤساء الكهنة الفضة وقالوا لا يحل ان نلقيها في الخزانة لانها ثمن دم فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاري مقبرة للغرباء لهذا سمي ذلك الحقل حقل الدم الى هذا اليوم ، حينئذ تم ما قيل بارميا النبي القائل وأخذوا الثلاثين من الفضة ثمن المثمن الذي ثمنوه من بني اسرائيل واعطوها عن حقل الفخاري كما امرني الرب )
وليست مشكلة هذه الشهادة أن كاتب إنجيل متى أخطأ فيها من حيث الشكل والاطار العام ، حين حسبها من سفر إرميا بينما هي من سفر زكريا ، لكن فيها أخطاء موضوعية تتضح لنا حين نقارن بين عناصرها ، والعناصر التي تحتوي عليها قصة هلاك يهوذا الخائن ، في متى ، فنجد أن القصتين على طرفي نقيض ، ولا يمكن أن تكون _ قصة زكريا صورة مطابقة سبق التنبؤ بها للقصة الثانية التي ذكرها متى عن نهاية يهوذا _ ذلك أن :
(1/175)
بطل قصة زكريا هو نبي كريم يتلقى الوحي من الله ، بينما بطل قصة متى هو شخص خائن حقير صارت خيانته مثل سوء في العالم .
ولقد تسلم زكريا 30 من الفضة ثمناً كريماً ارتضاه الله لصنيعه مع شعبه ، بينما كانت الفضة التي تسلمها يهوذا ثمناً خسيساً يرفضه كل الناس بما فيهم يهوذا الخائن نفسه ، الذي ندم على فعلته وأرجع ثمن الخيانة في خزينة الرب .
ولما كانت فضة زكريا ثمناً كريماً فانها قبلت في بيت الرب ، أما فضة يهوذا ، فكما أنها رفضت من يهوذا نفسه ، فانها رفضت كذلك من كهنة اسرائيل الذين أبوا أن يقبلوها في خزينة الرب ، لأنها ثمن رجس على شاكلة ما حرمته شريعة موسى كما في تثنية [ 23 : 18 ] .
وجدير بالذكر أن مرقس [ 14 : 10 _ 11 ] لم يحدد قيمة ثمن الخيانة وكذلك لوقا [22 : 4 _6 ]
ومن هذا نتبين أن متى قد إنفرد عن بقية الأناجيل ومنها يوحنا بتحديد ثمن الخيانة بثلاثين من الفضة وما ذلك إلا لأن فقرة زكريا التي تكلمت عن 30 من الفضة والفخارى كانت في ذاكرة متى وهو يكتب إنجيله ، ولهذا قرر إعتبارها شهادة عن نهاية الخائن يهوذا .
ولا نظن أحداً لديه شك في هذه الشهادة التي ساقها متى خاطئة شكلاً وموضوعاً . فثبت أن متى يكتب من غير إلهام .
الخطأ الثالث :
قال متى في إنجيله [ 1 : 3 ] مستدلاً للمسيح وولادته من مريم بنبوءة سابقة جاءت على لسان إشعياء في [14:7 ] : ( وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل : هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه : ( عمانوئيل ) الذي تفسيره الله معنا ) .
إن هذا الاستشهاد الذي قام به متى من سفر إشعياء هو استشهاد خاطىء لأن كلام إشعياء لا ينطبق على المسيح فإن له قصة تدل على المراد به :
(1/176)
فلو قمنا بقراءة الاصحاح من سفر إشعياء كاملا لرأينا ان هذه الفقرة لا تتنبأ عن المسيح القادم بل هي وعد الله لأحاز بن يوثان ملك يهوذا على لسان النبي إشعيا بانه سوف يعطيه اية وعلامة لزوال ملك أعدائه وقد بين له النبي إشعياء آية خراب ملك اعدائه وزواله وهي أن امرأة شابة تحبل و تلد ابناً يسمى عمانوئيل ثم تصبح أرض اعداءه خراباً قبل أن يميز هذا الصبي بين الخير والشر فتقول الفقرة السادسة عشر من الاصحاح السابع من سفر إشعيا : ( لانه قبل ان يعرف الصبي ان يرفض الشر ويختار الخير تخلى الارض التي انت خاش من ملكيها ) اي ان احاز سوف ينتصر على " إِسْرَائِيلَ وَأَرَامَ"، قبل ان يميز الصبي بين الخير و الشر.
واذا رجعنا الى النص العبري حسب النسخه المسوريه لسفر اشعياء نرى ان الكلمة المترجمة الى"عذراء" في النص العبري هي كلمة " شابة " و ليس عذراء كما في الترجمه العربيه ، و هكذا نرى ان الترجمه العربيه لم تكن امينه في ترجمة النص من سفر اشعياء.
ثم نرى كيف قام كاتب الانجيل المنسوب الى متى باستعمال كلمة "عذراء" بدل كلمة " شابه" عند اقتباسه لهذه الآيه من سفر اشعياء لجعلها نبوءة تحققت في المسيح عليه السلام.
ثم ان المسيح عليه السلام لم يدعى "عمانوئيل " بل يسوع .
ثم ان صيغة الافعال هي في الماضي .
و هكذا نرى كيف قام كاتب انجيل متى بخطأ الاستشهاد بفقرات من العهد القديم لاتتعلق بالمسيح من قريب او بعيد، بالاضافه الى تحريفه لكلمة "شابه" و استبدالها بكلمة "عذراء" لتحقق نبوته المزعومه.
ان هذا الخطأ ان دل على شيء فانما يدل على ان متى قد كتب إنجيله بغير إلهام لأن الملهم من الله لا يقع بثمل هذا الخطأ .
الخطأ الرابع :
استشهد مرقس في [ 1 : 2 ] بالعهد القديم فيقول : كما هو مكتوب في الانبياء : ( ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيىء طريقك قدامك )
(1/177)
لكننا نجد في هذا الاستشهاد تخالف بين النص والأصل لأنه منقول من سفر ملاخي [ 3 : 1 ] وعبارة النص في أصله هكذا ( هأنذا أرسل ملاكي فيهيىء الطريق أمامي )
وبين المنقول والمنقول عنه اختلاف من وجهين :
الوجه الأول : أن لفظ ( أمام وجهك ) لم يوجد في كلام ملاخي .
الوجه الثاني : أن نص ملاخي في الجملة الثانية بضمير المتكلم ونقلها مرقس وغيره بضمير الخطاب .
أبعد هذا يمكن أن يقال لكتبة الأناجيل أنهم ملهمين من الله ؟
ومن المتناقضات الظريفة في هذا الموضوع أن ( ميخا ) وهو من رواة توراتهم صرح في الاصحاح الخامس العدد الثاني ما نصه : ( أما أنت يا بيت لحم أفراته ، وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا ، فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطاً على إسرائيل ) فأخذ هذه العبارة متى فذكرها في الاصحاح الثاني العدد السادس على أنها نبوءة من النبي ميخا قد تحققت في المسيح ، ولكنه ذكرها محرفة متغيرة وإليك نص ما قال : ( وأنت يا بيت لحم ، أرض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء يهوذا ، لأن منك يخرج مدبر يرعى شعبي إسرائيل ) فـ( ميخا ) يقول يا بيت لحم أنت وإن كنت قرية صغيرة وأما ( متى ) فإنه يقول يابيت لحم أنت لست صغيرة ولم لم ينسب ( متى ) هذه العبارة إلى ( ميخا ) النبي لكان من الممكن تأويلها ولكنه نسبها إليه ، فمن أدب الانبياء الملهمين ألا يتناقض بعضهم بعضا في العبارة ، فهذا يقول : أنت صغيرة وذاك يقول لست صغيرة .
(1/178)
وعلى كل حال فلم تنطبق هذه النبوءة على المسيح بأي حال من الاحوال كما هو صريح أناجيلهم جميعاً فإن المسيح لم يتسلط على إسرائيل طرفة عين ، بل بالعكس أقام بينهم زمناً يسيراً يصارعونه ويحاربونه فيه حتى انهم ارادوا قتله . . . حتى أن أقرب الناس إليه وألصقهم به وهو سمعان بطرس أنكره وأنكر معرفته إياه ، بقسم ولعن ، فإن تلك السلطنة وأين ذلك التدبير ؟ فإما أن يكون المراد بما قاله ميخا شخصاً آخر سوى المسيح المذكور في اناجيلهم ، وإما أن تكون العبارتان المذكورتان في ميخا ومتى كاذبتين معاً . ولهذا نجد أن (( هورن )) وهو من محققي المسيحيين قال إن عبارة التوراة محرفة . . وقد حكم هورن بالتحريف بناء على عدم تطابق العبارتين في الصورة ولكن العبارتين متناقضتين في المعنى أيضاً لأن الواقع يكذب عبارة ( متى ) خصوصاً أن التوراة قد حكمت بأن نسل يواقيم لا يجلس منه على كرسي داود وحكم متى بأنه لا بد من أن المسيح يملك كرسي داود وهو من نسله كما في سلسلة نسب المسيح وذلك تناقض ظاهر لا يخفى على أحد من العقلاء .
الخطأ الخامس :
جاء في انجيل متى (2 : 18 ) ( حينئذ تم ماقيل بإرميا النبي القائل : صوت سمع في الرامة – نوح وبكاء وعويل كثير – رحيل تبكي علي أولادها ولا تريد أن تتعزي لأنهم ليسوا بموجودين )
مقتبس من :
( سفر إرميا 31 : 15 ) : ( صوت سمع في الرامة نوح وبكاء مر – حاحيل تبكي علي أولادها و تأبي أن تتعزي عن أولادها لأنهم ليسوا بموجودين )
تعليق :
1-انجيل متي يتكلم عتن قتل أطفال بيت لحم علي يد الملك فما علاقة هذا بالقرية المذكورة في إرميا ( الرامة ) .
2-إرميا يتكلم عن استبعاد اليهود في بابل ، وبعدها مباشرة يخبرهم ببشارة من الله بعودتهم الي بلادهم قائلا : ( هكذا قال الرب : إمنعي صوتك عن البكاء ...فيرجعون من أرض العدو )
فهل لهذا الكلام علاقة بما حدث للأطفال في حياة المسيح ؟؟
أخطاء متنوعة :
(1/179)
الخطأ رقم ( 1 ) : جاء في سفر التكوين [ 6 : 19 – 20 ] ان الله قال لنوح : ( ومن كل حيّ من كل ذي جسد اثنين من كلّ تدخل الى الفلك لاستبقائها معك . تكون ذكرا وانثى . من الطيور كاجناسها ومن البهائم كاجناسها ومن كل دبابات الارض كاجناسها . اثنين من كلّ تدخل اليك لاستبقائها . ) وفي الاصحاح التالي [ 7 : 2 – 3 ] قال الكاتب : (من جميع البهائم الطاهرة تأخذ معك سبعة سبعة ذكرا وانثى . ومن البهائم التي ليست بطاهرة اثنين ذكرا وانثى . ومن طيور السماء ايضا سبعة سبعة ذكرا وانثى . لاستبقاء نسل على وجه كل الارض . )
وهذا الكلام متناقض في مسألتين :
المسألة الأولى : أنه أمر أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين . وهذا هو الحق لأن الغرض هو استبقاء النسل . وهو يحصل من ذكر وأنثى ، ولأنه لو كان المقصود سبعة أزواج ، لكان عدد الحيوانات الداخلة في الفلك كثيرة فيعجز نوح وأولاده عن الاعتناء بها وظبطها ، فضلاً عن عدم سعة الفلك .
المسألة الثانية : أنه في النص الأول : أمر بأن يأخذ من جميع الحيوانات ، سواء كانت طاهرة أو غير طاهرة . وهذا هو حق أيضاً لأن كل الطعام كان حلال لنوح ومن معه [ تكوين 9 : 3 ] . ومسألة تحريم تحريم بعض الحيوانات واعتبار البعض منها نجساً غير طاهر لم يكن إلا من يعقوب ، ومن شريعة موسى حيث حرمت الخنزير وكل ذي ظفر وغير ذلك كثيراً .
فكيف يقول الرب لنوح : (( الطاهرة والتي ليست طاهرة )) [ تكوين 7 : 2 – 3 ] مع أن كل الطعام كان مباح ؟
الخطأ رقم ( 2 ) : قال كاتب سفر التكوين [ 11 : 9 ] :
( لذلك سميت المدينة بابل لأن الرب بلبل لسان أهل كل الأرض )
(1/180)
والخطأ في هذا النص يكمن في أن بابل لم تسم كذلك بسبب بلبلة الالسن . بل لأن ( باب ) يعني باب كما في اللغة العربية و ( ال ) في الآرامية : الله . و( الى ) في الاشورية : الله . و ( إلاه ) في العربية : الله و ( الوهو ) في السريانية : الله والمعنى على كل هذه اللغات ( باب الله ) فمن أجل ذلك سميت بابل لا بسبب بلبلة الالسن .
الخطأ رقم ( 3 ) : قال كاتب سفر التكوين [ 9 : 25 ] ان كنعان ملعون لعنة أبدية، وأنه هو ونسله :( عبد العبيد لأخوته ) ( فقال ملعون كنعان . عبد العبيد يكون لاخوته . وقال مبارك الرب اله سام . وليكن كنعان عبدا لهم . )
ان هذا الكلام هو من الكذب والدليل على كذبه :
1 _ ان هذه اللعنة لم ترافق نسله . فإن الحثيين عظموا بين قدماء الامم ، واشتهر الصيدونيون والفينيقيون بالتجارة لكنهم انحطوا كثيراً في الروحيات ، فلعنوا بعبادتهم الأوثان ، وإذا كانوا قد انحطوا بسبب الأوثان ، فإن اليهود قد عبدوا الاوثان . وهم من نسل سام ففي سفر التكوين : (( وَكَانَ لاَبَانُ قَدْ مَضَى لِيَجُزَّ غَنَمَهُ، فَسَرَقَتْ رَاحِيلُ أَصْنَامَ أَبِيهَا. )) ولابان هو خال يعقوب عليه السلام ، وراحيل هي زوجة يعقوب ، وأم نبي الله يوسف .
2 _ والدليل الثاني على كذب هذا الكلام :
انه جاء في سفر التكوين [ 10 : 6 ] :
( وأبناء حام : كوش ومصرام وفوط وكنعان )
هؤلاء أربعة لحام ، فلماذا خصت العبودية لكنعان دون الثلاثة ؟
وبنو كوش : هم في بلاد النوبة وبلاد الحبش . وبنو مصرايم هم مصر العليا والسفلى . وبنو فوط : هم شمالي افريقيا وبنو كنعان هم : في ساحل البحر الأبيض المتوسط وفي أرض فلسطين ، أي ليسوا عبيداً لبني اسرائيل . كما كتب الكاتب .
والتوراة تشهد أن بني اسرائيل كانوا عبيدً للمصريين أولاد كنعان .
ولم ينقذهم من العبودية إلا نبي الله موسى عليه السلام .
(1/181)
الخطأ رقم ( 4 ) : يقول كاتب سفر التكوين : ان ( صفورة ) ولدت لموسى عليه السلام ( ابناً فدعا اسمه جرشون ) [ خروج 2 : 22 ] ويقول بعد ذلك بقليل : ( فأخذ موسى إمرأته وبنيه وأركبهم على الحمير )
[ خروج 4 : 20 ] ان قول الكاتب ( بنيه ) وهو لم يرزق الا بجرشون خطأ .
الخطأ رقم ( 5 ) : جاء في سفر العدد [ 18 : 16 ] : ( وفداؤه من ابن شهر تقبله حسب تقويمك فضة خمسة شواقل على شاقل القدس. هو عشرون جيرة )
الواقع ان عبارة شاقل القدس الواردة في النص هي من الزلات الفاضحة التي ينبغي للأتقياء إزالتها من النص حيث تكشف عن التلفيق وإقحام القصة بعد عهد موسى بزمن بعيد ، فمن المؤكد أن ( شاقل القدس ) لم يكن مستخدماً في مصر أو في القفر أو في أي مكان آخر في زمن موسى لأنه لم يكن قد قام ملك القدس بعد ولم يكن قد جرى صك ( شاقل القدس ) ومع ذلك جعل المؤلفون الذين كتبوا سفر الخروج أن الرب يقول لموسى : ( اذا اخذت كمية بني اسرائيل بحسب المعدودين منهم يعطون كل واحد فدية نفسه للرب عندما تعدّهم . لئلا يصير فيهم وبأ عندما تعدّهم . هذا ما يعطيه كل من اجتاز الى المعدودين نصف الشاقل بشاقل القدس . الشاقل هو عشرون جيرة )
وبين النصين الأول والثاني تناقض فاضح ففي النص الأول الفداء بخمسة شواقل وفي الثاني الفداء بنصف الشاقل ، كما أن الفداء إذا لم يرافقه دفع النقود فسيصيب الوباء بني اسرائيل ، ونريد أن نعرف : ما الذي سيفعله الرب بهذه النقود ؟
هل سيشتري بها مزارع وممالك يضيفها لشعبه ؟!
الخطأ رقم ( 6 ) : جاء في سفر التثنية [ 23 : 2 ] العبارة الآتية :
( لا يدخل ابن زنى في جماعة الرب ، حتى الجيل العاشر لا يدخل منه أحد في جماعة الرب )
(1/182)
وفي العبارة خطأ كبير وواضح ووجه الخطأ أنه يلزم منه أن لا يدخل داود عليه السلام في جماعة الرب لأنه هو البطن التاسع لفارص ، وفارص هو ولد زنى على حسب ما في سفر التكوين [ 38 : 12 _ 30 ] ( وانظر إنجيل متى 1 : 3 _ 6 ] .
الخطأ رقم ( 7 ) : جاء في سفر التكوين [ 46 : 15 ] النص الآتي :
( هؤلاء بنو ليئة الذين ولدتهم ليعقوب في فدان آرام مع دينة ابنته . جميع نفوس بنيه وبناته ثلاث وثلاثون )
ان قول الكاتب ثلاثة وثلاثون هو خطأ واضح ، لأن الكاتب قال : (( مع دينة ابنته )) و بالعد يتبين أنهم 34 وليس 33 .
الخطأ رقم ( 8 ) : جاء في الاصحاح السادس والثلاثين من السفر الثاني من أخبار الأيام العدد السادس : ( أن بخت نصر ملك بابل أسر يواقيم بسلاسل وسباه إلى بابل )
وهذا الكلام خطأ واضح ، لأن الصحيح ان بخت نصر قتل يواقيم في أورشليم وأمر أن تلقى جثته خارج السور ، ومنع دفنه ، طبقاً لما جاء في سفر إرميا [ 22 : 19 ]
وهذا ما أكده المؤرخ المعتبر لدى النصارى : يوسيفس في الباب السادس من الكتاب العاشر من تاريخه .
الخطأ رقم ( 9 ) : جاء ف سفر التكوين [ 17 : 8 ] قول الرب لإبراهيم : ( سأعطي لك ولنسلك أرض غربتك جميع أرض كنعان ملكاً إلى الدهر وأكون لهم إلهاً )
وهذا الكلام خطأ ، لأن جميع أرض كنعان لم تعط لإبراهيم قط ، وكذا لم تعط لنسله ملكاً إلى الدهر ، بل الانقلابات التى وقعت في هذه الأرض لم يقع مثلها في الاراضي الأخر ، ومضت مدة مديدة جداً على أن زالت الحكومة الإسرائيلية عنها رأساً ، فقد دمرت مملكة إسرائيل نهائياً سنة 722 ق.م ، ودمرت مملكة يهوذا سنة 587 ق.م .
(1/183)
الخطأ رقم ( 10 ) : نقل بولس في رسالته إلى العبرانيين [ 1 : 5 ] العبارة الواردة في سفر صموئيل الثاني [ 7 : 14 ] والتي تقول : (( أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً )) وقد ظن بولس أن هذه العبارة هي نبوءة عن المسيح عليه السلام فنقلها لرسالته ، إلا أن هذا الاقتباس غير صحيح لعدة أسباب :
السبب الأول : انه جاء في سفر أخبار الأيام [ 22 : 9 ] أن اسمه يكون سليمان ، أي أن قول الرب : أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً هو في حق سليمان .
السبب الثاني : انه صرح في سفر صموئيل الثاني [ 7 : 13 ] وسفر أخبار الأيام الأول [ 22 : 10 ] ان هذا الشخص يبني بيتاً للرب : (( أنه يبني لإسمي بيتاً )) ، فلابد أن يكون هذا الابن باني البيت ، وهو ليس إلا سليمان عليه السلام ، وليس المسيح فالمسيح ولد والبيت كان مبنياً ثم تنبأ بخرابه كم هو مصرح في الاصحاح الرابع والعشرين العدد الثاني من إنجيل متى .
السبب الثالث : أن جاء في سفر صموئيل الثاني [ 7 : 16 ] أن هذا الشخص يكون له سلطاناً ، والمسيح عليه السلام كان فقيراً ، كما هو مصرح في في إنجيل متى [ 8 : 20 ]
السبب الرابع : أنه جاء في سفر صموئيل الثاني [ 7 : 14 ] في حق هذا الشخص : ( وإن ظلم ظلماً فأبكته ) فلا بد أن يكون هذا الشخص غير معصوم ، يمكن صدور الظلم عنه ، والمسيح عليه السلام كان معصوماً ، لا يمكن صدور الذنب منه في زعم المسيحيين .
ونحن نؤمن بأنه معصوم بعصمة النبوة الثابته له ولغيره من الأنبياء عليهم السلام .
السبب الخامس : أنه جاء في سفر الأخبار الأول [ 22 : 9 ] : ( هو يكون رجلاً ذا هدوء وأريحه من كل أعدائه ) ، والمسيح عليه السلام ما حصل له الهدوء والراحة من أيام الصبا إلى أن رفع الى السماء ، بل كان خائفاً من اليهود ليلاً ونهاراً لأنهم يريدون قتله .
(1/184)
السبب السادس : أنه جاء في سفر أخبار الأيام الأول [ 22 : 9 ] : ( فأجعل سلاماً وسكينةً في إسرائيل في أيامه ) وهذا لا ينطبق على المسيح لأن اليهود كانوا في عهده مطيعين للروم وعاجزين أمامهم .
وهذا الخطأ يؤكد لنا أن بولس كان يقتبس وينقل دون وحي من السماء .
الخطأ رقم ( 11 ) : ورد في سفر هوشع عن مصارعة يعقوب للملاك : ( وغلب الملاك وتقوى ، وبكى وسأله ) [ هوشع 12 : 4 ] وقصة مصارعة يعقوب للملاك جاءت في الاصحاح الثاني والثلاثين من سفر التكوين ، ولا يوجد فيه بكاء يعقوب .
الخطأ رقم ( 12 ) : في المزمور 105 : 17 _ 18 : ( بيع يوسف عبداً . آذوا بالقيد رجليه في الحديد دخلت نفسه ) وقصة يوسف مذكورة في الاصحاح التاسع والثلاثين من سفر التكوين ، وليس فيها : ( آذوا بالقيد رجليه . في الحديد دخلت نفسه ) .
الخطأ رقم ( 13 ) : خروج بني إسرائيل من مصر : ذكر الكتاب المقدس أن مدة مكث اليهود في مصر هي 430 سنة [ خروج 12 : 40 ] وعددهم عند الخروج كان الرجال منهم فقط عدا الأولاد والنساء نحو 600 ألف رجل [ خروج 12 : 27] وهذا عدا بني لاوي أيضاً الذين لم يحسبوهم ، وهو عدد مبالغ فيه جداً ، إذا معنى ذلك أن عدههم كان وقت خروجهم بنسائهم وأطفالهم قرابة مليوني نسمة ، وهو عدد مبالغ فيه جداً ولا يمكن تصديقه ، إذ أن ذلك يعني أنهم تضاعفوا خلال فترة بقائهم في مصر قرابة ثلاثين ألف ضعف ، إذ كان عددهم وقت الدخول سبعين نفساً ، والله سبحانه وتعالى قد ذكر قول فرعون : (( إن هؤلاء لشرذمة قليلون )) ومليونا شخص لا يمكن أن يعبر عنهم بهذا .كما أن تحرك مليوني شخص في ليلة واحدة مستحيل ، إذا علمنا أن في هذا العدد أطفالاً ونساء وشيوخاً .
الخطأ رقم ( 14 ) : يقول كاتب المزمور ( 90 : 10 ) : ( ايام سنينا هي سبعون سنة. وان كانت مع القوة فثمانون سنة وافخرها تعب وبلية )
(1/185)
ان الكاتب يحصر عمر الانسان ما بين السبعين والثمانين عاماً وهذا خطأ فالانسان قد يعيش أكثر من ذلك بل انه يصل الي المئة وأزيد .(1/186)
ألفاظ جنسية فاضحة لاتحمل صفة القداسة والطهارة في الكتاب المقدس
عذراً فليتسع صدر القارىء المسيحي لهذا العنوان المنفر فلدينا الدليل والبرهان على صحته طبقاً للآتي :
سفر نشيد الأنشاد هو أحد اسفار الكتاب المقدس ويدعي المسيحيون أن رب العالمين أوحاه إلى نبيه سليمان عليه السلام وهذا نصه بحسب ترجمة الفاندايك :
نشيد الانشاد [ 7 : 1 _ 9 ] :
(( مَا أَجْمَلَ رِجْلَيْكِ بِالنَّعْلَيْنِ يَا بِنْتَ الْكَرِيمِ! دَوَائِرُ فَخْذَيْكِ مِثْلُ الْحَلِيِّ صَنْعَةِ يَدَيْ صَنَّاعٍ. 2سُرَّتُكِ كَأْسٌ مُدَوَّرَةٌ لاَ يُعْوِزُهَا شَرَابٌ مَمْزُوجٌ. بَطْنُكِ صُبْرَةُ حِنْطَةٍ مُسَيَّجَةٌ بِالسَّوْسَنِ. 3ثَدْيَاكِ كَخِشْفَتَيْنِ تَوْأَمَيْ ظَبْيَةٍ. 4عُنُقُكِ كَبُرْجٍ مِنْ عَاجٍ. عَيْنَاكِ كَالْبِرَكِ فِي حَشْبُونَ عِنْدَ بَابِ بَثِّ رَبِّيمَ. أَنْفُكِ كَبُرْجِ لُبْنَانَ النَّاظِرِ تُجَاهَ دِمَشْقَ. 5رَأْسُكِ عَلَيْكِ مِثْلُ الْكَرْمَلِ وَشَعْرُ رَأْسِكِ كَأُرْجُوَانٍ. مَلِكٌ قَدْ أُسِرَ بِالْخُصَلِ. 6مَا أَجْمَلَكِ وَمَا أَحْلاَكِ أَيَّتُهَا الْحَبِيبَةُ بِاللَّذَّاتِ! 7قَامَتُكِ هَذِهِ شَبِيهَةٌ بِالنَّخْلَةِ وَثَدْيَاكِ بِالْعَنَاقِيدِ. 8قُلْتُ: «إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى النَّخْلَةِ وَأُمْسِكُ بِعُذُوقِهَا». وَتَكُونُ ثَدْيَاكِ كَعَنَاقِيدِ الْكَرْمِ وَرَائِحَةُ أَنْفِكِ كَالتُّفَّاحِ وَحَنَكُكِ كَأَجْوَدِ الْخَمْرِ. لِحَبِيبِي السَّائِغَةُ الْمُرَقْرِقَةُ السَّائِحَةُ عَلَى شِفَاهِ النَّائِمِينَ ))
. . . قد يأتي مغالط مكابر من عشاق التفسير بالرمز أو ( الشفرة ) ليقول لنا ما لايفهم ولا يتصور في هذا الكلام الجنسي الفاضح . . . وليت شعري ماذا يقصد الله جل جلاله بفخذي المرأة المستديرين و بسرتها وبطنها وثدياها . . . ؟! ( تعالى الله عما يصفون )
(1/187)
أليس من المخجل أن ندعي بأن الله تبارك وتعالى قد أوحى بمثل هذه الكلمات الفاضحة ولو كانت بشكل رمزي ؟! ألم يجد كاتب سفر نشيد الانشادَ ألفاظاً أخرى يستعيض بها عن هذه الألفاظ الذي لا يختلف اثنان على مبلغ وقاحتها ؟ ان هذا الإصحاح من الكتاب المقدس لم يترك شيئاً للأجيال اللاحقة التي تهوي الغزل الجنسي المفضوح ، فهو لاشك مصدر إلهام لمن يسلك طريق الغزل الجنسي الفاضح .
وأخيراً : هل يجرأ الآباء بقراءة هذا الكلام في القداس أمام الرجال والنساء ؟!
الفراش المعطر !!
في سفر الأمثال 7 : 16 ، زانية متزوجة تقول لرجل : (( بالديباج فرشت سريري بموشّى كتان من مصر. عطرت فراشي بمرّ وعود وقرفة. هلم نرتو ودّا الى الصباح. نتلذذ بالحب. لان الرجل ليس في البيت ))
التغزل بثدي المرأة على صفحات الكتاب المقدس !!
سفر الأمثال [ 5 : 18 ] :
(( وافرح بامرأة شبابك الظبية المحبوبة والوعلة الزهية ، ليروك ثدياها في كل وقت ! ))
نشيد الأنشاد [ 8 : 8 ] :
(( لَنَا أُخْتٌ صَغِيرَةٌ ليس لها ثديان ُ، فَمَاذَا نَصْنَعُ لأُخْتِنَا فِي يَوْمِ خِطْبَتِهَا ؟ ))
ونحن نسأل :
كيف يمكن أن تأتي مثل هذه العبارت المثيرة للشهوة من عند الله تبارك وتعالى ؟!
كيف يصور لنا الكتاب المقدس حجم عورات الشباب وكمية المني الخارج ذكورهم ؟
سفر حزقيال [ 23 : 19 ] :
(( فأكثرت _ أهوليبة _ زناها بذكرها أيام صباها التي فيها زنت بأرض مصر وعشقت معشوقيهم الذين لحمهم كلحم الحمير ومنيهم كمني الخيل )) ترجمة الفانديك
نحن نسأل :
أليس هذا تصويراً مخجلاً خادشاً للحياء على صفحات الكتاب المقدس ؟!
(1/188)
إن السؤال الأول الذي يخطر على فكر إي إنسان عند قراءة هذه الألفاظ هو التالي : أي أبٍ أو أم أو معلّم مهذِّبٍ يمكن له أن يقول بأنه لا يخجل من التفوّه بعبارات كهذه أمام أطفاله أو أنه يسمح لأطفاله بالتفوّه بها سراً أو علانية؟.. لا بل أي معلّم يسمح حتى لتلاميذه البالغين بالتفوّه بها!
ألم يجد كاتب هذا السفر ألفاظاً أخرى يستعيض بها عن هذه الألفاظ الذي لا يختلف اثنان على مبلغ وقاحتها ؟
كيف يوصي الكتاب المقدس بسرقة النساء واغتصابهن ؟
جاء في سفر القضاة [ 21 : 20 ] :
(( فَأَوْصَوْا بَنِي بَنْيَامِينَ قَائِلِينَ: انْطَلِقُوا إِلَى الْكُرُومِ وَاكْمِنُوا فِيهَا. وَانْتَظِرُوا حَتَّى إِذَا خَرَجَتْ بَنَاتُ شِيلُوهَ لِلرَّقْصِ فَانْدَفِعُوا أَنْتُمْ نَحْوَهُنَّ ، وَاخْطِفُوا لأَنْفُسِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ امْرَأَةً وَاهْرُبُوا بِهِنَّ إِلَى أَرْضِ بَنْيَامِينَ.))
ونحن نسأل :
أين القداسة في هذا الكلام ؟
أوصاف فاضحه مقززه على صفحات الكتاب المقدس :
سفر حزقيال [ 16 : 35 ] :
(( لِذَلِكَ اسْمَعِي أَيَّتُهَا الزَّانِيَةُ قَضَاءَ الرَّبِّ: مِنْ حَيْثُ أَنَّكِ أَنْفَقْتِ مَالَكِ وَكَشَفْتِ عَنْ عُرْيِكِ فِي فَوَاحِشِكِ لِعُشَّاقِكِ . . . هَا أَنَا أَحْشِدُ جَمِيعَ عُشَّاقِكِ الَّذِينَ تَلَذَّذْتِ بِهِمْ، وَجَمِيعَ محبيك مَعَ كُلِّ الَّذِينَ أَبْغَضْتِهِمْ فَأَجْمَعُهُمْ عَلَيْكِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَأَكْشِفُ عورتك لهم لينظروا كل عورتك . . . وَأُسَلِّمُكِ لأَيْدِيهِمْ فَيَهْدِمُونَ قبتك وَمُرْتَفَعَةَ نُصُبِكِ، وَينزعون عنك ثيابك وَيَسْتَوْلُونَ عَلَى جَوَاهِرِ زِينَتِكِ وَيَتْرُكُونَكِ عريانة وعارية . ))
ونحن نسأل :
كيف يمكن لرب الأسرة أن يقرأ مثل هذا الكلام على بناته وأولاده بل كيف يمكن له أن يترك كتاباً يحتوى على مثل هذه الالفاظ في بيته ؟ !
(1/189)
شمشون يمارس الزنى مع إحدى البغايا بمدينة غزة على صفحات الكتاب المقدس !
يقول كاتب سفر القضاة [ 16 : 1 ] :
(( ثم ذهب شمشون إلي غزة ورأى هناك امراة زانية فدخل إليها ))
( راعوث ) تضاجع ( بوعز ) بتوصية من حماتها على صفحات الكتاب المقدس :
يقول كاتب سفر راعوث [ 3 : 4 ] :
(( ومتى اضطجع فاعلمي المكان الذي يضطجع فيه وادخلي واكشفي ناحية رجليه واضطجعي وهو يخبرك بما تعلمين ))
داود النبي يضاجع فتاة صغيرة في فراشه على صفحات الكتاب المقدس !! :
يقول كاتب سفر الملوك الأول [ 1 : 1 ، 3 ] :
(( وشاخ الملك داود . تقدم في الأيام . وكانوا يدثرونه بالثياب فلم يدفأ . فقال له عبيده ليفتشوا لسيدنا الملك على فتاة عذراء فلتقف أمام الملك ولتكن له حاضنة ولتضطجع في حضنك فيدفأ سيدنا الملك ففتشوا عن فتاة جميلة في جميع تخوم إسرائيل فوجدوا ( أبشيج ) الشونمية فجاءوا بها إلي الملك ))
الكتاب المقدس يحدثنا عن 200 غلفة ( جلدة الذكر التي تقطع عند الختان ) قدمت كمهر !!!
جاء في سفر صموئيل الأول [ 18 : 25 ] :
أن نبي الله داود طلب أن يكون زوجاً لأبنة شاول الملك فاشترط شاول عليه أن يكون المهر 100 غلفة :
(( فَأَبْلَغَ عَبِيدُ شَاوُلَ دَاوُدَ بِمَطْلَبِ الْمَلِكِ، فَرَاقَهُ الأَمْرُ، وَلاَ سِيَّمَا فِكْرَةُ مُصَاهَرَةِ الْمَلِكِ. وَقَبْلَ أَنْ تَنْتَهِيَ الْمُهْلَةُ الْمُعْطَاةُ لَهُ، انْطَلَقَ مَعَ رِجَالِهِ وَقَتَلَ مِئَتَيْ رَجُلٍ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَأَتَى بِغُلَفِهِمْ وَقَدَّمَهَا كَامِلَةً لِتَكُونَ مَهْراً لِمُصَاهَرَةِ الْمَلِكِ. فَزَوَّجَهُ شَاوُلُ عِنْدَئِذٍ مِنِ ابْنَتِهِ مِيكَالَ.))
هل يعقل أن نبي الله داود ينطلق ليبحث عن رجال كي يكشف عوراتهم ويمسك بذكورهم ويقطع غلفهم ؟
وماذا فعلت ميكال بكل هذه الأعضاء التناسلية ؟؟ وأين احتفظت بهم ؟؟
(1/190)
كيف توضع مثل هذه العبارت في كتاب ينسب للرب تبارك وتعالى ؟
لوط يزنى ببناته :
سفر التكوين 19 : 30 : (( 29وَحَدَثَ لَمَّا أَخْرَبَ اللهُ مُدُنَ الدَّائِرَةِ أَنَّ اللهَ ذَكَرَ إِبْرَاهِيمَ وَأَرْسَلَ لُوطاً مِنْ وَسَطِ الِانْقِلاَبِ. حِينَ قَلَبَ الْمُدُنَ الَّتِي سَكَنَ فِيهَا لُوطٌ. 30وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي الْجَبَلِ وَابْنَتَاهُ مَعَهُ لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي الْمَغَارَةِ هُوَ وَابْنَتَاهُ. 31وَقَالَتِ الْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: «أَبُونَا قَدْ شَاخَ وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ الأَرْضِ. 32هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْراً وَنَضْطَجِعُ مَعَهُ فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 33فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْراً فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَدَخَلَتِ الْبِكْرُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا. 34وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْراً اللَّيْلَةَ أَيْضاً فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 35فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْراً فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضاً وَقَامَتِ الصَّغِيرَةُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا 36فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا. 37فَوَلَدَتِ الْبِكْرُ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوآبَ» - وَهُوَ أَبُو الْمُوآبِيِّينَ إِلَى الْيَوْمِ. 38وَالصَّغِيرَةُ أَيْضاً وَلَدَتِ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ «بِنْ عَمِّي» - وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى الْيَوْمِ. )) ( الكتاب المقدس ترجمة الفانديك )
هل يعقل أو يتصور أن هذه اللهجة الجنسية الخادشة للحياء هي من عند الرب تبارك وتعالى ؟!
(1/191)
أي عبرة وأية عظة في قول الكتاب المقدس ، عن ابنتي سيدنا لوط عليه السلام : فسقتا أباهما خمراُ في تلك الليلة ودخلت البكر واضطجعت مع ابيها . . ؟!
لماذا هذه اللهجة الاباحية والاثارة الجنسية في كتاب ينسب إلي الله ؟!
نبي الله داود يزني بزوجة جاره !
صموئيل الثاني [ 11 : 1 ]
(( قام داود عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة تستحم ، وكانت المرأة جميلة المنظر جدا فأرسل وسأل عن المرأة فقال واحد : أليست هذه بشثبع بنت اليعام امرأة أوريا الحثى ؟ فأرسل داود رجلاً وأخذها ، فدخلت اليه فاضطجع معها وهي مطهرة من طمثها ، ثم رجعت إلى بيتها . وحبلت المرأة فأخبرت داود بذلك فدعا داود زوجها ( أوريا الحثى ) . . . . فأكل أمامه وشرب وأسكره . . . وَفِي الصَّبَاحِ كَتَبَ دَاوُدُ رِسَالَةً إِلَى يُوآبَ، بَعَثَ بِهَا مَعَ أُورِيَّا، جَاءَ فِيهَا: «اجْعَلُوا أُورِيَّا فِي الْخُطُوطِ الأُولَى حَيْثُ يَنْشُبُ الْقِتَالُ الشَّرِسُ، ثُمَّ تَرَاجَعُوا مِنْ وَرَائِهِ لِيَلْقَى حَتْفَه . . . فأرسل داود وضم امراة اوريا الي بيته وصارت له امراة وولدت له ابنا .))
ابن داود يزني بأخته !!
صموئيل الثاني [ 13 : 1 ]
(1/192)
(( 1وَجَرَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لأَبْشَالُومَ بْنِ دَاوُدَ أُخْتٌ جَمِيلَةٌ اسْمُهَا ثَامَارُ، فَأَحَبَّهَا أَمْنُونُ بْنُ دَاوُدَ. وَأُحْصِرَ أَمْنُونُ لِلسُّقْمِ مِنْ أَجْلِ ثَامَارَ أُخْتِهِ لأَنَّهَا كَانَتْ عَذْرَاءَ، وَعَسُرَ فِي عَيْنَيْ أَمْنُونَ أَنْ يَفْعَلَ لَهَا شَيْئاً. 3وَكَانَ لأَمْنُونَ صَاحِبٌ اسْمُهُ يُونَادَابُ بْنُ شَمْعَى أَخِي دَاوُدَ. وَكَانَ يُونَادَابُ رَجُلاً حَكِيماً جِدّاً. فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا يَا ابْنَ الْمَلِكِ أَنْتَ ضَعِيفٌ هَكَذَا مِنْ صَبَاحٍ إِلَى صَبَاحٍ؟ أَمَا تُخْبِرُنِي؟» فَقَالَ لَهُ أَمْنُونُ: «إِنِّي أُحِبُّ ثَامَارَ أُخْتَ أَبْشَالُومَ أَخِي». 5فَقَالَ يُونَادَابُ: «اضْطَجِعْ عَلَى سَرِيرِكَ وَتَمَارَضْ. وَإِذَا جَاءَ أَبُوكَ لِيَرَاكَ فَقُلْ لَهُ: دَعْ ثَامَارَ أُخْتِي فَتَأْتِيَ وَتُطْعِمَنِي خُبْزاً وَتَعْمَلَ أَمَامِي الطَّعَامَ لأَرَى فَآكُلَ مِنْ يَدِهَا». 6فَاضْطَجَعَ أَمْنُونُ وَتَمَارَضَ، فَجَاءَ الْمَلِكُ لِيَرَاهُ. فَقَالَ أَمْنُونُ لِلْمَلِكِ: «دَعْ ثَامَارَ أُخْتِي فَتَأْتِيَ وَتَصْنَعَ أَمَامِي كَعْكَتَيْنِ فَآكُلَ مِنْ يَدِهَا». 7فَأَرْسَلَ دَاوُدُ إِلَى ثَامَارَ إِلَى الْبَيْتِ قَائِلاً: «اذْهَبِي إِلَى بَيْتِ أَمْنُونَ أَخِيكِ وَاعْمَلِي لَهُ طَعَاماً». 8فَذَهَبَتْ ثَامَارُ إِلَى بَيْتِ أَمْنُونَ أَخِيهَا وَهُوَ مُضْطَجِعٌ. وَأَخَذَتِ الْعَجِينَ وَعَجَنَتْ وَعَمِلَتْ كَعْكاً أَمَامَهُ وَخَبَزَتِ الْكَعْكَ 9وَأَخَذَتِ الْمِقْلاَةَ وَسَكَبَتْ أَمَامَهُ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ. وَقَالَ أَمْنُونُ: «أَخْرِجُوا كُلَّ إِنْسَانٍ عَنِّي». فَخَرَجَ كُلُّ إِنْسَانٍ عَنْهُ. 10ثُمَّ قَالَ أَمْنُونُ لِثَامَارَ: «اِيتِي بِالطَّعَامِ إِلَى الْمَخْدَعِ فَآكُلَ مِنْ يَدِكِ». فَأَخَذَتْ ثَامَارُ الْكَعْكَ الَّذِي(1/193)
عَمِلَتْهُ وَأَتَتْ بِهِ أَمْنُونَ أَخَاهَا إِلَى الْمَخْدَعِ. 11وَقَدَّمَتْ لَهُ لِيَأْكُلَ، فَأَمْسَكَهَا وَقَالَ لَهَا: «تَعَالَيِ اضْطَجِعِي مَعِي يَا أُخْتِي». 12فَقَالَتْ لَهُ: «لاَ يَا أَخِي، لاَ تُذِلَّنِي لأَنَّهُ لاَ يُفْعَلُ هَكَذَا فِي إِسْرَائِيلَ. لاَ تَعْمَلْ هَذِهِ الْقَبَاحَةَ. 13أَمَّا أَنَا فَأَيْنَ أَذْهَبُ بِعَارِي، وَأَمَّا أَنْتَ فَتَكُونُ كَوَاحِدٍ مِنَ السُّفَهَاءِ فِي إِسْرَائِيلَ! وَالآنَ كَلِّمِ الْمَلِكَ لأَنَّهُ لاَ يَمْنَعُنِي مِنْكَ». 14فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَسْمَعَ لِصَوْتِهَا، بَلْ تَمَكَّنَ مِنْهَا وَقَهَرَهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا. 15ثُمَّ أَبْغَضَهَا أَمْنُونُ بُغْضَةً شَدِيدَةً جِدّاً حَتَّى إِنَّ الْبُغْضَةَ الَّتِي أَبْغَضَهَا إِيَّاهَا كَانَتْ أَشَدَّ مِنَ الْمَحَبَّةِ الَّتِي أَحَبَّهَا إِيَّاهَا. وَقَالَ لَهَا أَمْنُونُ: «قُومِي انْطَلِقِي!» 16فَقَالَتْ لَهُ: «لاَ سَبَبَ! هَذَا الشَّرُّ بِطَرْدِكَ إِيَّايَ هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الآخَرِ الَّذِي عَمِلْتَهُ بِي». فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَسْمَعَ لَهَا، 17بَلْ دَعَا غُلاَمَهُ الَّذِي كَانَ يَخْدِمُهُ وَقَالَ: «اطْرُدْ هَذِهِ عَنِّي خَارِجاً وَأَقْفِلِ الْبَابَ وَرَاءَهَا». 18وَكَانَ عَلَيْهَا ثَوْبٌ مُلوَّنٌ، لأَنَّ بَنَاتِ الْمَلِكِ الْعَذَارَى كُنَّ يَلْبِسْنَ جُبَّاتٍ مِثْلَ هَذِهِ. فَأَخْرَجَهَا خَادِمُهُ إِلَى الْخَارِجِ وَأَقْفَلَ الْبَابَ وَرَاءَهَا. 19فَجَعَلَتْ ثَامَارُ رَمَاداً عَلَى رَأْسِهَا، وَمَزَّقَتِ الثَّوْبَ الْمُلَوَّنَ الَّذِي عَلَيْهَا، وَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا وَكَانَتْ تَذْهَبُ صَارِخَةً. 20فَقَالَ لَهَا أَبْشَالُومُ أَخُوهَا: «هَلْ كَانَ أَمْنُونُ أَخُوكِ مَعَكِ؟ فَالآنَ يَا أُخْتِي اسْكُتِي. أَخُوكِ هُوَ. لاَ تَضَعِي قَلْبَكِ عَلَى هَذَا الأَمْرِ ))
(1/194)
ومن العجب ان الكاتب وصف ( يوناداب ) الذي شجع ابن عمه ( أمنون ) ابن داود عليه السلام ووضع له الخطة لإرتكاب الخطية الجنسية بأنه راجح العقل وأحكم الحكماء !!!
ممارسة الجنس بين زوجة الابن وحميها على صفحات الكتاب المقدس
سفر التكوين [ 38 : 13 ]
(( فَقِيلَ لِثَامَارَ: «هُوَذَا حَمُوكِ قَادِمٌ لِتِمْنَةَ لِجَزِّ غَنَمِهِ». فَنَزَعَتْ عَنْهَا ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا، وَتَبَرْقَعَتْ وَتَلَفَّعَتْ وَجَلَسَتْ عِنْدَ مَدْخَلِ عَيْنَايِمَ الَّتِي عَلَى طَرِيقِ تِمْنَةَ، . . . فَعِنْدَمَا رَآهَا يَهُوذَا ظَنَّهَا زَانِيَةً لأَنَّهَا كَانَتْ مُحَجَّبَةً، فَمَالَ نَحْوَهَا إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ وَقَالَ: «هاتي أدخل عليك ». وَلَمْ يَكُنْ يَدْرِي أَنَّهَا كَنَّتُهُ. فَقَالَتْ: «مَاذَا تُعْطِينِي لِكَيْ تُعَاشِرَنِي؟» فَقَالَ: «أَبْعَثُ إِلَيْكِ جَدْيَ مِعْزَى مِنَ الْقَطِيعِ». فَقَالَتْ: «أَتُعْطِينِي رَهْناً حَتَّى تَبْعَثَ بِهِ؟» فَسَأَلَهَا: «أَيُّ رَهْنٍ أُعْطِيكِ؟» فَأَجَابَتْهُ: «خَاتَمُكَ وَعِصَابَتُكَ وَعَصَاكَ». فَأَعْطَاهَا مَا طَلَبَتْ، وَعَاشَرَهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ. ثُمَّ قَامَتْ وَمَضَتْ، وَخَلَعَتْ بُرْقَعَهَا وَارْتَدَتْ ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا.
وَعِنْدَمَا أَرْسَلَ الْجَدْيَ مَعَ صَاحِبِهِ الْعَدُلاَمِيِّ لِيَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ مِنْ يَدِ الْمَرْأَةِ فلَمْ يَجِدْهَا. فَسَأَلَ أَهْلَ الْمَكَانِ: «أَيْنَ الزَّانِيَةُ الَّتِي كَانَتْ تَجْلِسُ عَلَى الطَّرِيقِ فِي عَيْنَايِمَ؟» فَقَالُوا: «لَمْ تَكُنْ فِي هَذَا الْمَكَانِ زَانِيَةٌ». . . وَبَعْدَ مُضِيِّ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ قِيلَ لِيَهُوذَا: «ثَامَارُ كَنَّتُكَ زَنَتْ، وَحَبِلَتْ مِنْ زِنَاهَا».))
قصة جنسية رمزية ( العاهرتين : أهولا وأهوليبا )
حزقيال [ 23 : 1 ]
(1/195)
(( وَأَوْحَى إِلَيَّ الرَّبُّ بِكَلِمَتِهِ قَائِلاً: «يَاابْنَ آدَمَ، كَانَتْ هُنَاكَ امْرَأَتَانِ، ابْنَتَا أُمٍّ وَاحِدَةٍ، زَنَتَا فِي صِبَاهُمَا فِي مِصْرَ حَيْثُ دُوعِبَتْ ثُدِيُّهُمَا، وَعُبِثَ بِتَرَائِبِ عِذْرَتِهِمَا. اسْمُ الْكُبْرَى أُهُولَةُ وَاسْمُ أُخْتِهَا أُهُولِيبَةُ، وَكَانَتَا لِي وَأَنَجْبَتَا أَبْنَاءَ وَبَنَاتٍ، أَمَّا السَّامِرَةُ فَهِيَ أُهُولَةُ، وَأُورُشَلِيمُ هِيَ أُهُولِيبَةُ. وَزَنَتْ أُهُولَةُ مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ لِي، وَعَشِقَتْ مُحِبِّيهَا الأَشُّورِيِّينَ الأَبْطَالَ. الْلاَّبِسِينَ فِي الأَرْدِيَةَ الأُرْجُوَانِيَّةِ مِنْ وُلاَةٍ وَقَادَةٍ. وَكُلُّهُمْ شُبَّانُ شَهْوَةٍ، وَفُرْسَانُ خَيْلٍ. فَأَغْدَقَتْ عَلَى نُخْبَةِ أَبْنَاءِ أَشُورَ زِنَاهَا، وَتَنَجَّسَتْ بِكُلِّ مَنْ عَشِقَتْهُمْ وَبِكُلِّ أَصْنَامِهِمْ. وَلَمْ تَتَخَلَّ عَنْ زِنَاهَا مُنْذُ أَيَّامِ مِصْرَ لأَنَّهُمْ ضَاجَعُوهَا مُنْذُ حَدَاثَتِهَا، وَعَبَثُوا بِتَرَائِبِ عِذْرَتِهَا وَسَكَبُوا عَلَيْهَا شَهَوَاتِهِمْ، لِذَلِكَ سَلَّمْتُهَا لِيَدِ عُشَّاقِهَا أَبْنَاءِ أَشُورَ الَّذِينَ أُوْلِعَتْ بِهِمْ. فَفَضَحُوا عَوْرَتَهَا، وَأَسَرُوا أَبْنَاءَهَا وَبَنَاتِهَا، وَذَبَحُوهَا بِالسَّيْفِ، فَصَارَتْ عِبْرَةً لِلنِّسَاءِ وَنَفَّذُوا فِيهَا قَضَاءً.وَمَعَ أَنَّ أُخْتَهَا أُهُولِيبَةَ شَهِدَتْ هَذَا، فَإِنَّهَا أَوْغَلَتْ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي عِشْقِهَا وَزِنَاهَا، إِذْ عَشِقَتْ أَبْنَاءَ أَشُّورَ مِنْ وُلاَةٍ وَقَادَةٍ الْمُرْتَدِينَ أَفْخَرَ اللِّبَاسِ، فُرْسَانَ خَيْلٍ وَجَمِيعُهُمْ شُبَّانُ شَهْوَةٍ. فَرَأَيْتُ أَنَّهَا قَدْ تَنَجَّسَتْ، وَسَلَكَتَا كِلْتَاهُمَا فِي ذَاتِ الطَّرِيقِ. غَيْرَ أَنَّ أُهُولِيبَةَ تَفَوَّقَتْ فِي زِنَاهَا، إِذْ حِينَ نَظَرَتْ إِلَى صُوَرِ رِجَالِ(1/196)
الْكَلْدَانِيِّينَ الْمَرْسُومَةِ عَلَى الْحَائِطِ بِالْمُغْرَةِ، مُتَحَزِّمِينَ بِمَنَاطِقَ عَلَى خُصُورِهِمْ، وَعَمَائِمُهُمْ مَسْدُولَةٌ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، وَكُلُّهُمْ بَدَوْا كَرُؤَسَاءِ مَرْكَبَاتٍ مُمَاثِلِينَ تَمَاماً لأَبْنَاءِ الْكَلْدَانِيِّينَ فِي بَابِلَ أَرْضِ مِيلاَدِهِمْ، عَشِقَتْهُمْ وَبَعَثَتْ إِلَيْهِمْ رُسُلاً إِلَى أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ. فَأَقْبَلَ إِلَيْهَا أَبْنَاءُ بَابِلَ وَعَاشَرُوهَا فِي مَضْجَعِ الْحُبِّ وَنَجَّسُوهَا بِزِنَاهُمْ. وَبَعْدَ أَنْ تَنَجَّسَتْ بِهِمْ كَرِهَتْهُمْ. وَإِذْ وَاظَبَتْ عَلَى زِنَاهَا عَلاَنِيَةً، وَتَبَاهَتْ بِعَرْضِ عُرْيِهَا، كَرِهْتُهَا كَمَا كَرِهْتُ أُخْتَهَا. وَمَعَ ذَلِكَ أَكْثَرَتْ مِنْ فُحْشِهَا، ذَاكِرَةً أَيَّامَ حَدَاثَتِهَا حَيْثُ زَنَتْ فِي دِيَارِ مِصْرَ. فَأُوْلِعَتْ بِعُشَّاقِهَا هُنَاكَ، الَّذِينَ عَوْرَتُهُمْ كَعَوْرَة ِ الْحَمِيرِ وَمَنِيُّهُمْ كَمَنِيِّ الْخَيْلِ. وَتُقْتِ إِلَى فُجُورِ حَدَاثَتِكِ حِينَ كَانَ الْمِصْرِيُّونَ يُدَاعِبُونَ تَرَائِبَ عِذْرَتِكِ طَمَعاً فِي نَهْدِ صباك . ))
وختاماً يقول الاستاذ احمد ديدات :
ان السلطات في كثير من دول العالم تحظر طبع ونشر بعض الكتب لورود الكلام الفاحش والخارج عن الذوق العام فيها وهو أقل فحشاً من مثل هذا الكلام المطبوع المنشور على صفحات الكتاب المقدس والعجب أنهم يدعون ان هذا الكلام الاباحي الطافح بالنزوة والشهوة قد ورد في الكتاب المقدس للعضة !
ونحن نقول :
إن الناس أغنى عن مثل هذا الفحش والاثارة الجنسية في هذه العظات ، وهل من المعقول أن يقرأ مثل هذا الكلام الاباحي المثبت في الكتاب المقدس فتيان وفتيات مراهقون ومراهقات ؟! أليس من الأوفق إبعاد مثل هذا الكتاب المقدس عن أيدي البنين والبنات ؟
(1/197)
أية عظة تلك التي تحصل عليها المرأة المسيحية عندما تقرأ أن المسيح قد دافع عن إمرأة زانية قال له اليهود : (( موسى في الناموس أوصانا أن هذه ترجم )) [ يوحنا 8 : 5 ] . (( ولما استمروا يسألونه انتصب وقال لهم : من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر )) [ يوحنا 8 : 7 ]
أليست هذه تأشيرة دخول أو مرور أعطاهما المسيح لك أيتها المسيحية كي تدخلي عالم أو دنيا الزانيات ؟!!
فكل الناس خطاة آثمون وليس الزانيات وحدهن هن اللائي يقترفن الآثام والمعاصي والموبقات .
ياله من دفاع عن الزانيات لا أساس له من الصحة في مثل هذه الروايات التي يصل التلفيق فيها إلي حد إسناد الدفاع عن الزانيات إلي المسيح عليه السلام ، وما أغنى البشرية عن مثل هذه العظات !
لقد اهداني أحد الأخوان هذا الموقع : http://www.postfun.com/pfp/NC-17Bible.html وعلى الرغم من أن صاحبه مسيحي ولكنه يستخرج من كتابهم الأشياء التي يمكننا أن نطلق عليها للكبار فقط وقد جمع فيه كاتبه كثيراً من عبارات الجنس الفاضحة الواردة بالانجيل . وهذا موقع آخر : http://biblia.com/sex/prostitution.htm(1/198)
هل هذا كلام الله ؟!!
إليك أيها القارىء الكريم بعض الفقرات من العهدين القديم والجديد والتي لا تمت لوحي الله بأي صلة إلا أن المسيحيون يقدسونها ويعتبرونها وحي من رب العالمين :
يقول بولس في رسالته الثانية إلي صديقه تيموثاوس [ 4 : 9 ] بحسب ترجمة الفاندايك : " بادر ان تجيء اليّ سريعا لأن ديماس قد تركني إذ أحب العالم الحاضر وذهب الى تسالونيكي وكريسكيس الى غلاطية وتيطس الى دلماطية.لوقا وحده معي.خذ مرقس واحضره معك لانه نافع لي للخدمة. اما تيخيكس فقد ارسلته الى افسس..الرداء الذي تركته في ترواس عند كاربس احضره متى جئت والكتب ايضا ولا سيما الرقوق."
ثم يقول له في الفقرة 19 من نفس الرسالة : " سلم على فرسكا واكيلا وبيت انيسيفورس. اراستس بقي في كورنثوس.واما تروفيمس فتركته في ميليتس مريضا. بادر ان تجيء قبل الشتاء.يسلم عليك افبولس وبوديس ولينس وكلافدية والاخوة جميعا. "
ونحن نسأل :
أي عاقل يقول : إن هذا الكلام الذي هو رسالة شخصية محضة ، تتعلق بطلب بولس من صديقه الحضور سريعاً وتتعلق برداءه الشخصي وطلب السلام على فلان وبيت فلان ... أي عاقل يقول أنها وحي من عند رب العالمين ؟!
ما علاقة هذا الكلام بوحي السماء حتى يوضع في كتاب ينسب إلي الرب تبارك وتعالى ؟ !
ويقول بولس لصديقه تيطس [ تي 3 : 12 ] : " حينما ارسل اليك ارتيماس او تيخيكس بادر ان تأتي اليّ الى نيكوبوليس لاني عزمت ان أشتي هناك."
فهل أصبح قول بولس لصديقه " تيطس " أنه قرر أن يشتي في المكان الفلاني وحي من عند رب العالمين ؟!!
وجاء في رسالة بولس إلى أهل رومية [ 16 : 21 ] : " يسلم عليكم تيموثاوس العامل معي ولوكيوس وياسون وسوسيباترس انسبائي. انا ترتيوس كاتب هذه الرسالة اسلم عليكم في الرب. يسلم عليكم غايس مضيفي ومضيف الكنيسة كلها. يسلم عليكم اراستس خازن المدينة وكوارتس الاخ. "
ما علاقة هذه التحيات والسلامات بكلمة الله ؟!
(1/199)
إن هذه الفقرات تؤكد أن رسائل بولس ليست وحي من الله وانما رسائل متبادلة أدخلت في الكتاب لتصير وحياً . وإلا فماذا ينفع وجود نص في كتاب ينسب إلى الله يتعلق برداء بولس الشخصي ؟! وينص يعلن فيه بولس انه سوف يشتي في المكان الفلاني ؟! ونص يبعث فيه سلامات وتحيات شخصية ؟
وهناك الكثير من النصوص التافهه التي احتواها كتاب النصارى المقدس وإذا تتبعناها يطول بنا الكلام إلي أبعد مدى وسوف نكتفي بالامثلة التالية :
ورد في سفر صموئيل " فبادرت أبيجال وأخذت مائتي رغيف خبز وزقي خمر ، وخمسة خرفان مهيئة ، وخمس كيلات من الفريك ومائتي عنقود من الزبيب ، ومائتي قرص من التين ، ووضعتها على الحمير " صموئيل الأول [ 25/18 ] .
وفي سفر الأيام الأول [ 24 - 27 ] يعرض لنا قائمة طويلة لوكلاء داود وولاته .
وفي سفر الملوك الأول إصحاحان كاملان في وصف الهيكل وطوله وعرضه وسماكته وارتفاعه وعدد نوافذه وأبوابه ......وتفاصيل تزعم التوراة أنها المواصفات التي يريدها الرب لمسكنه الأبدي : " وَكَانَ طُولُهُ مِئَةَ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهُ خَمْسِينَ ذِرَاعاً وَارْتِفَاعُهُ ثَلاَثِينَ ذِرَاعاً ، وَيَقُومُ عَلَى أَرْبَعَةِ صُفُوفٍ مِنْ أَعْمِدَةٍ مَصْنُوعَةٍ مِنْ خَشَبِ الأَرْزِ، تَرْتَكِزُ عَلَيْهَا عَوَارِضُ خَشَبِيَّةٌ مُنَسَّقَةٌ مِنْ خَشَبِ الأَرْزِ. وَامْتَدَّ سَقْفٌ مِنْ خَشَبِ الأَرْزِ فَوْقَ هَذِهِ الْعَوَارِضِ الْمُنَسَّقَةِ البَّالِغَةِ خَمْساً وَأَرْبِعِينَ عَارِضَةً، قَائِمَةً عَلَى الأَعْمِدَةِ، وَقَدْ نُسِّقَتْ فِي صُفُوفٍ ثَلاَثَةٍ، يَتَأَلَّفُ كُلُّ صَفٍّ مِنْهَا مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ عَارِضَةً. . . " انظر ملوك الأول [ 6/1 - 7/1 ]
وفي أخبار الأيام الأول ست عشرة صفحة كلها أنساب لآدم وأحفاده وإبراهيم وذريته . انظر الأيام الاول [ 1/1 - 9/44 ]
(1/200)
ثم قائمة أخرى بأسماء العائدين من بابل حسب عائلاتهم ، وأعداد كل عائلة إضافة لأعداد حميرهم وجمالهم و ....... انظر سفر عزرا [ 2/1 - 67] وقوائم أخرى بأعداد الجيوش والبوابين من كل سبط ، وعدد كل جيش و ......... انظر سفر أخبار الأيام الاول [ 23/1 - 27/34] .
وفي سفر الخروج يأمر موسى بصناعة التابوت بمواصفات دقيقة تستمر تسع صفحات ، فهل وحي ينزل بذلك كله وغيره مما يطول المقام بتتبعه .
ومن المدهش ان الذين كتبوا التوراة قد وقعوا فيما نسميه بالسرقة الأدبية كما في ذكر نص ثم إعادته في موضع آخر، ومنه : تطابق سفر الملوك الثاني [ 19/1 - 12 ] مع إشعيا [ 37/1 - 12] كلمة بكلمة ، وحرفاً بحرف ، بل وشولة بشولة !!!
وتكرر هذا النقل في إصحاحات أخرى مع تغيير بسيط لا يذكر في بعض الكلمات انظر على سبيل المثال :
1" الاصحاح 10 من سفر أخبار الأيام الأول هو تكرار حرفي للأصحاح 31 من صموئيل الاول .
2" الاصحاح 17 من سفر أخبار الأيام الأول تكرار حرفي للأصحاح 7 من سفر صموئيل الثاني .
3" الاصحاح 19 من سفر أخبار الأيام الأول تكرار حرفي للأصحاح 10 من سفر صموئيل الثاني .
4" الاصحاح 18 من سفر أخبار الأيام الأول تكرار حرفي للأصحاح 8 من سفر صموئيل الثاني .
ان تكرار النصوص على هذا النحو يدل على العبث البشري الذي اصاب الكتاب المقدس .
---------------------------------------------------
هل الله هو المتكلم في هذه النصوص ؟
وهل يتكلم الله بهذا الاسلوب ؟
_ سفر الخروج [ 5 : 22 ] : " فرجع موسى الى الرب وقال يا سيد لماذا اسأت الى هذا الشعب . لماذا ارسلتني . فانه منذ دخلت الى فرعون لاتكلم باسمك اساء الى هذا الشعب . وانت لم تخلّص شعبك " .
هل يمكن لنبي الله موسى أن يتكلم مع الله بهذه الوقاحة ؟
مزمور [ 10 : 1 ] : " يارَبُّ : لماذا تقف بعيداً ؟ لماذا تختفي في أزمنة الضيق ؟ "
هل الله يقول في كتابه : يا رب لماذا تقف بعيداً ؟!!
(1/201)
_ مزمور [ 35 : 17 ] : " يارب إلى متى تنتظر .. لا يشمت بي الذين هم أعدائي باطلاً استيقظ وانتبه إلى حكمي "
هل الله يقول في كتابه : يا رب إلى متى تنتظر . . . . استيقظ وانتبه . . . . هل هذا كلام الله ؟
_ مزمور [40 : 17 ] : " يا إلهي لا تبطىء " [ ترجمة الفانديك ]
_ مزمور [ 89 : 46 ] : " حتى متى يا رب تختبىء كل الاختباء ؟ " " حتى متى ، يَتَّقِدُ غَضَبُكَ كَالنَّارِ ؟ "
هل الله يقول في كتابه : حتى متى يا رب تختبىء كل الاختباء ؟!!
_ سفر إشعياء [ 63 : 17 ] : " لماذا أضللتنا يا رب عن طرقك ؟ قسيت قلوبنا عن مخافتك . "
_ سفر مراثي إرميا [ 3 : 1 ] : " بادت ثقتي ورجائي من الرب . "
أهذا كلام الله ؟ كيف يمكن أن يتعبد به إلى الله ؟!(1/202)
نصوص انجيلية تحت المجهر
هذا المقال هو دعوة صريحة لمناقشة بعض نصوص الكتاب المقدس بطريقة علمية وموضوعية بعيداً عن التعصب والتشنج ...
نجم يتمشى في السماء !!!
لقد ذكر متى قصة المجوس الذين جاءوا للمسيح عند ولادته وسجدوا له فقال بحسب ترجمة الفاندايك : "ولما ولد يسوع في بيت لحم في أيام هيردوس الملك إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلى أورشليم قائلين . أين هو المولود ملك اليهود ؟ فإننا رأينا نجمة في المشرق وأتينا لنسجد له … و إذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدمهم حتى جاء ، ووقف فوق حيث كان الصبي، فلما رأوا النجم فرحوا فرحاً عظيماً جداً ..." (متى 2/1-10).
أن متى يتحدث عن نجم يمشي ، وحركته تشير إلى بعض أزقة أورشليم دون بعض ، ثم إلى بيت من بيوتها، حيث يوجد المسيح ، فيتوقف وهو في السماء على رغم بعده الهائل الملحوظ على الأرض فكيف مشى ، وكيف دلهم على البيت ، وكيف وقف ؟!! وكيف رأوا ذلك كله ؟ .
انه من المستحيل أن يشير نجم يبلغ حجمه أضعاف حجم الشمس بلايين المرات إلى موضع ولادة شخص في بيت من البيوت . وهذا يدل على جهل كتبة الإنجيل وعدم معرفتهم بحجم و طبيعة النجم ؟
سقوط النجوم على سطح الأرض !!
جاء في سفر الرؤيا [ 6 : 13 ] عن علامات نهاية الزمان ما يلي :
"ونظرت لما فتح الختم السادس واذا زلزلة عظيمة حدثت والشمس صارت سوداء كمسح من شعر والقمر صار كالدم . ونجوم السماء سقطت الى الارض كما تطرح شجرة التين سقاطها اذا هزتها ريح عظيمة "
وفي إنجيل متى [ 24 : 29 ] ينسب الكاتب للمسيح قوله عن علامات نهاية الزمان ما يلي :
"وللوقت بعد ضيق تلك الايام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضوءه والنجوم تسقط من السماء وقوات السموات تتزعزع ."
(1/203)
مما لا شك فيه ان هذا الكلام الوارد في الانجيل هو ضرب من الهذيان الذي لا يمكن أن يصدق ، ذلك لأن علم الفلك يقدر لنا عدد النجوم ببلايين البلايين ، منها نجوم اكبر حجماً من الشمس بالاف الاضعاف.. ومجموع حجم هذة النجوم لايمكن لعقل بشرى ان يتخيلة ... فكيف يكون هناك مجرد احتمال ان تقع هذة النجوم المتناهية الضخامة على سطح الارض الذي نسبته لأصغر نجم لا تساوي شىء ؟؟ فعلى سبيل المثال فهناك نجم اسمه ( إبط الجوزاء ) يقدر حجمه بحجم شمسنا 25 مليون مرة فما بالك إذا قسناه بحجم الأرض !! فطبقا لعلم الفلك هناك استحالة مطلقة فى امكانية ان هذة الاجسام تسقط على الارض .. وتصديق وقوعها على الارض هو ضربا من الهذيان والقاء علم الفلك وقوانينة واكتشافات علمائة فى سلة المهملات مما يدل على ان كاتب الإنجيل لايعلم اى شى عن علم الفلك واثباتة العلمى الذى لايدع اى مجال لاى شك...
رؤية الشمس والقمر !
يقول كاتب سفر الرؤيا [ 6 : 12 ] : " ونظرت لما فتح الختم السادس واذا زلزلة عظيمة حدثت والشمس صارت سوداء كمسح من شعر والقمر صار كالدم. "
بما ان الشمس ستصبح سوداء أي ظلاماً دامساً إذن فالجزء المحيط كفراغ جوي حول الكرة الأرضية سيصبح أسود دامساً حالكاً في السواد .. فكيف إذا سنرى الشمس أولاً ثم كيف يمكننا رؤية القمر ثانياً ولونه كالدم بحسب زعم النص حال كون الشمس ظلمة أو سوداء ؟ خصوصاً ونحن نعلم أن القمر إنما يستمد نوره من الشمس فهو كالمرآة يعكس ضوء الشمس ، فإذا كانت الشمس سوداء فكيف للقمر أن يصبح دما أو كالدم ؟
جبل متقد بالنار سيحول ماء البحر إلى دم !!!
ورد في سفر الرؤيا [ 8 : 8 ] قول الكاتب : " ثم بوق الملاك الثاني فكأن جبلا عظيما متقدا بالنار ألقي الى البحر فصار ثلث البحر دما. "
(1/204)
إذا لجأنا إلى العقل والعلم ، وحاولنا توضيح دلالة هذه الفقرة ، فسنرى أن الملاك الثاني من الملائكة السبعة المذكورين في السفر سيؤدى مهمة وهي أنه سيبوق وعندما يبوق سنرى جبلاً عظيماً متقداً بالنار ألقى إلى البحر ، فصار ثلث ذلك البحر دماً
مما لا شك فيه أن هذا يعتبر تصوراً بدائياً في أن إلقاء جبل عظيم متقد بالنار سيحول ماء البحر إلى دم ، لأن العلم يخبرنا أن مياه البحر ستطفىء هذا الجبل فوراً . . كما ان الفقرة لم تخبرنا عن أي بحر سيحدث له هذا ، هل البحر الابيض المتوسط أو البحر الاحمر أو المحيطات ؟ وما هو مصير بقية البحار ؟
الارض لها زوايا أربعة !!!
لا يمكن لأحد أن يفكر أن للكرة الأرضية زوايا ذلك لأن الأشياء المسطحة فقط هي التي لها زوايا إلا ان الكتاب المقدس يدعي بأن للأرض أربعة زوايا !
وهذا طبقاً لما جاء في سفر الرؤيا [ 7 : 1 ] : " وبعد هذا رأيت اربعة ملائكة واقفين على اربع زوايا الارض ممسكين اربع رياح الارض لكي لا تهب ريح على الارض ولا على البحر ولا على شجرة ما " وانظر [ سفر حزقيال 7: 2 ] : " النهاية قد أزفت على زوايا الأرض الأربع "
ومن المعلوم ان الارض كروية الشكل كما أشار القرآن الكريم لذلك في قوله تعالى : " خلق السماوات والارض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى الا هو العزيز الغفار " فلا يمكن لليل بأن يُكور على النهار ولا يمكن كذلك للنهار بأن يُكور على الليل الا اذا كانت الارض كروية الشكل .
آراه جميع ممالك الأرض !
كتب متى في [ 4 : 8 ] عن تجربة الشيطان للمسيح : " ثم اخذه ايضا ابليس الى جبل عال جدا واراه جميع ممالك العالم ومجدها . وقال له اعطيك هذه جميعها ان خررت وسجدت لي ."
(1/205)
الكل يعلم أن الارض تأخذ شكلاً كروياً أو بيضاوياً ، وبناء على هذا الشكل فالانسان لا يمكنه أن يرى كامل السطح الخارجي للأرض من أي مكان يقف فيه مهما كان هذا المكان عالياً ، فلا يستطيع أن يرى ممالك مصر والصين وأجزاء من آسيا الصغرى والهند وأرض ( المايا ) في المكسيك وقرطاجه في شمال افريقيا وروما في إيطاليا وكوريا والمستوطنات الأخرى من ممالك العالم المنتشرة جداً وهو واقف في مكان عال في أي موضع من الارض . إلا ان الانجيل يقول ان إبليس أوقف المسيح في مكان عال وأراه جميع ممالك الأرض ! يقول النص : " ثم اخذه ايضا ابليس الى جبل عال جدا واراه جميع ممالك العالم ومجدها . وقال له اعطيك هذه جميعها ان خررت وسجدت لي ."
هل الحزن يسبب النوم ؟
يقول لوقا أن عيسى عليه السلام وجد تلاميذه نياماً من الحزن : " ثُمَّ قَامَ مِنَ الصَّلاَةِ وَجَاءَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ فَوَجَدَهُمْ نِيَاماً مِنَ الْحُزْنِ." لوقا 22: 45
ألا يُخالف ذلك العلم والمنطق والعقل. فهل الحُزن يسبب النوم ؟ ( راجع أقوال اطباء النفس )
الذي عاين شهد !!!
كتب يوحنا في [ 19 : 33 - 35 ] حول حادثة الصلب المزعومة ما يلي :
" واما يسوع فلما جاءوا اليه لم يكسروا ساقيه لانهم رأوه قد مات .34 لكن واحدا من العسكر طعن جنبه بحربة وللوقت خرج دم وماء . والذي عاين شهد وشهادته حق وهو يعلم انه يقول الحق لتؤمنوا انتم . "
والسؤال هو :
كيف تمكن الشاهد الذي عاين و شهد كما يقول يوحنا من التفريق بين الماء والدم من هذه الطعنة ؟؟ لأنه من المعروف أن الماء إذا إختلط بالدم فإن الخليط سيصبح لونه أحمر أقل قتامة من الدم بحيث يستحيل على الرائي أن يفرق بين الدم و الماء بالعين المجردة - في عصرنا هذا يمكن الوصول إلى ذالك بالأدوات تحليل الدم - و خصوصاً أن الحادثة وقعت والظلام قد حل على الأرض كلها [ مرقس : 15 : 33 ] !!!
(1/206)
والنقطة الثانية والمهمة هي أن خروج الدم والماء من جنب يسوع لدليل دامغ على أنه لم يمت فمن المعروف أن دماء الموتى لا تسيل !!
أين الاتساق النفسي في الكلام ؟
يحكي مرقس عن المسيح قائلاً : " فجاء الى بيت رئيس المجمع ورأى ضجيجا .يبكون ويولولون كثيرا . فدخل وقال لهم لماذا تضجون وتبكون .لم تمت الصبية لكنها نائمة . فضحكوا عليه " ( 5 : 38 - 40 )
لاحظ أيها القارىء الكريم ان الناس كانوا يبكون ويولولون حسب النص على موت الصبية وعندما اخبرهم المسيح بأنها لم تمت ضحكوا عليه !!! ونحن نسأل كيف يتحول هذا الجو من البكاء والعويل الي الضحك ؟؟ أين الاتساق النفسي في هذا الكلام ؟؟
بطرس الرسول - صخرة الكنيسة - عارياً على شاطىء البحر !!
يروي يوحنا قصة ظهور المسيح لتلاميذه عند بحيرة طبرية قائلاً : " بعد هذا اظهر ايضاً يسوع نفسه للتلاميذ على بحر طبرية .ظهر هكذا . كان سمعان بطرس وتوما الذي يقال له التوأم ونثنائيل الذي من قانا الجليل وابنا زبدي واثنان آخران من تلاميذه مع بعضهم . قال لهم سمعان بطرس انا اذهب لأتصيد .قالوا له نذهب نحن ايضا معك .فخرجوا ودخلوا السفينة للوقت وفي تلك الليلة لم يمسكوا شيئا . ولما كان الصبح وقف يسوع على الشاطئ .ولكن التلاميذ لم يكونوا يعلمون انه يسوع . فقال لهم يسوع يا غلمان ألعل عندكم إداما .اجابوه لا . فقال لهم القوا الشبكة الى جانب السفينة الايمن فتجدوا .فالقوا ولم يعودوا يقدرون ان يجذبوها من كثرة السمك . فقال ذلك التلميذ الذي كان يسوع يحبه لبطرس : هو الرب .فلما سمع سمعان بطرس انه الرب أتزر بثوبه لانه كان عرياناً والقى نفسه في البحر ." يوحنا 21 : 1 - 7
(1/207)
ان الحدث الغريب حقاً أن بطرس الرسول عندما سمع أن المسيح قد حضر اتزر بثوبه " لأنه كان عرياناً وألقى بنفسه في البحر " . يوحنا 21 : 7 . كيف يكون بطرس كبير الحواريين عرياناً على شاطىء البحر ؟! ولماذا يخجل من التعري عندما سمع بحضور المسيح فقط؟! هل التعري جائز في غياب المسيح وغير جائز في حضورة ؟! كيف كان بطرس الرسول الملقب بصخرة الكنيسة عارياً على الشاطىء أمام التلاميذ ومن كان موجودا ؟!
الدرر والخنازير :
قال المسيح للتلاميذ : " لا تعطوا القدس للكلاب . ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير " متى 7 : 6 ان المسيح هنا يخاطب تلاميذه ويأمرهم بألا يبلغوا دعوته إلى الخنازير . والخنازير بالعرف اليهودي هم غير اليهود . إذن كل من هو غير يهودي فهو خنزير وكلب عند يسوع المحبة !!!
المبالغة في الزهد :
نسب للمسيح قوله في متى 6 : 25 " لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وما تشربون . ولأجسادكم بما تلبسون .. " في هذا النص نجد دعوى إلى عدم الاهتمام بالمأكل والمشرب والملبس . وهل هذا معقول ؟! إنه ليس من الطبيعي أن يهمل الانسان لباسه وطعامه وشرابه . إنها دعوة إلى زهد مفرط لا يقبله الناس. وإذا طولب الناس بما لا يوافق طبيعتهم فلا يستجيبون . بالمقابل إن الاسلام يحث الناس على أن لا ينسوا نصيبهم من الدنيا ضمن شرع الله وبالطرق الحلال .
لا تدفن أباك :
قال للمسيح أحد تلاميذه : " يا سيد ائذن لي أن أمضي أولاً وأدفن أبي . فقال له يسوع : اتبعني ودع الموتى يدفنون موتاهم " متى 8 : 21. هل هذا معقول ؟ رسول ينهى تلميذه عن دفن أبيه الذي رباه!! لقد وارى الغراب جثة هابيل، فكيف يُمنعُ أحد من دفن أبيه ؟!
من ليس معي فهو ضدي :
(1/208)
نسب للمسيح قوله : " من ليس معي فهو علي " متى 12 : 30 . يذكرنا هذا القول بسياسة دالس وزير خارجية أمريكا في الخمسينيات أيام رئاسة أيزنهاور . فقد كان دالس يقول أيضاً : " من ليس مع أمريكا فهو ضدها " ولذلك كان يصر على إدخال الدول في أحلاف مع أمريكا . وكانت نظرته إلى دول عدم الانحياز أنها دول معادية لأمريكا . فيبدو أن دالس كان خاضعاً لإنجيل متى 12 : 30 .
من هي أمي ؟
جاء واحد يخبر المسيح أن أمه وإخوته ينتظرونه ليكلموه . فرد عليه بكل لا مبالاة : " من هي أمي ومن هم إخوتي " متى 12 : 48 . لقد تنكر المسيح لأمه وإخوته - حسب النص - لم يلتفت إليهم ولم يخرج ليكلمهم أو ليستفسر منهم أو عنهم . وهذا يناقض الوصايا العشر التي تقول : " أكرم أباك وأمك " . فهل من الاكرام أن لا التفت إلي أمي ولا أكترث لها ؟! وهل إكرام الأخ تجاهلة ؟!
تتبع المؤمنين !!
نسب كاتب إنجيل مرقس للمسيح قوله للتلاميذ عند ظهوره لهم بعد القيامة المزعومة : " وهذه الآيات تتبع المؤمنين . . . يضعون ايديهم على المرضى فيبرأون " مرقس 16 : 18 .
ونحن نسأل : إذا كان الشفاء بوضع يد رجال الكنيسة على المرضى ، فلماذا كليات الطب وكليات التمريض والمستشفيات المنتشرة في المجتمعات المسيحية ؟!! أين رجال الكنيسة من الامراض التي لا علاج لها ؟!
مجد الله في الاعالي أم في مذود للبقر ؟
(1/209)
قال الملاك مبشراً الرعاة بميلاد المسيح : " أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب وهذه لكم العلامة : تجدون طفلاً مضجعاً في مذود . وظهر بغتةً مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين : " المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة " لوقا 2 : 8 - 14 . نلاحظ انه بحسب النص " الله في الاعالي " والمسيح طفل رضيع في مذود - زريبة - للبقر . فكيف يكون الله في الاعالي في حين أن الرب في - زريبة - للبقر؟! هذا يدل على أن الله ليس هو المسيح ، لأن الله الكامل في الاعالي والمسيح المولود في مذود للبقر . وبالمناسبة نريد أن نعرف ماذا كان يفعل الرب المتجسد بين سن الثانية عشرة وسن الثلاثين عندما بدأ دعوته ؟!
التوبيخ :
نسب للمسيح قوله : " إن أخطأ أخوك فوبخه " لوقا 17 : 3 . ولكن سياسة التوبيخ هذه تخالف قول المسيح في انجيل متى : " من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً " . في النص الأول " وبخه " وفي النص الثاني " حول له الخد الآخر " !!
حبة الخردل :
قال المسيح لتلاميذه : " لو كان لكم ايمان مثل حبة الخردل لكنتم تقولون لهذه الجميزة انقلعي وانغرسي في البحر فتطيعكم " لوقا 17 : 6 .لاحظ أيها القارىء الكريم أن ( لو ) حرف امتناع لأمتناع. عندما نقول : لو درست لنجحت فإنها تعني أن المخاطب لم يدرس ولم ينجح . ومعنى النص أن التلاميذ الذين أخذ النصارى دينهم عنهم ليس لديهم إيمان بمقدار حبة خردل !!! وهذه كارثة ...
السَّوْط :
كتب يوحنا عن المسيح : " وصنع سوطاً من حبال وطرد الجميع من الهيكل " يوحنا 2 : 15 . نلاحظ هنا ان استعمال السوط والطرد ، فيه نوع من الادانة . وهذا يناقض قول المسيح : " لا تدينوا لكي لا تدانوا " متى 7 : 1 . ويناقض قوله في متى 5 : 39 " لا تقاوموا الشر " .
قتل ابنه ولم يشفق عليه :
(1/210)
كتب يوحنا : " لأنه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به " يوحنا 3 : 16 . نلاحظ هنا ما يلي :
1 - لماذا بذل الله ابنه الوحيد ؟ لأنه يحب العالم . وهل الذي يحب العالم لا يحب ابنه الوحيد ؟!! كيف يحب الله العالم ولايحب ابنه ؟!! وهل الذي يحب العالم يقتل ابنه الوحيد ؟!! كيف نثق بإله لم يشفق على ابنه من أجل غفران خطيئة مذنب آخر؟ كما يقول بولس في رومية 8 : 32 : " الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لاجلنا اجمعين " لقد نسب بولس إلى الله عدم الشفقة ، أي القسوة . ألا توجد طريقة أخرى عند إله المحبة بدلاً من قتل ابنه المزعوم لإنقاذ غيره ؟!! هل اقتضت رحمته ألا يُعالج هذه الجريمة إلا بجريمة أبشع منها ؟ فقد أرسل ابنه البرىء، فلذة كبده ليُصْلَب !!
حادثة الزانية :
جاء اليهود للمسيح بزانية متلبسة بالفعل قائلين له : " موسى في الناموس أوصانا أن هذه ترجم " يوحنا 8 : 5 . " ولما استمروا يسألونه انتصب وقال لهم : من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر " يوحنا 8 : 7 ونلاحظ الآتي :
1 - لقد رفض المسيح الحكم برجمها . وهذا تشجيع للزنى .
2 - موقف المسيح مناقض لشريعة موسى التي تحكم بالرجم .
3 - بهذا الموقف ألغى المسيح عقوبة الزنى !!
4 - رفض المسيح إدانتها دون السماع الي شهود الاثبات أو النفي . برأها دون دليل !!! وتعاطفه معها بدا واضحاً وكأنه ترخيص بالزنى !!!
على ما أظن !!
قال يوحنا في إنجيله : " وهناك أمور كثيرة عملها يسوع ، لو كتبها أحد بالتفصيل ، لضاق العالم كله ، على ما أظن بالكتب التي تحتويها " [ 21 : 25 ] الترجمة البيروتية والترجمة العربية المشتركة
ان يوحنا كاتب هذا الانجيل يتكلم في هذه الفقرة على سبيل الظن والتخمين وهذا واضح من قوله : " على ما أظن "
والسؤال هو : هل الله سبحانه العليم بكل شيىء يوحي كلامه على سبيل الظن والتخمين أم ان هذا هذا الانجيل ليس من عند الله ؟
(1/211)
رسائل مفقودة :
من رسالة كولوسي ( 4 : 16 ) : " ومتى قرئت عندكم هذه الرسالة فاجعلوها تقرأ ايضا في كنيسة اللاودكيين والتي من لاودكية تقرأونها انتم ايضا " اين الرساله التى من اللاودكيه؟
من كورنثوس الاولى ( 5 : 9 ) : " كتبت اليكم في الرسالة ان لا تخالطوا الزناة " اين هذه الرساله ؟ فكتابات بولس المرسله هنا وهناك الموجودة في العهد الجديد كلها رسائل فأين إذن الرسالة المشار اليها في النص ؟ الاجابة بكل وضوح انها مفقودة !!
المسيح رسول الله ليس أكثر :
- قال المسيح : " الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني " يوحنا 12 : 44 .
- ويقول المسيح لتلاميذه : " من يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي ارسلني " متى 10 : 40
- ويقول لهم أيضاً : " لاني لم اتكلم من نفسي لكن الآب الذي ارسلني هو اعطاني وصية ماذا اقول وبماذا اتكلم . " يوحنا 12 : 49
هذه النصوص تدل بوضوح قاطع أن المسيح قال للناس إنه رسول من الله إلى قومه وأن كلامه ليس من عنده بل هو من الله . وهذا حق فجميع الرسل هم مبلغين عن الله سبحانه وتعالى .
هناك معطي ومعطى له :
يقول الأبن للآب في يوحنا : " إِنَّ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي " يوحنا 18: 9 ويقول أيضاً " الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي " يوحنا 17: 12
(1/212)
فمن الذى أعطى من ؟ إذا كان هناك اتحاد بين الآب والابن فيكون المُعطى هو نفسه الآخذ، ألا تنفى هذه العبارة الإتحاد بين الخالق والمخلوق وتنسف فكرة تجسُّد الإله فى صورة مخلوق ؟ وجاء في متى11 : 27 : " كل شيء قد دفع اليّ من ابي " وفي انجيل يوحنا 17 : 3 : " مجد ابنك ليمجدك ابنك ايضا اذ اعطيته سلطانا على كل جسد ." وفي يوحنا 5 : 36: " لان الاعمال التي اعطاني الآب لاكمّلها هذه الاعمال بعينها التي انا اعملها هي تشهد لي ان الآب قد ارسلني " والنصوص كثيرة لكن السؤال : هل لإعطاء الابن السلطان أو القدرة أي معنى والمفترض انه الله مالك كل شىء ؟ أليس في هذا ابطال للاهوته المزعوم ؟
رفع نظره إلى السماء !
قبل أن يبارك المسيح الأرغفة الخمسة لتكفي العديد من الناس يقول مرقس : " رفع نظره نحو السماء وبارك ثم كسر الأرغفة " مرقس 6 : 41 . والسؤال هو لماذا رفع المسيح نظره نحو السماء إذا كان الآب حال فيه وان اللاهوت متحد معه كما يزعمون . ان الأمر واضح لقد رفع المسيح نظره إلى السماء ليدعو الله ويسأله تحقيق المعجزة وهذا ينفي لاهوته المزعوم .
امتلأ من الروح القدس :
لنقرأ ما كتبه لوقا في [ 3 : 21 ] عن بدء بعثة المسيح بنزول روح القدس عليه :
(1/213)
" و لما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع أيضا و إذ كان يصلي انفتحت السماء و نزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة و كان صوت من السماء قائلا: أنت ابني الحبيب بك سررت. و كان يسوع عند بدء رسالته في نحو الثلاثين من عمره... و رجع يسوع من الأردن وهو ممتلئ من الروح القدس " ونحن نسأل عباد المسيح : كيف امتلأ المسيح من الروح القدس والمفترض ان اللاهوت متحد مع الناسوت ابتداءً ؟ أليس الروح القدس هو الله لديكم ؟ ماذا يعني امتلاء المسيح من الروح القدس والمفترض ان اللاهوت متحد معه ؟! علماً بأن هناك آخرون امتلأوا من الروح القدس منهم يوحنا المعمدان ففي إنجيل لوقا [ 1 : 15 ] : " ومن بطن أمه يمتلىء من الروح القدس " .
الفقر شرط للكمال !
نسب كاتب انجيل متى للمسيح قوله للشاب الغني : " قال له يسوع ان اردت ان تكون كاملا فاذهب وبع املاكك واعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني . فلما سمع الشاب الكلمة مضى حزينا .لانه كان ذا اموال كثيرة فقال يسوع لتلاميذه الحق اقول لكم انه يعسر ان يدخل غني الى ملكوت السموات . واقول لكم ايضا ان مرور جمل من ثقب ابرة ايسر من ان يدخل غني الى ملكوت الله . فلما سمع تلاميذه بهتوا جدا قائلين .اذا من يستطيع ان يخلص ." متى 19 : 20 .
(1/214)
نلاحظ في هذا الكلام : ان الفقر شرط للكمال . بع أملاكك إذا أردت أن تكون كاملاً . وهذا الكلام غير مقبول عقلاً، لأن الفقير الذي لايملك شيئاً ريما سيضطره الفقر إلى الخروج عن الطريق المستقيم . ولا يوجد تعارض بين الرجل الغني والكمال إذا كان الغني تقياً يخاف الله، بل العكس فإن الغني مع التقوى يقرب صاحبه من الكمال لأنه يكون أقدر على العطاء في سبيل الله . ونلاحظ أيضاً أن الغني عسير عليه الدخول للجنة ( حسب النص ) . وهذا أيضاً كلام مشكوك فيه . المهم هو التقوى . بعض الفقراء شياطين بلا تقوى ، فهل سيدخلون الجنة سهلاً ؟! وبعض الاغنياء أتقياء . والمهم طاعة الله ومخافته .
تحريم الطلاق الا لعلة الزنى :
سأل اليهود المسيح عن الطلاق فقال : " وقيل من طلق إمرأته فليعطها كتاب طلاق . وأما أنا فأقول لكم : ان من طلق امرأته إلا لعلة الزنا يجعلها تزنى . ومن تزوج مطلقه فإنه يزنى " إنجيل متى 5 : 27 _ 32 . لاشك بأن هذا الكلام غير واقعي ابداً . لقد سن الله سبحانه وتعالى الزواج ليكون مصدر سعادة للزوجين فإذا لم يتفقا لسبب من الأسباب واستحال التوفيق بينهما وصارت الحياة بينهما شبه مستحيله فإن الطلاق يكون رحمة وأصلح لهما من الاستمرار في زواج مليىء بالمشاكل وعدم التفاهم . وإجبارهما على عدم الطلاق قد يجر الي جريمة قتل أو جريمة قذف بالزنى للحصول على مبرر الطلاق أو يجر إلى الزنى مع استمرار الزواج شكلياً . لقد أثبت الواقع استحالة الاستغناء عن الطلاق ، بدليل أن بعض الدول المسيحية نفسها سنت قوانين تبيح الطلاق . ثم أن النص يدل على أنه لا يجوز الزواج من مطلقه وأن مثل هذا الزواج بمثابة زنى . والسؤال هو : هل تبقى المطلقة دون زواج الي موتها ؟ وماهذا التشريع ؟ إن هذا التشريع فيه ظلم واضح وإفساد للمجتمع مما يدل على ان المسيح بريء منه .
اخصوا انفسكم !
(1/215)
يذكر متى في إنجيله قائلاً أن المسيح كان يدعو الناس إلى ترك الدنيا وعدم العمل بها بل يذكر أن المسيح غالى في ذلك فدعا إلى الرهبنة ورغب في عدم الزواج فقال : " لانه يوجد خصيان ولدوا هكذا من بطون امهاتهم .ويوجد خصيان خصاهم الناس ويوجد خصيان خصوا انفسهم لاجل ملكوت السموات .من استطاع ان يقبل فليقبل " [ 19 : 12 ]
معنى ذلك أن المسيح يأمر أتباعه أن يخصوا أنفسهم خصياً جراحياً أو على الأقل يأمرهم ألا يتزوجوا ويلزمهم بمحاربة سنن الكون والخليقة ، ولو فرضنا أن الناس جميعاً اتبعت هذا المبدأ لأصبح العالم في نحو قرن خالياً من البشر ! ثم ان هذا الكلام المنسوب للمسيح يدل على أن المسيح قد أخصى نفسه وحاشاه ؟! مع انه قد ورد في سفر التثنية [ 23 : 1 ] قول الرب : " لا يدخل مخصيّ بالرضّ او مجبوب في جماعة الرب !! "
تعاليم غير واقعية !
جاء في إنجيل متى [ 5 : 39 ] : " واما انا فاقول لكم لا تقاوموا الشر .بل من لطمك على خدك الايمن فحوّل له الآخر ايضا " وفي الفقرة 44 من نفس الاصحاح : " احبوا اعداءكم .باركوا لاعنيكم .احسنوا الى مبغضيكم .وصلّوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم "
إن هذا النوع من التسامح وهذا النوع من الخلق هو شيء غير واقعي لانه فوق الطاقة المعتادة للبشر ، ولا يصلح مع كل الناس ، أو لا ينسجم مع الطبيعة البشرية ، وقد تشوبه المهانة والذلة، وهل لو قام أحد أعدائي بدخول بيتي وهو يريد الاعتداء على زوجتي أو ابنتي، فهل أقف متفرجاً عليه وأقول له : أنا أحبك ، أنا اباركك ، أنا أحسن معاملتك تفضل ؟! ولعل الترجمة أفقدته سمو معناه المتمثل في قول القرآن الكريم : " وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ " سورة الشورى الآية : 40
لم يأتي من أجل دعوة الابرار :
(1/216)
قال المسيح : " لم آت لأدعو أبراراً بل خطاة إلى التوبة " لوقا 5 : 32 . إذا هناك أبرار ولا يريد المسيح أن يدعوهم . وهذا النص يبطل الادعاء بأن كل الناس خطاة . وأن خلاصهم يكون بصلب المسيح .
مسحه الله بالروح القدس !
يقول بطرس عن المسيح : " يسوع الذي في الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس .. " اعمال 10 : 38 . من المعلوم ان المسيحيون يؤمنون بعقيدة التثليث والتي تنص على ان الروح القدس هو الله . وهكذا فإن النص يصبح هكذا : " مسح اللهُ الله بالله " فكيف يكون الله ماسحاً وممسوحاً وممسوحاً به في الوقت ذاته ؟
أين أخذه ابليس أولا ؟
يقول متى 4 :5-10 : " ثم اخذه ابليس الى المدينة المقدسة واوقفه على جناح الهيكل .6 وقال له ان كنت ابن الله فاطرح نفسك الى اسفل .لانه مكتوب انه يوصي ملائكته بك .فعلى اياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك .7 قال له يسوع مكتوب ايضا لا تجرب الرب الهك .8 ثم اخذه ايضا ابليس الى جبل عال جدا واراه جميع ممالك العالم ومجدها .9 وقال له اعطيك هذه جميعها ان خررت وسجدت لي .10 حينئذ قال له يسوع اذهب يا شيطان .لانه مكتوب للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد .11 ثم تركه ابليس واذا ملائكة قد جاءت فصارت تخدمه . "
(1/217)
بينما نجد لوقا 4 :5-9 يقول : " ثم اصعده ابليس الى جبل عال وأراه جميع ممالك المسكونة في لحظة من الزمان .6 وقال له ابليس لك اعطي هذا السلطان كله ومجدهنّ لانه اليّ قد دفع وانا اعطيه لمن اريد .7 فان سجدت امامي يكون لك الجميع .8 فاجابه يسوع وقال اذهب يا شيطان انه مكتوب للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد.9 ثم جاء به الى اورشليم واقامه على جناح الهيكل وقال له ان كنت ابن الله فاطرح نفسك من هنا الى اسفل .10 لانه مكتوب انه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك .11 وانهم على اياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك .12 فاجاب يسوع وقال له انه قيل لا تجرب الرب الهك .13 ولما اكمل ابليس كل تجربة فارقه الى حين . "
بولس والسلاطين :
يقول بولس : " لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة. لانه ليس سلطان الا من الله والسلاطين الكائنة هي مرتبة من الله. حتى ان من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله والمقاومون سيأخذون لانفسهم دينونة. فان الحكام ليسوا خوفا للاعمال الصالحة بل للشريرة. أفتريد ان لا تخاف السلطان. افعل الصلاح فيكون لك مدح منه. لانه خادم الله للصلاح. ولكن ان فعلت الشر فخف. لانه لا يحمل السيف عبثا اذ هو خادم الله منتقم للغضب من الذي يفعل الشر. لذلك يلزم ان يخضع له ليس بسبب الغضب فقط بل ايضا بسبب الضمير. " رومية 13 : 1 .
لا شك بأن هذا الكلام غير صحيح . فالكثير من الحكام لا يخدمون الله بل يخدمون الشيطان . ونجدهم يحملون السيف لقطع رؤوس الابرار من الناس . وبعض الحكام خف منهم إن فعلت الخير . لقد ساوى بولس بين السلاطين الاتقياء والسلاطين الأشقياء بحسب النص . وأمر الناس بعدم مقاومة الحاكم مهما كان ظالماً . لقد نافق بولس للسلاطين وتجاوز المدى في نفاقه . وحسب نظرية بولس ، كان نيرون خادماً لله وكان نيرون على حق حين قتل بولس !!!
بولس يدعو الي الشرك والعياذ بالله !
(1/218)
يقول بولس : " أمين هو الله الذي به دعيتم إلى شركة ابنه يسوع المسيح ربنا " كورنثوس الاولى 1 : 9 . تأمل عزيزي القارىء للفظ ( شركة ) الواردة في النص فإني لم أسمع بجملة تجمع عناصر الكفر والشرك مثلما تجمعها هذه الجملة فهي قد جعلت الابن شريكاً لله . إنه الشرك بالله ، الشرك الواضح !!!
الرجل لا يغطي رأسه :
يقول بولس : " الرجل لا ينبغي أن يغطي رأسه لكونه صورة الله ومجده " كورنثوس الاولى 11 : 7 . إذا كان الرجل ينبغي ألا يغطي رأسه ، فلماذا يلبس كثير من رجال الدين المسيحي قبعات على رؤوسهم ؟!!! لماذا يخالفون أمر بولس الذي يأخذ الوحي من المسيح (حسب زعمه ) بإمكانك - أخي القارىء - ان تشاهد رؤوس الآباء الارثوذكس وهم يغطونها بالاقمشة السوداء ، مع ان كتابهم يقول في سفر الجامعة 9 : 8 : " لتكن ثيابك فى كل حين بيضاء " ثم ما علاقة تغطية الرأس بالتشابه أو عدم التشابه مع الله !!
فضول :
يقول بولس لأهل كورنثوس : " فانه من جهة الخدمة للقديسين هو فضول مني ان اكتب اليكم.2 لاني اعلم نشاطكم الذي افتخر به من جهتكم لدى المكدونيين " كورنثوس الثانية 9 : 1 .
إذا كانت كتابة بولس فضولاً منه ، إذا هي ليست وحياً . إذا هو يكتب من رأسه !!
أناجيل مفقودة :
يقول بولس لأهل غلاطية : " اني اتعجب انكم تنتقلون هكذا سريعا عن الذي دعاكم بنعمة المسيح الى انجيل آخر ليس هو آخر غير انه يوجد قوم يزعجونكم ويريدون ان يحولوا انجيل المسيح.8 ولكن ان بشرناكم نحن او ملاك من السماء بغير ما بشرناكم فليكن اناثيما.9 كما سبقنا فقلنا اقول الآن ايضا ان كان احد يبشركم في غير ما قبلتم فليكن اناثيما.10 . . . واعرّفكم ايها الاخوة الانجيل الذي بشرت به انه ليس بحسب انسان. . " غلاطية 1 : 6
(1/219)
نجد في هذا الكلام ان هناك انجيل أو بشارة موحى بها لبولس قد بشر بها أهل غلاطية قبل ان يكتب لهم هذه الرسالة وهو يدعوهم الي التسمك بها .. فأين هي كلمات تلك البشارة الموحى بها وماذا كان فيها بالضبط دون زيادة ولا نقصان ؟ وإذا كانت الكنيسة اعتمدت رسائل بولس الشخصية فأين هي البشارة الموحى بها سابقا لأهل غلاطية ؟
بولس يهاجم صخرة الكنيسة بطرس :
يقول بولس عن بطرس : " ولكن لما أتى بطرس الى انطاكية قاومته مواجهة لانه كان ملوما.12 لانه قبلما أتى قوم من عند يعقوب كان يأكل مع الامم ولكن لما أتوا كان يؤخر ويفرز نفسه خائفا من الذين هم من الختان.13 وراءى معه باقي اليهود ايضا حتى ان برنابا ايضا انقاد الى ريائهم.14 لكن لما رأيت انهم لا يسلكون باستقامة حسب حق الانجيل قلت لبطرس قدام الجميع ان كنت وانت يهودي تعيش امميا لا يهوديا فلماذا تلزم الامم ان يتهوّدوا. " غلاطية 2 : 14
إذا كان بطرس الرسول لا يسلك باستقامه حسب الانجيل فمن هو الذي سلك إذاً ؟!! أليس بطرس هو الذي قال له المسيح : " كل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السماوات " متى 16 : 19 . كيف يمدح يسوع المسيح بطرس ويأتي بولس ليذمه ذلك الذم ؟!!
قدوة في الدعوة :
يقول بولس لأهل مدينة غلاطية : " أيها الغلاطيون الأغبياء .... " غلاطية 3 : 1
هل يجوز لداعية أن يخاطب الناس ويقول لهم يا أغبياء ؟ ما هذه الطريقة الفريدة في الدعوة والخطاب ؟
لا تقولوا له سلام :
إذا كانت المسيحية تنادي بالمحبة وان البشر كلهم أخوة فكيف يتفق هذا مع ما جاء في الانجيل : " ان كان احد يأتيكم ولا يجيء بهذا التعليم فلا تقبلوه في البيت ولا تقولوا له سلام. لأن من يسلم عليه يشترك في اعماله الشريرة " [ رسالة يوحنا الثانية ]
لا تكن فيما بعد شراب ماء !
يقول بولس : " لا تكن في ما بعد شراب ماء بل استعمل خمرا قليلا من اجل معدتك واسقامك الكثيرة " تيموثاوس الاولى 5 : 23
نلاحظ هنا ما يلي :
(1/220)
اولاً : لم نسمع معلماً أو نبياً أو طبيباً ينهى الناس عن شرب الماء . ولكن بولس ينهى الناس عنه !!!
ثانياً : نصح بولس باستعمال الخمر يناقض قوله نفسه : " حسن أن لا تأكل لحماً ولا تشرب خمراً " رومية 14 : 21 . هنا الأفضل عدم شرب الخمر . وهناك الأفضل شرب الخمر . ومع ذلك يعتبرون كلامه وحياً مقدساً !!!
يعلق الاستاذ أحمد ديدات على نصيحة بولس قائلاً :
كل انسان لديه معدة . وما أكثر أسقام البشر . ولو شرب كل ذي معدة خمراً مدعياً اعتلالها ، ولو شرب كل من يعاني سقماً خمراً ، أينجو أحد من الخمر ؟ وماذا عساها أن تكون الخمر في حقيقة أمرها ؟
هناك آلاف من القساوسة المسيحيين غرر بهم وتدرجوا للوصول إلى الادمان الكامل عن طريق رشف ما يسمى بقليل من الخمر في التقليد الكنسي باقامة العشاء الرباني . . .
منعه الشيطان مرة بعد مرة !!!
قال بولس في رسالته الأولى إلي أهل تسالونيكي [ 2 : 17 ] :
" أَمَّا نَحْنُ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ، فَإِذْ قَدْ سُلِخْنَا عَنْكُمْ لِمُدَّةٍ قَصِيرَةٍ، بِالْوَجْهِ لاَ بِالْقَلْبِ، بَذَلْنَا جَهْداً أَوْفَرَ جِدّاً لِرُؤْيَةِ وُجُوهِكُمْ وَنَحْنُ فِي غَايَةِ الشَّوْقِ إِلَيْكُمْ. 18وَلِهَذَا عَزَمْنَا أَنْ نَأْتِيَ إِلَيْكُمْ عَلَى الأَخَصِّ أَنَا بُولُسَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَعَاقَنَا الشَّيْطَانُ. " [ ترجمة كتاب الحياة ]
إذا كان بولس قديس ورسول من عند الله فكيف يتسلط عليه الشيطان مرة بعد مرة ويمنعه من الوصول إلي أهل تسالونيكي للتبشير بكلمة الله ؟
أحب المسيح الكنيسة :
يقول بولس : " أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لإجلها " أفسس 5 : 26 وهذا الكلام خطأ لأنه لم تكن هناك كنائس في زمن المسيح ، ولم يأت المسيح بدين جديد ، والكنائس بنيت بعد المسيح بعشرات السنين .
نسب المسيح الطاهر !
(1/221)
كتب متى في سلسلة نسب المسيح [ 1 : 3 _ 6 ] : أن داود عليه السلام هو بن يسى بن عوبيد بن بوعز بن سلمون بن نحشون بن عمبناداب بن أرام بن حصرون بن فارص . . .
إن فارص الذي هو جد المسيح والذي ذكره متى في سلسلة نسب المسيح هو ابن زنا وذلك أنه جاء من طريق هتك أبيه ( يهوذا ) عرض امرأة ابنه ( ثامار ) كما هو مفصل في سفر التكوين [ 38 : 6 _ 30] مما يجعل فارص وذريته المبينة آنفاً إلى داود عليه السلام خارجين عن جماعة الرب مطرودين من رحمته وذلك بحسب ما جاء في سفر التثنية [ 23 : 2 ] : " لا يدخل ابن الزنا في جماعة الرب حتى الجيل العاشر لايدخل منه أحد في جماعة الرب " وهذا يعني أن نبي الله داود عليه السلام لايدخل في جماعة الرب فهو _ حاشاه _ ولد زنا !
لا يريدهم أن يفهموا !
جاء في إنجيل مرقص 4 : 10 ان المسيح كان يكلم الناس بأمثال لا يفهمونها ، ولما سأله تلاميذه عن السر في ذلك أجابهم بقوله : " فقال لهم قد أعطي لكم ان تعرفوا سرّ ملكوت الله .واما الذين هم من خارج فبالامثال يكون لهم كل شيء .لكي يبصروا مبصرين ولا ينظروا ويسمعوا سامعين ولا يفهموا لئلا يرجعوا فتغفر لهم خطاياهم ."
فهل هذا الكلام يصح أن يصدر عن رسول جاء إلي الناس ليخرجهم من الظلمات إلي النور ويهديهم صراطاً مستقيما ؟ وهل هذا الكلام يتناسب مع قولهم ان المسيح وهو إله كامل قد انتحر من فرط حبه في الناس ليخلصهم من الخطية ، إن ذلك يناقضه تناقضاً صريحاً ، وإلا فإذا كان فهم كلامه يغفر لهم خطاياهم ، فلماذا لم يفهمهم حتى تغفر لهم تلك الخطايا ويوفر عن نفسه مصيبة الانتحار والتعليق على الخشبة التي لا يعلق عليها إلا الملاعين كما جاء في سفر التثنية !
استشهاد خاطىء :
(1/222)
جاء في الإصحاح 21 من إنجيل متى عن دخول المسيح أورشليم راكبا جحش وأنثي حمار : " فكان هذا كله لكي ما قيل بالنبي القائل : قولوا لإبنة صهيون هو ذا ملكك يأتيك وديعا راكبا علي أتان وجحش إبن أتان ! "
مقتبس من :
كتاب النبي زكريا : " ابتهجي جدا يا ابنة صهيون – اهتفي يابنت أورشليم – هو ذا ملكك ياتي اليك هو عادل و منصور وديع وراكب علي حمار وعلي جحش ابن اتان ويتكلم بالسلام للأمم وسلطانه من البحر الي البحر ومن النهر الي اقاصي الأرض "
تعليق :
1- الكلام في كتاب زكريا عن ( ملك ) ( منصور ) وله ( سلطان ) علي ارض واسعة ..أما المسيح فقد ظل هاربا و مختبئا قبل دخوله أورشليم مباشرة كما يحكي انجيل يوحنا .
2- وهو أيضا يتكلم بالسلام ( للأمم ) ومعروف لدي اليهود والنصاري أن كلمة ( أمم ) تعني الشعوب غير اليهود !
خطأ واضح :
ورد في 10 : 28 من إنجيل مرقس قول المسيح : " الحق أقول لكم . . ليس أحد ترك بيتاً ، أو إخوة ، أو أباً ، أو أماً ، أو إمرأة ، أو أولاداً ، أو حقولاً لأجلي ولأجل الإنجيل . إلا ويأخذ مئة ضعف آلان في هذا الزمان ، بيوتاً ، وأخوة وأخوات وأمهات وأولاداً وحقولاً مع اضطهادات . وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية "
ان هذا الكلام فيه خطأ واضح . لأن الانسان إذا ترك إمرأة لأجل الانجيل أو المسيح لا يحصل على مائة امرأة في هذه الدنيا يقيناً . لأن المسيحيين لا يجوزون التزوج في هذا الزمان بأزيد من امرأة واحده .. وإذا كان المراد بهن في هذا الكلام المؤمنات بالمسيح بدون عقد النكاح يكون الأمر أفحش وأفسد والعياذ بالله لأن الكلام عن الزوجات .. وقوله : " حقولاً مع اضطهادات " كلام لا معنى له . فإن الكلام هنا في حسن المكافأة والمجازاة . فما دخل الشدائد والاضطهادات هنا ؟
(1/223)
ومما يؤكد خطأ هذا الكلام ايضاً هو ان الجزم بمضاعفة الجزاء إلى مئة ضعف في الحياة الدنيا .. في البيوت والزوجات والاولاد كما يقول النص . . لا يمكن أن يتحقق لكل انسان أخلى يده من كل هؤلاء من أجل المسيح والانجيل ، ولو كان ذلك أمراً محققاً لكان الناس جميعاً أسرع شىء الى اجابة هذه الدعوة ، ولكشفت التجربة الواقعة منها عن معطيات يستبق الناس إليها ، ويقتتلون من إجلها !!
يهوياقيم لا يكون منه جالساً على كرسي داود :
قال لوقا في ( 1 : 31 ) : " وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً ، وتسميه يسوع ، هذا يكون عظيماً ، وابن العلي يدعى ، ويعطيه الرب الاله كرسي داود أبيه ، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ، ولا يكون لملكه نهاية " .
إن هذا الكلام مقدوح فيه بسبب أن المسيح عليه السلام من أولاد يهوياقيم ، بمقتضى النسب المدون في متى من الاصحاح الأول ، ومن كان من أولاد يهوياقيم ، لا يصلح أن يجلس على كرسي داود ، استناداً لما ورد في سفر إرميا [ 36 : 30 ] حيث يقول كاتب السفر : " هكذا يقول الرب ضد يهوياقيم ، ملك يهوذا لا يكون منه جالساً على كرسي داود . "
لا يجوز أن يهلك نبي خارج أورشليم !!
نسب لوقا للمسيح قوله في ( 13 : 33 ) : " يجب أن أسير في طريقي اليوم وغداً وبعد غد ، لأنه لا يجوز أن يهلك نبي في خارج أورشليم "
يفهم من هذه العبارة : أن الانبياء والرسل ماتوا ، ودفنوا في أورشليم ، وهو خلاف الواقع ، لأن كثيراً من الانبياء والرسل ماتوا خارج أورشليم وآثارهم وقبورهم إلى آلان موجودة في الشام والعراق . . . فثبت ببداهة العقل أن هذه الرواية من أفحش الكذب على المسيح عليه السلام ولو صحت ، فهي من أعظم البراهين على فساد عقيدة المسيحيين لأنه صرح فيها بأنه نبي لا إله . . . وفي ( ملوك أول 18 : 13 ) يذكر هلاك أنبياء كثيرين في السامرة ( خارج أورشليم ) علي يد ملكة بني اسرائيل . هل المسيح يجهل هذه القصة المشهورة ؟؟
شريب خمر !!
(1/224)
قال متى في [ 11 : 19 ] : " جاء ابن الانسان يأكل ويشرب فيقولون هوذا إنسان أكول وشريب خمر " .
أن هذا الوصف القبيح الذي وصف به متى المسيح من أنه شريب خمر أي كثير شرب الخمر هذا الوصف لم نسمعه من غير الانجيليين ، كما نسبوا له في يوحنا في الاصحاح الثاني أن أول معجزة صدرت منه في قانا أنه قلب الماء خمراً ليزيد سكر السكارى في العرس !
إن هذا الفعل البهيمي لايمكن أن يكون قد صدر من المسيح عليه السلام وقد جاء في لوقا [ 1 : 15 ] ما يشير الى تحريم الخمر وهو يتكلم عن زكريا : " فظهر له ملاك الرب واقفاً عن يمين مذبح البخور فلما رآه زكريا اضطرب وخاف ، فقال له الملاك : لاتخف يا زكريا ، لأن طلبتك قد سمعت ، وامرأتك أليصابات ستلد لك ابناً وتسميه يوحنا ، ويكون لك فرح وابتهاج . . . لأنه يكون عظيماً أمام الرب ، وخمراً ومسكراً لا يشرب ." فتأمل أيها القارىء في كلام الوحي إلى زكريا ، كيف يمدح يوحنا بكونه لا يشرب الخمور ولا المسكرات. إضافة الى نصوص العهد القديم الكثيرة التي تحرم الخمر . كما جاء في سفر اللاويين ( 10 : 8 - 11 ) . والمسيحيون جعلوا افتتاح معجزات المسيح بالسكر في عرس قانا الجليل ، واختتموه بتقديس الخمر الذي زعموا أنه ينقلب إلى دم المسيح !
هيردوس وليس فيبلس !
كتب متى في [ 14 : 3 ] : " فَإِنَّ هِيرُودُسَ كَانَ قَدْ أَلْقَى الْقَبْضَ عَلَى يُوحَنَّا وَكَبَّلَهُ بِالْقُيُودِ، وَأَوْدَعَهُ السِّجْنَ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا زَوْجَةِ فِيلِبُّسَ أَخِيهِ "
أن هذا الكلام خطأ لأن اسم زوج هيرديا كان هيرودس وليس فيلبس ، كما صرح يوسيفس في الباب الخامس من تاريخه .
هذه الآيات تتبع المؤمنين :
(1/225)
كتب مرقس في [ 16 : 17 ] قول المسيح : " وهذه الآيات تتبع المؤمنين : يَطْرُدُونَ الشَّيَاطِين باسميَ وَيَتَكَلَّمُونَ بِلُغَاتٍ جَدِيدَةٍ وَيَقْبِضُونَ عَلَى الْحَيَّاتِ، وَإِنْ شَرِبُوا شَرَاباً قَاتِلاً لاَ يَتَأَذَّوْنَ الْبَتَّةَ، وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَتَعَافَوْنَ ".
وكتب يوحنا في [ 14 : 12 ] قول المسيح : " الحق أقول لكم : من يؤمن بي فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضاً ويعمل أعظم منها "
ان قول المسيح " هذه الآيات تتبع المؤمنين " وقوله : " من يؤمن بي " هو كلام عام لا يختص بالحواريين ولا بالطبقة الأولى وتخصيص هذه الأمور بالطبقة الأولى لا دليل عليه سوى الإدعاء البحت . وبناء عليه هل يستطيع بابا روما أو البابا شنودة أو المسيحيون المؤمنين بالمسيح أن يبرهنوا لنا صحة هذه النصوص بأن يفعلوا مثل ما فعل المسيح ؟! أم نحكم بكذب هذه النصوص ؟
ألسنة نار منقسمة !!!
جاء في سفر أعمال الرسل [ 2 : 1 _ 4 ] : "َ ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معا بنفس واحدة. وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين. وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم. وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة اخرى كما اعطاهم الروح ان ينطقوا "
إن هذا الوصف يقول النصارى أنه من عند الله ، ويدعون أن هذا كلامه تعالى ، وأنا نسأل ألم يكفهم أن جعلوا الله في صورة طفل يولد في بيت لحم ، فجعلوه بعد ذلك ألسنة من نار ؟! لأن هذه الألسنة النارية هي في اعتقادهم الروح القدس الذي هو الأقنوم الثالث ، وحسب عقيدتهم أن الثلاثة واحد ،فتكون الألسنة النارية المنقسمة هي الأب والأبن والروح القدس !!!
(1/226)
ثم هل حلت الأقانيم الثلاثة في التلاميذ كما حلت في جسد المسيح ؟ إذا كان الأمر كذلك يكون المسيح كسائر التلاميذ سواء بسواء من حيث بشريته المحضة ومن حيث حلول الإله فيهم جميعاً !!!
وإني أعجب كيف يجعلون الله جل جلاله ألسنة منقسمة من النار وهل ينقسم الله إلى أب وابن وروح قدس وينقسم كذلك إلى اقسام كثيرة تحل في التلاميذ ؟! وهل يتشكل الله جل جلاله بأشكال كثيرة فمرة يأخذ شكل إنسان وأخرى يتخذ شكل ألسنة نارية منقسمة ؟! ولا يفوتنا أن نذكر أن للروح القدس عندهم شكلاً آخر وهذا الشكل الآخر هو ( حمامة ) فإنهم يقولون أن الروح القدس ( الذي هو في نفس الوقت الأب والابن ) يتشكل كذلك في صورة حمامة طبقاً لما ورد في إنجيل لوقا [ 3 : 22 ] : " ولما اعتمد يسوع وإذ كان يصلي انفتحت السماء ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة " ! هل فكر المسيحيون قبل أن يزعموا أن رب العالمين يتشكل بهذه الأشكال ؟!
ليست شهادة زور :
قال مرقس في [ 14 : 57 ] في رواية محاكمة المسيح أمام مجلس اليهود : " ثُمَّ قَامَ بَعْضُهُمْ وَشَهِدُوا عَلَيْهِ زُوراً قَائِلِينَ: «سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: سَأَهْدِمُ هَذَا الْهَيْكَلَ الَّذِي صَنَعَتْهُ الأَيَادِي، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِي هَيْكَلاً آخَرَ لَمْ تَصْنَعْهُ الأَيَادِي "
(1/227)
لقد سمى مرقس شهادتهم زور ، وهي ليست كذلك ، بل هي حق كما سمعوا منه في الهيكل كما في إنجيل يوحنا ( 2 : 19 ) ونصه : " أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: اهْدِمُوا هَذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ." فهل يقال لهؤلاء الشهود : انهم كذبوا وهم شهدوا كما سمعوا منه ؟ يقول أبو عبيدة : أخبرني : كيف استجزتم أن تسموها شاهدي زور وقد شهدا نص كتابكم أنه قال ذلك ؟ فإن قلت : إن اليهود ظنوا بهذ القول غير ما عنى المسيح ، فإن الشاهدين لم يشهدا على تأويل ، إنما شهدا على لفظه وما نطق به لسانه ، وما هو في كتابكم منصوص ، وأي تأويل لهذا غير ما يظهر من فحوى مجاوبة اليهود ، من أن البيت المعني في كلامه هو بيت المقدس ؟
اليوم ستكون معي في الفردوس :
ذكر لوقا في ( 23 : 42 ) أن أحد المصلبين المعلقين بجانب المسيح قال له : " يَايَسُوعُ، اذْكُرْنِي عِنْدَمَا تَجِيءُ فِي مَلَكُوتِكَ! فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: الْيَوْمَ سَتَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ! "
وفي قول المسيح للمصلوب : " الحق أقول لك : اليوم ستكون معي في الفردوس " أمر يقتضي التنبيه عليه وهو أن المسيحي لا يكمل إيمانه أو لا يكون مسيحياً حتى يعتقد أن المسيح مكث بعد الصلب في بطن الارض ثلاثة أيام وثلاث ليال ، كما في الاناجيل الاربعة ، ووعد المسيح هنا لأحد المصلوبين بقوله : " إنك اليوم تكون معي في الفردوس " يكذب روايات الصلب والقيام بعد ثلاثة أيام ، فإن صدقنا رواية بقاء المسيح في القبر ثلاثة أيام يلزم تكذيب قوله ووعده للمصلوب : " اليوم تكون معي في الفردوس " .
(1/228)
ومن تأمل في معنى قول المسيح المزعوم للص الذي صلب معه : " اليوم تكون معي في الفردوس " لا يشك المتأمل في عبودية المسيح لما ثبت من أن الفردوس والجحيم هما محلان أبديان معدان لخلود الأتقياء والأشرار من العباد فتأبى صفة الألوهية التحيز بأحدهما ، وتتنزه الذات الالهية عن الدخول في معنى ( في ) الظرفية من قوله ( معي في الفردوس ) .
أمور خيالية !
قال متى في ( 27 : 51) عند موت المصلوب : " واذا حجاب الهيكل قد انشق الى اثنين من فوق الى اسفل .والارض تزلزلت والصخور تشققت .والقبور تفتحت وقام كثير من اجساد القديسين الراقدين . وخرجوا من القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين ."
ان هذه الحكاية كاذبة ويدل على كذبها عدة وجوه :
أولاً : ان هذا الحدث مناقض لما قاله بولس في رسالته الأولى إلى كورنثوس حيث يقول : " ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين " وقال في ( 26 : 23 ) من أعمال الرسل : " أن المسيح يتألم ويكون أول من يقوم من بين الأموات " فلو صح قيام القديسين من قبورهم لم يكن المسيح أول قيامة الأموات ، وأي الأمرين أخذت به لزمك تكذيب ما سواه .
ثانياً : يتسائل البعض كيف كان حال هؤلاء الموتى ، بعد قيامهم من قبورهم ، ولمن ظهروا ومع من تكلموا ، وأين بقيت أكفانهم ، وهل كانوا حفاة عراة بين أهالي أورشليم ، وماذا حدث لهم بعد ذلك ، وهل بقوا أحياء أم رجعوا إلى قبورهم ؟!
لذلك يعتبرها البعض انها من الرويات الغامضة المجهولة !
يعلق الأستاذ أحمد ديدات على هذه الحكاية قائلاً :
ان هذه الرواية تقول أن هناك أجساد خرجت من القبور وسارت في شوارع مدينة القدس ولكن إذا أردنا أن نعرف ماذا حدث بعد ذلك لتك الاجساد وأين ذهبت ستكون الإجابة لا شيء والحقيقة ان من الكتب الـ 27 في العهد الجديد لم يرد ذكر هذا الحدث إلا عند متى وكأن كتاب باقي الكتب لم يسمعوا بهذه الحادثة .
(1/229)
وإننا نعجب من الاناجيل الثلاثة في سكوتهم عن ذكر هذا الخبر العظيم ، فهل من شأن الملهم أن يذكر جزئيات الأمور كقصة الجحش ، وإفاضة الطيب ، ومرافقة النساء للمسيح وأمثال ذلك ، ويسكت عن ذكر هذا الخير العظيم ؟
فكيف يتصور أن يكتب الإنجيليون كلهم صراخ المسيبح على الصليب وجزعه ولايذكروا تلك المعجزات العجيبة ؟
والعجب من النصارى ، تسمع هذا التضارب والتناقض في تلك القصص ، ثم تزعم أنها وحي وإلهام من الله !
ثالثاً : أن هذه الأمور العظيمة ، لما كانت ظاهرة ومشهورة ، يستبعد جداً أن لا يكتبها أحد من مؤرخي ذلك الزمان ، وإن امتنع المخالف عن كتابتها لأجل سوء الديانة والعناد ، فلا بد أن يكتبها الموافقون ، لا سيما لوقا الذي وعد في الاصحاح الأول من إنجيله أنه يكتب كل شيء بتتبع وتدقيق .
رابعاً : أن اليهود ذهبوا إلى بيلاطس في اليوم الثاني من الصلب قائلين : يا سيد قد ذكرنا أن ذلك المضل قال في حياته أني أقوم بعد ثلاثة أيام ، فمر الحارسين أن يضبطوا القبر إلى اليوم الثالث وقد صرح متى أن بيلاطس وامرأ ته كانا غير راضين بقتله فلو ظهرت هذه الأمور ما كان يمكن لهم أن يذهبوا إليه والحال أن حجاب الهيكل منشق والقبور مفتوحة والأموات حية لأن بيلاطس لما كان غير راض من أول الأمر ورأى هذه الأمور أيضاً لصار عدواً لهم وكذبهم ، وكذا كان ألوف من الناس يكذبونهم .
خامساً : ان هذه الأمور آيات عظيمة ، فلو ظهرت لآمن كثير من اليهود والروم على ما جرت به العادة ألا ترى أنه لما نزل روح القدس على الحواريين وتكلموا بألسنة مختلفة تعجب الناس وآمن نحو 3000 آلاف رجل كما هو مصرح في الاصحاح الثاني من سفر أعمال الرسل . وهذه الأمور أعظم من حصول القدرة على التكلم بألسنة مختلفة .
ساكناً في نور لايدني منه :
(1/230)
يقول بولس عن الله سبحانه : " الَّذِي سَيُبَيِّنُهُ فِي أَوْقَاتِهِ الْمُبَارَكُ الْعَزِيزُ الْوَحِيدُ، مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ. " ( تيموثاوس الاولى 6 : 16 )
يقول النص عن الله : ( لاَ يُدْنَى مِنْهُ ) إذن فمن الذي كان يمشي بين الناس في شوارع القدس ؟
ويقول النص عن الله : ( الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ ) فأين كانت كرامته عندما بصقوا فى وجهه، وعندما سخروا منه، وعندما لكموه؟ بل أين كان قدسيته عندما غلبه يعقوب فى المصارعة التى تمت بينهما، وقبض يعقوب على رجليه ولم يتركه حتى باركه؟ هكذا تُمارس البلطجة على الإله؟ له الكرامة والقدرة الأبدية ؟ " فابتدأ قوم يبصقون عليه ويغطون وجهه ويلكمونه ويقولون له تنبأ وكان الخدام يلطمونه " مرقس 14: 65 " و " وكانوا يضربونه على راسه بقصبة ويبصقون عليه ثم يسجدون له جاثين على ركبهم وبعدما استهزأوا به نزعوا عنه الارجوان والبسوه ثيابه ثم خرجوا به ليصلبوه " مرقس 15: 19-20
من رسالة بولس إلى أهل كولوسي :
عنوان الرسالة " رسالة بولس إلى أهل كولوسي " . ولكن أول جملة في الرسالة تقول إنها من بولس وتيموثاوس . كولوسي 1 : 1 . فكيف يخالف عنوانها حقيقتها ؟!! عنوان الرسالة غير مطابق للحقيقة !!
رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي :
رسالة من ثلاثة :
(1/231)
عنوان الرسالة الثانية الى تسالونيكي يقول انها " رسالة بولس " ولكن أول جملة فيها تقول : " رسالة من بولس وسلوانس وتيموثاوس " . العنوان يقول انها من بولس ولكن الرسالة نفسها من ثلاثة اشخاص !! وهل نزل الوحي على الثلاثة معاً ؟؟ وأين الدليل ؟ كما ان سلوانس وتيموثاوس لم يدعيا أنهما يتلقيان الوحي من المسيح كما ادعى بولس !!
تأليف قصة !
كتب لوقا في [ 1 : 1 ] : " اذ كان كثيرون قد اخذوا بتاليف قصة في الامور المتيقنة عندنا كما سلمها الينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة رأيت انا ايضا اذ قد تتبعت كل شيء من الاول بتدقيق ان اكتب على التوالي اليك ايها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علّمت به " ثم بدأ قصته قائلاً : " كان في أيام هيرودوس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا . . ."
(1/232)
إن هذه الفقرات من انجيل لوقا تجعل من إنجيله رسالة شخصية بين صديقين تحولت فجأة باختيار الكنيسة إلى إنجيل مقدس !! فهي رسالة ودية من لوقا إلى صديقة العزيز المسمى ثاوفيلس وليست رسالة موجهة إلى العالم . ولا يوجد ما يدعو إلى التفكير في كونها من عند الله ! ويتبين لنا من مقدمة الخطاب أن كثيرين هم الذين كتبوا مثل ما كتبه لوقا في بيان حال المسيح . فأين هي هذه الكتابات ؟هذا وقد أشار مرقس في [ 1 : 14 ] بإنجيل المسيح بقوله : " وبعدما أسلم يوحنا جاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله ويقول قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالإنجيل " . فأين هذا الانجيل المشار إليه ؟ ان قوله " آمنوا بالانجيل " صريح في أنه كان بيده إنجيل ، وإلا فكيف يكلفهم بأن يؤمنوا بكتاب ، لم يكن موجوداً . ثم كيف يتركون التوراة لكتاب غير موجود ؟ وكاتب سفر أعمال الرسل يقول في [ 8 : 25 ] عن بطرس ويوحنا في دعوتهما للسامريين من اليهود : " وكما شهدا وتكلما بكلمة الرب رجعا إلى أورشليم وبشرا بالانجيل في قرى كثيرة للسامريين " إذاً الإنجيل كان كتاباً موجوداً ومعروفاً بأنه انجيل المسيح فأين هو هذا الانجيل المشار إليه ؟
مراؤون كاذبون :
يقول بولس الي صديقه تيموثاوس : " ولكن الروح يقول صريحا انه في الازمنة الاخيرة يرتد قوم عن الايمان تابعين ارواحا مضلة وتعاليم شياطين2 في رياء اقوال كاذبة موسومة ضمائرهم3 مانعين عن الزواج .. " تيموثاوس الاولى 4 : 1 .
هنا نجد أن بولس يصف الذين يمنعون الناس من الزواج بأنهم مراؤون كاذبون تابعون لتعاليم الشيطان . جميل . ولكن هذا يناقض قول بولس نفسه حين حث الناس على عدم الزواج وقال من الافضل للأرمل أو الاعزب أن يبقى مثله في رسالته الاولى لكورنثوس 7 : 8 . وقال : " انت منفصل عن امرأة فلا تطلب امرأة " كورنثوس الاولى 7 : 27 .
(1/233)
بولس يقول من يمنع الزواج فهو يتبع تعاليم الشيطان . ولكن بولس نفسه هو الذي نصح بالابتعاد عن الزواج !!!
سلامات وأشواق :
الاصحاح الرابع ابتداء من العدد العاشر من رسالة كولوسي كله عبارة عن إهداء تحيات وسلامات من فلان وفلان وفلان إلى علان . صفحة كاملة سلامات من فلان الي فلان . فهل هذه السلامات وحي من الله !!! إنها تشبه برنامج " سلامات عبر الاثير " أو برنامج " سلامات إلى الأهل " الذي تقدمه بعض الإذاعات .
حمار يردع نبي من الانبياء عن حماقته !!!
يقول كاتب رسالة بطرس الثانية [ 2 : 16 ] :
" إِنَّ الْحِمَارَ الأَبْكَمَ نَطَقَ بِصَوْتٍ بَشَرِيٍّ، فَوَضَعَ حَدّاً لِحَمَاقَةِ ذَلِكَ النَّبِيِّ! " [ ترجمة كتاب الحياة ]
سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي :
من المعروف أن الرؤيا هي الحلم . والعجيب ان رؤيا يوحنا أخذ سبع وعشرين صفحة في العهد الجديد مقسمة الي اصحاحات ضمن الكتاب المقدس !!! ومن الناحية الواقعية فإنه لا يمكن أن يمتد الحلم الذي يتذكره صاحبه إلى حد يعبر عنه في سبع وعشرين صفحة !!
حيوانات حول عرش الله !!
هل من المعقول أن نتصوّر أربع دواب ( حيوانات ) مملوئة عيوناً من الوراء ومن الخلف واقفين حول عرش الرحمن تبارك وتعالى والحيوان الأول شبه أسد .والحيوان الثاني شبه عجل .والحيوان الثالث له وجه مثل وجه الإنسان .والحيوان الرابع شبه طائر ؟!
يقول كاتب سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي [ 4 : 5 ] :
" ورأيت أمام العرش سبعة مصابيح نار متقدة هي سبعة أرواح الله . . . وفي وسط العرش وحول العرش أربعة حيوانات مملوئة عيوناً من الوارء ومن الخلف .
والحيوان الأول شبه أسد .
والحيوان الثاني شبه عجل .
والحيوان الثالث له وجه مثل وجه الإنسان .
والحيوان الرابع شبه طائر . "
ولا يفوتنا ان نذكر بأن النص يزعم ان الله له سبعة أرواح وهذا يناقض ايمان المسيحيين من أن الله ثالوث !!!
خروف له سبعة قرون وسبعة أعين !!!
(1/234)
يقول كاتب سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي [ 5 : 6 ] :
" ورأيت فإذا في وسط العرش والحيوانات الأربعة وفي وسط الشيوخ خروف قائم كأنه مذبوح له سبعة قرون وسبعة أعين هي سبعة أرواح الله المرسلة إلى كل الأرض "
تنين لونه أحمر وله سبعة رؤوس وعشرة قرون !!!
رؤيا يوحنا [ 12 : 3 ] : " وظهرت آية اخرى في السماء.هوذا تنين عظيم احمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان.وذنبه يجر ثلث نجوم السماء فطرحها الى الارض.والتنين وقف امام المرأة العتيدة ان تلد حتى يبتلع ولدها متى ولدت. فولدت ابنا ذكرا عتيدا ان يرعى جميع الامم بعصا من حديد.واختطف ولدها الى الله والى عرشه.والمرأة هربت الى البرية حيث لها موضع معد من الله لكي يعولها هناك الفا ومئتين وستين يوما وحدثت حرب في السماء.ميخائيل وملائكته حاربوا التنين وحارب التنين وملائكته "
علماً بأن التنين هو حيوان أسطوري ( خرافي ) يجمع بين الزواحف والطير؛ كثر ذكره في الحكايات الشعبية القديمة.(المعجم المحيط)
وحش يخرج من البحر له سبعة رؤوس وعشرة قرون !!!
رؤيا يوحنا اللاهوتي [ 13 : 1 ] :
" ثم وقفت على رمل البحر.فرأيت وحشا طالعا من البحر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى قرونه عشرة تيجان وعلى رؤوسه اسم تجديف. والوحش الذي رأيته كان شبه نمر وقوائمه كقوائم دب وفمه كفم اسد واعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطانا عظيما. ورأيت واحدا من رؤوسه كانه مذبوح للموت وجرحه المميت قد شفي وتعجبت كل الارض وراء الوحش4 وسجدوا للتنين الذي اعطى السلطان للوحش وسجدوا للوحش قائلين من هو مثل الوحش.من يستطيع ان يحاربه."
هل ناموس الرب له قيمة ؟
يقول مزمور 19: 7 " ناموس الرب كامل "
(1/235)
ويقول عيسى عليه السلام : " لا تظنوا اني جئت لانقض الناموس او الانبياء .ما جئت لانقض بل لاكمّل . فاني الحق اقول لكم الى ان تزول السماء والارض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل .فمن نقض احدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعى اصغر في ملكوت السموات .واما من عمل وعلّم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السموات " متى 5 : 17- 19
أما بولس فله رأى مخالف لرأى الرب صاحب الناموس ، ومخالف لأقوال وأفعال عيسى عليه السلام ، فيقول: " فانه لو كان ذلك الاول بلا عيب لما طلب موضع لثان. " عبرانيين 8: 7 ، " فانه يصير ابطال الوصية السابقة من اجل ضعفها وعدم نفعها " عبرانيين 7 : 18- 19
فمن الصادق ، ومن الكاذب ؟ أليس بولس هو الكذّاب؟ بلى. إنه هو الكذّاب الذى ادعى أنه سيدين الملائكة! بولس سيحاكم الملائكة! " ألستم تعلمون ان القديسين سيدينون العالم.فان كان العالم يدان بكم افانتم غير مستاهلين للمحاكم الصغرى. ألستم تعلمون اننا سندين ملائكة فبالأولى امور هذه الحياة. " كورنثوس الأولى 6: 2-3 واسمع ماذا يقول يعقوب في رسالته ( 2 : 10 ) : " من حفظ كل الناموس وإنما عثر في واحدة فقد صار مجرماً في الكل " [ ترجمة الفاندايك ]
كل الكتاب موحى به :
يقول بولس في رسالته الثانية إلى صديقه تيموثاوس [ 3 : 16 ] :
" كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر " وفي ترجمة كتاب الحياة : " ان الكتاب بكل ما فيه قد أوحى به الله . . "
فهل ما سنذكره لك عزيزي القارىء ينطبق على النص المذكور آنفاً ؟
بولس يريد ان يشتي :
فهو القائل لصديقه تيطس [ تي 3 : 12 ] : " حالَمَا أُرْسِلُ إِلَيْكَ أَرْتِمَاسَ أَوْ تِيخِيكُسَ، اجْتَهِدْ أَنْ تَأْتِيَنِي إِلَى مَدِينَةِ نِيكُوبُولِيسَ، لأَنِّي قَرَّرْتُ أَنْ أشتي هُنَاكَ. !! "
بولس يطلب من صديقه أن يحضر له الجاكتة :
(1/236)
فهو القائل في رسالته الثانية إلي صديقه تيموثاوس [ 4 : 9 ] : " بادرْ أَنْ تَأْتِيَ إِلَيَّ سَرِيعاً، لأَنَّ دِيمَاسَ، إِذْ أَحَبَّ الْحَيَاةَ الْحَاضِرَةَ، تَرَكَنِي وَذَهَبَ إِلَى مَدِينَةِ تَسَالُونِيكِي. أَمَّا كِرِيسْكِيسُ، فَقَدْ ذَهَبَ إِلَى مُقَاطَعَةِ غَلاَطِيَّةَ، وَتِيطُسُ إِلَى دَلْمَاطِيَّةَ وَلَمْ يَبْقَ مَعِي إلا لُوقَا وَحْدَه ُخذ ِمَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ، فَهُوَ يَنْفَعُنِي فِي الْخِدْمَةِ. أَمَّا تِيخِيكُسُ، فَقَدْ أَرْسَلْتُهُ إِلَى مَدِينَةِ أَفَسُسَ. وَعِنْدَمَا تَجِيءُ، أَحْضِرْ مَعَكَ رِدَائِي الَّذِي تَرَكْتُهُ عِنْدَ كَارْبُسَ فِي تَرُوَاسَ، وَكَذلِكَ كُتُبِي، وَبِخَاصَّةٍ الرُّقُوقَ الْمَخْطُوطَةَ.!! " [ ترجمة كتاب الحياة ]
بولس يعترف انه ليس عنده وحي :
فهو القائل في رسالته الأولى إلى كورنثوس [ 7 : 25 ] : " وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْياً كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِيناً." وقال أيضاَ في رسالته الأولى إلى كورنثوس [ 7 : 38 _ 40 ] " إِذاً مَنْ زَوَّجَ فَحَسَناً يَفْعَلُ وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ. 39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيّاً. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ فِي الرَّبِّ فَقَطْ. 40وَلَكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هَكَذَا بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضاً عِنْدِي رُوحُ اللهِ."
بولس يرسل سلامات شخصية و يدعو أهل روما إلى اشاعة القبل بين الرجال والنساء :
فهو القائل في رسالته لأهل روما [ رومية 16 : 12_ 16 ] :
" 12 سلموا على تريفينا وتريفوسا التاعبتين في الرب.سلموا على برسيس المحبوبة التي تعبت كثيرا في الرب.
(1/237)
13 سلموا على روفس المختار في الرب وعلى امه امي.
14 سلموا على اسينكريتس فليغون هرماس بتروباس وهرميس وعلى الاخوة الذين معهم.
15 سلموا على فيلولوغس وجوليا ونيريوس واخته وأولمباس وعلى جميع القديسين الذين معهم.
16 سلموا بعضكم على بعض بقبلة مقدسة.كنائس المسيح تسلم عليكم "(1/238)
هل كتب موسى عليه السلام التوراة الحالية ؟
يدعي الأصدقاء المسيحيون أن التوراة الحالية هي من كتابة موسى نفسه عليه السلام ، إلا أن هناك عدة شواهد وأدلة في التوارة الحالية تأكد على انها ليست من كتابة موسى وأن مؤلفها وكاتبها شخص آخر عاش بعد موسى بزمن طويل وهذا دليل تحريفها وضياعها :
( 1 ) هناك جمل وردت في الاسفار الخمسة تدل دلالة واضحة وصريحة على أنها ليست من كتابة موسى وإنما كتبها شخص آخر ونسبها إلى موسى عليه السلام كالآتي :
سفر الخروج [ 24 : 3 ] : ( فجاء موسى وحدّث الشعب بجميع اقوال الرب وجميع الاحكام . فاجاب جميع الشعب بصوت واحد وقالوا كل الاقوال التي تكلم بها الرب نفعل )
سفر الخروج [ 24 : 4 ] :( فكتب موسى جميع اقوال الرب . وبكر في الصباح وبنى مذبحا في اسفل الجبل واثني عشر عمودا لاسباط اسرائيل الاثني عشر )
سفر التثنية [ 31 : 22 ] :( فكتب موسى هذا النشيد في ذلك اليوم وعلم بني اسرائيل اياه )
فلو كان موسى هو كاتب هذا الكلام لقال [ جئت ] [ قصصت ] [ كتبت ] . . . الخ
وجاء في نهاية سفر العدد [ 36 : 13 ] هذا النص : ( هذه هي الوصايا والاحكام التي اوصى بها الرب الى بني اسرائيل عن يد موسى في عربات موآب على اردن اريحا )
فيستحيل أن يكون موسى قد قال ذلك ، بل لا بد من أن يكون قائلها كاتب آخر يروي أقوال موسى وأعماله .
( 2 ) هناك جمل وردت في الاسفار الخمسة تعطي لموسى شهادات وثناءً طيباً من كاتب السفر تكشف لنا أن كاتبها لا يمكن ويستحيل أن يكون موسى وإنما هو كاتب آخر عاش بعد موسى . كالآتي :
سفر الخروج [ 11 : 3 ] : ( واعطى الرب نعمة للشعب في عيون المصريين . وايضا الرجل موسى كان عظيما جدا في ارض مصر في عيون عبيد فرعون وعيون الشعب )
سفر العدد [ 12 : 3 ] : ( واما الرجل موسى فكان حليما جدا اكثر من جميع الناس الذين على وجه الارض )
(1/239)
فلا يعقل أن يقول موسى عن نفسه : ( الرجل موسى كان حليماً ) ( الرجل موسى كان عظيماً )
فما هي هذه الشهادات الطيبة لموسى إلا من كاتب آخر عاش بعده .
( 3 ) الذي يقرأ مقدمة سفر التثنية لا يلحظ أنها من كتابة موسى ، بل يلحظ أنها من مؤرخ يؤرخ لحياة موسى ، وإليك المقدمة بحسب ترجمة الفاندايك :
سفر التثنية [ 1 : 1 _ 5 ] : ( هذا هو الكلام الذي كلم به موسى جميع اسرائيل في عبر الاردن في البرية في العربة قبالة سوف بين فاران وتوفل .. )
و في سفر اللاويين جمل وعبارات كثيرة تفيد أن مؤرخاً يسجل التشريع الذي أنزله الله على موسىومن هذه العبارات ما جاء في بداية السفر [ 1 : 1 ] : ودعا الرب موسى وكلمه من خيمة الإجتماع قائلاً : . . . .
( 4 ) أن موسى عليه السلام ، لم يكتب مقدمة سفر التثنية الحالي ، الذي جاء فيه : ( في عبر الاردن في ارض موآب ابتدأ موسى يشرح هذه الشريعة قائلا ) تثنية [ 1 : 5 ] بسبب واضح جداً هو أن موسى لم يعبر نهر الأردن . وأنه مات في البرية كما جاء في سفر التثنية [ 34 : 5 ، 6 ]
( 5 ) جاء في سفر التثنية [ 27 : 8 ] أن سفر موسى الأصلي قد نقش كله بوضوح تام على حافة مذبح واحد ، وقد جاء في سفر يشوع [ 8 : 32 ] انه اتبع طريقة موسى فكتب على الحجارة نسخة توراة موسى ، وقد نقش سفر موسى الاصلي كله على اثنتي عشرة حجر على حسب عدد أسباط بني اسرائيل الاثنى عشر ، ومعنى ذلك أن سفر موسى الاصلي كان في حجمه أقل بكثير من الاسفار الخمسة المتداولة اليوم . . .
( 6 ) جاء في سفر التثنية [ 34 : 5 _ 10 ] خبر موت موسى ودفنه في أرض إسمها ( موآب ) ، وان يشوع بن نون قد خلفه في قيادة بني اسرائيل ، ولايمكن لعاقل أن يصدق بأن موسى كتب خبر موته قبل أن يموت ! وإليك النص :
(1/240)
( فمات هناك موسى عبد الرب في ارض موآب حسب قول الرب. 6 ودفنه في الجواء في ارض موآب مقابل بيت فغور ولم يعرف انسان قبره الى هذا اليوم وكان موسى ابن مئة وعشرين سنة حين مات ولم تكلّ عينه ولا ذهبت نضارته8 فبكى بنو اسرائيل موسى في عربات موآب ثلاثين يوما. فكملت ايام بكاء مناحة موسى9 ويشوع بن نون كان قد امتلأ روح حكمة اذ وضع موسى عليه يديه فسمع له بنو اسرائيل وعملوا كما اوصى الرب موسى10 ولم يقم بعد نبي في اسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجها لوجه )
أي عاقل يقول : أن الكاتب هو موسى وقد ذكر ما حدث لبني اسرائيل بعد موته من نياحتهم عليه طوال 30 يوماً ومن أنه لا أحد يعرف قبره وأن يشوع بن نون قد خلفه في قيادة بني اسرائل ؟ !
هذا دليل عظيم على أن الكاتب عاش بعد موسى بمدة طويلة وبعد أن حرفت التوراة وضاعت .
يقول كاتب السفر في الفقرة 6 : ( ولم بعرف أحد قبره إلى هذا اليوم ) ونحن نسأل : كيف ينزل الوحي من الله على موسى بموته ودفنه وتحديد مكان هذا الدفن وهو ما زال حياً ؟!
ولكي يخرج المسيحيون من هذه الفضيحة قالوا أن هذا الاصحاح كتبه يشوع ، وكيف يصح هذا وفي نفس الاصحاح نص عن يشوع جاء فيه : ( أنه امتلأ روحاً وحكمة فسمع له كل بني إسرائيل ) سفر التثنية [ 34 : 9 ] . فهذه حكاية عنه من غيره .
ثم كيف يدلس يشوع ويلحق بكتاب موسى ماليس منه من غير أن ينسبه إلى نفسه ؟
وهناك دليل آخر على أن الاصحاح الأخير ليس ليشوع ، وهو أنه جاء في الاصحاح بعد حكاية دفن موسى هذه الجملة : ( ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم ) فهي تدل على أن الجملة كتبت بعد موسى بزمن طويل ، ولو كانت ليشوع لم تكن كذلك .
ويجب أن نذكر أن سفر التثنية لا يقص فقط موت موسى ودفنه ، وحزن الأيام الثلاثين للعبرانيين عليه بل يحكي أيضاً أن موسى فاق جميع الانبياء ، إذا ما قورن بالانبياء الذين جاؤا بعده :
(1/241)
يقول كاتب سفر التثنية [ 34 : 1 ] :( ولم يقم من بعده نبي في اسرائيل كموسى الذي عرفه الرب وجهاً لوجه )
هذه شهادة لم يكن من الممكن أن يدلي بها موسى لنفسه ، أو أن تكون لشخص آخر أتى بعده مباشرة ، بل هذه شهادة لشخص عاش بعد موسى بقرون عديدة ، وقرأ عن أنبياء عديدين بعد موسى . . . ولا سيما أن المؤرخ قد استعمل الصيغة المعبرة : ( ولم يقم من بعد نبي في اسرائيل ) ويقول عن القبر : ( ولم يعرف أحد قبره إلي يومنا هذا ) .
( 7 ) جاء في سفر التكوين [ 36 : 31 ] النص الآتي : ( وَهَؤُلاَءِ هُمُ الْمُلُوكُ الَّذِينَ حَكَمُوا أَرْضَ أَدُومَ قَبْلَ أَنْ يُتَوَّجَ مَلِكٌ فِي إِسْرَائِيلَ: بَالَعُ بْنُ بَعُورَ مَلَكَ فِي أَدُومَ . . . .)
ان هذا كلام قد صدر من كاتب قد عاش بعد زمان قامت فيه مملكة بني اسرائيل في عهد داود وطالوت عليهما السلام ، فكيف يمكن ان يكون هذا الكلام قد صدر من موسى ؟! وأول ملوك مملكة بني اسرائيل هو شاول كان بعد موسى بنحو 400 عام .
( 8 ) قال كاتب سفر التكوين في [ 12 : 5 _ 6 ] : ( وَأَخَذَ أَبْرَامُ سَارَايَ زَوْجَتَهُ وَلُوطاً ابْنَ أَخِيهِ وَكُلَّ مَا جَمَعَاهُ مِنْ مُقْتَنَيَاتٍ وَكُلَّ مَا امْتَلَكَاهُ مِنْ نُفُوسٍ فِي حَارَانَ، وَانْطَلَقُوا جَمِيعاً إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ إِلَى أَنْ وَصَلُوهَا.فَشَرَعَ أَبْرَامُ يَتَنَقَّلُ فِي الأَرْضِ إِلَى أَنْ بَلَغَ مَوْضِعَ شَكِيمَ إِلَى سَهْلِ مُورَةَ. وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ حينئذٍ يَقْطُنُونَ تِلْكَ الأَرْضَ.)
إن آخر عبارة هنا تدل على أن الكاتب هنا قد كتب بعد استيلاء بني إسرائيل على أرض كنعان وطرد الكنعانيين منها ، لأنه يحكي عن زمن مضى ، حيث يقول : ( وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض ) ، وبنو إسرائيل لم يستولوا عليها في زمن موسى وإنما في زمن داود ، أي بعد موسى بمئات السنين .
(1/242)
أما الديل على أن الاستيلاء على أرض كنعان كان في عصر داود وطالوت فهو ما جاء في سفر صموئيل الأول [ 17 : 23 _ 24 ] _ [17 : 50 _ 51 ] - [ 18 : 6 ] .
( 9 ) قال كاتب سفر التكوين في [ 14 : 14 ] : ( فَلَمَّا سَمِعَ أَبْرَامُ أَنَّ ابْنَ أَخِيهِ قَدْ أُسِرَ، جَرَّدَ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْ غِلْمَانِهِ الْمُدَرَّبِينَ الْمَوْلُودِينَ فِي بَيْتِهِ وَتَعَقَّبَهُمْ حَتَّى بَلَغَ دَانَ )
والمعنى : ان ابراهيم عليه السلام لما سمع أن لوطاً عليه السلام وقع في الأسر انطلق مع عبيده ليحرره ، وتبع الأعداء إلى قرية تسمى ( دان ) ولفظ دان : هو اسم قرية سميت باسم دان بن يعقوب عليه السلام ، وهذه القرية لم يفتحها بنو اسرائيل زمن موسى ، بل فتحت في عصر قضاة بني اسرلئيل ايام كان القضاة يحكمون قبل مصر الملوك واسم هذه القرية سابقاً (لايش ) ففي سفر القضاة : ( ودعوا اسم المدينة باسم دان أبيهم الذي ولد لأسرائيل ، ولكن اسم المدينة أولاً لايش ) سفر القضاة [ 18 : 29 ]
( 10 ) يقول كاتب سفر العدد [ 21 : 14 ] عن رحلات بني اسرائيل في سيناء : ( لِذَلِكَ وَرَدَ فِي كِتَابِ حُرُوبِ الرَّبِّ : مَدِينَةُ وَاهِبٍ فِي مِنْطَقَةِ سُوفَةَ، وَأَوْدِيَةِ نَهْرِ أَرْنُونَ، وَمَصَبِّ الأَوْدِيَةِ الْمُمْتَدِّ نَحْوَ مَدِينَةِ عَارَ، وَالْمُسْتَنِدِ إِلَى حُدُودِ مُوآبَ .)
فقوله ( كتاب حروب الرب ) يدل على أن الكاتب ينقل عن كتاب اسمه : (( حروب الرب )) وهذا يفيد أن موسى ليس هو الكاتب والمتحدث عن الله .
( 11 ) جاء في سفر الخروج [ 16 : 35 ] : ( وأكل بنو إسرائيل المن أربعين سنة إلى أن ذهبوا إلى أرض عامرة أكلوا المن إلي حين وافوا حدود أرض كنعان )
(1/243)
والقارىء المتأمل سيلحظ أن موسى عليه السلام لم يصدر عنه مثل هذا الكلام وإنما كتبه أحد الأشخاص بعد انتهاء فترة التيه ، فجملة : ( أكلوا المن أربعين سنة ) تدل على أن النص كتب بعد انتهاء الأربعين سنة ودخول بني اسرائيل إلى أرض كنعان ، وموسى مات بالتيبه ولم يدخل أرض كنعان .
( 12 ) قال كاتب سفر التكوين في [ 3 : 14 ] :( فأخذ تخوم الجشوريين والمعكيين ، وسمى باشان باسمه ضياع يائير ياير إلى هذا اليوم ) وقول الكاتب : ( إلى هذا اليوم ) وكون الحديث عن يائير ، كل هذه القرائن تدعو إلى القول بأن النص ليس من كلام موسى عليه السلام إذ أن الذي كتب هذا لابد أن يكون بعد يائير بزمن طويل ، وقد علق على هذا النص المحقق هورن وهو نصراني بقوله : (( هاتان الفقرتان لايمكن أن تكونا من كلام موسى لأن الفقرة الأولى دالة على أن مصنف هذه الكتاب كان بعد زمان قامت فيه سلطنة بني اسرائيل ، والفقرة الثانية دالة على أن مصنفه كان بعد زمان إقامة اليهود في فلسطين ))
( 13 ) ومما يؤكد ضياع الاسفار الخمسة وأن مؤلفها لم يكن موسى إننا نجد فيها شواهد جغرافية لم تكن معروفة في حياة موسى ، إذ أنها لم توجد إلا بعده ، وما فيها من مصطلحات جغرافية يدل على أن كاتب هذه الاسفار كان مقيماً في شرق الأردن وموسى لم يدخل إلى هذه الأماكن لأنه مات في فترة التيه التي كانت بسيناء .
سفر التكوين [ 50 : 10 _ 11 ] ، سفر العدد [ 22 : 1 ] _ [ 32 : 32 ] _ [ 35 : 9 _ 14 ] وسفر التثنية [ 1 : 1 _ 5 ] ، [ 3 : 8 ] ، [ 4 : 46 _ 49 ] .
(15) يقول كاتب سفر التكوين في [ 22 : 14 ] : ان ابراهيم عليه السلام لما ذبح الكبش عوضاً عن ابنه في الموضع الذي كان سيذبح فيه ابنه ( دعا ابراهيم اسم ذلك الموضع يهوه يرأه حتى أنه يقال اليوم : في جبل الرب يرى )
(1/244)
ان قول الكاتب : ( حتى انه يقال اليوم في جبل الرب يرى ) يدل على ان الكاتب كتب بعد زمان حادثة الذبح ، وبعد ما سمي ذلك الموضع بجبل الرب ، ومعلوم أن هذا الجبل لم يحمل هذا الاسم إلا بعد الشروع في بناء الهيكل في عهد داود عليه السلام وأكمل بناءه سليمان عليه السلام كما في سفر الاخبار الثاني [ 3 : 1 ، 2 ] فهذه التسمية متأخرة جداً عن زمان موسى ، فيتضح أن كاتب هذا السفر جاء بعد موسى بزمن طويل بعد أن حرفت التوراة وضاعت . . .
أخي المتصفح :
بعد هذه الأدلة الواضحة أصبحنا أمام نتيجة حتمية ألا وهي ضياع التوراة وأن الاسفار الحالية ليست من كتابة موسى عليه السلام وإنما كتبت بعد رحيله بزمن طويل . والله الموفق(1/245)
براءة أنبياء الكتاب المقدس من الأسفار منسوبة إليهم
لا يملك اليهود ولا النصارى أي دليل – ولو كان ضعيفاً - يثبت صحة نسبة الأسفار المقدسة إلى أصحابها، بل إن الأدلة تثبت عكس ذلك، وهذا يتضح من خلال عرض النصوص والشهادات التي تبطل نسبة أسفار العهد القديم إلى الأنبياء عليهم السلام، ومن ذلك:
أولاً : سفر يشوع
القراءة المتأنية لهذا السفر تكشف عن تأخر تاريخ كتابته عن يشوع بسنين طويلة فقد جاء فيه خبر موت يشوع : " مات يشوع بن نون عبد الرب ابن مائة وعشر سنين فدفنوه في تخم ملكه " يشوع 29:24 - 30 .
ويذكر السفر أحداثاً بعد موته كتعظيم بني إسرائيل له بعد موته انظر يشوع 31:24 والسفر برمته يتحدث عن يشوع بضمير الغائب انظر 35:8 ، 27:6 .
ثانياً : سفر القضاة
ويتحدث السفر عن الفترة التي تلت يشوع والتي سبقت الملكية ، وهي فترة مبكرة من تاريخ بني إسرائيل .
ولكن السفر يحوى ما يدل على أنه كتب في عهد الملوك فقد جاء فيه : " في تلك الأيام لم يكن ملك في إسرائيل " ( قضاة 25:21 ) " وفي تلك الأيام لم يكن ملك في إسرائيل " ( قضاة 6:17 )
ويقول الأب لوفيفر : إن سفر القضاة أعيدت كتابته وعدلت مرات كثيرة قبل أن يصل إلى صيغته النهائية ، وأن أحداثه التاريخية تعوزها الدقة. ويعترف النصارى بأنه لا يعلم كاتب السفر وعلى الارجح أنه صموئيل .
ثالثاً : سفرا صموئيل ( الأول والثاني )
وينسب السفران للنبي صموئيل لكن الجزء الأول أو السفر الأول يذكر وفاة صموئيل ودفنه : " فمات صموئيل فاجتمع إسرائيل ، وندبوه ، ودفنوه " ( صموئيل (1) 1:25 )
فمن الذي أكمل السفر وكتب الثاني ؟
ويقول منقحو الكتاب المقدس الذي راجعه القسيس فانت السكرتير العام لجمعية الكتاب المقدس بنيويورك : بأن مؤلف السفرين " مجهول ، ويحتمل أن يكون عزرا هو الذي كتبه وراجعه ".
رابعاً : سفر أيوب
(1/246)
وقد جاء في وسط السفر ما يدل على أن ثمة كاتباً آخر غير أيوب قد تدخل في السفر ففي نهاية الأصحاح 31 : " تمت أقوال أيوب " ( أيوب 40 : 31 ) لكن لم ينته السفر حينذاك بل استمر بعده أحد عشر إصحاحاً تحدثت عن أيوب.
وفي نهاية السفر : " وعاش أيوب بعد هذا مائة وأربعين سنة ورأى بنيه ، وبني بنيه إلى أربعة أجيال ، ثم مات أيوب شيخاً وشبعان الأيام " ( أيوب 16 : 42 - 17 ) .
خامساً : سفر المزامير :
عدد المزامير مائة وخمسون مزموراً تنسب إلى مؤلفين مختلفين ، إذ ينسب لداود ثلاثة وسبعون مزموراً، ولموسى مزمور واحد ، ولأساف أحد عشر مزموراً ، ولبني قورح أحد عشر مزموراً ، ومزموران لسليمان ، وآخر لايثان، وتسمى الباقي بالمزامير اليتيمة التي لايعرف من قائلها !!! ( التفسير التطبيقي للكتاب المقدس )
فكيف وصفت بالوحي ؟ وهل كان بنو قورح أيضاً أنبياء ؟
ولكن المتأمل في المزامير يدرك بوضوح كبير أن المزامير تعود للقرن السادس قبل الميلاد وتحديداً إلى أيام السبي البابلي ، وذلك يظهر من أمثلة متعددة منها : " اللهم إن الأمم قد دخلوا ميراثك ، ونجسوا هيكل قدسك، وجعلوا أورشليم أكواماً ، دفعوا جثث عبيدك طعاماً لطيور السماء " ( 79 : 1 - 2 ) ومثله : " الرب يبني أورشليم ، يجمع منفى إسرائيل يشفي المنكسري القلوب ، ويجبر كسرهم " ( 147 : 2 )
ومثله : " على أنهار بابل جلسنا ... بكينا أيضا عندما تذكرنا صهيون، ... لأنه هناك سألنا الذين سبونا( بعد السبي) كلام ترنيمة، ومعذبونا سألونا فرحاً قائلين: رنموا لنا من ترنيمات صهيون " ( 137 : 1 ) .... وغيرها .
وهذه الأمثلة تثبت أن كتابة المزامير تأخرت عن داود مالا يقل عن أربعة قرون وعليه فلا تصح نسبتها إليه .
سادساً : سفر إشعيا :
(1/247)
وينسب السفر للنبي إشعيا في القرن الثامن قبل الميلاد ، فقد عاصر الملك عزيا ثم يوثام ثم أحاز ثم حزقيا ، ولكن السفر يتحدث عن الفترة الممتدة بين القرنين الثامن والسادس قبل الميلاد مما يؤكد أن ثمة كاتب أو كاتبين قد كتبوا ذلك بعد إشعيا ، ومن أمثلة ذلك حديثه عن بابل الدولة العظيمة وتنبؤه بإنهيارها.
وأيضاً حديثه عن كورش الفارسي الذي ردّ اليهود من السبي (انظر 28:44 - 1:45 ) كما يتحدث عن رجوع المسبيين والشروع في بناء الهيكل في الاصحاحات 56 - 66 وقال العالم الألماني أستاهلن: " لايمكن أن يكون الباب الأربعون وما بعده حتى الباب السادس والستين من تصنيف إشعيا .
سابعاً : سفر إرمياء
أما سفر إرمياء فلا تصح نسبته للنبي إرمياء إذ هو من عمل عدة مؤلفين بدليل تناقضه في ذكر الحادثة الواحدة ، ومن ذلك تناقضه في طريقة القبض على إرمياء وسجنه ( انظر : إرمياء 37 : 11 - 15 و 38 : 13 )
كما يحمل السفر اعترافاً بزيادة لغير إرمياء ففيه : فأخذ إرمياء درجاً آخر ، ودفعه لباروخ بن نيريا الكاتب ، فكتب فيه عن فم إرميا ، كل كلام السفر الذي أحرقه يهوياقيم ملك يهوذا بالنار ، وزيد عليه أيضاً كلام كثير مثله " ( 33 : 36 ) ، وفي موضع آخر " إلى هنا كلام إرمياء " ( 64 : 51 ) ومع ذلك يستمر السفر، فمن أكمله؟.
ثامناً : سفر دانيال
لا يمكن أن يكون قد كتب في ذلك الزمن البعيد الذي روي أنه عاش دانيال فيه أي عندما سقطت بابل في يد الملك الفارسي كورش عام 538 ق . م بل لا بد أن يكون هذا السفر قد كتب بعد ذلك بثلاثة قرون أو أربعة للأسباب التالية :
أولاً : يتضمن هذا السفر كلمات مقدونية مع أن اليهود في الأسر البابلي لم يكونوا قد خالطوا اليونان ولا حكت أسماعهم للغة اليونانية .
ثانياً : ان هذا السفر فيه وصف للكلدانيين لا يتسنى الإتيان به لكاتب سابق على عصر الاسكندر .
(1/248)
ثالثاً : اقتبس طرفاً من أقوال أرميا وحزقيال وزكريا مع أن هؤلاء الأنبياء متفرقون في الزمن ، فأرميا بداية الأسر وحزقيال في وسطه وزكريا في أواخر الدولة الفارسية .(1/249)
بعض الديانات المتواجدة اليوم الفصل الثاني بعض الديانات المتواجدة اليوم المبحث الأول : اليهودية المبحث الثاني : النصرانية المبحث الثالث : الصابئة المبحث الرابع : الهندوسية المبحث الخامس : البوذية المبحث السادس : الجينية المبحث السابع : السيخية المبحث الثامن : الكونفوشيوسية الصفحة الرئيسية الاتصال حول الموضوع طباعة هذه الصفحة
المبحث الثاني :النصرانية
المطلب الأول : تعريف النصرانية
"هي المسيحية التي أنزلت على سيدنا عيسى u مكملة لرسالة موسى u ، متممة لما جاء في التوراة من تعاليم ، موجهة إلى بني إسرائيل ....! لكنها سرعان ما فقدت أصولها مما ساعد عل امتداد يد التحريف إليها حيث ابتعدت كثيراً عن صورتها السماوية(64) .
سبب التسمية :
1) سمو نصارى لأنهم نصروا المسيح(65) .
2) وجاء في تفسير ابن عطية : النصارى لفظة مشتقة من النصر إما لأن قريتهم تسمى "ناصرة " ويقال نصرياً . وإما لأنهم تناصروا .
3)وأما لقول عيسى u " من أنصاري إلى الله "(66) .
المطلب الثاني :نبذة تاريخية موجزة
(1/250)
في ظل عهد الرومان عانى اليهود اضطهاداً كبيرا .. فتوقعوا ظهور المسيح المخلص ، الذي وعد بمجيئه عندما يتعرضون للاضطهاد فإنه يجيء مخلصاً لهم من هذا الظلم حاملاً معه الخير العظيم لبني إسرائيل .وكان بالفعل قد قرب مولد المسيح u ففي بيت لحم " كانت مريم العذراء قد حملت بالمسيح المنتظر من غير أب " حملت به مريم عن طريق الروح القدس الذي تمثل لها بشراً سويا ونفح في درعها وعمرها آنذاك(15عاما) وقيل( 13عاما)(67).عندما أحست مريم بالمخاض ذهبت بعيداً تحت جذع النخل لتضع وليدها ...وذلك خوفاً من قومها أن يتهموها . ولكن الوليد تكلم بقدرة الله وطلب من أمه أن تذهب به إلى قومها.. فبرأ والدته من البغي وأخبرهم أنه نبي (68)، قال تعالى على لسان عيسى u )قال إني عبد الله أتاني الكتاب وجعلني نبيا((69).قال تعالى :)فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا * قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا((70).
وعندما حدث وقت الوضع ألجأها المخاض إلى جذع النخلة(71) .
بداية الوحي :
عندما بلغ عيسى u سن الثلاثين .. نزل عليه " الروح الأمين " فكان ذلك بدء الرسالة السماوية وفاتحة عهد النبوة (72)"
فأعلن نبوته وأصبح له أتباع ، وأختار له من بينهم اثني عشر شخصاً سموا بالحواريين أرسلهم لإعلان دعوته وظهوره .
(1/251)
"فلقيت دعوته أشد ما يلقاه دين من مقاومة ، وناصبه القوم العداء ، وكذبه اليهود (73)".مكروا به واتهموه بالكفر والتمرد .. فقبض عليه بهذه التهمة وحوكم بها وكانت عقوبتها الإعدام فحكم عليه بالصلب والقتل(74)".وفي قصة الصلب خلاف كبير بين المسيحيين والمسلمين حول حادثة الصلب ؛ فالمسيحيون يؤمنون بأن المسيح u صُلب ، وهذه من أهم عقائد المسيحيين ... فالصلب جاء لتخليص البشرية من الخطيئة التي ورثتها عن أبيها آدم u ، حينما عصى الله بأكله من الشجرة التي منع منها ... فصار خاطئاً هو وجميع ذريته ، فاستحقوا العقاب في الآخرة ." ولكن لما كان من صفات الله العدل والرحمة فمن عدله أن لا يترك الجريمة دون عقاب ، وهو موصوف بالرحمة أيضاً فلتحقيق العدل والرحمة أرسل ابنه ليصلب ويقتل حتى يفتدي البشر ويتحمل عنهم خطاياهم ، ولكنه بعد صلبه ودفنه بثلاثة أيام قام من القبر . وظهر لعدد من الناس في أماكن مختلفة ، ثم رفعة الله إلى السماء وهذا ما يسمى بقيامة المسيح (75)".بينما عقيدة المسلمين في عيسىuبأنه لم يصلب ولم يقتل قال تعالى:)وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبه لهم( (76)،فعندما أراد اليهود القبض على عيسى u رفعه الله إليه وألقى بشبهه على الذي دلهم عليه وهو "يهوذا الأسخريوطى".والذي كان أحد تلامذته الحواريين الاثني عشر ، ولكنه خان نبيه فعاقبه الله فألقى عليه القبض ، وصلب وقتل على أنه عيسى (77) u.
المطلب الثالث :أهم عقائد المسيحيين
1) عقيدة التثليث :
أي أن الإله ثلاثة : الله ، الابن ، الروح القدس .قال الدكتور يوست" في تاريخ الكتاب المقدس":( طبيعة الله عبارة عن ثلاثة اقانيم (78)متساوية : الله الأب ، والله الابن ، والله الروح القدس،فإلى الأب ينتمي الخلق بواسطة الابن ، و إلى الابن الفداء،وإلى روح القدس التطهي(79) " وبولس هو أول من ادعى ألوهية عيسى u، وهو الذي حول الديانة المسيحية من قومية إلى عالمية لأطماع شخصية .
(1/252)
2) عقيدة الخطيئة والفداء :
جاء في العهد الجديد(80):" ...أن ابن الإنسان قد جاء ليخلص ما قد هلك .فبمحبته .ورحمته قد صنع طريقاً للخلاص(81) ". يقولون هذا : أن الله من صفاته المحبة ، حتى لقد جاء في الكتب المقدسة عندهم : " الله المحبة " ومحبه الله ظهرت في تدبيره طريق الخلاص للعالم ؛ لان العالم من عهد سقوط آدم عليه السلام في الخطيئة ، وهبوطه هو وبنيه إلى الدنيا ، مبتعد عن الله بسبب تلك الخطيئة ، ولكن الله من فرط محبته وفيض نعمته رأى أن يقرب إليه هذا الابتعاد ، فأرسل لهذه الغاية ابنه الوحيد إلى العالم ليخلص العالم(82) .
3) محاسبة المسيح للناس :
يعتقد المسيحيون أن الأب أعطى سلطان الحساب للابن . ذلك لأن الابن بالإضافة إلى ألوهيته و أبديته ؛ ابن الإنسان أيضاً فهو أولى بمحاسبة الإنسان . وأنه بعد أن ارتفع إلى السماء جلس بجوار الأب على كرسي استعداداً لاستقبال الناس يوم الحشر "(83) .
4) غفران الذنوب :
عقيدة لا ينكرها إلا طائفة ( البروتستنانت )(84) وهي ما يتم في الكنيسة من الاعتراف والإقرار ، أمام القسيس الذي يملك وحده قبول التوبة ومحو السيئة .
" وهذا الاعتراف يسقط عن الإنسان العقوبة بل يطهره من الذنب إذ يدّعون بأن رجل الدين هذا هو الذي يقوم بطلب الغفران من الله "(85) .
وهذه العقيدة تؤدي إلى تفشي الأسرار البيتية وانتشارها من قبل القائمين عليها مما يؤدي إلى زعزعه الاستقرار الاجتماعي .
المطلب الرابع :أهم كتب المسيحية
1) العهد القديم : وهي التوراة والتي تعد أصلاً للديانة المسيحية .
2) العهد الجديد : وهو الإنجيل والأناجيل المعتبرة عند المسيحيين اليوم هي أربعه أناجيل:(إنجيل متى ، إنجيل مرقس ، إنجيل لوقا ، إنجيل يوحنا) .وهذه الأناجيل ليست من إملاء المسيح عليه السلام مباشرة .
(1/253)
" وقد ذكر بعض المؤرخين أنه لم توجد عبارة تشير إلى وجود أناجيل متى ومرقس ولوقا ويوحنا قبل آخر القرن الثالث ، وأول من ذكر هذه الأناجيل الأربعة ارينيوس في سنه209 "(86) .
ويقول القس إبراهيم سعيد : أن إنجيل متى كتب لليهود وإنجيل لوقا كتب لليونان وإنجيل مرقس كتب للرومان ، وإنجيل يوحنا كتب للكنيسه العامة "(87) .
1. إنجيل متى : وقد كتبه متى ، وقيل هو أحد تلاميذ المسيح الاثني عشر ويسميهم المسيحيون رسلاً ( 88) ويقال أنه كتب إنجيله في بيت المقدس بالعبرية ، ثم نقل إلى اللغة اللاتينية(89) .
بينما يتفق المسيحيون على أن متى كتب إنجيله باللغة الآرامية . إلا أن النسخة الآرامية لا وجود لها ، وظهر الإنجيل باللغة اليونانية وقيل أنه مترجم عن الأصل ولكن لم يعرف المترجم ولا تاريخ الترجمة كما لم يعرف تاريخ التأليف(90) .
2. إنجيل ( مرقس):يقول المؤرخون أن اسمه يوحنا ويلقب بمرقس ولم يكن من الحواريين الاثني عشر الذين تتلمذوا للمسيح (91). وهو من الحواريين السبعين طاف بالبلاد داعياً ، ثم اتخذ ( مصر) مقراً له ثم قُتل. دوّن نسخته مما سمعه من بطرس الرسول بغير ترتيب ..ويتراوح تاريخ كتابتها بين عامي(67–70 م)يخاطب فيها الأمم ولا يتحفظ في سرد الأخبار( 92).
3. إنجيل لوقا :لوقا طبيب أو مصَّور من اصل يهودي ،كان مرافقاً " لبولس " في حله وترحاله ، وهو ليس من تلاميذ المسيح .
ويضم إنجيله الأخبار والوصايا من الوجهة الإنسانية ، وفيه وصف لطفولة المسيح وختانه وتسميته والسفر به إلى بيت المقدس .
(1/254)
4. إنجيل يوحنا : هو يوحنا الحوري ابن زبدي الصياد الذي كان يحبه المسيح ، حتى انه أستودعه والدته وهو فوق الصليب حسب عقيدة النصارى.ولهذا الإنجيل خطر وشان اكثر من غيره في نظر الباحث لأنه الإنجيل الذي تضمن ذكراً صريحاً لألوهية المسيح .والترتيب المفصل عند المؤرخين أن إنجيل" مرقس" هو أقدم الأناجيل ثم يليه إنجيل" متى" فإنجيل "لوقا"وهي الأناجيل الثلاثة التي اشتهرت باسم " الأناجيل المقابلة " لتقابل ما فيها من الأخبار والوصايا على اختلاف الترتيب ثم يأتي إنجيل يوحنا رابعاً ولا جدال في أن الاختلاف كبير بين الأناجيل الأربعة. يلاحظ على الأناجيل الأربعة أنها ليست من إملاء السيد المسيح u مباشرة وإن كاتبيها ليسوا على مستوى من الأهلية ليكونوا علماء دين ، كما إن أصولها ضائعة ولا تحمل اقل ما توجبه شروط الرواية التي يستلزمها كتاب سماوي ديني(93) .
المطلب الخامس :أهم فرق النصارى اليوم
1) الأرثوذكس : ينتمي معظمهم إلى الكنيسة الشرقية التي انفصلت عن الكنيسة الأم في روما ، واتخذت مقراً لها في القسطنطينية ثم في الإسكندرية .
وأكثر أتباع هذه الكنيسة من الشرق ، ولهم بطاركة ، ولا يخضعون لرئاسة كنيسة روما(94) .
2) الكاثوليك : وهم الذين ينتمون إلى الكنيسة الأم في روما . ورئيس كنيستها هو الحبر الأعظم الذي يسمى البابا
3) البروتستانت :عندما أشتد عنف الكنيسة الكاثوليكيةعلى المسيحيين طالب عدداً من رجال الدين وغيرهم بالإصلاح
مثال : " مارتن لوثر " في روما ،و" زونجلى " في سويسرا ،و" كلفن " في فرنسا ؛حيث انتهى بهم الأمر إلى إعلان انفصالهم عن الكنيسة ووضع نظام خاص بهم ، يخالف في عقائده كثيراً من عقائد كنيسة الكاثوليك .
~
--------------------------------------------------------------------------------
(64) الموسوعة الميسرة ص 499
(65) تفسير الزمخشري ج/1 ص 164 ، عن موجز الأديان في القرآن . د/ عبد الكريم زيدان ص65
(1/255)
(66) تفسير ابن عطية ج/1 ص 326 ، عن موجز الأديان في القرآن .د/ عبد الكريم زيدان ص 65
(67) موسوعة الأديان والمذاهب . العميد / عبد الرزاق محمد أسود ج/1 ص202
(68) مريم من (27 -30 ).
(69) مريم (29-30).
(70) مريم من (27 - 30 ).
(71) قصة الديانات -سليمان مظهر ص356 .
(72) المرجع السابق .
(73) المرجع السابق .
(74) قصة الديانات . سليمان مظهر ص 371 - 379 باختصار
(75) أي قيامته من قبره بعد صلبه ودفنه
(76) النساء آية 157
(77) انظر قصة الديانات ، سليمان مظهر ص 386 باختصار
(78) الاقنوم : هو الأصل : أي ثلاثة جواهر في لا هوت واحد . والأصول الثلاثة الأب ، الابن ، روح القدس
(79) محاضرات في النصرانية : الإمام محمد أبو زهره ص 100
(80) العهد الجديد : هو الإنجيل وفي مقابلة العهد القديم وهو التوراة
(81) موسوعة الأديان والمذاهب . العميد / عبد الرزاق محمد اسود ج/1 ص 218
(82) محاضرات في النصرانية الإمام محمد أبو زهره ص107
(83) موسوعة الأديان والمذاهب . العميد / عبد الرزاق محمد أسود ج/1 ص 218
(84) المرجع السابق ص 220
(85) الموسوعة الميسرة ص 504
(86) محاضرات في النصرانية . الإمام محمد أبو زهره ج/1 ص41
(87) المرجع السابق ص 48 - 49
(88) المرجع السابق ص 42
(89) مقدمة ابن خلدون ص 232 . عن موسوعة الأديان والمذاهب . ج/1 ص 231
(90) موسوعة الأديان والمذاهب . العميد / عبد الرزاق محمد أسود ج/1 ص 231
(91) محاضرات في النصرانية الإمام محمد أبو زهره ص 46
(92) موسوعة الأديان ... ص 229 - 230
(93) الموسوعة الميسرة ص(501).
(94) محاضرات في النصرانية : للإمام محمد أبو زهره ص(161-183)باختصار. 68(1/256)
الأخطاء التاريخية والأناجيل
الدكتور / عبد الجليل شلبي
تحدثنا من قبل عن أخطاء سفر التكوين في حديثه عن نشأة الكون ، ونريد الآن أن نرى سلسلة الأنساب الذي جاءت به ، وهي السلسلة من آدم إلى إبراهيم ، وقد عاش آدم 930 عاماً ، وإبراهيم هو الابن العشرون له ( 1) وولد بعده بنحو 1948 سنة ، وهذا تاريخ لا يصدق ولا يعقل ، هذا لأن إبراهيم عليه السلام وفد على سوريا في القرن الثامن عشر ق.م . عصر انتشار الهكسوس ( 2 ) وهو عصر كانت الحضارة الانسانية قد تقدمت فيه شوطاً بعيداً جداً ، لا يحدث إلا في آلآف عديدة من السنين ، وعلى سبيل المثال كان العصر الجليدي في أوربا في نحو 500.000 - 400.000 ق ( 3 ) ، وفي الأرض التي عاش بها العبرانيون ترك أسلافهم أدوات حجرية وجدت في كهوف عدلون وجبل الكرمل وأم قطفة . . وغيرها وهي على حظ من الصنعة ، ويقدر العصر الحجري في هذه البقاع أنه كان في نحو 150.00 سنة ق . م .
وإذن فتقدير ميلاد إبراهيم انه 1944 تقدير ظاهر السخف .
(1/257)
ويبدو أن هذا الخطأ هو الذي قاد إلى الخطأ فيما بين إبراهيم وداود وعيسى - وقد تحاشى متى ذكر الأنساب فيما قبل ابراهيم ، وجعله لوقا الابن الحادي والعشرين لآدم فزاد واحداً على العهد القديم ، ومن داود إلى المسيح زاد لوقا خمسة أسماء ، وهناك مخطوطات قد ضاع منها بعض أوراق من أولها ، وبعضها اختفى منه الجزء الخاص بنسب المسيح ، ويبدو أنه عمل متعمد لأن أخطاء سفر التكوين اتضحت من زمن بعيد ، وكانت كتب التوراة المنشودة قبل العصر الحديث تقدم للقراء في مقدمة توضيحية قائمة بتواريخ الأحداث التي وقعت منذ خلق العالم حتى عصر نشرها ، وكانت بعض نسخها تضع ابراهيم في القرن الأربعين ق . م ( 4 ) وعندما جاء العصر الحديث لم يعد في استطاعة الناشر ان يحتفظ بهذه القوائم الوهمية دون التعارض مع المكتشفات العلمية ( 5 ) . فاكتفى بحذف هذه القوائم ولم يجرؤ على اعلان خطأ التوارة ، ومن المحتمل أن يكون انجيل لوقا تعرض لمثل هذا التعديل ، (( وهذه المعطيات تقع في ميدان البطلان الذي تحدث عنه مجمع الفاتيكان الثاني )) والفترة من ابراهيم الى داود بها اختلافات كثيرة عما في انجيل متى وما في العهد القديم .
وحاول بعض المفسرين تخفيف هذه الأخطاء ، فذكروا أن سلسلة النسب لم تشأ استيعاب جميع الأسلاف ، ولكنه تفسير فاشل لأن السلسلة تذكر ان فلاناً ولد فلاناً وهكذا . فلم تترك فجوة لأسم يهمل ، ثم إن التحديد الزمني بقطع النظر عن سلسلة الأسماء خطأ واضح .
------------------------------
( 1 ) تكوين / 5
( 2 ) تاريخ سورية 1 / 190
( 3 ) G.H . Wells
( 4 ) بوكاي 50 _ 51 \
( 5 ) بوكاي 50 _ 151(1/258)
تزوير التوراة
د. ياسين سويد
مقدمة:
لم تترك الحركة الصهيونية شيئا الا وادخلت عليه التزوير والتحريف، فمن المعطى الجغرافي الاول الذي قامت عليه "اسرائيل"، وادعت ان فلسطين ارض بلا شعب، إلى تزوير التاريخ والعقائد والثقافات، وبالتأكيد الاديان ايضا.
في هذه الدراسة، اطلالة واسعة على مراحل التزوير والتحريف التي قطعها اليهود عبر الزمن، وحيث شكل تحريف التوراة اولى معالم التزوير وبصورة لا يتحول بها الدين او الشريعة إلى خدمة الاهداف الخاصة للجماعة اليهودية.
بعد ذلك ياتي موضوع مصادرة الثقافات، وحيث لم تترك الحركة الصهيونية عنصرا ثقافيا في هذا الشرق، الا ونسبته لنفسها.
وبعد الثقافات، ياتي التحريف والتزوير السياسي، وبصورة، تسعى فيها الحركة الصهيونية إلى قلب الحقائق واعطاء مفاهيم مختلفة للاحداث، ودائما لأجل خدمة اهدافها واستمرارها حليفة للقوى الدولية الكبرى.
اولا: تزوير التوراة:
(1/259)
لقد اصبح من الثابت، تاريخيا، ان ما يسمى بالتوراة، وهي الاسفار الخمسة الاولى من العهد القديم (التكوين، والخروج، والاحبار، والعدد، وتثنية الاشتراع، وهي ما يسمى بكتب الشريعة) ليست هي تلك التي انزلت على موسى نبي الله، على جبل سيناء، في القرن التاسع عشر ق.م فقد روى العهد القديم، ذاته ان موسى (ع) تلقى اوامر ربه ووصاياه، وعلى ذلك الجبل، في لوحين (هما لوحا الشريعة او الشهادة) ووضعهما في "تابوت العهد" بحراسة اللاويين (وهما حراس التابوت وخيمة الموعد) وسار بذلك (التابوت والخيمة) عبر سيناء، إلى ما زعم بانها " ارض الميعاد" وذلك عبر مسيرة طويلة استمرت اربعين عاما (هي فترة التيه في سيناء) حيث هلك جيل موسى (ع) (او جيل الخروج) باكمله، ومات موسى ودفن على جبل (نبو) قبالة "ارض الميعاد" شرق نهر الاردن الذي اجتازه يشوع، بعد ذلك، على راس قومه، نحو ارض فلسطين، وكما لقي موسى وقومه، في سيناء مقاومة عنيفة من سكانها "العمالقة" لقي يشوع كذلك مقاومة عنيفة من سكان فلسطين وقد ورد ذكرهم، في العهد القديم، سبعة شعوب هم "الحثيون والجرجاشيون والاموريون والكنعانيون والفرزيون والحوريون واليبوسيون" بالاضافة إلى الفلسطينيين. وقد قاتل هؤلاء يشوع ومن بعده من حكام العبرانيين وقادتهم (الذين عرفوا بالقضاة ثم بالملوك) وتبادل العبرانيون مع هذه الشعوب، النصر والهزيمة في معارك عديدة فصلتها العهد القديم، وكان "تابوت العهد" المحروس "باللاويين" والذي يضم "لوحي الشريعة" حاضرا في "خيمة الموعد" معهم.
(1/260)
ولكن "تابوت العهد" هذا اضاعه العبرانيون في احدى حروبهم مع الفلسطينيين، في عهد صموئيل، حيث انتزعه الفلسطينيون منهم واخذوه الى "اشدود" ووضعوه في معبد الههم " داجون" بالقرب منه، وظل "تابوت العهد" مع الفلسطينيين سبعة اشهر (العهد القديم، 1 صم 1:6) ثم اعادوه، بعد ذلك، إلى العبرانيين الذين وضعوه في قرية "يعاريم" وكانوا قد انصرفوا عنه إلى عبادة "البعليم والعشتاروت"، إلى ان اعادهم صموئيل إلى عبادة "الرب وحده" كما جاء في العهد القديم نفسه (1 صم1:7ـ4).
كان الفلسطينيون قوما شديدي البأس، تمرسوا في الحروب وصناعة السلاح، وهي صناعة تفوقوا فيها على جميع شعوب المنطقة، بمن فيهم العبرانيون، وقد انشأ الفلسطينيون مدنا محضة على الساحل الفلسطيني هي : غزة وعسقلان وجت واشدود وعقرون، كما انتشروا في داخل فلسطين. وكانوا قد وصلوا إلى فلسطين (وهي بقعة من ارض كنعان سميت فيما بعد باسمهم) من جزء بحر ايجه، منذ زمن بعيد سابق على الزمن الذي وصل فيه العبرانيون ارض كنعان حتى استشعر الفلسطينيون فيهم، كما استشعر سواهم من شعوب هذه المنطقة، نزعة الكراهية والعداء لكل ما هو غير عبراني، وادركوا المطامع التوسعية لهؤلاء القوم في بلادهم، او لم يقل رب بني "اسرائيل" لشعبه انه سوف يطرد من امامهم "الحيثيين والجرجاشيين والاموريين والكنعانيين والفرزيين والحويين واليبوسيين، سبع امم اكثر واقوى منك "وانه سوف يسلمه هذه الامم ليضربهم" ويحرمهم تحريما" (أي يقتلهم تقتيلا) (العهد القديم، تث 1:7ـ6) ثم او لم يقل رب العبرانيين لشعبه انه سوف يعطيه، بلا وجه حق طبعا، "مدنا عظيمة حسنة لم نبنها، وبيوتا مملوءة كل خير لم تملأوها، وآبارا محفورة لم تحفرها، وكروما وزيتونا لم تغرسها" (تث : 11:6) تماما كما فعل بالفلسطينيين، اهل فلسطين ومالكي ارضها، بعد اكثر من اثنين وعشرين قرنا؟
(1/261)
اوليس من المحتمل، بل من المفترض، ان يكون الفلسطينيون الذين استولوا على "تابوت العهد" وفيه "لوحا الشريعة" الموسوية (كما يزعمون) قد عبثوا بهذه الوثائق المقدسة واتلفوها، باعتبارها الذريعة التي يتذرع بها العبرانيون لاغتصاب ارضهم وبلادهم؟
ان العهد القديم قد اهمل، وربما عن قصد، الاشارة إلى ما جرى للوحي الشريعة بعد ان استولى الفلسطينيون على "تابوت العهد" خصوصا ان العهد القديم، نفسه يشير إلى ان اولئك العبرانيين كانوا قد انصرفوا عن عبادة الههم، اله موسى، لعبادة آلهة اخرى "البعليم والعشتاروت" وظلوا كذلك إلى ان ردهم صموئيل إلى عبادة "الرب الاوحد".
ولم يكن خطر الفلسطينيين هو الوحيد الذي احاق "بتابوت العهد" والالواح التي حفظت شريعة موسى، فقد احاق بها خطر آخر على يدي القائد الكلداني (نبوخذ نصر) الذي سبى العبرانيين إلى بابل، في النصف الثاني من القرن السادس ق.م، بعد ان دمر يبوس (ارشيلم) واحرق "بيت الرب وبيت الملك وجميع بيوت اورشليم" وكل بيوت العظماء فيها، كما هدم اسوارها واجلى "سائر الشعب الذي بقي في المدينة" وكذلك "الذين نجوا من السيف" فقد اجلاهم نبوخذ نصر إلى بابل "حيث صاروا عبيدا له ولبنيه". كما حطم جند بابل "اعمدة النحاس التي في بيت الرب، والقواعد، وبحر النحاس الذي في بيت الرب، وحملوا نحاسها إلى بابل"، كما اخذوا "القدور والمجارف والمقاريض والقصاع وجميع ادوات وخزائن الملك ورؤسائه، اخذها، باسرها، إلى بابل"، كل ذلك وفقا لما جاء في العهد القديم نفسه (2 اخبار 18:36، و20، 2 ملوك 8:25 و 9 و11ـ14) دون ان ياتي على أي ذكر لما حدث لتابوت العهد والواح الشريعة، وماذا كان مصيرها.
فهل يحتمل، بل يفترض، بعد كل الذي جرى لاورشليم واهلها، وزعمائها وبيت الرب فيها، على يد نبوخذ نصر وجنده، ان يكون "تابوت العهد" ووثائقه "الربانية المقدسة" قد نجت من أي ضرر؟
(1/262)
لقد سردنا هذه المرويات، من التوراة، لكي نصل إلى حقيقة مفادها ان ليس معقولا، ولا منطقيا، القول ان "تابوت العهد" بما تضمن من وصايا الرب واوامره إلى موسى، كما وردت في لوحي الشريعة، ظل مقفلا على تلك الوصايا (او الالواح) طوال هذه الفترة المشحونة بالحروب (والتي امتدت نحو سبعة قرون)، دون ان يمسها سوء او يلحق بها ضرر، رغم ما شهد "بيت الرب" في اورشليم من دمار، ورغم ما لحق باورشليم وشعبها وقادتها وعظمائها من سبي وتنكيل.
ولا بد في هذا المجال، من الاستطراد والقول ان الباحثين والمؤرخين القدامى والمحدثين، يكادون ان يجمعوا على ان "التوراة" التي بين ايدينا ليست تلك التي انزلت على موسى، فهذه قد اتلفت، او ضاعت، ولم يعثر لها على اثر، وان التي بين ايدينا قد وضعها (والاصح اختلقها) احبار العبرانيين خلال فترة سبيهم إلى بابل، في النصف الثاني من القرن الثالث عشر ق.م، أي بعد نحو سبعة قرون من بعث موسى(ع) وتلقيه وصايا الرب على جبل سيناء، ولاجل ذلك، نرى ان اسفار التوراة (بل وكامل اسفار العهد القديم التي وضعت فيما بعد) قد تميزت بالعنف والحقد والكراهية ضد باقي بني البشر (من غير العبرانيين) كما تميز اله العبرانيين فيها بانه "الاله المرعب Le Grand Dieu" وليس "الاله الحكيم" Le Bon Dieu الذي هو اله المسيحيين، ولا "الاله العظيم" Le Grand Dieu الذي هو اله المسلمين.
حتى ان وجود العبرانيين في مصر، اصلا، وخروجهم منها، كما جاء في سفر: "الخروج" من التوراة التي بين ايدينا، هما اليوم موضوع شك لدى العديد من الباحثين والمؤرخين، وكما يبدو من الحفريات والكتابات الاثرية الفرعونية التي ارخت تلك العهود.
(1/263)
ونورد فيما يلي، شهادات دامغة على حقيقة تزوير التوراة، وتشمل هذه الشهادات، ليس التوراة، فحسب بل اسفار العهد القديم كلها، باعتبار ان وضع هذه الاسفار امتد على نحو عشرة قرون (منذ ايام السبي إلى بابل في النصف الثاني من القرن السادس ق.م. حتى نهاية العهد المكابي الاول، في النصف الاول من القرن الثاني ق.م):
1ـ القرآن الكريم : وردت في القرآن الكريم آيات عديدة تؤكد تحريف اليهود للتوراة :
( يا ايها الرسول لا يحزنك الذين يسارعن في الكفر من الذين قالوا آمنا بافواههم، ولم تؤمن قلوبهم، ومن الذين هادوا، سماعون للكذب سماعون لقوم اخرين لم يأتوك، يحرفون الكلم من بعد مواضعه ...) (المائدة 5/41) وجاء في اسباب نزول هذه الاية ان رسول الله (ص) مر بيهودي مجلوداً فسأل بعض اليهود اهكذا تجدون حد الزنى في كتابكم؟ فقالوا : نعم، فسأل السؤال نفسه رجلاً من علمائهم بعد ان ناشده الله " الذي انزل التوراة على موسى ( ع ) فقال الرجل : لا ، ولولا انك نشدتني لم اخبرك. نجد حد الزاني في كتابنا الرجم، ولكنه كثر في اشرافنا، فكنا اذا اخذنا الوضيع اقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالوا نجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فاجتمعنا على التحميم والجلد مكان الرجم" فنزلت الاية.
(1/264)
وقد تكرر هذا القول الكريم في اية اخرى حيث جاء : ( من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه، ويقولون سمعنا وعصينا، واسمع غير مسمع وارعنا، لياً بألسنتهم وطعنا في الدين…) (النساء 4/64) وجاء في اسباب النزول للسيوطي (على هامش القران الكريم) ان اليهود كانوا يحرفون الكلام الذي انزل في التوراة من نعت النبي محمد (ص) ويقولون للنبي اذا امرهم بشيء "سمعنا قولك وعصينا امرك، كما يقولون له "راعنا" وهي " كلمة سب بلغتهم " وكان الرسول الكريم " قد نهى عن خطابه بها ". ثم انهم كانوا يلوون بألسنتهم عند قراءتهم للتوراة فيحرفون كلماته ويغيرون معانيها. ويذكر المؤرخ ( كمال الصليبي ) ان فئة من احبار اليهود تدعى "المصوريتين" أي "اهل التقليد" هي التي كانت تقوم بهذا العمل بدءاً من القرن السادس حتى القرن العاشر الميلادي، وقد قام هؤلاء بتحريف النصوص التوراتية عن طريق ادخال الحركات والضوابط عليها بصورة اعتباطية…مما غير اعراب الجمل وحور المعاني". وقد رفض فريق آخر من احبار اليهود يدعى "الربانيين" عمل "المصوريتين" هذا، الا انه قبل به فيما بعد "واصبح النص التوراتي المصوريتي المضبوط من التوارة هو النص المعتمد من اليهود"، كما قبل المسيحيون ايضاً واعتمدوا في ترجماتهم للعهد القديم، مع ان "علماء التوراة اليوم" بمن فيهم علماء اليهود، يعرفون تماماً ان ضبط المصوريتين للتوراة لم يكن صحيحاً في مواقع كثيرة"، وان "محاولات التصحيح" التي اجراها علماء التوراة لم تفلح حتى اليوم، باعادة تكوين التوراة تكوينا صحيحاً، وذلك لان التحريف الذي جرى على النص التوراتي " اضخم بكثير مما يتصوره علماء التوراة " (2) هذا ما يراه "الصليبي" من تحريف اليهود للتوراة، ولكن ما ورد في نصوص القرآن الكريم يؤكد ان التحريف قد تجاوز حدود " لي الالسنة" و "ادخال الحركات والضوابط" إلى تغيير متعمد في الكلمات والعبارات، إلى حد "اخفاء" كثير منها واستبدالها(1/265)
بسواها، كما سيتبين لنا فيما سنستعرضه من آيات كريمة.
وقال تعالى : ( وما قدروا الله حق قدره، اذ قالوا ما انزل الله على بشر من شيء، قل من انزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا ) (الانعام 6/91). وجاء في اسباب نزول هذه الاية ان اليهود سألوا رسول الله (ص): "يا محمد، أأنزل الله عليك كتابا؟ قال : نعم، قالوا: والله ما انزل من السماء كتابا" فأنزل الله تعالى هذه الاية (3) . وورد في تفسير الجلالين ان اليهود كتبوا التوراة على قراطيس (أي في دفاتر مقطعة) لكي يخفوا ما يريدون اخفاؤه منها، مثل نعت النبي محمد (ص).
وقال تعالى : ( افتطمعون ان يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه بعد ما عقلوه وهم يعلمون ) (البقرة2/75) وقد نزلت الاية في احبار اليهود الذين كانوا "يسمعون كلام الله في التوراة ثم يحرفونه" أي يغيرونه (4). وجاء في اسباب نزولها انها نزلت في السبعين رجلا، الذين اختارهم موسى (عليه السلام) "ليذهبوا معه إلى الله"، فلما عادوا ادى الصادقون منهم ما سمعوا من كلام الله، واما الاخرون فقالوا: "سمعنا الله، من لفظ كلامه، يقول: ان استطعتم ان تفعلوا هذه الاشياء فافعلوا، وان شئتم فلا تفعلوا ولا بأس". الا ان اكثر المفسرين يرون ان هذه الاية نزلت في اليهود الذين غيروا اية الرجم وصفة محمد (ص) (5).
وقال تعالى: ( فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت ايديهم وويل لهم مما يكسبون ) (البقرة 2/79) وجاء في اسباب نزول هذه الاية انها نزلت في احبار اليهود الذين غيروا من صفات النبي (ص) كما وردت في التوراة، فقالوا ان التوراة وصفته "طويل ازرق سبط الشعر" بينما ذكرت التوراة انه "اكحل اعين، ربعة، جعد الشعر، حسن الوجه" وقد قام احبار اليهود بهذا التحريف في التوراة كي ينفوا صفة النبوة عن محمد(ص) (6).
(1/266)
وقال تعالى : ( يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ) (المائدة 5/13).
وجاء في تفسير هذه الاية للجلالين انها تعني اليهود الذين حرفوا نعت النبي محمد (ص) في التوراة وغيروه، كما انهم نسوا ما امروا به في التوراة من اتباع النبي محمد (ص). (7)
وقال تعالى : ( يا اهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وانتم تعلمون ) (آل عمران 3/71) وجاء في تفسير هذه الاية للجلالين انها نزلت في اليهود الذين كانوا يخفون صفات النبي (ص) كما وردت في التوراة وهم يعلمون ذلك ويعلمون انها حق.
وقال تعالى : ( يا اهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير، قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ) (المائدة 5/15). وجاء في اسباب نزول هذه الاية انها نزلت في اليهود وكانوا قد اتوا إلى النبي (ص) يسألونه عن الرجم، فسأل عن اعلمهم فدلوه على ابن صوريا، فناشده "بالذي انزل التوراة على موسى والذي رفع الطور والمواثيق التي اخذت عليهم" فقال له ابن صوريا انه "لما كثر الزنى فينا، جلدنا مئة وحلقنا الرؤوس" (8) مخفيا، بذلك الحكم الحقيقي للزنى، كما ورد في التوراة، فحكم الرسول عليه بالرجم ونزلت الاية.
وقوله تعالى: ( وان منهم لفريقا يلوون السنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وماهو الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله، ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ) (آل عمران 3/78). وجاء في تفسير هذه الاية، للجلالين، انها نزلت في اليهود، وخصوصا "كعب بن الاشرف"، حيث كانوا يلوون السنتهم عند قراءتهم للتوراة كي لا يفهم كلامهم ويحرفون، بقراءاتهم ما يريدون تحريفه منه، وخصوصا صفات النبي (ص)، فتحسبهم يقرؤون الكتاب الذي انزله الله وهم لا يقرؤون، ويقولن هذا من عند الله، وهم كاذبون.
(1/267)
وقوله تعالى : ( ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم ) (آل عمران 3/77). وجاء في اسباب نزول هذه الاية انها نزلت في اليهود الذين اغراهم كعب بن الاشرف بالمال كي يشهدوا ان صفات النبي ليست هي التي وردت في التوراة قائلين انهم وجدوا النعت الوارد في كتابهم مخالفا لنعت محمد (ص)، فنزلت بهم الاية (9). وذكر السيوطي انها نزلت في "حي بن اخطب وكعب بن الاشرف وغيرهما من اليهود الذين كتموا ما انزل الله في التوراة وبدلوه وحلفوا انه من عند الله". (10)
(1/268)
ويجمع المفسرون المسلمون على تأكيد وقوع التحريف في التوراة، الا انهم يختلفون في معنى هذا التحريف ومداه، فمنهم من يرى ان التحريف والتبديل تما في التأويل لا في النص، ومن هؤلاء البخاري وابن كثير. ومنهم من يرى ان التحريف والتبديل قد اصاب "جملا قليلة والفاظا يسيرة"، ولكن اكثر ظل كما انزل على موسى (عليه السلام). واخرون يرون ان معظم التوراة التي انزلت على موسى قد حرف وبدل بشكل اساسي بحيث لم يبق منها الا النزر اليسير، ومن هؤلاء ابن حزم الاندلسي والامام الغزالي، والامام الشافعي، وابن قيم الجوزية، وابن تيمية وغيرهم (11) . ويرى بعض العلماء ان التحريف قد تم، في معظمه، بالتبديل او الزيادة او النقصان، او بتغيير المعنى (في التفسير) دون تغيير اللفظ (12)، مما ادى إلى ضياع التوراة الاصلية، اذ طغى عليها التحريف والتبديل لفظا ومضمونا ومعنى، وخضعت للكثير من اهواء النساخ والمؤلفين واذواقهم ومآربهم وميولهم. ويكفي ان نذكر ما طرا على آخر اسفار التوراة (تثنية الاشتراع) من زيادة وتعديل، حتى ندرك جسامة هذا التحريف ومداه، فنحن نقرأ فيه تفاصيل عن وفاة موسى، وما كان لموسى ان يتحدث عن تفاصيل وفاته، كما نرى في اسفار التوراة كلها، ان الحديث يجري على لسان موسى (وكلم الرب موسى، وقال الرب لموسى، وتقدم إلى موسى، وخرج موسى، وبركات موسى، ونشيد موسى،الخ…) وليس بلسان موسى نفسه، مما يؤكد ان موسي ليس هو المتكلم، وبالتالي ليس هو واضع هذه الاسفار.
2ـ محققو العهد القديم:
(1/269)
يعرف محققو "العهد القديم" في ما سمي "بمدخل إلى الكتاب المقدس" والذي نقلته "الرهبانية اليسوعية من الترجمة المسكونية الفرنسية للكتاب المقدس"، (13) هذا الكتاب (العهد القديم) بانه "مجموعة كتب مختلفة جدا" يمتد زمن وضعها " على اكثر من عشر قرون، وتنسب إلى عشرات المؤلفين المختلفين"، وقد وضع "بعضها بالعبرية، مع بعض المقاطع بالآرامية، وبعضها الاخر باليونانية، وتشتمل على مختلف الفنون الادبية "كالرواية التاريخية ومجموعة القوانين والوعظ والصلاة والقصيدة الشعرية والرسالة والقصة" (14) . اما واضعوه فهم عبارة عن "اناس مقتنعين بان الله دعاهم لتكوين شعب يحتل مكانا في التاريخ بتشريعه ومبادئه في الحياة الفردية والجماعية" (15) .
فالقضية، اذن، قضية قناعة من اناس يدعون ان "الله دعاهم لتكوين شعب" وليست قضية وحي منزل ولا قضية اناس ملهمين. انها مسألة تأليف بشري لنصوص سطرت فيها القناعات الشخصية لهؤلاء المؤلفين "بدعوة من الله" كما يدعون.
وكان محققو العهد القديم اكثر صراحة ووضوحا في التعبير عن قناعاتهم عندما قالوا ان اسفار الكتاب المقدس "عمل مؤلفين ومحررين عرفوا بانهم لسان حال الله في وسط شعبهم، ظل عدد كبير منهم مجهولا" وان "معظم عملهم مستوحى من تقاليد الجماعة" (16) . ويذكر هؤلاء المحققون ان هذه الاسفار لم توضع في صيغتها النهائية الا بعد ان "انتشرت زمنا طويلا بين الشعب، وهي تحمل آثار ردود فعل القراء في شكل تنقيحات وتعليقات، وحتى في شكل اعادة صيغة بعض النصوص إلى حد هام او قليل الاهمية". واكثر من ذلك، فان احداث الاسفار "ما هي، احيانا، الا تفسير وتحديث لكتب قديمة" (17) غير منزلة ولا سماوية ولا دينية طبعا، وهو ما يؤكد، بلا ادنى شك، ان معظم ما جاء في هذه الاسفار لا علاقة له، من قريب او من بعيد بالسماء.
(1/270)
ويذكر هؤلاء المحققون ان اسفار الشريعة الخمسة، او "التوراة" تحتوي "من جهة على روايات وتقاليد قصصية، ومن جهة اخرى على شرائع بحصر المعنى، وتقاليد اشتراعية اثرت في مراحل تكوين شعب "اسرائيل" وامنت بنيته" (18)، الا انه، وان كانت شرائع التوراة إلى حد كبير، عن شريعة موسى، رغم ما ادخل عليها من تعديلات واضافات وفقا لاهواء المؤلفين، فان الروايات والقصص التي وردت في اسفار هذه التوراة تبدو اقرب إلى الاساطير الخرافية منها إلى الحقائق التاريخية العلمية. (19)
3ـ سبينوزا:
لقد اكتسبت آراء الفيلسوف الهولندي "باروخ دي سبينوزا Baruch de spinoza ) 1632 ـ 1677) في التوراة خصوصا، والعهد القديم عموما، اهمية خاصة لدى الباحثين والمفكرين في كل الاوساط العالمية، وذلك لما تضمنته من صراحة وجرأة نادرتين في نقد الفكر الديني العبراني.
يرى سبينوزا (20) ان الظواهر المعجزات التي رواها العهد القديم ليست خروجا على الطبيعة، بل انها خليط من خيال الرواة وحوداث الطبيعة، ويتساءل عما اذا كان ممكنا حدوث شيء ما يناقض قوانين الطبيعة، ولكنه ينفي ذلك قائلا انه "لا جديد يحدث في الطبيعة" وانه يتبين "بأعظم قدر من الوضوح، ان يجب ان نفسرها مبينين، بقدر ما نستطيع، اتفاقها التام مع سائر الاشياء" وعلى هذا الاساس، يحاول سبينوزا ان يفسر ما ورد في العهد القديم من معجزات مثل شق البحر بعصا موسى، والضربات العشر، وتوقيف الشمس في كبد السماء، بانها احداث طبيعية ليس فيها شيء من الاعجاز، وان شق البحر، مثلا، حصل على يد الاسكندر المقدوني كما حصل على يد موسى، فهل يجب اعتبار الاسكندر نبيا، اذن؟ وهكذا يحاول سبينوزا ان يجرد العهد القديم، ولا سيما التوراة، من خصوصية مهمة ترفعه إلى مرتبة القداسة، وهي اعتماد المعجزة، إلى حد كبير، لاثبات نبوة موسى (عليه السلام).
(1/271)
انطلاقا من هذه النظرية، يرى سبينوزا ان "القاعدة العامة" التي يجب اعتمادها لتفسير الكتاب المقدس هي ان "لا ننسب اية تعاليم سوى تلك التي يثبت الفصح التاريخي"، بوضوح تام، انه قال بها (21) يعني ان تكون علمية البراهين التاريخية هي الاساس في تفسير الكتاب المقدس وتصديق روايته. ويحدد سبينوزا الطريقة التي يجب ان يتم بها هذا "الفحص التاريخي"، وهي كناية عن مجموعة من الاسئلة يجب طرحها قبل اتخاذ القرار النهائي بمصداقية الكتاب، وهي :
"سيرة مؤلف كل كتاب واخلاقه والغاية التي كان يرمي اليها، ومن هو، وفي اية مناسبة كتب كتابه، وفي أي وقت، ولمن، وباية لغة كتبه؟
ـ "الظروف الخاصة بكل كتاب على حدة: كيف جمع اولا، وما الايدي التي تناولته، وكم نسخة مختلف معروفة من النص، ومن الذين قرروا ادراجه في الكتاب المقدس؟
ـ واخيرا، كيف جمعت جميع الكتب المقننة (أي اعترفت بها الكنيسة رسميا) في مجموعة واحدة ؟ (22) .
ويرى سبينوزا انه لا بد من قرار حاسم بان "لا نسلم بشيء لا يخضع لهذا الفحص اولا يستخلص منه، بوضوح تام، على انه عقيدة مؤكدة للانبياء"، وعندها، وبعد ان تنتهي من فحص الكتاب على هذا الاساس، نعمد إلى "دراسة فكر الانبياء والروح القدس" (23) لكي نصل إلى النتيجة المنطقية التي نصنف، على اساسها، الكتاب بين الكتاب المقدسة او نرفض تصنيفه بينها.
(1/272)
وعلى هذا الاساس، ينتقل سبينوزا إلى التحقيق في اسفار العهد القديم، والتحقق من "قدسيتها"، فيقرر اننا "نجهل تماما مؤلفي كثير من هذه الاسفار، او نجهل الاشخاص الذين كتبوها… او نشك فيهم"، كما اننا "لا ندري في اية مناسبة وفي أي زمان كتبت هذه الاسفار التي نجهل مؤلفيها الحقيقيين، ولا نعلم في أي ايدي وقعت، وممن جاءت المخطوطات الاصلية التي وجد لها عدد من النسخ المتباينة، ولا نعلم، اخيرا، اذا كانت هناك نسخ كثيرة اخرى في مخطوطات من مصدر آخر" (24) اضافة إلى ذلك، فنحن " لا نملك هذه الاسفار في لغتها الاصلية، أي في لغة كتابها" مما يزيد من صعوبة تفسيرنا لها تفسيرا صحيحا (25).
ويرى سبينوزا ان المعلومات التاريخية عن الكتاب المقدس، "ناقصة، بل وكاذبة"، وان الاسس التي تقوم عليها معرفة هذا الكتاب "غير كافية، ليس فقط من حيث الكم" بحيث لم نستطيع ان نقيمها بشكل صحيح، "بل انها، ايضا، معيبة من حيث الكيف"، ولكن الناس المتشبثين بآرائهم الدينية يرفضون "ان يصحح احد آراءهم" هذه، بل انهم "يدافعون بعناد" عن هذه الآراء، مهما كانت مغلوطة ومشوشة، كما يدافعون عن "الاحكام المسبقة… التي يتمسكون بها باسم الدين". وهكذا لم يعد العقل مقبولا "الا عند عدد قليل نسبيا" (26).
واستنادا إلى هذه النظريات، يثير سبينوزا تساؤلات مهمة حول اسفار العهد القديم عموما، واسفار التوراة خصوصا، ثم يقرر ما يلي، معتمدا في تقريره على (ابن عزرا) : "ان موسى ليس هو مؤلف الاسفار الخمسة (التوراة) بل ان مؤلفها شخص اخر عاش بعد بزمن طويل، وان موسى كتب سفرا مختلفا" (27).
ولتأكيد تقريره هذا، يقدم سبينوزا البراهين التالية:
1ـ "لم يكتب موسى (ع) مقدمة التثنية لانه لم يعبر الاردن".
2ـ "كان سفر موسى (ع)، في حجمه، اقل بكثير من الاسفار الخمسة" (كتب السفر كله على حافة مذبح واحد، وفقا لما جاء في التثنية 27 ويشوع 32:8).
(1/273)
3ـ ورد في سفر التثنية (9:31) ان موسى كتب هذه التوراة (او هذه الشريعة)، "ويستحيل ان يكون موسى (ع) قد قال ذلك، بل لا بد من ان يكون قائلها كاتبا آخر يروي اقوال موسى واعماله".
4ـ عندما يتحدث الراوي، في سفر التكوين (الاصحاح 12) عن رحلة ابراهيم (ع) في ارض كنعان، يقول:
"والكنعانيون حينئذ في الارض" مما يدل على انهم، أي الكنعانيين، لم يكونوا في هذه الارض عندما كتب هذا الكلام، مما يعني ان هذا الكلام قد تبت "بعد موسى، وبعد ان طرد الكنعانيون ولم يعودوا يشغلون هذه المناطق"، وبالتالي، فان الراوي " لم يكن موسى، لان الكنعانيين في زمان موسى، كانوا لا يزالون يملكون هذه الارض".
5ـ ورد في سفر التكوين (14:22) ان "جبل موريا سمي جب الله" الا ان ذلك الجبل لم يحمل هذا الاسم "الا بعد الشروع في بناء المعبد" (28) ويستطرد سبينوزا: "والواقع ان موسى لا يشير إلى أي مكان اختاره الله، بل انه تنبأ بان الله سيختار، بعد ذلك، مكانا سيطلق عليه اسم الله".
6ـ ورد في سفر التثنية (11:3) عبارة خاصة بعوج ملك باشان: "وعوج هذا هو، وحده، بقي من الرفائيين، وسريره سرير من حديد، او ليس هو في ربة بني عمون؟ طوله تسع اذرع وعرضه اربع اذرع بذراع الرجل؟ "وتدل هذه الاضافة" بوضوح تام، على ان من كتب هذه الاسفار عاش بعد موسى بمدة طويلة وفضلا عن ذلك، فلا شك في انه لم يعثر على هذا السرير الحديدي الا في عصر داوود الذي استولى على الرباط (ربة عمون) كما يروي صموئيل الثاني (30:12). (29)
(1/274)
7ـ تتحدث التوراة في اسفارها (ما عدا التكوين) عن موسى (ع) "بضمير الغائب" فتقول مثلا : قال موسى لله، وذهب موسى، وكلم الرب موسى، ودعا الرب موسى، وغضب موسى على ضباط الجيش الخ… (ونجد ذلك بكثرة في الاسفار الاربعة. من التوراة: الخروج والاحبار والعدد والتثنية، بينما نرى، احيانا، وفي سفر التثنية، ان موسى يتحدث بنفسه، وبضمير المتكلم، وذلك بعد ان يقدمه الراوي قائلا : "هذا هو الكلام الذي كلمه الله به موسى كل "اسرائيل" في عبر الاردن" (تث 1:18) ثم يستطرد : "شرع موسى في شرح هذه الشريعة فقال : الرب الهنا…قلت لكم … ثم رحلنا … فأجبتموني … كما امرني الرب … ثم كلمني الرب … فأرسلت رسلا … ثم تحولنا… وامرتكم .. الخ…" وظل موسى يتكلم بنفسه، كما قدمه الراوي، طيلة الخطاب الاول من السفر المذكور (تث 39:4) حيث عاد الراوي إلى الكلام عن موسى بضمير الغائب : "حينئذ افرد موسى ثلاث مدن" (تث 41:4) وبدأ الراوي خطاب موسى الثاني بقوله: "هذه هي الشريعة التي وضعها موسى امام بني "اسرائيل"" (تث 44:4) فكانت: الوصايا العشر (تث 5ـ تث 12) ثم مجموعة الفرائض والاحكام (تث 12ـ تث 26)، وقد صيغت كلها بضمير المتكلم، حتى اذا وصل الراوي إلى خطاب الخاتمة الذي هو نهاية الخطاب الثاني (تث 27ـ تث 28) عاد ليتحدث عن موسى بضمير الغائب، إلى ان يصل إلى اعمال موسى الاخيرة ووفاته، حتى آخر السفر. ويرى سبينوزا، ان بعض اسفر التثنية، وليس كله، هو الذي يمكن نسبته إلى موسى، وان الراوي هو الذي نقل كلام موسى وليس موسى نفسه الذي تحدث مباشرة، وان طريقة الكلام والشواهد، ومجموع نصوص القصة كلها، يدعو إلى الاعتقاد بان موسى لم يكتب هذه الاسفار، بل كتبها شخص آخر (30) .
(1/275)
8 ـ بالاضافة إلى ان سفر التثنية وقد روى قصة وفاة موسى ودفنه، وهي قصة لا بد من ان تكون خارجة عن نطاق اعمال موسى في هذا السفر، فان الراوي يرى ان موسى فاق من جاء بعده من الانبياء في بني "اسرائيل"، إذ يقول: "ولم يقم من بعد في "اسرائيل" نبي كموسى الذي عرفه الرب وجها لوجه" (تث 10:34) مما يؤكد، بلا ادنى شك، ان صاحب الكلام هو غير موسى بالطبع.
9ـ وردت في اسفار التوراة اسماء اطلقت على امكنة لم تعرف بها في عهد موسى، بل عرفت بعده بزمن طويل، مثل ما ورد في سفر التكوين بان ابراهيم "جد في اثرهم" (أي في اثر الاعداء) حتى دان (تك 14:14). ولم تحمل "دان" هذا الاسم الا بعد موت يشوع بمدة طويلة، كما ورد في سفر القضاة (31) .
10ـ كثيرا ما يتجاوز الراوي، في رواياته في اسفار التوراة، حياة موسى، كأن يروي، في سفر الخروج (35:16) ان بني "اسرائيل" اكلوا "المن اربعين سنة، إلى ان وصلوا إلى ارض عامرة، اكلوا المن إلى حين وصلوا إلى ارض كنعان" حيث "انقطع المن من الغد، منذ اكلوا من غلة الارض" (يش 12:5) ومعلوم ان موسى قد أتى قبل دخول العبرانيين إلى ارض كنعان واكلهم من غلتها، او ان يروي، في سفر التكوين (31:36) عن "هؤلاء الملوك الذي ملكوا في ارض ادوم، قبل ان يملك ملك في بني "اسرائيل""، اذ يتحدث الراوي "عن الملوك الذين كانوا يحكمون الادوميين قبل ان يخضعهم داود لحكمه" حيث جعل داود "في ادوم محافظين، وصار جميع الادوميين رعايا لداوود" (2 صم 14:8) مما يؤكد ان الراوي في هذا السفر قد عاش بعد داود (32) .
بعد كل ما تقدم، يصل سبينوزا (ونشاركه في ذلك) إلى الاستنتاجات التالية:
1ـ من الواضح "وضوح النهار" ان موسى لم يكتب الاسفار الخمسة، بل كتبها شخص عاش بعد موسى بقرون عديدة"، وان كان موسى قد كتب بعضها مثل: سفر حروب الرب، وسفر العهد، وسفر توراة الله، التي ورد ذكرها في اسفار التوراة (في سفر العدد وسفر الخروج وسفر التثنية). (33)
(1/276)
2ـ ليس لدينا أي سفر " يحتوي، في الوقت نفسه، على عهد موسى وعهد يشوع"، مما يدل على ان سفر "توراة الله" قد فقد، ونستنتج بالتالي، من ذلك، ان هذا السفر "لم يكن من الاسفار الخمسة (التي تؤلف التوراة حاليا) بل كان سفرا مختلفا كليا، ادخله مؤلف الاسفار الخمسة في سفره، في المكان الذي ارتآه".
3ـ يبدو انه "من بين جميع الاسفار التي كتبها موسى"، لم يأمر بالمحافظة دينيا، إلا على سفر واحد هو سفر العهد الثاني (34) الذي هو "التوراة الصغير والنشيد".
4ـ ليس من الثابت ان موسى (ع) قد كتب غير هذه الاسفار التي سبق ذكرها، "ولما كانت توجد نصوص كثيرة، في الاسفار الخمسة، لا يمكن ان يكون موسى كاتبها، فان احدا لا يستطيع ان يؤكد، عن حق، ان موسى هو مؤلف هذه الاسفار الخمسة، بل على العكس، يكذب العقل هذه النسبة".
5ـ حتى لو اننا سلمنا بانه "مما يبدو متفقا على العقل ان يكون موسى قد كتب الشرائع في نفس الوقت وفي نفس المكان الذي اوحيت اليه فيه" يقول سبينوزا "فاني، مع ذلك، انكر امكان تأكيد ذلك" لسبب هو اننا "لا ينبغي ان نسلم، في مثل هذه الحالات، الا بما يثبته ذلك الكتاب نفسه، او ما يستنبط كنتيجة مشروعة من الاسس التي يقوم عليها، اذ ان الانفاق الظاهر مع العقل ليس دليلا، واضيف ان العقل لا يضطرنا إلى التسليم بهذا". (35)
ويتابع سبينوزا، فيما تبقى من كتابه، تقديم براهين مماثلة لاثبات ان الاسفار المتبقية من العهد القديم (يشوع والقضاة وصموئيل والملوك الخ..) لم يكتبها من سميت بأسمائهم (مثل يشوع وصموئيل مثلا)، انما يبدو، من تسلسلها ومحتواها، ان كاتبها "مؤرخ واحد اراد ان يروي تاريخ اليهود القديم نشأتهم الاولى حتى هدم المدينة لاول مرة" ، وربما عزرا (36).
4 ـ الكنيستان الارثوذكسية والكاثوليكية:
(1/277)
يعرض الدكتور محمد علي البار في كتابه "المدخل لدراسة التوراة والعهد القديم" رسالة من الدكتور صبري جوهرة الذي يصفه بانه زميل وصديق قديم… من اقباط مصر.. يعمل جراحا في الولايات المتحدة، وله ثقافة واسعة، وخاصة في امور العقيدة القبطية، كما يصف الرسالة بانها ملخص موقف الكنيستين الارثوذكسية والكاثوليكية "تلخيصا جيدا". وقد جاء في الرسالة ان الله (عزوجل) قد سمح للانسان (وهو، في هذه الحالة، كاتب السفر) ان يضع "كل احساساته وميوله في النصوص، ما دام ذلك لا يغير ما قصده الله من معاني السفر الاخلاقية والدينية"، وعلى هذا الاساس تعترف الكنيسة بعدم دقة الكتاب في معلوماته الفلكية والجغرافية والتاريخية والجيولوجية ذلك ان الغاية منه هي ان يعمل الدين والاخلاق ويساعد على الوصول إلى طريق الصلاح والسعادة، ومن هنا فان كل من يتمسك بحر فيته كمصدر اخر غير الاخلاق والدين لا بد من ان يبتعد به عن غايته الاصلية، ويحيد عن الفهم الصحيح للغرض الديني والاخلاقي للكتاب.
وترى المسيحية، كما يشرح الدكتور جوهرة في رسالته، ان الكتاب المقدس هو عمل مشترك بين الله والانسان، وضع فيه كلاهما ما يريد بحيث جاءت النتائج وهي تعكس "كما قال الله في صحة تعالمي الاخلاق وعلاقات البشر بعضهم ببعض" كما تعكس عدم كمال الانسان بكتابته لمعلومات علمية غير دقيقة، واحيانا مضحكة، واما ما يقال عن التحريف المتعمد او غيره فالكنيسة لا تعتقد بحدوثه، كما انها لا تعترف بتحريف وتغيير المعاني الاصلية. ويرى الدكتور جوهرة ان مزامير داوود منقولة حرفيا وبدون تصرف، من اناشيد اخناتون اول فرعون اعتمد ديانة التوحيد في مصر. (37)
(1/278)
ونحن اذ ننقل حرفيا بعض ما ورد في رسالة الدكتور جوهرة للدكتور البار، باعتبار ان الاول مسيحي قبطي مثقف في مور اللاهوت، نحرص على ان لا نعلق على ما ورد في الرسالة، تاركين للمراجع اللاهوتية المسيحية (الارثوذكسية والكاثوليكية) مناقشته ان ارتأت ذلك.
5ـ شهادات اخرى:
1ـ ترى "الموسوعة البريطانية" ان مؤلفي اسفار "العهد القديم" مجهولون، وليس معروفا ان كان جمعها قد تم، على يد افراد او جماعات، وانها كتبت "باللغة العبرية فقط، عدا بعض المقاطع القصيرة النادرة التي دونت باللغة الآرامية، الا ان الجماعة اليهودية عمدت، لاسباب فقهية، إلى ترجمة التوراة (او الاسفار الخمسة) من العبرية إلى الآرامية، وقد ضاعت المخطوطات العبرية الاصلية، ولم يصلنا سوى الترجمات".
وفي القرن الثالث الميلادي، قام الفقهاء اليهود بترجمة الشريعة العبرية إلى اليونانية فيما يعرف "بالترجمة السبعينية" ثم ادى انتشار المسيحية إلى ترجمة نصوص الكتاب المقدس (العهد القديم والجديد) في مختلف اللغات. (38)
وترى الموسوعة البريطانية، بحسب روايات العهد القديم: ان موسى احتفظ بصحف مكتوبة (خر 14:17و خر 4:24 و خر 27:34ـ 28 وعد 2:33 وتث 9:31 و24ـ26) وانه حتى مع التوسع في تقدير هذه الصحف فإنها لا تبلغ اكثر من خمس الأسفار الخمسة، وهكذا يكون الادعاء التقليدي بان موسى هو مؤلف الأسفار الخمسة ادعاء غير قابل للثبات وغير مدافع عنه. كما ترى هذه الموسوعة ان موسى وضع الوصايا العشر، وكان وسيطا للعهد (مع الرب) وبدأ عملة إصدار فتاوى أضافها إلى بنود العهد، وجمعها وتصنيفها وانه دون، ولا شك بعض الصحف التي استخدمت أساسا لمجموعة متزايدة من القوانين والتقاليد. ورغم ذلك فهي ترى انه يمكن وصف الأسفار الخمسة الاولى من الكتاب المقدس العبري (العهد القديم) بأنها موسوية، ذلك انه بدونها لم يكن هناك وجود لـ"اسرائيل"، ولا لمجموعة تعرف بالتوراة (39).
(1/279)
أما الوسائل التي أتاحت للباحثين تمييز المصادر الأساسية للاسفار الخمسة وتحديد تسلسلها الزمني فهي : اليهودية (نسبة للرب باسم يهوه) والألوهية (نسبة للرب باسم الوهيم) والتثنوية، والكهنوتية. وقد تم بعد ذلك اكتشاف مصادر اخرى للعهد القديم، منها كتابان من الادب العبري القديم مفقودان اليوم ويحتويان في اجزاء منهما القصص الاولى، وهذان الكتابان هما : كتاب حروب يهوه وكتاب "ياشار" (العادل) وقد كتبا بلغة شعرية (40) .
2ـ وترى الموسوعة الفرنسية "كييه Quillet" ان اقدم نص كامل للعهد القديم بالعبرية يعود تاريخه إلى العام 950م، ولم يصلنا منه، قبل ذلك، سوى نتف قليلة "باستثناء مخطوطات صحراء اليهودية التي تعود، عادة إلى القرن الثاني ق.م والتي تعود إلى كل اسفار العهد القديم، باستثناء سفر استير".
وقد كتبت معظم اسفار العهد القديم باللغة العبرية (اللغة السامية التي استخدمت في فلسطين حتى القرن السادس ق.م) بينما كان هناك بعض اقاسم من الاسفار باللغة الآرامية (اللغة الدولية المتداولة في آسيا القديمة، والتي استخدمها اليهود منذ سبيهم إلى بابل) كما ان آخر سفر من العهد القديم. وهو سفر الحكمة، قد كتب باللغة اليونانية. (41)
ووفقا للمفهوم المسيحي، تعتبر التوراة حصيلة تعاون بين الله والانسان، فالله هو المؤلف الحقيقي، لانه هو الذي اوحى للكاتب وتكشف له، ولكن الكاتب، هو ايضا، المؤلف كليا، للكتاب الذي كتبه، لانه وضع فيه كل شخصيته، وينتسب مؤلفو التوراة إلى العصور القديمة، السامية والهلينية، لذا نراهم يستخدمون عدة اشكال للتعبير الادبي ليس مألوفا لدينا، وعلى هذا فاننا نجد مثلا في الفصلين الاولين من سفر التكوين "فكرا لاهوتيا مع مجموعة من التقاليد الشعبية، في الوقت نفسه". (42)
(1/280)
وفي أي حال، فان مؤلف التوراة لم يكن ينوي في أي وقت ان يعلم العلوم ولكن بما انه ينتمي إلى عصر محدد، فهو يستخدم علوم ذلك العصر ومعارفه، وحتى اساطيره وفنونه الشعبية وهكذا فان التوراة تاريخ لتقدم بطيء في المجالين الاخلاقي والروحي لشعب الله، هذا التقدم الذي هو اليوم بالنسبة إلى المسيحيين مستمر في الكنيسة. (43)
3ـ ويرى الباحث "موريس بوكاي" ان اليهودية المسيحية ظلتا خلال قرون طويلة تقولان بان مؤلف التوراة هو موسى نفسه، وربما كان ذلك بسبب ما ورد في سفر الخروج (1ـ14) والعدد (23:2) والتثنية (31:9) من ان الله امر موسى بان يكتب.
ومنذ القرن الاول قبل الميلاد، كان هناك دفاع عن النظرية القائلة بان موسى هو كاتب الاسفار الخمسة للتوراة، ولكن هذه النظرية سقطت اليوم ولم تعد قائمة، رغم ان "العهد القديم" ينسب إلى موسى "ابوة" هذه الاسفار.
ويستند "بوكاي" في حججه لدعم النظرية القائلة بان موسى ليس مؤلف التوراة، على تلك التي يقدمها الاب ديفو De Vaux ( مدير المدرسة التوراتية في القدس)، الذي وضع عند ترجمته لسفر التكوين (عام 1962) مقدمة عامة للاسفار الخمسة للتوراة تضمنت "حججا ثمينة جدا تنقض التأكيدات الانجيلة لابوة موسى لهذه الاسفار"، كما ذكر انه في القرن السادس عشر(م)، لاحظ (كارلستادت Karlstadt) ان موسى لم يستطع كتابة قصة موته في سفر التثنية (34:5 ـ 12). وعدد كارلستادت، كذلك انتقادات اخرى ترفض نسبة قسم من الاسفار الخمسة إلى موسى. وهناك ايضا، كتاب ريشارد سيمون Richard Simon التاريخ النقدي للعهد القديم Histoirc critique du vicux testament ( عام 1678) الذي يبين الصعوبات التاريخية والتكرار وفوضى الروايات والاختلاف في الاسلوب، في هذه الاسفار، ومع ذلك لم يؤخذ بحجج ريتشارد سيمون قط، وظلت كتب التاريخ ترجع، حتى مطلع القرن الثامن عشر، إلى المراجع السحيقة القدم للتحدث عن ما كتبه موسى.
(1/281)
وكان من الصعب جدا الغاء هذه النظرية التي يدعمها المسيح نفسه في العهد الجديد.
وفي العام 1753، صدر كتاب لجان استروك Jaen Astruc الطبيب الخاص للملك لويس الخامس عشر، وضع الحجة الحاسمة لالغاء هذه النظرية اذ اثبت هذا الكتاب ان سفر "التكوين" متعدد المصادر.
وفي عام 1854، برزت نظرية تقول بان للتوراة اربعة مصادر هي : الوثائق اليهودية والوثائق الالوهية والتثنية، والقانون الكهنوتي، وقد حددت ازمنة هذه المصادر كما يلي:
1ـ تعود الوثائق اليهودية إلى القرن التاسع قبل الميلاد، وقد كتبت في مملكة يهوذا.
2ـ وتعود وثائق الالوهية إلى زمن اقرب، وقد كتبت في مملكة "اسرائيل".
3ـ وتعود التثنية إلى القرن الثامن قبل الميلاد، عند بعضهم (أدموند جاكوب E. Jacob) او إلى عهد يوشيا في القرن السابع قبل الميلاد، عند بعضهم الاخر (ديفو).
4ـ ويعود القانون الكهنوتي إلى عهد السبي او ما بعد السبي، أي إلى القرن السادس ق.م وهكذا يمتد ظهور نصوص الاسفار الخمسة على مدى ثلاثة قرون على الاقل.
وفي عام 1941 اكتشف لودز ( A. Lods) ثلاثة مصادر للوثائق اليهودية، واربعة مصادر للوثائق الالوهية، وستة مصادر للتثنية، وتسعة مصادر للقانون الكهنوتي. ويستطرد الاب ديفو : هذا عدا الاضافات الموزعة بين ثمانية كتبة.
وقد ادى تعدد مصادر التوراة إلى كثير من التناقضات والتكرار. واعطى الاب ديفو العديد من الامثلة على ذلك. (44)
وهكذا تبدو الاسفار الخمسة مؤلفة من تقاليد متنوعة جمعها كتاب بمهارة تزيد او تنقص، بحيث راكموا تجميعهم (تقميشهم) تارة، او حولوا الروايات طورا بهدف تركيبها، الا انهم تركوا فيها كل ما بعد ذلك، ان يقسم الاب ديفو سفر التكوين، وحده إلى ثلاثة مصادر اساسية، وذلك في مقدمة ترجمته لهذا السفر عام 1962. (46)
(1/282)
اضافة إلى ذلك، ينكر بعض الباحثين المصريين القدامى ان يكون موسى عبرانيا، ومنهم "مانيتو" المؤرخ المصري في عهد بطليموس الثاني، وكان قد اشتهر كأستاذ يقصده الباحثون في مكتبة الاسكندرية، وهو يقول ان موسى مصري عاش في ايام امنحوتب الثالث وانه اراد ان يرى الاله بعينيه حتى يصدق، وانه درس بمدينة هليوبوليس (عين شمس). كما ينكر بعض المؤرخين اليونانيين ان تكون قد قامت دولة او مملكة لـ"اسرائيل" في فلسطين، لا في ايام يشوع، ولا في ايام داوود، ولا في ايام سليمان وذلك استنادا إلى ما جاء في كتابات المؤرخين اليونانيين، منذ القرن الثامن ق.م وهي كتابات لم يرد فيها وجود لمملكة "اسرائيل" في فلسطين. (47)
ثانيا : الثقافة الصهيونية:
على هذه المرويات والاساطير الخرافية، قامت الفكرة الصهيونية والثقافة الصهيونية، ذلك ان الصهيونية كفكرة، تسعى إلى عودة اليهود إلى "ارض "اسرائيل"" او "ارض الميعاد" التي ورد ذكرها في التوراة التي اخترعها احبار اليهود في منفاهم، دون ان يقدموا أي دليل على صحة ادعاءاتهم هذه، وهي في معناها السياسي، دعوة سياسية انطلقت من اساطير خرافية البست لباس الدين واسندت إلى مزاعم تاريخية تخفي مطامع استعمارية عنصرية، وساعد على ذلك نشوء الفكرة القومية في اوروبا في القرن التاسع عشر، حيث سعت الصهيونية إلى الباس اليهودية لباس القومية الحديثة.
(1/283)
كان "هرتزل" اول من تحدث عن دولة لليهود في كتابه "دولة اليهود" (صدر عام 1896) حيث طالب بان يكون لليهود ارض يقيمون عليها دولتهم، في مكان ما من العالم، وليس بالضرورة فلسطين فهو قد قال في كتابه هذا: ليعطونا السيادة التامة على جزء كاف من مساحة الارض، بشكل يؤمن الاحتياجات الشرعية لشعبنا، ونحن نتكفل بالباقي. بل انه اقترح ان تام هذه الدولة على ارض الارجنتين، لانها احدى اكثر البلاد غنى في العالم. وذات مساحة هائلة، ونسبة ضئيلة من السكان، ومناخ معتدل، او على ارض فلسطين التي هي "بلادنا التاريخية التي لا تنسى" ولكنه أي هرتزل وافق اخيرا على ان تقوم دولة لليهود في "اوغندا" ولو بصورة مؤقتة. (48)
"بلادنا التاريخية التي لا تنسى" هكذا زور اليهود تاريخ فلسطين واختلقوا، لانفسهم، وطنا على ارض لم يثبت تاريخيا انها كانت ذات يوم لهم وغني عن التكرار ان مرويات العهد القديم التي تزعم هذا الزعم ليست ثابتة تاريخيا.
واذا كان هرتزل قد تحدث عن "دولة اليهود" دون ان يعني، في ذلك ما عنته الصهيونية فيما بعد ان الصحافي اليهودي النمساوي "ناثان بيرنبوم Nathan Birnbawm كان اول من تحدث عن "الصهيونية" في كتابه "الاحياء القومي للشعب اليهودي في وطنه، كوسيلة لحل المشكلة اليهودية" الذي صدر باللغة الالمانية عام 1893 وربما يكون بيرنبوم، بالذات قد استعمل العبارة نفسها في مقالة له كتبها عام 1886 بعنوان "التحرر الذاتي". (49)
(1/284)
ويعتبر "آلان تايلر" في كتابه "الفكر الصهيوني" ان اول عبارة عن الصهيونية قد وردت على لسان المفكر اليهودي "مويز هس Moise Hess" وكانت الفكرة القومية اليهودية قد بدأت تختمر في عقول العديد من المفكرين اليهود الاوروبيين اقتباسا عن الفكر القومي الذي ساد في اوروبا خلال القرن التاسع عشر، وقد رافق هذه النزعة العنصرية لدى يهود اوروبا انشاء حركة، في مطلع الثمانينات، دعت نفسها "احباء صهيون" وكان من اهداف هذه الحركة السعي لاستيطان يهودي في فلسطين، على ان يشمل هذا الاستيطان مختلف اوجه الحياة اليهودية: الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية. (50)
ما الذي دفع اليهود، الاوروبيين خصوصا، إلى تبني الدعوة الصهيونية التي تقوم على السعي لانشاء قومية خاصة باليهود ترتكز على ارض خاصة بهم يعتمدونها وطنا لهم، وهم الذين يعيشون في بلدان اوروبية متحضرة ويشكلون اجزاء من شعوب اوروبية متحضرة؟ فيما لم تقم بين اليهود القاطنين في مختلف ارجاء الوطن العربي مثل هذه الدعوة، اذ من الثابت ان اليهود العرب لم يتبنوا الدعوة الصهيونية الا بعد ان قامت في اوروبا وانتشرت بين اليهود الاوروبيين؟
لا شك في ان الدوافع التي ادت باليهود إلى تبني الدعوة الصهيونية تعود إلى عوامل ثلاثة:
ـ العامل الاول: ديني، اذ يعتقد اليهود، فعلا ان ما ورد في التوراة (والعهد القديم) صحيح تاريخيا، وانهم اصحاب فلسطين ومالكوها، وان لديهم اوامر دينية بالعودة اليها.
ـ والعامل الثاني: عنصري، فاليهود قوم لم يستطيعوا، طوال تاريخهم، التأقلم والتكيف مع أي شعب من شعوب الارض، وذلك بسبب النزعة الصهيونية التي خلقها "العهد القديم" فيهم، حين زعم انهم "شعب الله المختار" وان عليهم ان يعودوا إلى الارض الي وعدهم الله بها، الارض التي تدر لبنا وعسلا، وبانه سوف يطرد سبعة شعوب من امامهم.
(1/285)
ـ والعامل الثالث : سياسي، وهو القائم على الاطماع الاستعمارية الاوروبية، ومن البديهي القول ان الدول الاوروبية التي ساعدت على تحقيق ما طمح اليهود إلى تحقيقه في فلسطين لم يكن ايمانا منها بحق اليهود في فلسطين، بقدر ما كان تحقيقا لمطامع استعمارية بحتة، اذ التقت مطامع تلك الدول باحلام اليهود الخرافية، فتحالفت وحققت المعجزات، وساعدها على ذلك التخلف والتشرذم العربي والاسلامي.
لقد ارتكزت الثقافة الصهيونية، اساسا، على وعد مزعوم بارض فلسطين، وساعد على تغذية هذا الوهم وتعزيزه في نفوس اليهود وافكارهم اضطهاد العالم الغربي لهم، بغية دفعهم للتمسك بهذا الوهم وتجسيده في كيان حقيقي، وساعدهم الغرب بكل ما لديه من قوة وامكانات في سبيل تحقيق ذلك، على حساب اصحاب الحق والارض من العرب، ولم ينشأ اضطهاد الاوروبيين لليهود من فراغ، فقد كان اليهود بطبيعتهم، عنصريين غير متألفين مع باقي المواطنين، في المجتمعات التي وجدوا او نشأوا وترعروا فيها، وذلك بسبب ما زرعه كتابهم، "المقدس" المزيف والمزعوم، في نفوسهم من عصبية وعنصرية بغيضة. وساعد على ارتكاب هذا الخطأ الكوني الكبير الذي لا تزال البشرية تعاني من نتائجه، ما اقدم عليه الباحثون والمؤرخون الاوروبيون، اليهود وغير اليهود، من تزوير للحقائق التاريخية بقصد جعل التوراة والعهد القديم "حقيقة" تاريخية.
ثالثا : تزوير التاريخ
(1/286)
وهكذا، وبدلا من ان يسعى الباحثون والمؤرخون الغربيون إلى البحث عن الحقيقة التاريخية لمرويات التوراة (والعهد القديم) عن طريق وضعها موضع الشك والجدل والمناقشة، شأن كل باحث علمي رصين، اذا بهم يضعونها موضع اليقين ويروحون يختلقون لها اسنادا تاريخية من خلال اختلاق تاريخ لـ"اسرائيل" القديمة وتهميش، بل وتضييع للتاريخ الحقيقي لفلسطين (51) . وقد سار في هذا الطريق غالبية الباحثين والمؤرخين الاوروبيين وتبعهم في ذلك المؤرخون العرب (52) وتكمن المشكلة في ان "العهد القديم"هذا، بكل ما تضمنه من اساطير، قد اعتمد لدى معظم الباحثين والمؤرخين، كمصدر (لا يدحض) لتاريخ العبرانيين، وتاريخ فلسطين بالذات، دون ان يكون لما تضمنه هذا "الكتاب المقدس" اصل موثوق، ودون ان يحاول اولئك الباحثون المؤرخون البحث، في مصادر اخرى، اثرية (اركيولوجية) وتاريخية، عن الحقيقة التاريخية في ما اورده من مرويات. ولمزيد من التفصيل في البرهان والحجة، سوف نعمد إلى الاستشهاد بأثرين هما من اهم من صدر، في الغرب، حول هذا الموضوع، كدحض للتزييف التاريخي الذي اعتمدته التوراة واقره الباحثون والمؤرخون في الغرب خصوصا:
(1/287)
1 ـ يتناول الباحث "كيث وايتلام Keith Whitelam" البحث في صحة التاريخ العبراني، في فلسطين، استنادا إلى التوراة والعهد القديم، فيرى ان تاريخ فلسطين "غير موجود من الاساس" اذ ان الخطاب التوراتي المهيمن قد استبعده، فغدا تاريخ فلسطين مجرد ظل مهمش في اطار التاريخ العبري، حيث تم اختلاق ""اسرائيل" القديمة" التي يقول عنها المؤرخ "فيليب ديفيس P. Davies" انها من اختراع عقول العلماء وانها بعيدة كل البعد عن الحقيقة. ومما يثير السخرية لدى "كيث وايتلام" ان تاريخ ""اسرائيل" القديمة" قد استأثر باهتمام المؤرخين القدامى، باعتبار فكرة البحث عن "اسرائيل" القديمة، وعن الوثائق المادية التي يفترض انها سوف تلقي الاضواء على التوراة العبرية (53) ، دون أي اعتبار لتاريخ فلسطين بالذات. وهكذا يبدو لنا، من وجهة نظر "وايتلام" واخرين عديدين سواه، ان تاريخ فلسطين "مازال غير مصرح به، محتجبا في الخطاب السائد في الدراسات التوراتية وهي دراسات تهتم اساسا بالبحث عن تاريخ "اسرائيل" القديم باعتباره الميدان الذي عين على فهم تراث التوراة العبرية الذي هو المنبع الاول للحضارة الغربية. (54)
المنبع الاول للحضارة الغربية؟ لا شك في ان سيطرة اللاهوت على مضامين الثقافة الغربية وحضارتها اعطى الدراسات التوراتية ابعادا سياسية وثقافية اضحى الغرب اسيرا لها، بثقافته وحضارته، وقد هدفت هذه الدراسات (التوراتية) في الاساس، إلى اختلاق "اسرائيل" القديمة، واسكات التاريخ الفلسطيني كما قال "وايتلام" في عنوان كتابه هذا.
(1/288)
ويرى "وايتلام" ان الكذبة التاريخية الكبرى التي اطلقها الباحثون والمؤرخون الذين اعتمدوا "الدراسات التوراتية" كمصدر اساسي (وربما وحيد) لتاريخ فلسطين، قد بدأت تنكشف بسبب "تصدع هذا الاجماع" الذي حظيت به تلك الدراسات في الفترة السابقة، مما ساعد على تعرية الافتراضات السياسية والدينية التي عززت بناء تاريخ الدراسات التوراتية، ويستشهد على ذلك بدراسة الباحثين "ميلر وهايز Miller and Hayes ( عام 1986) وهي التي كانت "نقطة تحول رئيسية في كتابة تاريخ "اسرائيل" من منظور توراتي "بحيث اظهر هذان الباحثان، في دراستهما، المشاكل المتزايدة المتعلقة بتاريخ "اسرائيل" القديم، باعتباره تاريخ الفجوات واضطرار هذا التاريخ إلى التخلي، باستمرار، عن مسلماته، والقواعد الثابتة التي انطلق منها وهو ما ينذر "بموت التاريخ التوراتي" لكي يحل محله، تدريجيا الاعتراف بالتاريخ الفلسطيني كموضوع قائم بذاته، وهو فهم جديد لتاريخ هذه المنطقة يزداد ابتعادا وانفصالا عن الدراسات التوراتية. (55)
(1/289)
واذا كانت "اسرائيل" الحديثة قد قامت على جزء من ارض ""اسرائيل" القديمة" وليس كلها، وان ارض فلسطين لا بد من ان تعود، برمتها والى الابد إلى "شعب "اسرائيل"" كما يرى "بن غوريون" (56) واذا كانت القوى الاربع العظمى ملتزمة بالصهيونية سواء اكانت على خطأ ام على صواب وذلك لان الثقافة الصهيونية متأصلة بعمق في تراث من الماضي البعيد، وفي حاجات الحاضر وآمال المستقبل لهذه القوى، كما يقول اللورد بلفور (بعد عامين من اعلان وعده الشهير)، (57) فان ما لا يمكن دحضه وانكاره هو ان هذه الصورة "التوراتية" قد بدأت بالاهتزاز في وعي المثقف الغربي الذي بدأ يتأثر بالدراسات التاريخية العلمية لهذه المنطقة، بعيدا عن المؤثرات التوراتية التي سكنت وعيه زمنا طويلا، خصوصا وانه قد بدأ يعني ان ما يربط القوى العظمى بالكيان الصهيوني القائم حاليا على ارض فلسطين ليس توراتيا بقدر ما هو سياسي استعماري مفضوح.
(1/290)
ويرى "وايتلام" اخيرا انه اذا كان التاريخ الفلسطيني قد استبعد خلال القرنين الماضيين بتأثير من "المدرسة التوراتية" المزورة للتاريخ برمته، مما ادى ال حرمانه من مكن خاص به في الخطاب الاكاديمي الغربي، واذا كان الاهتمام الاوروبي بفلسطين، من الوجهة الاستراتيجية قد نشأ مع سعيها (أي اوروبا) لمعرفة جذور حضارتها كما حددتها "اسرائيل" القديمة والتوراة مما جعلها تتقبل بسهولة افكار المتخصصين التوراتيين وتقبل على تصور ماضي فلسطين كما جاء في التراث التوراتي، فان عدم الارتياح المتزايد من صدقية هذا التراث، ورواج الكتب التاريخية الجديدة المعدلة وفقا لمعايير علمية جديدة لقراءة تاريخ فلسطين، وما رافق ذلك من تغييرات جرت داخل التخصص الاكاديمي، المتعلق بالتراث التوراتي، حيث كشفت هذه التغيرات عن مدى اختلاق هذا التاريخ (التوراتي) المتخيل بناء على نماذج من التجربة المعاصرة، بالاضافة إلى الاسهام الذي قدمه النضال الفلسطيني المستمر والانتفاضة الفلسطينية بشكل خاص، قد ساعد، ذلك كله في استمرار تحطيم الاسس الفكرية التي كانت سائدة بتاثر من الرواية التاريخية التوراتية (58) وهو ما سوف يؤدي ولا شك في النهاية إلى رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني الحقيقي وغير المزور والمزيف.
(1/291)
2ـ ويقدم لنا الباحث "توماس طومسون Thomas l. Thompson" في كتابه "التاريخ القديم للشعب "الاسرائيلي"" نموذجا آخر من المؤرخين الذين يفضحون التزوير التاريخي لـ"اسرائيل" القديمة (وقد بدأ عددهم يتزايد باطراد) ويعتمد "طومسون" على نظرية "ويلهاوزن" في الفرضية الوثائقية" التي ترى انه يجب فهم "المصادر الاربعة (59) للاسفار الخمسة الاولى" من العهد القديم (وهي اسفار الشريعة او التوراة) على انها وثائق ادبية تم تأليفها وقت كتابتها، وهي انعكاس صادق لفهم ومعرفة تؤلفيها وعالمهم، وعلى هذا فلا يمكن اعتبارها تاريخا يعتد به، كما انه لا يمكن الاستفادة منها لاعادة تشكيل تاريخ "اسرائيل" القديم، السابق على وقت تأليفها. (60)
ويرى "ماير" وهو باحث زميل لويلهاوزن، ان "المصادر الوثائقية" التوراتية ليست في الاصل سوى "مرويات شفهية" ومجموعات من القصص التي تألفت من الحكايات الشعبية والاساطير والملاحم، ويقدم مثالا على ذلك حكايات "سفر التكوين" التي تنتمي إلى عالم الخيال وليس فيها سوى القليل مما له علاقة بالتاريخ.
(1/292)
وقد وافق "ماير" في تحليله هذا باحث آخر هو "غونكيل" (وكان محاضرا في هال، إلى جانب ماير، خلال اعوام (1889ـ 1894). يقول "غونكيل" ان "المرويات الشفهية" التي كانت معروفة من الادب العالمي والادب الشعبي هي التي تشكل اساس الحكايات التوراتية وحكايات العهد القديم. وقد كان للباحث غريسمان وهو تلميذ ويلهاوزن اثر كبير في انتشار هذه الافكار، خصوصا بعهد نشره كتابه المهم "نصوص الشرق القديم المتعلقة بالعهد القديم" الذي اثر في الفكر اللاهوتي الاوروبي تاثيرا واسعا، كذلك الباحث "برتشادر" الذي اشتهر بعيد الحرب العالمية الثانية، بابحاثه المتعلقة بالشرق الادنى القديم، ومنها تاريخ "اسرائيل" التوراتية القديمة.(61) ومع هؤلاء جاء الباحث "ايسفيليت Eissfeldt" لكي ينقل النقاش حول العهد القديم إلى وجهة اخرى، فالعهد القديم في نظره، لم يكن تاريخا تحول إلى خيال بل خيالا تحول إلى تاريخ، الا انه يرى ان مرويات الاسفار الخمسة الاولى هي في اشكالها القديمة، قصص عن افراد وتواريخ شعبية كانت بسبب انتقالها كمرويات شفهية، غير ثابتة، نسبيا كنص تاريخي اصلي اكتسب تدريجيا، صفة القصص الخيالية، ولذلك فهو يرى انه يمكن اكتشاف النواة التاريخية المخبأة في المرويات القديمة المهمة من خلال حذف وشطب الاضافات.
امام هذه الفرضيات المتبادلة، من اعتبار القصص التقليدية، في الاسفار الخمسة الاولى، تاريخا تحول إلى خيال، إلى اعتبار الحوادث التي نشأت عنها هذه القصص تعكس تاريخ شعوب الشرق الادنى القديم، وقف جيل جديد من الباحثين والمؤرخين اعتبر هذه الفرضيات "افتراضات مسبقة، مسلما بها ولا تناقش"، وهكذا استعادت الدراسات التاريخية عن الكتاب المقدس واسرائيل القديمة وهجها السابق المحافظ.(62)
(1/293)
حقق هذا التحول فوائد جمة لصالح تاريخ "اسرائيل" القديمة، اذ استغله الدارسون والمنقبون العاملون لمصلحة هذا التاريخ، في العشرينات والثلاثينات من هذا القرن، وكان عود الصهيونية قد بدأ يشتد، بعد وعد بلفور وتقسيمات سايكس ـ بيكو والانتداب البريطاني على فلسطين، فاستفادت من هذا التحول ايما افادة، وشرع الباحثون الصهاينة يجهدون لتاكيد الحق اليهودي في فلسطين من خلال ابحاثهم الاركيولوجية ومن خلال الحفر والتنقيب الذي اجروه في فلسطين وجوارها، ساعين إلى تأويل كل المعلومات المستجدة لمصحلة افكارهم التوراتية، ومن اهم هؤلاء، اولبرايت (في الولايات المتحدة) وألت (في المانيا) وقد انتهى هذان الباحثان إلى تاكيد الزعم القائل، مع "ايسفيلت" بان المرويات التوراتية ذات اصول تاريخية واشترك الاثنان معا، في السعي لاعادة تشكيل تاريخ "اسرائيل" القديم على اساس التقييم النقدي والتوفيق بين الدراسات التوراتية والاركيولوجية المتعلقة بالشرق الادنى .(63)
(1/294)
الا ان "اولبرايت" ورغم ضحالة مفهومه التاريخي فهو لم يكن مؤرخا ولا مفسرا للتوراة بل كان اثريا (اركيولوجيا) فحسب، كان اكثر تمسكا بالمحافظة على تاريخية النص التوراتي من "ألمت" الذي كان اقرب إلى "ويلهاوزن" بل كان يعتبر خليفة "لماير" او "غونكيل". وقد اثرت مفاهيم "اولبرايت" على مسار الدراسات التاريخية ـ الاركيولوجية في اتجاه مغاير تماما لاتجاهات ويلهاون وماير وغونكيل، وهو الذي اسس لاهم النظريات، حول تاريخ اصول "اسرائيل"، في هذه الحقبة، وانتهى إلى القول "بتاريخية التوراة التي اكدتها الحفريات" معتبرا ان المرويات التوراتية سرد تاريخي للماضي وان ما ذكرته التوراة عن اسلاف "اسرائيل" كان بصفتهم افرادا تاريخيين وعرضا ادبيا لتلك الشعوب، ومفترضا في الوقت نفسه، انه يكفي لتثبيت تاريخية الرواية التوراتية، تثبيت بعض تفصيلاتها المهمة عن طريق مصادر غير توراتية، قابلا بذلك تصحيح الروايات التوراتية على ضوء التاريخ . (64) ويؤكد "اولبرايت" كذلك اساسية تاريخ الاطار التوراتي للحوادث، الا انه بسبب عد الوضوح في فهمه لنصوص العهد القديم لم يقحم الا نادرا، ما يعتقده فهما لواقع الروايات التوراتية وهذا ما وسم العديد من اعمال اولبرايت بالسطحية، وافسح في المجال قراءتها بتعصب لاهوتي ومسحة اصولية. (65)
الا ان نظريات اولبرايت هذه رفضت من قبل العديد من تلامذته امثال: مندنهال، وغيوس ولوك وماتيوس وآخرين .(66)
(1/295)
لقد جهد "اولبرايت" في كتابه "من العصر الحجري إلى المسيحية" في ان يجد مكانا مناسبا، في هذه الفترة الزمنية من تاريخ الشرق الادنى، يمكنه من احلال تاريخ "اسرائيل" القديمة فيه، وبثبات مقنع. وقد استمر، طوال حياته، يسعى لتحقيق هذا الهدف، وقد وفق في ذلك، إلى حد ما حيث استطاع ان يحدد وجود "اسرائيل" في فلسطين نحو عام 1200 ق.م وان الفتح قد تم اواخر القرن الثالث عشر واوائل القرن الثاني عشر ق.م وقد وافقه العديد من الباحثين، المحافظين وغير المحافظين، على ذلك.
الا ان محاولات "اولبرايت" للتوفيق بين البينات التوراتية وغير التوراتية كاثبات لتاريخانية "اسرائيل" القديمة، سرعان ما دخلت مرحلة الانهيار التي مازالت متواصلة حتى اليوم. (67)
هذا القول الاخير هو "لطومسون" الي تحدث، حتى الان، في كتابه، عن آخرين دون ان يبرز رايه بوضوح، حيث ان ناقش، في الفصول الثلاثة الاولى من كتابه، نظريات عالجت هذا الموضوع قبله.
الا ان "طومسون" لا يلبث ان يبدأ بمعالجة الموضوع من زاويته الشخصية، بعد ذلك فيبدي فيه رأيا واضحا وصريحا، في نقاش جدي لمعظم مرويات العهد القديم، حيث ينتهي إلى راي مخالف تماما لرأي "ايسفيلت واولبرايت" وطغمة المحافظين، اذ يرى في النهاية ان المرويات ليست سوى شظايا ذكريات مكتوبة او شفهية، سلاسل من القصص، اعمال ادبية معقدة، سجلات ادارية، اغان، حكم نبوية، كلمات مأثورة عن فلاسفة، قوائم وحكايات: كلها اعتبرت ذات معنى ضمن كل مترابط متراكم، جمع ونظم انتقائيا، وفسر باعتباره ماضيا مبعثرا. (68)
(1/296)
3ـ الا ان الصفعة القاسية والضربة القاصمة التي تلقاها اليهود المحافظون، في هذا المجال، هي تلك التي رماهم به الباحث الاثري "الاسرائيلي" البروفسور "زئيف هرتسوغ" وذلك في مقالة نشرها في جريدة هآرتس "الاسرائيلية" بتاريخ 28/11/1999 واستطاع من خلالها ان يثبت انه بعد سبعين عاما من الحفريات الاثرية المكثفة في ارض فلسطين، توصل علماء الاثار إلى استنتاج مخيف: الامر مختلف من الاساس، فافعال الاباء هي مجرد اساطير شعبية،ونحن لن نهاجر لمصر ولم نرحل من هناك، ولم نحتل هذه البلاد، وليس هناك أي ذكر لامبراطورية داوود وسليمان، والباحثون المختصون يعرفون هذه الوقائع منذ وقت طويل، ولكن المجتمع لا يعرف. (69)
ويستطرد "هرتسوغ" في مقالته هذه قائلا : في السنوات العشرين الاخيرة حدثت ثورة فعلة في تعامل الباحثين "الاسرائيليين" مع التوراة بوصفها مصدرا تاريخيا، فمعظم المنشغلين في المداولات في ميدان التوراة، علم الاثار، وتاريخ شعب "اسرائيل" الذين كانوا يبحثون حتى الان ميدانيا عن أي اثباتات لصدقية قصص التوراة، يتفقون حاليا على ان مراحل تشكل شعب "اسرائيل" كانت مغايرة تماما للصورة الموصوفة في التوراة… ومن الواضح للباحثين، اليوم ان شعب "اسرائيل" لم يقم في مصر، ولم يته في الصحراء ولم يحتل البلاد بحملة عسكرية، ولم يورثها لاثني عشر سبطا اسرائيليا، كذلك اصعب من هذا ان نستوعب حقيقة تتبدى، وهي ان المملكة الموحدة لداوود وسليمان، الموصوفة في التوراة كقوة عظمى اقليمية، كانت في افضل الاحوال مملكة قبلية صغيرة .(70)
(1/297)
بعد كل ما تقدم، او ليس صحيحا القول ان التوراة بمروياتها اكذوبة كبرى صنع منها اليهود اساسا فكريا لطرح سياسي يهودي في القرن العشرين، واستطاعوا، من خلال هذا الطرح، ان يقنعوا العالم باحقية مطالبهم، وذلك بعد ان جعلوا من "العهد القديم" دستور عمل لهم، وحولوه في نظر العالم اجمع وخصوصا نخبته المثقفة والمفكرة، من كتاب يتضمن اساطير وخرافات ومرويات لا يتسع لها خيال ولا يقبلها منطق، إلى كتاب تاريخي لا يخضع للمناقشة او الشك والتساؤل، فكان مرتكزا اصليا لثقافة صهيونية اعتمدته اساسا فكريا مهما لتحقيق حلمها باقامة دولة لليهود في فلسطين؟
الا ان هذا المرتكز اخذ ينهار بانهيار الاكذوبة الكبرى فهل سيظل الكيان الصهيوني نتاج هذه الاكذوبة، صلبا قويا كما كان قبل انكشافها؟ الامر يعود إلى وعي الغرب والى يقظة العرب ووحدتهم.
المصادر والمراجع
1ـ باللغة العربية
ـ القرآن الكريم.
ـ الكتاب المقدس: العهد القديم.
ـ سويد، ياسين، التاريخ العسكري لبني "اسرائيل" من خلال كتابهم، قراءة جديدة للعهد القديم، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت 1998.
ـ النيسابوري، ابو الحسن علي بن احمد الواحدي، اسباب النزول، دراسة وتحقيق السيد الجميلي، دار الكتاب العربي، بيروت، 1986.
ـ الصليبي، كمال، التوراة جاءت من جزيرة العرب، مؤسسة الابحاث العربي، بيروت، 1985.
ـ تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي) بهامش القرآن الكريم.
ـ السيوطي، ابو الفضل جلال الدين، لباب النقول في اسباب النزول، ضبط وتصحيح احمد عبدالشافعي، دار الكتب العلمية، بيروت، لات.
ـ البار، محمد علي، المدخل لدراسة التوراة والعهد القديم، دار القلم، دمشق، والدار الشامية، بيروت، 1990.
ـ سبينوزا، باروخ دي، رسالة في اللاهوت والسياسة، تعريب : حسن حنفي، مراجعة: فؤاد زكريا، دار الطليعة، بيروت 1994.
(1/298)
ـ طومسون، توماس، التاريخ القديم للشعب "الاسرائيلي"، تعريب : صالح علي سوداح، مكتبة بيسان، بيروت 1995.
ـ وايتلام، كيث، اختلاق "اسرائيل" القديمة: اسكات التاريخ الفلسطيني، تعريب، سحر الهنداوي، مراجعة: فؤاد زكريا، سلسلة عالم المعرفة الكويت، عدد 249.
ـ عثمان، احمد، تاريخ اليهود، مكتبة الشروق، القاهرة، 1994.
ـ سويد، ياسين، نحو استراتيجية جادة لعمل عربي موحد، دا رالنفائس، بيروت 1996.
ـ مؤسسةالدراسات الفلسطينية، وقيادة الجيش اللبناني، القضية الفلسطينية والخطر الصهيوني، بيروت، 1973.
ـ الدبس، المطران يوسف، تاريخ سوريا الدنيوي والديني، بيروت، 1893.
ـ بورتر، هارفي، النهج القويم في التاريخ القديم، بيروت، 1884.
2ـ باللغة الاجنبية:
- Gwinn, Robert, and others, the New Encycloaedia Britannica 15th. Ed.
1974-1990.
- Baigent, Michael, and Leigh, Richard, the Dead sea scrolls deception,
Ed Summit books, New York, 1991.
- Dictionnaire incyclopedique Quillet, Ed. Quillet, France, 1970.
- Herzel, Theodor, Letat Juifs, Ed. La Decouverte, Paris,1990.
- Bucaille, Maurice, La Bible, le Coran, et la Science, Ed. Seghers, Paris, 1976.
- Taylor, Alan, Lesprit sioniste, Institut des Etudes Palestiniennes, Beyrouth, 1977.
ـ الهوامش:
1ـ النيسابوري، ابوالحسن، اسباب النزول، ص 159، والسيوطي، لباب النقول في اسباب النزول ص 80.
2ـ الصليبي، كمال، التوراة جاءت من جزيرة العرب، ص 15ـ16.
3ـ النيسابوري، م. ن ص 179، وجاء في اسباب النزول ان حبرا يهوديا بدينا "خاصم" النبي (أي جادله) فقال له النبي (ص): انشدك بالذي انزل التوراة على موسى، اما تجد في التوراة ان الله يبغض الحبر السمين؟ فغضب اليهودي وقال : والله ما انزل الله على بشر من شيء، فنزلت هذه الاية (النيسابوري) م.ن.ص.ن، والسيوطي، المصدر السابق ص 90.
(1/299)
4ـ تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي) بهامش القرآن الكريم.
5ـ النيسابوري، المصدر السابق، ص 35.
6ـ النيسابوري، م ن ص 34 والسيوطي م ن ص 10. والاعين: الذي عظم سواد عينيه في سعة (محيط المحيط).
7ـ تفسير الجلالين، بهامش القرآن الكريم
8ـ السيوطي، المصدر السابق، ص 78.
9ـ النيسابوري، المصدر السابق، ص 96. ولا خلاق لهم : لا نصيب لهم.
10ـ السيوطي: المصدر السابق، ص 43.
11ـ البار، محمد علي، المدخل لدراسة التوراة والعهد القديم، ص 118ـ 119.
12ـ م . ن . ص 120.
13ـ البار، المرجع السابق، ص 144.
14ـ الكتاب المقدس، العهد القديم، ص 29.
15ـ م. ن.ص.ن.
16ـ م. ن. ص 30.
17ـ م. ن .ص. ن.
18ـ م. ن. ص 59.
19ـ م. ن. ص 62.
20ـ سبينوزا، رسالة في اللاهوت والسياسة، ص 238ـ 239، وانظر م. ن. ص 230ـ240.
21ـ م. ن. ص 244.
22ـ م. ن. ص 246، والكتب المقننة canonique وهي الكتب التي اعترفت بها الكنيسة رسميا، في القرن الرابع الميلادي، على انها كتب مقدسة (م. ن. ص. ن. حاشية 4).
23ـ م. ن. ص. ن.
24ـ م. ن. ص 255.
25ـ م. ن. ص 256.
26ـ م. ن. ص 265.
27ـ م. ن. ص 226.
28ـ ورد في نسخة الكتاب المقدس، العهد القديم، طبعة الرهبانية اليسوعية الصادرة عن جمعيات الكتاب المقدس في المشرق، دار المشرق، بيروت، 1988، والتي بين ايدينا، وفي سفر التكوين (14:22): "وسمى ابراهيم ذلك المكان: الرب يرى. ولذلك يقال اليوم: "وفي الجبل، الرب يرى" والمقصود بالجبل: جبل موريا.
29ـ م. ن. ص 266ـ268.
30ـ م. ن. ص 269، ونود ان نشير هنا إلى اننا تصرفنا في شرح هذه النقطة دون التقيد بما اورده سبينوزا من امثلة (انظر سفر تثنية الاشتراع في الكتاب المقدس، العهد القديم الذي اعتمدناه، وقد سبق ان اشرنا اليه).
31ـ م. ن. ص 270 وقد جاء في سفر القضاة (29:18) "وسموا المدينة دان، باسم دان ابيهم الذي ولد لـ"اسرائيل"، وكان اسم المدينة قبل ذلك، لاييش".
(1/300)
32ـ م. ن. ص 270ـ 271.
33ـ م. ن. ص 271، ويشير سبينوزا، في ذلك إلى ان موسى كتب، بامر من الرب، عن الحرب ضد العمالقة اذ قال الرب له : "اكتب هذا ذكرا في كتاب" (خر: 14:17) كما يشير إلى سفر يسمى "حروب الرب" ورد ذكره في سفر العدد حيث جاء "ولذلك يقال في كتاب حروب الرب" (عد 21ـ14) والى سفر آخر يسمى "سفر العيد" ورد ذكره في سفر الخروج، حيث جاء " واخذ كتاب العهد فتلا على مسامع الشعب فقال:… (خر 7:24) والى سفر ثالث يسمى توراة الله ورد ذكره في سفر التثنية حيث جاء: "وكتب موسى هذه الشريعة وسلمها إلى الكهنة بني لاوي… وسائر شيوخ "اسرائيل" (تث 9:31) ثم اضاف اليه يشوع، بعد ذلك بمدة طويلة، رواية العهد الذي قطعه الشعب (بنو "اسرائيل")على نفسه من جديد، في ايامه، (م. ن. ص 272) حيث جاء في سفر يشوع (25:24ـ26) "فقطع يشوع للشعب عهدا في ذلك اليوم، جعل لهم فريضة وحكما في شكيم، وكتب يشوع هذا الكلام في سفر توراة الله.
34ـ ورد ذكر سفر العهد الثاني في تثنية الاشتراع، حيث جاء " يقطع الرب الهك معك اليوم… حتى على حسب جميع لعنات العهد المكتوبة في سفر هذه الشريعة (تث 11:29ـ20) (انظر النص بكامله في سفر تثنية الاشتراع).
35ـ م. ن. ص 273.
36ـ م. ن. ص 274ـ277.
37ـ البار، المرجع السابق، ص 152ـ154.
38ـ Encyclopacdia Britannica T2. PP. 194-196 (Bible)
39 ـ Ibid. T24. P. 374 (Moses)
40 ـ Ibid. T2. P. 194 (Bible)
41 ـ Encyclopedie Quillet, P./723. (Bible)
42 ـ Ibid. P. 724 M Bible
43 ـ Ibid
44 ـ Bucaille. M. La bible. Le Coran. et la la Scernce. PP. 23.25.
(1/301)
ـ الوهية ( Elohiste) من "الوهيم" Elohim اسم عبري هو احد اسماء الله في الكتاب المقدس، ويميز هذا الاسم بعض المقاطع في الاسفار الخمسة حيث يسمى الله (الوهيم) وقد انتشر في مملكة الشمال ("اسرائيل") في القرن الثامن ق.م. ( Encyclopedie Quillet: Elohim) وتسمى تلك الوثائق ايضا: الوثائق السامرية، او النص السامري، نسبة إلى "السامرة" عاصمة مملكة "اسرائيل".
ـ يهوية ( Yahviste) : من "يهوه" Yahweh ou Yahve وهو احد اسماء الله في الكتاب المقدس، وقد انتشرت هذه التسمية في مملكة الجنوب (يهوذا) في القرنين العاشر والتاسع قبل الميلاد. و"اليهويه" هي احدى الوثائق الاربع في الاسفار الخمسة (التوراة).
وتتحدث عن تاريخ "اسرائيل" في بدايته، وعن طبيعة البشر ونشاط الاباء الاولين حتى موسى، حيث تتحدث عن دوره ( Encyclopedie Quillet: Yahave).
ـ استروك، جان ( Jean Astruc) : 1684 ـ1766، فرنسي، طبيب لويس الخامس عشر كان استاذا في كلية فرنسا College de France وكلية الطب بباريس، الف كتبا في الطب واللاهوت ( Encyclopedie Quillet).
ـ لودز، ادولف ( Adolphe Kods): 1867 ـ1766، فرنسي، عضو في المؤسسة L'Institut باحث اثار وعالم بالعبرية كتب كتابا بعنوان: "اسرائيل" من بداياتها حتى منتصف القرن الثامن الميلادي Ysrael. Des origins au milieu du VIIIe S وكتابا آخر بعنوان: التقليد في تاليف كتب العهد القديم.
La tradition dans la tfrmation des Kevres de I'anicen testment (Encyclop. Quillet)
ـ كارلستادت ( Karlstadt): فون رودولف اندريا لوثر بودنشتاين: 1480ـ1541 Rodulf Anderea Bodendtein. Von اصلاحي الماني صديق لوثر، الا ان هذا الاخير انكره بسبب كتاباته النقدية العنيفة، ( Encyclop. Britannica, T6. P. 745)
(1/302)
ـ ريتشارد سيمون ( R. Simon) : 1638 ـ1712، راهب فرنسي مفسر للكتاب المقدس، ومتخصص في العلوم العبرية، وهو اول من درس الكتاب المقدس دراسة نقدية، ظهر ذلك في كتابه المشار اليه في المتن والذي نشر عام 1678، وقد طرد من الرهبنة بسبب هذا الكتاب ( Encyclop. Quillet).
ـ ديفو: ( Devaux) 1903 ـ1971، فرنسي، درس اللاهوت، كما درس اللغتين العربية والارامية، ودخل في رهبانية الدومينيكان عام 1929، حيث اوفدته إلى مدرسة الكتاب المقدس ( Ecole Biblique) في اورشليم. اسهم في وضع الكتاب المقدس الاورشليمي La bible de jerusalem.
ـ حاضر في مدرسة الكتاب المقدس، عام 1934 حتى عام 1945 ثم عين مديرا لهذه المدرسة من عام 1945 حتى عام 1965.
ـ اصدر مجلة باسم "مجلة الكتاب المقدس La Revue Bilblique" من عام 1938 حتى عام 1953.
ـ سمي رئيسا لفريق الدراسة لمخطوطات البحر الميت عام 1953.
ـ القى محاضرات نشرت عام 1961 بعنوان "علم الاثار ومخطوطات البحر الميت" ترجمت إلى الانكليزية.
ـ لم يعترف في حياته باسرائيل، وكان يسميها دائما فلسطين وكان رئيسا لمجلس امناء متحف روكفلر في القدس، وهو المتحف الذي يحتفظ بالمخطوطات.
متهم من قبل "اسرائيل" بمعاداة السامية Baigint. Michael and leigh, Richard. The Dead sea Scrolls deception.p.27
45 ـ Bucaille. OP. Cit. Pp. 25-26
46 ـ Ibid, pp. 24 et 26.
47 ـ عثمان، احمد، تاريخ اليهود، ج 2: 38ـ39. وانظر كتابنا "التاريخ العسكري لبني "اسرائيل" من خلال كتابهم، قراءة جديدة للعهد القديم، ج 2: 306ـ324.
48ـ Hertzel. Theodor. I'Etat des Juifs. PP. 43-47 et 102
49 ـ مؤسسة الدراسات الفلسطينية وقيادة الجيش اللبناني، القضية الفلسطينية والخطر الصهيوني، ص 51.
50ـ Taylor, Alan, L'Esprit sioniste. P.56
51 ـ انظر كتاب اختلاق "اسرائيل" القديمة، اسكات التاريخ الفلسطيني، تأليف، كيث وايتلام، ترجمة : د. سحر الهنداوي.
(1/303)
52ـ انظر تاريخ سوريا، الدنيوي والديني، للمطران يوسف الدبس (9 اجزاء) والنهج القويم في التاريخ القديم لهارفي بورتر (بالعربية) وغيرهما.
53ـ وايتلام، كيث، اختلاف "اسرائيل" القديمة، اسكات التاريخ الفلسطيني، ترجمة، سحر الهنداوي، ص 36.
54ـ م. ن. ص 41.
55ـ م. ن. ص 74ـ76.
56ـ م. ن. ص 207.
57ـ م. ن. ص 203.
58ـ م. ن. ص 344ـ345، ويذكر المؤلف من المساعدات كذلك: تفكك الاتحاد السوفياتي والجدل الدائر حول وحدة اوروبا ومستقبلها.
59ـ مر معنا ذكر هذه المصادر وهي :الوثائق اليهودية، والوثائق الالوهية، والتثنية، والقانون الكهنوتي.
60ـ طومسون، التاريخ القديم للشعب "الاسرائيلي"، تعريب لصالح علي سوداح، ص 9ـ10.
61ـ م. ن. ص 12ـ13.
62ـ م. ن. ص 13ـ15.
63ـ م. ن. ص 15ـ16.
64ـ م. ن. ص 16ـ18.
65ـ م. ن. ص 19ـ20.
66ـ م. ن. ص 21ـ22.
67ـ م. ن. ص 23ـ25.
68ـ م. ن. ص 292.
69ـ جريدة السفير بتاريخ 1 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1999، ص 15.
70ـ م. ن. ص ن.(1/304)
هل تؤمنون بأن الكتاب المقدس هو كلام الله ؟
عندما يسألنا النصارى هل تؤمنون بأن الكتاب المقدس هو كلام الله ؟
لا بد أن نسألهم : عن أي كتاب مقدس تتحدثون ؟!
والسبب في ذلك راجع لوجود نسخ مختلفة لهذا الكتاب المسمى بالمقدس ، وحتى لا يكون كلامنا خالياً من الدليل إليك أيها المتصفح الكريم مقارنة على سبيل المثال بين نسخة للكتاب المقدس للكنسية البروتستانتية ونسخة أخرى مختلفة للكنيسة الكاثوليكية :
أولاً : العهد القديم :
النسخة الكاثوليكية ( الترجمة اليسوعية )
النسخة البروتستانتية ( ترجمة الفاندايك )
سفر طوبيا غير موجود
سفر يهوديت غير موجود
سفر المكابيين الأول غير موجود
سفر المكابيين الثاني غير موجود
سفر الحكمة غير موجود
سفر يشوع ابن سيراخ غير موجود
سفر باروك غير موجود
الاصحاح الثالث عشر من سفر دانيال غير موجود
الاصحاح الرابع عشر من سفر دانيال غير موجود
ثانياً : العهد الجديد :
الانجيل المنسوب إلي متى :
رقم الفقرة
النسخة البروتستانتية ( الفاندايك )
النسخة الكاثوليكية ( الرهبانية اليسوعية )
6 : 13
لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد آمين .
غير موجودة
18 : 11
لأن ابن الانسان قد جاء لكي يخلص ما قد هلك .
غير موجودة
23 : 14
ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تأكلون بيوت الارامل .ولعلة تطيلون صلواتكم .لذلك تأخذون دينونة اعظم
غير موجودة
27 : 35
لكي يتم ما قيل بالنبي اقتسموا ثيابي بينهم وعلى لباسي ألقوا قرعة .
غير موجودة
الإنجيل المنسوب إلي مرقس :
رقم الفقرة
النسخة البروتستانتية ( الفاندايك )
النسخة الكاثوليكية
7 : 16
إن كان لأحد أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ ، فَلْيَسْمَعْ.
غير موجودة
9 : 44
حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ ، وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ
غير موجودة
9 : 46
حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ ، وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ
غير موجودة
15 : 28
(1/305)
فَتَمَّ الكتاب القائل : وأحْصِيَ مَعَ أثمة .
غير موجودة
11 : 26
وَ إن لم تغفروا أنتم لاَ يَغْفِرْ لكم أَبُوكُمُ الذي فِي السموات أيضاً زَلاَتِكُمْ.
غير موجودة
الإنجيل المنسوب إلي لوقا :
الفقرة
النسخة البروتستانتية
النسخة الكاثوليكية
1 : 28
مُبَارَكَةٌ أَنْتِ في النِّسَاءِ
غير موجودة
8 : 45
فقال يَسُوعُ: «مَنْ الذي لَمَسَنِي؟» وإذ كان الْجَمِيعُ ينكرون ، قَالَ بُطْرُسُ والذين معه : يا معلم، الْجُمُوعُ يُضَيِّقُونَ ..
غير موجودة
9 : 55
فَالْتَفَتَ وانتهرهما وقال : لستما تَعْلَمَانِ مَنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا
غير موجودة
9 : 56
لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لم يأتي لِيُهْلِكَ أنفس الَّنَاسِ، بَلْ ليخلص
غير موجودة
11 : 11
فمن منكم ، وهو أب يسأله ابْنُهُ خُبْزاً أفيعطيه حَجَراً ؟
غير موجوده
17 : 36
يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، فَيُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ
غير موجودة
23 : 17
وَكَانَ مضطراً أَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ كُلِّ عِيدٍ وَاحِداً.
غير موجودة
24 : 42
فناولوه جزءاً من سمك مشوي وشيئاً من شهد عسل
غير موجودة
الإنجيل المنسوب إلي يوحنا :
الفقرة
النسخة البروتستانتية
النسخة الكاثوليكية
3 : 13
وليس أحد صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.
عبارة : الذي في السماء غير موجودة في النسخة الكاثوليكية
11 : 41
فرفعوا الحجر حيث كان الميت موضوعاً
غير موجودة
5 : 4
لأَنَّ مَلاَكاً كَانَ ينزل أحياناً في الْبِرْكَةِ وَيُحَرِّكُ الماء، فمن نزل أَوَّلاً بعد تحريك الماء كان يبرأ من أي مرض .
غير موجودة
سفر أعمال الرسل :
الفقرة
النسخة البروتستانتية
النسخة الكاثوليكية
8 : 37
فقال فيلبس ان كنت تؤمن من كل قلبك يجوز. فاجاب وقال انا اؤمن ان يسوع المسيح هو ابن الله .
غير موجودة
9 : 5
(1/306)
فقال من انت يا سيد. فقال الرب انا يسوع الذي انت تضطهده. صعب عليك ان ترفس مناخس.
غير موجودة
9 : 6
فَقَالَ وَهُوَ مُرْتَعِدٌ وَمُتَحَيِّرٌ؛ «يَارَبُّ مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ؟
غير موجودة
15 : 34
ولكن سيلا رأى ان يلبث هناك
غير موجودة
24 : 6 ، 7
وقد شرع ان ينجس الهيكل ايضا امسكناه واردنا ان نحكم عليه حسب ناموسنا. 7 فاقبل ليسياس الامير بعنف شديد واخذه من بين ايدينا 8 وامر المشتكين عليه ان يأتوا اليك.
غير موجودة
28 : 29
ولما قال هذا مضى اليهود ولهم مباحثة كثيرة فيما بينهم
غير موجودة
الرسالة الأولى ليوحنا :
الفقرة
النسخة البروتستانتية
النسخة الكاثوليكية
5 : 7
فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد .
غير موجودة
5 : 8
وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ . . .
غير موجودة
وبعد هذا التوضيح لهذه الاختلافات الموجودة بين نسخ الكتاب المقدس المتمثلة بالزيادة والنقصان ، يحق لنا أن نسأل النصارى عن أي كتاب مقدس تتحدثون ؟
مغالطة يرددها المسيحيون :
يردد النصارى دائماً أن الكتاب المقدس كان قد انتشر بملايين النسخ وبلغات العالم المعروف آنذاك . فكيف سيتم التحريف لكتاب منتشر بين الشعوب وبلغاتها المتعددة وهي متفقة ومتشابهه على الرغم من كثرتها فلو حرفت ألفاظ النسخ لظهر ذلك في بعض النسخ ؟
الجواب :
ان تشابه النسخ وتطابقها على الرغم من كثرتها هو أمر غير مسلم به لوجود الاختلاف في تلك النسخ من ناحية واختلافها في عدد الاسفار من ناحية أخرى .
وكما أثبتنا أن نسخة الكاثوليك تختلف عن نسخة البروتستانت في عدد الاسفار حيث تزيد النسخة الكاثوليكية على النسخة البروتستانتية بسبعة أسفار وأكثر . . . ويطلق على هذه الاسفار السبعة الزائدة أسم ( الأبوكريفا )
(1/307)
ثم نقول إذا سلمنا جدلاً بتشابه النسخ فإن ذلك ليس دليلاً على عدم تحريفها وذلك لأحتمال التحريف في النسخة الأولى الاصلية . ، فاشتهار النسخ لا يمنع وقوع التحريف في الأصل . ثم أن نسخ الاسفار المقدسة انتشرت في القرن الرابع وصعب التحريف اللفظي من بعدئذ ، والأناجيل حرفت سنة 325 م .
يقول الأستاذ محمد رشيد رضا حول هذا الموضوع :
" المسلمون لا يقولون أن هذه الكتب سماوية منقولة نقلاً صحيحاً ، وأن اليهود والنصارى غيروها بعد ما انتشروا في الشرق والغرب ونقلها كل قوم دخلوا في اليهودية أو النصرانية إلي لغتهم ، وإنما البحث في أصلها وكاتبيها في أول الأمر ، ومن تلقاها عنهم قبل ذلك الانتشار العظيم ، وهذا هو المشكل "
ومن الأمور المعترف بها عند اليهود و النصارى هي ضياع المخطوطات الأصلية التي صدرت عن يد المؤلف الاصلي فلا توجد نسخة واحدة الآن مكتوبة بالنص الأصلي والنسخ الموجودة الآن رغم كثرتها ما هي إلا ترجمات أخذت عن ترجمات ، يقول الاستاذ : جاك كاترول في كتابه سلطان الكتاب المقدس ص 39 : ( يحسن بنا أن نقول أن المخطوطات الأصلية غير متواجدة ) وأن هذه الترجمات ليست واحدة وليست منضبطة تماماً ، بل فيها زيادة ونقصان .
هذا وان معظم اسفار الكتاب المقدس لا يعلم المسيحيون متى كتبت ومن هو كاتبها ، وهذا ما يعترف به علماء كتابهم كما في مقدمة طبعة 1971 م الانجليزية والمدخل للعهد القديم للمطبعة الكاثوليكية :
اسم السفر
الكاتب
سفر أشعياء ينسب معظمه إلى أشعيا، ولكن بعضه من المحتمل كتبه آخرون.
خاتمة سفر يشوع
غير معروف
أخبار الأيام الأول المؤلف مجهول، ولكن ربما جمعه وحرره عزرا.
أخبار الأيام الثاني المؤلف مجهول، ولكن ربما جمعه وحرره عزرا.
القضاة
غير معروف ( ربما كتبه صموئيل )
صموئيل الأول
غير معروف ( ربما كتبه صموئيل )
صموئيل الثاني
غير معروف
سفر الملوك الأول
غير معروف
سفر الملوك الثاني
غير معروف
سفر أستير
(1/308)
غير معروف
سفر أيوب
يحتمل أن يكون أيوب ، ويرى البعض أنه موسى أو سليمان أو أليهو
المزامير
كتب داود 37 مزموراً ، وكتب آساف 12 مزموراً ، وأبناء قورح 9 مزامير ، وكتب سليمان مزمورين ، وهناك 51 مزموراً لا يعرف كاتبها .
سفر راعوث
غير معروف
سفر حبقوق لا يعرف شيء عن مكان أو زمان ولادته.
سفر عزرا من المحتمل أن عزرا كتبه أو حرره.
سفر راعوث غير معروف
سفر الأمثال والجامعة ونشيد الأناشيد المؤلف مجهول، ولكنها عادة تنسب إلى سليمان
ونحن نسأل : إذا كان المؤلف غير معروف على وجه الدقة أو غير معروف على الاطلاق ، فكيف إذاً نتأكد من أن ما نقله وكتبه هو كلام الله ؟! إذا كان ناقل الكلام مجهولاً أو مشكوكاً فيه فكيف أسرع القوم بنسبة الكلام إلى الله ؟! واليهود أنفسهم نقلوا اسفارا ً رفضها البعض وآمن بها البعض الآخر..... إنهم قوم في غاية الغرابة . ينادون بالموضوعية في البحث والتفكير . ولكن عندما يصلون إلى كتابهم تطير موضوعيتهم .
عزيزي القارىء :
نحن لسنا بصدد القبض على من قام أو قاموا بالتحريف ، و لا يهمنا معرفة زمان أو مكان وقوع التحريف ، بالظبط كما هم لا يعرفون من هو الذي قام بكتابة هذه الأسفار ، ومتى تمت الكتابة بالتحديد . ولكن ما هو الشيء المهم في هذا الصدد ؟
ان الشيء المهم في هذا الصدد هو بيان وقوع التحريف والعثور على أمثلة توضح بما لا يدع مجالاً للشك وقوع هذا التحريف ، وهذا هو ما أثبته الباحثين المنصفين الذين درسوا الكتاب المقدس ووجدوا فيه ما وجدوا من أمور تجافي وحي السماء ، وأخطاء و تناقضات لا تقع إلا في كلام البشر.
أي توراة منها كلمة الله؟
ان اليهود والنصارى بين أيديهم ثلاث نسخ مشهورة من التوراة ، وهي التي تتفرع عنها جميع النسخ والترجمات الأخرى وهي :
1 _ النسخة العبرية : وهي المقبولة والمعتبرة لدى اليهود وجمهور علماء البروتستانت وهي مأخوذة من النسخة الماسورية وما ترجم عنها .
(1/309)
2 _ النسخة اليونانية : وهي المعتبرة عند النصارى الكاثوليك ، والارثوذكس وهي التي تسمى السبعينية وما ترجم عنها .
3 _ النسخة السامرية : وهي المعتبرة والمقبولة لدى السامريين من اليهود .
وإذا عقدنا مقارنة بين النسخ الثلاث ، وجدنا بينها تبايناً شديداً فيه دلالة واضحة على التحريف ، ومن الامثلة على ذلك :
أولاً : الاختلاف في عدد الأسفار :
بين النسخ الثلاث اختلاف كبير في عدد الأسفار وذلك أن النسخة العبرية عدد أسفارها تسعة وثلاثين سفراً وما عدا ذلك لا يعتبرونه مقدساً .
أما النسخة اليونانية : فهي تزيد سبعة أسفار عن النسخة العبرية ويعتبرها الكاثوليك والارثوذكس قانونية ومقدسة . أما النسخة السامرية : فلا تضم إلا أسفار موسى الخمسة فقط وقد يضمون إليها سفر يوشع فقط وما عداه فلا يعترفون به ولا يعدونه مقدساً .
فهذا الاختلاف الهائل بين النسخ لكتاب واحد والكل يزعم أنه موحى به من عند الله ، ويدعى أن كتابه هو الكتاب الحق وما عداه باطل ، ففي ذلك دليل على التحريف من قبل المتقدمين ، وأن المتأخرين استلموا ما وصل إليهم بدون نظر في ثبوته أو عدم ثبوته ، أو أن المتأخرين وصلتهم كتب عديدة ومتنوعة فأدخلوا ما رأوا أنه مناسب وذو دلالات مهمة ، وحذفوا ما رأوا عدم تناسبه مع ما يعتقدون ، أو يرون ، بدون أن يكون لهم دليل صحيح على إضافة ما أضافوا من الاسفار أو حذف ما حذفوا منها .
ثانياً : الاختلاف والتباين بين النسخ في المعلومات المدونة :
إذا قارنا بين النسخ الثلاث فيما اتفقت في ذكره من أخبار وقصص نجد بينها اختلافاً كبيراً ومن من الأمثلة على ذلك :
1_ أن اليهود ذكروا تاريخ مواليد بني آدم إلي نوح عليه السلام ، ونصوا على عمر كل واحد منهم ، وكذلك عمره حين ولد له أول مولود ، وبعقد مقارنة بين ما ورد في النسخ الثلاث في أعمار من ذكروا حين ولد لهم أول مولود تتبين اختلافات واضحة ، فمن ذلك :
الاسم
النسخة العبرانية
(1/310)
النسخة السامرية
النسخة اليونانية
آدم
130
130
230
شيث
105
105
205
آنوش
90
90
190
قينان
70
70
170
يارد
162
62
262
متوشالح
187
67
187
لامك
182
53
188
الزمان من خلق آدم إلي الطوفان
1656
1307
2262
فهذه أمثلة تدل على تحريفهم وتبديلهم لكلام الله _ إن ثبت أن ما سبق هو من كلام الله المنزل _ حيث لا يمكن الجمع بين هذه الروايات المتناقضة .
فهذه أمثلة تدل على تحريفهم وتبديلهم لكلام الله _ إن ثبت أن ما سبق هو من كلام الله المنزل _ حيث لا يمكن الجمع بين هذه الروايات المتناقضة .
2- اختلاف المدة من الطوفان إلى ولادة إبراهيم عليه السلام
- فى العبرية 292 سنة.
- فى اليونانية 1072 سنة.
- فى السامرية 942 سنة.
3- اختلاف المدة من خلق آدم إلى ميلاد عيسى عليه السلام
- فى العبرية 4004 سنة.
- فى اليونانية 5872 سنة.
- فى السامرية 4700 سنة.
4- اسم الجبل الذى أوصى موسى ببناء الهيكل عليه:
- فى العبرية: جبل عيبال وهو جبل للعن وهو أجرد يابس.
- فى السامرية: جبل جرزيم وهو جبل مناسب للبركة لكثرة مياهه.
- فى اليونانية: جبل عيبال هو جبل البركة ، وبنى عليه مذبح للرب (تثنية 26: 11)
5- الوصايا العشر:
- فى العبرية واليونانية: عشر وصايا.
- فى السامرية: احدى عشر.
6- أعداد بنى إسرائيل وأولاده عند دخولهم مصر:
- فى السامرية: 75
- فى اليونانية: 70
7 - الآيات التالية من سفر صموئيل الاول 17: 18_31 و41 و51-58 و18: 1_5 و9 و10 و11 و17 و18 غير موجودة في الترجمة اليونانية .
ثالثاً : الاختلاف مع ما ذكروه في مواضع أخرى من كتابهم :
ذكر كاتب سفر التكوين أن سفينة نوح استقرت بعد الطوفان على جبال أراراط بعد سبعة أشهر وسبعة عشر يوماً ، ثم ذكر أن رؤوس الجبال بعد الطوفان لم تظهر إلا في أول الشهر العاشر .
(1/311)
وهذا نص سفر التكوين : " واستقر الفلك في الشهر السابع في اليوم السابع عشر من الشهر على جبال أراراط وكانت المياه تنقص نقصاً متوالياً إلي الشهر العاشر وفي العاشر في أول الشهر ظهرت رؤوس الجبال " [ تكوين 8 : 4 ]
ففي هذا تناقض ظاهر فكيف رست السفينة على الجبال بعد سبعة أشهر مع أن رؤوس الجبال لم تظهر إلا في أول الشهر العاشر ؟!
وطبقاً للموسوعة البريطانية فإن النص السامري يختلف عن النص اليوناني في الأسفار الخمسة بما يزيد على أربعة آلاف اختلاف ، ويختلف عن النص العبري القياسي بما يربو على ستة آلاف اختلاف .وسنذكر بعض هذه الاختلافات للتمثيل:
1 - مما زادت به السامرية وهو غير موجود في العبرية : " كانت كل أيام سام ستمائة سنة ومات " ( التكوين 11:11 )
2 _ وأيضاً جاء في العبرانية : " وقال قابيل لهابيل أخيه ، ولما صارا في الحقل قام قابيل " ( التكوين 4:8 ) ولم يذكر فيه مقال قابيل، وقد جاء النقص تاماً في السامرية، وفيه : " قال نخرج إلى الحقل " .
3 - ومما زادت به العبرانية عن السامرية الآيات العشر الأول في الاصحاح الثلاثين من سفر الخروج ، وقد بدأ الاصحاح الثلاثون في السامرية بالفقرة 11 .
4 - من زيادات السامرية على العبرانية ما وقع بين الفقرتين 10 - 11 من ( العدد 10 ) وفيه: " قال الرب مخاطباً موسى : أنكم جلستم في هذا الجبل كثيراً ، فارجعوا ، وهلموا إلى جبل الأمورانيين وما يليه إلى العرباء ، وإلى أماكن الطور والأسفل قبالة التيمن وإلى شط البحر أرض الكنعانيين ولبنان وإلى النهر الأكبر نهر الفرات ، هوذا أعطيتكم فادخلوا ، ورثوا الأرض التي حلف الرب لآبائكم إبراهيم وإسحاق ويعقوب أنه سيعطيكم إياها ، ولخلفكم من بعدكم " ( العدد 10 :10 ) .
(1/312)
5 - ومثله ما وقع في ( الخروج 11 ) بين الفقرتين 3 - 4 ، ولاتوجد في العبرانية وفيه : " وقال موسى لفرعون : الرب يقول : إسرائيل ابني ، بل بكري ، فقلت لك : أطلق ابني ليعبدني ، وأنت أبيت أن تطلقه ، ها أنا سأقتل ابنك بكرك ( الخروج 11:7 ) وفي العبرانية مثله في ( 9 :1 - 3 ) .
6 - ومنه الخلاف المشهور بين السامريين والعبريين في الجبل المقدس الذي أمر الله ببناء الهيكل فيه ، فالعبرانيون يقولون : جبل عيبال ، لقوله : " تقيمون هذه الحجارة التي أنا أوصيكم بها اليوم في جبل عيبال " ( التثنية 27:4 ) ، وفي السامرية أن الجبل جرزيم : " تقيمون الحجارة هذه التي أنا موصيكم اليوم في جبل جرزيم ".
7 - وعند دراسة أعمار الآباء في الإصحاح الخامس من سفر التكوين حسب العبرانية يفهم منه أن طوفان نوح حصل بعد 1656 سنة من خلق آدم ، وتعتبره اليونانية قد حصل سنة 2262 ، والسامرية 1307 . فكيف يجمع بين النصوص الثلاثة ؟
8 - ثم حسب النص العبراني فإن ميلاد المسيح سنة 4004 من خلق آدم وهو في اليونانية سنة 5872 ، وفي السامرية 4700 .
ومثله الخلاف في مقدار الزمن بين الطوفان وولادة إبراهيم ، فإنه في العبرانية 292 سنة ، وهو في اليونانية 1072 سنة ، وفي السامرية 932 سنة .... وغير ذلك من الصور .
وأخيرا نقول : أي هذه كلمة الله ، وما الدليل الذي يقدم توراة العبرانيين (البروتستانت واليهود) على توراة السامريين أو على توراة الأرثوذكس والكاثوليك اليونانية. وصدق الله اذ يقول { قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين }
ومن المعلوم أن البروتستانت يقدمون النسخة العبرية على ما سواها ويدعون انها هي الاصل المعول عليه ولا حجة لهم في هذا التقديم فقد ثبت ان كتبة الاناجيل يقتبسون كلمات ونصوص من اليونانية لا توجد في العبرية مما يعني ان العبرية ناقصة ....(1/313)
الكتاب المقدس واكذوبة بركة يعقوب المسروقة بالغش !!
اليك أيها المتصفح الكريم هذا النموذج من الكذب الواضح الذي يشبه الخرافة الذي يرويه الكتاب المقدس عن بركة يعقوب المسروقة بالغش والخديعة :
(1/314)
يحكي سفر التكوين في اصحاحه السابع والعشرين أن نبي الله اسحاق عليه وعلى رسولنا الصلاة والسلام ( وكان قد كف بصره ) قال لأبنه عيسو: يَابُنَيَّ هَا أَنَا قَدْ شِخْتُ وَلَسْتُ أَعْرِفُ مَتَى يَحِينُ يَوْمُ وَفَاتِي. فَالآنَ خُذْ عُدَّتَكَ : جُعْبَتَكَ وَقَوْسَكَ، وَامْضِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ وَاقْتَنِصْ لِي صَيْداً. وَجَهِّزْ لِي طَعَاماً شَهِيّاً كَمَا أُحِبُّ وَائْتِنِي بِهِ لآكل ، لِتُبَارِكَكَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ . إلا ان امراة اسحاق واسمها رفقة وهي أم عيسو ويعقوب قد أرادت أن يختص ابنها يعقوب بهذه البركة ، فدبرت حيلة لتحقيق غرضها ، فأمرت يعقوب أن يأخذ جديين وتصنع هي منهما طعاماً لإسحق ، ويأتي بهما يعقوب إلى إسحق أبيه فيقدمهما إليه ليباركه ، وأن يعقوب قال لأمه انني أخشى أن يكشف أبي هذه الخديعة حينما يتحسس جسمي فيجدني أجرد ، مع أن جسم أخي عيسو مكسو بفروة شعر ، فأجلب على نفسي لعنة لا بركه ! فقالت له سأدبر حيلة لذلك ، فأخذت ثياب عيسو ابنها الأكبر وألبستها يعقوب ، ووضعت جلود الجديين على يديه وعلى حلقه ، حتى إذا تحسس اسحق جسمه ظن أنه جسم عيسو !! . وأعطت يعقوب الطعام فجاء به إلى أبيه ، وقال يا أبي ، فقال له إسحق : من أنت يا ولدي ؟ قال يعقوب أنا ابنك عيسو بكرك ( أي أكبر ولديك ) صنعت جميع ما قلت لي ، فاجلس وكل من صيدي وبارك علي ! فقال اسحق تقدم لأتحسس جسمك ولأتبين هل انت عيسو أم لا . فتقدم يعقوب فجسه اسحق ، وقال الصوت صوت يعقوب واليدان يدا عيسو . وقال هل انت ابني عيسو ؟ فقال نعم أنا ابنك عيسو . فبارك عليه وقال له في بركته : تخدمك الأمم ، وتخضع لك الشعوب ، وتكون مولى اخوتك ، ويسجد لك بنو أمك .
(1/315)
وحدث بعد ذلك أن عيسو أتى بالطعام إلى اسحق ، فعرف اسحق الخديعة والغش التي عملها ابنه يعقوب ، ولكن اعتذر لعيسو ، وقال له قد خدعني أخوك يعقوب واختص ببركتي ، وصيرته سيداً لك ، وجعلت جميع اخوته عبيداً له ولأولاده ، فماذا عسى أن أعمله لك بعد ذلك ؟! فقال عيسو لأبيه ألك بركة واحده يا أبي ، باركني أنا أيضاً . ورفع عيسو صوته وبكى . فأجابه أبوه قائلاً : سيكون مسكنك في بلد مجرد من دسم الأرض وغيث السماء ! ، وستعيش مما يفيئه عليك سيفك . ولأخيك تكون عبداً ، ولكنك ستجمع وتكسر نير الاستعباد عن عنقك ! .
وقد بين العلامه ابن حزم ، في نقد لاذع وتحليل رائع ، ما في هذا النص من أكاذيب وخرافات ومتناقضات إذ يقول :
وفي هذا الفصل فضائح وأكذوبات وأشياء تشبه الخرافات . فأول ذلك اطلاقهم على نبي الله يعقوب عليه السلام أنه خدع أباه وغشه وهذا مبعد عمن فيه خير من أبناء الناس مع الكفار والأعداء . فكيف من نبي مع أبيه وهو نبي أيضاً ؟! هذه سوءات مضاعفات .
ثانياً : اخبارهم أن بركة يعقوب إنما كانت مسروقه بغش وخديعة وتخابث . وحاشا للأنبياء عليهم السلام من هذا . ولعمري انها لطريقة اليهود ، فما تلقى منهم إلا الخبيث الخادع والا الشاذ .
ثالثاً : اخبارهم أن الله أجرى حكمه وأعطى نعمته على طريق الغش والخديعة ، وحاش لله من هذا .
رابعاً : أنه لا يشك أحد في أن اسحق عليه السلام لما بارك يعقوب حينما خدعه ، كما زعم النذل الذي كتب لهم هذا الهوس ، إنما قصد بتلك البركة عيسو ، وأنه دعا لعيسو لا ليعقوب . فأي منفعة للخديعة ها هنا ؟ لو كان لهم عقل .
وأما وجوه الكذب فكثيرة جداً . من ذلك نسبتهم الكذب إلى يعقوب عليه السلام وهو نبي الله ورسوله ، في أربع مواضع :
(1/316)
أولها وثانيها قوله لأبيه اسحاق أنا ابنك عيسو وبكرك . فهاتان كذبتان في نسق ، لأنه لم يكن ابنه عيسو ولا كان بكره وثالثها ورابعها قوله لأبيه صنعت جميع ما قلت لي فاجلس وكل من صيدي .فهاتان كذبتان في نسق ، لأنه لم يكن له شيئاً ولا أطعمه من صيده . وكذبات أخرى هي : بطلان بركة اسحق إذ قال ليعقوب تخدمك الأمة وتخضع لك الشعوب وتكون مولى اخوتك ، ويسجد لك بنو أمك . وبطلان قوله لعيسو تستعبد لأخيك . فهذه كذبات متواليات . فوالله ما خدعت الأمم يعقوب ولا بنيه بعده ، ولا خضغت لهم الشعوب ، ولا كانوا موالى اخوتهم ، ولا سجد لهم ولا له بنو أمه . بل ان بني اسرائيل هم الذين خدموا الأمم في كل بلدة وخضعوا للشعوب قديماً وحديثاً في أيام دولتهم وبعدها .
وأما قوله تكون مولى اخوتك ويسجد لك بنو أمك ، فلعمري لقد صح ضد ذلك جهاراً ، إذ في توراتهم أن يعقوب كان راعياً لأنعام ابن عمه لابان بن ناحور بن لامك وخادمه عشرين سنة ، وأنه بعد ذلك سجد هو وجميع ولده _ حاشا من لم يكن خلق منهم بعد _ لأخيه عيسو مرارا كثيرة .
وما سجد عيسو قط ليعقوب ، ولا ملك قط أحد من بني يعقوب بني عيسو . وقد تعبد يعقوب لعيسو في جميع خطابه له ، وما تعبد قط عيسو ليعقوب . وقد سأل عيسو يعقوب عن أولاده فقال له يعقوب هم أصاغر من الله بهم على عبدك . وقد طلب يعقوب رضاء عيسو وقال له : اني نظرت الى وجهك كمن نظر إلى بهجة الله ، فارض عني ، واقبل ما اهديت اليك . فما نرى عيسو وبنيه إلا موالى يعقوب وبنيه .
فما نرى تلك البركة عزيزى القارىء الا انها معكوسة منكوسة ! ونعوذ بالله من الخذلان .
والطريف ان الكتاب المقدس يحكي ان يعقوب اشترى النبوة من أخيه عيسو فى مقابل طبق عدس وقطعة لحم :
(1/317)
تكوين 25: 29-34 " وَطَبَخَ يَعْقُوبُ طَبِيخاً فَأَتَى عِيسُو مِنَ الْحَقْلِ وَهُوَ قَدْ أَعْيَا. فَقَالَ عِيسُو لِيَعْقُوبَ: أَطْعِمْنِي مِنْ هَذَا الأَحْمَرِ لأَنِّي قَدْ أَعْيَيْتُ. ( لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهُ أَدُومَ ). فَقَالَ يَعْقُوبُ: بِعْنِي الْيَوْمَ بَكُورِيَّتَكَ. فَقَالَ عِيسُو: هَا أَنَا مَاضٍ إِلَى الْمَوْتِ فَلِمَاذَا لِي بَكُورِيَّةٌ؟ فَقَالَ يَعْقُوبُ: احْلِفْ لِيَ الْيَوْمَ. فَحَلَفَ لَهُ. فَبَاعَ بَكُورِيَّتَهُ لِيَعْقُوبَ. فَأَعْطَى يَعْقُوبُ عِيسُوَ خُبْزاً وَطَبِيخَ عَدَسٍ فَأَكَلَ وَشَرِبَ وَقَامَ وَمَضَى. فَاحْتَقَرَ عِيسُو الْبَكُورِيَّةَ. "(1/318)
بطلان الاعتقاد بالخطيئة الموروثة
يقول بولس في رسالته إلى رومية 5 : 12 : (( من اجل ذلك كأنما بانسان واحد دخلت الخطية الى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس اذ اخطأ الجميع. )) [ ترجمة الفاندايك ] ويقول القديس أوغوسطينوس ان آدم هو، كما يروي سفر التكوين، أول إنسان خلقه الله على الأرض. وهذا الانسان قد ارتكب الخطيئة الأولى التي يروي الفصل الثالث من سفر التكوين أحداثها. وبسبب وضعه المميّز في الفردوس ومسؤوليته الشاملة كجدّ للبشرية كلها، فقد انتقلت الخطيئة بالوراثة منه إلى جميع الناس. ( الخطيئة الأصليّة في كتابات القديس أوغوسطينوس )
ولا شك - أخي القارىء - بأن هذا الاعتقاد بتوريث الخطيئة والذي يعتقد به معظم اللاهوتيين الغربيين هو اعتقاد باطل . طبقاً للآتي :
بداية نقول : إذا كانت خطيئة آدم عليه السلام بسببها اجتاز الموت الي جميع الناس فلماذا ما يزال الموت مستمراً بعد أن فدى المسيح عليه السلام العالم وصالحنا مع الله كما يزعم المسيحيون ؟ ولماذا سار اخنوخ مع الله ولم يرى الموت كما يقول الكتاب ؟ ولماذا صعد إيليا النبي أيضاً الي السماء ولم ير الموت ؟
(1/319)
1 ) منطقياً وعقلياً وعلمياً فان الخطيئة لا تورث من الأب إلى ابنه لأنها من الافعال المكتسبة التي لا يتم توراثها ، فالابن مثلاً يرث من أبية ومن أمه وأجداده صفات كالطول ولون العينين وشكل أجزاء جسمه وحجمها ولكنه لا يرث الخطيئة فلو أن أباك المباشر اقترف أثما فهل ترث أثمة كما ترث لون عينية. ؟! ولو ان الأب اختار أن يكون مجرماً فهل يعني ذلك أن ابنه سيرث منه هذه الطبيعة التي في الأب ؟ و كذلك ان كان الاب صالحاً فلا يعنى بالضرورة ان الابن سيكون كذلك لانه ورث طبيعة والده . ان الله سبحانه وتعالى خلق آدم عليه السلام بطبيعة قابلة للخطأ بدليل ان الله بعد أن خلقه حذره من الوقوع في الخطأ والاكل من الشجرة . ان طبيعة قابلية الوقوع في الخطأ وحرية الاختيار هى طبيعة مخلوقة مع الانسان و ليست وراثية من آدم . ان الخالق سبحانه وتعالى جعل النفس البشرية قابلة للخير و الشر وقادرة على كليهما. و ليست المسألة مسألة وراثة حتى يكون آدم مسؤولا عن توريثه لهذه الطبيعة .
2 ) ان الاعتقاد بالخطيئة الموروثة يتناقض مع مبدأ العقاب والثواب فكيف يعاقب الابن بذنب أبية ؟! وكيف يعاقب شخص على ذنب لم يقترفه ؟!
3 ) يؤمن المسيحيون بأن كل خطية هي تعدي على الله وأن كل إنسان بخطيئته يعاقب أو يقتل تثنية 24 : 16 وحزقيال 18 : 20 فإذا كانت كل خطية سواء من آدم أو غيره هي تعدي على الله فلماذا نفرق بين خطيئة آدم في حق الله وخطيئة غيره ؟
4 ) ان الاعتقاد بالخطيئة المورثة يتناقض مع العدل الإلهي. ذلك لأن الله العادل يعاقب المرء على ما فعل هو ، لا على ما فعل أبوه أو أجداده والكتاب المقدس يقول : (( كل واحد يموت لأجل خطيته )) ( أخبار الأيام (2) 25/4).
5 ) ورد في سفر حزقيال النص الآتي : (( الابن لا يحمل من إثم الأب والأب لا يحمل من إثم الابن. )) (حزقيال 18 : 20). هذا النص يدل على مسؤولية كل فرد عن ذنبه وينفى بذلك الخطيئة الموروثة.
(1/320)
6 ) ورد في سفر حزقيال ما يتناقض مع الخطيئة الموروثة وهو : (( النفس التي تخطئ هي تموت )) ( حزقيال 18 : 20) ولم يقل النص أن النفس التي تخطىء يموت ابنها!!!
7 ) ورد في سفر ارميا : (( بل كل واحد يموت بذنبه )) ( 31 : 30) وهذا السفر مقدس عند اليهود والنصارى ويعتقدون أنه كلام الله. هذا النص يدل على مسؤولية كل واحد عن ذنبه ويدحض بذلك الخطيئة الموروثة .
8 ) ترى المسيحية أن كل إنسان مدنس بالخطيئة الموروثة منذ ولادته ولكن كيف يكون الوليد مدنساً بالخطيئة وهو لم يرتكب أية خطيئة بعد ؟! انه لا يزال رضيعاً في المهد لا يميز بين الحلال والحرام ولا ينطق ولا يمشى ، فكيف يكون خاطئاً وهو في هذه الحال؟!
9 ) إذا كان الانسان يولد بالخطيئة الموروثة فلماذا لم يتحدث العهد القديم ومنه التوراة عن هذه الوراثة ؟ لماذا جعل العهد القديم كل إنسان مسؤولاً عن ذنبه؟
10 ) من المعروف أن الله بطوفان نوح أهلك جميع البشر باستثناء نوح والمؤمنين الصالحين في زمانه ( تكوين 6 : 13 ) أي أن نسل آدم قد هلك بالطوفان باستثناء نوح ومن آمن. وبهذا فان الطوفان طهر الأرض في حينه من الفساد والمفسدين وبهذا فلا مجال للحديث عن الخطية الموروثة لان الطوفان كان نقطة فصل بين عصرين أو جيلين.
11 ) أن الكنيسة تنسب اصل الخطيئة إلى آدم. ولكن هذا يتعارض مع التوراة التي تجعل اصل الغواية حواء. حواء هي التي أغوت آدم، إذ قال آدم لله مدافعاً عن نفسه : (( المرأة التي جعلتها معي هي اعطتني من الشجرة فأكلت )) (تكوين 3 : 12) بل إن حواء بدورها نسبت الغواية إلى الحية، إذ قالت دفاعاً عن نفسها : (( الحية غرتني فأكلت )) ( تكوين 3 : 13 ) . وحسب التوراة عاقب الله الحية بزحفها على بطنها وعاقب حواء بأوجاع الولادة وعاقب آدم بطرده من الجنة فإذا أردنا إرجاع الخطية إلى اصلها الأول فاصلها الاول هو الحية وليس أدم ولا حواء ( حسب الكتاب ). !!!!
(1/321)
12 ) الخطية الموروثة تتناقض مع وجود أبرار. لقد أنجا الله نوح ومن معه من الطوفان لانهم أبرار قال الله لنوح : (( لأني إياك رأيت باراً )) ( تكوين 7 : 1). لو كان كل مولود يرث الخطية لما كان وجود للأبرار والصالحين على الأرض!!! وهذا يتناقض مع الواقع. أليس الأنبياء من الأبرار؟ ها هو نوح من الأبرار باعتراف النص .
13 ) قال المسيح : (( كل شجرة جيدة تصنع أثمارا جيده )) ( متى 7 : 17). تلك إشارة إلى الصالحين وأعمالهم الصالحة إذاً هناك صالحون لم يرثوا الخطية .
14 ) عندما وجه قوم المسيح لومهم له لأنه يدعو الأشرار والخطاة، أجابهم قائلاً : (( لأني لم آتي لأدعو أبراراً بل خطاة إلى التوبة )) متى 9 : 13 . لقد قسم المسيح الناس إلى قسمين أبرار وخطاة إذا هناك أبرار لم يرثوا الخطية تلك الخطية التي تزعم الكنيسة أن كل إنسان يرثها من آدم أبينا الأول .
15 ) قال المسيح : (( لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان )) ( متى 12 : 37 ) قوله يدل على أن الانسان يثاب أو يعاقب بسلوكه هو ، ولم يتحدث المسيح عن خطية موروثة .
16 ) رغم أن الكنيسة تشدد على مبدأ الخطية الموروثة فان الانسان لا يجد ذكراً لهذا المبدأ على لسان أي نبي من الأنبياء الذين يؤمن بهم اليهود والمسيحيون. ان مبدأ الخطية الموروثة استحدثته الكنيسة لتكمل القصة. لقد اعتقدوا بصلب المسيح وكان لا بد لهم من البحث عن سبب يبرر الصلب فاستحدثوا الخلاص بالصلب أو الصلب للفداء وظهرت عندهم مشكلة الخلاص من ماذا. فاستحدثوا نظرية الخطية الموروثة لتبرير صلب المسيح. وفى الواقع لا توجد خطية موروثة ولم يحدث صلب للمسيح ولا حدث خلاص. لقد بدأوا القصة من آخرها وليس من أولها. قالوا صلب، ثم بحثوا عن السبب فكان المخرج أن الصلب وقع من اجل تخليص الناس من الخطية الموروثة والخطية كما قلنا لا تورث والصلب لا يخلص.
(1/322)
وهكذا نرى أن الاعتقاد بالخطية الموروثة اعقتاد خاطئ لا أساس له ولم يقل أحد من الأنبياء بوراثة الخطية بل بالعكس فان نصوص الإنجيل ذاتها تدل على مسؤولية الفرد عن ذنبه في مواقع عديدة ولم تظهر الخطية الموروثة في العهد القديم على لسان الأنبياء الذين قبل عيسى فلماذا تظهر جملة من الاختراعات مرة واحدة بعد المسيح على لسان بولس ؟
[1] – قبل عيسى كان الله واحدا فصار بعد عيسى ثلاثة في واحد .
[2] – قبل عيسى كان الله بلا ابن فصار بعد عيسى بابن .
[3] – قبل عيسى لم تكن هناك خطية موروثة فصارت بعد عيسى بالصلب.
[4] – قبل عيسى لم تكن خطية موروثة فصارت هذه موروثة .
ان رسالة الله واحدة في أسسها الرئيسية والاعتقادات الغربية التي طرأت بعد ظهور المسيح هي مزاعم لا أساس لها. مزاعم اختلقت اختلاقا بعد المسيح بزمن طويل وهو بريئ مما نسبوه إليه أن نصرانية الكنيسة تختلف عما جاء به الميسيح، فهي شاذة في معتقداتها التي لم يقل بها نبي قبل عيسى ولا نبي بعده ولم يقل بها المسيح ذاته.
بطلان الاعتقاد بالخلاص بالصلب
تعتقد الكنيسة أن المسيح صلب وان صلبه كان من اجل أن يفدى الناس ويخلصهم من خطاياهم ولبيان بطلان هذا الاعتقاد نقدم الأدلة الآتية.
1 ) ما علاقة الصلب بالخلاص ؟! هل صلب زيد يمحو ذنب عمرو؟!
2 ) أن القول بالخلاص بالصلب يتناقض مع عدل الله فكيف يصلب واحداً لا ذنب له لنجاة آخر.
3 ) ان الذي يخلص الانسان هو إيمانه بالله وأفعاله ولا يتم خلاصة عن طريق شنق أو صلب شخص آخر.
4 ) الأدلة التي قدمناها في الفصل السابق لبيان بطلان الخطية الموروثة تدحض الخلاص بالصلب في الوقت ذاته لأن الخلاص بالصلب يستند على الاعتقاد بالخطية الموروثة فإذا انتفت الخطية الموروثة انتفى الخلاص بالصلب لأن الثاني مبنى على الأول.
(1/323)
5 ) قال المسيح : (( واما من قال على الروح القدس فلن يغفر له في هذا العالم ولا في الآتي )) (متى 12 : 32 ) يقصد المسيح أن من كذب أو استهزأ بجبريل فلا غفران له. إذا هناك أناس لن ولم يخلصوا لكذبهم على جبريل فأين الخلاص بالصلب إذاً ؟! يقولون إن المسيح خلص البشرية وانقذها ولكن المسيح نفسه يقول هناك كاذبون لا يغفر الله لهم .
6 ) قال المسيح : (( حينئذ يجازى كل واحد حسب عمله )) ( متى 16 : 27) المسيح نفسه يقرر أن كل إنسان سيجازى بحسب عمله. وهذا يناقض الخطية الموروثة والخلاص بالصلب . لأن النص يدل على أن الخلاص بالعمل وليس بالصلب .
7 ) قال المسيح : (( أبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية )) ( متى 6 : 4 ) إذاً هناك مجازاة وهذا يتناقض مع الخلاص الشامل الذي يتضمنه الخلاص بالصلب .
8 ) قال المسيح : (( ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان )) (متى 26 : 24) قال ذلك وهو يحذر أحد حواريه الذي سيخونه ويشي به إلى السلطة . فإذا كان الصلب للخلاص وإذا كان الصلب بإرادة المسيح ورغبته حسبما يزعمون فلماذا الويل لمن يسهل الصلب ؟! من المفروض أن يشكر المسيح ذاك الرجل الذي بسببه تم الوصول إلى الصليب ليتم الخلاص المنشود.! ان تحذير المسيح يدل على أن الصلب كان مؤامرة ضده وليس هدفاً منشوداً يسعى إليه لتحقيق الخلاص المزعوم .
9 ) لقد قضى المسيح جزءاً كبيراً من الليل وهو يصلى طالبا من الله إنقاذه من طالبي صلبه (متى 26 : 36 ) وكان يدعو الله طالباً : (( إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس )) ( متى 26 : 39 ) وكان حزيناً جداً تلك الليلة ( متى 26 : 38 ). فلو كان الصلب هدفا منشودا لدى المسيح لما دعا الله طالبا النجاة ولما صلى لله راجيا إنقاذه ولما حزن واكتأب. كل هذا يدل على أن الصلب لم يكن هدفا يسعى إليه المسيح. لقد كان الصلب مؤامرة ضده انقذة الله منها.
(1/324)
10 ) أن القول بالخلاص بالصلب يشجع على ارتكاب الناس للمعاصي فإذا كان صلب المسيح هو طريق نجاة الناس فلم يبق عليهم ما يعلمونه من خير بعد صلبه لان المسيح قد ضمن لهم الخلاص من كل الذنوب عهن طريق إفتدائهم بالصلب .
11 ) قال المسيح : (( إما أعدائي أولئك الذين لم يريدوا أن املك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامى )) (لوقا 19 : 27 ) لا نريد أن نعلق على تتناقض هذا القول مع قول المسيح : (( طوبى لصانعي السلام )) ( متى 5 : 9 ) ولكن نريد أن نسأل : لماذا يريد المسيح ذبحهم وهو الذي مات من إجلهم ؟ هل هذه لعبه ؟
12 ) يقول المسيحيون أن الله بذل ابنه الوحيد لانه يحب العالم ولكي لا يهلك من آمن به (يوحنا 3 : 16 ) كما ذكرنا لا توجد علاقة بين إهلاك س لإنقاذ ص . من أراد النجاة فالطريق مفتوح أمامه . طريق الايمان والبر والصلاح والأعمال الطيبة. ثم إذا كان الله يحب الناس ويرأف بهم فالأولى أن يحب ابنه الوحيد ( كما يزعمون ) لأن الرب الرحيم لا يترك ابنه يصرخ ويسمر بالمسامير على الصليب بدون أي شفقة ورحمة .
13 ) ان صلب واحد ( المسيح في هذه الحالة ) من اجل نجاة سواه هو ظلم في حق المسيح والله لا يظلم أحداً.
14 ) ما ذنب عيسى ليصلب ؟ أن الله قادر على إنقاذ الناس دون إلحاق الظلم بالمسيح ان الله قادر على إنقاذ الناس وتخليصهم دون صلب المسيح او سواه.
15 ) دعا المسيح الله أن ينقذه من طالبي قتله او صلبه ، فقال : (( إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس )) ( متى 26 : 39 ) لو كان المسيح ينوى تقديم نفسه طواعية للصلب من اجل الفداء لما طلب من الله أن ينجيه من تلك المحنة : أن دعاءه لله لإنقاذه دليل آخر على بطلان القول بالصلب للخلاص.
(1/325)
16 ) قال بولس : (( أن الله سيجازي كل واحد حسب أعماله )) ( رومية 2 : 6 ) وقال : (( الذي يخطى لا ينجو من دينونة الله )) ( رومية 2 : 3 ) إذا هناك حساب وهناك دينونة والمجازاة حسب الأعمال. إذا لما كان صلب المسيح ؟ إذا كان الجزاء حسب العمل وهناك عقاب للخطاة فان صلب المسيح لا دور له في الخلاص والتخليص.
17 ) تقول الكنيسة ان صلب المسيح هو كفارة لمن آمن فقط بصلبه . إذن كيف سينال الذين عاشوا قبل المسيح الكفارة ؟ وهل سيطالب الله الذي عاشوا بعد المسيح بالايمان بالصلب ولا يطالب الذين قبله ؟!
18 ) يقول بولس : (( كل واحد سيأخذ أجرته حسب تعبه )) ( كورنثوس الاولى 3 : 8 ) إذا الأجر حسب المشقة ، أي حسب الأعمال. ولماذا كان الصلب إذا ؟! وأين الخلاص المزعوم الحاصل عن طريق صلب المسيح ؟!!
19 ) يقول بولس : (( لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة )) ( غلاطية 3 : 13 ) . هذا يعني ان المسيح اصابته اللعنة عندما علق على خشبة الصليب ( حسب زعمهم ) . فكيف يكون المسيح معلوناً ويكون مخلصاً في الوقت ذاته ؟! الملعون بحاجة إلى أن ينقذ نفسه من اللعنة أولاً قبل أن ينقذ سواه .
(1/326)
20 ) وأخيرا فإن موت المسيح المزعوم لم يحقق متطلبات ذبيحة الخطية، ذلك لأنه طبقاً لنصوص الاناجيل فإن المسيح قد تعرض للضرب والجلد ( متى 26 : 67 ، 27 : 26 ) بينما التوراة تحدد أن ذبيحة الخطيئة يجب أن تكون بلا أي عيوب جسدية ( تثنية : 17 : 1 ) وان القانون اللاوي لذبيحة الخطية يحدد أن الكاهن يأخذ بعض دم الضحية باصبعه ويجعله على قرون المذبح في المعبد والباقي يصب على قاعدة المذبح ( لاويين 4 : 30 ) . وهذا ما لا نجده في موت المسيح المزعوم ، وفوق ذلك كله فإن موت المسيح المزعوم ليس بذبيحه لأنه مات مصلوبا حسب زعمهم ، وهناك فرق بين الذبح والصلب : ففي المعجم الوسيط : تقول ذبحه ذبحاً أي قطع حلقومه . وتقول : " ذَبَحَ الخَروفَ " : نَحَرَهُ بِسِكِّينٍ، أَيْ قَطَعَ حُلْقومَهُ . بخلاف الموت على الصليب .(1/327)
المقدمة
مزمور رقم 2
مزمور رقم 34
مزمور رقم 35
مزمور رقم 91
مزمور رقم 69
مزمور رقم 41
مزمور رقم 109
مزمور رقم 118
مزمور رقم 7
مزمور رقم 20
مزمور رقم 21
مزمور رقم 37
هل المزمور 22 يشير الى صلب المسيح ؟
خلاصة تنبؤات المزامير
تنبؤات المزامير بنجاة المسيح من الصلب
مقدمة ،،،
يبالغ النصارى في التركيز على أهمية وكثرة النبوءات التوراتية المتحدثة والمشيرة إلي المسيح عليه السلام ، وقد كان لسفر المزامير وموضوع الصلب شأن خاص ، يصفه القمّص سرجيوس في كتابه " هل تنبأت التوراة عن المسيح بقوله : " أما سفر المزامير فكان الهالة، التي أحاطت بكوكب يسوع، فتكلم حتى عن إحساساته العميقة، وآلامه المبرحة ناهيك عن صفاته وألقابه، أكثر من أي نبي آخر، ويمكننا القول، أن سفر المزامير هو سفر "مسِيّا " الخاص، بدليل أن الاقتباسات التي اقتبسها كتبة العهد الجديد من سفر المزامير بلغت نصف الاقتباسات المأخوذة من العهد القديم كله ".
ويؤكد عبد الفادي القاهراني أهمية المزامير في كتابه " رب المجد " بقوله : " لم يوجد كتاب مليء بالإشارات والرموز والنبوءات عن المسيح أكثر من كتاب المزامير هذا، وعليه فأهميته في نظر اللاهوتيين تفوق الوصف ".
فماذا يا ترى تقول المزامير ؟ هل تحدثت عن المسيح المصلوب كما يؤمن النصارى، أم تحدثت عن المسيح الناجي من الصلب وغدر اليهود ؟
دعونا نتجرد ونبحث عن الجواب الصحيح في سفر المزامير الذي فاقت أهميته عند اللاهوتيين جميع الأسفار.
وسوف نستعرض ثلاثة عشر مزموراً فقط ، من نبوءات المزامير، يجمعها أنها مما يعتبره النصارى نبوءات تحدثت عن المسيح المصلوب .(1/328)
صدق أو لا تصدق ....
هل سمعت أخي القارىء عن كتاب يقول عن الله سبحانه وتعالى انه مثل الحشرة وكالدب وكلبوة ؟ انه كتاب المسيحيين المقدس !
إليكم الأدلة :
الله كالدب :
ونجد هذا الوصف في سفر مراثي إرميا [ 3 : 10 ] فيصف النبي إرميا الرب فيقول : " هُوَ لِي كَدُبٍّ مُتَرَبِّصٍ "
الله كالحشرة :
ونجد هذا الوصف في سفر هوشع [ 5 : 12 ] يقول الرب : " فأنا لافرايم كالعث ولبيت يهوذا كالسوس " والعث هي حشرة تتغذي على الثياب وتتلفها [ معجم الكلمات الصعبة للكتاب المقدس ]
الله كلبوة :
ونجد هذا الوصف في سفر [هوشع 13: 4-8] : يقول الرب " افترسهم هناك كلبوة "
الله كالدودة :
ونجد هذا الوصف في سفر هوشع [ 5 : 12 ] يقول الرب : " فأنا لافرايم كالعث ولبيت يهوذا كالسوس الناخر " والسُّوْس دودٌ يقع في الصوف والثياب والطعام والشجر .
الله كبنات آوي :
ونجد هذا الوصف في سفر ميخا [ 1 : 8 ] يقول الرب عن نفسه : " لِهَذَا أَنُوحُ وَأُوَلْوِلُ وَأَمْشِي حَافِياً عُرْيَاناً، وَأُعْوِلُ كَبَنَاتِ آوَى، وَأَنْتَحِبُ كَالنَّعَامِ "
ومعنى آوي : حيوان من فصيلة الكلاب أكبر من الثعلب حجماً وأصغر من الذئب [ معجم الكلمات الصعبة للعهد القديم ]
ويقول بعض النصارى ان الموصوف بهذا الكلب هو نبي الله ميخا وليس الله !!!!!
هليلويا .... هليلويا ......(1/329)
تحريف الكتاب المقدس
للدكتور / حمدي عبد العال
ان مسألة تحريف الكتاب المقدس قد انتهى الجدل فيها بين الثقاة من العلماء والباحثين ، ولم يعد بينهم خلاف يذكر حول تحريف الكتاب المقدس ، والتفاوت بينهم ، إنما هو من حيث الكم والكيف فيما يقدمونه من أدلة ، ونحن فيما نقدمه هنا من أدلة . ليس إلا إضافة أو تذكير بما أقاموه من أدلة :
تضخم التوراة بفعل اليهود :
وسنعتمد في هذا على التوراة نفسها ، فالتوراة التي بين أيدينا الآن . لا يمكن أن تكون كلماتها بنفس الكم الذي نزلت به ، فنحن نرى أسفارها الخمسة تملأ 379 صفحة بالحروف الصغيرة ، بينما التوراة نفسها تحدد لنا الصورة التي نزلت بها ، بشكل لا وجه فيه للمقارنة بين حجمها الحالي وحجمها الذي نزلت به ، حيث يذكر سفر الخروج [ 24 : 12 ] ، أن موسى تلقي التوراة مكتوبة على لوحين من حجر :
( وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى : اصْعَدْ إِلَى الْجَبَلِ وَامْكُثْ هُنَاكَ لأُعْطِيَكَ الْوَصَايَا وَالشَّرَائِعَ الَّتِي كَتَبْتُهَا عَلَى لَوْحَيِ الْحَجَرِ لِتُلَقِّنَهَا لَهُمْ )
ويذكر سفر الخروج أيضاً في [ 32 : 15 ] :
( ثُمَّ نَزَلَ مُوسَى وَانْحَدَرَ مِنَ الجَبَلِ حَامِلاً فِي يَدِهِ لَوْحَيِ الشَّهَادَةِ ، وَقَدْ نُقِشَتْ كِتَابَةٌ عَلَى وَجْهَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَكَانَ اللهُ قَدْ صَنَعَ اللَّوْحَيْنِ وَنَقَشَ الْكِتَابَةَ عَلَيْهِمَا )
وقد يتبادر إلى الذهن ، أنه لا مانع عقلاً من أن يكون اللوحان من العظم والاتساع ، بحيث يملأ المسطر عليها 379 صفحة من الورق كما نراها الآن .
ولكن التوراة نفسها تدفع هذا الاحتمال حين تحدد حجم اللوحين بالتابوت الذي أمر الله موسى أن يصنعه ويحفظ فيه التوراة :
فقد جاء في سفر الخروج [ 25 : 10 ، 16 ] :
( تابوتاً من خشب طوله ذراعان ونصف وعرضه ذراع ونصف وارتفاعه ذراع ونصف ، وتضع في التابوت الشهادة التي أعطيك )
(1/330)
وقد يرد على الذهن احتمال أن ما كتب على اللوحين ، بلغت حروفه حداً من الصغر ، بحيث إذا نقلت كلماته على الورق ، ملأت صفحات عديدة ، ونحن نرى الآن القرآن الكريم يكتب في صفحة واحدة لا تزيد كثيراً عن ذراع في ذراع.
ومرة أخرى نجد التوراة نفسها تدفع هذا الاحتمال ، حين تحدد لنا الزمن الذي يستغرقه كتابتها وقراءتها ، بحيث لا يبقى لدينا أدنى شك في تقدير حجمها ، وأنها لا تزيد عن كلمات لا تملأ أكثر من بضع ورقات فيقول كاتب سفر التثنية [ 31 : 9 ]
( وَكَتَبَ مُوسَى كَلِمَاتِ هَذِهِ التَّوْرَاةِ وَسَلَّمَهَا لِلْكَهَنَةِ بَنِي لاَوِي حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَإِلَى سَائِرِ شُيُوخِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَأَمَرَهُمْ مُوسَى قَائِلاً: «فِي خِتَامِ السَّبْعِ السَّنَوَاتِ، فِي مِيعَادِ سَنَةِ الإِبْرَاءِ مِنَ الدُّيُونِ، فِي عِيدِ الْمَظَالِّ عِنْدَمَا يَجْتَمِعُ جَمِيعُ الإِسْرَائِيلِيِّينَ لِلْعِبَادَةِ أَمَامَ الرَّبِّ إِلَهِكُمْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَخْتَارُهُ، تَتْلُونَ نُصُوصَ هَذِهِ التَّوْرَاةِ فِي مَسَامِعِهِمْ )
ويحدد لنا سفر يشوع [ 8 :32 ] الزمن بدقة أكثر ، حين يذكر أن يشوع نقش نسخة من التوراة على الحجر وتلاها على الشعب في جلسة واحدة :
( وكتب هناك على الحجارة نسخة توراة موسى . وبعد ذلك قرأ جميع كلام التوراة ، البركة واللعنة ، حسب كل ما كتب في سفر التوراة لم تكن كلمة من كل ما أمر به موسى لم يقرأها يشوع قدام كل جماعة إسرائيل ) .
ولكن قد يرد احتمال أخير :
أليس من الجائز أن يكون موسى عليه السلام قد تلقى مع اللوحين نصوص أخرى ، وأن المجموع هو ما يطلق عليه التوراة .
ولكن هذا الاحتمال الأخير نجد ما يرده من سفر الملوك الأول [ 8 : 9 ] حيث يذكر بوضوح أن سليمان حين نقل التابوت إلى المعبد الذي بناه ، لم يكن فيه سوى اللوحين :
(1/331)
( وَلَمْ يَكُنْ فِي التَّابُوتِ سِوَى لَوْحَيِ الْحَجَرِ اللَّذَيْنِ وَضَعَهُمَا مُوسَى فِي حُورِيبَ حِينَ عَاهَدَ الرَّبُّ أَبْنَاءَ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ دِيَارِ مِصْرَ )
وأخيراً فإن التوراة تعين لنا على لسان موسى عليه السلام قبل موته مضمون التوراة ، بأنه عبارة عن الوصايا العشر ، وهي فقط ما كتب في اللوحين :
( ودعا موسى جميع إسرائيل وقال لهم أسمع يا إسرائيل الفرائض والأحكام التي أتكلم بها في مسامعكم اليوم وتعلموها واحترزوا لتعملوها فقال أنا هو الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية ، لا يكن لك آلهة أخرى أمامي ، لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً . . لا تطنق باسم الرب إلهك باطلاً . . لا تقتل ، ولاتزن ، ولا تسرق ، ولا تشهد على قريبك زور ، ولا تشته امرأة قريبك ، ولا تشته بيت قريبك ولا حقله ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا كل ما لقريبك ، هذه الكلمات كلم بها الرب كل جماعتكم في الجبل من وسط النار والسحاب والضباب وصوت عظيم ولم يزد وكتبها على لوحين من حجر وأعططاني إياها ) تثنية [ 5 : 1 ، 22 ]
كل هذا يرجح إن لم يكن يؤكد أن التوراة التي كتبها موسى في اللوحين لا تعدو أن تكون الوصايا العشر ، وهذا هو ما يتفق مع العقل ومع النصوص التي أوردناها من التوراة نفسها ، خصوصاً إذا علمنا أن كلمة ( سفر ) تعني في اللغة العبرية ورقة أو صحيفة ، أما هذا الحشد أو التضخم الذي عليه التوراة الآن إنما هو من فعل بشري .
___________________________________
من كتاب الملة والنحلة في اليهودية والمسيحية والاسلام بتصرف. طبعة دار القلم بالكويت 1989(1/332)
بطلان الاعتقاد بالخطيئة الموروثة
يقول بولس في رسالته إلى رومية 5 : 12 : (( من اجل ذلك كأنما بانسان واحد دخلت الخطية الى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس اذ اخطأ الجميع. )) [ ترجمة الفاندايك ] ويقول القديس أوغوسطينوس ان آدم هو، كما يروي سفر التكوين، أول إنسان خلقه الله على الأرض. وهذا الانسان قد ارتكب الخطيئة الأولى التي يروي الفصل الثالث من سفر التكوين أحداثها. وبسبب وضعه المميّز في الفردوس ومسؤوليته الشاملة كجدّ للبشرية كلها، فقد انتقلت الخطيئة بالوراثة منه إلى جميع الناس. ( الخطيئة الأصليّة في كتابات القديس أوغوسطينوس )
ولا شك - أخي القارىء - بأن هذا الاعتقاد بتوريث الخطيئة والذي يعتقد به معظم اللاهوتيين الغربيين هو اعتقاد باطل . طبقاً للآتي :
بداية نقول : إذا كانت خطيئة آدم عليه السلام بسببها اجتاز الموت الي جميع الناس فلماذا ما يزال الموت مستمراً بعد أن فدى المسيح عليه السلام العالم وصالحنا مع الله كما يزعم المسيحيون ؟ ولماذا سار اخنوخ مع الله ولم يرى الموت كما يقول الكتاب ؟ ولماذا صعد إيليا النبي أيضاً الي السماء ولم ير الموت ؟
(1/333)
1 ) منطقياً وعقلياً وعلمياً فان الخطيئة لا تورث من الأب إلى ابنه لأنها من الافعال المكتسبة التي لا يتم توراثها ، فالابن مثلاً يرث من أبية ومن أمه وأجداده صفات كالطول ولون العينين وشكل أجزاء جسمه وحجمها ولكنه لا يرث الخطيئة فلو أن أباك المباشر اقترف أثما فهل ترث أثمة كما ترث لون عينية. ؟! ولو ان الأب اختار أن يكون مجرماً فهل يعني ذلك أن ابنه سيرث منه هذه الطبيعة التي في الأب ؟ و كذلك ان كان الاب صالحاً فلا يعنى بالضرورة ان الابن سيكون كذلك لانه ورث طبيعة والده . ان الله سبحانه وتعالى خلق آدم عليه السلام بطبيعة قابلة للخطأ بدليل ان الله بعد أن خلقه حذره من الوقوع في الخطأ والاكل من الشجرة . ان طبيعة قابلية الوقوع في الخطأ وحرية الاختيار هى طبيعة مخلوقة مع الانسان و ليست وراثية من آدم . ان الخالق سبحانه وتعالى جعل النفس البشرية قابلة للخير و الشر وقادرة على كليهما. و ليست المسألة مسألة وراثة حتى يكون آدم مسؤولا عن توريثه لهذه الطبيعة .
2 ) ان الاعتقاد بالخطيئة الموروثة يتناقض مع مبدأ العقاب والثواب فكيف يعاقب الابن بذنب أبية ؟! وكيف يعاقب شخص على ذنب لم يقترفه ؟!
3 ) يؤمن المسيحيون بأن كل خطية هي تعدي على الله وأن كل إنسان بخطيئته يعاقب أو يقتل تثنية 24 : 16 وحزقيال 18 : 20 فإذا كانت كل خطية سواء من آدم أو غيره هي تعدي على الله فلماذا نفرق بين خطيئة آدم في حق الله وخطيئة غيره ؟
4 ) ان الاعتقاد بالخطيئة المورثة يتناقض مع العدل الإلهي. ذلك لأن الله العادل يعاقب المرء على ما فعل هو ، لا على ما فعل أبوه أو أجداده والكتاب المقدس يقول : (( كل واحد يموت لأجل خطيته )) ( أخبار الأيام (2) 25/4).
5 ) ورد في سفر حزقيال النص الآتي : (( الابن لا يحمل من إثم الأب والأب لا يحمل من إثم الابن. )) (حزقيال 18 : 20). هذا النص يدل على مسؤولية كل فرد عن ذنبه وينفى بذلك الخطيئة الموروثة.
(1/334)
6 ) ورد في سفر حزقيال ما يتناقض مع الخطيئة الموروثة وهو : (( النفس التي تخطئ هي تموت )) ( حزقيال 18 : 20) ولم يقل النص أن النفس التي تخطىء يموت ابنها!!!
7 ) ورد في سفر ارميا : (( بل كل واحد يموت بذنبه )) ( 31 : 30) وهذا السفر مقدس عند اليهود والنصارى ويعتقدون أنه كلام الله. هذا النص يدل على مسؤولية كل واحد عن ذنبه ويدحض بذلك الخطيئة الموروثة .
8 ) ترى المسيحية أن كل إنسان مدنس بالخطيئة الموروثة منذ ولادته ولكن كيف يكون الوليد مدنساً بالخطيئة وهو لم يرتكب أية خطيئة بعد ؟! انه لا يزال رضيعاً في المهد لا يميز بين الحلال والحرام ولا ينطق ولا يمشى ، فكيف يكون خاطئاً وهو في هذه الحال؟!
9 ) إذا كان الانسان يولد بالخطيئة الموروثة فلماذا لم يتحدث العهد القديم ومنه التوراة عن هذه الوراثة ؟ لماذا جعل العهد القديم كل إنسان مسؤولاً عن ذنبه؟
10 ) من المعروف أن الله بطوفان نوح أهلك جميع البشر باستثناء نوح والمؤمنين الصالحين في زمانه ( تكوين 6 : 13 ) أي أن نسل آدم قد هلك بالطوفان باستثناء نوح ومن آمن. وبهذا فان الطوفان طهر الأرض في حينه من الفساد والمفسدين وبهذا فلا مجال للحديث عن الخطية الموروثة لان الطوفان كان نقطة فصل بين عصرين أو جيلين.
11 ) أن الكنيسة تنسب اصل الخطيئة إلى آدم. ولكن هذا يتعارض مع التوراة التي تجعل اصل الغواية حواء. حواء هي التي أغوت آدم، إذ قال آدم لله مدافعاً عن نفسه : (( المرأة التي جعلتها معي هي اعطتني من الشجرة فأكلت )) (تكوين 3 : 12) بل إن حواء بدورها نسبت الغواية إلى الحية، إذ قالت دفاعاً عن نفسها : (( الحية غرتني فأكلت )) ( تكوين 3 : 13 ) . وحسب التوراة عاقب الله الحية بزحفها على بطنها وعاقب حواء بأوجاع الولادة وعاقب آدم بطرده من الجنة فإذا أردنا إرجاع الخطية إلى اصلها الأول فاصلها الاول هو الحية وليس أدم ولا حواء ( حسب الكتاب ). !!!!
(1/335)
12 ) الخطية الموروثة تتناقض مع وجود أبرار. لقد أنجا الله نوح ومن معه من الطوفان لانهم أبرار قال الله لنوح : (( لأني إياك رأيت باراً )) ( تكوين 7 : 1). لو كان كل مولود يرث الخطية لما كان وجود للأبرار والصالحين على الأرض!!! وهذا يتناقض مع الواقع. أليس الأنبياء من الأبرار؟ ها هو نوح من الأبرار باعتراف النص .
13 ) قال المسيح : (( كل شجرة جيدة تصنع أثمارا جيده )) ( متى 7 : 17). تلك إشارة إلى الصالحين وأعمالهم الصالحة إذاً هناك صالحون لم يرثوا الخطية .
14 ) عندما وجه قوم المسيح لومهم له لأنه يدعو الأشرار والخطاة، أجابهم قائلاً : (( لأني لم آتي لأدعو أبراراً بل خطاة إلى التوبة )) متى 9 : 13 . لقد قسم المسيح الناس إلى قسمين أبرار وخطاة إذا هناك أبرار لم يرثوا الخطية تلك الخطية التي تزعم الكنيسة أن كل إنسان يرثها من آدم أبينا الأول .
15 ) قال المسيح : (( لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان )) ( متى 12 : 37 ) قوله يدل على أن الانسان يثاب أو يعاقب بسلوكه هو ، ولم يتحدث المسيح عن خطية موروثة .
16 ) رغم أن الكنيسة تشدد على مبدأ الخطية الموروثة فان الانسان لا يجد ذكراً لهذا المبدأ على لسان أي نبي من الأنبياء الذين يؤمن بهم اليهود والمسيحيون. ان مبدأ الخطية الموروثة استحدثته الكنيسة لتكمل القصة. لقد اعتقدوا بصلب المسيح وكان لا بد لهم من البحث عن سبب يبرر الصلب فاستحدثوا الخلاص بالصلب أو الصلب للفداء وظهرت عندهم مشكلة الخلاص من ماذا. فاستحدثوا نظرية الخطية الموروثة لتبرير صلب المسيح. وفى الواقع لا توجد خطية موروثة ولم يحدث صلب للمسيح ولا حدث خلاص. لقد بدأوا القصة من آخرها وليس من أولها. قالوا صلب، ثم بحثوا عن السبب فكان المخرج أن الصلب وقع من اجل تخليص الناس من الخطية الموروثة والخطية كما قلنا لا تورث والصلب لا يخلص.
(1/336)
وهكذا نرى أن الاعتقاد بالخطية الموروثة اعقتاد خاطئ لا أساس له ولم يقل أحد من الأنبياء بوراثة الخطية بل بالعكس فان نصوص الإنجيل ذاتها تدل على مسؤولية الفرد عن ذنبه في مواقع عديدة ولم تظهر الخطية الموروثة في العهد القديم على لسان الأنبياء الذين قبل عيسى فلماذا تظهر جملة من الاختراعات مرة واحدة بعد المسيح على لسان بولس ؟
[1] – قبل عيسى كان الله واحدا فصار بعد عيسى ثلاثة في واحد .
[2] – قبل عيسى كان الله بلا ابن فصار بعد عيسى بابن .
[3] – قبل عيسى لم تكن هناك خطية موروثة فصارت بعد عيسى بالصلب.
[4] – قبل عيسى لم تكن خطية موروثة فصارت هذه موروثة .
ان رسالة الله واحدة في أسسها الرئيسية والاعتقادات الغربية التي طرأت بعد ظهور المسيح هي مزاعم لا أساس لها. مزاعم اختلقت اختلاقا بعد المسيح بزمن طويل وهو بريئ مما نسبوه إليه أن نصرانية الكنيسة تختلف عما جاء به الميسيح، فهي شاذة في معتقداتها التي لم يقل بها نبي قبل عيسى ولا نبي بعده ولم يقل بها المسيح ذاته.
بطلان الاعتقاد بالخلاص بالصلب
تعتقد الكنيسة أن المسيح صلب وان صلبه كان من اجل أن يفدى الناس ويخلصهم من خطاياهم ولبيان بطلان هذا الاعتقاد نقدم الأدلة الآتية.
1 ) ما علاقة الصلب بالخلاص ؟! هل صلب زيد يمحو ذنب عمرو؟!
2 ) أن القول بالخلاص بالصلب يتناقض مع عدل الله فكيف يصلب واحداً لا ذنب له لنجاة آخر.
3 ) ان الذي يخلص الانسان هو إيمانه بالله وأفعاله ولا يتم خلاصة عن طريق شنق أو صلب شخص آخر.
4 ) الأدلة التي قدمناها في الفصل السابق لبيان بطلان الخطية الموروثة تدحض الخلاص بالصلب في الوقت ذاته لأن الخلاص بالصلب يستند على الاعتقاد بالخطية الموروثة فإذا انتفت الخطية الموروثة انتفى الخلاص بالصلب لأن الثاني مبنى على الأول.
(1/337)
5 ) قال المسيح : (( واما من قال على الروح القدس فلن يغفر له في هذا العالم ولا في الآتي )) (متى 12 : 32 ) يقصد المسيح أن من كذب أو استهزأ بجبريل فلا غفران له. إذا هناك أناس لن ولم يخلصوا لكذبهم على جبريل فأين الخلاص بالصلب إذاً ؟! يقولون إن المسيح خلص البشرية وانقذها ولكن المسيح نفسه يقول هناك كاذبون لا يغفر الله لهم .
6 ) قال المسيح : (( حينئذ يجازى كل واحد حسب عمله )) ( متى 16 : 27) المسيح نفسه يقرر أن كل إنسان سيجازى بحسب عمله. وهذا يناقض الخطية الموروثة والخلاص بالصلب . لأن النص يدل على أن الخلاص بالعمل وليس بالصلب .
7 ) قال المسيح : (( أبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية )) ( متى 6 : 4 ) إذاً هناك مجازاة وهذا يتناقض مع الخلاص الشامل الذي يتضمنه الخلاص بالصلب .
8 ) قال المسيح : (( ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان )) (متى 26 : 24) قال ذلك وهو يحذر أحد حواريه الذي سيخونه ويشي به إلى السلطة . فإذا كان الصلب للخلاص وإذا كان الصلب بإرادة المسيح ورغبته حسبما يزعمون فلماذا الويل لمن يسهل الصلب ؟! من المفروض أن يشكر المسيح ذاك الرجل الذي بسببه تم الوصول إلى الصليب ليتم الخلاص المنشود.! ان تحذير المسيح يدل على أن الصلب كان مؤامرة ضده وليس هدفاً منشوداً يسعى إليه لتحقيق الخلاص المزعوم .
9 ) لقد قضى المسيح جزءاً كبيراً من الليل وهو يصلى طالبا من الله إنقاذه من طالبي صلبه (متى 26 : 36 ) وكان يدعو الله طالباً : (( إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس )) ( متى 26 : 39 ) وكان حزيناً جداً تلك الليلة ( متى 26 : 38 ). فلو كان الصلب هدفا منشودا لدى المسيح لما دعا الله طالبا النجاة ولما صلى لله راجيا إنقاذه ولما حزن واكتأب. كل هذا يدل على أن الصلب لم يكن هدفا يسعى إليه المسيح. لقد كان الصلب مؤامرة ضده انقذة الله منها.
(1/338)
10 ) أن القول بالخلاص بالصلب يشجع على ارتكاب الناس للمعاصي فإذا كان صلب المسيح هو طريق نجاة الناس فلم يبق عليهم ما يعلمونه من خير بعد صلبه لان المسيح قد ضمن لهم الخلاص من كل الذنوب عهن طريق إفتدائهم بالصلب .
11 ) قال المسيح : (( إما أعدائي أولئك الذين لم يريدوا أن املك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامى )) (لوقا 19 : 27 ) لا نريد أن نعلق على تتناقض هذا القول مع قول المسيح : (( طوبى لصانعي السلام )) ( متى 5 : 9 ) ولكن نريد أن نسأل : لماذا يريد المسيح ذبحهم وهو الذي مات من إجلهم ؟ هل هذه لعبه ؟
12 ) يقول المسيحيون أن الله بذل ابنه الوحيد لانه يحب العالم ولكي لا يهلك من آمن به (يوحنا 3 : 16 ) كما ذكرنا لا توجد علاقة بين إهلاك س لإنقاذ ص . من أراد النجاة فالطريق مفتوح أمامه . طريق الايمان والبر والصلاح والأعمال الطيبة. ثم إذا كان الله يحب الناس ويرأف بهم فالأولى أن يحب ابنه الوحيد ( كما يزعمون ) لأن الرب الرحيم لا يترك ابنه يصرخ ويسمر بالمسامير على الصليب بدون أي شفقة ورحمة .
13 ) ان صلب واحد ( المسيح في هذه الحالة ) من اجل نجاة سواه هو ظلم في حق المسيح والله لا يظلم أحداً.
14 ) ما ذنب عيسى ليصلب ؟ أن الله قادر على إنقاذ الناس دون إلحاق الظلم بالمسيح ان الله قادر على إنقاذ الناس وتخليصهم دون صلب المسيح او سواه.
15 ) دعا المسيح الله أن ينقذه من طالبي قتله او صلبه ، فقال : (( إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس )) ( متى 26 : 39 ) لو كان المسيح ينوى تقديم نفسه طواعية للصلب من اجل الفداء لما طلب من الله أن ينجيه من تلك المحنة : أن دعاءه لله لإنقاذه دليل آخر على بطلان القول بالصلب للخلاص.
(1/339)
16 ) قال بولس : (( أن الله سيجازي كل واحد حسب أعماله )) ( رومية 2 : 6 ) وقال : (( الذي يخطى لا ينجو من دينونة الله )) ( رومية 2 : 3 ) إذا هناك حساب وهناك دينونة والمجازاة حسب الأعمال. إذا لما كان صلب المسيح ؟ إذا كان الجزاء حسب العمل وهناك عقاب للخطاة فان صلب المسيح لا دور له في الخلاص والتخليص.
17 ) تقول الكنيسة ان صلب المسيح هو كفارة لمن آمن فقط بصلبه . إذن كيف سينال الذين عاشوا قبل المسيح الكفارة ؟ وهل سيطالب الله الذي عاشوا بعد المسيح بالايمان بالصلب ولا يطالب الذين قبله ؟!
18 ) يقول بولس : (( كل واحد سيأخذ أجرته حسب تعبه )) ( كورنثوس الاولى 3 : 8 ) إذا الأجر حسب المشقة ، أي حسب الأعمال. ولماذا كان الصلب إذا ؟! وأين الخلاص المزعوم الحاصل عن طريق صلب المسيح ؟!!
19 ) يقول بولس : (( لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة )) ( غلاطية 3 : 13 ) . هذا يعني ان المسيح اصابته اللعنة عندما علق على خشبة الصليب ( حسب زعمهم ) . فكيف يكون المسيح معلوناً ويكون مخلصاً في الوقت ذاته ؟! الملعون بحاجة إلى أن ينقذ نفسه من اللعنة أولاً قبل أن ينقذ سواه .
(1/340)
20 ) وأخيرا فإن موت المسيح المزعوم لم يحقق متطلبات ذبيحة الخطية، ذلك لأنه طبقاً لنصوص الاناجيل فإن المسيح قد تعرض للضرب والجلد ( متى 26 : 67 ، 27 : 26 ) بينما التوراة تحدد أن ذبيحة الخطيئة يجب أن تكون بلا أي عيوب جسدية ( تثنية : 17 : 1 ) وان القانون اللاوي لذبيحة الخطية يحدد أن الكاهن يأخذ بعض دم الضحية باصبعه ويجعله على قرون المذبح في المعبد والباقي يصب على قاعدة المذبح ( لاويين 4 : 30 ) . وهذا ما لا نجده في موت المسيح المزعوم ، وفوق ذلك كله فإن موت المسيح المزعوم ليس بذبيحه لأنه مات مصلوبا حسب زعمهم ، وهناك فرق بين الذبح والصلب : ففي المعجم الوسيط : تقول ذبحه ذبحاً أي قطع حلقومه . وتقول : " ذَبَحَ الخَروفَ " : نَحَرَهُ بِسِكِّينٍ، أَيْ قَطَعَ حُلْقومَهُ . بخلاف الموت على الصليب .(1/341)
شهادة الكتاب المقدس على نفسه بالتحريف
إليك أيها القارىء الشهادة بتحريف الكتاب المقدس من الكتاب المقدس نفسه :
أولاً : ان كاتب المزمور ( 56 : 4 ) ينسب إلى داود عليه السلام بأن أعدائه طوال اليوم يحرفون كلامه :
( ماذا يصنعه بي البشر. اليوم كله يحرفون كلامي. عليّ كل افكارهم بالشر ) ترجمة الفاندايك
ثانياً : لقد اعترف كاتب سفر ارميا ( 23 : 13 ، 15 ، 16 ) بأن أنبياء اورشليم وأنبياء السامرة الكذبة حرفوا كلام الله عمداً :
( وقد رأيت في انبياء السامرة حماقة. تنبأوا بالبعل واضلوا شعبي اسرائيل. 14 وفي انبياء اورشليم رأيت ما يقشعر منه. يفسقون ويسلكون بالكذب ويشددون ايادي فاعلي الشر حتى لا يرجعوا الواحد عن شره. صاروا لي كلهم كسدوم وسكانها كعمورة. 15 لذلك هكذا قال رب الجنود عن الانبياء. هانذا اطعمهم افسنتينا واسقيهم ماء العلقم لانه من عند انبياء اورشليم خرج نفاق في كل الارض ) [ ترجمة الفاندايك ]
ثالثاً : لقد اعترف كاتب سفر ارميا بأن اليهود حرفوا كلمة الله لذلك فهو ينسب لإرميا في ( 23 : 36 ) توبيخ النبي إرميا لليهود :
( أما وحي الرب فلا تذكروه بعد لأن كلمة كل إنسان تكون وحيه إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كلام الإله الحي الرب القدير )
رابعاً : ونجد أيضاً ان كاتب سفر ارميا ينسب لإرميا توبيخه وتبكيته لليهود لقيامهم بتحربف كلمة الرب :
( كيف تقولون إننا حكماء وكلمة الرب معنا ؟ حقاً إنه إلى الكذب حولها قلم الكتبة الكاذب . )
خامساً : وكاتب سفر الملوك الأول ( 19 : 9 ) ينسب لإليا النبي حين هرب من سيف اليهود فيقول :
(1/342)
( وَقَالَ الرَّبُّ لإِيلِيَّا : مَاذَا تَفْعَلُ هُنَا يَاإِيلِيَّا ؟ فَأَجَابَ: «غِرْتُ غَيْرَةً لِلرَّبِّ الإِلَهِ الْقَدِيرِ، لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَنَكَّرُوا لِعَهْدِكَ وَهَدَمُوا مَذَابِحَكَ وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ بِالسَّيْفِ، وَبَقِيتُ وَحْدِي. وَهَا هُمْ يَبْغُونَ قَتْلِي أَيْضاً ) كتاب الحياة
سادساً : وكاتب سفر إشعيا ( 29 : 15 ، 16 ) ينسب لإشعيا تبكيته لليهود :
( ويل للذين يتعمقون ليكتموا رأيهم عن الرب فتصير أعمالهم في الظلمة ويقولون من يبصرنا ومن يعرفنا : يالتحريفكم . )
فإذا جاء مسيحي وزعم بأن تحريف اليهود لكلمة الرب هو قول غير مقبول نقول له أقرأ شهادة التحريف من كتابك .
ويتسائل بعض المسيحيون الذين يتجاهلون الشواهد والادلة الدالة على تحريف كتابهم المقدس قائلين : عندما يعطى الله الإنسان كتابا من عنده فهل تظن أنة لا يستطيع المحافظة علية من عبث البشر ؟
نقول لهم :
نعم إن الله قادر على ان يحفظ كلمته ولكنه سبحانه وتعالى اختار أن يوكل حفظ كلمته إلى علماء وأحبار اليهود ولم يتكفل هو بحفظها فقد ترك حفظ كلمته بيدهم فكان حفظ الكتاب أمراً تكليفياً وحيث انه أمراً تكليفياً فهو قابل للطاعة والعصيان من قبل المكلفين فالرب استحفظهم على كتابه ولم يتكفل هو بحفظه وإليكم الأدلة من كتابكم المقدس على هذا :
جاء في سفر التثنية [ 4 : 2 ] قول الرب :
( فالآن يا اسرائيل اسمع الفرائض والاحكام التي انا اعلمكم لتعملوها لكي تحيوا وتدخلوا وتمتلكوا الارض التي الرب اله آبائكم يعطيكم. لا تزيدوا على الكلام الذي انا اوصيكم به ولا تنقصوا منه لكي تحفظوا وصايا الرب الهكم التي انا اوصيكم بها ) [ ترجمة الفاندايك ]
وجاء في سفر التثنية [ 12 : 32 ] قول الرب :
( كل الكلام الذي أوصيكم به احرصوا لتعملوه لاتزد عليه ولا تنقص منه )
وجاء في سفر الأمثال [ 30 : 5 _ 6 ] :
(1/343)
( كل كلمة من الله نقية. ترس هو للمحتمين به. لا تزد على كلماته لئلا يوبخك فتكذّب )
وقد جاء في سفر الرؤيا [22 : 18 ] قول الكاتب :
( وَإِنَّنِي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ مَا جَاءَ فِي كِتَابِ النُّبُوءَةِ هَذَا: إِنْ زَادَ أَحَدٌ شَيْئاً عَلَى مَا كُتِبَ فِيهِ، يَزِيدُُ اللهُ عليه الضربات وَإِنْ حذف أَحَدٌ شَيْئاً مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ النُّبُوءَةِ هَذَا ، يُسْقِطُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ . . .)
ان هذا النص تعبير واضح من الكاتب بأن الله لم يتكفل بحفظ هذا الكتاب لأنه جعل عقوبة من زاد شيئاً كذا … وعقوبة من حذف شيئاً كذا ، و فيه اشارة واضحة بأن التحريف أمر وارد .
يقول الله سبحانه وتعالى عن التوراة التي كانت شريعة موسى عليه السلام ، وشريعة الأنبياء من بعده حتى عيسى عليه السلام :
( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) [ قرآن - المائدة : 44 ]
ومعنى ( استحفظوا ) : أي أمروا بحفظه ، فهناك حفظ ، وهناك استحفاظ .
وإذا كان الأحبار والرهبان ممن جاء بعد لم يحفظوا ، بل بدلوا وحرفوا ، فليس معنى ذلك أن الله لم يقدر على حفظ كتابه _ حاشا وكلا _ ولكن المعنى : أن الله لم يتكفل بحفظه ، بل جعل اليهود أمناء عليه .
ومن المعلوم أن هناك المئات من الرسل والانبياء جاؤوا بعد نوح عليه السلام ولم يتكفل الرب بحفظ رسائلهم سواء كانت شفوية أو مكتوبة وإلا فأين هي ؟ مثال ذلك : صحف ابراهيم التي ذكرت في القرآن الكريم فلا وجود لها اليوم .
(1/344)
وأخيراً : فهل هناك أعظم من شهادة الكتاب المقدس على نفسه بالتحريف ؟
لماذا نستكثر على اليهود التحريف وهم اليهود وما أدراك مااليهود قتلوا الانبياء بغير حق وصنعوا العجل وسجدوا له من دون الله وعبدوا الاصنام واستحلوا المحرمات وقذفوا العذراء الطاهرة مريم عليها السلام بتهمة الزنا وكفروا بالمسيح عليه السلام .......فهل نستكثر عليهم التحريف ......
لقد أعلنت التوراة بكل وضوح أن اليهود سيفسدون ويقاومون الرب وكلامه ، وذلك كلام موسى في التوراة بعد أن أوصاهم بوضعها بجانب التابوت وفيه كذلك : ( لأني عارف تمردكم ورقابكم الصلبة ، هوذا وأنا بعد حي معكم ، اليوم صرتم تقاومون الرب ، فكم بالحري بعد موتي ) [ تثنية 31 : 27 ]
من الذي حرف ؟ و متى وأين ولماذا ؟
يقول القس " سواجارت " ( وهم يقولون - يقصد المسلمين - إن تلك الأسفار الأصلية التي أنزلها الله وهي التوراة ، والانجيل ، قد فقدت و لا أظن أن في مقدور أحد أن يخبرنا أين فقدت ؟ ولا متى فقدت ؟ ولا كيف فقدت ؟ ) .
وهذا السؤال الذي ساقه " سواجارت " لون من الخداع والتلاعب بالألفاظ ، لأن الذي يقوله علماء المسلمين ويؤكدون عليه أن الكتب والاسفار التي بين يدي اليهود والنصارى الآن دخلها التحريف والتبديل والزيادة قبل مجيىء الإسلام وبعثة محمد عليه الصلاة والسلام واستمر الأمر حتى بعد بعثته صلى الله عليه وسلم ... ولا يقول أحد من علماء المسلمين إن جميع ماجاء به موسى وعيسى قد فقد .. بل الحق أن ما لديهم من أسفار يجمع بين الحق والباطل والغث والسمين ، ونقول للمبشرين والقسس على اختلاف مذاهبهم دعوا هذا السؤال لأنه لا قيمة له لما يأتي :
(1/345)
نحن لسنا بصدد القبض على من قام أو قاموا بالتحريف ، و لا يهمنا معرفة زمان أو مكان وقوع التحريف .. ان الشيء المهم في هذا الصدد هو بيان وقوع التحريف والعثور على أمثلة توضح بما لا يدع مجالاً للشك وقوع هذا التحريف ، وهذا هو ما أثبته الباحثين المنصفين الذين درسوا الكتاب المقدس ووجدوا فيه ما وجدوا من أمور تجافي وحي السماء ، وأخطاء و تناقضات لا تقع إلا في كلام البشر.
هب أن شخصاً أمسك بيد قسيس إلى خارج الكنيسة ، وقال له : أنظر إلى هذا القتيل الذي أمامك . فقال القسيس : لا ، لن أصدق حتى تخبرني : متى ومن ولماذا وكيف قتل ؟!! لو حدث هذا ماذا يقول الناس عن هذا القسيس ؟!
وهذا يشبه تماماً موقف المبشرين من قضية تحريف الانجيل ، إنك تضع أيديهم على مئات الأمثلة وتبين لهم بالمحسوس التحريف الواضح والاختلاف البين بين إنجيل وإنجيل ونسخة ونسخة ولكنهم يتمتمون .. لا .. لن نصدق . أخبرونا أين ومتى وكيف ولماذا حدث هذا ؟!(1/346)
القرائن الدالة على أن المسيح لم يمت على الصليب
القرينة الأولى : كل عاقل مفكر ، يفترض أن يعلن صاحب أي دعوة أو رسالة ، من أول أيام دعوته عن أطر رسالته وأهدافها ومقاصدها ، فهذا هو ما يجرى حقاً على صعيد الواقع من حولنا، وأن يكون في إعلانه صريحاً و واضحاً أيضا، خصوصا إذا كان هذا الداعية نبياً ورسولاً من رب الكائنات.
فإن صح ما زعمه أصحاب الأناجيل من أن المسيح أتى إلى هذا العالم ليموت فداء خطية آدم وحواء ومن ثم يقوم من بين الأموات ، فقد كان متوجباً عليه أن يعلن ذلك للناس ولتلاميذه بالذات من أول أيام دعوته ، فلو فعل ذلك لتوجب أن ينتظر جميع هؤلاء التلاميذ تحقق هذه المعجزة وبفارغ صبرهم أيضا.
وقد دققت ما نقلته لنا الأناجيل من أخبار ، فلم ألحظ معالم لهذه الظاهرة الطبيعية ، على صعيد الأقوال ، فتناولت قضية أخبار وضع جثة المسيح في قبرة الذي وضعه يوسف الرامي فيه لعلي ألحظ تجمع تلاميذ المسيح حول القبر ساعة وضع الجثة فيه ، فلم ألحظ إلا تواجد امرأتين هناك، فإنجيل متى روى : (( وكانت هناك مريم المجدلية ومريم الأخرى جالستين تجاه القبر )) [ متى 27 : 61 ] ، فأين بقية تلاميذ المسيح الناصري ؟!
وقلت في نفسي لعلهم اتفقوا فيما بينهم أن يأتوا إلى قبرة صباح يوم الأحد يستطلعون قيامته ، فدققت في الأناجيل الأربعة ، وأدهشني أن غير هاتين الامرأتين لم تسارعا إلى القبر فجر يوم الأحد ، ثم إنهن ما سارعتا للقاء المسيح بعد قيامته ، بل على حسب ما روى مرقس سارعتا لتدهنان جسد الميت بالطيب ، فقد ورد : (( وبعدها مضى السبت اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطا ليأتين ويدهنه ، وباكراً جداً في أول الأسبوع – أي فجر يوم الأحد – أتين إلى القبر إذ طلعت الشمس، وكن يقلن فيما بينهن : من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر ؟ فتطلعن ورأين أن الحجر قد دحرج لأنه كان عظيماً جداً )) [ مرقس 16 : 1 ]
(1/347)
فالنسوة ، ومريم المجدلية من بينهن ، أسرعن إلى القبر صباح الأحد ، ليس لينظرن إلى قيامة المسيح الناصري من بين الأموات، بل ( ليأتين ويدهنه ) من هذا ندرك كباحثين مدققين، أن تلاميذ المسيح ما كانوا ينتظرون موته وقيامته ليصبح كفارة عن ذنوبهم.
وهذه القرينة يثبت منها عكس ما زعمه رواة الأناجيل واجمعوا عليه من أن المسيح الناصري مات على الصليب، وقام من بين الأموات، ليصبح كفارة عن خطيئة آدم وحواء.
قد يرد على هذه القرينة قائل يقول : لقد كان سبق للمسيح الناصري أن اتفق مع تلاميذه أن يجتمع بهم بعد قيامته من الأموات على جبل الجليل ، ويستدل بقول متى : (( هاهو يسبقكم إلى الجليل هناك ترونه )) وقول مرقس : (( إنه يسبقكم إلى الجليل هناك ترونه كما قال لكم )) ولذلك كانوا ينتظرون لقاءه على جبل الجليل وليس فجر يوم الأحد على القبر.
أقول : هذه مزاعم لا يصدقها واقع ما جرى ، فإن نحن عدنا إلى إنجيل متى نلاحظه قد قال : (( وأما الأحد عشر تلميذا فانطلقوا إلى الجليل ، إلى الجبل حيث أمرهم يسوع ، ولما رأوه ، سجدوا له ، ولكن بعضهم شكوا ، فتقدم يسوع وكلمهم قائلاً : دفع إلى كل سلطان في السماء وعلى الأرض ، فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس )) [ متى 28 : 16 ] هذا ما رواه متى .
(1/348)
لكننا إذا رجعنا إلى انجيل مرقس نلاحظه قد قال : (( أخيراً ظهر للأحد عشر وهم متكئون ، ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام ، وقال لهم اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالانجيل للخليقة كلها ، من آمن واعتمد خلص ، ومن لم يؤمن يدن ، وهذه الآيات تتبع المؤمنين : يخرجون الشياطين باسمي ، ويتكلمون بألسنة جديدة ، ويمسكون بأيديهم الحيات ، وإن شربوا شيئا مميتاً لا يضرهم ، ويضعون أيديهم على المرضى فيبرؤون )) [ مرقس 16 : 14 ] فهذا الكلام يتضارب مع ما أورده إنجيل متى في نواحي كثيرة يدركها كل قارئ للنصين ، ولا يثبت منها أن تلاميذ المسيح كانوا ينتظرونه من أنفسهم على جبل الجليل ، بل على حسب ما روى متى : (( ولكن بعضهم شكوا )) وعلى حسب ما رواه مرقس : (( ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام )) .
وإن نحن رجعنا إلى إنجيل لوقا، فلا نجد أثراً للقاء المسيح الناصري بتلاميذه على جبل الجليل ، بل في أورشليم ، فقد ورد : (( فقاما في تلك الساعة ورجعا إلى أورشليم ووجدا الأحد عشر مجتمعين هم والذين معهم ، وهم يقولون إن الرب قام بالحقيقة وظهر لسمعان ، وأما هما ، فكانا يخبران بما حدث في الطريق وكيف عرفاه عند كسر الخبز، وفيما هم يتكلمون بهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم ، وقال لهم : سلام لكم فجزعوا وخافوا وظنوا أنهم نظروا روحاً ، فقال لهم : ما بالكم مضطربين ، ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم ؟ انظروا يدي ورجلي إني أنا هو ، جسوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي ، وحين قال هذا أراهم يديه ورجليه )) [ لوقا 24 : 33 ] .
وأما إنجيل يوحنا فلم يتطرق إلى جميع ما أوردته الأناجيل الأخرى، بل روى أموراً لاتمت إلى اجتماع المسيح بتلاميذه في الجليل ولا شيئاً من ذلك. بل روى اجتماعات في طبرية وسواها مما لا حاجة بنا إلى إيراده في هذا المقام.
(1/349)
وأنا أرجو من القارئ أن يتدبر جميع هذه النصوص التي نقلتها له، وينظر، هل يثبت ولو من واحدة منها ما يشكل قرينة تؤكد إيمان تلاميذ المسيح بقيامته من الأموات وانتظارهم لها ؟
القرينة الثانية : وكل عاقل مفكر ، يفترض، إذا كان القصد من وجود المسيح الناصري في هذا العالم أن يفتدى خطيئة آدم وحواء بنفسه فيموت ومن ثم يقوم من بين الأموات ، وأن هذا كان ابناً وحيداً لله خالق السموات والأرض، وباراً بوالده، ويحمل بعضاً من قوى الربوبية، فإن صح ذلك القصد وهذه الأمور في نظر الإنسان العاقل المفكر كما قلت، فإنه يفترض أن يسمع من رواة الأناجيل، أن المسيح الناصري كان ينتظر تحقق ذاك القصد بفارغ الصبر على يديه ، فينتظر ساعة موته على الصليب وهو في شوق زائد إليها، ليرضى الذي أرسله ويثبت عدم عقوقيته له، وليس أن يبدو حين تقترب الساعة تلك، خائفاً منها، ويعود يخاطب الذي أرسله ليعفيه من مهمته تلك، وكأن الذي أرسله لا يملك قلب حنان على ولده، بقدر ما يملك من حنان على الذين يعصونه ولا يقيمون لوصاياه وزناً.
فإن نحن دققنا في الأناجيل ، فلا نلحظ وجوداً لهذا التصور والافتراض، وهذه القرينة ، بل نلحظ ما يعاكس ذلك تماماً.
(1/350)
ذلك أن إنجيل متى [ 26 : 37 ] يروي لنا ما أصاب المسيح الناصري من خوف وهلع، مما أرسله والده لتنفيذه على حسب ما يزعمون، فقد ورد : (( وابتدأ يحزن ويكتئب، فقال لهم : نفسي حزينة جداً حتى الموت ، أمكثوا ههنا واسهروا معي، ثم تقدم قليلاً وخر على وجهه وكان يصلي قائلاً : يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس، ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت )) فمتى يصف حال المسيح وقد دنت ساعة تعليقه على خشبة الصليب، أنه حزن واكتأب إلى حد أن تزهق روحه وأخذ يصلي ويرجو أباه أن يعفيه من هذه المهمة، ولخشيته من بطش أبيه كان يقول (( ولكن ليس كما أريد أنا، بل كما تريد أنت )) ، ويضيف متى : (( فمضى – أي يسوع – ثانية وصلى قائلاً: يا أبتاه إن لم يكن أن تعبر عني هذه الكأس، إلا أن أشربها، فلتكن مشيئتك، وصلى ثالثة قائلاً ذلك الكلام بعينه )) ولا يروي لنا أي جواب سمعه المسيح الناصري من أبيه الذي إن كان يسمع كلام ابنه، فعلى الأقل كان عليه أن يواسيه ويصبره ويشبعه حناناً ، لكن هذا الأب المزعوم كان يملك قلباً أشد قساوة من الحجارة الصماء ، وهل يستسيغ عقل القارئ أن يحدث هذا إن كان ما رواه متى صحيحاً.
وإن إنجيل مرقس 14/34-43 راح يروي نفس الحادثة، وإنما بألفاظ مختلفة.
أما إنجيل لوقا فقد روى الحادثة بألفاظ مختلفة ، ومما ذكره أن المسيح : (( كان يصلي بأشد لجاجة وصار عرقة كقطرات دم نازلة على الأرض )). [22 : 41]
(1/351)
وأما مؤلف إنجيل يوحنا فلم يتعرض لذكر هذه الحادثة من قريب ولا من بعيد، وكأنه لم تصله أخبارها بل الذي ورد في إنجيل يوحنا: (( تكلم يسوع بهذا ورفع عينيه نحو السماء وقال : أيها الأب قد أتت الساعة – مجد ابنك ليمجدك ابنك أيضا، إذ أعطيته سلطانا على كل جسد ليعطي حياة أبدية لكل من أعطيته، وهذه هي الحياة الأبدية:"أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي، وحدك ويسوغ المسيح الذي أرسلته )) فما أبدع هذه الكلمات أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك فهذا هو التوحيد بعينه، فما هي منزلة يسوع تجاه هذا الإله الحقيقي ؟ الجواب (( ويسوع المسيح الذي أرسلته )) أي أن يسوع اعترف من خلال هذه الجملة أنه مجرد رسول أرسله الإله الحقيقي، فلا هو رب ولا هو ابن الله ، ولا هو الفادي المخلص.[ يوحنا 17 : 3 ]
وأنا أرجو من القارئ أن يتدبر جميع ما أوردته هنا من نصوص إنجيلية وينظر : هل يثبت ولو من واحدة من هذه النصوص ما يشكل قرينة تؤكد أن الغاية من إرسال وبعث المسيح الناصري هو أن يموت على الصليب ويكون كفارة ومخلصاً ؟ فهل ورد في هذه النصوص ما يفيد أن المسيح كان يرجو ليرسل الإله الحقيقي بدلاً عن المسيح رجلاً آخر يفتدى خطيئة آدم وحواء بدلاً عنه وأين القانون الطبيعي الذي يسلم به البشر منذ أن وجدوا على وجه الأرض والمعبر عنه بالقول : (( لا تزر وازرة وزر أخرى )) ؟
القرينة الثالثة : وكل عاقل مفكر ، لابد أن يفترض أن المسيح الناصري المنبأ عن ظهوره في التوراة، أن تكون التوراة نفسها قد أنبأت عن أنه سيكون ابن الله ، وأنه سيموت تكفيراً عن خطيئة آدم وحواء ويقوم من الأموات، ويصبح كفارة لمن يؤمن به.
فإن نحن عدنا إلى الصراع الذي دار بين كهنة اليهود وبين المسيح الناصري فلا نلاحظ أنه دار حول هذه النقطة وهذه العقيدة بل حول كونه نبياً صادقاً أو كاذباً.
(1/352)
ذلك أن الذي دفع اليهود ليصلبوا المسيح وليقتلوه ، هو النص الوارد في سفر التثنية : (( سأقيم لهم نبياً من وسط أخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه ، فيخاطبهم بكل ما آمره به وأي رجل لم يسمع كلامي الذي يتكلم به باسمي فإني أحاسبه عليه، ولكن أي نبي اعتد بنفسه فقال باسمي قولاً لم آمره أن يقول أو تكلم باسم آلهة أخرى، فليقتل ذلك النبي )) ولا بأس أن أورد نفس النص المطبوع على نفقة جمعية التوراة الأميركانية قبل التاريخ المذكور، فالنص مترجم هناك ترجمة حرفية عن اليونانية 18/18: (( أقيم لهم نبياً من وسط أخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به ويكون إن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه ،وأما النبي الذي يطغى ، فيتكلم باسمي كلاماً لم أوصه أن يتكلم باسم آلهة أخرى ، فيموت ذلك النبي )).
لاشك أن بين الترجمتين بعض الفروق والذي يهمنا منها آخر جملة من كل ترجمة ففي ترجمة عام، كانت آخر جملة (( فليقتل ذلك النبي )) على حين وردت الجملة الأخيرة 1989 في الطبعة الأخرى (( فيموت ذلك النبي )) وبين الجملتين فرق واضح.
فالجملة الأولى حددت طريق موت النبي الكاذب وتأمر بقتله على حين لم تحدد الجملة الأخرى طريق موت النبي الكاذب ولا يعقل من حيث المبدأ أن يقع في الترجمة مثل هذا الاختلاف في الدلالة إلا أن يكون المترجم قد حرف المعنى الأصلي.
وأنا لا أخوض هنا في أمر هذا الاختلاف وأتناول النتيجة التي تترتب على دلالة النصين وهي أن يموت مدعي النبوة الكاذب إما قبل إتمام رسالته، أو يموت قتلاً وهو ما سعي اليهود إليه ليثبتوا كذب المسيح الناصري في ادعائه للنبوة.
فاليهود بدافع من هذا النص التوراتي بالذات، سعوا إلى صلب المسيح وقتله، وهم زعموا أنهم افلحوا في سعيهم وأماتوا المسيح على الصليب وأثبتوا بذلك كذبه وبطلانه نبوته ، فالصراع دار إذن حول نبوءة المسيح الناصري وليس حول أمر آخر.
(1/353)
ثم إن المسيح الناصري قال : (( لا تظنوا أني جئت لانقض الناموس أو الأنبياء، ماجئت لأنقض بل لأكمل ، فإني الحق أقول لكم : إلى أن تزول السماء والأرض، لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى، وعلم الناس هكذا، يدعى أصغر في ملكوت السموات، واما من عمل وعلم فهذا يدعى عظيماً في ملكوت السموات، فإني أقول لكم : إنكم إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسسين، لن تدخلوا ملكوت السموات )).
المهم في الأمر أن المسيح الناصري لم يدع أنه جاء بأمر يخالف التعليم التوراتي، وإن عقيدة الكفارة التي يعتقدها رواة الأناجيل الأربعة، تخالف صريح التعليم التوراتي ، وعليه فالصراع الذي دار بين كنهة اليهود وبين المسيح الناصري حول نبوته، واستناداً للنص الوارد في سفر التثنية، إذا انتهى بموت المسيح على الصليب ، فاليهود يعذرون إن هم لم يؤمنوا بنبوته، وما دام المسيح نفسه لم يزعم أنه أتى بشيء يخالف التعليم التوراتي، بل ليكمل وبما لا ينقض حرفاً من التوراة فإن هذه الأمور مجتمعة لابد أن تشكل قرينة على أنه مستحيل أن يكون المسيح الناصري قد مات على الصليب، وهذه قرينة ثالثة تميل بالباحث المدقق أمثالي ليرجح عدم موت المسيح الناصري على الصليب ، واترك للقارئ أن يتدبر معالم هذه القرينة وينظر فيما إذا كان يتفق ورأيي فيها.
وإني أترك للقارئ أن يقلب أقوال المسيح التي نقلناها له ، على أوجهها ، وينظر : أفلا تعد في نظره قرينة واضحة على ضرورة الأخذ بالرأي القائل بعدم موت المسيح الناصري على الصليب ؟(1/354)
فكرة الفداء والصلب فكرة قائمة على أساس باطل
ان عقيدة الفداء والصلب رغم مخالفتها للعقل والمنطق فهي مخالفة لقواعد أساسية ونصوص رئيسة اشتمل عليها كتاب النصارى المقدس وقبل ان نذكر هذه القواعد الاساسية يقول بولس في رسالته إلى العبرانيين [ 9 : 22 ] : (( وكل شئ تقريبا يتطهر حسب الناموس بالدم وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة )) ولسنا نعرف من أين أتى بولس بهذا الكلام ؟ وعلى العكس من كلام بولس نجد ان الكتاب المقدس يورد العديد من الايات التي تقول ان الله يفضل التوبه و الندم، لا الكفارات و المحرقات للتكفير عن الخطايا:
هوشع 6 : 6 : (( إِنِّي أَطْلُبُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، وَمَعْرِفَتِي أَكْثَرَ مِنَ الْمُحْرَقَاتِ. 7وَلَكِنَّكُمْ مِثْلُ آدَمَ، نَقَضْتُمْ عَهْدِي )) [ ترجمة كتاب الحياة ]
هوشع 14 : 1-3 : (( ارْجِعْ تَائِباً يَاإِسْرَائِيلُ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِكَ، لأَنَّكَ قَدْ تَعَثَّرْتَ بِخَطِيئَتِكَ. 2احْمِلُوا مَعَكُمْ كَلاَمَ ابْتِهَالٍ وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ قَائِلِينَ لَهُ: انْزِعْ إِثْمَنَا، وَتَقَبَّلْنَا بِفَائِقِ رَحْمَتِكَ، فَنُزْجِيَ إِلَيْكَ حَمْدَ شِفَاهِنَا كَالْقَرَابِينِ. 3إِنَّ أَشُّورَ لَنْ تُخَلِّصَنَا، وَلَنْ نَعْتَمِدَ عَلَى خُيُولِ مِصْرَ لإِنْقَاذِنَا، وَلَنْ نَقُولَ لِلأَوْثَانِ صَنْعَةِ أَيْدِينَا: «أَنْتُمْ آلِهَتُنَا» لأَنَّ فِيكَ وَحْدَكَ يَجِدُ الْيَتِيمُ رَحْمَةً ))
(1/355)
ميخا 6 : 6-8 : (( يَارَبُّ: بِمَاذَا أَتَقَدَّمُ عِنْدَمَا أَمْثُلُ أَمَامَ الرَّبِّ وَأَسْجُدُ فِي حَضْرَةِ اللهِ الْعَلِيِّ؟ هَلْ أَتَقَدَّمُ مِنْهُ بِمُحْرَقَاتٍ وَبِعُجُولٍ حَوْلِيَّةٍ ؟ هَلْ يُسَرُّ الرَّبُّ بِأُلُوفِ أَنْهَارِ زَيْتٍ ؟ هَلْ أُقَرِّبُ بِكْرِي فِدَاءَ إِثْمِي وَثَمَرَةَ جَسَدِي تَكْفِيراً عَنْ خَطِيئَةِ نَفْسِي؟ لَقَدْ أَوْضَحَ لَكَ الرَّبُّ أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ. وَمَاذَا يَبْتَغِي مِنْكَ سِوَى أَنْ تَتَوَخَّى الْعَدْلَ، وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ، وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعاً مَعَ إِلَهِكَ )).
مزمور 40: 6 : (( لَمْ تُرِدْ أَوْ تَطْلُبْ ذَبَائِحَ وَمُحْرَقَاتٍ عَنِ الْخَطِيئَةِ، لَكِنَّكَ وَهَبْتَنِي أُذُنَيْنِ صَاغِيَتَيْنِ مُطِيعَتَيْنِ ))
مزمور 51 : 16 –17 : (( فَإِنَّكَ لاَ تُسَرُّ بِذَبِيحَةٍ، وَإِلاَّ كُنْتُ أُقَدِّمُهَا. بِمُحْرَقَةٍ لاَ تَرْضَى. 17إِنَّ الذَّبَائِحَ الَّتِي يَطْلُبُهَا اللهُ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. فَلاَ تَحْتَقِرَنَّ الْقَلْبَ الْمُنْكَسِرَ وَالْمُنْسَحِقَ يَااللهُ ))
مزمور 69 : 30 –31 : (( أُسَبِّحُ اسْمَ اللهِ بِنَشِيدٍ وَأُعَظِّمُهُ بِحَمْدٍ. 31فَيَطِيبُ ذَلِكَ لَدَى الرَّبِّ أَكْثَرَ مِنْ مُحْرَقَةٍ: ثَوْرٍ أَوْ عِجْلٍ ))
ألم يقل الرب في سفر إرمياء [ 7 : 22 ] : (( هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل : ضموا محارقكم إلى ذبائحكم وكلوا لحماً ، لأني لم أكلم آبائكم ولا أوصيتكم يوم أخرجتهم من أرض مصر بشأن محرقة وذبيحة ، بل إنما أوصيتهم بهذا الأمر قائلاً : إطيعوا صوتي فأكون لكم إلهاً وأنتم تكونون لي شعباً ، وسيروا في الطريق الذي أوصيتكم به ليحسن إليكم )) .
لذلك فان ادعاء النصارى انه " بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لا تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ " ليس الا بدعة وثنية، نقلها بولس من الديانات الوثنية الى العقيدة النصرانية.
(1/356)
ألم يقل الرب في إشعيا [ 55 : 7 ] : (( لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ وَالأَثِيمُ أَفْكَارَهُ، وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ، وَلْيَرْجِعْ إِلَى إِلَهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ.))
ألم يقل الرب في حزقيال [ 33 : 11 ] : (( حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أَبْتَهِجُ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ بَلْ بِأَنْ يَرْتَدِعَ عَنْ غِيِّهِ وَيَحْيَا. ))
ألم يقل الرب في حزقيال [ 18 : 21 ] : (( وَلَكِنْ إِنْ رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ خَطَايَاهُ كُلِّهَا الَّتِي ارْتَكَبَهَا، وَمَارَسَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَصَنَعَ مَا هُوَ عَدْلٌ وَحَقٌّ فَإِنَّهُ حَتْماً يَحْيَا، لاَ يَمُوتُ. 22وَلاَ تُذْكَرُ لَهُ جَمِيعُ آثَامِهِ الَّتِي ارْتَكَبَهَا. إِنَّمَا يَحْيَا بِبِرِّهِ الَّذِي عَمِلَهُ.))
وبناء عليه لماذا لم يعفو هذا الإله عن آدم وقت ارتكابه للمعصية لينقذ ابنه من الصلب بدلاً من أن يتركه يتضرع بالصلاة والصراخ له كي يبعد عنه كأس الموت [ عبرانيين 5 : 7 ] ؟
ألم يقل المسيح لتلاميذه : (( نفسى حزينة جداً حتى الموت )) [ متى 26 : 37،38] ؟
أليس المسيح هو الذي خر على وجهه ساجداً ومنادياً الله قائلاً (( يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عنِّى هذه الكأس ، ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت )) متى [ 26 : 39 ] ؟
ألم يكن عرقه يتصبب مثل قطرات دم نازلة من شدة خوفه من كأس الموت حتى ان ملاكاً ظهر له من السماء ليقويه . لوقا [ 22 : 44 ] أين الرحمة وأين العدل في تعذيب إنسان لم يذنب وكانت هذه حاله ؟
وقبل أن نشرع فى الكلام عن عقيدة الصلب والفداء أود أن أنوِّه على أهمية العهد القديم بالنسبة للعهد الجديد ، فالمسيحيين يقدسون كلا العهدين ويضمونهما في كتاب واحد ويطلقون عليه اسم الكتاب المقدس.
(1/357)
وقد قال المسيح : (( لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. )) متى [ 5 : 17 ]
وقال أيضاً: (( حِينَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلاَمِيذَهُ قَائِلاً: «عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ وَلَكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ.)) متى [ 23 : 1 ]
ان هذه النصوص فيها الدليل الواضح على تمسك المسيح بناموس ( شريعة ) موسى وبتفاسير وشروح الكتبة والفريسيين.
وكيف لا يكون المسيح متمسك بشريعة موسى والانبياء وهو الذي قال للسائل : (( إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا.)) متى [ 19 : 16 ] أى اتبع تعاليم التوراة واعمل بها.
ولم يبدل دين المسيح ويأمر بترك التمسك بشريعة موسى والعمل بها إلا بولس فهو القائل : (( إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضاً بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.)) غلاطية [ 2 : 16 ]
واليك ايها القارىء الكريم الأدلة النقلية والعقلية على فساد مبدأ الصلب والفداء :
( 1 ) قال موسى وهارون لله : (( اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ ؟ )) [ العدد 16 : 22]
ونحن نقول كما قال موسى وهارون للرب : اللهم إله أرواح جميع البشر هل يخطىء آدم فتسخط على كل البشر ؟
(1/358)
( 2 ) جاء في سفر التثنية [ 24 : 16 ] : (( لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.))
ونحن نسأل :
هل غش الله خلقه وأوهمهم أنه لا يقتل الآباء عن الأولاد ولا يقتل الأولاد عن الآباء ، ثم فاجئهم أنهم لا يحملون خطأ أبيهم بل خطأ أول رجل وإمراة خلقا ؟!!
( 3 ) جاء في سفر الامثال ان الاشرار يكونوا كفارةً للأبرار : (( الشرير فدية الصديق )) [ امثال 21 : 18 ] فهل كان المسيح من الاشرار ؟
( 4 ) جاء في سفر اخبار الايام الثاني [ 7 : 14 ] : (( فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ فَإِنِّي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ.))
ونحن نسأل :
أليس هذا هو قانون الله الذي يقبله العقل وترتاح إليه النفس ؟
فمن أين جاء بولس _ الذي لم يرى المسيح يوماً قط _ بفرية الصلب والفداء ؟
( 5 ) جاء في المزمور [ 89 : 26 ] : (( إِلَهِي وَصَخْرَةُ خَلاَصِي. * إِلَى الدَّهْرِ أَحْفَظُ لَهُ رَحْمَتِي.)) وجاء في المزمور [ 109 : 26 ] : (( أعِنِّي يَا رَبُّ إِلَهِي. خَلِّصْنِي حَسَبَ رَحْمَتِكَ.))
ونحن نسأل :
أين رحمة هذا الاله الذي أضمر انتقامه طوال مئات السنين، وأنهى هذه المسرحية بقتل ابنه دون ذنب !!
( 6 ) جاء في سفر التكوين [ 3 : 21 ] : (( وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا.))
الرب بنفسه صنع لهما هذه الأقمصة !!
ألا يدل ذلك على غفران الله لذنبهما ؟
فلو لم يغفر لهما لتركهما يصطادا ويعالجا الجلد ثم يصنعان لأنفسهما هذه الأقمصة ، إمعانا فى إجهادهما وتنفيذاً لوعيده لهما بأن يشقيا فى الأرض :
(1/359)
(( وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَا قُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ». وَقَالَ لِآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكاً وَحَسَكاً تُنْبِتُ لَكَ وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ.)) تكوين [ 3: 16-19 ]
( 7 ) ألم يأمر الرب في سفر الخروج [ 15 : 32 _ 36 ] بالعقاب الفورى لمن خالف تعاليمه ، ولم يعظم السبت ؟
فإذا كان هذا حاله مع عباده ، فما الذى غير حاله مع آدم ولم يعاقبه من فوره ؟ وإن كان ما فعله مع آدم هو المألوف ، فلماذا تعجَّلَ بقتل هذا الرجل الذى خالف السبت ، ولم ينتظر حتى يجىء هو نفسه ليُصلَب ؟ (( َلمَّا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيل فِي البَرِّيَّةِ وَجَدُوا رَجُلاً يَحْتَطِبُ حَطَباً فِي يَوْمِ السَّبْتِ. فَقَدَّمَهُ الذِينَ وَجَدُوهُ يَحْتَطِبُ حَطَباً إِلى مُوسَى وَهَارُونَ وَكُلِّ الجَمَاعَةِ. فَوَضَعُوهُ فِي المَحْرَسِ لأَنَّهُ لمْ يُعْلنْ مَاذَا يُفْعَلُ بِهِ. فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «قَتْلاً يُقْتَلُ الرَّجُلُ. يَرْجُمُهُ بِحِجَارَةٍ كُلُّ الجَمَاعَةِ خَارِجَ المَحَلةِ». فَأَخْرَجَهُ كُلُّ الجَمَاعَةِ إِلى خَارِجِ المَحَلةِ وَرَجَمُوهُ بِحِجَارَةٍ فَمَاتَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.)) خروج [ 15: 32 – 36 ]
(1/360)
( 8 ) جاء في سفر [ إشعياء 55 : 7] : (( لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ وَإِلَى إِلَهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ.))
( 9 ) وجاء في سفر [ إرمياء31: 29 –30] : (( فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ: [الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ] بَلْ : [ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ ]. كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.))
( 10 ) وجاء في سفر [ حزقيال 18 : 19- 23] : (( وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْمِلُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا ؟ ))
فلماذا لم يغفر لآدم وحواء إذن ذنبهما ؟ وكيف يصلب نفسه أقصد ابنه وهو يقول. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ ؟
فىأى دين كان وحى الله كاذب ؟
أم إنه إله ذو نزوات ليوحى هنا بعقيد ويفسدها بعقيدة أخرى مع نبى آخر؟
(1/361)
( 11 ) وجاء في سفر [حزقيال 33 :11-16] : (( قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أَبْتَهِجُ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ بَلْ بِأَنْ يَرْتَدِعَ عَنْ غِيِّهِ وَيَحْيَا. ارْجِعُوا، ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمِ الرَّدِيئَةِ! لِمَاذَا تَمُوتُونَ يَاشَعْبَ إِسْرَائِيلَ؟ وَأَنْتَ يَاابْنَ آدَمَ، قُلْ لأَبْنَاءِ شَعْبِكَ: لاَ يَنْجُو الْبَارُّ بِبِرِّهِ فِي يَوْمِ مَعْصِيَتِهِ، وَلاَ يَعْثُرُ الشِّرِّيرُ بِشَرِّهِ فِي يَوْمِ تَوْبَتِهِ. كَذَلِكَ لاَ يَسْتَطِيعُ الْبَارُّ أَنْ يَحْيَا بِبِرِّهِ فِي يَوْمِ اقْتِرَافِهِ لِخَطِيئَتِهِ. وَإِنْ قُلْتَ لِلْبَارِّ إِنَّكَ لاَ مَحَالَةَ تَحْيَا، فَاعْتَمَدَ عَلَى بِرِّهِ وَأَثِمَ، فَإِنَّ بِرَّهُ كُلَّهُ لاَ يُذْكَرُ لَهُ، بَلْ يَمُوتُ بِمَا ارْتَكَبَ مِنْ إِثْمٍ. وَإِذَا قُلْتَ لِلشِّرِّيرِ إِنَّكَ لاَ مَحَالَةَ مَائِتٌ: فَارْتَدَعَ عَنْ خَطِيئَتِهِ وَمَارَسَ الْعَدْلَ وَالْحَقَّ، وَرَدَّ الرَّهْنَ، وَعَوَّضَ عَمَّا اغْتَصَبَهُ، وَسَلَكَ فِي الْفَرَائِضِ الَّتِي تُؤَمِّنُ لَهُ الْحَيَاةَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْتَكِبَ إِثْماً، فَإِنَّهُ لاَ مَحَالَةَ يَحْيَا وَلاَ يَمُوتُ فِي خَطَايَاهُ، وَلاَ تُذْكَرُ كُلُّ خَطِيئَةٍ ارْتَكَبَهَا، لأَنَّهُ عَادَ فَمَارَسَ الْعَدْلَ وَالْحَقَّ. إِنَّهُ حَيَاةً يَحْيَا!.))
فلماذا يدعوا الله خلقه للتوبة وعمل الصالحات لو كان هناك فداء عن طريق الصلب؟
ولماذا يدعو الله الأبرار بعدم الاعتماد على برهم الذى عملوه بل يُحثهم على الزيادة ، إن كان البر ودخول الجنة فقط عن طريق الصلب والفداء؟
( 12 ) : (( فاصنعوا أثماراً تليق بالتوبة )) [متى 3 : 8]
(1/362)
هذا كلام يوحنا ( يحيى عليه السلام ) أثناء وجود المسيح عليه السلام مما يبطل القول بأن المسيح عليه السلام جاء ليفدي العالم. فمن غير المعقول ألا يعرف نبى إلاهه أويُخالِف رسالة ربه. فهل ينزل الله نفسه ويقول بالصلب والفداء لغفران الخطايا ثم يقول نبيه لآ تسمعوا له ، أنا أضمن لكم الجنة إذا فعلتم أثماراً تليق بالتوبة ؟!!
إذن فقد كانت هناك توبة ، وأن الله غفور رحيم ، يقبل التوبة من عبده العاصى. فلماذا لم يقبل بالذات توبة عبده آدم وزوجته حواء؟
( 13 ) قال المسيح : (( لأنكم بالدينونة التي تدينون تُدانون )) [متى 7 : 1]
أي أن الإنسان يحاسب بنوع أعماله إن خيراً فخير وإن شراً فشر .
( 14 ) وقال : (( ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات. بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات )) [متى 7 : 21]
أي أن طاعة الله سبحانه وتعالى مقدمة على اتباع المسيح عليه السلام ، وهى السبيل لدخول الجنة، وليس كما قال بولس إن خلاصك ودخولك الجنة يتوقف على إيمانك بالصلب والفداء.
كذلك تدل هذه الفقرة على عدم إمكانية الإتحاد بين الخالق ونبيه إلا فى التعاليم وصُلْبِ الرسالة. إذ أنه لا يتحد الراسل والمرسل إليه وإلا لقلنا أنه أرسل لنفسه. وإلا لقلنا كيف يكون الاتحاد إذا كان واحد على الأرض والآخر فى السماء؟!! كيف يتم الاتحاد بين صاحب السيادة رب البيت وخادمه الذى ليس له فى أمر فى الموضوع إلا إبلاغ أوامر سيده؟!!
( 15 ) لماذا قال المسيح : (( ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً )) [متى10 : 34 ] ولماذا قال : (( جئت لألقي ناراً على الأرض )) [ لوقا 12 : 49 – 51 ] لو كان صحيح قد أتى ليفدي الناس؟
( 16 ) لقد أرسل يوحنا المعمدان للمسيح ليسأله : (( أنت هو الآتي أم ننتظر آخر)) [ متى 11 : 3 ]
ألم يعرف يوحنا إلهه الذي أرسله!؟
وما الهدف من إرسال يوحنا إذا جاء المسيح عليه السلام لخلاص البشر؟
(1/363)
من " الآتي" ؟ هل فيه إله آخر كان من المتوقع أن يأتى على الأرض؟
أم هل الآلهة الثلاثة غير متحدة ويأتون فرادى للصلب ؟
ولو صلب الإله عن خطيئة آدم فلماذا لم تصلب مريم زوجة الإله وأمه لفدية البشر من خطيئة حواء ؟
ولماذا يأتي (الآتى) إذا كان الإله قد جاء لخلاص البشر؟
ولماذا لم يسأل يوحنا الإله هل أنت الكلمة ؟ [ يوحنا 1: 1 ]
ولماذا عمَّدَ يوحنا البشر المحمَّل بالخطيئة الأزلية إلهه؟ [ متى 3: 13 ]
( 17 ) جاء في متى [ 12 : 32 ] قول المسيح : (( وأما من قال على الروح القدس فلن يغفر له لا فى هذا العالم ولا فى الآخر ))
إذن فما أهمية الفداء إذا كان هناك حساب فى العالم الآخر على أقوالنا وأفعالنا؟
( 18 ) جاء في متى [ 23 : 35 ] : (( لكى يأتى عليكم كل دم زكى سُفِكَ على الأرض من دم هابيل الصّدِّيق إلى دم زكريا بن برخيا الذى قتلتموه بين الهيكل والمذبح ))
فعيسى اعترف إذن ببر الأنبياء وعباد الله من أول خلق البشرية إلى زمانه! فما حاجة الله إلى الصلب والفداء ؟
ألم تتفكروا أية خطيئة أكبر: الأكل من شجرة معرفة الخير من الشر أم قتل الأخ لأخيه؟ فما بالكم بقتل الإله نفسه أو ابنه ؟
( 19 ) : سُئلَ عيسى عليه السلام (( وَإِذَا شَابٌّ يَتَقَدَّمُ إِلَيْهِ وَيَسْأَلُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لأَحْصُلَ عَلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ؟ فَأَجَابَهُ : لِمَاذَا تَسْأَلُنِي عَنِ الصَّالِحِ؟ وَاحِدٌ هُوَ الصَّالِحُ. وَلكِنْ، إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ، فَاعْمَلْ بِالْوَصَايَا. 18فَسَأَلَ: «أَيَّةِ وَصَايَا؟» أَجَابَهُ يَسُوعُ: «لاَ تَقْتُلْ؛ لاَ تَزْنِ؛ لاَ تَسْرِقْ؛ لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ؛ 19أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ؛ وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ...)) [ متى 19 : 16 ] ، [ لوقا 18 : 18 ]
ماذا قال المسيح للسائل ؟
(1/364)
هل قال له : تؤمن بعقيدة الصلب والفداء؟ لا قال له تشهد أنه واحد فقط هو الإله الصالح(أى توحِّد الله) ثم تأتى بالأعمال الصالحة.
فأين هنا عقيدة الصلب والفداء؟ وما أهمية حفظ الوصايا هنا لو كان الخلاص بالصلب؟
وأين هذا من أقوال بولس الذي حرف دين المسيح ؟ ألم يقل بولس:
(( إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضاً بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَيَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.)) غلاطية [ 2: 16 ]
(( لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ. وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ مَشْهُوداً لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. 23إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ 24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ 25الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ.)) رومية [ 3: 20-25 ]
(( فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئاً.)) عبرانيين [ 7: 18-19 ]
(1/365)
( 20 ) : سئل عيسى عليه السلام: (( يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ )). [متى 22 : 36-40]
فلماذا لم يَقُل إنه عليك أن تؤمن بعقيدة الصلب والفداء؟ وأين عقيدة الفداء والصلب هنا؟ ولماذا الفداء هنا؟ وأين هذا من أقوال بولس المذكورة أعلاه؟
( 21 ) : من صفات الله التى لا يختلف عليها العقلاء (العدل والرحمة والغفران).
فأين الرحمة لو صُلِبَ برىء تكفيراً عن شخص آخر؟
وهل يُصلب إله تكفيراً عن خطيئة بشر؟ ولو قلتم إن الذى صُلِبَ كان بشر أيضاً ، لقلنا لقد انفصل وقتئذ إذن لاهوته عن ناسوته ، وبذلك ينتفى الاتحاد التام والكامل فى القول والعمل الذى تنادون به.
فما بالك إذا كان الآخر ابن الإله؟
هل كان يريد أن يتخلص من ابنه؟
أم هل كان عاجزاً عن الغفران بدون هذه المسرحية؟
وكيف يثق خلقه به إذا كان قد ضحى بالبار البرىء من أجل غفران خطيئة مذنب آخر؟
وكيف نصدق أنه إله عادل إذا كان هذا هو عدله _ يدخل أنبياءه ورسله وعباده الصالحين النار في انتظار صلب ابنه ثم ينزل إلي الجحيم ليخلصهم ؟!!
أليس هذا هو ما تؤمن به الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية ؟
هل هو قاسي القلب لهذه الدرجة : يحب آدم وحواء وذريتهما أكثر من ابنه؟
ولماذا لم ينتقم من يعقوب عندما ضحك عليه وسرق النبوة من أبيه؟ (تكوين 27)
ولماذا لم ينتقم الله (فى زعمكم)من يعقوب الذى تصارع معه وقهره؟(تكوين32: 22-30)
ولو كان الصلب والفداء لغفران خطيئة آدم وحواء – فكيف يكفر عن خطيئة الشيطان ؟
(1/366)
وهل سيضطر إلى النزول مرة أخرى والزواج من شيطانة لينجب شيطاناً يصلب عن الشياطين؟
أليست خطيئة الشيطان أعظم وأجل؟
أم كان صَلب ابنه (أقصد نفسه) هذا نيابة عن الجن والإنس؟
ولماذا لم ينتقم من نبيه يهوذا الذى زنا بزوجة ابنه (تكوين 38: 12- 26)
ولماذا لم ينتقم من لوط الذى تقولون إن زنى بابنتيه؟ (تكوين 19: 30-38)
ولماذا لم ينتقم من أمنون الذى تقولون عنه إنه زنى بأخته؟ (صموئيل الثانى 13)
ولماذا لم ينتقم من داود الذى تتهمونه بالزنا مع امرأة جاره بعد ارتكابه خيانة عظمى فى حق جيشه وجنوده ليقتل زوجها ؟ (صموئيل الثانى 11)
ولماذا لم ينتقم من سليمان الذى عبد الأوثان؟ (ملوك الأول 11: 9-10)
ولماذا لم ينتقم من بنى اسرائيل الذين عبدوا العجل بعد أن أنقذهم وأخرجهم من مصر؟ ( خروج 32: 1-6)
ولماذا لم ينزل مرة أخرى ليصلب ليكفر عن خطيئة من قتلوا ابنه وحرفوا دينه؟
ولماذا تعجَّلَ وأمر بقتل و رجم المرتد ، لو كان فى نيته أن يفديه ويغفر له خطاياه بموت ابنه على الصليب؟ (تثنية 13: 6-10) وهل من العدل أن يتساوى الكافر والمؤمن لمجرد صلب إنسان برىء ؟
وهل بهذا قد تعلم شعب الصليب تحمل مسؤولية أعمالهم؟ لا.
إنهم يحملون ظهر إلاههم بأثقال من الذنوب والإثام، لا بد معها من ارسال ابنه مرة أخرى وربما ابنته وزوجته وكل أقربائه مرات ومرات حتى يرضيه منظر الدماء والضحايا ليتوب عليهم ويغفر لهم!!
أليس من الأسهل لو أنه انتقم من الشيطان وأراح واستراح؟
ولماذا لم ينتقم من بنى إسرائيل على سرقتهم حلى المصريين؟ (خروج 12: 35-36)
ولماذا لم ينتقم ممن أوقدوا نيران الحرب وقتلوا الأبرياء فى صبرا وشاتيلا وفى جنين؟
أيهما أهم عند هذا الإله: الأكل من شجرة معرفة الخير والشر أم قتل النفس؟
كيف يكون إله بار رحيم حنّان منّان وهو يُضمر كل هذا الشر فى نفسه؟ كل هذا العمر لينتقم من فلذة كبده؟ ثم تقولون الله محبة؟!!!
(1/367)
ألم يقل : (( إنه إله غيور يتفقد ذنوب الآباء فى الأبناء فى الجيل الثالث والرابع من مبغضيه؟ )) فلماذا كذب وانتظر كل هذه الأجيال؟ (خروج 20: 5)
وإذا كان هذا حاله مع من أحب - مع ابنه – فماذا يكون حاله معنا نحن؟
ولماذا لم ينتقم من الشيطان الذى قهره أربعين يوما يجربه فى البرية؟ (متى 4: 1-11)
ولماذا لم ينتقم من الشيطان الذى وسوس لآدم وحواء وتسبب فى هذه الخطيئة؟
هل يُعجبه أن يصفه أحد خلقه بالقسوة وعدم الرحمة؟ (( إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا!اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ )) رومية [ 8: 31-32.]
أم نزل هو ليصلب ليظل خلقه يلعنوه إلى يوم الدين ثم يخلدهم فى الجنة بهذا العمل الأسطورى الذى راح هو ضحيته؟ (( اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَة. )) [غلاطية 3: 13]
كيف ترك إلهكم لاهوته ورضي أن يعيش في رحم إمرأة بين دم الحيض والنفاس ثم خرج من فرجها في صورة طفل يحبو ويتبول ويرضع من صدر امه مع ان ذلك يمثل جانباً مهماً من جوانب الله الذي له الكمال المطلق . إن ذلك لأمر عجاب.
هل هذه هى صورة الإله العظيم القدوس المنزه؟ لا. فما الذى يدفعنى لعبادته؟
نحن نقول الله أكبر من كل شىء ، نحن نقول الله العليم. ولا يمكن لإلاهكم أن تكون له نفس هذه الصفات. فقد كانت بطن أمه التى حوته أكبر منه ، وكانت أكبر منه ناهيك عن الكهف الذى ولدته فيه. فلماذا أعبد الضعيف؟ ولماذا أعبد الصغير؟
لماذا قبل إلهكم أن يتحد جسده ودمه فى البشر عندما تأكلون الخبز المقدس وتشربون الخمر؟ ألم يعلم أن مصير هذا التحول سيؤول بعد الهضم إلى المجارى؟ هل رضى لنفسه هذه الصورة المهينة؟
هل لم يعرف رئيس الكهنة قيافا إلاهه؟ وهل قبل الإله أن يحكم عليه أحد خلقه بالموت؟
(1/368)
أإله لم يعرفه أنبياؤه ولا رسله؟ (( فَقَالَ لَهُمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ قَيَافَا كَانَ رَئِيساً لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ: «أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ شَيْئاً ولاَ تُفَكِّرُونَ أَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ وَلاَ تَهْلِكَ الأُمَّةُ كُلُّهَا»وَلَمْ يَقُلْ هَذَا مِنْ نَفْسِهِ بَلْ إِذْ كَانَ رَئِيساً لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ تَنَبَّأَ أَنَّ يَسُوعَ مُزْمِعٌ أَنْ يَمُوتَ عَنِ الأُمَّةِ )) [ يوحنا 11: 49-50] أنظر النبى أعلم من الإله!! النبى تنبأ بموت الإله!! انظر نبى الله العادل الذى يحكم على إلاهه بالموت ويرى فى ذلك الخير للأمة!! فما حاجتى أن أصدق نبياً أو إلاهاً بعد؟ أليس هذا هو الدافع لخروج الناس من الكنيسة ورفض تعاليمها؟ أليس هذا هو الدافع لإنكار وجود الله ؟ أليست فكرة الصلب والفداء دافع لإكثار الخطايا والآثام واللامبالاة باقترافها ؟
أإله يسلمه للصلب نبيه يهوذا الأسخريوطى؟ أتصدقون أنه رضى بتسليم إلهه ورجح منفعة ثلاثين درهما على إلهه ووعوده؟ [ متى 26: 14-16 ]
أإله لا يساوى ثمنه ثمن حذاء رخيص؟ ثلاثين درهما؟!!
لماذا لم يرحم باقى خلقه القادمين إلى العالم عندما يُفقِدَهم الثقة فى رحمته؟
ماذا سيقولون عنه عندما يعلمون أنه ضحَّى بابنه؟ ألن يساورهم الشك ويحبطهم التشكك والأمل فى رحمته ؟
ألا يفقدهم ذلك الأمل فى أنه من الممكن ألا يعدل بينهم أو يحكم بالصلب على أحد منهم بسبب خطيئة شخص آخر؟
ما بالكم لو اتبع أحد القضاة هذا النهج البولسى وحكم بقتل شخص برىء بذنب آخر؟
أأكل أنا وأسرتى فى أحد المطاعم وتُجْبَر أنت على دفع فاتورة الطعام؟
قولوا لى بالله عليكم : ما هو الذنب الذى ارتكبه آدم وحواء؟ أن أكلا من شجرة معرفة الخير والشر؟
هل كان عليهما ألا يعرفا طريق الخير فينتهجاه وألا يعرفا طريق الشرفيتجنباه؟
(1/369)
قد تقول لى إن ذنبهما هو عصيان أمر الله. أقول لك وما الحكمة أن يمنع الله
خلقه من معرفة الخير من الشر؟
هل كان يريد أن يتركهما فى ظلام الجهل وعدم معرفة الخير من الشر ثم يحاسبهما فى الآخرة ؟
ألست معى فى أنهما لو كانا قد عرفا ذلك لاقتضى علمهم بالخير أن يتبعا طريق الله القويم ؟
ألست معى أنه في جميع الشرائع لابد أن تتناسب العقوبة مع الجريمة نفسها؟
فهل يتناسب الصلب ، مع خطيئة آدم؟
وهل كفَّ الشيطان عن محاربة الله بعد أن وسوس لآدم وحواء؟
فلماذا يترك هذا الإله الحلول الجذرية فلا ينتقم من آدم وحواء ، ولا ينتقم من الشيطان ، بل ينتقم من ابنه البرىء الذى سُرَّت به نفسه؟
ألا تقولون إن الأنبياء السابقين عصوا الله وزنوا ؟
ألا تقولون إن سليمان ضلَّ عن طريق الله القويم وعبد الأوثان؟
ألا تقولون إن إبراهيم رضى بعبث فرعون بزوجته فى مقابل دراهم معدودة ؟
هل كان كل هذا طاعة لأوامر الله أم عصيان له وإفسادٌ فى الأرض؟
فلو كان طاعة ، لقلنا سبحان الله. كيف ترضون بإله ديوث لا يرضى إلا بالزنا والدياثة ؟
وإن قلتم عصيان ، لقلنا كيف تتهمون الله سبحانه وتعالى بالجهل فى اختيار أنبيائه ولحكمتم على كتابكم بأنه ليس من عند الله. فهذا إلاه يستحق الصلب فعلاً ولكن ليس من أجل خطيئة عبدين من عباده أكلا من شجرة.
أليس هذا ذنب الله الذى لم يترك لآدم وحواء الإكثار من الأكل من شجرة معرفة الخيروالشر؟
فلماذ أراد منعهم من معرفة الخير؟
( 22 ) قال المسيح : (( فكونوا أنتم رحماء كما أن أباكم أيضاً رحيم )) لوقا [ 6: 36] لك أن تتخيل أن نصارى العالم يرون فى قتل الأب لابنه رحمة وغفران ؟
لك أن تتخيل أن نصارى العالم يرضون بقتل الآب لابنه من أجل خطية آدم وخطاياهم؟ أليس هذا باعث للإستمرار فى الخطايا ؟
وما قيمة قوله (( من يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده )) لوقا [ 5: 21 ] ؟
(1/370)
فإذا كان هو إله غفَّار فلماذا لم يغفر خطيئة آدم وحواء ؟
ألا يريد أن يكون قدوة يقتدى به خلقه؟
( 23 ) (( وتبتهج روحي بالله مخلصي )) [ لوقا1 : 47]
فإذا كان الله يغفر الذنوب فلماذا لم يغفر لآدم وحواء؟ لماذا يعذب ابنه؟ أم إنه فى حاجة إلى أن يُرسل أحد أبنائه فى كل مرة يريد أن يغفر فيها للبشر؟
وكيف يتجرأ القسيس أن يصرح بأن الله قد غفر لمن دفع صك الغفران دون صلب وفداء؟
ألم يقل عيسى عليه السلام: (( إنِّى أريد رحمة لا ذبيحة )) متى [ 9: 13 ]
( 24 ) جاء في إنجيل لوقا [ 22 : 35 ] قول المسيح لتلاميذه : (( حِينَ أَرْسَلْتُكُمْ بِلاَ صُرَّةِ مَالٍ وَلاَ كِيسِ زَادٍ وَلاَ حِذَاءٍ، هَلِ احْتَجْتُمْ إِلَى شَيْءٍ؟» فَقَالُوا: «لاَ!» فَقَالَ لَهُمْ: «أَمَّا الآنَ، فَمَنْ عِنْدَهُ صُرَّةُ مَالٍ، فَلْيَأْخُذْهَا؛ وَكَذلِكَ مَنْ عِنْدَهُ حَقِيبَةُ زَادٍ. وَمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ، فَلْيَبِعْ رِدَاءَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً. فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هَذَا الَّذِي كُتِبَ عُدَّ مَعَ الْمُجْرِمِينَ لاَبُدَّ أَنْ يَتِمَّ فِيَّ، لأَنَّ كُلَّ نُبُوءَةٍ تَخْتَصُّ بِي لَهَا إِتْمَامٌ!» فَقَالُوا: «يَارَبُّ هَا هُنَا سَيْفَانِ.فقال لهم : يكفي !)) فلماذا طلب السيوف ؟
ألم يكن راغباً في الموت؟
ألم يعرف أن مهمته هى أن يُصلَب عن البشرية وبذلك يفديهم؟
أم إنه كان يتهرب فأمر أتباعه بشراء سيوف للدفاع عنه؟
ولكي يستنقذ المبشرون صورة يسوع الوديعة المسالمة ، فإنهم يصرخون بأن السيوف كانت سيوفاً روحية !
(1/371)
ولو كانت السيوف سيوفاً روحية ، فإن الملابس أيضاً كان ينبغي أن تكون ملابس روحية ولو كان التلاميذ سيبيعون ملابسهم الروحية لكي يشتروا بثمنها سيوفاً روحية ، فإنهم في هذه الحالة سيبشرون بالروح فقط ! وأكثر من هذا فإن الانسان لا يستطيع أن يقطع أذن الذي أمامه بسيف روحي ! فلقد جاء في إنجيل متى [ 26 : 51 ] : (( وإذا واحد من الذين مع يسوع مد يده واستل سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع إذنه )) وعندما أمره المسيح بإرجاع سيفه إلى مكانه هل كان هذا ارجاع روحي ؟
ولماذا كان بطرس كبير الحواريين الذي أعطى له فهم اسرار ملكوت السموات والارض يحمل السيف معه ؟
( 25 ) : ألم يكن الطوفان الذى حدث فى عصر نوح انتقاماً من الشعوب الكافرة؟ ألا يُعَد هذا انتقاماً من المخطئين؟
أم إن الإنتقام لا يتم إلا بصلب لبنه؟
وتقولون إنه لما تبين لله أنه لم يستطع أن يغفر الخطيئة الأزلية بعد الطوفان ، وبعد إهلاك سدوم وعمورة نزل بشكل إنسان ليُصْلَب ويغفر ذنوب البشر.
( 26 ) جاء في سفر -التثنية [21 : 23 ] : (( لأن المعلق ملعون من الله ))
وجاء في رسالة غلاطية [ 3 : 13 ] قول بولس عن المسيح : (( إذ صار لعنة لأجلنا ))
أليس معنى اللعنة الطرد من رحمة الله سبحانه وتعالى ؟
أيرضى الله سبحانه وتعالى بذلك لابنه ؟
لقد كافأ الله سبحانه وتعالى إبراهيم عليه السلام على طاعته لأمر الله سبحانه وتعالى بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام وفداه بذبح عظيم كما جاء في سفر التكوين الإصحاح [ 22 : 13] فهل إسماعيل عليه السلام أعز على الله سبحانه وتعالى من عيسى عليه السلام ؟
لماذا يضحي الله سبحانه وتعالى بابنه من أجل الفساق والفجار ؟
أيحبهم أكثر من ابنه؟!
ما رأي المدافعين عن حقوق الأولاد ؟
أليس هذا ما يسميه الغرب النصراني CHILD ABUSE؟؟؟
( 28 ) جاء في المزمور [ 34 : 19] : (( كثيرة هي بلايا الصديق ومن جميعها ينجيه الرب ))
(1/372)
وجاء في سفر إشعياء [ 53 : 10 ] : (( إن جعل نفسه ذبيحة إثم يرى نسلاً تطول أيامه ))
ونحن نقول :
إذا كان عيسى هو المسيح عليه السلام فهو لن يقتل كما تنص هذه الجملتين .
( 29 ) (( إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي )) [ يوحنا 14 : 15 ]
لماذا تُحفظ وصاياه إن كان طريق الخلاص هو الصلب والفداء؟
ألم يقل عيسى عليه السلام : (( طوبى لصانعى السلام. لأنهم أبناء الله يُدْعَوْن )) [ متى 5: 9 ]
فلماذا طالبنا بصنع السلام إذا كان طريق الخلاص هو الصلب والفداء؟
(( أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.)) [ متى 5: 13-16]
فكيف حكم عليهم بالبر والتقوى والصلاح قبل أن يُصلَب؟
ولماذا لم يُعلِّق صلاحهم وبرهم على موته وقيامته؟
وكيف كانوا نور العالم وهو لم يكن قد صُلِبَ بعد؟
( 30 ) جاء في سفر أعمال الرسل [10 : 34 – 35 ] : (( أنا أجد أن الله لا يقبل الوجوه. بل في كل أمة الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده )) : [10 : 34 – 35 ]
إذن يتقيد قبولكم عند الله بالصلب والفداء بل بالإيمان بالله وتقواه. بالإيمان بالله وحده والعمل الصالح.
( 31 ) قال بولس محرف المسيحية : (( بالخطيئة دخل الموت وسرى الي جميع البشر لأنهم كلهم خطاة )) (رومية 5 : 12)
(1/373)
إذا كانت خطيئة آدم عليه السلام سبب الموت فلماذا ما يزال الموت مستمراً بعد أن فدى المسيح عليه السلام العالم ؟
ولماذا سار اخنوخ مع الله ولم يرى الموت ؟
ولماذا صعد إيليا النبي الي السماء ولم ير الموت ؟
وإذا كنتم تسمونها خطيئة آدم ، فلماذا كل هذا الاضطهاد الذى أصاب المرأة بسبب قول بولس المحقِّر لشأن المرأة : (( وآدم لم يُغْوَ لكن المرأة أُغْوِيَت فَحَصَلَت فى التعدى )) [ تيموثاوس الأولى 2: 14 ] ثم اتهم أم البشر أجمعين بأنها حيَّة [كورنثوس الثانية 11: 3 ]
وإذا كانت حواء هى المتهمة الأولى فى القضية ، فلماذا لم ينزل الله على صورة امرأة لفداء البشرية من خطيئة المرأة؟
( 32 ) جاء عن المسيح في مرقس [ 10 : 13 _ 16 ] (( وَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَوْلاَداً لِكَيْ يَلْمِسَهُمْ. وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ فَانْتَهَرُوا الَّذِينَ قَدَّمُوهُمْ. 14فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذَلِكَ اغْتَاظَ وَقَالَ لَهُمْ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللَّهِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللَّهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ.))
وجاء عنه في لوقا [ 9 : 47 ] : (( فَعَلِمَ يَسُوعُ فِكْرَ قَلْبِهِمْ وَأَخَذَ وَلَداً وَأَقَامَهُ عِنْدَهُ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ قَبِلَ هَذَا الْوَلَدَ بِاسْمِي يَقْبَلُنِي وَمَنْ قَبِلَنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي لأَنَّ الأَصْغَرَ فِيكُمْ جَمِيعاً هُوَ يَكُونُ عَظِيما ))
لقد حكم المسيح على الأطفال بالبراءة وأكد خلوهم من فرية الخطيئة الأزلية. فأين عقيدة الصلب وسفك الدماء والفداء هنا؟
(1/374)
فأين هذا من قول بولس: (( وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيباً يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!)) [عبرانيين 9: 22 ]
فإذا كان هذا رأيه فى الأطفال دون صلب أو فداء فلماذا الصلب وسفك الدماء إذن؟
وها هى براءة الأطفال التى أقر بها عيسى عليه السلام من خطيئة آدم وحواء منذ صغرهم. فلماذا الصلب وما أهمية الفداء؟
هذا ولقد شهد عيسى عليه السلام لتلاميذه بالبر والصلاح قبل أن يُصلَب ويقوم فقال : (( أَنْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ تَدِينُونَ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ أَدِينُ أَحَداً. 16وَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَدِينُ فَدَيْنُونَتِي حَقٌّ لأَنِّي لَسْت وَحْدِي بَلْ أَنَا وَالآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)) [ يوحنا 8: 15-16 ]
( 33 ) مما يُكذِّب فرية القيامة من الأموات قول بولس: (( وَلَكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ.)) [ كورنثوس الأولى 15: 20 ] إذا ما قابلناه بقول متى:
(( وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ )) [ متى 27: 52 ] فالروايتان متضاربتان حيث تدعى رسالة بولس أن عيسى هو أول من انشقت عنه الأرض، بينما يقول متى إنه أوحى إليه عكس ذلك فقد قامت عنده أجساد القديسين الراقدين.
وفى نص متى هذا يؤكد أنه كان هناك قديسين وهذا قبل أن يقوم إلهكم من الأموات ويدخل جهنم لثلاثة أيام ليفتدى البشرية.
(1/375)
( 34 ) لقد- شهد إلهكم قبل أن يموت على الصليب ويفدى البشرية من خطيئة أدم أن تلاميذه من الأطهار باسثناء واحد منهم : (( قَالَ لَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: يَا سَيِّدُ لَيْسَ رِجْلَيَّ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً يَدَيَّ وَرَأْسِي. قَالَ لَهُ يَسُوعُ: الَّذِي قَدِ اغْتَسَلَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلاَّ إِلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ. وَأَنْتُمْ طَاهِرُونَ وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّكُمْ )) [ يوحنا 13: 9-10 ] ألا يكذب هذا بدعة الصلب والفداء ؟
( 35 ) تكلم الله قائلاً: (( أَنَا إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ؟ 27لَيْسَ هُوَ إِلَهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلَهُ أَحْيَاءٍ.)) [ مرقس 12: 26 ]
فإذا كان إبراهيم واسحق ويعقوب من الأحياء (الأبرار) فكيف تُفهَم نظرية الصلب والفداء مع وجود الأخيار؟ أى لم تكن هناك خطية أزلية!! وليس هناك داعٍ لأن ينزل إلاهكم ليصلب ويموت؟
( 36 ) قال المسيح في [ متى 6 : 14 ] : (( فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ ))
ومعنى هذا أن غفران الله لنا يتوقف على مغفرتنا لاخواننا فيما بيننا ، وليس على الصلب والفداء !
ألم يقل المسيح : (( وحينئذ يحاسب كل إنسان على قدر أعماله )) متى 16: 27 فلماذا الحساب والصليب قد اعطاكم غفران شامل ؟
( 37 ) تأمل إلى قول الذين عاصروا المسيح وسمعوا لقول بولس بقيامة المسيح من الأموات! انظر إلى سخرية معاصريه من كلامه كله: (( وَلَمَّا سَمِعُوا بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ كَانَ الْبَعْضُ يَسْتَهْزِئُونَ وَالْبَعْضُ يَقُولُونَ: «سَنَسْمَعُ مِنْكَ عَنْ هَذَا أَيْضاً!)) [ أعمال الرسل 17: 32 ]
(1/376)
وقد اعترف بولس أن هذا الكلام جاء به من عند نفسه: (( وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. فَإِنَّكُمْ سَمِعْتُمْ بِسِيرَتِي قَبْلاً فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ، أَنِّي كُنْتُ أَضْطَهِدُ كَنِيسَةَ اللهِ بِإِفْرَاطٍ وَأُتْلِفُهَا.وَكُنْتُ أَتَقَدَّمُ فِي لدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى كَثِيرِينَ مِنْ أَتْرَابِي فِي جِنْسِي، إِذْ كُنْتُ أَوْفَرَ غَيْرَةً فِي تَقْلِيدَاتِ آبَائِي. وَلَكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي بِنِعْمَتِهِ أَنْ يُعْلِنَ ابْنَهُ فِيَّ لِأُبَشِّرَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، لِلْوَقْتِ لَمْ أَسْتَشِرْ لَحْماً وَدَماً)) [ غلاطية 1: 11-16 ]
وقد اعترف أنه كذاب : (( فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟)) [ رومية 3: 7 ]
(1/377)
ولقد كان بولس ينافق الجميع وكل غرضه عمل انجيل يخالف كل تعاليم عيسى عليه السلام: (( فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ – مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ – لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ.)) [ كورنثوس الأولى 9: 19-23 ]
ولقد كان محتالاً وماكراً : (( أَنَا لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكُمْ. لَكِنْ إِذْ كُنْتُ مُحْتَالاً أَخَذْتُكُمْ بِمَكْرٍ!)) [ كورنثوس الثانية 12: 16 ]
( 38 ) يمثل صلب المسيح الركن الأساسي في عقيدة النصرانية، وتزعمون أنه سبب مجيء عيسى عليه السلام لحل مشكلة الخطيئة الأصلية والفداء.
هل قال المسيح لأحد من تلاميذه ، أو غيرهم، إنه جاء إلى الدنيا من أجل الخطيئة الأزلية لأبوهم آدم ، هل ذكر المسيح خطية آدم على لسانه أم جائت على لسان بولس الذي غير دين المسيح؟
أين نجد ذلك فى الاناجيل الاربعة ؟
وكيف غاب عن المسيح أن يبشر بالسبب الرئيسي لمجيئه؟
( 39 ) تزعمون أن المسيح جاء برضاه إلى الدنيا لكي يقتل على الصليب ولكي يصالح البشرية مع الله ويفديهم بدمه ليخلصهم من خطيئة أبيهم آدم.
(1/378)
ولكن هذا يتناقض مع ما جاء في الأناجيل : (( حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي فَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ: «اجْلِسُوا هَهُنَا حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ ثُمَّ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَابْنَيْ زَبْدِي وَابْتَدَأَ يَحْزَنُ وَيَكْتَئِبُ. فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى الْمَوْتِ. امْكُثُوا هَهُنَا وَاسْهَرُوا مَعِي ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ.)) [ متى 44 : 26 ] و [ مرقس 14: 32-39 ] و [ لوقا 22: 41-44 ] و [ متى 27: 46 ]
حيث بينت الأناجيل أن المسيح لم يكن راضياً على صلبه، وأنه أخذ يصلي ويستغيث بالله، أن ينجيه من أعدائه، حتى أن عرقه صار كقطرات دم نازلة على الأرض.[ عبرانيين 5: 7 ]
واستمر في دعائه قبل القبض عليه وبعد أن وضع على الصليب حسب اعتقادكم.
ألا يكون قاتلوه أحق منه بالألوهية لأنهم تغلبوا عليه وهل كان يعرف التلاميذ ومعاصروه فرية الصلب والفداء هذه؟
الجواب : لا بدليل حزن تلاميذه والمؤمنون بصلبه؟
ألم تكن هذه الحادثة مدعاة إلى سرور الناس جميعاً؟
(( وَكُلُّ الْجُمُوعِ الَّذِينَ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ لِهَذَا الْمَنْظَرِ لَمَّا أَبْصَرُوا مَا كَانَ رَجَعُوا وَهُمْ يَقْرَعُونَ صُدُورَهُمْ.)) [ لوقا 23: 48 ] وإذا كان الخلاص من الخطيئة الأزلية لم يتم إلا بالصلب ، فما هو مصير من جاءوا قبل المسيح وقد أثبتنا أنهم أرضوا الله وكانوا من الأبرار؟
هل كان الأنبياء العظام السابقين، مدنسين بسبب خطيئة أبيهم آدم؟
هل كان الله غاضباً عليهم؟ وكيف اختارهم لهداية البشر إذاً ؟
كيف تكون عملية الصلب والقتل وإسالة دم البريْ رحمة وهبة للبشرية؟
(1/379)
ألا يرى إلهكم أن العالم يعج بأخطاء أكبر أيام وجوده على الأرض : من منكريه وحاليا من مكذبيه ومن الكافرين الملحدين ومن لاعنيه فى التلمود ومن الساخرين من تعاليمه ومن المرتدين؟
ألا يستوجب ذلك أن ينزل مرات ومرات لكى يصلبه اليهود ويكفر خطايا البشرية مرة أخرى؟ أم تخلى عن رحمته تجاه عباده؟
من كان يمسك السماوات والأرض حين كان ربها وخالقها مربوطاً على خشبة الصليب؟
وكيف يتصور بقاء الوجود ثلاثة أيام بغير إله يدبر أمره ويحفظ استقراره؟
ومن كان يدبر هذه الأفلاك ويسخرها كيف يشاء ؟
ومن الذي كان يحي ويميت ويعز من يشاء ويذل من يشاء؟
ومن الذي كان يقوم برزق الأنام والأنعام؟
وكيف كان حال الوجود برمته وربه في قبره؟
ومن الذي أماته ، ومن الذي منّ عليه بالحياة؟
( 40 ) تقولون إنَّ الله قد أرسل ابنه الوحيد ، لكي يصلب ، لتحقيق العدل والرحمة ، تكفيراً عن خطيئة آدم وحواء!
فمن الذي قيد الله ، وجعل التوفيق بين العدل والرحمة ، لا يتم إلا بقتل إبنه الوحيد؟
وأين كان الله كل هذا الوقت؟
لماذا تأخر كل ذلك الوقت الطويل ، بين حدوث المعصية من آدم حتى أرسل ابنه ليصلب
تكفيراً عن تلك المعصية ؟
وهل من رحمة هذا الإله أن يسكت كل هذا الوقت ليملأ جهنم بالعاصين والكافرين والزناة والأنبياء والأبرار؟
إنها لجريمة في حق هذا الإله!
إلا أن رحمته اقتضت ألا يُعالج هذه الجريمة إلا بجريمة أبشع منها. فقد أرسل ابنه البرىء ، فلذة كبده ليُصْلَب ليمحوا هفوة آدم (أكله من الشجرة)!!
وهكذا يُعلمنا هذا الإله كيف نكون رحماء!! اقتلوا أبناءكم لتكونوا رحماء!!
ألا تدرون ماذا يعنى هذا ؟
إنه ساوى بين المؤمنين والكافرين فى الآخرة!!
فالكل سواء بصلب الإله أم ابنه!! فلماذا البر؟ ولماذا التقوى؟ ولماذا العمل الصالح؟ لماذا نؤمن بإله؟
لماذا نصدق رسول؟
لك أن تتخيل: لقد تساوى قتلة الأنبياء مع المصلين، القائمين، الراكعين، الساجدين!!
(1/380)
لك أن تتخيل: لقد تساوى الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر مع الآمرون بالمنكر
والناهون عن المعروف!!
لماذا ظل غضب الله على البشرية، مكتوماً عن الأنبياء العظام السابقين مثل نوح وابراهيم
وموسى وأخنوخ، ولم تكتشفه إلا الكنيسة بعد حادثة الصلب؟
هل كان المسيح يقدس الصليب؟ وهل علق على رقبته صليباً؟
أم هل نسي المسيح أن يقدسه؟ ومن أين علمتم ما جهله المسيح؟
( 45 ) كان عيسى عليه السلام يتضرع لله ويصلى بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض [ لوقا 22: 44] ويدعوه ألا يتركه يُصلَب .
فهل استجاب الله لصلاته واستغاثته ودعائه أن يخلصه وينجيه من أعدائه؟
فإن كان استجاب لدعائه فهذا يتعارض مع ادعائكم بالقبض عليه وإهانته وقتله على
الصليب ، وإن لم يستجب الله له فهذا يدل على عدم رحمة الله وعلى عدم عدله : (( الَّذِي ، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ )) [عبرانيين 5: 7 ]
( 46 ) جاء فى مرقس [ 2 : 17 ] : (( وَأَمَّا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا رَأَوْهُ يَأْكُلُ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ قَالُوا لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا بَالُهُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟» فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ: لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ. ))
فلماذا كان يتودد إلى الخطاة ويعلمهم كيفية الحياة القويمة وأهمية وكيفية التوبة؟
هل قرر أبوه أن يصلبه حقاً؟ فلماذا التوبة إذن إذا كان الصلب والفداء هما الحياة
والأمل والرجاء فى غفران الخطيئة الأزلية ؟
(1/381)
وإذا كان علمهم التوبة وتابوا فلماذا ظلَّ الله يعتبرهم مخطئين إلى أن صلب ابنه ( أو نفسه على حسب اختلاف العقائد ) ؟
هل كان يضحك عليهم فنزل إليهم وأكل معهم وطلب منهم التوبة وهو يعلم أن كل هذا هراء لن يجدى ، ولن ينفعهم إلا صلب ابنه أو أن يُصلَب هو؟
( 47 ) أنكر معاصروا بولس فرية الصلب والفداء والقيامة من الأموات التى كان يدعوا إليها ضمن تعاليم أخرى تخالف تعاليم عيسى والكتاب المقدس : (( وَلَمَّا سَمِعُوا بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ كَانَ الْبَعْضُ يَسْتَهْزِئُونَ وَالْبَعْضُ يَقُولُونَ: «سَنَسْمَعُ مِنْكَ عَنْ هَذَا أَيْضاً!.)) [أعمال 17: 32 ]
(1/382)
فلقد تمكن بولس من تغيير دين عيسى عليه السلام وحال دون انتشار دينه، الأمر الذى اضطر رئيس التلاميذ إلى إدانته ، وأمره بالتطهير والتوبة ، وأرسل من المؤمنين من يغيروا تعاليمه الفاسدة بالتعاليم الحقيقية. وقد حاول الشعب قتله لأن تعاليمه مخالفة تماماً لتعاليم الناموس والأنبياء: (( وَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَبِلَنَا الإِخْوَةُ بِفَرَحٍ. وَفِي الْغَدِ دَخَلَ بُولُسُ مَعَنَا إِلَى يَعْقُوبَ وَحَضَرَ جَمِيعُ الْمَشَايِخِ. فَبَعْدَ مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ طَفِقَ يُحَدِّثُهُمْ شَيْئاً فَشَيْئاً بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ اللهُ بَيْنَ الْأُمَمِ بِوَاسِطَةِ خِدْمَتِهِ. فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعاً غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلاً أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. فَإِذاً مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضاً حَافِظاً لِلنَّامُوسِ. وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئاً مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ(1/383)
وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا». حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِراً بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ وَلَمَّا قَارَبَتِ الأَيَّامُ السَّبْعَةُ أَنْ تَتِمَّ رَآهُ الْيَهُودُ الَّذِينَ مِنْ أَسِيَّا فِي الْهَيْكَلِ فَأَهَاجُوا كُلَّ الْجَمْعِ وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ الأَيَادِيَ صَارِخِينَ: «يَا أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ أَعِينُوا! هَذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يُعَلِّمُ الْجَمِيعَ فِي كُلِّ مَكَانٍ ضِدّاً لِلشَّعْبِ وَالنَّامُوسِ وَهَذَا الْمَوْضِعِ حَتَّى أَدْخَلَ يُونَانِيِّينَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ وَدَنَّسَ هَذَا الْمَوْضِعَ الْمُقَدَّسَ». لأَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ رَأَوْا مَعَهُ فِي الْمَدِينَةِ تُرُوفِيمُسَ الأَفَسُسِيَّ فَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ بُولُسَ أَدْخَلَهُ إِلَى الْهَيْكَلِ. فَهَاجَتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا وَتَرَاكَضَ الشَّعْبُ وَأَمْسَكُوا بُولُسَ وَجَرُّوهُ خَارِجَ الْهَيْكَلِ. وَلِلْوَقْتِ أُغْلِقَتِ الأَبْوَابُ. وَبَيْنَمَا هُمْ يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ نَمَا خَبَرٌ إِلَى أَمِيرِ الْكَتِيبَةِ أَنَّ أُورُشَلِيمَ كُلَّهَا قَدِ اضْطَرَبَتْ فَلِلْوَقْتِ أَخَذَ عَسْكَراً وَقُوَّادَ مِئَاتٍ وَرَكَضَ إِلَيْهِمْ. فَلَمَّا رَأُوا الأَمِيرَ وَالْعَسْكَرَ كَفُّوا عَنْ ضَرْبِ بُولُسَ.)) [أعمال 21: 17-32 ]
ثم منعه التلاميذ بعد ذلك من الدخول وسط الشعب خوفا من هرطقته: (( وَلَمَّا كَانَ بُولُسُ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَ الشَّعْبِ لَمْ يَدَعْهُ التَّلاَمِيذُ.)) [ أعمال 19: 30 ]
(1/384)
( 48 ) لو كان قال إلهكم بهذه الفرية لكان علمها تلاميذه ولكانوا اتبعوها ، فقد جاء عيسى عليه السلام مؤكداً للرسل السابقين باعثاً لرسالاتهم فقد قال : (( لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.))
وقال أيضاً : (( فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ.)) [ متى 5 : 19 ]
لذلك تراهم كانوا فى كل حين فى المعبد ، حتى بعد أن نزل الروح القدس عليهم وبعد أن
تكلموا بألسنة تملأها الحكمة كانوا يواصلون التدريس فى المعبد فى كل حين، ولم يبرحوا
أورشليم ، أى إنهم كانوا يتبعون دين عيسى وموسى وإبراهيم :
(( وكانوا كل حين فى الهيكل يسبحون ويباركون الله )) [ لوقا 24: 53 ]
( 49 ) إن نبوءة عيسى عليه السلام بوقوع الشك من تلاميذه فيه لينقض إما عملية الصلب والفداء أو ينقض النبوءة نفسها: (( حِينَئِذٍ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هَذِهِ اللَّيْلَة ِ)) [ متى 26: 31 ]
(1/385)
( 50 ) لقد أخبرهم عيسى عليه السلام بانقاذ الله له ، وأنهم لن يقبضوا عليه ، ولن يصلبوه ، لأن الله سيصعده إلى السماء : (( فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ : أَنَا مَعَكُمْ زَمَاناً يَسِيراً بَعْدُ ثُمَّ أَمْضِي إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي. سَتَطْلُبُونَنِي وَلاَ تَجِدُونَنِي وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا». فَقَالَ الْيَهُودُ فِيمَا بَيْنَهُمْ: إِلَى أَيْنَ هَذَا مُزْمِعٌ أَنْ يَذْهَبَ حَتَّى لاَ نَجِدَهُ نَحْنُ؟ أَلَعَلَّهُ مُزْمِعٌ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى شَتَاتِ الْيُونَانِيِّينَ وَيُعَلِّمَ الْيُونَانِيِّينَ؟ مَا هَذَا الْقَوْلُ الَّذِي قَالَ: سَتَطْلُبُونَنِي وَلاَ تَجِدُونَنِي وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا؟.)) [ يوحنا 7: 33-36 ]
(( قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا فَقَالَ الْيَهُودُ: أَلَعَلَّهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ حَتَّى يَقُولُ: حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا؟» فَقَالَ لَهُمْ : أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ )) [ يوحنا 8: 21- 23 ]
(( وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ )) [ يوحنا 8: 29 ]
(1/386)
لذلك أعطاه الله نعمة إخفاء شخصيته وصورته وصوته عن الناس والتلاميذ، فقد أرادوا أن يقذفوه من فوق الجبل فمكنه الله من تغيير هيئته وخرج من وسطهم وهم لم يعرفوه: (( فَامْتلأَ غَضَباً جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ حِينَ سَمِعُوا هَذَا فَقَامُوا وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَجَاءُوا بِهِ إِلَى حَافَّةَِ الْجَبَلِ الَّذِي كَانَتْ مَدِينَتُهُمْ مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ حَتَّى يَطْرَحُوهُ إِلَى أَسْفَلُ. أَمَّا هُوَ فَجَازَ فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى.)) [ لوقا 4: 28-30 ]
كذلك لم يعرفه اثنان من أتباعه وأحبائه: (( وَفِيمَا هُمَا يَتَكَلَّمَانِ وَيَتَحَاوَرَانِ اقْتَرَبَ إِلَيْهِمَا يَسُوعُ نَفْسُهُ وَكَانَ يَمْشِي مَعَهُمَا. وَلَكِنْ أُمْسِكَتْ أَعْيُنُهُمَا عَنْ مَعْرِفَتِه )) [ لوقا 24: 15-16]
(1/387)
بل لم يعرفه تلاميذه وخاصته : (( بَعْدَ هَذَا أَظْهَرَ أَيْضاً يَسُوعُ نَفْسَهُ لِلتّلاَمِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ. ظَهَرَ هَكَذَا : كَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَتُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ وَنَثَنَائِيلُ الَّذِي مِنْ قَانَا الْجَلِيلِ وَابْنَا زَبْدِي وَاثْنَانِ آخَرَانِ مِنْ تلاَمِيذِهِ مَعَ بَعْضِهِمْ.قَالَ لَهُمْ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّدَ». قَالُوا لَهُ: «نَذْهَبُ نَحْنُ أَيْضاً مَعَكَ». فَخَرَجُوا وَدَخَلُوا السَّفِينَةَ لِلْوَقْتِ. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يُمْسِكُوا شَيْئاً. وَلَمَّا كَانَ الصُّبْحُ وَقَفَ يَسُوعُ عَلَى الشَّاطِئِ. وَلَكِنَّ التّلاَمِيذَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ يَسُوعُ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «يَا غِلْمَانُ أَلَعَلَّ عِنْدَكُمْ إِدَاماً؟». أَجَابُوهُ: «لاَ!» فَقَالَ لَهُمْ: «أَلْقُوا الشَّبَكَةَ إِلَى جَانِبِ السَّفِينَةِ الأَيْمَنِ فَتَجِدُوا. فَأَلْقَوْا وَلَمْ يَعُودُوا يَقْدِرُونَ أَنْ يَجْذِبُوهَا مِنْ كَثْرَةِ السَّمَكِ. فَقَالَ ذَلِكَ التِّلْمِيذُ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ: «هُوَ الرَّبُّ». فَلَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَّبُّ اتَّزَرَ بِثَوْبِهِ لأَنَّهُ كَانَ عُرْيَاناً وَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ.)) [ يوحنا 21: 1-7 ]
(1/388)
وكذلك لم يعرفه اليهود ، الذين كانوا يسمعونه فى المعبد فى كل حين، ولو كان بإمكان اليهود القبض عليه والتعرف عليه لفعلوا ، ولكن تغيير صورته وشكله وصوته أشكل عليهم الأمر ، مما اضطرهم للجوء لأحد تلاميذه ليرشدهم عليه: (( فَأَخَذَ يَهُوذَا الْجُنْدَ وَخُدَّاماً مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ وَجَاءَ إِلَى هُنَاكَ بِمَشَاعِلَ وَمَصَابِيحَ وَسِلاَحٍ. فَخَرَجَ يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا يَأْتِي عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ تَطْلُبُونَ؟» أَجَابُوهُ: «يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ». قَالَ لَهُمْ: «أَنَا هُوَ». وَكَانَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ أَيْضاً وَاقِفاً مَعَهُمْ. فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ: «إِنِّي أَنَا هُوَ» رَجَعُوا إِلَى الْوَرَاءِ وَسَقَطُوا عَلَى الأَرْضِ. فَسَأَلَهُمْ أَيْضاً: «مَنْ تَطْلُبُونَ؟ فَقَالُوا: «يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ». أَجَابَ: قَدْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي أَنَا هُوَ. فَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي فَدَعُوا هَؤُلاَءِ يَذْهَبُونَ.))
[ يوحنا 18: 3-8 ]
كذلك أمسك أعين مريم المجدلية أن تعرفه: (( وَلَمَّا قَالَتْ هَذَا الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفاً وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ. قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟ فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ فَقَالَتْ لَهُ: «يَا سَيِّدُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ وَأَنَا آخُذُهُ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ!» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي» الَّذِي تَفْسِيرُهُ يَا مُعَلِّمُ.)) [ يوحنا 20: 14-16 ]
(1/389)
لكن ألم يتمكن عيسى عليه السلام من أن يخفى صورته وشكله وصوته عن يهوذا اللإسخريوطى؟ فلماذا لم يفعل؟ وإن قلتم أنه تعمَّدَ ذلك لفداء البشرية لوقعتم فى حيرة توضيح السبب الذى جعله يصلى لله بأشد لجاجة ليذهب عنه كأس الموت !! [ عبرانيين 5 : 7 ] و [ لوقا 22 : 42 ]
( 51 ) حسب ما جاء في سفر التكوين [3: 16-19] نجد ان الله لم ينتظر لكى ينزل ليُصلب حتى تتهيأ رحمته لتغفر لآدم وحواء أكلهما من الشجرة ، بل عاقب الله آدم وحواء فى الحال : (( وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْك. وَقَالَ لِآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكاً وَحَسَكاً تُنْبِتُ لَكَ وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُود.))
كما عاقب الحية نفسها فى لحظتها أيضاً: (( فَقَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هَذَا مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعِينَ وَتُرَاباً تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَه)) [ تكوين 3: 14-15]
فلماذا إذن الصلب والفداء؟
(1/390)
( 52 ) لم يطلب عيسى عليه السلام من أتباعه إلا عبادة رب السماوات والأراضين فهو القائل لهم : (( فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ. خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ. وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا. وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضاً زَلَّاتِكُمْ.)) [ متى 6: 9-15 ]
فأين هذا الطلب وهذه الصلاة التي تتضمن طلب المغفرة من الله بالمقارنة مع أقوال بولس الذي غير دين المسيح الواردة في رسالته الي غلاطية !
أما المعاصرين لعيسى عليه السلام والأجيال التى عاشت بالقرب من زمانه فقد كان منهم من يرفض فكرة تأليه عيسى عليه السلام ، ومنهم من رفض أنه صُلِبَ ، ومنهم من رفض مسائل الصلب والفداء. منهم:
الماينسية الكاربوكراتية الساطرينوسية
الماركيونية البارديسيانية النايتانيسية
البارسكاليونية البوليسية
وهؤلاء مع كثيرين غيرهم لم يُسلِّموا أن عيسى عليه السلام قد سُمِّرَ فعلاً ، ومات على الصليب ، حتى إنهم استخفوا بالصلب والصليب (( وَلَمَّا سَمِعُوا بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ كَانَ الْبَعْضُ يَسْتَهْزِئُونَ وَالْبَعْضُ يَقُولُونَ: «سَنَسْمَعُ مِنْكَ عَنْ هَذَا أَيْضاً!.)) [ أعمال 17: 12]
( وهذا مقرر فى تاريخ " موسيهيم " الشهير الذى يدرس فى مدارس اللاهوت الإنجيلية )
(1/391)
فقد اعتقدت هذه الطوائف بألوهية عيسى عليه السلام ، وجزمت بأنه لا يجوز أن يُمتَهَن ، واستنتجت من هذا أنه لم يُصلَب قطعاَ ، وأن ألفاظ التوجع والتضجُّر التى نسبتها إليه كتب النصارى المتأخرين لم يتفوه بها ولا تصح نسبتها إليه.
ومنهم السيرنتيون فإنهم قرروا أن أحد الحواريين صُلِبَ بدل عيسى، وقد عثر على فصل من كتاب الحواريين وإذا كلامه نفس كلام الباسيليدين. وقد صرَّحَ إنجيل القديس برنابا أن الذى صُلِبَ بدل عيسى هو يهوذا.
كذلك فإن المسيو " ارنست دى بوش " الألمانى قد قال فى كتابه (الإسلام أى النصرانية الحقَّة) ص 142 ما معناه: إن جميع ما يختص بمسائل الصلب والفداء هو من مبتكرات ومخترعات بولس ومَن شابهه من الذين لم يروا المسيح ، وليست من أصول النصرانية الحقة.
بالإضافة إلى ذلك فإن أغلب الشعوب الشرقية – قبل الإسلام – رفضت قبول مسألة الصلب والقتل ، حتى قال باسيليوس الباسيليدى: إن نفس حادثة القيامة بعد الصلب لتُعَد من ضمن البراهين الدالة على عدم حصول الصلب على ذات المسيح.
قال المسيو " أردوار سيوس " الشهير أحد أعضاء الأنسيتودى الفرنسى فى باريس وهو مشهور بمعارضته للمسلمين – فى كتابه ص 49) : " إن القرآن ينفى قتل عيسى وصلبه ، ويقول بأنه ألقى شبهه على غيره ، فغلط اليهود فيه ، وظنوا أنهم قتلوه ، وما قاله القرآن موجود عند طوائف نصرانية منهم : الباسيليدون. فقد كانوا يعتقدون بغاية السخافة أن عيسى وهو ذاهب لمحل الصلب أُلقى شبهه على (سيمون السيرناى [القيروانى]) تماماً، وألقى شبه سيمون عليه، ثم أخفى نفسه ليضحك على مضطهديه – اليهود – الغالطين.
(1/392)
والله قد يكون معهم حق ، على الأخص أن الأناجيل الثلاثة المتوافقة اتفقت على أن الذى حمل صليب عيسى وهو متجه ليُصلب هو سمعان القيروانى (مرقس 15: 21 ؛ لوقا 23: 26 ؛ ومتى 27: 32) ؛ وقد أكد يوحنا أن الذى حمل الصليب هو عيسى نفسه [يوحنا 19: 17] فلا يُستَبعَد أن يكون حامل الصليب هو سمعان القيروانى ثم أُلقِىَ شبه عيسى عليه وأكمل المسيرة ليُصلَب نيابة عن نبيه، خاصة وأن وقت تنفيذ الحكم كان فى وقت الغلس ، وإسدال ثوب الظلام، فيُستنتج من ذلك إمكان إبدال المسيح عليه السلام بحامل الصليب أو بأحد المجرمين الذين كانوا فى سجون القدس منتظرين حكم القتل عليهم. وهذا ما قال به " ملمن " فى الجزء الأول من كتابه المسمى (تاريخ الديانة النصرانية).
(1/393)
فقد كان عيسى عليه السلام يُجيد تغيير شكله وصورته وصوته: [ لوقا 24: 13-19] [ يوحنا 18: 3-8 ] ؛ (( بَعْدَ هَذَا أَظْهَرَ أَيْضاً يَسُوعُ نَفْسَهُ لِلتّلاَمِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ. ظَهَرَ هَكَذَا: كَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَتُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ وَنَثَنَائِيلُ الَّذِي مِنْ قَانَا الْجَلِيلِ وَابْنَا زَبْدِي وَاثْنَانِ آخَرَانِ مِنْ تلاَمِيذِهِ مَعَ بَعْضِهِمْ. قَالَ لَهُمْ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّدَ». قَالُوا لَهُ: «نَذْهَبُ نَحْنُ أَيْضاً مَعَكَ». فَخَرَجُوا وَدَخَلُوا السَّفِينَةَ لِلْوَقْتِ. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يُمْسِكُوا شَيْئاً. وَلَمَّا كَانَ الصُّبْحُ وَقَفَ يَسُوعُ عَلَى الشَّاطِئِ. وَلَكِنَّ التّلاَمِيذَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ يَسُوعُ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «يَا غِلْمَانُ أَلَعَلَّ عِنْدَكُمْ إِدَاماً؟. أَجَابُوهُ: «لاَ!» فَقَالَ لَهُمْ: أَلْقُوا الشَّبَكَةَ إِلَى جَانِبِ السَّفِينَةِ الأَيْمَنِ فَتَجِدُوا». فَأَلْقَوْا وَلَمْ يَعُودُوا يَقْدِرُونَ أَنْ يَجْذِبُوهَا مِنْ كَثْرَةِ السَّمَكِ. فَقَالَ ذَلِكَ التِّلْمِيذُ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ: «هُوَ الرَّبُّ». فَلَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَّبُّ اتَّزَرَ بِثَوْبِهِ لأَنَّهُ كَانَ عُرْيَاناً وَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ. )) [ يوحنا 21: 1-7 ]
(1/394)
فإن كانت عنده المقدرة على إخفاء نفسه على تلاميذه المقربين إليه ، فلماذا لم يستغل هذه الموهبة للهروب من اليهود؟ ألم تكن هذه أمنيته؟ ألم يصلى لله أن يُذهب عنه هذه الكأس؟ (( وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ. وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.)) [لوقا 22: 41-43]
ألم يقل عنه بولس : (( الَّذِي ، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ )) [عبرانيين 5: 7 ]
ألم يؤكد عيسى عليه السلام أنه لن يُقبض عليه ولن يُسلَّم لليهود؟ (( فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ زَمَاناً يَسِيراً بَعْدُ ثُمَّ أَمْضِي إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي. سَتَطْلُبُونَنِي وَلاَ تَجِدُونَنِي وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا. فَقَالَ الْيَهُودُ فِيمَا بَيْنَهُمْ: «إِلَى أَيْنَ هَذَا مُزْمِعٌ أَنْ يَذْهَبَ حَتَّى لاَ نَجِدَهُ نَحْنُ؟ أَلَعَلَّهُ مُزْمِعٌ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى شَتَاتِ الْيُونَانِيِّينَ وَيُعَلِّمَ الْيُونَانِيِّينَ؟ مَا هَذَا الْقَوْلُ الَّذِي قَالَ: سَتَطْلُبُونَنِي وَلاَ تَجِدُونَنِي وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا؟.)) [يوحنا 7: 33-36]
(1/395)
(( قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا» فَقَالَ الْيَهُودُ: «أَلَعَلَّهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ حَتَّى يَقُولُ: حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا؟» فَقَالَ لَهُمْ: « أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. فَقُلْتُ لَكُمْ إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ». فَقَالُوا لَهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مِنَ الْبَدْءِ مَا أُكَلِّمُكُمْ أَيْضاً بِهِ. إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَتَكَلَّمُ وَأَحْكُمُ بِهَا مِنْ نَحْوِكُمْ لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ. وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ فَهَذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ». وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ الآبِ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ.)) [ يوحنا 8: 21-29 ]
(( لا أموت بل أحيا وأحدِّث بأعمال الرب ... إلى الموت لم يُسلمنى )) [مزامير 118: 17-18]
(( تُصيبُ يدَكَ جميعَ أعدائكَ ... ... لأنهم نصبوا عليك شراً ، تفكروا بمكيدة ثم لم يستطيعوها )) [مزامير 21: 8-11]
(( الربُّ قضاءً أمضى ، الشرير يُعَلَّقُ بعملِ يديه )) [مزامير 9: 16]
فأين قضاء الله هذا لو صلب ابنه ؟ أين المصداقية فى كلام الرب هذا ؟
(1/396)
فلو كذَّبتُ كلامه هذا فأنى لى أن أثق فى عدله إنْ كان قد صلب ابنه لغفران خطيئة آخرين؟ ولو صدقت فرية الصلب والفداء فكيف أثق فى هذا الكتاب إذا كان رب هذا الكتاب كاذب؟
فلم يُعَلَّقُ الشرير بعملِ يديه كما قال بل البرىء هو الذى صُلِب؟
وكيف أثق فى كلام الإله بعد أن ترك ابنه يثق فى الفوز والنصر على أعدائه (ثقوا أنى قد غلبت العالم) وأوهمه أن يده تصيب كل أعداءه لأنهم نصبوا عليه شراً وتفكروا بمكيدة هو الذى مكنهم منها؟
هل تتخيل بعد ذلك أن عيسى عليه السلام تكلم عن فرية الصلب والفداء هذه؟(1/397)
الجذور التاريخية لعقيدة الصلب والفداء
ان عقيدة صلب المسيح مقرونة بفكرة الفداء والخطيئة الأولى وهي عقيدة وثنية محضه تمتد جذورها إلي مئات السنين قبل ميلاد المسيح عليه السلام .
ويذكر ( الفرد لوازي ) L. De Grandma is on, Jesus-Chrisl, t.2/p. 5/9 _ _ بأن المسيحية تأثرت وتفاعلت بالديانات الوثنية السرية المنتشرة آن ذاك في الامبراطورية الرومانية ، وبلدان الشرق الأدنى ، لا سيما في مصر وسوريا وبلاد فارس ، حيث كانت طقوس العبادة تمثل على المسرح موت الآلهة ، وبعثهم تشجيعاً للراغبين في الانتساب إلي تلك الديانات ، والطامعين في البقاء والخلود .
ويؤكد ذلك المؤرخ المسيحي ( ول ديورانت ) حيث يذكر أن الامميين في بلاد اليونان الذين آمنوا بالمسيح ، ولم يروه ، قد آمنوا به كما آمنوا بآلهتهم المنقذة ، التي ماتت لتفتدي بموتها بني الانسان ، حيث كانت هذه العقيدة منتشرة منذ زمن بعيد في مصر وآسية الصغرى وبلاد اليونان . ( قصة الحضارة ) الجزء الثالث رقم 11 ص 264 .
وقد أسهب جميع علماء مقارنة الأديان والمهتمين بالتاريخ القديم ، في الحديث عن عقيدة الصلب والفداء ، وعن أصولها ، وكانوا جميعاً متقاربي الآراء في بيان جذور هذه العقيدة ، وكيفية وصولها للديانة المسيحية المحرفة ، ومن هؤلاء صاحب كتاب العقائد الوثنية في الديانة المسيحية الذي كان عبارة عن خلاصة إطلاعه على ما يقرب من أربعين كتاباً أجنبياً في مقارنة الأديان وفي التاريخ القديم . حيث جمع الشيىء الكثير مما يشترك فيه المسيحيين مع الوثنيين المختلفي النحل ، والامكنة في العقائد .
وإليك أيها القارىء الكريم جانباً بسيطاًً من الاعتقاد الوثني في المسيحية :
البوذيون وعقيدة الخطية والصلب :
(1/398)
ان ما يروى عن البوذيين في أمر بوذا فهو أكثر انطباقاً على ما يرويه المسيحيين عن المسيح من جميع الوجوه ، فبوذا هو الطيب المخلص وهو الابن البكر الذي قدم نفسه ذبحية ليكفر آثام البشر ويجعلهم يرثون ملكوت السموات وقد كانت ولادته بسبب خلاص العالم من التعاسه . وقد بين ذلك كثير من علماء الغرب منهم : ( بيل ) في كتابه / تاريخ بوذا ، و ( هوك ) في رحلته ، و ( مولر ) في كتابه / تاريخ الآداب السنسكريتية . . . وغيرهم
راجع كتاب العقائد الوثنية في الديانة النصرانية صفحه 41 ، 43 .
المصريون القدماء وعقيدة الخطية والصلب :
كان المصريون القدماء _ يقدمون من البشر ذبيحة إرضاء للآلهة وقد تمكنت هذه العقيدة الشريرة من نفوسهم حتى صاروا يقدمون الابن البكر من احد العائلات الأتاتانية ، ذبحية يأخذونه إلي الهيكل في فستات في عالوس ويضعون على رأسه إكليلاً ثم يذبحونه قرباناً للآلهة كما تذبح الانعام .
ويعتقد المصريون القدماء أن ( أوزريس ) مخلص الناس من شرورهم وآثامهم وأنه يلاقي في سبيل هذا الاضطهاد والعذاب .
يقول العلامة مورى : يحترم المصريون ( أدسيريس ) ويعدونه أعظم مثال لتقديم النفس ذبيحة لينال الناس الحياة .
وقد كان الهنود الوثنيين يصفون ( كرشنة ) بالبطل الوديع الذي قدم نفسه ذبيحة للفداء للبشرية وأن هذا العمل لا يستطيع أحد أن يقوم به سواه . ( كتاب العقائد الوثنية في الديانة النصرانية صفحه 49 . )
فلم يكن يسوع الذي اعتقد المسيحيون بأنه ابن الإله الذي تجسد وقدم نفسه للموت على الصليب، افتداء الخطايا البشرية، لم يكن المسيح وحده هو الابن الوحيد اللإله الذي جاد بحياته من أجل البشر، بل هناك كثيرون أمثاله ممن ظهر في التاريخ، وفي مختلف الأمم والشعوب، حيث يوجد العديد ممن ألحقت بهم فكرة أنهم أبناء الإله تجسدوا وماتوا لأجل البشر.
(1/399)
يقول داون : إن تصور الخلاص بواسطة تقديم أحد الآلهة ذبيحة، فداء عن الخطيئة، قديم العهد جداً، عند الهنود الوثنيين وغيرهم.
وهذا عرض لعدد من هؤلاء المخلصين :
كرشنا : صلب في الهند نحو عام ( 1200/ق.م)، وهناك تشابه عجيب ـ يصل أحياناً كثيرة إلى حد التطابق التام ـ بين سيرته، ونهايته، وبين سيرة ونهاية المسيح عند المسيحيين.
مثرا : ولد مثرا في يوم ( 25/12) في كهف، وصلب في بلاد الفرس، حوالي عام (600/ق.م)، وذلك تكفيراً عن خطايا وآثام البشر.
وكان له في بلاده شأن عظيم، وهو معبود الفداء، وهناك تشابه أيضاً بين سيرته وسيرة المسيح عند المسيحيين من عدة نواح، وهي :
- ولد مثرا عن عذارء.
- مجده الرعاة، وقدموا له الفواكه.
- تنطوي ديانته على عقيدة الكلمة، وعقيدة الثالوث.
بوذا سيكا : صلب في الهند عام ( 600/ق.م)، ومن أسمائه: نور العالم، مخلص العالم، ينبوع الحياة.
ويقولون عنه : إن بوذا سيكا قد أشفق على البشرية بسبب ما أصابهم من خطاياهم، فترك الفردوس، ونزل إلى الأرض، ليرفع عنهم خطاياهم، ويضع عنهم أوزارهم ، وكانت أمه تسمى العذراء القديسة، وملكة السماء.
كوجزا لكوت : صلب في المكسيك عام (587/ق.م)، وقد سجلت حادثة الصلب على صفائح معدنية، تصوره مرة مصلوباً فوق قمة جبل، ومرة أخرى تصوره مصلوباً في السماء، وتصوره مرة ثالثة مصلوباً بين لصين، وقد نفذت المسامير فيه إلى خشبة الصليب.
برومثيوس : صلب في القوقاز عام (547/ق.م)، حيث جاد بنفسه في سبيل البشر.
وقد كانت أسطورة صلب برومثيوس، وقتله، ودفنه، ثم قيامته من بين الموتى، تمثل على مسارح أثينة في اليونان، تمثيلاً إيمائياً صامتاً، قبل المسيح بخمسة قرون.
كيرينوس : صلب في روما عام (506/ق.م)، وسيرته تشبه سيرة المسيح من النواحي التالية:
- ولد من أم تنتمي إلى أسرة ملكانية ـ أي مقدسة.
- حملت به أمه بلا دنس .
- سعى الملك الطاغية في عصره (أموليوس) إلى الفتك به.
(1/400)
- صلبه الأشرار من قومه.
- عندما زهقت روحه غمرت الظلمة وجه الأرض .قام بعد موته من بين الموتى.
أندرا : عبد أهالي نيبال الوثنيون القدماء هذا الإله على أنه ابن للإله أيضاً، ويعتقدون أنه قد سفك دمه بالصلب، وثقب بالمسامير كي يخلص البشر من ذنوبهم.
تيان : أحد المخلصين في الصين قديماً ، فهو قديس قد مات لأجل أن يخلص الناس من ذنوبهم ، وهو إله واحد مع الإله الأكبر منذ الأزل قبل كل شيء.
أوسيريس : أحد آلهة المصريين القدماء ، ويعتبرونه مخلصاً للناس، حيث قدم نفسه ذبيحة لينال الناس الحياة، ثم إنه بعد موته قام من بين الأموات، وسيكون هو الديان في اليوم الآخر.
هروس : عبده قديماً سكان آسية الصغرى ، وكان يدعى المخلص والفادي، وإله الحياة، والمولود الوحيد، وهو إنسان حكيم عمل العجائب، وقبض عليه جنود الكلدانيين، وسمروه على الصليب ، كي يزداد ألماً ، ثم قتلوه ، وقد مات لأجل خلاص شعبه.
وهناك آخرون في التاريخ يمثلون هذا الابن الإله ، الذي قد نزل من عليانه، وتجسد بصورة البشر ، ثم صلب ، وقتل ، لأجل خلاص الإنسانية كلها من الخطايا .
فعلى النصارى ان يبحثوا عن أصل اعتقادهم . والله المستعان .(1/401)
بطلان الأسس التي تقوم عليها عقيدة الصلب والفداء
ان العقل الحر النزيه عندما ينظر إلي فكرة الصلب والفداء لا بد ان يتسائل :
1 _ أليس من السخف والإستهزاء بالعقول أن تغفر خطيئة آدم عندما أكل من الشجرة بخطيئة وجريمة أبشع وهي تعليق الإله على الصليب ليذوق الآلآم ثم قتل المسيح ؟
2 _ أليس من السفه الفكري أن نقول ان الله سبحانه وتعالى لم يرضى ان ينتقم من المجرمين الظالمين وانتقم من ابنه البرىء كما فعل الملك السفيه ؟ !
3 _ ثم ما الحكمة العظمى التي من اجلها يظل ابن آدم متحملاً لخطيئة أبيه حتى يأتي الاله يسوع في آخر الزمان ليكون قرباناً وبين عيسى وآدم عليهما السلام أنبياء ورسل لا حصر لهم ؟
4 _ وهل من العدالة الإلهية أن يحاسب الإنسان على فعل غيره ؟ !
5 _ إن القول بتوريث الخطيئة لهو في غاية الظلم الذي يتنزه عن الله سبحانه وتعالى ، إن قانون العدل ان لا تقع مسئولية الفعل إلا على من أقدم عليه ولا شأن للآخرين به ، (( كل نفس بما كسبت رهينة ))
6 _ ما رأيكم عن رجل أخطأ عبده في حقه ، فبقي بعده مدة غاضباً ، ساكتاً على معاقبته ، حتى ولد لنفسه ولداً ، فعمد إلي قتله بذنب العبد الذي كان أذنب له ؟ !!
7 _ أليس الاعقل والاعدل أن يقول هذا الإله للمذنبين : تطهروا من أخطائكم وتوبوا إلي أقبلكم ؟
فلا يكون هناك قتل ولا صلب ، ولا لف ولا دوران !!!
وإذا كان هذا الصلب بسبب ذنب اقترفه آدم _ عليه السلام _ فهو إما أن يتوب الله سبحانه وتعالى عليه ويعفو عنه ، أو أن يعاقبه ، ولا ثالث لهما ، وذلك مقتضى عدل الله ، أما أنه يصلب ابنه الوحيد بزعم العدل ، أوالرحمة ، فهذا لا يقيله من عنده مسحة عقل !!
ونحن نسأل :
هل المسيح كان مستحقاً للصلب حتى الموت أم لا ؟
(1/402)
فإن كان مستحقاً من أجل إثم أو ذنب جناه فلا يكون نائباً عن آدم وذريته وإنما يكون صلبه جزاء ما فعله ، فلا معنى لتكفير الخطيئة عندئذ. وإن لم يكن مستحقاً للموت فإن موته يكون ظلماً واعتداء يتنزه الله سبحانه وتعالى عنهما .
ثم نقول :
1 _ يلزم من يقبل هذه العقيدة أن يقبل ما يرفضه كل عقل من أن خالق الكون جل جلاله يمكن أن يحل في رحم امرأة في هذه الارض التي نسبتها إلي سائر ملكه أقل من نسبة الذرة إليها ثم يخرج من فرجها في صورة طفل ملطخ بالاقذار المصاحبة للولادة . وهذا الامر يتنافى مع لاهوته ولا يمكن لإنسان مؤمن بكمال الله المطلق يقبل هذه الفكرة .
2 _ يلزم من عقيدة الفداء والصلب ان يكون خالق الكون عاجز عن اتمام مراده بالجمع بين عدله ورحمته ( تعالى الله ) لأن صفتا العدل والرحمة لا وجود لهما في صلب المسيح ، ذلك لأن الله عذب المسيح من حيث هو بشر وهو لا يستحق العذاب لأنه لم يذنب قط ، فيكون تعذيبه بالصلب لا يصدر من عادل ولا من رحيم من باب أولى ، وهل يعقل أن الله العادل والرحيم ، يخلق ناسوتاً ويوقعه في ورطة الوقوع في انتفاء إحدى هاتين الصفتين ، فيحاول الجمع بينهما فيفقدهما معاً ؟
3 _ ما رأينا أحداً من العقلاء ولا من علماء الشرائع والقوانين يقول :
إن عفو الإنسان عمن اذنب إليه ، أو عفو السيد عن عبده الذي يعصيه ينافي العدل والكمال ، بل يعدون العفو من أعظم الفضائل ، ونرى المؤمنين بالله من الامم المختلفة يصفونه بالعفو الغفور ، ويقولون إنه أهل للمغفرة ، فدعوى المسيحيين إن العفو والمغفرة مما ينافي العدل مردوة غير مقبولة عند أحد من العقلاء والحكماء .
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة طه : 121 : (( وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى )) ويقول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة : 37 (( فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم ))
(1/403)
4 _ ان عقيدة الصلب والفداء هذه باطلة لأنها تتنافى مع القول بالألوهية حيث تستلزم وقوع الاهانة والعذاب للاله ، والاله لا يجوز ان يعذب أو تلحقه الاهانات كما لا يجوز عليه الموت . والمسيح عند المسيحيين إله مطلق ، حيث إنه : (( إله حق من إله حق من جوهر ابيه )) _ كما يقولون _ وحيث أن موت الاله محال لذا فإن عقيدة الصلب محالة لما فيها من تناقض . ولو كان ناسوت المسيح هو جزء من الله لكان ما وقع عليه من العذاب والاهانة والقتل قد وقع على الله . وهذا مستحيل .
ولو كان ناسوت المسيح هو جزء من آدم الذي هو أصل البشر لكان ما وقع عليه من عذاب واهانة وقتل هو على الناسوت فقط . وهذا يبطل فكرة الفداء والتكفير التي تقضى ان الله نزل وتجسد ليصلب وانه ليس سوى الله قادراً على حمل خطايا البشر على الصليب . وفي هذا بطلان للاهوت المسيح وزلزلة لفكرة الفداء ..
لأن الله لا يموت .
5 _ هناك العديد من الطوائف المسيحية تعتقد بأن من يؤمن بهذه العقيدة سينال غفران شامل للخطايا اللاحقة والسابقة وبهذا تكون عقيدة الصلب والفداء هي امتداد للخطيئة وليس غفران لها ، فيكون الشريرالذي يعتدى على أموال الناس وأنفسهم وأعراضهم ويفسد في الارض ويهلك الحرث والنسل ويزني ويشرب الخمر : إذا مات وهو مؤمن بموت المسيح على الصليب سينال الغفران ويكون من أهل ملكوت الله فأين العدل الالهي ؟
وصدق الله العظيم إذا يقول : (( وان ليس للانسان إلا ما سعى ))
ان مؤاخذة بريء بجريرة مذنب ليس مخالفاً للشريعة فحسب ، بل هو يتعارض مع الفكرة الاساسية للعدالة الانسانية قال الله سبحانه وتعالى : (( قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون ))
فأي عدل هذا الذي يتحقق بعقاب برىء لم تقترف يداه ما يوجب له العقاب . وما ذنب الابناء في إثم ارتكبه أبوهم ؟
(1/404)
6 _ انه لو صح وكان هناك فداء لكان من الاعدل والأحكم صلب ( بعلزبول ) رئيس الشياطين الذي أغوى آدم وحواء . أو يطالب آدم بتقديم نفسه قرباناً على الصليب تكفيراً عن خطيته بعد ارتكابه للمعصية .
7 _ يعتقد الارثوذكس أن روح المسيح استطاعت ان تذهب إلي جهنم بقوة لاهوت الكلمة لكي لتخرج الانبياء من لجج الجحيم !
نعم أيها القارىء الكريم ان الارثوذكس يعتقدون ان ابراهيم خليل الرحمن وموسى كليم الله و نوح عليهم السلام وغيرهم من الانبياء كانوا في لجج الجحيم حتى خلصهم المسيح !!
وهل يعقل أن يكون أنبياء الله وهو صفوة خلقه والذين أتوا قبل المسيح لهداية البشرية والدعوة إلي الله كانوا في لجج الجحيم وبسبب الخطيئة الموروثة ؟
وإذا كان كذلك فلم نجى الله نوحاً ومن معه من الغرق ؟ ولم نجى الله إبراهيم بعد إلقائه في النار ؟ ولم فلق الله البحر لموسى وأنجاه من فرعون وكيده ؟
تناقض النصارى في جمعهم بين عقيدة صلب المسيح وألوهيته :
اذا تأملنا في قانون الايمان الذي يؤمن به النصارى سنعرف ان عقيدة الصلب والفداء تتناقض مع هذا القانون، لأن القانون ينص على ان المسيح إله حق من إله حق . . . نزل وتجسد من روح القدس ، وتأنس وصلب .
فبناء على نص هذا القانون يكون الإله الحق المساو للأب صلب وقتل أي ان اللاهوت هو الذي صلب وقتل ، وهذا هو مقتضى نص القانون وهذا يبطل العقيدة من اساسها لأن الله لا يموت .
ثم انه قد جاء في كتابكم المقدس : (( أن من علق على خشبة ملعون )) سفر التثنية
فبناء عليه فقد أصبح ابن الله ملعون _ وهو في نفس الوقت الاقنوم الثاني من الثالوث وأن الثلاثة واحد كما تعتقدون فيكون الجميع ملعونين _ فكيف يعبد من أصابته اللعنة _ واللعنة نقص والله منزه عن النقص .
8 _ هل ينقسم الله على ذاته ؟
(1/405)
قال المسيح للفريسيين حين زعموا أنه يخرج الشياطين بواسطة ( بعلزبول ) رئيسهم (( إن كان الشيطان يخرج الشيطان فقد انقسم على ذاته )) متى [ 12 : 26 ]
ونحن نقول : إن كان الله يصلب ويهين الله فقد انقسم على ذاته !
9 _ هل فدى الله آدم ببعض آدم ؟
إذا قيل أن الله لم يتعذب ، بل الذي تعذب هو ناسوت المسيح ، قلنا إما أن يكون ناسوت المسيح جزءاً من الله فيكون العذاب قد وقع على الله ، وهو غير جائز عقلاً ، أو أن يكون ناسوت المسيح جزءاً من آدم كسائرالبشر الذي توالد منه ، فيكون آدم قد فدى ببعضه ، وأن يفدي الناس بأحد منهم يبطل عقيدة الفداء والصلب ،ولا يكون هناك معنى لنزول الله ، إذ أن عقيدة المسيحيين لا تنص على كون الله انتقم من الناس في شخص أحدهم ، أو قبل فداء واحد منهم عن الآخرين . وإما أن يكون العذاب قد وقع على ناسوت المسيح ولا هوته ، ولا يخرج حكم ذلك عما قدمنا ، فثبت بذلك بطلان جواز دعوى الفداء .
10 _ ان جميع النصوص التي يذكرونها في الدلالة على ان الصلب وقع فداء للبشر ليس فيه نص واحد يعين الخطيئة التي يزعم المسيحيين أن الفداء كان لأجلها وهي خطيئة أبينا آدم ، فجميع نصوص الكتاب المقدس لا تعين هذا الامر ولا تحدده ، مما يدل على انها من مخترعات النصارى المتأخرين الذين حالوا أن يرقعوا بها فساد القول بالفداء كفارة عن الخطايا .
11 _ ان جميع الانبياء السابقين ليس فيهم من ذكر خطيئة آدم وسأل الله أن يغفرها مما يدل على أنها من مخترعات المسيحيين .
12 _ حسب عقيدة الفداء يكون أعظم الناس براً وفضلاً على المسيحيين والبشرية عموماً هم اليهود والرومان والخائن الذي دل على المسيح ، لأنهم الذين تحقق على أيديهم في زعم المسيحيين الهدف الاسمى الذي جاء من أجله المسيح وهوالموت على الصليب .
(1/406)
13 _ إن دعوى أن المسيح قام من قبره ولمسوه وتأكدوا منه ، ثم ارتفع إلي السماء تنقض دعوى أنه ابن الله وأنه تجسد بالصورة البشرية لأن الدور الذي تجسد من أجله قد أداه وانتهى ، ثم إن التجسد البشري لا حاجة إليه حيث يذهب المسيح في زعمهم عن يمين الله أبيه وهذان من أوضح القضايا لو كانوا يعقلون .(1/407)
العدالة الإلهية
إن الجزء الثاني من مبدأ الكفارة المسيحية هي أن عدالة الله تتطلب ثمنا يدفع عن الخطيئة الأصلية وعن خطايا الإنسان الأخرى ، فإذا غفر الله لخاطئ دون قصاص فإنه يكون قد دحض عدالته .
وإن القس جولدساك يكتب في هذا الخصوص فيقول :
( لابد أن يكون واضحا وضوح الشمس في ضحاها لأي إنسان بأن الله لا يمكن أن يغفر لخاطئ دون أن يمنحه أولا قصاصا مناسبا . ذلك لأنه إذا فعل ذلك من الذي يدعوه عادلا ومنصف )
عزيزي المتصفح :
إن وجهة النظر هذه تكشف عن جهالة مطبقة عن طبيعة الله . فإن الله ليس بمجرد قاض أو حاكم . إنه إله رحيم وغفور وودود . فإذا وجد الله بعضاً من الحسنات الصادقة في الانسان أو رأى أنه تائب توبة نصوح ومتأهب بحوافز وعزيمة حقيقية ليقهر الشر في داخله ، فحينئذ يغفر الله له كافة سقطاته وخطاياه معاً .
إن إلهاً تتطلب عدالته معاوضةً لكل سقطة وخطيئة من الإنسان ليس بأفضل من شيلوك ( اليهودي الجشع ) .
إن الله الذي نعبده الذي هو خالق كل العالمين هو إله الحب والرحمة . فإذا فرض قانوناً وطريقاً ويطلب الطاعة ، فليس هذا لمنفعته الشخصية ولكن لفائدة الجنس البشري . وإذا عاقب إنساناً من أجل سقطاته وخطاياه فليس هذا لمرضاته أو للمعاوضة كما تنادي بذلك العقيدة المسيحية ، ولكن لكبح الشر وتطهير المذنب .
إن جهنم تشبه في ذاتها مستشفى ، حيث المرضى النفسانيون المهمومون بأسقام الحقد والضغينة والحزازات والأنانية ، والكآبة، والنفاق ، والفسق ، والشراهة ، والدنس ، والكبرياء .. الخ فهؤلاء سيشفون خلال معاناتهم وندامتهم في النار . ولكن أولئك الذين يستطيعون المثابرة والتحريض على فعل الخير ويتوبون توبة خالصة سيجدون الله دائما متأهبا ليغفر لهم سقوطهم وخطاياهم دون مطالبتهم بالتعويض ولا مطالبة غيرهم بهم . أليس هذا ما أذاعه حزقيال وأعلنه في الكتاب المقدس : [ حزقيال 18 : 1 – 9 ، 19 – 23 ] .
(1/408)
وأيضا أليس هذا ما علم به يسوع حيث جاء بإنجيل لوقا الإصحاح الخامس عشر : (( وَكَانَ جَمِيعُ جُبَاةِ الضَّرَائِبِ وَالْخَاطِئِينَ يَتَقَدَّمُونَ إِلَيْهِ لِيَسْمَعُوهُ. فَتَذَمَّرَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالْكَتَبَةُ قَائِلِينَ : هَذَا الإِنْسَانُ يُرَحِّبُ بِالْخَاطِئِينَ وَيَأْكُلُ مَعَهُمْ ! )) [ لوقا 15 : 1 ، 2 ] .
وقد ضرب المسيح لهم مثل الخروف قائلاً لهم : (( افْرَحُوا مَعِي، لأَنِّي وَجَدْتُ خَرُوفِي الضَّائِعَ ! أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ هَكَذَا يَكُونُ فِي السَّمَاءِ فَرَحٌ بِخَاطِيءٍ وَاحِدٍ تَائِبٍ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارّاً لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ! )) [ لوقا 15 : 4 – 7 ] .
ثم ضرب لهم مثل الدراهم الضائعة وقال : (( أَيَّةُ امْرَأَةٍ عِنْدَهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، إِذَا أَضَاعَتْ دِرْهَماً وَاحِداً، أَلاَ تُشْعِلُ مِصْبَاحاً وَتَكْنُسُ الْبَيْتَ وَتَبْحَثُ بِانْتِبَاهٍ حَتَّى تَجِدَهُ؟ وَبَعْدَ أَنْ تَجِدَهُ، تَدْعُو الصَّدِيقَاتِ وَالْجَارَاتِ قَائِلَةً: افْرَحْنَ مَعِي، لأَنِّي وَجَدْتُ الدِّرْهَمَ الَّذِي أَضَعْتُهُ. أَقُولُ لَكُمْ: هَكَذَا يَكُونُ بَيْنَ مَلائِكَةِ اللهِ فَرَحٌ بِخَاطِيءٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ. )) [ لوقا 15 : 8 – 10 ]
أنستطيع أن نتتبع منشأ العقيدة بأنه إذا لم تعوض أي خطيئة بالقصاص من شخص ما فهذا يكون انتهاك لعدالة الله !
أليس يسوع هو الذي علمنا أن نصلي إلى الله قائلين : (( وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا ! )) [ متى 6 : 12 ]
ويقول أيضاً : (( فإن غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلاَّتِهِمْ ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ زَلاَّتِكُمْ. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ زَلاَّتِكُمْ. )) [ متى 6 : 14 ، 15 ] .
(1/409)
وقد قال داود في صلواته : (( إنْ كُنْتَ يَارَبُّ تَتَرَصَّدُ الآثَامَ، فَمَنْ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ فِي مَحْضَرِك َ؟ وَلأَنَّكَ مَصْدَرُ الْغُفْرَانِ فَإِنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَهَابُونَكَ )) [ مزمور 130 : 3 ] .
إن الغفران الذي يتم للخاطىء بالقصاص من إنسان نيابة عنه ليس بالغفران على الإطلاق . إن الله يقدر ويقضي بالمغفرة لأولئك الذين يبدو صلاحهم حقاً وأولئك الذين تنحوا كليةً عن خطاياهم وأصلحوا أنفسهم دون قصاص منهم أو من إنسان نيابة عنهم إن الله يقدر ويقضي بغفران جميع سقطاتهم وذنوبهم . وهذا القضاء وتلك القدرة ليس ضد العدالة . وفي الواقع هذا هو الغفران الحقيقي وحده .
ومن ثم نقرأ في القرآن الكريم قوله سبحانه :
(( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ )) ( الزمر آيتي 53 ، 54 )
2616490
وقوله سبحانه :
(( وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً )) ( النساء آيتي 110 ، 111 ) .
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .(1/410)
الخطيئة الأصلية
إن العقيدة الرابعة المسيحية هي الكفارة ، فإن المسيحية تعلن أنه بسبب معصية آدم بعدم طاعته لوصية الله بأن لا يأكل من شجرة المعرفة قد ارتكب خطأً .
وتوارث خطيئة آدم جميع ذريته . فجميع الجنس البشري مولودين خطاة . وإن عدالة الله تقتضي دفع الثمن لكل خطيئة . ولن يسمح الله ولا يقدر أن يبيح لخطيئة بسيطة دون قصاص . والآن فإن الشيء الوحيد لمحو الخطيئة هو سفك الدم . كما قال بولس في رسالته إلى العبرانيين [ 9 : 22 ] : (( وكل شئ تقريبا يتطهر حسب الناموس بالدم وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة ))
أيها القارىء الكريم :
ان مقولة المسيحيين بأن خطيئة آدم قد عمت سائر أولادهم وأنه لا يطهرهم من خطاياهم إلا صلب المسيح ، هي في الحقيقة مقولة باطلة تردها التوراة والنبوات ، وذلك أن التوراة تقول في سفر التكوين [ 4 : 6 ، 7 ] ان الله سبحانه وتعالى قال لقابيل الذي قتل هابيل : (( إنك إن أحسنت تقبلت منك وإن لم تحسن فإن الخطية رابظة ببابك )) وإذا كان الأمر كذلك فقد صار إحسان المحسن من بني آدم مطهراً له ومخلصاً ، فلا حاجة إلي شيىء آخر .
ألم يذكر الكتاب في خروج 40:12 أن الرب غفر لهارون خطأه ، وأمر بجعله وذريته كهنة على بني اسرائيل ؟!
وقد جاء في بداية المزمور الأول قول الرب : (( طُوبَى لِلإِنْسَانِ الَّذِي لاَ يَتْبَعُ مَشُورَةَ الأَشْرَارِ، ولاَ يَقِفُ فِي طَرِيقِ الْخَاطِئِينَ، وَلاَ يُجَالِسُ الْمُسْتَهْزِئِينَ. بَلْ فِي شَرِيعَةِ الرَّبِّ بَهْجَتُهُ، يَتَأَمَّلُ فِيهَا نَهَاراً وَلَيْلاًَ. فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِي الْمِيَاهِ، تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي حِينِهِ، وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ، وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يُفْلِحُ. ))
فقد أخبر الرب على لسان داود عليه السلام أن الاشتغال بأسباب الخير ومفارقة أهل الشر مخلص فلا حاجة إلي الخلاص عن طريق مسرحية قتل ابن الله .
(1/411)
ويقال للمسيحيين : ما تقولون فيمن كانوا قبل مجيىء المسيح ، أكفاراً كانوا أم مؤمنين ؟!
فإن قالوا : مؤمنين ، فقد اعترفوا أنه لا حاجة إلي قتل المسيح في تخليصهم ، إذ إيمانهم هو الذي خلصهم .
والكتاب المقدس يذكر لنا نماذج كثيرة لأولئك الذين قاوموا وقهروا الرغبات الشريرة وعاشوا حياتهم في وفاق مع إرادة الله ، مثال ذلك نبي الله أخنوخ فقد جاء في سفر التكوين [ 5 : 24 ] أن أخنوخ صعد حياً إلي السماء وأنه حي فيها ؟
يقول النص : (( وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد ، لأن الله أخذه ))
وإبراهيم الذي صار كلام الرب إليه في الرؤيا قائلا :
(( لا تخف يا أبرام أنا ترس لك . أجرك كثير جدا )) [ تكوين 11 : 1 ]
وإن قالوا : بل كفاراً ، أكذبهم المسيح إذ يقول في الإنجيل : (( «لَيْسَ الأَصِحَّاءُ هُمُ الْمُحْتَاجُونَ إِلَى الطَّبِيبِ، بَلِ الْمَرْضَى! 13اِذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَعْنَى الْقَوْلِ: إِنِّي أَطْلُبُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً. فَإِنِّي مَا جِئْتُ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خَاطِئِينَ! )) متى 9 : 12 ، مرقس 2 : 17 ، لوقا 5 : 31 ، 32
فإذا كان المسيح يصرح بأنه لم يأتي ليدعوا الابرار بل الخطاة فكيف تدعي المسيحية ان الناس كلهم خطاة ؟
ثم يقال لهم :
أخبرونا لو لم يتب آدم عليه السلام ولقي الله بخطيئته ، هل كان صلب المسيح يؤدي إلى خلاصه ؟!
فإن قالوا : لا ، أحالوا الخلاص إلى التوبة دون صلب المسيح .
وإن قالوا : نعم في دم المسيح خلاص لآدم ، وإن لم يتب ، فقد أخلوا التوبة عن الفائدة ، ولزم أن يكون كل فاجر فاسق قاتل ظالم مستبد مات ولم يتب قد نال الخلاص بموت المسيح !!! فتأمل
ومثل الكثير من العقائد المسيحية الأخرى ، فإن مبدأ توريث الخطيئة لا نجد له سنداً في كلمات يسوع المسيح ولا كلمات الأنبياء الذين جاءوا قبله .
(1/412)
لقد نادى الأنبياء بأن كل إنسان مسئول عن أعماله الشخصية ، فإن الأولاد لا يقتلون من أجل خطيئة الآباء . هكذا يقول الناموس الذي ما جاء المسيح لينقضه :
(( لاَ يُقْتَلُ الآبَاءُ عِوَضاً عَنِ الأَبْنَاءِ، وَلاَ يُقْتَلُ الأَبْنَاءُ بَدَلاً مِنَ الآبَاءِ، فَكُلُّ إِنْسَانٍ يَتَحَمَّلُ وِزْرَ نَفْسِهِ )) ( تثنية 24 : 16 )
ونجد أن النبي إرميا يقول :
(( وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَنْ يَقُولَ أَحَدٌ : قَدْ أَكَلَ الآباء الْحِصْرِمَ فَضَرَسَتْ أَسْنَانُ الأَبْنَاءِ. بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِإِثْمِهِ، وَمَنْ يَأْكُلُ حِصْرِماً تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ. )) أرميا [ 31 : 29 ، 30 ] .
ويكرر حزقيال النبي الرفض لمبدأ الخطيئة الأصلية وغالبا بنفس كلمات إرميا فيقول :
(1/413)
(( وَأَوْحَى إِلَيَّ الرَّبُّ بِكَلِمَتِهِ قَائِلاً : «مَا بَالُكُمْ تَضْرِبُونَ هَذَا الْمَثَلَ بِشَأْنِ أَرْضِ إِسْرَائِيلَ قَائِلِينَ: أَكَلَ الآبَاءُ الْحِصْرِمَ فَضَرِسَتْ أَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ؟ حَيٌّ أَنَا يَقُولُ الرَّبُّ: إِنَّكُمْ حَتْماً لَنْ تَضْرِبُوا هَذَا الْمَثَلَ فِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ الْيَوْمِ. هَا جَمِيعُ النُّفُوسِ هِيَ لِي. نَفْسُ الأَبِ كَنَفْسِ الابْنِ كِلْتَاهُمَا لِي. وَالنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِيءُ هِيَ تَمُوتُ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ الْمَرْءُ صَالِحاً يُمَارِسُ الْحَقَّ وَالْعَدْلَ،وَلَمْ يَصْعَدْ إِلَى الْجِبَالِ لِيَأْكُلَ أَمَامَ الأَنْصَابِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى أَصْنَامِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ، وَلَمْ يَزْنِ مَعَ امْرَأَةِ جَارِهِ وَلَمْ يُعَاشِرِ امْرَأَةً طَامِثاً، وَلَمْ يَظْلِمْ أَحَداً، بَلْ رَدَّ لِلْمَدْيُونِ رَهْنَهُ، وَلَمْ يَسْلِبْ قَطُّ، وَأَطْعَمَ الْجَائِعَ خُبْزَهُ وَكَسَا الْعُرْيَانَ ثَوْباً، وَلَمْ يَقْرِضْ بِالرِّبَا وَلَمْ يَأْخُذْ حَرَاماً، وَكَفَّ يَدَهُ عَنِ ارْتِكَابِ الإِثْمِ، وَقَضَى بِالإِنْصَافِ وَالْحَقِّ بَيْنَ إِنْسَانٍ وَإِنْسَانٍ. وَمَارَسَ فَرَائِضِي، وَأَطَاعَ أَحْكَامِي بِأَمَانَةٍ، فَهُوَ صِدِّيقٌ وَحَتْماً يَحْيَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ . )) حزقيال [ 18 : 1 ، 9 ]
... ويستطرد قائلا :
(( وَمَعَ ذَلِكَ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يُعَاقَبُ الابْنُ بِوِزْرِ أَبِيهِ؟ حِينَ يُمَارِسُ الابْنُ الإِنْصَافَ وَالْحَقَّ وَيَعْمَلُ بِكُلِّ فَرَائِضِي فَإِنَّهُ حَتْماً يَحْيَا. أَمَّا النَّفْسُ الَّتِي تُخْطِيءُ فَهِيَ تَمُوتُ. لاَ يُعَاقَبُ الابْنُ بِإِثْمِ أَبِيهِ وَلاَ الأَبُ بِإِثْمِ ابْنِهِ. يُكَافَأُ الْبَارُّ بِبِرِّهِ وَيُجَازَى الشِّرِّيرُ بِشَرِّهِ. )) حزقيال [ 18 : 19 ، 20 ]
ويقول أيضاً :
(1/414)
(( وَلَكِنْ إِنْ رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ خَطَايَاهُ كُلِّهَا الَّتِي ارْتَكَبَهَا، وَمَارَسَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَصَنَعَ مَا هُوَ عَدْلٌ وَحَقٌّ فَإِنَّهُ حَتْماً يَحْيَا، لاَ يَمُوتُ. وَلاَ تُذْكَرُ لَهُ جَمِيعُ آثَامِهِ الَّتِي ارْتَكَبَهَا. إِنَّمَا يَحْيَا بِبِرِّهِ الَّذِي عَمِلَهُ. أَحَقّاً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ ؟ أَلَيْسَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ الآثِمَةِ فَيَحْيَا ؟ ))
[ حزقيال 18 :21 – 23 ] .
وفي القرآن الكريم يقول الله سبحانه :
((كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ )) ( المدثر آية 38 )
ويقول سبحانه :
(( وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً )) (الإسراء آية 15 ) .
عزيزي القارىء :
إن المسيح عليه السلام كان يعتبر الأولاد أبراراً وأنقياء ولم يولدوا خطاة وهذا واضح من تصريحاته التي يقول فيها :
(( دَعُوا الصِّغَارَ يَأْتُونَ إِلَيَّ، وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاءِ مَلَكُوتَ اللهِ! الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ كَأَنَّهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ، لَنْ يَدْخُلَهُ أَبَداً!» ثُمَّ ضَمَّ الأَوْلاَدَ بِذِرَاعَيْهِ وَأَخَذَ يُبَارِكُهُمْ وَاضِعاً يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ. )) مرقص [ 10 : 13 – 16 ]
وهو القائل في متى الاصحاح الثامن عشر :
(1/415)
(( فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ يَسْأَلُونَهُ: «مَنْ هُوَ الأَعْظَمُ، إِذَنْ، فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ؟ 2فَدَعَا إِلَيْهِ وَلَداً صَغِيراً وَأَوْقَفَهُ وَسْطَهُمْ، 3وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَتَحَوَّلُونَ وَتَصِيرُونَ مِثْلَ الأَوْلاَدِ الصِّغَارِ، فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ أَبَداً. 4فَمَنِ اتَّضَعَ فَصَارَ مِثْلَ هَذَا الْوَلَدِ الصَّغِيرِ، فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. . . . 10إِيَّاكُمْ أَنْ تَحْتَقِرُوا أَحَداً مِنْ هَؤُلاَءِ الصِّغَارِ! فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلاَئِكَتَهُمْ فِي السَّمَاءِ يُشَاهِدُونَ كُلَّ حِينٍ وَجْهَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ))
وقد كشف المسيح عن رسالته بأنها رسالة رحمة لا ذبحية فهو يقول :
(( اِذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَعْنَى الْقَوْلِ : إِنِّي أَطْلُبُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً. فَإِنِّي مَا جِئْتُ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خَاطِئِينَ! )) ( متى 9 : 13 ) .
وتصريحاته إنما هي ترديد لكلمات عاموس النبي القائلة :
(( إِنِّي أَمْقُتُ أَعْيَادَكُمْ وَأَحْتَقِرُهَا، وَلاَ أُسَرُّ بِاحْتِفَالاتِكُمْ. وَمَعَ أَنَّكُمْ تُقَرِّبُونَ لِي ذَبَائِحَ مُحْرَقَاتِكُمْ وَتَقْدِمَاتِكُمْ مِنَ الدَّقِيقِ، فَإِنِّي لاَ أَقْبَلُهَا وَلاَ أَلْتَفِتُ إِلَى ذَبَائِحِ السَّلامِ مِنْ مُسَمَّنَاتِ مَوَاشِيكُمْ. أَبْعِدُوا عَنِّي جَلَبَةَ أَغَانِيكُمْ لأَنِّي لَنْ أُصْغِيَ إِلَى نَغَمَاتِ رَبَابَاتِكُمْ. إِنَّمَا لِيَجْرِ الْحَقُّ مُتَدَفِّقاً كَالْمِيَاهِ وَالْعَدْلُ كَنَهْرٍ سَيَّالٍ. هَلْ قَرَّبْتُمْ لِي ذَبَائِحَ وَتَقْدِمَاتٍ طَوَالَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي الْبَرِّيَّةِ، يَابَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ )) [ عاموس 5 : 21 – 25 ] .
عزيزي القارىء :
(1/416)
إن الإسلام يستهجن مبدأ الخطيئة الأصلية وينظر إلى الأولاد على أنهم أبرار وأطهار منذ ولادتهم . وبشأن الخطيئة فالإسلام يقرر بأنها لا تورث . ولكنها شئ ما يكتسبه الإنسان بنفسه بعمل ما لا ينبغي أن يعمله ولا يعمل ما ينبغي أن يعمله .
ومن المنطق أن يعتبر الإسلام مبدأ الخطيئة الأصلية ذروة في الظلم لإدانة كافة الجنس البشري لخطيئة اقترفت منذ آلاف السنين مضت بواسطة أبوينا الأولين . إن الخطيئة الأصلية التي تنادي بها المسيحية هي انتهاك عنيد لناموس الله أو لقانون الصواب والخطأ ، ذلك لأن المسئولية والملامة باقتراف الخطيئة الأصلية ينبغي أن تقع فقط على الإنسان الذي اقترفها وليس على أولادهما . لأن كل إنسان بخطيئته يقتل وآدم إنسان .
لقد ولد الإنسان بإرادة حرة وبرغبات وطاقات ليعمل السوء بجهالة وكذلك ليقاوم الشر ويعمل الخير . والانسان عندما يكتمل نموه يصبح قادرا على التمييز بين الصواب والخطأ وقد يسئ إلى حريته ويسقط فريسة للتجربة وقد يكون العكس ، وإن هناك الكثيرين من الرجال والنساء قد جاهدوا وقاوموا وقهروا الرغبات الشريرة وعاشوا حياتهم في وفاق مع إرادة الله ويتضح هذا من خلال الكتب المقدسة التي يؤمن بها الشعوب المختلفة . والكتاب المقدس نفسه يذكر لنا رجالا أبرارا مثل أخنوخ الذي يقول عنه الكتاب المقدس : (( وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه )) [ تكوين 6 : 9 ] وإبراهيم الذي صار كلام الرب إليه في الرؤيا قائلا :
(( لا تخف يا أبرام أنا ترس لك . أجرك كثير جدا )) [ تكوين 11 : 1 ] وأيوب (( وبارك الرب آخرة أيوب أكثر من أولاه )) [ أيوب 42 : 12 ] وإيليا (( وفيما هما يسيران ويتكلمان إذا مركبه من نار وخيل من نار ففصلت بينهما فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء ))
[ الملوك الثاني 2 : 11 ]
(1/417)
ويوحنا المعمدان الذي قال عنه الإنجيل : (( الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان )) [ متى 11 : 11 ] ، (( لأنه يكون عظيما أما الرب وخمرا ومسكرا لا يشرب ، ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس )) [ لوقا 1 : 15 ]
وهناك الكثير غيرهم ممن كانوا كاملين وأتقياء يخشون الله ويتقونه حق تقاته وهم متنحين عن الشر .
وبالتالي يمكننا أن نقول انها قمة الكراهية للبشر واللامبالاة من المسيحية عندما تعتبر الأولاد خطاة منذ ولادتهم .(1/418)
أين العدل في صلب المسيح ؟
يعتقد النصارى أن المسيح صلب ليكفر الخطيئة الأزلية ( PECHE ORIGINAEL ) وهي التي ارتكبها آدم تحت تأثير زوجته بإغواء من الحية حينما أكل من الشجرة ، وانتقلت بطريق الوراثة إلى جميع نسله ، وكانت ستظل عالقة بهم إلى يوم القيامة ، لولا أن افتداهم المسيح بدمه كفارة عن خطاياهم . وأساس هذا الموضوع عند المسيحيين أن من صفات الله العدل والرحمة ، وبمقتضى صفة العدل كان على الله أن يعاقب ذرية آدم بسبب الخطيئة التي إرتكبها أبوهم وطرد بها من الجنة واستحق هو وأبناؤه البعد عن الله بسببها ، وبمقتضى صفة الرحمة كان على الله أن يغفر سيئات البشر ، ولم يكن هناك من طريق للجمع بين العدل والرحمة إلا بتوسط ابن الله الوحيد ليموت على الصليب كفارة ونيابة عنهم ، وبهذا العمل يكون الله قد جمع بين عدله ورحمته مع الانسان وأخذ العدل حقه ، وظهرت رحمة الله !! .
لا شك ان ما يدعيه المسيحيون ليس مخالفاً للحق والعدل فحسب ، بل ولنصوص كتابهم المقدس أيضاً وقبل ان نذكر هذه النصوص نقول :
1) من الواضح والمعلوم أن المخطأ هو آدم وزوجته ، وليس الأولاد ، ومن العجيب أن المسيحيون يصفون الله بالعدل ، ثم يدعون : إن خطيئة آدم تتعداه إلى نسله ، لأنهم ورثة لطبيعته الساقطة !! فأي عدل في هذا ؟!
2) أي عدل وأي رحمة في تعذيب وصلب إنسان غير مذنب ؟ ان معاقبة وتعذيب شخص بريىء لم يقترف آثاماً من أجل خطايا الآخرين إنما هو ذروة الظلم .
3) من الذي قيد الله وجعل عليه أن يلزم العدل وأن يلزم الرحمة وأن يسعى للتوفيق بينهما ؟
4) أين كان عدل الله ورحمته منذ خطيئة آدم وحتى قصة الصلب ؟
5) إذا كان الله سبحانه عادل وفي نفس الوقت محب ورحيم فأين كانت رحمته وابنه الوحيد يلاقي دون ذنب ألوان التعذيب والسخرية ثم الصلب مع دق المسامير في يديه ؟
(1/419)
أين عدل الله ورحمته في انسان (( قَدَّمَ ِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاه )) [ عبرانيين 5 : 7 ]
6) إذا كان الله عادل وفي كل الشرائع أن العقوبة تناسب الذنب ، فهل تم التوازن بين صلب المسيح على هذا النحو ، وبين الخطية التي ارتكها آدم ؟
7) لماذا ترك إله العدل والمحبة الانسانية تتوالد تحت ناموس اللعنة والخطية وان يعم الفساد وينتشر ؟!!
8) أين عدل الله في رجل يحمل خطايا اناس ظلمه قتله فجره وهو قد تعذب وقتل ، واخرين يسكرون ويرقصون مستمتعين بحياتهم .. اين العدل ؟!
هذا ويحاول المسيحيون أن يدافعوا عن هذا المبدأ قائلين أن يسوع المسيح قدم نفسه طوعاً ، وبإختياره قاسى عذاب الموت على الصليب ليدفع الثمن من أجل خطايا الناس .
ونحن نجيب على هذا بالآتي :
أولا : إن الأمر ليس صحيح تاريخياً أن نقول أن يسوع المسيح قد جاء ليموت طوعاً واختياراً عن قصد من أجل خطايا الناس . فنحن نقرأ في الأناجيل أنه لم تكن إرادته أن يموت على الصليب : (( ثُمَّ ذَهَبَ يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى بُسْتَانٍ يُدْعَى جَثْسَيْمَانِي، وَقَالَ لَهُمْ : اجْلِسُوا هُنَا رَيْثَمَا أَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَأُصَلِّي. وَقَدْ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَابْنَيْ زَبَدِي وَبَدَأَ يَشْعُرُ بِالْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ. فَقَالَ لَهُمْ: نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى الْمَوْتِ! ابْقَوْا هُنَا وَاسْهَرُوا مَعِي! وَابْتَعَدَ عَنْهُمْ قَلِيلاً وَارْتَمَى عَلَى وَجْهِهِ يُصَلِّي، قَائِلاً: يا أبي ، إِنْ كَانَ مُمْكِناً، فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ، لاَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ! )) متى 26 : 39
(1/420)
وعندما أيقن أن أعداءه قد تآمروا على قتله وإزهاق حياته قال لهم يسوع في يوحنا 8 : 40 : (( لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيمَ لَعَمِلْتُمْ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ. وَلكِنَّكُمْ تَسْعَوْنَ إِلَى قَتْلِي وَأَنَا إِنْسَانٌ كَلَّمْتُكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنَ اللهِ. ))
وقد أعلن يسوع لتلاميذه قائلاً : (( نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى الْمَوْتِ. اِبْقَوْا هُنَا وَاسْهَرُوا. ثُمَّ ابْتَعَدَ قَلِيلاً، وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ، وَأَخَذَ يُصَلِّي لِكَيْ تَعْبُرَ عَنْهُ السَّاعَةُ إِنْ كَانَ مُمْكِناً. وَقَالَ أَبَّا، يَاأَبِي، كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لَدَيْكَ. فَأَبْعِدْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ، وَلكِنْ لِيَكُنْ لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ! )) مرقس 14 : 34
إنه يطلب من تلاميذه أن يسهروا على سلامته وحمايته من أعدائه مع جسارته هذه وإيمانه الوطيد بالله حافظه ومنجيه مع هذا احتاط لنفسه لمواجهة سافرة مع أعدائه فقال لتلاميذه : (( من له كيس فليأخذه ومزود كذلك . ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتر سيفا . )) [ لوقا 22 : 36 – 38 ]
ثم تقدم قليلا وخر على الأرض وكان يصلي قائلا: (( يَاأَبِي ، كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لَدَيْكَ. فَأَبْعِدْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ، وَلكِنْ لِيَكُنْ لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ! )) لقد وكل المسيح أمره إلي الله بقوله : (( لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ! )) [ مرقس 14 : 36 ] . فأي عاقل بعد هذا يدعي ان المسيح جاء ليقدم نفسه ويقاسي العذاب طوعاً واختياراً ؟
وتحت عنوان : ويستجيب الله لدعاء يسوع ، يقول السيد أحمد ديدات :
(1/421)
يؤكد القديس بولس ، أن دعاء المسيح وتضرعاته لم تقع على آذان صماء ، فهو يقول في رسالته إلي العبرانيين [ 5 : 7 ] : (( الذي في أيام جسده ، إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت، وسمع له من أجل تقواه ))
ماذا يعني قول بولس : (( وسمع له )) ? أليس المعنى أن الله قد قبل دعاءه ؟
أيمكن بعد ذلك أن نقول ان المسيح جاء ليصلب باختياره ؟!!
ومن جهة أخرى فإن النص السابق يذكر بأن المسيح قدم صراخ شديد ودموع للقادر !!
فمن هو القادر ومن هو المقدور له وإذا كان المسيح ليست له القدره ويطلبها من الله فلماذا يعبده النصارى ؟!
ان ما يعتقده المسيحيين من أن المسيح مات مصلوباً فداءاً للبشرية وكفارة للخطيئة الموروثة هو اعتقاد مخالف للقواعد والنصوص الأساسية التي اشتمل عليها كتابهم المقدس والتي تثبت أن كل إنسان يتحمل نتيجة فعله وإليك بعض من هذه النصوص :
ففي سفر التثنية [ 24 : 16 ] : (( لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ ))
وفي حزقيال [ 18 : 20 ] : (( الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. ))
وقد قال موسى وهارون للرب : (( اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ ؟ )) [ العدد 16 : 22]
إن إدعاء النصارى بأن عدالة الله تقتضي دفع الثمن لكل خطيئة هي دعوى باطلة بلا شك :
(1/422)
ألم يقل الرب في إشعيا [ 55 : 7 ] : (( لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ وَالأَثِيمُ أَفْكَارَهُ، وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ، وَلْيَرْجِعْ إِلَى إِلَهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ.))
ألم يقل الرب في حزقيال [ 33 : 11 ] : (( حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أَبْتَهِجُ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ بَلْ بِأَنْ يَرْتَدِعَ عَنْ غِيِّهِ وَيَحْيَا. ))
ألم يقل الرب في حزقيال [ 18 : 21 ] : (( وَلَكِنْ إِنْ رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ خَطَايَاهُ كُلِّهَا الَّتِي ارْتَكَبَهَا، وَمَارَسَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَصَنَعَ مَا هُوَ عَدْلٌ وَحَقٌّ فَإِنَّهُ حَتْماً يَحْيَا، لاَ يَمُوتُ. 22وَلاَ تُذْكَرُ لَهُ جَمِيعُ آثَامِهِ الَّتِي ارْتَكَبَهَا. إِنَّمَا يَحْيَا بِبِرِّهِ الَّذِي عَمِلَهُ.))
ألم يذكر كاتب سفر الخروج 40 : 12 أن الرب غفر لهارون خطأه ، وأمر بجعله وذريته كهنة على بني اسرائيل وقد جاء في سفر اخبار الايام الثاني [ 7 : 14 ] : (( فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ فَإِنِّي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ.))
أليس يسوع هو الذي علمكم أن تصلوا إلى الله قائلين : (( وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا ! )) [ متى 6 : 12 ]
ويقول أيضاً : (( فإن غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلاَّتِهِمْ ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ زَلاَّتِكُمْ. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ زَلاَّتِكُمْ. )) [ متى 6 : 14 ، 15 ] .
(1/423)
وقد قال داود في صلواته : (( إنْ كُنْتَ يَارَبُّ تَتَرَصَّدُ الآثَامَ، فَمَنْ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ فِي مَحْضَرِك َ؟ وَلأَنَّكَ مَصْدَرُ الْغُفْرَانِ فَإِنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَهَابُونَكَ )) [ مزمور 130 : 3 ] .
إن الغفران الذي يتم للخاطىء بالقصاص من إنسان نيابة عنه ليس بالغفران على الإطلاق . إن الله يقدر ويقضي بالمغفرة لأولئك الذين يبدو صلاحهم حقاً وأولئك الذين تنحوا كليةً عن خطاياهم وأصلحوا أنفسهم دون قصاص منهم أو من إنسان نيابة عنهم إن الله يقدر ويقضي بغفران جميع سقطاتهم وذنوبهم . وهذا القضاء وتلك القدرة ليس ضد العدالة . وفي الواقع هذا هو الغفران الحقيقي وحده .
ومن ثم نقرأ في القرآن الكريم قوله سبحانه :
(( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ )) (الزمر آيتي 53 ، 54 .)
وقوله سبحانه :
(( وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً )) ( النساء آيتي 110 ، 111 ) .
عزيزي المتصفح :
إن فكرة الاستعاضة أو التضحية النيابية فكرة غير منطقية ولا معنى لها وهي أشبه ما تكون بطبيب يحطم رأسه ليشفي صداع المرضى لديه .
إن مبدأ الكفارة أو التضحية تجعل الأقنوم الأول في الثالوث المقدس المكذوب متعطشاً لسفك الدم من أجل إظهار التضحية بالذات محبةً للأقنوم الثاني . وللنقد النزيه فإن تضحية الأقنوم الثاني تظهر في غير موضعها وبلا معنى كطلب الأقنوم الأول الظالم والمتلذذ بالقسوة .
(1/424)
آرثر ويجال Arthur Weigall يضع هذا التعقيب ذا المغزى على مبدأ الكفارة فيقول :
نحن لا نقدر أن نقبل المبدأ اللاهوتي الذي من أجل بعض البواعث الغامضة أوجب تضحية استرضائية . إن هذا انتهاك إما لتصوراتنا عن الله بأنه الكلي القدرة وإلا ما نتصوره عنه ككلي المحبة . إن الدكتور كرودن الشهير يعتقد أنه من أجل مآرب لهذه التضحية فإن يسوع المسيح قاسى أشد العذاب أوقعها الله قصاصاً عليه . وهذا بالطبع وجهة نظر يتقزز منها العقل العصري والتي قد تكون شرط لعقيدة بشعة ليست منفصلة عن ميول التلذذ بالقسوة للطبيعة البشرية البدائية . وفي الواقع أن هذه العقيدة دخيلة من مصدر وثني وهي حقا من آثار الوثنية . في الإيمان .
إن المنهج المسيحي للخلاص ليس فقط لا أخلاقياً ولا منطقياً ومعتلًا . بل أيضا لا سند له في كلمات يسوع المسيح . ربما قال يسوع أنه يتعذب من أجل خطايا الناس ، بمعنى أنه من أجل أن يخرجهم من الظلمات إلى النور تجشم النقمة الإلهية على فاعلي الشر وكانوا سبب تعذيبه ولكن لا يعني هذا أن موته كان تضحية من أجل خطايا الآخرين ، وأن أولئك الذين يؤمنون فقط بدمه المسفوك عنهم ينالون غفران الخطايا .
لقد جاء يسوع المسيح لينقذ الناس من خطاياهم بتعاليمه وحياته المثالية في تقوى الله وليس بالموت عمداً من أجلهم على الصليب ومنحهم دمه كفارة لخطاياهم . وعندما جاء شاب إليه يسأله :
(( أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟ وَلكِنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ: لِمَاذَا تَدْعُونِي الصَّالِحَ؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ، وَهُوَ اللهُ . أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَقْتُلْ؛ لاَ تَزْنِ؛ لاَ تَسْرِقْ؛ لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ؛ لاَ تَظْلِمْ؛ أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ! )) [ مرقس 10 : 17 ]
(1/425)
إن المسيح لم يذكر للسائل شيئاً عن تضحيته كفارة وقوة فداءه بسفك دمه ، وكان جواب يسوع هو نفس جواب كل نبي قبله :
(( قَالَ لَهُ : لِمَاذَا تَدْعُونِي الصَّالِحَ؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ، وَهُوَ اللهُ )) [ مرقس 10 : 18 ] .
( فاحفظ الوصايا ) إنها وفقا لكلام يسوع المسيح هي الطريق إلى الحياة الأبدية . إن الخلاص يمكن الحصول عليه بالإيمان بالله ، والتنحي عن الشر وفعل الخير وليس بقبول يسوع المسيح ملعوناً على الخشبة والإيمان بدمه المسفوك كفارة لخطايا الجنس البشري .
إن عقيدة الكفارة مختلة للأسباب كثيرة :
أن الإنسان لم يولد بالخطيئة .
إن الله لم يطلب ثمناً ليغفر للخطاة .
إن فكرة الاستعاضة أو الذبيحة العوضية ظالمة وقاسية .
وإن خطيئة الإنسان لا تؤذي الله بل تؤذي الإنسان ذاته وفي الحديث القدسي يقول الرب تبارك وتعالى :
(( يا عبادي : إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا ، فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي : إنكم لم تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني . يا عبادي : لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ، ما زاد ذلك في ملكي شيئا .))
إن وصمة الخطيئة في أنفسنا يمكن محوها ليس بعذاب أو بموت أي إنسان آخر سواء كان الأخير راضيا أو غير راض ، ولكن بتوبتنا الشخصية والابتعاد كلية عن فعل الشر ، والمثابرة على فعل الخير .
وهكذا ، عندما عصى آدم ربه ، ندم وتاب وأذعن ذاته كلية لله ، فإن خطيئته قد غفرت ، فلا توريث لخطيئة آدم لأولاده ، ولا تتطلب عذاب الموت ليسوع المسيح للمغفرة ، والحقيقة أن يسوع المسيح لم يمت على الصليب على الإطلاق إن عقيدة الكفارة – الفداء – إنما هي انتهاك لعدالة الله ورحمته .
(1/426)
إن الإسلام يرفض هذه العقيدة ويدحضها . فهو يعلن أن مغفرة الخطايا لا يمكن الحصول عليها بعذاب وتضحية لأي إنسان آخر . بشرياً كان أم إلهياً ، ولكن المغفرة تتم بنعمة الله وإخلاصنا نحن ومثابرتنا ومساعينا لمقاومة الشر ولعمل الخير والإحسان . وفي هذا يقول الله سبحانه :
(( ألا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى )) ( النجم 38-41 )
يقول سبحانه :
(( مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً )) ( الإسراء آية 15 ) .
إن الإسلام وعد بالخلاص لجميع الذين يؤمنون بالله ويعملون أعمالا صالحة .
يقول الله سبحانه وتعالى :
(( بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )) ( البقرة آية 112 ) .(1/427)
كيف تولدت عقيدة كفارة المسيح ؟
كيف تولدت عقيدة " كفارة المسيح " لدى المسيحيين ؟ ومن كان وراء نشوئها ؟
هذا ما بحثت عنه .وقد وجدت الإجابة فيما كتبه رجال الكنيسة أنفسهم في المدخل إلى العهد الجديد، حيث قالوا :
(( ويبدوا أن المسيحيين حتى ما يقارب من السنة (150) تدرجوا من حيث لم يشعروا بالأمر ،إلا قليلاً جدا ،إلى الشروع في إنشاء مجموعة جديدة من الأسفار المقدسة . وأغلب الظن أنهم جمعوا في بدء أمرهم رسائل بولس واستعملوها في حياتهم الكنسية . . . فقد كانت الوثائق البولسية مكتوبة ،في حين أن التقليد الإنجيلي كان لا يزال في معظمه متناقلاً عن ألسنة الحفاظ .فضلاً عن أن بولس نفسه كان قد أوصى بتلاوة رسائله وتداولها بين الكنائس المتجاورة ( 1تس 5/27 وكو 4/16) ومهما يكن من أمر فإن كثيراً من المؤلفين المسيحيين أشاروا منذ أول القرن الثاني الى أنهم يعرفون عدداً كبيراً من رسائل كتبها بولس ، فيمكننا أن نستنتج من ذلك أنه أقيمت من غير إبطاء مجموعة من هذه الرسائل ، وأنها انتشرت إنتشاراً واسعاً سريعاً لما كان للرسول بولس من شهرة ..
ولا يظهر شأن الأناجيل هذه المدة ظهوراً واضحاً ، كما يظهر شأن رسائل بولس .. ومهما يكن من أمر ، فليس هناك قبل السنة (140) أي شهادة تثبت أن الناس عرفوا مجموعة من النصوص الإنجيلية المكتوبة ، ولا يذكر لمؤلف من تلك المؤلفات صفة ما يلزم .
فلم يظهر إلا في النصف الثاني من القرن الثاني شهادات ازدادت وضوحاً على مر الزمن بأن هناك مجموعة من الأناجيل ، وأن لها صفة ما يلزم . وقد جرى الاعتراف بتلك الصفة على نحو تدريجي .وابتدأ نحو السنة (150) عهد حاسم لتكوين العهد الجديد.)) [ مقدمة الكتاب المقدس المطبوع في بيروت ـ لبنان عام 1989م ـ الصفحة 8.]
نستنبط مما اقتبسناه أن رسائل "بولس" كانت هي المتداولة قبل تأليف الأناجيل وتداولها بين المسيحيين .
(1/428)
وأنا عدت إلى رسائل بولس التي احتواها " أعمال الرسل " الملحق بالأناجيل المعاصرة فتبين لي بكل وضوح أن بولس المذكور هو الذي ابتدع عقيدة (( كفارة المسيح )) تعليلاً منه لموت المسيح الناصري على الصليب . ولم يحقق هو بنفسه في مدى صحة ما وصله من روايات متعلقة بحادثة الصلب . فسلم بموت المسيح بشكل طبيعي .
ذلك أن بولس كتب في رسالته الأولى إلى أهل كورنثس 15/3 يقول ، في وقت لم يكن للأناجيل من وجود : (( أن المسيح مات من أجل خطايانا ،كما ورد في الكتب ، وأنه قبر وقام في اليوم الثالث كما ورد في الكتب ..)) ويعلم القارئ أني أثبت من قبل أن المسيح الناصري لم يبق في قبره أكثر من يوم ونصف فقط . وبذلك يكون بولس قد ارتكز إلى أساس فاسد ، وما قام على فاسد فهو فاسد أيضاً . وعليه فقول بولس (( إن المسيح مات من أجل خطايانا )) هو قول لا يستند إلى حقيقة مطلقاً.
ثم إن بولس المذكور ما كان تلميذاً للمسيح ، بل كان في حياة المسيح من ألد أعداء المسيح.وها أنه بولس يعترف بهذه الحقيقة في رسالته إلى أهل غلاطية 1/13 ويقول فيها : (( فقد سمعتم بسيرتي الماضية في ملة اليهود . إذ كنت أضطهد كنيسة الله غاية الاضطهاد ، وأحاول تدميرها ..))
وراح بولس المذكور يصيغ عقيدة " كفارة المسيح " في رسالته إلى أهل روما الإصحاح العاشر ويقول : (( فإذا شهدت بفمك أن يسوع رب، وأمنت بقلبك أن الله أقامه من بين الأموات ، نلت الخلاص .فالإيمان بالقلب إلى البر ، والشهادة بالفم تؤدي إلى الخلاص .)) فهذه الألفاظ دفع بها بولس المسيحيين يوم لم تكن الأناجيل مكتوبة ،إلى فهم " كفارة المسيح" بهذا الفهم الوارد في رسالته .
وقد حول بولس المذكور رسالة المسيح القومية ،فنزع عنها صفتها القومية ، وألبسها لباس الرسالة العالمية مخالفاً قول المسيح نفسه (( لم أُرسل إلا أن الخراف الضالة من بيت إسرائيل .)) إنجيل متى 15/24 .
(1/429)
فبولس المذكور قال في نفس رسالته إلى أهل روما : (( فلا فرق بين اليهودي واليوناني . فالرب ربهم جميعاً يجود على الذين يدعونه .فكل من يدعو باسم الرب ينال الخلاص .)) واصطدم مع بطرس لهذا السبب مما تجدونه في أعمال الرسل .
وقد شعر بولس المذكور بضرورة إيجاد فلسفة لكلمة الخلاص المستندة إلى عقيدة الكفارة التي ابتدعها للمسيحيين في ذاك الزمان .فكتب إلى أهل رومية 8/2 يقول: (( لأن شريعة الروح الذي يهب الحياة في يسوع المسيح قد حررتني من شريعة الخطيئة والموت. فالذي لم تستطعه الشريعة والجسد قد أعياها ، حققه الله في إرسال ابنه في جسد يشبه الخاطئ ، كفارة للخطيئة . فحكم على الخطيئة في الجسد ، ليتم فينا ما تقتضيه الشريعة من البر . نحن الذين لا يسلكون سبيل الجسد بل في الروح .. والذين يحيون في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله . أما أنتم فلستم تحيون في الجسد بل في الروح ، لأن الروح حال فيكم .ومن لم يكن فيه روح المسيح ، فما هو من خاصته .))
وراح بولس المذكور ، يصور موت المسيح الناصري على الصليب وكفارته التي ابتدعها ، أنها نعمة إلهية حرم منها الذين ولدوا قبل ولادة المسيح . فهو القائل في رسالته المذكورة إلى أهل روما [ 3 : 23 ] : ((.. ذلك بأن جميع الناس قد خطئوا ، فحرموا مجد الله . ولكنهم برروا مجاناً بنعمته ، بالفداء الذي تم في المسيح يسوع ذاك الذي جعله الله ( كفارة في دمه ) بالإيمان ، ليظهر بره ، بإعفائه عن الخطايا الماضية في حلمه تعالى ، ليظهر بره في الزمن الحاضر ..))
والذي يتبين لي من جميع ما أوردته أن رسائل بولس المذكورة ابتدعت كفارة المسيح ، استناداً إلى أساس فاسد وهو أن المسيح مات على الصليب ودفن وقام من بين الأموات بعد ثلاثة أيام وثلاث ليال ، وهو ما أثبت بطلانه .
ولا يستبعد أن يكون الذين كتبوا هذه الأناجيل التي بين أيدينا استقوا بعض معلوماتهم الفاسدة مما وصل إلى أيديهم من رسائل بولس المذكور.
(1/430)
والذي يحاكم عقيدة " كفارة المسيح " عقلياً، على شاكلة ما حاكمتها أنا ، لا تثبت له هذه العقيدة بأي معيار كان . فكيف يؤخذ ابن الله الوحيد بجريرة خطيئة آدم وحواء ؟
وأين قدرة الله على العفو والغفران ؟ ولا يستسيغ عقلي أن يتجسد " الرب يسوع " في جسد الخطيئة .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العاملين ،،،(1/431)
من الذي مات على الصليب الانسان أم الاله ؟
يعتقد المسيحيون أن المسيح مات مصلوباً فداءاً للبشرية وكفارة لخطايهم . ونحن نسأل :
من الذي مات على الصليب فداءاً للبشرية الانسان ( الناسوت ) أم الإله ( اللاهوت ) ؟!
لو كان الذي مات على الصليب هو الاله فهذا باطل بالضرورة لأن الإله لا يموت بداهةً وهذا ما أكده بولس في رسالته الأولى إلي تيموثاوس [ 6 : 16 ] إذ يقول عن الله : (( الذي وحده له عدم الموت )) وأيضاً ما جاء في سفر التثنية [ 32 : 40 ] من قول الرب : (( حي أنا إلى الأبد )) .
وإن كان الذي مات على الصليب وحمل خطايا البشر هو المسيح كإنسان فقط وليس الاله ، فهذا أيضاً باطل للأسباب التالية :
أولاً : لأن فكرة الفداء والتكفير تقضى ان الله نزل وتجسد ليصلب وانه ليس سوى الله قادراً على حمل خطايا البشر على الصليب . ولأن الانسان لا يمكنه ان يحمل على كتفه خطايا البشر كله فلو كان المسيح مات على الصليب كإنسان فقط لصارت المسيحية ديانة جوفاء .
ثانياً : ان القول بأن الذي مات على الصليب وحمل خطايا البشر هو إنسان فقط هو قول مرفوض ومردود لأن هذا الانسان الذي علق على الخشبة ملعون لأنه مكتوب في الشريعة : (( كل من علق على خشبة ملعون )) [ سفر التثنية ] واللعنة نقص وطرد من رحمة الله فكيف يكون هذا الانسان الذي اصابته اللعنة والنقص كفئاً لحمل خطايا البشر ؟
ثالثًا : ان القول بأن الذي مات على الصليب هو إنسان فقط هو مناقض لنص قانون الايمان الذي يؤمن به النصارى والذي جاء فيه : ان المسيح إله حق من إله حق . . . نزل وتجسد من روح القدس ، وتأنس وصلب .
فبناء على نص قانون الايمان يكون الإله الحق المساو للأب صلب وقتل أي ان اللاهوت هو الذي صلب وقتل ، وهذا هو مقتضى نص القانون وهذا يبطل العقيدة من اساسها لأن الله لا يموت .
(1/432)
رابعا : ان القول بأن المسيح مات كفارة كإنسان هو قول باطل لأن الكتاب يعلمنا أن الانسان لا يحمل خطيئة أي انسان بل كل انسان بخطيئته يقتل : (( لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.)) سفر التثنية [ 24 : 16 ] فلو كان المسيح مات كإنسان فان الإنسان لا يحمل خطيئة آخر !
والخلاصة ان المسيحيون على أي جهة يذهبون فمذهبهم باطل فإن كان الذي مات على الصليب هو الله فهذا باطل وان كان الذي مات على الصليب هو الانسان فهذا أيضاً باطل . وما بني على باطل فهو باطل .(1/433)
صلب المسيح وعقيدة الفداء عند النصارى
دين النصارى دين مليء بالغرائب والتناقضات ، وليس أقل تلك الغرائب البدعة التي اخترعها النصارى فيما يتعلق بصلب المسيح - عليه السلام - وليست الغرابة في دعوى صلبه - فقد قتل قبله أنبياء كثيرون - لكن الغرابة في فلسفة تلك الحادثة المخترعة التي تحولت في نظر النصارى من مصدر للألم ، إلى مصدر للفرح والسرور ، إذ يعتقد النصارى أن المسيح - عليه السلام - ابن لله عز وجل وهو في ذات الوقت إله مساو لله أو دونه - على خلاف بينهم في ذلك - وهنا مصدر الإشكال ، إذ كيف لابن الإله أن يصلب ، ويهان ، ويعلق على خشبة ، ويبصق في وجهه في مشهد تتفطر له الأكباد ؟!! فلأي شيء يترك الإله ابنه ، بل كيف للابن - الذي له صفات الإله في نظرهم - أن يترك حفنة من اليهود التعساء تفعل به هذه المهانة ، بل وتسخر منه أمام الملأ قائلة : يا من يدعي أنه يبني الهيكل في ثلاث ، كيف لا تستطيع أن تخلص نفسك ، كل ذلك وابن الإله " الإله " عاجز عن دفع الضر عن نفسه فضلاً عن أن يوقع الضرَّ بغيره ممن صلبه .
(1/434)
ويذكر النصارى في أناجيلهم أن المسيح صاح جزعا : "إيلي، إيلي، لَمّا شَبَقتاني؟ " أي : "إلهي، إلهي ، لماذا تركتني؟"( متى الإصحاح (27) رقم (46-47) ، ويجيب النصارى على هذه التساؤلات الجوهرية - التي تبين فساد وبطلان معتقدهم - بقولهم : إن الخلق ومنذ أن أكل آدم - عليه السلام - من الشجرة وهم يعيشون تحت وطأة الخطيئة ، فالمولود يولد مخطئاً ويعيش مخطئا بعيدا عن الله عز وجل جراء تلك الخطيئة الأولى ، فلما أراد الله أن يغفر لهم أخرج ابنه وأسكنه في بطن مريم العذراء - عليها السلام - يتغذى مما في بطنها، ثم أخرجه مولوداً ، وترعرع كما يترعرع الصبيان ، حتى إذا شبَّ وكبر ، سلمه لأعدائه ليصلبوه ، فيكون ذلك كفارة عن خطيئة آدم - عليه السلام - التي لحقت سائر الناس ، ويذهب النصارى إلى أبعد من ذلك في تفسير حادثة صلب الإله - في نظرهم - إذ يعتقدون أن المسيح - ويسمونه المخلص - لم يخلصهم من خطيئة آدم الأولى فحسب ، بل خلصهم من جميع الخطايا التي ارتكبوها والتي سيرتكبونها ، إذ يكفي - في نظرهم - أن يؤمن النصراني بالمسيح لينال رضا الله ، وليفعل بعد ذلك ما يشاء .
(1/435)
هذه هي فلسفة النصارى فيما يفسرون به قصة صلب إلههم ، ونحن على يقين أن الناقد لن يكون بحاجة إلى معرفة الحقائق الإسلامية عن حياة عيسى عليه السلام لينقض هذا الهراء المتهافت ، ذلك أن ما يزعمه النصارى مناقض للعقول المستقيمة، ولأجل ذلك أصبحت تلك المعتقدات الكنسية عرضة لهجوم تيارات كثيرة كالعلمانية والملاحدة ، ولعل أول ما يرد على النصارى في عقيدة الفداء هو اتهامهم لله عز وجل بالظلم من جهة ، وبالعجز من جهة أخرى ، أما الظلم فلأن الله قد قضى : { أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } ( النجم:38 ) وليس هذا الأمر مقرراً في القرآن وحده بل هو منصوص عليه في التوراة أيضاً فقد جاء في "سفر التثنية":- " لا يُقتل الآباء عن الأولاد، ولا يُقتل الأولاد عن الآباء، كل إنسان بخطيئته يقتل"أهـ ، فهذا نص توراتي صريح يؤيد النص القرآني بألا يتحمل أحد جريرة أحد ، فما بال النصارى يريدون أن يحملوا البشرية جميعاً خطأ آدم عليه السلام ، أليس مقتضى العدل أن يتحمل آدم - عليه السلام - وزر خطيئته وحده دون غيره ، مع العلم أننا نعتقد كما أخبرنا القرآن أن آدم عليه السلام تاب إلى الله عز وجل فتاب الله عليه وانتهت القضية عند ذلك ، وما نرى دعوى النصارى في عقيدة الفداء إلا اختراع اخترعوه ليبرروا قولهم بأن الإله صلب ، وهو أمر باطل من أساسه ، وما بني على الباطل فهو باطل .
هذا ما يلزمهم من اتهام الله بالظلم ، أما اتهام الله عز وجل بالعجز فيظهر من خلال تلك التمثيلة الطويلة التي اخترعها النصارى من حمل مريم بالإله إلى ولادته إلى صلبه ، كل ذلك ليغفر الله للناس خطيئة آدم التي لحقتهم، وكأن الله عاجز عن غفران خطيئة آدم إلا بتلك الطريقة السمجة التي ذكروها .
(1/436)
إن في دعوى النصارى أن ابن الإله أهين وبصق في وجهه وصلب على خشبة حتى مات مسبة شنيعة ما تجرأ عليها أحد من العالمين ، حتى الوثنيون لم ينسبوا هذا النقص لآلهتهم وهي من الحجارة والطين ، لذلك كان عمر رضي الله عنه يقول : "أهينوهم - أي النصارى - ولا تظلموهم، فلقد سبوا الله عز وجل مسبة ما سبّه إياها أحد من البشر" أ.هـ .
وكان بعض أئمة الإسلام إذا رأى صليباً أغمض عينيه عنه، وقال: "لا أستطيع أن أملأ عيني ممن سب إلهه ومعبوده بأقبح السب ".أهـ.
وقال بعض عقلاء الملوك: " إن جهاد هؤلاء واجب شرعاً وعقلاً فإنهم عار على بني آدم مفسدون للعقول والشرائع" أهـ.
ويعجبني ما قاله قس مصري أسلم : ( إن كان المسيح رباً فلماذا يحتاج كي يغفر للعباد ويُكفّر ذنوبهم أن يُصلب ويُهان ويُصفع ويُبصق في وجهه ..!! )
وأين هذا من قوله تعالى : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (الزمر:53) .
ومن العجب أن يوجد في التوراة التي يؤمن بها النصارى ويسمونها العهد القديم لعن من عُلِّق على خشبة ، ففي سفر التثنية (21/23) : "ملعون من تعلق بالصليب" ، فهل أصبح المسيح - عليه السلام - ملعوناً ، إن جواب النصارى على ذلك ليصيب العاقل بالحيرة والذهول ، إذ يقول بولس في رسالته إلى أهل غلاطية (3/13) : " المسيح افتدانا من لعنة الشريعة إذ صار لعنة لأجلنا " أهـ. فانظر إلى عقول هؤلاء كيف يصمون إلههم باللعنة ثم يعبدونه ويقدسونه ، إنها عقول فسدت فجعلت من الإله ملعونا ، وفسدت فجعلت الثلاثة واحدا ، وفسدت فعظمت الآلة التي قتل عليها إلههم ،حيث علق كل واحد على صدره صليبا .
(1/437)
هذه هي عقول النصارى، فلو كانوا دوابا لكانوا حميرا ، ولو كانوا من الطيور لكانوا رخما، وإن المرء ليعجب أشد العجب من دين هذا مبدأه وتلك أصوله يكاد يهدم بعضها بعضاً، ومع ذلك تتبعه هذه الملايين الغفيرة من البشر ، فهل فقدت تلك الجماهير عقولها ؟ أم جمدتها ، أم إن إيمانهم بهذا الدين لم يكن عن فكر واقتناع وإنما كان لسهولة وجدوها فيه ، إذ يكفي الإيمان بألوهية المسيح حتى ينال أحدهم رضا الله عز وجل ، هذه احتمالات جميعها واردة ، وبعضها أسوأ من بعض ، ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نحمد المولى عز وجل أن أكرمنا بالإسلام ، الدين الحق الذي ارتضاه لعباده ، وحفظه من تحريف الغالين ، وإبطال المبطلين ، ونسأله سبحانه أن يحيينا عليه، وأن يميتنا عليه ، وأن يبعثنا عليه، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، والحمد لله رب العالمين .
( الشبكة الإسلامية )(1/438)
هل إفتدانا المسيح على الصليب ؟
د. منقذ بن محمود السقار
مقدمة :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسل الله أجمعين، عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وبعد:
انتهينا في الحلقات الماضية من سلسلتنا - سلسلة الهدى والنور - إلى حقيقة واضحة وساطعة كما الشمس في رابعة النهار، وهي أن الكتاب المقدس - وكما رأينا - عمل بشري لا يمثل كلمة الله بحال من الأحوال، وعليه فلا يصح الاستدلال به على أي من العقائد أو الأحداث الهامة، ومن ذلك الصلب والفداء.
وتنزلاً مع النصارى في الحوار، ورغبة في عدم غلق هذا الباب نعود لطرح سؤالين هامين، أحدهما تاريخي، والآخر عقدي، أولهما : هل صلب المسيح عليه السلام كما تذكر الأناجيل، وكما تجمع الفرق النصرانية المعاصرة؟
والسؤال الثاني، وهو متعلق بالسؤال الأول، ونطرحه جدلاً: إن قلنا بصلب المسيح فهل كان صلبه فداء لنا وللبشرية؟
وتثور تبعاً لهذا السؤال أسئلة كثيرة: مم الخلاص؟ من دينونة جهنم أم من نكد الدنيا وعثراتها؟ وهل الخلاص متعلق بذنب أبوينا (آدم وحواء) فقط أم يسري إلى كافة ذنوبنا وخطايانا؟ وهل الخلاص مشروط أم أنه منحة محبة من الله ومسيحه، وهي أعظم من أن يطلب لها مقابل؟
ثم هل الخلاص لليهود الذين اختص المسيح بهم في رسالته أم يمتد ليشمل الجنس البشري الذي ولد مسربلاً بالخطيئة؟
هذه الأسئلة وغيرها نجيب عنها في حلقتنا الرابعة من سلسلة الهدى والنور، ونجملها في سؤال يلُم شعثها: هل افتدانا المسيح على الصليب؟
نجيب عنه بموضوعية ومنهجية علمية، نقلب صفحات الأسفار المقدسة عند النصارى، ونحتكم وإياهم إلى العقل المجرد والفطرة السوية، مستشهدين بدلالة التاريخ وحكمة عقلائه من النصارى.
اللهم اهدنا لما اختلفنا فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
- صلب المسيح عند النصارى
- صلب المسيح عند المسلمين
- نقد روايات حادثة الصلب
(1/439)
- تفرد أحد الإنجيليين في الرواية
- إبطال وقوع صلب المسيح بالدليل التاريخي
- إبطال الصلب بنبوءات التوراة
- إبطال الصلب بنبوءات وأخبار الأناجيل والرسائل
- عقيدة المسلمين في الخطيئة والخلاص
- عقيدة الخلاص
- خطيئة آدم والذنب الموروث
- مبررات صلب المسيح عند النصارى
- مصادر عقيدة الفداء والخلاص
- خاتمة(1/440)
حوار على خشبات الصليب
ان رواية الأناجيل لحادثة الصلب فيها الكثير من النقاط التي تزعج اطمئنان المرء في قبول هذا الحدث والتسليم به . . فمن ذلك :
تتفق الأناجيل الأربعة على أن المسيح صلب بين لصين ، واحد على يمينه والآخر على يساره !
ولكن تختلف بينها فيما دار بين المسيح واللصين جميعاً على الصليب !
ففي متى ومرقس أنهما كانا يعيرانه . .
( وأما لوقا 23: 39 ) فهو يصور مشهداً روائياً مثيراً تدور فيه الأحاديث في منطق هادىء وفي حوار متئد بين اللصين ، وبين المسيح ، وقد اختلف أمرهما في شأن المسيح . . على هذا الوجه :
- أحد اللصين ( مستهزئاً ) : إن كنت أنت المسيح فخلص نفسك وإيانا !!
- اللص الآخر ( ينتهر صاحبه ) : أحتى أنت لا تخاف الله ، وأنت تعاني العقوبة نفسها ؟ أما نحنفعقوبتنا عادلة لأننا ننال الجزاء العادل لقاء ما فعلنا . وأما هذا الانسان فلم يفعل شيئاً في غير محله . ثم يلتفت إلي السيد المسيح في وداعة ولطف قائلاً : اذكرني يارب ، متى جئت في ملكوتك !
-السيد المسيح : الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس !!
ونحن نسأل : أين كان هذا الحوار والحديث ؟
وتجيب الأناجيل : بأن مسرح هذا الحوار كان على خشبات الصليب المعلق عليها كل من المسيح واللصين !!
ونحن نسأل العقلاء من النصارى :
هل حالة المصلوب تسمح له بأن يلتفت يمينا وشمالاً أم لا ؟
الذي نعرفه أن المعلق على الصليب والذي دقت يداه ورجلاه بالمسامير على الصليب ، لا يمكن أن يعي شيئاً مما حوله ، فضلاً على أن يحاور ويجادل !
انه لا يعقل أبداً أن يكون عند المصلوب بقية عقل أو فضلة قوة يمكن أن ينفقها في لفته يلتفتها أو كلمة ينطق بها . . وأنه إن يكن شىء فليس غير الأنين أو الصراخ ، والوجع المستمر ، لا الفلسفة ولا السفسطة ولا التنكيت والتبكيت !(1/441)