معارضات القرآن الكريم
مزاعم وشبهات
إعداد:
د. محسن سميح الخالدي
جامعة النجاح الوطنية
كلية الشريعة/ قسم أصول الدين
فلسطين
ملخص البحث: يتحدث هذا البحث عن معارضات القرآن الكريم، وما أُثير حولها من الشبهات والمراد بالمعارضة الإتيان بكلام يقابل القرآن الكريم في الفصاحة، والبلاغة، والبيان بهدف المناقضة، والمغالبة ، فقد زعم قومٌ في القديم والحديث معارضة القرآن الكريم، وأتوا بكلامٍ تعافه الأسماع، وتنفر منه الطِباع ، وحاول آخرون المعارضة، ثم استحيوا مما كتبوا بعد أن انكشف لهم عجزهم، فثابوا إلى رشدهم ، وبما أن لكل قول من عقيدة قائله نصيبا،ً فقد ترجم البحث لكل من حاول أو زعم معارضة القرآن الكريم وأورد ما نسب إليه من المعارضة مع التحليل والنقد والبيان ، كما تكلم البحث عن الشبهات التي أُثيرت حول انصراف العرب عن المعارضة، وكذلك ما أُثير حول وجود معارضات لم تتحقق لها أسباب النقل، والظهور، فبقيت في طي الكتمان. ويختم بأن القرآن الكريم لم يعارض في الماضي، ولا في الحاضر، ولن يعارض في المستقبل؛ تصديقًاً لقوله تعالى (( فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا .....)) [ البقرة:24 ].
صدق الله العلي العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل كتابه المبين حجة على المشركين، فظلت أعناقهم له خاضعين، وأمسوا في معارضته عاجزين غير طامعين.
... والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله وصحبه الغر الميامين وبعد:(1/1)
... فقد أنزل الله الكتاب حجة على سامعه، وأودع فيه من فنون البلاغة والبيان ما أعجز أهل اللسان، فكان دليلاً على صدق حامله، وبرهانا على ربوبية قائله، وقد شهد لإعجازه القاصي والداني، غير أن بعض من قسا قلبه أراد أن ينازل القرآن، ويباريه، فظهر ما كتب الخصم اللّدود حين فاه بالبهتان، وادّعى معارضة القرآن، وحين نمعن النظر فيما أتى به هؤلاء نجد أن معارضاتهم إحدى اثنتين: معارضة ركيكة الألفاظ، هزيلة المباني، خاوية المعاني، ومعارضة أتت بالفاظٍ رائعة ، وكلم رائقة ، وإن كانت ناحلة المعاني، ضعيفة الضمائر، واهية القواعد.
... وهناك مَن حاول المعارضة، فاستحيا مما كتب، وقعد عن المعارضة بعد أن ألزمته بلاغة القرآن بالعجز والتسليم، وبقي الفريق الآخر الذي أبى، واستكبر، وطغى، وتجبّر، ولجَّ في عناده مستمسكاً بما جاء به من الكلام الممجوج، الذي تعافه الأسماع، وتنفر منه الطباع.
... وقد أحببت في هذا البحث أن أجمع ما قيل في معارضة القرآن على مرّ الزمان للوقوف على حقيقة هذه المزاعم، وسميّته:
"معارضات القرآن الكريم مزاعم وشبهات"
... من المعلوم أن قول كثير من المعارضين حمَّال ذو وجوه، وإن بين القول وعقيدة قائله توافقاً وتلازماً، فكل إناء بما فيه ينضح، لذلك رأيت أن من متطلبات الوقوف على حقيقة آراء المعارضين أن أقف على سيرهم، وما قيل في عقائدهم، فلكل قول من عقيدة قائله نصيب، ومن الإنصاف أن نقف عند كل شخص زعم المعارضة، ونذكر ما ورد من معارضته للقرآن الكريم.
... وإن من العجيب حقاً أن كثيراً ممن زعموا معارضة القرآن كانوا من العرب الأقحاح، أو ممن شُهد لهم بباع في اللغة! فهل غاب عنهم سمو رتبة القرآن؟ وهل خفي عنهم ما فيه من البيان؟ أوأنه الكبر، وغرور النفس؟(1/2)
... ومن المؤلفين الذين تحدثوا عن معارضة القرآن الكريم في مصنفاتهم: القاضي عبد الجبار في كتابه المغني في أبواب التوحيد والعدل، والرافعي في كتابه إعجاز القرآن، والحمصي في كتابه: فكرة إعجاز القرآن.
... وقد أورد كثير من المؤلفين بعض الأسئلة والشبهات حول المعارضات، منها أن القرآن الكريم عورض -في زعم القائلين- غير أن المعارضة لم تنقل إلينا، ومن هذه الشبهات أن المشركين لو شاءوا لعارضوا، غير أن هناك دوافع حالت دون معارضتهم للقرآن الكريم.
... وقد حاولت في بحثي هذا- مستعيناً بالله عز وجل- أن أعرض مَنْ نُسبت إليهم مزاعم معارضة القرآن الكريم في القديم والحديث، مراعياً الترتيب الزمني في عرضهم، وأوردت ما أثير حول المعارضات من الشبهات، مع المناقشة والرد، وقد قسَّمت البحث إلى مقدمة، وأربعة مباحث، وخاتمة على النحو التالي:
المبحث الأول: معنى المعارضة. وفيه مطلبان:
المطلب الأول: المعارضة في اللغة.
المطلب الثاني: المعارضة في الاصطلاح.
المبحث الثاني: من روي عنه أنه رام معارضة القرآن الكريم، ثم أقلع عنها، حال شروعه في نظمها، ولم يُبْدِها للناس. وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: كفار قريش.
المطلب الثاني: ابن المقفع (ت: 145هـ).
المطلب الثالث: الكندي (ت: 260هـ).
المبحث الثالث: فيمن نسب إليه أنه زعم معارضة القرآن الكريم. وفيه أربعة عشر مطلباً:
المطلب الأول: النضر بن الحارث (ت: 2هـ).
المطلب الثاني: مسيلمة (ت: 12 هـ).
المطلب الثالث: طليحة الأسدي (ت: 19هـ).
المطلب الرابع: عبد الله بن أبي السرح (ت: 37هـ).
المطلب الخامس: سجاح (ت: نحو 55هـ).
المطلب السادس: مجهول (ت:نحو 106هـ).
المطلب السابع: ابن الراوندي (ت: 298هـ).
المطلب الثامن: الحلاج. (ت: 309هـ).
المطلب التاسع: المتنبّي (ت: 354هـ).
المطلب العاشر: قابوس بن وشمكير (ت: 403هـ).
المطلب الحادي عشر: أبو العلاء المعرّي (ت: 449هـ).
المطلب الثاني عشر: شميم (ت: 601هـ).(1/3)
المطلب الثالث عشر: مارتيني ريموندو (ت: 1284م) .
المطلب الرابع عشر: أنيس شوروش (معاصر) .
المبحث الرابع :الدلالة على أن المشركين لم يعارضوا القرآن الكريم لتعذر المعارضة عليهم . وفيه مطلبان:
المطلب الأول :شبهات انتفاء المعارضات .
المطلب الثاني :شبهات انتفاء وصول المعارضات .
... والله تعالى ولي التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الصراط.
المبحث الأول: معنى المعارضة في اللغة والاصطلاح
المطلب الأول- المعارضة في اللغة:
... المعارضة من العرْض، بسكون الراء: خلاف الطول، وعَرُض الشيء يعرضُ عِرَضاً، فهو عريض(1).
... والعُرضُ: الناحيةُ، ما لم تحدَّ طوله، يقال: ضربتُ به عُرْضَ الحائط، وعرض الجبل، وكذلك عُرض النهر، أي: ناحيته(2). ونظرت إليه معارضة: إذا نظرت إليه من عُرْض، أي: من ناحية(3). والعارض مشتق من العَرْض أيضاً الذي هو خِلافُ الطُّول، ويقال: أعرض لك الشيء من بعيدٍ فهو مُعرِضٌ، وذلك إذا ظهر لك، وبدا، والمعنى أنك رأيت عَرْضه(4). وعارَضَ الشيء بالشّيء معارضةً: قابله، وعارضتُ كتابي بكتابه أي قابلته(5)، ومنه أن جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن في كلّ سنة مرّة، وأنه عارضَه العام الذي توفي فيه- عليه الصلاة والسلام- مرتين، أي كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن، من المعارضة: المقابلة(6). وعارضْتُ فلاناً في السَّير، إذا سرت حِياله، وعارَضْتُه مِثْلَ ما صَنَعَ، إذا أتيت إليه مثلُ ما أتى إليك، ومنه اشتقت المعارضة(7).
... وعارضت فلاناً: أي أخذ في طريق، وأخذت في طريق غيره ثم لقيته(8).
... وعارضت الرجل بكذا: إذا قال قولاً، فاعترضت في جوابه، وجبهته به(9). والعارضان للإنسان صفحتا خديه(10).(1/4)
... هذه بعض المعاني لمادة (عرض). وإن الناظر في لسان العرب، وغيره من معاجم اللغة، يرى أن الفروع المتشعبة من هذا البناء كثيرة جداً، أهم ما يعنينا منها أن المعارضة بمعنى المقابلة، ويرى ابن فارس أن هذه الفروع، على كثرتها ترجع إلى أصل واحد، وهو العَرْض الذي يخالف الطول، والقياس في المقابلة عنده: أن عرض الشيء الذي يفعله المرء مثلُ عَرْض الشيء الذي أتاه(11).
... وخلاصة القول: إن المعارضة في اللغة المقابلة على سبيل الممانعة، أو إقامة الشيء في مقابلة ما يناقضه(12).
المطلب الثاني- المعارضة في الاصطلاح:
... هي إقامة الدليل على خلاف ما أقامه عليه الخصم(13).وأضاف الجرجاني:" ودليل المعارض إن كان عين دليل المعلل يسمى قلباً، وإلا، فإن كانت صورته كصورته يسمى معارضة بالمثل، وإلا فمعارضة بالغير"(14).
... والملاحظ في هذا المعنى الاصطلاحي للمعارضة أنه لا يختص بالقرآن الكريم، وإنما هو تعريف مصطلحي للمعارضة بشكل عام، وإذا أنزلناه على القرآن الكريم، فالمعنى: الإتيان بكلام يقابل القرآن في الفصاحة، والبلاغة، والبيان، بهدف المناقضة، والمغالبة.
... ولا نستطيع صرف المعارضة إلى الإعجاز العلمي، أوالغيبي، أو الإعجاز العددي، ونحوه؛ لأن التحدي وقع بنظم القرآن، وما يتصل به من الفصاحة، والبيان. وهذا ما عليه جمهور العلماء والحذاق(15).
... وقد ورد مفهوم المعارضة في القرآن الكريم غير أن لفظ المصطلح (معارضة) لم يرد، ونهاية ما ورد في القرآن الكريم آيات تدعو إلى الإتيان بمثل القرآن الكريم، أو عشر سور منه، أو سورة منه نحو قوله عزّ وجل (فليَأتوا بحديثٍ مثله إنْ كانوا صادقين) [الطور: 34].(1/5)
... وكذلك خلت أحاديث النبي -عليه الصلاة والسلام- من لفظ المعارضة الذي يحمل هذا المفهوم، وإن كانت الأحاديث قد سجلت هذا اللفظ للرسول -عليه الصلاة والسلام- بمعنى المقابلة، ولكن في غير مقصودنا الذي أسلفناه، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "إن جبريل كان يعارضني القرآن كلّ سنة، وإنه عارضني العام مرّتين"(16).
... ولا يخفى أن المعنى هنا مقابلة القرآن بالقرآن، وهو خلاف مقابلة القرآن بغيره. وإخال أن خلو الحديث النبوي، وكتب السِّيَر عامة من موقف واحد للنبي- صلى الله عليه وسلم- يقف فيه وجهاً لوجه مع المشركين المعاندين، محاجاً لهم، ومناظراً بنظم القرآن يعود إلى أنه -عليه السلام- اكتفى بآيات التحدي الواردة في القرآن الكريم، فقد تحصلت بها الغاية المنشودة، وتحقق بها المراد، والله تعالى أعلم.
المبحث الثاني: من روي عنه أنه رام معارضة القرآن ثم أقلع عن فعله حال شروعه في نظم المعارضة ولم يبدها للناس
المطلب الأول- كفار قريش:
... يروى أن كفار قريش قصدوا أن يعارضوا القرآن، فعكف فصحاؤهم على لباب البر، ولحوم الضّأن، وسُلاف الخمر أربعين يوماً؛ لتصفو أذهانهم، فلما أخذوا فيما قصدوه، وسمعوا هذه الآية: (وقِيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقُضِي الأمر واستوت على الجودي و قيل بعداً للقوم الظّالمين) [هود: 44].
... يئسوا مما طمعوا فيه، وقال بعضهم لبعض: هذا الكلام لا يشبه كلام المخلوقين، فتركوا ما أخذوا فيه، وتفرّقوا (17).
المطلب الثاني- ابن المُقَفَّع (ت: 145هـ):
... عبد الله بن المقفع أحد البلغاء، والفصحاء، ورأس الكتاب، وأولي الإنشاء، كان من مجوس فارس، وأسلم، وكان يتهم بالزندقة، ولي والده خراج فارس للحجاج، فخان، فعذبه الحجاج، فتقفعت يده(18).
... أما اسمه: فذكر صاحب الفهرست أن اسمه قبل الإسلام روزبة، وكان يكنى قبل إسلامه أبا عمرو، فلما أسلم اكتنى بأبي محمد(19).(1/6)
... وأما اسم أبيه، فقد ذكر الذهبي أنه ذادويه(20)، وفي وفيات الأعيان داذويه(21).
... وكان المهدي بن المنصور (الخليفة) يقول: "ما وجدت كتاب زندقة إلا وأصله ابن المقفّع"(22).
... وقال الذهبي: "وكان ابن المقفع، مع سَعَة فضله، وفرط ذكائه، فيه طيش"(23). ومع ما ذكر من زندقته، وطيشه فقد وقفت على العديد من الروايات التي تشير إلى كرم نفسه.
... ومن أروعها أن جاراً له ركبه دين، فأراد بيع داره، فبلغ ذلك ابن المقفّع، وكان يجلس في ظل دار جاره، فقال: "ما قمت إذاً بحرمة ظل داره إن باعها مُعْدِماً، وبتّ واجداً، فحمل إليه ثمن الدار، وقال: لا تَبِعْ"(24).
... وكان ابن المقفع يعبث بسفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب بن أبي صفرة، أمير البصرة، وينال من أمه، ولا يسميه إلا بابن المغتلمة...، جاءه أمر من المنصور بقتل ابن المقفع ، فقتله، وقطع أطرافه عضواً عضواً، وهو يلقيها في التنور، حتى أتى على جميع جسده، ثم أطبق عليه التنور، وقال: ليس عليّ في المثلة بك حرج لأنك زنديق وقد أفسدت الناس"(25).
... عاش ستاً وثلاثين سنة، مات في سنة خمس وأربعين ومائة.
... من آثاره: كتاب كليلة ودمنة، وفي المطبوع: كليلة ودمنة، تأليف بيدبا الفيلسوف الهندي، ترجمة عبد الله بن المقفّع(26)، وكذلك له كتاب الأدب الكبير، والأدب الصغير، ورسالة الصحابة، والدرة اليتيمة، واليتيمة في الرسائل، وسمّاه بعضهم: اليتيمة في طاعة السلطان(27)، والتاج في سيرة أنو شروان، وكتاب مزدك... الخ.
* ما ذكر من معارضته للقرآن الكريم:
... قال ابن القيم: "حكي أن ابن المقفع عارض القرآن، فلما بلغ هذه الآية (وقيل يا أرض ابلعي ماءك... وقيل بعداً) أمسك عن المعارضة، وقال: هذه الفصاحة"(28).(1/7)
... وممن عزى إلى ابن المقفع معارضة القرآن : الألوسي في تفسيره، حيث قال: "يروى أن ابن المقفع، وكان فصيحاً بليغاً، بل قيل: إنه أفصح أهل وقته رام أن يعارض القرآن، فنظم كلاماً، وجعله مفصلاً، وسماه سوراً، فاجتاز يوماً بصبي يقرؤها [أي الآية: وقيل يا أرض ابلعي ماءك...] فرجع ومحا ما عمل، وقال: أشهد أن هذا لا يعارض أبداً، وما هو من كلام البشر"(29).
... وقال الباقلاني: "يزعمون أنه اشتغل بذلك [بالمعارضة] مدة، ثم مزق ما جمع، واستحيا لنفسه من إظهاره، فإن كان كذلك فقد أصاب وأبصر القصد، ولا يمنع أن يشتبه عليه الحال في الابتداء ثم يلوح له رشده، ويتبين له أمره، وينكشف له عجزه"(30).
... وقد نسب بعضهم إلى ابن المقفّع أنه عارض القرآن الكريم بكتاب الدرّة اليتيمة، وممن أشار إلى ذلك:
... الباقلاني الذي قال: "وقد ادّعى قوم أن ابن المقفع عارض القرآن، وإنما فزعوا إلى الدرّة والتليمية"(31).كذا نص العبارة في هذه الطبعة من كتاب إعجاز القرآن للباقلاني ،وهو نص بحاجة الى وقفات سنأتي عليها بعد حين .
... وممن أشار إلى معارضة ابن المقفع بالدرة اليتيمة: الرافعي، وعزاه إلى الملحدة وأنكره، قال: "زعموا أنه اشتغل بمعارضة القرآن مدّة، ثم مزق ما جمع، واستحيا لنفسه من إظهاره، وهذا عندنا إنما هو تصحيح من بعض العلماء لما تزعمه الملحدة من أن كتاب الدرة اليتيمة لابن المقفّع هو في معارضة القرآن"(32).
... ولا ندري لماذا عزى الرافعي هذا القول للملحدة؟! فما غرض الملحدة من عزو مثل هذا القول لابن المقفّع؟! اللهم إلا إذا تمسكوا هم أنفسهم ببعض كتب ابن المقفع؛ ليعارضوا بها القرآن الكريم، وهذا لم ينقل عن أحد منهم، وسيتم عرض قول الباقلاني خلال الصفحات اللاحقة.(1/8)
... وقال الحمصي عن ابن المقفع: "ونسب إليه بعضهم أنه عارض القرآن، وألف كتاباً حمل فيه على الإسلام وانتقد القرآن، وأوّل من اتهمه بذلك القاسم بن إبراهيم الرازي (246هـ)، فقد ألّف رسالة (الردّ على الزنديق اللعين ابن المقفع)، وهو يعرض فيها أقوال ابن المقفع في هذا الكتاب، ويحاول أن يدحضها بالحجج"(33).
... وكلام الحمصي هذا بحاجة إلى تدقيق، ولو أمكننا الوقوف على كتاب القاسم بن إبراهيم الرازي السابق الذكر لكانت الصورة أوضح، ثم قال الحمصي: "ويرجّح أن الكتاب ليس لابن المقفع : عدم النص عليه عند ذكر مؤلفات ابن المقفع غير رسالة القاسم بن إبراهيم الرازي السابق الذكر، مع أن كتبه كانت معروفةً مشهورةً في العصر العباسيّ(34)، إن أسلوب الكاتب ليس عربياً على ما هو معروف من براعة ابن المقفع في الكتابة، وجمال الأسلوب...".
... ولا ندري ماذا يقصد الحمصي بقوله: "إن الكتاب ليس لابن المقفع"، فإذا كان يقصد الدرّة اليتيمة فهناك عشرات الروايات تنسب هذا الكتاب لابن المقفّع. وسنعرض من خلال البحث بعضها، كما أن عدداً من الكتّاب، والأدباء أثنوا على الدرّة اليتيمة، وشهدوا بتميزها، بل قد ذكرها ابن النديم(35) ضمن الكتب المجمع على جودتها.
... أمّا في ضبط اسم كتاب ابن المقفع (الدرّة اليتيمة) الذي نسب إليه أنه عارض القرآن الكريم فيه، فثمَّ اختلاف عظيم. فقد ذكره صاحب كشف الظنون باسم: (الدرة اليتيمة والجوهرة الثمينة) ،واكتفى بعضهم بتسميته بـ(الدرّة اليتيمة) فقط، وقد سبق أن الباقلاني قال: (الدرّة والتليمية)، وكان يمكن أن نقول: إن هذا تحريف من الناسخ فقد جعل الكتاب اثنين، لو لم يؤكد الباقلاني مراده ومقصوده بقوله: "وهما كتابان"(36)، فألبس علينا الأمر، وسنأتي لهذا بعد حين.
... وأودّ الوقوف هنا ثلاث وقفات:(1/9)
الأولى: هناك بعض اللبس والتداخل ما بين الدرة اليتيمة واليتيمة في الرسائل، أو كما سماها بعضهم: اليتيمة في طاعة السلطان، وكلاهما لابن المقفع.
... وقد أطلق ابن قتيبة على الأخيرة اسم: "اليتيمة في منافع السلطان ومضاره"، ونقل منها بعض النصوص بلفظ: "من اليتيمة في منافع السلطان ومضاره"، قرأت في اليتيمة: مثل قليل مضارّ السلطان في جَنْب منافعه مثل الغيث الذي هو سقيا الله، وبركات السماء، وحياة الأرض، ومن عليها...."(37).
... والملاحظ أن هذا النص الذي ذكره ابن قتيبة في نحو صفحتين، قد أورد الثعالبي في كتابه ثمار القلوب، وصدره بقوله: "يتيمة ابن المقفع يضرب بها المثل لبلاغتها، وبراعة تشبيهها، وهي الرسالة في نهاية الحسن، تشتمل على محاسن الآداب، فمنها هذا الفصل الذي في ذكر السلطان: مثل قليل..." وذكر القول بتمامه(38).
... ونلاحظ هنا أن عبارة ابن قتيبة أبْيَن، وأوضح في بيان اسم الكتاب، أما عبارة الثعالبي، فهي موهمة بأن النص المنقول هو من الدرة اليتيمة، ولا أستبعد أن الثعالبي نقل النص عن ابن قتيبة. والله –تعالى- أعلم.
الثانيةً: هل الدرة اليتيمة هي كتاب الأدب الكبير لابن المقفّع؟
... كتاب الأدب الكبير مطبوع أكثر من طبعة، وتدور محتويات الكتاب حول موضوعين أساسين هما: الحاكم والمحكوم، وما يتصل بهما من أنظمة وقوانين، والثاني: الصداقة والصديق، وما يتعلق بهما من مواثيق.
... وبعضهم يطلق على الكتاب اسم ( الآداب الكبير) نص على ذلك ابن النديم(39).
... وأرى أن هذا أرجح في تسميته؛ لكون ابن المقفع قد ضمَّن كتابه هذا أقوال المتقدمين وحكمهم. فهي آداب عرفتها الأمم، وممن سماه (آداب) ابن قتيبة الذي قال: وقرأت في آداب ابن المقفع: "لا تكونن صحبتك للسلطان إلاّ بعد رياضة منك لنفسك على طاعتهم في المكروه عندك..."(40). وقال: وقرأت في آداب ابن المقفع: "جانب المسخوط عليه والظنين به عند السلطان، ولا يجمعنك وإياه مجلسٌ...."(41).(1/10)
... وقال: " وفي آداب ابن المقفع: لا يُقْذَفَنَّ في روعك أنّك إن استشرت الرِّجال ظهر للناس منك الحاجة إلى رأي غيرك...."(42).
... وهذه النصوص جميعها موجودة في الأدب الكبير المطبوع.
... ومن الشواهد على أن الدرة اليتيمة هي كتاب الآداب الكبير أو الأدب الكبير ما يلي:
1- إن بعض المؤلفين نقلوا نصوصاً معزوة إلى ابن المقفع في اليتيمة وهي ذاتها في الآداب الكبير، ومن ذلك ما ذكره ابن الجوزي: "عبد الله بن المقفع كان فصيح العبارة جيد الكلام، وله اليتيمة كتاب فيه آداب حسان(43)، فمن ذلك أنه قال فيه: يا طالب العلم والأدب اعرف الأصول والفصول.... وإن ابتليت بالسلطان فتغوث بالعلماء، واعلم أن قائل المدح كجارح نفسه...."(44)و نقل ما يقرب من صفحتين، وهذه النصوص موجودة في كتاب الآداب الكبير(45).
2- لقد طبع كتاب الآداب الكبير باسم: الدرة اليتيمة والجوهرة الثمينة، طبع إدارة جريدة الزراعة، القاهرة، وعني بتصحيحها، ووضع مقدمتها الأمير شكيب أرسلان، سنة 1910م.
3- عبارة الباقلاني: "ادّعى قوم أن ابن المقفع عارض القرآن، وإنما فزعوا إلى الدرة والتليمية، وهما كتابان، أحدهما يتضمن حكماً منقولة توجد عند حكماء كل أمة مذكورة بالفضل فليس فيها شيء بديع في لفظٍ ولا معنى، والآخر في شيء من الديانات"(46). فقد نص ابن المقفع في مقدمته أن فيه جسام حِكَم الأولين وقولهم(47).(1/11)
وقد وقفت على إعجاز القرآن للباقلاني بتحقيق الشيخ عماد الدين أحمد حيدر، فوجدت نص عبارة الباقلاني فيه على غير ما ذُكِر بتحقيق السيد أحمد صقر حيث جاء فيه : ".... وإنما فزعوا إلى الدرة اليتيمة، وهما كتابان..."(48).فعبارة : (التليمية) في إعجاز القرآن للباقلاني بتحقيق أحمد صقر تحريف ، والأصح في ضبطها ما ذكر في نسخة إعجاز القرآن بتحقيق الشيخ عماد الدين حيدر من أنها اليتيمة ، وأيضاً :فإن عبارة الباقلاني وفق تحقيق الشيخ عماد حيدر فيها تناقض ، فكيف يصح أن يقول :" وإنما فزعوا إلى الدرة اليتيمة، وهما كتابان "؟.
ومن المعلوم أن الدرة اليتيمة كتاب واحد!، وأرجح أن تكون عبارة الباقلاني : (الدرة واليتيمة ) وزيادة الواو بين (الدرة) و(اليتيمة) تقتضيها عبارة الباقلاني من أنهما كتابان ، ويؤكدها : أنها مثبتة في الكتاب بتحقيق أحمد صقر الذي جاء النص فيه: (الدرة والتليمية) .
... ومما يرجح أن مقصود الباقلاني بهذه العبارة كتاب: الدرة اليتيمة، وكتاب اليتيمة السابق الذكر:
... أنه وصف الأول بأنه يتضمن حِكماً منقولة...، وكذلك هو كتاب الآداب الكبير، الموسوم بالدرة اليتيمة، غير أن الباقلاني وهَّن من أمر الحكم المذكورة في الكتاب بقوله: "فليس فيها شيء بديع من لفظ ولا معنى"، في حين نجد الرافعي يقول عن كتاب الآداب الكبير الذي وصفه بأنه هو الدرة اليتيمة بقوله: "وهو من الرسائل الممتعة، يعد طبقة من طبقات البلاغة العربية"(49).
... ولعل تقليل الباقلاني من شأن الكتاب، ووصفه بأنه منسوخ من كتاب بزرجمهر في الحكمة أنه أراد بيان الفارق الكبير جداً بين القرآن الكريم وأي كلامٍ آخر، وهذا غرض من أغراض تأليفه لكتابه إعجاز القرآن، ونحن معه في أن الإعجاز مما يختصّ به القرآن الكريم وحده، ومع هذا فكتاب الآداب كتاب قيمٌ في بابه، بعيد عن المعارضة، لا توحي عباراته أنه حيك لمقابلة القرآن الكريم.(1/12)
الثالثة- الدرة اليتيمة ليست كتاب الآداب الكبير:
... هناك بعض القرائن تشير إلى أن كتاب الدرة اليتيمة ليس كتاب الآداب الكبير، ومن هذه القرائن ما يلي:
1- إن بعض النصوص المعزوة إلى الدرة اليتيمة لا وجود لها في كتاب الآداب الكبير، ومن ذلك: ما ذكره الأصمعيّ: "صنف ابن المقفع الدرة اليتيمة التي ما صنف مثلها، ومن قوله: شربت من الخطب ريا ولم أضبط لها روياً، فغاضت ثم فاضت، فلا هي هي نظاماً، و لا هي غيرها كلاماً"(50).
وهذا النص لا وجود له البتة في كتاب الآداب الكبير، مما يشير إلى اختلاف الكتابين.
2- إن عدداً من المؤلفين الذين عدّوا كتب ابن المقفع عدوا كتاب الأدب الكبير إلى جانب الدرة اليتيمة، ولو كانا كتاباً واحداً لما غايروا بينهما في التسمية(51).
... بعد هذه الوقفات الثلاث أقول: لقد استنفدت وقتاً طويلاً، وبذلت جهداً عظيماً، ومع هذا فالبحث جائع لا يشبع ، كلما أعطيته من وقتك وجهدك احتاج المزيد، وكان يعزز من نتيجة البحث، وربما يحسم الجدل فيه لو تحقق لي الوقوف على مخطوطات الآداب الكبير أو كتاب اليتيمة في الرسائل، أو كتاب التاج...، فلعل بعض المؤلفين نقل من كتاب اليتيمة في الرسائل، وقال: من اليتيمة فألبس الأمر علينا أمِنَ الدرة اليتيمة نقل أم من اليتيمة في الرسائل؟، فالمسألة بحاجة إلى زيادة تدقيق وتحقيق إذا ما توفرت لذلك الأدوات.
... * وعلى أية حال فما تطمئن له النفس في شأن معارضة ابن المقفّع ما يلي:
1- إن ابن المقفع لم يعارض القرآن، يشهد لذلك الآتي:(1/13)
أ- لو أخذنا بالرأي القائل: إن الدرة اليتيمة هي كتاب الآداب الكبير، فالكتاب ماثل بين أيدينا لا يدل أسلوبه على المعارضات، وأنا على ثقة بأن ابن المقفع لو قصد به ذاك لجاء بأحسن منه، قال الرافعي عن كتاب الآداب الكبير أو الدرة اليتيمة كما سمّاه: ".... ولكنه في المعارضة ليس هناك لا قصداً ولا مقاربة، ونحن لا نرى فيه شيئاً لا يمكن أن يؤتى بأحسن منه، وما كل ممتع ممتنع"(52).
... أما إذا كانت (الدرّة اليتيمة) شيئاً آخر سوى كتاب الآداب الكبير، فإن ما نقل من النصوص المعزوة إليه لا تدل كذلك على أنها أريد بها المعارضة.
ب- إن الناظر في كتب ابن المقفع أو في المصادر التي ترجمت له لا يجد نصّاً واحداً عنه في ذلك سواء كان صريحاً أو غير صريح، كما إننا لا نجد أيَّ مستند تاريخي ينسب المعارضة إليه بصريح العبارة.
ج- مع ما ينسب إليه من سوء الاعتقاد فإننا نجد في كتب ابن المقفّع عبارات التديّن، ويمكن لنا أن نتلمس النزعة الدينية في كتابات ابن المقفّع من خلال كتبه، ومن ذلك:
- في كتابه الأدب الصغير: ينص على أن العاقل يجب أن يرفع حاجته لربّه ويتزود لمعادٍ(53)، وهو يحث على شكر الله وحمده والثناء عليه(54).
... ويقول: "الدين أفضل المواهب التي وصلت من الله تعالى إلى خلقه، وأعظمها منفعةً..."(55).
... ويقول: "الرجال أربعةٌ: جواد ، وبخيل ، ومسرف ، ومقتصد، فالجواد الذي يُوَجّه نصيب دُنياه جميعاً في أمر آخرته..."(56).
- وفي رسالة الصحابة يبيِّن حاجة الناس إلى تعلم الكتاب والتفقه في السنّة(57)، وينص على أن حاجة الناس إلى الفقه والسنّة والسِّيَر أشدّ من حاجتهم إلى أقواتهم التي يتعيشون بها(58).
... وفي الأدب الكبير يقول: "فأصل الأمر في الدين أن تعتقد الإيمان على الصواب، وتجتنب الكبائر، وتؤدي الفريضة، فالزم ذلك لزوم من لا غنىً له عنه طرفة عين..."(59).(1/14)
د- إن الذين نقلوا عن الدرّة اليتيمة أثنوا عليها، وشهدوا لها، قال صاحب كشف الظنون : "وهو كتاب لم يصنف في فنه مثله"(60).
... وقال ابن الجوزي: "فيه آداب حسان"(61).
... وقال الأصمعي: "صنف ابن المقفّع الدرة اليتيمة التي ما صنف مثلها"(62). وقد ذكر أبو تمام يتيمة ابن المقفع، وأجراها مثلاً(63).
... وختاماً: فإن الراجح أن ما نسب إلى ابن المقفع من معارضة القرآن بالدرة اليتيمة باطل، والله –تعالى- أعلم، ويبقى ما نقلناه عن الباقلاني، أنه لا مانع أن يشتبه عليه الحال في الابتداء ثم يلوح له رشده، ويتبين له أمره، وينكشف له عجزه، ولم يثبت إطلاقاً أنه أظهر شيئاً في معارضة القرآن الكريم.
المطلب الثالث- الكندي المتفلسف (ت: 260هـ):
... هو يعقوب بن إسحاق بن الصباح بن عمران بن إسماعيل بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، أبو يوسف، اشتهر بالطب، والفلسفة، والهندسة، والفلك .
... كان رأساً في حكمة الأوائل، ومنطق اليونان، والتنجيم، والطب، وغير ذلك، قال الذهبي: "كان يقال له فيلسوف العرب، وكان متهماً في دينه بخيلاً ساقط المروءة، وله نظم جيد وبلاغة وتلامذة".(64)
... وقال ابن خلدون: "كان يعقوب بن إسحاق الكندي منجم الرشيد والمأمون"(65)، وأورد ابن خلدون العديد من التواريخ التي تنبأ بها الكندي نحو نزول عيسى عليه السلام، ونهاية دولة بني العباس، وتواريخ أخرى، وكلها نبوءات كاذبة "(66).
... وكتبه في علوم شتى، مثل: المنطق، والفلسفة، والهندسة، والحساب، والموسيقى، والنجوم، قال ابن النديم: "ونحن نذكر جميع ما صنفه في سائر العلوم إن شاء الله تعالى(67)، ثم شرع في تعدادها، توفي الكندي سنة ستين ومائتين من الهجرة.
* ما ذكر من معارضة الكندي للقران الكريم:
...(1/15)
قال الذهبي: "همّ بأن يعمل مثل القرآن، فبعد أيام أذعن بالعجز"(68)، وذكر المفسرون(69) أن أصحاب الكندي قالوا له: أيها الحكيم اعمل لنا مثل هذا القرآن، فقال: نعم! أعمل مثل بعضه؛ فاحتجب أياماً كثيرة ثم خرج فقال: والله ما أقدر عليه، ولا يطيق هذا أحد؛ إني فتحت المصحف، فخرجت سورة المائدة، فنظرت، فإذا هو قد نطق بالوفاء، ونهى عن النُّكث، وحلل تحليلاً عاماً، ثم استثنى استثناءً بعد استثناء، ثم أخبر عن قدرته وحكمته في سطرين، ولا يقدر أحد أن يأتي بهذا إلا في أَجْلاد(70).
... وهو يقصد الآية الأولى من سورة المائدة: (يا أيّها الذين أمنوا أوفوا بالعقود....) الآية.
... ولا يمنع أن يكون الكندي قد اعتدّ ببلاغته، فأراد أن يجاري القرآن في نظمه، فلما أمعن النظر وتأمَّل في نظمه أحجم عن المعارضة، ومع أن الكندي كان بليغاً إلا أنه لم يكن ضليعاً بلغة العرب، فقد ذكر الجرجاني(71) عن ابن الأنباري قوله: "ركب الكندي المتفلسف إلى أبي العباس(72)، وقال له: إني لأجد في كلام العرب حشواً، فقال له أبو العباس: في أيِّ موضع وجدت ذلك؟، فقال: أجدُ العرب يقولون: عبد الله قائمٌ، ثم يقولون: إنَّ عبد الله قائمٌ، ثم يقولون: إن عبد الله لقائمٌ، فالألفاظ متكرِّرةٌ والمعنى واحدٌ، فقال أبو العباس: بل المعاني مختلفةٌ لاختلاف الألفاظ، فقولهم: عبد الله قائمٌ: إخبارٌ عن قيامه، وقولهم: إنّ عبد الله قائمٌ: جواب عن سؤال سائل، وقولهم: إنّ عبد الله لقائمٌ جواب عن إنكار منكر قيامه، فقد تكررت الألفاظُ لتكرر المعاني، قال: فما أحار المتفلسف جواباً".
... قال القزويني(73): "ويسمى ا لنوع الأول من الخبر ابتدائياً، والثاني طلبيّاً، والثالث إنكاريّاً". وقد خلط ابن عادل في اللباب حين صدّر حكاية الكندي بقوله: "يحكى أن رجلاً جاء إلى أبي العباس الكندي(74)، والصواب أن الكندي ذهب إلى أبي العباس.
المبحث الثالث: فيمن نقل عنه أنه زعم معارضة القرآن الكريم(1/16)
المطلب الأول- النضر بن الحارث (ت: 2هـ):
... النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة(75) بن عبد مناف بن عبد الدار، يكنى أبا قائد، وكان أشد قريش في تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم، والأذى له، ولأصحابه، وكان ينظر في كتب الفرس ويخالط اليهود، والنصارى(76)، فقد كان كثير السفر إلى فارس، والحيرة، وكان قد سمع من قصص الرهبان، وأخبار رستم وأسفنديار، فلما سمع القرآن، ورأى فيه أخبار الأنبياء، والأمم قال: لو شئت لقلت مثل هذا(77).
... وكان يحدث بأخبار الأعاجم، فيقرؤها في أندية قريش فيستملحونها، وكان يقول: إنما يأتيكم محمد بأساطير الأوّلين، أُسِر يوم بدر، وأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بضرب عنقه، وذلك لأنه كان من شر عباد الله ، وأكثرهم : كفراً ، وعنادا ً، وبغياً ، وهجاءً لرسول الله- صلى الله عليه وسلم -وأهله (78).
? ما ذكر من معارضة النضر للقرآن الكريم:
... روى حفص بن عمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة أن النضر بن الحارث عارض القرآن فقال:"والطاحنات طحناً، والعاجنات عجناً، فالخابزات خبزاً، فاللاقمات لقماً " (79). وأورد السيوطي(80) رواية عن عكرمة، وعزاها لعبد بن حميد أن النضر بن الحارث قال هذه السخافات في معارضة قول الله عز وجل: (والمرسلات عرفاً، فالعاصفات عصفاً) [المرسلات: 1-2].
... وروى الطبريّ في تاريخه ما يقرب من هذه السخافات، وعزاها لمسيلمة(81)، وأخرج الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النضر بن الحارث كان يخلف النبي- صلى الله عليه وسلم- في المجالس التي يجلس بها ثم يقول للناس: "أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثاً منه، فهلمّوا، فأنا أحدّثكم أحسن من حديثه، ثم يحدثهم عن ملوك فارس، ورستم ،وأسفنديار، ثم يقول: ما محمد أحسن حديثاً منّي...."(82).
المطلب الثاني- مسيلمة الكذّاب (ت: 12هـ):(1/17)
... هو مسيلمة بن ثمامة بن كثير بن حبيب بن الحارث بن عبد الحارث، من بني حنيفة، ويكنى أبا ثمامة، وقيل: أبا هارون، وكان قد تسمى بالرحمن، فكان يقال له: رحمان اليمامة.
... وكان يحسن شيئاً من الشعوذة(83)، تنبّأ، وزعم أنه أشرك مع النبي- عليه الصلاة والسلام- في النبوّة، ثم جعل يسجع لهم السجعات يضاهي بها القرآن الكريم(84)، توفي سنة اثنتي عشرة(85).
? ما ذكر من معارضة مسيلمة للقرآن الكريم:
... هناك عدد من الروايات المنسوبة إلى مسيلمة ذكرها أصحاب السير، وخرّجها بعض أهل الحديث في مروياتهم نحو: الفيل ما الفيل...، والشاء وألوانها...، والزارعات زرعاً....، لقد أنعم الله على الحبلى أخرج منها نسمة تسعى.. ، يا ضفدع ابنة ضفدعين، والليل الأطخم، والذئب الأدلم....، إلى أخره.
... وسأذكر هذه المعارضات جميعها في بحث مستقل -إن شاء الله- بعنوان:( معارضات مسيلمة الكذاب دراسة تحليلية نقدية).
المطلب الثالث- طليحة الأسدي (ت: 21هـ):
... هو: طليحة بن خويلد بن نوفل بن نضلة بن الأشتر بن أسد بن خزيمة(86)، البطل الكرار صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن يضرب بشجاعته المثل، أسلم سنة تسع، ثم ارتد، وظلم نفسه، وتنبأ بنجد، وتمت له حروب مع المسلمين، ثم انهزم، وخذل...، ثم ارعوى، وأسلم، وحسن إسلامه لما توفي الصديق رضي الله عنه(87)، وكان طليحة يُعدّ بألف فارس؛ لشجاعته، وشدّته، وبصره بالحرب، أبلى يوم نهاوند، ثم استشهد- رضي الله عنه-، وذلك سنة إحدى وعشرين(88).
? ما ذكر من معارضة طليحة للقرآن الكريم:
... تسمى طليحة فترة ردته بذي النون، وكان يقول: إن الذي يأتيه يقال له (ذو النون)، وكان من كلامه: "والحمام، واليمام، والصرد(89) الصوام، قد ضمن قبلكم بأعوام، ليبلغن ملكنا العراق، والشام"(90)، وزاد ابن الجوزي: "والله لا نسحب، ولا نزال نضرب، حتى نفتح أهل يثرب"(91).(1/18)
... ولما نالت سيوف المسلمين من جنده سأله عيينه بن حصن، وقد كان من أتباعه قبل أن يسلم: "أما ترى ما يصنع جيش أبي الفضل -يعني خالد بن الوليد-، فهل جاءك ذو النون بشيء، قال: نعم: قد جاءني، وقال لي: إن لك يوماً ستلقاه، ليس لك أوله، ولكن لك آخره، ورحى كرحاه، وحديثاً لا تنساه"(92).
... ومن كلام طليحة أيضاً: "إن الله لا يصنع بتعفير وجوهكم، ولا فتح أدباركم شيئاً، فاذكروا الله قياماً".وفي هذا سخرية، ونكير منه على هيئة الساجد في الصلاة، وعلى ملامسة الجبهة للأرض عند السجود.
ولم أقف في كتب التراجم أنه قد روجع في الوحي الذي كان يزعمه؛إلا أن استقامة الرجل على أمر الله وإصراره على التكفير عن ردته بالجهاد في سبيل الله يعد دلالة واضحة بينة على أنه طوى صفحة الماضي إلى غير رجعة ، وتاب، وأناب لله رب العالمين.
المطلب الرابع- عبد الله بن أبي السرح (ت: 37هـ):
... هو: عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حبيب بن خزيمة، أسلم قديماً، وكان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أخو عثمان بن عفان- رضي الله عنه- من الرضاعة، ارتد، فأمر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقتله يوم فتح مكّة، فشفع له عثمان- رضي الله عنه-، وحسُن إسلامه، شهد فتح مصر، وكان والياً لعمر بن الخطاب- رضي الله عنه- على الصعيد، وولاه عثمان- رضي الله عنه -مصر كلّها، وكان محموداً، غزا إفريقية، وذات الصواري، أقام بعسقلان بعد مقتل عثمان- رضي الله عنه-،و كره أن يكون مع معاوية- رضي الله عنه-.وكانت وفاته سنة (37هـ)(93)، وقد مات بالرملة فارّاً من الفتنة، وهو في الصلاة(94).
? ما يروى من معارضة ابن أبي السرح للقرآن الكريم:(1/19)
... لما نزل قوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طين) [المؤمنون: 12]، أملأه الرسول -عليه السلام-، فلما انتهى إلى قوله: (ثم أنشأناه خلقاً آخر)، عجب عبد الله منه، فقال:" فتبارك الله أحسن الخالقين!" فقال الرسول- صلى الله عليه وسلم-:" هكذا أنزلت الآية..، فسكت عبد الله، وقال: إن كان محمد صادقاً، فقد أوحي إليّ، وإن كان كاذباً فقد عارضته "(95).
وما كان لابن أبي السرح أن ينزلق في طريق الردة لولا هوى النفس، وغواية الشيطان ، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- :"كان عبد الله بن سعد بن أبي سرح يكتب لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فأزله الشيطان، فلحق بالكفار ، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقتل يوم الفتح ، فاستجار له عثمان بن عفان، فأجاره رسول الله- صلى الله عليه وسلم- . "(96)
وقد يُضل المرء بعد علم أؤتيه ، قال تعالى :(أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم ) [الجاثية :23 ]،فعبد الله بن أبي السرح ممن أضلهم الله بعد علم ، غير أنه لم يختم له بالبقاء في سجل الغاوين فتاب، وارْعَوى ‘ وأعرض عن الهوى ، وسلك طريق المتقين، فكان من الناجين .
المطلب الخامس- سجاح (ت: نحو 55هـ):
... هي: سجاح بنت الحارث بنت سويد بنت عقفان التغلبية(97)، تُكنى أم صادر، وزوجها أبو كحيلة، كان كاهن اليمامة، تنبأت في بني تغلب بعد وفاة الرسول- صلى الله عليه و سلم-، وكانت ساحرة من نصارى العرب، وتبعها خلقٌ كثير، وتزوجت بعد أبي كحيلة بمسيلمة الكذاب، وكان صداقها أن مسيلمة وضع عن قومها صلاتين، صلاة الفجر، وصلاة العشاء، بعد مقتل مسيلمة هاجرت إلى البصرة، وحسُن إسلامها(98)، عاشت إلى خلافة معاوية، ذكرها ابن حجر في الإصابة(99).
? ما ذُكر من معارضة سجاح للقرآن الكريم:(1/20)
... إن ما ذكرته المراجع من أقوال سجاح لا تشتم فيه رائحة التحدي، والمنازلة لنظم القرآن الكريم، وإنما هي ألفاظ مسجوعة، حاولت من خلالها أن تجاري فيها أسلوب القرآن غير زاعمة أنها أقامت بها الحجة، والبرهان على تحدّي القرآن، ومن أقوالها:
أ- "إن رب السحاب يأمركم أن تغزوا الرباب"(100).
ب- وقالت: "أعدوا الركاب، واستعدوا للنهاب، ثم أغيروا على الرباب، فليس دونهم حجاب"(101).
ج- ولما أن قال لها قومها: إن شوكة أهل اليمامة شديدة، وقد غلظ أمر مسيلمة قالت: "عليكم باليمامة، ودفوا دفيف الحمامة، فإنها غزوة صرامة، لا تلحقكم بعدها ملامة"(102).
المطلب السادس- رجل مجهول (ت، نحو: 106هـ فما بعدها):
... وذلك في زمن خالد بن عبد الله القسري(103)، فقد "أتى برجل [زعم أنه](104) عارض القرآن فقال: قال الله في كتابه : (إنّا أعطيناك الكوثر فصلِّ لربِّك وانحر إنّ شانئك هو الأبتر) [الكوثر: 1-3]، وقلت أنا ما هو أحسن منه: إنا أعطيناك الجماهر، فصل لربك وجاهر، ولا تطع كل سافه وكافر(105)، فضرب خالد عنقه وصلبه، فمرّ به خلف بن خليفة الأشجعي، وهو مصلوب، فضرب بيده على خشبته فقال: إنا أعطيناك العمود، فصلِّ لربك على عود، فأنا ضامن لك أن لا تعود(106).
... وأورد ابن الجوزي قصة شبيهة بذلك، ونسبها لهذيل بن واسع قال: "هذيل بن واسع كان يزعم أنه من ولد النابغة الذُّبياني، عارض سورة الكوثر، فقال له رجل ما قلت؟ فقال: إنا أعطيناك الجواهر، فصل لربك وجاهر، فما يرُدَّنَّكَ إلا كل فاجر"، فظهر عليه السنورى، فقتله، وصلبه على العمود، فعبر عليه الرجل، فقال: إنا أعطيناك العمود، فصل لربك من قعود، بلا ركوع ولا سجود، فما أراك تعود"(107).(1/21)
... والظاهر تشابه القصتين بما يوحي اتحادهما في ذات الشخص قائل هذه المعارضةالمزعومة، إلا أن رواية ابن الجوزي يختلف فيها النص، واسم قاتل الشخص الزاعم لها، وقد أوردت القصة تحت رجل مجهول لأنني لم أقف على ترجمة هذيل بن واسع هذا، كما أنني لم أقف على اسم السنوري الذي قتله، فبقي عندي في عداد المجهول.
... ومن المجاهيل الذين لم أقف لهم على تراجم: كهمش الكلابي، وكان يزعم أن الله أوحى إليه: "يا أيها الجائع، اشرب لبناً تشبع، ولا تضرِب الذي لا ينفع، فإنه ليس بِمَقْنَعْ"(108).
... ومنهم: هذيل بن يعفور من بني سعد بن زهير، قال ابن الجوزي: "حكى عنه الأصمعي أنه عارض سورة الإخلاص، فقال: قل هو الله أحد، إله كالأسد، جالس على الرَّصد، لا يفوته أحد"(109). وفي معجم البلدان عن حسان بن علوان البيستي أن أعرابياً دخل المسجد، فكبّر، وقرأ: "قل هو الله أحد، قاعد على الرصد، مثل الأسد، لا يفوته أحد"، وركع وسجد(110).
المطلب السابع- ابن الرّاوَنْديّ (ت: 298هـ):
... أبو الحسين أحمد بن يحيى بن إسحاق الراوندي، ونسبته إلى راوند، بفتح الراء والواو وبينهما ألف، وسكون النون، قرية من قرى قاسان بنواحي أصفهان(111)، وهو أحد مشاهير الزنادقة، كان أبوه يهودياً، فأظهر الإسلام، ويقال: إنه حرّف التوراة كما عادى ابنه القرآن، وألحد فيه، له من الكتب المصنفة نحو مائة وأربعة عشر كتاباً، منها: الزمرّدة يزري فيه على النبوات، وله كتاب الفريد، وكتاب أمامة المفضول الفاضل، ووضع كتاباً فى الرد على محمد- رسول الله صلى الله عليه وسلم-في سبعة عشر موضعاً، ونسبه إلى الكذب -يعني النبي صلى الله عليه وسلم- ووضع كتاباً لليهود والنصارى، وفضل دينهم على المسلمين والإسلام، توفي سنة ثمان وتسعين ومائتين(112).
? ما ذكر من معارضة ابن الراوندي للقرآن الكريم:(1/22)
... صنف كتاباً في الرد على القرآن الكريم سماه (الدامغ) (113)، وقيل: إنه زعم معارضة القرآن في كتاب سمّاه التاج(114)، والذي يظهر أن هذين الكتابين في نقض الشريعة ببيان بطلانها والاعتراض عليها في زعم ابن الراوندي، لا من المعارضة التي هي موضوع البحث.
... قال ابن كثير: "وصنف كتاباً في الرد على القرآن سماه الدامغ، وكتاباً في الرد على الشريعة والاعتراض عليها سماه الزمردة، وكتاباً يقال له التاج في معنى ذلك"(115).
... وعند التدقيق أكثر، فإن كتاب التاج أراد منه مصنفه إثبات قدم العالم، ونفي الخالق المدبر. قال صاحب معاهد التنصيص: "ومما ألفه من كتبه الملعونة كتاب التاج يحتج فيه لقدم العالم"(116).
... أما كتابه الدامغ، فهو كما أسلفنا في الرد على القرآن، صنفه لابن لاوي اليهودي الذي لجأ إليه بعد أن فر من سجنه، ولم يلبث إلا أياماً يسيرة حتى مات لعنه الله(117).
... وقد نقض عليه هذين الكتابين، وغيرهما أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي(118).
... وممن عاب عليه كتابيه أبو العلاء المعري حيث قال: "وأما تاجه، فلا يصلح أن يكون نعلاً، ولم يجد من عذابٍٍ وعلاً...(119)، وهل تاجه إلا كما قالت الكاهنة: أف وتف(120)، وجورب وخفّ؟ قيل: وما جورب وخف؟ قالت: واديان بجهنّم. ما تاجه بتاج ملك، ولكنْ دُعِيَ بالمُهلِك، ولا اتُّخِذَ من الذهب، وسوف يصَّور من اللهب....، وأما الدامغ: فما إخاله دَمَغَ إلا من ألفه، وبسوء الخلافة خَلَفه...."(121).
... ولعلك أخي القارئ تقف وقفة تأمل عند كلام المعري هذا خاصة أنه ضمن المتهمين بمعارضة القرآن.
... ويأتيك الجواب إذا قلنا: إن المعري لم ينكر إعجاز القرآن بل شهد لفصاحته، وبلاغته بخلاف ابن الراوندي الذي طعن في القرآن، وحامله، أما عن معارضة المعري فسيأتي الكلام عنها بعد حين.(1/23)
... وإذا كنا لا نستطيع أن نقف على نص واحد في كتبه المذكورة، يدلّ على معارضته للقرآن، فإنه يوجد في كلامه ما يدل على استخفافه بالمعارضة، فكتابه الدامغ -كما أسلفنا- في نقض القرآن والطعن فيه، فمن يطعن في أصل القرآن لا يرى أن معارضته أمر صعب عسير، وقد صرح هو بذلك في كتابه (الزمرد)، قال ابن الجوزي: "وقد نظرت في كتاب الزمرد، فرأيت فيه الهذيان البارد الذي لا يتعلق بشبهة حتى إنه يقول فيه: ،نجد في كلام أكثم بن صيفي أحسن من إنّا أعطيناك الكوثر"(122).
... ويضيف ابن الجوزي عن ابن الراوندي أنه "أخذ يعيب القرآن، ويدّعي فيه لحناً، واستدرك ذاك الخلف بزعمه على الأعادي الفصحاء الذين سلموا لفصاحته"(123).
... ومما يدل على معارضة ابن الراوندي للقرآن، وإن لم نجده مسطوراً في كتبه، ما أورده صاحب معاهد التنصيص حيث قال: "اجتمع ابن الراوندي هو وأبو علي الجبائي يوماً على جسر بغداد، فقال له: يا أبا علي ألا تسمع شيئاً من معارضتي للقرآن، ونقْضي له، فقال له: أنا أعلم بمخازي علومك، وعلوم أهل دهرك، ولكن أحاكمك إلى نفسك فهل تجد في معارضتك له عذوبة، وهشاشةً، وتشاكلاً وتلازماً، ونظماً كنظمه، وحلاوةً كحلاوته؟
... قال: لا والله، قال: قد كفيتني، فانصرف حيث شئت"(124). فهذا النص يشير إلى أن المعارضة التي أرادها هي مقابلة النظم للنظم، وهو مع إقراره بعجزه عن مجاراة القرآن يعرض مقابلته على غيره لفسقه ، ويدعي أن غيره قادر على ذلك.
المطلب الثامن- الحلاج (ت: 309هـ):
... الحسين بن منصور بن محمي، ويكنى أبا مغيث، وقيل: أبا عبد الله، وكان جده (محمي) مجوسياً.(1/24)
... اختلف الناس فيه: فقوم يقولون: إنه ساحر، وقوم يقولون: له كرامات، قال ابن كثير:" لم يزل الناس منذ قتل الحلاج مختلفون في أمره، فأما الفقهاء، فحُكي عن غير واحد من العلماء، والأئمة إجماعهم على قتله، وأنه قُتل كافراً(125)، وكان كافراً ممخرقاً مموهاً، مشعبذاً، وبهذا قال أكثر الصوفية فيه، ومنهم طائفة أجملوا القول فيه، وغرّهم ظاهره، ولم يطلعوا على باطنه، ولا باطن قوله، فإنه كان في ابتداء أمره فيه تعبُّد..."(126)،كان قتله يوم الثلاثاء لِست بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثمائة.
? ما ذكر من معارضة الحلاج للقرآن الكريم:
... ذكر أبو القاسم القشيري في رسالته في باب( حفظ قلوب المشايخ) أن عمرو بن عثمان المكيّ رأى الحلاج يكتب شيئاً، فقال له: ما هذا، فقال: هو ذا أعارض القرآن"(127).
... وأخرج ابن الجوزي عن عمرو بن عثمان المكي أنه كان يلعن الحلاج، ويقول: لو قدرت عليه لقتلته بيدي، قرأت آية من كتاب الله، فقال: يمكنني أن أؤلف مثله، وأتكلم به(128).
... ومن الملاحظ أن هذه النصوص المذكورة لا تحمل معارضةً لفظية للحلاج، وإنما دلالات على محاولته معارضة القرآن الكريم.
المطلب التاسع- المتنبي (ت: 354هـ):
... أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن الجعفي الأديب الشهير بالمتنبّي(129).
... تنبأ في بادية السماوة، ونواحيها إلى أن خرج إليه لؤلؤ أمير حمص من قبل الأخشيدية، فقاتله، وأسره، وشرّد مَن كان اجتمع إليه من كلب، وكلاب، وغيرهما من قبائل العرب، وحبسه في السجن حبساًً طويلاً، فاعتل، وكاد يتلف..، فاستتابه، وكتب عليه وثيقة أشهد عليه فيها ببطلان ما ادعاه من النبوّة، ورجوعه إلى الإسلام، وأنه تائب منه، ولا يعاود مثله، وأطلقه(130).
... قُتل سنة أربع وخمسين وثلاثمائة(131).(1/25)
... اعترك المتنبي مع رجل من بني أسد يقال له فاتك بن أبي جهل بن فراس بن بداد، فلما رأى أن الغلبة في غير جانبه فرّ، فقيل له: لا يتحدث عنك بفرار، وأنت القائل: الخيل والليل والبيداء تعرفني والحرب والضرب والقرطاس والقلم فكرّ راجعاً، فقتل(132)، فهو الذي قتله شعره.
? ما ذُكر من معارضة المتنبي للقرآن الكريم:
... ينسب إلى المتنبي أنه ألف سوراً كثيرة يعارض بها القرآن الكريم، وكان قد تلاها على البوادي زاعماً أنها قرآن أُنزل عليه، ومما يروى منها: "والنجم السيار، والفلك الدوار، والليل والنهار، إن الكافر لفي أخطار، امض على سننك، واقف إثر من كان قبلك من المرسلين، فإن الله قامع بك زيغ من ألحد في دينه وضلّ عن سبيله"(133).
... قال ابن كثير: "أراد بجهله، وقلة عقله أن يقول ما يشبه كلام ربّ العالمين الذي لو اجتمعت الجنّ، والإنس، والخلائق أجمعون على أن يأتوا بسورة مثل سورة من أقصر سوره لما استطاعوا"(134).
... وأين قوله: امضِ على سننك... إلى آخر الكلام من قول الله -عز وجلّ-: (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين، إنا كفيناك المستهزئين) [الحجر: 94-95].، وهل تتقارب الفصاحة فيهما أو يشتبه الكلامان(135).
... ويروى أنه بعد أن استتابه أمير حمص بسبب دعواه النبوة ،وأخرجه من السجن كان إذا ذُكِر له هذا القرآن الذي ألفه يجحده إن أمكنه، وإلا اعتذر منه، واستحيا، قال ابن كثير: "وقد اشتهر بلفظة تدل على كذبه فيما كان ادعاه من الإفك، والبهتان ، وهي لفظة : المتنبي الدالة على الكذب ، ولله الحمد والمنّة"(136)، وكان يذكَّر بقرآنه الذي زعمه في مجلس سيف الدولة، فينكره، وقال له ابن خالويه النحوي في ذاك المجلس : لولا أن الآخر جاهر لما رضي أن يدعى بالمتنبي لأن متنبي معناه كاذب، ومن رضي أن يدعى بالكاذب، فهو جاهل، فقال : أنا لست أرضى أن أدعى بهذا ، وإنما يدعوني به مَن يريد الغض مني، ولست أقدر على الامتناع(137).(1/26)
... وإذا كان ينسب إلى المتنبي إدعاء النبوّة، فليس ببعيد عنه أن يحاول معارضة القرآن، فسبيل المعارضة لو استطاعها -ولن يستطيع- إثبات نبوّته المزعومة.
المطلب العاشر- قابوس بن وَشمكير (ت: 403هـ):
... الأمير شمس المعالي أبو الحسن قابوس بن أبي طاهر، وشمكير بن زياد، أمير جرجان، وطبرستان(138).
... وكان أصحابه قد تغيّروا عليه حين سطا بهم، وترك الرفق، وقتل خواصه، فاجتمع نفر منهم إلى ابنه منوجهر، وأعلموه أنهم قد عزموا على قتل قابوس، وأنه إن لم يقبض عليه قرنوه به، فقبض عليه، ووضعه في إحدى القلاع، وقيل: إنه منعه ما يتدثر به في سُدّة البرد، فهلك، توفي سنة ثلاث وأربعمائة(139)، له أشعار ذكر أصحاب التراجم طرفاً منها. وله كتاب كمال البلاغة، قال صاحب كشف الظنون: "كمال البلاغة لشمس المعالي قابوس بن وشمكير المقتول سنة ثلاث وأربعمائة"(140).
? ما ذكر من معارضة قابوس للقرآن الكريم:
... لم أجد نصاً واحداً أو عبارة توحي أنه عارض القرآن الكريم، غير أن بعض المؤلفين المحدثين أشاروا إلى معارضته بلفظ (قيل)، فقد ذكر الحمصي(141): "قيل بأن قابوس بن وشمكير (403هـ) عارض القرآن. وممن ذكر اتهام قابوس بالمعارضة، ودافع عنه الرافعي الذي قال: "وزعم هؤلاء الملحدة أيضاً أن حِكَمَ قابوس بن وشمكير، وقصصه هي من بعض المعارضة للقرآن، فكأنهم يحسبون أن كل ما فيه أدب، وحكمة، وتاريخ، وإخبار، فتلك سبيله..."(142).
... ولا يخفى هنا أن عبارة (قيل) غير كافية في اتهام رجل بمعارضة القرآن ، خاصة أن الاتهام في هذا المقام ليس أمراً سهلاً ولا هيناً، إنه اتهام يخرج صاحبه من الدين، ثم لا بد لعبارة( قيل) أن يكون لها مرجعها، ومستندها في معاجم التاريخ، فضلاً عن ضرورة دلالتها الصريحة على المقيل للوقوف عليه، وفهم مراد قائله، وتفنيده.
المطلب الحادي عشر- أبو العلاء المعرّي (ت: 449هـ):(1/27)
... هو: أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد بن سليمان بن أحمد التنوخي، المعري، اللغوي، الشاعر، كان متضلعاً من فنون الأدب، قرأ النحو، واللغة على أبيه بالمعرة، له التصانيف الكثيرة المشهورة، والرسائل المأثورة، عمي من الجدري في صغره، سمى نفسه رهين المَحْبِسَيْن للزومه منزله، ولذهاب عينيه(143).
... كان فاسد العقيدة يظهر الكفر، ويزعم أن له باطناً، وأنه مسلم في الباطن(144). قال ابن كثير: كان ذكياً، ولم يكن زكياً... في بعض أشعاره ما يدل على زندقته، وانحلاله من الدين، ومن الناس من يعتذر عنه، ويقول: إنه كان يقول ذلك مجونا،ً ولعباً، ويقول بلسانه ما ليس في قلبه، وقد كان باطنه مسلماً(145)، وبيّن ابن كثير أن هذا يمكن أن يعتذر به لو كان في دار كفر، فكيف وهو في ديار الإسلام!!.
... وقد أورد ابن كثير عدداً من أبياته الشعرية التي تحتوي الزندقة(146)، وهي عند ابن الجوزيّ في المنتظم(147)، ومما يدل على فساد اعتقاده ما ذكره ابن خلكان من أنه مكث مدّة خمس وأربعين سنة لا يأكل اللحم تديناً لأنه كان يرى رأي الحكماء المتقدمين، وهم لا يأكلونه كي لا يذبحوا الحيوان ففيه تعذيب له، وهم لا يرون الإيلام في جميع الحيوانات... قال ابن خلكان:" وبلغني أنه أوصى أن يكتب على قبره هذا البيت:( هذا جناه أبي عليَّ وما جنيت على أحد)، وهذا متعلقٌ باعتقاد الحكماء، فإنهم يقولون: إيجاد الولد، وإخراجه إلى هذا العالم جناية عليه لأنه يتعرض للحوادث، والآفات" . ( 148 )
... واستنتج ابن كثير من وصيته هذه أنه لم يتغير عن اعتقاده، فإنه قد أوصى بما يعتقده الحكماء إلى آخر وقت، وهذا يدل على أنه لم يقلع عن ذلك، ذكره بعضهم، والله أعلم بظواهر الأمور وبواطنها(149).
... قال ابن الجوزي: "وكان ظاهر أمره يدل أنه يميل إلى مذهب البراهمة، فإنهم لا يرون ذبح الحيوان، ويجحدون الرسل"(150).(1/28)
... قالت بنت الشاطئ في سياق الدفاع عن المعرّي: "وقلَّ من أحرار الفكر والكلمة مَن لم يُتهم في عقيدته، وأبو العلاء قد خالف بسلوكه جمهور المسلمين، فحرّم على نفسه ما أحل الله من طيبات الرزق، وامتنع عن الزواج، وجهر بأقوال تنم عن حيرته، وأُخرى صريحة التجريح لرجال الدين، فمن هنا يمكن أن يطعن، وقد تلقى الطعنة الجارحة في حياته، واحتملها على مضض، مفوضاً أمره إلى خالقه... لكن العصر الذي هضم الحقوق، وأهدر الحرمات...، يُعدُّ الزهد في زينة الدنيا إثماً، والقناعة خطيئة"(151).
... ولا أدري كيف يكون ما وسمته به من تلك السمات في سياق تبرئته، ففي كل منها عيب ظاهر يحتاج إلى وقفات فصلتها كتب الشريعة، وإنني أجد في كلام السابقين، والمترجمين لأبي العلاء دقة العبارة، فابن خلكان، وغيره عندما أشاروا إلى عدم أكله للحم قالوا: إنه (لم يكن يأكله تديناً) لا زهداً كما قالت بنت الشاطئ، وثمَّ فرق واضح بين الأمرين إذ الأول من فساد الاعتقاد.
... توفي المعري سنة تسع وأربعين وأربعمائة بالمعرة، نسبة إلى معرة النعمان، وهي بلدة صغيرة بالشام بالقرب من حماة(152).
? ما ذكر عن معارضة المعري للقرآن الكريم:
... قال ابن الجوزي(153):"وقد رأيت للمعري كتاباً سماه( الفصول والغايات) يعارض به السور والآيات، وهو كلام في نهايات الركة والبرودة، فسبحان مَن أعمى بصره، وبصيرته، وقد ذكر على حروف المعجم في آخر كلماته، فما هو على حرف الألف:
طوبى لركبان النعال المعتمدين على عصى الطلح يعارضون الركائب في الهواجر والظلماء، يستغفر لهم قحة القمر، وضياء الشمس، وهنيئاً لتاركي النوق في غيطان الفلا يحوم عليها ابن داية يطيف بها السرحان، وشتان....".
... وكتاب الفصول والغايات طبع سنة 1938 بتحقيق محمود حسن زناتي، وأعادت الهيئة المصرية العامة للكتاب طبعه سنة 1977م.(1/29)
... وهذا النص الذي عزاه ابن الجوزي للمعري في كتابه الفصول والغايات غير موجود في المطبوع، وظني أنه منه لثلاثة أسباب: الأول: أنه على نمط المسرود في كتاب الفصول والغايات يأتلف مع نظمه، ويؤاخي أسلوبه، ويماثل منهجه. الثاني: أن ابن الجوزي صدّره بعد عزوه بقوله:" فما هو على حرف الألف "، وهذا شأن كتاب الفصول والغايات، فالمطبوع يحوي سبعة فصول، أولها فصل غاياته الألف ، وآخرها فصل غاياته خاء. وأما السبب الثالث في كون ما نقله ابن الجوزي هو من كتاب الفصول والغايات: فإنه من الواضح أن بداية الكتاب المطبوع مبتورة ، نص على ذلك محقق الكتاب(154)، وهذا يعني أن هناك العديد من النصوص التي تقع تحت فصل الألف غير موجودة، ومنها النص الذي أورده ابن الجوزي.
... وقد ذكر صاحب كشف الظنون(155) كتاب المعري هذا، فقال: "الفصول والغايات في معارضة السور والآيات، على ما ذكره ابن الجوزي لأبي العلاء أحمد بن عبد الله المعري المتوفى سنة 449هـ".
... ويلاحظ هنا أن صاحب كشف الظنون جعل عبارة (في معارضة السور والآيات) من اسم الكتاب، والصواب أنها من قول ابن الجوزي يصف بها حال الكتاب، فعبارة ابن الجوزي السابقة "وقد رأيت للمعري كتاباً سماه الفصول والغايات يعارض به السور والآيات"، وقد أنكر المعري أن يكون الكتاب في معارضة السور، وإن كانت طبيعته تدل على ذلك.
... قال خسرو الذي زار المعرة في حياة أبي العلاء: "وقد وضع كتاباً سمّاه الفصول والغايات ذكر به كلمات مرموزة، وأمثالاً في لفظ فصيح عجيب...، وقد اتهموه بأنك وضعت هذا الكتاب معارضة للقرآن"(156).
... ويحكى عن أبي العلاء المعري في الكتاب الذي أملاه، وترجمه بالفصول والغايات أنه قيل له: "أين هذا من القرآن، فقال: لم تصقله المحاريب أربعمائة سنة"(157).(1/30)
... وفي رواية أنه قيل له عندما عارض القرآن العزيز: "ما هذا إلا مليح إلا أنه ليس عليه طلاوة القرآن، فقال: حتى تصقله الألسن أربعمائة سنة، وعند ذلك انظروا كيف يكون"(158).
... ومما يروى أيضاً من معارضة أبي العلاء المعري للقرآن الكريم ما ذكره ابن أبي جرادة(159) عن ابن سنان الخفاجي أن بعض أرباب الفصاحة نظموا على أسلوب القرآن الكريم، فأظهره قوم وأخفاه آخرون، ومما ظهر منه قول أبي العلاء في بعض كلامه: "أقسم بخالق الخيل، والريح الهابة بليل، بين الشرط ومطالع سهيل، إن الكافر لطويل الويل، وإن العمر لمكفوف الذيل، اتق مدارج السَّيْل، وطالع التوبة من قُبَيْل، تَنْجُ، وما أخالُك بناج"(160).
... وقوله: "أذلت العائدة أباها، وأضاءت الواهدة ورباها، والله بكرمه احتباها، أولاها الشرف بما جناها، أرسل الشمال، وصباها، ولا يخاف عقباها"(161).
... قال ابن أبي جرادة: "وهذا الكلام الذي أورده ابن سنان هو في كتاب الفصول والغايات في تمجيد الله تعالى والعظات، وهو كتاب إذا تأمله العاقل المنصف علم أنه بعيد عن المعارضة، وهو بمعزل عن التشبه بنظم القرآن العزيز والمناقضة"(162).
...
... قلت: ما ذكره ابن أبي جرادة من نفي أن تكون هذه العبارات محاكاة للسور والآيات غير مقبول، لأن سياقها، ونظمها يدل على قصد محاكاة القرآن، وحسبك أن تعود لسورة الشمس، وتنظر في فواصل جمله التي أنهاها بالألف كما هي فواصل سورة الشمس، كما أنه ختم كلامه بالآية الأخيرة من سورة الشمس بنصّها: (ولا يخاف عُقباها).(1/31)
... ويدل على قصد المعارضة طريقة وضعه لهذا الكتاب، فقد ذكر فيه كلمات مرموزة، وأمثالاً في لفظ فصيح عجيب، بحيث لا يقف الناس إلا على قليل منه، ولا يفهمه إلا مَن يَقرأه عليه، وما ذاك إلا للتلبيس على الناس حتى قام هو بشرحه، ولعله فعل ذلك بعد أن استحيا مما صنع، ومما يدل على احتواء الكتاب للمعارضة: اتهام الناس له بأنه وضعه معارضة للقرآن(163). وربما تمسك بعضهم بعبارة أبي العلاء المعرّي في رسالة الغفران حيث شهد للقرآن الكريم، وذلك في سياق رده على ابن الراوندي الذي زعم معارضة القرآن، فقال:
"وأجمع ملحد ومهتد، وناكب عن المحجَّة ومقتدِ، أنَّ هذا الكتاب الذي جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- بهر بالإعجاز، ولقي عدوّه بالأرجاز، ما حُذي على مثال، ولا أشبه غريبَ الأمثال، ماهو من القصيد الموزون، ولا الرَّجز من سهل وحزون...، وإن الآية منه أو بعض الآية، لتعترض في أفصح كلم يقدر عليه المخلوقون، فتكون فيه كالشهاب المتلألئ في جُنْح غسقٍ، والزّهرة البادية في جدوبٍ ذاتِ نسق، فتَبارك الله أحسنُ الخالقين"(164).
... وهذا لا ينفي معارضة أبي العلاء للقرآن الكريم، إذ قد يبلغ الإعجاب بالنفس حداً قاتلاً يجعل المرء يفخر بنفسه أنه بلغ في العلم غايته، وكمال ذروته، فربما عارض، وقابل، وأظهر معارضته، ثم علم ضعفه، وعجزه بعد حين، ولا يمنع أن يكون المعري قد شهد بذلك بعد أن أيقن عظمة القرآن، فهذا النص للمعري في كتابه رسالة الغفران التي ألفها سنة 414هـ تقريباً، أي بعد تأليفه للفصول والغايات بنحو عشر سنوات،فقد ألَّف كتاب الفصول والغايات وهو في ريعان شبابه، في الخامسة عشرة من عمره كما أشار محقق الكتاب(165)، فلعلها زهوة شباب، ورعونة أيقظتها سنوات عشر توالت عليه.
المطلب الثاني عشر- شُمَيْم (ت: 601هـ):(1/32)
... هو: أبو الحسن علي بن الحسن بن عنتر بن ثابت الحلي، شاعر لغوي، قليل الخير، تواليفه أدبية فيها الغث والسمين، كان يتكلم في الأنبياء ويستخف بمعجزاتهم(166)، وشميم بضم الشين المعجمة، وفتح الميم، وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها ميم، وهو من الشم(167). توفي سنة إحدى وست مائة بالموصل عن أزيد من تسعين سنة، قال الذهبي: ولعله تاب (168).
? ما ذكر من معارضة شميم للقرآن الكريم:
... لم أقف على النصوص التي عارض فيها شميم القرآن الكريم غير أن ابن خلكان، والذهبي نسبا إليه زعمه معارضة القرآن الكريم، قال الذهبي: "إنه عارض القرآن، وكان إذا تلاه يخشع، ويسجد فيه"(169).
المطلب الثالث عشر- مارتيني ريموندو (ت: 1284م)(170):
... وذكره بعضهم باسم (رايموندو مرتي القطلوني)، وذكر وفاته (1286م)(171)، وهو إسباني لاهوتي منصر، من الرهبان الدومينيكان، درس اللغات الشرقيّة للتمكن من التنصير، والرد على المسلمين، وأنشأ في تونس مدرسة لتعليم اللغة للمنصرين.
? ما ذكر من معارضة مارتيني للقرآن الكريم:
... ألف كتاب خنجر الإيمان في صدور المسلمين واليهود، وقد سعى إلى معارضة القرآن الكريم ليدلل على ضلوعه في اللغة العربية، وهو عبارة عن مديح للنصرانية، وفيه سخف، ووقاحة، وتطاول على الدين الإسلامي الحنيف، وله كتاب الخلاصة ضد القرآن(172).
المطلب الرابع عشر- أنيس شوروش (معاصر):
... لاهوتي من مواليد الناصرة بفلسطين، قتل اليهود عائلته، فانتقل إلى الأردن، ثم إلى الولايات المتحدة، وحصل على درجة البكالوريوس في علم الاجتماع من جامعة ميسيسبي، ودرجة الماجستير في اللاهوت من الدائرة العمومية في (New Orleans)، ودرجة الدكتوراه في الكهنوت من معهد لوثن رايس، ودرجة الدكتوراه في فلسفة الدين من المعهد الأمريكي للاهوت في ديتون، ميسيسبي(173).(1/33)
... وهذا اللاهوتي المتأمرك له علاقة وطيدة بصناع القرار في أمريكا، وهو يحمل بين أضلعه حقداً على الإسلام لا يخفيه.
? ما ذُكر من معارضة شوروش للقرآن الكريم:
... ينسب إلى شوروش أنه مؤلف كتاب (الفرقان الحق) الذي يعارض به القرآن الكريم، أما الفرقان الحق، فهو عبارة عن كتاب يقع في (368) ورقة من القطع الصغير، ويتألف من عدد من الموضوعات، كل موضوع يقع تحت اسم خاص، كهيئة سور القرآن الكريم، وبلغت تلك الموضوعات (أو السور) سبعاً وسبعين، مع مقدمة وخاتمة، ومن الأمثلة على أسماء تلك السور التي تضمنها هذا الكتاب (الفاتحة، المحبة، المسيح، الثالوث، المارقين، الصّليب، الزنا، الماكرين، الرعاة، التحريف، الجنة، العبس، الشهيد....."، وهي مرقمة كهيئة الآيات القرآنية، وطريقة خط الكتاب تشابه رسم المصحف العثماني، ويظهر للعيان محاولة مشابهة القرآن الكريم(174).
... وقد صدر هذا الكتاب في سنة 1999م عن مؤسسة تبشيرية اسمها بروجيكت وأميجا 2001(175).
... نسب هذا الكتاب بشكل صريح، وعلني إلى جماعة (بروتستانتية) تقع في ولاية تكساس الأمريكية، ولهم موقع إلكتروني باسم: مركز المحبة الإلهية(176).
... أما مؤلف هذا الكتاب فيكتنفه الغموض، وليس ثمَّ ما يشير إليه إلا ما ورد من توقيع في مقدمة الكتاب أحدهما يحمل اسم (الصفي) والآخر (المهدي)، وهما اسمان مستعاران، وفي بعض المواقع المسيحية على الشبكة الدولية للمعلومات أن (الصفي) هو الذي أوحي إليه بالفرقان الحق، وأن (المهدي) هو من قام بصياغته، وكل هذا محض اختلاق، وليس ثمَّ شخص اسمه (الصفي)، ولا شخص اسمه (المهدي)، وهذا أسلوب يتبعه المبشرون من المسيحيين العرب منذ زمن بعيد(177).
... ويكاد يجمع الكتاب أن الواضع الحقيقي لكتاب (الفرقان الحق) هو د. أنيس شوروش(178).
وقفات مع كتاب الفرقان الحق:(1/34)
1- يستطيع مَن له أدنى إلمام بالعربية أن يفصل بين فصاحة القرآن، وركاكة (الفرقان الحق)، فأين الفصاحة في قوله: "يا أهل النفاق من عبادنا الضالين لا تستكبروا، ولا تقولوا ما ليس لكم به علم، فليس الحرث بمدرك كنه الزرع، ولا هذا بمدرك كنه الدابة، ولا تلك بمدركة كنه الإنس، ولا الإنس يعقل كنهها، ولكل جعلنا شرعة، ومنهاجا"، فهل هذا من البيان المعجز الذي يزعم أصحابه أن يتحدوا به القرآن؟!(179)
2- إن الهدف من هذا الكتاب هو تنصير المسلمين، وقد صرح بذلك أنيس شوروش، فقد ذكر المكتب الإعلامي التابع لوزارة الخارجية الأمريكية أن شوروش وصف الكتاب بأنه أداة لتنصير المسلمين، ونقلوا عنه قوله: "إن الكتاب مشابه للقرآن من حيث الأسلوب والجوهر... لكنه يحتوي على رسالة الإنجيل(180).
وقد جاء في نصوص الكتاب :" إنا أنزلناه فرقاناً حقاً، مصدقاً لقولنا في الإنجيل الحق، ومذكراً للكافرين فسنتنا واحدة، وآيتنا واحدة، لا نبدلها في إنجيل حق، أو في فرقان حق، ولا يغيرها زمان أو مكان، ولا ينسخها الثقلان، ولا أهل الضلال والبهتان" (المعجزات: 7)... وقوله: (ومثل الذين كفروا وكذبوا بالإنجيل الحق أعمالهم كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون مما كسبوا على شيء، ذلك هو الضلال الأكيد" (الثالوث: 18)(181).
3- تضمن الكتاب إضافة للتنصير الطعن في الإسلام، فهو يطعن في نبوة سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم-، ويشكك في الشرائع، ويثير حولها الشبهات، وينال من شريعة الجهاد.
... ومما يلاحظ في هذا الكتاب أنه موجه للمسلمين خصوصاً، فهو يصدر الأحكام النهائية عليهم بالخسران، جاء في الكتاب: "وأوردكم جهنم جميعاً، وإن منكم إلا واردها، وكان عليه أمراً مقضياً... " (المنافقون: 3، 5).
المبحث الرابع: الدلالة على أن المشركين لم يعارضوا القرآن الكريم لتعذر المعارضة عليهم
المطلب الأول- شبهات انتفاء المعارضات:(1/35)
... إن الناظر فيما أسلفنا ذكره في المبحث السابق عن المعارضات التي عورض بها القرآن يجد أنها معارضات ساقطة مرذولة مردودة على قائليها، ويقف على حقيقة قاطعة دامغة، مفادها أن القرآن لم يعارض، ومن هنا، فقد أطلقت عليها شبهات، لأن المعارضة لم تقع أصلاً، وقد أورد بعض المؤلفين ألعديد من هذه الشبهات التي حالت دون انشاء المعارضات أو جعلت العرب يحجمون عنها، وكثير من هذه الشبهات افتراضية، وذلك لدحض المزاعم حول وقوع معارضة القرآن الكريم، وأهم ذلك:
أولاً: الصرفة:
... زعم قوم أن الذي منع العرب عن معارضة القرآن الكريم هو الصرفة، بأن منع الله تعالى العرب بالإلجاء على جهة القسر عن المعارضة، أو سلبهم العلوم التي يحتاجونها من أجل المعارضة.
... وقد قال بذلك جماعة من العلماء منهم: أبو الحسن علي بن عيسى الرماني (ت: 384هـ)، وعلي بن محمد بن حبيب الماوردي (ت: 450هـ)، وعلي بن أحمد بن حزم الأندلسي (ت: 456هـ)، والحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت: 458هـ)، وابن سنان الخفاجي (ت: 466هـ)، وأبو القاسم الحسين محمد الأصفهاني (ت: 502هـ)، وقد أفردت بحثاً خاصاً بذلك عنونته بـ(الصرفة)(182)، تكلمت فيه عن هذا الموضوع بإسهاب.
... وأورد لك الآن بعض أقوال هؤلاء العلماء لندلل بها على المراد في هذا المقام، ومن ذلك ما ذكره ابن حزم حيث قال: "ظن قوم أن عجز العرب، ومن تلاهم من سائر البُلغاء عن معارضة القرآن إنما هو لكون القرآن في أعلى طبقات البلاغة، قال أبو محمد: وهذا خطأ شديد، ولكن الإعجاز في ذلك إنما هو أن الله عز وجل حال بين العباد، وبين أن يأتوا بمثله، ورفع عنهم القوة في ذلك جملة..."(183).(1/36)
... وممن زعم أن الصرفة حالت دون وقوع المعارضة أيضاً ابن سنان الخفاجي الذي قال: "إن أسلوب القرآن لم يبعد كثيراً عن فصيح الكلام المختار من كلام العرب، ولكن معجزة القرآن للعرب إنما جاءت من جهة أنهم سلبوا العلوم التي كانوا يستطيعون عن طريقها معارضته، وصرفوا عن الإتيان بسورة من مثله"(184).
... ويعلل صاحب الطراز جريان هذا القول على ألسنة العلماء بقوله: "والذي غرّ هؤلاء حتى زعموا هذه المقالة ما يرون من الكلمات الرشيقة، والبلاغات الحسنة، والفصاحات المستحسنة الجامعة لكل الأساليب البلاغية في كلام العرب الموافقة لما في القرآن، فزعم هؤلاء أنّ كل من قدر على ما ذكرناه من تلك الأساليب البديعة، لا يقصر عن معارضته"(185).
... قلت: ثمَّ أسباب أخرى دفعت إلى القول بالصرفة منها الطعن في الدين، ومنها التباس مفهوم المصطلح على بعضهم، ومنها أن بعض العلماء أرادوا من إثبات الصرفة إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا سبيل الإمام الباقلاني صاحب كتاب الإعجاز الذي نافح فيه عن بلاغة القرآن، فقد قال في كتابه نكت الانتصار لنقل القرآن: "ولن يعدو عدولهم عن معارضته من أحد أمور: إما أن يكونوا ليس في قدرتهم التكلم بمثله، ولا في طاقتهم أن يكونوا قادرين عليه، وأعرضوا عن معارضته لعلمهم أنه من عند الله، أو يكونوا كانوا قادرين على الإتيان بمثله، فلما تحداهم أفقدهم الله تعالى القدرة عليه، وصرف دواعيهم عن تكلفه، فوجب بما وصفناه دلالتُه على صدق الرسول- صلى الله عليه وسلم- على كل حال"(186).
... وعلى هذا الدرب سار الإمام البيهقي في كتابة الاعتقاد الذي عنون باباً فيه بـ(إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم...) قال تحته: "ومنهم مَن قال: إعجازه في أن الله أعجز الناس عن الإتيان بمثله، وصرف الهمم عن معارضته مع وقوع التحدي، وتوفر الدواعي إليه لتكون آية للنبوة، وعلامة لصدقه في دعواه"(187).(1/37)
... وقد أوردت من الأقوال في نقض الصرفة في البحث الموسوم بها ما يغني عن إعادته هنا، فثبت أن هذا القول باطل زائل ، وأنهم عجزوا عن الإتيان بمثله لكونه ليس في مقدورهم.
ثانياً: إنهم عدلوا عن معارضة القرآن لاعتقادهم أن المعارضة لا تبلغ في قطع المادة ، وحسم الشغب وإبطال أمره مبلغ الحرب ، فلا جرم عدلوا إلى الحرب(188). أوأنهم أرادوا استئصاله عليه الصلاة والسلام، فلهذا عدلوا عن المعارضة إلى المقاتلة، لا لأنهم عجزوا عن المعارضة، فلم يقدروا عليها(189).
... والجواب على هذه الشبهة:
... إن ترك العرب معارضة القرآن، وعدولهم عنه إلى المقاتلة؛ لأنهم أحسوا من أنفسهم العجز عن الإتيان بمثل القرآن الكريم، وذلك يؤذن بعجزهم عن المعارضة، وإلا فالعاقل إذا أمكنه دفع خصمه بأيسر الأمرين لا يعدل عنه إلى أصعبهما.
... ولا يليق بالعاقل البالغ الكامل العقل العدول عن الأمر السهل إلى الأمر الصعب إلا إذا لم يرتفع غرضه بالسهل، فحينئذٍ يعذر في العدول عنه إلى ما هو أصعب منه، وإلا فكيف اختاروا المقاتلة، وهو أمر صعب جداً، على المعارضة التي كانت أسهل عليهم من كل شيء؟، فلما اشتغلوا بالمقاتلة، وأبوا إلا المحاربة التي كانت من المجوز أن لا يرتفع غرضهم بها بأن تكون الدائرة عليهم، وتركوا المعارضة التي كانت عندهم بزعمهم بمنزلة الأكل، والشرب، والقيام، والقعود، تبيّنا عجزهم، وقصورهم عن المعارضة" (190).
ثالثاً: لا يمتنع أن يكونوا عدلوا إلى الحرب لإبطال دعواه، وحسم مادته، لأنهم لو عارضوا لكان الخلاف غير منقطع بوقوعها لجواز أن يقول قوم: إنها معارضة، ويقول قوم آخرون: إنها ليست معارضة، ويتوقف فريق ثالث لالتباس الأمر فيه، فيشتدّ الخلاف، ويعظم الخطب، وفي أثناء ذلك الخلاف لا يمنع اشتداد شوكته، فلأجل الخوف من ذلك عدلوا إلى الحرب(191)، والجواب على هذه الشبهة من وجوه:(1/38)
1- إن هذا القول إن صرفناه على القرآن، فالواجب صرفه على كل ما من شأنه أن يكون معارضة،وهذا يوجب انتفاء المعارضات من كلام العرب سواء في أشعارهم، أو خطبهم، أو نثرهم، والمعلوم من عاداتهم خلاف ذلك، وأن المعارضة كانت معلومة لديهم، ولهذا لم يأتِ شاعر بقصيدة فيما بينهم إلا وشاعر آخر يعارضه أو رام معارضته، وهذا معلوم من حال شعرائهم نحو امرئ القيس وعلقمة وأشباههما، ولم ينقل عن أحدٍ من شعرائهم قوله: إن عارضت فلاناً كان الناس بين متعصب لي، ومتعصب عليَّ، فيكون حالي، وقد عارضت كلامه، كحالي، ولم أعارض كلامه(192).
2- ثم إنهم في استعمال الحرب غير واثقين بحصول المطلوب، لأنهم غير واثقين بالظفر عليه، بخلاف المعارضة، فإنهم ليسوا على خطرٍ منها لأنهم واثقون ببطلان أمره عند وقوعها(193).
3- إن قولهم: لو عارضوا لكان الخلاف غير منقطع بوقوعها، هذا قولٌ فاسدٌ، فإنه ليس الغرض هو حصول المماثلة من كل الوجوه، بل المقصود في التحدي الإتيان بما يُظن كونه مثلاً، أو قريباً من المثل، وأمارة ذلك وقوع الاختلاف بين الناس في كونه مِثْلاً، أو غير مِثْل(194).
رابعاً: أنه منعهم من المعارضة اشتغالهم عنها بالحروب العظيمة(195).
... وهذه الشبهة تختلف عن سابقتها في أن السابقة عدول إلى الحرب لحسم دعوته، وهذه في أن الحرب ذاتها شغلتهم عن المعارضة.
... والجواب على هذه الشبهة من وجوه(196):
... 1-: أن المعارضة للقرآن إنما هي من قبيل الكلام، والحربُ غير مانعة من وجود الكلام، ولهذا، فإنهم كانوا والحرب قائمة يتمكنون من الأشعار، والخطب في المحافل، فكيف يقال: إن الحرب مانعة في وجود المعارضة!.
... 2-: إن الحرب لم تكن دائمة، وإنما كانت في وقت دون وقت، فلمَ لا يشتغلون بالمعارضة في أوقات الفراغ عن الحرب؟.(1/39)
... 3-: إن الرسول- عليه الصلاة والسلام -كان يحارب معظم العرب، ولا شك أن الفصحاء منهم كانوا قليلين، فكان الواجب على الشجعان الاشتغال بالحرب، وأن يقعد أهل الفصاحة للاشتغال بالمعارضة.
... 4-: إن الرسول- صلى الله عليه وسلم- لم يحاربهم قبل الهجرة، فكان ينبغي لهم الاشتغال بالمعارضة، إذ لا حرب هناك قائمة بينهم وبينه.
... 5-: كان يجب عليهم أن يقولوا: إنك شغلتنا بالحرب عن معارضتك، فاترك الحرب حتى نتمكن من معارضتك، وهم لم يقولوا ذلك، ولا خطر لأحد منهم على قلب، وفي هذا دلالة على أنه لا مانع لهم من المعارضة بحال.
خامساً: يحتمل أن يكون عدولهم عن المعارضة لأن التحدي إنما وقع بمثله، ولم يعرفوا حقيقة المماثلة هل تكون بالفصاحة، أو البلاغة، أو بالنظم، أو بهذه الأمور مجتمعة، أو بالإخبار عن العلوم الغيبية، أو غير ذلك مما يكون القرآن مشتملاً عليه، فلهذا عدلوا عن المعارضة(197).
... والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
... 1-: إن هذا الأمر مما لا يجوز أن يشتبه عليهم، لأن العلم به ضروري، فقد كانوا(198) يعرفون
... كيف يقع التحدي، والتقريع في باب الكلام.
... 2-: إنه لو اشتبه عليهم لاستفهموا من النبي- صلى الله عليه وسلم- عما يريد، لكن الأمر في ذلك معلوم لهم، فلهذا لم يعاجلوه في شيء من ذلك لتحققهم أنهم لو أتوا بما يماثله لبطل أمره، فسكوتهم عنه دلالة على تحققهم من ذلك.
... 3-: إن الرسول- صلى الله عليه وسلم- أطلق التحدي ولم يخصه بشيء دون شيء، اتكالاً منه على ما يعلم من ذلك بمجْرى العادة واطِّرادها في التحدي بين الشعراء، والخطباء، فلأجل ذلك لم يكن محتاجاً إلى تفسير المقصود(199).
... 4-: على فرض أن الوجه قد اشتبه عليهم، فقد كان يجب أن يأتوا بالمعارضة من كل وجه لأن كل وجوه المعارضة كبعض وجوهها في أنه ممكن أن يعارض(200).(1/40)
سادساً: إنهم تركوا معارضة القرآن لأنه كان مشتملاً على أقاصيص لم يعرفوها، ولا عرفوا أمثالها حتى يجعلوها معارضة للقرآن على السبيل الذي ذكرتموه، فلذلك امتنعوا عن المعارضة، لا لأجل العجز(201).
... والجواب على هذه الشبهة من وجوه(202):
... 1-: إن القرآن لا يختص بذكر القصص دون سواها، بل كان مشتملاً على كثير من أنواع الكلام، فلو كانت المعارضة ممكنة لهم لأتوا بسائر أنواع الكلام، وجعلوها معارضة للقرآن الكريم.
... 2-: المفروض أن المعارض مكذب للقرآن، وأنه لا يؤمن بما أتى به القرآن من القصص، فلو رام المعارضة لأمكنه أن يضع قصصاً من عنده ويكسوها عبارات جيدة عظيمة الجزالة تقارب القرآن في فصاحته، وتدانيه، فيلتبس الحال.
3-: إن العرب قد بعثوا إلى الفرس يطلبون منهم العديد من قصصهم، وجمعوا من ذلك شيئاً كثيراً، ومع ذلك عجزوا أن يجعلوه معارضة للقرآن.
سابعاً: لعل قائلاً يقول: إنه- عليه السلام- لم يقرأ عليهم الآيات التي فيها ذِكر التحدي، وإنما قرأ عليهم ما سوى ذلك من القرآن الكريم(203).
... والجواب على هذه الشبهة من وجوه(204):
... 1-: إن عدد الذين أخذوا القرآن في الأمصار، وفي البوادي، والأسفار، والحضر، وضبطوه حفظاً من بين صغير، وكبير، وعرفوه حتى صار لا يشتبه على أحدٍ منهم حرفٌ لا يجوز عليهم السهو والنسيان، ولا التخليط فيه، والكتمان، ولو كُتم منه شيء أو غيرّ لظهر.
... 2-: إذا كان هذا غير وارد في شعر امرئ القيس، ونظرائه مع أن الحاجة إليه تقع لحفظ العربية، فكيف يجوز، أو يمكن أن يكون هذا في القرآن الكريم مع شدة الحاجة إليه؟.
المطلب الثاني- شبهات انتفاء وصول المعارضات بعد حصولها:
... من الشبه التي تناقلها المصنفون أن العرب قد عارضوا القرآن الكريم غير أن هذه المعارضات لم تنقل إلينا، أو منع من ظهورها ونقلها عارض، فلم تصل إلينا.
أولاً- شبهة عدم نقل المعارضات(205):
... جواب هذه الشبهة من وجوه:(1/41)
1- لو أنهم عارضوا القرآن لكان يجب أن تنقل إلينا معارضتهم، فإنه لا يجوز في حادثتين عظيمتين تحدثان معاً، وكان الداعي إلى نقل إحداهما كالداعي إلى نقل الأخرى أن تخص إحداهما بالنقل، بل الواجب أن ينقلا جميعاً أو لا ينقلا، فأما أن تنقل إحداهما دون الأخرى فلا(206)، بل إن هذه المعارضة يجب أن تكون أكثر اشتهاراً من القرآن ، لأن القرآن يصير هو الشبهة، وهذه المعارضة هي الدلالة فتكون أحقَّ بالاشتهار(207). قال القاضي عبد الجبار: "قال شيوخنا: لو كان القوم أتوا بالمعارضة لكان حالها كحال القرآن فيما يقتضي وجوب نقلها، لأن قرب العهد واحد، والحاجة، والدواعي فيهما تتفق، فكان يجب أن ينقلا على حد واحد، فإذا لم يحصل نقل المعارضة علمنا أنه لا أصل لها؛ بل لو قيل: إن الدواعي إلى نقل المعارضة أقوى -لو كانت- منها إلى نقل القرآن لصح ذلك، لأن التنافس في المعارضة أقوى منها في الابتداء..."(208).
وكون الداعي إلى نقل المعارضة أقوى، لأن المعارضة ينقلها المخالف، والموافق، المخالف ينقلها ليرى الناس أن فيها إبطال حجة محمد- صلى الله عليه وسلم-، والموافق ينقلها ليتكلم عليها ويبين أن ذلك ليس من المعارضة في شيء(209).
قال الماوردي: "ولو جاز هذا في معارضة القرآن لجاز مثله في معجزة كل نبي أن يقال: قد عورض معجزه فكتِم، فيفضي إلى إبطال كل معجز، وهذا مدفوع في معارضة غير القرآن، فكان مدفوعاً في معارضة القرآن"(210).
... كما أن القرآن الكريم سفّه أحلامهم، وأبطل عليهم ما كانوا يتعاطونه من الديانة في عبادة الأصنام وغيرها، فكيف يصح مع قوّة هذه الدواعي أن يظفروا بالمعارضة التي فيها إبطال أمره -صلى الله عليه وسلم- من كل وجه، وقلب حاله ومراده فيما ادّعاه، أو عكسها إلى خلافه، ولا تنقل؟!(211)
2- لأن غير القرآن من القصائد في الجاهلية والإسلام لم يخفِ حاله، وأنه ظاهر، فكيف حالُ ما يكون معارضاً للقرآن وهو بالاشتهار لا محالة أحق؟!(212).(1/42)
3- كيف يجوز على أهل الهمم المختلفة، والآراء المتباينة على كثرة أعدادهم، واختلاف بلادهم، وتفاوت أغراضهم أن يجتمعوا على التغيير، والتبديل، والكتمان!(213)
4- من المعلوم أنهم قد نقلوا المعارضات الركيكة كمعارضة مسيلمة، وغيره، وقد اهتم العلماء في نقلها، فلولا أن دواعيهم كانت متوفرة إلى ذلك وإلا كان لا ينقل إلينا هذه المعارضة على ركاكتها(214).
وإذا نقلت المعارضة الركيكة، فكيف يصح أن لا تنقل المعارضة الصحيحة!(215) بل إن الناظر في كتب التراجم يرى أن سجلات الكتب احتفظت لنا بأسماء الذين اتهموا بالمعارضة أمثال ابن المقفع الذي ينسب إليه أنه عارض القرآن بكتابه الدرة اليتيمة مع أننا لا نجد في كتابه المذكور أية إشارة لهذه المعارضات؟؟!
5- لقد نُقل سائر ما كان المشركون يتعاطونه في حق النبي- صلى الله عليه وسلم-، وفي حق القرآن الكريم، كالهجو، وكنسبته إلى السحر، والجنون...، فكيف يجوز أن لا تنقل المعارضة مع ما فيها من الفوائد، لو كانت قد وقعت!(216)(1/43)
ومن غريب ما نظرت إليه في هذه المسألة ما ذكره الإمام الباقلاني بسؤاله الافتراضي الذي تمم به قوله:( إن الصرفة دلالة على صدق محمد- صلى الله عليه وسلم -)،-وكنت أتمنى أن لا يكون- حيث قال: "ولو عورض، وصرف الله دواعيهم عن نقل معارضته لكان ذلك آية، ومعجزة للنبي -صلى الله عليه وسلم-"(217)، وهذا القول مردود بما ذكرناه هنا، وبما ذكرناه في الصرفة، فهو ينسف حقيقة إعجاز القرآن التي أسس عليها الباقلاني كتابه إعجاز القرآن، ويجعل الإعجاز في صرف الله للعرب عن نقل معارضاتهم للقرآن لا في القرآن ذاته، وبذلك نكون قد نفينا صفة الإعجاز عن القرآن، وأضفناه لأمر خارج عنه، ثم ألم يكن للعرب قبل نزول القرآن ما يوازي القرآن في بلاغته حسب هذا الزعم!، أم إن الله تعالى صرف دواعي العرب عن نقله أيضاً!، وثمَّ سؤال: لماذا لم يدرك العرب أنهم قد صرفوا عن نقل المعارضات؟ وثمَّ سؤال آخر: لماذا نقلت معارضات مسيلمة، وغيره إذا كانوا مصروفين عن ذلك؟، فثبت سقوط هذا القول وبطلانه.
ثانياً- شبهة عدم نقل المعارضات لغلبة مستجيبيه، والخوف منهم:
... من الشبه التي تنضوي تحت هذا الجانب أنه من الممكن أن القرآن قد تمت معارضته غير أن المعارضة لم تنقل لعلة من العلل، فالأمور الظاهرة قد لا تنقل لسبب، وعلة اقترنت بها، فحالت دون ظهورها وشيوعها، ولعل أهم هذه العلل ما يتعلق بالقهر، والغلبة، والرهبة، والرغبة، والمنفعة، والمضرة، والجواب على هذه الشبهة من وجوه(218):
1- إن الخوف يقتضي ترك الإظهار لا ترك النقل، وربما دعا المنع إلى الإكثار من النقل، وهذه طريقة معروفة فيما يقع المنع فيه من سلطان، وغيره أنه يكون أقرب إلى الانتشار.
2- هل عدل المشركون عن محاربة النبي -عليه الصلاة والسلام- لهذه العلّة؟، وعن المهاجاة، ونسبته إلى الجنون، والسحر؟!(1/44)
3- من المعلوم قطعياً أن كثرة مستجيبيه -عليه الصلاة والسلام- كانت بعد ادعاء النبوة بزمان لأنه كان في مكة قليل العدد كالمستضعف، حتى خاف، وهاجر، وطلب النصرة، فكيف يصح ما ذكروه! فالخوف إنما حصل بعد الهجرة.
4- لو جاز التعلق بهذه الطريقة لجاز أن يقال: وقد كان في زمانه -عليه السلام- نبي غيره آخر، له معجزات ظاهرة باهرة، لم ينقل خبره خوفاً من مستجيبيه!.
الخاتمة
... الحمد لله في البداية والنهاية ، والصلاة والسلام على نبيه المبعوث للهداية، وبعد:
... فهذه أهم النتائج التي تم التوصل إليها:
1- إن معارضة القرآن الكريم لم تقع في الماضي، ولن تقع في المستقبل، وقد سجّل القرآن الكريم عجز الإنس، والجنّ عن الإتيان بمثل القرآن، قال تعالى: (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا) [البقرة: 24].
2- إن ما ورد من معارضات مزعومة يظهر في أسلوبها السماجة، وابتذال الألفاظ، كما أن عدداً منها قد سرقت عباراتها من القرآن الكريم مع تبديل في الألفاظ، وتقديم وتأخير.
3- نستطيع القول يقيناً: إن أحداً من المعارضين لم ينسب إليه أنه قال: قد جئت بكلام أبلغ وأفصح من القرآن الكريم.
وإن ما ورد عن النضر بن الحارث، وأمثاله الذين نقل القرآن قولهم: (لو نشاء لقلنا مثل هذا) [الأنفال: 31]، فإنها مثلية في نظرهم من الجانب القصصي لا الجانب البياني المتصل بنظم القرآن الكريم.
4- هناك معارضات ساقها أصحابها مقترنة بفرية النبوة، فوحيهم المزعوم -معارضاتهم- كان نتاج نبوة كاذبة، غير أنه لم ينقل عن كل من تنبأ أنه عارض، ولم ينقل عن أحد ممن تنبأ أنه قصد بقرآنه أن يتفوق على القرآن الكريم من حيث الصنعة البيانية.
5- المعارضات المزعومة دليل واضح على تهافت القول بالصرفة، فلو كانت الصرفة حقاً لصرف كل من حاول المعارضة.(1/45)
6- لا نستطيع أن ننسب المعارضة لأحد من الزاعمين بها إلا إذا أقمنا الدليل على زعمه بها، وقوله لها، وإن سوء الاعتقاد عند عدد من الفصحاء، والبلغاء لا يكفي لأن يكون القرينة الوحيدة على اتهامهم ، ولكنه دالة ذات قدر إذا ما احتفت به القرائن.
7- المعارضون أربعة:
أ . فريق ادعى النبوة زوراً، وكذباً ، فرأى أن الغزل على منوال القرآن من ضرورات النبوة المزعومة.
ب. فريق كافر، وظَّف نفسه، وكرَّس وقته لمحاربة الإسلام، والانتقاص من قدر القرآن، فبذل جهده، وأتى بكلام يسوّقه على الجهلاء، وهؤلاء يمثلهم كفار الماضي، ومستشرقو الحاضر أمثال شوروش.
ج. طائفة من الأدباء، والشعراء ضعفت صلتهم بالله، وقوي إعجابهم بأنفسهم، تميزوا ببلاغة الكلمة، وحسن العبارة، أعجبتهم بلاغة القرآن، تذوقوا نظمه، وعرفوا حلاوته، فأرادوا برياضة النفس أن يجاروه لا أن يباروه -فالنفس تطمح إلى المعالي- فرصفوا كلامهم وفق نظمه، فخسروا، وخابوا.
د. فريق أعجبته بلاغة القرآن، فأعد العدة للمعارضة، واستجمع طاقاته، فبدا له ضعفه، وخارت قوته عند المنازلة، فاعترف بالقصور عن مثله، وأعلن النكول عن عزمه.
8- ليس صحيحاً أن العرب عدلوا عن معارضة القرآن إلى مقاتلة النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنها أسرع في حسم أمره، إذ لا يليق بالعاقل أن ينتقل من الأمر السهل إلى الأمر الصعب إلا إذا تعذر عليه الأول.
9- إن جميع الشبهات التي ذكرت في سياق أن معارضات القرآن قد حجب وقوعها أسباب، أو أنها وقعت، وحال دون نقلها موانع، وعوائق لا صحة لها البتة.
10- إن هذه الشبهات التي تثار حول غروب المعارضات، أو موانع نقلها شبهات افتراضية في أغلبها ساقها المصنفون لبيان تمام انتفاء المعارضات، ولو كانت حقيقية لوجدنا في سجل التاريخ أسماء من يحمل لواءها، وينافح عنها.
وختاماً: فإنني أسأل الله تعالى أن يجعل جهدي هذا متقبلاً عنده، وأن ينفعني الله به يوم ألقاه،(1/46)
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الهوامش
1) ... الفراهيدي، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد (ت: 175هـ)، كتاب العين، دار ومكتبة الهلال، تحقيق: د: مهدي المخزومي، وإبراهيم السامرائي، باب العين والضاد والراء معاً، (1/271).
2) ... ابن دريد، أبوبكر محمد بن الحسن الأزدي البصري (ت: 321هـ)، كتاب جهرة اللغة، مكتبة الثقافة الدينية-مصر، بلا طبعة وبلا سنة نشر، مادة (رضع)، (2/362).
3) ... الفراهيدي، كتاب العين، (1/273).
4) ... ابن فارس، أبو الحسن أحمد بن فارس بن زكريا (ت: 395هـ)، معجم مقاييس اللغة بتحقيق وضبط عبد السلام هارون، دار الجليل- بيروت، (ط1/ 1991م)،مادة عرض (4/272).
5) ... ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم الإفريقي (ت:711هـ)، لسان العرب، دار صادر-بيروت، (ط1/1990م)، مادة (عرض)، (7/167).
6) ... ابن الأثير، أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري (ت: 606هـ)، النهاية في غريب الحديث و الأثر، المكتبة العلمية-بيروت، ط سنة 1979م، تحقيق:طاهر أحمد الزاوي ومحمود الطناحي، مادة (عرض)، (3/212).
7) ... ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة (عرض)، (4/272).
8) ... الفراهيدي، كتاب العين، (1/273).
9) ... ابن دريد، جمهرة اللغة، مادة (رضع)، (2/363).
10) ... الفيومي، أحمد بن محمد بن علي المقري (ت: 770هـ)، المصباح المنير، المكتبة العلمية- بيروت، مادة (عرض)، (2/404).
11) ... ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، (4/269).
12) ... انظر: المناوي، محمد عبد الرؤوف (ت: 1031)، التوقيف على مهمات التعاريف، دار الفكر المعاصر- بيروت، (ط1/ 1410هـ)، تحقيق: د. محمد رضوان الداية، فصل العين، (ص 664).(1/47)
13) ... الجرجاني، علي بن محمد بن علي (ت: 816هـ)، التعريفات، دار الكتاب العربي-بيروت، (ط1/ 1405هـ)، تحقيق: إبراهيم الأبياري، باب العين، (ص: 281)، والأنصاري، أبو يحيى زكريا بن محمد بن زكريا (ت: 926هـ)، الحدود الأنيقة، دار الفكر المعاصر-بيروت، (ط1/ 1411هـ)، تحقيق: د. مبارك المبارك، (ص: 83). والمناوي: التوقيف على مهمات التعاريف، فصل العين، (ص: 664).
14) ... التعريفات، باب العين، (ص: 281).
15) ... سبق بيان هذا في بحث التحدي بالقرآن الكريم المنشور في مجلد خاص بالمؤتمر العلمي الثالث بعنوان: الإعجاز في القرآن الكريم، والمنعقد في جامعة الأقصى-غزة، سنة 2000م.
16) ... البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت: 256هـ)، صحيح البخاري ومعه فتح الباري، كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، دار الربان للتراث- القاهرة، (ط1/ 1986م)، تحقيق: محب الدين الخطيب، ترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي، (6/726)، رقم (3624).
17) ... ابن رشيق، أبو علي الحسن القيرواني (ت: 456هـ)، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار الجليل-بيروت، (ط5/ 1401هـ)، (1/211)، والألوسي، أبو الفضل محمود (ت: 1270هـ)، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، دار إحياء التراث العربي-بيروت، (12/63).
18) ... انظر: الذهبي، أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز (ت: 748هـ)، سير أعلام النبلاء، مؤسسة الرسالة-بيروت، (ط 9/ 1413هـ)، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، ومحمد نعيم العرقسوسي، (6/208)، رقم (104)، وابن خلكان، وفيات الأعيان، (2/155).
19) ... ابن النديم، أبو الفرح محمد بن إسحاق (ت: 385هـ)، الفهرست، دار المعرفة-بيروت، ط سنة 1398هـ)، (ص: 172).
20) ... الذهبي، سير أعلام النبلاء، (6/208).(1/48)
21) ... ابن خلكان، أبو العباس أحمد بن محمد أبي بكر (ت: 681هـ)، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، دار الثقافة- بيروت،( ط سنة 1968)، تحقيق: د. إحسان عباس، (2/155).
22) ... ابن خلكان، وفيات الأعيان، (2/151).
23) ... سير أعلام النبلاء، (6/209).
24) ... انظر: ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت:276هـ)، عيون الأخبار، شرح وضبط: د. يوسف علي طويل، دار الكتب العلمية-بيروت، (ط/1418هـ/1998م)، (1/462).
25) ... ابن خلكان، وفيات الأعيان، (2/152).
26) ... طبعة دار العلم للجميع، بلا رقم طبعة ولا سنة نشر (ص: 197)، وقد عربه ابن المقفع من الفارسية، انظر: ابن خلكان، وفيات الأعيان، (2/151).
27) ... ابن خليفة، موفق الدين أبو العباس أحمد بن القاسم( ت: 668هـ)، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، دار مكتبة الحياة-بيروت، تحقيق: د. نزار رضا، (ص: 413)، ولا يتضح لنا هنا إذا ما كان المؤلف يقصد اليتيمة في الرسائل أو الدرة اليتيمة؟!
28) ... ابن القيم، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي (ت: 751هـ)، الفوائد المشوق إلى علوم القرآن وعلم البيان، دار الكتب العلمية-بيروت، (ط2/ 1408هـ)، (ص: 287).
29) ... الألوسي، روح المعاني، (12/63).
30) ... الباقلاني، أبو بكر محمد بن الطيب (ت: 403هـ)، إعجاز القرآن، تحقيق: السيد أحمد صقر، دار المعارف، (ط/5، ص: 32).
31) ... الباقلاني، إعجاز القرآن، (ص: 32)، وسيتم عرض قول الباقلاني خلال الصفحات اللاحقة.
32) ... الرافعي، مصطفى صادق (ت: 1356هـ)، تاريخ آداب العرب، دار الكتاب العربي-بيروت، (ط2 /1974م)، (ص: 178-179).
33) ... الحمصي، نعيم، فكرة إعجاز القرآن منذ البعثة النبوية حتى عصرنا الحاضر، مؤسسة الرسالة-بيروت (ط2/ 1980م)، (ص: 48).
34) ... المرجع السابق، (ص: 49).
35) ... ابن النديم، الفهرست، (ص: 172).
36) ... الباقلاني، إعجاز القرآن، (ص: 32).
37) ... ابن قتيبة، عيون الأخبار، (1/56-57).(1/49)
38) ... الثعالبي، أبو منصور، عبد الملك بن محمد بن إسماعيل (ت: 429هـ)، ثمار القلوب في المضاف والمنسوب، دار المعارف-القاهرة، (ط1/ 1965)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، (ص: 199).
39) ... ابن النديم، الفهرست، (ص: 172)، وأضاف ابن النديم: ويعرف هذا الكتاب أيضاً: بما قرأ حسيس.
40) ... عيون الأخبار (1/74)، والنص ذاته في الأدب الكبير لابن المقفع، دارالجليل-بيروت، بلا سنة نشر ولا رقم طبعة، (ص: 60).
41) ... عيون الأخبار (1/76)، وفي الأدب الكبير، (ص: 47).
42) ... عيون الأخبار (1/85)، وفي الأدب الكبير، (ص: 18).
43) ... يلاحظ أن ابن الجوزي قال: آداب بالجمع دون الإفراد، وهذا بيان يضاف إلى ما سبق ذكره من تحقيق اسم الكتاب.
44) ... ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد (ت: 597هـ)، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، دار الكتب العلمية-بيروت، دراسة وتحقيق: محمد عبد القادر عطا، (ط1/ 1412هـ)، رقم (759) (8/52)، وقد اعتمدت هذه الطبعة في الترجمة لمن كان وفاته دون (257هـ).
45) ... انظر كتاب الأدب الكبير، (ص: 10-15).
46) ... الباقلاني، إعجاز القرآن، (ص: 32).
47) ... الأدب الكبير، (ص: 10).
48) ... الباقلاني، إعجاز القرآن، تحقيق الشيخ عماد الدين أحمد حيدر، دار الفكر-بيروت، (ط1/1986م)، (ص: 56).
49) ... الرافعي، تاريخ آداب العرب، (ص: 179).
50) ... الذهبي، سير أعلام النبلاء، (6/209).
51) ... انظر: البغدادي، إسماعيل باشا بن محمد الباباني (ت: 1339هـ)، هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين، وكالة المعارف الجلية-إستانبول، (1951م)، (1/438)، والصفدي، صلاح الدين خليل أيبك (ت: 764هـ)، الوافي بالوفيات، دار النشر فرانزشتاين شتوتغارت، (ط2/ 1411هـ)، (17/639).
52) ... الرافعي، تاريخ آداب العرب، (ص: 179).
53) ... الأدب الصغير، ضمن المجموعة الكاملة لابن المقفع، دارا لبيان-بيروت، (ط4/ 1970م)(ص:46).
54) ... المرجع السابق، (ص: 59).
55) ... المرجع السابق، (ص: 60).(1/50)
56) ... المرجع السابق، (ص: 80).
57) ... رسالة الصحابة، ضمن المجموعة الكاملة لابن المقفع، دار البيان-بيروت، (ط4/ 1970م)، (ص: 201).
58) ... المرجع السابق، (ص: 221).
59) ... الأدب الكبير، (ص: 10-11).
60) ... القسطنطيني، مصطفى بن عبد الله الرومي (ت: 1067هـ)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، دار الكتب العلمية-بيروت، ط سنة (1413هـ)، (1/745).
61) ... المنتظم، (8/52).
62) ... الذهبي، سير أعلام النبلاء، (6/209).
63) ... انظر: الثعالبي، ثمار القلوب، (ص: 200).
64) ... الذهبي، سير أعلام النبلاء، (12/337).وانظر: ابن حجر، أحمد بن علي العسقلاني (ت: 852هـ)، لسان الميزان، مؤسسة الأعلمي-بيروت، (ط3/ 1986م)، تحقيق: دائرة المعارف النظامية-الهند، (6/305).
65) ... ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد الحضرمي (ت: 808هـ)، مقدمة ابن خلدون، دار القلم-بيروت، (ط5/ 1984م)، (ص: 338).
66) ... المرجع السابق، (ص: 326، 336، 338).
67) ... ابن النديم، الفهرست، (ص: 357).
68) ... الذهبي، سير أعلام النبلاء، (12/337).
69) ... الثعالبي، عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف (ت: 876هـ)، الجواهر الحسان في تفسير القرآن، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات-بيروت، (1/437)، والقرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري (ت: 671هـ)، الجامع لأحكام القرآن، دار إحياء التراث العربي-بيروت، سنة 1985م، (6/31)، وذكرها أبو حيان، محمد بن يوسف الأندلسي الغرناطي (ت:754هـ)، البحر المحيط، دار الفكر، (ط2/ 1398هـ)، مصورة عن طبعة السلطان عبد الحفيظ سلطان المغرب، (1328هـ)، (3/411)، والشوكاني، محمد بن علي (ت: 1250هـ)، فتح القدير الجامع بين فنيّ الرواية والدراية من علم التفسير، مطبعة مصطفى البابي الحلبي-مصر، (ط2/ 1964م)، (2/4).، وذكرها ابن حجر مختصرة، لسان الميزان، (6/305).
70) ... جمع جِلد أي أسفار.(1/51)
71) ... الجرجاني، عبد القاهر بن عبد الرحمن (ت: 471هـ)، دلائل الإعجاز، دار الكتاب العربي-بيروت، (ط1/ 1995م)، تحقيق: د. محمد التنجي، (ص: 241)، وذكره القلقشندي، أحمد بن علي (ت: 821هـ)، صبح الأعشى في صناعة الإنشا، دار الفكر-دمشق، (ط1/ 1987م)، تحقيق: د. يوسف علي طويل، (1/223).
72) ... قولة (أبو العباس) يدخل الإشكال لأنه لم يفصح عن اسمه فينصرف إلى المبرد: أبو العباس محمد بن يزيد (ت: 285هـ)، وإلى ثعلب: أبو العباس أحمد بن يحيى (ت: 291هـ)، وكلاهما كان معاصراً للكندي، والظاهر أن المراد منهما هو المبرد يشهد لذلك ما قاله السيوطي في المزهر: "وحيث أطلق البصريون أبا العباس فالمراد به المبرّد" السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن (ت: 911هـ)، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، دار الكتب العلمية-بيروت، (ط1/ 1998م)، تحقيق فؤاد علي منصور، (2/388).
73) ... جلال الدين أبو المعالي محمد بن عبد الرحمن (ت: 739هـ)، الإيضاح في علوم البلاغة، دار إحياء العلوم- بيروت، (ط4/ 1998م)، (ص: 24).
74) ... ابن عادل أبو حفص عمر بن علي(ت:880 هـ) اللباب في علوم الكتاب،تحقيق عادل عبد الموجود ،وعلي معوض دار الكتب العلمية-بيروت (ط/1998م)(16/184).
75) ... عند الطبري وابن كثير بن كلدة بن علقمة، وفي أكثر المراجع كما هو مدوّن، انظر: الطبري محمد بن جرير (ت: 310هـ)، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار الفكر-بيروت، (ط1405هـ-1984م)، مجلد 10، (8/182)، قال ابن كثير: النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة، ومنهم من يقول: علقمة بن كلدة، ابن كثير، أبو الفداء، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي (ت: 774هـ)، البداية والنهاية، مكتبة المعارف-بيروت، (3/88).
76) ... الشيباني، محمد بن محمد بن عبد الواحد (ت: 630هـ)، الكامل في التاريخ، دار الكتب العلمية-بيروت، (ط2/ 1415هـ)، تحقيق: أبو الفداء عبد الله القاضي (1/594).(1/52)
77) ... انظر: الكرماني، محمود بن حمزة بن نصر (ت: 500هـ)، أسرار التكرار في القرآن، دار الاعتصام- القاهرة، (ط2/ 1396هـ)، تحقيق: عبد القادر أحمد عطا، (ص: 169)، والثعالبي، الجواهر الحسان في تفسير القرآن، (2/94).
78) ... الشيباني، الكامل (1/594)، والواحدي، أبو الحسن علي بن أحمد (ت: 468هـ)، الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، دار القلم-دمشق، (ط1/ 1415هـ)، تحقيق: عدنان داوودي، (2/847)، وابن كثير،البداية والنهاية (3/306).
79) ... النحاس، أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحوي (ت: 338هـ)، معاني القرآن، جامعة أم القرى-مكة المكرمة، (ط1/ 1409هـ)، تحقيق: محمد علي الصابوني، (2/459)، والقرطبي، الجامع لأحكام القرآن، (71/41).
80) ... السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن الكمال (ت: 911هـ)، الدرّ المنثور، دار الفكر-بيروت، ط/1993م، (3/318)، وكذلك هي عند الشوكاني، فتح القدير (2/141).
81) ... الطبري، أبو جعفر، محمد بن جرير (ت: 310هـ)، تاريخ الطبري، دار الكتب العلمية-بيروت، (ط1/ 1407هـ)، (2/276).
82) ... الطبري، جامع البيان، (18/182)، وانظر: ابن كثير، البداية والنهاية، (3/88).
83) ... ابن كثير، البداية والنهاية، (5/50).
84) ... انظر المرجع السابق، (5/51).
85) ... ابن الجوزي، المنتظم، (4/112).
86) ... ابن ماكولا، علي بن هبة الله بن أبي نصر (ت: 475هـ)، الإكمال، دار الكتب العلمية-بيروت، (ط1/ 1411هـ)، (1/22).
87) ... الذهبي، سير أعلام النبلاء، رقم (62)، (1/316).
88) ... ابن منظور، محمد بن مكرم (ت: 711هـ)، مختصر تاريخ دمشق، دار الفكر-دمشق، (ط1/ 1409هـ)، تحقيق روحية النحاس، رقم (122)، (11/214).(1/53)
89) ... الصرد، بصاد مهملة مضمومة وراء مفتوحة: طائر فوق العصفور، نصفه أبيض ونصفه أسود ضخم المنقار، جمعه صرْدانٌ.. وقيل كانت العرب تشاءم به فنهى عن قتله، ابن منظور، لسان العرب، (3/247)، مادة (صرد)، والمناوي: عبد الرؤوف، قيض القدير، المكتبة التجارية-مصر، (ط1/ 1356هـ)، (6/337).
90) ... أخرجه الطبري في تاريخه 2/264، وهو في البداية والنهاية، (6/318).
91) ... ابن الجوزي، المنتظم (4/24).
92) ... ابن عساكر، أبو القاسم، علي بن الحسن بن هبة الله (ت: 571هـ)، تاريخ دمشق، دار الفكر المعاصر-بيروت، (ط1/ 1413هـ)، تحقيق: مركز جمعة الماجد، (1/408).
93) ... انظر: ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، (5/144)، والذهبي، سير أعلام النبلاء، (3/33).
94) ... البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم (ت: 256هـ)، التاريخ الكبير، دار الفكر، تحقيق: هاشم الندوي، بلا سنة نشر ولا رقم طبعة، (5/29).
95) ... انظر: البغوي، أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء (ت: 516هـ)، معالم التنزيل، دار المعرفة- بيروت، (ط2/ 1407هـ)، تحقيق: خالد العك-مروان سوار، (2/116)، وابن الجوزي، أبو الفرج، عبد الرحمن بن علي بن محمد (ت: 597هـ)، زاد المسير في علم التفسير، المكتب الإسلامي-بيروت، (ط3/ 1404هـ)، (3/86)، والقرطبي، الجامع لأحكام القرآن (7/40)، و(12/110)، والشوكاني، فتح القدير، (2/140).
96)(1/54)
94) ... انظر: أبو داود ، سليمان بن الأشعث السجستاني (ت :275 هـ) ، سنن أبي داود ، دار الفكر، تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد:كتاب الحدود ، باب : الحكم فيمن ارتد ، رقم (4358) (4/128) ، والنسائي أحمد بن شعيب (ت: 303 هـ) السنن الكبرى ، دار الكتب العلمية _بيروت(ط1/1411 هـ) تحقيق :د. عبد الغفار البنداري ، وسيد حسن ، رقم (3532) (2/303) ، وأخرجه الحاكم ، أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري (ت :405 هـ) المستدرك على الصحيحين ، دار الفكر _ بيروت ( سنة : 1398 هـ) ، كتاب المغازي ، باب :استجارة عبد الله بن أبي السرح (2/45)
97) ... ابن الجوزي، المنتظم، (4/22)، وابن كثير، البداية والنهاية، (6/320). ويقال: أم صادر سجاح بنت أوس بن أسامة بن العنبر بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم. انظر: البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر (ت: 279 هـ)، فتوح البلدان، دار الكتب العلمية-بيروت، ط سنة 1403هـ، تحقيق: رضوان محمد رضوان، (ص: 108).
98) ... انظر: المقدسي، مطهر بن طاهر (ت: 507هـ)، البدو والتاريخ، مكتبة الثقافة الدينية- القاهرة، (5/164-165)، وابن الجوزي، المنتظم (4/22).
99) ... ابن حجر، أحمد بن علي العسقلاني (ت:852)،الإصابة في تمييز الصحابة ،دراسة وتحقيق عادل أحمد، والشيخ علي معوض، دار الكتب العلمية _بيروت(ط2/2002م) كتاب النساء رقم (11367)(8/198)
100) ... المقدسي، البدء والتاريخ، (5/160)، والبلاذري، فتوح البلدان، (1/180).
101) ... الطبري، تاريخ الطبري، (2/269)، وابن الجوزي، المنتظم، (4/22).
102) ... تاريخ الطبري، (2/270)، والبداية والنهاية، (6/320).(1/55)
103) ... استعمله هشام بن عبد الملك على العراق سنة ست ومائة، وولي قبل ذلك مكة للوليد بن عبد الملك ثم لسليمان، وكانت وفاته سنة (126هـ)، ابن العماد، عبد الحي بن أحمد العكري الحنبلي (ت: 1089هـ)، شذرات الذهب في أخبار مَن ذَهَب، دار الكتب العلمية-بيروت، (1/133، 169)، والذهبي، سير أعلام النبلاء، (5/425).
104) ... ما بين المعقوفتين زيادة يقتضيها النص.
105) ... في تهذيب الكمال، والمستطرف (ولا تطع كل ساحر).
106) ... أخرجه الدارمي، عثمان بن سعيد بن خالد بن سعيد (ت: 280هـ)، الرد على الجهمية، دار ابن الأثير-الكويت، (ط2/ 1995م)، تحقيق: بدر بن عبد الله البدر، (ص: 209)، رقم (389)، وقال المحقق: "إسناده ضعيف"، وأورده المزي، أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن (ت: 742هـ)، تهذيب الكمال، مؤسسة الرسالة-بيروت، (ط1/ 1400هـ)، تحقيق: د. بشار عواد معروف، (8/113)، والأبشيهي، شهاب الدين محمد بن أحمد (ت:850هـ)، المستطرف في كل فن مستظرف، دار مكتبة الحياة-بيروت، (ط1/ 1412هـ)، (2/323).
107) ... ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت: 597هـ)، صيد الخاطر، (ط2/ 2004م)، تحقيق: سيد زكريا، مكتبة نزار الباز-السعودية، (ص: 301).
108) ... المرجع السابق، (ص: 301).
109) ... المرجع السابق، (ص: 301).
110) ... الحموي، أبو عبد الله، ياقوت بن عبد الله (ت: 626هـ)، معجم البلدان، دار الفكر-بيروت، (1/528).
111) ... ابن خلكان، وفيات الأعيان، (1/94)، وقد اعترض على ابن خلكان جماعات كثيرة من العلماء من أجل ذكره ترجمة ابن الراوندي في وفياته، انظر: ابن العماد، شذرات الذهب، (1/236).
112) ... الذهبي، سير أعلام النبلاء، (رقم 31)، (14/60)، وابن كثير، البداية والنهاية، (11/112).(1/56)
113) ... الذهبي، سير أعلام النبلاء، (رقم 31)، (14/60)، وابن كثير، البداية والنهاية، (11/112). وذكر ابن خلكان أن وفاته سنة (250هـ)، والصواب ما ذُكر، نص عليه ابن الجوزي، والذهبي، وابن كثير، انظر: ابن الجوزي في المنتظم، دار صادر- بيروت، (ط1/ 1358هـ)، (6/99)، وقد اعتمدت هذه الطبعة لترجمة من كانت وفاته (257هـ) فما بعد، والذهبي، سير أعلام النبلاء، (14/60)، ابن كثير، البداية والنهاية، (11/112).
114) ... أورد هذا الرافعي بصيغة التضعيف، ولم أقف عليه في شيء من المراجع، انظر: الرافعي، تاريخ أداب العرب، (2/182)، ونقله عن الحمصي، فكرة إعجاز القرآن، (ص: 52).
115) ... ابن كثير، البداية والنهاية، (11/112).
116) ... العباسي، عبد الرحيم بن أحمد (ت: 963)، معاهد التنصيص على شواهد التلخيص، عالم الكتب-بيروت، (ط1/ 1367هـ)، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، (1/156).
117) ... ابن الجوزي، المنتظم، (6/99) وابن كثير، البداية النهاية، (11/113).
118) ... ابن الجوزي، المنتظم، (6/99).
119) ... أي ملجأ.
120) ... الأف وسخ الأذنين، والتف وسخ الأنف.
121) ... المعري، رسالة الغفران، المكتبة الثقافية-بيروت، تحقيق وشرح: محمد عزّت نصر الله، بلا طبعة ولا سنة نشر، (ص: 239-240).
122) ... ابن الجوزي، المنتظم، (6/99).
123) ... المرجع السابق، ونقله الذهبي في سير أعلام النبلاء، (14/60)
124) ... العباسي، معاهد التنصيص، (1/157-158).
125) ... كذا عند ابن خلدون في مقدمته، (ص: 475)، والذهبي في سير أعلام النبلاء، (14/331)، وابن العماد في شذرات الذهب، (1/257).
126) ... البداية والنهاية، (11/133).
127) ... القشيري، أبو القاسم عبد الكريم، الرسالة القشيرية، تحقيق: د. عبد الحليم محمود ومحمود بن الشريف، دار الكتب الحديثة- مصر، بلا طبعة ولا سنة نشر، (2/636)، وأورده ابن كثير في البداية والنهاية، (11/135).(1/57)
128) ... المنتظم، (6/162)، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء، (14/330)، وابن كثير في البداية والنهاية، (11/135)، وهو في شذرات الذهب، (1/254).
129) ... الذهبي، سر أعلام النبلاء، رقم (139)، (16/199).
130) ... البغدادي، أحمد بن علي أبو بكر الخطيب (ت: 463)، تاريخ بغداد، دار الكتب العلمية-بيروت، بلا طبعة ولا سنة نشر، (4/105)، وابن العماد، شذرات الذهب، (2/14).
131) ... تاريخ بغداد، (4/105).
132) ... ابن الجوزي، المنتظم، (7/27)، وابن خلكان، وفيات الأعيان، (1/123)، وابن العماد، شذرات الذهب، (2/14)، وابن أبي جرادة، كمال الدين عمر بن أحمد (ت: 666هـ)، بغية الطلب في تاريخ حلب، دار الفكر-بيروت، (ط1/ 1988م)، تحقيق: د. سهيل زكار، (2/681) وانظر بيت المتنبي في ديوانه،دار صادر _بيروت 1958م(ص:332) ،وهو فيه :والسيف والرمح بدلا من : والحرب والضرب ،والمثبت كما في المنتظم ووفيات الأعيان ،وفي بغية حلب:والطعن والضرب.
133) ... البغدادي، تاريخ بغداد، (4/104)، وابن الجوزي، المنتظم، دار صادر، (7/26)، وابن أبي جرادة، بغية الطلب في تاريخ حلب، (2/646)، وابن كثير، البداية والنهاية، (11/257)، والأتابكي، جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردى (ت: 874هـ)، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، المؤسسة المصرية العامة للتأليف-مصر، (3/340).
134) ... البداية والنهاية، (11/257).
135) ... البغدادي، تاريخ بغداد، (4/105).
136) ... ابن كثير، البداية والنهاية، (11/257).
137) ... البغدادي، تاريخ بغداد، (4/104)، وابن الجوزي، المنتظم، (7/26)، وابن أبي جرادة، بغية الطلب في تاريخ حلب، (2/646)، والأتابكي، النجوم الزاهرة، (3/340).
138) ... ابن خلكان، وفيات الأعيان، (4/79).
139) ... ابن الجوزي، المنتظم، رقم (419)، (7/265)، والأتابكي، النجوم الزاهرة، (4/233).
140) ... القسطنطيني، كشف الظنون، (2/1509).
141) ... الحمصي، فكرة إعجاز القرآن، (ص: 67).(1/58)
142) ... الرافعي، تاريخ آداب العرب، (2/180).
143) ... ابن خلكان، وفيات الأعيان، (1/113-116)، وابن العماد، شذرات الذهب، (2/280-283).
144) ... ابن العماد، شذرات الذهب، (2/282).
145) ... ومن الذين دافعوا عن المعري وبينوا صحة اعتقاده، وكرم أخلاقه، وطيب نفسه، ابن أبي جرادة في كتابه: بغية الطلب في تاريخ حلب، وذلك في ترجمة واسعة ذكرها له امتدت من (2/865-913)، كما أنه أفرد كتاباً مستقلاً سماه: دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري، نص على كتابه هذا في كتابه بغية حلب (2/865) و(2/879) و(2/886)، وفي كشف الظنون، (1/757)، دفع الظلم والتجزي -بالزاي المعجمة- عن أبي العلاء المعريّ ألفه أنتصارا له، ولعله بالزاي تصحيف من الناسخ، فقد نص الزركلي، خير الدين في الأعلام، (5/40)، أنه بالراء غير المعجمة، وأشار إلى أنه مطبوع، وذكره في موضع آخر (1/157) باسم: الانصاف والتحري في دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري، وأشار إلى أنه مطبوع.
146) ... البداية والنهاية، (12/74).
147) ... المنتظم، (8/186).
148) ... وفيات الأعيان، (1/114-115)، والعباسي، معاهد التنصيص، (1/145).
149) ... البداية والنهاية، (12/76).
150) ... المنتظم، (8/185).
151) ... بنت الشاطئ، د. عائشة عبد الرحمن، الغفران، دراسة نقدية، دار المعارف-القاهرة، لم تذكر رقم الطبعة ولا سنة النشر، (ص: 39).
152) ... ابن خلكان، وفيات الأعيان، (1/116)، وذكر الفيروز أبادي أن وفاته سنة (426هـ)، والذي ذكرناه هو الصحيح، وهو الذي عليه تراجم المعري، انظر: الفيروز أبادي، محمد بن يعقوب (ت: 817هـ)، البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة، جمعية إحياء التراث الإسلامي-الكويت، (ط1/ 1407هـ)، تحقيق محمد المصري، (ص: 58).
153) ... المنظم، (8/185-186)، ونقله ابن كثير في البداية والنهاية، (12/74).
154) ... القسطنطيني، كشف الظنون، (2/1272).(1/59)
155) ... المعري، أبو العلاء أحمد بن عبد الله، الفصول والغايات في تمجيد الله والمواعظ، تحقيق محمود حسن زناتي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، (ص: 10-11).
156) ... خسرو، ناصر، سفرنامة، دار الكتاب - بيروت (ط3/ 1983م) تحقيق:يحيى الخشاب، (ص: 46).
157) ... ابن أبي جرادة، ، بغية الطلب في تاريخ حلب، (2/879)، والذهبي، سير أعلام النبلاء، (18/31).
158) ... ابن أبي جرادة، بغية الطلب، (2/880).
159) ... المرجع السابق، (2/881).
160) ... هذا النص موجود في الفصول والغايات، في فصل غاياته جيم، (ص: 313) مع بعض الاختصارات فيه.
161) ... هذا النص غير موجود في المطبوع من الفصول والغايات، ولعلّه من غايات الحروف الأخرى التي لم يضمها الكتاب المطبوع، فكما أشرت إلى نقص في أول المطبوع، فهناك أيضاً نقص في آخره لأنه قد جاء في آخر نسخة الأصل: تم الجزء الأول من الفصول والغايات... (ص: 564)، مما يشير إلى وجود تتمة لهذا الكتاب، وقد أشار محقق الكتاب في مقدمته (ص: 9) إلى ضياع تتمته قائلاً: "وقد بحثت عن باقي الكتاب في المظانّ فلم أجد له من أثر".
162) ... ابن أبي جرادة، بغية الطلب في تاريخ حلب، (2/881).
163) ... انظر: خسرو، سفرنامة، (ص: 46).
164) ... المعري، رسالة الغفران، (ص: 241).
165) ... الفصول والغايات، (ص: 8).
166) ... الذهبي، سير أعلام النبلاء، رقم (208)، (21/411).
167) ... ابن خلكان، وفيات الأعيان، رقم (455)، (3/339).
168) ... الذهبي، سير أعلام النبلاء، (21/412).
169) ... المرجع السابق.
170) ... النملة، علي بن إبراهيم الحمد، المستشرقون والتنصير، بحث على موقع
alminbar.al-islam.com، (ص: 97).
171) ... الغيلاني، الحسن، بحث بعنوان: المتوسط والحوار الديني، موقع http//es.geocities.com
172) ... المرجعين السابقين
173) ... نصر، مشير، http://www.almotamar.com.ly
174) ... الماجد، د. ناصر بن محمد، ملتقى أهل التفسير http://www.tafsir.org
175) ... http://www.al-hamasat.com
176) ... الماجد، tafsir.ogr(1/60)
177) ... انظر: نصر، مشير، http://www.almotamar.com.ly
178) ... انظر موقع: tafsir.org وalmotamar.com.
179) ... انظر: almotamar.com.
180) ... مكتب برامج الإعلام الخارجي بتاريخ 13/5/2005، http://usinfo.state.gov/ar/archive.
181) ... الماجد tafsir.org.
182) ... بحث محكم ومنشور في مجلة الجامعة الإسلامية-غزة ، المجلد الثاني عشرالعدد الثاني 6/2004.
183) ... ابن حزم، أبو محمد علي الأندلسي الظاهري (ت: 456هـ)، الفصل في الملل والأهواء والنحل، مكتبة الخانجي-القاهرة، لا يوجد طبعة ولا سنة طبع، (1/87).
184) ... ابن سنان، عبد الله بن محمد الخفاجي (ت: 466هـ)، سر الفصاحة، مكتبة الخانجي-القاهرة، (ط1/ 1350هـ)، (ص: 92).
185) ... العلوي، يحيى بن حمزة بن علي اليمني (ت: 745هـ)، الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز، دار الكتب العلمية-بيروت، (3/392).
186) ... الباقلاني، أبو بكر محمد بن الطيب (ت: 403هـ)، نكت الانتصار لنقل القرآن، دراسة وتحقيق: د. محمد زغلول سلام، منشأة المعارف-الإسكندرية، بلا طبعة ولا سنة نشر، (ص: 245-246).
187) ... البيهقي، أحمد بن الحسين (ت: 458هـ)، الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد على مذهب السلف وأصحاب الحديث، دار الآفاق الجديدة-بيروت، (ط1/ 1401هـ)، تحقيق: أحمد عصام الكاتب، (ص: 259).
188) ... العلوي، الطراز، (3/377).
189) ... انظر: الهمداني، أبو الحسن القاضي عبد الجبار، بن أحمد بن عبد الجبار الأسد أباذي المعتزلي (ت: 415 هـ) ، شرح الأصول الخمسة، تحقيق: د. عبد الكريم عثمان، مكتبة وهبة-مصر، (ط3/ 1996م)، (ص: 590).
190) ... المرجع السابق، (ص: 590,588).
191) ... العلوي، الطراز، (3/377)، وانظر القاضي عبد الجبار، الأصول الخمسة، (ص: 591)، والباقلاني، نكت الأنصار، (ص: 246).
192) ... انظر: الهمداني، شرح الأصول الخمسة، (ص: 590-591).
193) ... العلوي، الطراز، (3/379).
194) ... المرجع السابق، (3/379)، وانظر: الباقلاني، نكت الانتصار، (ص: 246).(1/61)
195) ... انظر: الباقلاني، نكت الانتصار، (ص: 246)، والعلوي، الطراز، (3/380).
196) ... الطراز، (3/381).
197) ... العلوي، والطراز، (3/378).
198) ... انظر: الهمداني، أبو الحسن، القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الأسدي أبادي المعتزلي (ت: 415هـ، المغني في أبواب التوحيد والعدل، وزارة الثقافة والإرشاد القومي- مصر، (ط1/ 1960م)، تحقيق: أمين الخولي، (16/281).
199) ... انظر: العلوي، الطراز، (3/380).
200) ... انظر: الهمداني، المغني في أبواب التوحيد والعدل، (16/281).
201) ... الهمداني، شرح الأصول الخمسة، (ص: 592).
202) ... انظر: المرجع السابق، (ص: 592-593).
203) ... الباقلاني، إعجاز القرآن، (ص: 18).
204) ... انظر: المرجع السابق، (ص: 18، 19).
205) ... انظر: الباقلاني، إعجاز القرآن، (ص: 18)، والعلوي، الطراز، (3/313)، والهمداني، شرح الأصول الخمسة، (ص: 588).
206) ... الهمداني، شرح الأصول، (ص: 588)، وانظر الآمدي، أبو الحسن علي بن محمد (ت: 631هـ)، الأحكام، دار الكتاب العربي-بيروت، (ط1/ 1404هـ)، تحقيق: د. سيد الجميلي، (2/57-58).
207) ... العلوي، الطراز، (3/383).
208) ... الهمداني، المغني في أبواب التوحيد والعدل، (16/252).
209) ... انظر: الهمداني، شرح الأصول الخمسة، (ص: 589).
210) ... الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي (ت: 429)، أعلام النبوّة، دار الكتاب العربي-بيروت، (ط1/ 1987م)، تحقيق: محمد المعتصم بالله البغدادي، (ص: 119).
211) ... انظر: الهمداني، المغني في أبواب التوحيد والعدل، (16/253).
212) ... العلوي، الطراز، (3/383)، وانظر: الباقلاني، إعجاز القرآن، (ص: 19).
213) ... الباقلاني، إعجاز القرآن، (ص: 19).
214) ... انظر: الهمداني، شرح الأصول الخمسة، (ص: 589)، والعلوي،الطراز (3/383).
215) ... انظر: الهمداني، المغني في أبواب التوحيد والعدل، (16/253).
216) ... انظر: المرجع السابق، (16/255).
217) ... الباقلاني، نكت الأنصار، (ص: 246).(1/62)
218) ... انظر هذه الشبهة والجواب عليها عند الهمداني، المغني(16/259، 277).
Objections to the Holy Quran
Allegations and Doubts
Abstract:
... The research is about objections to the Holy Quran and what doubts were raised concerning these objections. What is meant by objection? It means to come with words or speech comparable to the Holy Quran in eloquence, Fluency and style in order to grainsay and win over the words of the Holy Quran. In the past, some people claimed objections to the Holy Quran and came with loathsome and forbidden words. At present, some people try to do the same. Others tried to object to the Holy Quran, but soon they felt ashamed of what they wrote. They felt unable to do so and they repented and found their way. Since everything said has a share of its speaker's faith, this research was translated to anyone who tried to or claimed any objection to the Holy Quran. It also adduced these objections, analysed, criticized and demonstrated them. The research also deals with the doubts raised regarding the reason behind the Arabs giving up the objection and the objection that did not appear or remained unknown. It concludes with that nobody was able to object to the Holy Quran in the past, nor can anybody do that in the present time or in the future. This proves what Allah says (if you do not and you will not ... ... ... .)[ Surah Al-Baqara :24].(1/63)