... قرّة العَيْن ...
في أجْوبَةِ قائدِ العَلابى
وصَاحِبْ العدين
تأليف
أبو عبد الرحمن
مقبل بن هادي الوادعي
الطبعة الأولى
1411هـ -1991م
الشعملي للطباعة733504491
قرّة العَيْن
في أجْوبَةِ قائدِ العَلابي
وصَاحِبْ العدين
تأليف
أبو عبد الرحمن
مقبل بن هادي الوادعي
الطبعة الأولى
1411هـ - 1991م
مكتبة دار القدس
صنعاء _ اليمن
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً: أَسْئِلَةُ الأَخِ قَائِدِ العلَابَي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أيها الإخوة ، فكما تعلمون بأن الله أمرنا بأن نجالس العلماء ، وأن نسألهم في أمور ديننا، وذلك في قوله عز و جل:{ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } والصحابة رضي الله عنهم كانوا يحرصون على الجلوس عند رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكي يستفيدوا من كلامه، ويسألوه في أمورهم ، ولا يقدمون على أي عمل ما إلا بعد أن يسألوه، ويتأكدوا منه.
والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخبرنا بأن العلماء ورثة الأنبياء، وما دام الأمر كذلك ، فينبغي لنا أن لا نقدم على أمر ما إلا بعد أن نتأكد من صحته أو خطئه، وانطلاقًا من هذه الآية ، ومن هذا الحديث ؛ نتقدم بأسئلة إلى فضيلة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي.
السؤال الأول: يقول: قد ابتلى المسلمون بفرقة وشتاتٍ لم يشهده التاريخ، حتى أنهم وصلوا إلى أن يختلفوا في الصيام، وفي الإفطار، وربما أن هذه الأمور تتعلق بالسياسة، وليست مرتبطة بالدين، فما رأي فضيلتكم؟ بل ما رأي الدين الإسلامي، وأوامره في مثل هذا الأمر؟(1/1)
الجواب: قد ثبت عن عبد الله بن مسعود _رضي الله تعالى عنه – كما في "صحيح البخاري" أنه قال: الخلاف شر، وكان سبب قوله : أنه صلى مع عثمان بمنى أربع ركعات، وكان قد صلاها عبد الله بن مسعود من قبل مع رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وأبي بكر وعمر صلاها ركعتين، ثم قال عبد الله : يا ليت لي ركعتين متقبلتين. يعني أنكر إتمام عثمان للصلاة بمنى ، فقيل له: وأنت اتبعته؟ قال : ( الخلاف شر) .
وفي "صحيح البخاري" عن على بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال : اقضوا كما قضى أصحابي، يعني أبا بكر وعمر وعثمان فإني لا أحب الخلاف.أو بهذا المعنى.
ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبرنا بأن الاختلاف هلكة، فروى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم) فالاختلاف هلكة.
وروى البخاري في "صحيحه" عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه اختلف مع رجل في شأن القراءة ( أي في الاختلاف في القراءة) فذهبا إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (لا تختلفوا كما اختلف من كان قبلكم فتهلكوا كما هلكوا) .
وفي "الصحيح" أيضًا من حديث النعمان بن بشير – رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ( لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم )، وفي رواية : (بين وجوهكم) ومعنى (بين وجوهكم): أي بين وجهتكم ، تحمل على قوله: (بين قلوبكم) ، فوعيد شديد على الاختلاف.(1/2)
وروى الإمام أحمد في "مسنده": عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان في غزوة من الغزوات فنزلوا في شعب من الشعاب فتفرقوا ، ثم أمرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن يجتمعوا وقال : (إن تفرقكم من الشيطان) التفرق الحسي من الشيطان، والتفرق المعنوي أيضاً من الشيطان . التفرق المعنوي : وهو أن تخالف رأي صاحبك. ورب العزة يقول في كتابه الكريم: { وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ }فنحن مأمورين بوحدة الكلمة، وبجمع الرأي والشمل ، فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
نعم الاختلاف في الأفهام ، جائز للعلماء ولطلبة العلم، إذا فهم صاحبك فهماً ، وأنت فهمت فهماً آخر غيره، فلا بأس أن تخالف صاحبك، ولا ينبغي أن تنكر عليه، ولا أن ينكر عليك، وقد ذكرنا هذا بحمد الله في "نصيحتنا لأهل السنة"، ونشرت في "مجلة البيان" ، ونشرت أيضاً في "هذه دعوتنا وعقيدتنا" ، فذكرنا نصيحتنا لأهل السنة لأنه يسوؤنا أن يختلف أهل السنة، والاختلاف واقع وكان أمر الله قدراً مقدوراً.
وأهل السنة اتجاههم واحد، وعقيدتهم واحدة، وهم يحكِّمون الكتاب والسنة، لا يجوز لهم أن يختلفوا.
أما اختلاف الحكام في شأن الصيام، فهو يعتبر فتنة، وقد تقدم لنا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن تفرق الأجسام، فهو في تفرق الآراء أشد نهياً .
وما أكثر الخير الذي قد حرمه المسلمون بسبب الاختلاف، في ليلة القدر خرج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في "مسلم" من حديث أبي سعيد يريد أن يخبرهم بليلة القدر فاختصم رجلان، فشغل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأنسى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليلة القدر .(1/3)
الاختلاف أيضاً قبل موت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( هلم أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده أبداً ) فاختلفوا ، عمر يقول : حسبنا كتاب الله وعندنا كتاب الله ورسول الله قد غلبه الوجع. وجماعة يقولون: أعطوا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً،فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما أنا فيه خير)، وترك الكتابة ، وحرموا الخير الذي أراد أن يخبرهم به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولو علموا به ولو كتب لهم ما ضلوا أبداً . وهذا أمر – أعني – من مصلحتهم وإلا لو كان أمراً واجباً على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يبلغه لبلغه وإن أبوا. أقصد ليس للشيعة مطعن في هذا حتى يطعنوا في عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإنه قال هذا عن قصد حسن، وإن كان مخطئاً، قال: أن رسول الله قد غلبه الوجع وعندنا كتاب الله .
الاختلاف في الصوم يعتبر من الأمور التي يجب على المسلمين أن يتداركوها، وحرام على الحكام ، لأن الحكام يُلزم من تحت سلطته أن يصوموا يوم العيد، وصوم يوم العيد محرم. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن صوم العيد. أو أن يلزمهم بإفطار يوم من رمضان كذلك، أيضاً هذا أمر لا يجوز.
فإذا حصل من دولة مسلمة مجاورة لتلكم البلدة ولو كانت بعيدة منها، والمطلع واحد أي ليس هناك اختلاف كبير بين المطالع، فالواجب عليها أن تقبل، إذا كانت المخبرة دولة مسلمة، أما إذا كانت دولة كافرة، كدولة عدن، فلا يقبل المسلمون منها ولا كرامة.
والأمر بارك الله فيكم خطير جداً يترتب عليه صوم يوم العيد ، وهو منهي عنه، ويترتب عليه إفطار يوم من رمضان . فلا ينبغي لدولة من الدول سواء كانت اليمنية أم كانت السعودية لا ينبغي أن يدخل فيها الكبر، وأن ينفخها الكبر، تقول: أنا لا أتبع كذا وكذا ، أعني أن يقبل الحق ممن جاء به.(1/4)
والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد قبل الحق من اليهود فقد جاء طائفة من اليهود كما في حديث قتيلة في "سنن النسائي" بسند صحيح فقالوا : إنكم تشركون ،إنكم تنددون، تقولون ما شاء الله وشاء محمد، وتقولون : والكعبة،فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (إذا حلف أحدكم فليقل ورب الكعبة، وليقل ما شاء الله ثم ما شاء محمد) قبل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الحق من اليهود.
فأنت تقبل الحق سواء كان من يمني ، أم من مصري، أم من نجدي، أي مخبر به، فأسأل الله أن يهديهم جميعاً لتحكيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
ولو كنت بمكة وأعلنت باليمن أنها رأت شهر رمضان، وأنت بمكة، فصم، فإذا لم تستطع أن تصوم علناً، صمت سراً،ولو كنت باليمن ، وأعلنت مكة أو الرياض ،بأنه تحقق لديهم أن ذلك اليوم من شهر رمضان، وجب عليك أن تصوم . نحن – إن شاء الله- لا نسلم ديننا للملوك والرؤساء.
وأما قوله تعالى : { أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } أطيعوه في المعروف. والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( إنما الطاعة في المعروف) فيما لا يخل بديننا مما فيه مصلحة لسياستهم ، أما أن نطيعهم ، ونكون إمعة، فلا يجوز، وهم لا يملكون لنا في الآخرة نفعًا ولا ضراً، والله المستعان.
******
السؤال الثاني: ما حكم الإسلام فيمن يقلد عالمًا يثق فيه، ولكنه لا يطلب منه دليلاً على ما يفتيه فيه ويعمل هكذا برأيه ولا يعرف ما دليل هذا العالم، ويدعي أنه لو أخبره بالدليل لم يعرفه، هل هو ثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أم ليس ثابتاً؟ فهل من حقه عليه أن يسأل عن الدليل أم أنه معذور؟(1/5)
الجواب: الواجب عليه أن يسأل عن الدليل من كتاب الله، أو ما ثبت من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، لأن هذا العامي ممن يشمله قول الله عز و جل: { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ }، وأيضاَ ممن يشمله قوله تعالى: { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا }.
والتقليد جهل ، والتقليد هو السبب في بعد الناس عن كتاب الله، وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم . ورب العزة يقول في كتابه الكريم: { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}، ويقول: { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ }، فنحن مأمورون برد ما اختلفنا فيه إلى كتاب الله ، والى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، والعالم يصيب ويخطئ ، ويجهل ويعلم، ويدخل عليه الشيطان كما يدخل على غيره ، قال الله سبحانه وتعالى: { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ? وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} "والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء" هكذا يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو ما يدرينا أن يتكاسل أو يتساهل ؟ بلاء كبير دخل على المسلمين بسبب تساهل العلماء.
كثير من المسلمين المصلين الصالحين فتنوا بالتلفزيون ؛ بأن وجدوه في بيوت العلماء.(1/6)
كثير من المسلمين الصالحين فتنوا في مسألة حلق اللحية ؛ بسبب أنهم وجدوا بعض الأزهريين يحلقون لحاهم .
كثير من المسلمين الصالحين يجمعون الصلوات العصر مع الظهر، والمغرب مع العشاء، بدون سبب إلا أنهم رأوا أناساً يجمعون الصلوات ، فهذا باب ليس له حد من المخالفات التي تصدر عن التقليد.
قد يقول القائل: العامي لا يفهم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونحن نقول لك أيها القائل : هل العامي يفهم قول الله عز وجل : { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} نعم : العامي يفهم: ( من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله)، نعم. العامي يفهم فضل صلاة الجماعة على صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة،العامي يفهم.
ومن العامة من تجده يتقن الصناعات، يستطيع أن يفك السيارة مسماراً مسماراً. وفي الزراعة يكون آية، يكون مهندساً. عندنا بعض الشيبات لهم خبرة بالزراعة أحسن من وزير الزراعة.
فهكذا ما هو إلا الإهمال والتهاون بالدين، الذي جعلنا نأخذ ديننا عمن ليس أهلاً لذلك.
الأعرابي يأتي إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيقول: يا محمد إني سائلك فمشدد عليك في المسألة فلا تجد علي في نفسك، وآخر يقول: آلله أمرك بهذا؟ هكذا يقول للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم آلله أمرك بهذا، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( نعم ).(1/7)
وهكذا في الصلح عندما طلب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الأنصار أن يعطوا بعض الأعراب – الذين خرجوا مع قريش من جيش الكفر القادم عليهم- شيئاً من التمر فقال بعض الأنصار : يا رسول الله أهذا من عندك أم من عند الله -يعني هو رأي من عندك أو من عند الله- قال: ( ما هو إلا رأي من عندي أشفقت عليكم ) فقالوا: لا والله ولا تمرة واحدة ما كنا نعطيهم ونحن كفار ، أما وقد منَّ الله علينا بالإسلام فلا.
فهكذا أيضاً كانوا يسألون رسول الله : يا رسول الله ، إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا هي احتملت ؟
و هكذا التابعون أيضاً يسألون الصحابة ولو كان الأمر كما أراد قومنا ما وصل ألينا هذا الخير، ما وصل إلينا البخاري ومسلم ومسند أحمد ، لو كان يقولون : تصلى أربع ركعات افعل كذا وكذا ، بضاعة نافقة.
وإذا أفتى الشخص بالدليل يطمئن ويبارك الله له بعلمه .
فإذا حفظت لك حديثاً من شخصٍ ، الصورة محرمة. ما دليلك على أنها محرمة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب ولا صورة)، ويقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( لعن الله المصورين ) رجعت بفائدة .
أما إذا قلت لك : الصورة محرمة، ثم ذهبت إلى الآخر ، وقال لك : هذا مخطئ، هذا جاهل ، الصورة التي هي محرمة هي التي على صورة الأصنام -يعني منحوتة- أما هذه فما تسمى صورة .
وهكذا أيضاً في العبادة قلت لك : افعل كذا وكذا .
وأنتم يا أهل السنة أنا أنصحكم نصيحة أن تحرصوا على طلب الدليل ممن سألتموه، وأن لا تفتوا أحداً إلا بالدليل: قال الله، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
******
السؤال الثالث: هل جوز لفقيرين أن يتفقا على أن كلاً منهما يعطي زكاته، أو يعطي فطرته للآخر أم أنه لا يجوز ؟(1/8)
الجواب: هذه حيلة، لا يجوز لهما فليصرف كل واحد منهما فطرته في مصرفها، والله سبحانه وتعالى قادر على أن يخلف عليه، ورب العزة يقول في كتابه الكريم:{ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ}ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( ما من يوم تطلع فيه الشمس إلا وبجنبتيها ملكان يقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفاً ) متفق عليه من حديث أبي هريرة.
******
السؤال الرابع: وهل يجوز أن يعطي الهاشمي زكاته، أو فطرته للهاشمي؟
الجواب: هي صدقة، والصدقة لا تجوز للهاشمي.
والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا أتاه أحد بشيء يسأله : أهدية أم صدقة؟ فإذا قال : هدية ، أكل منها. وإذا قال: صدقة ، قربها لأصحابه.
والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (إن الصدقة لا تحل لآل محمد إنما هي أوساخ الناس).
ورأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الحسن وقد أكل تمرة فأخرجها من فيه، وقال : ( كخ كخ، فإني أخشى أن تكون من الصدقة) ثم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مر بتمرة مسقوطة فقال: ( لو لا أني أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها) أو بهذا المعنى.
******
السؤال الخامس : نرى كثيراً من الناس في يوم العيد بالجبانة يصلي ركعتين أو أربع ركعات ، وكثير من الناس يعتبرها سنة، فلا ندري هل ورد في هذا دليل من كتاب الله. أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أم أنها بدعة، وإذا كانت بدعة وهم يصرون على ذلك، فهل يجوز للذين يريدون أن يلتزموا بالسنة أن ينفصلوا عن هؤلاء الناس المبتدعين ويعملون لهم مصلى آخر علماً بأن المجتمع يزيد على ثلاثمائة صف ؟.(1/9)
الجواب: هي ليست بسنة والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما صلى قبلها ولا بعدها فليست بسنة، وإذا حصل من الآخرين هذا لا ينبغي أن يكون سببا للفرقة، ما داموا لا يسمع منهم شيء يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويقيمون صلاة العيد على سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهذا أمر لا ينبغي أن يكون سبباً للفرقة ، لأن الصلاة خلف المبتدع جائزة والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول – كما في حديث أبي هريرة : ( صلوا فإن أصابوا فلكم ولهم ، وإن أخطئوا فلكم وعليهم).
******
السؤال السادس: يقول تعود الناس على الناس أن يتصافحوا يوم العيد ولا ندري هل أتى في هذا دليل من شرع الله أم أنها عادة ؟
الجواب: هو لم يثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والمصافحة مرغب فيها في جميع الأوقات .
جاء في جامع الترمذي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما) أو بهذا المعنى، فالمصافحة مرغب فيها، لكن تخصيص يوم العيد من بين سائر الأيام ليس بسنة.
ولا يزول هذا الأمر المحدث إلا بتفقه الناس في كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وينبغي للداعي إلى الله يبدأ بلأهم فالمهم فينهاهم عن الشركيات، ويرغبهم للانقياد لكتاب الله، ولسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، في طلب العلم حتى يفقه الناس كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
******
السؤال السابع: يقول نرى أن العادة قد جرت في الشعب اليمني برفع الصوت عند رفع الجنازة أو عند حمل الجنازة وهو : لا إله إلا الله . فلا ندري هل ورد بهذا دليل ؟ أم أنها بدعة ؟ وإذا كان هذا بدعة فبماذا تنصحون الناس الذين يريدون أن يتمسكوا بسنة رسول اله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟(1/10)
الجواب: هي بدعة، ما ثبتت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وإتباع الجنائز مرغب فيه، ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة : ( من تبع الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط ، ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان) .
وينبغي أن يتبعوها بخشوع وتفكر إلى ما صار إليه صاحبهم ، أنهم سيصيرون إلى ما صار إليه، ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم جلس ذات مرة عند القبر ، ولما يلحد القبر , وجلس أصحابه عنده كأن رؤوسهم الطير عندهم خشوع وإنصات وتفكر في هذا الأمر والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول في شأن هذا : ( اسألوا لأخيكم التثبيت فإنه الآن يسأل) يعني إذا دفن.
وهكذا أيضاً إذا كان عليه دين ينبغي أن يبادر بقضاء دينه، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (نفس المؤمن معلقة بدينه) وأبى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يصلي على من عليه دين، حتى قال أبو قتادة: هو عليّ يا رسول الله فصلى عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم . وبعد أن فتح الله الفتوح على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يعطي لمن عليه دين من بيت مال المسلمين ، فهكذا ينبغي أن يعطي الحاكم لمن عليه دين وليس له قضاء.
فرفع الصوت يعتبر بدعة ، والله سبحانه قد كمل الدين ؛ قال الله سبحانه وتعالى { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }، ونبينا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول : ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته) فالبدعة أضر على العبد من المعصية.
******(1/11)
السؤال الثامن : سائل يقول : لنا مسجد قريب من دارنا أو قريب من بيوتنا ، ولكن المشكلة عند الإمام الذي يؤمنا ينقص في السنن، ولا ندري هل يجوز لنا أن نصلي خلفه؟ ولكن هناك مسجد آخر تقام فيه شعائر السنة لكنه يبعد عن دارنا بقدر نصف كيلو ، نصلي في المسجد القريب الذي لا تقام فيه السنن الكاملة، أم نصلي في الجامع الكبير، وإن كان بعيد؟(1/12)
الجواب: الصلاة في الجامع الذي تقام فيه السنن، أما المسجد القريب الذي لا تقام فيه السن كما ينبغي ، ولكنهم يتركون الشخص يصلي كما يريد، وكما يرضي ربه فالصلاة صحيحة، لكن الذي ننصح به الأخ السائل أن يذهب إلى مسجد السنة حتى يكثر سواد أهل السنة، وحتى يعان على نفسه، الشخص يعان على نفسه إذا ذهب وخالط أهل السنة فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ( مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما إن تجد منه ريحاً منتنة) متفق عليه من حديث أبي موسى، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ }، ويقول الله سبحان وتعالى في كتابه الكريم :{ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ? يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ? لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا } فمجالسة أهل الخير تساعدك على الخير، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( المرء مع من أحب ) ويقول أيضاً : ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) فمجالسة أهل السنة والصلاة معهم تساعدك على الخير، وقد عرفنا أن عمر بن الخطاب وصاحب له من الأنصار كانا يتناوبان العلم، أحدهما يأتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في يوم ، والآخر في اليوم الآخر الذي بعده.
فننصح أخانا السائل بالحرص على الصلاة مع إخوانه أهل السنة من أجل أن يساعدوه على نفسه والله المستعان.
******
السؤال التاسع: سائل يقول: للمرء المسلم أن يصافح امرأة ابن أخيه وأخت عمه الذي هو متزوج بابنته أم لا يجوز في الشرع ؟(1/13)
الجواب: لا يجوز هذا . أخت أبي الزوجة ليست بأخت الأب فهي تعتبر أجنبية، ويحل له أن يتزوج بها، وكذلك امرأة ابن الأخ هي تعتبر أجنبية ، ويحل له لو طلقها، أو مات عنها ، أن يتزوج بها ، والمرأة التي تحرم عليك على التأبيد من غير لعان، هذه هي المرأة التي يجوز لك أن تصافحها ، أما التي تحرم مؤقتاً كامرأة الأخ، وامرأة العم، وامرأة الخال ، فالتحريم مؤقت ؛ هذا لا يحل لك أن تصافحها , ولا أن تنظر إليها , ولا أن تخلو بها والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) قال رجل : أفرأيت يا رسول الله الحمو ؟ قال : ( الحمو الموت ). وفي حديث آخر : ( إياكم والدخول على النساء ) فقال رجل : أفرأيت الحمو يا رسول الله ؟ قال : ( الحمو الموت ) والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ( ما تركت فتنة أضر على الرجال من النساء ) أو بهذا المعنى، ويقول : أيضاً : ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد ومن حديث ابن عباس وبنحوه.
*****
السؤال العاشر: سائل يقول : صلينا الظهر خلف إمام يصلي العصر ، فجاء أناس ينتقدون علينا ، وطلبنا منهم الدليل في انتقادهم ، فلم يأتونا بالدليل ، وطلبوا منا الدليل، ولكن لا نعرف دليلاً إلا أننا نسمع وما ندري هل هو ثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مسجده، ثم يعود إلى داره فيصلي بإخوانه. ولذلك نرى أن اختلاف النية حدث على عهد رسول الله إن كان الحديث ثابتاً؛ فإنا قلنا : إن هذا جائز ولا ندري ، ما هو رأيكم في هذه المسألة؟(1/14)
الجواب: هذا جائز إن شاء الله، والحديث صحيح، بل متفق عليه، ومن أصح الصحيح، وهناك حديث آخر في صحيح مسلم في كيفية من كيفيات صلاة الخوف أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى بجماعة ركعتين، ثم سلم ، ثم صلى بجماعة أخرى ركعتين ،فهذا دليل على جواز اختلاف النية ، وهو مشروع إن شاء الله ، ولا بأس بهذا.
*****
السؤال الحادي عشر: سائل يقول يوجد لدينا رجل أعمى فقير ونعرف فقره، ولكنه لا يحضر الصلاة في المسجد، ولا ندري أيصلي في بيته أم لا ؟ ونريد أن نصرف له الزكاة إلا أننا محتارون في ذلك نرجو أن تفيدونا ؟
الجواب: هذا إذا لم يتأكد أنه قاطع صلاة يصح أن تصرف له الزكاة ، فنحن في بلدة مسلمة، وأما تركه للجماعة، فإن كان مقتدراً على الإتيان فيجب عليه أن يأتي ، وإن كان غير مقتدر فلا يجب عليه أن يأتي ، وحديث أبي هريرة في صحيح مسلم أن ابن أم مكتوم أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: إنني رجل ضرير البصر فهل تأذن لي أن أصلي في بيتي قال: ( نعم ) فلما ولى دعاه وقال: (هل تسمع حي على الصلاة؟ ) قال: نعم . قال : ( فأجب) ، هذا محمول على أنه مقتدر. لأن ابن أم مكتوم هذا كان قوياً جلداً مقتدراً فقد كان يحمل راية المسلمين في يوم اليرموك، فهو جلد ، وقد أذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعتبان بن مالك أن يصلي في بيته ، قال : يا رسول الله إنني قد ضعفت فربما أتت الليلة المطيرة فأذن له أن يصلي في بيته، فصلاة الجماعة تعتبر واجبة ، لكن إذا حصل عذر فيسقط الوجوب ، فإذا لم يكن عذر وصلى في بيته فهو يعتبر مخلاً بواجب، لكن الصلاة صحيحة.
*****(1/15)
السؤال الثاني عشر: يقول وهو تفسير للسؤال الأول: ذكرت أن الخلاف لا يأتي إلا بالشر فما هي الأشياء التي يجب على المسلمين فعلها من أجل جمع الكلمة ووحدة الصف؟ علماً بأن المسلمين ليسوا في مرتبة واحدة، فمنهم العالم، ومنهم المتعلم العاصي، ومنهم العامي، فما هو واجب كل واحد منهم ؟
الجواب: الواجب عليهم أن ينقادوا إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عالمهم وعاميهم عاصيهم ومطيعهم هذا هو الواجب . وإذا انقادوا بكتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وحصلت خلافات فلا تضر نحن لا نطالب الناس أن لا يختلفوا، فهناك اختلاف أفهام ، تفهم من النص فهماً كما فهم عدي بن حازم من قول الله عز وجل : {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ } فهم أنه خيط أبيض وخيط أسود، وكان يضع تحت وساده خيطاً أبيض وخيطاً أسود، ولا يزال يأكل حتى يتميز هذا من هذا، حتى أنزل الله { مِنَ الْفَجْرِ }.
فإذا أخطأت في الفهم، وخالفت غيرك في الفهم، فلا يضر، أو فهمت من النص أمراً، وغيرك فهم من النص غيره، لا بأس، وهكذا أيضاً اختلاف تنوع، مثل التشهد جاء بكيفيات، ومثل الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جاءت بكيفيات، هذا أيضاً أمرُ سهلُ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ما ينكره إلا جاهل فالاختلاف بعد الاجتهاد، ( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر).
لا ينبغي أن ينكر لكن ما هو الذي ينبغي أن ينكر ؟ من خلف دليلاً صحيحاً بدون برهان، هذا الذي ينبغي أن ينكر عليه، فما هناك إلا استلام للكتاب والسنة.(1/16)
إذ استسلم المسلمون للكتاب والسنة زال الخلاف، ولسنا نطالب المسلمين أن لا يختلفوا وإن كان الاختلاف ليس برحمة، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ? إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } مفهوم الآية الكريمة أن الذين يختلفون لا يرحمهم الله سبحانه وتعالى، ونحن لا نطالب المسلمين أن لا يختلفوا فقد اختلف الصحابة رضوان الله عليهم، ولكن نطالبهم أن لا يردوا دليلاً صحيحاً صريحاً بدون برهان، وبعد الاختلاف في أمر جائز يجب ألا يحمل أحد منهم حقداً في قلبه على الآخر إذا خالفه فإذا حمل حقداً فمعناه أنه يدعوه إلى تقليده، وهذا مما يكون سبباً للفرقة، ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في الصحيحين من حديث جندب : ( اقرءوا القرآن ما أتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فيه فقوموا ) فالواجب على المسلمين أن يسعوا سعياً جاداً في جمع الكلمة , وجمع الكلمة لن يكون إلا بالانقياد للكتاب والسنة، بالرضا بالكتاب والسنة والخضوع للكتاب والسنة، والله سبحانه وتعالى إذا علم صدقنا هو سيؤلف بين قلوبنا إذا كنا صادقين ، يقول الله سبحانه وتعالى : {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا}، ويقول سبحانه وتعالى : {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}، والله سبحانه وتعالى هو الذي سيؤلف بين قلوبنا إذا علم صدقنا وإخلاصنا , أما دعاة الفرقة فينبغي ألا يستجاب لهم ، فإن الله عز وجل يقول : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا }.(1/17)
إذا وجد أمير جماعة وهو مفتون بالسلطة، أو مفتون بالمال، أو مفتون بالجاه ، أو غير ذلك، وهو يريد أن يفرق الناس من أجل أن يبقى أميراً على هؤلاء لا ينبغي أن يجاب ؛ ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه و لا يخذله ولا يحقره، التقوى هاهنا، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه. كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه)، ويقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في حديث النعمان بن بشير في "الصحيحين" : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)، ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في "الصحيحين" من حديث أبي موسى : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) والفرقة سبب لضعف الأمة، قال الله سبحانه وتعالى : { وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا } ويأمرنا بجمع الكلمة ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : عندما قال الأنصاري: يا للأنصار والمهاجري : يا للمهاجرين : ( أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم دعوها فإنها منتنة) فإذا أصبح المسلمون جماعات، وكل جماعة توالي وتعادي للجماعة أصبحت جاهلية وحزبيات جاهلية يتبرأ منها الإسلام، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية) ، (دعا بدعوى الجاهلية)، يشمل التعصب القبلي، ويشمل التعصب المذهبي ، ويشمل التعصب للجماعات ، والله المستعان.(1/18)
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } , { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ }, التفرق لا يجوز ، والمسلمون يواجهون بهذه الأزمنة أعداء الإسلام، والتنظيمات من قبل أعداء الإسلام. والواجب عليهم أن تجتمع كلمتهم، ومن أراد أن يفرق بينهم يجب أن يعلم أنه قد أصابه مس من الشيطان ، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول :( إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن التحريش).
وأعداء الإسلام يخافون من الإسلام، ويخافون من اليقظة الإسلامية، أعظم مما يخافون من مدافعنا، ودباباتنا، وطائراتنا ، لماذا ؟ !! لأن مدافعنا، ودباباتنا، وطائراتنا عندهم أكثر منها وأقوى منها ، لكن الإسلام ليس عندهم ، الإسلام قوي، ودين النصارى واليهود مهزوز هزيل، يأتي لك بأمر ليس بمعقول ، تارة يقول إن عيسى هو الله، وتارة يقول هو ابن الله، وتارة أشياء وأشياء ليست بمعقولة.
*****
السؤال الثالث عشر: تعلمون ونعلم جميعاً أن الخلافة الإسلامية مفقودة في الشعب الإسلامي منذ زمن طويل ولا ندري كيف نتوصل الى خلافة إسلامية تحكم بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نرجو أن تدلونا على الأسباب التي تصل بالمسلمين إلى هذا ولكم جزيل الشكر؟(1/19)
الجواب: إذا تعلم المسلمون والتزموا بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد ذكرنا هذا في "السيوف البتارة" إننا ننصح لحكام المسلمين أن يجعلوا لهم إماماً قرشياً وما تظنون إني أبغيه من القبوريين، ومن الشيعة، ومن الرافضة، أو إمام الضلالة الخميني ، لا، لأن هؤلاء ليسوا مؤمنين على الدين، نصحنا حكام المسلمين أن يتخذوا لهم إماماً قرشياً لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( الخلافة في قريش) يقول : (الأئمة من قريش) ، يقول : (لا يزال هذا الأمر في قريش) كما في "الصحيحين" ، أعني لفظ (لا يزال هذا الأمر في قريش) في "الصحيحين" من حديث معاوية والمغيرة بن شعبة، وهذا الأمر لا يكون بالثورات والانقلابات على حكام المسلمين، بل يكون بتعليم المجتمع الخير والدعوة إلى الخير وبنصح حكام المسلمين ، ونصح جميع المسلمين وهذا أمر نحن مطالبون به، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يأخذ البيعة على النصح لكل مسلم ويقول:كما في حديث تميم الداري (الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )
فسبيل ذلك هو جمع كلمة المسلمين العاملين لله سبحانه وتعالى ، ثم بعد ذلك أيضاً الانقياد لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والحرص على تعليم الشعوب كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورعاية الصحوة الإسلامية ، يجب على أهل العلم أن يرعوا الصحوة الإسلامية يرعونها بالتوجيهات حتى لا يحصل فيها شطط هؤلاء أصحاب الثورات والانقلابات على الملوك والرؤساء مساكين ما هم إلا ضرر على الدعوة الإسلامية فنحن ندعو أنفسنا وندعو حكامنا ووزراءنا و المسئولين ندعوهم جميعاً إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم برفق ولين والهداية بيد الله سبحانه وتعالى. والله المستعان.
*****(1/20)
السؤال الرابع عشر: لنا إخوة وآباء لا يعلمون ببعض السنن، كوضع اليمنى على اليسرى في الصلاة والسترة وما أشبه ذلك، ونحن حريصون على أن يعلموا بكل ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وليس بيننا خلاف نحن وهم ولا عداوات، وهم نعتبرهم أحسن منا، وأطيب منا، ولعل الله يتقبل منهم أكثر منا إلا أننا نرى هذه السنن تزيدهم خيراً إلى أعمالهم الصالحة إن شاء الله، فنريدهم يعتبرون ويقولون بأن وضع اليد اليمنى على اليسرى وارسالهما كله وارد عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ولكنا لا نعتقد ذلك ، وإذا كان الإرسال لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فالرجاء تبيان متى دخل إلى اليمن ، وإذا كان وضح لهم الدليل أن وضع اليمنى على اليسرى هو السنة، وأن الإرسال لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهل يعتبرون آثمين في مخالفتهم أم أنهم معفيون ؟ نرجو الإجابة ولكم جزيل الشكر؟
الجواب: أما وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة فهو الوارد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقد روى الإمام البخاري رحمه الله تعالى في "صحيحه" عن سهل بن سعد قال: كان الناس يؤمرون أن يضعوا أيمانهم على شمائلهم . قال أبو حازم: الراوي له عن سهل ولا أعلمه إلا ينمى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وفي "صحيح مسلم" من حديث وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي واضعاً يده اليمنى على يده اليسرى، وأما الإرسال فلم يثبت وإني أنصح بقراءة ما كتبته في "رياض الجنة في الرد على أعداء السنة".
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى
بسم الله الرحمن الرحيم
قرّة العَيْن في أجْوبَةِ صَاحِبْ العدين
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :(1/21)
فهذه أسئلة من بعض الدعاة إلى الله بالعدين نقدمها لشيخنا الفاضل مقبل بن هادي الوادعي – حفظه الله تعالى– فيجيب عليها بما تيسرله : بالدليل من كتاب الله ومن سنة -رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم - :
السؤال الأول: ما قول الشرع فيمن يقول: إن الله ليس في مكان، و لا يمر عليه زمان، وإن الله يحل في قلب عبده المؤمن، ويستدل بحديث : ( ما وسعتني أرضي و لا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن) ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الجواب:
هذه مقالة مبتدعة حدثت أحدثها المبتدعة من الصوفية وغيرهم، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى},ويقول : { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ }، ويقول : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}، وحديث الإسراء والمعراج يعتبر دامغاً لهذه المقالة المبتدعة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عرج به إلى السماء الدنيا فما بعدها ، حتى انتهى إلى السماء السابعة، ثم إلى السدرة المنتهى، ثم إلى ما الله أعلم به.
والجارية وهي راعية غنم تعتبر أفقه وأفهم لدين الله من صاحب هذه المقالة ، يسألها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في حديث معاوية بن الحكم السلمي فيقول لها: (يا جارية ، أين الله؟ ) فتقول : في السماء .
وإني أنصح من ابتلى بمجالسة هؤلاء أن يتزود من العلم النافع، ثم أنصحهم أن يقتنوا كتاب (العلو للعلي الغفار) للحافظ الذهبي، ( واجتماع الجيوش الإسلامية على المعطلة والجهمية) أنصحهم بهذين الكتابين . ثم بالرجوع إلى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .(1/22)
أما استدلالهم بهذا الحديث الذي هو ( ما وسعني ارضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن) فهو حد يث باطل ، لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهذه عقيدة الصوفية، انتهى بهم الحال إلى أن يقولوا: إن الله في كل شيء! حتى قال بعضهم:
وما الكلب والخنزير إلا إلهنا وما الرب إلا عابد في كنيسته
وقال آخر:
الرب عبد والعبد رب يا ليت شعري من المكلف
فيجب على المسلم أن يبتعد عن هذه العقيدة الزائغة، وأنصح بقراءة هذين الكتابين اللذين تقدم ذكرهما ، والحمد لله .
*****
السؤال الثاني: ما حكم الشرع في توظيف المرأة في النوادي والبرلمانات ودخولها اللجنة الدائمة، واشتراكها في الحكم ؟
الجواب: منكر عظيم، والله سبحانه وتعالى يقول لنساء نبيه محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ }, ويقول في سياق نساء المؤمنين : { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ } إلى أن قال: { وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ }، وقال في آية أخرى : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى }، فهذا تقليد لأعداء الإسلام، وصدق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول كما في الصحيح: ( لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) هذا حديث أبي هريرة، وفي حديث أبي سعيد : ( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) قالوا يا رسول الله فارس والروم ، قال : (ومن القوم إلا أولئك؟) فهذا تقليد لأعداء الإسلام ، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان) رواه الترمذي من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه.(1/23)
وأما توليتها المناصب فنكبة على الإسلام، روى البخاري في صحيحه عن أبي بكرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم انه قال : ( لا يفلح قوم ولو أمرهم امرأة ). ينبغي أن يعلم أن المسلمين أصبحوا يقلدون أعداء الإسلام، فالمراة الواجب عليها أن تمكث في بيتها ولا تخرج إلا لحاجة ضرورية ؛ كأن تكون أرملة ليس هناك من يسعى عليها، أو زوجها يحتاج إلى أن تعمل معه، أو أن تذهب لحاجة له، فلا باس إن شاء الله ، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ( ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء) ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن) .(1/24)
فأعداء الإسلام يزينون للمرأة أن تفن الرجال، وإذا كانوا مشفقين على المرأة، فما لهم لا يقررون لها مرتباً، وتبقى في بيتها ؟ وما أكثر الرجال العاطلين، ولكنها الفتنة ، فقد فتن أعداء الإسلام في بلدهم، وأصبحوا كارهين للحياة ، وابتلوا بالأمراض التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بها في قوله : ( وما فشت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها، إلا ابتلوا بالطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم ) ، فأصبحوا في هزيمة في الغرب والشرق، وبقي السخفاء من العرب وأكثرهم من اليمن ، يهرولون بعد أنهزمت الشيوعية، وبعد أن كرهت أمريكا حياتها من مرض الإيدز والأمراض الأخرى ، أصبحوا يهرولون وراء أعداء الإسلام، وإنني أحمد الله سبحانه وتعالى فالشباب في جميع البلاد الإسلامية في يقظة، وستذوب هذه الأفكار الخبيثة المنبثة التي أتي بها لتهدم عليننا ديننا ، وإنني أنصح أولياء النساء أن يتقوا الله سبحانه وتعالى، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ }، وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) ، وفي حديث معقل بن يسار رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : ( ما من راع يسترعيه الله رعية ثم لم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة ) ، وإني أقسم لك بالله، أنه خير لك أن تموت أنت وابنتك وأسرتك، خير لك من أن تذهب ابنتك الى الخارج تدرس بمفردها، وخير لك أيضاً من أن تذهب ابنتك إلى المستشفى وقد أصبحت عاملة في المستشفى، وخير من أن تذهب ابنتك إلى الدائرة تعمل قد أصبحت أفندمة.(1/25)
رب العزة يقول في كتابه الكريم: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}فأنت مسئول أمام الله سبحانه وتعالى . ثم أنتِ أيتها الفتاة اعلمي أنك مسئولة أمام الله سبحانه وتعالى، وحرام عليك أن تختلطي بالرجال ، وأن تفتني الرجال ، وأن تفتني نفسك، واعلمي أن هذا شقاء على حياتك ، ستبقين في حياتك قلقة، المرأة إذا بلغت خمسة عشرة سنة أو أربع عشرة سنة أو بلغت ستة عشرة سنة، وتزوجت أنجبت البنين، وأصبحت بحمد الله في حياة طيبة وفي راحة، أما أنت يا مسكينة فبعد أن تكملين دراستك، ومتى تكمل الدراسة؟ يمكن ألا تكملين الدراسة إلا وقد ظهر الشيب في رأسك، خُطِبت فتاة عمرها خمسة وعشرون سنة، فقالوا : لاباس رجل كفؤ، وإن شاء الله نزوجه ، لكن ينتظر حتى تكمل دراستها في الكلية. هذا شقاء يا إخواننا جزاكم الله خيراً. عليك أن تتق الله سبحانه وتعالى وأن تلتزمي بشرع الله فإن الله سبحانه وتعالى أعزك في دين الله، ويعلم الله أنني رأيت بمصر وأيضاً مشايخنا الأزهريين يخبرونى بهذا ، أن النساء أصبحن في مصر شقاء تخرج تحمل شنطتها عند طلوع الشمس، ومتى ترجع ؟ الساعة الثامنة ! إنها مسكينة قد أصبحت مدرسة، أو عاملة في مستشفى ، أو غير ذلك من الأعمال في قلق، حتى إن في عمل النساء تفكيكاً للأسر. كيف ذاك؟ الولد ما عرف إلا الحاضنة وما عرف أمه وأباه ثم بعد ذلك الحاضنة ما تهتم به، ما في قلبها شفقة عليه، كشفقة الأم، يا إخوان دسيسة وتقليد لأعداء الإسلام.
دع عنك إذا خرجت كاسية عارية، إذا وصلت إلى باب المدرسة وقالوا : لا ما نرضى وأنت محجبة لازم تجعلين الحجاب ! وبعد إذا كانت مختلطة بالشباب، فإنها فتنة ابتلى بها المسلمون والله المستعان.(1/26)
أما مسألة الحكم ومسألة اللجنة الدائمة ومسألة الأعمال الحكومية، فإنها تعتبر فتنة وضياع، فليتق الله الأولياء. وأنتِ والله، لأن تأكلي تراباً خير لك من أن تذهبي وتصيري سكرتيرة المدير، يغلق الباب عليكما والله أعلم ما بعد غلق الباب !! يا إخواننا ارجعوا إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
*****
السؤال الثالث: ما قولكم فيمن يقوم بزرع الأطفال في الأنابيب ؟ وإذا كان كذلك فماذا نؤول قوله تعالى: ( وإنا خلقناكم من ذكر وأنثى ) أفتونا ؟
الجواب: أما مسالة الزرع نفسه الذي يحاولون ، فالذي يظهر أنهم لم ينجحوا بعد، وأما مسألة زرع مؤقت في الأنابيب، فإن كان من مني الرجل ويوضع في رحم امرأته فهذا لا بأس به، وإن كان من مني آخر- فحصوا ووجدوا من الرجل غير صالح، وأتوا بمني رجل آخر – فهذا يعتبر زنا والولد يعتبر ولد زنا . ذكر هاتين الكيفيتين : مؤلف في كتاب " عقم الرجال والنساء " والله المستعان.
*****
السؤال الرابع: ماذا تقولون فيمن يؤول نزول الله سبحانه وتعالى بنزول الرحمة واليدين بالنعمة ؟
الجواب: هذا قول مبتدع ، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة : ( إن الله ينزل في ثلث الليل إلى السماء الدنيا فيقول : هل من سائل فأعطية سؤله ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟هل من داع فأستجيب له ؟) وقد شرح شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الحديث بكتاب سماه "شرح حديث النزول" فهذا يعتبر بدعة ، وأصحاب الأهواء دخلت عليهم الفلسفة اليونانية، وأصبحوا يحكمون عقولهم .بل يحكمون أهوائهم فإن العقل الصحيح لا يخالف النقل الصحيح كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره.(1/27)
وهكذا اليد بمعنى النعمة فالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( وكلتا يداه يمين) فهو تأويل باطل ثم بعد ذلك أيضاً قوله تعالى : ( لما خلقت بيدي) أن يقال: لما خلقت بنعمتي، هذا باطل، وهكذا أيضاً الأحاديث المتكاثرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في وصف بأنه له يد، وينبغي أن يعلم أن أهل السنة في السابق واللاحق يثبتون لله ما أثبته لنفسه ولا يكيفون، فنقدم في السؤال في مسألة (العلو) نعم ، نؤمن بأن الله مستو على عرشه استواء يليق بجلاله، ثم لا نقول كيف استوى؟ وهكذا اليد نثبت لله سبحانه وتعالى يدين تليقان بجلاله، ثم لا نقول يد كيدى، نؤمن بأن لله يدين وأن له أصابع كم في حديث : ( إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن) وحديث : (إن الله سبحانه وتعالى يجعل السماء على أصبع والأرض على أصبع ) إلى آخر الحديث حتى ذكر الخمس الأصابع، فنحن ونؤمن بهذا لكن بدون كيف؟ .
وهكذا بسائر الصفات كالعينين والوجه وإلى غير ذلك، من أولها فسيقع كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في شر مما هرب منه فهو ربما يشبه الله سبحانه وتعالى بالجمادات ويشبه الله سبحانه وتعالى بذوي العاهات .والرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أخبر أن الدجال أعور، وإن ربكم ليس بأعور، فيه دليل إثبات صفة العينين لله عز وجل نؤمن بهذا. والله المستعان.
*****
السؤال الخامس : ما حكم الشرع في الموالد والاحتفالات التي تعلمها الصوفية، وكذا النحبة ؟(1/28)
الجواب: تعتبر بدعة، والبدع أضر من المعاصي على العبد. مسألة المولد ما عمله النبي _صلى الله عليه وعلى آله وسلم _ولا صحابته ولا التابعون، عمله بعض العبيديين من الباطنية الذين يعتبرون أكفر من اليهود والنصارى . لعلهم عملوه في القرن الثاني أو الثالث، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين ، عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة ) ويقول أيضاً كما في "السنة" لابن أبي عاصم يقول: ( إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته) ورب العزة يقول في كتابه الكريم : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } فلنقرأ كتاب الله من أوله إلى آخره , ولنقرأ صحيح البخاري من أوله إلى آخره. ولنقرا صحيح مسلم من أوله إلى آخره، ولنقرأ كتب السنة من أولها إلى آخرها، أنجد فيها الاحتفال بالمولد ؟ لا نجد وإذا كنا لا نجد هذا وصرنا مقلدين لأولئك العبيديين، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ }ويقول: { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ }.(1/29)
فالمولد يعتبر من البدع التي تزاحم السنن ، لأن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يقول : من استحسن فقد استدرك على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهكذا من ابتدع فقد هدم سنة، هذه البدع تقر بها أعين الشياطين لأنها تزاحم سنن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولو رأيت الناس مجتمعين ربما يجتمع فيهم الخمار وقاطع الصلاة والزاني والزانية، وربما ترتكب الفواحش في الموالد، في مولد البدوي، وهكذا أيضاً الله أعلم بما يقع في ليلة الجند في تعز إلى غير ذلك.
ترك الناس كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصبحوا يتشبتون بالبدع، البدعة أضر من المعصية، كما قال سفيان الثوري، لماذا ؟ لأن صاحب البدعة يظن أنه على هدى ويخش أن يموت على بدعة ، بخلاف صاحب المعصية فإنه تأنبه نفسه ويوشك أن يرجع إلى الله سبحان وتعالى ، فننصح أخواننا للرجوع إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وترك البدع . وانصح أيضاً بقراءة كتاب " البدع والنهي عنها" لمحمد بن وضاح الأندلسي، وكتاب "الاعتصام" للشاطبي .(1/30)
النحبة أيضاً كنبح الكلاب ، بدعة ما أنزل الله بها من سلطان . الله سبحانه وتعالى يرغبنا في الذكر الخفي ثم بعد ذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما سمع الصحابة يرفعون أصواتهم، قال: ( أيها الناس أربعوا على انفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائب و لكن تدعون سميعاً قريباً) فتلكم سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أولها إلى آخرها ، هل فيها هذه النحبة المبتدعة ؟ هذه النحبة إخواني في الله أصبحت عندهم كرياضة وأهانوا المساجد، بيوت الله، في ذات مرة ونحن في المسجد الخيف بمنى ، ما شعرنا إلاّ بسوداني، الناس محرمون وهو لابس الجبة، نعم يا إخوان انظروا البدع كيف صنعت بأصحابها !! الناس محرمون بمنى وهو لابس الجبة الخضراء ، الناس محرمون بعرفة وهو لابس الجبة الخضراء ثم بعد ذلك قام في النحبة من قبل آذان الفجر وصلينا الفجر، وقام بعدها الناس يتفرجون والرجل متين ما أستطيع أن أصارعه، فقط أصرخ من فوقه حتى بحّ صوتي يا مصيح لمن تصيح؟ بقي وهو ينحب إلى أن طلعت الشمس فيسر الله بباكستاني يعرف ما هو عليه، فماذا عمل له الباكستاني؟ ذهب معه ينحب ثم بعدها أخذ بعضده وخرج به من الباب بعد أن بقي معه ساعة ينحب معه وهو ماش معه، يهينون مساجد الله، ويهينون دين الله. الصوفية مستعدون أن يبيعوا الدين بسلتة (1) ، نعم الصوفية يتجسسون على الشباب بعدن ويبلغون الشيوعية، الصوفية يتجسسون على الشباب في المناطق الوسطى عندما كان بها الشيوعيون ويبلغون الجبهة، يا إخوان لا تنتظروا من مبتدع أن ينصر دين الله. ذكر هذا أيضاَ أبو محمد بن حزم في كتابه "الفصل في الملل والنحل" يقول : ما عهد أن مبتدعاً نصر دين الله سواء كان شيعياً، أم كان صوفياً أم كان من أهل البدع الأخرى، فلا تظنوا أن مبتدعاً سينصر دين الله، والحمد لله أصبح التشيع في هزيمة وأصبح التصوف في هزيمة.
__________
(1) السلتة: إدام معروف باليمن.(1/31)
واجب عليكم يأهل السنة أن تقوموا بواجبكم وأن تصبروا و تصابروا على طلب العلم ثم على تبليغه ، والله المستعان.
*****
السؤال السادس: ما حكم الشرع فيمن يدعي أنه ولي وأن الجنة تحت إمرته، وأنه يستخدمهم في قضاء الحوائج ، ويدعي معرفة الضالة ، ويعرف السارق، ويخرج السرطان من البطن من غير عملية ؟
الجواب: الغالب على هؤلاء أن يكونوا دجالين وأن يكونوا قد استحوذ عليهم الشيطان فإن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ }، فالغالب على مَن هذه حالته أن يكون عبداً للشيطان يصرفه كيف يريد ليضل به الناس، وإخباره ببعض المغيبات لا يدل على أن يعلم الغيب . فإن الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، يقول سبحانه وتعالى: { وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ }ويقول سبحانه وتعالى: { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ? إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا }،ويقول: { قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }.
فهؤلاء الدجاجلة الذين يموهون على الناس حرام على المسلم أن يأتيهم أو أن يصدقهم. فإن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في "صحيح مسلم" عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل صلاته أربعين ليلة) أو بهذا المعنى ، فحرام على المسلم أن يذهب إليهم .(1/32)
وأما قوله: إن الجن تحت صرفته، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند أن أخذ عفريتاً، قال: ( لو لا دعوة أخي سليمان لأصبح يلعب به صبيان المدينة ولكن دعوة أخي سليمان). فقوله: إن الجن تحت تصرفه قول كاذب، فإن سليمان يقول: { وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي } فالله المستعان . المسألة مسألة ارتزاق ومسألة عيشة، يجب عليهم أن يتقوا الله سبحانه وتعالى وان يبتعدوا عن إغواء المسلمين. كما أنه يجب على المسلمين أن ينكروا عليهم والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ويقول : { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ? كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ }، فالواجب على مشائخ القبائل ، والواجب على العلماء أن ينكروا على هؤلاء المخذولين الضالين المضلين وأن يزجروهم، لأن بعض المسئولين يتخلى عن هذه المسئولية العظيمة التي أوجبها الله سبحانه وتعالى عليهم.
وإلا فواجب المسئولين أقدم من هذا ، فإن المسئول والحكومة ما وضعت إلا لإصلاح حال المسلمين والله المستعان.
******
السؤال السابع: ما حكم الإسلام في بناء القباب على القبور، والتقرب لأصحابها بالذبح والنذر والإنارة ؟(1/33)
الجواب: منكر يجب إنكاره، والشوكاني رحمه الله تعالى في كتابه" نيل الأوطار" في الكلام على حديث علي بن أبي طالب : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمره أن لا يدع قبراً مشرفاً إلا سواه، ولا صورة إلا طمسها، يقول: يا علماء الإسلام ويا ملوك الإسلام أي رزء ٍ(أي: نقص) وأي مصيبة أعظم من هذه المصيبة ولقد بلغ ببعضهم أنه إذا قيل له: احلف بالله حلف و لا يبالي، فإذا قيل له: احلف بشيخك ومعتقدك أبي أن يحلف فأصبح يعظم شيخه ومعتقده أعظم من تعظيم الله. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يبني على القبر وأن يجصص كما في "صحيح مسلم" . والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بتسوية القبور. فالواجب إزالة هذه القباب حتى لا يفتتن بها الناس وحتى لا تكون سبباً لمخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أما إذا ذبح عندها فالأمر أعظم. وهكذا إذا نودي صاحب القبة . والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ( لعن الله من ذبح لغير الله) بل الله عز وجل يقول : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } ويقول : { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? لَا شَرِيكَ لَهُ }. فسّر النسك بالذبائح ونداء غير الله أيضاً فيما لا يقدر عليه إلا الله، يعتبر شركاً.(1/34)
يقول الله سبحانه وتعالى: { وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ? إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } ويقول : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ } ويقول: { لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ } . فهذا يعتبر خرافة ويعتبر شركاً، والواجب على المسلم أن لا يدعوا إلا الله سبحانه وتعالى : {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ? وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ }، ويقول: { وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ } فهذا يعتبر كافراً الذي ينادي الهادي المقبور بصعدة أو الذي ينادي الزيلعي، أو ابن عجيل المقبور في بيت الفقيه، أو ينادي ابن علوان ، أو ينادي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، أو ينادي يا ست زينب، أو يقول يالحسين وإلى غير ذلك . كل هذا خرافة، والشيطان يزين لهؤلاء المدبرين، وأنا متأكد أنه لو قام أهل السنة بما أوجب الله عليهم من الدعوة لذهبت هذه الخرافات في عشية وضحاها .(1/35)
لماذا؟ ما لها أساس هي مبنية على الكذب وعلى الأوهام، تجلس عند العامي وتبين له شرع الله وتبين له دين الله فكم من شخص ينادي الأولياء كلهم من طرف الدنيا إلى طرف الدنيا ثم بعد ذلك ما يشفي من مرضه وإذا نادى الله سبحانه وتعالى استجاب له { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } ويقول سبحانه وتعالى : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }، وإنني أنصح من ابتلى بهذا أن يقرأ سورة الأنبياء بتمعن يرى كيف يفزعون إلى الله سبحانه وتعالى : { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ } كانوا يلجئون إلى الله سبحانه وتعالى في مهماتهم. أما أنت يا مسكين تلجأ إلى ميت قد أصبح رفاتاً، هو ميت لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً .
خرافة وسخافة لو أنهم تفكروا في أحوالهم وفي أحوال الموتى ، أنا متأكد لو كان يستطيع أن ينفعك ما بقي في ضيقة القبر، لنفع نفسه وقام أمامك ولكنه الشيطان يزين لكم، والجهل ، وأيضاً عدم اهتمام أهل العلم بالدعوة إلى الله.
******
السؤال الثامن: ما حكم الشرع فيمن يرفع الصوت عند الجنازة بقصائد وتوسل لغير الله والأذان على القبر والقراءة عليه بعد موته عشرة أيام ؟(1/36)
الجواب: اتباع الجنائز يعتبر من أفضل القربات، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : ( من تبع جنازة حتى يصلي عليها فله قيراط ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان) وينبغي أن نقتدي في اتباعنا الجنائز بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا نرفع اصواتنا فالصحابة كانوا يحملون الجنازة ويأمرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالإسراع ويقول: ( إن كانت غير صالحة فخيراً تقدمونها إليه وإن كانت غير صالحة فشراً تضعونه عن جنوبكم) وعند أن قدموا بجنازة ولما يلحد القبر وعظهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى أنهم في حديث البراء كأن على رءوسهم الطير. وفي حديث على بن أبي طالب ، أنه قال: ( ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعدة من النار) قالوا : أفلا نتكل على كتابنا يا رسول الله، قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ? وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ? فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ? وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ? وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ? فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } متفق عليه !
فهذه هي السنة في المشي مع الجنازة وعدم رفع الأصوات . وهكذا أيضاً عدم رفع الأصوات في المكث عند المقبرة. أما قراءة القرآن فلم تثبت وحديث : (اقرءوا على موتاكم يس) فإنه حديث ضعيف لأمور، منها أنه من طريق أبي عثمان وليس بالنهدي وهو مجهول، يرويه عن أبيه وهو مجهول ، هذان أمران،الأمر الثالث أنه اختلف عليه فيه فتارة يرويه عن أبيه عن معقل، وتارة يرويه مرفوعاً، وتارة يرويه موقوفاً، فالحديث لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .(1/37)
هكذا أيضاً التلقين في القبر ورد حديث ضعيف لا يثبت كما ذكره صاحب "سبل السلام" . نعم التلقين عند الموت في "صحيح مسلم" عند النزع، (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله) فالتلقين عند النزع في "صحيح مسلم"، أما التلقين في القبر فلا، لكن تقول ما قاله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (بسم الله وعلى ملة رسول الله) إذا وضعته في القبر هذه هي السنة.وكذلك أيضا قراءة القرآن واجتماع في بيت أهل الميت يخشى أن يتناولهم قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } فنخشى يتناولهم هذا الوعيد لأنهم يأكلون من أموال اليتامى من تركة الميت هذا لا يجوز يا إخواننا، نعم إذا جاء ضيوف من بعيد من أجل التعزية فلا بأس بإكرامهم، وإن احتاجوا إلى ذبح فلا بأس بالذبح لهم أما تلكم العادات السيئة التي أصبح اهلها في شقاء حتى قال بعضهم :
ثلاثة تشقى بها الدار العرس والمأتم والزار
فربما ينفِق قدر عشرين ألفٍ ، وإذا كنا هكذا في بلادنا، فإن في مصر ربما يتكلف للمقرئ كذا وكذا إلى الله المشتكى.
وهذه بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، وما أسرع الناس إلى البدع! كيف ذاكم؟ الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( نفس المؤمنة معلقة بدينه) فهل هؤلاء المدبرون يبدءون بقضاء الدين أم يبدءون بالقراءة والتخزين (1) ؟ يبدءون بالقراءة والتخزين ، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( من مات وعليه صوم صام عنه وليه) كما في "الصحيح" من حديث عائشة، الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد سئل عن الحج أيحج عن الميت قال: ( اقضوا الله فدين الله أحق أن يقضى) . إن هؤلاء المبتدعة يتلاعبون بدين الله ويضعون أموالهم في غير سبيل الله، إنما في سبيل الشيطان.
******
__________
(1) تخزين القات طهر (الله)الشعب اليمني منه .(1/38)
السؤال التاسع : هل صحيح أن القرين يأكل الأطفال وأن النباش يخرج الميت الذي نجمه الحمل من القبر وهل للاسم تأثير على حماقة الرجل أو رجاحة عقله؟
الجواب: هذا ليس بصحيح أن النباش يخص فلاناً أو فلاناً، إذا كان هناك دابة ربما تأخذ من نجمه الحمل ومن نجمه الثور صحيح، وإذا كان هناك شيء من الآفات فهي تعم أم تخص فلاناً أو فلاناً، فهذا كله لم يثبت، وأتوا به من عند المنجمين، ومسألة القرين فأنا كنت أتوهم أنهم يعنون الشيطان المقارن للشخص، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (ما من أحد إلا وله قرين) قالوا : وأنت يا رسول الله، قال: ( وأنا إلا أن الله أعانني عليه فاسلم ) أما وقد انتهى بهم إلى هذه الخرافة أن يظنوا أن بعض الأولاد يكون منحوساً على من بعده، وكما يقول : الاخ ربما يضعونه في التنور وقتاً من أجل أن يموت قرينه , وربما يدفنونه في الزريبة وقتاً قصيراً من أجل أن يموت قرينه فهذه خرافة، وهكذا أن يطاف به على سبع حمير أو يدخل من تحت كلب إلى غير ذلك ، فهذه خرافة , انتهى بهم الحال إلى هذه الخرافة . وفي كل بلد نصيبها من الخرافات، عندنا نحن أنفسنا ربما يبول الزوج ليلة العرس بين المرق المعد للوليمة، من أجل إذا أراد أحد أن يسحر العريس ما يستطيع بسحره، والناس لا يعلمون يشربون المرق ويأتدمون به، ولن تزال هذه الخرافات إلا بإحياء سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
******
السؤال العاشر: ما حكم الإسلام في مسجد على قبلته قبور خارج الجدار هل الصلاة صحيحة؟ وإذا كانت القبور في مؤخرة المسجد هل إذا سويت في الأرض الصلاة عليها صحيحة؟(1/39)
الجواب: أما خارج الجدار فالذي يظهر لي أنها ما تدخل في التحريم، لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). ويقول: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك).
نعم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يصلى إلى القبر ونهى أن يصلى عليه كما ذكرنا، هذا في "حول قبة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم "، وهو بحمد الله مطبوع . لكن الذي يظهر إذا كانت من داخل الجدر أما إذا كانت خارجاً فلا بأس . أما القبور التي في مؤخرة المسجد فإنه لا يجوز الصلاة بجوارها ولا استقبالها . والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : كما في السنن من حديث أبي سعيد الخدري : ( الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام ) فالمقبرة والحمام لا تصح الصلاة فيهما، لنجاسة الحمام الذاتية والمقبرة لنجاسة المعنوية، وهي نجاسة الشرك لما يلحق المصلي بجانبه من الخضوع لصاحب ذلك القبر.
فإذا كان المسجد متقدماً وجب أن يخرج القبر. كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وإذا كان القبر متقدماً وجب أن يهدم المسجد. أو بهذا المعنى قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى والله المستعان. إذا كان إخراج الميت من المسجد سيؤدي إلى فتنة لا يصلي في المسجد.
******
السؤال الحادي عشر: هل خروج الدم من جسد المتوضئ ينقض الوضوء ؟ وهل المني طاهر أو نجس ؟
الجواب: خروج الدم لا ينقض إلا إذا كان دم حيض أو نفاس، أما خروج الدم من جسد المتوضئ فلا ينقض، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يصلون في جراحهم.(1/40)
وقد جاء أن عبد الله بن عمر تقدم وبه شيء من النبت ففض ما فيها ثم بعدها تقدم وصلى. وجاء أن أبا هريرة رضي الله عنه ربما ادخل أصبعه في أنفه فيخرجها ملوثة بالدم ثم يتقدم ويصلي فالأصل أنه لا ينقض الوضوء ولا تبطل الصلاة إلا بدليل من كتاب أو من سنة رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
أما المني فالصحيح من أقوال أهل العلم: أنه طاهر لما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أنها كانت : تحكه إذا كان يابساً وتغسله إذا كان رطباً فهذا دليل على أنه ليس بنجس ! والمني فيه الغسل.
******
السؤال الثاني عشر: ما حكم الجهر والإسرار بالبسملة في الصلاة ؟ والأذان بحي على خير العمل ؟ والقنوت بصلاة الفجر ؟ وهل على من تركه شيء ؟
الجواب: أما الجهر والإسرار بـ"بسم الله الرحمن الرحيم"، فكلاهما وارد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والإسرار أصح لما روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : ( صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر وعمر فكانوا يستفحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين )، وفي رواية ( لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم ). وهي خارج "صحيح البخاري". وفي أخرى (يسرون ببسم الله الرحمن الرحيم). هذا يدل على الإسرار أما الجهر فلما رواه الحاكم في "مستدركه" عن أبي هريرة أنه قال: إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فجهر بـ"بسم الله الرحمن الرحيم" ، ولما جاء في الألم لشافعي، أن معاوية صلى بالناس فلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، فأنكر عليه المصلون فعاد وجهر بها فهذا جائز وهذا جائز و الإسرار أصح.(1/41)
أما "حي على خير العمل"، فبدعة محدثة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، بدعة قبيحة وأقبح منها ما يقوله أهل إيران أشهد أن علياً ولي الله، وهما بدعتان قبيحتان لم تثبتا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ذكروا في "الميزان" في ترجمة أحمد بن محمد أبي بكر بن أبي دارم، أنه كان يروي حديثاً وفيه( حي على خير العمل) قال الحاكم: هو رافضي غير ثقة، وهكذا جاءت من طريق جابر بن يزيد الجعفي وهو كذاب، ومن طريق عمرو بن خالد الواسطي، ومن طريق حارث بن عبد الله الأعور، ومن طريق كذبة الشيعة هي لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد تكلمنا على هذا في " رياض الجنة في الرد على أعداء السنة" .
نعم جاءت عن عبدالله بن عمرو وعن علي بن الحسين وعن أبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف لكن أيضاً ليسوا بحجة، لأن الحجة في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ومن العجائب والغرائب أن يستدلوا بحديث أفضل الأعمال الصلاة لوقتها يا سبحان الله ! يستدل بها على أنه يقول المؤذن: "حي على خير العمل"، في الأذان الله المستعان.
إن المقلد والمبتدع والمبطل يتشبث ولو بشيء أوهى من خيط العنكبوت ، وأبو محمد بن حزم رحمه الله تعالى يشبه المقلد كالغريق ربما يتشبث بالطحلب، أي شيء يتشبث به الغريق ، فهكذا المقلد.
وهناك كتاب قيم أنصح بقراءته وأنصح باقتنائه وسيأتي إن شاء الله في معرض الكتاب ذلكم الكتاب القيم وهو كتاب (الأذان) لأخينا في الله أسامة بن عبد اللطيف القوصي، ذلكم الكتاب نسف أحاديث "حي على خير العمل"، لأنهم لهم نسيخة توزع.
يا إخواننا يتخذون في الدفاع عن باطلهم نسيخة توزع ونحن أهل السنة إذا قمنا ببيان السنة ماذا يقولون ؟ يقولون : الآن ما هو وقت هذا الان هو وقت الوقوف في وجه الشيوعية والبعثية والناصرية هذا وقت جمع الكلمة.
هكذا ويعلم الله يقولون، أما هم فيستميتون دون باطلهم ويستميتون دون بدعتهم.(1/42)
فالأذان بها بدعة، وقد سمعت قبل التحذير من البدع.
أما القنوت: ففي السنن عن أبي مالك وهو سعد بن طارق، قال: قلت: يا أبت صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر وعمر فهل كانوا يقنتون ؟ قال : أي بني، محدث، وأما حديث أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما زال يقنت حتى فارق الدنيا ، فإنه حديث ضعيف. ما سبب ضعفه ؟ من طريق أبي جعفر الرازي وهو عيسى بن أبي عيسى . ويقال عيسى بن هامان مختلف فيه، والراجح ضعفه.(1/43)
أما في وقت النوازل فيشرع للمسلمين أن يدعوا الله سبحانه وتعالى، كأن يكون المسلمون قد احاط بهم الكفار أو أسر الكفار من المسلمين أو أمر يزعج المسلمين ويقلقهم ، فلا بأس أن تقنت في جميع الصلوات ، لكن بماذا تقنت ؟ أنقنت بالقران فقط؟ اسألكم الشيعة متبعون لعلي بن أبي طالب؟ لا ، وأنا أقول معكم لا، لا، ففي "الروض النضيرفي شرح مجموع زيد بن علي" أن علي بن أبي طالب كان يقول في قنوته اللهم عليك بمعاوية بن ابي سفيان وعليك بابي موسى الأشعري وبعمرو بن العاص وبالمغيرة بن شعبة وبأبي الأعور. وهذا أيضاً الأثر رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح، وقد ذكرناه في "إرشاد ذوي الفطن لإبعاد غلاة الروافض من اليمن" وهذا الأثر يدل على أن علياً كان يجيز القنوت بغير القرآن ، اما هؤلاء المدبرون يقولون لا تقنت إلا بالقرآن. أين دليلك ؟ إنني لا أقنت بالقرآن والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم علم الحسن بن علي كما في "مسند احمد" و"السنن" ، قال له: يقول في قنوت الوتر: (اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت). وأيضاً عن علي بن أبي طالب كما في "سنن أبي داود" أنه كان يقول: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقول في قنوت الوتر: (اللهم إننا نعوذ برضاك من سخطك وبمعافتك من عقوبتك وبك منك لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك).(1/44)
فهذه بدع أصبح الدين عندهم مكابرة . أنا أقول لكم واستطيع أن أقسم بالله: أقسم بالله الذي لا إله إلا هو أنه قد ظهر لهم الحق، وما بقي إلا المكابرة. عندي برهان على هذا من كتبهم، علي العجري رحمه الله وهو مبتدع : له كتاب بعنوان "نصيحة أولاد السبطين ومن تبعهم من المؤمنيين في التمسك بمذهب الهادي على الحق يحيى بن الحسين" يقول: إنك لا تخالف مذهب الهادي حتى ولو ظهر لك خلافه. لماذا ؟ لأنه سيكون نقصاً في حق أئمتنا، والناس يظنون أنهم على باطل. واحد مشائخنا كذلك قلت لهم : مالكم لا تعملون بالأدلة ؟ قال : لأمران:
الأمر الأول: أن علماء العصر لا يعلمون بالدليل فيبقى الشخص نكراً بين الناس.
الأمر الثاني: أنه سيساء الظن بآبئنا وأجدادنا المتقدمين.
نعم فأصبحت المسألة مكابرة قد كان بعض أهل حوث عملوا ببعض الأدلة فزارهم زائر من صعدة وقالوا لهم : أنتم تضيعون انفسكم ، سيقال إنكم على باطل . المسألة مسألة مكابرة، المكابرة ستزول اليوم أو غداً أو بعد غد إن شاء الله، فما أصبحت المسالة دينية. عندي برهان أن المسألة لم تصبح دينية وهو بيعهم كتاب (عيون المعجزات) يبعه في مكتبة الأنوار في صعدة ومكتبة اليمن الكبرى – عجل الله بزوالها- في صنعاء ، ذلك الكتاب فيه أن الشمس سلمت على علي بن أبي طالب، وقالت: السلام عليك يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن يا من هو بكل شيء عليم. وان امرأة قالت لعلي : إنك تعلم ما في الأرحام . وأن أباها قال له إنك تعلم السر وأخفى وأنه قيل لعلي : إنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأنه يقول: أنا علمت أنه ينزل السحاب المطر بأمري، وحاشا عليا. كل هذه أباطيل ومع هذا فهؤلاء المخذولون يبيعون هذا الكتاب. أين الدولة ؟ نعم أين المسئولون ؟ يتركون الكفر البواح يباع! ويستورد من إيران ، ثم لا يقومون ولا ينكرون هذا المنكر النكير !! فستزول "حي على خير العمل"، وستزول البدع.(1/45)
بقي يا أخواننا أن أهل السنة يجب عليهم أن يقوموا بواجبهم ولست أخاطبكم أنتم هاهنا، أخاطب كل سني في جميع البلاد الإسلامية إذا كان يهمه أمر المسلمين، وأمر الدين، أن يقوم بواجبه نحو الدعوة إلى الله، وكل هذه البدع تعتبر أيضاً من صالح السنة، لأنها بنيت على شفا جرف هار، ثم بعد ذلك ليس لأصحابها دليل ، والله المستعان.
وأصحاب "حي على خير العمل" لهم موقف سيء مع الجهاد الأفغاني، اللهم عليك بأصحاب "حي على خير العمل"، اللهم عليك بأصحاب "حي على خير العمل"، آمين.
نعم لهم موقف سيء مع الجهاد الأفغاني ممكن أن يتمالئوا مع روسيا، وممكن أن يتمالئوا مع أمريكا ضد المسلمين، أنتم يا أصحاب حي على خير العمل، أنتم لستم ببدع في التشيع وما أتيتم إلا بما أتي به آباءكم وأجدادكم من الوقوف مع اليهود والنصارى ضد المسلمين، كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة"، وذكره تلميذه الذهبي في "المنتقى"، وذكره أيضاً تلميذه ابن كثير في " البداية والنهاية" والله المستعان. لا تأملوا من مبتدع خيراً للدين.
******
السؤال الثالث عشر: كم قدر الماء الذي لا تغيره النجاسة ؟ وهل لمس الذكر ناقض للوضوء ؟ وكذا مصافحة المرأة ؟
الجواب: الماء الذي يظن أنه لا يستعمل النجاسة باستعماله، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( إن الماء لا ينجس) لكن إذا كان يظن المتوضئ أنه لا يستعمل النجاسة باستعمال هذا الماء، فالماء طاهر ويجوز استعماله، وأما حديث : (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث) فهو حديث تكلم فيه ابن القيم وصححه بعضهم، وعلى القول بصحته فأبو محمد بن حزم رحمه الله يقول: إنه صحيح لكن يقول إنه مفهوم والمنطوق مقدم عل المفهوم، الماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث، مفهومه أنه إذا لم يبلغ القلتين يحمل الخبث . هذا مفهوم لكن عندنا حديث : ( إن الماء لا ينجسه شيء). فما ظننت استعمال النجاسة باستعمالك الماء.(1/46)
لمس الذكر ، الصحيح من أقوال أهل العلم أنه يعتبر ناقضاً لحديث بسرة وقد روى عن جماعة من الصحابة (من مس ذكره فليتوضأ) وأما حديث على بن طلق فقد قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: أيش قيس بن طلق -يعني أحد رواته- سألنا العلماء فلم نجدهم يعرفونه.
ومصافحة المرأة لا تجوز . والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : (إني لا أصافح النساء)، وليست ناقضة للوضوء وهكذا مصافحة امرأته ليست ناقضة للوضوء.
******
السؤال الرابع عشر: هل الأذان فبل الجمعة ؟ وهل أخذ الأجرة على الأذان والإقامة جائز؟
الجواب: أما الأذان الأول يوم الجمعة فهو يعتبر بدعة، ونجيب على هذه الأسئلة إجابة سريعة، ففي "صحيح البخاري" من حديث السائب بن يزيد أنه كان أذاناً واحداً في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر وعمر ، فلما كثر الناس أمر عثمان منادياً أن ينادى من الزوراء. وقد كان عبد الله بن عمر ينكر، ويقول: إنه بدعة كما في مصنف ابن أبي شيبة، وأنصح أيضا بالرجوع إلى الكتاب المذكور قبل وهو "كتاب الأذان" لأخينا أسامة بن عبد اللطيف القوصي وهو يباع في ارض الحرمين ونجد وفي مصر وفي كثير من البلاد الإسلامية.
وأخذ الأجرة على الأذان ، الظاهر أنه لا يبلغ حد التحريم ، وإلا ففي حديث عثمان بن أبي العاص: (واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً ).
******
السؤال الخامس عشر: هل أخذ الأجرة على قراءة القرآن للموتى جائز وهل ثواب القرآن يصل الى الميت أم لا ؟(1/47)
الجواب: ليس بجائز ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : { وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى }وأما حديث : (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) فإنه في صحيح البخاري لكن يقصر على سببه وهو الرقية . والأعمال لا بد فيها من الإخلاص، فأنت إذا أعطيت شخصاً ألف ريال من أجل أن يقرأ وهو قرأ من أجل الألف الريال، لا هو يستفيد أجراً و لا ميتك يستفيد أجراً، لأنه لم يكن مخلصاً، ثم قد مات على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بنتاه وعثمان بن مضعون واستشهد حمزة وجماعة فما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نقرأ على هذا الميت. بل هذا القارئ يعد من الآكلين لأموال الناس بالباطل ، وقد جاء في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : (اقرأ، فكل حسن فإنه سيأتي أقوام يتعجلونه ولا يتأجلونه) كيف يتعجلونه ولا يتأجلونه ؟ معناه يطلبون ثوابه في الدنيا ولا يدخرون ثوابه للآخرة . فهذا ليس بجائز وقد أجيب على هذا السؤال غير مرة والحمد لله .
وأما حديث : (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) فخاص بالرقية كما في "نيل الأوطار".
******
السؤال السادس عشر: ما حكم الشرع في زراعة المقبرة والبناء فيها ، وأخذ ترابها حتى يخرج من التراب عظام الموتى ؟
الجواب: منكر، فالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( لأن يجلس أحدكم على جمرة فتخلص إلى جسده أهون من أن يجلس على قبر). والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأى رجلاً يمشي بنعليه ، فقال: ( يا صاحب السبتيتين اخلعهما فقد آذيت)، ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( كسر عظم الميت ككسره حياً) هذا أمر لا يجوز ويعتبر منكراً . والواجب على العلماء إنكار ذلك . وهكذا على الدعاة إلى الله وبيان أن هذا لا يجوز ، وهكذا وضع الطرق على المقبرة أيضاً لا يجوز ، والله المستعان.
وقد تكلمنا على هذا في غير هذا الشريط . والحمد لله .
******(1/48)