الأمر الأول: الإيمان بأن الله سبحانه علم الأشياء كلها قبل وجودها بعلمه الأزلي، وعلم مقاديرها وأزمانها وآجال العباد وأرزاقهم وغير ذلك، كما قال سبحانه وتعالى: إِنَّ { اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } (62) (1) ، وقال تعالى: لِتَعْلَمُوا { أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا } (12) (2) ، وقال تعالى: * { وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } (59) (3) ، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
الأمر الثاني من مراتب الإيمان بالقدر: كتابته سبحانه لجميع الأشياء من خير وشر وطاعة ومعصية وآجال وأرزاق وغير ذلك، كما قال سبحانه: أَلَمْ { تَعْلَمْ أَن اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } (70) (4) ، في آيات كثيرة سبق بعضها آنفا.
__________
(1) العنكبوت الآية (62).
(2) الطلاق الآية (12).
(3) الأنعام الآية (59).
(4) الحج الآية (70).(1/313)
وفي الصحيحين من حديث علي رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار" فقالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - : "اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة" ثم قرأ رسول الله عليه الصلاة والسلام قوله تعالى: فَأَمَّا { مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } (6) (1) . (2) ، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة، ومنها حديث عبدالله بن مسعود المخرج في الصحيحين في ذكر خلق الجنين وأنه يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد (3) .
__________
(1) الليل الآيتان (5و6).
(2) تقدم تخريجه في مواقف عبدالرحمن بن ناصر السعدي سنة (1376هـ).
(3) تقدم تخريجه في مواقف السلف من عمرو بن عبيد سنة (144هـ).(1/314)
الأمر الثالث من مراتب الإيمان بالقدر: أنه سبحانه وتعالى لا يوجد في ملكه ما لا يريد، ولا يقع شيء في السماء والأرض إلا بمشيئته؛ كما قال تعالى: لِمَنْ { شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } (29) (1) ، وقال تعالى: فَمَنْ { شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ } (56) (2) ، وقال تعالى: وَلَوْ { شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } (137) (3) ، وقال تعالى: مَنْ { يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } (39) (4) ، وقال عز وجل: فَمَنْ { يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ } (5) ، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا معلومة من كتاب الله.
والإرادة في هذه الآية بمعنى المشيئة، وهي إرادة كونية قدرية بخلاف الإرادة في قوله تعالى: يُرِيدُ { اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا } (28) (6) ، فالإرادة في هذه الآيات الثلاث إرادة شرعية أو دينية بمعنى المحبة.
__________
(1) التكوير الآيتان (28و29).
(2) المدثر الآيتان (55و56).
(3) الأنعام الآية (137).
(4) الأنعام الآية (39).
(5) الأنعام الآية (125).
(6) النساء الآيات (26-28).(1/315)
والفرق بين الإرادتين: الأولى لا يتخلف مرادها أبدا، بل ما أراده الله كونا فلابد من وقوعه، كما قال تعالى: إِنَّمَا { أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } (82) (1) . أما الإرادة الشرعية: فقد يوجد مرادها من بعض الناس، وقد يتخلف. وإيضاح ذلك أن الله سبحانه أخبر أنه يريد البيان للناس والهداية والتوبة، ومع ذلك أكثر الخلق لم يهتد ولم يوفق للتوبة، ولم يتبصر في الحق، لأنه سبحانه وتعالى قد أوضح الحجة والدليل وبين السبيل وشرع أسباب التوبة وبينها، ولكنه لم يشأ لبعض الناس أن يهتدي أو يتوب أو يتبصر، فذلك لم يقع منه ما أراده الله شرعا، لما قد سبق في علم الله وإرادته الكونية من أن هذا الشخص المعين لا يكون من المهتدين، ولا ممن يوفق للتوبة. وهذا بحث عظيم ينبغي تفهمه وتعقله والتبصر في أدلته، ليسلم المؤمن من إشكالات كثيرة وشبهات مضلة، حار فيها الكثير من الناس لعدم تحقيقهم للفرق بين الإرادتين.
ومما يزيد المقام بيانا: أن الإرادتين تجتمعان في حق المؤمن، فهو إنما آمن بمشيئة الله وإرادته الكونية، وهو في نفس الوقت قد وافق بإيمانه وعمله الإرادة الشرعية، وفعل ما أراده الله منه شرعا وأحبه منه، وتنفرد الإرادة الكونية في حق الكافر والعاصي، فهو إنما كفر وعصى بمشيئة الله وإرادته الكونية، وقد تخلفت عنه الإرادة الشرعية لكونه لم يأت بمرادها وهو الإسلام والطاعة، فتنبه وتأمل، والله الموفق.
__________
(1) يس الآية (82).(1/316)
الأمر الرابع من مراتب الإيمان بالقدر: أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق الموجد لجميع الأشياء من ذوات وصفات وأفعال، فالجميع خلق الله سبحانه، وكل ذلك واقع بمشيئته وقدرته، فالعباد وأرزاقهم وطاعاتهم ومعاصيهم كلها خلق الله، وأفعالهم تنسب إليهم، فيستحقون الثواب على طيبها والعقاب على خبيثها، والعبد فاعل حقيقة وله مشيئة وله قدرة قد أعطاه الله إياها، والله سبحانه هو خالقه وخالق أفعاله وقدرته ومشيئته، كما قال تعالى: إِن { اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (20) (1) ، وقال تعالى: لِمَنْ { شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } (29) (2) ، فلا يخرج شيء من أفعال العباد ولا غيرهم عن قدرة الله ولا عن مشيئته، فعلم الله شامل، ومشيئته نافذة، وقدرته كاملة، لا يعجزه سبحانه شيء، ولا يفوته أحد، كما قال عز وجل: اللَّهُ { الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا } (12) (3) .
__________
(1) البقرة الآية (20).
(2) التكوير الآيتان (28و29).
(3) الطلاق الآية (12).(1/317)
والعرش وما دونه من سماوات وأرضين وملائكة وبحار وأنهار وحيوان وغير ذلك من الموجودات، كلها وجدت بمشيئة الله وقدرته، لا خالق غيره ولا رب سواه ولا شريك له في ذلك كله، كما أنه لا شريك له في عبادته ولا في أسمائه وصفاته، كما قال تعالى: اللَّهُ { خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } (62) (1) ، وقال تعالى: وَإِلَهُكُمْ { إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } (163) (2) ، وقال سبحانه: قُلْ { هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد } (4) (3) ، وقال سبحانه: لَيْسَ { كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } (11) (4) .
فالله سبحانه هو الخالق وما سواه مخلوق، وصفاته كذاته ليست مخلوقة، وكلامه من صفاته، والقرآن الكريم من كلامه المنزل على رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، فهو كلام الله عز وجل، منزل غير مخلوق بإجماع أهل السنة،وهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن سلك سبيلهم إلى يوم القيامة.
وبما ذكرنا يتضح لطالب الحق أن مراتب القدر أربع، من آمن بها وأحصاها فقد آمن بالقدر خيره وشره.
__________
(1) الزمر الآية (62).
(2) البقرة الآية (163).
(3) الإخلاص الآيات (1-4).
(4) الشورى الآية (11).(1/318)
وقد ذكر العلماء هذه المراتب في كتب العقائد وأوضحوها بأدلتها؛ وممن ذكر ذلك باختصار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه 'العقيدة الواسطية'، وذكرها وأوسع فيها الكلام تلميذه المحقق العلامة الكبير أبو عبدالله ابن القيم في كتابه 'شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل'، وهو كتاب نفيس عظيم الفائدة نادر المثل أو معدومه، ننصح بقراءته والاستفادة منه. والله أسأل سبحانه أن يوفقنا جميعا للفقه في دينه والاستقامة عليه، وأن يهدينا وسائر المسلمين صراطه المستقيم، إنه جواد كريم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (1)
محمد ناصر الدين الألباني (2) (1420 هـ)
الشيخ المحدث، علامة الشام أبو عبدالرحمن محمد ناصر الدين بن نوح نجاتي الألباني. ولد الشيخ في مدينة أشقودرة، عاصمة ألبانيا سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وألف للهجرة الموافق لعام أربع عشرة وتسعمائة وألف ميلادي، في أسرة فقيرة متدينة يغلب عليها الطابع العلمي، وكان والده فقيها حنفيا من أهل العلم. وبعد تولي "أحمد زوغو" الحكم في ألبانيا حوّلها إلى بلاد علمانية، فقرر الشيخ نوح رحمه الله الهجرة بأسرته إلى بلاد الشام فرارا بدينه.
__________
(1) مجموع فتاوى ابن باز (2/475-481).
(2) 'مقالات الألباني' لنور الدين طالب (175-243) و'حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه' لتلميذه الشيباني.(1/319)
قرأ الشيخ القرآن مجودا على والده وتلقى عليه بعض علوم اللغة وبعض كتب المذهب الحنفي، كما درس على الشيخ سعيد البرهاني 'مراقي الفلاح' في الفقه الحنفي و'شذور الذهب' في النحو، وأجازه الشيخ محمد راغب الطباخ بمروياته. وجذبه علم الحديث وتأثر به، وأول عمل حديثي قام به هو نسخ كتاب 'المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار' للحافظ العراقي. قام الشيخ بالدعوة إلى الله في دمشق، ورفع راية التوحيد والسنة، مستعينا في ذلك بالله ثم ببعض العلماء الدمشقيين أمثال العلامة محمد بهجة البيطار والشيخ عبدالفتاح الإمام والشيخ توفيق البزرة وغيرهم، فنصر السنة ونفض عنها غبار القرون، وأعلنها بكل قوة وجرأة، لا يخاف في الله لومة لائم. وما من أحد في العصر الحاضر له اشتغال في علم الحديث إلا وللألباني في عنقه منة، اعترف بها أو جحد.
قلت: العلامة الفحل شيخ السنة في عصره بدون منازع، عرفته بالمدينة النبوية وأنا في المعهد الثانوي وحضرت مجالسه العلمية ومناظراته القيمة، فما رأيت أحسن منه في علم المناظرة والدفاع عن السنة. كان له الفضل الكبير في نشر علم الحديث وإظهاره للناس بالطرق العلمية الصحيحة، وأحيا عمل السلف الصالح في العناية بالسنة والتمسك بالدليل، وأشاع في الأمة الإسلامية علم الجرح والتعديل والتصحيح والتضعيف الذي مات ذكره من زمان. تنور الشباب بكتبه، وأصبحت نموذجا عندهم، وأثار ذلك حفيظة الأعداء وحاولوا أن ينالوا منه بالقدح والثلب، ولكن كما قال القائل:
كناطح صخرة يوما ليوهنها ... فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
الإمام الألباني لم يعرف الملل والكلل في البحث العلمي، والدعوة إلى الكتاب والسنة، فكان النموذج الصالح لخدمة الكتاب والسنة، فكان موفقا في كل خطواته العلمية والدعوية.
فرحمة الله عليه رحمة واسعة.(1/320)
أثنى عليه كبار علماء عصره، فقد قال فيه الشيخ ابن باز رحمه الله: لا أعلم تحت قبة الفلك أعلم بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الشيخ ناصر. وقال العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله: صاحب سنة ونصرة للحق ومصادمة لأهل الباطل. وقال فيه الشيخ حمود بن عبدالله التويجري رحمه الله: الألباني الآن علم على السنة، الطعن فيه إعانة على الطعن في السنة. وقال فيه الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله: من دعاة السنة الذين وقفوا حياتهم على العمل لإحيائها.
توفي رحمة الله عليه بعد عصر يوم السبت لثمان بقين من جمادى الأولى سنة عشرين وأربعمائة وألف هجرية الموافق لعام تسع وتسعين وتسعمائة وألف ميلادي في عمان.
موقفه من المبتدعة:
- قال الشيخ رحمه الله وهو يتحدث عن مسألة التشهد في الصلاة: ولهذه المسألة ونحوها مما لا يمكن معرفة الصواب فيها إلا بالرجوع إلى ما كان عليه السلف الصالح، وبخاصة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم، نلح دائما في دروسنا ومحاضراتنا أنه لايكفي إذا دعونا الناس إلى العمل بالكتاب والسنة أن نقتصر على هذا فقط في الدعوة، بل لا بد من أن نضم إلى ذلك جملة: "على منهج السلف الصالح" أو نحوها، لقيام الأدلة الشرعية على ذلك، وهي مذكورة في غير هذا الموضع. لا بد من ذلك، وخصوصا في هذا العصر، حيث صارت الدعوة إلى الكتاب والسنة موضة العصر الحاضر، ودعوة كل الجماعات الإسلامية، والدعاة الإسلاميين -على ما بينهم من اختلافات أساسية أو فرعية- وقد يكون فيهم من هو من أعداء السنة عمليا، ومن يزعم أن الدعوة إليها يفرق الصف، عياذا بالله منهم.(1/321)
أسأل الله تعالى أن يحيينا على السنة وأن يميتنا عليها، متبعين لمن أثنى الله تبارك وتعالى عليهم بقوله: وَالسَّابِقُونَ { الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } (100) (1) . وأن يجعلنا ممن قال فيهم: وَالَّذِينَ { جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } (10) (2) .اهـ (3)
- وقال رحمه الله: ثم إن هناك وهما شائعا عند بعض المقلدين، يصدهم عن اتباع السنة التي تبين لهم أن المذاهب على خلافها، وهو ظنهم أن اتباع السنة يستلزم تخطئة صاحب المذهب، والتخطئة معناها عندهم الطعن في الإمام، ولما كان الطعن في فرد من أفراد المسلمين لا يجوز، فكيف في إمام من أئمتهم؟
__________
(1) التوبة الآية (100).
(2) الحشر الآية (10).
(3) مقدمة صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - (ص.25).(1/322)
والجواب: أن هذا المعنى باطل، وسببه الانصراف عن التفقه في السنة، وإلا فكيف يقول ذلك المعنى مسلم عاقل؟ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو القائل: "إذا حكم الحاكم، فاجتهد فأصاب، فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد" (1) ، فهذا الحديث يرد ذلك المعنى، ويبين بوضوح لا غموض فيه أن قول القائل: "أخطأ فلان" معناه في الشرع: "أثيب فلان أجرا واحدا"، فإذا كان مأجورا في رأي من خطأه، فكيف يتوهم من تخطئته إياه الطعن فيه؟ لا شك أن هذا التوهم أمر باطل يجب على كل من قام به أن يرجع عنه، وإلا فهو الذي يطعن في المسلمين، وليس في فرد عادي منهم، بل في كبار أئمتهم، من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة المجتهدين وغيرهم، فإننا نعلم يقينا أن هؤلاء الأجلة كان يخطئ بعضهم بعضا، ويرد بعضهم على بعض، أفيقول عاقل: إن بعضهم كان يطعن في بعض، بل لقد صح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطأ أبا بكر رضي الله عنه في تأويله لرؤيا كان رآها رجل، فقال - صلى الله عليه وسلم - له: "أصبت بعضا وأخطأت بعضا" (2) ، فهل طعن - صلى الله عليه وسلم - في أبي بكر بهذه الكلمة؟.
ومن عجيب تأثير هذا الوهم على أصحابه، أنه يصدهم عن اتباع السنة المخالفة لمذهبهم، لأن اتباعهم إياها معناه عندهم الطعن في الإمام، وأما اتباعهم إياه -ولو في خلاف السنة- فمعناه احترامه وتعظيمه، ولذلك فهم يصرون على تقليده فرارا من الطعن الموهوم.
__________
(1) تقدم تخريجه في مواقف ابن حزم سنة (456هـ).
(2) أخرجه: أحمد (1/236) والبخاري (12/534/7046) ومسلم (4/1777-1778/2269) وأبو داود (3/578-579/3268) والترمذي (4/470-471/2293) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". وابن ماجه (2/1289-1290/3918). كلهم من طريق ابن شهاب أن عبيدالله بن عبدالله أخبره أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يحدث أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره.(1/323)
ولقد نسي هؤلاء -ولا أقول: تناسوا- أنهم بسبب هذا الوهم وقعوا فيما هو شر مما منه فروا، فإنه لو قال لهم قائل: إذا كان الاتباع يدل على احترام المتبوع، ومخالفته تدل على الطعن فيه، فكيف أجزتم لأنفسكم مخالفة سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وترك اتباعها إلى اتباع إمام المذهب في خلاف السنة، وهو غير معصوم، والطعن فيه ليس كفرا؟ فلئن كان عندكم مخالفة الإمام تعتبر طعنا فيه، فمخالفة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أظهر في كونها طعنا فيه، بل ذلك هو الكفر بعينه -والعياذ بالله منه- لو قال لهم ذلك قائل، لم يستطيعوا عليه جوابا، اللهم، إلا كلمة واحدة -طالما سمعناها من بعضهم- وهي قولهم، إنما تركنا السنة ثقة منا بإمام المذهب، وأنه أعلم بالسنة منا.
وجوابنا على هذه الكلمة من وجوه يطول الكلام عليها في هذه المقدمة، ولذلك فإني أقتصر على وجه واحد منها، وهو جواب فاصل بإذن الله، فأقول: ليس إمام مذهبكم فقط هو أعلم منكم بالسنة، بل هناك عشرات -بل مئات- الأئمة هم أعلم أيضا منكم بالسنة، فإذا جاءت السنة الصحيحة على خلاف مذهبكم -وكان قد أخذ بها أحد من أولئك الأئمة- فالأخذ بها -والحالة هذه- حتم لازم عندكم، لأن كلمتكم المذكورة لا تنفق هنا، فإن مخالفكم سيقول لكم معارضا، إنما أخذنا بهذه السنة ثقة منا بالإمام الذي أخذ بها، فاتباعه أولى من اتباع الإمام الذي خالفها. وهذا بين لا يخفى على أحد إن شاء الله تعالى. (1)
__________
(1) مقدمة صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - (70-72).(1/324)
- ومن الشبه التي ردها رحمه الله قال: قال بعضهم: "لا شك أن الرجوع إلى هدي نبينا - صلى الله عليه وسلم - في شؤون ديننا أمر واجب، لا سيما فيما كان منها عبادة محضة لا مجال للرأي والاجتهاد فيها، لأنها توقيفية، كالصلاة مثلا، ولكننا لا نكاد نسمع أحدا من المشايخ المقلدين يأمر بذلك، بل نجدهم يقرون الاختلاف، ويزعمون أنه توسعة على الأمة، ويحتجون على ذلك بحديث -طالما كرروه في مثل هذه المناسبة رادين به على أنصار السنة- "اختلاف أمتي رحمة"، فيبدو لنا أن هذا الحديث يخالف المنهج الذي تدعو إليه، وألفت كتابك هذا وغيره عليه، فما قولك في هذا الحديث؟".
والجواب من وجهين:
الأول: أن الحديث لا يصح، بل هو باطل لا أصل له، قال العلامة السبكي: "لم أقف له على سند صحيح، ولا ضعيف، ولا موضوع".
قلت: وإنما روي بلفظ: "اختلاف أصحابي لكم رحمة". و"أصحابي كالنجوم، فبأيهم اقتديتم اهتديتم" (1) .
وكلاهما لا يصح: الأول واه جدا، والآخر موضوع، وقد حققت القول في ذلك كله في 'سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة' (رقم 58و59و61).
__________
(1) تقدم تخريجه في مواقف أبي عثمان الصابوني سنة (449هـ).(1/325)
الثاني: أن الحديث مع ضعفه مخالف للقرآن الكريم، فإن الآيات الواردة فيه -في النهي عن الاختلاف في الدين، والأمر بالاتفاق فيه- أشهر من أن تذكر، ولكن لا بأس من أن نسوق بعضها على سبيل المثال، قال الله تعالى: وَلَا { تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } (1) ، وقال: وَلَا { تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } (32) (2) ، وقال: وَلَا { يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } (3) ، فإذا كان من رحم ربك لا يختلفون، وإنما يختلف أهل الباطل، فكيف يعقل أن يكون الاختلاف رحمة؟
فثبت أن هذا الحديث لا يصح، لا سندا ولا متنا، وحينئذ يتبين بوضوح أنه لا يجوز اتخاذه شبهة للتوقف عن العمل بالكتاب والسنة الذي أمر به الأئمة. (4)
- وقال رحمه الله تعقيبا على حديث: "إن من المؤمنين من يلين لي قلبه" (5) : ومعنى (يلين لي قلبه) أي يسكن ويميل إلي بالمودة والمحبة. والله أعلم. وليس ذلك إلا بإخلاص الاتباع له - صلى الله عليه وسلم - دون سواه من البشر، لأن الله تعالى جعل ذلك وحده دليلا على حبه عز وجل، فقال: قُلْ { إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } (6) .
__________
(1) الأنفال الآية (46).
(2) الروم الآيتان (31و32).
(3) هود الآيتان (118و119).
(4) مقدمة صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - (58-60).
(5) أحمد (5/267) والطبراني في الكبير (8/103/7499). وذكره الهيثمي في المجمع (1/63) وقال: "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح". وفي المجمع أيضا (10/276) وقال: "رواه الطبراني ورجاله وثقوا".
(6) آل عمران الآية (31).(1/326)
أفلم يأن للذين يزعمون حبه - صلى الله عليه وسلم - في أحاديثهم وأناشيدهم، أن يرجعوا إلى التمسك بهذا الحب الصادق الموصل إلى حب الله تعالى، ولا يكونوا كالذي قال فيه الشاعر:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ... هذا لعمرك في القياس بديع
لوكان حبك صادقا لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيع (1)
موقفه من المشركين:
- قال رحمه الله في فقه حديث: "أجعلتني مع الله عدلا" (2) : وفي هذه الأحاديث أن قول الرجل لغيره: "ما شاء الله وشئت" يعد شركا في الشريعة، وهو من شرك الألفاظ، لأنه يوهم أن مشيئة العبد في درجة مشيئة الرب سبحانه وتعالى، وسببه القرن بين المشيئتين، ومثل ذلك قول بعض العامة وأشباههم ممن يدعي العلم: "ما لي غير الله وأنت"، و"توكلنا على الله وعليك"، ومثله قول بعض المحاضرين: "باسم الله والوطن"، أو "باسم الله والشعب"، ونحو ذلك من الألفاظ الشركية التي يجب الانتهاء عنها والتوبة منها، أدبا مع الله تبارك وتعالى.
__________
(1) الصحيحة (3/87/1095)
(2) أحمد (1/214) والبخاري في الأدب المفرد (783) والنسائي في الكبرى (6/245/10825) وابن ماجه (1/684/2117) وليس فيه: أجعلتني مع الله عدلا. من طريق الأجلح عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس مرفوعا. قال البوصيري في الزوائد: "في إسناده الأجلح بن عبدالله، مختلف فيه".
وضعفه الإمام أحمد وأبو حاتم والنسائي وأبو داود وابن سعد. ووثقه ابن معين ويعقوب بن سفيان والعجلي. وباقي رجال الإسناد ثقات. وقال ابن حجر في التقريب: "صدوق شيعي". والحديث حسن إسناده الشيخ الألباني في الصحيحة (139).(1/327)
ولقد غفل عن هذا الأدب الكريم كثير من العامة، وغير قليل من الخاصة الذين يسوغون النطق بمثل هذه الشركيات، كمناداتهم غير الله في الشدائد، والاستنجاد بالأموات من الصالحين، والحلف بهم من دون الله تعالى، والإقسام بهم على الله عز وجل، فإذا ما أنكر ذلك عليهم عالم بالكتاب والسنة، فإنهم بدل أن يكونوا معه عونا على إنكار المنكر، عادوا بالإنكار عليه، وقالوا: إن نية أولئك المنادين غير الله طيبة، وإنما الأعمال بالنيات كما جاء في الحديث (1) .
فيجهلون أو يتجاهلون -إرضاء للعامة- أن النية الطيبة وإن وجدت عند المذكورين، فهي لا تجعل العمل السيء صالحا، وأن معنى الحديث المذكور إنما الأعمال الصالحة بالنيات الخالصة، لا أن الأعمال المخالفة للشريعة تنقلب إلى أعمال صالحة مشروعة بسبب اقتران النية الصالحة بها، ذلك ما لا يقوله إلا جاهل أو مغرض، ألا ترى أن رجلا لو صلى تجاه القبر، لكان ذلك منكرا من العمل، لمخالفته للأحاديث والآثار الواردة في النهي عن استقبال القبر بالصلاة، فهل يقول عاقل: إن الذي يعود إلى الاستقبال -بعد علمه بنهي الشرع عنه- إن نيته طيبة وعمله مشروع؟ كلا ثم كلا، فكذلك هؤلاء الذين يستغيثون بغير الله تعالى، وينسونه تعالى في حالة هم أحوج ما يكونون فيها إلى عونه ومدده، لا يعقل أن تكون نياتهم طيبة، فضلا عن أن يكون عملهم صالحا، وهم يصرون على هذا المنكر وهم يعلمون. (2)
__________
(1) أحمد (1/25) والبخاري (1/11/1) ومسلم (3/1515-1516/1907) وأبو داود (2/651-652/2201) والترمذي (4/154/1647) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". والنسائي (1/62-63/75) وابن ماجه (2/1413/4227) من حديث عمر.
(2) الصحيحة (1/266-267/139).(1/328)
- وقال رحمه الله تحت حديث: "لا مهدي إلا عيسى": وهذا الحديث تستغله الطائفة القاديانية في الدعوة لنبيهم المزعوم، ميرزا غلام أحمد القادياني الذي ادعى النبوة، ثم ادعى أنه هو عيسى بن مريم المبشر بنزوله في آخر الزمان، وأنه لا مهدي إلا عيسى بناء على هذا الحديث المنكر، وقد راجت دعواه على كثيرين من ذوي الأحلام الضعيفة، شأن كل دعوة باطلة لا تعدم من يتبناها ويدعو إليها. (1)
- وقال رحمه الله: لا يجوز في الشرع أن يقال: فلان خليفة الله. لما فيه من إيهام ما لا يليق بالله تعالى من النقص والعجز، وقد بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقال في الفتاوى (2) : وقد ظن بعض القائلين الغالطين كابن عربي، أن الخليفة هو الخليفة عن الله، مثل نائب الله، والله تعالى لا يجوز له خليفة، ولهذا قالوا لأبي بكر: يا خليفة الله، فقال: "لست بخليفة الله، ولكن خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، حسبي ذلك"، بل هو سبحانه يكون خليفة لغيره، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا، واخلفنا في أهلنا" (3) .
وذلك لأن الله حي شهيد مهيمن قيوم رقيب حفيظ غني عن العالمين، ليس له شريك ولا ظهير، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، والخليفة إنما يكون عند عدم المستخلف بموت أو غيبة، ويكون لحاجة المستخلف، وسمي خليفة لأنه خلف عن الغزو وهو قائم خلفه، وكل هذه المعاني منتفية في حق الله تعالى، وهو منزه عنها، فإنه حي قيوم شهيد لا يموت ولا يغيب... ولا يجوز أن يكون أحد خلفا منه، ولا يقوم مقامه، إنه لا سمي له ولا كفء، فمن جعل له خليفة فهو مشرك به. (4)
__________
(1) الضعيفة (1/176).
(2) 2/461).
(3) أحمد (2/144) والترمذي (5/468/3447) من حديث ابن عمر. وأصله في صحيح مسلم (2/978/1342). وفي الباب عن عبدالله بن سرجس.
(4) الضعيفة (1/197-198/85).(1/329)
- قال رحمه الله تعليقا على حديث: "إن الله عز وجل لما قضى خلقه استلقى.." (1) : الحديث يستشم منه رائحة اليهودية الذين يزعمون أن الله تبارك وتعالى بعد أن فرغ من خلق السموات والأرض استراح، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، وهذا المعنى يكاد يكون صريحا في الحديث فإن الاستلقاء لا يكون إلا من أجل الراحة، سبحانه وتعالى عن ذلك. وأنا أعتقد أن أصل هذا الحديث من الإسرائيليات وقد رأيت في كلام أبي نصر الغازي أنه روي عن كعب الأحبار، فهذا يؤيد ما ذكرته، وذكر أبو نصر أيضا أنه روي موقوفا عن عبدالله بن عباس وكعب بن عجرة، فكأنهما تلقياه -إن صح عنهما- عن كعب كما هو الشأن في كثير من الإسرائيليات، ثم وهم بعض الرواة فرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - . (2)
- وقال رحمه الله تعالى تعقيبا على حديث: "الرقى والتمائم والتولة شرك" (3) : (الرقى): هي هنا كل ما فيه الاستعاذة بالجن، أو لا يفهم معناها، مثل كتابة بعض المشايخ من العجم على كتابهم لفظة (ياكبيكج) لحفظ الكتب من الأرضة زعموا.
و(التمائم): جمع تميمة، وأصلها خرزات تعلقها العرب على رأس الولد لدفع العين، ثم توسعوا فيها، فسموا بها كل عوذة.
__________
(1) رواه الطبراني (19/13/18) والبيهقي في الأسماء والصفات (2/198-199/761) من طريق عبيد بن حنين عن قتادة بن النعمان رضي الله عنه. وقال: "هذا حديث منكر ولم أكتبه إلا من هذا الوجه ... ". وذكره الهيثمي في المجمع (8/100) وقال: "رواه الطبراني عن مشايخ ثلاثة جعفر بن سليمان النوفلي وأحمد بن رشدين المصري وأحمد ابن داود المكي فأحمد بن رشدين ضعيف، والاثنان لم أعرفهما، وبقية رجاله رجال الصحيح". والحديث أورده في الضعيفة (2/177-180/755) وتكلم عليه بكلام نفيس، فانظره هناك.
(2) الضعيفة (2/178/755).
(3) تقدم تخريجه ضمن مواقف عبدالله بن مسعود سنة (32هـ).(1/330)
قلت: ومن ذلك تعليق بعضهم نعل الفرس على باب الدار، أو في صدر المكان، وتعليق بعض السائقين نعلا في مقدمة السيارة أو مؤخرتها، أو الخرز الأزرق على مرآة السيارة التي تكون أمام السائق من الداخل، كل ذلك من أجل العين زعموا.
وهل يدخل في (التمائم) الحجب التي يعلقها بعض الناس على أولادهم أو على أنفسهم إذا كانت من القرآن أو الأدعية الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ للسلف في ذلك قولان، أرجحهما عندي المنع، كما بينته فيما علقته على 'الكلم الطيب' لشيخ الإسلام ابن تيمية (رقم التعليق 34).
و(التولة): بكسر التاء وفتح الواو: ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره، قال ابن الأثير: (جعله من الشرك لاعتقادهم أن ذلك يؤثر ويفعل خلاف ما قدره الله تعالى). (1)
وقال رحمه الله: فائدة: (التميمة): خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم، يتقون بها العين في زعمهم، فأبطلها الإسلام، كما في 'النهاية' لابن الأثير.
قلت: ولا تزال هذه الضلالة فاشية بين البدو والفلاحين وبعض المدنيين، ومثلها الخرزات التي يضعها بعض السائقين أمامهم في السيارة يعلقونها على المرآة، وبعضهم يعلق نعلا عتيقة، في مقدمة السيارة أو في مؤخرتها، وغيرهم يعلقون نعل فرس في واجهة الدار أو الدكان، كل ذلك لدفع العين زعموا، وغير ذلك مما عم وطم بسبب الجهل بالتوحيد، وما ينافيه من الشركيات والوثنيات التي ما بعثت الرسل ولا أنزلت الكتب إلا من أجل إبطالها والقضاء عليها، فإلى الله المشتكى من جهل المسلمين اليوم، وبعدهم عن الدين.
ولم يقف الأمر ببعضهم عند مجرد المخالفة، بل تعداه إلى التقرب بها إلى الله تعالى، فهذا الشيخ الجزولي صاحب 'دلائل الخيرات' يقول في الحزب السابع في يوم الأحد (ص.111 طبع بولاق): "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، ما سجعت الحمائم، وحمت الحوائم، وسرحت البهائم، ونفعت التمائم".
__________
(1) الصحيحة (1/649-650/331).(1/331)
وتأويل الشارح لـ 'الدلائل' بأن "التمائم جمع تميمة، وهي الورقة التي يكتب فيها شيء من الأسماء أو الآيات، وتعلق على الرأس مثلا للتبرك" فمما لا يصح، لأن التمائم عند الإطلاق إنما هي الخرزات، كما سبق عن ابن الأثير، على أنه لو سلم بهذا التأويل، فلا دليل في الشرع على أن التميمة بهذا المعنى تنفع، ولذلك جاء عن بعض السلف كراهة ذلك. (1)
- وقال رحمه الله تعقيبا على حديث: "النشرة من عمل الشيطان" (2) : و(النشرة): الرقية. قال الخطابي: "النشرة: ضرب من الرقية والعلاج، يعالج به من كان يظن به مس الجن".
قلت: يعني الرقى غير المشروعة، وهي ما ليس من القرآن والسنة الصحيحة وهي التي جاء إطلاق لفظ الشرك عليها في غير ما حديث، وقد تقدم بعضها، فانظر مثلا: (331و1066)، وقد يكون الشرك مضمرا في بعض الكلمات المجهولة المعنى، أو مرموزا له بأحرف مقطعة، كما يرى في بعض الحجب الصادرة من بعض الدجاجلة، وعلى الرقى المشروعة يحمل ما علقه البخاري عن قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيب: رجل به طب (أي سحر) أو يؤخذ عن امرأته، أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه.
ووصله الحافظ في الفتح (10/233) من رواية الأثرم وغيره من طرق عن قتادة عنه. ورواية قتادة أخرجها ابن أبي شيبة (8/28) بسند صحيح عنه مختصرا.
__________
(1) الصحيحة (1/890/492).
(2) أحمد (3/294) وعنه أبو داود (4/201/3868) من حديث جابر بن عبدالله وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (10/286) وتعقبه الشيخ الألباني بقوله: "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، غير عقيل بن معقل وهو ابن منبه اليماني، وهو ثقة اتفاقا، فقول الحافظ فيه "صدوق" وبناء عليه اقتصر في الفتح على تحسين إسناده في هذا الحديث، فهو تقصير لا وجه له عندي" الصحيحة (6/612).(1/332)
هذا ولا خلاف عندي بين الأثرين، فأثر الحسن يحمل على الاستعانة بالجن والشياطين والوسائل المرضية لهم كالذبح لهم ونحوه، وهو المراد بالحديث، وأثر سعيد على الاستعانة بالرقى والتعاويذ المشروعة بالكتاب والسنة. وإلى هذا مال البيهقي في 'السنن'، وهو المراد بما ذكره الحافظ عن الإمام أحمد أنه سئل عمن يطلق السحر عن المسحور؟ فقال: "لا بأس به".
وأما قول الحافظ: "ويختلف الحكم بالقصد، فمن قصد بها خيرا، وإلا فهو شر".
قلت: هذا لا يكفي في التفريق، لأنه قد يجتمع قصد الخير مع كون الوسيلة إليه شر، كما قيل في المرأة الفاجرة:
. . . . . . . . . . . . . . ... ليتها لم تزن ولم تتصدق(1/333)
ومن هذا القبيل معالجة بعض المتظاهرين بالصلاح للناس بما يسمونه بـ (الطب الروحاني) سواء كان ذلك على الطريقة القديمة من اتصاله بقرينه من الجن كما كانوا عليه في الجاهلية، أو بطريقة ما يسمى اليوم باستحضار الأرواح، ونحوه عندي التنويم المغناطيسي، فإن ذلك كله من الوسائل التي لا تشرع، لأن مرجعها إلى الاستعانة بالجن التي كانت من أسباب ضلال المشركين كما جاء في القرآن الكريم: وَأَنَّهُ { كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا } (6) (1) أي خوفا وإثما. وادعاء بعض المبتلين بالاستعانة بهم أنهم إنما يستعينون بالصالحين منهم، دعوى كاذبة لأنهم مما لا يمكن -عادة- مخالطتهم ومعاشرتهم، التي تكشف عن صلاحهم أو طلاحهم، ونحن نعلم بالتجربة أن كثيرا ممن تصاحبهم أشد المصاحبة من الإنس، يتبين لك أنهم لا يصلحون، قال تعالى: يَا أَيُّهَا { الَّذِينَ آَمَنُوا إِن مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ } (2) هذا في الإنس الظاهر، فما بالك بالجن الذين قال الله تعالى فيهم: إِنَّهُ { يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ } (3) .اهـ (4)
__________
(1) الجن الآية (6).
(2) التغابن الآية (14).
(3) الأعراف الآية (27).
(4) الصحيحة (6/613-615/2760).(1/334)
- وقال رحمه الله تعليقا على حديث: "من لقي الله لا يشرك به شيئا، يصلي الصلوات الخمس، ويصوم رمضان غفر له..." (1) : وفي هذا الحديث دلالة ظاهرة على أن المسلم لا يستحق مغفرة الله إلا إذا لقي الله عز وجل ولم يشرك به شيئا، ذلك لأن الشرك أكبر الكبائر كما هو معروف في الأحاديث الصحيحة. ومن هنا يظهر لنا ضلال أولئك الذين يعيشون معنا، ويصلون صلاتنا، ويصومون صيامنا، و... ولكنهم يواقعون أنواعا من الشركيات والوثنيات، كالاستغاثة بالموتى من الأولياء والصالحين ودعائهم في الشدائد من دون الله، والذبح لهم والنذر لهم، ويظنون أنهم بذلك يقربونهم إلى الله زلفى، هيهات هيهات. ذَلِكَ { ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ } (27) (2) .
__________
(1) أحمد (5/232) وصحح إسناده الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة (رقم 1315).
(2) ص الآية (27).(1/335)
فعلى كل من كان مبتلى بشيء من ذلك من إخواننا المسلمين أن يبادروا فيتوبوا إلى رب العالمين، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعلم النافع المستقى من الكتاب والسنة. وهو مبثوث في كتب علمائنا رحمهم الله تعالى، وبخاصة منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية، ومن نحا نحوهم، وسار سبيلهم. ولا يصدنهم عن ذلك بعض من يوحي إليهم من الموسوسين بأن هذه الشركيات إنما هي قربات وتوسلات، فإن شأنهم في ذلك شأن من أخبر عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ممن يستحلون بعض المحرمات بقوله: "يسمونها بغير اسمها" (1) ...
هذه نصيحة أوجهها إلى من يهمه أمر آخرته من إخواننا المسلمين المضللين، قبل أن يأتي يوم يحق فيه قول رب العالمين في بعض عباده الأبعدين: وَقَدِمْنَا { إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا } (23) (2) .اهـ (3)
__________
(1) أخرجه: أحمد (5/342) وأبو داود (4/91/3688) وابن ماجه (2/1333/4020) وابن حبان (15/160-161/6758) عن معاوية بن صالح قال: حدثني حاتم بن حريث عن مالك بن أبي مريم قال: دخل علينا عبدالرحمن بن غنم، فتذاكرنا الطلاء، فقال: حدثني أبو مالك الأشعري، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها". وعلقه البخاري في صحيحه (10/63/5590) دون ذكر محل الشاهد، وبوب عليه: (ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه). وللحديث شواهد كثيرة عن جمع من الصحابة: عن عائشة وأبي أمامة وعبادة بن الصامت وغيرهم. وقد صحح بعضها الشيخ الألباني (انظر الصحيحة 90و91و414).
(2) الفرقان الآية (23).
(3) الصحيحة (3/301-302/1315).(1/336)
- وقال رحمه الله: واعلم أن من أذناب هؤلاء الضلال في القول بانتهاء عذاب الكفار الطائفة القاديانية، بل هم قد زادوا في ذلك على إخوانهم الضلال، فذهبوا إلى أن مصير الكفار إلى الجنة، نص على ذلك ابن دجالهم الأكبر محمود بشير بن غلام أحمد في كتاب 'الدعوة الأحمدية'. فمن شاء التأكد من ذلك فليراجعها فإني لم أطلها الآن. (1)
- وقال رحمه الله: طائفة القاديانية اليوم الذين أنكروا بطريق التأويل كثيرا من الحقائق الشرعية المجمع عليها بين الأمة، كقولهم ببقاء النبوة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - متأسين في ذلك بنبيهم ميرزا غلام أحمد، ومن قبله ابن عربي في 'الفتوحات المكية'، وتأولوا قوله تعالى: وَلَكِنْ { رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ } (2) بأن المعنى زينة النبيين وليس آخرهم! وقوله - صلى الله عليه وسلم - : "لا نبي بعدي" (3) بقولهم: أي معي! وأنكروا وجود الجن مع تردد ذكرهم في القرآن الكريم، فضلا عن السنة وتنوع صفاتهم فيهما، وزعموا أنهم طائفة من البشر! إلى غير ذلك من ضلالاتهم، وكلها من بركات التأويل الذي أخذ به الخلف في آية الاستواء وغيرها من آيات الصفات. (4)
__________
(1) الضعيفة (2/73/607).
(2) الأحزاب الآية (40).
(3) أحمد (1/182-183) والبخاري (8/141/4416) ومسلم (4/1870/2404) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
(4) مختصر العلو (ص.32).(1/337)
- وقال رحمه الله تعالى تعقيبا على الحديث الموضوع في توسل آدم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - (1) : هذا وإن من الآثار السيئة التي تركتها هذه الأحاديث الضعيفة في التوسل، أنها صرفت كثيرا من الأمة عن التوسل المشروع إلى التوسل المبتدع، ذلك لأن العلماء متفقون -فيما أعلم- على استحباب التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه، أو صفة من صفاته تعالى، وعلى توسل المتوسل إليه تعالى بعمل صالح قدمه إليه عز وجل.
__________
(1) أخرجه الحاكم (2/615) وعنه البيهقي في الدلائل (5/488-489) والطبراني في الأوسط (7/259/6498) وفي الصغير (2/355/971) كلهم من طريق عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب مرفوعا. قال الحاكم: "صحيح الإسناد وهو أول حديث ذكرته لعبدالرحمن بن زيد بن أسلم وتعقبه الذهبي بقوله: بل هو موضوع، وعبدالرحمن واه". وقال البيهقي: "تفرد به عبدالرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف". قال الهيثمي في المجمع (8/253): "وفيه من لم أعرفهم". وقال ابن تيمية في القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة من مجموع الفتاوى (1/254-255): "ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أنكر عليه، فإنه نفسه قد قال في كتابه 'المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم' عبدالرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة، لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه". انظر الضعيفة للشيخ الألباني (25).(1/338)
ومهما قيل في التوسل المبتدع، فإنه لا يخرج عن كونه أمرا مختلفا فيه، فلو أن الناس أنصفوا لانصرفوا عنه، احتياطا، وعملا بقوله - صلى الله عليه وسلم - : "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" (1) إلى العمل بما أشرنا إليه من التوسل المشروع، ولكنهم -مع الأسف- أعرضوا عن هذا، وتمسكوا بالتوسل المختلف فيه كأنه من الأمور اللازمة التي لا بد منها، ولازموها ملازمتهم للفرائض، فإنك لا تكاد تسمع شيخا أو عالما يدعو بدعاء يوم الجمعة وغيره إلا ضمنه التوسل المبتدع، وعلى العكس من ذلك، فإنك لا تكاد تسمع أحدهم يتوسل بالتوسل المستحب، كأن يقول مثلا: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، المنان، يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي، يا قيوم، إني أسألك... مع أن فيه الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى، كما قال - صلى الله عليه وسلم - فيما صح عنه (2) .
فهل سمعت أيها القارئ الكريم أحدا يتوسل بهذا أو بغيره مما في معناه؟ أما أنا فأقول آسفا: إنني لم أسمع ذلك، وأظن أن جوابك سيكون كذلك، فما السبب في هذا؟ ذلك هو من آثار انتشار الأحاديث الضعيفة بين الناس، وجهلهم بالسنة الصحيحة، فعليكم بها أيها المسلمون علما وعملا، تهتدوا وتعزوا.
__________
(1) أحمد (1/200) والترمذي (4/576-577/2518) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". والنسائي (8/732/5727) وابن حبان (2/498/722 الإحسان) والحاكم (2/13) من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما، وصححه ووافقه الذهبي.
(2) أخرجه أحمد (3/158و245) وأبو داود (2/167-168/1495) والترمذي (5/514/3544) والنسائي (3/59-60/1299) وابن ماجة (2/1268/3858) من حديث أنس. وصححه ابن حبان (3/175/893) والحاكم (1/503-504) ووافقه الذهبي.(1/339)
وبعد طبع ما تقدم اطلعت على رسالة في جواز التوسل المبتدع لأحد مشايخ الشمال المتهورين، متخمة بالتناقض الدال على الجهل البالغ، وبالضلال والأباطيل والتأويلات الباطلة والافتراء على العلماء، بل الإجماع. مثل تجويز الاستغاثة بالموتى، والنذر لهم، وزعمه أن توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية متلازمان، وغير ذلك مما لا يقول به عالم مسلم. (1)
- وقال رحمه الله تعقيبا على حديث: "توسلوا بجاهي، فإن جاهي عند الله عظيم" (2) : لا أصل له. وقد نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في 'القاعدة الجليلة'. ومما لا شك فيه أن جاهه - صلى الله عليه وسلم - ومقامه عند الله عظيم، فقد وصف الله تعالى موسى بقوله: وَكَانَ { عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا } (69) (3) ، ومن المعلوم أن نبينا محمدا - صلى الله عليه وسلم - أفضل من موسى، فهو بلا شك أوجه منه عند ربه سبحانه وتعالى، ولكن هذا شيء، والتوسل بجاهه - صلى الله عليه وسلم - شيء آخر، فلا يليق الخلط بينهما كما يفعل بعضهم، إذ إن التوسل بجاهه - صلى الله عليه وسلم - يقصد به من يفعله أنه أرجى لقبول دعائه، وهذا أمر لا يمكن معرفته بالعقل، إذ إنه من الأمور الغيبية التي لا مجال للعقل في إدراكها، فلا بد فيه من النقل الصحيح الذي تقوم به الحجة، وهذا مما لا سبيل إليه البتة، فإن الأحاديث الواردة في التوسل به - صلى الله عليه وسلم - تنقسم إلى قسمين: صحيح، وضعيف.
__________
(1) الضعيفة (1/94-95/25).
(2) ذكره شيخ الإسلام في القاعدة الجليلة (ص.129) وقال: "هذا الحديث كذب ليس في شيء من كتب المسلمين التي يعتمد عليها أهل الحديث، ولا ذكره أحد من أهل العلم بالحديث".
(3) الأحزاب الآية (69).(1/340)
أما الصحيح: فلا دليل فيه البتة على المدعى، مثل توسلهم به - صلى الله عليه وسلم - في الاستسقاء (1) ، وتوسل الأعمى به - صلى الله عليه وسلم - (2) ، فإنه توسل بدعائه - صلى الله عليه وسلم - ، لا بجاهه ولا بذاته - صلى الله عليه وسلم - ، ولما كان التوسل بدعائه - صلى الله عليه وسلم - بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى غير ممكن، كان بالتالي التوسل به - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته غير ممكن، وغير جائز.
__________
(1) أحمد (3/271) والبخاري (2/636-637/1013) ومسلم (2/612-613/897) وأبو داود (1/693-694/1174) والنسائي (3/177-178/1514) من حديث أنس.
(2) أحمد (4/138) والترمذي (5/531/3578) وابن ماجه (1/441/1385) والنسائي في الكبرى (6/169/10495) عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن عثمان بن حنيف: أن رجلا ضرير البصر أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ادع الله لي أن يعافيني، فقال: "إن شئت أخرت لك وهو خير، وإن شئت دعوت" فقال: ادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: "اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بمحمد نبي الرحمة، يا محمد إني قد توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى، اللهم فشفعه في". وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، من حديث أبي جعفر وهو الخطمي". وصححه الحاكم (1/313) وقال: "على شرط الشيخين" ووافقه الذهبي.(1/341)
ومما يدلك على هذا أن الصحابة رضي الله عنهم لما استسقوا في زمن عمر، توسلوا بعمه - صلى الله عليه وسلم - العباس، ولم يتوسلوا به - صلى الله عليه وسلم - ، وما ذلك إلا لأنهم يعلمون معنى التوسل المشروع، وهو ما ذكرناه من التوسل بدعائه - صلى الله عليه وسلم - ، ولذلك توسلوا بعده - صلى الله عليه وسلم - بدعاء عمه، لأنه ممكن ومشروع، وكذلك لم ينقل أن أحدا من العميان توسل بدعاء ذلك الأعمى، ذلك لأن السر ليس في قول الأعمى: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة..."، وإنما السر الأكبر في دعائه - صلى الله عليه وسلم - له كما يقتضيه وعده - صلى الله عليه وسلم - إياه بالدعاء له، ويشعر به قوله في دعائه: "اللهم فشفعه في"، أي: اقبل شفاعته - صلى الله عليه وسلم - ، أي: دعاءه في. "وشفعني فيه"، أي: اقبل شفاعتي. أي: دعائي في قبول دعائه - صلى الله عليه وسلم - في.
فموضوع الحديث كله يدور حول الدعاء، كما يتضح للقارئ الكريم بهذا الشرح الموجز، فلا علاقة للحديث بالتوسل المبتدع، ولهذا أنكره الإمام أبو حنيفة، فقال: "أكره أن يسأل الله إلا بالله"، كما في 'الدر المختار'، وغيره من كتب الحنفية.
وأما قول الكوثري في 'مقالاته' (ص.381): "وتوسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكور في أوائل تاريخ الخطيب بسند صحيح".
فمن مبالغاته، بل مغالطاته، فإنه يشير بذلك إلى ما أخرجه الخطيب (1/123) من طريق عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال: نبأنا علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول: "إني لأتبرك بأبي حنيفة، وأجيء إلى قبره في كل يوم -يعني زائرا- فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين، وجئت إلى قبره، وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عني حتى تقضى".(1/342)
فهذه رواية ضعيفة، بل باطلة، فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف، وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال، ويحتمل أن يكون هو "عمرو -بفتح العين- ابن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد التونسي"، وقد ترجمه الخطيب (12/226)، وذكر أنه بخاري قدم بغداد حاجا سنة (341)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فهو مجهول الحال، ويبعد أن يكون هو هذا، إذ إن وفاة شيخه علي بن ميمون سنة (247) على أكثر الأقوال، فبين وفاتيهما نحو مائة سنة، فيبعد أن يكون قد أدركه.
وعلى كل حال، فهي رواية ضعيفة لا يقوم على صحتها دليل، وقد ذكر شيخ الإسلام في 'اقتضاء الصراط المستقيم' معنى هذه الرواية، ثم أثبت بطلانها، فقال (ص.165): هذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار عند من له معرفة بالنقل، فالشافعي لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة، بل ولم يكن هذا على عهد الشافعي معروفا، وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء، فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عنده؟ ثم إن أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف، ومحمد، وزفر، والحسن بن زياد، وطبقتهم، لم يكونوا يتحرون الدعاء، لا عند أبي حنيفة، ولا غيره، ثم قد تقدم عن الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور المخلوقين، خشية الفتنة بها، وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه، وإما أن يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف".
وأما القسم الثاني من أحاديث التوسل، فهي أحاديث ضعيفة، تدل بظاهرها على التوسل المبتدع، فيحسن بهذه المناسبة التحذير منها، والتنبيه عليها. (1)
__________
(1) الضعيفة (1/76-79/22).(1/343)
- وقال رحمه الله: قوله - صلى الله عليه وسلم - : "استغاثوا بآدم" (1) ، أي: طلبوا منه عليه السلام أن يدعو لهم، ويشفع لهم عند الله تبارك وتعالى. والأحاديث بهذا المعنى كثيرة معروفة في الصحيحين وغيرهما.
وليس فيه جواز الاستغاثة بالأموات، كما يتوهم كثير من المبتدعة الأموات. بل هو من باب الاستغاثة بالحي فيما يقدر عليه، كما في قوله تعالى: فَاسْتَغَاثَهُ { الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ } عَدُوِّهِ (2) الآية.
__________
(1) البخاري (3/431/1474-1475) ومسلم (2/720/1040(104)) مختصرا بدون لفظ: "..استغاثوا بآدم ... " من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم". وقال: "إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن. فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم، ثم بموسى، ثم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ". وزاد عبدالله: حدثني الليث حدثني ابن أبي جعفر "فيشفع ليقضى بين الخلق، فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب. فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا يحمده أهل الجمع كلهم".
(2) القصص الآية (15).(1/344)
ومن الواضح البين أنه لا يجوز -مثلا- أن يقول الحي القادر للمقيد العاجز: أعني. فالميت الذي يستغاث به من دونه تعالى أعجز منه، فمن خالف، فهو إما أحمق مهبول، أو مشرك مخذول، لأنه يعتقد في ميته أنه سميع بصير، وعلى كل شيء قدير، وهنا تكمن الخطورة، لأنه الشرك الأكبر، وهو الذي يخشاه أهل التوحيد على هؤلاء المستغيثين بالأموات من دون الله تبارك وتعالى، وهو القائل: إِنَّ { الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } (1) ، وقال: وَالَّذِينَ { تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } (14) (2) .اهـ (3)
موقفه من الرافضة:
__________
(1) الأعراف الآيتان (194و195).
(2) فاطر الآيتان (13و14).
(3) الصحيحة (5/191/2460).(1/345)
- قال رحمه الله عقب إيراده أحاديث سبب نزول قول الله تعالى: * { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } (67) (1) : واعلم أن الشيعة يزعمون -خلافا للأحاديث المتقدمة- أن الآية المذكورة نزلت يوم غدير (خم) في علي رضي الله عنه، ويذكرون في ذلك روايات عديدة مراسيل ومعاضيل أكثرها، ومنها عن أبي سعيد الخدري، ولا يصح عنه كما حققته في 'الضعيفة (4922)'، والروايات الأخرى أشار إليها عبد الحسين الشيعي في 'مراجعاته (ص.38)' دون أي تحقيق في أسانيدها كما هي عادته في كل أحاديث كتابه، لأن غايته حشد كل ما يشهد لمذهبه، سواء صح أم لم يصح على قاعدتهم: "الغاية تبرر الوسيلة"، فكن منه ومن رواياته على حذر، وليس هذا فقط، بل هو يدلس على القراء -إن لم أقل يكذب عليهم- فإنه قال في المكان المشار إليه في تخريج [حديث] أبي سعيد هذا المنكر، بل الباطل: "أخرجه غير واحد من أصحاب السنن، كالإمام الواحدي ... ".
ووجه كذبه أن المبتدئين في هذا العلم يعلمون أن الواحدي ليس من أصحاب السنن الأربعة، وإنما هو مفسر، يروي بأسانيده ما صح وما لم يصح، وحديث أبي سعيد هذا مما لم يصح، فقد أخرجه من طريق فيه متروك شديد الضعف؛ كما هو مبين في المكان المشار إليه من 'الضعيفة'.
وهذه من عادة الشيعة قديما وحديثا؛ أنهم يستحلون الكذب على أهل السنة، عملا في كتبهم وخطبهم، بعد أن صرحوا باستحلالهم للتقية، كما صرح بذلك الخميني في كتابه 'كشف الأسرار (ص.147-148)'، وليس يخفى على أحد أن التقية أخت الكذب، ولذلك قال أعرف الناس بهم؛ شيخ الإسلام ابن تيمية: "الشيعة أكذب الطوائف".
__________
(1) المائدة الآية (67).(1/346)
وأنا شخصيا قد لمست كذبهم لمس اليد في بعض مؤلفيهم، وبخاصة عبد الحسين هذا، والشاهد بين يديك، فإنه فوق كذبته المذكورة، أوهم القراء أن الحديث عند أهل السنة من المسلمات بسكوته عن علته، وادعائه كثرة طرقه، فقد كان أصرح منه في الكذب الخميني؛ فإنه صرح في الكتاب المذكور (ص.149) أن آية العصمة نزلت يوم غديرخم بشأن إمامة علي بن أبي طالب باعتراف أهل السنة واتفاق الشيعة، كذا قال عامله الله بما يستحق. (1)
- وقال رحمه الله تحت حديث: "إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله، وعترتي أهل بيتي" (2) : واعلم أيها القارئ الكريم أن من المعروف أن الحديث مما يحتج به الشيعة، يلهجون بذلك كثيرا، حتى يتوهم بعض أهل السنة أنهم مصيبون في ذلك، وهم جميعا واهمون في ذلك، وبيانه من وجهين:
__________
(1) الصحيحة (5/645-646).
(2) الترمذي (5/621/3786) والطبراني (3/63/2680) عن جابر بن عبدالله. وقال الترمذي: "حديث حسن غريب من هذا الوجه".(1/347)
الأول: أن المراد من الحديث في قوله - صلى الله عليه وسلم - : "عترتي" أكثر مما يريده الشيعة، ولا يرده أهل السنة، بل هم مستمسكون به، ألا وهو أن العترة فيه هم أهل بيته - صلى الله عليه وسلم - ، وقد جاء موضحا في بعض طرقه، كحديث الترجمة "وعترتي أهل بيتي" وأهل بيته في الأصل هم نساؤه - صلى الله عليه وسلم - ، وفيهن الصديقة عائشة رضي الله عنهن جميعا، كما هو صريح قوله تعالى في الأحزاب: إِنَّمَا { يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } (33) (1) بدليل الآية التي قبلها والتي بعدها يَا نِسَاءَ { النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } (34) (2) ، وتخصيص الشيعة أهل البيت في الآية بعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم دون نسائه - صلى الله عليه وسلم - من تحريفهم لآيات الله تعالى انتصارا لأهوائهم، كما هو مشروح في موضعه، وحديث الكساء وما في معناه غاية ما فيه توسيع دلالة الآية، ودخول علي وأهله فيها كما بينه الحافظ ابن كثير وغيره، وكذلك حديث العترة قد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المقصود أهل بيته - صلى الله عليه وسلم - بالمعنى الشامل لزوجاته وعلي وأهله.
__________
(1) الأحزاب الآية (33).
(2) الأحزاب الآيات (32-34).(1/348)
ولذلك قال التوربشتي كما في المرقاة (5/600): "عترة الرجل أهل بيته ورهطه الأدنون، ولاستعمالهم العترة على أنحاء كثيرة، بينها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "أهل بيتي" ليعلم أنه أراد بذلك نسله وعصابته الأدنين وأزواجه".
والوجه الآخر: أن المقصود من أهل البيت إنما هم العلماء الصالحون منهم، والمتسمكون بالكتاب والسنة. قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى: "العترة هم أهل بيته - صلى الله عليه وسلم - الذين هم على دينه وعلى التمسك بأمره" وذكر نحوه الشيخ علي القاري في الموضع المشار إليه آنفا. ثم استظهر أن الوجه في تخصيص أهل البيت بالذكر ما أفاده بقوله: "إن أهل البيت غالبا يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله، فالمراد بهم أهل العلم منهم المطلعون على سيرته، الواقفون على طريقته العارفون بحكمه وحكمته، وبهذا يصلح أن يكون مقابلا لكتاب الله سبحانه، كما قال: وَيُعَلِّمُهُمُ { الْكِتَابَ } وَالْحِكْمَةَ (1) قلت: ومثله قوله تعالى في خطاب أزواجه - صلى الله عليه وسلم - في آية التطهير المتقدمة: وَاذْكُرْنَ { مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ } فتبين أن المراد بأهل البيت المتمسكون منهم بسنته - صلى الله عليه وسلم - فتكون هي المقصودة بالذات في الحديث. (2)
__________
(1) الجمعة الآية (2).
(2) الصحيحة (4/359-360).(1/349)
- وقال رحمه الله: ثم إن روح التشيع واضح من الحديث (1) ، فإن من الثابت عند أهل السنة أن فضل الخلفاء الأربعة على ترتيبهم المعروف، فأفضلهم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم أجمعين، وهذا التفضيل، ثابت عن علي نفسه، بل وفي زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا لا يعدلون بأبي بكر أحدا كما في البخاري وغيره، فكيف يمكن أن يقول: "وعلي سيد العرب"، فلا شك أن هذا من وضع الشيعة. ونحن نشم رائحة التشيع من هذا الغماري وإخوته من كتاباتهم، حتى إن أحدهم ألف رسالة خاصة في توثيق الحارث الأعور الشيعي، والله المستعان. (2)
موقفه من الصوفية:
- قال رحمه الله: وأما قول العامة وكثير من الخاصة: الله موجود في كل مكان، أو في كل الوجود، ويعنون بذاته، فهو ضلال بل هو مأخوذ من القول بوحدة الوجود، الذي يقول به غلاة الصوفية الذين لا يفرقون بين الخالق والمخلوق ويقول كبيرهم: كل ما تراه بعينك فهو الله! تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. (3)
__________
(1) أي حديث "أنا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب".
(2) بداية السول (ص.28).
(3) الصحيحة (3/38/1046).(1/350)
- وقال رحمه الله تعقيبا على ما أثر عن عمر رضي الله عنه من قوله يا سارية الجبل: "ومما لا شك فيه، أن النداء المذكور إنما كان إلهاما من الله تعالى لعمر، وليس ذلك بغريب عنه، فإنه "محدث" كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (1) ، ولكن ليس فيه أن عمر كشف له حال الجيش، وأنه رآهم رأي العين، فاستدلال بعض المتصوفة بذلك على ما يزعمونه من الكشف للأولياء، وعلى إمكان اطلاعهم على ما في القلوب من أبطل الباطل، كيف لا وذلك من صفات رب العالمين، المنفرد بعلم الغيب والاطلاع على ما في الصدور. وليت شعري كيف يزعم هؤلاء ذلك الزعم الباطل والله عز وجل يقول في كتابه: عَالِمُ { الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ } رَسُولٍ (2) .
فهل يعتقدون أن أولئك الأولياء رسل من رسل الله حتى يصح أن يقال إنهم يطلعون على الغيب بإطلاع الله إياهم، سبحانك هذا بهتان عظيم. (3)
__________
(1) تقدم تخريجه قريبا.
(2) الجن الآيتان (26و27).
(3) الصحيحة (3/102/1110).(1/351)
- وقال رحمه الله: إذا عرفت ما سبق بيانه أن حب الله لا ينال إلا باتباع نبيه - صلى الله عليه وسلم - فاحرص إذا على اتباع سنته كل الحرص، وأنفق في سبيل ذلك كل جهاد ونفس، ولا تغتر بما عليه بعض الضالين المغرورين، من المتصوفة واللاهين، الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا، ونشيدا ونغما، يزعمون أنهم بذلك يرضون محمدا - صلى الله عليه وسلم - ، بما يسمونه بالأناشيد الدينية، ويكثرون منها في أذكارهم واجتماعاتهم التي يعقدونها في بعض الأعياد البدعية، كعيد المولد ونحوه، فإنهم -والله- لفي ضلال مبين، وعن الحق متنكبين، كيف لا وهم قد خلطوا الدين الحق باللهو الباطل، وقلدوا المغنين الماجنين، في موازينهم وأنغامهم الموسيقية، ويلتزمون في كل ذلك طرائقهم المميتة للقلوب، الصادة عن ذكر الله وتلاوة القرآن، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن" (1)
__________
(1) البخاري (13/612/7527) من طريق أبي عاصم عن ابن جريج عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا. قال الدارقطني في الإلزامات والتتبع (ص127-128): "وهذا يقال إن أبا عاصم وهم فيه. والصواب ما رواه الزهري ومحمد بن إبراهيم ويحيى بن أبي كثير ومحمد بن عمرو وغيرهم عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ما أذن الله لشيء أذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به". وقول أبي عاصم وهم وقد رواه عقيل ويونس وعمرو بن الحارث وعمرو بن دينار وعمرو بن عطية وإسحاق بن راشد ومعمر وغيرهم عن الزهري بخلاف ما رواه أبو عاصم عن ابن جريج. وقال أبو بكر النيسابوري: قول أبي عاصم فيه: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن"، وهم من أبي عاصم لكثرة من رواه عنه هكذا". وتابعه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (1/395) على توهيم رواية أبي عاصم النبيل. والحديث أخرجه: أحمد (1/175) وأبو داود (2/155-156/1469) والحاكم (1/569) وصححه، ووافقه الذهبي..وابن حبان (1/326-327/120 الإحسان) عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عبدالله بن أبي نهيك عن سعد بن أبي وقاص.(1/352)
لا سيما وأنهم قد يضيفون إلى ذلك بعض الآلات الموسيقية، أو التصفيق بالأكف لتتم المشابهة بين الفريقين، ولذلك تذيعها بعض الإذاعات الأجنبية، فضلا عن الإذاعات العربية، إرضاء للناس باسم الذكر أو الأناشيد الدينية ومن المؤسف أن بعض الإذاعات الإسلامية بدأت تحذو حذوها. والله المستعان.
وقد بلغني أن بعض محطات الرائي (التلفزيون) عرضت شيئا من هذا على أنه الإسلام الذي يدعو إليه من سمتهم بالمسلمين الحنفاء.
وإن نسيت فلن أنسى أنني حضرت قديما في مركز لبعض الجماعات الإسلامية، وإذا بي أفاجأ بسماع صوت تلحين للأذان بآلة موسيقية فسألت عن الخبر؟ فقيل: هؤلاء بعض الشباب المسلم من بعض البلاد العربية نزلوا ضيوفا على الجماعة، وأحدهم يسمعهم الأذان ملحنا تلحينا موسيقيا، وهذا مما نسمعه اليوم من بعض الإذاعات الإسلامية كثيرا وما أحسن ما قاله ابن القيم رحمه الله بهذه المناسبة في 'إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان' (1) :
برئنا إلى الله من معشر ... بهم مرض من سماع الغنا
وكم قلت: يا قوم أنتم على ... شفا جرف ما به من بنا
شفا جرف تحت هوة ... إلى درك كم به من عنا
وتكرار في النصح منا لهم ... لنعذر فيهم إلى ربنا
فلما استهانوا بتنبيهنا ... رجعنا إلى الله في أمرنا
فعشنا على سنة المصطفى ... وماتوا على تنتنا تنتنا (2)
- وقال رحمه الله تحت حديث: "حسبي من سؤالي علمه بحالي": لا أصل له. أورده بعضهم من قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهو من الإسرائيليات، ولا أصل له في المرفوع، وقد ذكره البغوي في تفسير سورة الأنبياء مشيرا لضعفه، فقال: "روي عن كعب الأحبار أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام... لما رموا به في المنجنيق إلى النار استقبله جبريل، فقال: يا إبراهيم ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا. قال جبريل: فسل ربك. فقال إبراهيم: حسبي من سؤالي علمه بحالي".
__________
(1) 1/226).
(2) بداية السول في تفضيل الرسول (ص.9-11).(1/353)
وقد أخذ هذا المعنى بعض من صنف في الحكمة على طريقة الصوفية، فقال: "سؤالك منه -يعني الله تعالى- اتهام له".
وهذه ضلالة كبرى فهل كان الأنبياء صلوات الله عليهم متهمين لربهم حين سألوه مختلف الأسئلة؟ فهذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام يقول: رَبَّنَا { إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) } رَبَّنَا (1) إلى آخر الآيات، وكلها أدعية، وأدعية الأنبياء في الكتاب والسنة لا تكاد تحصى، والقائل المشار إليه قد غفل عن كون الدعاء الذي هو تضرع والتجاء إلى الله تعالى عبادة عظيمة، بغض النظر عن ماهية الحاجة المسؤولة، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - : "الدعاء هو العبادة". ثم تلا قوله تعالى: وَقَالَ { رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } (60) (2) . (3) اهـ (4)
__________
(1) إبراهيم الآيتان (37و38).
(2) غافر الآية (60).
(3) أحمد (4/267) وأبو داود (2/161/1479) والترمذي (5/194-195/2969) وقال: "حديث حسن صحيح". والنسائي في الكبرى (6/450/11464) وابن ماجه (2/1258/3828) وابن حبان (3/172/890) والحاكم (1/490-491) وصححه، ووافقه الذهبي. عن النعمان بن بشير.
(4) الضعيفة (1/74-75/21).(1/354)
- وقال رحمه الله تحت حديث: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" (1) : وأما قول الشعراني في الميزان (1/28): "وهذا الحديث، وإن كان فيه مقال عند المحدثين، فهو صحيح عند أهل الكشف"، فباطل وهراء لا يلتفت إليه، ذلك لأن تصحيح الأحاديث من طريق الكشف بدعة صوفية مقيتة، والاعتماد عليها يؤدي إلى تصحيح أحاديث باطلة لا أصل لها، كهذا الحديث، لأن الكشف أحسن أحواله -إن صح- أن يكون كالرأي، وهو يخطىء ويصيب، وهذا إن لم يداخله الهوى، نسأل الله السلامة منه، ومن كل ما لا يرضيه. (2)
موقفه من الجهمية:
- قال رحمه الله في معرض كلامه على حديث: "الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" (3) : فائدة: قوله في هذا الحديث: "في": هو بمعنى "على" كما في قوله تعالى: قُلْ { سِيرُوا فِي } الْأَرْضِ (4) ، فالحديث من الأدلة الكثيرة على أن الله تعالى فوق المخلوقات كلها، وفي ذلك ألف الحافظ الذهبي كتابه 'العلو للعلي العظيم'، وقد انتهيت من اختصاره قريبا، ووضعت له مقدمة ضافية، وخرجت أحاديثه وآثاره، ونزهته من الأخبار الواهية. وقد يسر الله طبعه، والحمد لله. (5)
__________
(1) ابن عبدالبر في الجامع (2/925) وابن حزم في الإحكام (6/82) عن جابر مرفوعا. قال ابن عبدالبر: "هذا إسناد لا تقوم به حجة". وقال ابن حزم: "هذه رواية ساقطة". وانظر الضعيفة للشيخ الألباني رحمه الله (58).
(2) الضعيفة (1/144-145/58).
(3) أحمد (2/160) وأبو داود (5/231/4941) والترمذي (4/285/1924) وقال: "حسن صحيح". والحاكم (4/159) وصححه ووافقه الذهبي.
(4) الأنعام الآية (11).
(5) الصحيحة (2/596/925).(1/355)
- وقال رحمه الله: وهذا إنما يجري على قاعدة الخلف وعلماء الكلام في تأويل أحاديث الصفات، خلافا لطريقة السلف رضي الله عنهم، كما خالفوهم في تأويل أحاديث نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا بأن المعنى نزول رحمته. وهذا كله مخالف لما كان عليه السلف من تفسير النصوص على ظاهرها دون تأويل أو تشبيه كما قال تعالى: لَيْسَ { كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } (11) (1) ، فنزوله نزول حقيقي يليق بجلاله لا يشبه نزول المخلوقين، وكذلك دنوه عز وجل دنو حقيقي يليق بعظمته، وخاص بعباده المتقربين إليه بطاعته، ووقوفهم بعرفة تلبية لدعوته عز وجل. فهذا هو مذهب السلف في النزول والدنو، فكن على علم بذلك حتى لا تنحرف مع المنحرفين عن مذهبهم. وتجد تفصيل هذا الإجمال وتحقيق القول فيه في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وبخاصة منها مجموعة الفتاوى. فراجع مثلا (ج5/464-478). وقد أورد الحديث على الصواب فيها (ص.373)، واستدل به على نزوله تعالى بذاته عشية عرفة، وبحديث جابر المشار إليه آنفا. (2)
- وقال رحمه الله: العجب غير الضحك، فهما صفتان لله عز وجل عند أهل السنة خلافا للأشاعرة، فإنهم لا يعتقدونهما، بل يتأولونهما بمعنى الرضا. (3)
- وقال رحمه الله تعليقا على حديث ضحك الله تعالى للمؤمنين يوم القيامة (4) : واعلم أن هذا الحديث -كغيره من أحاديث الصفات- يجب إمراره على ظاهره دون تعطيل، أو تشبيه، كما هو مذهب السلف، وليس مذهبهم التفويض كما يزعم الكوثري وأمثاله من المعطلة، كما شرحه ابن تيمية في رسالته 'التدمرية' وغيرها، والتفويض بزعمهم إمرار النصوص بدون فهم مع الإيمان بألفاظها، ولازم ذلك نسبة الجهل إلى السلف بأعز شيء لديهم وأقدسه عندهم وهو أسماء الله وصفاته.
__________
(1) الشورى الآية (11).
(2) الصحيحة (6/108/2551).
(3) الصحيحة (6/738/2810) بتصرف.
(4) تقدم تخريجه من حديث جابر. انظر مواقف الحسين البغوي الإمام المفسر سنة (516هـ).(1/356)
ومن عرف هذا علم خطورة ما ينسبونه إليهم. والله المستعان. وراجع لهذا مقدمتي لكتابي 'مختصر العلو للذهبي'، يسر الله طبعه، ثم طبع والحمد لله. (1)
- وقال رحمه الله تعليقا على حديث البطاقة (2) : وفي الحديث دليل على أن ميزان الأعمال له كفتان مشاهدتان، وأن الأعمال وإن كانت أعراضا فإنها توزن، والله على كل شيء قدير، وذلك من عقائد أهل السنة، والأحاديث في ذلك متضافرة إن لم تكن متواترة. (3)
- وقال رحمه الله: الميزان يوم القيامة حق ثابت وله كفتان، وهو من عقائد أهل السنة، خلافا للمعتزلة وأتباعهم في العصر الحاضر ممن لا يعتقد ما ثبت من العقائد في الأحاديث الصحيحة، بزعم أنها أخبار آحاد لا تفيد اليقين، وقد بينت بطلان هذا الزعم في كتابي 'مع الأستاذ الطنطاوي' يسر الله إتمامه. (4)
- قال رحمه الله تحت حديث: "إن هذه الأمة تبتلى في قبورها" (5) : من فوائد الحديث: إثبات عذاب القبر، والأحاديث في ذلك متواترة، فلا مجال للشك فيه بزعم أنها آحاد، ولو سلمنا أنها آحاد، فيجب الأخذ بها، لأن القرآن يشهد لها، قال تعالى: وَحَاقَ { بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ } (46) (6) .
__________
(1) الصحيحة (2/385/756).
(2) أحمد (2/213) والترمذي (5/25/2639) وقال: "حسن غريب". وابن ماجه (2/1437/4300) والحاكم (1/6) وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
(3) الصحيحة (1/263/135).
(4) الصحيحة (1/260/134).
(5) أحمد (5/190) مختصرا ومسلم (4/2199-2200/2867) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه.
(6) غافر الآيتان (45و46).(1/357)
ولو سلمنا أنه لا يوجد في القرآن ما يشهد لها، فهي وحدها كافية لإثبات هذه العقيدة، والزعم بأن العقيدة لا تثبت بما صح من أحاديث الآحاد زعم باطل دخيل في الإسلام، لم يقل به أحد من الأئمة الأعلام -كالأربعة وغيرهم-، بل هو مما جاء به بعض علماء الكلام بدون برهان من الله ولا سلطان، وقد كتبنا فصلا خاصا في هذا الموضوع الخطير في كتاب لنا، أرجو أن أوفق لتبييضه ونشره على الناس (1) .اهـ (2)
- وقال رحمه الله: لقد وضح من كلام الجويني رحمه الله تعالى السبب الذي حمل الخلف -إلا من شاء الله- على مخالفة السلف في تفسير آية (الاستواء)، وهو أنهم فهموا منه -خطأ كما قلنا- استواء لا يليق إلا بالمخلوق، وهذا تشبيه، فنفوه بتأويلهم إياه بالاستيلاء.
ومن الغريب حقا أن الذي فروا منه بالتأويل، قد وقعوا به فيما هو أشر منه بكثير، ويمكن حصر ذلك بالأمور الآتية:
الأول: التعطيل، وهو إنكار صفة علو الله على خلقه علوا حقيقيا يليق به تعالى. وهو بين في كلام الإمام الجويني.
الثاني: نسبة الشريك لله في خلقه يضاده في أمره، فإن الاستيلاء لغة لا يكون إلا بعد المغالبة كما ستراه في ترجمة الإمام اللغوي ابن الأعرابي، فقد جاء فيها: أن رجلا قال أمامه مفسرا الاستواء معناه: استولى. فقال له الإمام: "اسكت، العرب لا تقول للرجل: استولى على الشيء، حتى يكون له فيه مضاد، فأيهما غلب قيل: استولى. والله تعالى لا مضاد له". وسنده عنه صحيح... واحتج به العلامة نفطويه النحوي في "الرد على الجهمية"...
فنسأل المتأولة: من هو المضاد لله تعالى حتى تمكن الله تعالى من التغلب عليه والاستيلاء على ملكه منه؟
__________
(1) وقد يسر الله طبعه ونشره. تحت عنوان: 'الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام'.
(2) الصحيحة (1/295-296/159).(1/358)
وهذا إلزام لا مخلص لهم منه إلا برفضهم لتأويلهم، ورجوعهم إلى تفسير السلف، ولما تنبه لهذا بعض متكلميهم جاء بباقعة أخرى، وذلك أنه تأول "الاستيلاء" الذي هو عندهم المراد من "الاستواء" بأنه استيلاء مجرد عن معنى المغالبة.
قلت: وهذا مع كونه مخالفا للغة كما سبق عن ابن الأعرابي، فإن أحسن ما يمكن أن يقال فيه: إنه تأويل للتأويل، وليت شعري ما الذي دخل بهم إلى هذه المآزق، أليس كان الأولى بهم أن يقولوا: استعلى استعلاء مجردا عن المشابهة. هذا لو كان الاستعلاء لغة يستلزم المشابهة، فكيف وهي غير لازمة؟ لأن الاستواء في القرآن فضلا عن اللغة قد جاء منسوبا إلى الله تعالى، كما في آيات الاستواء على العرش. وقد مضى بعضها كما جاء منسوبا إلى غيره سبحانه كما قال في سفينة نوح: وَاسْتَوَتْ { عَلَى الْجُودِيِّ } (1) وفي النبات: فَاسْتَوَى { عَلَى } سُوقِهِ (2) ، فاستواء السفينة غير استواء النبات. وكذلك استواء الإنسان على ظهر الدابة، واستواء الطير على رأس الإنسان واستواؤه على السطح، فكل هذا استواء، ولكن استواء كل شيء بحسبه، تشترك في اللفظ، وتختلف في الحقيقة، فاستواء الله تعالى هو استواء واستعلاء يليق به تعالى ليس كمثله شيء.
وأما الاستيلاء فلم يأت إطلاقه على الله تعالى مطلقا إلا على ألسنة المتكلمين، فتأمل ما صنع الكلام بأهله، لقد زين لهم أن يصفوا الله بشيء هو من طبيعة المخلوق واختصاصه، ولم يرضوا أن يصفوه بالاستعلاء الذي لا يماثله شيء وقد قال به السلف، فلا عجب بعد ذلك أن اجتمعوا على ذم الكلام وأهله. (3)
موقفه من الخوارج:
__________
(1) هود الآية (44).
(2) الفتح الآية (29).
(3) مختصر العلو للعلي الغفار (30-31).(1/359)
قال رحمه الله تعليقا على حديث أبي موسى الأشعري: "أبشروا وبشروا الناس، من قال لا إله إلا الله صادقا بها دخل الجنة" (1) : هذا وقد اختلفوا في تأويل حديث الباب وما في معناه من تحريم النار على من قال لا إله إلا الله، على أقوال كثيرة، ذكر بعضها المنذري في الترغيب (2/238)، وترى سائرها في الفتح. والذي تطمئن إليه النفس وينشرح له الصدر، وبه تجتمع الأدلة، ولا تتعارض، أن تحمل على أحوال ثلاثة:
الأولى: من قام بلوازم الشهادتين من التزام الفرائض والابتعاد عن الحرمات، فالحديث حينئذ على ظاهره، فهو يدخل الجنة وتحرم عليه النار مطلقا.
الثانية: أن يموت عليها، وقد قام بالأركان الخمسة، ولكنه ربما تهاون ببعض الواجبات، وارتكب بعض المحرمات، فهذا ممن يدخل في مشيئة الله ويغفر له كما في الحديث الآتي بعد هذا وغيره من الأحاديث المكفرات المعروفة.
__________
(1) أحمد (4/402) والطبراني في الكبير كما في المجمع (1/16). قال الهيثمي: "رجاله ثقات". وصححه الألباني على شرط مسلم (الصحيحة 712). وللحديث شواهد منها حديث زيد بن خالد الجهني مرفوعا عند النسائي في الكبرى (6/273/10949). قال الشيخ الألباني: "وسنده حسن في الشواهد". (انظر الصحيحة 712).(1/360)
الثالثة: كالذي قبله، ولكنه لم يقم بحقها، ولم تحجزه عن محارم الله كما في حديث أبي ذر المتفق عليه: "وإن زنى وإن سرق..." (1) الحديث، ثم هو إلى ذلك لم يعمل من الأعمال ما يستحق به مغفرة الله، فهذا إنما تحرم عليه النار التي وجبت على الكفار، فهو وإن دخلها فلا يخلد معهم فيها، بل يخرج منها بالشفاعة أو غيرها ثم يدخل الجنة ولابد، وهذا صريح في قوله - صلى الله عليه وسلم - : "من قال لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره، يصيبه قبل ذلك ما أصابه" (2) . وهو حديث صحيح. (3)
__________
(1) أحمد(5/166) والبخاري (11/317-318/6444) ومسلم (1/94/94) والترمذي (5/27/2644) والنسائي في الكبرى (6/275/10958-10962).
(2) البزار (1/10/3 الكشف) والطبراني في الأوسط (4/287/3510)،(7/204/6392) وفي الصغير (1/158/385) من طرق عن أبي هريرة. قال الهيثمي (1/17): "رجاله رجال الصحيح"، وانظر تفصيل الكلام عليه في الصحيحة (1932).
(3) الصحيحة (3/299-300/1314).(1/361)
- وقال رحمه الله: إذا علمت أن الآيات الثلاث: وَمَنْ { لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } اححب، فَأُولَئِكَ { هُمُ الظَّالِمُونَ } احخب، فَأُولَئِكَ { هُمُ الْفَاسِقُونَ } (47) (1) نزلت في اليهود وقولهم في حكمه - صلى الله عليه وسلم - : إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه، وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه، وقد أشار القرآن إلى قولهم هذا قبل هذه الآيات فقال: يَقُولُونَ { إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ } فَاحْذَرُوا (2) ، إذا عرفت هذا، فلا يجوز حمل هذه الآيات على بعض الحكام المسلمين وقضاتهم الذين يحكمون بغير ما أنزل الله من القوانين الأرضية، أقول: لا يجوز تكفيرهم بذلك، وإخراجهم من الملة، إذا كانوا مؤمنين بالله ورسوله، وإن كانوا مجرمين بحكمهم بغير ما أنزل الله، لا يجوز ذلك، لأنهم وإن كانوا كاليهود من جهة حكمهم المذكور، فهم مخالفون لهم من جهة أخرى، ألا وهي إيمانهم وتصديقهم بما أنزل الله، بخلاف اليهود الكفار، فإنهم كانوا جاحدين له كما يدل عليه قولهم المتقدم: "...وإن لم يعطكم حذرتموه فلم تحكموه"، بالإضافة إلى أنهم ليسوا مسلمين أصلا، وسر هذا أن الكفر قسمان: اعتقادي وعملي. فالاعتقادي مقره القلب. والعملي محله الجوارح. فمن كان عمله كفرا لمخالفته للشرع، وكان مطابقا لما وقر في قلبه من الكفر به، فهو الكفر الاعتقادي، وهو الكفر الذي لا يغفره الله، ويخلد صاحبه في النار أبدا. وأما إذا كان مخالفا لما وقر في قلبه، فهو مؤمن بحكم ربه، ولكنه يخالفه بعمله، فكفره كفر عملي فقط، وليس كفرا اعتقاديا، فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، وعلى هذا النوع من الكفر تحمل الأحاديث التي فيها إطلاق الكفر على من فعل شيئا من المعاصي من المسلمين، ولا بأس من ذكر بعضها:
__________
(1) المائدة الآيات (44-47).
(2) المائدة الآية (41).(1/362)
1- "اثنتان في الناس هما بهم كفر، الطعن في الأنساب، والنياحة على الميت" (1) . رواه مسلم.
2- "الجدال في القرآن كفر" (2) .
3- "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر" (3) . رواه مسلم.
4- "كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق" (4) .
5- "التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر" (5) .
__________
(1) أحمد (2/496) ومسلم (1/82/67) عن أبي هريرة.
(2) أحمد (2/258) وأبو داود (5/9/4603) والحاكم (2/223) وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وابن حبان (4/324-325/1464) من حديث أبي هريرة.
(3) أحمد (1/385) والبخاري (1/147/48) ومسلم (1/81/64) والترمذي (4/311/1983) والنسائي (7/138/4121) وابن ماجه (1/27/69) عن ابن مسعود.
(4) أخرجه أحمد (2/215) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. والحديث أخرجه بلفظ: "كفر بامرئ ادعاء نسب لا يعرفه، أو جحده وإن دق". وابن ماجه (2/216/2744) والطبراني في الأوسط (8/446/7915) وفي الصغير (2/377/1045) قال البوصيري في الزوائد: "هذا الحديث في بعض النسخ دون بعض". ولم يذكره المزي في الأطراف. وإسناده صحيح. وأظنه من زيادات ابن القطان.
(5) أخرجه عبدالله بن أحمد في زوائده على المسند (4/278 و375) والبزار: البحر الزخار (8/226/3282) والبيهقي في الشعب (4/102/4419) و(6/516-517/9119) والخرائطي في فضيلة الشكر (ص.70-71) والقضاعي في مسند الشهاب (1/43-44/15) و(1/239/377) وابن أبي الدنيا في الشكر (ص25) من طرق عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما. وذكره الهيثمي في المجمع (5/217-218) وقال: "رواه عبدالله بن أحمد والبزار والطبراني ورجالهم ثقات". وقال المنذري (صحيح الترغيب 976): "رواه عبدالله بن أحمد في زوائده بإسناد لا بأس به". وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة (667) وكذا في صحيح الترغيب.
تنبيه: وقع هذا الحديث في المسند من رواية الإمام أحمد (4/278) في موضعين (4/375) في موضع واحد وهو خطأ، انظر أطراف المسند المعتلي (5/413/7457) وإتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة (13/526-527/17093).(1/363)
6- "لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض" (1) . متفق عليه.
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي لا مجال الآن لاستقصائها. فمن قام من المسلمين بشيء من هذه المعاصي، فكفره كفر عملي، أي إنه يعمل عمل الكفار، إلا أن يستحلها، ولا يرى كونها معصية فهو حينئذ كافر حلال الدم، لأنه شارك الكفار في عقيدتهم أيضا. والحكم بغير ما أنزل الله يخرج عن هذه القاعدة أبدا، وقد جاء عن السلف ما يدعمها، وهو قولهم في تفسير الآية: "كفر دون كفر"، صح ذلك عن ترجمان القرآن عبدالله بن عباس رضي الله عنه، ثم تلقاه عنه بعض التابعين وغيرهم، ولا بد من ذكر ما تيسر لي عنهم لعل في ذلك إنارة للسبيل أمام من ضل اليوم في هذه المسألة الخطيرة، ونحا نحو الخوارج الذين يكفرون المسلمين بارتكابهم المعاصي، وإن كانوا يصلون ويصومون.
1- روى ابن جرير الطبري (10/355/12053) بإسناد صحيح عن ابن عباس: وَمَنْ { لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } (44) (2) قال: هي به كفر، وليس كفرا بالله وملائكته وكتبه ورسله.
2- وفي رواية عنه في هذه الآية: إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفرا ينقل عن الملة، كفر دون كفر.
أخرجه الحاكم (2/313)، وقال: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي، وحقهما أن يقولا: على شرط الشيخين.فإن إسناده كذلك.
ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في 'تفسيره (6/163)' عن الحاكم أنه قال: "صحيح على شرط الشيخين"، فالظاهر أن في نسخة 'المستدرك' المطبوعة سقطا، وعزاه ابن كثير لابن أبي حاتم أيضا ببعض اختصار.
__________
(1) أحمد (1/230) والبخاري (8/133-134/4403) ومسلم (1/82/66) وأبو داود (5/63/4686) والنسائي (7/143/4136) وابن ماجه (2/1300/3943) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(2) المائدة الآية (44).(1/364)
3- وفي أخرى عنه من رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق. أخرجه ابن جرير (12063).
قلت: وابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس، لكنه جيد في الشواهد.
4- ثم روى (12047-12051) عن عطاء بن أبي رباح قوله: (وذكر الآيات الثلاث): كفر دون كفر، وفسق دون فسق، وظلم دون ظلم.وإسناده صحيح.
5- ثم روى (12052) عن سعيد المكي عن طاووس (وذكر الآية)، قال: ليس بكفر ينقل عن الملة. وإسناده صحيح، وسعيد هذا هو ابن زياد الشيباني المكي، وثقه ابن معين والعجلي وابن حبان وغيرهم، وروى عنه جمع.
6- وروى (12025و12026) من طريقين عن عمران بن حدير قال: أتى أبا مجلز ناس من بني عمرو بن سدوس (وفي الطريق الأخرى: نفر من الإباضية) فقالوا: أرأيت قول الله: وَمَنْ { لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } (44) (1) أحق هو؟ قال: نعم. قالوا: وَمَنْ { لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } (45) (2) أحق هو؟ قال: نعم. قالوا: وَمَنْ { لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } (47) (3) أحق هو؟ قال: نعم. قال: فقالوا: يا أبا مجلز فيحكم هؤلاء بما أنزل الله؟ قال: هو دينهم الذي يدينون به، وبه يقولون وإليه يدعون -[يعني الأمراء]- فإن هم تركوا شيئا منه عرفوا أنهم أصابوا ذنبا. فقالوا: لا والله، ولكنك تفرق. قال: أنتم أولى بهذا مني، لا أرى، وإنكم أنتم ترون هذا ولا تحرجون، ولكنها أنزلت في اليهود والنصارى وأهل الشرك. أو نحوا من هذا،وإسناده صحيح.
__________
(1) المائدة الآية (44).
(2) المائدة الآية (45).
(3) المائدة الآية (47).(1/365)
وقد اختلف العلماء في تفسير الكفر في الآية الأولى على خمسة أقوال ساقها ابن جرير (10/346-357) بأسانيده إلى قائليها، ثم ختم ذلك بقوله (10/358): "وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال: نزلت هذه الآيات في كفار أهل الكتاب، لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات ففيهم نزلت، وهم المعنيون بها، وهذه الآيات سياق الخبر عنهم، فكونها خبرا عنهم أولى.
فإن قال قائل: فإن الله تعالى ذكره قد عم بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله، فكيف جعلته خاصا؟
قيل: إن الله تعالى عم بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم -على سبيل ما تركوه- كافرون. وكذلك القول في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحدا به هو بالله كافر، كما قال ابن عباس، لأنه بجحوده حكم الله بعد علمه أنه أنزله في كتابه، نظير جحوده نبوة نبيه بعد علمه أنه نبي".
وجملة القول، أن الآية نزلت في اليهود الجاحدين لما أنزل الله، فمن شاركهم في الجحد، فهو كافر كفرا اعتقاديا، ومن لم يشاركهم في الجحد فكفره عملي لأنه عمل عملهم، فهو بذلك مجرم آثم، ولكن لا يخرج بذلك عن الملة كما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنه. وقد شرح هذا وزاده بيانا الإمام الحافظ أبو عبيد القاسم بن سلام في 'كتاب الإيمان' (باب الخروج من الإيمان بالمعاصي) (ص.84-97 بتحقيقي)، فليراجعه من شاء المزيد من التحقيق.
وبعد كتابة ما سبق، رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول في تفسير آية الحكم المتقدمة في 'مجموع الفتاوى (3/268)': "أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله".
ثم ذكر (7/254) أن الإمام أحمد سئل عن الكفر المذكور فيها؟ فقال: "كفر لا ينقل عن الإيمان، مثل الإيمان بعضه دون بعض، فكذلك الكفر، حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه".(1/366)
وقال (7/312): "وإذا كان من قول السلف أن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق، فكذلك في قولهم أنه يكون فيه إيمان وكفر، ليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة، كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى: وَمَنْ { لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } (44) (1) ، قالوا: كفرا لا ينقل عن الملة. وقد اتبعهم على ذلك أحمد وغيره من أئمة السنة. (2)
__________
(1) المائدة الآية (44).
(2) الصحيحة (6/111-116/2552).(1/367)
- وقال تعليقا على قول أبي جعفر الطحاوي: (ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله): قلت: يعني استحلالا قلبيا اعتقاديا، وإلا فكل مذنب مستحل لذنبه عمليا أي مرتكب له، ولذلك فلا بد من التفريق بين المستحل اعتقادا، فهو كافر إجماعا، وبين المستحل عملا لا اعتقادا، فهو مذنب يستحق العذاب اللائق به إلا أن يغفر الله له، ثم ينجيه إيمانه خلافا للخوارج والمعتزلة الذين يحكمون عليه بالخلود في النار، وإن اختلفوا في تسميته كافرا أو منافقا، وقد نبتت نابتة جديدة اتبعوا هؤلاء في تكفيرهم جماهير المسلمين رؤوسا ومرؤوسين، اجتمعت بطوائف منهم في سوريا ومكة وغيرها، ولهم شبهات كشبهات الخوارج مثل النصوص التي فيها من فعل كذا فقد كفر، وقد ساق الشارح رحمه الله تعالى طائفة منها هنا، ونقل عن أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص -أن الذنب أي ذنب كان- هو كفر عملي لا اعتقادي، وأن الكفر عندهم على مراتب: كفر دون كفر، كالإيمان عندهم، ثم ضرب على ذلك مثالا هاما طالما غفلت عن فهمه النابتة المشار إليها، فقال رحمه الله تعالى (ص.363): "وهنا أمر يجب أن يتفطن له، وهو أن الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفرا ينقل عن الملة، وقد يكون معصية: كبيرة أو صغيرة، ويكون كفرا: إما مجازيا وإما كفرا أصغر، على القولين المذكورين. وذلك بحسب حال الحاكم فإنه إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب، وأنه مخير فيه، أو استهان به مع تيقنه أنه حكم الله-: فهذا كفر أكبر. وإن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله، وعلمه في هذه الواقعة، وعدل عنه مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا عاص ويسمى كافرا كفرا مجازيا، أو كفرا أصغر. وإن جهل حكم الله فيها مع بذل جهده واستفراغ وسعه في معرفة الحكم وأخطأه، فهذا مخطيء له أجر على اجتهاده، وخطؤه مغفور. (1)
__________
(1) العقيدة الطحاوية شرح وتعليق (40-41).(1/368)
- وقال رحمه الله: فإن مسألة التكفير عموما -لا للحكام فقط، بل وللمحكومين أيضا- فتنة عظيمة قديمة، تبنتها فرقة من الفرق الإسلامية القديمة، وهي المعروفة بـ "الخوارج".
ومع الأسف الشديد فإن (البعض) -من الدعاة أو المتحمسين- قد يقع في الخروج عن الكتاب والسنة ولكن: باسم الكتاب والسنة، والسبب في هذا يعود إلى أمرين اثنين:
أحدهما: هو ضحالة العلم.
والأمر الآخر: -وهو مهم جدا- أنهم لم يتفقهوا بالقواعد الشرعية، والتي هي أساس الدعوة الإسلامية الصحيحة التي تعد كل من خرج عنها داخلا في تلك الفرق المنحرفة عن الجماعة؛ التي أثنى عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غير ما حديث، بل والتي ذكرها ربنا عز وجل، وبين أن من خرج عنها يكون قد شاق الله ورسوله، وذلك في قوله عز وجل: وَمَنْ { يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } (115) . (1)
- وقال: ومن هؤلاء المنحرفين: الخوارج؛ قدماء ومحدثين؛ فإن أصل فتنة التكفير في هذا الزمان -بل منذ أزمان- هو آية يدندنون دائما حولها؛ ألا وهي قوله تعالى: وَمَنْ { لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } (44) (2) ؛ فيأخذونها من غير فهوم عميقة، ويوردونها بلا معرفة دقيقة.
__________
(1) التحذير من فتنة التكفير (51-53).
(2) المائدة الآية (44).(1/369)
ونحن نعلم أن هذه الآية الكريمة قد تكررت، وجاءت خاتمتها بألفاظ ثلاثة، هي: فَأُولَئِكَ { هُمُ الْكَافِرُونَ } اححب، فَأُولَئِكَ { هُمُ الظَّالِمُونَ } احخب، فَأُولَئِكَ { هُمُ الْفَاسِقُونَ } احذب؛ فمن تمام جهل الذين يحتجون من هذه الآية باللفظ الأول منها فقط -y7ح´¯"s9'ré'sù { هُمُ الْكَافِرُونَ } اححب- أنهم لم يلموا على الأقل ببعض النصوص الشرعية -قرآنا أم سنة- التي جاء فيها ذكر لفظة (الكفر)؛ فأخذوها -بغير نظر- على أنها تعني الخروج من الدين وأنه لا فرق بين هذا الذي وقع في الكفر وبين أولئك المشركين من اليهود والنصارى وأصحاب الملل الأخرى الخارجة عن ملة الإسلام.
بينما لفظة (الكفر) في لغة الكتاب والسنة لا تعني -دائما- هذا الذي يدندنون حوله، ويسلطون هذا الفهم الخاطئ المغلوط عليه.
فشأن لفظة: } الْكَافِرُونَ { -من حيث إنها لا تدل على معنى واحد- هو ذاته شأن اللفظين الآخرين: } الظَّالِمُونَ { و } الْفَاسِقُونَ { ؛ فكما أن من وصف بأنه ظالم أو فاسق لا يلزم بالضرورة ارتداده عن دينه، فكذلك من وصف بأنه كافر، سواء بسواء.
وهذا التنوع في معنى اللفظ الواحد هو الذي تدل عليه اللغة، ثم الشرع الذي جاء بلغة العرب -لغة القرآن الكريم-.
فمن أجل ذلك كان الواجب على كل من يتصدى لإصدار الأحكام على المسلمين -سواء أكانوا حكاما أم محكومين- أن يكون على علم واسع بالكتاب والسنة، وعلى ضوء منهج السلف الصالح.
والكتاب والسنة لا يمكن فهمهما -وكذلك ما تفرق عنهما- إلا بطريق معرفة اللغة العربية وآدابها معرفة خاصة دقيقة.
فإن كان لدى طالب العلم نقص في معرفة اللغة العربية: فإن مما يساعده في استدراك ذلك النقص الرجوع إلى فهم من قبله من الأئمة والعلماء، وبخاصة أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية.
[كفر دون كفر:](1/370)
ولنرجع إلى آية: وَمَنْ { لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } اححب؛ فما المراد بالكفر فيها؟ هل هو الخروج عن الملة؟ أو أنه غير ذلك؟
فأقول: لابد من الدقة في فهم هذه الآية؛ فإنها قد تعني الكفر العملي؛ وهو الخروج بالأعمال عن بعض أحكام الإسلام. ويساعدنا في هذا الفهم حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، الذي أجمع المسلمون جميعا -إلا من كان من الفرق الضالة- على أنه إمام فريد في التفسير.
فكأنه طرق سمعه يومئذ ما نسمعه اليوم تماما من أن هناك أناسا يفهمون هذه الآية فهما سطحيا، من غير تفصيل، فقال رضي الله عنه: "ليس الكفر الذي تذهبون إليه"، و"إنه ليس كفرا ينقل عن الملة"، و"هو كفر دون كفر" (1) ، ولعله يعني بذلك الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، ثم كان من عواقب ذلك أنهم سفكوا دماء المؤمنين، وفعلوا فيهم ما لم يفعلوا بالمشركين، فقال: ليس الأمر كما قالوا، أو كما طنوا، إنما هو كفر دون كفر.
فهذا الجواب المختصر الواضح من ترجمان القرآن في تفسير هذه الآية هو الحكم الذي لا يمكن أن يفهم سواه من النصوص التي أشرت إليها قبل.
__________
(1) وهي مخرجة جميعا في السلسلة الصحيحة تحت حديث (2552).(1/371)
ثم إن كلمة الكفر ذكرت في كثير من النصوص القرآنية والحديثية، ولا يمكن أن تحمل -فيها جميعا- على أنها تساوي الخروج من الملة، من ذلك -مثلا- الحديث المعروف في 'الصحيحين' (1) عن عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر"؛ فالكفر هنا هو المعصية، التي هي الخروج عن الطاعة، ولكن الرسول عليه الصلاة والصلاة -وهو أفصح الناس بيانا- بالغ في الزجر قائلا: "...وقتاله كفر".
ومن ناحية أخرى؛ هل يمكن لنا أن نحمل الفقرة الأولى من هذا الحديث -"سباب المسلم فسوق"- على معنى الفسق المذكور في اللفظ الثالث ضمن الآية السابقة: وَمَنْ { لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } احذب؟.
والجواب: أن هذا قد يكون فسقا مرادفا للكفر الذي هو بمعنى الخروج عن الملة، وقد يكون الفسق مرادفا للكفر الذي لا يعني الخروج عن الملة، وإنما يعني ما قاله ترجمان القرآن: إنه كفر دون كفر.
وهذا الحديث يؤكد أن الكفر قد يكون بهذا المعنى؛ وذلك لأن الله عز وجل قال: وَإِنْ { بb$tGxےح !$sغ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ } (2) إذ قد ذكر ربنا عز وجل هنا الفرقة الباغية التي تقاتل الفرقة المحقة المؤمنة، ومع ذلك فلم يحكم على الباغية بالكفر، مع أن الحديث يقول: " ... وقتاله كفر" (3) .
إذا؛ فقتاله كفر دون كفر؛ كما قال ابن عباس في تفسير الآية السابقة تماما.
__________
(1) أحمد (1/439) والبخاري (1/147/48) ومسلم (1/81/116-117) والترمذي (4/311/1983) والنسائي (7/137-138/4116-4124) وابن ماجه (1/27/69) عن ابن مسعود رضي الله عنه.
(2) الحجرات الآية (9).
(3) تقدم تخريجه.(1/372)
فقتال المسلم للمسلم بغي واعتداء، وفسق وكفر، ولكن هذا يعني أن الكفر قد يكون كفرا عمليا، وقد يكون كفرا اعتقاديا.
ومن هنا جاء هذا التفصيل الدقيق الذي تولى بيانه وشرحه الإمام -بحق- شيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله، وتولى ذلك من بعده تلميذه البار ابن قيم الجوزية، إذ لهما الفضل في التنبيه والدندنة على تقسيم الكفر إلى ذلك التقسيم الذي رفع رايته ترجمان القرآن بتلك الكلمة الجامعة الموجزة؛ فابن تيمية -يرحمه الله- وتلميذه وصاحبه ابن قيم الجوزية: يدندنان دائما حول ضرورة التفريق بين الكفر الاعتقادي والكفر العملي، وإلا وقع المسلم من حيث لا يدري في فتنة الخروج على جماعة المسلمين التي وقع فيها الخوارج قديما، وبعض أذنابهم حديثا.
وخلاصة القول: إن قوله - صلى الله عليه وسلم - : "...وقتاله كفر" لا يعني -مطلقا- الخروج عن الملة، والأحاديث في هذا كثيرة جدا؛ فهي -جميعا- حجة دامغة على أولئك الذي يقفون عند فهمهم القاصر للآية السابقة، ويلتزمون تفسيرها بالكفر الاعتقادي.
فحسبنا الآن هذا الحديث؛ لأنه دليل قاطع على أن قتال المسلم لأخيه المسلم هو كفر بمعنى الكفر العملي، وليس هو الكفر الاعتقادي.
فإذا عدنا إلى (جماعة التكفير) -أو من تفرع عنهم- وإطلاقهم على الحكام -وعلى من يعيشون تحت رايتهم، وينتظمون تحت إمرتهم وتوظيفهم- الكفر والردة، فإن ذلك منهم مبني على وجهة نظرهم الفاسدة؛ القائمة على أن هؤلاء ارتكبوا المعاصي فكفروا بذلك. (1)
موقفه من المرجئة:
__________
(1) التحذير من فتنة التكفير (ص58-67).(1/373)
- قال رحمه الله تعقيبا على حديث: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن..." (1) : والحقيقة أن الحديث وإن كان مؤولا، فهو حجة على الحنفية الذين لا يزالون مصرين على مخالفة السلف في قولهم بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص. فالإيمان عندهم مرتبة واحدة، فهم لا يتصورون إيمانا ناقصا، ولذلك يحاول الكوثري رد هذا الحديث، لأنه بعد تأويله على الوجه الصحيح يصير حجة عليهم، فإن معناه: "وهو مؤمن إيمانا كاملا". قال ابن بطال: "وحمل أهل السنة الإيمان هنا على الكامل، لأن العاصي يصير أنقص حالا في الإيمان ممن لا يعصي".
ذكره الحافظ (2) . ومثله ما نقله (3) عن الإمام النووي قال: "والصحيح الذي قاله المحققون أن معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، هذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء، والمراد نفي كماله، كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا ما نيل، ولا عيش إلا عيش الآخرة".
ثم أيده الحافظ في بحث طويل ممتع، فراجعه.
ومن الغرائب أن الشيخ القارئ -مع كونه حنفيا متعصبا- فسر الحديث بمثل ما تقدم عن ابن بطال والنووي، فقال في 'المرقاة' (1/105): "وأصحابنا تأولوه بأن المراد المؤمن الكامل..."، ثم قال: "على أن الإيمان هو التصديق، والأعمال خارجة عنه"!.
فهذا يناقض ذاك التأويل. فتأمل. (4)
__________
(1) تقدم تخريجه ضمن مواقف الحسن البصري سنة (110هـ).
(2) 10/28).
(3) 12/49).
(4) الصحيحة (6/1276-1277).(1/374)
- وقال رحمه الله تعقيبا على الحديث الموضوع: "إنما حر جهنم على أمتي كحر الحمام" (1) : وحري بمثل هذا الحديث الباطل أن لا يرويه إلا مثل هذين الكذابين، فإنه حديث خطير يقضي على باب كبير من أبواب التربية والإصلاح في الشرع، ألا وهو باب الوعيد وما فيه من الآيات والأحاديث في إيعاد العصاة من هذه الأمة بالنار الموقدة الَّتِي { تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ } اذب، والأحاديث الصحيحة في بيان هذا كثيرة جدا، أذكر بعض ما يحضرني الآن منها على سبيل المثال:
1- "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره والمنان الذي لا يعطي شيئا إلا منة، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب". رواه مسلم عن أبي ذر، وهو مخرج في 'إرواء الغليل' (892) و'تخريج الحلال' (170). (2)
2- "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر". رواه مسلم عن أبي هريرة (3) .
__________
(1) موضوع، رواه الطبراني في الأوسط (7/314-315/6599) وأورده الهيثمي في المجمع (10/360) وقال: "فيه محمد بن عمر الواقدي وهو ضعيف جدا"، بل رماه غير واحد بالوضع. قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في الضعيفة (2/145): "سند هالك وفيه آفات وعلل..".
(2) أحمد (4/148) ومسلم (1/102/106) وأبو داود (4/346-347/4087) والترمذي (3/516/1211) وقال: "حسن صحيح". والنسائي (8/208/5348) وابن ماجه (2/744-745/2208) بنحوه.
(3) مسلم (1/102-103/107) وأحمد (2/433) والنسائي (5/86/2574) بلفظ: "والعامل المزهو".(1/375)
3- قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة: "حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرج ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله، أمر الله الملائكة أن يخرجوهم، فيعرفونهم بعلامة آثار السجود. وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود، فيخرجونهم قد امتحشوا". رواه الشيخان عن أبي هريرة (1) .
وفي حديث أبي سعيد: "فيخرجون خلقا كثيرا قد أخذت النار إلى نصف ساقيه، وإلى ركبتيه و..." رواه مسلم (2) .
فهذه الأحاديث وغيرها صريحة في بطلان هذا الحديث، إذ كيف يكون العذاب أليما وهو كحر الحمام؟ بل كيف يكون كذلك وقد أحرقتهم النار، وأكلت لحمهم، حتى ظهر عظمهم؟ وبالجملة فأثر هذا الحديث سيء جدا لا يخفى على المتأمل، فإنه يشجع الناس على استباحة المحرمات، بعلة أن ليس هناك عقاب إلا كحر الحمام. (3)
- وقال رحمه الله تعالى ردا على أبي غدة: المسألة الخامسة: يقول الإمام -يعني ابن أبي العز- تبعا للأئمة مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحاق بن راهويه وسائر أهل الحديث وأهل المدينة: "إن الإيمان هو تصديق بالجنان، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان. وقالوا: يزيد وينقص".
__________
(1) أخرجه: أحمد (2/293-294) والبخاري (13/516-517/7437) ومسلم (1/163-167/182).
(2) أحمد (3/94) ومسلم (1/167-171/183) والنسائي (8/486-487/5025) وابن ماجه (1/23/60).
(3) الضعيفة (2/147-148/709).(1/376)
وشيخك تعصبا لأبي حنيفة يخالفهم مع صراحة الأدلة التي تؤيدهم من الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح رضي الله عنهم، بل ويغمز منهم جميعا مشيرا إليهم بقوله في 'التأنيب' (ص.44-45) إلى "أناس صالحون" يشير أنهم لا علم عندهم فيما ذهبوا إليه ولا فقه، وإنما الفقه عند أبي حنيفة دونهم، ثم يقول: إنه الإيمان والكلمة، وإنه الحق الصراح. وعليه فالسلف وأولئك الأئمة الصالحون هم عنده على الباطل في قولهم: بأن الأعمال من الإيمان، وأنه يزيد وينقص.؟ وقد نقل أبو غدة كلام شيخه الذي نقلنا موضوع الشاهد منه، نقله بحرفه، في التعليق على 'الرفع والتكميل' (ص.67-69)، ثم أشار إليه في مكان آخر منه ممجدا به ومكبرا له بقوله (ص.218): "وانظر لزاما ما سبق نقله تعليقا، فإنك لا تظفر بمثله في كتاب "ثم أعاد الإشارة إليه (ص.223) مع بالغ إعجابه به. وظني به أنه يجهل -أن هذا التعريف للإيمان الذي زعم شيخه أنه الحق الصراح- مع ما فيه من المخالفة لما عليه السلف كما عرفت، مخالف لما عليه المحققون من علماء الحنفية أنفسهم الذين ذهبوا إلى: إن الإيمان هو التصديق فقط ليس معه الإقرار، كما في 'البحر الرائق' لابن نجيم الحنفي (5/129)، والكوثري في كلمته المشار إليها يحاول فيها أن يصور للقارئ أن الخلاف بين السلف والحنفية في الإيمان لفظي، يشير بذلك إلى أن الأعمال ليست ركنا أصليا، ثم يتناسى أنهم يقولون: بأنه يزيد وينقص، وهذا ما لا يقول به الحنفية إطلاقا، بل إنهم قالوا في صدد بيان الألفاظ المكفرة عندهم: "وبقوله: الإيمان يزيد وينقص" كما في 'البحر الرائق' (باب أحكام المرتدين) فالسلف على هذا كفار عندهم مرتدون. راجع شرح الطحاوية (ص.338-360)، و'التنكيل' (2/362-373) الذي كشف عن مراوغة الكوثري في هذه المسألة.(1/377)
وليعلم القارئ الكريم أن أقل ما يقال في الخلاف المذكور في المسألة: أن الحنفية يتجاهلون أن قول أحدهم -ولو كان فاسقا فاجرا-: أنا مؤمن حقا، ينافي مهما تكلفوا في التأويل - التأدب مع القرآن ولو من الناحية اللفظية على الأقل، الذي يقول: إِنَّمَا { الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا } (1) .
فليتأمل المؤمن الذي عافاه الله تعالى مما ابتلى به هؤلاء المتعصبة، من هو المؤمن حقا عند الله تعالى، ومن هو المؤمن حقا عند هؤلاء؟. (2)
موقفه من القدرية:
- قال رحمه الله في معرض كلامه على أحاديث القبضتين: إن كثيرا من الناس يتوهمون أن هذه الأحاديث -ونحوها أحاديث كثيرة- تفيد أن الإنسان مجبور على أعماله الاختيارية، ما دام أنه حكم عليه منذ القديم وقبل أن يخلق: بالجنة والنار.
وقد يتوهم آخرون أن الأمر فوضى أو حظ، فمن وقع في القبضة اليمنى، كان من أهل السعادة، ومن كان من القبضة الأخرى، كان من أهل الشقاوة.
__________
(1) الأنفال الآيات (2-4).
(2) شرح العقيدة الطحاوية (57-58).(1/378)
فيجب أن يعلم هؤلاء جميعا أن الله لَيْسَ { كَمِثْلِهِ } شَيْءٌ (1) ، لا في ذاته، ولا في صفاته، فإذا قبض قبضة، فهي بعلمه وعدله وحكمته، فهو تعالى قبض باليمنى على من علم أنه سيطيعه حين يؤمر بطاعته، وقبض بالأخرى على من سبق في علمه تعالى أنه سيعصيه حين يؤمر بطاعته، ويستحيل على عدل الله تعالى أن يقبض باليمنى على من هو مستحق أن يكون من أهل القبضة الأخرى، والعكس بالعكس، كيف والله عز وجل يقول: أَفَنَجْعَلُ { الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } (36) (2) ؟!
ثم إن كلا من القبضتين ليس فيها إجبار لأصحابهما أن يكونوا من أهل الجنة أو من أهل النار، بل هو حكم من الله تبارك وتعالى عليهم بما سيصدر منهم، من إيمان يستلزم الجنة، أو كفر يقتضي النار والعياذ بالله تعالى منها، وكل من الإيمان أو الكفر أمران اختياريان، لا يكره الله تبارك وتعالى أحدا من خلقه على واحد منهما، فَمَنْ { شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ } (3) ، وهذا مشاهد معلوم بالضرورة، ولولا ذلك، لكان الثواب والعقاب عبثا، والله منزه عن ذلك.
ومن المؤسف حقا أن نسمع من كثير من الناس -حتى من بعض المشايخ- التصريح بأن الإنسان مجبور لا إرادة له! وبذلك يلزمون أنفسهم القول بأن الله يجوز له أن يظلم الناس! مع تصريحه تعالى بأنه لا يظلمهم مثقال ذرة، وإعلانه بأنه قادر على الظلم، ولكنه نزه نفسه عنه، كما في الحديث القدسي المشهور: "يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي..." (4) .
__________
(1) الشورى الآية (11).
(2) القلم الآيتان (35و36).
(3) الكهف الآية (29).
(4) أحمد (5/160) ومسلم (4/1994-1995/2577) والترمذي (4/566-567/2495) وقال: "حديث حسن". وابن ماجه (2/1422/4257) عن أبي ذر.(1/379)
وإذا جوبهوا بهذه الحقيقة، بادروا إلى الاحتجاج بقوله تعالى: لَا { يُسْأَلُ عَمَّا } يَفْعَلُ (1) ، مصرين بذلك على أن الله تعالى قد يظلم، ولكنه لا يسأل عن ذلك! تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا!
وفاتهم أن الآية حجة عليهم، لأن المراد بها -كما حققه العلامة ابن القيم في 'شفاء العليل' وغيره- أن الله تعالى لحكمته وعدله في حكمه ليس لأحد أن يسأله عما يفعل، لأن كل أحكامه تعالى عدل واضح، فلا داعي للسؤال.
وللشيخ يوسف الدجوي رسالة مفيدة في تفسير هذه الآية، لعله أخذ مادتها من كتاب ابن القيم المشار إليه آنفا، فليراجع.
هذه كلمة سريعة حول الأحاديث المتقدمة، حاولنا فيها إزالة شبهة بعض الناس حولها، فإن وفقت لذلك، فبها ونعمت، وإلا فإني أحيل القارئ إلى المطولات في هذا البحث الخطير، مثل كتاب ابن القيم السابق، وكتب شيخه ابن تيمية الشاملة لمواضيع هامة هذا أحدها. (2)
__________
(1) الأنبياء الآية (23).
(2) الصحيحة (1/115-117/46-50).(1/380)
- وقال رحمه الله تعالى تعقيبا على حديث: "لن يدخل أحدا منكم عمله الجنة" (1) : واعلم أن هذا الحديث قد يشكل على بعض الناس، ويتوهم أنه مخالف لقوله تعالى: وَتِلْكَ { الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } (72) (2) ونحوها من الآيات والأحاديث الدالة على أن دخول الجنة بالعمل، وقد أجيب بأجوبة، أقربها إلى الصواب: أن الباء في قوله في الحديث: "بعمله" هي باء الثمنية، والباء في الآية باء السببية، أي أن العمل الصالح سبب لا بد منه لدخول الجنة، ولكنه ليس ثمنا لدخول الجنة، وما فيها من النعيم المقيم والدرجات. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في بعض فتاويه: "ولهذا قال بعضهم: الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون سببا نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع، ومجرد الأسباب لا يوجب حصول المسبب، فإن المطر إذا نزل وبذر الحب لم يكن ذلك كافيا في حصول النبات، بل لا بد من ريح مربية بإذن الله، ولا بد من صرف الانتفاء عنه، فلا بد من تمام الشروط وزوال الموانع، وكل ذلك بقضاء الله وقدره. وكذلك الولد لا يولد بمجرد إنزال الماء في الفرج، بل كم ممن أنزل ولم يولد له، بل لا بد من أن الله شاء خلقه فتحبل المرأة وتربيه في الرحم وسائر ما يتم به خلقه من الشروط وزوال الموانع.
__________
(1) أحمد (2/264) والبخاري (11/355/6463) ومسلم (4/2170/2816(75)) وابن ماجه (2/1405/4201) عن أبي هريرة. وفي الباب عن عائشة وجابر وأبي سعيد وغيرهم.
(2) الزخرف الآية (72).(1/381)
وكذلك أمر الآخرة ليس بمجرد العمل ينال الإنسان السعادة، بل هي سبب، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (فذكر الحديث)، وقد قال تعالى: ادْخُلُوا { الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } (32) (1) . فهذه باء السبب، أي بسبب أعمالكم، والذي نفاه النبي - صلى الله عليه وسلم - باء المقابلة، كما يقال: اشتريت هذا بهذا. أي ليس العمل عوضا وثمنا كافيا في دخول الجنة، بل لا بد من عفو الله وفضله ورحمته،فبعفوه يمحو السيئات، وبرحمته يأتي بالخيرات، وبفضله يضاعف الدرجات.
وفي هذا الموضع ضل طائفتان من الناس:
فريق آمنوا بالقدر وظنوا أن ذلك كاف في حصول المقصود فأعرضوا عن الأسباب الشرعية والأعمال الصالحة. وهؤلاء يؤول بهم الأمر إلى أن يكفروا بكتب الله ورسله ودينه.
وفريق أخذوا يطلبون الجزاء من الله كما يطلبه الأجير من المستأجر، متكلين على حولهم وقوتهم وعملهم، وكما يطلبه المماليك، وهؤلاء جهال ضلال: فإن الله لم يأمر العباد بما أمرهم به حاجة إليه، ولا نهاهم عما نهاهم عنه بخلا به، ولكن أمرهم بما فيه صلاحهم، ونهاهم عما فيه فسادهم. وهو سبحانه كما قال: "يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني" (2) . فالملك إذا أمر مملوكيه بأمر أمرهم لحاجته إليهم، وهم فعلوه بقوتهم التي لم يخلقها لهم فيطالبون بجزاء ذلك، والله تعالى غني عن العالمين، فإن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم، وإن أساؤا فلها. لهم ما كسبوا، وعليهم ما اكتسبوا، مَنْ { عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ $ygّٹn=ysù وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } (46) (3) .
__________
(1) النحل الآية (32).
(2) هذا جزء من حديث أبي ذر، وقد تقدم قريبا.
(3) فصلت الآية (46).(1/382)
انتهى كلام شيخ الإسلام رحمه الله منقولا من 'مجموعة الفتاوى' (1) ، ومثله في 'مفتاح دار السعادة' (2) لتلميذه المحقق العلامة ابن قيم الجوزية، و'تجريد التوحيد المفيد' (3) للمقريزي. (4)
- وقال رحمه الله تعالى تعقيبا على الحديث القدسي: "قد أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم..." الحديث (5) : قوله: (قد أردت منك) أي: أحببت منك.
والإرادة في الشرع تطلق ويراد بها ما يعم الخير والشر والهدى والضلال، كما في قوله تعالى: فَمَنْ { يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ } (6) ، وهذه الإرادة لا تتخلف.
وتطلق أحيانا ويراد بها ما يرادف الحب والرضى، كما في قوله تعالى: يُرِيدُ { اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ } الْعُسْرَ (7) . وهذا المعنى هو المراد من قوله تعالى في هذا الحديث: "أردت منك"، أي: أحببت. والإرادة بهذا المعنى قد تتخلف، لأن الله تبارك وتعالى لا يجبر أحدا على طاعته، وإن كان خلقهم من أجلها، فَمَنْ { شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ } (8) ، وعليه، فقد يريد الله تبارك وتعالى من عبده ما لا يحبه منه، ويحب منه ما لا يريده. وهذه الإرادة يسميها ابن القيم رحمه الله تعالى بالإرادة الكونية، أخذا من قوله تعالى: إِنَّمَا { أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } (82) (9) ، ويسمي الإرادة الأخرى المرادفة للرضى بالإرادة الشرعية.
__________
(1) 8/70-71).
(2) ص.9-10).
(3) ص.36-43)
(4) الصحيحة (6/198-200/2602).
(5) أحمد (3/127) والبخاري (11/507-508/6557) ومسلم (4/2160-2161/2805) عن أنس.
(6) الأنعام الآية (125).
(7) البقرة الآية (185).
(8) الكهف الآية (29).
(9) يس الآية (82).(1/383)
وهذا التقسيم، مَن فَهمه، انحلت له كثير من مشكلات مسألة القضاء والقدر، ونجا من فتنة القول بالجبر أو الاعتزال، وتفصيل ذلك في الكتاب الجليل 'شفاء العليل في القضاء والقدر والحكمة والتعليل' لابن القيم رحمه الله تعالى.
قوله: "وأنت في صلب آدم"، قال القاضي عياض: "يشير بذلك إلى قوله تعالى: وَإِذْ { أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ } ذُرِّيَّتَهُمْ (1) ، فهذا الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم، فمن وفى به بعد وجوده في الدنيا، فهو مؤمن، ومن لم يوف به، فهو كافر، فمراد الحديث: أردت منك حين أخذت الميثاق، فأبيت إذ أخرجتك إلى الدنيا إلا الشرك. ذكره في 'الفتح'. (2)
ابن عثيمين (3) (1421 هـ)
الشيخ الفاضل، الإمام الفقيه أبو عبدالله محمد بن صالح بن محمد بن عثيمين المقبل الوهيبي التميمي. ولد الشيخ في مدينة عنيزة سنة سبع وأربعين وثلاثمائة وألف في أسرة يعرف عنها الدين والاستقامة.
__________
(1) الأعراف الآية (172).
(2) الصحيحة (1/333-334/172).
(3) 'ابن عثيمين الإمام الزاهد' للدكتور ناصر الزهراني.(1/384)
واستفاد في طلبه للعلم من عدة مشايخ بعضهم في عنيزة وبعضهم في الرياض منهم: الشيخ عبدالرحمن السعدي، أخذ عنه ولازمه قرابة إحدى عشرة سنة، ويعتبر الشيخ من أبرز طلابه، والشيخ عبدالعزيز بن باز، قرأ عليه من صحيح البخاري وبعض كتب الفقه، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب التفسير المشهور، درس عليه الشيخ في المعهد العلمي في الرياض، والشيخ محمد بن عبدالعزيز المطوع، قرأ عليه مختصر العقيدة الواسطية ومنهاج السالكين كلاهما للشيخ عبدالرحمن السعدي والآجرومية والألفية في النحو والصرف، والشيخ عبدالرحمن بن علي بن عودان، قرأ عليه بعض كتب الفقه ودرس عليه الفرائض. لم يرحل الشيخ لطلب العلم إلا إلى الرياض، حيث فتحت المعاهد العلمية فالتحق بها، وبعد وفاة شيخه عبدالرحمن السعدي رشح لإمامة الجامع الكبير والتدريس فيه والإفتاء، وقد عرض عليه تولي القضاء بالمحكمة الشرعية بالأحساء، لكن طلب الإعفاء منه. أما مؤلفاته فكثيرة جدا منها فتح رب البرية بتلخيص الحموية، وشرح الواسطية لابن تيمية، والشرح الممتع على زاد المستقنع، ولمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد، والقواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى والقول المفيد شرح كتاب التوحيد وغيرها. للشيخ من الأولاد الذكور: عبدالله وعبدالرحمن وإبراهيم وعبدالعزيز وعبد الرحيم وله من الإخوة: الدكتور عبدالله رئيس قسم التاريخ في جامعة الملك سعود وعبدالرحمن.
كان رحمه الله زاهدا ورعا متواضعا، مشهودا له بمواقف الخير والجهاد في سبيل الله والدعوة إليه.(1/385)
قال عنه سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ: والشيخ محمد لا تخفى على الجميع مكانته وآثاره العلمية من خلال التأليف والفتاوى والمحاضرات والدروس والمقالات ومن خلال الأشرطة التي تحمل في طياتها كل خير، ومن حيث اعتداله وبعده عن الإفراط والتفريط وكونه في أموره على طريق مستقيم، ولكم ربى من طلاب وكم شرح من كتاب واستفاد منه المستفيدون، فنسأل الله أن يجازيه عنا وعن الإسلام خير الجزاء.
وقال عنه الشيخ صالح بن حميد: لقد كان رحمه الله لسان صدق صادعا بالحق ملتزما به، مقيما عليه، مع رعاية الحكمة، في حديثه ألفة، وفي ابتسامته مودة وفي كلامه بيان.
توفي رحمه الله بجدة يوم الأربعاء الخامس عشر من شهر شوال سنة إحدى وعشرين وأربعمائة وألف، وصلي عليه في الحرم المكي بعد صلاة العصر من يوم الخميس، فرحمه الله تعالى رحمة واسعة وأجزل مثوبته ورفع في العليين درجته وعوض المسلمين عنه خيرا.
قلت: لقد كان لي لقاءات متعددة بالشيخ رحمه الله، وآخر لقاء كان بيني وبينه في بيت الشيخ سليمان الراجحي مع زمرة من العلماء والمشايخ، وفي هذه الأثناء كان مريضا ورغم مرضه فقد ألقى كلمة فسر فيها آية من القرآن، وأبدى فيها من الاستنباط والخير ما جعل الحاضرين يدعون له. وكان الشيخ رحمه الله يمتاز بخفة الروح وحب الخير لعموم المسلمين، أما حرصه على العلم والطلبة فأمر ظاهر، وكانت مجالسه رحمه الله لا تخلو من فوائد ومناقشات، فرحمة الله عليه رحمة واسعة.
موقفه من المبتدعة:
- قال رحمه الله في رسالته 'الابداع في بيان كمال الشرع وخطر الابتداع': المتابعة لا تتحقق إلا إذا كان العمل موافقا للشريعة في أمور ستة:(1/386)
الأول: السبب، فإذا تعبد الإنسان لله عبادة مقرونة بسبب ليس شرعيا فهي بدعة مردودة على صاحبها. مثال ذلك: أن بعض الناس يحيي ليلة السابع والعشرين من رجب بحجة أنها الليلة التي عرج فيها برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فالتهجد عبادة، ولكن لما قرن بهذا السبب كان بدعة لأنه بنى هذه العبادة على سبب لم يثبت شرعا. وهذا الوصف -موافقة العبادة للشريعة في السبب- أمر مهم يتبين به ابتداع كثير مما يظن أنه من السنة وليس من السنة.
الثاني: الجنس، فلا بد أن تكون العبادة موافقة للشرع في جنسها فلو تعبد إنسان لله بعبادة لم يشرع جنسها فهي غير مقبولة. مثال ذلك: أن يضحي رجل بفرس، فلا يصح أضحية لأنه خالف الشريعة في الجنس، فالأضاحي لا تكون إلا من بهيمة الأنعام، الإبل، البقر، الغنم.
الثالث: القدر، فلو أراد إنسان أن يزيد صلاة على أنها فريضة فنقول: هذه بدعة غير مقبولة لأنها مخالفة للشرع في القدر ومن باب أولى لو أن الإنسان صلى الظهر مثلا خمسا فإن صلاته لا تصح بالاتفاق.
الرابع: الكيفية فلو أن رجلا توضأ فبدأ بغسل رجليه، ثم مسح رأسه ثم غسل يديه، ثم وجهه فنقول: وضوؤه باطل لأنه مخالف للشرع في الكيفية.
الخامس: الزمان فلو أن رجلا ضحى في أول أيام ذي الحجة فلا تقبل الأضحية لمخالفة الشرع في الزمان.
وسمعت أن بعض الناس في شهر رمضان يذبحون الغنم تقربا لله تعالى بالذبح، وهذا العمل بدعة على هذا الوجه، لأنه ليس هناك شيء يتقرب به إلى الله بالذبح إلا الأضحية، والهدي والعقيقة، أما الذبح في رمضان مع اعتقاد الأجر على الذبح كالذبح في عيد الأضحى فبدعة. وأما الذبح لأجل اللحم فهذا جائز.(1/387)
السادس: المكان، فلو أن رجلا اعتكف في غير مسجد فإن اعتكافه لا يصح، وذلك لأن الاعتكاف لا يكون إلا في المساجد، ولو قالت امرأة أريد أن أعتكف في مصلى البيت. فلا يصح اعتكافها لمخالفة الشرع في المكان. ومن الأمثلة لو أن رجلا أراد أن يطوف فوجد المطاف قد ضاق ووجد ما حوله قد ضاق فصار يطوف من وراء المسجد فلا يصح طوافه لأن مكان الطواف البيت قال الله تعالى لإبراهيم الخليل: وَطَهِّرْ { بَيْتِيَ } ڑْüدےح !$©ـ=د9 (1) .
فالعبادة لا تكون عملا صالحا إلا إذا تحقق فيها شرطان:
الأول: الإخلاص.
الثاني: المتابعة، والمتابعة لا تتحقق إلا بالأمور الستة الآنفة الذكر.
وإنني أقول لهؤلاء الذين ابتلوا بالبدع -الذين قد تكون مقاصدهم حسنة ويريدون الخير- إذا أردتم الخير فلا -والله- نعلم طريقا خيرا من طريق السلف رضي الله عنهم.
أيها الإخوة عضوا على سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالنواجذ واسلكوا طريق السلف الصالح وكونوا على ما كانوا عليه وانظروا هل يضيركم ذلك شيئا؟.
وإني أقول -وأعوذ بالله أن أقول ما ليس لي به علم- أقول إنك لتجد الكثير من هؤلاء الحريصين على البدع يكون فاترا في تنفيذ أمور ثبتت شرعيتها وثبتت سنيتها، فإذا فرغوا من هذه البدع قابلوا السنن الثابتة بالفتور، وهذا كله من نتيجة أضرار البدع على القلوب فالبدع أضرارها على القلوب عظيمة، وأخطارها على الدين جسيمة، فما ابتدع قوم في دين الله بدعة إلا أضاعوا من السنة مثلها أو أشد، كما ذكر ذلك بعض أهل العلم من السلف.
لكن الإنسان إذا شعر أنه تابع لا مشرع حصل له بذلك كمال الخشية والخضوع، والذل، والعبادة لرب العالمين، وكمال الاتباع لإمام المتقين وسيد المرسلين ورسول رب العالمين محمد - صلى الله عليه وسلم - . (2)
__________
(1) الحج الآية (26).
(2) مجموع فتاوى ورسائل (5/253-255).(1/388)
- وقال في شرحه على العقيدة الواسطية: ولكن ولله الحمد ما ابتدع أحد بدعة، إلا قيض الله له بمنه وكرمه من يبين هذه البدعة ويدحضها بالحق وهذا من تمام مدلول قول الله تبارك وتعالى: إِنَّا { نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } (9) (1) ، هذا من حفظ الله لهذا الذكر، وهذا أيضا هو مقتضى حكمة الله عزوجل، لأن الله تعالى جعل محمدا - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين، والرسالة لا بد أن تبقى في الأرض، وإلا لكان للناس حجة على الله وإذا كانت الرسالة لابد أن تبقى في الأرض، لزم أن يقيض الله عزوجل بمقتضى حكمته عند كل بدعة من يبينها ويكشف عورها، وهذا هو الحاصل. (2)
- وقال في رسالته منهاج أهل السنة والجماعة في العقيدة والعمل: إذا لو أن أحدا من أهل البدع ابتدع طريقة عقيدة (أي تعود للعقيدة) أو عملية (تعود إلى العمل) من قول أو فعل، ثم قال إن هذه حسنة. والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة" (3) . قلنا له بكل بساطة هذا الحسن الذي ادعيت أنه ثابت في هذه البدعة هل كان خافيا لدى الرسول عليه الصلاة والسلام أو كان معلوما عنده لكنه كتمه ولم يطلع عليه أحد من سلف الأمة حتى ادخر لك علمه؟
والجواب: إن قال بالأول فشر، وإن قال بالثاني فأطم وأشر.
فإن قال: إن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يعلم حسن هذه البدعة ولذلك لم يشرعها.
قلنا: رمينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأمر عظيم حيث جهلته في دين الله وشريعته.
وإن قال إنه يعلم ولكن كتمه عن الخلق.
__________
(1) الحجر الآية (9).
(2) مجموع فتاوى ورسائل (8/25).
(3) تقدم تخريجه في مواقف صديق حسن خان سنة (1307هـ).(1/389)
قلنا له: وهذه أدهى وأمر لأنك وصفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي هو الأمين الكريم، وصفته بالخيانة وعدم الجود بعلمه، وهذا أشر من وصفه بعدم الجود بماله، مع أنه - صلى الله عليه وسلم - كان أجود الناس، وهنا شر قد يكون احتمالا ثالثا بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - علمها وبلغها ولكن لم تصل إلينا، فنقول له وحينئذ طعنت في كلام الله عزوجل لأن الله تعالى يقول: إِنَّا { نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } (9) (1) وإذا ضاعت شريعة من شريعة الذكر فمعنى ذلك أن الله لم يقم بحفظه بل نقص من حفظه إياه بقدر ما فات من هذه الشريعة التي نزل من أجلها هذا الذكر.
وعلى كل حال فإن كل إنسان يبتدع ما يتقرب به إلى ربه من عقيدة أو عمل قولي أو فعلي فإنه ضال لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "كل بدعة ضلالة" (2) وهذه كلية عامة لا يستثنى منها شيء إطلاقا فكل بدعة في دين الله فإنها ضلالة وليس فيها من الحق شيء فإن الله تعالى يقول: فَمَاذَا { بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } (32) (3) .اهـ (4)
__________
(1) الحجر الآية (9).
(2) تقدم تخريجه في مواقف اللالكائي سنة (418هـ).
(3) يونس الآية (32).
(4) مجموع فتاوى ورسائل (5/192-193).(1/390)
- وقال: وإن من جملة البدع ما ابتدعه بعض الناس في شهر ربيع الأول من بدعة عيد المولد النبوي، يجتمعون في الليلة الثانية عشر منه في المساجد أو البيوت فيصلون على النبي - صلى الله عليه وسلم - بصلوات مبتدعة ويقرؤون مدائح للنبي - صلى الله عليه وسلم - تخرج بهم إلى حد الغلو الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وربما صنعوا مع ذلك طعاما يسهرون عليه فأضاعوا المال والزمان وأتعبوا الأبدان فيما لم يشرعه الله ولا رسوله ولا عمله الخلفاء الراشدون ولا الصحابة ولا المسلمون في القرون الثلاثة المفضلة ولا التابعون بإحسان. ولو كان خيرا لسبقونا إليه، ولو كان خيرا ما حرمه الله تعالى سلف هذه الأمة، وفيهم الخلفاء الراشدون والأئمة وما كان الله تعالى ليحرم سلف هذه الأمة ذلك الخير لو كان خيرا ثم يأتي أناس من القرن الرابع الهجري فيحدثون تلك البدعة. (1)
موقفه من المشركين:
قال رحمه الله في تقريب التدمرية: القرامطة، والباطنية، والفلاسفة لا يؤمنون بما أخبر الله به عن نفسه، ولا عن اليوم الآخر بل ينكرون حقائق هذا وهذا. فمذهبهم فيما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر أنه تخييل لا حقيقة له. وأما في الأمر والنهي فكثير منهم يجعلون للمأمورات والمنهيات تأويلات باطنة تخالف ما يعرفه المسلمون منها، فيقولون: المراد بالصلوات معرفة أسرارهم، وبالصيام كتمان أسرارهم، وبالحج السفر إلى شيوخهم، ونحو ذلك مما يعلم بالضرورة من دين الإسلام أنه كذب وافتراء وكفر وإلحاد.
وقد يقولون إن الشرائع تلزم العامة دون الخاصة، فإذا وصل الرجل إلى درجة العارفين والمحققين عندهم ارتفعت عنه التكاليف فسقطت عنه الواجبات وحلت له المحظورات.
وقد يوجد في المنتسبين إلى التصوف والسلوك من يدخل في بعض هذه المذاهب.
__________
(1) مجموع فتاوى ورسائل (6/198-199).(1/391)
وهؤلاء الباطنية هم الملاحدة الذين أجمع المسلمون على أنهم أكفر من اليهود والنصارى لعظم إلحادهم ومخالفتهم لجميع الشرائع الإلهية. (1)
له كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد أفاد فيه وأجاد.
وكذلك شرح كشف الشبهات وشرح الأصول الثلاثة وغيرها.
موقفه من الرافضة:
- قال رحمه الله في شرحه على الواسطية: فالرافضة هم الذين يسمَّون اليوم: شيعة، وسموا رافضة؛ لأنهم رفضوا زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الذي ينتسب إليه الآن الزيدية؛ رفضوه لأنهم سألوه: ما تقول في أبي بكر وعمر؟ يريدون منه أن يسبهما ويطعن فيهما! ولكنه رضي الله عنه قال لهم: نعم الوزيران وزيرا جدي. يريد بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فأثنى عليهما، فرفضوه، وغضبوا عليه، وتركوه! فسموا رافضة.
هؤلاء الروافض -والعياذ بالله- لهم أصول معروفة عندهم، ومن أقبح أصولهم: الإمامة التي تتضمن عصمة الإمام، وأنه لا يقول خطأ، وأن مقام الإمامة أرفع من مقام النبوة؛ لأن الإمام يتلقى عن الله مباشرة، والنبي بواسطة الرسول، وهو جبريل، ولا يخطئ الإمام عندهم أبدا، بل غلاتهم يدعون أن الإمام يخلق؛ يقول للشيء: كن فيكون!!
وهم يقولون: إن الصحابة كفار، وكلهم ارتدوا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ حتى أبو بكر وعمر عند بعضهم كانا كافرين وماتا على النفاق والعياذ بالله، ولا يستثنون من الصحابة إلا آل البيت، ونفرا قليلا ممن قالوا: إنهم أولياء آل البيت.
وقد قال صاحب كتاب 'الفصل': إن غلاتهم كفروا علي بن أبي طالب؛ قالوا: لأن عليّا أقر الظلم والباطل حين بايع أبا بكر وعمر، وكان الواجب عليه أن ينكر بيعتهما، فلما لم يأخذ بالحق والعدل، ووافق على الظلم؛ صار ظالما كافراً. (2)
__________
(1) مجموع فتاوى ورسائل (4/142-143).
(2) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين (8/447).(1/392)
- وقال فيه أيضاً: الروافض: طائفة غلاة في علي بن أبي طالب وآل البيت، وهم من أضل أهل البدع، وأشدهم كرهاً للصحابة رضي الله عنهم، ومن أراد معرفة ما هم عليه من الضلال؛ فليقرأ في كتبهم وفي كتب من رد عليهم.
وسموا روافض لأنهم رفضوا زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عندما سألوه عن أبي بكر وعمر، فأثنى عليهما وقال: هما وزيرا جدي.
أما النواصب؛ فهم الذي ينصبون العداء لآل البيت، ويقدحون فيهم، ويسبونهم؛ فهم على النقيض من الروافض.
فالروافض اعتدوا على الصحابة بالقلوب والألسن.
ففي القلوب يبغضون الصحابة ويكرهونهم؛ إلا من جعلهم وسيلة لنيل مآربهم وغلوا فيهم، وهم آل البيت.
وفي الألسن يسبونهم فيلعنونهم ويقولون: إنهم ظلمة! ويقولون: إنهم ارتدوا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا قليلاً، إلى غير ذلك من الأشياء المعروفة في كتبهم.
وفي الحقيقة إن سب الصحابة رضي الله عنهم ليس جرحاً في الصحابة رضي الله عنهم فقط، بل هو قدح في الصحابة وفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي شريعة الله وفي ذات الله عز وجل:
أما كونه قدح في الصحابة؛ فواضح.
وأما كونه قدحا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فحيث كان أصحابه وأمناؤه وخلفاؤه على أمته من شرار الخلق، وفيه قدح في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجه آخر، وهو تكذيبه فيما أخبر به من فضائلهم ومناقبهم.
وأما كونه قدحاً في شريعة الله؛ فلأن الواسطة بيننا وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نقل الشريعة هم الصحابة، فإذا سقطت عدالتهم؛ لم يبق ثقة فيما نقلوه من الشريعة.
وأما كونه قدحاً في الله سبحانه؛ فحيث بعث نبيه - صلى الله عليه وسلم - في شرار الخلق، واختارهم لصحبته وحمل شريعته ونقلها لأمته!!
فانظر ماذا يترتب من الطوام الكبرى على سب الصحابة رضي الله عنهم.(1/393)
ونحن نتبرأ من طريقة هؤلاء الروافض الذين يسبون الصحابة ويبغضونهم، ونعتقد أن محبتهم فرض، وأن الكف عن مساوئهم فرض، وقلوبنا -ولله الحمد- مملوءة من محبتهم؛ لما كانوا عليه من الإيمان والتقوى ونشر العلم ونصرة النبي - صلى الله عليه وسلم - . (1)
- وقال أيضاً: فمن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ سلامة القلب من البغض والغل والحقد والكراهة، وسلامة ألسنتهم من كل قول لا يليق بهم.
فقلوبهم سالمة من ذلك، مملوءة بالحب والتقدير والتعظيم لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عل ما يليق بهم.
فهم يحبون أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويفضلونهم على جميع الخلق؛ لأن محبتهم من محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ومحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من محبة الله، وألسنتهم أيضاً سالمة من السب والشتم واللعن والتفسيق والتكفير وما أشبه ذلك مما يأتي به أهل البدع؛ فإذا سلمت من هذا؛ ملئت من الثناء عليهم والترضي عنهم والترحم والاستغفار وغير ذلك، وذلك للأمور التالية:
أولاً: أنهم خير القرون في جميع الأمم، كما صرح بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".
ثانياً: أنهم هم الواسطة بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أمته؛ فمنهم تلقت الأمة عنه الشريعة.
ثالثاً: ما كان على أيديهم من الفتوحات الواسعة العظيمة.
رابعاً: أنهم نشروا الفضائل بين هذه الأمة من الصدق والنصح والأخلاق والآداب التي لا توجد عند غيرهم، ولا يعرف هذا من كان يقرأ عنهم من وراء جدر، بل لا يعرف هذا إلا من عاش في تاريخهم وعرف مناقبهم وفضائلهم وإيثارهم واستجابتهم لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين (8/615-616).(1/394)
فنحن نشهد الله عز وجل على محبة هؤلاء الصحابة، ونثني عليهم بألسنتنا بما يستحقون، ونبرأ من طريقين ضالين: طريق الروافض الذين يسبون الصحابة ويغلون في آل البيت، ومن طريق النواصب الذين يبغضون آل البيت، ونرى أن لآل البيت إذا كانوا صحابة ثلاثة حقوق: حق الصحبة، وحق الإيمان، وحق القرابة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . (1)
- وقال في القول المفيد: وأصل مذهبهم من عبدالله بن سبأ، وهو يهودي تلبَّس بالإسلام، فأظهر التشيُّع لآل البيت والغلو فيهم ليشغل الناس عن دين الإسلام ويُفسده كما أفسد بولص دين النصارى عندما تلبَّس بالنصرانية.
وأول ما أظهر ابن سبأ بدعته في عهد علي بن أبي طالب، حتى إنه جاءه وقال: أنت الله حقاً -والعياذ بالله-. فأمر علي بالأخدود فحفرت، وأمر بالحطب فجمع، وبالنار فأوقدت، ثم أحرقهم بها؛ إلا أنه يقال: إن عبدالله ابن سبأ هرب وذهب إلى مصر ونشر بدعته؛ فالله أعلم.
__________
(1) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين (8/587-588).(1/395)
فالمهم أن علياً رضي الله عنه رأى أمراً لم يحتمله، حيث ادّعوا فيه الألوهية فأحرقهم بالنار إحراقاً، ثم بدأت هذه الفرقة الخبيثة تتكاثر؛ لأن شعارها في الحقيقة النفاق الذي يسمونه التقية، ولهذا كانت هذه الفرقة أخطر ما يكون على الإسلام؛ لأنها تتظاهر بالإسلام والدعوة إليه، وتقيم شعائره الظاهرة؛ كتحريم الخمور وما أشبه ذلك، لكنها تناقضه في الباطن؛ فهم يرون أئمتهم آلهة تدير الكون، وأنهم أفضل من الأنبياء والملائكة والأولياء، وأنهم في مرتبة لا ينالها ملك مقرب ولا نبي مرسل، وهؤلاء كيف يصح أن تقبل منهم دعوى الإسلام، ولذلك يقول عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كثير من كتبه قولا إذا اطلع عليه الإنسان عرف حالهم: "إنهم أشد الناس ضررا على الإسلام، وأنهم هجروا المساجد وعمَّروا المشاهد"؛ فهم يقولون: لا نصلي جماعة إلا خلف إمام معصوم ولا معصوم الآن، وهم أوّل مَن بنى المشاهد على القبور كما قال الشيخ هنا، ورموا أفضل أتباع الرسول على الإطلاق -وهما أبو بكر وعمر- بالنفاق، وإنهما ماتا على ذلك؛كعبدالله بن أبيّ بن سلول وأشباهه والعياذ بالله؛ فانظر بماذا تحكم على هؤلاء بعد معرفة معتقدهم ومنهجهم؟!. (1)
موقفه من الصوفية:
__________
(1) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين (9/409-410).(1/396)
قال رحمه الله: أما فيما يتعلق بمسألة الصوفية وغنائهم ومديحهم وضربهم بالدف والتغبير التي يضربون الفراش ونحوه بالسوط فما كان أكثر غبارا فهو أشد صدقا في الطلب، وما أشبه ذلك مما يفعلونه، فإن هذا من البدع المحرمة التي يجب عليه أن يقلع عنها، وأن ينهى أصحابه عنها وذلك لأن خير القرون وهم القرن الذين بعث فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتعبدوا لله بهذا التعبد، ولأن هذا التعبد لا يورث القلب إنابة إلى الله ولا انكسارا لديه ولا خشوعا لديه وإنما يورث انفعالات نفسية يتأثر بها الإنسان من مثل هذا العمل، كالصراخ وعدم الانضباط والحركة الثائرة وما أشبه ذلك، وكل هذا يدل على أن هذا التعبد باطل وأنه ليس بنافع للعبد وهو دليل واقعي غير الدليل الأثري الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين تمسكوابها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة". فهذا التعبد من الضلال المبين الذي يجب على العبد أن يقلع عنه، وأن يتوب إلى الله، وأن يرجع إلى ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه الراشدون، فإن هديهم أكمل هدي وطريقهم أحسن طريق. قال الله تعالى: وَمَنْ { أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } (33) (1) . ولا يكون العمل صالحا إلا بأمرين: الإخلاص لله، والموافقة لشريعته التي جاء بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - . (2)
موقفه من الجهمية:
له من الآثار السلفية:
1- 'فتح رب البرية بتلخيص الحموية'.
2- 'تقريب التدمرية'.
3- 'تعليقات على الواسطية' (رسالة).
4- 'شرح الواسطية' (مجلد ضخم).
5- 'شرح لمعة الاعتقاد'.
6- 'أسماء الله وصفاته وموقف أهل السنة منها'.
7- 'القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى'.
__________
(1) فصلت الآية (33).
(2) فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين (1/206-207).(1/397)
- قال رحمه الله في كتابه 'القول المفيد': وأما الجهمية فهم أتباع الجهم ابن صفوان، وأول بدعته أنه أنكر صفات الله، وقال: إن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما؛ فأنكر المحبة والكلام، ثم بدأت هذه البدعة تنتشر وتتسع، فاعتنقها طوائف غير الجهمية؛ كالمعتزلة ومتأخري الرافضة؛ لأن الرافضة كانوا بالأول مشبهة، ولهذا قال أهل العلم: أول من عرف بالتشبيه هشام بن الحكم الرافضي، ثم تحوّلوا من التشبيه إلى التعطيل، وصاروا ينكرون الصفات.
والجهم بن صفوان أخذ بدعته عن الجعد بن درهم، والجعد أخذ بدعته عن أبان بن سمعان، وأبان أخذها عن طالوت الذي أخذها عن لبيد بن الأعصم اليهودي الذي سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ فتكون بدعة التعطيل أصلها من اليهود، ثم إن الجهم بن صفوان نشأ في بلاد خراسان، وفيها كثير من الصابئة وعُبّاد الكواكب والفلاسفة، فأخذ منهم أيضا ما أخذ، فصارت هذه البدعة مركبة من اليهودية والصابئة والمشركين.
وانتشرت هذه البدعة في الأمة الإسلامية، وهؤلاء الجهمية مُعطّلة في الصفات يُنكرون الصفات، ومنهم مَن أنكر الأسماء مع الصفات، وهذه الأسماء التي يُضيفها الله -سبحانه- إلى نفسه جعلوها إضافات وليست حقيقة، أو أنها أسماء لبعض مخلوقاته؛ فالسميع عندهم بمعنى مَن خلق السمع في غيره والبصير كذلك، وهكذا.(1/398)
ومنهم من أنكر أن يكون الله مُتَّصفا بالإثبات أو العدم، فقالوا: لا يجوز أن نثبت لله صفة أو ننفي عنه صفة؛ حتى قالوا: لا يجوز أن نقول عنه: إنه موجود ولا إنه معدوم؛ لأننا إن قلنا موجود شبّهناه بالموجودات، وإن قلنا بأنه معدوم شبهناه بالمعدومات؛ فنقول: لا موجود ولا معدوم؛ فكابروا المعقول، وكذبوا المنقول، وهذا لا يمكن؛ لأن تقابل الوجود والعدم من تقابل النقيضين اللذين لا يمكن ارتفاعهما ولا اجتماعهما، بل لا بد أن يُوجد أحدهما، فوصف الله بذلك تشبيه له بالممتنعات على قاعدتهم. (1)
- وقال فيه أيضا: توحيد الأسماء والصفات: وهو إفراد الله عز وجل بما له من الأسماء والصفات.
وهذا يتضمن شيئين:
الأول: الإثبات، وذلك بأن نثبت لله -عز وجل- جميع أسمائه وصفاته التي أثبتها لنفسه في كتابه أو سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - .
الثاني: نفي المماثلة، وذلك بأن لا نجعل لله مثيلا في أسمائه وصفاته؛ كما قال تعالى: لَيْسَ { كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } (11) (2) فدلت هذه الآية على أن جميع صفاته لا يماثله فيها أحد من المخلوقين؛ فهي وإن اشتركت في أصل المعنى، لكن تختلف في حقيقة الحال، فمن لم يثبت ما أثبته الله لنفسه؛ فهو معطل، وتعطيله هذا يشبه تعطيل فرعون، ومن أثبتها مع التشبيه صار مشابها للمشركين الذين عبدوا مع الله غيره، ومن أثبتها بدون مماثلة صار من الموحدين.
__________
(1) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين (9/410-411).
(2) الشورى الآية (11).(1/399)
وهذا القسم من التوحيد هو الذي ضلت فيه بعض الأمة الإسلامية وانقسموا فيه إلى فرق كثيرة؛ فمنهم من سلك مسلك التعطيل، فعطل، ونفى الصفات زاعما أنه مُنزّه لله، وقد ضل؛ لأن المنزّه حقيقةً هو الذي ينفي عنه صفات النقص والعيب، وينزه كلامه من أن يكون تعمية وتضليلا، فإذا قال: بأن الله ليس له سمع، ولا بصر، ولا علم، ولا قدرة؛ لم ينزه الله، بل وصَمَه بأعيب العيوب، ووصم كلامه بالتعمية والتضليل؛ لأن الله يكرر ذلك في كلامه ويثبته، سَمِيعٌ { } بَصِيرٌ، عَزِيزٌ { } يOٹإ6ym، غَفُورٌ { } يOٹدm'، فإذا أثبته في كلامه وهو خال منه؛ كان في غاية التعمية والتضليل والقدح في كلام الله -عز وجل-، ومنهم من سلك مسلك التمثيل زاعما بأنه محقق لما وصف الله به نفسه، وقد ضلوا لأنهم لم يقدروا الله حق قدره؛ إذ وصموه بالعيب والنقص؛ لأنهم جعلوا الكامل من كل وجه كالناقص من كل وجه.
وإذا كان اقتران تفضيل الكامل على الناقص يحط من قدره؛ كما قيل:
ألم تر أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
فكيف بتمثيل الكامل بالناقص؟! هذا أعظم ما يكون جنايةً في حق الله -عز وجل-، وإن كان المعطلون أعظم جرماً، لكن الكل لم يقدر الله حق قدره.
فالواجب: أن نؤمن بما وصف الله وسمّى به نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل. (1)
__________
(1) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين (9/6-8).(1/400)
- وقال في شرحه على العقيدة الواسطية: فإذا سئلنا: من أهل السنة والجماعة؟ فنقول: هم المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب. وهذا التعريف من شيخ الإسلام ابن تيمية يقتضي أن الأشاعرة والماتريدية ونحوهم ليسوا من أهل السنة والجماعة؛ لأن تمسكهم مشوب بما أدخلوا فيه من البدع. وهذا هو الصحيح؛ أنه لا يعد الأشاعرة والماتريدية فيما ذهبوا إليه في أسماء الله وصفاته من أهل السنة والجماعة. وكيف يعدون من أهل السنة والجماعة في ذلك مع مخالفتهم لأهل السنة والجماعة؟!
لأنه يقال: إما أن يكون الحق فيما ذهب إليه هؤلاء الأشاعرة والماتريدية، أو الحق فيما ذهب إليه السلف. ومن المعلوم أن الحق فيما ذهب إليه السلف؛ لأن السلف هنا هم الصحابة والتابعون وأئمة الهدى من بعدهم. فإذا كان الحق فيما ذهب إليه السلف، وهؤلاء يخالفونهم؛ صاروا ليسوا من أهل السنة والجماعة في ذلك. (1)
موقفه من الخوارج:
- قال: أما الخوارج؛ فهم على العكس من الرافضة؛ حيث إنهم كفروا علي بن أبي طالب وكفروا معاية بن أبي سفيان، وكفروا كل من لم يكن على طريقتهم، واستحلوا دماء المسلمين، فكانوا كما وصفهم النبي عليه الصلاة والسلام: "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وإيمانهم لا يتجاوز حناجرهم" (2) .اهـ (3)
- وسئل عن حكم طاعة الحاكم الذي لا يحكم بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ؟
فأجاب بقوله: الحاكم الذي لا يحكم بكتاب الله وسنة رسوله تجب طاعته في غير معصية الله ورسوله، ولا تجب محاربته من أجل ذلك، بل ولا تجوز إلا أن يصل إلى حد الكفر، فحينئذ تجب منابذته، وليس له طاعة على المسلمين.
والحكم بغير ما في كتاب الله وسنة رسوله يصل إلى الكفر بشرطين:
__________
(1) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين (8/685-686).
(2) تقدم تخريجه من حديث ابن مسعود ضمن مواقف الحسن البصري سنة (110هـ).
(3) شرح العقيدة الواسطية ضمن مجموع فتاواه (8/447-448).(1/401)
الأول: أن يكون عالما بحكم الله ورسوله، فإن كان جاهلا به لم يكفر بمخالفته.
الثاني: أن يكون الحامل له على الحكم بغير ما أنزل الله اعتقاد أنه حكم غير صالح للوقت وأن غيره أصلح منه، وأنفع للعباد.
وبهذين الشرطين يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفرا مخرجا عن الملة، لقوله تعالى: وَمَنْ { لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } (44) (1) . وتبطل ولاية الحاكم، ولا يكون له طاعة على الناس، وتجب محاربته، وإبعاده عن الحكم.
أما إذا كان يحكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أن الحكم به أي بما أنزل الله هو الواجب، وأنه أصلح للعباد، لكن خالفه لهوى في نفسه أو إرادة ظلم المحكوم عليه، فهذا ليس بكافر بل هو إما فاسق أو ظالم، وولايته باقية، وطاعته في غير معصية الله ورسوله واجبة، ولا تجوز محاربته أو إبعاده عن الحكم بالقوة، والخروج عليه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخروج على الأئمة إلا أن نرى كفرا صريحا عندنا فيه برهان من الله تعالى. (2)
__________
(1) المائدة الآية (44).
(2) مجموع فتاوى (2/147-148).(1/402)
وقال: ومن الموانع أيضا (1) أن يكون له شبهة تأويل في الكفر بحيث يظن أنه على حق؛ لأن هذا لم يتعمد الإثم والمخالفة فيكون داخلا في قوله تعالى: وَلَيْسَ { عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } (2) ولأن هذا غاية جهده فيكون داخلا في قوله تعالى: لَا { يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } (3) قال في المغني (8/131): "وإن استحل قتل المعصومين وأخذ أموالهم بغير شبهة ولا تأويل فكذلك -يعني يكون كافرا- وإن كان بتأويل كالخوارج فقد ذكرنا أن أكثر الفقهاء لم يحكموا بكفرهم مع استحلالهم دماء المسلمين وأموالهم، وفعلهم ذلك متقربين به إلى الله تعالى -إلى أن قال-: وقد عرف من مذهب الخوارج تكفير كثير من الصحابة ومن بعدهم واستحلالهم دمائهم، وأموالهم، واعتقادهم التقرب بقتلهم إلى ربهم، ومع هذا لم يحكم الفقهاء بكفرهم لتأويلهم، وكذلك يخرج في كل محرم استحل بتأويل مثل هذا". وفي فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (13/30) مجموع ابن القاسم: "وبدعة الخوارج إنما هي من سوء فهمهم للقرآن، لم يقصدوا معارضته، لكن فهموا منه ما لم يدل عليه، فظنوا أنه يوجب تكفير أرباب الذنوب" وفي (ص.210): "فإن الخوارج خالفوا السنة التي أمر القرآن باتباعها، وكفروا المؤمنين الذين أمر القرآن بموالاتهم.. وصاروا يتبعون المتشابه من القرآن فيتأولونه على غير تأوله من غير معرفة منهم بمعناه ولا رسوخ في العلم، ولا اتباع للسنة، ولا مراجعة لجماعة المسلمين الذين يفهمون القرآن". وقال أيضا (4) من المجموع المذكور: "فإن الأئمة متفقون على ذم الخوارج وتضليلهم، وإنما تنازعوا في تكفيرهم على قولين مشهورين".
__________
(1) أي موانع التكفير.
(2) الأحزاب الآية (5).
(3) البقرة الآية (286).
(4) 28/518).(1/403)
لكنه ذكر في (7/217): "أنه لم يكن في الصحابة من يكفرهم لا علي بن أبي طالب ولا غيره، بل حكموا فيهم بحكمهم في المسلمين الظالمين المعتدين كما ذكرت الآثار عنهم بذلك في غير هذا الموضع" وفي (28/518): "إن هذا هو المنصوص عن الأئمة كأحمد وغيره". وفي (3/282) قال: "والخوارج المارقون الذين أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بقتالهم قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أحد الخلفاء الراشدين، واتفق على قتالهم أئمة الدين من الصحابة، والتابعين ومن بعدهم، ولم يكفرهم علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وغيرهما من الصحابة، بل جعلوهم مسلمين مع قتالهم، ولم يقاتلهم علي حتى سفكوا الدم الحرام، وأغاروا على أموال المسلمين؛ فقاتلهم لدفع ظلمهم وبغيهم، لا لأنهم كفار. ولهذا لم يسب حريمهم، ولم يغنم أموالهم، وإذا كان هؤلاء الذين ثبت ضلالهم بالنص، والإجماع، لم يكفروا مع أمر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بقتالهم فكيف بالطوائف المختلفين الذين اشتبه عليهم الحق في مسائل غلط فيها من هو أعلم منهم، فلا يحل لأحد من هذه الطوائف أن يكفر الأخرى، ولا تستحل دمها ومالها، وقد تكون بدعة محققة، فكيف إذا كانت المكفرة لها مبتدعة أيضا، وقد تكون بدعة هؤلاء أغلظ، والغالب أنهم جميعا جهال بحقائق ما يختلفون فيه". إلى أن قال: "وإذا كان المسلم متأولا في القتال، أو التكفير لم يكفر بذلك". إلى أن قال في (ص.288): "وقد اختلف العلماء في خطاب الله ورسوله هل يثبت حكمه في حق العبيد قبل البلاغ على ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره ... والصحيح ما دل عليه القرآن في قوله تعالى: وَمَا { كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } (15) (1) وقوله: رُسُلًا { مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } (2) .
__________
(1) الإسراء الآية (15).
(2) النساء الآية (165).(1/404)
وفي الصحيحين (1) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ما أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين"".
والحاصل أن الجاهل معذور بما يقوله أو يفعله مما يكون كفرا، كما يكون معذورا بما يقوله أو يفعله مما يكون فسقا، وذلك بالأدلة من الكتاب والسنة، والاعتبار، وأقوال أهل العلم. (2)
موقفه من المرجئة:
سئل الشيخ -أعظم الله مثوبته- عن تعريف الإيمان عند أهل السنة والجماعة وهل يزيد وينقص؟
فأجاب بقوله: الإيمان عند أهل السنة والجماعة هو: (الإقرار بالقلب، والنطق باللسان، والعمل بالجوارح). فهو يتضمن الأمور الثلاثة:
1- إقرار بالقلب.
2- نطق باللسان.
3- عمل بالجوارح.
وإذا كان كذلك فإنه سوف يزيد وينقص، وذلك لأن الإقرار بالقلب يتفاضل فليس الإقرار بالخبر كالإقرار بالمعاينة، وليس الإقرار بخبر الرجل كالإقرار بخبر الرجلين وهكذا، ولهذا قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام: رَبِّ { أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ } قَلْبِي (3) . فالإيمان يزيد من حيث إقرار القلب وطمأنينته وسكونه، والإنسان يجد ذلك من نفسه فعندما يحضر مجلس ذكر فيه موعظة، وذكر للجنة والنار يزداد الإيمان حتى كأنه يشاهد ذلك رأي العين، وعندما توجد الغفلة ويقوم من هذا المجلس يخف هذا اليقين في قلبه.
كذلك يزداد الإيمان من حيث القول فإن من ذكر الله عشر مرات ليس كمن ذكر الله مئة مرة، فالثاني أزيد بكثير.
وكذلك أيضاً من أتى بالعبادة على وجه كامل يكون إيمانه أزيد ممن أتى بها على وجه ناقص.
__________
(1) البخاري (13/492/7416) ومسلم (2/1136/1499).
(2) مجموع فتاوى (2/136-138).
(3) البقرة الآية (260).(1/405)
وكذلك العمل فإن الإنسان إذا عمل عملاً بجوارحه أكثر من الآخر صار الأكثر أزيد إيماناً من الناقص، وقد جاء ذلك في القرآن والسنة -أعني إثبات الزيادة والنقصان- قال تعالى: وَمَا { جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آَمَنُوا } إِيمَانًا (1) . وقال تعالى: وَإِذَا { مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ } (125) (2) وفي الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن" (3) . فالإيمان إذن يزيد وينقص.
ولكن ما سبب زيادة الإيمان؟
للزيادة أسباب:
السبب الأول: معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته، فإن الإنسان كلما ازداد معرفة بالله، وبأسمائه، وصفاته ازداد إيماناً بلا شك، ولهذا تجد أهل العلم الذين يعلمون من أسماء الله وصفاته ما لا يعلمه غيرهم تجدهم أقوى إيماناً من الآخرين من هذا الوجه.
السبب الثاني: النظر في آيات الله الكونية، والشرعية، فإن الإنسان كلما نظر في الآيات الكونية التي هي المخلوقات ازداد إيماناً قال تعالى: وَفِي { الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ } (21) (4) . والآيات الدالة على هذا كثيرة أعني الآيات الدالة على أن الإنسان بتدبره وتأمله في هذا الكون يزداد إيمانه.
__________
(1) المدثر الآية (31).
(2) التوبة الآيتان (124و125).
(3) تقدم تخريجه في مواقف ابن أبي العز سنة (792هـ).
(4) الذاريات الآيتان (21و22).(1/406)
السبب الثالث: كثرة الطاعات فإن الإنسان كلما كثرت طاعاته ازداد بذلك إيماناً سواء كانت هذه الطاعات قولية، أم فعلية، فالذكر يزيد الإيمان كمية وكيفية، والصلاة والصوم، والحج تزيد الإيمان أيضاً كمية وكيفية.
أما أسباب النقصان فهي على العكس من ذلك:
فالسبب الأول: الجهل بأسماء الله وصفاته يوجب نقص الإيمان لأن الإنسان إذا نقصت معرفته بأسماء الله وصفاته نقص إيمانه.
السبب الثاني: الإعراض عن التفكر في آيات الله الكونية والشرعية، فإن هذا يسبب نقص الإيمان، أو على الأقل ركوده وعدم نموه.
السبب الثالث: فعل المعصية فإن للمعصية آثاراً عظيمة على القلب وعلى الإيمان ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن". الحديث (1) .
السبب الرابع: ترك الطاعة فإن ترك الطاعة سبب لنقص الإيمان، لكن إن كانت الطاعة واجبة وتركها بلا عذر، فهو نقص يلام عليه ويعاقب، وإن كانت الطاعة غير واجبة، أو واجبة لكن تركها بعذر فإنه نقص لا يلام عليه، ولهذا جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء ناقصات عقل ودين، وعلّل نقصان دينها بأنها إذا حاضت لم تصل ولم تصم، مع أنها لا تلام على ترك الصلاة والصيام في حال الحيض بل هي مأمورة بذلك لكن لما فاتها الفعل الذي يقوم به الرجل صارت ناقصة عنه من هذا الوجه. (2)
موقفه من القدرية:
قال رحمه الله: القدر بفتح الدال: تقدير الله تعالى للكائنات، حسبما سبق به علمه، واقتضته حكمته.
والإيمان بالقدر يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بأن الله تعالى علم بكل شيء جملة وتفصيلا، أزلا وأبدا، سواء كان ذلك مما يتعلق بأفعاله أوبأفعال عباده.
__________
(1) تقدم تخريجه في مواقف الحسن البصري سنة (110هـ).
(2) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (1/49-52).(1/407)
الثاني: الإيمان بأن الله كتب ذلك في اللوح المحفوظ، وفي هذين الأمرين يقول الله تعالى: أَلَمْ { تَعْلَمْ أَن اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } (70) (1) . وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة" (2) .
الثالث: الإيمان بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى، سواء كانت مما يتعلق بفعله أم مما يتعلق بفعل المخلوقين، قال الله تعالى فيما يتعلق بفعله: وَرَبُّكَ { يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } وَيَخْتَارُ (3) وقال: وَيَفْعَلُ { اللَّهُ مَا يَشَاءُ } (27) (4) وقال: هُوَ { الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ } (5) وقال تعالى فيما يتعلق بفعل المخلوقين: وَلَوْ { شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ } (6) وقال: وَلَوْ { شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } (137) (7) .
الرابع: الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله تعالى بذواتها، وصفاتها، وحركاتها، قال الله تعالى: اللَّهُ { خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } (62) (8) وقال: وَخَلَقَ { كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا } (2) (9) وقال عن نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه: وَاللَّهُ { خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } (96) (10) .
__________
(1) الحج الآية (70).
(2) أخرجه مسلم (4/2044/2653).
(3) القصص الآية (68).
(4) إبراهيم الآية (27).
(5) آل عمران الآية (6).
(6) النساء الآية (90).
(7) الأنعام الآية (137).
(8) الزمر الآية (62).
(9) الفرقان الآية (2).
(10) الصافات الآية (96).(1/408)
والإيمان بالقدر على ما وصفنا لا ينافي أن يكون للعبد مشيئة في أفعاله الاختيارية وقدرة عليها، لأن الشرع والواقع دالان على إثبات ذلك له.
أما الشرع: فقد قال الله تعالى في المشيئة: فَمَنْ { شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا } (39) (1) وقال: فَأْتُوا { حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } (2) وقال في القدرة: فَاتَّقُوا { اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا } وَأَطِيعُوا (3) وقال: لَا { يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا } اكْتَسَبَتْ (4) .
وأما الواقع: فإن كل إنسان يعلم أن له مشيئة وقدرة بهما يفعل وبهما يترك، ويفرق بين ما يقع بإرادته كالمشي، وما يقع بغير إرادته كالارتعاش، لكن مشيئة العبد وقدرته واقعتان بمشيئة الله تعالى، وقدرته لقول الله تعالى: لِمَنْ { شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } (29) (5) ولأن الكون كله ملك لله تعالى فلا يكون في ملكه شيء بدون علمه ومشيئته.
والإيمان بالقدر على ما وصفنا لا يمنح العبد حجة على ما ترك من الواجبات أو فعل من المعاصي، وعلى هذا فاحتجاجه به باطل من وجوه:
الأول: قوله تعالى: سَيَقُولُ { الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ } (148) (6) ولوكان لهم حجة بالقدر ما أذاقهم الله بأسه.
__________
(1) النبأ الآية (39).
(2) البقرة الآية (223).
(3) التغابن الآية (16).
(4) البقرة الآية (286).
(5) التكوير الآيتان (28و29).
(6) الأنعام الآية (148).(1/409)
الثاني: قوله تعالى: رُسُلًا { مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا } (165) (1) ولو كان القدر حجة للمخالفين لم تنتف بإرسال الرسل، لأن المخالفة بعد إرسالهم واقعة بقدر الله تعالى.
الثالث: ما رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما منكم من أحد إلا قد كتب مقعده من النار أو من الجنة". فقال رجل من القوم: ألا نتكل يا رسول الله؟ قال: "لا، اعملوا فكل ميسر"، ثم قرأ: فَأَمَّا { مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى } (5) (2) الآية. وفي لفظ لمسلم: "فكل ميسر لما خلق له" (3) فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعمل ونهى عن الاتكال على القدر.
الرابع: أن الله تعالى أمر العبد ونهاه، ولم يكلفه إلا ما يستطيع، قال الله تعالى: فَاتَّقُوا { اللَّهَ مَا } اسْتَطَعْتُمْ (4) وقال: لَا { يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } (5) ولو كان العبد مجبرا على الفعل لكان مكلفا بما لا يستطيع الخلاص منه، وهذا باطل ولذلك إذا وقعت منه المعصية بجهل، أونسيان، أو إكراه، فلا إثم عليه لأنه معذور.
الخامس: أن قدر الله تعالى سر مكتوم لا يعلم به إلا بعد وقوع المقدور، وإرادة العبد لما يفعله سابقة على فعله فتكون إرادته الفعل غير مبنية على علم منه بقدر الله، وحينئذ تنتفي حجته بالقدر إذ لا حجة للمرء فيما لا يعلمه.
السادس: أننا نرى الإنسان يحرص على ما يلائمه من أمور دنياه حتى يدركه ولا يعدل عنه إلى ما لا يلائمه ثم يحتج على عدوله بالقدر، فلماذا يعدل عما ينفعه في أمور دينه إلى ما يضره ثم يحتج بالقدر؟ أفليس شأن الأمرين واحدا؟.
__________
(1) النساء الآية (165).
(2) الليل الآية (5).
(3) تقدم تخريجه في مواقف عبدالرحمن بن ناصر السعدي سنة (1376هـ).
(4) التغابن الآية (16).
(5) البقرة الآية (286).(1/410)
وإليك مثالا يوضح ذلك: لو كان بين يدي الإنسان طريقان أحدهما ينتهي به إلى بلد كلها فوضى، وقتل، ونهب، وانتهاك للأعراض وخوف، وجوع، والثاني ينتهي به إلى بلد كلها نظام، وأمن مستتب، وعيش رغيد، واحترام للنفوس والأعراض والأموال، فأي الطريقين يسلك؟
إنه سيسلك الطريق الثاني الذي ينتهي به إلى بلد النظام والأمن، ولا يمكن لأي عاقل أبدا أن يسلك طريق بلد الفوضى، والخوف، ويحتج بالقدر، فلماذا يسلك في أمر الآخرة طرق النار دون الجنة ويحتج بالقدر؟
مثال آخر: نرى المريض يؤمر بالدواء فيشربه ونفسه لاتشتهيه، وينهى عن الطعام الذي يضره فيتركه ونفسه تشتهيه،كل ذلك طلبا للشفاء والسلامة، ولا يمكن أن يمتنع عن شرب الدواء أو يأكل الطعام الذي يضره ويحتج بالقدر فلماذا يترك الإنسان ما أمر الله ورسوله، أويفعل ما نهى الله ورسوله ثم يحتج بالقدر؟.
السابع: أن المحتج بالقدر على ما تركه من الواجبات أو فعله من المعاصي، لو اعتدى عليه شخص فأخذ ماله أو انتهك حرمته ثم احتج بالقدر، وقال: لا تلمني فإن اعتدائي كان بقدر الله، لم يقبل حجته. فكيف لا يقبل الاحتجاج بالقدر في اعتداء غيره عليه، ويحتج به لنفسه في اعتدائه على حق الله تعالى؟
ويذكر أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه رفع إليه سارق استحق القطع، فأمر بقطع يده فقال: مهلا يا أمير المؤمنين، فإنما سرقت بقدر الله، فقال عمر: ونحن إنما نقطع بقدر الله.
وللإيمان بالقدر ثمرات جليلة منها:
الأولى: الاعتماد على الله تعالى، عند فعل الأسباب بحيث لا يعتمد على السبب نفسه لأن كل شيء بقدر الله تعالى.
الثانية: أن لا يعجب المرء بنفسه عند حصول مراده، لأن حصوله نعمة من الله تعالى، بما قدره من أسباب الخير، والنجاح، وإعجابه بنفسه ينسيه شكر هذه النعمة.(1/411)
الثالثة: الطمأنينة، والراحة النفسية بما يجري عليه من أقدار الله تعالى فلا يقلق بفوات محبوب، أو حصول مكروه، لأن ذلك بقدر الله الذي له ملك السموات والأرض، وهو كائن لا محالة وفي ذلك يقول الله تعالى: مَا { أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } (23) (1) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" (2) رواه مسلم.
وقد ضل في القدر طائفتان:
إحداهما: الجبرية الذين قالوا إن العبد مجبر على عمله وليس له فيه إرادة ولا قدرة.
الثانية: القدرية الذين قالوا إن العبد مستقل بعمله في الإرادة والقدرة، وليس لمشيئة الله تعالى وقدرته فيه أثر.
والرد على الطائفة الأولى (الجبرية) بالشرع والواقع:
أما الشرع: فإن الله تعالى أثبت للعبد إرادة ومشيئة، وأضاف العمل إليه، قال الله تعالى: مِنْكُمْ { مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ } الْآَخِرَةَ (3) وقال: وَقُلِ { الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ } سُرَادِقُهَا (4) الآية. وقال: مَنْ { عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } (46) (5) .
__________
(1) الحديد الآيتان (22و23).
(2) أخرجه أحمد (4/332) ومسلم (4/2295/2999) من حديث صهيب رضي الله عنه.
(3) آل عمران الآية (152).
(4) الكهف الآية (29).
(5) فصلت الآية (46).(1/412)
وأما الواقع: فإن كل إنسان يعلم الفرق بين أفعاله الاختيارية التي يفعلها بإرادته كالأكل، والشرب، والبيع، والشراء، وبين ما يقع عليه بغير إرادته كالارتعاش من الحمى، والسقوط من السطح، فهو في الأول فاعل مختار بإرادته من غير جبر، وفي الثاني غير مختار ولامريد لما وقع عليه.
والرد على الطائفة الثانية (القدرية) بالشرع والعقل.
أما الشرع: فإن الله تعالى خالق كل شيء، وكل شيء كائن بمشيئته، وقد بين الله تعالى في كتابه أن أفعال العباد تقع بمشيئته فقال تعالى: وَلَوْ { شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } (253) (1) وقال تعالى: وَلَوْ { شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } (13) (2) .
وأما العقل: فإن الكون كله مملوك لله تعالى، والإنسان من هذا الكون، فهو مملوك لله تعالى، ولا يمكن للمملوك أن يتصرف في ملك المالك إلا بإذنه ومشيئته. (3)
محمود مهدي الإستانبولي (حوالي 1421 هـ)
موقفه من المبتدعة:
له رسالة صغيرة المباني، غزيرة الفوائد والمعاني، أسماها: 'كتب ليست من الإسلام'. ردّ فيها على مجموعة من الكتب المشبوهة، وللإسلام أضحت مُشوِّهة.
__________
(1) البقرة الآية (253).
(2) السجدة الآية (13).
(3) شرح الأصول الثلاثة (مجموع الفتاوى له 6/109-115).(1/413)
قال فيها: لقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يتدارسون سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومغازيه ويعلمونها أطفالهم، كما يعلمونهم القرآن. كل ذلك على أمل التأسي به - صلى الله عليه وسلم - باتباع أوامره واجتناب نواهيه، وليس ذلك بالطرب وسماع الأغاني المائعة والسخيفة وقديماً قال الشاعر:
لو كان حبك صادقاً لأطعته ... إن المحبّ لمن يحبّ مطيع
ومما يؤسف له، ولعلّ ذلك كان مقصوداً من أعداء الإسلام، أنه قد وضعت في مناسبة مولده - صلى الله عليه وسلم - قصص -وكذلك في معراجه كما سنرى- قصص نسبت إلى بعض الشخصيات الإسلامية لتنطلي على العامة، فيقبلون على قراءتها. وفي هذه القصص كثير من الأكاذيب والأوهام والسخافات التي تسيء إلى سمعة هذا الرسول العظيم - صلى الله عليه وسلم - وتنفر الأجيال وغيرهم منه. وقد كنت نشرت منذ سنوات بعيدة في الصحف الدمشقية نقد إحدى هذه القصص، وهي المسماة (بمولد العروس) وجاء فيه:
بين يديّ الآن قصة (مولد العروس) المنسوبة كذباً وافتراءً إلى العلامة الكبير ابن الجوزي لما فيها من الضلالات والأساطير المعزوّ إلى الله تعالى وإلى نبيّه الكريم مما لا يصحّ السكوت عنه. (1)
ثم ذكر الأباطيل والأكاذيب الواردة فيه، وردّ عليها ردّاً مباركاً.
موقفه من المشركين:
__________
(1) كتب ليست من الإسلام (ص.47-48).(1/414)
- قال في مقدمة كتابه الماتع 'طه حسين في ميزان العلماء والأدباء': في أوائل الثلاثينات من هذا القرن العشرين، ظهر الكاتب الدكتور طه حسين، فحمل على الإسلام حملات شرسة، وخصّ القرآن العظيم بالنقد والتكذيب سنة، وعمد إلى نشر أدب الفسق والدعارة والزندقة، تساعده في ذلك المراكز الاستشراقية، والدوائر الاستعمارية، ودعاة التغريب، الذين يسعون لهدم أركان هذا الدين بمختلف الوسائل الظاهرة والخفية، من أجل تحطيم أعظم معاقل الدفاع بين المسلمين، للتمكن منهم والقضاء على معاقل الدفاع فيهم وإفناء شخصيتهم، ليذوبوا في الحضارة الغربية الفاشلة...
فقيّض الله سبحانه جماعة من كبار العلماء والأدباء، ندر أن يجود الزمن بمثلهم، للدفاع عن الإسلام والرّدّ على هذا الخصم الشرس والأديب العميل، بالكشف عن دسّه وجهله، فألقموه حجراً، وأصلوه ناراً حامية.
ولكن العاصفة هدأت، ومضى نصف قرن من النسيان على هذه المعركة بين الحق والباطل، واختفت هذه الردود في زوايا الإهمال، حتى كأنها لم تكن!
وبقيت كتب الباطل تسرح وتمرح، وازداد نشاطها لتفسق في الأرض، وتنشر الفساد والضلال.
وقد كان المفروض في هذه الدسائس والأكاذيب أن تندثر بعد منيّة كاتبها؛ فتموت بموته. ولكن من وراء نشرها والدعاية لها والإنفاق عليها الدوائر والمراكز التي سبق ذكرها، لاستمرار دولة الباطل على تمثيل دورها الإجراميّ المدمّر...
لهذا كلّه سارعت لإنقاذ الموقف، فأصدرت هذا الكتاب الضخم، انتصاراً للحقّ وحماية للأجيال المسلمة، جمعت فيه أغلب هذه الردود القويّة، والشموس الساطعة، والقذائف الرّهيبة على الباطل.
اقرأه بتدبّر وإمعان، تطّلع على حقائق مذهلة وآثار قيمة منسية لا توجد في غيره، مما لا غنى عنه!..(1/415)
وقد سار طه حسين قُدُماً، في طريقه هالة من الخداع والتضليل والحماية تحت أسماء التجديد والتقدّم العصريّة والبحث العلميّ، وظهرت الأجيال الجديدة من الشباب في هذا الجوّ المطعم بالخرافة الأسطورية، فلم تستطع أن تتبيّن وجه الحق، بعدما رأت ما أطلق عليه عميد الأدب محاطاً بهالة من التبرير والدوي، فلم تعرف حقيقة الدور الذي قام به في مجال التغريب والغزو الثقافي، فكان لا بد أن ينطلق للحق لسان بَلْ { نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } (1) . ومن ثم كانت هذه المحاولة السريعة التي نقدمها اليوم بين يدي القارئ... (2)
- ثم قال: ما كاد طه حسين المسمى بعميد الأدب العربي، يرحل من الدنيا، حتى سارع أنصاره ومحبّوه وكثير من طلابه ومن وراء كلّ ذلك المستشرقون من أعداء الإسلام، إلى تصنيف الكتب العديدة عن مزاياه وجهاده ليبهروا أصحاب العقول البسيطة، والنفوس الضعيفة بعظمته المزعومة ويفرضوا على الناس آراءه الإلحادية والهدامة.
ومن هذه المؤلفات كتاب 'قاهر الظلام' اطلعت عليه في واجهات بعض المكتبات، ولم تطاوعني نفسي حتى على تصفحه لما في عنوانه من خداع وتعريض بالإسلام. ومثله كتاب 'طه حسين وزوال المجتمع التقليدي'!
ومما يؤسف له أننا لم نجد من العلماء والأدباء المؤمنين من تصدى لهذا (العميد) ولأتباعه بعد موته كما تصدى العلماء والأدباء الغيارى في حياته في أوائل هذا العصر، فكشفوا عن تآمره على الإسلام وعلى لغة القرآن وتجنيه على الحقيقة والتاريخ وعبثه بعقول الكثير من السذج والمخدوعين.
__________
(1) الأنبياء الآية (18).
(2) طه حسين في ميزان العلماء والأدباء (ص.7-8).(1/416)
وقد أصدرت له بعد موته دور النشر التجارية التي قد تكون مخدوعة بشهرته الواسعة، أو مدفوعة بالربح الماديّ، المؤلفات الكاملة له، مع مقدمات إضافية عن قيمتها العلمية والأدبية المزعومة، ناسية أو متناسية تبعتها أمام الله العظيم في تضليل الأجيال، وهو القائل: وَنَكْتُبُ { مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ } (12) (1) .
ولما كان السكوت عن هذه المؤلفات يعدّ جبناً وهزيمة بل مؤامرة على الإسلام وبعداً عن الحق وتجنياً عليه، رأيت من واجبي أن أجمع أقوال أكثر العلماء والأدباء الكبار الذين تصدوا لطه حسين في أوج مجده المصطنع، وبرهنوا بالحجج الدامغة والأدلة الساطعة على ضلاله وزيفه، وحطموا شخصيته الموهومة، وذلك خدمة للحق الناصع ودفاعاً عن الحمى المستباح، وإنقاذاً للأجيال الحاضرة والمستقبلة من أن تقع فريسة للخداع البراق والزائف.
وقد وقعت فعلاً، وظهرت بوادر ظاهرة رهيبة منذ سنوات، لا تزال مستمرة، تتلخص بجرأة بعض الكتّاب على القرآن واتهامه بالتناقض، ونعتهم قصصه بالأساطير -كما قال طه حسين من قبل- ووصفهم الله جلّ شأنه بالمكر والتناقض والخداع، مما لم نكن نعهده من قبل كأمثال صادق العظم في كتابه 'النقد الفكري والديني' وأمثاله، وقد ردّ عليه بعض العلماء والكتّاب أمثال الأخ المؤرخ والعالم الغيور 'محمد عزة دروزه' في كتابه 'القرآن والملحدون' وغيره.
__________
(1) يس الآية (12).(1/417)
ولو درسنا الأسباب متعقبين الحوادث لوجدنا ذلك نتيجة مؤلفات طه حسين. ومن المؤلم أن أحداً -كما أعلم- ممن ردّ على صادق العظم وغيره لم يذكر من قريب أو بعيد أن ذلك من نتائج أقوال من سمي بعميد الأدب فهو المسؤول الأول... وخاصة بعد اختفاء آثار كبار العلماء والأدباء الذين ردّوا عليه وأوضحوا مبلغ تجنيه على الحق وبُعده عن الصواب، الأمر الذي يفيد في ردع الضالين وتنبيه الغافلين وتحذير المبتدئين. (1)
موقفه من الصوفية:
قال في مقدمة رسالته 'كتب ليست من الإسلام': وبعد فإن القارئ والقارئة سيفاجآن -على الغالب- حين دراسة هذه الرسالة، بحقائق مذهلة، عما جاء في بعض الكتب المسماة إسلامية! من مبالغات وضلالات وشركيات، انكب عليها غالبية المسلمين في كثير من بلدان العالم الإسلامي، ويا للأسف، يتلون ما جاء فيها آناء الليل وأطراف النهار، مما صرفهم عن كتاب ربهم سبحانه، وحديث نبيهم محمد. وقد جاء فيها كثير من الأحاديث الموضوعة والأخبار الملفقة الكاذبة الخاطئة، ليغري مؤلفوها المسلمين بتلاوتها، متعهدين لمن يثابر على ذلك بالثواب الجزيل والأجر العظيم مما ينكره الشرع، ولا يتصوره العقل، فإن الله سبحانه لا يعبد بالضلالات والخرافات...
وراح البوصيري ناظم 'البردة' يزعم كاذباً أنه أصيب بالفالج، فأنشدها للرسول - صلى الله عليه وسلم - في المنام، فسر بها وكساه بردته، فاستيقظ في الصباح معافى، مما تكذبه الأحاديث، كما يكذبه الواقع والتجربة، الأمر الذي يجعل الكثيرين من الجهلة والمغفلين وأدعياء العالم ينشدونها، ويتلونها كما يتلون القرآن، ويكتبونها في الآنية ويشربون ماءها، مع ما فيها من الضلالات والشركيات، وكل ذلك بدعة ضلالة، فلم يعرف عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه فعل ذلك أو أمر به!
__________
(1) طه حسين في ميزان العلماء والأدباء (ص.9-10).(1/418)
وقد رأيت إنقاذاً للموقف، وحرصاً على إيمان المسلمين مما في هذه الكتب من خرافات ووثنيات، التحدث عن كل منها بما تيسر، للكشف عما فيها من أفكار خبيثة وشركيات مضللة، تتفطر منها القلوب، وتشيب من هولها الرؤوس، وتتقزز من سخفها النفوس، خفيت على الكثيرين -ويا للخسارة- فأبعدتهم بسبب الجهل والغفلة والشهرة الطاغية، عن كتاب ربهم العظيم، وهو الدستور الإلهي الذي من عمل به اهتدى، ومن تركه ضلّ ضلالاً بعيداً. وفي تلاوته -وخاصة مع التدبر- الثواب الجزيل مما لا يتوفر في غيره. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "من قرأ حرفاً من كتاب الله، فله حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها! لا أقول: (ألم) حرفاً: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف" (1) رواه الترمذي، وسنده صحيح، كما قال المحدثون. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أيحبّ أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد ثلاث خلفات (الناقة) عظام سمان؟ قلنا: نعم! قال: فثلاث آيات من يقرؤهن أحدكم في صلاته، خير له من ثلاث خلفات عظام سمان" (2) رواه مسلم. وقال - صلى الله عليه وسلم - : "اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه" (3) رواه مسلم.
__________
(1) أخرجه من حديث ابن مسعود: الترمذي (5/161/2910) وقال: "حسن صحيح غريب من هذا الوجه"، والحاكم (1/566) وصححه.
(2) أخرجه من حديث أبي هريرة: أحمد (2/466) ومسلم (1/552/802) وابن ماجه (2/1243/3782).
(3) أخرجه من حديث أبي أمامة: أحمد (5/249) ومسلم (1/553/804).(1/419)
هذا -ولا شك- أن بعض أنصار هذه الكتب المشؤومة، كالعامة وسدنة القبور والمغفلين من المتعامين سيشيعون بين الناس -كما هو شأنهم في محاربة كل إصلاح، للتنفير من دراسة هذه الرسالة: (إننا لا نحب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونكره الصلاة عليه) كَبُرَتْ { كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا } (5) (1) ، وذلك ليفسدوا علينا خطتنا الإصلاحية في محاربة البدع والضلالات.
فنأمل من المسلمين الواعين مساعدتنا في إحباط هذه المؤامرة، والابتعاد عن هاتين المفسدتين: 'دلائل الخيرات' و'البردة' بعد أن يتحقق لهم البرهان من القرآن والسنة على صحة ما نقوله، لإنقاذ المسلمين من العقائد والأفكار الزائفة، ليكتب لنا الثواب معاً إن شاء الله تعالى.
والله سبحانه يشهد، وهو خير الشاهدين، أننا ما نشرنا هذا البحث إلا غيرة على القرآن وحماية للتوحيد وحبّاً بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وحرصاً على المسلمين الحريصين على الصلاة على النبي، وهي خير موضوع لما فيه من الثواب العظيم والأجر الجزيل، فقد قال سبحانه: إِنَّ { اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } (56) (2) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "من صلّى عليّ واحدة صلى الله عليه عشرة" رواه مسلم (3) ، وهناك أحاديث عديدة في فضل الصلاة على النبيّ وعظيم ثوابها. (4)
__________
(1) الكهف الآية (5).
(2) الأحزاب الآية (56).
(3) أخرجه من حديث أبي هريرة: أحمد (2/372) ومسلم (1/306/408) وأبو داود (2/184/1530) والترمذي (2/355-356/485) وقال: "حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح". والنسائي (3/57-58/1295).
(4) كتب ليست من الإسلام (ص.3-6).(1/420)
- وله ردود على كل من 'دلائل الخيرات' للجزولي، و'الطبقات' للشعراني، و'الأنوار القدسية' له، و'تائية ابن الفارض' وغيرها من الكتب المعتمدة في التصوف. قال رادا على الأنوار القدسية: يقول الشعراني تحت عنوان (لا ذكر بعد المشاهدة): ثم إذا دخل الحضرة وحضر قلبه مع الحق تعالى فليسكت حينئذٍ، لأنه لا معنى للذكر اللفظي مع شهود الحق تعالى، ثم قال:
بذكر الله تزداد الذنوب ... وتنطمس البصائر والقلوب!!
ويقول الشعراني تحت عنوان (من شأن المريد أن لا يقول لشيخه: لِمَ؟). وقال أيضاً: (من ظهر له في شيخه نقص عدم النفع به) ويقول أيضاً: وسمعت شيخ الإسلام الشيخ برهان الدين بن أبي شريف رحمه الله يقول: (من لم ير خطأ شيخه أحسن من صوابه هو لم ينتفع به). وقال أيضاً: وكان يقول: (المريد الصادق مع شيخه كالميت مع مغسله لا كلام ولا حركة ولا يقدر ينطق بين يديه من هيبته، ولا يدخل ولا يخرج ولا يخالط أحداً ولا يشتغل بعلم ولا قرآن ولا ذكر إلا بإذنه: لأنه أمين على المريد فيما يرقبه، وربّ عمل فاضل دخلته النفس وصار مفضولاً).
ويقول الشعراني: (وزار أبو تراب النخشي وشقيق البلخي أبا يزيد البسطامي فلما قدم خادمه السفرة قالا له: كل معنا يا فتى، فقال: إني صائم، فقال له أبو تراب: كل ولك أجر صوم سنة فقال: لا، فقال أبو يزيد: دعوا من سقط من عين رعاية الله عز وجلّ فسرق ذلك الشابّ بعد سنة فقطعت يده عقوبة له على سوء أدبه مع الأشياخ).(1/421)
وقال الشعراني: (وسمعت سيدي علي الخواص رحمه الله يقول: لا يبلغ أحد مقام الإخلاص في الأعمال حتى يصير يعرف ما وراء الجدار وينظر ما يفعله الناس في قعور بيوتهم في بلاد أخرى). ويقول أيضاً: (والله ما صدق مريد في محبة الطريق إلا نبعت الحكمة من قلبه وصار يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي بإذن الله). ويقول أيضاً: (وكذلك بلغنا سيدي محمد الشوعي أحد أصحاب سيدي مدين والمدفون في زاويته تجاه قبته، إنه تزوج بكراً فمكثت معه يسيراً ومات عنها وهي بكر، وكان قال لها: لا تتزوجي بعدي أحداً أقتله، فلما مات خطبها شخص واستفتى العلماء بها فقالوا له: هذا خاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فدخل بها فلما جلس عندها قبل أن يمسها خرج الشيخ له من الحائط بحربة فطعنه فمات لوقته). وذكر بعدها عدة قصص مثل ذلك، وختم هذه الحكايات بقوله: (هذه وقائع فمن شك فليجرب، اللهم إلا أن يأمر الشيخ بذلك لما يرى لزوجته من الحظ والمصلحة مثلاً فلا بأس بذلك، فينبغي للمفتي في ذلك أن يتوقف ويقول: أنا لا أفتي على أحد من أرباب الأحوال).
ونختتم الكلام عن هذا الكتاب بهذه القصة: قال الشعراني: (وحكى لي خادم سيدي أبي الخير الكليباني أن شخصاً أتاه وأخبره أنه قال للشيخ: (إن زوجتي حامل وقد اشتهت مامونية حموية ولم أجدها، فقال له الشيخ: ائتني بوعاء، فأتاه به فتغوط له فيها مأمونية حموية سخنة، فقال الخادم: وأكلت منها لعدم اعتقادي أنها غائط.
لا شك أن القارئ تألم كثيراً من هذه الانحرافات والضلالات والسخافات التي جاءت في كتاب 'الأنوار القدسية'، ولكن ما قوله إذا ذكرت له أن لجنة في مصر -في بلد الأزهر- تألفت -ولا شك أن أغلب أعضائها منه- 'لإحياء التراث الصوفي'. وقد حَقَّقَتْ كتاب 'الأنوار القدسية' وقد علّق عليه أحد أعضائها!! وهي خليقة أن تسمى: 'الظلمات الصوفية'!
لمثل هذا يذوب القلب من كمد ... إن كان في القلب إخلاص وإيمان. (1)
__________
(1) كتب ليست من الإسلام (ص.72-75).(1/422)
- وقال أيضاً رادّاً على حِكم ابن عطاء الله السكندري:
أ- أقوال يؤيد فيها نظرية وحدة الوجود القائلة بأن الخالق والمخلوق واحد ومثلها نظرية الاتحاد والحلول، وكل ذلك كفر!
1- (كان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما عليه كان).
إن القسم الأول من هذا الكلام حديث صحيح، والقسم الثاني وحدة وجود، فصار المعنى: كان الله ولا شيء معه، والآن هو لا شيء معه! أي: أن الله والكون واحد!
2- (ما حجبك عن الله وجود موجود معه، إذ لا شيء معه! ولكن حجبك عنه، توهم موجود معه).
3- (كيف يتصور أن يحجبه شيء، وهو الواحد الذي ليس معه شيء)!
4- (أنت مع الأكوان ما لم تشهد المكوَّن، فإذا شهدته، كانت الأكوان معك).
5- (ما العارف من إذا أشار، وجد الحق أقرب إليه من إشارته، بل العارف من لا إشارة له لفنائه في وجوده وانطوائه في شهوده).
6- (الكون كله ظلمة، وإنما أناره ظهور الحق فيه، فمن رأى الكون، وشهده فيه أو عنده أو قبله، أو بعده، فقد أعوزه وجود الأنوار، وحجبت عنه شموس العارف، بسحب الآثار).
7- (علم منك أنك لا تصبر عنه، فأشهدك ما برز منه).
8- (لولا ظهوره في المكونات! ما وقع عليها أبصار، ولو ظهرت صفاته اضمحلت مكوناته).
9- (الفكرة فكرتان: فكرة تصديق وإيمان، وفكرة شهود وعيان! فالأولى لأرباب الاعتبار، والثانية لأرباب الشهود والاستبصار).
ب- أقواله في النهي عن دعاء الله، مما لا يقول به من لديه إنارة من علم أو إيمان:
1- (سؤالك منه اتهام له).
ويستدلّ ابن عطاء الله على ذلك بحديث باطل على لسان إبراهيم عليه الصلاة والسلام: حسبي من سؤالي علمه بحالي، وهو مخالف للآيات والأحاديث الكثيرة التي تحض على دعاء الله كقوله تعالى: إِنَّ { الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ } عِبَادَتِي أي: عن دعائي سَيَدْخُلُونَ { جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } (60) وقوله سبحانه: ادْعُونِي { أَسْتَجِبْ لَكُمْ } (1) .
__________
(1) غافر الآية (60).(1/423)
2- (من عبده لشيء يرجوه منه، أو ليدفع عنه ورود العقوبة منه، فما قام بحق أوصافه).
هذا الكلام هو كقول رابعة العدوية المنحرف: (ما عبدتك خوفاً من نارك، ولا رغبة في جنتك، ولكني عبدتك لأنك أهل للعبادة) وهذا مخالف لعبادة الملائكة الذين يخافون ربهم من فوقهم، وعبادة الأنبياء الذين يعبدون الله سبحانه رغباً ورهباً!.
3- (لا تطلب منه أن يخرجك من حالة ليستعملك فيما سواها، فلو أرادك لاستعملك من غير إخراج).
4- (ربما دلهم الأدب إلى ترك الطلب).
ليت هذا الجاهل علم أن الأمر بالعكس، فإن ترك الطلب هو العصيان، وقلة الأدب!
5- (من عبده لشيء يرجوه منه، أو ليدفع بطاعته ورود العقوبة عنه، فما قام بحق أوصافه).
6- (إنما يذكر من يجوز عليه الإغفال، وإنما ينبه من يمكن منه الإهمال) ترى لماذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يكثر من الدعاء ويأمر به إلى درجة الإلحاح!
7- (ربما استحيا العارف أن يرفع حاجته إلى مولاه لاكتفائه بمشيئته(!) فكيف لا يستحي أن يرفعها إلى خليقته) لقد سمح لنا الشارع الحكيم أن نرفع حاجتنا إلى الناس، على أن نعتقد أنه هو المعطي.
8- (كيف تطلب العوض على عمل هو متصدق به عليك؟ أم كيف تطلب الجزاء على صدق هو مهديه إليك) ومعنى ذلك أن تبقى خشباً مسندة!!
9- (كيف أشكو إليك حالي وهي لا يخفى عليك).
ج - أقوال تشجع على ارتكاب المعاصي:
1- (أنت إلى حلمه إذا أطعته، أحوج منك إلى حلمه إذا عصيته).
2- (ربما فتح لك باب الطاعة، وما فتح لك باب القبول، وربما قضى عليك بالذنب، فكان سبباً بالوصول).
هذا الكلام تشجيع على ارتكاب الذنوب، فما فتح سبحانه باب الطاعة إلا ليكافئ عليها. جاء في القرآن العظيم: إِنَّ { الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } (101) (1) .
د- أقوال تشجع على تعطيل المواهب والعزائم وتدعو إلى التماوت وترك التدبير:
__________
(1) الأنبياء الآية (101).(1/424)
1- (أرح نفسك من التدبير، فما قام به غيرك عنك، لا تقم به لنفسك). وقد تكلمتُ عن ذلك مفصلاً حين الكلام على كتاب ابن عطاء الله المسموم والمضلل: (التنوير في إسقاط التدبير).
2- (سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار) فما أدرانا بهذه الأقدار؟! وقد علمنا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب أن نفر من قضاء الله إلى قضاء الله... وقد حضنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "احرص على ما ينفعك ولا تعجز" (1) .
3- (إذا فتح لك وجهة من التعرف، فلا تبالِ معها إن قلّ العمل...).
4- (ادفن وجودك في أرض الخمول فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه) أين كل هذا من قوله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: وَاجْعَلْنَا { لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } (74) (2) !؟
هـ - أقوال متناقضة وسخيفة:
1- (جل ربنا أن يعامله العبد نقداً، فيجازيه نسيئة) إذا كان الأمر كما قال، فما الفائدة من الآخرة؟!
2- (إنما جعل الدار الآخرة محلاً لجزاء عباده المؤمنين، لأن هذه الدار لا تسع ما يريد أن يعطيهم، ولأنه أجلَّ أقدارهم عن أن يجزيهم في دار لا بقاء لها).
3- (العطاء من الخلق حرمان (!)، والمنع من الله إحسان!).
إذا كان الأمر كما يقوله هذا الجاهل، فلماذا أمرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "من لا يشكر الناس، لا يشكر الله" (3) ولا أدري كيف يكون عطاء الله سبحانه إذا لم يكن عن طريق الناس؟! وقد قال الخليفة عمر رضي الله عنه: إنما يرزق الله الناس بعضهم من بعض، فإن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة!
__________
(1) أخرجه من حديث أبي هريرة: أحمد (2/366) ومسلم (2/2052/2664) وابن ماجه (1/31/79).
(2) الفرقان الآية (74).
(3) أخرجه من حديث أبي هريرة: أحمد (2/258) وأبو داود (5/157-158/4811) والترمذي (4/298-299/1954) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". والبخاري في الأدب المفرد (رقم 218) وابن حبان (8/198-199/3407 الإحسان).(1/425)
4- (من أطلق لسانك بالطلب، فاعلم أنه يريد أن يعطيك). أين هذا الكلام من سخف قوله وقد سبق ذكر: (طلبك منه اتهام له)؟!.
5- (إن أردت أن لا تعزل، فلا تتولَّ ولاية لا تدوم لك) وأيّ شيء يدوم في هذه الدنيا؟!، وقد طلب هذه الولاية يوسف عليه السلام من عزيز مصر: قَالَ { اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ } (1) وإذا لم يتولَّ الصالحون الوظائف، فهل يتركونها للأشرار؟!
6- (كيف تطلب العوض على عمل هو متصدق به عليك؟! أم كيف تطلب الجزاء على صدق هو مهديه إليك؟) (!)
7- (إلهي! حكمك النافذ، ومشيئتك القاهرة، لم يتركا لذي مقال مقالاً، ولا لذي حال حالاً).
8- (إلهي! كيف أعزم، وأنت القاهر؟ وكيف لا أعزم وأنت الآمر؟).
أكتفي بهذا القدر من النقل من هذه النقم التي سميت بالحكم! وهي لا تزال تدرس في كثير من المعاهد حتى الأزهر، ويوصي بها جهلة الشيوخ طلابهم، وقد وصفها بعض أدعياء العلم الحمقى بقوله: (لو جازت الصلاة بغير كتاب الله، لجازت بحكم ابن عطاء الله)!! ومعنى ذلك أنه فضلها على حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وقد أثنى على هذه الحكم الدكتور محمد عبيدالرحمن البيصار شيخ الجامع الأزهر الحالي في مقدمته لكتاب 'التنوير...' فقال: (وحكم ابن عطاء الله تمضي بين الناس في رحلة خالدة! وكأنها شمس تنير للحيارى ظلام الطريق)!!
وقد شرح هذه الحكم الصوفي المحروق ابن عجيبة بكتاب سمّاه 'إيقاظ الهمم' وهو جدير بأن يسمّى 'إماتة الهمم' وقد زعم في مقدمته أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اختص بعض الصحابة بعلم الباطن، ومعنى ذلك أنه كتم شيئاً من الدين عن المسلمين. وقد حقق هذا الكتاب أخيراً مثنياً عليه الدكتور عبدالحليم محمود.
__________
(1) يوسف الآية (55).(1/426)
وقد سجدت إلى الله تعالى سجدة شكر لما علمت بموته، فقد ملأ العالم الإسلامي بكتب الفلسفة السخيفة المارقة والصوفية الخرقاء الهدامة، وقد أمر بهدم قبة مسجد البدوي وبناء قبة أكبر منها، وإضافة مئذنة أخرى له، ليزيد من إضلال المسلمين الذين يطوفون حول قبره ويستغيثون به ويدعونه عند الشدائد أمام أكثر شيوخ الأزهر الساكتين عن الحق... مما هو شرك بواح... وقد أوصى هذا الدكتور بدفنه في المسجد الذي شيده في شارع الزيتون بالقاهرة، مع أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعن من يفعل ذلك في أحاديث عديدة، فكتب له الأخ المكرم سماحة الشيخ الجليل عبدالعزيز بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، ينهاه عن الإقدام على هذا العلم المنحرف المخالف للشريعة، ويحذره من أن يكون قدوة سيئة لمن بعده من المسلمين بصفته شيخاً للأزهر! ومن مؤلفات هذا الدكتور ويا للأسف! رسائل عن الشاذلي والمرسي والبدوي من الصوفية والتفكير الفلسفي في الإسلام، مما يحتاج إلى كتاب ضخم في نقد ما كتب عنهم، وخاصة عن البدوي، فقد زعم في رسالته عنه أنه ذهب إليه في طنطا، واستأذنه في الكتابة عنه!! فأين عمله هذا من قوله تعالى: وَمَا { أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ } (22) (1) لِلَّهِ ومثله كتابه 'التفكير الفلسفي في الإسلام' مع أن هذا الإسلام حرب على كل فلسفة، والفلاسفة المسمون مسلمين، وإن كان لهم وجه علمي مشرق، فهم في الفلسفة أتباع أرسطو معلمهم الأول كما يسمونه، وقد كفرهم حتى الغزالي في كتابه: 'المنقد من الضلال' مع العلم أن فيه كثيراً من الضلالات، في مقدمتها أنه زعم أن طريق التصوف الضال المهترئ، هو الطريق الوحيد الموصل إلى الله، لا طريق الكتاب والسنة، كبرت كلمة تخرج من فيه إن يقول إلا ضلالاً وكذباً!
__________
(1) فاطر الآية (22).(1/427)
ومما يجدر ذكره أن هذا الدكتور حارب في آخر حياته الفلسفة في آخر رسالة له في سلسلة 'كتابك' وأثبت أنها لا توصل إلى الحقيقة، وبذلك هدم كل ما بناه من الفلسفة بعدما ضلل بها الكثيرين، ومما يؤسف له أن كتابه 'التفكير الفلسفي في الإسلام' الذي نحن بصدد الكلام عليه طبع طبعة جديدة بعد موته، ليستمرّ في فساد الأجيال! فكم كان جديراً بهذا الدكتور بعد رسالته الأخيرة أن يعلن تبرأه من جميع كتبه الفلسفية، لينجو من تبعيتها بعد موته، وقد قال تعالى: وَنَكْتُبُ { مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ } (1) لِلَّهِ وخاصّة وقد صرّح في الرسالة المذكورة (كتابك: ص.60): (إن هذا المنهج اليهودي -أي: المنهج الفلسفي- الذي رسموه بعد تفكير طويل، والتزموا القيام به بكل الوسائل أو بكل الطرق، وهو مذهب التشكيك في القيم والمثل والعقائد والأخلاق. يستخدمون هذا المنهج في المجالات المختلفة لإفساد المجتمعات وتحلّلها أخلاقياً ودينياً، و...
إن اليهود يهدفون من وراء كلّ ذلك إلى السيطرة على العالم! إنهم يحطمون القيم والمثل حتى لا يكون في المجتمعات قوة من عقائد، أو قوة من حق! ومن أجل ذلك تعاونوا على أن تكون لهم الكلمة الأولى في الجامعات في علم الاجتماع وفي علم النفس، وفي مادّة الأخلاق، وفي تاريخ الأديان، وفي الفلسفة...).
ومن عجيب أمر هذا الدكتور أنه بعدما ثبت له عقم طريق الفلسفة وأنه لا يوصل إلى الحقيقة، وهو منهج اليهود لتضليل الأجيال وانحرافها، بقي على ضلاله وزعم زوراً وبهتاناً أنه طريق الكتاب والسنة: طريق الاتباع!! فكان مما قاله: (...وجدت في جوّ الحارث بن أسد المحاسبيّ الهدوء النفسي، أو الطمأنينة الروحية، ولكنه هدوء اليقين، وطمأنينة الثقة بما يعلم...)(ص.62).
__________
(1) يس الآية (12).(1/428)
وهذا الكلام من الدكتور عبدالحليم يدلّ على جهل بالسنة وعدم اطلاع على آثار السلف الذين ذمّوا الحارث المحاسبي ونهوا المسلمين عن مخالطته. وقد تعلّق به الدكتور فسبّب له هذا الانحراف والعياذ بالله.
ذكر الخطيب البغداديّ بسنده إلى سعيد بن عمر البردعي قال: (شهدت أبا زرعة -وقد سئل عن الحارث المحاسبي وكتبه- فقال للسائل: إيّاك وهذه الكتب!! هذه كتب بدع وضلالات! عليك بالأثر - إلى الكتاب والسنة، فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب، قيل له: في هذه عبرة، فقال: من لم يكن له في كتاب الله عبرة، فليس له في هذه الكتب عبرة. بلغكم أن مالك ابن أنس وسفيان الثوري، والأوزاعي، والأئمة المتقدمين صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس، وهذه الأشياء! هؤلاء قوم خالفوا أهل العلم! يأتون مرة بالحارث المحاسبي وعدد أسماء بعض الصوفية. ثم قال: ما أسرع الناس إلى البدع!).
ويقول الحافظ ابن رجب في كتابه 'جامع العلوم والحكم' (ص.223): (وإنما ذمّ أحمد وغيره المتكلمين -ومنهم الحارث المحاسبي- على الوساوس والخطرات من الصوفية حيث كلامهم في ذلك لا يستند إلى دليل شرعي، بل إلى مجرد رأي وذوق،كما كان ينكر الكلام في مسائل الحلال والحرام بمجرد الرأي من غير دليل شرعي) ومن يطالع كتاب 'تلبيس إبليس' للإمام ابن الجوزي وما كتبه عن الحارث المحاسبي وانحرافاته، يجد العجب العجاب!
مما سبق ندرك خطر بعض الكتب التي ليست من الإسلام والتي يجب تحريقها ونسفها في اليمّ نسفاً، لإنقاذ المسلمين منها، فهي من أهم أسباب تخديرهم وضلالهم وضعفهم واستيلاء الأعداء عليهم، فأذاقوهم صنوف العذاب.
كما هي من أسباب جلب الطعن بالإسلام من قبل خصومه، فينسبون إليه ما هو منه براء!. (1)
وله آثار سلفية أخرى نفع الله بها نفعاً عظيماً. فجزاه الله خيراً.
موقفه من الجهمية:
__________
(1) كتب ليست من الإسلام (ص.87-97).(1/429)
- قال: ومما يؤسف له ويبعث في النفس الأسى أن المسائل التي يدور عليها علم الكلام قديماً، قد زالت من الأذهان كخلق القرآن والجوهر والجسم ومسألة ذات الله تعالى وصفاته التي ذكرتها سابقاً، ونشأت مشكلات أخرى في العصور المتأخرة كقانون الصدفة والمادة، وهل هي ثابتة أم تزول، وقضية النشوء والتطور وغير ذلك. فمن الحماقة والجنون دراسة علم الكلام القديم وإهمال البحث في هذه الموضوعات. (1)
- وقال أيضاً: ومن أعظم جرائم علماء الكلام فتح الباب على مصراعيه للمؤولين من الفلاسفة، فراحوا يدعون أن للقرآن ظاهراً وهو للعوام، وباطناً وهو للخواص، وأن هناك شريعة وحقيقة. فخرجوا من الإسلام وهم يظنون أنهم لا يزالون مسلمين!
وقد كان هذا التأويل الذي بدأ من عند علماء الكلام أعظم نكبة أصابت المسلمين، وأبعدتهم عن دينهم، فانقسموا إلى فرق متعددة ذكرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون في النار! وواحدة في الجنة، وهي: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي (2) .
وقد حكي أن ملكاً كتب إلى عماله في البلدان أني قادم عليكم، فاعملوا كذا وكذا ففعلوا إلا واحداً منهم. فإنه قعد يفكر في الكتاب فيقول: أترى كتبه بمداد أو بحبر؟ أترى كتبه قائماً أو قاعداً؟ فما زال يتفكر حتى قدم الملك، ولم يعمل مما أمره به شيئاً! فأحسن جوائز الكل وقتل هذا!!
__________
(1) كتب ليست من الإسلام (ص.111).
(2) تقدم تخريجه في مواقف الآجري سنة (360هـ).(1/430)
ومن أعظم الأدلة على بطلان علم الكلام اختلاف المتكلمين، فقد انقسموا إلى معتزلة وماتريدية وأشاعرة وغيرهم. فلو كان علم الكلام يؤدي إلى الحق، لكانوا جميعاً في صف واحد، ولما كفر بعضهم بعضاً. وأغلبهم -ويا للأسف- وقعوا في حمأة التأويل فأوّلوا وعطّلوا صفات الله سبحانه، خلافاً لرأي السلف الذين لا يؤولون ولا يعطلون ولا يشبهون ولا يجسمون. بل يفوضون ويصفون الله سبحانه كما وصف به نفسه وكما وصفه رسوله - صلى الله عليه وسلم - دون تشبيه ولا تأويل. وقد سئل الإمام مالك عن قوله تعالى: اسْتَوَى { عَلَى } الْعَرْشِ (1) فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة. (2)
- وله ردٌّ طيّب على كتاب 'الفلسفة والحقيقة' لعبد الحليم محمود.
محمد صفوت الشوادفي (3) (1421 هـ)
__________
(1) الأعراف الآية (54).
(2) كتب ليست من الإسلام (ص.114-115).
(3) 'صفوت الشوادفي في ركب العلماء' لأحمد سليمان ومجلة الفرقان (العدد 125/ص.45) ومجلة التوحيد السنة التاسعة والعشرون العدد السادس جمادى الآخرة إحدى وعشرين وأربعمائة وألف.(1/431)
محمد صفوت أحمد يوسف الشوادفي، ولد في قرية الشغانبة من ضواحي مدينة بلبيس سنة أربع وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة، تربى في أحضان أسرة أصيلة متأصلة على مبادئ الشريعة الغراء تخرج في كلية الاقتصاد وحصل على بكالوريوس في العلوم السياسية والاقتصادية سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة وألف للهجرة الموافق لثمان وسبعين وتسعمائة وألف ميلادي، وكان أحد قادة الصحوة الإسلامية، حيث قاد الدعوة بكلية الاقتصاد أيام أن كان طالبا فيها، وألف مجموعة كانت تدعو العلماء إلى الكلية لإلقاء المحاضرات الدينية، ولما تخرج من الجامعة لم يلبث في الوظيفة إلا قليلا، ثم سافر إلى السعودية حيث سمع من شيوخ أمثال فضيلة الشيخ بن باز رحمه الله والشيخ ابن عثيمين، والشيخ عبدالرزاق عفيفي، وكانت له علاقات طيبة معهم، وقد كان لهذا السماع أثره في تكوين عناصر فكره الديني، فقد أفاد كثيرا في تأصيل المسائل الفقهية، فجمع رحمه الله بين ترتيب الفكر وتنظيمه، وبين تأصيل المنهج وتقويمه.
ولم يكتف الشيخ -رحمه الله- بما قرأ أو سمع في السعودية، بل التحق بكلية أصول الدين بالزقازيق، رغبة في الحصول على الإجازة العالية.
سكن مدينة بلبيس ورأس فرع جماعة أنصار السنة المحمدية ببلبيس، وقد كان له جهد مشكور في بناء مجمع التوحيد ببلبيس، بل كانت له بصمات واضحة في الدعوة وأعمال البر، ولما انتقل إلى مدينة العاشر من رمضان أنشأ فرعا للجماعة.
اختير عضوا في مجلس إدارة المركز العام لجماعة أنصار السنة المحمدية عام إحدى عشر وأربعمائة وألف للهجرة الموافق لإحدى وتسعين وتسعمائة وألف ميلادي، وعهد إليه تنظيم إدارة الدعوة.
كان -رحمه الله- حريصا على اتصال الجماعة بمشيخة الأزهر في عهد شيخ الأزهر السابق الشيخ جاد الحق رحمه الله وبعده، فأعاد بذلك مسيرة الشيخ حامد الفقي وعبدالرحمن الوكيل وخليل هراس، حيث كانت لهم علاقات طيبة بشيوخ الأزهر وعلمائه.(1/432)
توفي رحمه الله مساء ليلة الجمعة سبعة عشر جمادى الأولى لسنة تسعة عشر وأربعمائة وألف، إثر حادث أليم.
موقفه من المبتدعة:
كان رحمه الله رئيس تحرير مجلة التوحيد، ومن خلال هذه المجلة كان يطلع القراء على بديع مقالاته التي تلمس منها غيرة على هذا الدين، وشفقة على المؤمنين العازفين عن كتاب ربهم وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - ، فكانت له مواقف مشرفة منها:
قال رحمه الله: فإننا ننبه إلى قضيتين:
الأولى: أن دعوة التمسك بالكتاب والسنة يدعيها كل الفرق والطوائف والطرق الصوفية والجماعات والجمعيات، وفي هؤلاء من هو صادق ومن هو كاذب.. وعلامة الصدق: مطابقة القول والفعل بمعنى اتباع السنة قولا وعملا لا قولا فقط.
الثانية: كل من دعا إلى سنة أو حارب بدعة أو حذر من ضلالة يرميه خصومه بأنه يفرق الأمة؟!! فإذا لم تكن الدعوة إلى الله قائمة على الدعوة إلى السنة والتحذير من البدعة وتصحيح المفاهيم وتوضيح العقيدة الصحيحة فعلى أي شيء تقوم الدعوة؟!! (1)
موقفه من المشركين:
__________
(1) نقلا عن رسالة صفوت الشوادفي في ركب العلماء (ص.20).(1/433)
خصص رحمه الله في مجلة التوحيد حلقات متواليات يبين فيها كيد اليهود ابتداء من نشأتهم إلى يومنا هذا، ومحذرا من خطرهم وسياستهم الدفينة البغض للإسلام والمسلمين. كما فضح رحمه الله العلمانية وبين خطرها على الأمة المحمدية، فقال: العلمانية لا صلة لها بالعلم من قريب أو بعيد!! بل هي ضد العلم وضد الدين، وقد جاء تعريفها في دائرة المعارف البريطانية بأنها: (حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس، وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها)!. وهي وبهذا التعريف الواضح لا تهدف فقط إلى فصل الدين عن الدولة، وإنما تهدف إلى فصل الدين عن الحياة كلها، أو بمعنى أكثر وضوحا تهدف إلى القضاء على الدين، وبهذا يكون تعريفها الصحيح هو (العلمانية حركة اجتماعية تهدف إلى القضاء على الدين، وإقامة المجتمع اللاديني). وقد تسللت العلمانية إلى كثير من بلاد المسلمين خاصة في مصر! وتهدف العلمانية في مصر إلى القضاء على الإسلام بصورة متدرجة! تحت شعار محاربة التطرف! وكل من وقف في طريقهم أو اعترض على أقوالهم فهو متطرف، ولو كان شيخ الأزهر!!.
ويتبع العلمانيون نفس الخطة التي وضعها ستالين للقضاء على الدين في الاتحاد السوفيتي سابقا، وباءت بالفشل!!.
وتنقسم خطة ستالين إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: مهادنة الدين، وإيهام أصحابه أنهم أحرار في عقائدهم،وقد انتهت هذه المرحلة التي كانت أقلام العلمانية فيها تظهر احترام الإسلام، وتوقير علماء الأزهر، وتكتفي فقط بالكتابة عن الحب، والإثارة الجنسية، والتماثيل، والفنون، والأفلام، والأغاني... إلخ.(1/434)
المرحلة الثانية: محاولة تنقيح الدين، وتطويره! ومعنى ذلك تفسيره تفسيرا ماركسيا، مستغلين النقاط التي تلتقي فيها الماركسية مع الدين. وفي هذه المرحلة أيضا يتم إظهار الاهتمام بالدين ورجاله. وهي نفس الخطة التي اتبعتها الأقلام العلمانية لإقناع الرأي العام بأن الديمقراطية من الإسلام! وأن الإسلام والاشتراكية وجهان لعملة واحدة!!.
والإسلام بريء من الديمقراطية، فإنها ضلال وفساد، وأما الإسلام فيرتكز نظامه السياسي على الشورى، وهي تختلف تماما عن الديمقراطية من جميع الوجوه، ونظامه الاقتصادي متميز، فهو ليس اشتراكيا، ولا رأسماليا!!.
المرحلة الثالثة: ادعاء وإظهار معايب الدين، وبعده عن الحقائق العلمية، ومهاجمته، وادعاء أنه لا يفي بحاجات البشر، ومتطلبات العصر! وكذلك الاستهزاء برجال الدين، والسخرية من العلماء! وهذه المرحلة هي التي نعيشها اليوم، ونسأل الله السلامة.
ويمكن لكل مسلم أن يتابع هذا التدرج ويدرك خطورته.
إلى أن قال: وهم الآن يرفعون شعارين يحاربون بهما الإسلام.
الأول منهما: الدعوة إلى حرية الرأي في الدين. وحقيقة الأمر أنهم يهدفون إلى الطعن في الدين، والصد عن سبيله بأقلامهم وألسنتهم، ولأنهم لا يستطيعون الإعلان عن ذلك حتى لا ينكشف أمرهم، ولا يفتضح مكنون صدورهم، فهم يبالغون في الدعوة إلى حرية الرأي في الدين!.
وقد كتبوا في الآونة الأخيرة كلاما هو الكفر بعينه قَدْ { بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ } (1) .
وأما الثاني: فدعوة خبيثة إلى عدم احترام العلماء، وإسقاط هيبتهم من نفوس المسلمين. والهدف هو القضاء على الدين من خلال علمائه بالتقليل من شأنهم، والحط من قدرهم.
والعلماء هم قادة الأمة، وسراجها المنير ولكن هؤلاء لا يعلمون! (2) .
موقفه من الرافضة:
__________
(1) آل عمران الآية (118).
(2) مجلة التوحيد (السنة الثالثة والعشرون العدد الخامس 1415هـ/ص.7-12).(1/435)
قال رحمه الله: فإنه من المعلوم أن الشيعة أكثر فرق الأمة الضالة ضلالا وكفرا، وعقيدتهم تشهد عليهم بذلك؛ حيث يكتشف من يقف عليها أن الكذب والبهتان ركن من أركان الإيمان عندهم!! ومع ذلك فمازال في المسلمين من هو مخدوع بهم، بل قد يتصور -خطأ- أن بالإمكان حدوث تقارب بينهم وبين أهل السنة!! والحق أن السنة والشيعة ضدان لا يجتمعان ونقيضان لا يلتقيان! وإذا أردت شاهدا على ذلك فإليك البيان... (1)
ثم ذكر اعتقادهم في القرآن والسنة والصحابة وغير ذلك.
موقفه من الصوفية:
- قال: وأما الصوفية فقد حكم عليها العلماء قديما وحديثا بالبدعة والضلال، وحاصل كلامهم أن الصوفية قد أدخلت على الدين ما ليس منه، وابتدعت فيه بدعا كثيرة تزداد بمرور العصور وتعاقب السنين. (2)
- وقال: فإن الطرق الصوفية قد جمعت في صفوفها من يعبد الشيطان،ويسمع له ويطيع! وإليك البيان:
__________
(1) مجلة التوحيد (السنة الثانية والعشرون العدد السادس 1415هـ/ص.6-9).
(2) مجلة التوحيد (السنة الثانية والعشرون العدد التاسع 1414هـ/ص.7).(1/436)
بالقرب من ميدان السيدة زينب، رضي الله عنها، يوجد مقر لطريقة صوفية سرية باطنية، شيخها يسمى (عمر أمين حسنين)، مات منذ ست سنوات، ويسمون أنفسهم الطريقة البيومية العمرية نسبة إلى شيخ الطريقة، ومقر الطريقة شقة فاخرة بأغلى وأحلى أنواع الأثاث عامرة، وتقدم فيها للمريدين أطعمة شهية فاخرة لم ترها عين الفقراء في مصر، ولا سمعت بها آذانهم، ولا خطرت على قلوبهم! وهذا الطعام والشراب والأثاث الذي يزيد في مستواه على فنادق السبعة نجوم دليل قاطع على الزهد الذي تتغنى به الصوفية في الماضي والحاضر! وهذه الطريقة يجتمع فيها الشرك مع الموسيقى، والغناء مع الاختلاط، والخرافات مع الضلالات، والبدع مع الأطعمة الشهية، التي تجعل لعاب المريدين يسيل أنهارا، حتى يفنى الأكل في البطن حسب نظرية الفناء الصوفي!! ونحن نسوق هنا بعض الوقائع التي تقع في مقر الطريقة يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع، فإن الدعوى لا تقبل إلا ببينة. (1)
- كما أنه رحمه الله تحدى صوفية مصر بعشرين سؤالا أن يجيبوا عنها، يتبين بها خلطهم وتناقضهم، فقال رحمه الله بعد ذكر هذه الأسئلة العشرين: وإن مما يلفت النظر ويثير الانتباه أن قراء (عقيدتي) قد لاحظوا بوضوح وجلاء أن الصوفية قد فشلت فشلا ذريعا في الرد على الأسئلة العشرين، وعن كشف الغموض والطلاسم، وعلامات الاستفهام الكثيرة التي تحيط بالطرق الصوفية.. وقد خرجت جميع الأقلام الصوفية عن الموضوع، وانحرفت بعيدا عنه ثلاثة اتجاهات:
الأول: اتجاه السب والشتم واتهام النيات.. وهذا قد تخصص فيه الأخ محمد المهنا من العشيرة المحمدية، وقلده في بعض ذلك تلميذ الطريقة العزمية غفر الله لهما.
__________
(1) مجلة التوحيد (السنة الخامسة والعشرون العدد الحادي عشر 1417هـ/ص.6-7).(1/437)
الثاني: اتجاه ترديد محاسن التصوف وفضله على الإسلام، ومحاولة تفهيم القراء أن الله حفظ دينه بالصوفية وأن الأمة المسلمة لا حياة لها إلا به!!. وهذا الاتجاه تتبناه كل الطرق.
الثالث: فهو الدعوة إلى الحوار والجلوس على مائدة البحث والمناظرة، وقد تبناه شيخ الطريقة العزمية، ونحن نرحب بهذا الحوار؛ بل ننتظره منذ فترة وقد قمنا على الفور بالاتصال ببعض علماء الأزهر الكبار ليتولى ترتيب هذا اللقاء وتنسيقه على الوجه الأكمل.. تحت رعاية جريدة عقيدتي. (1)
موقفه من الجهمية:
قال: عقيدتنا الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وكذلك الإيمان بكل ما نطق به القرآن، أو جاءت به السنة الصحيحة. ونعتقد أن الله له الأسماء الحسنى والصفات العلى التي وصف بها نفسه، أو وصفه بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، من غير تكييف، ولا تمثيل، ولا تشبيه، ولا تعطيل؛ وأنه -سبحانه- استوى على العرش، أي علا وارتفع، كما فسره السلف بكيفية لا نعلمها.
وأنه -سبحانه- ينزل إلى السماء الدنيا كما أخبرت بذلك السنة الصحيحة بكيفية لا نعلمها، والله في السماء، وعلمه في كل مكان! كما نؤمن أنه -سبحانه- خلق آدم بيده، وأن يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء، كما نثبت له -سبحانه- وجها، وسمعا، وبصرا، وعلما، وقدرة، وقوة، وعزة، وكلاما، وغير ذلك من صفاته، على الوجه الذي يليق به، فإنه -جل شأنه-: لَيْسَ { كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } (11) (2) .
ونحن نثبت لله كل صفة أثبتها لنفسه، كما ننفي عنه -سبحانه- كل صفة نفاها عن نفسه، ونسكت عما سكتت عنه النصوص، فإذا قيل: هل لله جسم؟ نقول: هذا مسكوت عنه فلا نثبته، ولا ننفيه، بل نسكت عنه طاعة لله. (3)
__________
(1) صفوت الشوادفي في ركب العلماء (ص.17-18).
(2) الشورى الآية (11).
(3) مجلة التوحيد (السنة الثالثة والعشرون العدد السادس 1418هـ/ص.6-7).(1/438)
مقبل بن هادي الوادعي (1) (1422 هـ)
الشيخ الإمام مقبل بن هادي بن مقبل بن قائدة الهمداني الوادعي الخلالي، من قبيلة آل راشد. ولد سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة وألف تقريبا. بدأ الشيخ دراسته قي قريته دماج، حيث تعلم مبادئ الخط والكتابة بالمكتب، ثم انتقل إلى جامع الهادي لطلب العلم فلم يساعد عليه، ثم رحل إلى بلاد الحرمين ونجد، فكان يسمع من بعض الواعظين والدعاة، واستنصحهم في شراء بعض الكتب، فأرشدوه إلى صحيح البخاري وبلوغ المرام ورياض الصالحين وشروح كتاب التوحيد وغيرها من الكتب وبعد زمن عاد إلى بلده، فأنكر عليهم ما وجدهم فيه من البدع والضلالات، فحاربوه بشتى الوسائل.
وبعد ذلك درس في جامع الهادي بمدينة صعدة، ثم توجه إلى أرض الحرمين وسكن بنجد، فأخذ عن الشيخ محمد بن سنان الحدائي والشيخ يحيى ابن عثمان الباكستاني. ثم فتح معهد الحرم المكي، فتقدم للاختبار فنجح، وفيه أخذ عن عدة مشايخ منهم الشيخ عبدالعزيز السبيل والشيخ عبدالله بن محمد بن حميد وغيرهما.
ثم انتقل الشيخ إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة، فدرس بكلية الدعوة وأصول الدين، ومن أبرز من درس عنه فيها الشيخ السيد محمد الحكيم والشيخ محمود عبدالوهاب فائد المصريان. كما كان رحمه الله يحضر دروس سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ الألباني رحمهما الله وغيرهما.
ثم عاد رحمه الله إلى اليمن، فتوافد عليه طلاب العلم من شتى أنحاء العالم للاستفادة وتحصيل العلم الشرعي.
من مؤلفاته رحمه الله: 'الطليعة في الرد على غلاة الشيعة'، و'الصحيح المسند من أسباب النزول'، و'شرعية الصلاة في النعال' و'تحريم الخضاب بالسواد'، وغيرها من الكتب النافعة.
توفي رحمه الله في ثلاثين ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة وألف بمدينة جدة، ودفن بمكة المكرمة بناء على وصيته.
موقفه من المبتدعة:
__________
(1) 'ترجمة أبي عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي' بقلم المترجَم له.(1/439)
- قال رحمه الله: وما اختلفنا فيه ينبغي أن نرجع إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله، وأن نترك العادات والتقاليد التي تخالف الكتاب والسنة وننبذها. (1)
- وقال رحمه الله مبينا خطورة التقليد: المذاهب الأربعة ما أنزل الله بها من سلطان وما ورد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ذاك يكون شافعيا وذاك يكون حنبليا إلى آخر ذلك، بل قال الله سبحانه وتعالى: وَمَا { اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى } اللَّهِ (2) وقال: فَإِنْ { تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ } الْآَخِرِ (3) وقال سبحانه وتعالى: اتَّبِعُوا { مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ } (3) (4) . وقال سبحانه وتعالى: وَأَنَّ { هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (153) (5) . فهذه المذاهب فرقت الناس، وقد تحدينا غير واحد من المتعصبين لهذه المذاهب أن يأتوا بدليل من كتاب الله أو من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدل على أن المسلم ملزم بالتعبد بمذهب من هذه المذاهب، بل جاء القرآن على كراهة هذا فقال سبحانه وتعالى: إِنَّ { الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ } (6)
__________
(1) إجابة السائل (66).
(2) الشورى الآية (10).
(3) النساء الآية (59).
(4) الأعراف الآية (3).
(5) الأنعام الآية (153).
(6) الأنعام الآية (159)..(1/440)
ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة" (1) أو بهذا المعنى. ففي هذا التحذير؛ وأهل الكتاب اختلفوا، فنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - يحذرنا من أن نسلك سبيلهم في الاختلاف فقال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة شبرا بشبروذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" (2) أو بهذا المعنى، وهو وارد في الصحيح من حديث أبي هريرة ومن حديث أبي سعيد والمعنى متقارب، فهذه المذاهب فرقت الناس وأدخلت بينهم البغضاء والعداوة، وما تعبدنا الله إلا بكتاب الله وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي مبتدعة ما جاءت في كتاب الله ولا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما حدثت هذه البدعة إلا بعد القرون المفضلة، ولقد أحسن محمد ابن إسماعيل الأمير إذ يقول:
وأقبح من كل ابتداع سمعته ... وأنكاه للقلب المولع للرشد
مذاهب من رام الخلاف لبعضها ... يعض بأنياب الأساود والأسد
ويعزي إليه كل ما لا يقوله ... لتنقيصه عند التهامي والنجدي
وليس له ذنب سوى أنه غدا ... يتابع قول الله في الحل والعقد
لئن عده الجهال ذنبا فحبذا ... به حبذا يوم انفرادي في لحدي
على ما جعلتم أيها الناس ديننا ... لأربعة لا شك في فضلهم عندي
هم علماء الأرض شرقا ومغربا ... ولكن تقليدهم في غد لا يجدي
ولا زعموا حاشاهموا أن قولهم ... دليل فيستهدي به كل من يهدي
بل صرحوا أنا نقابل قولهم ... إذا خالف المنصوص بالقدح والرد
فأصبح التعصب لهذه المذاهب شنيعا، تقدم أقوال أصحاب المذاهب على كتاب الله وعلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قال منذر بن سعيد الأندلسي قال:
عذيري من قوم يقولون كلما ... طلبت دليلا هكذا قال مالك
__________
(1) تقدم تخريجه في مواقف يوسف بن أسباط سنة (195هـ).
(2) تقدم تخريجه في مواقف علي بن المديني سنة (234هـ).(1/441)
فإن عدت قالوا قال سحنون مثله ... ومن لم يقل ما قاله فهو آفك
فإن زدت قالوا قال أشهب مثله ... وقد كان لا تخفى عليه المسالك
فإن قلت قال الله ضجوا وأكثروا ... وقالوا جميعا أنت قرن مماحك
فإن قلت قد قال الرسول فقولهم ... أتت مالكا في ترك ذاك المسالك
لم يزل العلماء يتوجعون من التقليد الأعمى الذي باعد الناس عن كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وحال بين الناس وبين كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد ألف العلماء المؤلفات القيمة في التحذير من التقليد منها: جزء كبير لابن القيم في كتابه 'إعلام الموقعين' ومنها كتاب للشوكاني 'القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد' ولم يزل علماء السنة يحذرون من هذا التقليد الذي حال بين الناس وبين كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . (1)
- ثم قال: لسنا نقول: إن كتب الأئمة الأربعة لا يستفاد منها ولا ينتفع بها، فالحمد لله نحن نقتني كتب الأئمة الأربعة ونستفيد منها، لكن ننصح إخواننا بالإقبال على كتاب الله وعلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فكتب الأئمة الأربعة تقتنى وتكون مرجعا كغيرها من المراجع، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
فنحن وإن كنا نقول: إننا لسنا متعبدين بأفهامهم فنحن نقول أيضا: إن أفهام الأئمة وأفهام الصحابة خير لنا من أفهامنا، لكنا لسنا متعبدين بأفهامهم، وفي كثير من المسائل قد اختلفوا رحمهم الله تعالى، وتعصب المتأخرون لهم غاية التعصب حتى قال أبو عبدالله البوشنجي:
ومن شعب الإيمان حب ابن شافع ... وفرض أكيد حبه لا تطوع
أنا شافعي ما حييت وإن أمت ... فوصيتي للناس أن يتشفعوا
أبو عبدالله البوشنجي من رجال تهذيب التهذيب وتعقبه أو خلفه: عبدالله بن محمد بن إسماعيل الهروي (حنبلي) فهو يقول:
أنا حنبلي ما حييت وإن أمت ... فوصيتي للناس أن يتحنبلوا
__________
(1) إجابة السائل (317-319).(1/442)
هذا التعصب الأعمى لسنا منه ومنه نحذر، وكفانا كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والأئمة نستفيد من أفهامهم ونستعين بالله سبحانه وتعالى ثم بأفهامهم على فهم الكتاب والسنة، لأنهم لديهم من الفهم ومن الاطلاع والعلم ما ليس لدينا، وليس معناه أننا متعبدون بأفهامهم. والله المستعان. (1)
- وقد سئل عن حكم الشرع في الذي يرفض العمل بالسنة ويقصر العمل والحجة على القرآن؟
__________
(1) إجابة السائل (334-335).(1/443)
فأجاب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد ألا إلاه إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد: فحكم هذا الذي يقصر العمل على القرآن ويرفض العمل بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كافر؛ يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: مَا { أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } (7) (1) ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: بِالْبَيِّنَاتِ { جچç/-"9$#ur? وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } (44) (2) ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه" (3) ورب العزة يقول في كتابه الكريم: فَلَا { وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } (65) (4) ، ويقول سبحانه وتعالى: فَلْيَحْذَرِ { الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (63) (5) ،
__________
(1) الحشر الآية (7).
(2) النحل الآية (44).
(3) تقدم تخريجه في مواقف أبي الزناد عبدالله بن ذكوان سنة (130هـ).
(4) النساء الآية (65).
(5) النور الآية (63)..(1/444)
ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: وَمَا { كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا } (36) (1) .
هؤلاء لهم شبهة وهي شبهة قديمة، وهي حديث موضوع باطل: "إذا أتاكم الحديث عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافق فهو مني وأنا قلته وما لم يوافق فليس مني ولم أقله"، الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يقول إنه سند مجهول فالحديث لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر الشوكاني رحمه الله تعالى في كتابه 'إرشاد الفحول' ذكر عن يحيى بن معين، وعبدالرحمن بن مهدي أنهما قالا إن الحديث مما وضعته الزنادقة ليردوا به السنن.
فسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يستغنى عنها، فتأتي مؤكدة للقرآن، وتأتي مبينة للقرآن، وتأتي أيضا ناسخة للقرآن على الصحيح من أقوال أهل العلم؛ فالسنة مبينة ومخصصة وتأتي أيضا بشرع مستقل. فالنهي عن لحوم الحمر الأهلية لم يرد في كتاب الله، والنهي عن أكل كل ذي ناب من السبع وذي مخلب من الطير لم يرد في كتاب الله، وهكذا أشياء كثيرة لم ترد في كتاب الله فالسنة تأتي بشرع مستقل وجب قبوله والله المستعان. وتفصيل الصلاة والزكاة مأخوذ من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . (2)
- وسئل رحمه الله: ما هو رأيكم فيمن يجعل هذه الجماعات والأحزاب من أهل البدع والفرق ويقول: إنهم يدخلون تحت حديث الافتراق؟
__________
(1) الأحزاب الآية (36).
(2) إجابة السائل (388-390).(1/445)
فأجاب: هذا هو الذي يظهر، لأنها فرقت كلمة المسلمين وخصوصا من كان منهم صوفيا أو شيعيا أو يوالي ويعادي من أجل الحزب، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول كما في سنن أبي داود من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة" (1) وجاء بيانها في سنن أبي داود أيضا من حديث معاوية رضي الله عنه بأنها الجماعة (2) .
فهذه التفرقة لوحدة المسلمين تعتبر تفرقة، ثم بعد ذلك يصدر كتاب في هذه الأيام أن لا بأس بتعدد الجماعات، بل به بأس وبأس وبأس، فإن الله عزوجل يقول في كتابه الكريم: إِنَّ { الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ } (3) ، ويقول: إِنَّ { هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } (92) (4) ، فهم يريدون أن يستروا على أنفسهم.
__________
(1) تقدم تخريجه في مواقف يوسف بن أسباط سنة (195هـ).
(2) تقدم تخريجه في مواقف محمد بن الحسين الآجري سنة (360هـ).
(3) الأنعام الآية (159).
(4) الأنبياء الآية (92).(1/446)
فأعداء الإسلام يدأبون ليلا ونهارا في تنفيذ مخططاتهم والمسلمون متفرقون، لكن هل الفرقة من قبل أهل السنة؟ لا، أهل السنة يقولون لهم: نحن نريد أن نتبع نحن وأنتم كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأولئك يقولون: نحن نريد أن نزاحم الشيوعيين والبعثيين والناصريين، أنحن مفوضون في هذا الدين؟ الله عزوجل يقول لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : وَلَوْلَا { أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا } (75) (1) . وقد بلغني أن شخصا أقام اجتماعا في جبل الأهنوم وسئل: ما رأيك في الأحزاب؟ قال: بيننا وبينهم اتفاق ألا يتكلم بعضنا في بعض.
فهذه هي آثار الحزبية، وآثار الكراسي والدنيا؛ فأنصح كل طالب علم أن يبتعد عن هذه الحزبية، وأن يحذر المسلمين منها بالكتابة والخطابة والأشرطة وبالمناقشة، والمناظرة العلنية حتى ينكشف للمجتمع أنهم ليسوا متمسكين بهذا الدين كما ينبغي.
__________
(1) الإسراء الآيتان (74و75).(1/447)
فالمسألة مسألة كراسي ومصالح، أنحن نستطيع أن ننصر أنفسنا حتى نكون أو نعمل بما نريد، لا، الله عزوجل يقول في كتابه الكريم: إِنْ { يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ } (1) ، ويقول أيضا في كتابه الكريم: إِنْ { تَنْصُرُوا اللَّهَ } يَنْصُرْكُمْ (2) . فلا نستطيع أن ننصر أنفسنا حتى نتحذلق ونكتم بعض العلم، فلا تتكلم في موضوع كذا وكذا ولا تتكلم في موضوع كذا وكذا، من أجل أن الناس ينفرون، ورب العزة يقول لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : * { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } (3) ، ويقول سبحانه وتعالى: فَلَعَلَّكَ { تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ 7,ح !$|تur بِهِ } صَدْرُكَ (4) .
فلسنا مفوضين في هذا الدين حتى نؤجل بعض القضايا ونسكت عن بعض الأمور، فربما بعض الأمور تكون شركية، ويقولون: اسكت عنها وأخرها حتى ننقض ونثب على الكرسي، ثم ماذا تعملون إذا وثبتم على الكرسي؟ تعترفون بقرارات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، وبغيرها والله المستعان. (5)
من آثاره السلفية:
1- 'المخرج من الفتنة'.
2- 'إجابة السائل على أهم المسائل'.
3- 'المصارعة'.
4- 'قمع المعاند وزجر الحاقد الحاسد'.
5- 'غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة'.
6- 'الصحيح المسند من دلائل النبوة'.
7- 'رياض الجنة في الرد على أعداء السنة'.
موقفه من المشركين:
سئل رحمه الله: ما حكم دعاء الحسين المقبور بريدة وغيره من الأموات وكذا النذر له؟ وما حكم من أتى إليه من الجاهلين ليحصل به الأولاد؟
__________
(1) آل عمران الآية (160).
(2) محمد الآية (7).
(3) المائدة الآية (67).
(4) هود الآية (12).
(5) قمع المعاند (2/386-388).(1/448)
فأجاب رحمه الله: دعاء الحسين وغيره من الأموات يعتبر شركا لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: وَمَنْ { يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ } (117) (1) ، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: وَمَنْ { أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ َOخgح !%tوكٹ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } (6) (2) ، وقال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: لَهُ { دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ } (14) (3) .
__________
(1) المؤمنون الآية (117).
(2) الأحقاف الآيتان (5و6).
(3) الرعد الآية (14).(1/449)
المقبور سواء أكان الحسين أم غيره لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: أَمْ مَنْ { يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ } السُّوءَ (1) ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: يَا أَيُّهَا { النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِن الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ } (73) (2) ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: قُلْ { أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ } (3) فالحسين لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، ودعاؤه يعتبر شركا، الذي يدعوه بعد أن يبين له يعتبر مشركا، وإذا كانت امرأته لا تدعو الحسين فهي تعتبر حراما عليه، وإذا كانت المرأة تدعو الحسين بعد ما تبلغ وهو لا يدعوه فهو يعتبر محرما عليها، لأنه لا يجوز لمسلم أن يتزوج بمشركة، ولا المشرك أن يتزوج بمسلمة، يقول الله سبحانه وتعالى: لَا { هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } (4)
__________
(1) النمل الآية (62).
(2) الحج الآية (73).
(3) الزمر الآية (38).
(4) الممتحنة الآية (10)..(1/450)
هكذا أيضا النذر للحسين وللهادي وللحسين الذي يزعمون أن رأسه مقبور بمصر، وغيرهم النذر باطل، معصية لا يجوز الوفاء به ولا يحل أن يستلمه أحد لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه" وهو نذر معصية والرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النذر وقال: "إنه لا يأتي بخير ولكن يستخرج به من البخيل" (1) وإن كان هذا أعم من الدعوى، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: وَمَا { أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِن اللَّهَ يَعْلَمُهُ } (2) ، ويقول في مدح الموفين بالنذر -مما يدل على أنه عبادة-: يُوفُونَ { بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا } (7) (3) ؛ وامرأة عمران تقول: رَبِّ { إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي } مُحَرَّرًا (4) ، فنذرت لله، ما نذرت للحسين ولا للهادي ولا لزعطان ولا لفلتان، نذرت لمن؟ لله عزوجل.
النذر يكون لله عزوجل، وأما النذر وكذلك الخوف من الميت إذا لم ينذر له، أو إذا ظن أنه إذا نذر له سيعطيه الأولاد أو يفرج عنه الكرب هذا يعتبر شركا.
__________
(1) أخرجه: البخاري (11/705/6693) ومسلم (3/1261/1736(4)) وأبو داود (3/591-592/3287) والنسائي (7/21/3809) وابن ماجه (1/686/2122) واللفظ لمسلم والنسائي. كلهم من حديث ابن عمر رضي الله عنه.
(2) البقرة الآية (270).
(3) الإنسان الآية (7).
(4) آل عمران الآية (35).(1/451)
وأما بالنسبة لمن أتى إليه من الجاهلين ليحصل لهم الأولاد هذا العمل يعتبر شركا لأن الله هو الذي يعطي الأولاد، لكن بقي الجاهل المسكين الذي لا يدري فلا يحكم عليه بالشرك إلا بعد أن يبلغ، فنحن لسنا نقول: إن آباءنا ومن قبلنا كانوا مشركين، نقول: إن العمل الذي كانوا يعملونه يعد شركا لكنهم كانوا جاهلين، ويكونون إن شاء الله معذورين بجهلهم لأن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: وَمَا { كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } (15) (1) ويقول: وَمَا { كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ } (2) والله المستعان. (3)
__________
(1) الإسراء الآية (15).
(2) التوبة الآية (115).
(3) إجابة السائل (194-196).(1/452)
- وقال رحمه الله: وهكذا اعتقاده أن الأولياء يعلمون الغيب -أيضا- يعتبر شركا، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: قُلْ { لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } (65) (1) ، ويقول سبحانه وتعالى: * { وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ } (2) ، ويقول سبحانه وتعالى: عَالِمُ { الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ } خَلْفِهِ (3) . فالذي يعتقد أن هناك أحدا يعلم الغيب غير الله سبحانه وتعالى يعتبر مشركا، وقد يقول القائل: إن المنجمين أو الكهان يخبرون ببعض الأشياء فيصدقون. هؤلاء أخبر عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث أبي هريرة (4) أنهم يكذبون مائة كذبة ويسترقون من السمع كلمة واحدة ثم يقول الناس: ألم يقل كذا وكذا في يوم كذا وكذا، أي: يصدقه الناس في مائة كذبة من أجل أنه قال كلمة واحدة صدقا. (5)
من آثاره السلفية:
1- 'ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر'.
2- 'السيوف الباترة لإلحاد الشيوعية الكافرة'.
3- 'حكم القبة المبنية على قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - '.
موقفه من الرافضة:
لقد سخر الشيخ رحمه الله قلمه للرد على الروافض، فألف فيهم مؤلفات منها:
1- 'الإلحاد الخميني في أرض الحرمين'.
2- 'صعقة الزلزال لنسف أهل الرفض والاعتزال'.
3- 'إرشاد ذوي الفطن لإبعاد غلاة الروافض من اليمن'.
4- 'الطليعة في الرد على غلاة الشيعة'.
__________
(1) النمل الآية (65).
(2) الأنعام الآية (59).
(3) الجن الآيتان (26و27).
(4) تقدم قريبا ضمن مواقف ابن باز سنة (1420هـ).
(5) إجابة السائل (ص.203).(1/453)
- قال رحمه الله في 'إجابة السائل': والمذهب الشيعي، هو مذهب مبتدع كسائر المذاهب الأخرى التي سمعتموها؛ بل هو أبعد من كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تلكم المذاهب، فالمذهب الشيعي خصوصاً في زماننا هذا هو يبطل علم السنة -سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويعتمد على هواه وعلى ما قال يحيى بن الحسين، وما قال: فلان وفلان، حتى إن نشوان الحميري يتوجع من هذا ويقول:
إذا جادلت بالقرآن خصمي ... أجاب مجادلاً بكلام يحيى
فقلت كلام ربك عنه وحي ... أتجعل قول يحيى عنه وحياً
المذهب الهادوي بعيد من السنة؛ لكن ما تعبدنا الله بمذهب زيدي ولا بمذهب هادوي، تعبدنا الله بكتاب الله وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ وهذه كما رأيتم أورثت العداوة، وأورثت البغضاء بين المسلمين. (1)
- وقال: وهكذا الرافضة يزعمون أنه لا يدخل الجنة إلا أئمتهم وشيعتهم، ومن ثَمَّ يحكمون بالكفر على سائر الفرق الإسلامية، ومن حكم بالكفر على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلن يتحاشى من غيرهما، وما رَدُّهم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وما رواه أئمة أهل السنة إلا من هذا الباب، فهم يعتقدون أن من عداهم كفار كفراً صريحاً أو كفر تأويل، وناهيك بقوم كفّروا صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا يجرءون على تكفير من عداهم من المسلمين!! وأنت إذا نظرت إلى مذاهب الرافضة وجدتهم يأخذون من المذاهب أرداها، فمذهبهم في التكفير أردى من الخوارج، وفي الأسماء والصفات تابعون لأسيادهم المعتزلة، وفي الغلو في أهل البيت إليهم المنتهى في ذلك.
وجدير بمن حارب علم الكتاب والسنة أن يكون متخبطا تائهاً، وهم أيضاً دعاة فتن وضلال، ولا يعصمك من ترهاتهم إلا الله سبحانه وتعالى، ثم التمسك بكتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ومعرفة عقائدهم الخبيثة، وحسبنا الله ونعم الوكيل. (2)
__________
(1) إجابة السائل (ص.319).
(2) الإلحاد الخميني (ص.203).(1/454)
- وقال أيضاً: ولا تظنن أن فتنة عبدالله بن سبأ وعلي بن الفضل قد انقطعتا، فهذه الرافضة بإيران آلة لأعداء الإسلام أزعجوا المسلمين حتى في تلك الأيام المباركة والمشاعر المحترمة في أيام الحج وفي مكة ومنى وعرفة، الناس يتقربون إلى الله بذكره وأولئك الحمقى أشباه الأنعام يدندنون بذكر إمام الضلالة الخميني ويهتفون بهتافات كاذبة. (1)
موقفه من الصوفية:
قال رحمه الله: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:
فإن بدعة التصوف حدثت بعد مائتي سنة من الهجرة، ولم تكن موجودة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا في عهد الصحابة والتابعين. ثم إنهم اختلفوا في نسبة التصوف، فمنهم من يقول: إنها نسبة إلى صوفة، وهي قبيلة من الجاهلية كانت تتعبد، وكل من تعبد وانقطع نسب إليها. ومنهم من يقول: إنه نسبة إلى الصفة، وهذا ليس بصحيح إذ لو كانت نسبة إلى الصفة لقيل فيه: صفي. ومنهم من يقول: إنه نسبة إلى الصفاء، وهذا أيضا ليس بصحيح، ولو كان صحيحا لقيل فيه: صفوي. ومنهم من يقول: هي نسبة إلى الصوف. وعلى كل فهي نسبة مبتدعة، والله سبحانه وتعالى سمانا مؤمنين وسمانا مسلمين، ولم يكن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا تسمية مؤمن ومسلم، لسنا نتكلم عن الكفار وعن المنافقين.
__________
(1) الإلحاد الخميني (ص.154).(1/455)
ثم إن الصوفية أقسام: منهم من انتهى به الحال إلى أن نبذ الكتاب والسنة، وسخر من أهل العلم وصار يقول: حدثني قلبي عن ربي، يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتاب العلم من فتح الباري يقول -نقلا عن القرطبي-: من انتهى به الحال إلى هذه الحالة فهو كافر، والأمر كما يقول رحمه الله تعالى، الذي يظن أنه يستغني عن كتاب الله وعن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر بالله عز وجل، وهكذا يزهدون في العلم من زمن، وربما دفن بعضهم كتبه -يكتب الكتب ثم يدفنها- والله المستعان، منهم أيضا من أصبح زنديقا، وقتل بسبب الزندقة وهو الحسين بن منصور الحلاج، وتبعه على هذا أبو العباس بن عطاء فقتل الحسين بن منصور الحلاج ثم بعد زمن قتل أبو العباس بن عطاء على الزندقة.
سمع الحسين بن منصور الحلاج رجلا يتلو آية فقال: لو شئت لقلت مثلها، وهذا ذكره ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه 'تلبيس إبليس'، وهكذا أيضا: ابن الفارض فإنه أيضا تزندق؛ وفي تائيته التي أثنى عليها محمد ابن إبراهيم الوزير في كتابه 'الروض الباسم' فيها الكفر الصراح، وقد أخطأ ابن الوزير رحمه الله تعالى في الثناء على هذه التائية. انتهينا من أولئكم الذين يقولون بأنهم غنيون عن الشرع أو يدخلون في الصوفية ثم يتزندقون. ومن الصوفية أهل وحدة الوجود الذين يقول قائلهم: أنا هو وهو أنا. ويقول أيضا: ما في الوجود إلا الله، وحتى قال بعضهم:
وما الكلب والخنزير إلا إلهنا ... وما الرب إلا عابد في كنيسته
وقال بعضهم:
الرب عبد والعبد رب ... يا ليت شعري من المكلف(1/456)
وهكذا أيضا في أشعارهم الكفر البواح، وقد أشبع الرد: صالح بن مهدي المقبلي رحمه الله تعالى في كتابه 'العلم الشامخ' أشبع الرد على خرافة وعلى كفريات ابن عربي (محي الدين) في زعمهم وهو (مميت الدين) ابن عربي، فعنده من الكفر الصراح في 'فصوصه' وهكذا أيضا في سائر كتبه، وتجدونه معظما عند كثير من الصوفية، ولو تكلمت فيه وأنت بالشام ما سلمت من الضرب من الصوفية، وقد أوذي شيخ الإسلام ابن تيمية، وأوذي أيضا غيره من أجل ابن عربي الزنديق الذي يقول: إن فرعون موحد وإن موسى مشرك، وهكذا يقول في شأن العذاب: أنه ما سمي عذابا إلا من عذوبته، تعطيل للكتاب والسنة ولشرع الله، وزندقة ظاهرة، ثم نجد من يدافع عنه من المصلين. ومن خرافات الصوفية أنهم ربما أنهم يحرمون على أنفسهم ما أحل الله لهم من الزواج -وهو سنة من سنن المرسلين-، رب العزة يقول في كتابه الكريم: وَلَقَدْ { أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً } (1) .
__________
(1) الرعد الآية (38).(1/457)
ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول: "حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عيني الصلاة" (1) وقد جاء ثلاثة نفر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقال أحدهم: أما أنا فأقوم الليل ولا أنام، وقال الآخر: وأنا أصوم ولا أفطر، وقال الآخر: وأنا لا أتزوج النساء، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبر بهذا فقال: "أنتم القائلون كذا وكذا، أما إني أخشاكم لله وأتقاكم له، ولكني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" (2) ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: يَا أَيُّهَا { الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِن اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } (87) (3) ، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: * { يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } (31) (4) ،
__________
(1) أخرجه من حديث أنس: أحمد (3/285) والنسائي (7/72/3949) وصححه الحاكم (2/160) على شرط مسلم ووافقه الذهبي وحسنه الحافظ في التلخيص (3/116).
(2) أحمد (3/241،259) والبخاري (9/129/5063) ومسلم (2/1020/1401) والنسائي (6/368-369/3217).
(3) المائدة الآية (87).
(4) الأعراف الآية (31)..(1/458)
يمتنعون من النساء اقتداء بمن؟ اقتداء بالقساوسة وبالرهبان النصارى، ولكن يمتنعون من النساء وماذا يفعلون يا رجال؟ يفتنون بالمردان، حتى إن شخصا تولع بشخص أمرد -كما في 'تلبيس إبليس'- فرق بينهما فتحيل إلى أن دخل إليه وقتله، وجعل يبكي عنده واعترف أنه قاتله، فجاء والد الولد وقال: أنا قتلته، وأنا أسألك بالله أن تقيدني به، فعفا عنه، فصار يحج وينذر بثواب الحج لذلكم الولد، وأقبح من هذا أن شخصا ارتكب الفاحشة بصبي ثم بعد ذلك طلع إلى سطح بيته -وكان بيته على البحر- فرمى بنفسه وتلا قول الله عزوجل: ّ(# qç/qçGsù { إِلَى ِNن3ح ح'$t/ فَاقْتُلُوا } أَنْفُسَكُمْ (1) .
هذا شأن الصوفية، ولهم فضائح وقبائح أكثر وأكثر من هذا -أعني في شأن النساء- وربما تأتي المرأة الأجنبية ويلبسها الخرقة المكذوبة المزعومة المفتراه عندهم سند للخرقة، يزعمون أن من لبس الخرقة فقد انتهى به الحال وقد أصبح صوفيا، ولا يلبسونها إلا من قد ارتقى درجة في التصوف... الصوفي عندهم إذا قد بلغ رتبة عالية يحل عندهم كل شيء، ويستدلون بقول الله -عز وجل-: وَاعْبُدْ { رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } (99) (2) ، وأخطأوا في فهم الآية، أو كابروا في فهم الآية، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد ربه حتى تفطرت قدماه وقال: "أفلا أكون عبدا شكورا" (3) وهكذا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب رضوان الله عليهم، الذين أساء أبو نعيم في ذكرهم.. وفي ذكر أبي ذر وقال: إنهم صوفية، أخطأت يا أبا نعيم رحمك الله تعالى.
__________
(1) البقرة الآية (54).
(2) الحجر الآية (99).
(3) أخرجه من حديث المغيرة: أحمد (4/255) والبخاري (3/18/1130) ومسلم (4/2171-2172/2819) والترمذي (2/268-269/412) وقال: "حديث حسن صحيح". والنسائي (3/242/1643) وابن ماجه (2/456/1419).(1/459)
ما كانت الصوفية موجودة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا على عهد الصحابة، فأخطأ في ذكرهم حيث ذكرهم في الحلية، فهم برآء من هذه الترهات. الصوفية أيضا كما سمعتم حرموا على أنفسهم ما أحل الله لهم، فقد جاء أن أبا يزيد البسطامي كان عنده قدر ستين أو سبعين دينارا فاشتغل بها قلبه، فأخذها ورماها في البحر، ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بل رب العزة يقول: وَلَا { تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } (141) (1) ويقول: إِنَّ { الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ } (2) ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن إضاعة المال، وأخبر أن العبد لا تزول قدمه حتى يسأل عن أربع ومنها: "عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه" (3) وغلو الصوفية أمر ليس له نظير، يطلبون من المريد أن يجلس بين يدي مريده كالميت بين يدي الغاسل، وهذا ما كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - !.. (4)
موقفه من الجهمية:
__________
(1) الأنعام الآية (141).
(2) الإسراء الآية (27).
(3) أخرجه من حديث أبي هريرة: أحمد (2/372) ومسلم (3/1340/1715).
(4) المصارعة (375-379).(1/460)
له كتاب 'الصحيح المسند من دلائل النبوة'. قال في مقدمته: هذا: وبما أن دلائل النبوة أكبر برهان على صدق نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - مع ما أكرمه به من مكارم الأخلاق فقد ضاقت صدور أقوام بالآيات البينات والدلائل الواضحات كما حكى الله عنهم بقوله: اقْتَرَبَتِ { السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً (#qàجچ÷èمƒ وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ } (3) (1) هذا كان شأن كفار قريش. أما المسلمون في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنهم يعتبرون التشريع كله دلالة على صدق نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - لما فيه من الأسرار العجيبة، والحكم البليغة. وهكذا التابعون لهم بإحسان؛ حتى نبغ أقوام من ذوي الاعتزال فاعتزلوا الكتاب والسنة إلا ما يوافق أهواءهم وهم يزعمون أنهم يعتمدون على عقولهم، وهم في الحقيقة يعتمدون على أهوائهم لأن العقل الصحيح لا يخالف النقل الصحيح. فضاقت صدورهم ببعض المعجزات النبوية، فهذه يؤولونها وتلك يضعفونها، فأراد الله أن يحق الحق ويبطل الباطل، وكاد مذهب الاعتزال أن ينقرض.
وفي هذه الأزمنة المتأخرة نبغ أقوام من ذوي الأهواء فأرادوا أن يأخذوا بالثأر للمعتزلة فتاهوا كما تاه أسلافهم من أولئك التائهين الحيارى ومن أولئك الثائرين للاعتزال به ومنهم من هو ثائر للإلحاد.
1- جمال الدين الأفغاني الرافضي الإيراني.
2- محمد عبده المصري.
3- محمد رشيد رضا، وليس كسابقيه في الضلال.
4- محمود شلتوت (راجع 'إعلام الأنام بمخالفة شيخ الأزهر شلتوت للإسلام').
5- طه حسين.
6- أحمد أمين صاحب فجر الإسلام وضحاه وظهره.
7- أبو رية.
8- محمد الغزالي. في كثير من كتاباته استخفاف بأهل السنة، وتهوين العمل بالسنة. من ذلكم:
__________
(1) القمر الآيات (1-3).(1/461)
كتاب 'دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين' وكذا كتاب 'هموم داعية'. ومحمد الغزالي مميع وإن لم يكن في الضلال كسابقيه.
هؤلاء في آخرين (والذي أنصح به طلبة العلم هو الإعراض عن هذه الكتب الزائغة. وقد أغنى الله طلبة العلم عن هذه بكتب أهل السنة جزاهم الله عن الإسلام خيرا) قاموا بحملة على السنة وانتصروا للاعتزال، ومنهم من انتصر للرفض وأصبح العلم في مصر ألعوبة بين رادّ ومردود عليه، وصدق الله إذ يقول: * { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } (1) ، ويقول: وَاتْلُ { عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ِqs9urاتذخب شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا } (2) .
__________
(1) التوبة الآية (34).
(2) الأعراف الآيتان (175و176).(1/462)
وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول: "أخوف ما أخاف على أمتي منافق عليم اللسان" رواه أحمد في مسنده من حديث عمر (1) . ويقول: "أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلين" رواه أبو داود في سننه (2) .
غالب هؤلاء متاجرون إما من أعداء السنة من الرافضة ولكن يأبى الله إلا أن ينصر سنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ويظهر دينه ولو كره الملحدون، فقد استيقظ شباب في جميع الأقطار الإسلامية، ديدنهم: قال الله، قال رسول الله، فباء أعداء السنة بالخزي.
بالأمس كان يلقب جمال الدين ومحمد عبده بالإمامين المجددين، واليوم عرفا بالماسونيين رَبَّنَا { لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ } (8) (3) .
__________
(1) أخرجه من حديث عمر رضي الله عنه: أحمد (1/22،44) وعبد بن حميد كما في المنتخب حديث رقم11 (ص.32) والبزار كما في كشف الأستار (1/97/168) وذكره الهيثمي في المجمع (1/187) وقال: "رواه البزار وأحمد وأبو يعلى ورجاله موثقون" والحديث صحح إسناده أحمد شاكر رحمه الله في تحقيقه للمسند (1/217/143). وللحديث شاهد من حديث عمران بن حصين أخرجه: البزار كما في كشف الأستار (1/97-98/170) والطبراني في الكبير (18/237/593) وابن حبان (1/281/80). قال البزار: "لا نحفظه إلا عن عمر وإسناد عمر صالح فأخرجناه عنه وأعدناه عن عمران لحسن إسناد عمران". وذكره الهيثمي في المجمع (1/187) وقال: "رواه الطبراني في الكبير والبزار ورجاله رجال الصحيح".
(2) أخرجه من حديث ثوبان: أحمد (5/278،284) ومسلم (4/2215-2216/2889) دون ذكر محل الشاهد، وأبو داود (4/450-452/4252) والترمذي (4/437/2229) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". وابن ماجه (2/1304/3952).
(3) آل عمران الآية (8).(1/463)
هؤلاء الضالون التائهون منهم من تصدى للطعن في قصص القرآن، ومنهم من تصدى للطعن في معجزات الأنبياء عليهم السلام. ومنهم من تصدى للطعن في الصحابة الذين هم نقلة الدين إلينا، ومنهم من تصدى للطعن في بعض الأحكام وسنوا سنناً سيئة ترى كتبهم تشجع من قبل الرافضة ومن قبل الملحدين.
وإني أحمد الله فقد رأيت من الإجابة على كتبهم بل على أباطيلهم وترهاتهم ما تقر به أعين أهل السنة، فجزى الله إخواننا الذين تصدوا لهذا خيراً.
هؤلاء المتهالكون الحيارى من ذوي الاعتزال الأقدمون والمتأخرون قوبلوا بأناس من القصاصين يحدثون الناس بالغث والسمين والحق والباطل، ومنهم من يدفعه التعصب الأعمى إلى وضع أحاديث باطلة. وقد قرأت في رسالة لعلي العجري بعنوان 'نصيحة أولاد السبطين ومن تبعهم من المؤمنين في التمسك بمذهب الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين' فإذا فيه أحاديث في فضل زيد بن علي والهادي أحاديث مكذوبة وليس هو الذي افتراها، ولكنه جاهل بعلم الحديث متعصب لأجداده رحمهم الله، وأمثال هذا كثير: كبعض الأحاديث الموضوعة في فضل بعض الخلفاء العباسيين كما في العلل المتناهية لابن الجوزي. وهناك فريق آخر نظر في دلائل النبوة فحمّلها ما لا تتحمل. وبين يدي الآن كتاب من كتب الضلال بعنوان 'مطابقة الاختراعات العصرية لما أخبر به سيد البرية' حرّف كثيرا من الأدلة وحمل أدلة أخرى ما لا تتحمل، وقد رد عليه الشيخ حمود التويجري بكتاب أسماه 'إيضاح المحجة في الرد على صاحب طنجة'.
فمن أجل هؤلاء وأولئك استعنت بالله على جمع ما تيسر لي من صحيح دلائل النبوة وسميته 'الصحيح المسند من دلائل النبوة'. (1)
موقفه من الخوارج:
قال: من فضائح الإباضية: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
__________
(1) الصحيح المسند (ص.9-11).(1/464)
أما بعد: فقد استمعت إلى شريطين من رجل إباضي، وهو الخليلي مفتي عمان. وهذان الشريطان فيهما مهاجمة السنة ومهاجمة أهل السنة، وأعتقد أنهما سيكونان شؤما على الفرقة الإباضية، لأنه قد استقر لدى أهل السنة: أن الإباضية هي أقرب طوائف الخوارج إلى أهل السنة، ولكن المفتي أبان لنا أن الإباضية تعادي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وأعتقد بعد ما تأتيهم الردود من أهل السنة أنهم سيقولون: لا جزى الله هذا المفتي خيرا إذ فضحنا ونبش ما كان مدفونا، ويكون حالهم كحال بني نمير الذين كان أحدهم إذا قيل له: من أين أنت؟ قال: أنا نميري بمد الياء فلما قال جرير لبعضهم:
فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا(1/465)
أصبحوا يخجلون ويستحي أحدهم أن ينتسب إلى قبيلة نمير، وهكذا أيضا الفرقة الإباضية إذا جاءتهم ردود أهل السنة، وبيان ما هم عليه من البدعة، فإنهم سيقولون: لا جزى الله هذا المفتي الداعي إلى الفرقة والداعي إلى نبش ما كان مدفونا، لا جزاه الله خيرا. والإباضية هي طائفة من الخوارج، وبدعة الخوارج هي أول البدع حدثت في الإسلام، حدثت على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - . أصلها على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لما جاء في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم غنائم حنين فجاءه رجل فقال: اعدل يا محمد قال: "ويلك ومن يعدل؟ خبت وخسرت" وجاء أيضا: "خبت وخسرت إن لم أعدل" -جاء بفتح التاء وبضمها- فقال خالد بن الوليد: دعني يا رسول الله أضرب عنقه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لعله يصلي" ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إنه سيخرج من ضئضيء هذا -أي من صلبه- قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم، مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية" (1) ، ووقع ما أخبربه النبي - صلى الله عليه وسلم - ... (2)
__________
(1) أحمد (3/65) والبخاري (6/766/3610) ومسلم (2/744-745/1064[148]) والنسائي في الكبرى (5/159/8560) وابن ماجه (1/60/169) مختصرا من حديث أبي سعيد الخدري.
(2) واستفاض رحمه الله في الرد عليهم (انظر المصارعة ص.358 -374).(1/466)
- وقال في نصيحته لشباب الصحوة الإسلامية: عدم الخروج على ولاة الأمور إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان، كما في حديث عبادة المتفق عليه (1) ، لما في الخروج عليهم من إثارة الفتن وقتل الأنفس البريئة والله سبحانه وتعالى يقول: وَمَنْ { يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } (93) (2) . وفي الصحيحين من حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" (3) .اهـ (4)
- سئل رحمه الله تعالى: هل خروج الخوارج خروج منهجي أم عقدي؟ وعندما قاتلهم علي رضي الله عنه للاثنين أم لخروج العقيدة أم لخروجهم عليه باعتباره إمام المسلمين؟ وهل الخروج عن منهج السلف يؤدي إلى الخلل في العقيدة أم أن مخالفة المنهج في كيفية وفهم وتلقي العقيدة يؤدي إلى الخلل والمخالفة في المنهج في كيفية نشر الدعوة ولا يؤدي إلى الخلل في العقيدة؟
جواب: أما الخوارج فهم أخطئوا في فهم الأدلة: خطأ أوجب ضلالهم، فهم كفروا علي بن أبي طالب وكفروا أيضا معاوية، كما قال قائلهم:
أبرأ إلى الله من عمرو وشيعته ومن معاوية الطاغي وشيعته ... ومن علي ومن أصحاب صفين
لا بارك الله في القوم الملاعين
__________
(1) البخاري (13/238/7200) ومسلم (3/1470/1709).
(2) النساء الآية (93).
(3) انظر تخريجه في مواقف ابن حجر سنة (852هـ).
(4) المصارعة (ص.102).(1/467)
فقد كفروا خيار الصحابة في عصرهم، فقد أجمع العلماء أن علي بن أبي طالب خير صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في عصره -أي في وقت خلافته- وكان أحق بالخلافة، وفي قولهم: إِنِ { الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ } (1) ، ثم إن علي بن أبي طالب سئل: أكفار هم يا أمير المؤمنين؟ قال: من الكفر فروا، كما في 'تعظيم قدر الصلاة' لمحمد بن نصر المروزي (2) .
فالخوارج خروجهم خروج عقدي، وهكذا منهجي خاطئ، وعلي بن أبي طالب لم يقاتلهم حتى قتلوا عبدالله بن خباب وقطعوا الطريق؛ فراسلهم وأرسل إليهم ابن عباس، فرجع منهم خلق كثير وبقي منهم من بقي، وعند أن وصل إليهم ابن عباس قالوا: إن هذا ممن قال الله فيهم: بَلْ { هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ } (58) (3) أي: من قريش فلا تجادلوه، ثم جاء أناس وجادلوه واقتنعوا ورجعوا عن العقيدة الخارجية، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول فيهم: "إنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية". ويقول: "إنهم كلاب أهل النار".
فخروجهم خروج منهجي عقدي، وأما قتال علي بن أبي طالب لهم فلكونهم ابتدءوا ولكونه يتوقع منهم شرا، ويقول فيهم علي بن أبي طالب: لا يتبع مدبرهم، ولا يجهز على جريحهم، ولا تسبى نساؤهم، ولا يؤخذ فيؤهم، فهذا دليل على أنهم مسلمون ضلوا عن سواء السبيل. (4)
حمود بن عقلاء الشعيبي (1422 هـ)
__________
(1) الأنعام الآية (57).
(2) تعظيم قدر الصلاة (2/543-544/591-593) وابن عبدالبر في التمهيد (فتح البر 1/469).
(3) الزخرف الآية (58).
(4) غارة الأشرطة (1/76-77).(1/468)
هو الشيخ أبو عبدالله حمود بن عبدالله بن عقلاء الشعيبي الخالدي من آل جماح من قبيلة بني خالد. ولد في بلدة الشقة من أعمال بريدة سنة ست وأربعين وثلاثمائة وألف للهجرة، ونشأ فيها ولما بلغ السابعة من عمره كف بصره بسبب مرض الجدري وذلك عام اثنتين وخمسين وثلاثمائة وألف للهجرة، وفي سنة سبع وستين وثلاثمائة وألف للهجرة رحل إلى الرياض لطلب العلم، فبدأ بالتلقي على فضيلة الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم آل الشيخ، ثم انتقل للقراءة على سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ سنة ثمان وستين وثلاثمائة وألف للهجرة، فقرأ عليه كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب وكتب ابن تيمية رحمهما الله، وغيرها من الكتب، وبعد ذلك انتقل إلى المعهد العلمي في سنته الأولى عام إحدى وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة، فدرس على المشايخ: عبدالعزيز بن باز ومحمد الأمين الشنقيطي، وعبدالرحمن الإفريقي وغيرهم. وكل واحد من هؤلاء يعد إماما في وقته، وهذا من عناية الله بالشيخ حيث يسر له هؤلاء الأئمة وقلما يجتمع هذا لأحد.
وفي سنة ست وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة عين مدرسا في المعهد لمدة سنة واحدة، ثم انتقل للتدريس في كلية الشريعة وذلك عام سبع وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة وبقي فيها إلى عام سبع وأربعمائة وألف للهجرة، ثم طلب الإحالة على المعاش.
هذا، وقد تتلمذ على يد الشيخ تلاميذ كثر، سواء في المعهد أو في الكلية، نذكر من بينهم: المفتي عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ والدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي وفضيلة الشيخ صالح الفوزان ومحمد بن عثيمين وعبدالله الغنيمان وغيرهم.
وكانت وفاة الشيخ رحمه الله في أربع ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة وألف.
موقفه من المبتدعة:
آثاره السلفية:
1- 'الإمامة العظمى' وهو بحث كتبه لنيل درجة أستاذ كرسي في جامعة محمد بن سعود، ونشر في مجلة الجامعة في عددها الصادر سنة أربعمائة وألف للهجرة.(1/469)
2- 'القول المختار في حكم الاستعانة بالكفار'.
3- 'البراهين المتظاهرة في حتمية الإيمان بالله والدار الآخرة'.
4- 'كتاب مختصر العقيدة'.
5- 'شرح كتاب التوحيد'.
6- 'شرح التدمرية'.
7- 'شرح الواسطية'.
8- 'شرح الطحاوية'.
9- 'رسالة حكم الخلاف في أصول الدين'.
10- 'رسالة في الأعياد البدعية'.
11- 'بيان لضلالات حسن فرحان المالكي'.
12- 'تعليق على كتاب السنة لعبدالله بن أحمد'.
13- 'تعليق على حائية ابن أبي داود وشرحها للسفاريني'.
14- 'تعليق على اقتضاء الصراط المستقيم'. (1)
وغيرها من الكتب والرسائل النافعة.
عبدالله بن عبدالرحمن آل بسام (2) (1423 هـ)
الشيخ الفاضل أبو عبدالرحمن عبدالله بن عبدالرحمن بن صالح بن حمد البسام. ولد في بلدة أسرته مدينة عنيزة سنة ست وأربعين وثلاثمائة وألف للهجرة. درس في صباه على الشيخ عبدالله بن محمد القرعاوي، ثم انخرط في سلك الطلاب الملازمين عند الشيخ عبدالرحمن السعدي فقرأ عليه ولازمه ثمان سنوات.
ومن مشايخه كذلك الشيخ سليمان بن ابراهيم البسام وعبدالرحمن المقوشي ومحمد بن عبدالعزيز المطوع وعبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل وعبدالرزاق عفيفي وغيرهم رحمة الله عليهم أجمعين.
ومن محفوظاته -كما ذكر ابنه خالد- القرآن الكريم وبلوغ المرام ومختصر المقنع والقطر في النحو والألفية لابن مالك ومتن الورقات في الأصول وغيرها.
__________
(1) ذكرها عبدالرحمن بن عبدالعزيز الجفن في 'إيناس النبلاء في سيرة شيخنا العقلاء'.
(2) ترجمة الشيخ عبدالله البسام بقلم ابنه خالد البسام، انظر مقدمة علماء نجد خلال ثمانية قرون (1/81-116).(1/470)
وعندما فتحت دار التوحيد بالطائف برئاسة الشيخ محمد بن عبدالعزيز ابن مانع التحق بها وأتم دراسته بها، ثم انتقل إلى كلية الشريعة وكلية اللغة بمكة المكرمة فتخرج منها عام أربع وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة، ومن بين الأعمال التي كلف بها تعيينه للقضاء في المحكمة المستعجلة الثالثة كما عين مدرسا رسميا بالمسجد الحرام ثم رئيسا للمحكمة الكبرى التمييز للمنطقة الغربية ثم صار عضوا في مجلس كبار العلماء في المملكة العربية السعودية إلى غير ذلك من المناصب التي شغلها رحمه الله تعالى.
ومن مؤلفاته:
1- 'تيسير العلام شرح عمدة الأحكام'.
2- 'الاختيارات الجلية في المسائل الخلافية'.
3- 'توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام'.
4- 'علماء نجد خلال ثمانية قرون'.
5- 'شرح على كشف الشبهات'.
6- 'رسالة مضار'.
7- 'مفاسد تقنين الشريعة'. وغيرها.
ومن الذين أخذوا عنه الشيخ عبدالعزيز المسند والشيخ صالح العلي الناصر والشيخ عبدالعزيز الربيعة والشيخ محمد الصالح المرشد والشيخ عبدالله الخزيم والشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن آل الشيخ وغيرهم.
توفي رحمه الله سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة وآلف.
موقفه من الخوارج:
- قال في 'تيسير العلام': "أحرورية أنت" نسبة إلى بلدة قرب الكوفة، اسمها "حروراء" خرجت منها أول فرقة من الخوارج على علي بن أبي طالب، فصار الخوارج يعرفون بالحرورية. (1)
- وقال فيه أيضا: سألت معاذة عائشة عن السبب الذي من أجله جعل الشارع أن الحائض تقضي أيام حيضها التي أفطرتها، ولا تقضي صلواتها، زمن الحيض، مع اشتراك العبادتين في الفرضية، بل إن الصلاة أعظم من الصيام. وكان عدم التفريق بينهما في القضاء، هو مذهب الخوارج المبني على الشدة والحرج. فقالت لها عائشة -منكرة عليها-: أحرورية أنت تعتقدين مثل ما يعتقدون، وتشددين كما يشددون؟. فقالت: لست حرورية، ولكن أسأل سؤال متعلم مسترشد. (2)
__________
(1) 1/98).
(2) المصدر نفسه (1/98-99).(1/471)
- وقال في 'توضيح الأحكام': البغي: بغى عليه بالغين المعجمة بغيا بفتح الموحدة وسكون المعجمة، عدا وظلم وعدل عن الحق. والمراد هنا البغاة الظلمة الخارجون عن طاعة الإمام، المعتدون عليه، فإذا خرجوا عن طاعة الإمام الواجبة عليهم، دعاهم الإمام وكشف شبهتهم، فإن أقروا بأن رجعوا عن بغيهم تركهم، فإن أبوا الرجوع وعظهم وخوفهم القتال، وإن أصروا قاتلهم لقوله تعالى: الَّتِي { تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ } (1) . قال الوزير: اتفقوا على أنه إذا خرج على إمام المسلمين طائفة ذات شوكة بتأويل سائغ، فإنه يباح قتالهم حتى يفيئوا إلى أمر الله. (2)
- وقال: من خرج عن طاعة الإمام وفارق الجماعة، فشذ عن جماعتهم، فقد ذكر العلماء أنهم أحد أصناف أربعة:
أحدها: قوم خرجوا على الإمام وطاعته بلا تأويل، فهؤلاء قطاع طريق.
الثاني: خرجوا بتأويل إلى أنهم نفر يسير لا منعة لهم، كالعشرة ونحوهم فهؤلاء حكمهم حكم قطاع الطريق.
الثالث: قوم خرجوا على الإمام وراموا خلعه بتأويل سائغ، سواء أكان تأويلهم خطأ أو صوابا، ولهم شوكة ومنعة، فهؤلاء هم البغاة، فعلى الإمام أن يراسلهم وينظر ما يدعون وما ينقمون، فإن ذكروا مظلمة أزالها، وإن ذكروا شبهة كشفها، فإن فاءوا وإلا قاتلهم وجوبا، وعلى رعيته إعانته.
الرابع: الخوارج الذين يكفرون بالذنب، ويستحلون دماء المسلمين وأموالهم، فهؤلاء فسقة يجوز قتالهم ابتداء.
فأي إنسان خرج من المسلمين بداع من هذه الدواعي الأربعة، فهو خارج عن طاعة الإمام، ومفارق جماعة المسلمين، فإذا مات على هذه الحال فقد مات على طريق أهل الجاهلية الذين لا ينظمهم إمام ولا تجمعهم كلمة. (3)
محمد صفوت نور الدين (1423 هـ)
__________
(1) الحجرات الآية (9).
(2) 5/244).
(3) المصدر السابق (5/246).(1/472)
محمد صفوت بن نور الدين بن أحمد بن مرسي. ولد في قرية من قرى محافظة الشرقية بمصر في العشرين من يونيو سنة إحدى وستين وثلاثمائة وألف للهجرة الموافق لثلاث وأربعين وتسعمائة وألف ميلادي. كلف في جماعة أنصار السنة المحمدية عضواً بمجلس إدارتها منذ ثمان وتسعين وثلاثمائة وألف للهجرة الموافق لثمان وسبعين وتسعمائة وألف ميلادي. وكان أميناً للدعوة بها منذ عام ثمان وأربعمائة وألف للهجرة الموافق لثمان وثمانين وتسعمائة وألف ميلادي حتى وفاة الشيخ محمد علي عبدالرحيم رحمه الله تعالى حيث توفي عام اثني عشرة وأربعمائة وألف للهجرة الموافق لاثنتين وتسعين وتسعمائة وألف ميلادي، فكلف برئاسة الجماعة.
توفي رحمه الله يوم الجمعة ثلاثة عشر رجب لسنة ثلاث وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة. وصلي عليه بالمسجد الحرام بمكة حرسها الله.
موقفه من المبتدعة:
له قلم سيّال يُرى واضحاً من خلال مقالاته في مجلة التوحيد، قال رحمه الله مبيّناً سبيل توحيد الأمة: والحديث عن وحدة المسلمين يعني ثلاثة أمور:
الأول: وحدة المسلمين اعتقاداً. وذلك يعني لزوم عقيدة أهل السنة والجماعة، ومخالفة الفرق الضالة الثنتين والسبعين وأصول هذه الفرق في الشيعة والخوارج والمرجئة والمعتزلة القدرية.
الثاني: وحدة المسلمين في تعبدهم. بمعنى لزوم السنة وترك البدعة ولزوم الطاعة وترك المعصية.
الثالث: وحدة المسلمين صفّاً. بأن يكونوا (كلٌّ على من عاداهم ويسعى بذمتهم أدناهم).
أما الأمر الأول: فقد اتفق علماء الصدر الأول عليه، ومن خالفهم فيه كانوا هم فرق الضلال فلا يجوز التسامح في أقوالهم، فإذا أردنا أن ندعو المسلمين إلى الوحدة دعوناهم للالتزام بمنهج أهل السنة والجماعة لأنه لا سبيل للوحدة سواه.(1/473)
أما الأمر الثاني: فهو دعوة المسلمين لإقامة شرع الله وعبادته كما أمر من غير أهواء ولا بدع. فنأتي المأمور ونجتنب المحظور. وكلاًّ من هذين الأمرين في الاعتقاد والتعبد يخاطب فيه أفراد الأمة وجماعاتها حكاماً ومحكومين، فإذا استقاموا على اعتقاد أهل السنة والجماعة وعلى نبذ الأهواء والبدعة عندئذ تصبح الدعوة لوحدة صف المسلمين نافعة. وعندئذ ينزل الله عليهم نصره ويؤيدهم بجنده ويحيق بأعدائهم بأسه.
لكن إن ظنوا أنهم يمكن أن يتحد صفهم بغير وحدة اعتقادهم وصحة تعبدهم فذلك خيال وخبال؛ لذلك وجب على العلماء التعرف على العقيدة الصحيحة أي عقيدة أهل السنة والجماعة بغير خلط مع الفرق الضالة، فيعرفوا الفرق الناجية بعقيدتها وبأئمتها من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم بعد ذلك ليعرفوا الحق فيعرفوا أهله. فإن الحق لا يعرف بالرجال، ولكن اعرف الحق تعرف أهله.
ولا يجوز أن ندعو إلى غير أهل السنة والجماعة، أو أن نهون من أمرهم فندعو لموافقة فرق الضلال، ولا أن نقول قول الحائرين (لا ندري أين الحق؟) لأن الدين كامل بإكمال الله له، لا يعوزه قول مجمع من مجامع العلماء اليوم فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "تركتكم على البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك" (1) .
فالنجاة في طريق الفرقة الناجية المنصورة فرقة أهل السنة والجماعة وهي واضحة المعالم، بيّنة القسمات، متميّزة عمّا عداها، فهيّا يا دعاة الوحدة، وهيّا يا من تعالجون الفُرقة. هيّا إلى الطريق الواضح الصحيح. والله ناصر من نصر دينه. (2)
__________
(1) أخرجه: أحمد (4/126) وابن ماجه (1/16/43) وأصله عند أبي داود (5/13/4607) والترمذي (5/43/2676) وقال: "حديث حسن صحيح". وابن حبان (1/178/5) والحاكم (1/95) وقال: "صحيح ليس له علة" ووافقه الذهبي. من حديث العرباض بن سارية.
(2) مجلة التوحيد (السنة الثانية والعشرون العدد السابع رجب 1414هـ/ص.4-5).(1/474)
- وقال رحمه الله كاشفاً عن أضرار البدعة: أضرار البدع:
1- ادعاء حق التشريع للبشر واتخاذهم أرباباً من دون الله تعالى: قال الله تعالى: اتَّخَذُوا { أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ } اللَّهِ (1) وَلَا { تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ } (116) (2) .
2- اعتقاد أن التشريع جاء ناقصاً وأنه يكمله بالبدعة هذه والله تعالى يقول: الْيَوْمَ { أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } (3) .
ومن وصية عمر بن عبدالعزيز إلى عدي بن أرطأة (عليك بالسنة فإن السنة إنما سنّها من قد عرف ما في خلافها من الخطإ والزلل والحمق، فارض لنفسك بما رضي به القوم لأنفسهم فإنهم على علم وتقوى) فإذا كان المبتدع يرى أن ابتداعه لم يكن إلا لخير الناس في دينهم فما أجدره بالحزن العميق على نفسه بموقفه من البدعة التي عرف الشارع ما فيها من خطإ وزلل وحمق.
3- تلبيس الدين على الناس بحيث يعتقدون الدين فيما ليس ديناً كما هو قائم اليوم بشأن كثير من بدع المساجد والصلاة وغيرها من العبادة، حتى إن ترك سنة من السنن لم يلمه أحد، وإن ترك البدعة هاجت لها أنوف، والله تعالى يقول: يَا أَهْلَ { الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } (71) (4) .
__________
(1) التوبة الآية (31).
(2) النحل الآية (116).
(3) المائدة الآية (3).
(4) آل عمران الآية (71).(1/475)
وإذا جئت تذكرهم بأن هذا ليس في شرع الله ألقى الشيطان على ألسنتهم ما يحتجون به لبدعتهم وأنهم بذلك إنما يحسنون صنعاً والله تعالى يقول: قُلْ { هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } (104) (1) .
4- إن صاحب البدعة محروم من ثواب العمل "مَنْ أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ" (2) (متفق عليه).
5- أن يحرم يوم القيامة من الشرب من حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعو عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - في وقت هو أحوج ما يكون إلى شفاعته لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ألا ليُذادنّ رجال عن حوضي كما يُذاد البعير الضّالّ، أناديهم ألا هلمّ ألا هلمّ، فيقال: إنهم قد بدّلوا بعدك، فأقول فسحقاً فسحقاً فسحقاً" (الموطأ والبخاري ومسلم. واللفظ للموطأ). (3)
موقفه من الرافضة:
- قال رحمه الله: وإن أشر البدع تلك التي تفرقت بسببها الأمة، وأشرها قاطبة بدع الشيعة الذين يزعمون حبّ آل البيت، مع أنهم أشدّ أعداء أهل البيت، حيث جعلوا ذلك ذريعة ومطية لارتكاب كل منكر وهجر كل شرع، وزعموا أن للقرآن باطناً غير ما يظهر للناس، فمن هذه الأقوال تفرعت أقوال أهل الضلال، فزرعوا فرق التصوف بين أهل السنة، وشوهوا للناس جمال دينهم، وأضلوهم عن طريق ربهم. (4)
__________
(1) الكهف الآيتان (103و104).
(2) تقدم في مواقف الخلال سنة (311هـ).
(3) مجلة التوحيد (السنة الرابعة والعشرون العدد الثالث ربيع الأول 1416هـ/ص.3-4).
(4) مجلة التوحيد (السنة الثلاثون العدد الخامس 1422هـ/ص.4).(1/476)
- وقال أيضاً: وإن هذه القضية هي أم القضايا عند الشيعة إذا انهارت انهار كلّ مذهبهم، فإذا ثبت أن أهل البيت يدخل فيهم آل عباس وآل عقيل وآل جعفر، بل وبقية آل عليّ، فضلاً عن دخول الزوجات انهار كل مذهب الشيعة وتهاوى ولم يبقَ لهم من قول يعتمد بعد. وسائر القضايا التي يبني عليها الشيعة مذهبهم إنما يتبعون فيها الشبهات للزيغ الذي في قلوبهم ليضلوا الناس، ودين الشيعة مبني على عبادة القبور والشرك الصريح بالله ربّ العالمين، والمطالع لكتبهم في القديم والحديث يعلم أنهم عباد أوثان ينسبون لأئمتهم ما لا ينسب إلا لله ربّ العالمين، ويفضلون أئمتهم على الأنبياء والمرسلين، ولا يغرك دعواهم فهم صنيعة اليهود وتاريخهم في الكيد للمسلمين ملوث بالدماء، أقول هذا لأن دعاوى التقريب تريد أن تجعلهم مذهباً فقهيّاً خلافاته في الفرعيات وليست في الأصول.
فانظر كيف أن الهوى يهوي بصاحبه ليبلغه المهالك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم، والحمد لله على الهداية، ونسأل الله أن يجنبنا الهوى والغواية. (1)
أحمد بن حجر آل بوطامي (1423 هـ)
أحمد بن حجر بن محمد بن حجر آل بوطامي البنعلي، ولد برأس الخيمة عام ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وألف للهجرة. حفظ القرآن في صغره. سافر إلى الأحساء عام تسع وأربعين وثلاثمائة وألف للهجرة، فمكث بها أربع سنوات منكبّاً على طلب العلم على كبار أهل العلم البارزين منهم: أحمد نور ابن عبدالله، وعبدالله محمد حنفي، وأحمد بن علي العرفج، وغيرهم.
تولّى التدريس في معهد إمام الدعوة بالرياض بطلب من الشيخ محمد ابن إبراهيم آل الشيخ. كما تولى القضاء الشرعي في دولة قطر، فاستقر بها رحمه الله إلى أن توفي في الخامس من جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة.
موقفه من المبتدعة:
__________
(1) مجلة التوحيد (السنة التاسعة والعشرون العدد الرابع 1421هـ/ص.5).(1/477)
له مؤلفات عديدة في هذا الباب، كلها دعوة إلى السنة ونبذ للبدعة، منها:
1- الدرر السنية في عقد أهل السنة المرضية (منظومة).
2- اللآلي السنية في التوحيد والنهضة والأخلاق المرضية (منظومة).
3- الشيخ محمد بن عبدالوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه.
4- الرد الشافي الوافر على من نفى أمية سيد الأوائل والأواخر.
5- الإسلام والرسول في نظر منصفي الشرق والغرب.
6- تطهير المجتمعات من أرجاس الموبقات.
7- تحذير المسلمين من البدع والابتداع في الدين.
8- سبيل الجنة بالتمسك بالقرآن والسنة.
9- الشيخ محمد بن عبدالوهاب مجدد القرن الثاني عشر المفترى عليه.
10- شرح العقائد السلفية بأدلتها العقلية والنقلية.
11- نقض كلام المفترين على الحنابلة السلفيين.
12- الأدلة الساطعات في إثبات المعجزات والكرامات.
13- القول الأقوم في عموم رسالة سيدنا محمد إلى جميع الأمم.
14- الرد المبين على من نسب النقص في الدين وطعن في الصحابة والفقهاء المعتبرين.
- قال رحمه الله: ومثل هؤلاء المقلدين للمجتهدين؛ الذين يخالفون آي القرآن ونص الحديث الصحيح الآتي بخلاف مذهبهم، فيجمدون على المذهب ويتعصبون له، بحجة أن صاحب المذهب أعلم منا، والمتحذلق منهم يؤول الآية على حسب أهوائه ومذهبه، ويرد الحديث بلعله لم يصح عند إمامنا، أو لعل له ناسخاً أو مخصصاً لا نعلمه، ونحو ذلك من الأعذار الواهية والشبهات الداحضة، وأين هؤلاء من هذه الآية الشريفة، ومن قوله تعالى: اتَّبِعُوا { مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ } (3) (1) ومن قوله: فَإِنْ { تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } (59) (2) .
__________
(1) الأعراف الآية (3).
(2) النساء الآية (59).(1/478)
على أن الأئمة -رحمهم الله- لهم الفضل في تدوين العلوم، ومكانتهم لا تخفى، وقد نهوا عن تقليدهم وتقليد غيرهم، وليس كلامنا في العاجز، أو من لم يظهر له الدليل؛ فإن هذا لا بأس له أن يقلد، وإنما كلامنا فيمن حوى من العلوم ما يمكنه من فهم الآيات والأحاديث، أو ظهر له الدليل بخلاف المذهب وإن لم يحو من العلم شيئاً كثيراً؛ فإن مثل هذا لا عذر له في ترك النص والأخذ بالتقليد. (1)
- وقال رادّاً على محسّني البدع: وكيف لتقسيمهم إلى حسنة وقبيحة أصل وهو ينافي القرآن والحديث. وإليك البيان على وجه الاختصار.
1- أما القرآن، فقد قال الله: الْيَوْمَ { أَكْمَلْتُ لَكُمْ } دِينَكُمْ (2) فما انتقل الرسول من الدنيا إلا والدين كاملاً لا يحتاج إلى الزيادة.
ونضيف إلى ذلك: أن التشريع من حق رب العالمين، وليس من حق البشر، ولئن جازت الزيادة في الدين، جاز النقص، ولا قائل بذلك.
بدين المسلمين، إن جاز زيد كفى ذا القول قبحاً يا خليلي ... فجاز النقص أيضاً أن يكونا ولا يرضاه إلا الجاهلونا
2- وأما الحديث: ففي الصحيح: "إياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة" (3) ولفظ (كل) للعموم. ولا يخرج فرد من الأفراد المبتدعة إلا بمخصص، فأين المخصص هنا، حتى يقال: هذه البدعة وحسنة وخرجت من حيز العموم؟ فإن كان المخصص حديث "ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله أحسن" فالجواب:
أولاً: إن هذا ليس بحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بل من كلام ابن مسعود.
__________
(1) تطهير الجنان والأركان (ص.42-43).
(2) المائدة الآية (3).
(3) أخرجه: أحمد (4/126-127) وأبو داود (5/13-15/4607) والترمذي (5/43/2676) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". وابن ماجه (1/16-17/43-44) والحاكم (1/95-97) وقال: "هذا حديث صحيح ليس له علة" ووافقه الذهبي. وصححه ابن حبان (1/178-179/5).(1/479)
وثانياً: إن (ال) في كلمة (المسلمون) إن كان للاستغراق، أي: كل المسلمين فإجماع، والإجماع حجة ولا كلام فيه. وإن كان للجنس فيستحسن بعض المسلمين هذا الأمر ويستقبحه البعض الآخر، كما هو الواقع في أكثر البدع. وعليه فقد سقط الاحتجاج بهذا الأثر. (1)
موقفه من المشركين:
لقد دأب رحمه الله على الذب عن التوحيد والتحذير من الشرك ووسائله، فألف في ذلك المؤلفات، فمن ذلك:
1- تطهير الجنان والأركان عن درن الشرك والكفران.
2- تنزيه السنة والقرآن عن أن يكونا من أصول الضلال والكفران.
3- القاديانية ودعايتها الضالة والرد عليها.
4- البابية والبهائية وأهدافها في دعوة النبوة والرد عليهما.
- قال رحمه الله: سبب الشرك الغلوّ في الصالحين:
ومن هنا نعلم أن الشرك إنما حدث في بني آدم بسبب الغلو في الصالحين.
ومعنى الغلو: الإفراط بالتعظيم بالقول والاعتقاد. ولهذا قال الله تعالى: يَا أَهْلَ { الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ } وَكَلِمَتُهُ (2) . أي: لا تفرطوا في تعظيمه حتى ترفعوه عن منزلته التي أنزله الله، فتنزلوه المنزلة التي لا تنبغي إلا لله.
والخطاب وإن كان لأهل الكتاب، فإنه عام يتناول جميع الأمة، تحذيراً لهم أن يفعلوا بنبيهم، كما فعلت النصارى في عيسى، واليهود في عزير.
ولهذا ورد في الحديث الصحيح عن عمر بن الخطاب، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبدالله ورسوله". (3)
أي: لا تتجاوزوا الحد في مدحي، فتنزلوني فوق منزلتي التي أنزلني الله بها، كما غلت النصارى في عيسى فادّعوا فيه الألوهية، وإنما أنا عبدالله ورسوله، فصفوني كما وصفني ربي.
__________
(1) تطهير الجنان والأركان (ص.48).
(2) النساء الآية (171).
(3) تقدم تخريجه في مواقف المكي الناصري سنة (1414هـ).(1/480)
ولكن أبى الجاهلون والمخرفون إلا مخالفة أمر رسول الله، وارتكاب نهيه، فناقضوه أعظم مناقضة، وضاهؤوا النصارى في غلوهم وشركهم، وبنوا القباب والمساجد على أضرحة الأولياء والصالحين، وصلوا فيها -وإن كان لله- لكن بقصد التعظيم للمقبورين، وطافوا بقبورهم، واستغاثوا بهم في كشف الملمات وقضاء الحاجات، ورأوا أن الصلاة في أضرحة الأولياء أفضل من الصلاة في المساجد.
وقد ورد في الحديث الشريف عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: لما نُزِل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتمّ بها كشفها، فقال -وهو كذلك-: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك أبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً. أخرجه الشيخان. (1)
وجرى منهم الغلو في الشعر والنثر ما يطول عده، حتى جوزوا الاستغاثة بالرسول وسائر الصالحين، في كل ما يستغاث فيه بالله، ونسبوا إليه علم الغيب! حتى قال بعض الغلاة: لم يفارق الرسول الدنيا حتى علم ما كان وما يكون!، وخالفوا صريح القرآن: * { وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ } (2) ، وقال تعالى: إِنَّ { اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } (34) (3) ، وقال تعالى مخبراً عن رسوله: وَلَوْ { كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ } (4) ، وقوله: قُلْ { لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ } (5) .
__________
(1) تقدم تخريجه في مواقف فوزان السابق سنة (1373هـ).
(2) الأنعام الآية (59).
(3) لقمان الآية (34).
(4) الأعراف الآية (188).
(5) النمل الآية (65).(1/481)
وإذ علمتم أن الشرك حدث بسبب الغلو في الصالحين، وأنه إنما جاءت الرسل من أولهم إلى آخرهم يدعون العباد إلى إفراد الله بالعبادة، لا إلى إثبات أنه خلقهم ونحوه، إذ هم مقرّون بذلك، كما قررناه وكررناه. ولذا قالوا: أَجِئْتَنَا { لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا } (1) أي: لنفرده بالعبادة ونخصه بها من دون آلهتنا! (2)
موقفه من الصوفية:
- قال: ليعلموا أن كثيراً من صلواتهم وأدعيتهم وأذكارهم وأحزابهم مما ابتدعه بعض الفقهاء الجامدين، أو المتصوفة المبطلين، أنها من البدع والضلالات التي ما أنزل الله بها من سلطان، مثل الذكر بالاسم المفرد: (الله الله، أو يا هو يا هو). ومثل حلق المريدين (اجتماعهم في حلقات) الذين يزعمون أنهم يذكرون الله بمثل هذه الأذكار المخترعة.
وكصلاة الرغائب ومثل حزب البحر وأمثاله، وابتهالات وصلوات ومناجاة وإنشاد قصائد في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - فوق المنائر قبل الفجر وفي ليلة الجمعة ويومها، وبعض صيغ صلوات على الرسول لم ترد السنة بها.
مثل قوله: (اللهم صل على محمد عدد ما في علم الله، صلاة دائمة بدوام ملك الله) وكقوله: (اللهم صل على محمد كلما ذكرك الذاكرون، وغفل عن ذكرك الغافلون)؛ لأن الصلاة على الرسول من أجل القربات، كيف لا وقد أمرنا الله بها في كتابه المجيد، بقوله: إِنَّ { اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } (56) (3) .
والصيغ الواردة في الصلاة على الرسول مدوّنة في كتب السنة، لا حاجة إلى الاختراع والابتداع في صيغها؛ لأن الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - عبادة، والعبادة مبنية على التوقيف. (4)
موقفه من الجهمية:
__________
(1) الأعراف الآية (70).
(2) تطهير الجنان والأركان (ص.27-31).
(3) الأحزاب الآية (56).
(4) تطهير الجنان والأركان (ص.47-50).(1/482)
- قال: والحاصل أننا لا نتعدى القرآن والحديث، ولا نؤول صفات الله الواردة في الوحيين بتأويلات الجهمية والمعتزلة القائلين: إن اليد بمعنى النعمة، والاستواء بمعنى الاستيلاء، والوجه بمعنى الذات، والرحمة بمعنى التفضل، ونزوله بمعنى نزول أمره أو رحمته، أو ملائكته.. وما أشبه ذلك من التأويلات الفاسدة، والنابعة من منابع الفلاسفة الضالين.
تلك التأويلات التي تؤول بالإنسان إلى الكفر، وتجعل الشريعة ألعوبة بأيدي المبطلين والهدامين؛ بحيث أنه لا يريد مبطل أن يهدم عقيدة أو حكماً شرعياً، إلا وقد أتى من باب التأويل، وكفى بهذا قبحاً وضلالاً.
وعلى اعتقاد ما وصف الله به نفسه، أو وصفه رسوله، بما أتى في القرآن والأحاديث الصحيحة من غير تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل، مضى عصر الرسول والصحابة والتابعين وتابعيهم من الأئمة المعتبرين، كالإمام أبي حنيفة، والإمام الشافعي، والإمام مالك، والإمام أحمد بن حنبل، والبخاري ومسلم، والترمذي، والنسائي، وأبي داود، والثوري، وابن عيينة، وغيرهم من المحدثين والفقهاء المعتبرين، والصوفية المحققين، كالجنيد والجيلاني وأبي نعيم واللغويين المحققين، كالخليل بن أحمد، وثعلب وغيرهما. (1)
عبدالسلام بن برجس آل عبدالكريم (2) (1425 هـ)
__________
(1) تطهير الجنان والأركان (ص.83-84).
(2) 'نزهة الأنفس في سيرة الشيخ عبدالسلام بن برجس' لأبي قرة فريد المرادي. مقال في جريدة 'الجزيرة' السعودية بقلم هاني بن سالم الحسيني الحارثي.(1/483)
أبو عبدالرحمن عبدالسلام بن برجس بن ناصر آل عبدالكريم، ولد سنة سبع وثمانين وثلاثمائة وألف للهجرة بمدينة الرياض. نشأ في بيت ديانة، وصلاح. تميز منذ صغره بالذكاء، والحزم، والجد، والاجتهاد، فحفظ القرآن. تلقى تعليمه بمدينة الرياض، فبعد المرحلة الابتدائية التحق بالمعهد العلمي التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود، ثم التحق بكلية الشريعة من الجامعة نفسها، فتخرج منها عام عشر وأربعمائة وألف للهجرة. ثم التحق بالمعهد العالي للقضاء، وحصل فيه على درجة الماجستير. ثم حصل بعدها على شهادة الدكتوراه سنة ثنتين وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة.
عين مدرساً في المعهد العلمي بالقويعية، وقاضياً بوزارة العدل.
تتلمذ على جمع غفير من أهل العلم. من أبرزهم: الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ عبدالله بن جبرين، والشيخ عبدالله الدويش، والشيخ صالح بن إبراهيم البليهي، رحمهم الله.
توفي رحمه الله مساء يوم الجمعة الثاني عشر من صفر سنة خمس وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة، وكان عمره حين وفاته ثمانا وثلاثين سنة.
موقفه من المبتدعة:
له -رحمه الله- رسالة وافية وفية، حوت درراً من الفوائد السّنيّة أسماها: 'ضرورة الاهتمام بالسنن النبويّة'. حرص رحمه الله أن يجلي فيها معنى السنة وبيان أهميتها وفضل متبعها.
- قال رحمه الله في مقدمتها: فإن أحق ما اعتنى به المسلم، وأولى ما صرف فيه أوقاته: العمل الدؤوب على اقتفاء آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وتجسيدها في حياته اليومية، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.(1/484)
ذلك بأن غاية المؤمن تحصيل الهداية الموصلة إلى دار السعادة، وقد قال تعالى: وَإِنْ { تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا } (1) وقال: وَاتَّبِعُوهُ { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } (158) (2) وقال تعالى: لَقَدْ { كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } (21) (3) . وهذه الآية -كما قال ابن كثير-: (أصل كبير في التأسي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، في أقواله، وأفعاله، وأحواله).
وهذه الأسوة إنما يسلكها ويوفق لها من كان يرجو الله واليوم الآخر. فإن ما معه من الإيمان، وخوف الله، ورجاء ثوابه، وخوف عقابه، يحثّه على التأسي بالرسول - صلى الله عليه وسلم - .
وشرف المؤمن ومنزلته إنما تقاس باتباعه، فكلما كان تحرّيه للسنة أكثر كان بالدرجات العلى أحقّ وأجدر.
ولذا كان العلماء السابقون من السلف الصالح يجعلون معيار من يؤخذ عنه العلم -وهو أشرف مأخوذ- تمسّكه بالسنة، كما قال إبراهيم النخعي -رحمه الله-: (كانوا إذا أتوا الرجل يأخذون عنه العلم نظروا إلى صلاته، وإلى سنته، وإلى هيئته؛ ثم يأخذون عنه).
وقال أبو العالية: (كنا نأتي الرجل لنأخذ عنه فننظر إذا صلى: فإن أحسنها جلسنا إليه، وقلنا: هو لغيرها أحسن؛ وإن أساءها قمنا عنه، وقلنا: هو لغيرها أسوأ). (4)
__________
(1) النور الآية (54).
(2) الأعراف الآية (158).
(3) الأحزاب الآية (21).
(4) ضرورة الاهتمام بالسنن النبوية (ص.11-13).(1/485)
- وقال: فلو أن كل فرد من أبناء هذه الأمة نشأ وبين عينيه سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يأخذ منها آدابه وأخلاقه، وحركته وسكونه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، لنشأ جيل إيمانه كالجبال، يقذف الرعب في قلوب أعدائنا على مسيرة شهر، وينهض بالأمة إلى أعلى ما تصبو إليه من السعادة والسيادة وَلَيَنْصُرَنَّ { اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِن اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } (40) (1) . هذا وللالتزام بالسنة ثمار وفوائد لا تحصى. (2)
ثم ذكرها مفصلة.
- وقال: فالله الله يا أمة الإسلام في سنن رسولكم - صلى الله عليه وسلم - ، من لها سواكم؟ أحيوها جهدكم، وأرشدوا الناس إلى العمل بها، فهي عنوان المحبة الكاملة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وعلامة المتابعة الصادقة له - صلى الله عليه وسلم - .
ولا يجرمنّكم شنآن المتعصبين، ولا تهويل المبطلين، ولا حيصة العوامّ المفتونين، فإن السنة اليوم غريبة، معاول الهدم تخدشها من كل جانب، فهي اليوم في أشد الحاجة إلى أبنائها المخلصين، الذين يتحملون في سبيلها المشاقّ، ويؤثرونها على حظوظ أنفسهم، قائدهم في ذلك الرفق واللين، والمجادلة بالتي هي أحسن، وسيكون التوفيق حليفهم، والعاقبة الحسنى لهم، متى ما أخلصوا النية لله عز وجل، واحتسبوا منه وحده الثواب على هذا العمل الجسيم.
وما أحوجنا هنا أن نذكّرهم بتلك التجربة التي جرت على يد الإمام الشاطبي -رحمه الله- عندما عقد العزم على إحياء السنة والتجرد لها وإن خالفها الناس، فتعرض بسبب ذلك لمقت الناس، وإزرائهم به، واتهامه بكل سوء، ولكن العاقبة للمتقين: وَلَيَنْصُرَنَّ { اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِن اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } احةب.
__________
(1) الحج الآية (40).
(2) ضرورة الاهتمام بالسنن النبوية (ص.45).(1/486)
قال الشاطبي في الاعتصام: (...فتردّد النظر بين أن أتبع السنة على شرط مخالفة ما اعتاد الناس؛ فلا بد من حصول نحوٍ مما حصل لمخالفي العوائد -لاسيما إذا ادعى أهلها أن ما هم عليه هو السنة لا سواها- إلا أن في ذلك العبء الثقيل ما فيه من الأجر الجزيل. وبين أن أتّبعهم على شرط مخالفة السنة والسلف الصالح، فأدخل تحت ترجمة الضُّلاّل -عائذاً بالله من ذلك- إلا أني أوافق المعتاد، وأُعَدّ من المؤالفين لا من المخالفين.
فرأيت أن الهلاك في اتباع السنة هو النجاة، وأن الناس لن يغنوا عني من الله شيئاً). (1)
وله أيضاً رسالة أخرى عنون لها 'الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية'. وهي ماتعة في بابها. قال فيها: وليعتبر المسلم بما قاله تعالى في حقّ النصارى: ثُمَّ { قَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآَتَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ } (27) (2) ، والمعنى: أنم ابتدعوا لأنفسهم عبادة، ما كتبها الله عليهم ولا فرضها، بل هم الذين التزموها من عند أنفسهم، وقصدهم بذلك: تحصيل رضا الله سبحانه.
فانظر كيف مقتهم الله وذمّهم مع حسن قصدهم فيما التزموه من العبادة المحدثة. فإن الله تعالى لا يريد من عباده أن يعبدوه إلا بما شرع على ألسنة رسله، وبذلك يظهر صدق المستجيبين لله وللرسول إذا دعاهم لما يحييهم.
__________
(1) ضرورة الاهتمام بالكتاب والسنة (ص.86-88).
(2) الحديد الآية (27).(1/487)
فكما أن الله تعالى لا يقبل من مشرك في توحيد الإلهية عملاً مهما كبر، فكذلك لا يقبل ممن أشرك في توحيد المتابعة عملاً مهما كثر. قال تعالى: فَإِنْ { لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِن اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } (50) (1) .
فليس لأحد أن يتبع ما يحبّه، فيأمر به، ويتخذه ديناً، وينهى عما يبغضه، ويذمه، ويتخذ ذلك ديناً: إلا بهدىً من الله، وهدى الله هو شريعته التي بعث بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - .
ومن اتبع ما يهواه حبّاً وبغضاً بغير الشريعة؛ فقد اتبع هواه بغير هدىً من الله.
وأيّ اتباع للهوى أعظم من الإعراض عمّا شرع الله تعالى من الوسائل الشرعية في الدعوة إلى الوسائل البدعيّة، التي يظنّها الفاعل لها قربة وطاعة لله تعالى، وهي -والله- عين الضلال ومنبع الفساد. وصدق الله تعالى إذ يقول: وَمَنْ { يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ } (37) (2) .اهـ (3)
وله أيضاً من الآثار السلفية:
1- 'المعتقد الصحيح الواجب على كل مسلم اعتقاده'.
2- 'بيان المشروع والممنوع من التوسل'.
موقفه من المشركين:
له رسالة 'القول المبين في حكم الاستهزاء بالدين'.
__________
(1) القصص الآية (50).
(2) الزخرف الآيتان (36-37).
(3) الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية (ص.88-89).(1/488)
- قال فيها: وبعد: فإن هناك ظاهرة من الظواهر الدخيلة على بلاد المسلمين، سارت مسير الريح، وانتشرت انتشار الشمس، فلم تعد بلدة إسلامية إلا جثمت عليها، ولا دار مسلم إلا دخلت فيه. وهي ظاهرة لا تبشّر بخير أبداً، بل هي منذرة بسيل عذاب من الله جلّ وعلا قد انعقد غمامه، ومؤذنة بليل بلاء قد ادلهمّ ظلامه، ما عُهد أنها حلّت في مجتمع إلا أبادته وقضت عليه، فارتفعت عنه الخيرات، ونزلت عليه المصائب والنكبات...
أتدرون ما هذه الظاهرة الموبوءة؟ إنها السخرية والاستهزاء بالمؤمنين، الذين قالوا: ربنا الله، ثم استقاموا؛ فأتوا بما يحبّه الله ويرضاه، واجتنبوا ما يكرهه ويمقته.
حقاً إنها ظاهرة قذرة، حَرِيّة بكل وصف سيء مشين، وذلك لأنها تأتي إلى أصول الدين، وقواعده فتنقضها، وإلى أركانه ومبانيه فتهدمها.
وأيّ شيء من الدين يبقى بعد السخرية بأتباعه لا لشيء؛ ولكن لأنهم آمنوا بالله، واتبعوا رسوله - صلى الله عليه وسلم - في كل ما يأتون ويذرون؟ وَمَا { نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } (9) (1) .
والمستقرئ للتاريخ الإسلامي، يعلم أن هذه الظاهرة الخبيثة؛ لم تنتشر في زمن؛ كانتشارها في زمننا هذا، وذلك لعدّة أسباب؛ منها:
ابتعاد المسلمين عن تعاليم كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - .
إحياء المستعمرين الصليبيّين هذه الظاهرة، ليتمكّنوا من الاستيلاء على البلاد الإسلامية بسهولة ويسر.
تسخير جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لبثّ هذه الظاهرة، خدمة لأغراض اليهود وأذنابهم.
دخول أجسام غريبة بين صفوف المسلمين؛ باسم الإسلام والعلم؛ تعمل على تشويه صورة الإسلام، وإظهار المسلمين بمظهر السوء.
__________
(1) البروج الآيتان (8و9).(1/489)
وكلّ هذه الأسباب حقائق واضحة؛ لا يرتاب فيها مؤمن، وسيأتي تدعيم ذلك بالأدلّة الجليّة -إن شاء الله تعالى-. (1)
- وقال مبيّناً حكم الاستهزاء بالمسلم: الاستهزاء بالمسلم لما قام به من أحكام الله سبحانه، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ؛ وذلك كالاستهزاء بمن حافظ على الصّلوات، أو حثّ الناس على الطاعات، أو بمن أعفى لحيته ورفع ثوبه فوق الكعبين تأسّياً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وهذا القسم حكمه غليظ شديد، لا أحبّ أن أفجع به أسماعكم حتى أذكر أمرين إن وُجدا فيمن قام به هذا القسم لم يُحكم عليه بهذا الحكم الغليظ الشديد:
أحدهما: أن يكون المستهزئ جاهلاً بأن ما استهزأ به من الشريعة الإسلاميّة. كأن يستهزئ بقِصَر الثوب، ولا يعلم أن تقصير الثياب إلى أنصاف الساقين من سنن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - .
ثانيهما: أن لا يقصد باستهزائه ذاتَ العبادة التي قام بها الرجل المسلم. كأن يستهزئ بلحية رجل مسلم لما فيها من عيب خَلقيّ، لا لكونها سنة من سنن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - .
فمن لم يكن فيه أحد هذين الأمرين؛ واستهزأ برجل مسلم لما قام به من الواجبات أو السنن؛ فإنه يُصبح مرتدّاً عن دين الإسلام إن كان مسلماً -والعياذ بالله- يجب على الإمام أن يُجري عليه أحكام الرّدّة التي قرّرها الفقهاء في كتبهم. (2)
- وقال في آخرها ناظماً بعد أبيات طويلة:
يا ساخرون من الدعاة سمعتُمُ ... حكماً غليظاً جاء من بارِينا
فإن انتهيتم فالسعادةُ خلفَكم ... وإن استبحتم فالشقاء قرينا
أو ما علمتم أن باعث عزنا ... ذلك الكتاب وسنة تهدينا
فبها أقمنا للحضارة معلماً ... وبها فتحنا فارساً والصينا
وبها نشرنا العلم في أرجائها ... حتى تعالى كالجبال رصِينا
واليومَ لمّا للكتاب نبذتُمُ ... صار الهوان مخيِّماً كاسِينا
__________
(1) القول المبين في حكم الاستهزاء بالمؤمنين (ص.7-10).
(2) القول المبين في حكم الاستهزاء بالمؤمنين (ص.22-24).(1/490)
هذا هو السّرّ الوحيد لنقصكم ... وكمالِ سادة قومنا الماضينا (1)
موقفه من الخوارج:
له كتاب 'الأمر بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم والتحذير من مفارقتهم'، كما له أيضاً رسالة 'معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة'.
- قال في مقدمتها: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسوله الأمين نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فإن السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين أصل من أصول العقيدة السلفية، قلّ أن يخلو كتاب فيها من تقريره وشرحه وبيانه، وما ذاك إلا لبالغ أهميته وعظيم شأنه، إذ بالسمع والطاعة لهم تنتظم مصالح الدين والدنيا معاً، وبالافتيات عليهم قولاً أو فعلاً فساد الدين والدنيا.
وقد علم بالضرورة من دين الإسلام أنه لا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة.
يقول الحسن البصري -رحمه الله تعالى- في الأمراء: (هم يَلون من أمورنا خمساً: الجمعة، والجماعة، والعيد، والثغور، والحدود. والله لا يستقيم الدين إلا بهم، وإن جاروا وظلموا. والله لما يُصلح الله بهم أكثر مما يُفسدون، مع أن طاعتهم والله لغبطة، وإن فرقتهم لكفر).
ولقد كان السلف الصالح -رضوان الله عليهم- يُولون هذا الأمر اهتماماً خاصّاً، لا سيّما عند ظهور بوادر الفتنة؛ نظراً لما يترتب على الجهل به أو إغفاله من الفساد العريض في العباد والبلاد، والعدول عن سبيل الهدى والرشاد.
واهتمام السلف بهذا الأمر تحمله صور كثيرة نُقلت إلينا عنهم، من أبلغها وأجلّها ما قام به الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة -رضي الله عنه-؛ حيث كان مثالاً للسنة في معاملة الولاة.
__________
(1) القول المبين (ص.71-72).(1/491)
فلقد تبنى الولاة في زمنه أحد المذاهب الفكريّة السيئة، وحملوا الناس عليه بالقوة والسيف، وأُهريقت دماء جمّ غفير من العلماء بسبب ذلك، وفُرض القول بخلق القرآن الكريم على الأمة، وقُرّر ذلك في كتاتيب الصبيان... إلى غير ذلك من الطاّمّات والعظائم، ومع ذلك كلّه؛ فالإمام أحمد لا ينزعه هوى، ولا تستجيشُه العواطف (العواصف)، بل يثبت على السنة؛ لأنها خير وأهدى؛ فيأمر بطاعة وليّ الأمر، ويجمع العامّة عليه، ويقف كالجبل الشامخ في وجه من أراد مخالفة المنهج النبوي والسّير السّلفيّة انسياقاً وراء العواطف المجرّدة عن قيود الكتاب والسنة، أو المذاهب الثوريّة الفاسدة.
يقول حنبل -رحمه الله تعالى-: (اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبدالله -يعني: الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى-، وقالوا له: إن الأمر قد تفاقم وفشا -يعنون: إظهار القول بخلق القرآن، وغير ذلك-، ولا نرضى بإمارته، ولا سلطانه. فناظرهم في ذلك، وقال: عليكم بالإنكار في قلوبكم، ولا تخلعوا يداً من طاعة، لا تشقّوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح برّ ويُستراح من فاجر. وقال: ليس هذا -يعني: نزع أيديهم من طاعته- صواباً؛ هذا خلاف الآثار).
فهذه صورة من أروع الصور التي نقلها الناقلون، تشرح صراحة التطبيق العمليّ لمذهب أهل السنة والجماعة في هذا الباب.
ومن الصور أيضاً ما جاء في كتاب 'السنة' للإمام الحسن بن علي البربهاري رحمه الله تعالى حيث قال: (إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان؛ فاعلم أنه صاحب هوى. وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح؛ فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله تعالى).
يقول الفضيل بن عياض: (لو كان لي دعوة ما جعلتها إلاّ في السلطان. فأُمِرنا أن ندعو لهم بالصلاح، ولم نُؤمر أن ندعو عليهم، وإن جاروا وظلموا؛ لأن جورهم وظلمهم على أنفسهم وعلى المسلمين، وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين).(1/492)
ومما يجدر العلم به أن قاعدة السلف في هذا الباب زيادة الاعتناء به كلّما ازدادت حاجة الأمة إليه؛ سدّاً لباب الفتن، وإيصاداً لطريق الخروج على الولاة، الذي هو أصل فساد الدنيا والدين. (1)
- وقال: فإن سألت عن الطريقة الشرعية للإنكار على السلاطين، فهي مبسوطة في كتب السنة وغيرها من كتب أهل العلم، وفي مقدَّم الإجابة عن هذا السؤال أمهّد بنقلين، ثم أورد الأدلّة على ما أقرّره، والله الموفق:
النقل الأول:
قال ابن مفلح في 'الآداب الشرعية': (ولا ينكر أحد على سلطان إلا وعظاً له وتخويفاً، أو تحذيراً من العاقبة في الدنيا والآخرة؛ فإنه يجب، ويحرم بغير ذلك، ذكره القاضي، وغيره. والمراد: ولم يَخَف منه بالتخويف والتحذير، وإلا سقط، وكان حكم ذلك كغيره.
قال ابن الجوزي: الجائز من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع السلاطين: التعريف والوعظ، فأما تخشين القول؛ نحو: يا ظالم! يا من لا يخاف الله! فإن كان ذلك يحرّك فتنة يتعدّى شررها إلى الغير؛ لم يجز، وإن لم يخف إلا على نفسه؛ فهو جائز عند جمهور العلماء. قال: والذي أراه المنع من ذلك...) اهـ.
النقل الثاني:
قال ابن النحاس في كتابه 'تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين وتحذير السالكين من أفعال الهالكين': (ويختار الكلام مع السلطان في الخلوة على الكلام معه على رؤوس الأشهاد، بل يودّ لو كلّمه سرّاً، ونصحه خفية؛ من غير ثالث لهما) اهـ.
لقد كان موقف سلفنا الصالح من المنكرات الصادرة من الحكّام وسطاً بين طائفتين:
إحداهما: الخوارج والمعتزلة، الذين يرون الخروج على السلطان إذا فعل منكراً.
والأخرى: الروافض الذين أضفوا على حكّامهم قداسة، حتى بلغوا بهم مرتبة العصمة.
وكلا الطائفتين بمعزلٍ عن الصواب، وبمنأى عن صريح السنة والكتاب.
__________
(1) معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة (ص.5-8).(1/493)
ووفق الله أهل السنة والجماعة -أهل الحديث- إلى عين الهدى والحقّ، فذهبوا إلى وجوب إنكار المنكر، لكن بالضوابط الشرعية، التي جاءت بها السنة، وكان عليها سلف هذه الأمة.
ومن أهم ذلك وأعظمه قدراً أن يناصح ولاة الأمر سرّاً فيما صدر عنهم من منكرات، ولا يكون ذلك على رؤوس المنابر وفي مجامع الناس؛ لما ينجم عن ذلك -غالباً- من تأليب العامة، وإثارة الرّعاع عليهم، وإشعال الفتن.
وهذا ليس دأب أهل السنة والجماعة، بل سبيلهم ومنهجهم: جمع قلوب الناس على ولاتهم، والعمل على نشر المحبّة بين الراعي والرعية، والأمر بالصبر على ما يصدر عن الولاة من استئثار بالمال أو ظلم للعباد مع قيامهم بمناصحة الولاة سرّاً، والتحذير من المنكرات عموماً أمام الناس؛ دون تخصيص فاعل؛ كالتحذير من الزنى عموماً، ومن الربا عموماً، ومن الظلم عموماً... ونحو ذلك.
يقول العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز -حفظه الله تعالى-: (ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة وذكر ذلك على المنابر؛ لأن ذلك يفضي إلى الانقلابات، وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخروج الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتّبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتّصلون به حتى يوجه إلى الخير.
وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل؛ فينكر الزنى وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله، ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير ذكر أن فلاناً يفعلها؛ لا حاكم ولا غير حاكم.
ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان؛ قال بعض الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه: ألا تنكر على عثمان؛ قال: أُنكر عليه عند الناس؟! لكن أُنكر عليه بيني وبينه، ولا أفتح باب شر على الناس.(1/494)
ولما فتحوا الشر في زمن عثمان رضي الله عنه، وأنكروا على عثمان جهرة؛ تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية، وقتل عثمان وعلي بأسباب ذلك، وقتل جمّ كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني وذكر العيوب علناً، حتى أبغض الناس ولي أمرهم، وحتى قتلوه؛ نسأل الله العافية) اهـ.
وهذا الذي قرّره الشيخ -حفظه الله- هو امتداد لما قرّره أئمة الدعوة -رحمهم الله تعالى- في كتبهم، وهو في الحقيقة امتداد لما عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن سلك مسلكهم من أهل العلم والدين. (1)
- وقال أيضاً: وبهذا يُعلم أن إثارة الرعية على الولاة، وتأليب العامة عليهم؛ داء عضال، تجب المبادرة إلى كيّه، وورم خبيث يتعيّن استئصاله، لئلا يستفحل فيخرج خبثه، فتستحكم البليّة، وتعظم الرزيّة، ولا ينفع الندم عندئذ. فإن المثير والمثبط؛ كفأرة السّدّ، إن تركت أغرقت العباد والبلاد، وأشاعت في الأرض الفساد. فيتعين على الناس عموماً: التكاتف لدفع المثير الساعي إلى الفتنة، وعزله كما تعزل الجرباء، ونفيه من المجتمع؛ كلّ حسب جهده وطاقته.
وهذا من أفضل الأعمال وأجلّ القرب إلى الله تعالى، إذ به يندفع شرّ عظيم، وتُطفأ فتنة عمياء. نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. والله سبحانه العاصم منها وحده؛ نسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وأفعاله الحميدة أن يؤمّننا في أوطاننا، ويصلح أئمتنا وولاة أمورنا. (2)
- وله أيضاً تعليق على رسالة 'أصول وضوابط في التكفير' لعبداللطيف ابن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ. قال في مقدمتها: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________
(1) معاملة الحكام (ص.41-44).
(2) معاملة الحكام (ص.101).(1/495)
أما بعد: هذا خطاب محرّر، كتبه العلامة الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن -رحمه الله تعالى- لردّ فتنة خطيرة، طالما زخرفها الشيطان فتساقط بعض المنتسبين إلى الخير في شَرَكِها، وظنوها حقاً...
تلك الفتنة هي فتنة التكفير التي ترتبط جذورها بالخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأفسدوا أيّما فساد، مع ما فيهم من طول صلاة وكثرة صيام، حتى إن الأمة في القرون المفضلة تحقر صلاتها عند صلاتهم، وصيامها عند صيامهم، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق، صلوات الله وسلامه عليه.
وقد سئل نافع: كيف رأي ابن عمر في الحروريّة؟ قال: يراهم شرارَ خلق الله؛ إنهم انطلقوا إلى آيات أُنزلت في الكفّار، فجعلوها على المؤمنين.
فسُرّ سعيد بن جبير من ذلك، فقال: مما يتّبع الحرورية من المتشابه قوله تعالى: `tBur { َO©9 Oن3ّts† !$yJخ/ tAt"Rr& ھ!$# y7ح´¯"s9'ré'sù مNèd tbrمچدے"s3ّ9$# } اححب (1) ويقرنون معها: ¢OèO { tûïد%©!$# (#rمچxےx. ِNحkحh5tچخ/ ڑcqن9د‰÷ètƒ } اتب (2) فإذا رأوا الإمام يحكم بغير الحقّ؛ قالوا: قد كفر، ومن كفر عدل بربّه، ومن عدل بربّه فقد أشرك؛ فهذه الأمة مشركون، فيخرجون، فيقتلون ما رأيت؛ لأنهم يتأوّلون هذه الآية. اهـ.
فهذا حال المبتدعين لهذه الفتنة المشعلين لنارها، عند السلف الصالح -رضوان الله عليهم أجمعين- من الصحابة والتابعين.
ورسالتنا هذه سوف تعالج هذه الفتنة عن طريق بيان منهج السلف الصالح في قضايا التكفير، فمن سار على نهجهم نجا -إن شاء الله- من مغبّة هذه الفتنة، ومن حاد عنه تخطّفته كلاليبها.
__________
(1) المائدة الآية (44).
(2) الأنعام الآية (1).(1/496)
وكان سبب هذه الرسالة أن جماعة من أهل الدين في هذا البلد نزعهم عرق خارجي فخاضوا في مسائل التكفير بغير علم، فأتوا بطامّات، وولجوا في متاهات... فكفّروا بما ليس مكفّراً من الأعمال، وكفّروا من ليس كافراً في شرع الله تعالى... ولم يقتصروا على ذلك، بل افتروا على شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهّاب، ونسبوا أنفسهم إليه، وزعموا أن أفكارهم هذه مستمدّة من كتبه... فلمّا بلغ بهم الأمر هذا المبلغ استدعاهم عالم نجد ومفتيها العلامة عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبدالوهّاب -رحم الله الجميع- فكشف شبهتهم، وأدحض حجّتهم، وبرّأ ساحة جدّه شيخ الإسلام منهم ومن منهجهم... فرجعوا وفاؤوا إلى الحقّ في ذلك المجلس... ثم نكصوا على أعقابهم، وأصرّوا على باطلهم. (1)
- كما له أيضاً رسالة لطيفة له فيها الجمع والترتيب بعنوان: 'نصيحة مهمة في ثلاث قضايا' وغيرها من الرسائل النافعة.
عبدالقادر الأرناؤوط (1425 هـ)
أصله من كوسوفا بألبانيا وتسمى أيضاً بلاد الأرناؤوط وبذلك يلقب الأتراك كل ألباني. ولد بقرية "فريلا" سنة سبع وأربعين وثلاثمائة وألف للهجرة، واسمه في الهوية: قدري بن صوقل بن عبدول بن سنان. هاجر مع أبيه إلى دمشق سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة وألف للهجرة جرّاء اضطهاد الشيوعيين للعرب وللمسلمين.
درس الفقه والنحو والصرف على سليمان غاوجي الألباني، ولازم محمد صالح الفرفور قريباً من عشر سنوات، درس عليه خلالها الفقه الحنفي والتفسير وعلوم اللغة من بيان وبديع ومعاني. ومن بين شيوخه الكبار العالم السلفي محمد بهجة البيطار رحمه الله، فقد تأثّر به، وكان يقول له: "أنت يا بنيّ مشربك من مشربنا، فأرى أن تدرّس مكاني". وكذلك كان فقد درّس مكانه في جامعي الدقاق والشربجي.
__________
(1) أصول وضوابط في التكفير (ص.5-7).(1/497)
وكانت له صحبة طيبة مع بلديّه الإمام الألباني، وكان كل واحد منهما يحبّ الآخر حبّاً عظيماً، ويجلّه ويثني على علمه ومنهجه، فكان يزور الألباني كلما نزل بالأردن، وكان الألباني كلما طبع كتاباً أرسل له هدية منه. تولّى الخطابة وهو في العشرين من عمره، واستمرّ فيها وفي تدريس العلم الشرعي من عقيدة وحديث وفقه وتفسير وغيرها مدة خمسين سنة في مساجد ومدارس دمشق.
حقّق الكثير من الكتب بمفرده أو بالاشتراك مع غيره، وله تآليف حسنة منها 'الوجيز في منهج السلف الصالح'، و'وصايا نبوية'.
توفي رحمه الله يوم الجمعة لأربع عشرة خلون من شوال عام خمس وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة.
موقفه من المبتدعة:
- قال رحمه الله: إذا ما سألتَ عن مذهبي أقول: أنا مسلم أعود إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأقوال الأئمة بأدلتها، وأعمل بما هو الأقوى والأرجح الذي رجّحه العلماء على منهج السلف الصالح. (1)
- قال: ومن عقائد السلف الصالح أنه لا يجب على أحد من المسلمين التقيد بمذهب فقيه معين، وأن له أن ينتقل من مذهب إلى آخر لقوة الدليل، وأن العامي لا مذهب له، بل مذهبه مذهب مفتيه.
وأن على طالب العلم إذا كانت عنده أهلية يستطيع أن يعرف بها أدلة الأئمة أن يعمل بها، وينتقل من مذهب إمام في مسألة إلى مذهب إمام آخر أقوى دليلاً وأرجح فقهاً في مسألة أخرى، ويكون بذلك متبعاً وليس بمجتهد؛ فإن الاجتهاد استنباط الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة، كما كان عليه الأئمة الأربعة وسواهم من الفقهاء والمحدثين. (2)
__________
(1) من ترجمته بقلم أحد تلامذته.
(2) الوجيز في منهج السلف الصالح.(1/498)
- طرده شيخه محمد صالح الفرفور لما رُفع إليه أنه اشترى 'الوابل الصيب' لابن القيم، فوبّخه وقال له: لم جئت بالكتاب؟ فقال التلميذ: لأني قرأت في مقدمته في الذكر مائة فائدة، ثم سردها، فقال الشيخ: هل تعرف ابن القيم تلميذ من؟ قال: تلميذ ابن تيمية، فقال الشيخ مغضباً مستنكراً: نحن نقرأ لابن تيمية؟!! قُم! وهكذا طرد وأبعد وقوطع بتهمة الوهابية.
- منع من الخطابة بتحريض من مشايخ السوء الذين حذّروا منه بتهمة الوهابية، وكذلك لما رفع صوته عالياً بالتحذير من مشاركة النصارى في أعياد رأس السنة الميلادية، ومقارعة الخمور، وتقاليد الكفّار، فمنع على إثرها بتهمة الدعوة إلى الطائفية وذلك سنة خمس عشرة وأربعمائة وألف للهجرة.
- قال: ومن عقائد السلف أنه يجب الإيمان بكل ما جاء في القرآن وأمرنا الله تعالى به، وترك كل ما نهانا عنه جملة وتفصيلاً، ونؤمن بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وصح النقل عنه فيما شاهدناه أو غاب عنا، سواء في ذلك ما عقلناه أو جهلناه ولم نطلع على حقيقة معناه، نأتمر بأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وننتهي عما نهانا الله تعالى ونهانا عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ونقف عند حدود كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما جاء عن الخلفاء الراشدين المهديين، وعلينا اتباع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وسلوك طريق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما كان عليه الخلفاء الراشدون الأربعة المهديون من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السنة الكاملة؛ لأن سنة الخلفاء الراشدين متبعة كاتباع السنة النبوية. (1)
موقفه من المشركين:
__________
(1) المصدر نفسه.(1/499)
قال رحمه الله في براءته التي كتبها لما حذف أحد مراقبي المطبوعات بالسعودية قصة العتبي من كتاب الأذكار للنووي الذي حقّقه، ومفادها أن العتبي كان جالساً عند قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فجاء أعرابي وقال مخاطباً النبي - صلى الله عليه وسلم - في قبره: جئتك مستغفراً من ذنبي. ولما انصرف رأى العتبي النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام وقال له: يا عتبي! الحق الأعرابي فبشّره بأن الله قد غفر له. قال: هذه القصة ليس لها إسناد صحيح، ومتنها مخالف للأحاديث الصحيحة، ثم قال: وقد قال الحافظ محمد بن أحمد بن عبدالهادي المقدسي الحنبلي -تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذ الحافظ المزّيّ- في كتابه 'الصارم المنكي في الرّدّ على السبكي': (ذكرها الحافظ البيهقي في 'شعب الإيمان' بإسناد مظلم). قال: (ووضع لها بعض الكذابين إسناداً إلى علي رضي الله عنه). وقال أيضاً ابن عبدالهادي في 'الصارم المنكي في الرد على السبكي' (ص.430): (هذا خبر موضوع، وأثر مختلَق مصنوع، لا يصلح الاعتماد عليه، ولا يحسن المصير إليه، وإسناده ظلمات بعضها فوق بعض).
وقد أخطأ الإمام النووي -رحمه الله- حيث ذكر هذه القصة وسكت عليها؛ وكان الأَولى أن لا يذكرها حتى لا يغر بها القراء ويستشهدوا بها.(1/500)
أقول: كيف تصح هذه القصة وفيها يقول العتبي: جاء الأعرابي إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له: جئتك مستغفراً من ذنبي. بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في قبره؟ والله تعالى يقول في كتابه: `tBur { مچدےَّtƒ ڑUqçR-%!$# wخ) } ھ!$# (1) . أي: لا يغفرها أحد سواه. قال الحافظ ابن عبدالهادي الحنبلي: (ولم يفهم أحد من السلف والخلف من الآية الكريمة: ِqs9ur { ِNكg¯Rr& Œخ) (# qكJn=Oك ِNكg|،àےRr& x8râن!$y_ (#rمچxےَّtGَ™$$sù ©!$# tچxےَّtGَ™$#ur قOكgs9 مAqك™چ9$# (#rك‰y`uqs9 ©!$# $\/#qs? } $VJٹدm' (2) ، إلا المجيء إليه في حياته - صلى الله عليه وسلم - ليستغفر لهم).
وهذه قضية لها علاقة بالعقيدة والتوحيد، فلا يجوز التساهل فيها والسكوت عنها؛ وإن عقائد السلف الصالح أنهم يعبدون الله تعالى وحده ولا يشركون به شيئاً، فلا يَسألون إلا الله تعالى، ولا يستعينون إلا بالله عز وجل، ولا يستغيثون إلا به سبحانه، ولا يتوكلون إلا عليه جل وعلا، ويتوسّلون إلى الله تعالى بطاعته وعبادته والقيام بالأعمال الصالحة لقوله تعالى: $ygoƒr'¯"tƒ { ڑْïد%©!$# (#qمZtB#uن (#qà)®?$# ©!$# (# qنَtGِ/$#ur دmّs9خ) } s's#إ™uqّ9$# (3) . أي: تقربوا إليه بطاعته وعبادته سبحانه وتعالى. قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "اتّبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم". وقال عمر ابن عبدالعزيز رحمه الله: "قف حيث وقف القوم؛ فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفّوا". وقال الإمام الأوزاعي إمام أهل الشام رحمه الله: "عليك بآثار من سلف، وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال، وإن زخرفوه لك بالقول". وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: "الزم طرق الهدى، ولا يغرّك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين".
__________
(1) آل عمران الآية (135).
(2) النساء الآية (64).
(3) سورة المائدة الآية (35).(2/1)
هذا؛ وإن شريعة الله تعالى محفوظة من التغيير والتبديل، وقد تكفّل الله تعالى بحفظها فقال: $¯Rخ) { ك`ّtwU $uZّ9¨"tR tچّ.دe%!$# $¯Rخ)ur ¼çms9 tbqفàدے"ptm: } ازب (1) . ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في حديثه: "يحملُ هذا العلمَ من كلّ خلَفٍ عُدولُهُ: ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين" (2) . وهو حديث حسن بطرقه وشواهده. نسأل الله تعالى أن يهدينا للعقيدة الصافية، والسريرة النقية الطاهرة، والأخلاق المرضية الفاضلة عند الله تعالى... (3)
موقفه من الرافضة:
قال: ونشهد للعشرة المبشرين بالجنة، كما شهد لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكل من شهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة شهدنا له بها؛ لأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
ونتولى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ونكفّ عن مساويهم، وما شجر بينهم، وأمرهم إلى ربهم، ولا نسبُّ أحداً من الصحابة لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه" (4) .
__________
(1) الحجر الآية (9).
(2) رواه الآجري في الشريعة (1/101-104/1-2) والبيهقي (10/209) من حديث إبراهيم بن عبدالرحمن العذري، وهذا مرسل. وله شواهد يتقوى بها عن جمع من الصحابة منهم: أسامة بن زيد وأبو هريرة وابن عمر وابن مسعود وعلي وغيرهم رضوان الله عليهم.
(3) الوجيز في منهج السلف الصالح.
(4) تقدم تخريجه ضمن مواقف الآجري سنة (360هـ).(2/2)
وإن الصحابة ليسوا بمعصومين عن الخطأ، والعصمة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم في التبليغ، وأن الله تعالى عصم مجموع الأمة عن الخطأ، لا الأفراد، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه: "إن الله لا يجمع أمتي على الضلالة، ويد الله على الجماعة" (1) .
ونترضى عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمهات المؤمنين، ونعتقد أنهن مطهرات مبرآت من كل سوء. (2)
موقفه من الجهمية:
- قال: فأصول الدين التي استمسك بها هؤلاء الذين مضوا من أئمة الدين، وعلماء المسلمين، والسلف الصالحين، ودعوا الناس إليها: هي أنهم يؤمنون بالكتاب والسنة إجمالاً وتفصيلاً، ويشهدون لله عز وجل بالوحدانية، ولمحمد صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة والرسالة، ويعرفون ربهم بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، على ما وردت به الأخبار الصحيحة ونقله عنه العدول والثقات، ويثبتون لله عز وجل ما أثبته لنفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله، من غير تشبيه بمخلوقاته، ولا تكييف، ولا تعطيل، ولا تحريف، ولا تبديل، ولا تمثيل، قال تعالى: }ّٹs9 { ¾دmخ=÷WدJx. ضنï†x" uqèdur كىٹدJ،،9$# çژچإءt7ّ9$# } اتتب (3) .
__________
(1) رواه الترمذي (4/405/2167) وقال: "غريب من هذا الوجه" والحاكم (1/115و116) وابن أبي عاصم في السنة (1/39/80) والطبراني (12/447/13623و13624) من طرق عن ابن عمر. قال الهيثمي في المجمع (5/218):"رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات رجال الصحيح خلا مرزوق مولى آل طلحة وهو ثقة. وللحديث شواهد من حديث ابن عباس وأنس وكعب بن عاصم الأشعري وأبي مسعود رضي الله عنهم.
(2) الوجيز في منهج السلف الصالح.
(3) الشورى الآية (11).(2/3)
قال الإمام الزهري: "على الله البيان، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم"، وقال الإمام سفيان بن عيينة: "كل ما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه، فتفسيره تلاوته والسكوت عنه"، وقال الإمام الشافعي: "آمنت بالله، وبما جاء عن الله، على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، على مراد رسول الله".
وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم، وكلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من غير تعرُّض لتأويله، وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم، والاهتداء بمنارهم. (1)
موقفه من الخوارج:
قال: ومن عقائد السلف أنهم لا يكفرون أحداً من المسلمين بذنب، ولو كان من الكبائر، إلا إذا جحد شيئاً معلوماً من الدين بالضرورة، ويعلمه الخاص والعام، وكان ثابتاً بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها. (2)
موقفه من المرجئة:
قال: ومن عقائد السلف الصالح قولهم الإيمان قول باللسان وعمل بالجوارح والأركان وعقد بالقلب والجنان، وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان. (3)
موقفه من القدرية:
قال: ومن عقائد السلف أن الخير والشر بقضاء الله وقدره، ولكن ليس الشر بأمره تعالى، كما يقول بعضهم: كله بأمر الله؛ لأن الله تعالى أمر بالخير، ونهى عن الشر، وهو سبحانه لا يأمر بالفحشاء، وإنما ينهى عنها، والإنسان غير مجبر، يختار أفعاله وعقائده، ويستحق العقاب أو الثواب على حسب اختياره، وهو مختار في الأمر والنهي، قال تعالى: `yJsù { uن!$x© `دB÷sمù=sù ئtBur uن!$x© ِچàےُ3uù=sù } (4) .اهـ (5)
__________
(1) المصدر نفسه.
(2) المصدر نفسه.
(3) المصدر نفسه.
(4) الكهف الآية (29).
(5) المصدر نفسه.(2/4)
فهرست الأعلام والمواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
المبتدعة ... المشركون ... الرافضة ... الصوفية ... الجهمية ... الخوارج ... المرجئة ... القدرية
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
حمزة بن عبد المطلب ... 3هـ
سعد بن معاذ ... 5هـ
موقف السلف من مسيلمة الكذاب ... 12هـ
عكرمة بن أبي جهل ... 13هـ
أمير المؤمنين أبو بكر الصديق ... 13هـ
ابن أم مكتوم ... 15هـ
أبو عبيدة بن الجراح ... 18هـ
معاذ بن جبل ... 18هـ
أبي بن كعب ... 19هـ
بلال بن رباح ... 20هـ
أم المؤمنين زينب بنت جحش ... 20هـ
خالد بن الوليد ... 21هـ
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ... 23هـ
أبو ذر الغفاري ... 32هـ
عبد الله بن مسعود ... 32هـ
أبو الدرداء ... 32هـ
عبد الرحمن بن عوف ... 32هـ
المقداد بن الأسود الكندي ... 33هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
كعب الأحبار ... 34هـ
عبادة بن الصامت ... 34هـ
معاذ بن عمرو بن الجموح ... في خلافة عثمان ... 132
عبد الله بن حذافة ... في خلافة عثمان ... 133
عمير بن حبيب بن خماشة ... بايع تحت الشجرة ... 136
أمير المؤمنين عثمان بن عفان ... 35هـ
طلحة بن عبيد الله ... 36هـ
حذيفة بن اليمان ... 36هـ
جندب الأزدي ... 36هـ
الزبير بن العوام ... 36هـ
سلمان الفارسي ... 36هـ
عمار بن ياسر ... 37هـ
خباب بن الأرت ... 37هـ
عبد الله بن خباب بن الأرت ... 37هـ
سهل بن حنيف ... 38هـ
معاذ بن عفراء ... خلافة علي
شرحبيل بن السمط ... 40هـ
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ... 40هـ
مجالد بن مسعود ... 40هـ
أبو مسعود البدري ... 40هـ
حنظلة الكاتب ... مات بعد علي ... 210
عبادة بن قرص الليثي ... 41هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
لبيد بن ربيعة العامري ... 41هـ
محمد بن مسملة ... 43هـ
عمرو بن العاص ... 43هـ
عبد الله بن سلام ... 43هـ
معقل بن قيس ... 43هـ
أبو موسى الأشعري ... 44هـ
أم المؤمنين أم حبيبة ... 44هـ
سلمة بن سلامة بن وقش ... 45هـ
زيد بن ثابت ... 45هـ
هرم بن حيان ... 46هـ
الحسن بن علي بن أبي طالب ... 49هـ
كعب بن مالك ... 50هـ
المغيرة بن شعبة ... 50هـ
جرير بن عبد الله ... 51هـ
سعيد بن زيد ... 51هـ
أبو بكرة الثقفي ... 52هـ
عمران بن حصين ... 52هـ(1/1)
فضالة بن عبيد ... 53هـ
حسان بن ثابت ... 54هـ
الأرقم بن أبي الأرقم ... 55هـ
سعد بن أبي وقاص ... 55هـ
عبد الله بن مغفل ... 57هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
أم المؤمنين عائشة ... 57هـ
أبو هريرة ... 58هـ
سمرة بن جندب ... 58هـ
عقبة بن عامر الجهني ... 58هـ
عمرو بن أمية ... قبل 60هـ
معاوية بن أبي سفيان ... 60هـ
عائذ بن عمرو ... 61هـ
الحسين بن علي ... 61هـ
أم المؤمنين هند أم سلمة ... 61هـ
علقمة بن قيس ... 62هـ
الربيع بن خثيم ... 62هـ
أبو مسلم الخولاني ... 62هـ
مسروق بن الأجدع ... 62هـ
سعد بن مالك أبو سعيد الخدري ... 63هـ
عبد الله بن عمرو بن العاص ... 65هـ
أبو برزة الأسلمي ... 65هـ
زيد بن أرقم ... 66هـ
موقف السلف من المختار الكذاب ... 66هـ
عدي بن حاتم ... 68هـ
عبد الله بن عباس ... 68هـ
أبو الأسود الدؤلي ... 69هـ
سفينة أبو عبد الرحمن ... بعد 70هـ
عبد الرحمن بن أبزى ... بعد 70هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
البراء بن عازب ... 72هـ
الأحنف بن قيس ... 72هـ
عبيدة السلماني ... 72هـ
مصعب بن الزبير ... 72هـ
جندب بن عبد الله البجلي ... 73هـ
عبد الله بن الزبير ... 73هـ
عبد الله بن عمر ... 73هـ
عبد الله بن عتبة بن مسعود ... 73هـ
عمرو بن ميمون ... 74هـ
عبد الله بن حبيب ... 74هـ
مالك بن أبي عامر الأصبحي ... 74هـ
عبيد بن عمير ... 74هـ
صفوان بن محرز ... 74هـ
موقف السلف من شبيب الخارجي ... 77هـ
جابر بن عبد الله ... 78هـ
شريح القاضي ... 78هـ
غضيف بن الحارث ... 80هـ
جبير بن نفير ... 80هـ
أبو إدريس الخولاني ... 80هـ
عبد الله بن جعفر ... 80هـ
خيثمة بن عبد الرحمن ... بعد 80هـ
محمد بن علي بن الحنفية ... 81هـ
موقف السلف من معبد الجهني ... 81هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
المهلب بن أبي صفرة ... 82هـ
محمد بن سعد بن أبي وقاص ... 82هـ
شقيق بن سلمة ... 82هـ
زادان الضرير ... 82هـ
أبو البختري ... 83هـ
عبد الرحمن بن يزيد أبو بكر ... 83هـ
أبو الجوزاء أوس بن عبد الله ... 83هـ
عبد الرحمن بن أبي ليلى ... 83هـ
موقف السلف من ابن حطان ... 84هـ
واثلة بن الأسقع ... 85هـ
أبو أمامة الباهلي ... 86هـ(1/2)
عبد الملك بن مروان ... 86هـ
عبد الله بن أبي أوفى ... 87هـ
عبد الله بن بسر ... 88هـ
يحيى بن يعمر ... 89هـ
أبو العالية ... 90هـ
إبراهيم التيمي ... 92هـ
أنس بن مالك ... 92هـ
عروة بن الزبير ... 93هـ
علي بن الحسين ... 93هـ
سعيد بن المسيب ... 94هـ
أبو سلمة بن عبد الرحمن ... 94هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
العلاء بن زياد ... 94هـ
عطاء بن يسار ... 94هـ
عبد الله بن أبي قتادة ... 95هـ
سعيد بن جبير ... 95هـ
مطرف بن عبد الله ... 95هـ
إبراهيم النخعي ... 96هـ
الحسن بن الحسن بن علي ... 97هـ
عبد الله بن محيريز ... 99هـ
سليمان بن عبد الملك ... 99هـ
طلق بن حبيب ... قبل 100هـ ... 503
موقف السلف من ذر الهمداني ... قبل 100هـ ... 505
القاسم بن مخيمرة ... 100هـ
الحسن بن محمد بن الحنفية ... 100هـ
عبد الله بن الديلمي ... 100هـ(1/3)
فهرست الأعلام والمواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
المبتدعة ... المشركون ... الرافضة ... الصوفية ... الجهمية ... الخوارج ... المرجئة ... القدرية
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ... 101هـ
مجاهد بن جبر ... 101هـ
مسلم بن يسار ... 101هـ
ذكوان أبو صالح السمان ... 101هـ
الضحاك بن مزاحم ... 102هـ
خالد بن معدان ... 103هـ
مصعب بن سعد ... 103هـ
الشعبي ... 104هـ
الحسن بن وهب ... 104هـ
أبو قلابة ... 104هـ
أبو رجاء العطاردي ... 105هـ
عكرمة مولى ابن عباس ... 105هـ
المسيب بن رافع الأسدي ... 105هـ
طاووس ... 106هـ
القاسم بن محمد ... 106هـ
سالم بن عبد الله ... 106هـ
عبد الله بن أبي سلمة العمري ... 106هـ
سليمان بن يسار ... 107هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
موقف السلف من كثير عزة الشيعي ... 107هـ
بكر بن عبدالله المزني ... 108هـ
مورق العجلي ... 108هـ
الحسن البصري ... 110هـ
محمد بن سيرين ... 110هـ
فضيل بن فضالة ... 101-110هـ ... 115
طلحة بن مصرف ... 112هـ
رجاء بن حيوة ... 112هـ
معاوية بن قرة ... 113هـ
عبدالله بن عبيد بن عمير ... 113هـ
وهب بن منبه ... 114هـ
محمد بن علي بن الحسين أبو جعفر الباقر ... 114هـ
عطاء بن أبي رباح ... 115هـ
الحكم بن عتيبة ... 115هـ
محارب بن دثار ... 116هـ
عون بن عبدالله ... 116هـ
مكحول ... 116هـ
نافع مولى ابن عمر ... 117هـ
قتادة بن دعامة ... 117هـ
ميمون بن مهران ... 117هـ
عبدالله بن أبي مليكة ... 117هـ
أنس بن سيرين ... 118هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
عبادة بن نسي ... 118هـ
علي بن عبدالله بن عباس ... 118هـ
عبدالرحمن بن عبدالله بن سابط ... 118هـ
حبيب بن أبي ثابت ... 119هـ
الضحاك بن شرحبيل المشرقي ... 111-120هـ ... 177
خالد بن اللجلاج ... 111-120هـ ... 177
محمد بن كعب القرظي ... 120هـ
بلال بن سعد ... 120هـ
عطية بن قيس ... 121هـ
سلمة بن كهيل ... 121هـ
إياس بن معاوية ... 122هـ
زيد بن علي ... 122هـ
سيار أبو الحكم ... 122هـ
ثابت بن أسلم البناني ... 123هـ
محمد بن شهاب الزهري ... 124هـ
إبراهيم بن هشام ... 125هـ
مطر بن طهمان ... 125هـ
هشام بن عبدالملك ... 125هـ(1/1)
سعد بن إبراهيم ... 125هـ
عمرو بن دينار ... 126هـ
دراج أبو السمح ... 126هـ
خالد القسري ... 126هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
عبدالكريم بن مالك الجزري ... 127هـ
أبو إسحاق السبيعي ... 127هـ
عبدة بن أبي لبابة ... 127هـ
يزيد بن أبي حبيب ... 128هـ
موقف السلف من الجهم بن صفوان ... 128هـ
أبو كثير السحيمي اليمامي ... 129هـ
يحيى بن أبي كثير ... 129هـ
سلم بن أحوز ... 130هـ
مالك بن دينار ... 130هـ
أبو الزناد عبدالله بن ذكوان ... 130هـ
حسان بن عطية ... 120-130هـ ... 229
طلحة بن عبيدالله بن كريز ... 121-130هـ ... 231
عامر بن سعد البجلي ... من طبقة الذي قبله ... 232
أبو سهل كثير بن زياد ... 121-130هـ ... 233
القاسم بن عبيدالله ... في حدود 130هـ ... 234
علي بن زيد بن جدعان ... 131هـ
إبراهيم بن ميمون ... 131هـ
أيوب السختياني ... 131هـ
إسماعيل بن عبيدالله ... 131هـ
إسحاق بن سويد بن هبيرة ... 131هـ
إبراهيم بن ميسرة ... 132هـ
منصور بن المعتمر ... 132هـ ... -
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
يونس بن ميسرة بن حلبس ... 132هـ
عبدالله بن طاووس ... 132هـ
عطاء الخراساني ... 135هـ
ربيعة بن أبي عبدالرحمن (ربيعة الرأي) ... 136هـ
زيد بن أسلم ... 136هـ
مغيرة بن مقسم ... 136هـ
عطاء بن السائب ... 136هـ ... -
سعيد بن جمهان ... 136هـ
خصيف بن عبدالرحمن ... 137هـ
يزيد بن صهيب الفقير ... في حدود 140هـ ... 264
داود بن أبي هند ... 140هـ
أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج ... 140هـ
يونس بن عبيد ... 140هـ
ثابت بن عجلان ... 131-140هـ ... 272
عمارة بن القعقاع ... 131-140هـ ... 274
شمر بن عطية ... 131-140هـ ... 274
أبو عون الأنصاري ... 131-140هـ ... 275
نافع بن مالك ... بعد 140هـ ... 276
عاصم الأحول ... 142هـ
حميد الطويل ... 143هـ
سليمان بن طرخان التيمي ... 143هـ
يحيى بن سعيد ... 143هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
عبدالله بن شبرمة ... 144هـ
مجالد بن سعيد ... 144هـ
موقف السلف من عمرو بن عبيد ... 144هـ
عبدالله بن حسن بن حسن بن علي ... 145هـ
عمر بن محمد بن عبدالله العمري ... 145هـ
محمد بن عبدالله ... 145هـ(1/2)
محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ... 145هـ
الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي ... 145هـ
فضيل بن غزوان ... بضع وأربعون ومائة ... 301
عمرو بن قيس الملائي ... 146هـ
إسماعيل بن أبي خالد ... 146هـ
عوف بن أبي جميلة ... 146هـ
العوام بن حوشب ... 148هـ
ليث بن أبي سليم ... 148هـ
محمد بن أبي ليلى ... 148هـ
سليمان بن مهران الأعمش ... 148هـ
الزبيدي ... 148هـ
جعفر الصادق ... 148هـ
هشام بن حسان ... 148هـ
عبدالله بن يزيد بن هرمز ... 148هـ
أبو حنيفة ... 150هـ
مقاتل بن حيان ... 150هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
ابن جريج ... 150هـ
موقف السلف من ثور بن يزيد القدري ... 150هـ
موقف السلف من محمد بن إسحاق القدري ... 150هـ
مقاتل بن سليمان وموقفه من الجهم ... 150هـ
عبدالله بن عون ... 151هـ ... 342
عميرة بن أبي ناجية ... 153هـ ... -
معمر بن راشد ... 153هـ
موقف السلف من فطر الخشبي الشيعي ... 153هـ
من فضائح الخوارج بإفريقية ... 153هـ
أبو عمرو بن العلاء ... 154هـ
مسعر بن كدام ... 155هـ
حمزة الزيات ... 156هـ
سعيد بن أبي عروبة ... 156هـ
عبد الله بن شوذب ... 156هـ
الأوزاعي ... 157هـ
أمير المؤمنين أبو جعفر المنصور ... 158هـ
زفر بن الهذيل ... 158هـ
ابن أبي ذئب ... 159هـ
عكرمة ... 159هـ
مالك بن مغول ... 159هـ
يونس بن أبي إسحاق ... 159هـ
موقف السلف من ابن أبي رواد المرجئي ... 159هـ
عمران بن مسلم القصير الصوفي ... قبل 160هـ ... 385
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
زائدة بن قدامة ... 160هـ
شعبة بن الحجاج ... 160هـ
الخليل بن أحمد الفراهيدي ... 160هـ
عمار بن سيف الضبي ... بعد 160هـ ... 392
سفيان الثوري ... 161هـ
الإفريقي ... 161هـ
إبراهيم بن أدهم ... 162هـ
أرطأة بن المنذر الألهاني ... 163هـ
ابن الماجشون ... 164هـ
سلام بن أبي مطيع ... 164هـ
معقل بن عبيدالله ... 166هـ
سعيد بن عبدالعزيز ... 167هـ
حماد بن سلمة ... 167هـ
مفضل بن مهلهل ... 167هـ
عبدالرحمن بن شريح ... 167هـ
أبو حمزة السكري ... 167هـ
إبراهيم بن طهمان ... 168هـ
خارجة بن معصب ... 168هـ
عبيدالله بن الحسن العنبري ... 168هـ
موقف السلف من فليح بن سليمان ... 168هـ(1/3)
نافع بن عمر ... 169هـ
المهدي العباسي ... 169هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
موقف السلف من الحسن بن صالح بن حي ... 169هـ
موسى بن محمد (الهادي) ... 170هـ
سلام بن سليمان ... 171هـ
زهير بن معاوية ... 173هـ
نوح بن أبي مريم ... 173هـ
عبدالرحمن بن أبي الزناد ... 174هـ
ابن لهيعة ... 174هـ
الليث بن سعد ... 175هـ
أبو عوانة ... 175هـ
عبدالله بن فروخ ... 175هـ
سعيد بن عبدالرحمن الجمحي ... 176هـ
محمد بن مسلم ... 177هـ
شريك بن عبدالله القاضي ... 177هـ
عتبة الغلام ... 178هـ
محمد بن النضر الحارثي ... 171-180هـ ... 484(1/4)
فهرست الأعلام والمواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
المبتدعة ... المشركون ... الرافضة ... الصوفية ... الجهمية ... الخوارج ... المرجئة ... القدرية
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
مالك بن أنس ... 179هـ ... 1
حماد بن زيد بن درهم ... 179هـ
سلام بن سليم ... 179هـ
مساور الوراق ... من السابعة ... 46
عبدالله بن بكر المزني ... من السابعة ... 48
هارون بن سعد العجلي الكوفي ... من السابعة ... 48
شهاب بن خراش بن حوشب ... قبل 180هـ ... 49
موقف السلف من رابعة العدوية الصوفية ... 180هـ
عبدالله بن المبارك بن واضح ... 181هـ
يزيد بن زريع ... 182هـ
أبو يوسف القاضي ... 182هـ
هشيم بن بشير ... 183هـ
محمد بن السماك ... 183هـ
البهلول بن راشد ... 183هـ
النضر بن محمد ... 183هـ
عبدالله بن مصعب ... 184هـ
موقف السلف من ابن أبي يحيى القدري ... 184هـ
إبراهيم بن سعد ... 185هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
المعافى بن عمران ... 185هـ ... 85
أبو إسحاق الفزاري ... 186هـ
خالد بن الحارث الهجيمي ... 186هـ
بشر بن المفضل الرقاشي ... 186هـ
عباد بن العوام ... 186هـ
عيسى بن يونس ... 187هـ
الفضيل بن عياض ... 187هـ
معتمر بن سليمان ... 187هـ
جرير بن عبدالحميد ... 188هـ
محمد بن الحسن الشيباني ... 189هـ ... 112
عتاب بن بشير ... 190هـ ... 114
موقف السلف من يحيى البرمكي الباطني ... 190هـ ... 115
محمد بن يزيد الواسطي ... 191هـ ... 116
عبدالرحمن بن القاسم ... 191هـ ... 117
عبدالله بن إدريس الأودي ... 192هـ ... 119
إسماعيل بن علية ... 193هـ ... 123
هارون الرشيد ... 193هـ ... 125
شجاع بن أبي نصر ... 193هـ ... 132
عبدالله بن أبي جعفر الرازي ... 193هـ ... 133
مروان بن معاوية الفزاري ... 193هـ ... 133
زياد بن عبدالرحمن شبطون ... 193هـ ... 134
أبو بكر بن عياش ... 194هـ ... 136
حفص بن غِياث ... 194هـ ... 141
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
عمر بن هارون ... 194هـ ... 142
القاسم الجرمي ... 194هـ ... 143
يوسف بن أسباط ... 195هـ ... 144
يحيى بن سليم الطائفي ... 195هـ ... 147
موقف السلف من بشر بن السري ... 195هـ ... 149
أبو معاوية الضرير محمد بن خازم ... 195هـ ... 149
موقف السلف منه لإرجائه ... 195هـ ... 150(1/1)
وكيع بن الجراح ... 196هـ ... 150
معاذ بن معاذ ... 196هـ ... 159
بقية بن الوليد ... 197هـ ... 162
ابن وهب ... 197هـ
يحيى بن سعيد القطان ... 198هـ
سفيان بن عيينة ... 198هـ
عبدالرحمن بن مهدي ... 198هـ
خالد بن سليمان أبو معاذ ... 199هـ
إسحاق بن سليمان الرازي ... 199هـ
موقف السلف من القداح المرجئي ... في حدود 199هـ ... 191
أنس بن عياض ... 200هـ ... 192
يحيى بن سلام ... 200هـ
يعقوب بن موسى ابن أخي معروف الكرخي ... في حدود 200هـ ... 194
موقف السلف من الهجيمي الصوفي القدري ... 200هـ ... 195
علي بن عاصم الواسطي ... 201هـ
حماد بن أسامة الكوفي ... 201هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
ضمرة بن ربيعة الرملي ... 202هـ ... 198
عبدالحميد بن عبدالرحمن الحِماني ... 202هـ
أبو داود الطيالسي ... 203هـ
الحسين بن علي الجعفي ... 203هـ
إبراهيم بن حبيب ... 203هـ
علي الرضى ... 203هـ
زهير البابي ... 204هـ
الشافعي ... 204هـ
شاذ بن يحيى الواسطي ... 204هـ
النضر بن شميل المازني ... 204هـ
معروف الكرخي ... 204هـ ... 237 ... -
عبدالله بن نافع الصائغ ... 206هـ
أبو عمرو الشيباني اللغوي ... 206هـ
يزيد بن هارون ... 206هـ
شبابة بن سوار ... 206هـ
مؤمل بن إسماعيل ... 206هـ
وهب بن جرير ... 206هـ
موقف السلف من ابن عبدالعزيز لإرجائه ... 206هـ
مواقفه ... 206هـ
محمد بن عمر الواقدي ... 207هـ
أبو النضر هاشم بن القاسم ... 207هـ
أبو محمد بشر بن عمر ... 207هـ
محمد بن مصعب ... 208هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
قريش بن أنس ... 208هـ ... 256
سعيد بن عامر الضبعي ... 208هـ
أبو عبيدة معمر بن المثنى ... 208هـ
حفص بن عبدالله السلمي ... 209هـ
عبدالرزاق بن همام الصنعاني ... 211هـ
موسى بن سليمان الجوزجاني ... 211هـ
أبو العتاهية ... 211هـ
المعلى بن منصور ... 211هـ
أسد بن موسى ... 212هـ
عيسى بن دينار ... 212هـ
محمد بن يوسف الفريابي ... 212هـ
أسد بن الفرات ... 213هـ
عبدالملك بن عبدالعزيز بن الماجشون ... 213هـ
إدريس بن إدريس ... 213هـ
عبدالله بن دواد ... 213هـ
أبو سهيل الهيثم بن جميل ... 213هـ
الأسود بن سالم أبو محمد البغدادي ... 213هـ(1/2)
موقف السلف من عبيدالله الشيعي ... 213هـ
عبدالله بن عبدالحكم ... 214هـ
الوليد بن أبان الكرابيسي ... 214هـ
أبو سليمان الداراني ... 215هـ
قبيصة بن عقبة ... 215هـ
عبدالملك بن قريب الأصمعي ... 216هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
حجاج بن منهال الأنماطي ... 217هـ ... 293
أبو مسهر عبدالأعلى ... 218هـ
موقف السلف من بشر المريسي الجهمي ... 218هـ
موقف السلف من المأمون ... 218هـ
عبدالله بن الزبير الحميدي ... 219هـ
أبو الأسود النضر بن عبدالجبار ... 219هـ
عمرو بن الربيع ... 219هـ
هشام بن بهرام ... 219هـ
سليمان بن داود الهاشمي ... 219هـ
الفضل بن دكين ... 219هـ
العتابي ... 219هـ
آدم بن أبي إياس ... 220هـ
عفان بن مسلم ... 220هـ
عبدالله بن مسلمة القعنبي ... 221هـ
هشام بن عبيدالله ... 221هـ
عاصم بن علي ... 221هـ
أحمد بن أبي محرز ... 221هـ
أبو سعيد الحداد ... 221هـ
الحسن بن الربيع ... 221هـ
مسلم بن إبراهيم ... 222هـ
موقف السلف من يحيى بن صالح الوحاظي ... 222هـ
عبدالله بن محمد بن أبي الأسود ... 223هـ
أبو عبيد القاسم بن سلام ... 224هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
ابن أبي مريم ... 224هـ ... 344
سليمان بن حرب ... 224هـ
محمد بن عيسى بن الطباع ... 224هـ
أصبغ بن الفرج ... 225هـ
أبو السري منصور بن عمار ... 225هـ
محمد بن سلام البيكندي ... 225هـ
إبراهيم بن مهدي ... 225هـ
يحيى بن يحيى النيسابوري ... 226هـ
سُنيد ... 226هـ
عبدالله بن أبي حسان اليحصبي ... 226هـ
إسماعيل بن أبي أويس ... 226هـ
محمود الوراق ... خلافة المعتصم ... 361
أحمد بن يونس ... 227هـ
الهيثم بن خارجة ... 227هـ
أبو الوليد الطيالسي ... 227هـ
أبو نصر بشر بن الحارث ... 227هـ
موقف السلف من أبي الهذيل العلاف ... 227هـ
عبدالله بن عبدالله الخراساني ... زمن المعتصم ... 371
المعتصم ... 227هـ
علي بن عثام ... 228هـ
عبدالملك بن عبدالعزيز القشيري ... 228هـ
نعيم بن حماد الخزاعي ... 228هـ
خلف بن هشام ... 229هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
عبدالله بن محمد الجعفي المسندي ... 229هـ ... 385
أحمد بن شبويه ... 230هـ(1/3)
زكريا بن يحيى بن صالح ... 230هـ
الأمير عبدالله بن طاهر ... 230هـ
محمد بن زياد بن الأعرابي ... 231هـ
البويطي ... 231هـ
أحمد بن نصر الخزاعي ... 231هـ
هارون بن معروف ... 231هـ
يوسف بن عدي التيمي ... 232هـ
موقف السلف من النظام المعتزلي ... 232هـ
العباس بن موسى بن مشكويه الهمذاني ... زمن الواثق ... 399
ابن الشحام قاضي الري ... زمن الواثق
موقف السلف من الواثق بالله ... 232هـ
يحيى بن معين ... 233هـ
إبراهيم بن أبي الليث ... 234هـ
محمد بن عبدالله بن نمير ... 234هـ
ابن الرماح ... 234هـ
علي بن المديني ... 234هـ
يحيى بن أيوب ... 234هـ
أبو خيثمة زهير بن حرب ... 234هـ
أبو بكر بن أبي شيبة ... 235هـ
أبو الفضل شجاع بن مخلد ... 235هـ
عبيدالله القواريري ... 235هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
أحمد بن عمر الوكيعي ... 235هـ ... 438
إبراهيم بن محمد بن أبي معاوية ... 236هـ
محمد بن بشير ... 236هـ
أبو إبراهيم الترجماني ... 236هـ
محمد بن مقاتل العباداني ... 236هـ
مصعب الزبيري ... 236هـ
أبو معمر الهذلي ... 236هـ
إبراهيم بن المنذر الحزامي ... 236هـ
سعيد بن رحمة ... 236هـ
إسحاق بن راهويه ... 237هـ
العباس بن الوليد النرسي ... 237هـ
يحيى بن سليمان الجعفي ... 237هـ
ابن حبيب الأندلسي المالكي ... 238هـ
زهير بن عباد ... 238هـ
بشر بن الوليد ... 238هـ
داود بن رشيد الخوارزمي ... 239هـ
عثمان بن أبي شيبة ... 239هـ
إبراهيم بن يوسف ... 239هـ
أبو ثور ... 240هـ
قتيبة بن سعيد ... 240هـ
سحنون ... 240هـ
عبدالعزيز بن يحيى الكناني ... 240هـ
موقف السلف من أحمد بن أبي دؤاد ... 240هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
أبو عبدالرحمن عبدالله بن محمد الجزري ... الطبقة العاشرة ... 505(1/4)
فهرست الأعلام والمواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
المبتدعة ... المشركون ... الرافضة ... الصوفية ... الجهمية ... الخوارج ... المرجئة ... القدرية
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
أحمد بن حنبل ... 241هـ
أبو توبة الحلبي ... 241هـ
الحسن بن حماد (سجادة) ... 241هـ
أبو معاذ خلف بن سليمان ... 241هـ ... -
موقف السلف من ابن عمرو المعتزلي ... 241هـ
إسحاق بن سليمان الجواز ... 241هـ
يحيى بن أكثم التميمي ... 242هـ
الحسن بن علي الحلواني ... 242هـ
محمد بن أسلم الطوسي ... 242هـ
أحمد بن أبي بكر بن الحارث ... 242هـ
محمد بن يحيى العدني ... 243هـ
حارث بن أبي الحارث المحاسبي ... 243هـ
أبو موسى إسحاق بن موسى الخطمي ... 244هـ
محمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب ... 244هـ
أحمد بن منيع البغوي ... 244هـ
أحمد بن حميد المشكاني ... 244هـ
محمد بن أبان حمدويه ... 244هـ
أحمد بن نصر ... 245هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
هشام بن عمار ... 245هـ
أحمد بن عبدة الضبي ... 245هـ
إسحاق بن أبي إسرائيل ... 245هـ
محمد بن سليمان لوين ... 245هـ
ذو النون المصري الصوفي ... 245هـ
أبو تراب النخشبي الصوفي ... 245هـ
أبو عمر الدوري الضرير ... 246هـ
أحمد بن إبراهيم الدورقي ... 246هـ
أحمد بن أبي الحواري الصوفي ... 246هـ
عبدالله بن البسري ... 246هـ
سفيان بن وكيع ... 247هـ
أبو عثمان المازني ... 247هـ
أبو كريب ... 247هـ
الحسين بن عيسى ... 247هـ
أمير المؤمنين جعفر المتوكل ... 247هـ
أحمد بن صالح ... 248هـ
هارون بن موسى القزويني ... 248هـ
الحسين الكرابيسي ... 248هـ
الحسن بن الصباح بن محمد ... 249هـ
عبد بن حميد ... 249هـ
علي بن الجهم ... 249هـ
عبدالوهاب بن عبدالحكم الوراق ... 250هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
الحارث بن مسكين ... 250هـ
البزي ... 250هـ
أحمد بن عمرو ... 250هـ
الرواجني الشيعي عباد بن يعقوب ... 250هـ
محمد بن سهل بن عسكر ... 251هـ
أبو الحسن السري السقطي ... 251هـ
الدورقي ... 252هـ
محمد بن بشار (بندار) ... 252هـ
هارون بن موسى ... 253هـ
خشيش بن أصرم النسائي ... 253هـ
أحمد بن سعيد الدارمي ... 253هـ(1/1)
يوسف بن موسى القطان ... 253هـ
إسحاق بن حنبل أبو يعقوب ... 253هـ
يحيى بن المغيرة المخزومي ... 253هـ
أبو أحمد المرار بن حمويه ... 254هـ
زيادب بن يحيى الحساني ... 254هـ
محمد بن منصور الطوسي ... 254هـ
يحيى بن عثمان الحمصي ... 255هـ
الإمام الدارمي ... 255هـ
موقف السلف من محمد بن كرام ... 255هـ
موقف السلف من الجاحظ المعتزلي ... 255هـ
الإمام البخاري ... 256هـ
المهتدي بالله ... 256هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
علي بن خشرم ... 257هـ
عبدالحميد بن عصام الجرجاني ... 257هـ
الرياشي ... 257هـ
زهير بن محمد بن قمير ... 257هـ
أحمد بن الفرات ... 258هـ
الذهلي ... 258هـ
هارون بن إسحاق الهمذاني ... 258هـ
يحيى بن معاذ الرازي ... 258هـ
الجوزجاني ... 259هـ
أحمد بن سنان ... 259هـ
الحسن بن محمد بن الصباح ... 260هـ
أبو شعيب السوسي ... 261هـ
علي بن إشكاب ... 261هـ
الأثرم ... 261هـ
أحمد بن عبدالله العجلي ... 261هـ
الإمام مسلم ... 261هـ
أبو زيد عمر بن شبة النميري ... 262هـ
موقف السلف من يعقوب بن شيبة ... 262هـ
محمد بن أحمد بن حفص بن الزبرقان ... 264هـ
أبو حفص الحداد الصوفي ... 264هـ
أبو زرعة الرازي ... 264هـ
المزني ... 264هـ
عبدالله بن أيوب المخرمي ... 265هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
علي بن حرب بن محمد ... 265هـ
محمد بن سحنون ... 265هـ
محمد بن عبدالله بن عبدالحكم ... 268هـ
الربيع بن سليمان المرادي ... 270هـ
إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل ... 270هـ
محمد بن إسحاق الصاغاني ... 270هـ
شاه الكرماني الصوفي ... 270هـ
الحسن بن زيد الداعي ... 270هـ
موقف السلف من خبيث الزنج ... 270هـ
أبو الفضل العباس بن محمد الدوري ... 271هـ
محمد بن عبدالرحمن بن الحكم ... 273هـ
حنبل بن إسحاق بن حنبل ... 273هـ
الإمام ابن ماجه ... 273هـ
غلام خليل ... 275هـ
أبو داود السجستاني ... 275هـ
بقي بن مخلد ... 276هـ
القاسم بن محمد البياني ... 276هـ
ابن قتيبة ... 276هـ
ابن أبي العوام ... 276هـ
مصعب بن سعيد أبو خيثمة الضرير ... 277هـ
هشام بن عبيد ... 277هـ
أبوعقيل المروزي ... 277هـ
يعقوب بن سفيان الفسوي ... 277هـ(1/2)
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
أبو حاتم الرازي ... 277هـ
أبو عيسى الترمذي ... 279هـ
موقف السلف من أبي سعيد الخراز ... 279هـ
عثمان بن سعيد الدارمي ... 280هـ
حرب بن إسماعيل الكرماني ... 280هـ
عثمان بن خرزاد ... 281هـ
عبدالجبار بن خالد السرتي ... 281هـ
سهل بن عبدالله التستري الصوفي ... 283هـ
ابن خراش الرافضي ... 283هـ
إبراهيم الحربي ... 285هـ
أحمد بن أصرم ... 285هـ
محمد بن وضاح ... 286هـ
ابن أبي عاصم ... 287هـ
المعتضد بالله ... 289هـ
يحيى بن عمر الكناني ... 289هـ
أبو جعفر حمديس القطان ... 289هـ
موقف السلف من الجنيد ... 289هـ
موقف السلف من أبي حمزة الحلولي ... 289هـ
أبو الآذان ... 290هـ
عبدالله بن الإمام أحمد ... 290هـ
أبو العباس الأبار ... 290هـ
عباد بن بشار ... 290هـ
محمد بن حبيب البزار ... 291هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
البوشنجي ... 291هـ
أبو العباس أحمد بن يحيى (ثعلب) ... 291هـ
إبراهيم الخواص الصوفي ... 291هـ
موقف السلف من القاسم بن عبيدالله الزنديق ... 291هـ
عمرو بن عثمان الصوفي ... 291هـ
صالح بن محمد جزرة ... 293هـ
محمد بن نصر المروزي ... 294هـ
موقف السلف من زكرويه القرمطي ... 294هـ
المكتفي بالله ... 295هـ
الحكم الخزاعي ... 295هـ
محمد بن أحمد الترمذي ... 295هـ
عبدالله بن المعتز ... 296هـ
محمد بن داود الظاهري ... 297هـ
محمد بن أبي شيبة ... 297هـ
محمد بن يحيى المروزي ... 298هـ
أبو عثمان الحيري الصوفي ... 298هـ
موقف السلف من ابن الراوندي الزنديق ... 298هـ
ابن كيسان ... 299هـ
ابن البرذون ... 299هـ
أبو بكر بن هذيل ... 299هـ
جبلة بن حمود بن عبدالرحمن ... 299هـ
إبراهيم بن الحارث العبادي ... الطبقة 12
عبدالله بن محمد صاحب الأندلس ... 300هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
ابن خيرون ... 301هـ
ابن الأخرم ... 301هـ
محمد بن منده ... 301هـ
ابن الحداد المغربي ... 302هـ
أبو زرعة القاضي ... 302هـ
النسائي ... 303هـ
أبو نصر بن سلام ... 305هـ
موقف السلف من الجبائي المعتزلي ... 303هـ
أبو خليفة الفضل بن الحباب ... 305هـ(1/3)
قاسم بن زكريا المطرز ... 305هـ
ابن مجاشع ... 305هـ
عبدان عبدالله بن أحمد بن موسى ... 306هـ
ابن سريج ... 306هـ
أبو يحيى الساجي ... 307هـ
عروس المؤذن ... 307هـ
الحسن بن مفرج ... 309هـ
موقف السلف من الحلاج ... 309هـ(1/4)
فهرست الأعلام والمواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
المبتدعة ... المشركون ... الرافضة ... الصوفية ... الجهمية ... الخوارج ... المرجئة ... القدرية
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
محمد بن جرير الطبري ... 310هـ
أبو بكر الخلال ... 311هـ
محمد بن خزيمة ... 311هـ
أبو إسحاق الزجاج ... 311هـ
السراج ... 313هـ
أبو علي السنجي ... 315هـ
أبو بكر بن أبي داود ... 316هـ ... 62 ... 64 ... 64
أبو الفضل الجارودي الهروي ... 317هـ ... 66
محمد بن محمد بن خالد المعروف بالطرزي ... 317هـ ... 67
محمد بن الفضل البلخي ... 317هـ ... 68
موقف السلف من ابن أبي العزاقر ... 319هـ ... 69
موقف السلف من ابن مسرة ... 319هـ ... 72
المقتدر بالله ... 320هـ ... 73
موقف السلف من الحكيم الترمذي الصوفي ... 320هـ ... 74
أبو جعفر الطحاوي ... 321هـ ... 76
موقف السلف من المهدي الرافضي عبيدالله ... 322هـ ... 82
أبو علي الروذباري الصوفي ... 322هـ ... 85
أبو الحسن الأشعري ... 324هـ ... 86
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
أبو مزاحم الخاقاني ... 325هـ ... 120
عبدالرحمن بن أبي حاتم ... 327هـ ... 121
الإصطخري ... 328هـ ... 123
المرتعش الصوفي ... 328هـ ... 124
الراضي أحمد بن المقتدر ... 329هـ ... 125
الحسن بن علي البربهاري ... 329هـ ... 130
ابن رجاء العكبري ... 329هـ ... 147
أبو بكر الصيرفي ... 330هـ ... 148
الحسين المحاملي ... 330هـ
إسحاق بن محمد النهرجوري الصوفي ... 330هـ
عبدالله بن منازل ... 331هـ
موقف السلف من أبي طاهر سليمان الزنديق ... 332هـ
أبو العرب ... 333هـ
الممسي ... 333هـ
الخرقي ... 334هـ
ربيع القطان أبو سليمان الصوفي ... 334هـ
موقف السلف من القائم بأمر الله ... 334هـ
ابن القاص ... 335هـ
محمد بن أبي المنظور ... 337هـ
النحاس ... 338هـ
موقف السلف من الفارابي الزنديق ... 339هـ
القاهر بالله ... 339هـ
أبو إسحاق المروزي ... 340هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
الحبلي ... 341هـ
أحمد بن إسحاق الصبغي ... 342هـ
أبو محمد عبدالرحمن بن حمدان ... 342هـ
بكر بن محمد القشيري البصري ... 344هـ
محمد بن عبدالواحد أبو عمر ... 345هـ
محمد بن يعقوب بن الأصم ... 346هـ(1/1)
عبدالمؤمن بن خلف النسفي ... 346هـ
ابن الحجام عبدالله بن أبي هشام ... 346هـ
أبو محمد بن عبد البصري المالكي ... 347هـ
أحمد النجاد ... 348هـ
أبو أحمد العسال ... 349هـ
أحمد بن كامل القاضي ... 350هـ
أبو بكر الفارسي ... 350هـ
موقف السلف من ابن سالم الصوفي ... 350هـ
الوزير أبو محمد المهلبي ... 352هـ
موقف السلف من ابن أبي دارم الرافضي ... 352هـ ... - ... -
موقف السلف من ابن الداعي الشيعي ... 353هـ
مسلمة بن القاسم ... 353هـ
موقف السلف من المتنبي ... 354هـ
منذر بن سعيد البلوطي ... 355هـ
ابن شعبان ... 355هـ
موقف السلف من ابن الجعابي ... 355هـ
أبو نصر القاضي ... 356هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
محمد بن أحمد بن حمدان ... 356هـ
معز الدولة ... 356هـ
حامد بن محمد الرفاء ... 356هـ
إبراهيم السبائي ... 356هـ
حمزة بن محمد بن علي ... 357هـ
محارب المحاربي ... 359هـ
محمد بن أحمد الفارسي ... 359هـ
أبو بكر الآجري ... 360هـ
محمد القصاب ... 360هـ
أبو القاسم الطبراني ... 360هـ
أبو بكر عبدالعزيز غلام الخلال ... 363هـ
محمد بن أحمد النابلسي ... 363هـ
موقف السلف من النعمان الباطني العبيدي ... 363هـ
موقف السلف من المعز العبيدي المهدوي ... 365هـ
موقف السلف من النصرآبادي ... 367هـ ... 304 ... -
أبو سعيد السيرافي ... 368هـ
أبو الشيخ ... 369هـ
إبراهيم بن أحمد بن شاقلا ... 369هـ
بشر بن أحمد الإسفارييني ... 370هـ
موقف السلف من أبي بكر الرازي ... 370هـ
الإسماعيلي ... 371هـ
يونس بن سليمان السقاء ... 371هـ
عبدالله بن إسحاق بن التبان ... 371هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
أبو عبدالله بن خفيف الشيرازي الصوفي ... 371هـ
موقف السلف من عضد الدولة الشيعي ... 372هـ
أبو سعيد الربعي ... 373هـ
أبو عثمان المغربي الصوفي ... 373هـ
محمد الملطي ... 377هـ
أبو أحمد الحاكم الكبير ... 378هـ
أحمد بن عون الله ... 378هـ
النسفي ... 380هـ
ابن حيويه أبو عمر ... 382هـ
القلعي أبو محمد عبدالله بن محمد ... 383هـ
أبو حفص بن شاهين ... 385هـ
الصاحب الوزير الكبير ... 385هـ
علي بن عمر الدارقطني ... 385هـ(1/2)
عبدالله بن أبي زيد القيرواني ... 386هـ
موقف السلف من أبي طالب المكي ... 386هـ
ابن بطة العكبري ... 387هـ
سبكتكين ... 387هـ
أبو سليمان الخطابي ... 388هـ
عبيدالله بن عبدالله النضري ... 388هـ
ابن خويزمنداد ... 390هـ
الوليد بن بكر العمري ... 392هـ
ابن أبي شريح ... 392هـ
أبو محمد الأصيلي ... 392هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
ابن أبي عامر ... 393هـ(1/3)
فهرست الأعلام والمواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
المبتدعة ... المشركون ... الرافضة ... الصوفية ... الجهمية ... الخوارج ... المرجئة ... القدرية
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
محمد بن إسحاق بن منده ... 395هـ ... 1
بديع الزمان الهمذاني ... 398هـ
محمد بن أبي زمنين ... 399هـ
موقف السلف من ابن يونس المنجم الكبير ... 399هـ
موقف السلف من أبي حيان التوحيدي ... في حدود 400هـ ... 24
شداد بن إبراهيم ... 401هـ
ابن السوسنجردي ... 402هـ
الهرواني ... 402هـ
إبراهيم بن محمد بن حسين ... 402هـ
ابن الباقلاني ... 403هـ
القابسي ... 403هـ
الخوارزمي ... 403هـ
سهل بن محمد الصعلوكي ... 404هـ
أبو حامد الإسفراييني ... 406هـ
أبو بكر محمد بن موهب المالكي ... 406هـ
ابن خلدون البلوي ... 407هـ
طغان خان ... 408هـ
أبو بكر بن مردويه ... 410هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
موقف السلف من الحاكم العبيدي الرافضي ... 411هـ ... 51
أحمد بن أبي نصر الصوفي ... 412هـ
موقف السلف من محمد السلمي الصوفي ... 412هـ
موقف السلف من الشيخ المفيد الرافضي ... 413هـ
علي بن عيسى ... في حدود 414هـ ... 59
ابن النحاس ... 416هـ
هبة الله اللالكائي ... 418هـ
أبو إسحاق الإسفراييني ... 418هـ
معمر بن أحمد الأصبهاني الصوفي ... 418هـ
موقف السلف من المسبحي الرافضي ... 420هـ
محمود بن سبكتكين ... 421هـ
القاضي عبدالوهاب بن علي البغدادي ... 422هـ
يحيى بن عمار ... 422هـ
القادر بالله ... 422هـ
الفَشيدَيْزَجي ... 424هـ
المنيني ... 426هـ ... -
موقف السلف من الظاهر الرافضي الخبيث ... 427هـ
موقف السلف من ابن سينا الفيلسوف وضلاله ... 428هـ
الحسن بن شهاب أبو علي العكبري ... 428هـ
أبو علي بن أبي موسى الهاشمي ... 428هـ
الإمام الكبير أبو عمر الطلمنكي ... 429هـ
أبو نعيم الأصبهاني ... 430هـ
أبو عمران الفاسي ... 430هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
جعفر المستغفري ... 432هـ
موقف السلف من أبي ذر الهروي ... 434هـ
المهلب بن أحمد بن أسيد ... 435هـ
موقف السلف من المرتضى الرافضي ... 436هـ
مكي بن أبي طالب ... 437هـ
عبدالله بن يوسف الجويني ... 438هـ(1/1)
محمد بن علي الصوري ... 441هـ
القزويني الحربي ... 442هـ
عثمان أبو عمرو الداني ... 444هـ
عبيدالله أبو نصر السجزي ... 444هـ
الحسن الأهوازي ... 446هـ
حكم بن محمد بن حكم بن إفرانك ... 447هـ
موقف السلف من القادسي الرافضي ... 447هـ
أبو عثمان الصابوني ... 449هـ
ابن بطال علي بن خلف ... 449هـ
موقف السلف من أبي العلاء المعري ... 449هـ
أبو القاسم بن المسلمة ... 450هـ
عبدالله بن ياسين ... 451هـ
ابن حزم ... 456هـ
أحداث السنة الثامنة والخمسين بعد الأربعمائة ... 458هـ
الإمام القاضي أبو يعلى ... 458هـ
البيهقي ... 458هـ
السهروردي ... في حدود 458هـ ... 261
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
أبو بكر بن عمر ... 462هـ ... 263
ابن عبدالبر ... 463هـ
الخطيب البغدادي ... 463هـ
القائم بأمر الله ... 467هـ
الداوودي عبدالرحمن بن محمد ... 467هـ
عبيدالله بن محمد بن الحسين الفراء ... 469هـ
أبو منصور الديلمي ... 469هـ
أبوعبدالله محمد بن جعفر الكوفي ... 470هـ
المظفر بن الأفطس ... 470هـ
عبدالرحمن بن منده ... 470هـ
عبدالخالق بن عيسى الشريف ... 470هـ
الملك أقسيس ... 471هـ
سعد بن علي الزنجاني ... 471هـ
ابن البناء ... 471هـ
موقف السلف من ابن العجوز ... 474هـ
أحمد بن علي المقرئ ... 476هـ
أبو الفتح عبدالوهاب بن جلبة ... 476هـ
أبو إسحاق الشيرازي ... 476هـ
عبدالله بن عطاء الهروي ... 476هـ
موقف السلف من البكري الأشعري ... 476هـ
موقف السلف من مسعود بن ناصر ... 477هـ
عبدالملك الجويني ... 478هـ
موقف السلف من مسلم بن قريش ... 478هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
شيخ الإسلام عبدالله بن محمد الهروي ... 481هـ ... 350
موقف المسلمين من فضائح الشيعة ... 482هـ
الحبال ... 482هـ
موقف السلف من أبي منصور الأشعري ... 482هـ
نظام الملك ... 485هـ
أبو الفرج عبدالواحد بن محمد ... 486هـ
هبة الله بن عبدالوارث ... 486هـ
ابن الأخضر ... 486هـ
موقف السلف من صاحب سمرقند ... 487هـ
موقف السلف من المستنصر العبيدي ... 487هـ
الحميدي ... 488هـ
موقف السلف من القزويني المعتزلي ... 488هـ
أبو المظفر السمعاني ... 489هـ
نصر بن إبراهيم ... 490هـ(1/2)
ابن جزلة ... 493هـ
حوادث أربع وتسعين وأربعمائة ... 494هـ
محمد بن الفرج الطلاعي ... 497هـ
السلطان بركياروق ... 498هـ
يوسف بن تاشفين ... 500هـ
السراج ... 500هـ
موقف السلف من أحمد بن غطاش ... 500هـ
الروياني ... 501هـ
الغزالي ... 505هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
المعمر بن علي البغدادي ... 506هـ ... 414
الأبيوردي ... 507هـ
النسيب أبو القاسم ... 508هـ
ابن حمدين ... 508هـ
أبو الخطاب محفوظ بن أحمد ... 510هـ
أبو شجاع صاحب العراق ... 511هـ
ابن عقيل ... 513هـ
موقف السلف من ابن القشيري ... 514هـ(1/3)
فهرست الأعلام والمواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
المبتدعة ... المشركون ... الرافضة ... الصوفية ... الجهمية ... الخوارج ... المرجئة ... القدرية
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
البغوي ... 516هـ
فضائح الباطنية وموقف المسلمين منهم ... 518هـ
موقف السلف من أسعد بن أبي روح الرافضي ... قبل 520هـ
البرسقي ... 520هـ
الطرطوشي ... 520هـ
أبو الوليد بن رشد ... 520هـ
أبو العز القلانسي ... 521هـ
موقف السلف من المهدي بن تومرت ... 524هـ
القاضي محمد بن أبي يعلى الفراء ... 526هـ
تاج الملوك ... 526هـ
أبو الحسن بن الزاغوني ... 527هـ
مَرْدَنيش المغربي ... 527هـ
المسترشد بالله ... 529هـ
أبو جعفر الهمذاني ... 531هـ
محمد بن عبد الملك الكرجي ... 532هـ
إسماعيل بن محمد التيمي الأصبهاني ... 535هـ
محمد بن عبد الباقي البغدادي ... 535هـ
عبدالوهاب بن عبدالواحد الشيرازي ... 536هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
المازري ... 536هـ
الأمير علي بن يوسف بن تاشفين ... 537هـ
عباس صاحب الري ... 541هـ
عبدالله بن علي سبط الخياط ... 541هـ
أبو الحسن الآبنوسي ... 542هـ
ابن عياض المجاهد ... 542هـ
الحسين بن إبراهيم الجوزقاني ... 543هـ
أبو بكر بن العربي ... 543هـ
القاضي عياض ... 544هـ
الشهرستاني ... 549هـ
أبو الفضل بن ناصر ... 550هـ
موقف السلف من أبي مسعود كوتاه الجهمي ... 553هـ
ابن ناجية أحمد بن أبي المعالي ... 554هـ
موقف السلف من علي بن المهدي الخارجي ... 554هـ
موقف السلف من أبي الغارات الرافضي ... 556هـ
يحيى بن سالم العمراني ... 558هـ
ابن هبيرة ... 560هـ
ابن الحطيئة أحمد بن عبدالله ... 560هـ
عبد القادر الجيلي ... 561هـ
ابن الكيزاني ... 562هـ
موقف السلف من العاضد لدين الله الرافضي ... 567هـ
الملك العادل نور الدين محمود ... 569هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
موقف السلف من الحسن بن ضافي الرتكي الرافضي ... 569هـ
موقف السلف من المعبد لغير الله الزنديق ... 569هـ
عضد الدين ... 573هـ
موقف السلف من صدقة بن حسين ... 575هـ
المستضيء بأمر الله ... 575هـ
أبو طاهر السلفي ... 576هـ(1/1)
الإمام السهيلي ... 581هـ
عبد المغيث بن زهير ... 583هـ
ابن أبي عصرون ... 585هـ
ابن صصرى ... 586هـ
موقف السلف من السهروردي الفيلسوف ... 586هـ
نصر بن منصور النميري ... 588هـ
صلاح الدين الأيوبي ... 589هـ
موقف السلف من سنان بن سليمان الباطني ... 589هـ
الشاطبي القاسم بن فيره ... 590هـ
الطالقاني ... 590هـ
يعقوب المنصور ... 595هـ
موقف السلف من ابن رشد الحفيد ... 595هـ
الشهاب الطوسي ... 596هـ
العماد الكاتب ... 597هـ
ابن الجوزي ... 597هـ
لؤلؤ العادلي ... 598هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
أبو الحسن بن نجية ... 599هـ
محمد بن سام الغوري صاحب غزنة ... 599هـ
أبو البركات التكريتي ... 599هـ
أبو محمد اليمني ... من القرن 6
عبد الغني المقدسي ... 600هـ
الغوري شهاب الدين ... 602هـ
فخر الدين الرازي ... 606هـ
أبو عمر بن قدامة ... 607هـ
الأمير صارم الدين برغش ... 608هـ
عبدالجليل القصري ... 608هـ
القاضي إبراهيم بن نصر ... 610هـ
أبو الحسن علي بن الأنجب ... 611هـ
الكندي ... 613هـ
الغزنوي ... 618هـ
عبدالله بن أحمد بن قدامة ... 620هـ
إبراهيم بن عثمان بن درباس ... 622هـ
المعظم عيسى بن محمد ... 624هـ
المنجنيقي ... 626هـ
ابن القطان ... 628هـ
الموفق النحوي ... 629هـ
إدريس بن يعقوب المنصور ... 630هـ
السهروردي ... 630هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
الآمدي ... 631هـ
نصر بن عبدالرزاق ... 633هـ
أبو الخطاب بن دحية ... 633هـ
إسحاق بن محمد العلثي ... 634هـ
الأشرف موسى بن العابد ... 635هـ
موقف السلف من ابن عربي الحاتمي ... 638هـ
موقف السلف من الرفيع الفيلسوف الدهري ... 642هـ
محمد بن عبد الواحد المقدسي ... 643هـ ... 332 ... 334
عبدالله بن محمد الحنبلي ... 643هـ
ابن الصلاح ... 643هـ
أحمد بن عيسى بن قدامة المقدسي ... 643هـ
موقف بدر الدين من ابن عدي الصوفي ... 644هـ
أبو عبد الله الطراز ... 645هـ
موقف السلف من الحريري علي بن أبي الحسن ... 645هـ
يوسف بن خليل ... 648هـ
علي بن محمد الشاري ... 649هـ
موقف السلف من الخونجي ... 649هـ
موقف السلف من سبط ابن الجوزي ... 654هـ
المرسي ... 655هـ(1/2)
موقف السلف من ابن أبي الحديد ... 655هـ
الصرصري ... 656هـ
أبو العباس بن عمر القرطبي ... 656هـ
موقف السلف من ابن العلقمي الرافضي ... 656هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
موقف السلف من يوسف القميني ... 657هـ
الملك المظفر قطز ... 658هـ
الكامل ناصر الدين محمد بن شهاب الدين ... 658هـ
العز بن عبد السلام ... 660هـ
عبدالرزاق الجزري ... 661هـ
أبو البقاء النابلسي ... 663هـ
أبو شامة الدمشقي ... 665هـ
محمد بن أحمد القرطبي ... 671هـ
علي بن وضاح الشهراياني ... 672هـ
النووي ... 676هـ
طه بن إبراهيم الهمذاني ... 677هـ
عبد الساتر بن عبدالحميد الحنبلي ... 679هـ
الصاحب علاء الدين صاحب الديوان ... 681هـ
محمد بن أحمد القسطلاني ... 686هـ
ابن النفيس علي بن أبي الحزم ... 687هـ
إبراهيم بن معاضد ... 687هـ
الأمير نوروز ... 696هـ
هبة الله القفطي ... 697هـ
الدباغ القيرواني ... 699هـ
أبو محمد بن أبي جمرة ... 699هـ
أحمد بن إبراهيم ... 708هـ
مسعود بن أحمد ... 711هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
محمد بن يوسف الجزري ... 711هـ
عماد الدين الحزامي ... 711هـ
أم زينب فاطمة بنت عباس ... 714هـ
موقف السلف من محمد بن الحسن الزنديق ... 717هـ
محمد بن قوام ... 718هـ
محمد بن حنش ... 719هـ
شرف الدين أبو عبدالله بن النجيح ... 723هـ
شهاب الدين بن مري ... كان حيا 725هـ ... 434 ... 435 ... -
موقف السلف من الزنادقة ... 726هـ
شرف الدين بن تيمية ... 727هـ(1/3)
فهرست الأعلام والمواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
المبتدعة ... المشركون ... الرافضة ... الصوفية ... الجهمية ... الخوارج ... المرجئة ... القدرية
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ... 728هـ
تاج الدين الفاكهاني ... 731هـ
إبراهيم بن عمر الجُعبري ... 732هـ
عبدالرحمن القرامزي ... 732هـ
بدر الدين بن جماعة ... 733هـ
ابن سيد الناس ... 734هـ
محمد بن محمد بن الحاج ... 737هـ
السلطان الناصر محمد بن قلاوون ... 741هـ
موقف السلف من الدكاكي الزنديق ... 741هـ
أبو الحجاج جمال الدين المزي ... 742هـ
محمد بن عبدالهادي ... 744هـ
الذهبي ... 748هـ
أبو فارس عبدالعزيز بن محمد ... 750هـ
محمد بن منظور ... 750هـ
العلامة ابن القيم ... 751هـ
عمر بن عمران البلالي ... 754هـ
موقف سلطان الوقت من ابن عبدالمعطي المخرف ... 760هـ
موقف السلف من محمد زبالة الزنديق ... 761هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
موقف السلف من عثمان بن محمد الدقاق الزنديق ... 761هـ
الملك الناصر حسن بن محمد ... 762هـ
جمال الدين بن إدريس الأنباري ... 765هـ
موقف السلف من محمود بن إبراهيم الرافضي ... 766هـ
جمال الدين المسلاتي ... 771هـ
الحافظ ابن كثير ... 774هـ
جمال الدين أبو المظفر يوسف السرمري ... 776هـ
الكرماني محمد بن يوسف ... 786هـ
أبو إسحاق الشاطبي ... 790هـ
الملك الهندي فيروز ... 790هـ
ابن أبي العز الحنفي ... 792هـ
عبدالرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي ... 795هـ
إبراهيم بن داود الآمدي ... 797هـ
محمد بن عرفة ... 803هـ
سراج الدين البلقيني ... 805هـ
الهيثمي ... 807هـ
أحمد الناشري ... 815هـ
أبو زرعة العراقي ... 826هـ
تقي الدين الفاسي ... 832هـ
ابن الجزري ... 833هـ
شرف الدين ابن المقري ... 837هـ
ابن الوزير ... 840هـ
سبط ابن العجمي ... 841هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
ابن ناصر الدين الدمشقي ... 842هـ
تقي الدين المقريزي ... 845هـ
ابن حجر العسقلاني ... 852هـ
الجزولي وضلالُه ... 870هـ
إبراهيم بن عمر البقاعي ... 885هـ
ابن حجر الهيتمي ... 973هـ
الشعراني: ترهاته ومخازيه ... 973هـ(1/1)
علي بن سلطان القاري ... 1014هـ
علي الهيتي ... 1025هـ
مرعي بن يوسف الحنبلي ... 1033هـ
أحمد بن عبدالأحد السرهندي ... 1034هـ ... 563 ... -
أحمد بن عبدالقادر الرومي ... 1041هـ
ابن فقيه فصة ... 1071هـ
ناصر الدين أبو بكر بن أبهم ... 1085هـ
عثمان بن أحمد النجدي ... 1097هـ
إبراهيم بن سليمان الحنفي الأزهري ... 1100هـ
محمد بن حمد الدوسري ... 1175هـ
الأمير محمد بن سعود ... 1179هـ
مربد التميمي وعداوته للدعوة السلفية ... 1181هـ
محمد بن بدر الدين ... 1182هـ
محمد بن إسماعيل الصنعاني ... 1182هـ
أحمد بن مانع التميمي ... 1186هـ
حسين بن مهدي النعمي ... 1187هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
أبو العون السفاريني ... 1188هـ
حسين العشاري ... 1194هـ
محمد بن عبدالعزيز بن سلطان ... القرن الثاني عشر ... 614
ابن صفي الدين البخاري ... 1200هـ
السلطان محمد بن عبدالله ... 1204هـ(1/2)
فهرست الأعلام والمواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
المبتدعة ... المشركون ... الرافضة ... الصوفية ... الجهمية ... الخوارج ... المرجئة ... القدرية
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
محمد بن عبدالوهاب ... 1206هـ
حامد بن محمد بن حسن بن محسن ... أول القرن 13هـ ... 29
محمد بن علي بن غريب ... 1208هـ ... 32
فائز بن يوشع بن عبدالله آل رحمة ... 1215هـ تقريباً ... 33
موقف السلف من ابن فيروز ... 1216هـ
عبدالعزيز بن محمد بن سعود ... 1218هـ
صالح بن محمد الفلاني ... 1218هـ ... 42 ... - ... -
إبراهيم بن عبدالقادر ... 1223هـ ... 43
حمد بن ناصر ... 1225هـ ... 44
حسين بن غنام ... 1225هـ ... 47
التجاني وضلاله ... 1230هـ ... 52
سليمان بن عبدالله آل الشيخ ... 1233هـ ... 68
الحسن بن خالد الحازمي ... 1234هـ ... 75
علي بن محمد السُّويدي ... 1237هـ ... 76
عبدالعزيز بن عبدالله الحصين ... 1237هـ ... 78
السلطان سليمان بن محمد بن عبدالله ... 1238هـ ... 80
عبدالله بن شيخ الإسلام ... 1242هـ ... 91
عبدالعزيز بن حمد آل معمر ... 1244هـ ... 92
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
محمد بن علي الشوكاني ... 1250هـ ... 96
عثمان بن محمد بن أحمد بن سند ... 1250هـ ... 105
الحسن بن علي القنوجي ... 1253هـ ... 106
أحمد الهندي ... 1255هـ ... 107
أحمد بن علي بن أحمد بن دعيج ... 1268هـ ... 107
محمد بن إبراهيم بن محمد السناني ... 1269هـ ... 108
عبدالرحمن بن عبدالله آل الشيخ ... 1274هـ ... 110
عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين ... 1282هـ ... 111
عثمان بن عبدالعزيز بن منصور ... 1282هـ ... 112
أحمد بن علي آل مشرف ... 1285هـ ... 114
عبدالرحمن بن حسن (حفيد الشيخ) ... 1285هـ
عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ ... 1293هـ
حمد بن علي بن عَتِيق ... 1301هـ
محمد بن المدني المستاري ... 1302هـ
سليمان بن علي بن مقبل ... 1304هـ
موقف السلف من أحمد زيني دحلان ... 1304هـ
صديق حسن خان ... 1307هـ
صالح بن محمد بن حمد الشثري ... بعد 1309هـ ... 162
علي بن سالم بن جلعود آل جليدان ... 1310هـ
أحمد بن خالد الناصري ... 1315هـ
مبارك بن مساعد آل مبارك ... 1316هـ تقريباً ... 168
إسحاق بن عبدالرحمن آل الشيخ ... 1319هـ(1/1)
عبدالله بن محمد بن عثمان بن دخيل ... 1324هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
حسن عبدالرحمن السني البحيري المصري ... 1326هـ (1)
محمد السَّهْسَواني ... 1326هـ
أحمد بن إبراهيم بن عيسى ... 1329هـ
إبراهيم بن حمد بن جاسر ... 1329هـ
حسين آل الشيخ ... 1329هـ
إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ ... 1329هـ
جمال الدين القاسمي ... 1332هـ
محمد بن القاسم آل غنيم ... 1335هـ
محمد بن محمود بن عثمان الضالع ... 1337هـ
علي بن سليمان بن حلوة آل يوسف ... 1337هـ
العلامة طاهر الجزائري ... 1338هـ
عبدالله بن محمد بن عبداللطيف آل الشيخ ... 1340هـ
الآلوسي ... 1342هـ ... 204 ... 206
الشيخ بَابَ ... 1342هـ
إسحاق بن حمد بن علي بن عتيق ... 1343هـ
محمد عز الدين القسام ... 1345هـ
عبدالله بن علي بن محمد بن حميد ... 1346هـ
سليمان بن مصلح بن حمدان بن سحمان ... 1349هـ
سعد بن حمد بن عتيق ... 1349هـ
أبو بكر خوقير ... 1349هـ
ناصر بن سعود بن عبدالعزيز شويمي ... 1349هـ
عبدالله السنوسي ... 1350هـ ... 232 ... 233
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
محمد بن عثمان الشاوي ... 1354هـ
عبدالسلام السرغيني ... 1354هـ
السلطان عبدالحفيظ بن الحسن ... 1356هـ
أبو شعيب بن عبدالرحمن الدكالي ... 1356هـ
سليمان بن عبدالعزيز السحيمي ... 1357هـ
عبدالحميد بن باديس ... 1359هـ
عبدالعزيز بن حمد بن علي بن عتيق ... 1359هـ
علي محفوظ ... 1361هـ
مبارك الميلي ... 1364هـ
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ ... 1367هـ
محمد (ابن المؤقت) المراكشي ... 1368هـ
موسى جار الله ... 1369هـ
إبراهيم بن عبدالعزيز السويح ... 1369هـ
محمد بن المهابة ... 1370هـ
محمد عبدالله المدني ... 1371هـ
فوزان السابق ... 1373هـ
عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ... 1373هـ
عبدالله بن عبدالعزيز العنقري ... 1373هـ
فيصل بن عبدالعزيز آل فيصل آل مبارك ... 1373هـ
سيد المختار بن عبدالملك ... 1375هـ
عبدالرحمن بن ناصر السعدي ... 1376هـ
عبدالرحمن الإفريقي ... 1377هـ
أحمد شاكر ... 1377هـ
__________
(1) * لم نعثر على سنة وفاته فأثبتنا سنة طبع رسالته 'الحماسة السنية'.(1/2)
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
حافظ بن أحمد الحكمي ... 1377هـ
حامد الفقي ... 1378هـ
عبد الرحمن الكمالي ... 1379هـ
محمد سلطان المعصومي ... 1380هـ
محمد بن علي بن محمد بن تركي ... 1380هـ
عبدالحفيظ الفاسي ... 1383هـ
محمد بن العربي العلوي ... 1384هـ
عبدالرحمن النتيفي ... 1385هـ
محمد بن عبدالعزيز بن مانع ... 1385هـ
محمد بشير الإبراهيمي ... 1385هـ ... 460 ... 462 ... 463 ... - ... 466 ... 467 ... - ... -
عبدالرحمن المعلمي اليمني ... 1386هـ ... 468 ... - ... 479 ... - ... 484
محمد بن إسماعيل بن محمد بن إبراهيم ... 1387هـ
محمد بن إبراهيم آل الشيخ ... 1389هـ
محب الدين الخطيب ... 1389هـ
عبدالله بن علي بن محمد آل يابس ... 1389هـ
عبدالرحمن الوكيل ... 1390هـ
محمد بن اليمني الناصري ... 1391هـ
عبدالرحمن العاصمي ... 1392هـ
فالح بن مهدي الدوسري ... 1392هـ
محمد بن شهوان بن عبدالله بن شهوان ... 1392هـ(1/3)
فهرست الأعلام والمواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
المبتدعة ... المشركون ... الرافضة ... الصوفية ... الجهمية ... الخوارج ... المرجئة ... القدرية
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
محمد الأمين الشنقيطي ... 1393هـ
محمد الجزولي ... 1393هـ
محمد خليل هراس ... 1395هـ
محمد بهجة البيطار ... 1396هـ
حمد بن مطلق بن إبراهيم الغفيلي ... 1397هـ
صهيب بن محمد الزمزمي الغماري ... بعد 1397هـ ... 61
محمد كنوني المذكوري ... 1398هـ
مبارك بن عبدالمحسن بن باز ... أواخر القرن 14هـ ... 80
محمد أسلم الباكستاني ... حوالي 1400هـ ... 81
عبدالله بن عبد الرحمن بن جاسر ... 1401هـ
عبدالله بن محمد بن حميد ... 1402هـ
يوسف بن عبدالمحسن أبا بطين ... 1403هـ
أحمد الخريصي ... بعد 1403هـ ... 87
أبو عبدالله محمد أعظم الجوندلوي ... 1405هـ
محمد تقي الدين الهلالي ... 1406هـ
إحسان إلهي ظهير ... 1407هـ
عبدالعزيز بن ناصر آل حصنان ... 1408هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
أبو يوسف عبدالرحمن بن عبدالصمد ... 1408هـ
أسامة بن توفيق القصاص ... 1408هـ
محمد جميل غازي ... 1409هـ
عبدالله بن محمد بن الدويش ... 1409هـ
عبدالله كنون ... 1409هـ
الخميني الرافضي الخبيث ... 1409هـ
صالح بن إبراهيم البليهي ... 1410هـ
علي بن عبدالله الحواس ... 1410هـ
جميل الرحمن ... 1412هـ
محمد نسيب الرفاعي ... 1413هـ
حمود بن عبدالله التويجري ... 1413هـ
عبدالله بن محمد بن عبدالله الخليفي ... 1414هـ
ابن تاويت ... 1414هـ ... -
المكي الناصري ... 1414هـ
عبدالرزاق عفيفي ... 1415هـ
شمس الدين الأفغاني ... بعد 1415هـ ... 268
محمد أمان الجامي ... 1416هـ
محمد بهجة الأثري ... 1416هـ
عبدالله بن زيد بن عبدالله آل محمود ... 1417هـ
صالح بن علي بن غصون ... 1419هـ
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ... 1420هـ
محمد ناصر الدين الألباني ... 1420هـ
محمد بن صالح بن عثيمين ... 1421هـ
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... صفحات المواقف
ب ... ش ... ر ... ص ... ج ... خ ... م ... ق
محمود مهدي الإستانبولي ... حوالي 1421هـ ... 469
محمد صفوت الشوادفي ... 1421هـ
مقبل بن هادي الوادعي ... 1422هـ
حمود بن عقلاء الشعيبي ... 1422هـ(1/1)
عبدالله بن عبدالرحمن آل بسام ... 1423هـ
محمد صفوت نور الدين ... 1423هـ
ابن حجر آل بوطامي ... 1423هـ
عبدالسلام بن برجس ... 1425هـ
عبدالقادر الأرناؤوط ... 1425هـ(1/2)
فهرست الأعلام على الترتيب الأبجدي
العلم ... سنة وفاته ... صفحة ... الجزء
حرف الألف
آدم بن أبي إياس ... 220هـ
الآلوسي محمود شكري ... 1342هـ
الآمدي ... 631هـ
إبراهيم بن أحمد السبائي ... 356هـ
إبراهيم بن أحمد بن شاقلا ... 369هـ
إبراهيم بن أدهم ... 162هـ
إبراهيم بن إسحاق الحربي ... 285هـ
إبراهيم التيمي ... 92هـ
إبراهيم بن الحارث العبادي ... الطبقة 12
إبراهيم بن حبيب الأزدي ... 203هـ
إبراهيم بن حمد بن جاسر ... 1329هـ
إبراهيم الخواص الصوفي ... 291هـ
إبراهيم بن داود الآمدي ... 797هـ
إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف ... 185هـ
إبراهيم بن سليمان الحنفي الأزهري ... 1100هـ
إبراهيم بن طهمان ... 168هـ
إبراهيم بن عبدالعزيز السويح ... 1369هـ
إبراهيم بن عبدالقادر الكوكباني ... 1223هـ
إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ ... 1329هـ
إبراهيم بن عثمان بن درباس ... 622هـ
إبراهيم بن عمر البقاعي ... 885هـ
إبراهيم بن عمر الجُعبري ... 732هـ
إبراهيم بن أبي الليث ... 234هـ
إبراهيم بن محمد بن حسين ... 402هـ
إبراهيم بن محمد بن أبي معاوية ... 236هـ
إبراهيم بن معاضد الجعبري ... 687هـ
إبراهيم بن المنذر الحزامي ... 236هـ
إبراهيم بن مهدي المصيصي ... 225هـ
إبراهيم بن ميسرة الطائفي ... 132هـ
إبراهيم بن ميمون الصائغ ... 131هـ
إبراهيم النخعي ... 96هـ
إبراهيم بن هشام المخزومي ... 125هـ
إبراهيم بن يوسف الماكياني ... 239هـ
أبي بن كعب ... 19هـ
الأبيوردي أبو المظفر محمد بن أبي العباس ... 507هـ
الأثرم أبو بكر أحمد بن محمد ... 261هـ
إحسان إلهي ظهير ... 1407هـ
أحمد بن إبراهيم ... 708هـ
أحمد بن إبراهيم الدورقي ... 246هـ
أحمد بن إبراهيم بن عيسى ... 1329هـ
أحمد بن إسحاق الصبغي ... 342هـ
أحمد بن أصرم ... 285هـ
أحمد بن أبي بكر بن الحارث ... 242هـ
أحمد بن حميد المشكاني ... 244هـ
أحمد بن أبي الحواري الصوفي ... 246هـ
أحمد بن خالد الناصري ... 1315هـ
أحمد الخريصي ... بعد 1403هـ
أحمد بن سعيد الدارمي ... 253هـ
أحمد بن سنان ... 259هـ
أحمد شاكر ... 1377هـ
أحمد بن شبويه ... 230هـ
أحمد بن صالح ... 248هـ
أحمد بن عبدالأحد السرهندي ... 1034هـ(1/1)
أحمد بن عبدالقادر الرومي ... 1041هـ
أحمد بن عبدالله العجلي ... 261هـ
أحمد بن عبدة الضبي ... 245هـ
أحمد بن علي آل مشرف ... 1285هـ
أحمد بن علي بن أحمد بن دعيج ... 1268هـ
أحمد بن علي بن الحسين الغزنوي ... 618هـ
أحمد بن علي المقرئ ... 476هـ
أحمد بن عمر الوكيعي ... 235هـ
أحمد بن عمرو ... 250هـ
أحمد بن عون الله ... 378هـ
أحمد بن عيسى بن قدامة المقدسي ... 643هـ
أحمد بن الفرات ... 258هـ
أحمد بن كامل القاضي ... 350هـ
أحمد بن مانع التميمي ... 1186هـ
أحمد بن أبي محرز ... 221هـ
أحمد بن منيع البغوي ... 244هـ
أحمد الناشري ... 815هـ
أحمد النجاد ... 348هـ
أحمد بن نصر الخزاعي ... 231هـ
أحمد بن أبي نصر الصوفي ... 412هـ
أحمد بن نصر النيسابوري ... 245هـ
أحمد الهندي ... 1255هـ
أحمد بن يونس ... 227هـ
الأحنف بن قيس ... 72هـ
إدريس بن إدريس ... 213هـ
إدريس بن يعقوب المنصور ... 630هـ
أرطأة بن المنذر الألهاني ... 163هـ
الأرقم بن أبي الأرقم ... 55هـ
أسامة بن توفيق القصاص ... 1408هـ
إسحاق بن أبي إسرائيل ... 245هـ
إسحاق بن حمد بن علي بن عتيق ... 1343هـ
إسحاق بن حنبل أبو يعقوب ... 253هـ
إسحاق بن راهويه ... 237هـ
إسحاق بن سليمان الجواز ... 241هـ
إسحاق بن سليمان الرازي ... 199هـ
إسحاق بن سويد بن هبيرة ... 131هـ
إسحاق بن عبدالرحمن آل الشيخ ... 1319هـ
إسحاق بن محمد العلثي ... 634هـ
إسحاق بن محمد النهرجوري الصوفي ... 330هـ
أسد بن الفرات ... 213هـ
أسد بن موسى ... 212هـ
إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل ... 270هـ
إسماعيل بن أبي أويس ... 226هـ
إسماعيل بن أبي خالد ... 146هـ
إسماعيل بن عبيدالله ... 131هـ
إسماعيل بن علية ... 193هـ
إسماعيل بن محمد التيمي الأصبهاني ... 535هـ
الإسماعيلي أبو بكر أحمد بن إبراهيم ... 371هـ
الأسود بن سالم أبو محمد البغدادي ... 213هـ
الأشرف موسى بن العابد ... 635هـ
أصبغ بن الفرج ... 225هـ
الإصطخري أبو سعيد الحسن بن أحمد ... 328هـ
الإفريقي عبدالرحمن بن زياد ... 161هـ
الإفريقي عبدالرحمن بن يوسف ... 1377هـ
الإمام أحمد بن حنبل ... 241هـ
الإمام البخاري ... 256هـ
الإمام أبو حنيفة النعمان ... 150هـ
الإمام السهيلي ... 581هـ(1/2)
الإمام الشافعي ... 204هـ
الإمام مالك بن أنس ... 179هـ
الإمام مسلم ... 261هـ
أمير المؤمنين أبو بكر الصديق ... 13هـ
أمير المؤمنين أبو حفص عمر بن الخطاب ... 23هـ
أمير المؤمنين عثمان بن عفان ... 35هـ
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ... 40هـ
أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ... 101هـ
أنس بن سيرين ... 118هـ
أنس بن عياض ... 200هـ
أنس بن مالك ... 92هـ
الأوزاعي عبدالرحمن بن عمرو ... 157هـ
إياس بن معاوية ... 122هـ
أيوب السختياني ... 131هـ
حرف الباء
بَابَ بن محمد أبو محمد ... 1342هـ
بدر الدين بن جماعة ... 733هـ
بديع الزمان الهمذاني ... 398هـ
البراء بن عازب ... 72هـ
البرسقي (الملك أقسنقر) ... 520هـ
بركياروق ... 498هـ
البزي أحمد بن محمد المقرئ ... 250هـ
بشر بن أحمد الإسفراييني ... 370هـ
بشر بن المفضل الرقاشي ... 186هـ
بشر بن الوليد ... 238هـ
البغوي الحسين بن مسعود ... 516هـ
بقي بن مخلد ... 276هـ
بقية بن الوليد ... 197هـ
بكر بن عبدالله المزني ... 108هـ
بكر بن محمد القشيري البصري ... 344هـ
بلال بن رباح ... 20هـ
بلال بن سعد ... 120هـ
البهلول بن راشد ... 183هـ
البوشنجي أبو عبدالله محمد بن إبراهيم العبدي ... 291هـ
البويطي أبو يعقوب يوسف بن يحيى ... 231هـ
البيهقي أبو بكر أحمد بن الحسين ... 458هـ
حرف التاء
تاج الدين الفاكهاني ... 731هـ
تاج الملوك ... 526هـ
تقي الدين الفاسي ... 832هـ
تقي الدين المقريزي ... 845هـ
حرف الثاء
ثابت بن أسلم البناني ... 123هـ
ثابت بن عجلان ... 131-140هـ
حرف الجيم
جابر بن عبد الله ... 78هـ
جبلة بن حمود بن عبدالرحمن ... 299هـ
جبير بن نفير ... 80هـ
جرير بن عبدالحميد ... 188هـ
جرير بن عبدالله ... 51هـ
جعفر الصادق ... 148هـ
جعفر المتوكل ... 247هـ
جعفر المستغفري ... 432هـ
جمال الدين بن إدريس الأنباري ... 765هـ
جمال الدين القاسمي ... 1332هـ
جمال الدين المسلاتي ... 771هـ
جمال الدين أبو المظفر يوسف السرمري ... 776هـ
جميل الرحمن ... 1412هـ
جندب الأزدي ... 36هـ
جندب بن عبد الله البجلي ... 73هـ
الجوزجاني أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب ... 259هـ
الجوزجاني موسى بن سليمان ... 211هـ
حرف الحاء(1/3)
حارث بن أبي الحارث المحاسبي ... 243هـ
الحارث بن مسكين ... 250هـ
حافظ بن أحمد الحكمي ... 1377هـ
حامد الفقي ... 1378هـ
حامد بن محمد بن حسن بن محسن ... أول القرن 13هـ
حامد بن محمد الرفاء ... 356هـ
الحبال أبو إسحاق إبراهيم بن سعد النعماني ... 482هـ
الحبلي أبو عبدالله محمد بن إسحاق ... 341هـ
حبيب بن أبي ثابت ... 119هـ
حجاج بن منهال الأنماطي ... 217هـ
حذيفة بن اليمان ... 36هـ
حرب بن إسماعيل الكرماني ... 280هـ
حسان بن ثابت ... 54هـ
حسان بن عطية ... 120-130هـ
الحسن الأهوازي ... 446هـ
الحسن البصري ... 110هـ
الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي ... 145هـ
الحسن بن الحسن بن علي ... 97هـ
الحسن بن حماد (سجادة) ... 241هـ
الحسن بن خالد الحازمي ... 1234هـ
الحسن بن الربيع ... 221هـ
الحسن بن زيد الداعي ... 270هـ
الحسن بن الصباح بن محمد ... 249هـ
الحسن بن شهاب أبو علي العكبري ... 428هـ
حسن عبدالرحمن السني البحيري المصري ... 1326هـ
الحسن بن علي البربهاري ... 329هـ
الحسن بن علي الحلواني ... 242هـ
الحسن بن علي بن أبي طالب ... 49هـ
الحسن بن علي القنوجي ... 1253هـ
الحسن بن محمد بن الحنفية ... 100هـ
الحسن بن محمد بن الصباح ... 260هـ
الحسن بن مفرج ... 309هـ
الحسن بن وهب ... 104هـ
حسين آل الشيخ ... 1329هـ
الحسين بن إبراهيم الجوزقاني ... 543هـ
حسين العشاري ... 1194هـ
الحسين بن علي ... 61هـ
الحسين بن علي الجعفي ... 203هـ
الحسين بن عيسى ... 247هـ
حسين بن غنام ... 1225هـ
الحسين الكرابيسي ... 248هـ
الحسين المحاملي ... 330هـ
حسين بن مهدي النعمي ... 1187هـ
حفص بن عبدالله السلمي ... 209هـ
حفص بن غِياث ... 194هـ
الحكم الخزاعي ... 295هـ
الحكم بن عتيبة ... 115هـ
حكم بن محمد بن حكم بن إفرانك ... 447هـ
حماد بن أسامة الكوفي ... 201هـ
حماد بن زيد بن درهم ... 179هـ
حماد بن سلمة ... 167هـ
حمد بن علي بن عَتِيق ... 1301هـ
حمد بن مطلق بن إبراهيم الغفيلي ... 1397هـ
حمد بن ناصر ... 1225هـ
حمزة الزيات ... 156هـ
حمزة بن عبد المطلب ... 3هـ
حمزة بن محمد بن علي ... 357هـ
حمود بن عبدالله التويجري ... 1413هـ
حمود بن عقلاء الشعيبي ... 1422هـ
حميد الطويل ... 143هـ(1/4)
الحميدي أبو عبدالله محمد بن أبي نصر الأزدي ... 488هـ
حنبل بن إسحاق بن حنبل ... 273هـ
حنظلة الكاتب ... مات بعد علي
حوادث أربع وتسعين وأربعمائة ... 494هـ
حرف الخاء
خارجة بن معصب ... 168هـ
خالد بن الحارث الهجيمي ... 186هـ
خالد بن سليمان أبو معاذ ... 199هـ
خالد القسري ... 126هـ
خالد بن اللجلاج ... 111-120هـ
خالد بن معدان ... 103هـ
خالد بن الوليد ... 21هـ
خباب بن الأرت ... 37هـ
الخرقي أبو القاسم عمر بن الحسين ... 334هـ
خشيش بن أصرم النسائي ... 253هـ
خصيف بن عبدالرحمن ... 137هـ
الخطيب البغدادي ... 463هـ
خلف بن هشام ... 229هـ
الخليل بن أحمد الفراهيدي ... 160هـ
الخوارزمي أبو بكر محمد بن موسى ... 403هـ
الخوارزمي داود بن رشيد ... 239هـ
خيثمة بن عبد الرحمن ... بعد 80هـ
حرف الدال
الدارمي ... 255هـ
داود بن أبي هند ... 140هـ
الداوودي عبدالرحمن بن محمد ... 467هـ
الدباغ القيرواني أبو زيد عبدالرحمن بن محمد ... 699هـ
دراج أبو السمح ... 126هـ
الدورقي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم ... 252هـ
حرف الذال
ذكوان أبو صالح السمان ... 101هـ
الذهبي ... 748هـ
الذهلي محمد بن يحيى ... 258هـ
ذو النون المصري الصوفي ... 245هـ
حرف الراء
الراضي أحمد بن المقتدر ... 329هـ
الربيع بن خثيم ... 62هـ
الربيع بن سليمان المرادي ... 270هـ
ربيع القطان أبو سليمان الصوفي ... 334هـ
ربيعة بن أبي عبدالرحمن (ربيعة الرأي) ... 136هـ
رجاء بن حيوة ... 112هـ
الروياني أبو المحاسن عبدالواحد بن إسماعيل ... 501هـ
الرياشي أبو الفضل عباس بن الفرج ... 257هـ
حرف الزاي
زائدة بن قدامة ... 160هـ
زادان الضرير ... 82هـ
الزبيدي أبو الهذيل محمد بن الوليد ... 148هـ
الزبير بن العوام ... 36هـ
زفر بن الهذيل ... 158هـ
زكريا بن يحيى بن صالح ... 230هـ
زهير البابي ... 204هـ
زهير بن عباد ... 238هـ
زهير بن محمد بن قمير ... 257هـ
زهير بن معاوية ... 173هـ
زياد بن عبدالرحمن شبطون ... 193هـ
زياد بن يحيى الحساني ... 254هـ
زيد بن أرقم ... 66هـ
زيد بن أسلم ... 136هـ
زيد بن ثابت ... 45هـ
زيد بن الحسن الكندي المقرئ ... 613هـ
زيد بن علي ... 122هـ
حرف السين
سالم بن عبد الله ... 106هـ(1/5)
سبط ابن العجمي ... 841هـ
سبكتكين ... 387هـ
سحنون أبو سعيد التنوخي ... 240هـ
سراج الدين البلقيني ... 805هـ
السراج أبو العباس محمد بن إسحاق ... 313هـ
السراج أبو محمد جعفر بن أحمد القارئ ... 500هـ
سعد بن إبراهيم ... 125هـ
سعد بن حمد بن عتيق ... 1349هـ
سعد بن علي الزنجاني ... 471هـ
سعد بن معاذ ... 5هـ
سعد بن أبي وقاص ... 55هـ
سعيد بن جبير ... 95هـ
سعيد بن جمهان ... 136هـ
سعيد بن رحمة ... 236هـ
سعيد بن زيد ... 51هـ
سعيد بن عامر الضبعي ... 208هـ
سعيد بن عبدالرحمن الجمحي ... 176هـ
سعيد بن عبدالعزيز ... 167هـ
سعيد بن أبي عروبة ... 156هـ
سعيد بن المسيب ... 94هـ
سفيان الثوري ... 161هـ
سفيان بن عيينة ... 198هـ
سفيان بن وكيع ... 247هـ
سفينة أبو عبدالرحمن ... بعد 70هـ
سلام بن سليم ... 179هـ
سلام بن سليمان ... 171هـ
سلام بن أبي مطيع ... 164هـ
سلم بن أحوز ... 130هـ
سلمان الفارسي ... 36هـ
سلمة بن سلامة بن وقش ... 45هـ
سلمة بن كهيل ... 121هـ
سليمان بن حرب ... 224هـ
سليمان بن داود الهاشمي ... 219هـ
سليمان بن طرخان التيمي ... 143هـ
سليمان بن عبدالعزيز السحيمي ... 1357هـ
سليمان بن عبدالله آل الشيخ ... 1233هـ
سليمان بن عبد الملك ... 99هـ
سليمان بن علي بن مقبل ... 1304هـ
سليمان بن محمد بن عبدالله ملك المغرب ... 1238هـ
سليمان بن مصلح بن حمدان بن سحمان ... 1349هـ
سليمان بن مهران الأعمش ... 148هـ
سليمان بن يسار ... 107هـ
سمرة بن جندب ... 58هـ
سُنيد أبو علي حسين بن داود المصيصي ... 226هـ
السهروردي شهاب الدين الصوفي ... 630هـ
السهروردي أبو عمر عثمان بن أبي الحسن ... في حدود 458هـ
سهل بن حنيف ... 38هـ
سهل بن عبدالله التستري الصوفي ... 283هـ
سهل بن محمد الصعلوكي ... 404هـ
سيار أبو الحكم ... 122هـ
سيد المختار بن عبدالملك ... 1375هـ
حرف الشين
شاذ بن يحيى الواسطي ... 204هـ
الشاطبي أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الغرناطي ... 790هـ
الشاطبي القاسم بن فيره ... 590هـ
شاه الكرماني الصوفي ... 270هـ
شبابة بن سوار ... 206هـ
شجاع بن أبي نصر ... 193هـ
شداد بن إبراهيم ... 401هـ
شرحبيل بن السمط ... 40هـ
شرف الدين أبو عبدالله بن النجيح ... 723هـ(1/6)
شرف الدين ابن المقري ... 837هـ
شرف الدين بن تيمية ... 727هـ
شريح القاضي ... 78هـ
شريك بن عبدالله القاضي ... 177هـ
شعبة بن الحجاج ... 160هـ
الشعبي أبو عمر عامر بن شرحبيل ... 104هـ
شقيق بن سلمة ... 82هـ
شمر بن عطية ... 131-140هـ
شمس الدين الأفغاني ... بعد 1415هـ
شهاب بن خراش بن حوشب ... قبل 180هـ
شهاب الدين الغوري ... 602هـ
شهاب الدين بن مري ... كان حيا 725هـ
الشهاب الطوسي ... 596هـ
الشهرستاني ... 549هـ
حرف الصاد
الصاحب علاء الدين صاحب الديوان ... 681هـ
الصاحب الوزير الكبير ... 385هـ
صارم الدين برغش ... 608هـ
صالح بن إبراهيم البليهي ... 1410هـ
صالح بن علي بن غصون ... 1419هـ
صالح بن محمد جزرة ... 293هـ
صالح بن محمد بن حمد الشثري ... بعد 1309هـ
صالح بن محمد الفلاني ... 1218هـ
صديق حسن خان ... 1307هـ
الصرصري أبو زكريا يجيى ين يوسف ... 656هـ
صفوان بن محرز ... 74هـ
صلاح الدين الأيوبي ... 589هـ
صهيب بن محمد الزمزمي الغماري ... بعد 1397هـ
حرف الضاد
الضحاك بن شرحبيل المشرقي ... 111-120هـ
الضحاك بن مزاحم ... 102هـ
ضلالات التجاني ... 1230هـ
ضلالات الجزولي ... 870هـ
ضلالات الخميني الرافضي الخبيث ... 1409هـ
ضلالات الرواجني الشيعي عباد بن يعقوب ... 250هـ
ضلالات الشعراني ومخازيه ... 973هـ
ضلالات مربد التميمي ... 1181هـ
ضمرة بن ربيعة الرملي ... 202هـ
حرف الطاء
الطالقاني أبو الخير أحمد بن إسماعيل ... 590هـ
طاهر الجزائري ... 1338هـ
طاووس ... 106هـ
الطرطوشي أبو بكر محمد بن الوليد ... 520هـ
طغان خان ... 408هـ
طلحة بن عبيدالله بن كريز ... 121-130هـ
طلحة بن عبيد الله أبو محمد التيمي ... 36هـ
طلحة بن مصرف ... 112هـ
طلق بن حبيب ... قبل 100هـ
طه بن إبراهيم الهمذاني ... 677هـ
حرف العين
عائذ بن عمرو ... 61هـ
عاصم الأحول ... 142هـ
عاصم بن علي ... 221هـ
عامر بن سعد البجلي ... من طبقة الذي قبله
عباد بن العوام ... 186هـ
عباد بن بشار ... 290هـ
عبادة بن الصامت ... 34هـ
عبادة بن قرص الليثي ... 41هـ
عبادة بن نسي ... 118هـ
عباس صاحب الري ... 541هـ
العباس بن موسى بن مشكويه الهمذاني ... زمن الواثق
العباس بن الوليد النرسي ... 237هـ(1/7)
عبد بن حميد ... 249هـ
عبدان عبدالله بن أحمد بن موسى ... 306هـ
عبدة بن أبي لبابة ... 127هـ
عبدالجبار بن خالد السرتي ... 281هـ
عبدالجليل القصري ... 608هـ
عبدالحفيظ بن الحسن ملك المغرب ... 1356هـ
عبدالحفيظ الفاسي ... 1383هـ
عبدالحميد بن باديس ... 1359هـ
عبدالحميد بن عبدالرحمن الحِماني ... 202هـ
عبدالحميد بن عصام الجرجاني ... 257هـ
عبدالخالق بن عيسى الشريف ... 470هـ
عبدالرحمن بن أبزى ... بعد 70هـ
عبدالرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي ... 795هـ
عبدالرحمن بن أحمد الكمالي ... 1379هـ
عبدالرحمن بن أبي حاتم ... 327هـ
عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب ... 1285هـ
عبدالرحمن بن أبي الزناد ... 174هـ
عبدالرحمن بن شريح ... 167هـ
عبدالرحمن العاصمي ... 1392هـ
عبدالرحمن بن عبدالله آل الشيخ ... 1274هـ
عبدالرحمن بن عبدالله بن سابط ... 118هـ
عبدالرحمن بن عوف ... 32هـ
عبدالرحمن بن القاسم ... 191هـ
عبدالرحمن القرامزي ... 732هـ
عبدالرحمن بن أبي ليلى ... 83هـ
عبدالرحمن المعلمي اليمني ... 1386هـ
عبدالرحمن بن منده ... 470هـ
عبدالرحمن بن مهدي ... 198هـ
عبدالرحمن بن ناصر السعدي ... 1376هـ
عبدالرحمن النتيفي ... 1385هـ
عبدالرحمن الوكيل ... 1390هـ
عبدالرحمن بن يزيد أبو بكر ... 83هـ
عبدالرزاق الجزري ... 661هـ
عبدالرزاق عفيفي ... 1415هـ
عبدالرزاق بن همام الصنعاني ... 211هـ
عبدالساتر بن عبدالحميد الحنبلي ... 679هـ
عبدالسلام بن برجس ... 1425هـ
عبدالسلام السرغيني ... 1354هـ
عبدالعزيز بن حمد آل معمر ... 1244هـ
عبدالعزيز بن حمد بن علي بن عتيق ... 1359هـ
عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ... 1373هـ
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ... 1420هـ
عبدالعزيز بن عبدالله الحصين ... 1237هـ
عبدالعزيز بن عبدالله بن الماجشون ... 164هـ
عبدالعزيز بن محمد بن سعود ... 1218هـ
عبدالعزيز بن ناصر آل حصنان ... 1408هـ
عبدالعزيز بن يحيى الكناني ... 240هـ
عبدالغني المقدسي ... 600هـ
عبدالقادر الأرناؤوط ... 1425هـ
عبدالقادر الجيلي ... 561هـ
عبدالكريم بن مالك الجزري ... 127هـ
عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ ... 1293هـ
عبدالله بن أحمد بن حنبل ... 290هـ(1/8)
عبدالله بن أحمد بن قدامة ... 620هـ
عبدالله بن إدريس الأودي ... 192هـ
عبدالله بن إسحاق بن التبان ... 371هـ
عبدالله بن أيوب المخرمي ... 265هـ
عبدالله بن أبي أوفى ... 87هـ
عبدالله بن بسر ... 88هـ
عبدالله بن البسري ... 246هـ
عبدالله بن بكر المزني ... من السابعة
عبدالله بن جعفر ... 80هـ
عبدالله بن أبي جعفر الرازي ... 193هـ
عبدالله بن حبيب ... 74هـ
عبدالله بن حذافة ... في خلافة عثمان
عبدالله بن حسن بن حسن بن علي ... 145هـ
عبدالله بن أبي حسان اليحصبي ... 226هـ
عبدالله بن خباب بن الأرت ... 37هـ
عبدالله بن دواد ... 213هـ
عبدالله بن الديلمي ... 100هـ
عبدالله بن الزبير ... 73هـ
عبدالله بن الزبير الحميدي ... 219هـ
عبدالله بن زيد بن عبدالله آل محمود ... 1417هـ
عبدالله بن أبي زيد القيرواني ... 386هـ
عبدالله بن سلام ... 43هـ
عبدالله بن أبي سلمة العمري ... 106هـ
عبدالله السنوسي ... 1350هـ
عبدالله بن شبرمة ... 144هـ
عبدالله بن شوذب ... 156هـ
عبدالله بن طاهر ... 230هـ
عبدالله بن طاووس ... 132هـ
عبدالله بن عباس ... 68هـ
عبدالله بن عبدالحكم ... 214هـ
عبدالله بن عبدالرحمن آل بسام ... 1423هـ
عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين ... 1282هـ
عبدالله بن عبدالرحمن بن جاسر ... 1401هـ
عبدالله بن عبدالعزيز العنقري ... 1373هـ
عبدالله بن عبدالله الخراساني ... زمن المعتصم
عبدالله بن عبيد بن عمير ... 113هـ
عبدالله بن عتبة بن مسعود ... 73هـ
عبدالله بن عطاء الهروي ... 476هـ
عبدالله بن علي سبط الخياط ... 541هـ
عبدالله بن علي بن محمد آل يابس ... 1389هـ
عبدالله بن علي بن محمد بن حميد ... 1346هـ
عبدالله بن عمر ... 73هـ
عبدالله بن عمرو بن العاص ... 65هـ
عبدالله بن عون ... 151هـ
عبدالله بن فروخ ... 175هـ
عبدالله بن أبي قتادة ... 95هـ
عبدالله كنون ... 1409هـ
عبدالله بن المبارك بن واضح ... 181هـ
عبدالله بن محيريز ... 99هـ
عبدالله بن مسعود ... 32هـ
عبدالله بن مغفل ... 57هـ
عبدالله بن أبي مليكة ... 117هـ
عبدالله بن المعتز ... 296هـ
عبدالله بن محمد بن أبي الأسود ... 223هـ
عبدالله بن محمد الجعفي المسندي ... 229هـ(1/9)
عبدالله بن محمد بن حميد ... 1402هـ
عبدالله بن محمد الحنبلي ... 643هـ
عبدالله بن محمد بن الدويش ... 1409هـ
عبدالله بن محمد صاحب الأندلس ... 300هـ
عبدالله بن محمد بن عبداللطيف آل الشيخ ... 1340هـ
عبدالله بن محمد بن عبدالله الخليفي ... 1414هـ
عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب ... 1242هـ
عبدالله بن محمد بن عثمان بن دخيل ... 1324هـ
عبدالله بن محمد الهروي ... 481هـ
عبدالله بن مسلمة القعنبي ... 221هـ
عبدالله بن مصعب ... 184هـ
عبدالله بن منازل ... 331هـ
عبدالله بن نافع الصائغ ... 206هـ
عبدالله بن ياسين ... 451هـ
عبدالله بن يزيد بن هرمز ... 148هـ
عبدالله بن يوسف الجويني ... 438هـ
عبدالمجيد بن عبدالعزيز بن أبي رواد ... 206هـ
عبدالمغيث بن زهير ... 583هـ
عبدالملك الجويني ... 478هـ
عبدالملك بن عبدالعزيز القشيري ... 228هـ
عبدالملك بن عبدالعزيز بن الماجشون ... 213هـ
عبدالملك بن قريب الأصمعي ... 216هـ
عبدالملك بن مروان ... 86هـ
عبدالمؤمن بن خلف النسفي ... 346هـ
عبدالوهاب بن عبدالحكم الوراق ... 250هـ
عبدالوهاب بن عبدالواحد الشيرازي ... 536هـ
عبيد بن عمير ... 74هـ
عبيدالله بن الحسن العنبري ... 168هـ
عبيدالله بن عبدالله النضري ... 388هـ
عبيدالله القواريري ... 235هـ
عبيدالله بن محمد بن الحسين الفراء ... 469هـ
عبيدالله أبو نصر السجزي ... 444هـ
عبيدة السلماني ... 72هـ
عتاب بن بشير ... 190هـ
العتابي أبو عمرو كلثوم بن عمرو الشاعر ... 219هـ
عتبة الغلام ... 178هـ
عثمان بن أحمد النجدي ... 1097هـ
عثمان بن خرزاد ... 281هـ
عثمان بن سعيد الدارمي ... 280هـ
عثمان بن أبي شيبة ... 239هـ
عثمان بن عبدالعزيز بن منصور ... 1282هـ
عثمان أبو عمرو الداني ... 444هـ
عثمان بن محمد بن أحمد بن سند ... 1250هـ
عدي بن حاتم ... 68هـ
عروة بن الزبير ... 93هـ
عروس المؤذن ... 307هـ
العز بن عبد السلام ... 660هـ
عضد الدين أبو الفرج محمد بن عبدالله ... 573هـ
عطاء الخراساني ... 135هـ
عطاء بن أبي رباح ... 115هـ
عطاء بن السائب ... 136هـ
عطاء بن يسار ... 94هـ
عطية بن قيس ... 121هـ
عفان بن مسلم ... 220هـ
عقبة بن عامر الجهني ... 58هـ
عكرمة بن أبي جهل ... 13هـ(1/10)
عكرمة بن عمار ... 159هـ
عكرمة مولى ابن عباس ... 105هـ
العلاء بن زياد ... 94هـ
علقمة بن قيس ... 62هـ
علي بن إشكاب ... 261هـ
علي بن الجهم ... 249هـ
علي بن حرب بن محمد ... 265هـ
علي بن الحسين ... 93هـ
علي بن خشرم ... 257هـ
علي الرضى ... 203هـ
علي بن زيد بن جدعان ... 131هـ
علي بن سالم بن جلعود آل جليدان ... 1310هـ
علي بن سلطان القاري ... 1014هـ
علي بن سليمان بن حلوة آل يوسف ... 1337هـ
علي بن عاصم الواسطي ... 201هـ
علي بن عبدالله الحواس ... 1410هـ
علي بن عبدالله بن عباس ... 118هـ
علي بن عثام ... 228هـ
علي بن عمر الدارقطني ... 385هـ
علي بن عيسى ... في حدود 414هـ
علي محفوظ ... 1361هـ
علي بن محمد السُّويدي ... 1237هـ
علي بن محمد الشاري ... 649هـ
علي بن المديني ... 234هـ
علي الهيتي ... 1025هـ
علي بن وضاح الشهراياني ... 672هـ
علي بن يوسف بن تاشفين ... 537هـ
عماد الدين الحزامي ... 711هـ
العماد الكاتب ... 597هـ
عمار بن سيف الضبي ... بعد 160هـ
عمار بن ياسر ... 37هـ
عمارة بن القعقاع ... 131-140هـ
عمر بن عمران البلالي ... 754هـ
عمر بن محمد بن عبدالله العمري ... 145هـ
عمر بن هارون الثقفي ... 194هـ
عمران بن حصين ... 52هـ
عمران بن مسلم القصير الصوفي ... قبل 160هـ
عمرو بن أمية ... قبل 60هـ
عمرو بن الربيع ... 219هـ
عمرو بن دينار ... 126هـ
عمرو بن العاص ... 43هـ
عمرو بن عثمان الصوفي ... 291هـ
عمرو بن قيس الملائي ... 146هـ
عمرو بن ميمون ... 74هـ
عمير بن حبيب بن خماشة ... بايع تحت الشجرة
عميرة بن أبي ناجية ... 153هـ
عوف بن أبي جميلة ... 146هـ
عون بن عبدالله ... 116هـ
العوام بن حوشب ... 148هـ
عيسى بن دينار ... 212هـ
عيسى بن يونس ... 187هـ
حرف الغين
الغزالي أبو حامد ... 505هـ
غضيف بن الحارث ... 80هـ
غلام خليل ... 275هـ
حرف الفاء
فائز بن يوشع بن عبدالله آل رحمة ... 1215هـ تقريباً
فالح بن مهدي الدوسري ... 1392هـ
فخر الدين الرازي ... 606هـ
الفَشيدَيْزَجي ... 424هـ
فضائح الباطنية وموقف المسلمين منهم ... 518هـ
فضالة بن عبيد ... 53هـ
الفضل بن دكين ... 219هـ
الفضيل بن عياض ... 187هـ
فضيل بن غزوان ... بضع وأربعون ومائة ... 301
فضيل بن فضالة ... 101-110هـ(1/11)
فوزان السابق ... 1373هـ
فيصل بن عبدالعزيز آل فيصل آل مبارك ... 1373هـ
حرف القاف
القائم بأمر الله ... 467هـ
القابسي ... 403هـ
القادر بالله ... 422هـ
القاسم الجرمي ... 194هـ
قاسم بن زكريا المطرز ... 305هـ
القاسم بن عبيدالله ... في حدود 130هـ
القاسم بن محمد ... 106هـ
القاسم بن محمد البياني ... 276هـ
القاسم بن مخيمرة ... 100هـ
القاضي إبراهيم بن نصر ... 610هـ
القاضي عبدالوهاب بن علي البغدادي ... 422هـ
القاضي عياض ... 544هـ
القاضي محمد بن أبي يعلى الفراء ... 526هـ
القاضي أبو يعلى ... 458هـ
القاهر بالله ... 339هـ
قبيصة بن عقبة ... 215هـ
قتادة بن دعامة ... 117هـ
قتيبة بن سعيد ... 240هـ
قريش بن أنس ... 208هـ
القزويني الحربي ... 442هـ
القلعي أبو محمد عبدالله بن محمد ... 383هـ
حرف الكاف
الكامل ناصر الدين محمد بن شهاب الدين ... 658هـ
الكرماني محمد بن يوسف ... 786هـ
كعب الأحبار ... 34هـ
كعب بن مالك ... 50هـ
حرف اللام
لؤلؤ العادلي ... 598هـ
لبيد بن ربيعة العامري ... 41هـ
الليث بن سعد ... 175هـ
ليث بن أبي سليم ... 148هـ
حرف الميم
المازري أبو عبدالله محمد بن علي التيمي ... 536هـ
مالك بن دينار ... 130هـ
مالك بن أبي عامر الأصبحي ... 74هـ
مالك بن مغول ... 159هـ
مبارك بن عبدالمحسن بن باز ... أواخر القرن 14هـ
مبارك بن مساعد آل مبارك ... 1316هـ تقريباً
مبارك الميلي ... 1364هـ
مجالد بن سعيد ... 144هـ
مجالد بن مسعود ... 40هـ
مجاهد بن جبر ... 101هـ
محارب بن دثار ... 116هـ
محارب المحاربي ... 359هـ
محب الدين الخطيب ... 1389هـ
محمد بن أبان حمدويه ... 244هـ
محمد بن إبراهيم آل الشيخ ... 1389هـ
محمد بن إبراهيم بن محمد السناني ... 1269هـ
محمد بن أحمد الترمذي ... 295هـ
محمد بن أحمد بن حفص بن الزبرقان ... 264هـ
محمد بن أحمد بن حمدان ... 356هـ
محمد بن أحمد أبو عبدالله القرطبي ... 671هـ
محمد بن أحمد الفارسي ... 359هـ
محمد بن أحمد القسطلاني ... 686هـ
محمد بن أحمد النابلسي ... 363هـ
محمد بن إسحاق الصاغاني ... 270هـ
محمد بن إسحاق بن منده ... 395هـ
محمد أسلم الباكستاني ... حوالي 1400هـ
محمد بن أسلم الطوسي ... 242هـ(1/12)
محمد بن إسماعيل الصنعاني ... 1182هـ
محمد بن إسماعيل بن محمد بن إبراهيم ... 1387هـ
محمد أمان الجامي ... 1416هـ
محمد الأمين الشنقيطي ... 1393هـ
محمد بن بدر الدين ... 1182هـ
محمد بن بشار (بندار) ... 252هـ
محمد بن بشير ... 236هـ
محمد بشير الإبراهيمي ... 1385هـ
محمد بهجة الأثري ... 1416هـ
محمد بهجة البيطار ... 1396هـ
محمد تقي الدين الهلالي ... 1406هـ
محمد بن جرير الطبري ... 310هـ
محمد الجزولي ... 1393هـ
محمد جميل غازي ... 1409هـ
محمد بن حبيب البزار ... 291هـ
محمد بن الحسن الشيباني ... 189هـ
محمد بن حمد الدوسري ... 1175هـ
محمد بن حنش ... 719هـ
محمد بن خزيمة ... 311هـ
محمد خليل هراس ... 1395هـ
محمد بن داود الظاهري ... 297هـ
محمد بن أبي زمنين ... 399هـ
محمد بن زياد بن الأعرابي ... 231هـ
محمد بن سام الغوري صاحب غزنة ... 599هـ
محمد بن سحنون ... 265هـ
محمد بن سعد بن أبي وقاص ... 82هـ
محمد بن سعود ... 1179هـ
محمد سلطان المعصومي ... 1380هـ
محمد بن سلام البيكندي ... 225هـ
محمد بن سليمان لوين ... 245هـ
محمد بن السماك ... 183هـ
محمد السَّهْسَواني ... 1326هـ
محمد بن سهل بن عسكر ... 251هـ
محمد بن سيرين ... 110هـ
محمد بن شهاب الزهري ... 124هـ
محمد بن شهوان بن عبدالله بن شهوان ... 1392هـ
محمد بن أبي شيبة ... 297هـ
محمد بن صالح بن عثيمين ... 1421هـ
محمد صفوت الشوادفي ... 1421هـ
محمد صفوت نور الدين ... 1423هـ
محمد بن عبدالباقي البغدادي ... 535هـ
محمد بن عبدالرحمن بن الحكم ... 273هـ
محمد بن عبدالعزيز بن سلطان ... القرن الثاني عشر
محمد بن عبدالعزيز بن مانع ... 1385هـ
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ ... 1367هـ
محمد بن عبدالله بن حسن الهاشمي ... 145هـ
محمد بن عبدالله بن عبدالحكم ... 268هـ
محمد بن عبدالله بن عمرو بن عثمان ... 145هـ
محمد عبدالله المدني ... 1371هـ
محمد بن عبدالله ملك المغرب ... 1204هـ
محمد بن عبدالله بن نمير ... 234هـ
محمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب ... 244هـ
محمد بن عبدالملك الكرجي ... 532هـ
محمد بن عبدالهادي ... 744هـ
محمد بن عبدالواحد أبو عمر ... 345هـ
محمد بن عبدالواحد المقدسي ... 643هـ(1/13)
محمد بن عبدالوهاب ... 1206هـ
محمد بن عثمان الشاوي ... 1354هـ
محمد بن العربي العلوي ... 1384هـ
محمد بن عرفة ... 803هـ
محمد عز الدين القسام ... 1345هـ
محمد بن علي بن الحسين أبو جعفر الباقر ... 114هـ
محمد بن علي بن الحنفية ... 81هـ
محمد بن علي الشوكاني ... 1250هـ
محمد بن علي بن غريب ... 1208هـ
محمد بن علي بن محمد بن تركي ... 1380هـ
محمد بن عمر الواقدي ... 207هـ
محمد بن عيسى بن الطباع ... 224هـ
محمد بن الفرج الطلاعي ... 497هـ
محمد بن الفضل البلخي ... 317هـ
محمد بن القاسم آل غنيم ... 1335هـ
محمد القصاب ... 360هـ
محمد بن قوام ... 718هـ
محمد بن كعب القرظي ... 120هـ
محمد كنوني المذكوري ... 1398هـ
محمد بن أبي ليلى ... 148هـ
محمد بن محمد بن الحاج ... 737هـ
محمد بن محمد بن خالد المعروف بالطرزي ... 317هـ
محمد بن محمود بن عثمان الضالع ... 1337هـ
محمد بن المدني المستاري ... 1302هـ
محمد بن مسلم ... 177هـ
محمد بن مسملة ... 43هـ
محمد بن مصعب ... 208هـ
محمد بن مقاتل العباداني ... 236هـ
محمد الملطي ... 377هـ
محمد بن أبي المنظور ... 337هـ
محمد بن منده ... 301هـ
محمد بن منصور الطوسي ... 254هـ
محمد بن منظور ... 750هـ
محمد بن المهابة ... 1370هـ
محمد ناصر الدين الألباني ... 1420هـ
محمد نسيب الرفاعي ... 1413هـ
محمد بن نصر المروزي ... 294هـ
محمد بن النضر الحارثي ... 171-180هـ
محمد بن وضاح ... 286هـ
محمد بن يحيى العدني ... 243هـ
محمد بن يحيى المروزي ... 298هـ
محمد بن يزيد الواسطي ... 191هـ
محمد بن يعقوب بن الأصم ... 346هـ
محمد بن اليمني الناصري ... 1391هـ
محمد بن يوسف الجزري ... 711هـ
محمد بن يوسف الفريابي ... 212هـ
محمود بن سبكتكين ... 421هـ
محمود مهدي الإستانبولي ... حوالي 1421هـ
محمود الوراق ... خلافة المعتصم
المرتعش الصوفي ... 328هـ
مَرْدَنيش المغربي ... 527هـ
المُرسي أبو عبدالله محمد بن عبدالله السلمي ... 655هـ
مرعي بن يوسف الحنبلي ... 1033هـ
مروان بن معاوية الفزاري ... 193هـ
المزني أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى ... 264هـ
مساور الوراق ... من السابعة
المسترشد بالله ... 529هـ
المستضيء بأمر الله ... 575هـ
مسروق بن الأجدع ... 62هـ(1/14)
مسعر بن كدام ... 155هـ
مسعود بن أحمد ... 711هـ
مسلم بن إبراهيم ... 222هـ
مسلم بن يسار ... 101هـ
مسلمة بن القاسم ... 353هـ
المسيب بن رافع الأسدي ... 105هـ
مصعب الزبيري ... 236هـ
مصعب بن الزبير ... 72هـ
مصعب بن سعد ... 103هـ
مصعب بن سعيد أبو خيثمة الضرير ... 277هـ
مطر بن طهمان ... 125هـ
مطرف بن عبد الله ... 95هـ
المظفر بن الأفطس ... 470هـ
معاذ بن جبل ... 18هـ
معاذ بن عفراء ... خلافة علي
معاذ بن عمرو بن الجموح ... في خلافة عثمان
معاذ بن معاذ ... 196هـ
المعافى بن عمران ... 185هـ
معاوية بن أبي سفيان ... 60هـ
معاوية بن قرة ... 113هـ
المعتصم ... 227هـ
المعتضد بالله ... 289هـ
معتمر بن سليمان ... 187هـ
معروف الكرخي ... 204هـ
معز الدولة أحمد بن أبي شجاع ... 356هـ
المعظم عيسى بن محمد ... 624هـ
معقل بن عبيدالله ... 166هـ
معقل بن قيس ... 43هـ
المعلى بن منصور ... 211هـ
معمر بن أحمد الأصبهاني الصوفي ... 418هـ
معمر بن راشد ... 153هـ
المعمر بن علي البغدادي ... 506هـ
المغيرة بن شعبة ... 50هـ
مغيرة بن مقسم ... 136هـ
مفضل بن مهلهل ... 167هـ
مقاتل بن حيان ... 150هـ
مقاتل بن سليمان المشبه ... 150هـ
مقبل بن هادي الوادعي ... 1422هـ
المقتدر بالله ... 320هـ
المقداد بن الأسود الكندي ... 33هـ
المكتفي بالله ... 295هـ
مكحول ... 116هـ
مكي بن أبي طالب ... 437هـ
المكي الناصري ... 1414هـ
الملك أقسيس ... 471هـ
الملك العادل نور الدين محمود ... 569هـ
الملك المظفر قطز ... 658هـ
الملك الناصر حسن بن محمد ... 762هـ
الملك الهندي فيروز ... 790هـ
الممسي أبو الفضل العباس بن عيسى ... 333هـ
المنجنيقي أبو يوسف يعقوب بن صابر ... 626هـ
منذر بن سعيد البلوطي ... 355هـ
منصور بن المعتمر ... 132هـ ... 2
من فضائح الخوارج بإفريقية ... 153هـ
المنيني أبو بكر محمد بن رزق الله المقرئ ... 426هـ
المهتدي بالله ... 256هـ
المهدي العباسي ... 169هـ
المهلب بن أحمد بن أسيد ... 435هـ
المهلب بن أبي صفرة ... 82هـ
مورق العجلي ... 108هـ
موسى جار الله ... 1369هـ
موسى بن محمد (الهادي) ... 170هـ
الموفق النحوي ... 629هـ
مؤمل بن إسماعيل ... 206هـ
ميمون بن مهران ... 117هـ
موقف بدر الدين من ابن عدي الصوفي ... 644هـ(1/15)
موقف سلطان الوقت من ابن عبدالمعطي المخرف ... 760هـ
موقف السلف من أحمد بن أبي دؤاد ... 240هـ
موقف السلف من أحمد زيني دحلان ... 1304هـ
موقف السلف من أحمد بن غطاش ... 500هـ
موقف السلف من أسعد بن أبي روح الرافضي ... قبل 520هـ
موقف السلف من بشر بن السري ... 195هـ
موقف السلف من بشر المريسي الجهمي ... 218هـ
موقف السلف من أبي بكر الرازي ... 370هـ
موقف السلف من البكري الأشعري ... 476هـ
موقف السلف من ثور بن يزيد القدري ... 150هـ
موقف السلف من الجاحظ المعتزلي ... 255هـ
موقف السلف من الجبائي المعتزلي ... 303هـ
موقف السلف من ابن الجعابي ... 355هـ
موقف السلف من الجنيد ... 289هـ
موقف السلف من الجهم بن صفوان ... 128هـ
موقف السلف من الحاكم العبيدي الرافضي ... 411هـ
موقف السلف من ابن أبي الحديد ... 655هـ
موقف السلف من الحريري علي بن أبي الحسن ... 645هـ
موقف السلف من الحسن بن صالح بن حي ... 169هـ
موقف السلف من الحسن بن ضافي الرتكي الرافضي ... 569هـ
موقف السلف من ابن حطان ... 84هـ
موقف السلف من الحكيم الترمذي الصوفي ... 320هـ
موقف السلف من الحلاج ... 309هـ
موقف السلف من أبي حمزة الحلولي ... 289هـ
موقف السلف من أبي حيان التوحيدي ... في حدود 400هـ
موقف السلف من خبيث الزنج ... 270هـ
موقف السلف من الخونجي ... 649هـ
موقف السلف من ابن أبي دارم الرافضي ... 352هـ
موقف السلف من ابن الداعي الشيعي ... 353هـ
موقف السلف من الدكاكي الزنديق ... 741هـ
موقف السلف من أبي ذر الهروي ... 434هـ
موقف السلف من ذر الهمداني ... قبل 100هـ
موقف السلف من رابعة العدوية الصوفية ... 180هـ
موقف السلف من ابن الراوندي الزنديق ... 298هـ
موقف السلف من ابن رشد الحفيد ... 595هـ
موقف السلف من الرفيع الفيلسوف الدهري ... 642هـ
موقف السلف من ابن أبي رواد المرجئي ... 159هـ
موقف السلف من زكرويه القرمطي ... 294هـ
موقف السلف من الزنادقة ... 726هـ
موقف السلف من ابن سالم الصوفي ... 350هـ
موقف السلف من سبط ابن الجوزي ... 654هـ
موقف السلف من أبي سعيد الخراز ... 279هـ(1/16)
موقف السلف من سنان بن سليمان الباطني ... 589هـ
موقف السلف من السهروردي الفيلسوف ... 586هـ
موقف السلف من ابن سينا الفيلسوف ... 428هـ
موقف السلف من شبيب الخارجي ... 77هـ
موقف السلف من صاحب سمرقند ... 487هـ
موقف السلف من صدقة بن حسين ... 575هـ
موقف السلف من أبي طالب المكي ... 386هـ
موقف السلف من أبي طاهر سليمان الزنديق ... 332هـ
موقف السلف من الظاهر الرافضي الخبيث ... 427هـ
موقف السلف من العاضد لدين الله الرافضي ... 567هـ
موقف السلف من عبدالمجيد بن عبدالعزيز ... 206هـ
موقف السلف من عبيدالله الشيعي ... 213هـ
موقف السلف من عثمان بن محمد الدقاق الزنديق ... 761هـ
موقف السلف من ابن العجوز ... 474هـ
موقف السلف من ابن عربي الحاتمي ... 638هـ
موقف السلف من ابن أبي العزاقر ... 319هـ
موقف السلف من عضد الدولة الشيعي ... 372هـ
موقف السلف من أبي العلاء المعري ... 449هـ
موقف السلف من ابن العلقمي الرافضي ... 656هـ
موقف السلف من علي بن المهدي الخارجي ... 554هـ
موقف السلف من عمرو بن عبيد ... 144هـ
موقف السلف من ابن عمرو المعتزلي ... 241هـ
موقف السلف من أبي الغارات الرافضي ... 556هـ
موقف السلف من الفارابي الزنديق ... 339هـ
موقف المسلمين من فضائح الشيعة ... 482هـ
موقف السلف من فطر الخشبي الشيعي ... 153هـ
موقف السلف من فليح بن سليمان ... 168هـ
موقف السلف من ابن فيروز ... 1216هـ
موقف السلف من القادسي الرافضي ... 447هـ
موقف السلف من القاسم بن عبيدالله الزنديق ... 291هـ
موقف السلف من القائم بأمر الله ... 334هـ
موقف السلف من القداح المرجئي ... في حدود 199هـ
موقف السلف من القزويني المعتزلي ... 488هـ
موقف السلف من ابن القشيري ... 514هـ
موقف السلف من كثير عزة الشيعي ... 107هـ
موقف السلف من المأمون ... 218هـ
موقف السلف من المتنبي ... 354هـ
موقف السلف من محمد بن إسحاق القدري ... 150هـ
موقف السلف من محمد بن الحسن الزنديق ... 717هـ
موقف السلف من محمد زبالة الزنديق ... 761هـ
موقف السلف من محمد السلمي الصوفي ... 412هـ
موقف السلف من محمد بن كرام ... 255هـ(1/17)
موقف السلف من محمود بن إبراهيم الرافضي ... 766هـ
موقف السلف من المختار الكذاب ... 66هـ
موقف السلف من المرتضى الرافضي ... 436هـ
موقف السلف من المسبحي الرافضي ... 420هـ
موقف السلف من المستنصر العبيدي ... 487هـ
موقف السلف من ابن مسرة ... 319هـ
موقف السلف من أبي مسعود كوتاه الجهمي ... 553هـ
موقف السلف من مسعود بن ناصر ... 477هـ
موقف السلف من مسلم بن قريش ... 478هـ
موقف السلف من مسيلمة الكذاب ... 12هـ
موقف السلف من أبي معاوية الضرير ... 195هـ
موقف السلف من معبد الجهني ... 81هـ
موقف السلف من المعبد لغير الله الزنديق ... 569هـ
موقف السلف من المعز العبيدي المهدوي ... 365هـ
موقف السلف من المفيد الرافضي ... 413هـ
موقف السلف من أبي منصور الأشعري ... 482هـ
موقف السلف من المهدي بن تومرت ... 524هـ
موقف السلف من المهدي الرافضي عبيدالله ... 322هـ
موقف السلف من النصرآبادي ... 367هـ
موقف السلف من النظام المعتزلي ... 232هـ
موقف السلف من النعمان الباطني العبيدي ... 363هـ
موقف السلف من الهجيمي الصوفي القدري ... 200هـ
موقف السلف من أبي الهذيل العلاف ... 227هـ
موقف السلف من الواثق بالله ... 232هـ
موقف السلف من يحيى البرمكي الباطني ... 190هـ
موقف السلف من يحيى بن صالح الوحاظي ... 222هـ
موقف السلف من ابن أبي يحيى القدري ... 184هـ
موقف السلف من يعقوب بن شيبة ... 262هـ
موقف السلف من يوسف القميني ... 657هـ
موقف السلف من ابن يونس المنجم الكبير ... 399هـ
حرف النون
ناصر الدين أبو بكر بن أبهم ... 1085هـ
ناصر بن سعود بن عبدالعزيز شويمي ... 1349هـ
الناصر محمد بن قلاوون ... 741هـ
نافع بن عمر ... 169هـ
نافع بن مالك ... بعد 140هـ
نافع مولى ابن عمر ... 117هـ
النسائي ... 303هـ
النسفي أبو عمرو بكر بن محمد ... 380هـ
النسيب أبو القاسم ... 508هـ
نصر بن إبراهيم ... 490هـ
نصر بن عبدالرزاق ... 633هـ
نصر بن منصور النميري ... 588هـ
النضر بن شميل المازني ... 204هـ
النضر بن محمد ... 183هـ
نظام الملك أبو علي الحسن بن علي الطوسي ... 485هـ
نعيم بن حماد الخزاعي ... 228هـ
نوح بن أبي مريم ... 173هـ
نوروز ... 696هـ(1/18)
النووي ... 676هـ
حرف الهاء
هارون بن إسحاق الهمذاني ... 258هـ
هارون الرشيد ... 193هـ
هارون بن سعد العجلي الكوفي ... من السابعة
هارون بن معروف ... 231هـ
هارون بن موسى الفروي ... 253هـ
هارون بن موسى القزويني ... 248هـ
هبة الله القفطي ... 697هـ
هبة الله اللالكائي ... 418هـ
هبة الله بن عبدالوارث ... 486هـ
هرم بن حيان ... 46هـ
الهرواني أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحنفي ... 402هـ
هشام بن بهرام ... 219هـ
هشام بن حسان ... 148هـ
هشام بن عبدالملك ... 125هـ
هشام بن عبيد ... 277هـ
هشام بن عبيدالله ... 221هـ
هشام بن عمار ... 245هـ
هشيم بن بشير ... 183هـ
الهيثم بن خارجة ... 227هـ
الهيثمي ... 807هـ
حرف الواو
واثلة بن الأسقع ... 85هـ
الوزير أبو محمد المهلبي ... 352هـ
وكيع بن الجراح ... 196هـ
الوليد بن أبان الكرابيسي ... 214هـ
الوليد بن بكر العمري ... 392هـ
وهب بن جرير ... 206هـ
وهب بن منبه ... 114هـ
حرف الياء
يحيى بن أكثم التميمي ... 242هـ
يحيى بن أيوب ... 234هـ
يحيى بن سالم العمراني ... 558هـ
يحيى بن سعيد الأنصاري ... 143هـ
يحيى بن سعيد القطان ... 198هـ
يحيى بن سلام ... 200هـ
يحيى بن سليم الطائفي ... 195هـ
يحيى بن سليمان الجعفي ... 237هـ
يحيى بن عثمان الحمصي ... 255هـ
يحيى بن عمار البصري ... 422هـ
يحيى بن عمر الكناني ... 289هـ
يحيى بن أبي كثير ... 129هـ
يحيى بن معاذ الرازي ... 258هـ
يحيى بن معين ... 233هـ
يحيى بن المغيرة المخزومي ... 253هـ
يحيى بن يحيى النيسابوري ... 226هـ
يحيى بن يعمر البصري ... 89هـ
يزيد بن أبي حبيب ... 128هـ
يزيد بن زريع ... 182هـ
يزيد بن صهيب الفقير ... في حدود 140هـ
يزيد بن هارون ... 206هـ
يعقوب بن سفيان الفسوي ... 277هـ
يعقوب المنصور ... 595هـ
يعقوب بن موسى ابن أخي معروف الكرخي ... في حدود 200هـ
يوسف بن أسباط ... 195هـ
يوسف بن تاشفين ... 500هـ
يوسف بن خليل ... 648هـ
يوسف بن عبدالمحسن أبا بطين ... 1403هـ
يوسف بن عدي التيمي ... 232هـ
يوسف بن موسى القطان ... 253هـ
يونس بن أبي إسحاق ... 159هـ
يونس بن سليمان السقاء ... 371هـ
يونس بن عبيد ... 140هـ
يونس بن ميسرة بن حلبس ... 132هـ
الكنى(1/19)
أبو الآذان عمر بن إبراهيم البغدادي ... 290هـ
أبو إبراهيم الترجماني ... 236هـ
أبو أحمد الحاكم الكبير ... 378هـ
أبو أحمد العسال ... 349هـ
أبو أحمد المرار بن حمويه ... 254هـ
أبو إدريس الخولاني ... 80هـ
أبو إسحاق الإسفراييني ... 418هـ
أبو إسحاق الزجاج ... 311هـ
أبو إسحاق السبيعي ... 127هـ
أبو إسحاق الشيرازي ... 476هـ
أبو إسحاق الفزاري ... 186هـ
أبو إسحاق المروزي ... 340هـ
أبو الأسود الدؤلي ... 69هـ
أبو الأسود النضر بن عبدالجبار ... 219هـ
أبو أمامة الباهلي ... 86هـ
أبو البختري سعيد بن فيروز الطائي ... 83هـ
أبو برزة الأسلمي ... 65هـ
أبو البركات التكريتي ... 599هـ
أبو البقاء النابلسي ... 663هـ
أبو بكر الآجري ... 360هـ
أبو بكر الخلال ... 311هـ
أبو بكر خوقير ... 1349هـ
أبو بكر بن أبي داود ... 316هـ
أبو بكر بن أبي شيبة ... 235هـ
أبو بكر الصيرفي ... 330هـ
أبو بكر عبدالعزيز غلام الخلال ... 363هـ
أبو بكر بن العربي ... 543هـ
أبو بكر بن عمر ... 462هـ
أبو بكر بن عياش ... 194هـ
أبو بكر الفارسي ... 350هـ
أبو بكر محمد بن موهب المالكي ... 406هـ
أبو بكر بن مردويه ... 410هـ
أبو بكر بن هذيل ... 299هـ
أبو بكرة الثقفي ... 52هـ
أبو تراب النخشبي الصوفي ... 245هـ
أبو توبة الحلبي ... 241هـ
أبو ثور (الإمام الفقيه) ... 240هـ
أبو جعفر حمديس القطان ... 289هـ
أبو جعفر الطحاوي ... 321هـ
أبو جعفر المنصور ... 158هـ
أبو جعفر الهمذاني ... 531هـ
أبو جعفر النحاس ... 338هـ
أبو الجوزاء أوس بن عبد الله ... 83هـ
أبو حاتم الرازي ... 277هـ
أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج ... 140هـ
أبو حامد الإسفراييني ... 406هـ
أبو الحجاج جمال الدين المزي ... 742هـ
أبو الحسن الآبنوسي ... 542هـ
أبو الحسن الأشعري ... 324هـ
أبو الحسن بن الزاغوني ... 527هـ
أبو الحسن السري السقطي ... 251هـ
أبو الحسن علي بن الأنجب ... 611هـ
أبو الحسن بن نجية ... 599هـ
أبو حفص الحداد الصوفي ... 264هـ
أبو حفص بن شاهين ... 385هـ
أبو حمزة السكري ... 167هـ
أبو الخطاب بن دحية ... 633هـ
أبو الخطاب محفوظ بن أحمد ... 510هـ
أبو خليفة الفضل بن الحباب ... 305هـ
أبو خيثمة زهير بن حرب ... 234هـ(1/20)
أبو داود السجستاني ... 275هـ
أبو داود الطيالسي ... 203هـ
أبو الدرداء عويمر بن زيد ... 32هـ
أبو ذر الغفاري ... 32هـ
أبو رجاء العطاردي ... 105هـ
أبو زرعة الرازي ... 264هـ
أبو زرعة العراقي ... 826هـ
أبو زرعة القاضي ... 302هـ
أبو الزناد عبدالله بن ذكوان ... 130هـ
أبو زيد عمر بن شبة النميري ... 262هـ
أبو السري منصور بن عمار ... 225هـ
أبو سعيد الحداد ... 221هـ
أبو سعيد الخدري سعد بن مالك ... 63هـ
أبو سعيد الربعي ... 373هـ
أبو سعيد السيرافي ... 368هـ
أبو سلمة بن عبد الرحمن ... 94هـ
أبو سليمان الخطابي ... 388هـ
أبو سليمان الداراني ... 215هـ
أبو سهل كثير بن زياد ... 121-130هـ
أبو سهيل الهيثم بن جميل ... 213هـ
أبو شامة الدمشقي ... 665هـ
أبو شجاع صاحب العراق ... 511هـ
أبو شعيب السوسي ... 261هـ
أبو شعيب بن عبدالرحمن الدكالي ... 1356هـ
أبو الشيخ الأصبهاني ... 369هـ
أبو طاهر السلفي ... 576هـ
أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي ... 90هـ
أبو العباس الأبار ... 290هـ
أبو العباس أحمد بن يحيى (ثعلب) ... 291هـ
أبو العباس بن عمر القرطبي ... 656هـ
أبو عبدالرحمن عبدالله بن محمد الجزري ... الطبقة العاشرة
أبو عبدالله بن خفيف الشيرازي الصوفي ... 371هـ
أبو عبدالله الطراز ... 645هـ
أبو عبدالله محمد أعظم الجوندلوي ... 1405هـ
أبو عبدالله محمد بن جعفر الكوفي ... 470هـ
أبو عبيدة بن الجراح ... 18هـ
أبو عبيدة معمر بن المثنى ... 208هـ
أبو العتاهية إسماعيل بن قاسم ... 211هـ
أبو عثمان الحيري الصوفي ... 298هـ
أبو عثمان الصابوني ... 449هـ
أبو عثمان المازني ... 247هـ
أبو عثمان المغربي الصوفي ... 373هـ
أبو العرب محمد بن أحمد المالكي ... 333هـ
أبو العز القلانسي ... 521هـ
أبو العون السفاريني ... 1188هـ
أبو عقيل المروزي ... 277هـ
أبو علي الروذباري الصوفي ... 322هـ
أبو علي السنجي ... 315هـ
أبو علي بن أبي موسى الهاشمي ... 428هـ
أبو عمر الدوري الضرير ... 246هـ
أبو عمر الطلمنكي ... 429هـ
أبو عمر بن قدامة ... 607هـ
أبو عمران الفاسي ... 430هـ
أبو عمرو الشيباني اللغوي ... 206هـ
أبو عمرو بن العلاء ... 154هـ
أبو عوانة ... 175هـ(1/21)
أبو عون الأنصاري ... 131-140هـ
أبو عيسى الترمذي ... 279هـ
أبو فارس عبدالعزيز بن محمد ... 750هـ
أبو الفتح عبدالوهاب بن جلبة ... 476هـ
أبو الفرج عبدالواحد بن محمد الشيرازي ... 486هـ
أبو الفضل الجارودي الهروي ... 317هـ
أبو الفضل شجاع بن مخلد ... 235هـ
أبو الفضل العباس بن محمد الدوري ... 271هـ
أبو الفضل محمد بن ناصر ... 550هـ
أبو القاسم الطبراني ... 360هـ
أبو القاسم بن المسلمة (الوزير) ... 450هـ
أبو قلابة ... 104هـ
أبو كثير السحيمي اليمامي ... 129هـ
أبو كريب محمد بن العلاء ... 247هـ
أبو محمد الأصيلي ... 392هـ
أبو محمد بشر بن عمر ... 207هـ
أبو محمد بن أبي جمرة ... 699هـ
أبو محمد بن عبدٍ البصري المالكي ... 347هـ
أبو محمد عبدالرحمن بن حمدان ... 342هـ
أبو محمد اليمني ... من القرن 6
أبو مزاحم الخاقاني ... 325هـ
أبو مسعود البدري ... 40هـ
أبو مسلم الخولاني ... 62هـ
أبو مسهر عبدالأعلى ... 218هـ
أبو المظفر السمعاني ... 489هـ
أبو معاذ خلف بن سليمان ... 241هـ
أبو معاوية الضرير محمد بن خازم ... 195هـ
أبو معمر الهذلي ... 236هـ
أبو منصور الديلمي ... 469هـ
أبو موسى إسحاق بن موسى الخطمي ... 244هـ
أبو موسى الأشعري ... 44هـ
أبو نصر بشر بن الحارث ... 227هـ
أبو نصر بن سلام ... 305هـ
أبو نصر القاضي ... 356هـ
أبو النضر هاشم بن القاسم ... 207هـ
أبو نعيم الأصبهاني ... 430هـ
أبو هريرة ... 58هـ
أبو الوليد بن رشد ... 520هـ
أبو الوليد الطيالسي ... 227هـ
أبو يحيى الساجي ... 307هـ
أبو يوسف عبدالرحمن بن عبدالصمد ... 1408هـ
أبو يوسف القاضي ... 182هـ
أم زينب فاطمة بنت عباس ... 714هـ
أم المؤمنين أم حبيبة ... 44هـ
أم المؤمنين زينب بنت جحش ... 20هـ
أم المؤمنين عائشة ... 57هـ
أم المؤمنين هند أم سلمة ... 61هـ
ابن
ابن الأخرم أبو جعفر محمد بن العباس ... 301هـ
ابن الأخضر علي بن محمد ... 486هـ
ابن الباقلاني أبو بكر محمد بن الطيب ... 403هـ
ابن البرذون إبراهيم بن محمد الضبي ... 299هـ
ابن بطال علي بن خلف ... 449هـ
ابن بطة العكبري ... 387هـ
ابن البناء أبو علي الحسن بن أحمد ... 471هـ
ابن تاويت ... 1414هـ
ابن تيمية ... 728هـ(1/22)
ابن جريج عبدالملك بن عبدالعزيز ... 150هـ
ابن الجزري ... 833هـ
ابن جزلة يحيى بن عيسى ... 493هـ
ابن الجوزي أبو الفرج عبدالرحمن بن علي ... 597هـ
ابن حبيب الأندلسي المالكي ... 238هـ
ابن الحجام عبدالله بن أبي هشام ... 346هـ
ابن حجر آل بوطامي ... 1423هـ
ابن حجر العسقلاني ... 852هـ
ابن حجر الهيتمي ... 973هـ
ابن الحداد المغربي أبو عثمان سعيد بن محمد ... 302هـ
ابن حزم ... 456هـ
ابن الحطيئة أحمد بن عبدالله ... 560هـ
ابن حمدين أبو عبدالله محمد بن علي ... 508هـ
ابن حيويه أبو عمر ... 382هـ
ابن خراش الرافضي ... 283هـ
ابن خلدون البلوي ... 407هـ
ابن خويزمنداد ... 390هـ
ابن خيرون أبو جعفر الأندلسي ... 301هـ
ابن أبي ذئب محمد بن عبدالرحمن ... 159هـ
ابن رجاء العكبري ... 329هـ
ابن الرماح أبو محمد عبدالله بن عمر البلخي ... 234هـ
ابن سريج أبو العباس أحمد بن عمر ... 306هـ
ابن السوسنجردي أبو الحسين أحمد بن عبدالله ... 402هـ
ابن سيد الناس ... 734هـ
ابن الشحام قاضي الري ... زمن الواثق
ابن شعبان محمد بن القاسم ... 355هـ
ابن أبي شريح ... 392هـ
ابن صصرى أبو المواهب الحسين التغلبي ... 586هـ
ابن صفي الدين البخاري ... 1200هـ
ابن الصلاح أبو عمرو عثمان بن عبدالرحمن ... 643هـ
ابن أبي عاصم ... 287هـ
ابن أبي عامر محمد بن عبدالله الحاجب ... 393هـ
ابن عبدالبر ... 463هـ
ابن أبي العز الحنفي ... 792هـ
ابن أبي عصرون عبدالله بن محمد بن هبة الله ... 585هـ
ابن عقيل ... 513هـ
ابن أبي العوام محمد بن أحمد الرياحي ... 276هـ
ابن عياض المجاهد ... 542هـ
ابن فقيه فصة ... 1071هـ
ابن القاص أبو العباس أحمد بن أبي أحمد ... 335هـ
ابن قتيبة ... 276هـ
ابن القطان الفاسي ... 628هـ
ابن قيم الجوزية ... 751هـ
ابن كثير ... 774هـ
ابن الكيزاني أبو عبدالله محمد بن إبراهيم ... 562هـ
ابن كيسان ... 299هـ
ابن لهيعة ... 174هـ
ابن ماجه ... 273هـ
ابن مجاشع عمران بن موسى الجرجاني ... 305هـ
ابن أبي مريم سعيد بن حكم الجمحي ... 224هـ
ابن أم مكتوم ... 15هـ
ابن المؤقت المراكشي ... 1368هـ
ابن ناجية أحمد بن أبي المعالي ... 554هـ
ابن ناصر الدين الدمشقي ... 842هـ(1/23)
ابن النحاس أبو محمد عبدالرحمن بن عمر ... 416هـ
ابن النفيس علي بن أبي الحزم ... 687هـ
ابن هبيرة الوزير ... 560هـ
ابن الوزير اليمني ... 840هـ
ابن وهب ... 197هـ(1/24)