آيات احتج بها الشيعة على الإمامة ( 2 )
آية المودة
وعلاقتها بـ ( الإمامة )
الدكتور
طه حامد الدليمي
بسم الله الرحمن الرحيم
(
الطبعة الأولى
عمان
1430 هـ - 2009 م
حقوق الطبع محفوظة
(
?? الحمد لله رب العالمين ، اللهم صلِّ وسلِّم على الهادي الأمين ، نبينا محمد ، وعلى آله .. أصحابه وأتباعه أجمعين .
وبعد ..
( فهذه رسالة صغيرة في مبناها ، كبيرة في فائدتها ومعناها ، تناولت فيها الحديث عن الآية التي يسميها الشيعة بـ ( آية المودة ) ، وبينت مدى دلالتها على ما ذهبوا إليه من اعتقاد بأن ( الإمامة ) أصل من أصول دين الإسلام ، بل هي أصل الدين ، والحد الفاصل بين إيمان المؤمنين وكفر الكافرين ، بنيتها على المنهج القرآني في بيان الأصول وإثباتها .
( والله - سبحانه وتعالى - وحده أسأل أن ينفع بها كاتبها وقارئها في الدنيا والآخرة ، إنه هو السميع العليم .
المؤلف
?? إن أصول الدين وأساسياته التي انبنى عليها لا يصح أن تكون في طبيعتها قابلة للخطأ والصواب ، وإلا فسد الدين واختل من الأساس لأن أصوله صارت ظنية مترددة بين أن تكون حقاً وأن تكون باطلاً ، وما ذاك بدين ؛ فإن الدين مبناه على القطع واليقين .
( وإذن يجب أن يكون الدليل الأصولي مما لا يمكن أن يتطرق إليه الخطأ ، أو الاحتمال بأي حال من الأحوال ، وليس من مصدر بهذا الشرط إلا القرآن الذي تعهد الله - سبحانه وتعالى - بحفظه بنفسه.
(لكن آيات القرآن تنقسم – كما قال - سبحانه وتعالى - إلى قسمين :
1. قسم صريح لا يحتمل إلا معنىً واحداً هو الآيات المحكمات .
2. وقسم يحتمل وجهين مختلفين فصاعداً هو الآيات المتشابهات .(1/1)
( فيجب أن يكون دليل الأصل من قسم الآيات الصريحة المحكمة ، ولا يصح أبداً أن يكون من قسم الآيات الظنية المتشابهة ؛ ولذلك ذم الله - سبحانه وتعالى - اتباع المتشابه والاعتماد عليه فقال : { ... فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } بعد أن قال : { هُوَ الَّذِي أنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ اُمُّ الْكِتَابِ وَاُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } ( آل عمران / 7 ) .
( وهكذا صارت أصول الدين مصونة عن احتمال الخطأ لسببين : أولهما أن كل آية محفوظة من التحريف لفظاً ، فإذا كانت صريحة محكمة كانت محفوظة من التحريف معنى .
( هكذا ثبت أصل التوحيد و نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وغيرهما من أصول الاعتقاد ، كذلك الصلاة والصيام وبقية أركان الإسلام ، وكذلك الانتهاء عن أصول المحرمات كالقتل والزنا والكذب ... الخ دون لجوء إلى رأي راءٍ ، أو رواية راوٍ ، فلا تأصيل بمعزلٍ عن محكم التنزيل .
( وقبل أن نناقش الآية ودلالتها على ( الإمامة ) من عدمها ، يجب أن نعرف أن الخلاف في ( الإمامة ) خلاف في مسألة أصولية إذ يعتقد الإمامية أنها كالنبوة أصل من أصول الدين ؛ من جحده كفر ، وبما إن ( الإمامة ) جُعلت كذلك فيجب إذن أن تكون النصوص القرآنية المتثبتة لها محكمة أي صريحة قطعية في دلالتها ، وليست متشابهة أي ظنية محتملة ، وإلا بطل الاحتجاج بها .
( فهل هذه الآية الكريمة محكمة في دلالتها على ( الإمامة ) ؛ حتى يصح بها الاحتجاج ؟ أم هي ظنية متشابهة ؛ فيكون الاحتجاج بها لا مستند له إلا الجدل واللجاج ؟ هذا ما سنراه في الصفحات التالية .
( الآية الكريمة(1/2)
( يقول - سبحانه وتعالى - : { ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ } (الشورى / 23) .
( الآية متشابهة وليست محكمة
( ونحن نسأل : أين الدليل ؟ في أي مقطع أو كلمة من النص ! إن هذا النص غايته أن يكون متشابهاً ، أي محتملاً لموضوع الاحتجاج ، ولغيره .
( والاستدلال بالمتشابه لا يصلح في الأصول ، دون النص المحكم الصريح الذي ينص على المراد . وهذه الآية ليست صريحة الدلالة على ما ذهب إليه الشيعة من القول بـ ( الإمامة ) ؛ فبطل الاحتجاج بها على ما ذهبوا إليه.
( إلى هنا ينتهي الجواب طبقاً للمنهج القرآني في الاستدلال الأصولي ، وبه يتم نقض استدلال الشيعة بالآية الكريمة على ( الإمامة ) . وما عداه مما سيأتي فاستطراد وفضول من باب زيادة الفائدة . ليس أكثر .
( أربع دعاوى مستحيلة الإثبات
( إن هذه الآية لا يصلح الاحتجاج بها على موضوع ( الإمامة ) إلا بعد إثبات أربع دعاوى ، أو اجتياز أربعة موانع مستحيلة الاجتياز . وهي :
1- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسأل على دعوته أجراً .
2- وهذا الأجر هو المودة : أي ( الإمامة ) .
3- والمودة في القربى : أي الأقارب .
4- والأقارب هم علي وحده . أو هو وفاطمة والحسن والحسين .
وهذا كله غير ممكن للأسباب الآتية :
1. الفرق اللغوي بين ( القربى ) و( الأقارب )(1/3)
( حين نعرف المعنى اللغوي للفظ ( القربى ) ، والفرق بينه وبين لفظ ( الأقارب ) ، ندرك أن الآية من الأساس لا علاقة بينها وبين الدلالة على الذوات أو الأشخاص . فأن كلمة ( القربى ) في لغة العرب معنى ذهني ، هو القرب في النسب ، وليست ذاتاً أو شخصاً . مثلها كمثل كلمة الشجاعة والعلم . فكلمة الشجاعة لا تدل إلا على معنى ذهني ، وكذلك كلمة العلم . ولا تدل - بأي حال من الأحوال - على شخص أو ذات خارج الذهن . فإذا أريد التعبير بهذه الألفاظ عن الشخص ، فإما أن تضاف إلى كلمة ( ذي ) فيقال : ذو قربى وذو شجاعة وذو علم . وإما أن يتغير بناؤها الصرفي فيقال : قريب أو أقارب ، وشجاع وعالم . وإلا بقيت معان ذهنية لا علاقة لها بالتعبير عن الأشخاص أو الذوات .
( جاء ( في مختار الصحاح ) للرازي :
( القرابة ) و( القربى ) : القرب في الرحم وهو في الأصل مصدر تقول : بينهما ( قرابة ) و( قرب ) و( قربى ) و( مقربة ) . . وهو قريبي وذو ( قرابتي ) وهم ( أقربائي ) و( أقاربي ) . والعامة تقول : هو قرابتي وهم قراباتي أ .هـ .
( إذن لو أراد الله تعالى الحديث عن أحد بعينه لكان قد قال : { إِلا الْمَوَدَّةَ فِي ذوي الْقُرْبَى } ، وليس ( فِي الْقُرْبَى ) مجردة . كما جاء ذلك في مواضع عديدة من القرآن كقوله تعالى :
{ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسانًا وَذِي الْقُرْبَى } ( البقرة/83 ) . ولم يقل : والقربى .
{ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى } ( البقرة/177 ) . ولم يقل : القربى .
{ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ } ( الإسراء/26 ). ولم يقل : القربى .
وقد تضاف هذه الكلمة ( القربى ) إلى ( أولوا ) ، بدل (ذوي) و( ذي ) . كما في قوله تعالى :
{ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى } ( النساء/8 ) . ولم يقل : ( القربى ) .(1/4)
{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى } ( التوبة/113 ) . ولم يقل : ( قربى ) .
( فلو أراد الله تعالى أقارب النبي - صلى الله عليه وسلم - لقال : ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في ذوي القربى ) . لكنه لم يقل ذلك . وإنما قال : ( إلا المودة في القربى ) ؛ فبطل الاحتجاج بالآية لبطلان أساسها وسندها اللغوي . ولا بناء بلا أساس .
2. تعدد أقارب النبي - صلى الله عليه وسلم -
( لو افترضنا جدلاً أن ( القربى ) تعني الأقارب فما الذي يجعلنا نقطع بحمل المعنى على علي وحده – أو هو وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم فقط - وأقارب النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرون ؟! ولا يمكن تفسير الآية بما فسرها به الشيعة ، ما لم يكن المعنى مقصوراً على المذكورين آنفاً ، دون بقية الأقارب . وهذا لا مسوغ له غير التحكم العاطل عن الدليل . بل لو كان ثمة دليل لما لجأ الشيعة إلى هذه الطرق المعوجة في الاستدلال .
3. انعدام العلاقة اللغوية بين ( المودة ) و( الإمامة )
( عند الرجوع إلى الضوابط العلمية نجد أن ( المودة ) لا تعني ( الإمامة ) في أي حال من الأحوال : لا لغة ولا اصطلاحاً . يقول تعالى :
{ وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا } (النساء/73).
{ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى } ( المائدة/82 ) .
{ وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } ( العنكبوت/25 ) .(1/5)
{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً } ( الروم/21 ) .
( ولا علاقة بين ( المودة ) في هذه الآيات وبين ( الإمامة ). فلا معنى للاحتجاج بالآية عليها !
( إن آيات القرآن كلام . والكلام له قواعد لا يصح إلا بها ، أولها أن يكون المعنى المقصود مما يصح تفسير الكلام أو اللفظ به لغة . والاحتجاج بهذه الآية على المطلوب الذي هو (الإمامة) مبني على قاعدتين هما :
أ . أن ( القربى ) تعني الأقارب لغة . وهذه القاعدة تبين انهيارها .
ب . أن ( المودة ) تعني ( الإمامة ) . وهذه منهارة من الأساس .
وكل بناء منهار القواعد ، فهو منهار لا يمكن أن يقوم . وقد قال تعالى : { فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمْ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ } ( النحل/26 ) .
هذا كله فيما لو كانت المسألة فروعية !
( أما إذا كانت أصولية فالأمر أشد ؛ لأن القاعدة توجب ( أن يكون المعنى المقصود مما لا يصح تفسير اللفظ إلا به ) ، وليس ( مما يصح تفسير اللفظ به ) فقط . وهذه يعني أن النقاش في المسالة لا يصلح من البداية .
4. أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يسأل على دعوته أجراً
( وذلك أمر مقطوع به بنص الكتاب . يقول تعالى :
{ وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ } (يوسف/104 ) .
{ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى اللَّهِ } ( سبأ/47 ) .
{ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا منْ الْمُتَكَلِّفِينَ } ( ص/86 ) .(1/6)
( وإذا لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل أحداً على دعوته أجراً إلا الله، بطل الموضوع من الأساس؛ لأنه مبني على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسألهم أجراً ، هو ( إمامة ) علي . وهذا مخالف لما ثبت قطعاً في القرآن من أنه لم يكن يسأل على دعوته أجراً . هذا من ناحية.
( ومن ناحية أخرى فإن المطالبة بالأجر ثمناً لشيء لا يكون إلا بعد قبول المشتري شراء ذلك الشيء . وإلا ما كان له أن يطالب بثمنه .
( إن الآية خطاب موجه للكفار الرافضين لدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - أساساً . فما هو وجه المطالبة بأجر مقابل ، ثمناً لها ؟ وهذا الأجر هو ( إمامة ) علي؟ وعلي يومئذ صبي صغير ! فهل قبلوا النبوة أولاً ؟ حتى يطالبوا بـ ( الإمامة ) ثانياً ؟!
( معنى الآية :
( ولعل سائلاً يسأل عن معنى الآية ؟ فنقول : إن معنى الآية هو : قل لا أسألكم على دعوتي أجراً أو مالاً . وإنما غاية ما أسألكم هو أن تودوني لقرابتي منكم ، فتصلوا ما بيني وبينكم من القرابة والرحم ؛ فتحفظوني وتحسنوا معاملتي ولا تؤذوني ، فإن هذا مما لا ينبغي بين الأقارب وذوي الأرحام .
( وهذا ليس أجراً على الدعوة ، وإنما هو حق مشروع مترتب على لقربى ، لا قدح ولا عيب في سؤاله ، أو المطالبة به ؛ لأن سؤال الحق حق .
( إن مودة القربى وصلة الرحم واجبة على الأقارب وذوي الأرحام . وذلك ما لم تكن قريش ترعاه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
( والاستثناء هنا منقطع غير متصل: وهو الذي لا يكون المستثنى داخلا ضمن المستثنى منه ، كقوله تعالى: { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلاَّ سَلاَماً } ( مريم/62 ) . والسلام ( وهو المستثنى ) لا يدخل ضمن ( المستثنى منه ) وهو اللغو . فيكون معنى الآية : لا يسمعون فيها لغوا ، لكن يسمعون سلاما .(1/7)
( وكذلك ( المودة ) لا تدخل ضمن الأجر . ومعنى الآية : لا أسألكم عليه أجرا ، لكن أسألكم المودة في القربى . لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يسأل على دعوة أجراً .
( وللآية معنى آخر دقيق ، مروي عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو : لا أسألكم أجراً إلا أن تودوا الله تعالى ، وأن تتقربوا إليه بطاعته .
( فالمودة هنا هي مودة الله جل وعلا . والقربى التقرب إليه بطاعته . ويؤيد هذا المعنى الدقيق قوله تعالى: { قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً } ( الفرقان/57 ) . فإن مودة الله والتقرب إليه هو معنى اتخاذ السبيل إليه تماماً .
( كذبة صلعاء
( يقول أحد علماء الشيعة ، وهو إبراهيم الزنجاني الموصوف عندهم بـ ( ركن الإسلام وعماد العلماء الأعلام ) (1) : « روى الجمهور في الصحيحين ، وأحمد بن حنبل في مسنده عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : " علي وفاطمة وابناهما " » (2) . وهذه كذبة شنيعة !! ودعوى كاذبة !! إذ لا وجود لهذه الرواية في واحد من الصحيحين . ولا مسند الإمام أحمد !!!
( بل الموجود في صحيح البخاري ومسند أحمد خلاف هذا تماماً ! وأما مسلم فلم يتطرق إلى الموضوع البتة . فقد روى البخاري أن ابن عباس أنكر على سعيد بن جبير تفسيره الآية بقربى آل محمد - صلى الله عليه وسلم - وقال له : « عجلت إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة فقال إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة » . ورواه الترمذي باللفظ نفسه ، وقال : هذا حديث حسن صحيح وقد روي من غير وجه عن ابن عباس . ورواه أحمد بلفظ « إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم » .
__________
(1) الخوئي / في أول الكتاب السابق .
(2) عقائد الإمامية الاثنى عشرية /86 .(1/8)
( ولم يكن البخاري ولا مسلم ولا أحمد بذلك المستوى بحيث يروون شيئاً مرفوضاً عقلا ولغة . فالآية مكية . والحسن والحسين رضي الله عنهما لم يولدا إلا في المدينة بعد الهجرة !
( واستعمال لفظ ( القربى ) و( القرابة ) في الأقارب من استعمال العامة . أي هو استعمال عامي غير فصيح . وذلك لا يكون في لغة القرآن ، أو لغة النبي - صلى الله عليه وسلم - . أو الصحابة لأنهم عرب أقحاح . وسعيد بن جبير ربما أُتي من قبل أعجميته . فهو مولى ، وليس عربياً .
( فواضع هذه الرواية كذاب جاهل لا يعرف كيف يكذب ! ونسبتها إلى مصادر خالية منها من قبل عالم يوصف بأنه ( ركن الإسلام وعماد العلماء الأعلام ) افتراء عظيم لا يليق بعامة الناس . فكيف بعالم ؟! إن ( عالماً ) له مثل هذه الجرأة على الكذب لحري بأن يسمى - هو ومن يوثقه - بدلاً من ذلك بـ ( ركن الكذب وعماد الدجل ) .
( وحجة عمياء
( ويقول هذا الزنجاني أيضاً : « وجوب المودة يستلزم وجوب الإطاعة لأن المودة إنما تجب مع العصمة » (1) . وهذا ادعاء محض لا أثر للعلم عليه ! فما علاقة المودة بالعصمة ( وجوبا ) أو استحبابا !
( يقول تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً } ( الروم/21 ) . فالزوج يود زوجته ، وكذلك الزوجة . ولا علاقة لهذه ( المودة ) بالعصمة أو الطاعة المطلقة . والصديق يود صديقه . ولا علاقة لذلك بكل ذلك !
ويقول : { عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً } ( الممتحنة/7 ) .
ويقول كذلك : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ } ( الممتحنة/1 ) .
__________
(1) المصدر نفسه .(1/9)
ويقول : { وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى } ( المائدة/82 ) .
( وقد أوردت هذين المثالين لأبين الكيفية التي يتم بها احتجاج علماء الشيعة بآيات القرآن ، و ليّ أعناق النصوص ، من أجل أن يجعلوها دالة على ما يهوَون ويرغبون . حتى ولو ارتكبوا في سبيل ذلك مجازفات لا تليق بعامة الناس ، فكيف بمن يدّعي العلم ، وينسب إلى طائفة العلماء ؟! وبهذا يظهر أن آيات القرآن الكريم لا تدل على ما يقولون . ولو كانت كذلك لما اضطروا إلى مثل تلك المجازفات التي هي بالفضائح أشبه منها بالأخطاء .
( وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله أصحابه وأتباعه أجمعين .
المحتويات
الموضوع ... رقم الصفحة
المقدمة ... 5
تمهيد في حجية الاستدلال بمحكم القرآن ومتشابهه ... 7
نقض الاستدلال بالآية الكريمة على (الإمامة ) ... 9
الآية متشابهة وليست محكمة ... 9
استطراد لزيادة الفائدة ... 10
أربع دعاوى مستحيلة الإثبات ... 10
1- الفرق اللغوي بين (القربى) و (الأقارب) ... 10
2- تعدد أقارب النبي - صلى الله عليه وسلم - ... 12
3- انعدام العلاقة اللغوية بين (المودة) و(الإمامة) ... 12
4- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يسأل على دعوته أجراً ... 14
معنى الآية ... 15
كذبة صلعاء ... 16
وحجة عمياء ... 18
المحتويات ... 20(1/10)