دعوة التوحيد وسهام المغرضين (1)
الحمد لله ...
العنوان كما سمعتم دعوة التوحيد وسهام المغرضين والتوحيد هو إفراد الله جل وعلا بالعبادة بأن يجعل المعبود واحداً هذا هو التوحيد وحد توحيداً أي جعل المعبود واحداً وهذا هو الذي خلق الله الخلق من أجله فالحكمة من خلقه سبحانه للخلق للجن والإنس ليأمرهم بعبادته إلا ليعبدون أي إلا لأمرهم بعبادتي ومصلحة ذلك راجعة إليهم فإنهم إذا عبدوا الله وحده فإن ذلك ينجيهم من عذاب الله ويدخلهم الجنة ويدر عليهم الخير في الدنيا والآخرة فمصلحة العبادة ليست راجعة إلى الله لأن الله غني عنهم وعن عبادتهم لو كفروا جميعاً ما نقصوا من ملكه شيئاً ولو أطاعوا جميعاً ما زادوا في ملكه شيئاً وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد وقال الله جل وعلى في الحديث القدسي يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وجنكم وأنسكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً ولو أن أولكم وأخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً فإن الله جل وعلا غني عنا وعن عبادتنا وإنما نحن المحتاجون إلى عبادة الله لتقربنا إليه ولأجل أن تصلنا بربنا عز وجل وتعرفنا به فنحصل على سعادة الدنيا والآخرة فالله جل وعلا أمرنا بعبادته لمصلحتنا ولدفع المضرة عنا هذه هي الحكمة من أمره بعبادته سبحانه وتعالى وضد التوحيد الشرك بالله عز وجل والشرك هو عبادة غير الله مع الله أن يجعل شيء من أنواع العبادة لغير الله جل وعلا كالذبح والنذر والدعاء والاستغاثة والخوف والخشية والرغبة والرجاء وغير ذلك فإذا جعل شيء من أنواع العبادة لغير الله فهذا هو الشرك لأنك جعلت لله شريكاً في عبادته وأول ما حدث الشرك في الأرض في قوم نوح حينما غلو في الصالحين كانوا في الأول على التوحيد من عهد آدم عليه السلام إلى قوم نوح كانوا على التوحيد
__________(1/1)
(1) - محاضرة بثت في قناة المجد بتاريخ 13 /08/2005
---
وكان فيهم رجال صالحون علماء عباد علماء صالحون يحبونهم حباً شديداً فماتوا في عام واحد مات هؤلاء الصالحون في عام واحد فحزن عليهم قومهم فجاء الشيطان إليهم وقال لهم صوروا صورهم وانصبوها على مجالسهم من أجل أن تتذكروا العبادة إذا رأيتم صورهم تذكرتم العبادة جاءهم من طريق النصيحة والتشجيع على الخير ولم ينظروا إلى العواقب ولم يفطنوا لكيد عدوهم فأطاعوه لأن هذا أمر ظاهره أنه خير يصورون صورهم وينصبونها على المجالس ويناظرونهم ويتذكرون أحوالهم وينشطون على العبادة فعلوا ذلك ولم يحدث شرك في أول نصب هذه الصور لأن فيهم العلماء ولم يتجاسر الشيطان على أن يقول لهم إن هذه الصور تنفع وتضر لأن العلماء ينكرون هذا فلما مضت مدة مات العلماء في قوم نوح ماتوا لم يبقى منهم علماء نسخ العلم ولم يبقى إلا جهلة فجاء الشيطان إليهم وقال إن أبائكم ما نصبوا هذه الصور إلا ليعبدوها وبها كانوا يسقون المطر فدخل ذلك في عقولهم لجهلهم ولم يكن هناك من العلماء من يرد هذه الشبهة وهذا الكيد فهذا أول سهام المغرضين على التوحيد فعبدوهم من دون الله عبدوا هذه الصور فبعث الله نوحاً عليه الصلاة والسلام فيهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة هذه الأصنام ليردهم إلى الأصل الذي خلقوا من أجله وهذا من رحمة الله عز وجل بعباده أنه لا يتركهم بأيدي عدوهم بل يرسل إليهم من ينبههم وينقض الشبهات التي تروج بينهم هذا من رحمة الله جل وعلا بعباده أنه يرسل الرسل وينزل الكتب لبيان الطريق الصحيح الموصل إلى الله جل وعلا والذي يبين الشرك وطرقه ووسائله فلم يترك عباده هملاً ولم يتركهم للشيطان فأرسل الله نوحاً عليه الصلاة والسلام يدعوهم إلى الله عز وجل ويريد ردهم إلى الأصل الذي هو التوحيد الذي خلقوا من أجله ولبس فيهم كما قال الله جل وعلا ألف سنة إلا خمسين عاماً ألف سنة إلا خمسين عاماً شوف الشر إذا(1/2)
دخل في القلوب صعب إخراجه الشبه إذا تغلغلت صعب مقاومتها
---
ألف سنة إلا خمسين عاماً ونبي الله ورسوله عليه الصلاة والسلام يعاني من هذه المشكلة ويعالجها ويدعو إلى الله عز وجل كما ذكر الله ذلك في كتابه ومن ذلك سورة نوح سورة كاملة في قصة نوح مع قومه ) بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاء لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ( نوح ( الآية 1-2-3-4) .
هكذا يدعوهم إلى الله بالحجج والبراهين وبالملاطفة واللين والموعظة لعلهم يستجيبون ثم إنهم زادوا شراً ) قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا ( نوح ( الآية 5 – 6 ) شوف الدعوة إلى الله عز وجل ) ما لكم لا ترجون لله وقارا ( نوح ( آية 13 ) يعني ما لكم لا تعظمون الله عز وجل وتوحدونه لأن الشرك تنقص لله عز وجل حيث سويتم به من لا يساويه عبدتم معه من خلقه من هم مثلكم بل أنتم أحيا وهم أموات أنتم تمشون وتكتسبون وهم أموات أموات في القبور .
---(1/3)
) مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا ( نوح ( الآية 13حتى 19 ) ذكرهم بآيات الله الكونية ونعمه الظاهرة والباطنة أما هؤلاء الأموات ماذا قدموا لكم خلقوا السماوات خلقوا الأرض أدروا عليكم الأرزاق أنزلوا عليكم المطر لأي شيء تتعلقون بهم والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم ) لتسلكوا منها سبلاَ فجاجة ( نوح (آية: 20 ) ما أجدى فيهم هذا كله المشركون الذين يعبدون الأصنام ما كانوا يعتقدون أنها تخلق أو ترزق أو تحي أو تميت لأن هم يعلمون أنها لا تقدر على ذلك وأن هذا لا يقدر عليه إلا الله ولأن سألتهم من خلق السموات والأرض يقولون أن الله لأن سألتهم من خلقهم يقولون الله قل من يرزقكم من السماء والأرض أما يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فهم يعترفون بتوحيد الربوبية وأنه لا يقدر على هذه الأمور إلا الله وأن أصنامهم لا تقدر على شيء من ذلك إذاَ لماذا عبدتموها لماذا عبدتموها قالوا شفعائنا عند الله ما عبدناهم أنهم يخلقون ويرزقون أو يدبرون لكن شفعائنا عند الله وسطاء يقولون وسطاء يتوسطون لنا عند الله الله أغلق بابه عن الدعاء وأغلق بابه عن عباده حتى يحتاج إلى وسطاء الله قد فتح بابه للسائلين ويجيب دعوة الداعي إذا دعاه يجيب المضطر ويعطي السائل ينزل كل لليلة إلى سماء الدنيا فيقول هل من سائل فأعطيه هل من تائب فأتوب عليه هل من مستغفر فأغفر له هذا يحتاج إلى أنك تأخذ بينكم وبينه واسطة أن أنك تمد يديك إليه سبحانه وتعالى بلقب حاضر وتطلب منه ما تشاء تطلب(1/4)
---
منه الدنيا والآخرة لأنه غني كريم سبحانه وتعالى ما هو بحاجة إلى أن تجعل بينك وبينه واسطة هذا ملوك الدنيا فهو قاسوا الله على ملوك الدنيا ملوك الدنيا ما توصلوا إليهم إلا بواسطة وبشفعاء أما الله جل وعلا فإنه سميع مجيب قريب لمن دعاه ليلاَ ونهاراَ بابه مفتوح يسمع ويرى سبحانه وتعالى فليس بحاجة إلى أن تجعل بينك وبينه شفيع ويعبدون من دون الله من لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعائنا عند الله اشفعوا لنا عند الله والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفا طيب لما ذا لا تتقرب أنت إلى الله لماذا لا تتقرب أنت إلى الله زلفا هل الله بعيد عنك لا يسمعك ولا يراك هل الله بخيل ما يعطيك إذا طلبت منه لماذا يقربون إلى الله الله أغلق بابه عنك فهذا من شبهات الشيطان التي يلقيها في قلوب هؤلاء وإذا تمكنت الشبهة من القلب صعب اقتلاعها في زماننا هذا مثل عباد القبور اليوم مثل مشركي الجاهلية سواء بسواء إلا أن مشرك الجاهلية أحذق وأذكى منهم لأن الرسول لما قال لهم قولوا لا إله إلا الله قالوا أجعل الآلهة إله واحدا إن هذا لشيء عجب فأبوا وانطلق الملأ منهم أمشوا واصبروا على ألهتكم إن هذا لشيء يراد فهم علموا معنى لا إله إلا الله أن معناه أن تترك عبادة غير الله وأن يفرد الله للعبادة وهم لا يريدون ذلك لا يريدون أن يفردوا الله بالعبادة بل يريدون أن يعبدوا معه غيره ممن يزعمون أنهم شفعاء وأنهم يقربونهم إلى الله زلفا أما عباد القبور اليوم ففيهم غباوة يقولون لا إله إلا الله المشركون أبوا أن يقولونها لأن لا يتناقضوا يقولون لا إله إلا الله ويدعون غيره هذا تناقض وهم لا يريدون أن يتناقضوا فصمدوا على الشرك خشية التناقض أما البلهاء والمغفلون في هذا الزمان فيعبدون الأموات والأضرحة ويقولون لا إله إلا الله لا إله إلا الله هو هو لا إله إلا الله ويذكرون الله بأنواع من الذكر والليل والنهار أذكار عظيمة(1/5)
---
ويقولون يا علي يا حسين يا عبد القادر يا نقش بندي يا فلان أغثني أعطني وهم يقولون لا إله إلا الله هذا تناقض كيف تقول لا إله إلا الله وتدعو غير الله تذبح لغير الله تنذر لغير الله هذا تناقض المشركون أبوا أن يقولوا لا إله إلا الله خشية التناقض وهؤلاء ما ألفوا من التناقض يقولون لا إله إلا الله بكثرة ولكن يشركون بكثرة والعياذ بالله ولهذا يقول شيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله لما ذكر هذه المسألة قال لا خير في رجل كفار قريش أعلم منه بمعنى لا إله إلا الله فكفار قريش عرفوا معنى لا إله إلا الله وأبوا أن يلتزموا وهؤلاء ما عرفوا معنى لا إله إلا الله قالوها ولم يعرفوا معناه ولذلك يدعون غير الله ويذبحون لغير الله ولا يسمون هذا بالشرك يسمونه بالتوسل توسل يقولون هذا توسل أيش التوسل قولوا نعم الله جل وعلا يقولوا ) يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون ( المائدة (آية:35) أولائك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة الوسيلة ما هي قالوا نعم الوسيلة الواسطة نجعل بيننا وبين الله واسطة هذه الوسيلة فسروها بغير تفسيرها وبغير مراد الله سبحانه وتعالى منها فسروا بأن الوسيلة معناه الواسطة وهذا لم يقل به أحد من المفسرين لم يقل به أحد من المفسرين أبداَ الوسيلة عند المفسرين هي ما يقرب إلى الله الوسيلة عند المفسرين هي ما يقرب إلى الله والذي يقرب إلى الله ما هو التوحيد والعمل الصالح هذا الذي يقرب إلى الله سبحانه وتعالى هذه الوسيلة الصحيحة عبادة الله وحده لا شريك له
---(1/6)
هي الوسيلة والتوسل إلى الشيء هو ما يوصل إليه والحبل يسمى وسيلة لأنه يستنبط به الماء إلى البئر فهو الوسيلة فالوسيلة ما يقرب إلى الله جل وعلا الذي يقرب إلى الله الشرك أو التوحيد الذي يقرب إلى الله جل وعلا هو التوحيد وعبادته وحده لا شريك له فمعنى { ابتغوا إليه الوسيلة } المائدة (آية:35) أي تقربوا إليه بالعبادة تقربوا إليه بالعبادة أولائك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أي التقرب إليه سبحانه وتعالى بالعبادة هذا معنى الوسيلة وليس معنى الوسيلة ما فسر به القبوريون أنه جعل الواسطة بينك وبين الله والتوسل ذكر العلماء أنه أنواع على قسمين التوسل على قسمين توسل مشروع توسل ممنوع تتوسل إليه بالأعمال الصالحة تتوسل إلى الله جلا وعلا بالأعمال الصالحة التي تقربك إليه والله جلّ وعلا يقول { ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين } يونس (آية:103) المؤمنين فينجيهم الله بإيمانهم وعبادتهم وطاعتهم لله عزّ وجل { فلولا أنّه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون } الصافات (آية:143) هذا في قصة يونس عليه السلام لما ابتلعه الحوت وصار في الظلمات نادى ربه في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فتوسّل إلى الله بالتوحيد لا إله إلا أنت وتوسل إليه باعترافه بظلمه وذنبه فنجّاه الله سبحانه وتعالى وفي الآية الأخرى { لولا أنه كان } يعني كان في حالة الرخاء { كان من المسبحين } يعني من المصلين كان يونس عليه السلام كثير الصّلاة { لولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون } الصافات (آية:143) فأنجاه الله بسبب أنه كان من المسبحين فهذا دليل على أن العمل الصالح ينجّي اله صاحبه إذا وقع في شدة وهذا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم تعرف إلى الله يف الرخاء يعرفك في الشدة توسل إلى الله بالأعمال الصالحة هذا هو المطلوب وهذا مشروع { ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع(1/7)
---
الشاهدين } آل عمران (آية:53) { ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا } آل عمران (آية:193) توسلوا إلى الله بإمامهم بالرسول صلى الله عليه وسلم فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة هذا ينفع صاحبه إذا وقع في شدة فإن الله يفرّج عنه شدته وليس الهتاف بالأموات ليس الهتاف بالأموات أو بالشياطين أو بالجن كما عليه الآن كثير من المشركين الذين يدعون الإسلام مع السف إذا أصابتهم شدة ما يقولون يا الله يقولون يا عبد القادر يا فلان يا حسين يا عليّ وينسون الله سبحانه وتعالى مع أن المشركين على شركهم في الجاهلية إذا وقعوا في الشدة أفردوا الله في الدعاء { وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً } الإسراء (آية:67) فإذا وقعوا في الشدة عرفوا أنه لا يخلص من الشدة إلا الله فأخلصوا الدعاء لله فنجاهم الله عزّ وجل { قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين } الأنعام (آية:63) فالمشركون كانوا يخلصون الدعاء لله في الشدة أما الذين يزعمون أنهم مسلمون الآن من القرويين وغلاة الصوفية فإنهم إذا وقعوا في الشدة يدعون غير الله يدعون ويهتفون بأسماء الجن والشياطين والأموات يا علي يا فلان يا حسين يا عبد القادر وهذا شيء معروف لا ينكرونه ولهذا يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله شرك هؤلاء أغلظ من شرك الأوّلين لأن الأوّلين يشركون في الرّخاء وسيخلصون في الشدة وهؤلاء شركهم دائم في الرخاء والشدة بل إنهم في الشدة يزيد شركهم والعياذ بالله يزيد شركهم في الشدة وينسون الله سبحانه وتعالى لا يأتي لله ذكر على ألسنتهم في الشدة وإنّما يأتي ذكر معبوداتهم من دون الله عزّ وجل الأمر خطير جداً التوحيد الآن خفي على كثير من(1/8)
الناس
---
والذي يدعو إليه يُنبذ ويُتهم ويُرمى بأنه من الخوارج لأن التوحيد عندهم هو عبادة القبور والذي ينكره هذا خارجي من الخوارج هكذا يقولون الخوارج ما هم بالذين يدعون إلى التوحيد الخوارج الذين يخرجون على ولي الأمر الخوارج الذين يكفرون المسلمين هؤلاء هم الخوارج أما الذين يدعون إلى التوحيد هذا هو الخوارج هؤلاء خلاصة عباد الله وأولياء الله هؤلاء هم الناصحون وما حملهم على هذا إلا الإخلاص والمحبة للخير والحرص على إنقاذ الناس من الهلاك يتحملون المشاق يتعرضون للأخطار ويصبرون على اللوم والتوبيخ والتهديد لأجل إنقاذ الناس من الظّلمات إلى النور هؤلاء يُقال لهم خوارج هؤلاء أتباع الرسل عليهم الصّلاة والسّلام قال عليه الصلاة والسلام والعلماء ورثة الأنبياء والأنبياء لم يورثوا ديناراًَ ولا درهماً وإنما ورّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر كذلك من التوسل المشروع أن تذكر حالتك وضرورتك إلى الله عزّ وفقرك تذكر هذا في دعائك كما قال أيوب { وأيوب إذ نادى ربه أني يمسني الضر وأنت أرحم الراحمين } الأنبياء ( آية 83 ) توسل إلى الله بحالته وأنه مسه ضرّ الضرّ الشديد وأعرض عنه الناس لأنه أصبح أصبح لونه وجسمه منفّراً من شدة المرض وتهرّي جلده من الأمراض فعند ذلك نادى ربه أن يمسني الضرّ وأنت أرحم الراحمين فتوسل إلى الله بشيئين لأنه أرحم الراحمين وبحالته التي بلغت إلى هذا الحد كذلك من التوسل المشروع طلب الدعاء من الصالحين الحاضرين أن تطلب من عبد صالح أن يدعو الله لك أو يدعو الله للمسلمين فإن هذا من التوسل المشروع والدليل على ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا أجدبوا يعني انحبس المطر طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يستسقي لهم وأن يدعو الله لهم فيسقون ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم وأجدبوا ذهبوا إلى العباس بن عبد المطلب عمّ النبي صلى الله عليه وسلم وقال عمر رضي الله عنه اللّهم إنا كنا نتوسل بنبيّك(1/9)
فتسقينا
---
وإننا نتوسل بعمّ نبيك فاسقنا فيدعو الله قم يا عباس فادع فيقوم العباس رضي الله عنه فيدعو الله وهم يؤمنون فينزل الله المطر عليهم هذا توسل بدعاء الصالحين فإذا كان عبداً صالحاً حاضراً عندك تطلب منه أن يدعو الله لك هذا توسل مشروع لا بأس به فهذه أنواع التوسل المشروع أما التوسل الممنوع فهو جعل الواسطة بين الدّاعي وبين الله في قضاء حاجته هذا ممنوع وهذا ينقسم إلى قسمين إن كان يتقرّب إلى هذه الواسطة ويذبح لها وينذر لها فهذا شرك أكبر هذا توسّل شرك أكبر يُخرج من الملة كالذين يذبحون للقبور وينذرون لها ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله كحالة المشركين الأوّلين أما إن كان لا يقرّب شيء من العبادة لهذه الوسيلة وإنما يزعم أنها تتوسّط له عند الله فهذا بدعة ووسيلة إلى الشّرك فلابد من هذا التفصيل فليس التوسل لغير الله التوسل غير المشروع ليس كله شركاً وليس كله مباحاً بل لابدّ من هذا التفصيل لأن كثيراً من المغرضين يلبسون الأمر ويقولون أنتم متشددون أنتم خوارج أنتم تشددون على الناس هذا من الأسباب هذا من التوسل والله أمر به وابتغوا إليه الوسيلة فينبغي أن يُعرف هذا وأن العلماء يبينون للناس هذه الأمور ولا يتركون المغرضين يلبسون عليهم .
---(1/10)