طوائف من المشركين والرد عليهم
د/عبدا لله محيي عزب- قسم الدراسات القرآنية
المقدمة
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ،"الأنعام آية (1) وأشهد أن لا إله إلا الله ، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد
فإن أساس الدين وقوامه هو العقيدة، لأنها أساس وركيزة ينبثق عنها ويبنى عليها كل مسائل التشريع ، وأساس العقيدة هو توحيد الله وإفراده عز وجل بالألوهية والربوبية، وتوحيده تعالى في أسمائه وصفاته .
وإثبات الوحدانية من المسائل التي شغلت الباحثين على مر العصور لما، لها من صلة قوية في أصل هذا العالم ونشأته، ولما لها من أهمية في الاعتقاد لدى كل إنسان.
وقد قمت في هذا البحث بدراسة وبيان لأنواع الشرك والمشركين، فذكرت شبة المخالفين أهل التثنية، الثنوية والمجوس، وقولهم بإلهين مستقلين النور والظلمة، و ذكرت شبه النصارى، وقولهم بالتثليث والحلول والاتحاد، وبنوة المسيح عليه السلام ، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا، وذكرت شبه عبدة الأصنام والكواكب، وقمت بدحض هذه الشبه بالأدلة العقلية والنقلية ، وعرضت نماذج وأمثلة من القرآن الكريم لصور الشرك المختلفة ، والقرآن الكريم أثبت وحدانية الله عز وجل بأدلة متعددة، تثبت توحيد الربوبية والألوهية، وأدلة أخرى تبين زيف عقائد المشركين، وتدحض شبههم ، والله أسأل أن يوفقني لما يحبه ويرضاه ،( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) سورة البقرة من الآية (287).
تمهيد
تعريف الشرك في اللغة :(1/1)
جمع الشريك شركاء، و أشراك مثل شريف وشرفاء وأشراف، و شاركه صار شريكه، و اشتركا في كذا و تشاركا، وشركة في البيع والميراث يشركه، مثل علمه يعلمه شركة، والاسم الشرك، وجمعه أشراك، كشبر وأشبار، والشرك أيضا الكفر، وقد أشرك بالله فهو مشرك، وقوله تعالى وأشركه في أمري، أي اجعله شريكي، وأشرك بالله جعل له شريكا في ملكه (1) .
الشرك في الاصطلاح:
هو: أن يَجْعَلَ العبد لله ندا في ألوهيته أو ربو بيته، أو أسمائه ، أو صفاته، وقد شمل ذلك كله حديث ابن مسعود رضي الله عنه إذ قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: (أن تجعل لله ندا وهو خلقك) (2) .
أنواع الشرك
اختلف العلماء في أنواع الشرك، فمنهم من قسم الشرك إلى قسمين ، شرك أكبر، و شرك أصغر، ومنهم من قسمه إلى ثلاثة أقسام فأكثر، وقد تحدث سعد الدين التفتا زاني عن طوائف المشركين، وصور الشرك، فذكر أن المشركين طوائف عديدة ، "منهم الثنوية القائلون بأن للعالم إلهين نوراً هو مبدأ الخيرات، وظلمة هي مبدأ الشرور، ومنهم المجوس القائلون: بأن مبدأ الخيرات هو يزدان، ومبدأ الشرور هو أهرمن، ومنهم عبدة الملائكة، و عبدة الكواكب، وعبدة الأصنام، ، ومنهم النصارى، القائلون بأن المسيح ابن الله حيث ولد بلا أب (3) والحديث لا ينصب هنا على جميع طوائف المشركين بل على جملة من تلك الطوائف .
طوائف من المشركين والرد عليهم
الطائفة الأولى
__________
(1) ابن منظور : لسان العرب، مادة (شرك) ومختار الصحاح
(2) أخرجه البخاري في صحيحه ح4/1626 باب قوله تعالى فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون
(3) سعد الدين عمر التفتا زاني : شرح المقاصد جـ2/47 وما بعدها .(1/2)
عبدة النور والظلمة "أهل التثنية" ، الثنوية (1) والمجوس (2) ،الثنوية يقولون إن للعالم فاعلين قديمين، نور وظلمة، والنور يفعل الخير بطبعه، والظلمة تفعل الشر والسفه بطبعها، وقالوا بتساوي الإلهين في القدم واختلافهما في الجوهر والطبع .
وشرك المجوس هو إثبات إلهين، أحدهما فاعل الخير، والثاني فاعل الشر، وفاعل الخير يسمى يزدان، وهو حكيم بطبعه،، وفاعل الشر يسمى أهرمن، ويعنون به الشيطان، وهو شرير سفيه بطبعه، فهم يسندون حوادث الخير إلى النور، و حوادث الشر إلى الظلمة،إلا أنهم قالوا إن الأصلين لا يجوز أن يكونا قديمين أزليين، بل النور أزلي، والظلمة محدثة (3) .
__________
(1) الثنوية خمس فرق، هم المانوية أتباع ماني بن فاتك الحكيم، الثنوي، والمزدكية أصحاب مزدك ، الذي ظهر في أيام قباذ والد أنوشروان، ودعا قباذ إلى مذهبه فأجابه،والديصانية أصحاب ديصان، والمرقونية أصحاب مرقيون، والكينونية، وقد ذكر آرائهم بالتفصيل القاضي عبد الجبار ، والقاضي الباقلاني وردا عليهم هما والكثير من متكلموا الإسلام، وأبطلوا مذاهبهم، انظر المغني في أبواب العدل والتوحيد ،جـ5 /9 وما بعدها ،تحقيق محمد محمود الخضيري ،ط ،الهيئة العامة للكتاب، وتمهيد الأوائل للباقلاني، صـ85 وما بعدها ،ط ،مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت ،لبنان، 1407هـ 1987م ،الطبعة الأولى ،والشهر ستاني، الملل والنحل ص245 وما بعدها ،ط ،دار الفكر بيروت، لبنان ،وفخر الدين الرازي : اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، ص 89 ، تحقيق سامي النشار، ط ،دار الكتب العلمية، بيروت ،لبنان 1402 م .
(2) المجوس قسمهم الشهر الستاني إلي ثلاث فرق رئيسية ، الكيومرثية ، أصحاب كيومرث، والزروانية، أصحاب زروان ، والزرادشتية، أصحاب زرادشت ،الملل والنحل 234ـ 240.
(3) الملل والنحل للشهر ستاني صـ234 ، وتمهيد الأوائل للباقلاني78 ،والمغني للقاضي عبد الجبار جـ5/9(1/3)
و الكيومرثية منهم يقولون أن المبدأ الأول من الأشخاص هو كيومرث،وهو أدم، وهو الحي الناطق، وأصحاب كيومرث أثبتوا أصلين: يزدان، وأهرمن، وقالوا إن يزدان قديم ، وأهرمن محدث مخلوق، والسبب في خلق أهرمن أن يزدان فكر في نفسه أنه لوكان لي منازع كيف يكون؟ وهذه الفكرة كانت رديئة غير مناسبة لطبيعة النور، فحدث الظلام من هذه الفكرة، وسمي أهرمن، وكان مطبوعاً على الشر، والفتنة، والفساد، والفسق، والضرر والإضرار، فخرج على النور وخالفه طبيعةً وفعلاً .
والزروانية منهم قالوا: إن النور أبدع أشخاصا من نور كلها روحانية نورانية ربانية، ولكن الشخص الأعظم الذي اسمه زروان شك في شيء من الأشياء، فحدث أهرمن الشيطان، يعنى إبليس من ذلك الشك (1) .
والذي يجمع عليه أهل التثنية، الثنوية و المجوس في الاعتقاد أن للعالم فاعلين . أحدهما فاعل الخير، وخالق الحيوان النافع، والثاني فاعل الشر، وهو الشيطان خالق الشر، وخالق الحيوان الضار، واتفقوا على أن الإله فاعل الخير قديم، ولكنهم قالوا إنه جسم، واختلفوا في الشيطان فاعل الشر، فقال بعضهم إنه قديم وهم الثنوية، وقال المجوس إنه حادث، واختلفوا في سبب حدوثه، فقالوا إن الإله فاعل الخير، لما تفكر في أنه يجوز خروج ضد عليه يعارضه في أمره، استوحش فتولد من وحشته إبليس، فاعل الشر، وقال بعضهم: إن فاعل الخير شك في خروج ضد عليه، فتولد من هذا الشك إبليس (2) . والذي حمل الثنوية و المجوس على القول بإلهين فاعلين للخير والشر،هو اعتقادهما بأن فعل الخير يجب أن يكون له باعث يختلف عن الباعث لفعل الشر، وإذا تباين الباعثان للفعلين واختلفا؛ لايمكن أن يجتمعا في ذات واحدة.
الرد على الثنوية والمجوس
__________
(1) الشهر ستاني : الملل والنحل صـ233 وما بعدها ، وانظر القاضي عبدا لجبار : المغني جـ/5 صـ70 وما بعدها .
(2) انظر الشيخ محمود أبو دقيقة : القول السديد في علم التوحيد جـ1/226(1/4)
أولاً الرد على الثنوية القائلين بقدم الأصلين النور والظلمة.
نقول لهم أن النور والظلام أعراض وليست أجساماً، والعرض لا يقوم بذاته ، بل لابد له من جسم يحل فيه، والأجسام كلها من جنس واحد ، وكل جسم يسد مسد الآخر، ويجوز عليه من الوصف ما جاز على الآخر من الحركة والسكون، والبياض والسواد، والاجتماع والافتراق، فلو كان بعض الأجسام نوراً مع اشتباهها وتماثلها،لكانت كلها نوراً وكذلك لوكان منها ماهو ظلام ، لكانت كلها ظلاما، مع تماثلها، فبان بذلك أن النور والظلام لا يوصفان بأنهما أجسام، وإنما هما السواد والبياض اللذان يوجدان بالأجسام، وأنهما من جملة الأعراض، وهما بعض العالم، وليس كل العالم، ولا إرادة لهما، ولا قيام لهما بأنفسهما؛ لأن الأعراض لا تقوم بنفسها، بل لابد لها من محل تحل فيه وهو الأجسام.
وما يدل على أن النور و الظلمة لا يوصفان بالقدم،هو أنهما متضادان، وقد تقدم أن الأجسام متماثلة، وبالتالي يجوز على الجسم أن يكون مرة مضيئا نيراً، ومرة أسود مظلماً، ولا يجوز أن يكون ضياء الجسم ونوره موجوداً به في حال وجود سواده وظلامه، كما لا يجوز أن تكون حركته موجودة في حال سكونه، فوجب بذلك أن النور والظلمة يحدثان، ويتجددان على الأجسام، ويبطل النور في حال وجود الظلام، كما تبطل الحركة عند مجيء السكون (1) .
ثانياً يرد على الثنوية و المجوس في قولهم إن فاعل الخير خيرٌ، وفاعل الشر شريرٌ، ولا يمكن أن يجتمع الخير والشر في موصوف واحد لتباينهما.
نقول لهم ما ذكرتموه لا يتفق لامع العقل، ولا يشهد له نقل؛ بل الثابت خلافه عقلا ونقلاً، أما عقلاً فيلزمهم على هذا الاعتقاد الفاسد، وجود إله ثالث يفعل ماليس بخير، وما ليس بشر من الممكنات.
__________
(1) انظر الباقلاني : تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل ص 78 وما بعدها(1/5)
كما يلزمهم على هذا الاعتقاد أن فاعل الخير في الشاهد من المخلوقات لا يمكنه فعل الشر، و فاعل الشر من المخلوقات لا يمكنه فعل الخير، والواقع المشاهد يقتضي بطلان ذلك؛ لأننا نري المخلوق في الشاهد يفعل الخير والشرفي أوقات متعاقبة. ويرد على هذه الشبهة بأن نقول لهم إن إله الخير إن لم يقدر على دفع الشرير عن الشر، فهو ناقص ولا يصلح للإلهية، وإن كان قادراً عليه فقد اندفع الشرير وظهر عجزه، وبالتالي لا يصلح الشرير للإلهية، وإن كان إله الخير قادرا على دفع الشر ولم يدفعه، ففي هذه الحالة يكون راضياً بفعل الشر، والراضي بفعل الشر شرير، فيلزم من ذلك أن يكون إله الخير شريراً، وهو محال، فثبت بذلك أن القول بالاثنين باطل على كل التقديرات (1) .
ويرد عليهم كذلك بدليل التمانع، أن أحد الإلهين لو أراد فعل الخير في جوهر معين، وأراد فاعل الشر، فعل الشر في نفس الجوهر وفي نفس الوقت، يترتب علي ذلك، أن ينفذ الخير والشر في جوهر واحد، وفي آن واحد، وهو جمع للنقيضين (2) ، وهو محال.
أولا ينفذ مرادهما معاً، وهو رفع للنقيضين، وهو محال؛ لأن النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان.
أو ينفذ مراد أحدهما، ولا ينفذ مراد الآخر، فالذي ينفذ مراده هو الإله القادر، والذي لا ينفذ مراده يكون عاجزاً فلا يكون إلهاً .
يقول الشيخ محمود أبو دقيقة في رد هذه الشبهة: " إن كلمة خَيِِر وشرير تحتمل معنيين،الأول ـ وهو المتبادر إلى العقل ـ إن الخير هو مصدر الخير الكثير، والشرير هو مصدر الشر الكثير.
__________
(1) انظر فخر الدين الرازي : المطالب العالية من العلم الإلهي جـ/2 صـ148 وما بعدها ،تحقيق أحمد حجازي ا لسقا ، ط، دار الكتاب العربي ، بيروت، لبنان، ط، أولى سنة 1407هـ 1987م
(2) الخير والشر ضدان مساويان للنقيضين .(1/6)
والثاني الخَير من يغلب خيره على شره، فإن أريد المعنى الأول، فلا مانع من أن يكون مصدر الخير الكثير والشر الكثير واحد، ولا حاجة للتعدد، بل التعدد محال لما سبق،....وإن أريد المعنى الثاني تنزلاً، نقول لهم: إن من أعمال الخير دفع الشر، فإن الخَير إما أن يكون قادراً على دفع الشر،أولا، فإن كان قادراً على دفع الشر، وتعلقت قدرته به ،عطل على إله الشر عمله، فلا يكون إلهاً، وإن لم يكن قادراً، كان عاجز فلا يكون إلهاً، كيف وقد قلتم بألوهيته؟ فبطل التعدد الذي صرتم إليه" (1) .
ويرد على الثنوية والمجوس في قولهم بأن فاعل الخير لا يفعل الشر، والعكس، لأنهما متباينان ، وأن النور هو الذي فعل الظلمة، بهذا الإلزام الذي أورده الباقلاني بأن "يقال لهم هل يجوز أن يخلق الله شريرا كذابا يعصيه ويشتمه، ويفتري عليه؟ فإن قالوا نعم، تركوا قولهم، وقيل لهم فما أنكرتم أن يكون خالقا لجميع الشرور؟ وإن قالوا لا، قيل لهم فخبرونا عن رجل كان مجوسيا دائنا بقولكم، ثم تهود وانتقل عن المجوسية وكفّر أهلها، من خَلقٍ من هو؟ فإن قالوا، من خَلقٍ الشيطان، قيل فقد فَعلَ الشيطان خيراً معتقدا للخير بُرهة من الدهر، وإن جاز ذلك، جاز أن يخلق جميع الخير، وإن قالوا من خَلق الرحمن، قيل لهم فقد خلق الرحمن الشرير الذي تهود وتزندق وكذب عليه، وإن جاز ذلك جاز أن يفعل سائر الشرور" (2) .
__________
(1) انظر محمود أبو دقيقة : القول السديد في علم التوحيد جـ1/226.وانظر المقاصد جـ2/47 وما بعدها.
(2) انظر الباقلاني : تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل ص 78 وما بعدها(1/7)
أما من جهة النقل فالقرآن الكريم جادل المشركين عموما ومن بينهم الثنوية والمجوس ومن يعتقد اعتقادهم بآيات كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر قول الله تعالى " )قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (الإخلاص:1) قال عكرمة: لما قالت اليهود نحن نعبد عزير ابن الله، وقالت النصارى نحن نعبد المسيح ابن الله، وقالت المجوس نحن نعبد الشمس والقمر وقال المشركون: نحن نعبد الأوثان، أنزل الله على رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد))، يعني هو الواحد الأحد، الذي لا نظير له، ولا وزير، ولا نديد ولا شبيه ولا عديل، ولا يطلق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على الله عز وجل، لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله (1) .
__________
(1) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم : جـ5/571(1/8)
كذلك نجد القرآن رد على كل من قال بتعدد الآلهة،أو قال إن الإله يفعل بالطبع كما قالت المجوس والثنوية وغيرهم، بقوله تعالى( الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (الفرقان:2) يقول القرطبي "وخلق كل شيء لا كما قال المجوس والثنوية إن الشيطان أو الظلمة أصحهما بعض الأشياء، ولا كما يقول من قال للمخلوق قدرة على الإيجاد، فالآية رد على هؤلاء فقدره تقديرا، أي قدر كل شيء مما خلق بحكمته على ما أراد، لا عن سهوة وغفلة، بل جرت المقادير على ما خلق الله إلى يوم القيامة، وبعد القيامة، فهو الخالق المقدر فإياه فاعبدوه، و قوله تعالى(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً) (الفرقان:3) ذكر ما صنع المشركون على جهة التعجب في اتخاذهم الآلهة مع ما أظهر من الدلالة على وحدانيته، وقدرته، لا يخلقون شيئا، يعني الآلهة، وهم يخلقون" (1) .
__________
(1) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: حـ13/ 3 .(1/9)
والمجوس توعدهم الله عز وجل بأشد العقاب في الآخرة إلى حد أن يتمنى الواحد منهم لو يعمر ألف سنة حتى يُنقذ من هذا العذاب، وفي هذا دلالة من جهة النقل ورداً على اعتقادهم الفاسد، قال تعالى (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)(البقرة: من الآية96) قال الطبري الذين أشركوا ، يعني المجوس (1) واستشهد على ذلك بهذا الأثر "حدثني المثنى ........ عن الربيع، ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة، قال المجوس" (2) .
الطائفة الثانية عبدة الأوثان " النجوم والكواكب"
وعبدة الأوثان والكواكب أربع فرق كالأتي:
الفرقة الأولى: الذين يزعمون أن الأفلاك والنجوم واجبة الوجود لذواتها، وكانوا يعبدون الكواكب السبعة السيارة المتحيرة ، وهي القمر وعطارد والزهرة والشمس والمريخ والمشتري وزحل ، و يعتقدون أنها مدبرة للعالم، وأنها تأتي بالخير والشر.
والفرقة الثانية: الذين يقولون بإلهية الأفلاك ويتخذون لكل واحد منها هيكلا ويشتغلون بخدمتها؛ وذلك لأنهم رأوا أشعتها تصل إلى الأرض، مما يعود على الإنسان والحيوان والنبات بالنفع والخير، فاعتقدوا مخطئين أن هذه الكواكب تؤثر بذاتها، وأنها مصدر لهذا النفع ، فأوجبوا على أنفسهم عبادتها .
والفرقة الثالثة: الذين أثبتوا للأفلاك وللكواكب فاعلا مختارا، لكنهم قالوا إنه أعطاها قوة عالية نافذة في هذا العالم، وفوض تدبيره إليها.
__________
(1) تفسير الطبري جـ1/429 .و انظر
(2) المرجع السابق نفس الجزء والصفحة . تفسير ابن كثير ج: 1 ص: 129.(1/10)
والفرقة الرابعة: الذين يعتقدون أن الإله بلغ في العظمة حداً عظيماً، بحيث لا يصلح ذلك الإنسان الذي يصيب في عمله تارة، ويخطئ أخرى ،أن يكون عابداً له للنقص القائم به، وإنما الذي يصح أن يكون عابداً له ، هو المخلوق الذي لا يخطئ أصلاً، وهم الملائكة، فجعلوا الإله معبوداً للملائكة دون سواهم، فصنعوا تماثيل لتكون صوراً للملائكة، وكل هذه الفرق أشركت بالله تعالى؛ لأنهم جعلوا معبوداً آخر معه عز وجل (1) .
ويرد على عبدة الكواكب بالعقل والنقل .
ويكفي في الرد على الفرقة الأولى من عبدة الكواكب عقلاً ببراهين الوحدانية السابقة في الرد على النصارى و التي تنفي تعدد الإله في ذاته وصفاته،أو أن يشركه أحد من خلقه في أفعاله.
ويرد على الفرقة الثانية والثالثة، بأن نقول لهم: إن مجرد ترتب الآثار على ظهور الكواكب ، لا يقتضى أنها هي المؤثرة ، بل هذا من قبيل ربط شيء بشيء، ولو أمعنا النظر جليا لوجدنا أن جميع الأشياء التي تحدث في الكون ، من نبات وحيوان ونمو أجسام ، وخروج من ظلمة الجهل إلي نور العلم ، وإيجاد وإعدام لا يحصل إلا بعد وجود أسباب عادية، كما اقتضت الحكمة ترتبها عليها، فلو كان مجرد الترتيب مقتضياً لألوهية المترتب عليه للمترتب، لما دخلت الآلهة تحت الحصر, وبالتالي فالأحق بأن يعبد هو ما ثبت بالبراهين السابقة.
ويرد على الفرقة الرابعة بأن يقال لهم: إن النقص في العابد مع الكمال المطلق في المعبود ، هو الذي تقتضيه الألوهية ، والعبودية، ولو كان العبد مماثلاً للمعبود في الكمال؛ لما صح أن يكون عابداً أصلاً (2) .
__________
(1) محمد العمادي أبو السعود: إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم ،الشهير بالتفسير ،أبو السعود جـ1/137 والشيخ محمود أبو دقيقة القول السديد جـ1/224 .
(2) الشيخ محمود أبو دقيقة القول السديد جـ1/225.(1/11)
والقرآن الكريم صور الشرك بصوره المختلفة وقرر وحدانية الله عز وجل بأدلة قوية، تكشف زيف شبه المشركين، وتدحضها بآيات كثيرة منها: رده عز وجل على عبدة الكواكب في قوله (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ - فَلَمَّا رَأى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّين - فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُون - إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام 79:76) وفي هذه الآيات نجد القرآن الكريم قد جادل المشركين، وأبطل اعتقادهم الفاسد على لسان الخليل عليه السلام، حيث ناظر قومه مبينا لهم بطلان ما كانوا عليه من عبادة الهياكل، وبين خطأهم وضلاهم في عبادة الكواكب السيارة السبعة المتحيرة، فبين أولا- صلوات الله وسلامه عليه- أن هذه الزهرة لا تصلح للإلهية، فإنها مسخرة مقدرة بسير معين، لا تزيغ عنه يمينا ولا شمالا، ولا تملك لنفسها تصرفا، بل هي جرم من الأجرام، خلقها الله منيرة لما له في ذلك من الحكم العظيمة، وهي تطلع من المشرق ثم تسير فيما بينه وبين المغرب حتى تغيب عن الأبصار، ثم تبدو في الليلة القابلة على هذا المنوال، ومثل هذه لا تصلح للإلهية، ثم انتقل إلى القمر ، فبين فيه مثل مابين في النجم، ثم انتقل إلى الشمس كذلك، فلما انتفت الإلهية عن هذه الأجرام الثلاثة التي هي أوضح الأجرام التي تقع عليها الأبصار.(1/12)
وتحقق ذلك بالدليل القاطع في قول إبراهيم-عليه السلام- يا قوم إني برئ مما تشركون، أي أنا برئ من عبادتهن وموالاتهن، فإن كانت آلهة فكيدوني بها جميعا، ثم لا تنظرون ،"إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ،أي إنما أعبد خالق هذه الأشياء ومخترعها، ومسخرها ومقدرها ومدبرها ،الذي بيده ملكوت كل شيء، وخالق كل شيء، وربه ومليكه، وإلهه (1) . ومن الآيات التي ترد على المشركين قوله تعالى )أفأصفاكم رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) (الإسراء:40) .
فالحق تبارك وتعالى يرد على المشركين الكاذبين الزاعمين أن الملائكة بنات الله ، فجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ،ثم ادعوا أنهم بنات الله ،ثم عبدوهم ، فقال: منكرا عليهم" أفأصفاكم رَبُّكُمْ بِالْبَنِين" أي خصكم بالذكور واتخذ من الملائكة إناثا ،أي واختار لنفسه على زعمكم البنات، ثم شدد سبحانه الإنكار عليهم فقال إنكم لتقولون قولا عظيما، أي في زعمكم أن لله ولدا ،ثم جعلتم له الإناث التي تأنفون أن تكون لكم (2) .
وفي آية أخرى نبه عبدة الأصنام أنها لا تنفعهم، ولا تضرهم، وبين لهم فساد اعتقادهم بقوله تعالى(قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُون ،وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) (الصافات 95:96 ) فبين لهم فساد و قبح عبادتهم لها ووجوب عبادته وحده؛ لأنها من عمل أيديهم فهي لا تنفع و لا تضر .
والآيات التي ترد على المشركين وتبطل شبههم كثيرة وما ذكر يفي بالغرض .
الطائفة الثالثة: عبدة الثالوث
__________
(1) بن كثير تفسير القرآن العظيم جـ2/152 .
(2) المرجع السابق جـ3/42(1/13)
إن بعض النصارى قال بتعدد الإله ، وبعضهم قال بحلوله في عيسى عليه السلام، وبعضهم قال باتحاده به، وبعضهم قال إن المسيح ابن الله، وجميعهم مجمع على أن الإله واحد ذو أقانيم ثلاثة، فالكل مجمع على التثليث، فالملكانية (1) منهم قالوا الإله مركب من أقانيم ثلاثة أقنوم الوجود وأقنوم العلم، وأقنوم الحياة،وقالوا بأنها آلهة ثلاثة، ذكر الإمام السمر قندي، في كتابه(الصحائف الإلهية) أن بعض فرق النصارى وهم أوائل الملكانية" يقول إن الآلهة ثلاثة، أحدهم عيسى، ثم عدل أواخرهم عن التصريح بهذا القول المستنكر، فقالوا إن الله تعالى جوهر وله ثلاثة أقانيم ذاتية، أي ثلاث خواص جوهرية، أقنوم الأب وهو الذات، وأقنوم الإبن وهو الكلمة، وأقنوم روح القدس وهو الحياة، وهذه الثلاثة واحدة في الجوهرية" (2) .
__________
(1) هم أصحاب ملكا الذي ظهر بالروم، واستولى عليها، وقيل نسبة إلى ملك الروم انظر طه عبدالرؤف سعد ، ومصطفى الهواري : المرشد الأمين ص131 شركة الطباعة الفنية المتحدة، مكتبة الكليات الأزهرية 1978.
(2) نقلا عن الشيخ محمود أبو دقيقة: القول السديد جـ1/ ،227 وانظر الآلوسي : روح المعاني جـ6/27(1/14)
ويقصدون بالكلمة أقنوم العلم، وبروح القدس أقنوم الحياة، وقال بعضهم، إن الكلمة مازجت جسد المسيح كما يمازج الخمر اللبن، وصرحوا بأن الجوهر غير الأقانيم، فقالوا بالتثليث، وقالوا عن المسيح هو ناسوت كلي لاجزئي، وهو قديم أزلي، وأن مريم ولدت إلهاً أزليا ، والنسطورية صرحوا كذلك بالتثليث ، وقالوا: إن كل واحد من الأقانيم الثلاثة حي ناطق موجود، وذهب نسطور الحكيم إلى أن الله تعالى واحد، والأقانيم الثلاثة ليست غير ذاته، ولا نفس ذاته، وأن الكلمة اتحدت بجسد المسيح لا بمعنى الامتزاج، بل بمعنى الإشراق،أي أشرقت عليه كإشراق الشمس من كوة على بلور، ومن النسطورية من قال: إن كل واحد من الأقانيم الثلاثة حي ناطق موجود، فقالوا صراحة بالتثليث كالملكانية (1) وذهب بعض اليعقوبية إلى أن الكلمة انقلبت لحما ودما، فصار الإله هو المسيح، وقالوا إن الله هو المسيح عيسى بن مريم ، ومنهم من قال: ظهر اللاهوت في الناسوت بحيث صار هو هو (2) .
و يقول الدكتور بوست في تاريخ الكتاب المقدس عند الكلام على لفظ الجلالة" طبيعة الله عبارة عن ثلاثة أقانيم متساوية الجوهر :الله الأب ، والله الإبن، والله الروح القدس، فإلى الأب ينتمي الخلق بواسطة الإبن، وإلى الإبن الفداء، وإلى الروح القدس التطهير " (3) .
__________
(1) انظر المرشد الأمين ص131 ، وروح المعاني جـ6/26
(2) الآلوسي : وروح المعاني جـ6/26.
(3) الإمام محمد أبو زهرة: محاضرات في النصرانية ص100 ط، دار عطوة للطباعة ،نشر الفكر العربي بدون(1/15)
غير أن الثلاثة أقانيم تتقاسم جميع الأعمال على السواء، ويجتهد كتاب المسيحية في إثبات عقيدة التثليث وألوهية المسيح، التي قد وردت بها كتبهم، يقول صاحب كتاب الأصول والفروع :" أما الآيات الإلهية التي تثبت لاهوت المسيح فهي كثيرة جداً، منها قوله تعالى، بلسان أشعياء النبي، ها العذراء تحبل وتلد ابناً، وتدعو اسمه عمانوئيل (أي الله معنا) .......ويقول يوحنا في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة الله، كل شيء به، وبغيره لم يكن شيء" (1) ويقول القس بوطر " إن وحدة الجوهر لا يناقضها تعدد الأقانيم ، وكل من أنار الله ذهنه ، وفتح قلبه في فهم الكتاب المقدس لا يقدر أن يفسر(الكلمة) بمجرد أمر من الله أو قول مفرد، ولا يفسر الروح بالقوى التأثيرية، بل لابد له أن يعلم أن في اللاهوت ثلاثة أقانيم متساوية في الكمالات الإلهية، ومتميزة في الاسم والعمل، والكلمة والروح القدس اثنان منها" (2) .
ويرد علي النصارى في هذا الاعتقاد الفاسد بالعقل والنقل .
أولاً بالعقل
العقل يقضي بضرورة التناقض والتعارض بين الاعتقاد بوحدانية الله تعالى والقول بالتثليث، وذلك لأن الأقانيم الثلاثة في زعمهم تستلزم كونها ذوات متغيرة، متصفاً كل منها بصفات الألوهية، فكيف يكون الإله الواحد ثلاثة؟
ونقول لهم: لو وجدت في ذات الله تعالى ثلاثة أقانيم - أي أصول - تمتاز بامتياز حقيقي، للزم أن يكون كل منها إلهاً بذاته، مع كون كل منها مفتقراً إلى غيره، وإلا لما تألفت منها ذات واحدة، فإذا ثبت التركيب ؛ثبت الافتقار، والافتقار نقص ينافي الألوهية، كما أن الامتياز ينافي الافتقار، فإن قالوا ذوات، لزم وجود ثلاثة آلهة لاواحد.
__________
(1) نقلاً عن الشيخ محمد أبو زهرة : محاضرات في النصرانية ص 104
(2) رسالة الأصول والفروع نقلاً عن د/صلاح عبد العليم: عقيدة النصارى في ضوء الكتاب والسنة ص 104 دار الطباعة المحمدية 1996م .(1/16)
وقولهم لا يلزم وجود آلهة ثلاثة، فإن الأقانيم كالشمس ذات أجزاء ثلاثة: الحرارة والضياء، والجرم الذي هو الأصل، ومع ذلك فإنها واحدة.
نقول لهم: إن هذا القول باطل؛ لأن ثلاثة الشمس ليست كلها ذوات، لأن الحرارة والضياء عرضان، بخلاف الأقانيم الثلاثة والتي فرضنا أنها ذوات .
وإن قالوا إنها صفات: نقول لهم فلم خصت هذه الصفات الثلاثة بالذات بجعلها إلها دون باقي الصفات؟ وكيف يعقل أن تكون الصفات إلهاً وحدها، أو مع الذات؟ (1) .
__________
(1) القاضي عبدا لجبار المغني في أبواب العدل والتوحيد جـ586 وما بعدها الباقلاني : التمهيد : ص79 وما بعدها ، وأد/ محمد ربيع الجوهري : اقتناص العوالي من اقتصاد الغزالي ص143 وما بعدها .(1/17)
والخلاصة أن عقيدة التثليث متناقضة غير مفهومة عقلاً حتى لدى كتاب النصارى أنفسهم، ولذلك لم يتجهوا إلى العقل في إثباتها، بل اعتمادهم على النقل، وهو غير موثوق به، يقول الشيخ أبو زهرة "إنهم لم يعتمدوا في إثبات تلك العقيدة على العقل ، بل كان اعتمادهم على ما عندهم من نقل يحملونه من أثقال المعاني، مما تنوء به العبارات، ولا تحتمله أبعد الإشارات، وأنهم إذا حاولوا أن يربطوا قضية التثليث بالعقل حاولوا جهد الطاقة أن يجعلوا العقل يستسيغها في تصوره، ويحسون أن العقل لا يكاد يستسيغ ذلك التصور......وكل أدلتهم ينفذ لها الاحتمال من كل جانب ، وأن الاستدلال بكتبهم يفيد من يصدقها، وهي ذاتها يعروها النقد العلمي في سندها، وفي متنها من كل ناحية، فهي في ذاتها محتاجة إلى دفاع طويل لإثباتها" (1) وقد تصدى لنقد كتبهم وعقائدهم الكثير من علماء الإسلام القدامى، كالقاضي عبد الجبار، والباقلاني، والشيخ أبو زهرة ، ورحمة الله الهندي، وغيرهم من العلماء المحدثين مثل الدكتور عبد العزيز سيف النصر، والدكتور صلاح عبد العليم، والدكتور محمد ربيع الجوهري، وغيرهم. وقولهم بحلول اللاهوت في بالناسوت ، أي ظهور الكلمة على جسم عيسى، كامتزاج اللبن بالخمر ، أو ظهور الصورة في المرآة ، قول باطل. لأن قولهم الإله حل في عيسى وامتزج به كما يمتزج اللبن بالخمر، نقول لهم :الامتزاج حدث بين جسمين ، والله تعالى ليس جسما،ً فامتنع بذلك حلول القديم في غيره من الحوادث.
وأما قولهم بأنه حل فيه كظهور الصورة في المرآة، فهو باطل أيضاً ؛لأن الصورة لم تنتقل إلى المرآة لا اختلاطاً، ولا امتزاجًا ولا مجاورة، وإنما هي عرض زائل بسبب انعكاس الضوء على الجسم المرئي .
__________
(1) الشيخ محمد أبو زهرة : محاضرات في النصرانية : ص106.(1/18)
ويرد عليهم في قولهم بالحلول بدليل سبر وتقسيم، وهو إن حلول الإله في المسيح، لا يخلو من أن يكون، حلولاً كلياً، أو حلولاً جزئياً، والاثنان باطلان. أما الأول فلأن اللاهوت إن كان جسماً، ففي هذه الحالة يكون حلوله في الناسوت عبارة عن اختلاط أجزائه بأجزاء الناسوت، وذلك يوجب التفرق في أجزائهو تركبه، والتفرق والتركيب ينافي الألوهية. وإن كان عرضاً، كان محتاجاً إلى محل يقوم به، والاحتياج إلى الغير ينافي الإلهية.
وأما الثاني وهو حلول جزء ، فإنه يلزم منه تركب الإله، و عند انفصال هذا الجزء يكون ناقصا (1) , والنقص ينافي الألوهية وإذا بطل القسمان، بطل القول بالحلول .
أما قولهم باتحاد اللاهوت بالناسوت ، فهو ممتنع عقلاً ،لأنهما عند الاتحاد، إما أن يقال ببقائهما، أو بعدمهما، أو ببقاء أحدهما وعدم الآخر، أما على التقدير الأول فهما اثنان كما كنا، وإن كان الثاني، فالواحد الموجود غيرهما، وإن كان الثالث، فلا اتحاد للاثنينية مع عدم أحدهما (2) .
ويلزمهم على دعوى الاتحاد أن ينقلب الحادث قديماً، أو القديم حادثاً، أو يبقى كل منهما على حاله ، والاحتمالات الثلاثة باطلة لأن قلب القديم حادث، أو الحادث قديم قلب للحقائق، وإن بقي كل منهما على حاله فأين الاتحاد؟
كما نقول لهم إن اتحاد اللاهوت بالناسوت إما أن يكون كمالاً أو نقصاً، فإن قالوا إنه كمال يلزمهم أن يكون الاتحاد موجوداً في الأزل ، مع أن الناسوت حادث، وهم معترفون بذلك،لأنهم يقولون إنه ابن مريم حملته وولدته،أو يلزم خلو الله عن هذا الكمال حتى ميلاد المسيح الذي كمل به، تعالى الله عن قولهم علواً كبير،وإن قالوا نقصاً، فالنقص ينافي الألوهية (3) .
__________
(1) المرجع السابق ص142 والآلوسي روح المعاني جـ6/29 .
(2) والآلوسي روح المعاني جـ6/29 .
(3) أد/ محمد ربيع الجوهري : اقتناص العوالي من اقتصاد الغزالي ص142 وما بعدها .(1/19)
أما الرد عليهم من جهة النقل فقد جادلهم القرآن الكريم ودحض عقيدة التثليث، ورد على قولهم ببنوة المسيح وألوهيته، وألوهية أمه، بأدلة مقنعة للعقل، متفقة مع الفطرة والوجدان، قال تعالى :)يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً)(النساء:171) ومعنى قوله تعالى : يا أهل الكتاب،أي يا أهل الإنجيل لا تغلوا في دينكم،أي لا تتجاوزوا الحق في دينكم فتفرطوا فيه، ولا تقولوا في عيسى غير الحق، فإن قولكم في عيسى إنه ابن الله، قول على الله بغير حق، لأن الله لم يتخذ ولداً، فيكون عيسى أو غيره من خلقه ابنًا له، ولا تقولوا على الله إلا الحق.
وقوله تعالى إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ُ، أي ما المسيح أيها الغالون في دينهم من أهل الكتاب، بابن الله كما تزعمون، ولكنه عيسى ابن مريم دون غيرها من الخلق، لا نسب له غير ذلك، ثم نعته الله جل ثناؤه بنعته، ووصفه بصفته، فقال هو رسول الله، أرسله الله بالحق إلى من أرسله إليه من خلقه.(1/20)
وهو كلمة الله مكون بكلمة كن فإن الله سبحانه(إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(البقرة: من الآية117) فكل مولود له سببان الأول: السبب الظاهر، وهو اتصال والديه، والثاني السبب الخفي: وهو المعبر عنه بكلمة كن، فعيسى عليه السلام وجد في خلقه بالسبب الثاني (1) ،وقيل معنى الكلمة البشارة كما في قوله تعالى (إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)(آل عمران:45).
ومعني قوله تعالى " فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ" أي فصدقوا يا أهل الكتاب بوحدانية الله وربو بيته، وأنه لا ولد له، وصدقوا رسله فيما جاءوكم به من عند الله، وفيما أخبرتكم به، أن الله واحد لا شريك له، ولا صاحبة له ولا ولد له، ولا تقولوا ثلاثة ، يعني ولا تقولوا الأرباب ثلاثة، ثم قال لهم عز وجل ، متوعدا لهم في قولهم العظيم الذي قالوه في الله، انتهوا أيها القائلون الله ثالث ثلاثة عما تقولون.
وقوله تعالى "إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً"، ما الله أيها القائلون، الله ثالث ثلاثة كما تقولون ،لأن من كان له ولد فليس بإله، وكذلك من كان له صاحبة، فغير جائز أن يكون إلها معبودا، ولكن الله الذي له الألوهية والعبادة إله واحد معبود، لا ولد له، ولا والد، ولا صاحبة، ولا شريك له (2) .
__________
(1) محمد ابن جرير الطبري : جامع البيان عن تأويل أي القرآن جـ6/ 34 وما بعدها دار الفكر بيروت 1405 هـ ، ود/ محمد ربيع الجوهري : اقتناص العوالي ص137 .
(2) محمد ابن جرير الطبري : جامع البيان عن تأويل أي القرآن جـ6/ 34 وما بعدها 405 هـ .(1/21)
كذلك نجد القرآن رد عليهم بآيات أخرى كثيرة منها (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ،لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (المائدة:72 ،73) فالآيات الكريمة تبطل أقوال النصارى الفاسدة، وعدم انزجارهم عما أصروا عليه من قولهم إن الله هو المسيح، و قد قال المسيح - عليه السلام - مخاطبا لهم "يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُم" فإني مربوب مثلكم، فاعبدوا خالقي وخالقكم، إنه أي الشأن من يشرك بالله شيئا في عبادته سبحانه، أو فيما يختص به من الصفات والأفعال، كنسبة علم الغيب، وإحياء الموتى بالذات إلى عيسى - عليه السلام - فقد حرم الله عليه الجنة، لأنها دار الموحدين، والمراد يمنع من دخولها، ومأواه النار، فإنها المعدة للمشركين (1) .
__________
(1) الآلوسي : روح المعاني جـ6/207(1/22)
وقال تعالى (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (المائدة:116) وقوله تعالى " أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ" أي معبودين تعبدونهما من دون الله ، قال عيسى تنزيها لك يا رب وتعظيما أن أفعل ذلك، أو أتكلم به، ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ،أي ليس لي أن أقول ذلك، لأني عبد مخلوق مربوب، وأمي أمةُ لك، فهل يكون للعبد والأمة ادعاء الربوبية، إن كنت قلت هذا فقد علمته، إنك لا يخفى عليك شيء، وأنت عالم أني لم أقل ذلك، ولم آمرهم به، ومعنى قوله تعالى " تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوب"ِ يخبر المولى عز وجل عن نبيه عيسى - عليه السلام - أنه يبرأ إليه مما قيل فيه وفي أمه من النصارى، من أن يكون دعاهم إليه، أو أمرهم به، فقال: " سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ" ثم قال:" تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي" إنك يا رب لا يخفى عليك ما أضمرته نفسي مما لم أنطق به ولم أظهره بجوارحي، فكيف بما قد نطقت به وأظهرته بجوارحي، يقول لو كنت قد قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ، كنت قد علمته؛لأنك تعلم ضمائر النفوس مما لم تنطق به، فكيف بما قد نطقت به؟ (1) .
__________
(1) محمد ابن جرير الطبري : جامع البيان عن تأويل أي القرآن جـ7/ 137 وما بعدها(1/23)
كذلك نجد القرآن الكريم رد على النصارى في شركهم بالربوبية وإسنادهم الخلق والتدبير إلى غير الله تعالى، وفي أخذهم أحكام الدين في العبادة، والتحليل والتحريم من الرهبان، وهذا هو المراد بقوله تعالى (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31), والمعنى أن اليهود والنصارى، اتخذوا الأحبار والرهبان أرباباً بما أعطوهم من حق التشريع، فيحلون لهم ويحرمون بغير إذن من الله تعالى، وزاد النصارى على اليهود بأنهم اتخذوا المسيح رباً وإلها فقد عبدوه، وزعموا أنه الخالق المدبر لأمور العباد (1) .ويؤيد هذا ما رواه الترمذي بسنده عن عدي بن حاتم قال ثم أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: يا عدي اطرح عنك هذا الوثن، وسمعته يقرأ في سورة براءة اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ ، قال "أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه " (2) .
وبهذا اجتمع عند النصارى شرك الألوهية وشرك الربوبية، حيث إنهم قالوا بألوهية المسيح واعتقدوا فيه أنه يخلق ويدبر أمور العباد ويحاسبهم يوم القيامة.
الطائفة الرابعة: المراؤن في العبادة :
وشرك هذه الطائفة في العبادات والمعاملات، وصاحب هذا الشرك يعتقد التوحيد؛ لكنه يطلب رؤية الخلق ومحمدتهم في عمله في عبادته لله ، فلله من عمله نصيب، ولنفسه وهواه وللشيطان نصيب.
__________
(1) د/ انظر صلاح عبد العليم : في العقيدة الإسلامية ص138 وما بعدها.
(2) أخرجه الترمذي في سننه ج5/278 ، تحقيق أحمد شاكر، وآخرون ، دار إحياء التراث العربي، بيروت د.ت .(1/24)
وهذا الشرك لا يخرج من الملة كالأنواع السابقة، وإنما ينقص إيمان صاحبه، والعلماء يسمونه بالشرك الأصغر، أو الشرك الخفي، والدليل على هذا النوع ما روي عن رسول - صلى الله عليه وسلم – أنه قال "يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل فقال له من شاء الله أن يقول فكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله قال: قولوا اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا تعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه، وبذلك فسر قول الله عز وجل (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (1) (الكهف:110) وروي أنه جاء رجل إلى عبادة بن الصامت فقال أنبئني عما أسألك عنه، أرأيت رجلا يصلي يبتغي وجه الله ويحب أن يحمد، ويصوم يبتغي وجه الله، ويحب أن يحمد ويتصدق يبتغي وجه الله ويحب أن يحمد، ويحج يبتغي وجه الله ويحب أن يحمد، فقال عبادة ليس له شيء، إن الله تعالى يقول أنا خير شريك، فمن كان له معي شرك فهو له كله ، لا حاجة لي فيه" وفي رواية أخرى قال شداد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك"، (2) . والحمد لله أولاً وآخر وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
المراجع (3)
الآلوسي ( محمود بن عبد الله الآلوسي البغدادي ت1270 هـ):
(1) روح المعاني في تفسير القرآن الكريم والسبع المثاني، نشر دار إحياء التراث العربي،
الباقلاني ( محمد بن الطيب الباقلاني ت403 ):
__________
(1) الهيثمي : مجمع الزوائد :ج10/223 وما بعدها
(2) المرجع السابق ننس الجزء والصفحة .
(3) روعي في الترتيب الأبجدي، استبعاد حروف الجر، وأداة التعريف، والكنية.(1/25)
(2) تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل، تحقيق عماد الدين أحمد حيدر، ط ،مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت ،لبنان، 1407هـ 1987م الطبعة الأولى.
الترمذي ( محمد بن عيسى ت279 هـ ):
(3) سنن الترمذي ، تحقيق أحمد شاكر، وآخرون ، دار إحياء التراث العربي، بيروت د.ت .
التفتازاني (سعد الدين عمر التفتازاني) :
(4) شرح المقاصد ، ط دار الطباعة العامرة،سنة 1277هـ .
الرازي ( فخر الدين محمد بن عمر الرازي ت 606هـ):
(5)اعتقادات فرق المسلمين والمشركين،، نشر مكتبة الكليات الأزهرية.
(6) المطالب العالية من العلم الإلهي،تحقيق أحمد حجازي ا لسقا ، ط، دار الكتاب العربي ، بيروت، لبنان، ط، أولى، سنة 1407هـ 1987م
أبو السعود محمد العمادي أبو السعود، ت 951:
(7) إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم ،الشهير بالتفسير أبو السعود، دار إحياء التراث
الشهر ستاني( محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد):
(8) الملل والنحل ،ط ،دار الفكر بيروت، لبنان ، ط ،د.ت
د/صلاح عبد العليم :
(9) عقيدة النصارى في ضوء الكتاب والسنة, دار الطباعة المحمدية, 1996م.
(10) في العقيدة الإسلامية، دار الطباعة المحمدية, 1989م.
الطبري ( محمد ابن جرير الطبري المتوفي سنة310 هـ):
(11) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار الفكر بيروت، 1405 هـ.
طه عبد الرؤف سعد ، ومصطفى الهواري :
(12)المرشد الأمين، شركة الطباعة الفنية المتحدة، مكتبة الكليات الأزهرية 1978.
القاضي (عبد الجبار الآسد آبادي ت 415 هـ) :
(13) المغني في أبواب العدل والتوحيد ،الفرق غير الإسلامية، تحقيق محمد محمود الخضيري ،ط ،الهيئة العامة للكتاب،د.ت.
ابن كثير (أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي ت 774 هـ):
(14) تفسير القرآن العظيم ، دار الفكر، بيروت ،1401 هـ
أد/.محمد ربيع الجوهري:
(15) اقتناص العوالي من اقتصاد الغزالي ، ط ثانية,د.ت.
الإمام محمد أبو زهرة:(1/26)
(16)محاضرات في النصرانية ص100, ط، دار عطوة للطباعة ،نشر الفكر العربي ,د.ت.
الشيخ محمود أبو دقيقة :
(17) القول السديد في علم التوحيد تحقيق/ د عوض الله حجازي, نشر الإدارة العامة لإحياء التراث,القاهرة,د.ت.
ابن منظور( محمد بن مكرم بن منظور المصري 711 هـ):
(18) لسان العرب ، دار صادر، بيروت،الطبعة الأولى ، د.ت.
الهيثمي ( علي بن أبي بكر ت 807 هـ):
(19) مجمع الزوائد ، دار الكتاب العربي ، القاهرة 1407 هـ .(1/27)