تلخيص كتاب : كيف أصبحوا عظماء للكريباني
الجزء الثاني
بقي بن مخلد الأندلسي
في هذا الجزء يركز المؤلف على إحدى خطواته الثلاث . ألا وهي الجد والمثابرة وبذل المجهود .
وصدَّر جزئه هذا بقصة بقي بن مخلد الأندلسي رحمه الله تعالى .
فهاهو بقي بن مخلد رحمه الله تعالى يرحل من بلده الأندلس ( تدعى اليوم أسبانيا ) إلى مكة ثم إلى بغداد كل ذلك مشياً على قدميه . همه وبغيته ملاقاة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ، ليكتب عنه الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
و المؤلم في الأمر ليس مشيه وتعبه طوال تلك المسافات .بل المؤلم أنّه لما وصل إلى بغداد . أُخبر أن الإمام أحمد رحمه الله ممنوع من ملاقاة الناس والحديث عنهم . لقد وصل بقي بن مخلد زمن فتنة خلق القرآن . التي سجن فيها الإمام أحمد سنتين وأربعة أشهر وجلد وعذب وأخرج من السجن شريطة ألا يخالط الناس ولا يحدثهم .
لذا لما علم بقي بن مخلد بذلك اغتم غماً شديداً .
لكن العظيم في بقي بن مخلد بل وفي كل العظماء أنه لم يستسلم وبقي مثابرا مجاهدا في ملاقاة الإمام أحمد . واستمع إليه وهو يحدث ويقول : أجَّرتُ بيتاً أنام فيه تلك الليلة ، وفي فجر اليوم خرجت من المسجد أستدل على منزل أحمد بن حنبل ، فدُللت عليه ، فقرعت بابه ، فخرج إليَّ.
فقلت : يا أبا عبدالله ، رجل غريب بعيد عن بلده ، هذا أول دخولي هذا البلد ،فقد أتيتك من أقصى المغرب الأندلس وهي بلد أبعد من أفريقية ببحر . وأنا طالب حديث ومقيّد سُنّة ، ولم تكن رحلتي إلا إليك لأتعلم منك .
قال : إن موضعك لبعيد ، وما كان شي أحب إليَّ من أن أحسن عون مثلك وأبذل لك كل ما أستطيع ، غير أني ممتحن بما لعله قد بلغك ، وأنا الآن لا يُسمح لي بملاقاة الناس والتحدث إليهم ، إني مسجون في بيتي .(1/1)
فقلت : لقد بلغني ما أنت فيه ، وهذا أول دخولي بلدكم ، وآنا مجهول العين عندكم ، لا يعرفني أحد ، فإن أذنت لي أن آتي كل يوم في ثياب الفقراء ، فأقول عند بابك ما يقوله الفقراء والشحاذون ،فتخرج إليَّ عند بابك ، فلو لم تحدثني كل يوم إلا حديث واحد لكان لي فيه كفاية .
فقال لي : نعم على شرط ألاّ تظهر في الناس ولا يتعرف عليك أحد ولا تذهب إلى مجالس المُحدثين .
فقلت : لك شرطك .
فكنت آخذ عصاً بيدي ، وألف رأسي بخرقة متسخة وأجعل أوراقي في كمي ، وآتي بابه ، فأصيح : الأجر رحمك الله ، فيُدخلني بيته ويغلق بابه دوني ، ويحدثني بالحديثين والثلاثة والأكثر ، فالتزمت ذلك حتى مات الخليفة الواثق الممتحِن .
وَوُليَّ بعده من كان على مذهب السنة الخليفة المتوكل ، الذي أظهر ميلاً عظيماً إلى السنة ، فرفع المحنه و نصر أحمد ونكّل بأعدائه ، فظهر أحمد وعلت إمامته ، وكانت تُضرب إليه آباط الإبل ، حتى بلغ منزلة لم يبلغها ملك ولا قائد ولا أمير.
لم ينس الإمام أحمد معاناتي معه في طلب العلم فكان يعرف لي حق صبري ، فكنت إذا أتيت حلقته العظيمة ، وهو بين تلاميذه ، فسّح لي وأوسع لي في مجلسه ، ويقص على أصحاب الحديث قصتي معه ، فكان يقرأ عليَّ الحديث وأقرأه عليه .
وبلغ من تلطف ومراعاة الإمام أحمد به . أن بقي بن مخلد مرض ذات يوم ، فزاره الإمام أحمد هو وتلامذته . فلما دخل الفندق صاح الناس إمام المسلمين .. إمام المسلمين .. وامتلأ الفندق من أصحابه حتى لم يسعهم . فلما خرج أتاه صاحب الدار وأمر عمال الدار أن يتلطفوا به يقول بقي بن مخلد : وكانوا في تمريضي أكثر من تمريض أهلي لو كنتُ بين أظهرهم .
قام بقي بن مخلد القرطبي الأندلسي برحلتين إلى مصر والشام والحجاز وبغداد طلباً للعلم ، أمتدت الرحلة الأولى أربعة عشر عاماً ، والثانية عشرين عاماً .ولقد كان ارتحاله كله من الأندلس وعلى قدميه .
كيف أصبح بقي بن مخلد عظيماً ؟(1/2)
هنا يؤصل المؤلف ويؤكد أن سر نجاح بقي بن مخلد تكمن في المجاهدة ،وأن بقي بن مخلد لم يبلغ شهرته بين أهل الحديث إلا بمثابرته لتك ،نعم لقد تمنى بقى أن يكون من أهل الحديث ، وتمنى أن يلاقي أحمد بن حنبل في العراق ، أمنيات جميلة ، لكن بقي يعي أن :
وما نيل المطالب بالتمني *-*-* ولكن تُؤخذ الدنيا غلابا
وما استعصى على قومٍ منالٌ *-*-* إذا الإقدام كان لهم ركابا
فلم تستعصي المسافات همة بقي ولم يخذل نفسه بأن يقول : أرحل من أسبانيا إلى العراق ؟ كم من الوقت سأظل أمشي؟ سينتهي زادي ومائي في الطريق ؟ كم من الوحوش ستتجاذب لحمي ؟
كم من ليل أدهم سأسير فيه ؟ إنه الهلاك الأكيد..
إن بقي يحمل بين جنباته أمنيات العظماء أصحاب الهمم العالية ، الذين يصدقون أحلامهم بالعمل.
ونحنُ أناسٌ لا توسط عندنا *-*-* لنا الصدر دون العالمين أو القبرُ
تهونُ علينا في المعالي نفوسنا *-*-* ومن يخطب الحسناءَ لم يُغلِهِ المهر
ثم ضرب المؤلف عدة أمثلة لعظماء كان سر نجاحهم هي المثابرة وبذل الجهد ومن أولئك :
متسلق قمة إفرست الشهيرة أعلى قمة في جبال الهملايا .والتي تبعد عن الأرض 8848م .
لقد شرع المتسلق في صعود الجبل الأشم ، وظل يتسلق ويتسلق ، وفي النهاية وبعد صراع مع الموت ولمدة عشرات الأيام بلغ ذلك المتسلق مراده ، لقد بلغ قمة إفرست ، ما إن حط المتسلق رجله على القمة وضع علم بلاده عليها .ليقول لمشاهديه : الإنسان قهر الجبل ...وأن العمل الجاد يصنع المستحيل .
إذا غامرت في شرف مروم *-*-* فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير *-*-* كطعم الموت في أمر عظيم(1/3)
وهذا أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه يرحل من المدينة إلى عقبة بن عامر بمصر . من أجل أن يتأكد من حديث سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، فما إن يطرق منزل عقبة بن عامر رضي الله عنه ، فيخرج إليه عقبة فيعانقه ، ثم يقول له : ما جاء بك يا با أيوب ؟ فقال: حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبق أحد سمعه منه غيري وغيرك في ستر المؤمن ، قال عقبة : نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" من ستر مؤمناً في الدنيا على خزية ستره الله يوم القيامة "، فقال أبو أيوب صدقت ، ثم انصرف أبو أيوب إلى راحلته فركبها راجعاً إلى المدينة وما حلّ رحله وما مجلس ..
وفعل مثل ذلك جابر رضي الله عنه
وهذا الإمام سعيد بن المسيب يقول : إني كنتُ لأسافر الأيام والليالي في الحديث الواحد.
وهذا الإمام أحمد بن حنبل يقول : رحلتُ في طلب العلم والسُنة إلى الثغور والشامات والسواحل والمغرب والجزائر ومكة والمدينة والحجاز واليمن والعراقيين جميعاً وفارس و خراسان والجبال والأطراف ثم عدتُ إلى بغداد.
أحمد الذي عمل حمّالا في اليمن لما نفذت نفقته وهو يطلب العلم عند عبد الرزاق الصنعاني
قال الحافظ أبو حاتم الرازي : أحصيتُ ما مشيتُ على قدمي زيادة على ألف فرسخ (يساوي خمسة آلاف كيلومتر ) كل ذلك ماشياً، هذا في سفري الأول وأنا ابن عشرين سنه ، أجول سبع سنين.
ورحل الحافظ ابن مندة في طلب الحديث وعمره 20سنة ، ورجع وعمره 65 سنة ، كانت رحلته 45 سنة ، عاد إلى وطنه شيخاً فتزوج وهو ابن 65 سنة .
قال الحافظ محمد بن طاهر المقدسي : سمعتُ الحديث في أكثر من 40 مدينة - : وبُلتُ الدمَ في طلب الحديث مرتين ، مرة ببغداد ، وأخرى بمكة ، كنتُ أمشي حافياً في الحر فلحقني ذلك ، وما ركبتُ قط في طلب الحديث ، وكنت أحمل كتبي على ظهري.
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى *-*-* فما انقادت الآمال إلا لصابر(1/4)
وإليك أعجب من هذا فهذا الإمام ابن القاسم يترك زوجته حاملاً ، وقد خيَّرها عند سفره بين أن يطلقها أو يبقيها على ذمته وذلك لطول إقامته ، فاختارت البقاء. فرحل إلى المدينة
قال الإمام ابن القاسم : رحلتُ من بلدي مصر إلى مالك في المدينة ، وجلست عنده أتعلم 17 سنه ، ما بعتُ فيها ولا اشتريت ، فبينما أنا عنده ، دخل علينا شاب ملثم ، فسلّم على مالك وقال : أفيكم ابن القاسم ؟ فأشير إليَّ ، فأقبل يُقِّبل عيني ، ووجدتُ منه ريحا طيبة ، فإذا هي رائحة الولد ، وإذا هو ابني .
إنَّ الذين سمع منهم الحافظ ابن عساكر وتعلم منهم 1300 شيخ، ومن النساء بضع وثمانون امرأة ، وبلغ شيوخ ابن مندة 1700شيخ ، وبلغ شيوخ أبي الفتيان عمر الرواسي 3600 شيخ ، أما الإمام السمعاني فقد رحل إلى 162 مدينة وسمع من 7000 رجل .
كم من العمر والجهد بذل هؤلاء العلماء حتى يسمعوا من كل هؤلاء الرجال ؟ كم من المسافات قطعوا حتى تتحقق تلك الأمنيات ؟ لعلك الآن أدركت لماذا لمعت أسماء هؤلاء العلماء العظماء بين أهل الحديث .. إنه العمل والجهد المتواصل .
وإذا النفوس كُنَّ كباراً *-*-* تعبت في مرادها الأجسامُ
كان الإمام البخاري يستيقظ فيوقد السراج ويكتب الفائدة تمر بخاطره ، ثم يطفئ السراج ، ثم يقوم مرة أخرى وأخرى ، حتى كان يتعدد منه ذلك قريباً من عشرين مرة .
يقول ابن الجوزي عن نفسه : "إنني لو قلت أنني طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر ، وأنا بعد في الطلب " ، ويقول : " كتبت بأصبعي هاتين ألفي مجلد " .
الإمام أحمد ابن عبدوس صلى الصبح بوضوء العشاء ثلاثين سنة ، خمس عشر سنة في دراسة وخمس عشر سنة في عبادة .(1/5)
قال ابن أبي حاتم : كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة ، نهارنا ندور على الشيوخ ، وبالليل ننسخ ونقابل ، وفي طريقنا مرة رأيت سمكة أعجبتنا فاشتريناها ، فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس الشيوخ فمضينا ، فلم تزل السمكة ثلاث أيام وكادت أن تنتن ، فأكلناها نيئة لم نتفرغ نشويها ، ثم قال : لا يستطاع العلم براحة الجسد .
سهري لتنقيح العلوم ألذ ُ لي *-*-* من وصل غانيةٍ وطيبِ عناقِ
وتمايلي طرباً لحل عويصة *-*-* أشهى وأحلى من مُدامةِ ساقِ
وصرير أقلامي على أوراقها *-*-* أحلى من الدُّكَاهِ (1) والعشاقِ
وألذُ من نقر الفتاة لدفها *-*-* نقري لألقي الرمل عن أوراقي
يا من يحاول بالزمان رتبتي *-*-* كم بين مُسْتفلٍ وآخر راقي
أأبيتُ سهران الدجى وتبيته *-*-* نوماً وتبغي بعد ذاك لحاقي
لا يحق لك أن تتساءل عن سر عظمة هؤلاء العظماء ، لقد كشفت لك السر .. إن سر العظمة هو العمل بلا يأس ، والمثابرة بلا فتور ، قال ابن الجوزي : " البكاء ينبغي أن يكون على خساسة الهمم ".
المصور الأمريكي المشهور توماس مانجلسن إذا ذُكِر ذُكِرتْ معه صورة الدب الذي يفتح فمه لابتلاع سمكة قفزت فوق الموج . فكيف استطاع أن يلتقط حركة تحدث بوقت هو أقل من الثانية .
هذه الصورة كان توماس يخطط لالتقاطها مدة أربع سنوات ، وعندما قرر التقاطها ذهب بعدته إلى مصب النهر ونصب خيمته هناك ، ثم جلس أسبوعاً كاملاً يخرج كل يوم من الفجر وحتى الغروب . أخذ يلتقط لهذه الدببة كل يوم عشرات الصور ، .. وكم كانت فرحته عندما فاز بصورة واحده فقط من بين مئات الصور لتلك اللقطة الجميلة.
تفكير مستمر ، وانقطاع عن ملهيات كثيرة ، وصبر على خلوة موحشة ، وعمل جاد ولمدة سبعة أيام من فجرها وحتى غروبها لالتقاط صورة واحدة فقط .. ويتساءل البعض : لماذا اشتهر توماس مانجلس من بين آلاف المصورين وتعددت فروعه ؟!
__________
(1) الدُّكاه : نوع من أنواع النغم المطرب عندهم(1/6)
أيها القارئ ... حدد أهدافك ثم امض لها كما مضى إليها هؤلاء ، استرخص لها كل غال وعزيز ، أعطها أفضل أوقاتك ، أترك لها ساعة من نومك ، دع مجالس الكلام والعبث ، واسأل الله التوفيق وتوكل عليه فإنه لن يضيعك .
هل تعرف الفرنسي لويس باستور إنه من عائلة فقيرة ، ولما أراد أن ينسى ذلك كله ويشق طريق حياته بدأ بالدراسة . لكن معلمه لم يثق به ، وتنبأ له بالفشل .
لكن لويس كان رأيه بنفسه يختلف عن رأي معلمه . فرغم الفقر والجوع الذي عاناه إلا أنه كان ملحاحاً في طلب العلم .فماذا حصل ؟
لقد مات لويس في عام 1895م . لكنه لم يمت حتى أنقذ الله على يديه الملايين من المرضى باكتشافاته الطبية العظيمة ، التي كان أهمها التعقيم والتطعيم ، وأسس علم الميكروبيولوجي - علم الأحياء الدقيقة - كما أن أبحاثه على دودة القز قد أدت إلى نتائج اقتصادية هائلة .
لقد مات بعد أن أصبح بطلاً قومياً يفتخر به الفرنسيون ، وترك وراءه معهداً للأبحاث يحمل اسمه في باريس . .. هذا ما فعله باستور صاحب الدرجة المتوسطة في الكيمياء لما كان طالباً في الجامعة .
إن لويس باستور يلخص لك النتيجة بقوله : أهم ثلاث كلمات هي الإرادة والصبر والعمل ، إنها أحجار الزاوية في النجاح ، وعليها سوف أبني بنائي في الحياة .
هل تعرف مندل ؟ إنه العالم النمساوي مؤسس علم الوراثة ، لقد توصل إلى قوانينه الوراثية المشهورة بعد مثابرة دائمة وصبر جميل ، حيث استمر يزاوج في سبع سنين بين أكثر من 21 ألف نبات .(1/7)
حتى صاحب شركة مايكروسوفت " بيل غيتس " لم يتصدر قائمة الأغنياء بسبب قدرات عقلية خارقة ، بل لأنه كان يبدأ يومه من الساعة الرابعة فجراً ، ويأكل البيتزا الباردة ، ويعمل أكثر من 16ساعة يومياً ، وأحياناً كثيرة يبقى طوال الليل في مكتبه ، حتى نجح هذا المثابر وعمره 14 عاماً من تأسيس شركته " مجموعة من مبرمجي ليك شايد للكمبيوتر " وبعد خمس سنوات ينجح مرة أخرى ويؤسس عام 1974 شركته العملاقة " مايكروسوفت " وعمره 19 عاماً .
بقدر الكد تكتسب المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي
تروم العز ثم تنام ليلاً يغوص البحر من طلب اللآلي
صدقني أني لا أتكلم في كتابي هذا عن المحظوظين .. آنا لستُ عرّافاً ولا منجماً ، ما سطع اسم مشهور إلا وكان الكفاح والعمل له عادة ، لن تكون عظيماً إلا بعمل مستمر وجهد متواصل ، لقد سأل رجل إبراهيم الحربي قائلاً : كيف قويت على جمع الكتب ؟ فغضب إبراهيم الحربي وقال : قويت عليها بلحمي ودمي ! بلحمي ودمي .
قيل للشعبي من أين لك هذا ؟ - أي كل هذا العلم – فقال : " ببذل الاعتماد ، والسير في البلاد ، وصبر كصبر الجماد ، وبكور كبكور الغراب " .
قد تكون إلى هذه اللحظة غير مقتنع بما سقته لك من الأدلة عن هذا السر ، سر الاجتهاد والعمل والمثابرة ، إذن سأزيد فتابع وترقب .
قرأ الفيلسوف العالم محمد الفارابي كتاب " النفس " لأرسطو مائة مرة! كي يفهمه.
وقرأ ابن سينا كتاب " ما وراء الطبيعة " لأرسطو فلم يفهم ما فيه ، فقرأه أربعين مره فحفظه ولم يفهم أيضا ما فيه ، حتى وقع بيده كتاب للفارابي.. وبعدها فهم ما كان يقصده أرسطو حرفاً حرفاً.
وابن التبان عبد الله بن إسحاق يدرس المدونة في الفقه المالكي نحو الألف مرة .
أتدري لماذا سمي دواء الزهري (606) إن هذا الرقم هو عدد محاولات العالم باول إيرلش التي نجح في آخرها من التوصل إلى تركيبة الدواء في شكلها الأخير .(1/8)
إذا استصعب عليك أمر ما ، فحاول مرة بعد مرة حتى تنجح .. ولا تنس أن قطرات الماء المتتابعة تحفر أخدوداً في الصخر الأصم.
كما يؤثر حبل دلو البئر بالصخر . إن منظر الحبل هذا جعل ابن حجر الهيتمي يتحول من شاب قد حاطه اليأس لضعف الحفظ عنده وفوات أقرانه عليه . ليقول في نفسه : إذن هو التكرار والزمن فقرر هذا الشاب أن يحاول مرة ثانية في حفظ الحديث ، لكنه عاهد نفسه أن يحفظ الحديث حتى لو كرره 500 مره . حتى لقب بشيخ الإسلام وغمام الحرمين .
دببتُ للمجدِ والساعون قد بلغوا *-*-* جُهْدَ النفوسِ وألقوا دونه الأُزُرا
وكابدوا المجد حتى ملَّ أكثرُهم *-*-* وعانق المجد من أوفى ومن صبرا
لا تحسب المجدَ تمراً أنت آكِلَهُ *-*-* لن تبلغَ المجد حتى تلعقَ الصبرا
هوارد كارتر خبير الآثار والتاريخ يجرى دراساته للبحث عن كنز توت عنخ آمون المدفون في مصر .. وبعد الدراسات المكثفة والإطلاع على مئات الأبجاث ، يحدد هوارد مكان الكنز . ورغم تكلفة التنقيب إلا أنه نقب في عدد من الأماكن وباءت محاولاته بالفشل حتى غضب عليه الممول واتهمه قائلا : كف عن هذا يا هوارد .. المحاولات كلها فاشلة .
فقال هوارد :سيدي أعطني آخر فرصة .. فرصة واحده فقط ارجوك .. فقط واحدة ..
إن ما أخرجه كارتر في محاولته الأخيرة هذه تجد جزء كبير منه في الطابق الثاني من متحف القاهرة تلك العمارة الهائلة المملوءة بكنوز تتلألأ ، مجوهرات من الذهب والحجارة الثمينة ، قلائد ، آنية من الذهب والمرمر ، وعربات خيل مذهبة ، توابيت من العاج والذهب مصنعة ببراعة لا يمكن تجاوزها اليوم ، كان يمكن أن يبقى هذا الكنز الذي لا يصدق أحد قيمته تحت الأرض لولا .. لولا هذا المثابر.
وقال العالم وهامتون " من علماء الرياضة " : إن كشف الوقائع الجديدة في العلوم الطبيعية مفتوح على مصراعية لكل غبي يتمتع بالصبر والمهارة اليدوية والحواس المرهفة .(1/9)
ويقول المشير مونتكوموي " أبرز القادة العسكريين البريطانيين ": لقد تعلمت في حياتي الخاصة ، أن صفات ثلاثة للنجاح : العمل الشاق ، والاستقامة المطلقة ، والشجاعة الأدبية .
ما رأيك في طالب كان أكسل تلاميذ فصله . ورسب في الصف السادس . ثم هو رئيس وزراء بريطانيا وينستون تشرتشل . إنه كان يردد قائلا : " إياك .. ثم إياك .. ثم إياك والفرار " .
يقول القائد الفرنسي نايليون بونابرت : " لا يحظى بالنصر سوى أكثر الناس إصراراً ومثابرة " ، وقال أيضاً : " الحرب تحتاج إلى ثلاثة : المال ، ثم المال ، ثم المال ، والمجد يحتاج إلى ثلاثة : العمل ، ثم العمل ، ثم العمل " .
وكذلك يقول وليم جميس : - أبو علم النفس الحديث - ": إن الفرق بين العباقرة وغيرهم من الناس العاديين ليس مرجعه إلى صفة أو موهبة فطريه بالعقل ، بل إلى الموضوعات والغايات التي يوجهون إليها هممهم وإلى درجه التركيز التي يسعهم أن يبلغوها.
أديسون يقول : إن العبقرية هي 1 % إلهام ، و99% عرق جبين ..
أديسون الذي ظل يحاول أكثر من 10000 محاولة لاكتشاف مصباحه الكهربائي.
وهذا أيضاً محمد الفاتح الذي يُروى عنه أنه كان ينام على خرائط الحرب وهو يخطط لغزو القسطنطينية.
وهذا وارنر فون يقيم (65121) محاولة فاشلة لصناعة صاروخ . ثم هو بعد هذا كله حين يسأل من قبل رؤساؤه الألمان يقول : بقي لي (5000) محاولة أخرى وربما أنجح بعدها . فما أتى النصف الثاني من الحرب العالمية الثانية إلا وقذيفة ( وارنر ) تضرب مدن أعداء ألمانيا
وهكذا العظماء لا يستسلمون أبداً مهما تكررت الأخطاء ، لأنهم يدركون أن الأخطاء ضريبة الإتقان ، وأن الفشل ليس بعدد ما تقوم به من أخطاء ، بل هي اللحظة التي تقرر فيها التوقف عن المحاولة .. عندما تختار الاستسلام .(1/10)
وخذ صورة أخرى لا تعرف الاستسلام . طفلٌ يعجز والده عن رسوم مدرسته فيُخرجه والده من المدرسة بعد عامين فقط من التحاقه . ثم هو يعمل مع أخيه في مطبعة . مكَّنه ذلك من تعليم نفسه بنفسه من خلال كتب المطبعة . لقد برع فرانكلين عالم الكهرباء في علوم الحساب والجبر والهندسة والملاحة وقواعد اللغة والنطق .. إنها المثابرة والعمل الجاد الذي حصل بهما فرانكلين على لقب " نيوتن عصره "
الدكتور أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل يكشف سر نجاحه فيقول في كتابه ( عصر العلم ) : " وفي واقع الأمر فإن كل الإنجازات إنما تحتاج من المرء أن يكون واثقاً وعلى قدر كبير من العزيمة والتصميم ، ومستعداً للعمل الشاق " .
الأعمى ديفيد هارتمان كانت أمنيته أن يدرس الطب ، وكان كل الذين يعرفونه يعتقدون جميعاً أنه يستحيل عليه ذلك. بل أنه حتى لما أنهى الثانوية وتقدم بطلب الانتساب رفضته تسع كليات . وفي العاشرة تم قبوله من جامعة تمبل . ومع هذا القبول دخل ديفيد معركة التحدي ، إنها دروس التشريح . التي أفقدته حاسة اللمس بسبب ملامسة محلول الفورمالدهيد الذي يستخدم في المختبر لوقاية نماذج الكائنات مع الفساد . ناهيك عن الدراسة المجهرية لتكوين الأنسجة ولذلك تعين عليه أن يعتمد في هذه الدراسات على أساتذته وزملائه في وصف ما يرونه بالمجهر ، وعلى تلمس رسوم حفرت بأسلوب شبيه بطريقة برايْل أعدها له أستاذه .
مرت الأيام والسنون حتى جاء عام 1976 الذي تسلمَّ ديفيد فيه شهادة الدكتوراه في الطب .(1/11)
لماذا ينجح هذا الأعمى ويهزم عشرات المراجع الطبية الضخمة ، ونتشكك نحن الطلاب أصحاب الحواس السليمة من قهر الكتب المقررة علينا ، رغم سهولتها وكثرة المحذوف منها ؟ حتماً ليس الجواب بأننا لا نملك القدرات الذهنية المطلوبة لذلك ، إن عقلنا جبار يملك قدراتٍ هائلة ، لكن الجواب أننا فقدنا المصدر الحقيقي للدافعية والحماسة وهو الهدف الواضح ، ولأن الكثير منا قد استسلم عند العقبة الأولى أو الثانية .
أقول : المثابرون فقط هم من يستطيعون تحقيق الحلم المستحيل .
الكولونيل هارلند ساندرز هل تعرفه ؟
إنه ذلك الشيخ الكهل الملتصقة صوره بعلب الكنتاكي ، الذي عَمل مزارعاً وهو في سن ، ثم قاطع تذاكر على أحد باصات النقل ، ثم جندياً ، ثم إطفائياً ، ثم درس القانون بالمراسلة ، وعمل في القضاء ، وأدار شركة عبّارات نهرية ، كما عمل في مجال التأمين ، ثم أدار محطات استراحة الركاب ، وبعد أن بلغ الأربعين راح يعد وجبات للمسافرين و يبيعها فوق مائدة طعامه الخاصة .ثم افتتح مطعماً . ثم هو يفاجأ بانتقال الشارع عن مطعمه فباعه بالمزاد العلني مقابل 75 ألف دولار ، ولم يكن هذا المبلغ يكفيه لتسديد ديونه ..
وهاهو يتقاعد وعمره 63عاما بضمان اجتماعي هو 105 دولار ، فعرض طريقته في صنع الدجاج . تلك الخلطة المكونة من أحد عشر عشبة . عرضها على 1008 مطعما – ولمدة عامين – كلها رفضت شراءها . وعند محاولته رقم 1009 نجح في بيع أول حق استثمار ... ومع حلول عام 1964 أصبح لدى ساندرز أكثر من 600 فرع لبيع الدجاج يعمل بموجب ترخيصه في أمريكا وكندا .
شمس الدين السرخسي أملى كتابه المبسوط في الفقه الحنبلي والذي يتألف من آلاف الصفحات ، أملاه على تلاميذه وهو مسجون في بئر ؛ لأنه رفض أن يعطي فتوى باطلة للحاكم في ذلك الزمان .(1/12)
يروي الخطيب البغدادي أن أبا جعفر الطبري – صاحب تفسير جامع البيان – قال لأصحابه : أتنشطون لتفسير القرآن ؟ قالوا : كم يكون قدره ؟ فقال : 30 ألف ورقة ، فقالوا : هذا مما تفنى الأعمار قبل إتمامه ، فاختصره في 3 آلاف ورقة ( 15 مجلداً ) . ثم قال : هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا ؟ قالوا : كم قدره ؟ فذكر نحواً مما ذكره في التفسير ، فأجابوه بمثل ذلك ، فقال : إن لله ... ماتت الهمم !
ثم أملاه على نحو قدر التفسير وأسماه ( تأريخ الأمم والملوك ) .
لِمَ تفوق هؤلاء ؟ إنها شدة البأس والمثابرة المستمرة .
وهاهو يحي النحوي الملاح يترك مهنته الملاحة بسبب نملة مثابرة ومجاهدة تحمل نواة تمر كلما صعدت بها وقعت ، ولم تزل تجاهد مراراً حتى بلغت بالمجاهدة غرضها . ففكر في نفسه ، وقال : قد بلغت نيفاً وأربعين سنه ، وما ارتضيت بشيء ، ولا أعرف غير صناعة الملاحة . فخرج من وقته وباع سفينته ولزم دار العلم وبدأ يتعلم النحو واللغة والمنطق ، فبرع بهذه العلوم ، واشتهر بها لأنه أول ما ابتدأ به ، فنسب إليها واشتهر بها.
و من اللطائف التربوية الرائعة للشيخ الشعراوي – رحمه الله – أنه أكدَّ على أهمية التدريب في قصة عصا موسى عليه السلام ، إذ تدرب على إلقاء العصا في الصحراء قبل مواجهة فرعون ، فيقول الشعراوي : هكذا علمنا الله أن لا مهنة دون تدريب ، يقول الله تعالى – تأكيداً على أهمية العمل والتدريب – ( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً ) " .
إنك لو استوقفت أماً أمريكية وسألتها عن سبب نجاح أو ضعف أداء ابنها في المدرسة ، لأرجعت ذلك إلى القدرات الفطرية ، ابني ذكي ، ابني متوسط الذكاء ، ابني غبي ... وهكذا.(1/13)
ولكن ماذا لو استوقفت أماً يابانية وسألتها نفس السؤال ، ماذا ستكون الإجابة. إنها ستكون وبالاتفاق عند كل الأمهات اليابانيات : ابني أخذ درجة عالية لأنه بذل مجهوداً كبيراً ، ابني أخذ درجه ضعيفة لأنه بذل مجهوداً متواضعاً .
على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها *** وتصغر في عين العظيم العظائم
وجد مطور اختبارات الذكاء والباحث في مجال تربية الموهوبين والمتفوقين العالم الأمريكي لويس تيرمان ، أن عباقرة التاريخ لم يكن يميزهم الذكاء المرتفع جداً فحسب ، ولكن الرغبة في التفوق ، والدأب والمثابرة في مواجهة العقبات ، والحماسة في ممارسة مواهبهم .
أخي لن تنال العلم إلا بستةِ *** سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاءٍ وحرصٍ واجتهادٍ وبلغةٍ *** وإرشاد أستاذٍ وطول زمان
يقول الطبيب الفرنسي باستور : " إن أهم ثلاث كلمات في القاموس هي : العزيمة ، والعمل ، والصبر "
وهاهو الطبيب الإنجليزي رونالد روس يوجه شكه إلى البعوض . لكن أي نوع من البعوض هو الذي يحمل المرض ؟! هنا المشكلة ، هناك مئات الأنواع من البعوض ومن الصعب تحديد هوية النوع القاتل .
لا بد من العمل الجاد ، لذلك قرر رونالد أن يرحل إلى مدينة كلكتا الهندية حيث الجو الاستوائي الشديد الحرارة الشديد الرطوبة ... قرر أن يرحل إلى المكان الذي ينتشر فيه البعوض بأنواعه وأشكاله .
وبدأ تشريح البعوض بأنواعه المختلفة... لم تكن المهمة سهلة ، فعلى رونالد أن يعمل في هذا الجو الرطب الحار دون أن يستخدم أي مروحة هوائية ! خشية أن يتناثر البعوض أثناء التشريح .. كان يقضي نحو ساعتين في تشريح كل بعوضة وفحصها ... كان يُشرح وآلاف البعوض يهاجمه في معمله دون هوادة ولا مهادنة .لقد اهتدى إلى الميكروب القاتل واستحق جائزة نوبل في الطب بعد أن شرح أكثر من 1000 بعوضة !!(1/14)
انفصلت سنغافورة واستقلت عن ماليزيا عام 1965 لكن في عام 2002 أي بعد 37 عاماً من استقلالها ، أصبحت سنغافورة الدولة الأولى على العالم في الرياضيات ، والدولة الثانية بعد تايلند في العلوم !!
ومن حقك أن تتساءل كيف نجحت سنغافورة بتطوير تعليمها بهذه السرعة ؟ لقد رفعت سنغافورة شعارات التحفيز في كل مكان ، فعلى خطوط الطيران رفعت شعار " نحن الأوائل " على المدارس تجد شعارات الإنجاز والتفوق ، لكن أهم شعارات الدولة على الإطلاق والذي كان محرك الجميع للتطوير ، هو شعار البقاء ... والبقاء في نظري هو الاستمرار في العمل بلا توقف أو هو العزيمة والمثابرة المستمرة .
اطلب العلم ولا تكسل فما *** أبعد الخير عن أهل الكسل
لا تقل قد ذهبت أيامه *** كل من سار على الدرب وصل
جمع الأستاذ الدكتور / صبري الدمرداش في كتابه الرائع " قطوف من سير العلماء " سيرة مئة عالم ترك أكثرهم وراءه الإنجازات والآثار الخالدة ، ونال منهم الجوائز والألقاب العلمية وألقاب التبجيل والتقدير ، وحصل العدد غير القليل منهم على جائزة نوبل – أهم الجوائز العلمية على الإطلاق – لقد أصبح بعضهم أكثرة شهرة من الملوك والسلاطين ، بل لقد تسابق الملوك والرؤساء في زمنهم على تقريبهم والاحتفاء بهم ... لقد كان يجمعهم الإرادة وعدم اليأس ، ...
فلن تصنعك عبقريتك ...
بل تصنعك إعانة الله لك وتوفيقه ، ثم مثابرتك وعزمك
أحياناً وأظنها أحياناً قليلة ، لا يرى ذلك المثابر حصاد مثابرته ونتيجة كفاحه الطويل ، لكنك إذا لم تدرك نجاحك في حياتك ، فتأكد إن كان عملك أصيلاً وذا قيمة ، فسيأتي اليوم الذي يعترف العالم أو بعض العالم بفضلك ونجاحاتك .(1/15)
فهذا ابن مالك – النحوي المشهور صاحب الألفية – كان يخرج وينادي بالناس : " من يريد تعلم النحو؟ من يريد تعلم الفقه ؟ " فلا أحد يجيبه ، فيرفع نظره إلى السماء ويقول : " اللهم هل بلغت " ثم يدخل داره ... لكن بعد أن مات ، انكب الناس على علوم ومصنفاته .
وهذا الرسام العالمي فان كوخ رسم أكثر من 800 لوحة ، لكنه لم يبع في حياته ولا لوحة واحدة ... رغم سعيه الحثيث لتسويق لوحاته على وجهاء الناس .
لكن بعد وفاته بكثير ، ولأنه ترك لوحاته وبداخلها الجهد والوقت والكفاح ، باع إحدى لوحاته بـ82.5 مليون دولار ... وهو أعلى سعر عرفته الأرض يُدفع للوحة .
من يرد الرضا والسعادة الحقيقية في حياته ، فليتذكر دائماً وهو منغمس في جهاده وكفاحه من أجل النجاح ، وإن لم يعترف الناس بفضلك وإنجازاتك في حياتك أو بعد مماتك ، فلتتذكر دائماً أن الله لا يضيع عمل المحسنين .
قال الحطيئة :
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه *** لا يذهب العرف بين الله والناس
هذا وتذكر إن كان عملك خالصاً لوجهه الكريم ، تريد به رفعة دين الله وعز المسلمين ، أو حتى لو أردت به الخير لكل العالم على اختلاف أديانهم وألوانهم ، تذكر أن الله جعل لأجر عملك النافع الاستمرار والبقاء ، وأعطاك الله الكريم سُبلاً لبقائه وخلوده ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " .
جميل منك أن تحلم ، ولكن ماذا ستعمل لحلمك من غدك؟ ..
إذا لم تكن لديك إجابة فارقد مع أحلامك بسلام ...(1/16)